نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج

الرملي، شمس الدين

[خطبة الكتاب]

[خُطْبَةُ الْكِتَاب] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي شَيَّدَ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ. هَذِهِ حَوَاشٍ مُفِيدَةٌ جَلِيلَةٌ وَفَوَائِدُ جَمَّةٌ جَمِيلَةٌ، وَتَحْقِيقَاتٌ وَتَحْرِيرَاتٌ، وَأَبْحَاثٌ وَتَدْقِيقَاتٌ، أَفَادَهَا عَلَّامَةُ الْأَنَامِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو الضِّيَاءِ وَالنُّورِ، نُورُ أَئِمَّةِ الدِّينِ شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ فِي زَمَانِهِ، وَإِمَامُ الْفُقَهَاءِ وَالْقُرَّاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ فِي عَصْرِهِ وَأَوَانِهِ، مَنْ إلَيْهِ الْمُنْتَهَى فِي الْعُلُومِ الْعَقْلِيَّةِ وَالنَّقْلِيَّةِ، وَاسْتِخْرَاجُ نَتَائِجِ الْأَفْكَارِ الصَّحِيحَةِ بِقَرِيحَتِهِ الْمُتَلَأْلِئَةِ الْمُضِيئَةِ، أُسْتَاذُ الْأُسْتَاذِينَ، نُورُ أَئِمَّةِ الدِّينِ، الْأُسْتَاذُ أَبُو الضِّيَاءِ وَالنُّورِ [عَلِيٌّ الشبراملسي] أَدَامَ اللَّهُ النَّفْعَ بِهِ وَبِعُلُومِهِ الْبَاهِرَةِ، فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ. أَمْلَاهَا عَلَى شَرْحِ مِنْهَاجِ الْإِمَامِ النَّوَوِيِّ لِلْعَلَّامَةِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ، مُحَمَّدٍ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ وَالدِّينِ ابْنِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَحْمَدَ شِهَابِ الدِّينِ الرَّمْلِيِّ تَغَمَّدَنَا اللَّهُ وَإِيَّاهُمْ بِرَحْمَتِهِ وَرِضْوَانِهِ آمِينَ، ثُمَّ أَشَارَ بِتَجْرِيدِهَا مِنْ هَوَامِشِ نُسْخَةِ مُسْتَمْلِيهِ الْعُمْدَةِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ الدَّمَنْهُورِيِّ، بَعْدَ أَنْ كَتَبَهَا مِنْ لَفْظِهِ، وَقَرَأَهَا عَلَيْهِ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْأُخْرَى عِنْدَ مُطَالَعَةِ دُرُوسِهِ وَتَقَاسِيمِهِ بِالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ، نَفَعَ اللَّهُ بِهَا بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ آمِينَ. (قَوْلُهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي شَيَّدَ) أَيْ رَفَعَ، وَفِيهِ اسْتِعَارَةٌ تَصْرِيحِيَّةٌ تَبَعِيَّةٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ شَبَّهَ إظْهَارَ مَا بُنِيَ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، وَلَا عُدْوَانَ إلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ الْمُبِينُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ سَيِّدُ الْمُرْسَلِينَ وَإِمَامُ الْمُتَّقِينَ، الْقَائِلُ، وَهُوَ الصَّادِقُ الْأَمِينُ «مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ صَلَاةً وَسَلَامًا دَائِمَيْنِ إلَى يَوْمِ الدِّينِ. [أَمَّا بَعْدُ] فَيَقُولُ الْعَبْدُ الضَّعِيفُ " أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمَغْرِبِيُّ ثُمَّ الرَّشِيدِيُّ ": هَذِهِ بَنَاتُ أَفْكَارٍ وَخَرَائِدُ أَبْكَارٍ تَتَعَلَّقُ بِنِهَايَةِ الْمُحْتَاجِ إلَى شَرْحِ الْمِنْهَاجِ، لِسَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ وَعُمْدَةِ النَّاسِ فِي هَذَا الْحِينِ شَمْسِ الْمِلَّةِ وَالدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ مَوْلَانَا شَيْخِ الْإِسْلَامِ بِلَا نِزَاعٍ، وَخَاتِمَةِ الْمُحَقِّقِينَ بِلَا دِفَاعٍ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ حَمْزَةَ الرَّمْلِيِّ، تَغَمَّدَهُمَا اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ، وَأَسْكَنَهُمَا فَسِيحَ جَنَّتِهِ، مِمَّا أَجْرَاهُ قَلَمُ التَّقْدِيرِ عَلَى يَدِ الْعَبْدِ الْفَقِيرِ، غَالِبُهَا مُلْتَقَطٌ مِنْ دَرْسِ شَيْخِي وَأُسْتَاذِي وَقُدْوَتِي وَمَلَاذِي الْبَدْرِ السَّارِي وَالْكَوْكَبِ النَّهَارِيِّ مُحَقِّقِ الزَّمَانِ وَمُدَقِّقِ الْوَقْتِ وَالْأَوَانِ مَوْلَانَا وَسَيِّدِنَا شَيْخِ الْإِسْلَامِ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَلِيِّ الدِّينِ الْبُرُلُّسِيِّ، أَمْتَعَ اللَّهُ الْوُجُودَ بِعُلُومِهِ، وَأَقَرَّ

بِمِنْهَاجِ دِينِهِ أَرْكَانَ الشَّرِيعَةِ الْغَرَّاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْإِسْلَامُ بِرَفْعِ الْبِنَاءِ وَتَقْوِيَتِهِ بِالشِّيدِ رَفْعًا تَامًّا، وَاسْتَعَارَ لَهُ اسْمَهُ وَهُوَ التَّشْيِيدُ. وَفِي الْمُخْتَارِ: الشِّيدُ بِالْكَسْرِ كُلُّ شَيْءٍ طُلِيَتْ بِهِ الْحَائِطُ مِنْ جِصٍّ وَبَلَاطٍ، وَشَادَهُ جَصَّصَهُ مِنْ بَابِ بَاعَ، وَالْمَشِيدُ بِالتَّخْفِيفِ الْمَعْمُولُ بِالشِّيدِ، وَالْمُشَيَّدُ بِالتَّشْدِيدِ الْمُطَوَّلُ اهـ. وَمِنْهُ يُعْلَمُ صِحَّةُ كَوْنِهِ اسْتِعَارَةً مِنْ حَيْثُ إنَّهُ شَبَّهَ إظْهَارَهُ بِتَشْيِيدِ الْبِنَاءِ الَّذِي هُوَ تَطْوِيلُهُ، هَذَا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَجَازًا مُرْسَلًا مِنْ بَابِ إطْلَاقِ الْمَلْزُومِ وَهُوَ التَّشْيِيدُ وَإِرَادَةٌ لَازِمَةٌ وَهُوَ التَّقْوِيَةُ (قَوْلُهُ: بِمِنْهَاجِ دِينِهِ) أَيْ بِالطَّرِيقِ الْمُوَصِّلَةِ إلَى دِينِهِ وَهُوَ مَا شَرَعَهُ اللَّهُ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَالْمُرَادُ بِالطَّرِيقِ الْمُوَصِّلَةِ إلَيْهِ مَا جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَحَادِيثِ الْأَحْكَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَدِلَّةِ وَالْأَئِمَّةُ الَّذِينَ قَامُوا بِإِظْهَارِ ذَلِكَ وَتَحْرِيرِهِ وَنَقْلِهِ، وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَادُ بِالشَّرِيعَةِ مُضَافَةً لِلْأَرْكَانِ هُوَ مَا شَرَعَهُ اللَّهُ مِنْ الْأَحْكَامِ، فَهُوَ عَيْنُ الدِّينِ الْمُفَسَّرِ بِمَا مَرَّ، فَكَأَنَّهُ قَالَ الَّذِي أَظْهَرَ بِالطَّرِيقِ الْمُوَصِّلَةِ إلَى مَا شَرَعَهُ اللَّهُ مِنْ الْأَحْكَامِ أَرْكَانَ ذَلِكَ الشَّرْعِ، وَإِنَّمَا أَقَامَ الظَّاهِرَ الَّذِي مَرْجِعُهُ الدِّينِ مَقَامَ الْمُضْمَرِ وَهُوَ لَفْظُ الشَّرِيعَةِ لِيَصِفَهُ بِالْغَرَّاءِ. وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَادُ بِالْأَرْكَانِ: الْأَجْزَاءُ الَّتِي اشْتَمَلَتْ الْأَحْكَامُ الْمَشْرُوعَةُ عَلَيْهَا كَوُجُوبِ الصَّلَاةِ أَوْ الصَّلَاةِ نَفْسِهَا، وَيَكُونُ إطْلَاقُ الْحُكْمِ عَلَيْهَا مَجَازًا مِنْ بَابِ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْكَسْرِ عَلَى اسْمِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْفَتْحِ (قَوْلُهُ: الشَّرِيعَةُ الْغَرَّاءُ) هِيَ فِي الْأَصْلِ تَأْنِيثُ الْأَغَرِّ وَهُوَ اسْمٌ لِلْفَرَسِ الَّذِي فِي جَبْهَتِهِ بَيَاضٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَعْيُنَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِوَافِرِ فُهُومِهِ عِنْدَ قِرَاءَتِهِ لِلْكِتَابِ الْمَرْقُومِ عَلَى وَجْهِ الْعُمُومِ، مَعَ مُذَاكَرَةِ إخْوَانِ الصَّفَاء وَخِلَّانِ الْوَفَاءِ مِمَّنْ عَادَتْ عَلَيْهِ بَرَكَةُ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ السَّعِيدِ بِثَغْرِ رَشِيدٍ، جَعَلَهُ اللَّهُ وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ دَارَ إسْلَامٍ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَحَمَاهُ مِمَّنْ قَصَدَهُ بِسُوءٍ وَرَامَهُ، دَوَّنْتهَا لِتُسْتَفَادَ وَيَعُمُّ نَفْعُهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ الْعِبَادِ، أَقْتَصِرُ فِيهَا عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِأَلْفَاظِ الْكِتَابِ وَمَا فِيهِ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَأُوجِزُ الْكَلَامَ حَسْبَ الطَّاقَةِ إلَّا حَيْثُ اقْتَضَى الْمَقَامُ، لَا أَتَعَرَّضُ فِيهَا لِمَا تَكَلَّمَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا بَرَكَةُ الْوُجُودِ وَمَحَطُّ رِحَالِ الْوُفُودِ، الْمُجْمَعُ عَلَى أَنَّهُ فِي هَذَا الْوَقْتِ الْجَوْهَرُ الْفَرْدُ وَالْإِمَامُ الْأَوْحَدُ، قَامُوسُ الْعُلُومِ وَقَابُوسُ الْفُهُومِ، الْبَصِيرُ بِقَلْبِهِ مَوْلَانَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ نُورُ الدِّينِ عَلِيٌّ الشبراملسي، أَمْتَعَ اللَّهُ الْوُجُودَ بِحَيَاتِهِ، وَعَادَ عَلَيَّ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ بَرَكَاتِهِ وَلَحَظَاتِهِ فِيمَا أَمْلَاهُ عَلَى هَذَا الْكِتَابِ لِأَنَّ ذَلِكَ مَفْرُوغٌ مِنْهُ، وَالْغَرَضُ تَجْدِيدُ الْفَائِدَةِ لِلطُّلَّابِ إلَّا حَيْثُ سَنَحَ لِلْخَاطِرِ مَا تَظْهَرُ نُكْتَتُهُ لِلنَّاظِرِ. وَأَنَا أَقُولُ بَذْلًا لِلنَّصِيحَةِ الَّتِي هِيَ الدِّينُ وَإِرْشَادُ الْمُسْتَرْشِدِينَ، لَا تَبَجُّحًا وَافْتِخَارًا؛ لِأَنِّي دُونَ ذَلِكَ رُتْبَةً وَمِقْدَارًا: إنَّ هَذِهِ الْفَوَائِدَ وَالصِّلَاتِ وَالْعَوَائِدَ مِمَّا يَتَعَيَّنُ مُرَاجَعَتُهُ عَلَى كُلِّ مَنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ إلَى هَذَا الْكِتَابِ الَّذِي هُوَ عُمْدَةُ النَّاسِ فِي هَذَا الْحِينِ مِنْ الْمُسْتَفِيدِينَ وَالْحُكَّامِ وَالْمُفْتِينَ، فَإِنَّهَا مُتَكَفِّلَةٌ حَسْبَ الطَّاقَةِ بِتَتَبُّعِ مَوَادِّ الْكِتَابِ مَعَ التَّنْبِيهِ عَلَى مَا عَدَلَ فِيهِ عَنْ صَوْبِ الصَّوَابِ كَمَا سَتَرَاهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي مَوَاطِنِهِ مِنْ الدُّرِّ الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ مَعَادِنِهِ. وَاعْلَمْ أَنِّي حَيْثُ أَنْسُبُ إلَى التُّحْفَةِ فَمُرَادِي تُحْفَةُ الْمُحْتَاجِ الَّذِي هُوَ شَرْحُ خَاتِمَةِ الْمُحَقِّقِينَ الشِّهَابِ " ابْنِ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيِّ " سَقَى اللَّهُ ثَرَاهُ، وَاَللَّهُ الْمَأْمُولُ وَالْمَسْئُولُ فِي التَّفَضُّلِ بِالْإِثَابَةِ وَالْقَبُولِ. (قَوْلُهُ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَنَفَعَنَا بِهِ: بِمِنْهَاجِ دِينِهِ) أَيْ طَرِيقِهِ بِمَعْنَى دَلَائِلِهِ بِقَرِينَةِ مُقَابَلَتِهِ بِالْأَحْكَامِ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا جَمْعُ حُكْمٍ، فَالْمَعْنَى شَيَّدَ دِينَهُ بِدَلَائِلِهِ إذْ الشَّرِيعَةُ هِيَ الدِّينُ مَاصَدَقًا، وَهُوَ احْتِرَاسٌ إذْ الْمُشَيِّدُ لِأَرْكَانِ الشَّيْءِ بِغَيْرِ طَرِيقِهِ لَا يَأْمَنُ الْخَطَأَ، وَفِيهِ اسْتِعَارَةٌ بِالْكِنَايَةِ، شَبَّهَ الشَّرِيعَةَ بِالْبِنَاءِ، وَأَثْبَتَ لَهُ الْأَرْكَانَ تَخْيِيلًا وَالتَّشْيِيدَ تَرْشِيحًا، وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي نَظَائِرِهِ الْآتِيَةِ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ جَعْلِ شَيْخِنَا لَهُ مِنْ الِاسْتِعَارَةِ الْمُصَرِّحَةِ التَّبَعِيَّةِ كَمَا لَا يَخْفَى بَلْ هُوَ الْمُتَعَيَّنُ

وَسَدَّدَ بِأَحْكَامِهِ فُرُوعَ الْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَاءِ مَنْ عَمِلَ بِهِ فَقَدْ اتَّبَعَ سَبِيلَ الْمُؤْمِنِينَ، وَمَنْ خَرَجَ عَنْهُ خَرَجَ عَنْ مَسَالِكِ الْمُعْتَبِرِينَ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ عَلَى مَا عَلَّمَ، وَأَشْكُرُهُ عَلَى مَا هَدَى وَقَوَّمَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، الْمَالِكُ الْمَلِكُ الْحَقُّ الْمُبِينُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْمَبْعُوثُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَنُورًا لِسَائِرِ الْخَلَائِقِ إلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَرْسَلَهُ حِينَ دَرَسَتْ أَعْلَامُ الْهُدَى وَظَهَرَتْ أَعْلَامُ الرَّدَى، وَانْطَمَسَ مَنْهَجُ الْحَقِّ وَعَفَا، وَأَشْرَفَ مِصْبَاحُ الصِّدْقِ عَلَى الأنطفا، فَأَعْلَى مِنْ الدِّينِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَوْقَ الدِّرْهَمِ لَكِنَّهَا تُطْلَقُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالْخِيَارِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا (قَوْلُهُ: وَسَدَّدَ بِأَحْكَامِهِ) أَيْ اللَّهِ أَوْ الدِّينِ، وَعَلَى الثَّانِي فَالْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدِّينَ مَا شَرَعَهُ اللَّهُ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ الشَّارِحُ فِيمَا يَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الدِّينِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فُرُوعَ الْحَنِيفِيَّةِ) أَيْ الْمِلَّةِ الْحَنِيفِيَّةِ وَالْحَنِيفُ الْمَائِلُ عَنْ الْبَاطِلِ إلَى الْحَقِّ (قَوْلُهُ: السَّمْحَاءِ) أَيْ السَّهْلَةِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ اتَّبَعَ سَبِيلَ الْمُؤْمِنِينَ) أَيْ طَرِيقَهُمْ الْمُوَصِّلَةِ إلَى الْحَقِّ وَهُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ خَرَجَ عَنْهُ) وَفِي نُسْخَةٍ وَقَفَ: أَيْ حَبَسَ نَفْسَهُ عَنْهُ بِأَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا عَلَّمَ) مَا مَصْدَرِيَّةٌ أَوْ مَوْصُولَةٌ وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ، وَالْمَعْنَى عَلَى تَعْلِيمِهِ أَوْ عَلَى الَّذِي عَلَّمَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا هَدَى) مَا مَصْدَرِيَّةٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَقَوَّمَ) أَيْ أَصْلَحَ، وَهَذَانِ الْفِعْلَانِ مُنَزَّلَانِ مَنْزِلَةَ اللَّازِمِ كَمَا فِي فُلَانٍ يُعْطِي، وَالْمَعْنَى عَلَى هِدَايَتِهِ وَتَقْوِيمِهِ. (قَوْلُهُ: الْمَالِكُ) مِنْ الْمِلْكِ بِالْكَسْرِ وَهُوَ التَّعَلُّقُ بِالْأَعْيَانِ الْمَمْلُوكَةِ، وَالْمَلِكُ مِنْ الْمُلْكِ بِالضَّمِّ وَهُوَ التَّصَرُّفُ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ: الْمَالِكُ لِجَمِيعِ الْمَوْجُودَاتِ الْمُتَصَرِّفُ فِيهَا بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ (قَوْلُهُ: وَنُورًا لِسَائِرِ الْخَلَائِقِ) عَطْفٌ مُغَايِرٌ لِلرَّحْمَةِ مَفْهُومًا، فَإِنَّ النُّورَ فِي الْأَصْلِ كَيْفِيَّةٌ تُدْرِكُهَا الْبَاصِرَةُ أَوَّلًا، وَبِوَاسِطَتِهَا تُدْرَكُ سَائِرُ الْمُبْصِرَاتِ، وَهُوَ فِي حَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَعْنَى مُنَوِّرٌ، فَهُوَ مُسَاوٍ لِلرَّحْمَةِ مِنْ حَيْثُ الْمَاصَدَقَ أَوْ هُوَ مِنْ جُزْئِيَّاتِهَا (قَوْلُهُ: حِينَ دَرَسَتْ) أَيْ عَفَتْ، يُقَالُ دَرَسَ الرَّسْمُ عَفَا وَبَابُهُ دَخَلَ، وَدَرَسَهُ الرِّيحُ وَبَابُهُ نَصَرَ يَتَعَدَّى وَيَلْزَمُ اهـ مُخْتَارٌ. فَعَلَى اللُّزُومِ هُوَ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ وَعَلَى التَّعَدِّي لِلْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ: أَعْلَامُ الْهُدَى) أَيْ آثَارُهُ، وَفِي الْمُخْتَارِ الْعَلَمُ بِفَتْحَتَيْنِ الْعَلَامَةُ، وَهُوَ أَيْضًا الْجَبَلُ وَعَلَمُ الثَّوْبِ وَالرَّايَةُ (قَوْلُهُ وَظَهَرَتْ أَعْلَامُ الرَّدَى) بِالْقَصْرِ، يُقَالُ رَدِيَ بِالْكَسْرِ كَصَدِيَ: أَيْ هَلَكَ انْتَهَى مُخْتَارٌ. وَفِي الْقَامُوسِ: رَدَى كَرَمَى (قَوْلُهُ: وَانْطَمَسَ مَنْهَجُ الْحَقِّ) أَيْ خَفِيَ (قَوْلُهُ: وَعَفَا) أَيْ ذَهَبَ (قَوْلُهُ وَأَشْرَفَ) أَيْ قَارَبَ (قَوْلُهُ: فَأَعْلَى مِنْ الدِّينِ) أَيْ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى أَرْسَلَ عَطْفُ مُسَبَّبٍ عَلَى سَبَبٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِأَحْكَامِهِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ جَمْعُ حُكْمٍ فَالضَّمِيرُ فِيهِ لِلدِّينِ أَوْ لِلَّهِ أَوْ بِكَسْرِهَا مَصْدَرُ أَحْكَمَ: أَيْ أَتْقَنَ، فَالضَّمِيرُ فِيهِ لِأَحَدِ ذَيْنِك، أَوْ لِلتَّشْيِيدِ الْمَفْهُومِ مِنْ شَيَّدَ، وَهَذَا هُوَ الْأَنْسَبُ كَمَا لَا يَخْفَى، وَعَلَى الْفَتْحِ فَالْمُرَادُ بِالْفُرُوعِ مَوْضُوعَاتُ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَرِدُ عَلَيْهَا الْأَحْكَامُ، وَعَلَى الْكَسْرِ فَالْمُرَادُ بِهَا نَفْسُ الْأَحْكَامِ (قَوْلُهُ: مَنْ عَمِلَ بِهِ) أَيْ بِالدِّينِ أَوْ بِالْمِنْهَاجِ، وَالْأَوَّلُ أَنْسَبُ بِمَا فُسِّرَتْ بِهِ آيَةُ {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 115] مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِسَبِيلِهِمْ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ الْأَعْمَالِ وَالِاعْتِقَادَاتِ (قَوْلُهُ: وَنُورًا) أَيْ رَحْمَةً بِقَرِينَةِ نِسْبَتِهِ إلَى سَائِرِ الْخَلَائِقِ الشَّامِلِ لِلدَّوَابِّ وَالْجَمَادَاتِ وَغَيْرِهِمَا، الْمُسْتَحِيلُ فِي حَقِّهَا مَعْنَى الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ: حِينَ دُرِسَتْ أَعْلَامُ الْهُدَى) أَيْ الدِّينِ بِمَعْنَى الْأَحْكَامِ، وَقَوْلُهُ وَانْطَمَسَ مَنْهَجُ الْحَقِّ: أَيْ طَرِيقُهُ بِمَعْنَى دَلَائِلِهِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي بَعْدَهُ، وَقَوْلُهُ فَأَعْلَى مِنْ الدِّينِ مَعَالِمَهُ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ وَانْطَمَسَ مَنْهَجُ الْحَقِّ إلَخْ عَلَى طَرِيقِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ، وَقَوْلُهُ فَانْشَرَحَ بِهِ: أَيْ بِالدِّينِ، وَقَوْلُهُ وَانْزَاحَتْ بِهِ: أَيْ بِإِعْلَاءِ دَلَائِلِ حُكْمِ الشَّرْعِ إذْ الشُّبَهُ إنَّمَا تَنْزَاحُ بِالدَّلَائِلِ، فَفِيهِ أَيْضًا لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ، وَإِنَّمَا قَالَ: وَأَشْرَفَ مِصْبَاحُ الصِّدْقِ عَلَى الِانْطِفَاءِ، وَلَمْ يَقُلْ وَانْطَفَأَ كَسَوَابِقِهِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَحْرِصُونَ عَلَى الصِّدْقِ وَعَدَمِ الْكَذِبِ، فَالصِّدْقُ كَانَ مَوْجُودًا بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: فَأَعْلَى مِنْ الدِّينِ) الْمُرَادُ مِنْهُ مَا مَرْجِعُهُ الْعَقَائِدُ، فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ قَرَّرَ شَرِيعَةَ مَنْ قَبْلَهُ، وَهُوَ

مَعَالِمَهُ، وَسَنَّ حُكْمَ الشَّرْعِ دَلَائِلَهُ، فَانْشَرَحَ بِهِ صُدُورُ أَهْلِ الْإِيمَانِ، وَانْزَاحَتْ بِهِ شُبُهَاتُ أَهْلِ الطُّغْيَانِ. صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ خُلَفَاءِ الدِّينِ وَحُلَفَاءِ الْيَقِينِ، مَصَابِيحِ الْأُمَمِ وَمَفَاتِيحِ الْكَرَمِ، وَكُنُوزِ الْعِلْمِ وَرُمُوزِ الْحِكَمِ، صَلَاةً وَسَلَامًا دَائِمَيْنِ مُتَلَازِمَيْنِ بِدَوَامِ النَّعَمِ وَالْكَرَمِ. (وَبَعْدُ) فَإِنَّ الْعُلُومَ وَإِنْ كَانَتْ تَتَعَاظَمُ شَرَفًا وَتَطْلُعُ فِي سَمَاءِ كَوْكَبِهَا شُرَفًا، وَيُنْفِقُ الْعَالِمُ مِنْ خَزَائِنِهَا وَكُلَّمَا زَادَ ازْدَادَ رُشْدًا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: مَعَالِمُهُ) أَيْ عَلَامَاتُهُ وَفِي الْمُخْتَارِ الْمَعْلَمُ الْأَثَرُ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الطَّرِيقِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: فَانْشَرَحَ بِهِ) أَيْ بِالرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَطْفُ مُسَبَّبٍ عَلَى سَبَبٍ (قَوْلُهُ: وَانْزَاحَتْ بِهِ) أَيْ انْدَفَعَتْ وَهُوَ مُطَاوِعُ زَاحَ، تَقُولُ زُحْتُهُ فَانْزَاحَ بِمَعْنَى نَحَّيْته. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: زَاحَ الشَّيْءَ عَنْ مَوْضِعِهِ يَزُوحُ زَوْحًا مِنْ بَابِ قَالَ، وَيُزِيحُ زَيْحًا مِنْ بَابِ سَارَ تَنَحَّى، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ مُتَعَدِّيًا بِنَفْسِهِ فَيُقَالُ زُحْته، وَالْأَكْثَرُ أَنْ يَتَعَدَّى بِالْهَمْزَةِ فَيُقَالُ أَزَحْته إزَاحَةً اهـ. (قَوْلُهُ: خُلَفَاءِ الدِّينِ) أَيْ الَّذِينَ صَارُوا خُلَفَاءَ عَلَى الدِّينِ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ الَّذِينَ اسْتَخْلَفَهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ اللَّهُ، وَفِي الْمِصْبَاحِ: خَلَفْت فُلَانًا عَلَى أَهْلِهِ وَمَالِهِ خِلَافَةً صِرْت خَلِيفَتَهُ، وَخَلَفْته جِئْت بَعْدَهُ، وَالْخِلْفَةُ بِالْكَسْرِ اسْمٌ مِنْهُ كَالْقَعْدَةِ لِهَيْئَةِ الْقُعُودِ، وَاسْتَخْلَفْته جَعَلْته خَلِيفَةً، فَخَلِيفَةٌ يَكُونُ بِمَعْنَى فَاعِلٍ وَبِمَعْنَى مَفْعُولٍ (قَوْلُهُ: وَحُلَفَاءِ الْيَقِينِ) يَحْتَمِلُ أَنَّ الْإِضَافَةَ فِيهِ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمَّا عَاهَدُوهُ وَوَفَّوْهُ بِعُهُودِهِمْ كَانُوا كَالْمُقْسِمِينَ بِأَيْمَانٍ وَوَفَّوْا بِهَا فَجَعَلَهُمْ حُلَفَاءَ وَأَضَافَهُمْ إلَى الْيَقِينِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ شَبَّهَهُمْ فِي انْقِيَادِهِمْ لِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَدَمِ مُخَالَفَتِهِمْ لَهُ بِالْمُتَحَالَفِينَ عَلَى أَمْرٍ مُتَيَقَّنٍ لَا يَتَخَلَّفُونَ عَنْهُ، فَتَكُونُ اسْتِعَارَةً تَصْرِيحِيَّةً تَبَعِيَّةً. (قَوْلُهُ: وَكُنُوزِ الْعِلْمِ) وَفِي نُسْخَةٍ: وَكُنُوزِ أَهْلِ الْحِكَمِ، وَعَلَى كُلٍّ فَالْمُرَادُ بِالْكَنْزِ هُنَا الْمَحَلُّ الَّذِي يُحْفَظُ فِيهِ الْعِلْمُ وَفِي الْأَصْلِ الْمَالُ الْمَكْنُوزُ، فَهُوَ مَجَازٌ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الْمَحَلِّ بِاسْمِ الْحَالِّ فِيهِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِالْمَعَادِنِ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّهَا جَمْعُ مَعْدَنٍ وَهُوَ الْمَكَانُ (قَوْلُهُ: وَرُمُوزِ الْحِكَمِ) أَيْ هُمْ رُمُوزٌ لِلْحِكَمِ لِاسْتِفَادَتِهَا وَأَخْذِهَا مِنْهُمْ، وَسَمَّاهُمْ رُمُوزًا؛ لِأَنَّهُمْ يُشِيرُونَ إلَيْهَا بِبَيَانِ بَعْضِ الْأَحْكَامِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَتَصَدَّوْا لِتَدْوِينِهَا، بَلْ كَانُوا يُجِيبُونَ عَمَّا سُئِلُوا عَنْهُ بِحَسَبِ الْوَقَائِعِ، وَالرَّمْزُ: الْإِشَارَةُ وَالْإِيمَاءُ بِالشَّفَتَيْنِ وَالْحَاجِبِ (قَوْلُهُ: تَتَعَاظَمُ شَرَفًا) أَيْ فِي الْمِقْدَارِ: أَيْ لَا يَعْظُمُ عِنْدَهَا شَيْءٌ، لَكِنَّ الْفِقْهَ أَشْرَفُهَا كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ فَلَا مِرْيَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ: شَرَفًا) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: الشَّرَفُ بِفَتْحِ الشِّينِ وَالرَّاءِ: الْعُلُوُّ وَالْمَكَانُ الْعَالِي، ثُمَّ قَالَ: وَشُرْفَةُ الْقَصْرِ وَاحِدَةٌ الشُّرَفِ كَغُرْفَةٍ وَغُرَفٍ اهـ. وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُضْبَطَ قَوْلُهُ تَتَعَاظَمُ شَرَفًا بِالْفَتْحِ، وَقَوْلُهُ كَوَاكِبُهَا شُرَفًا بِضَمِّ الشِّينِ وَفَتْحِ الرَّاءِ؛ وَالْمَعْنَى: أَنَّهَا وَإِنْ تَعَاظَمَتْ فِي عُلُوِّ الْمِقْدَارِ وَطَلَعَتْ أَمَاكِنَ الْكَوَاكِبِ الْمُرْتَفِعَةِ فَلَا مِرْيَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَكُلَّمَا زَادَ) أَيْ فِي الِاتِّفَاقِ (قَوْلُهُ: ازْدَادَ رُشْدًا) بِضَمِّ الرَّاءِ وَسُكُونِ الشِّينِ وَفَتْحِهِمَا، وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ ـــــــــــــــــــــــــــــQخِلَافُ الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْعُلُومَ وَإِنْ كَانَتْ إلَخْ) وَقَعَ مِثْلُ هَذَا التَّرْكِيبِ فِي خُطْبَةِ الْكَنْزِ لِلْحَنَفِيَّةِ وَلَفْظُهُ: وَهُوَ وَإِنْ خَلَا عَنْ الْعَوِيصَاتِ وَالْمُشْكِلَاتِ فَقَدْ تَحَلَّى بِمَسَائِلِ الْفَتَاوَى وَالْوَاقِعَاتِ. قَالَ شَارِحُهُ مِسْكِينٌ، أَيْ لِمَنْ يَخْلُو وَإِنْ خَلَا عَنْ الْعَوِيصَاتِ فَقَدْ تَحَلَّى، فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْفَاءُ لِلْجَزَاءِ وَتَكُونُ الْوَاوُ لِلْعَطْفِ، وَإِنْ عَلَى أَصْلِهِ لِلشَّرْطِ إلَّا أَنَّهَا فِي اسْتِعْمَالِهَا الشَّائِعِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ لِمُجَرَّدِ التَّأْكِيدِ؛ وَالْمَعْنَى: وَإِنْ تَحَقَّقَ وَتَقَرَّرَ أَنَّهُ خَلَا عَنْ الْعَوِيصَاتِ وَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ إفَادَةِ مَعْنَى الشَّرْطِ فَتُجْعَلُ لِلْوَصْلِ وَتُجْعَلُ الْوَاوُ لِلْحَالِ مَعَ التَّكَلُّفِ فِي ذِي الْحَالِ، وَأَيْضًا الْفَاءُ لَا تَدْخُلُ فِي خَبَرِ الْمُبْتَدَإِ إلَّا فِي الْمَوْصُولِ بِالْفِعْلِ وَالظَّرْفِ وَالنَّكِرَةِ الْمَوْصُوفَةِ بِهِمَا انْتَهَى. وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِيمَا هُنَا فَيُقَدَّرُ خَبَرٌ مُنَاسِبٌ، وَلَك أَنْ تَلْتَزِمَ الْوَجْهَ الثَّانِيَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِ الْأَخْفَشِ الْمُجِيزِ لِاقْتِرَانِ الْفَاءِ بِالْخَبَرِ مُطْلَقًا، وَمَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ الْمُجِيزِ لِمَجِيءِ الْحَالِ مِنْ الْمُبْتَدَإِ (قَوْلُهُ: وَتَطْلُعُ فِي سَمَاءِ كَوْكَبِهَا شَرَفًا) أَيْ فِي مَنْزِلَةِ الشَّرَفِ الْمَعْرُوفَةِ

وَعَدِمَ سَرَفًا، فَلَا مِرْيَةَ فِي أَنَّ الْفِقْهَ وَاسِطَةُ عِقْدِهَا وَرَابِطَةُ حُلَلِهَا وَعِقْدِهَا وَخَالِصَةُ الرَّائِجِ مِنْ نَقْدِهَا، بِهِ يُعْرَفُ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ، وَيَدِينُ الْخَاصُّ وَالْعَامُّ، وَتَبِينُ مَصَابِيحُ الْهُدَى مِنْ ظَلَامِ الضَّلَالِ وَضَلَالِ الظَّلَامِ، قُطْبُ الشَّرِيعَةِ وَأَسَاسُهَا، وَقَلْبُ الْحَقِيقَةِ الَّذِي إذَا صَلَحَ صَلَحَتْ وَرَأْسُهَا، وَأَهِلَّةُ سُرَاةِ الْأَرْضِ الَّذِينَ لَوْلَاهُمْ لَفَسَدَتْ بِسِيَادَةِ جُهَّالِهَا وَضَلَّتْ أُنَاسُهَا: لَا تُصْلِحُ النَّاسَ فَوْضَى لَا سُرَاةَ لَهُمْ ... وَلَا سُرَاةَ إذَا جُهَّالُهُمْ سَادُوا إيه وَلَوْلَاهُمْ لَاتَّخَذَ النَّاسُ رُؤَسَاءَ جُهَّالًا، فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا، وَخَبَطُوا خَبْطَ عَشْوَاءَ حَيْثُمَا قَامُوا وَحَلُّوا وَشَكَتْ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَقْعَ أَقْدَامِ قَوْمٍ اسْتَزَلَّهُمْ الشَّيْطَانُ فَزَلُّوا، فَلِلَّهِ دَرُّ الْفُقَهَاءِ هُمْ نُجُومُ السَّمَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــSرَشَدَ يَرْشُدُ مِثْلَ قَعَدَ يَقْعُدُ وَرُشْدًا بِضَمِّ الرَّاءِ، وَفِيهِ لُغَةٌ أُخْرَى مِنْ بَابِ طَرِبَ اهـ (قَوْلُهُ: وَعَدِمَ سَرَفًا) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: أَسْرَفَ إسْرَافًا جَاوَزَ الْقَصْدَ، وَالسَّرَفُ بِفَتْحَتَيْنِ اسْمٌ مِنْهُ، وَسَرِفَ سَرَفًا مِنْ بَابِ تَعِبَ جَهِلَ أَوْ غَفَلَ فَهُوَ سَرَفٌ، وَطَلَبْتهمْ فَسَرِفْتهمْ بِمَعْنَى أَخْطَأْت أَوْ جَهِلْت (قَوْلُهُ: فَلَا مِرْيَةَ) الْفَاءُ زَائِدَةٌ فِي خَبَرِ إنَّ، وَجُمْلَةُ وَإِنْ كَانَتْ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الِاسْمِ وَالْخَبَرِ، وَالْمِرْيَةُ الشَّكُّ. قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: الْمِرْيَةُ الشَّكُّ، وَقَدْ يُضَمُّ، وَقُرِئَ بِهِمَا قَوْله تَعَالَى {فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ} [هود: 17] . (قَوْلُهُ: وَاسِطَةُ عِقْدِهَا) أَيْ أَشْرَفُهَا وَالْعِقْدُ بِالْكَسْرِ الْقِلَادَةُ (قَوْلُهُ: بِهِ يُعْرَفُ) أَيْ بِالْفِقْهِ يُعْرَفُ (قَوْلُهُ: وَيَدِينُ بِهِ الْخَاصُّ وَالْعَامُّ) أَيْ يَتَعَبَّدُ بِهِ إلَخْ، وَيُقَالُ دَانَهُ يَدِينُهُ دِينًا بِالْكَسْرِ: أَذَلَّهُ وَاسْتَعْبَدَهُ فَدَانَ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَتَبِينُ مَصَابِيحُ إلَخْ) أَيْ تَظْهَرُ بِهِ إنْ قُرِئَ بِالتَّاءِ، فَإِنْ قُرِئَ بِالْيَاءِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ فَلَا تَقْدِيرَ؛ لِأَنَّ فَاعِلَهُ يَعُودُ عَلَى الْفِقْهِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ يُظْهِرُ مَصَابِيحَ الْهُدَى وَيُمَيِّزُهَا (قَوْلُهُ: وَأَسَاسُهَا) كَالتَّفْسِيرِيِّ؛ لِأَنَّ قُطْبَ الشَّيْءِ هُوَ أَصْلُهُ الَّذِي يَرْجِعُ إلَيْهِ، وَمِنْهُ قُطْبُ الرَّحَا وَقُطْبُ الْقَوْمِ سَيِّدُهُمْ الَّذِي يَدُورُ عَلَيْهِ أَمْرُهُمْ وَيَرْجِعُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَرَأْسُهَا) أَيْ الَّذِي هُوَ مِنْهَا كَالرَّأْسِ حَقِيقَةً (قَوْلُهُ سَرَاةُ الْأَرْضِ) أَيْ سَادَاتُهُمْ جَمْع سَرِيٍّ وَهُوَ بِفَتْحِ السِّينِ. قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: وَهُوَ جَمْعٌ عَزِيزٌ إذْ لَمْ يُجْمَعْ فَعِيلٌ عَلَى فَعَلَةِ وَلَا يُعْرَفُ غَيْرُهُ اهـ بِحُرُوفِهِ. وَفِي الْمِصْبَاحِ: وَالسَّرِيُّ الرَّئِيسُ وَالْجَمْعُ سَرَاةٌ، وَهُوَ جَمْعٌ عَزِيزٌ لَا يَكَادُ يُوجَدُ لَهُ نَظِيرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُجْمَعُ فَعِيلٌ عَلَى فَعَلَةِ، وَجَمْعُ السَّرَاةِ سَرَوَاتٌ اهـ (قَوْلُهُ: لَا سَرَاةَ لَهُمْ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ لِفَوْضَى. وَفِي الْمُخْتَارِ: قَوْمٌ فَوْضَى بِوَزْنِ سَكْرَى لَا رَئِيسَ لَهُمْ اهـ (قَوْلُهُ: إيهِ) اسْمُ فِعْلٍ أَيْ زِدْنِي (قَوْلُهُ: خَبْطَ عَشْوَاءَ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: الْعَشْوَاءُ النَّاقَةُ الَّتِي لَا تُبْصِرُ مَا أَمَامَهَا فَهِيَ تَخْبِطُ بِيَدَيْهَا كُلَّ شَيْءٍ. وَرَكِبَ فُلَانٌ الْعَشْوَاءَ: إذَا خَبَطَ أَمْرَهُ عَلَى غَيْرِ بَصِيرَةٍ. وَفِي الْمِصْبَاحِ: عَشِيَ عَشًّا مِنْ بَابِ تَعِبَ ضَعُفَ بَصَرُهُ فَهُوَ أَعْشَى وَالْمَرْأَةُ عَشْوَاءُ اهـ (قَوْلُهُ: وَشَكَتْ الْأَرْضُ مِنْهُمْ) هُوَ اسْتِعَارَةٌ بِالْكِنَايَةِ، فَإِنَّهُ شَبَّهَ الْأَرْضَ بِالْعُقَلَاءِ الَّذِينَ يَتَظَلَّمُونَ وَأَثْبَتَ لَهَا الشِّكَايَةَ تَخْيِيلًا (قَوْلُهُ: وَقْعَ أَقْدَامِ قَوْمٍ) بَدَلٌ مِنْ الْمَجْرُورِ بِمِنْ بَدَلُ اشْتِمَالٍ فَهُوَ بِالْجَرِّ أَوْ مِنْ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ فَيَكُونُ مَنْصُوبًا، وَقَوْلُهُ قَوْمٌ مِنْ إقَامَةِ الظَّاهِرِ مَقَامَ الْمُضْمَرِ، وَكَأَنَّهُ لِيَصِفَهُمْ بِقَوْلِهِ اسْتَزَلَّهُمْ الشَّيْطَانُ إلَخْ (قَوْلُهُ: الشَّيْطَانُ) قَالَ بَعْضُهُمْ: الشَّيْطَانُ كُلُّ جِنِّيٍّ كَافِرٍ سُمِّيَ شَيْطَانًا؛ لِأَنَّهُ شَطَنَ: أَيْ بَعُدَ عَنْ رَحْمَةِ اللَّهِ. وَقِيلَ؛ لِأَنَّهُ شَاطٌّ بِأَعْمَالِهِ: أَيْ احْتَرَقَ بِسَبَبِهَا. قَالَ الْجَاحِظُ: الْجِنِّيُّ إذَا كَفَرَ وَظَلَمَ وَتَعَدَّى وَأَفْسَدَ فَهُوَ شَيْطَانُ، فَإِنْ قَوِيَ عَلَى حَمْلِ الْمَشَاقِّ وَالشَّيْءِ الثَّقِيلِ وَعَلَى اسْتِرَاقَةِ السَّمْعَ فَهُوَ مَارِدٌ، فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ عِفْرِيتٌ، كَذَا قَالَهُ بَعْضُ شُرَّاحِ الْبُرْدَةِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَخَالِفْ النَّفْسَ وَالشَّيْطَانَ وَاعْصِهِمَا. (قَوْلُهُ: فَلِلَّهِ دَرُّ الْفُقَهَاءِ) صِيغَةُ مَدْحٍ. قَالَ فِي شَرْحِ التَّوْضِيحِ: إنَّهُ كِنَايَةٌ عَنْ فِعْلِ الْمَمْدُوحِ الصَّادِرِ، وَإِنَّمَا أَضَافَ الْفِعْلَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى قَصْدًا لِإِظْهَارِ التَّعَجُّبِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQعِنْدَ أَهْلِ الْهَيْئَةِ، وَلَا يَضُرُّ كَوْنُ الشَّرَفِ هُنَا مَأْخُوذًا مِنْ الشَّرَفِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ فِي اصْطِلَاحِهِمْ اسْمًا لِأَمْرٍ مَخْصُوصٍ وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا سَلَكَهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَقْعَ) مَعْمُولٌ لِشَكَتْ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ خِلَافًا لِجَعْلِ شَيْخِنَا لَهُ بَدَلًا

تُشِيرُ إلَيْهِمْ بِالْأَكُفِّ الْأَصَابِعُ وَشُمُّ الْأُنُوفِ، يَخْضَعُ إلَيْهِمْ كُلُّ شَامِخِ الْأَنْفِ رَافِعٍ، حَلَّقُوا عَلَى سُوَرِ الْإِسْلَامِ كَسِوَارِ الْمِعْصَمِ قَائِلِينَ لِأَهْلِهِ وَالْحَقُّ سَامِعٌ: أَخَذْنَا بِآفَاقِ السَّمَاءِ عَلَيْكُمْ ... لَنَا قَمَرَاهَا وَالنُّجُومُ الطَّوَالِعُ زَيَّنَ اللَّهُ الْأَرْضَ بِمَوَاطِئِ أَقْدَامِهِمْ فَالشِّفَاهُ تُقَبِّلُ خِلَالَهَا، وَبِإِحَاطَةِ أَحْكَامِهِمْ وَإِحْكَامِهِمْ تَذْكُرُ حَرَامَهَا وَحَلَالَهَا، وَتَرْشُفُ مِنْ زُلَالِهَا مَا حَلَا لَهَا، وَلَقَدْ سَارُوا فِي مَسَالِكِ الْفِقْهِ غَوْرًا وَنَجْدًا، وَدَارُوا عَلَيْهِ هَائِمِينَ بِهِ وَجْدًا، فَمِنْهُمْ مَنْ سَارَ عَلَى مَنْهَجِ مِنْهَاجِ الطَّرِيقِ الْوَاضِحِ أَحْسَنَ سَيْرٍ، وَجَرَى فِي أَحْوَالِهِ عَلَى مِنْوَالِهِ غَيْرَ مُتَعَرِّضٍ إلَى غَيْرٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ دَأْبَهُ رَدَّ الْخُصُومِ وَخَصْمَ الْمُخَالِفِينَ فَلَا يَفُوتُهُ الطَّائِفُ فِي الْأَرْضِ وَلَوْ أَنَّهُ الطَّائِرُ فِي السَّمَاءِ يَحُومُ، وَإِقَامَةَ الْحُجَجِ وَالْبَرَاهِينِ مِنْهَا مَعَالِمُ لِلْهُدَى وَمَصَابِيحُ لِلدُّجَى ـــــــــــــــــــــــــــــSتَعَالَى مُنْشِئُ الْعُجَابِ، فَمَعْنَى قَوْلِهِمْ لِلَّهِ دَرُّهُ، فَارِسًا: مَا أَعْجَبَ فِعْلَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ التَّعَجُّبُ مِنْ لَبَنِهِ الَّذِي ارْتَضَعَهُ مِنْ ثَدْيِ أُمِّهِ: أَيْ مَا أَعْجَبَ هَذَا اللَّبَنَ الَّذِي نَزَلَ بِهِ مِثْلُ هَذَا الْوَلَدِ الْكَامِلِ فِي هَذِهِ الصِّفَةِ اهـ. (قَوْلُهُ: تُشِيرُ إلَيْهِمْ بِالْأَكُفِّ الْأَصَابِعُ) فَالْأَصَابِعُ فَاعِلُ أَشَارَتْ، وَبِالْأَكُفِّ ظَرْفٌ مُسْتَقِرٌّ حَالٌ مِنْهَا: أَيْ أَشَارَتْ الْأَصَابِعُ حَالَةَ كَوْنِهَا مَعَ الْأَكُفِّ، يُرِيدُ أَنَّ الْإِشَارَةَ وَقَعَتْ بِمَجْمُوعِ الْأَصَابِعِ وَالْأَكُفِّ اهـ دَمَامِينِيٌّ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ فِيهِ قَلْبًا وَالْأَصْلُ أَشَارَتْ الْأَكُفُّ بِالْأَصَابِعِ (قَوْلُهُ شُمُّ الْأُنُوفِ) هُوَ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ إلَى الْمَوْصُوفِ، وَاللَّامُ فِي الْأُنُوفِ عِوَضٌ عَنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ: أَيْ أُنُوفُهُمْ شُمٌّ جَمْعُ أَشَمَّ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الشَّمَمُ ارْتِفَاعُ الْأَنْفِ، وَهُوَ مَصْدَرٌ: مِنْ بَابِ تَعِبَ، فَالرَّجُلُ أَشَمُّ وَالْمَرْأَةُ شَمَّاءُ مِثْلَ أَحْمَرَ وَحَمْرَاءَ اهـ. وَقَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَالْأَشَمُّ السَّيِّدُ وَالْمَنْكِبُ الْمُرْتَفِعُ (قَوْلُهُ: شَامِخٌ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: شَمَخَ الْجَمَلُ عَلَا وَطَالَ، وَالرَّجُلُ بِأَنْفِهِ تَكَبَّرَ (قَوْلُهُ: حَلَّقُوا) أَحَاطُوا بِهِ وَدَارُوا حَوْلَهُ كَدَوَرَانِ السِّوَارِ عَلَى الْمِعْصَمِ. وَفِي النِّهَايَةِ: فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ وَحَلَّقَ: أَيْ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ بِأُصْبُعَيْهِ الْإِبْهَامِ وَاَلَّتِي تَلِيهَا، وَعَقَدَ عَشْرًا: أَيْ بِأَنْ جَعَلَ رَأْسَ السَّبَّابَةِ فِي وَسَطِ الْإِبْهَامِ اهـ مِنْهُ (قَوْلُهُ غَوْرًا وَنَجْدًا) الْمَعْنَى: يَبْحَثُونَ عَنْ الْأَحْكَامِ خَفَايَاهَا وَجَلَايَاهَا كَأَنَّهُمْ سَارُوا فِي تَحْصِيلِ ذَلِكَ فِي الطَّرَقَاتِ الْمُنْخَفِضَةِ وَالْمُرْتَفِعَةِ، وَالْغَوْرُ فِي الْأَصْلِ: قَعْرُ كُلِّ شَيْءٍ، وَالنَّجْدُ مَا ارْتَفَعَ مِنْ الْأَرْضِ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: مَنْ سَارَ عَلَى مَنْهَجٍ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ مَعْنَى هَذَا التَّرْكِيبِ، فَإِنَّ كُلًّا مِنْ الْمَنْهَجِ وَالْمِنْهَاجِ مَعْنَاهُ الطَّرِيقُ الْوَاضِحُ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالطَّرِيقِ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ بِالْمَنْهَجِ مَا يُتَوَصَّلُ بِهِ لِاسْتِنْبَاطِ الْحُكْمِ مِنْ الدَّلِيلِ، وَبِالطَّرِيقِ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ بِالْمِنْهَاجِ الْأَدِلَّةُ أَنْفُسُهَا كَالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَبِالطَّرِيقِ الْوَاضِحِ دِينُ الْإِسْلَامِ، كَمَا أَطْلَقَ عَلَيْهِ الصِّرَاطَ فِي قَوْله تَعَالَى {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6] . (قَوْلُهُ: وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ دَأْبَهُ) أَيْ شَأْنَهُ وَعَادَتَهُ كَالْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: رَدَّ الْخُصُومِ) أَيْ مَنْ أَرَادَ الطَّعْنَ فِيمَا ذَهَبُوا إلَيْهِ مِنْ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، وَقَوْلُهُ فَلَا يَفُوتُهُ الطَّائِفُ: أَيْ لَا يَفُوتُهُ مَنْ أَبْدَى شُبْهَةً وَإِنْ بَعُدَ وَانْتَهَى فِي الْبُعْدِ إلَى أَنَّ أَشْبَهَ الطَّائِرَ فِي السَّمَاءِ (قَوْلُهُ: وَخَصَمَ الْمُخَالِفِينَ) أَيْ غَلَبَهُمْ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: خَاصَمْته مُخَاصَمَةً وَخِصَامًا وَخَصَمْته أَخْصِمُهُ مِنْ بَابِ قَتَلَ: إذَا غَلَبْته فِي الْخُصُومَةِ، وَقَالَ فِي غَلَبَ غَلَبَهُ غَلَبًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَالِاسْمُ الْغَلَبُ بِفَتْحَتَيْنِ وَالْغَلَبَةُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: مِنْهَا مَعَالِمُ لِلْهُدَى) أَيْ مِنْ الْبَرَاهِينِ: يَعْنِي أَنَّ أَدِلَّتَهُمْ مِنْهَا مَا قَصَدَ بِهِ إثْبَاتَ مَا ذَهَبُوا إلَيْهِ مِنْ الْحَقِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ مَجْرُورٍ مِنْ بَدَلِ اشْتِمَالٍ (قَوْلُهُ: حَرَامَهَا وَحَلَالَهَا) أَيْ الْأَحْكَامَ أَوْ الْأَرْضَ وَقَوْلُهُ وَيُرْشَفُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَقَوْلُهُ مَا حَلَا لَهَا أَيْ مِنْهَا: أَيْ الْأَحْكَامِ أَوْ الْأَرْضِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الضَّمَائِرُ رَاجِعَةً إلَى الشِّفَاهِ فَيُقْرَأُ تُذْكَرُ وَتُرْشَفُ بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ، وَهُوَ الْأَنْسَبُ (قَوْلُهُ: وَخَصْمَ الْمُخَالِفِينَ) بِمَعْنَى قَطْعِهِمْ وَإِفْحَامِهِمْ، لَا بِمَعْنَى مُخَاصَمَتِهِمْ الَّتِي هِيَ مُغَالَبَتُهُمْ وَفَخْرُهُمْ؛ لِأَنَّهُ يَأْبَاهَا اللَّفْظُ وَالْمَعْنَى وَإِنْ قَالَ بِهِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: مِنْهَا مَعَالِمُ لِلْهُدَى إلَخْ) شَبَّهَ الْحُجَجَ وَالْبَرَاهِينَ بِالنُّجُومِ

وَالْأُخْرَيَاتُ رُجُومٌ، وَسَيِّدُ طَائِفَةِ الْعُلَمَاءِ مِنْ الْقَرْنِ السَّادِسِ وَإِلَى هَذَا الْحِينِ وَصَاحِبُ الْفَضْلِ عَلَى أَهْلِ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ ذُو الْفَضْلِ الْمُبِينِ، الضَّارِبُ مَعَ الْأَقْدَمِينَ بِسَهْمٍ وَالنَّاسُ تَضْرِبُ فِي حَدِيدٍ بَارِدٍ، فَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ عِنْدَ كُلِّ صَادِرٍ وَوَارِدٍ، تَقَدَّمَ عَلَى أَهْلِ زَمَنِهِ تَقَدُّمَ النَّصِّ عَلَى الْقِيَاسِ، وَسَبَقَ وَهِيَ تُنَادِيهِ مَا فِي وُقُوفِك سَاعَةٌ مِنْ بَاسِ، وَتَصَدَّرَ وَلَوْ عُورِضَ لَقَالَ لِسَانُ الْحَالِ «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ» مَنْ أَنْفَقَ مِنْ خَزَائِنِ عِلْمِهِ وَلَمْ يَخْشَ مِنْ ذِي الْعَرْشِ إقْلَالًا هَكَذَا هَكَذَا وَإِلَّا فَلَالَا، قَالَ: فَلَمْ يَتْرُكْ مَقَالًا لِقَائِلٍ، وَتَسَامَى فَلَمْ يَسْمَعْ أَيْنَ الثُّرَيَّا مِنْ يَدِ الْمُتَنَاوِلِ وَتَعَالَى فَكَأَنَّمَا هُوَ لِلنَّيِّرَيْنِ مُتَطَاوِلٌ، وَتَصَاعَدَ دَرَجَ السِّيَادَةِ حَتَّى فَاقَ الْآفَاقَ وَتَبَاعَدَ عَنْ دَرَجَاتِ مُعَارِضِيهِ فَسَاقَ أَتْبَاعَهُ أُمَمًا وَسَاقَ، وَمَضَى وَخَلَّفَ ذِكْرًا بَاقِيًا ـــــــــــــــــــــــــــــSالْوَاضِحِ، وَمِنْهَا مَا قَصَدَ بِهِ إبْطَالَ شُبَهِ الْمُبْطِلِينَ، فَأَشْبَهَتْ الشُّهُبُ الَّتِي تُرْجَمُ بِهَا الشَّيَاطِينُ الْمُسْتَرِقُونَ لِلسَّمْعِ (قَوْلُهُ: وَالْأُخْرَيَاتُ رُجُومٌ) أَيْ كَالْحِجَارَةِ يُرْمَى بِهَا وَهِيَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِنَا، وَمِنْهَا مَا قَصَدَ بِهِ إبْطَالَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَسَيِّدُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ الْآتِي الْقُطْبُ الرَّبَّانِيُّ إلَخْ 1 - (قَوْلُهُ: مِنْ الْقَرْنِ السَّادِسِ) الصَّوَابُ الْقَرْنُ السَّابِعُ لَا السَّادِسُ، فَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ السُّبْكِيّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ مَاتَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ عَنْ نَحْوِ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً اهـ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ آخِرِ الْقَرْنِ السَّادِسِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ وِلَادَتُهُ فِي الْقَرْنِ السَّابِعِ وَكَثِيرًا مَا تَمْتَدُّ حَيَاةُ مَنْ كَانَ مَوْجُودًا فِي الْقَرْنِ السَّادِسِ إلَى زَمَنِ وِلَادَةِ الْمُصَنِّفِ، وَيَسْتَفِيدُ مِمَّا قَالَهُ بَعْدَ وِلَادَتِهِ فَتَكُونُ لَهُ السِّيَادَةُ عَلَى مَنْ اسْتَفَادَ مِنْهُ مِنْ أَهْلِ الْقَرْنِ السَّادِسِ، بَلْ وَعَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ كَانَ مَوْجُودًا مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ، وَتَمَيَّزَ عَلَيْهِمْ الْمُصَنِّفُ بِفَضِيلَتِهِ، كَأَنَّهُ حَصَلَتْ لَهُ السِّيَادَةُ عَلَى أَهْلِهِ جَمِيعًا، فَتَكُونُ سِيَادَتُهُ مِنْ أَوَّلِهِ وَهُوَ عَقِبَ الْقَرْنِ السَّادِسِ وَمَا اتَّصَلَ بِهِ مِمَّا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ عِنْدَ كُلِّ صَادِرٍ وَوَارِدٍ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: صَدَرَ الْقَوْلَ صُدُورًا مِنْ بَابِ قَعَدَ وَأَصْدَرْته بِالْأَلِفِ وَأَصْلُهُ الِانْصِرَافُ، يُقَالُ صَدَرَ الْقَوْمُ وَأَصْدَرْنَاهُمْ: إذَا صَرَفْتهمْ، وَصَدَرْت مِنْ الْمَوْضِعِ صَدْرًا مِنْ بَابِ قَتَلَ: رَجَعْت اهـ. وَفِيهِ وَرَدَ الْبَعِيرُ وَغَيْرُهُ الْمَاءَ يَرِدُهُ وُرُودًا: بَلَغَهُ وَوَافَاهُ مِنْ غَيْرِ دُخُولٍ، وَقَدْ يَكُونُ دُخُولًا، وَالِاسْمُ الْوَرْدُ بِالْكَسْرِ، وَأَوْرَدْته الْمَاءَ وَالْوِرْدُ خِلَافُ الصَّدْرِ، وَالْإِيرَادُ خِلَافُ الْإِصْدَارِ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَهِيَ تُنَادِيهِ) أَيْ أَهْلُ زَمَنِهِ، وَأُنِّثَ لِكَوْنِ الْأَهْلِ بِمَعْنَى الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عُورِضَ) أَيْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يُعَارِضَهُ (قَوْلُهُ: لَقَالَ لِسَانُ الْحَالِ) أَيْ فِي حَقِّهِ (قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ تَكَلَّمَ ذَلِكَ الْإِمَامُ فَلَمْ يَتْرُكْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَتَسَامَى) أَيْ ارْتَفَعَ، وَقَوْلُهُ فَلَمْ يُسْمَعْ: أَيْ فَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لِشِدَّةِ عُلُوِّهِ صَعِدَ السَّمَاءَ فَلَمْ يُسْمَعْ لِكَمَالِ بُعْدِهِ قَوْلُ الْقَائِلِ فِي حَقِّهِ: أَيْنَ الثُّرَيَّا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَتَعَالَى) عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى تَسَامَى (قَوْلُهُ: مُتَطَاوِلٌ) أَيْ مَنَاظِرُ لَهُمَا فِي الْعُلُوِّ وَالنُّورِ (قَوْلُهُ: حَتَّى فَاقَ الْآفَاقَ) أَيْ أَهْلَ جَمِيعِ النَّوَاحِي، فَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَاسْأَلْ الْقَرْيَةَ (قَوْلُهُ: فَسَاقَ أَتْبَاعَهُ أُمَمًا) أَيْ أَوَّلَهُمْ وَآخِرَهُمْ، فَهُوَ تَمْيِيزٌ لِأَتْبَاعِهِ وَهُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَقَوْلُهُ وَسَاقَ: أَيْ خَلَّفَ، وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ سَاقَةُ الْجَيْشُ لِمُؤَخَّرِهِمْ كَمَا فِي مُخْتَارِ الصِّحَاحِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَسَّمَهَا إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ ثَابِتَةٍ لَهَا فِي الْقُرْآنِ بِهَا الْعِنْوَانُ، وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ: وَسَيِّدُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مُحْيِي الدِّينِ أَوْ قَدْ مَلَأ (قَوْلُهُ: مِنْ الْقَرْنِ السَّادِسِ) صَوَابُهُ السَّابِعُ (قَوْلُهُ: عِنْدَ كُلِّ صَادِرٍ وَوَارِدٍ) أَيْ كُلُّ مَنْ يَصْدُرُ، وَيَرِدُ مِنْ النَّاسِ، أَوْ كُلُّ مَا يَصْدُرُ، وَيَرِدُ مِنْ الْوَقَائِعِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ الْمَعَالِي، وَالْمَرَاتِبُ الْمَعْلُومَةُ مِنْ الْمَقَامِ عَلَى حَدِّ {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} [ص: 32] ، وَيَجُوزُ رُجُوعُهُ إلَى أَهْلِ الْمَشَارِقِ، وَالْمَغَارِبِ وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا سَلَكَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَتَسَامَى فَلَمْ يُسْمَعْ أَيْنَ الثُّرَيَّا إلَخْ) بِبِنَاءِ يُسْمَعُ لِلْمَفْعُولِ، وَالْمَعْنَى: تَسَامَى فِي نَيْلِ الْفَضَائِلِ فَحَصَلَ أَعْلَاهَا الْمُشَبَّهُ بِالثُّرَيَّا فِي الْبُعْدِ، فَبَطَلَ هَذَا الْمَثَلُ الَّذِي هُوَ أَيْنَ الثُّرَيَّا إلَخْ الَّذِي قُصِدَ مِنْهُ الِاسْتِبْعَادُ فَلَمْ يُسْمَعْ بَعْدَ ذَلِكَ، إذْ بَعْدَ وُقُوعِ النَّيْلِ بِالْفِعْلِ لَا اسْتِبْعَادَ فَتَأَمَّلْهُ، وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا سَلَكَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: مُتَطَاوِلٌ) الْأَوْلَى مُطَاوِلٌ

مَا سَطَرَ عِلْمَهُ فِي الْأَوْرَاقِ، شَيْخُ الْإِسْلَامِ بِلَا نِزَاعٍ وَبَرَكَةُ الْأَنَامِ بِلَا دِفَاعٍ الْقُطْبُ الرَّبَّانِيُّ وَالْعَالِمُ الصَّمَدَانِيُّ مُحْيِي الدِّينِ النَّوَوِيُّ، تَغَمَّدَهُ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ، وَنَفَعَنَا وَالْمُسْلِمِينَ بِبَرَكَتِهِ بِجَاهِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَعِتْرَتِهِ، قَدْ مَلَأَ عِلْمُهُ الْآفَاقَ وَأَذْعَنَ لَهُ أَهْلُ الْخِلَافِ وَالْوِفَاقِ، وَأَجَلُّ مُصَنَّفٍ لَهُ فِي الْمُخْتَصَرَاتِ وَتُسْكَبُ عَلَى تَحْصِيلِهِ الْعَبَرَاتُ، كِتَابُ الْمِنْهَاجِ مَنْ لَمْ تَسْمَحْ بِمِثْلِهِ الْقَرَائِحُ، وَلَمْ تَطْمَحْ إلَى النَّسْجِ عَلَى مِنْوَالِهِ الْمَطَامِحُ، بَهَرَ بِهِ الْأَلْبَابَ وَأَتَى فِيهِ بِالْعَجَبِ الْعُجَابِ، وَأَبْرَزَ مُخَبَّآتِ الْمَسَائِلِ بِيضَ الْوُجُوهِ كَرِيمَةَ الْأَحْسَابِ، أَبْدَعَ فِيهِ التَّأْلِيفَ وَزَيَّنَهُ بِحُسْنِ التَّرْصِيعِ وَالتَّرْصِيفِ، وَأَوْدَعَهُ الْمَعَانِيَ الْغَزِيرَةَ بِالْأَلْفَاظِ الْوَجِيزَةِ، وَقَرَّبَ الْمَقَاصِدَ الْبَعِيدَةَ بِالْأَقْوَالِ السَّدِيدَةِ، فَهُوَ يُسَاجِلُ الْمُطَوَّلَاتِ عَلَى صِغَرِ حَجْمِهِ، وَيُبَاهِلُ الْمُخْتَصَرَاتِ بِغَزَارَةِ عِلْمِهِ، وَيَطْلُعُ كَالْقَمَرِ سَنَاءً وَيُشْرِقُ كَالشَّمْسِ بَهْجَةً وَضِيَاءً، وَلَقَدْ أَجَادَ فِيهِ الْقَائِلُ حَيْثُ قَالَ: قَدْ صَنَّفَ الْعُلَمَاءُ وَاخْتَصَرُوا فَلَمْ ... يَأْتُوا بِمَا اخْتَصَرُوهُ كَالْمِنْهَاجِ جَمَعَ الصَّحِيحَ مَعَ الْفَصِيحِ وَفَاقَ بِال ... تَرْجِيحِ عِنْدَ تَلَاطُمِ الْأَمْوَاجِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: مَا سَطَرَ عِلْمَهُ فِي الْأَوْرَاقِ) أَيْ مُدَّةَ تَسْطِيرِ مَا أَلَّفَهُ فِي الْأَوْرَاقِ (قَوْلُهُ: الْقُطْبُ الرَّبَّانِيُّ) أَيْ الْمُتَأَلِّهُ وَالْعَارِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى اهـ مُخْتَارٌ. وَالْمُتَأَلِّهُ الْمُتَعَبِّدُ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ. وَقَالَ الشَّيْخُ فِي الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ أَيْضًا: الرَّبَّانِيُّ الْمَنْسُوبُ إلَى الرَّبِّ: أَيْ الْمَالِكُ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْأَرْبَعِينَ: الرَّبَّانِيُّ هُوَ مِنْ أُفِيضَتْ عَلَيْهِ الْمَعَارِفُ الْإِلَهِيَّةُ فَعَرَفَ رَبَّهُ وَرَبَّى النَّاسَ بِعِلْمِهِ انْتَهَى. فَمَا ذَكَرَهُ مُبَيِّنٌ لِلْمُرَادِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الرَّبِّ (قَوْلُهُ: وَالْعَالِمُ الصَّمَدَانِيُّ) أَيْ الْمَنْسُوبُ إلَى الصَّمَدِ: أَيْ الْمَقْصُودُ فِي الْحَوَائِجِ، قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ الْقُشَيْرِيَّةِ اهـ. وَلَعَلَّ الْمُرَادَ هُنَا مِنْ النِّسْبَةِ أَنَّهُ يَعْتَمِدُ فِي أُمُورِهِ كُلِّهَا عَلَى اللَّهِ بِحَيْثُ لَا يَلْتَجِئُ إلَى غَيْرِهِ تَعَالَى فِي أَمْرٍ مَا اهـ (قَوْلُهُ: مُحْيِي الدِّينِ) لَقَبُهُ وَاسْمُهُ يَحْيَى (قَوْلُهُ: وَعِتْرَتِهِ) بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ، وَالْعِتْرَةُ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ نَسْلُ الرَّجُلِ وَرَهْطُهُ الْأَدْنَوْنَ اهـ (قَوْلُهُ: وَأَذْعَنَ لَهُ) أَيْ انْقَادَ (قَوْلُهُ: عَلَى تَحْصِيلِهِ) أَيْ حَفِظَهُ (قَوْلُهُ: الْعَبَرَاتِ) أَيْ الدُّمُوعَ (قَوْلُهُ: كِتَابُ الْمِنْهَاجِ مَنْ لَمْ إلَخْ) أَيْ كِتَابُ مَنْ لَمْ إلَخْ نَزَّلَهُ مَنْزِلَةَ الْعَاقِلِ فَعَبَّرَ عَنْهُ بِمَنْ لِكَثْرَةِ الِانْتِفَاعِ بِهِ كَمَا يُنْتَفَعُ بِأَصْحَابِ الرَّأْيِ فَيَكُونُ اسْتِعَارَةً مُصَرَّحَةً (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَطْمَحْ) أَيْ تَلْتَفِتْ، وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: طَمَحَ بَصَرُهُ إلَى الشَّيْءِ: ارْتَفَعَ، وَبَابُهُ خَضَعَ، وَطِمَاحًا أَيْضًا بِالْكَسْرِ اهـ (قَوْلُهُ: بَهَرَ بِهِ) أَيْ غَلَبَ بِهِ اهـ مُخْتَارٌ. وَفِي الْمِصْبَاحِ: بَهَرَهُ بَهْرًا مِنْ بَابِ نَفَعَ: غَلَبَهُ وَفَضَلَهُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْقَمَرِ الْبَاهِرُ لِظُهُورِهِ عَلَى جَمِيعِ الْكَوَاكِبِ (قَوْلُهُ: بِالْعَجَبِ الْعُجَابِ) أَيْ بِالشَّيْءِ الْغَرِيبِ بِالنِّسْبَةِ لِأَمْثَالِهِ مِمَّا هُوَ عَلَى حَجْمِهِ، فَالْعُجَابُ وَصْفٌ قَصَدَ بِهِ الْمُبَالَغَةَ قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ فِي تَفْسِيرٍ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص: 5] : أَيْ بَلِيغٌ فِي الْعَجَبِ، فَإِنَّهُ خِلَافُ مَا أَطْبَقَ عَلَيْهِ آبَاؤُنَا وَمَا نُشَاهِدُهُ مِنْ أَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَفِي عِلْمُهُ وَقُدْرَتُهُ بِالْأَشْيَاءِ الْكَثِيرَةِ اهـ (قَوْلُهُ: وَالتَّرْصِيفُ) قَالَ الدَّمَامِينِيُّ فِي التَّرْصِيفِ مَا حَاصِلُهُ: لَمْ يُسْمَعْ الْفِعْلُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ إلَّا مُجَرَّدًا، يُقَالُ رَصَفْت الْحِجَارَةَ بِالتَّخْفِيفِ رَصْفًا: إذَا وَضَعْت بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ. وَقَالَ فِي الْمُخْتَارِ: بَابُهُ نَصَرَ، وَقَالَ فِيهِ أَيْضًا: التَّرْصِيعُ التَّرْكِيبُ اهـ (قَوْلُهُ فَهُوَ يُسَاجِلُ) أَيْ يُعْطِي كَعَطَائِهَا: أَيْ يُفِيدُ كَإِفَادَتِهَا، وَأَصْلُهُ يُغَالِبُ فِي الْإِعْطَاءِ فَيَغْلِبُ غَيْرَهُ وَهُوَ بِالْجِيمِ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَيُبَاهِلُ الْمُخْتَصَرَاتِ) أَيْ يُغَالِبُ (قَوْلُهُ: وَيَطْلُعُ) بَابُهُ دَخَلَ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ كَالْقَمَرِ سَنَاءً) بِالْمَدِّ: أَيْ شَرَفًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مَا سَطَرَ عِلْمُهُ) مَا فِيهِ مَصْدَرِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَتُسْكَبُ) الْوَاوُ لِلْحَالِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ عَاطِفَةً لِجَوَازِ عَطْفِ الْفِعْلِ عَلَى الِاسْمِ الشَّبِيهِ بِالْفِعْلِ، فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مُصَنَّفٍ، وَيَنْحَلُّ الْمَعْنَى إلَى قَوْلِنَا، وَأَجَلُّ مَا صَنَّفَهُ فِي الْمُخْتَصَرَاتِ، وَأَجَلُّ مَا تُسْكَبُ، وَيَجُوزُ عَطْفُهُ عَلَى مَا فِي الْمُخْتَصَرَاتِ (قَوْلُهُ: عَلَى تَحْصِيلِهِ) أَيْ فِي شَأْنِ تَحْصِيلِهِ فَوْتًا أَوْ حُصُولًا فَعَلَى بِمَعْنَى فِي (قَوْلُهُ: تُطْمَحُ) أَيْ تُرْفَعُ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ، وَهُوَ أَصْوَبُ مِمَّا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ: الْمَطَامِحُ) أَيْ مَحَلَّاتُ الطَّمَحِ، وَهُوَ الْإِبْصَارُ (قَوْلُهُ: بِيضٍ) بِالْجَرِّ وَصْفُ الْمُخَبَّآتِ أَوْ بِالنَّصْبِ حَالٌ مِنْهُ، وَهُوَ أَبْلَغُ لِإِفَادَتِهِ أَنَّهُ الَّذِي بَيَّضَهَا بِالتَّرْفِيهِ وَنَحْوِهِ، وَأَظْهَرَ كَرَامَةَ أَنْسَابِهَا

لِمَ لَا وَفِيهِ مَعَ النَّوَوِيِّ الرَّافِعِيُّ ... حَبْرَانِ بَلْ بَحْرَانِ كَالْعَجَاجِ مَنْ قَاسَهُ بِسِوَاهُ مَاتَ وَذَاكَ مِنْ ... خَسْفٍ وَمِنْ غَبْنٍ وَسُوءِ مِزَاجٍ وَقَالَ الْآخَرُ: لَقِيت خَيْرًا يَا نَوِيُّ ... وَوُقِيَتْ مِنْ أَلَمِ النَّوَى فَلَقَدْ نَشَا بِك عَالِمٌ ... لِلَّهِ أَخْلَصَ مَا نَوَى وَعَلَا عُلَاهُ وَفَضْلُهُ ... فَضْلَ الْحُبُوبِ عَلَى النَّوَى جَزَاهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ صَنِيعِهِ جَزَاءً مَوْفُورًا، وَجَعَلَ عَمَلَهُ مُتَقَبَّلًا وَسَعْيَهُ مَشْكُورًا، وَلَمْ تَزَلْ الْأَئِمَّةُ الْأَعْلَامُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا كُلٌّ مِنْهُمْ مُذْعِنٌ لِفَضْلِهِ وَمُشْتَغِلٌ بِإِقْرَائِهِ وَشَرْحِهِ، وَعَادَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ بَرَكَةُ عَلَّامَةٍ نَوَى فَبَلَغَ قَصْدَهُ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَبَعْضُ شُرُوحِهِ عَلَى الْغَايَةِ فِي التَّطْوِيلِ، وَبَعْضُهَا اقْتَصَرَ فِيهِ غَالِبًا عَلَى الدَّلِيلِ وَالتَّعْلِيلِ. هَذَا وَقَدْ أَرْدَفَهُ مُحَقِّقُ زَمَانِهِ وَعَالِمُ أَوَانِهِ وَحِيدُ دَهْرِهِ وَفَرِيدُ عَصْرِهِ فِي سَائِرِ الْعُلُومِ، الْمَنْثُورِ مِنْهَا وَالْمَنْظُومِ، شَيْخُ مَشَايِخِ الْإِسْلَامِ عُمْدَةُ الْأَئِمَّةِ الْأَعْلَامِ جَلَالُ الدِّينِ الْمَحَلِّيُّ، تَغَمَّدَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِرَحْمَتِهِ وَأَسْكَنَهُ فَسِيحَ جَنَّتِهِ، بِشَرْحٍ كَشَفَ بِهِ الْمُعَمَّى وَجَلَا الْمُغْمَى، وَفَتَحَ بِهِ مُقْفَلَ أَبْوَابِهِ وَيَسَّرَ لِطَالِبِيهِ سُلُوكَ شِعَابِهِ، وَضَمَّنَهُ مَا يَمْلَأُ الْأَسْمَاعَ وَالنَّوَاظِرَ وَيُحَقِّقُ مَقَالَ الْقَائِلِ كَمْ تَرَكَ الْأَوَّلُ لِلْآخِرِ إلَّا أَنَّ الْقَدَرَ لَمْ يُسَاعِدْهُ عَلَى إيضَاحِهِ وَمَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ خَشْيَةَ فَجْأَةِ الْمَقْضِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَرِفْعَةً مُخْتَارٌ، فَهُوَ تَمْيِيزٌ أَوْ مَنْصُوبٌ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ (قَوْلُهُ مَاتَ) أَيْ هَلَكَ حَسْرَةً (قَوْلُهُ: مِنْ خَسْفٍ) وَفِي نُسْخَةٍ حَنَقٍ، وَمَعْنَى مَا فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ التَّغَيُّرِ الَّذِي حَصَلَ لَهُ الْمُشْبِهُ لِذَهَابِ ضَوْءِ الْقَمَرِ، وَمَعْنَى الثَّانِي الْغَيْظُ، يُقَالُ حَنِقَ حَنَقًا مِنْ بَابِ تَعِبَ اغْتَاظَ (قَوْلُهُ: وَعَلَا عُلَاهُ) وَفِي نُسْخَةٍ عَدَاهُ فَضْلُهُ: أَيْ عَلَا فَضْلُهُ عَلَى أَعْدَائِهِ (قَوْلُهُ: بَرَكَةُ عَلَّامَةٍ نَوَى) كَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ بَرَكَتُهُ، لَكِنَّهُ أَقَامَ الظَّاهِرَ مَقَامَ الضَّمِيرِ لِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ جَلَالُ الدِّينِ) كَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ إحْدَى وَتِسْعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ، وَمَاتَ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَثَمَانِمِائَةٍ وَعُمْرُهُ نَحْوُ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً، وَأَخَذَ الْفِقْهَ عَنْ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْعِرَاقِيِّ، وَهُوَ عَنْ الشَّيْخِ عَلَاءِ الدِّينِ الْعَطَّارِ، وَهُوَ عَنْ الْإِمَامِ النَّوَوِيِّ (قَوْلُهُ: الْمُعَمَّى) فِي بَعْضِ النُّسَخِ بَعْدَهُ: وَزَاحَ بِهِ، بَدَلَ قَوْلِهِ: وَجَلَا بِهِ الْمُغَمَّى (قَوْلُهُ: سُلُوكَ شِعَابِهِ) أَيْ طُرُقَهُ الضَّيِّقَةَ كَذَا قِيلَ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الشِّعْبُ بِالْكَسْرِ الطَّرِيقُ، وَقِيلَ الطَّرِيقُ فِي الْجَبَلِ وَالْجَمْعُ شِعَابٌ اهـ. وَعَلَيْهِ فَإِنَّمَا يَظْهَرُ التَّقْيِيدُ بِالضَّيِّقَةِ عَلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الطَّرِيقِ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ ذَلِكَ، وَأَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ فَالْمُتَبَادِرُ التَّفْسِيرُ بِالطُّرُقِ لَا بِقَيْدٍ (قَوْلُهُ: فَجْأَةَ الْمَقْضِيِّ) عِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ فَجِئْت الرَّجُلَ أَفْجَأَهُ مَهْمُوزٌ مِنْ بَابِ تَعِبَ، وَفِي لُغَةٍ بِفَتْحَتَيْنِ جِئْته بَغْتَةً، وَالِاسْمُ الْفُجَاءَةُ بِالضَّمِّ وَالْمَدِّ، وَفِي لُغَةٍ وِزَانَ تَمْرَةٍ، وَفَجِئَهُ الْأَمْرُ مِنْ بَابَيْ تَعِبَ وَنَفَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مِنْ سَحْقٍ) بِسِينٍ ثُمَّ حَاءٍ؛ وَفِي نُسْخَةٍ حَنَقٍ، وَالْأَظْهَرُ أَنْ تَكُونَ الْإِشَارَةُ فِي قَوْلِهِ وَذَاكَ لِلْقِيَاسِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَاسَهُ؛ لِأَنَّ السَّحْقَ لَا يُؤَدِّي إلَى الْمَوْتِ عَادَةً، وَفِي نُسْخَةِ مِنْ خَسْفٍ بِتَقْدِيمِ الْخَاءِ عَلَى السِّينِ، وَفِيهَا رِكَّةٌ فِي الْمَعْنَى (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْآخَرُ: لَقِيت خَيْرًا يَا نَوَى إلَخْ) الْأَنْسَبُ سِيَاقُ هَذَا فِيمَا مَرَّ فِي مِدْحَةِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا فِي مِدْحَةِ الْكِتَابِ. (قَوْلُهُ: عَلَامَةُ نَوَى) الْمَقَامُ هُنَا لِلْإِظْهَارِ كَمَا صَنَعَ الشَّارِحُ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ فِي مِدْحَةِ الْكِتَابِ خِلَافًا لِمَنْ جَعَلَ الْمَقَامَ لِلْإِضْمَارِ (قَوْلُهُ: وَبَعْضُهَا اُقْتُصِرَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ: كَشَفَ مِنْهُ الْمُعْمَى إلَخْ) أَيْ بِأَنْ حَلَّ مِنْهُ الْعِبَارَاتِ وَلَوْ بِالْإِشَارَةِ إلَى ذَلِكَ بِعِبَارَةٍ وَجِيزَةٍ لِيُوَافِقَ قَوْلَهُ الْآتِي فَتَرَكَهُ عَسِرَ التَّفَهُّمِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَشَفَ مِنْهُ) فِي نُسْخَةٍ بِهِ بَدَلَ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا وَهِيَ أَنْسَبُ بِقَوْلِهِ وَفَتَحَ إلَخْ، إلَّا أَنَّ النُّسْخَةَ الْأُولَى أَبْلَغُ لِمَا فِيهَا مِنْ الِاسْتِعَارَةِ بِالْكِنَايَةِ الْأَبْلَغُ مِنْ الْحَقِيقَةِ (قَوْلُهُ: مَا يَمْلَأُ الْأَسْمَاعَ وَالنَّوَاظِرَ) لَا يَمْتَلِئَانِ إلَّا مِنْهَا لِإِعْرَاضِهِمَا عَمَّا عَدَاهَا (قَوْلُهُ: عَلَى إيضَاحِهِ) أَيْ الشَّرْحِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَمَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ خَشْيَةُ إلَخْ) فِيهِ مَنْعٌ ظَاهِرٌ، فَإِنَّ تَرْكَهُ عَلَى هَذَا النَّمَطِ مَقْصُودٌ لَهُ: أَيْ مَقْصُودٌ

مِنْ مَحْتُومِ حَمَامِهِ، فَتَرْكُهُ عُسْرَ الْفَهْمِ كَالْأَلْغَازِ لِمَا احْتَوَى عَلَيْهِ مِنْ غَايَةِ الْإِيجَازِ، وَلَقَدْ طَالَمَا سَأَلَنِي السَّادَةُ الْأَفَاضِلُ وَالْوَارِثُونَ عِلْمَ الْأَوَائِلِ فِي وَضْعِ شَرْحٍ عَلَى الْمِنْهَاجِ يُوَضِّحُ مَكْنُونَهُ وَيُبْرِزُ مَصُونَهُ، فَأَجَبْتهمْ إلَى ذَلِكَ فِي شَهْرِ الْقَعْدَةِ الْحَرَامِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَتِسْعِمِائَةٍ بَعْدَ تَكَرُّرِ رُؤْيَا دَلَّتْ عَلَى حُصُولِ الْمَرَامِ، وَأَرْدَفْتهمْ بِشَرْحٍ يُمِيطُ لِثَامَ مُخَدَّرَاتِهِ وَيُزِيحُ خِتَامَ كُنُوزِهِ وَمُسْتَوْدَعَاتِهِ، أُنَقِّحُ فِيهِ الْغَثَّ مِنْ السَّمِينِ، وَأُمَيِّزُ فِيهِ الْمَعْمُولَ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ بِتَوْضِيحٍ مُبِينٍ، أُورِدَ الْأَحْكَامَ فِيهِ تَتَبَخْتَرُ اتِّضَاحًا، وَأَتْرُكُ الشَّبَهَ تَتَضَاءَلُ افْتِضَاحًا، أَطْلُبُ حَيْثُ يَقْتَضِي الْمَقَامُ، وَأُوجِزُ إذَا اتَّضَحَ الْكَلَامُ، خَالٍ عَنْ الْإِسْهَابِ الْمُمِلِّ، وَعَنْ الِاخْتِصَارِ الْمُخِلِّ، وَأَذْكُرُ فِيهِ بَعْضَ الْقَوَاعِدِ وَأَضُمُّ إلَيْهِ مَا ظَهَرَ مِنْ الْفَوَائِدِ، فِي ضِمْنِ تَرَاكِيبَ رَائِقَةٍ وَأَسَالِيبَ فَائِقَةٍ، لِيَتِمَّ بِذَلِكَ الْأَرَبُ وَيُقْبِلُ الْمُشْتَغِلُونَ يَنْسَلُّونَ إلَيْهِ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ، مُقْتَصِرًا فِيهِ عَلَى الْمَعْمُولِ بِهِ فِي الْمَذْهَبِ، غَيْرَ مُعْتَنٍ بِتَحْرِيرِ الْأَقْوَالِ الضَّعِيفَةِ رَوْمًا لِلِاخْتِصَارِ فِي الْأَغْلَبِ. فَحَيْثُ أَقُولُ فِيهِ قَالَا أَوْ رَجَّحَا فَمُرَادِي بِهِ إمَامَا الْمَذْهَبِ الرَّافِعِيُّ وَالْمُصَنِّفُ تَغَمَّدَهُمَا اللَّهُ بِعَفْوِهِ وَمِنْهُ، وَأَمْطَرَ عَلَى قَبْرِهِمَا شَآبِيبَ رَحْمَتِهِ وَفَضْلِهِ، وَحَيْثُ أَطْلَقْت لَفْظَ الشَّارِحِ فَمُرَادِي بِهِ مُحَقِّقُ الْوُجُودِ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ عَفَا عَنْهُ الْغَفُورُ الْوَدُودُ، وَرُبَّمَا أَتَعَرَّضُ لِحَلِّ بَعْضِ مَوَاضِعِهِ الْمُشْكِلَةِ تَيْسِيرًا عَلَى الطُّلَّابِ مُسْتَعِينًا فِي ذَلِكَ وَغَيْرِهِ بِعَوْنِ الْمَلِكِ الْوَهَّابِ، وَحَيْثُ أَطْلَقْت لَفْظَ الشَّيْخِ فَمُرَادِي بِهِ شَيْخُ مَشَايِخِ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا تَغَمَّدَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِرَحْمَتِهِ. وَمَا وَجَدْته أَيُّهَا الْوَاقِفُ عَلَى هَذَا الْكِتَابِ وَالْمُتَمَسِّكِ مِنْهُ بِمَا يُوَافِقُ الصَّوَابَ فِي كَلَامِي مِنْ إطْلَاقٍ أَوْ تَقْيِيدٍ أَوْ تَرْجِيحٍ مَعْزُوًّا لِوَالِدِي وَشَيْخِي شَيْخِ مَشَايِخِ الْإِسْلَامِ عُمْدَةِ الْأَئِمَّةِ الْعُلَمَاءِ الْأَعْلَامِ، شَيْخِ الْفَتْوَى وَالتَّدْرِيسِ وَمَحَلِّ الْفُرُوعِ وَالتَّأْسِيسِ، شَيْخِ زَمَانِهِ بِالِاتِّفَاقِ بَيْنَ أَهْلِ الْخِلَافِ وَالْوِفَاقِ، تَغَمَّدَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِرَحْمَتِهِ وَأَسْكَنَهُ بُحْبُوحَةَ جَنَّتِهِ، فَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ رَأْيَهُ عَلَيْهِ اسْتَقَرَّ، وَمَا عُزِيَ إلَيْهِ مِمَّا يُخَالِفُهُ فَبِسَبَبِ مَا هُوَ شَأْنُ الْبَشَرِ، وَعُمْدَتِي فِي الْعَزْوِ لِفَتَاوِيهِ مَا قَرَأْته مِنْهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ مَرَّ عَلَيْهَا بِنَفْسِهِ، وَفِي الْعَزْوِ لَمُعْتَمَدَاتِهِ مَا وَجَدْته عَلَى أَجَلِّ الْمُؤَلَّفَاتِ عِنْدَهُ مُصَحَّحًا بِخَطِّهِ لَمْ يَحُلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ إلَّا السَّبَبُ النَّاقِلُ لَهُ لِرَمْسِهِ، وَوَاللَّهِ لَمْ أَقْصِدْ بِذَلِكَ نَقْصَ أَحَدٍ عَنْ رُتْبَتِهِ، وَلَا التَّبَحْبُحَ بِنَشْرِ الْعِلْمِ وَفَضِيلَتِهِ، وَإِنَّمَا الْقَصْدُ مِنْهُ نُصْحُ الْمُسْلِمِينَ بِإِظْهَارِ الصَّوَابِ خَشْيَةَ مِنْ آيَةٍ نَزَلَتْ فِي مُحْكَمِ الْكِتَابِ. وَأَسْأَلُ اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ أَنْ يَمُنَّ عَلَيَّ بِإِتْمَامِ هَذَا الشَّرْحِ الْبَدِيعِ الْمِثَالِ الْمَنِيعِ الْمَنَالِ، الْفَائِقِ بِحُسْنِ نِظَامِهِ عَلَى عُقُودِ اللَّآلِئِ، الْجَامِعِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْضًا، وَفَاجَأَهُ مُفَاجَأَةً: أَيْ عَاجَلَهُ اهـ (قَوْلُهُ: مِنْ مَحْتُومِ حَمَامِهِ) مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ إلَى الْمَوْصُوفِ، وَالْمَعْنَى: خَشْيَةَ فَجْأَةِ مَوْتِهِ الْمُحَقَّقِ (قَوْلُهُ: سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَتِسْعِمِائَةٍ) وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: إنَّ شُرُوعَهُ فِي شَرْحِهِ كَانَ فِي ثَانِي عَشَرَ مُحَرَّمٍ الْحَرَامِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَتِسْعِمِائَةٍ (قَوْلُهُ: وَأَرْدَفْتهمْ بِشَرْحٍ يُمِيطُ) أَيْ يُزِيلُ (قَوْلُهُ: الْغَثُّ مِنْ السَّمِينِ) أَيْ أُبَيِّنُ الْجَيِّدَ مِنْ الرَّدِيءِ، وَالْغَثُّ بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالْمُثَلَّثَةِ: الْمَهْزُولُ (قَوْلُهُ تَتَضَاءَلُ) أَيْ تَضْعُفُ (قَوْلُهُ: خَالٍ عَنْ الْإِسْهَابِ) أَيْ التَّطْوِيلِ (قَوْلُهُ: بُحْبُوحَةَ جَنَّتِهِ) أَيْ وَسَطَهَا (قَوْلُهُ مَا هُوَ شَأْنُ الْبَشَرِ) أَيْ مِنْ السَّهْوِ (قَوْلُهُ: وَبَيْنَ ذَلِكَ) أَيْ الْمُصَحَّحِ عَلَيْهِ وَهُوَ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَلَا التَّبَحْبُحَ) أَيْ الْفَرَحَ وَهُوَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، يُقَالُ بَحْبَحَهُ فَبَحْبَحَ أَفْرَحَهُ فَفَرِحَ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: نَزَلَتْ فِي مُحْكَمِ الْكِتَابِ) أَيْ فِي شَأْنِ كَتْمِ الْعِلْمِ وَهِيَ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ} [البقرة: 159] الْآيَةَ (قَوْلُهُ: الْمَنِيعِ الْمَنَالِ) أَيْ الْمَنِيعِ الْعَطَاءِ. وَالْمَعْنَى: أَنَّ مَسَائِلَهُ لِعِزَّتِهَا كَأَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَوْ كَانَ قَصْدُهُ الْإِيضَاحَ لَصَنَّفَهُ فِي مُدَّةٍ أَقَلَّ مِنْ الْمُدَّةِ الَّتِي وَقَعَ لَهُ تَصْنِيفُهُ فِيهَا، فَمِنْ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ صَنَّفَهُ فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ عَامًا (قَوْلُهُ: عَلَى الْمِنْهَاجِ) إنَّمَا أُبْرِزَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ رُجُوعُ الضَّمِيرِ إلَى شَرْحِ الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: كُنُوزَهُ وَمُسْتَوْدَعَاتِهِ) أَيْ مَا كُنِزَ وَمَا اُسْتُوْدِعَ، أَوْ مَحَلُّ الْكَنْزِ وَالِاسْتِيدَاعِ، وَهُوَ الْأَنْسَبُ بِذِكْرِ الْخَتْمِ (قَوْلُهُ: قَالَا أَوْ رَجَّحَا) أَيْ وَنَحْوَهُمَا مِمَّا فِيهِ ضَمِيرُ تَثْنِيَةٍ (قَوْلُهُ: خَشْيَةً مِنْ آيَةٍ) يَعْنِي {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} [البقرة: 159] الْآيَةَ الَّتِي حَمَلَتْ أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى كَثْرَةِ التَّحْدِيثِ كَمَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ. (قَوْلُهُ: وَأَسْأَلُ اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ أَنْ يَمُنَّ عَلَيَّ بِإِتْمَامِ إلَخْ) التَّعْبِيرُ

لِفَوَائِدَ وَمَحَاسِنَ قَلَّ أَنْ تَجْتَمِعَ فِي مِثْلِهِ مِنْ كِتَابٍ فِي الْعُصُرِ الْخُوَّالِ، أَسَّسْت فِيهِ مَا يُعِينُ عَلَى فَهْمِ الْمَنْقُولِ، وَبَيَّنْت فِيهِ مَصَاعِدَ يُرْتَقَى فِيهَا قَاصِدُ النُّقُولِ، فَهُوَ لُبَابُ الْعُقُولِ وَعُبَابُ الْمَنْقُولِ وَصَوَابُ كُلِّ قَوْلٍ مَقْبُولٍ، مَخَّضْت فِيهِ عِدَّةَ كُتُبٍ مِنْ الْفَنِّ مُشْتَهِرَةٍ وَمُؤَلَّفَاتٍ مُعْتَبَرَةٍ، مِنْ شُرُوحِ الْكِتَابِ وَشُرُوحِ الْإِرْشَادِ وَشَرْحَيْ الْبَهْجَةِ وَالرَّوْضِ وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ وَالتَّصْحِيحِ وَغَيْرِهَا لِلْمُتَأَخِّرِينَ وَإِخْوَانِنَا السَّادَةِ الْأَفَاضِلِ الْمُعَاصِرِينَ عَلَى اخْتِلَافِ تَنَوُّعِهَا، فَأَخَذْت زُبْدَهَا وَدُرَرَهَا، وَمَرَرْت عَلَى رِيَاضٍ جُمْلَةً مِنْهَا عَلَى كَثْرَةِ عَدَدِهَا، وَاقْتَطَفْت ثَمَرَهَا وَزَهْرَهَا، وَغُصْت بِحَارَهَا فَاسْتَخْرَجْت جَوَاهِرَهَا وَدُرَرَهَا، فَلِهَذَا تَحَصَّلَ فِيهِ مِنْ الْعُلُومِ وَالْفَوَائِدِ مَا تُبَتُّ عِنْدَهُ الْأَعْنَاقُ بَتًّا، وَتَجَمَّعَ فِيهِ مَا تَفَرَّقَ فِي مُؤَلَّفَاتٍ شَتَّى، عَلَى أَنِّي لَا أَبِيعُهُ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ، وَلَا ادَّعَى أَنَّهُ جَمَعَ سَلَامَةَ كَيْفٍ وَالْبَشَرُ مَحَلُّ النَّقْصِ بِلَا رَيْبٍ وَسَتَفْتَرِقُ النَّاسُ فِيهِ ثَلَاثَ فِرَقٍ: فِرْقَةٌ تَعْرِفُ شَمْسَ مَحَاسِنِهِ وَتُنْكِرُهَا، وَتَجْتَلِي عَرَائِسَهُ وَتَلْتَقِطُ فَوَائِدَهُ وَكَأَنَّهَا لَا تُبْصِرُهَا، ثُمَّ تَتَشَعَّبُ قَبِيلَتَيْنِ خَيْرُهُمَا لَا تَنْطِقُ بِرُؤْيَتِهِ وَلَا تَذْكُرُهَا، وَالْأُخْرَى تَبِيتُ مِنْهُ فِي نَعَمٍ وَتُصْبِحُ تُكَفِّرُهَا وَأَظْلَمُ أَهْلِ الظُّلْمِ مَنْ بَاتَ حَاسِدًا ... لِمَنْ بَاتَ فِي نَعْمَائِهِ يَتَقَلَّبُ لَعِبَ بِهَا شَيْطَانُ الْحَسَدِ وَشَدَّ وِثَاقَهَا الَّذِي لَا يُوثَقُ بِهِ بِحَبْلٍ مِنْ مَسَدٍ وَتَصَرَّفَ فِيهَا وَالشَّيْطَانُ يَجْرِي مِنْ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ فِي الْجَسَدِ، تَصَرَّفَ فِيهِمْ فَنَوَى كُلٌّ مِنْهُمْ السُّوءَ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى وَتَحَكَّمَ فَغَوَى بِحُكْمِهِ مَنْ غَوَى وَجَرَى بِهِمْ فِي مَيْدَانِ الْحَسَدِ حَتَّى صُرِفَ عَنْ الْهُدَى. وَآخَرُ مِنْ فِئَةٍ ثَانِيَةٍ يَسْمَعُ كَلَامَهُ وَلَا يَفْهَمُهُ، وَيَسْبَحُ فِي بَحْرِهِ وَلَا يَعْلَمُهُ، وَيُصْبِحُ ظَمْآنًا وَفِي الْبَحْرِ فَمُهُ، وَمِثْلُ هَذَا لَا يُفْتَقَدُ حُضُورُهُ إذَا غَابَ، وَلَا يُؤَهَّلُ لَأَنْ يُعَابَ إذَا عَابَ: وَكَمْ مِنْ عَائِبٍ قَوْلًا صَحِيحًا ... وَآفَتُهُ مِنْ الْفَهْمِ السَّقِيمِ وَآخَرُ مِنْ فِئَةٍ ثَالِثَةٍ يَغْتَرِفُ مِنْ بَحْرِهِ وَيَعْتَرِفُ بِبِرِّهِ وَبِرِّهِ، وَيَقْتَطِفُ مِنْ زَهْرِهِ مَا هُوَ أَزْهَرُ مِنْ الْأُفُقِ وَزَهْرِهِ، وَيَلْزَمُ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْكُتُبِ (قَوْلُهُ: أَسَّسْت فِيهِ) أَيْ ذَكَرْت وَفِي الْمِصْبَاحِ أَسَّسْته تَأْسِيسًا جَعَلْت لَهُ أَسَاسًا: أَيْ أَصْلًا (قَوْلُهُ: وَعُبَابُ الْمَنْقُولِ) أَيْ بَحْرُهُ (قَوْلُهُ: مَخَّضْت فِيهِ إلَخْ) أَيْ انْتَخَبْتهَا وَأَخَذْت خَالِصَهَا مِنْ مَخَّضْت اللَّبَنَ إذَا أَخَذْت زُبْدَهُ مِنْ بَابِ قَطَعَ وَنَصَرَ وَضَرَبَ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَشَرْحَيْ الْبَهْجَةِ وَالرَّوْضِ) أَيْ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: الْأَفَاضِلِ الْمُعَاصِرِينَ) أَيْ كَابْنِ حَجَرٍ وَالْخَطِيبِ (قَوْلُهُ: مَا تُبَتُّ عِنْدَهُ إلَخْ) أَيْ تُقْطَعُ قَبْلَ وُصُولِهَا إلَيْهِ أَيْ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُنَاظِرَهُ هَلَكَ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَيْهِ، وَكَنَّى بِذَلِكَ عَنْ عَجْزِهِ عَنْ مُعَارَضَتِهِ. (قَوْلُهُ: لَا تَنْطِقُ بِرُؤْيَتِهِ) وَفِي نُسْخَةٍ بِرِيبَةٍ: أَيْ بِتُهْمَةٍ لَهُ فِيمَا نَقَلَهُ (قَوْلُهُ: لِمَنْ بَاتَ فِي نَعْمَائِهِ يَتَقَلَّبُ) فَاعِلُ يَتَقَلَّبُ مُسْتَتِرٌ يَعُودُ عَلَى مَنْ بَاتَ حَاسِدًا وَالْمَعْنَى: مَنْ بَاتَ يَتَقَلَّبُ فِي نِعَمِ شَخْصٍ أَوْلَاهَا إلَيْهِ وَهُوَ يَحْسُدُ ذَلِكَ الْمُنْعِمَ فَهُوَ أَظْلَمُ أَهْلِ الظُّلْمِ (قَوْلُهُ: بِحَبْلٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَشَدَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَنَوَى كُلٌّ مِنْهُمْ السُّوءَ) أَيْ بِأَنْ نَوَى فِي نَفْسِهِ انْتِقَاصَهُ فَذَكَرَ لَهُ مَسَاوِيَ لَيْسَتْ مُطَابِقَةً لِلْوَاقِعِ حَسَدًا وَإِرَادَةَ أَنَّ النَّاسَ يَتْرُكُونَهُ (قَوْلُهُ فِي مَيْدَانِ الْحَسَدِ إلَخْ) الْمَيْدَانُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا كَمَا فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ: حَتَّى صُرِفَ عَنْ الْهُدَى) ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْإِتْمَامِ يَقْتَضِي أَنَّهُ أَنْشَأَ الْخُطْبَةَ فِي خِلَالِ الشَّرْحِ وَكَانَ قَدْ أَسَّسَ فِيهِ مَا يَأْتِي، فَقَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي أَسَّسْت إلَى آخِرِهِ عَلَى حَقِيقَتِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَعْضِ (قَوْلُهُ: وَصَوَابُ كُلِّ قَوْلٍ مَقْبُولٍ) الْإِضَافَةُ فِيهِ بَيَانِيَّةٌ، وَإِلَّا اقْتَضَى أَنَّ الْمَقْبُولَ مِنْهُ صَوَابٌ وَغَيْرُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَأَخَذْت زَبَدَهَا وَدِرَرَهَا) بِكَسْرِ الدَّالِ جَمْعُ دَرٍّ بِالْفَتْحِ (قَوْلُهُ: مِنْ شُرُوحِ الْكِتَابِ إلَخْ) لَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ مِنْ فِيهِ بَيَانِيَّةً؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَخَّصَ فِيهِ جَمِيعَ شُرُوحِ الْمِنْهَاجِ، وَالْإِرْشَادِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، فَتَعَيَّنَ أَنْ تَكُونَ لِلتَّبْعِيضِ أَوْ الِابْتِدَاءِ، لَكِنْ لَا يَصِحُّ حِينَئِذٍ قَوْلُهُ: وَشَرْحَيْ الْبَهْجَةِ إلَخْ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: خَيْرَهُمَا لَا تَنْطِقُ إلَخْ) أَيْ مَعَ أَنَّهَا مُنْكِرَةٌ لِمَحَاسِنِهِ إذْ هُوَ الْمُقْسِمُ، فَمَعْنَى الْإِنْكَارِ حِينَئِذٍ عَدَمُ الِاعْتِرَافِ أَعَمُّ مِنْ الرَّمْيِ بِالْقَبِيحِ وَعَدَمِهِ، وَلْيُنْظَرْ الْفَرْقُ حِينَئِذٍ بَيْنَ إحْدَى الْقَبِيلَتَيْنِ، وَالْأُخْرَى، فَإِنَّ الْكُفْرَ اللُّغَوِيَّ الَّذِي هُوَ مُرَادٌ فِيهَا مَعْنَاهُ الْإِنْكَارُ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: فِي مَيْدَانِ الْحَسَدِ) الْأَوْلَى مَيْدَانِ الضَّلَالِ (قَوْلُهُ: أَزْهَرُ مِنْ الْأُفُقِ وَزُهُورُهُ) أَيْ إضَاءَتُهُ، وَفِي نُسَخٍ وَزَهْرُهُ

الثَّنَاءُ عَلَيْهِ لُزُومَ الْخُطَبِ لِلْمَنَابِرِ وَالْأَقْلَامِ لِلْمَحَابِرِ وَالْأَفْكَارِ لِلْخَوَاطِرِ، وَهَذِهِ الْفِرْقَةُ عَزِيزَةُ الْوُجُودِ، وَلَئِنْ وُجِدَتْ فَلَعَلَّهَا بَعْدَ سَكَنِ الْمُؤَلِّفِ اللُّحُودَ: وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ نَشْرَ فَضِيلَةٍ ... طُوِيَتْ أَتَاحَ لَهَا لِسَانَ حَسُودِ لَوْلَا اشْتِعَالُ النَّارِ فِيمَا جَاوَرَتْ ... مَا كَانَ يُعْرَفُ طِيبُ عَرْفِ الْعُودِ فَالْحَسَدَةُ قَوْمٌ غَلَبَ عَلَيْهِمْ الْجَهْلُ وَطَمَّهُمْ وَأَعْمَاهُمْ حُبُّ الرِّيَاسَةِ وَأَصَمَّهُمْ، قَدْ نُكِبُوا عَنْ عِلْمِ الشَّرِيعَةِ وَنَسُوهُ، وَأَكَبُّوا عَلَى عِلْمِ الْفَلَاسِفَةِ وَتَدَارَسُوهُ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ مِنْهُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ وَيَأْبَى اللَّهُ إلَّا أَنْ يَزِيدَهُ تَأْخِيرًا وَيَبْغِي الْعِزَّةَ وَلَا عِلْمَ عِنْدَهُ، فَلَا يَجِدُ لَهُ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا تَرَى إلَّا أُنُوفًا مُشَمِّرَةً وَقُلُوبًا عَنْ الْحَقِّ مُسْتَكْبِرَةً، وَأَقْوَالًا تَصْدُرُ عَنْهُمْ مُفْتَرَاةً مُزَوَّرَةً، كُلَّمَا هَدَيْتهمْ إلَى الْحَقِّ كَانَ أَصَمَّ وَأَعْمَى لَهُمْ، كَأَنَّ اللَّهَ لَمْ يُوَكِّلْ بِهِمْ حَافِظِينَ يَضْبِطُونَ أَقْوَالَهُمْ وَأَفْعَالَهُمْ، فَالْعَالِمُ بَيْنَهُمْ مَرْجُومٌ تَتَلَاعَبُ بِهِ الْجُهَّالُ وَالصِّبْيَانُ، وَالْكَامِلُ عِنْدَهُمْ مَذْمُومٌ دَاخِلٌ فِي كِفَّةِ النُّقْصَانِ. وَاَيْمُ اللَّهِ إنَّ هَذَا لَهْوُ الزَّمَانُ الَّذِي يَلْزَمُ فِيهِ السُّكُوتُ وَالْمَصِيرُ جِلْسًا مِنْ أَجْلَاسِ الْبُيُوتِ وَرَدُّ الْعِلْمَ إلَى الْعَمَلِ، لَوْلَا مَا وَرَدَ فِي صَحِيحِ الْأَخْبَارِ «مَنْ عَلِمَ عِلْمًا فَكَتَمَهُ أَلْجَمَهُ اللَّهُ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ» وَلِلَّهِ دَرُّ الْقَائِلِ حَيْثُ قَالَ: ادْأَبْ عَلَى جَمْعِ الْفَضَائِلِ جَاهِدًا ... وَأَدِمْ لَهَا تَعَبَ الْقَرِيحَةِ وَالْجَسَدْ وَاقْصِدْ بِهَا وَجْهَ الْإِلَهِ وَنَفْعَ مَنْ ... بَلَغَتْهُ مِمَّنْ تَرَاهُ قَدْ اجْتَهَدْ وَاتْرُكْ كَلَامَ الْحَاسِدِينَ وَبَغْيَهُمْ ... هَمَلًا فَبَعْدَ الْمَوْتِ يَنْقَطِعُ الْحَسَدْ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ مَنْ غَوَى (قَوْلُهُ: أَتَاحَ لَهَا لِسَانَ حَسُودٍ) أَيْ هَيَّأَ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: تَاحَ لَهُ الشَّيْءُ يَتُوحُ تَهَيَّأَ كَتَاحَ يَتِيحُ وَأَتَاحَهُ اللَّهُ فَأُتِيحَ اهـ (قَوْلُهُ عَرْفِ الْعُودِ) هُوَ بِالْفَتْحِ. قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: وَالْعَرْفُ الرِّيحُ طَيِّبَةً أَوْ مُنْتِنَةً اهـ (قَوْلُهُ فَالْحَسَدَةُ قَوْمٌ غَلَبَ عَلَيْهِمْ إلَخْ) مِنْ هُنَا إلَى آخِرِ الْأَبْيَاتِ الثَّلَاثَةِ الْآتِيَةِ مَأْخُوذٌ مِنْ آخِرِ الْإِتْقَانِ لِلسُّيُوطِيِّ بِرُمَّتِهِ وَحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: قَدْ نَكَبُوا عَنْ عِلْمِ الشَّرِيعَةِ) أَيْ تَحَوَّلُوا وَبَابُهُ نَصَرَ (قَوْلُهُ: إلَّا أُنُوفًا مُشَمِّرَةً) أَيْ مَرْفُوعَةً. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: شَمَّرَ ثَوْبَهُ رَفَعَهُ: أَيْ فَالْفَاعِلُ رَافِعٌ وَالْمَفْعُولُ مَرْفُوعٌ (قَوْلُهُ: أَقْوَالُهُمْ وَأَفْعَالُهُمْ) وَفِي نُسْخَةٍ وَأَعْمَالُهُمْ (قَوْلُهُ: فَالْعَالِمُ بَيْنَهُمْ مَرْجُومٌ) كَذَا فِي النُّسَخِ، وَاَلَّذِي فِي الْإِتْقَانِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ مَوْجُومٌ بِالْوَاوِ. قَالَ فِي الْمَطَالِعِ: وَجَمَ يَجِمُ وُجُومًا وَهُوَ ظُهُورُ الْحُزْنِ وَتَقْطِيبُ الْوَجْهِ مَعَ تَرْكِ الْكَلَامِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: دَاخِلٌ فِي كِفَّةِ النُّقْصَانِ) بِكَسْرِ الْكَافِ وَفَتْحِهَا اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَاَيْمُ اللَّهِ) أَيْ يَمِينُ اللَّهِ. وَفِي الْمِصْبَاحِ: ايْمُنُ اسْمٌ اُسْتُعْمِلَ فِي الْقَسَمِ وَالْتُزِمَ رَفْعُهُ كَمَا اُلْتُزِمَ رَفْعُ لَعَمْرُ اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ يُخْتَصَرُ مِنْهُ فَيُقَالُ وَاَيْمُ اللَّهِ بِحَذْفِ الْهَمْزَةِ وَالنُّونِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَجْلَاسِ الْبُيُوتِ) كِنَايَةٌ عَنْ مُلَازَمَةِ الْبُيُوتِ وَهُوَ بِالْجِيمِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالْمُهْمَلَةِ، وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ فِي فَصْلِ الْحَاءِ مِنْ بَابِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ حِلْسُ الْبَيْتِ كِسَاءٌ يُبْسَطُ تَحْتَ حُرِّ الثِّيَابِ، وَفِي الْحَدِيثِ «كُنْ حِلْسَ بَيْتِك» أَيْ لَا تَبْرَحْ مِنْهُ انْتَهَى، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ نُسْخَةَ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَوْلَى لِمُطَابَقَتِهَا لِمَا فِي الْحَدِيثِ. وَفِي الْمُخْتَارِ أَيْضًا فِي فَصْلِ الْجِيمِ مِنْ بَابِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ: وَرَجُلٌ جُلَسَةٌ بِوَزْنِ هُمَزَةٍ: أَيْ كَثِيرُ الْجُلُوسِ، وَالْجِلْسَةُ بِالْكَسْرِ الْحَالُ الَّتِي يَكُونُ الْجَالِسُ عَلَيْهَا وَجَالَسَهُ فَهُوَ جِلْسُهُ وَجَلِيسُهُ كَمَا تَقُولُ خِدْنُهُ وَخَدِينُهُ، وَهُوَ صَحِيحٌ هُنَا أَيْضًا لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَرَدَّ الْعِلْمَ إلَى الْعَمَلِ) أَيْ قَصَرَهُ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ تَعَبَ الْقَرِيحَةِ) أَيْ الطَّبْعِ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْقَرِيحَةُ أَوَّلُ مَاءٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي هَذَا وَفِيمَا قَبْلَهُ، وَهُوَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى مَجِيءِ مَصْدَرِ زَهَرَهُ عَلَى زَهْرٍ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قِيَاسَ مَصْدَرِ فَعَلَ الْقَاصِرِ إنَّمَا هُوَ الْفُعُولُ (قَوْلُهُ: وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ نَشْرَ فَضِيلَةٍ إلَخْ) كَانَ الْأَنْسَبُ ذِكْرَهُ عِنْدَ ذِكْرِ الْقَبِيلَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْفِرْقَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: وَأَفْعَالَهُمْ) فِي نُسْخَةٍ، وَأَعْمَالَهُمْ، وَهِيَ الْأَنْسَبُ (قَوْلُهُ: حُلُسًا) فِي الصِّحَاحِ:، وَأَحْلَاسُ الْبُيُوتِ مَا يُبْسَطُ تَحْتَ حَرِّ

وَأَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى إتْمَامَ هَذَا التَّوْضِيحِ عَلَى أُسْلُوبٍ بَدِيعٍ وَسَبِيلٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى كَثِيرٍ مِنْ أَبْنَاءِ الزَّمَانِ مَنِيعٍ، مَعَ أَنَّ الْفِكْرَ عَنْهُ بِغَيْرِهِ مَقْطُوعٌ، وَلَمْ يُمْكِنْ تَيَسُّرُ صَرْفِ النَّظَرِ لَهُ إلَّا سَاعَةً فِي الْأُسْبُوعِ، هَذَا وَأَنَا مُعْتَرِفٌ بِالْعَجْزِ وَالْقُصُورِ، سَائِلٌ فَضْلَ مَنْ وَقَفَ عَلَيْهِ أَنْ يُصْلِحَ مَا يَبْدُو لَهُ مِنْ فُطُورٍ، وَأَنْ يَصْفَحَ عَمَّا فِيهِ مِنْ زَلَلٍ، وَأَنْ يُنْعِمَ بِإِصْلَاحِ مَا يُشَاهِدُهُ مِنْ خَلَلٍ، مُسْبِلًا عَلَيَّ ذَيْلَ كَرَمِهِ، مُتَأَمِّلًا كَلِمَهُ قَبْلَ إجْرَاءِ قَلَمِهِ، مُسْتَحْضِرًا أَنَّ الْإِنْسَانَ مَحَلُّ النِّسْيَانِ، وَأَنَّ الصَّفْحَ عَنْ عَثَرَاتِ الضِّعَافِ مِنْ شِيَمِ الْأَشْرَافِ، وَأَنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ، فَلِلَّهِ دَرُّ الْقَائِلِ حَيْثُ قَالَ: وَمَنْ ذَا الَّذِي تُرْضَى سَجَايَاهُ كُلُّهَا ... كَفَى الْمَرْءَ نُبْلًا أَنْ تُعَدَّ مَعَايِبُهُ وَسَمَّيْته: نِهَايَةُ الْمُحْتَاجِ إلَى شَرْحِ الْمِنْهَاجِ رَاجِيًا أَنَّ الْمُقْتَصِرَ عَلَيْهِ يَسْتَغْنِي بِهِ عَنْ مُطَالَعَةِ مَا سِوَاهُ مِنْ أَمْثَالِهِ، وَأَنْ يُدْرِكَ بِهِ مَا يَرْجُوهُ مِنْ آمَالِهِ، وَلَا يَمْنَعُ الْوَاقِفَ عَلَيْهِ دَاءُ الْحَسَدِ أَخْذَ مَا فِيهِ بِالْقَبُولِ، وَلَا اسْتِصْغَارَ مُؤَلِّفِهِ وَقَصْرِ نَظَرِهِ فِي النُّقُولِ، فَقَدْ قَالَ الْقَائِلُ: لَا زِلْت مِنْ شُكْرِي فِي حُلَّةٍ ... لَابِسُهَا ذُو سَلَبٍ فَاخِرِ يَقُولُ مَنْ تَطْرُقُ أَسْمَاعُهُ ... كَمْ تَرَكَ الْأَوَّلُ لِلْآخِرِ فَلَيْسَ لِكِبَرِ السِّنِّ يَفْضُلُ الْفَائِلُ، وَلَا لِحِدْثَانِهِ يُهْتَضَمُ الْمُصِيبُ، وَإِنْ كَانَ لِذَلِكَ الْكَلَامِ أَوَّلُ قَائِلٍ فَلِلَّهِ دَرُّ الْقَائِلِ حَيْثُ قَالَ: وَإِنِّي وَإِنْ كُنْت الْأَخِيرَ زَمَانُهُ ... لَآتٍ بِمَا لَمْ تَسْتَطِعْهُ الْأَوَائِلُ ـــــــــــــــــــــــــــــSيُسْتَنْبَطُ مِنْ الْبِئْرِ كَالْقَرْحِ وَأَوَّلُ كُلِّ شَيْءٍ وَمِنْك طَبْعُك (قَوْلُهُ: أَنْ يُصْلِحَ مَا يَبْدُو لَهُ مِنْ فُطُورٍ) أَيْ خَلَلٍ مِنْ فَطَرَهُ إذَا شَقَّهُ: أَيْ خَلَّلَهُ، وَهَذَا مِنْ الْمُؤَلِّفِينَ كِنَايَةٌ عَنْ طَلَبِ مُحَاوَلَةِ الْأَجْوِبَةِ عَمَّا يُرَدُّ عَلَيْهِمْ مِنْ الِاعْتِرَاضَاتِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ إذْنًا فِي تَغْيِيرِ كُتُبِهِمْ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَلَوْ انْفَتَحَ ذَلِكَ الْبَابُ لَبَطَلَ الْوُثُوقُ بِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ طَالَعَ وَظَهَرَ لَهُ شَيْءٌ غَيَّرَ إلَى مَا ظَهَرَ لَهُ وَيَجِيءُ مِنْ بَعْدِهِ يَفْعَلُ مِثْلَهُ، وَهَكَذَا فَلَا يُوثَقُ بِنِسْبَةِ شَيْءٍ إلَى الْمُؤَلِّفِينَ لِاحْتِمَالِ أَنَّ مَا وَجَدَهُ مُثْبَتًا فِي كَلَامِهِمْ يَكُونُ مِنْ إصْلَاحِ بَعْضِ مَنْ وَقَفَ عَلَى كُتُبِهِمْ، وَلَا يُنَافِي مَا قَرَّرْنَاهُ قَوْلُهُ قَبْلَ إجْرَاءِ قَلَمِهِ الْمُشْعِرُ بِأَنَّهُ يُصْلِحُ مَا فِيهِ حَقِيقَةً لِجَوَازِ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْأَمْرَ بِالتَّأَمُّلِ قَبْلَ إظْهَارِ الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ وَالْمُبَالَغَةِ فِيهِ. هَذَا وَلَيْسَ كُلُّ اعْتِرَاضٍ سَائِغًا مِنْ الْمُعْتَرِضِ، وَإِنَّمَا يَسُوغُ لَهُ اعْتِرَاضٌ بِخَمْسَةِ شُرُوطٍ كَمَا قَالَهُ الْأَبْشِيطِيُّ، وَعِبَارَتُهُ: لَا يَنْبَغِي لِمُعْتَرِضٍ اعْتِرَاضٌ إلَّا بِاسْتِكْمَالِ خَمْسَةِ شُرُوطٍ، وَإِلَّا فَهُوَ آثِمٌ مَعَ رَدِّ اعْتِرَاضِهِ عَلَيْهِ: كَوْنِ الْمُعْتَرِضِ أَعْلَى أَوْ مُسَاوِيًا لِلْمُعْتَرَضِ عَلَيْهِ، وَكَوْنِهِ يَعْلَمُ أَنَّ مَا أَخَذَهُ مِنْ كَلَامِ شَخْصٍ مَعْرُوفٍ، وَكَوْنِهِ مُسْتَحْضِرًا لِذَلِكَ الْكَلَامِ، وَكَوْنِهِ قَاصِدًا لِلصَّوَابِ فَقَطْ، وَكَوْنِ مَا اعْتَرَضَهُ لَمْ يُوجَدْ لَهُ وَجْهٌ فِي التَّأْوِيلِ إلَى الصَّوَابِ انْتَهَى. أَقُولُ: وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي الشَّرْطِ الْأَوَّلِ، فَإِنَّهُ قَدْ يُجْرِي اللَّهُ عَلَى لِسَانِ مَنْ هُوَ دُونَ غَيْرِهِ بِمَرَاحِلَ مَا لَا يُجْرِيهِ عَلَى لِسَانِ الْأَفْضَلِ (قَوْلُهُ: مِنْ شِيَمِ الْأَشْرَافِ) أَيْ خِصَالِهِمْ (قَوْلُهُ: كَفَى الْمَرْءُ نُبْلًا) أَيْ شَرَفًا وَفَضْلًا وَهُوَ بِضَمِّ النُّونِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: مَنْ تَطْرُقُ) فِي نُسْخَةٍ مَنْ تَقْرَعُ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ وَبِالتَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ، فَالضَّمِيرُ عَلَى الْأَوَّلِ رَاجِعٌ لِلشُّكْرِ، وَعَلَى الثَّانِي لِلْحُلَّةِ (قَوْلُهُ: يَفْضُلُ الْفَائِلُ) هُوَ بِالْفَاءِ مَعْنَاهُ الْمُخْطِئُ فِي رَأْيِهِ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ فِي فَصْلِ الْفَاءِ مِنْ بَابِ اللَّامِ: قَالَ رَأْيُهُ يَفِيلُ فُيُولَةً وَفَيْلَةً أَخْطَأَ وَضَعُفَ كَتَفَيَّلَ، وَفَيَّلَ رَأْيَهُ قَبَّحَهُ وَخَطَّأَهُ، وَرَجُلٌ فِيلُ الرَّأْيِ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ وَكَكَيِّسٍ، وَفَالُهُ وَفَائِلُهُ وَفَالٌ مِنْ غَيْرِ إضَافَةٍ ضَعِيفَةٌ وَالْجَمْعُ أَفْيَالٌ، وَفِي رَأْيِهِ فَيَالَةٌ وَفُيُولَةٌ وَمُفَايَلَةٌ، وَالْفِيَالُ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ لُعْبَةٌ وَتَقَدَّمَ فِي فَأَلَ، فَإِذَا أَخْطَأَ قِيلَ قَالَ رَأْيُك انْتَهَى. وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ بِالْفَاءِ هُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ بَعْدُ يُهْتَضَمُ الْمُصِيبُ (قَوْلُهُ: وَلَا لَحِدْثَانِهِ) أَيْ صِغَرِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنِّي وَإِنْ كُنْت الْأَخِيرَ زَمَانُهُ) مَرْفُوعٌ عَلَى أَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالثِّيَابِ (قَوْلُهُ: الْفَائِلُ) هُوَ بِالْفَاءِ أَيْ الْمُخْطِئُ فِي رَأْيِهِ

وَلَقَدْ أَجَادَ الْقَائِلُ فِي قَوْلِهِ: إنِّي لَأَرْحَمُ حَاسِدِيَّ لِفَرْطِ مَا ... ضَمَّتْ صُدُورُهُمْ مِنْ الْأَوْغَارِ نَظَرُوا صَنِيعَ اللَّهِ بِي فَعُيُونُهُمْ ... فِي جَنَّةٍ وَقُلُوبُهُمْ فِي نَارِ لَا ذَنْبَ لِي قَدْ رُمْت كَتْمَ فَضَائِلِي ... فَكَأَنَّمَا بَرْقَعْتهَا بِنَهَارِ وَهَذِهِ الْإِطَالَةُ مِنْ بَابِ الْإِرْشَادِ وَالدَّلَالَةِ، أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْ حَسَدٍ يَسُدُّ بَابَ الْإِنْصَافِ، وَأَجَارَنَا مِنْ الْجَوْرِ وَالِاعْتِسَافِ وَلَمَّا كَانَتْ الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَقَرِيبًا كُلُّ مَا هُوَ آتٍ، نَوَيْت بِهِ الثَّوَابَ يَوْمَ النُّشُورِ وَطَمَعًا فِي دَعْوَةِ عَبْدٍ صَالِحٍ إذَا صِرْت مُنْجَدِلًا فِي الْقُبُورِ، لَا الثَّنَاءَ عَلَى ذَلِكَ فِي دَارِ الْغُرُورِ. وَاعْلَمْ أَنَّ التَّأَسِّي بِكِتَابِ اللَّهِ سُنَّةٌ مُتَحَتِّمَةٌ وَالْعَمَلُ بِالْخَبَرِ الْآتِي طَرِيقَةٌ مُلْتَزَمَةٌ، وَهَذَا التَّأْلِيفُ أَثَرٌ مِنْ آثَارِهَا وَفَيْضٌ مِنْ أَنْوَارِهَا، فَلِذَلِكَ جَرَى الْمُصَنِّفُ كَغَيْرِهِ عَلَى ذَلِكَ الْمَنْهَجِ الْقَوِيمِ وَالطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ فَقَالَ: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) الْبَاءُ فِيهَا قِيلَ إنَّهَا زَائِدَةٌ فَلَا تَحْتَاجُ إلَى مَا تَتَعَلَّقُ بِهِ، أَوْ لِلِاسْتِعَانَةِ أَوْ لِلْمُصَاحَبَةِ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفِ اسْمِ فَاعِلٍ خَبَرِ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ، أَوْ فِعْلٍ: أَيْ أُؤَلِّفُ أَوْ أَبْدَأُ، أَوْ حَالٍ مِنْ فَاعِلِ الْفِعْلِ الْمَحْذُوفِ: أَيْ أَبْتَدِئُ مُتَبَرِّكًا وَمُسْتَعِينًا بِاَللَّهِ، أَوْ مَصْدَرٍ مُبْتَدَأٍ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ: أَيْ ابْتِدَائِي بِسْمِ اللَّهِ ثَابِتٌ، وَلَا يَضُرُّ عَلَى هَذَا حَذْفُ الْمَصْدَرِ وَإِبْقَاءُ مَعْمُولِهِ؛ لِأَنَّهُ يُتَوَسَّعُ فِي الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ مَا لَا يُتَوَسَّعُ فِي غَيْرِهِمَا، وَتَقْدِيمُ الْمَعْمُولِ هَا هُنَا أَوْقَعُ كَمَا فِي قَوْلِهِ {بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا} [هود: 41] وَقَوْلُهُ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الفاتحة: 5] لِأَنَّهُ أَهَمُّ وَأَدَلُّ عَلَى الِاخْتِصَاصِ وَأَدْخَلُ فِي التَّعْظِيمِ وَأَوْفَقُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَاعِلُ الْأَخِيرِ بِمَعْنَى الَّذِي تَأَخَّرَ زَمَانُهُ وَتَجُوزُ فِيهِ الْإِضَافَةُ (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَوْغَارِ) أَيْ حَرَارَاتِ الصُّدُورِ (قَوْلُهُ: طَرِيقَةٌ مُلْتَزَمَةٌ) أَيْ بَيْنَ الْقَوْمِ (قَوْلُهُ: مِنْ آثَارِهَا) أَيْ الطَّرِيقَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَحْتَاجُ إلَى مَا تَتَعَلَّقُ بِهِ) ظَاهِرُ نَفْيِ الْحَاجَةِ صِحَّةُ التَّعَلُّقِ، وَلَيْسَ مُرَادًا؛ لِأَنَّ الْحَرْفَ الزَّائِدَ وَمَا أَشْبَهَهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِشَيْءٍ أَصْلًا، وَكَأَنَّهُ لَمْ يُبَالِ بِهَذَا الْإِيهَامِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ مَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ يُعَدُّ عَبَثًا عِنْدَ الْبُلَغَاءِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ ارْتِكَابُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ لِلِاسْتِعَانَةِ) أَيْ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا أَصْلِيَّةٌ فَتَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ، وَمَعْنَاهَا: إمَّا الِاسْتِعَانَةُ وَإِمَّا الْمُصَاحَبَةُ، فَقَوْلُهُ أَوْ لِلِاسْتِعَانَةِ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى مَا عُلِمَ أَنَّهُ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: اسْمُ فَاعِلٍ) أَيْ ذَلِكَ الْمَحْذُوفُ اسْمُ فَاعِلٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ) تَقْدِيرُهُ ابْتِدَائِي كَائِنٌ، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا عَمَلَ لِلْمَصْدَرِ فِي الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ (قَوْلُهُ: أَيْ أُؤَلِّفُ أَوْ أَبْدَأُ) وَالْجَارُّ حِينَئِذٍ ظَرْفُ لَغْوٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ عَلَى هَذَا) أَيْ عَلَى الْأَخِيرِ: أَمَّا عَلَى غَيْرِهِ فَلَا عَمَلَ لِلْمَصْدَرِ فِيهِ حَتَّى يَعْتَذِرَ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَإِبْقَاءُ مَعْمُولِهِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ اسْمِ فَاعِلٍ إلَخْ أَنَّهُ ثَمَّ مُتَعَلِّقٌ بِنَفْسِ اسْمِ الْفَاعِلِ الْوَاقِعِ خَبَرًا كَمَا هُوَ وَاضِحٌ مِنْ كَلَامِهِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ الْمُقَدَّرَ حَيْثُ جُعِلَ خَبَرًا هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَانَ التَّامَّةِ، وَهُنَا مُتَعَلِّقٌ بِنَفْسِ الْمُبْتَدَإِ وَالْخَبَرُ مُقَدَّرٌ بَعْدَهُ مَحْذُوفٌ (قَوْلُهُ: وَتَقْدِيمُ الْمَعْمُولِ هَا هُنَا) هُوَ بِسْمِ اللَّهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي قَوْلِهِ بِسْمِ اللَّهِ) أَيْ كَالتَّقْدِيمِ فِي قَوْلِهِ بِسْمِ اللَّهِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَطَمَعًا) لَا بُدَّ لَهُ مِنْ تَقْدِيرِ عَامِلٍ أَيْ وَطَمِعْت طَمَعًا (قَوْلُهُ: التَّأَسِّي بِكِتَابِ اللَّهِ سُنَّةٌ) إنْ أُرِيدَ فِي كُلِّ الْأُمُورِ فَقَوْلُهُ مُتَحَتِّمَةٌ عَلَى إطْلَاقِهِ وَإِنْ أُرِيدَ فِي الْبُدَاءَةِ بِالْبَسْمَلَةِ، وَهُوَ اللَّائِقُ بِالْمَقَامِ فَقَوْلُهُ مُتَحَتِّمَةٌ بِمَعْنَى مُتَأَكِّدَةٍ وَعَبَّرَ بِهِ مُبَالَغَةً وَلَا يَحْتَاجُ إلَى مِثْلِ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ مُلْتَزَمَةٌ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ الْتَزَمَهَا النَّاسُ. (قَوْلُهُ: مِنْ آثَارِهَا) الضَّمِيرُ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ لِلسُّنَّةِ وَالطَّرِيقَةِ اللَّتَيْنِ هُمَا التَّأَسِّي، وَالْعَمَلُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّأَسِّي، وَالْعَمَلَ بِمَا ذَكَرَهُمَا الْبُدَاءَةُ بِالْبَسْمَلَةِ فَيَنْحَلُّ الْكَلَامُ إلَى قَوْلِنَا هَذَا التَّأْلِيفُ أَثَرٌ مِنْ آثَارِ الْبُدَاءَةِ بِالْبَسْمَلَةِ، وَهُوَ وَإِنْ صَحَّ بِأَنْ يُقَالَ إنَّهُ إنَّمَا تَيَسَّرَ لِلْمُصَنِّفِ لِبُدَاءَتِهِ إيَّاهُ بِالْبَسْمَلَةِ، فَهُوَ أَثَرٌ مِنْ آثَارِ مَا ذُكِرَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُلَاقِيهِ قَوْلُهُ: بَعْدُ فَلِذَلِكَ جَرَى الْمُصَنِّفُ إلَخْ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِقَوْلِهِ أَثَرٌ مِنْ آثَارِهَا أَنَّهُ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي هِيَ ذَاتُ بَالٍ تُبْدَأُ بِالْبَسْمَلَةِ، فَالْمُرَادُ أَنَّهُ مِنْ مَاصَدَق الْحَدِيثِ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْمُتَبَادَرِ (قَوْلُهُ: لِلِاسْتِعَانَةِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قِيلَ لَا عَلَى مَدْخُولِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ الْفِعْلِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَكَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ فِعْلٌ؛ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى اسْمِ فَاعِلٍ، وَكَوْنُهُ خَبَرًا أَوْ حَالًا احْتِمَالَانِ فِيهِ (قَوْلُهُ: مُتَبَرِّكًا وَمُسْتَعِينًا)

لِلْوُجُودِ، فَإِنَّ اسْمَهُ تَعَالَى مُقَدَّمٌ؛ لِأَنَّهُ قَدِيمٌ وَاجِبُ الْوُجُودِ لِذَاتِهِ، وَإِنَّمَا كُسِرَتْ الْبَاءُ وَمِنْ حَقِّ الْحُرُوفِ الْمُفْرَدَةِ أَنْ تُفْتَحَ لِاخْتِصَاصِهَا بِلُزُومِ الْحَرْفِيَّةِ وَالْجَرِّ، كَمَا كُسِرَتْ لَامُ الْأَمْرِ وَلَامُ الْجَرِّ إذَا دَخَلَتْ عَلَى الْمُظْهَرِ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ لَامِ التَّأْكِيدِ؛ وَالِاسْمُ لُغَةً مَا أَبَانَ عَنْ مُسَمًّى؛ وَاصْطِلَاحًا مَا دَلَّ عَلَى مَعْنًى فِي نَفْسِهِ غَيْرِ مُتَعَرِّضٍ بِبِنْيَتِهِ لِزَمَانٍ، وَلَا دَالٌّ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَائِهِ عَلَى جُزْءِ مَعْنَاهُ، وَالتَّسْمِيَةُ جَعْلُ ذَلِكَ اللَّفْظِ دَالًّا عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى. وَأَقْسَامُ الِاسْمِ تِسْعَةٌ: أَوَّلُهَا الِاسْمُ الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ ذَاتِهِ. ثَانِيهَا الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ ذَاتِهِ. ثَالِثُهَا الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ صِفَةٍ حَقِيقِيَّةٍ قَائِمَةٍ بِذَاتِهِ. رَابِعُهَا الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ صِفَةٍ إضَافِيَّةٍ فَقَطْ. خَامِسُهَا الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ صِفَةٍ سَلْبِيَّةٍ. سَادِسُهَا الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ صِفَةٍ حَقِيقِيَّةٍ مَعَ صِفَةٍ إضَافِيَّةٍ. سَابِعُهَا الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ صِفَةٍ حَقِيقِيَّةٍ مَعَ صِفَةٍ سَلْبِيَّةٍ. ثَامِنُهَا الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ صِفَةٍ إضَافِيَّةٍ مَعَ صِفَةٍ سَلْبِيَّةٍ. تَاسِعُهَا الْوَاقِعُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَهَمُّ عِلَّةٍ لِقَوْلِهِ أَوْقَعُ، وَقَوْلُهُ وَأَدَلُّ عَطْفٌ عَلَيْهِ وَكَذَا أَدْخَلُ وَأَوْفَقُ، وَقَوْلُهُ وَأَوْفَقُ لِلْوُجُودِ هُوَ مِنْ وَفِقَ أَمْرُهُ: أَيْ وُجِدَ مُوَافِقًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدِيمٌ) أَيْ ذَاتُهُ وَهُوَ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ مُقَدَّمٌ (قَوْلُهُ: لِاخْتِصَاصِهَا بِلُزُومِ الْحَرْفِيَّةِ وَالْجَرِّ إلَخْ) أَمَّا غَيْرُهَا مِنْ الْحُرُوفِ فَفِيهِ مَا يَنْفَكُّ عَنْ الْحَرْفِيَّةِ كَالْكَافِ وَمَا يَنْفَكُّ عَنْ الْجَرِّ كَالْوَاوِ، وَإِنَّمَا كَانَ لُزُومُهَا لِهَذَيْنِ مُقْتَضِيًا لِكَسْرِهَا. قَالَ الشَّيْخُ سَعْدُ الدِّينِ التَّفْتَازَانِيُّ: أَمَّا الْحَرْفِيَّةُ فَلِأَنَّهَا تَقْتَضِي الْبِنَاءَ عَلَى السُّكُونِ الَّذِي هُوَ عَدَمُ الْحَرَكَةِ، وَالْكَسْرُ يُنَاسِبُ الْعَدَمَ لِقِلَّتِهِ، إذْ لَا يُوجَدُ فِي الْفِعْلِ وَلَا فِي غَيْرِ الْمُنْصَرِفِ مِنْ الْأَسْمَاءِ وَلَا فِي الْحُرُوفِ إلَّا نَادِرًا، وَأَمَّا الْجَرُّ فَلِتَنَاسُبِ حَرَكَتِهَا الَّتِي هِيَ الْكَسْرَةُ عَمَلُهَا الَّذِي لَا تَنْفَكُّ عَنْهُ وَهُوَ الْجَرُّ الَّذِي هُوَ الْكَسْرَةُ أَصَالَةً انْتَهَى، عَبْدُ الْحَقِّ السَّنْبَاطِيُّ فِي شَرْحِ الْبَسْمَلَةِ. (قَوْلُهُ: إذَا دَخَلَتْ) أَيْ لَامُ الْجَرِّ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُظْهِرِ) كَمَا فِي قَوْلِك الْمَالُ لِزَيْدٍ (قَوْلُهُ: بَيْنَهُمَا) أَيْ لَامِ الْأَمْرِ وَلَامِ الْجَرِّ (قَوْلُهُ: مَا أَبَانَ عَنْ مُسَمًّى) أَيْ أَظْهَرَ وَكَشَفَ (قَوْلُهُ: مَا دَلَّ) أَيْ لَفْظٌ دَلَّ عَلَى مَعْنًى فِي نَفْسِهِ: أَيْ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُتَعَرِّضٍ) خَرَجَ بِهِ الْفِعْلُ (قَوْلُهُ: عَلَى جُزْءِ مَعْنَاهُ) خَرَّجَ الْمُرَكَّبَاتِ النَّاقِصَةَ كَالْإِضَافِيَّةِ وَالْمَزْجِيَّةِ (قَوْلُهُ: جَعَلَ ذَلِكَ اللَّفْظَ) خَرَّجَ بِهِ جَعْلَ الْفِعْلِ وَالْحَرْفِ دَالَّيْنِ عَلَى مَعْنَاهُمَا فَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا تَسْمِيَةً، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْجَعْلُ وَضْعًا مُطْلَقًا، وَاسْمُ الْإِشَارَةِ فِي ذَلِكَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ مَا دَلَّ إلَخْ (قَوْلُهُ وَأَقْسَامُ الِاسْمِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ هُوَ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسَمَّى بِذَلِكَ الْبَارِي أَوْ غَيْرُهُ تِسْعَةٌ. سُئِلَ سَيِّدُنَا وَمَوْلَانَا الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ الشَّنَوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ قَوْلِ سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا الشَّيْخِ الْإِمَامِ الشَّارِحِ فِي قَوْلِهِ هُنَا وَأَقْسَامُ الِاسْمِ تِسْعَةٌ أَوَّلُهَا الِاسْمُ الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ ذَاتِهِ إلَخْ، أَوْضِحُوا الْجَوَابَ عَنْ هَذِهِ الْأَقْسَامِ الْمَذْكُورَةِ فَرْدًا فَرْدًا عَلَى حَسَبِ الْحَالِ. فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ: أَوَّلُهَا نَحْوُ زَيْدٌ ذَاتُ الشَّيْءِ وَحَقِيقَتُهُ. وَثَانِيهَا نَحْوُ حَيَوَانٌ وَنَاطِقٌ مِنْ قَوْلِك الْإِنْسَانُ حَيَوَانٌ أَوْ نَاطِقٌ. وَثَالِثُهَا الْعَالِمُ وَالْقَادِرُ. وَرَابِعُهَا نَحْوُ أَسْمَاءِ الْجِهَاتِ نَحْوُ يَمِينٍ وَشِمَالٍ فَإِنَّهَا لَمْ تُطْلَقْ عَلَى الْأَمَاكِنِ الْمَخْصُوصَةِ إلَّا بِاعْتِبَارِ مَا تُضَافُ إلَيْهِ. وَخَامِسُهَا نَحْوُ الْأَزَلِيِّ، وَهُوَ مَا لَا ابْتِدَاءَ لَهُ. وَسَادِسُهَا نَحْوُ الْمُكَوِّنِ لِلْعَالِمِ وَالْمُوجِدِ لَهُ، فَإِنَّ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ وَهُمْ الْأَشَاعِرَةُ عَلَى أَنَّ التَّكْوِينَ مِنْ الْإِضَافَاتِ وَالِاعْتِبَارَاتِ الْعَقْلِيَّةِ مِثْلُ كَوْنِ الصَّانِعِ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ وَبَعْدَهُ. وَالْحَاصِلُ فِي الْأَزَلِ هُوَ مُبْتَدَأُ التَّخْلِيقِ وَنَحْوُهُ وَهِيَ الْقُدْرَةُ. وَسَابِعُهَا نَحْوُ وَاجِبِ الْوُجُودِ وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ وُجُودُهُ مِنْ ذَاتِهِ: أَيْ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ كَانَ مَعْدُومًا وَأَوْجَدَتْهُ ذَاتُهُ، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ مَوْجُودٌ بِوُجُودٍ هُوَ أَعْلَمُ بِهِ لَيْسَ مَسْبُوقًا بِالْعَدَمِ، وَلَيْسَ وُجُودُهُ نَاشِئًا مِنْ شَيْءٍ، وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَخْ، إلَّا إنْ جُعِلَ مَا ذَكَرَ تَفْسِيرًا لَهُ يَقْتَضِي أَنَّ مَفْهُومَ وَاجِبِ الْوُجُودِ السَّلْبُ وَحْدَهُ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ فِي تَفْسِيرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَقُّ الْعِبَارَةِ مُسْتَعِينًا أَوْ مُصَاحِبًا عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّكِ بِاسْمِ اللَّهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدِيمٌ) الضَّمِيرُ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ: وَلَا دَلَّ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَائِهِ إلَخْ) يَخْرُجُ الْمُرَكَّبُ مِنْهُ

عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ مَجْمُوعِ صِفَةٍ حَقِيقِيَّةٍ وَإِضَافِيَّةٍ وَسَلْبِيَّةٍ. وَالِاسْمُ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ مِنْ الْأَسْمَاءِ الَّتِي حُذِفَتْ أَعْجَازُهَا لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ، وَبُنِيَتْ أَوَائِلُهَا عَلَى السُّكُونِ وَأُدْخِلَ عَلَيْهَا مُبْتَدَأٌ بِهَا هَمْزَةُ الْوَصْلِ، وَيَشْهَدُ لَهُ تَصْرِيفُهُ عَلَى أَسْمَاءٍ وَأَسَامِيَّ وَسَمَّى وَسَمَّيْت، وَمَجِيءُ سَمَا كَهَدَى لُغَةً فِيهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ مَا سَمَاك وَالْقَلْبُ بَعِيدٌ غَيْرُ مُطَّرِدٍ. وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ السُّمُوِّ وَهُوَ الْعُلُوُّ، وَمِنْ السِّمَةِ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ وَهِيَ الْعَلَامَةُ؛ لِأَنَّهُ عَلَامَةٌ عَلَى مُسَمَّاهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــSمَوْجُودٌ لَيْسَ وُجُودُهُ مِنْ غَيْرِهِ، فَلَا يَحْتَاجُ فِي وُجُودِهِ وَلَا إيجَادِ مُرَادِهِ إلَى شَيْءٍ. وَتَاسِعُهَا نَحْوَ لَفْظِ الْجَلَالَةِ فَإِنَّهُ أُطْلِقَ عَلَى الذَّاتِ الْمُسْتَجْمِعِ لِسَائِرِ صِفَاتِ الْكَمَالِ وَهِيَ حَقِيقِيَّةٌ نَحْوُ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ، وَإِضَافِيَّةٌ نَحْوُ الْخَلْقِ، وَسَلْبِيَّةٌ نَحْوُ لَيْسَ بِعَرَضٍ وَلَا جِسْمٍ، فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ عَلَمًا لَا يُقْصَدُ بِهِ إلَّا الذَّاتُ بِالذَّاتِ فَقَدْ يَقْصِدُهُ بِهِ تَبَعًا غَيْرَ الذَّاتِ كَنَحْوِ الْإِلَهِ انْتَهَى بِحُرُوفِهِ. وَلَمْ أَرَ الثَّامِنَ وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ قَلَمِ النَّاسِخِ. أَقُولُ: وَلَعَلَّهُ كَالْأَوَّلِ فَإِنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ كَوْنِهِ سَابِقًا غَيْرَهُ وَهُوَ صِفَةٌ إضَافِيَّةٌ، وَأَنَّهُ لَا يَسْبِقُهُ غَيْرُهُ وَهُوَ صِفَةٌ سَلْبِيَّةٌ، وَكَالْقَيُّومِ فَإِنَّ مَعْنَاهُ كَوْنُهُ قَائِمًا بِنَفْسِهِ: أَيْ لَا يَحْتَاجُ إلَى غَيْرِهِ وَهُوَ سَلْبٌ، وَمُقَوِّمًا لِغَيْرِهِ وَهُوَ إضَافَةٌ. ثُمَّ رَأَيْت بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ أَنَّهُ نَقَلَهُ مِنْ خَطِّ الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ: فَائِدَةٌ أَقْسَامُ الِاسْمِ تِسْعَةٌ: أَوَّلُهَا: الِاسْمُ الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ ذَاتِهِ كَسَائِرِ الْأَعْلَامِ. ثَانِيهَا: الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ ذَاتِهِ كَالْجَوْهَرِ لِلْجِدَارِ وَالْجِسْمِ لَهُ. ثَالِثُهَا: الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ صِفَةٍ حَقِيقِيَّةٍ قَائِمَةٍ بِذَاتِهِ كَالْأَسْوَدِ وَالْأَبْيَضِ وَالْحَارِّ وَالْبَارِدِ. رَابِعُهَا: الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ صِفَةٍ إضَافِيَّةٍ فَقَطْ كَالْمَعْلُومِ وَالْمَفْهُومِ وَالْمَذْكُورِ وَالْمَالِكِ وَالْمَمْلُوكِ. خَامِسُهَا: الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ صِفَةٍ سَلْبِيَّةٍ كَأَعْمَى وَفَقِيرٍ وَسَلِيمٍ عَنْ الْآفَاتِ. سَادِسُهَا: الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ صِفَةٍ حَقِيقِيَّةٍ مَعَ صِفَةٍ إضَافِيَّةٍ كَعَالِمٍ وَقَادِرٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِلْمَ وَالْقُدْرَةَ صِفَةٌ حَقِيقِيَّةٌ لَهَا إضَافَةٌ لِلْمَعْلُومَاتِ وَالْمَقْدُورَاتُ. سَابِعُهَا: الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ صِفَةٍ حَقِيقِيَّةٍ مَعَ صِفَةٍ سَلْبِيَّةٍ كَقَادِرٍ لَا يَعْجَزُ وَعَالِمٍ لَا يَجْهَلُ. ثَامِنُهَا: الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ صِفَةٍ إضَافِيَّةٍ مَعَ صِفَةٍ سَلْبِيَّةٍ كَلَفْظَةِ أَوَّلٍ فَإِنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ كَوْنِهِ سَابِقًا غَيْرَهُ وَهُوَ صِفَةٌ إضَافِيَّةٌ، وَأَنَّهُ لَا يَسْبِقُهُ غَيْرُهُ وَهُوَ صِفَةٌ سَلْبِيَّةٌ، وَكَالْقَيُّومِ فَإِنَّ مَعْنَاهُ كَوْنُهُ قَائِمًا بِنَفْسِهِ: أَيْ لَا يَحْتَاجُ إلَى غَيْرِهِ وَهُوَ سَلْبٌ وَمُقَوِّمًا لِغَيْرِهِ وَهُوَ إضَافَةٌ. تَاسِعُهَا: الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ مَجْمُوعِ صِفَةٍ حَقِيقِيَّةٍ وَإِضَافِيَّةٍ وَسَلْبِيَّةٍ كَالْإِلَهِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ مَوْجُودًا أَزَلِيًّا وَاجِبَ الْوُجُودِ لِذَاتِهِ، وَعَلَى الصِّفَاتِ السَّلْبِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّنْزِيهِ، وَعَلَى الصِّفَاتِ الْإِضَافِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى الْإِيجَادِ وَالتَّكْوِينِ انْتَهَى كَذَا بِخَطِّ رم اهـ. (قَوْلُهُ: وَبُنِيَتْ أَوَائِلُهَا إلَخْ) أَيْ وُضِعَتْ سَاكِنَةً، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْبِنَاءِ مُقَابِلَ الْإِعْرَابِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ ذَاكَ شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ فِي الْآخِرِ (قَوْلُهُ وَيَشْهَدُ لَهُ) أَيْ لِمَا قَالَهُ الْبَصْرِيُّونَ (قَوْلُهُ: وَأَسَامِيَّ) الْأَوْلَى عَدَمُ كِتَابَتِهِ بِالْيَاءِ، وَكَأَنَّهُ رَسَمَهُ بِهَا إظْهَارًا لِلْعَجْزِ الْمَحْذُوفِ إنْ جُعِلَ جَمْعًا لِاسْمٍ، أَمَّا إذَا جُعِلَ أَسَامِيُّ جَمْعًا لِأَسْمَاءٍ وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْقُرْطُبِيُّ فَرَسْمُ الْيَاءِ مُتَعَيِّنٌ. (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ) إنَّمَا اسْتَدَلَّ عَلَى الْأَخِيرِ دُونَ غَيْرِهِ دَفْعًا لِمَا قَدْ يُقَالُ إنَّ مَجِيءَ سَمَا عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ لَا يَدُلُّ لِجَوَازِ مَجِيئِهِ عَلَى بَعْضِ لُغَاتِ الِاسْمِ وَأَنَّ أَلِفَهُ مُبْدَلَةٌ مِنْ التَّنْوِينِ. وَحَاصِلُ التَّوْجِيهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا ثَبَتَتْ الْأَلِفُ فِيهِ عِنْدَ الْإِضَافَةِ، بَلْ كَانَ يُقَالُ مَا سُمْكَ بِضَمِّ الْمِيمِ بِلَا أَلِفٍ (قَوْلُهُ: وَالْقَلْبُ بَعِيدٌ) أَيْ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْكُوفِيُّونَ (قَوْلُهُ: وَمِنْ السِّمَةِ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ) وَفِي ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مُبْتَدَأٌ بِهَا) أَيْ حَالَ كَوْنِهَا: أَيْ الْأَسْمَاءِ مُبْتَدَأٌ بِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا وَصَلَتْ (قَوْلُهُ: عَلَى أَسْمَاءٍ) أَيْ، فَإِنَّ أَصْلَهُ أَسْمَاوٌ، وَوَقَعَتْ الْوَاوُ مُتَطَرِّفَةً إثْرَ أَلِفٍ زَائِدَةٍ فَقُلِبَتْ هَمْزَةً وَقَوْلُهُ، وَأَسَامِي: أَيْ، فَإِنَّ أَصْلَهُ أَسَامُو قُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً لِتُنَاسِبَ الْكَسْرَةَ (قَوْلُهُ: وَسُمَيٌّ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ تَصْغِيرُ اسْمٍ: أَيْ، فَإِنَّ أَصْلَهُ سَمِيُّو اجْتَمَعَتْ الْوَاوُ، وَالْيَاءُ وَسُبِقَتْ إحْدَاهُمَا بِالسُّكُونِ فَقُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً، وَالتَّكْسِيرُ وَالتَّصْغِيرُ يَرُدَّانِ الْأَشْيَاءَ إلَى أُصُولِهَا. وَقَوْلُهُ وَسُمِّيَتْ لِبَيَانِ حَذْفِ مُطْلَقِ الْعَجُزِ، وَإِلَّا فَهَذَا التَّصْرِيفُ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَائِيٌّ. وَقَوْلُهُ: وَمَجِيءُ سُمًّا مُبْتَدَأً خَبَرُهُ لُغَةٌ، وَهُوَ جَوَابٌ عَمَّا أَوْرَدَهُ الْكُوفِيُّونَ عَلَيْهِمْ فِي مَجِيئِهِ غَيْرَ سَاكِنِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَالْقَلْبُ بَعِيدٌ إلَخْ) مُرَادُهُ بِهِ الرَّدُّ عَلَى

وَهَذَا وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لَكِنَّهُ فَاسِدٌ مِنْ حَيْثُ التَّصْرِيفِ لِمَا مَرَّ وَأَصْلُهُ وَسَمَ حُذِفَتْ الْوَاوُ وَعُوِّضَ عَنْهَا هَمْزَةُ الْوَصْلِ لِيَقِلَّ إعْلَالُهُ وَرُدَّ بِأَنَّ هَمْزَةَ الْوَصْلِ لَمْ تُعْهَدْ دَاخِلَةً عَلَى مَا حُذِفَ صَدْرُهُ فِي كَلَامِهِمْ وَالِاسْمُ إنْ أُرِيدَ بِهِ اللَّفْظُ فَغَيْرُ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهُ يَتَأَلَّفُ مِنْ أَصْوَاتٍ مُقَطَّعَةٍ غَيْرِ قَارَّةٍ وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأُمَمِ وَالْأَعْصَارِ وَيَتَعَدَّدُ تَارَةً وَيَتَّحِدُ أُخْرَى وَالْمُسَمَّى لَا يَكُونُ، كَذَلِكَ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ ذَاتُ الشَّيْءِ فَهُوَ الْمُسَمَّى، لَكِنَّهُ لَمْ يَشْتَهِرْ بِهَذَا الْمَعْنَى وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ} [الرحمن: 78] فَالْمُرَادُ بِهِ اللَّفْظُ؛ لِأَنَّهُ كَمَا يَجِبُ تَنْزِيهُ ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ عَنْ النَّقَائِصِ يَجِبُ تَنْزِيهُ الْأَلْفَاظِ الْمَوْضُوعَةِ لَهَا عَنْ الرَّفَثِ وَسُوءِ الْأَدَبِ، أَوْ الِاسْمُ فِيهِ مُقْحَمٌ لِلتَّعْظِيمِ وَالْإِجْلَالِ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الصِّفَةُ كَمَا هُوَ رَأْيُ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ انْقَسَمَ انْقِسَامَ الصِّفَةِ عِنْدَهُ: إلَى مَا هُوَ نَفْسُ الْمُسَمَّى كَالْوَاحِدِ وَالْقَدِيمِ، وَإِلَى مَا هُوَ غَيْرُهُ كَالْخَالِقِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَنْهَجِ بَدَلُ هَذِهِ: وَقِيلَ مِنْ الْوَسْمِ انْتَهَى، وَهُمَا مَصْدَرَانِ لِوَسَمَ. قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: وَسَمَهُ مِنْ بَابِ وَعَدَ وَسَمَهُ أَيْضًا انْتَهَى، يَعْنِي يُقَالُ: وَسَمَ يَسِمُ وَسْمًا وَسِمَةً كَمَا يُقَالُ وَعَدَ يَعِدُ وَعْدًا وَعِدَةً، وَعَلَى هَذَا فَحَقِيقَتُهُ وَضْعُ الْعَلَامَةِ لِأَنْفُسِهَا؛ لِأَنَّهَا أَثَرُ الْمَصْدَرِ لَا نَفْسُهُ. وَفِي ابْنِ حَجَرٍ: وَأَصْلُ الِاسْمِ السُّمُوُّ وَهُوَ الِارْتِفَاعُ، حُذِفَ عَجُزُهُ وَعُوِّضَ عَنْهُ هَمْزَةُ الْوَصْلِ فَوَزْنُهُ افْعٌ، وَقِيلَ افْلٌ مِنْ السِّيمَا، وَقِيلَ اعْلٌ مِنْ الْوَسْمِ انْتَهَى. وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ إنَّهُ مِمَّا حُذِفَتْ عَيْنُهُ لَا فَاؤُهُ وَلَا لَامُهُ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: مَحْذُوفُ اللَّامِ، وَقِيلَ الْعَيْنِ، وَقِيلَ الْفَاءِ. هَذَا مُرَادُهُ لَكِنْ فِي عِبَارَتِهِ قَلَاقَةٌ، وَمِنْ ثَمَّ كَتَبَ سَمِّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ وَقِيلَ افْلٌ قَدْ يَدُلُّ ظَاهِرُ الصَّنِيعِ أَنَّهُ فِي حَيِّزِ التَّفْرِيعِ عَلَى قَوْلِهِ حُذِفَ عَجُزُهُ إلَخْ مَعَ مَا قَبْلَهُ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ، إذْ حَذْفُ الْعَجُزِ لَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ أَنَّ الْوَزْنَ افْلٌ أَوْ اعْلٌ: أَيْ وَإِنَّمَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ أَنَّهُ افْعٌ فَلْيُجْعَلْ مُسْتَأْنَفًا أَوْ يُعْطَفْ عَلَى قَوْلِهِ وَأَصْلُ اسْمٍ سُمُوٌّ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا) الْإِشَارَةُ إلَى قَوْلِهِ وَمِنْ السِّمَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ تَصْرِيفِهِ عَلَى أَسْمَاءٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالِاسْمُ إنْ أُرِيدَ بِهِ اللَّفْظُ) أَيْ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ هَذَا اللَّفْظُ، وَمِنْهُ لَفْظُ الِاسْمِ فَيَدْخُلُ فِيهِ نَحْوُ الْعَلِيمِ وَالْقَدِيرِ وَالْحَيِّ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: بِاخْتِلَافِ الْأُمَمِ) أَيْ لُغَاتِهِمْ، وَالْأُمَّةُ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ: أَتْبَاعُ النَّبِيِّ وَالْجَمْعُ أُمَمٌ مِثْلَ غُرْفَةٍ وَغُرَفٍ (قَوْلُهُ: وَالْمُسَمَّى لَا يَكُونُ كَذَلِكَ) أَيْ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأُمَمِ وَالْأَعْصَارِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ إلَخْ وَارِدٌ عَلَى قَوْلِهِ لَكِنَّهُ لَمْ يَشْتَهِرْ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ لَمْ يَشْتَهِرْ) عِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ أَوْ الذَّاتِ عَيْنِهِ: أَيْ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الذَّاتُ فَهُوَ عَيْنُهُ كَمَا لَوْ أَطْلَقَ؛ لِأَنَّ مِنْ قَوَاعِدِهِمْ أَنَّ كُلَّ حُكْمٍ وَرَدَ عَلَى اسْمٍ فَهُوَ عَلَى مَدْلُولِهِ انْتَهَى. وَهِيَ قَدْ تُنَافِي قَوْلَ الشَّارِحِ إنَّهُ لَمْ يَشْتَهِرْ أَنَّهُ بِمَعْنَى الذَّاتِ. وَوَجْهُ الْمُنَافَاةِ أَنَّ اسْتِعْمَالَهُ بِمَعْنَى الذَّاتِ كَثِيرٌ فِي الْكَلَامِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الَّذِي لَمْ يَشْتَهِرْ مَجِيئُهُ بِمَعْنَى الذَّاتِ مَجِيءُ الِاسْمِ بِمَعْنَى الذَّاتِ فِي غَيْرِ اسْتِعْمَالِهِ مَعَ عَامِلٍ كَأَنْ يُقَالَ مَثَلًا: لَفْظُ كَذَا هُوَ الذَّاتُ الْمَخْصُوصَةُ، وَاَلَّذِي كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ بِمَعْنَى الذَّاتِ اسْتِعْمَالُهُ مُرَكَّبًا مَعَ الْعَامِلِ كَقَوْلِك: اللَّهُ الْهَادِي وَمُحَمَّدٌ الشَّفِيعُ، وَقَدْ يُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ كَمَا لَوْ أَطْلَقَ. هَذَا وَقَدْ كَتَبَ سم عَلَيْهِ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ مِنْ قَوَاعِدِهِمْ إلَخْ، قَدْ يُقَالُ لَا دَلَالَةَ فِي هَذَا الدَّلِيلِ عَلَى الْمَطْلُوبِ؛ لِأَنَّ مَدْلُولَ لَفْظِ الِاسْمِ الْأَسْمَاءُ كَلَفْظِ اللَّهِ وَلَفْظِ الرَّحْمَنِ لَا نَفْسُ الذَّاتِ فَتَأَمَّلْهُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ أَنَّ الذَّاتَ مَدْلُولٌ بِالْوَاسِطَةِ فَإِنَّهَا مَدْلُولُ الْمَدْلُولِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى. وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاسْمِ لَفْظُهُ، وَهُوَ الْمُرَكَّبُ مِنْ الْهَمْزَةِ وَالسِّينِ وَالْمِيمِ، وَعَلَى مَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا صَدَّقَهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ ابْنِ حَجَرٍ كَمَا لَوْ أُطْلِقَ لَا يُتَوَجَّهُ مَا ذَكَرَهُ سم (قَوْلُهُ: بِهَذَا الْمَعْنَى) وَهُوَ كَوْنُ الِاسْمِ بِمَعْنَى الْمُسَمَّى (قَوْلُهُ: الرَّفَثِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: رَفَثَ فِي مَنْطِقِهِ رَفَثًا مِنْ بَابِ طَلَبَ، وَيَرْفِثُ بِالْكَسْرِ لُغَةً أَفْحَشَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَسُوءِ الْأَدَبِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: أَوْ الِاسْمُ فِيهِ) أَيْ فِي تَبَارَكَ إلَخْ (قَوْلُهُ مُقْحَمٌ) أَيْ زَائِدٌ (قَوْلُهُ: انْقِسَامُ الصِّفَةِ عِنْدَهُ) أَيْ الْأَشْعَرِيِّ (قَوْلُهُ: إلَى مَا هُوَ نَفْسُ الْمُسَمَّى) وَمُرَادُهُمْ بِهِ مَا لَا يَزِيدُ مَفْهُومُهُ عَلَى الذَّاتِ كَالْقَدِيمِ، فَإِنَّ مَعْنَاهُ ذَاتٌ لَا أَوَّلَ لِوُجُودِهَا، فَلَمْ يَدُلَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْكُوفِيِّينَ فِي رَدِّهِمْ عَلَى الْبَصْرِيِّينَ مَا مَرَّ عَنْهُمْ بِأَنَّ الْوَاقِعَ فِي التَّصَارِيفِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ قَلْبٌ مَكَانِيٌّ نُقِلَتْ الْوَاوُ مِنْ الصَّدْرِ وَجُعِلَتْ عَجُزًا (قَوْلُهُ: وَأَصْلُهُ وَسْمٌ) أَيْ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ} [الرحمن: 78] إلَخْ)

وَالرَّازِقِ، وَإِلَى مَا لَيْسَ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ كَالْحَيِّ وَالْعَلِيمِ وَالْقَادِرِ وَالْمُرِيدِ وَالْمُتَكَلِّمِ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ. لَا يُقَالُ: مُقْتَضَى حَدِيثِ الْبَسْمَلَةِ الْآتِي أَنْ يَكُونَ الِابْتِدَاءُ بِلَفْظَةِ الْجَلَالَةِ وَلَمْ يَكُنْ بِهَا بَلْ بِلَفْظَةِ بِسْمِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: كُلُّ حُكْمٍ وَرَدَ عَلَى اسْمٍ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ عَلَى مَدْلُولِهِ إلَّا بِقَرِينَةٍ كَضَرْبٍ فَعْلٍ، فَقَوْلُهُ بِسْمِ اللَّهِ أَبْتَدِئُ: مَعْنَاهُ أَبْتَدِئُ بِمَدْلُولِ اسْمِهِ وَهُوَ لَفْظُ الْجَلَالَةِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: بِاَللَّهِ أَبْتَدِئُ. وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ بِاَللَّهِ؛ لِأَنَّ التَّبَرُّكَ وَالِاسْتِعَانَةَ بِذِكْرِ اسْمِهِ أَيْضًا، أَوْ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْيَمِينِ وَالتَّيَمُّنِ، أَوْ لِتَحْصِيلِ نُكْتَةِ الْإِجْمَالِ وَالتَّفْصِيلِ. وَاَللَّهُ عَلَمٌ عَلَى الذَّاتِ الْوَاجِبِ الْوُجُودِ الْمُسْتَحِقِّ لِجَمِيعِ الْمَحَامِدِ، وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ فِي أَلْفَيْنِ وَثَلَثِمِائَةٍ وَسِتِّينَ مَوْضِعًا؛ وَأَصْلُهُ إلَهٌ حُذِفَتْ هَمْزَتُهُ وَعُوِّضَ عَنْهَا الْأَلِفُ وَاللَّامُ؛ لِأَنَّهُ يُوصَفُ وَلَا يُوصَفُ بِهِ، وَلِأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ اسْمٍ تَجْرِي ـــــــــــــــــــــــــــــSالْقَدِيمُ عَلَى صِفَةٍ حَقِيقِيَّةٍ قَائِمَةٍ بِالذَّاتِ بَلْ عَلَى سَلْبِ الْأَوَّلِيَّةِ عَنْهُ؛ وَمُرَادُهُمْ بِالْغَيْرِ مَا يُمْكِنُ انْفِكَاكُهُ عَنْ الذَّاتِ بِأَنْ يُمْكِنَ وُجُودُ الذَّاتِ بِدُونِهِ، كَالْخَلْقِ فَإِنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِيجَادِ مِنْ الْعَدَمِ، وَذَاتُهُ تَعَالَى فِي الْأَزَلِ مَوْجُودَةٌ غَيْرُ مُتَّصِفَةٍ بِالْإِيجَادِ بِالْفِعْلِ؛ وَمُرَادُهُمْ بِمَا لَيْسَ عَيْنَهُ وَلَا غَيْرَهُ أَنْ يَكُونَ مَفْهُومُهُ زَائِدًا عَلَى الذَّاتِ بِصِفَةٍ حَقِيقِيَّةٍ قَائِمَةٍ بِهَا وَلَا يُمْكِنُ انْفِكَاكُهَا عَنْهَا كَالْعَالِمِ، فَإِنَّ مُسَمَّاهُ الذَّاتُ الَّتِي قَامَ بِهَا الْعِلْمُ، فَالْعِلْمُ لَيْسَ عَيْنَ الذَّاتِ وَلَا غَيْرَهَا لِعَدَمِ انْفِكَاكِ الذَّاتِ عَنْهُ فَإِنَّ الْعِلْمَ قَدِيمٌ بِقِدَمِ الذَّاتِ (قَوْلُهُ: مُقْتَضَى حَدِيثِ الْبَسْمَلَةِ الْآتِي) وَإِنَّمَا أُورِدَ هَذَا هُنَا وَإِنْ كَانَ الْأَنْسَبُ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ تَأْخِيرَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا بَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الِاسْمِ اللَّفْظُ كَانَ ذَلِكَ مَنْشَأَ السُّؤَالِ فَذَكَرَهُ مُتَّصِلًا بِهِ (قَوْلُهُ كَضَرْبٍ) مِثَالٌ لِمَا أُرِيدَ لَفْظُهُ بِالْقَرِينَةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ لَفْظٌ) أَيْ مَدْلُولُ لَفْظٍ، وَكَأَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ هَذَا هُوَ الْعِلْمُ لِذَاتِهِ تَعَالَى، فَلَا يُقَالُ إنَّ مَدْلُولَ الِاسْمِ جَمِيعُ الْأَسْمَاءِ عَلَى مَا يُفِيدُهُ إضَافَةُ الِاسْمِ مِنْ الِاسْتِغْرَاقِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ التَّبَرُّكَ) أَيْ إشَارَةً؛ لِأَنَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِعَانَةُ بِذِكْرِ اسْمِهِ أَيْضًا) أَيْ كَمَا هُوَ بِذِكْرِ ذَاتِهِ، فَلَيْسَ التَّبَرُّكُ مَقْصُورًا عَلَى الذَّاتِ، بَلْ كَمَا يَكُونُ بِهَا يَكُونُ بِالِاسْمِ (قَوْلُهُ وَالتَّيَمُّنُ) أَيْ التَّبَرُّكُ، وَهَذَا قَدْ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْيَمِينَ لَا تَنْعَقِدُ بِقَوْلِهِ بِسْمِ اللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ، قَالَ سم عَلَى ابْنِ حَجَرٍ: قَوْلُهُ حَذِرًا مِنْ إبْهَامِ الْقَسَمِ قَضَيْته أَنَّ بِسْمِ اللَّهِ لَا تَحْتَمِلُ الْقَسَمَ، وَفِيهِ كَلَامٌ فِي الْأَيْمَانِ انْتَهَى. وَحَاصِلُهُ كَمَا ذَكَرَهُ الشِّهَابُ الْحِجَازِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يَمِينٌ (قَوْلُهُ أَوْ لِتَحْصِيلِ نُكْتَةِ الْإِجْمَالِ) هَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ إنْ أُرِيدَ بِالِاسْمِ الْأَعَمُّ مِنْ اسْمِهِ تَعَالَى وَغَيْرِهِ، وَأَمَّا إنْ أُرِيدَ بِهِ ذَاتُهُ تَعَالَى فَظَاهِرٌ، وَتَكُونُ الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ، وَعِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ وَلَمْ يَقُلْ بِاَللَّهِ حَذِرًا مِنْ إبْهَامِ الْقَسَمِ، وَلْيَعُمَّ جَمِيعَ أَسْمَائِهِ انْتَهَى. وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْإِضَافَةَ حَقِيقِيَّةٌ، وَأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْعُمُومُ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي، وَأَنَّ نُكْتَةَ الْإِجْمَالِ وَالتَّفْصِيلِ إنَّمَا تُنَاسِبُ الْأَوَّلَ (قَوْلُهُ: وَاَللَّهُ عَلَمٌ عَلَى الذَّاتِ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي فَهُوَ مُرْتَجَلٌ) قَدْ يُنَافِيَانِ قَوْلَهُ وَأَصْلُهُ إلَخْ، فَإِنَّ ذَاكَ تَوْجِيهٌ لِمَنْ جَعَلَهُ مُشْتَقًّا فَلْيُرَاجَعْ. نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ عَلَمٌ عَلَى أَنَّهُ صَارَ كَذَلِكَ بِالْغَلَبَةِ كَمَا قِيلَ بِهِ، إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ فَهُوَ مُرْتَجَلٌ لَا يُوَافِقُهُ، وَمِنْ ثُمَّ لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ فَهُوَ مُرْتَجَلٌ بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَإِنْ زَادَ التَّصْرِيحَ بِأَنَّهُ مِنْ الْأَعْلَامِ الْغَالِبَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّ أَصْلَهُ الْإِلَهُ انْتَهَى (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمِ) وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْقُرْآنِ) أَيْ لَفْظُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQجَوَابٌ عَمَّا يَرِدُ عَلَى قَوْلِهِ لَكِنَّهُ لَمْ يَشْتَهِرْ بِهَذَا الْمَعْنَى كَأَنَّ قَائِلًا يَقُولُ لَهُ: كَيْفَ لَمْ يَشْتَهِرْ بِهِ وَقَدْ وَرَدَ بِهِ فِي الْقُرْآنِ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ، إذْ الْمُرَادُ بِالِاسْمِ فِيهَا الذَّاتُ بِدَلِيلِ إسْنَادِ تَبَارَكَ إلَيْهِ فَأَجَابَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَا يُقَالُ: مُقْتَضَى حَدِيثِ الْبَسْمَلَةِ الْآتِي أَنْ يَكُونَ الِابْتِدَاءُ بِلَفْظَةِ الْجَلَالَةِ إلَخْ) فِيهِ مَنْعٌ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْحَدِيثِ الْآتِي «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» بِبَاءَيْنِ، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الِابْتِدَاءُ بِهَذَا اللَّفْظِ، فَالْإِشْكَالُ مَدْفُوعٌ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى جَوَابٍ. وَقَوْلُهُ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ الضَّمِيرُ فِيهِ لِلذَّاتِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُوصَفُ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ السَّابِقِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إلَخْ.

عَلَيْهِ صِفَاتُهُ وَلَا يَصْلُحُ لَهُ مِمَّا يُطْلَقُ عَلَيْهِ سِوَاهُ، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ وَصْفًا لَمْ يَكُنْ قَوْلُ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ تَوْحِيدًا مِثْلَ لَا إلَهَ إلَّا الرَّحْمَنُ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ الشَّرِكَةَ، فَهُوَ مُرْتَجَلٌ لَا اشْتِقَاقَ لَهُ. وَنُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَتِلْمِيذِهِ الْغَزَالِيِّ وَالْخَطَّابِيِّ وَالْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ وَابْنِ كَيْسَانَ وَغَيْرِهِمْ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ الصَّوَابُ وَهُوَ أَعْرَفُ الْمَعَارِفِ، فَقَدْ حُكِيَ أَنَّ سِيبَوَيْهِ رُئِيَ فِي الْمَنَامِ فَقِيلَ لَهُ: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِك؟ فَقَالَ خَيْرًا كَثِيرًا لِجَعْلِي اسْمَهُ أَعْرَفَ الْمَعَارِفِ. وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ مُشْتَقٌّ، وَنُقِلَ عَنْ الْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ أَيْضًا وَاشْتِقَاقُهُ مِنْ أَلَهَ بِمَعْنَى عَبَدَ، وَقِيلَ مِنْ أَلِهَ إذَا تَحَيَّرَ؛ لِأَنَّ الْعُقُولَ تَتَحَيَّرُ فِي مَعْرِفَتِهِ؛ أَوْ مِنْ أَلَهْت إلَى فُلَانٍ: أَيْ سَكَنْت إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْقُلُوبَ تَطْمَئِنُّ بِذِكْرِهِ وَالْأَرْوَاحُ تَسْكُنُ إلَى مَعْرِفَتِهِ؛ أَوْ مِنْ أَلِهَ إذَا فَزِعَ مِنْ أَمْرٍ نَزَلَ عَلَيْهِ وَأَلَهَهُ غَيْرُهُ أَجَارَهُ، أَوْ أَلَهَ الْفَصِيلُ إذَا أُولِعَ بِأُمِّهِ؛ أَوْ مِنْ وَلَهَ إذَا تَحَيَّرَ وَتَخَبَّطَ عَقْلُهُ، وَكَأَنَّ أَصْلَهُ وَلَاهَ فَقُلِبَتْ الْوَاوُ هَمْزَةً لِاسْتِثْقَالِ الْكِسْرَةِ عَلَيْهَا. وَقِيلَ أَصْلُهُ لَاهٍ مَصْدَرُ لَاهَ يَلِيهِ لَيْهًا وَلَاهًا: إذَا احْتَجَبَ وَارْتَفَعَ. قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ: وَالْحَقُّ أَنَّهُ وَصْفٌ فِي أَصْلِهِ، لَكِنَّهُ لَمَّا غَلَبَ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ وَصَارَ كَالْعَلَمِ أُجْرِيَ مَجْرَاهُ فِي إجْرَاءِ الْأَوْصَافِ عَلَيْهِ وَامْتِنَاعِ الْوَصْفِ بِهِ وَعَدَمِ تَطَرُّقِ احْتِمَالِ الشَّرِكَةِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ ذَاتَه مِنْ حَيْثُ هِيَ بِلَا اعْتِبَارٍ أَمْرٌ آخَرُ حَقِيقِيٌّ أَوْ غَيْرُهُ غَيْرُ مَعْقُولَةٍ لِلْبَشَرِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَدُلَّ عَلَيْهِ بِلَفْظٍ، وَلِأَنَّهُ لَوْ دَلَّ عَلَى مُجَرَّدِ ذَاتِهِ الْمَخْصُوصَةِ لَمَا أَفَادَ ظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ} [الأنعام: 3] مَعْنًى صَحِيحًا، وَلِأَنَّ مَعْنَى الِاشْتِقَاقِ وَهُوَ كَوْنُ أَحَدِ اللَّفْظَيْنِ مُشَارِكًا لِلْآخَرِ فِي الْمَعْنَى وَالتَّرْكِيبِ حَاصِلٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأُصُولِ الْمَذْكُورَةِ انْتَهَى. وَهُوَ عَرَبِيٌّ خِلَافًا لِلْبَلْخِيِّ حَيْثُ زَعَمَ أَنَّهُ مُعَرَّبٌ. وَالرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ اسْمَانِ بُنِيَا لِلْمُبَالَغَةِ مِنْ رَحِمَ بِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ اللَّازِمِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSلِذَاتِهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ: وَلَا يَصْلُحُ لَهُ مِمَّا يُطْلَقُ عَلَيْهِ سِوَاهُ) أَيْ سِوَى لَفْظِ اللَّهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ إلَخْ) أَيْ قَوْلُهُ لَا إلَهَ إلَّا الرَّحْمَنُ (قَوْلُهُ: وَنُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ) أَيْ كَوْنُهُ عَلَمًا (قَوْلُهُ وَاشْتِقَاقُهُ مِنْ أَلِهَ إلَخْ) أَيْ بِكَسْرِ اللَّامِ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: أَلِهَ يَأْلُهُ مِنْ بَابِ تَعِبَ إلَاهَةً بِمَعْنَى عَبَدَ عِبَادَةً انْتَهَى. وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ بِفَتْحِ اللَّامِ، وَمِثْلُهُ فِي ابْنِ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ مِنْ أَلِهَ إلَخْ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: أَلِهَ يَأْلُهُ مِنْ بَابِ تَعِبَ إذَا تَحَيَّرَ وَأَصْلُهُ وَلِهَ يَوْلَهُ انْتَهَى. وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ مِنْ وَلِهَ إذَا تَحَيَّرَ الْإِبْدَالُ هُنَا وَعَدَمُهُ ثُمَّ (قَوْلُهُ إذَا أُولِعَ بِأُمِّهِ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: أُولِعَ بِالشَّيْءِ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ يُولَعُ وَلُوعًا بِفَتْحِ الْوَاوِ عَلِقَ بِهِ، فِي لُغَةٍ وَلِعَ بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا يَلَعُ بِفَتْحِهَا فِيهِمَا مَعَ سُقُوطِ الْوَاوِ وَلْعًا بِسُكُونِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا انْتَهَى. (قَوْلُهُ: وَكَانَ أَصْلُهُ وَلَاهٍ) أَيْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الْأَخِيرِ وَهُوَ قَوْلُهُ أَوْ مِنْ وَلِهَ إذَا تَحَيَّرَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالْحَقُّ أَنَّهُ) أَيْ اللَّهَ (قَوْلُهُ: وَصْفٌ) أَيْ مَعْبُودٌ (قَوْلُهُ: مَعْنًى صَحِيحًا) أَيْ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ ذَاتَهُ كَائِنَةٌ فِي السَّمَوَاتِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا جُعِلَ وَصْفًا: فَإِنَّ مَعْنَاهُ الْمَعْبُودُ فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنَّمَا قَالَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ لِإِمْكَانِ جَعْلِ الظَّرْفِ مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ كَأَنْ يُقَالَ الْأَصْلُ وَهُوَ اللَّهُ الْمَعْبُودُ فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ (قَوْلُهُ الْأُصُولُ الْمَذْكُورَةُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَاشْتِقَاقُهُ مِنْ أَلِهَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ عَرَبِيٌّ) أَيْ لَفْظُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (قَوْلُهُ: مِنْ رَحِمَ بِتَنْزِيلِهِ) أَيْ بِأَنْ يَبْقَى عَلَى صِيغَتِهِ غَيْرَ مُتَعَلِّقٍ بِمَفْعُولٍ كَفُلَانٍ يُعْطِي فَيُقَالُ رَحِمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: لَا اشْتِقَاقَ لَهُ) يُلَائِمُ قَوْلَهُ فِيمَا مَرَّ وَأَصْلُهُ إلَهٌ إلَخْ الْمُوَافِقُ لِمَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ الْآتِي وَفِي قَوْلِهِ مُرْتَجَلٌ لَا اشْتِقَاقَ لَهُ قَلَاقَةٌ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَوْهَمَ أَنَّ قَوْلَهُ لَا اشْتِقَاقَ لَهُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ مُرْتَجَلٌ، وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ وَغَرَضُهُ أَنَّهُ مُرْتَجَلٌ لَا مَنْقُولٌ جَامِدٌ لَا مُشْتَقٌّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَاتَهُ مِنْ حَيْثُ هِيَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ إذَا وُضِعَ بِإِزَاءِ مُسَمَّى الْإِحَاطَةِ بِكُنْهِ ذَلِكَ الْمُسَمَّى، وَالْغَرَضُ مِنْ الْوَضْعِ أَنَّهُ إذَا أُطْلِقَ ذَلِكَ الْعِلْمُ فُهِمَ مِنْهُ ذَلِكَ الْمُسَمَّى، وَيَكْفِي فِي ذَلِكَ عِلْمُهُ بِوَجْهٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: اسْمَانِ بُنِيَا لِلْمُبَالَغَةِ) يَعْنِي صِفَتَيْنِ مُشَبَّهَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ الْمُشَبَّهَةَ هِيَ الَّتِي يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ مِنْ لَازِمٍ وَبِهَا عَبَّرَ غَيْرُهُ، وَإِنَّمَا آثَرَ التَّعْبِيرَ بِاسْمَيْنِ لِيَتَنَزَّلَ عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ كَوْنِ الرَّحْمَنِ صَارَ عَلَمًا بِالْغَلَبَةِ لَا صِفَةً، وَمَنْ عَبَّرَ بِصِفَتَيْنِ نَظَرَ إلَى الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: مِنْ رَحِمَ) أَيْ مِنْ مَصْدَرِهِ، وَإِنَّمَا عَبَّرُوا بِالْفِعْلِ تَقْرِيبًا وَلِضِيقِ الْعِبَارَةِ، إذْ لَيْسَ

أَوْ بِجَعْلِهِ لَازِمًا وَنَقْلِهِ إلَى فَعُلَ بِالضَّمِّ. وَالرَّحْمَةُ لُغَةً: رِقَّةُ الْقَلْبِ وَانْعِطَافٌ يَقْتَضِي التَّفَضُّلَ وَالْإِحْسَانَ، فَالتَّفَضُّلُ غَايَتُهَا، وَأَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى الْمَأْخُوذَةُ مِنْ نَحْوِ ذَلِكَ إنَّمَا تُؤْخَذُ بِاعْتِبَارِ الْغَايَاتِ الَّتِي هِيَ أَفْعَالٌ دُونَ الْمَبَادِي الَّتِي تَكُونُ انْفِعَالَاتٍ؛ فَالرَّحْمَةُ فِي حَقِّهِ تَعَالَى مَعْنَاهَا إرَادَةُ الْإِحْسَانِ فَتَكُونُ صِفَةَ ذَاتٍ، أَوْ الْإِحْسَانُ فَتَكُونُ صِفَةَ فِعْلٍ، فَهُوَ إمَّا مَجَازٌ فِي الْإِحْسَانِ أَوْ فِي إرَادَتِهِ، وَإِمَّا اسْتِعَارَةٌ تَمْثِيلِيَّةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSاللَّهُ: أَيْ كَثُرَتْ رَحْمَتُهُ، وَقَوْلُهُ بِجَعْلِهِ لَازِمًا: أَيْ بِأَنْ يُحَوَّلَ مِنْ فَعِلَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ إلَى فَعُلَ بِضَمِّهَا كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَنَقَلَهُ إلَخْ، ثُمَّ مَا ذُكِرَ مِنْ جَعْلِهِ مِنْ رَحِمَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الصِّفَةَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْفِعْلِ وَهُوَ رَأْيٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْمَصْدَرِ كَالْفِعْلِ، وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ تَقْدِيرُ مُضَافٍ فِي الْكَلَامِ: أَيْ مِنْ مَصْدَرِ رَحِمَ إلَخْ وَهُوَ الرُّحْمُ بِالضَّمِّ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَصْدَرَانِ آخَرَانِ وَهُمَا الرَّحْمَةُ وَالْمَرْحَمَةُ؛ لِأَنَّ الِاشْتِقَاقَ مِنْ الْمَصْدَرِ الْمُجَرَّدِ دُونَ الْمَزِيدِ فِيهِ فَلَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِلْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ وَنَقْلِهِ إلَى فَعُلَ) عَطْفُ عِلَّةٍ عَلَى مَعْلُولٍ (قَوْلُهُ وَانْعِطَافٌ) عَطْفُ مُسَبَّبٍ عَلَى سَبَبٍ (قَوْلُهُ: مِنْ نَحْوِ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ كُلِّ مَا اسْتَحَالَ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيُّ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كَالْغَضَبِ وَالرِّضَا وَالْمَحَبَّةِ وَنَحْوِهَا، فَإِنَّهُ إنَّمَا يُؤْخَذُ بِاعْتِبَارِ الْغَايَاتِ؛ مَثَلًا الرَّحْمَةُ هِيَ رِقَّةُ الْقَلْبِ غَايَتُهَا الْإِنْعَامُ عَلَى مَنْ رَحِمَهُ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا مِنْ صِفَاتِ الْأَفْعَالِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ، ثَانِيهمَا أَنَّهَا مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ فَتُحْمَلُ عَلَى إرَادَةِ الْخَيْرِ، فَمَعْنَى الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ عَلَى الْأَوَّلِ الْمُنْعِمُ وَعَلَى الثَّانِي مُرِيدُ الْإِنْعَامِ دُونَ الْمَبَادِي الَّتِي تَكُونُ انْفِعَالَاتٍ كَرِقَّةِ الْقَلْبِ، وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى الْقَوْلَيْنِ بِقَوْلِهِ فَالرَّحْمَةُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَوْ فِي إرَادَتِهِ) وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: هُوَ حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ الْإِحْسَانِ أَوْ إرَادَتِهِ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ إمَّا مَجَازٌ مَعْنَاهُ بِحَسَبِ أَصْلِهِ قَبْلَ اشْتِهَارِهِ شَرْعًا فِيمَا ذَكَرَ مِنْ الْغَايَاتِ (قَوْلُهُ وَإِمَّا اسْتِعَارَةٌ تَمْثِيلِيَّةٌ) وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الِاسْتِعَارَةَ التَّمْثِيلِيَّةَ خَاصَّةٌ بِالْمَجَازِ الْمُرَكَّبِ، فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ كَوْنِ الْمُشَبَّهِ مُنْتَزَعًا مِنْ عِدَّةِ أُمُورٍ، وَكَذَا الْمُشَبَّهُ بِهِ وَوَجْهُ الشَّبَهِ. وَفِي كَلَامِ السَّيِّدِ فِي حَوَاشِي الْكَشَّافِ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [البقرة: 7] بَعْدَ أَنَّ جَوَّزَ فِي {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [البقرة: 7] أَنْ يَكُونَ اسْتِعَارَةً وَأَنْ يَكُونَ تَمْثِيلًا مَا نَصُّهُ: وَإِذَا حُمِلَ عَلَى التَّمْثِيلِ كَانَ الْمُسْتَعَارُ لَفْظًا مُرَكَّبًا بَعْضُهُ مَلْفُوظٌ وَبَعْضُهُ مَنْوِيٌّ فِي الْإِرَادَةِ، وَسَنُطْلِعُك عَلَى أَنَّ مُلَاحَظَةَ الْمَعَانِي قَصْدًا إمَّا بِأَلْفَاظٍ مَذْكُورَةٍ أَوْ مُقَدَّرَةٍ فِي نَظْمِ الْكَلَامِ أَوْ مَنْوِيَّةٍ بِلَا ذِكْرٍ وَلَا تَقْدِيرٍ فِيهِ، وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِالْخَتْمِ وَحْدَهُ وَبِالْغِشَاوَةِ وَحْدَهَا؛ لِأَنَّهُمَا الْأَصْلُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ الْمُرَكَّبَةِ، فَيُلَاحَظُ بَاقِي الْأَجْزَاءِ قَصْدًا بِأَلْفَاظٍ مُتَخَيَّلَةٍ، إذْ لَا بُدَّ فِي التَّرْكِيبِ مِنْ مُلَاحَظَاتٍ قَصْدِيَّةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِتِلْكَ الْأَجْزَاءِ، وَلَا سَبِيلَ إلَى ذَلِكَ إلَّا بِتَخَيُّلِ أَلْفَاظٍ بِإِزَائِهَا كَمَا يَقْتَضِيهِ جَرَيَانُ الْعَادَةِ وَيَشْهَدُ بِهِ رُجُوعُك إلَى وِجْدَانِك. وَمِنْ فَوَائِدِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ جَوَازُ الْحَمْلِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الِاسْتِعَارَةِ وَالتَّمْثِيلِ؛ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ التَّجَوُّزُ فِي لَفْظَيْ خَتَمَ وَغِشَاوَةً، وَعَلَى الثَّانِي لَا تَجُوزُ فِيهِمَا بَلْ فِي الْمَجْمُوعِ الْمُرَكَّبِ مِنْهُمَا وَمِنْ الْمَنْوِيِّ مَعَهُمَا إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بِهِ فَلْيُرَاجَعْ. وَقَدْ جَعَلَ بَعْضُ الْبَيَانِيِّينَ هَذَا بِحَسَبِ ظَاهِرِهِ تَأْيِيدًا لِلِاسْتِعَارَةِ، فَإِنَّهُ لَمَّا جَازَ أَنْ يُسْتَعَارَ الْخَتْمُ لِلْحِسِّيَّةِ الَّتِي لَا يَفُوتُ مَعَهَا بِالْكُلِّيَّةِ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَهُ مَصْدَرٌ وَاحِدٌ حَتَّى يُعَوَّلَ عَلَيْهِ، فَلَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ مِنْ أَنَّ الِاشْتِقَاقَ مِنْ الْفِعْلِ، ثُمَّ رَأَيْت الشِّهَابَ بْنَ عَبْدِ الْحَقِّ فِي شَرْحِ الْبَسْمَلَةِ سَبَقَ إلَى مَا ذَكَرْته مَعَ زِيَادَةٍ، لَكِنَّهُ جَعَلَ النُّكْتَةَ فِي الْعُدُولِ إلَى لَفْظِ الْفِعْلِ غَيْرَ مَا ذَكَرْته فَلْيُرَاجَعْ وَالنِّكَاتُ لَا تَتَزَاحَمُ، بَلْ مَا ذَكَرَهُ عِنْدَ التَّحْقِيقِ يَرْجِعُ إلَى مَا ذَكَرْته هَذَا كُلُّهُ إنْ كَانَ لَفْظُ رَحِمَ مَفْتُوحَ الْأَوَّلِ مَكْسُورَ الثَّانِي، وَإِنْ جُعِلَ مَضْمُومَ الْأَوَّلِ سَاكِنَ الثَّانِي مَصْدَرًا فَلَا إشْكَالَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ فَانْدَفَعَ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي التَّفَضُّلَ، وَالْإِحْسَانَ) أَيْ أَوْ إرَادَةَ ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ فَالتَّفَضُّلُ غَايَتُهَا: أَيْ أَوْ إرَادَتُهُ (قَوْلُهُ: الَّتِي تَكُونُ انْفِعَالَاتٍ) يَعْنِي كَيْفِيَّاتٍ، إذْ الِانْفِعَالَاتُ هِيَ قَبُولُ الْأَثَرِ كَلِينِ الشَّمْعِ الْقَابِلِ

بِأَنْ مَثَّلَتْ تَعَالَى بِحَالِ مَلِكٍ عَطَفَ عَلَى رَعِيَّتِهِ وَرَقَّ لَهُمْ فَعَمَّهُمْ مَعْرُوفُهُ فَأُطْلِقَ عَلَيْهِ الِاسْمُ وَأُرِيدَ غَايَتُهُ الَّتِي هِيَ إرَادَةٌ، أَوْ فِعْلٌ لَا مَبْدَؤُهُ الَّذِي هُوَ انْفِعَالٌ. وَالرَّحْمَنُ أَبْلَغُ مِنْ الرَّحِيمِ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْبِنَاءِ تَدُلُّ عَلَى زِيَادَةِ الْمَعْنَى كَمَا فِي قَطَعَ وَقَطَّعَ وَكَبَارٍ وَكَبَّارٍ. وَنَقَضَ بِحِذْرٍ فَإِنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ حَاذِرٍ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ أَكْثَرِيٌّ لَا كُلِّيٌّ، وَبِأَنَّهُ لَا يُنَافِي أَنْ يَقَعَ فِي الْأَنْقَصِ زِيَادَةُ مَعْنًى بِسَبَبٍ آخَرَ كَالْإِلْحَاقِ بِالْأُمُورِ الْجَبَلِيَّةِ مِثْلَ شَرِهٌ وَنَهِمٌ وَبِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُتَلَاقِيَانِ فِي الِاشْتِقَاقِ مُتَّحِدَيْ النَّوْعِ فِي الْمَعْنَى كَغَرَثٍ وَغَرْثَانٍ وَصَدٍّ وَصَدْيَانٍ لَا كَحِذْرٍ وَحَاذِرٍ لِلِاخْتِلَافِ وَإِنَّمَا قُدِّمَ وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي التَّرَقِّي مِنْ الْأَدْنَى إلَى الْأَعْلَى كَقَوْلِهِمْ عَالِمٌ نِحْرِيرٌ وَجَوَادٌ فَيَّاضٌ؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْعَلَمِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يُوصَفُ بِهِ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ الْمُنْعِمُ الْحَقِيقِيُّ الْبَالِغُ فِي الرَّحْمَةِ غَايَتَهَا وَذَلِكَ لَا يَصْدُقُ عَلَى غَيْرِهِ، بَلْ رَجَّحَ بَعْضُهُمْ كَوْنَهُ عَلَمًا، وَلِأَنَّهُ لَمَّا دَلَّ عَلَى جَلَائِلِ النَّعَمِ وَأُصُولِهَا ذَكَرَ الرَّحِيمَ لِيَتَنَاوَلَ مَا دَقَّ مِنْهَا وَلَطُفَ لِيَكُونَ كَالتَّتِمَّةِ لَهُ وَالرَّدِيفِ وَلِلْمُحَافَظَةِ عَلَى رُءُوسِ الْآيِ، وَالْأَبْلَغِيَّةُ تُوجَدُ تَارَةً بِاعْتِبَارِ الْكَمِّيَّةِ، وَلِهَذَا قِيلَ يَا رَحْمَنُ الدُّنْيَا؛ لِأَنَّهُ يَعُمُّ الْمُؤْمِنَ وَالْكَافِرَ، وَرَحِيمُ الْآخِرَةِ؛ لِأَنَّهُ يَخُصُّ الْمُؤْمِنَ، وَتَارَةً بِاعْتِبَارِ الْكَيْفِيَّةِ وَلِهَذَا قِيلَ يَا رَحْمَنُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَرَحِيمُ الدُّنْيَا؛ لِأَنَّ النِّعَمَ الْأُخْرَوِيَّةَ كُلُّهَا جِسَامٌ، وَأَمَّا النِّعَمُ الدُّنْيَوِيَّةُ فَجَلِيلَةٌ وَحَقِيرَةٌ وَقِيلَ هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ كَنُدْمَانٍ وَنَدِيمٍ وَجُمِعَ بَيْنَهُمَا تَأْكِيدًا، وَقِيلَ الرَّحِيمُ أَبْلَغُ. وَقَدْ وَرَدَ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَ مِائَةَ كِتَابٍ وَأَرْبَعَةَ كُتُبٍ عَلَى سَبْعَةٍ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ، وَأَنَّهُ أَوْدَعَ مَا فِيهَا فِي أَرْبَعَةٍ، فِي الْقُرْآنِ وَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSأَعْنِي النُّطْقَ، كَانَ اسْتِعَارَتُهُ لِتِلْكَ الْهَيْئَاتِ الْمَانِعَةِ عَنْ الْمَقَاصِدِ بِالْمَرَّةِ أَوْلَى بِالْجَوَازِ، لَكِنَّ تَأْخِيرَهُ عَنْ التَّمْثِيلِ يَقْتَضِي أَنْ يُؤَيِّدَهُ أَيْضًا فَيُقَالُ حِينَئِذٍ لَا يُقْتَصَرُ فِي النَّسَبِ عَلَى مُجَرَّدِ الْحِسِّيَّةِ كَمَا فِي الِاسْتِعَارَةِ بَلْ يُعْتَبَرُ مَعَهُ حَالَةٌ مَخْصُوصَةٌ مُرَكَّبَةٌ مِنْ أُمُورٍ مُتَعَدِّدَةٍ عَلَى قِيَاسِ مَا سَبَقَ تَحْرِيرُهُ وَفِي الْبَيْتِ الثَّانِي نَوْعُ إشْعَارٍ بِاعْتِبَارِ التَّرْكِيبِ، انْتَهَى. (قَوْلُهُ: بِأَنْ مَثَّلْت) أَيْ شَبَّهْت (قَوْلُهُ: مِثْلَ شَرِهٌ وَنَهِمٌ) مِثَالَانِ لَلْجَبَلِيِّ. وَالْمَعْنَى: أَنْ يُجْعَلَ الْحَذَرُ الْعَارِضُ لَهُ كَالصِّفَةِ الْجَبَلِيَّةِ الَّتِي طُبِعَ عَلَيْهَا، وَقَوْلُهُ وَنَهِمٌ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ مِنْ نَهِمَ فِي الشَّيْءِ إذَا رَغِبَ فِيهِ، وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: نَهِمَ فِي الشَّيْءِ يَنْهَمُ بِفَتْحَتَيْنِ نَهْمَةً بَلَغَ هِمَّتَهُ فِيهِ فَهُوَ نَهِيمُ، وَالنَّهَمُ بِفَتْحَتَيْنِ إفْرَاطُ الشَّهْوَةِ فَهُوَ مَصْدَرٌ مِنْ بَابِ تَعِبَ وَنَهِمَ نَهَمًا أَيْضًا زَادَتْ رَغْبَتُهُ فِي الْعِلْمِ، وَنَهَمَ يَنْهَمُ مِنْ بَابِ ضَرَبَ كَثُرَ أَكْلُهُ، وَنُهِمَ بِالشَّيْءِ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ إذَا أُولِعَ بِهِ فَهُوَ مَنْهُومٌ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا قَدَّمَ) أَيْ الرَّحْمَنَ (قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِمْ عَالِمٌ إلَخْ) مِثَالَانِ لِمَا فِيهِ التَّرَقِّي مِنْ الْأَدْنَى إلَى الْأَعْلَى، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَالِمَ أَدْنَى مِنْ النِّحْرِيرِ وَالْجَوَادُ أَدْنَى مِنْ الْفَيَّاضِ (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ الْكَمِّيَّةِ) أَيْ الْعَدَدِ (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ الْكَيْفِيَّةِ) أَيْ الصِّفَةِ، وَكَوْنُ هَذَا بِاعْتِبَارِ الْكَيْفِيَّةِ لَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ نَظَرَ فِيهِ لِلْجَسَامَةِ وَعَدَمِهَا، وَإِلَّا فَقَدْ يُقَالُ إنَّ هَذَا بِاعْتِبَارِ الْكَمِّيَّةِ وَالْكَيْفِيَّةِ، فَإِنَّ رَحْمَتَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنْ اُسْتُفِيدَ عُمُومُهَا لِلْكَافِرِ وَالْمُؤْمِنِ مِنْ الِاسْمَيْنِ لَكِنْ قَدْ يُدَّعَى أَنَّ الرَّحْمَةَ الْمُسْتَفَادَةَ مِنْ الرَّحْمَنِ أَكْثَرُ أَفْرَادًا وَإِنْ كَانَ مَجْمُوعُ تِلْكَ الْأَفْرَادِ لِلْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ (قَوْلُهُ كُلُّهَا جِسَامٌ) أَيْ عِظَامٌ وَهُوَ بِكَسْرِ الْجِيمِ (قَوْلُهُ عَلَى سَبْعَةٍ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ) هُمْ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِبْرَاهِيمُ وَمُوسَى وَعِيسَى وَدَاوُد وَشِيثٌ وَإِدْرِيسُ. وَفِي شَرْحِ الْخَطِيبِ عَلَى أَبِي شُجَاعٍ مَا نَصُّهُ: فَائِدَةٌ قَالَ النَّسَفِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: قِيلَ الْكُتُبُ الْمُنَزَّلَةُ مِنْ السَّمَاءِ إلَى الدُّنْيَا مِائَةٌ وَأَرْبَعَةٌ: صُحُفُ شِيثٍ سِتُّونَ، وَصُحُفُ إبْرَاهِيمَ ثَلَاثُونَ، وَصُحُفُ مُوسَى قَبْلَ التَّوْرَاةِ عَشَرَةٌ، وَالتَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ وَالزَّبُورُ وَالْفُرْقَانُ انْتَهَى. أَقُولُ: وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّهَا نَزَلَتْ عَلَى سَبْعَةٍ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلطَّبْعِ، فَإِذَا طُبِعَ صَارَ أَثَرُ الطَّبْعِ فِيهِ كَيْفًا (قَوْلُهُ: فَأُطْلِقَ عَلَيْهِ الِاسْمُ وَأُرِيدَ غَايَتُهُ) يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُشَبَّهَ فِي الِاسْتِعَارَةِ التَّمْثِيلِيَّةِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُرَكَّبًا وَمُنْتَزَعًا مِنْ عِدَّةِ أُمُورٍ كَالْمُشَبَّهِ بِهِ وَكَوَجْهِ الشَّبَهِ، فَالصَّوَابُ تَقْرِيرُ الْمُشَبَّهِ هُنَا عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ. وَنَقَلَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ هُنَا عَنْ حَوَاشِي الْكَشَّافِ لِلسَّيِّدِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُنْتَزَعَ فِي الِاسْتِعَارَةِ التَّمْثِيلِيَّةِ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَلْفَاظٍ كُلِّهَا مَذْكُورَةٍ، بَلْ قَدْ يَكُونُ مِنْ أَلْفَاظٍ بَعْضُهَا مَذْكُورَةٌ وَبَعْضُهَا مُتَخَيَّلٌ (قَوْلُهُ: كَغَرِثَ وَغَرْثَانَ)

وَأَوْدَعَ مَا فِيهَا فِي الْقُرْآنِ، وَأَوْدَعَ مَا فِي الْقُرْآنِ فِي الْفَاتِحَةِ، وَأَوْدَعَ مَا فِي الْفَاتِحَةِ فِي بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، بَلْ قِيلَ إنَّهُ أَوْدَعَ مَا فِيهَا فِي الْبَاءِ وَمَا فِي الْبَاءِ فِي النُّقْطَةِ (الْحَمْدُ لِلَّهِ) افْتَتَحَ كِتَابَهُ بَعْدَ التَّيَمُّنِ بِالْبَسْمَلَةِ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى أَدَاءً لِحَقِّ شَيْءٍ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ شُكْرِ نَعْمَائِهِ الَّتِي تَأْلِيفُ هَذَا الْكِتَابِ أَثَرٌ مِنْ آثَارِهَا، وَاقْتِدَاءً بِالْكِتَابِ الْعَزِيزِ، وَعَمَلًا بِخَبَرِ «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِبَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَهُوَ أَقْطَعُ» وَفِي رِوَايَةٍ «بِالْحَمْدُ لِلَّهِ» وَفِي رِوَايَةٍ «بِحَمْدِ اللَّهِ» وَفِي رِوَايَةٍ " بِالْحَمْدُ " وَفِي رِوَايَةٍ «كُلُّ كَلَامٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ فَهُوَ أَجْذَمُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَحَسَّنَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ. وَمَعْنَى ذِي بَالٍ: أَيْ حَالٍ يُهْتَمُّ بِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ: «لَا يُفْتَتَحُ بِذِكْرِ اللَّهِ فَهُوَ أَبْتَرُ وَأَقْطَعُ.» فَإِنْ قِيلَ نَرَى كَثِيرًا مِنْ الْأُمُورِ يُبْتَدَأُ فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ وَلَا تَتِمُّ وَكَثِيرًا بِعَكْسِ ذَلِكَ. قُلْنَا: لَيْسَ الْمُرَادُ التَّمَامَ الْحِسِّيَّ، وَلِهَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: بَلْ قِيلَ إنَّهُ إلَخْ) أَيْ قَالَ بَعْضُهُمْ: فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ التَّضْعِيفَ (قَوْلُهُ: أَوْدَعَ مَا فِيهَا فِي الْبَاءِ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا إشَارَةٌ إلَى: بِي كَانَ وَبِي مَا يَكُونُ، وَهَذَا الْمَعْنَى يَرْجِعُ إلَيْهِ جَمِيعُ مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْقُرْآنِ، وَقَوْلُهُ وَمَا فِي الْبَاءِ فِي نُقْطَتِهَا: أَيْ؛ لِأَنَّهَا إشَارَةٌ إلَى الْمَرْكَزِ الْحَقِيقِيِّ الَّذِي عَلَيْهِ مَدَارُ الْأَشْيَاءِ وَهُوَ وَحْدَتُهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ: مِنْ شُكْرِ نَعْمَائِهِ) بَيَانٌ لِمَا يَجِبُ، وَنَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّ شُكْرَ الْمُنْعِمِ وَاجِبٌ بِالشَّرْعِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى جَمْعِ الْجَوَامِعِ مَا حَاصِلُهُ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِوُجُوبِ الشُّكْرِ أَنَّهُ إذَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى الْعَبْدِ بِنِعْمَةٍ وَجَبَ عَلَيْهِ الشُّكْرُ فِي مُقَابَلَتِهَا حَتَّى يَأْثَمَ بِتَرْكِهِ، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ إذَا شَكَرَ عَلَيْهَا أُثِيبَ ثَوَابَ الْوَاجِبِ، وَفِيهِ كَلَامٌ حَسَنٌ فِي شَرْحِ الْأَرْبَعِينَ لِابْنِ حَجَرٍ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةٍ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ) هُوَ بِالرَّفْعِ: أَيْ بِهَذَا اللَّفْظِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَظْهَرُ عَلَيْهِ التَّعَارُضُ، أَمَّا لَوْ قُرِئَ بِالْجَرِّ كَانَ بِمَعْنَى رِوَايَةٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ، وَلَا تَعَارُضَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ مَعْنَاهَا بِالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ (قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةٍ بِالْحَمْدُ) ظَاهِرُهُ أَنَّ لَفْظَ أَقْطَعَ مَعَ كُلٍّ مِنْهَا، وَفِي كَلَامِ ابْنِ حَجَرٍ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ كَمَا وَرَدَ بِهَا وَرَدَ بِأَجْذَمَ أَوْ أَبْتَرَ، وَعِبَارَتُهُ: كُلُّ أَمْرٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَفِي رِوَايَةٍ: بِحَمْدِ اللَّهِ فَهُوَ أَجْذَمُ، بِجِيمٍ فَمُعْجَمَةٍ، وَفِي رِوَايَةٍ أَقْطَعُ، وَفِي أُخْرَى أَبْتَرُ: أَيْ قَلِيلُ الْبَرَكَةِ، وَقِيلَ مَقْطُوعُهَا، وَفِي رِوَايَةٍ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَفِي أُخْرَى بِذِكْرِ اللَّهِ، وَهِيَ مُبَيِّنَةٌ لِلْمُرَادِ وَعَدَمِ التَّعَارُضِ بِفَرْضِ إرَادَةِ الِابْتِدَاءِ الْحَقِيقِيِّ فِيهِمَا، وَفِي أُخْرَى سَنَدُهَا ضَعِيفٌ: لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيَّ فَهُوَ أَبْتَرُ مَمْحُوقٌ مِنْ كُلِّ بَرَكَةٍ اهـ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ أَجْذَمُ) عِبَارَةُ الْقَامُوسِ: الْأَجْذَمُ الْمَقْطُوعُ الْيَدِ أَوْ الذَّاهِبُ الْأَنَامِلِ، وَالْجُذَامُ كَغُرَابٍ عِلَّةٌ تَحْدُثُ مِنْ انْتِشَارِ السَّوْدَاءِ فِي الْبَدَنِ كُلِّهِ، جَذِمَ كَعَنِيَ فَهُوَ مَجْذُومٌ وَأَجْذَمُ، وَوَهَمَ الْجَوْهَرِيُّ فِي مَنْعِهِ أَيْ مَنْعِ إطْلَاقِ أَجْذَمَ عَلَى ذِي الدَّاءِ الْمَخْصُوصِ، ثُمَّ هَذَا التَّرْكِيبُ وَنَحْوُهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ التَّشْبِيهِ الْبَلِيغِ بِحَذْفِ الْأَدَاةِ، وَالْأَصْلُ هُوَ كَالْأَجْذَمِ فِي عَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ وَأَنْ يَكُونَ مِنْ الِاسْتِعَارَةِ، وَلَا يَضُرُّ الْجَمْعُ فِيهِ بَيْنَ الْمُشَبَّهِ وَالْمُشَبَّهِ بِهِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ إنَّمَا يَمْتَنِعُ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهٍ يُنْبِئُ عَنْ التَّشْبِيهِ لَا مُطْلِقًا لِلتَّصْرِيحِ بِكَوْنِهِ اسْتِعَارَةً فِي نَحْوِ قَدْ زَرَّأَ زُرَارَهُ عَلَى الْقَمَرِ عَلَى أَنَّ الْمُشَبَّهَ فِي هَذَا التَّرْكِيبِ مَحْذُوفٌ. وَالْأَصْلُ هُوَ نَاقِصٌ كَالْأَجْذَمِ، فَحَذَفَ الْمُشَبَّهَ وَهُوَ النَّاقِصُ وَعَبَّرَ عَنْهُ بِاسْمِ الْمُشَبَّهِ بِهِ، فَصَارَ الْمُرَادُ مِنْ الْأَجْذَمِ النَّاقِصَ، وَعَلَيْهِ فَلَا جَمْعَ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ، بَلْ الْمَذْكُورُ اسْمُ الْمُشَبَّهِ بِهِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَحَسَّنَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ) أَيْ ذَكَرَ أَنَّهُ حَسَنٌ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ مُنَافٍ لِمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ؛ لِأَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ جَيْعَانَ وَهُمَا صِفَتَانِ مُشَبَّهَتَانِ كَصَدٍ وَصَدْيَانَ: أَيْ عَطْشَانَ (قَوْلُهُ: وَاقْتِدَاءً بِالْكِتَابِ الْعَزِيزِ وَعَمَلًا إلَخْ) عِلَّتَانِ لِلْبُدَاءَةِ بِالْبَسْمَلَةِ، وَالْحَمْدَلَةِ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ السَّابِقِ: أَدَاءٌ لِحَقِّ شَيْءٍ مِمَّا وَجَبَ إلَخْ، وَيَصِحُّ كَوْنُهُ عِلَّةً لَهُمَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْبَسْمَلَةَ أَيْضًا مُتَضَمِّنَةٌ لِلشُّكْرِ؛ لِأَنَّهُ الْوَصْفُ بِالْجَمِيلِ، وَفِيهَا ذَلِكَ مِنْ وَصْفِهِ تَعَالَى بِالرَّحْمَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ (قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةٍ بِحَمْدِ اللَّهِ) النُّكْتَةُ فِي ذِكْرِهَا إفَادَةُ عَدَمِ اشْتِرَاطِ لَفْظِ الْحَمْدِ الَّذِي أَفَادَتْ اشْتِرَاطَهُ الرِّوَايَةُ الْأُولَى، وَنُكْتَةُ رِوَايَةِ بِالْحَمْدُ بَعْدَ هَذِهِ إفَادَةُ عَدَمِ اشْتِرَاطِ لَفْظِ الْجَلَالَةِ فِي أَدَاءِ الْحَمْدِ، وَنُكْتَةُ الرِّوَايَةِ الْأَخِيرَةِ أَنَّهَا

قَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُرَادُ مِنْ كَوْنِهِ نَاقِصًا أَنْ لَا يَكُونَ مُعْتَبَرًا فِي الشَّرْعِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَمْرَ الَّذِي اُبْتُدِئَ فِيهِ بِغَيْرِ اسْمِ اللَّهِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ شَرْعًا وَإِنْ كَانَ تَامًّا حِسًّا. وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ رِوَايَتَيْ الْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ؛ لِأَنَّ الِابْتِدَاءَ حَقِيقِيٌّ وَإِضَافِيٌّ، فَالْحَقِيقِيُّ حَصَلَ بِالْبَسْمَلَةِ وَالْإِضَافِيُّ بِالْحَمْدَلَةِ، أَوْ لِأَنَّهُ أَمْرٌ عُرْفِيٌّ يُعْتَبَرُ مُمْتَدًّا فَيَسَعُ أَمْرَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الِابْتِدَاءُ بِذِكْرِ اللَّهِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ أَحْمَدَ السَّابِقَةِ. وَالْحَمْدُ اللَّفْظِيُّ لُغَةً: هُوَ الثَّنَاءُ بِاللِّسَانِ عَلَى الْجَمِيلِ الِاخْتِيَارِيِّ عَلَى قَصْدِ التَّعْظِيمِ سَوَاءً أَتَعَلَّقَ بِالْفَضَائِلِ أَمْ بِالْفَوَاضِلِ، وَعُرْفًا: فِعْلٌ يُنْبِئُ عَنْ تَعْظِيمِ الْمُنْعِمِ بِسَبَبِ كَوْنِهِ مُنْعِمًا عَلَى الْحَامِدِ أَوْ غَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ ذِكْرًا بِاللِّسَانِ أَمْ اعْتِقَادًا وَمَحَبَّةً بِالْجِنَانِ أَمْ عَمَلًا وَخِدْمَةً بِالْأَرْكَانِ " فَمَوْرِدُ اللُّغَوِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــSالتَّحْسِينَ فِي عَصْرِهِ غَيْرُهُ مُمْكِنٌ (قَوْلُهُ بِغَيْرِ اسْمِ اللَّهِ) كَمَا لَوْ اُبْتُدِئَ فِي الذَّبْحِ بِغَيْرِ اسْمِ اللَّهِ مِمَّا يُصَيِّرُهَا مَيْتَةً (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الِابْتِدَاءَ حَقِيقِيٌّ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: حَاصِلُ هَذَا الْجَوَابِ دَفْعُ التَّعَارُضِ بِحَمْلِ الِابْتِدَاءِ فِي خَبَرِ الْبَسْمَلَةِ عَلَى الْحَقِيقِيِّ وَفِي خَبَرِ الْحَمْدَلَةِ عَلَى الْإِضَافِيِّ، فَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ التَّعَارُضَ كَمَا يَنْدَفِعُ بِهَذَا يَنْدَفِعُ بِعَكْسِهِ، فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى إيثَارِ هَذَا؟ وَيُجَابُ بِأَنَّ الدَّلِيلَ عَلَيْهِ مُوَافَقَةُ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ، وَإِلَى ذَلِكَ يُشِيرُ قَوْلُهُ وَقَدَّمَ الْبَسْمَلَةَ إلَخْ اهـ سم عَلَى الْبَهْجَةِ (قَوْلُهُ: وَالْإِضَافِيُّ بِالْحَمْدَلَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ تَعْرِيفَ الْأَوَّلِ هُوَ الَّذِي لَمْ يَتَقَدَّمْهُ شَيْءٌ، وَتَعْرِيفُ الثَّانِي هُوَ الَّذِي تَقَدَّمَ عَلَى شَيْءٍ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ هُوَ عَلَى غَيْرِهِ أَوْ لَا، فَبَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقٌ يَجْتَمِعَانِ فِيمَا لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَيَتَقَدَّمُ هُوَ عَلَى غَيْرِهِ، وَيَنْفَرِدُ الْإِضَافِيُّ فِيمَا تَقَدَّمَ عَلَى غَيْرِهِ وَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، فَالِابْتِدَاءُ بِالْبَسْمَلَةِ حَقِيقِيٌّ وَإِضَافِيٌّ، وَبِالْحَمْدَلَةِ إضَافِيٌّ لَا غَيْرُ، وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي بَكْرٍ الشَّنَوَانِيِّ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: الثَّنَاءُ بِاللِّسَانِ) ذِكْرُ اللِّسَانِ مُسْتَدْرَكٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِهِ. وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ أَوْ لِدَفْعِ تَوَهُّمٍ أَنَّهُ يَكُونُ الثَّنَاءُ مَا دَلَّ عَلَى التَّعْظِيمِ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ اللِّسَانِ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَتَعَلَّقَ بِالْفَضَائِلِ أَمْ بِالْفَوَاضِلِ) سَوَاءٌ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ، وَأَتَعَلَّقَ وَمَا بَعْدَهُ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ. وَالْمَعْنَى تَعَلُّقُهُ بِالْفَضَائِلِ وَالْفَوَاضِلِ مُسْتَوٍ فِي أَنَّ الثَّنَاءَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا حَمْدٌ، وَيَجُوزُ أَنَّ سَوَاءٌ مُبْتَدَأٌ وَمَا بَعْدَهُ مَرْفُوعٌ بِهِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الِاعْتِمَادِ فِي إعْمَالِ الْوَصْفِ، وَيَجُوزُ أَنَّ سَوَاءٌ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ وَأَنَّ أَدَاةَ الشَّرْطِ مُقَدَّرَةٌ وَالْجُمْلَةُ الِاسْمِيَّةُ دَلِيلُ الْجَوَابِ، أَوْ هِيَ نَفْسُهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي مِثْلِهِ. وَالْمَعْنَى: إنْ تَعَلَّقَ الثَّنَاءُ بِالْفَضَائِلِ أَمْ بِالْفَوَاضِلِ فَالْأَمْرَانِ سَوَاءٌ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: الْفَضَائِلُ جَمْعُ فَضِيلَةٍ وَهِيَ النِّعَمُ اللَّازِمَةُ كَالْعِلْمِ وَالشَّجَاعَةِ، وَالْفَوَاضِلُ جَمْعُ فَاضِلَةٍ وَهِيَ النِّعَمُ الْمُتَعَدِّيَةُ كَالْإِحْسَانِ اهـ. أَقُولُ: مَعْنَى قَوْلِهِ كَالْعِلْمِ وَالشَّجَاعَةِ أَرَادَ بِهِ الْمَلَكَةَ الْحَاصِلَةَ عِنْدَهُ، أَمَّا التَّعْلِيمُ فَنِعْمَةٌ مُتَعَدِّيَةٌ، وَكَذَا دَفْعُ الْعَدُوِّ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الشَّجَاعَةِ (قَوْلُهُ: فَمَوْرِدُ اللُّغَوِيِّ) أَيْ الْمَحَلُّ الَّذِي يَرِدُ مِنْهُ الْحَمْدُ وَيَصْدُرُ، وَلَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQنَصٌّ فِي الْمَقْصُودِ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا كَلَامٌ بَنَاهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّ مُسَمَّى الْكُتُبِ الْأَلْفَاظُ بِاعْتِبَارِ دَلَالَتِهَا عَلَى الْمَعَانِي (قَوْلُهُ: قَالَ بَعْضُهُمْ) هُوَ الْبَيْضَاوِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ، وَانْظُرْ مَا مَعْنَى عَدَمِ اعْتِبَارِهِ شَرْعًا (قَوْلُهُ: أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَمْرَ) الْمُرَادُ بِهِ أَمْرٌ خَاصٌّ هُوَ الذَّبْحُ لِغَيْرِ اللَّهِ كَالذَّبْحِ لِلْأَصْنَامِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتِمُّ بِهِ الْمُدَّعَى؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى أَنَّ مَا لَا يُذْكَرُ فِيهِ اسْمُ اللَّهِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ شَرْعًا أَعَمُّ مِنْ أَنْ يُذْكَرَ فِيهِ غَيْرُ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ لَا يُذْكَرُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: فِي تَعْرِيفِ الْحَمْدِ اللُّغَوِيِّ كَغَيْرِهِ عَلَى الْجَمِيلِ الِاخْتِيَارِيِّ، وَفِي تَعْرِيفِ الْعُرْفِيِّ بِسَبَبِ كَوْنِهِ مُنْعِمًا إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الثَّنَاءَ لَا فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ لَا يَكُونُ حَمْدًا لُغَوِيًّا وَلَا عُرْفِيًّا، وَهُوَ يُنَافِي تَصْرِيحَهُمْ بِأَنَّ الْحَمْدَ لَا فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ مَنْدُوبٌ وَفِي مُقَابَلَتِهِ وَاجِبٌ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ بِالشَّيْءِ النِّعْمَةُ الْمُتَعَدِّيَةُ وَهِيَ الْفَاضِلَةُ (قَوْلُهُ: وَعُرْفًا) مَعْطُوفٌ عَلَى لُغَةً وَقَسِيمٌ لَهُ وَهُمَا قِسْمَا اللَّفْظِيِّ، فَيَصِيرُ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ: وَالْحَمْدُ اللَّفْظِيُّ لُغَةً مَا مَرَّ، وَعُرْفًا فِعْلُ إلَخْ. وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا لَا يَصِحُّ إذْ الْفِعْلُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَفْظِيًّا وَغَيْرَهُ كَمَا سَيَأْتِي، فَلَا بُدَّ مِنْ تَأْوِيلٍ فِي الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ: يُنْبِئُ عَنْ تَعْظِيمِ الْمُنْعِمِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْإِنْبَاءَ مَعْنَاهُ الْإِخْبَارُ وَالدَّلَالَةُ مَثَلًا، وَانْظُرْ مَا مَعْنَى إخْبَارِ الْجِنَانِ أَوْ دَلَالَتِهِ بِالْمَعْنَى الْمُقَابِلِ لِإِخْبَارِ اللِّسَانِ، وَالْأَرْكَانِ أَوْ

هُوَ اللِّسَانُ وَحْدَهُ وَمُتَعَلِّقُهُ يَعُمُّ النِّعْمَةَ وَغَيْرَهَا، وَمَوْرِدُ الْعُرْفِيُّ يَعُمُّ اللِّسَانَ وَغَيْرَهُ وَمُتَعَلِّقُهُ يَكُونُ النِّعْمَةُ وَحْدَهَا، فَاللُّغَوِيُّ أَعَمُّ بِاعْتِبَارِ الْمُتَعَلِّقِ وَأَخَصُّ بِاعْتِبَارِ الْمَوْرِدِ، وَالْعُرْفِيُّ بِالْعَكْسِ. وَالشُّكْرُ لُغَةً: فِعْلٌ يُنْبِئُ عَنْ تَعْظِيمِ الْمُنْعِمِ لِكَوْنِهِ مُنْعِمًا عَلَى الشَّاكِرِ. وَعُرْفًا: صَرْفُ الْعَبْدِ جَمِيعَ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ السَّمْعِ وَغَيْرِهِ إلَى مَا خُلِقَ لِأَجْلِهِ. وَالْمَدْحُ لُغَةً: الثَّنَاءُ بِاللِّسَانِ عَلَى الْجَمِيلِ مُطْلَقًا عَلَى قَصْدِ التَّعْظِيمِ، وَعُرْفًا: مَا يَدُلُّ عَلَى اخْتِصَاصِ الْمَمْدُوحِ بِنَوْعٍ مِنْ الْفَضَائِلِ، وَالذَّمُّ نَقِيضُ الْحَمْدِ، وَالْكُفْرَانُ نَقِيضُ الشُّكْرِ، وَالْهَجْوُ نَقِيضُ الْمَدْحِ، وَجُمْلَةُ الْحَمْدِ لِلَّهِ خَبَرِيَّةٌ لَفْظًا إنْشَائِيَّةٌ مَعْنًى لِحُصُولِ الْحَمْدِ بِهَا مَعَ الْإِذْعَانِ لِمَدْلُولِهَا. وَقِيلَ إنَّهَا خَبَرِيَّةٌ لَفْظًا وَمَعْنًى، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَوْضُوعَةً شَرْعًا لِلْإِنْشَاءِ، وَالْحَمْدُ مُخْتَصٌّ بِاَللَّهِ كَمَا أَفَادَتْهُ الْجُمْلَةُ، سَوَاءٌ أَجُعِلَتْ لَامُ التَّعْرِيفِ فِيهِ لِلِاسْتِغْرَاقِ كَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، أَمْ لِلْجِنْسِ كَمَا عَلَيْهِ الزَّمَخْشَرِيّ؛ لِأَنَّ لَامَ لِلَّهِ لِلِاخْتِصَاصِ فَلَا مَرَدَّ مِنْهُ لِغَيْرِهِ، إذْ الْحَمْدُ فِي الْحَقِيقَةِ كُلُّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَبَّرَ بِالْمَصْدَرِ بَدَلَ الْمَوْرِدِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَوْرِدَ هُوَ مَا تَنْتَهِي إلَيْهِ الْإِبِلُ الشَّارِبَةُ مَثَلًا، وَالْمَصْدَرُ هُوَ مَا تُسَاقُ مِنْهُ لِلْمَاءِ، وَاللِّسَانُ مَحَلٌّ يَصْدُرُ مِنْهُ الْحَمْدُ لَا أَنَّهُ الَّذِي يَرِدُ عَلَيْهِ، لَكِنْ فِي اخْتِيَارِ الْمَوْرِدِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْحَمْدَ كَأَنَّهُ صَدَرَ عَنْ الْقَلْبِ فَوَرَدَ عَلَى اللِّسَانِ (قَوْلُهُ لِكَوْنِهِ مُنْعِمًا عَلَى الشَّاكِرِ) أَيْ أَوْ غَيْرِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ لِلْغَيْرِ خُصُوصِيَّةٌ بِالْحَامِدِ كَوَلَدِهِ وَصَدِيقِهِ أَوْ لَا وَلَوْ كَافِرًا (قَوْلُهُ: جَمِيعُ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِ) هَلْ يُشْتَرَطُ لِتَسْمِيَةِ صَرْفِهَا شُكْرًا كَوْنُ ذَلِكَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ أَوْ لَا، فَيَكْفِي لِتَسْمِيَتِهَا بِذَلِكَ صَرْفُهَا كُلُّهَا فِي الطَّاعَةِ وَلَوْ حَصَلَ فِي أَوْقَاتٍ مُتَفَرِّقَةٍ فِيهِ نَظَرٌ، وَقُوَّةُ مَا نَقَلَهُ سم عَلَى ابْنِ حَجَرٍ عِنْدَ حَاشِيَةِ شَرْحِ الْمَطَالِعِ يُفِيدُ الْأَوَّلَ، وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِمَنْ حَمَلَ جِنَازَةً مُتَفَكِّرًا فِي مَصْنُوعَاتِ اللَّهِ، نَاظِرًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ لِئَلَّا يَزِلَّ بِالْمَيِّتِ، مَاشِيًا بِرِجْلِهِ إلَى الْقَبْرِ، شَاغِلًا لِسَانَهُ بِالذِّكْرِ وَأُذُنَهُ بِاسْتِمَاعِ مَا فِيهِ ثَوَابٌ كَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا عَلَى قَصْدِ التَّعْظِيمِ) اخْتِيَارِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: وَالذَّمُّ نَقِيضُ الْحَمْدِ) أَيْ فَيَكُونُ لُغَةً: ذِكْرُ عُيُوبِ الْغَيْرِ، وَعُرْفًا: الْإِتْيَانُ بِمَا يُشْعِرُ بِالتَّحْقِيرِ، وَسَوَاءٌ كَانَ بِاللِّسَانِ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَفِي تَعْبِيرِهِ بِالنَّقِيضِ تَجَوُّزٌ؛ لِأَنَّ نَقِيضَ كُلِّ شَيْءٍ رَفْعُهُ، وَمُجَرَّدُ عَدَمِ الثَّنَاءِ لَا يَكُونُ ذَمًّا (قَوْلُهُ: وَالْكُفْرَانُ نَقِيضُ الشُّكْرِ) عَبَّرَ بِالْكُفْرَانِ دُونَ الْكُفْرِ لِمَا قِيلَ إنَّ الْكُفْرَ إنْكَارُ مَا عُلِمَ مَجِيءُ الرَّسُولِ بِهِ ضَرُورَةً، وَالْكُفْرَانُ إنْكَارُ النِّعْمَةِ. وَعِبَارَةُ الْعَيْنِيِّ عَلَى الْبُخَارِيِّ: الْكُفْرَانُ مَصْدَرٌ كَالْكُفْرِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْكُفْرَ فِي الدِّينِ وَالْكُفْرَانَ فِي النِّعْمَةِ، وَفِي الْعُبَابِ الْكُفْرُ نَقِيضُ الْإِيمَانِ، وَقَدْ كَفَرَ بِاَللَّهِ كُفْرًا، وَالْكُفْرُ أَيْضًا جُحُودُ النِّعْمَةِ وَهُوَ ضِدُّ الشُّكْرِ، وَقَدْ كَفَرَهَا كَفُورًا وَكُفْرَانًا اهـ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -. وَفِي الْمِصْبَاحِ: كَفَرَ بِاَللَّهِ يَكْفُرُ كُفْرًا وَكُفْرَانًا، وَكَفَرَ النِّعْمَةَ وَبِالنِّعْمَةِ أَيْضًا جَحَدَهَا اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْكُفْرَانَ يُطْلَقُ عَلَى إنْكَارِ مَا عُلِمَ مَجِيءُ الرَّسُولِ بِهِ فَهُوَ مُسَاوٍ لِلْكُفْرِ فَلَا يَتِمُّ مَا فِي الْعَيْنِيِّ (قَوْلُهُ: مَعْنًى لِحُصُولِ الْحَمْدِ بِهَا) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ إنْشَائِيَّةً (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ إلَخْ) قَوْلٌ آخَرُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ لَامَ لِلَّهِ لِلِاخْتِصَاصِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ اللَّامَ لَوْ جُعِلَتْ لِغَيْرِ الِاخْتِصَاصِ لَا تُفِيدُ الْحَصْرَ، وَقَدْ يُشْكِلُ بِمَا ذَكَرُوهُ مِنْ إفَادَةِ الِاخْتِصَاصِ مِنْ نَحْوِ الْكَرَمِ فِي الْعَرَبِ مِمَّا كَانَ الْمُبْتَدَأُ فِيهِ مُعَرَّفًا فَاللَّامُ الْجِنْسِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْخَبَرُ مُعَرَّفًا بِهَا أَمْ لَا، فَالْأَوْلَى جَعْلُ الْقَصْرِ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQدَلَالَتِهِمَا (قَوْلُهُ: وَغَيْرُهَا) أَيْ، وَهُوَ الْفَضَائِلُ عَلَى مَا قَدَّمَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى الشَّاكِرِ) أَيْ وَغَيْرِهِ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، لَكِنْ فِي أَوَائِلِ تَفْسِيرِ الْفَخْرِ الرَّازِيّ اخْتِيَارُ اشْتِرَاطِ وُصُولِ النِّعْمَةِ إلَى الشَّاكِرِ فِي تَحَقُّقِ الشُّكْرِ اللُّغَوِيِّ، فَإِنْ كَانَتْ النُّسْخَةُ الْأُولَى نُسْخَةَ الشَّيْخِ فَلَعَلَّهُ نَحَا هَذَا الْمَذْهَبَ (قَوْلُهُ: صَرَفَ الْعَبْدُ جَمِيعَ إلَخْ) أَيْ فِي آنٍ وَاحِدٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ، وَيُصَرِّحُ بِهِ مَا نَقَلَهُ الشِّهَابُ بْنُ قَاسِمٍ فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ عَنْ الدَّوَانِيّ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ الْإِنْسَانُ فِي مَقَامِ الْإِحْسَانِ الْمُشَارِ إلَيْهِ فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ، وَهُوَ أَظْهَرُ مِمَّا صَوَّرَهُ بِهِ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: عَلَى اخْتِصَاصِ الْمَمْدُوحِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالِاخْتِصَاصِ التَّحَقُّقُ بِهَذَا النَّوْعِ وَالِاتِّصَافُ بِهِ، لَا أَنَّهُ مُتَفَرِّدٌ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ

لَهُ، إذْ مَا مِنْ خَيْرٍ إلَّا وَهُوَ مُوَلِّيهِ بِوَسَطٍ أَوْ غَيْرِ وَسَطٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل: 53] وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ تَعَالَى حَيٌّ قَادِرٌ مُرِيدٌ عَالِمٌ، إذْ الْحَمْدُ لَا يَسْتَحِقُّهُ إلَّا مَنْ كَانَ هَذَا شَأْنَهُ، أَمْ لِلْعَهْدِ كَاَلَّتِي فِي قَوْله تَعَالَى {إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} [التوبة: 40] كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَأَجَازَهُ الْوَاحِدِيُّ عَلَى مَعْنَى أَنَّ الْحَمْدَ الَّذِي حَمِدَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ وَحَمِدَهُ بِهِ أَنْبِيَاؤُهُ وَأَوْلِيَاؤُهُ مُخْتَصٌّ بِهِ، وَالْعِبْرَةُ بِحَمْدِ مَنْ ذَكَرَ فَلَا مَرَدَّ مِنْهُ لِغَيْرِهِ، وَأَوْلَى الثَّلَاثَةِ الْجِنْسُ، وَلَمَّا كَانَ اسْتِحْقَاقُهُ لِجَمِيعِ الْمَحَامِدِ لِذَاتِهِ لَمْ يَقُلْ الْحَمْدُ لِلْخَالِقِ أَوْ لِلرَّازِقِ أَوْ نَحْوِهِ لِئَلَّا يُوهِمَ أَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ الْحَمْدَ لِذَلِكَ الْوَصْفِ، إذْ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِالْمُشْتَقِّ يُشْعِرُ بِعِلِّيَّةِ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ لِذَلِكَ الْحُكْمِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ثَمَانِيَةُ أَحْرُفٍ وَأَبْوَابُ الْجَنَّةِ ثَمَانِيَةٌ، فَمَنْ قَالَهَا عَنْ صَفَاءِ قَلْبِهِ اسْتَحَقَّ ثَمَانِيَةَ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ. (الْبَرُّ) بِفَتْحِ الْبَاءِ: أَيْ الْمُحْسِنُ، وَقِيلَ اللَّطِيفُ، وَقِيلَ الصَّادِقُ فِيمَا وَعَدَ، وَقِيلَ خَالِقُ الْبِرِّ بِكَسْرِ الْبَاءِ الَّذِي هُوَ اسْمٌ جَامِعٌ لِلْخَيْرِ، وَقِيلَ الرَّفِيقُ بِعِبَادِهِ يُرِيدُ بِهِمْ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِهِمْ الْعُسْرَ، وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ مِنْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَا يُؤَاخِذُهُمْ بِجَمِيعِ جِنَايَاتِهِمْ، وَيَجْزِيهِمْ بِالْحَسَنَةِ عَشْرَ أَمْثَالِهَا وَلَا يَجْزِيهِمْ بِالسَّيِّئَةِ إلَّا مِثْلَهَا، وَيَكْتُبُ لَهُمْ الْهَمَّ بِالْحَسَنَةِ وَلَا يَكْتُبُ عَلَيْهِمْ الْهَمَّ بِالسَّيِّئَةِ، ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِهِ الْأَسْمَاءُ وَالصِّفَاتُ (الْجَوَادُ) ـــــــــــــــــــــــــــــSمُسْتَفَادًا مِنْ كَوْنِ الْمُبْتَدَإِ فِيهِ مُعَرَّفًا فَاللَّامُ الْجِنْسِ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُبْتَدَأَ الْمُعَرَّفَ فَاللَّامُ الْجِنْسِ مَحْصُورٌ فِي الْخَبَرِ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الْأُجْهُورِيُّ بِقَوْلِهِ: مُبْتَدَأٌ فَاللَّامُ جِنْسٍ عُرِّفَا ... مُنْحَصِرٌ فِي مُخْبِرٍ بِهِ وَفَا وَإِنْ عُرِّيَ مِنْهَا وَعُرِّفَ الْخَبَرْ ... بِاللَّامِ مُطْلَقًا فَعَكْسٌ اسْتَقَرْ اهـ. (قَوْلُهُ: وَفِيهِ إشْعَارٌ) أَيْ فِي اخْتِصَاصِهِ بِاَللَّهِ (قَوْلُهُ: وَالْعِبْرَةُ بِحَمْدِ مَنْ ذُكِرَ) أَيْ أَمَّا حَمْدُ غَيْرِهِمْ فَكَالْعَدِمِ فَإِذَا صَدَرَ مِنْهُمْ حَمْدٌ لِغَيْرِهِ تَعَالَى لَا يَفُوتُ اخْتِصَاصُ الْحَمْدِ بِهِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى الثَّلَاثَةِ الْجِنْسُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ بِالِالْتِزَامِ عَلَى ثُبُوتِ جَمِيعِ الْمَحَامِدِ لَهُ فَهُوَ اسْتِدْلَالٌ بُرْهَانِيٌّ، وَهُوَ كَدَعْوَى الشَّيْءِ بِبَيِّنَةٍ الَّذِي هُوَ أَقْوَى مِنْ الدَّعْوَةِ الْمُجَرَّدَةِ (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوِهِ) أَيْ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: اسْتَحَقَّ ثَمَانِيَةَ أَبْوَابٍ) أَيْ اسْتَحَقَّ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ أَيُّهَا شَاءَ فَيُخَيَّرُ بَيْنَهَا إكْرَامًا لَهُ، وَإِنَّمَا يَخْتَارُ مَا سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُ يَدْخُلُ مِنْهُ، فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَوْنِهِ إنَّمَا يَدْخُلُ مِنْ الْبَابِ الَّذِي عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ يَدْخُلُ مِنْهُ وَبَيْنَ تَخْيِيرِهِ بَيْنَ الثَّمَانِيَةِ أَبْوَابٍ (قَوْلُهُ وَقِيلَ اللَّطِيفُ) أَشْعَرَتْ حِكَايَتُهُ مَا عَدَا الْأَوَّلَ بِقِيلٍ بِضَعْفِهِ، وَيُوَافِقُهُ بَلْ يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ، فَتَفْسِيرُهُ بِاللَّطِيفِ أَوْ الْعَالِي فِي صِفَاتِهِ أَوْ الْخَالِقِ الْبَرِّ أَوْ الصَّادِقِ فِيمَا وَعَدَ أَوْلِيَاءَهُ بَعِيدٌ: أَيْ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْبِرَّ بِسَائِرِ مَوَادِّهِ يَرْجِعُ لِلْإِحْسَانِ كَبَّرَ فِي يَمِينِهِ: أَيْ صَدَقَ، وَكَبَّرَ اللَّهُ حَجَّهُ: أَيْ قَبِلَهُ، وَأَبَرَّ فُلَانٌ عَلَى أَصْحَابِهِ: أَيْ عَلَاهُمْ، قَالَ: إلَّا أَنْ يُرَادَ بَعْضُ مَاصَدَقَاتِ أَوْ غَايَاتِ الْبِرِّ اهـ لَكِنْ نَازَعَهُ سم بِأَنَّ رُجُوعَهَا إلَيْهِ: أَيْ الْإِحْسَانِ لَا يَقْتَضِي أَنَّهُ الْمَدْلُولُ لِجَوَازِ أَنَّهَا الْمَدْلُولُ مِنْ حَيْثُ خُصُوصِهَا بَلْ ظَاهِرُ الْكَلَامِ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ: فِيمَا وَعَدَ) زَادَ ابْنُ حَجَرٍ أَوْلِيَاءَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْتُبُ عَلَيْهِمْ الْهَمَّ بِالسَّيِّئَةِ) أَيْ حَيْثُ يُصَمِّمُوا عَلَيْهَا، وَإِلَّا كَتَبَ عَلَيْهِمْ إثْمَ التَّصْمِيمِ دُونَ إثْمِ السَّيِّئَةِ الَّتِي هَمُّوا بِهَا (قَوْلُهُ: الْجَوَادُ) وَالْإِشْعَارُ الْعَاطِفُ بِالتَّغَايُرِ الْحَقِيقِيِّ أَوْ الْمُنَزَّلِ مَنْزِلَتَهُ حُذِفَ هُنَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ مُسْلِمَاتٌ مُؤْمِنَاتٌ التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْآيَاتِ، وَأَتَى بِهِ فِي نَحْوِ الْأَوَّلِ وَالْآخَرِ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنْ الْمُنْكَرِ ابْنُ حَجَرٍ، وَقَوْلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَمْ يَقُلْ الْحَمْدُ لِلْخَالِقِ) أَيْ ابْتِدَاءً فَلَا يُنَافِيهِ أَنَّهُ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ الْبَرَّ الْجَوَّادَ إلَخْ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا الصَّنِيعِ إلَى اسْتِحْقَاقِهِ تَعَالَى لِلْحَمْدِ لِذَاتِهِ أَوَّلًا وَبِالذَّاتِ، وَلِصِفَاتِهِ ثَانِيًا وَبِالْعَرْضِ. (قَوْلُهُ: أَيْ الْمُحْسِنِ) رَجَعَ إلَيْهِ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ جَمِيعَ الْأَقْوَالِ الْآتِيَةِ، فَمَا قَالُوهُ فِيهَا مَاصَدَقَاتٌ أَوْ غَايَاتٌ لِلْإِحْسَانِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُكْتَبُ عَلَيْهِمْ الْهَمُّ) أَيْ وَإِنْ صَمَّمُوا؛ لِأَنَّهُمْ إذَا صَمَّمُوا إنَّمَا يُكْتَبُ عَلَيْهِمْ التَّصْمِيمُ الْمُسَمَّى بِالْعَزْمِ الَّذِي هُوَ رُتْبَةٌ فَوْقَ الْهَمِّ، وَإِنَّمَا يُكْتَبُ عَلَيْهِمْ

بِالتَّخْفِيفِ: أَيْ الْكَثِيرُ الْجُودِ أَيْ الْعَطَاءِ، قِيلَ لَمْ يُرَدْ بِالْجَوَادِ تَوْقِيفٌ وَأَسْمَاؤُهُ تَعَالَى تَوْقِيفِيَّةٌ، فَلَا يَجُوزُ اخْتِرَاعُ اسْمٍ أَوْ وَصْفٍ لَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إلَّا بِقُرْآنٍ أَوْ خَبَرٍ صَحِيحٍ مُصَرِّحٍ بِهِ لَا بِأَصْلِهِ الَّذِي اُشْتُقَّ مِنْهُ فَحَسَبُ: أَيْ وَبِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ ذِكْرُهُ لِمُقَابَلَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ نَحْوِ {أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} [الواقعة: 64] {وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [آل عمران: 54] وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ مُرْسَلًا وَاعْتَضَدَ بِمُسْنَدٍ وَبِالْإِجْمَاعِ. (الَّذِي جَلَّتْ) أَيْ عَظُمَتْ وَالْجَلِيلُ الْعَظِيمُ (نِعَمُهُ) جَمْعُ نِعْمَةٍ بِكَسْرِ النُّونِ بِمَعْنَى إنْعَامٍ وَهُوَ الْإِحْسَانُ، وَأَمَّا النَّعْمَةُ بِفَتْحِ النُّونِ فَهِيَ التَّنَعُّمُ وَبِضَمِّهَا الْمَسَرَّةُ (عَنْ الْإِحْصَاءِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَبِالْمَدِّ: أَيْ الضَّبْطِ قَالَ تَعَالَى {أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ} [المجادلة: 6] (بِالْأَعْدَادِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ: أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْهَمَّ إذَا اتَّصَلَ بِالْفِعْلِ كَمَا صَرَّحَتْ بِهِ عِبَارَةُ جَمْعِ الْجَوَامِعِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ لِشَيْخِنَا فِي حَاشِيَتِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ الْعَطَاءِ) كَذَا فِي نُسَخٍ، وَفَسَّرَهَا شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ بِالْإِعْطَاءِ: أَيْ لِأَنَّ الْعَطَاءَ هُوَ الشَّيْءُ الْمُعْطَى، وَالْقَصْدُ وَصْفُ اللَّهِ تَعَالَى بِكَثْرَةِ الْإِسْدَاءِ وَالْإِعْطَاءِ، فَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كَثِيرُ الْبَذْلِ وَالْإِعْطَاءِ لَا يَنْقَطِعُ إعْطَاؤُهُ فِي وَقْتٍ وَيُعْطِي الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ، وَلَيْسَ الْقَصْدُ أَنَّهُ إذَا أَعْطَى لَا يُعْطِي إلَّا كَثِيرًا الصَّادِقَ بِالْإِعْطَاءِ مَرَّةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْوَاقِعِ، عَلَى أَنَّهُ فِي نُسَخٍ أَيْ الْإِعْطَاءَ: ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ الْجُودِ بِأَنَّهُ إعْطَاءُ مَا يَنْبَغِي لِمَنْ يَنْبَغِي كَمَا فَسَّرُوهُ بِهِ (قَوْلُهُ أَوْ خَبَرٍ صَحِيحٍ) أَيْ أَوْ حَسَنٍ كَمَا قَالَهُ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْأَرْبَعِينَ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى إنْعَامٍ) لَمْ يُبْقِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْهَامِ أَنَّ سَبَبَ عَدَمِ حَصَرِهَا جَمْعُهَا فَيُنَافِي صَرِيحًا {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ} [إبراهيم: 34] الْمُقْتَضِي انْتِفَاءَ الْإِحْصَاءِ عَنْ كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ مِنْ النِّعَمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْهَمُّ إذَا اتَّصَلَ بِالْفِعْلِ كَمَا صَرَّحَتْ بِهِ عِبَارَةُ جَمْعِ الْجَوَامِعِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ لِشَيْخِنَا فِي حَاشِيَتِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ الْعَطَاءُ) كَذَا فِي نُسَخٍ، وَفَسَّرَهَا شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ بِالْإِعْطَاءِ أَيْ؛ لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ هُوَ الشَّيْءُ الْمُعْطَى، وَالْقَصْدُ وَصْفُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِكَثْرَةِ الْإِسْدَاءِ، وَالْإِعْطَاءِ لَا يَنْقَطِعُ إعْطَاؤُهُ فِي وَقْتٍ، وَيُعْطِي الْقَلِيلَ، وَالْكَثِيرَ، وَلَيْسَ الْقَصْدُ أَنَّهُ إذَا أَعْطَى لَا يُعْطِي إلَّا كَثِيرًا الصَّادِقُ بِالْإِعْطَاءِ مَرَّةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْوَاقِعِ، عَلَى أَنَّهُ فِي نُسَخٍ: أَيْ الْإِعْطَاءُ، ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ الْجُودِ بِأَنَّهُ إعْطَاءُ مَا يَنْبَغِي لِمَنْ يَنْبَغِي كَمَا فَسَّرُوهُ بِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ خَبَرٍ صَحِيحٍ) أَيْ أَوْ حَسَنٍ كَمَا قَالَهُ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْأَرْبَعِينَ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى إنْعَامٍ) لَمْ يُبْقِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْهَامِ أَنَّ سَبَبَ عَدَمِ حَصْرِهَا جَمْعُهَا فَيُنَافِي صَرِيحًا {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ} [إبراهيم: 34] الْمُقْتَضِيَ انْتِفَاءَ الْإِحْصَاءِ عَنْ كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ مِنْ النِّعَمِ:

بِجَمِيعِهَا إذْ اللَّامُ فِيهَا لِلِاسْتِغْرَاقِ، فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ إنَّ الْأَعْدَادَ جَمْعُ قِلَّةٍ، وَالشَّيْءُ قَدْ لَا يَضْبِطُهُ الشَّيْءُ الْقَلِيلُ وَيَضْبِطُهُ الْكَثِيرُ، فَكَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَعْدِلَ عَنْهُ، وَيُعَبِّرَ بِالتَّعْدَادِ وَنَحْوِهِ وَالْبَاءُ فِي الْأَعْدَادِ لِلِاسْتِعَانَةِ أَوْ الْمُصَاحَبَةِ، وَنِعَمُ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ كَانَتْ لَا تُحْصَى تَنْحَصِرُ فِي جِنْسَيْنِ دُنْيَوِيٍّ وَأُخْرَوِيٍّ وَالْأَوَّلُ قِسْمَانِ مَوْهِبِيٌّ وَكَسْبِيٌّ. وَالْمَوْهِبِيُّ قِسْمَانِ: رُوحَانِيٌّ كَنَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ وَإِشْرَاقِهِ بِالْعَقْلِ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ الْقُوَى كَالْفِكْرِ وَالْفَهْمِ وَالنُّطْقِ. وَجِسْمَانِيٌّ كَتَخْلِيقِ الْبَدَنِ وَالْقُوَى الْحَالَّةِ فِيهِ وَالْهَيْئَاتِ الْعَارِضَةِ لَهُ مِنْ الصِّحَّةِ وَكَمَالِ الْأَعْضَاءِ. وَالْكَسْبِيُّ تَزْكِيَةُ النَّفْسِ عَنْ الرَّذَائِلِ وَتَحْلِيَتُهَا بِالْأَخْلَاقِ وَالْمَلَكَاتِ الْفَاضِلَةِ وَتَزْيِينُ الْبَدَنِ بِالْهَيْئَاتِ الْمَطْبُوعَةِ وَالْحُلِيِّ الْمُسْتَحْسَنَةِ وَحُصُولُ الْجَاهِ وَالْمَالِ، وَالثَّانِي أَنْ يَعْفُوَ عَمَّا فَرَطَ مِنْهُ وَيَرْضَى عَنْهُ وَيُبَوِّئَهُ فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ مَعَ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ. (الْمَانُّ) أَيْ الْمُنْعِمُ مَنًّا مِنْهُ لَا وُجُوبًا عَلَيْهِ. وَقِيلَ الْمَانُّ الَّذِي يَبْدَأُ بِالنَّوَالِ قَبْلَ السُّؤَالِ، وَأَمَّا كَوْنُ الْمَانِّ بِمَعْنَى مُعَدِّدِ النِّعَمِ وَإِنْ كَانَ صِفَةَ مَدْحٍ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى لَكِنَّهُ لَا يُنَاسِبُ هَذَا التَّرْكِيبَ (بِاللُّطْفِ) أَيْ بِالْإِقْدَارِ عَلَى الطَّاعَةِ، إذْ هُوَ بِضَمِّ اللَّامِ وَسُكُونِ الطَّاءِ الرَّأْفَةُ وَالرِّفْقُ، وَهُوَ مِنْ اللَّهِ خَلْقُ قُدْرَةِ الطَّاعَةِ فِي الْعَبْدِ، وَبِفَتْحِ اللَّامِ وَالطَّاءِ لُغَةً فِيهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSوَصِحَّةُ الْحَمْدِ عَلَيْهَا إنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ صُدُورُهَا عَنْ الْإِنْعَامِ الَّذِي هُوَ مِنْ صِفَاتِهِ تَعَالَى. قِيلَ وَلِأَنَّ نِعَمَهُ تَعَالَى مُحْصَاةٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا بَرَزَ فِي الْوُجُودِ كَذَلِكَ، وَإِنْعَامُهُ صِفَةٌ قَائِمَةٌ بِهِ لَا نِهَايَةَ لِمُتَعَلَّقَاتِهَا، وَالْأُولَى أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ مُحْصَاةً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَكِنْ لَا قُدْرَةَ لِلْبَشَرِ عَلَى عَدِّهَا وَإِحْصَائِهَا، وَلَعَلَّ اقْتِصَارَهُ عَلَى تَفْسِيرِ النِّعْمَةِ بِالْإِنْعَامِ أَنَّهُ الْأَوْلَى هُنَا، وَإِلَّا فَالنِّعْمَةُ كَمَا تُطْلَقُ عَلَى ذَلِكَ تُطْلَقُ عَلَى الْأَثَرِ الْحَاصِلِ بِالْإِنْعَامِ، وَمِنْ ثُمَّ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَهِيَ أَيْ النِّعْمَةُ حَقِيقَةُ كُلِّ مُلَائِمٍ تُحْمَدُ عَاقِبَتُهُ، وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا لَا نِعْمَةَ لِلَّهِ عَلَى كَافِرٍ، وَإِنَّمَا مَلَاذُهُ اسْتِدْرَاجٌ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: إذْ اللَّامُ فِيهَا لِلِاسْتِغْرَاقِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُعَرَّفَ بِهَا مُفْرَدًا كَانَ أَوْ جَمْعًا لِلِاسْتِغْرَاقِ إنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ عَهْدٌ، فَإِفَادَتُهَا لِلِاسْتِغْرَاقِ وَضْعِيٌّ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَرِينَةٍ، فَقَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ) أَيْ الدُّنْيَوِيُّ (قَوْلُهُ: وَجِسْمَانِيٌّ) بِكَسْرِ الْجِيمِ نِسْبَةً إلَى الْجِسْمِ، وَهُوَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فِي النَّسَبِ؛ لِأَنَّهُ جِسْمِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي) أَيْ الْأُخْرَوِيُّ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا كَوْنُ الْمَانِّ) مُبْتَدَأٌ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ لَا يُنَاسِبُ) خَبَرٌ (قَوْلُهُ: أَيْ بِالْإِقْدَارِ عَلَى الطَّاعَةِ) هَذَا مُشْعِرٌ بِأَنَّ الْبَاءَ صِلَةُ الْمَانِّ. وَقَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ مَا نَصُّهُ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْبَاءَ سَبَبِيَّةٌ لِئَلَّا يَلْزَمَ تَعَلُّقُ الْإِنْعَامِ بِالْإِقْدَارِ عَلَى الطَّاعَةِ انْتَهَى بِحُرُوفِهِ. أَقُولُ: وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِقْدَارَ صِفَةُ الْبَارِي فَلَا يَكُونُ مُنْعِمًا بِهِ، وَيُمْكِنُ دَفْعُهُ بِأَنَّ الْمَعْنَى أَنْعَمَ عَلَيْهِ بِأَنْ جَعَلَهُ قَادِرًا وَجَعْلُ الْعَبْدِ قَادِرًا عَلَى الطَّاعَةِ أَثَرٌ لِلْإِنْعَامِ (قَوْلُهُ وَالرِّفْقُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: قُدْرَةِ الطَّاعَةِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ فِعْلَ مَطْلُوبٍ أَوْ تَرْكَ مَعْصِيَةٍ، وَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى مُرَادِفٌ لِلتَّوْفِيقِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَقَدْ يُطْلَقُ التَّوْفِيقُ عَلَى أَخَصَّ مِنْ ذَلِكَ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْمُتَكَلِّمُونَ: اللُّطْفُ مَا يَحْمِلُ الْمُكَلَّفَ عَلَى الطَّاعَةِ، ثُمَّ إنْ حُمِلَ عَلَى فِعْلِ الْمَطْلُوبِ سُمِّيَ تَوْقِيفًا، أَوْ تَرْكِ الْقَبِيحِ سُمِّيَ عِصْمَةً انْتَهَى (قَوْلُهُ وَبِفَتْحِ اللَّامِ) عَطْفٌ عَلَى بِضَمِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ بِاعْتِبَارِ الْمُتَعَلِّقَاتِ، فَالْحَمْلُ عَلَى الْإِنْعَامِ وَإِنْ أَوْهَمَ أَنَّ عَدَمَ الْإِحْصَاءِ فِيهِ جَمْعِيَّتُهُ أَيْضًا، إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مُنَافَاةٌ صَرِيحَةٌ لِلْآيَةِ، وَهَذَا مَا أَشَارَ إلَيْهِ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ وَوَجَّهَهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ بِغَيْرِ هَذَا فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: إذْ اللَّامُ فِيهَا لِلِاسْتِغْرَاقِ) أَيْ وَهِيَ إذَا دَخَلَتْ عَلَى الْجَمْعِ أَبْطَلَتْ مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ وَصَيَّرَتْ أَفْرَادَهُ آحَادًا عَلَى الصَّحِيحِ. (قَوْلُهُ: مَنًّا مِنْهُ) أَيْ تَفَضُّلًا، وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَوْلَى، عَلَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ نِعَمَ اللَّهِ كُلَّهَا كَذَلِكَ. وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ مَعَ الْمَتْنِ الْمَانُّ مِنْ الْمِنَّةِ وَهِيَ النِّعْمَةُ مُطْلَقًا، أَوْ بِقَيْدِ كَوْنِهَا ثَقِيلَةً مُبْتَدَأَةً مِنْ غَيْرِ مُقَابِلٍ يُوجِبُهَا، فَنِعَمُهُ تَعَالَى مِنْ مَحْضِ فَضْلِهِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ بِضَمِّ اللَّامِ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّ قَائِلًا يَقُولُ: كَيْفَ فَسَّرْته بِالْإِقْدَارِ آخِرَهُ مَعَ أَنَّ مَعْنَاهُ فِي الْأَصْلِ الرَّأْفَةُ وَالرِّفْقُ، وَالْإِقْدَارُ الْمَذْكُورُ لَيْسَ مِنْ جُمْلَةِ مَعَانِيهِ؟ وَحَاصِلُ جَوَابِهِ أَنَّهُ إنَّمَا عَدَلَ عَنْ الْأَصْلِ لِاسْتِحَالَةِ مَعْنَاهُ فِي حَقِّهِ تَعَالَى (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِاللُّطْفِ) الْبَاءُ فِيهِ قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ إنَّهَا لِلسَّبَبِيَّةِ: أَيْ

وَيُطْلَقُ عَلَى مَا يَبِرُّ بِهِ الشَّخْصُ (وَالْإِرْشَادُ) أَيْ الْهِدَايَةُ لِلطَّاعَةِ فَإِنَّهُ مَصْدَرُ أَرْشَدَهُ بِمَعْنَى وَفَّقَهُ وَهَدَاهُ، وَالرَّشَادُ وَالرُّشْدُ بِضَمِّ الرَّاءِ وَإِسْكَانِ الشِّينِ وَبِفَتْحِهَا نَقِيضُ الْغَيِّ وَهُوَ الْهُدَى وَالِاسْتِقَامَةُ، يُقَالُ رَشِدَ يَرْشَدُ رُشْدًا بِوَزْنِ عَجِبَ يَعْجَبُ عَجَبًا وَبِوَزْنِ أَكَلَ يَأْكُلُ أَكْلًا بِضَمِّ الْهَمْزَةِ (الْهَادِي إلَى سَبِيلِ الرَّشَادِ) أَيْ الدَّالُّ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِقَامَةِ بِلُطْفٍ، وَمِنْ أَسْمَائِهِ الْهَادِي وَهُوَ الَّذِي بَصَّرَ عِبَادَهُ طَرِيقَ مَعْرِفَتِهِ حَتَّى أَقَرُّوا بِرُبُوبِيَّتِهِ. وَهِدَايَةُ اللَّهِ تَعَالَى تَتَنَوَّعُ أَنْوَاعًا لَا يُحْصِيهَا عَدٌّ لَكِنَّهَا تَنْحَصِرُ فِي أَجْنَاسٍ مُتَرَتِّبَةٍ: الْأَوَّلُ إفَاضَةُ الْقُوَى الَّتِي يَتَمَكَّنُ بِهَا مِنْ الِاهْتِدَاءِ إلَى مَصَالِحِهِ كَالْقُوَّةِ الْعَقْلِيَّةِ وَالْحَوَاسِّ الْبَاطِنِيَّةِ وَالْمَشَاعِرِ الظَّاهِرَةِ. وَالثَّانِي نَصْبُ الدَّلَائِلِ الْفَارِقَةِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَالصَّلَاحِ وَالْفَسَادِ. وَالثَّالِثُ الْهِدَايَةُ بِإِرْسَالِ الرُّسُلِ وَإِنْزَالِ الْكُتُبِ. وَالرَّابِعُ أَنْ يَكْشِفَ عَلَى قُلُوبِهِمْ السَّرَائِرَ وَيُرِيَهُمْ الْأَشْيَاءَ كَمَا هِيَ بِالْوَحْيِ أَوْ الْإِلْهَامِ وَالْمَنَامَاتِ الصَّادِقَةِ وَهَذَا قِسْمٌ يَخْتَصُّ بِنَيْلِهِ الْأَنْبِيَاءُ وَالْأَوْلِيَاءُ (الْمُوَفِّقُ لِلتَّفَقُّهِ) اللَّامُ فِيهِ لِلتَّعْدِيَةِ (فِي الدِّينِ مِنْ لُطْفٍ بِهِ) مَفْعُولُ الْمُوَفِّقِ وَالضَّمِيرُ فِي بِهِ لِمَنْ بِاعْتِبَارِ لَفْظِهَا (وَاخْتَارَهُ) لَهُ (مِنْ الْعِبَادِ) الْمَفْعُولُ الثَّانِي لِاخْتَارَ، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَيُطْلَقُ عَلَى مَا يَبِرُّ بِهِ الشَّخْصُ) عَبَّرَ عَنْهُ ابْنُ حَجَرٍ بِقَوْلِهِ مَا بِهِ صَلَاحُ الْعَبْدِ أَخَرَةً، وَيُسَاوِيهِ التَّوْفِيقُ الَّذِي هُوَ خَلْقُ قُدْرَةِ الطَّاعَةِ فِي الْعَبْدِ مَاصَدَقًا لَا مَفْهُومًا انْتَهَى - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: يُقَالُ رَشَدَ يَرْشُدُ إلَخْ) هَذَا قَدْ يُشْعِرُ بِتَسَاوِي الِاسْتِعْمَالَيْنِ وَفِي الْمُخْتَارِ مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالَ: الرَّشَادُ ضِدُّ الْغَيِّ، يُقَالُ رَشَدَ يَرْشُدُ مِثْلُ قَعَدَ يَقْعُدُ رُشْدًا بِضَمِّ الرَّاءِ، وَفِيهِ لُغَةٌ أُخْرَى مِنْ بَابِ طَرِبَ انْتَهَى. لَكِنْ فِي الْمِصْبَاحِ مَا يُوَافِقُ كَلَامَ الشَّارِحِ حَيْثُ قَالَ: الرُّشْدُ الصَّلَاحُ وَهُوَ خِلَافُ الْغَيِّ وَالضَّلَالِ وَهُوَ إصَابَةُ الصَّوَابِ، وَرَشِدَ رَشَدًا مِنْ بَابِ تَعِبَ وَرَشَدَ يَرْشُدُ مِنْ بَابِ قَتَلَ فَهُوَ أَرْشَدُ وَالِاسْمُ الرَّشَادُ انْتَهَى (قَوْلُهُ: أَيْ الدَّالُّ) زَادَ ابْنُ حَجَرٍ أَوْ الْمُوَصِّلُ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَالرَّابِعُ أَنْ يَكْشِفَ عَلَى قُلُوبِهِمْ) أَيْ يَظْهَرَ عَلَى قُلُوبِهِمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُرِيَهُمْ الْأَشْيَاءَ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ. وَفِي نُسْخَةٍ عَنْ قُلُوبِهِمْ الرَّيْنَ (قَوْلُهُ: الْمُوَفِّقُ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: أَيْ الْمُقَدِّرُ، وَهُوَ جَرَى عَلَى مَنْ يُجِيزُ غَيْرَ التَّوْقِيفِيَّةِ إذَا لَمْ يُوهِمْ نَقْصًا (قَوْلُهُ: اللَّامُ فِيهِ لِلتَّعْدِيَةِ) أَيْ فَهُوَ مَفْعُولٌ ثَانٍ لِلْمُوَفِّقِ، وَالْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ مَنْ انْتَهَى ابْنُ حَجَرٍ: وَعَلَيْهِ فَمِنْ الْعِبَادِ بَيَانٌ لِمَنْ. (قَوْلُهُ: الْمَفْعُولُ الثَّانِي) أَيْ مَعَ صِحَّةِ كَوْنِهِ مَفْعُولًا لِلْمُوَفِّقِ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ التَّنَازُعِ، وَعَلَى هَذَا: أَيْ قَوْلُهُ مِنْ الْعِبَادِ الْمَفْعُولُ الثَّانِي لِاخْتَارَ وَالْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ هُوَ الْهَاءُ فِي اخْتَارَهُ، وَيَجُوزُ أَنَّ مِنْ الْعِبَادِ بَيَانًا لِمَنْ، وَعَلَيْهِ فَمَفْعُولُ اخْتَارَ الثَّانِي قَوْلُهُ الَّذِي قَدَّرَهُ الشَّارِحُ فَلِلتَّفَقُّهِ صِلَةُ الْمُوَفِّقِ لَا عَلَى جِهَةِ الْمَفْعُولِيَّةِ، وَهَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَنَّهَا لَوْ جُعِلَتْ لِلتَّعْدِيَةِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ مَحْظُورٌ، وَهُوَ أَنَّ الْإِقْدَارَ مِنْ أَوْصَافِهِ تَعَالَى فَلَا مَعْنَى لِإِنْعَامِهِ بِهِ وَجَعْلِهِ مُنْعِمًا بِهِ كَمَا وَجَّهَهُ بِذَلِكَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ. وَأَجَابَ عَنْهُ بِمَا فِيهِ وَقْفَةٌ. وَأَقُولُ: الْإِقْدَارُ وَإِنْ كَانَ وَصْفًا لَهُ تَعَالَى إلَّا أَنَّهُ صِفَةُ فِعْلٍ، فَهُوَ حَادِثٌ فَلَا مَانِعَ مِنْ إنْعَامِهِ بِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَيُطْلَقُ عَلَى مَا يُبَرُّ بِهِ الشَّخْصُ) بِضَمِّ أَوَّلِ يُبَرُّ وَفَتْحِ ثَانِيهِ مَبْنِيًّا لِلْمَجْهُولِ، وَالضَّمِيرُ فِي يُطْلَقُ يَعُودُ إلَى اللَّطَفِ بِالْفَتْحِ لِأَقْرَبِ مَذْكُورٍ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا، وَعِبَارَةُ الصِّحَاحِ: أَلْطَفَهُ بِكَذَا أَيْ بَرَّهُ وَالِاسْمُ اللَّطَفُ بِالتَّحْرِيكِ، يُقَالُ: جَاءَتْنَا لَطَفَةٌ مِنْ فُلَانٍ: أَيْ هَدِيَّةٌ، وَشَيْخُنَا فَهِمَ أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ إلَى اللُّطْفِ بِالضَّمِّ، وَعَلَيْهِ فَيُقْرَأُ يَبَرُّ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ بِمَعْنَى يَصِيرُ بِهِ بَارًّا وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مَعَ مَا تَقَرَّرَ (قَوْلُهُ: أَيْ الْهِدَايَةُ) عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْإِرْشَادِ هِيَ بِمَعْنَى الْإِيصَالِ إلَى الطَّاعَةِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ مَعْنَيَيْهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ مَصْدَرُ أَرْشَدَهُ بِمَعْنَى وَفَّقَهُ وَهَدَاهُ، وَإِنَّمَا صَنَعَ ذَلِكَ حَتَّى لَا يَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي الْهَادِي إلَى الرَّشَادِ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الدَّلَالَةِ الْمَعْنَى الثَّانِي لِلْهِدَايَةِ، وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَظْهَرُ حُسْنُ مَا سَلَكَهُ الشَّيْخُ عَلَى مَا قَرَّرَهُ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ هُنَا (قَوْلُهُ: وَالرَّابِعُ أَنْ يَكْشِفَ إلَخْ) لَا يَظْهَرُ تَرْتِيبُ هَذَا عَلَى مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ قِسْمٌ بِرَأْسِهِ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ تَرَتُّبُهُ عَلَى الْأَوَّلِ فَلَعَلَّ قَوْلَهُ مُتَرَتِّبَةً: أَيْ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ مَنْ لَطَفَ بِهِ) أَيْ أَرَادَ بِهِ الْخَيْرَ كَمَا قَالَهُ الْمُحَقِّقُ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ أَخْذًا مِنْ

وَاللَّامُ فِيهِ لِلْجِنْسِ أَوْ لِلِاسْتِغْرَاقِ أَوْ لِلْعَهْدِ، وَأَشَارَ بِهَذَا إلَى خَبَرِ «مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَالتَّوْفِيقُ خَلْقُ قُدْرَةِ الطَّاعَةِ وَتَسْهِيلُ سَبِيلِ الْخَيْرِ، وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِمَا يَقَعُ عِنْدَ صَلَاحِ الْعَبْدِ أَخَرَةً وَهُوَ عَكْسُ الْخِذْلَانِ. وَفِي الْحَدِيثِ «لَا يَتَوَفَّقُ عَبْدٌ حَتَّى يُوَفِّقَهُ اللَّهُ» وَفِي أَوَائِلِ الْإِحْيَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «قَلِيلٌ مِنْ التَّوْفِيقِ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الْعِلْمِ» قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ: وَالتَّوْفِيقُ الْمُخْتَصُّ بِالْمُتَعَلِّمِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ: شِدَّةُ الْعِنَايَةِ، وَمُعَلِّمٌ ذُو نَصِيحَةٍ، وَذَكَاءُ الْقَرِيحَةِ وَاسْتِوَاءُ الطَّبِيعَةِ: أَيْ خُلُوُّهَا عَنْ الْمَيْلِ لِغَيْرِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَرْتَسِمْ فِيهَا وَتَتَكَيَّفْ بِمَا يُخَالِفُ الشَّيْءَ الْمُلْقَى إلَيْهَا. وَلَمَّا كَانَ التَّوْفِيقُ عَزِيزًا لَمْ يُذْكَرْ فِي الْقُرْآنِ إلَّا فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَا تَوْفِيقِي إِلا بِاللَّهِ} [هود: 88] {إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: 35] {إِنْ أَرَدْنَا إِلا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا} [النساء: 62] وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ ذِكْرُ لَفْظِهِ وَإِلَّا فَالْآيَتَانِ الْمُتَأَخِّرَتَانِ لَيْسَتَا مِنْ التَّوْفِيقِ الْمَذْكُورِ. وَالتَّفَقُّهُ أَخْذُ الْفِقْهِ شَيْئًا فَشَيْئًا. وَالْفِقْهُ لُغَةً الْفَهْمُ، وَقِيلَ فَهْمُ مَا دَقَّ. قَالَ النَّوَوِيُّ: يُقَالُ فَقِهَ يَفْقَهُ فِقْهًا كَفَرِحَ يَفْرَحُ فَرَحًا، وَقِيلَ فِقْهًا بِسُكُونِ الْقَافِ وَابْنُ الْقَطَّاعِ وَغَيْرُهُ يُقَالُ: فَقِهَ بِالْكَسْرِ إذَا فَهِمَ، وَفَقُهَ بِالضَّمِّ إذَا صَارَ الْفِقْهُ لَهُ سَجِيَّةً، وَفَقَهَ بِالْفَتْحِ إذَا سَبَقَ غَيْرَهُ إلَى الْفَهْمِ. وَشَرْعًا: الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْعَمَلِيَّةِ الْمُكْتَسَبُ مِنْ أَدِلَّتِهَا التَّفْصِيلِيَّةِ وَمَوْضُوعُهُ أَفْعَالُ الْمُكَلَّفِينَ؛ لِأَنَّهُ يَبْحَثُ فِيهِ عَنْهَا، وَالدِّينُ مَا شَرَعَهُ اللَّهُ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَهُوَ وَضْعُ ـــــــــــــــــــــــــــــSهُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي فِي ابْنِ حَجَرٍ، وَالْأَوَّلُ أَنَّهُ بَيَانٌ لِمَنْ، وَعَلَيْهِ فَالْمَفْعُولُ الثَّانِي لِاخْتَارَ قَوْلُهُ الَّذِي قَدَّرَهُ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ كَمَا هُوَ مُصْطَلَحُ الْمُحَدِّثِينَ (قَوْلُهُ: وَتَسْهِيلُ سَبِيلِ الْخَيْرِ) تَبِعَ فِيهِ بَعْضَهُمْ احْتِرَازًا عَنْ الْكَافِرِ وَنَحْوِهِ، فَلَا تَوْفِيقَ عِنْدَهُمْ مَعَ قُدْرَتِهِمْ لِسَلَامَةِ أَعْضَائِهِمْ، لَكِنْ رَدَّ بِأَنَّ الْقُدْرَةَ هِيَ الصِّفَةُ الْمُقَارِنَةُ لِلْفِعْلِ، وَعَلَيْهِ فَالْكَافِرُ وَنَحْوُهُ لَا قُدْرَةَ لَهُ (قَوْلُهُ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ) أَيْ مَجَازًا لِكَوْنِهِ لَازِمًا لِلتَّوْفِيقِ، وَهَذَا إنْ فُسِّرَ مَا بِهِ صَلَاحُ الْعَبْدِ بِمَا يَكُونُ مِنْ صِفَةِ بَنِي آدَمَ، وَإِلَّا بِأَنْ فُسِّرَ بِمَا هُوَ مِنْ فِعْلِهِ تَعَالَى كَخَلْقِهِ الْأَحْوَالَ الَّتِي تَكُونُ فِي الْعَبْدِ كَانَ مُسَاوِيًا لِلتَّوْفِيقِ (قَوْلُهُ: أَخَرَةً) أَيْ فِي آخِرِ أَمْرِهِ وَهُوَ بِوَزْنِ دَرَجَةٍ سَيِّد (قَوْلُهُ: مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الْعِلْمِ) أَيْ الْخَالِي عَنْ التَّوْفِيقِ. (قَوْلُهُ: وَالتَّوْفِيقُ الْمُخْتَصُّ إلَخْ) أَيْ وَالْمُرَادُ بِهِ تَيْسِيرُ الْأَسْبَابِ الْمُوَافِقَةِ لِلْمَقْصُودِ وَالْمُحَصِّلَةِ لَهُ (قَوْلُهُ: شِدَّةُ الْعِنَايَةِ) أَيْ الِاعْتِنَاءِ بِالطَّلَبِ وَدَوَامِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَرْتَسِمْ فِيهَا) أَيْ مَا يُلْقَى إلَيْهِ مِنْ الْمُعَلِّمِ وَلَوْ ظَنَّهُ خَطَأً، ثُمَّ بَعْدَ انْتِهَائِهِ يَتَأَمَّلُ فِيهِ بِمَا عِنْدَهُ، فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ شُبْهَةٌ أَوْ رَدَّهَا عَلَى مُعَلِّمِهِ لِيُزِيلَهَا لَهُ إنْ أَمْكَنَ (قَوْلُهُ إنْ أَرَدْنَا إلَّا إحْسَانًا وَتَوْفِيقًا) تَبِعَ فِيهِ بَعْضَهُمْ. وَفِي ابْنِ حَجَرٍ أَنَّهُ لِعِزَّتِهِ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْقُرْآنِ إلَّا مَرَّةً فِي هُودٍ، قَالَ: وَلَيْسَ مِنْهُ {إِلا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا} [النساء: 62] {يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: 35] مِنْ الْوِفَاقِ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْخِلَافِ انْتَهَى - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَظَاهِرُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ فِقْهًا بِسُكُونِ الْقَافِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ ذَلِكَ مَعَ فَتْحِ الْفَاءِ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ (قَوْلُهُ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْعَمَلِيَّةِ) أَيْ الْمُتَعَلِّقَةِ بِكَيْفِيَّةِ عَمَلٍ كَوُجُوبِ الصَّلَاةِ وَالنِّيَّةِ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَمَلِ مَا يَشْمَلُ عَمَلَ الْقَلْبِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يَبْحَثُ فِيهِ عَنْهَا) وَاسْتِمْدَادُهُ مِنْ الْأَدِلَّةِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَالْقِيَاسِ وَالْمُخْتَلَفِ فِيهَا كَالِاسْتِصْحَابِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخَبَرِ الْآتِي، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ: اللُّطْفُ مُسَاوٍ لِلتَّوْفِيقِ مَاصَدَقًا أَوْ وَمَفْهُومًا، فَيَرْجِعُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ إلَى تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ (قَوْلُهُ: لَهُ) عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَاخْتَارَهُ تَبِعَ فِيهِ الْمُحَقِّقَ الْمَحَلِّيَّ، لَكِنَّ الْمُحَقِّقَ الْمَذْكُورَ قَدَّمَ لَهُ مَرْجِعًا هُوَ لَفْظُ الْخَيْرِ كَمَا قَدَّمْته عَنْهُ فِي الْقَوْلِ قَبْلَ هَذِهِ، وَالشَّيْخُ لَمَّا حَذَفَ ذَلِكَ وَتَبِعَهُ هُنَا أَوْهَمَ أَنَّ الضَّمِيرَ يَرْجِعُ إلَى الدِّينِ أَوْ التَّفَقُّهِ وَلَيْسَ لَهُ كَبِيرُ فَائِدَةٍ (قَوْلُهُ وَاللَّامُ فِيهِ لِلْجِنْسِ إلَخْ) عِبَارَةُ الشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْعِبَادِ لَفْظُهَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ بَيَانًا لِمَنْ، فَأَلْ فِيهِ لِلْعَهْدِ، وَالْمَعْهُودِ {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الحجر: 42] إلَى أَنْ قَالَ أَوْ مَفْعُولًا ثَانِيًا لَاخْتَارَهُ فَأَلْ فِيهِ لِلْجِنْسِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُرْسَمْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَنْ الْمَيْلِ

سَائِقٍ إلَهِيٍّ لِذَوِي الْعُقُولِ بِاخْتِيَارِهِمْ الْمَحْمُودِ إلَى مَا هُوَ خَيْرٌ بِالذَّاتِ. وَقِيلَ الطَّرِيقَةُ الْمَخْصُوصَةُ الْمَشْرُوعَةُ بِبَيَانِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ وَالْأَخْلَاقِ وَالْآدَابِ، سُمِّيَتْ مِنْ حَيْثُ انْقِيَادِ الْخَلْقِ لَهَا دِينًا، وَمِنْ حَيْثُ إظْهَارِ الشَّارِعِ إيَّاهَا شَرْعًا وَشَرِيعَةً، وَمِنْ حَيْثُ إمْلَاءِ الشَّارِعِ إيَّاهَا مِلَّةً (أَحْمَدُهُ أَبْلَغَ حَمْدٍ) أَيْ أَنْهَاهُ (وَأَكْمَلَهُ) أَيْ أَتَمَّهُ. قَالَ بَعْضُهُمْ: قَصَدَ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ حَمْدُهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي عَلَيْهِ أَهْلُ الْحَقِّ لَا كَمَا وَقَعَ لِلْمُعْتَزِلَةِ مِنْ نَفْيِ صِفَاتِهِ الْحَقِيقِيَّةِ وَبَعْضِ الْإِضَافِيَّةِ (وَأَزْكَاهُ) أَيْ أَنَمَاهُ (وَأَشْمَلَهُ) أَيْ أَعُمَّهُ. الْمَعْنَى: أَصِفُهُ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا جَمِيلٌ، وَرِعَايَةُ جَمِيعِهَا أَبْلَغُ فِي التَّعْظِيمِ الْمُرَادِ بِمَا ذَكَرَ، إذْ الْمُرَادُ بِهِ إيجَادُ الْحَمْدِ لَا الْإِخْبَارُ بِأَنَّهُ سَيُوجَدُ، وَهُوَ أَبْلَغُ مِنْ حَمْدِهِ الْأَوَّلِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ؛ لِأَنَّهُ ثَنَاءٌ بِجَمِيعِ الصِّفَاتِ بِرِعَايَةِ الْأَبْلَغِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَذَاكَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا وَهِيَ الثَّنَاءُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مَالِكٌ لِجَمِيعِ الْحَمْدِ مِنْ الْخَلْقِ، أَوْ مُسْتَحِقٌّ لَأَنْ يَحْمَدُوهُ، وَإِنْ لَمْ تُرَاعَ الْأَبْلَغِيَّةُ هُنَا بِأَنْ يُرَادَ الثَّنَاءُ بِالْجَمِيلِ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ بِالثَّنَاءِ بِكُلِّ الصِّفَاتِ وَبِبَعْضِهَا، وَذَلِكَ الْبَعْضُ أَعَمُّ مِنْ تِلْكَ الصِّفَةِ لِصِدْقِهِ بِهَا وَبِغَيْرِهَا وَبِهَا مَعَ غَيْرِهَا الْكَثِيرِ فَالثَّنَاءُ بِهِ أَبْلَغُ مِنْ الثَّنَاءِ بِمَا فِي الْجُمْلَةِ أَيْضًا، نَعَمْ الثَّنَاءُ بِهَا مِنْ حَيْثُ تَفْصِيلِهَا أَوْقَعُ فِي النَّفْسِ مِنْ الثَّنَاءِ بِهِ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَصْدُرَ مِنْهُ عُمُومُ الْحَمْدِ مَعَ أَنَّ بَعْضَ الْمَحْمُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ النِّعَمُ لَا يُتَصَوَّرُ حَصْرُهَا كَمَا سَبَقَ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُرَادَ نِسْبَةُ عُمُومِ الْمَحَامِدِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى جِهَةِ الْإِجْمَالِ بِأَنْ يَعْتَرِفَ مَثَلًا بِاتِّصَافِ اللَّهِ تَعَالَى بِجَمِيعِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَمَسَائِلِهِ كُلُّ مَطْلُوبٍ خَبَرِيٍّ يُبَرْهَنُ عَلَيْهِ فِيهِ. وَفَائِدَتُهُ امْتِثَالُ الْأَوَامِرِ وَاجْتِنَابُ النَّوَاهِي. وَغَايَتُهُ انْتِظَامُ أَمْرِ الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ مَعَ الْفَوْزِ بِكُلِّ خَيْرٍ دُنْيَوِيٍّ وَأُخْرَوِيٍّ انْتَهَى ابْنُ حَجَرٍ بِحُرُوفِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (قَوْلُهُ: سَائِقٍ إلَهِيٍّ لِذَوِي الْعُقُولِ بِاخْتِيَارِهِمْ الْمَحْمُودِ) فِي بَعْضِ الْحَوَاشِي عَلَى حَوَاشِي الْعَضُدِ لِبَعْضِهِمْ احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ إلَهِيٍّ عَنْ الْأَوْضَاعِ الْبَشَرِيَّةِ نَحْوَ الرُّسُومِ السِّيَاسِيَّةِ وَالتَّدْبِيرَاتِ الْمَعَاشِيَّةِ، وَقَوْلُهُ سَائِقٍ لِذَوِي الْأَلْبَابِ احْتِرَازٌ عَنْ الْأَوْضَاعِ الطَّبِيعِيَّةِ الَّتِي تَهْتَدِي بِهَا الْحَيَوَانَاتُ لِخَصَائِصِ مَنَافِعِهَا وَمَضَارِّهَا، وَقَوْلُهُ بِاخْتِيَارِهِمْ الْمَحْمُودِ عَنْ الْمَعَانِي الِاتِّفَاقِيَّةِ وَالْأَوْضَاعِ الْقَسْرِيَّةِ، وَقَوْلُهُ إلَى مَا هُوَ خَيْرٌ بِالذَّاتِ عَنْ نَحْوِ صِنَاعَتَيْ الطِّبِّ وَالْفِلَاحَةِ، فَإِنَّهُمَا وَإِنْ تَعَلَّقَا بِالْوَضْعِ الْإِلَهِيِّ: أَعْنِي تَأْثِيرَ الْأَجْسَامِ الْعُلْوِيَّةِ وَالسُّفْلِيَّةِ وَكَانَتَا سَائِقَتَيْنِ لِأُولِي الْأَلْبَابِ بِاخْتِيَارِهِمْ الْمَحْمُودِ إلَى صِنْفٍ مِنْ الْخَيْرِ، فَلَيْسَتَا تُؤَدِّيَانِهِمْ إلَى الْخَيْرِ الْمُطْلَقِ الذَّاتِيِّ: أَعْنِي مَا يَكُونُ خَيْرًا بِالْقِيَاسِ إلَى كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ السَّعَادَةُ الْأَبَدِيَّةُ وَالْقُرْبُ إلَى خَالِقِ الْبَرِّيَّةِ انْتَهَى ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى ابْنِ حَجَرٍ. (قَوْلُهُ: وَشَرِيعَةً) كَمَا أَنَّ الشَّرِيعَةَ مَشْرَعَةُ الْمَاءِ وَهِيَ مَوْرِدُ الشَّارِبَةِ انْتَهَى مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: أَيْ أَتَمَّهُ) هَذَا قَدْ يَقْتَضِي التَّغَايُرَ بَيْنَ الْأَبْلَغِ وَالْأَتَمِّ، وَتَفْسِيرُ الشَّارِحِ بِمَا ذَكَرَهُ فِيهِمَا يَقْتَضِي عَدَمَ التَّغَايُرِ، إذْ الْمُرَادُ بِالْأَتَمِّ الَّذِي بَلَغَ غَايَةَ الشَّيْءِ هُوَ حَقِيقَةُ النِّهَايَةِ، ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِاسْمِ التَّفْضِيلِ يَقْتَضِي أَنَّ النِّهَايَةَ وَالتَّمَامَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَفْرَادُ بَعْضِهَا أَقْوَى مِنْ بَعْضٍ، وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ؛ لِأَنَّ نِهَايَةَ الشَّيْءِ وَتَمَامَهُ لَا تَتَفَاوَتُ فِيهِمَا، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَرَادَ بِالتَّمَامِ وَالنِّهَايَةِ مَا يَقْرَبُ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: قَصَدَ بِذَلِكَ) أَيْ بِقَوْلِهِ أَحْمَدُهُ أَبْلَغَ حَمْدٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: الَّذِي عَلَيْهِ أَهْلُ الْحَقِّ) مِنْ ثُبُوتِ الصِّفَاتِ الذَّاتِيَّةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَرِعَايَةٌ) تَبِعَ فِيهِ الشَّارِحَ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ، وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ هُنَا؛ لِأَنَّ أَبْلَغَ الْحَمْدِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لَا يَكُونُ إلَّا كَذَلِكَ، إذْ لَوْ حَمِدَ بِبَعْضِهَا لَمْ يَكُنْ أَبْلُغَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَبْلَغُ) أَيْ أَحْمَدُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِرِعَايَةِ الْأَبْلَغِيَّةِ) فِيهِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَهِيَ الثَّنَاءُ عَلَيْهِ) أَيْ قَوْلُهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى جِهَةِ الْإِجْمَالِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي عَلَيْهِ أَهْلُ الْحَقِّ) أَيْ مِنْ إثْبَاتِ جَمِيعِ صِفَاتِ الْكَمَالِ لَهُ تَعَالَى حَقِيقِيِّهَا وَإِضَافِيِّهَا. وَوَجْهُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ أَبْلَغَ وَأَكْمَلَ إلَّا إذَا كَانَ يَجْمَعُ صِفَاتِ الْكَمَالِ (قَوْلُهُ: وَرِعَايَةُ جَمِيعِهَا) أَيْ الصَّادِقُ بِهِ الْحَمْدُ الْمَذْكُورُ مِنْ جُمْلَةِ مَاصَدَقَاتِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ ثَنَاءٌ بِجَمِيعِ الصِّفَاتِ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ الْجَلَالِ بَلْ هُوَ مِنْ الشَّارِحِ هُنَا تَعْلِيلٌ لِكَلَامِ الْجَلَالِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْجَلَالَ إنَّمَا رَجَّحَ مَا هُنَا لِهَذَا الْغَرَضِ لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ جُمْلَةً فِعْلِيَّةً وَكَلَامُ الشِّهَابِ بْنِ قَاسِمٍ فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ فِي مَقَامِ الرَّدِّ عَلَى الشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ فِي تَرْجِيحِهِ الْأُولَى مِنْ حَيْثُ اسْمِيَّتُهَا صَرِيحٌ فِي خِلَافِهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: عَلَى وَجْهِ الْإِجْمَالِ) وَمَعَ ذَلِكَ لَا بُدَّ مِنْ ادِّعَاءِ إرَادَةِ الْمُبَالَغَةِ؛ لِأَنَّ حَمْدَهُ وَلَوْ عَلَى وَجْهِ الْإِجْمَالِ بِالْمَعْنَى

صِفَاتِ الْكَمَالِ الْجَلَّالِيَّةِ وَالْجَمَالِيَّةِ، وَقَدْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ أَوَّلًا بِالْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى الدَّوَامِ وَالثُّبُوتِ " وَثَانِيًا بِالْجُمْلَةِ الْفِعْلِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّجَدُّدِ وَالْحُدُوثِ، وَاقْتَدَى فِي ذَلِكَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَفِي خَبَرِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ (وَأَشْهَدُ) أَيْ أَعْلَمُ (أَنْ لَا إلَهَ) أَيْ لَا مَعْبُودَ بِحَقٍّ فِي الْوُجُودِ (إلَّا اللَّهُ) الْوَاجِبُ الْوُجُودِ (الْوَاحِدُ) أَيْ الَّذِي لَا تَعَدُّدَ لَهُ فَلَا يَنْقَسِمُ بِوَجْهٍ وَلَا نَظِيرٍ لَهُ، فَلَا مُشَابَهَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ بِوَجْهٍ (الْغَفَّارُ) أَيْ السَّتَّارُ لِذُنُوبِ مَنْ أَرَادَ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ فَلَا يُظْهِرُهَا بِالْعِقَابِ عَلَيْهَا. وَقَدْ صَرَّحَ بِكَلِمَةِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ فِي سَبْعَةٍ وَثَلَاثِينَ مَوْضِعًا، وَلَمْ يَقُلْ الْقَهَّارَ بَدَلَ الْغَفَّارِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْقَهْرِ مَأْخُوذٌ مِمَّا قَبْلَهُ، إذْ مِنْ شَأْنِ الْوَاحِدِ فِي مِلْكِهِ الْقَهْرُ. وَلَمَّا كَانَ مِنْ شُرُوطِ الْإِسْلَامِ تَرْتِيبُ الشَّهَادَتَيْنِ عَطَفَ الْمُصَنِّفُ الشَّهَادَةَ الثَّانِيَةَ عَلَى الْأُولَى فَقَالَ (وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْمُصْطَفَى الْمُخْتَارُ) مِنْ الْخَلْقِ لِدَعْوَةِ مَنْ بُعِثَ إلَيْهِ مِنْ الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ إلَى دِينِ الْإِسْلَامِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ النَّاسِ لِيَدْعُوَهُمْ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَمْ يُبْعَثْ إلَى الْمَلَائِكَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا أَوْضَحَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي فَتَاوِيهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ بِاعْتِبَارِ مَا يَلِيقُ بِالْمُصَنِّفِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ دُونَ مَا يُمْكِنُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ إجْمَالًا (قَوْلُهُ: الْجَلَّالِيَّةِ) كَصِفَاتِ السَّلْبِ مِثْلَ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَالْجَمَالِيَّةُ كَوَصْفِهِ بِكَوْنِهِ غَفُورًا رَحِيمًا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ) اسْمِيَّةٌ (قَوْلُهُ: نَحْمَدُهُ) فِعْلِيَّةٌ وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ جُعِلَ قَوْلُهُ نَحْمَدُهُ جُمْلَةً مُسْتَأْنَفَةً، وَأَنَّ قَوْلَهُ إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ جُمْلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، أَمَّا إذَا قُرِئَ أَنَّ الْحَمْدَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ بِتَقْدِيرِ اللَّامِ عَلَى مَعْنَى نَحْمَدُهُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقُّ الْحَمْدِ فَهِيَ جُمْلَةٌ وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ: أَيْ أَعْلَمُ) هَلْ هُوَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ كَمَا هُوَ الْمُنَاسِبُ لِمَعْنَى الشَّهَادَةِ أَمْ لَا انْتَهَى ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى ابْنِ حَجَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. لَكِنْ ضَبَطَهُ بَعْضُ مَنْ كَتَبَ عَلَى خُطْبَةِ الْمِنْهَاجِ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ كَمَا أَشَارَ إلَى نَقْلِهِ عَنْهُ بِالْمَعْنَى ابْنُ قَاسِمٍ أَيْضًا حَيْثُ قَالَ: قَالَ الشِّهَابُ الْإِبْشِيطِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى الْخُطْبَةِ: مَعْنَاهَا هُنَا أَعْلَمُ ذَلِكَ بِقَلْبِي وَأُبَيِّنُهُ بِلِسَانِي قَاصِدًا بِهِ الْإِنْشَاءَ حَالَ تَلَفُّظِهِ، وَكَذَا سَائِرُ الْأَذْكَارِ وَالتَّنْزِيهَاتِ انْتَهَى، فَقَوْلُهُ وَأُبَيِّنُهُ بِلِسَانِي ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِمَعْنَى الشَّهَادَةِ، وَنُقِلَ عَنْ ضَبْطِ الْإِمَامِ النَّوَوِيِّ فِي تَحْرِيرِ التَّنْبِيهِ فِي بَابِ الْأَذَانِ أَنَّهُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ. أَقُولُ: وَتَجُوزُ قِرَاءَتُهُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَاللَّامِ (قَوْلُهُ إلَّا اللَّهُ) وَفِي نُسَخٍ زِيَادَةُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَحِينَئِذٍ فَوَحْدَهُ تَوْكِيدٌ لِتَوْحِيدِ الذَّاتِ، وَمَا بَعْدَهُ تَوْكِيدٌ لِتَوْحِيدِ الْأَفْعَالِ رَدًّا عَلَى نَحْوِ الْمُعْتَزِلَةِ انْتَهَى ابْنُ حَجَرٍ (قَوْلُهُ مَنْ أَرَادَ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ) يَقْتَضِي أَنَّ الْكَافِرَ لَا يُغْفَرُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَعَاصِي الزَّائِدَةِ عَلَى الْكُفْرِ انْتَهَى الشَّيْخُ عَمِيرَةُ. زَادَ فِي الْحَاشِيَةِ الْكُبْرَى وَهُوَ ظَاهِرٌ انْتَهَى. وَيُوَافِقُهُ تَصْرِيحُهُمْ فِي الْجَنَائِزِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الدُّعَاءُ بِالْمَغْفِرَةِ لِلْكَافِرِ وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ سُبْحَانَهُ مَا عَدَا الشِّرْكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْجَوَازِ الْوُقُوعُ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ (قَوْلُهُ: فِي سَبْعَةٍ وَثَلَاثِينَ مَوْضِعًا) فِيهِ تَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ فَقَطْ وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَادُ أَنَّهُ صَرَّحَ فِيمَا ذَكَرَ بِنَفْيِ الْأُلُوهِيَّةِ عَنْ غَيْرِهِ تَعَالَى وَإِثْبَاتِهَا لَهُ، تَارَةً بِلَفْظِ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ، وَتَارَةً بِلَفْظِ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ، أَوْ إلَّا أَنَا، أَوْ إلَّا الَّذِي (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْقَهْرِ) لَا يُقَالُ هُوَ مُعَارَضٌ بِمَا فِي التَّنْزِيلِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمَقَامُ هُنَا مَقَامُ الْوَصْفِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرَّحْمَةِ وَالْإِنْعَامِ، فَكَانَ ذِكْرُ الْغَفَّارِ هُنَا أَنْسَبُ انْتَهَى عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: الْمُصْطَفَى الْمُخْتَارُ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ) أَيْ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الرَّاجِحُ) خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يُرْسَلْ لِلْجَمَادَاتِ بِالْأَوْلَى. وَقَالَ السُّبْكِيُّ: ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَذْكُورِ دُونَ حَمْدِ الْأَنْبِيَاءِ وَلَوْ إجْمَالِيًّا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشِّهَابُ بْنُ قَاسِمٍ (قَوْلُهُ: أَيْ أُعْلِمَ) هُوَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ كَمَا ضَبَطَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَحْرِيرِ التَّنْبِيهِ فِي بَابِ الْأَذَانِ، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْأَذَانِ وَمَا هُنَا بِأَنَّ الْأَذَانَ الْقَصْدُ مِنْهُ الْإِعْلَامُ (قَوْلُهُ: فَلَا مُشَابَهَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ) أَيْ فِي ذَاتٍ وَلَا صِفَةٍ وَلَا فِعْلٍ (قَوْلُهُ: وَقَدْ صَرَّحَ بِكَلِمَةِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ) فِيهِ تَسَامُحٌ وَإِلَّا فَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا اللَّفْظِ لَمْ يَقَعْ فِي الْقُرْآنِ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ، فَالْمُرَادُ أَنَّهُ صَرَّحَ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْوَحْدَانِيَّةِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ وَلَوْ بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ (قَوْلُهُ: فِيهِ إشَارَةٌ إلَخْ) مَأْخَذُ الْإِشَارَةِ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ لِيَدْعُوهُمْ الْعَائِدُ إلَى النَّاسِ، وَلِهَذَا لَمَّا عَبَّرَ

لَكِنَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ قَدْ تُخْرِجُ الْجِنَّ مَعَ أَنَّهُ مَبْعُوثٌ إلَيْهِمْ، فَإِمَّا أَنْ يُقَالَ بِشُمُولِ النَّاسِ لَهُمْ كَمَا عُزِيَ لِلْجَوْهَرِيِّ وَعَلَيْهِ فَلَا اعْتِرَاضَ، أَوْ أَنَّهُمْ دَخَلُوا بِدَلِيلٍ آخَرَ. وَمُحَمَّدٌ عَلَمٌ مَنْقُولٌ مِنْ اسْمِ الْمَفْعُولِ الْمُضَعَّفِ سُمِّيَ بِهِ نَبِيًّا بِإِلْهَامٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى تَفَاؤُلًا بِأَنَّهُ يُكْثِرُ حَمْدَ الْخَلْقِ لَهُ لِكَثْرَةِ خِصَالِهِ الْمَحْمُودَةِ، كَمَا رُوِيَ فِي السِّيَرِ أَنَّهُ قِيلَ لِجَدِّهِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَقَدْ سَمَّاهُ فِي سَابِعِ وِلَادَتِهِ لِمَوْتِ أَبِيهِ قَبْلَهَا: لِمَ سَمَّيْت ابْنَك مُحَمَّدًا وَلَيْسَ مِنْ أَسْمَاءِ آبَائِك وَلَا قَوْمِك؟ فَقَالَ: رَجَوْت أَنْ يُحْمَدَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَقَدْ حَقَّقَ اللَّهُ رَجَاءَهُ كَمَا سَبَقَ فِي عِلْمِهِ قَالَ الْعُلَمَاءُ: لَيْسَ لِلْمُؤْمِنِ صِفَةٌ أَتَمُّ وَلَا أَشْرَفُ مِنْ الْعُبُودِيَّةِ، وَلِهَذَا أَطْلَقَهَا اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ فِي أَشْرَفِ الْمَوَاطِنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ - الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ - تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ} [الفرقان: 1] {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم: 10] وَقَدْ رُوِيَ «أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: بِمَ أُشَرِّفُك؟ قَالَ: بِأَنْ تَنْسُبَنِي إلَيْك بِالْعُبُودِيَّةِ» . وَالنَّبِيُّ إنْسَانٌ ذَكَرٌ حُرٌّ سَلِيمُ الْخِلْقَةِ مِمَّا يُنَفِّرُ عَادَةً كَالْعَمَى وَالْبَرَصِ، أُوحِيَ إلَيْهِ بِشَرْعٍ وَإِنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِتَبْلِيغِهِ، فَإِنْ أُمِرَ بِذَلِكَ فَرَسُولٌ أَيْضًا، أَوْ وَأُمِرَ بِتَبْلِيغِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كِتَابٌ أَوْ نَسْخٌ لِبَعْضِ شَرْعِ مَنْ قَبْلَهُ كَيُوشَعَ، فَإِنْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ فَرَسُولٌ أَيْضًا قَوْلَانِ، فَالنَّبِيُّ أَعَمُّ مِنْ الرَّسُولِ عَلَيْهِمَا، وَفِي ثَالِثٍ أَنَّهُمَا بِمَعْنًى وَهُوَ مَعْنَى الرَّسُولِ عَلَى الْأَوَّلِ الْمَشْهُورِ. وَالرَّسُولُ بِاعْتِبَارِ الْمَلَائِكَةِ أَعَمُّ مِنْ النَّبِيِّ إذْ يَكُونُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَالْبَشَرِ، وَفِي التَّنْزِيلِ {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلا وَمِنَ النَّاسِ} [الحج: 75] وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَفْضِيلَهُ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ الْأَنْبِيَاءَ وَالْمَلَائِكَةَ وَغَيْرَهُمْ؛ لِأَنَّهُ حَذَفَ الْمُفَضَّلَ عَلَيْهِ وَحَذْفُ الْمَعْمُولِ يُؤْذِنُ بِالْعُمُومِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ، قَالُوا: إنَّ النَّوْعَ الْإِنْسَانِيَّ أَفْضَلُ مِنْ نَوْعِ الْمَلَائِكَةِ، وَأَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSإنَّهُ أُرْسِلَ لِلْمَلَائِكَةِ، وَالْبَارِزِيُّ: إنَّهُ أُرْسِلَ لِلْجَمَادَاتِ، وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ حَجَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ مَبْعُوثٌ إلَيْهِمْ) أَيْ إجْمَاعًا يُكَفَّرُ مُنْكِرُهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ، ابْنُ حَجَرٍ لَكِنَّا لَا نَعْلَمُ تَفَاصِيلَ مَا أُرْسِلَ بِهِ إلَيْهِمْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ تَكْلِيفُهُمْ بِالْفُرُوعِ الَّتِي كَلَّفَنَا بِهَا تَفْصِيلًا، لَكِنْ فِي شَرْحِ إيضَاحِ النَّوَوِيِّ لِلشَّارِحِ مَا نَصُّهُ: فَهُمْ أَيْ الْجِنُّ مُكَلَّفُونَ بِجَمِيعِ مَا كُلِّفْنَا بِهِ إلَّا مَا ثَبَتَ خُصُوصُهُ بِهِمْ انْتَهَى (قَوْلُهُ: بِشُمُولِ النَّاسِ لَهُمْ) أَيْ لِأَخْذِهِمْ النَّاسَ إذَا تَحَرَّكَ (قَوْلُهُ: مِنْ اسْمِ الْمَفْعُولِ الْمُضَعَّفِ) أَيْ الْمُكَرَّرِ الْعَيْنِ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ التَّضْعِيفِ الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ عِنْدَ الصَّرْفِيِّينَ، وَهُوَ فِي الثُّلَاثِيِّ مَا كَانَتْ عَيْنُهُ وَلَامُهُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَمَدَّ وَفِي الرُّبَاعِيِّ مَا كَانَتْ فَاؤُهُ وَلَامُهُ الْأُولَى مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَعَيْنُهُ وَلَامُهُ الثَّانِيَةُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَزَلْزَلَ (قَوْلُهُ: تَفَاؤُلًا) هُوَ بِالْهَمْزِ كَمَا فِي مُخْتَارِ الصِّحَاحِ (قَوْلُهُ: كَالْعَمَى وَالْبَرَصِ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَلَا يَرِدُ بَلَاءُ أَيُّوبَ وَعَمَى نَحْوِ يَعْقُوبَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ حَقِيقِيٌّ لِطُرُوِّهِ بَعْدَ الْإِنْبَاءِ وَالْكَلَامِ فِيمَا قَارَنَهُ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَفِي ثَالِثٍ أَنَّهُمَا) وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَخِيرَيْنِ مَنْ أُوحِيَ إلَيْهِ بِشَرْعٍ وَلَمْ يُؤْمَرْ بِتَبْلِيغِهِ لَيْسَ بِنَبِيٍّ وَلَا رَسُولٍ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى) فِي ابْنِ حَجَرٍ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ غَلَطٌ، وَبَالَغَ فِي بَيَانِهِ وَالرَّدِّ عَلَى مَنْ انْتَصَرَ لَهُ، وَيَلْزَمُهُ بِمُقْتَضَى مَا عَلَّلَ بِهِ أَنَّ الثَّانِيَ الْوَاقِعَ فِي كَلَامِهِمْ غَلَطٌ أَيْضًا فَلْيُرَاجَعْ فَإِنَّ مُجَرَّدَ مَا عَلَّلَ بِهِ وَمِنْهُ وُرُودُ الْخَبَرِ بِعَدَدِ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَقْضِي التَّغْلِيطَ (قَوْلُهُ: وَالرَّسُولُ بِاعْتِبَارِ الْمَلَائِكَةِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ قَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْمَلَائِكَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ) أَيْ أَفْضَلِيَّتُهُ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ، وَقَدْ يُفْهِمُ هَذَا أَنَّ غَيْرَهُمْ يُخَالِفُ فِي ذَلِكَ، وَسَيَأْتِي عَنْ الرَّازِيّ الْإِجْمَاعُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّارِحُ هُنَا بِالْخَلْقِ وَكَانَ لَا يَرَى بِعْثَتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الْمَلَائِكَةِ الشَّامِلِ لَهُمْ التَّعْبِيرُ الْمَذْكُورُ كَالْجَمَادَاتِ أَظْهَرَ فِي قَوْلِهِ لِدَعْوَةِ مَنْ بُعِثَ إلَيْهِمْ وَلَمْ يُضْمِرْ لِئَلَّا يَتَنَاقَضَ كَلَامُهُ (قَوْلُهُ: بِإِلْهَامٍ) مُتَعَلِّقٍ بِسُمِّي، وَقَوْلُهُ بِأَنَّهُ يَكْثُرُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ تَفَاؤُلًا، وَالْمَعْنَى: أَنَّ اللَّهَ أَلْهَمَ جَدَّهُ بِتَسْمِيَتِهِ بِهَذَا الِاسْمِ مُتَفَائِلًا، أَوْ لِأَجْلِ التَّفَاؤُلِ. وَفِي نُسْخَةٍ: سُمِّيَ بِهِ نَبِيُّنَا بِإِلْهَامٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى تَفَاؤُلًا (قَوْلُهُ: وَالرَّسُولُ بِاعْتِبَارِ الْمَلَائِكَةِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَعْنَى الْإِرْسَالِ فِيهِمْ هُوَ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ الَّذِي هُوَ مُطْلَقُ السِّفَارَةِ لَا الْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيُّ الْمَارُّ، فَالْعُمُومُ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ إلَى اللَّفْظِ (قَوْلُهُ: أَعَمُّ مِنْ النَّبِيِّ) أَيْ كَمَا أَنَّ النَّبِيَّ أَعَمُّ مِنْهُ مِنْ وَجْهٍ فَبَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ وَجْهِيٌّ (قَوْلُهُ: مِنْ نَوْعِ الْمَلَائِكَةِ) فِي نُسْخَةٍ مِنْ النَّوْعِ الْمَلَكِيِّ

خَوَاصَّ بَنِي آدَمَ وَهُمْ الْأَنْبِيَاءُ أَفْضَلُ مِنْ خَوَاصِّ الْمَلَائِكَةِ وَهُمْ الرُّسُلُ مِنْهُمْ، وَأَنَّ عَوَامَّ بَنِي آدَمَ وَهُمْ الْأَتْقِيَاءُ الْأَوْلِيَاءُ أَفْضَلُ مِنْ عَوَامِّ الْمَلَائِكَةِ كَالسَّيَّاحِينَ مِنْهُمْ، قَالَ تَعَالَى {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110] وَقَالَ تَعَالَى {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107] وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ» وَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَفْضِيلُهُ عَلَى آدَمَ أَيْضًا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ أَفْضَلَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ أُولُو الْعَزْمِ وَهُمْ نُوحٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَمُوسَى وَعِيسَى وَمُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقِيلَ إنَّ أَفْضَلَ الْأَنْبِيَاءِ بَعْدَ نَبِيِّنَا آدَم، وَعَلَيْهِ فَيُؤْخَذُ تَفْضِيلُهُ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَخَصَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالذِّكْرِ لِظُهُورِهِ لِكُلِّ أَحَدٍ بِلَا مُنَازَعَةٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ} [غافر: 16] وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «آدَم وَمَنْ دُونَهُ تَحْتَ لِوَائِي» وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَبَرِ التِّرْمِذِيِّ «وَأَنَا أَكْرَمُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ عَلَى اللَّهِ وَلَا فَخْرَ» وَنَوْعُ الْآدَمِيِّ أَفْضَلُ الْخَلْقِ فَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلُهُمْ. وَقَدْ حَكَى الرَّازِيّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ مُفَضَّلٌ عَلَى جَمِيعِ الْعَالَمِينَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تُفَضِّلُوا بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ» وَقَوْلُهُ «لَا تُفَضِّلُونِي عَلَى يُونُسَ بْنِ مَتَّى» وَنَحْوُهُمَا. فَأُجِيبُ عَنْهَا بِأَنَّهُ نَهَى عَنْ تَفْضِيلٍ يُؤَدِّي إلَى تَنْقِيصِ بَعْضِهِمْ فَإِنَّ ذَلِكَ كُفْرٌ، أَوْ عَنْ تَفْضِيلٍ فِي نَفْسِ النُّبُوَّةِ الَّتِي لَا تَتَفَاوَتُ لَا فِي ذَوَاتِ الْأَنْبِيَاءِ الْمُتَفَاوِتِينَ بِالْخَصَائِصِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} [البقرة: 253] أَوْ نَهَى عَنْ ذَلِكَ تَأَدُّبًا وَتَوَاضُعًا، أَوْ نَهَى عَنْهُ قَبْلَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ أَفْضَلُ الْخَلْقِ، وَلِهَذَا لَمَّا عَلِمَ قَالَ «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ» وَقَدْ بَيَّنَّا تَرْتِيبَ أُولِي الْعَزْمِ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَالْأَنْبِيَاءُ مِائَةُ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا، وَاخْتُلِفَ فِي عَدَدِ الرُّسُلِ مِنْهُمْ فَقِيلَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ، وَقِيلَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ، وَأَحْرُفُ اسْمِ نَبِيِّنَا بِالْجُمَلِ الْكَبِيرِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ، إذْ فِيهِ ثَلَاثُ مِيمَاتٍ؛ لِأَنَّ الْحَرْفَ الْمُشَدَّدَ بِحَرْفَيْنِ وَلَفْظُ مِيمٍ ثَلَاثَةُ أَحْرُفٍ، فَجُمْلَتُهَا مِائَتَانِ وَسَبْعُونَ، وَلَفْظُ دَالٍ بِخَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ، وَلَفْظُ حَاءٍ بِتِسْعَةٍ، فَفِي اسْمِهِ الْكَرِيمِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ جَمِيعَ الْكَمَالَاتِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْمُرْسَلِينَ مَوْجُودَةٌ فِيهِ، وَزِيَادَةُ وَاحِدٍ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمْ ثَلَاثُمِائَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى أَنَّهُ مُفَضَّلٌ عَلَى جَمِيعِ الْعَالَمِينَ (قَوْلُهُ كَالسَّيَّاحِينَ مِنْهُمْ) أَيْ الْمَلَائِكَةِ (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ} [غافر: 16] ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَعِبَارَةُ الْبُدُورِ السَّافِرَةِ نَصُّهَا: ثُمَّ يَأْتِي مَلَكُ الْمَوْتِ إلَى الْجَبَّارِ فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ قَدْ مَاتَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ، فَيَقُولُ وَهُوَ أَعْلَمُ: فَمَنْ بَقِيَ؟ فَيَقُولُ: بَقِيت أَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لَا تَمُوتُ، وَبَقِيت أَنَا، فَيَقُولُ: أَنْتَ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِي خَلَقْتُك لِمَا رَأَيْت، فَمُتْ فَيَمُوتُ، فَإِذَا لَمْ يَبْقَ إلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْأَحَدُ طَوَى السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ وَقَالَ: أَنَا الْجَبَّارُ لِمَنْ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ فَيَقُولُ لِنَفْسِهِ: لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: آدَم وَمَنْ دُونَهُ) أَيْ وُجِدَ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: تَأَدُّبًا وَتَوَاضُعًا) لَا يَظْهَرُ هَذَا الْجَوَابُ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ «لَا تُفَضِّلُوا بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ» وَإِنَّمَا يَظْهَرُ عَلَى قَوْلِهِ «لَا تُفَضِّلُونِي عَلَى يُونُسَ» . (قَوْلُهُ: وَقَدْ بَيَّنَّا تَرْتِيبَ أُولِي الْعَزْمِ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ) وَعِبَارَتُهُ وَالْأَرْجَحُ فِي تَرْتِيبِ أَفْضَلِيَّةِ أُولِي الْعَزْمِ بَعْدَ نَبِيِّنَا عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ تَقْدِيمُ إبْرَاهِيمَ ثُمَّ مُوسَى ثُمَّ عِيسَى ثُمَّ نُوحٍ انْتَهَى، وَقَدْ أَشَارَ إلَى هَذَا التَّرْتِيبِ قَوْلُ بَعْضِهِمْ: مُحَمَّدٌ إبْرَاهِيمُ مُوسَى كَلِيمُهُ ... فَعِيسَى فَنُوحٌ هُمْ أُولُو الْعَزْمِ فَاعْلَمْ (قَوْلُهُ: فَقِيلَ ثَلَاثُمِائَةٍ) عِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ وَخَمْسَةَ عَشَرَ وَاقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ انْتَهَى. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهِيَ أَنْسَبُ وَأَقْعَدُ (قَوْلُهُ: قَالَ تَعَالَى {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ} [آل عمران: 110] شُرُوعٌ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى أَفْضَلِيَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ كَمَالَ الْأُمَّةِ تَابِعٌ لِكَمَالِ نَبِيِّهَا (قَوْلُهُ: وَنَوْعُ الْآدَمِيِّ أَفْضَلُ الْخَلْقِ إلَخْ) تَتِمَّةُ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ» وَقَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ تَفْضِيلُهُ عَلَى آدَمَ إلَى آخِرِ مَا انْجَرَّ إلَيْهِ الْكَلَامُ

وَثَلَاثَةَ عَشَرَ. وَذَكَرَ التَّشَهُّدَ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ: «كُلُّ خُطْبَةٍ لَيْسَ فِيهَا تَشَهُّدٌ فَهِيَ كَالْيَدِ الْجَذْمَاءِ» : أَيْ الْقَلِيلَةِ الْبَرَكَةِ، وَتُطْلَقُ الْيَدُ الْجَذْمَاءُ عَلَى الَّتِي ذَهَبَ أَصَابِعُهَا دُونَ الْكَفِّ أَوْ مَعَهُ، فَشَبَّهَ مَا لَا تَشَهُّدَ فِيهِ مِنْ الْخُطَبِ بِالْيَدِ الَّتِي فَقَدَتْ أَصَابِعَهَا مَعَ كَفِّهَا أَوْ دُونَهُ فَلَا يَقْدِرُ صَاحِبُهَا عَلَى التَّوَصُّلِ بِهَا إلَى تَحْصِيلِ مَا حَاوَلَهُ، فَإِطْلَاقُ الْأَقْطَعِ عَلَى مَا ذَكَرَ تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ أَوْ اسْتِعَارَةٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ لِعُلَمَاءِ الْبَيَانِ فِيمَا حُذِفَتْ فِيهِ أَدَاةُ التَّشْبِيهِ، وَجَعْلُ الْمُشَبَّهِ بِهِ خَبَرًا عَنْ الْمُشَبَّهِ وَالْمُخْتَارُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ (- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَزَادَهُ فَضْلًا وَشَرَفًا لَدَيْهِ) أَيْ عِنْدَهُ، وَالْقَصْدُ بِذَلِكَ الدُّعَاءُ؛ لِأَنَّ الْكَامِلَ يَقْبَلُ زِيَادَةَ التَّرَقِّي، فَانْدَفَعَ مَا زَعَمَهُ جَمْعٌ مِنْ امْتِنَاعِ الدُّعَاءِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقِبَ نَحْوِ خَتْمِ الْقُرْآنِ بِاَللَّهُمِ اجْعَلْ ذَلِكَ زِيَادَةً فِي شَرَفِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَنَّ جَمِيعَ أَعْمَالِ أُمَّتِهِ تَتَضَاعَفُ لَهُ نَظِيرُهَا؛ لِأَنَّهُ السَّبَبُ فِيهَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً لَا تُحْصَى، فَهِيَ زِيَادَةٌ فِي شَرَفِهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْ ذَلِكَ لَهُ فَسُؤَالُهُ تَصْرِيحٌ بِالْمَعْلُومِ، وَقَدْ أَوْضَحْت ذَلِكَ وَبَيَّنْت دَلِيلَهُ مِنْ السُّنَّةِ فِيمَا عَلَّقَتْهُ مِنْ الْفَتَاوَى: أَيْ اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَزِدْهُ، وَأَتَى بِالْأَفْعَالِ بِصِيغَةِ الْمَاضِي رَجَاءً لِتَحَقُّقِ حُصُولِ الْمَسْئُولِ، وَبِالصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ امْتِثَالًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56] وَقَدْ فَسَّرَ قَوْله تَعَالَى {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: 4] بِأَنَّ مَعْنَاهُ: لَا أُذْكَرُ إلَّا وَتُذْكَرُ مَعِي، وَالصَّلَاةُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى رَحْمَةٌ مَقْرُونَةٌ بِتَعْظِيمٍ، وَمِنْ الْمَلَائِكَةِ اسْتِغْفَارٌ، وَمِنْ الْمُكَلَّفِينَ تَضَرُّعٌ وَدُعَاءٌ، وَقَرَنَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ السَّلَامِ خُرُوجًا مِنْ كَرَاهَةِ إفْرَادِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ. فَإِنْ قُلْت: قَدْ جَاءَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ غَيْرَ مَقْرُونَةٍ بِالتَّسْلِيمِ فِي آخِرِ التَّشَهُّدِ فِي الصَّلَاةِ. فَالْجَوَابُ: أَنَّ السَّلَامَ تَقَدَّمَ فِيهِ فِي قَوْلِهِ السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ، وَفَضْلًا وَشَرَفًا يَجُوزُ تَرَادُفُهُمَا، فَالْجَمْعُ لِلْإِطْنَابِ، وَيَحْتَمِلُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْأَوَّلَ لِطَلَبِ زِيَادَةِ الْعُلُومِ وَالْمَعَارِفِ الْبَاطِنَةِ، وَالثَّانِي لِطَلَبِ زِيَادَةِ الْأَخْلَاقِ الْكَرِيمَةِ الظَّاهِرَةِ، وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْأَوَّلَ ضِدُّ النَّقْصِ، وَالثَّانِيَ عُلُوُّ الْمَجْدِ، وَهُوَ إلَى التَّرَادُفِ أَقْرَبُ (أَمَّا بَعْدُ) أَتَى بِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَالْمُخْتَارُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ فَإِطْلَاقُ الْأَقْطَعِ عَلَى مَا ذُكِرَ تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ (قَوْلُهُ: امْتِثَالًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى) فِيهِ الْآيَةَ إنَّمَا تَدُلُّ عَلَى طَلَبِ الصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ وَذَلِكَ بِمُجَرَّدِهِ لَا يَقْتَضِي طَلَبَهُمَا فِي كُلِّ أَمْرٍ فَكَانَ الْأَوْلَى الِاسْتِدْلَالَ بِمَا رُوِيَ مِنْ «أَنَّ كُلَّ أَمْرٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيَّ فَهُوَ أَبْتَرُ مَمْحُوقٌ مِنْ كُلِّ بَرَكَةٍ» إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ تِلْكَ الرِّوَايَةَ لَمَّا كَانَ فِي سَنَدِهَا ضَعْفٌ لَمْ يَحْتَجَّ بِهَا، وَاكْتَفَى بِالْآيَةِ لِدَلَالَتِهَا عَلَى أَصْلِ الطَّلَبِ، عَلَى أَنَّ الْآيَةَ فِيهَا طَلَبُ الصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ بِخِلَافِ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ وَمِنْ الْمُكَلَّفِينَ تَضَرُّعٌ وَدُعَاءٌ) إنَّمَا قَالَ الْمُكَلَّفِينَ دُونَ الْآدَمِيِّينَ لِيَشْمَلَ الْجِنَّ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ كَابْنِ حَجَرٍ وَالْمَحَلِّيِّ هُنَا لِبَقِيَّةِ الْحَيَوَانَاتِ وَالْجَمَادَاتِ. وَنُقِلَ عَنْ شَرْحِ الْمِشْكَاةِ لِابْنِ حَجَرٍ أَنَّهَا مِنْ بَقِيَّةِ الْحَيَوَانَاتِ كَالْآدَمِيِّ، وَأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ شَيْءٌ فِي الْجَمَادَاتِ فَلْتُرَاجَعْ عِبَارَتُهُ (قَوْلُهُ: إفْرَادُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَالْإِفْرَادُ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ إنْ اخْتَلَفَ الْمَجْلِسُ أَوْ الْكِتَابُ اهـ بِحُرُوفِهِ. وَالشَّارِحُ لَمْ يُبَيِّنْ هُنَا مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ الْإِفْرَادُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ جَوَابِهِ مِنْ عَدَمِ الْإِفْرَادِ فِي التَّشَهُّدِ أَنَّ الْمُوَالَاةَ بَيْنَهُمَا لَا تُشْتَرَطُ وَلَا تَعَرُّضَ فِيهِ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ) ظَاهِرُ هَذَا الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ تَقْدِيمُ السَّلَامِ عَلَى الصَّلَاةِ كَأَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ وَصَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، وَيُوَافِقُهُ ظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56] حَيْثُ عَطَفَ السَّلَامَ بِالْوَاوِ الدَّالَّةِ عَلَى مُطْلَقِ الْجَمْعِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ إلَى التَّرَادُفِ أَقْرَبُ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى ابْنِ حَجَرٍ فِيهِ نَظَرٌ. اهـ وَلَعَلَّهُ أَنَّ انْتِفَاءَ النَّقْضِ لَا يَحْصُلُ مَجْدًا ـــــــــــــــــــــــــــــQاعْتِرَاضٌ (قَوْلُهُ: فَإِطْلَاقُ الْأَقْطَعِ إلَخْ) سَبْقُ قَلَمٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَأَتَّى فِي رِوَايَاتِ الْبَسْمَلَةِ، وَالْحَمْدَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي مَحَلِّهَا، وَرِوَايَةُ التَّشَهُّدِ لَيْسَ فِيهَا لَفْظُ أَقْطَعُ وَلَا حَذْفُ أَدَاةِ تَشْبِيهٍ (قَوْلُهُ: وَمِنْ الْمَلَائِكَةِ اسْتِغْفَارٌ) يُنْظَرُ مَا مَعْنَى اسْتِغْفَارِهِمْ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ وَالِاسْتِغْفَارُ طَلَبُ الْمَغْفِرَةِ، وَهُوَ مَعْصُومٌ. فَإِنْ قُلْت: الْمُرَادُ الِاسْتِغْفَارُ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ الَّذِي هُوَ طَلَبُ السَّتْرِ، وَالْقَصْدُ الْحَيْلُولَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الذَّنْبِ فَيَرْجِعُ إلَى الْعِصْمَةِ. قُلْت: بَعْدَ تَسْلِيمِهِ إنَّمَا يَظْهَرُ

اقْتِدَاءً بِغَيْرِهِ، وَقَدْ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْتِي بِهَا فِي خُطَبِهِ وَكُتُبِهِ حَتَّى رَوَاهُ الْحَافِظُ عَبْدُ الْقَادِرِ الرَّهَاوِيُّ عَنْ أَرْبَعِينَ صَحَابِيًّا. وَاخْتُلِفَ فِي أَوَّلِ مَنْ ذَكَرَهَا فَقِيلَ دَاوُد وَقِيلَ يَعْقُوبُ وَقِيلَ قُسُّ بْنُ سَاعِدَةَ وَقِيلَ كَعْبُ بْنُ لُؤَيٍّ وَقِيلَ يَعْرُبُ بْنُ قَحْطَانَ وَقِيلَ سَحْبَانُ بْنُ وَائِلٍ وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ بِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَوَّلِيَّةِ الْمَحْضَةِ وَالْبَقِيَّةُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعَرَبِ خَاصَّةً وَيُجْمَعُ بَيْنَهَا بِالنَّسَّةِ إلَى الْقَبَائِلِ وَأَصْلُهَا مَهْمَا يَكُنْ مِنْ شَيْءٍ بَعْدَ الْحَمْدِ وَالصَّلَاةِ فَوَقَعَتْ كَلِمَةُ أَمَّا مَوْضِعَ اسْمٍ هُوَ الْمُبْتَدَأُ وَفِعْلٍ هُوَ الشَّرْطُ وَتَضَمَّنَتْ مَعْنَاهُمَا فَلِتَضَمُّنِهَا مَعْنَى الشَّرْطِ لَزِمَتْهَا الْفَاءُ اللَّازِمَةُ لِلشَّرْطِ غَالِبًا وَلِتَضَمُّنِهَا مَعْنَى الِابْتِدَاءِ لَزِمَهَا لُصُوقُ الِاسْمِ اللَّازِمِ لِلْمُبْتَدَأِ إقَامَةً لِلَّازِمِ مَقَامَ الْمَلْزُومِ وَإِبْقَاءً لِأَثَرِهِ فِي الْجُمْلَةِ وَبَعْدُ مِنْ الظُّرُوفِ وَالْعَامِلُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَلَا رِفْعَةً مَثَلًا كَفِعْلِ الْمُبَاحَاتِ، وَالْمَجْدُ فَوْقَ ذَلِكَ كَالسَّخَاوَةِ وَعُلُوِّ الْهِمَّةِ فِي الْعِبَادَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَبْدُ الْقَادِرِ الرَّهَاوِيُّ) بِالضَّمِّ بِخَطِّ الْقَسْطَلَّانِيِّ وَفِي عِبَارَةِ السُّيُوطِيّ أَنَّ رُهَا بِالْفَتْحِ قَبِيلَةٌ، وَبِالضَّمِّ بَلَدٌ مِنْهَا جَمَاعَةٌ، وَفِي تَبْصِيرِ الْمُنْتَبِهِ لِلْحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ أَنَّ رُهَا بِالْفَتْحِ قَبِيلَةٌ يُنْسَبُ إلَيْهَا ثَلَاثَةٌ ذَكَرَهُمْ لَيْسَ فِيهِمْ عَبْدُ الْقَادِرِ، وَمِنْ قَاعِدَتِهِ أَنَّهُ إذَا عَيَّنَ جَمَاعَةً لِمَادَّةٍ يَكُونُ مَا عَدَاهُمْ مِنْ الْأُخْرَى فَيَكُونُ عَبْدُ الْقَادِرِ الرَّهَاوِيُّ بِالضَّمِّ اهـ. وَفِي الْقَامُوسِ رُهَا كَهُدَى بَلَدٌ وَمِنْهَا عَبْدُ الْقَادِرِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ) أَيْ أَنَّهُ دَاوُد: أَيْ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ أَيْ أَقْرَبُ لِلصِّحَّةِ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ (قَوْلُهُ: وَيُجْمَعُ بَيْنَهُ) أَيْ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَيُجْمَعُ بَيْنَهَا) يُتَأَمَّلُ هَذَا الْجَمْعُ بِالنِّسْبَةِ لِيَعْقُوبَ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْعَرَبِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَيُجْمَعُ بَيْنَهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقَبَائِلِ بِأَنْ يُقَالَ: أَوَّلُ مَنْ نَطَقَ بِهَا مِنْ قَبِيلَةِ كَذَا كَعْبٌ، وَمِنْ قَبِيلَةِ كَذَا يَعْرُبُ، وَمِنْ قَبِيلَةِ كَذَا سَحْبَانُ. وَرَدَّ ابْنُ حَجَرٍ الْقَوْلَ بِأَنَّ أَوَّلَ مَنْ نَطَقَ بِهَا دَاوُد بِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ تَكَلُّمٌ بِغَيْرِ لُغَتِهِ، وَفَصْلُ الْخِطَابِ الَّذِي أُوتِيَهُ هُوَ فَصْلُ الْخُصُومَةِ أَوْ غَيْرُهَا بِكَلَامٍ مُسْتَوْعِبٍ لِجَمِيعِ الْمُعْتَبَرَاتِ مِنْ غَيْرِ إخْلَالٍ مِنْهَا بِشَيْءٍ اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى أَنَّ يَعْقُوبَ كَانَ مُتَقَدِّمًا عَلَى مُوسَى وَدَاوُد إنَّمَا وُجِدَ بَعْدَ وَفَاةِ مُوسَى بِزَمَنٍ طَوِيلٍ، فَكَيْفَ يَكُونُ أَوَّلَ مَنْ نَطَقَ بِهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: لَزِمَتْهَا الْفَاءُ) أَيْ دَائِمًا (قَوْلُهُ: اللَّازِمَةُ لِلشَّرْطِ غَالِبًا) قَدْ يُقَالُ حَيْثُ قَرَّرَ الْأَئِمَّةُ مِنْ النُّحَاةِ أَنَّ الْفَاءَ إمَّا مُمْتَنِعَةً فِي الْجَوَابِ أَوْ وَاجِبَةً فِيهِ، فَإِنْ أَرَادَ الشَّرْطَ الْمُطْلَقَ فَهُوَ مُتَقَسِّمٌ إلَى مَا يَلْزَمُ وَإِلَى مَا يَمْتَنِعُ، وَإِنْ أَرَادَ الْجَدَّ قِسْمَيْهِ وَهُوَ مَا يَصْلُحُ لِمُبَاشَرَةِ الْأَدَاةِ فَذَاكَ لَا تَلْزَمُهُ الْفَاءُ بَلْ هِيَ مُمْتَنِعَةٌ فِيهِ، وَإِنْ أَرَادَ الْقِسْمَ الْآخَرَ وَهُوَ مَا لَا يَصْلُحُ فَذَاكَ تَجِبُ فِيهِ دَائِمًا لَا غَالِبًا، وَمِنْ ثَمَّ عَدُّوا حَذْفَهَا فِي نَحْوِ قَوْلِهِ مِنْ يَفْعَلْ الْحَسَنَاتِ اللَّهُ يَشْكُرُهَا ضَرُورَةً فَمَا مَعْنَى الْغَلَبَةِ حِينَئِذٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَتْ الصُّوَرُ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الْفَاءُ أَكْثَرَ مِنْ الَّتِي لَا تَجِبُ فِيهَا صَحَّ إطْلَاقُ الْغَلَبَةِ عَلَيْهَا بِاعْتِبَارِ مَوَاقِعِهَا فَإِنَّ الْأَكْثَرَ يُقَالُ لَهُ غَالِبٌ، هَذَا وَاسْتَشْكَلَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ أَمَّا تَجِبُ الْفَاءُ فِي جَوَابِهَا دَائِمًا، وَالشَّرْطُ إنَّمَا تَجِبُ فِي جَوَابِهِ غَالِبًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ لَزِمَتْهَا الْفَاءُ دَائِمًا، وَأَنَّ قَوْلَهُ غَالِبًا قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ اللَّازِمَةِ لِلشَّرْطِ فَقَطْ، وَكَوْنُ أَمَّا فَرْعًا يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَصْلِهَا. وَأُجِيبُ بِأَنَّ أَمَّا لَمَّا كَانَتْ فَرْعًا ضَعُفَتْ عَنْ الْأَصْلِ فَاحْتَاجَتْ لِتَقْوِيَتِهَا بِالْفَاءِ دَائِمًا وَلَا كَذَلِكَ الشَّرْطُ (قَوْلُهُ: لُصُوقُ الِاسْمِ اللَّازِمِ) أَيْ بِمَعْنَى أَنَّ الْمُبْتَدَأَ لَا يَكُونُ إلَّا اسْمًا وَهُوَ غَيْرُ اللُّصُوقِ بِأَمَّا، فَإِنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ أَنْ لَا يُفْصَلَ بَيْنَ أَمَّا وَبَيْنَ الِاسْمِ بِفَاصِلٍ فَفِيهِ مُسَامَحَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي اسْتِغْفَارِهِمْ لَهُ فِي حَيَاتِهِ، أَمَّا بَعْدَ وَفَاتِهِ فَلَا وَإِنْ كَانَ حَيًّا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي دَارِ تَكْلِيفٍ. فَإِنْ قُلْت: الْمُرَادُ بِاسْتِغْفَارِهِمْ لَهُ مُطْلَقُ الدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ. قُلْت: فَمَا حِكْمَةُ الْمُغَايَرَةِ فِي التَّعْبِيرِ بَيْنَ دُعَائِهِمْ وَدُعَاءِ الْآدَمِيِّينَ (قَوْلُهُ: اقْتِدَاءً بِغَيْرِهِ) إنَّمَا لَمْ يَقُلْ اقْتِدَاءً بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْتِي بِهَا كَمَا سَيَذْكُرُهُ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَأْتِ بِهَا فِي تَأْلِيفٍ، فَالِاقْتِدَاءُ التَّامُّ إنَّمَا حَصَلَ بِغَيْرِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ (قَوْلُهُ: حَتَّى رَوَاهُ الْحَافِظُ إلَخْ) الْمُسَوِّغُ لِلْغَايَةِ أَنَّ لَفْظَ كَانَ فِي قَوْلِهِ وَقَدْ كَانَ يُؤْذِنُ بِالدَّوَامِ وَالِاسْتِمْرَارِ (قَوْلُهُ: وَيَجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ) يَرِدُ عَلَيْهِ يَعْقُوبُ، فَإِنَّهُ قَبْلَ دَاوُد (قَوْلُهُ: مَهْمَا يَكُنْ مِنْ شَيْءٍ بَعْدَ الْحَمْدِ إلَخْ) التَّحْقِيقُ أَنَّ بَعْدَ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ الْجَزَاءِ لَا مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ الشَّرْطِ،

فِيهَا أَمَّا عِنْدَ سِيبَوَيْهِ لِنِيَابَتِهَا عَنْ الْفِعْلِ، وَالْفِعْلُ نَفْسُهُ عِنْدَ غَيْرِهِ، وَالْمَعْرُوفُ بِنَاؤُهُ هَا هُنَا عَلَى الضَّمِّ لِنِيَّةِ مَعْنَى الْمُضَافِ إلَيْهِ دُونَ لَفْظِهِ، وَرُوِيَ تَنْوِينُهَا مَرْفُوعَةً وَمَنْصُوبَةً لِعَدَمِ الْإِضَافَةِ لَفْظًا وَتَقْدِيرًا، وَفَتْحُهَا بِلَا تَنْوِينٍ عَلَى تَقْدِيرِ لَفْظِ الْمُضَافِ إلَيْهِ (فَإِنَّ الِاشْتِغَالَ) افْتِعَالٌ مِنْ الشُّغْلِ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّهِ (بِالْعِلْمِ مِنْ أَفْضَلِ الطَّاعَاتِ) لِأَدِلَّةٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ وَأَشْهَرَ مِنْ أَنْ تُذْكَرَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ} [آل عمران: 18] وَقَوْلِهِ {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28] وَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: عِنْدَ غَيْرِهِ) وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ حِينَئِذٍ الْجَمْعُ بَعْدَ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ لَمَّا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ امْتِنَاعَ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي اللَّفْظِ لَا فِي التَّقْدِيرِ (قَوْلُهُ وَمَنْصُوبَةً لِعَدَمِ الْإِضَافَةِ) هَذَا مِنْهُمْ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَصَرُّفِهَا، لَكِنَّ الرَّسْمَ هُنَا لَا يُسَاعِدُ النَّصْبَ مَعَ التَّنْوِينِ إلَّا عَلَى لُغَةِ مَنْ يَكْتُبُ الْمَنْصُوبَ الْمُنَوَّنَ بِصُورَةِ الْمَرْفُوعِ، وَقَوْلُهُ مَرْفُوعَةً يَحْتَمِلُ أَنَّهُ يُرِيدُ بِهِ أَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الضَّمِّ فَيُوَافِقُ مَا هُوَ الْمُقَرَّرُ فِي كَلَامِهِ مِنْ أَنَّهُ إذَا حُذِفَ الْمُضَافُ إلَيْهِ وَنُوِيَ مَعْنَاهُ بُنِيَتْ عَلَى الضَّمِّ، وَأَنْ يُرِيدَ الرَّفْعَ الَّذِي هُوَ أَحَدُ أَنْوَاعِ الْإِعْرَابِ فَيَكُونُ ذِكْرَ وَجْهٍ غَيْرِ الْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ الْمَشْهُورَةِ فِي كَلَامِهِمْ، وَعِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ أَمَّا بَعْدُ بِالْبِنَاءِ عَلَى الضَّمِّ لِحَذْفِ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَنِيَّةِ مَعْنَاهُ انْتَهَى. وَكَتَبَ عَلَيْهِ ابْنُ قَاسِمٍ قَوْلَهُ بِالْبِنَاءِ عَلَى الضَّمِّ إلَخْ، وَتُرْفَعُ: أَيْ بَعْدُ بِتَنْوِينٍ عَلَى عَدَمِ نِيَّةِ ثُبُوتِ شَيْءٍ، فَالرَّفْعُ عَلَى أَصْلِ الْمُبْتَدَأِ بَكْرِيٌّ قَالَ الشَّيْخُ خَالِدٌ فِي شَرْحِ التَّوْضِيحِ وَقَالَ الْحُوفِيُّ: وَإِنَّمَا يُبْنَيَانِ: أَيْ قَبْلُ وَبَعْدُ عَلَى الضَّمِّ إذَا كَانَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَعْرِفَةً، أَمَّا إذَا كَانَ نَكِرَةً فَإِنَّهُمَا يُعْرَبَانِ سَوَاءً نَوَيْت مَعْنَاهُ أَوْ لَا اهـ. وَمِثْلُهُ فِي كَنْزِ الْأُسْتَاذِ الْبَكْرِيِّ وَشَرْحِ الْعُبَابِ لِلشَّارِحِ اهـ. وَلَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَ الْفَرْقِ بَيْنَ كَوْنِ الْمُضَافِ إلَيْهِ مَعْرِفَةً وَكَوْنِهِ نَكِرَةً، وَلَعَلَّهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَعْرِفَةً كَانَ مُعَيَّنًا وَهُوَ جُزْئِيٌّ فَكَانَ بَعْدُ شَبِيهًا بِالْحُرُوفِ فِي الِاحْتِيَاجِ إلَى جُزْئِيٍّ وَهُوَ مِنْ مَعَانِي الْحُرُوفِ، وَإِنْ كَانَ نَكِرَةً فَهُوَ اسْمٌ لِفَرْدٍ شَائِعٍ وَهُوَ كُلِّيٌّ فَضَعُفَتْ مُشَابَهَتُهُ لِلْحُرُوفِ فَبَقِيَ عَلَى الْأَصْلِ فِي الْأَسْمَاءِ مِنْ الْإِعْرَابِ. هَذَا وَنَقَلَ شَيْخُنَا الْغُنَيْمِيُّ فِي شَرْحِ الشَّعْرَانِيَّةِ الرَّفْعَ عَنْ ابْنِ الْمُلَقِّنِ قَالَ: وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى التَّوْجِيهِ، وَقَدْ وَجَّهَ ذَلِكَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ بِأَنَّهَا هُنَا مُبْتَدَأٌ وَلَا يَخْلُو عَنْ نَظَرٍ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ الْفَهَّامَةُ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ عَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ أَنَّهَا فَاعِلٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ: أَيْ مَهْمَا يَكُنْ بَعْدُ: أَيْ يُوجَدُ بَعْدُ وَهُوَ قَرِيبٌ فَلْيُحَرَّرْ اهـ. وَقَوْلُهُ أَنَّهَا فَاعِلٌ: أَيْ حَقِيقَةً، وَقَوْلُهُ أَيْ يُوجَدُ تَفْسِيرٌ لِيَكُنْ وَهُوَ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ أَوَّلِهِ) أَيْ مَصْدَرًا وَضَمِّهِ: أَيْ اسْمًا. وَفِي الْمُخْتَارِ: الشَّغْلُ بِسُكُونِ الْغَيْنِ وَضَمِّهَا وَبِفَتْحِ الشِّينِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ وَفَتْحِهَا فَصَارَتْ أَرْبَعَ لُغَاتٍ، وَالْجَمْعُ أَشْغَالٍ وَشَغَلَهُ مِنْ بَابِ قَطَعَ، وَلَا تَقُلْ أَشْغَلُهُ؛ لِأَنَّهَا لُغَةٌ رَدِيئَةٌ اهـ بِتَصَرُّفٍ. وَفِي الْقَامُوسِ: وَأَشْغَلُهُ لُغَةٌ جَيِّدَةٌ أَوْ قَلِيلَةٌ أَوْ رَدِيئَةٌ اهـ. 1 - (قَوْلُهُ: أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ) وَفَسَّرَ الْوَلَدَ الصَّالِحَ بِالْمُسْلِمِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ عَلَى ذَلِكَ أَشْيَاءَ، وَنَظَمَ السُّيُوطِيّ جُمْلَةَ الْأَصْلِ مَعَ الْمَزِيدِ بِقَوْلِهِ: إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ لَيْسَ يَجْرِي ... عَلَيْهِ مِنْ خِصَالٍ غَيْرُ عَشْرِ عُلُومٌ بَثَّهَا وَدُعَاءُ نَجْلٍ ... وَغَرْسُ النَّخْلِ وَالصَّدَقَاتُ تَجْرِي وِرَاثَةُ مُصْحَفٍ وَرِبَاطُ ثَغْرٍ ... وَحَفْرُ الْبِئْرِ أَوْ إجْرَاءُ نَهْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَالتَّقْدِيرُ عَلَيْهِ مَهْمَا يَكُنْ مِنْ شَيْءٍ فَبَعْدَ الْحَمْدِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِنِيَّةِ مَعْنَى الْمُضَافِ) أَيْ مَعْنَى أَنَّهُ مَعْرِفَةٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ هَا هُنَا: أَيْ مِنْ هَذَا التَّرْكِيبِ، أَمَّا إذَا كَانَ الْمُضَافُ إلَيْهِ نَكِرَةً، فَإِنَّ بَعْدَ تُعْرَبُ سَوَاءٌ نَوَيْت مَعْنَاهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَفَتْحُهَا) الْأَوْلَى وَنَصْبُهَا؛ لِأَنَّهَا مُعْرَبَةٌ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ تَعَالَى شَهِدَ اللَّهُ إلَخْ) أَكْثَرُ هَذِهِ الدَّلَائِلِ إنَّمَا هِيَ فِي فَضْلِ الْعَالِمِ لَا فِي أَفْضَلِيَّةِ الِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ، لَكِنْ يَلْزَمُ مِنْ ذَاكَ هَذَا؛ لِأَنَّ الْعَالِمَ إنَّمَا فُضِّلَ بِمَا فِيهِ مِنْ الْعِلْمِ، فَهُوَ أَفْضَلُ

وَخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ «فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ» وَخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ وَالْحَاكِمِ فِي صَحِيحَيْهِمَا «إنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ بِمَا يَصْنَعُ» وَلِأَنَّ الطَّاعَاتِ مَفْرُوضَةٌ وَمَنْدُوبَةٌ، وَالْمَفْرُوضُ أَفْضَلُ مِنْ الْمَنْدُوبِ وَالِاشْتِغَالُ بِالْعِلْمِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ إمَّا فَرْضُ عَيْنٍ أَوْ كِفَايَةٍ. وَعَرَّفَهُ الرَّازِيّ بِأَنَّهُ حُكْمُ الذِّهْنِ الْجَازِمِ الْمُطَابِقِ لِمُوجِبٍ، وَالسَّيِّدُ فِي شَرْحِ الْمَوَاقِفِ بِأَنَّهُ صِفَةٌ قَائِمَةٌ بِمَحَلٍّ مُتَعَلِّقَةٌ بِشَيْءٍ تُوجِبُ تِلْكَ الصِّفَةُ إيجَابًا عَادِيًا كَوْنَ مَحَلِّهَا مُمَيِّزًا لِلْمُتَعَلِّقِ تَمْيِيزًا لَا يَحْتَمِلُ ذَلِكَ الْمُتَعَلِّقُ نَقِيضَ ذَلِكَ التَّمْيِيزِ. وَاللَّامُ فِي الْعِلْمِ لِلْجِنْسِ أَوْ لِلْعَهْدِ الذِّكْرِيِّ، وَهُوَ الْفِقْهُ الْمُتَقَدِّمُ فِي قَوْلِهِ لِلتَّفَقُّهِ، أَوْ الْعِلْمُ الشَّرْعِيُّ الصَّادِقُ بِالتَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ، وَالْفِقْهُ الْمُتَقَدِّمُ فِي قَوْلِهِ الدِّينِ، أَوْ لِاسْتِغْرَاقِ أَفْرَادِ الْعِلْمِ الْمَشْرُوعِ: أَيْ الَّذِي يُسَوِّغُ تَعَلُّمَهُ شَرْعًا. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَعُدَّتُهُ تَزِيدُ عَلَى الْمِائَةِ، وَلَا يُعَكِّرُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ مَعْرِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَغَيْرُهَا مِمَّا لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِهِ؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ جُمْلَةً مِنْ الطَّاعَاتِ أَفْضَلَ وَجَعَلَ الِاشْتِغَالَ بِالْعِلْمِ مِنْهَا، وَكَوْنُ الْجُمْلَةِ أَفْضَلَ لَا يَضُرُّهُ كَوْنُ بَعْضِهَا أَفْضَلَ مُطْلَقًا (وَ) مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَبَيْتٌ لِلْغَرِيبِ بَنَاهُ يَأْوِي ... إلَيْهِ أَوْ بِنَاءُ مَحَلِّ ذِكْرِ وَتَعْلِيمٌ لِقُرْآنٍ كَرِيمٍ ... فَخُذْهَا مِنْ أَحَادِيثَ بِحَصْرِ اهـ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا فَصَّلَهَا كَذَلِكَ لِوُرُودِهَا بِأَعْيَانِهَا كَذَلِكَ مُفَرِّقَةً فِي أَحَادِيثَ، وَإِلَّا فَيُمْكِنُ رَدُّ مَا ذَكَرَهُ إلَى مَا فِي الْحَدِيثِ بِأَنْ يُجْعَلَ تَعْلِيمُ الْقُرْآنِ مِنْ الْعِلْمِ الَّذِي يُنْتَفَعُ بِهِ، وَمَا عَدَاهُ مِنْ الصَّدَقَةِ الْجَارِيَةِ وَلَوْ حُكْمًا، بِجَامِعِ أَنَّ مَا أَجْرَاهُ مِنْ الْأَنْهَارِ وَحَفَرَهُ مِنْ الْآبَارِ وَغَرَسَهُ مِنْ الْأَشْجَارِ وَلَوْ فِي مِلْكِهِ وَلَمْ يَقِفْهُ وَالْمُصْحَفُ الَّذِي نَسَخَهُ أَوْ اشْتَرَاهُ مَثَلًا ثُمَّ مَاتَ عَنْهُ وَرِبَاطُهُ بِقَصْدِ الْجِهَادِ فِي سَبِيلٍ آثَارُهُ مِنْ تَعَدِّي نَفْعِهِ لِلْمُسْلِمِينَ بَاقِيَةٌ كَبَقَاءِ الْوَقْفِ، وَقَدْ يُقَالُ فِيهِ إنَّهُ عَدَّهَا أَحَدَ عَشَرَ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ جَعَلَ بِنَاءَ الْبَيْتِ لِلْغَرِيبِ وَبِنَاءَ الْمَحَلِّ لِلذِّكْرِ وَاحِدًا نَظَرًا لِكَوْنِهِ بِنَاءً فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ إنَّهَا عَشَرَةٌ (قَوْلُهُ: فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَعْنَى: فَضْلُ كُلِّ عَالِمٍ عَامِلٍ عَلَى كُلِّ عَابِدٍ، وَقَوْلُهُ أَدْنَاكُمْ الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِأَصْحَابِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ لِلْأَمَةِ. أَقُولُ: وَهَذَا هُوَ الْأَبْلَغُ لِعِظَمِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ أَدْنَى الصَّحَابَةِ وَأَدْنَى الْأُمَّةِ (قَوْلُهُ: رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ بِمَا يَصْنَعُ) أَيْ مِنْ أَعْمَالِهِ كُلِّهَا لِعَدَمِ خُرُوجِهَا عَنْ الشَّرْعِ مَعَ قِيَامِهِ بِنِظَامِ الشَّرِيعَةِ (قَوْلُهُ وَعَرَّفَهُ الرَّازِيّ) أَيْ الْعِلْمَ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ حُكْمُ الذِّهْنِ الْجَازِمِ) أَيْ الْإِدْرَاكُ الْحَاصِلُ فِي الذِّهْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: الْمُطَابِقُ لِمُوجِبٍ) أَيْ لِسَبَبٍ أَوْجَبَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ الْعِلْمُ الشَّرْعِيُّ) اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا الْمَحَلِّيُّ (قَوْلُهُ: قَالَ بَعْضُهُمْ وَعُدَّتُهُ) أَيْ الْعِلْمِ الْمَشْرُوعِ (قَوْلُهُ: تَزِيدُ عَلَى الْمِائَةِ) غَيْرَ أَنَّهَا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ لَا تُبَايِنُ مَا هُوَ الْمَشْهُورُ تَبَايُنًا كُلِّيًّا، بَلْ الْفِقْهُ مَثَلًا يَجْمَعُ أَنْوَاعًا كُلٌّ مِنْهَا مُسَمًّى بِاسْمٍ عِنْدَ مَنْ اعْتَبَرَهَا بِذَلِكَ الْعَدِّ (قَوْلُهُ: وَلَا يُعَكِّرُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى كَوْنِ اللَّامِ لِلِاسْتِغْرَاقِ إلَخْ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ) عِلَّةً مِمَّا لَا بُدَّ (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مُطْلَقًا) أَيْ مِنْ جَمِيعِ مَا عَدَاهُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ) عِلَّةً لِلَا يُعَكِّرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ غَيْرِهِ مِنْ حَيْثُ الْعِلْمُ، فَكَانَ الِاشْتِغَالُ بِالْعِلْمِ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الِاشْتِغَالَ بِالْأَفْضَلِ أَفْضَلُ. (قَوْلُهُ: كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ) يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي أَدْنَاكُمْ لِلصَّحَابَةِ، وَلَا يَلْزَمُ تَفْضِيلُ الْعَالِمِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ مِنْ أَدْنَانَا مُسَاوِيًا لِفَضْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَدْنَانَا، فَفَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى أَدْنَانَا فَوْقَ فَضْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِ بِالضَّرُورَةِ، فَإِذَا فُرِضَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْضُلُ عَلَى أَدْنَانَا بِعَشْرِ دَرَجَاتٍ مَثَلًا لَزِمَ أَنَّ الْعَالِمَ يَفْضُلُ الْعَابِدَ بِهَا لِتَحَقُّقِ الْمُسَاوَاةِ، وَإِذَا كَانَ الْعَالِمُ يَفْضُلُ الْعَابِدَ بِعَشْرِ دَرَجَاتٍ، فَهُوَ يَفْضُلُ الْأَدْنَى بِأَكْثَرَ مِنْهَا بِالضَّرُورَةِ، وَقَدْ فُرِضَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا يَفْضُلُهُ بِعَشْرِ دَرَجَاتٍ فَقَطْ، فَقَدْ يَكُونُ فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْأَدْنَى أَكْثَرَ مِنْ فَضْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِ وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ تَفْضِيلَ الْعَالِمِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذَلِكَ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ فَتَعَيَّنَ مَا ذَكَرْته، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُبَالَغَةُ، وَمَنْ جَوَّزَ رُجُوعَ الضَّمِيرِ إلَى الْأُمَّةِ مُطْلَقًا كَشَيْخِنَا لَمْ يَتَنَبَّهْ لِهَذَا الْمَعْنَى فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَعَرَّفَهُ الرَّازِيّ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ

(أَوْلَى مَا أَنْفَقْت فِيهِ نَفَائِسَ الْأَوْقَاتِ) وَهُوَ الْعِبَادَاتُ شَبَّهَ شَغْلَ الْأَوْقَاتِ بِهَا بِصَرْفِ الْمَالِ فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ الْمُسَمَّى بِالْإِنْفَاقِ، فَأُطْلِقَ عَلَيْهِ لَفْظُ الْإِنْفَاقِ مَجَازًا، وَوَصَفَ الْأَوْقَاتِ بِالنَّفَاسَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَعْوِيضُ مَا يَفُوتُ مِنْهَا بِلَا عِبَادَةٍ، وَالنَّفِيسُ مَا يُرْغَبُ فِيهِ، وَأَضَافَ إلَيْهَا صِفَتَهَا لِلسَّجْعِ، وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ إضَافَةِ الْأَعَمِّ إلَى الْأَخَصِّ كَمَسْجِدِ الْجَامِعِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ إضَافَتُهُ بَيَانِيَّةً؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ الْبَيَانِيَّةَ عَلَى تَقْدِيرٍ مِنْ الْبَيَانِيَّةِ أَوْ التَّبْعِيضِيَّةِ أَوْ الِابْتِدَائِيَّةِ وَالْكُلُّ مُمْكِنٌ هُنَا؛ لِأَنَّ الْأَوْقَاتِ وَإِنْ كَانَتْ نَفِيسَةً كُلَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ لَكِنَّ بَعْضَهَا يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ نَفِيسًا بِالنِّسْبَةِ إلَى بَعْضٍ آخَرَ، وَقَدْ جَاءَ الشَّرْعُ بِتَفْضِيلِ بَعْضِهَا. وَقَوْلُهُ أَوْلَى عَطْفٌ عَلَى أَفْضَلَ كَمَا تَقَرَّرَ، وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ لِلتَّنَافِي بَيْنَهُمَا، إذْ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ أَنَّ الِاشْتِغَالَ بِالْعِلْمِ أَوْلَى مَا أَنْفَقْت فِيهِ نَفَائِسَ الْأَوْقَاتِ، فَيُنَاقِضُ التَّبْعِيضَ السَّابِقَ وَالْمُصَنِّفُ وَصَفَ الْأَوْقَاتِ بِالنَّفِيسَةِ ثُمَّ جَمَعَ النَّفِيسَةَ عَلَى نَفَائِسَ، إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ جَمْعًا لِنَفِيسٍ وَإِنَّمَا هُوَ جَمْعٌ لِكُلِّ رُبَاعِيٍّ مُؤَنَّثٍ بِمُدَّةٍ قَبْلَ آخِرِهِ مَخْتُومًا بِالتَّاءِ أَوْ مُجَرَّدًا عَنْهَا (وَقَدْ) لِلتَّحْقِيقِ هُنَا (أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - مَنْ) يُجَوِّزُ كَوْنَهَا زَائِدَةً لِصِحَّةِ الْمَعْنَى بِدُونِهَا، وَقِيلَ بِمَعْنَى فِي كَإِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَفِيهِ تَعَسُّفٌ وَالْفَرْقُ لَائِحٌ. وَقِيلَ لِلْمُجَاوَزَةِ كَمَا فِي زَيْدٍ أَفْضَلُ مِنْ عَمْرٍو: أَيْ جَاوَزَهُ فِي الْفَضْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لَفْظُ الْإِنْفَاقِ مَجَازًا) أَيْ عَلَاقَتُهُ الْمُشَابِهَةُ فَهُوَ اسْتِعَارَةٌ تَصْرِيحِيَّةٌ تَبَعِيَّةٌ (قَوْلُهُ مَا يَفُوتُ مِنْهَا بِلَا عِبَادَةٍ) أَيْ أَمَّا الَّذِي فَاتَ مَشْغُولًا بِالْعِبَادَةِ فَلَا يُطْلَبُ تَعْوِيضُهُ كَذَا قَالَهُ عَمِيرَةُ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بَدَلٌ فَلَا إلَخْ فَلَمْ يَفُتْ حَتَّى يَطْلُبَ تَعْوِيضَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَضَافَ إلَيْهَا صِفَتَهَا لِلسَّجْعِ) السَّجْعُ بِسِينٍ مُهْمَلَةٍ مَجِيءُ الْكَلَامِ عَلَى فِقَرٍ مُتَوَازِيَةٍ، فَالطَّاعَاتُ مُوَازِيَةٌ لِلْأَوْقَاتِ، وَهَذَا مِنْهُ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ النَّفَائِسُ صِفَةٌ لِلْأَوْقَاتِ، وَقَالَ: لَا تُضَافُ الصِّفَةُ إلَى مَوْصُوفِهَا؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مُتَأَخِّرَةً عَنْ الْمَوْصُوفِ، فَلَوْ أُضِيفَتْ إلَى الْمَوْصُوفِ كَانَتْ مُتَقَدِّمَةً عَلَيْهِ، وَهَذَا خَلْفٌ، وَتَقْدِيرُ الْجَوَابِ أَنَّ الْحَامِلَ لَهُ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ رِعَايَةُ السَّجْعِ اهـ بَكْرِيٌّ. وَفِي الْمِصْبَاحِ: سَجَعَتْ الْحَمَامَةُ سَجْعًا مِنْ بَاب نَفَعَ (قَوْلُهُ: الْكُلُّ مُمْكِنٌ هُنَا) وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ بَعْضُ الْأَوْقَاتِ غَيْرَ نَفِيسٍ (قَوْلُهُ: وَقَدْ لِلتَّحْقِيقِ هُنَا) أَيْ لَا لِلتَّكْثِيرِ، وَفِي الشَّيْخِ عَمِيرَةَ أَنَّهَا لَهُ مَعَ التَّحْقِيقِ اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِاسْتِفَادَتِهِ مِنْ قَوْلِهِ أَكْثَرُ، وَجَعْلُهَا لِلتَّكْثِيرِ يُصَيِّرُ الْمَعْنَى: وَكَثُرَ إكْثَارُ أَصْحَابِنَا وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ: أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا) أَيْ مَجْمُوعُهُمْ لَا كُلُّ فَرْدٍ مِنْهُمْ اهـ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ تَعَسُّفٌ) هُوَ الْخُرُوجُ عَنْ الطَّرِيقِ الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ لَائِحٌ) أَيْ وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَاَلَّذِي بَعْدَهُ لِمُعَرِّفٍ وَاحِدٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ تَعْرِيفَ الرَّازِيّ خَاصٌّ بِالْعِلْمِ التَّصْدِيقِيِّ، وَتَعْرِيفُ السَّيِّدِ عَامٌّ لَهُ وَلِلتَّصَوُّرِيِّ، ثُمَّ إنَّ التَّعْرِيفَ الْأَوَّلَ تَعْرِيفُ الْعِلْمِ بِمَعْنَى الْإِدْرَاكِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ مَعَانِيهِ، وَالتَّعْرِيفُ الثَّانِي تَعْرِيفٌ لَهُ بِمَعْنَى مَا بِهِ الْإِدْرَاكُ: أَيْ الْوَصْفُ الْقَائِمُ بِالْإِنْسَانِ يُدْرَكُ بِهِ، وَهُوَ مَعْنًى آخَرُ لِلْعِلْمِ، وَكُلٌّ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ غَيْرُ الْمَعْنَى الْمُرَادِ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، فَإِنَّهُ الْمَسَائِلُ، وَهُوَ مَعْنًى ثَالِثٌ لَهُ، فَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ مُؤَاخَذَاتٌ. (قَوْلُهُ:، وَهُوَ الْعِبَادَاتُ) بَيَانٌ لِمَا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَا أَنْفَقْت (قَوْلُهُ: مَجَازًا) أَيْ لُغَوِيًّا، وَالْمُرَادُ اسْتِعَارَةٌ (قَوْلُهُ: عَلَى تَقْدِيرِ مِنْ الْبَيَانِيَّةِ إلَخْ) الرَّاجِحُ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْإِضَافَةَ الْبَيَانِيَّةَ هِيَ الَّتِي تَكُونُ عَلَى مَعْنَى مِنْ الْمُبَيِّنَةِ لِلْجِنْسِ لَا مُطْلَقًا فَهِيَ قِسْمٌ بِرَأْسِهَا، فَلَعَلَّ مَا ذَكَرَهُ طَرِيقَةٌ، أَوْ أَنَّ مُرَادَهُ حِكَايَةُ أَقْوَالٍ فِي الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ يَجُوزُ كَوْنُهَا زَائِدَةً) أَيْ عَلَى مَذْهَبِ الْأَخْفَشِ الْمُجِيزِ لِزِيَادَتِهَا فِي الْإِثْبَاتِ، لَكِنَّ الْأَخْفَشَ يُوَافِقُ الْجُمْهُورَ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَجْرُورُهَا نَكِرَةً وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ لِصِحَّةِ الْمَعْنَى بِدُونِهِ أَنَّ كُلَّ مَا يَصِحُّ الْمَعْنَى بِدُونِهِ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ زَائِدًا، وَيَرِدُ عَلَيْهِ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى {لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} [الروم: 4] وَقَوْلُهُ {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} [البقرة: 25] وَقَدْ يُقَالُ: مَا الْمَانِعُ مِنْ جَعْلِ مِنْ هُنَا لِلتَّعْدِيَةِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ وَاحْتِيجَ إلَيْهَا لِضَعْفِ الْعَامِلِ بِفِعْلِهِ بِالْجُمْلَةِ الدُّعَائِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ لَائِحٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ظَرْفٌ لِلنِّدَاءِ وَالتَّصْنِيفُ

وَهُنَا لِلتَّجَاوُزِ وَالْإِكْثَارِ مِمَّا ذَكَرَ فِي قَوْلِهِ (التَّصْنِيفُ مِنْ الْمَبْسُوطَاتِ وَالْمُخْتَصَرَاتِ) فِي الْفِقْهِ وَالصُّحْبَةِ هُنَا الِاجْتِمَاعُ فِي اتِّبَاعِ الْإِمَامِ الْمُجْتَهِدِ فِيمَا يَرَاهُ مِنْ الْأَحْكَامِ مَجَازًا عَنْ الِاجْتِمَاعِ فِي الْعَشَرَةِ وَلِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ الْعِلْمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ رَحِمٌ مُتَّصِلَةٌ وَالتَّصْنِيفُ جَعَلَ الشَّيْءَ أَصْنَافًا يَتَمَيَّزُ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ وَالْمَبْسُوطُ مَا كَثُرَ لَفْظُهُ وَمَعْنَاهُ وَالْمُخْتَصَرُ مَا قَلَّ لَفْظُهُ وَكَثُرَ مَعْنَاهُ، وَقَوْلُهُ مِنْ الْمَبْسُوطَاتِ بَدَلُ اشْتِمَالٍ بِإِعَادَةِ الْجَارِّ وَالْأَصْلِ وَقَدْ أَكْثَرَ أَصْحَابُنَا الْمُصَنَّفَاتِ الْمَبْسُوطَاتِ، وَيَجُوزُ كَوْنُ مِنْ بَيَانِيَّةً، وَفِيهِ إنْ لَمْ يَجْعَلْ الْمَصْدَرَ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ التَّصْنِيفَ غَيْرُ الْمَبْسُوطِ. (وَأَتْقَنَ) أَيْ أَحْكَمَ (مُخْتَصَرَ الْمُحَرَّرِ) أَيْ الْمُهَذَّبَ الْمُنَقَّى (لِلْإِمَامِ) إمَامِ الدِّينِ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْقَزْوِينِيِّ (أَبِي الْقَاسِمِ الرَّافِعِيِّ) مَنْسُوبٌ إلَى رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ الصَّحَابِيِّ كَمَا وُجِدَ بِخَطِّهِ، وَرَدَّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَى رَافِعَانِ مَعْرُوفَةٍ بِبِلَادِ قَزْوِينَ، وَتَكْنِيَةُ الْمُصَنِّفِ لَلرَّافِعِيِّ بِأَبِي الْقَاسِمِ جَارِيَةٌ عَلَى تَخْصِيصِهِ تَحْرِيمَهَا بِزَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى تَخْصِيصِ الرَّافِعِيِّ بِجَمْعِ الِاسْمِ وَالْكُنْيَةِ، وَلَكِنَّ الْمَذْهَبَ التَّحْرِيمُ مُطْلَقًا، وَأَشَارَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إنَّمَا هُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنَّ الْيَوْمَ ظَرْفٌ بِخِلَافِ التَّصْنِيفِ (قَوْلُهُ: وَالْإِكْثَارِ مِمَّا ذُكِرَ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: فِي الْفِقْهِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا مُرَادُهُ فَكَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهُ اهـ بَكْرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَيْ لِكَوْنِ الصُّحْبَةِ عِبَارَةً عَنْ الِاجْتِمَاعِ فِي اتِّبَاعٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْمُخْتَصَرُ مَا قَلَّ لَفْظُهُ وَكَثُرَ مَعْنَاهُ) أَيْ فِي الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَقَدْ تَكُونُ الْمَعَانِي قَلِيلَةً كَالْأَلْفَاظِ (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ) أَيْ الْمُرَادُ مِنْ الْعِبَارَةِ، لَا أَنَّهُ كَانَ صِفَةً فِي الْأَصْلِ ثُمَّ صَارَ بَدَلًا. وَفِي ابْنِ قَاسِمٍ عَلَى ابْنِ حَجَرٍ قَوْلُهُ إنَّهُ بَدَلُ اشْتِمَالٍ: أَيْ أَوْ بَدَلُ كُلٍّ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ: أَيْ مِنْ تَصْنِيفِ إلَخْ، وَفِي كَوْنِهِ لِلِاشْتِمَالِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ بَدَلَ الِاشْتِمَالِ يَحْتَاجُ إلَى ضَمِيرٍ، فَالْوَجْهُ أَنَّهُ بَدَلُ كُلٍّ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ إنْ لَمْ يُؤَوَّلْ التَّصْنِيفُ بِالْمُصَنَّفِ اهـ بِحُرُوفِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: وَفِيهِ إنْ لَمْ يُجْعَلْ إلَخْ) يُجَابُ بِحَذْفِ الْمُضَافِ: أَيْ مِنْ تَصْنِيفِ الْمَبْسُوطَاتِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَتْقَنَ مُخْتَصَرَ الْمُحَرَّرِ) أَيْ مِنْ الْمُخْتَصَرَاتِ الْمَذْكُورَةِ اهـ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ 1 - (قَوْلُهُ: إلَى رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ الصَّحَابِيِّ) نَعْتٌ لِرَافِعٍ، وَفِي الْإِصَابَةِ لِابْنِ حَجَرٍ مَا نَصُّهُ مَعَ تَلْخِيصٍ كَثِيرٍ: رَافِعُ بْنُ خَدِيجِ بْنِ رَافِعٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عُرِضَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ بَدْرٍ فَاسْتَصْغَرَهُ، وَأَجَازَهُ يَوْمَ أُحُدٍ فَخَرَجَ وَشَهِدَ مَا بَعْدَهَا، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ صَلَّى عَلَيْهِ، فَكَأَنَّ رَافِعًا تَأَخَّرَ مَوْتُهُ حَتَّى قَدِمَ ابْنُ عُمَرَ الْمَدِينَةَ فَمَاتَ فَصَلَّى عَلَيْهِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَتَكْنِيَةُ الْمُصَنِّفِ لِلرَّافِعِيِّ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: تُوُفِّيَ الرَّافِعِيُّ سَنَةَ ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ عَنْ نَيِّفٍ وَسِتِّينَ سَنَةً. وَلَهُ كَرَامَاتٌ مِنْهَا أَنَّ شَجَرَةَ عِنَبٍ أَضَاءَتْ لَهُ لِفَقْدِ مَا يُسْرِجُهُ وَقْتَ التَّصْنِيفِ. وَوُلِدَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ وَفَاتِهِ بِنَحْوِ سَبْعِ سِنِينَ بِنَوَى مِنْ قُرَى دِمَشْقَ، وَمَاتَ بِهَا سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ عَنْ نَحْوِ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: بِأَبِي الْقَاسِمِ) ظَاهِرُ قَوْلِهِمْ بِأَبِي الْقَاسِمِ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ أَنَّ التَّكْنِيَةَ بِأَبِي الْقَاسِمِ لَا تُحْرَمُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: جَارِيَةٌ عَلَى تَخْصِيصِهِ) أَيْ النَّوَوِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَكِنَّ الْمَذْهَبَ) مِنْ كَلَامِ م ر - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: التَّحْرِيمُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ اسْمُهُ مُحَمَّدًا أَوْ لَا فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْ لَا ـــــــــــــــــــــــــــــQلَيْسَ ظَرْفًا لِلْإِكْثَارِ (قَوْلُهُ: وَهُنَا لِلتَّجَاوُزِ، وَالْإِكْثَارِ) عِبَارَةُ الشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ كَمَا أَنَّهُمْ: أَيْ الْأَصْحَابَ هُنَا جَاوَزُوا الْإِكْثَارَ. قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: فِيهِ تَأَمُّلٌ انْتَهَى. وَأَقُولُ: لَعَلَّ وَجْهَ أَمْرِهِ بِالتَّأَمُّلِ أَنَّ حَلَّهُ لِلْمَتْنِ حِينَئِذٍ لَيْسَ عَلَى نَظِيرِ حَلِّهِ لِلْمِثَالِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ عَمْرًا الَّذِي هُوَ مَدْخُولُ مِنْ فِيهِ مَفْعُولًا، فَنَظِيرُهُ فِي الْمَتْنِ أَنْ يُقَالَ: تَجَاوَزُوا التَّصْنِيفَ فِي الْإِكْثَارِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ فِي مَعْنَاهُ، فَإِنَّهُ لَا يَظْهَرُ لَهُ مَعْنًى هُنَا، وَلَعَلَّ عِبَارَةَ الشَّيْخِ لِتَجَاوُزِ الْإِكْثَارِ لِتَرْجِعَ إلَى عِبَارَةِ الشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ وَإِنْ كَانَ فِيهَا مَا قَدَّمْنَاهُ، وَتَكُونُ الْكَتَبَةُ حَرَّفَتْهَا إلَى مَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي نُسَخِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: مِمَّا ذُكِرَ فِي قَوْلِهِ) الْأَوْلَى حَذْفُ ذَلِكَ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى لَفْظِ فِي (قَوْلُهُ: بَدَلَ اشْتِمَالٍ) فِيهِ نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ تُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ كَلَامِ النُّحَاةِ فِي بَدَلِ الِاشْتِمَالِ، وَنَبَّهَ عَلَى بَعْضِهَا هُنَا الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ إنْ لَمْ يَجْعَلْ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: يُجَابُ بِحَذْفِ الْمُضَافِ: أَيْ مِنْ تَصْنِيفِ الْمَبْسُوطَاتِ (قَوْلُهُ: الْمُهَذَّبِ الْمُنَقَّى) تَفْسِيرٌ لِلْمُحَرَّرِ

وَفِي وَضْعِهَا، أَمَّا إذَا وُضِعَتْ لِإِنْسَانٍ وَاشْتُهِرَ بِهَا فَلَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ لَا يَشْمَلُهُ وَلِلْحَاجَةِ، كَمَا اغْتَفَرُوا التَّلْقِيبَ بِنَحْوِ الْأَعْمَشِ لِذَلِكَ (- رَحِمَهُ اللَّهُ - ذِي التَّحْقِيقَاتِ) الْكَثِيرَةِ فِي الْعِلْمِ وَالتَّدْقِيقَاتِ الْغَزِيرَةِ فِي الدِّينِ، إذْ اللَّامُ لِلِاسْتِغْرَاقِ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ إنَّ جَمْعَ السَّلَامَةِ لِلْقِلَّةِ عَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ، وَلَيْسَ فِيهِ كَبِيرُ مَدْحٍ، فَلَوْ عَدَلَ إلَى جَمْعِ الْكَثْرَةِ لَكَانَ أَنْسَبَ (وَهُوَ) أَيْ الْمُحَرَّرُ (كَثِيرُ الْفَوَائِدِ) جَمْعُ فَائِدَةٍ، وَهِيَ مَا اُسْتُفِيدَ مِنْ عِلْمٍ أَوْ غَيْرِهِ (عُمْدَةٌ فِي تَحْقِيقِ الْمَذْهَبِ) أَيْ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ مِنْ الْأَحْكَامِ فِي الْمَسَائِلِ مَجَازًا عَنْ مَكَانِ الذَّهَابِ ثُمَّ صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً فِيهِ، وَإِطْلَاقُ الْمَذْهَبِ عَلَى الْمَسَائِلِ الْمُتَدَاوَلَةِ مُقْتَصَرًا فِيهَا عَلَى مَا بِهِ الْفَتْوَى كَمَا هُنَا مِنْ بَابِ إطْلَاقِ الشَّيْءِ عَلَى رُكْنِهِ الْأَعْظَمِ؛ لِأَنَّهَا الْأَهَمُّ لِلْفَقِيهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهَا (مُعْتَمَدٌ لِلْمُفْتِي وَغَيْرِهِ) كَالْقَاضِي وَالْمُدَرِّسِ (مِنْ أُولِي الرَّغَبَاتِ) أَيْ أَصْحَابِهَا وَهِيَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ جَمْعُ رَغْبَةٍ بِسُكُونِهَا، وَهُوَ بَيَانٌ لِغَيْرِهِ أَوْ لِكُلٍّ مِنْ سَابِقِيهِ (وَقَدْ الْتَزَمَ مُصَنِّفُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَأَنْ يَنُصَّ) فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ (عَلَى مَا صَحَّحَهُ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ) أَيْ أَكْثَرُهُمْ فِيهَا؛ لِأَنَّ نَقْلَ الْمَذْهَبِ مِنْ بَابِ الرِّوَايَةِ فَيُرَجَّحُ بِالْكَثْرَةِ مِنْ اسْتِوَاءِ الْأَدِلَّةِ، وَيُطْلَقُ النَّصُّ الْمَنْقُولُ فِي الْمَسْأَلَةِ كَمَا هُنَا وَعَلَى الدَّلِيلِ كَقَوْلِهِمْ: لَا بُدَّ لِلْإِجْمَاعِ مِنْ نَصٍّ، وَعَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: بِنَحْوِ الْأَعْمَشِ لِذَلِكَ) قَضِيَّةُ عَدَمِ رَدِّهِ اعْتِمَادُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمَا وُجِّهَ بِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَكِنْ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَيَرُدُّ الْأَخِيرَيْنِ الْقَاعِدَةَ الْمُقَرَّرَةَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ فِي لَا تَتَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ، نَعَمْ صَحَّ «مَنْ تَسَمَّى بِاسْمِي فَلَا يَتَكَنَّى بِكُنْيَتِي وَمَنْ اكْتَنَى بِكُنْيَتِي فَلَا يَتَسَمَّى بِاسْمِي» وَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْأَخِيرِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْأَوَّلَ أَصَحُّ فَقُدِّمَ اهـ (قَوْلُهُ: ذِي التَّحْقِيقَاتِ) جَمْعُ تَحْقِيقَةٍ، وَتَحْقِيقُ الْمَسَائِلِ إثْبَاتُهَا بِالْأَدِلَّةِ، وَالتَّدْقِيقُ إثْبَاتُهَا بِالْأَدِلَّةِ وَإِثْبَاتُ الْأَدِلَّةِ بِأَدِلَّةٍ أُخْرَى اهـ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: إذْ اللَّامُ لِلِاسْتِغْرَاقِ) وَالْمُرَادُ هُنَا الِاسْتِغْرَاقُ الْعُرْفِيُّ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ تَبَعًا لِلشَّارِحِ بِقَوْلِهِ الْكَثِيرَةِ دُونَ جَمْعِ التَّحْقِيقَاتِ (قَوْلُهُ: عُمْدَةٌ) خَبَرٌ ثَانٍ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ فِيهِ) أَيْ فِيمَا ذَهَبَ إلَيْهِ مِنْ الْأَحْكَامِ (قَوْلُهُ: مُعْتَمَدٌ) خَبَرٌ ثَالِثٌ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: جَمْعُ رَغْبَةٍ بِسُكُونِهَا) زَادَ ابْنُ حَجَرٍ: وَهِيَ الِانْهِمَاكُ عَلَى الْخَيْرِ طَلَبًا لِحِيَازَةِ مَعَالِيهِ اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الِانْهِمَاكَ عَلَى غَيْرِ الْخَيْرِ لَا يُسَمَّى رَغْبَةً وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، فَفِي الْمُخْتَارِ رَغِبَ فِيهِ أَرَادَهُ وَبَابُهُ طَرِبَ وَرَغَّبَهُ أَيْضًا وَارْتَغَبَ فِيهِ مِثْلُهُ وَرَغَّبَ عَنْهُ لَمْ يُرِدْهُ، وَيُقَالُ رَغَّبَهُ تَرْغِيبًا وَأَرْغَبَ فِيهِ أَيْضًا اهـ. فَمَا فَسَّرَ بِهِ ابْنُ حَجَرٍ لَعَلَّهُ بَيَانٌ لِلْمُرَادِ بِالرَّغْبَةِ هُنَا (قَوْلُهُ: أَوْ لِكُلٍّ مِنْ سَابِقِيهِ) أَيْ الْمُفْتِي وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ الْتَزَمَ مُصَنِّفُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنْ يَنُصَّ إلَخْ) [تَنْبِيهٌ] مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ مِنْ جَوَازِ النَّقْلِ مِنْ الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ وَنِسْبَةُ مَا فِيهَا لِمُؤَلِّفِيهَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ سَنَدُ النَّاقِلِ بِمُؤَلِّفِيهَا، نَعَمْ النَّقْلُ مِنْ نُسْخَةِ كِتَابٍ لَا يَجُوزُ إلَّا إنْ وُثِقَ بِصِحَّتِهَا أَوْ تَعَدَّدَتْ تَعَدُّدًا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِحَّتُهَا أَوْ رَأَى لَفْظَهَا مُنْتَظِمًا وَهُوَ خَبِيرٌ فَطِنٌ يُدْرِكُ السَّقْطَ وَالتَّحْرِيفَ، فَإِنْ انْتَفَى ذَلِكَ قَالَ وَجَدْت كَذَا أَوْ نَحْوَهُ. وَمِنْ جَوَازِ اعْتِمَادِ الْمُفْتِي مَا يَرَاهُ فِي كِتَابٍ مُعْتَمَدٍ فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَدَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ أَنَّ الْكُتُبَ الْمُتَقَدِّمَةَ عَلَى الشَّيْخَيْنِ لَا يُعْتَمَدُ شَيْءٌ مِنْهَا إلَّا بَعْدَ مَزِيدِ الْفَحْصِ وَالتَّحَرِّي حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَلَا يُغْتَرُّ بِتَتَابُعِ كُتُبٍ مُتَعَدِّدَةٍ عَلَى حُكْمٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّ هَذِهِ الْكَثْرَةَ قَدْ تَنْتَهِي إلَى وَاحِدٍ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ أَصْحَابَ الْقَفَّالِ أَوْ الشَّيْخَ أَبَا حَامِدٍ مَعَ كَثْرَتِهِمْ لَا يُفَرِّعُونَ وَيُؤَصِّلُونَ إلَّا عَلَى طَرِيقَتِهِ غَالِبًا وَإِنْ خَالَفَتْ سَائِرَ الْأَصْحَابِ فَتَعَيَّنَ سَبْرَ كُتُبِهِمْ، هَذَا كُلُّهُ فِي حُكْمٍ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الشَّيْخَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا، وَإِلَّا فَاَلَّذِي أَطْبَقَ عَلَيْهِ مُحَقِّقُو الْمُتَأَخِّرِينَ إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بِهِ ابْنُ حَجَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا صَحَّحَهُ) أَيْ مَا رَجَّحَهُ عَمِيرَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِاعْتِبَارِ أَصْلِهِ لَا بِالنَّظَرِ لِحَالِ الْعَلَمِيَّةِ (قَوْلُهُ: مَجَازًا) أَيْ اسْتِعَارَةً (قَوْلُهُ: كَمَا هُنَا) فِيهِ مَنْعٌ ظَاهِرٌ، إذْ الْمُرَادُ هُنَا الْمَعْنَى الْأَعَمُّ كَمَا عُلِمَ مِنْ صَدْرِ كَلَامِهِ. وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ: ثُمَّ غَلَبَ عَلَى الرَّاجِحِ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ الْمُهَذَّبُ فِي الْمَسْأَلَةِ كَذَا (قَوْلُهُ: يَنِصُّ) بِكَسْرِ النُّونِ لَا غَيْرُ

اللَّفْظِ الصَّرِيحِ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ (وَوَفَى) بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ (بِمَا الْتَزَمَهُ) وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ كَثِيرًا مَا يَسْتَدْرِكُ عَلَى الْمُحَرَّرِ بِأَنَّهُ خَالَفَ الْأَكْثَرِينَ، وَعَلَى الرَّافِعِيِّ بِأَنَّهُ يَجْزِمُ فِي الْمُحَرَّرِ بِشَيْءٍ وَيَكُونُ بَحْثًا لِلْإِمَامِ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا سَتَقِفُ عَلَيْهِ. وَأُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّهُ وَفَى بِحَسَبِ مَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ، فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ اسْتِدْرَاكَهُ التَّصْحِيحَ عَلَيْهِ فِي الْمَوَاضِعِ الْآتِيَةِ وَبِأَنَّهُ وَفَى غَالِبًا، وَالْمَقَامُ مَقَامُ الْمُبَالَغَةِ فَنَزَّلَ الْقَلِيلَ جِدًّا مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ، وَبِأَنَّهُ يَجْزِمُ فِي الْمُحَرَّرِ بِشَيْءٍ تَبَعًا لِلْإِمَامِ وَغَيْرِهِ لِكَوْنِهِ كَالتَّقْيِيدِ لِمَا أَطْلَقُوهُ تَسَاهُلًا بِحَيْثُ لَوْ عُرِضَ عَلَيْهِمْ لَقَبِلُوهُ لِكَوْنِهِ مُرَادَهُمْ مِنْ الْإِطْلَاقِ. وَقَدْ حُكِيَ عَنْ بَعْضِ تَصَانِيفِ السُّبْكِيّ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ فَهِمَ عَنْ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يَنُصُّ إلَّا عَلَى مَا عَلَيْهِ الْمُعْظَمُ فَقَدْ أَخْطَأَ فَهْمُهُ، فَإِنَّهُ إنَّمَا قَالَ فِي خُطْبَةِ الْمُحَرَّرِ: إنَّهُ نَاصٌّ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْمُعْظَمُ مِنْ الْوُجُوهِ وَالْأَقَاوِيلِ، وَلَمْ يَقُلْ إنَّهُ لَا يَنُصُّ إلَّا عَلَى ذَلِكَ (وَهُوَ) أَيْ مَا الْتَزَمَهُ (مِنْ أَهَمِّ) الْمَطْلُوبَاتِ (أَوْ) هُوَ (أَهَمُّ الْمَطْلُوبَاتِ) لِطَالِبِ الْفِقْهِ مِنْ الْوُقُوفِ عَلَى الْمُصَحَّحِ مِنْ الْخِلَافِ فِي مَسَائِلِهِ. ثُمَّ شَرَعَ فِي ذِكْرِ وَجْهِ اخْتِصَارِهِ فَقَالَ (لَكِنْ فِي حَجْمِهِ) أَيْ مِقْدَارِ الْمُحَرَّرِ (كَبِرَ عَنْ حِفْظِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعَصْرِ) أَيْ زَمَانِهِ الرَّاغِبِينَ فِي حِفْظِ مُخْتَصَرٍ فِي الْفِقْهِ (إلَّا بَعْضَ أَهْلِ الْعِنَايَاتِ) مِنْهُمْ فَلَا يَكْبَرُ: أَيْ يَعْظُمُ عَلَيْهِمْ حِفْظُهُ، فَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ؛ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْ الْأَكْثَرِ بَعْضَ أَهْلِ الْعِنَايَاتِ، وَأَمَّا الْأَقَلُّونَ فَلَمْ يُدْخِلْهُمْ فِي كَلَامِهِ لَا فِي الْمُسْتَثْنَى وَلَا فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَيَصِحُّ كَوْنُهُ مُنْقَطِعًا بِأَنْ يَكُونَ اسْتَثْنَى بَعْضَ أَهْلِ الْعِنَايَاتِ مِنْ الْأَقَلِّينَ (فَرَأَيْت اخْتِصَارَهُ) بِأَنْ لَا يَفُوتَ شَيْءٌ مِنْ مَقَاصِدِهِ مِنْ الرَّأْيِ فِي الْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ: أَيْ ظَهَرَ لِي أَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِيهِ (فِي نَحْوِ نِصْفِ حَجْمِهِ) هُوَ صَادِقٌ بِمَا وَقَعَ فِي الْخَارِجِ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى النِّصْفِ بِيَسِيرٍ، فَإِنَّ نَحْوَ الشَّيْءِ يُطْلَقُ عَلَى مَا سَاوَاهُ أَوْ قَارَبَهُ مَعَ زِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ، وَالنِّصْفُ مُثَلَّثُ النُّونِ، وَيُقَالُ فِيهِ نَصِيفٌ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَزِيَادَةِ يَاءٍ قَبْلَ آخِرِهِ (لِيَسْهُلَ حِفْظُهُ) أَيْ الْمُخْتَصَرِ عَلَى مَنْ يَرْغَبُ فِي حِفْظِ مُخْتَصَرٍ. قَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ: الْكِتَابُ يُخْتَصَرُ لِيُحْفَظَ وَيُبْسَطَ لِيُفْهَمَ، وَالِاخْتِصَارُ مَمْدُوحٌ شَرْعًا، قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أُوتِيت جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَاخْتُصِرَ لِي الْكَلَامُ اخْتِصَارًا» (مَعَ مَا) أَيْ مَصْحُوبًا ذَلِكَ الْمُخْتَصَرَ بِمَا (أَضُمُّهُ إلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) فِي أَثْنَائِهِ وَبِذَلِكَ قَرُبَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ أَصْلِهِ كَمَا قِيلَ (مِنْ النَّفَائِسِ الْمُسْتَجَادَاتِ) أَيْ الْمُسْتَحْسَنَاتِ بَيَانٌ لِمَا سَوَاءٌ أَجُعِلَتْ مَوْصُولًا اسْمِيًّا أَوْ نَكِرَةً مَوْصُوفَةً (مِنْهَا) الضَّمِيرُ لِلنَّفَائِسِ أَوْ لِمَا فِي قَوْلِهِ مَا أَضُمُّهُ، وَاعْتُبِرَ الْمَعْنَى وَالْحَاصِلُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْبَيَانِ أَوْ لِلْمُبَيِّنِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: بِأَنَّهُ وَفِيٌّ بِحَسَبِ مَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ) بِفَتْحِ السِّينِ وَفِي الْمُخْتَارِ: لِيَكُنْ عَمَلُك بِحَسَبِ ذَلِكَ بِالْفَتْحِ أَيْ عَلَى قَدْرِهِ وَعَدَدِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْوُجُوهِ) بَيَانٌ لِمَا (قَوْلُهُ: أَوْ هُوَ أَهَمُّ الْمَطْلُوبَاتِ) أَيْ بَلْ هُوَ وَيَصِحُّ كَوْنُهَا لِلتَّرْدِيدِ إبْهَامًا عَلَى السَّامِعِ وَتَنْشِيطًا لَهُ عَلَى الْبَحْثِ عَنْ ذَلِكَ وَلِلتَّنْوِيعِ إشَارَةً إلَى أَنَّ مَعْرِفَةَ الرَّاجِحِ مَذْهَبٌ مِنْ الْأَهَمِّ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ يُرِيدُ الْإِحَاطَةَ لمدا بارك وَهِيَ الْأَهَمُّ لِمَنْ يُرِيدُ مُجَرَّدَ الْإِفْتَاءِ أَوْ الْعَمَلَ اهـ ابْنُ حَجَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (قَوْلُهُ: أَيْ مِقْدَارُ الْمُحَرَّرِ) هَذَا تَفْسِيرٌ مُرَادٌ، وَإِلَّا فَالْحَجْمُ كَمَا فِي ابْنِ حَجَرٍ: جِرْمُ الشَّيْءِ النَّاتِئُ مِنْ الْأَرْضِ اهـ وَفِي الْمُخْتَارِ: حَجْمُ الشَّيْءِ حَيْدُهُ، يُقَالُ لَيْسَ لِمِرْفَقِهِ حَجْمٌ: أَيْ نُتُوءٌ، وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ فِي نَتَأَ فَهُوَ نَاتِئٌ ارْتَفَعَ وَبَابُهُ قَطَعَ وَخَضَعَ اهـ. فَقَوْلُهُ مِنْ الْأَرْضِ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ الْمُرَادُ حَجْمُ الشَّيْءِ النَّاتِئِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ اسْتَثْنَى بَعْضَ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِأَنْ يَكُونَ الْبَعْضُ الَّذِي اسْتَثْنَاهُمْ مِنْ الْأَقَلِّ أَوْ نَفْسَ الْأَقَلِّ (قَوْلُهُ: وَاخْتُصِرَ لِي الْكَلَامُ إلَخْ) أَيْ جُعِلَ لِي قُدْرَةٌ عَلَى اخْتِصَارِ الْكَلَامِ (قَوْلُهُ مَعَ مَا إلَخْ) فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى سَبْقِ الْخُطْبَةِ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَجُعِلَتْ مَوْصُولًا) أَيْ إنْ فُرِضَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَاحَظَ نَفَائِسَ مَخْصُوصَةً ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَبِأَنَّهُ يُجْزَمُ) فِي الْمُحَرَّرِ هَذَا شُرُوعٌ فِي الْجَوَابِ عَنْ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الرَّافِعِيِّ الْمَارِّ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الشَّيْخِ فِيمَا مَرَّ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يُنَصَّ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ جَوَابٌ آخَرُ عَنْ هَذَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ زَمَانِهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ لِلْمُصَنِّفِ، فَالْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي الْعَصْرِ مُعَاقِبَةٌ الضَّمِيرَ (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَقَلِّينَ) مِنْ فِيهِ بَيَانِيَّةٌ

(التَّنْبِيهُ عَلَى قُيُودٍ) جَمْعُ قَيْدٍ. وَهُوَ فِي الِاصْطِلَاحِ مَا جِيءَ بِهِ لِجَمْعٍ أَوْ مَنْعٍ أَوْ بَيَانٍ وَاقِعٍ (فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ) بِأَنْ تُذْكَرَ فِيهَا (هِيَ مِنْ الْأَصْلِ مَحْذُوفَاتٌ) بِالْمُعْجَمَةِ: أَيْ مَتْرُوكَاتٌ اكْتِفَاءً بِذِكْرِهَا فِي الْمَبْسُوطَاتِ وَالتَّنْبِيهُ إعْلَامُ تَفْصِيلِ مَا تَقَدَّمَ إجْمَالًا فِيمَا قَبْلَهُ وَالْمَسَائِلُ جَمْعُ مَسْأَلَةٍ وَهِيَ مَطْلُوبٌ خَبَرِيٌّ يُبَرْهَنُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْعِلْمِ إنْ كَانَ كَسْبِيًّا (وَمِنْهَا مَوَاضِعُ يَسِيرَةٌ) نَحْوُ خَمْسِينَ مَوْضِعًا (ذَكَرَهَا فِي الْمُحَرَّرِ عَلَى خِلَافِ الْمُخْتَارِ فِي الْمَذْهَبِ) الْآتِي ذِكْرُهُ فِيهَا مُصَحَّحًا (كَمَا سَتَرَاهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) فِي خِلَافِهَا لَهُ نَظَرٌ لَلْمَدَارِكِ (وَاضِحَاتٍ) بِأَنْ أُبَيِّنَ فِيهَا أَنَّ الْمُخْتَارَ فِي الْمَذْهَبِ خِلَافُ مَا فِيهِ فَصَارَ حَاصِلُ كَلَامِهِ، وَمِنْهَا ذِكْرُ الْمُخْتَارِ فِي الْمَذْهَبِ فِي مَوَاضِعَ يَسِيرَةٍ ذَكَرَهَا فِي الْمُحَرَّرِ عَلَى خِلَافِهِ (وَمِنْهَا إبْدَالُ مَا كَانَ مِنْ أَلْفَاظِهِ غَرِيبًا) أَيْ غَيْرَ مَأْلُوفِ الِاسْتِعْمَالِ، وَلَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ فِي الْمُرَابَحَةِ ده يازده؛ لِأَنَّ وُقُوعَهَا فِي أَلْسِنَةِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ أَخْرَجَهَا عَنْ الْغَرَابَةِ (أَوْ مُوهِمًا) أَيْ مَوْقِعًا فِي الْوَهْمِ أَيْ الذِّهْنِ (خِلَافَ الصَّوَابِ) أَيْ الْإِتْيَانَ بَدَلَ ذَلِكَ (بِأَوْضَحَ وَأَخْصَرَ مِنْهُ بِعِبَارَاتٍ جَلِيَّاتٍ) أَيْ ظَاهِرَاتٍ فِي أَدَاءِ الْمُرَادِ. وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمَعْرُوفَ عِنْدَ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ وَهُوَ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ النَّحْوِيُّونَ وَاللُّغَوِيُّونَ أَنَّ الْبَاءَ مَعَ الْإِبْدَالِ تَدْخُلُ عَلَى الْمَتْرُوكِ لَا عَلَى الْمَأْتِيِّ بِهِ، قَالَ تَعَالَى {وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} [البقرة: 108] وَقَالَ {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ} [البقرة: 61] وَقَالَ {وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ} [سبأ: 16] الْآيَةَ، وَقَالَ {وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ} [النساء: 2] وَحِينَئِذٍ فَكَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ: وَمِنْهَا إبْدَالُ الْأَوْضَحِ وَالْأَخْصَرِ بِمَا كَانَ مِنْ أَلْفَاظِهِ غَرِيبًا أَوْ مُوهِمًا خِلَافَ الصَّوَابِ. وَرَدَّهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الشَّمْسُ الْقَايَاتِيُّ بِأَنَّهُ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ أَئِمَّةُ اللُّغَةِ مِنْ أَنَّهَا إنَّمَا تَدْخُلُ عَلَى الْمَأْخُوذِ فِي الْإِبْدَالِ مُطْلَقًا وَفِي التَّبْدِيلِ إنْ لَمْ يُذْكَرْ مَعَ الْمَتْرُوكِ وَالْمَأْخُوذِ غَيْرُهُمَا، فَقَدْ نَقَلَ الْأَزْهَرِيُّ عَنْ ثَعْلَبَ: أَبْدَلْت الْخَاتَمَ بِالْحَلْقَةِ إذَا نَحَّيْت هَذَا وَجَعَلْت هَذِهِ مَكَانَهُ، وَبَدَّلْت الْخَاتَمَ بِالْحَلْقَةِ إذَا أَذَبْته وَسَوَّيْته حَلْقَةً، أَمَّا إذَا ذُكِرَ مَعَهُمَا غَيْرُهُمَا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ} [سبأ: 16] وَكَمَا فِي قَوْلِك بَدَّلَهُ بِخَوْفِهِ أَمْنًا فَدُخُولُهَا حِينَئِذٍ عَلَى الْمَتْرُوكِ كَمَا فِي الِاسْتِبْدَالِ وَالتَّبَدُّلِ ـــــــــــــــــــــــــــــSيُرِيدُ ضَمَّهَا وَمَوْصُوفَةً إنْ لَاحَظَ أَنَّهُ يَضُمُّ مَا يَجِدُهُ حَسَنًا حِينَ التَّأْلِيفِ (قَوْلُهُ: التَّنْبِيهُ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: مَنْ النُّبْهِ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ وَهِيَ الْفَطِنَةُ اهـ. وَالْمُرَادُ هُنَا تَوْقِيفُ النَّاظِرِ فِيهِ عَلَى تِلْكَ الْقُيُودِ، وَفِي الْمُخْتَارِ نَبِهَ الرَّجُلُ شَرُفَ وَاشْتَهَرَ وَبَابُهُ ظَرُفَ، ثُمَّ قَالَ: وَنَبَّهَهُ أَيْضًا عَلَى الشَّيْءِ وَقَفَهُ عَلَيْهِ فَتَنَبَّهَ هُوَ عَلَيْهِ اهـ (قَوْلُهُ: أَوْ بَيَانٍ وَاقِعٍ) وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِي الْقُيُودِ كَمَا قَالَهُ السَّعْدُ التَّفْتَازَانِيُّ (قَوْلُهُ: مَحْذُوفَاتٌ) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ هِيَ مِنْ الْأَصْلِ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ فِي الْمَبْسُوطَاتِ) أَيْ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ اهـ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: وَالتَّنْبِيهُ إعْلَامٌ) هَذَا تَعْرِيفٌ لِلتَّنْبِيهِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ، لَا بِالنَّظَرِ لِمَا الْكَلَامُ فِيهِ فَإِنَّهُ هُنَا بِمَعْنَى الذِّكْرِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ كَسْبِيًّا) أَمَّا إذَا كَانَ بَدِيهِيًّا فَلَا يُقَامُ عَلَيْهِ بُرْهَانٌ (قَوْلُهُ وَمِنْهَا مَوَاضِعُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ مِنْهَا التَّنْبِيهُ اهـ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: فَصَارَ حَاصِلُ كَلَامِهِ) أَيْ النَّوَوِيِّ (قَوْلُهُ: أَيْ الْإِتْيَانُ) تَفْسِيرٌ لِلْإِبْدَالِ وَأَخَّرَهُ لِيَرْتَبِطَ بِالْبَدَلِ اهـ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: بِأَوْضَحَ وَأَخْصَرَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْأَوَّلَ فِيهِ إيضَاحٌ اهـ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: بِعِبَارَاتٍ) الْبَاءُ فِي بِعِبَارَاتٍ إمَّا سَبَبِيَّةٌ أَوْ لِلْمُلَابَسَةِ اهـ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْبَاءَ مَعَ الْإِبْدَالِ تَدْخُلُ) أَيْ مَعَ مَا كَانَ مِنْ مَادَّتِهِ كَالتَّبْدِيلِ وَالِاسْتِبْدَالِ بِدَلِيلِ أَمْثِلَتِهِ وَالتَّبَدُّلِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ ذُكِرَ مَعَ الْمَتْرُوكِ وَالْمَأْخُوذِ غَيْرُهُمَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الِاسْتِبْدَالِ وَالتَّبَدُّلِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِأَنْ تُذْكَرَ فِيهَا) فَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ تَنْبِيهِهِ عَلَى الْقُيُودِ الْمَحْذُوفَةِ أَنْ يَقُولَ هُنَا قَيْدٌ مَحْذُوفٌ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ: وَالتَّنْبِيهُ إعْلَامُ تَفْصِيلٍ إلَخْ) هَذَا تَعْرِيفٌ لِلتَّنْبِيهِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ لَا بِالنَّظَرِ لِمَا الْكَلَامُ فِيهِ هُنَا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا ذِكْرُ قُيُودٍ لَيْسَتْ فِي الْمُحَرَّرِ وَلَا عُلِمَتْ مِنْهُ كَمَا قَدَّمَهُ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَطْلُوبٌ خَبَرِيٌّ إلَخْ) سَيَأْتِي لَهُ فِي أَوَاخِرِ الْخُطْبَةِ تَعْرِيفُهُ بِغَيْرِ هَذَا (قَوْلُهُ: فَصَارَ حَاصِلُ كَلَامِهِ وَمِنْهَا ذَكَرَ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: يَجُوزُ كَوْنُهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ مَفْهُومٍ مِنْ السِّيَاقِ: أَيْ تَحْقِيقُ مَوَاضِعَ فَيَظْهَرُ صِحَّةُ الْحَمْلِ انْتَهَى. وَأَقُولُ: مَا الْمَانِعُ مِنْ قِرَاءَةِ مَوَاضِعَ بِالْجَرِّ بِالْفَتْحَةِ عَطْفًا عَلَى قُيُودٍ، فَيَكُونُ مِنْ مَدْخُولِ التَّنْبِيهِ وَلَا يَحْتَاجُ الْكَلَامُ حِينَئِذٍ إلَى تَأْوِيلٍ وَلَا تَقْدِيرٍ مَا لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ، إذْ لَا خَفَاءَ أَنَّ مِنْهَا خَبَرٌ مُقَدَّمٌ فَتَحِلُّ عِبَارَتُهُ إلَى قَوْلِنَا التَّنْبِيهُ عَلَى قُيُودٍ إلَخْ فَلَا يُعْتَرَضُ (قَوْلُهُ: وَبَدَّلْنَاهُمْ الْآيَةَ)

وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ التَّبْدِيلِ وَالْإِبْدَالِ، بِأَنَّ التَّبْدِيلَ تَغْيِيرُ صُورَةٍ إلَى صُورَةٍ مَعَ بَقَاءِ الذَّاتِ، وَالْإِبْدَالُ تَغْيِيرُ الذَّاتِ بِالْكُلِّيَّةِ. وَلَمَّا كَانَ حَاصِلُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْجَوَابِ رَدَّ الِاعْتِرَاضِ مِنْ أَصْلِهِ لَمْ أَذْكُرْ كَلَامَ مَنْ سَلَّمَ الِاعْتِرَاضَ وَأَجَابَ عَنْهُ. ثُمَّ شَرَعَ فِي ذِكْرِ اصْطِلَاحٍ حَسَنٍ ابْتَكَرَهُ لَمْ يُسْبَقْ إلَيْهِ فَقَالَ (وَمِنْهَا بَيَانُ الْقَوْلَيْنِ وَالْوَجْهَيْنِ وَالطَّرِيقَيْنِ وَالنَّصِّ وَمَرَاتِبِ الْخِلَافِ) قُوَّةً وَضَعْفًا فِي الْمَسَائِلِ (فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ) أَيْ حَالَةَ يُعَبِّرُ فِيهَا بِالْأَظْهَرِ أَوْ الْمَشْهُورِ أَوْ بِالْأَصَحِّ أَوْ الصَّحِيحِ فَهُوَ عَامٌّ مَخْصُوصٌ، أَمَّا مَا عَبَّرَ فِيهِ بِالْمَذْهَبِ بِالنِّسْبَةِ لِبَيَانِ الطَّرِيقَيْنِ أَوْ الطُّرُقِ أَوْ بِقِيلٍ لِبَيَانِ أَنَّهُ وَجْهٌ ضَعِيفٌ وَأَنَّ الْأَصَحَّ أَوْ الصَّحِيحَ خِلَافُهُ، أَوْ بَقِيَ قَوْلٌ لِبَيَانِ أَنَّ الرَّاجِحَ خِلَافُهُ، أَوْ بِالنَّصِّ لِبَيَانِ أَنَّهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ وَأَنَّ مُقَابِلَهُ وَجْهٌ ضَعِيفٌ أَوْ قَوْلٌ مُخَرَّجٌ، أَوْ بِالْجَدِيدِ لِبَيَانِ أَنَّ الْقَدِيمَ خِلَافُهُ، أَوْ بِالْقَدِيمِ أَوْ فِي قَوْلٍ قَدِيمٍ لِبَيَانِ أَنَّ الْجَدِيدَ خِلَافُهُ، فَلَمْ يُبَيِّنْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا مَرَاتِبَ الْخِلَافِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَيَّنَ بِهِ مُرَادَهُ بَعْدُ، وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ الْمُؤَلِّفَ وَفِيٌّ بِمَا الْتَزَمَهُ فِي جَمِيعِ اصْطِلَاحَاتِهِ فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ وَلَا ارْتِيَابٍ اهـ. فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ إنَّ مَا ادَّعَاهُ مِنْ بَيَانِ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْمَسَائِلِ مَرْدُودٌ، وَأَنَّهُ يُرَدُّ عَلَيْهِ مِنْ مَرَاتِبِ الْخِلَافِ أَشْيَاءُ مِنْهَا مَا عَبَّرَ فِيهِ بِالْمَذْهَبِ أَوْ النَّصِّ أَوْ الْجَدِيدِ أَوْ الْقَدِيمِ أَوْ فِي قَوْلِ كَذَا أَوْ قِيلَ كَذَا. وَمِنْ فَوَائِدِ ذِكْرِ الْمُجْتَهِدِ لِلْقَوْلَيْنِ إبْطَالُ مَا زَادَ لَا الْعَمَلِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَبَيَانُ الْمُدْرَكِ، وَأَنَّ مَنْ رَجَّحَ أَحَدَهُمَا مِنْ مُجْتَهِدِ الْمَذْهَبِ لَا يُعَدُّ خَارِجًا عَنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ مُطْلَقًا عَلَى مَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ الْعِبَارَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ كَمَا فِي الِاسْتِبْدَالِ إلَخْ أَنَّ فِيهِمَا التَّفْصِيلَ الَّذِي فِي التَّبْدِيلِ، فَتَدْخُلُ عَلَى الْمَأْخُوذِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الْمَأْخُوذِ وَالْمَتْرُوكِ غَيْرُهُمَا، وَعَلَى الْمَتْرُوكِ إنْ كَانَ مَعَهُمَا غَيْرُهُمَا. وَعِبَارَةُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ عَلَى أَلْفِيَّةِ الْحَدِيثِ فِي الْعِلَلِ مَا نَصُّهُ: فَالْبَاءُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمَتْرُوكِ تَشْبِيهًا لِلْإِبْدَالِ بِالتَّبَدُّلِ وَإِلَّا فَهُوَ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ أَئِمَّةُ اللُّغَةِ مِنْ أَنَّهَا إنَّمَا تَدْخُلُ عَلَى الْمَأْخُوذِ فِي الْإِبْدَالِ كَالتَّبْدِيلِ، وَعَلَى الْمَتْرُوكِ فِي الِاسْتِبْدَالِ وَالتَّبَدُّلِ إنْ لَمْ يُذْكَرْ مَعَ الْمَتْرُوكِ وَالْمَأْخُوذِ غَيْرُهُمَا فِي الْأَرْبَعَةِ اهـ. وَفِي ابْنِ حَجَرٍ مَا نَصُّهُ: وَإِدْخَالُ الْبَاءِ فِي حَيِّزِ الْإِبْدَالِ عَلَى الْمَأْخُوذِ، وَفِي حَيِّزِ بَدَلٍ وَالتَّبَدُّلُ وَالِاسْتِبْدَالُ عَلَى الْمَتْرُوكِ هُوَ الْفَصِيحُ اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ دُخُولُهَا فِي حَيِّزِ كُلٍّ عَلَى الْمَأْخُوذِ وَالْمَتْرُوكِ وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمَا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَفْصَحِ فَقَطْ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُذْكَرَ مَعَ الْمَتْرُوكِ وَالْمَأْخُوذِ غَيْرُهُمَا أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ التَّبْدِيلِ) وَلَمْ يُبَيِّنْ هَذَا الْفَارِقُ مَعْنَى الِاسْتِبْدَالِ وَالتَّبَدُّلِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: قُوَّةً وَضَعْفًا) رَاجِعٌ لِمَرَاتِبِ الْخِلَافِ، وَقَوْلُهُ فِي الْمَسَائِلِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ الْقَوْلَيْنِ وَالْوَجْهَيْنِ إلَخْ اهـ عَمِيرَةُ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: أَيْ حَالَةَ يُعَبِّرُ) أَيْ النَّوَوِيُّ (قَوْلُهُ: مُرَادُهُ بَعْدُ) أَيْ بِقَوْلِهِ فَحَيْثُ أَقُولُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ) أَيْ لِكَوْنِهِ عَامًّا مَخْصُوصًا بِقَرِينَةٍ بَيَانُهُ بَعْدُ (قَوْلُهُ: وَبَيَانُ الْمُدْرَكِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْمُدْرَكُ بِضَمِّ الْمِيمِ يَكُونُ مَصْدَرًا وَاسْمَ زَمَانٍ وَمَكَانٍ، تَقُولُ أَدْرَكْته مُدْرَكًا: أَيْ إدْرَاكًا، وَهَذَا مُدْرَكُهُ: أَيْ مَوْضِعُ إدْرَاكِهِ أَوْ زَمَنُ إدْرَاكِهِ، وَمَدَارُك الشَّرْعِ مَوَاضِعُ طَلَبِ الْأَحْكَامِ، وَهِيَ حَيْثُ يُسْتَدَلُّ بِالنُّصُوصِ وَالِاجْتِهَادِ مِنْ مَدَارِك الشَّرْعِ، وَالْفُقَهَاءُ يَقُولُونَ فِي الْوَاحِدِ مَدْرَكٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَلَيْسَ لِتَخْرِيجِهِ وَجْهٌ، وَقَدْ نَصَّ الْأَئِمَّةُ عَلَى طَرْدِ الْبَابِ فَيُقَالُ مُفْعَلٌ بِضَمِّ الْمِيمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ مَعَهَا الْمَفْعُولَ الَّذِي هُوَ الضَّمِيرُ فِيهَا كَالَّتِي بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: أَيْ حَالَةَ يُعَبَّرُ فِيهَا بِالْأَظْهَرِ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ وَمَرَاتِبُ الْخِلَافِ لَيْسَ إلَّا وَصَنِيعُ الْجَلَالِ، وَالشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ صَرِيحٌ فِي خِلَافِهِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ عَامٌّ مَخْصُوصٌ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَرَاتِبِ الْخِلَافِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا قَبْلَهُ إنْ جُعِلَ رَاجِعًا إلَيْهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَيَّنَ بِهِ مُرَادَهُ بَعْدُ) أَيْ فَهُوَ الْقَرِينَةُ عَلَى التَّخْصِيصِ، إذْ الْعَامُّ الْمَخْصُوصُ مَجَازٌ قَطْعًا لَا بُدَّ لَهُ مِنْ قَرِينَةٍ (قَوْلُهُ: وَمِنْ فَوَائِدِ ذِكْرِ الْمُجْتَهِدِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْمُجْتَهِدِ مُجْتَهِدُ الْمَذْهَبِ النَّاقِلِ لِأَقْوَالِ الْإِمَامِ، أَوْ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ

ثُمَّ الرَّاجِحُ مِنْهُمَا مَا نَصَّ عَلَى رُجْحَانِهِ وَإِلَّا فَمَا عُلِمَ تَأَخُّرُهُ وَإِلَّا فَمَا فَرَّعَ عَلَيْهِ وَحْدَهُ وَإِلَّا فَمَا قَالَ عَنْ مُقَابِلِهِ مَدْخُولٌ أَوْ يَلْزَمُهُ فَسَادٌ وَإِلَّا فَمَا أَفْرَدَهُ فِي مَحَلٍّ أَوْ جَوَابٍ وَإِلَّا فَمَا وَافَقَ مَذْهَبَ مُجْتَهِدٍ لِتَقَوِّيهِ بِهِ فَإِنْ خَلَا عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَهُوَ لِتَكَافُؤِ نَظَرَيْهِ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى سَعَةِ الْعِلْمِ وَشِدَّةِ الْوَرَعِ حَذَرًا مِنْ وَرْطَةِ هُجُومٍ عَلَى تَرْجِيحٍ مِنْ غَيْرِ وُضُوحِ دَلِيلٍ. وَنَقَلَ الْقَرَافِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى تَخْيِيرِ الْمُقَلِّدِ بَيْنَ قَوْلَيْ إمَامِهِ: أَيْ عَلَى جِهَةِ الْبَدَلِ لَا الْجَمْعِ إذَا لَمْ يَظْهَرْ تَرْجِيحُ أَحَدِهِمَا، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ أَفْعَلَ، وَاسْتَثْنَيْت كَلِمَاتٍ مَسْمُوعَةٍ خَرَجَتْ عَنْ الْقِيَاسِ اهـ الْمُرَادُ مِنْهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، لَكِنْ فِي حَوَاشِي الشَّنَوَانِيِّ عَلَى شَرْحِ الشَّافِيَةِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ كَالْغَزِّيِّ عَلَى الْجَارْبُرْدِيِّ أَنَّ الْمَدْرَكَ بِفَتْحِ الْمِيمِ اهـ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الرَّاجِحُ مِنْهُمَا مَا نَصَّ) أَيْ الشَّافِعِيُّ (قَوْلُهُ: فَمَا قَالَ عَنْ مُقَابِلِهِ) أَيْ الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ: مَدْخُولٌ) أَيْ فِيهِ دَخْلٌ أَيْ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: مَذْهَبُ مُجْتَهِدٍ) أَيْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ لِتَكَافُؤِ نَظَرَيْهِ) أَيْ فَلَا يُنْسَبُ لِلْإِمَامِ تَرْجِيحٌ مِنْ ذَلِكَ الْخِلَافِ وَلَا يَقْدَحُ فِي شَأْنِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى سَعَةِ) أَيْ ذِكْرُ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: مِنْ وَرْطَةِ هُجُومٍ إلَخْ) أَيْ فِي مَفْسَدَةِ هُجُومٍ، وَالْوَرْطَةُ لُغَةً الْهَلَاكُ. قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: الْوَرْطَةُ الْهَلَاكُ، وَأَوْرَطَهُ وَوَرَّطَهُ تَوْرِيطًا: أَوْقَعَهُ فِي الْوَرْطَةِ فَتَوَرَّطَ فِيهَا اهـ (قَوْلُهُ وَنَقَلَ الْقَرَافِيُّ) أَيْ الْمَالِكِيُّ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَظْهَرْ تَرْجِيحٌ إلَخْ) أَيْ أَمَّا إذَا ظَهَرَ تَرْجِيحُ أَحَدِهِمَا فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ، وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــQمُسَامَحَةً، إذْ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْمُجْتَهِدَ أَعْنِي صَاحِبَ الْمَذْهَبِ يَقُولُ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ مَثَلًا الَّذِي هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ كَمَا لَا يَخْفَى، فَحَقُّ الْعِبَارَةِ وَمِنْ فَوَائِدِ نَقْلِ الْأَصْحَابِ لِقَوْلِ الْمُجْتَهِدِ مُطْلَقَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي يَتَنَزَّلُ عَلَيْهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي الَّذِي هُوَ مِنْ جُمْلَةِ قَوْلِهِ ثُمَّ الرَّاجِحُ مِنْهُمَا مَا نَصَّ عَلَى رُجْحَانِهِ إلَخْ. وَعِبَارَةُ جَمْعِ الْجَوَامِعِ فِيهِ: وَإِنْ نُقِلَ عَنْ مُجْتَهِدٍ قَوْلَانِ مُتَعَاقِبَانِ فَالْمُتَأَخِّرُ قَوْلُهُ: إلَخْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الرَّاجِحُ مِنْهُمَا مَا نَصَّ عَلَى رُجْحَانِهِ وَإِلَّا فَمَا عُلِمَ تَأَخُّرُهُ) الَّذِي فِي التُّحْفَةِ شَرْحِ الْكِتَابِ لِلشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ: ثُمَّ الرَّاجِحُ مِنْهُمَا مَا تَأَخَّرَ إنْ عُلِمَ، وَإِلَّا فَمَا نَصَّ عَلَى رُجْحَانِهِ انْتَهَى. وَكَتَبَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَمَا نَصَّ عَلَى رُجْحَانِهِ يَقْتَضِي أَنَّ الرَّاجِحَ مَا تَأَخَّرَ إنْ عُلِمَ وَإِنْ نَصَّ عَلَى رُجْحَانِ الْأَوَّلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَطْعًا، فَلَوْ عَكَسَ فَقَالَ: ثُمَّ الرَّاجِحُ مَا نُصَّ عَلَى رُجْحَانِهِ وَإِلَّا فَمَا تَأَخَّرَ إنْ عُلِمَ أَصَابَ. وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَإِلَّا مَعْنَاهُ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ تَأَخُّرُهُ، وَهُوَ لَا يَخْلُصُ فَتَأَمَّلْهُ انْتَهَى. وَمَا قَالَهُ مَرْدُودٌ نَقْلًا وَمَعْنًى؛ أَمَّا نَقْلًا، فَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ هُوَ مَنْقُولُ كُتُبِ الْمَذْهَبِ كَالرَّوْضَةِ لِشَيْخِهِ وَغَيْرِهَا، وَكُتُبِ الْأُصُولِ كَجَمْعِ الْجَوَامِعِ وَغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ فِيهِمَا. وَعِبَارَةُ جَمْعِ الْجَوَامِعِ: وَإِنْ نُقِلَ عَنْ مُجْتَهِدٍ قَوْلَانِ مُتَعَاقِبَانِ فَالْمُتَأَخِّرُ قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَمَا ذَكَرَهُ فِيهِ يُشْعِرُ بِتَرْجِيحِهِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَكَيْفَ يَقُولُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَطْعًا، وَأَمَّا مَعْنًى فَلِأَنَّ الْمُتَأَخِّرَ أَقْوَى مِنْ التَّرْجِيحِ،؛ لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ إنَّمَا رَجَّحَ الْأَوَّلَ بِحَسَبِ مَا ظَهَرَ لَهُ كَالنَّسْخِ لِلْأَوَّلِ بِتَرْجِيحِهِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُتَأَخِّرَ مِنْ أَقْوَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَاسِخٌ لِلْمُتَقَدِّمِ مُطْلَقًا، وَإِنْ قَالَ فِي الْمُتَقَدِّمِ إنَّهُ وَاجِبٌ مُسْتَمِرٌّ أَبَدًا كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي الْأُصُولِ، فَعُلِمَ أَنَّ الصَّوَابَ مَا صَنَعَهُ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ لَا مَا صَنَعَهُ الشَّارِحُ الْمُوَافِقُ لِاعْتِرَاضِ الشِّهَابِ ابْنِ قَاسِمٍ رَحِمَهُمْ اللَّهُ أَجْمَعِينَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَمَا قَالَ عَنْ مُقَابِلِهِ مَدْخُولٌ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا الصَّنِيعِ أَنَّهُ إذَا فَرَّعَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ ثُمَّ قَالَ عَلَيْهِ إنَّهُ مَدْخُولٌ أَوْ يَلْزَمُ فَسَادُ أَنَّهُ يُقَدَّمُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، ثُمَّ رَأَيْت الشِّهَابَ ابْنَ قَاسِمٍ سَبَقَ إلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَظْهَرْ تَرْجِيحُ) أَمَّا إذَا ظَهَرَ تَرْجِيحُ أَحَدِهِمَا فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ فِي ذَلِكَ لِقَوْلِهِمْ الْعَمَلُ بِالرَّاجِحِ وَاجِبٌ، فَمَا اُشْتُهِرَ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ الْعَمَلُ لِنَفْسِهِ بِالْأَوْجُهِ الضَّعِيفَةِ كَمُقَابِلِ الْأَصَحِّ غَيْرُ صَحِيحٍ، هَكَذَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى. وَفِيهِ أَمْرَانِ: الْأَوَّلُ أَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ هُنَا فِي قَوْلَيْنِ لِمُجْتَهِدٍ وَاحِدٍ، فَلَا يُنْتَجُ أَنَّ الْوَجْهَيْنِ إذَا تَعَدَّدَ قَائِلُهُمَا كَذَلِكَ فَقَوْلُهُ فَمَا اُشْتُهِرَ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ الْعَمَلُ إلَخْ تَفْرِيعًا عَلَى مَا هُنَا فِي مَقَامِ الْمَنْعِ، وَقَوْلُهُمْ

إجْمَاعَ أَئِمَّةِ مَذْهَبِهِ، وَإِلَّا فَمُقْتَضَى مَذْهَبِنَا كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ مَنْعُ ذَلِكَ فِي الْقَضَاءِ وَالْإِفْتَاءِ دُونَ الْعَمَلِ لِنَفْسِهِ، وَبِهِ يَجْمَعُ بَيْنَ قَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ: يَجُوزُ عِنْدَنَا، وَانْتَصَرَ لَهُ الْغَزَالِيُّ كَمَا يَجُوزُ لِمَنْ أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى تَسَاوِي جِهَتَيْنِ: أَنْ يُصَلِّيَ إلَى أَيِّهِمَا شَاءَ بِالْإِجْمَاعِ، وَقَوْلُ الْإِمَامِ يَمْتَنِعُ إنْ كَانَا فِي حُكْمَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ كَإِيجَابٍ وَتَحْرِيمٍ، بِخِلَافِ خِصَالِ الْكَفَّارَةِ، وَأَجْرَى السُّبْكِيُّ ذَلِكَ وَتَبِعُوهُ فِي الْعَمَلِ بِخِلَافِ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ: أَيْ مِمَّا عَلِمْت نِسْبَتَهُ لِمَنْ يَجُوزُ تَقْلِيدُهُ وَجَمَعَ شُرُوطَهُ عِنْدَهُ، وَحَمَلَ عَلَى ذَلِكَ قَوْلَ ابْنِ الصَّلَاحِ: لَا يَجُوزُ تَقْلِيدُ غَيْرِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ: أَيْ فِي إفْتَاءٍ أَوْ قَضَاءٍ وَمَحَلِّ ذَلِكَ وَغَيْرِهِ مَا لَمْ يَتَتَبَّعْ الرُّخَصَ فِي سَائِرِ صُوَرِ التَّقْلِيدِ بِحَيْثُ تَنْحَلُّ رِبْقَةُ التَّكْلِيفِ مِنْ عُنُقِهِ وَإِلَّا أَثِمَ بِهِ، بَلْ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ فَسَقَ، وَالْأَوْجُهُ خِلَافُهُ. وَقِيلَ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي حَالَةِ تَتَبُّعِهَا مِنْ الْمَذَاهِبِ الْمُدَوَّنَةِ وَإِلَّا فَسَقَ قَطْعًا، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ كَالْآمِدِيِّ مَنْ عَمِلَ بِمَسْأَلَةٍ بِقَوْلِ إمَامٍ لَا يَجُوزُ لَهُ الْعَمَلُ فِيهَا بِقَوْلِ غَيْرِهِ اتِّفَاقًا لِتَعَيُّنِ حَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا بَقِيَ مِنْ آثَارِ الْعَمَلِ الْأَوَّلِ مَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مَعَ الثَّانِي تَرَكُّبُ حَقِيقَةٍ لَا يَقُولُ بِهَا كُلٌّ مِنْ الْإِمَامَيْنِ، كَتَقْلِيدِ الشَّافِعِيِّ فِي مَسْحِ بَعْضِ الرَّأْسِ، وَمَالِكٍ فِي طَهَارَةِ الْكَلْبِ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ، وَقَدْ ذَكَرَ السُّبْكِيُّ فِي الصَّلَاةِ فِي فَتَاوِيهِ نَحْوَ ذَلِكَ مَعَ زِيَادَةِ إيضَاحٍ فِيهِ، وَتَبِعَهُ جَمْعٌ عَلَيْهِ حَيْثُ قَالُوا: إنَّمَا يَمْتَنِعُ تَقْلِيدُ الْغَيْرِ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ بِعَيْنِهَا لَا مِثْلِهَا خِلَافًا لِلشَّارِحِ الْمَحَلِّيِّ كَأَنْ أَفْتَى شَخْصٌ بِبَيْنُونَةِ زَوْجَةٍ بِطَلَاقِهَا مُكْرَهًا ثُمَّ نَكَحَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSمُوَافِقٌ فِي ذَلِكَ لِقَوْلِهِمْ الْعَمَلُ بِالرَّاجِحِ وَاجِبٌ، فَمَا اُشْتُهِرَ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ الْعَمَلُ لِنَفْسِهِ بِالْأَوْجُهِ الضَّعِيفَةِ كَمُقَابِلِ الْأَصَحِّ غَيْرُ صَحِيحِ (قَوْلُهُ: مُنِعَ ذَلِكَ) أَيْ التَّخْيِيرُ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْإِمَامِ) أَيْ بَيْنَ قَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ وَقَوْلِ الْإِمَامِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَجْرَى السُّبْكِيُّ ذَلِكَ) أَيْ التَّفْصِيلَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَذَاهِبِ) أَيْ أَجْرَى التَّفْصِيلَ فِي غَيْرِ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: رِبْقَةُ التَّكْلِيفِ) أَيْ عُقْدَةٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) أَيْ فَلَا يَكُونُ فِسْقًا وَإِنْ كَانَ حَرَامًا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُرْمَةِ الْفِسْقُ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلشَّارِحِ الْمَحَلِّيِّ) أَيْ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْقَيْدَ ابْنُ حَجَرٍ، وَزَادَهُ الشَّارِحُ إشَارَةً إلَى أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَشْتَرِطُ لِصِحَّةِ نِكَاحِ إحْدَى الْأُخْتَيْنِ بَعْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعَمَلُ بِالرَّاجِحِ وَاجِبٌ، إنَّمَا هُوَ فِي قَوْلَيْنِ لِإِمَامٍ وَاحِدٍ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ جَمْعِ الْجَوَامِعِ الَّذِي هَذِهِ عِبَارَتُهُ كَغَيْرِهِ، عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَمَلِ فِي قَوْلِهِ الْمَذْكُورِ لَيْسَ هُوَ خُصُوصُ الْعَمَلِ لِلنَّفْسِ، بَلْ الْمُرَادُ كَوْنُهُ الْمَعْمُولُ بِهِ مُطْلَقًا كَمَا لَا يَخْفَى الْأَمْرُ الثَّانِي أَنَّ قَوْلَهُ فَمَا اُشْتُهِرَ إلَخْ كَالتَّصْرِيحِ فِي أَنَّ هَذِهِ الشُّهْرَةَ لَيْسَ لَهَا أَصْلٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. فَفِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ ابْنِ حَجَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَنَفَعَنَا بِهِ مَا مُلَخَّصُهُ بَعْدَ كَلَامٍ أَسْلَفَهُ: ثُمَّ مُقْتَضَى قَوْلِ الرَّوْضَةِ وَإِذَا اخْتَلَفَ مُتَبَحِّرَانِ فِي مَذْهَبٍ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي قِيَاسِ أَصْلِ إمَامِهِمَا، وَمِنْ هَذَا تَتَوَلَّدُ وُجُوهُ الْأَصْحَابِ فَتَقُولُ بِأَيِّهَا يَأْخُذُ الْعَامِلُ فِيهِ مَا فِي اخْتِلَافِ الْمُجْتَهِدِينَ: أَيْ فَيَكُونُ الْأَصَحُّ التَّخْيِيرَ أَنَّهُ يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْوَجْهِ الضَّعِيفِ فِي الْعَمَلِ، يُؤَيِّدُهُ إفْتَاءُ الْبُلْقِينِيِّ بِجَوَازِ تَقْلِيدِ ابْنِ سُرَيْجٍ فِي الدَّوْرِ، وَأَنَّ ذَلِكَ يَنْفَعُ عِنْدَ اللَّهِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا قَوْلُ السُّبْكِيّ فِي الْوَقْفِ فِي فَتَاوِيهِ: يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْوَجْهِ الضَّعِيفِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَمَلِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ لَا الْفَتْوَى، وَالْحُكْمِ، فَقَدْ نَقَلَ ابْنُ الصَّلَاحِ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ انْتَهَى. فَكَلَامُ الرَّوْضَةِ السَّابِقُ: أَيْ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الشَّرْحِ هُنَا مَعَ زِيَادَةِ التَّصْرِيحِ بِالْوَجْهَيْنِ مَحْمُولٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَمَلِ بِالْوَجْهَيْنِ عَلَى وَجْهَيْنِ لِقَائِلٍ وَاحِدٍ، أَوْ شَكَّ فِي كَوْنِهِمَا لِقَائِلٍ أَوْ قَائِلَيْنِ كَمَا فِي قَوْلَيْ الْإِمَامِ،؛ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ مِنْهُمَا لَمْ يَتَحَرَّرْ لِلْمُقَلِّدِ بِطَرِيقٍ يَعْتَمِدُهُ، أَمَّا إذَا تَحَقَّقَ كَوْنُهُمَا مِنْ اثْنَيْنِ خَرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِلتَّخْرِيجِ، فَيَجُوزُ تَقْلِيدُ أَحَدِهِمَا إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَتَأَمَّلْهُ حَقَّ التَّأَمُّلِ وَانْظُرْ إلَى فَرْقِهِ آخِرًا بَيْنَ الْوَجْهَيْنِ لِقَائِلٍ وَاحِدٍ، وَالْوَجْهَيْنِ لِقَائِلَيْنِ تَعْلَمُ مَا فِي تَفْرِيعِ شَيْخِنَا الَّذِي قَدَّمْنَاهُ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ. ثُمَّ رَأَيْت الْعَلَّامَةَ الْمَذْكُورَ بَسَطَ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ

أُخْتَهَا مُقَلِّدًا أَبَا حَنِيفَةَ فِي طَلَاقِ الْمُكْرَهِ، ثُمَّ أَفْتَاهُ شَافِعِيٌّ بِعَدَمِ الْحِنْثِ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ أَنْ يَطَأَ الْأُولَى مُقَلِّدًا لِلشَّافِعِيِّ وَأَنْ يَطَأَ الثَّانِيَةَ مُقَلِّدًا لِلْحَنَفِيِّ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْإِمَامَيْنِ لَا يَقُولُ بِهِ حِينَئِذٍ كَمَا أَوْضَحَ ذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي فَتَاوِيهِ رَادًّا عَلَى مَنْ زَعَمَ خِلَافَهُ مُغْتَرًّا بِظَاهِرِ مَا مَرَّ (فَحَيْثُ أَقُولُ فِي الْأَظْهَرِ أَوْ الْمَشْهُورِ فَمِنْ الْقَوْلَيْنِ أَوْ الْأَقْوَالِ) لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. ثُمَّ قَدْ يَكُونُ الْقَوْلَانِ جَدِيدَيْنِ أَوْ قَدِيمَيْنِ، أَوْ جَدِيدًا وَقَدِيمًا، وَقَدْ يَقُولُهُمَا فِي وَقْتَيْنِ أَوْ وَقْتٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ يُرَجَّحُ أَحَدُهُمَا وَقَدْ لَا يُرَجَّحُ (فَإِنْ قَوِيَ الْخِلَافُ) لِقُوَّةِ مُدْرِكِهِ (قُلْت الْأَظْهَرُ) الْمُشْعِرُ بِظُهُورِ مُقَابِلِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ ضَعُفَ الْخِلَافُ (فَالْمَشْهُورُ) الْمُشْعِرُ بِغَرَابَةِ مُقَابِلِهِ لِضَعْفِ مُدْرِكِهِ (وَحَيْثُ أَقُولُ الْأَصَحُّ أَوْ الصَّحِيحُ فَمِنْ الْوَجْهَيْنِ أَوْ الْأَوْجُهِ) لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ يَسْتَخْرِجُونَهَا مِنْ كَلَامِهِ وَقَدْ يَجْتَهِدُونَ فِي بَعْضِهَا وَإِنْ لَمْ يَأْخُذُوهُ مِنْ أَصْلِهِ، ثُمَّ قَدْ يَكُونُ الْوَجْهَانِ لِاثْنَيْنِ وَقَدْ يَكُونَانِ لِوَاحِدٍ وَاَللَّذَانِ لِلْوَاحِدِ يَنْقَسِمَانِ كَانْقِسَامِ الْقَوْلَيْنِ (فَإِنْ قَوِيَ الْخِلَافُ) لِقُوَّةِ مُدْرِكِهِ (قُلْت الْأَصَحُّ) الْمُشْعِرُ بِصِحَّةِ مُقَابِلِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ ضَعُفَ الْخِلَافُ (فَالصَّحِيحُ) وَلَمْ يُعَبِّرْ بِذَلِكَ فِي الْأَقْوَالِ تَأَدُّبًا مَعَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ كَمَا قَالَ، فَإِنَّ الصَّحِيحَ مِنْهُ مُشْعِرٌ بِفَسَادِ مُقَابِلِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمَشْهُورَ ـــــــــــــــــــــــــــــSطَلَاقِ الْأُخْرَى انْقِضَاءَ عِدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ سَوَاءٌ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا أَمْ بَائِنًا (قَوْلُهُ: فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ أَنْ يَطَأَ الْأُولَى إلَخْ) قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذِهِ وَالصَّلَاةِ الْمُتَقَدِّمَةِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ حَالَ تَلَبُّسِهِ بِهَا لَا يَقُولُ وَاحِدٌ مِنْ الْإِمَامَيْنِ بِصِحَّتِهَا وَحَالَةَ وَطْءِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا يَقُولُ فِيهَا بِالْجَوَازِ أَحَدُ الْإِمَامَيْنِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْإِمَامَيْنِ) فِيهِ نَظَرٌ فِي الْأُولَى إذْ قَضِيَّةُ قَوْلِ الثَّانِي فِيهَا أَنَّ الزَّوْجَةَ الْأُولَى بَاقِيَةٌ فِي عِصْمَتِهِ فَالرُّجُوعُ لِلْأُولَى وَالْإِعْرَاضُ عَنْ الثَّانِيَةِ مِنْ غَيْرِ إبَانَةٍ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى ابْنِ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: مُغْتَرًّا بِظَاهِرِ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ جَوَازِ الْعَمَلِ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) اسْتِعْمَالُ التَّرَضِّي فِي غَيْرِ الصَّحَابَةِ جَائِزٌ كَمَا هُنَا وَإِنْ كَانَ الْكَثِيرُ اسْتِعْمَالَ التَّرَضِّي فِي الصَّحَابَةِ وَالتَّرَحُّمِ فِي غَيْرِهِمْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامِ الشَّارِحِ قُبَيْلَ بَابِ زَكَاةِ النَّبَاتِ مَا نَصُّهُ: وَيُسَنُّ التَّرَضِّي وَالتَّرَحُّمُ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ الْأَخْيَارِ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَنَّ التَّرَضِّيَ مُخْتَصٌّ بِالصَّحَابَةِ وَالتَّرَحُّمَ بِغَيْرِهِمْ ضَعِيفٌ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: فَحَيْثُ أَقُولُ) أَيْ وَإِذَا أَرَدْت مَعْرِفَةَ مَا أُبَيِّنُ فَحَيْثُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَجْتَهِدُونَ فِي بَعْضِهَا وَإِنْ لَمْ يَأْخُذُوهُ مِنْ أَصْلِهِ) أَيْ وَلَا بُدَّ فِي نِسْبَةِ ذَلِكَ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ مِنْ كَوْنِهِ مُوَافِقًا لِأُصُولِهِ وَإِلَّا فَيُنْسَبُ إلَيْهِمْ، وَلَا يُعَدُّ مِنْ مَذْهَبِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ (قَوْلُهُ كَانْقِسَامِ الْقَوْلَيْنِ) أَيْ فَيُقَالُ فِيهِمَا الْوَجْهَانِ إذَا كَانَا لِوَاحِدٍ فَقَدْ يَقُولُهُمَا فِي وَقْتَيْنِ أَوْ وَقْتٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ يُرَجَّحُ أَحَدُهُمَا وَقَدْ لَا يُرَجَّحُ عَلَى مِنْوَالِ مَا تَقَدَّمَ فِي انْقِسَامِ الْقَوْلَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ وَقَدْ يَقُولُهُمَا فِي وَقْتَيْنِ أَوْ وَقْتٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ يُرَجَّحُ أَحَدُهُمَا وَقَدْ لَا يُرَجَّحُ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: ثُمَّ إنْ كَانَتْ مِنْ وَاحِدٍ فَالتَّرْجِيحُ بِمَا مَرَّ فِي الْأَقْوَالِ أَوْ مِنْ أَكْثَرَ فَهُوَ بِتَرْجِيحِ مُجْتَهِدٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَ) أَيْ قَالَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQشَرَحَهُ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ أَتَمَّ بَسْطٍ بِمَا يُوَافِقُ مَا فِي فَتَاوِيهِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ أَنْ يَطَأَ الْأُولَى مُقَلِّدًا لِلشَّافِعِيِّ وَأَنْ يَطَأَ الثَّانِيَةَ مُقَلِّدًا لِلْحَنَفِيِّ) أَيْ جَامِعًا بَيْنَهُمَا كَمَا هُوَ صَرِيحُ فَتَاوَى وَالِدِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْرَضَ عَنْ الثَّانِيَةِ، أَيْ وَإِنْ لَمْ يُبِنْهَا، فَإِنَّ لَهُ وَطْءَ الْأُولَى تَقْلِيدًا لِلشَّافِعِيِّ. وَأَمَّا قَوْلُ الشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ: فَأَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ لِلْأُولَى، وَيُعْرِضَ عَنْ الثَّانِيَةِ مِنْ غَيْرِ إبَانَتِهَا: أَيْ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَقَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ فِيهِ نَظَرُ، إذْ قَضِيَّةُ قَوْلِ الثَّانِي فِيهَا أَنَّ الزَّوْجَةَ الْأُولَى بَاقِيَةٌ فِي عِصْمَتِهِ وَأَنَّ الثَّانِيَةَ لَمْ تَدْخُلْ فِي عِصْمَتِهِ، فَالرُّجُوعُ لِلْأُولَى، وَالْإِعْرَاضُ عَنْ الثَّانِيَةِ مِنْ غَيْرِ إبَانَةٍ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَجْتَهِدُونَ فِي بَعْضِهَا وَإِنْ لَمْ يَأْخُذُوهُ مِنْ أَصْلِهِ) وَلَا يُنْسَبُ حِينَئِذٍ لِلشَّافِعِيِّ كَمَا

أَقْوَى مِنْ الْأَظْهَرِ، وَأَنَّ الصَّحِيحَ أَقْوَى مِنْ الْأَصَحِّ (وَحَيْثُ أَقُولُ الْمَذْهَبُ فَمِنْ الطَّرِيقَيْنِ أَوْ الطُّرُقِ) وَهِيَ اخْتِلَافُ الْأَصْحَابِ فِي حِكَايَةِ الْمَذْهَبِ كَأَنْ يَحْكِيَ بَعْضُهُمْ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ أَوْ وَجْهَيْنِ لِمَنْ تَقَدَّمَ وَيَقْطَعَ بَعْضُهُمْ بِأَحَدِهِمَا، ثُمَّ الرَّاجِحُ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ إمَّا طَرِيقُ الْقَطْعِ أَوْ الْمُوَافِقُ لَهَا مِنْ طَرِيقِ الْخِلَافِ أَوْ الْمُخَالِفِ لَهَا كَمَا سَيَظْهَرُ فِي الْمَسَائِلِ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ مُرَادَهُ الْأَوَّلُ وَأَنَّهُ الْأَغْلَبُ مَمْنُوعٌ، وَإِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ إنَّ الْغَالِبَ فِي الْمَسْأَلَةِ ذَاتُ الطَّرِيقَيْنِ أَنْ يَكُونَ الصَّحِيحُ فِيهَا مَا يُوَافِقُ طَرِيقَةَ الْقَطْعِ انْتَهَى. قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ: وَقَدْ تُسَمَّى طُرُقُ الْأَصْحَابِ وُجُوهًا وَذَكَرَ مِثْلَهُ فِي مُقَدِّمَةِ الْمَجْمُوعِ فَقَالَ: وَقَدْ يُعَبِّرُونَ عَنْ الطَّرِيقَيْنِ بِالْوَجْهَيْنِ وَعَكْسِهِ (وَحَيْثُ أَقُولُ النَّصُّ فَهُوَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) مِنْ إطْلَاقِ الْمَصْدَرِ عَلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَرْفُوعٌ إلَى الْإِمَامِ، أَوْ أَنَّهُ مَرْفُوعُ الْقَدْرِ لِتَنْصِيصِ الْإِمَامِ عَلَيْهِ. وَالشَّافِعِيُّ هُوَ حَبْرُ الْأُمَّةِ وَسُلْطَانُ الْأَئِمَّةِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ إدْرِيسَ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ شَافِعِ بْنِ السَّائِبِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ بْنِ هَاشِمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ جَدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالنِّسْبَةُ إلَيْهِ شَافِعِيٌّ لَا شَفْعَوِيٌّ، وُلِدَ بِغَزَّةَ الَّتِي تُوُفِّيَ بِهَا هَاشِمُ جَدُّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ، ثُمَّ حُمِلَ إلَى مَكَّةَ وَهُوَ ابْنُ سَنَتَيْنِ، وَنَشَأَ بِهَا وَحَفِظَ الْقُرْآنَ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ، وَالْمَوْطَأَ وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ، تَفَقَّهَ بِمَكَّةَ عَلَى مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ الزَّنْجِيِّ، وَكَانَ شَدِيدَ الشُّقْرَةِ، وَأَذِنَ لَهُ مَالِكٌ فِي الْإِفْتَاءِ وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَرَحَلَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ إلَى الْيَمَنِ وَالْعِرَاقِ إلَى أَنْ أَتَى مِصْرَ فَأَقَامَ بِهَا إلَى أَنْ تَوَفَّاهُ اللَّهُ شَهِيدًا يَوْمَ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي الْإِشَارَاتِ فِي الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الصَّحِيحَ أَقْوَى مِنْ الْأَصَحِّ) أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلتَّصْحِيحِ فَتَصْحِيحُ الْأَصَحِّ وَالْأَظْهَرِ أَقْوَى تَصْحِيحًا مِنْ الصَّحِيحِ وَالْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ قُوَّةَ مُقَابِلِهِمَا تُشْعِرُ بِصَرْفِ الْعِنَايَةِ لِلتَّصْحِيحِ صَرْفًا كُلِّيًّا، بِخِلَافِ الْمَشْهُورِ وَالصَّحِيحِ لِضَعْفِ مُقَابِلِهِمَا الْمُغْنِي عَنْ تَمَامِ صَرْفِ الْعِنَايَةِ لِلتَّصْحِيحِ انْتَهَى بَكْرِيٌّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ: وَهِيَ اخْتِلَافُ الْأَصْحَابِ) قَالَ عَمِيرَةُ الظَّاهِرُ أَنَّ مُسَمَّى الطَّرِيقَةِ نَفْسُ الْحِكَايَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقَدْ جَعَلَهَا الشَّارِحُ اسْمًا لِلِاخْتِلَافِ اللَّازِمِ لِحِكَايَةِ الْأَصْحَابِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: مُرَادُهُ الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ إمَّا طَرِيقُ الْقَطْعِ (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ مِثْلَهُ) أَيْ النَّوَوِيُّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُعَبِّرُونَ عَنْ الطَّرِيقِ) أَيْ تَجَوُّزًا (قَوْلُهُ: عَلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ) أَيْ مَنْصُوصٌ (قَوْلُهُ: وَالنِّسْبَةُ إلَيْهِ شَافِعِيٌّ) أَيْ لِقَاعِدَةِ أَنَّ الْمَنْسُوبَ لِلْمَنْسُوبِ يُؤْتَى بِهِ عَلَى صُورَةِ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ، لَكِنْ بَعْدَ حَذْفِ الْيَاءِ مِنْ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ وَإِثْبَاتِ بَدَلِهَا فِي الْمَنْسُوبِ (قَوْلُهُ: لَا شَفْعَوِيٌّ) أَيْ كَمَا قِيلَ بِهِ وَكَانَ الْأَوْلَى لَهُ ذِكْرُهُ (قَوْلُهُ جَدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ لَا جَدَّ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَكَانَ شَدِيدَ الشُّقْرَةِ) أَيْ ابْنُ خَالِدٍ الزَّنْجِيُّ أَيْ فَلُقِّبَ بِضِدِّهَا فَقِيلَ لَهُ الزَّنْجِيُّ ـــــــــــــــــــــــــــــQصَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ (قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ) أَيْ الْمُوَافِقُ لِطَرِيقِ الْقَطْعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ إلَخْ هُوَ عَيْنُ هَذَا الْقِيلِ أَخَذَهُ غَايَةً فِيهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَمَا قِيلَ مِنْ كَذَا مَمْنُوعٌ وَإِنْ قَالَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ، وَكَانَ الْمَقَامُ لِلْإِضْمَارِ كَمَا تَقَرَّرَ فَلَعَلَّهُ إنَّمَا أَظْهَرَ لِإِرَادَتِهِ حِكَايَةَ لَفْظِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَرْفُوعٌ إلَخْ) أَيْ وَأَصْلُ النَّصِّ مَأْخُوذٌ مِنْ مِنَصَّةِ الْعَرُوسِ الْمُشْعِرَةِ بِالرِّفْعَةِ (قَوْلُهُ: هَاشِمٍ) هُوَ غَيْرُ هَاشِمٍ الَّذِي هُوَ أَخُو الْمُطَّلِبِ وَجَدُّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَهَاشِمٌ الْمَذْكُورُ فِي نَسَبِ الشَّافِعِيِّ هُوَ ابْنُ الْمُطَّلِبِ أَخِي هَاشِمٍ جَدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُطَّلِبَ بْنَ عَبْدِ مَنَافٍ لَهُ أَخٌ اسْمُهُ هَاشِمٌ هُوَ جَدُّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَابْنٌ يُسَمَّى هَاشِمًا أَيْضًا هُوَ جَدُّ الشَّافِعِيِّ، وَالشَّافِعِيُّ إنَّمَا يَجْتَمِعُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي عَبْدِ مَنَافٍ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ جَدُّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصْفٌ لِعَبْدِ مَنَافٍ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ (قَوْلُهُ: وَكَانَ شَدِيدَ الشُّقْرَةِ) يَعْنِيَ مُسْلِمَ بْنَ خَالِدٍ لُقِّبَ بِضِدِّ وَصْفِهِ

الْجُمُعَةِ سَلْخَ شَهْرِ رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمِائَتَيْنِ، وَفَضَائِلُهُ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى وَأَشْهَرُ مِنْ أَنْ تُسْتَقْصَى (وَيَكُونُ هُنَاكَ) أَيْ مُقَابِلَهُ (وَجْهٌ ضَعِيفٌ أَوْ قَوْلٌ مُخَرَّجٌ) مِنْ نَصٍّ لَهُ فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ لَا يُعْمَلُ بِهِ وَكَيْفِيَّةُ التَّخْرِيجِ، كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ أَنْ يُجِيبَ الشَّافِعِيُّ بِحُكْمَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي صُورَتَيْنِ مُتَشَابِهَتَيْنِ وَلَمْ يَظْهَرْ مَا يَصْلُحُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، فَيَنْقُلُ الْأَصْحَابُ جَوَابَهُ مِنْ كُلِّ صُورَةٍ إلَى الْأُخْرَى فَيَحْصُلُ فِي كُلِّ صُورَةٍ مِنْهُمَا قَوْلَانِ مَنْصُوصٌ وَمُخَرَّجٌ، الْمَنْصُوصُ فِي هَذِهِ هُوَ الْمُخَرَّجُ فِي تِلْكَ، وَالْمَنْصُوصُ فِي تِلْكَ هُوَ الْمُخَرَّجُ فِي هَذِهِ، وَحِينَئِذٍ فَيَقُولُونَ قَوْلَانِ بِالنَّقْلِ وَالتَّخْرِيجِ أَيْ نَقْلُ الْمَنْصُوصِ مِنْ هَذِهِ الصُّورَةِ إلَى تِلْكَ وَخُرِّجَ فِيهَا وَكَذَلِكَ بِالْعَكْسِ، قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالنَّقْلِ الرِّوَايَةَ. وَالْمَعْنَى: أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ الصُّورَتَيْنِ قَوْلًا مَنْصُوصًا وَآخَرَ مُخَرَّجًا، ثُمَّ الْغَالِبُ فِي مِثْلِ هَذَا عَدَمُ إطْبَاقِ الْأَصْحَابِ عَلَى التَّخْرِيجِ، بَلْ يَنْقَسِمُونَ إلَى فَرِيقَيْنِ: فَرِيقٍ يُخَرِّجُ، وَفَرِيقٌ يَمْتَنِعُ وَيَسْتَخْرِجُ فَارِقًا بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ لِيَسْتَنِدَ إلَيْهِ. وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْقَوْلَ الْمُخَرَّجَ لَا يُنْسَبُ لِلشَّافِعِيِّ إلَّا مُقَيَّدًا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَذْكُرُ فَرْقًا ظَاهِرًا لَوْ رُوجِعَ فِيهِ (وَحَيْثُ أَقُولُ الْجَدِيدَ فَالْقَدِيمُ خِلَافُهُ، أَوْ الْقَدِيمُ أَوْ فِي قَوْلٍ قَدِيمٌ فَالْجَدِيدُ خِلَافُهُ) وَالْقَدِيمُ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ بِالْعِرَاقِ أَوْ قَبْلَ انْتِقَالِهِ إلَى مِصْرَ، وَأَشْهَرُ رُوَاتِهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالزَّعْفَرَانِيُّ وَالْكَرَابِيسِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ، وَقَدْ رَجَعَ الشَّافِعِيُّ عَنْهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَالَ: لَا أَجْعَلُ فِي حِلٍّ مَنْ رَوَاهُ عَنِّي. وَقَالَ الْإِمَامُ: لَا يَحِلُّ عَدُّ الْقَدِيمِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي أَثْنَاءِ كِتَابِ الصَّدَاقِ: غَيَّرَ الشَّافِعِيُّ جَمِيعَ كُتُبِهِ الْقَدِيمَةِ فِي الْجَدِيدِ إلَّا الصَّدَاقَ فَإِنَّهُ ضَرَبَ عَلَى مَوَاضِعَ مِنْهُ وَزَادَ مَوَاضِعَ. وَالْجَدِيدُ مَا قَالَهُ بِمِصْرَ، وَأَشْهَرُ رُوَاتِهِ الْبُوَيْطِيُّ وَالْمُزَنِيِّ وَالرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ وَالرَّبِيعُ الْجِيزِيُّ وَحَرْمَلَةُ وَيُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْمَكِّيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَبُوهُ، وَلَمْ يَقَعْ لِلْمُصَنِّفِ التَّعْبِيرُ بِقَوْلِهِ وَفِي قَوْلٍ قَدِيمٍ، وَلَعَلَّهُ ظَنَّ صُدُورَ ذَلِكَ مِنْهُ فِيهِ، وَإِذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ قَدِيمٌ وَجَدِيدٌ فَالْجَدِيدُ هُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ، إلَّا فِي نَحْوِ سَبْعَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً أَفْتَى فِيهَا بِالْقَدِيمِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَقَدْ تُتُبِّعَ مَا أَفْتَى فِيهِ بِالْقَدِيمِ فَوُجِدَ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ أَيْضًا، وَقَدْ نَبَّهَ فِي الْمَجْمُوعِ عَلَى شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ إفْتَاءَ الْأَصْحَابِ بِالْقَدِيمِ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ اجْتِهَادَهُمْ أَدَّاهُمْ إلَيْهِ لِظُهُورِ دَلِيلِهِ وَلَا يَلْزَمُ وَمِنْ ذَلِكَ نِسْبَتُهُ إلَى الشَّافِعِيِّ، قَالَ: وَحِينَئِذٍ فَمَنْ لَيْسَ أَهْلًا لِلتَّخْرِيجِ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَالْفَتْوَى بِالْجَدِيدِ، وَمَنْ كَانَ أَهْلًا لِلتَّخْرِيجِ وَالِاجْتِهَادِ فِي الْمَذْهَبِ يَلْزَمُهُ اتِّبَاعُ مَا اقْتَضَاهُ الدَّلِيلُ فِي الْعَمَلِ وَالْفَتْوَى مُبَيِّنًا أَنَّ هَذَا رَأْيُهُ وَأَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: وَهَذَا كُلُّهُ فِي قَدِيمٍ لَمْ يُعَضِّدْهُ حَدِيثٌ لَا مُعَارِضَ لَهُ، فَإِنْ اُعْتُضِدَ بِذَلِكَ فَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، فَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ قَالَ: إذَا صَحَّ الْحَدِيثُ فَهُوَ مَذْهَبِي. الثَّانِي أَنَّ قَوْلَهُمْ إنَّ الْقَدِيمَ مَرْجُوعٌ عَنْهُ وَلَيْسَ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ مَحَلُّهُ فِي قَدِيمِ نَصٍّ فِي الْجَدِيدِ عَلَى خِلَافِهِ، أَمَّا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ وَيَكُونُ هُنَاكَ) أَيْ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لَا يُعْمَلُ بِهِ) أَيْ بِالْقَوْلِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالنَّقْلِ الرِّوَايَةَ) أَيْ الْمَرْوِيَّ (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ فِي إلَخْ) أَيْ لِقَوْلِهِ قَالَ وَيَجُوزُ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَّا مُقَيَّدًا) أَيْ بِكَوْنِهِ مُخَرَّجًا (قَوْلُهُ رُبَّمَا يَذْكُرُ) أَيْ الشَّافِعِيُّ (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ أَقُولُ الْجَدِيدَ) بِالنَّصْبِ أَيْ أَذْكُرُ الْجَدِيدَ أَوْ بِالرَّفْعِ حِكَايَةً لِأَوَّلِ أَحْوَالِهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ لَا أَجْعَلُ فِي حِلٍّ) أَيْ لَا آذَنُ لَهُ فِي نَقْلِهِ ذَلِكَ عَنِّي بَلْ أَنْهَاهُ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْإِمَامُ) أَيْ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ (قَوْلُهُ إلَّا الصَّدَاقَ) أَيْ كِتَابَ الصَّدَاقِ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي نَحْوِ سَبْعَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً) عِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ إلَّا فِي نَحْوِ عِشْرِينَ مَسْأَلَةً، وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ بِنَيِّفٍ وَثَلَاثِينَ انْتَهَى. وَقَدْ يُقَالُ: لَا مُنَافَاةَ بِأَنْ يُرَادَ بِالنَّحْوِ مَا يَقْرَبُ مِنْ السَّبْعَةَ عَشَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا أَنَّ إفْتَاءَ الْأَصْحَابِ بِالْقَدِيمِ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ) أَيْ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ الْمُخَالِفِ فِي الْجَدِيدِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي فِي الشَّيْءِ الثَّانِي مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ الْإِفْتَاءُ بِالْقَدِيمِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْجَدِيدِ مَا يُخَالِفُهُ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُ الْآتِي:

قَدِيمٌ لَمْ يَتَعَرَّضْ فِي الْجَدِيدِ لِمَا يُوَافِقُهُ وَلَا لِمَا يُخَالِفُهُ فَإِنَّهُ مَذْهَبُهُ، وَإِذَا كَانَ فِي الْجَدِيدِ قَوْلَانِ فَالْعَمَلُ بِمَا رَجَّحَهُ الشَّافِعِيُّ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَبِأَحَدِهِمَا، وَإِنْ قَالَهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يُرَجِّحْ شَيْئًا وَذَلِكَ قَلِيلٌ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ قَالَهُمَا أَوْ مُرَتِّبًا لَزِمَ الْبَحْثُ عَنْ أَرْجَحِهِمَا بِشَرْطِ الْأَهْلِيَّةِ، فَإِنْ أَشْكَلَ تَوَقَّفَ فِيهِ كَمَا مَرَّ إيضَاحُهُ (وَحَيْثُ أَقُولُ وَقِيلَ كَذَا فَهُوَ وَجْهٌ ضَعِيفٌ، وَالصَّحِيحُ أَوْ الْأَصَحُّ خِلَافُهُ، وَحَيْثُ أَقُولُ وَفِي قَوْلِ كَذَا فَالرَّاجِحُ خِلَافُهُ) وَيَتَبَيَّنُ قُوَّةُ الْخِلَافِ وَضَعْفُهُ فِي قَوْلِهِ وَحَيْثُ أَقُول الْمَذْهَبُ إلَى هُنَا مِنْ مُدْرِكِهِ (وَمِنْهَا مَسَائِلُ) جَمْعُ مَسْأَلَةٍ، وَهِيَ إثْبَاتٌ عَرْضِيٌّ ذَاتِيٌّ لِمَوْضُوعٍ، وَلَهُ اعْتِبَارَاتٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا أَنَّهُ يُسْأَلُ عَنْهُ، وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ يُقَالُ لَهُ مَسْأَلَةٌ، وَبِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُطْلَبُ بِالدَّلِيلِ يُقَالُ لَهُ مَطْلُوبٌ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ (نَفِيسَةٌ أَضُمُّهَا إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْمُخْتَصَرِ. (يَنْبَغِي أَنْ لَا يُخْلَى الْكِتَابُ) أَيْ الْمُخْتَصَرُ وَمَا يُضَمُّ إلَيْهِ (مِنْهَا) صَرَّحَ بِوَصْفِهَا الشَّامِلِ لَهُ مَا تَقَدَّمَ، وَزَادَ عَلَيْهِ إظْهَارًا لِلْعُذْرِ فِي زِيَادَتِهَا، فَإِنَّهَا فَارِيَةٌ عَنْ التَّنْكِيتِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا، وَلَفْظَةُ يَنْبَغِي مُحْتَمِلَةٌ لِلْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ وَتُحْمَلُ عَلَى أَحَدِهِمَا بِالْقَرِينَةِ (وَأَقُولُ فِي أَوَّلِهَا قُلْت وَفِي آخِرِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِتَتَمَيَّزَ عَنْ مَسَائِلِ الْمُحَرَّرِ، وَقَدْ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي اسْتِدْرَاكِ التَّصْحِيحِ عَلَيْهِ، وَقَدْ زَادَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزٍ كَقَوْلِهِ فِي فَصْلِ الْخَلَاءِ وَلَا يَتَكَلَّمُ (وَمَا وَجَدْته) أَيُّهَا النَّاظِرُ فِي هَذَا الْمُخْتَصَرِ (مِنْ زِيَادَةِ لَفْظَةٍ وَنَحْوِهَا عَلَى مَا فِي الْمُحَرَّرِ) بِدُونِ قُلْت (فَاعْتَمِدْهَا) أَيْ اجْعَلْهَا عُمْدَةً فِي الْإِفْتَاءِ أَوْ نَحْوِهِ (فَلَا بُدَّ مِنْهَا) كَزِيَادَةِ كَثِيرٍ وَفِي عُضْوٍ ظَاهِرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَبِأَحَدِهِمَا) أَيْ لِنَصِّهِ دُونَ الْقَضَايَا وَالْإِفْتَاءِ كَمَا مَرَّ وَمَحَلُّهُ حَيْثُ تَكَافَآ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ النُّسْخَةَ بِأَحَدِهِمَا بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، أَمَّا عَلَى كَوْنِهَا بِآخِرِهِمَا فَالْمَعْنَى: إنْ لَمْ يَعْلَمْ مَا رَجَّحَهُ الشَّافِعِيُّ وَعَلِمَ الْمُتَأَخِّرَ مِنْ الْقَوْلَيْنِ عَمِلَ بِهِ فِي الْقَضَاءِ وَالْإِفْتَاءِ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ إيضَاحُهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلَعَلَّهُ: أَيْ الْقَرَافِيَّ أَرَادَ إجْمَاعَ أَئِمَّةِ مَذْهَبِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَالرَّاجِحُ خِلَافُهُ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَكَأَنَّهُ تَرَكَهُ لِبَيَانِ قُوَّةِ الْخِلَافِ وَضَعَّفَهُ فِيهِمَا لِعَدَمِ ظُهُورِهِ لَهُ. أَوْ لِإِغْرَاءِ الطَّالِبِ عَلَى تَأَمُّلِهِ وَالْبَحْثِ عَنْهُ لِيَقْوَى نَظَرُهُ فِي الْمَدْرَكَ وَالْمَأْخَذِ، وَوَصَفَ الْوَجْهَ بِالضَّعْفِ دُونَ الْقَوْلِ تَأَدُّبًا انْتَهَى - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: الشَّامِلُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ مِنْ النَّفَائِسِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَزَادَ عَلَيْهِ) أَيْ زَاد قَوْلُهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُخْلَى إلَخْ، وَمَعْنَاهُ كَمَا قَالَ عَمِيرَةُ: أَنَّهُ يُطْلَبُ وَيَحْسُنُ شَرْعًا تَرْكُ خُلُوِّهِ مِنْهَا (قَوْلُهُ وَتُحْمَلُ عَلَى أَحَدِهِمَا بِالْقَرِينَةِ) بَقِيَ مَا لَوْ لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ تُحْمَلَ عَلَى النَّدْبِ إنْ كَانَ التَّرَدُّدُ فِي حُكْمٍ شَرْعِيٍّ وَإِلَّا فَعَلَى الِاسْتِحْسَانِ وَاللِّيَاقَةِ (قَوْلُهُ: وَأَقُولُ فِي أَوَّلِهَا إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ وَالْآخِرِ مَعْنَاهُمَا الْعُرْفِيُّ، فَيَصْدُقُ بِمَا اتَّصَلَ بِالْأَوَّلِ وَالْآخِرِ بِالْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ، وَقَوْلُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَأَنَّهُ قَصَدَ التَّبَرِّي مِنْ دَعْوَى الْأَعْلَمِيَّةِ انْتَهَى عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزٍ) أُجِيبُ عَنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَحِينَئِذٍ فَمَنْ لَيْسَ أَهْلًا لِلتَّخْرِيجِ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْعَمَلُ، وَالْفَتْوَى بِالْجَدِيدِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَالْعَمَلُ بِمَا رَجَّحَهُ الشَّافِعِيُّ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ فَبِآخِرِهِمَا) مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَدَّمَهُ وَقَدَّمْنَا فِيهِ، ثُمَّ إنَّ هَذَا مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ زِيَادَةٌ عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَهِيَ إثْبَاتٌ عَرَضِيٌّ ذَاتِيٌّ إلَخْ) عَرَّفَهَا فِيمَا مَرَّ بِأَنَّهَا مَطْلُوبٌ خَبَرِيٌّ يُبَرْهَنُ عَلَيْهِ فِي الْعِلْمِ، وَلَا يَخْفَى مَا بَيْنَ التَّعْرِيفَيْنِ مِنْ الْمُخَالَفَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ جَعَلَهَا فِيمَا مَرَّ مَا يَثْبُتُ بِالْبُرْهَانِ وَهُنَا نَفْسُ الْإِثْبَاتِ، وَمِنْ حَيْثِيَّاتٍ أُخَرَ تُعْلَمُ بِالتَّأَمُّلِ. عِبَارَةُ الشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ هُنَا: وَهِيَ مَا يُبَرْهَنُ عَلَى إثْبَاتِ مَحْمُولِهِ لِمَوْضُوعِهِ فِي الْعِلْمِ (قَوْلُهُ: صَرَّحَ بِوَصْفِهَا إلَخْ) عِبَارَةُ الشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ: وَوَصَفَهَا بِالنَّفَاسَةِ وَالضَّمِّ أَفَادَهُ كَلَامُهُ السَّابِقُ، لَكِنْ أَعَادَهُمَا هُنَا بِزِيَادَةِ يَنْبَغِي، وَمَعْمُولُهُ إظْهَارًا لِسَبَبِ زِيَادَتِهَا مَعَ خُلُوِّهَا عَنْ التَّنْكِيتِ بِخِلَافِ سَابِقِهَا (قَوْلُهُ: لِلْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ) أَيْ فِي الْأَصْلِ وَإِلَّا فَالْمُرَادُ هُنَا غَيْرُهُمَا. قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: الْأَوْجَهُ أَنَّهَا هُنَا بِمَعْنَى يَلِيقُ، وَيَحْسُنُ، وَيَتَأَكَّدُ انْتَهَى. وَعِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ: أَيْ يُطْلَبُ انْتَهَتْ، وَهِيَ قَابِلَةٌ لِمَا قَالَهُ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ بِأَنْ يُقَالَ يُطْلَبُ مِنْ الْعُرْفِ (قَوْلُهُ: كَزِيَادَةِ كَثِيرٍ وَفِي عُضْوٍ ظَاهِرٍ) فَالْأَوَّلُ مِثَالٌ لِلَّفْظَةِ، وَالثَّانِي مِثَالٌ لِنَحْوِهَا، وَمَا هُنَا مِنْ أَنَّ جُمْلَةَ فِي عُضْوٍ ظَاهِرٍ إلَخْ مَزَادٌ هُوَ الْمُوَافِقُ لِلْوَاقِعِ

فِي قَوْلِهِ فِي التَّيَمُّمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِجُرْحِهِ دَمٌ كَثِيرٌ، أَوْ الشَّيْنُ الْفَاحِشُ فِي عُضْوٍ ظَاهِرٍ، وَكَزِيَادَةِ جَامِدٍ فِي قَوْلِهِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ، وَفِي مَعْنَى الْحَجَرِ كُلُّ جَامِدٍ طَاهِرٍ، وَقَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْهَا: أَيْ لَا فِرَاقَ مِنْهَا أَوْ لَا مَحَالَةَ أَوْ لَا عِوَضَ (وَكَذَا مَا وَجَدْته مِنْ الْأَذْكَارِ مُخَالِفًا لِمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ فَاعْتَمِدْهُ، فَإِنِّي حَقَّقْته مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ الْمُعْتَمَدَةِ) فِي نَقْلِهِ كَالصَّحِيحَيْنِ وَبَقِيَّةِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ لِاعْتِنَاءِ أَهْلِ الْحَدِيثِ بِلَفْظِهِ، بِخِلَافِ الْفُقَهَاءِ فَإِنَّمَا يَعْتَنُونَ بِمَعْنَاهُ غَالِبًا، وَإِنَّمَا خَاطَبَ النَّاظِرَ بِهَذَيْنِ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنَّهُمَا وَقَعَا مِنْ النُّسَّاخِ أَوْ مِنْ الْمُصَنِّفِ سَهْوًا (وَقَدْ أُقَدِّمُ بَعْضَ مَسَائِلِ الْفَصْلِ لِمُنَاسَبَةٍ أَوْ اخْتِصَارٍ، وَرُبَّمَا قَدَّمْت فَصْلًا لِلْمُنَاسَبَةِ) كَتَقْدِيمِ فَصْلِ التَّخْيِيرِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ عَلَى فَصْلِ الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ (وَأَرْجُو إنْ تَمَّ هَذَا الْمُخْتَصَرُ) وَقَدْ تَمَّ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ (أَنْ يَكُونَ فِي مَعْنَى الشَّرْحِ لِلْمُحَرَّرِ) أَيْ لِدَقَائِقِهِ وَخَفِيِّ أَلْفَاظِهِ، وَبَيَانِ مُهْمَلِ صَحِيحِهِ وَمَرَاتِبِ خِلَافِهِ، وَمُهْمَلِ خِلَافِهِ هَلْ هُوَ قَوْلَانِ أَوْ وَجْهَانِ أَوْ طَرِيقَانِ، وَمَا يَحْتَاجُ مِنْ مَسَائِلِهِ إلَى قَيْدٍ أَوْ شَرْطٍ أَوْ تَصْوِيرٍ، وَمَا غَلِطَ فِيهِ مِنْ الْأَحْكَامِ وَمَا صَحَّحَ فِيهِ خِلَافَ الْأَصَحِّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَمَا أَخَلَّ بِهِ مِنْ الْفُرُوعِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ (فَإِنِّي لَا أَحْذِفُ) بِالْمُعْجَمَةِ: أَيْ أُسْقِطُ (مِنْهُ شَيْئًا مِنْ الْأَحْكَامِ أَصْلًا) قَالَ بَعْضُهُمْ: لَعَلَّ الْمُرَادَ الْأُصُولُ، إذْ رُبَّمَا حَذَفَ الْمُفَرَّعَاتِ انْتَهَى. وَيُسْتَفَادُ هَذَا مِنْ نَصْبِ قَوْلِهِ أَصْلًا عَلَى الْجَالِيَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْمَنْفِيِّ مَصْدَرًا: أَيْ مُسْتَأْصَلًا: أَيْ قَاطِعًا لِلْحَذْفِ مِنْ أَصْلِهِ مِنْ قَوْلِهِمْ اسْتَأْصَلَهُ: قَطَعَهُ مِنْ أَصْلِهِ (وَلَا مِنْ الْخِلَافِ وَلَوْ كَانَ وَاهِيًا) أَيْ ضَعِيفًا جِدًّا مَجَازًا عَنْ السَّاقِطِ (مَعَ مَا) أَيْ أَتَى بِجَمِيعِ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مَصْحُوبًا بِمَا (أَشَرْت إلَيْهِ مِنْ النَّفَائِسِ) الْمُتَقَدِّمَةِ (وَقَدْ شَرَعْت) مَعَ الشُّرُوعِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِأَنَّ إطْلَاقَهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ اسْتِقْرَاءِ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا عِوَضَ) هِيَ أَلْفَاظٌ مُتَسَاوِيَةٌ (قَوْلُهُ مِنْ الْأَذْكَارِ) جَمْعُ ذِكْرٍ، وَهُوَ لُغَةً: كُلُّ مَذْكُورٍ، وَشَرْعًا: قَوْلٌ سِيقَ لِثَنَاءٍ أَوْ دُعَاءٍ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ شَرْعًا أَيْضًا لِكُلِّ قَوْلٍ يُثَابُ قَائِلُهُ انْتَهَى ابْنُ حَجَرٍ. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَلَا تَبْطُلُ بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ إذْ الظَّاهِرُ مِنْ الْعَطْفِ التَّغَايُرُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الدُّعَاءَ فِي عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ (قَوْلُهُ إنْ تَمَّ هَذَا الْمُخْتَصَرُ) لَمْ يَقُلْ الْكِتَابَ مَعَ أَنَّهُ أَنْسَبُ، إذْ الْمَرْجُوُّ إتْمَامُ الْمُخْتَصَرِ وَمَا ضُمَّ إلَيْهِ لَا الْمُخْتَصَرُ فَقَطْ، كَمَا قَالَ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُخْلَى الْكِتَابُ مِنْهَا تَغْلِيبًا لِلْمُخْتَصَرِ عَلَى مَا ضُمَّ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَهَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى تَقَدُّمِ وَضْعِ الْخُطْبَةِ عَلَى وَضْعِ الْكِتَابِ كَمَا يَأْتِي انْتَهَى بَكْرِيٌّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَقَوْلُهُ عَلَى وَضْعِ الْكِتَابِ: أَيْ عَلَى وَضْعِ جُمْلَةِ الْكِتَابِ لِمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ بِمَا تَقَدَّمَ عَلَى وَضْعِ الْخُطْبَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنِّي لَا أَحْذِفُ) فِي مَعْنَى التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ لِلْمُبَالَغَةِ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَمَا فِي الدَّقَائِقِ. وَوَقَعَ فِي التُّحْفَةِ أَنَّ الْمُرَادَ لَفْظٌ ظَاهِرٌ فَقَطْ، وَمَثَّلَ بِهِ لِلْكَلِمَةِ، وَإِنَّمَا حَمَلْنَا النَّحْوَ هُنَا عَلَى مَا فَوْقَ الْكَلِمَةِ: أَيْ مِمَّا لَيْسَ حُكْمًا مُسْتَقِلًّا حَتَّى لَا يَتَقَرَّرَ مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ كَقَوْلِهِ فِي فَصْلِ الْخَلَاءِ: وَلَا يَتَكَلَّمُ لِيَكُونَ الشَّيْخُ مُوفِيًا بِالتَّمْثِيلِ لِجَمِيعِ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَإِلَّا فَالشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ حَمَلَ النَّحْوَ عَلَى الْحَرْفِ وَمَثَّلَ لَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ لِدَقَائِقِهِ) بَيَانٌ لِلْمُضَافِ الْمَحْذُوفِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِلْمُحَرَّرِ: فَكَأَنَّهُ قَالَ فِي مَعْنَى الشَّرْحِ لِدَقَائِقِ الْمُحَرَّرِ إلَخْ. وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ السِّوَادَةَ بِلَفْظِهَا هِيَ عِبَارَةُ الدَّقَائِقِ، إلَّا أَنَّ قَوْلَ الشَّيْخِ: وَبَيَانُ مُهْمَلِ صَحِيحِهِ مَقْلُوبٌ عَنْ قَوْلِ الدَّقَائِقِ: وَمُهْمَلُ بَيَانِ صَحِيحِهِ. وَمَا فِي الدَّقَائِقِ هُوَ الصَّوَابُ، إذْ لَا يَصِحُّ تَسْلِيطُ شَرْحٍ عَلَى لَفْظِ بَيَانٍ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ الَّتِي فِي نُسَخِ الشَّيْخِ، فَلَعَلَّهَا تَحْرِيفٌ مِنْ النَّاسِخِ (قَوْلُهُ: مِنْ نَصْبِ قَوْلِهِ أَصْلًا عَلَى الْحَالِيَّةِ) أَيْ مِنْ شَيْئًا فَهِيَ حَالٌ مُقَيَّدَةٌ بِخِلَافِهَا فِيمَا يَأْتِي بَعْدُ، فَإِنَّهَا مِنْ الضَّمِيرِ الْفَاعِلِ فِي أَحْذِفُ فَهِيَ مُؤَكِّدَةٌ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْمَنْفِيِّ مَصْدَرًا: أَيْ مُسْتَأْصِلًا إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْمَنْفِيِّ مَصْدَرًا أَوْ حَالًا مُؤَكِّدَةً لِلَا أَحْذِفُ: أَيْ مُسْتَأْصِلًا قَاطِعًا إلَخْ، وَقَوْلُهُ أَيْ مُسْتَأْصِلًا الظَّاهِرُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِلْحَالِيَّةِ، بَلْ يَبْقَى الْكَلَامُ فِي صِحَّةِ كَوْنِهِ تَفْسِيرًا لِلْمَصْدَرِ وَإِنْ

فِي الْمُخْتَصَرِ (فِي جَمْعِ جُزْءٍ لَطِيفٍ عَلَى صُورَةِ الشَّرْحِ لِدَقَائِقِ هَذَا الْمُخْتَصَرِ) مِنْ جِهَةِ الِاخْتِصَارِ (وَمَقْصُودِي بِهِ التَّنْبِيهُ عَلَى الْحِكْمَةِ فِي الْعُدُولِ عَنْ عِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ، وَفِي إلْحَاقِ قَيْدٍ أَوْ حَرْفٍ) فِي الْكَلَامِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْكَلِمَةُ مِنْ بَابِ إطْلَاقِ اسْمِ الْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ، وَيَصِحُّ إبْقَاءُ الْحَرْفِ عَلَى بَابِهِ كَزِيَادَةِ الْهَمْزَةِ فِي " أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ " (أَوَ شَرَطَ لِلْمَسْأَلَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ) مِمَّا بَيَّنْته (وَأَكْثَرُ ذَلِكَ مِنْ الضَّرُورِيَّاتِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا) أَيْ لَا غِنَى وَلَا مَنْدُوحَةَ عَنْهَا، وَمِنْهُ مَا لَيْسَ بِضَرُورِيٍّ وَلَكِنَّهُ حَسَنٌ كَمَا قَالَهُ فِي زِيَادَةِ لَفْظَةِ الطَّلَاقِ فِي قَوْلِهِ فِي الْحَيْضِ، فَإِذَا انْقَطَعَ لَمْ يَحِلَّ قَبْلَ الْغُسْلِ غَيْرُ الصَّوْمِ وَالطَّلَاقِ، فَإِنَّ الطَّلَاقَ لَمْ يُذْكَرْ قَبْلُ فِي الْمُحَرَّمَاتِ (وَعَلَى اللَّهِ الْكَرِيمِ اعْتِمَادِي) أَيْ اتِّكَالِي فِي تَمَامِ هَذَا الْمُخْتَصَرِ بِأَنْ يُقْدِرَنِي عَلَى إتْمَامِهِ كَمَا أَقْدَرَنِي عَلَى ابْتِدَائِهِ بِمَا تَقَدَّمَ عَلَى وَضْعِ الْخُطْبَةِ فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ مَنْ سَأَلَهُ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِ (وَإِلَيْهِ تَفْوِيضِي) وَهُوَ رَدُّ أَمْرِي إلَيْهِ وَبَرَاءَتِي مِنْ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ (وَاسْتِنَادٌ) فِي ذَلِكَ وَغَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يَخِيبُ مَنْ قَصَدَهُ وَاسْتَنَدَ إلَيْهِ، وَقَدَّمَ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ لِإِفَادَةِ الِاخْتِصَاصِ، وَهَذَا الْكَلَامُ وَإِنْ كَانَتْ صُورَتُهُ خَبَرًا فَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا التَّضَرُّعُ إلَى اللَّهِ وَالِالْتِجَاءُ إلَيْهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْجُمْلَةَ الْخَبَرِيَّةَ تُذْكَرُ لِأَغْرَاضٍ غَيْرِ إفَادَةِ مَضْمُونِهَا الَّذِي هُوَ فَائِدَةُ الْخَبَرِ وَغَيْرُ لَازِمٍ فَائِدَةُ الْخَبَرِ، ثُمَّ قُدِّرَ وُقُوعُ الْمَطْلُوبِ بِرَجَاءِ الْإِجَابَةِ فَقَالَ (وَأَسْأَلُهُ النَّفْعَ بِهِ) أَيْ بِالْمُخْتَصَرِ فِي الْآخِرَةِ (لِي) بِتَأْلِيفِهِ (وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ بَاقِيهمْ بِأَنْ يُلْهِمَهُمْ الِاعْتِنَاءَ بِهِ بَعْضَهُمْ بِالِاشْتِغَالِ بِهِ كَكِتَابَةٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــSوَحَيْثُ قُصِدَتْ الْمُبَالَغَةُ فَلَا يَصِرْ حَذْفُهُ لِلْمُفَرَّعَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ حَقِيقَةَ عُمُومِ النَّفْيِ (قَوْلُهُ: فِي الْكَلَامِ) قُدِّرَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَرْفَ لَا يَحْسُنُ تَعْلِيقُهُ بِالْمَسْأَلَةِ انْتَهَى عَمِيرَةُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِ) أَيْ بِالْحَرْفِ (قَوْلُهُ: وَأَكْثَرُ ذَلِكَ مِنْ الضَّرُورِيَّاتِ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الدَّقَائِقِ النَّاشِئَةِ عَنْ الِاخْتِصَارِ انْتَهَى عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَا مَنْدُوحَةَ) تَفْسِيرٌ لِلْأَغْنَى (قَوْلُهُ: وَعَلَى اللَّهِ الْكَرِيمِ اعْتِمَادِي) اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى الْكَرِيمِ عَلَى أَقْوَالٍ: أَحْسَنُهَا مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْمَقْصِدِ الْأَسْنَى أَنَّ الْكَرِيمَ هُوَ الَّذِي إذَا قَدَرَ عَفَا، وَإِذَا وَعَدَ وَفَى، وَإِذَا أَعْطَى زَادَ عَلَى مُنْتَهَى الرَّجَا، وَلَا يُبَالِي كَمْ أَعْطَى وَلَا لِمَنْ أَعْطَى، وَإِنْ رَفَعْت حَاجَتَك إلَى غَيْرِهِ لَا يَرْضَى، وَإِنْ جَافَاهُ عَاتِبٌ وَمَا اسْتَقْصَى، وَلَا يَضِيعُ مَنْ لَاذَ بِهِ وَالْتَجَأَ، وَيُغْنِيهِ عَنْ الْوَسَائِلِ وَالشُّفَعَا، فَمَنْ اجْتَمَعَ لَهُ ذَلِكَ لَا بِالتَّكَلُّفِ فَهُوَ الْكَرِيمُ الْمُطْلَقُ. وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: الْكَرِيمُ الصَّفُوحُ عَنْ الذَّنْبِ. وَقِيلَ الْمُرْتَفِعُ، يُقَالُ فُلَانٌ أَكْرَمُ قَوْمِهِ: أَيْ أَرْفَعُهُمْ مَنْزِلَةً وَأَعْظَمُهُمْ قَدْرًا انْتَهَى مِنْ هَامِشِ نُسْخَةٍ مِنْ شَرْحِ الدَّمِيرِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُقْدِرَنِي عَلَى إتْمَامِهِ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَسُكُونِ الْقَافِ مُضَارِعُ أَقْدَرَ لَا مُضَارِعَ التَّقْدِيرِ، إذْ يُقَالُ أَقْدَرَهُ اللَّهُ، وَقَوْلُهُ كَمَا أَقْدَرَنِي قَرِينَةٌ عَلَى ذَلِكَ انْتَهَى بَكْرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَبَرَاءَتِي مِنْ الْحَوْلِ) عَطْفٌ تَفْسِيرِيٌّ (قَوْلُهُ وَالِالْتِجَاءُ إلَيْهِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَدَّرَ وُقُوعَ الْمَطْلُوبِ) فِيهِ رَمْزٌ إلَى سُؤَالِ تَقْدِيرِهِ: كَيْفَ قَالَ وَأَسْأَلُهُ إلَخْ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ، وَالسُّؤَالُ فِي النَّفْعِ بِالْمَعْدُومِ لَيْسَ مِنْ أَدَبِ الْعُقَلَاءِ. فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَمَّا قَدَّرَ وُقُوعَ الْمَطْلُوبِ بِسَبَبٍ رَجَاءَ الْإِجَابَةِ قَالَ ذَلِكَ اهـ بَكْرِيٌّ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُلْهِمَهُمْ الِاعْتِنَاءَ بِهِ) بَيَانٌ لِتَقْدِيرِ وَجْهِ عُمُومِ النَّفْعِ وَهُوَ وَاضِحٌ. فَإِنْ قُلْت: هَلْ يُتَصَوَّرُ النَّفْعُ بِهِ لِمَنْ مَاتَ قَبْلَ النَّوَوِيِّ؟ قُلْت: نَعَمْ بِأَنْ يَشْتَغِلَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ فَتَعُودَ بَرَكَتُهُ عَلَى أَبِيهِ، أَوْ يَتَعَلَّمَ حُكْمًا مِنْهُ فَيَكُونَ كَذَلِكَ، أَوْ يَعْلَمَ مِنْهُ أَنَّ الْمَيِّتَ تَنْفَعُهُ الصَّدَقَةُ وَالدُّعَاءُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْهَمَتْهُ عِبَارَةُ الشِّهَابِ ابْنِ قَاسِمٍ، وَعِبَارَتُهُ فِيمَا كَتَبَ عَلَى التُّحْفَةِ: قَوْلُهُ أَيْ مُسْتَأْصِلًا إلَخْ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْحَالِ فَقَطْ، وَأَنَّ تَقْدِيرَ الْمَصْدَرِيَّةِ أُؤَصِّلُ عَدَمَ الْحَذْفِ أَصْلًا فَيَكُونُ أَصْلًا مَنْصُوبًا بِمَحْذُوفٍ انْتَهَتْ، فَقَوْلُهُ يَحْتَمِلُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ رُجُوعَهُ لِلْمَصْدَرِيَّةِ أَيْضًا، فَإِنْ كَانَ مُرَادًا صَحَّتْ عِبَارَةُ الشَّارِحِ هُنَا وَإِلَّا فَيَجِبُ إصْلَاحُهَا (قَوْلُهُ: فِي الْآخِرَةِ) قَدَّمَهُ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِي كَالْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ، فَاقْتَضَى أَنَّ النَّفْعَ الْحَاصِلَ بِهِ لِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ أُخْرَوِيٌّ فَنَفَعَ الْمُصَنِّفَ، وَلَا يُنَاسِبُهُ قَوْلُهُ: بِأَنْ يُلْهِمَهُمْ إلَخْ وَإِنْ لَزِمَ مِنْ الْإِلْهَامِ الْمَذْكُورِ النَّفْعُ الْأُخْرَوِيُّ، وَالشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ أَخَّرَ

وَقِرَاءَةٍ وَتَفَهُّمٍ وَشَرْحٍ، وَبَعْضُهُمْ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَالْإِعَانَةِ عَلَيْهِ بِوَقْفٍ أَوْ نَقْلٍ إلَى الْبِلَادِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَنَفْعُهُمْ يَسْتَتْبِعُ نَفْعَهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ فِيهِ. وَقَالَ الْجَوَالِيقِيُّ وَابْنُ بَرِّيٍّ وَغَيْرُهُمَا: إنَّ سَائِرَ تُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الْجَمِيعِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْجَوْهَرِيُّ غَيْرَهُ (وَرِضْوَانُهُ عَنِّي وَعَنْ أَحِبَّائِي) بِالتَّشْدِيدِ وَالْهَمْزَةِ جَمْعُ حَبِيبٍ: أَيْ مَنْ أَحَبَّهُمْ (وَجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ) مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ كَذَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ الْعَطْفُ اللُّغَوِيُّ تَكَرُّرٌ بِهِ الدُّعَاءَ لِذَلِكَ الْبَعْضِ الَّذِي مِنْهُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَإِذْ تَعَرَّضَ الْمُصَنِّفُ لِذِكْرِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ وَمَعْرِفَةُ الْمُشْتَقِّ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى مَعْرِفَةِ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ وَهُوَ هُنَا الْإِيمَانُ وَالْإِسْلَامُ فَلْنَذْكُرْهُمَا عَلَى وَجْهِ الِاخْتِصَارِ، فَالْإِيمَانُ تَصْدِيقُ الْقَلْبِ بِمَا عُلِمَ ضَرُورَةُ مَجِيءِ الرَّسُولِ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ كَالتَّوْحِيدِ وَالنُّبُوَّةِ وَالْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ وَافْتِرَاضِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ، وَالْمُرَادُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَيَفْعَلُ ذَلِكَ اهـ بَكْرِيٌّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: الْبَعْضُ الَّذِي مِنْهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) قَالَ عَمِيرَةُ: مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعَطْفَ عَلَى جُمْلَةِ مَا سَبَقَ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِهِ الْعَطْفُ اللُّغَوِيُّ اهـ. أَقُولُ: دَفَعَ بِهِ مَا أُورِدَ عَلَى الشَّارِحِ مِنْ أَنَّهُ إنْ أُرِيدَ عَطْفُهُ عَلَى الْيَاءِ فِي قَوْلِهِ عَنِّي لَمْ يَصِحَّ قَوْلُهُ تَكَرَّرَ بِهِ الدُّعَاءُ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَكَرَّرَ فِيهِ الدُّعَاءُ لِلْمُصَنِّفِ لَا لِلْبَعْضِ الَّذِي مِنْهُ الْمُصَنِّفُ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى أَحِبَّائِي لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْبَعْضَ الَّذِي تَكَرَّرَ الدُّعَاءُ لَهُ هُوَ غَيْرُ الْمُصَنِّفِ لَا الَّذِي مِنْهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: وَإِذْ تَعَرَّضَ الْمُصَنِّفُ) أَيْ وَلِأَجْلِ (قَوْلُهُ وَقَبُولُهُ لَهُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا وَمِمَّا يَأْتِي أَيْضًا جَوَابُ حَادِثَةِ وَقْعِ السُّؤَالِ عَنْهَا، وَهِيَ أَنَّ ذِمِّيًّا حَضَرَ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَذْكُرُونَ أَوْصَافَ الْإِسْلَامِ وَمَحَاسِنَهُ وَيَذُمُّونَ النَّصْرَانِيَّةَ وَيُبَيِّنُونَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا، فَقَالَ الذِّمِّيُّ: إنْ كَانَ مَا تَقُولُونَ حَقًّا فَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ وُجِدَ بَاقِيًا عَلَى دِينِ النَّصْرَانِيَّةِ، فَهَلْ يَكُونُ مُرْتَدًّا بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ مَا أَتَى بِهِ لَا جَزْمَ فِيهِ، بَلْ هُوَ مُعَلِّقٌ لَهُ عَلَى شَيْءٍ يَزْعُمُ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ حَقِيقَتَهُ بَلْ يَعْتَقِدُ بُطْلَانَهُ، وَهَذَا مَانِعٌ مِنْ الْجَزْمِ فَلَا يَصِحُّ إيمَانُهُ فَلَمْ يُحْكَمْ بِرِدَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ حَقًّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ فِي صِحَّةِ الْإِيمَانِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْجَزْمِ لَا عَلَى مَا هُوَ حَقٌّ بِاعْتِبَارِ نَفْسِ الْأَمْرِ. وَلَا يُشْكِلُ عَلَى هَذَا الْحُكْمُ بِإِسْلَامِ الْمُؤَذِّنِ إذَا نَطَقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ؛ لِأَنَّ نُطْقَهُ لَمَّا لَمْ يَشْتَمِلْ عَلَى تَعْلِيقٍ حُمِلَ مِنْهُ عَلَى الْجَزْمِ، فَاحْفَظْهُ وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعَصْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَفْظَ فِي الْآخِرَةِ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِي فَاقْتَضَى أَنَّ النَّفْعَ الْحَاصِلَ لِلْمُصَنِّفِ أُخْرَوِيٌّ، وَهُوَ الثَّوَابُ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ دُنْيَوِيٌّ، وَهُوَ الْإِلْهَامُ الْمَذْكُورُ وَإِنْ لَزِمَ مِنْهُ النَّفْعُ الْأُخْرَوِيُّ، وَلَا يَخْفَى حُسْنُهُ (قَوْلُهُ: أَيْ مَنْ أُحِبُّهُمْ) هُوَ تَابِعٌ لِلْجَلَالِ فِي قَصْرِ أَحِبَّائِي عَلَيْهِمْ، لَكِنَّ الَّذِي فِي التُّحْفَةِ مَنْ يُحِبُّونِي وَأُحِبُّهُمْ. قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: حَمْلُهُ عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ يُؤَيِّدُهُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَلِيقُ تَخْصِيصُهُ اهْتِمَامًا بِهِ، وَأَنَّ اللَّفْظَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا، وَالْمُشْتَرَكُ عِنْدَ إطْلَاقِهِ ظَاهِرٌ فِي مَعْنَيَيْهِ كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَمُتَابِعُوهُ، وَحَمْلُهُ عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ فَقَطْ وَجَّهُوهُ بِأَنَّ الِاعْتِنَاءَ بِالْمَحْبُوبِ أَقْوَى، وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ لَوْ أُتِيَ بِلَفْظٍ يَخُصُّهُ، أَمَّا حَيْثُ أَتَى بِمَا يَشْمَلُ الْمَعْنَيَيْنِ بِلَا قَرِينَةٍ تُخَصِّصُ أَحَدَهُمَا فَالْوَجْهُ التَّعْمِيمُ انْتَهَى (قَوْلُهُ، وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ الْعَطْفُ اللُّغَوِيُّ) أَيْ الْعَطْفُ عَلَى جُمْلَةِ مَا تَقَدَّمَهُ مِنْ مَعْطُوفٍ وَمَعْطُوفٍ عَلَيْهِ: أَعْنِي عَنِّي وَعَنْ أَحِبَّائِي بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بَعْدَ تَكَرَّرَ بِهِ الدُّعَاءُ لِذَلِكَ الْبَعْضِ الَّذِي هُوَ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ، وَهُوَ خَاصٌّ بِالْمُصَنِّفِ، فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ: لِذَلِكَ الْبَعْضِ الَّذِي مِنْهُ الْمُصَنِّفُ، فَإِنَّهُ أَيْضًا مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ الْجَلَالِ، إذْ لَوْ أُرِيدَ الِاصْطِلَاحِيُّ لَكَانَ عَلَى خُصُوصِ عَنِّي الَّذِي هُوَ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ، وَهُوَ خَاصٌّ بِالْمُصَنِّفِ، فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ: لِذَلِكَ الْبَعْضِ الَّذِي مِنْهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: فَالْإِيمَانُ تَصْدِيقُ الْقَلْبِ إلَخْ) أَيْ الْإِيمَانُ الْمُنَجِّي عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى فَقَطْ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي، بَلْ يَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي آخِرِ السِّوَادَةِ

بِتَصْدِيقِ الْقَلْبِ بِهِ إذْعَانُهُ وَقَبُولُهُ لَهُ وَالتَّكْلِيفُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْكَيْفِيَّاتِ النَّفْسَانِيَّةِ دُونَ الْأَفْعَالِ الِاخْتِيَارِيَّةِ إنَّمَا هُوَ بِالتَّكْلِيفِ بِأَسْبَابِهِ كَإِلْقَاءِ الذِّهْنِ وَصَرْفِ النَّظَرِ وَتَوْجِيهِ الْحَوَاسِّ وَرَفْعِ الْمَوَانِعِ. وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْمُحَدِّثِينَ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَالْخَوَارِجِ إلَى أَنَّ الْإِيمَانَ مَجْمُوعُ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ: اعْتِقَادِ الْحَقِّ، وَالْإِقْرَارِ بِهِ، وَالْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهُ. فَمَنْ أَخَلَّ بِالِاعْتِقَادِ وَحْدَهُ فَهُوَ مُنَافِقٌ، وَمَنْ أَخَلَّ بِالْإِقْرَارِ فَهُوَ كَافِرٌ، وَمَنْ أَخَلَّ بِالْعَمَلِ فَهُوَ فَاسِقٌ وِفَاقًا، وَكَافِرٌ عِنْدَ الْخَوَارِجِ، وَخَارِجٌ عَنْ الْإِيمَانِ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي الْكُفْرِ عِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ. وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ التَّصْدِيقُ وَحْدَهُ أَنَّهُ تَعَالَى أَضَافَ الْإِيمَانَ إلَى الْقَلْبِ فَقَالَ {كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ} [المجادلة: 22] ، {وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل: 106] ، {وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ} [المائدة: 41] ، {وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات: 14] وَعَطَفَ عَلَيْهِ الْعَمَلَ الصَّالِحَ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ وَقَرَنَهُ بِالْمَعَاصِي فَقَالَ {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} [الحجرات: 9] ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: 178] ، {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82] وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اللَّهُمَّ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِك» «وَقَالَ لِأُسَامَةَ حِينَ قَتَلَ مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ هَلَّا شَقَقْت عَنْ قَلْبِهِ» وَلَمَّا كَانَ تَصْدِيقُ الْقَلْبِ أَمْرًا بَاطِنًا لَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَيْهِ جَعَلَهُ الشَّارِعُ مَنُوطًا بِالشَّهَادَتَيْنِ مِنْ الْقَادِرِ عَلَيْهِ، قَالَ تَعَالَى {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ} [البقرة: 136] وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا، فَيَكُونُ الْمُنَافِقُ مُؤْمِنًا فِيمَا بَيْنَنَا كَافِرًا عِنْدَ اللَّهِ، قَالَ تَعَالَى {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} [النساء: 145] . وَهَلْ النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ شَرْطٌ لِإِجْرَاءِ أَحْكَامِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الدُّنْيَا مِنْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَالتَّوَارُثِ وَالْمُنَاكَحَةِ وَغَيْرِهَا غَيْرُ دَاخِلٍ فِي مُسَمَّى الْإِيمَانِ، أَوْ جُزْءٌ مِنْهُ دَاخِلٌ فِي مُسَمَّاهُ قَوْلَانِ: ذَهَبَ جُمْهُورُ الْمُحَقِّقِينَ إلَى أَوَّلِهِمَا وَعَلَيْهِ مَنْ صَدَّقَ بِقَلْبِهِ وَلَمْ يُقِرَّ بِلِسَانِهِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْإِقْرَارِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ عِنْدَ اللَّهِ، وَهَذَا أَوْفَقُ بِاللُّغَةِ وَالْعُرْفِ، وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ إلَى ثَانِيهِمَا، وَأَلْزَمَهُمْ الْأَوَّلُونَ بِأَنَّ مَنْ صَدَّقَ بِقَلْبِهِ فَاخْتَرَمَتْهُ الْمَنِيَّةُ قَبْلَ اتِّسَاعِ وَقْتِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ الْإِفْتَاءِ بِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مِنْ الْكَيْفِيَّاتِ) أَيْ الْإِيمَانُ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ) أَيْ الْإِيمَانَ (قَوْلُهُ غَيْرُ دَاخِلٍ) صِفَةٌ لِشَرْطٍ أَوْ خَبَرٌ ثَانٍ عَنْ قَوْلِهِ النُّطْقَ (قَوْلُهُ: إلَى أَوَّلِهِمَا) هُوَ قَوْلُهُ شَرْطٌ لِإِجْرَاءِ الْأَحْكَامِ إلَخْ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: إلَى ثَانِيهمَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: تَصْدِيقُ الْقَلْبِ) أَيْ إجْمَالًا فِي الْإِجْمَالِيِّ وَتَفْصِيلًا فِي التَّفْصِيلِيِّ (قَوْلُهُ: كَإِلْقَاءِ الذِّهْنِ وَصَرْفِ النَّظَرِ إلَخْ) لَا يُشْكِلُ بِأَنَّ الْإِيمَانَ ضَرُورِيٌّ ضَرُورَةَ أَنَّ مَا يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ ضَرُورِيٌّ كَمَا مَرَّ،؛ لِأَنَّ الضَّرُورِيَّ أَيْضًا مُتَوَقِّفٌ عَلَى مُقَدِّمَاتٍ،، وَالْفَرْقُ حِينَئِذٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّظَرِيِّ أَنَّ مُقَدِّمَاتِهِ حَاصِلَةٌ تُعْلَمُ بِمُجَرَّدِ تَوْجِيهِ النَّظَرِ، بِخِلَافِ مُقَدِّمَاتِ النَّظَرِ، فَهِيَ غَيْرُ حَاصِلَةٍ وَإِنَّمَا تَحْصُلُ بِالنَّظَرِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ فَاسِقٌ وِفَاقًا) فَمَعْنَى كَوْنِ الْأَعْمَالِ جُزْءًا عِنْدَ جُمْهُورِ الْمُحَدِّثِينَ كَوْنُهَا جُزْءًا مِنْ الْإِيمَانِ الْكَامِلِ كَمَا فِي الْإِعْلَامِ لِلشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ وَإِنْ كَانَ السِّيَاقُ يَأْبَاهُ (قَوْلُهُ: وَهَلْ النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ شَرْطٌ إلَخْ) صَرِيحُ هَذَا السِّيَاقِ كَسِيَاقِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ الْأَصْرَحُ مِنْهُ فِيمَا يَأْتِي أَنَّ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْإِيمَانَ لَيْسَ إلَّا تَصْدِيقُ الْقَلْبِ بِمَا مَرَّ، وَقَعَ خِلَافٌ بَيْنَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ حَيْثُ أَنَاطَ الشَّارِعُ أَمْرَهُ بِالنُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ، هَلْ النُّطْقُ الْمَذْكُورُ شَرْطٌ لِإِجْرَاءِ الْأَحْكَامِ، فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْإِيمَانِ، أَوْ جُزْءٌ فَيَكُونُ دَاخِلًا فِيهِ، فَيَنْحَلُّ الْكَلَامُ إلَى أَنَّهُمْ فَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا قَائِلٌ بِأَنَّ الْإِيمَانَ مُجَرَّدُ التَّصْدِيقِ الْمَذْكُورِ وَالنُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ شَرْطٌ لِلْإِجْرَاءِ الْمَذْكُورِ،، وَالْفَرِيقُ الثَّانِي يَقُولُ إنَّ الْإِيمَانَ مُجَرَّدُ التَّصْدِيقِ الْمَذْكُورِ وَالنُّطْقُ جُزْءٌ مِنْهُ وَهَذَا لَا يُعْقَلُ، فَإِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ هَذَا أَنَّ الْإِيمَانَ لَيْسَ إلَّا التَّصْدِيقُ أَنَّ النُّطْقَ الْمَذْكُورَ خَارِجٌ عَنْ مُسَمَّاهُ، وَقَضِيَّةُ كَوْنِ النُّطْقِ جُزْءًا مِنْهُ عِنْدَهُ أَنَّهُ دَاخِلٌ فِيهِ فَيَكُونُ مُرَكَّبًا مِنْهُمَا لَا مُجَرَّدَ التَّصْدِيقِ، وَهَذَا خَلَفٌ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ مَنْ صَدَّقَ بِقَلْبِهِ وَلَمْ يُقِرَّ بِلِسَانِهِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْإِقْرَارِ، فَهُوَ مُؤْمِنٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى) هُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ لَوْ عُرِضَ عَلَيْهِ النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ لَمْ يَمْتَنِعْ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ أَبُو طَالِبٍ (قَوْلُهُ: وَأَلْزَمهُمْ الْأَوَّلُونَ) فِي هَذَا الْإِلْزَامِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ،؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ كَوْنَ النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ شَرْطًا أَوْ جُزْءًا إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَادِرِ كَمَا مَرَّ

الْإِقْرَارِ بِلِسَانِهِ يَكُونُ كَافِرًا، وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ عَلَى مَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ الرَّازِيّ وَغَيْرُهُ، لَكِنْ يُعَارِضُ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ قَوْلُ الشِّفَاءِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ مُسْتَوْجِبٌ لِلْجَنَّةِ حَيْثُ أَثْبَتَ فِيهِ خِلَافًا، أَمَّا الْعَاجِزُ عَنْ النُّطْقِ بِهِمَا لِخَرَسٍ أَوْ سَكْتَةٍ أَوْ اخْتِرَامِ مَنِيَّةٍ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ إيمَانُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» وَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَهُوَ أَعْمَالُ الْجَوَارِحِ مِنْ الطَّاعَاتِ كَالتَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، «وَلِهَذَا فَسَّرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا سَأَلَهُ جِبْرِيلُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إنْ اسْتَطَعْت إلَيْهِ سَبِيلًا» وَلَكِنْ لَا تُعْتَبَرُ الْأَعْمَالُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْخُرُوجِ عَنْ عُهْدَةِ التَّكْلِيفِ بِالْإِسْلَامِ إلَّا مَعَ الْإِيمَانِ وَهُوَ التَّصْدِيقُ الْمَذْكُورُ فَهُوَ شَرْطٌ لِلِاعْتِدَادِ بِالْعِبَادَاتِ، فَلَا يَنْفَكُّ الْإِسْلَامُ الْمُعْتَبَرُ عَنْ الْإِيمَانِ وَإِنْ كَانَ الْإِيمَانُ قَدْ يَنْفَكُّ عَنْهُ، كَمَنْ اخْتَرَمَتْهُ الْمَنِيَّةُ قَبْلَ اتِّسَاعِ وَقْتِ التَّلَفُّظِ، هَذَا كُلُّهُ بِالنَّظَرِ إلَى مَا عِنْدَ اللَّهِ، أَمَّا بِالنَّظَرِ إلَى مَا عِنْدَنَا فَالْإِسْلَامُ هُوَ النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ فَقَطْ، فَمَنْ أَقَرَّ بِهِمَا أُجْرِيَتْ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ فِي الدُّنْيَا، وَلَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ بِكُفْرٍ إلَّا بِظُهُورِ أَمَارَاتِ التَّكْذِيبِ كَالسُّجُودِ اخْتِيَارًا لِلشَّمْسِ أَوْ الِاسْتِخْفَافِ بِنَبِيٍّ أَوْ بِالْمُصْحَفِ أَوْ بِالْكَعْبَةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــSهُوَ قَوْلُهُ أَوْ جُزْءٌ مِنْهُ دَاخِلٌ فِي مُسَمَّاهُ (قَوْلُهُ فَهُوَ أَعْمَالٌ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ جَمْعُ عَمَلٍ (قَوْلُهُ: مِنْ الطَّاعَاتِ) بَيَانٌ لِلْأَعْمَالِ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا فَسَّرَهُ النَّبِيُّ إلَخْ) أَيْ الْإِسْلَامَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[كتاب الطهارة]

كِتَابُ الطَّهَارَةِ الْكِتَابُ لُغَةً مُشْتَقٌّ مِنْ الْكَتْبِ وَهُوَ الضَّمُّ وَالْجَمْعُ، يُقَالُ كَتَبَ كَتْبًا وَكِتَابَةً وَكِتَابًا وَمِثْلُهُ الْكَثْبُ بِالْمُثَلَّثَةِ. وَقَالَ أَبُو حَيَّانَ وَغَيْرُهُ: إنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ لَا يُشْتَقُّ مِنْ الْمَصْدَرِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُمْ لَمْ يُرِيدُوا الِاشْتِقَاقَ الْأَصْغَرَ، وَهُوَ رَدُّ لَفْظٍ إلَى آخَرَ لِمُنَاسَبَةٍ بَيْنَهُمَا فِي الْمَعْنَى، وَالْحُرُوفُ الْأَصْلِيَّةُ، وَإِنَّمَا أَرَادُوا الْأَكْبَرَ، وَهُوَ اشْتِقَاقُ الشَّيْءِ مِمَّا يُنَاسِبُهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَوَافَقَتْ حُرُوفُهُ حُرُوفَهُ أَمْ لَا كَمَا فِي الثَّلْمِ وَالثَّلْبِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSكِتَابُ الطَّهَارَةِ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى وَسَائِلَ أَرْبَعَةٍ، وَمَقَاصِدَ كَذَلِكَ، وَأَفْرَدَهَا بِتَرَاجِمَ دُونَ تِلْكَ انْتَهَى. وَكَتَبَ عَلَيْهِ ابْنُ قَاسِمٍ: لَعَلَّ مُرَادَهُ بِالْوَسَائِلِ الْمُقَدِّمَاتُ الَّتِي عَبَّرَ بِهَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَقَالَ: وَهِيَ أَيْ الْوَسَائِلُ أَرْبَعَةٌ: وَهِيَ الْمِيَاهُ، وَالْأَوَانِي، وَالِاجْتِهَادُ وَالنَّجَاسَاتُ انْتَهَى. وَبِالْمَقَاصِدِ: الْوُضُوءُ، وَالْغُسْلُ، وَالتَّيَمُّمُ، وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ وَحِينَئِذٍ فَهَلَّا عُدَّ مِنْ الْوَسَائِلِ وَالْمُقَدِّمَاتِ التُّرَابُ كَالْمِيَاهِ وَالْأَحْدَاثُ كَالنَّجَاسَاتِ، لَكِنْ يَشْكُلُ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ: وَأَفْرَدَهَا بِتَرَاجِمَ بِالنِّسْبَةِ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَاتِ، إلَّا أَنْ يُرِيدَ بَيَانَ النَّجَاسَةِ ذَاتًا وَإِزَالَةً فَيَكُونُ قَدْ تَرْجَمَ لِلْإِزَالَةِ اهـ. أَقُولُ قَوْلُهُ فَهَلَّا عَدَّ إلَخْ، قَدْ يُقَالُ لَمَّا كَانَ التُّرَابُ غَيْرَ رَافِعٍ بَلْ هُوَ مُبِيحٌ لَمْ يَعُدَّهُ فِيمَا هُوَ رَافِعٌ، وَالطَّهَارَةُ لَمَّا لَمْ تَتَوَقَّفْ عَلَى الْحَدَثِ دَائِمًا بَلْ قَدْ تُوجَدُ بِلَا سَبْقٍ حَدَثَ كَالْمَوْلُودِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مُحْدِثَا وَإِنْ كَانَ فِي حُكْمِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ يُطَهِّرُهُ وَلِيُّهُ إذَا أَرَادَ الطَّوَافَ بِهِ فَلَمْ تَتَوَقَّفْ الطَّهَارَةُ عَلَيْهِ، وَمِنْ شَأْنِ الْوَسِيلَةِ أَنْ لَا تَنْفَكَّ (قَوْلُهُ وَهُوَ الضَّمُّ وَالْجَمْعُ) أَيْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْأَشْيَاءُ مُتَنَاسِبَةً أَوْ لَا، وَقَوْلُهُ وَالْجَمْعُ مِنْ عَطْفِ الْأَعَمِّ عَلَى الْأَخَصِّ؛ لِأَنَّ كُلَّ ضَمٍّ فِيهِ جَمْعٌ وَلَا عَكْسَ (قَوْلُهُ: يُقَالُ كَتَبَ كَتْبًا) أَيْ يَقُولُ قَوْلًا جَارِيًا عَلَى طَرِيقَةِ اللُّغَةِ، وَقَوْلُهُ كَتْبًا: أَيْ فَلِكَتَبَ ثَلَاثَةُ مَصَادِرَ: الْأَوَّلُ مُجَرَّدٌ، وَالْآخَرَانِ مَزِيدَانِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ الْكَثَبُ) أَيْ فِي أَنَّ مَعْنَاهُ الضَّمُّ وَالْجَمْعُ. وَفِي الْمِصْبَاحِ: الْكَثَبُ بِفَتْحَتَيْنِ الْقُرْبُ، وَهُوَ يَرْمِي مِنْ كَثَبٍ: أَيْ مِنْ قُرْبٍ وَتَمَكُّنٍ، وَقَدْ تُبْدَلُ الْبَاءُ مِيمًا، فَيُقَالُ مِنْ كَثَمٍ، وَكَثَبَ الْقَوْمُ مِنْ بَابِ ضَرَبَ اجْتَمَعُوا، وَكُثْبَتُهُمْ جَمْعَتُهُمْ يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى وَمِنْهُ كَثِيبُ الرَّمَلِ لِاجْتِمَاعِهِ (قَوْلُهُ: إنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ) أَيْ اشْتِقَاقُهُ مِنْ الْكَثَبِ، وَقَوْلُهُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْغَيْرِ الْإِسْنَوِيُّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ رَدُّ لَفْظٍ) أَيْ الِاشْتِقَاقِ الْأَصْغَرِ (قَوْلُهُ: وَالْحُرُوفُ الْأَصْلِيَّةُ) أَيْ وَمَعَ رِعَايَةِ التَّرْتِيبِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ اشْتِقَاقُ الشَّيْءِ) أَيْ الِاشْتِقَاقُ الْأَكْبَرُ (قَوْلُهُ: مِمَّا يُنَاسِبُهُ مُطْلَقًا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَوَافَقَا فِي الْحُرُوفِ الْأَصْلِيَّةِ وَالْمَعْنَى، وَعَلَيْهِ فَهُوَ بِهَذَا التَّفْسِيرِ أَعَمُّ مِنْ الْأَصْغَرِ فَيَجْتَمِعَانِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الِاعْتِذَارِ بِمَا ذُكِرَ. هَذَا وَفِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ مَا يَقْتَضِي التَّبَايُنَ، وَعِبَارَتُهُ وَالْأَكْبَرُ لَيْسَ فِيهِ جَمِيعُ الْأُصُولِ انْتَهَى. وَظَاهِرُهَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ جَمِيعُ الْأُصُولِ فَيُبَايِنُ الْأَصْغَرَ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الثَّلْمِ وَالثَّلْبِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الطَّهَارَةِ] [تَنْقَسِمُ الطَّهَارَةُ إلَى عَيْنِيَّةٍ وَحُكْمِيَّةٍ] ِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ أَبُو حَيَّانَ وَغَيْرُهُ إنَّهُ) يَعْنِي كَوْنَ الْكِتَابِ مُشْتَقًّا مِنْ الْكَتْبِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمُشْتَقُّ أَوْ الْمُشْتَقُّ مِنْهُ مَصْدَرًا أَمْ لَا، فَقَوْلُهُ سَوَاءٌ أَوَافَقَتْ حُرُوفُهُ حُرُوفَهُ أَمْ لَا لَيْسَ بَيَانًا لِلْمُرَادِ مِنْ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا هُوَ تَعْمِيمٌ

وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ الْبَيْعَ مُشْتَقٌّ مِنْ مَدِّ الْبَاعِ مَعَ أَنَّهُ يَائِيٌّ وَالْبَاعُ وَاوِيٌّ، وَأَنَّ الصَّدَاقَ مُشْتَقٌّ مِنْ الصَّدْقِ بِفَتْحِ الصَّادِ وَهُوَ الشَّيْءُ الصُّلْبُ؛ لِأَنَّهُ أَشْبَهَهُ فِي قُوَّتِهِ وَصَلَابَتِهِ انْتَهَى. وَيَرُدُّ الِاعْتِرَاضَ مَا صَرَّحَ بِهِ السَّعْدُ التَّفْتَازَانِيُّ بِقَوْلِهِ: وَاعْلَمْ أَنَّ مُرَادَنَا بِالْمَصْدَرِ هُوَ الْمَصْدَرُ الْمُجَرَّدُ؛ لِأَنَّ الْمَزِيدَ فِيهِ مُشْتَقٌّ مِنْهُ لِمُوَافَقَتِهِ إيَّاهُ بِحُرُوفِهِ وَمَعْنَاهُ اهـ وَاصْطِلَاحًا: اسْمٌ لِضَمِّ مَخْصُوصٍ أَوَلِجُمْلَةٍ مُخْتَصَّةٍ مِنْ الْعِلْمِ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى أَبْوَابٍ وَفُصُولٍ غَالِبًا فَهُوَ إمَّا مَصْدَرٌ لَكِنْ لِضَمٍّ مَخْصُوصٍ أَوْ اسْمِ مَفْعُولٍ بِمَعْنَى الْمَكْتُوبِ أَوْ اسْمِ فَاعِلٍ بِمَعْنَى الْجَامِعِ لِلطَّهَارَةِ وَقَدْ افْتَتَحَ الْأَئِمَّةُ كُتُبَهُمْ بِالطَّهَارَةِ لِخَبَرِ «مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطَّهُورُ» مَعَ افْتِتَاحِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذِكْرُ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ الْمَبْحُوثِ عَنْهُمَا فِي عِلْمِ الْكَلَامِ بِالصَّلَاةِ كَمَا سَيَأْتِي وَلِكَوْنِهَا أَعْظَمَ شُرُوطِ الصَّلَاةِ الَّتِي قَدَّمُوهَا عَلَى غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ عِبَادَاتِ الْبَدَنِ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَالشَّرْطُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَشْرُوطِ طَبْعًا فَقُدِّمَ عَلَيْهِ وَضْعًا، وَلَا شَكَّ أَنَّ أَحْكَامَ الشَّرْعِ إمَّا أَنْ تَتَعَلَّقَ بِعِبَادَةٍ أَوْ بِمُعَامَلَةٍ أَوْ بِمُنَاكَحَةٍ أَوْ بِجِنَايَةٍ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالثَّلَمُ: هُوَ زَوَالُ بَعْضِ الْحَائِطِ أَوْ نَحْوِهِ كَزَوَالِ شَفَةِ الْإِنَاءِ. وَالثَّلْبُ: ذِكْرُ عُيُوبِ الشَّيْءِ اهـ مُخْتَارٌ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: وَقَدْ ذَكَرُوا) تَأْكِيدٌ لِلْجَوَابِ (قَوْلُهُ: السَّعْدُ التَّفْتَازَانِي) أَيْ فِي شَرْحِ التَّصْرِيفِ (قَوْلُهُ: اسْمٌ لِضَمِّ) كَأَنْ يُقَالَ ضَمُّ مَسَائِلَ جُمْلَةٍ مُخْتَصَّةٍ إلَخْ، وَعَلَيْهِ فَالْكِتَابُ اصْطِلَاحًا أَخَصُّ مِنْهُ لُغَةً، وَعَلَى الثَّانِي بَيْنَهُمَا التَّنَاسُبُ بِغَيْرِ الْمَخْصُوصِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِجُمْلَةٍ مُخْتَصَّةٍ) أَيْ مُمَيِّزَةٍ: أَيْ لِدَالِ جُمْلَةٍ أَوْ لِجُمْلَةٍ مُخْتَصَّةٍ مِنْ دَالِ الْعِلْمِ، فَلَا يُخَالِفُ مَا اخْتَارَهُ السَّيِّدُ مِنْ أَنَّ الْمُخْتَارَ أَنَّهُ اسْمٌ لِلْأَلْفَاظِ الْمَخْصُوصَةِ بِاعْتِبَارِ دَلَالَتِهَا عَلَى الْمَعَانِي (قَوْلُهُ: فَهُوَ إمَّا مَصْدَرٌ إلَخْ) أَيْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لِضَمٍّ مَخْصُوصٍ (قَوْلُهُ أَوْ اسْمُ مَفْعُولٍ) هُوَ وَمَا بَعْدَهُ يَرْجِعَانِ لِقَوْلِهِ أَوْ لِجُمْلَةٍ. وَالْمُرَادُ أَنَّهُ إمَّا مَصْدَرٌ بَاقٍ عَلَى مَصْدَرِيَّتِهِ أَوْ هُوَ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ إلَخْ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى الْجَامِعِ لِلطَّهَارَةِ) زَادَ ابْنُ حَجَرٍ: وَالْإِضَافَةُ إمَّا بِمَعْنَى اللَّامِ أَوْ بَيَانِيَّةٌ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ ابْنُ قَاسِمِ قَوْلَهُ وَالْإِضَافَةُ إلَخْ. عِبَارَةُ شَرْحِ الْعُبَابِ: وَالْإِضَافَةُ عَلَى غَيْرِ الثَّانِي بِمَعْنَى اللَّامِ وَعَلَيْهِ بَيَانِيَّةٌ انْتَهَى. يُتَأَمَّلُ هَلْ وُجِدَ شَرْطُ الْبَيَانِيَّةِ؟ وَفِي تَخْصِيصِ مَعْنَى اللَّامِ بِغَيْرِ الثَّانِي نَظَرٌ (قَوْلُهُ: ذِكْرُ شَعَائِرِ) وَفِي نُسْخَةٍ شَرَائِعِ (قَوْلُهُ: الْمَبْحُوثُ عَنْهُمَا) دَفْعٌ لِمَا قَدْ يُقَالُ: هَلَّا ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ الْكَلَامَ عَلَى الشَّهَادَتَيْنِ لِلِابْتِدَاءِ بِهِمَا فِي الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ: وَلِكَوْنِهَا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِخَبَرِ " مِفْتَاحُ " إلَخْ (قَوْلُهُ: أَعْظَمُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا سَبَبُ كَوْنِ الطَّهَارَةِ أَعْظَمَ شُرُوطِ الصَّلَاةِ مَعَ تَوَقُّفِ صِحَّتِهَا عَلَى الْجَمِيعِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ وَعَدَمِ تَوَقُّفِهَا عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا عِنْدَ الْعَجْزِ. وَقَدْ يُقَالُ اعْتِنَاءُ الشَّارِعِ بِهَا أَكْثَرُ بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ فَقَدَ السُّتْرَةَ يُصَلِّي عَارِيًّا وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْمُحْدِثِ وَمَنْ بِبَدَنِهِ نَجَاسَةٌ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُصَلِّي لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَيُعِيدُ، بَلْ قِيلَ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا صَلَاةٌ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ، وَالْقِبْلَةُ لَا تُشْتَرَطُ لِلْمُسَافِرِ فِي النَّفْلِ عَلَى مَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي مَحَلِّهِ، وَالْوَقْتُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ لِوُقُوعِ الصَّلَاةِ فَرْضًا لَا لِمُطْلَقِ الصَّلَاةِ حَتَّى لَوْ أَحْرَمَ ظَانًّا دُخُولَ الْوَقْتِ فَبَانَ خِلَافُهُ انْعَقَدَتْ صَلَاتُهُ نَفْلًا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَشْرُوطِ طَبْعًا) وَضَابِطُهُ مَا يَتَوَقَّفُ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَعْدَ تَعْمِيمٍ بِحَذْفِ حَرْفِ الْعَطْفِ، وَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ وَإِلَّا لَمْ يَتِمَّ مَقْصُودُ الْجَوَابِ،؛ لِأَنَّ مَا نَحْنُ فِيهِ فِيهِ الْمُوَافَقَةُ الْمَذْكُورَةُ كَالْمُنَاسَبَةِ: وَالْمَانِعُ إنَّمَا هُوَ كَوْنُ الْمُشْتَقِّ مَصْدَرًا عَلَى تَسْلِيمِ الِاعْتِرَاضِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مِنْ مَدِّ الْبَاعِ) حَقُّ الْعِبَارَةِ مِنْ الْبَاعِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَيَرُدُّ الِاعْتِرَاضَ) أَيْ يَمْنَعُهُ مِنْ أَصْلِهِ، وَالْجَوَابُ الْأَوَّلُ فِيهِ تَسْلِيمُهُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ لِضَمٍّ مَخْصُوصٍ) فِي الْعِبَارَةِ تَسَمُّحٌ (قَوْلُهُ: الَّتِي قَدَّمُوهَا) الْمَوْصُولُ وَاقِعٌ عَلَى الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَالشَّرْطُ مُقَدَّمٌ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى حَذْفَهُ، وَالْكِفَايَةَ بِمَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ يُنْتَقَضُ بِالشُّرُوطِ الَّتِي أَخَّرُوهَا عَنْ أَحْكَامِ الصَّلَاةِ، فَالطَّهَارَةُ إنَّمَا قُدِّمَتْ مِنْ حَيْثُ أَعْظَمِيَّتُهَا لَا مِنْ حَيْثُ شَرْطِيَّتُهَا، وَأَعْظَمِيَّتُهَا مِنْ حَيْثُ إنَّ سُقُوطَ الْفَرْضِ مُطْلَقًا بِالْمَعْنَى الْمُغْنِي عَنْ الْقَضَاءِ لَا يَقَعُ بِدُونِهَا، بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ فَقَدْ تَقَعُ الصَّلَاةُ بِدُونِهَا مُغْنِيَةً عَنْ الْإِعَادَةِ

مِنْ الْبَعْثَةِ نَظْمُ أَحْوَالِ الْعِبَادِ فِي الْمَعَادِ وَالْمَعَاشِ، وَانْتِظَامُهَا إنَّمَا يُحَصَّلُ بِكَمَالِ قُوَاهُمْ النُّطْقِيَّةِ وَالشَّهَوِيَّةِ وَالْغَضَبِيَّةِ، فَمَا يُبْحَثُ عَنْهُ فِي الْفِقْهِ إنْ تَعَلَّقَ بِكَمَالِ النُّطْقِيَّةِ فَالْعِبَادَةُ إذْ بِهَا كَمَالُهَا أَوْ بِكَمَالِ الشَّهْوِيَّةِ، فَإِنْ تَعَلَّقَ بِالْأَكْلِ وَنَحْوِهِ فَالْمُعَامَلَةُ أَوْ بِالْوَطْءِ وَنَحْوِهِ فَالْمُنَاكَحَةُ أَوْ بِكَمَالِ الْغَضَبِيَّةِ فَالْجِنَايَةُ، وَأَهَمُّهَا الْعِبَادَةُ لِتَعَلُّقِهَا بِالْأَشْرَفِ، ثُمَّ الْمُعَامَلَةُ لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا؛ ثُمَّ الْمُنَاكَحَةُ؛ لِأَنَّهَا دُونَهَا فِي الْحَاجَةِ، ثُمَّ الْجِنَايَةُ لِقِلَّةِ وُقُوعِهَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا قَبْلَهَا، فَرَتَّبُوهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ وَرَتَّبُوا الْعِبَادَةَ بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ عَلَى تَرْتِيبِ خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ، وَحَجِّ الْبَيْتِ» وَاخْتَارُوا هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَلَى رِوَايَةِ تَقْدِيمِ الْحَجِّ عَلَى الصَّوْمِ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ أَعَمُّ وُجُوبًا لِوُجُوبِهِ عَلَى الْفَوْرِ وَلِتَكَرُّرِهِ فِي كُلِّ عَامٍ. وَالطَّهَارَةُ مَصْدَرُ طَهَرَ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَضَمِّهَا وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ يَطْهُرُ بِضَمِّهَا فِيهِمَا، وَهِيَ لُغَةً: النَّظَافَةُ وَالْخُلُوصُ مِنْ الْأَدْنَاسِ حِسِّيَّةً كَانَتْ كَالْأَنْجَاسِ أَوْ مَعْنَوِيَّةً كَالْعُيُوبِ، وَشَرْعًا: ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَيْهِ الشَّيْءُ وَلَيْسَ عِلَّةً تَامَّةً لَهُ (قَوْلُهُ: فِي الْمَعَادِ وَالْمَعَاشِ) يَحْتَمِلَانِ الْمَصْدَرَ وَاسْمَ الزَّمَانِ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى الْبَهْجَةِ. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي (قَوْلُهُ بِكَمَالِ قُوَاهُمْ النُّطْقِيَّةِ) أَيْ الْإِدْرَاكِيَّةِ اهـ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى ابْنِ حَجَرٍ، وَقَالَ فِيمَا كَتَبَهُ عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ: أَيْ الْعَقْلِيَّةِ اهـ وَمَعْنَاهَا وَاحِدٌ، ثُمَّ قَالَ: وَهَلْ الْمُرَادُ بِكَمَالِهَا بِمَا أَنَّهَا تُزِيلُ نَقْصًا يَكُونُ لَوْلَاهَا، أَوْ أَنَّهَا تُفِيدُ اعْتِبَارَهَا، وَالِاعْتِدَادُ بِهَا فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا مَانِعَ مِنْ إرَادَةِ الْأَمْرَيْنِ اهـ (قَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِهَا بِالْأَشْرَفِ) وَهُوَ الْبَارِي سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (قَوْلُهُ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ) وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا فِي هَذِهِ الْحِكْمَةِ لِلْفَرَائِضِ لَعَلَّهُ لِكَوْنِهَا عِلْمًا مُسْتَقِلًّا أَوْ لِجَعْلِهَا مِنْ الْمُعَامَلَاتِ حُكْمًا إذْ مَرْجِعُهَا قِسْمَةُ التَّرِكَاتِ وَهِيَ شَبِيهَةٌ بِالْمُعَامَلَاتِ، وَأَخَّرُوا الْقَضَاءَ وَالشَّهَادَاتِ وَالدَّعَاوَى وَالْبَيِّنَاتِ لِتَعَلُّقِهَا بِالْمُعَامَلَاتِ وَالْمُنَاكَحَاتِ وَالْجِنَايَاتِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى رِوَايَةِ تَقْدِيمِ الْحَجِّ) يَظْهَرُ مِنْ سِيَاقِهِ أَنَّهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا وَهُوَ كَذَلِكَ فَقَدْ نَقَلَهُ عَنْهُمَا فِي الْأَرْبَعِينَ النَّوَوِيَّةِ (قَوْلُهُ: بِضَمِّهَا فِيهِمَا) وَيُقَالُ أَيْضًا طَهِرَ يَطْهَرُ بِكَسْرِهَا فِي الْمَاضِي وَفَتْحِهَا فِي الْمُضَارِعِ: إذَا اغْتَسَلَ لَا مُطْلَقًا، وَلِعَدَمِ عُمُومِهَا بِهَذَا الِاسْتِعْمَالِ لَمْ يَذْكُرْهَا الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: وَالْخُلُوصُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا) ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ لِلْأَصْحَابِ. وَقَالَ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى الْمَنْهَجِ: إنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ لِلشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ اسْتِنْبَاطًا مِنْ كَلَامِهِمْ، وَلَعَلَّ عَدَمَ عَزْوِ الشَّارِحِ إيَّاهُ لِوَالِدِهِ لِكَوْنِهِ لَمَّا كَانَ مُسْتَنْبَطًا مِنْ كَلَامِهِمْ صَحِيحٌ نِسْبَتُهُ إلَيْهِمْ. هَذَا، وَعَبَّرَ عَنْ مَعْنَى الطَّهَارَةِ الْمُقَابِلِ اللُّغَوِيِّ بِقَوْلِهِ وَشَرْعًا، وَعَنْ مَعْنَى الْكِتَابِ بِقَوْلِهِ وَاصْطِلَاحًا بِنَاءً عَلَى مَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ أَنَّ الْحَقِيقَةَ الشَّرْعِيَّةَ هِيَ مَا تَلْقَى مَعْنَاهَا مِنْ الشَّارِعِ، وَأَنَّ مَا لَمْ يُتَلَقَّ مِنْ الشَّارِعِ يُسَمَّى اصْطِلَاحِيَّةً، وَإِنْ كَانَ فِي عِبَارَاتِ الْفُقَهَاءِ بِأَنْ اصْطَلَحُوا عَلَى اسْتِعْمَالِهِ فِي مَعْنًى فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَتَلَقَّوْا التَّسْمِيَةَ بِهِ مِنْ كَلَامِ الشَّارِعِ. نَعَمْ قَدْ يَسْتَعْمِلُونَ الْحَقِيقَةَ الشَّرْعِيَّةَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ قَاسِمٍ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْبَهْجَةِ فِي بَابِ الزَّكَاةِ فِيمَا وَقَعَ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ مُطْلَقًا. هَذَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ التَّقْسِيمَ لِغَيْرِ اللُّغَوِيَّةِ فِي الْأَصْلِ إنَّمَا هُوَ لِلْعُرْفِيَّةِ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ، لَكِنْ غَلَبَ اسْتِعْمَالُ الْعُرْفِيَّةِ كَمَا قَالَ الْعَضُدُ عَلَى مَا نَقَلَهُ ابْنُ قَاسِمٍ عَنْهُ فِي شَرْحِ الْوَرَقَاتِ فِي الْعَامَّةِ وَتَسْمِيَةِ الْخَاصَّةِ بِالِاصْطِلَاحِيَّةِ، فَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا تَبَعًا لِلشَّيْخِ جَرَى فِيهِ عَلَى ذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: إطْلَاقُ الطَّهَارَةِ عَلَى الْأَوَّلِ حَقِيقَةٌ، وَعَلَى الثَّانِي مَجَازٌ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ انْتَهَى. وَهَا هُنَا مَسْأَلَةٌ أُصُولِيَّةٌ ذَكَرهَا الرَّازِيّ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى} [البقرة: 16] هِيَ أَنَّ الشَّارِعَ اخْتَرَعَ مَعَانِيَ شَرْعِيَّةً وَاسْتَعْمَلَ فِيهَا أَلْفَاظًا مَوْضُوعَةً فِي اللُّغَةِ لَمَعَانٍ أُخْرَى، فَهَلْ هِيَ حَقَائِقُ شَرْعِيَّةٌ أَوْ مَجَازَاتٌ لُغَوِيَّةٌ؛ لِأَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مَحَالِّهَا (قَوْلُهُ النُّطْقِيَّةِ) أَيْ الْإِدْرَاكِيَّةِ (قَوْلُهُ: فَالْجِنَايَةُ) يَعْنِي التَّحَرُّزَ عَنْهَا كَمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: بِالْأَشْرَفِ) أَيْ كَمَالِ النُّطْقِيَّةِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ: وَالطَّهَارَةُ مَصْدَرُ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ

زَوَالُ الْمَنْعِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الْحَدَثِ أَوْ الْخَبَثِ أَوْ الْفِعْلِ الْمَوْضُوعِ لِإِفَادَةِ ذَلِكَ أَوْ لِإِفَادَةِ بَعْضِ آثَارِهِ، كَالتَّيَمُّمِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ جَوَازَ الصَّلَاةِ الَّذِي هُوَ مِنْ آثَارِ ذَلِكَ، فَهِيَ قِسْمَانِ، وَلِهَذَا عَرَّفَهَا النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ بِاعْتِبَارِ الْقِسْمِ الثَّانِي بِأَنَّهَا رَفْعُ حَدَثٍ أَوْ إزَالَةِ نَجَسٍ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُمَا وَعَلَى صُورَتِهِمَا، كَالتَّيَمُّمِ وَالْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ وَتَجْدِيدِ الْوُضُوءِ وَالْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ. وَتَنْقَسِمُ الطَّهَارَةُ إلَى عَيْنِيَّةٍ وَحُكْمِيَّةٍ، فَالْعَيْنِيَّةُ مَا لَا تُجَاوِزُ مَحَلَّ حُلُولِ مُوجِبِهَا كَغَسْلِ الْخَبَثِ، وَالْحُكْمِيَّةُ مَا تُجَاوِزُ ذَلِكَ كَالْوُضُوءِ ، وَقَدْ جَرَتْ عَادَةُ إمَامِنَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الْبَابِ آيَةٌ أَوْ حَدِيثٌ أَوْ أَثَرٌ ذَكَرَهُ ثُمَّ رَتَّبَ عَلَيْهِ مَسَائِلَ الْبَابِ، وَتَبِعَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُحَرَّرِ، وَحَذَفَ ذَلِكَ الْمُصَنَّفُ مِنْ الْمِنْهَاجِ اخْتِصَارًا، غَيْرَ أَنَّهُ افْتَتَحَهُ بِالْآيَةِ الْآتِيَةِ تَبَرُّكًا أَوْ اسْتِدْلَالًا وَقَدَّمَهَا؛ لِأَنَّ الدَّلِيلَ إذَا كَانَ عَامًّا فَرُتْبَتُهُ التَّقْدِيمُ فَلِهَذَا قَالَ (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: 48] أَيْ مُطَهِّرًا، وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْمُطْلَقِ، وَعُدِلَ عَنْ قَوْله تَعَالَى {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} [الأنفال: 11] وَإِنْ قِيلَ بِأَصْرَحِيَّتِهَا لِيُفِيدَ بِذَلِكَ أَنَّ الطَّهُورَ غَيْرُ الطَّاهِرِ، إذْ قَوْله تَعَالَى {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} [المؤمنون: 18] دَلَّ عَلَى كَوْنِهِ طَاهِرًا؛ لِأَنَّ الْآيَةَ سِيقَتْ فِي مَعْرِضِ الِامْتِنَانِ وَهُوَ سُبْحَانَهُ لَا يَمْتَنُّ بِنَجَسٍ، وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الطَّهُورُ غَيْرَ الطَّاهِرِ وَإِلَّا لَزِمَ التَّأْكِيدُ، وَالتَّأْسِيسُ خَيْرٌ مِنْهُ (يُشْتَرَطُ لِرَفْعِ الْحَدَثِ وَالنَّجِسِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَفَتْحِهَا وَبِإِسْكَانِهَا مَعَ كَسْرِ النُّونِ وَفَتْحِهَا: ـــــــــــــــــــــــــــــSالشَّارِعَ إنْ غَيَّرَ وَضْعَ اللُّغَةِ وَوَضَعَهَا لِتِلْكَ الْمَعَانِي الشَّرْعِيَّةِ فَهِيَ حَقَائِقُ شَرْعِيَّةٌ، إذْ لَا مَعْنَى لِلْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ إلَّا اللَّفْظَ الْمُسْتَعْمَلَ فِيمَا وُضِعَ لَهُ فِي الشَّرْعِ، وَإِنْ لَمْ يُغَيِّرْ وَضْعَ اللُّغَةِ وَاسْتَعْمَلَهَا فِي تِلْكَ الْمَعَانِي لِعَلَاقَةٍ بَيْنَهُمَا فَهِيَ مَجَازَاتٌ لُغَوِيَّةٌ، وَحِينَئِذٍ لَوْ كَانَتْ الْعَلَاقَةُ التَّشْبِيهَ تَكُونُ اسْتِعَارَاتٍ لَا مَحَالَةَ انْتَهَى (قَوْلُهُ: زَوَالُ الْمَنْعِ الْمُتَرَتِّبِ) وَهُوَ حُرْمَةُ الصَّلَاةِ مَثَلًا (قَوْلُهُ وَهِيَ قِسْمَانِ) أَيْ الطَّهَارَةُ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا عَرَّفَهَا النَّوَوِيُّ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الرَّفْعَ وَالْإِزَالَةَ الْمَذْكُورَيْنِ فِي تَعْرِيفِ النَّوَوِيِّ الْمَذْكُورِ هُمَا نَفْسُ نَحْوِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَصَبِّ الْمَاءِ عَلَى الثَّوْبِ، لَكِنْ قَدْ يَتَوَقَّفُ فِي أَنَّ الْوُضُوءَ مَثَلًا هُوَ نَفْسُ الرَّفْعِ، بَلْ الرَّفْعُ يَحْصُلُ بِهِ وَلَيْسَ نَفْسُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ الْقِسْمِ الثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ أَوْ الْفِعْلُ الْمَوْضُوعُ (قَوْلُهُ: أَوْ إزَالَةُ نَجَسٍ) أَيْ حُكْمُ إلَخْ وَيُقَالُ عَيْنًا أَوْ أَثَرًا (قَوْلُهُ وَعَلَى صُورَتِهِمَا) عَطْفُ تَفْسِيرٍ انْتَهَى ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى ابْنِ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: كَالتَّيَمُّمِ) مِثَالٌ لِمَا فِي مَعْنَى رَفْعِ الْحَدَثِ وَمِثَالُ مَا فِي مَعْنَى النَّجَسِ الدَّبَّاغِ وَانْقِلَابُ الْخَمْرِ خَلًّا (قَوْلُهُ: وَالْأَغْسَالُ الْمَسْنُونَةُ) هُوَ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ تَجْدِيدِ الْوُضُوءِ مِثَالٌ لِمَا هُوَ عَلَى صُورَةِ رَفْعِ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ: وَالْغَسْلَةُ الثَّانِيَةُ) مِثَالٌ لِمَا عَلَى صُورَتِهِمَا (قَوْلُهُ: فَالْعَيْنِيَّةُ مَا لَا تُجَاوِزُ) أَيْ تَتَعَدَّى (قَوْلُهُ: وَهُوَ سُبْحَانَهُ لَا يَمْتَنُّ بِنَجَسٍ) يُتَأَمَّلُ فَمَا الْمَانِعُ مِنْ صِحَّةِ الِامْتِنَانِ بِشَيْءٍ وَإِنْ قَامَ غَيْرُهُ مَقَامَهُ، وَهَذَا وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِأَنْ يَقُولَ ثَبَتَتْ الطَّهَارَةُ بِالْمَاءِ وَلَمْ تَثْبُتْ بِغَيْرِهِ، وَلَا مَدْخَلَ لِلْقِيَاسِ لِظُهُورِ الْفَرْقِ انْتَهَى ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَزِمَ التَّأْكِيدُ) أَيْ لَوْ جَعَلَ الطَّهُورَ بِمَعْنَى الطَّاهِرِ لَزِمَ التَّأْكِيدُ، لِأَنَّ الطَّهَارَةَ مُسْتَفَادَةٌ مِنْ لَفْظِ الْمَاءِ عَلَى مَا مَرَّ. بِخِلَافِ مَا لَوْ أُرِيدَ بِهِ الطَّهُورُ فَلَا يَكُونُ تَأْكِيدًا بَلْ تَأْسِيسًا، لِأَنَّهُ أَفَادَ مَعْنًى لَمْ يُفِدْهُ مَا قَبْلَهُ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالتَّأْسِيسِ (قَوْلُهُ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَفَتْحِهَا) أَيْ مَعَ فَتْحِ النُّونِ وَقَوْلُهُ مَعَ كَسْرِ النُّونِ إلَخْ: أَيْ مَعَ إسْكَانِهَا فَتَصِيرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ. وَقَدْ افْتَتَحَ الْأَئِمَّةُ كُتُبَهُمْ إلَخْ كَمَا صَنَعَ غَيْرُهُ لِيَكُونَ ذَاكَ بَعْدَ التَّكَلُّمِ عَلَى جَمِيعِ أَلْفَاظِ التَّرْجَمَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْفِعْلُ الْمَوْضُوعُ) يَشْمَلُ نَحْوَ الْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ، وَالْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ، فَإِنَّ تِلْكَ الْأَفْعَالَ الْمَخْصُوصَةَ مَوْضُوعَةٌ لِإِفَادَةِ مَا ذُكِرَ لَوْ كَانَ ثَمَّ مَنْعٌ وَإِنْ لَمْ تُفِدْهُ بِالْفِعْلِ فِي نَحْوِ الْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ، وَالْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ وَذَلِكَ لِعَدَمِ وُجُودِ الْمَنْعِ، فَهُوَ مُوفٍ بِمَا

أَيْ رَفْعِ حُكْمِهِ وَهُوَ بِمَعْنَى مَنْ عَبَّرَ فِي النَّجَسِ بِالْإِزَالَةِ وَالشَّرْطُ فِي اللُّغَةِ الْعَلَامَةُ وَفِي الِاصْطِلَاحِ مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ لِذَاتِهِ. وَالْحَدَثُ لُغَةً الشَّيْءُ الْحَادِثُ وَشَرْعًا يُطْلَقُ عَلَى ثَلَاثَةِ أُمُورٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ أَحَدُهَا وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا أَنَّهُ أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ يَقُومُ بِالْأَعْضَاءِ يَمْنَعُ صِحَّةَ نَحْوِ الصَّلَاةِ حَيْثُ لَا مُرَخِّصَ إذْ لَا يَرْفَعُهُ إلَّا الْمَاءُ وَلَا فَرْقَ فِي الْحَدَثِ بَيْنَ الْأَصْغَرِ وَهُوَ مَا أَبْطَلَ الْوُضُوءَ وَالْمُتَوَسِّطِ وَهُوَ مَا أَوْجَبَ الْغُسْلَ مِنْ نَحْوِ جِمَاعٍ وَالْأَكْبَرُ وَهُوَ مَا أَوْجَبَهُ مِنْ نَحْوِ حَيْضٍ. وَالنَّجَسُ لُغَةً الشَّيْءُ الْمُبْعَدُ وَشَرْعًا مُسْتَقْذَرٌ يَمْنَعُ صِحَّةَ نَحْوِ الصَّلَاةِ حَيْثُ لَا مُرَخِّصَ (مَاءٌ مُطْلَقٌ) أَمَّا فِي الْحَدَثِ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [المائدة: 6] فَأَوْجَبَ التَّيَمُّمَ عَلَى مَنْ فَقَدَ الْمَاءَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِغَيْرِهِ، وَأَمَّا فِي النَّجَسِ فَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَمَّا بَالَ الْأَعْرَابِيُّ فِي الْمَسْجِدِ ـــــــــــــــــــــــــــــSاللُّغَاتُ أَرْبَعَةً، وَفِي الْقَامُوسِ لُغَةٌ خَامِسَةٌ وَهِيَ كَعَضُدِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: أَيْ رُفِعَ حُكْمُهُ) إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إذَا أُرِيدَ بِالْحَدَثِ الْأَسْبَابُ، أَمَّا إنْ أُرِيدَ الْأَمْرُ الِاعْتِبَارِيُّ أَوْ الْمَنْعُ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ لَا يَسْتَقِيمُ، وَسَيَأْتِي لَهُ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْأَمْرُ الِاعْتِبَارِيُّ، وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْأَوْلَى تَرْكُ هَذَا الْمُقَدَّرِ، وَلَعَلَّهُ قَدَّرَهُ لِيَظْهَرَ وَجْهُ التَّعْبِيرِ بِالرَّفْعِ فِي النَّجَسِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَهُوَ بِمَعْنَى مَنْ عَبَّرَ فِي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ رَفْعُ حُكْمِهِ (قَوْلُهُ: وَالشَّرْطُ فِي اللُّغَةِ الْعَلَامَةُ) سَيَأْتِي لَهُ فِي بَابِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ أَنَّ مَا فَسَّرَ بِهِ الشَّرْطَ هُنَا مُوَافِقٌ لِلُّغَةِ خِلَافًا لِقَوْلِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ: إنَّ الْعَلَامَةَ مَعْنَى الشَّرْطِ بِالْفَتْحِ، وَأَمَّا الشَّرْطُ بِالسُّكُونِ فَمَعْنَاهُ إلْزَامُ الشَّيْءِ وَالْتِزَامُهُ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَرْفَعُهُ) أَيْ هَذَا الْأَمْرُ الِاعْتِبَارِيُّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا أَبْطَلَ الْوُضُوءَ) إنَّمَا سُمِّيَ أَصْغَرَ لِقِلَّةِ مَا يَحْرُمُ بِهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَحْرُمُ بِالْجَنَابَةِ أَوْ الْحَيْضِ، وَسُمِّيَ الْحَيْضُ أَكْبَرَ لِكَثْرَةِ مَا يَحْرُمُ بِهِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ، وَالْجَنَابَةُ مُتَوَسِّطَةٌ لِتَوَسُّطِ مَا يَحْرُمُ بِهَا بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ بِهَا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَالْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا يَحْرُمَانِ بِالْأَصْغَرِ وَالْحَيْضُ يَحْرُمُ بِهِ ذَلِكَ وَالصَّوْمُ وَالْوَطْءُ وَنَحْوُهُ (قَوْلُهُ: لَمَّا بَالَ الْأَعْرَابِيُّ) هُوَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ أَوْ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ قَالَهُ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ، وَاقْتَصَرَ ابْنُ حَجَرٍ فِي التُّحْفَةِ عَلَى الثَّانِي لَكِنَّهُ قَيَّدَهُ بِالتَّمِيمِيِّ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْإِصَابَةِ وَلِمَا فِي الْقَامُوسِ فَإِنَّهُ قَالَ: ذُو الْخُوَيْصِرَةِ اثْنَانِ أَحَدُهُمَا تَمِيمِيٌّ وَالثَّانِي ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي تَعْرِيفِ النَّوَوِيِّ الْآتِي خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَيْ رَفْعُ حُكْمِهِ) أَيْ النَّجَسِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ، وَإِنَّمَا أَظْهَرَ فِيهِ مَعَ أَنَّ الْمَقَامَ لِلْإِضْمَارِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ الْعَوْدِ إلَى الْحَدَثِ أَيْضًا، وَإِنَّمَا قَصَرْنَاهُ عَلَى النَّجِسِ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ بِالْمَعْنَى الْآتِي لَا يَحْتَاجُ إلَى هَذَا التَّقْدِيرِ الَّذِي قَدَّرَهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ بِمَعْنَى مَنْ عَبَّرَ إلَخْ) أَيْ بِحَسَبِ الْمَآلِ، وَإِلَّا فَالْمَعْنَى غَيْرُ الْمَعْنَى، وَالشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ حَمَلَ النَّجِسَ هُنَا عَلَى مَعْنًى مَجَازِيٍّ لَهُ غَيْرِ مَا يَأْتِي لِيَبْقَى التَّعْبِيرُ بِالرَّفْعِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَعِبَارَتُهُ، وَهُوَ: أَيْ النَّجِسُ مُسْتَقْذَرٌ يَمْنَعُ صِحَّةَ نَحْوِ الصَّلَاةِ حَيْثُ لَا مُرَخِّصَ، أَوْ مَعْنًى يُوصَفُ بِهِ الْمَحَلُّ الْمُلَاقِي لِعَيْنٍ مِنْ ذَلِكَ مَعَ رُطُوبَةٍ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا لَا أَنَّهُ الَّذِي لَا يَرْفَعُهُ إلَّا الْمَاءُ، وَلِأَنَّ الْمُصَنِّفَ اسْتَعْمَلَ فِيهِ الرَّفْعَ كَمَا تَقَرَّرَ، وَهُوَ لَا يَصِحُّ فِيهِ حَقِيقَةً إلَّا عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، أَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ فَوَصْفُهُ بِهِ مِنْ مَجَازِ مُجَاوَرَتِهِ لِلْحَدَثِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ: أَحَدُهَا، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا أَنَّهُ أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ إلَخْ) إنَّمَا خَصَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الثَّانِيَ الَّذِي هُوَ الْمَنْعُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى مَا ذُكِرَ لَا يَخْتَصُّ رَفْعُهُ بِالْمَاءِ بَلْ يَرْفَعُهُ التُّرَابُ أَيْضًا. عَلَى أَنَّ الشِّهَابَ ابْنَ حَجَرٍ جَوَّزَ إرَادَتَهُ هُنَا أَيْضًا وَقَالَ: إنَّ مُرَادَنَا بِالرَّفْعِ الْعَامِّ، وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا الْمَاءُ، بِخِلَافِ التُّرَابِ، فَإِنَّهُ رَفْعٌ خَاصٌّ بِالنِّسْبَةِ لِفَرْضٍ وَاحِدٍ انْتَهَى بِالْمَعْنَى. أَمَّا الْمَعْنَى الثَّالِثُ لِلْحَدَثِ فَلَا تَصِحُّ إرَادَتُهُ هُنَا إلَّا بِتَقْدِيرٍ كَأَنْ يَجْعَلَ قَوْلَ الشَّارِحِ الْمَارَّ أَيْ رَفْعَ حُكْمِهِ رَاجِعًا لِلْحَدَثِ أَيْضًا إلَّا أَنَّ صَنِيعَهُ هُنَا يُنَافِيهِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَرْفَعُهُ إلَّا الْمَاءُ) كَذَا فِي النُّسَخِ أَوْ الْقَرِيبَةِ وَحَقُّ الْعِبَارَةِ. إذْ هُوَ الَّذِي لَا يَرْفَعُهُ إلَّا الْمَاءُ، وَلَعَلَّ الضَّمِيرَ، وَالْمَوْصُولَ سَقَطَا مِنْ الْكَتَبَةِ (قَوْلُهُ: فَأَوْجَبَ التَّيَمُّمَ عِنْدَ فَقْدِ الْمَاءِ) أَيْ، وَالْمَاءُ يَنْصَرِفُ إلَى الْمُطْلَقِ لِتَبَادُرِهِ إلَى الْأَذْهَانِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي

صُبُّوا عَلَيْهِ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ» وَالذَّنُوبُ بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ: الدَّلْوُ الْمُمْتَلِئَةُ أَوْ الْقَرِيبَةُ مِنْ الِامْتِلَاءِ مَاءً، وَالْمَأْمُورُ لَا يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ الْأَمْرِ إلَّا بِالِامْتِثَالِ، وَقَدْ نَصَّ عَلَى الْمَاءِ فَهُوَ إمَّا تَعَبُّدٌ لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ، أَوْ لِمَا حَوَى مِنْ الرِّقَّةِ وَاللَّطَافَةِ الَّتِي لَا تُوجَدُ فِي غَيْرِهِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَرْسُبُ لِلصَّافِي مِنْهُ ثِقَلٌ بِإِغْلَائِهِ، بِخِلَافِ الصَّافِي مِنْ غَيْرِهِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: لَا لَوْنَ لَهُ وَمَا يَظْهَرُ فِيهِ لَوْنُ ظَرْفِهِ أَوْ مُقَابِلِهِ؛ لِأَنَّهُ جِسْمٌ شَفَّافٌ. وَقَالَ الرَّازِيّ: بَلْ لَهُ لَوْنٌ وَيُرَى، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَحْجُبُ عَنْ رُؤْيَةِ مَا وَرَاءَهُ. وَاقْتَصَرَ عَلَى الْحَدَثِ وَالنَّجِسِ؛ لِأَنَّهُمَا الْأَصْلُ، وَإِلَّا فَيُشْتَرَطُ لِسَائِرِ الطَّهَارَاتِ غَيْرَ التَّيَمُّمِ وَالِاسْتِحَالَةِ الْمَاءُ الْمُطْلَقُ، وَشَمِلَ النَّجَاسَةَ بِأَنْوَاعِهَا وَلَوْ مُخَفَّفَةً أَوْ مُغَلَّظَةً بِشَرْطِهِ الْآتِي، وَدَخَلَ فِي الْمَاءِ جَمِيعُ أَنْوَاعِهِ بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَ مِنْ أَحْمَرَ وَأَسْوَدَ، وَكَذَا مُتَصَاعِدٌ مِنْ بُخَارٍ مُرْتَفِعٍ مِنْ غَلَيَانِ الْمَاءِ وَنَابِعٍ مِنْ زُلَالِ، وَهُوَ شَيْءٌ يَنْعَقِدُ مِنْ الْمَاءِ عَلَى صُورَةِ حَيَوَانٍ، وَشَمِلَتْ عِبَارَتُهُ الْمَاءَ النَّازِلَ مِنْ السَّمَاءِ وَالنَّابِعَ مِنْ الْأَرْضِ وَلَوْ مِنْ زَمْزَمَ، وَالْمَاءُ النَّابِعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ أَشْرَفُ الْمِيَاهِ، وَخَرَجَ بِهِ مَا لَا يُسَمَّى مَاءً كَتُرَابِ تَيَمُّمٍ وَحَجَرِ الِاسْتِنْجَاءِ وَأَدْوِيَةِ دَبَّاغٍ وَشَمْسٍ وَرِيحٍ وَنَارٍ وَخَلٍّ وَنَبِيذٍ وَغَيْرِهَا، وَخَرَجَ بِمُطْلَقِ الْمُسْتَعْمَلِ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ. قَالَ فِي الدَّقَائِقِ: وَعَدَلَ عَنْ قَوْلِ أَصْلِهِ لَا يَجُوزُ إلَى قَوْلِهِ يُشْتَرَطُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَمَانِيٌّ، فَالْأَوَّلُ خَارِجِيٌّ لَيْسَ بِصَحَابِيٍّ، وَالثَّانِي هُوَ الصَّحَابِيُّ الْبَائِلُ فِي الْمَسْجِدِ انْتَهَى بِالْمَعْنَى فَلْيُرَاجِعْ. وَعِبَارَتُهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ الْيَمَانِيِّ صَحَابِيٌّ وَهُوَ الْبَائِلُ فِي الْمَسْجِدِ، وَالتَّمِيمِيُّ حُرْقُوصُ بْنُ زُهَيْرٍ ضِئْضِئُ الْخَوَارِجِ: أَيْ أَصْلُهُمْ. وَفِي الْبُخَارِيِّ: فَأَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ، وَقَالَ مَرَّةً: فَأَتَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ذِي الْخُوَيْصِرَةِ وَكَأَنَّهُ وَهَمَ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: «صُبُّوا عَلَيْهِ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ» ) عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ: أَيْ مَظْرُوفَ ذَنُوبِ وَمِنْ تَبْعِيضِيَّةٌ، أَوْ هِيَ مَعَ مَدْخُولِهَا فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ انْتَهَى عَمِيرَةُ انْتَهَى زِيَادِيُّ. لَا يُقَالُ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ وَالذَّنُوبُ اسْمٌ لِلدَّلْوِ إلَخْ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَمَّا كَانَ الذَّنُوبُ لَهُ إطْلَاقَاتٌ مِنْهَا أَنَّهُ يُطْلَقُ فِي اللُّغَةِ عَلَى الدَّلْوِ فَقَطْ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مُمْتَلِئًا مَاءً وَعَلَيْهِ يُقَيَّدُ بِشَدِّ الْحَبْلِ عَلَيْهِ فَلِهَذَا قُيِّدَ فِي الْحَدِيثِ بِقَوْلِهِ مِنْ مَاءٍ، وَفِي نُسْخَةٍ: إسْقَاطُ قَوْلِهِ مَاءٌ، وَعَلَيْهَا فَلَا حَاجَةَ لِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: الدَّلْوُ الْمُمْتَلِئَةُ) يُفِيدُ أَنَّ الدَّلْوَ مُؤَنَّثَةٌ، وَفِي الْمُخْتَارِ أَنَّهَا تُؤَنَّثُ وَتُذَكَّرُ، وَعِبَارَتُهُ وَالذَّنُوبُ النَّصِيبُ وَهُوَ أَيْضًا الدَّلْوُ الْمَلْأَى مَاءً. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: الَّتِي فِيهَا مَاءٌ قَرِيبٌ مِنْ الْمِلْءِ تُؤَنَّثُ وَتُذَكَّرُ، وَلَا يُقَالُ لَهَا وَهِيَ فَارِغَةٌ ذَنُوبٌ انْتَهَى. وَفِي الْقَامُوسِ مَا يُصَرَّحُ بِأَنَّهُ يُقَالُ لَهُ مُطْلَقًا فِيهِ مَاءٌ أَمْ لَا انْتَهَى. (قَوْلُهُ: فَهُوَ إمَّا تَعَبُّدٌ) أَيْ الْمَاءُ بِمَعْنَى الِاعْتِدَادِ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: ثُفْلٌ بِإِغْلَائِهِ) الثُّفْلُ بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ: مَا سَفُلَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ انْتَهَى مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ) أَيْ النَّجَسُ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ الْآتِي) أَيْ وَهُوَ امْتِزَاجُهُ بِالتُّرَابِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَلَيَانِ الْمَاءِ) أَيْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ وَإِنْ خَالَفَهُ صَاحِبُ الْعُبَابِ (قَوْلُهُ: عَلَى صُورَةِ حَيَوَانٍ) زَادَ ابْنُ حَجَرٍ: وَلَيْسَتْ بِحَيَوَانٍ، فَإِنْ تَحَقَّقَ أَيْ كَوْنُهُ حَيَوَانًا كَانَ نَجَسًا؛ لِأَنَّهُ قَيْءٌ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ زَمْزَمَ) عِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ: وَلَا يُكْرَهُ الطُّهْرُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، وَلَكِنَّ الْأَوْلَى عَدَمُ إزَالَةِ النَّجَسِ بِهِ، وَجَزْمُ بَعْضِهِمْ بِحُرْمَتِهِ ضَعِيفٌ بَلْ شَاذٌّ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِهِ) أَيْ بِالْمَاءِ (قَوْلُهُ مَا لَا يُسَمَّى مَاءً) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَخَرَجَ بِالْمَاءِ مِنْ حَيْثُ تَعَلَّقَ الِاشْتِرَاطُ بِهِ انْتَهَى. وَدَفَعَ بِذَلِكَ مَا أَوْرَدَ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ الْمَاءَ لَقَبٌ وَلَا مَفْهُومَ لَهُ عَلَى الرَّاجِحِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الدَّلْوُ الْمُمْتَلِئَةُ إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " مِنْ مَاءٍ " تَأْكِيدٌ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ التَّجَوُّزِ بِالذَّنُوبِ عَنْ مُطْلَقِ الدَّلْوِ وَقِيلَ فِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ، لَكِنْ نَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ اللُّغَةِ أَنَّ مُطْلَقَ الدَّلْوِ مِنْ جُمْلَةِ إطْلَاقَاتِ الذَّنُوبِ، وَعَلَيْهِ فَمِنْ مَاءٍ تَأْسِيسٌ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ، وَمِنْ ثَمَّ اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا الْإِطْلَاقِ الْمُحَقِّقُ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ (قَوْلُهُ: وَنَابِعٍ مِنْ زُلَالٍ، وَهُوَ شَيْءٌ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الزُّلَالَ اسْمُ حَيَوَانٍ نَفْسِهِ وَيُوَافِقُهُ مَا فِي عِبَارَاتٍ كَثِيرَةٍ، لَكِنَّ عِبَارَةَ التُّحْفَةِ صَرِيحَةٌ فِي خِلَافِهِ، وَأَنَّ الزُّلَالَ اسْمٌ لِمَا يَخْرُجُ

مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ الِاشْتِرَاطُ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمُهَذِّبِ أَنَّ لَفْظَةَ يَجُوزُ تُسْتَعْمَلُ تَارَةً بِمَعْنَى الْحِلِّ وَتَارَةً بِمَعْنَى الصِّحَّةِ وَتَارَةً بِمَعْنَاهُمَا، وَهَذَا الْمَوْضِعُ مِمَّا يَصْلُحُ لِلْأَمْرَيْنِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ لَفْظَةَ يُشْتَرَطُ تَقْتَضِي تَوَقُّفَ الرَّفْعِ عَلَى الْمَاءِ، وَلَفْظَةُ لَا يَجُوزُ مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ تِلْكَ الْمَعَانِي وَلَا قَرِينَةَ، فَالتَّعْبِيرُ بِيُشْتَرَطُ أَوْلَى. وَرُدَّ بِمَنْعِ التَّرَدُّدِ؛ لِأَنَّهُ إنْ حَمَلَ الْمُشْتَرَكُ عَلَى جَمِيعِ مَعَانِيهِ عُمُومًا فَظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَحَمْلُهُ عَلَى جَمِيعِهَا هُنَا بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ وَالتَّبْوِيبِ وَاعْتَرَضَ ثَانِيًا بِأَنَّ تَعْبِيرَ الْمُحَرَّرِ أَوْلَى لِدَلَالَتِهِ عَلَى نَفْيِ الْجَوَازِ بِغَيْرِ الْمَاءِ بِمَنْطُوقِهِ، وَتَعْبِيرُ الْكِتَابِ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ بِوَاسِطَةِ أَنَّ الْإِتْيَانَ بِالْعِبَادَةِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِهَا حَرَامٌ لِلتَّلَاعُبِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ هَذَانِ الْغَرَضَانِ فَالتَّعْبِيرُ بِمَا يُصَرِّحُ بِالْمَقْصُودِ وَهُوَ اشْتِرَاطُ الْمَاءِ لِلتَّطْهِيرِ أَوْلَى. وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ لَا يُرْفَعُ الْحَدَثُ وَلَا يُزَالُ الْخَبَثُ بِالِاسْتِقْلَالِ إلَّا بِالْمَاءِ. وَاحْتُرِزَ بِقَيْدِ الِاسْتِقْلَالِ عَنْ التُّرَابِ فِي غَسَلَاتِ الْكَلْبِ فَإِنَّهُ إزَالَةُ نَجَاسَةٍ بِغَيْرِ الْمَاءِ لَكِنْ لَا مُسْتَقِلَّا. وَقَدْ يُقَالُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ بِغَيْرِ الْمَاءِ بَلْ بِهِ مَعَ انْضِمَامِ غَيْرِهِ (لَهُ وَهُوَ) أَيْ الْمَاءُ الْمُطْلَقُ (مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ مَاءٍ بِلَا قَيْدٍ) لَازِمٍ فَشَمِلَ الْمُتَغَيِّرَ كَثِيرًا بِمَا لَا يَضُرُّ كَطِينٍ وَطُحْلُبٍ أَوْ بِمُجَاوِرٍ إذْ أَهْلُ اللِّسَانِ لَا يَمْنَعُونَ مِنْ إيقَاعِ اسْمِ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ عَلَيْهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ مُطْلَقٌ لَا أَنَّهُ غَيْرُ مُطْلَقٍ وَإِنَّمَا أُعْطِيَ حُكْمَهُ، وَخَرَجَ الْمُسْتَعْمَلُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُطْلَقٍ وَالْقَلِيلُ الْمُتَنَجِّسُ بِالْمُلَاقَاةِ، وَالْمُؤَثِّرُ هُوَ الْقَيْدُ اللَّازِمُ مِنْ إضَافَةٍ كَمَاءِ وَرْدٍ، أَوْ صِفَةٍ كَمَاءٍ دَافِقٍ وَمَاءٍ مُسْتَعْمَلٍ، أَوْ مُتَنَجِّسٍ أَوْ لَامِ عَهْدٍ كَالْمَاءِ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَعَمْ إذَا رَأَتْ الْمَاءَ» أَيْ الْمَنِيَّ فَلَا أَثَرَ لِلْقَيْدِ الْمُنْفَكِّ كَمَاءِ الْبِئْرِ أَوْ الْبَحْرِ، وَيُجْزِئُ الرَّفْعُ بِهِ وَلَوْ ثَلْجًا أَوْ بَرَدًا إنْ سَالَ فِي مَغْسُولٍ، وَإِلَّا أَجْزَأَ فِي مَمْسُوحٍ، وَبِمَا يَنْعَقِدُ مِلْحًا أَوْ حَجَرًا وَلَوْ لِجَوْهَرِهِ أَوْ لِسُبُوخَةِ الْأَرْضِ، وَيَلْزَمُ مُحْدِثًا وَنَحْوَهُ إذَابَةُ بَرَدٍ وَنَحْوِهِ وَمِلْحٍ مَائِيٍّ إنَّ تَعَيَّنَ وَضَاقَ الْوَقْتُ وَلَمْ تَزِدْ مُؤْنَتُهُ عَلَى ثَمَنٍ مِثْلِ الْمَاءِ هُنَاكَ (فَالْمُتَغَيِّرُ بِمُسْتَغْنًى عَنْهُ) طَاهِرٌ مُخَالِطٌ (كَزَعْفَرَانٍ تَغَيُّرًا يَمْنَعُ إطْلَاقَ اسْمِ الْمَاءِ غَيْرِ طَهُورٍ) بِأَنْ يَحْدُثَ لَهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ اسْمٌ آخَرُ، وَيَزُولَ بِهِ وَصْفُ الْإِطْلَاقِ كَجَصٍّ وَنَوْرَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ مِمَّا يَصْلُحُ لِلْأَمْرَيْنِ) أَيْ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِمَا إذْ لَا مَانِعَ (قَوْلُهُ: بَيْنَ تِلْكَ الْمَعَانِي) وَهِيَ الْحِلُّ وَالصِّحَّةُ وَهُمَا مَعًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إنْ حَمَلَ عَلَى الْمُشْتَرَكِ) كَمَا قِيلَ بِهِ وَعَلَيْهِ إمَامُنَا الشَّافِعِيُّ، وَقَوْلُهُ عُمُومًا: أَيْ بِأَنْ تَجْعَلَ تِلْكَ الْمَعَانِيَ مَدْلُولَةً لِلَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ بِالْمُطَابِقَةِ، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ قُلْنَا لَا يُحْمَلُ عُمُومًا بَلْ هُوَ مُجْمَلٌ، فَمَحَلُّ هَذَا الْقَوْلِ حَيْثُ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى حَمْلِهِ عَلَى جَمِيعِ مَعَانِيه، وَهَذَا قَدْ قَامَتْ عَلَى حَمْلِهِ الْقَرِينَةُ وَهِيَ السِّيَاقُ وَالتَّبْوِيبُ، وَقَوْلُهُ بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ خَبَرُ قَوْلِهِ حَمْلُهُ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ وَاجِبٌ (قَوْلُهُ: فَظَاهِرٌ) أَيْ وَاضِحُ الرَّدِّ (قَوْلُهُ وَاعْتَرَضَ ثَانِيًا) أَيْ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ) تَأْيِيدٌ لِكَلَامِ الْمُحَرَّرِ (قَوْلُهُ: بِلَا قَيْدٍ) أَيْ مَعَ الْعِلْمِ بِالْحَالِ عِنْدَ أَهْلِ الْعُرْفِ وَاللِّسَانِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا أَعْطَى حُكْمَهُ) هَذَا مُشْعِرٌ بِجَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي الْمُجَاوِرِ وَمَا مَعَهُ، وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ يَقْتَضِي تَخْصِيصَ الْخِلَافِ بِالتُّرَابِ وَالْمِلْحِ الْمَائِيِّ، وَأَنَّ الْمُتَغَيِّرَ بِغَيْرِهِمَا مِمَّا لَا يَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِهِ مُطْلَقٌ قَطْعًا فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: الْقَلِيلُ الْمُتَنَجِّسُ) أَيْ؛ لِأَنَّ مَنْ عَلِمَ بِحَالِهِمَا يَمْتَنِعُ مِنْ إطْلَاقِ الْمَاءِ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا أَجْزَأَ فِي مَمْسُوحٍ) كَالرَّأْسِ مَثَلًا (قَوْلُهُ وَبِمَا يَنْعَقِدُ مِلْحًا) أَيْ وَيُجْزِئُ الرَّفْعُ بِمَا يَنْعَقِدُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَضَاقَ الْوَقْتُ) أَيْ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ مَا يَزِيدُ عَلَى الصَّلَاةِ كَامِلَةً بَعْدَ الْوُضُوءِ وَإِذَابَةِ الْمَاءِ فَحِينَئِذٍ تَجِبُ إذَابَتُهُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ بِاشْتِغَالِهِ بِذَلِكَ وَلَا يَتَيَمَّمُ؛ لِأَنَّهُ وَاجِدٌ لِلْمَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ الْحَيَوَانِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: عَلَى نَفْيِ الْجَوَازِ) أَيْ بِمَعْنَى الْحِلِّ (قَوْلُهُ: مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ مَاءٍ بِلَا قَيْدٍ) أَيْ لِلْعَالِمِ بِحَالِهِ (قَوْلُهُ: لَازِمٌ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ،؛ لِأَنَّ ذَا الْقَيْدَ الْمُنْفَكَّ يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ مَاءٍ بِلَا قَيْدٍ وَإِنَّمَا كَانَ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ هُوَ الَّذِي لَمْ يُقَيَّدْ بِقَيْدٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَالْمُؤَثِّرُ هُوَ الْقَيْدُ اللَّازِمُ) هَذَا قَدَّمَهُ عَقِبَ الْمَتْنِ وَذَكَرَهُ هُنَا تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَحْدُثَ لَهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ اسْمٌ) يَعْنِي يَحْدُثَ لَهُ قَيْدٌ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ، أَوْ أَنَّ الْوَاوَ لِلتَّقْسِيمِ، فَالْمَعْنَى

وَزِرْنِيخٍ وَسِدْرٍ وَلَوْ عَلَى الْمَحَلِّ الْمَغْسُولِ وَحَجَرٍ مَدْقُوقٍ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ التَّغَيُّرُ حِسِّيًّا أَمْ تَقْدِيرِيًّا، فَلَوْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ مَائِعٌ طَاهِرٌ يُوَافِقُهُ فِي صِفَاتِهِ فُرِضَ وَصْفُ الْخَلِيطِ الْمَفْقُودِ مُخَالِفًا فِي أَوْسَطِ الصِّفَاتِ كَلَوْنِ الْعَصِيرِ وَطَعْمِ الرُّمَّانِ وَرِيحِ اللَّاذَنِ، كَذَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ، وَاعْتَبَرَ الرُّويَانِيُّ الْأَشْبَهَ بِالْخَلِيطِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عَرْضِ جَمِيعِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَى الْمَحَلِّ) أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ السِّدْرُ مُخْتَلِطًا بِالْمَاءِ الَّذِي قُصِدَ التَّطْهِيرُ بِهِ أَوْ كَانَ عَلَى الْمَحَلِّ الَّذِي قُصِدَ تَطْهِيرُهُ (قَوْلُهُ: الْمَغْسُولُ) هُوَ مُعْتَبَرٌ فِي الْجَمِيعِ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ فِي السِّدْرِ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالتَّنْظِيفِ بِهِ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ أُرِيدَ تَطْهِيرُ السِّدْرِ نَفْسِهِ فَتَغَيَّرَ الْمَاءُ بِهِ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى بَقِيَّةِ أَجْزَائِهِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ لِكَوْنِهِ ضَرُورِيًّا فِي تَطْهِيرِهِ (قَوْلُهُ: وَصْفِ الْخَلِيطِ الْمَفْقُودِ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَوْ قَدَّرَ فَغَيْرُ ضُرٍّ، وَإِلَّا فَلَهُ الْإِعْرَاضُ عَنْ التَّقْدِيرِ وَاسْتِعْمَالُهُ، إذْ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ شَاكٌّ فِي التَّغَيُّرِ الْمُضِرِّ وَالشَّكُّ لَا يَضُرُّ انْتَهَى ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى ابْنِ حَجَرٍ. وَقَوْلُهُ الْمَفْقُودُ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُخَالِفْ الْمَاءَ فِي الْأَصْلِ إلَّا فِي صِفَةٍ وَاحِدَةٍ فُرِضَتْ دُونَ غَيْرِهَا كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ رِيحٌ وَفَقَدَ فَلَا يُقَدِّرُ غَيْرَهُ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ إلَخْ خِلَافُهُ، ثُمَّ قَضِيَّةُ تَأْخِيرِ قَوْلِهِ وَمَعْلُومٌ عَنْ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ تَفْرِيعُهُ عَلَيْهِمَا وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ بِكَلَامِ ابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ (قَوْلُهُ كَلَوْنِ الْعَصِيرِ) أَيْ عَصِيرِ الْعِنَبِ أَبْيَضَ أَوْ أَسْوَدَ (قَوْلُهُ: وَرِيحُ اللَّاذَنِ) هُوَ بِالذَّالِ الْمَفْتُوحَةِ الْمُعْجَمَةِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ: وَاعْتَبَرَ الرُّويَانِيُّ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ أَنَّهُ عَلَى كَلَامِ ابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهُ يَنْسَلِخُ عَنْهُ اسْمُ الْمَاءِ كُلِّيَّةً أَوْ يَزُولُ عَنْهُ وَصْفُ الْإِطْلَاقِ فَقَطْ بِأَنْ يَصِيرَ مُقَيَّدًا (قَوْلُهُ: فَرْضُ وَصْفِ الْخَلِيطِ الْمَفْقُودِ) أَيْ بِعَرْضِ جَمِيعِ الْأَوْصَافِ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمَعْلُومٌ إلَخْ، وَحِينَئِذٍ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ مَائِعٌ يُوَافِقُهُ فِي جَمِيعِ الصِّفَاتِ وَكَانَ ذَلِكَ الْمَائِعُ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَصْفٌ مَثَلًا، فَفِقْدَانُهُ يُفْرَضُ بِعَرْضِ جَمِيعِ الصِّفَاتِ لَكِنَّ ذَلِكَ الْعَرْضَ إنَّمَا هُوَ عَنْ الْوَصْفِ الْمَفْقُودِ الَّذِي كَانَ مِنْ شَأْنِهِ الْوُجُودُ، كَالرِّيحِ فِي الْمَاوَرْدِ الْمُنْقَطِعِ الرَّائِحَةِ، وَكَالطَّعْمِ الْمِلْحِ الْجَبَلِيِّ، لَا أَنَّ كُلَّ وَصْفٍ بَدَلٌ عَنْ نَظِيرِهِ مِنْ الْمَائِعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ شَأْنِهِ وُجُودُهُ فِيهِ كَاللَّوْنِ فِي الْمِثَالَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ،؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْوَصْفَ لَمْ يَكُنْ فِيهِ وَفُقِدَ حَتَّى يُقَدَّرَ فَرَجَعَتْ عِبَارَتُهُ إلَى قَوْلِ الْعُبَابِ، وَلَوْ خَالَطَ الْمَاءَ الْقَلِيلَ أَوْ الْكَثِيرَ مَائِعٌ طَاهِرٌ يُوَافِقُ أَوْصَافَهُ، أَوْ خَالَطَ الْمَاءَ الْقَلِيلَ مُسْتَعْمَلٌ وَلَمْ يَبْلُغْ بِهِ قُلَّتَيْنِ فُرِضَ وَصْفُ الْخَلِيطِ الْمَفْقُودِ مُخَالِفًا وَسَطًا فِي جَمِيعِ الْأَوْصَافِ انْتَهَى. فَجُعِلَ الْفَرْضُ لِلْأَوْصَافِ الثَّلَاثَةِ بَدَلًا عَنْ خُصُوصِ الْوَصْفِ الْمَفْقُودِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ فِي الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ، مَعَ أَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ فِي كَلَامِهِ كَالشَّارِحِ أَنَّ الْمَائِعَ مُوَافِقٌ فِي جَمِيعِ الْأَوْصَافِ، وَوَجْهُهُ مَا أَشَرْنَا إلَيْهِ فِيمَا مَرَّ، وَوَجْهُ تَقْدِيرِ الْأَوْصَافِ الثَّلَاثَةِ أَنَّ الْأَمْرَ إذَا آلَ إلَى التَّقْدِيرِ سَلَكَ فِيهِ الِاحْتِيَاطَ، أَلَا تَرَى أَنَّ وَصْفَ النَّجَاسَةِ الْمَقْصُودَ يُقَدَّرُ بِالْأَشَدِّ وَإِنْ كَانَ تَأْثِيرُهُ أَضْعَافَ تَأْثِيرِ الْوَصْفِ الْمَفْقُودِ، وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ فِي الشَّارِحِ كَالْعُبَابِ وَغَيْرِهِ تَعَرُّضٌ لِمَا إذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ كَلَوْنِ مَا يُوَافِقُهُ فِي بَعْضِ أَوْصَافِهِ وَيُخَالِفُهُ فِي بَعْضِهَا، بَلْ كَلَامُهُمَا كَغَيْرِهِمَا يُفْهَمُ أَنَّهُ لَا تَقْدِيرَ حِينَئِذٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، إذْ مِنْ الْبَعِيدِ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ مِلْحٌ جَبَلِيٌّ مَثَلًا بَاقِي الطَّعْمِ وَلَمْ يُغَيِّرْهُ بِطَعْمِهِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ إلَّا هُوَ فِي الْوَاقِعِ أَنَّا نَفْرِضُ لَهُ لَوْنًا أَوْ رِيحًا مُخَالِفًا، وَكَلَامُهُمْ وَأَمْثِلَتُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي خِلَافِ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لَهُ وَصْفٌ مَفْقُودٌ مِنْ شَأْنِهِ الْوُجُودُ حَتَّى نُقَدِّرَ بَدَلَهُ، وَلَيْسَ الْمُخَالِطُ الطَّاهِرُ كَالنَّجَاسَةِ فِيمَا ذَكَرَهُ فِيهَا الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ مِنْ أَنَّهَا إذَا وَافَقَتْ فِي بَعْضِ الْأَوْصَافِ وَخَالَفَتْ فِي بَعْضِهَا أَنَّا نُقَدِّرُ فِي الْأَوْصَافِ الْمُوَافِقَةِ إذَا لَمْ تُغَيَّرْ بِالْمُخَالَفَةِ لِلْفَرْقِ الظَّاهِرِ، وَهُوَ غَلَطُ أَمْرِ النَّجَاسَةِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَذْكُرْ هُوَ نَظِيرَهُ هُنَا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ مُهِمٌّ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا اُعْتُرِضَ بِهِ عَلَى الشَّارِحِ مِنْ دَعْوَى التَّنَاقُضِ فِي كَلَامِهِ، نَعَمْ تَأْخِيرُهُ قَوْلَةَ وَمَعْلُومٌ إلَى آخِرِهِ عَمَّا نَقَلَهُ عَنْ الرُّويَانِيِّ يُوهِمُ جَرَيَانَهُ فِيهِ، وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ: كَلَوْنِ الْعَصِيرِ) أَيْ الْأَسْوَدِ أَوْ الْأَحْمَرِ مَثَلًا لَا الْأَبْيَضِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّا نَفْرِضُهُ مُخَالِفًا لِلْمَاءِ فِي اللَّوْنِ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ: كَذَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ إلَخْ) الَّذِي فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا بَعْدَ مَا مَرَّ نَقْلُهُ عَنْ ابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ

الْأَوْصَافِ عَلَى الْمَاءِ، فَإِنْ لَمْ يُغَيِّرْهُ حُكِمَ بِطَهُورِيَّتِهِ فَإِنْ كَانَ الْخَلِيطُ نَجِسًا فِي مَاءٍ كَثِيرٍ اُعْتُبِرَ بِأَشَدِّ الصِّفَاتِ كَلَوْنِ الْحِبْرِ وَطَعْمِ الْخَلِّ وَرِيحِ الْمِسْكِ لِغِلَظِهِ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ بِغَيْرِهِ لِكَوْنِهِ لِمُوَافَقَتِهِ لَا يُغَيِّرُ، فَكَانَ كَالْحُكُومَةِ لِمَا لَمْ يُمْكِنْ اعْتِبَارُهَا فِي الْحَدِّ بِنَفْسِهِ قَدَّرْنَاهُ رَقِيقًا لِنَعْلَمَ قَدْرَ الْوَاجِبِ. فَإِنْ لَمْ يُؤْثِرْ فَهُوَ طَهُورٌ وَلَهُ اسْتِعْمَالُ كُلِّهِ، وَيَلْزَمُهُ تَكْمِيلُ الْمَاءِ النَّاقِصِ عَنْ طَهَارَتِهِ الْوَاجِبَةِ بِهِ إنْ تَعَيَّنَ، لَكِنْ لَوْ انْغَمَسَ فِيهِ جُنُبٌ نَاوِيًا وَهُوَ قَلِيلٌ صَارَ مُسْتَعْمَلًا كَمَا لَا يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ النَّجَاسَةَ، وَحِينَئِذٍ فَقَدْ جَعَلْنَا الْمُسْتَهْلَكَ كَالْمَاءِ فِي إبَاحَةِ التَّطْهِيرِ بِهِ، وَلَمْ نَجْعَلْهُ كَذَلِكَ فِي دَفْعِ النَّجَاسَةِ عَنْ نَفْسِهِ إذَا وَقَعَتْ فِيهِ وَعَدَمِ صَيْرُورَتِهِ مُسْتَعْمَلًا بِالِانْغِمَاسِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ دَفْعَ النَّجَاسَةِ مَنُوطٌ بِبُلُوغِ الْمَاءِ قُلَّتَيْنِ، وَمَعْرِفَةُ بُلُوغِ الْمَاءِ لَهُمَا مُمْكِنَةٌ مَعَ الِاخْتِلَاطِ وَالِاسْتِهْلَاكِ، وَرَفْعُ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ مَنُوطٌ بِاسْتِعْمَالِ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَاءِ، وَمَعَ الِاسْتِهْلَاكِ الْإِطْلَاقُ ثَابِتٌ، وَاسْتِعْمَالُ الْخَالِصِ غَيْرُ مُمْكِنٍ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ تَكْلِيفٌ، وَاكْتُفِيَ بِالْإِطْلَاقِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً فَشَرِبَ الْمُتَغَيِّرَ الْمَذْكُورَ أَوْ نَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSيُعْتَبَرُ أَوْسَطَ الصِّفَاتِ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ صِفَةَ الْوَاقِعِ، فَمَاءُ الْوَرْدِ الْمُنْقَطِعِ الرَّائِحَةِ يُفْرَضُ عَلَى كَلَامِهِ مِنْ اللَّاذَنِ، وَعَلَى كَلَامِ الرُّويَانِيِّ يُعْتَبَرُ بِمَاءِ وَرْدٍ لَهُ رَائِحَةٌ؛ لِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِالْمُخَالِطِ، وَقَوْلُهُ لَا بُدَّ مِنْ عَرَضٍ إلَخْ قَدْ يُخَالِفُ مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ فَرْضُ وَصْفِ الْخَلِيطِ الْمَفْقُودِ إلَّا أَنْ يَخُصَّ مَا هُنَا بِمَا لَوْ كَانَ الْوَاقِعُ فِي الْأَصْلِ لَهُ الصِّفَاتُ الثَّلَاثَةُ وَفُقِدَتْ، أَوْ لَيْسَ لَهُ صِفَةٌ كَالْمُسْتَعْمَلِ فَتَأَمَّلْ فَإِنَّهُ بَعِيدٌ (قَوْلُهُ: حُكِمَ بِطَهُورِيَّتِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِطَهُورِيَّتِهِ إلَّا بَعْدَ فَرْضِ الْأَوْصَافِ لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ ابْنِ قَاسِمٍ عَلَى ابْنِ حَجَرٍ مَا نَصُّهُ يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: كَلَوْنِ الْحِبْرِ) وَسَكَتَ عَنْ حِكَايَةِ الْخِلَافِ بَيْنَ ابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ وَالرُّويَانِيِّ وَلَا مَانِعَ مِنْ مَجِيئِهِ ثُمَّ ذَكَرَ هَذِهِ هُنَا لِلِاسْتِطْرَادِ وَإِلَّا فَمَحَلُّهَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ فَإِنَّ غَيْرَهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ بِغَيْرِهِ) أَيْ الْخَلِيطُ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُؤَثِّرْ) أَيْ الْخَلِيطُ (قَوْلُهُ: عَنْ طَهَارَتِهِ الْوَاجِبَةِ بِهِ) أَيْ الطَّاهِرُ الَّذِي لَمْ يُؤَثِّرْ فِي الْمَاءِ بِاخْتِلَاطِهِ بِهِ لَا حِسًّا وَلَا تَقْدِيرًا (قَوْلُهُ: إنْ تَعَيَّنَ) أَيْ مَا لَمْ تَزِدْ مُؤْنَتُهُ عَلَى ثَمَنِ الْمَاءِ الْمَفْقُودِ كَمَا يُصَرَّحُ بِهِ فِيمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ وَمَاءِ وَرْدٍ تَوَضَّأَ بِكُلٍّ مَرَّةً (قَوْلُهُ: صَارَ مُسْتَعْمَلًا) أَيْ وَارْتَفَعَ حَدَثُهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ وَالطَّلَاقِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مَاءً مَا لَوْ قَالَ هَذَا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِهِ وَإِنْ مُزِجَ بِغَيْرِهِ وَتَغَيَّرَ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ هَذَا الْمَاءُ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَحْنَثُ بِهِ إذَا شَرِبَهُ عَلَى حَالَتِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ مُزِجَ بِسُكَّرٍ أَوْ نَحْوِهِ بِحَيْثُ تَغَيَّرَ كَثِيرًا وَهَذَا التَّفْصِيلُ يُؤْخَذُ مِمَّا لَوْ حَلَفَ مُشِيرًا إلَى حِنْطَةٍ حَيْثُ فَرَّقُوا فِيهِ بَيْنَ مَا لَوْ قَالَ: لَا آكُلُ مِنْ هَذِهِ فَيَحْنَثُ بِالْأَكْلِ مِنْهَا وَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ صُورَتِهَا فَصَارَتْ دَقِيقًا أَوْ خُبْزًا وَمَا لَوْ قَالَ: لَا آكُلُ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ مِنْهَا إذَا صَارَتْ دَقِيقًا أَوْ خُبْزًا وَهَذَا كُلُّهُ إذَا أَشَارَ إلَيْهِ قَبْلَ الْمَزْجِ فَإِنْ أَشَارَ إلَيْهِ بَعْدَهُ فَهَلْ يَحْنَثُ بِشُرْبِهِ مِنْهُ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى لَمْ يُوجَدْ فَلَا نَظَرَ لِلْإِشَارَةِ بِالصُّورَةِ الْحَاضِرَةِ وَإِلَّا فَيَحْنَثُ كَمَا لَوْ قَالَ نَوَيْت الِاقْتِدَاءَ بِزَيْدٍ هَذَا وَبَانَ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ حَيْثُ عَلَّقَ الْإِشَارَةَ بِالصُّورَةِ الْحَاضِرَةِ (قَوْلُهُ: الْمُتَغَيِّرَ الْمَذْكُورَ) أَيْ وَلَوْ تَقْدِيرِيًّا وَمِنْهُ الْمَمْزُوجُ بِالسُّكَّرِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQاُعْتُبِرَ وَصْفُ الْخَلِيطِ الْمَفْقُودِ. وَعِبَارَةُ الشَّرْحِ الْمَذْكُورِ كَلَوْنِ الْعَصِيرِ وَطَعْمِ الرُّمَّانِ وَرِيحِ اللَّاذَنِ فَلَا يُقَدَّرُ بِالْأَشَدِّ إلَى أَنْ قَالَ وَاعْتَبَرَ الرُّويَانِيُّ الْأَشْبَهَ بِالْخَلِيطِ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ صِفَةَ الْخَلِيطِ الْمَفْقُودَةَ وَهَذَا لَا يُمْكِنُ فِي الْمُسْتَعْمَلِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَلَهُ اسْتِعْمَالٌ كُلُّهُ إلَخْ) فِيهِ تَشْتِيتُ الضَّمَائِرِ فَالضَّمِيرُ فِي كُلِّهِ لِمَجْمُوعِ الْمَاءِ، وَالْمُخَالِطِ وَفِي بِهِ لِخُصُوصِ الْمُخَالِطِ وَفِي فِيهِ وَمَا بَعْدَهُ لِخُصُوصِ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: إنْ تَعَيَّنَ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ لَا تَزِيدَ قِيمَةُ الْمَائِعِ عَلَى ثَمَنِ مَاءِ الطَّهَارَةِ هُنَاكَ فَهَذَا الِاشْتِرَاطُ قَيْدٌ زَائِدٌ عَلَى التَّعْيِينِ الْمَذْكُورِ لَا تَفْسِيرَ لَهُ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَلِيلٌ)

لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ وَكَّلَ مَنْ يَشْتَرِي لَهُ مَاءً فَاشْتَرَاهُ لَهُ لَمْ يَقَعْ لِلْمُوَكِّلِ وَقَدْ يَشْمَلُ إطْلَاقُهُ مَسْأَلَةَ ابْنِ أَبِي الصَّيْفِ وَهِيَ مَا لَوْ طُرِحَ مُتَغَيِّرٌ بِمَا فِي مَقَرِّهِ وَمَمَرِّهِ عَلَى مَاءِ غَيْرِهِ مُتَغَيِّرٍ فَتَغَيَّرَ بِهِ سَلَبَهُ الطَّهُورِيَّةَ لِاسْتِغْنَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ خَلْطِهِ بِالْآخَرِ وَقَدْ أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيُلْغَزُ بِهِ فَيُقَالُ لَنَا مَاءَانِ يَصِحُّ التَّطْهِيرُ بِهِمَا انْفِرَادًا لَا اجْتِمَاعًا وَمُرَادُهُ بِمَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ الْمَاءُ مَا يُمْكِنُ صَوْنُهُ عَنْهُ فَلَا يَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِأَوْرَاقِ الْأَشْجَارِ الْمُتَنَاثِرَةِ وَلَوْ رَبِيعِيَّةً وَإِنْ تَفَتَّتَتْ وَاخْتَلَطَتْ وَلَا بِالْمِلْحِ الْمَائِيِّ وَإِنْ كَثُرَ التَّغَيُّرُ بِهِ وَطُرِحَ، بِخِلَافِ الْجَبَلِيِّ فَإِنَّهُ خَلِيطٌ مُسْتَغْنًى عَنْهُ غَيْرَ مُنْعَقِدٍ مِنْ الْمَاءِ، وَبِخِلَافِ طَرْحِ الْوَرِقِ الْمُتَفَتِّتِ فَإِنَّهُ يَضُرُّ، وَالْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ كَمَائِعٍ فَنَفْرِضُهُ مُخَالِفًا لِلْمَاءِ وَسَطًا فِي صِفَاتِهِ لَا فِي تَكْثِيرِ الْمَاءِ فَلَوْ ضُمَّ إلَى مَاءٍ قَلِيلٍ فَبَلَغَ بِهِ قُلَّتَيْنِ صَارَ طَهُورًا، وَإِنْ أَثَّرَ فِي الْمَاءِ بِفَرْضِهِ مُخَالِفًا (وَلَا يَضُرُّ) فِي الطَّهَارَةِ (تَغَيُّرٌ لَا يَمْنَعُ الِاسْمَ) لِتَعَذُّرِ صَوْنِ الْمَاءِ عَنْهُ وَلِبَقَاءِ إطْلَاقِ اسْمِ الْمَاءِ؛ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اغْتَسَلَ هُوَ وَمَيْمُونَةُ مِنْ قَصْعَةٍ فِيهَا أَثَرُ الْعَجِينِ» ، وَكَذَا لَا يَضُرُّ مَشْكُوكٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَالْمُسْتَعْمَلِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْنَثْ) يُقَيَّدُ عَدَمُ الْحِنْثِ بِشُرْبِ الْمُتَغَيِّرِ تَقْدِيرًا وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَأَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الطَّبَلَاوِيُّ انْتَهَى ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَكَّلَ مَنْ يَشْتَرِي لَهُ مَاءً) ظَاهِرُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ التَّوْكِيلِ لَوْ اشْتَرَى لَهُ وَكِيلُهُ مَاءً مُتَغَيِّرًا بِمَا لَا يُؤَثِّر، وَلَوْ تَغَيَّرَ كَثِيرًا وَقَعَ الشِّرَاءُ لَهُ: أَيْ لِلْمُوَكِّلِ وَهَلْ يَتَخَيَّرُ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْخِيَارُ حَيْثُ اخْتَلَفَ الْغَرَضُ م ر انْتَهَى سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ: فَاشْتَرَاهُ) أَيْ الْمُتَغَيِّرَ وَقَوْلُهُ لَمْ يَقَعْ ظَاهِرُهُ وَإِنْ جَهِلَ الْوَكِيلُ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْإِذْنَ لَمْ يَشْمَلْهُ لِعَدَمِ صِدْقِ اسْمِ الْمَاءِ عَلَيْهِ، فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ الْوَكِيلَ لَوْ اشْتَرَى مَعِيبًا لَا يَعْلَمُ عَيْبَهُ وَقَعَ لِلْمُوَكِّلِ سَوَاءٌ سَاوَى الثَّمَنَ الَّذِي اُشْتُرِيَ بِهِ أَوْ نَقَصَ عَنْهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَقَعْ لِلْمُوَكِّلِ) أَيْ وَلَا لِلْوَكِيلِ إنْ اُشْتُرِيَ بِعَيْنِ الثَّمَنِ، فَإِنْ اُشْتُرِيَ فِي الذِّمَّةِ وَقَعَ لَهُ وَإِنْ سَمَّى الْمُوَكِّلُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الْبَهْجَةِ بَعْدَ مَا ذُكِرَ: وَقَدْ يَشْكُلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ صَبَّ مَاءً وَقَعَ فِيهِ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ حَيْثُ لَمْ يُنَجِّسْ عَلَى غَيْرِهِ لَمْ يُنَجِّسْ مَعَ أَنَّهُ إلْقَاءُ مَيْتَةٍ تُنَجِّسُ، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ إلْقَاءَ الْمَيْتَةِ الْمَذْكُورَةِ إنَّمَا يُنَجِّسُ إذْ كَانَ قَصْدًا وَهُوَ هُنَا تَبَعٌ لِإِلْقَاءِ الْمَاءِ بِخِلَافِ الْخَلِيطِ فَإِنَّهُ يُؤَثِّرُ وَإِنْ وَقَعَ بِنَفْسِهِ وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى، وَقَدْ فَرَّقَ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى ابْنِ حَجَرٍ بِفَرْقٍ آخَرَ فَقَالَ: وَقَدْ فَرَّقَ شَيْخُنَا فِي مَسْأَلَةِ الذُّبَابِ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الذُّبَابِ الِابْتِلَاءَ بِوُقُوعِهِ فَكَانَ حُكْمُهُ أَخَفَّ (قَوْلُهُ: الْمُتَنَاثِرَةُ) أَيْ أَمَّا الْمَنْثُورَةُ فَإِنْ تَفَتَّتَتْ وَاخْتَلَطَتْ بِالْمَاءِ ضُرَّ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ التَّغَيُّرَ بِهَا تَغَيُّرٌ بِمُجَاوِرٍ (قَوْلُهُ: غَيْرَ مُنْعَقِدٍ) أَيْ بِخِلَافِ الْمِلْحِ الْمَائِيِّ فَلَا يَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِهِ لِطَهُورِيَّةِ أَصْلِهِ، وَأُخِذَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ انْعَقَدَ الْمِلْحُ مِنْ الْمُسْتَعْمَلِ وَغُيِّرَ تَغْيِيرًا كَثِيرًا ضَرَّ، وَعَلَيْهِ فَهَلْ الْعِبْرَةُ بِالتَّغَيُّرِ بِصِفَةِ كَوْنِهِ مِلْحًا نَظَرًا لِصُورَتِهِ الْآنَ حَتَّى لَوْ غُيِّرَ بِهَا وَلَمْ يُغَيَّرْ لَوْ فَرَضَ عَصِيرًا مَثَلًا سَلَبَ الطَّهُورِيَّةَ، أَوْ بِفَرْضٍ مُخَالِفًا وَسَطًا نَظَرًا لِأَصْلِهِ فَلَا يُسْلَبُ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ جِدًّا (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَضُرُّ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْمُخَالِطِ (قَوْلُهُ: مَا يُمْكِنُ صَوْنُ الْمَاءِ عَنْهُ) أَيْ وَلَيْسَ مُنْعَقِدًا مِنْ الْمَاءِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي فِي الْمِلْحِ الْمَائِيِّ (قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ صَوْنِ الْمَاءِ عَنْهُ إلَخْ) عَلَّلَ الْمُحَقِّقُ الْجَلَالُ بَدَّلَ هَذَا هُنَا بِقَوْلِهِ لِقِلَّتِهِ وَعَلَّلَ مَا سَيَأْتِي مِنْ الْمُتَعَاطِفَاتِ الثَّلَاثَةِ بِقَوْلِهِ لِتَعَذُّرِ صَوْنِ الْمَاءِ عَمَّا ذُكِرَ فَأَشَارَ إلَى أَنَّ مَا هُنَا مُحْتَرَزُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ تَغَيُّرًا يَمْنَعُ إطْلَاقَ اسْمِ الْمَاءِ أَيْ لِكَثْرَتِهِ وَأَنَّ الْمُتَعَاطِفَاتِ الثَّلَاثَةَ الْآتِيَةَ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ بِمُسْتَغْنٍ عَنْهُ وَأَنَّ الْجَمِيعَ مِنْ الطَّهُورِ الْمُسَاوِي لِلْمُطْلَقِ مَاصَدَقًا وَأَمَّا مَا صَنَعَهُ الشَّارِحُ هُنَا، فَإِنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ مَا سَيَأْتِي فِي الْمُتَعَاطِفَاتِ الثَّلَاثَةِ غَيْرُ طَهُورٍ وَلَا مُطْلَقٍ وَإِنَّمَا أُلْحِقَ بِهِمَا فِي الْحُكْمِ، وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَهْمَلَ مُحْتَرَزَ بَعْضِ الْقُيُودِ وَيُنَاقِضُ قَوْلَهُ نَفْسَهُ فِيمَا مَرَّ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ مَاءٍ بِلَا قَيْدٍ فَشَمِلَ الْمُتَغَيِّرَ كَثِيرًا بِمَا لَا يَضُرُّ كَطِينٍ وَطُحْلُبٍ وَبِمُجَاوِرٍ، إذْ أَهْلُ اللِّسَانِ لَا يَمْنَعُونَ مِنْ إيقَاعِ اسْمِ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ عَلَيْهِ فَعُلِمَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) كَانَ يَنْبَغِي الْعَطْفُ فِي هَذَا

فِي كَثْرَتِهِ، فَلَوْ زَالَ بَعْضُ التَّغَيُّرِ الْفَاحِشِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَاءٍ مُطْلَقٍ وَشَكَّ فِي قِلَّةِ الْبَاقِي عَنْ التَّغَيُّرِ فَطَهُورٌ أَيْضًا خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَقَوْلِي فِي الطَّهَارَةِ تَبَعًا لِلشَّارِحِ لِلرَّدِّ عَلَى دَعْوَى الْأَذْرَعِيِّ أَنَّ الْأَوْلَى حَذْفُ الْمِيمِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا مُتَغَيِّرٍ بِمُكْثٍ، وَمِنْ قَوْلِهِ وَلَا مُتَغَيِّرٍ بِمُجَاوِرٍ؛ لِأَنَّ الْمُتَغَيِّرَ هُوَ الْمَاءُ وَهُوَ لَا يَضُرُّ نَفْسَهُ بَلْ الْمُضِرُّ التَّغَيُّرُ (وَلَا مُتَغَيِّرٌ بِمُكْثٍ) بِتَثْلِيثِ مِيمِهِ مَعَ إسْكَانِ كَافِهِ وَإِنْ فَحُشَ لِلْإِجْمَاعِ. قَالَ الْعُمْرَانِيُّ: وَلَا تُكْرَهُ الطَّهَارَةُ بِهِ (وَطِينٌ وَطُحْلُبٌ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ مَعَ ضَمِّ ثَالِثِهِ أَوْ فَتْحِهِ شَيْءٌ أَخْضَرُ يَعْلُو الْمَاءَ مِنْ طُولِ الْمُكْثِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِمُقِرِّ الْمَاءِ وَمَمَرِّهِ أَوْ لَا، نَعَمْ إنْ أَخَذَ وَدَقَّ ثُمَّ طُرِحَ ضَرَّ لِكَوْنِهِ مُخَالِطًا مُسْتَغْنًى عَنْهُ (وَمَا فِي مَقَرِّهِ وَمَمَرِّهِ) أَيْ مَوْضِعِ قَرَارِهِ وَمُرُورِهِ لِعَدَمِ اسْتِغْنَائِهِ عَنْهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِمَا فِي الْمَقَرِّ وَالْمَمَرِّ مَا كَانَ خَلْقِيَّا فِي الْأَرْضِ أَوْ مَصْنُوعًا فِيهَا بِحَيْثُ صَارَ يُشْبِهُ الْخَلْقِيَّ، بِخِلَافِ الْمَوْضُوعِ فِيهَا لَا بِتِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ، فَإِنَّ الْمَاءَ يُسْتَغْنَى عَنْهُ وَيَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِالثِّمَارِ السَّاقِطَةِ بِسَبَبِ ـــــــــــــــــــــــــــــSغَيْرَ الْمُتَفَتِّتِ إذَا طُرِحَ ثُمَّ تَفَتَّتَ لَا يَضُرُّ، وَعِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ فِيمَا يَضُرُّ وَوَرَقٌ طُرِحَ ثُمَّ تَفَتَّتَ (قَوْلُهُ: فِي كَثْرَتِهِ) أَيْ كَثْرَةِ تَغَيُّرِهِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ) اعْتَمَدَ الطَّبَلَاوِيُّ وَالْبِرْمَاوِيُّ مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ انْتَهَى ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلِي فِي الطَّهَارَةِ) وَالْمُرَادُ فِي صِحَّتِهَا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ: أَيْ تَغَيَّرَ الْمُتَغَيِّرُ (قَوْلُهُ: وَلَا تُكْرَهُ الطَّهَارَةُ بِهِ) وَمِثْلُهُ مَا تَغَيَّرَ بِمَا لَا يَضُرُّ حَيْثُ لَمْ يَجْرِ خِلَافٌ فِي سَلْبِهِ الطَّهُورِيَّةَ، أَمَّا مَا جَرَى فِي سَلْبِ الطَّهُورِيَّةِ بِهِ خِلَافٌ كَالْمُجَاوِرِ وَالتُّرَابُ إذَا طُرِحَ فَيَنْبَغِي كَرَاهَتُهُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافٍ مِنْ مَنْعٍ (قَوْلُهُ: أَوْ فَتْحِهِ شَيْءٌ أَخْضَرُ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَكَزِبْرِجِ خَضِرَةٍ تَعْلُو الْمَاءَ الْمُزْمِنَ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ أَخَذَ وَدَقَّ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ ثُمَّ طُرِحَ فِيمَا أُخِذَ مِنْهُ أَوْ فِي غَيْرِهِ ثُمَّ تَفَتَّتَ بِنَفْسِهِ بَعْدُ لَمْ يَضُرَّ، وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْأَوْرَاقِ الْمَطْرُوحَةِ عَنْ ابْنِ حَجَرٍ الضَّرَرُ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الطُّحْلُبَ لَمَّا كَانَ أَصْلُهُ مِنْ الْمَاءِ لَمْ يَضُرَّ بِخِلَافِ الْأَوْرَاقِ، أَوْ أَنَّ الطُّحْلُبَ أَبْعَدُ تَفَتُّتًا مِنْهَا (قَوْلُهُ: صَارَ يُشْبِهُ) . وَمِنْهُ مَا تُصْنَعُ بِهِ الْفَسَاقِي وَالصَّهَارِيجُ وَنَحْوُهُمَا مِنْ الْجِيرِ وَنَحْوِهِ، وَمِنْهُ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ وَضْعِ الْمَاءِ فِي جَرَّةٍ وُضِعَ أَوَّلًا فِيهَا لَبَنٌ أَوْ نَحْوُهُ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَتْ فِي الْمَاءِ فَتَغَيَّرَ طَعْمُهُ أَوْ لَوْنُهُ أَوْ رِيحُهُ (قَوْلُهُ لَا بِتِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ ذَلِكَ مَا يَحْصُلُ فِي الْفَسَاقِي الْمَعْرُوفَةِ مِمَّا يَتَحَلَّلُ مِنْ الْأَوْسَاخِ الَّتِي عَلَى أَرْجُلِ النَّاسِ، فَإِنَّ الْمُتَغَيِّرَ بِهَا غَيْرُ طَهُورٍ، وَإِنْ كَانَ الْآنَ فِي مَقَرِّ الْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ خِلْقِيًّا وَلَا كَالْخِلْقِيِّ، فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ وَاقِعٌ بِمِصْرَ كَثِيرًا. وَقَدْ يُقَالُ إنَّ هَذَا مِمَّا تَعُمُّ الْبَلْوَى بِهِ فَيُعْفَى عَنْهُ وَفِيهِ شَيْءٌ، بَلْ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ. وَفِي فَتَاوَى الرَّمْلِيِّ: سُئِلَ عَمَّا إذَا تَغَيَّرَ أَحَدُ أَوْصَافِ الْمَاءِ بِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ تَغَيُّرًا كَثِيرًا وَهُوَ الْغَالِبُ فِي مَغَاطِسِ حَمَّامَاتِ الرِّيفِ، هَلْ يُحَالُ عَلَى ذَلِكَ عَلَى مَا يَتَحَمَّلُ مِنْ الْأَوْسَاخِ فَتُسْلَبُ طَهُورِيَّتُهُ فَلَا يَرْفَعُ حَدَثًا وَلَا يُزِيلُ نَجَسًا، أَمْ يُحَالُ عَلَى طُولِ الْمُكْثِ فَيَكُونُ طَهُورًا اعْتِمَادًا عَلَى الْأَصْلِ فِيهِ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْمَاءَ بَاقٍ عَلَى طَهُورِيَّتِهِ، إذْ الْأَصْلُ بَقَاؤُهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّ تَغَيُّرَهُ بِسَبَبِ طُولِ مُكْثِهِ، عَلَى أَنَّهُ لَوْ فَرَضَ أَنَّ سَبَبَهُ الْأَوْسَاخُ الْمُنْفَصِلَةُ مِنْ أَبْدَانِ الْمُنْغَمِسِينَ فِيهِ لَمْ يُؤَثِّرْ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَاءَ الْمَذْكُورَ لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ، فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْأُمِّ: وَأَصْلُ الْمَاءِ عَلَى طَهُورِيَّتِهِ حَتَّى يَتَغَيَّرَ طَعْمُهُ أَوْ لَوْنُهُ أَوْ رِيحُهُ بِمُخَالَطَةِ مَا يَخْتَلِطُ بِهِ وَلَا يَتَمَيَّزُ مِنْهُ مِمَّا هُوَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ انْتَهَى (قَوْلُهُ: بِالثِّمَارِ السَّاقِطَةِ) زَادَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ مَا نَصُّهُ: لِإِمْكَانِ التَّحَرُّزِ عَنْهَا غَالِبًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فِي الْأَرْضِ أَوْ مَصْنُوعًا فِيهَا) يَخْرُجُ مَا كَانَ خِلْقِيًّا فِي غَيْرِ الْأَرْضِ وَمَا كَانَ مَصْنُوعًا فِيهِ مُطْلَقًا فَعُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا فِي الْمَقَرِّ أَوْ الْمَمَرِّ تَغَيُّرُ الْمَاءِ الَّذِي يُوضَعُ فِي الْجِرَارِ الَّتِي كَانَ فِيهَا نَحْوُ عَسَلٍ أَوْ لَبَنٍ وَأَنَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا لَا يُنَاقِضُ مَا سَيَأْتِي لَهُ فِي التَّغَيُّرِ بِالْقَطِرَانِ الَّذِي تُدْهَنُ بِهِ الْقِرَبُ بَلْ هُوَ جَارٍ فِيهِ عَلَى قَاعِدَتِهِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا فِيهِمَا (قَوْلُهُ: لَا بِتِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ) لَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ مَا يَقَعُ مِنْ الْأَوْسَاخِ الْمُنْفَصِلَةِ مِنْ أَرْجُلِ النَّاسِ مِنْ غَسْلِهَا فِي الْفَسَاقِيِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ

مَا انْحَلَّ مِنْهَا، سَوَاءٌ أُوقِعَ بِنَفْسِهِ أَمْ بِإِيقَاعٍ كَانَ عَلَى صُورَةِ الْوَرِقِ كَالْوَرْدِ أَمْ لَا (وَكَذَا مُتَغَيِّرٌ بِمُجَاوِرٍ) تَغَيُّرًا كَثِيرًا (كَعُودٍ وَدُهْنٍ) مُطَيَّبَيْنِ أَوْ غَيْرِ مُطَيَّبَيْنِ؛ لِأَنَّ تَغَيُّرَهُ بِذَلِكَ تَرَوُّحٌ لَا يَمْنَعُ إطْلَاقَ اسْمِ الْمَاءِ. وَالْكَافُورُ نَوْعَانِ صُلْبٌ وَغَيْرُهُ، فَالْأَوَّلُ مُجَاوِرٌ وَالثَّانِي مُخَالِطٌ، وَمِثْلُهُ الْقَطْرَانِ؛ لِأَنَّ فِيهِ نَوْعًا فِيهِ دُهْنِيَّةٌ فَلَا يَمْتَزِجُ بِالْمَاءِ فَيَكُونُ مُجَاوِرًا وَنَوْعًا لَا دُهْنِيَّةَ فِيهِ فَيَكُونُ مُخَالِطًا، وَيُحْمَلُ كَلَامُ مَنْ أَطْلَقَ عَلَى ذَلِكَ وَيُعْلَمُ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمَاءَ الْمُتَغَيِّرَ كَثِيرًا بِالْقَطِرَانِ الَّذِي تُدْهَنُ بِهِ الْقِرَبُ إنْ تَحَقَّقْنَا تَغَيُّرَهُ بِهِ وَأَنَّهُ مُخَالِطٌ فَغَيْرُ طَهُورٍ، وَإِنْ شَكَكْنَا أَوْ كَانَ مِنْ مُجَاوِرٍ فَطَهُورٌ، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الرِّيحُ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ، وَيَظْهَرُ فِي الْمَاءِ الْمُبَخَّرِ الَّذِي غَيَّرَ الْبَخُورُ طَعْمَهُ أَوْ لَوْنَهُ أَوْ رِيحَهُ عَدَمُ سَلْبِهِ الطَّهُورِيَّةَ؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ انْحِلَالَ الْأَجْزَاءِ وَالْمُخَالَفَةِ وَإِنْ بَنَاهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي دُخَانِ النَّجَاسَةِ (أَوْ بِتُرَابٍ طُرِحَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَقُولُ: حَتَّى لَوْ تَعَذَّرَ الِاحْتِرَازُ عَنْهَا ضَرَّ نَظَرًا لِلْغَالِبِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا مُتَغَيِّرٌ بِمُجَاوِرٍ) زَادَ الْمَحَلِّيُّ طَاهِرٌ انْتَهَى وَكَتَبَ عَلَيْهِ الْبَكْرِيُّ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ الْمُرَادُ وَعُلِمَ مِنْ التَّمْثِيلِ وَإِلَّا لَوَرَدَ النَّجَسُ انْتَهَى (قَوْلُهُ كَعُودٍ) أَيْ وَكَالْعُودِ مَا لَوْ صَبَّ عَلَى بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ مَاءً وَرَدَّ ثُمَّ جَفَّ وَبَقِيَتْ رَائِحَتُهُ فِي الْمَحَلِّ، فَإِذَا أَصَابَهُ مَاءٌ وَتَغَيَّرَتْ رَائِحَتُهُ مِنْهُ تَغَيُّرًا كَثِيرًا لَمْ يُسْلَبْ الطَّهُورِيَّةَ؛ لِأَنَّ التَّغَيُّرَ وَالْحَالَةَ مَا ذُكِرَ تَغَيُّرٌ بِمُجَاوِرٍ، أَمَّا لَوْ صُبَّ عَلَى الْمَحَلِّ وَفِيهِ مَا يَنْفَصِلُ وَاخْتَلَطَ بِمَا صَبَّهُ عَلَيْهِ فَيُقَدِّرُ مُخَالِفًا وَسَطًا (قَوْلُهُ: وَدُهْنٍ) أَيْ وَكَحَبٍّ وَكَتَّانٍ وَإِنْ أَغْلَيَا مَا لَمْ يُعْلَمْ انْفِصَالُ عَيْنٍ فِيهِ مُخَالِطَةٌ تَسْلُبُ الِاسْمَ، وَبِهَذَا التَّفْصِيلِ يُجْمَعُ بَيْنَ إطْلَاقَاتٍ مُتَبَايِنَةٍ فِي مَاءِ مُبِلَّاتِ الْكَتَّانِ؛ لِأَنَّ لَهُ حَالَاتٍ مُتَفَاوِتَةً فِي التَّغَيُّرِ أَوَّلًا وَآخِرًا كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ، نَعَمْ الَّذِي يَنْبَغِي فِيمَا شَكَّ فِي انْفِصَالِ عَيْنٍ فِيهِ أَنَّهُ لَوْ تَجَدَّدَ لَهُ اسْمٌ آخَرُ بِحَيْثُ تَرَكَ مَعَهُ اسْمُهُ الْأَوَّلُ السَّلْبَ؛ لِأَنَّ هَذَا التَّجَدُّدَ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ جِدًّا عَلَى انْفِصَالِ تِلْكَ الْعَيْنِ فِيهِ انْتَهَى ابْنُ حَجَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَكَتَبَ عَلَيْهِ ابْنُ قَاسِمٍ قَوْلُهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ انْفِصَالَ عَيْنٍ فِيهِ مُخَالِطَةٍ. فَإِنْ قُلْت: هَلْ يَدُلُّ نَقْصُهُ عَلَى انْفِصَالِ الْعَيْنِ الْمُخَالِطَةِ كَمَا لَوْ وُزِنَ بَعْدَ تَغْيِيرِهِ الْمَاءَ فَوَجَدْنَاهُ نَاقِصًا؟ قُلْت: لَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ نَقَصَ: بِانْفِصَالِ أَجْزَاءٍ مُجَاوِرَةٍ، وَلَوْ لَمْ تُشَاهَدْ فِي الْمَاءِ لِاحْتِمَالِ خُرُوجِهَا مِنْ الْمَاءِ أَوْ الْتِصَاقِهَا بِبَعْضِ جَوَانِبِ الْمَحَلِّ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ تَغَيُّرَهُ بِذَلِكَ تَرَوُّحٌ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ بِالْمُجَاوِرِ ضَرَّ وَلَيْسَ مُرَادًا، نَعَمْ إنْ تَحَلَّلَ مِنْهُ شَيْءٌ كَمَا لَوْ نَقَعَ التَّمْرَ فِي الْمَاءِ فَاكْتَسَبَ الْحَلَاوَةَ مِنْهُ سَلَبَهُ الطَّهُورِيَّةَ (قَوْلُهُ: فَغَيْرُ طَهُورٍ) فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ التَّغَيُّرَ بِهِ تَغَيُّرٌ بِمَا فِي الْمَقَرِّ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ وَلَوْ مَصْنُوعًا حَيْثُ صَارَ كَالْخِلْقِيِّ وَهَذَا مِنْهُ، ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ حَجَرٍ قَالَ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَا فِي مَقَرِّهِ مَا نَصُّهُ: وَمِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ الْقِرَبُ الَّتِي يُدْهَنُ بَاطِنُهَا بِالْقَطِرَانِ وَهِيَ جَدِيدَةٌ لِإِصْلَاحِ مَا يُوضَعُ فِيهَا بَعْدُ مِنْ الْمَاءِ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْقَطِرَانِ الْمُخَالِطِ اهـ (قَوْلُهُ: فِي دُخَانِ النَّجَاسَةِ) أَيْ فَإِنْ قُلْنَا: دُخَانُ النَّجَاسَةِ يُنَجِّسُ الْمَاءَ. قُلْنَا هُنَا بِسَلْبِ الطَّهُورِيَّةِ وَإِنْ قُلْنَا بِعَدَمِ التَّنْجِيسِ ثُمَّ قُلْنَا بِعَدَمِ سَلْبِهَا هُنَا، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ سَلْبِ الطَّهُورِيَّةِ هُنَا مُطْلَقًا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الدُّخَانَ أَجْزَاءٌ تَفْصِلُهَا النَّارُ وَقَدْ اتَّصَلَتْ بِالْمَاءِ فَتُنَجِّسُهُ وَلَوْ مُجَاوِرَةً، إذْ لَا فَرْقَ فِي تَأْثِيرِ مُلَاقَاةِ النَّجَسِ بَيْنَ الْمُجَاوِرِ وَالْمُخَالِطِ، بِخِلَافِ الْبَخُورِ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا، وَإِنَّمَا ذَاكَ مِنْ بَابِ مَا لَا يُسْتَغْنَى الْمَاءُ عَنْهُ غَيْرِ الْمَمَرِّيَّةِ، وَالْمَقَرِّيَّةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ وَالِدُ الشَّارِحِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْأَوْسَاخِ الَّتِي تَنْفَصِلُ مِنْ أَبْدَانِ الْمُنْغَمِسِينَ فِي الْمَغَاطِسِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ تَغَيُّرَهُ بِذَلِكَ تَرَوُّحٌ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ التَّغَيُّرَ بِالْمُجَاوِرِ لَا يَكُونُ إلَّا تَرَوُّحًا، وَهُوَ قَوْلٌ مَرْجُوحٌ مَعَ أَنَّهُ يُنَاقِضُ مَا سَيَأْتِي لَهُ قَرِيبًا فِي مَسْأَلَةِ الْبُخُورِ، فَالْوَجْهُ أَنَّهُ جَرَى فِي هَذَا التَّعْلِيلِ عَلَى الْغَالِبِ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْمَاءَ الْمُتَغَيِّرَ كَثِيرًا بِالْقَطِرَانِ الَّذِي تُدْهَنُ بِهِ الْقِرَبُ إلَخْ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ جَارٍ فِي هَذَا عَلَى

فِي الْأَظْهَرِ) لِمُوَافَقَتِهِ لِلْمَاءِ فِي الطَّهُورِيَّةِ، وَلِأَنَّ تَغَيُّرَهُ بِهِ مُجَرَّدٌ كَدَوْرَةٍ، وَهِيَ لَا تَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ، وَلِأَنَّ الْأَمْرَ بِمَزْجِ الْمَاءِ بِهِ فِي النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ يُنَافِي سَلْبَ الطَّهُورِيَّةِ بِهِ، وَالسِّدْرُ أُمِرَ بِهِ فِي تَطْهِيرِ الْمَيِّتِ لِلتَّنْظِيفِ لَا لِلتَّطْهِيرِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ التُّرَابُ الْمُسْتَعْمَلُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِنَاءً عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّرْكِيبِ، وَالْحُكْمُ يَبْقَى مَا بَقِيَتْ عِلَّتُهُ وَإِنْ انْتَفَى غَيْرُهَا خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ فِي ذَلِكَ، نَعَمْ إنْ كَثُرَ تَغَيُّرُهُ بِهِ بِحَيْثُ صَارَ يُسَمَّى طِينًا سَلَبَهُ الطَّهُورِيَّةَ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ أَنَّهُ يَضُرُّ تَغَيُّرُهُ بِمَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ، وَقَطَعَ الْمُصَنِّفُ التُّرَابَ عَنْ أَمْثِلَةِ الْمُجَاوِرِ، وَأَعَادَ الْبَاءَ مَعَ التُّرَابِ وَعَطَفَ بِأَوْ لِيُفِيدَ أَنَّهُ مُخَالِطٌ، وَالْمُجَاوِرُ مَا يَتَمَيَّزُ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ، وَالْمُخَالِطُ مَا لَا يَتَمَيَّزُ. وَقِيلَ إنَّ الْأَوَّلَ مَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ وَالثَّانِي مَا لَا يُمْكِنُ، وَقِيلَ الْمُتَّبَعُ الْعُرْفُ. وَاعْلَمْ أَنَّ التُّرَابَ يَكُونُ مُخَالِطًا عَلَى الْأَصَحِّ لِكَوْنِهِ لَا يَتَمَيَّزُ فِي رَأْي الْعَيْنِ مَادَامَ التَّغَيُّرُ بِهِ مَوْجُودًا مَعَ كُدُورَتِهِ، وَمُجَاوِرًا عَلَى مُقَابِلِهِ وَهُوَ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ فَصْلُهُ بَعْدَ رُسُوبِهِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ مَنْ أَطْلَقَ كَوْنَهُ مُخَالِطًا أَوْ مُجَاوِرًا عَلَى هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ طَرَحَ بِالْقَصْدِ وَمَا لَوْ طَرَحَهُ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ وَاحْتُرِزَ بِهِ عَنْ التُّرَابِ الَّذِي مَعَ الْمَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ جَزْمًا، وَكَذَا مَا أَلْقَتْهُ الرِّيحُ بِهُبُوبِهَا لِعَدَمِ إمْكَانِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ (وَيُكْرَهُ) تَنْزِيهًا (الْمُشَمَّسُ) أَيْ مَا سَخَّنَتْهُ الشَّمْسُ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ رَدًّا عَلَى مَا قَالَ: إنَّ حَقَّهُ أَنْ يُعَبِّرَ بِمُتَشَمِّسٍ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ قَلِيلًا أَمْ كَثِيرًا وَلَوْ مَائِعًا دُهْنًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ لِاطِّرَادِ الْعِلَّةِ فِي الْجَمِيعِ، بَلْ الدُّهْنُ أَوْلَى لِشِدَّةِ سَرَيَانِهِ فِي الْبَدَنِ سَوَاءٌ الْمُشَمَّسُ بِنَفْسِهِ أَمْ لَا، لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ فِي الْبَدَنِ فِي طَهَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا كَأَكْلٍ وَشُرْبٍ، سَوَاءٌ أَكَانَ اسْتِعْمَالُهُ لِحَيٍّ أَمْ مَيِّتٍ، وَإِنْ أُمِنَ مِنْهُ عَلَى غَاسِلِهِ أَوْ مِنْ إرْخَاءِ بَدَنِهِ أَوْ مِنْ إسْرَاعِ فَسَادِهِ، إذْ فِي اسْتِعْمَالِ ذَلِكَ فِيهِ إهَانَةٌ لَهُ وَهُوَ مُحْتَرَمٌ كَمَا فِي الْحَيَاةِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْأَبْرَصِ وَغَيْرِهِ، وَمَنْ عَمَّهُ الْبَرَصُ وَغَيْرُهُ لِخَوْفِ زِيَادَتِهِ أَوْ شِدَّةِ تَمَكُّنِهِ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - سَخَّنَتْ مَاءً فِي الشَّمْسِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: لَا تَفْعَلِي يَا حُمَيْرَاءُ فَإِنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ» . وَهَذَا وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا لَكِنَّهُ يَتَأَيَّدُ بِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ الِاغْتِسَالَ بِهِ وَقَالَ: إنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ كَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَدَعْوَى مَنْ قَالَ: إنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ عَنْ الْأَطِبَّاءِ شَيْءٌ وَتُرَدُّ بِأَنَّهَا شَهَادَةُ نَفْيٍ لَا يَحْسُنُ بِهَا رَدٌّ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا يَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ إلَّا إنْ كَانَ مُخَالِطًا وَلَمْ تَتَحَقَّقْ الْمُخَالَطَةُ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ تَغَيُّرَهُ بِهِ مُجَرَّدُ كُدُورَةٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ غَيَّرَ طَعْمَ الْمَاءِ أَوْ رِيحَهُ ضَرَّ وَلَيْسَ مُرَادًا (قَوْلُهُ: مِنْ الْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ) هِيَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ تَغَيُّرَهُ بِهِ إلَخْ، وَالْأُولَى قَوْلُهُ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْمَاءِ (قَوْلُهُ: وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ أَنَّهُ يَضُرُّ) أَيْ فَيُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ عَلَى الْأَوَّلِ رِعَايَةً لِهَذَا الثَّانِي (قَوْلُهُ: مَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ) اقْتَصَرَ الْمَحَلِّيُّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ جَازِمًا بِهِ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ طُرِحَ بِالْقَصْدِ) أَيْ مِنْ بَالِغٍ عَاقِلٍ (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ طَرَحَهُ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ) أَيْ أَوْ بَهِيمَةٌ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُ (قَوْلُهُ: بِهُبُوبِهَا) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ جَزْمًا وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي التُّرَابِ الطَّاهِرِ وَأَمَّا النَّجَسُ فَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ أَكَانَ قَلِيلًا) أَنَّ الْمُشَمَّسَ (قَوْلُهُ كَمَا فِي الْحَيَاةِ) أَيْ وَهُوَ فِي حَقِّ الْحَيِّ مَكْرُوهٌ فَكَذَا فِي الْمَيِّتِ، وَلَوْ قِيلَ يَحْرُمُ فِي الْمَيِّتِ إنْ عُدَّ إزْرَاءً بِهِ لَمْ يَبْعُدْ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَيِّ بِأَنَّ الْحَيَّ هُوَ الْمَدْخَلُ لِلضَّرَرِ بِتَقْدِيرِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَا كَذَلِكَ الْمَيِّتُ فَإِنَّ الِاسْتِعْمَالَ مِنْ غَيْرِهِ، وَيُؤَيِّدُ الْفَرْقَ مَا قَالُوهُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ إزَالَةِ دَمِ الشَّهِيدِ وَخُلُوفِ فَمِ الصَّائِمِ مِنْ أَنَّ الْمُزِيلَ لِلْخُلُوفِ هُوَ الصَّائِمُ نَفْسُهُ، بِخِلَافِ دَمِ الشَّهِيدِ فَإِنَّ الْمُزِيلَ غَيْرُهُ، وَبَنَوْا عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ سَوَّكَهُ غَيْرُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ حَرُمَ، وَأَنَّ الشَّهِيدَ لَوْ أَزَالَ دَمَهُ بِنَفْسِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ لَمْ يَحْرُمْ وَإِنْ قَطَعَ بِمَوْتِهِ (قَوْلُهُ: أَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - سَخَّنَتْ مَاءً) لَمْ يُقَيِّدْهُ بِكَوْنِهِ فِي إنَاءٍ مُنْطَبِعٍ فَالْأَخْذُ بِهِ يَقْتَضِي الْكَرَاهَةَ، وَإِنْ كَانَ مُسَخَّنًا فِي خَزَفٍ أَوْ خَشَبٍ أَوْ غَيْرِهِمَا إلَّا أَنْ يُقَالَ يُسْتَنْبَطُ مِنْ النَّصِّ مَعْنًى يُخَصِّصُهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ حَيْثُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَإِنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ» أَشْعُرُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمُنْطَبِعِ (قَوْلُهُ: يَا حُمَيْرَاءُ) هُوَ بِالْمَدِّ وَالتَّصْغِيرِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا) قِيلَ وَكَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَاعِدَتِهِ الْمَارَّةِ فِي حَدِّ مَا فِي الْمَقَرِّ، وَالْمَمَرِّ لَا مُنَاقِضَ لَهَا (قَوْلُهُ: مَا سَخَّنَتْهُ الشَّمْسُ) أَيْ مِنْ الْمَائِعِ كَمَا يَأْتِي

قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَيَكْفِي فِي إثْبَاتِهِ خَبَرُ مِنْ الَّذِي هُوَ أَعْرَفُ بِالطِّبِّ مِنْ غَيْرِهِ. وَضَابِطُ الْمُشَمَّسِ أَنْ تُؤَثِّرَ فِيهِ السُّخُونَةُ بِحَيْثُ تَفْصِلُ مِنْ الْإِنَاءِ أَجْزَاءً سُمِّيَّةً تُؤَثِّرُ فِي الْبَدَنِ، لَا مُجَرَّدَ انْتِقَالِهِ مِنْ حَالَةٍ لِأُخْرَى بِسَبَبِهَا، وَإِنْ نُقِلَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْأَصْحَابِ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ، وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ الْمَاءُ مُغَطًّى حَيْثُ أَثَّرَتْ الشَّمْسُ فِيهِ التَّأْثِيرَ الْمَارَّ وَإِنْ كَانَ الْمَكْشُوفُ أَشَدَّ كَرَاهَةً لِشِدَّةِ تَأْثِيرِهَا فِيهِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فِي مُنْطَبِعٍ كَحَدِيدٍ وَنُحَاسٍ لِيَخْرُجَ بِهِ غَيْرُهُ كَالْخَزَفِ وَالْخَشَبِ وَالْجُلُودِ وَالْحِيَاضِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُنْطَبِعُ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لِصَفَاءِ جَوْهَرِهِمَا فَلَا يَنْفَصِلُ مِنْهُمَا شَيْءٌ وَلَا فَرْقَ فِيهِمَا، وَفِي الْمُنْطَبِعِ مِنْ غَيْرِهِمَا بَيْنَ أَنْ يَصْدَأَ أَوْ لَا، وَأَمَّا الْمُمَوَّهُ بِأَحَدِهِمَا فَالْأَوْجَهُ فِيهِ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَثُرَ التَّمْوِيهُ بِهِ بِحَيْثُ يَمْنَعُ انْفِصَالَ شَيْءٍ مِنْ أَصْلِ الْإِنَاءِ لَمْ يُكْرَهْ، وَإِلَّا كُرِهَ حَيْثُ انْفَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ يُؤَثِّرُ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي الْإِنَاءِ الْمَغْشُوشِ، وَأَنْ يَكُونَ بِقُطْرٍ حَارٍّ لِيَخْرُجَ الْبَارِدُ كَالشَّامِ وَالْمُعْتَدِلُ كَمِصْرِ؛ لِأَنَّ تَأْثِيرَ الشَّمْسِ فِيهِمَا ضَعِيفٌ فَلَا يُتَوَقَّعُ الْمَحْذُورُ، وَأَنْ يَكُونَ وَقْتُهَا لِيَخْرُجَ بِذَلِكَ غَيْرُهُ وَأَنْ يَبْقَى عَلَى حَرَارَتِهِ، فَلَوْ بَرِدَ زَالَتْ الْكَرَاهَةُ، وَهِيَ شَرْعِيَّةٌ لَا إرْشَادِيَّةٌ. وَفَائِدَةُ ذَلِكَ الثَّوَابُ وَلِهَذَا قَالَ السُّبْكِيُّ: التَّحْقِيقُ أَنَّ فَاعِلَ الْإِرْشَادِ لِمُجَرَّدِ غَرَضِهِ لَا يُثَابُ، وَلِمُجَرَّدِ الِامْتِثَالِ يُثَابُ وَلَهُمَا يُثَابُ ثَوَابًا أَنْقَصُ مِنْ ثَوَابٍ مِنْ مَحْضِ قَصْدِ الِامْتِثَالِ، وَلَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ فِي أَرْضٍ أَوْ آنِيَةٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ طَعَامٍ جَامِدٍ كَخُبْزٍ عُجِنَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْأَجْزَاءَ السُّمِّيَّةَ تُسْتَهْلَكُ فِي الْجَامِدِ فَلَا يُخْشَى مِنْهَا ضَرَرٌ بِخِلَافِهَا فِي الْمَائِعِ، وَإِنْ طَبَخَ بِالنَّارِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمَاءَ الْمُشَمَّسَ إذَا سَخُنَ بِالنَّارِ لَا تَزُولُ الْكَرَاهَةُ، وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــSكُلُّ حَدِيثٍ فِيهِ يَا حُمَيْرَاءُ (قَوْلُهُ: لَا مُجَرَّدَ انْتِقَالِهِ مِنْ حَالَةٍ لِأُخْرَى) خِلَافًا لِلْخَطِيبِ عَلَى أَبِي شُجَاعٍ (قَوْلُهُ: الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ مُجَرَّدَ انْتِقَالِهِ (قَوْلُهُ: لِشِدَّةِ تَأْثِيرِهَا فِيهِ) وَلَمْ يَنْظُرُوا إلَى أَنَّ الْمُغَطَّى تَنْحَبِسُ فِيهِ الْأَجْزَاءُ السِّمِّيَّةُ، فَكَانَ أَوْلَى بِالْكَرَاهَةِ كَمَا قِيلَ بِكَرَاهَةِ الْمَكْمُورِ مِنْ اللَّحْمِ وَنَحْوِهِ، بَلْ قِيلَ بِحُرْمَتِهِ كَأَنَّهُ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ التَّأْثِيرِ لِلشَّمْسِ يُتَوَهَّمُ الضَّرَرُ مَعَهَا أَكْثَرَ (قَوْلُهُ: فِي مُنْطَبِعٍ) أَيْ مُطْرَقٍ: أَيْ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُطْرَقْ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: بَيْنَ أَنْ يَصْدَأَ أَوْ لَا) أَيْ فَلَا يُكْرَهُ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَإِنْ صَدِئًا وَيُكْرَهُ فِي غَيْرِهِمَا، وَلَا يُقَالُ إنَّ الصَّدَأَ فِي غَيْرِهِمَا مَانِعٌ مِنْ وُصُولِ الزُّهُومَةِ إلَى الْمَاءِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ بِقُطْرٍ) وَلَوْ خَالَفَ الْبَلَدَ قُطْرَهُ فَالْعِبْرَةُ بِالْبَلَدِ، فَيُكْرَهُ الْمُشَمَّسُ بِحُورَانَ دُونَ الطَّائِفِ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ وَقْتُهَا) أَيْ فِي الصَّيْفِ (قَوْلُهُ فَلَوْ بَرُدَ) مِنْ بَابِ سَهُلَ اهـ مُخْتَارٌ، وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ بَرُدَ الشَّيْءُ بُرُودَةً مِثْلُ سَهُلَ سُهُولَةً إذَا سَكَنَتْ حَرَارَتُهُ، وَأَمَّا بَرَدَ بَرْدًا مِنْ بَابِ قَتَلَ فَيُسْتَعْمَلُ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا، يُقَالُ بَرَدَ الْمَاءُ وَبَرَدْته فَهُوَ بَارِدٌ وَمَبْرُودٌ، ثُمَّ قَالَ وَبَرَّدْته بِالتَّثْقِيلِ مُبَالَغَةٌ (قَوْلُهُ: زَالَتْ الْكَرَاهَةُ) أَيْ وَلَوْ سُخِّنَ بِالنَّارِ بَعْدُ، قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى ابْنِ حَجَرٍ: وَبَقِيَ مَا لَوْ بَرَّدَ ثُمَّ شَمَّسَ أَيْضًا فِي إنَاءٍ غَيْرِ مُنْطَبِعٍ فَهَلْ تَعُودُ الْكَرَاهَةُ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا زَالَتْ لِفَقْدِ الْحَرَارَةِ وَقَدْ وَجَدْت، أَوْ لَا تَعُودُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ يُوَجِّهُ إطْلَاقُهُمْ بِاحْتِمَالِ أَنَّ التَّبْرِيدَ أَزَالَ الزُّهُومَةَ أَوْ أَزَالَ تَأْثِيرَهَا أَوْ أَضْعَفَهُ وَإِنْ وُجِدَتْ الْحَرَارَةُ، وَبِأَنَّ الْكَرَاهَةَ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِسَبَبِهَا وَقَدْ زَالَتْ بِالتَّبْرِيدِ، وَلَمْ يُوجَدْ بَعْدُ سَبَبُهَا وَهُوَ التَّشْمِيسُ بِشُرُوطِهِ، وَبِاحْتِمَالِ أَنَّ الْحَرَارَةَ الْمُؤَثِّرَةَ مَشْرُوطَةٌ بِحُصُولِهَا بِوَاسِطَةِ الْإِنَاءِ الْمُنْطَبِعِ لِخُصُوصِيَّةٍ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ زَوَالِ الْكَرَاهَةِ؛ لِأَنَّ الزُّهُومَةَ بَاقِيَةٌ فِيهِ، وَإِنَّمَا خَمَدَتْ بِالتَّبْرِيدِ فَإِذَا سَخُنَ أَثَّرَتْ تِلْكَ الزُّهُومَةُ الْخَامِدَةُ (قَوْلُهُ: إذَا سَخُنَ بِالنَّارِ) أَيْ حَالَ حَرَارَتِهِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ إذَا بَرَدَ زَالَتْ الْكَرَاهَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلِهَذَا قَالَ السُّبْكِيُّ إلَخْ) فِي تَرْتِيبِ هَذَا عَلَى مَا قَبْلَهُ وَقْفَةٌ ظَاهِرَةٌ وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُكْرَهُ مَا نَصُّهُ شَرْعًا لَا طِبًّا فَحَسْبُ انْتَهَتْ، فَأَشْعَرَ كَلَامُهُ أَنَّ الْقَائِلَ بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ شَرْعِيَّةٌ يَقُولُ إنَّ فِيهَا شَائِبَةَ رَشَادٍ مِنْ حَيْثُ الطِّبُّ، فَلَعَلَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَقَوْلَ إلَخْ بِالنَّظَرِ إلَى ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فِي سِيَاقِهِ قَلَاقَةٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهَا فِي الْمَائِعِ) صُورَتُهُ أَنَّ الْمَائِعَ الْمُشَمَّسَ جُعِلَ حَالَ حَرَارَتِهِ فِي الطَّعَامِ الْمَائِعِ وَطُبِخَ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ، وَيَأْتِي (قَوْلُهُ: إذَا سُخِّنَ بِالنَّارِ) أَيْ مَعَ بَقَاءِ

كَذَلِكَ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، إذْ لَا يَخْفَى أَنَّ نَارَ الطَّبْخِ أَشَدُّ مِنْ نَارِ التَّسْخِينِ، فَإِذَا لَمْ تُزِلْ نَارُ الطَّبْخِ الْكَرَاهَةَ فَلَأَنْ لَا تُزِيلَهَا نَارُ التَّسْخِينِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَيُحْمَلُ قَوْلُهُمْ إنَّهُ لَا يُكْرَهُ الْمُسَخَّنُ بِالنَّارِ عَلَى الِابْتِدَاءِ. وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ كَرَاهَةِ مَا سَخُنَ بِالنَّارِ وَلَوْ بِنَجَاسَةٍ مُغَلَّظَةٍ، وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ فِيهِ وَقْفَةٌ لِعَدَمِ ثُبُوتِ نَهْيٍ عَنْهُ وَلِذَهَابِ الزُّهُومَةِ لِقُوَّةِ تَأْثِيرِهَا. لَا يُقَالُ إنَّ اخْتِلَاطَ ذَلِكَ فِي الطَّعَامِ الْمَائِعِ تَفَرَّقَتْ بِهِ أَجْزَاءُ السُّمِّيَّةِ بِأَجْزَائِهِ فَلَا تَقْدِرُ النَّارُ حِينَئِذٍ عَلَى دَفْعِهَا بِخِلَافِ مُجَرَّدِ الْمَاءِ؛ لِأَنَّا نَمْنَعُ ذَلِكَ، إذْ شِدَّةُ غَلَيَانِهِ تَقْتَضِي إخْرَاجَهَا وَلَمْ يُرَاعَ ذَلِكَ فِيهِ، وَلَا يُكْرَهُ إنْ عُدِمَ غَيْرُهُ فَيَجِبُ شِرَاؤُهُ حِينَئِذٍ إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَهُوَ مُحْتَاجٌ لِلطَّهَارَةِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ مَعَ وُجُودِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى طَاهِرٍ بِيَقِينٍ، وَتَرَتُّبُ الضَّرَرِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ غَيْرُ مُتَحَقِّقٍ وَلَا مَظْنُونٍ إلَّا فِي جِنْسِهِ عَلَى نُدُورٍ، بِخِلَافِ السُّمِّ فَإِنَّ ضَرَرَهُ مُحَقَّقٌ، نَعَمْ لَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ هَذَا الْمُشَمَّسُ يَضُرُّهُ بِقَوْلِ طَبِيبٍ عَدْلِ الرِّوَايَةِ أَوْ بِمَعْرِفَةِ نَفْسِهِ، فَقِيَاسُ مَا ذَكَرُوهُ فِي التَّيَمُّمِ لِخَوْفِ مَرَضٍ أَوْ بَرْدٍ أَنَّهُ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ، وَيَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ. وَالْأَفْضَلُ تَرْكُ التَّطَهُّرِ بِالْمَاءِ الْمُشَمَّسِ إنْ تَيَقَّنَ غَيْرَهُ آخِرَ الْوَقْتِ، وَلَوْ اسْتَعْمَلَهُ فِي حَيَوَانٍ غَيْرِ آدَمِيٍّ فَإِنْ لَحِقَ الْآدَمِيُّ مِنْهُ ضَرَرٌ أَوْ كَانَ مِمَّا يُدْرِكُهُ الْبَرَصُ كُرِهَ وَإِلَّا فَلَا، وَيُكْرَهُ شَدِيدُ الْحَرَارَةِ وَالْبُرُودَةِ لِمَنْعِهِمَا الْإِسْبَاغَ، وَكُلُّ مَاءٍ غَضَبٌ عَلَى أَهْلِهِ، وَالْأَوْجَهُ كَرَاهَةُ تُرَابِهَا أَيْضًا، وَحِينَئِذٍ فَالْمِيَاهُ الْمَكْرُوهَةُ ثَمَانِيَةٌ: الْمُشَمَّسُ، وَشَدِيدُ الْحَرَارَةِ، وَشَدِيدُ الْبُرُودَةِ، وَمَاءُ دِيَارِ ثَمُودَ إلَّا بِئْرَ النَّاقَةِ، وَمَاءُ دِيَارِ قَوْمِ لُوطٍ، وَمَاءُ بِئْرِ بَرَهُوتَ، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ) مُرَادُهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَوْلُهُ لِعَدَمِ عِلَّةٍ لِقَوْلِهِ عَدَمُ كَرَاهَةِ مَا سَخُنَ إلَخْ وَقَوْلُهُ فِيهِ وَقْفَةٌ: أَيْ لِفُحْشِ أَمْرِ النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ شِرَاؤُهُ) فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ وَلَمْ يَضِقْ لَا يَجِبُ شِرَاؤُهُ، وَسَيَأْتِي أَنَّ الْأَفْضَلَ عَدَمُ اسْتِعْمَالِهِ إلَّا إنْ تَيَقَّنَ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَعْرِفَةِ نَفْسِهِ) أَيْ بِسَبَبِ الطِّبِّ لَا بِالتَّجَارِبِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ) أَيْ بَلْ يَجِبُ انْتَهَى ابْنُ قَاسِمٍ، وَلَا يُنَافِيه تَعْبِيرُ الشَّارِحِ بِالْجَوَازِ لِكَوْنِهِ جَوَازًا بَعْدَ مَنْعٍ فَيَصْدُقُ بِالْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ مِمَّا يُدْرِكُهُ الْبَرَصُ) أَيْ كَالْخَيْلِ الْبُلْقِ (قَوْلُهُ: لِمَنْعِهِمَا الْإِسْبَاغَ) أَيْ كَمَالَهُ فَإِنَّ مَا يَمْنَعُ أَصْلَ الْإِسْبَاغِ لَا تَصِحُّ الطَّهَارَةُ بِهِ لِعَدَمِ تَعْمِيمِ الْعُضْوِ بِالْمَاءِ، ثُمَّ قَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِ بِمَنْعِهِ الْإِسْبَاغَ اخْتِصَاصُ الْكَرَاهَةِ بِالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْبَدَنِ مُطْلَقًا لِخَوْفِ الضَّرَرِ انْتَهَى. كَذَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ قَاسِمٍ عَلَى الْمَنْهَجِ، ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَتَهُ نَصُّهَا قَوْلُهُ لِمَنْعِهِ الْإِسْبَاغَ قَضِيَّتُهُ اخْتِصَاصُ الْكَرَاهَةِ بِالطَّهَارَةِ، لَكِنْ عَلَّلَهَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِخَوْفِ الضَّرَرِ وَقَضِيَّتُهُ الْكَرَاهَةُ فِي الْبَدَنِ مُطْلَقًا فَلْيُنْظَرْ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ كَرَاهَةُ تُرَابِهَا) أَيْ تُرَابِ الْأَرْضِ الْمَغْضُوبِ عَلَى أَهْلِهَا، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا يَحْصُلُ فِيهَا مِنْ الثِّمَارِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ وَمَاءُ بِئْرِ بَرَهُوتَ) مُحَرَّكَةٌ وَبِالضَّمِّ: أَيْ لِلْبَاءِ انْتَهَى قَامُوسٌ. وَعِبَارَةُ مَرَاصِدِ الِاطِّلَاعِ بِضَمِّ الْهَاءِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَتَاءٍ فَوْقَهَا نُقْطَتَانِ: وَادٍ بِالْيَمَنِ، قِيلَ هُوَ بِقُرْبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَرَارَتِهِ بِدَلَالَةِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: عَلَى الِابْتِدَاءِ) أَيْ أَوْ بَعْدَ التَّبْرِيدِ (قَوْلُهُ: لَا يُقَالُ إلَخْ) هَذَا سُؤَالٌ نَشَأَ مِنْ أَخْذِهِ بَقَاءَ كَرَاهَةِ الْمَاءِ الْمُشَمَّسِ وَإِنْ سُخِّنَ بِالنَّارِ مِنْ بَقَائِهَا فِي الْمَائِعِ الَّذِي فِيهِ مَاءٌ مُشَمَّسٌ وَإِنْ طُبِخَ بِهَا حَاصِلُهُ وُضُوحُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَهُوَ أَنَّ اخْتِلَاطَ الْمَاءِ الْمُشَمَّسِ بِالطَّعَامِ تَفَرَّقَتْ بِهِ الْأَجْزَاءُ السُّمِّيَّةُ بِأَجْزَائِهِ فَلَمْ تَقْدِرْ النَّارُ عَلَى دَفْعِهَا، بِخِلَافِ الْمَاءِ الْمُجَرَّدِ: أَيْ فَالْأَخْذُ الْمَذْكُورُ غَيْرُ صَحِيحٍ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ شِدَّةَ غَلَيَانِ الطَّعَامِ بِالنَّارِ يُوجِبُ إخْرَاجَ تِلْكَ الْأَجْزَاءِ السُّمِّيَّةِ فَقَوْلُ الْمُعْتَرِضِ فَلَا تَقْدِرُ النَّارُ عَلَى دَفْعِهَا مَمْنُوعٌ: أَيْ وَمَعَ اقْتِضَاءِ النَّارِ إخْرَاجَ ذَلِكَ لَمْ نُرَاعِهِ وَنَنْفِي الْكَرَاهَةَ بَلْ أَثْبَتْنَاهَا، فَإِثْبَاتُهَا فِي مَسْأَلَةِ الْمَاءِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إلَّا مُجَرَّدُ التَّسْخِينِ أَوْلَى لِمَا مَرَّ فَصَحَّ الْأَخْذُ الْمَذْكُورُ، وَالتَّفْرِقَةُ الَّتِي هِيَ حَاصِلُ السُّؤَالِ لِلشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ، فَإِنَّهُ أَثْبَتَ الْكَرَاهَةَ فِي مَسْأَلَةِ الطَّعَامِ تَبَعًا لِلْمَجْمُوعِ وَنَفَاهَا فِي مَسْأَلَةِ الْمَاءِ فَارِقًا بِمَا ذُكِرَ، وَالْإِشَارَةُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ أَنَّ اخْتِلَاطَ ذَلِكَ لِلْمَاءِ الْمُشَمَّسِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَعْرِفَةِ نَفْسِهِ) أَيْ طِبًّا لَا تَجْرِبَةً (قَوْلُهُ: أَوْ بَرْدٍ) الْأَوْلَى بَلْ الصَّوَابُ إسْقَاطُهُ

وَمَاءُ أَرْضِ بَابِلَ، وَمَاءُ بِئْرِ ذَرْوَانَ (وَالْمُسْتَعْمَلُ فِي فَرْضِ الطَّهَارَةِ) عَنْ الْحَدَثِ كَالْغَسْلَةِ الْأُولَى وَلَوْ مِنْ طُهْرِ صَاحِبِ ضَرُورَةٍ طَاهِرٍ غَيْرِ مُطَهِّرٍ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - احْتَاجُوا فِي مَوَاطِنَ مِنْ أَسْفَارِهِمْ الْكَثِيرَةِ إلَى الْمَاءِ وَلَمْ يَجْمَعُوا الْمُسْتَعْمَلَ لِاسْتِعْمَالِهِ مَرَّةً أُخْرَى. فَإِنْ قِيلَ: وَلَمْ يَجْمَعُوا الْمُسْتَعْمَلَ فِي النَّفْلِ فَلِمَ قُلْتُمْ بِطَهُورِيَّتِهِ؟ قُلْنَا: الظَّاهِرُ أَنَّهُمْ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْحَالَةِ يَقْتَصِرُونَ عَلَى فَرْضِ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ. فَإِنْ قُلْت: طَهُورٌ فِي الْآيَةِ السَّابِقَةِ بِوَزْنِ فَعُولٍ فَيَقْتَضِي تَكَرُّرَ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ. قُلْنَا: فَعُولٌ يَأْتِي اسْمًا لِلْآلَةِ كَسَحُورٍ لِمَا يُتَسَحَّرُ بِهِ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ طَهُورًا كَذَلِكَ، وَلَوْ سُلِّمَ اقْتِضَاؤُهُ التَّكَرُّرَ فَالْمُرَادُ بِهِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ ثُبُوتُ ذَلِكَ لِجِنْسِ الْمَاءِ أَوْ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي مَرَّ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَطْهُرُ كُلُّ جُزْءٍ مِنْهُ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا أَزَالَ الْمَنْعَ مِنْ نَحْوِ الصَّلَاةِ انْتَقَلَ ذَلِكَ الْمَنْعُ إلَيْهِ كَمَا أَنَّ الْغَسَّالَةَ لَمَّا أَثَّرَتْ فِي الْمَحَلِّ تَأَثَّرَتْ، فَسُقُوطُ طَهُورِيَّتِهِ مُعَلَّلٌ بِإِزَالَتِهِ الْمَنْعَ لَا بِتَأَدِّي مُطْلَقِ الْعِبَادَةِ، وَمُرَادُهُ بِالْفَرْضِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ أَتَمَّ تَارِكُهُ أَمْ لَا، فَشَمِلَ وُضُوءَ الصَّبِيِّ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ بِأَنْ وَضَّأَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSحَضْرَمَوْتَ جَاءَ أَنَّ فِيهِ أَرْوَاحَ الْكُفَّارِ، وَقِيلَ بِئْرٌ بِحَضْرَمَوْتَ، وَقِيلَ هُوَ اسْمُ الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْبِئْرُ رَائِحَتُهَا مُنْتِنَةٌ فَظِيعَةٌ جِدًّا انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَمَاءُ أَرْضِ بَابِلَ) اسْمُ مَوْضِعٍ بِالْعِرَاقِ يُنْسَبُ إلَيْهِ السِّحْرُ وَالْخَمْرُ. قَالَ الْأَخْفَشُ: لَا يَنْصَرِفُ لِتَأْنِيثِهِ وَتَعْرِيفِهِ وَكَوْنِهِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ انْتَهَى. مُخْتَارٌ. (قَوْلُهُ: وَمَاءُ بِئْرِ ذَرْوَانَ) بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، وَيُقَالُ فِيهَا أَيْضًا أَرْوَانَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ انْتَهَى مَرَاصِدُ الِاطِّلَاعِ فِي أَسْمَاءِ الْأَمْكِنَةِ وَالْبِقَاعِ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الْقَامُوسِ مَا نَصُّهُ: بِئْرُ ذَرْوَانَ بِالْمَدِينَةِ أَوْ هُوَ ذُو أَرْوَانَ بِسُكُونِ الرَّاءِ، وَقِيلَ بِتَحْرِيكِهِ أَصَحُّ انْتَهَى (قَوْلُهُ: فِي مَوَاطِنَ مِنْ أَسْفَارِهِمْ) أَيْ الْقَلِيلَةِ الْمَاءِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ. لَا يُقَالُ: إنَّمَا لَمْ يَجْمَعُوهُ لِغَرَضٍ آخَرَ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمْ تَحْصِيلَ الْمَاءِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: مُحَافَظَةُ الصَّحَابَةِ عَلَى فِعْلِ الْعِبَادَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ يُوجِبُ فِي الْعَادَةِ أَنَّهُمْ يُحَصِّلُونَهُ مَتَى قَدَرُوا عَلَيْهِ وَيَدَّخِرُونَهُ إلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ: يَقْتَصِرُونَ عَلَى فَرْضِ الطَّهَارَةِ) عِبَارَةُ ابْنِ قَاسِمٍ عَلَى الْمَنْهَجِ، نَعَمْ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: كَمَا لَمْ يَجْمَعُوا مَاءَ الْمَرَّةِ الْأُولَى لَمْ يَجْمَعُوا مَا بَعْدَهَا مِنْ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ، فَإِنْ دَلَّ عَدَمُ الْجَمْعِ عَلَى عَدَمِ طَهُورِيَّتِهِ فِي الْأُولَى فَلْيُدَلِّس عَلَيْهِ أَيْضًا فِيمَا بَعْدَهَا وَإِلَّا لَمْ يَثْبُتْ الْمَطْلُوبُ أَيْضًا، وَهِيَ وَاقِعَةٌ حَالَ فِعْلِيَّةٍ. وَيُجَابُ بِأَنَّ عَدَمَ الْجَمْعِ دَالٌّ عَلَى مَا ذُكِرَ، لَكِنَّهُمْ اسْتَنْبَطُوا مَعْنَى خَصَّصَ الْحُكْمَ بِالْأُولَى وَهُوَ انْتِقَالُ الْمَنْعِ إلَيْهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَجْمَعُوا مَا بَعْدَهَا لِاخْتِلَاطِهِ غَالِبًا بِمَاءِ الْأُولَى، فَكَانَ الْجَمْعُ مَظِنَّةَ الْمَحْذُورِ مِنْ اخْتِلَاطِ طَهُورِهِ بِغَيْرِهِ الَّذِي قَدْ يُؤَثِّرُ فِيهِ، وَبِأَنَّ الِاحْتِمَالَ الَّذِي فِي غَايَةِ الْبُعْدِ لَا يُؤَثِّرُ فِي وَقَائِعِ الْأَحْوَالِ (قَوْلُهُ: لَمَّا أَثَّرَتْ فِي الْمَحَلِّ إلَخْ) هَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِئْرِ ذَرْوَانَ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ، كَمَرْوَانَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ، وَلِمُسْلِمٍ بِئْرُ ذِي أَرْوَانَ، وَأَسْقَطَ الْأَصِيلِيُّ الرَّاءَ وَغَلِطَ، وَكَانَ الْأَصْلُ ذِي أَرْوَانَ فَسُهِّلَتْ الْهَمْزَةُ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ فَصَارَ ذَرْوَانَ، وَرُوِيَ بِئْرُ أَرْوَانَ بِإِسْقَاطِ ذِي وَهِيَ بِئْرُ بَنِي زُرَيْقٍ وَضَعَ لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ وَكَانَ مُنَافِقًا حَلِيفًا فِي بَنِي زُرَيْقٍ سِحْرَهُ فِيهَا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَحْتَ رَاعُوفَتِهَا، وَكَانَ مَاؤُهَا كَنُقَاعَةِ الْحِنَّاءِ وَنَخْلُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ، فَأَمَرَ بِهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدُفِنَتْ بَعْدَ إخْرَاجِ السِّحْرِ مِنْهَا لَكِنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهُ لِلنَّاسِ، هَكَذَا فِي [خُلَاصَةِ الْوَفَا فِي أَخْبَارِ دِيَارِ الْمُصْطَفَى] لِلسَّيِّدِ السَّمْهُودِيِّ (قَوْلُهُ: كَمَا سَيَأْتِي) أَيْ أَنَّهُ غَيْرُ طَهُورٍ، فَهُوَ رَاجِعٌ إلَى الثَّانِي فَقَطْ، أَوْ أَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا يَأْتِي غَيْرُ طَهُورٍ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ طَاهِرٌ وَإِلَّا كَانَ يَقُولُ غَيْرَ طَاهِرٍ (قَوْلُهُ: قُلْنَا فَعُولٌ يَأْتِي اسْمُ آلَةٍ كَسَحُورٍ إلَخْ) فِيهِ تَسْلِيمُ أَنَّ طَهُورَ يَقْتَضِي تَكَرُّرَ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ، وَهُوَ إنَّمَا يَصِحُّ لَوْ كَانَ صِيغَةَ مُبَالَغَةٍ مِنْ مُطَهِّرٍ، وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ مِنْ طَاهِرٍ لَا مِنْ مُطَهِّرٍ، فَمَعْنَاهُ تَكَرُّرُ الطَّاهِرِيَّةِ، لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لِتَكَرُّرِهَا مَعْنًى حَمَلَ الْمُبَالَغَةَ عَلَى أَنَّهُ يُطَهِّرُ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ لَمَّا أَزَالَ الْمَنْعَ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابَهُ إلَى آخِرِهِ، وَكَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ

وَلِيُّهُ لِلطَّوَافِ كَمَا سَيَأْتِي، وَوُضُوءُ الْحَنَفِيِّ الَّذِي لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ رَفَعَ الِاعْتِرَاضَ عَلَيْهِ مِنْ الْمُخَالِفِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ إذَا مَسَّ فَرْجَهُ اعْتِبَارًا بِاعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ لِاشْتِرَاطِ الرَّابِطَةِ فِي الِاقْتِدَاءِ لَا فِي الطَّهَارَاتِ وَاحْتِيَاطًا فِي الْبَابَيْنِ، وَمَا اُسْتُعْمِلَ فِي غَسْلِ بَدَلِ مَسْحٍ مِنْ رَأْسٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ فِي غُسْلِ مَيِّتٍ أَوْ كِتَابِيَّةٍ أَوْ مَجْنُونَةٍ أَوْ مُمْتَنِعَةٍ عَنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ لِيَحِلَّ وَطْؤُهَا (قِيلَ وَنَفْلُهَا) كَالْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَالْوُضُوءُ الْمُجَدَّدُ وَالْغُسْلُ الْمَسْنُونُ (غَيْرُ طَهُورٍ فِي الْجَدِيدِ) لِأَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ فِي طَهَارَةٍ فَكَانَ كَالْمُسْتَعْمَلِ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ، وَالْقَدِيمُ أَنَّهُ طَهُورٌ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ فِي نَقْلِ الطَّهَارَةِ عَلَى الْجَدِيدِ طَهُورٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِيمَا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَسَيَأْتِي الْمُسْتَعْمَلُ فِي النَّجَاسَةِ فِي بَابِهَا. (فَإِنْ جَمَعَ قُلَّتَيْنِ فَطَهُورٌ فِي الْأَصَحِّ) لِخَبَرِ الْقُلَّتَيْنِ الْآتِي كَالْمُتَنَجِّسِ إذَا جُمِعَ فَبَلَغَهُمَا وَلَا تَغَيُّرَ بِهِ بَلْ أَوْلَى، وَكَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي الِابْتِدَاءِ، وَلَا بُدَّ فِي انْتِفَاءِ الِاسْتِعْمَالِ عَنْهُ بِبُلُوغِهِ قُلَّتَيْنِ أَنْ يَكُونَا مِنْ مَحْضِ الْمَاءِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَالثَّانِي لَا وَفَرَّقَ بِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ بِالْجَمْعِ عَنْ وَصْفِهِ بِالِاسْتِعْمَالِ بِخِلَافِ النَّجَسِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَاءَ مَادَامَ مُتَرَدِّدًا عَلَى الْعُضْوِ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالِاسْتِعْمَالِ مَادَامَتْ الْحَاجَةُ بَاقِيَةً، فَلَوْ انْغَمَسَ جُنُبٌ أَوْ مُحْدِثٌ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ ثُمَّ نَوَى ارْتَفَعَ حَدَثُهُ عَنْ جَمِيعِ أَعْضَائِهِ فِي الْأُولَى، وَفِي الثَّانِيَةِ عَنْ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ، وَصَارَ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهِ لَا إلَيْهِ، فَيَرْتَفِعُ بِهِ حَدَثٌ يَطْرَأُ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ رَأْسُهُ فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ جُنُبٌ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ وَنَوَى قَبْلَ تَمَامِ الِانْغِمَاسِ طُهْرَ الْجُزْءِ الْمُلَاقِي لِلْمَاءِ، وَلَهُ إتْمَامُ غَسْلِهِ بِالِانْغِمَاسِ دُونَ الِاغْتِرَافِ، وَلَوْ انْغَمَسَ فِيهِ جُنُبَانِ ثُمَّ نَوَيَا مَعًا ارْتَفَعَتْ جَنَابَتُهُمَا، أَوْ مُرَتَّبًا فَالْأَوَّلُ وَصَارَ مُسْتَعْمَلًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْآخَرِ، أَوْ انْغَمَسَ بَعْضُهُمَا ثُمَّ نَوَيَا مَعًا ارْتَفَعَتْ عَنْ جُزْأَيْهِمَا وَصَارَ مُسْتَعْمَلًا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا أَوْ مُرَتَّبًا، فَعَنْ جُزْءِ الْأَوَّلِ دُونَ الْآخَرِ وَحُكْمُ إتْمَامِ بَاقِي الْأَوَّلِ مَا مَرَّ، وَلَوْ غَرَفَ الْمُحْدِثُ مِنْ مَاءٍ قَلِيلٍ بِأَحَدِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ تَشْبِيهِ الْمَعْقُولِ بِالْمَحْسُوسِ: أَيْ كَمَا أَنَّ الْغَسَّالَةَ الْمُسْتَعْمَلَةَ فِي غَسْلِ الْمُسْتَقْذَرَاتِ الْحِسِّيَّةِ الطَّاهِرَةِ تَتَغَيَّرُ عَادَةً، كَذَلِكَ الْمُسْتَعْمَلَةُ فِي إزَالَةِ الْمَنْعِ الَّذِي هُوَ مُسْتَقْذَرٌ مَعْنَوِيٌّ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْغَسَّالَةِ فِي هَذَا التَّشْبِيهِ الْغَسَّالَةُ الْمُسْتَعْمَلَةُ فِي إزَالَةِ الْخَبَثِ أَوْ الْحَدَثِ حَتَّى يَلْزَمُ قِيَاسَ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ، فَسَقَطَ مَا لِلشَّيْخِ عَمِيرَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: مُطْلَقُ الْعِبَادَةِ) أَيْ حَتَّى يَكُونَ الْمُسْتَعْمَلُ فِي نَقْلِ الطَّهَارَةِ غَيْرَ طَهُورٍ (قَوْلُهُ: فَشَمِلَ وُضُوءَ الصَّبِيِّ) إذَا وَضَّأَهُ وَلِيُّهُ، وَهَلْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهَذَا الْوُضُوءِ إذَا بَلَغَ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا اعْتَدَّ بِوُضُوءِ وَلِيِّهِ لِلضَّرُورَةِ وَقَدْ زَالَتْ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَا قِيلَ فِي زَوْجِ الْمَجْنُونَةِ إذَا غَسَلَهَا بَعْدَ انْقِطَاعِ دَمِ الْحَيْضِ مِنْ أَنَّهَا إذَا أَفَاقَتْ لَيْسَ لَهَا أَنْ تُصَلِّيَ بِذَلِكَ الطُّهْرِ، أَمَّا الْمُمَيِّزُ إذَا تَوَضَّأَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ بَلَغَ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ (قَوْلُهُ: لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ النِّيَّةِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ انْتَهَى شَرْحُ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ (قَوْلُهُ: أَوْ كِتَابِيَّةٌ) لَيْسَ بِقَيْدٍ فَنَحْوُ الْمَجُوسِيَّةِ مِثْلُهَا، وَشَمِلَ التَّعْبِيرُ بِالْكِتَابِيَّةِ الذِّمِّيَّةَ وَالْحَرْبِيَّةَ. (قَوْلُهُ: لِيَحِلَّ وَطْؤُهَا) وَلَوْ كَانَ الْوَطْءُ زِنًا أَوْ الْحَلِيلُ كَافِرًا (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ قِيلَ وَنَفْلُهَا (قَوْلُهُ: طَهُورٌ؛ لِأَنَّهُ إلَخْ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي الْفَرْضِ قَوْلَيْنِ قَدِيمًا وَجَدِيدًا، وَفِي النَّفْلِ بِنَاءً عَلَى الْجَدِيدِ فِي الْفَرْضِ وَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ طَهُورٌ (قَوْلُهُ: كَمَا قَدَّمْنَاهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَيَلْزَمُهُ تَكْمِيلُ الْمَاءِ النَّاقِصِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَا دَامَتْ الْحَاجَةُ) أَيْ وَدَوَامُهَا بِأَنْ لَا يَنْفَصِلَ الْمَاءُ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ إلَى مَا لَا يَغْلِبُ فِيهِ التَّقَاذُفُ لَا مُجَرَّدَ ارْتِفَاعِ حَدَثِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التَّفْرِيعِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَ مِنْهُ رَأْسَهُ) أَيْ أَوْ بَعْضَ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ (قَوْلُهُ: وَحُكْمُ إتْمَامِ بَاقِي الْأَوَّلِ مَا مَرَّ) أَيْ فَلَهُ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ مَا مَرَّ: أَيْ مِنْ قَوْلِهِ بِالِانْغِمَاسِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَرَفَ الْمُحْدِثُ مِنْ مَاءٍ قَلِيلٍ إلَخْ) . [فَائِدَةٌ] لَوْ اغْتَرَفَ بِإِنَاءٍ فِي يَدِهِ فَاتَّصَلَتْ: أَيْ يَدُهُ بِالْمَاءِ الَّذِي اغْتَرَفَ مِنْهُ، فَإِنْ قَصَدَ الِاغْتِرَافَ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ كَمِلْءِ هَذَا الْإِنَاءُ مِنْ الْمَاءِ فَلَا اسْتِعْمَالَ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا مُطْلَقًا فَهَلْ يَنْدَفِعُ الِاسْتِعْمَالُ؛ لِأَنَّ الْإِنَاءَ قَرِينَةٌ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى قَوْلِهِ فَإِنْ قُلْت طَهُورٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ إذَا مَسَّ فَرْجَهُ) أَيْ أَوْ إذَا تَوَضَّأَ بِلَا نِيَّةٍ الَّذِي هُوَ

كَفَّيْهِ قَبْلَ تَمَامِ غَسْلِ وَجْهِهِ لَمْ يَصِرْ مُسْتَعْمَلًا، وَكَذَا قَبْلَ تَمَامِ الْغَسَلَاتِ الثَّلَاثِ لَهُ إنْ قَصَدَهَا، أَوْ بَعْدَ الْأُولَى إنْ نَوَى الِاقْتِصَارَ عَلَيْهَا وَكَانَ نَاوِيًا الِاغْتِرَافَ، وَإِلَّا صَارَ مُسْتَعْمَلًا، وَلَوْ غَسَلَ بِمَا فِي كَفِّهِ بَاقِيَ يَدِهِ لَا غَيْرَهُ أَجْزَأَهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ لِنِيَّةِ الِاغْتِرَافِ نَفْيُ رَفْعِ الْحَدَثِ (وَلَا تُنَجَّسُ قُلَّتَا الْمَاءِ بِمُلَاقَاةِ نَجَسٍ) لِحَدِيثِ «إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ الْخَبَثَ» أَيْ يَدْفَعُ النَّجَاسَةَ كَمَا يُقَالُ: فُلَانٌ لَا يَحْمِلُ الظُّلْمَ: أَيْ يَدْفَعُهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ شَكَّ فِي كَثْرَتِهِ عَمَلًا بِأَصْلِ الطَّهَارَةِ وَلِأَنَّا شَكَكْنَا فِي نَجَاسَةٍ مُنَجِّسَةٍ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ حُصُولِ النَّجَاسَةِ التَّنْجِيسُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ ابْتِدَاءً أَوْ جَمَعَ شَيْئًا فَشَيْئًا وَشَكَّ فِي وُصُولِهِ لَهُمَا، كَمَا لَوْ شَكَّ الْمَأْمُومُ هَلْ تَقَدَّمَ عَلَى إمَامِهِ أَمْ لَا، فَإِنَّهُ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَلَوْ جَاءَ مِنْ قُدَّامِهِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ أَيْضًا، وَيُعْتَبَرُ فِي الْقُلَّتَيْنِ قُوَّةُ التَّرَادِّ، فَلَوْ كَانَ الْمَاءُ فِي حُفْرَتَيْنِ فِي كُلِّ حُفْرَةٍ قُلَّةٌ وَبَيْنَهُمَا اتِّصَالٌ مِنْ نَهْرٍ صَغِيرٍ غَيْرِ عَمِيقٍ فَوَقَعَ فِي إحْدَى الْحُفْرَتَيْنِ نَجَاسَةٌ قَالَ الْإِمَامُ: فَلَسْت أَرَى أَنَّ مَا فِي ـــــــــــــــــــــــــــــSالِاغْتِرَافِ دُونَ رَفْعِ الْحَدَثِ كَمَا لَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ بَعْدَ غَسْلَةِ الْوَجْهِ الْأُولَى مَنْ اعْتَادَ التَّثْلِيثَ حَيْثُ لَا يَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا لِقَرِينَةِ اعْتِيَادِ التَّثْلِيثِ أَوْ يَصِيرُ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْعَادَةَ تُوجِبُ عَدَمَ دُخُولِ وَقْتِ غَسْلِ الْيَدِ بِخِلَافِهِ هُنَاكَ فَإِنَّ الْيَدَ دَخَلَتْ فِي وَقْتِ غَسْلِهَا فِيهِ نَظَرٌ، وَيَتَّجِهُ الثَّانِي انْتَهَى مَرَّ. وَلَوْ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهُ فِي التَّثْلِيثِ بِأَنْ كَانَ تَارَةً يُثَلِّثُ وَأُخْرَى لَا يُثَلِّثُ وَاسْتَوَيَا فَهَلْ يَحْتَاجُ النِّيَّةَ لِاغْتِرَافٍ بَعْدَ غَسْلَةِ الْوَجْهِ الْأُولَى فِيهِ نَظَرٌ، وَيَحْتَمِلُ عَدَمَ الِاحْتِيَاجِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ نِيَّةُ الِاغْتِرَافِ عِنْدَ أَوَّلِ مُمَاسَّةِ الْمَاءِ، فَإِنْ تَأَخَّرَتْ فَلَا أَثَرَ لَهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا تَغْتَرَّ بِمَنْ ذَكَرَ خِلَافَ ذَلِكَ انْتَهَى ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى الْبَهْجَةِ. قُلْت: وَكَذَا لَوْ تَقَدَّمَتْ وَلَمْ يَسْتَحْضِرْهَا عِنْدَ الِاغْتِرَافِ (قَوْلُهُ: إنْ قَصَدَهَا) أَيْ أَوْ أَطْلَقَ عَلَى مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ (قَوْلُهُ: لَا غَيْرَهُ أَجْزَأَهُ) أَيْ فَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ أَدْخَلَ إحْدَى يَدَيْهِ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ، أَمَّا لَوْ أَدْخَلَهُمَا مَعًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَغْسِلَ بِمَا فِيهِمَا بَاقِيَ إحْدَاهُمَا وَلَا بَاقِيَهُمَا وَذَلِكَ لِرَفْعِ الْمَاءِ حَدَثَ الْكَفَّيْنِ، فَمَتَى غَسَلَ بَاقِيَ إحْدَاهُمَا فَقَدْ انْفَصَلَ مَا غَسَلَ بِهِ عَنْ الْأُخْرَى وَذَلِكَ يُصَيِّرُهُ مُسْتَعْمَلًا، وَمِنْهُ يُعْلَمُ وُضُوحُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ قَاسِمٍ فِي شَرْحِهِ عَلَى أَبِي شُجَاعٍ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْوُضُوءِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ الْمَعْرُوفَةِ نِيَّةُ الِاغْتِرَافِ بَعْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ بِأَنْ يَقْصِدَ أَنَّ الْيَدَ الْيُسْرَى مُعِينَةٌ لِلْيُمْنَى فِي أَخْذِ الْمَاءِ. فَإِنْ لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ ارْتَفَعَ حَدَثُ الْكَفَّيْنِ مَعًا، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَغْسِلَ بِهِ سَاعِدَ إحْدَاهُمَا ثُمَّ يَصُبَّهُ ثُمَّ يَأْخُذَ غَيْرَهُ لِغَسْلِ السَّاعِدِ، لَكِنْ نُقِلَ عَنْ إفْتَاءِ الرَّمْلِيِّ مَا يُخَالِفُهُ، وَأَنَّ الْيَدَيْنِ كَالْعُضْوِ الْوَاحِدِ، فَمَا فِي الْكَفَّيْنِ إذَا غَسَلَ بِهِ السَّاعِدَ لَا يُعَدُّ مُنْفَصِلًا عَنْ الْعُضْوِ وَفِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى، وَمِثْلُ الْحَنَفِيَّةِ الْوُضُوءُ بِالصَّبِّ مِنْ إبْرِيقٍ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ لِنِيَّةِ الِاغْتِرَافِ نَفْيُ رَفْعِ الْحَدَثِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الِاغْتِرَافَ وَرَفْعَ الْحَدَثِ ضَرَّ، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ (قَوْلُهُ: نَفْيُ رَفْعِ الْحَدَثِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ: نَوَيْت الِاغْتِرَافَ دُونَ رَفْعِ الْحَدَثِ، بَلْ يَكْفِي مُجَرَّدُ نِيَّتِهِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهَا قَصْدُ إخْرَاجِ الْمَاءِ مِنْ الْإِنَاءِ لِيُرْفَعَ بِهِ الْحَدَثُ خَارِجَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَا تُنَجَّسُ قَلَّتَا الْمَاءِ إلَخْ) أَيْ الْخَالِصِ، أَمَّا مَا دُونَهُمَا وَكَمُلَ بِطَاهِرٍ كَمَاءِ وَرْدٍ وَفُرِضَ غَيْرَ مُغَيَّرٍ فَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الطَّهَارَةِ، وَلَكِنَّهُ يَنْجُسُ بِمُجَرَّدِ وُصُولِ النَّجَاسَةِ إلَيْهِ، فَحُكْمُهُ فِي التَّنَجُّسِ حُكْمُ الْقَلِيلِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْمِلْ الْخَبَثَ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ خَبَثًا بِدُونِ (الـ) انْتَهَى. وَفِي الْمَحَلِّيِّ أَيْضًا الْخَبَثُ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَشَمِلَ ذَلِكَ) لَعَلَّ وَجْهَ الشُّمُولِ أَنَّ الْمُرَادَ وَلَا تَنْجُسُ قُلَّتَا الْمَاءِ وَلَوْ احْتِمَالًا (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّا شَكَكْنَا فِي نَجَاسَةٍ مُنَجِّسَةٍ) أَيْ فِي كَوْنِ النَّجَاسَةِ مُنَجِّسَةً، فَالنَّجَاسَةُ مُحَقَّقَةٌ وَكَوْنُهَا مُنَجَّسَةً مَشْكُوكٌ فِيهِ (قَوْلُهُ: مِنْ نَهْرٍ صَغِيرٍ غَيْرِ عَمِيقٍ) وَضَابِطُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَتُنَا وَكَانَ التَّمْثِيلُ بِهِ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ ذَلِكَ إلَخْ) فِي الشُّمُولِ الْمَذْكُورِ نَظَرٌ، وَإِنَّمَا كَانَ يَتَّضِحُ لَوْ قَالَ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفُ قُلَّتَا الْمَاءِ نَحْوَ قَوْلِهِ وَلَوْ احْتِمَالًا كَمَا قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَبَيْنَهُمَا نَهْرٌ صَغِيرٌ) بِخِلَافِ مَا إذَا

الْحُفْرَةِ الْأُخْرَى دَافِعٌ لِلنَّجَاسَةِ، وَاقْتَضَى إطْلَاقَ الْمُصَنِّفِ النَّجَاسَةَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا جَامِدَةً أَوْ مَائِعَةً وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَا يَجِبُ التَّبَاعُدُ عَنْهَا حَالَ الِاغْتِرَافِ مِنْ الْمَاءِ بِقَدْرِ قُلَّتَيْنِ عَلَى الصَّحِيحِ، بَلْ لَهُ أَنْ يَغْتَرِفَ مِنْ حَيْثُ شَاءَ حَتَّى مِنْ أَقْرَبِ مَوْضِعٍ إلَى النَّجَاسَةِ (فَإِنَّ غَيْرَهُ) أَيْ النَّجَسَ الْمُلَاقِيَ (فَنَجَسٌ) بِالْإِجْمَاعِ سَوَاءٌ أَكَانَ التَّغَيُّرُ قَلِيلًا أَمْ كَثِيرًا، وَسَوَاءٌ الْمُخَالِطُ وَالْمُجَاوِرُ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحِسِّيِّ وَالتَّقْدِيرِيِّ كَمَا مَرَّ، غَيْرَ أَنَّهُ هُنَا يَكْتَفِي بِأَدْنَى تَغَيُّرٍ، وَهُنَاكَ لَا بُدَّ مِنْ فُحْشِهِ، وَلَوْ تَغَيَّرَ بَعْضُهُ فَقَطْ فَالْمُتَغَيِّرُ نَجَسٌ، وَأَمَّا الْبَاقِي فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لَمْ يَنْجُسْ وَإِلَّا تَنَجَّسَ، وَلَوْ بَالَ فِي الْبَحْرِ مَثَلًا فَارْتَفَعَتْ مِنْهُ رَغْوَةٌ فَهِيَ طَاهِرَةٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهَا بَعْضُ الْمَاءِ الْكَثِيرِ خِلَافًا لِمَا فِي الْعُبَابِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْقَائِلِ بِنَجَاسَتِهَا عَلَى تَحَقُّقِ كَوْنِهَا مِنْ الْبَوْلِ، وَإِنْ طَرَحَتْ فِي الْبَحْرِ بَعْرَةً مَثَلًا فَوَقَعَتْ مِنْهُ قَطْرَةٌ بِسَبَبِ سُقُوطِهَا عَلَى شَيْءٍ لَمْ تُنَجِّسْهُ (فَإِنْ زَالَ تَغَيُّرُهُ) الْحِسِّيُّ أَوْ التَّقْدِيرِيُّ (بِنَفْسِهِ) لَا بِعَيْنٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSغَيْرِ الْعَمِيقِ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ حُرِّكَ مَا فِي إحْدَى الْحُفْرَتَيْنِ لَا يَتَحَرَّكُ مَا فِي الْأُخْرَى، وَمِنْهُ يُعْلَمُ حُكْمُ حِيَاضِ الْأَخْلِيَةِ إذَا وَقَعَ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا نَجَاسَةٌ، فَإِنَّهُ إنْ كَانَ لَوْ حُرِّكَ وَاحِدٌ مِنْهَا تَحَرَّكَ مُجَاوِرُهُ، وَهَكَذَا إلَى الْآخِرِ لَا يُحْكَمُ بِالتَّنْجِيسِ عَلَى مَا وَقَعَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ، وَإِلَّا حُكِمَ بِنَجَاسَةِ الْجَمِيعِ، وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ قَاسِمٍ عَلَى ابْنِ حَجَرٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ: الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ بِالِاكْتِفَاءِ بِتَحَرُّكِ كُلِّ مُلَاصِقٍ بِتَحْرِيكِ مُلَاصِقِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ بِتَحْرِيكِ غَيْرِهِ إذَا بَلَغَ الْمَجْمُوعُ قُلَّتَيْنِ انْتَهَى. أَقُولُ: وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِالتَّحَرُّكِ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ عَنِيفٍ، وَإِنْ خَالَفَ عَمِيرَةُ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ فَرَاجِعْهُ، وَعِبَارَتُهُ قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَتَحَرَّكُ مَا فِي كُلٍّ بِتَحَرُّكِ الْآخَرِ تَحَرُّكًا عَنِيفًا إلَخْ، هَلْ يَتَعَلَّقُ قَوْلُهُ عَنِيفًا بِقَوْلِهِ يَتَحَرَّكُ، أَوْ بِقَوْلِهِ يَتَحَرَّكُ الْآخَرُ، وَيَتَّجِهُ اعْتِبَارُهُ فِيهِمَا انْتَهَى (قَوْلُهُ: دَافِعٌ لِلنَّجَاسَةِ) أَيْ لِنَجَاسَةِ مَا وَقَعَتْ فِيهِ، وَقُوَّةُ هَذَا الْكَلَامِ تَقْتَضِي بَقَاءَ الْحُفْرَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى طَهَارَتِهَا، وَقَدْ يَشْكُلُ بِأَنَّ مَا فِي الْأَنْهَارِ الَّذِي بَيْنَهُمَا مُتَّصِلٌ بِحُفْرَةِ النَّجَسِ فَيُنَجَّسُ مِنْهُ لِقِلَّتِهِ وَبِمَا فِي الْحُفْرَةِ الْأُخْرَى فَيُنَجِّسُهُ لِقِلَّتِهِ فَرَاجِعْهُ، ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ حَجَرٍ صَرَّحَ بِنَجَاسَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا انْتَهَى (قَوْلُهُ مِنْ أَقْرَبِ مَوْضِعٍ إلَى النَّجَاسَةِ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: وَعَلَيْهِ فَلَوْ فُرِضَ أَنَّ الْمَاءَ قُلَّتَانِ فَقَطْ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَجُوزُ الِاغْتِرَافُ مِنْهُ، وَعَلَى الثَّانِي يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي يَنْجُسُ بِالِانْفِصَالِ، وَقِيلَ لَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحِسِّيِّ وَالتَّقْدِيرِيِّ) زَادَ ابْنُ حَجَرٍ: ثُمَّ إنْ وَافَقَهُ فِي الصِّفَاتِ الثَّلَاثِ قَدَّرْنَاهُ مُخَالِفًا أَشَدَّ فِيهَا كَلَوْنِ الْحِبْرِ وَرِيحِ الْمِسْكِ وَطَعْمِ الْخَلِّ، أَوْ فِي صِفَةٍ قَدَّرْنَاهُ مُخَالِفًا فِيهَا فَقَطْ انْتَهَى. وَبِهِ جَزَمَ الزِّيَادِيُّ نَقْلًا عَنْهُ، وَبَقِيَ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ صِفَةٌ أَصْلًا كَبَوْلٍ لَا لَوْنَ لَهُ وَلَا طَعْمَ وَلَا رِيحَ، فَهَلْ تَعْرِضُ الصِّفَاتُ الثَّلَاثُ كَمَا فِي الطَّاهِرِ، أَوْ تَعْرِضُ صِفَةٌ وَاحِدَةٌ وَيُكْتَفَى بِهَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَقَوْلُهُ كَمَا مَرَّ: أَيْ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَالْمُتَغَيِّرُ بِمُسْتَغْنًى إلَخْ، فَلَوْ كَانَ الْخَلِيطُ نَجِسًا فِي مَاءٍ كَثِيرٍ اُعْتُبِرَ بِأَشَدِّ الصِّفَاتِ إلَخْ (قَوْلُهُ غَيْرَ أَنَّهُ هُنَا يُكْتَفَى بِأَدْنَى إلَخْ) أَيْ فِي التَّغَيُّرِ بِالنَّجِسِ وَهُنَاكَ: أَيْ فِي الْمُتَغَيِّرِ بِالطَّاهِرِ (قَوْلُهُ: عَلَى تَحَقُّقِ كَوْنِهَا مِنْ الْبَوْلِ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَ وَاسِعًا، وَضَابِطُهُ أَنْ يَتَحَرَّكَ مَا فِي إحْدَى الْحُفْرَتَيْنِ بِتَحَرُّكِ الْأُخْرَى تَحَرُّكًا عَنِيفًا. قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ: وَيَنْبَغِي فِي أَحْوَاضٍ تَلَاصَقَتْ الِاكْتِفَاءُ بِتَحَرُّكِ الْمُلَاصِقِ الَّذِي يَبْلُغُ بِهِ الْقُلَّتَيْنِ، لَكِنْ قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ فِيمَا كَتَبَهُ عَلَيْهِ: الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ بِالِاكْتِفَاءِ بِتَحَرُّكِ كُلِّ مُلَاصِقٍ بِتَحَرُّكِ مُلَاصِقِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ بِتَحْرِيكِ غَيْرِهِ إذَا بَلَغَ الْمَجْمُوعُ قُلَّتَيْنِ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي الْمُخْتَلَطِ الطَّاهِرِ بِقَرِينَةِ مَا عَقَّبَهُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ الْكَلَامُ عَنْ النَّجِسِ مَرَّ أَيْضًا لَكِنَّهُ اسْتِطْرَادٌ عَلَى أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي النَّجِسِ ثُمَّ إنَّهُ إذَا قُدِّرَ يُقَدَّرُ بِالْأَشَدِّ أَمَّا حُكْمُ أَصْلِ التَّقْدِيرِ، فَإِنَّمَا يُسْتَفَادُ مِمَّا هُنَا بِالْأَصَالَةِ وَإِنْ عُلِمَ مِمَّا هُنَاكَ بِاللَّازِمِ (قَوْلُهُ: وَهُنَاكَ) أَيْ فِي الْمُخَالِطِ الطَّاهِرِ (قَوْلُهُ: أَوْ التَّقْدِيرِيِّ) بِأَنْ يَمْضِيَ عَلَيْهِ مُدَّةٌ لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي الْحِسِّيِّ لَزَالَ، أَوْ أَنْ يُصَبَّ عَلَيْهِ مِنْ الْمَاءِ قَدْرٌ لَوْ صُبَّ عَلَى مَاءٍ مُتَغَيِّرٍ حِسًّا لَزَالَ تَغَيُّرُهُ (قَوْلُهُ: لَا بِعَيْنٍ)

كَطُولِ مُكْثٍ وَهُبُوبِ رِيحٍ (أَوْ بِمَاءٍ) وَلَوْ نَجِسًا زِيدَ عَلَيْهِ أَوْ نَبَعَ مِنْهُ أَوْ نَقَصَ مِنْهُ وَالْبَاقِي بَعْدَهُ كَثِيرٌ (طَهُرَ) لِزَوَالِ سَبَبِ النَّجَاسَةِ فَعَادَ كَمَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلُ وَافْهَمْ كَلَامَهُ، وَالْعِلَّةُ أَنَّ الْقَلِيلَ لَا يَطْهُرُ بِانْتِفَاءِ تَغَيُّرِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَطْهُرَ بِذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ تَغَيُّرُهُ بِمَيِّتٍ لَا يَسِيلُ دَمُهُ أَوْ نَحْوُهُ مِمَّا يُعْفَى عَنْهُ، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ طَهَارَتِهِ بِزَوَالِ التَّغَيُّرِ بِنَفْسِهِ هُوَ نَظِيرُ الْمُرَجَّحِ فِي الْجَلَالَةِ إذَا زَالَ تَغَيُّرُهَا بِمُرُورِ الزَّمَانِ كَمَا سَيَأْتِي فَلَا حَاجَةَ إلَى الْفَرْقِ؛ وَلَوْ زَالَ التَّغَيُّرُ ثُمَّ عَادَ فَإِنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ جَامِدَةً وَهِيَ فِيهِ فَنَجَسٌ، وَإِنْ كَانَتْ مَائِعَةً أَوْ جَامِدَةً وَقَدْ أُزِيلَتْ قَبْلَ التَّغَيُّرِ الثَّانِي لَمْ يَنْجُسْ. وَطَهُرَ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَضَمِّهَا وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ (أَوْ) زَالَ: أَيْ ظَاهِرًا، فَلَا يُنَافِي التَّعْلِيلَ بِالشَّكِّ. الْآتِي فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي الْعَطْفِ الْمُقْتَضِي لِتَقْدِيرِ الزَّوَالِ الَّذِي ذَكَرْته تَغَيُّرُ رِيحِهِ (بِمِسْكٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَأَنْ كَانَتْ بِرَائِحَةِ الْبَوْلِ أَوْ طَعْمِهِ أَوْ لَوْنِهِ (قَوْلُهُ وَهُبُوبِ رِيحٍ) أَيْ أَوْ شَمْسٍ (قَوْلُهُ: وَالْعِلَّةُ أَنَّ الْقَلِيلَ لَا يَطْهُرُ) هِيَ قَوْلُهُ لِزَوَالِ سَبَبِ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَطْهُرَ بِذَلِكَ) سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَلَا تُنَجِّسُ مَائِعًا الْجَزْمُ بِبَقَاءِ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا حَاجَةَ إلَى الْفَرْقِ) مُرَادُهُ الرَّدُّ عَلَى ابْنِ حَجَرٍ حَيْثُ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ مُسَلَّمٌ كَمَا ذُكِرَ مِنْ حَيْثُ الرَّاجِحُ، وَابْنُ حَجَرٍ إنَّمَا قَصَدَ الْفَرْقَ عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ عَوْدِ الطَّهَارَةِ بِزَوَالِ التَّغَيُّرِ بِنَفْسِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِالنَّجَاسَةِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ عِنْدَ الْقَائِلِ بِهِ فَلَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ: فَنَجِسٌ) أَيْ مِنْ الْآنَ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ زَالَ تَغَيُّرُهُ فَتَطْهُرُ مِنْهُ جُمِعَ ثُمَّ عَادَ تَغَيُّرُهُ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمْ إعَادَةُ الصَّلَاةِ الَّتِي فَعَلُوهَا وَلَمْ يُحْكَمْ بِنَجَاسَةِ أَبْدَانِهِمْ وَلَا ثِيَابِهِمْ؛ لِأَنَّهُ بِزَوَالِ التَّغَيُّرِ حُكِمَ بِطَهُورِيَّتِهِ وَالتَّغَيُّرُ الثَّانِي يَجُوزُ أَنَّهُ بِنَجَاسَةٍ تَحَلَّلَتْ مِنْهُ بَعْدُ وَهِيَ لَا تَضُرُّ فِيمَا مَضَى ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِلشَّارِحِ مَا نَصُّهُ وَلَوْ زَالَ التَّغَيُّرُ بِالنَّجَاسَةِ مِنْ الْمَاءِ الْكَثِيرِ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ وَالنَّجَاسَةُ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ تِلْكَ النَّجَاسَةَ جَامِدَةٌ بَاقِيَةٌ فِيهِ حَتَّى عَادَ التَّغَيُّرُ فَهُوَ نَجَسٌ: أَيْ بَاقٍ عَلَى نَجَاسَتِهِ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهَا فِيهِ مَعَ جُمُودِهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّغَيُّرَ الثَّانِيَ مِنْهَا انْتَهَى. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا نَظَرَ إلَى طُولِ زَمَانِ انْتِفَاءِ التَّغَيُّرِ بَعْدَ زَوَالِهِ وَقِصَرِهِ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّهُ بِزَوَالِ التَّغَيُّرِ حُكِمَ بِطَهُورِيَّةِ الْمَاءِ، فَأَشْبَهَ ذَلِكَ مَا لَوْ مَاتَ حَيَوَانٌ فِي الْمَاءِ وَمَضَتْ مُدَّةٌ لَمْ يَتَغَيَّرْ فِيهَا الْمَاءُ بَعْدَ مَوْتِ الْحَيَوَانِ فِيهِ ثُمَّ تَغَيَّرَ بَعْدُ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى طَهُورِيَّتِهِ إلَى التَّغَيُّرِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، فَبَقَاءُ الْجَامِدِ فِي الْمَاءِ بَعْدَ زَوَالِ تَغَيُّرِهِ لَا يَزِيدُ عَلَى بَقَاءِ الْمَيْتَةِ فِيهِ مُدَّةً بِلَا تَغَيُّرٍ. وَفِي شَرْحِ الشَّيْخِ حَمْدَانَ: وَلَوْ زَالَ تَغَيُّرُ الْمَاءِ الْكَثِيرِ بِالنَّجَاسَةِ وَعَادَ عَادَ تَنَجُّسُهُ بِعَوْدِ تَغَيُّرِهِ، وَالْحَالَةُ أَنَّ النَّجَسَ الْجَامِدَ بَاقٍ فِيهِ إحَالَةً لِلتَّغَيُّرِ الثَّانِي عَلَيْهِ انْتَهَى. وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ التَّغَيُّرَ الْعَائِدَ غَيْرُ التَّغَيُّرِ الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا نَشَأَ مِنْ تَحَلُّلٍ حَصَلَ فِي النَّجَاسَةِ بَعْدَ طَهَارَةِ الْمَاءِ فَلَا أَثَرَ لِبَقَاءِ النَّجَاسَةِ فِي الطَّهَارَةِ مَا دَامَ الْمَاءُ صَافِيًا مِنْ التَّغَيُّرِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَنْجُسْ) وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ التَّغَيُّرُ وَشُكَّ فِي سَبَبِهِ لَمْ يَضُرَّ كَمَا يَقَعُ فِي الْفَسَاقِيِّ. وَفِي ابْنِ حَجَرٍ مَا حَاصِلُهُ التَّرَدُّدُ فِيمَا لَوْ زَالَ نَحْوَ رِيحٍ مُتَنَجِّسٍ بِالْغَسْلِ ثُمَّ عَادَ. أَقُولُ: وَمَحَلُّهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ أَمْكَنَ وُجُودُ سَبَبٍ آخَرَ يُحَالُ عَلَيْهِ عَوْدُ الصِّفَةِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ حُكْمٌ بِبَقَاءِ نَجَاسَتِهِ حَيْثُ تَتَغَيَّرُ وَلَمْ يُعْلَمْ سَبَبُ تَغَيُّرِهَا، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ سَبَبٌ يُحَالُ عَلَيْهِ التَّغَيُّرُ الثَّانِي، وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ وَلَوْ عَادَ التَّغَيُّرُ لَمْ يَضُرَّ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْ أَنَّهُ بِتَرَوُّحٍ نَجَسٍ آخَرَ كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُمْ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَطَهَرَ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَضَمِّهَا) ظَاهِرُهُ اسْتِوَاءُ اللُّغَتَيْنِ فِي كُلِّ مَا قَامَتْ بِهِ الطَّهَارَةُ بَدَنًا كَانَ أَوْ ثَوْبًا. وَفِي الْمِصْبَاحِ: طَهَرَ الشَّيْءُ مِنْ بَابَيْ قَتَلَ وَقَرُبَ طَهَارَةً، وَالِاسْمُ الطُّهْرُ وَهُوَ النَّقَاءُ مِنْ الدَّنَسِ وَالنَّجَسِ، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ طَهُرَتْ مِنْ الْحَيْضِ مِنْ بَابِ قَتَلَ، وَفِي لُغَةٍ قَلِيلَةٍ مِنْ بَابِ قَرُبَ وَتَطَهَّرَتْ اغْتَسَلَتْ اهـ. فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى مَا لَوْ أَسْنَدَ الْفِعْلَ إلَى الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ، فَقِيلَ طَهُرَ الثَّوْبُ أَوْ الْمَكَانُ لِيَكُونَا مُتَسَاوِيَيْنِ (قَوْلُهُ: بِالشَّكِّ الْآتِي) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِلشَّكِّ فِي أَنَّ التَّغَيُّرَ زَالَ إلَخْ (قَوْلُهُ: تَغَيَّرَ رِيحُهُ) هُوَ بِالرَّفْعِ فَاعِلُ زَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ إلَخْ) سَيَأْتِي لَهُ اعْتِمَادُ خِلَافِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ جَامِدَةً إلَخْ) .

وَ) لَوْنِهِ بِسَبَبِ (زَعْفَرَانٍ) أَوْ طَعْمِهِ بِخَلٍّ مَثَلًا (فَلَا) يَطْهُرُ حَالَ كُدُورَتِهِ فَلَا تَعُودُ طَهُورِيَّتُهُ بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى نَجَاسَتِهِ لِلشَّكِّ فِي أَنَّ التَّغَيُّرَ زَالَ، أَوْ اسْتَتَرَ بَلْ الظَّاهِرُ الِاسْتِتَارُ وَكَذَا تُرَابٌ، وَجَصٌّ فِي الْأَظْهَرِ لِمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ صَفَّى وَلَمْ يَبْقَ بِهِ تَغَيُّرٌ طَهُرَ وَيُحْكَمُ بِطَهُورِيَّةِ التُّرَابِ أَيْضًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا صَفَّى الْمَاءَ وَلَمْ يَبْقَ فِيهِ تَكَدُّرٌ يَحْصُلُ بِهِ شَكٌّ فِي زَوَالِ التَّغَيُّرِ طَهُرَ كُلٌّ مِنْ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْبَاقِي عَمَّا رَسَبَ فِيهِ التُّرَابُ قُلَّتَيْنِ أَمْ لَا، نَعَمْ إنْ كَانَ عَيْنُ التُّرَابِ نَجِسَةً لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهَا كَتُرَابِ الْمَقَابِرِ الْمَنْبُوشَةِ، إذْ نَجَاسَتُهُ مُسْتَحْكِمَةٌ فَلَا يَطْهُرُ أَبَدًا؛ لِأَنَّ التُّرَابَ حِينَئِذٍ كَنَجَاسَةٍ جَامِدَةٍ، فَإِنْ بَقِيَتْ كَثْرَةُ الْمَاءِ لَمْ يَتَنَجَّسْ وَإِلَّا تَنَجَّسَ، وَغَيْرُ التُّرَابِ مِثْلُهُ فِي ذَلِكَ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ إذَا احْتَمَلَ سَتْرُ التَّغَيُّرِ بِمَا طَرَأَ كَأَنْ زَالَتْ الرَّائِحَةُ بِطَرْحِ الْمِسْكِ أَوْ الطَّعْمِ بِطَرْحِ الْخَلِّ أَوْ اللَّوْنِ بِطَرْحِ الزَّعْفَرَانِ. فَلَوْ تَغَيَّرَ رِيحُ مَاءٍ وَطَعْمُهُ بِنَجَسٍ فَأُلْقِيَ زَعْفَرَانٌ أَوْ لَوْنُهُ وَطَعْمُهُ فَأُلْقِيَ مِسْكٌ فَزَالَ تَغَيُّرُهُ طَهُرَ، وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الزَّعْفَرَانَ لَا يَسْتُرُ الرِّيحَ وَالْمِسْكَ لَا يَسْتُرُ اللَّوْنَ، فَعُلِمَ أَنَّ الْكَلَامَ إذَا فَرَضَ انْتِفَاءَ الرِّيحِ وَالطَّعْمِ عَنْ شَيْءٍ قَطْعًا كَعُودٍ مَثَلًا أَوْ لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ رِيحُ الزَّعْفَرَانِ وَلَا طَعْمُهُ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ وُضِعَ مِسْكٌ فِي مُتَغَيِّرِ الرِّيحِ فَزَالَ رِيحُهُ وَلَمْ تَظْهَرْ فِيهِ رَائِحَةُ الْمِسْكِ أَنَّهُ يَطْهُرُ وَلَا بُعْدَ فِيهِ لِعَدَمِ الِاسْتِتَارِ. وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ شَرْطَ إنَاطَةِ الْحُكْمِ بِالشَّكِّ فِي زَوَالِ التَّغَيُّرِ أَوْ اسْتِتَارِهِ حَتَّى يُحْكَمَ بِبَقَاءِ النَّجَاسَةِ تَغْلِيبًا لِاحْتِمَالِ الِاسْتِتَارِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ احْتِمَالِ إحَالَةِ زَوَالِ التَّغَيُّرِ عَلَى الْوَاقِعِ فِي الْمَاءِ مِنْ مُخَالِطٍ أَوْ مُجَاوِرٍ، فَحَيْثُ احْتِمَالُ إحَالَتِهِ عَلَى اسْتِتَارِهِ بِالْوَاقِعِ فَالنَّجَاسَةُ بَاقِيَةٌ لِكَوْنِنَا لَمْ نَتَحَقَّقْ زَوَالَ التَّغَيُّرِ الْمُقْتَضِي ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلَوْنُهُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَاسْتِعْمَالُهَا فِي هَذَا الْمَعْنَى مَجَازٌ (قَوْلُهُ حَالَ كُدُورَتِهِ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ حَالَ ظُهُورِ رِيحِ الْمِسْكِ أَوْ لَوْنِ الزَّعْفَرَانِ أَوْ طَعْمِ الْخَلِّ؛ لِأَنَّ الْكُدُورَةَ لَا تَشْمَلَ غَيْرَ اللَّوْنِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِالْكُدُورَةِ مُطْلَقَ التَّغَيُّرِ (قَوْلُهُ: لَمَّا تَقَدَّمَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِلشَّكِّ فِي أَنَّ التَّغَيُّرَ إلَخْ (قَوْلُهُ كَتُرَابِ الْمَقَابِرِ) وَمِثْلُهُ رَغِيفٌ أَصَابَهُ رَطْبًا نَحْوَ زِبْلٍ. وَعِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ: وَبَحَثَ الْقَمُولِيُّ نَجَاسَةَ جَمِيعِ رَغِيفٍ أَصَابَهُ كَثِيرُهُ: أَيْ كَثِيرُ دُخَانِ النَّجَاسَةِ لِرُطُوبَتِهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ جَامِدٌ، فَلَا يَتَنَجَّسُ إلَّا مُمَاسَّةً فَقَطْ وَلَا يُطَهِّرُهُ الْمَاءُ انْتَهَى - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَيْ؛ لِأَنَّ الدُّخَانَ أَجْزَاءٌ تَفْصِلُهَا النَّارُ وَإِذَا اتَّصَلَتْ بِالرَّغِيفِ صَارَ ظَاهِرُهُ كَتُرَابِ الْمَقَابِرِ الْمَنْبُوشَةِ، وَهُوَ لَا يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ لِاخْتِلَاطِهِ بِعَيْنِ النَّجَاسَةِ، وَخَرَجَ بِالتُّرَابِ غَيْرُهُ كَالْكَفَنِ وَالْقُطْنِ فَإِنَّهُ يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ، وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَ الشَّارِحِ بَعْدُ، وَغَيْرُ التُّرَابِ مِثْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِغَيْرِ التُّرَابِ مَا يَسْتُرُ النَّجَاسَةَ مِنْ الْمِسْكِ وَالْخَلِّ وَنَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ: فَزَالَ تَغَيُّرُهُ طَهُرَ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لِلزَّعْفَرَانِ طَعْمٌ وَلَا لِلْمِسْكِ لَوْنٌ يَسْتُرُ النَّجَاسَةَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ حَجَرٍ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ زَوَالَ الرِّيحِ وَالطَّعْمِ بِنَحْوِ زَعْفَرَانٍ لَا طَعْمَ لَهُ وَلَا رِيحَ، وَالطَّعْمُ وَاللَّوْنُ بِنَحْوِ مِسْكٍ، وَاللَّوْنُ وَالرِّيحُ بِنَحْوِ خَلٍّ لَا لَوْنَ لَهُ وَلَا رِيحَ يَقْتَضِي عَوْدَ الطَّهَارَةِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ وِفَاقًا لِجَمْعٍ مِنْ الشُّرَّاحِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشَكُّ فِي الِاسْتِتَارِ حِينَئِذٍ وَلَا يَشْكُلُ، هَذَا بِإِيجَابٍ نَحْوَ صَابُونٍ تَوَقَّفَتْ عَلَيْهِ إزَالَةُ النَّجَسِ مَعَ احْتِمَالِ سَتْرِهِ لِرِيحِهِ بِرِيحِهِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ ذَاكَ أَنَّهُ مُزِيلٌ لَا سَاتِرَ، بِخِلَافِ هَذَا انْتَهَى بِحُرُوفِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ أَنَّ الْكَلَامَ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ رَدُّ كَلَامِ مَنْ قَالَ كَالْقَفَّالِ: إنَّ الْمُجَاوِرَ لَا يَضُرُّ فِي عَوْدِ الطَّهُورِيَّةِ حَيْثُ أَطْلَقَ فِيهِ (قَوْلُهُ أَوْ مُجَاوِرٌ) قَدْ يُخَالِفُهُ مَا نَقَلَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ حَيْثُ قَالَ: لَوْ زَالَ التَّغَيُّرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْجَامِدَةِ الْمُجَاوِرَةُ وَلَوْ مَائِعَةً كَالدُّهْنِ، وَبِالْمَائِعَةِ الْمُسْتَهْلَكَةُ (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ أَنَّ الْكَلَامَ إلَخْ) لَعَلَّ مُرَادُهُ بِهِ أَنَّ مَحَلَّ مَا ذُكِرَ مِنْ الْحُكْمِ بِالطَّاهِرِيَّةِ فِيمَا إذَا تَغَيَّرَ رِيحُ مَاءٍ وَطَعْمُهُ بِنَجِسٍ فَأُلْقِيَ عَلَيْهِ زَعْفَرَانٌ، أَوْ لَوْنُهُ وَطَعْمُهُ فَأُلْقِيَ عَلَيْهِ مِسْكٌ فَزَالَ تَغَيُّرُهُ إذَا كَانَ الْمُلْقَى لَا وَصْفَ لَهُ إلَّا الْوَصْفُ الْمُخَالِفُ لِوَصْفَيْ النَّجَاسَةِ بِأَنْ كَانَ الزَّعْفَرَانُ فِي مِثَالِهِ لَيْسَ لَهُ إلَّا اللَّوْنُ، وَالْمِسْكُ فِي مِثَالِهِ لَيْسَ إلَّا الرِّيحُ: أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ انْتِفَاءُ مَا عَدَا ذَلِكَ الْوَصْفِ هُوَ الْوَاقِعُ فِي جِنْسِهِ دَائِمًا كَالْعُودِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ طَعْمٌ وَلَا لَوْنٌ فِي الْوَاقِعِ يُؤَثِّرُ، أَوْ كَانَ انْتِفَاءُ مَا عَدَا ذَلِكَ الْوَصْفِ لِعَارِضٍ

لِلنَّجَاسَةِ بَلْ يُحْتَمَلُ زَوَالُهُ وَاسْتِتَارُهُ وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهَا، وَحَيْثُ لَمْ يُحْتَمَلْ ذَلِكَ فَهِيَ زَائِلَةٌ فَيُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ، وَعُلِمَ أَنَّ رَائِحَةَ الْمِسْكِ لَوْ ظَهَرَتْ ثُمَّ زَالَتْ وَزَالَ التَّغَيُّرُ حَكَمْنَا بِالطَّهَارَةِ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا زَالَتْ وَلَمْ يَظْهَرْ التَّغَيُّرُ عَلِمْنَا أَنَّهُ زَالَ بِنَفْسِهِ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ أَنَّهُ يَطْهُرُ؛ لِأَنَّ التُّرَابَ وَنَحْوَهُ لَا يَغْلِبُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْأَوْصَافِ الثَّلَاثَةِ حَتَّى يُفْرَضَ سِتْرُهُ إيَّاهَا، فَإِذَا لَمْ يُصَادِفْ تَغَيُّرًا أَشْعَرَ ذَلِكَ بِالزَّوَالِ. وَالْجَصُّ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا عَجَمِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْجِبْسِ مِنْ لَحْنِ الْعَامَّةِ (وَدُونَهُمَا) أَيْ وَالْمَاءُ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ بِأَنْ نَقَصَ عَنْهُمَا أَكْثَرُ مِنْ رَطْلَيْنِ، وَتَقْدِيرِي الْمَاءَ فِي كَلَامِهِ تَبَعًا لِلشَّارِحِ لِيُوَافِقَ مَذْهَبَ سِيبَوَيْهِ وَجُمْهُورِ الْبَصْرِيِّينَ؛ لِأَنَّ دُونَ عِنْدَهُمْ ظَرْفٌ لَا يَتَصَرَّفُ فَلَا يَصِحُّ كَوْنُهُ مُبْتَدَأً، وَجَوَّزَهُ الْأَخْفَشُ وَالْكُوفِيُّونَ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا أُضِيفَ إلَى مَبْنًى كَالْوَاقِعِ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ، فَجَوَّزَ الْأَخْفَشُ بِنَاءَهُ عَلَى الْفَتْحِ لِإِضَافَتِهِ إلَى مَبْنًى، وَأَوْجَبَ غَيْرُهُ رَفْعَهُ عَلَى الِابْتِدَاءِ (يَنْجُسُ بِالْمُلَاقَاةِ) بِنَجَاسَةِ مُؤَثِّرَةٍ بِخِلَافِ الْمَعْفُوِّ عَنْهَا مِمَّا يَأْتِي وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَاءُ أَوْ كَانَ الْوَاقِعُ مُجَاوِرًا أَوْ عُفِيَ عَنْهَا فِي الصَّلَاةِ فَقَطْ كَثَوْبٍ فِيهِ قَلِيلُ دَمِ أَجْنَبِيٍّ غَيْرِ مُغَلَّظٍ أَوْ كَثِيرٍ مِنْ نَحْوِ بَرَاغِيثَ، وَمِثْلُ الْمَاءِ الْقَلِيلِ كُلُّ مَائِعٍ وَإِنْ كَثُرَ وَجَامِدٍ لَاقَى رَطْبًا، أَمَّا تَنَجُّسُ الْمَاءِ الْقَلِيلِ الْمُتَغَيِّرِ فَبِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُتَغَيِّرِ فَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» نَهَاهُ عَنْ الْغَمْسِ خَشْيَةَ التَّنْجِيسِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا إذَا خَفِيَتْ لَا تُغَيِّرُ الْمَاءَ، فَلَوْلَا أَنَّهَا تُنَجِّسُهُ بِوُصُولِهَا لَمْ يَنْهَهُ وَلِمَفْهُومِ خَبَرِ الْقُلَّتَيْنِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيَلْتَحِقُ بِالْمَائِعَاتِ الْمَاءُ الْكَثِيرُ الْمُتَغَيِّرُ كَثِيرًا بِطَاهِرٍ، وَفَارَقَ كَثِيرُ الْمَاءِ كَثِيرَ غَيْرِهِ بِأَنَّ كَثِيرَهُ قَوِيٌّ، وَيَشُقُّ حِفْظُهُ مِنْ النَّجَسِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَإِنْ كَثُرَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِمُجَاوِرٍ عَادَ طَهُورًا كَمَا فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ، وَيَدُلُّ لَهُ التَّمْثِيلُ بِالْمُخَالِطِ انْتَهَى بِحُرُوفِهِ. لَا يُقَالُ يُمْكِنُ حَمْلُ مَا فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ لِلْمُجَاوِرِ رِيحٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْمُخَالِطُ حُكْمُهُ كَذَلِكَ، فَلَوْ وَقَعَ فِيهِ مِسْكٌ لَمْ تَظْهَرْ لَهُ رَائِحَةٌ قُلْنَا بِعُودِ الطَّهَارَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ عَلَى الْوَاقِعِ فِي الْمَاءِ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ تَرَوَّحَ الْمَاءُ بِنَحْوِ مِسْكٍ عَلَى الشَّطِّ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ زَوَالِ النَّجَاسَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ مُرَادًا؛ لِأَنَّ ظُهُورَ الرَّائِحَةِ فِي الْمَاءِ يَسْتُرُ رَائِحَةَ النَّجَاسَةِ، وَلَا فَرْقَ مَعَ وُجُودِ السَّاتِرِ بَيْنَ كَوْنِهِ فِي الْمَاءِ وَكَوْنِهِ خَارِجًا عَنْهُ هَذَا. وَفِي ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ أَنَّهُ إذَا زَالَتْ رَائِحَةُ النَّجَاسَةِ بِرَائِحَةِ مَا عَلَى الشَّطِّ لَمْ يُحْكَمْ بِبَقَاءِ النَّجَاسَةِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافًا فِي الْمُجَاوِرِ، فَيَلْحَقُ بِهِ عِنْدَ الشَّارِحِ الزَّوَالُ بِرَائِحَةِ مَا عَلَى الشَّطِّ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْجِبْسِ) وَفَسَّرَهُ الْمَحَلِّيُّ هُنَا بِمَا ذُكِرَ، وَفِي الْجَنَائِزِ بِالْجِيرِ فَيُؤْخَذُ مِنْ مَجْمُوعِ ذَلِكَ إطْلَاقُهُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَجَوَّزَهُ الْأَخْفَشُ) أَيْ تَصَرُّفَهُ وَقَوْلُهُ وَالْكُوفِيُّونَ وَعَلَيْهِ فَهُوَ مُبْتَدَأٌ بِلَا تَقْدِيرٍ (قَوْلُهُ: يَنْجُسُ بِالْمُلَاقَاةِ) اخْتَارَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا مَذْهَبَ مَالِكٍ أَنَّ الْمَاءَ لَا يَنْجُسُ مُطْلَقًا إلَّا بِالتَّغَيُّرِ وَكَأَنَّهُمْ نَظَرُوا لِلتَّسْهِيلِ عَلَى النَّاسِ، وَإِلَّا فَالدَّلِيلُ صَرِيحٌ فِي التَّفْصِيلِ كَمَا تَرَى انْتَهَى ابْنُ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَاءُ) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِالْمُلَاقَاةِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ الْوَاقِعُ مُجَاوِرًا إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى مُؤَثِّرَةٍ، وَكَانَ التَّقْدِيرُ لِنَجَاسَةٍ مُخَالَطَةٍ مُؤَثِّرَةٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهَا، أَوْ كَانَ الْوَاقِعُ مُجَاوِرًا، أَوْ عُفِيَ عَنْهَا فِي الصَّلَاةِ إلَخْ، وَالْأَقْرَبُ عَطْفُهُ عَلَى يَتَغَيَّرُ (قَوْلُهُ: أَوْ عُفِيَ عَنْهَا فِي الصَّلَاةِ) قُيِّدَ بِهِ لِئَلَّا يُنَافِيَ مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْمَعْفُوَّ عَنْهَا لَا تَنْجُسُ بِمُلَاقَاتِهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا عُفِيَ عَنْهُ هُنَا كَاَلَّذِي لَا يُدْرِكُهُ الطَّرَفُ غَيْرَ مَا عُفِيَ عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: كُلُّ مَائِعٍ وَإِنْ كَثُرَ) أَيْ لَوْ جَارِيًا (قَوْلُهُ: وَيَلْتَحِقُ بِالْمَائِعَاتِ) قَالَ عَمِيرَةُ: فَلَوْ زَالَ التَّغَيُّرُ بَعْدَ ذَلِكَ فَالْوَجْهُ عَدَمُ الطَّهُورِيَّةِ انْتَهَى. وَعَلَيْهِ فَلْيُنْظَرْ بِمَ تَحْصُلُ طَهَارَتُهُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ مِنْ عَمِيرَةٍ بَدَلَ لَفْظِ عَدَمِ عَوْدِ الطَّهُورِيَّةِ وَهِيَ وَاضِحَةٌ انْتَهَى (قَوْلُهُ: الْمُتَغَيِّرُ كَثِيرًا بِطَاهِرٍ) أَيْ لِلْمَاءِ عَنْهُ غِنًى، بِخِلَافِ الْمُتَغَيِّرِ بِمَا فِي مَقَرِّهِ وَمَمَرِّهِ فَلَا يَنْجُسُ بِالْمُلَاقَاةِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: بَلْ يُقَدَّرُ زَوَالُهُ، فَإِنْ غَيَّرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَالزَّعْفَرَانِ الَّذِي فُقِدَ طَعْمُهُ وَرِيحُهُ لِعَارِضٍ مَعَ أَنَّ مِنْ شَأْنِهِمَا الْوُجُودَ، وَمَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَهُ هُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ

نَعَمْ لَوْ تَنَجَّسَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى مَثَلًا ثُمَّ غَسَلَ إحْدَى يَدَيْهِ وَشَكَّ فِي الْمَغْسُولِ أَهُوَ يَدُهُ الْيُمْنَى أَمْ الْيُسْرَى ثُمَّ أَدْخَلَ الْيُسْرَى فِي مَائِعٍ لَمْ يَنْجُسْ بِغَمْسِهَا فِيهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَتُهُ وَقَدْ اُعْتُضِدَ احْتِمَالُ طَهَارَةِ الْيُسْرَى وَالْمُرَادُ بِالْمُلَاقَاةِ وُرُودُ النَّجَاسَةِ عَلَى الْمَاءِ، أَمَّا وُرُودُهُ عَلَيْهَا فَسَيَأْتِي فِي بَابِ النَّجَاسَةِ (فَإِنْ بَلَغَهُمَا بِمَاءٍ) وَلَوْ نَجِسًا وَمُسْتَعْمَلًا وَمُتَغَيِّرًا بِمُسْتَغْنًى عَنْهُ كَمَا شَمِلَهُ تَنْكِيرُهُ الْمَاءَ، وَلَا يُنَافِيه حَدُّهُمْ الْمُطْلَقُ بِأَنَّهُ مَا يُسَمَّى مَاءً؛ لِأَنَّ هَذَا حَدٌّ بِالنَّظَرِ لِلْعُرْفِ الشَّرْعِيِّ، وَمَا فِي كَلَامِهِ تَعْبِيرٌ بِالنَّظَرِ لِلْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ وَهُوَ شَامِلٌ لِلْمُطْلَقِ وَغَيْرِهِ (وَلَا تَغَيُّرَ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا تَغَيُّرَ بِهِ (فَطَهُورٌ) لِزَوَالِ الْعِلَّةِ حَتَّى لَوْ فَرَّقَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَضُرَّ، وَالْعِبْرَةُ بِالِاتِّصَالِ لَا بِالْخَلْطِ حَتَّى لَوْ رُفِعَ حَاجِزٌ بَيْنَ صَافٍ وَكَدِرٍ كَفَى، وَعُلِمَ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَاءٍ أَنَّهُ لَا يَكْفِي بُلُوغُهُمَا بِمَائِعٍ مُسْتَهْلَكٍ وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ كَمَا مَرَّ (فَلَوْ) (كُوثِرَ) ـــــــــــــــــــــــــــــSحِينَئِذٍ ضَرَّ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى (قَوْلُهُ: لَوْ تَنَجَّسَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ لِنَجَاسَةٍ مُؤَثِّرَةٍ؛ لِأَنَّ نَجَاسَةَ الْيَدِ مَحْكُومٌ بِبَقَائِهَا حَتَّى لَا تَصِحَّ صَلَاتُهُ قَبْلَ غَسْلِهَا، لَكِنَّهَا لَا تُنَجِّسُ مَا أَصَابَتْهُ لِلشَّكِّ فِي تَنْجِيسِهَا لِلْمَاءِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ النَّجَاسَةِ التَّنْجِيسُ، وَهَذَا نَظِيرُ مَا لَوْ تَنَجَّسَ فَمُ هِرَّةٍ ثُمَّ غَابَتْ غَيْبَةً يُمْكِنُ وُلُوغُهَا فِي مَاءٍ كَثِيرٍ فَإِنَّا نَحْكُمُ بِبَقَاءِ فَمِهَا عَلَى النَّجَاسَةِ وَعَدَمِ تَنْجِيسِ مَا أَصَابَتْهُ بَعْدُ لِلشَّكِّ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: أَمَّا لَوْ تَنَجَّسَتْ يَدُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَسَيَأْتِي فِي بَابِ النَّجَاسَةِ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَمِنْهُ أَيْ مِنْ الْوَارِدِ فَلَا يَنْجُسُ مَا فِي بَاطِنِ الْفَوَّارَةِ، وَالظَّرْفُ فَوَّارٌ أَصَابَ النَّجَسَ أَعْلَاهُ وَمَوْضُوعٌ عَلَى نَجَسٍ يَتَرَشَّحُ مِنْهُ مَاءٌ فَلَا يَنْجُسُ مَا فِيهِ إلَّا أَنَّ فَرْضَ عَوْدِ التَّرَشُّحِ إلَيْهِ انْتَهَى. وَكَتَبَ عَلَيْهِ ابْنُ قَاسِمٍ قَوْلَهُ: عَوْدُ التَّرَشُّحِ إلَخْ يَنْبَغِي أَوْ وُقِفَ عَنْ التَّرَشُّحِ وَاتَّصَلَ الْخَارِجُ بِمَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَاءٌ قَلِيلٌ مُتَّصِلٌ بِنَجَاسَةٍ انْتَهَى بِحُرُوفِهِ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ وَجْهَ عَدَمِ تَنَجُّسِ مَا فِي الْبَاطِنِ مَا دَامَ التَّرَشُّحُ مَوْجُودًا أَنَّ تَرَشُّحَهُ صَيَّرَهُ كَالْمَاءِ الْجَارِي، وَهُوَ لَا يَنْجُسُ مِنْهُ إلَّا مَا لَاقَتْهُ النَّجَاسَةُ دُونَ غَيْرِهِ مَا لَمْ يَتَرَاجَعْ وَهُوَ قَلِيلٌ، وَانْقِطَاعُ رَشْحِ الْمَاءِ يُصَيِّرُهُ مُتَّصِلًا كَالْمُتَرَادِّ الْقَلِيلِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَوْ وُضِعَ كُوزٌ عَلَى نَجَاسَةٍ وَمَاؤُهُ خَارِجٌ مِنْ أَسْفَلِهِ لَمْ يَنْجُسْ مَا فِيهِ مَا دَامَ يَخْرُجُ، فَإِنْ تَرَاجَعَ تَنَجَّسَ كَمَا لَوْ سُدَّ بِنَجَسٍ انْتَهَى بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: لِلْعُرْفِ الشَّرْعِيِّ) قَدْ يُنَافِيه أَنَّهُمْ جَعَلُوا قَوْلَهُمْ فِيمَا سَبَقَ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ مَاءٍ بِلَا قَيْدٍ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَاءِ عِنْدَ أَهْلِ الْعُرْفِ وَاللِّسَانِ، وَالْمُرَادُ بِالْعُرْفِ ثَمَّ عُرْفُ الشَّارِعِ، وَبِاللِّسَانِ اللُّغَةُ عَلَى مَا قِيلَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُمْنَعَ أَنَّ الْمُرَادَ مَا ذُكِرَ، وَيُجْعَلَ ذِكْرُ اللِّسَانِ بَعْدَ الْعُرْفِ مِنْ الْعَطْفِ التَّفْسِيرِيِّ، وَيُرَادُ بِاللِّسَانِ الشَّرْعِيِّ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا اقْتِصَارُ ابْنِ حَجَرٍ ثَمَّ عَلَى اللِّسَانِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْعُرْفَ، وَصَرَّحَ بِهِ هُنَا حَيْثُ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ، فَأَفَادَ أَنَّ الْعُرْفَ وَاللِّسَانَ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ وَهُوَ الشَّرْعِيُّ. (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ رُفِعَ حَاجِزٌ) وَاتَّسَعَ بِحَيْثُ يَتَحَرَّكُ مَا فِي كُلٍّ بِتَحَرُّكِ الْآخَرِ تَحَرُّكَا عَنِيفًا وَإِنْ لَمْ تَزُلْ كُدُورَةُ أَحَدِهِمَا وَمَضَى زَمَنٌ يَزُولُ فِيهِ تَغَيُّرُهُ لَوْ كَانَ، أَوْ بِنَحْوِ كُوزٍ وَاسِعِ الرَّأْسِ بِحَيْثُ يَتَحَرَّكُ كَمَا ذُكِرَ مُمْتَلِئٌ غُمِسَ بِمَاءٍ وَقَدْ مَكَثَ فِيهِ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ مَا فِيهِ مُتَغَيِّرًا زَالَ تَغَيُّرُهُ لِتَقَوِّيهِ بِهِ حِينَئِذٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ انْتَهَى ابْنُ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: بِمَائِعٍ مُسْتَهْلَكٍ) أَيْ كَمَاءِ الْوَرْدِ وَبَقِيَ مَا لَوْ خَلَطَ قُلَّةً مِنْ الْمَائِعِ بِقُلَّتَيْنِ مِنْ الْمَاءِ وَلَمْ تُغَيِّرْهُمَا حِسًّا وَلَا تَقْدِيرًا، ثُمَّ أَخَذَ قُلَّةً مِنْ الْمُجْتَمَعِ ثُمَّ وَقَعَ فِي الْبَاقِي نَجَاسَةٌ وَلَمْ تُغَيِّرْهُ فَهَلْ يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْبَاقِيَ مَحْضُ الْمَاءِ وَأَنَّ الْمَأْخُوذَ هُوَ الْمَائِعُ وَالْأَصْلُ طَهَارَةُ الْمَاءِ، أَوْ بِنَجَاسَتِهِ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الْقُلَّةِ الْمَأْخُوذَةِ هِيَ مَحْضُ الْمَائِعِ حَتَّى يَكُونَ الْبَاقِي مَحْضَ الْمَاءِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُحَالًا عَادَةً، كَانَ فِي حُكْمِهِ فِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى ابْنِ حَجَرٍ. أَقُولُ: قِيَاسُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا بَعْدَهُ فِي كَلَامِهِ وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَتُهُ لَا تَفِي بِهِ، وَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَمُتَغَيِّرًا بِمُسْتَغْنٍ عَنْهُ) أَيْ وَخَالِصُ الْمَاءِ قُلَّتَانِ كَمَا يَأْتِي وَمَرَّ أَيْضًا (قَوْلُهُ: بَيْنَ صَافٍ وَكَدِرٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخْتَلِطَا

الْمُتَنَجِّسُ الْقَلِيلُ (بِإِيرَادِ طَهُورٍ) عَلَيْهِ (فَلَمْ يَبْلُغْهُمَا لَمْ يَطْهُرْ) ؛ لِأَنَّهُ مَاءٌ قَلِيلٌ فِيهِ نَجَاسَةٌ، وَالْمَعْهُودُ مِنْ الْمَاءِ أَنْ يَكُونَ غَاسِلًا لَا مَغْسُولًا (وَقِيلَ طَاهِرٌ لَا طَهُورٌ) ؛ لِأَنَّهُ مَغْسُولٌ كَالثَّوْبِ، وَقِيلَ هُوَ طَهُورٌ رَدًّا بِغُسْلِهِ إلَى أَصْلِهِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ نَجَاسَةٌ جَامِدَةٌ، وَلَوْ انْتَفَى الْإِيرَادُ أَوْ الطَّهُورِيَّةُ أَوْ الْأَكْثَرِيَّةُ فَهُوَ عَلَى نَجَاسَتِهِ بِلَا خِلَافٍ، وَلَا هُنَا اسْمٌ بِمَعْنَى غَيْرَ ظَهَرَ إعْرَابُهَا فِيمَا بَعْدَهَا لِكَوْنِهَا عَلَى صُورَةِ الْحَرْفِ، وَهِيَ مَعَهُ صِفَةٌ لِمَا قَبْلهَا، وَلَا يَصِحُّ كَوْنُهَا عَاطِفَةً؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِهَا أَنْ يَتَعَانَدَ مَعْطُوفَاتُهَا نَحْوَ جَاءَنِي رَجُلٌ لَا امْرَأَةٌ، وَلِأَنَّ لَا إذَا دَخَلَتْ عَلَى مُفْرَدٍ وَهُوَ صِفَةٌ لِسَابِقٍ وَجَبَ تَكْرَارُهَا نَحْوَ {إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ} [البقرة: 68] {زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ} [النور: 35] (وَيُسْتَثْنَى) مِنْ النَّجَسِ (مَيْتَةٌ لَا دَمَ لَهَا سَائِلٌ) عَنْ مَوْضِعِ جُرْحِهَا إمَّا بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهَا دَمٌ أَصْلًا أَوْ لَهَا دَمٌ لَا يَجْرِي كَالْوَزَغِ وَالزُّنْبُورِ وَالْخُنْفُسَاءِ وَالذُّبَابِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا فِي الرَّضَاعِ فِيمَا لَوْ خَلَطَ اللَّبَنَ بِمَائِعٍ وَشَرِبَ مِنْهُ الطِّفْلُ عَدَمُ النَّجَاسَةِ حَيْثُ قَالُوا: إنْ بَقِيَ مِنْ الْمُخْتَلِطِ قَدْرَ اللَّبَنِ لَمْ يَحْرُمْ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْبَاقِيَ مَحْضُ اللَّبَنِ، لَكِنْ يُعَارِضُهُ مَا فِي الْأَيْمَانِ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ طَعَامٍ اشْتَرَاهُ زَيْدٌ فَأَكَلَ مِمَّا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ وَعَمْرٌو حَيْثُ قَالُوا: إنْ أَكَلَ مِنْهُ نَحْوَ حَبَّتَيْنِ لَمْ يَحْنَثْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُمَا مِنْ مَحْضِ مَا اشْتَرَاهُ عَمْرٌو أَوْ أَكْثَرُ نَحْوَ حَفْنَةٍ حَنِثَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَا أَكَلَهُ مُخْتَلِطٌ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَتَأَمَّلْ. وَنُقِلَ عَنْ الْحَلَبِيِّ فِي الدَّرْسِ أَنَّهُ اعْتَمَدَ قِيَاسَ مَا فِي الْأَيْمَانِ، وَيَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّضَاعِ فَلْيُرَاجَعْ، وَمَعَ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ إلْحَاقُهُ بِمَا فِي الْأَيْمَانِ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الرَّضَاعِ خَارِجَةٌ عَنْ نَظَائِرِهَا مِنْ كُلِّ مَا كَانَ مُحَالًا عَادِيًا أَوْ كَالْمُحَالِ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يُعْتَدُّ بِهِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: فِيمَا بَعْدَهَا) وَأَمَّا هُوَ فَلَا إعْرَابَ لَهُ غَيْرُ هَذَا الْإِعْرَابِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَعَهُ) أَيْ مَا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ أَنْ يَتَعَانَدَ) أَيْ بِأَنْ لَا يُصَدَّقَ أَحَدُ مَعْطُوفَيْهَا عَلَى الْآخَرِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ تَكْرَارُهَا) كَأَنْ يُقَالَ هُنَا لَا طَهُورَ وَلَا نَجَسَ، فَلَمَّا امْتَنَعَ كَوْنُهَا عَاطِفَةً وَكَوْنُ مَا بَعْدَهَا صِفَةً جُعِلَتْ الصِّفَةُ هِيَ مَعَ مَا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ النَّجَسِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَدُونَهُمَا يَنْجُسُ بِالْمُلَاقَاةِ (قَوْلُهُ: لَا دَمَ لَهَا سَائِلٌ) . [تَنْبِيهٌ] جَوَّزَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي سَائِلِ الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَوَجْهُهُمَا ظَاهِرٌ وَالْفَتْحُ، وَاعْتَرَضَ لِلْفَاصِلِ بِمَا بَسَطْت رَدَّهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ فَرَاجِعْهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ انْتَهَى ابْنُ حَجَرٍ. وَعِبَارَةُ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ قَوْلُهُ لَا دَمَ لَهَا سَائِلٌ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِالْفَتْحِ وَالنَّصْبِ وَالرَّفْعِ فِيهِمَا، وَاعْتُرِضَ الْفَتْحُ بِانْتِفَاءِ الِاتِّصَالِ الْمُشْتَرَطِ فِي الْفَتْحِ. وَأَقُولُ: الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ اشْتِرَاطَ الِاتِّصَالِ فِي الْفَتْحِ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ فَتَحْتَهُ فَتْحَةُ بِنَاءٍ، أَمَّا إذَا قُلْنَا بِأَنَّهَا فَتْحَةُ إعْرَابٍ وَأَنَّ تَرْكَ التَّنْوِينِ لِلْمُشَاكَلَةِ فَلَا لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ الْبِنَاءِ بِالْفَصْلِ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ تَرْكِيبِهِ مَعَ اسْمِ لَا قَبْلَ دُخُولِهَا، بِخِلَافِهِ عَلَى الثَّانِي فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ الشَّيْخِ مَبْنِيًّا عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَلِبَعْضِهِمْ هُنَا أَجْوِبَةٌ لَا تَخْلُو عَنْ تَكَلُّفٍ وَقَوْلُهُ لَهَا: أَيْ لِجِنْسِهَا، فَخَرَجَ مَا لَوْ كَانَتْ مِمَّا يَسِيلُ دَمُهُ لَكِنْ لَا دَمَ فِيهَا أَوْ فِيهَا دَمٌ لَا يَسِيلُ لِصِغَرِهَا فَلَهَا حُكْمُ مَا يَسِيلُ دَمُهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ (قَوْلُهُ: كَالْوَزَغِ) هُوَ بِالْفَتْحِ جَمْعُ وَزَغَةٍ كَذَا قِيلَ، وَفِي الْمِصْبَاحِ: الْوَزَغُ مَعْرُوفٌ وَالْأُنْثَى وَزَغَةٌ، وَقِيلَ الْوَزَغُ جَمْعُ وَزَغَةٍ مِثْلُ قَصَبٍ وَقَصَبَةٍ فَتَقَعُ الْوَزَغَةُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالْجَمْعُ أَوْزَاغٌ وَوِزْغَانُ بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ، حَكَاهُ الْأَزْهَرِيُّ وَقَالَ: الْوَزَغُ سَامُّ أَبْرَصَ. (قَوْلُهُ: وَالْخُنْفُسَاءُ وَالذُّبَابُ) وَمِثْلُهُ الْبَقُّ الْمَعْرُوفُ بِمِصْرَ وَالْقَمْلُ وَالْبَرَاغِيثُ، وَفِي نُسْخَةٍ بَعْدَ قَوْلِهِ وَالذُّبَابُ وَمِنْهُ الْحِرْبَاءُ وَالسَّحَالِي وَهِيَ نَوْعٌ مِنْ الْوَزَغِ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْعِمَادِ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَمِنْهُ سَامُّ أَبْرَصَ انْتَهَى. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: وَهُوَ كِبَارُ الْوَزَغِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ الْأَكْثَرِيَّةُ) أَيْ الَّتِي أَفْهَمَهَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَوْثَرٍ لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِلضَّعِيفِ الْمُشْتَرَطِ لِكَوْنِهِ أَكْثَرَ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ فِي {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: 6] كَذَا فِي التُّحْفَةِ وَفِيهِ تَأَمُّلٌ.

(فَلَا تُنَجِّسُ مَائِعًا) كَزَيْتٍ وَخَلٍّ، وَكُلِّ رَطْبٍ بِمَوْتِهَا فِيهِ (عَلَى الْمَشْهُورِ) لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهَا، وَلِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «إذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ ثُمَّ لِيَنْزِعْهُ، فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ دَاءً وَفِي الْآخِرِ شِفَاءً زَادَ أَبُو دَاوُد وَأَنَّهُ يَتَّقِي بِجَنَاحِهِ الَّذِي فِيهِ الدَّاءُ» أَمَرَ بِغَمْسِهِ وَغَمْسُهُ يُفْضِي إلَى مَوْتِهِ، فَلَوْ نَجَّسَ لَمَا أَمَرَ بِهِ، وَقِيسَ بِالذُّبَابِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ كُلِّ مَيْتَةٍ لَا يَسِيلُ دَمُهَا، وَخَرَجَ مَا لَهَا دَمٌ سَائِلٌ كَحَيَّةٍ وَضُفْدَعٍ، وَلَوْ شَكَكْنَا فِي كَوْنِهَا مِمَّا يَسِيلُ دَمُهَا اُمْتُحِنَ بِجُرْحِ شَيْءٍ مِنْ جِنْسِهَا لِلْحَاجَةِ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي فَتَاوِيه، وَالثَّانِي تَنَجُّسُهُ كَغَيْرِهَا، فَإِنْ غَيَّرَتْهُ الْمَيْتَةُ لِكَثْرَتِهَا وَإِنْ زَالَ تَغَيُّرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْمَائِعِ أَوْ الْمَاءِ الْقَلِيلِ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى قِلَّتِهِ أَوْ طُرِحَتْ فِيهِ بَعْدَ مَوْتِهَا نَجَّسَتْهُ وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا نَشْؤُهُ مِنْهُ، أَمَّا طَرْحُهَا فِيهِ حَيَّةً وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِمَّا نَشْؤُهُ مِنْهُ فَغَيْرُ ضَارٍ كَمَا لَوْ وَقَعَتْ بِنَفْسِهَا حَيْثُ لَا تَغَيُّرَ مِنْهَا. وَحَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ فِي ذَلِكَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْبَهْجَةِ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا، وَاعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَفْتَى بِهِ أَنَّهَا إنْ طُرِحَتْ حَيَّةً لَمْ يَضُرَّ سَوَاءٌ أَكَانَ نَشْؤُهَا مِنْهُ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ أَمَاتَتْ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْ لَا إنْ لَمْ تُغَيِّرْهُ وَإِنْ طُرِحَتْ مَيْتَةً ـــــــــــــــــــــــــــــSوَهُمَا اسْمَانِ جُعِلَا اسْمًا وَاحِدًا انْتَهَى. وَجُوِّزَ فِيهِ: أَيْ سَامُّ أَبْرَصَ أَنْ يُعْرَبَ إعْرَابَ الْمُتَضَايِفَيْنِ وَأَنْ يُعْرَبَ إعْرَابَ الْمُرَكَّبِ الْمَزْجِيِّ (قَوْلُهُ: لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهَا) . [فَائِدَةٌ] لَا يَجِبُ غَسْلُ الْبَيْضَةِ وَالْوَلَدِ إذَا خَرَجَا مِنْ الْفَرْجِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا رُطُوبَةٌ نَجِسَةٌ انْتَهَى رَوْضٌ وَشَرْحُهُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ دَاءً) أَيْ وَهُوَ الْيَسَارُ خَطِيبٌ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ قُطِعَ جَنَاحُهَا الْأَيْسَرُ لَا يُنْدَبُ غَمْسُهَا لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ، بَلْ قِيَاسُ مَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ حُرْمَةِ غَمْسِ غَيْرِ الذُّبَابِ حُرْمَةُ غَمْسِ هَذِهِ الْآنَ لِفَوَاتِ الْعِلَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْغَمْسِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَكَكْنَا فِي كَوْنِهَا إلَخْ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى مَنْهَجٍ: وَانْظُرْ لَوْ شَكَّ هَلْ هُوَ مِمَّا يُدْرِكُهُ الطَّرَفُ، أَوْ أَنَّ الْمَيْتَةَ مِمَّا يَسِيلُ دَمُهَا وَيَتَّجِهُ الْعَفْوُ فِيهِمَا كَمَا وَافَقَ عَلَيْهِ م ر؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ النَّجَاسَةِ التَّنْجِيسُ انْتَهَى بِحُرُوفِهِ. أَقُولُ: وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّجَاسَةِ التَّنْجِيسُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا، وَسُقُوطُهُ رُخْصَةٌ لَا يُصَارُ إلَيْهَا إلَّا بِيَقِينٍ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي: فَلَوْ شَكَّ هَلْ وَقَعَ فِي حَالِ الْحَلْبِ أَوْ لَا؟ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يُنَجِّسُ إذْ شَرْطُ الْعَفْوِ لَمْ نَتَحَقَّقُهُ. [فَائِدَةٌ] لَوْ تَوَلَّدَ حَيَوَانٌ بَيْنَ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ وَبَيْنَ مَا لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ فَالْقِيَاسُ إلْحَاقُهُ بِمَا لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ كَمَا هُوَ قِيَاسُ نَظِيرِهِ فِيمَا لَوْ تَوَلَّدَ بَيْنَ طَاهِرٍ وَنَجِسٍ (قَوْلُهُ: اُمْتُحِنَ بِجَرْحِ شَيْءٍ مِنْ جِنْسِهَا) وَيَكْفِي فِي ذَلِكَ جَرْحُ وَاحِدَةٍ فَقَطْ. وَعِبَارَةُ ابْنِ قَاسِمٍ فِي حَاشِيَةِ الْبَهْجَةِ قَوْلُهُ فَيَجْرَحُ لِلْحَاجَةِ فِيهِ أَنَّ جَرْحَ بَعْضِ الْأَفْرَادِ لَا يُفِيدُ لِجَوَازِ مُخَالَفَتِهِ لِجِنْسِهِ لِعَارِضٍ وَجَرْحُ الْكُلِّ لَا يُمْكِنُ إلَّا أَنْ يُقَالَ جَرْحُ الْبَعْضِ إذَا كَثُرَ يَحْصُلُ بِهِ الظَّنُّ، وَفِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ التَّنْجِيسُ بِالشَّكِّ إلَّا أَنْ يُقَالَ الظَّاهِرُ مِنْ وُجُودِ الدَّمِ فِي بَعْضِ الْأَفْرَادِ أَنَّ الْجِنْسَ كَذَلِكَ، وَمُخَالَفَةُ بَعْضِ الْأَفْرَادِ لِلْجِنْسِ خِلَافَ الظَّاهِرِ وَالْغَالِبِ، وَكُتِبَ أَيْضًا قَوْلُهُ فَيَخْرُجُ لِلْحَاجَةِ يَتَّجِهُ أَنَّ لَهُ الْإِعْرَاضَ عَنْ ذَلِكَ وَالْعَمَلُ بِالطَّهَارَةِ حَيْثُ احْتَمَلَ أَنَّهُ مِمَّا لَا يَسِيلُ دَمُهُ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ هِيَ الْأَصْلُ وَلَا تَنْجُسُ بِالشَّكِّ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: نَشْؤُهَا مِنْهُ أَمْ لَا) أَيْ بِفَتْحِ النُّونِ وَبِالْهَمْزِ بِرّ انْتَهَى ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ أَمَاتَتْ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْ لَا) أَيْ أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ وُصُولِهَا إلَيْهِ، وَعِبَارَةُ ابْنِ قَاسِمٍ عَلَى الْمَنْهَجِ قَوْلُهُ وَلَمْ تُطْرَحْ إلَخْ لَوْ طَرَحَ طَارِحٌ حَيَّةً فَمَاتَتْ قَبْلَ وُصُولِهَا الْمَائِعَ أَوْ مَيْتَةً فَحَيِيَتْ قَبْلَ وُصُولِهَا لَمْ تَضُرَّ فِي الْحَالَيْنِ، أَفَادَهُ شَيْخُنَا طب وَاعْتَمَدَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَإِنْ طُرِحَتْ مَيْتَةٌ) أَيْ إنْ لَمْ تَحْيَا قَبْلَ وُصُولِهَا إلَيْهِ وَإِلَّا لَمْ تُنَجِّسْهُ اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْوُصُولِ دُونَ الْإِلْقَاءِ وَبَقِيَ مَا لَوْ طُرِحَتْ مَيْتَةٌ ثُمَّ أُحْيِيَتْ ثُمَّ مَاتَتْ هَلْ تُنَجِّسُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَيَحْتَمِلُ الثَّانِي لِكَوْنِهَا مَا سَقَطَتْ إلَّا بَعْدَ إحْيَائِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ضَرَّ سَوَاءٌ أَكَانَ نَشْؤُهَا مِنْهُ أَمْ لَا، وَأَنَّ وُقُوعَهَا بِنَفْسِهَا لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا فَيُعْفَى عَنْهُ كَمَا يُعْفَى عَمَّا يَقَعُ بِالرِّيحِ، وَإِنْ كَانَ مَيْتًا وَلَمْ يَكُنْ نَشْؤُهُ مِنْهُ إنْ لَمْ تُغَيِّرْ، وَلَيْسَ الصَّبِيُّ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ وَالْبَهِيمَةُ كَالرِّيحِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْضًا؛ لِأَنَّ لَهُمَا اخْتِيَارًا فِي الْجُمْلَةِ، وَلَوْ تَعَدَّدَ الْوَاقِعُ مِنْ ذَلِكَ فَأُخْرِجَ أَحَدُهَا عَلَى رَأْسِ عُودٍ مَثَلًا فَسَقَطَ مِنْهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ لَمْ تَنْجُسْ وَهَلْ لَهُ إخْرَاجُ الْبَاقِي بِهِ؟ الْأَوْجَهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، نَعَمْ؛ لِأَنَّ مَا عَلَى رَأْسِ الْعُودِ مَحْكُومٌ بِطَهَارَتِهِ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الْمَائِعِ انْفَصِلْ مِنْهُ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ، وَلَوْ وَضَعَ خِرْقَةً عَلَى إنَاءٍ وَصَفَّى بِهَا هَذَا الْمَائِعَ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ الْمَيْتَةُ بِأَنْ صَبَّهُ عَلَيْهَا لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّهُ يَضَعُ الْمَائِعَ وَفِيهِ الْمَيْتَةُ مُتَّصِلَةٌ بِهِ ثُمَّ يَتَصَفَّى مِنْهَا الْمَائِعُ وَتَبْقَى هِيَ مُنْفَرِدَةٌ، لَا أَنَّهُ طَرَحَ الْمَيْتَةَ فِي الْمَائِعِ، كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ صَالِحُ الْبُلْقِينِيُّ. وَهَا هُنَا تَنْبِيهٌ لَا بَأْسَ بِالِاعْتِنَاءِ بِمَعْرِفَتِهِ، وَهُوَ أَنَّ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ إذَا اُغْتُذِيَ بِالدَّمِ كَالْحَلَمِ الْكِبَارِ الَّتِي تُوجَدُ فِي الْإِبِلِ ثُمَّ وَقَعَ فِي الْمَاءِ لَا يُنَجِّسُهُ بِمُجَرَّدِ الْوُقُوعِ، فَإِنْ مَكَثَ فِي الْمَاءِ حَتَّى انْشَقَّ جَوْفُهُ وَخَرَجَ مِنْهُ الدَّمُ احْتَمَلَ أَنْ يُنَجِّسَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا عَفَا عَنْ الْحَيَوَانِ دُونَ الدَّمِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ مُطْلَقًا وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا يُعْفَى عَمَّا فِي بَطْنِهِ مِنْ الرَّوْثِ إذَا ذَابَ وَاخْتَلَطَ بِالْمَاءِ وَلَمْ يُغَيِّرْ، وَكَذَلِكَ مَا عَلَى مَنْفَذِهِ مِنْ النَّجَاسَةِ، وَأَفَادَ فِي الْخَادِمِ أَنَّ غَيْرَ الذُّبَابِ لَا يَلْحَقُ بِهِ فِي نَدْبِ الْغَمْسِ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ طَلَبَ غَمْسَ الذُّبَابِ وَهُوَ مُقَاوَمَةُ الدَّوَاءِ الدَّاءَ، بَلْ يَحْرُمُ غَمْسُ النَّحْلِ، وَمَحَلُّ جَوَازِ الْغَمْسِ أَوْ الِاسْتِحْبَابِ إذَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ التَّغَيُّرُ بِهِ وَإِلَّا حَرُمَ لَمَّا فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ وَالْمَيْتَةُ يَجُوزُ فِيهَا التَّخْفِيفُ وَالتَّشْدِيدُ (وَكَذَا فِي قَوْلٍ) (نَجَسٌ لَا يُدْرِكُهُ طَرَفٌ) أَيْ بَصَرٌ لِقِلَّتِهِ كَنُقْطَةِ بَوْلٍ وَمَا يَعْلَقُ بِرِجْلِ الذُّبَابِ فَيُعْفِي عَنْ ذَلِكَ فِي الْمَاءِ وَغَيْرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَأَشْبَهَتْ مَا لَوْ أَلْقَاهَا حَيَّةً وَمَاتَتْ قَبْلَ وُصُولِهَا إلَى الْمَائِعِ، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْإِحْيَاءَ تَبَيَّنَ بِهِ عَدَمُ مَوْتِهَا أَوَّلًا، وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِعَارِضٍ قَامَ بِهَا فَتَخَيَّلَ مَوْتَهَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بِلَا قَصْدٍ. وَعِبَارَةُ ابْنِ قَاسِمٍ عَلَى ابْنِ حَجَرٍ: ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الطَّرْحُ سَهْوًا انْتَهَى. وَفِي ابْنِ حَجَرٍ بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ عَنْ الزَّرْكَشِيّ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ رَدُّ مَا تُوُهِّمَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ الطَّرْحُ بِلَا قَصْدٍ مُطْلَقًا إلَخْ انْتَهَى. وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرَهُ ابْنُ قَاسِمٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ وَأَنَّ وُقُوعَهَا بِنَفْسِهَا لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا) أَيْ حَيَّةً أَوْ مَيِّتَةً (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الصَّبِيُّ وَالْبَهِيمَةُ كَالرِّيحِ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَإِنْ كَانَ الطَّارِحُ غَيْرَ مُكَلَّفٍ لَكِنْ مِنْ جِنْسِهِ انْتَهَى. وَهِيَ تُخْرِجُ الْبَهِيمَةَ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الصَّبِيِّ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، فَإِنَّ الْجِنْسَ عِنْدَهُمْ مَا يَشْمَلُ أَصْنَافًا كَالْآدَمِيِّ وَإِنْ كَانَ نَوْعًا عِنْدَ الْمَنَاطِقَةِ. وَقَالَ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى مَنْهَجٍ فِي إلْحَاقِ الْبَهِيمَةِ بِالْآدَمِيِّ تَأَمَّلْ انْتَهَى (قَوْلُهُ: بِأَنْ صَبَّهُ عَلَيْهَا لَمْ يَضُرَّ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَوَاصَلْ الصَّبُّ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ. وَفِي ابْنِ قَاسِمٍ عَلَى ابْنِ حَجَرٍ: لَكِنَّ هَذَا ظَاهِرٌ مَعَ تَوَاصُلِ الصَّبِّ وَكَذَا مَعَ تَفَاصُلِهِ عَادَةً، فَلَوْ فُصِلَ بِنَحْوِ يَوْمٍ مَثَلًا ثُمَّ صُبَّ فِي الْخِرْقَةِ مَعَ بَقَاءِ الْمَيْتَاتِ الْمُجْتَمِعَةِ مِنْ التَّصْفِيَةِ السَّابِقَةِ فِيهَا فَلَا يَبْعُدُ الضَّرَرُ، إذْ لَا يَشُقُّ تَنْظِيفُ الْخِرْقَةِ مِنْهَا قَبْلَ الصَّبِّ وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْعَفْوِ، وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّهُ كَمَا يَضُرُّ طَرْحُهَا عَلَى الْمَائِعِ يَضُرُّ طَرْحُ الْمَائِعِ عَلَيْهَا فِي غَيْرِ مَا ذُكِرَ مِنْ نَحْوِ التَّصْفِيَةِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ جَهِلَهَا انْتَهَى بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَحْرُمُ غَمْسُ النَّحْلِ) عِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ: تَنْبِيهٌ آخَرُ: يَظْهَرُ مِنْ الْخَبَرِ السَّابِقِ نَدْبُ غَمْسِ الذُّبَابِ لِدَفْعِ ضَرَرِهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَأْتِي فِي غَيْرِهِ، بَلْ لَوْ قِيلَ بِمَنْعِهِ بِأَنَّ فِيهِ تَعْذِيبًا بِلَا حَاجَةٍ لَمْ يَبْعُدْ، ثُمَّ رَأَيْت الدَّمِيرِيّ صَرَّحَ بِالنَّدْبِ وَبِتَعْمِيمِهِ قَالَ: لِأَنَّ الْكُلَّ يُسَمَّى ذُبَابًا لُغَةً إلَّا النَّحْلَ لِحُرْمَةِ قَتْلِهِ انْتَهَى. وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ غَمْسُ النَّحْلِ إنَّمَا هُوَ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى حُرْمَتِهِ، وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ الْغَمْسُ خَاصٌّ بِالذُّبَابِ أَمَّا غَيْرُهُ فَيَحْرُمُ غَمْسُهُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى إهْلَاكِهِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَإِلَّا حَرُمَ) أَيْ ثُمَّ إنَّ غَيْرَهُ بَعْدَ الْغَمْسِ نَجَّسَهُ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَمَا يَعْلَقُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِقِلَّتِهِ) عِلَّةٌ لِعَدَمِ إدْرَاكِ الطَّرَفِ لَا لِعَدَمِ التَّنْجِيسِ؛ لِأَنَّ عِلَّتَهُ سَتَأْتِي، فَهُوَ قَيْدٌ فِي الْحَقِيقَةِ لِإِخْرَاجِ مَا لَوْ كَانَ عَدَمُ الْإِدْرَاكِ لِنَحْوِ مُمَاثَلَتِهِ لِلَوْنِ الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ: فَيُعْفَى عَنْ ذَلِكَ فِي الْمَاءِ وَغَيْرِهِ) شَمِلَ

لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ بِاعْتِبَارِ جِنْسِهِ، وَمَا مِنْ شَأْنِهِ لَا بِالنَّظَرِ لِكُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ مِنْهُ، وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ وُقُوعِهِ فِي مَحَلٍّ وَوُقُوعِهِ فِي مَحَالٍّ وَهُوَ قَوِيٌّ، لَكِنْ قَالَ الْجِيلِيُّ: صُورَتُهُ أَنْ يَقَعَ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ، وَإِلَّا فَلَهُ حُكْمُ مَا يُدْرِكُهُ الطَّرَفُ عَلَى الْأَصَحِّ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَفِي كَلَامِ الْإِمَامِ إشَارَةٌ إلَيْهِ، كَذَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَأَقَرَّهُ وَهُوَ غَرِيبٌ. قَالَ الشَّيْخُ: وَالْأَوْجَهُ تَصْوِيرُهُ بِالْيَسِيرِ عُرْفًا لَا بِوُقُوعِهِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ، وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ جَارٍ عَلَى الْغَالِبِ بِقَرِينَةِ تَعْلِيلِهِمْ السَّابِقِ، وَلَوْ رَأَى ذُبَابَةً عَلَى نَجَاسَةٍ فَأَمْسَكَهَا حَتَّى أَلْصَقَهَا بِبَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ أَوْ طَرَحَهَا فِي نَحْوِ مَاءٍ قَلِيلٍ اتَّجَهَ التَّنْجِيسُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَلْقَى مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً مَيِّتًا فِي ذَلِكَ، وَلَوْ وَقَعَ الذُّبَابُ عَلَى دَمٍ ثُمَّ طَارَ وَوَقَعَ عَلَى نَحْوِ ثَوْبٍ اتَّجَهَ الْعَفْوُ جَزْمًا؛ لِأَنَّا إذَا قُلْنَا بِهِ فِي الدَّمِ الْمُشَاهَدِ فَلَأَنْ نَقُولَ بِهِ فِيمَا لَمْ يُشَاهَدْ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ الْعَفْوَ عَمَّا لَا يُدْرِكُهُ الطَّرَفُ بِمَا إذَا لَمْ يَكْثُرْ بِحَيْثُ لَمْ يَجْتَمِعْ مِنْهُ فِي دَفَعَاتِ مَا يُحَسَّ وَهُوَ كَمَا قَالَ؛ وَعُلِمَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الذُّبَابِ وَغَيْرِهِ كَنَحْلٍ وَزُنْبُورٍ وَفَرَاشٍ، عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ أَطْلَقَ الذُّبَابَ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ، ـــــــــــــــــــــــــــــSبَابُهُ طَرِبَ انْتَهَى مُخْتَارٌ، وَقَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ تَخْصِيصُ الْعَفْوِ عَمَّا يَعْلَقُ بِرَجُلِ الذُّبَابِ بِمَا إذَا لَمْ يُدْرِكْهُ الطَّرَفُ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ قَاسِمٍ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ الشَّارِحِ. وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ حَجَرٍ الْعَفْوَ مُطْلَقًا، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ وَهُوَ قَوِيٌّ) أَيْ حَيْثُ كَانَ يَسِيرًا عُرْفًا كَمَا يَأْتِي عَنْ الشَّيْخِ فَلَا تَنَافِيَ (قَوْلُهُ: جَارٍ عَلَى الْغَالِبِ) هَذَا قَدْ يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ كَانَ لَوْنُ دَمِ الْأَجْنَبِيِّ الْقَلِيلِ مُتَفَرِّقًا، وَلَوْ جُمِعَ لِكُثْرٍ عُفِيَ عَنْهُ عَلَى الرَّاجِحِ اهـ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِحَمْلِ مَا هُنَا عَلَى غَيْرِ الدَّمِ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ جِنْسَ الدَّمِ يُعْفَى عَنْ الْقَلِيلِ مِنْهُ فِي الْجُمْلَةِ وَلَا كَذَلِكَ نَحْوَ الْبَوْلِ (قَوْلُهُ: بِقَرِينَةِ تَعْلِيلِهِمْ) وَهُوَ قَوْلُهُ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَأَى ذُبَابَةً عَلَى نَجَاسَةٍ إلَخْ) أَيْ رَطْبَةً يَعْلَقُ شَيْءٌ مِنْهَا بِالذُّبَابَةِ (قَوْلُهُ: إذَا قُلْنَا بِهِ) أَيْ بِالْعَفْوِ وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ الْعَفْوَ، بِمَا لَا يُدْرِكُهُ الطَّرَفُ. 1 - [فَرْعٌ] لَوْ اغْتَرَفَ مِنْ دَنَّيْنِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مَاءٌ قَلِيلٌ أَوْ مَاءٌ فِي إنَاءٍ وَاحِدٍ فَوُجِدَتْ فَأْرَةٌ مَيِّتَةٌ لَا يَدْرِي مِنْ أَيِّهِمَا هِيَ اجْتَهَدَ، فَإِنْ ظَنَّهَا مِنْ الْأَوَّلِ وَاتَّحَدَتْ الْمِغْرَفَةُ وَلَمْ تُغْسَلْ بَيْنَ الِاغْتِرَافَيْنِ حُكِمَ بِنَجَاسَتِهِمَا، وَإِنْ ظَنَّهَا مِنْ الثَّانِي أَوْ مِنْ الْأَوَّلِ وَاخْتَلَفَتْ الْمِغْرَفَةُ أَوْ اتَّحَدَتْ وَغُسِلَتْ بَيْنَ الِاغْتِرَافَيْنِ حُكِمَ بِنَجَاسَةِ مَا ظَنَّهَا فِيهِ اهـ خَطِيبٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَمَا قَالَ) أَيْ حَيْثُ كَثُرَ عُرْفًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِي قَوْلِهِ قَالَ الشَّيْخُ وَالْأَوْجَهُ تَصْوِيرُهُ (قَوْلُهُ: وَزُنْبُورٌ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْغَيْرُ نَحْوَ الثَّوْبِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُ، وَبِهِ صَرَّحَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ كَغَيْرِهِ، لَكِنَّ الْجَلَالَ كَغَيْرِهِ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَحْكَامِ الْعَامَّةِ لِجَمِيعِ ذَلِكَ، وَالشَّارِحُ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى ذَلِكَ بَلْ سَيَأْتِي لَهُ كَثِيرٌ مِمَّا هُوَ خَاصٌّ بِالْمَائِعِ كَمَا عَلَى مَنْفَذِ الْحَيَوَانِ، فَتَرْتِيبُهُ عَلَى هَذَا مُشْكِلٌ (قَوْلُهُ، وَهُوَ قَوِيٌّ) سَيَأْتِي تَقْيِيدُهُ فِي قَوْلِهِ وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ الْعَفْوَ إلَخْ (قَوْلُهُ: قَالَ الشَّيْخُ) أَيْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، فَإِنَّ مَا ذُكِرَ فِي أَوَّلِ السِّوَادَةِ إلَّا قَوْلَهُ كَنُقْطَةِ بَوْلٍ، وَقَوْلُهُ قَالَ الشَّيْخُ: عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ بِحُرُوفِهِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ قَالَ الشَّيْخُ، وَالْأَوْجَهُ إلَخْ إنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ حِكَايَةِ اسْتِيجَاهِ الشَّيْخِ لِمَا يَأْتِي، وَلَيْسَ فِيهِ اعْتِمَادٌ لَهُ وَإِلَّا كَانَ يَقُولُ:، وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، فَلَا يُنَافِيهِ اعْتِمَادُهُ لِتَقْيِيدِ الْبَعْضِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ الْعَفْوَ إلَخْ، وَإِنْ أَشَارَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ إلَى التَّنَافِي، وَقَوْلُ الشَّيْخِ، وَالْأَوْجَهُ تَصْوِيرُهُ: أَيْ تَصْوِيرُ أَصْلِ الْحُكْمِ الَّذِي قَالَ فِيهِ الْجِيلِيُّ صُورَتُهُ أَنْ يَقَعَ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ، فَهَذَا الِاسْتِيجَاهُ فِي مُقَابَلَةِ كَلَامِ الْجِيلِيِّ، وَقَوْلُهُ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ: أَيْ فِي أَصْلِ الْحُكْمِ بِنَاءً عَلَى مَا فَهِمَهُ عَنْهُمْ الْجِيلِيُّ مِنْ تَصْوِيرِهِ بِوُقُوعِ مَا ذُكِرَ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ، وَقَوْلُهُ بِقَرِينَةِ تَعْلِيلِهِمْ السَّابِقِ: أَيْ بِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ هَكَذَا أَفْهَمَ هَذَا الْمَقَامُ وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا وَقَعَ فِيهِ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَمْ يَجْتَمِعْ مِنْهُ فِي دَفَعَاتِ مَا يُحَسُّ) لَفْظُ يُحَسُّ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ: أَيْ يُدْرَكُ بِالْحِسِّ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ

وَضَبَطَ فِي الْمَجْمُوعِ ذَلِكَ بِمَا يَكُونُ بِحَيْثُ لَوْ خَالَفَ لَوْنُهُ لَوْنَ الثَّوْبِ لَمْ يُرَ لِقِلَّتِهِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنْ يَسِيرَ الدَّمِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ إذَا وَقَعَ عَلَى ثَوْبٍ أَحْمَرَ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ أَبْيَضُ رُئِيَ لَمْ يُعْفَ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يُرَ عَلَى الْأَحْمَرِ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ رُؤْيَتِهِ اتِّحَادُ لَوْنِهِمَا، وَالْعِبْرَةُ بِكَوْنِهِ لَا يُرَى لِلْبَصَرِ الْمُعْتَدِلِ مَعَ عَدَمِ مَانِعٍ، فَلَوْ رَأَى قَوِيُّ النَّظَرِ مَا لَا يَرَاهُ غَيْرُهُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فَالظَّاهِرُ الْعَفْوُ عَمَّا فِي سَمَاعِ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ، نَعَمْ يَظْهَرُ فِيمَا لَا يُدْرِكُهُ الْبَصَرُ الْمُعْتَدِلُ فِي الظِّلِّ وَيُدْرِكُهُ بِوَاسِطَةِ الشَّمْسِ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِإِدْرَاكِهِ لَهُ بِوَاسِطَتِهَا لِكَوْنِهَا تَزِيدُ فِي التَّجَلِّي فَأَشْبَهَتْ رُؤْيَتُهُ حِينَئِذٍ رُؤْيَةَ حَدِيدِ الْبَصَرِ، وَشَمِلَ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ كَانَ مِنْ مُغَلَّظَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ (قُلْت: ذَا الْقَوْلُ أَظْهَرُ) مِنْ مُقَابِلِهِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَيَلْحَقُ بِمَا تَقَدَّمَ مَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا عَلَى مَنْفَذِ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ غَيْرِ آدَمِيٍّ كَطَيْرٍ وَهِرَّةٍ وَمَا تُلْقِيهِ الْفِئْرَانُ فِي بُيُوتِ الْأَخْلِيَةِ مِنْ النَّجَاسَاتِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَمَا يَقَعُ مِنْ بَعْرِ الشَّاةِ فِي اللَّبَنِ فِي حَالِ الْحَلْبِ مَعَ مَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْعِمَادِ، فَلَوْ شَكَّ أَوَقَعَ فِي حَالِ الْحَلْبِ أَوْ لَا، فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يُنَجِّسُ إذَا شَرَطَ الْعَفْوَ لَمْ نَتَحَقَّقْهُ، وَكَوْنُ الْأَصْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــSهُوَ الْمَعْرُوفُ بِالدَّبُّورِ، وَفِي الْمُخْتَارِ الزُّنْبُورُ بِضَمِّ الزَّايِ الدَّبُّورُ تُؤَنَّثُ وَالْجَمْعُ الزَّنَابِيرُ اهـ م ر (قَوْلُهُ: وَضَبَطَ فِي الْمَجْمُوعِ ذَلِكَ) أَيْ النَّجَسَ الَّذِي لَا يُدْرِكُهُ الطَّرَفُ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَوْ خَالَفَ لَوْنَهُ) وَالْكَلَامُ فِيمَا فُرِضَ بِالْفِعْلِ وَخَالَفَ، أَمَّا لَوْ اتَّفَقَ أَنَّهُ لَمْ يُفْرَضْ أَصْلًا وَشَكَّ فِي كَوْنِهِ يُدْرِكُهُ الطَّرَفُ أَوْ لَا لَمْ يَضُرَّ لِلشَّكِّ فِي النَّجَاسَةِ بِهِ وَنَحْنُ لَا نُنَجِّسُ مَعَ الشَّكِّ (قَوْلُهُ مِمَّا لَا يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ) أَيْ كَدَمِ الْمَنَافِذِ أَوْ دَمٍ اخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ، فَلَا يُقَالُ يَسِيرُ الدَّمِ يُعْفَى عَنْهُ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ كَانَ مِنْ مُغَلَّظَةٍ) خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَمَا تُلْقِيهِ الْفِئْرَانُ) هُوَ بِالْهَمْزِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ حَيْثُ قِيلَ بِالْعَفْوِ عَنْهَا بَيْنَ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا، لَكِنْ فِي ابْنِ قَاسِمٍ مَا نَصُّهُ: قِيلَ وَالتَّحْقِيقُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْحُكْمُ بِالتَّنْجِيسِ، وَلَكِنْ يُعْفَى عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ اهـ. وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ جَزْمٌ بِاعْتِمَادِهِ حَتَّى يُجْعَلَ مُخَالِفًا لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ. وَعِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ بَعْدَ ذِكْرِ مَسَائِلِ الْعَفْوِ وَشَرْطُ ذَلِكَ كُلِّهِ أَنْ لَا يُغَيِّرَ، وَأَنْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِ مُغَلَّظٍ، وَأَنْ لَا يَكُونَ كَفِعْلِهِ فِيمَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ ذَلِكَ اهـ. لَكِنْ تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ فِيمَا لَا يُدْرِكُهُ الطَّرَفُ التَّصْرِيحُ بِالْعَفْوِ عَنْهُ وَلَوْ مِنْ مُغَلَّظٍ، وَلْيُنْظَرْ حُكْمُ بَاقِي ذَلِكَ عِنْدَ الشَّارِحِ. وَنَقَلَ ابْنُ قَاسِمٍ عَنْهُ عَلَى مَنْهَجٍ فِي الدَّمِ وَالشَّعْرِ الْقَلِيلِ وَدُخَانِ النَّجَاسَةِ اشْتِرَاطَ كَوْنِهَا مِنْ غَيْرِ مُغَلَّظٍ (قَوْلُهُ: فِي حَالِ الْحَلْبِ) يُؤْخَذُ مِنْ جَعْلِ سَبَبِ الْعَفْوِ الْمَشَقَّةَ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ أَصَابَ الْحَالِبَ شَيْءٌ مِنْ بَوْلِهَا أَوْ رَوْثِهَا حَالَ حَلْبِهَا حَيْثُ شَقَّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَقْتَ الْحَلْبِ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ جَرَتْ عَادَتُهُ بِالْحَلْبِ أَمْ لَا. وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ إنَّمَا عُفِيَ عَنْهُ فِي اللَّبَنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ نَقُلْ بِهِ لَأَدَّى إلَى فَسَادِ اللَّبَنِ، وَقَدْ يَتَكَرَّرُ ذَلِكَ فِي الْمَحْلُوبَةِ فَيَفُوتُ الِانْتِفَاعُ بِلَبَنِهَا، بِخِلَافِ الْحَالِبِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُهُ غَسْلُ مَا أَصَابَهُ مِنْ النَّجَاسَةِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي الْعَفْوِ أَيْضًا تَلْوِيثُ ضَرْعِ الدَّابَّةِ بِنَجَاسَةٍ تَتَمَرَّغُ فِيهَا أَوْ تُوضَعُ عَلَيْهِ لِمَنْعِ وَلَدِهَا مِنْ شُرْبِهَا؛ لِأَنَّ مَحَلَّ مَنْعِ التَّضَمُّخِ بِالنَّجَاسَةِ مَا لَمْ يَكُنْ لِحَاجَةٍ وَمَا هُنَا مِنْ ذَلِكَ، وَمِثْلُهُ فِي الْعَفْوِ مَا لَوْ وَضَعَ اللَّبَنَ فِي إنَاءٍ وَوَضَعَ الْإِنَاءَ فِي الرَّمَادِ أَوْ التَّنُّورِ لِتَسْخِينِهِ فَتَطَايَرَ مِنْهُ رَمَادٌ وَوَصَلَ لِمَا فِي الْإِنَاءِ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ وَلَوْ كَانَ بِمَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ وَلَوْ اجْتَمَعَ لَرُئِيَ لَمْ يُعْفَ عَنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ انْتَهَتْ. فَاسْتُفِيدَ مِنْهَا أَنْ يُحَسُّ بِالضَّبْطِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ، وَأَنَّ الْبَعْضَ الْمُبْهَمَ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ مِنْهُمْ الْغَزَالِيُّ، وَأَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ بِحَيْثُ يَجْتَمِعُ مِنْهُ فِي دَفَعَاتٍ فِيهِ مُسَاهَلَةٌ فِي التَّعْبِيرِ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ بَدَلُ يُحَسُّ يَنْجُسُ، وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ كَمَا عُلِمَ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي تَصْوِيرِ مَا ذُكِرَ عَلَى النُّسْخَةِ الْأُولَى مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ إذَا جَمَعَ مَا يُحَسُّ إلَى مَا لَا يُحَسُّ لَا بُدَّ وَأَنْ يُحَسَّ، فَيَرْجِعُ حَاصِلُ الْقَيْدِ إلَى عَدَمِ الْعَفْوِ عِنْدَ التَّعَدُّدِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: مِمَّا لَا يُعْفَى عَنْهُ) تَقْيِيدٌ لِلدَّمِ وَنَحْوِهِ: أَيْ يَسِيرِ الدَّمِ وَنَحْوِهِ الْكَائِنِ

طَهَارَةُ مَا وَقَعَ فِيهِ يُعَارِضُهُ كَوْنُ الْأَصْلِ فِي الْوَاقِعِ أَنَّهُ يَنْجُسُ فَتَسَاقَطَا وَبَقِيَ الْعَمَلُ بِأَصْلِ عَدَمِ الْعَفْوِ، وَيُعْفَى عَمَّا يُمَاسُّهُ الْعَسَلُ مِنْ الْكِوَارَةِ الَّتِي تُجْعَلُ مِنْ رَوْثِ نَحْوِ الْبَقَرِ، وَعَنْ رَوْثِ نَحْوِ سَمَكٍ لَمْ يَضَعْهُ فِي الْمَاءِ عَبَثًا، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ وُقُوعِهِ فِي الْمَاءِ بِنَفْسِهِ وَبَيْنَ جَعْلِهِ فِيهِ، وَأَلْحَقَ الْأَذْرَعِيُّ بِمَا نَشْؤُهُ مِنْ الْمَاءِ، وَالزَّرْكَشِيُّ مَا لَوْ نَزَلَ طَائِرٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ طُيُورِ الْمَاءِ فِي مَاءٍ وَذَرَقَ فِيهِ أَوْ شَرِبَ مِنْهُ وَعَلَى فَمِهِ نَجَاسَةٌ وَلَمْ تَتَحَلَّلْ عَنْهُ لِتَعَذُّرِ الِاحْتِرَازِ عَنْ ذَلِكَ، وَيُعْفَى عَنْ قَلِيلِ دُخَانِ النَّجَاسَةِ فِي الْمَاءِ وَغَيْرِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ، وَنَقَلَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَاعْتَمَدَهُ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ جَرَّةِ الْبَعِيرِ فَلَا تُنَجِّسُ مَا شُرِبَ مِنْهُ، وَيُعْفَى عَمَّا تَطَايَرَ مِنْ رِيقِهِ الْمُتَنَجِّسِ وَيَلْحَقُ بِهِ فَمُ مَا يَجْتَرُّ إذَا الْتَقَمَ غَيْرَ ثَدْيِ أُمِّهِ وَفَمُ صَبِيٍّ تَنَجَّسَ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ، لَا سِيَّمَا فِي حَقِّ الْمُخَالِطِ لَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ يُعْفَى عَمَّا تَحَقَّقَ إصَابَةُ بَوْلِ ثَوْرِ الدِّيَاسَةِ لَهُ بَلْ مَا نَحْنُ فِيهِ أَوْلَى. وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمْ بِذَلِكَ أَفْوَاهَ الْمَجَانِينِ وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ، وَأَفْتَى جَمْعٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ بِالْعَفْوِ عَمَّا يَبْقَى فِي نَحْوِ الْكَرِشِ مِمَّا يَشُقُّ غَسْلُهُ وَتَنْقِيَتُهُ مِنْهُ. وَالضَّابِطُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ أَنَّ الْعَفْوَ مَنُوطٌ بِمَا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ غَالِبًا (وَالْجَارِي كَرَاكِدٍ) فِي تَنَجُّسِهِ بِالْمُلَاقَاةِ وَفِيمَا يُسْتَثْنَى، لَكِنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْجَارِي بِالْجَرْيَةِ نَفْسِهَا لَا مَجْمُوعِ الْمَاءِ، فَإِنَّ الْجَرْيَاتِ مُتَفَاصِلَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِأَصْلِ عَدَمِ الْعَفْوِ) عِبَارَةُ ابْنِ قَاسِمٍ: وَانْظُرْ لَوْ شَكَّ هَلْ يُدْرِكُهُ الطَّرَفُ أَوْ أَنَّ الْمَيْتَةَ مِمَّا يَسِيلُ دَمُهُ وَيَتَّجِهُ الْعَفْوُ فِيهِمَا كَمَا وَافَقَ عَلَيْهِ م ر؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ النَّجَاسَةِ التَّنْجِيسُ. وَقَدْ قَالُوا فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ لَوْ شَكَكْنَا فِي كَثْرَةِ الدَّمِ لَمْ يَضُرَّ تَأَمَّلْ اهـ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْبَعْرَةَ تَحَقَّقْنَا أَنَّهَا مِنْ الْمُنَجِّسِ، وَأَمَّا غَيْرُهَا فَلَمْ نَتَحَقَّقْ فِيهِ ذَلِكَ فَحَكَمْنَا فِي غَيْرِ الْعِبْرَةِ بِأَصْلِ الطَّهَارَةِ (قَوْلُهُ مِنْ الْكِوَارَةِ) قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الْكِوَارُ وَالْكِوَارَةُ أَيْ بِكَسْرِ الْكَافِ وَالتَّخْفِيفُ فِيهِمَا شَيْءٌ كَالْقِرْطَالَةِ تُتَّخَذُ مِنْ قُضْبَانٍ ضَيِّقِ الرَّأْسِ لِلنَّحْلِ. وَفِي الْمُغْرِبِ: الْكُوَّارَةُ بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ مُعَسَّلُ النَّحْلِ إذَا سُوِيَ مِنْ الطِّينِ اهـ مُخْتَارٌ صِحَاحٌ (قَوْلُهُ: فِي الْمَاءِ عَبَثًا) وَمِنْ الْعَبَثِ مَا لَوْ وُضِعَ فِيهِ لِمُجَرَّدِ التَّفَرُّجِ عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَيْسَ مِنْ الْعَبَثِ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ وَضْعِ السَّمَكِ فِي الْآبَارِ وَنَحْوِهَا، لَا كُلُّ مَا يَحْصُلُ فِيهَا مِنْ الْعَلَقِ وَنَحْوِهِ حِفْظًا لِمَائِهَا عَنْ الِاسْتِقْذَارِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَتَحَلَّلْ عَنْهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهَا إذَا تَحَلَّلَتْ ضَرَّ، وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا تُلْقِيه الْفِئْرَانُ وَفِيمَا لَوْ وَقَعَتْ بَعْرَةٌ فِي اللَّبَنِ الْعَفْوِ لِلْمَشَقَّةِ (قَوْلُهُ دُخَانُ النَّجَاسَةِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ وُصُولُهُ لِلْمَاءِ وَنَحْوُهُ بِفِعْلِهِ وَإِلَّا نَجُسَ، وَمِنْهُ الْبَخُورُ بِالنَّجَسِ أَوْ الْمُتَنَجِّسِ كَمَا يَأْتِي فَلَا يُعْفَى عَنْهُ وَإِنْ قَلَّ؛ لِأَنَّهُ بِفِعْلِهِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِيمَا لَوْ رَأَى ذُبَابَةً عَلَى نَجَاسَةٍ فَأَمْسَكَهَا حَتَّى أَلْصَقَهَا بِبَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْبَخُورَ مِمَّا تَمَسُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ فَيُغْتَفَرُ الْقَلِيلُ مِنْهُ وَلَا كَذَلِكَ الذُّبَابَةُ، وَمِنْ الْبَخُورِ أَيْضًا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ تَبْخِيرِ الْحَمَّامَاتِ (قَوْلُهُ: عَنْ جِرَّةِ الْبَعِيرِ) وَكَذَا غَيْرُهُ مِنْ كُلِّ مَا يُجْتَرُّ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ اهـ ابْنُ حَجَرٍ بِالْمَعْنَى. وَفِي الْمِصْبَاحِ: الْجِرَّةُ بِالْكَسْرِ لِذِي الْخُفِّ وَالظِّلْفُ كَالْمَعِدَةِ لِلْإِنْسَانِ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الْجِرَّةِ بِالْكَسْرِ مَا تُخْرِجُهُ الْإِبِلُ مِنْ كُرُوشِهَا فَتَجْتَرُّهُ، وَالْجِرَّةُ فِي الْأَصْلِ الْمَعِدَةُ ثُمَّ تَوَسَّعُوا فِيهَا حَتَّى أَطْلَقُوهَا عَلَى مَا فِي الْمَعِدَةِ (قَوْلُهُ وَيُعْفَى عَمَّا تَطَايَرَ) أَيْ وَوَصَلَ لِثَوْبٍ أَوْ بَدَنٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: غَيْرُ ثَدْيِ أُمِّهِ) وَكَذَا مَا تَطَايَرَ مِنْ رِيقِهِ (قَوْلُهُ: وَفَمُ صَبِيٍّ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِثَدْيِ أُمِّهِ وَغَيْرِهَا كَتَقْبِيلِهِ فِي فَمِهِ عَلَى وَجْهِ الشَّفَقَةِ مَعَ الرُّطُوبَةِ فَلَا يَلْزَمُ تَطْهِيرُ الْفَمِ كَذَا قَرَّرَهُ م ر ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى ابْنِ حَجَرٍ (قَوْلُهُ عَمَّا تَحَقَّقَ) أَيْ وَإِنْ سَهُلَ غَسْلُهُ كَأَنْ شَاهَدَ أَثَرَ النَّجَاسَةِ عَلَى قَدْرٍ مُعَيَّنٍ كَكَفٍّ، وَمِثْلُ الْبَوْلِ الرَّوْثُ (قَوْلُهُ: بِمَا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ غَالِبًا) وَمِنْ ذَلِكَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ وُقُوعِ نَجَاسَةٍ مِنْ الْفِئْرَانِ وَنَحْوِهَا فِي الْأَوَانِي الْمُعَدَّةِ لِلِاسْتِعْمَالِ فِي الْبُيُوتِ كَالْجِرَارِ وَالْأَبَارِيقِ ـــــــــــــــــــــــــــــQذَلِكَ مِمَّا لَا يُعْفَى عَنْهُ كَالْمُغَلَّظِ وَلَيْسَ بَيَانًا لَهُ؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الدَّمِ الْعَفْوَ عَنْ يَسِيرِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَضَعْهُ فِي الْمَاءِ عَبَثًا) أَيْ

حُكْمًا وَإِنَّ اتَّصَلَتْ فِي الْحِسِّ؛ لِأَنَّ كُلَّ جَرْيَةٍ طَالِبَةٌ لِمَا قَبْلَهَا هَارِبَةٌ عَمَّا بَعْدَهَا، فَإِذَا كَانَتْ الْجَرْيَةُ وَهِيَ الدَّفْعَةُ الَّتِي بَيْنَ حَافَّتَيْ النَّهْرِ فِي الْعَرْضِ دُونَ قُلَّتَيْنِ تَنَجَّسَتْ بِمُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ سَوَاءٌ أَتَغَيَّرَ أَمْ لَا لِمَفْهُومِ حَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ الْمَارِّ فَإِنَّهُ لَمْ يَفْصِلْ فِيهِ بَيْنَ الْجَارِي وَالرَّاكِدِ، وَيَكُونُ مَحَلُّ تِلْكَ الْجَرْيَةِ مِنْ النَّهْرِ نَجَسًا، وَيَطْهُرُ بِالْجَرْيَةِ بَعْدَهَا وَتَكُونُ فِي حُكْمِ غَسَّالَةِ النَّجَاسَةِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ مُغَلَّظَةً فَلَا بُدَّ مِنْ سَبْعِ جِرْيَاتٍ عَلَيْهَا. هَذَا فِي نَجَاسَةٍ تَجْرِي بِجَرْيِ الْمَاءِ، فَإِنْ كَانَتْ جَامِدَةً وَاقِفَةً فَذَلِكَ الْمَحَلُّ نَجَسٌ، وَكُلُّ جَرْيَةٍ تَمُرُّ بِهَا نَجِسَةٌ إلَى أَنْ يَجْتَمِعَ قُلَّتَانِ مِنْهُ فِي حَوْضٍ أَوْ مَوْضِعٍ مُتَرَادٍّ، وَيُلْغَزُ بِهِ فَيُقَالُ مَاءٌ أَلْفِ قُلَّةٍ غَيْرُ مُتَغَيِّرٍ وَهُوَ نَجَسٌ (وَفِي الْقَدِيمِ لَا يَنْجُسُ بِلَا تَغَيُّرٍ) لِقُوَّتِهِ بِوُرُودِهِ عَلَى النَّجَاسَةِ فَأَشْبَهَ الْمَاءَ الَّذِي يُطَهِّرُهَا بِهِ، وَعَلَيْهِ فَمُقْتَضَاهُ أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا لَا طَهُورًا (وَالْقُلَّتَانِ خَمْسُمِائَةِ رِطْلٍ بَغْدَادِيٍّ) نِسْبَةً إلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSوَنَحْوِهِمَا، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْجِرَارَ وَنَحْوَهَا يُمْكِنُ حِفْظُ مَا فِيهَا بِتَغْطِيَتِهَا، وَلَا كَذَلِكَ حِيَاضُ الْأَخْلِيَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْفَرْقِ لِلْمَشَقَّةِ، وَمِنْهُ أَيْضًا مَا يَقَعُ لِإِخْوَانِنَا الْمُجَاوِرِينَ مِنْ أَنَّ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ يُرِيدُ الِاحْتِيَاطَ فَيَتَّخِذُ لَهُ إبْرِيقًا لِيَسْتَنْجِيَ مِنْهُ ثُمَّ يَجِدَ فِيهِ بَعْدَ فَرَاغِ الِاسْتِنْجَاءِ زِبْلَ فِئْرَانٍ لِلْمَشَقَّةِ أَيْضًا، وَمِنْهُ أَيْضًا زَرَقُ الطُّيُورِ فِي الطَّعَامِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ الدُّفْعَةُ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الدَّفْعَةُ أَيْ بِالْفَتْحِ الْمَرَّةُ، وَبِالضَّمِّ الدُّفْعَةُ مِنْ الْمَطَرِ اهـ بِحُرُوفِهِ، وَالْمُنَاسِبُ هُنَا الضَّمُّ (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ سَبْعِ جَرْيَاتٍ عَلَيْهَا) أَيْ وَمِنْ التَّتْرِيبِ أَيْضًا فِي غَيْرِ الْأَرْضِ التُّرَابِيَّةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ جَامِدَةً وَاقِفَةً) هَلْ الْجَارِي مِنْ الْمَائِعِ كَالْمَاءِ حَتَّى لَا يَتَعَدَّى حُكْمَ كُلِّ جَرْيَةٍ لِغَيْرِهَا كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا بِرّ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا طب أَنَّهُ مِثْلُهُ، وَإِلَّا لَزِمَ فِيمَا لَوْ نَزَلَ خَيْطٌ مَائِعٌ مِنْ عُلُوٍّ عَلَى أَرْضٍ نَجِسَةٍ نَجَاسَةَ جَمِيعِ مَا فِي الْعُلُوِّ مِنْ الْمَائِعِ الَّذِي نَزَلَ مِنْهُ الْخَيْطُ وَلَا يَجُوزُ الْقَوْلُ بِذَلِكَ، وَمَا قَالَهُ: أَيْ مِنْ أَنَّ الْمَائِعَ كَالْمَاءِ لَا مَحِيصَ عَنْهُ اهـ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى الْمَنْهَجِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. ثُمَّ رَأَيْت فِي ابْنِ حَجَرٍ التَّصْرِيحَ بِأَنَّ الْجَارِيَ مَعَ الْمَائِعِ كَالرَّاكِدِ فَيَنْجُسُ جَمِيعُهُ بِمُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ لَا خُصُوصَ الْجِرْيَةِ الَّتِي بِهَا النَّجَاسَةُ، وَتَقَدَّمَ فِي الشَّارِحِ مَا يُوَافِقُهُ فِي قَوْلِهِ: وَمِثْلُ الْمَاءِ الْقَلِيلِ كُلُّ مَائِعٍ وَتَرَدَّدَ فِي مَسْأَلَةِ الْإِبْرِيقِ وَاسْتَقْرَبَ أَنَّ مَا فِي بَطْنِهِ لَا يَنْجُسُ، بَلْ وَمَا لَمْ يَتَّصِلْ بِالنَّجَاسَةِ مِنْ الْخَيْطِ النَّازِلِ، قَالَ: لِأَنَّ الْجَارِيَ مِنْ الْمَائِعِ كَالْجَارِي مِنْ الْمَاءِ، بَلْ؛ لِأَنَّ الِانْصِبَابَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ يَمْنَعُ مِنْ الِاتِّصَالِ عُرْفًا، فَاقْتَضَى قَصْرَ النَّجَاسَةِ عَلَى الْمُلَاقِي لَهَا دُونَ غَيْرِهِ، وَاسْتُشْهِدَ لِذَلِكَ بِمَا نَقْلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ صَبَّ زَيْتًا مِنْ إنَاءٍ فِي آخَرَ بِهِ فَأْرَةٌ حَيْثُ قَالُوا لَا يَنْجُسُ مَا فِي هَذَا الثَّانِي مِمَّا لَمْ يُلَاقِ الْفَأْرَةَ وَبِكَلَامٍ نَقَلَهُ عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِيمَا لَوْ جُرِحَ فِي صَلَاتِهِ وَخَرَجَ مِنْهُ دَمٌ لَوَّثَ الْبَشَرَةَ تَلْوِيثًا قَلِيلًا حَيْثُ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ بِسَبَبِ الدَّمِ الْبَعِيدِ عَنْ الْبَشَرَةِ، وَأَطَالَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: وَالْقُلَّتَانِ خَمْسُمِائَةِ رِطْلٍ بَغْدَادِيٍّ) وَمِقْدَارُهُمَا بِالْأَرْطَالِ الْمِصْرِيَّةِ أَرْبَعُمِائَةٍ وَسِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ رِطْلًا وَرُبْعُ رِطْلٍ وَسُدُسُ دِرْهَمٍ وَخَمْسَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ، قَالَهُ ابْنُ الْمُلَقِّنِ فِي شَرْحِ الْحَاوِي - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَالَ ابْنُ عَلَّانَ: هُمَا بِالْوَزْنِ الْمِصْرِيِّ أَرْبَعُمِائَةِ رِطْلٍ وَسِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ رِطْلًا وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ رِطْلٍ، وَبِالدِّمَشْقِيِّ مِائَةُ رِطْلٍ وَسَبْعَةُ أَرْطَالٍ وَسُبْعِ رِطْلٍ، وَبِالْمَقْدِسِيِّ ثَمَانُونَ رِطْلًا وَثُلُثُ رِطْلٍ وَرُبْعُ أُوقِيَّةٍ وَدِرْهَمَانِ وَثُلُثُ دِرْهَمٍ وَثُلُثُ سُبْعِ دِرْهَمٍ، وَبِالْأَمْنَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَمْ يُغَيِّرْهُ كَمَا سَيَأْتِي لَهُ فِي بَابِ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: وَيَطْهُرُ بِالْجَرْيَةِ بَعْدَهَا وَتَكُونُ فِي حُكْمِ غُسَالَةِ النَّجَاسَةِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ مَا تَجْرِي عَلَيْهِ مِنْ أَجْزَاءِ النَّهْرِ فَلَا يَصِحُّ بِهَا رَفْعُ حَدَثٍ وَلَا إزَالَةُ خَبَثٍ آخَرَ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِمَا تَجْرِي عَلَيْهِ مِنْ أَجْزَاءِ النَّهْرِ فَلَا مَا دَامَتْ وَارِدَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَلَوْ حَكَمْنَا عَلَيْهَا بِالِاسْتِعْمَالِ مُطْلَقًا بِمُجَرَّدِ مُرُورِهَا عَلَى مَحَلِّ جَرْيَةِ النَّجَاسَةِ كُنَّا نَحْكُمُ عَلَيْهَا بِالنَّجَاسَةِ إذَا مَرَّتْ عَلَى مَحَلٍّ ثَانٍ مَرَّتْ عَلَيْهِ النَّجَاسَةُ، إذْ الْمُسْتَعْمَلُ لَا يَدْفَعُ النَّجَاسَةَ عَنْ نَفْسِهِ

بَغْدَادَ بِدَالَيْنِ مُهْمَلَتَيْنِ وَبِإِعْجَامِ الثَّانِيَةِ وَبِنُونٍ بَدَلَهَا وَبِمِيمٍ أَوَّلُهُ بَدَلَ الْبَاءِ مَدِينَةٌ مَشْهُورَةٌ، وَالرِّطْلُ بِكَسْرِ الرَّاءِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا لِخَبَرِ «إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ خَبَثًا» وَفِي رِوَايَةٍ «فَإِنَّهُ لَا يَنْجُسُ» وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ لَمْ يَحْمِلْ خَبَثًا: أَيْ يَدْفَعُ النَّجَسَ وَلَا يَقْبَلُهُ، وَفِي رِوَايَةٍ «إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ مِنْ قِلَالِ هَجَرَ» وَالْوَاحِدَةُ قَدَّرَهَا إمَامُنَا الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِقِرْبَتَيْنِ وَنِصْفٍ أَخْذًا مِنْ ابْنِ جُرَيْجٍ الْقَائِلِ بِأَنَّهَا تَسَعُ قِرْبَتَيْنِ وَشَيْئًا: أَيْ مِنْ قِرَبِ الْحِجَازِ، وَوَاحِدَتُهَا لَا تَزِيدُ غَالِبًا عَلَى مِائَةِ رِطْلٍ بَغْدَادِيٍّ، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي زَكَاةِ النَّابِتِ، فَاحْتَاطَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَحَسَبَ الشَّيْءَ نِصْفًا، إذْ لَوْ كَانَ فَوْقَهُ لَقَالَ تَسَعُ ثَلَاثَ قِرَبٍ إلَّا شَيْئًا عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ، فَتَكُونُ الْقُلَّتَانِ خَمْسَ قِرَبٍ وَالْمَجْمُوعُ خَمْسُمِائَةِ رِطْلٍ. وَهَجَرُ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالْجِيمِ: قَرْيَةٌ بِقُرْبِ الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ، وَهُمَا ذِرَاعٌ وَرُبْعٌ طُولًا وَعَرْضًا وَعُمْقًا فِي الْمَوْضِعِ الْمُرَبَّعِ الْمُسْتَوِي الْأَبْعَادِ الثَّلَاثَةِ طُولًا وَعَرْضًا وَعُمْقًا بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ وَهُوَ شِبْرَانِ (تَقْرِيبًا فِي الْأَصَحِّ) قَدَّمَ تَقْرِيبًا لِيَشْمَلَهُ وَمَا قَبْلَهُ التَّصْحِيحُ فَلَا يَضُرُّ نَقْصُ رِطْلٍ أَوْ رِطْلَيْنِ، وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ: إنَّهُ لَا يَضُرُّ نَقْصُ قَدْرٍ لَا يَظْهَرُ بِنَقْصِهِ تَفَاوُتٌ فِي التَّغْيِيرِ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ الْمُغَيَّرَةِ، كَأَنْ تَأْخُذَ إنَاءَيْنِ فِي وَاحِدٍ قُلَّتَانِ وَفِي الْآخَرِ دُونَهُمَا، ثُمَّ تَضَعُ فِي أَحَدِهِمَا قَدْرًا مِنْ الْمُغَيَّرِ وَتَضَعُ فِي الْآخَرِ قَدْرَهُ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ فِي التَّغْيِيرِ لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ وَإِلَّا ضُرَّ وَمُقَابِلُ مَا مَرَّ مَا قِيلَ إنَّهَا أَلْفُ رِطْلٍ، وَقِيلَ هُمَا سِتُّمِائَةِ رِطْلٍ، وَقِيلَ إنَّهُمَا تَحْدِيدٌ فَيَضُرُّ أَيُّ شَيْءٍ نَقَصَ (وَالتَّغَيُّرُ) الْمُؤَثِّرُ حِسًّا أَوْ تَقْدِيرًا (بِطَاهِرٍ أَوْ نَجَسٍ طَعْمٌ أَوْ لَوْنٌ أَوْ رِيحٌ) فَتَغَيُّرُ أَحَدِ الْأَوْصَافِ كَافٍ. أَمَّا فِي النَّجَسِ فَبِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا فِي الطَّاهِرِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ، وَاحْتُرِزَ بِالْمُؤَثِّرِ عَنْ التَّغَيُّرِ بِجِيفَةٍ عَلَى الشَّطِّ. وَلَمَّا كَانَ قَدْ يَعْرِضُ اشْتِبَاهٌ بَيْنَ الْمَاءِ الطَّهُورِ وَغَيْرِهِ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَغَيْرِهِ حُكْمَ الِاجْتِهَادِ فَقَالَ (وَلَوْ) (اشْتَبَهَ) عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSمِائَتَا مَنٍّ وَخَمْسُونَ مَنًّا؛ لِأَنَّ الْمَنَّ رِطْلَانِ (قَوْلُهُ: وَبِمِيمٍ أَوَّلُهُ) أَيْ مَعَ النُّونِ فَقَطْ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، وَعِبَارَتُهُ بَغْدَادَ بِمُهْمَلَتَيْنِ وَمُعْجَمَتَيْنِ وَتَقْدِيمُ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَبَغْدَانُ وَبَغْدَيْنُ وَمَغْدَانُ مَدِينَةُ السَّلَامِ، وَتَبَغْدَدَ إذَا انْتَسَبَ إلَيْهَا أَوْ تَشَبَّهَ بِأَهْلِهَا اهـ (قَوْلُهُ: عَلَى مِائَةِ رِطْلٍ بَغْدَادِيٍّ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَحِينَئِذٍ فَانْتِصَارُ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ لِمَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِخَبَرِ الْقُلَّتَيْنِ مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ مُبْهَمٌ لَمْ يُبَيَّنْ عَجِيبٌ، إذْ لَا وَجْهَ لِلْمُنَازَعَةِ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ وَإِنْ سُلِّمَ ضَعْفُ زِيَادَةٍ مِنْ قِلَالِ هَجْرٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا اُكْتُفِيَ بِالضَّعِيفِ فِي الْفَضَائِلِ وَالْمَنَاقِبِ فَالْبَيَانُ كَذَلِكَ، بَلْ أَبُو حَنِيفَةَ يَحْتَجُّ بِهِ مُطْلَقًا. وَأَمَّا اعْتِمَادُ الشَّافِعِيِّ لَهُمَا فَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إمَّا لِهَذَا أَوْ لِثُبُوتِهَا عِنْدَهُ اهـ (قَوْلُهُ فِي الْمَوْضِعِ الْمُرَبَّعِ) أَمَّا فِي الْمُدَوَّرِ فَذِرَاعٌ عَرْضًا وَذِرَاعَانِ عُمْقًا بِذِرَاعِ النَّجَّارِ فِي الْعُمْقِ وَذِرَاعِ الْآدَمِيِّ فِي الْعَرْضِ (قَوْلُهُ: أَوْ رِطْلَيْنِ) لَا يُقَالُ هَذَا يَرْجِعُ إلَى التَّحْدِيدِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: هُوَ تَحْدِيدٌ غَيْرُ التَّحْدِيدِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ اهـ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى مَنْهَجٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: حُكْمَ الِاجْتِهَادِ) لَمْ يَقُلْ بَيْنَ الْمَاءَيْنِ مَعَ أَنَّهُ الْوَاقِعُ هُنَا إشَارَةً إلَى أَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يَخْتَصُّ بِالْمَاءَيْنِ بَلْ كَمَا يَكُونُ فِيهِمَا يَكُونُ فِي غَيْرِهِمَا كَالثِّيَابِ وَالْأَوَانِي وَالتُّرَابِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اشْتَبَهَ إلَخْ) فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لَوْ حَصَلَ لَهُ رَشَاشٌ مِنْ أَحَدِ الْإِنَاءَيْنِ لَمْ يَنْجُسْ ثَوْبُهُ لِلشَّكِّ، كَمَا لَوْ أَصَابَهُ بَعْضُ ثَوْبٍ تَنَجَّسَ بَعْضُهُ وَاشْتَبَهَ وَفَارَقَ بُطْلَانَ الصَّلَاةِ بِلَمْسِ بَعْضِهِ بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهَا ظَنُّ الطَّهَارَةِ وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا، وَلَوْ اجْتَهَدَ وَظَنَّ نَجَاسَةَ مَا أَصَابَهُ الرَّشَاشُ مِنْهُ فَكَذَلِكَ: أَيْ لَمْ يَنْجُسْ عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ لَا تَثْبُتُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ اسْتِعْمَالُ مَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ نَجَاسَتَهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ اسْتَعْمَلَهُ فِي حَدَثٍ لَمْ يُمْكِنْ الْجَزْمُ بِالنِّيَّةِ أَوْ فِي خَبَثٍ فَهُوَ مُحَقَّقٌ فَلَا يَزُولُ بِمَشْكُوكٍ فِيهِ إلَخْ اهـ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى ابْنِ حَجَرٍ، ثُمَّ تَعَقَّبَ قَوْلَهُ وَهُوَ مُنْتَفٍ وَأَطَالَ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَكَانَ مَا بَعْدَهَا يُطَهِّرُ مَحَلَّهَا، وَيَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا، فَإِذَا انْتَقَلَ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ تَنَجَّسَ وَهَكَذَا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَبِمِيمٍ أَوَّلِهِ) أَيْ مَعَ النُّونِ فَقَطْ كَمَا فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهَا تَسَع) فِي الْعِبَارَةِ تَسَاهُلٌ وَإِلَّا فَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ مُتَعَلِّقٌ لِهَذَا الظَّرْفِ

شَخْصٍ أَهْلٍ لِلِاجْتِهَادِ وَلَوْ صَبِيًّا مُمَيِّزًا فِيمَا يَظْهَرُ (مَاءٌ طَاهِرٌ) أَيْ طَهُورٌ (بِنَجَسٍ) أَيْ بِمَاءٍ نَجَسٍ، أَوْ تُرَابٌ طَاهِرُ بِضِدِّهِ، أَوْ مَاءٌ أَوْ تُرَابٌ مُسْتَعْمَلٌ بِطَهُورٍ، أَوْ شَاتُه بِشَاةِ غَيْرِهِ أَوْ ثَوْبُهُ بِثَوْبِ غَيْرِهِ أَوْ طَعَامُهُ بِطَعَامِ غَيْرِهِ، وَاقْتَصَرَ عَلَى الْمَاءِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ، وَسَكَتَ عَنْ الثِّيَابِ وَنَحْوِهَا اكْتِفَاءً بِمَا سَيَذْكُرُهُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ (اجْتَهَدَ) أَيْ بَذَلَ جُهْدَهُ فِي ذَلِكَ وَإِنَّ قَلَّ عَدَدُ الطَّاهِرِ كَإِنَاءٍ مِنْ مِائَةٍ؛ لِأَنَّ التَّطَهُّرَ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ إلَيْهِ بِالِاجْتِهَادِ فَوَجَبَ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ كَالْقِبْلَةِ لِكُلِّ صَلَاةٍ أَرَادَهَا بَعْدَ حَدَثِهِ وُجُوبًا إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى طَهُورٍ بِيَقِينٍ مُوَسَّعًا إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَمُضَيَّقًا إنْ ضَاقَ وَجَوَازًا إنْ قَدَرَ عَلَى طَهُورٍ بِيَقِينٍ، كَأَنْ كَانَ عَلَى شَطِّ نَهْرٍ أَوْ بَلَغَ الْمَاءَانِ الْمُشْتَبَهَانِ قُلَّتَيْنِ بِخَلْطِهِمَا بِلَا تَغَيُّرٍ، إذْ الْعُدُولُ إلَى الْمَظْنُونِ مَعَ وُجُودِ الْمُتَيَقَّنِ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كَانَ يَسْمَعُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَرَاجِعْهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ الْمَيْلُ إلَى تَبَيُّنِ النَّجَاسَةِ بَعْدَ الِاجْتِهَادِ. وَنَقَلَ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ م ر اعْتِمَادَ عَدَمِ وُجُوبِ الْغَسْلِ اهـ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الظَّنَّ النَّاشِئَ عَنْ الِاجْتِهَادِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْيَقِينِ، فَالْقِيَاسُ وُجُوبُ الْغَسْلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَبِيًّا مُمَيِّزًا) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ فِيهَا بِالنِّسْبَةِ لِنَحْوِ الْمِلْكِ بِاجْتِهَادٍ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الرُّشْدُ فَيَصِحُّ الِاجْتِهَادُ فِيهِ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ، وَقَدْ يُمْنَعُ؛ لِأَنَّ السَّفِيهَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّمَلُّكِ فَهُوَ كَالصَّبِيِّ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ اجْتَهَدَ مُكَلِّفَانِ فِي ثَوْبَيْنِ وَاتَّفَقَا فِي اجْتِهَادِهِمَا عَلَى وَاحِدٍ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا صُدِّقَ صَاحِبُ الْيَدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وُقِفَ الْأَمْرُ إلَى اصْطِلَاحِهِمَا عَلَى شَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ فِي أَيْدِيهِمَا جُعِلَ مُشْتَرَكًا، ثُمَّ إذَا صَدَّقْنَا صَاحِبَ الْيَدِ سَلِمَتْ الثَّوْبُ لَهُ وَتَبْقَى الْأُخْرَى تَحْتَ يَدِهِ إلَى أَنْ يَرْجِعَ الْآخَرُ وَيُصَدِّقُهُ فِي أَنَّهَا لَهُ كَمَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لِمَنْ يُنْكِرُهُ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ: فَإِنْ تَنَازَعَ ذُو الْيَدِ مَعَ غَيْرِهِ قُدِّمَ ذُو الْيَدِ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ ظَنَّ أَنَّ مِلْكَهُ هُوَ مَا فِي يَدِ غَيْرِهِ وَجَبَ اجْتِنَابُ مَا عَدَاهُ إلَّا بِمُسَوِّغِهِ، وَهَلْ لَهُ حِينَئِذٍ أَخْذُ مَا فِي يَدِ غَيْرِهِ أَوْ مَا فِي يَدِهِ عَلَى وَجْهِ الظَّفَرِ بِهِ فِيهِ نَظَرٌ اهـ. أَقُولُ: الْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَأْخُذُ مَا فِي يَدِهِ وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ عَلَى وَجْهِ الظَّفَرِ لِمَنْعِهِ مِنْ وُصُولِهِ إلَى حَقِّهِ بِظَنِّهِ بِسَبَبِ مَنْعِ الثَّانِي مِنْهُ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا وَلَوْ صَبِيًّا: أَيْ أَوْ مَجْنُونًا أَفَاقَ وَمَيَّزَ تَمْيِيزًا قَوِيًّا بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ فِيهِ حِدَةُ تُغَيِّرُ أَخْلَاقَهُ وَتَمْنَعُ مِنْ حُسْنِ تَصَرُّفِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ طَهُورٌ) إنَّمَا فَسَّرَ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ وَتَطْهُرُ بِمَا ظَنَّ طَهَارَتَهُ، وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي قَوْلِهِ: أَيْ بِمَاءِ نَجَسٍ (قَوْلُهُ: أَوْ تُرَابٍ طَاهِرٍ) أَيْ طَهُورٍ (قَوْلُهُ: بِضِدِّهِ) أَيْ وَهُوَ النَّجَسُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ أَوْ تُرَابٍ مُسْتَعْمَلٍ بِطَهُورٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَلَّ عَدَدُ الطَّاهِرِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الِاشْتِبَاهُ فِي مَحْصُورٍ (قَوْلُهُ: وُجُوبًا) مَعْمُولٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ اجْتَهَدَ (قَوْلُهُ: إذْ الْعُدُولُ إلَى الْمَظْنُونِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ اجْتَهَدَ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَيْ طَهُورٌ) أَيْ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَتَطْهُرُ بِمَا ظَنَّ طَهَارَتَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ بِمَاءٍ نَجِسٍ) أَيْ لِيَخْرُجَ نَحْوُ الْبَوْلِ الَّذِي يَشْمَلُهُ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَتُرَابٌ طَاهِرٌ) إنْ أَرَادَ الطَّاهِرَ بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْمُسْتَعْمَلِ فَلَكَ أَنْ تَقُولَ: مَا فَائِدَةُ الِاجْتِهَادِ بَيْنَ الْمُسْتَعْمَلِ وَالنَّجِسِ مِنْ التُّرَابِ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الطَّهُورَ فَلَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِهِ بَعْدُ أَوْ تُرَابٌ مُسْتَعْمَلٌ بِطَهُورٍ،؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُسْتَعْمَلِ وَالنَّجِسِ ضِدٌّ لِلطَّهُورِ (قَوْلُهُ: وَاقْتَصَرَ عَلَى الْمَاءِ) أَيْ وَلَمْ يَذْكُرْ مَعَهُ التُّرَابَ مَعَ اشْتِرَاكِهِ مَعَهُ فِي الطَّهُورِيَّةِ فَلَيْسَ مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ وَسَكَتَ عَنْ الثِّيَابِ إلَخْ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ التَّطْهِيرَ شَرْطٌ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِخُصُوصِ مَا فِي الْمَتْنِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي زَادَهَا هُوَ (قَوْلُهُ: فَوَجَبَ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ) إطْلَاقُ الْوُجُوبِ هُنَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي عَقِبَهُ مِنْ الْجَوَازِ (قَوْلُهُ: وُجُوبًا) إنْ كَانَ مَعْمُولًا لِوَجَبَ لَزِمَ عَلَيْهِ تَقْسِيمُ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ وَإِلَى غَيْرِهِ،؛ لِأَنَّهُ قَسَّمَ الْوُجُوبَ إلَى وُجُوبٍ وَجَوَازٍ كَمَا سَيَأْتِي، وَأَوْهَمَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَلَا يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ إلَّا فِي الْوَقْتِ، وَإِنْ كَانَ مَعْمُولًا لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ اجْتَهَدَ لَزِمَ عَلَيْهِ الثَّانِي. وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ: الِاجْتِهَادُ فِي الْمَاءِ وَاجِبٌ إنْ اشْتَبَهَ مُطْلَقٌ بِمُسْتَعْمَلٍ أَوْ بِمُتَنَجِّسٍ

مِنْ بَعْضٍ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْمُتَيَقِّنِ، وَهُوَ سَمَاعُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَفَارَقَ الْقَادِرُ عَلَى الْيَقِينِ فِي الْقِبْلَةِ مِنْ وُجُوهٍ أَحْسَنُهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ الْقِبْلَةَ فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِذَا قَدَرَ عَلَيْهَا كَانَ طَلَبُهُ لَهَا فِي غَيْرِهِ عَبَثًا بِخِلَافِ الْمَاءِ الطَّهُورِ فَإِنَّهُ فِي جِهَاتٍ كَثِيرَةٍ، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ وُجُوبِ الِاجْتِهَادِ تَارَةً وَجَوَازُهُ أُخْرَى هُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ. وَأَمَّا قَوْلُ الْعَلَّامَةِ الْعِرَاقِيِّ: إنَّهُ وَاجِبٌ مُطْلَقًا وَوُجُودُ مُتَيَقَّنٍ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَهُ: أَيْ الِاجْتِهَادِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ خِصَالِ الْمُخَيَّرِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ وَاجِبٌ، فَيُرَدُّ بِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا هُنَا وَخِصَالِ الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ وَاضِحٌ، وَهُوَ أَنَّهُ خُوطِبَ لِكُلٍّ مِنْهَا لُزُومًا لَكِنْ عَلَى وَجْهِ الْبَدَلِ، فَصَدَقَ عَلَى كُلٍّ أَنَّهُ وَاجِبٌ. وَأَمَّا هُنَا فَلَمْ يُخَاطِبْهُ بِتَحْصِيلِ الطَّهُورِ أَوْ الطَّاهِرِ إلَّا عِنْدَ فَقْدِهِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ. وَأَمَّا قَبْلَهُ أَوْ مَعَ وُجُودِ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِمُخَاطَبٍ بِالتَّحْصِيلِ، إذْ لَا مَعْنَى لِوُجُوبِهِ قَبْلَ الْوَقْتِ، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ كَلَامِهِ بِأَنَّهُ وَاجِبٌ عِنْدَ إرَادَةِ اسْتِعْمَالِ أَحَدِ الْمُشْتَبِهَيْنِ، إذْ اسْتِعْمَالُ أَحَدِهِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَأَوْلَى مِنْهُ كَوْنُهُ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَجَوَازًا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ سَمَاعُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ بَعْدَ مَا ذُكِرَ: وَمَعَ هَذَا الْمُقْتَضِي لِشُذُوذِ هَذَا الْوَجْهِ لَا يَبْعُدُ نَدْبُ رِعَايَتِهِ، ثُمَّ رَأَيْته مُصَرَّحًا بِهِ انْتَهَى بِحُرُوفِهِ. لَكِنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقِيلَ إنْ قَدَرَ عَلَى طَاهِرٍ إلَخْ، وَشَمِلَ هَذَا مَا إذَا بَلَغَ الْمَاءَانِ الْمُشْتَبِهَانِ قُلَّتَيْنِ بِخَلْطِهِمَا بِلَا تَغَيُّرٍ، إلَّا أَنَّهُ تَقَدَّمَ فِي الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ إذَا بَلَغَ قُلَّتَيْنِ وَجْهٌ بِعَدَمِ عَوْدِ الطَّهُورِيَّةِ نَظَرًا إلَى أَنَّ صِفَةَ الِاسْتِعْمَالِ بَاقِيَةٌ وَلَمْ تَنْدَفِعْ بِالْكَثْرَةِ وَحِينَئِذٍ لَمْ يُنْفَ الْخِلَافُ بِالْخَلْطِ، فَهَلْ الْأَوْلَى مُرَاعَاةُ هَذَا فَيُتْرَكُ الْخَلْطُ وَيُصَارُ إلَى الِاجْتِهَادِ أَوْ لَا؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَالْأَقْرَبُ اسْتِحْبَابُ الْخَلْطِ لِزِيَادَةِ ضَعْفِ الْقَوْلِ، بِعَدَمِ عَوْدِ الطَّهُورِيَّةِ بَعْدَ بُلُوغِ الْمُسْتَعْمَلِ قُلَّتَيْنِ. (قَوْلُهُ: عَبَثًا) قَدْ يُقَالُ لَمْ يَطْلُبْ غَيْرَ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ الِاشْتِبَاهُ، وَهُوَ إنَّمَا طَلَبَ الْقِبْلَةَ لَا غَيْرَهَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ اجْتِهَادُهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْيَقِينِ فِي حُكْمِ طَلَبِ غَيْرِهَا، فَإِنَّ عُدُولَهُ عَنْ الْمُتَيَقَّنِ إلَى الِاجْتِهَادِ قَدْ يُؤَدِّي إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ فَكَأَنَّهُ طَلَبَهُ (قَوْلُهُ: إنَّهُ وَاجِبٌ مُطْلَقًا) أَيْ قَدَرَ عَلَى طَاهِرٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: فَيَرِدُ بِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا هُنَا) عِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ، إذْ خِصَالُ الْمُخَيَّرِ انْحَصَرَتْ بِالنَّصِّ وَهِيَ مَقْصُودَةٌ لِذَاتِهَا، وَالِاجْتِهَادُ وَسِيلَةٌ لِلْعِلْمِ بِالطَّاهِرِ إلَخْ اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ لَيْسَ إلَخْ بَلْ هُوَ وَاَللَّهِ فِي مَحَلِّهِ اهـ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الِانْحِصَارَ بِالنَّصِّ وَكَوْنَهُ مَقْصُودًا مِمَّا لَا دَخْلَ لَهُ فِي الْوُجُوبِ، بَلْ سَبَبُ الْوُجُوبِ أَنَّ كُلًّا مِنْ خِصَالِ الْكَفَّارَةِ يُوجَدُ فِيهِ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ وَهُوَ أَحَدُهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ أَحَدُهَا وَالْخُرُوجُ مِنْ الْعُهْدَةِ بِوَاحِدٍ مِنْهَا بِعَيْنِهِ، وَكَوْنُهُ وَاجِبًا لَا مِنْ حَيْثُ خُصُوصُهُ بَلْ مِنْ حَيْثُ وُجُودُ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ فِيهِ، فَأَيُّ دَخْلٍ لِلِانْحِصَارِ وَالْقَصْدِ فِي الْوُجُوبِ حَتَّى يَنْتَفِيَ الْوُجُوبُ بِانْتِفَائِهِمَا؟ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَنَّهُ خُوطِبَ) أَيْ فِي خِصَالِ الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ (قَوْلُهُ: بِكُلٍّ مِنْهَا لُزُومًا) أَيْ فِي ضِمْنِ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ، حَتَّى إنَّهُ إذَا فَعَلَ وَاحِدًا مِنْهَا كَانَ وَاجِبًا مِنْ حَيْثُ وُجُودُ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ فِي ضِمْنِهِ لَا مِنْ حَيْثُ خُصُوصُهُ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا قَبْلَهُ) أَيْ دُخُولِ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ أَوْ مَعَ وُجُودِ ذَلِكَ) أَيْ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا مَعْنَى لِوُجُوبِهِ) أَيْ وَلَا لِتَحْصِيلِ مَا هُوَ حَاصِلٌ مَعَهُ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ كَلَامِهِ إلَخْ) تَصْوِيرُهُ بِمَا ذُكِرَ يُنَافِي مَا أَرَادَهُ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ مِنْ أَنَّهُ وَاجِبٌ مُخَيَّرٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــQإذَا دَخَلَ الْوَقْتُ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُمَا، وَتَضَيَّقَ إنْ ضَاقَ وَإِلَّا فَجَائِزٌ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا قَوْلُ الْعَلَّامَةِ الْعِرَاقِيِّ إنَّهُ وَاجِبٌ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَوُجِدَ مُتَيَقِّنُ الطَّهَارَةِ أَوْ لَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَوُجُودُ مُتَيَقِّنٍ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَهُ: أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ، وَإِلَّا فَالْعِرَاقِيُّ لَا يَسَعُهُ الْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ، وَإِنْ فُهِمَ عَنْ الشَّارِحِ أَنَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ مُطْلَقًا حَتَّى رَتَّبَ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي. إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَا مَحِيدَ عَمَّا قَالَهُ الْعِرَاقِيُّ، وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ لَا يُلَاقِيهِ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ الْمُؤَاخَذَاتِ الْمَعْلُومَةِ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ فَلَا نُطِيلُ بِبَيَانِهَا (قَوْلُهُ: مُخَاطَبٌ بِكُلٍّ مِنْهَا لُزُومًا) فِيهِ أَنَّ الْمُخَاطَبَ بِهِ فِي الْكَفَّارَةِ الْمُخَيِّرَةِ إنَّمَا هُوَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ الْحَاصِلُ فِي فَرْدٍ مَا لَا كُلِّ فَرْدٍ وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الْجَوَابُ عَنْهُ بِمَا لَا يَشْفِي (قَوْلُهُ: وَأَمَّا هُنَا)

قَبْلَهُ غَيْرُ جَائِزٍ لِبُطْلَانِ طَهَارَتِهِ فَيَكُونُ مُتَلَبِّسًا بِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ، وَحِينَئِذٍ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ مَنْ عَبَّرَ بِالْجَوَازِ وَالْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ الْجَوَازَ مِنْ حَيْثُ إنَّ لَهُ الْإِعْرَاضَ عَنْهُمَا، وَالْوُجُوبُ مِنْ حَيْثُ قَصْدُهُ إرَادَةَ اسْتِعْمَالِ أَحَدِهِمَا. لَا يُقَالُ لَابِسُ الْخُفِّ الْأَفْضَلُ فِي حَقِّهِ الْغَسْلُ مَعَ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ فَلِمَ لَمْ يَقُلْ بِهِ هُنَا؟ لِأَنَّا نَقُولُ: لَمْ يَخْتَلِفْ هُنَاكَ فِي جَوَازِ الْمَسْحِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْغَسْلِ بِخِلَافِهِ هُنَا. وَالِاجْتِهَادُ وَالتَّحَرِّي وَالتَّأَخِّي: بَذْلُ الْمَجْهُودِ فِي طَلَبِ الْمَقْصُودِ (وَتَطْهُرُ بِمَا ظُنَّ طَهَارَتُهُ) بِأَمَارَةٍ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ كَاضْطِرَابٍ أَوْ رَشَّاشٍ أَوْ تَغَيُّرٍ أَوْ قُرْبِ كَلْبٍ. وَلِلِاجْتِهَادِ شُرُوطٌ: أَحَدُهَا بَقَاءُ الْمُشْتَبَهَيْنِ إلَى تَمَامِ الِاجْتِهَادِ، فَلَوْ انْصَبَّ أَحَدُهُمَا أَوْ تَلِفَ امْتَنَعَ الِاجْتِهَادُ وَيَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي مِنْ غَيْرِ إعَادَةٍ وَإِنْ لَمْ يَرِقَّ مَا بَقِيَ. ثَانِيهَا أَنْ يَتَأَيَّدَ الِاجْتِهَادُ بِأَصْلِ الْحِلِّ فَلَا يَجْتَهِدُ فِي مَاءٍ اشْتَبَهَ بِبَوْلٍ وَإِنْ كَانَ يَتَوَقَّعُ ظُهُورَ الْعَلَامَةِ، إذْ لَا أَصْلَ لِلْبَوْلِ فِي حِلِّ الْمَطْلُوبِ وَهُوَ التَّطْهِيرُ هُنَا. ثَالِثًا أَنْ يَكُونَ لِلْعَلَامَةِ فِيهِ مَجَالٌ: أَيْ مَدْخَلٌ كَالْأَوَانِي وَالثِّيَابِ، بِخِلَافِ اخْتِلَاطِ الْمَحْرَمِ بِنِسْوَةٍ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي النِّكَاحِ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ سَعَةَ الْوَقْتِ، فَلَوْ ضَاقَ عَنْ الِاجْتِهَادِ تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ. وَاشْتَرَطَ بَعْضُهُمْ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْإِنَاءَانِ لِوَاحِدٍ، فَإِنْ كَانَا ـــــــــــــــــــــــــــــSإذْ الْمُخَيَّرُ هُوَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ، وَالشَّارِحُ جَعَلَ الْوَاجِبَ هُنَا الِاجْتِهَادَ عَبَثًا، إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ أَنَّ الْوَاجِبَ عِنْدَ إرَادَةِ الِاسْتِعْمَالِ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الِاجْتِهَادِ وَالْعُدُولِ إلَى الطَّاهِرِ الْمُتَيَقَّنِ، لَكِنَّ هَذَا خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَكُونَ الْعُدُولُ إلَى الطَّاهِرِ مِنْ الْوَاجِبِ أَيْضًا، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِتَحْصِيلِ سَبَبِ الطَّهَارَةِ وَهَذَا مِنْهَا (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ إنَّ لَهُ الْإِعْرَاضَ عَنْهُمَا) أَيْ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ اسْتِعْمَالِ الْمُتَيَقَّنِ وَالْعُدُولِ إلَى غَيْرِهِ عَلَى السَّوَاءِ، وَبِهَذَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ الْآتِي لَا يُقَالُ لَابِسُ الْخُفِّ إلَخْ (قَوْلُهُ مَعَ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ) أَيْ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْعُدُولُ عَنْهُمَا لَا أَنَّهُمَا مِنْ قَبِيلِ الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ: أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ، أَحَدُهُمَا رُخْصَةٌ وَمَسْحُ الْخُفِّ هُنَا رُخْصَةٌ، فَلَيْسَ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ مِنْ الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ، وَلَا التَّخْيِيرُ بَيْنَ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ وَالْحَجْرِ مِنْ الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ هُنَا) يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْخِلَافَ الَّذِي هُنَا إنَّمَا هُوَ فِي جَوَازِ الِاجْتِهَادِ حَيْثُ قَدَرَ عَلَى طَاهِرٍ بِيَقِينٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ: وَقِيلَ إنْ قَدَرَ إلَخْ، أَمَّا بِالنَّظَرِ لِأَفْضَلِيَّةِ اسْتِعْمَالِ مُتَيَقَّنِ الطَّهَارَةِ فَلَا خِلَافَ فِيهِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ، وَهُوَ مَعَ شُذُوذِ هَذَا الْوَجْهِ لَا يَبْعُدُ رِعَايَتُهُ اهـ. وَحِينَئِذٍ لَا يَتِمُّ لِلشَّارِحِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْفَرْقِ (قَوْلُهُ فِي طَلَبِ الْمَقْصُودِ) هَذَا تَعْرِيفٌ لَهُ لُغَةً. وَأَمَّا اصْطِلَاحًا فَهُوَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ بَذْلُ الْوُسْعِ فِي طَلَبِ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ (قَوْلُهُ: وَتَطْهُرُ بِمَا ظُنَّ طَهَارَتُهُ) بِاجْتِهَادِهِ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُمْ أَعْرَضُوا فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ أَصْلِ طَهَارَةِ الْمَاءِ، فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَا ظَنَّ طَهَارَتَهُ بِاجْتِهَادِهِ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ اسْتِعْمَالُهُ إلَّا إنْ اجْتَهَدَ فِيهِ بِشَرْطِهِ وَظَنَّ ذَلِكَ أَيْضًا، وَظَاهِرٌ أَنَّ لِلْمُجْتَهِدِ تَطْهِيرَ نَحْوِ حَلِيلَتِهِ الْمَجْنُونَةِ أَوْ غَيْرِ الْمُمَيِّزَةِ لِلطَّوَافِ بِهِ أَيْضًا اهـ ابْنُ حَجَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: فَلَوْ انْصَبَّ أَحَدُهُمَا) أَيْ بِتَمَامِهِ (قَوْلُهُ: بِأَصْلِ الْحِلِّ) عَبَّرَ بِهِ وَلَمْ يَقُلْ لَهُ أَصْلٌ فِي التَّطْهِيرِ؛ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ لَيْسَ وَسِيلَةً لِلطَّهَارَةِ فَقَطْ، بَلْ هُوَ كَمَا يَكُونُ وَسِيلَةً لِمَا يَكُونُ وَسِيلَةً لِغَيْرِهَا كَالْمِلْكِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ التَّطْهِيرُ هُنَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الِاجْتِهَادَ فِيهِمَا لِيَشْرَبَ الْمَاءَ جَازَ لَهُ وَلَيْسَ مُرَادًا، وَعِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ: قِيلَ لَهُ الِاجْتِهَادُ هُنَا لِشُرْبِ مَاءٍ يَظُنُّ طَهَارَتَهُ، وَهُوَ غَفْلَةٌ عَمَّا يَأْتِي فِي نَحْوِ خَلٍّ وَخَمْرٍ وَلَبَنِ أَتَانٍ وَمَأْكُولٍ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) أَيْ فَيَجْتَهِدُ وَإِنْ أَدَّى اجْتِهَادُهُ إلَى خُرُوجِ الْوَقْتِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ فِي بَابِ الِاجْتِهَادِ لَا بِالنَّظَرِ لِخُصُوصِ مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ أَوْ الطَّاهِرُ (قَوْلُهُ: وَيَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي مِنْ غَيْرِ إعَادَةٍ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ طَاهِرٌ بِيَقِينٍ أَوْ لَا، وَمِنْ أَنْ يَكُونَ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ أَوْ لَا، فَلَا يَصِحُّ إطْلَاقُ عَدَمِ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَزَادَ بَعْضُهُمْ سِعَةَ الْوَقْتِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا شَرْطٌ لِجَوَازِ الِاجْتِهَادِ لَا لِصِحَّتِهِ (قَوْلُهُ:، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) قَدْ يُشْكِلُ فِيمَا إذَا خَرَجَ الْوَقْتُ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ

لِاثْنَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ تَوَضَّأَ كُلٌّ بِإِنَائِهِ كَمَا لَوْ عَلَّقَ كُلٌّ مِنْ اثْنَيْنِ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ بِكَوْنِ ذَا الطَّائِرِ غُرَابًا وَغَيْرَ غُرَابٍ فَإِنَّهُ لَا حِنْثَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَالْأَوْجَهُ كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ خِلَافُهُ عَمَلًا بِإِطْلَاقِهِمْ كَمَا أَوْضَحْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، وَاشْتِرَاطُ صَاحِبِ الْمُعَيَّنِ أَنْ يَكُونَ الْمُتَيَقَّنُ طَهَارَتُهُ مِمَّا لَا يُخْشَى مِنْهُ ضَرَرٌ كَالْمُشْمِسِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوجٍ وَهُوَ جَوَازُ التَّيَمُّمِ بِحَضْرَةِ الْمُشَمَّسِ فَيَكُونُ وُجُودُهُ كَالْعَدَمِ، وَشَرْطُ الْعَمَلِ بِالِاجْتِهَادِ ظُهُورُ الْعَلَامَةِ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ أَرَاقَ الْمَاءَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا فِي الْآخَرِ ثُمَّ تَيَمَّمَ (وَقِيلَ إنْ قَدَرَ عَلَى طَاهِرٍ بِيَقِينٍ) أَيْ طَهُورٍ آخَرَ (فَلَا) أَيْ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ بَلْ يَسْتَعْمِلُ الْمُتَيَقَّنَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك» كَمَنْ كَانَ بِمَكَّةَ وَلَا حَائِلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ وَلَكِنْ كَانَ فِي ظُلْمَةٍ، أَوْ كَانَ أَعْمَى أَوْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَائِلٌ حَادِثٌ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ، وَكَمَا لَوْ وَجَدَ الْحَاكِمُ النَّصَّ، وَالْأَصَحُّ الْجَوَازُ وَحَمَلَ قَائِلُهُ الْحَدِيثَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ (وَالْأَعْمَى كَبَصِيرٍ فِي الْأَظْهَرِ) لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْوُقُوفِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ خِلَافُهُ) أَيْ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَتَوَضَّأَ مِنْ إنَائِهِ إلَّا بَعْدَ الِاجْتِهَادِ (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ وُجُودُهُ) أَيْ وُجُودُ الْمُشَمَّسِ كَالْعَدَمِ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ مُذَكَّاةٌ بِمَسْمُومَةٍ لَمْ يَجْتَهِدْ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعُدُولُ عَنْهُمَا إلَى غَيْرِهِمَا لِتَحَقُّقِ الضَّرَرِ، لَكِنْ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ جَوَازُ الِاجْتِهَادِ فِيمَا ذُكِرَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: ظُهُورُ الْعَلَامَةِ) أَيْ فَهُوَ شَرْطٌ لِلْعَمَلِ لَا لِأَصْلِ الِاجْتِهَادِ خِلَافًا لِمَنْ عَدَّهُ مِنْ شُرُوطِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ) أَيْ أَوْ بَعْضِهِ (قَوْلُهُ: دَعْ مَا يَرِيبُك) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَيَجُوزُ ضَمُّهَا فِيهِمَا اهـ نَوَوِيٌّ فِي شَرْحِ الْأَرْبَعِينَ. وَقَضِيَّتُهُ تَسَاوِي الصِّيغَتَيْنِ فِي الْمَعْنَى، وَلَكِنَّ عِبَارَةَ الْمِصْبَاحِ الرَّيْبُ الظَّنُّ وَالشَّكُّ، وَرَابَنِي الشَّيْءُ يَرِيبُنِي: إذَا جَعَلَك شَاكًّا قَالَ أَبُو زَيْدٍ: رَابَنِي مِنْ فُلَانٍ أَمْرٌ يَرِيبُنِي رَيْبًا: إذَا اسْتَيْقَنْت مِنْهُ الرِّيبَةَ، فَإِذَا أَسَأْت بِهِ الظَّنَّ وَلَمْ تَسْتَيْقِنْ مِنْهُ الرِّيبَةَ قُلْت: أَرَابَنِي مِنْهُ أَمْرٌ هُوَ فِيهِ إرَابَةٌ، وَأَرَابَ فُلَانٌ إرَابَةً فَهُوَ مُرِيبٌ: إذَا بَلَغَك عَنْهُ شَيْءٌ أَوْ تَوَهَّمْته، وَفِي لُغَةِ هُذَيْلٍ: أَرَابَنِي بِالْأَلِفِ فَرُبْت أَنَا وَارْتَبْت: إذَا شَكَكْت فَأَنَا مُرْتَابٌ وَزَيْدٌ مُرْتَابٌ مِنْهُ، فَالصِّلَةُ فَارِقَةٌ بَيْنَ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ، وَالِاسْمُ الرِّيبَةُ وَجَمْعُهَا رِيَبٌ مِثْلُ سِدْرَةٍ وَسِدَرٍ اهـ. وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُمَا لَيْسَا مُتَرَادِفَيْنِ وَإِنَّمَا اشْتَرَكَا فِي أَصْلِ الْمَعْنَى لَا فِي حَقِيقَتِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَعْمَى كَبَصِيرٍ) لَوْ اُجْتُهِدَ فَأَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى طَهَارَةِ أَحَدِ الْإِنَاءَيْنِ لِظُهُورِ عَلَامَةٍ لَهُ فَأَخْبَرَهُ بَصِيرٌ بِخِلَافِهِ، فَهَلْ يُقَلِّدُهُ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى إدْرَاكًا مِنْهُ لِتَمْيِيزِهِ بِالْبَصَرِ الَّذِي هُوَ الْعُمْدَةُ فِي الِاجْتِهَادِ أَوْ لَا أَخْذًا بِإِطْلَاقِ قَوْلِهِمْ الْمُجْتَهِدُ لَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدًا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ كَمَا لَوْ أَخْبَرَهُ اثْنَانِ مُخْتَلِفَانِ فِي إنَاءَيْنِ وَعَيْنُ كُلٍّ مِنْهُمَا نَجَاسَةُ وَاحِدٍ، فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ بِخَبَرِ الْأَوْثَقِ كَمَا يَأْتِي " فَإِنْ اسْتَوَيَا فَالْأَكْثَرُ عَدَدًا، لَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الثَّانِي، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الشَّخْصَ لَا يَرْجِعُ إلَى قَوْلِ غَيْرِهِ إذَا خَالَفَ ظَنَّهُ، فَأَوْلَى أَنْ لَا يَرْجِعَ إلَى مَا يُخْبِرُ عَنْهُ مُسْتَنِدًا لِلْأَمَارَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالطَّاهِرُ (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ الْمُتَيَقَّنُ طَهَارَتُهُ) لَعَلَّ مُرَادَهُ بِالْمُتَيَقَّنِ طَهَارَتُهُ مَا تَظْهَرُ لَهُ طَهَارَتُهُ بِالِاجْتِهَادِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ الْمَاءَيْنِ مُتَشَمِّسًا، فَإِنَّ مَا يَظْهَرُ لَهُ طَهَارَتُهُ مِنْهُمَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُهُ مِنْ جِهَةِ التَّشْمِيسِ عَلَى رَأْيِهِ فَلَا فَائِدَةَ لِلِاجْتِهَادِ، وَلَا يَصِحُّ تَصَوُّرُهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا يَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِالْمُتَيَقَّنِ الطَّهَارَةِ مَاءً ثَالِثًا مُتَيَقَّنَ الطَّهَارَةِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا دَخْلَ لِتَشْمِيسِهِ أَوْ عَدَمِهِ فِي صِحَّةِ الِاجْتِهَادِ فِي الْمَاءَيْنِ الْمُشْتَبَهَيْنِ، وَإِنْ أَرَادَ بِالْمُتَيَقَّنِ الطَّهَارَةِ أَحَدَ الْمَاءَيْنِ الْمُشْتَبَهَيْنِ فَإِنْ أَرَادَ قَبْلَ الِاجْتِهَادِ فَلَا مُتَيَقَّنَ طَهَارَةٍ مِنْهُمَا حِينَئِذٍ، وَإِنْ أَرَادَ بَعْدَ الِاجْتِهَادِ وَأَرَادَ بِالتَّيَقُّنِ الظَّنَّ أَيْ الْمَظْنُونَ الطَّهَارَةَ بِالِاجْتِهَادِ يُنَافِيهِ أَنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الِاجْتِهَادِ وَالشَّرْطُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَشْرُوطِ، وَلَيْسَ مِنْ اللَّازِمِ أَنْ تَظْهَرَ طَهَارَةُ الْمُشَمَّسِ. وَيُمْكِنُ أَنْ يَلْتَزِمَ هَذَا الْأَخِيرَ بِتَقْدِيرٍ فِي كَلَامِهِ كَأَنْ يُقَالَ: وَشَرَطَ الْعَمَلَ بِالِاجْتِهَادِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ) رَاجِعٌ لِلتَّمْثِيلِ فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِهِ.

عَلَى الْمَقْصُودِ بِالشَّمِّ وَالذَّوْقِ وَالسَّمْعِ وَاللَّمْسِ، وَيُفَارِقُ مَا سَيَأْتِي فِي الْقُبْلَةِ بِأَنَّ أَدِلَّتَهَا بَصَرِيَّةٌ بِخِلَافِ الْأَدِلَّةِ هُنَا. نَعَمْ لَوْ فَقَدَ الْأَعْمَى تِلْكَ الْحَوَاسِّ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ يَجِبُ الْجَزْمُ بِهِ وَهُوَ حَسَنٌ، وَالثَّانِي لَا يَجْتَهِدُ لِفَقْدِ الْبَصَرِ الَّذِي هُوَ عُمْدَةُ الِاجْتِهَادِ بَلْ يُقَلِّدُ، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ جَوَازِ الذَّوْقِ هُوَ مَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ، مِنْهُمْ الْقَاضِي وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَالْخُوَارِزْمِيّ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ مَنْ مَنَعَ الذَّوْقَ لِاحْتِمَالِ النَّجَاسَةِ مَمْنُوعٌ، إذْ مَحَلُّ حُرْمَةِ ذَوْقِهَا عِنْدَ تَحَقُّقِهَا وَيَحْصُلُ بِذَوْقِهِمَا وَهُنَا لَمْ نَتَحَقَّقْهَا، فَإِنْ تَحَيَّرَ الْأَعْمَى قَلَّدَ بَصِيرًا أَوْ أَعْمَى أَقْوَى إدْرَاكًا مِنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَا يُرَدُّ ذَلِكَ عَلَى الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ أَنَّهُ كَالْبَصِيرِ فِيمَا مَرَّ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُقَلِّدُهُ أَوْ وَجَدَهُ فَتَحَيَّرَ تَيَمَّمَ (أَوْ) اشْتَبَهَ عَلَيْهِ (مَاءٌ وَبَوْلٌ) أَوْ نَحْوُهُ انْقَطَعَتْ رَائِحَتُهُ (لَمْ يَجْتَهِدْ) فِيهِمَا (عَلَى الصَّحِيحِ) ؛ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ يُقَوِّي مَا فِي النَّفْسِ مِنْ الطَّهَارَةِ الْأَصْلِيَّةِ، وَالْبَوْلُ لَا أَصْلَ لَهُ فِي الطَّهَارَةِ فَامْتَنَعَ الْعَمَلُ بِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSبِمُجَرَّدِهَا، وَمَعَ ذَلِكَ فَالْأَقْرَبُ مَعْنَى الْأَوَّلِ، لَكِنَّ مُجَرَّدَ ظُهُورِ الْمَعْنَى لَا يَقْتَضِي الْعُدُولَ عَمَّا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ فَالْوَاجِبُ اعْتِمَادُهُ، وَكَمْ مِنْ مُوَضِّحٍ رَجَّحَ فِيهِ مَا غَيْرُهُ أَوْجَهُ مِنْهُ مَعْنًى فَيَكُونُ الرَّاجِحُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَالْخُوَارِزْمِيّ) فِي مُعْجَمِ الْبَكْرِيِّ: خُوَارِزْمُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَبِالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمَكْسُورَةِ وَالزَّاي الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا مِيمٌ، قَالَ الْجُرْجَانِيُّ: مَعْنَى خُوَارِزْمَ هَيِّنٌ حَرْبُهَا؛ لِأَنَّهَا فِي سَهْلَةٍ لَا جَبَلَ بِهَا اهـ بِحُرُوفِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: وَيَحْصُلُ بِذَوْقِهِمَا) أَيْ التَّحَقُّقُ: أَيْ وَلَمْ نَأْمُرْهُ بِهِ فَإِنَّهُ إذَا ذَاقَ أَحَدَهُمَا لَا يَجُوزُ لَهُ ذَوْقُ الْآخِرِ، وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُ سم فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ فَلَوْ ذَاقَ أَحَدُهُمَا فَهَلْ لَهُ ذَوْقُ الْآخَرِ، اعْتَمَدَ الطَّبَلَاوِيُّ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ عِنْدَ ذَوْقِ كُلٍّ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ الطَّاهِرُ وَاعْتَمَدَ م ر الْمَنْعَ اهـ. أَقُولُ: فَلَوْ خَالَفَ وَذَاقَ الثَّانِيَ وَظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ الطَّاهِرُ عَمِلَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ فَهُوَ مُتَحَيِّرٌ فَيَتَيَمَّمُ بَعْدَ تَلَفٍ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا، وَيَجِبُ غَسْلُ فَمِهِ لِتَحَقُّقِ نَجَاسَتِهِ، إمَّا مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ مِنْ الثَّانِي، لَكِنْ بِتَقْدِيرِ كَوْنِ النَّجَاسَةِ مِنْ الْأَوَّلِ يَطْهُرُ بِمَا اسْتَعْمَلَهُ مِنْ الثَّانِي إنْ وَرَدَ مَوَارِدَ الْأَوَّلِ، وَبِتَقْدِيرِ كَوْنِهَا مِنْ الثَّانِي فَهُوَ بَاقٍ عَلَى نَجَاسَتِهِ فَقَدْ تَحَقَّقْنَا نَجَاسَةَ فَمِهِ وَشَكَكْنَا فِي مُزِيلِهَا وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، فَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ قَبْلَ غَسْلِ فَمِهِ، وَلَوْ تَطَايَرَ مِنْهُ شَيْءٌ عَلَى ثَوْبٍ لَمْ يُحْكَمْ بِنَجَاسَتِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ عَلَى الطَّهَارَةِ وَنَحْنُ لَا نُنَجِّسُ بِالشَّكِّ، وَهَذَا نَظِيرُ مَا لَوْ عَلِمْنَا نَجَاسَةَ فَمِ الْهِرَّةِ ثُمَّ غَابَتْ زَمَنًا يُمْكِنُ طُهْرُ فَمِهَا فِيهِ بِوُلُوغِهَا فِي مَاءٍ كَثِيرٍ ثُمَّ وَضَعَتْ فَمَهَا فِي مَاءٍ قَلِيلٍ أَوْ مَائِعٍ فَلَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ مَعَ الْحُكْمِ بِبَقَاءِ فَمِهَا عَلَى النَّجَاسَةِ، فَلَوْ اجْتَهَدَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى نَجَاسَتِهِ حُكِمَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ وَأَتْلَفَ الْمَاءَيْنِ وَتَيَمَّمَ فَهَلْ تَجِبُ الْإِعَادَةُ لِتَقْصِيرِهِ بِإِتْلَافِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى التَّقْلِيدِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَاءٌ حَالَ التَّيَمُّمِ فِيهِ نَظَرٌ وَقِيَاسُ مَا فِي التَّيَمُّمِ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ ذَلِكَ) أَيْ تَقْلِيدُ الْأَعْمَى لِغَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ وَالْأَعْمَى كَبَصِيرٍ إلَخْ، وَقَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ: أَيْ مِنْ أَنَّهُ إذَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الطَّاهِرُ بِغَيْرِهِ اجْتَهَدَ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا تَحَيَّرَ لَا يُقَلِّدُ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُقَلِّدُهُ) أَيْ فِي مَوْضِعٍ يَجِبُ عَلَيْهِ السَّعْيُ لِلْجُمُعَةِ لَوْ أُقِيمَتْ فِيهِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَيَظْهَرُ ضَبْطُ فَقْدِ الْمُقَلِّدِ بِأَنْ يَجِدَ مَشَقَّةً فِي الذَّهَابِ إلَيْهِ كَمَشَقَّةِ الذَّهَابِ إلَى الْجُمُعَةِ، فَإِنْ كَانَ بِمَحَلٍّ يَلْزَمُهُ قَصْدُهُ لَهَا لَوْ أُقِيمَتْ فِيهِ لَزِمَهُ قَصْدُهُ لِسُؤَالِهِ هُنَا وَإِلَّا فَلَا اهـ بِحُرُوفِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: فَتَحَيَّرَ تَيَمَّمَ) أَيْ بَعْدَ تَلَفِ الْمَاءِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، وَهَلْ لَهُ إتْلَافُ الْمَاءِ قَبْلَ اجْتِهَادٍ مَنْ وَجَدَهُ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ مَنْ وَجَدَهُ بِسَبِيلٍ مِنْ أَنْ يَظْهَرَ لَهُ الطَّاهِرُ، وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ خَالَفَ وَفَعَلَ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَثِمَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ مَاءٌ وَبَوْلٌ لَمْ يَجْتَهِدْ فِيهِمَا عَلَى الصَّحِيحِ) أَيْ لِلطَّهَارَةِ، فَلَوْ اجْتَهَدَ لِلشُّرْبِ جَازَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَيَحْصُلُ بِذَوْقِهِمَا) الضَّمِيرُ فِي يَحْصُلُ لِلتَّحَقُّقِ وَكَانَ حَقُّ الْعِبَارَةِ، وَهُوَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِذَوْقِهِمَا.

وَسَوَاءٌ أَكَانَ أَعْمَى أَمْ بَصِيرًا، وَالثَّانِي يَجْتَهِدُ كَالْمَاءَيْنِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِمَا تَقَدَّمَ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ لَهُ أَصْلٌ فِي التَّطْهِيرِ عَدَمُ اسْتِحَالَتِهِ عَنْ خِلْقَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ كَالْمُتَنَجِّسِ وَالْمُسْتَعْمَلِ فَإِنَّهُمَا لَمْ يَسْتَحِيلَا عَنْ أَصْلِ خِلْقَتِهِمَا إلَى حَقِيقَةٍ أُخْرَى بِخِلَافِ نَحْوِ الْبَوْلِ وَمَاءِ الْوَرْدِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ اسْتَحَالَ إلَى حَقِيقَةٍ أُخْرَى (بَلْ يُخْلَطَانِ) أَوْ يُرَاقَانِ أَوْ يُرَاقُ مِنْ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ، وَنَبَّهَ بِالْخَلْطِ عَلَى بَقِيَّةِ أَنْوَاعِ التَّلَفِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ (ثُمَّ يَتَيَمَّمُ) وَيُصَلِّي بِلَا إعَادَةٍ، وَعُلِمَ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِثُمَّ أَنَّ الْإِرَاقَةَ وَنَحْوَهَا مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى التَّيَمُّمِ فَهِيَ شَرْطٌ لِصِحَّتِهِ لَا لِعَدَمِ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ كَمَا وَقَعَ لِبَعْضِهِمْ، وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ تُوهِمُهُ؛ لِأَنَّ مَعَهُ مَاءً طَاهِرًا بِيَقِينٍ لَهُ طَرِيقٌ إلَى إعْدَامِهِ، وَبِهَذَا فَرَّقَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَ بُطْلَانِ التَّيَمُّمِ هُنَا وَصِحَّتِهِ بِحَضْرَةِ مَاءٍ مَنَعَ مِنْهُ نَحْوُ سَبُعٍ، وَقَوْلُهُ بَلْ يُخْلَطَانِ بِنُونِ الرَّفْعِ كَمَا وُجِدَ بِخَطِّهِ اسْتِئْنَافًا أَوْ عَطْفًا عَلَى لَمْ يَجْتَهِدْ بِنَاءً ـــــــــــــــــــــــــــــSلَهُ الطَّهَارَةُ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَا ظَنَّهُ مَاءً، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَاعْتَمَدَهُ طب وَرم وَرَدَّهُ حَجّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ: وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ جَوَازَ الِاجْتِهَادِ فِي الْمَاءِ وَالْبَوْلِ لِلشُّرْبِ لَمْ يَقُلْهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَإِنَّمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِ فِي الْمَاءِ وَمَاءِ الْوَرْدِ، وَأَنَّ الشَّارِحَ مُوَافِقٌ فِيهِ لحج فِي مَنْعِ الِاجْتِهَادِ وَهَذَا مَحَلُّهُ عِنْدَ الِاخْتِيَارِ، فَلَوْ اضْطَرَّ لِلشُّرْبِ كَانَ لَهُ الْهُجُومُ وَالشُّرْبُ مِنْ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ الِاضْطِرَارِ يَجُوزُ لَهُ تَنَاوُلُ مُحَقَّقِ النَّجَاسَةِ، وَالِاجْتِهَادُ إنَّمَا يَمْتَنِعُ مَعَ فَقْدِ شُرُوطِهِ إذَا كَانَ وَسِيلَةً لِحُكْمٍ مَمْنُوعٍ مِنْهُ لَوْلَا الِاجْتِهَادُ، وَهَذَا لَيْسَ مَمْنُوعًا مِنْ الشُّرْبِ بِدُونِ الِاجْتِهَادِ، فَوُجُودُهُ لَا يَضُرُّ، وَلَيْسَ الِاجْتِهَادُ هُنَا عِبَادَةً حَتَّى يُتَوَهَّمُ امْتِنَاعُهُ بِتَقْدِيرِ فَسَادِهِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ اخْتَلَطَ إنَاءٌ بِأَوَانِي بَلَدٍ وَاشْتَبَهَ فَيَأْخُذُ مَا يَشَاءُ مِنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ إلَى أَنْ يَبْقَى وَاحِدٌ، وَلَهُ الِاجْتِهَادُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إذْ لَا مَانِعَ مِنْهُ. وَبَقِيَ مَا لَوْ أَرَادَ الِاجْتِهَادَ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ فِعْلَ مَا هُوَ جَائِزٌ بِالنَّجَسِ كَطَفِّي النَّارِ بِالْبَوْلِ أَوْ رَشِّهِ، هَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ لَا أَصْلَ لَهُ فِي الطَّهَارَةِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي فَتَاوَى الشَّارِحِ مَا يُخَالِفُهُ وَعِبَارَتُهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ يَجُوزُ أَنْ يَجْتَهِدَ بَيْنَ الْمَاءِ وَمَاءِ الْوَرْدِ لِأَجْلِ الشُّرْبِ، فَإِذَا ظَهَرَ لَهُ تَوَضَّأَ هَلْ يَأْتِي فِي الْبَوْلِ أَيْضًا إذَا وَصَفَ لَهُ التَّدَاوِي بِهِ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ كَلَامَ الْمَاوَرْدِيِّ لَا يَجْرِي فِي الْبَوْلِ بِحَالٍ اهـ. وَرَاجَعْت مَا كَتَبَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ فَوَجَدْته مَفْرُوضًا فِي اشْتِبَاهِ الْمَاءِ وَمَاءِ الْوَرْدِ، وَعَلَيْهِ فَلَا يُرَدُّ مَا عَارَضْنَاهُ بِهِ، نَعَمْ فِيمَا كَتَبَهُ سم عَلَى حَجّ أَنَّ الْأَذْرَعِيَّ بَحَثَ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْمَاءِ وَمَاءِ الْوَرْدِ مِنْ جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِيهِمَا لِلشُّرْبِ يَجِيءُ مِثْلُهُ فِي الْمَاءِ وَالْبَوْلِ وَنَظَرَ فِيهِ، وَعِبَارَتُهُ: وَقَدْ نَظَرَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ فِي بَحْثِ الْأَذْرَعِيِّ مَجِيءَ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ فِي الْمَاءِ وَالْبَوْلِ، ثُمَّ قَالَ: فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا اجْتِهَادَ فِي ذَلِكَ اهـ (قَوْلُهُ وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِمَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إلَخْ) عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَمْنَعُ أَنَّ الْبَوْلَ نَاشِئٌ عَنْ الْمَاءِ الطَّهُورِ بَلْ يَجُوزُ تَوَلُّدُهُ مِنْ الرُّطُوبَاتِ الَّتِي يَتَنَاوَلُهَا كَمَا فِي الطِّفْلِ الَّذِي لَمْ يَتَنَاوَلْ مَاءً وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ طَاهِرًا لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِي التَّطْهِيرِ كَغَيْرِهِ الَّذِي عَبَّرُوا بِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ يُرَاقُ مِنْ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمُرَاقُ قَدْرًا لَا يُدْرِكُهُ الطَّرَفُ، وَمَحَلُّ الْعَفْوِ عَنْ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهِ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ رَأَى ذُبَابَةً عَلَى نَجَاسَةٍ فَأَمْسَكَهَا إلَخْ (قَوْلُهُ وَيُصَلِّي بِلَا إعَادَةٍ) أَيْ إنْ كَانَ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ فَقْدُ الْمَاءِ أَوْ يَسْتَوِي الْأَمْرَانِ (قَوْلُهُ: لَا لِعَدَمِ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ) أَيْ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ تَيَمَّمَ قَبْلَ الْخَلْطِ حَرُمَتْ الْقِرَاءَةُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ جُنُبًا، وَحَرُمَ عَلَيْهِ مَسُّ الْمُصْحَفِ وَحَمْلُهُ مُطْلَقًا دُونَ الثَّانِي (قَوْلُهُ وَبِهَذَا فَرَّقَ الْمُصَنِّفُ) أَيْ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ مَعَهُ مَاءً طَاهِرًا إلَخْ (قَوْلُهُ: نَحْوَ سَبْعٍ) وَفِي نُسْخَةٍ بَعْدَ سَبْعٍ، وَيُجْرَى مَا تَقَرَّرَ فِيمَا لَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ أَكَانَ أَعْمَى أَمْ بَصِيرًا) مُرَادُهُ بِهِ دَفْعُ مَا أَوْهَمَهُ الْمَتْنُ مِنْ كَوْنِ هَذَا خَاصًّا بِالْأَعْمَى الْمَذْكُورِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا) أَيْ يَكُونُ لَهُ طَرِيقٌ إلَى إعْدَامِهِ بِالْخُصُوصِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْإِشَارَةُ إلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ مَعَهُ مَاءً

عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ مَالِكٍ إنَّ بَلْ تَعْطِفُ الْجُمَلَ، وَهِيَ هُنَا وَفِيمَا بَعْدُ لِلِانْتِقَالِ مِنْ غَرَضٍ إلَى آخَرَ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ لَا لِلْإِضْرَابِ، فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ إنَّ الصَّوَابَ حَذْفُ النُّونِ؛ لِأَنَّهُ مَجْزُومٌ بِحَذْفِهَا عَطْفًا عَلَى يَجْتَهِدُ، لَكِنَّ الْأَصَحَّ خِلَافُ مَا قَالَهُ ابْنُ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْعَطْفِ بِبَلْ إفْرَادُ مَعْطُوفِهَا بِمَعْنَى كَوْنِهِ مُفْرَدًا، فَإِنْ تَلَاهَا جُمْلَةٌ لَمْ تَكُنْ عَاطِفَةً بَلْ حَرْفَ ابْتِدَاءٍ لِمُجَرَّدِ الْإِضْرَابِ (أَوْ) اشْتَبَهَ عَلَيْهِ مَاءٌ (وَمَاءُ وَرْدٍ) انْقَطَعَتْ رَائِحَتُهُ (تَوَضَّأَ بِكُلٍّ) مِنْهُمَا (مَرَّةً) وَلَا يَجْتَهِدُ فِيهِمَا وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ التَّوَضُّؤُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا لِتَيَقُّنِ اسْتِعْمَالِ الطَّهُورِ، وَيُعْذَرُ فِي تَرَدُّدِهِ فِي النِّيَّةِ لِلضَّرُورَةِ كَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ، وَمُقْتَضَى الْعِلَّةِ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ ذَلِكَ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى مَاءٍ طَاهِرٍ بِيَقِينٍ لِفَقْدِ الضَّرُورَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ لَمَّا لَمْ يُوجِبُوا عَلَيْهِ سُلُوكَ الطَّرِيقِ الْمُحَصِّلَةِ لِلْجَزْمِ فَكَذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُ الطَّهُورِ بِيَقِينٍ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــSاجْتَهَدَ فِي الْمَاءَيْنِ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ الطَّاهِرُ اهـ. وَهِيَ مَضْرُوبٌ عَلَيْهَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ مَعْنَاهَا مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَشَرْطُ الْعَمَلِ بِالِاجْتِهَادِ ظُهُورُ الْعَلَامَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَاءُ وَرْدٍ) بَقِيَ مَا لَوْ وَقَعَ الِاشْتِبَاهُ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَوَانٍ: مَاءٌ طَهُورٌ، وَمَاءٌ مُتَنَجِّسٌ، وَمَاءُ وَرْدٍ، فَهَلْ يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ نَظَرًا لِلْمَاءِ الطَّهُورِ وَالْمَاءِ الْمُتَنَجِّسِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ انْضِمَامُ مَاءِ الْوَرْدِ إلَيْهِمَا، وَلَا احْتِمَالَ أَنْ يُصَادِفَ مَاءَ الْوَرْدِ كَمَا لَا يَضُرُّ احْتِمَالُ مُصَادَفَةِ الْمَاءِ الْمُتَنَجِّسِ، أَوْ لَا يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ؛ لِأَنَّ مَاءَ الْوَرْدِ لَا مَدْخَلَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ وَلِاحْتِمَالِ مُصَادَفَتِهِ، وَلَيْسَ كَمُصَادَفَتِهِ الْمَاءَ الْمُتَنَجِّسَ؛ لِأَنَّ لَهُ أَصْلًا فِي الطَّهُورِيَّةِ، بِخِلَافِ مَاءِ الْوَرْدِ فِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الْعَلَامَةِ الشَّوْبَرِيِّ أَنَّ الْأَقْرَبَ الْأَوَّلَ. وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ وَقَعَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي مَاءٍ طَهُورٍ وَمُتَنَجِّسٍ وَبَوْلٍ، وَالظَّاهِرُ الِامْتِنَاعُ لِغِلَظِ أَمْرِ النَّجَاسَةِ فِي الْبَوْلِ. وَبَقِيَ مَا لَوْ تَلِفَ أَحَدُهُمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى هَلْ يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ التَّالِفَ الْمُتَنَجِّسَ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَلَا يَجْتَهِدُ فِيهِمَا) أَيْ لِلطَّهَارَةِ كَمَا يَأْتِي بِخِلَافِهِ لِلشُّرْبِ فَيَجُوزُ ثُمَّ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَظَهَرَ لَهُ الْمَاءُ مِنْهُمَا تَطَهَّرَ بِهِ كَمَا يَأْتِي أَيْضًا. [فَرْعٌ] إذَا اشْتَبَهَ الْمُسْتَعْمَلُ بِالطَّهُورِ يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَيَجُوزُ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مَرَّةً وَيُغْتَفَرُ التَّرَدُّدُ فِي النِّيَّةِ لِلضَّرُورَةِ اهـ. فَقَدْ انْكَشَفَ لَك أَنَّهُ لَيْسَ مَعْنَى الضَّرُورَةِ تَعَذُّرَ الِاجْتِهَادِ اهـ عَمِيرَةُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَقَوْلُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يَتَوَضَّأَ إلَخْ نَقَلَ ابْنُ حَجَرٍ عَنْ الشَّرْحِ الْمَذْكُورِ خِلَافَ هَذَا. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ عَمِيرَةُ، ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ قَاسِمٍ عَلَى ابْنِ حَجَرٍ صَرَّحَ بِمَا قُلْته فَقَالَ: قَوْلُهُ لَا يَتَوَضَّأُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا هَذَا مَمْنُوعٌ مَنْعًا وَاضِحًا، بَلْ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ كَالْمُهَذَّبِ مُصَرَّحٌ بِالْجَوَازِ إلَى آخَرِ مَا أَطَالَ بِهِ فَلْيُرَاجَعْ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى الْعِلَّةِ) أَيْ قَوْلُهُ لِلضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: الْمُحَصِّلَةُ لِلْجَزْمِ) أَيْ فِيمَا لَوْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ طَاهِرٌ بِنَجَسٍ وَقَدَرَ عَلَى طَاهِرٍ بِيَقِينٍ، فَلِذَلِكَ لَمْ يُوجِبُوا عَلَيْهِ الْجَزْمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQطَاهِرًا بِيَقِينٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا هُنَاكَ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: لَا لِلْإِضْرَابِ) صَوَابُهُ لَا لِلْإِبْطَالِ إذْ الْإِضْرَابُ جِنْسٌ يَشْمَلُ الِانْتِقَالَ، وَالْإِبْطَالَ، فَهُوَ قِسْمٌ مِنْهُ لَا قَسِيمُهُ كَمَا فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ (قَوْلُهُ: عَطْفًا عَلَى يَجْتَهِدُ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى الْكَلَامِ إذَا جُعِلَ عَطْفًا عَلَى يَجْتَهِدُ (قَوْلُهُ: سُلُوكُ الطَّرِيقِ الْمُحَصِّلَةِ لِلْجَزْمِ) أَيْ الْآتِيَةِ فِي قَوْلِهِ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ إلَخْ كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِلشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا مِمَّا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ يُنَافِيهِ صَرِيحُ مُغَايَرَةِ الشَّارِحِ بَيْنَ

مُحَصِّلًا لِلْجَزْمِ، عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ الْجَزْمُ بِالنِّيَّةِ كَأَنْ يَأْخُذَ بِكَفِّهِ مِنْ أَحَدِهِمَا وَبِالْأُخْرَى مِنْ الْآخَرِ وَيَغْسِلَ بِهِمَا خَدَّيْهِ مَعًا نَاوِيًا ثُمَّ يَعْكِسَ ثُمَّ يُتِمَّ وُضُوءَهُ بِأَحَدِهِمَا ثُمَّ بِالْآخَرِ، وَيَلْزَمُهُ حَيْثُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى طَهُورٍ بِيَقِينٍ التَّطَهُّرُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَلَوْ زَادَتْ قِيمَةُ مَاءِ الْوَرْدِ عَلَى قِيمَةِ مَاءِ الطَّهَارَةِ خِلَافًا لِابْنِ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ لُزُومِ تَكْمِيلِ النَّاقِصِ إنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ عَلَى ثَمَنِ مَاءِ الطَّهَارَةِ بِأَنَّ الْخَلْطَ ثَمَّ يُذْهِبُ مَالِيَّتَهُ بِالْكُلِّيَّةِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَاءَ وَرْدٍ، وَهُنَا اسْتِعْمَالُهُ مُنْفَرِدًا لَا يُذْهِبُهَا بِالْكُلِّيَّةِ لِإِمْكَانِ تَحْصِيلِ غَسَّالَتِهِ، وَهَذَا أَوْلَى الْفُرُوقِ كَمَا أَوْضَحْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ. ثُمَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ مَنْعِ الِاجْتِهَادِ فِي مَاءِ الْوَرْدِ مَحَلَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّطْهِيرِ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلشُّرْبِ فَيَجُوزُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَلَهُ التَّطْهِيرُ بِالْآخَرِ لِلْحُكْمِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مَاءٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطُّهْرِ أَنَّهُ يَسْتَدْعِي الطَّهُورِيَّةَ وَهُمَا مُخْتَلِفَانِ، وَالشُّرْبُ يَسْتَدْعِي الطَّاهِرِيَّةَ وَهُمَا طَاهِرَانِ، وَإِفْسَادُ الشَّاشِيِّ رُدَّ بِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يُحْتَجْ إلَيْهِ فِيهِ لَكِنْ شَرِبَ مَاءَ الْوَرْدِ فِي ظَنِّهِ يَحْتَاجُ إلَيْهِ، وَحِينَئِذٍ فَاسْتِنْتَاجُ الْمَاوَرْدِيِّ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَ الْآخَرِ لِلطُّهْرِ وَقَعَ تَبَعًا، وَقَدْ عُهِدَ امْتِنَاعُ الِاجْتِهَادِ لِلشَّيْءِ مَقْصُودًا وَيَسْتَفِيدُهُ تَبَعًا، كَمَا فِي امْتِنَاعِ الِاجْتِهَادِ لِلْوَطْءِ وَيَمْلِكُهُ تَبَعًا فِيهَا لَوْ اشْتَبَهَتْ أَمَتُهُ بِأَمَةِ غَيْرِهِ وَاجْتَهَدَ فِيهِمَا لِلْمِلْكِ فَإِنَّهُ يَطَؤُهَا بَعْدَهُ لِحِلِّ تَصَرُّفِهِ فِيهَا، وَلِكَوْنِهِ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ، وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ مَجِيءِ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ فِي الْمَاءِ وَالْبَوْلِ بَعِيدٌ، إذْ كَلَامُهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَبَاحَ لَهُ الِاجْتِهَادَ لِيَشْرَبَ مَاءَ الْوَرْدِ ثُمَّ يَتَطَهَّرُ بِالْآخَرِ وَهَذَا غَيْرُ مُمْكِنٍ هُنَا، وَأَيْضًا فَكُلٌّ مِنْ الْمَاءَيْنِ لَهُ أَصْلٌ فِي أَصْلٍ فِي الْمَطْلُوبِ وَهُوَ الشُّرْبُ، فَجَازَ الِاجْتِهَادُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِيمَا لَوْ وَجَدَ مَاءً وَمَاءَ وَرْدٍ فَلَا يُقَالُ هَذَا تَعْلِيلٌ بِصُورَةِ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَعْكِسُ) لَا يَتَوَقَّفُ انْدِفَاعُ الضَّرُورَةِ عَلَى الْعَكْسِ، بَلْ لَوْ غَسَلَ وَجْهَهُ بِكَمَالِهِ بَعْدَ الْغَسْلَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ كُلِّ إنَاءٍ مِنْهُمَا مَرَّةً صَحَّ مَعَ تَقَدُّمِ الْجَزْمِ بِالنِّيَّةِ غَايَتُهُ أَنَّ فِيهِ تَكْرَارًا لِمَا غَسَلَهُ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى وَهُوَ لَا يُنَافِي الْجَزْمَ بِالنِّيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ زَادَتْ قِيمَةُ مَاءِ الْوَرْدِ) قَدْ يَشْكُلُ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا زَادَتْ أُجْرَةُ إذَابَةِ ثَلْجٍ تَعَيَّنَ اسْتِعْمَالُهُ، أَوْ مِلْحٍ مَائِيٍّ عَلَى ثَمَنِ الْمَاءِ لَمْ تَجِبْ إذَابَتُهُ، وَيَعْدِلُ لِلتَّيَمُّمِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مَا يَسْتَعْمِلُهُ هُنَا حَاصِلٌ بِصُورَتِهِ فَلَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ تَفْوِيتُ مَا لَيْسَ بِحَاصِلٍ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ ارْتَفَعَتْ قِيمَةُ الْمَاءِ وَهُوَ فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ يَسْتَعْمِلُهُ وَلَا نَظَرَ إلَى ارْتِفَاعِ سِعْرِهِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْمِلْحِ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ فِيهَا إلَى بَذْلِ مَالٍ زَائِدٍ عَلَى مَا يُرِيدُ اسْتِعْمَالَهُ وَذَلِكَ يُعَدُّ غَبْنًا (قَوْلُهُ: وَإِفْسَادُ الشَّاشِيِّ) أَيْ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِلِاجْتِهَادِ لِلشُّرْبِ لِجَوَازِ شُرْبِ مَاءِ الْوَرْدِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ الطَّهُورِ، فَلَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى أَحَدِهِمَا بِلَا اجْتِهَادِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ) أَيْ الِاجْتِهَادِ (قَوْلُهُ: فِي ظَنِّهِ) أَيْ مُرِيدِ الشُّرْبِ (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ جَوَّزْنَا لَهُ الِاجْتِهَادَ (قَوْلُهُ فِي الْمَاءِ وَالْبَوْلِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ يَجْتَهِدُ فِيهِمَا لِلشُّرْبِ ثُمَّ يَتَطَهَّرُ مِنْهُمَا بِمَا ظُنَّ طَهَارَتُهُ تَبَعًا (قَوْلُهُ وَهَذَا غَيْرُ مُمْكِنٍ هُنَا) فِيهِ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الِاجْتِهَادُ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَحْصِيلِ الطَّرِيقِ الْمَذْكُورَةِ وَاسْتِعْمَالِ الطَّهُورِ بِيَقِينٍ (قَوْلُهُ: أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلشُّرْبِ) أَيْ لِشُرْبِ مَاءِ الْوَرْدِ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ وَأَلْحَقَ بِهِ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ الْمَاءَ (قَوْلُهُ: وَهُمَا مُخْتَلِفَانِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الطَّهُورِيَّةِ يَمْنَعُ الِاجْتِهَادَ مَعَ أَنَّهُ صُورَةُ مَا فِيهِ الِاجْتِهَادُ كَمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْكَلَامِ عَلَى الِاجْتِهَادِ، وَأَيُّ فَائِدَةٍ لِلِاجْتِهَادِ بَيْنَ طَهُورَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِفْسَادُ الشَّاشِيِّ) أَيْ بِأَنَّ الشُّرْبَ لَا يَحْتَاجُ إلَى التَّحَرِّي كَمَا عُلِمَ مِنْ رَدِّهِ (قَوْلُهُ: إذْ كَلَامُهُ يُشِيرُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الِاجْتِهَادُ لِيَشْرَبَ الْمَاءَ، وَصَرَّحَ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ بِخِلَافِهِ، وَانْظُرْ مَا الْمَانِعُ مِنْهُ مَعَ أَنَّهُ نَظِيرُ مَسْأَلَةِ الْأَمَةِ الَّتِي قَاسَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: لَهُ أَصْلٌ فِي الْحَلِّ الْمَطْلُوبِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ اجْتَهَدَ فِي مَسْأَلَةِ الْبَوْلِ لِيَتَدَاوَى بِالْبَوْلِ جَازَ

لِذَلِكَ بِخِلَافِ الْمَاءِ وَالْبَوْلِ، فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا اجْتِهَادَ فِي ذَلِكَ وَنَحْوِهِ كَمَيْتَةٍ وَمُذَكَّاةٍ مُطْلَقًا، بَلْ إنْ وُجِدَ اضْطِرَارٌ جَازَ لَهُ التَّنَاوُلُ هَجْمًا، وَإِلَّا امْتَنَعَ وَلَوْ بِاجْتِهَادٍ وَبِذَلِكَ يَنْدَفِعُ مَا فِي التَّوَسُّطِ وَغَيْرِهِ (وَقِيلَ لَهُ الِاجْتِهَادُ) فِيهِمَا كَالْمَاءَيْنِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِمِثْلِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْبَوْلِ (وَإِذَا اسْتَعْمَلَ) أَيْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَعْمِلَ (مَا ظَنَّهُ) الطَّهُورَ مِنْ الْمَاءَيْنِ بِالِاجْتِهَادِ (أَرَاقَ الْآخَرَ) اسْتِحْبَابًا لِئَلَّا يَتَشَوَّشَ بِتَغَيُّرِ ظَنِّهِ فِيهِ مَا لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ لِنَحْوِ عَطَشٍ، وَعَلِمَ أَنَّ الْإِرَاقَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ (فَإِنْ تَرَكَهُ) مِنْ غَيْرِ إرَاقَةٍ (وَتَغَيَّرَ ظَنُّهُ) فِيهِ مِنْ النَّجَاسَةِ إلَى الطَّهَارَةِ بِسَبَبِ ظُهُورِ أَمَارَةٍ لَهُ وَاحْتَاجَ إلَى الطَّهَارَةِ (لَمْ يَعْمَلْ بِالثَّانِي) مِنْ ظَنَّيْهِ فِيهِ (عَلَى النَّصِّ) لِئَلَّا يُنْقَضَ ظَنٌّ بِظَنٍّ (بَلْ يَتَيَمَّمُ) وَيُصَلِّي (بِلَا إعَادَةٍ فِي الْأَصَحِّ) لِعَدَمِ حُصُولِ طَاهِرٍ بِيَقِينٍ مَعَهُ، وَالثَّانِي يُعِيدُ؛ لِأَنَّ مَعَهُ طَاهِرًا بِالظَّنِّ، فَإِنْ أَرَاقَهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ لَمْ يَعُدْ جَزْمًا، وَعَبَّرَ بِقَوْلِهِ تَغَيَّرَ ظَنُّهُ دُونَ اجْتِهَادِهِ تَنْبِيهًا عَلَى عَدَمِ تَسْمِيَتِهِ اجْتِهَادًا لِفَقْدِ شَرْطِهِ عَلَى رَأْيِ الْمُصَنِّفِ. وَيَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ أَيْضًا لِيَأْتِيَ عَلَى طَرِيقَتِهِ عَلَى مَا إذَا بَقِيَ بَعْضُ الْأَوَّلِ ثُمَّ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ ثُمَّ تَلِفَ الْبَاقِي دُونَ الْآخَرِ ثُمَّ تَيَمَّمَ، إذْ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ تَرْجِيحُ عَدَمِ الْإِعَادَةِ فِي ذَلِكَ أَيْضًا، وَيَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا بَقِيَ مِنْ الْأَوَّلِ بَقِيَّةٌ، وَيُقَيَّدُ كَلَامُهُ بِمَا إذَا خَلَطَهُمَا مَثَلًا قَبْلَ التَّيَمُّمِ لِيَصِحَّ عَلَى رَأْيِهِ، وَيُقَيَّدُ عَدَمُ الْإِعَادَةِ بِمَا إذَا كَانَ بِمَحَلٍّ لَمْ يَغْلِبْ وُجُودُ الْمَاءِ فِيهِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَوْلِهِ فِي الْأَصَحِّ فَمَعَهُ يَتَعَيَّنُ تَخْرِيجُهُ، عَلَى رَأْيِ الرَّافِعِيِّ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ طَاهِرٌ بِالظَّنِّ، وَدَعْوَى بَعْضِهِمْ تَخَالُفَهُمَا فِي الْإِعَادَةِ، وَإِنَّمَا عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ لَا تَجِبُ، وَعَلَى طَرِيقَةِ النَّوَوِيِّ تَجِبُ؛ لِأَنَّ مَعَهُ طَهُورًا ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي الْبَوْلِ وَغَيْرِهِ لِيُسْتَعْمَلَ الْبَوْلُ فِيمَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِ كَإِطْفَاءِ نَارٍ وَعَجْنِ طِينٍ (قَوْلُهُ وَمُذَكَّاةٌ مُطْلَقًا) أَيْ لِلْأَكْلِ وَغَيْرِهِ كَإِطْعَامِ الْجَوَارِحِ (قَوْلُهُ: بَلْ إنْ وُجِدَ اضْطِرَارٌ) هَلْ يَجْزِي ذَلِكَ فِي الْمَسْمُومَةِ إذَا مَنَعَ مِنْ الِاجْتِهَادِ أَوْ اجْتَهَدَ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ يُقَالُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْهَجْمُ فِي الْمَسْمُومَةِ؛ لِأَنَّ هَجْمَهُ قَدْ يُؤَدِّي إلَى تَنَاوُلِ مَا يَحْصُلُ الضَّرَرُ، وَلَا بُدَّ بِخِلَافِهِ فِي الْمَاءِ وَالْبَوْلِ، فَإِنَّ غَايَةَ مَا يُؤَدِّي إلَيْهِ الْهَجْمُ تَنَاوُلُ النَّجَسِ وَأَمْرُهُ سَهْلٌ لِزَوَالِهِ بِغَسْلِ الْفَمِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لِنَحْوِ عَطَشٍ) لَعَلَّ الْمُرَادَ لِعَطَشِ دَابَّةٍ، وَكَذَا آدَمِيٌّ خَافَ مِنْ الْعَطَشِ تَلَفَ نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ أَوْ مَنْفَعَتِهِ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ لَهُ شُرْبُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ حُكْمَ النَّجَسِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَعَلِمَ أَنَّ الْإِرَاقَةَ إلَخْ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ: أَيْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَعْمِلَ لَكِنْ قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ عِنْدَ قَوْلِهِ قَبْلَ اسْتِعْمَالِهِ: هَذَا الْقَيْدُ مُسْتَفَادٌ مِنْ عِبَارَةِ الْأَصْلِ إنْ حَمَلَ اسْتَعْمَلَ مَا ظَنَّهُ عَلَى إرَادَةِ اسْتِعْمَالِهِ تَأَمَّلْ اهـ بِحُرُوفِهِ. قَالَ حَجّ: وَيُمْكِنُ بَقَاءُ اسْتَعْمَلَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَعِبَارَتِهِ وَقُيِّدَ بِالِاسْتِعْمَالِ بِفَرْضِ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِاسْتَعْمَلَ، أَرَادَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ الْإِعْرَاضُ عَنْ الْآخَرِ إلَّا بِهِ غَالِبًا، فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْمُعْتَمَدَ نَدَبَ الْإِرَاقَةَ قَبْلَهُ لِئَلَّا يَغْلَطَ وَيَتَشَوَّشَ ظَنُّهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَعْمَلْ بِالثَّانِي مِنْ ظَنَّيْهِ فِيهِ) أَيْ بَلْ وَلَا بِالْأَوَّلِ أَيْضًا لِاعْتِقَادِهِ بُطْلَانَ اجْتِهَادِهِ السَّابِقِ، وَمِنْ فَوَائِدِ جَوَازِ الِاجْتِهَادِ الثَّانِي مَعَ امْتِنَاعِ الْعَمَلِ بِهِ أَنَّهُ إذَا ظَنَّ بِهِ طَهَارَةَ الثَّانِي شَرِبَهُ أَوْ بَاعَهُ أَوْ غَسَلَ بِهِ نَجَاسَةً أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَوْ غَسَلَ أَعْضَاءَهُ بَيْنَهُمَا وَمَا أَصَابَهُ الْمَاءُ الْأَوَّلُ مِنْ ثِيَابِهِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَطَهَّرَ بِالثَّانِي (قَوْلُهُ: قَبْلَ الصَّلَاةِ) الْمُنَاسِبُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْخَلْطَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ التَّيَمُّمِ أَنْ يَقُولَ فَإِنْ أَرَاقَهُ قَبْلَ التَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: لِفَقْدِ شَرْطِهِ) أَيْ وَهُوَ تَعَدُّدُ الْمُشْتَبَهِ (قَوْلُهُ: مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَوْلِهِ فِي الْأَصَحِّ) كَيْفَ يَتَأَتَّى قَطْعُ النَّظَرِ عَنْهُ مَعَ التَّعْبِيرِ بِهِ فِي كَلَامِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيَتَطَهَّرُ بِالْمَاءِ وَانْظُرْ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: كَمَيْتَةٍ وَمُذَكَّاةٍ مُطْلَقًا) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْإِطْلَاقَ فِي مُقَابَلَةِ التَّفْصِيلِ بَعْدَهُ، وَأَنَّ ذَلِكَ التَّفْصِيلَ قَالَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الصَّلَاةِ) أَيْ وَقَبْلَ التَّيَمُّمِ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ فِيمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَيُقَيَّدُ عَدَمُ الْإِعَادَةِ) هَذَا لَا خُصُوصِيَّةَ لَهُ بِهَذَا الْحَمْلِ وَإِنْ أَوْهَمَهُ كَلَامُهُ (قَوْلُهُ: يَتَعَيَّنُ تَخْرِيجُهُ عَلَى رَأْيِ الرَّافِعِيِّ فَقَطْ) يُنَاقِضُهُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ جَرَيَانِ ذَلِكَ فِي الْحَمْلِ الثَّانِي أَيْضًا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: تَخَالُفُهُمَا) أَيْ الشَّيْخَيْنِ: أَيْ فِي هَذَا الْحَمْلِ الْأَخِيرِ، وَقَوْلُهُ غَفْلَةً عَنْ وُجُوبِ تَقْيِيدِ مَا أَطْلَقَهُ هُنَا بِمَا قَدَّمَهُ:

بِيَقِينِ غَفْلَةٍ عَنْ وُجُوبِ تَقْيِيدِ مَا أَطْلَقَهُ هُنَا بِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْخَلْطَ: أَيْ أَوْ نَحْوَهُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ التَّيَمُّمِ، وَهَذَا الْمَسْلَكُ فِي تَقْرِيرِ عِبَارَتِهِ أَوْلَى مِنْ إطْلَاقِ بَعْضِهِمْ تَخْرِيجَ كَلَامِهِ عَلَى الرَّأْيَيْنِ، وَبَعْضُهُمْ حَصَرَهُ عَلَى رَأْيِ الرَّافِعِيِّ، أَمَّا إذَا بَقِيَ مِنْ الْأَوَّلِ بَقِيَّةٌ وَإِنْ لَمْ تَكْفِهِ لِطَهَارَتِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ الِاجْتِهَادِ إنْ احْتَاجَ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ مَعَهُ مَاءً مُتَيَقَّنَ الطَّهَارَةِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى طَهَارَتِهِ لَمْ تَجِبْ إعَادَتُهُ إلَّا أَنْ يَتَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ قَبْلَ الْحَدَثِ فَلَا يُصَلِّي بِتِلْكَ الطَّهَارَةِ لِاعْتِقَادِهِ الْآنَ بُطْلَانَهَا فَهُوَ كَمَا لَوْ أَحْدَثَ وَاجْتَهَدَ وَتَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ، قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. ثُمَّ إذَا أَعَادَهُ فَإِنْ اتَّفَقَ الِاجْتِهَادَانِ فَذَاكَ، وَإِنْ اخْتَلَفَا بِأَنْ ظَنَّ طَهَارَةَ مَا ظَنَّ نَجَاسَتَهُ أَوَّلًا فَفِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ، وَالْأَرْجَحُ مِنْهُ عَدَمُ الْعَمَلِ بِالثَّانِي وَإِنْ كَانَ أَوْضَحَ مِنْ الْأَوَّلِ لِمَا فِيهِ مِنْ نَقْصِ الِاجْتِهَادِ بِالِاجْتِهَادِ إنَّ غَسْلَ مَا أَصَابَهُ الْأَوَّلُ، وَمِنْ الصَّلَاةِ بِنَجَاسَةٍ إنْ لَمْ يَغْسِلْهُ وَبِهَذَا فَارَقَ جَوَازَ الْعَمَلِ بِالثَّانِي فِي نَظِيرِهِ مِنْ الثَّوْبِ وَالْقِبْلَةِ، وَاسْتَنْبَطَ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ التَّعْلِيلِ السَّابِقِ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: عَلَى الرَّأْيَيْنِ) أَيْ رَأْيِ النَّوَوِيِّ وَالرَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: إنْ احْتَاجَ إلَيْهَا) أَيْ بِأَنْ أَحْدَثَ وَحَضَرَتْ صَلَاةٌ أُخْرَى وَلَمْ يَكُنْ ذَاكِرًا لِلدَّلِيلِ الْأَوَّلِ أَوْ عَارَضَهُ مُعَارِضٌ (قَوْلُهُ: فَلَا يُصَلِّي بِتِلْكَ الطَّهَارَةِ) وَلَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ قَبْلَ غَسْلِ أَعْضَائِهِ لِظَنِّهِ نَجَاسَتَهَا وَهِيَ مَانِعَةٌ مِنْ صِحَّةِ التَّيَمُّمِ كَذَا بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ. وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَامْتَنَعَ التَّيَمُّمُ فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ، وَهِيَ مَا لَوْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ بَعْدَ طَهَارَتِهِ مِنْ الْأَوَّلِ وَحَدَثِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَعْمَلُ بِالثَّانِي وَيَتَيَمَّمُ بَعْدَ تَلَفِ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَوَّلِ إنْ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ بِلَا إعَادَةٍ مَعَ أَنَّهُ يَظُنُّ نَجَاسَةَ أَعْضَائِهِ مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ الْأَوَّلِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الظَّنَّ لَا اعْتِبَارَ بِهِ فَيَصِحُّ تَيَمُّمُهُ وَإِنْ لَمْ يُطَهِّرْ أَعْضَاءَهُ. لَا يُقَالُ: يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمَتْنِ عَلَى مَا لَوْ غَسَلَ أَعْضَاءَهُ قَبْلَ التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: هَذِهِ لَوْ وُجِدَتْ جَازَ لَهُ بَلْ وَجَبَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْفَقْدِ اسْتِعْمَالُ الثَّانِي حَيْثُ ظَنَّ طَهَارَتَهُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ كَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ ثُمَّ إذَا أَعَادَهُ) أَيْ أَعَادَ الِاجْتِهَادَ (قَوْلُهُ وَبِهَذَا فَارَقَ جَوَازَ إلَخْ) أَيْ بِقَوْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ الَّذِي قَدَّمَهُ هُوَ قَرِيبًا بِقَوْلِهِ، وَيُقَيَّدُ كَلَامُهُ بِمَا إذَا خَلَطَهُمَا مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَهَذَا الْمَسْلَكُ) أَيْ الْأَخِيرُ، فَإِنَّ الشِّهَابَ ابْنَ حَجَرٍ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِهِ ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا الْمَسْلَكُ إلَى آخِرِ مَا سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ وَالشَّارِحُ تَبِعَهُ، لَكِنْ بَعْد أَنْ قَدَّمَ الْمَسْلَكَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ فِي كَلَامِهِ اللَّذَيْنِ أَحَدُهُمَا حَمْلُهُ الْمَتْنَ عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ، وَهُوَ الَّذِي حَلَّ بِهِ الْمَتْنَ فَلَمْ يَتَأَتَّ قَوْلُهُ: وَبَعْضُهُمْ حَصَرَهُ عَلَى رَأْيِ الرَّافِعِيِّ. وَاعْلَمْ أَنَّ الشِّهَابَ ابْنَ قَاسِمٍ كَتَبَ عَلَى هَذَا الْمَسْلَكِ فِي كَلَامِ الشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ مَا نَصُّهُ: اعْلَمْ أَنَّ الْجَلَالَ الْمَحَلِّيَّ بَيَّنَ أَنَّ فِي وُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَى كُلٍّ مِنْ طَرِيقِ الرَّافِعِيِّ وَطَرِيقِ الْمُصَنِّفِ خِلَافًا إلَّا أَنَّ الْأَصَحَّ مِنْهُ عَلَى طَرِيقِ الرَّافِعِيِّ: أَيْ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْأَوَّلِ بَقِيَّةُ عَدَمِ الْوُجُوبِ، وَعَلَى طَرِيقِ الْمُصَنِّفِ بِأَنْ بَقِيَ الْوُجُوبُ، وَبَيَّنَ أَيْضًا أَنَّ مَحَلَّ خِلَافِ الْإِعَادَةِ فِيهِمَا إذَا لَمْ يُرِقْ الْبَاقِيَ فِي الْأَوَّلِ وَلَمْ يُرِقْهُمَا فِي الثَّانِي قَبْلَ الصَّلَاةِ فِيهِمَا، فَإِنْ أَرَاقَ مَا ذُكِرَ قَبْلَهَا فَلَا إعَادَةَ جَزْمًا، لَكِنْ اعْتِبَارُهُ كَوْنَ الْإِرَاقَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ضَعِيفًا أَوْ فِيهِ تَجَوُّزٌ، وَإِلَّا فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ كَوْنُ الْإِرَاقَةِ قَبْلَ التَّيَمُّمِ. إذَا عَلِمْت ذَلِكَ عَلِمْت أَنَّ حِكَايَةَ الْخِلَافِ فِي الْإِعَادَةِ تَقْتَضِي التَّصْوِيرَ بِمَا إذَا انْتَفَتْ الْإِرَاقَةُ: أَيْ وَنَحْوُهَا، إذْ لَوْ لَمْ تَنْتَفِ كَانَ عَدَمُ الْإِعَادَةِ مَجْزُومًا بِهِ، وَحِينَئِذٍ فَالْمَسْأَلَةُ مُصَوَّرَةٌ بِمَا إذَا انْتَفَتْ الْإِرَاقَةُ وَنَحْوُهَا، وَإِذَا كَانَتْ مُصَوَّرَةً بِذَلِكَ تَعَيَّنَ مَا قَالَهُ الْبَعْضُ الْمَذْكُورُ مِنْ التَّخَالُفِ فِي الْإِعَادَةِ وَإِجْرَاءُ الْكَلَامِ هُنَا عَلَى إطْلَاقِهِ إذْ تَقْيِيدُهُ يُنَافِي ذِكْرَ الْخِلَافِ، فَقَوْلُهُ إنْ زَعَمَ الْبَعْضُ الْمَذْكُورُ غَفْلَةً لَعَلَّهُ غَفْلَةً وَمِنْ هُنَا يَظْهَرُ مَا فِي قَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُظْهِرُهُ مَقَالُ الْأَصَحِّ إلَخْ،؛ لِأَنَّهُ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ لَا يَأْتِي أَيْضًا عَلَى طَرِيقِ الرَّافِعِيِّ إذَا حَصَلَتْ الْإِرَاقَةُ الَّتِي هِيَ مِنْ نَحْوِ الْخَلْطِ، بَلْ الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ فِي تَوْجِيهِ تَعَيُّنِ التَّخْرِيجِ عَلَى رَأْيِ الرَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْتِي تَصْحِيحُ عَدَمِ الْإِعَادَةِ عَلَى طَرِيقِ الْمُصَنِّفِ، بَلْ الصَّحِيحُ حِينَئِذٍ هُوَ الْإِعَادَةُ، فَأَحْسِنْ التَّأَمُّلَ بِالْإِنْصَافِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا بَقِيَ مِنْ الْأَوَّلِ بَقِيَّةٌ) يُتَأَمَّلُ هَذَا السِّيَاقُ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْحَدَثِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ الْأَوْلَى حَذْفُهُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ الصَّلَاةِ بِنَجَاسَةٍ إلَخْ) هَذَا لَا يَأْتِي إذَا كَانَ الِاجْتِهَادُ بَيْنَ طَهُورٍ وَمُسْتَعْمَلٍ، قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ:

الْعَمَلِ بِالثَّانِي إذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْ بَعْدَ الْأَوَّلِ مَاءً طَهُورًا بِيَقِينٍ أَوْ بِاجْتِهَادٍ غَيْرِ ذَلِكَ الِاجْتِهَادِ لِانْتِفَاءِ التَّعْلِيلِ حِينَئِذٍ الَّذِي ذَكَرُوهُ فِي هَذَا التَّصْوِيرِ، قَالَ: وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ. قُلْت: وَهُوَ وَاضِحٌ وَقَدْ أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ وُجُوبُ إعَادَةِ الِاجْتِهَادِ لِكُلِّ صَلَاةٍ يُرِيدُ فِعْلَهَا، نَعَمْ إنْ كَانَ ذَاكِرًا لِدَلِيلِهِ الْأَوَّلِ لَمْ يَعُدَّهُ، بِخِلَافِ الثَّوْبِ الْمَظْنُونِ طَهَارَتَهُ بِالِاجْتِهَادِ فَإِنَّ بَقَاءَهُ بِحَالِهِ بِمَنْزِلَةِ بَقَاءِ الشَّخْصِ مُتَطَهِّرًا فَيُصَلِّي فِيهِ مَا شَاءَ حَيْثُ لَمْ يَتَغَيَّرْ ظَنُّهُ، سَوَاءٌ أَكَانَ يَسْتَتِرُ بِجَمِيعِهِ أَمْ يُمْكِنُهُ الِاسْتِتَارُ بِبَعْضِهِ لِكِبَرِهِ، فَقَطَعَ مِنْهُ قِطْعَةً وَاسْتَتَرَ بِهَا وَصَلَّى ثُمَّ احْتَاجَ إلَى السَّتْرِ لَتَلِفَ مَا اسْتَتَرَ بِهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الِاجْتِهَادِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَخَرَّجَ ابْنُ سُرَيْجٍ مِنْ النَّصِّ فِي تَغَيُّرِ الِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ الْعَمَلَ بِالثَّانِي وَفَرَّقَ بِمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ) (أَخْبَرَهُ بِتَنَجُّسِهِ) أَيْ الْمَاءِ أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ بِاسْتِعْمَالِهِ وَلَوْ عَلَى الْإِبْهَامِ، أَوْ بِطَهَارَتِهِ عَلَى التَّعْيِينِ قَبْلَ اسْتِعْمَالِ ذَلِكَ أَوْ بَعْدَهُ وَفَارَقَ الْإِبْهَامَ، ثُمَّ التَّعْيِينُ هُنَا بِأَنَّ التَّنَجُّسَ عَلَى الْإِبْهَامِ يُوجِبُ اجْتِنَابُهُمَا، وَالطَّهَارَةُ عَلَى الْإِبْهَامِ لَا تُجَوِّزُ اسْتِعْمَالَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSلِمَا فِيهِ مِنْ نَقْضٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ التَّعْلِيلِ) هُوَ قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ نَقْصِ الِاجْتِهَادِ بِالِاجْتِهَادِ إلَخْ (قَوْلُهُ يُرِيدُ فِعْلَهَا) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ بَاقِيًا عَلَى طَهَارَتِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الثَّوْبِ) لَوْ اجْتَهَدَ فِي ثَوْبَيْنِ طَاهِرٌ وَنَجَسٌ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ الطَّاهِرُ فَهَلْ يُصَلِّي عَارِيًّا وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ الْوُصُولِ إلَى الطَّاهِرِ فَكَانَ كَالْمَعْدُومِ، أَوْ يُصَلِّي عَارِيًّا وَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ لِوُجُودِ ثَوْبٍ طَاهِرٍ مَعَهُ فِي الْجُمْلَةِ، أَوْ يُصَلِّي فِي كُلِّ مَرَّةٍ كَالْمَاءِ وَمَاءِ الْوَرْدِ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَنْعِ صَلَاتِهِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مَرَّةً وَبَيْنَ وُضُوئِهِ بِكُلٍّ مِنْ الْمَاءِ وَمَاءُ الْوَرْدِ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا الصَّلَاةُ بِيَقِينِ النَّجَاسَةِ فَيَكُونُ مُرْتَكِبًا لِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ دُونَ الْمَاءِ وَمَاءِ وَرْدٍ فَتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي بَابِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ اشْتَبَهَ طَاهِرٌ وَنَجَسٌ اجْتَهَدَ مَا نَصُّهُ: وَلَوْ اجْتَهَدَ فِي الثَّوْبَيْنِ وَنَحْوِهِمَا فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ صَلَّى عَارِيًّا، وَفِي أَحَدِ الْبَيْتَيْنِ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَلَزِمَتْهُ الْإِعَادَةُ لِكَوْنِهِ مُقَصِّرًا بِعَدَمِ إدْرَاكِ الْعَلَامَةِ، وَلِأَنَّ مَعَهُ ثَوْبًا أَوْ مَكَانًا طَاهِرًا بِيَقِينٍ اهـ بِحُرُوفِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَقَوْلُهُ لِكَوْنِهِ مُقَصِّرًا يُؤْخَذُ مِنْهُ وُجُوبُ الْقَضَاءِ فَوْرًا، وَبِهِ صَرَّحَ الشَّارِحُ فِي الصَّوْمِ وَابْنُ حَجَرٍ أَيْضًا فِيمَا لَوْ لَمْ يَرَوْا الْهِلَالَ فَأَفْطَرُوا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ وَعَلَّلُوهُ بِتَقْصِيرِهِمْ بِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ بِمَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لَمَّا فِيهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَى الْإِبْهَامِ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ تَوَضَّأَ مِنْ أَحَدِ إنَاءَيْنِ بِلَا اشْتِبَاهٍ فَأَخْبَرَ بِنَجَاسَةِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْإِبْهَامِ فَاجْتَهَدَ وَأَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى نَجَاسَةِ مَا تَطَهَّرَ مِنْهُ فَيَجِبُ إعَادَةُ مَا صَلَّاهُ بِتِلْكَ الطَّهَارَةِ. وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ قَوْلُهُ وَلَوْ أَخْبَرَ إلَخْ لَوْ تَوَضَّأَ شَخْصٌ مِنْ أَحَدِ إنَاءَيْنِ وَلَمْ يَعْلَمْ فِيهِمَا نَجَاسَةً وَصَلَّى ثُمَّ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِنَجَاسَةِ أَحَدِهِمَا لَا عَلَى التَّعْيِينِ، فَالْوَجْهُ كَمَا نَقَلَهُ شَيْخُنَا طب عَنْ بَعْضِهِمْ وَارْتَضَاهُ وُجُوبُ إعَادَةِ الصَّلَاةِ لِتَبَيُّنِ نَجَاسَةِ أَحَدِهِمَا، وَأَنَّهُ كَانَ الْوَاجِبُ الِاجْتِهَادَ اَ هـ بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ اسْتِعْمَالِ ذَلِكَ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَلَوْ أُخْبِرَ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَيُتَّجَهُ فِيهِ الْعَمَلُ بِالثَّانِي مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: أَوْ بِاجْتِهَادٍ غَيْرِ ذَلِكَ الِاجْتِهَادِ) أَيْ فِي مَاءٍ غَيْرِ هَذَيْنِ الْمَاءَيْنِ (قَوْلُهُ: لِكُلِّ صَلَاةٍ) أَيْ إنْ أَحْدَثَ أَوْ تَغَيَّرَ ظَنُّهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ) قَدْ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الطَّهَارَةِ بِمَاءٍ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ إذَا أَخْبَرَ بَعْدَهَا بِطَهَارَتِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ قَالَهُ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ، وَوَجْهُ النَّظَرِ أَنَّ طَهَارَتَهُ قَبْلَ التَّعْيِينِ بَاطِلَةٌ لِفَقْدِ شَرْطِهَا الَّذِي هُوَ ظَنُّ طَهَارَةِ الْمَاءِ فَلَا تَنْقَلِبُ صَحِيحَةً بِالتَّعْيِينِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعِبَادَاتِ بِمَا فِي ظَنِّ الْمُكَلَّفِ لَا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ. وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ كَانَ يَعْلَمُ نَجَاسَةَ أَحَدِ الْمَاءَيْنِ مُبْهَمًا (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ الْإِبْهَامَ ثَمَّ) أَيْ الِاكْتِفَاءُ بِهِ، وَقَوْلُهُ التَّعْيِينُ هُنَا: أَيْ اشْتِرَاطُهُ وَعَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِالْإِبْهَامِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ عَلَى هَذَا الْفَرْقِ مَا نَصُّهُ: إذَا تَأَمَّلْت الْفَرْقَ الَّذِي أَبْدَاهُ وَجَدْته إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الْإِبْهَامِ ثَمَّ وَعَدَمُ اعْتِبَارِهِ هُنَا فَتَأَمَّلْهُ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَالطَّهَارَةُ عَلَى الْإِبْهَامِ) لَعَلَّ صُورَتَهُ أَنَّهُ رَأَى كَلْبًا مَثَلًا بِقُرْبٍ لِإِنَاءَيْنِ وَشَكَّ هَلْ وَلَغَ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا،

وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي إفَادَةِ الْإِبْهَامِ جَوَازَ الِاجْتِهَادِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (مَقْبُولُ الرِّوَايَةِ) رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً عَبْدًا كَانَ أَوْ حُرًّا بَصِيرًا كَانَ أَوْ أَعْمَى، عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ عَدْلٍ آخَرَ، بِخِلَافِ الْكَافِرِ وَالْفَاسِقِ وَالْمَجْهُولِ وَالْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ وَلَوْ مُمَيِّزًا، وَفِيمَا يَعْتَمِدُ الْمُشَاهَدَةَ فَإِنَّ رِوَايَتَهُمْ لَا تُقِيلُ، نَعَمْ لَوْ قَالَ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ التَّعْدِيلِ أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ عَدْلٌ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ بِهِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحِ الْمُسْنَدِ؛ وَلَوْ أَخْبَرَ الصَّبِيُّ بَعْدَ بُلُوغِهِ عَمَّا شَاهَدَهُ فِي صِبَاهُ مِنْ تَنَجُّسِ إنَاءٍ وَنَحْوِهِ قُبِلَ وَوَجَبَ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهُ فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي أَيْضًا. وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ مِنْ عَدَمِ قَبُولِ مَنْ تَقَدَّمَ بِالنِّسْبَةِ لِإِخْبَارِهِمْ عَنْ فِعْلِ غَيْرِهِمْ، فَمَنْ أَخْبَرَ مِنْهُمْ عَنْ فِعْلِ نَفْسِهِ فِي غَيْرِ الْمَجْنُونِ كَقَوْلِهِ بُلْت فِي هَذَا الْإِنَاءِ قُبِلَ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَوَيَا) الْإِبْهَامَانِ وَهُمَا إبْهَامُ الطَّهَارَةِ وَإِبْهَامُ النَّجَاسَةِ فِي جَوَازِ إلَخْ. وَعِبَارَةُ حَجّ وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي إفَادَةِ الْإِبْهَامِ فِي كُلٍّ جَوَازُ الِاجْتِهَادِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَهِيَ أَوْضَحُ لِصَرَاحَتِهَا فِي أَنَّ جَوَازَ مَفْعُولِ الْإِفَادَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَنْ عَدْلٍ) أَيْ عَيْنُهُ كَزَيْدٍ وَعَرَفَ الْمُخَبِّرُ عَنْهُ عَدَالَتَهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَخْبَرَنِي عَدْلٌ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ التَّعْدِيلِ عَلَى مَا يَأْتِي عَنْ شَرْحِ الْمُسْنَدِ (قَوْلُهُ وَالْفَاسِقُ) اقْتِصَارٌ فِي الْمُحْتَرَزِ عَلَى مَا ذَكَرَ يُفِيدُ أَنَّ مَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَى مُرُوءَةِ أَمْثَالِهِ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ أَيْ وَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ، وَقِيَاسُ مَا قَالُوهُ فِي الصَّوْمِ وَفِي دُخُولِ الْوَقْتِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ اعْتَقَدَ صِدْقَ الْفَاسِقِ عُمِلَ بِهِ مَجِيئُهُ هُنَا (قَوْلُهُ: وَالْمَجْهُولُ) أَيْ مَجْهُولُ الْعَدَالَةِ، أَمَّا مَجْهُولُ الْإِسْلَامِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِيمَا لَوْ وَجَدَ قِطْعَةَ لَحْمٍ فِي إنَاءٍ أَوْ خِرْقَةٍ إنْ كَانَ بِبَلَدٍ لَا مَجُوسَ فِيهِ أَوْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ أَكْثَرَ حُكْمٍ بِإِسْلَامِهِ وَإِلَّا فَلَا، لَكِنْ هَذَا وَإِنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ لَا تُعْلَمُ عَدَالَتُهُ إلَّا إذَا اكْتَفَى قَبُولَ الْخَبَرِ بِظَاهِرِ الْعَدَالَةِ، وَقُلْنَا: الْمُرَادُ بِظَاهِرِهَا أَنْ لَا يُعْرَفَ لَهُ مُفَسِّقٌ، وَهُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ فِي وَلِيِّ النِّكَاحِ وَشَاهِدَيْهِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِمَجْهُولِ الْعَدَالَةِ مَنْ عُرِفَ لَهُ مُفَسِّقٌ ثُمَّ شَكَّ فِي تَوْبَتِهِ مِنْهُ، وَإِلَّا فَمَنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مُفَسِّقٌ مَسْتُورُ الْعَدَالَةِ لَا مَجْهُولُهَا عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ، نَعَمْ عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمَحَلِّيُّ ثُمَّ مِنْ أَنَّ مَسْتُورَ الْعَدَالَةِ مَنْ عُرِفَ بِهَا ظَاهِرًا. نَقُولُ: هُوَ مَنْ لَمْ يُعْرَفْ حَالُهُ اهـ (قَوْلُهُ: وَفِيمَا يَعْتَمِدُ الْمُشَاهَدَةَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ إخْبَارُهُمْ فِيمَا يَعْتَمِدُ الْمُشَاهَدَةَ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ قَالَ) كَأَنَّهُ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى عَدَمِ قَبُولِ خَبَرِ الْمَجْهُولِ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) أَيْ وَتَنَجَّسَ نَحْوُ الْإِنَاءِ وَمِثْلُهُ كُلُّ مَا أَخْبَرَ بِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ مُسْتَنِدًا لِمُعَايَنَتِهِ قَبْلَهُ وَاقْتِصَارُهُ عَلَى إخْبَارِ الصَّبِيِّ بَعْدَ بُلُوغِهِ قَدْ يُفْهَمُ أَنَّ الْكَافِرَ وَالْفَاسِقَ إذَا أَخْبَرَ بِهِ بَعْدَ إسْلَامِ الْأَوَّلِ وَتَوْبَةِ الثَّانِي لَا يُقْبَلُ خَبَرُهُمَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِي خَبَرِهِمَا مَا ذَكَرُوهُ فِي شَهَادَتِهِمَا الْمُعَادَةِ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْمَجْنُونِ) وَمِثْلُهُ الصَّبِيُّ الْغَيْرُ الْمُمَيَّزِ (قَوْلُهُ: فِي هَذَا الْإِنَاءِ قَبْلُ) أَيْ وَلَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ كَذَّبَهُ احْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ، وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا لَمْ تَقْطَعْ الْعَادَةُ بِكَذِبِهِ وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ، لَكِنَّ التَّوْجِيهَ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَمَّا إذَا كَانَ عَالِمًا بِطَهَارَتِهِمَا فَلَا فَائِدَةَ فِي الْإِخْبَارِ الْمَذْكُورِ حِينَئِذٍ فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَا سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي إفَادَةِ الْإِبْهَامِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ عَالِمًا بِنَجَاسَتِهِمَا فَعُلِمَ أَنَّ الصُّورَةَ هُنَا غَيْرُهَا فِيمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فِي إفَادَةِ الْإِبْهَامِ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ وَمَفْعُولُهُ جَوَازُ الْآتِي، وَسَقَطَ فِي النُّسْخَةِ الَّتِي كَتَبَ عَلَيْهَا الشَّيْخُ لَفْظُ كُلٍّ الْمُنَوَّنُ قَبْلَ قَوْلِهِ جَوَازُ، وَلَا خَفَاءَ أَنَّهُ يَفْسُدُ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: أَوْ عَنْ عَدْلٍ آخَرَ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ أَخْبَرَنِي زَيْدٌ، وَهُوَ يَعْرِفُ عَدَالَتَهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَفِيمَا يَعْتَمِدُ الْمُشَاهَدَةَ) أَشَارَ بِهَذِهِ الْغَايَةِ إلَى خِلَافٍ وَقَعَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي بَابِ الْأَذَانِ فِي قَبُولِ إخْبَارِ الْمُمَيِّزِ فِيمَا طَرِيقُهُ الْمُشَاهَدَةُ فَعُلِمَ أَنَّهُ غَايَةٌ فِي الْمُمَيِّزِ خَاصَّةً كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ قَالَ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ التَّعْدِيلِ إلَخْ) هَذَا اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَفْهُومِ قَوْلِهِ السَّابِقِ أَوْ عَنْ عَدْلٍ آخَرَ بِالنَّظَرِ لِمَا صَوَّرْنَاهُ بِهِ كَأَنَّهُ قَالَ: عَنْ عَدْلٍ مَعْرُوفِ الْعَدَالَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُبْهَمًا كَأَنْ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَدْلٌ، فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ نَعَمْ إلَى آخِرِهِ (قَوْلُهُ: بُلْت فِي هَذَا الْإِنَاءِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهِ السَّبَبَ، وَهُوَ

قَالَ أَنَا مُتَطَهِّرٌ أَوْ مُحْدِثٌ، وَكَمَا يُقْبَلُ خَبَرُ الذِّمِّيِّ عَنْ شَاتِه بِأَنَّهُ ذَكَّاهَا، وَكَإِخْبَارِهِ عَنْ فِعْلِ نَفْسِهِ إخْبَارَهُ الْمُتَوَاتِرَ بِأَنْ كَانَ جَمْعًا يُؤْمَنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، عَلَى أَنَّ الْقَبُولَ إنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ الْعِلْمُ لَا مِنْ حَيْثُ الْإِخْبَارُ. وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ قَوْلَ نَحْوِ الْفَاسِقِ مِمَّنْ ذُكِرَ طَهَّرْت الثَّوْبَ مَقْبُولٌ لِإِخْبَارِهِ عَنْ فِعْلِ نَفْسِهِ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ طَهُرَ هَذَا الثَّوْبُ أَوْ غُسِلَ الْمَيِّتُ وَإِنْ جَرَى بَعْضُهُمْ عَلَى قَبُولِهِ فِي الشِّقَّيْنِ (وَبَيَّنَ السَّبَبَ) فِي تَنَجُّسِهِ أَوْ اسْتِعْمَالِهِ أَوْ طُهْرِهِ كَوُلُوغِ كَلْبٍ سَوَاءٌ أَكَانَ عَامِّيًّا أَمْ فَقِيهًا مُوَافِقًا لِلْمُخْبَرِ أَمْ مُخَالِفًا (أَوْ كَانَ فَقِيهًا) فِي بَابِ تَنَجُّسِ الْمِيَاهِ (مُوَافِقًا) لِلْخَبَرِ فِي مَذْهَبِهِ فِي ذَلِكَ (اعْتَمَدَهُ) حَتْمًا بِخِلَافِ غَيْرِ الْفَقِيهِ أَوْ الْفَقِيهِ الْمُخَالِفِ أَوْ الْمَجْهُولِ مَذْهَبُهُ فَلَا يَعْتَمِدُهُ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ لِذَلِكَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُخْبِرَ بِتَنَجُّسِ مَا لَمْ يَتَنَجَّسْ عَنْ الْمُخْبِرِ. وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ الْحُكْمُ الَّذِي يُخْبِرُ بِهِ قَدْ وَقَعَ فِيهِ نِزَاعٌ وَاخْتِلَافُ تَرْجِيحٍ، فَيَكُونُ الْأَرْجَحُ فِيهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ السَّبَبِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْتَقِدُ تَرْجِيحَ مَا لَا يَعْتَقِدُ الْمُخْبَرُ تَرْجِيحُهُ، وَحِينَئِذٍ فَيُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِمْ فَقِيهًا مُوَافِقًا أَنَّهُ يَعْلَمُ الرَّاجِحَ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ، وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّ مَا تَقَرَّرَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُقَلِّدِ، إذْ هُوَ الَّذِي يُعْلَمُ اعْتِقَادُهُ فَيُنْظَرُ هَلْ الْمُخْبِرُ يُوَافِقُهُ أَمْ لَا؟ أَمَّا الْمُجْتَهِدُ فَيُبَيِّنُ لَهُ السَّبَبَ مُطْلَقًا وَإِنْ عَرَفَ اعْتِقَادَهُ فِي الْمِيَاهِ لِاحْتِمَالِ تَغَيُّرِ اجْتِهَادِهِ، وَقَدْ ذَكَرْت الْفَرْقَ بَيْنَ مَا هُنَا مِنْ وُجُوبِ التَّفْصِيلِ وَعَدَمِ وُجُوبِهِ فِي نَحْوِ الرِّدَّة فِي شَرْحِ الْعُبَابِ. وَلَوْ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ خَبَرُ عَدْلَيْنِ فَصَاعِدًا كَأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: وَلَغَ الْكَلْبُ فِي هَذَا الْإِنَاءِ دُونَ ذَاكَ وَعَكَسَهُ الْآخَرُ وَأَمْكَنَ صِدْقُهُمَا صِدْقًا وَحُكِمَ بِنَجَاسَةِ الْمَاءَيْنِ لِاحْتِمَالِ الْوُلُوغِ فِي وَقْتَيْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSبِالِاحْتِيَاطِ لِلْعِبَادَةِ لَا يَأْتِي فِي قَبُولِ خَبَرِهِمْ عِنْدَ قَوْلِ أَحَدِهِمْ طَهُرَتْ الثَّوْبُ (قَوْلُهُ: وَكَإِخْبَارِهِ عَنْ فِعْلِ نَفْسِهِ) أَيْ إخْبَارُ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ غَيْرِ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَمْ يُمَيِّزْ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ الْعِلْمُ) أَيْ فَإِنَّ الْخَبَرَ الْمُتَوَاتِرَ يُفِيدُ الْعِلْمَ لَا الظَّنَّ (قَوْلُهُ مُوَافِقًا) كَتَبَ شَيْخُنَا بِهَامِشِ الْمَحَلِّيِّ لَوْ شَكَّ فِي مُوَافَقَتِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْمُخَالِفِ، وَكَذَا الشَّكُّ فِي الْفِقْهِ الْأَصْلُ عَدَمُهُ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. وَأَقُولُ: هَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَالْمَجْهُولُ مُوَافَقَتُهُ فَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ لِلْمُخْبَرِ فِي مَذْهَبِهِ فِي ذَلِكَ) زَادَ حَجّ أَوْ عَارِفًا بِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْهُ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إنَّمَا يُخْبِرُهُ بِاعْتِقَادِهِ لَا بِاعْتِقَادِ نَفْسِهِ لِعِلْمِهِ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُهُ، فَالتَّعْبِيرُ بِالْمُوَافِقِ لِلْغَالِبِ. فَإِنْ قُلْت: يَحْتَمِلُ أَنَّهُ يُخْبِرُهُ بِاعْتِقَادِ نَفْسِهِ لِيَخْرُجَ مِنْ الْخِلَافِ. قُلْت: هَذَا احْتِمَالٌ بَعِيدٌ مِمَّنْ يَعْرِفُ الْمَذْهَبَيْنِ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُطَّرِدٍ اهـ. (قَوْلُهُ: اعْتَمَدَهُ) لَا يَبْعُدُ أَنْ يَدْخُلَ فِي اعْتِمَادِهِ وُجُوبُ تَطْهِيرِ مَا أَصَابَهُ مِنْ الْمَاءِ الْمُخْبَرِ بِتَنَجُّسِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَنَجَّسْ بِالظَّنِّ؛ لِأَنَّ خَبَرَ الْعَدْلِ بِمَنْزِلَةِ الْيَقِينِ شَرْعًا فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ وَاخْتِلَافُ تَرْجِيحٍ) وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ مِنْ الِاخْتِلَافِ بَيْنَ الشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ وَالشَّارِحِ (قَوْلُهُ: فَيَبِينُ لَهُ) أَيْ الْمُخْبِرُ (قَوْلُهُ: فِي شَرْحِ الْعُبَابِ) عِبَارَتُهُ فِيهِ وَهُوَ أَنَّا فِي الرِّدَّةِ قَبِلْنَا الشَّهَادَةَ بِهَا مُطْلَقًا مِنْ الْمُوَافِقِ وَغَيْرِهِ مَعَ الِاخْتِلَافِ فِي أَسْبَابِهَا؛ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ مُتَمَكِّنٌ مِنْ أَنْ يُبَرْهِنَ عَنْ نَفْسِهِ وَأَنْ يَأْتِيَ بِالشَّهَادَتَيْنِ، فَعَدَمُ الْإِتْيَانِ بِهِمَا مَعَ سُكُوتِهِ تَقْصِيرٌ بَلْ ذَلِكَ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى صِدْقِ الشَّاهِدِ وَلَا كَذَلِكَ الْمَاءُ. وَعِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ هُنَا: وَإِنَّمَا قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الرِّدَّةِ مَعَ الْإِطْلَاقِ عَلَى مَا يَأْتِي تَغْلِيظًا عَلَى الْمُرْتَدِّ لِإِمْكَانِ أَنْ يُبَرْهِنَ عَنْ نَفْسِهِ اهـ بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: وَلَغَ الْكَلْبُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: وَلَغَ الْكَلْبُ وَغَيْرُهُ مِنْ السِّبَاعِ يَلَغُ وَلْغًا وَمِنْ بَابِ نَفَعَ وَوُلُوغًا شَرِبَ بِلِسَانِهِ وَسُقُوطُ الْوَاوِ كَمَا فِي يَقَعُ، وَوَلَغَ يَلِغُ مِنْ بَابَيْ وَعَدَ وَوَرِثَ لُغَةٌ، وَيَوْلَغُ مِثْلُ وَجِلَ يَوْجَلُ لُغَةٌ أَيْضًا، وَيَتَعَدَّى بِالْهَمْزَةِ فَيُقَالُ أَوْلَغْتُهُ: إذَا سَقَيْتُهُ اهـ بِحُرُوفِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (قَوْلُهُ: وَأَمْكَنَ صِدْقُهُمَا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُضَيِّفَاهُ لِوَقْتٍ بِعَيْنِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمُوَافِقٌ لِمَا بَحَثَهُ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ قَوْلَ نَحْوِ الْفَاسِقِ مِمَّنْ ذَكَرَ طَهَّرْت الثَّوْبَ مَقْبُولٌ) أَيْ بِشَرْطِ بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الطَّهَارَةِ إذَا كَانَ غَيْرَ عَارِفٍ بِهَا كَمَا فِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ عَنْ الشَّيْخِ، وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ غَيْرَ عَارِفٍ بِهَا

فَلَوْ تَعَارَضَا فِي الْوَقْتِ أَيْضًا بِأَنْ عَيَّنَاهُ عَمِلَ بِقَوْلِ أَوْثَقِهِمَا، فَإِنْ اسْتَوَيَا فَبِالْأَكْثَرِ عَدَدًا فَإِنْ اسْتَوَيَا سَقَطَ خَبَرُهُمَا لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ وَحُكِمَ بِطَهَارَةِ الْإِنَاءَيْنِ كَمَا لَوْ عَيَّنَ أَحَدُهُمَا كَلْبًا كَأَنْ قَالَ: وَلَغَ هَذَا الْكَلْبُ وَقْتَ كَذَا فِي هَذَا الْإِنَاءِ وَقَالَ الْآخَرُ: كَانَ ذَلِكَ الْوَقْتُ بِبَلَدٍ آخَرَ مَثَلًا؛ وَلَوْ رَفَعَ نَحْوُ كَلْبٍ رَأْسَهُ مِنْ إنَاءٍ فِيهِ مَائِعٌ أَوْ مَاءٌ قَلِيلٌ وَفَمُهُ رَطْبٌ لَمْ يُنَجِّسْ إنْ احْتَمَلَ تَرَطُّبَهُ مِنْ غَيْرِهِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ وَإِلَّا تَنَجَّسَ وَلَوْ غَلَبَتْ النَّجَاسَةُ فِي شَيْءٍ وَالْأَصْلُ فِيهِ طَاهِرٌ كَثِيَابِ مُدْمِنِي الْخَمْرِ وَمُتَدَيِّنِينَ بِالنَّجَاسَةِ وَمَجَانِينَ وَصِبْيَانٍ وَجَزَّارِينَ حُكِمَ بِالطَّهَارَةِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا اضْطَرَبَتْ الْعَادَةُ بِخِلَافِهِ كَاسْتِعْمَالِ السِّرْجِينِ فِي أَوَانِي الْفَخَّارِ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ، وَيُحْكَمُ أَيْضًا بِطَهَارَةِ مَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى كَعَرَقِ الدَّوَابِّ وَلُعَابِهَا وَلُعَابِ الصِّغَارِ وَالْجُوخِ، وَقَدْ اشْتَهَرَ اسْتِعْمَالُهُ بِشَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَمِنْ الْبِدَعِ الْمَذْمُومَةِ غَسْلُ ثَوْبٍ جَدِيدٍ وَقَمْحٍ وَفَمٍ مِنْ نَحْوِ أَكْلِ خُبْزٍ. وَالْبَقْلُ النَّابِتُ فِي نَجَاسَةِ مُتَنَجِّسٍ، نَعَمْ مَا ارْتَفَعَ عَنْ مَنْبَتِهِ طَاهِرٌ، وَلَوْ وَجَدَ قِطْعَةَ لَحْمٍ فِي إنَاءٍ أَوْ خِرْقَةٍ بِبَلَدٍ لَا مَجُوسَ فِيهِ فَهِيَ طَاهِرَةٌ أَوْ مَرْمِيَّةٌ مَكْشُوفَةٌ فَنَجِسَةٌ أَوْ فِي إنَاءٍ أَوْ خِرْقَةٍ وَالْمَجُوسُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَ الْمُسْلِمُونَ أَغْلَبُ فَكَذَلِكَ، فَإِنْ غَلَبَ الْمُسْلِمُونَ فَظَاهِرَةٌ. وَلَمَّا ذَكَرَ الِاجْتِهَادَ فِي نَحْوِ الْمَاءِ وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَلَوْ تَعَارَضَا فِي الْوَقْتِ) عِبَارَةُ حَجّ وَإِلَّا كَأَنْ اسْتَوَيَا ثِقَةً أَوْ كَثْرَةً أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَوْثَقُ وَالْآخَرُ أَكْثَرُ سَقَطَا وَبَقِيَ أَصْلُ طَهَارَتِهِ اهـ. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ قَوْلِ الشَّارِحِ عَمِلَ بِقَوْلِ أَوْثَقِهِمَا، فَإِنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْهُ تَقْدِيمُ الْأَوْثَقِ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَكْثَرَ عَدَدًا، بَلْ يَكَادُ يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَوَيَا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَبِالْأَكْثَرِ عَدَدًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ مِنْ النِّسَاءِ أَوْ الْعَبِيدِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: عَمَلًا بِالْأَصْلِ) أَيْ مَعَ غَلَبَةِ النَّجَاسَةِ عَلَى أَبْدَانِهِمْ، وَمِنْ ذَلِكَ الْخُبْزُ الْمَخْبُوزُ بِمِصْرَ وَنَوَاحِيهَا، فَإِنَّ الْغَالِبَ فِيهَا النَّجَاسَةُ لِكَوْنِهِ يُخْبَزُ بِالسِّرْجِينِ وَالْأَصْلُ فِيهِ الطَّهَارَةُ. (قَوْلُهُ: فِي أَوَانِي الْفَخَّارِ) وَكَعَدِمِ الِاسْتِنْجَاءِ فِي فَرْجِ الصَّغِيرِ وَنَجَاسَةِ مَنْفَذِ الطَّائِرِ وَالْبَهِيمَةِ، فَلَوْ جَلَسَ صَغِيرٌ فِي حِجْرِ مُصَلٍّ مَثَلًا أَوْ وَقَعَ طَائِرٌ عَلَيْهِ فَنَحْكُمُ بِصِحَّةِ صَلَاتِهِ اسْتِصْحَابًا لِأَصْلِ الطَّهَارَةِ فِي فَرْجِ الصَّغِيرِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ وَإِنْ اطَّرَدَتْ الْعَادَةُ بِنَجَاسَتِهِ (قَوْلُهُ: كَعَرَقِ الدَّوَابِّ) أَيْ وَإِنْ كَثُرَ (قَوْلُهُ: وَلُعَابُ الصِّغَارِ) لِلْأُمِّ أَيْ وَغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ غَسْلُ ثَوْبٍ جَدِيدٍ) أَيْ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ نَجَاسَتَهُ، وَمِمَّا يَغْلِبُ كَذَلِكَ مَا اُعْتِيدَ مِنْ التَّسَاهُلِ فِي عَدَمِ التَّحَرُّزِ عَنْ النَّجَاسَةِ مِمَّنْ يَتَعَاطَى حِيَاكَتَهُ أَوْ خِيَاطَتَهُ وَنَحْوَهُمَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ غَلَبَ الْمُسْلِمُونَ) قَالَ سم فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ بَعْدَ نَقْلِهِ مِثْلَ مَا ذُكِرَ عَنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ فَنَجِسَةٌ أَنَّهَا تَنْجُسُ مَا أَصَابَتْهُ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ، وَقَدْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهَا لَا تُنَجِّسُهُ حَيْثُ قَالَ: وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَكْلِ كَمَا فَرَضَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، أَمَّا لَوْ أَصَابَتْ شَيْئًا فَلَا تُنَجِّسُهُ اهـ. وَسَبَقَهُ الْإِسْنَوِيُّ إلَى ذَلِكَ حَيْثُ اعْتَرَضَ صَنِيعَ الرَّوْضَةِ وَاسْتُحْسِنَ صَنِيعَ الْقَمُولِيُّ الْمُوَافِقَ لِلْمَجْمُوعِ لِفَرْضِهِ الْكَلَامَ فِي حَالِ الْأَكْلِ وَعَدَمِهِ ثُمَّ قَالَ: وَهِيَ طَاهِرَةٌ بِكُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ اهـ. بَقِيَ أَنَّهُ هَلْ تَصِحُّ الصَّلَاةُ مَعَ حَمْلِهَا فِيهِ نَظَرٌ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَهِيَ طَاهِرَةٌ بِكُلٍّ حَالَ الصِّحَّةِ، نَعَمْ حَمْلُهَا حَالَ النِّيَّةِ رُبَّمَا يَمْنَعُ انْعِقَادَهَا لِلشَّكِّ، إلَّا أَنْ يُقَالَ لَا أَثَرَ لِلشَّكِّ مَعَ الْعَمَلِ بِالْأَصْلِ، كَمَا لَوْ شَكَّ فِي الْحَدَثِ فَإِنَّ نِيَّتَهُ صَحِيحَةٌ اهـ. أَقُولُ: وَقَدْ يَمْنَعُ قَوْلَهُ مَعَ الْعَمَلِ بِالْأَصْلِ بِأَنَّا لَمْ نَعْمَلْ بِالْأَصْلِ بِدَلِيلِ حُرْمَةِ الْأَكْلِ، إذْ لَوْلَا الْحُكْمُ بِنَجَاسَتِهِ مَا حَرُمَ أَكْلُهُ، وَالصَّلَاةُ بِمَا حُكِمَ بِنَجَاسَتِهِ بَاطِلَةٌ، وَإِنَّمَا لَمْ تَنْجُسْ مَا أَصَابَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ النَّجَاسَةِ التَّنْجِيسُ، وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ اشْتَبَهَ طَاهِرٌ بِنَجَسٍ ثُمَّ أَصَابَهُ مِنْ أَحَدِ الْإِنَاءَيْنِ رَشَاشٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهُ غَيْرُ فَقِيهٍ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ حَاشِيَةِ الشِّهَابِ ابْنِ قَاسِمٍ عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: مَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى كَعَرَقٍ إلَخْ) يُوهِمُ أَنَّ السَّبَبَ فِي الْحُكْمِ بِطَهَارَتِهِ عُمُومُ الْبَلْوَى بِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ عُمُومُ الْبَلْوَى إنَّمَا يَقْتَضِي الْعَفْوَ لَا الطَّهَارَةَ، وَإِنَّمَا السَّبَبُ فِي ذَلِكَ النَّظَرُ لِلْأَصْلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَجَدَ قِطْعَةَ لَحْمٍ) لَيْسَ هَذَا مِنْ قَاعِدَةِ مَا الْأَصْلُ فِيهِ الطَّهَارَةُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ هُنَا الْحُرْمَةُ الْمُسْتَصْحَبَةُ مِنْ حَالِ الْحَيَاةِ حَتَّى تُعْلَمَ ذَكَاةٌ مُبِيحَةٌ: أَيْ أَوْ تُظَنَّ بِقَرِينَةٍ كَكَوْنِ اللَّحْمِ فِي إنَاءٍ غَيْرِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: أَوْ مَرْمِيَّةً مَكْشُوفَةً فَنَجِسَةٌ) أَيْ إلَّا أَنَّهَا لَا تُنَجِّسُ مَا أَصَابَتْهُ؛ لِأَنَّا لَا نُنَجِّسُ بِالشَّكِّ كَمَا بَيَّنَهُ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ

[استعمال واقتناء كل إناء طاهر]

مَظْرُوفٌ وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ ظَرْفٍ اسْتَطْرَدَ الْكَلَامَ عَلَى مَا يَحِلُّ مِنْ الظُّرُوفِ فَقَالَ (وَيَحِلُّ اسْتِعْمَالُ) أَيْ وَاقْتِنَاءُ (كُلِّ إنَاءٍ طَاهِرٍ) مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ طَاهِرًا فِي الطَّهَارَةِ وَغَيْرِهَا إجْمَاعًا وَقَدْ «تَوَضَّأَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ شَنٍّ مِنْ جِلْدٍ وَمِنْ قَدَحٍ مِنْ خَشَبٍ وَمِنْ مُخَضَّبٍ مِنْ حَجَرٍ» فَلَا يَرِدُ الْمَغْصُوبُ وَجِلْدُ الْآدَمِيِّ وَنَحْوُهُمَا، وَخَرَجَ بِالطَّاهِرِ النَّجَسُ كَالْمُتَّخَذِ مِنْ جِلْدِ مَيْتَةٍ فَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ فِي نَحْوِ مَاءٍ قَلِيلٍ، وَلَا يُنَافِي الْحُرْمَةَ هُنَا مَا يَأْتِي مِنْ كَرَاهَةِ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ لِوُجُودِ التَّضَمُّخِ بِالنَّجَاسَةِ هُنَا وَعَدَمُ ذَلِكَ ثُمَّ، لَا فِي جَافٍّ وَالْإِنَاءُ غَيْرُ رَطْبٍ أَوْ كَثِيرٌ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ كَمَا فِي التَّوَسُّطِ فِي غَيْرِ مَا اُتُّخِذَ مِنْ عَظْمِ كَلْبٍ أَوْ خِنْزِيرٍ وَمَا تَفَرَّعَ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا وَحَيَوَانٍ آخَرَ. أَمَّا هُوَ فَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ مُطْلَقًا. وَلَا يُرَدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ فِيهِ تَفْصِيلٌ، وَتَكْفِي مُخَالَفَةُ حُكْمِ الْمَفْهُومِ حُكْمَ الْمَنْطُوقِ (إلَّا ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً) أَيْ إنَاءَيْهِمَا (فَيَحْرُمُ) اسْتِعْمَالُهُ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْخَنَاثَى فِي الطَّهَارَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ حَتَّى يَحْرُمَ عَلَى الْمُكَلَّفِ أَنْ يَسْقِيَ بِهِ مَثَلًا غَيْرَ مُكَلَّفٍ، وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي كَلَامِهِ مُنْقَطِعٌ إنْ نَظَرْنَا إلَى التَّأْوِيلِ الْمَارِّ. قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَيُقَاسُ بِمَا فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الصَّلَاةَ مَعَهُ بَاطِلَةٌ، وَقَوْلُ سم وَهِيَ طَاهِرَةٌ بِكُلِّ حَالٍ يَقْتَضِي جَوَازَ الْأَكْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ. [فَائِدَةٌ] لَوْ وُجِدَتْ قِطْعَةُ لَحْمٍ مَعَ حِدَأَةٍ مَثَلًا هَلْ يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهَا عَمَلًا بِالْأَصْلِ وَهُوَ عَدَمُ تَذْكِيَةِ الْحَيَوَانِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ فِيهِ تَرَدُّدٌ (قَوْلُهُ: أَيْ وَاقْتِنَاءُ) أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَكَذَا اتِّخَاذُهُ إلَخْ، فَإِنَّهُ يُفِيدُ جَوَازَ اقْتِنَاءِ غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ مُخَضَّبٍ) أَيْ إجَّانَةٍ مِنْ حَجَرٍ مُخْتَصَرُ الصِّحَاحِ لِلْقُرْطُبِيِّ (قَوْلُهُ: وَجِلْدُ الْآدَمِيِّ) أَيْ لَا يُرَدُّ عَلَى حَصْرِ الْحُرْمَةِ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الْمَغْصُوبِ إلَخْ؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهُمَا لَيْسَتْ مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ بَلْ مِنْ حَيْثُ حُرْمَةُ الْآدَمِيِّ وَالِاسْتِيلَاءُ عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ، كَذَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَلَى مَا نَقَلَهُ ابْنُ قَاسِمٍ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ. أَقُولُ: يَرُدُّ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ حُرْمَةَ مَا ذَكَرَهُ هُنَا فِي حَصْرِ الْحُرْمَةِ فِيهِ لَيْسَتْ مِنْ حَيْثُ الطَّهَارَةُ بَلْ هُوَ مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ حَلَالٌ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا حَصَرَ الْحُرْمَةَ فِيهِ وَمَا تَرَكَهُ فَتَأَمَّلْهُ اهـ بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالطَّاهِرِ النَّجَسُ) أَيْ وَالْمُتَنَجِّسُ (قَوْلُهُ: لِوُجُودِ التَّضَمُّخِ) وَهُوَ مُحَرَّمٌ فِي بَدَنٍ، وَكَذَا ثَوْبٌ بِنَاءً عَلَى حُرْمَةِ التَّضَمُّخِ بِهَا فِيهِ، وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ اهـ حَجّ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: لَا فِي جَافٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي نَحْوِ مَاءٍ قَلِيلٍ (قَوْلُهُ كَمَا فِي التَّوَسُّطِ) لِلْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ مُطْلَقًا) جَافًّا أَمْ لَا، وَلَكِنْ يُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ خِلَافُهُ، وَالصَّوَابُ مَا فِي الْأَصْلِ لَمَّا يَأْتِي فِي اللِّبَاسِ (قَوْلُهُ: فِي الطَّهَارَةِ وَغَيْرِهَا) وَإِنْ لَمْ يُؤَلَّفْ كَأَنْ كَبَّهُ عَلَى رَأْسِهِ وَاسْتَعْمَلَ أَسْفَلَهُ فِيمَا يَصْلُحُ لَهُ كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُمْ اهـ حَجّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ أَنْ يُسْقَى بِهِ مَثَلًا غَيْرُ مُكَلَّفٍ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِيهِ اسْتِعْمَالًا مِنْ الْوَلِيِّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ دَفْعُهُ لِلصَّبِيِّ لِيَشْرَبَ مِنْهُ بِنَفْسِهِ. وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ مَنْعُهُ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ وَإِنْ لَمْ يَأْثَمْ الصَّبِيُّ بِفِعْلِهَا، وَمِثْلُهُ إعْطَاؤُهُ آلَةَ اللَّهْوِ كَالْمِزْمَارِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْرُمَ لِمَا مَرَّ، وَلَا نَظَرَ لِتَأَلُّمِ الْوَلَدِ لِتَرْكِ ذَلِكَ، كَمَا أَنَّهُ لَا نَظَرَ لِتَأَذِّيه بِضَرْبِ الْوَلِيِّ لَهُ تَأْدِيبًا (قَوْلُهُ: إلَى التَّأْوِيلِ الْمَارِّ) هُوَ قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ طَاهِرًا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا) الصَّحْفَةَ: هِيَ مَا دُونَ الْقَصْعَةِ، فَهِيَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِ؛ لِأَنَّ الْآنِيَةَ تَشْمَلُ الصَّحْفَةَ وَغَيْرَهَا، وَعَلَيْهِ فَلَيْسَ التَّقْيِيدُ بِهَا لِإِخْرَاجِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي حَوَاشِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ [اسْتِعْمَالُ وَاقْتِنَاءُ كُلِّ إنَاءٍ طَاهِرٍ] (قَوْلُهُ: لِوُجُودِ التَّضَمُّخِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ إذَا لَمْ يَكُنْ تَضَمَّخَ كَأَنْ كَانَ يَغْتَرِفُ مِنْهُ بِشَيْءٍ فِي شَيْءٍ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ، فَهَلْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ أَوْ الْحُرْمَةُ مُطْلَقًا نَظَرًا لِمَا مِنْ شَأْنِهِ يُرَاجَعُ، ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ حَجَرٍ صَرَّحَ بِالْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ) يَعْنِي حِلَّ اسْتِعْمَالِ النَّجِسِ الْمَذْكُورِ فِي التَّفْصِيلِ قَبْلَ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: إلَى التَّأْوِيلِ الْمَارِّ) أَيْ قَوْلُهُ:

مَا فِي مَعْنَاهُ، فَإِنْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ إلَى اسْتِعْمَالِهِ كَمِرْوَدٍ مِنْهُمَا لِجَلَاءِ عَيْنِهِ جَازَ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْإِنَاءُ صَغِيرًا أَمْ كَبِيرًا، نَعَمْ الطَّهَارَةُ مِنْهُ صَحِيحَةٌ وَالْمَأْكُولُ وَنَحْوُهُ حَلَالٌ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لِلِاسْتِعْمَالِ لَا لِخُصُوصِ مَا ذُكِرَ، وَيَحْرُمُ التَّطَيُّبُ مِنْهُ بِنَحْوِ مَاءِ وَرْدٍ وَالِاحْتِوَاءُ عَلَى مِبْخَرَةٍ مِنْهُ أَوْ جُلُوسُهُ بِقُرْبِهَا بِحَيْثُ يُعَدُّ مُتَطَيِّبًا بِهَا عُرْفًا حَتَّى لَوْ بَخَّرَ الْبَيْتَ بِهَا أَوْ وَضَعَ ثِيَابَهُ عَلَيْهَا كَانَ مُسْتَعْمِلًا لَهَا. وَيَحْرُمُ تَبْخِيرُ نَحْوِ الْمَيِّتِ بِهَا أَيْضًا، وَالْحِيلَةُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فِي الِاسْتِعْمَالِ إذَا كَانَ فِي إنَاءٍ مِمَّا ذُكِرَ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْهُ إلَى شَيْءٍ آخَرَ وَلَوْ فِي أَحَدِ كَفَّيْهِ الَّتِي لَا يَسْتَعْمِلُهُ بِهَا فَيُصِبْهُ أَوَّلًا فِي يَدِهِ الْيُسْرَى ثُمَّ فِي الْيُمْنَى ثُمَّ يَسْتَعْمِلُهُ، وَيَحْرُمُ الْبَوْلُ فِي إنَاءٍ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَلَا يَشْكُلُ ذَلِكَ بِحِلِّ الِاسْتِنْجَاءِ بِهِمَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ ثَمَّ فِي قِطْعَةِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، لَا فِيمَا طُبِعَ أَوْ هُيِّئَ مِنْهُمَا لِذَلِكَ كَالْإِنَاءِ الْمُهَيَّإِ مِنْهُمَا لِلْبَوْلِ فِيهِ. وَتَحْرُمُ ـــــــــــــــــــــــــــــSغَيْرِهَا، بَلْ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْعَادَةِ الْأَكْلُ فِي الصِّحَافِ دُونَ الشُّرْبِ (قَوْلُهُ: إلَى اسْتِعْمَالِهِ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ إنَاءً لِيَصِحَّ التَّمْثِيلُ بِالْمِرْوَدِ (قَوْلُهُ: نَحْوُ الْمَيِّتِ) أَيْ كَالصَّغِيرِ (قَوْلُهُ: وَالْحِيلَةُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْحِيلَةَ إنَّمَا تَمْنَعُ حُرْمَةَ الِاسْتِعْمَالِ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّطَيُّبِ مِنْهُ لَا بِالنِّسْبَةِ لِاِتِّخَاذِهِ، وَجَعْلِ الطِّيبِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ لَهُ بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ بِالْأَخْذِ مِنْهُ، وَقَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ عِبَارَتِهِ اخْتِصَاصُ الْحِيلَةِ بِحَالَةِ التَّطَيُّبِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَعِبَارَةُ الْجَوَاهِرِ: مَنْ اُبْتُلِيَ بِشَيْءٍ مِنْ اسْتِعْمَالِ آنِيَةِ النَّقْدِ صَبَّ مَا فِيهَا فِي إنَاءٍ غَيْرِهَا بِقَصْدِ التَّفْرِيغِ وَاسْتَعْمَلَهُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَجْعَلْ الطَّعَامَ عَلَى رَغِيفٍ وَيَصُبَّ الدُّهْنَ وَمَاءَ الْوَرْدِ فِي يَدِهِ الْيُسْرَى ثُمَّ يَأْخُذَهُ مِنْهَا بِالْيُمْنَى وَيَسْتَعْمِلَهُ وَيَصُبَّ الْمَاءَ لِلْوُضُوءِ فِي يَدِهِ ثُمَّ يَصُبَّ مِنْ يَدِهِ إلَى مَحَلِّ الْوُضُوءِ، وَكَذَا لِلشُّرْبِ: أَيْ بِأَنْ يَصُبَّ فِي يَدِهِ ثُمَّ يَشْرَبَ مِنْهَا. قَالَ غَيْرُهُ: وَكَذَا لَوْ مَدَّ بِيُسْرَاهُ ثُمَّ كَبَّ بِيَمِينِهِ اهـ. ثُمَّ قَالَ: وَنَظَرَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ فِي التَّفْرِيغِ فِي يَسَارِهِ بِأَنَّهُ يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ مُسْتَعْمَلًا وَيُرَدُّ بِمَنْعِ مَا ذَكَرَهُ. قَالَ: وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ غَيْرَهُ لَوْ صَبَّ عَلَيْهِ مِنْ إنَاءِ الذَّهَبِ فِي الْوُضُوءِ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ مُسْتَعْمَلًا؛ لِأَنَّهُ مَا بَاشَرَ، فَإِنْ كَانَ أَذِنَ لَهُ عَصَى مِنْ جِهَةِ الْأَمْرِ فَقَطْ، ثُمَّ قَالَ: وَأَفَادَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ مَثَلًا أَنَّ الصَّبَّ فِي الْيُسْرَى لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ. وَعِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَالْحِيلَةُ فِي اسْتِعْمَالِ مَا فِي إنَاءِ النَّقْدِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ إلَى شَيْءٍ بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ يَأْكُلَهُ، أَوْ يَصُبَّ الْمَاءَ فِي يَدِهِ ثُمَّ يَشْرَبَهُ أَوْ يَتَطَهَّرَ بِهِ، أَوْ مَاءَ الْوَرْدِ فِي يَسَارِهِ ثُمَّ يَنْقُلَهُ لِيَمِينِهِ ثُمَّ يَسْتَعْمِلَهُ اهـ. وَكَأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ مَاءِ الْوَرْدِ وَالْمَاءِ فِيمَا ذَكَرَهُ أَنَّ الْمَاءَ يُبَاشَرُ اسْتِعْمَالُهُ مِنْ إنَائِهِ مِنْ غَيْرِ تَوَسُّطِ الْيَدِ عَادَةً، فَلَمْ يُعَدَّ صَبُّهُ فِيهَا ثُمَّ تَنَاوُلُهُ مِنْهَا اسْتِعْمَالًا لِإِنَائِهِ، بِخِلَافِ الطِّيبِ فَإِنَّهُ لَمْ يُعْتَدَّ فِيهِ ذَلِكَ إلَّا بِتَوَسُّطِ الْيَدِ فَاحْتِيجَ لِنَقْلِهِ مِنْهَا إلَى الْيَدِ الْأُخْرَى قَبْلَ اسْتِعْمَالِهِ، وَإِلَّا كَانَ مُسْتَعْمِلًا لِإِنَائِهِ فِيمَا اُعْتِيدَ فِيهِ اهـ. وَقَوْلُهُ أَوْ مَاءُ الْوَرْدِ فِي يَسَارِهِ: أَيْ بِقَصْدِ التَّفْرِيغِ كَمَا شَرَطَهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَخْذًا مِنْ الْجَوَاهِرِ اهـ سم عَلَى حَجّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ. (قَوْلُهُ: فِي يَدِهِ الْيُسْرَى) هَذَا فِي غَيْرِ الْمَاءِ، أَمَّا هُوَ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ بَلْ يَكْفِي صَبُّهُ فِي يَدِهِ ثُمَّ يَشْرَبُهُ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ نَقْلٍ إلَى الْأُخْرَى كَمَا يُفِيدُهُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ ثُمَّ يَسْتَعْمِلُهُ) نَعَمْ هِيَ لَا تَمْنَعُ حُرْمَةَ الْوَضْعِ فِي الْإِنَاءِ وَلَا حُرْمَةَ اتِّخَاذِهِ فَتَفَطَّنْ لَهُ اهـ ابْنُ حَجَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: الْمُهَيَّإِ مِنْهُمَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ بَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ حَيْثُ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَحْوَ الْمَيِّتِ) أَيْ كَالصَّغِيرِ (قَوْلُهُ: وَالْحِيلَةُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) هَذِهِ الْحِيلَةُ إنَّمَا تَمْنَعُ حُرْمَةَ الِاسْتِعْمَالِ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّطَيُّبِ مِنْهُ لَا بِالنِّسْبَةِ لِاِتِّخَاذِهِ وَجَعْلِ الطِّيبِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمِلٌ لَهُ بِذَلِكَ، كَمَا قَالَهُ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، وَذَكَرَ فِيهِ أَنَّ هَذِهِ الْحِيلَةَ لَا تَخْتَصُّ بِالتَّطَيُّبِ بَلْ تَجْرِي فِي الْأَكْلِ وَنَحْوِهِ، وَمِنْهُ أَنْ يَمُدَّ الْقَلَمَ بِيُسْرَاهُ ثُمَّ يَكْتُبَ بِيُمْنَاهُ، وَعُلِمَ أَنَّ الصَّبَّ فِي الْيُسْرَى لَيْسَ بِقَيْدٍ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ نَحْوُ الصَّبِّ فِي نَحْوِ الْيُسْرَى قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ بِقَصْدِ التَّفْرِيغِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مَأْخُوذٌ مِنْ شَرْحِ الْعُبَابِ الْمَذْكُورِ كَمَا نَقَلَهُ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ (قَوْلُهُ: لَا فِيمَا طُبِعَ أَوْ هُيِّئَ مِنْهُمَا لِذَلِكَ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ مَحَلُّهُ فِي قِطْعَةٍ لَمْ تُهَيَّأْ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ لَا تُعَدُّ إنَاءً وَلَمْ تُطْبَعْ انْتَهَتْ، وَسَيَأْتِي

الْمُكْحُلَةُ وَالْمِرْوَدُ وَالْخِلَالُ وَالْإِبْرَةُ وَالْمِجْمَرَةُ وَالْمِلْعَقَةُ وَالْمُشْطُ وَنَحْوُهَا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، وَالْكَرَاسِيُّ الَّتِي تُعْمَلُ لِلنِّسَاءِ مُلْحَقَةٌ بِالْآنِيَةِ كَالصُّنْدُوقِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ الْبَدْرُ بْنُ شُهْبَةَ، وَالشَّرَارِيبُ الْفِضَّةُ غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ عَلَيْهِنَّ فِيمَا يَظْهَرُ لِعَدَمِ تَسْمِيَتِهَا آنِيَةً. وَعِلَّةُ التَّحْرِيمِ فِي النَّقْدَيْنِ مُرَكَّبَةٌ مِنْ الْعَيْنِ وَالْخُيَلَاءِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ، وَلَا فَرْقَ فِي حُرْمَةِ مَا تَقَدَّمَ بَيْنَ الْخَلْوَةِ وَغَيْرِهَا، إذْ الْخُيَلَاءُ مَوْجُودَةٌ عَلَى تَقْدِيرِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ، وَلَوْ وُجِدَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ اسْتَعْمَلَ الْفِضَّةَ لَا الذَّهَبَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَمَحَلُّ حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ الذَّهَبِ مَا لَمْ يَصْدَأْ فَإِنْ صَدِئَ: أَيْ بِحَيْثُ يَسْتُرُ الصَّدَأَ جَمِيعَ ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ بِحَيْثُ لَا يَبِينُ جَازَ نَعَمْ يَجْرِي فِيهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي الْمُمَوَّهِ بِنَحْوِ نُحَاسٍ (وَكَذَا) يَحْرُمُ (اتِّخَاذُهُ) أَيْ اقْتِنَاؤُهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِعْمَالٍ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ اتِّخَاذَهُ يَجُرُّ إلَى اسْتِعْمَالِهِ وَالثَّانِي لَا اقْتِصَارًا عَلَى مَوْرِدِ النَّهْيِ عَنْ الِاسْتِعْمَالِ، وَيَحْرُمُ تَزَيُّنُ الْحَوَانِيتِ وَالْبُيُوتِ بِآنِيَةِ النَّقْدَيْنِ، وَيَحْرُمُ تَحْلِيَةُ الْكَعْبَةِ وَسَائِرِ الْمَسَاجِدِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (وَيَحِلُّ) الْإِنَاءُ (الْمُمَوَّهُ) أَيْ الْمَطْلِيُّ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ: أَيْ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِقِلَّةِ الْمُمَوَّهِ بِهِ فَكَأَنَّهُ مَعْدُومٌ. وَالثَّانِي يَحْرُمُ لِلْخُيَلَاءِ وَكَسْرِ قُلُوبِ الْفُقَرَاءِ، فَإِنْ كَثُرَ الْمُمَوَّهُ بِهِ بِأَنْ كَانَ يَحْصُلُ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي إنَاءٍ لَيْسَ مُعَدًّا لِلْبَوْلِ لَا يَحْرُمُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ وَالشَّرَارِيبُ الْفِضَّةُ) أَيْ الَّتِي تَجْعَلُهَا فِيمَا تَتَزَيَّنُ بِهِ بِخِلَافِ مَا تَجْعَلُهُ فِي نَحْوِ إنَاءٍ تَشْرَبُ مِنْهُ أَوْ تَأْكُلُ فِيهِ (قَوْلُهُ: مُرَكَّبَةٌ مِنْ الْعَيْنِ) أَيْ مِنْ ذَاتِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ. قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَالْخُيَلَاءُ جُزْءُ عِلَّةٍ أَوْ شَرْطٍ اهـ. قَالَ فِي حَوَاشِي الرَّوْضِ: الْفَرْقُ بَيْنَ شَطْرِ الْعِلَّةِ وَشَرْطِهَا أَنَّ شَطْرَ الْعِلَّةِ الْوَصْفُ الْمُنَاسِبُ أَوْ الْمُتَضَمِّنُ لِمَعْنًى مُنَاسِبٍ وَمَا يَقِفُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ وَلَا يُنَاسَبُ هُوَ الشَّرْطُ، قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي شِفَاءِ الْغَلِيلِ اهـ. وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الشَّارِحِ مُرَكَّبَةً وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فِي أَنَّ كُلًّا مِنْ الْعَيْنِ وَالْخُيَلَاءِ جُزْءٌ لِجَوَازِ أَنْ يُرِيدَ بِالتَّرْكِيبِ نَفْيَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ عِلَّةٌ حَتَّى يَبْقَى الْحُكْمُ بِبَقَاءِ إحْدَاهُمَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ صَدِئَ) صَدِئَ كَتَعِبَ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ اهـ. فَالْمَصْدَرُ صَدَأٌ بِوَزْنِ تَعَبٍ، وَأَمَّا الْوَسَخُ الَّذِي يَسْتُرُ الْإِنَاءَ فَالصِّدَاءُ بِالْمَدِّ. (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ نُحَاسٍ) أَيْ فَإِنْ كَانَ الصَّدَأُ لَوْ فُرِضَ نُحَاسًا تَحَصَّلَ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ لَمْ يَحْرُمْ وَإِلَّا حَرُمَ (قَوْلُهُ: فِي الْأَصَحِّ) وَإِنَّمَا جَازَ اتِّخَاذُ نَحْوِ ثِيَابِ الْحَرِيرِ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُلِ عَلَى خِلَافِ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الَّذِي اسْتَوْجَهَهُ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّ لِلنَّفْسِ مَيْلًا ذَاتِيًّا لِذَاكَ أَكْثَرَ فَكَانَ اتِّخَاذُهُ مَظِنَّةَ اسْتِعْمَالِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ اتِّخَاذَهُ يَجُرُّ إلَى اسْتِعْمَالِهِ) كَآلَةِ اللَّهْوِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَالشَّبَّابَةِ وَمِزْمَارِ الرُّعَاةِ وَكَكَلْبٍ لَمْ يُحْتَجْ لَهُ: أَيْ حَالًا، وَقِرْدٍ وَإِحْدَى الْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ وَصُوَرٍ نُقِشَتْ عَلَى غَيْرِ مُمْتَهَنٍ وَسَقْفٍ مُمَوَّهٍ بِنَقْدٍ يَتَحَصَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ اهـ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْقِرْدِ غَيْرِ صَحِيحٍ لِتَصْرِيحِهِمْ بِصِحَّةِ بَيْعِهِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ، وَمَا أَدَّى إلَى مَعْصِيَةٍ لَهُ حُكْمُهَا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ تَحْلِيَةُ الْكَعْبَةِ) هَلْ مِنْ التَّحْلِيَةِ مَا يُجْعَلُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِي سَتْرِ الْكَعْبَةِ أَوْ تَخْتَصُّ بِمَا يُجْعَلُ بِبَابِهَا أَوْ جُدْرَانِهَا فِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْآنَ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: أَيْ الْمُطْلَى) هُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الطَّاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ اهـ بَكْرِيٌّ. وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ. وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ طَلَاهُ بِالدُّهْنِ وَغَيْرِهِ مِنْ بَابِ رَمَى وَتُطْلَى بِالدُّهْنِ اطَّلَى بِهِ عَلَى افْتَعَلَ اهـ بِحُرُوفِهِ. وَلَمْ يَذْكُرْ اطَّلَى فَقِيَاسُ مَا فِيهِ أَنْ يُقْرَأَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ كَمَرْمِيٍّ، فَإِنَّ قِيَاسَ اسْمِ الْمَفْعُولِ مِنْهُ عَلَى مَفْعُولٍ فَيُقَالُ طَلَاهُ يَطْلِيه فَهُوَ مَطْلُويٌ قُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً وَأُدْغِمَتْ فِي الْيَاءِ ثُمَّ كُسِرَ مَا قَبْلَهَا لِتَسْلَمَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ: وَالشَّرَارِيبُ) لَمْ يَظْهَرْ لِي مَا مُرَادُهُ بِهَا، وَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا غ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا مَا تَجْعَلُهُ مِنْ الشَّرَارِيبِ لِلتَّزَيُّنِ بِهَا خُرُوجٌ عَمَّا الْكَلَامُ فِيهِ، وَأَحْكَامُ اللِّبَاسِ لَهَا مَحَلٌّ غَيْرُ هَذَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَجْرِي فِيهِ التَّفْصِيلُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يُقَدَّرَ الصَّدَأُ نَحْوُ نُحَاسٍ (قَوْلُهُ: أَنْ يَجُوزَ اسْتِعْمَالُهُ) فِيهِ التَّفْسِيرُ بِالْأَعَمِّ (قَوْلُهُ: لِقِلَّةِ الْمُمَوَّهِ بِهِ) أَيْ، فَهُوَ

النَّارِ حَرُمَ وَلَوْ اتَّخَذَ إنَاءً مِنْ أَحَدِهِمَا وَمَوَّهَهُ بِنَحْوِ نُحَاسٍ فَإِنْ حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ حَلَّ اسْتِدَامَتُهُ وَإِلَّا فَلَا، وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ بِالنِّسْبَةِ لِاسْتِدَامَتِهِ، أَمَّا الْفِعْلُ فَحَرَامٌ مُطْلَقًا وَلَوْ عَلَى سَقْفٍ أَوْ جِدَارٍ أَوْ عَلَى الْكَعْبَةِ، وَلَيْسَ مِنْ التَّمْوِيهِ لَصْقُ قِطَعِ نَقْدٍ فِي جَوَانِبِ الْإِنَاءِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ فِي الزَّكَاةِ بِالتَّحْلِيَةِ لِإِمْكَانِ فَصْلِهَا مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ، بَلْ هِيَ بِالضَّبَّةِ لِلزِّينَةِ أَشْبَهُ فَيَأْتِي تَفْصِيلُهَا فِيمَا يَظْهَرُ، وَقَدْ عَرَّفَ بَعْضُهُمْ الضَّبَّةَ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّهَا مَا يُلْصَقُ بِالْإِنَاءِ وَإِنْ لَمْ يَنْكَسِرْ وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذُكِرَ، وَبِهَذَا يُعْرَفُ جَوَازُ تَحْلِيَةِ آلَةِ الْحَرْبِ وَإِنْ كَثُرَتْ كَالضَّبَّةِ لِحَاجَةٍ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ وَأَنَّ إطْلَاقَهُمْ تَحْرِيمَ تَحْلِيَةِ غَيْرِهَا مَحْمُولٌ عَلَى قَطْعٍ يَحْصُلُ مِنْ مَجْمُوعِهَا قَدْرَ ضَبَّةٍ كَبِيرَةٍ لِزِينَةٍ (وَ) يَحِلُّ الْإِنَاءُ (النَّفِيسُ) فِي ذَاتِهِ مِنْ غَيْرِ النَّقْدَيْنِ (كَيَاقُوتٍ) أَيْ يَحِلُّ اسْتِعْمَالُهُ وَاِتِّخَاذُهُ (فِي الْأَظْهَرِ) لِعَدَمِ وُرُودِ نَهْيٍ فِيهِ وَلِانْتِفَاءِ ظُهُورِ مَعْنَى السَّرَفِ عَلَيْهِ وَالْخُيَلَاءِ. نَعَمْ يُكْرَهُ، وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ لِلْخُيَلَاءِ وَكَسْرِ قُلُوبِ الْفُقَرَاءِ. وَرَدَ بِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ. أَمَّا نَفِيسُ الصَّنْعَةِ كَزُجَاجٍ وَخَشَبٍ مُحْكَمِ الْخَرْطِ فَيَحِلُّ بِلَا خِلَافٍ، وَمَحِلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ فَصِّ الْخَاتَمِ أَمَّا هُوَ فَيَجُوزُ قَطْعًا (وَمَا ضُبِّبَ) مِنْ إنَاءٍ (بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ) (ضَبَّةً كَبِيرَةً لِزِينَةٍ حَرُمَ) اسْتِعْمَالُهُ وَاِتِّخَاذُهُ، وَمِثْلُهُ مَا إذَا كَانَتْ مَعَ كِبَرِهَا بَعْضُهَا لِزِينَةٍ وَبَعْضُهَا لِحَاجَةٍ، وَكَأَنَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَمَّا انْبَهَمَ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ عَمَّا لِلْحَاجَةِ غَلَبَ وَصَارَ ـــــــــــــــــــــــــــــS [فَرْعٌ] إذَا حَرَّمْنَا الْجُلُوسَ تَحْتَ سَقْفٍ مُمَوَّهٍ بِمَا يَحْصُلُ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ فَهَلْ يَحْرُمُ الْجُلُوسُ فِي ظِلِّهِ عَنْ الْخَارِجِ عَنْ مُحَاذَاتِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَحْرُمَ إذَا قَرُبَ بِخِلَافِ مَا إذَا بَعُدَ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الْمِجْمَرَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَعَلَى هَذَا فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ مَحَلٌّ يَتَمَكَّنُ مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فِيهِ إلَّا هَذَا فَهَلْ يُعَدُّ ذَلِكَ عُذْرًا فِي عَدَمِ حُضُورِ الْجُمُعَةِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَ الذَّهَبِ جَائِزٌ لِلْحَاجَةِ وَحُضُورُهَا حَاجَةٌ أَيُّ حَاجَةٍ (قَوْلُهُ أَوْ جِدَارٌ) عِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ: أَمَّا فِعْلُ التَّمْوِيهِ فَحَرَامٌ فِي نَحْوِ سَقْفٍ وَإِنَاءٍ وَغَيْرِهِمَا اهـ. وَإِطْلَاقُ غَيْرِهِمَا شَامِلٌ لِلتَّمْوِيهِ مِنْ الْمَرْأَةِ لِمَا تَتَزَيَّنُ بِهِ مِنْ نُحَاسٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي عَنْ ابْنِ حَجَرٍ فِي آلَةِ الْحَرْبِ جَوَازُهُ لِحَاجَةِ التَّزَيُّنِ بِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى الْكَعْبَةِ) نَعَمْ بَحْثُ حِلِّهِ فِي آلَةِ الْحَرْبِ تَمَسُّكًا بِأَنَّ كَلَامَهُمْ يَشْمَلُهُ وَيُوَجِّهُ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ بِأَنَّهُ لِحَاجَةٍ كَمَا يَأْتِي اهـ حَجّ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَيُوَجَّهُ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ التَّوَقُّفُ فِيهِ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ: وَقَدْ صَرَّحُوا فِي بَابِ اللِّبَاسِ بِتَحْرِيمِ تَمْوِيهِ الْخَاتَمِ وَالسَّيْفِ مُطْلَقًا. وَاسْتَشْكَلَ عَلَى التَّفْصِيلِ هُنَا مَعَ ضِيقِ بَابِ الْآنِيَةِ. وَأُجِيبَ بِحَمْلِ مَا هُنَاكَ عَلَى نَفْسِ الْفِعْلِ وَبِأَنَّ الْخُيَلَاءَ فِي الْمَلْبُوسِ أَشَدُّ اهـ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَالْخَاتَمُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِهِ لِامْرَأَةٍ أَوْ رَجُلٍ (قَوْلُهُ: كَيَاقُوتٍ) قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: وَمِنْ النَّفِيسِ طِيبٌ رَفِيعٌ كَمِسْكٍ وَعَنْبَرٍ وَكَافُورٍ لَا مِنْ نَحْوِ صَنْدَلٍ كَنَفِيسٍ بِصَنْعَتِهِ اهـ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ فَصِّ الْخَاتَمِ) أَيْ مِنْ النَّفِيسِ. وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: فَصُّ الْخَاتَمِ بِالْفَتْحِ وَالْعَامَّةُ تَقُولُهُ بِالْكَسْرِ وَجَمْعُهُ فُصُوصٌ اهـ بِحُرُوفِهِ. وَفِي الْمِصْبَاحِ: وَقَالَ الْفَارَابِيُّ وَابْنُ السِّكِّيتِ: كَسْرُ الْفَاءِ رَدِيءٌ، وَفِي الْقَامُوسِ: الْفَصُّ لِلْخَاتَمِ مُثَلَّثَةٌ، وَالْكَسْرُ غَيْرُ لَحْنٍ، وَوَهَمَ الْجَوْهَرِيُّ اهـ (قَوْلُهُ: اسْتِعْمَالُهُ) : سَكَتَ عَنْ نَفْسِ الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ التَّضْبِيبُ فَهَلْ يَحْرُمُ مُطْلَقًا كَالتَّمْوِيهِ أَوْ يُفَرَّقُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَعْلِيلِ حُرْمَةِ التَّمْوِيهِ مُطْلَقًا ـــــــــــــــــــــــــــــQفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ وَسَيَأْتِي مُحْتَرَزُهُ (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا يُعْرَفُ) أَيْ بِقَوْلِهِ وَلَيْسَ مِنْ التَّمْوِيهِ إلَخْ، وَوَجْهُ مَعْرِفَتِهِ كَاَلَّذِي بَعْدَهُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ جَعَلَ التَّحْلِيَةَ حُكْمَ الضَّبَّةِ، فَإِنْ كَانَ لِحَاجَةٍ حَلَّ مُطْلَقًا وَمِنْهُ تَحْلِيَةُ آلَةِ الْحَرْبِ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهَا حَرُمَ عِنْدَ الْكِبْرِ وَمِنْهُ غَيْرُ آلَةِ الْحَرْبِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ وَأَنَّ إطْلَاقَهُمْ إلَى آخِرِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْإِمْكَانُ فَصْلُهَا مِنْ غَيْرِ نَقْصِ تَحْرِيمِ تَمْوِيهِ آلَةِ الْحَرْبِ مُطْلَقًا وَإِنْ حَلَّ اسْتِعْمَالُهُ. وَحَاصِلُ مَسْأَلَةِ التَّمْوِيهِ كَمَا فَهِمْته مِنْ مُتَفَرِّقَاتِ كَلَامِهِمْ ثُمَّ رَأَيْته مُصَرَّحًا بِهِ فِيمَا نَقَلَهُ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ لِلشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ أَنَّ فِعْلَهُ حَرَامٌ مُطْلَقًا حَتَّى فِي حُلِيِّ النِّسَاءِ، وَأَمَّا اسْتِعْمَالُ الْمُمَوَّهِ فَإِنْ كَانَ لَا يَتَحَصَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ حَلَّ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ يَتَحَصَّلُ حَلَّ لِلنِّسَاءِ فِي حُلِيِّهِنَّ خَاصَّةً وَحَرُمَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ فَصِّ الْخَاتَمِ) فِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ

الْمَجْمُوعُ كَأَنَّهُ لِلزِّينَةِ، وَعَلَيْهِ لَوْ تَمَيَّزَ الزَّائِدُ عَلَى الْحَاجَةِ كَانَ لَهُ حُكْمُ مَا لِلزِّينَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (أَوْ صَغِيرَةٍ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ فَلَا) يَحْرُمُ وَلَا يُكْرَهُ، فَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا لِزِينَةٍ وَبَعْضُهَا لِحَاجَةٍ جَازَتْ مَعَ الْكَرَاهَةِ (أَوْ صَغِيرَةٍ لِزِينَةٍ أَوْ كَبِيرَةٍ لِحَاجَةٍ جَازَ فِي الْأَصَحِّ) نَظَرًا لِلصِّغَرِ وَلِلْحَاجَةِ لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَشَمِلَتْ الضَّبَّةُ لِلْحَاجَةِ مَا لَوْ عَمَّتْ جَمِيعَ الْإِنَاءِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى حِينَئِذٍ ضَبَّةً مَمْنُوعٌ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى الزِّينَةِ وَالْكِبَرِ، وَأَصْلُ ضَبَّةِ الْإِنَاءِ مَا يُصْلِحُ بِهِ خَلَلَهُ مِنْ صَفِيحَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَإِطْلَاقُهَا عَلَى مَا هُوَ لِلزِّينَةِ تَوَسُّعٌ، وَمَرْجِعُ الْكَبِيرَةِ وَالصَّغِيرَةِ الْعُرْفُ، فَإِنْ شَكَّ فِي الْكِبَرِ فَالْأَصْلُ الْإِبَاحَةُ. وَلَا يَشْكُلُ ذَلِكَ مِمَّا سَيَأْتِي فِي اللِّبَاسِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ فِي ثَوْبٍ فِيهِ حَرِيرٌ وَغَيْرُهُ أَيُّهُمَا أَكْثَرُ أَنَّهُ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ أَوْ شَكَّ فِي التَّفْسِيرِ هَلْ هُوَ أَكْثَرُ مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ لَا فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْدِثِ مَسُّهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: مُلَابَسَةُ الثَّوْبِ لِلْبَدَنِ أَشَدُّ مِنْ مُلَابَسَةِ الضَّبَّةِ لَهُ فَاحْتِيطَ ثُمَّ مَا لَا يُحْتَاطُ لَهُ هُنَا، وَأَمَّا التَّفْسِيرُ فَإِنَّمَا حَرُمَ مَعَ الشَّكِّ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ التَّعْظِيمِ، وَالْمُرَادُ بِالْحَاجَةِ غَرَضُ الْإِصْلَاحِ لَا الْعَجْزُ عَنْ غَيْرِ النَّقْدَيْنِ؛ لِأَنَّ الْعَجْزَ عَنْ غَيْرِهِمَا يُبِيحُ اسْتِعْمَالَ الْإِنَاءِ الَّذِي كُلُّهُ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَضْلًا عَنْ الْمُضَبَّبِ، وَتَوَسَّعَ الْمُصَنِّفُ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ فِي نَصْبِ الضَّبَّةِ بِفِعْلِهَا نَصْبَ الْمَصْدَرِ: أَيْ لِأَنَّ انْتِصَابَ الضَّبَّةِ عَلَى الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ فِيهِ تَوَسُّعٌ عَلَى خِلَافِ الْأَكْثَرِ، إذْ أَكْثَرُ مَا يَكُونُ الْمَفْعُولُ الْمُطْلَقُ مَصْدَرًا وَهُوَ اسْمُ الْحَدَثِ الْجَارِي عَلَى الْفِعْلِ كَمَا فِي نَحْوِ {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164] . لَكِنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ قَدْ يَنُوبُ عَنْ الْمَصْدَرِ فِي الِانْتِصَابِ عَلَى الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ أَشْيَاءُ كَالْمُشَارِكِ لِلْمَصْدَرِ فِي حُرُوفِهِ الَّتِي صِيغَتُهُ بُنِيَتْ مِنْهَا، وَيُسَمَّى الْمُشَارِكُ فِي الْمَادَّةِ وَهُوَ أَقْسَامٌ مِنْهَا مَا يَكُونُ اسْمَ عَيْنٍ لَا حَدَثَ كَالضَّبَّةِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ وَكَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتًا} [نوح: 17] فَضَبَّةٌ اسْمُ عَيْنٍ مُشَارِكٍ لِمَصْدَرِ ضَبَّبَ وَهُوَ التَّضْبِيبُ فِي مَادَّتِهِ فَأُنِيبَ مَنَابَهُ فِي انْتِصَابِهِ عَلَى الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ. وَالْأَصْلُ فِي جَوَازِ مَا تَقَدَّمَ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ «أَنَّ قَدَحَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي كَانَ يَشْرَبُ فِيهِ كَانَ مُسَلْسَلًا ـــــــــــــــــــــــــــــSبِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ، وَلَعَلَّ الثَّانِيَ أَقْرَبُ اهـ سم عَلَى حَجّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: كَانَ لَهُ حُكْمُ مَا لِلزِّينَةِ) أَيْ فَيَحْرُمُ جَمِيعُهُ، لَكِنْ هَذَا مُشْكِلٌ عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ التَّعْلِيلِ بِإِبْهَامِ مَا لِلزِّينَةِ، فَالْأَوْلَى جَعْلُ الضَّمِيرِ لِلزَّائِدِ وَعَلَيْهِ فَلَا إشْكَالَ فِي كَلَامِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: فَالْأَصْلُ الْإِبَاحَةُ) الْمُرَادُ بِالْإِبَاحَةِ مَا قَابَلَ الْحُرْمَةَ ثُمَّ إنْ كَانَتْ لِزِينَةٍ كُرِهَتْ أَوْ لِحَاجَةٍ فَلَا فِيمَا يَظْهَرُ فَتَأَمَّلْ. وَبَقِيَ مَا لَوْ شَكَّ هَلْ الضَّبَّةُ لِلزِّينَةِ أَوْ لِلْحَاجَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْحِلُّ مَعَ الْكَرَاهَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْأَصْلُ الْإِبَاحَةُ (قَوْلُهُ: مُلَابَسَةُ الثَّوْبِ لِلْبَدَنِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الثَّوْبِ بَيْنَ كَوْنِهِ مَنْسُوجًا مِنْ قُطْنٍ أَوْ حَرِيرٍ، وَكَوْنِ أَصْلِهِ مِنْ الْقُطْنِ مَثَلًا ثُمَّ طُرِّزَ بِالْحَرِيرِ. [فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ دَقِّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَأَكْلِهِمَا مُنْفَرِدَيْنِ أَوْ مَعَ انْضِمَامِهِمَا لِغَيْرِهِمَا مِنْ الْأَدْوِيَةِ، هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ كَغَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ الْأَدْوِيَةِ أَمْ لَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ فِيهِ: إنَّ الْجَوَازَ لَا شَكَّ فِيهِ حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ نَفْعٌ، بَلْ وَكَذَا إنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ ذَلِكَ لِتَصْرِيحِهِمْ فِي الْأَطْعِمَةِ بِأَنَّ الْحِجَارَةَ وَنَحْوَهَا لَا يَحْرُمُ مِنْهَا إلَّا مَا أَضَرَّ بِالْبَدَنِ أَوْ الْعَقْلِ. وَأَمَّا تَعْلِيلُ الْحُرْمَةِ بِإِضَاعَةِ الْمَالِ فَمَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ الْإِضَاعَةَ إنَّمَا تَحْرُمُ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ لِغَرَضٍ، وَمَا هُنَا لِقَصْدِ التَّدَاوِي، وَصَرَّحُوا بِجَوَازِ التَّدَاوِي بِاللُّؤْلُؤِ فِي الِاكْتِحَالِ وَغَيْرِهِ وَرُبَّمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQإنَّمَا هُوَ فِي الْآنِيَةِ (قَوْلُهُ: كَانَ لَهُ) أَيْ لِلزَّائِدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ: أَيْ فَإِنْ كَانَ كَبِيرًا فِي نَفْسِهِ عُرْفًا حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ شَكَّ فِي الْكِبْرِ) أَيْ وَلَمْ يُنَبِّهْهُمْ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُمْ صَرَّحُوا إلَخْ) كَأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ الشَّارِحَ الْجَلَالَ حَكَمَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ تَوَسَّعَ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ سَنَدٍ حَتَّى اسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ بِمَا ذُكِرَ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مُرَادَهُ، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ أَنَّهُ تَوَسَّعَ كَمَا تَوَسَّعُوا بِنَصْبِ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ مَعَ مُخَالَفَةِ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: وَكَمَا فِي نَحْوِ قَوْله تَعَالَى {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتًا} [نوح: 17] فِي كَوْنِ نَبَاتًا هُنَا اسْمَ عَيْنٍ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَصْدَرٌ فَلْيُرَاجَعْ.

بِفِضَّةٍ لِانْصِدَاعِهِ: أَيْ مُشَعَّبًا بِخَيْطِ فِضَّةٍ لِانْشِقَاقِهِ، قَالَ أَنَسٌ: لَقَدْ سَقَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ هَذَا كَذَا وَكَذَا» وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِشَارَةَ عَائِدَةٌ لِلْإِنَاءِ بِصِفَتِهِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا عِنْدَهُ وَاحْتِمَالُ عَوْدِهَا إلَيْهِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ ذَلِكَ بِصِفَتِهِ خِلَافَ الظَّاهِرِ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَسَمَّرَ الدَّرَاهِمَ فِي الْإِنَاءِ لَا طَرَحَهَا فِيهِ كَالتَّضْبِيبِ، وَلَا يَحْرُمُ شُرْبُهُ وَفِي فَمِهِ نَحْوُ فِضَّةٍ، وَلَوْ جَعَلَ لِلْإِنَاءِ رَأْسًا مِنْ فِضَّةٍ كَصَفِيحَةٍ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ وَضْعُ شَيْءٍ فِيهِ جَازَ مَا لَمْ يَضَعْ عَلَيْهِ شَيْئًا فَيَحْرُمُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ لَهُ فَهُوَ إنَاءٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ إنَاءً عَلَى الْإِطْلَاقِ نَظِيرَ الْخِلَالِ وَالْمِرْوَدِ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى إمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَحْدَهُ وَعَدَمِهِ لَا بِسَمَرِهِ فِيهِ وَعَدَمِهِ أَوْ سَلْسَلِهِ مِنْهَا، فَكَذَلِكَ كَانَ لِمَحْضِ الزِّينَةِ اشْتَرَطَ صِغَرَهُمَا عُرْفًا كَالضَّبَّةِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَا يَلْحَقُ بِغِطَاءِ الْإِنَاءِ غِطَاءُ الْعِمَامَةِ وَكِيسُ الدَّرَاهِمِ إذَا اتَّخَذَهُمَا مِنْ حَرِيرٍ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ إذْ تَغْطِيَةُ الْإِنَاءِ مُسْتَحَبَّةٌ بِخِلَافِ الْعِمَامَةِ، أَمَّا كِيسُ الدَّرَاهِمِ فَلَا حَاجَةَ إلَى اتِّخَاذِهِ مِنْهُ. وَأَلْحَقَ صَاحِبُ الْكَافِي فِي احْتِمَالٍ لَهُ طَبَقَ الْكِيزَانِ بِغِطَاءِ الْكُوزِ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ صَفِيحَةٌ فِيهَا ثُقْبٌ لِلْكِيزَانِ وَفِي إبَاحَتِهِ بَعْدُ، فَإِنَّ فَرْضَ عَدَمِ تَسْمِيَتِهِ إنَاءً وَكَانَتْ الْحُرْمَةُ مَنُوطَةً بِهَا فَلَا بُعْدَ فِيهِ حِينَئِذٍ بِالنِّسْبَةِ لِاِتِّخَاذِهِ وَاقْتِنَائِهِ، أَمَّا وَضْعُ الْكِيزَانِ عَلَيْهِ فَاسْتِعْمَالٌ لَهُ. وَالْمُتَّجِهُ الْحُرْمَةُ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي وَضْعِ الشَّيْءِ عَلَى رَأْسِ الْإِنَاءِ. وَقَدْ بَلَّغَ بَعْضُهُمْ الْأَوْجُهَ فِي مَسَائِلِ الضَّبَّةِ وَالْإِنَاءِ وَالتَّمْوِيهِ إلَى اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ وَجْهٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ وَجْهًا مَعَ عَدَمِ تَعَرُّضِهِ لِلْخِلَافِ فِي ضَبْطِ الضَّبَّةِ، وَلَوْ تَعَرَّضَ لَهُ لَزَادَ مَعَهُ الْعَدَدُ عَلَى ذَلِكَ زِيَادَةً كَثِيرَةً (وَضَبَّةُ مَوْضِعِ الِاسْتِعْمَالِ) نَحْوُ الشُّرْبِ (كَغَيْرِهِ) فِيمَا ذُكِرَ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الِاسْتِعْمَالَ مَنْسُوبٌ إلَى الْإِنَاءِ كُلِّهِ، وَلِأَنَّ مَعْنَى الْعَيْنِ وَالْخُيَلَاءِ لَا تَخْتَلِفُ، وَالثَّانِي يَحْرُمُ إنَاؤُهَا مُطْلَقًا لِمُبَاشَرَتِهَا بِالِاسْتِعْمَالِ؛ وَلَوْ تَعَدَّدَتْ ضَبَّاتٌ صَغِيرَاتٌ لِزِينَةٍ فَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ حِلُّهَا، وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْ مَجْمُوعِهَا قَدْرُ ضَبَّةٍ كَبِيرَةٍ، وَإِلَّا فَالْأَوْجَهُ تَحْرِيمُهَا لِمَا فِيهَا مِنْ الْخُيَلَاءِ، وَبِهِ فَارَقَ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ تَعَدَّدَ الدَّمُ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ وَلَوْ اجْتَمَعَ لَكَثُرَ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فِيهِ. قُلْت: الْمَذْهَبُ تَحْرِيمُ إنَاءِ (ضَبَّةِ الذَّهَبِ مُطْلَقًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) إذْ الْخُيَلَاءُ فِيهِ أَشَدُّ مِنْ الْفِضَّةِ وَبَابُهَا أَوْسَعُ بِدَلِيلِ جَوَازِ الْخَاتَمِ مِنْهَا لِلرَّجُلِ، وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الذَّهَبَ كَالْفِضَّةِ فِي التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSزَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى الذَّهَبِ (قَوْلُهُ: أَيْ مُشَعَّبًا) قَالَ فِي الصِّحَاحِ: يُقَالُ قَصْعَةٌ مُشَعَّبَةٌ: أَيْ شُعِّبَتْ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا اهـ. وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ: وَيُقَالُ قَصْعَةٌ مُشَعَّبَةٌ: أَيْ شُعِّبَتْ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا، وَالتَّشْدِيدُ لِلتَّكْثِيرِ اهـ بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: كَذَا وَكَذَا) أَيْ مَرَّاتٌ كَثِيرَةٌ (قَوْلُهُ: عَنْ ذَلِكَ) أَيْ الْإِشَارَةِ: أَيْ عَنْ كَوْنِهَا إلَيْهِ بِصِفَتِهِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ عَنْ صِفَتِهِ بَدَلَ لَفْظٍ عَنْ ذَلِكَ فَتَصِيرُ الْعِبَارَةُ هَكَذَا: وَاحْتِمَالُ عَوْدِهَا إلَيْهِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَوْلِهِ بِصِفَتِهِ خِلَافَ الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْرُمُ شُرْبُهُ) قَدْ يُشْعِرُ الِاقْتِصَارُ عَلَى نَفْيِ الْحُرْمَةِ بِكَرَاهَةِ ذَلِكَ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، ثُمَّ رَأَيْت الْخَطِيبَ عَلَى أَبِي شُجَاعٍ صَرَّحَ بِنَفْيِ الْكَرَاهَةِ أَيْضًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ أَوْ سَلْسَلِهِ مِنْهَا) أَيْ الْفِضَّةِ، وَقَوْلُهُ فَكَذَلِكَ: أَيْ يَجُوزُ (قَوْلُهُ: مَنُوطَةٌ بِهَا) أَيْ بِالتَّسْمِيَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: عَنْ ذَلِكَ بِصِفَتِهِ) حَقُّ الْعِبَارَةِ عَنْ صِفَتِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ ابْنَ الصَّلَاحِ وَغَيْرَهُ بَيَّنُوا أَنَّ الَّذِي سَلْسَلَ الْإِنَاءَ هُوَ أَنَسٌ بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: وَمَعَ ذَلِكَ فَالِاحْتِجَاجُ بَاقٍ لِعَدَمِ إنْكَارِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ) أَيْ الْوَضْعُ (قَوْلُهُ:، وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى إمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِهِ) أَيْ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ وَضْعُ شَيْءٍ عَلَيْهِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِإِمْكَانِ ذَلِكَ فِيهِ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ وَإِنْ مَنَعَ مِنْهُ نَحْوُ تَسْمِيرِهِ هَكَذَا ظَهَرَ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَكَانَتْ الْحُرْمَةُ مَنُوطَةً) هُوَ كَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلِاتِّخَاذِ (قَوْلُهُ: إنَاؤُهَا) أَيْ الضَّبَّةِ الَّتِي فِي مَحَلِّ الِاسْتِعْمَالِ.

[باب أسباب الحدث الأصغر]

بَابُ أَسْبَابِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ إذْ هُوَ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ غَالِبًا، وَالْأَسْبَابُ جَمْعُ سَبَبٍ وَهُوَ الْوَصْفُ الظَّاهِرُ الْمُنْضَبِطُ الْمُعَرِّفُ لِلْحُكْمِ، وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِأَنَّهُ الَّذِي يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ وَمِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ. وَالْبَابُ مَا يُتَوَصَّلُ مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ، وَفِي الِاصْطِلَاحِ اسْمٌ لِجُمْلَةٍ مُخْتَصَّةٍ مِنْ الْعِلْمِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى فُصُولٍ وَمَسَائِلَ. وَالْحَدَثُ لُغَةً: الشَّيْءُ الْحَادِثُ كَمَا تَقَدَّمَ. وَشَرْعًا: يُطْلَقُ عَلَى أَمْرٍ اعْتِبَارِيٍّ يَقُومُ بِالْأَعْضَاءِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ حَيْثُ لَا مُرَخِّصَ، وَعَلَى الْأَسْبَابِ الَّتِي يَنْتَهِي بِهَا الطُّهْرُ، وَعَلَى الْمَنْعِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبَابُ أَسْبَابِ الْحَدَثِ وَعَبَّرَ بِالْأَسْبَابِ لِيَسْلَمَ عَمَّا أَوْرَدَ عَلَى التَّعْبِيرِ بِالنَّوَاقِضِ مِنْ اقْتِضَائِهِ أَنَّهَا تُبْطِلُ الطُّهْرَ الْمَاضِيَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا يَنْتَهِي بِهَا، وَلَا يَضُرُّ تَعْبِيرُهُ بِالنَّقْضِ فِي قَوْلِهِ فَخَرَجَ الْمُعْتَادُ نَقَضَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ بَانَ الْمُرَادُ بِهِ وَبِالْمُوجِبَاتِ مِنْ اقْتِضَائِهِ أَنَّهَا تُوجِبُهُ وَحْدُهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ مَعَ إرَادَةِ فِعْلٍ نَحْوِ الصَّلَاةِ اهـ ابْنُ حَجَرٍ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ ابْنُ قَاسِمٍ قَوْلَهُ: لِأَنَّهُ قَدْ بَانَ إلَخْ، فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْأَسْبَابِ غَايَتُهُ أَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى النَّقْضِ لَا أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِهِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، وَعَدَمُ دَلَالَتِهِ لَا تُنَافِي النَّقْضَ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْعِبَارَةُ الْأُخْرَى ظَاهِرٌ فَتَدَبَّرْ، وَقَوْلُهُ مَعَ إرَادَةِ فِعْلٍ إلَخْ قَدْ يَشْكُلُ هَذَا بِاقْتِضَاءِ عَدَمِ الْوُجُوبِ إذَا لَمْ يَرِدْ، أَوْ أَرَادَ الْعَدَمَ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ مَعَ أَنَّهُ بِدُخُولِهِ يُخَاطَبُ بِالصَّلَاةِ وَمُخَاطَبَتُهُ بِهَا مُخَاطَبَةٌ بِمَا لَا تَتِمُّ إلَّا بِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ الْإِرَادَةُ وَلَوْ حُكْمًا، وَلَمَّا كَانَ مَأْمُورًا بِالْإِرَادَةِ بَعْدَ الدُّخُولِ كَانَ فِي حُكْمِ الْمُرِيدِ بِالْفِعْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ بِحُرُوفِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَمَّا نَظَرَ بِهِ فِي قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ بَانَ بِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنَّهُ بَانَ مِنْ مُجَرَّدِ التَّعْبِيرِ بِالْأَسْبَابِ، بَلْ مِنْهُ مَعَ الْعُدُولِ عَنْ النَّوَاقِضِ الْمُسْتَعْمَلَةِ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ، فَإِنَّ مَنْ تَأَمَّلَ وَجْهَ الْعُدُولِ ظَهَرَ لَهُ أَنَّ مَا يُفْهَمُ مِنْ النَّقْضِ لُغَةً غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ) أَيْ شَرْعًا الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: غَالِبًا) اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْجُنُبِ فِي النِّيَّةِ إذَا قَالَ نَوَيْت رَفْعَ الْحَدَثِ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْأَكْبَرُ، إذْ الْقَرِينَةُ قَائِمَةٌ عَلَى ذَلِكَ، فَلَوْ أَنَّ الْمُرَادَ الْأَصْغَرُ لَارْتَفَعَتْ جَنَابَتُهُ عَنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَقَطْ. هَذَا وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الْبَكْرِيِّ وَأَنَّ الْمُرَادَ الْأَوَّلُ: أَيْ الْأَصْغَرُ؛ لِأَنَّهُ مُصْطَلَحُ الْفُقَهَاءِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ اهـ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِمْ هُوَ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يُعْنَى فِي عِبَارَاتِ الْمُصَنِّفِينَ وَعَلَيْهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِلتَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ غَالِبًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْوَصْفُ) أَيْ اصْطِلَاحًا، أَمَّا لُغَةً فَهُوَ مَا يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى الْمَقْصُودِ اهـ زِيَادِيُّ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ السَّبَبَ وُضِعَ لِمَا يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى غَيْرِهِ. وَفِي الْمِصْبَاحِ: السَّبَبُ الْحَبْلُ وَهُوَ مَا يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى الِاسْتِعْلَاءِ، ثُمَّ اُسْتُعِيرَ لِكُلِّ شَيْءٍ يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى أَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ فَقِيلَ هَذَا سَبَبُ هَذَا وَهَذَا مُسَبَّبٌ عَنْ هَذَا (قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ) خَرَجَ الْخَفِيُّ (قَوْلُهُ: الْمُنْضَبِطُ) خَرَجَ بِهِ مَا يَثْبُتُ مَعَهُ الْحُكْمُ تَارَةً وَيَنْتَفِي أُخْرَى فَلَا يَكُونُ سَبَبًا، وَبِقَوْلِهِ الْمُعَرِّفُ لِلْحُكْمِ الْمُعَرِّفُ نَقِيضَهُ وَهُوَ الْمَانِعُ (قَوْلُهُ: الْمُعَرِّفُ لِلْحُكْمِ) أَيْ الَّذِي هُوَ عَلَامَةٌ عَلَيْهِ وَلَيْسَ مُثْبِتًا لَهُ. (قَوْلُهُ: وَيُعَبَّرُ عَنْهُ) أَيْ السَّبَبُ (قَوْلُهُ: مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ) أَيْ لِذَاتِهِ، فَقَدْ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ بَلْ الْعَدَمُ كَمَا لَوْ اقْتَرَنَ الْمَانِعُ بِالسَّبَبِ، وَقَدْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ كَأَنْ خَلَفَهُ سَبَبٌ آخَرُ كَالزَّوْجِيَّةِ مَعَ انْتِفَاءِ الْقَرَابَةِ (قَوْلُهُ: وَالْبَابُ مَا يُتَوَصَّلُ) أَيْ فِي اللُّغَةِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ وَفِي الِاصْطِلَاحِ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى فُصُولٍ وَمَسَائِلَ) أَيْ غَالِبًا (قَوْلُهُ يَقُومُ بِالْأَعْضَاءِ) أَيْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ لَا جَمِيعِ الْبَدَنِ عَلَى الرَّاجِحِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَصْغَرِ، وَجَمِيعِ الْبَدَنِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَسْبَابِ الَّتِي يَنْتَهِي بِهَا إلَخْ) أَيْ وَيُطْلَقُ حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ عَلَى الْأَسْبَابِ الَّتِي إلَخْ، لَكِنْ فِي ابْنِ حَجَرٍ مَا نَصُّهُ: ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَابُ أَسْبَابِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ] [السَّبَبُ الْأَوَّل خُرُوجُ شَيْءٍ مِنْ قُبُلِهِ أَوْ دُبُرِهِ] بَابُ أَسْبَابِ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ: الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ) أَيْ الْوَاقِعُ فِي اسْتِعْمَالَاتِ الْفُقَهَاءِ كَمَا هُنَا (قَوْلُهُ: وَيُعَبَّرُ عَنْهُ إلَخْ) التَّعْرِيفَانِ مُتَّحِدَانِ

الْمُتَرَتِّبِ عَلَى ذَلِكَ، وَالْمُرَادُ هُنَا الثَّانِي وَإِنْ أَوْهَمَتْ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تَفْسِيرَ الْحَدَثِ بِغَيْرِ الثَّانِي إلَّا أَنْ تَجْعَلَ الْإِضَافَةَ بَيَانِيَّةً. وَقَدَّمَ هُنَا هَذَا الْبَابَ كَأَصْلِهِ عَلَى الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُولَدُ مُحْدِثًا، فَكَانَ الْأَصْلُ فِي الْإِنْسَانِ ذَلِكَ وَلَا يُولَدُ جُنُبًا، فَنَاسَبَ تَأْخِيرَ الْغُسْلِ مُطْلَقًا وَتَأْخِيرَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَسْبَابَ الْحَدَثِ عَنْ الْوُضُوءِ يُوَجَّهُ بِأَنَّ الرَّفْعَ لِلطَّهَارَةِ فَرْعُ وُجُودِهَا (هِيَ) أَيْ الْأَسْبَابُ (أَرْبَعَةٌ) فَقَطْ ثَابِتَةٌ بِالْأَدِلَّةِ وَعِلَّةُ النَّقْضِ بِهَا غَيْرُ مَعْقُولَةٍ فَلَا يُقَاسَ عَلَيْهَا، وَأَمَّا شِفَاءُ دَائِمِ الْحَدَثِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ فَمَذْكُورٌ فِي بَابِهِ مَعَ أَنَّهُ نَادِرٌ، وَأَمَّا الرِّدَّةُ فَلَا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ؛ لِأَنَّهَا لَا تُحْبِطُ الْعَمَلَ إلَّا إنْ اتَّصَلَتْ بِالْمَوْتِ. وَنَزْعُ الْخُفِّ يُوجِبُ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ فَقَطْ وَإِعَادَةَ التَّيَمُّمِ، وَمَا أُلْحِقَ بِهِ مِنْ وُضُوءٍ نَحْوَ السَّلَسِ مَذْكُورٌ حُكْمُهُ فِي بَابِهِ، فَلَا نَقْضَ بِالْقَهْقَهَةِ فِي الصَّلَاةِ وَلَا بِالْبُلُوغِ بِالسِّنِّ وَلَا بِأَكْلِ لَحْمِ الْجَزُورِ وَإِنْ اخْتَارَ الْمُصَنِّفُ مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ النَّقْضَ بِهِ وَذَكَرَ أَنَّ فِيهِ حَدِيثَيْنِ صَحِيحَيْنِ لَيْسَ عَنْهُمَا جَوَابٌ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الْأَسْبَابِ الْآتِيَةِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ ابْنُ قَاسِمٍ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إطْلَاقٌ حَقِيقِيٌّ اصْطِلَاحِيٌّ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَجَازِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ هُنَا الثَّانِي) مَا الْمَانِعُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى غَيْرِهِ وَلَا يُنَافِيه قَوْلُهُ هِيَ أَرْبَعَةٌ وَيَصِيرُ الْمَعْنَى أَسْبَابَ الْمَنْعِ أَوْ الْأَمْرُ الِاعْتِبَارِيُّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ) أَيْ فَلَا إيهَامَ. وَقَدْ يَمْنَعُ بِأَنَّ الْإِيهَامَ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ لِمَا يُفِيدُهُ اللَّفْظُ، وَأَمَّا جَعْلُ الْإِضَافَةِ بَيَانِيَّةً فَأَمْرٌ خَارِجٌ عَنْ مَدْلُولِ اللَّفْظِ، فَالْحَمْلُ عَلَيْهِ مُصَحِّحٌ لِلتَّعْبِيرِ لَا دَافِعَ لِلْإِيهَامِ، هَذَا وَيَرُدُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَدَثِ الْمَعْنَى الثَّانِي إذَا لَمْ تَجْعَلْ الْإِضَافَةَ بَيَانِيَّةً أَنَّ التَّقْدِيرَ بَابُ أَسْبَابِ أَسْبَابِ الْحَدَثِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ فَيَتَعَيَّنُ جَعْلُ الْإِضَافَةِ بَيَانِيَّةً، أَوْ حَمْلَ الْحَدَثِ عَلَى غَيْرِ الْأَسْبَابِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ بَعْدَ ذِكْرِ الْإِطْلَاقَاتِ الثَّلَاثِ: فَإِنْ أُرِيدَ أَحَدُ الْأَوَّلَيْنِ: أَيْ الْأَمْرِ الِاعْتِبَارِيِّ وَالْمَنْعِ فَالْإِضَافَةُ بِمَعْنَى اللَّامِ أَوْ الثَّالِثِ فَهِيَ بَيَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ: يُولَدُ مُحْدِثًا) أَيْ مَحْكُومًا عَلَيْهِ بِالْحَدَثِ حَجّ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ وَأَمَّا شِفَاءٌ دَائِمُ الْحَدَثِ) وَعِبَارَةُ حَجّ وَنَحْوُ شِفَاءِ السَّلَسِ لَا يَرِدُ؛ لِأَنَّ حَدَثَهُ لَمْ يَرْتَفِعْ اهـ. وَكَلَامُ الشَّارِحِ ظَاهِرٌ فِي الِانْتِقَاضِ بِشِفَاءٍ دَائِمِ الْحَدَثِ. وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّهُ بِالْوُضُوءِ ارْتَفَعَ الْمَنْعُ الْخَاصُّ وَهُوَ حُرْمَةُ الْفَرْضِ وَبِشِفَائِهِ زَالَ هَذَا الْمَنْعُ فَعُدَّ نَاقِضًا، وَأَمَّا قَوْلُ حَجّ لَمْ يَرْتَفِعْ فَمُرَادُهُ أَنَّ الْأَمْرَ الِاعْتِبَارِيَّ لَمْ يَرْتَفِعْ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ اتَّصَلَتْ بِالْمَوْتِ) زَادَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ بَعْدَ مَا ذَكَرَ وقَوْله تَعَالَى {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} [المائدة: 5] مَخْصُوصٌ بِمَنْ مَاتَ مُرْتَدًّا لِقَوْلِهِ {مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ} [المائدة: 54] الْآيَةُ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ وَمَنْ يَرْتَدَّ إلَخْ: قَدْ يُقَالُ هَذَا مِنْ قَبِيلِ ذِكْرِ بَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ بِحُكْمِهِ وَهُوَ لَا يُخَصَّصُ. وَيُجَابُ بِأَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَفْهُومٌ وَإِلَّا كَمَا هُنَا فَإِنْ قَوْله تَعَالَى: يَمُتْ مَعْطُوفٌ عَلَى الشَّرْطِ فَلَهُ حُكْمُهُ فَلَهُ مَفْهُومٌ يُخَصِّصُ اهـ بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا نَقْضَ بِالْقَهْقَهَةِ) إنَّمَا صَرَّحَ بِهَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ لِلرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ (قَوْلُهُ: وَلَا بِأَكْلِ لَحْمِ الْجَزُورِ) أَيْ الْبَعِيرِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (قَوْلُهُ: لَيْسَ عَنْهُمَا جَوَابٌ) زَادَ حَجّ شَافٍ. وَأُجِيبَ بِأَنَّا أَجْمَعْنَا ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ جِهَةِ الْمَاصَدَقَ فَقَطْ، وَإِلَّا فَالْأَوَّلُ تَعْرِيفٌ بِالذَّاتِيَّاتِ وَالثَّانِي بِالْخَاصَّةِ وَلِهَذَا قَالَ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ (قَوْلُهُ:، وَالْمُرَادُ هُنَا الثَّانِي) لَعَلَّ مُرَادَهُ بِهُنَا مَا يُذْكَرُ فِي الْبَابِ لَا مَا وَقَعَ فِي التَّرْجَمَةِ، إلَّا أَنَّ مَا ذَكَرَهُ بَعْدُ لَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ، أَمَّا الْوَاقِعُ فِي التَّرْجَمَةِ فَالْأَظْهَرُ فِيهِ إرَادَةُ أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ بِقَرِينَةِ إضَافَةِ الْأَسْبَابِ الَّتِي هِيَ الْمَعْنَى الثَّانِي إلَيْهِ، وَلَا يَصِحُّ إرَادَةُ الثَّانِي إلَّا أَنْ تُجْعَلَ الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةً، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ مُرَادَهُ بِهُنَا مَا فِي التَّرْجَمَةِ، وَإِنَّمَا رَجَّحَ فِيهِ الْمَعْنَى الثَّانِيَ؛ لِأَنَّ إرَادَةَ غَيْرِهِ تُوهِمُ أَنَّ الْأَسْبَابَ لَا تُسَمَّى حَدَثًا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) اُنْظُرْ مَا مَوْقِعُ هَذَا الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: وَعِلَّةُ النَّقْضِ بِهَا غَيْرُ مَعْقُولَةٍ) هِيَ عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ، وَهِيَ مُعْتَرِضَةٌ بِأَنَّ مَا سَيَأْتِي مِنْ تَعْلِيلِهَا يَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ، وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ، وَالْحَصْرُ فِيهَا تَعَبُّدِيٌّ. وَيُمْكِنُ تَرْجِيعُ مَا هُنَا إلَيْهِ بِأَنْ يُقَالَ: مَعْنَى قَوْلِهِ وَعِلَّةُ النَّقْضِ بِهَا: أَيْ بِمَجْمُوعِهَا فَسَاوَتْ الْعِبَارَةَ الْمَذْكُورَةَ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا مُرَادُهُ قَوْلُهُ: بَعْدُ: وَأَمَّا شِفَاءُ دَائِمِ الْحَدَثِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَمَذْكُورٌ فِي بَابِهِ) هَذَا

جَوَابَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، وَمِمَّا يُضْعِفُ النَّقْضَ بِهِ أَنَّ الْقَائِلَ بِهِ لَا يُعَدِّيه إلَى شَحْمِهِ وَسَنَامِهِ، مَعَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ. وَرَدُّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمَا لَا يُسَمِّيَانِ لَحْمًا كَمَا فِي الْأَيْمَانِ فَأَخَذَ بِظَاهِرِ النَّصِّ. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ عَمَّمَ عَدَمَ النَّقْضِ بِالشَّحْمِ مَعَ شُمُولِهِ لِشَحْمِ الظَّهْرِ وَالْجَنْبِ الَّذِي حَكَمَ الْعُلَمَاءُ فِي الْأَيْمَانِ بِشُمُولِ اللَّحْمِ لَهُ، وَلَا نَقْضَ أَيْضًا بِالنَّجَاسَةِ الْخَارِجَةِ مِنْ غَيْرِ الْفَرْجِ كَقَيْءٍ وَفَصْدٍ وَحِجَامَةٍ، لِمَا رُوِيَ مِنْ «أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَرَسَا الْمُسْلِمِينَ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ، فَقَامَ أَحَدُهُمَا يُصَلِّي فَرَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ الْكُفَّارِ بِسَهْمٍ فَنَزَعَهُ وَصَلَّى وَدَمُهُ يَجْرِي، وَعَلِمَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُنْكِرْهُ» . وَأَمَّا صَلَاتُهُ مَعَ الدَّمِ فَلِقِلَّةِ مَا أَصَابَهُ مِنْهُ (أَحَدُهَا خُرُوجُ شَيْءٍ مِنْ قُبُلِهِ أَوْ دُبُرِهِ) عَيْنًا أَوَرِيحًا طَاهِرًا أَوْ نَجِسًا جَافًّا أَوْ رَطْبًا مُعْتَادًا كَبَوْلٍ، أَوْ نَادِرًا كَدَمٍ انْفَصَلَ أَوْ لَا، حَتَّى لَوْ أَدْخَلَ فِي ذَكَرِهِ مِيلًا ثُمَّ أَخْرَجَهُ انْتَقَضَ، ثَبَتَ ذَلِكَ فِي نَحْوِ الْغَائِطِ بِالنَّصِّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [المائدة: 6] الْآيَةُ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَلَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» وَأَلْحَقَ بِذَلِكَ مَا عَدَاهُ مِنْ كُلِّ خَارِجٍ، وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْوَاضِحِ، أَمَّا الْمُشْكِلُ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى عَدَمِ الْعَمَلِ بِهِمَا؛ لِأَنَّ الْقَائِلَ بِنَقْضِهِ يَخُصُّهُ بِغَيْرِ شَحْمِهِ إلَخْ اهـ (قَوْلُهُ: فَأَخَذَ) أَيْ الْقَائِلُ بِظَاهِرِ النَّصِّ (قَوْلُهُ: لِمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّ رَجُلَيْنِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ، وَفِي أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَابِرٍ: «أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَرَسَا الْمُسْلِمِينَ لَيْلَةً فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ، فَقَامَ أَحَدُهُمَا يُصَلِّي، فَرَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ الْكُفَّارُ بِسَهْمٍ فَوَضَعَهُ فِيهِ فَنَزَعَهُ، ثُمَّ رَمَاهُ بِآخَرَ ثُمَّ بِثَالِثٍ ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ وَدِمَاؤُهُ تَجْرِي، وَعَلِمَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُنْكِرْهُ» وَأَمَّا الدَّمُ فَلَعَلَّ الَّذِي أَصَابَهُ مِنْهُ قَلِيلٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَاءٌ يَغْسِلُهُ بِهِ اهـ بِحُرُوفِهِ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ ابْنُ قَاسِمٍ قَوْلَهُ أَصَابَهُ مِنْهُ قَلِيلٌ قَدْ يُقَالُ أَوْ كَثِيرٌ؛ لِأَنَّهُ دَمُ نَفْسِهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ ثُمَّ إلَخْ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى صِحَّةِ الصَّلَاةِ مَعَ الدَّمِ الْغَيْرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ إذَا فَقَدَ مَا يَغْسِلُهُ بِهِ وَإِنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ نَفْلًا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ كَانَتْ نَفْلًا فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ فَإِنَّهُ: أَيْ الْعَفْوُ عَنْهُ بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِهِمْ اهـ بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: فَلِقِلَّةِ مَا أَصَابَهُ مِنْهُ) أَيْ أَوْ أَنَّ دَمَ الشَّخْصِ نَفْسِهِ يُعْفَى عَنْهُ وَإِنْ كَثُرَ عَلَى مَا يَأْتِي فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: أَحَدُهَا خُرُوجُ شَيْءٍ) خَرَجَ الدُّخُولُ، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا ابْنِ حَجَرٍ لِلْإِرْشَادِ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ رَأَى عَلَى ذَكَرِهِ بَلَلًا يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ إلَّا إذَا لَمْ يَحْتَمِلْ طُرُوُّهُ لَمْ مِنْ خَارِجٍ خِلَافًا لِلْغَزِّيِّ، كَمَا لَوْ خَرَجَتْ مِنْهُ رُطُوبَةٌ وَشَكَّ أَنَّهَا مِنْ الظَّاهِرِ أَوْ الْبَاطِنِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَلَا يُكَلَّفُ إزَالَتُهَا: أَيْ وَإِنْ أَدَّى ذَلِكَ إلَى الْتِصَاقِ رَأْسِ ذَكَرِهِ بِثَوْبِهِ؛ لِأَنَّا لَمْ نَحْكُمْ بِنَجَاسَتِهَا (قَوْلُهُ: انْفَصَلَ أَوْ لَا) وَشَمِلَ ذَلِكَ أَيْضًا خُرُوجُ عُودٍ أَدْخَلَهُ مَلْفُوفًا فِي نَحْوِ خِرْقَةٍ دُونَهَا بِأَنْ سَلَّهُ مِنْهَا وِفَاقًا ل م - رَحِمَهُ اللَّهُ - اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فِي ذَكَرِهِ مِيلًا) أَيْ مِرْوَدًا (قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [المائدة: 6] الْآيَةُ) فِي الْآيَةِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ: أَيْ وَحَذْفٌ: أَيْ إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ مِنْ النَّوْمِ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَاغْسِلُوا إلَى قَوْلِهِ {عَلَى سَفَرٍ} [المائدة: 6] فَيُقَالُ عَقِبَهُ {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [المائدة: 6] ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَوْقِيفٌ مَعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ، فَإِنَّ نَظْمَهَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمَرَضَ وَالسَّفَرَ حَدَثَانِ وَلَا قَائِلَ بِهِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: إنَّ " أَوْ " فِي " أَوْ جَاءَ " بِمَعْنَى الْوَاوِ الْحَالِيَّةِ، وَيُغْنِي عَنْ تَكَلُّفِ ذَلِكَ أَنْ يُقَدِّرَ جُنُبًا فِي قَوْلِهِ {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [المائدة: 6] انْتَهَى شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِابْنِ حَجَرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يَدْفَعُ إيرَادَ مَا ذُكِرَ عَلَى الْحَصْرِ إلَّا إنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ فَمَذْكُورٌ فِي بَابِهِ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي بَابِهِ أَنَّهُ غَيْرُ نَاقِضٍ فَلْيُرَاجَعْ مَا ذَكَرَهُ هُنَاكَ (قَوْلُهُ: فَلِقِلَّةِ مَا أَصَابَهُ) لَعَلَّهُ إنَّمَا احْتَاجَ إلَى الْجَوَابِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ فِي خُرُوجِهِ بِنَزْعِ السَّهْمِ، وَإِلَّا فَدَمُ الْإِنْسَانِ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ مَا لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهِ أَوْ يُجَاوِزُ مَحَلَّهُ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ أَدْخَلَ إلَخْ) غَايَةٌ فِي أَصْلِ

فَإِنْ خَرَجَ مِنْ فَرْجَيْهِ مَعًا نَقَضَ وَإِلَّا فَلَا، وَتَعْبِيرُهُ أَحْسَنُ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ، وَالتَّنْبِيهُ بِالسَّبِيلَيْنِ إذْ لِلْمَرْأَةِ ثَلَاثُ مَخَارِجَ اثْنَانِ مِنْ قُبُلٍ وَوَاحِدٌ مِنْ دُبُرٍ، وَلِشُمُولِهِ مَا لَوْ خُلِقَ لَهُ ذَكَرَانِ فَإِنَّهُ يُنْتَقَضُ بِالْخَارِجِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَكَذَا لَوْ خُلِقَ لِلْمَرْأَةِ فَرْجَانِ (إلَّا الْمَنِيَّ) مِنْ نَفْسِهِ الْخَارِجَ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَلَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ كَأَنْ احْتَلَمَ النَّائِمُ قَاعِدًا عَلَى وُضُوئِهِ؛ لِأَنَّهُ أَوْجَبَ أَعْظَمَ الْأَمْرَيْنِ وَهُوَ الْغُسْلُ بِخُصُوصِهِ فَلَا يُوجِبُ أَدْوَنَهُمَا بِعُمُومِهِ كَزِنَا الْمُحْصَنِ، وَإِنَّمَا أَوْجَبَهُ الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ مَعَ إيجَابِهِمَا الْغُسْلَ؛ لِأَنَّهُمَا يَمْنَعَانِ صِحَّةَ الْوُضُوءِ مُطْلَقًا فَلَا يُجَامِعَانِهِ، بِخِلَافِ خُرُوجِ الْمَنِيِّ يَصِحُّ مَعَهُ الْوُضُوءُ فِي صُورَةِ سَلَسِ الْمَنِيِّ فَيُجَامِعُهُ. وَلَوْ أَلْقَتْ وَلَدًا جَافًّا وَجَبَ عَلَيْهَا الْغُسْلُ وَلَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبَعًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ وَإِنْ انْعَقَدَ مِنْ مَنِيِّهَا وَمَنِيِّهِ لَكِنْ اسْتَحَالَ إلَى الْحَيَوَانِيَّةِ فَلَا يَلْزَمُ أَنْ يُعْطَى سَائِرَ أَحْكَامِهِ؛ وَلَوْ أَلْقَتْ بَعْضَ وَلَدٍ كَيَدٍ انْتَقَضَ وُضُوءُهَا وَلَا غُسْلَ عَلَيْهَا. وَمِنْ فَوَائِدِ عَدَمِ النَّقْضِ بِالْمَنِيِّ صِحَّةُ صَلَاةِ الْمُغْتَسِلِ بِدُونِ وُضُوءٍ قَطْعًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ، وَلَوْ قُلْنَا بِالنَّقْضِ لَكَانَ فِيهَا بِدُونِ وُضُوءٍ خِلَافٌ ـــــــــــــــــــــــــــــS- رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: مَا لَوْ خُلِقَ لَهُ ذَكَرَانِ) أَيْ أَصْلِيَّانِ بِخِلَافِ الزَّائِدِ فَإِنَّهُ لَا نَقْضَ بِالْخَارِجِ مِنْهُ: أَيْ حَيْثُ عَلِمَ بِأَنَّهُ زَائِدٌ، وَمِنْهُ مَا لَوْ خُلِقَ لَهُ ذَكَرَانِ وَكَانَ يُمْنِي بِأَحَدِهِمَا وَيَبُولُ بِالْآخِرِ، فَمَا أَمْنَى بِهِ هُوَ الزَّائِدُ وَمَا يَبُولُ بِهِ الْأَصْلُ اهـ سم - رَحِمَهُ اللَّهُ -. أَمَّا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا زَائِدًا وَالْآخَرُ أَصْلِيًّا وَاشْتَبَهَ فَقِيَاسُ مَا يَأْتِي عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ مِنْ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ النَّقْضَ مَنُوطٌ بِهِمَا لَا بِأَحَدِهِمَا أَنَّهُ هُنَا إنَّمَا يُنْتَقَضُ بِالْخُرُوجِ مِنْهُمَا لَا مِنْ أَحَدِهِمَا. وَعِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ هُنَا نَعَمْ لَمَّا تَحَقَّقَتْ زِيَادَتُهُ أَوْ احْتَمَلَتْ حُكْمَ مُنْفَتِحٍ تَحْتَ الْمَعِدَةِ اهـ بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: أَوَّلَ مَرَّةٍ) بِخِلَافِ مَا لَوْ خَرَجَ وَانْفَصَلَ ثُمَّ أَدْخَلَهُ فِي ذَكَرِهِ فَإِنَّهُ يَنْقُضُ إذَا خَرَجَ لِعَدَمِ إيجَابِهِ الْغُسْلَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْغُسْلُ بِخُصُوصِهِ) اُعْتُرِضَ بِإِفْسَادِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ بِجِمَاعٍ أَثِمَ بِهِ بِسَبَبِ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ وَيُوجِبُ الْقَضَاءَ، فَأَوْجَبَ أَعْظَمَ الْأَمْرَيْنِ وَهُوَ الْكَفَّارَةُ بِخُصُوصِ كَوْنِهِ جِمَاعًا فَكَيْفَ يُوجِبُ أَدْوَنُهُمَا وَهُوَ الْقَضَاءُ بِعُمُومِ كَوْنِهِ مُفْطِرًا. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْجِنْسَ هُنَاكَ لِمَا اخْتَلَفَ وَجَبَ الْأَعْظَمُ وَالْأَدْوَنُ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ الْقَضَاءَ غَيْرُ الْكَفَّارَةِ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّهُ يَتَّحِدُ، كَذَا نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ حَمْدَانَ. أَقُولُ: قَدْ يَمْنَعُ أَنَّ الْكَفَّارَةَ أَعْظَمُ مِنْ الْقَضَاءِ، بَلْ قَدْ يُدَّعَى أَنَّ الْقَضَاءَ أَعْظَمُ مِنْ الْكَفَّارَةِ بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِ الْأَفْرَادِ فَلَا يَتَوَجَّهُ السُّؤَالُ مِنْ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَلْقَتْ وَلَدًا جَافًّا) أَيْ أَوْ مُضْغَةً جَافَّةً انْتَهَى سم عَلَى حَجّ. وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى قَوْلِ حَجّ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَلْقَتْ مُضْغَةً وَجَبَ عَلَيْهَا الْغُسْلُ لِاخْتِلَاطِهَا بِمَنِيِّ الرَّجُلِ: أَيْ أَوْ عَلَقَةً جَافَّةً قِيَاسًا عَلَى الْمُضْغَةِ لِمَا يَأْتِي أَنَّ كُلًّا مَظِنَّةٌ لِلنِّفَاسِ (قَوْلُهُ: سَائِرُ أَحْكَامِهِ) أَيْ الْمَنِيِّ (قَوْلُهُ انْتَقَضَ وُضُوءُهَا) وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا بَرَزَ بَعْضُ الْعُضْوِ لَا يُحْكَمُ بِالنَّقْضِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مُنْفَصِلٌ؛ لِأَنَّا لَا نَنْقُضُ بِالشَّكِّ، فَإِنْ تَمَّ خُرُوجُهُ مُنْفَصِلًا حَكَمْنَا بِالنَّقْضِ وَإِلَّا فَلَا م ر وَلَوْ خَرَجَ جَمِيعُ الْوَلَدِ مُتَقَطِّعًا عَلَى دَفْعَاتٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنَّ تَوَاصُلَ خُرُوجِ أَجْزَائِهِ الْمُتَقَطِّعَةِ بِحَيْثُ يُنْسَبُ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ وَجَبَ الْغُسْلُ بِخُرُوجِ الْأَخِيرِ وَتَبَيَّنَ عَدَمُ النَّقْضِ بِمَا قَبْلَهُ، وَإِلَّا بِأَنْ خَرَجَتْ تِلْكَ الْأَجْزَاءُ مُتَفَاصِلَةً بِحَيْثُ لَا يُنْسَبُ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ كَانَ خُرُوجُ كُلِّ وَاحِدٍ نَاقِضًا وَلَا غُسْلَ، وَلَوْ خَرَجَ نَاقِصًا عُضْوًا نَقْصًا عَارِضًا كَأَنْ انْقَطَعَتْ يَدُهُ وَتَخَلَّفَتْ عَنْ خُرُوجِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخُرُوجِ لَا فِي عَدَمِ الِانْفِصَالِ (قَوْلُهُ: فِي صُورَةِ سَلَسِ الْمَنِيِّ) إنَّمَا قَصَرَ التَّصْوِيرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ، بِخِلَافِ مَنِيِّ السَّلِيمِ، فَإِنَّهُ مِنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ فَلَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِلْزَامُ، وَإِلَّا فَالْحُكْمُ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ اسْتَحَالَ إلَى الْحَيَوَانِيَّةِ) سَيَأْتِي لَهُ فِي بَابِ الْغُسْلِ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ بِالْوِلَادَةِ بِلَا بَلَلٍ أَنَّهُ عَلَّلَ بِأَنَّهَا لَا تَخْلُو عَنْ بَلَلٍ وَإِنْ كُنَّا لَا نُشَاهِدُهُ، وَهُوَ يُنَافِي مَا هُنَا مِنْ عَدَمِ النَّقْضِ.

وَنِيَّةُ السُّنِّيَّةِ بِوُضُوئِهِ قَبْلَ الْغُسْلِ، وَلَوْ نَقَضَ لَنَوَى بِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ. وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّ مِنْ فَوَائِدِهِ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ تَيَمَّمَ لِلْجَنَابَةِ لِعَجْزِهِ عَنْ الْمَاءِ صَلَّى مَا شَاءَ مِنْ الْفَرَائِضِ مَا لَمْ يُحْدِثْ أَوْ يَجِدْ الْمَاءَ؛ لِأَنَّهُ يُصَلِّي بِالْوُضُوءِ وَتَيَمُّمُهُ إنَّمَا هُوَ عَنْ الْجَنَابَةِ، رُدَّ بِأَنَّهُ غَلَطٌ، إذْ الْجَنَابَةُ مَانِعَةٌ مِنْ صِحَّةِ الْفَرْضِ الثَّانِي بِدُونِ تَيَمُّمٍ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يُبِيحُ لِلْجُنُبِ وَلَا لِلْمُحْدِثِ أَكْثَرَ مِنْ فَرْضٍ (وَلَوْ) (انْسَدَّ مَخْرَجُهُ) الْأَصْلِيُّ قُبُلًا كَانَ أَوْ دُبُرًا بِأَنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ وَإِنْ لَمْ يَنْسَدَّ بِلَحْمَةٍ كَمَا قَالَهُ الْفَزَارِيّ (وَانْفَتَحَ تَحْتَ مَعِدَتِهِ) مَخْرَجٌ بَدَلَهُ (فَخَرَجَ) مِنْهُ (الْمُعْتَادُ) خُرُوجُهُ (نَقَضَ) إذْ لَا بُدَّ لِلْإِنْسَانِ مِنْ مَخْرَجٍ فَأُقِيمَ هَذَا مَقَامَهُ (وَكَذَا نَادِرٌ كَدُودٍ) وَدَمٍ (فِي الْأَظْهَرِ) لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْمُنْسَدِّ فِي الْمُعْتَادِ ضَرُورَةً فَكَذَا فِي النَّادِرِ، وَالثَّانِي يَقُولُ لَا ضَرُورَةَ فِي قِيَامِهِ مَقَامَهُ فِي النَّادِرِ فَلَا نَقْضَ، وَالْمَعِدَةُ مُسْتَقَرُّ الطَّعَامِ مِنْ الْمَكَانِ الْمُنْخَسِفِ تَحْتَ الصَّدْرِ إلَى السُّرَّةِ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا السُّرَّةُ، وَمُرَادُهُمْ بِتَحْتِ الْمَعِدَةِ مَا تَحْتَ السُّرَّةِ، وَبِفَوْقِهَا السُّرَّةُ وَمُحَاذِيهَا وَمَا فَوْقَهَا (أَوْ) انْفَتَحَ (فَوْقَهَا) أَيْ فَوْقَ الْمَعِدَةِ بِأَنْ انْفَتَحَ فِي السُّرَّةِ وَمَا فَوْقَهَا كَمَا تَقَدَّمَ (وَهُوَ) أَيْ الْأَصْلِيُّ (مُنْسَدٌّ أَوْ تَحْتَهَا وَهُوَ مُنْفَتِحٌ فَلَا) يَنْقُضُ الْخَارِجُ مِنْهُ الْمُعْتَادُ (فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ فَوْقِهَا بِالْقَيْءِ أَشْبَهَ إذْ مَا تُحِيلُهُ الطَّبِيعَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــSتَوَقَّفَ الْغُسْلُ عَلَى خُرُوجِهَا م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُهُ عَلَى خُرُوجِهَا: أَيْ عَلَى الِاتِّصَالِ الْعَادِي عَلَى مَا قَدَّمَهُ، وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ غُسْلٌ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا بَعْضُ وَلَدٍ، وَهُوَ إنَّمَا يَنْقُضُ عَلَى مَا مَرَّ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْخَارِجَ أَوَّلًا لَمَّا أُطْلِقَ عَلَيْهِ اسْمُ الْوَلَدِ عُرْفًا أُوجِبَ الْغُسْلُ بِخُصُوصِهِ حَيْثُ خَرَجَ بَاقِيه مُطْلَقًا. هَذَا، وَمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ خُرُوجَهُ مُتَفَرِّقًا لَا يُوجِبُ الْغُسْلَ حَتَّى بِالْجُزْءِ الْأَخِيرِ قَدْ يُقَالُ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ تَحَقَّقَ خُرُوجُ الْوَلَدِ بِتَمَامِهِ فَلَا وَجْهَ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْغُسْلِ. وَقَوْلُهُ قَبْلَ وُجُوبِ الْغُسْلِ بِخُرُوجِ الْأَخِيرِ وَهَلْ يَتَبَيَّنُ وُجُوبُ قَضَاءِ الصَّلَوَاتِ السَّابِقَةِ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ بِتَمَامِ خُرُوجِهِ وُجُوبُ الْغُسْلِ فَقَدْ وَقَعَتْ الصَّلَوَاتُ السَّابِقَةُ مَعَ الْجَنَابَةِ، أَوْ لَا يَتَبَيَّنُ وُجُوبُ قَضَائِهَا؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ لِلْغُسْلِ إنَّمَا يَجِبُ الْغُسْلُ مِنْهُ بِخُرُوجِهِ وَانْقِطَاعِهِ، فَلَا يَجِبُ الْغُسْلُ هُنَا إلَّا بِتَمَامِ الْخُرُوجِ، وَالصَّلَوَاتُ السَّابِقَةُ وَقَعَتْ قَبْلَ وُجُوبِ الْغُسْلِ مَعَ صِحَّةِ وُضُوئِهَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْمُتَّجِهُ الْآنَ الثَّانِي اهـ سم عَلَى الْبَهْجَةِ. أَقُولُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ بَلْ لَا وَجْهَ لِغَيْرِهِ بِنَاءً عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ مِنْ أَنَّ بَعْضَ الْوَلَدِ لَا يُوجِبُ الْغُسْلَ (قَوْلُهُ: وَنِيَّةُ السُّنِّيَّةِ) أَيْ وَمِنْ فَوَائِدِ نِيَّةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ انْسَدَّ مَخْرَجُهُ) أَيْ جِنْسُهُ فَيَصْدُقُ بِمَا لَوْ انْسَدَّ أَحَدُ مَخْرَجَيْهِ ثُمَّ تَفَتَّحَتْ لَهُ ثُقْبَةٌ (قَوْلُهُ: وَانْفَتَحَ تَحْتَ مَعِدَتِهِ) وَالْمَعِدَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ وَبِكَسْرِهِمَا وَبِفَتْحِ الْمِيمِ أَوْ كَسْرِهَا مَعَ سُكُونِ الْعَيْنِ فِيهِمَا اهـ شَرْحُ الْبَهْجَةِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: مَخْرَجٌ بَدَلُهُ) قَالَ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ: وَلَوْ تَعَدَّدَ هَذَا الثُّقْبُ وَكَانَ يَخْرُجُ الْخَارِجُ مِنْ كُلٍّ مِنْ ذَلِكَ الْمُتَعَدِّدِ فَيَنْبَغِي النَّقْضُ بِخُرُوجِ الْخَارِجِ مِنْ كُلٍّ سَوَاءٌ أَحَصَلَ انْفِتَاحُهُ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَصْلِيِّينَ م ر وَيَجُوزُ لِلْحَلِيلِ الْوَطْءُ فِي هَذَا الثَّقْبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْحَلِيلَةِ دُبُرٌ؛ لِأَنَّ الْمُمْتَنِعَ هُوَ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ وَهَذَا لَيْسَ دُبُرًا م ر اهـ بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: فَخَرَجَ مِنْهُ) التَّعْقِيبُ الَّذِي أَفَادَتْهُ الْفَاءُ لَيْسَ مُرَادًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا نَادِرٌ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالنَّادِرِ غَيْرُ الْمُعْتَادِ فَيَشْمَلُ مَا لَمْ يُعْتَدْ لَهُ خُرُوجٌ أَصْلًا وَلَا مَرَّةً اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: مَا تَحْتَ السُّرَّةِ) أَيْ مِمَّا يَقْرُبُ مِنْهَا فَلَا عِبْرَةَ بِانْفِتَاحِهِ فِي السَّاقِ وَالْقَدَمِ وَإِنْ كَانَ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ انْفَتَحَ فَوْقَهَا) بَقِيَ مَا لَوْ انْفَتَحَ وَاحِدٌ تَحْتَهَا وَآخَرُ فَوْقَهَا، وَالْوَجْهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا تَحْتَهَا، وَلَوْ انْفَتَحَ اثْنَانِ تَحْتَهَا وَهُوَ مُنْسَدٌّ فَهَلْ يَنْقُضُ خَارِجُ كُلٍّ مِنْهُمَا مُطْلَقًا أَوْ لَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْآخَرِ أَوْ أَقْرَبَ إلَى الْأَصْلِيِّ مِنْ الْآخَرِ فَهُوَ الْمُعْتَبَرُ فِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ يَنْقُضُ الْخَارِجُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا تَنْزِيلًا لَهُمَا مَنْزِلَةَ الْأَصْلِيِّينَ، وَهُوَ مُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ حَوَاشِي الْبَهْجَةِ فَإِنَّهُ أَطْلَقَ فِي الثُّقْبِ فَيَشْمَلُ الْمُتَحَاذِيَةَ وَمَا بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ (قَوْلُهُ: بِأَنْ انْفَتَحَ فِي السُّرَّةِ) هَذِهِ الصُّورَةُ لَا يَشْمَلُهَا لَفْظُ الْفَرْقِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَعِدَةِ فِي كَلَامِهِمْ نَفْسُ السُّرَّةِ، لَكِنْ مَا ذَكَرَهُ هُنَا مُوَافِقٌ لِمَا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ وَبِفَوْقِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

تُلْقِيه إلَى أَسْفَلَ وَمِنْ تَحْتِهَا لَا ضَرُورَةَ إلَى مَخْرَجِهِ مَعَ انْفِتَاحِ الْأَصْلِيِّ، وَالثَّانِي يَنْقُضُ؛ لِأَنَّهُ ضَرُورِيُّ الْخُرُوجِ تَحَوَّلَ مَخْرَجُهُ إلَى مَا ذُكِرَ، وَعَلَى هَذَا يَنْقُضُ النَّادِرُ فِي الْأَظْهَرِ. وَوَقَعَ لِلشَّارِحِ فِي بَعْضِ نُسَخِ شَرْحِهِ زِيَادَةٌ لَا قُبُلَ يَنْقُضُ وَصَوَابُهُ حَذْفُهَا كَمَا حَكَيْنَاهُ، وَلَوْ انْفَتَحَ فَوْقَهَا وَالْأَصْلُ مُنْفَتِحٌ فَلَا نَقْضَ كَالْقَيْءِ. وَقَوْلُهُ أَوْ فَوْقَهَا هُوَ مَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَحُكِيَ عَنْ نُسْخَةِ الْمُصَنِّفِ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ فَوْقَهُ: أَيْ فَوْقَ تَحْتِ الْمَعِدَةِ، وَهِيَ تَشْمَلُ الِانْفِتَاحَ فِي نَفْسِ الْمَعِدَةِ الَّذِي تَقَدَّمَ حُكْمُهُ، وَحَيْثُ قِيلَ بِالنَّقْضِ فِي الْمُنْفَتِحِ فَالْحُكْمُ مُخْتَصٌّ بِهِ لَا يَتَعَدَّى لِغَيْرِهِ مِنْ نَحْوِ إجْزَاءِ الْحَجَرِ وَإِيجَابِ وُضُوءٍ بِمَسِّهِ وَغُسْلٍ بِإِيلَاجٍ فِيهِ، وَهَذَا فِي الِانْسِدَادِ الْعَارِضِ. أَمَّا الْخِلْقِيُّ فَمُنْفَتِحُهُ كَالْأَصْلِيِّ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْمُنْسَدُّ حِينَئِذٍ كَعُضْوٍ زَائِدٍ مِنْ الْخُنْثَى لَا وُضُوءَ بِمَسِّهِ وَلَا غُسْلَ بِإِيلَاجِهِ وَلَا بِإِيلَاجٍ فِيهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ لَمْ أَرَ لِغَيْرِهِ تَصْرِيحًا بِمُوَافَقَتِهِ أَوْ مُخَالَفَتِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالِانْفِتَاحِ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ مِنْ نَحْوِ فَمِهِ لَا يُنْقَضُ لِانْفِتَاحِهِ أَصَالَةً (الثَّانِي زَوَالُ الْعَقْلِ) أَيْ التَّمْيِيزُ بِنَوْمٍ أَوْ غَيْرِهِ كَجُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ سُكْرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْعَيْنَانِ وِكَاءُ السَّهِ فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ» وَالسَّهُ الدُّبُرُ، وَوِكَاؤُهُ حِفَاظُهُ عَنْ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ شَيْءٌ لَا يَشْعُرُ بِهِ، وَالْعَيْنَانِ كِنَايَةٌ عَنْ الْيَقِظَةِ. وَالْمَعْنَى فِيهِ: أَنَّ الْيَقِظَةَ هِيَ الْحَافِظَةُ لِمَا يَخْرُجُ، وَالنَّائِمُ قَدْ يَخْرُجُ مِنْهُ الشَّيْءُ وَلَا يَشْعُرُ بِهِ وَإِذَا ثَبَتَ النَّقْضُ بِالنَّوْمِ أَلْحَقَ بِهِ الْبَوَاقِي؛ لِأَنَّ الذُّهُولَ مَعَهَا أَبْلَغُ مِنْ النَّوْمِ وَقَدْ جُعِلَ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالسُّرَّةُ وَمُحَاذِيهَا وَمَا فَوْقَهَا، وَعَلَيْهِ فَالتَّعْبِيرُ بِفَوْقَ إمَّا مَجَازٌ فِي السُّرَّةِ وَمَا فَوْقَهَا، أَوْ هُوَ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ كَأَنْ يُقَالَ الْأَصْلُ فَوْقَ تَحْتَهَا (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا) أَيْ الثَّانِي (قَوْلُهُ: كَمَا حَكَيْنَاهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَالثَّانِي يَنْقُضُ (قَوْلُهُ: فَالْحُكْمُ مُخْتَصٌّ بِهِ) أَيْ النَّقْضُ، وَأَمَّا الْأَصْلِيُّ فَأَحْكَامُهُ بَاقِيَةٌ (قَوْلُهُ: لَا يَتَعَدَّى لِغَيْرِهِ) اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ عَدَمَ النَّقْضِ بِالنَّوْمِ بِهِ مُمْكِنًا. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَهُوَ مُتَّجِهٌ لِلْأَمْنِ حِينَئِذٍ مِنْ خُرُوجِ رِيحٍ أَوْ غَيْرِهِ اهـ سم. وَسَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ: وَمِثْلُهُ مَا لَوْ نَامَ مُتَمَكِّنًا إلَخْ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْخِلْقِيُّ فَمُنْفَتِحُهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى صُورَةِ الْأَصْلِيِّ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: كَالْأَصْلِيِّ) هَلْ مِنْ ذَلِكَ حُرْمَةُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بِهِ فِي الصَّحْرَاءِ وَنَدَبَهُ فِي غَيْرِهَا اهـ سم، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَنَدَبَهُ: أَيْ نَدَبَ تَرْكَ الِاسْتِقْبَالِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي: وَلَا يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَلَا يَسْتَدْبِرُهَا أَدَبًا فِي الْبُنْيَانِ. وَقَوْلُ سم: هَلْ مِنْ ذَلِكَ الظَّاهِرِ؟ نَعَمْ وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ نَزَلَ مَنْزِلَةَ الْأَصْلِيِّ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ كَانَ فِي الِاسْتِقْبَالِ بِهِ مَعَ عَيْنِ الْخَارِجِ انْتِهَاكٌ لِحُرْمَةِ الْبَيْتِ (قَوْلُهُ وَلَا بِالْإِيلَاجِ فِيهِ) أَيْ وَهُوَ جَائِزٌ (قَوْلُهُ: لِانْفِتَاحِهِ أَصَالَةً) اعْتَمَدَ حَجّ أَنَّ الْفَمَ يَنْقُضُ مَا خَرَجَ مِنْهُ حِينَئِذٍ اهـ. قَالَ سم عَلَيْهِ: هَلْ يَنْقُضُ حِينَئِذٍ خُرُوجُ رِيقِهِ وَنَفَسِهِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ خُرُوجَ الرِّيحِ نَاقِضٌ، وَالنَّقْضُ بِذَلِكَ فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ، وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ خِلَافَ ذَلِكَ، وَاخْتِصَاصُ هَذَا بِمَا يَطْرَأُ انْفِتَاحُهُ دُونَ الْمُنْفَتِحِ أَصَالَةً. (مَسْأَلَةٌ) لَوْ خُلِقَ إنْسَانٌ بِلَا دُبُرٍ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَمْ يَنْفَتِحْ لَهُ مَخْرَجٌ وَقُلْنَا بِمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ مِنْ أَنَّ الْمُنْفَتِحَ أَصَالَةً كَالْفَمِ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْأَصْلِيِّ فَهَلْ يَنْتَقِضُ وُضُوءُ هَذَا بِالنَّوْمِ الْغَيْرِ الْمُمَكَّنِ أَخْذًا بِإِطْلَاقِهِمْ أَنَّ النَّوْمَ الْغَيْرَ الْمُمَكَّنِ نَاقِضٌ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ بِعَدَمِ النَّقْضِ؛ لِأَنَّ عِلَّتَهُ أَنَّ النَّوْمَ الْغَيْرَ الْمُمَكَّنِ مَظِنَّةُ خُرُوجِ شَيْءٍ مِنْ الدُّبُرِ إذْ لَا دُبُرَ لَهُ، وَيَحْتَمِلُ النَّقْضَ أَخْذًا بِإِطْلَاقِهِمْ وَاكْتِفَاءً بِأَنَّ النَّوْمَ مَظِنَّةُ الْخُرُوجِ فِي الْجُمْلَةِ: أَيْ بِالنَّظَرِ لِغَيْرِ مِثْلِ هَذَا الشَّخْصِ، وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ الْأَوَّلَ. لَا يُقَالُ يُؤَيِّدُ الثَّانِيَ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْخُرُوجَ مِنْ الْقُبُلِ؛ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِاحْتِمَالِ الْخُرُوجِ مِنْهُ لِنُدْرَتِهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: تُسْتَثْنَى هَذِهِ الْحَالَةُ فَيُقَامُ فِيهَا الْقُبُلُ مَقَامَ الدُّبُرِ حَتَّى فِي خُرُوجِ الرِّيحِ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ) كَأَنْ زَالَ التَّمْيِيزُ بِمَرَضٍ قَامَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ جَعَلَ ذَلِكَ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَالْحُكْمُ مُخْتَصٌّ بِهِ) أَيْ بِالنَّقْضِ، وَمُرَادُهُ اخْتِصَاصُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالنَّقْضِ لِيَشْمَلَ مَا سَيَأْتِي أَنَّهُ لَوْ نَامَ مُتَمَكِّنًا

[الثاني من أسباب الحدث زوال العقل]

نَاقِضًا؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةٌ لِخُرُوجِهِ، فَأُقِيمَ مَقَامَ الْيَقِينِ كَمَا أُقِيمَتْ الشَّهَادَةُ الْمُفِيدَةُ لِلظَّنِّ مَقَامَ الْيَقِينِ فِي شَغْلِ الذِّمَّةِ، وَلِهَذَا لَمْ يُعَوِّلُوا عَلَى احْتِمَالِ رِيحٍ يَخْرُجُ مِنْ الْقُبُلِ؛ لِأَنَّهُ نَادِرٌ، وَسَوَاءٌ فِي الْإِغْمَاءِ أَكَانَ مُتَمَكِّنَ الْمَقْعَدَةِ أَمْ لَا؛ لِمَا تَقَدَّمَ وَالْعَقْلُ صِفَةٌ يُمَيِّزُ بِهَا بَيْنَ الْحَسَنِ وَالْقَبِيحِ، وَقِيلَ غَرِيزَةٌ يَتْبَعُهَا الْعِلْمُ بِالضَّرُورِيَّاتِ عِنْدَ سَلَامَةِ الْآلَاتِ وَمَحَلُّهُ الْقَلْبُ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ الِانْتِقَاضِ بِالنَّوْمِ مُضْطَجِعًا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي خَصَائِصِهِ؛ وَخَرَجَ بِزَوَالِ الْعَقْلِ النُّعَاسُ وَحَدِيثُ النَّفْسِ، وَأَوَائِلُ نَشْوَةِ السُّكْرِ فَلَا نَقْضَ بِهَا؛ وَمِنْ عَلَامَاتِ النُّعَاسِ سَمَاعُ كَلَامِ الْحَاضِرِينَ وَإِنْ لَمْ يَفْهَمْهُ. وَمِنْ عَلَامَاتِ النَّوْمِ الرُّؤْيَا، فَلَوْ رَأَى رُؤْيَا وَشَكَّ هَلْ نَامَ أَوْ نَعِسَ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ (إلَّا نَوْمَ مُمَكِّنٍ مَقْعَدَهُ) مِنْ مَقَرِّهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSزَوَالَ الْعَقْلِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ) عِبَارَةِ النِّهَايَةِ الْمَظَانُّ جَمْعُ مَظِنَّةٍ بِكَسْرِ الظَّاءِ وَهُوَ مَوْضِعُ الشَّيْءِ وَمَعْدِنِهِ مِفْعَلَةٌ مِنْ الظَّنِّ بِمَعْنَى الْعِلْمِ، وَكَانَ الْقِيَاسُ فَتْحُ الظَّاءِ وَإِنَّمَا كُسِرَتْ لِأَجْلِ الْهَاءِ اهـ (قَوْلُهُ: رِيحٌ يَخْرُجُ مِنْ الْقُبُلِ) وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ الدَّمِيرِيِّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ لِاحْتِمَالِ خُرُوجِ شَيْءٍ مِنْهُ اهـ. وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ نَادِرٌ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ مَنْ يَكْثُرُ خُرُوجُ الرِّيحِ مِنْ قُبُلِهِ يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ بِنَوْمِهِ غَيْرَ مُمَكَّنٍ قُبُلُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ فِي الْإِغْمَاءِ) وَمِثْلُهُ الْجُنُونُ وَالسُّكْرُ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: لِمَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا الْمَظِنَّةَ مَقَامَ الْيَقِينِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ غَرِيزَةٌ) هُوَ مُغَايِرٌ لِمَا قَبْلَهُ مَفْهُومًا وَلَعَلَّ مَا صَدَقَهُمَا وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ الْقَلْبُ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُ مَنْبَعُهُ رَأْسُهُ، وَلِأَنَّ الْعِلْمَ يَجْرِي مِنْهُ مَجْرَى النُّورِ مِنْ الشَّمْسِ وَالرُّؤْيَا مِنْ الْعَيْنِ، وَمَنْ عَكَسَ أَرَادَ مِنْ حَيْثُ اسْتِلْزَامُهُ لَهُ وَأَنَّهُ تَعَالَى يُوصَفُ بِهِ لَا بِالْعَقْلِ اهـ (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي خَصَائِصِهِ) وَكَنَبِيِّنَا غَيْرُهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الزِّيَادَيْ، أَوْ نَوْمٌ أَوْ لِغَيْرِ نَبِيٍّ اهـ. وَصَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ حَجَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَمِثْلُ النَّوْمِ فِي حَقِّهِمْ الْإِغْمَاءُ فَلَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُمْ بِهِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَوَاشِي التَّحْرِيرِ لِشَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا نَصُّهُ: قَوْلٌ أَوْ نَوْمٌ: أَيْ فِي غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ، أَمَّا هُمْ فَلَا نَقْضَ بِنَوْمِهِمْ، وَأَمَّا إغْمَاؤُهُمْ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ كَذَلِكَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْجَلَالِ السُّيُوطِيّ، قَالَ الْأَصْحَابُ: لَا يَجُوزُ الْجُنُونُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ؛ لِأَنَّهُ نَقْصٌ، وَيَجُوزُ الْإِغْمَاءُ؛ لِأَنَّهُ مَرَضٌ، وَنَبَّهَ السُّبْكِيُّ عَلَى أَنَّ الْإِغْمَاءَ الَّذِي يَحْصُلُ لَهُمْ لَيْسَ كَالْإِغْمَاءِ الَّذِي يَحْصُلُ لِآحَادِ النَّاسِ، وَإِنَّمَا هُوَ غَلَبَةُ الْأَوْجَاعِ لِلْحَوَاسِّ الظَّاهِرَةِ فَقَطْ دُونَ الْقَلْبِ، قَالَ: لِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ أَنَّهُ إنَّمَا تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ دُونَ قُلُوبِهِمْ، فَإِذَا حُفِظَتْ قُلُوبُهُمْ وَعُصِمَتْ مِنْ النَّوْمِ الَّذِي هُوَ أَخَفُّ مِنْ الْإِغْمَاءِ فَمِنْ الْإِغْمَاءِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى اهـ، وَهُوَ كَلَامٌ نَفِيسٌ جِدًّا اهـ بِحُرُوفِهِ وَمِنْ النَّاقِضِ أَيْضًا اسْتِغْرَاقُ الْأَوْلِيَاءِ أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِهِمْ خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ ضَعَفَةِ الطَّلَبَةِ (قَوْلُهُ: وَأَوَائِلُ نَشْوَةٍ) بِفَتْحِ الْوَاوِ بِلَا هَمْزٍ (قَوْلُهُ سَمَاعُ كَلَامِ الْحَاضِرِينَ) خَرَجَ بِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ حَجَرٍ مَا لَوْ تَيَقَّنَ الرُّؤْيَا مَعَ عَدَمِ تَذَكُّرِ نَوْمٍ فَإِنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ بِخِلَافِهِ مَعَ الشَّكِّ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا مُرَحِّجَةٌ لِأَحَدِ طَرَفَيْهِ اهـ. وَنَازَعَ فِي هَذِهِ التَّفْرِقَةِ سم عَلَيْهِ فَلْيُرَاجَعْ، وَمِنْ جُمْلَةِ كَلَامِهِ أَنْ قَالَ: وَبِالْجُمْلَةِ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مُتَمَكِّنًا وَلَوْ احْتِمَالًا فَلَا نَقْضَ فِيهِمَا وَإِلَّا حَصَلَ النَّقْضُ فِيهِمَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ نَعَسَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: بِفَتْحِ الْعَيْنِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: نَعُسَ يَنْعَسُ بِالضَّمِّ وَمِثْلُهُ فِي الصِّحَاحِ اهـ (قَوْلُهُ: إلَّا نَوْمَ مُمَكِّنٍ مَقْعَدَهُ) عِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ: إلَّا نَوْمَ قَاعِدٍ مُمَكِّنٍ مَقْعَدَهُ إلَخْ، قَالَ سم عَلَيْهِ: التَّقْيِيدُ بِالْقَاعِدِ الَّذِي زَادَهُ قَدْ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهِ لَانْتَقَضَ وُضُوءُهُ [الثَّانِي مِنْ أَسْبَاب الْحَدَث زَوَالُ الْعَقْلِ] (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا) أَيْ لِكَوْنِ زَوَالِ الْعَقْلِ مَظِنَّةٌ لِخُرُوجِ شَيْءٍ مِنْ دُبُرِهِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى كَوْنِهِ مَظِنَّةً لِذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ شَأْنِهِ فَخَرَجَ النَّادِرُ. وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ: الْمَظَانُّ جَمْعُ مَظِنَّةٍ بِكَسْرِ الظَّاءِ، وَهُوَ مَوْضِعُ الشَّيْءِ وَمَعْدِنُهُ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ فِي الْإِغْمَاءِ) أَيْ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا خَصَّهُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ الْقَرَارُ فَيَتَأَتَّى مَعَهُ التَّمَكُّنُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لِمَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ أَنَّ الذُّهُولَ مَعَهُ أَيْ كَغَيْرِهِ مِمَّا مَرَّ أَبْلَغُ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ غَرِيزَةٌ) هُوَ مُغَايِرٌ لِمَا قَبْلَهُ مَفْهُومًا وَمَاصَدَقًا كَمَا لَا يَخْفَى خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ

وَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ كَمَا عُرِفَ مِنْ تَفْسِيرِ الْعَقْلِ بِمَا ذُكِرَ فَلَا يَنْقُضُ لِأَمْنِ خُرُوجِ شَيْءٍ مِنْ دُبُرِهِ، وَلَا عِبْرَةَ بِاحْتِمَالِ خُرُوجِ رِيحٍ مِنْ قُبُلِهِ لِنُدْرَتِهِ كَمَا مَرَّ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ نَامَ مُتَمَكِّنًا بِالْمُنْفَتِحِ النَّاقِضِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ التَّنْبِيهِ، وَحُمِلَ عَلَى ذَلِكَ نَوْمُ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - حَيْثُ كَانُوا يَنَامُونَ حَتَّى تَخْفِقَ رُءُوسُهُمْ الْأَرْضَ، وَشَمِلَتْ عِبَارَةُ الْأَرْضِ وَالدَّابَّةِ وَغَيْرِهِمَا، وَلَا فَرْقَ فِي الْمُتَمَكِّنِ بَيْنَ أَنْ يَنَامَ مُسْتَنِدًا إلَى شَيْءٍ بِحَيْثُ لَوْ أُزِيلَ لَسَقَطَ أَوَّلًا، وَدَخَلَ فِيهِ مَا لَوْ نَامَ مُحْتَبِيًا: أَيْ ضَامًّا ظَهْرَهُ وَسَاقَيْهِ بِعِمَامَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَلَا نَقْضَ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْقَائِمَ قَدْ يَكُونُ مُمَكِّنًا كَمَا لَوْ انْتَصَبَ وَفَرَّجَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ وَأَلْصَقَ الْمَخْرَجَ بِشَيْءٍ مُرْتَفِعٍ إلَى حَدِّ الْمَخْرَجِ، وَلَا يَتَّجِهُ إلَّا أَنَّ هَذَا تَمَكُّنٌ مَانِعٌ مِنْ النَّقْضِ فَيَنْبَغِي الْإِطْلَاقُ، وَلَعَلَّ التَّقْيِيدَ بِالنَّظَرِ لِلْغَالِبِ اهـ بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: لِأَمْنِ خُرُوجِ شَيْءٍ مِنْ دُبُرِهِ) عِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ لِأَمْنِ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ نَائِمًا غَيْرَ مُمَكِّنٍ مَعْصُومٍ كَالْخَضِرِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ نَبِيٌّ بِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ لَمْ يَنْتَقِضْ وُضُوءُهُ، وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُهُمْ. وَقَدْ يُنَازِعُهُ قَاعِدَةُ أَنَّ مَا نِيطَ بِالْمَظِنَّةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ وُجُودِهِ وَعَدَمِهِ كَالْمَشَقَّةِ فِي السَّفَرِ اهـ. (فَرْعٌ) خُلِقَتْ السُّرَّةُ فِي مَحَلٍّ أَعْلَى مِنْ مَحَلِّهَا الْغَالِبِ كَصَدْرِهِ، أَوْ الرُّكْبَةُ أَسْفَلَ مِنْ مَحَلِّهَا الْغَالِبِ، فَالْوَجْهُ اعْتِبَارُهُمَا دُونَ مَحَلِّهِمَا الْغَالِبِ فَيَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ بِمَا بَيْنَهُمَا، وَإِنْ زَادَ عَلَى مَا بَيْنَهُمَا مِنْ مَحَلِّهِمَا الْغَالِبِ، وَلَوْ لَمْ يُخْلَقْ لَهُ سُرَّةٌ أَوْ رُكْبَةٌ قَدَّرَ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ (قَوْلُهُ: لِنُدْرَتِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ اُبْتُلِيَ بِهِ وَكَثُرَ نُقِضَ وُضُوءُهُ بِنَوْمِهِ غَيْرَ مُمَكِّنٍ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ النَّقْضِ بِهِ مُطْلَقًا كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ شَرَفٍ عَنْ الشَّارِحِ اهـ (قَوْلُهُ: بِالْمُنْفَتِحِ النَّاقِضِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الِانْفِتَاحُ أَصْلِيًّا أَوْ عَارِضًا وَهُوَ الْمُحْتَاجُ لِلتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ، أَمَّا الْأَصْلِيُّ فَقَدْ عُلِمَ حُكْمُهُ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ، أَمَّا الْخِلْقِيُّ فَمُنْفَتِحُهُ كَالْأَصْلِيِّ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ. هَذَا، وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ أَحْكَامَ الْأَصْلِيِّ ثَابِتَةٌ لَهُ فِي الِانْسِدَادِ الْعَارِضِ الِانْتِقَاضُ بِالنَّوْمِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مُمَكِّنًا لَهُ، وَعَلَيْهِ فَإِذَا مَكَّنَ الْمُنْفَتِحُ دُونَ الْأَصْلِيِّ وَنَامَ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ. (فَائِدَةٌ) لَوْ خُلِقَ لَهُ فَرْجَانِ أَصْلِيَّانِ نَقَضَ الْخَارِجُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، أَوْ أَصْلِيٌّ وَزَائِدٌ وَاشْتَبَهَ فَلَا نَقْضَ بِخَارِجٍ مِنْ أَحَدِهِمَا لِلشَّكِّ، فَلَوْ انْسَدَّ أَحَدُهُمَا وَانْفَتِحْ ثُقْبَةٌ تَحْتَ الْمَعِدَةِ فَلَا نَقْضَ بِالْخَارِجِ مِنْهَا؛ لِأَنَّ انْسِدَادَ الْأَصْلِيِّ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِانْسِدَادِهِمَا مَعًا، وَيَنْقُضُ الْخَارِجُ مِنْ الْفَرْجِ الَّذِي لَمْ يَنْسَدَّ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ أَصْلِيًّا فَالنَّقْضُ بِهِ ظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ زَائِدًا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الثُّقْبَةِ الْمُنْفَتِحَةِ مَعَ انْسِدَادِ الْأَصْلِيِّ، فَالنَّقْضُ بِهِ مُتَحَقِّقٌ سَوَاءٌ كَانَ زَائِدًا أَوْ أَصْلِيًّا بِخِلَافِ الثُّقْبَةِ. (فَرْعٌ) لَوْ نَامَ مُمَكِّنًا فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَضُرَّ إنْ قَصُرَ، وَكَذَا إنْ طَالَ فِي رُكْنٍ طَوِيلٍ، فَإِنْ طَالَ فِي قَصِيرٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. لَا يُقَالُ كَيْفَ تَبْطُلُ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ عَامِدٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَمَّا كَانَتْ مُقَدَّمَاتُ النَّوْمِ تَقَعُ بِالِاخْتِيَارِ نُزِّلَ مَنْزِلَةَ الْعَامِدِ م ر - رَحِمَهُ اللَّهُ - اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي النَّائِمِ قَاعِدًا؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْقَاعِدِ لَا تَمْكِينَ لَهُ إلَّا فِي الصُّورَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَنْ سم - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (قَوْلُهُ: حَتَّى تَخْفِقَ رُءُوسُهُمْ الْأَرْضَ) عِبَارَةُ حَجّ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى أَنَّ نَوْمَ الْمُمَكِّنِ لَا يَنْقُضُ، وَعَلَيْهِ حَمَلْنَا خَبَرَ مُسْلِمٍ أَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كَانُوا يَنَامُونَ ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّئُونَ. وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد: يَنَامُونَ حَتَّى تَخْفِقَ رُءُوسُهُمْ الْأَرْضَ اهـ. وَقَدْ يُشْعِرُ قَوْلُهُ؛ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد بِأَنَّ لَهُ رِوَايَةً أُخْرَى غَيْرَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَيْسَ فِيهَا لَفْظُ الْأَرْضِ وَهُوَ الَّذِي رَأَيْنَاهُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد، وَلَمْ نَرَ لَفْظَ الْأَرْضِ مَذْكُورًا فِي شَيْءٍ مِنْ الرِّوَايَاتِ لَا فِي جَامِعِ الْأُصُولِ وَلَا فِي الْمِشْكَاةِ وَلَا فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الرَّافِعِيِّ. وَفِي النِّهَايَةِ حَدِيثُ حَتَّى تَخْفِقَ رُءُوسُهُمْ: أَيْ حَتَّى تَسْقُطَ أَذْقَانُهُمْ عَلَى صُدُورِهِمْ وَهُمْ قُعُودٌ، وَقِيلَ هُوَ مِنْ الْخُفُوقِ وَالِاضْطِرَابِ اهـ. وَاقْتِصَاره فِي تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: أَيْ حَتَّى إلَخْ مُشْعِرٌ بِأَنَّهُ لَمْ يَرَ لَفْظَ الْأَرْضِ فِي رِوَايَةٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ لَا يَخْفَى: أَنَّ النَّوْمَ الْمَذْكُورَ مُسْتَثْنًى مِنْ مَحْذُوفٍ أَيْ زَوَالُ الْعَقْلِ بِشَيْءٍ لَا لَوْمَ إلَى آخِرِهِ (قَوْلُهُ: لِنُدْرَتِهِ) جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَلَا نَقْضَ بِنَوْمِ مَنْ اعْتَادَ ذَلِكَ عَلَى الرَّاجِحِ (قَوْلُهُ: بِالْمُنْفَتِحِ النَّاقِضِ) أَيْ

[الثالث التقاء بشرتي الرجل والمرأة]

بِهِ، وَلَا تَمْكِينَ لِمَنْ نَامَ قَاعِدًا هَزِيلًا بَيْنَ بَعْضِ مَقْعَدِهِ وَمَقَرِّهِ تَجَافٍ كَمَا نَقَلَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّهُ، وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ كَوْنِهِ مُتَمَكِّنًا مَحْمُولٌ عَلَى هَزِيلٍ لَيْسَ بَيْنَ بَعْضِ مَقْعَدِهِ وَمَقَرِّهِ تَجَافٍ وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِعَدَمِ التَّنَافِي بَيْنَهُمَا بِذَلِكَ، وَلَعَلَّ مُرَادَ الْأَوَّلِ بِالتَّجَافِي مَا لَا يَمْنَعُ خُرُوجَ شَيْءٍ لَوْ خَرَجَ بِلَا إحْسَاسٍ عَادَةً وَلَا تَمْكِينَ لِمَنْ نَامَ عَلَى قَفَاهُ مُلْصِقًا مَقْعَدَهُ بِمَقَرِّهِ، وَلَوْ زَلَّتْ إحْدَى أَلْيَتَيْ نَائِمٍ مُمَكِّنٍ قَبْلَ انْتِبَاهِهِ نُقِضَ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ أَوْ شَكَّ فِي تَقَدُّمِهِ أَوْ فِي أَنَّهُ نَائِمٌ أَوْ نَاعِسٌ أَوْ فِي أَنَّهُ مُمَكِّنٌ أَوَّلًا أَوْ أَنَّ مَا خَطَر بِبَالِهِ رُؤْيَا أَوْ حَدِيثُ نَفْسٍ فَلَا (الثَّالِثُ: الْتِقَاءُ بَشَرَتَيْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ) أَيْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَلَوْ بِلَا شَهْوَةٍ وَلَوْ مَعَ نِسْيَانٍ أَوْ إكْرَاهٍ سَوَاءٌ أَكَانَ الْعُضْوُ زَائِدًا أَمْ أَصْلِيًّا سَلِيمًا أَمْ أَشَلَّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [المائدة: 6] أَيْ لَمَسْتُمْ كَمَا قُرِئَ بِهِ وَهُوَ الْجَسُّ بِالْيَدِ كَمَا فَسَّرَهُ ابْنُ عُمَرَ لَا جَامَعْتُمْ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَقَدْ عُطِفَ اللَّمْسُ عَلَى الْمَجِيءِ مِنْ الْغَائِطِ وَرَتَّبَ عَلَيْهِمَا الْأَمْرَ بِالتَّيَمُّمِ عِنْدَ فَقْدِ الْمَاءِ فَدَلَّ عَلَى كَوْنِهِ حَدَثًا كَالْمَجِيءِ مِنْ الْغَائِطِ، وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ مَظِنَّةُ ثَوَرَانِ الشَّهْوَةِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الذَّكَرُ فَحْلًا أَمْ عِنِّينًا أَمْ مَجْبُوبًا أُمّ خَصِيًّا أَمْ مَمْسُوحًا، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْأُنْثَى عَجُوزًا هِمًّا لَا تُشْتَهَى غَالِبًا أَمْ لَا، إذْ مَا مِنْ سَاقِطَةٍ إلَّا وَلَهَا لَاقِطَةٌ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ اللَّمْسُ بِالْيَدِ أَمْ غَيْرِهَا. وَالْبَشَرَةُ مَا لَيْسَ بِشَعْرٍ وَلَا سِنٍّ وَلَا ظُفْرٍ، فَشَمِلَ مَا لَوْ وَضَحَ عَظْمَ الْأُنْثَى وَلَمَسَهُ: أَيْ فَإِنَّهُ يَنْقُضُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَيَدُلُّ لَهُ عِبَارَةُ الْأَنْوَارِ، وَشَمِلَ اللَّحْمُ لَحْمَ الْأَسْنَانِ وَاللِّثَةِ وَاللِّسَانِ وَبَاطِنِ الْعَيْنِ وَمَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ لَا حَائِلَ وَإِلَّا فَلَا نَقْضَ وَلَوْ رَقِيقًا لَا يَمْنَعُ إدْرَاكَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: بَيْنَ بَعْضِ مَقْعَدِهِ) وَمِثْلُ ذَلِكَ الْمَخُوفُ الْمُفْرِطُ (قَوْلُهُ مُلْصِقًا مَقْعَدَهُ) أَيْ وَلَوْ مُسْتَقِرًّا سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: الْتِقَاءُ بَشَرَتَيْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ) قَالَ م ر: هِيَ شَامِلَةٌ لِلْجِنِّيَّةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ تَحَقَّقَ كَوْنُ الْمَلْمُوسَةِ مِنْ الْجِنِّ أُنْثَى مِنْهُمْ، كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ تَزَوُّجُ الْجِنِّيَّةِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ فِي أُنُوثَةِ الْمَلْمُوسِ مِنْهُمْ إذْ لَا نَقْضَ بِالشَّكِّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَوَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ تَصَوَّرَ وَلِيٌّ بِصُورَةِ امْرَأَةٍ أَوْ مُسِخَ رَجُلٌ امْرَأَةً هَلْ يَنْقُضُ أُمّ لَا؟ فَأَجَبْت عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي الْأُولَى عَدَمُ النَّقْضِ لِلْقَطْعِ بِأَنَّ عَيْنَهُ لَمْ تَنْقَلِبْ، وَإِنَّمَا انْخَلَعَ مِنْ صُورَةٍ إلَى صُورَةٍ مَعَ بَقَاءِ صِفَةِ الذُّكُورَةِ، وَأَمَّا الْمَسْخُ فَالنَّقْضُ فِيهِ مُحْتَمَلٌ لِقُرْبِ تَبَدُّلِ الْعَيْنِ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ فِيهِ بِعَدَمِ النَّقْضِ أَيْضًا لِاحْتِمَالِ تَبَدُّلِ الصِّفَةِ دُونَ الْعَيْنِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: فَائِدَةٌ مُهِمَّةٌ: لَا يُكْتَفَى بِالْخَيَالِ فِي الْفَرْقِ قَالَهُ الْإِمَامُ، وَعَقَّبَهُ بِمَا يُبَيِّنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يَنْقَدِحُ عَلَى بُعْدٍ دُونَ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ أَقْرَبُ مِنْ الْجَمْعِ، وَعَبَّرَ غَيْرُهُ بِأَنَّ كُلَّ فَرْقٍ مُؤَثِّرٍ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الْجَامِعَ أَظْهَرُ: أَيْ عِنْدَ ذَوِي السَّلِيقَةِ السَّلِيمَةِ، وَإِلَّا فَغَيْرُهُمْ يَكْثُرُ مِنْهُ الزَّلَلُ فِي ذَلِكَ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ: الْفِقْهُ فَرْقٌ وَجَمْعٌ اهـ (قَوْلُهُ: عَجُوزًا هِمًّا) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: الْهِمُّ الشَّيْخُ الْفَانِي وَالْمَرْأَةُ هِمَّةٌ اهـ بِحُرُوفِهِ؛ فَكَانَ الْأَوْلَى إلْحَاقُ الْهَاءِ (قَوْلُهُ: إذْ مَا مِنْ سَاقِطَةٍ) أَيْ مَا مِنْ ثَمَرَةٍ أَوْ نَحْوِهَا سَاقِطَةٍ مِنْ أَعْيُنِ النَّاسِ لِخِسَّتِهَا إلَّا وَلَهَا نَسَمَةٌ لَاقِطَةٌ: أَيْ إلَّا وَلَهَا مَنْ تَمِيلُ نَفْسُهُ إلَيْهَا مَعَ خِسَّتِهَا، فَالْمَرْأَةُ وَإِنْ كَانَتْ عَجُوزًا شَوْهَاءَ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ مَنْ يَرْغَبُ فِيهَا وَتَمِيلُ نَفْسُهُ إلَيْهَا. وَفِي الْمُخْتَارِ: وَهَذَا الْفِعْلُ مَسْقَطَةٌ لِلْإِنْسَانِ مِنْ أَعْيُنِ النَّاسِ بِوَزْنِ مَشْرَبَةٍ. ثُمَّ قَالَ: وَالسَّاقِطُ وَالسَّاقِطَةُ اللَّئِيمُ فِي حَسَبِهِ وَنَسَبِهِ اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَقَوْلُهُ عَظْمَ أُنْثَى وَلَمَسَهُ) أَيْ فَإِنَّهُ يَنْقُضُ وَإِنْ لَمْ يَلْتَذَّ بِلَمْسِهِ الْآنَ اسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ قَبْلَ زَوَالِ الْجِلْدِ وَبِهَذَا فَارَقَ السِّنَّ (قَوْلُهُ: وَيَدُلُّ لَهُ عِبَارَةُ الْأَنْوَارِ) وَهِيَ الْمُرَادُ بِالْبَشَرَةِ هُنَا غَيْرُ الشَّعْرِ وَالسِّنِّ وَالظُّفْرِ (قَوْلُهُ: وَاللِّثَةُ) عَطْفُ جُزْءٍ عَلَى كُلٍّ، إذْ اللِّثَةُ بَعْضُ لَحْمِ الْأَسْنَانِ، إذْ هِيَ مَا عَلَى الثَّنَايَا وَمَا حَوْلَهَا فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ) عِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ: وَعُلِمَ مِنْ الِالْتِقَاءِ أَنَّهُ لَا نَقْضَ بِاللَّمْسِ مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ إلَخْ، وَهِيَ أَوْلَى مِنْ جَعْلِ الشَّارِحِ لَهَا قَيْدًا؛ لِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْبَشَرَةِ يُخْرِجُ الْحَائِلَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَقِيقًا لَا يَمْنَعُ إدْرَاكَهَا) زَادَ حَجّ بَعْدُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَائِمِ مَقَامَ الدُّبُرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ [الثَّالِثُ الْتِقَاءُ بَشَرَتَيْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ] (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ اللَّحْمَ) أَيْ الْمَشْمُولَ بِقَوْلِهِ، وَالْبَشَرَةُ مَا لَيْسَ بِشَعْرٍ إلَخْ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ

وَخَرَجَ بِمَا ذَكَرَهُ الذَّكَرَانِ وَلَوْ أَمْرَدَ حَسَنًا وَالْأُنْثَيَانِ وَالْخُنْثَيَانِ وَالْخُنْثَى وَالذَّكَرُ أَوْ الْأُنْثَى وَالْعُضْوُ الْمُبَانُ لِانْتِفَاءِ مَظِنَّةِ الشَّهْوَةِ، وَشَمِلَ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ النَّقْضَ بِلَمْسِ الْمَجُوسِيَّةِ وَالْوَثَنِيَّةِ وَالْمُرْتَدَّةِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْأَنْوَارِ اكْتِفَاءً بِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ تَحِلَّ لَهُ فِي وَقْتٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ النَّقْضِ بِنَحْوِ الْمَجُوسِيَّةِ وَجَعْلَهَا كَالذَّكَرِ فِي جَوَازِ تَمَلُّكِ الرَّجُلِ لَهَا فِي بَابِ اللُّقَطَةِ ظَاهِرٌ، وَهُوَ أَنَّ اللَّمْسَ أَشَدُّ تَأْثِيرًا لِإِثَارَةِ الشَّهْوَةِ حَالًا مِنْ الْمِلْكِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ اللَّمْسُ أَصْلًا، لَا سِيَّمَا وَالْآيَةُ شَمِلَتْ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ وُضُوءَ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ فَيُنْتَقَضُ وُضُوءُ الْحَيِّ (إلَّا مَحْرَمًا فِي الْأَظْهَرِ) فَلَا يَنْقُضُ لَمْسُهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَحَلًّا لِلشَّهْوَةِ. وَالثَّانِي يَنْقُضُ لِعُمُومِ النِّسَاءِ فِي الْآيَةِ، وَالْأَوَّلُ اسْتَنْبَطَ مِنْهَا مَعْنًى خَصَّصَهَا. وَالْمَحْرَمُ مَنْ حَرُمَ نِكَاحُهَا بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ عَلَى التَّأْبِيدِ بِسَبَبٍ مُبَاحٍ لِحُرْمَتِهَا، وَاحْتَرَزَ بِالتَّأْبِيدِ عَمَّنْ يَحْرُمُ جَمْعُهَا مَعَ الزَّوْجَةِ كَأُخْتِهَا، وَبِالْمُبَاحِ عَنْ أُمِّ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ وَبِنْتِهَا فَإِنَّهُمَا يَحْرُمَانِ عَلَى التَّأْبِيدِ وَلَيْسَتَا بِمَحْرَمٍ لَهُ لِعَدَمِ إبَاحَةِ السَّبَبِ، إذْ وَطْءُ الشُّبْهَةِ لَا يُوصَفُ بِإِبَاحَةٍ وَلَا تَحْرِيمٍ. وَلَا يَرِدُ عَلَى الضَّابِطِ زَوْجَاتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الْحَدَّ صَادِقٌ عَلَيْهِنَّ وَلَسْنَ بِمَحَارِمَ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لِحُرْمَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا لِحُرْمَتِهِنَّ، وَلَا الْمَوْطُوءَةُ فِي نَحْوِ حَيْضٍ؛ لِأَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِثْلُ مَا ذَكَرَ، وَمِنْهُ مَا تَجَمَّدَ مِنْ غُبَارٍ يُمْكِنُ فَصْلُهُ: أَيْ مِنْ غَيْرِ خَشْيَةِ مُبِيحِ تَيَمُّمٍ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْوَشْمِ لِوُجُوبِ إزَالَتِهِ، لَا مِنْ نَحْوِ عِرْقٍ حَتَّى صَارَ كَالْجُزْءِ مِنْ الْجِلْدِ انْتَهَى - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَكَالْعِرْقِ بِالْأَوْلَى فِي النَّقْضِ مَا يَمُوتُ مِنْ جِلْدِ الْإِنْسَانِ بِحَيْثُ لَا يُحِسُّ بِلَمْسِهِ وَلَا يَتَأَثَّرُ بِغَرْزِ نَحْوِ إبْرَةٍ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهُ حَقِيقَةً فَهُوَ كَالْيَدِ الشَّلَّاءِ وَسَيَأْتِي أَنَّهَا تَنْقُضُ، وَيَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ يَبِسَتْ جِلْدَةُ جَبْهَتِهِ حَتَّى صَارَتْ لَا يُحِسُّ بِهِمْ يُصِيبُهَا، فَيَصِحُّ السُّجُودُ عَلَيْهَا، وَلَا يُكَلَّفُ إزَالَةَ الْجِلْدِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ إزَالَتِهِ مَشَقَّةٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَمْرَدَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمَلْمُوسُ أَمْرَدَ حَسَنًا (قَوْلُهُ: وَالْأُنْثَيَانِ) أَيْ وَلَوْ الْتَذَّتَا بِاللَّمْسِ وَكَانَتْ عَادَتُهُمَا السِّحَاقَ (قَوْلُهُ: وَالْعُضْوُ الْمُبَانُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَزِدْ عَلَى النِّصْفِ عَلَى مَا يَأْتِي لَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: فِي بَابِ اللُّقَطَةِ) أَيْ وَالْقَرْضُ انْتَهَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَيُنْتَقَضُ وُضُوءُ الْحَيِّ) أَيْ لَا الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: عَلَى التَّأْبِيدِ) أَيْ فَيَنْتَقِصُ لِمَسِّهِمَا (قَوْلُهُ: وَاحْتَرَزَ بِالتَّأْبِيدِ إلَخْ) مَا أَخْرَجَهُ بِقَوْلِهِ عَلَى التَّأْبِيدِ يَخْرُجُ بِمَا قَبْلَهُ فَلَا حَاجَةَ إلَى إخْرَاجِهِ بِهِ، بَلْ كُلٌّ مِنْ الْعِبَارَتَيْنِ مُحَصِّلٌ لِلْمَقْصُودِ فَهُمَا تَعْرِيفَانِ أَحَدُهُمَا يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ. وَأَمَّا أُخْتُ الزَّوْجَةِ فَالْمُتَعَلِّقُ بِهَا إنَّمَا هُوَ تَحْرِيمُ الْجَمْعِ فَلَا حَاجَةَ إلَى إخْرَاجِهَا (قَوْلُهُ: وَلَيْسَتَا بِمُحْرِمٍ لَهُ) أَيْ فَيَنْقُضُ لَمْسُهُمَا (قَوْلُهُ: إذْ وَطْءُ الشُّبْهَةِ لَا يُوصَفُ) مَحَلُّ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ بِأَجْنَبِيَّةٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ، أَمَّا لَوْ وَطِئَ أَمَةً فَرْعَهُ أَوْ مُشْتَرَكَةً، فَإِنَّ وَطْأَهُ حَرَامٌ مَعَ كَوْنِهِ شُبْهَةً، فَقَوْلُهُمْ وَطْءُ الشُّبْهَةِ لَا يُوصَفُ بِحِلٍّ وَلَا حُرْمَةٍ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ مَحَلُّهُ فِي شُبْهَةِ الْفَاعِلِ دُونَ الْمَحَلِّ وَالطَّرِيقِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ عَلَى الضَّابِطِ زَوْجَاتُهُ) وَكَذَلِكَ زَوْجَاتُ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْقُضَاعِيِّ، لَكِنْ هَلْ تَحْرِيمُهُنَّ عَلَى أُمَمِ الْأَنْبِيَاءِ خَاصَّةً أَوْ لَا حَتَّى يَحْرُمَ زَوْجَاتُ بَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى بَعْضٍ، فِيهِ نَظَرٌ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَوَاشِي الرَّمْلِيِّ عَلَى شَرْحِ الرَّوْضِ مَا نَصُّهُ: أَمَّا سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ فَلَا يَحْرُمُ نِكَاحُ أَزْوَاجِهِمْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ قَالَهُ الْقُضَاعِيُّ فِي عُيُونِ الْمَعَارِفِ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ حُرْمَتِهِنَّ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَحُرْمَتُهُنَّ عَلَى غَيْرِهِمْ، بِخِلَافِ زَوْجَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَرَامٌ عَلَى غَيْرِهِ حَتَّى الْأَنْبِيَاءِ انْتَهَى بِحُرُوفِهِ. وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ مَا نُقِلَ عَنْ الْقُضَاعِيِّ أَوَّلًا مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ عَنْهُ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ الْحَدَّ صَادِقٌ عَلَيْهِنَّ) فِي دَعْوَى صِدْقِ الْحَدِّ عَلَيْهِنَّ نَظَرَ لِخُرُوجِهِنَّ عَنْ التَّعْرِيفِ بِقَوْلِهِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَا الْمَوْطُوءَةُ فِي نَحْوِ حَيْضٍ) إخْرَاجُهَا إنَّمَا يَتَأَتَّى إذَا أُرِيدَ بِالنِّكَاحِ الْوَطْءُ، أَمَّا إذَا أُرِيدَ بِهِ الْعَقْدُ فَلَا؛ لِأَنَّهَا لَا يَحْرُمُ الْعَقْدُ عَلَيْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQاللَّحْمُ مَنْصُوبًا وَمَا بَعْدَهُ بَدَلٌ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ قَاصِرًا، لَكِنْ وَجْهُ الِاقْتِصَارِ عَلَى هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ خَفَاءُ حُكْمِهَا (قَوْلُهُ: بِسَبَبٍ مُبَاحٍ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَعْدَ قَوْلِهِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنَاهُ، فَهُمَا تَعْرِيفَانِ مُسْتَقِلَّانِ مَرْجِعُهُمَا وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ الْحَدَّ صَادِقٌ عَلَيْهِنَّ) مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُنَّ خَرَجْنَ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ، وَثَانِيًا بِقَوْلِهِ لِحُرْمَتِهَا كَمَا خَرَجَ بِهِمَا الْمُلَاعَنَةُ (قَوْلُهُ: وَلَا الْمَوْطُوءَةُ فِي نَحْوِ حَيْضٍ) أَيْ حَيْثُ يَحْرُمُ أُصُولُهَا وَفُرُوعُهَا بِوَطْئِهَا

[الرابع مس قبل الآدمي]

حُرْمَتَهَا لِعَارِضٍ يَزُولُ، وَلَوْ شَكَّ فِي الْمَحْرَمِيَّةِ لَمْ يُنْتَقَضْ، ذَكَرَهُ الدَّارِمِيُّ عَمَلًا بِأَصْلِ بَقَاءِ الطَّهَارَةِ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ مَنْ شَكَّ هَلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا رَضَاعٌ مُحَرِّمٌ أَمْ لَا، أَوْ اخْتَلَطَتْ مَحْرَمُهُ بِأَجْنَبِيَّاتٍ وَتَزَوَّجَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ بِشَرْطِهِ وَلَمَسَهَا لَمْ يُنْتَقَضْ طُهْرُهُ وَلَا طُهْرُهَا، إذْ الْأَصْلُ بَقَاءُ الطُّهْرِ، وَقَدْ أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا فِي تَبْعِيضِ الْأَحْكَامِ؛ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ مَجْهُولَةَ النَّسَبِ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهَا أَبُوهُ وَثَبَتَ نَسَبُهَا مِنْهُ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ الزَّوْجُ حَيْثُ يَسْتَمِرُّ النِّكَاحُ مَعَ ثُبُوتِ أُخُوَّتِهَا مِنْهُ. وَيُلْغَزُ بِذَلِكَ فَيُقَالُ: زَوْجَانِ لَا نَقْضَ بَيْنَهُمَا، وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ النَّقْضِ مَا لَمْ يَلْمِسْ فِي مَسْأَلَةِ الِاخْتِلَاطِ عَدَدًا أَكْثَرَ مِنْ عِدَّةِ مَحَارِمِهِ وَإِلَّا انْتَقَضَ (وَالْمَلْمُوسُ) وَهُوَ مَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ اللَّمْسُ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً (كَلَامِسٍ) (فِي الْأَظْهَرِ) فِي انْتِقَاضِ وُضُوئِهِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي لَذَّةِ اللَّمْسِ كَالْمُشْتَرَكِينَ فِي لَذَّةِ الْجِمَاعِ، وَالثَّانِي لَا نَقْضَ وُقُوفًا مَعَ ظَاهِرِ الْآيَةِ فِي اقْتِصَارِهِ عَلَى اللَّامِسِ (وَلَا تُنْقَضُ صَغِيرَةٌ) لَا تُشْتَهَى عُرْفًا، وَكَذَا صَغِيرٌ لِانْتِفَاءِ الشَّهْوَةِ (وَشَعْرٌ وَسِنٌّ وَظُفْرٌ فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى بِلَمْسِ الْمَذْكُورَاتِ لِعَدَمِ الِالْتِذَاذِ بِلَمْسِهَا وَإِنْ اُلْتُذَّ بِالنَّظَرِ إلَيْهَا وَشَمِلَ الشَّعْرَ النَّابِتَ عَلَى الْفَرْجِ فَلَا نَقْضَ بِهِ. وَالثَّانِي يَنْقُضُ نَظَرًا لِظَاهِرِ الْآيَةِ فِي عُمُومِهَا لِجَمِيعِ مَا ذُكِرَ. وَيُسَنُّ الْوُضُوءُ مِنْ لَمْسِ ذَلِكَ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ. قَالَ النَّاشِرِيُّ فِي نُكَتِهِ: إنَّ الْعُضْوَ إذَا كَانَ دُونَ النِّصْفِ مِنْ الْآدَمِيِّ لَمْ يَنْقُضْ بِلَمْسِهِ، أَوْ فَوْقَهُ نَقَضَ، أَوْ نِصْفًا فَوَجْهَانِ انْتَهَى. وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ بِحَيْثُ يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ أُنْثَى نَقَضَ، وَإِلَّا فَلَا، وَلِهَذَا قَالَ الْأُشْمُونِيُّ: الْأَقْرَبُ إنْ كَانَ قَطَعَ مِنْ نَفْسِهِ فَالْعِبْرَةُ بِالنِّصْفِ الْأَعْلَى، وَإِنْ شُقَّ نِصْفَيْنِ لَمْ يُعْتَبَرْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِزَوَالِ الِاسْمِ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمَا (الرَّابِعُ مَسُّ قُبُلِ الْآدَمِيِّ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى مِنْ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا، وَشَمِلَ مَا يُقْطَعُ فِي خِتَانِ الْمَرْأَةِ وَلَوْ بَارِزًا حَالَ اتِّصَالِهِ وَمُلْتَقَى الشَّفْرَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: حَيْثُ يَسْتَمِرُّ النِّكَاحُ) أَيْ فَلَوْ بَانَتْ مِنْهُ ثُمَّ أَرَادَ تَجْدِيدَ نِكَاحِهَا لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ تَيَقُّنُ حِلِّ الْمَنْكُوحَةِ وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا، وَأَمَّا الرَّجْعَةُ فَيُحْتَمَلُ صِحَّتُهَا؛ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ فِي حُكْمِ الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الشَّهْوَةِ) تَوَهَّمَ بَعْضُ ضَعَفَةِ الطَّلَبَةِ مِنْ الْعِلَّةِ نَقْضَ وُضُوءِ الصَّغِيرَةِ؛ لِأَنَّ مَلْمُوسَهَا وَهُوَ الْكَبِيرُ مَظِنَّةً لِلشَّهْوَةِ، وَلَيْسَ فِي مَحَلِّهِ فَإِنَّهَا لِصِغَرِهَا لَيْسَتْ مَظِنَّةً لِاشْتِهَائِهَا الْمَلْمُوسُ فَلَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهَا كَمَا لَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الِالْتِذَاذِ) يُخَالِفُهُ مَا قَرَّرُوهُ فِي النِّكَاحِ مِنْ أَنَّهُ يَحْرُمُ مَسُّهَا؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الِالْتِذَاذِ مِنْ النَّظَرِ إلَيْهِ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا نَفْيُ اللَّذَّةِ الْقَوِيَّةِ الْمُثِيرَةِ لِلشَّهْوَةِ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ، وَالْمُرَادُ بِهَا فِي النِّكَاحِ مُجَرَّدُ الِالْتِذَاذِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَوِيًّا احْتِيَاطًا لِحُرْمَةِ الْمَسِّ (قَوْلُهُ: أَوْ فَوْقَهُ نُقِضَ) قَضِيَّتُهُ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ امْرَأَةً (قَوْلُهُ: مَسُّ قُبُلِ الْآدَمِيِّ) شَمِلَ إطْلَاقَهُ السِّقْطَ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَنْفُخْ فِيهِ الرُّوحُ، وَفِي فَتَاوَى الشَّارِحِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ هَلْ يَنْقُضُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ جَمَادٌ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَنْقُضُ وَلَمْ يُعَلِّلْهُ، وَعَلَّلَهُ بَعْضُهُمْ بِشُمُولِ الِاسْمِ لَهُ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ وَيُقَالُ بِعَدَمِ النَّقْضِ لِتَعْلِيقِهِمْ النَّقْضَ بِمَسِّ فَرْجِ الْآدَمِيِّ، وَهَذَا لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ هَذَا الِاسْمُ وَإِنَّمَا يُقَالُ لَهُ أَصْلٌ آدَمِيٌّ اهـ (قَوْلُهُ: الْآدَمِيُّ أَيْضًا) قَدْ يُخْرِجُ الْجِنِّيَّ. وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ بَعْدَ أَنْ عَلَّلَ عَدَمَ نَقْضِ مَسِّ فَرْجِ الْبَهِيمَةِ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُشْتَهًى طَبْعًا مَعَ أَنَّهُ لَا تَعَبُّدَ عَلَيْهَا وَلَا حُرْمَةَ لَهَا مَا نَصُّهُ: وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا النَّقْضِ بِلَمْسِ فَرْجِ الْجِنِّيِّ إذَا تَحَقَّقَ مَسُّهُ لَهُ، وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ التَّعَبُّدَ وَلَهُ حُرْمَةٌ اهـ سم عَلَى حَجّ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَارِزًا) أَيْ وَإِنْ طَالَ جِدًّا (قَوْلُهُ حَالَ اتِّصَالِهِ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَمِثْلُهُ الْقُلْفَةُ حَالَ اتِّصَالِهَا اهـ أَيْ فَإِنْ قُطِعَا فَلَا نَقْضَ بِمَسِّهِمَا (قَوْلُهُ: وَمُلْتَقَى الشَّفْرَيْنِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ جَمِيعَ مُلْتَقَاهُمَا نَاقِضٌ، وَفِي شَرْحِهِ عَلَى الْعُبَابِ الْمُرَادُ بِمُلْتَقَاهُمَا طَرَفُ الْأَسْكَتَيْنِ الْمُنْضَمَّتَيْنِ عَلَى الْمَنْفَذِ، وَلَا يُشْتَرَطُ مَسُّهُمَا بَلْ مَسُّ إحْدَاهُمَا مِنْ بَاطِنِهَا أَوْ ظَاهِرِهَا نَاقِضٌ، بِخِلَافِ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَيْثُ كَانَتْ زَوْجَتَهُ مَعَ أَنَّ السَّبَبَ غَيْرُ مُبَاحٍ (قَوْلُهُ: حَيْثُ يَسْتَمِرُّ النِّكَاحُ إلَخْ) اُنْظُرْ بَقِيَّةَ الْأَحْكَامِ كَإِرْثِهَا مِنْهُ هَلْ تَتْبَعُ الزَّوْجِيَّةَ أَوْ الْأُخُوَّةَ (قَوْلُهُ:، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ) اُنْظُرْ هَلْ الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلنِّصْفِ أَوْ لِلْعُضْوِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ [الرَّابِعُ مَسُّ قُبُلِ الْآدَمِيِّ] (قَوْلُهُ: مَا يُقْطَعُ) خَرَجَ بِهِ مَحَلُّهُ بَعْدَ الْقَطْعِ، وَقَوْلُهُ حَالَ اتِّصَالِهِ خَرَجَ بِهِ حَالُ انْفِصَالِهِ فَلَا نَقْضَ فِيهِمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ هُوَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ

(بِبَطْنِ الْكَفِّ) بِلَا حَائِلٍ لِحَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ «إذَا أَفْضَى أَحَدُكُمْ بِيَدِهِ إلَى فَرْجِهِ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا سِتْرٌ وَلَا حِجَابٌ فَلْيَتَوَضَّأْ» وَالْإِفْضَاءُ لُغَةً الْمَسُّ بِبَطْنِ الْكَفِّ وَمَسُّ الْفَرْجِ مِنْ غَيْرِهِ أَفْحَشُ مِنْ مَسِّهِ مِنْ نَفْسِهِ لِهَتْكِهِ حُرْمَةَ غَيْرِهِ وَلِهَذَا لَا يَتَعَدَّى النَّقْضُ إلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِبَطْنِ الْكَفِّ الْمُنْطَبِقِ عِنْدَ وَضْعِ إحْدَى الْيَدَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى مَعَ تَحَامُلٍ يَسِيرٍ وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ الذَّكَرَ الْمُبَانَ لِصِدْقِ الِاسْمِ. وَأَمَّا فَرْجُ الْمَرْأَةِ الْمُبَانُ فَحُكْمُهُ كَذَلِكَ إنْ بَقِيَ الِاسْمُ وَإِلَّا فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الذَّكَرَ لَوْ قُطِعَ وَدَقَّ حَتَّى ـــــــــــــــــــــــــــــSمَوْضِعِ خِتَانِهَا: أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى فَرْجًا اهـ بِحُرُوفِهِ وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ فِي الْجِنَايَاتِ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: فَرْعٌ فِي الْعَقْلِ دِيَةٌ مَا نَصُّهُ: قَوْلُ الشَّارِحِ وَهُمَا: أَيْ الشَّفْرَانِ طَرَفَا الْفَرْجِ هَذَا تَابِعٌ لِلْأَزْهَرِيِّ حَيْثُ قَالَ الْأَسْكَتَيْنِ نَاحِيَتَا الْفَرْجِ وَالشَّفْرَانِ طَرَفَاهُمَا، كَمَا أَنَّ أَشْفَارَ الْعَيْنِ أَهْدَابُهَا، وَقَالَ غَيْرُهُ: الشَّفْرَانِ هُمَا اللَّحْمَانِ الْمُحِيطَانِ بِالْفَرْجِ إحَاطَةً الشَّفَةِ بِالْفَمِ اهـ بِحُرُوفِهِ، وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ قَوْلُهُ عَلَى الْمَنْفَذِ: أَيْ الْمُحِيطَيْنِ بِهِ إحَاطَةَ الشَّفَتَيْنِ بِالْفَمِ دُونَ مَا عَدَا ذَلِكَ اهـ بِحُرُوفِهِ. وَنُقِلَ فِي الدَّرْسِ عَنْ وَالِدِ الشَّارِحِ بِهَوَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُوَافِقُ إطْلَاقَ الشَّارِحِ، وَالْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ الشَّارِحِ هُنَا، وَعِبَارَةُ حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ الْمُرَادُ بِقُبُلِ الْمَرْأَةِ الشَّفْرَانِ عَلَى الْمَنْفَذِ مِنْ أَوَّلِهِمَا إلَى آخِرِهِمَا: أَيْ بَطْنًا وَظَهْرًا لَا مَا هُوَ عَلَى الْمَنْفَذِ مِنْهُمَا كَمَا وَهَمَ فِيهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ اهـ. ثُمَّ قَضِيَّةُ عَطْفِهِ مُلْتَقَى الشَّفْرَيْنِ عَلَى مَا يُقْطَعُ فِي خِتَانِ الْمَرْأَةِ أَنَّ النَّقْضَ يَحْصُلُ بِمُلْتَقَى الشَّفْرَيْنِ وَبِمَسِّ مَا يُقْطَعُ فِي خِتَانِ الْمَرْأَةِ مَعَ كَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ مُلْتَقَى مَا عَلَى الْمَنْفَذِ (قَوْلُهُ: بِبَطْنِ الْكَفِّ) أَيْ وَلَوْ انْقَلَبَتْ الْكَفُّ، وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ حَجَرٍ عَدَمُ النَّقْضِ بِهَا مُطْلَقًا، وَأَطَالَ فِيهِ فِي غَيْرِ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ. وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِلشَّارِحِ: وَلَوْ خُلِقَ بِلَا كَفٍّ لَمْ يُقَدَّرْ قَدْرُهَا مِنْ الذِّرَاعِ. وَلَا يُنَافِيه مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ خُلِقَ بِلَا مِرْفَقٍ أَوْ كَعْبٍ قُدِّرَ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ ثَمَّ ضَرُورِيٌّ، بِخِلَافِهِ هُنَا؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى مَا هُوَ مَظِنَّةٌ لِلشَّهْوَةِ، وَعِنْدَ عَدَمِ الْكَفِّ لَا مَظِنَّةَ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّقْدِيرِ اهـ (قَوْلُهُ وَلَا حِجَابَ) عَطْفٌ مُغَايِرٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ السِّتْرَ مَا يَمْنَعُ إدْرَاكَ لَوْنِ الْبَشَرَةِ كَأَثَرِ الْحِنَّاءِ بَعْدَ زَوَالِ جُرْمِهَا، وَالْحِجَابُ مَا لَهُ جُرْمٌ يَمْنَعُ الْإِدْرَاكَ بِاللَّمْسِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: وَالْإِفْضَاءُ لُغَةً) أَيْ فَيَتَقَيَّدُ بِهِ إطْلَاقُ الْمَسِّ فِي بَقِيَّةِ الْأَخْبَارِ، وَاعْتَرَضَهُ الْقُونَوِيُّ بِأَنَّ الْمَسَّ عَامٌّ؛ لِأَنَّهُ صِلَةُ الْمَوْصُولِ وَهُوَ مِنْ: أَيْ فِي حَدِيثِ مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ: ذَكَرًا فَلْيَتَوَضَّأْ، وَالْإِفْضَاءُ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْعَامِّ فَلَا يُخَصِّصُهُ، قَالَ: وَالْأَقْرَبُ ادِّعَاءُ تَخْصِيصِ عُمُومِ الْمَسِّ بِمَفْهُومِ خَبَرِ الْإِفْضَاءِ. وَقَدْ رَدَّهُ غَيْرُهُ بِأَنَّ مَنْ مَسَّ إمَّا مُطْلَقٌ أَوْ عَامٌّ أَوْ مُجْمَلٌ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ وَهُوَ مُقَيِّدٌ لِلْمَسِّ أَوْ مُخَصِّصٌ لَهُ أَوْ مُبَيِّنٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِجْمَالِ اهـ شَرْحُ الْإِرْشَادِ الْكَبِيرِ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ وَالْمَنْهَجِ: وَالْإِفْضَاءُ بِهَا: أَيْ بِالْيَدِ، وَتَقْيِيدُهُ بِقَوْلِهِ بِهَا ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْإِفْضَاءَ الْمُطْلَقَ لَيْسَ مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ مَخْصُوصًا بِالْمَسِّ فَضْلًا عَنْ تَقْيِيدِهِ بِبَطْنِ الْكَفِّ، بَلْ هَذَا إنَّمَا هُوَ مَعْنَى الْإِفْضَاءِ بِالْيَدِ؛ وَعِبَارَةُ الْمَطَالِعِ: أَصْلُ الْإِفْضَاءِ مُبَاشَرَةُ الشَّيْءِ وَمُلَاقَاتُهُ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ. وَفِي الْمِصْبَاحِ: أَفْضَى بِيَدِهِ إلَى الْأَرْضِ: مَسَّهَا بِبَاطِنِ رَاحَتِهِ. قَالَ فِي التَّهْذِيبِ: وَحَقِيقَةُ الْإِفْضَاءِ الِانْتِهَاءُ، وَأَفْضَى إلَى امْرَأَتِهِ بَاشَرَهَا وَجَامَعَهَا، وَأَفْضَيْت إلَى الشَّيْءِ وَصَلْت إلَيْهِ اهـ بِحُرُوفِهِ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ الشَّارِحِ بِأَنَّ " الـ " فِيهِ لِلْعَهْدِ، وَالْمَعْهُودُ الْإِفْضَاءُ بِالْيَدِ الْمُتَقَدِّمُ فِي قَوْلِهِ إذَا أَفْضَى أَحَدُكُمْ بِيَدِهِ (قَوْلُهُ: لِهَتْكِهِ حُرْمَةَ غَيْرِهِ) أَيْ غَالِبًا إذْ نَحْوُ يَدِ الْمُكْرَهِ وَالنَّاسِي كَغَيْرِهِمَا، بَلْ رِوَايَةُ مَنْ مَسَّ ذَكَرًا تَشْمَلُهُ لِعُمُومِ النَّكِرَةِ الْوَاقِعَةِ فِي حَيِّزِ الشَّرْطِ وَالْخَبَرِ النَّاصِّ عَلَى عَدَمِ النَّقْضِ. قَالَ الْبَغَوِيّ كَالْخَطَّابِيِّ مَنْسُوخٌ، وَفِيهِ وَإِنْ جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ نَظَرَ ظَاهِرَ بَيِّنَتِهِ فِي شَرْحِ الْمِشْكَاةِ، مَعَ بَيَانِ أَنَّ الْأَخْذَ بِخَبَرِ النَّقْضِ أَرْجَحُ، فَتَعَيَّنَ؛ لِأَنَّهُ الْأَحْوَطُ بَلْ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ كَثِيرِينَ مِنْ الْحُفَّاظِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَالذَّكَرُ الْمُبَانُ) وَكَذَا بَعْضُهُ إنْ أُطْلِقَ عَلَيْهِ اسْمُ الذَّكَرِ اهـ حَجّ: أَيْ أُطْلِقَ عَلَى ذَلِكَ الْمَقْطُوعِ أَنَّهُ بَعْضُ ذَكَرٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْحَضْرَمِيَّةِ (قَوْلُهُ: لَصَدَقَ الِاسْمُ) عِلَّةٌ لِلشُّمُولِ أَوْ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ لَصَدَقَ إلَخْ فَيَكُونُ عِلَّةً لِلْحُكْمِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) وَمِثْلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ يُسَمَّى ذَكَرًا أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ الْقُبُلِ بِقَوْلِهِ مِنْ وَاضِحٍ، إذْ الْمُشْكِلُ إنَّمَا يَنْقُضُ بِمَسِّ الْوَاضِحِ مَا لَهُ مِنْ الْمُشْكِلِ، فَيُنْتَقَضُ وُضُوءُ الرَّجُلِ بِمَسِّ ذَكَرِ الْخُنْثَى وَالْمَرْأَةِ بِمَسِّ فَرْجِهِ حَيْثُ لَا مَحْرَمِيَّةَ وَلَا صِغَرَ وَلَا عَكْسَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَسِّ، وَلَوْ مَسَّ الْمُشْكِلُ كِلَا الْقَبْلَيْنِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ مُشْكِلٍ آخَرَ أَوْ مَسَّ فَرْجَ نَفْسِهِ وَذَكَرَ مِثْلِ آخَرَ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ، وَلَوْ مَسَّ أَحَدَ فَرْجَيْ مُشْكِلٍ لَمْ يُنْتَقَضْ، وَلَوْ مَسَّ أَحَدُ الْمُشْكِلَيْنِ فَرْجَ صَاحِبِهِ وَمَسَّ الْآخَرُ ذَكَرَ الْأَوَّلِ انْتَقَضَ أَحَدُهُمَا، لَا بِعَيْنِهِ لَكِنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُصَلِّيَ إذْ الْأَصْلُ الطَّهَارَةُ (وَكَذَا فِي الْجَدِيدِ حَلَقَةُ دُبُرِهِ) أَيْ الْآدَمِيِّ قِيَاسًا عَلَى قُبُلِهِ بِجَامِعِ النَّقْضِ بِالْخَارِجِ مِنْهُمَا، وَالْقَدِيمُ لَا يَنْقُضُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُلْتَذُّ بِمَسِّهِ، وَالْمُرَادُ بِحَلَقَةِ الدُّبُرِ مُلْتَقَى الْمَنْفَذِ دُونَ مَا وَرَاءَهُ، وَلَا يُنْتَقَضُ بِمَسِّ الْعَانَةِ وَلَا الْأُنْثَيَيْنِ وَالْأَلْيَتَيْنِ وَمَا بَيْنَ الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى فَرْجًا (لَا فَرْجَ بَهِيمَةٍ) وَطَيْرٍ؛ لِأَنَّ لَمْسَهَا لَا يَنْقُضُ فَكَذَا مَسُّ فَرْجِهَا، وَقِيَاسًا عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ سَتْرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالدُّبُرُ إذَا قُوِّرَ فَيَنْقُضُ مَسُّ حَلْقَتِهِ إنْ بَقِيَ اسْمُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا عَكْسَ) أَيْ بِأَنْ مَسَّ الرَّجُلُ آلَةَ النِّسَاءِ مِنْ الْمُشْكِلِ وَالْمَرْأَةُ آلَةَ الرِّجَالِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: انْتَقَضَ وُضُوءُهُ) أَيْ حَيْثُ لَا مَحْرَمِيَّةَ بَيْنَهُمَا وَلَا صِغَرَ (قَوْلُهُ: لَا بِعَيْنِهِ) فَإِنْ اقْتَدَتْ امْرَأَةٌ بِأَحَدِهِمَا فِي صَلَاةٍ امْتَنَعَ عَلَيْهَا أَنْ تَقْتَدِيَ بِأُخْرَى (قَوْلُهُ: لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُصَلِّيَ إلَخْ) فَلَوْ اتَّضَحَ الْمُشْكِلُ بِمَا يَقْتَضِي انْتِقَاضَ وُضُوئِهِ أَوْ وُضُوءَ غَيْرِهِ فَهَلْ يُحْكَمُ بِالِانْتِقَاضِ وَفَسَادِ مَا فَعَلَ بِذَلِكَ الْوُضُوءِ مِنْ الصَّلَوَاتِ وَنَحْوِهَا مِنْ كُلِّ مَا تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَى صِحَّةِ الْوُضُوءِ أَمْ لَا لِمُضِيِّ مَا فَعَلَهُ مِنْ الصِّحَّةِ ظَاهِرًا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَاشِيَةِ سم عَلَى مَنْهَجٍ أَنَّ فِي ذَلِكَ طَرِيقِينَ: أَحَدُهُمَا لِلْقَاضِي فِيهِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيمَا إذَا صَلَّى إلَى جِهَاتٍ بِاجْتِهَادِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ الْخَطَأُ، وَثَانِيهمَا وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ الْقَطْعُ بِوُجُوبِهَا. (قَوْلُهُ: حَلْقَةً) بِسُكُونِ اللَّامِ عَلَى الْأَشْهَرِ حَجّ، وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ وَالْجَمْعُ: حَلَقٌ بِفَتْحَتَيْنِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: الْجَمْعُ حِلَقٌ بِالْكَسْرِ مِثْلُ قَصْعَةٍ وَقِصَعٍ وَبَدْرَةٍ وَبِدَرٍ. وَحَكَى يُونُسُ عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ أَنَّ الْحَلَقَةَ بِالْفَتْحِ لُغَةٌ فِي السُّكُونِ، وَعَلَى هَذَا فَالْجَمْعُ بِحَذْفِ الْهَاءِ قِيَاسِيٌّ مِثْلُ قَصَبَةٍ وَقَصَبٍ (قَوْلُهُ: دُونَ مَا وَرَاءَهُ) أَيْ دُونَ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ بَاطِنِ الْأَلْيَتَيْنِ، قَالَ الْمَحَلِّيُّ: وَبَقِيَ بَاطِنُ الْمَنْفَذِ وَهُوَ الْمُنْطَبِقُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ فَهَلْ يَنْقُضُ أَوْ لَا؟ قَالَ سم عَلَى بَهْجَةٍ: فِيهِ نَظَرٌ، وَعِبَارَةُ قَوْلِهِ مُلْتَقَى الْمَنْفَذِ: اعْلَمْ أَنَّ الْمُلْتَقَى لَهُ ظَاهِرٌ وَهُوَ الْمُشَاهَدُ مِنْهُ وَبَاطِنٌ وَهُوَ الْمُنْطَبِقُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ، فَهَلْ النَّقْضُ بِالْمَسِّ يَعُمُّ الْأَمْرَيْنِ أَوْ يَخْتَصُّ بِالْأَوَّلِ؟ وَعَلَى الِاخْتِصَاصِ فَهَلْ مِنْ الْأَوَّلِ مَا يَظْهَرُ بِالِاسْتِرْخَاءِ الْوَاجِبِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ؟ فِي ذَلِكَ نَظَرٌ اهـ. قُلْت: وَمُقْتَضَى تَقْيِيدِ الشَّارِحِ بِالْمُلْتَقَى عَدَمُ النَّقْضِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْمُلْتَقَى بَلْ زَائِدٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلَّ الِالْتِقَاءِ، وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ بِهَامِشٍ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ مِنْ الِانْتِقَاضِ بِمَسِّ أَحَدِ الشَّفْرَيْنِ مِنْ ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ. النَّقْضُ هُنَا بِبَاطِنِ الْمَنْفَذِ إنْ أُرِيدَ بِالْبَاطِنِ مَا يَشْمَلُ دَاخِلَ الْفَرْجِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ مَا يَسْتَتِرُ عِنْدَ انْطِبَاقِ أَحَدِ الشَّفْرَيْنِ عَلَى الْآخَرِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى فَرْجًا) وَيُسَمَّى الْعَجَّانُ (قَوْلُهُ: لَا فَرْجَ بَهِيمَةٍ) لَمْ يَتَعَرَّضْ الشَّارِحُ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ فِيهِ، وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: لَا فَرْجَ بَهِيمَةٍ: أَيْ لَا يَنْقُضُ مَسُّهُ فِي الْجَدِيدِ إذْ لَا حُرْمَةَ لَهَا فِي ذَلِكَ وَالْقَدِيمِ وَحَكَاهُ جَمْعٌ جَدِيدًا أَنَّهُ يَنْقُضُ كَفَرْجِ الْآدَمِيِّ، وَالرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ حَكَى الْخِلَافَ فِي قُبُلِهَا وَقَطَعَ فِي دُبُرِهَا بِعَدَمِ النَّقْضِ. وَتَعَقَّبَهُ فِي الرَّوْضَةِ بِأَنَّ الْأَصْحَابَ أَطْلَقُوا الْخِلَافَ فِي فَرْجِ الْبَهِيمَةِ فَلَمْ يَخُصُّوا بِهِ الْقُبُلَ اهـ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَمِنْهَا هُنَا الطَّيْرُ، وَفِي قَوْلِهِ وَمِنْهَا هُنَا إشْعَارٌ بِأَنَّ إطْلَاقَ الْبَهِيمَةِ عَلَى الطَّيْرِ لَيْسَ حَقِيقِيًّا، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ السِّرُّ فِي عَطْفِ الطَّيْرِ عَلَى الْبَهِيمَةِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، لَكِنْ فِي الْمِصْبَاحِ: الْبَهِيمَةُ كُلُّ ذَاتِ أَرْبَعٍ مِنْ دَوَابِّ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَعَدَمِ تَحْرِيمِ النَّظَرِ إلَيْهِ (وَيَنْقُضُ فَرْجُ الْمَيِّتِ وَالصَّغِيرِ) لِشُمُولِ الِاسْمِ (وَمَحَلُّ الْجَبِّ) ؛ لِأَنَّهُ أَصْلُ الذَّكَرِ (وَالذَّكَرُ الْأَشَلُّ وَبِالْيَدِ الشَّلَّاءِ فِي الْأَصَحِّ) لِشُمُولِ الِاسْمِ أَيْضًا لِذَلِكَ، وَالثَّانِي لَا تَنْقُضُ الْمَذْكُورَاتُ لِانْتِفَاءِ الذَّكَرِ فِي مَحَلِّ الْجَبِّ وَلِانْتِفَاءِ مَظِنَّةِ الشَّهْوَةِ فِي غَيْرِهِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ كَفَّانِ عَامِلَتَانِ أَوْ غَيْرُ عَامِلَتَيْنِ انْتَقَضَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، فَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا عَامِلَةً دُونَ الْأُخْرَى وَهُمَا عَلَى مِعْصَمَيْنِ انْتَقَضَ بِالْعَامِلَةِ فَقَطْ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، أَوْ عَلَى مِعْصَمٍ وَاحِدٍ انْتَقَضَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي التَّحْقِيقِ، كَذَا جَمَعَ بِهِ ابْنُ الْعِمَادِ، وَفِيهِ قُصُورٌ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ اسْتِوَاءِ الْمِعْصَمِ الْمُسَامَتَةُ وَلَا مِنْ اخْتِلَافِهِ عَدَمُهَا، وَلِأَنَّ الْمَدَارَ إنَّمَا هُوَ عَلَيْهَا لَا عَلَى اتِّحَادِ مَحَلِّ نَبَاتِهِمَا؛ لِأَنَّهَا إذَا وُجِدَتْ وُجِدَتْ الْمُسَاوَاةُ فِي الصُّورَةِ وَإِنْ لَمْ يَتَّحِدْ مَحَلُّ النَّبَاتِ، وَهَذِهِ هِيَ الْمُقْتَضِيَةُ لِلنَّقْضِ كَمَا فِي الْأُصْبُعِ، وَإِذَا انْتَفَتْ انْتَفَتْ الْمُسَاوَاةُ فِي الصُّورَةِ وَإِنْ اتَّحَدَ مَحَلُّ النَّبَاتِ، فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَ الرَّوْضَةِ لَا نَقْضَ بِكَفٍّ وَذَكَرٍ زَائِدٍ مَعَ عَامِلٍ مَحْمُولٍ عَلَى غَيْرِ الْمُسَامَتِ وَإِنْ كَانَا عَلَى مِعْصَمٍ وَاحِدٍ. وَأَنَّ قَوْلَ التَّحْقِيقِ يَنْقُضُ الْكَفُّ الزَّائِدُ مَعَ الْعَامِلِ مَحْمُولٍ عَلَى الْمُسَامَتِ وَإِنْ كَانَ عَلَى مِعْصَمٍ آخَرَ، وَلَوْ كَانَ لَهُ ذَكَرَانِ يَبُولُ بِأَحَدِهِمَا وَجَبَ الْغُسْلُ بِإِيلَاجِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَكُلُّ حَيَوَانٍ لَا يُمَيِّزُ فَهُوَ بَهِيمَةٌ وَالْجَمْعُ الْبَهَائِمُ اهـ (قَوْلُهُ: وَيَنْقُضُ فَرْجُ الْمَيِّتِ) أَيْ مَسُّ فَرْجِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْجَبِّ) وَمِنْهُ مَحَلُّ بَظْرِ الْمَرْأَةِ وَإِذَا قُطِعَ الْبَظْرُ فَيَنْقُضُ مَحَلُّهُ كَمَا نُقِلَ عَنْ وَالِدِ الشَّارِحِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، وَتَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ لِلشَّارِحِ مَا يُوَافِقُ ذَلِكَ الْبَعْضَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَصْلُ الذَّكَرِ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: أَوْ الْفَرْجِ اهـ. وَهُوَ حَمْلٌ لِلْجَبِّ عَلَى الْقَطْعِ لَا عَلَى خُصُوصِ قَطْعِ الذَّكَرِ، وَهُوَ كَذَلِكَ لُغَةٌ، وَإِنْ كَانَ فِي الْعُرْفِ اسْمًا لِقَطْعِ الذَّكَرِ، وَفِي الْمِصْبَاحِ: جَبَبْته جَبًّا مِنْ بَابِ قَتَلَ قَطَعْته، وَمِنْهُ جَبَبْته وَهُوَ مَجْبُوبٌ بَيْنَ الْجِبَابِ بِالْكَسْرِ: إذَا اسْتَأْصَلْت مَذَاكِيرَهُ (قَوْلُهُ: وَالذَّكَرُ الْأَشَلُّ) وَمَسُّ الْفَرْجِ الْأَشَلِّ مِنْ الْمَرْأَةِ نَاقِضٌ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ وَبِالْيَدِ الشَّلَّاءِ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: قِيلَ إدْخَالُ الْبَاءِ هُنَا مُتَعَيِّنٌ؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ فِي مَسِّ قُبُلٍ لِلْمَفْعُولِ: أَيْ وَهُنَا لِلْفَاعِلِ إذْ التَّقْدِيرُ: وَيَنْتَقِضُ بِمَسِّ الْيَدِ الشَّلَّاءِ، ثُمَّ رَدَّهُ فَرَاجِعْهُ. وَفِي حَوَاشِي سم عَلَى حَجّ قَوْلُهُ وَبِالْيَدِ الشَّلَّاءِ لَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ وَصَارَتْ مُعَلَّقَةً بِجَلْدَةٍ فَهَلْ يَنْقُضُ الْمَسُّ بِهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ. وَيَحْتَمِلُ عَدَمَ النَّقْضِ؛ لِأَنَّهَا كَالْمُنْفَصِلَةِ بِدَلِيلِ إيجَابِهِمْ الْقِصَاصَ فِيهَا أَوْ الدِّيَةَ عَلَى مَنْ أَوْصَلَهَا بِالْجِنَايَةِ لِهَذِهِ الْحَالَةِ، وَالْأَقْرَبُ النَّقْضُ بِهَا لِكَوْنِهَا جُزْءًا مِنْ الْيَدِ وَإِنْ بَطَلَتْ مَنْفَعَتُهَا كَالْيَدِ الشَّلَّاءِ (قَوْلُهُ: كَفَّانِ عَامِلَتَانِ) أَيْ أَصْلِيَّتَانِ (قَوْلُهُ: إحْدَاهُمَا عَامِلَةٌ) أَيْ أَصْلِيَّةٌ (قَوْلُهُ: لِمِعْصَمٍ) كَمِقْوَدِ مَوْضِعِ السِّوَارِ مِنْ الْيَدِ اهـ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْمَدَارَ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَالْمَدَارُ إنَّمَا هُوَ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَيْهَا) أَيْ الْمُسَامَتَةُ (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ) أَيْ الْمُسَاوَاةُ فِي الصُّورَةِ (قَوْلُهُ: وَإِذَا انْتَفَتْ) أَيْ الْمُسَامَتَةُ (قَوْلُهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُسَامَتِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسَاوِ الْآخَرَ طُولًا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُسَامَتَةِ كَوْنُهَا فِي جِهَتِهَا لَا مُسَاوَاتُهَا لَهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، لَكِنْ فِي سم عَلَى حَجّ: وَلَوْ كَانَتْ الْمُسَامَتَةُ لِلْأَصْلِيَّةِ بَعْضَ الزَّائِدِ كَأَنْ كَانَ أَحَدُ الْمِعْصَمَيْنِ أَقْصَرَ مِنْ الْآخَرِ، فَهَلْ يَنْقُضُ أَوْ يَخْتَصُّ النَّقْصُ بِالْقَدْرِ الْمُسَامَتِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ الْغُسْلُ بِإِيلَاجِهِ) كَذَا فِي الرَّوْضِ، وَفِي شَرْحِهِ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْأَصَالَةِ دُونَ الْبَوْلِ. وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ قَالَ فِي الرَّوْضِ وَيَنْقُضُ الْخَارِجُ مِنْ ذَكَرَيْنِ يَبُولَانِ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: فَإِنْ كَانَ يَبُولُ بِأَحَدِهِمَا فَالْحُكْمُ لَهُ وَالْآخَرُ زَائِدٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ نَقْضٌ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْحَقِيقَةِ مَنُوطٌ بِالْأَصَالَةِ لَا بِالْبَوْلِ حَتَّى لَوْ كَانَا أَصْلِيَّيْنِ وَيَبُولُ بِأَحَدِهِمَا وَيَطَأُ بِالْآخَرِ نَقَضَ كُلٌّ مِنْهُمَا، أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَصْلِيًّا وَالْآخِرُ زَائِدًا نَقَضَ الْأَصْلِيُّ فَقَطْ وَإِنْ كَانَ يَبُولُ بِهِمَا. وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ النَّقْضِ بِمَسِّ الزَّائِدِ إذَا كَانَ عَلَى سُنَنِ الْأَصْلِيِّ أَنْ يَنْقُضَ بِالْبَوْلِ مِنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَجَبَ الْغُسْلُ بِإِيلَاجِهِ) أَيْ وَنَقْضِ الْخَارِجِ مِنْهُ

[ما يحرم بالحدث]

وَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْآخَرِ حُكْمٌ، فَإِنْ بَالَ بِهِمَا عَلَى الِاسْتِوَاءِ فَهُمَا أَصْلِيَّانِ (وَلَا تَنْقُضُ رُءُوسُ الْأَصَابِعِ وَمَا بَيْنَهَا) وَحَرْفُهَا وَحَرْفُ الْكَفِّ لِخُرُوجِهَا عَنْ سَمْتِهِ وَلِأَنَّهُ لَا يَعْتَمِدُ عَلَى اللَّمْسِ بِهَا وَحْدَهَا مَنْ أَرَادَ لِينَ الْمَلْمُوسِ وَخُشُونَتِهِ وَقِيلَ تَنْقُضُ رُءُوسُ الْأَصَابِعِ دُونَ مَا بَيْنَهَا وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي حَرْفِ الْكَفِّ وَيُنْتَقَضُ بِمَسِّ بَاطِنِ أُصْبُعٍ زَائِدٍ إنْ كَانَتْ عَلَى سُنَنِ الْأَصَابِعِ الْأَصْلِيَّةِ، فَإِنْ كَانَتْ عَلَى ظَهْرِ الْكَفِّ فَلَا، وَالْمُرَادُ بِبَيْنِ الْأَصَابِعِ فِيمَا يَظْهَرُ النُّقَرُ الَّتِي بَيْنَهَا وَمَا حَاذَاهَا مِنْ أَعْلَى الْأَصَابِعِ إلَى أَسْفَلِهَا وَبِحَرْفِهَا جَوَانِبُهَا، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعَمَلِ وَالْمُسَامَتَةِ بِوَقْتِ الْمَسِّ دُونَ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ (وَيَحْرُمُ بِالْحَدَثِ الصَّلَاةُ) بِأَنْوَاعِهَا وَلَوْ صَلَاةَ جِنَازَةٍ، وَفِي مَعْنَاهَا سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ وَخُطْبَةُ الْجُمُعَةِ. وَقَوْلُ الشَّارِحِ هُنَا إجْمَاعًا مَحْمُولٌ عَلَى حَدَثٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» وَهَذَا فِي غَيْرِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَدَائِمِ الْحَدَثِ، أَمَّا هُمَا فَسَيَأْتِي حُكْمُهُمَا. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: مَا يَفْعَلُهُ عَوَامُّ الْفُقَرَاءِ مِنْ السُّجُودِ بَيْنَ يَدَيْ الْمَشَايِخِ فَهُوَ مِنْ الْعَظَائِمِ وَلَوْ كَانَ بِطَهَارَةٍ وَإِلَى الْقِبْلَةِ، وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ كُفْرًا ـــــــــــــــــــــــــــــSإذَا كَانَ كَذَلِكَ، وَإِنْ الْتَبَسَ الْأَصْلِيُّ بِالزَّائِدِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّقْضَ مَنُوطٌ بِهِمَا مَعًا لَا بِأَحَدِهِمَا. وَلَوْ خُلِقَ لِلْمَرْأَةِ فَرْجَانِ فَبَالَتْ وَحَاضَتْ بِهِمَا انْتَقَضَ الْوُضُوءُ بِالْخَارِجِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، فَإِنْ بَالَتْ وَحَاضَتْ بِأَحَدِهِمَا فَقَطْ اخْتَصَّ الْحُكْمُ بِهِ، وَلَوْ بَالَتْ بِأَحَدِهِمَا وَحَاضَتْ بِالْآخَرِ فَالْوَجْهُ تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا اهـ. وَهَلْ يَجْرِي هُنَا تَفْصِيلُهُ السَّابِقُ حَتَّى لَوْ كَانَ أَصْلِيًّا وَالْآخَرُ زَائِدًا اخْتَصَّ النَّقْضُ بِالْأَصْلِيِّ وَإِنْ بَالَتْ أَوْ حَاضَتْ بِهِمَا. وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ السَّابِقَ وَإِنْ كَانَ يَبُولُ بِهِمَا نَقَضَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُطْلَقًا، بَلْ الْبَوْلُ بِهِمَا دَلِيلٌ عَلَى أَصَالَتِهِمَا م ر (قَوْلُهُ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْآخَرِ حُكْمٌ) أَيْ وَإِنْ جَامَعَ بِهِ وَأَنْزَلَ (قَوْلُهُ: عَلَى سُنَنِ الْأَصَابِعِ الْأَصْلِيَّةِ) أَيْ وَإِنْ نَبَتَتْ بِبَاطِنِ الْكَفِّ فَلَيْسَتْ كَالسِّلْعَةِ النَّاقِضَةِ بِجَمِيعِ جَوَانِبِهَا. وَقَوْلُهُ فَإِنْ كَانَتْ إلَخْ كَذَا فِي الْعُبَابِ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ سَامَتَتْ. وَنَازَعَ حَجّ فِي شَرْحِهِ بِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْمُسَامَتَةِ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى ظَهْرِ الْكَفِّ اهـ سم عَلَى حَجّ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ عَلَى ظَهْرِ الْكَفِّ فَلَا) أَيْ أَوْ فِي بَاطِنِهِ وَلَيْسَتْ عَلَى سُنَنِ الْأَصَابِعِ بِأَنْ كَانَتْ كَالْعَمُودِ فَلَا تَنْقُضُ مُطْلَقًا لَا ظَاهِرُهَا وَلَا بَاطِنُهَا، وَيَحْتَمِلُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَنَّهَا كَالسِّلْعَةِ فَيَنْقُضُ ظَاهِرُهَا وَبَاطِنُهَا (قَوْلُهُ: وَالْمُسَامَتَةُ بِوَقْتِ الْمَسِّ إلَخْ) وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ عَامِلَةً فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَصَالَتِهَا، فَإِذَا طَرَأَ عَدَمُ الْعَمَلِ عَلَيْهَا صَارَتْ أَصْلِيَّةً شَلَّاءَ، وَالشَّلَلُ لَا يَمْنَعُ مِنْ النَّقْضِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَلَاةَ جِنَازَةٍ) إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ قَصْدًا لِلرَّدِّ عَلَى الشَّعْبِيِّ حَيْثُ قَالَ بِجَوَازِهَا مَعَ الْحَدَثِ؛ لِأَنَّهَا دُعَاءٌ (قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى حَدَثٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ) الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ فِي الِجَوَابِ: إنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ حَرُمَتْ الصَّلَاةُ بِمَاهِيَّةِ الْحَدَثِ إجْمَاعًا وَإِنْ اخْتَلَفَ فِي جُزْئِيَّاتِهِ (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) عِلَّةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الصَّلَاةُ (قَوْلُهُ: مِنْ السُّجُودِ بَيْنَ يَدَيْ الْمَشَايِخِ) هَلْ مِثْلُهُ مَا يَقَعُ لِبَعْضِهِمْ مِنْ الِانْحِنَاءِ إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ، أَوْ مَا زَادَ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَقْرَبُ إلَى السُّجُودِ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ مِثْلُهُ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ السُّجُودَ يُتَعَبَّدُ بِهِ وَحْدَهُ كَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ، بِخِلَافِ الرُّكُوعِ وَمَا قَارَبَهُ لَا يُتَعَبَّدُ بِشَيْءٍ مِنْهُمَا وَحْدَهُ (قَوْلُهُ فَهُوَ مِنْ الْعَظَائِمِ) أَيْ الْكَبَائِرِ (قَوْلُهُ: وَأَخْشَى) إنَّمَا قَالَ وَأَخْشَى إلَخْ، وَلَمْ يَجْعَلْهُ كُفْرًا حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ السُّجُودِ بَيْنَ يَدَيْ الْمَشَايِخِ لَا يَقْتَضِي تَعْظِيمَ الشَّيْخِ كَتَعْظِيمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِحَيْثُ يَكُونُ مَعْبُودًا، وَالْكُفْرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مَا يَحْرُمُ بِالْحَدَثِ] قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى حَدَثٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ) أُجِيبُ عَنْهُ أَيْضًا بِأَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ الصَّلَاةَ تَحْرُمُ بِمُطْلَقِ الْحَدَثِ، وَلَا يَضُرُّ اخْتِلَافُهُمْ فِي تَعْيِينِهِ. وَأَقُولُ: مَنْ صَلَّى بِحَدَثٍ عِنْدَهُ: أَيْ مِنْ غَيْرِ تَقْلِيدٍ فَصَلَاتُهُ حَرَامٌ إجْمَاعًا (قَوْلُهُ: وَهَذَا فِي غَيْرِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ: إنَّمَا احْتَاجَ إلَى هَذَا لِتَفْسِيرِهِ الْحَدَثَ فِيمَا مَرَّ بِالْأَسْبَابِ عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ. أَمَّا إذَا قُلْنَا إنَّهُ الْأَمْرُ الِاعْتِبَارِيُّ فَلَا حَاجَةَ إلَى هَذَا؛ لِأَنَّ مَحَلَّ مَنْعِهِ عِنْدَ عَدَمِ الْمُرَخِّصِ كَمَا مَرَّ فِي تَعْرِيفِهِ وَهُنَا الْمُرَخِّصُ مَوْجُودٌ

وقَوْله تَعَالَى {وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا} [يوسف: 100] مَنْسُوخٌ أَوْ مُؤَوَّلٌ عَلَى أَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا لَيْسَ شَرْعًا لَنَا وَإِنْ وَرَدَ فِي شَرْعِنَا مَا يُقَرِّرُهُ بَلْ وَرَدَ فِيهِ مَا يَرُدُّهُ (وَالطَّوَافُ) بِأَنْوَاعِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الصَّلَاةِ فَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ خَبَرًا «الطَّوَافُ بِمَنْزِلَةِ الصَّلَاةِ، إلَّا أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَلَّ فِيهِ الْمَنْطِقَ، فَإِنْ نَطَقَ فَلَا يَنْطِقُ إلَّا بِخَيْرٍ» (وَحَمْلُ الْمُصْحَفِ) وَهُوَ مُثَلَّثُ الْمِيمِ (وَمَسُّ وَرِقِهِ) الْمَكْتُوبِ فَلَهُ وَغَيْرِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79] وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ، وَقِيسَ الْحَمْلُ عَلَى الْمَسِّ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ وَأَفْحَشُ مِنْهُ، وَالْمُطَهَّرُ بِمَعْنَى الْمُتَطَهِّرِ، نَعَمْ لَوْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ إلَى حَمْلِهِ كَأَنْ خَافَ عَلَيْهِ تَنَجُّسًا أَوْ كَافِرًا أَوْ تَلَفًا أَوْ ضَيَاعًا وَعَجَزَ عَنْ الطَّهَارَةِ وَعَنْ إيدَاعِهِ مُسْلِمًا ثِقَةً حَمَلَهُ حَتْمًا فِي غَيْرِ الضَّيَاعِ وَلَوْ حَالَ تَغَوُّطِهِ وَيَجِبُ التَّيَمُّمُ لَهُ إنْ أَمْكَنَهُ (وَكَذَا جِلْدُهُ) (عَلَى الصَّحِيحِ) لِكَوْنِهِ كَالْجُزْءِ مِنْهُ بِدَلِيلِ دُخُولِهِ فِي بَيْعِهِ. وَالثَّانِي لَا يَحْرُمُ مَسُّهُ؛ لِأَنَّهُ وِعَاءٌ لَهُ كَكِيسِهِ. هَذَا إنْ كَانَ مُتَّصِلًا، فَإِنْ كَانَ مُنْفَصِلًا حَرُمَ أَيْضًا كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ عُصَارَةِ الْمُخْتَصَرِ لَلْغَزَالِيِّ. وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: إنَّهُ الْأَصَحُّ مَا لَمْ تَنْقَطِعْ نِسْبَتُهُ عَنْهُ، وَخَرَجَ بِالْمُصْحَفِ غَيْرُهُ كَتَوْرَاةٍ وَإِنْجِيلٍ وَمَنْسُوخِ تِلَاوَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ ـــــــــــــــــــــــــــــSإنَّمَا يَكُونُ إذَا قَصَدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ مُؤَوَّلٌ) أَيْ بِمُنْقَادَيْنِ لَهُ أَوْ يَخِرُّوا لِأَجْلِهِ سُجَّدًا لِلَّهِ شُكْرًا (قَوْلُهُ: بَلْ وَرَدَ فِيهِ) يُتَأَمَّلُ هَذَا الْإِضْرَابُ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ وَرَدَ فِي هَذَا بِخُصُوصِهِ مَا يَرُدُّهُ فَيَكُونُ الْغَرَضُ الْمُبَالَغَةَ فِي الرَّدِّ عَلَى فَاعِلِهِ وَإِنْ وَافَقَ شَرْعَ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: قَدْ أُحِلَّ فِيهِ) لَعَلَّهُ إنَّمَا خَصَّهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ كَانَ مُبَاحًا فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ حَرُمَ (قَوْلُهُ فَلَا يَنْطِقُ) اُنْظُرْ هَلْ الرِّوَايَةُ هُنَا بِالْجَزْمِ أَوْ الرَّفْعِ. وَرُوِيَ فَلَا يَتَكَلَّمَنَّ مُؤَكَّدًا بِالنُّونِ، وَهِيَ تُشْعِرُ بِأَنَّ الرِّوَايَةَ هُنَا بِالْجَزْمِ؛ لِأَنَّ التَّأْكِيدَ بَعْدَ النَّهْيِ كَثِيرٌ، وَالْأَصْلُ تَوَافُقُ الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى الْمَعْنَى الْوَاحِدِ. (قَوْلُهُ: وَحَمْلُ الْمُصْحَفِ) وَهُوَ اسْمٌ لِلْمَكْتُوبِ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ اهـ زِيَادِيُّ: وَفِي الْمِصْبَاحِ: الدَّفُّ: الْجَنْبُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَالْجَمْعُ دُفُوفٌ مِثْلُ فَلْسٍ وَفُلُوسٍ وَقَدْ يُؤَنَّثُ بِالْهَاءِ فَيُقَالُ: الدَّفَّةُ وَمِنْهُ دَفَّتَا الْمُصْحَفِ لِلْوَجْهَيْنِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ. (فَرْعٌ) هَلْ يَحْرُمُ تَصْغِيرُ الْمُصْحَفِ بِأَنْ يُقَالَ مُصَيْحِفٌ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّ التَّصْغِيرَ إنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ الْخَطُّ مَثَلًا لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِ كَلَامَ اللَّهِ (قَوْلُهُ: وَمَسُّ وَرَقِهِ) وَظَاهِرٌ أَنَّ مَسَّهُ مَعَ الْحَدَثِ لَيْسَ كَبِيرَةً سم عَلَى مَنْهَجٍ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا كَالطَّوَافِ وَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ فَإِنَّهَا كَبِيرَةٌ، بَلْ يَنْبَغِي أَنَّهُ مَنْ اسْتَحَلَّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ حُكِمَ بِكُفْرِهِ. وَبَقِيَ مَا لَوْ قُطِعَتْ أُصْبُعُهُ أَوْ أَنْفُهُ مَثَلًا وَاِتَّخَذَ لَهُ أُصْبُعًا أَوْ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ هَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ مَسُّ الْمُصْحَفِ بِهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ بَسْطِ الْأَنْوَارِ لِلْأُشْمُونِيِّ أَنَّهُ اسْتَظْهَرَ عَدَمَ الْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ جُزْءًا مِنْ بَدَنِهِ، وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ كَمَا نَقَلَهُ الشَّمْسُ الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ عَنْ إفْتَاءِ وَالِدِهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي لَفِّ الْكُمِّ وَالْمَسِّ بِهِ حَيْثُ قَالُوا فِيهِ بِالْحُرْمَةِ. وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ فِي لَفِّ الْكُمِّ قَدْ مَسَّ بِيَدِهِ بِحَائِلٍ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا. (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى النَّهْيِ) قِيلَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَاقِيًا عَلَى أَصْلِهِ وَمَا يَلْزَمُ الْخُلْفُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ نَفْيُ الْمَسِّ الْمَشْرُوعِ. وَعِبَارَةُ الصَّفَوِيِّ فِي تَفْسِيرِهِ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ} [البقرة: 197] الْآيَةُ مَا نَصُّهُ: قِيلَ وَنِعْمَ مَا قِيلَ لَا رَفَثَ لَيْسَ نَفْيًا لِوُجُودِهِ بَلْ لِمَشْرُوعِيَّتِهِ، فَيَرْجِعُ إلَى نَفْيِ وُجُودِهِ مَشْرُوعًا لَا مَحْسُوسًا ك {لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79] {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} [البقرة: 228] وَهَذِهِ الدَّقِيقَةُ إذَا ذَكَرْتهَا لَا تَحْتَاجُ أَنْ تَقُولَ الْخَبَرُ بِمَعْنَى النَّهْيِ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الضَّيَاعِ) أَيْ أَمَّا هُوَ فَيَجُوزُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ لِيَتِيمٍ (قَوْلُهُ وَيَجِبُ التَّيَمُّمُ لَهُ إنْ أَمْكَنَهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ فَقَدَ التُّرَابَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَقْلِيدُ الْحَنَفِيِّ فِي صِحَّةِ التَّيَمُّمِ مِنْ عَلَى عَمُودٍ مَثَلًا وَلَوْ قِيلَ بِهِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا (قَوْلُهُ: كَكِيسِهِ) الْمُعْتَمَدُ حُرْمَةُ مَسِّ كِيسِهِ وَهُوَ فِيهِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَنْقَطِعْ نِسْبَتُهُ عَنْهُ) أَيْ بِأَنْ يَجْعَلَ جِلْدَ الْكِتَابِ جِلْدًا لِكِتَابٍ آخَرَ وَلَيْسَ مِنْ انْقِطَاعِهَا مَا لَوْ جَلَّدَ الْمُصْحَفَ بِجِلْدٍ جَدِيدٍ وَتَرَكَ الْأَوَّلَ فَيَحْرُمُ مَسُّهُ. أَمَّا لَوْ ضَاعَتْ أَوْرَاقُ الْمُصْحَفِ أَوْ حُرِّقَتْ فَلَا يَحْرُمُ مَسُّ الْجِلْدِ كَمَا يَأْتِي بِالْهَامِشِ عَنْ سم نَقْلًا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَلَا يَحْرُمُ ذَلِكَ (وَخَرِيطَةٌ وَصُنْدُوقٌ فِيهِمَا مُصْحَفٌ) وَقَدْ أُعِدَّا لَهُ: أَيْ وَحْدَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِشَبَهِهِمَا بِجِلْدِهِ وَعَلَاقَتِهِ لِكَوْنِهِمَا مُتَّخَذَيْنِ لَهُ وَوَجْهُ مُقَابِلِهِ انْفِصَالُهُمَا وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ تَحْلِيَتُهُمَا وَإِنْ جَوَّزْنَا تَحْلِيَةَ الْمُصْحَفِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِالِاحْتِيَاطِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَالصُّنْدُوقُ بِفَتْحِ الصَّادِ وَضَمِّهَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا أَوْ انْتَفَى إعْدَادُهُمَا لَهُ مَحَلَّ حَمْلِهِمَا وَمَسِّهِمَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيمَا أَعَدَّ لَهُ بَيْنَ كَوْنِهِ عَلَى حَجْمِهِ أَوْ لَا وَإِنْ لَمْ يُعَدَّ مِثْلُهُ لَهُ عَادَةً وَهُوَ قَرِيبٌ (وَمَا كُتِبَ لِدَرْسِ قُرْآنٍ كَلَوْحٍ فِي الْأَصَحِّ) لِشَبَهِهِ بِالْمُصْحَفِ بِخِلَافِ مَا كُتِبَ لِغَيْرِ ذَلِكَ كَالتَّمَائِمِ الْمَعْهُودَةِ عُرْفًا، وَالثَّانِي لَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ (وَالْأَصَحُّ حِلُّ حَمْلِهِ فِي) هِيَ بِمَعْنَى مَعَ كَمَا عَبَّرَ بِهِ غَيْرُهُ فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَتَاعِ ظَرْفًا لَهُ (أَمْتِعَةٍ) تَبَعًا لَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَنْ م ر (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْرُمُ ذَلِكَ) أَيْ لَكِنْ يُكْرَهُ إنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ تَبْدِيلُهُ بِأَنْ عَلِمَ عَدَمَهُ أَوْ ظَنَّهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ شَيْئًا (قَوْلُهُ: وَخَرِيطَةٌ) وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ وَضَعَهُ فِي زَكِيبَةٍ أَعَدَّهَا لَهُ فَيَحْرُمُ وَإِنْ كَبُرَتْ (قَوْلُهُ: وَصُنْدُوقٌ) مِنْ الصُّنْدُوقِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ بَيْتِ الرَّبَعَةِ الْمَعْرُوفِ فَيَحْرُمُ مَسُّهُ إذَا كَانَتْ أَجْزَاءُ الرَّبَعَةِ أَوْ بَعْضُهَا فِيهِ، وَأَمَّا الْخَشَبُ الْحَامِلُ لِبَيْتِهَا فِيهِ فَلَا يَحْرُمُ مَسُّهُ، وَكَذَا لَا يَحْرُمُ مَسُّ مَا يُسَمَّى فِي الْعُرْفِ كُرْسِيًّا مِمَّا يُجْعَلُ فِي رَأْسِهِ صُنْدُوقُ الْمُصْحَفِ. وَعِبَارَتُهُ عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ لَوْ وُضِعَ الْمُصْحَفُ عَلَى كُرْسِيٍّ مِنْ خَشَبٍ أَوْ جَرِيدٍ لَمْ يَحْرُمْ مَسُّ الْكُرْسِيِّ، قَالَهُ شَيْخُنَا طب وَشَيْخُنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ وَكَذَا م ر؛ لِأَنَّهُ مُنْفَصِلٌ اهـ. وَأَطْلَقَ الزِّيَادِيُّ الْحُرْمَةَ فِي الْكُرْسِيِّ فَشَمِلَ الْخَشَبَ وَالْجَرِيدَ اهـ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُحَاذِي لِلْمُصْحَفِ وَغَيْرِهِ. (مَسْأَلَةٌ) وَقَعَ السُّؤَالُ عَلَى خِزَانَتَيْنِ مِنْ خَشَبٍ إحْدَاهُمَا فَوْقَ الْأُخْرَى كَمَا فِي خَزَائِنِ مُجَاوِرِي الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ وُضِعَ الْمُصْحَفُ فِي السُّفْلَى، فَهَلْ يَجُوزُ وَضْعُ النِّعَالِ وَنَحْوِهَا فِي الْعُلْيَا؟ فَأَجَابَ م ر بِالْجَوَازِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ إخْلَالًا بِحُرْمَةِ الْمُصْحَفِ. قَالَ: بَلْ يَجُوزُ فِي الْخِزَانَةِ الْوَاحِدَةِ أَنْ يُوضَعَ الْمُصْحَفُ فِي رَفِّهَا الْأَسْفَلِ، وَنَحْوُ النِّعَالِ فِي رَفٍّ آخَرُ فَوْقَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ. قُلْت: وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْجَوَازِ مَا لَوْ وُضِعَ النَّعْلُ فِي الْخِزَانَةِ وَفَوْقَهُ حَائِلٌ كَفَرْوَةٍ ثُمَّ وَضَعَ الْمُصْحَفَ فَوْقَ الْحَائِلِ، كَمَا لَوْ صَلَّى عَلَى ثَوْبٍ مَفْرُوشٍ عَلَى نَجَاسَةٍ. أَمَّا لَوْ وَضَعَ الْمُصْحَفَ عَلَى خَشَبِ الْخِزَانَةِ ثُمَّ وَضَعَ عَلَيْهِ حَائِلًا ثُمَّ وَضَعَ النَّعْلَ فَوْقَهُ فَمَحَلُّ نَظَرٍ، وَلَا يَبْعُدُ الْحُرْمَةُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ إهَانَةً لِلْمُصْحَفِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَعَدَّ لَهُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَّخِذْ مِثْلَهُمَا لَهُ عَادَةً كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا) أَيْ الِانْفِصَالُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَوَّزْنَا تَحْلِيَةَ الْمُصْحَفِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ بِالْفِضَّةِ مُطْلَقًا أَوْ الذَّهَبِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ، وَمِثْلُ التَّحْلِيَةِ التَّمْوِيهُ فَيَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ وَلَوْ بِالذَّهَبِ (قَوْلُهُ: حَلَّ حَمْلُهُمَا) ظَاهِرُهُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُعَدَّ مِثْلُهُ لَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ نَقْلًا عَنْ الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ: شَرْطُ الظَّرْفِ أَنْ يُعَدَّ ظَرْفًا لَهُ عَادَةً فَلَا يَحْرُمُ مَسُّ الْخَزَائِنِ وَفِيهَا الْمَصَاحِفُ وَإِنْ اُتُّخِذَتْ لِوَضْعِ الْمَصَاحِفِ فِيهَا م ر. (قَوْلُهُ: وَمَا كُتِبَ) حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا لِيَدْخُلَ الْخَتْمُ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: كَلَوْحٍ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُكْتَبُ عَلَيْهِ عَادَةً حَتَّى لَوْ كَتَبَ عَلَى عَمُودٍ قُرْآنًا لِلدِّرَاسَةِ لَمْ يَحْرُمْ مَسُّ غَيْرِ الْكِتَابَةِ اهـ خَطِيبٌ اهـ زِيَادِيٌّ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ نَقَشَ الْقُرْآنَ عَلَى خَشَبَةٍ وَخَتَمَ بِهَا الْأَوْرَاقَ بِقَصْدِ الْقِرَاءَةِ وَصَارَ يَقْرَأُ الْحُرْمَةَ وَلَيْسَ مِنْ الْكِتَابَةِ مَا يُقَصُّ بِالْمِقَصِّ عَلَى صُورَةِ حَرْفِ الْقُرْآنِ مِنْ وَرِقٍ أَوْ قُمَاشٍ فَلَا يَحْرُمُ مَسُّهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يُعَدُّ لَوْحًا لِلْقُرْآنِ عُرْفًا، فَلَوْ كَبُرَ جِدًّا كَبَابٍ عَظِيمٍ فَالْوَجْهُ عَدَمُ حُرْمَةِ مَسِّ الْخَالِي مِنْهُ عَنْ الْقُرْآنِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ حَمْلَهُ كَحَمْلِ الْمُصْحَفِ فِي أَمْتِعَةٍ (قَوْلُهُ: كَالتَّمَائِمِ الْمَعْهُودَةِ عُرْفًا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ جَعَلَ الْمُصْحَفَ كُلَّهُ أَوْ قَرِيبًا مِنْ الْكُلِّ تَمِيمَةً حَرُمَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَعَلَاقَتُهُ) لَمْ يَظْهَرْ مَوْقِعُ هَذَا هُنَا، وَلَعَلَّ فِي الْعِبَارَةِ سَقْطَ كَلِمَةٍ تُعْرَفُ مِنْ قَوْلِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَمَسَّ جِلْدَهُ وَصُنْدُوقٌ هُوَ فِيهِ لِشَبَهِهِ بِجِلْدِهِ وَعَلَاقَتُهُ كَظَرْفِهِ انْتَهَتْ فَلَعَلَّ لَفْظَ كَظَرْفِهِ سَقَطَ مِنْ النُّسَّاخِ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ لِكَوْنِهِمَا إلَخْ وَجْهُ الشَّبَهِ (قَوْلُهُ: الْمَعْهُودَةُ عُرْفًا) قَيْدٌ يَخْرُجُ بِهِ مَا لَا يُعْهَدُ كَوْنُهُ تَمِيمَةً فِي الْعُرْفِ كَمُعْظَمِ الْقُرْآنِ (قَوْلُهُ: هِيَ بِمَعْنَى مَعَ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا وَإِنْ حَصَلَ بِهِ

مَقْصُودًا بِالْحَمْلِ وَحْدَهُ بِأَنْ قَصَدَ الْأَمْتِعَةَ فَقَطْ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا أَوْ قَصَدَهُمَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الثَّالِثَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَهُ فَقَطْ، وَالْمُرَادُ بِالْأَمْتِعَةِ الْجِنْسُ، وَلَوْ حَمَلَ حَامِلٌ الْمُصْحَفَ لَمْ يَحْرُمْ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ حَامِلٍ لَهُ عُرْفًا، وَلَوْ حَمَلَ مُصْحَفًا مَعَ كِتَابٍ فِي جِلْدٍ وَاحِدٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُصْحَفِ مَعَ الْمَتَاعِ فِي التَّفْصِيلِ الْمَارِّ، وَأَمَّا مَسُّ الْجِلْدِ فَيَحْرُمُ مَعَ مَسِّ السَّاتِرِ لِلْمُصْحَفِ دُونَ مَا عَدَاهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَ) فِي (تَفْسِيرٍ) ؛ لِأَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَهُ حِينَئِذٍ تَمِيمَةٌ عُرْفًا. وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: وَالتَّمِيمَةُ وَرَقَةٌ يُكْتَبُ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ، وَالتَّعْبِيرُ بِهِ مُشْعِرٌ بِتَقْلِيلِ الشَّيْءِ الْمَوْصُوفِ بِكَوْنِهِ بَعْضًا وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا ذَكَرَهُ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَالْعِبْرَةُ فِي قَصْدِ الدِّرَاسَةِ وَالتَّبَرُّكِ بِحَالِ الْكِتَابَةِ دُونَ مَا بَعْدَهَا، وَبِالْكَاتِبِ لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ تَبَرُّعًا وَإِلَّا فَآمِرُهُ أَوْ مُسْتَأْجِرُهُ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْأَمْتِعَةِ الْجِنْسُ) أَيْ فَيَصْدُقُ بِالْوَاحِدِ وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ لِلِاسْتِتْبَاعِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْقَصْدِ فَيَصْدُقُ بِصَغِيرِ الْجُرْمِ وَكَبِيرِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَمَلَ حَامِلٌ الْمُصْحَفَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ بِقَصْدِ حَمْلِ الْمُصْحَفِ، ثُمَّ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْحَامِلِ لِلْمُصْحَفِ بَيْنَ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ الَّذِي لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ حَمْلٌ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا عَلَّلَ بِهِ مِنْ الْعُرْفِ، وَوَجْهُ التَّأْيِيدِ أَنَّهُ فِي الْعُرْفِ يُقَالُ هُوَ حَامِلٌ لِلطِّفْلِ لَكِنْ بِهَامِشٍ عَنْ بَعْضِهِمْ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَ الْحَامِلُ يُنْسَبُ إلَيْهِ الْحَمْلُ: أَيْ بِحَيْثُ يَسْتَقِلُّ بِحَمْلِهِ أَوْ انْفَرَدَ اهـ، وَيَنْبَغِي عَدَمُ التَّقْيِيدِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْرُمْ) وَإِنْ قَصَدَ الْمُصْحَفَ خِلَافًا لحج حَيْثُ قَالَ بِالْحُرْمَةِ إذَا قَصَدَ الْمُصْحَفَ (قَوْلُهُ: مَسُّ الْجِلْدِ) وَمِثْلُ الْجِلْدِ اللِّسَانُ وَالْكَعْبُ: أَيْ فَيَحْرُمُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا مَا حَاذَى الْمُصْحَفَ. وَفِي سم عَلَى حَجّ وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِي الْكَعْبِ فَهَلْ يَحْرُمُ مَسُّهُ مُطْلَقًا أَوْ الْجُزْءُ مِنْهُ الْمُحَاذِي لِلْمُصْحَفِ؟ وَهَلْ اللِّسَانُ الْمُتَّصِلُ بِجِهَةٍ غَيْرِ الْمُصْحَفِ إذَا انْطَبَقَ فِي جِهَةِ الْمُصْحَفِ كَذَلِكَ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ. قُلْت: وَلَا يَبْعُدُ تَخْصِيصُ الْحُرْمَةِ بِالْجُزْءِ الْمُحَاذِي لِلْمُصْحَفِ. (فَرْعٌ) جَمْعُ مُصْحَفٍ وَكِتَابٍ فِي جِلْدٍ وَاحِدٍ. قَالَ م ر: فَفِي حَمْلِهِ تَفْصِيلُ حَمْلِ الْمُصْحَفِ فِي أَمْتِعَةٍ، وَأَمَّا مَسُّهُ فَهُوَ حَرَامٌ إنْ كَانَ مِنْ جِهَةِ الْمُصْحَفِ لَا مِنْ الْجِهَةِ الْأُخْرَى اهـ. ثُمَّ أَفَادَ بَحْثًا أَنَّ كَعْبَ الْجِلْدِ يَلْحَقُ مِنْهُ بِالْمُصْحَفِ مَا جَاوَرَهُ. (فَرْعٌ) وَضَعَ الْمُصْحَفَ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ وَوَضَعَ عَلَيْهِ مَأْكُولًا كَالْخُبْزِ وَمِلْحٍ وَأَكَلَهُ فَوْقَهُ يَنْبَغِي أَنْ يَحْرُمَ؛ لِأَنَّ فِيهِ إزْرَاءً وَامْتِهَانًا. (فَرْعٌ) الْوَجْهُ تَحْرِيمُ لَزْق أَوْرَاقِ الْقُرْآنِ وَنَحْوِهِ بِالنَّشَا وَنَحْوِهِ فِي الْأَقْبَاعِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إزْرَاءً وَامْتِهَانًا تَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (فَرْعٌ) هَلْ يَجُوزُ بَيْعُ الْجِلْدِ الْمُنْفَصِلِ لِكَافِرٍ؛ لِأَنَّ قَصْدَ بَيْعِهِ قَطْعٌ لِنِسْبَتِهِ عَنْهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَمَالَ م ر لِلْجَوَازِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. قُلْت: وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ مُجَرَّدَ وَضْعِ يَدِ الْكَافِرِ عَلَيْهِ مَعَ نِسْبَتِهِ فِي الْأَصْلِ لِلْمُصْحَفِ إهَانَةٌ لَهُ. (فَائِدَةٌ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَنْ شَخْصٍ سَلِيمٍ تَوَضَّأَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَنْجِيَ وَأَرَادَ مَسَّ الْمُصْحَفِ هَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِعَدَمِ الْحُرْمَةِ لِصِحَّةِ وُضُوئِهِ، وَغَايَتُهُ أَنَّهُ مَسَّ بِعُضْوٍ طَاهِرٍ مَعَ نَجَاسَةِ بَعْضِ أَعْضَائِهِ، وَذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا قَصَدَهُ هُنَا لَكِنَّهُ يَقْتَضِي فِيمَا يَأْتِي فِي التَّفْسِيرِ وَالدَّنَانِيرِ أَنَّهُ يَجُوزُ حَمْلُ الْقُرْآنِ إذَا كَانَ مُصَاحِبًا لَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ضِمْنِ الْأَوَّلِ وَلَا مَكْتُوبًا عَلَى الثَّانِيَةِ فَإِنْ جُعِلَتْ هُنَا بِمَعْنَى مَعَ وَفِيمَا يَأْتِي بَاقِيَةٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ كَمَا يُفِيدُهُ صَنِيعُهُ تَوَقَّفَ ذَلِكَ عَلَى جَوَازِ كَوْنِ حَرْفٍ وَاحِدٍ مُسْتَعْمَلًا فِي مَكَانَيْنِ فِي أَحَدِهِمَا بِمَعْنًى وَفِي الْآخَرِ بِمَعْنًى آخَرَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَفِي تَفْسِيرٍ)

الْمَقْصُودُ دُونَ الْقُرْآنِ، وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْقُرْآنِ، فَإِنْ كَانَ الْقُرْآنُ أَكْثَرَ أَوْ تَسَاوَيَا حَرُمَ، وَحَيْثُ لَمْ يَحْرُمْ يُكْرَهُ، وَفَارَقَ حَالَ الِاسْتِوَاءِ هُنَا حَالَتَهُ فِي الثَّوْبِ الْمُرَكَّبِ مِنْ حَرِيرٍ وَغَيْرِهِ لِلتَّعْظِيمِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى ثَوْبَ حَرِيرٍ عُرْفًا. وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ بِاعْتِبَارِ الْحُرُوفِ لَا الْكَلِمَاتِ وَأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْكَثْرَةِ وَعَدَمِهَا فِي الْمَسِّ بِحَالِ مَوْضِعِهِ وَفِي الْحَمْلِ بِالْجَمِيعِ كَمَا أَفَادَ ذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَدَنَانِيرَ) أَوْ دَرَاهِمَ كُتِبَ عَلَيْهَا قُرْآنٌ وَمَا فِي مَعْنَاهَا كَكُتُبِ الْفِقْهِ وَالثَّوْبِ الْمُطَرَّزِ بِآيَاتٍ مِنْ الْقُرْآنِ وَالْحِيطَانِ الْمَنْقُوشَةِ وَالطَّعَامِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِإِثْبَاتِ الْقُرْآنِ فِيهَا قِرَاءَةٌ فَلَا تَجْرِي عَلَيْهَا أَحْكَامُ الْقُرْآنِ وَلِهَذَا يَجُوزُ هَدْمُ جِدَارٍ وَأَكْلُ طَعَامٍ نُقِشَ عَلَيْهَا ذَلِكَ وَالثَّانِي يَحْرُمُ لِإِخْلَالِهِ بِالتَّعْظِيمِ وَيَجُوزُ مَحْوُ مَا كُتِبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ وَشُرْبُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ ابْتَلَعَ قِرْطَاسًا فِيهِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ يَتَنَجَّسُ بِمَا فِي الْبَاطِنِ وَإِنَّمَا جَوَّزْنَا أَكْلَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِلُ إلَى الْجَوْفِ إلَّا وَقَدْ زَالَتْ صُورَةُ الْكِتَابَةِ وَلَا يَجُوزُ جَعْلُ نَحْوِ ذَهَبٍ فِي كَاغَدٍ كُتِبَ عَلَيْهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. وَيُكْرَهُ حَرْقُ خَشَبَةٍ نُقِشَ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ نَعَمْ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ بِحَرْقِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا أَثَرَ لَهُ فِي جَوَازِ الْمَسِّ بَلْ قَالَ النَّوَوِيُّ إنَّهُ غَيْرُ مَكْرُوهٍ خِلَافًا لِلْمُتَوَلِّي (قَوْلُهُ: أَكْثَرَ مِنْ الْقُرْآنِ) أَيْ يَقِينًا فَلَوْ شَكَّ فِي الْأَكْثَرِ مِنْهَا حَرُمَ كَمَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ صَغِيرَةِ الزِّينَةِ (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ الْحُرُوفِ) وَهَلْ الْعِبْرَةُ بِالْمَلْفُوظِ مِنْهَا أَوْ الْمَرْسُومِ؟ الْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَعَلَيْهِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْقُرْآنِ رَسْمُهُ بِالنِّسْبَةِ لِخَطِّ الْمُصْحَفِ الْإِمَامِ وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَقْرَأُ فِيهِ سَيِّدُنَا عُثْمَانُ وَاِتَّخَذَهُ لِنَفْسِهِ، وَإِنْ خَرَجَ عَنْ مُصْطَلَحِ عِلْمِ الرَّسْمِ؛ لِأَنَّهُ وَرَدَ لَهُ رَسْمٌ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ فَتَعَيَّنَ اعْتِبَارُهُ بِهِ، وَفِي التَّفْسِيرِ رَسْمُهُ عَلَى قَوَاعِدِ عِلْمِ الْخَطِّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَرِدْ فِيهِ شَيْءٌ وَجَبَ الرُّجُوعُ فِيهِ لِلْقَوَاعِدِ الْمُقَرَّرَةِ عِنْدَ أَهْلِهِ اهـ حَجّ. وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لَهُ أَنَّ الْكَثْرَةَ مِنْ حَيْثُ الْحُرُوفُ لَفْظًا لَا رَسْمًا (قَوْلُهُ: وَالثَّوْبُ الْمُطَرَّزُ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَتَبَ فِيهِ بِأَنَّهُ لَمْ يُقْصَدْ لِلدِّرَاسَةِ (قَوْلُهُ: وَأَكْلُ طَعَامٍ) أَيْ وَلِبْسُ ثَوْبٍ طُرِّزَ بِذَلِكَ قَالَ حَجّ وَيَحْرُمُ وَطْءُ شَيْءٍ نُقِشَ بِهِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كَرَاهِيَةِ لِبْسِهِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: وَشُرْبُهُ) تَوَقَّفَ سم عَلَى حَجّ فِي جَوَازِ صَبِّهِ عَلَى نَجَاسَةٍ. أَقُولُ: وَيَنْبَغِي الْجَوَازُ وَلَوْ قَصْدًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا مُحِيَتْ حُرُوفُهَا وَلَمْ يَبْقَ لَهَا أَثَرٌ لَمْ يَكُنْ فِي صَبِّهَا عَلَى النَّجَاسَةِ إهَانَةٌ. وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي الْفَتَاوَى: الْأَوْلَى صَبُّ غَسْلِهِ وَصَبُّ مَاءِ غُسَالَتِهِ فِي مَحَلٍّ طَاهِرٍ (قَوْلُهُ: اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى) أَيْ أَوْ اسْمٌ مُعَظَّمٌ كَأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ حَيْثُ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَتِهِمْ عِنْدَ الِاشْتِرَاكِ فِيهِ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يَتَنَجَّسُ) قَدْ يَشْكُلُ بِأَنَّ مَا فِي الْبَاطِنِ لَا يُحْكَمُ بِتَنْجِيسِهِ إلَّا إذَا اتَّصَلَ بِالظَّاهِرِ. وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ أَحَدُهَا خُرُوجٌ إلَخْ نَصُّهَا: وَلَا يَضُرُّ إدْخَالُهُ: أَيْ نَحْوِ الْعُودِ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَتْ الصَّلَاةُ لِحَمْلِهِ مُتَّصِلًا بِنَجَسٍ، إذْ مَا فِي الْبَاطِنِ لَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ إلَّا إنْ اتَّصَلَ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الظَّاهِرِ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى مَنْهَجِ الْإِشْكَالِ وَجَوَابُهُ وَعِبَارَتُهُ: فَرْعٌ يَحْرُمُ ابْتِلَاعُ وَرَقَةٍ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ لِمُلَاقَاتِهَا لِلنَّجَاسَةِ بِخِلَافِ مَحْوِ مَا عَلَيْهَا بِالْمَاءِ وَشُرْبِهِ فَيَجُوزُ هَكَذَا قَرَّرَهُ م ر. لَا يُقَالُ تَعْلِيلُهُ الْأَوَّلُ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الْمُلَاقَاةَ فِي الْبَاطِنِ لَا تُنَجِّسُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: فِيهِ امْتِهَانٌ وَإِنْ لَمْ يَنْجُسْ كَمَا لَوْ وَضَعَ الْقُرْآنَ عَلَى نَجَسٍ جَافٍ يَحْرُمُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَنْجُسُ تَدَبَّرْ اهـ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَنَجَّسُ مَعْنَاهُ يُلَاقِي النَّجَسَ (قَوْلُهُ: فِي كَاغَدٍ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ: كُتِبَ عَلَيْهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) أَيْ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ كُلِّ مُعَظَّمٍ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي بَابِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ يَحْرُمُ حَمْلُ الْمُصْحَفِ بِمَعْنَى الْقُرْآنِ فِي تَفْسِيرِ إلَخْ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يَنْجُسُ بِمَا فِي الْبَاطِنِ) صَرِيحٌ فِي نَجَاسَةِ الْبَاطِنِ مَعَ أَنَّهُمْ مُصَرِّحُونَ بِعَدَمِ نَجَاسَتِهِ مَا دَامَ فِي الْبَاطِنِ، نَعَمْ فِيهِ امْتِهَانٌ كَمَا قَالَهُ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ (قَوْلُهُ: حَرَقَ خَشَبَةً)

إحْرَازَهَا لَمْ يُكْرَهْ وَالْقَوْلُ بِحُرْمَةِ الْإِحْرَاقِ مَحْمُولٌ عَلَى فِعْلِهِ عَبَثًا وَلَوْ جَعَلَ نَحْوَ كَرَاسٍ فِي وِقَايَةٍ مِنْ وَرِقٍ كُتِبَ عَلَيْهَا نَحْوُ الْبَسْمَلَةِ لَمْ يَحْرُمْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِعَدَمِ الِامْتِهَانِ، وَلَوْ أَخَذَ فَأْلًا مِنْ الْمُصْحَفِ جَازَ مَعَ الْكَرَاهَةِ (لَا) (قَلْبَ وَرَقَةٍ بِعُودٍ) أَوْ نَحْوِهِ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْحَمْلِ لِانْتِقَالِ الْوَرَقِ بِفِعْلِ الْقَالِبِ مِنْ جَانِبٍ إلَى آخَرَ (وَأَنَّ) (الصَّبِيَّ الْمُحْدِثَ لَا يُمْنَعُ) مِنْ الْمَسِّ وَلَا مِنْ الْحَمْلِ، لَا فِي الْمُصْحَفِ وَلَا فِي اللَّوْحِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى الدِّرَاسَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSالِاسْتِنْجَاءِ، وَمِنْ الْمُعَظَّمِ مَا يَقَعُ فِي الْمُكَاتَبَاتِ وَنَحْوِهَا مِمَّا فِيهِ اسْمُ اللَّهِ وَاسْمُ رَسُولِهِ مَثَلًا فَيَحْرُمُ إهَانَتُهُ بِوَضْعِ نَحْوِ دَرَاهِمَ فِيهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُكْرَهْ) أَيْ بَلْ قَدْ يَجِبُ إذَا تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِصَوْنِهَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي جِلْدِ الْمُصْحَفِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: كَرَّاسٍ) الْوَاحِدَةُ كُرَّاسَةٌ بِفَتْحِ الْكَافِ. وَعِبَارَةُ الْقَسْطَلَّانِيُّ فِي شَرْحِ مُقَدِّمَةِ مُسْلِمٍ الْكُرَّاسَةُ بِضَمِّ الْكَافِ وَفَتْحِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ وَبِالْهَاءِ آخِرُهُ وَاحِدَةُ الْكُرَّاسِ وَالْكَرَارِيسِ (قَوْلُهُ: نَحْوَ الْبَسْمَلَةِ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِنَحْوِهَا مَا يُقْصَدُ بِهِ التَّبَرُّكُ عَادَةً، أَمَّا أَوْرَاقُ الْمُصْحَفِ فَيَنْبَغِي حُرْمَةُ جَعْلِهَا وِقَايَةً لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِهَانَةِ، لَكِنْ فِي سم عَلَى حَجّ نَقْلًا عَنْ وَالِدِ الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ: يَجُوزُ وَضْعُ كُرَّاسٍ الْعِلْمِ فِي وَرَقَةٍ كُتِبَ فِيهَا الْقُرْآنُ اهـ. وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا لَوْ كَانَ الْمَكْتُوبُ فِيهِ الْقُرْآنُ أَوْرَاقَ الْمُصْحَفِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْرُمُ) أَيْ بَلْ يُكْرَهُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الصَّبِيَّ الْمُحْدِثَ لَا يُمْنَعُ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ تَمْكِينِهِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ وَنَحْوِهِمَا مَعَ الْحَدَثِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ زَمَنَ الدَّرْسِ يَطُولُ غَالِبًا، وَفِي تَكْلِيفِ الصِّبْيَانِ إدَامَةَ الطَّهَارَةِ مَشَقَّةٌ تُؤَدِّي إلَى تَرْكِ الْحَفْزِ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا، نَعَمْ نَظِيرُ الْمَسْأَلَةِ مَا إذَا قَرَأَ لِلتَّعَبُّدِ لَا لِلدِّرَاسَةِ بِأَنْ كَانَ حَافِظًا، أَوْ كَانَ يَتَعَاطَى مِقْدَارًا لَا يَحْصُلُ بِهِ الْحِفْظُ فِي الْعَادَةِ. وَفِي الرَّافِعِيِّ مَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ فَتَفَطَّنْ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ، كَذَا فِي خَطِّ ابْنِ قَاسِمٍ الْغَزِّيِّ شَارِحِ الْمِنْهَاجِ، وَفِي سم عَلَى حَجّ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ مَا نَصُّهُ: وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ حَمْلِهِ وَمَسِّهِ لِلْقِرَاءَةِ فِيهِ نَظَرًا وَإِنْ كَانَ حَافِظًا عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ إذَا أَفَادَتْهُ الْقِرَاءَةُ فِيهِ نَظَرًا فَائِدَةَ مَا فِي مَقْصُودِهِ كَالِاسْتِظْهَارِ عَلَى حِفْظِهِ وَتَقْوِيَتِهِ حَتَّى بَعْدَ فَرَاغٍ مَدِّ حِفْظِهِ إذَا أَثَّرَ ذَلِكَ فِي تَرْسِيخِ حِفْظِهِ اهـ بِحُرُوفِهِ. وَقَدْ يُقَالُ: لَا تَنَافِيَ لِإِمْكَانِ حَمْلِ مَا فِي الرَّافِعِيِّ عَلَى إرَادَةِ التَّعَبُّدِ الْمَحْضِ، وَمَا نَقَلَهُ سم عَلَى مَا إذَا تَعَلَّقَ بِقِرَاءَتِهِ فِيهِ غَرَضٌ يَعُودُ إلَى الْحِفْظِ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ قَوْلُهُ كَالِاسْتِظْهَارِ اهـ. (فَائِدَةٌ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ جَعَلَ الْمُصْحَفَ فِي خُرْجٍ أَوْ غَيْرِهِ وَرُكِّبَ عَلَيْهِ هَلْ يَجُوزُ أَمْ لَا؟ فَأَجَبْت عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهٍ يُعَدُّ إزْرَاءً بِهِ كَأَنْ وَضَعَهُ تَحْتَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَرْذَعَةِ، أَوْ كَانَ مُلَاقِيًا لِأَعْلَى الْخُرْجِ مَثَلًا مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ بَيْنَ الْمُصْحَفِ وَبَيْنَ الْخُرْجِ وَعُدَّ ذَلِكَ إزْرَاءً لَهُ كَكَوْنِ الْفَخِذِ صَارَ مَوْضُوعًا عَلَيْهِ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا، فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا، وَوَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ اُضْطُرَّ إلَى مَأْكُولٍ وَكَانَ لَا يَصِلُ إلَيْهِ إلَّا بِشَيْءٍ يَضَعُهُ تَحْتَ رِجْلَيْهِ وَلَيْسَ عِنْدَهُ إلَّا الْمُصْحَفُ فَهَلْ يَجُوزُ وَضْعُهُ تَحْتَ رِجْلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَمْ لَا؟ فَأَجَبْت عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ الْجَوَازُ مُعَلِّلًا ذَلِكَ بِأَنَّ حِفْظَ الرُّوحِ مُقَدَّمٌ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْآدَمِيِّ عَلَى غَيْرِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَشْرَفَتْ سَفِينَةٌ فِيهَا مُصْحَفٌ وَحَيَوَانٌ عَلَى الْغَرَقِ وَاحْتِيجَ إلَى إلْقَاءِ أَحَدِهِمَا لِتَخْلِيصِ السَّفِينَةِ أُلْقِيَ الْمُصْحَفُ حِفْظًا لِلرُّوحِ الَّتِي فِي السَّفِينَةِ. لَا يُقَالُ: وَضْعُ الْمُصْحَفِ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ امْتِهَانٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: كَوْنُهُ إنَّمَا فِعْلُ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ مَانِعٌ عَنْ كَوْنِهِ امْتِهَانًا، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ السُّجُودُ لِلصَّنَمِ وَالتَّصَوُّرِ بِصُورَةِ الْمُشْرِكِينَ عِنْدَ الْخَوْفِ عَلَى الرُّوحِ؟ بَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ حَاجَةَ الطَّبْخِ مَثَلًا بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: عَبَثًا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لِحَاجَةٍ، أَمَّا إذَا قَصَدَ الِامْتِهَانَ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَكْفُرُ فَتَلَخَّصَ أَنَّ لِحَرْقِهَا أَرْبَعَةَ أَحْوَالٍ مَعْلُومَةً مِنْ كَلَامِهِ وَمِمَّا ذَكَرْنَاهُ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الِامْتِهَانِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا قَالَهُ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَقْصِدْ امْتِهَانَهُ، أَوْ أَنَّهُ يُصِيبُهَا الْوَسَخُ لَا الْكُرَّاسُ وَإِلَّا حَرُمَ، قَالَ بَلْ قَدْ يَكْفُرُ.

وَتَكْلِيفُهُ اسْتِصْحَابَ الطَّهَارَةِ أَمْرٌ تَعْظُمُ الْمَشَقَّةُ فِيهِ، وَالثَّانِي يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ وَالْمُعَلِّمِ مَنْعُهُ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا أَفْهَمَهُ التَّعْلِيلُ، وَكَلَامُهُمْ إنَّمَا هُوَ فِي الْحَمْلِ الْمُتَعَلِّقِ بِالدِّرَاسَةِ فَشَمِلَ ذَلِكَ وَسِيلَتَهَا كَحَمْلِهِ لِلْمَكْتَبِ وَالْإِتْيَانِ فِيهِ لِلْمُعَلِّمِ لِيُعَلِّمَهُ مِنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ، فَإِنْ كَانَ لِغَرَضٍ آخَرَ أَوْ لَا لِغَرَضٍ مُنِعَ مِنْهُ جَزْمًا، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي الْمُمَيِّزِ، أَمَّا غَيْرُهُ فَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ لِئَلَّا يَنْتَهِكَهُ، وَشَمِلَ الْمُحْدِثُ مَنْ عَلَيْهِ جَنَابَةٌ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ (قُلْت: الْأَصَحُّ حِلُّ قَلْبِ وَرَقِهِ بِعُودٍ وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ حَامِلٍ وَلَا مَاسٍ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَكَانَتْ الْوَرَقَةُ قَائِمَةً فَصَفَحَهَا بِهِ أَمْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ خِلَافًا لِابْنِ الْأُسْتَاذِ وَمَنْ تَبِعَهُ لِمَا فِي الْقَوْلِ بِهِ مِنْ إحَالَةِ الْخِلَافِ (وَمَنْ) (تَيَقَّنَ طُهْرًا أَوْ حَدَثًا وَشَكَّ فِي ضِدِّهِ) (عَمِلَ بِيَقِينِهِ) إذْ الْيَقِينُ لَا يُرْفَعُ بِالشَّكِّ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِهِ شَيْئًا فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ أَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لَا؟ فَلَا يَخْرُجَنَّ مِنْ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَالْمُرَادُ بِالشَّكِّ هُنَا وَفِي مُعْظَمِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى السَّوَاءِ أَمْ أَحَدِ طَرَفَيْهِ أَرْجَحُ، قَالَهُ فِي الدَّقَائِقِ وَوَقَعَ لِلرَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَرْفَعُ يَقِينَ الْحَدَثِ بِظَنِّ الطَّهَارَةِ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ، وَقَدْ أَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمَاءَ الْمَظْنُونَ طَهَارَتُهُ بِالِاجْتِهَادِ يَرْفَعُ بِهِ يَقِينَ الْحَدَثِ، وَأَحْسَنُ مِنْهُ أَنْ يُقَالَ: كَلَامُهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا تَطَهَّرَ بَعْدَ يَقِينِ الْحَدَثِ وَشَكَّ بَعْدَ طَهَارَتِهِ فِي تَرْكِ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَاءِ الطَّهَارَةِ فَإِنَّهُ لَا يَقْدَحُ فِيهَا، وَقَدْ رَفَعْنَا هُنَا يَقِينَ الْحَدَثِ بِظَنِّ الطَّهَارَةِ (فَلَوْ تَيَقَّنَهُمَا وَجَهِلَ السَّابِقَ مِنْهُمَا فَضِدُّ مَا قَبْلَهُمَا فِي الْأَصَحِّ) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَتَيَقَّنَ أَنَّهُ أَوْقَع طُهْرًا وَحَدَثًا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مَثَلًا، وَيَجْهَلُ السَّابِقُ مِنْهُمَا فَيُؤْمَرُ بِالتَّذَكُّرِ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَهَا فَإِنْ كَانَ قَبْلَهَا مُحْدِثًا فَهُوَ الْآنَ مُتَطَهِّرٌ؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا رَفْعَ الْحَدَثِ الْوَاقِعِ قَبْلَهَا بِالطُّهْرِ الْوَاقِعِ بَعْدَهَا وَشَكَكْنَا فِي رَافِعِهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَإِنْ كَانَ قَبْلَهَا مُتَطَهِّرًا، وَهُوَ مِمَّنْ يَعْتَادُ التَّجْدِيدَ أَخَذَ بِالضِّدِّ فَيَكُونُ الْآنَ مُحْدِثًا، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَعْتَادُهُ أَخَذَ بِالْمِثْلِ فَيَكُونُ مُتَطَهِّرًا؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا تَوَسُّطَ الْحَدَثِ بَيْنَ الطُّهْرَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ شَيْئًا فَالْوُضُوءُ إنْ اعْتَادَ التَّجْدِيدَ وَإِلَّا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ إنْ تَوَقَّفَ إنْقَاذُ رُوحِهِ عَلَى ذَلِكَ وَجَبَ وَضْعُهُ حِينَئِذٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ الْقُوتَ بِيَدِ كَافِرٍ وَلَمْ يَصِلْ إلَيْهِ إلَّا بِدَفْعِ الْمُصْحَفِ لَهُ جَازَ لَهُ الدَّفْعُ، لَكِنْ يَنْبَغِي لَهُ تَقْدِيمُ الْمَيْتَةِ وَلَوْ مُغَلَّظَةٌ إنْ وَجَدَهَا عَلَى دَفْعِهِ لِكَافِرٍ. وَفِي حَجّ: وَيَحْرُمُ تَمْزِيقُ الْمُصْحَفِ عَبَثًا؛ لِأَنَّهُ إزْرَاءٌ بِهِ وَتَرْكُ رَفْعِهِ عَنْ الْأَرْضِ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجْعَلَهُ فِي شِقٍّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْقُطُ فَيُمْتَهَنُ اهـ. وَقَوْلُهُ وَتَرْكُ رَفْعِهِ الْمُرَادُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا رَأَى وَرَقَةً مَطْرُوحَةً عَلَى الْأَرْضِ حَرُمَ عَلَيْهِ تَرْكُهَا، وَالْقَرِينَةُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَقِبُ ذَلِكَ وَيَنْبَغِي إلَخْ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَضْعُ الْمُصْحَفِ عَلَى الْأَرْضِ وَالْقِرَاءَةُ فِيهِ خِلَافًا لِبَعْضِ ضَعَفَةِ الطَّلَبَةِ (قَوْلُهُ: لِغَرَضٍ آخَرَ) أَيْ كَالتَّبَرُّكِ أَوْ نَقْلِهِ مِنْ مَكَان إلَى مَكَان (قَوْلُهُ لِئَلَّا يَنْتَهِكَهُ) يُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهُ مَنْ يَمْنَعُهُ مِنْ انْتِهَاكِهِ لَمْ يَحْرُمْ (قَوْلُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ) لَكِنَّهُ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ التَّعْلِيلُ السَّابِقُ، إذْ تَكْلِيفُهُ الْغُسْلَ مِنْ الْجَنَابَةِ لَا مَشَقَّةَ فِيهِ لِعَدَمِ تَكَرُّرِهِ بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ مَنْعِهِ مِنْ الصَّلَاةِ بِلَا وُضُوءٍ (قَوْلُهُ: عَمِلَ بِيَقِينِهِ) أَيْ جَازَ لَهُ الْعَمَلُ بِهِ وَمَعَ ذَلِكَ يُسَنُّ لَهُ الْوُضُوءُ. وَاسْتَشْكَلَهُ حَجّ وَأَجَابَ عَنْهُ فَرَاجِعْهُ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِأَنَّ امْرَأَةً لَمَسَتْهُ فَلَا نَقْضَ بِذَلِكَ وَلَوْ كَانَتْ عَلَى هَيْئَةِ النِّسَاءِ، بَلْ وَلَوْ قَالَ الْمُخْبِرُ أَنَا أَعْلَمُ أُنُوثَتَهَا؛ لِأَنَّ خَبَرَ الْعَدْلِ إنَّمَا يُفِيدُ الظَّنَّ (قَوْلُهُ: فَلَا يَخْرُجْنَ مِنْ الْمَسْجِدِ) أَيْ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَفِي مُعْظَمِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ) أَشَارَ بِقَوْلِهِ مُعْظَمُ أَبْوَابِ الْفِقْهِ إلَى أَنَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا فِي أَبْوَابٍ: مِنْهَا بَابُ الْإِيلَاءِ وَحَيَاةِ الْحَيَوَانِ الْمُسْتَقِرَّةِ وَالْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ وَالْأَكْلِ مِنْ أَمْوَالِ الْغَيْرِ، وَفِي وُجُوبِ رُكُوبِ الْبَحْرِ لِلْحَجِّ وَفِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَفِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ شَيْئًا فَالْوُضُوءُ) أَيْ فَالْوَاجِبُ الْوُضُوءُ. بَقِيَ مَا لَوْ عَلِمَ قَبْلَهُمَا حَدَثًا وَطُهْرًا وَجَهِلَ أَسْبَقَهُمَا فَيُنْظَرُ مَا قَبْلَهُمَا، فَإِنْ تَذَكَّرَ طُهْرًا فَقَطْ أَوْ حَدَثًا كَذَلِكَ أَخَذَ بِمِثْلِهِ أَوْ ضِدِّهِ عَلَى مَا مَرَّ بَيَانُهُ، فَإِنْ تَيَقَّنَهُمَا فِيهِ أَيْضًا وَجَهِلَ أَسْبَقَهُمَا أُخِذَ بِضِدِّ مَا قَبْلَهُمَا إنْ ذَكَرَ أَحَدُهُمَا فِيهِ، وَهَكَذَا يَأْخُذُ فِي الْوِتْرِ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ الِاشْتِبَاهُ بِضِدِّهِ إذَا ذَكَرَهُ فِي الْوِتْرِ، وَيَأْخُذُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[فصل في أحكام الاستنجاء وآدابه]

فَمُتَطَهِّرٌ بِكُلِّ حَالٍ، وَتَثْبُتُ عَادَةُ التَّجْدِيدِ وَلَوْ بِمَرَّةٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَنْظُرُ إلَى مَا قَبْلَهُمَا فَيَلْزَمُهُ الْوُضُوءُ بِكُلِّ حَالٍ احْتِيَاطًا. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنْ مُحَقِّقِي أَصْحَابِنَا. فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الِاسْتِنْجَاءِ اعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي هَذَا الْفَصْلِ مِنْ الْآدَابِ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ إلَّا الِاسْتِقْبَالَ وَالِاسْتِدْبَارَ وَالِاسْتِنْجَاءَ بِشُرُوطِهَا الْآتِيَةِ يُعَبَّرُ عَنْهُ بِالِاسْتِنْجَاءِ وبِالِاسْتِطَابَةِ وَبِالِاسْتِجْمَارِ، وَالْأَوَّلَانِ يَعُمَّانِ الْمَاءَ وَالْحَجَرَ، ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي الشَّفْعِ الَّذِي فِيهِ الِاشْتِبَاهُ بِمِثْلِ الْفَرْدِ الَّذِي قَبْلَهُ مَعَ اعْتِبَارِ عَادَةِ تَجْدِيدِهِ وَعَدَمِهَا، فَإِذَا تَيَقَّنَهُمَا بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَبْلَهُ وَقَبْلَ الْعِشَاءِ وَعَلِمَ أَنَّهُ قَبْلَ الْمَغْرِبِ مُحْدِثٌ أَخَذَ فِي الْوِتْرِ وَهُوَ مَا قَبْلَ الْعِشَاءِ إذْ هُوَ أَوَّلُ أَوْقَاتِ الِاشْتِبَاهِ بِضِدِّ الْحَدَثِ فَيَكُونُ فِيهِ مُتَطَهِّرًا، وَفِي الشَّفْعِ وَهُوَ مَا قَبْلَ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّهُ ثَانِيهَا بِمِثْلِهِ فَيَكُونُ فِيهِ مُحْدِثًا إنْ اعْتَادَ تَجْدِيدًا، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ فِيمَا بَعْدَ الْفَجْرِ مُتَطَهِّرًا، فَإِنْ لَمْ يَعْتَدَّهُ كَانَ مُتَطَهِّرًا فِيمَا قَبْلَ الْفَجْرِ وَفِيمَا بَعْدَهُ، وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ قَبْلَ الْمَغْرِبِ كَانَ مُتَطَهِّرًا أَخَذَ فِي الْوِتْرِ وَهُوَ مَا قَبْلَ الْعِشَاءِ بِضِدِّهِ فَيَكُونُ مُحْدِثًا إنْ اعْتَادَ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ فِيمَا قَبْلَ الْفَجْرِ مُتَطَهِّرًا وَفِيمَا بَعْدَهُ مُحْدِثًا، فَإِنْ لَمْ يَعْتَدَّ كَانَ قَبْلَ الْعِشَاءِ مُتَطَهِّرًا وَكَذَا قَبْلَ الْفَجْرِ وَكَذَا بَعْدَهُ، إذْ الظَّاهِرُ تَأَخُّرُ طُهْرِهِ عَنْ حَدَثٍ فِي الْجَمِيعِ. وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْأَخْذَ بِالضِّدِّ تَارَةً وَبِالْمِثْلِ أُخْرَى إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا عَلِمَ الْحَدَثَ دُونَ مَا إذَا عَلِمَ الطُّهْرَ وَهُوَ لَا يَعْتَادُ التَّجْدِيدَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ بِالْمِثْلِ فِي الْمَرَاتِبِ كُلِّهَا قَالَهُ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ. [فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الِاسْتِنْجَاءِ وَآدَابِهِ] فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الِاسْتِنْجَاءِ (قَوْلُهُ: فِي أَحْكَامِ الِاسْتِنْجَاءِ) أَيْ فِي آدَابِ الْخَلَاءِ مُحَلًّى وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَوْلَى، وَلَعَلَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ الْمَقْصُودُ، لِأَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ مُطَهِّرٌ وَالْكَلَامُ فِي الطَّهَارَةِ، وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِنَا كَمَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ سُرَاقَةَ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ اهـ سَمَّ فِي شَرْحِ الْغَايَةِ. قُلْت: الْمُرَادُ بِالِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ فَقَطْ كَمَا نُقِلَ عَنْ السُّيُوطِيّ، وَعِبَارَتُهُ فِي الْيَنْبُوعِ: قُلْت ذَكَرَ ابْنُ سُرَاقَةَ فِي الْإِعْدَادِ وَغَيْرِهِ أَنَّ إجْزَاءَ الْحَجَرِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ اهـ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ يُوهِمُ أَنَّهُ مِنْ خَصَائِصِنَا مُطْلَقًا وَلَيْسَ مُرَادًا، وَيَدُلُّ لِمَا قَالَهُ السُّيُوطِيّ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ أَبُو اللَّيْثِ نَصْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ السَّمَرْقَنْدِيُّ فِي بُسْتَانِ الْعَارِفِينَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَنْبِيَاءِ مَا نَصُّهُ: وَكَانَ إبْرَاهِيمُ أَوَّلَ مَنْ اسْتَاكَ وَأَوَّلَ مَنْ اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ وَأَوَّلَ مَنْ جَزَّ شَارِبَهُ وَأَوَّلَ مَنْ رَأَى الشَّيْبَ وَأَوَّلَ مَنْ اخْتَتَنَ وَأَوَّلَ مَنْ اتَّخَذَ السَّرَاوِيلَ وَثَرَدَ الثَّرِيدَ (قَوْلُهُ: مِنْ الْآدَابِ) جَمْعُ أَدَبٍ وَهُوَ الْمُسْتَحَبُّ، وَعَلَيْهِ فَلَيْسَ مِنْهَا مَا يَأْتِي مِنْ وُجُوبِ عَدَمِ الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ لِلْقِبْلَةِ بِالصَّحْرَاءِ، فَيَكُونُ التَّعْبِيرُ بِالْآدَابِ تَغْلِيبًا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَدَبِ هُنَا الْمَطْلُوبُ شَرْعًا فَيَشْمَلُ الْمُسْتَحَبَّ وَالْوَاجِبَ، وَعَلَيْهِ فَلَا تَغْلِيبَ فِي الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ: وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِالِاسْتِنْجَاءِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الِاسْتِنْجَاءِ (قَوْلُهُ: فِي أَحْكَامِ الِاسْتِنْجَاءِ) أَيْ وَآدَابُ الْخَلَاءِ، وَلَمْ يَذْكُرْهَا فِي التَّرْجَمَةِ؛ لِأَنَّهَا فِي الْفَصْلِ تَبَعٌ لِلِاسْتِنْجَاءِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ بِالذَّاتِ، إذْ الْكَلَامُ فِي الطِّهَارَاتِ وَلَا يَضُرُّ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهِ فِي الذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ لِتَقَدُّمِهَا فِي الْوَاقِعِ (قَوْلُهُ: إلَّا الِاسْتِقْبَالَ وَالِاسْتِدْبَارَ) يَعْنِي مَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا، إذْ الْأَدَبُ إنَّمَا هُوَ تَرْكُهُمَا لَا هُمَا إذْ هُمَا إمَّا حَرَامَانِ أَوْ مَكْرُوهَانِ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى أَوْ مُبَاحَانِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِنْجَاءُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ يُعْتَبَرُ عَنْهُ. وَوَقَعَ فِي نُسَخٍ زِيَادَةُ

وَالثَّالِثُ يَخْتَصُّ بِالْحَجَرِ، وَهُوَ مِنْ نَجَوْتُ الشَّجَرَةَ إذَا قَطَعْتُهَا، كَأَنَّ الْمُسْتَنْجِيَ يَقْطَعُ الْأَذَى عَنْ نَفْسِهِ وَقَدَّمَ هَذَا الْفَصْلَ عَلَى الْوُضُوءِ لِأَنَّهُ يُسَنُّ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ فِي حَقِّ السَّلِيمِ، وَأَخَّرَهُ عَنْهُ فِي الرَّوْضَةِ إشَارَةً إلَى جَوَازِ تَأْخِيرِهِ عَنْهُ فِي حَقِّ مَنْ ذُكِرَ (يُقَدِّمُ دَاخِلٌ الْخَلَاءَ يَسَارَهُ) عِنْدَ إرَادَةِ قَضَاءِ حَاجَتِهِ وَلَوْ بِمَحَلٍّ مِنْ صَحْرَاءَ بِوُصُولِهِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُسْتَقْذَرًا بِإِرَادَةِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ بِهِ كَالْخَلَاءِ الْجَدِيدِ، وَمِثْلُ الرِّجْلِ بَدَلُهَا فِي حَقِّ فَاقِدِهَا (وَالْخَارِجُ يَمِينَهُ) وَالْمَسْجِدُ بِعَكْسِ ذَلِكَ، فَيُقَدَّمُ يَمِينَهُ عِنْدَ دُخُولِهِ وَيَسَارِهِ عِنْدَ خُرُوجِهِ تَكْرِيمًا لِلْيَمِينِ، إذْ الْيُسْرَى لِلْأَذَى وَالْيَمِينُ لِغَيْرِهِ. وَأَخَذَ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَا لَا تَكْرِمَةَ فِيهِ وَلَا إهَانَةَ يَكُونُ بِالْيَمِينِ لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ الْمَجْمُوعِ مَا كَانَ مِنْ بَابِ التَّكْرِيمِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالضَّمِيرُ فِي عَنْهُ لِلِاسْتِنْجَاءِ بِمَعْنَى الْإِزَالَةِ وَهُوَ غَيْرُ لَفْظِ الِاسْتِنْجَاءِ فَلَمْ يَتَّحِدْ الْمُعَبَّرُ بِهِ مَعَ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُسَنُّ تَقْدِيمُهُ إلَخْ) أَيْ وَلِأَنَّهُ يَنْبَغِي لِمَنْ أَرَادَ الْوُضُوءَ أَنْ يُفَرِّغَ نَفْسَهُ أَوَّلًا مِمَّا يَمْنَعُ الْخُشُوعَ، فَمِنْ ثَمَّ قَدَّمَ آدَابَ الْخَلَاءِ (قَوْلُهُ: فِي حَقِّ السَّلِيمِ) وَيَجِبُ فِي حَقِّ صَاحِبِ الضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: مَنْ ذُكِرَ) أَيْ السَّلِيمُ (قَوْلُهُ: عِنْدَ إرَادَةِ قَضَاءِ حَاجَتِهِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ، بَلْ لَوْ دَخَلَ لِوَضْعِ مَتَاعٍ أَوْ أَخْذِهِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَيَدُلُّ لَهُ مَا سَيَأْتِي فِي دُخُولِ الْحَمَّامِ وَنَحْوِهِ. وَعِبَارَةُ حَجّ يُقَدَّمُ دَاخِلُ الْخَلَاءِ وَلَوْ لِحَاجَةٍ أُخْرَى، وَكَذَا فِي أَكْثَرِ الْآدَابِ الْآتِيَةِ وَعَبَّرَ بِهِ كَالْخَارِجِ لِلْغَالِبِ اهـ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِمَحَلٍّ) كَأَنَّهُ أَشَارَ بِالْغَايَةِ إلَى أَنَّ الْخَلَاءَ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَكَانِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ مُطْلَقًا مَجَازًا، وَإِلَّا فَالْخَلَاءُ عُرْفًا كَمَا فِي الْمَحَلِّيِّ الْبِنَاءُ الْمُعَدُّ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ: بِإِرَادَةِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ) أَيْ فَلَا يَتَوَقَّفُ اسْتِقْذَارُهُ عَلَى قَضَاءِ الْحَاجَةِ فِيهِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَصِيرُ مَأْوًى لِلشَّيَاطِينِ إلَّا بِخُرُوجِ الْخَارِجِ فِيهِ كَمَا فِي الْمَحَلِّيِّ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ الِاسْتِقْذَارِ كَوْنُهُ مَأْوًى لِلشَّيَاطِينِ، وَيَنْبَغِي زَوَالُ الِاسْتِقْذَارِ بِزَوَالِ عَيْنِ النَّجَاسَةِ عَنْ الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ كَالْخَلَاءِ الْجَدِيدِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِمَا ذُكِرَ أَنَّ الْخَلَاءَ يَصِيرُ مُسْتَقْذَرًا بِالْإِعْدَادِ، لَا أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى إرَادَةِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ إذْ الْيُسْرَى إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا تَكْرِمَةَ فِيهِ وَلَا إهَانَةَ) كَالْبُيُوتِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ الْمَجْمُوعِ إلَخْ) هَذَا قَدْ يُشْكِلُ تَصَوُّرُهُ مَعَ قَوْلِهِمْ إذَا انْتَقَلَ مِنْ شَرِيفٍ إلَى أَشْرَفَ رُوعِيَ الْأَشْرَفُ دُخُولًا وَخُرُوجًا، وَمِنْ مُسْتَقْذَرٍ إلَى أَقْذَرَ رُوعِيَ الْأَقْذَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَاوٍ قَبْلَ يُعَبَّرُ وَهِيَ غَيْرُ صَوَابٍ، وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِنْجَاءِ هُنَا الْفِعْلُ الْمَخْصُوصُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بِشُرُوطِهِ الْآتِيَةِ، وَالْمُرَادُ بِهِ فِيمَا بَعْدَهُ اللَّفْظُ، فَلَا اتِّحَادَ فِي الْمُعَبَّرِ بِهِ، وَالْمُعَبَّرِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: عِنْدَ إرَادَةِ قَضَاءِ حَاجَتِهِ) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِتَكُونَ الْمُتَعَاطِفَاتُ الْآتِيَةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ، إذْ مِنْ جُمْلَتِهَا اعْتِمَادُ الْيَسَارِ وَالِاسْتِقْبَالِ وَغَيْرِهِمَا، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي قَاضِي الْحَاجَةِ. وَأَيْضًا فَجَمِيعُ مَا فِي الْمَتْنِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ وَإِنْ زَادَ الشُّرَّاحُ عَلَيْهِ مَا يُشَارِكُهُ فِي الْحُكْمِ. وَأَيْضًا فَالصَّحْرَاءُ الْمَشْمُولَةُ بِلَفْظِ الْخَلَاءِ كَمَا يَأْتِي لَا يُقَدَّمُ فِيهَا الْيَسَارُ إلَّا عِنْدَ إرَادَةِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: كَالْخَلَاءِ الْجَدِيدِ) ظَاهِرُ التَّشْبِيهِ أَنَّ الْخَلَاءَ الْجَدِيدَ لَا يَصِيرُ مُسْتَقْذَرًا إلَّا بِإِرَادَةِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ فِيهِ فَلَا يَكْفِي بِنَاؤُهُ لِذَلِكَ، لَكِنْ بَحَثَ شَيْخُنَا أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالْإِرَادَةِ الْمَذْكُورَةِ وَعَلَيْهِ فَالتَّشْبِيهُ نَاقِصٌ (قَوْلُهُ: إذْ الْيُسْرَى لِلْأَذَى) أَيْ كُلُّ يُسْرَى لِكُلِّ أَذًى مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ خُصُوصِ الدُّخُولِ، وَالْخُرُوجِ وَإِلَّا يَلْزَمُ تَعْلِيلُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ إنَّ مَا لَا تَكْرِمَةَ فِيهِ وَلَا إهَانَةَ يَكُونُ بِالْيَمِينِ أَعَمَّ مِنْ الدُّخُولِ، وَالْخُرُوجِ أَيْضًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَيَشْمَلُ نَحْوَ نَقْلِ أَمْتِعَةٍ مِنْ مَحَلٍّ إلَى آخَرَ فَيَكُونُ بِالْيَمِينِ عَلَى مَا قَالَهُ. فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَ لَهَا صُورَةٌ فِي الْخَارِجِ، إذْ الدَّاخِلُ إلَى الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ إنْ كَانَ مِنْ شَرِيفٍ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُقَدِّمُ الْيَسَارَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ مُسَاوٍ لَهُ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ، فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمَسْأَلَةَ فِي خُصُوصِ الدُّخُولِ، وَالْخُرُوجِ، وَقَدْ عَرَفْت أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ مَا ذُكِرَ عَنْ الْمَجْمُوعِ إنْ كَانَتْ عِبَارَتُهُ مَا ذُكِرَ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَعِيَّةَ مَفْرُوضَةٌ فِي ذَلِكَ لِتَعْبِيرِهِ بِيَبْدَأُ وَحِينَئِذٍ فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ مِنْ التَّوَقُّفِ، وَالظَّاهِرُ مِنْ سِيَاقِ الشَّيْخِ اعْتِمَادُ مَا فِي

يَبْدَأُ فِيهِ بِالْيَمِينِ وَخِلَافِهِ بِالْيَسَارِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ فِيهَا بِالْيَسَارِ، وَلَوْ خَرَجَ مِنْ مُسْتَقْذَرٍ لِمُسْتَقْذَرٍ أَوْ مِنْ مَسْجِدٍ لِمَسْجِدٍ فَالْعِبْرَةُ بِمَا بَدَأَ بِهِ فِي الْأَوْجَهِ، وَلَا نَظَرَ إلَى تَفَاوُتِ بِقَاعِ الْمَحَلِّ شَرَفًا وَخِسَّةً، نَعَمْ فِي الْمَسْجِدِ وَالْبَيْتِ يَظْهَرُ مُرَاعَاةُ الْكَعْبَةِ عِنْدَ دُخُولِهَا وَالْمَسْجِدِ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْهَا لِشَرَفِهِمَا، وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُقَدِّمُ الْيَمِينَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي اخْتَارَهُ لِلصَّلَاةِ مِنْ الصَّحْرَاءِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَكَالْخَلَاءِ فِيمَا تَقَدَّمَ الْحَمَّامُ وَالْمُسْتَحَمُّ وَالسُّوقُ وَمَكَانُ الْمَعْصِيَةِ وَمِثْلُهُ الصَّاغَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَذَلِكَ، وَإِنْ انْتَقَلَ مِنْ شَرِيفٍ لِشَرِيفٍ أَوْ مِنْ مُسْتَقْذَرٍ لِمِثْلِهِ تَخَيَّرَ، وَأَنَّهُ إذَا انْتَقَلَ مِنْ بَيْتٍ إلَى آخَرَ تَخَيَّرَ، وَأَنَّ بِقَاعَ الْمَكَانِ الْوَاحِدِ لَا تَفَاوُتَ فِيهَا، فَمَا صُورَةُ مَا لَا تَكْرِمَةَ فِيهِ وَلَا إهَانَةَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ حَتَّى يُفْرَضَ فِيهِ الْخِلَافُ؟ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ الْفِعْلُ الَّذِي لَا تَكْرِمَةَ فِيهِ وَلَا إهَانَةَ كَأَخْذِ مَتَاعٍ لِتَحْوِيلِهِ مِنْ مَكَان إلَى آخَرَ (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ فِيهَا بِالْيَسَارِ) أَيْ فِي صُورَةِ مَا لَا تَكْرِمَةَ فِيهِ إلَخْ، وَاعْتَمَدَهُ الزِّيَادِيُّ (قَوْلُهُ: فَالْعِبْرَةُ بِمَا بَدَأَ بِهِ) أَيْ فَيُقَدِّمُ الْيَمِينَ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَيَتَغَيَّرُ عِنْدَ دُخُولِهِ الْآخَرَ حَجّ، وَعَلَى قِيَاسِهِ يُقَدِّمُ الْيَسَارَ عِنْدَ دُخُولِهِ الْمُسْتَقْذَرَ وَيَتَخَيَّرُ فِي الثَّانِي، وَلَيْسَ مِنْ الْمُسْتَقْذَرِ فِيمَا يَظْهَرُ السُّوقُ وَالْقَهْوَةُ بَلْ الْقَهْوَةُ أَشْرَفُ فَيُقَدِّمُ يَمِينَهُ دُخُولًا. [فَائِدَةٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ جَعَلَ الْمَسْجِدَ مَوْضِعَ مَكْسٍ مَثَلًا، وَيَتَّجِهُ تَقْدِيمُ الْيُمْنَى دُخُولًا وَالْيُسْرَى خُرُوجًا، لِأَنَّ حُرْمَتَهُ ذَاتِيَّةٌ فَتُقَدَّمُ عَلَى الِاسْتِقْذَارِ الْعَارِضِ، وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ دَنِيءٍ إلَى مَكَان جَهِلَ أَنَّهُ دَنِيءٌ أَوْ شَرِيفٌ فَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى الشَّرَافَةِ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ. قُلْت: بَقِيَ مَا لَوْ اُضْطُرَّ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ فِي الْمَسْجِدِ، فَهَلْ يُقَدِّمُ الْيَسَارَ لِمَوْضِعِ قَضَائِهَا أَوْ يَتَخَيَّرُ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحُرْمَةِ الذَّاتِيَّةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ حُرْمَتَهُ ذَاتِيَّةٌ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ كُلَّهُ حَيْثُ عَلِمَ وَقْفَهُ مَسْجِدًا، أَوْ شَرَافَتَهُ وَخِسَّتَهُ، أَمَّا لَوْ اعْتَادَ الصَّلَاةَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ وَقْفٍ ثُمَّ اتَّخَذُوهُ زَرِيبَةً مَثَلًا فَيَنْبَغِي مُرَاعَاةُ حَالِهِ وَقْتَ الدُّخُولِ مِنْ الشَّرَافَةِ فِي الْأَوَّلِ وَالْخِسَّةِ فِي الثَّانِي (قَوْلُهُ: شَرَفًا) أَيْ فِي الْحِسِّ فَإِنَّ قَرِيبَ الْمِنْبَرِ مَثَلًا لَا يُسَاوِي مَا قَرُبَ مِنْ الْبَابِ فِي النَّظَافَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا نَظَرَ إلَى هَذَا الشَّرَفِ فَيَتَخَيَّرُ فِي مَشْيِهِ مِنْ أَوَّلِ الْمَسْجِدِ إلَى مَحَلِّ جُلُوسِهِ (قَوْلُهُ: وَخِسَّةً) قَدْ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا كَانَ لِلْخَلَاءِ دِهْلِيزٌ طَوِيلٌ وَدَخَلَهُ بِالْيَسَارِ ثُمَّ انْتَهَى الْجُلُوسُ تَخَيَّرَ. وَعِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ: وَفِيمَا لَهُ دِهْلِيزٌ طَوِيلٌ يُقَدِّمُهَا عِنْدَ بَابِهِ وَوُصُولِهِ لِمَحَلِّ جُلُوسِهِ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ ابْنُ قَاسِمٍ قَوْلَهُ لِمَحَلِّ إلَخْ: أَيْ وَيَمْشِي كَيْفَ اتَّفَقَ فِي غَيْرِهِمَا لِأَنَّهُ أَقْذَرُ مِمَّا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَابِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَخَيَّرَ عِنْدَ وُصُولِهِ لِمَحَلِّ جُلُوسِهِ أَيْضًا لِأَنَّ جَمِيعَ مَا بَعْدَ أَجْزَاءِ الْبَابِ مَحَلٌّ وَاحِدٌ، وَيُؤَيِّدُهُ التَّخْيِيرُ عِنْدَ وُصُولِهِ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ دِهْلِيزًا وَكَانَ قَصِيرًا فَلْيُتَأَمَّلْ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ مِنْ التَّخْيِيرِ (قَوْلُهُ: فِي الْمَسْجِدِ وَالْبَيْتِ) أَيْ الْحَرَامِ فَيُقَدِّمُ يَمِينَهُ دُخُولًا وَخُرُوجًا فِيهِمَا خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ الصَّاغَةُ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ الْمَحِلَّاتُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَجْمُوعِ وَصَرَّحَ بِاعْتِمَادِهِ الزِّيَادِيُّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَرَجَ عَنْ مُسْتَقْذَرٍ لِمُسْتَقْذَرٍ) هَلْ وَإِنْ تَفَاوَتَا فِي الِاسْتِقْذَارِ لِيَشْمَلَ مَا إذَا خَرَجَ مِنْ سُوقِ الْخَلَاءِ وَعَكْسِهِ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ وَلَا نَظَرَ إلَى تَفَاوُتِ بِقَاعِ الْمَحَلِّ شَرَفًا بَيَانًا لِهَذَا يَجْعَلُ أَلْ فِي الْمَحَلِّ لِلْجِنْسِ، أَوْ الْمُرَادُ وَإِذَا تَسَاوَيَا فِي الِاسْتِقْذَارِ الطَّاهِرِ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَفِيهِ وَقْفَةٌ وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ، فَهُوَ وَاضِحٌ، إلَّا أَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ سَاكِتًا عَنْ حُكْمِ مَا فِيهِ التَّفَاوُتُ فِي الِاسْتِقْذَارِ فَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ وَاسْتِدْرَاكِهِ الْآتِي مَا يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ مَسْجِدٍ لِمَسْجِدٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ دَخَلَ مِنْ بَيْتٍ لِبَيْتٍ مَثَلًا فَلَوْ عَبَّرَ بِمَا يَشْمَلُ ذَلِكَ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: لِشَرَفِهِمَا) أَيْ الْكَعْبَةِ، وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ: أَيْ الشَّرَفِ الْمَخْصُوصِ بِهِمَا، فَكُلٌّ مِنْهُمَا فِيهِ شَرَفٌ ذَاتِيٌّ مَخْصُوصٌ لَيْسَ فِي غَيْرِهِ فَرُوعِيَ لِأَجْلِهِ، فَلَا يَرِدُ أَنَّ الشَّارِحَ لَا يَنْظُرُ إلَى تَفَاوُتِ الشَّرَفِ حَيْثُ وَقَعَ الِاشْتِرَاكُ فِي أَصْلِهِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ

(وَلَا يَحْمِلُ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى) أَيْ مَكْتُوبَ ذِكْرِهِ مِنْ قُرْآنٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَجُوزُ حَمْلُهُ مَعَ الْحَدَثِ وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ أَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى وَأَسْمَاءُ الْأَنْبِيَاءِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَسُولًا، وَالْمَلَائِكَةُ سَوَاءٌ عَامَّتُهُمْ وَخَاصَّتُهُمْ، وَكُلُّ اسْمٍ مُعَظَّمٍ مُخْتَصٍّ أَوْ مُشْتَرَكٍ وَقَصَدَ بِهِ التَّعْظِيمَ أَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ قَوِيَّةٌ عَلَى أَنَّهُ الْمُرَادُ بِهِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِقَصْدِ كَاتِبِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَغْضُوبُ عَلَى أَهْلِهَا وَمَقَابِرُ الْكُفَّارِ (قَوْلُهُ وَلَا يَحْمِلُ ذِكْرَ اللَّهِ) هُوَ مَا تَضَمَّنَ ثَنَاءً أَوْ دُعَاءً، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ مَا فِيهِ ثَوَابٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِذَلِكَ كُلُّ مَحَلٍّ مُسْتَقْذَرٍ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْخَلَاءِ لِكَوْنِ الْكَلَامِ فِيهِ. [فَائِدَةٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ نُقِشَ اسْمٌ مُعَظَّمٌ عَلَى خَاتَمٍ لِاثْنَيْنِ قَصَدَ أَحَدُهُمَا بِهِ نَفْسَهُ وَالْآخَرُ الْمُعَظَّمَ، فَهَلْ يُكْرَهُ الدُّخُولُ بِهِ الْخَلَاءَ أَوْ لَا؟ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ إنْ اسْتَعْمَلَهُ أَحَدُهُمَا عَمِلَ بِقَصْدِهِ أَوْ غَيْرُهُمَا لَا بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ عَنْ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ كُرِهَ تَغْلِيبًا لِلْمُعَظَّمِ (قَوْلُهُ مِمَّا يَجُوزُ حَمْلُهُ إلَخْ) يُمْكِنُ أَنَّهُ يَبْقَى عَلَى ظَاهِرِهِ، وَيُقَالُ الْوَاحِدُ بِالشَّخْصِ لَهُ جِهَتَانِ فَهُوَ حَرَامٌ مِنْ جِهَةِ الْحَمْلِ مَعَ الْحَدَثِ مَكْرُوهٌ مِنْ جِهَةِ الْحَمْلِ لَهُ فِي الْمَحَلِّ الْمُسْتَقْذَرِ، ثُمَّ رَأَيْته فِي ابْنِ قَاسِمٍ عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَخَاصَّتُهُمْ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِذَلِكَ صُلَحَاءُ الْمُؤْمِنِينَ، وَعَلَيْهِ فَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَوَامِّ الْمَلَائِكَةِ بِأَنَّ أُولَئِكَ مَعْصُومُونَ، وَقَدْ يُوجَدُ فِي الْمَفْضُولِ مَزِيَّةٌ لَا تُوجَدُ فِي الْفَاضِلِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُقَالُ مَا ذَكَرَهُ فِي صُلَحَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُخَالِفُ قَوْلَهُ، وَكُلُّ اسْمٍ مُعَظَّمٍ إلَخْ: أَيْ وَلَوْ مَغْمُورًا فِي غَيْرِهِ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ (قَوْلُهُ: مُعَظَّمٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ دُونَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ إلَّا مَا عَلِمَ عَدَمَ تَبَدُّلِهِ أَوْ شَكَّ فِيهِ مِنْهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ مَنْسُوخًا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: قَامَتْ قَرِينَةٌ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ فَالْأَصْلُ الْإِبَاحَةُ، وَبَقِيَ مَا يُوجَدُ نَظْمُهُ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ مِمَّا يُوَافِقُ لَفْظَ الْقُرْآنِ كَلَا رَيْبَ مَثَلًا فَهَلْ يُكْرَهُ حَمْلُهُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ مَا لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ غَيْرِ الْقُرْآنِ (قَوْلُهُ: بِقَصْدِ كَاتِبِهِ) أَوْ غَيْرِهِ تَبَرُّعًا قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ فِي التَّمِيمَةِ، وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِقَصْدِ الْآمِرِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ لَوْ قَصَدَ بِهِ كَاتِبُهُ لِنَفْسِهِ الْمُعَظَّمَ ثُمَّ بَاعَهُ فَقَصَدَ بِهِ الْمُشْتَرِي غَيْرَ الْمُعَظَّمِ فَهَلْ يُؤَثِّرُ قَصْدُ الْمُشْتَرِي؟ فِيهِ نَظَرٌ. ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: أَلَا تَرَى أَنَّ اسْمَ الْمُعَظَّمِ إذَا أُرِيدَ بِهِ غَيْرُهُ صَارَ غَيْرَ مُعَظَّمٍ اهـ سم عَلَى حَجّ. قُلْت: وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِيمَا لَوْ قَصَدَ أَوَّلًا غَيْرَ الْمُعَظَّمِ ثُمَّ بَاعَهُ وَقَصَدَ بِهِ الْمُشْتَرِي الْمُعَظَّمَ أَوْ تَغَيَّرَ قَصْدُهُ، وَقِيَاسُ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْخَمْرَةِ مِنْ أَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلْقَصْدِ الْكَرَاهَةُ فِيمَا ذُكِرَ تَأَمَّلْ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَا كَتَبَهُ لِلدِّرَاسَةِ لَا يَزُولُ حُكْمُهُ بِتَغَيُّرِ قَصْدِهِ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ الْقَصْدِ صَارَتْ قُرْآنِيَّتُهُ مَقْصُودَةً فَيَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الْقُرْآنِ، وَبَعْدَ ثُبُوتِ حُكْمِهِ لَا يَزُولُ. وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَخَذَ وَرَقَةً مِنْ الْمُصْحَفِ وَقَصَدَ جَعْلَهَا تَمِيمَةً لَا يَجُوزُ مَسُّهَا وَلَا حَمْلُهَا مَعَ الْحَدَثِ سِيَّمَا وَفِي كَلَامِ ابْنِ حَجَرٍ مَا يُفِيدُ فِي: كَتَبَ تَمِيمَةً ثُمَّ قَصَدَ بِهَا الدِّرَاسَةَ لَا يَزُولُ حُكْمُ التَّمِيمَةِ اهـ. وَلَوْ كَانَ صَاحِبُ الِاسْمِ الَّذِي كَتَبَ عَلَى الْخَاتَمِ اسْمَهُ وَلِيًّا لِيَتَمَيَّزَ عَنْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ مُعَظَّمًا فَهَلْ يُقَالُ يُكْرَهُ لَهُ الدُّخُولُ بِهِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ مُعَظَّمٌ أَوْ لَا لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ حَيْثُ التَّعْظِيمُ بَلْ لِيَتَمَيَّزَ عَنْ غَيْرِهِ فِيهِ نَظَرٌ، وَاسْتَقْرَبَ سم عَلَى حَجّ الْكَرَاهَةَ فَلْيُرَاجَعْ، وَهَذَا مُحْتَمَلٌ إنْ قُلْنَا إنَّ صُلَحَاءَ الْمُؤْمِنِينَ مُلْحَقُونَ بِعَوَامِّ الْمَلَائِكَةِ، وَإِلَّا فَلَا يَأْتِي السُّؤَالُ مِنْ أَصْلِهِ. وَبَقِيَ مَا لَوْ حَمَلَ الْوَلِيَّ وَدَخَلَ بِهِ هَلْ يُكْرَهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ حَيْثُ دَخَلَ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ. وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ فِي خَاتَمٍ وَأَمَرَا مَنْ يَنْقُشُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ كَلَامِهِ كَمَا قَدَّمْنَا وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ ابْنِ قَاسِمٍ لِمَزِيدِ عَظَمَتِهَا (قَوْلُهُ: ذِكْرُ اللَّهِ) أَيْ مَا يُثَابُ عَلَيْهِ الْمُشْتَغِلُ بِهِ ثَوَابُ الذَّاكِرِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَتِهِ الَّتِي تَبِعَ فِي صَدْرِهَا الْجَلَالَ الْمَحَلِّيَّ، فَشَمِلَ ذَلِكَ الْقُرْآنَ وَبَعْضَهُ، وَالْجُمَلَ الَّتِي فِيهَا ثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَخَرَجَ بِهِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى مُفْرَدًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِذِكْرٍ، وَكَذَلِكَ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا قَالَ وَيُلْحَقُ بِذَلِكَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَكُلُّ اسْمٍ مُعَظَّمٍ) بِالْإِضَافَةِ حَتَّى يَتَأَتَّى قَوْلُهُ: وَقَصَدَ بِهِ التَّعْظِيمَ (قَوْلُهُ وَقَصَدَ بِهِ التَّعْظِيمَ)

لِنَفْسِهِ وَإِلَّا فَالْمَكْتُوبُ لَهُ لَمَّا صَحَّ مِنْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ وَضَعَ خَاتَمَهُ وَكَانَ نَقْشُهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ مُحَمَّدٌ سَطْرٌ وَرَسُولُ سَطْرٌ وَاَللَّهِ سَطْرٌ» قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَفِي حِفْظِي أَنَّهَا كَانَتْ تُقْرَأُ مِنْ أَسْفَلَ لِيَكُونَ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى فَوْقَ الْجَمِيعِ وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ حَمَلَ مَعَهُ مُصْحَفًا فِيهِ فَيُكْرَهُ. لَا يُقَالُ: إنَّهُ حَرَامٌ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ غَالِبًا حَمْلُهُ مَعَ الْحَدَثِ. لِأَنَّا نَقُولُ: تَقَدَّمَ حُكْمُ ذَلِكَ وَلَيْسَ الْحُكْمُ فِيهِ، نَعَمْ يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْقَائِلِ بِحُرْمَةِ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا خَافَ عَلَيْهِ التَّنْجِيسَ وَلَوْ لَمْ يُغَيِّبْهُ حَتَّى دَخَلَ غَيَّبَهُ نَدْبًا بِنَحْوِ ضَمِّ كَفِّهِ عَلَيْهِ، وَلَوْ تَخَتَّمَ فِي يَسَارِهِ بِمَا عَلَيْهِ مُعَظَّمٌ وَجَبَ نَزْعُهُ عِنْدَ الِاسْتِنْجَاءِ لِحُرْمَةِ تَنْجِيسِهِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ (وَيَعْتَمِدُ جَالِسًا يَسَارَهُ) نَاصِبًا يُمْنَاهُ بِأَنْ يَضَعَ أَصَابِعَهَا عَلَى الْأَرْضِ وَيَرْفَعَ بَاقِيَهَا تَكْرِيمًا لِلْيَمِينِ وَلِأَنَّهُ أَسْهَلُ لِخُرُوجِ الْخَارِجِ، وَلَوْ بَالَ قَائِمًا فَرَّجَ بَيْنَهُمْ وَاعْتَمَدَهُمَا كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ، خِلَافًا لِمَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ (وَلَا يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَلَا يَسْتَدْبِرُهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَيْهِ اسْمَهُمَا وَهُوَ مُتَّحِدٌ كَأَنْ كَانَ اسْمُ كُلٍّ مِنْهُمَا مُحَمَّدًا لَكِنْ قَصَدَ أَحَدُهُمَا بِهِ اسْمَ نَبِيِّنَا لِلتَّبَرُّكِ وَالْآخَرُ اسْمَ نَفْسِهِ فَهَلْ يُكْرَهُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَلَا يُبْعِدُ الْكَرَاهَةَ تَغْلِيبًا لِلْمُعَظَّمِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُنْظَرَ فِيهِ لِقَصْدِ الْمُسْتَعْمِلِ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ لِنَفْسِهِ) وَغَيْرِهِ تَبَرُّعًا قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ فِي التَّمِيمَةِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْمَكْتُوبُ لَهُ) وَبَقِيَ الْإِطْلَاقُ وَيَنْبَغِي عَدَمُ الْكَرَاهَةِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ) أَيْ الْإِسْنَوِيُّ (قَوْلُهُ: وَفِي حِفْظِي أَنَّهَا كَانَتْ تُقْرَأُ مِنْ أَسْفَلَ إلَخْ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَلَمْ يَصِحَّ فِي كَيْفِيَّةِ وَضْعِ ذَلِكَ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُمْكِنُ حَمْلُ إلَخْ) وَيُمْكِنُ أَنْ يَبْقَى عَلَى ظَاهِرِهِ، وَيُقَالُ الْوَاحِدُ بِالشَّخْصِ لَهُ جِهَتَانِ: فَهُوَ حَرَامٌ مِنْ جِهَةِ الْحَمْلِ مَعَ الْحَدَثِ، مَكْرُوهٌ مِنْ جِهَةِ الْحَمْلِ لَهُ فِي الْمَحَلِّ الْمُسْتَقْذَرِ، ثُمَّ رَأَيْته فِي سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: غَيَّبَهُ نَدْبًا) فَعُلِمَ أَنَّهُ يُطْلَبُ بِاجْتِنَابِهِ وَلَوْ مَحْمُولًا مُغَيَّبًا اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ (قَوْلُهُ: وَجَبَ نَزْعُهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّبَرُّكَ بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى بَلْ مُجَرَّدَ التَّمْيِيزِ وَهُوَ مَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ آخِرًا عَلَى مَا نَقَلَهُ سم عَنْهُ فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الْبَهْجَةِ (قَوْلُهُ: لِحُرْمَةِ تَنْجِيسِهِ) صَرَّحَ فِي الْإِعْلَامِ بِالْكُفْرِ بِإِلْقَاءِ وَرَقَةٍ فِيهَا اسْمٌ مُعَظَّمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ اهـ. ثُمَّ أَوْرَدَ أَنَّهُمْ حَرَّمُوا الِاسْتِنْجَاءَ بِمَا فِيهِ مُعَظَّمٌ وَلَمْ يَجْعَلُوهُ كُفْرًا، ثُمَّ فَرَّقُوا بِأَنَّ تِلْكَ حَالَةُ حَاجَةٍ، وَأَيْضًا فَالْمَاءُ يَمْنَعُ مُلَاقَاةَ النَّجَاسَةِ، فَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ قَصَدَ تَضَمُّخَهُ بِالنَّجَاسَةِ يَأْتِي فِيهِ مَا هُنَا عَلَى أَنَّ الْحُرْمَةَ لَا تُنَافِي الْكُفْرَ اهـ. وَكَلَامُهُ فِي الْإِيرَادِ وَالْجَوَابِ شَامِلٌ لِغَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّ الْكَلَامَ عِنْدَ خَشْيَةِ التَّنَجُّسِ، أَمَّا عِنْدَ عَدَمِهَا كَأَنْ اسْتَجْمَرَ مِنْ الْبَوْلِ وَلَمْ يَخْشَ وُصُولَهُ إلَى الْمَكْتُوبِ لَمْ يُحَرَّمْ، وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ حَجّ: وَجَبَ نَزْعُهُ عِنْدَ اسْتِنْجَاءٍ يُنَجِّسُهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا حُرْمَةُ الْقِتَالِ بِسَيْفٍ كُتِبَ عَلَيْهِ قُرْآنٌ لِمَا ذُكِرَ مَا لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ بِأَنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ يَدْفَعُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَيَعْتَمِدُ) نَدْبًا فِي حَالِ قَضَاءِ حَاجَتِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ خَشِيَ التَّنَجُّسَ لَوْ اعْتَمَدَ عَلَى الْيُسْرَى أَمْ لَا وَفَرَّقَ حَجّ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَالَ قَائِمًا) يَخْرُجُ التَّغَوُّطُ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ حَجّ أَنَّهُ إنْ خَافَ التَّنْجِيسَ اعْتَمَدَهُمَا وَإِلَّا اعْتَمَدَ الْيَسَارَ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ ذَهَبَ إلَخْ) هُوَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ) قَالَ فِي الْخَادِمِ: مِنْ الْمُهِمِّ بَيَانُ الْمُرَادِ بِالْقِبْلَةِ هُنَا هَلْ هُوَ الْعَيْنُ أَوْ الْجِهَةُ فَيَحْتَمِلُ الْعَيْنَ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ حَيْثُ أَطْلَقَ فِي غَيْرِ هَذَا الْبَابِ، وَيَحْتَمِلُ الْجِهَةَ لِقَوْلِهِ «وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا» اهـ، وَلَعَلَّ الْمُتَّجَهَ الثَّانِي، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الرَّمْلِيَّ قَالَهُ وَكَذَا م ر اعْتَمَدَهُ ثُمَّ اعْتَمَدَ الْأَوَّلَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَوْلَى الْمُعَظَّمُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْمَكْتُوبُ لَهُ) ظَاهِرٌ سَوَاءٌ كَانَتْ الْكِتَابَةُ تَبَرُّعًا أَوْ بِأُجْرَةٍ. وَلِابْنِ حَجَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ قَدَّمَهُ فِي بَابِ الْحَدَثِ وَأَحَالَ عَلَيْهِ هُنَا، وَانْظُرْ مَا لَوْ كَانَ يَكْتُبُ لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ حَمَلَ مَعَهُ مُصْحَفًا) يُقَالُ عَلَيْهِ فَلِمَ قَيَّدَ الْمَتْنَ بِقَوْلِهِ مِمَّا يَجُوزُ حَمْلُهُ مَعَ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْقَائِلِ إلَخْ)

أَدَبًا فِي الْبُنْيَانِ (وَيَحْرُمَانِ بِالصَّحْرَاءِ) بِعَيْنِ الْفَرْجِ وَلَوْ مَعَ عَدَمِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَرْعٌ] أَشْكَلَ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ الطَّلَبَةِ مَعْنَى اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارِهَا بِالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ، وَلَا إشْكَالَ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِاسْتِقْبَالِهَا بِهِمَا اسْتِقْبَالُ الشَّخْصِ لَهَا حَالَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ، وَبِاسْتِدْبَارِهَا جَعْلُ ظَهْرِهِ إلَيْهَا حَالَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. [تَنْبِيهٌ] ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ حُرْمَةِ اسْتِقْبَالِ الْمُصْحَفِ وَاسْتِدْبَارِهِ بِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ وَإِنْ كَانَ أَعْظَمَ حُرْمَةً مِنْ الْقِبْلَةِ. وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ يَثْبُتُ لِلْمَفْضُولِ مَا لَا يَثْبُتُ لِلْفَاضِلِ، نَعَمْ قَدْ يَسْتَقْبِلُهُ أَوْ يَسْتَدْبِرُهُ عَلَى وَجْهٍ يُعَدُّ إزْرَاءً فَيُحَرَّمُ بَلْ قَدْ يُكَفَّرُ بِهِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي اسْتِقْبَالِ الْقَبْرِ الْمُكَرَّمِ وَاسْتِدْبَارِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَدَبًا فِي الْبُنْيَانِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ بِسَاتِرٍ مُعْتَبَرٍ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ فِي غَيْرِ مُعَدٍّ بِسَتْرِهِ فَخِلَافُ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: بِعَيْنِ الْفَرْجِ إلَخْ) لَوْ انْسَدَّ مَخْرَجُهُ أَوْ خُلِقَ مُنْسَدًّا فَخَرَجَ الْخَارِجُ مِنْ فَمِهِ فَهَلْ يَحْرُمُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ بِهِ حَالَ الْخُرُوجِ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ قُلْت: وَهُوَ إنَّمَا يَتَأَتَّى التَّرَدُّدُ فِيهِ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ حَجّ مِنْ أَنَّهُ حِينَئِذٍ يَنْقُضُ. أَمَّا عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ مِنْ جَعْلِهِ كَالْقَيْءِ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ تَرَدُّدٌ أَصْلًا إذْ هُوَ كَالْقَيْءِ إلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَهُوَ جَائِزٌ. وَسُئِلَ م ر عَمَّا إذَا انْسَدَّ الْمَخْرَجُ وَانْفَتَحَ مَخْرَجٌ هَلْ يَحْرُمُ الِاسْتِقْبَالُ بِهِ حَالَ خُرُوجِ الْخَارِجِ مِنْهُ؟ فَبِبَحْثِ مَا ظَهَرَ مِنْ أَنَّهُ إنْ كَانَ الِانْسِدَادُ عَارِضًا لَمْ يَحْرُمْ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُعْطُوهُ حُكْمَ الْأَصْلِ إلَّا فِي النَّقْضِ فَقَطْ، أَصْلِيًّا حُرِّمَ لِأَنَّهُمْ أَعْطَوْهُ حِينَئِذٍ حُكْمَ الْأَصْلِيِّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ عَدَمِهِ) أَيْ عَدَمِ الِاسْتِقْبَالِ أَوْ الِاسْتِدْبَارِ. وَعِبَارَةُ حَجّ وَلَوْ مَعَ عَدَمِهِ بِالصَّدْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يَتَأَتَّى هَذَا الْحَمْلُ مَعَ تَعْلِيلِهِ الْحُرْمَةَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ غَالِبًا حَمْلُهُ مَعَ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ: أَدَبًا فِي الْبُنْيَانِ) أَيْ غَيْرِ الْمُعَدِّ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ بِالْبُنْيَانِ مَا فِيهِ بِنَاءٌ مُطْلَقًا وَبِالصَّحْرَاءِ مَا لَا بِنَاءَ فِيهِ كَذَلِكَ، وَهُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ الْآتِي بِدُونِ سَاتِرٍ، وَرَدَ أَنَّ الْبِنَاءَ الْمَذْكُورَ حُكْمُهُ حُكْمُ الصَّحْرَاءِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَإِنْ كَانَ فِيهِمَا سَتْرٌ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي فَلَا حُرْمَةَ وَإِلَّا حَرُمَ فِيهِمَا الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ، فَمَا وَجْهُ جَعْلِهِمَا فِي الْبُنْيَانِ مُجَرَّدُ أَدَبٍ بِخِلَافِ الصَّحْرَاءِ، وَإِنْ أَرَادَ بِالْبُنْيَانِ مَا فِيهِ سُتْرَةٌ سَوَاءٌ كَانَ فِي مَحَلٍّ مَبْنِيٍّ أَوْ فِي بَحْرٍ أَوْ بِالصَّحْرَاءِ مَا لَا سُتْرَةَ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ فِي مَحَلٍّ مَبْنِيٍّ أَوْ فِي صَحْرَاءَ، وَهُوَ الَّذِي فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ لَمْ يَتَأَتَّ قَوْلُهُ بِدُونِ سَاتِرٍ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: بِعَيْنِ الْفَرْجِ) أَيْ الْخَارِجِ مِنْهُ كَمَا قَالَهُ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَعْنَى الِاسْتِقْبَالِ بِالْفَرْجِ الْمَذْكُورِ جَعْلُهُ جِهَةَ الْقِبْلَةِ، فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِدْبَارُ بِجَعْلِهِ فِي الْجِهَةِ الَّتِي تُقَابِلُ جِهَةَ الْقِبْلَةِ، فَإِذَا تَغَوَّطَ، وَهُوَ مُسْتَقْبِلٌ الْقِبْلَةَ بِصَدْرِهِ، فَهُوَ مُسْتَقْبِلٌ الْقِبْلَةَ وَعَكْسُهُ بِعَكْسِهِ، فَحِينَئِذٍ إذَا كَانَ صَدْرُهُ أَوْ ظَهْرُهُ لِلْقِبْلَةِ وَبَالَ أَوْ تَغَوَّطَ بِلَا سُتْرَةٍ حَرُمَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ إمَّا مُسْتَقْبِلٌ أَوْ مُسْتَدْبِرٌ: أَيْ مَا لَمْ يَلْفِتْ ذَكَرَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْبَوْلِ إلَى جِهَةِ الْيَمِينِ أَوْ الْيَسَارِ. وَوَجَّهَهُ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اسْتَدْبَرَ بِالْخَارِجِ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ سَاتِرٌ إلَّا أُنْثَيَاهُ وَذَكَرُهُ أَوْ أُنْثَيَاهُ فَقَطْ وَذَلِكَ غَيْرُ كَافٍ فِي السَّتْرِ، لَكِنَّهُ بَنَاهُ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ كَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّ الْمَدَارَ فِي الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ بِالصَّدْرِ لَا بِالْفَرْجِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَرْجِعَ وَاحِدٌ غَالِبًا، وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي مُجَرَّدِ التَّسْمِيَةِ، فَإِذَا جَعَلَ ظَهْرَهُ لِلْقِبْلَةِ وَتَغَوَّطَ فَالشَّارِحُ كَالشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ يُسَمِّيَانِهِ مُسْتَقْبِلًا، وَإِذَا جَعَلَ صَدْرَهُ لِلْقِبْلَةِ وَتَغَوَّطَ يُسَمِّيَانِهِ مُسْتَدْبِرًا، وَالشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ كَغَيْرِهِ يَعْكِسُونَ ذَلِكَ، وَإِذَا جَعَلَ صَدْرَهُ أَوْ ظَهْرَهُ لِلْقِبْلَةِ وَبَالَ فَالْأَوَّلُ مُسْتَقْبِلٌ اتِّفَاقًا وَالثَّانِي مُسْتَدْبِرٌ كَذَلِكَ. نَعَمْ يَقَعُ الْخِلَافُ الْمَعْنَوِيُّ فِيمَا لَوْ جَعَلَ صَدْرَهُ أَوْ ظَهْرَهُ لِلْقِبْلَةِ وَأَلْفَتَ ذَكَرَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا وَبَالَ، فَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقْبِلٍ وَلَا مُسْتَدْبِرٍ عِنْدَ الشَّيْخِ كَالشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ، بِخِلَافِهِ عِنْدَ الشِّهَابِ ابْنِ قَاسِمٍ وَغَيْرِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ عَدَمِهِ) مُرَادُهُ عَدَمُ الِاسْتِقْبَالِ أَوْ الِاسْتِدْبَارِ بِالصَّدْرِ كَمَا

بِالصَّدْرِ لِعَيْنِ الْقِبْلَةِ لَا جِهَتِهَا فِيمَا يَظْهَرُ بِدُونِ سَاتِرٍ فِي غَيْرِ مُعَدٍّ لِذَلِكَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا أَتَيْتُمْ الْغَائِطَ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا بِبَوْلٍ وَلَا غَائِطٍ وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَرَوَيَا أَيْضًا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى حَاجَتَهُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ مُسْتَقْبِلَ الشَّامِ مُسْتَدْبِرَ الْكَعْبَةِ» وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذُكِرَ عِنْدَهُ أَنَّ نَاسًا يَكْرَهُونَ اسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ بِفُرُوجِهِمْ فَقَالَ أَوَقَدْ فَعَلُوهَا حَوِّلُوا بِمَقْعَدَتِي إلَى الْقِبْلَةِ» فَجَمَعَ أَئِمَّتُنَا أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَيْنَ هَذِهِ الْأَخْبَارِ بِحَمْلِ أَوَّلِهَا الْمُفِيدِ لِلتَّحْرِيمِ عَلَى الصَّحْرَاءِ لِأَنَّهَا لِسَعَتِهَا لَا يَشُقُّ فِيهَا اجْتِنَابُ الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ بِخِلَافِ الْبُنْيَانِ فَقَدْ يَشُقُّ فِيهِ اجْتِنَابُ ذَلِكَ فَيَجُوزُ فِعْلُهُ كَمَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي السَّاتِرِ أَنْ يَكُونَ مُرْتَفِعًا قَدْرَ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ فَأَكْثَرَ فِي حَقِّ الْجَالِسِ. قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ: لِأَنَّهُ يَسْتُرُ مِنْ سُرَّتِهِ إلَى مَوْضِعِ قَدَمَيْهِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الْقَائِمِ أَنْ يَسْتُرَ مِنْ سُرَّتِهِ إلَى مَوْضِعِ قَدَمَيْهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ فِي اعْتِبَارِ ذَلِكَ الِارْتِفَاعِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ صِيَانَةُ الْقِبْلَةِ عَنْ خُرُوجِ الْخَارِجِ مِنْ الْفَرْجِ وَإِنْ كَانَتْ الْعَوْرَةُ تَنْتَهِي بِالرُّكْبَةِ. وَأَمَّا عَرْضُهَا فَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ أَنْ يَسْتُرَ جَمِيعَ مَا تَوَجَّهَ بِهِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْقَائِمُ وَالْجَالِسُ، فَسُتْرَةُ الْقَائِمِ فِيهِ كَسُتْرَةِ الْجَالِسِ، وَلَا بُدَّ أَنْ لَا يَتَبَاعَدَ عَنْهَا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ، وَيَحْصُلُ بِالْوَهْدَةِ وَالرَّابِيَةِ وَالدَّابَّةِ وَكَثِيبِ الرَّمْلِ وَغَيْرِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــSوَهِيَ صَرِيحَةٌ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ (قَوْلُهُ: بِدُونِ سَاتِرٍ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ عَلَى الْوَلِيِّ مَنْعُ الصَّبِيِّ: أَيْ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ كَمَا ذَكَرَهُ سم فِي شَرْحِ الْغَايَةِ أَيْضًا. وَعِبَارَتُهُ: بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ عَلَى الْوَلِيِّ مَنْعُ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ أَيْضًا مِنْ كُلِّ مُحَرَّمٍ اهـ. وَالْمَجْنُونِ مِنْ الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ بِلَا سَاتِرٍ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. زَادَ فِي شَرْحِهِ عَلَى أَبِي شُجَاعٍ: بَلْ يَنْبَغِي وُجُوبُ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ الْوَلِيِّ أَيْضًا لِأَنَّ إزَالَةَ الْمُنْكَرِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ وَاجِبَةٌ وَإِنْ لَمْ يَأْثَمْ الْفَاعِلُ اهـ (قَوْلُهُ: أَوَ قَدْ فَعَلُوهَا) أَيْ الْكَرَاهَةَ سم، وَحِينَئِذٍ فَفَعَلُوهَا بِمَعْنَى اعْتَقَدُوهَا، وَعَلَيْهِ فَالْوَاوُ عَاطِفَةٌ عَلَى مُقَدَّرٍ: أَيْ أَفَعَلُوا ذَلِكَ وَاعْتَقَدُوا الْكَرَاهَةَ (قَوْلُهُ: بِمَقْعَدَتِي) أَيْ «وَكَانَتْ مَقْعَدَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَبِنَتَيْنِ يَجْلِسُ عَلَيْهِمَا عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ» (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ) مِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ، وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ فَجَمَعَ الشَّافِعِيُّ بَيْنَ إلَخْ. قُلْت: وَكَأَنَّ الْمَحَلِّيَّ نَسَبَهُ إلَى الْإِمَامِ لِأَخْذِهِ مِنْ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا فَعَلَهُ إلَخْ) قَدْ يَتَوَقَّفُ فِي هَذَا الْحَمْلِ لِمَا قِيلَ إنَّ فِعْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ فِي الْمُعَدِّ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا حُرْمَةَ فِيهِ وَلَا كَرَاهَةَ وَلَا خِلَافَ الْأَوْلَى. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ «بِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَعَلَهُ تَارَةً فِي غَيْرِ الْمُعَدِّ وَهُوَ فِعْلُهُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ، وَتَارَةً فِي الْمُعَدِّ حَيْثُ قَالَ: حَوِّلُوا بِمَقْعَدَتِي» وَحُكْمُهُ فِي حَقِّنَا أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْمُعَدِّ مَعَ السَّاتِرِ فَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَإِنْ كَانَ فِي الْمُعَدِّ فَلَيْسَ بِمَكْرُوهٍ وَلَا خِلَافَ الْأَوْلَى سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: إلَى مَوْضِعِ قَدَمَيْهِ) نَقَلَ عَنْهُ سم فِي حَاشِيَتِهِ أَنَّهُ وَافَقَ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِالسَّتْرِ مِنْ السُّرَّةِ إلَى الرُّكْبَةِ، وَأَنَّهُ لَوْ حَصَلَ السَّتْرُ بِدُونِ الثُّلُثَيْنِ لِصِغَرِ بَدَنِ قَاضِي الْحَاجَةِ اكْتَفَى بِهِ اهـ. وَفِي سم عَلَى حَجّ مَا يُوَافِقُ كَلَامَ الشَّارِحِ فِي النَّقْلِ عَنْ وَالِدِهِ، وَفِيهِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ نَقْصُ السُّتْرَةِ عَنْ الثُّلُثَيْنِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَسْتُرَ جَمِيعَ مَا تَوَجَّهَ بِهِ إلَخْ) خِلَافًا لحج حَيْثُ قَالَ: وَمِنْهُ أَيْ السَّاتِرِ إرْخَاءُ ذَيْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَرْضٌ (قَوْلُهُ: وَالرَّابِيَةِ) أَيْ الْمَحَلِّ الْمُرْتَفِعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQهُوَ كَذَلِكَ فِي التُّحْفَةِ، وَلَعَلَّ لَفْظَ بِالصَّدْرِ سَقَطَ مِنْ النُّسَّاخِ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مُعَدٍّ) قَيْدٌ لِلْحُرْمَةِ فِي الصَّحْرَاءِ، فَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إذَا اتَّخَذَ لَهُ مَحَلًّا فِي الصَّحْرَاءِ بِغَيْرِ سَاتِرٍ وَأَعَدَّهُ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ لَا يَحْرُمُ قَضَاءُ الْحَاجَةِ فِيهِ لِجِهَةِ الْقِبْلَةِ، وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ أَيْضًا، وَمِنْهُ مَا يَقَعُ لِلْمُسَافِرِينَ إذَا نَزَلُوا بِبَعْضِ الْمَنَازِلِ (قَوْلُهُ: إذَا أَتَيْتُمْ الْغَائِطَ) هُوَ مُسْتَعْمَلٌ هُنَا فِي حَقِيقَتِهِ الَّذِي هُوَ الْمَحَلُّ الْمُطْمَئِنُّ مِنْ الْأَرْضِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْخَارِجُ بِهِ مِنْ مَجَازِ الْمُجَاوَرَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى الصَّحْرَاءِ) أَيْ فِي غَيْرِ الْمَحَلِّ الْمُعَدِّ مِنْهَا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ أَنْ يَسْتُرَ جَمِيعَ مَا تَوَجَّهَ بِهِ) أَيْ مِنْ بَدَنِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَعَلَيْهِ لَوْ

وَكَذَا إرْخَاءُ الذَّيْلِ. أَمَّا إنْ كَانَ فِي مُعَدٍّ وَلَوْ بِلَا سُتْرَةٍ فَلَا حُرْمَةَ وَلَا كَرَاهَةَ وَلَا خِلَافَ الْأُولَى، أَوْ فِي غَيْرِ مُعَدٍّ بِسُتْرَةٍ فَخِلَافُ الْأُولَى. وَاعْلَمْ أَنَّ الْعِلَّةَ الصَّحِيحَةَ لِلتَّحْرِيمِ فِيمَا مَرَّ هِيَ تَعْظِيمُ جِهَةِ الْقِبْلَةِ، وَالتَّعْلِيلُ بِأَنَّ الْفَضَاءَ لَا يَخْلُو غَالِبًا عَنْ مُصَلٍّ إنْسِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ فَقَدْ يَرَى قُبُلَهُ إنْ اسْتَدْبَرَهَا أَوْ دُبُرَهُ إنْ اسْتَقْبَلَهَا ضَعِيفٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، لِأَنَّ غَيْرَ الصَّحْرَاءِ كَذَلِكَ مِنْ عَدَمِ خُلُوِّهِ غَالِبًا عَمَّنْ ذُكِرَ، وَلِأَنَّهُ لَوْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا سَاتِرٌ جَازَ وَإِنْ كَانَ دُبُرُهُ مَكْشُوفًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، وَلَوْ اسْتَقْبَلَهَا بِصَدْرِهِ وَحَوَّلَ قُبُلَهُ عَنْهَا وَبَالَ لَمْ يَحْرُمْ بِخِلَافِ عَكْسِهِ، وَلَوْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ وَجَبَ الِاجْتِهَادُ حَيْثُ لَا سُتْرَةَ وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ، وَيَأْتِي هُنَا جَمِيعُ مَا سَيَأْتِي قُبَيْلَ صِفَةِ الصَّلَاةِ، وَمِنْهُ حُرْمَةُ التَّقْلِيدِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الِاجْتِهَادِ وَأَنَّهُ يَجِبُ التَّعَلُّمُ لِذَلِكَ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ كُلِّهِ مَا لَمْ يَغْلِبْهُ الْخَارِجُ أَوْ يَضُرَّهُ كَتْمُهُ وَإِلَّا فَلَا حَرَجَ، وَلَوْ هَبَّتْ رِيحٌ عَنْ يَمِينِ الْقِبْلَةِ وَيَسَارِهَا جَازَ الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ، وَلَوْ: تَعَارَضَ الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ وَجَبَ الِاسْتِدْبَارُ لِأَنَّ الِاسْتِقْبَالَ أَفْحَشُ. وَيُكْرَهُ اسْتِقْبَالُ الْقَمَرَيْنِ فِي اللَّيْلِ كَمَا بَحَثَهُ الْحَضْرَمِيُّ، وَمُرَادُهُ بِالْقَمَرَيْنِ الْقَمَرُ فَقَطْ. أَمَّا الشَّمْسُ فَيَتَقَيَّدُ حُكْمُهَا بِالنَّهَارِ بِخِلَافِ اسْتِدْبَارِهِمَا، وَيُكْرَهُ مُحَاذَاةُ مَا كَانَ قِبْلَةً وَنُسِخَ وَلَوْ بِاسْتِدْبَارٍ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ كَذَلِكَ بِبَوْلٍ أَمْ غَائِطٍ لِلنَّهْيِ عَنْ اسْتِقْبَالِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَاسْتِدْبَارِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَإِنَّمَا حَمَلُوا النَّهْيَ هُنَا عَلَى التَّنْزِيهِ وَفِيمَا مَرَّ عَلَى التَّحْرِيمِ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ لِلْإِجْمَاعِ، إذْ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِهِ حَرَّمَهُ هُنَا، قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَجْمُوعِ. وَالْأَوْجَهُ أَنَّ السُّتْرَةَ الْمَانِعَةَ لِلْحُرْمَةِ فِيمَا مَرَّ تَمْنَعُ الْكَرَاهَةَ هُنَا، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَكَذَا إرْخَاءُ الذَّيْلِ) فَلَوْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ سَتْرٌ إلَّا بِإِرْخَاءِ ذَيْلِهِ لَمْ يُكَلَّفْ السَّتْرَ بِهِ إنْ أَدَّى إلَى تَنْجِيسِهِ لِأَنَّ فِي تَنْجِيسِ ثَوْبِهِ مَشَقَّةً عَلَيْهِ وَالسَّتْرُ يَسْقُطُ بِالْعُذْرِ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا ذَكَرَهُ حَجّ وَم ر مِنْ أَنَّهُ لَوْ اقْتَضَى الْحَالُ تَأْخِيرَ الِاسْتِنْجَاءِ فَجَفَّفَ بَوْلَهُ بِيَدِهِ حَتَّى لَا يُصِيبَهُ جَازَ (قَوْلُهُ: أَمَّا إنْ كَانَ) قَسِيمٌ لِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ فِي غَيْرِ مُعَدٍّ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: فِي مُعَدٍّ) أَيْ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ فِيهِ مَعَ قَصْدِ الْعَوْدِ إلَيْهِ لِذَلِكَ كَمَا فِي سم عَلَى حَجّ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ قَصْدُ الْعَوْدِ مِنْهُ أَوْ تَهْيِئَتُهُ لِذَلِكَ بِقَصْدِ الْفِعْلِ فِيهِ مِنْهُ أَوْ مِمَّنْ يُرِيدُ ذَلِكَ مِنْ أَتْبَاعِهِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَلَا خِلَافَ الْأَوْلَى) عِبَارَةُ حَجّ: هَذَا فِي غَيْرِ الْمُعَدِّ، أَمَّا هُوَ فَذَلِكَ فِيهِ مُبَاحٌ وَالتَّنَزُّهُ عَنْهُ حَيْثُ سَهُلَ أَفْضَلُ اهـ. قُلْت: قَدْ يُشْعِرُ التَّعْبِيرُ بِقَوْلِهِ أَفْضَلُ أَنَّ خِلَافَ الْأَفْضَلِ دُونَ خِلَافِ الْأَوْلَى، وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ خِلَافَ الْأَفْضَلِ دُونَ خِلَافِ الْأَوْلَى، وَلَمْ أَرَهُ بَلْ هُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْأَوْلَى وَالْأَفْضَلَ مُتَسَاوِيَانِ، لَكِنْ فِي الْبَحْرِ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْفَضِيلَةَ وَالْمُرَغَّبَ فِيهِ مَرْتَبَةٌ مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَ التَّطَوُّعِ وَالنَّافِلَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: مِنْ عَدَمِ خُلُوِّهِ) الْأَوْلَى مَعَ عَدَمِ، وَفِي نُسْخَةٍ فِي وَهِيَ وَاضِحَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ يَضُرُّهُ كَتْمُهُ) أَيْ بِأَنْ يَحْصُلَ لَهُ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: جَازَ الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ) أَيْ حَيْثُ أَمْكَنَ كُلٌّ مِنْهُمَا دُونَ غَيْرِهِ، فَإِنْ أَمْكَنَا مَعًا وَجَبَ الِاسْتِدْبَارُ كَمَا فِي قَوْلِهِ وَلَوْ تَعَارَضَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَجَبَ الِاسْتِدْبَارُ) خِلَافًا لحج حَيْثُ جَزَمَ بِالتَّخْيِيرِ اهـ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ اسْتِدْبَارِهِمَا) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ مُطْلَقًا وَمِثْلُهُ فِي حَجّ قَالَ: وَمَا بَعْدَ الصُّبْحِ مُلْحَقٌ بِاللَّيْلِ كَالْكُسُوفِ قَالَ: وَعَلَى كَرَاهَةِ الِاسْتِقْبَالِ دُونَ الِاسْتِدْبَارِ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُمَا عُلْوِيَّانِ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِمَا غَالِبًا حَقِيقَةُ الِاسْتِدْبَارِ فَلَمْ يُكْرَهْ بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ فَإِنَّهُ يَتَأَتَّى كُلٌّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: مُحَاذَاةُ) أَيْ مُقَابَلَةُ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِاسْتِدْبَارٍ) خِلَافًا لِلْخَطِيبِ (قَوْلُهُ تُمْنَعُ الْكَرَاهَةُ هُنَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQجَعَلَ جَنْبَهُ جِهَةَ الْقِبْلَةِ وَلَوَى ذَكَرَهُ إلَيْهَا حَالَ الْبَوْلِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتُرَ جَمِيعَ جَنْبِهِ عَرْضًا (قَوْلُهُ: وَلَا خِلَافَ الْأَوْلَى) أَيْ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَفْضَلِ حَيْثُ سَهُلَ التَّنَزُّهُ عَنْهُ كَمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ، وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ خِلَافَ الْأَوْلَى غَيْرُ خِلَافِ الْأَفْضَلِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ خِلَافَ الْأَوْلَى بِاصْطِلَاحِ الْأُصُولِيِّينَ صَارَ اسْمًا لِلْمَنْهِيِّ عَنْهُ لَكِنْ بِنَهْيٍ غَيْرِ خَاصٍّ، فَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْمَكْرُوهِ كَرَاهَةً خَفِيفَةً، وَأَمَّا خِلَافُ الْأَفْضَلِ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا نَهْيَ فِيهِ بَلْ فِيهِ فَضْلٌ إلَّا أَنَّ خِلَافَهُ أَفْضَلُ مِنْهُ وَإِنْ تَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ فِي مَحَلَّاتٍ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ لَا يَخْلُو غَالِبًا عَنْ مُصَلٍّ إلَخْ، فَقَوْلُهُ مِنْ عَدَمِ خُلُوِّهِ

وَلَا يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُهَا بِاسْتِنْجَاءٍ أَوْ جِمَاعٍ أَوْ إخْرَاجِ رِيحٍ أَوْ فَصْدٍ أَوْ حِجَامَةٍ (وَيَبْعُدُ) عَنْ النَّاسِ فِي الصَّحْرَاءِ أَوْ نَحْوِهَا وَلَوْ فِي الْبَوْلِ إلَى حَيْثُ لَا يُسْمَعُ لِلْخَارِجِ مِنْهُ صَوْتٌ وَلَا يُشَمُّ لَهُ رِيحٌ. وَيُسَنُّ أَنْ يُغَيِّبَ شَخْصَهُ حَيْثُ أَمْكَنَ لِلِاتِّبَاعِ (وَيَسْتَتِرُ) عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَتَى الْغَائِطَ فَلْيَسْتَتِرْ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا أَنْ يَجْمَعَ كَثِيبًا مِنْ رَمْلٍ فَلْيَسْتَتِرْ بِهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَلْعَبُ بِمَقَاعِدِ بَنِي آدَمَ، مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ، وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ» وَيَحْصُلُ السَّتْرُ بِمُرْتَفَعٍ قَدْرَ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ وَقَدْ قَرُبَ مِنْهُ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ فَأَقَلُّ بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ وَلَوْ بِرَاحِلَتِهِ وَنَحْوِ ذَيْلِهِ، وَلَا بُدَّ هُنَا أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي السَّتْرِ عَنْ الْقِبْلَةِ أَنْ يَكُونَ السَّاتِرُ عَرِيضًا وَمُرْتَفِعًا فِي حَقِّ الْقَائِمِ إلَى مُحَاذَاةِ سُرَّتِهِ، بِخِلَافِ السَّاتِرِ لِلْمُصَلِّي كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. نَعَمْ إنْ كَانَ فِي مَحَلٍّ مُسَقَّفٍ أَوْ يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ كَفَاهُ السَّتْرُ بِنَحْوِ جِدَارٍ وَإِنْ تَبَاعَدَ عَنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَالَ حَجّ: وَمِنْ السَّاتِرِ هُنَا السَّحَابُ، (قَوْله أَوْ حِجَامَةٍ) أَيْ أَوْ قَيْءٍ أَوْ حَيْضٍ، أَوْ نِفَاسٍ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِي مَعْنَى الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ (قَوْلُهُ: وَيَبْعُدُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ مِنْ بَعُدَ لَا بِضَمِّهِ مِنْ أَبْعَدَ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ مِنْ أَبْعَدَ غَيْرَهُ. وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: الْبُعْدُ ضِدُّ الْقُرْبِ، وَقَدْ بَعُدَ بِالضَّمِّ بُعْدًا فَهُوَ بَعِيدٌ: أَيْ مُتَبَاعِدٌ وَأَبْعَدَ غَيْرَهُ وَبَاعَدَهُ وَبَعَّدَهُ تَبْعِيدًا اهـ. لَكِنْ فِي الْمِصْبَاحِ أَنَّ أَبْعَدَ يُسْتَعْمَلُ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا وَعَلَيْهِ فَيَجُوزُ قِرَاءَتُهُ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ: إلَى حَيْثُ إلَخْ) وَقَوْلُهُ وَلَا يُشَمُّ إلَخْ: أَيْ فَهُمَا سُنَّتَانِ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فَلْيَسْتَتِرْ بِهِ) عِبَارَةُ الْمِشْكَاةِ وَالْمَصَابِيحِ فَلْيَسْتَدْبِرْهُ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمِشْكَاةِ: أَيْ فَلْيَجْمَعْهُ ثُمَّ يَسْتَدْبِرْهُ أَوْ يَسْتَقْبِلْهُ، وَأُوثِرَ الِاسْتِدْبَارُ لِأَنَّ الْقُبُلَ يَسْهُلُ سَتْرُهُ بِالذَّيْلِ غَالِبًا، فَالْحَاجَةُ بِالدُّبُرِ أَمَسُّ اهـ. وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمَصَابِيحِ: أَيْ يَجْعَلُهُ خَلْفَهُ لِئَلَّا يَرَاهُ أَحَدٌ. [فَرْعٌ] هَلْ يَكْفِي فِي هَذَا الْبَابِ السَّتْرُ بِالزُّجَاجِ الَّذِي لَا يَحْجُبُ الرُّؤْيَةَ؟ قَالَ م ر بَحْثًا عَنْ الْبَدِيهَةِ: يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِهِ فِي السَّتْرِ عَنْ الْقِبْلَةِ لَا عَنْ الْعُيُونِ سم عَلَى مَنْهَجٍ، ثُمَّ قَالَ فِي قَوْلَةٍ أُخْرَى: وَهَلْ يَكْفِي السَّتْرُ بِالْمَاءِ كَمَا لَوْ بَالَ وَأَسَافِلُ بَدَنِهِ مُنْغَمِسَةٌ فِي مَاءٍ مُسْتَبْحَرٍ لَا يَبْعُدُ؟ نَعَمْ وِفَاقًا لمر، نَعَمْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِالْكَدِرِ بِخِلَافِ الصَّافِي كَالزُّجَاجِ الصَّافِي فَلْيُتَأَمَّلْ، وَتَقَدَّمَ عَنْهُ بَحْثُهُ الِاكْتِفَاءَ بِالزُّجَاجِ فِي سَتْرِ الْقِبْلَةِ لَا فِي السَّتْرِ عَنْ الْعُيُونِ (قَوْلُهُ: يَلْعَبُ بِمَقَاعِدِ بَنِي آدَمَ) أَيْ بِإِدَامَةِ النَّظَرِ إلَيْهَا مَعَ كَثْرَةِ وَسْوَسَةِ الْغَيْرِ وَحَمْلِهِ عَلَى النَّظَرِ إلَيْهَا أَيْضًا وَوَسْوَسَةِ الْمُتَبَرِّزِ وَحَمْلِهِ عَلَى الْفَسَادِ بِهَا شَرْحُ الْمِشْكَاةِ لحج (قَوْلُهُ: ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ صَغُرَ قَاضِي الْحَاجَةِ، وَنَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الشَّارِحِ أَنَّهُ تَرَدَّدَ فِيهِ ثُمَّ وَافَقَ عَلَى مَا يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الِاكْتِفَاءِ بِمَا دُونَهُمَا عِنْدَ حُصُولِ السَّتْرِ بِهِ. أَقُولُ: وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى سُتْرَةً شَرْعِيَّةً وَقَدْ تَقَدَّمَ لَهُ نَقْلُهُ عَنْ م ر (قَوْلُهُ إلَى مُحَاذَاةِ سُرَّتِهِ) الْمُتَبَادِرُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ ابْتِدَاءَ السَّاتِرِ مِنْ الْأَرْضِ وَانْتِهَاؤُهُ مُحَاذَاةُ السُّرَّةِ، وَقَدْ يُقَالُ: يَكْفِي هُنَا سَتْرُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ لِأَنَّ الْغَرَضَ الْمَنْعُ مِنْ النَّظَرِ لِلْعَوْرَةِ وَهُوَ يَحْصُلُ بِذَلِكَ. ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا نَصُّهُ: وَمَحَلُّهُ فِي الْجَالِسِ، إلَى أَنْ قَالَ: فَأَفْهَمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقَائِمِ مِنْ ارْتِفَاعِهِ زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ حَتَّى يَسْتُرَ مِنْ سُرَّتِهِ إلَى رُكْبَتِهِ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصَّهُ. قَوْلُهُ إلَى رُكْبَتِهِ، لَا يُقَالُ: قَضِيَّةُ مَا سَبَقَ بِالْهَامِشِ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنْ يُقَالَ إلَى الْأَرْضِ. لِأَنَّا نَقُولُ: الْفَرْقُ مُمْكِنٌ ظَاهِرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. قُلْت: وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَقْصُودَ ثَمَّ تَعْظِيمُ الْقِبْلَةِ فَوَجَبَ لِذَلِكَ السَّتْرُ عَنْ الْعَوْرَةِ وَحَرِيمِهَا، وَالْمَقْصُودُ هُنَا مَنْعُ النَّظَرِ الْمُحَرَّمِ، وَذَلِكَ لَيْسَ إلَّا لِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ) أَيْ عَادَةً، وَلَيْسَ دَاخِلَهُ مَنْ يَنْظُرُ إلَيْهِ مِمَّنْ يَحْرُمُ ـــــــــــــــــــــــــــــQغَالِبًا عَمَّنْ ذُكِرَ بَيَانٌ لَهُ فَتَتَعَيَّنُ فِيهِ " مِنْ " خِلَافًا لِمَا قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَيَسْتَتِرُ) أَيْ يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ، فَهُوَ غَيْرُ تَغْيِيبِ شَخْصِهِ الْمَارِّ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ) أَيْ الَّذِينَ لَا يَحْرُمُ نَظَرُهُمْ إلَيْهِ كَزَوْجَاتِهِ وَإِمَائِهِ بِقَرِينَةِ

أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ وَلَا يَكْفِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْقِبْلَةِ، وَبَعْضُهُمْ تَوَهَّمَ اتِّحَادَ الْمَوْضِعَيْنِ فَاحْذَرْهُ، وَمَحَلُّ عَدِّ ذَلِكَ مِنْ الْآدَابِ إذَا لَمْ يَكُنْ بِحَضْرَةِ مَنْ يَرَى عَوْرَتَهُ مِمَّنْ لَا يَحِلُّ لَهُ نَظَرُهَا، أَمَّا بِحَضْرَتِهِ فَيَكُونُ وَاجِبًا، إذْ كَشْفُهَا بِحَضْرَتِهِ حَرَامٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَاعْتَمَدَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَوُجُوبُ غَضِّ الْبَصَرِ لَا يَمْنَعُ الْحُرْمَةَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَهُ، وَلَوْ أَخَذَهُ الْبَوْلُ وَهُوَ مَحْبُوسٌ بَيْنَ جَمَاعَةٍ جَازَ لَهُ التَّكَشُّفُ وَعَلَيْهِمْ الْغَضُّ، فَإِنْ احْتَاجَ لِلِاسْتِنْجَاءِ وَقَدْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَلَمْ يَجِدْ إلَّا مَاءً بِحَضْرَةِ النَّاسِ جَازَ لَهُ كَشْفُهَا أَيْضًا كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ فِيهِمَا، وَظَاهِرُ التَّعْبِيرِ بِالْجَوَازِ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهَا وَالْأَوْجَهُ الْوُجُوبُ، وَفَارِقُ مَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي نَظِيرِهَا مِنْ الْجُمُعَةِ حَيْثُ خَافَ فَوْتَهَا إلَّا بِالْكَشْفِ الْمَذْكُورِ حَيْثُ جَعَلَهُ جَائِزًا لَا وَاجِبًا. قَالَ: لِأَنَّ كَشْفَهَا يَسُوءُ صَاحِبَهَا بِأَنَّ لِلْجُمُعَةِ بَدَلًا وَلَا كَذَلِكَ الْوَقْتُ (وَلَا يَبُولُ فِي مَاءٍ رَاكِدٍ) مَمْلُوكٍ لَهُ أَوْ مُبَاحٍ قَلِيلًا كَانَ أَمْ كَثِيرًا لِمَا فِيهِ مِنْ تَنْجِيسِ الْقَلِيلِ وَاسْتِقْذَارِ الْكَثِيرِ مَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَبْحِرًا بِحَيْثُ لَا تَعَافُهُ الْأَنْفُسُ بِحَالٍ فِيمَا يَظْهَرُ. لَا يُقَالُ: لِمَ لَمْ يَحْرُمْ فِي الْمَاءِ مُطْلَقًا إذَا كَانَ عَذْبًا لِأَنَّهُ رِبَوِيٌّ فَيَكُونُ كَالطَّعَامِ. لِأَنَّا نَقُولُ: الطَّعَامُ يُنَجَّسُ وَلَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُ مَائِعِهِ، وَالْمَاءُ لَهُ قُوَّةُ دَفْعِ النَّجَاسَةِ عَنْ نَفْسِهِ فَلَمْ يَلْحَقْ هُنَا بِالْمَطْعُومَاتِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ فِي الْقَلِيلِ مِنْهُ لِإِمْكَانِ طُهْرِهِ بِالْمُكَاثَرَةِ، أَمَّا الْجَارِي فَيَكُونُ الْبَوْلُ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــSنَظَرُهُ وَإِلَّا حُرِّمَ كَمَا سَيَأْتِي اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَخَذَهُ الْبَوْلُ) أَيْ بِأَنْ احْتَاجَ إلَيْهِ وَشَقَّ عَلَيْهِ تَرْكُهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُشْتَرَطَ وُصُولُهُ إلَى حَدٍّ يَخْشَى مَعَهُ مِنْ عَدَمِ الْبَوْلِ مَحْذُورَ تَيَمُّمٍ، ثُمَّ تَعْبِيرُهُ بِالْجَوَازِ مُقْتَضٍ لِإِبَاحَتِهِ مُطْلَقًا، وَيَنْبَغِي وُجُوبُهُ إذَا تَحَقَّقَ الضَّرَرُ بِتَرْكِهِ (قَوْلُهُ: جَازَ لَهُ كَشْفُهَا) أَفْهَمَ حُرْمَةَ الِاسْتِنْجَاءِ بِحَضْرَةِ النَّاسِ مَعَ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ الْحُرْمَةِ حَيْثُ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ إمْكَانُ الِاسْتِنْجَاءِ فِي مَحَلٍّ لَا يَنْظُرُ إلَيْهِ أَحَدٌ مِمَّنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُ، وَإِلَّا جَازَ لَهُ الْكَشْفُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ كَمَا قِيلَ بِمِثْلِهِ فِي فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَالْمُتَيَمِّمِ فِي مَحَلٍّ فِيهِ يَغْلِبُ وُجُودُ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: فِي الثَّانِيَةِ) هِيَ قَوْلُهُ فَإِنْ احْتَاجَ لِلِاسْتِنْجَاءِ وَقَدْ ضَاقَ الْوَقْتُ (قَوْلُهُ: حَيْثُ جَعَلَهُ جَائِزًا لَا وَاجِبًا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يُخِلَّ بِمُرُوءَتِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ فِي حَدِّ ذَاتِهِ مُسْتَقْبَحٌ فَلَا نَظَرَ إلَى عَدَمِ مُبَالَاتِهِ بِذَلِكَ، لَكِنْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ: حَيْثُ لَمْ يُخِلَّ ذَلِكَ بِمُرُوءَتِهِ فَالْمُتَّجَهُ الْوُجُوبُ (قَوْلُهُ: وَلَا كَذَلِكَ الْوَقْتُ) وَيَنْبَغِي أَنَّ كَشْفَهَا وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ مُسْتَحَبٌّ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّ هَذَا عُذْرٌ مُجَوِّزٌ لِلتَّرْكِ، وَالْأَصْلُ فِي الْأَعْذَارِ أَنَّهَا مُسْقِطَةٌ لِلْإِثْمِ فَقَطْ، وَتَحَمُّلُ الْمَشَقَّةِ مَعَهَا أَوْلَى. وَأَيْضًا فَقَدْ قَالُوا: لَوْ عَلِمَ مِنْ قَوْمٍ عَدَمَ رَدِّ السَّلَامِ سُنَّ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِمْ وَإِنْ أَثِمُوا فَمَا هُنَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ مُبَاحٍ) بِخِلَافِ الْمُسَبَّلِ وَالْمَوْقُوفِ اهـ حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: ظَاهِرُهُ وَإِنْ اسْتَبْحَرَ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، لَكِنْ قَيَّدَ شَيْخُنَا أَبُو الْحَسَنِ الْبَكْرِيُّ فِي شَرْحِهِ الْحُرْمَةَ فِي الْمُسَبَّلِ أَوْ الْمَمْلُوكِ لِلْغَيْرِ بِغَيْرِ الْمُسْتَبْحَرِ الْمَذْكُورِ فَلْيُتَأَمَّلْ، لَكِنَّهُ قَرِيبٌ فِي الْمَمْلُوكِ لِلْغَيْرِ إنْ عُلِمَ رِضَاهُ، وَقَدْ يُقَالُ مَعَ عِلْمِ الرِّضَا لَا يَنْبَغِي التَّقْيِيدُ بِالْمُسْتَبْحَرِ، وَحَيْثُ قُلْنَا بِالْجَوَازِ لَا يَبْعُدُ تَخْصِيصُهُ بِالْبَوْلِ بَلْ قَدْ يُؤْخَذُ هَذَا مِنْ تَقْيِيدِ الْمُسْتَبْحَرِ بِالْحَيْثِيَّةِ السَّابِقَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. أَقُولُ: الْأَقْرَبُ الْحُرْمَةُ مُطْلَقًا اسْتَبْحَرَ أَوْ لَا، حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ رِضَا مَالِكِهِ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ لِلشَّارِحِ مَا يُوَافِقُ مَا قُلْنَاهُ هَذَا. وَانْظُرْ مَا صُورَةُ وَقْفِ الْمَاءِ وَقَدْ يُصَوَّرُ بِمَا لَوْ وُقِفَ مَحَلُّهُ كَبِئْرٍ مَثَلًا وَيَكُونُ فِي التَّعْيِينِ بِوَقْفِهِ تَجَوُّزٌ: أَيْ وَقْفِ مَحَلِّهِ. وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ أَيْضًا بِمَا لَوْ مَلَكَ مَاءً كَثِيرًا فِي بِرْكَةٍ مَثَلًا فَوَقَفَ الْمَاءَ عَلَى مَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ فِيهَا مِنْ غَيْرِ نَقْلٍ لَهُ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَبْحِرًا) أَيْ وَمَا لَمْ يَتَعَيَّنْ لِلطَّهَارَةِ وَقَدْ دَخَلَ الْوَقْتُ وَإِلَّا حُرِّمَ كَمَا يَأْتِي عَنْ الْمُهِمَّاتِ (قَوْلُهُ لِإِمْكَانِ طُهْرِهِ) قَدْ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا يَأْتِي، أَوْ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ بِفَرْضِ وُجُودِهِمْ (قَوْلُهُ: مَنْ يَرَى عَوْرَتَهُ) أَيْ بِالْفِعْلِ مِمَّنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُ إلَيْهَا (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَبُولُ فِي مَاءٍ رَاكِدٍ) أَيْ فَإِنْ فَعَلَ كُرِهَ (قَوْلُهُ: أَوْ مُبَاحٍ) أَيْ غَيْرُ مُسَبَّلٍ وَلَا مَوْقُوفٍ، وَصُورَةُ الْمَوْقُوفِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنْ يَقِفَ إنْسَانٌ ضَيْعَةً مَثَلًا يَمْلَأُ مِنْ غَلَّتِهَا نَحْوَ صِهْرِيجٍ أَوْ فَسْقِيَّةٍ، أَوْ أَنْ يَقِفَ بِئْرًا فَيَدْخُلُ فِيهِ مَاؤُهُ الْمَوْجُودُ

الْقَلِيلِ مِنْهُ دُونَ الْكَثِيرِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ لَيْلًا فَيُكْرَهُ أَيْضًا لِمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الْمَاءَ بِاللَّيْلِ مَأْوَى الْجِنِّ، وَحَيْثُ حَرُمَ الْبَوْلُ أَوْ كُرِهَ فَالتَّغَوُّطُ أَوْلَى. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ وَيَتَعَيَّنُ الْفَتْوَى بِهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي الْوَقْتِ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ غَيْرُهُ وَلَمْ يَكُنْ مُتَطَهِّرًا يَحْرُمُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الصَّبِّ وَلَوْ انْغَمَسَ مُسْتَجْمِرٌ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ حَرُمَ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْكَرَاهَةِ فِي الْبَوْلِ فِيهِ لِمَا فِيهِ هُنَا مِنْ تَضَمُّخِهِ بِالنَّجَاسَةِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ. وَيُكْرَهُ الْبَوْلُ وَنَحْوُهُ بِقُرْبِ الْقَبْرِ الْمُحْتَرَمِ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ. وَأَلْحَقَ الْأَذْرَعِيُّ بِحَثْوِ الْبَوْلِ إلَى جِدَارِهِ بِالْبَوْلِ عَلَيْهِ وَعَلَى نَحْوِ عَظْمٍ مِمَّا يَمْتَنِعُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ لِحُرْمَتِهِ، وَيَحْرُمُ فِي مَسْجِدٍ وَلَوْ بِإِنَاءٍ بِخِلَافِ الْفَصْدِ فِيهِ لِخِفَّةِ الِاسْتِقْذَارِ فِي الدَّمِ، وَلِذَا عُفِيَ عَنْ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ بِشَرْطِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَذَكَرَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ الْحُرْمَةَ فِي الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ أَوْ قُزَحَ، وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمْ بِذَلِكَ مَحَلَّ الرَّمْيِ، وَإِطْلَاقُهُ يَقْتَضِي حُرْمَةَ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهَا مَحَالُّ شَرِيفَةٌ ضَيِّقَةٌ، فَلَوْ جَازَ ذَلِكَ فِيهَا لَاسْتَمَرَّ وَبَقِيَ وَقْتَ الِاجْتِمَاعِ لَهَا فَيُؤْذِي حِينَئِذٍ، وَيَظْهَرُ أَنَّ حُرْمَةَ ذَلِكَ مُفَرَّعَةٌ عَلَى الْحُرْمَةِ فِي مَحَلِّ جُلُوسِ النَّاسِ، وَسَيَأْتِي أَنَّ الْمُرَجِّحَ الْكَرَاهَةُ، أَمَّا ـــــــــــــــــــــــــــــSيُشْكِلُ عَلَيْهِ حُرْمَةُ اسْتِعْمَالِ الْإِنَاءِ الْمُتَنَجِّسِ فِي الطَّاهِرِ الْجَامِدِ إذَا كَانَ الْإِنَاءُ رَطْبًا مَعَ إمْكَانِ طُهْرِ الْجَامِدِ بِالْغَسْلِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَ لِلْمَاءِ قُوَّةٌ فِي دَفْعِ النَّجَاسَةِ اُغْتُفِرَ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِ، كَمَا أَشْعَرَ بِهِ قَوْلُهُ قَبْلُ: لِأَنَّا نَقُولُ: الطَّعَامُ إلَخْ. وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ وَضْعَ الْمَاءِ فِي الْإِنَاءِ الْقَصْدُ مِنْهُ اسْتِعْمَالُ الْإِنَاءِ فِي النَّجِسِ فَيَحْرُمُ لِأَنَّهُ كَتَنَجُّسِ الثَّوْبِ وَهُوَ تَضَمُّخٌ بِالنَّجَاسَةِ، وَالْمَقْصُودُ هُنَا تَفْرِيغُ نَفْسِهِ مِنْ الْبَوْلِ وَكَوْنُهُ فِي الْمَاءِ لَا يُعَدُّ اسْتِعْمَالًا لَهُ اهـ، وَهُوَ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ، وَعِبَارَةُ الْخَطِيبِ عَلَى أَبِي شُجَاعٍ صَرِيحَةٌ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فِي مَاءٍ قَلِيلٍ) خَرَجَ بِهِ الْكَثِيرُ فَلَا يَحْرُمُ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ: وَنَقَلُوا عَنْ النَّوَوِيِّ أَنَّ الْمُسْتَجْمِرَ إذَا أَرَادَ النُّزُولَ فِي الْمَاءِ إنْ كَانَ قَلِيلًا حُرِّمَ لِأَنَّ فِيهِ تَضَمُّخًا بِالنَّجَاسَةِ أَوْ كَثِيرًا لَمْ يَحْرُمْ. وَبَحَثَ النَّوَوِيُّ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ كَالْبَوْلِ فِيهِ، وَنَازَعُوهُ بِأَنَّ الْوَجْهَ الْكَرَاهَةُ، بَلْ هُوَ أَوْلَى بِهَا مِنْ مُجَرَّدِ الِاغْتِسَالِ فِي الْمَاءِ الْوَاقِفِ. وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ النَّوَوِيِّ عَلَى مَا إذَا كَانَ مُسْتَجْمِرًا مِنْ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ عَيْنٌ أَصْلًا، بِخِلَافِ مَا إذَا بَقِيَ عَيْنٌ خُصُوصًا إذَا كَثُرَتْ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: الْقَبْرِ الْمُحْتَرَمِ) وَبَحَثَ حُرْمَتَهُ بِقُرْبِ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ اهـ سم. وَتَشْتَدُّ الْكَرَاهَةُ عِنْدَ قُبُورِ الْأَوْلِيَاءِ وَالشُّهَدَاءِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ تَحْرِيمُهُ بَيْنَ الْقُبُورِ الْمُتَكَرِّرِ نَبْشُهَا لِاخْتِلَاطِ تُرْبَتِهَا بِأَجْزَاءِ الْمَيِّتِ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ. وَظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحُرْمَةِ بِقُرْبِ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِكَوْنِهِ عَلَى وَجْهٍ يُعَدُّ إزْرَاءً بِهِمْ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ إزْرَاءٌ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَصْدٍ، لَكِنْ تَقَدَّمَ عَنْ سم بِالنِّسْبَةِ لِلْمُصْحَفِ أَنَّهُ يَحْرُمُ ذَلِكَ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهٍ يُعَدُّ إزْرَاءً، قَالَ: بَلْ قَدْ يَكْفُرُ بِهِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي اسْتِقْبَالِ الْقَبْرِ الْمُكَرَّمِ وَاسْتِدْبَارِهِ اهـ. وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ الِاسْتِقْبَالِ وَالْقُرْبِ مِنْهُ، فَإِنَّ الِاسْتِقْبَالَ قَدْ لَا يُعَدُّ إزْرَاءً، بِخِلَافِ الْقُرْبِ فَإِنَّ الْبَوْلَ مَعَهُ يُعَدُّ إزْرَاءً بِصَاحِبِ الْقَبْرِ (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ) بَقِيَ أَنَّ غَيْرَ الْبَوْلِ مِنْ سَائِرِ النَّجَاسَاتِ هَلْ يَلْحَقُ بِهِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْإِلْحَاقُ بَلْ هُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِمْ يَحْرُمُ التَّضَمُّخُ بِالنَّجَاسَةِ فِي الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ قَصْدًا (قَوْلُهُ: وَعَلَى نَحْوِ عَظْمٍ) أَيْ وَيَحْرُمُ عَلَى نَحْوِ عَظْمٍ إلَخْ، وَهَلْ يَحْرُمُ إلْقَاؤُهُ فِي النَّجَاسَةِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ قِيَاسًا عَلَى الْبَوْلِ عَلَيْهِ أَوْ يُفَرَّقُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْقَصْدِ) أَيْ وَلَوْ بِلَا حَاجَةٍ إلَى الْقَصْدِ (قَوْلُهُ: أَوْ قُزَحَ) هُوَ غَيْرُ مَصْرُوفٍ كَمَا قَالَهُ فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْمُرَجَّحَ الْكَرَاهَةُ) أَيْ فَيَكُونُ الرَّاجِحُ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمُتَجَدِّدُ تَبَعًا، وَإِلَّا فَالْمَاءُ لَا يَقْبَلُ الْوَقْفَ قَصْدًا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ غَيْرُهُ) أَيْ الْمَاءُ الْقَلِيلُ سَوَاءٌ كَانَ رَاكِدًا أَوْ جَارِيًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَظَاهِرٌ أَنَّ مِثْلَهُ الْكَثِيرُ إذَا تَغَيَّرَ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ الْبَوْلُ وَنَحْوُهُ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ التَّبَرُّزُ (قَوْلُهُ: بِقُرْبِ الْقَبْرِ الْمُحْتَرَمِ)

عَرَفَةُ وَمُزْدَلِفَةُ وَمِنًى فَلَا يَحْرُمُ فِيهَا لِسَعَتِهَا (وَجُحْرٍ) بِجِيمٍ مَضْمُومَةٍ فَمُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ وَهُوَ الثَّقْبُ النَّازِلُ الْمُسْتَدِيرُ لِصِحَّةِ النَّهْيِ عَنْهُ لِمَا يُقَالُ إنَّهَا مَسَاكِنُ لِلْجِنِّ، وَلِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِيهِ حَيَوَانٌ ضَعِيفٌ فَيَتَأَذَّى. أَوْ قَوِيٌّ فَيُؤْذِيهِ أَوْ يُنَجِّسُهُ، وَفِي مَعْنَاهُ السَّرَبُ وَهُوَ الشِّقُّ الْمُسْتَطِيلُ، وَكَالْبَوْلِ الْغَائِطُ، نَعَمْ يَظْهَرُ تَحْرِيمُهُ فِيهِ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ بِهِ حَيَوَانًا مُحْتَرَمًا يَتَأَذَّى بِهِ أَوْ يَهْلِكُ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ بَحْثُ الْمَجْمُوعِ (وَمَهَبِّ رِيحٍ) أَيْ مَحَلِّ هُبُوبِهَا وَقْتَ هُبُوبِهَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ، وَمِنْهُ الْمَرَاحِيضُ الْمُشْتَرَكَةُ، بَلْ يَسْتَدْبِرُهَا فِي الْبَوْلِ وَيَسْتَقْبِلُهَا فِي الْغَائِطِ الْمَائِعِ لِئَلَّا يَتَرَشْرَشَ بِذَلِكَ لِخَبَرِ «اسْتَمْخِرُوا الرِّيحَ» أَيْ اجْعَلُوا ظُهُورَكُمْ إلَيْهَا وَلَا تَسْتَقْبِلُوهَا، فَلَا يُكْرَهُ اسْتِدْبَارُهَا عِنْدَ التَّغَوُّطِ بِغَيْرِ مَائِعٍ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ عَوْدِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ عَلَيْهِ إذْ ذَاكَ لَا يَقْتَضِي الْكَرَاهَةَ (وَمُتَحَدَّثٍ) لِلنَّاسِ (وَطَرِيقٍ) لِخَبَرِ. مُسْلِمٍ «اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ، قَالُوا وَمَا اللَّعَّانَانِ؟ قَالَ: الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ فِي ظِلِّهِمْ» تَسْبِيبًا بِذَلِكَ فِي لَعْنِ النَّاسِ لَهُمَا كَثِيرًا عَادَةً، فَنَسَبَ إلَيْهِمَا بِصِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ، وَالْمَعْنَى: احْذَرُوا سَبَبَ اللَّعْنِ الْمَذْكُورِ. وَأُلْحِقَ بِظِلِّ النَّاسِ فِي الصَّيْفِ مَوَاضِعُ اجْتِمَاعِهِمْ فِي الشَّمْسِ فِي الشِّتَاءِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ التَّغَوُّطَ فِي الطَّرِيقِ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ وَهُوَ كَذَلِكَ، ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ الصَّفَا إلَخْ الْكَرَاهَةُ، لَكِنْ قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا وَجَّهَ بِهِ الْحُرْمَةَ مِنْ أَنَّهَا مَحَالُّ شَرِيفَةٌ، لَا أَنْ يُقَالَ إنَّ مُجَرَّدَ شَرَفِهَا لَا يَقْتَضِي الْحُرْمَةَ، بَلْ يَكْفِي فِيهِ الْكَرَاهَةُ كَمَا فِي اسْتِقْبَالِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ هَذَا، وَنَازَعَ فِيهِ سم عَلَى مَنْهَجٍ فِي الْبِنَاءِ قَالَ بَعْدَ نَقْلِهِ الْبِنَاءَ عَنْ م ر فَلْيُتَأَمَّلْ، فَإِنَّ الْبِنَاءَ مَمْنُوعٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ قَرِيبٌ اهـ. وَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّهَا مَحَالُّ شَرِيفَةٌ فَحُرْمَةُ الْبَوْلِ بِهَا لَيْسَ مُجَرَّدَ الِانْتِفَاعِ بِهَا (قَوْلُهُ: وَجُحْرٍ) وَلَوْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَيَوَانٌ يُؤْذِي بَلْ مَا لَا يُؤْذِي، وَكَانَ يَلْزَمُ مِنْ بَوْلِهِ عَلَيْهِ قَتْلُهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ نُدِبَ قَتْلُهُ وَكَانَ يَمُوتُ بِسُرْعَةٍ فَلَا حُرْمَةَ وَلَا كَرَاهَةَ وَإِنْ كَرِهَ قَتْلَهُ، فَإِنْ كَانَ يَمُوتُ بِسُرْعَةٍ فَالْكَرَاهَةُ فَقَطْ، وَإِنْ كَانَ لَا يَمُوتُ بِسُرْعَةٍ بَلْ يَحْصُلُ لَهُ تَعْذِيبٌ حَرُمَ لِلْأَمْرِ بِإِحْسَانِ الْقِتْلَةِ، وَإِنْ كَانَ يُبَاحُ قَتْلُهُ فَإِنْ حَصَلَ تَعْذِيبٌ حَرُمَ أَوْ انْتَفَى التَّعْذِيبُ، فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ تَأَذٍّ فَيَتَّجِهُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ، لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ الْكَرَاهَةُ، وَإِنْ حَصَلَ تَأَذٍّ يَتَّجِهُ الْكَرَاهَةُ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ فَلْيُحَرَّرْ مَحَلُّ كَلَامِهِمْ مِنْ ذَلِكَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ وَهُوَ الثَّقْبُ) بِالْفَتْحِ وَاحِدُ الثُّقُوبِ، وَالثُّقْبُ بِالضَّمِّ جَمْعُ ثُقْبَةٍ كَالثُّقَبِ بِفَتْحِ الْقَافِ اهـ مُخْتَارٌ. وَفِي الْخَطِيبِ عَلَى أَبِي شُجَاعٍ أَنَّهُ بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَسُكُونِ الْقَافِ اهـ. قُلْت: الْقِيَاسُ مَا فِي الْمُخْتَارِ لِأَنَّهُ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرُ ثَقَبَهُ، وَالْقِيَاسُ فِيهِ الْفَتْحُ كَمَا فِي مَصْدَرِ قَتَلَ وَنَصَرَ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا (قَوْلُهُ: وَقْتَ هُبُوبِهَا) وَمِثْلُهُ غَلَبَةُ هُبُوبِهَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ هُبُوبُهَا مِنْ جِهَتِهِ الَّتِي هُوَ فِيهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِهَا) قَدْ يُشْعِرُ بِمُوَافَقَتِهِمْ قَوْلُ حَجّ: وَكَالْمَائِعِ جَامِدٌ يَخْشَى عَوْدَ رِيحِهِ وَالتَّأَذِّي بِهِ، وَقَوْلُهُ لِمَا فِيهِ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لِمَنْ قَالَ بِهَا (قَوْلُهُ: وَمُتَحَدِّثٍ) أَمَّا مَحَلُّ الِاجْتِمَاعِ لِحَرَامٍ: أَيْ أَوْ مَكْرُوهٍ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ، بَلْ وَلَا يَبْعُدُ نَدْبُ ذَلِكَ تَنْفِيرًا لَهُمْ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا حَجّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، بَلْ لَوْ قِيلَ بِالْوُجُوبِ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ مَنْعُهُمْ مِنْ الِاجْتِمَاعِ لِمُحَرَّمِ وَتَعَيَّنَ طَرِيقًا لِدَفْعِهِمْ لَمْ يَبْعُدْ (قَوْلُهُ: قَالَ الَّذِي يَتَخَلَّى) الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ اتَّقُوا أَنْ يُحْمَلَا عَلَى الْفِعْلَيْنِ، فَيَكُونَ قَوْلُهُ قَالَ الَّذِي عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ: أَيْ تَخَلَّى الَّذِي، وَيَكْفِي الْمُطَابَقَةُ بِحَسَبِ الْمَعْنَى فَلَا يَجُوزُ الْإِفْرَادُ، وَيَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَا عَلَى الشَّخْصَيْنِ بِتَقْدِيرِ اتَّقُوا فِعْلَ اللَّعَّانِينَ وَهُوَ ظَاهِرُ تَسَبُّبًا. إلَخْ، فَلَا حَذْفَ فِي الَّذِي يَتَخَلَّى وَمُطَابَقَتُهُ بِحَسَبِ الْمَعْنَى اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُهُ وَطَرِيقٍ لَعَلَّ الْكَلَامَ فِي طَرِيقٍ يَسْتَحِقُّ النَّاسُ الْمُرُورَ بِهَا لِكَوْنِهَا مَوْقُوفَةً أَوْ مُسَبَّلَةً لِذَلِكَ وَمُبَاحَةً، بِخِلَافِ الْمَمْلُوكَةِ لَهُ، لَكِنَّ مُقْتَضَى ذَلِكَ جَوَازُ قَضَاءِ الْحَاجَةِ فِي الْمَوْقُوفَةِ وَالْمُسَبَّلَةِ لِلْمُرُورِ مَعَ أَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي غَيْرِ مِلْكٍ لَهُ وَلَا فِي مُبَاحٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَلْتَزِمَ الْجَوَازَ حَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْأَرْضِ بِوَجْهٍ، وَلَا يَخْتَلِفُ الْمَقْصُودُ بِهَا بِذَلِكَ كَأَرْضٍ فَلَاةٍ وَقْفًا أَوْ مِلْكًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ إلَخْ) وَلَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإِنْ نَقَلَ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ فِي الشَّهَادَاتِ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ أَنَّهُ حَرَامٌ وَأَقَرَّهُ، وَكَالطَّرِيقِ الْمُتَحَدَّثُ، وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذُكِرَ بَيْنَ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ (وَتَحْتَ مُثْمِرَةٍ) وَلَوْ كَانَ الثَّمَرُ مُبَاحًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْكُولًا بَلْ مَشْمُومًا أَوْ نَحْوَهُ لِئَلَّا يَتَنَجَّسَ ثِمَارُهَا فَتَفْسُدَ أَوْ تَعَافَهَا الْأَنْفُسُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ وَقْتِ الثَّمَرَةِ وَغَيْرِهِ، وَالْكَرَاهَةُ فِي الْغَائِطِ أَشَدُّ مِنْهَا فِي الْبَوْلِ خِلَافًا لِمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، لِأَنَّ الْبَوْلَ يَطْهُرُ بِالْمَاءِ وَبِجَفَافِهِ بِالشَّمْسِ وَالرِّيحِ فِي قَوْلٍ، بِخِلَافِ الْغَائِطِ فَإِنَّهُ لَا يَطْهُرُ مَكَانُهُ إلَّا بِالنَّقْلِ، وَلَا يَطْهُرُ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا فِي الْغَائِطِ أَخَفُّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُرَى فَيُجْتَنَبُ أَوْ يُطَهَّرُ، وَفِي الْبَوْلِ أَخَفُّ مِنْ حَيْثُ إقْدَامُ النَّاسِ عَلَى أَكْلِ مَا طَهُرَ مِنْهُ بِخِلَافِ الْغَائِطِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ الْخِلَافُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَعْلَمْ طُهْرَهُ قِبَلَ الثَّمَرَةِ بِنَحْوِ نِيلٍ أَوْ سَيْلٍ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ، زَادَ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَصْلِهِ قَوْلَهُ (وَلَا) (يَتَكَلَّمُ) حَالَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ بِذِكْرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَالْكَلَامُ عِنْدَهُ مَكْرُوهٌ، وَشَمِلَ ذَلِكَ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ حَالَ قَضَائِهَا خِلَافًا لِابْنِ كج، نَعَمْ يُحْمَلُ قَوْلُ مَنْ عَبَّرَ فِيهِ بِنَفْيِ الْجَوَازِ عَلَى الْجَوَازِ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ فَيَكُونُ مَكْرُوهًا وَلَوْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ إلَيْهِ كَإِنْذَارِ أَعْمَى لَمْ يُكْرَهْ بَلْ يَصِيرُ وَاجِبًا، وَلَوْ عَطَسَ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى بِقَلْبِهِ وَلَا يُحَرِّكُ لِسَانَهُ. وَقَدْ رَوَى ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ خَبَرَ النَّهْيِ عَنْ التَّحَدُّثِ عَلَى الْغَائِطِ (وَلَا يَسْتَنْجِي بِمَاءٍ فِي مَجْلِسِهِ) بَلْ يَنْتَقِلُ عَنْهُ لِئَلَّا يَعُودَ الرَّشَاشُ فَيُنَجِّسَهُ إلَّا فِي الْأَخْلِيَةِ الْمُعَدَّةِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ فَلَا يَنْتَقِلُ، وَمِثْلُهُ الْمُسْتَنْجِي بِالْحَجَرِ، نَعَمْ لَوْ كَانَ فِي الْأَخْلِيَةِ الْمُعَدَّةِ هَوَاءٌ مَعْكُوسٌ كُرِهَ ذَلِكَ فِيهَا كَمَا يُكْرَهُ فِي مَهَبِّ الرِّيحِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِمْ، وَقَدْ يَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ فِي مَحَلِّهِ حَيْثُ لَا مَاءَ وَلَوْ انْتَقَلَ لِتَضَمُّخٍ بِالنَّجَاسَةِ وَهُوَ يُرِيدُ الصَّلَاةَ بِالتَّيَمُّمِ أَوْ بِالْوُضُوءِ وَالْمَاءِ لَا يَكْفِي لَهُمَا (وَيَسْتَبْرِئُ مِنْ الْبَوْلِ) ـــــــــــــــــــــــــــــSزَلِقَ أَحَدٌ فِيهِ وَتَلِفَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْفَاعِلِ وَإِنْ غَطَّاهُ بِتُرَابٍ أَوْ نَحْوِهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ فِي التَّالِفِ فِعْلًا وَمَا فَعَلَهُ جَائِزٌ لَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ وَقْتِ الثَّمَرَةِ وَغَيْرِهِ) يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا مِنْ شَأْنِ نَوْعِهِ أَنْ يُثْمِرَ لَكِنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ أَوَانَ الْإِثْمَارِ عَادَةً كَالْوَدِيِّ الصَّغِيرِ وَهُوَ ظَاهِرُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ فَيُكْرَهُ الْبَوْلُ تَحْتَهُ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ حُصُولُ مَا يُظْهِرُهُ قَبْلَ أَوَانِ الْإِثْمَارِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَكَلَّمُ حَالَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ) نَقَلَ سم عَلَى حَجّ عَنْهُ الْكَرَاهَةَ مُطْلَقًا حَالَ خُرُوجِ الْخَارِجِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ إلَّا لِحَاجَةٍ (قَوْلُهُ: فَالْكَلَامُ عِنْدَهُ مَكْرُوهٌ) وَهَلْ مِنْ الْكَلَامِ مَا يَأْتِي بِهِ قَاضِي الْحَاجَةِ مِنْ التَّنَحْنُحِ عِنْدَ طَرْقِ بَابِ الْخَلَاءِ مِنْ الْغَيْرِ لِيَعْلَمَ هَلْ فِيهِ أَحَدٌ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُسَمَّى كَلَامًا، وَبِتَقْدِيرِهِ فَهُوَ لِحَاجَةٍ وَهِيَ دَفْعُ دُخُولِ مَنْ يَطْرُقُ الْبَابَ عَلَيْهِ لِظَنِّهِ خُلُوَّ الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ: حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى بِقَلْبِهِ) وَهَلْ يُثَابُ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَلَا يُنَافِيهِ فِي الْأَذْكَارِ لِلنَّوَوِيِّ مِنْ أَنَّ الذِّكْرَ الْقَلْبِيَّ بِمُجَرَّدِهِ لَا يُثَابُ عَلَيْهِ لِأَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا لَمْ يُطْلَبْ وَهَذَا مَطْلُوبٌ فِيهِ بِخُصُوصِهِ، ثُمَّ ظَاهِرُ قَوْلِ الشَّارِحِ: وَلَا يُحَرِّكُ لِسَانَهُ أَنَّهُ لَوْ حَرَّكَ لِسَانَهُ وَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْهُ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ. قُلْت: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ تَحْرِيكَ اللِّسَانِ إذَا أُطْلِقَ انْصَرَفَ إلَى مَا يُسْمِعُ بِهِ نَفْسَهُ، لِأَنَّ التَّحْرِيكَ إذَا لَمْ يُسْمِعْ بِهِ نَفْسَهُ لَا أَثَرَ لَهُ حَتَّى لَا يَحْنَثَ بِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يَتَكَلَّمُ، وَلَا يُجْزِئُهُ فِي الصَّلَاةِ لِكَوْنِهِ لَا يُسَمَّى قِرَاءَةً وَلَا ذِكْرًا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَمِثْلُهُ فِي حَجّ (قَوْلُهُ خَبَرَ النَّهْيِ) لَعَلَّهُ إنَّمَا لَمْ يَقُلْ لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي خَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ لِاخْتِصَاصِ النَّهْيِ بِالْغَائِطِ وَالْمُدَّعَى كَرَاهَتُهُ كَالْبَوْلِ (قَوْلُهُ: كُرِهَ ذَلِكَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ تَحَقَّقَ وُصُولُ النَّجَاسَةِ إلَيْهِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَلَا مَاءٌ يُزِيلُ النَّجَاسَةَ بِهِ (قَوْلُهُ وَالْمَاءُ لَا يَكْفِي) أَفْهَمَ عَدَمَ الْحُرْمَةِ إذَا كَانَ كَافِيًا، وَإِنْ لَزِمَ عَلَى الِانْتِقَالِ التَّضَمُّخُ فِي بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ هَذَا لَا مَانِعَ مِنْهُ لِأَنَّ التَّضَمُّخَ إنَّمَا يَحْرُمُ حَيْثُ كَانَ عَبَثًا (قَوْلُهُ وَيَسْتَبْرِئُ مِنْ الْبَوْلِ) عِبَارَةُ الْمُنَاوِيِّ فِي شَرْحِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQهَلْ يَشْمَلُ قَبْرَ نَحْوِ الذِّمِّيِّ (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ الْخِلَافُ) يَعْنِي يُوَجَّهُ كُلٌّ مِنْ طَرَفَيْ الْخِلَافِ وَإِلَّا فَاَلَّذِي ذَكَرَهُ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلْخِلَافِ (قَوْلُهُ: وَالْمَاءُ لَا يَكْفِي لَهُمَا) أَيْ وَقَدْ دَخَلَ الْوَقْتُ كَمَا قَالَهُ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ،

نَدْبًا بَعْدَ انْقِطَاعِهِ بِنَحْوِ مَشْيِ أَوْ وَضْعِ الْمَرْأَةِ يُسْرَاهَا عَلَى عَانَتِهَا أَوْ نَتْرِ ذَكَرٍ ثَلَاثًا بِأَنْ يَمْسَحَ بِإِبْهَامِ يُسْرَاهُ وَمُسَبِّحَتِهَا مِنْ مَجَامِعِ الْعُرُوقِ إلَى رَأْسِ ذَكَرِهِ وَيَنْتُرَهُ بِلُطْفٍ وَلَا يَجْذِبَهُ خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ، لِأَنَّ إدَامَةَ ذَلِكَ تَضُرُّهُ وَقَوْلُ أَبِي زُرْعَةَ يَضَعُ أُصْبُعَهُ تَحْتَ ذَكَرِهِ وَالسَّبَّابَةَ فَوْقَهُ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ مِنْ تَفَرُّدَاتِهِ. وَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي مِنْ وُجُوبِهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ خُرُوجُ شَيْءٍ مِنْهُ بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ إنْ لَمْ يَفْعَلْهُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ اسْتِحْبَابُ الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ الْغَائِطِ أَيْضًا وَلَا بُعْدَ فِيهِ، وَيُكْرَهُ لِغَيْرِ السَّلَسِ حَشْوُ الذَّكَرِ بِنَحْوِ قُطْنَةٍ لِأَنَّهُ يَضُرُّهُ (وَيَقُولُ عِنْدَ دُخُولِهِ) أَيْ إرَادَةِ دُخُولِهِ وَلَوْ لِغَيْرِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ فِيمَا ظَهَرَ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّعَوُّذِ (بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ، وَخُرُوجِهِ غُفْرَانَك الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى وَعَافَانِي) أَيْ مِنْهُ لِلِاتِّبَاعِ وَالْخُبُثُ بِضَمِّ الْخَاءِ وَالْبَاءِ جَمْعُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْكَبِيرِ لِلْجَامِعِ عِنْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَنَزَّهُوا مِنْ الْبَوْلِ فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْهُ» نَصُّهَا: يَعْنِي أَنَّكُمْ وَإِنْ خُفِّفَ عَنْكُمْ فِي شَرْعِنَا وَرُفِعَتْ عَنْكُمْ الْآصَارُ وَالْأَغْلَالُ الَّتِي كَانَتْ عَلَى الْأَوَّلِينَ مِنْ قَطْعِ مَا أَصَابَهُ الْبَوْلُ مِنْ بَدَنٍ أَوْ أَثَرٍ فَلَا تَتَهَاوَنُوا بِتَرْكِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ جُمْلَةً فَإِنَّ مَنْ أَهْمَلَ ذَلِكَ عُذِّبَ فِي أَوَّلِ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ (قَوْلُهُ: وَيَنْتُرَهُ) هُوَ بِالنُّونِ وَالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ اهـ مُخْتَارٌ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: وَلَا يَجْذِبُهُ) بَابُهُ ضَرَبَ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: أُصْبُعَهُ) أَيْ الْوُسْطَى كَمَا فِي شَرْحِهِ عَلَى الْبَهْجَةِ (قَوْلُهُ: الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ الْغَائِطِ) اُنْظُرْ بِمَاذَا يَحْصُلُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا، وَقِيَاسُ مَا فِي الْمَرْأَةِ أَنَّهُ يَضَعُ الْيُسْرَى عَلَى مَجْرَى الْغَائِطِ وَيَتَحَامَلُ عَلَيْهِ لِيُخْرِجَ مَا فِيهِ مِنْ الْفَضَلَاتِ إنْ كَانَ، وَقَدْ يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ حَجّ فِي جُمْلَةِ الصُّوَرِ الْمُحَصِّلَةِ لِلِاسْتِبْرَاءِ وَمَسْحِ ذَكَرٍ وَأُنْثَى مَجَامِعِ الْعُرُوقِ بِيَدِهِ (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِلتَّعَوُّذِ) أَيْ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلدُّعَاءِ كَقَوْلِهِ غُفْرَانَك إلَخْ فَيَخْتَصُّ بِقَاضِي الْحَاجَةِ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ التَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّعَوُّذِ وَلَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْقَيْدَ حَجّ. وَكَتَبَ سم بِهَامِشِهِ مَا نَصَّهُ. قَوْلُهُ وَعِنْدَ خُرُوجِهِ قَدْ يَشْمَلُ الْخُرُوجَ بَعْدَ الدُّخُولِ لِحَاجَةٍ أُخْرَى بِدَلِيلِ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَلَوْ لِحَاجَةٍ أُخْرَى، وَقَدْ يَسْتَبْعِدُ مُنَاسَبَةَ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى وَعَافَانِي لِذَلِكَ اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَقُولُ: غُفْرَانَك الْحَمْدُ لِلَّهِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَسْتَبْعِدْ إلَّا قَوْلَهُ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى وَعَافَانِي إلَخْ، وَيُوَجَّهُ ذَلِكَ بِجَعْلِهِمْ سَبَبَ سُؤَالِ الْمَغْفِرَةِ تَرْكَ ذِكْرِ اللَّهِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ (قَوْلُهُ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك) . [فَرْعٌ] دَخَلَ الْخَلَاءَ بِطِفْلٍ لِقَضَاءِ حَاجَةِ الطِّفْلِ فَهَلْ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَقُولَ عَلَى وَجْهِ النِّيَابَةِ عَنْ الطِّفْلِ: بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك، أَوْ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إنَّهُ يَعُوذُ بِك، أَوْ لَا يُسَنُّ قَوْلُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ وَيَقُولَ إنَّهُ يَعُوذُ بِك، وَفِي ظَنِّي أَنَّ الْغَاسِلَ لِلْمَيِّتِ يَقُولُ بَعْدَ الْغُسْلِ مَا يَقُولُهُ الْمُغْتَسِلُ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْ التَّوَّابِينَ إلَخْ، أَوْ اجْعَلْنَا وَإِيَّاهُ إلَخْ، فَلْيُرَاجَعْ شَرْحُ الْمِنْهَاجِ أَوْ شَرْحُ الْعُبَابِ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَمِنْ ذَلِكَ إرَادَةُ أُمِّ الطِّفْلِ وَضْعَ الطِّفْلِ فِي مَحَلٍّ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ، وَمِنْهُ إجْلَاسُهُ عَلَى مَا يُسَمُّونَهُ بِالْقَصْرِيَّةِ فِي عُرْفِهِمْ (قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: هَذَا الذِّكْرُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ إبْلِيسَ نَجِسُ الْعَيْنِ، لَكِنْ ذَكَرَ الْبَغَوِيّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ أَنَّهُ طَاهِرُ الْعَيْنِ كَالْمُشْرِكِ، وَاسْتَدَلَّ «بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْسَكَ إبْلِيسَ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يَقْطَعْهَا» ، وَلَوْ كَانَ نَجِسًا لَمَا أَمْسَكَهُ فِيهَا وَلَكِنَّهُ نَجِسُ الْفِعْلِ مِنْ حَيْثُ الطَّبْعُ ع اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَالْخُبُثُ بِضَمِّ الْخَاءِ وَالْبَاءِ) قَالَ حَجّ: وَبِإِسْكَانِهَا وَلَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّ الْإِسْكَانَ تَخْفِيفٌ فَلَا يُرَدُّ عَلَى الشَّارِحِ كَالْمَحَلِّيِّ لِأَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَعَهُ مَاءٌ يَكْفِيهِ لِطَهَارَتِهِ فَأَتْلَفَهُ فِي الْوَقْتِ، إذْ الْمُتَسَبِّبُ فِي الشَّيْءِ كَفَاعِلِهِ

خَبِيثٍ وَالْخَبَائِثُ جَمْعُ خَبِيثَةٍ، وَالْمُرَادُ ذُكْرَانُ الشَّيَاطِينِ وَإِنَاثُهُمْ، وَسَبَبُ سُؤَالِهِ الْمَغْفِرَةَ عِنْدَ انْصِرَافِهِ تَرْكُهُ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى فِي تِلْكَ الْحَالَةِ أَوْ خَوْفُهُ مِنْ تَقْصِيرِهِ فِي شُكْرِ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي أَنْعَمَهَا عَلَيْهِ فَأَطْعَمَهُ ثُمَّ هَضَمَهُ ثُمَّ سَهَّلَ خُرُوجَهُ، وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ الْبَسْمَلَةُ هُنَا عَلَى الِاسْتِعَاذَةِ بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ لِأَنَّ التَّعَوُّذَ هُنَاكَ لِلْقِرَاءَةِ وَالْبَسْمَلَةُ مِنْ الْقُرْآنِ فَقَدَّمَ التَّعَوُّذَ عَلَيْهَا بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ (وَيَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ) لِأَحَادِيثَ مِنْهَا «وَلْيَسْتَنْجِ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ» (بِمَاءٍ) عَلَى الْأَصْلِ (أَوْ حَجَرٍ) وَلَا يَجِبُ عَلَى الْفَوْرِ بَلْ عِنْدَ الْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ. وَيَجُوزُ تَأْخِيرُهُ عَنْ وُضُوءِ السَّلِيمِ كَمَا تَقَدَّمَ، بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ وَنَحْوِهِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ الِاكْتِفَاءُ بِالْحَجَرِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْبِكْرِ. أَمَّا الثَّيِّبُ فَإِنْ تَحَقَّقَتْ نُزُولَهُ إلَى مَحَلِّ مَدْخَلِ الذَّكَرِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ لَمْ يَكْفِ الْحَجَرُ لِأَنَّهُ لَا يَصِلُ هُنَاكَ وَإِلَّا كَفَى، وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSمُرَادَهُمَا بَيَانُ الصِّيغَةِ الْأَصْلِيَّةِ لِجَمْعِ خَبِيثٍ (قَوْلُهُ: وَذُكْرَانُ الشَّيَاطِينِ) الذَّكَرُ ضِدُّ الْأُنْثَى وَجَمْعُهُ ذُكُورٌ وَذُكْرَانٌ وَذِكَارَةٌ كَحَجَرٍ وَحِجَارَةٍ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَسَبَبُ سُؤَالِهِ الْمَغْفِرَةَ إلَخْ) وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ كُلَّ مَا حَصَلَتْ لَهُ غَفْلَةٌ عَنْ الْعِبَادَةِ اُسْتُحِبَّ لَهُ طَلَبُ الْمَغْفِرَةِ، وَأَشَارَ إلَى ذَلِكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ «إنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي» الْحَدِيثَ، فَإِنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ إرْشَادُ الْأُمَّةِ لِكَثْرَةِ اسْتِغْفَارِهِمْ عِنْدَ غَفْلَتِهِمْ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّ فَضَلَاتِهِ طَاهِرَةٌ، وَإِنَّمَا كَانَ يَفْعَلُهُ لِلتَّنَزُّهِ وَبَيَانِ الْمَشْرُوعِيَّةِ. قَالَ الْمُنَاوِيُّ: وَشُرِعَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ مَعَ الْوُضُوءِ اهـ. وَفِيهِ أَيْضًا: وَشُرِعَ مَعَ الْوُضُوءِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ، وَقِيلَ فِي أَوَّلِ الْبَعْثَةِ حِينَ عَلَّمَهُ جِبْرِيلُ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ عِنْدَ قَوْلِهِ إذَا اسْتَطَابَ أَحَدُكُمْ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ إلَخْ) أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ فِعْلَهَا فِي أَوَّلِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ وَجَبَ الِاسْتِنْجَاءُ وُجُوبًا مُوَسَّعًا بِسَعَةِ الْوَقْتِ وَمُضَيَّقًا بِضِيقِهِ كَبَقِيَّةِ الشُّرُوطِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ تَأْخِيرُهُ إلَخْ) أَيْ مَا لَمْ يُؤَدِّ التَّأْخِيرُ لِلِانْتِشَارِ وَالتَّضَمُّخِ بِالنَّجَاسَةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ، فَإِنَّ التَّضَمُّخَ بِالنَّجَاسَةِ إنَّمَا يَحْرُمُ حَيْثُ كَانَ عَبَثًا، وَهَذَا نَشَأَ عَمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ. نَعَمْ إنْ قَضَى حَاجَتَهُ فِي الْوَقْتِ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِدُ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ وَجَبَ الْحَجَرُ فَوْرًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَيُوَافِقُ هَذَا الْحَمْلُ مَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ بِقَوْلِهِ فَرْعٌ: لَوْ قَضَى الْحَاجَةَ بِمَكَانٍ لَا مَاءَ فِيهِ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِدُ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ وَقَدْ دَخَلَ الْوَقْتُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْحَجَرِ فَوْرًا لِئَلَّا يَجِفَّ الْخَارِجُ انْتَهَى. وَأَفْهَمَ تَقْيِيدُ الْقَضَاءِ بِكَوْنِهِ فِي الْوَقْتِ أَنَّهُ لَوْ قَضَى حَاجَتَهُ قَبْلَهُ لَا يَجِبُ الْفَوْرُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ قَبْلَ الْوَقْتِ لَمْ يُخَاطَبْ بِالصَّلَاةِ، وَلِهَذَا لَوْ كَانَ مَعَهُ مَاءٌ وَبَاعَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ صَحَّ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِدُ بَدَلَهُ فِي الْوَقْتِ. [فَرْعٌ] لَوْ اقْتَضَى الْحَالُ تَأْخِيرَ الِاسْتِنْجَاءِ فَجَفَّفَ بَوْلَهُ فِي يَدِهِ حَتَّى لَا يُصِيبَهُ جَازَ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَجِدَ مَا يُجَفِّفُ بِهِ الْمَحَلَّ أَوْ لَا، لَكِنْ عِبَارَةُ حَجّ: وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ احْتَاجَ فِي نَحْوِ الْمَشْيِ لِمَسْكِ الذَّكَرِ الْمُتَنَجِّسِ بِيَدِهِ جَازَ إنْ عَسُرَ عَلَيْهِ تَحْصِيلُ حَائِلٍ يَقِيهِ النَّجَاسَةَ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا حَاصِلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ وَكَذَا إنْ لَمْ يَعْسُرْ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ إطْلَاقِ م ر (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ وَنَحْوِهِ) كَوُضُوءِ صَاحِبِ الضَّرُورَةِ فَيَجِبُ فِيهِمَا تَقْدِيمُ الِاسْتِنْجَاءِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْقُبُلُ وَالدُّبُرُ (قَوْلُهُ: فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ) وَلَا يُجْزِئُ الْحَجَرُ فِي بَوْلِ الْأَقْلَفِ قَالَهُ ابْنُ الْمُسْلِمِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا وَصَلَ الْبَوْلُ إلَى الْجِلْدَةِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ اهـ شَرْحُ رَوْضٍ (قَوْلُهُ: الْبِكْرِ) بِنَاءً عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ بَوْلَهَا لَا يَصِلُ إلَى مَدْخَلِ الذَّكَرِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ حَجّ الْآتِي بِالْهَامِشِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَصِلُ هُنَاكَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ وَصَلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بَلْ عِنْدَ الْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ) أَيْ أَوْ ضِيقِ الْوَقْتِ وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ بَلْ عِنْدَ إرَادَةِ نَحْوِ صَلَاةٍ أَوْ ضِيقِ وَقْتٍ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِلُ هُنَاكَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ وَصَلَ كَفَى، وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ: وَبَوْلُ ثَيِّبٍ أَوْ بِكْرٍ وَصَلَ لِمَدْخَلِ الذَّكَرِ يَقِينًا، إلَى أَنْ قَالَ: وَيُوَجَّهُ مَا ذُكِرَ فِي الْبَوْلِ الْوَاصِلِ لِمَدْخَلِ الذَّكَرِ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ انْتِقَالِهِ لِمَدْخَلِهِ

مَاءَ زَمْزَمَ وَأَحْجَارَ الْحَرَمِ فَيَجُوزُ بِهِمَا عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الْحَجَرِ إذَا بَالَ مِنْ فَرْجَيْهِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا لِالْتِبَاسِ الْأَصْلِيِّ بِالزَّائِدِ نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ آلَتَا الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى بَلْ لَهُ آلَةٌ لَا تُشْبِهُ وَاحِدًا مِنْهُمَا يَخْرُجُ مِنْهَا الْبَوْلُ اتَّجَهَ فِيهِ إجْزَاءُ الْحَجَرِ لِانْتِفَاءِ احْتِمَالِ الزِّيَادَةِ وَإِنْ كَانَ مُشْكِلًا فِي ذَاتِهِ (وَجَمْعُهُمَا) أَيْ الْمَاءِ وَالْحَجَرِ (أَفْضَلُ) بِأَنْ يُقَدِّمَ الْحَجَرَ ثُمَّ الْمَاءَ لِأَنَّ الْحَجَرَ يُزِيلُ الْعَيْنَ وَالْمَاءَ يُزِيلُ الْأَثَرَ فَلَا يُخَامِرُ النَّجَاسَةَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ فِي الِاسْتِحْبَابِ الْمَذْكُورِ، وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي الِاكْتِفَاءَ. هَذَا الْمُسْتَحَبُّ بِمَا دُونَ الثَّلَاثَةِ أَحْجَارٍ إذَا حَصَلَ إزَالَةُ الْعَيْنِ بِهَا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَسِيَاقُ كَلَامِهِمْ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَأَيَّدَهُ غَيْرُهُ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ طَهَارَةِ الْحَجَرِ عِنْدَ إرَادَةِ الْجَمْعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSبِأَنْ كَانَ نَحْوَ خِرْقَةٍ كَفَى، وَقَدْ صَرَّحَ حَجّ بِخِلَافِهِ فَقَالَ مَا نَصُّهُ: وَيَتَعَيَّنُ أَيْ الْمَاءُ فِي بَوْلِ ثَيِّبٍ أَوْ بِكْرٍ وَصَلَ لِمَدْخَلِ الذَّكَرِ يَقِينًا، ثُمَّ قَالَ: وَيُوَجَّهُ مَا ذُكِرَ فِي الْبَوْلِ الْوَاصِلِ لِمَدْخَلِ الذَّكَرِ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ انْتِقَالِهِ لِمَدْخَلِهِ انْتِشَارُهُ عَنْ مَحَلِّهِ إلَى مَا لَا يُجْزِئُ فِيهِ الْحَجَرُ، فَلَيْسَ السَّبَبُ عَدَمَ وُصُولِ الْحَجَرِ لِمَدْخَلِهِ خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ لِأَنَّ نَحْوَ الْخِرْقَةِ تَصِلُ لَهُ (قَوْلُهُ: زَمْزَمَ) بِمَنْعِ الصَّرْفِ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالتَّأْنِيثِ الْمَعْنَوِيِّ (قَوْلُهُ: وَأَحْجَارَ الْحَرَمِ) وَلَوْ اسْتَنْجَى بِحَجَرٍ مِنْ الْمَسْجِدِ، فَإِنْ كَانَ مُتَّصِلًا حَرُمَ وَلَمْ يُجْزِهِ، وَإِنْ كَانَ مُنْفَصِلًا فَإِنْ بِيعَ بَيْعًا صَحِيحًا وَانْقَطَعَتْ نِسْبَتُهُ عَنْ الْمَسْجِدِ كَفَى الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ وَإِلَّا فَلَا اهـ حَجّ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ عَنْ الشَّامِلِ وَأَقَرَّهُ. وَمِثْلُ الْمَسْجِدِ غَيْرُهُ مِنْ الْمَدَارِسِ وَالرِّبَاطَاتِ، وَخَرَجَ بِالْمَسْجِدِ حَرِيمُهُ وَرِحَابُهُ مَا لَمْ يُعْلَمْ وَقْفِيَّتُهَا. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الرِّبَاطُ الَّذِي يُبْنَى لِلْفُقَرَاءِ مُوَلَّدٌ، وَيُجْمَعُ فِي الْقِيَاسِ عَلَى رُبُطٍ بِضَمَّتَيْنِ وَرِبَاطَاتٍ، وَقَالَ فِيهِ أَيْضًا، رَحْبَةُ الْمَسْجِدِ السَّاحَةُ الْمُنْبَسِطَةُ. قِيلَ بِسُكُونِ الْحَاءِ، وَالْجَمْعُ رِحَابٌ مِثْلُ كَلْبَةٍ وَكِلَابٍ، وَقِيلَ بِالْفَتْحِ وَهُوَ أَكْثَرُ، وَالْجَمْعُ رَحَبٌ وَرَحَبَاتٌ مِثْلُ قَصَبَةٍ وَقَصَبٍ وَقَصَبَاتٍ اهـ (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ بِهِمَا عَلَى الْأَصَحِّ) وَالْقِيَاسُ الْكَرَاهَةُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ، لَكِنْ قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ خِلَافُ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ احْتِمَالِ الزِّيَادَةِ) وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَحَلُّ الْجُبِّ فَيَكْفِي فِيهِ الْحَجَرُ لِأَنَّهُ أَصْلُ الذِّكْرِ (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ) أَيْ فَإِنَّ تَرْكَهُ كَانَ مَكْرُوهًا. وَقَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ فِي قِصَّةِ أَهْلِ قُبَاءَ مِنْ الثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ لِجَمْعِهِمْ بَيْنَ الْمَاءِ وَالْحَجَرِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: لَا أَصْلَ لَهُ، بَلْ أَصْلُ الثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ اسْتِعْمَالُهُمْ الْمَاءَ لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَقْتَصِرُ عَلَى الْحَجَرِ اهـ. أَقُولُ: وَهَذَا لَا يَنْفِي الْخُصُوصِيَّةَ لِأَنَّ الْعَرَبَ عَبَدَةُ أَوْثَانٍ وَأَصْنَامٍ لَا شَرِيعَةَ لَهُمْ نَعَمْ إنْ وَرَدَ أَنَّ قَوْمَ عِيسَى أَوْ نَحْوَهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ كَانُوا يَسْتَنْجُونَ بِالْأَحْجَارِ فَمُسَلَّمٌ وَلَمْ يُرَدَّ ذَلِكَ، فَصَحَّ أَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ بِالْحَجَرِ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ سُرَاقَةَ وَالسُّيُوطِيُّ. وَعِبَارَةُ السُّيُوطِيّ نَصُّهَا: قُلْت: ذَكَرَ ابْنُ سُرَاقَةَ فِي الْإِعْدَادِ وَغَيْرِهِ أَنَّ إجْزَاءَ الْحَجَرِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ هَذِهِ الْأُمَّةِ الشَّرِيفَةِ اهـ. [فَائِدَةٌ] يُسَنُّ تَقْدِيمُ الْقُبُلِ عَلَى الدُّبُرِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ وَعَكْسِهِ فِي الْحَجَرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ انْتَهَى ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ. وحج وَنَصُّهُ: وَالْأَوْلَى لِلْمُسْتَنْجِي بِالْمَاءِ أَنْ يُقَدِّمَ الْقُبُلَ عَلَى الدُّبُرِ وَبِالْحَجَرِ أَنْ يُقَدِّمَ الدُّبُرَ عَلَى الْقُبُلِ لِأَنَّهُ أَسْرَعُ جَفَافًا اهـ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ إشْعَارِ كَلَامِهِ بِذَلِكَ، بَلْ قَدْ يُقَالُ: كَلَامُهُ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ فِي الْجَمْعِ بِمَا لَا يُجْزِئُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ لِذِكْرِهِ شُرُوطَ الْحَجَرِ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ بِالْجَمْعِ وَلَا بِعَدَمِهِ، وَعِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ تَعْلِيلًا لِأَفْضَلِيَّةِ الْجَمْعِ نَصُّهَا: لِيَجْتَنِبَ مَسَّ النَّجَاسَةِ لِإِزَالَةِ عَيْنِهَا بِالْحَجَرِ. وَمِنْ ثَمَّ حَصَلَ أَصْلُ السُّنَّةِ هُنَا بِالنَّجِسِ اهـ ـــــــــــــــــــــــــــــQانْتِشَارُهُ عَنْ مَحَلِّهِ إلَى مَا لَا يُجْزِئُ فِيهِ الْحَجَرُ، فَلَيْسَ السَّبَبُ عَدَمَ وُصُولِ الْحَجَرِ لِمَدْخَلِهِ خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ؛ لِأَنَّ نَحْوَ الْخِرْقَةِ يَصِلُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي الِاكْتِفَاءَ إلَخْ) فِيهِ مَنْعٌ ظَاهِرٌ، بَلْ كَلَامُهُ يَقْتَضِي خِلَافَهُ؛ لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِي الْحَجَرِ الْكَافِي فِي الِاسْتِنْجَاءِ، وَلَعَلَّ الْعِبَارَةَ كَلَامُهُمْ فَحَرَّفَهَا النُّسَّاخُ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ كَثِيرًا فِي نُسَخِ هَذَا الشَّرْحِ

وَبِهِ صَرَّحَ الْجِيلِيُّ فِي الْإِعْجَازِ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِحُصُولِ أَصْلِ فَضِيلَةِ الْجَمْعِ. أَمَّا كَمَالُهَا فَلَا بُدَّ مِنْ بَقِيَّةِ شُرُوطِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ (وَفِي مَعْنَى الْحَجَرِ كُلُّ جَامِدٍ) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جِيءَ لَهُ بِرَوْثَةٍ فَرَمَاهَا وَقَالَ: هَذَا رِكْسٌ» فَتَعْلِيلُهُ مَنْعَ الِاسْتِنْجَاءِ بِهَا بِكَوْنِهَا رِكْسًا لَا بِكَوْنِهَا غَيْرَ حَجَرٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا فِي مَعْنَى الْحَجَرِ كَالْحَجَرِ، وَإِنَّمَا تَعَيَّنَ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ كَالتُّرَابِ فِي التَّيَمُّمِ لِأَنَّ الرَّمْيَ لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ، وَالتُّرَابَ فِيهِ الطَّهُورِيَّةُ وَهِيَ مَفْقُودَةٌ فِي غَيْرِهِ (طَاهِرٍ) لَا نَجِسٍ وَلَا مُتَنَجِّسٍ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ لَا تُزَالُ بِهِ، وَإِنَّمَا جَازَ الدَّبْغُ بِالنَّجِسِ لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ الذَّكَاةِ الْجَائِزَةِ بِالْمُدْيَةِ النَّجِسَةِ وَلِأَنَّهُ إحَالَةٌ (قَالِعٍ) وَلَوْ حَرِيرًا لِلرِّجَالِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ بِإِبَاحَتِهِ لَهُمْ كَالضَّبَّةِ الْجَائِزَةِ وَلَيْسَ مِنْ بَابِ اللُّبْسِ حَتَّى يَخْتَلِفَ الْحُكْمُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَتَفْصِيلُ الْمُهِمَّاتِ بَيْنَ الذُّكُورِ وَغَيْرِهِمْ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ بِهِ لَا يُعَدُّ اسْتِعْمَالًا فِي الْعُرْفِ وَإِلَّا لَمَا جَازَ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُهُمْ مِنْ التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَجَعَلَ عَدَمَ اشْتِرَاطِ طَهَارَةِ الْحَجَرِ مَأْخُوذًا مِنْ الْعِلَّةِ لَا مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَقَدْ يُجَابُ عَنْ الشَّارِحِ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ وَكَلَامِهِ: أَيْ بِمُلَاحَظَةِ التَّعْلِيلِ الَّذِي قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الْحَجَرَ يُزِيلُ الْعَيْنَ إلَخْ وَلَوْ قَالَ: وَتَعْلِيلُهُمْ يَقْتَضِي إلَخْ لَكَانَ وَاضِحًا. [فَرْعٌ] هَلْ يُسَنُّ فِي غَسْلِ النَّجَاسَةِ فِي غَيْرِ الِاسْتِنْجَاءِ مَسْحُهَا أَوَّلًا بِجَامِدٍ قَبْلَ غَسْلِهَا بِالْمَاءِ كَمَا فِي الِاسْتِنْجَاءِ؟ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وِفَاقًا لمر بِالْفَهْمِ عَدَمُ الِاسْتِحْبَابِ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا ذَكَرُوا ذَلِكَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَدْ يُقَالُ: إنْ أَدَّتْ إزَالَتُهَا إلَى مُخَامَرَةِ النَّجَاسَةِ بِالْيَدِ اُسْتُحِبَّ إزَالَتُهَا بِالْجَامِدِ أَوَّلًا قِيَاسًا عَلَى الِاسْتِنْجَاءِ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ فِيهِ، وَنُقِلَ قَبْلَ ذَلِكَ عَنْ حَجّ مَا نَصُّهُ: وَمِنْ ثَمَّ اتَّجَهَ إلْحَاقُ بَعْضِهِمْ سَائِرَ النَّجَاسَاتِ الْعَيْنِيَّةِ بِذَلِكَ فَيُسَنُّ فِيهَا الْجَمْعُ لِمَا ذُكِرَ، بَلْ قَدْ يَجِبُ اسْتِعْمَالُ النَّجِسِ حَيْثُ لَمْ يَكْفِهِ الْمَاءُ لَوْ لَمْ تَزُلْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ عَنْ مَحَلِّ الِاسْتِنْجَاءِ وَغَيْرِهِ اهـ (قَوْلُهُ: أَصْلُ فَضِيلَةِ الْجَمْعِ) وَقِيلَ الْحَاصِلُ بِذَلِكَ سُنَّةُ تَرْكِ مُمَاسَّةِ النَّجَاسَةِ لَا سُنَّةُ الْجَمْعِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ مُغَلَّظًا كَرَوْثِ كَلْبٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ عَدَمُ مُبَاشَرَةِ النَّجَاسَةِ بِيَدِهِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِذَلِكَ، وَالتَّغْلِيظُ الْحَاصِلُ مِنْهُ يَزُولُ بِالْمَاءِ وَالتُّرَابِ (قَوْلُهُ: وَفِي مَعْنَى الْحَجَرِ) أَيْ الْوَارِدِ فِي الْحَدِيثِ وَهُوَ الْحَجَرُ الْمَعْرُوفُ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْجَبَلِ، وَمِثْلُهُ فِي الْإِجْزَاءِ الْحَجَرُ الْأَحْمَرُ الْمَعْرُوفُ فِي زَمَانِنَا مَا لَمْ يُعْلَمْ اخْتِلَاطُهُ بِالنَّجَاسَةِ، وَهَهُنَا مَسْأَلَةٌ أُصُولِيَّةٌ ذَكَرَهَا الرَّازِيّ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى} [البقرة: 16] وَهِيَ أَنَّ الشَّارِعَ اخْتَرَعَ مَعَانِيَ شَرْعِيَّةً وَاسْتَعْمَلَ فِيهَا أَلْفَاظًا مَوْضُوعَةً فِي اللُّغَةِ لِمَعَانٍ أُخَرَ فَهِيَ حَقَائِقُ شَرْعِيَّةٌ أَوْ مَجَازَاتٌ لُغَوِيَّةٌ، لِأَنَّ الشَّارِعَ إنْ غَيَّرَ وَضْعَ اللُّغَةِ وَوَضَعَهَا لِتِلْكَ الْمَعَانِي الشَّرْعِيَّةِ فَهِيَ حَقَائِقُ شَرْعِيَّةٌ، إذْ لَا مَعْنَى لِلْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ إلَّا اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِيمَا وُضِعَ لَهُ فِي الشَّرْعِ، وَإِنْ لَمْ يُغَيِّرْ وَضْعَ اللُّغَةِ وَاسْتَعْمَلَهَا فِي تِلْكَ الْمَعَانِي لِعَلَاقَةٍ بَيْنَهُمَا فَهِيَ مَجَازَاتٌ لُغَوِيَّةٌ، وَحِينَئِذٍ لَوْ كَانَتْ الْعَلَاقَةُ التَّشْبِيهَ تَكُونُ اسْتِعَارَةً لَا مَحَالَةَ اهـ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: هَذَا رِكْسٌ) أَيْ نَجِسٌ. قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: الرِّجْسُ الْقَذَرُ وَهُوَ مُضَارِعٌ لِقَوْلِهِ الرِّجْزُ، وَلَعَلَّهُمَا لُغَتَانِ بُدِّلَتْ السِّينُ زَايًا، ثُمَّ قَالَ: وَالرِّكْسُ بِالْكَسْرِ الرِّجْسُ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تَعَيَّنَ) أَيْ الْحَجَرُ (قَوْلُهُ: طَاهِرٍ) أَفَادَ أَنَّهُ يَكْفِي فِيهِ التُّرَابُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي التَّيَمُّمِ، وَفِي غَسَلَاتِ الْكَلْبِ إذَا جَفَّ، وَأَنَّهُ إذَا شَكَّ فِي الطَّهَارَةِ وَعَدَمِهَا الْأَصْلُ الطَّهَارَةُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ عِوَضٌ) يَعْنِي أَنَّ جِلْدَ الْمُذَكَّاةِ طَاهِرٌ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الدُّسُومَةِ وَأَثَرِ اللَّحْمِ، وَجِلْدُ الْمَيْتَةِ نَجِسٌ وَالدَّبْغُ يُطَهِّرُهُ، فَكَأَنَّهُ قَامَ مَقَامَ الذَّكَاةِ وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ إزَالَةَ الدُّسُومَةِ وَمَنْعَ الْفَسَادِ لِلْجِلْدِ (قَوْلُهُ: مِنْ التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ) أَيْ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَإِلَّا لَمَا جَازَ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ) فِيهِ أَنَّهُ إنَّمَا جَازَ بِهِمَا حَيْثُ لَمْ يُهَيَّآ لِذَلِكَ، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ الْحَرِيرَ إذَا هُيِّئَ

وَبَيْنَ الضَّبَّةِ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِهَا الِاحْتِيَاجُ إلَيْهَا، ثُمَّ أَلْحَقَ بِهَا الصَّغِيرَةَ الَّتِي لِلزِّينَةِ لِانْتِفَاءِ الْخُيَلَاءِ فِيهَا، وَلَيْسَ مِنْ شَأْنِ الْحَرِيرِ أَنْ يُحْتَاجَ إلَيْهِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ فَجَازَ لِلنِّسَاءِ فَقَطْ، فَإِنْ فُرِضَ حَاجَةٌ إلَيْهِ لِفَقْدِ غَيْرِهِ جَازَ لِلرَّجُلِ أَيْضًا غَيْرُ صَحِيحٍ، وَلَوْ اسْتَنْجَى بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لَمْ يُطْبَعْ وَلَمْ يُهَيَّأْ لِذَلِكَ جَازَ وَإِلَّا حَرُمَ، وَأَجْزَأَ بِخِلَافِ مَا لَا يَقْلَعُ لِمَلَاسَتِهِ أَوْ لِلُزُوجَتِهِ أَوْ رَخَاوَتِهِ أَوْ تَنَاثُرِ أَجْزَائِهِ كَالْفَحْمِ الرَّخْوِ وَالتُّرَابِ الْمُتَنَاثِرِ، وَدَخَلَ فِيمَا ذُكِرَ الْحَجَرُ الثَّانِي أَوْ الثَّالِثُ إذَا لَمْ يَتَلَوَّثْ بِاسْتِعْمَالِهِ (غَيْرِ مُحْتَرَمٍ) فَلَا يَجُوزُ بِالْمُحْتَرَمِ وَلَا يُجْزِئُهُ، وَالْمُحْتَرَمُ أَنْوَاعٌ: مِنْهَا مَا كُتِبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْعِلْمِ كَالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَمَا كَانَ آلَةً لِذَلِكَ، أَمَّا غَيْرُ الْمُحْتَرَمِ كَفَلْسَفَةٍ وَتَوْرَاةٍ وَإِنْجِيلٍ عَلِمَ تَبَدُّلَهُمَا وَخُلُوَّهُمَا عَنْ اسْمٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلَمْ يُهَيَّأْ لِذَلِكَ) شَمِلَ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ الْمَضْرُوبَةَ فَإِنَّهَا لَمْ تُطْبَعْ لِلِاسْتِنْجَاءِ بَلْ لِلتَّعَامُلِ بِهَا فَيَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهَا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَا يَقْلَعُ) أَيْ فَلَا يُجْزِئُ وَيَحْرُمُ إنْ قَصَدَ بِهِ الْعِبَادَةَ (قَوْلُهُ: لِمَلَاسَتِهِ) كَالْقَصَبِ وَهُوَ كُلُّ نَبَاتٍ ذِي أَنَابِيبَ الْوَاحِدَةُ قَصَبَةٌ وَقَصَبَاتٌ وَالْقَصْبَاءُ جَمَاعَتُهَا وَمَنْبَتُهَا اهـ قَامُوسٌ وَمَحَلُّ عَدَمِ إجْزَاءِ الْقَصَبِ فِي غَيْرِ جُذُورِهِ وَفِيمَا لَمْ يُشْقَقْ (قَوْلُهُ: أَوْ لِلُزُوجَتِهِ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ لَزِجَ الشَّيْءُ تَمَطَّطَ وَتَمَدَّدَ فَهُوَ لَزِجٌ وَبَابُهُ طَرِبَ اهـ وَلَعَلَّ هَذَا غَيْرُ مُرَادٍ هُنَا وَأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ مَا فِيهِ شِبْهُ الرُّطُوبَةِ كَاَلَّذِي يَبْقَى فِي الْجِلْدِ عِنْدَ لِينِهِ قَبْلَ الدَّبْغِ وَفِي الْمِصْبَاحِ: لَزِجَ الشَّيْءُ لَزَجًا مِنْ بَابِ تَعِبَ وَلُزُوجًا إذَا كَانَ فِيهِ وَدَكٌ يَعْلَقُ بِالْيَدِ وَنَحْوِهَا فَهُوَ لَزِجٌ (قَوْلُهُ: وَدَخَلَ فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ جَامِدٍ طَاهِرٍ قَالِعٍ (قَوْلُهُ: غَيْرَ مُحْتَرَمٍ) قَضِيَّةُ حَصْرِ الْمُحْتَرَمِ فِيمَا ذَكَرَ إجْزَاءُ الِاسْتِنْجَاءِ بِأَجْزَاءِ الْمَسْجِدِ وَلَوْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَإِنْ حَرُمَ اسْتِعْمَالُهَا لِعَدَمِ مِلْكِ الْمُسْتَنْجِي لَهَا وَكَوْنِهَا وَقْفًا مَثَلًا بَلْ وَبِالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ نَفْسِهِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ عَنْ الشَّامِلِ. وَفِي سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ: وَفِي إجْزَاءِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ نَظَرٌ اهـ. أَقُولُ: وَاَلَّذِي يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ عَدَمُ إجْزَائِهِ لِأَنَّهُ لَا يُنْسَبُ لِلْحَرَمِ إلَّا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ فِيهِ، وَإِلَّا فَلَيْسَ هُوَ مِنْ حِجَارَةِ الْحَرَمِ بِوَجْهٍ وَلَهُ شَرَفٌ لَا يَثْبُتُ فِي غَيْرِهِ، بَلْ احْتِرَامُهُ أَقْوَى مِنْ احْتِرَامِ مَا كُتِبَ عَلَيْهِ اسْمُ صَالِحٍ مِنْ صُلَحَاءِ الْمُؤْمِنِينَ. وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مَا يُوَافِقُهُ، وَقَضِيَّةُ الْحَصْرِ أَيْضًا إجْزَاءُ فَضَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنَاءً عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ طَهَارَتِهَا (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ بِالْمُحْتَرَمِ) وَاعْلَمْ أَنَّ الزَّرْكَشِيَّ بَحَثَ تَخْصِيصَ حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ الْمَطْعُومِ بِالِاسْتِنْجَاءِ حَتَّى يَجُوزَ إزَالَةُ الدَّمِ بِالْمِلْحِ، وَقَضِيَّتُهُ جَوَازُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ بِالْخُبْزِ وَاسْتَبْعَدَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. وَقَالَ م ر: يَنْبَغِي الْجَوَازُ حَيْثُ اُحْتِيجَ إلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُ سم اُحْتِيجَ إلَيْهِ: أَيْ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ أَوْ كَانَ هُوَ أَسْرَعُ أَوْ أَقْوَى تَأْثِيرًا فِي الْإِزَالَةِ مِنْ غَيْرِهِ. وَقَالَ حَجّ بَعْدَ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ: وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّ النَّجِسَ إنْ تَوَقَّفَ زَوَالُهُ عَلَى نَحْوِ مِلْحٍ مِمَّا اُعْتِيدَ امْتِهَانُهُ جَازَ لِلْحَاجَةِ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: مَا كُتِبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْعِلْمِ) أَيْ أَوْ الْقُرْآنِ وَلَوْ بِقَلَمٍ هِنْدِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: عُلِمَ تَبَدُّلُهُمَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQلِذَلِكَ حَرُمَ، وَالْإِطْلَاقُ يُخَالِفُهُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ وَقْفَةٌ إذَا اتَّخَذَ لَهُ نَحْوَ مِنْدِيلٍ مِنْهُ لِأَجْلِ الِاسْتِنْجَاءِ بِهِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ صَحِيحٍ) وَجْهُ عَدَمِ صِحَّتِهِ أَنَّ الِاحْتِيَاجَ فِي مَسْأَلَةِ الضَّبَّةِ إنَّمَا هُوَ لِأَصْلِ الضَّبَّةِ لَا بِخُصُوصِ كَوْنِهَا مِنْ فِضَّةٍ، فَهُوَ نَظِيرُ مَا نَحْنُ فِيهِ، بَلْ الْحَاجَةُ هُنَا أَشَدُّ إذْ الِاسْتِنْجَاءُ فِي حَدِّ ذَاتِهِ وَاجِبٌ، بِخِلَافِ إصْلَاحِ الْإِنَاءِ فَإِنْ فُرِضَ فَقْدُ غَيْرِ الْفِضَّةِ فَلَا فَرْقَ أَيْضًا كَمَا اعْتَرَفَ هُوَ بِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُطْبَعْ وَلَمْ يُهَيَّأْ) الْعَطْفُ هُنَا عَطْفٌ غَيْرُ مُغَايِرٍ، فَإِنَّ الطَّبْعَ بِمُجَرَّدِهِ كَافٍ فِي الْحُرْمَةِ، إذْ مَحَلُّ الْجَوَازِ فِي قِطْعَةٍ مِنْ أَحَدِهِمَا خَشِنَةٍ، كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَلَمْ تُهَيَّأَ لِذَلِكَ مَعْنَاهُ: أَنَّهُ أَخَذَ قِطْعَةً مِنْ أَحَدِهِمَا مِنْ غَيْرِ طَبْعٍ وَاِتَّخَذَهَا لِلِاسْتِنْجَاءِ بِهَا، وَإِلَّا فَالطَّبْعُ كَافٍ فِي الْحُرْمَةِ كَمَا مَرَّ وَقَدَّمْنَا فِي الْآنِيَةِ عِبَارَةَ التُّحْفَةِ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: كَالْحَدِيثِ، وَالْفِقْهِ) حَالٌ مُقَيِّدَةٌ لِلْعِلْمِ

مُعَظَّمٍ فَيَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ. وَمِنْهَا الْمَطْعُومُ مِنْ غَيْرِ الْمَاءِ وَلَوْ عَظْمًا وَإِنْ حُرِقَ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْعَظْمِ وَقَالَ: إنَّهُ طَعَامُ إخْوَانِكُمْ» يَعْنِي مِنْ الْجِنِّ، فَمَطْعُومُ الْإِنْسِ أَوْلَى سَوَاءٌ اخْتَصَّ بِهِ الْآدَمِيُّ، أَمْ غَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ لَهُ، أَمْ كَانَ مُسْتَعْمَلًا لِلْآدَمِيِّ وَالْبَهَائِمِ عَلَى السَّوَاءِ، بِخِلَافِ مَا اخْتَصَّ بِهِ الْبَهَائِمُ، أَوْ كَانَ اسْتِعْمَالُهَا لَهُ أَغْلَبَ، وَمِنْهَا جُزْءُ حَيَوَانٍ مُتَّصِلٌ بِهِ وَلَوْ فَأْرَةً، وَجُزْءُ آدَمِيٍّ مُنْفَصِلٌ وَلَوْ حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، لَا إنْ كَانَ مُنْفَصِلًا مِنْ حَيَوَانٍ غَيْرِ آدَمِيٍّ فَلَا يَحْرُمُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ حَيْثُ حُكِمَ بِطَهَارَتِهِ وَكَانَ قَالِعًا كَشَعْرِ مَأْكُولٍ وَصُوفِهِ وَوَبَرِهِ وَرِيشِهِ، وَيَجُوزُ بِنَحْوِ قِشْرِ الْجَوْزِ الْيَابِسِ لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ إنْ كَانَ لُبُّهُ فِيهِ (وَجِلْدٍ دُبِغَ دُونَ غَيْرِهِ فِي الْأَظْهَرِ) وَلَوْ مِنْ مُذَكًّى لِأَنَّ الدَّبَّاغَ يَقْلِبُهُ إلَى طَبْعِ الثِّيَابِ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مَأْكُولًا حَيْثُ كَانَ مُذَكًّى لَكِنَّ أَكْلَهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَادُ، بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَدْبُوغِ لِأَنَّهُ إمَّا مَطْعُومٌ بِحَالِهِ أَوْ نَجِسٌ، وَالْأَوْجَهُ فِي جِلْدِ حُوتٍ كَبِيرٍ جَافٍّ أَنَّهُ إنْ قَوِيَتْ صَلَابَتُهُ بِحَيْثُ لَوْ بُلَّ لَمْ يَلِنْ جَازَ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ وَإِلَّا فَلَا، وَيُسْتَثْنَى جِلْدٌ جُعِلَ لِكِتَابِ عِلْمٍ مُحْتَرَمٍ فَيَحْرُمُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ مَا دَامَ مُتَّصِلًا، بِخِلَافِ جِلْدِ الْمُصْحَفِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ بِهِ وَإِنْ انْفَصَلَ عَنْهُ، وَجِلْدٍ فِي كَلَامِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ أَمَّا إنْ عَلِمَ تَبَدُّلَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ حَرُمَ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ الْمَاءِ) أَخَذَ بَعْضُهُمْ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ يَحْرُمُ إلْقَاءُ الْخُبْزِ أَوْ الْعَظْمِ لِلْكِلَابِ لِأَنَّهُ يُنَجِّسُهُ، وَيُرَدُّ أَوَّلًا بِأَنَّ الرَّامِيَ لِلْخُبْزِ لَمْ يَقْصِدْ تَنْجِيسَهُ وَلَوْ حَصَلَ بِفِعْلِهِ وَإِنْ لَزِمَ مِنْ إلْقَائِهِ لِلْكِلَابِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ لُزُومِ الشَّيْءِ لِلشَّيْءِ كَوْنُهُ مَقْصُودًا، وَثَانِيًا بِتَقْدِيرِ أَنَّ فِيهِ تَنْجِيسًا مَقْصُودًا لِلرَّامِي لَا يَضُرُّ لِأَنَّ مَحَلَّ حُرْمَةِ التَّنْجِيسِ إنْ لَمْ تَكُنْ حَاجَةٌ وَهَذِهِ الْحَاجَةُ أَيُّ حَاجَةٍ وَهِيَ إزَالَةُ ضَرُورَةِ الْكِلَابِ وَإِبْقَاءُ أَرْوَاحِهَا فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ، وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي الْجَوَازِ إلْقَاءُ نَحْوِ قُشُورِ الْبِطِّيخِ لِلدَّوَابِّ وَإِنْ أَدَّى إلَى تَنْجِيسِهَا، وَالْعَظْمِ لِلْهِرَّةِ وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ الَّتِي يَرْمِي عَلَيْهَا نَجِسَةً (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَظْمًا) وَمِنْهُ قُرُونُ الدَّوَابِّ وَحَوَافِرُهَا وَأَسْنَانُهَا. لَا يُقَالُ الْعِلَّةُ وَهِيَ كَوْنُهُ يُكْسَى أَوْفَرَ مِمَّا كَانَ مُنْتَفِيَةً فِيهِ. لِأَنَّا نَقُولُ: هَذِهِ الْحِكْمَةُ فِي مُعْظَمِهِ وَلَا يَلْزَمُ اطِّرَادُهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ حُرِقَ) وَهَلْ يَجُوزُ حَرْقُهُ بِالْوَقُودِ بِهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْجَوَازُ، بِخِلَافِ حَرْقِ الْخُبْزِ فَإِنَّهُ ضَيَاعُ مَالٍ (قَوْلُهُ: نَهَى عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْعَظْمِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ غَيْرَ مُذَكًّى، وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ بِالْمُذَكَّى أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ إخْوَانِكُمْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ بِمَا كُلِّفْنَا بِهِ تَفْصِيلًا إلَّا مَا وَرَدَ النَّصُّ بِاسْتِثْنَائِهِ (قَوْلُهُ: يَعْنِي مِنْ الْجِنِّ) أَيْ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: أَوْ جُزْءُ آدَمِيٍّ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ السُّقْطُ وَإِنْ لَمْ يُنْفَخْ فِيهِ الرُّوحُ وَالْعَلَقَةُ وَالْمُضْغَةُ لِأَنَّهَا أَصْلُ آدَمِيٍّ (قَوْلُهُ: لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) مُرَادُهُ حَجّ (قَوْلُهُ: قِشْرِ الْجَوْزِ الْيَابِسِ) وَأَمَّا الثِّمَارُ وَالْفَوَاكِهُ فَمِنْهَا مَا يُؤْكَلُ رَطْبًا لَا يَابِسًا كَالْيَقْطِينِ فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ رَطْبًا وَيَجُوزُ يَابِسًا إذَا كَانَ مُزِيلًا، وَمِنْهَا مَا يُؤْكَلُ رَطْبًا وَيَابِسًا وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا مَأْكُولُ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ كَالتِّينِ وَالتُّفَّاحِ فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِرَطْبِهِ وَيَابِسِهِ، وَالثَّانِي مَا يُؤْكَلُ ظَاهِرُهُ دُونَ بَاطِنِهِ كَالْخَوْخِ وَالْمِشْمِشِ وَكُلِّ ذِي نَوَى فَلَا يَجُوزُ بِظَاهِرِهِ وَيَجُوزُ بِنَوَاهُ الْمُنْفَصِلِ؛ وَالثَّالِثُ مَا لَهُ قِشْرٌ وَمَأْكُولُهُ فِي جَوْفِهِ فَلَا يَجُوزُ بِلُبِّهِ، وَأَمَّا قِشْرُهُ فَإِنْ كَانَ لَا يُؤْكَلُ رَطْبًا وَلَا يَابِسًا كَالرُّمَّانِ جَازَ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ وَإِنْ كَانَ حَبُّهُ فِيهِ، وَإِنْ أُكِلَ رَطْبًا وَيَابِسًا كَالْبِطِّيخِ لَمْ يَجُزْ فِي الْحَالَيْنِ، وَإِنْ أُكِلَ رَطْبًا فَقَطْ كَالْمَوْزِ وَالْبَاقِلَا جَازَ يَابِسًا لَا رَطْبًا. ذَكَرَ ذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ مَبْسُوطًا وَاسْتَحْسَنَهُ فِي الْمَجْمُوعِ اهـ خَطِيبٌ (قَوْلُهُ: لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ) أَيْ حَيْثُ وَجَدَ غَيْرَهُ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ مُذَكًّى) هَذَا التَّعْمِيمُ صَحِيحٌ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ، لَكِنَّهُ يَقْتَضِي جَرَيَانَ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ الْمُذَكَّى الَّذِي لَمْ يُدْبَغْ مَعَ الْقَطْعِ بِانْتِفَائِهِ فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ قَطْعًا لِنَجَاسَتِهِ، فَالْأَوْلَى قَصْرُ مَا فِي الْمَتْنِ عَلَى الْمُذَكَّى لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَوْ بُلَّ لَمْ يَلِنْ) أَفَادَ تَخْصِيصَ مَا ذَكَرَ مِنْ التَّفْصِيلِ بِجِلْدِ الْحُوتِ أَنَّ غَيْرَهُ مِنْ جُلُودِ الْمُذَكَّاةِ لَا يُجْزِي قَبْلَ الدَّبْغِ وَإِنْ اشْتَدَّتْ صَلَابَتُهَا كَجِلْدِ الْجَامُوسِ الْكَبِيرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهَا مِمَّا تُؤْكَلُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ انْفَصَلَ عَنْهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَكَأَنَّهُ قَالَ: الْعِلْمُ حَالَ كَوْنِهِ كَالْحَدِيثِ، وَالْفِقْهِ: أَيْ مُحْتَرَمًا فَسَاوَى قَوْلَ غَيْرِهِ الْعِلْمُ الْمُحْتَرَمُ وَسَيَأْتِي مُحْتَرَزُهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مَأْكُولًا حَيْثُ كَانَ مِنْ مُذَكًّى) أَيْ عَلَى الْجَدِيدِ الَّذِي صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ، لَكِنْ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ الْقَدِيمَ الْقَائِلَ

بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى جَامِدٍ، وَيَجُوزُ رَفْعُهُ عَلَى كُلِّ فَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ جَرُّهُ لِئَلَّا يَقْتَضِيَ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَنْفِيِّ مَرْدُودٌ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ يَقُولُ: هُوَ مِنْ جِنْسِ مَا يُؤْكَلُ، وَوَجْهُ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ فِي غَيْرِ الْمَدْبُوغِ أَنَّهُ مَطْعُومٌ كَمَا مَرَّ، وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ: هُوَ يُقَدُّ فَيَلْحَقُ بِالثِّيَابِ (وَشَرْطُ الْحَجَرِ أَنْ لَا يَجِفَّ النَّجِسُ) مِنْ مَحَلِّهِ بِحَيْثُ لَا يَقْلَعُهُ الْحَجَرُ فَيَتَعَيَّنُ الْمَاءُ، وَأَنْ لَا يَكُونَ بِهِ رُطُوبَةٌ مِنْ غَيْرِ عَرَقٍ، أَمَّا مِنْهُ فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ تَأْثِيرِهِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ (وَلَا يَنْتَقِلُ) النَّجِسُ عَنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَصَابَهُ عِنْدَ الْخُرُوجِ فَيَصِيرُ كَمَا لَوْ طَرَأَتْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ مِنْ خَارِجُ (وَلَا يَطْرَأُ) عَلَى الْمَحَلِّ الْمُتَنَجِّسِ بِالْخَارِجِ (أَجْنَبِيٌّ) طَاهِرٌ أَوْ نَجِسٌ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ النَّجَاسَاتِ يُقَالُ عَلَيْهِ مِثْلُهُ مَا إذَا وَرَدَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الطَّاهِرَاتِ الرَّطْبَةِ، فَإِنْ كَانَتْ جَافَّةً لَمْ يَمْتَنِعْ الْحَجَرُ، وَحِينَئِذٍ فَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ خَرَجَ النَّجِسُ الطَّاهِرُ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ، وَالْمَفْهُومُ إذَا كَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا يُرَدُّ. نَعَمْ لَوْ يَبِسَ بَوْلُهُ قَبْلَ اسْتِنْجَائِهِ ثُمَّ بَالَ ثَانِيًا وَبَلَّ الثَّانِي مَا بَلَّهُ الْأَوَّلُ جَازَ الْحَجَرُ، ـــــــــــــــــــــــــــــSانْقَطَعَتْ نِسْبَتُهُ عَنْهُ، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَدَثِ بِأَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ أَقْبَحُ مِنْ الْمَسِّ، وَيُحْتَمَلُ التَّقْيِيدُ كَالْحَدَثِ وَلَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ، ثُمَّ رَأَيْته فِي سم عَلَى حَجّ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ حَجّ وَإِنَّمَا مَحَلُّ مَسِّهِ: أَيْ الْمُنْفَصِلِ لِأَنَّهُ أَخَفُّ صَرِيحٌ فِي الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ، إذْ لَا يُحْمَلُ مَسُّهُ إلَّا إذَا انْقَطَعَتْ نِسْبَتُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَرَادَ حَجّ حَلَّ مَسِّهِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِهِ وَإِنْ لَمْ تَنْقَطِعْ نِسْبَتُهُ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَجِفَّ) بِالْكَسْرِ وَفَتْحُهُ لُغَةٌ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: مِنْ مَحَلِّهِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ تَأْثِيرِهِ) هَلْ مِثْلُ ذَلِكَ بَلَلُ الْمَحَلِّ فِيمَا إذَا اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ ثُمَّ قَضَى حَاجَتَهُ أَيْضًا قَبْلَ جَفَافِهِ ثُمَّ أَرَادَ الِاسْتِنْجَاءَ بِالْحَجَرِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى حَجّ، قَالَ شَيْخُنَا الْأَقْرَبُ عَدَمُ كَوْنِهِ مِثْلَهُ لِأَنَّ الْعَرَقَ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى بِخِلَافِ الْبَلَلِ الْمَذْكُورِ وَنَحْوَهُ، وَيَشْمَلُ ذَلِكَ قَوْلَهُ رُطُوبَةٌ مِنْ غَيْرِ عَرَقٍ (قَوْلُهُ: أَجْنَبِيٌّ طَاهِرٌ) جَافٌّ اخْتَلَطَ بِالْخَارِجِ لِمَا مَرَّ فِي التُّرَابِ أَوْ رَطْبٌ وَلَوْ مَاءً لِغَيْرِ تَطْهِيرِهِ اهـ حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ لِغَيْرِ تَطْهِيرِهِ إنْ أَرَادَ لِغَيْرِ تَطْهِيرِ الْمَحَلِّ بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا أَرَادَ تَطْهِيرَ الْمَحَلِّ بِالْمَاءِ لَا يَضُرُّ وُصُولُ ذَلِكَ الْمَاءِ إلَيْهِ فَهَذَا مَعْلُومٌ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، وَهُوَ لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ، وَإِنْ أَرَادَ لِغَيْرِ تَطْهِيرِ نَفْسِهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا قَدَّمَ الْوُضُوءَ عَلَى الِاسْتِنْجَاءِ فَأَصَابَ مَاءُ وُضُوئِهِ الْمَحَلَّ بِأَنْ تَقَاطَرَ عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ لَمْ يَمْنَعْ إجْزَاءَ الْحَجَرِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ مُخَالِفٌ لِصَرِيحِ كَلَامِهِمْ. لَا يُقَالُ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ لَا يَضُرُّ الِاخْتِلَاطُ بِمَاءِ الطَّهَارَةِ لِأَنَّا نَقُولُ: مَحَلُّ ذَلِكَ فِي نَجَاسَةٍ عُفِيَ عَنْهَا فَلَمْ يَجِبْ إزَالَتُهَا، وَالنَّجَاسَةُ الَّتِي فِي هَذَا الْمَحَلِّ يَجِبُ إزَالَتُهَا وَلَا يُعْفَى عَنْهَا فَيَضُرُّ اخْتِلَاطُهَا بِالْمَاءِ اهـ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ لِغَيْرِ تَطْهِيرِهِ عَمَّا لَوْ تَقَاطَرَ مِنْ وَجْهِهِ مَثَلًا حَالَ غَسْلِهِ مَاءٌ عَلَى مَحَلِّ الِاسْتِنْجَاءِ فَلَا يَضُرُّ، لِأَنَّهُ تَوَلَّدَ مِنْ مَأْمُورٍ بِهِ عَلَى نَجِسٍ مَعْفُوٍّ عَنْهُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ تَسَاقَطَ عَلَى ثَوْبِهِ الْمُلَوَّثِ بِدَمِ الْبَرَاغِيثِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَتْ جَافَّةً لَمْ يُمْتَنَعْ الْحَجَرُ) وَمِنْهَا الْقَصَبُ الْأَمْلَسُ إذَا لَمْ يَنْقُلْ النَّجَاسَةَ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْحَجَرَ بَعْدَ اسْتِنْجَائِهِ بِالْأَمْلَسِ الَّذِي لَمْ يَنْقُلْ كَمَا قَالَهُ حَجّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَالَ ثَانِيًا) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ اعْتِبَارُ الْجِنْسِ حَتَّى لَوْ جَفَّ بَوْلُهُ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ دَمٌ وَصَلَ لِمَا وَصَلَ إلَيْهِ بَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ الْحَجَرُ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. لَا يُقَالُ هَذَا الِاحْتِمَالُ مُمْتَنِعٌ لِأَنَّ الدَّمَ طَارِئٌ أَجْنَبِيٌّ فَيَتَعَيَّنُ الْمَاءُ لِأَنَّا نَقُولُ: لَوْ صَحَّ هَذَا لَزِمَ تَعْيِينُ الْمَاءِ إذَا خَرَجَ الدَّمُ قَبْلَ الْجَفَافِ، وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ سم عَلَى بَهْجَةٍ، وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ وَأَفْتَى الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِأَنَّ طُرُوُّ الْمَذْيِ وَالْوَدْيِ مَانِعٌ مِنْ الْإِجْزَاءِ فَلَيْسَا كَالْبَوْلِ، وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ تَقْرِيرِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - خِلَافُهُ. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ مَا أَفْتَى بِهِ الشَّارِحُ لِاخْتِلَافِهِمَا (قَوْلُهُ: وَبَلَّ الثَّانِي مَا بَلَّهُ الْأَوَّلُ) صَادِقٌ بِمَا إذَا زَادَ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِعَدَمِ جَوَازِهِ، وَسَيَأْتِي الْجَزْمُ بِهِ فِي الْأَطْعِمَةِ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَجِفَّ الْخَارِجُ) أَيْ أَوْ بَعْضُهُ وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْمَاءُ فِي الْجَافِّ، وَكَذَا غَيْرُهُ إنْ اتَّصَلَ بِهِ كَمَا قَالَهُ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: فَيَصِيرُ) أَيْ الْمَوْضِعُ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الِانْتِقَالَ مَانِعٌ وَلَوْ مَعَ الِانْفِصَالِ كَمَا صَدَقَتْ بِهِ الْعِبَارَةُ (قَوْلُهُ طَاهِرٌ) أَيْ رَطْبٌ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي أَيْ وَلَمْ يَخْتَلِطْ كَمَا قَالَهُ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ جَافَّةً) أَيْ وَلَمْ تَخْتَلِطْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ يَبِسَ بَوْلُهُ إلَخْ) هَذَا الِاسْتِدْرَاكُ أَوْرَدَهُ غَيْرُهُ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَنْ

وَمِثْلُهُ الْغَائِطُ الْمَائِعُ فَإِنْ جَفَّ الْخَارِجُ أَوْ انْتَقَلَ أَوْ طَرَأَ نَجَسٌ آخَرُ تَعَيَّنَ الْمَاءُ وَلَوْ اسْتَنْجَى بِحَجَرٍ مَبْلُولٍ لَمْ يَصِحَّ اسْتِنْجَاؤُهُ لِأَنَّ بَلَلَهُ يَتَنَجَّسُ بِنَجَاسَةِ الْمَحَلِّ ثُمَّ يُنَجِّسُهُ فَيَتَعَيَّنُ الْمَاءُ (وَلَوْ نَدَرَ) الْخَارِجُ (أَوْ انْتَشَرَ فَوْقَ الْعَادَةِ) أَيْ عَادَةِ غَالِبِ النَّاسِ (وَلَمْ يُجَاوِزْ صَفْحَتَهُ) إنْ كَانَ غَائِطًا (وَحَشَفَتَهُ) إنْ كَانَ بَوْلًا (جَازَ الْحَجَرُ) وَمَا فِي مَعْنَاهُ (فِي الْأَظْهَرِ) فِي ذَلِكَ إلْحَاقًا لَهُ لِتَكَرُّرِ وُقُوعِهِ بِالْمُعْتَادِ. وَالثَّانِي لَا بَلْ يَتَعَيَّنُ الْمَاءُ فِيهِ لِأَنَّ جَوَازَ الْحَجَرِ تَخْفِيفٌ مِنْ الشَّارِعِ وَرَدَ فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى فَلَا يَلْحَقُ بِهِ غَيْرُهُ، وَلَوْ تَقَطَّعَ الْخَارِجُ تَعَيَّنَ فِي الْمُنْفَصِلِ الْمَاءُ وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ صَفْحَتَهُ وَلَا حَشَفَتَهُ، فَإِنْ تَقَطَّعَ وَجَاوَزَ بِأَنْ صَارَ بَعْضُهُ بَاطِنَ الْأَلْيَةِ أَوْ فِي الْحَشَفَةِ وَبَعْضُهُ خَارِجَهَا فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ. قِيلَ وَالْأَوْجَهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الصَّوْمِ مِنْ الْعَفْوِ عَنْ خُرُوجِ مَقْعَدَةِ الْمَبْسُورِ وَرَدِّهَا بِيَدِهِ أَنَّ مَنْ اُبْتُلِيَ هُنَا بِمُجَاوَزَتِهِ الصَّفْحَةَ أَوْ الْحَشَفَةَ دَائِمًا عُفِيَ عَنْهُ فَيُجْزِيهِ الْحَجَرُ لِلضَّرُورَةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَنْ فَقَدَ الْمَاءَ (وَيَجِبُ) فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ لِيُجْزِيَ (ثَلَاثُ مَسَحَاتٍ) لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ «نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ» (وَلَوْ بِأَطْرَافِ حَجَرٍ) إذْ الْمَقْصُودُ عَدَدُ الْمَسَحَاتِ، بِخِلَافِ رَمْيِ الْجِمَارِ لَا يَكْفِي لَهُ حَجَرٌ بِثَلَاثَةِ أَطْرَافٍ عَنْ ثَلَاثِ رَمَيَاتٍ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ ثَمَّ عَدَدُ الرَّمْيِ وَهُنَا عَدَدُ الْمَسَحَاتِ أَمَّا الِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ فَيُسَنُّ فِيهِ التَّثْلِيثُ كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (فَإِنْ لَمْ يُنَقَّ) الْمَحَلُّ بِالثَّلَاثِ (وَجَبَ) عَلَيْهِ (الْإِنْقَاءُ) بِرَابِعٍ فَأَكْثَرَ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ مِنْ الِاسْتِنْجَاءِ وَالْإِنْقَاءُ أَنْ يُزِيلَ الْعَيْنَ حَتَّى لَا يَبْقَى إلَّا أَثَرٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَهُوَ مُتَّجَهٌ وَإِنْ ذَكَرَ الْأُسْتَاذُ فِي الْكَنْزِ خِلَافَهُ سم عَلَى بَهْجَةٍ. وَخَرَجَ بِبَالَ ثَانِيًا مَا لَوْ بَالَ ثُمَّ أَمْنَى فَتَعَيَّنَ الْمَاءُ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْأَوَّلِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْحَقُ بِهِ غَيْرُهُ) لَا يُقَالُ الصَّحِيحُ أَنَّ الرُّخَصَ يَدْخُلُهَا الْقِيَاسُ: لِأَنَّا نَقُولُ: لَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّ شَرْطَ الْقِيَاسِ لَمْ يُوجَدْ، وَذَلِكَ لِأَنَّ غَيْرَ مَا وَرَدَ فِيهِ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ حَتَّى يَلْحَقَ بِهِ (قَوْلُهُ: فَيُجْزِئُهُ الْحَجَرُ) اعْتَمَدَ ذَلِكَ حَجّ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ) مُعْتَمَدٌ كَمَا يَأْتِي عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ لِلشَّارِحِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُحْمَلَ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ هَذَا الْحَمْلُ حَيْثُ قِيلَ بِعَدَمِ إجْزَائِهِ مَعَ الْمَاءِ، فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يُصَلِّي عِنْدَ الْفَقْدِ عَلَى حَسَبِ حَالِهِ وَيُعِيدُ كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ، وَعِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: فَإِنْ اطَّرَدَتْ عَادَتُهُ بِالْمُجَاوَزَةِ فَهُوَ كَغَيْرِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ، وَيُحْتَمَلُ إجْزَاءُ الْحَجَرِ لِلْمَشَقَّةِ اهـ. قَالَ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ: مَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَوْجَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِأَطْرَافِ حَجَرٍ) عِبَارَةُ حَجّ: وَلَوْ بِطَرَفَيْ حَجَرٍ بِأَنْ لَمْ يَتَلَوَّثْ فِي الثَّانِيَةِ فَتَجُوزُ هِيَ وَالثَّالِثَةُ بِطَرَفٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا خَفَّفَ النَّجَاسَةَ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ الِاسْتِعْمَالُ بِخِلَافِ الْمَاءِ، وَلِكَوْنِ التُّرَابِ بَدَلَهُ أُعْطِيَ حُكْمَهُ اهـ حَجّ. وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ فِيمَا مَرَّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قَالِعٍ، وَدَخَلَ فِيمَا ذَكَرَ الْحَجَرُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ إذَا لَمْ يَتَلَوَّثْ بِاسْتِعْمَالِهِ إلَخْ، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَجَرِ الْمُسْتَقِلِّ وَطَرَفِ الْحَجَرِ الَّذِي مَسَحَ بِهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ) لَمْ يَتَقَدَّمْ مَا يَصْلُحُ كَوْنُ هَذَا قَسِيمًا لَهُ، فَلَعَلَّ الْأَصْلَ: وَلَا يُسَنُّ تَثْلِيثُ الْمَسْحِ بِالْحَجَرِ أَمَّا الِاسْتِنْجَاءُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَيُسَنُّ فِيهِ التَّثْلِيثُ) أَيْ بِأَنْ يَغْسِلَ مَرَّتَيْنِ بَعْدَ ظَنِّ زَوَالِ النَّجَاسَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يَجِفَّ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا مَا صَنَعَهُ الشَّارِحُ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْبَوْلَ الثَّانِيَ أَجْنَبِيٌّ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَبِتَسْلِيمِهِ فَغَيْرُ الْأَجْنَبِيِّ مَا هُوَ (قَوْلُهُ: أَوْ طَرَأَ نَجِسٌ) أَيْ أَوْ طَاهِرٌ رَطْبٌ: أَيْ أَوْ مُخْتَلِطٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَقَطَّعَ وَجَاوَزَ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إحْدَى الصُّورَتَيْنِ الصَّادِقُ بِهِمَا قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ صَفْحَتَهُ وَلَا حَشَفَتَهُ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بَدَلُ قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ إلَخْ وَلَمْ يُجَاوِزْ، وَيَتَعَيَّنُ أَنَّ الْوَاوَ فِيهِ لِلْحَالِ وَعَلَيْهَا فَقَوْلُهُ فَإِنْ تَقَطَّعَ وَجَاوَزَ مُغَايِرٌ لِمَا قَبْلَهُ إلَّا أَنَّهُ مَفْهُومٌ مِنْهُ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُحْمَلَ إلَخْ) لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَرْجِعُهُ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ مَرْجِعُهُ قَوْلَهُ عُفِيَ عَنْهُ، وَحِينَئِذٍ فَفِي الْكَلَامِ تَهَافُتٌ لَا يَخْفَى حَيْثُ صَرَّحَ بِالِاسْتِنْجَاءِ ثُمَّ أَعْقَبَهُ بِقَوْلِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إلَخْ، وَكُلٌّ مِنْ هَاتَيْنِ الْجُمْلَتَيْنِ سَاقِطٌ فِي نُسَخٍ (قَوْلُهُ: أَمَّا الِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ فِي الِاسْتِنْجَاءِ

لَا يُزِيلُهُ إلَّا الْمَاءُ أَوْ صِغَارُ الْخَزَفِ (وَسُنَّ الْإِيتَارُ) بِالْمُثَنَّاةِ فِي عَدَدِ الْمَسَحَاتِ حَيْثُ حَصَلَ الْإِنْقَاءُ بِشَفْعٍ بَعْدَ الثَّلَاثِ لِمَا صَحَّ مِنْ الْأَمْرِ بِهِ، وَلَمْ يُنْزِلُوا مُزِيلَ الْعَيْنِ هُنَا مَنْزِلَةَ الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ لِأَنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ تَخْفِيفٍ، وَالْأَمْرُ هُنَا دَائِرٌ عَلَى حُصُولِ الْإِيتَارِ فَقَطْ رِعَايَةً لِلْأَمْرِ بِهِ، فَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ إنْ حَصَلَ الْإِنْقَاءُ بِوَتْرٍ سُنَّ ثِنْتَانِ لِيَحْصُلَ فَضْلُ التَّثْلِيثِ لِنَصِّهِمْ عَلَى نَدْبِهِ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ بِزِيَادَةِ ثِنْتَيْنِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِالطَّهَارَةِ، أَوْ بِشَفْعٍ سُنَّ ثَلَاثٌ ثِنْتَانِ لِلتَّثْلِيثِ وَوَاحِدَةٌ لِلْإِيتَارِ مَرْدُودٌ عَمَلًا بِإِطْلَاقِهِمْ، وَلَوْ شَمَّ رِيحَ نَجَاسَةٍ فِي يَدِهِ بَعْدَ اسْتِنْجَائِهِ لَمْ يُحْكَمْ بِنَجَاسَةِ الْمَحَلِّ وَإِنْ حَكَمْنَا عَلَى يَدِهِ بِالنَّجَاسَةِ لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ أَنَّ مَحَلَّ الرِّيحِ بَاطِنُ الْأُصْبُعِ الَّذِي كَانَ مُلَاصِقًا لِلْمَحَلِّ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ فِي جَوَانِبِهِ فَلَا يُنَجِّسُ بِالشَّكِّ، أَوْ أَنَّ هَذَا الْمَحَلَّ قَدْ خَفَّفَ فِيهِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ فَخَفَّفَ فِيهِ هُنَا وَاكْتَفَى بِغَلَبَةِ ظَنِّ زَوَالِ النَّجَاسَةِ. (وَكُلُّ حَجَرٍ) مِنْ الْأَحْجَارِ الْوَاجِبَةِ (لِكُلِّ مَحَلِّهِ) أَيْ يَمْسَحُ بِكُلِّ حَجَرٍ كُلَّ مَحَلِّهِ فَيَضَعُ وَاحِدًا عَلَى مُقَدَّمِ صَفْحَتِهِ الْيُمْنَى وَيُمِرُّهُ عَلَى الصَّفْحَتَيْنِ حَتَّى يَصِلَ إلَى مَا بَدَأَ مِنْهُ، وَيَضَعُ الثَّانِيَ عَلَى مُقَدَّمِ الْيُسْرَى وَيَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ، وَيُمِرُّ الثَّالِثَ عَلَى الصَّفْحَتَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَوْ صِغَارُ الْخَزَفِ) لَوْ كَانَ الْخَارِجُ ابْتِدَاءً أَثَرًا. كَذَلِكَ فَهَلْ يَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ أَوْ صِغَارِ الْخَزَفِ؟ أَوْ لَا يَجِبُ أَصْلًا لِأَنَّهُ عِنْدَ وُجُوبِهِ لَا يَجِبُ إزَالَةُ الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ؟ أَوْ يَجِبُ ثَلَاثُ مَسَحَاتٍ بِالْأَحْجَارِ وَإِنْ لَمْ تُزِلْ شَيْئًا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَلَا يَخْفَى سُقُوطُ اسْتِبْعَادِ شَرْطِ الْوُجُوبِ مُطْلَقًا، أَوْ إمْكَانُ الْفَرْقِ بَيْنِ وُجُودِ الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ ابْتِدَاءً وَوُجُودِهِ بَعْدَ وُجُودِ اسْتِنْجَاءٍ يُجْزِئُ اهـ سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ. قُلْت: وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِثَلَاثِ مَسَحَاتٍ بِالْأَحْجَارِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا عَلَّلَ بِهِ مُقَابِلَ الْأَظْهَرِ فِي الْبَعْرِ الَّذِي بِلَا لَوْثٍ، وَلَوْ قِيلَ بِتَعَيُّنِ الْمَاءِ أَوْ صِغَارِ الْخَزَفِ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَعِيدًا وَلَعَلَّهُ أَقْرَبُ. وَفِي الْمِصْبَاحِ: الْخَزَفُ الطِّينُ الْمَعْمُولُ آنِيَةً قَبْلَ أَنْ يُطْبَخَ وَهُوَ الصَّلْصَالُ، وَإِذَا شُوِيَ فَهُوَ الْفَخَّارُ. وَفِي الْقَامُوسِ: الْخَزَفُ مُحَرَّكَةٌ الْجَرُّ أَوْ كُلُّ مَا عُمِلَ مِنْ طِينٍ وَشُوِيَ بِالنَّارِ حَتَّى يَكُونَ فَخَّارًا، وَقَالَ فِي بَابِ الرَّاءِ: الْجَرُّ جَمْعُ جَرَّةٍ كَالْجِرَارِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُحْكَمْ بِنَجَاسَةِ الْمَحَلِّ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَنْجِي بَاقِيًا بِالْمَحَلِّ الَّذِي قَضَى حَاجَتَهُ فِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ كَوْنِ هَذَا الْمَحَلِّ طُلِبَ فِيهِ التَّخْفِيفُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَكَمْنَا عَلَى يَدِهِ بِالنَّجَاسَةِ) أَيْ فَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ قَبْلَ غَسْلِهَا وَيَتَنَجَّسُ مَا أَصَابَهَا مَعَ الرُّطُوبَةِ إنْ عَلِمَ مُلَاقَاتَهُ لِعَيْنِ مَحَلِّ النَّجَاسَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ هَلْ الْإِصَابَةُ بِوَضْعِ النَّجَاسَةِ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّا لَا نُنَجَّسُ بِالشَّكِّ (قَوْلُهُ بَاطِنُ الْأُصْبُعِ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ الرِّيحُ فِي بَاطِنِهِ حُكِمَ بِنَجَاسَةِ الْمَحَلِّ فَيَجِبُ إعَادَةُ الِاسْتِنْجَاءِ وَبِهِ جَزَمَ حَجّ، وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ: أَوْ أَنَّ هَذَا الْمَحَلَّ قَدْ خَفَّفَ فِيهِ، عَدَمُ ذَلِكَ، وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: وَلَوْ شَمَّ رَائِحَةَ النَّجَاسَةِ فِي يَدِهِ وَجَبَ غَسْلُهَا، وَلَمْ يَجِبْ غَسْلُ الْمَحَلِّ لِأَنَّ الشَّارِعَ خَفَّفَ فِي هَذَا الْمَحَلِّ حَيْثُ اكْتَفَى فِيهِ بِالْحَجَرِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمَاءِ. قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: إلَّا إذَا شَمَّ الرَّائِحَةَ مِنْ مَحَلٍّ لَاقَى الْمَحَلَّ فَيَجِبُ غَسْلُ الْمَحَلِّ وَإِطْلَاقُهُمْ يُخَالِفُهُ اهـ. وَقَوْلُهُ خَفَّفَ فِي هَذَا الْمَحَلِّ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ تَوَقَّفَتْ إزَالَةُ الرَّائِحَةِ عَلَى أُشْنَانٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَجِبْ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَكُلُّ حَجَرٍ) أَيْ وَيَجِبُ كُلُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِكُلٍّ مَحَلُّهُ) أَيْ الْخَارِجَ (قَوْلُهُ: وَيُمِرُّهُ عَلَى الصَّفْحَتَيْنِ) أَيْ وَمِنْ لَازِمِهِ الْمُرُورُ عَلَى الْوَسَطِ (قَوْلُهُ: وَيُمِرُّ الثَّالِثَ عَلَى الصَّفْحَتَيْنِ) قَالَ الْمُتَوَلِّي: فَإِنْ احْتَاجَ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْحَجَرِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: خَرَجَ بِالْحَجَرِ الْمَاءُ، فَإِنَّهُ إنَّمَا يُسَنُّ فِيهِ التَّثْلِيثُ وَلَا يَجِبُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ أَنَّ مَحَلَّ الرِّيحِ إلَخْ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ حُكِمَ بِنَجَاسَةِ الْمَحَلِّ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ أَنَّ الْمَحَلَّ قَدْ خَفَّفَ فِيهِ إلَخْ مُقْتَضَاهُ عَدَمُ الْحُكْمِ بِبَقَاءِ النَّجَاسَةِ فِي الْمَحَلِّ وَإِنْ تَحَقَّقَ أَنَّ الرِّيحَ فِي بَاطِنِ الْأُصْبُعِ، وَهُوَ مَنْقُولٌ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ، وَاقْتَصَرَ الزِّيَادِيُّ عَلَى الْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ حَتَّى يَصِلَ إلَى مَا بَدَأَ مِنْهُ) أَيْ مَعَ مَسْحِ الْمَسْرَبَةِ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكُلُّ حَجَرٍ

وَالْمُسْرَبَةِ (وَقِيلَ يُوَزَّعْنَ لِجَانِبَيْهِ وَالْوَسَطِ) فَيَمْسَحُ بِحَجَرٍ الصَّفْحَةَ الْيُمْنَى وَبِالثَّانِي الْيُسْرَى وَبِالثَّالِثِ الْوَسَطَ، وَالْخِلَافُ فِي الِاسْتِحْبَابِ لَا فِي الْوُجُوبِ، وَلَا بُدَّ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ مِنْ تَعْمِيمِ الْمَحَلِّ بِكُلِّ مَسْحَةٍ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ عَطْفَ قَوْلِهِ وَكُلُّ حَجَرٍ لِكُلِّ مَحَلِّهِ عَلَى ثَلَاثَةٍ فَيُفِيدُ وُجُوبَ تَعْمِيمِ كُلِّ مَسْحَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ لِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ الْمَحَلِّ، وَقَدْ جَزَمَ بِذَلِكَ فِي الْأَنْوَارِ (وَيُسَنُّ) الِاسْتِنْجَاءُ (بِيَسَارِهِ) لِلِاتِّبَاعِ وَلِمَا صَحَّ مِنْ «نَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْيَمِينِ» فَهُوَ مَكْرُوهٌ، وَكَيْفِيَّةُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْيَسَارِ بِالْمَاءِ أَنْ يَغْسِلَ بِهَا وَيَصُبَّ بِالْيَمِينِ، وَبِالْحَجَرِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ أَنْ تَمْسَحَ بِمَا فِيهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِعَانَةٍ بِالْيَمِينِ فِي شَيْءٍ. وَكَذَا فِي حَقِّ الرَّجُلِ فِي الْغَائِطِ، بِخِلَافِ الْبَوْلِ فَإِنَّهُ إنْ اسْتَنْجَى بِنَحْوِ جِدَارٍ أَمْسَكَ الذَّكَرَ بِهَا وَمَسَحَهُ عَلَى ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ، فَإِنْ رَدَّدَهُ عَلَى مَحَلٍّ مَرَّتَيْنِ تَعَيَّنَ الْمَاءُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ إجْزَاءُ الْمَسْحِ مَا لَمْ يَنْقُلْ النَّجَاسَةَ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَعْلَى إلَى أَسْفَلَ ـــــــــــــــــــــــــــــSإلَى زَائِدٍ عَلَى الثَّلَاثِ فَصِفَةُ اسْتِعْمَالِهِ كَصِفَةِ اسْتِعْمَالِ الثَّالِثِ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ (قَوْلُهُ وَالْمُسْرَبَةِ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا وَبِضَمِّ الْمِيمِ مَجْرَى الْغَائِطِ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ جَزَمَ بِذَلِكَ إلَخْ) وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ يُوَزَّعْنَ إلَخْ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ أَنْ يَبْتَدِئَ بِالصَّفْحَةِ الْيُمْنَى فَيُتِمَّ مَسْحَهَا، ثُمَّ يَنْتَقِلَ مِنْهَا إلَى الْيُسْرَى فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى وَيَعْكِسَ فِي الثَّانِيَةِ وَيَعُمَّ فِي الثَّالِثَةِ مَسْحَ الصَّفْحَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ الِاسْتِنْجَاءُ بِيَسَارِهِ) سُئِلَ م ر عَمَّا لَوْ خُلِقَ عَلَى يَسَارِهِ صُورَةُ جَلَالَةٍ وَنَحْوِهَا مِنْ اسْمٍ مُعَظَّمٍ هَلْ يَسْتَنْجِي بِالْيَمِينِ أَوْ الْيَسَارِ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَتَخَيَّرُ حَيْثُ لَمْ يُخَالِطْ الِاسْمَ نَجَاسَةٌ وَإِلَّا فَبِالْيَمِينِ اهـ. أَقُولُ: وَلَوْ خَلَقَ فِي ذَلِكَ الْكَفَّيْنِ مَعًا فَهَلْ يُكَلَّفُ لَفَّ خِرْقَةٍ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ تَكْلِيفِهِ ذَلِكَ، ثُمَّ يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِ م ر فَبِالْيَمِينِ أَنَّهُ يُسَنُّ ذَلِكَ لَا أَنَّهُ يَجِبُ، لِأَنَّ فِي وُجُوبِهِ عَلَيْهِ مَشَقَّةً فِي الْجُمْلَةِ. [فَرْعٌ] نُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ تَعْتَرِيهِ الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ، وَعَدَّهَا إلَى أَنْ قَالَ: الْخَامِسُ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مُبَاحًا وَهُوَ الْأَصْلُ اهـ. أَقُولُ: قَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ وَيَنْظُرُ وَجْهَهُ وَمَا صُورَتُهُ رَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مَكْرُوهٌ) أَيْ مَا لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ، زَادَ حَجّ: كَمَسِّهِ بِهَا وَالِاسْتِعَانَةِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، وَقِيلَ يَحْرُمُ وَعَلَيْهِ جَمْعٌ مِنَّا وَكَثِيرُونَ مِنْ غَيْرِنَا (قَوْلُهُ عَلَى ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ) أَيْ أَوْ بِحَجَرٍ جَعَلَهُ بَيْنَ عَقِبَيْهِ إنْ تَيَسَّرَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِلَّا أَمْسَكَ الْحَجَرَ بِيَمِينِهِ وَالذَّكَرَ بِيَسَارِهِ، وَلَيْسَ هَذَا اسْتِنْجَاءً بِالْيَمِينِ بَلْ الْمَقْصُودُ مِنْهُ مُجَرَّدُ إعَانَةِ الْيَسَارِ وَهِيَ الْمَقْصُودَةُ بِالِاسْتِعْمَالِ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَعْلَى إلَخْ) أَيْ وَيَكْتَفِي بِذَلِكَ إنْ تَكَرَّرَ الِانْمِسَاحُ ثَلَاثًا وَحَصَلَ بِهَا الْإِنْقَاءُ كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ سم فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ، وَعِبَارَتُهُ عِنْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ ثَلَاثَةُ أَطْرَافِ حَجَرٍ مَا نَصُّهُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكْفِي ثَلَاثَةُ أَجْزَاءِ حَجَرٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَطْرَافًا وَلَوْ تَوَالَى الْمَسْحُ، وَإِنَّمَا عَبَّرُوا بِالْأَطْرَافِ لِأَنَّهَا الَّتِي ـــــــــــــــــــــــــــــQلِكُلِّ مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ:، وَالْخِلَافُ فِي الِاسْتِحْبَابِ) أَيْ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إنْ جَعَلَ قَوْلَهُ وَكُلُّ حَجَرٍ مَعْطُوفًا عَلَى الْإِيتَارِ الَّذِي هُوَ الظَّاهِرُ، وَهُوَ الَّذِي سَلَكَهُ الْمُحَقِّقُ الْجَلَالُ وَغَيْرُهُ، خِلَافُ مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ عَطْفَ قَوْلِهِ وَكُلُّ حَجَرٍ إلَخْ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَعْنَى كَوْنِ الْخِلَافِ فِي الِاسْتِحْبَابِ أَنَّ كُلَّ قَوْلٍ يَقُولُ بِنَدْبِ الْكَيْفِيَّةِ الَّتِي ذَكَرَهَا مَعَ صِحَّةِ الْأُخْرَى، وَهَذَا هُوَ نَصُّ الشَّيْخَيْنِ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ كَلَامِهِمَا الْغَيْرِ الْقَابِلِ لِلتَّأْوِيلِ، وَبَيَّنَهُ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ فِي شَرْحِ الْغَايَةِ أَتَمَّ تَبْيِينٍ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ عَدَمُ وُجُوبِ التَّعْمِيمِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْوَجْهَيْنِ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَصَنَّفَ فِي ذَلِكَ الشِّهَابُ عَمِيرَةُ وَغَيْرُهُ خِلَافَ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي كَالشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ، وَلَا بُدَّ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ مِنْ تَعْمِيمِ الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ: لَا فِي الْوُجُوبِ) أَيْ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ فِي الْوُجُوبِ، وَحِينَئِذٍ فَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ لَا يُجِيزُ الْكَيْفِيَّةَ الَّتِي ذَكَرَهَا الثَّانِي، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَالثَّانِي لَا يُجِيزُ كَيْفِيَّةَ الْأَوَّلِ لِلْخَبَرِ الْمُصَرِّحِ بِالتَّخْصِيصِ وَقَوْلُ الْعَدَدِ مُعْتَبَرٌ بِالْإِضَافَةِ إلَى جُمْلَةِ الْمَحَلِّ دُونَ كُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْجُوَيْنِيِّ (قَوْلُهُ: وَيُعْلَمُ)

أَمْ عَكْسَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِلْقَاضِي، وَيُسَنُّ أَنْ يُدَلِّكَ يَدَهُ بِنَحْوِ الْأَرْضِ ثُمَّ يَغْسِلَهَا وَيَنْضَحَ فَرْجَهُ وَإِزَارَهُ بَعْدَهُ وَيَعْتَمِدَ أُصْبُعَهُ الْوُسْطَى لِأَنَّهُ أَمْكَنُ وَلَا يَتَعَرَّضُ لِلْبَاطِنِ فَإِنَّهُ مَنْبَعُ الْوَسْوَاسِ، وَلَوْ اسْتَنْجَى بِالْأَحْجَارِ فَعَرَقَ مَحَلُّهُ فَإِنْ سَالَ مِنْهُ وَجَاوَزَهُ لَزِمَهُ غَسْلُ مَا سَالَ إلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ، وَيَنْبَغِي وَضْعُ الْحَجَرِ عَلَى مَحَلٍّ طَاهِرٍ بِقُرْبِ النَّجَاسَةِ وَيُدِيرُهُ قَلِيلًا قَلِيلًا، وَلَا يَضُرُّ النَّقْلُ الْحَاصِلُ مِنْ الْإِدَارَةِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ كَوْنِهِ مُضِرًّا مَحْمُولٌ عَلَى نَقْلٍ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ (وَلَا اسْتِنْجَاءَ وَاجِبٌ لِدُودٍ وَبَعْرٍ بِلَا لَوَثٍ فِي الْأَظْهَرِ) إذْ لَا مَعْنَى لَهُ كَالرِّيحِ، وَالثَّانِي نَعَمْ إذْ لَا يَخْلُو عَنْ الرُّطُوبَةِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُسْتَحَبُّ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ، وَجَمَعَ بَيْنَ الدُّودِ وَالْبَعْرِ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّاهِرِ وَالنَّجِسِ، وَقَدْ نَقَلَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ مِنْ النَّوْمِ وَالرِّيحِ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةَ: وَلَمْ تُفَرِّقْ الْأَصْحَابُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَحَلُّ رَطْبًا أَوْ يَابِسًا، وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ عِنْدَ تَرَطُّبِ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَسْهُلُ الْمَسْحُ بِهَا بِالنِّسْبَةِ لِلدُّبُرِ حَتَّى لَوْ أَمَرَّ رَأْسَ الذَّكَرِ عَلَى حَجَرٍ عَلَى التَّوَالِي وَالِاتِّصَالِ بِحَيْثُ تَكَرَّرَ انْمِسَاحُ جَمِيعِ الْمَحَلِّ ثَلَاثًا فَأَكْثَرَ كَفَى لِأَنَّ الْوَاجِبَ تَكَرُّرُ انْمِسَاحِهِ وَقَدْ وُجِدَ، وَدَعْوَى أَنَّ هَذَا يُعَدُّ مَسْحَةً وَاحِدَةً بِفَرْضِ تَسْلِيمِهِ لَا يَقْدَحُ لِتَكَرُّرِ انْمِسَاحِ الْمَحَلِّ حَقِيقَةً قَطْعًا وَهُوَ الْوَاجِبُ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ. قُلْت: وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِالْمَسْحِ فِي عِبَارَاتِهِمْ الِانْمِسَاحُ تَدَبَّرْ، وَالظَّاهِرُ جَرَيَانُ مَا ذَكَرَهُ الْمُحَشِّي فِي الذِّكْرِ فِي الدُّبُرِ أَيْضًا كَأَنْ أَمَرَّ حَلْقَةَ دُبُرِهِ عَلَى نَحْوِ خِرْقَةٍ طَوِيلَةٍ عَلَى التَّوَالِي وَالِاتِّصَالِ بِحَيْثُ يَتَكَرَّرُ انْمِسَاحُ الْمَحَلِّ ثَلَاثًا اهـ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلْقَاضِي) حَيْثُ قَالَ: إنْ مَسَحَهُ صُعُودًا ضَرَّ أَوْ نُزُولًا فَلَا (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ أَنْ يُدَلِّكَ يَدَهُ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ بِمَحَلِّ الِاسْتِنْجَاءِ حَيْثُ لَمْ يَظُنَّ نَجَاسَتَهُ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذَا الدَّلْكِ دَفْعُ الْوَسْوَسَةِ بِتَقْدِيرِ أَنْ يَشُمَّ فِي يَدِهِ رَائِحَةَ النَّجَاسَةِ بَعْدُ فَيَحْمِلَهَا عَلَى أَنَّهَا مِمَّا دَلَّكَ بِهِ لَا مِنْ مَحَلِّ الِاسْتِنْجَاءِ (قَوْلُهُ: وَيَنْضَحُ فَرْجَهُ) أَيْ بِأَنْ يَصُبَّ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ الْمَاءِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِدَفْعِ الْوَسْوَاسِ. قَالَ سم عَلَى بَهْجَةٍ وَلَوْ كَانَ بِهِ دَمٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ فَهَلْ يُغْتَفَرُ اخْتِلَاطُهُ بِمَا يَنْضَحُ بِهِ إذَا لَمْ يَتَأَتَّ الِاحْتِرَازُ عَنْ الِاخْتِلَاطِ بِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ. قُلْت: وَالْأَقْرَبُ الِاغْتِفَارُ لِأَنَّ الْمُخْتَلَطَ بِالنَّضْحِ اخْتَلَطَ بِمَاءِ الطَّهَارَةِ وَهُوَ ضَرُورِيُّ الْحُصُولِ، بَلْ اغْتِفَارُ هَذَا أَوْلَى مِنْ اغْتِفَارِ الْبَلَلِ الْحَاصِلِ مِنْ أَثَرِ غُسْلِ التَّبَرُّدِ أَوْ التَّنَظُّفِ الَّذِي قَالَ الْمُحَشِّي بِاغْتِفَارِهِ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ غَسْلُ مَا سَالَ إلَخْ) شَامِلٌ لِمَا لَوْ سَالَ لِمَا لَاقَى الثَّوْبَ مِنْ الْمَحَلِّ فَيَجِبُ غَسْلُهُ وَفِيهِ مَشَقَّةٌ، وَقَدْ يُقَالُ يُعْفَى عَمَّا يَغْلِبُ وُصُولُهُ إلَيْهِ مِنْ الثَّوْبِ. وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُعْفَى عَنْ مَحَلِّ اسْتِجْمَارِهِ نَصُّهَا: وَإِنْ عَرَقَ مَحَلُّ الْأَثَرِ وَتَلَوَّثَ بِالْأَثَرِ غَيْرُهُ لِعُسْرِ تَجَنُّبِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ هُنَا اهـ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي) أَيْ يُنْدَبُ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ حَجّ: وَلَا يُشْتَرَطُ الْوَضْعُ أَوَّلًا عَلَى مَحَلٍّ طَاهِرٍ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ: وَيَضَعُ الْحَجَرَ عَلَى مَحَلٍّ طَاهِرٍ نَدْبًا (قَوْلُهُ: وَبَعْرٍ) الْبَعْرُ مَعْرُوفٌ وَالسُّكُونُ لُغَةٌ وَهُوَ مِنْ كُلِّ ذِي ظِلْفٍ وَخُفٍّ اهـ مِصْبَاحٌ، وَعَلَيْهِ فَاسْتِعْمَالُهُ فِي الْآدَمِيِّ مَجَازٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ أَنَّهُ لَا بُدَّ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ إلَخْ، وَفِي عِلْمِ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِوَاسِطَةِ الْعَطْفِ الْمَذْكُورِ مَنْعٌ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ إنَّمَا يُفِيدُ وُجُوبَ التَّعْمِيمِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَعَدَمَهُ عَلَى الثَّانِي، إذْ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ: وَيَجِبُ كُلُّ حَجَرٍ لِكُلِّ مَحَلِّهِ، وَقِيلَ لَا يَجِبُ بَلْ يُوَزَّعْنَ إلَخْ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الْمُقَابَلَةِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ إنْ عَطَفَ وَكُلُّ حَجَرٍ عَلَى الْإِيتَارِ الَّذِي هُوَ الظَّاهِرُ أَفَادَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّعْمِيمُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ، فَيُنْتَجُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِيَ لَا يَقُولُ بِالتَّعْمِيمِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ سَوَاءٌ جَعَلْنَا الْخِلَافَ فِي الِاسْتِحْبَابِ أَوْ فِي الْوُجُوبِ، فَعُلِمَ مَا فِي قَوْلِ الشَّارِحِ، وَلَا بُدَّ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ إلَخْ لَا سِيَّمَا مَعَ تَصْوِيرِهِ لِلْوَجْهِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ فَيَمْسَحُ بِحَجَرٍ الصَّفْحَةَ إلَخْ، وَالشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ لَمَّا كَانَ مُوَافِقًا لِلشَّارِحِ فِي وُجُوبِ التَّعْمِيمِ بِكُلِّ حَجَرٍ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ تَكَلَّفَ لِتَصْوِيرِ الْوَجْهِ الثَّانِي بِمَا يُنْتَجُ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِلْمَنْقُولِ كَمَا مَرَّ فَقَالَ:

[باب الوضوء]

الْمَحَلِّ لَمْ يَبْعُدْ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي دُخَانِ النَّجَاسَةِ وَهُوَ مَرْدُودٌ، فَقَدْ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ إنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَصَرَّحَ الشَّيْخُ نَصْرٌ بِتَأْثِيمِ فَاعِلِهِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ الِاسْتِحْبَابِ مِنْهُ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ الْمَحَلُّ رَطْبًا كَمَا أَوْضَحْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ. وَيَقُولُ بَعْدَ فَرَاغِ الِاسْتِنْجَاءِ كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ: اللَّهُمَّ طَهِّرْ قَلْبِي مِنْ النِّفَاقِ وَحَصِّنْ فَرْجِي مِنْ الْفَوَاحِشِ. بَابُ الْوُضُوءِ هُوَ بِضَمِّ الْوَاوِ: اسْمٌ لِلْفِعْلِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالتَّبْوِيبِ، وَبِفَتْحِهَا اسْمٌ لِلْمَاءِ الَّذِي يَتَوَضَّأُ بِهِ فِي الْأَشْهَرِ، وَقِيلَ بِالْفَتْحِ فِيهِمَا، وَقِيلَ بِالضَّمِّ فِيهِمَا وَهُوَ أَضْعَفُهَا، وَهُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ إذْ قِيَاسُ الْمَصْدَرِ التَّوَضُّؤُ بِوَزْنِ التَّكَلُّمِ وَالتَّعَلُّمِ، وَقَدْ اُسْتُعْمِلَ اسْتِعْمَالَ الْمَصَادِرِ. وَالْوُضُوءُ أَصْلُهُ مِنْ الْوَضَاءَةِ وَهِيَ النَّظَافَةُ وَالنَّضَارَةُ وَالضِّيَاءُ مِنْ ظُلْمَةِ الذُّنُوبِ. وَفِي الشَّرْعِ: أَفْعَالٌ مَخْصُوصَةٌ مُفْتَتَحَةٌ بِالنِّيَّةِ، وَكَانَ فَرْضُهُ مَعَ فَرْضِ الصَّلَاةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: كَمَا قِيلَ بِهِ فِي دُخَانِ النَّجَاسَةِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ إنْ أَصَابَ الْمَحَلَّ رَطْبًا وَجَبَ غَسْلُهُ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ إنَّهُ مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ عَدَمُ الِاسْتِحْبَابِ مِنْهُ) نَفْيُ السُّنَّةِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ مُبَاحٌ، لَكِنْ قَالَ حَجّ: وَيُكْرَهُ مِنْ الرِّيحِ إلَّا إنْ خَرَجَ وَالْمَحَلُّ رَطْبٌ اهـ (قَوْلُهُ: بَعْدَ فَرَاغِ الِاسْتِنْجَاءِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ بِمَحَلٍّ غَيْرِ الْمَحَلِّ الَّذِي قَضَى فِيهِ حَاجَتَهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ أَوْ الْمَاءِ، وَقَوْلِهِ فَرَاغِ: أَيْ وَبَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ مَحَلِّ قَضَاءِ الْحَاجَةِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ مَا دَامَ فِيهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَعْدَ قَوْلِهِ غُفْرَانَك الْحَمْدُ لِلَّهِ إلَخْ لِأَنَّ ذَلِكَ مُقَدِّمَةٌ لِاسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ. بَابُ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: هُوَ بِضَمِّ الْوَاوِ) أَيْ لُغَةً (قَوْلُهُ: وَقِيلَ بِالضَّمِّ) فَجُمْلَةُ الْأَقْوَالِ ثَلَاثَةٌ، وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِهَذِهِ بِالْوُضُوءِ بَلْ هِيَ جَارِيَةٌ فِيمَا كَانَ عَلَى وَزْنِ فَعُولٍ نَحْوَ طَهُورٍ وَسَحُورٍ (قَوْلُهُ وَهُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ) أَيْ لِتَوَضَّأَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ إذْ قِيَاسُ إلَخْ، وَلَكِنَّهُ مَصْدَرٌ لِوُضُوءٍ كَظَرُفَ بِمَعْنَى حَسُنَ، لَكِنَّ عِبَارَةَ الْمُخْتَارِ الْوَضَاءَةُ الْحُسْنُ وَالنَّظَافَةُ وَبَابُهُ ظَرُفَ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ مَصْدَرَ وُضُوءٍ الْوَضَاءَةُ فَقَطْ، وَعَلَيْهِ فَهُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ لِوُضُوءٍ أَوْ تَوَضَّأَ أَوْ مَصْدَرٌ مِنْهُ مَحْذُوفُ الزَّوَائِدِ (قَوْلُهُ أَصْلُهُ) أَيْ لُغَةً، وَعِبَارَةُ الْبَيْضَاوِيِّ فِي شَرْحِ الْمَصَابِيحِ مَعْنَاهُ لُغَةً: اسْمٌ لِغَسْلِ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ (قَوْلُهُ: وَالنَّضَارَةُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ وَالضِّيَاءُ) أَيْ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الضِّيَاءِ مِنْ ظُلْمَةِ الذُّنُوبِ وَإِلَّا فَهَذَا الْمَعْنَى لَيْسَ لُغَوِيًّا (قَوْلُهُ: وَفِي الشَّرْعِ أَفْعَالٌ مَخْصُوصَةٌ) هِيَ شَامِلَةٌ لِلْغَسْلِ وَالْمَسْحِ (قَوْلُهُ: مَعَ فَرْضِ الصَّلَاةِ) وَعَلَى هَذَا فَصَلَاتُهُ الَّتِي كَانَ يَفْعَلُهَا قَبْلَ فَرْضِ الْوُضُوءِ هَلْ كَانَ يَتَوَضَّأُ لَهَا هَذَا الْوُضُوءَ أَوْ لَا؟ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ فَمَا حُكْمُهُ؟ هَلْ كَانَ مَنْدُوبًا أَوْ مُبَاحًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ. وَعِبَارَةُ الْخَطِيبِ عَلَى أَبِي شُجَاعٍ: وَتَيَمَّمَ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ فَلَا يُصَلِّي بِتَيَمُّمٍ غَيْرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَيَمْسَحُ بِحَجَرٍ الصَّفْحَةَ الْيُمْنَى: أَيْ أَوَّلًا، وَهَذَا مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بِوَحْدِهَا ثُمَّ يُصَمِّمُ، وَبِثَانٍ الْيُسْرَى: أَيْ أَوَّلًا كَذَلِكَ، وَبِثَالِثٍ الْوَسَطَ: أَيْ أَوَّلًا كَذَلِكَ انْتَهَى (قَوْلُهُ:، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ) أَيْ قَوْلُ الْجُرْجَانِيِّ. [بَابُ الْوُضُوءِ] [شُرُوطُ الْوُضُوء] بَابُ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: وَالضِّيَاءُ مِنْ ظُلْمَةِ الذُّنُوبِ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَوْنَهُ خُصُوصُ ظُلْمَةِ الذُّنُوبِ بِالْمَعْنَى الشَّرْعِيّ مَعْنَى شَرْعِيٌّ لَا لُغَوِيٌّ، فَلَعَلَّ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ الضِّيَاءُ الْمَعْنَوِيُّ كَالْحِسِّيِّ فَيَدْخُلُ فِيهِ الضِّيَاءُ مِنْ ظُلْمَةِ الذُّنُوبِ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهَا عُيُوبًا

قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ، وَهُوَ مَعْقُولُ الْمَعْنَى خِلَافًا لِلْإِمَامِ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَإِنَّمَا اخْتَصَّ الرَّأْسُ بِالْمَسْحِ لِسَتْرِهِ غَالِبًا فَاكْتَفَى فِيهِ بِأَدْنَى طَهَارَةٍ وَلَيْسَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنَّمَا الْخَاصُّ بِهَا الْغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ وَمُوجِبُهُ الِانْقِطَاعُ مَعَ الْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ. وَشُرُوطُهُ كَالْغُسْلِ أُمُورٌ: مِنْهَا الْمَاءُ الْمُطْلَقُ وَلَوْ مَظْنُونًا، وَإِسْلَامٌ وَتَمْيِيزٌ وَعَدَمُ صَارِفٍ، وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِدَوَامِ النِّيَّةِ حُكْمًا، وَعَدَمُ مُنَافٍ مِنْ نَحْوِ حَيْضٍ فِي غَيْرِ أَغْسَالِ الْحَجِّ وَنَحْوِهَا، وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ عَلَى رَأْيٍ يَأْتِي وَأَنْ لَا يَكُونَ بِعُضْوِهِ مَا يُغَيِّرُ الْمَاءَ تَغَيُّرًا مُضِرًّا وَأَنْ لَا يُعَلِّقَ نِيَّتَهُ فَلَوْ قَالَ نَوَيْت الْوُضُوءَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لَمْ يَصِحَّ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ التَّبَرُّكَ. لَا يُقَالُ: لَمْ أُلْحِقْ الْإِطْلَاقَ هُنَا بِقَصْدِ التَّعْلِيقِ وَفِي الطَّلَاقِ بِقَصْدِ التَّبَرُّكِ إذْ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْجَزْمَ الْمُعْتَبَرَ فِي النِّيَّةِ يَنْتَفِي بِهِ لِانْصِرَافِهِ لِمَدْلُولِهِ مَا لَمْ يَصْرِفْهُ عَنْهُ بِنِيَّةِ التَّبَرُّكِ، وَأَمَّا فِي الطَّلَاقِ فَقَدْ تَعَارَضَ صَرِيحَانِ: ـــــــــــــــــــــــــــــSفَرْضٍ، لِأَنَّ الْوُضُوءَ كَانَ لِكُلِّ فَرْضٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: 6] وَالتَّيَمُّمُ بَدَلٌ عَنْهُ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ فِي الْوُضُوءِ «بِأَنْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى يَوْمَ الْفَتْحِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ» فَبَقِيَ التَّيَمُّمُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ) أَيْ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ حَجّ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْإِمَامِ) حَيْثُ قَالَ هُوَ تَعَبُّدِيٌّ لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ لِأَنَّ فِيهِ مَسْحًا وَلَا تَنْظِيفَ فِيهِ اهـ شَرْحُ بَهْجَةٍ. قَالَ سم بِهَامِشِهِ مَا نَصُّهُ: قَدْ يُمْنَعُ، بَلْ فِي الْمَسْحِ تَنْظِيفٌ لَا سِيَّمَا مَعَ تَكَرُّرِهِ وَلَوْ سَلَّمَ فَيَجُوزُ أَنْ يَقْصِدَ التَّنْظِيفَ بِجُمْلَتِهِ لَكِنَّهُ سُومِحَ فِي الرَّأْسِ لِنَظَافَتِهِ وَالْخَوْفِ عَلَيْهِ مِنْ الْغَسْلِ وَتَكْرَارِهِ اهـ. وَالرَّاجِحُ أَنَّ التَّعَبُّدِيَّ أَفْضَلُ مِنْ مَعْقُولِ الْمَعْنَى لِأَنَّ فِيهِ إرْغَامًا لِلنَّفْسِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا اخْتَصَّ) فِيهِ إشَارَةٌ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّهُ تَعَبُّدِيٌّ (قَوْلُهُ: الْغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ) أَوْ الْكَيْفِيَّةُ. وَعِبَارَةُ حَجّ: وَاَلَّذِي مِنْ خَصَائِصِنَا إمَّا الْكَيْفِيَّةُ الْمَخْصُوصَةُ أَوْ الْغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ اهـ (قَوْلُهُ وَمُوجِبُهُ الِانْقِطَاعُ) أَيْ الْخُرُوجُ وَالِانْقِطَاعُ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْهَا الْمَاءُ الْمُطْلَقُ) وَالْعِلْمُ بِإِطْلَاقِهِ اهـ شَرْحُ رَوْضٍ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَوْلَى، وَقَدْ أَشَارَ إلَى اعْتِبَارِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ مَظْنُونًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَظْنُونًا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَوْ شَكَّ فِي طَهُورِيَّةِ الْمَاءِ صَحَّ طُهْرُهُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ إطْلَاقَهُ، بَلْ وَإِنْ ظَنَّ عَدَمَ إطْلَاقِهِ اسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ، فَقَوْلُهُ وَلَوْ ظَنًّا لَعَلَّهُ بِالنَّظَرِ إلَى الْجُمْلَةِ وَفِيمَا إذَا وَقَعَ اشْتِبَاهُ الْمُطْلَقِ بِغَيْرِهِ وَاجْتَهَدَ فِيهِمَا اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ قُلْت: أَوْ يُقَالُ إنَّ اسْتِصْحَابَ الطَّهَارَةِ مُحَصِّلٌ لِلظَّنِّ فَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ ظَنًّا الْأَعَمَّ مِنْ ظَنِّ سَبَبِهِ الِاجْتِهَادَ أَوْ اسْتِصْحَابَ الطَّهَارَةِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ هَذَا تَفْسِيرًا لِقَوْلِ سم لَعَلَّهُ بِالنَّظَرِ إلَى الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: وَيُعَبَّرُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ عَدَمِ الصَّارِفِ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ أَغْسَالِ الْحَجِّ) أَيْ فِي الْوُضُوءِ لِغَيْرِ أَغْسَالِ الْحَجِّ، وَقَوْلُهُ عَلَى رَأْيٍ يَأْتِي هَذَا فِي إزَالَتِهِ أَوَّلًا بِغَسْلَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ، أَمَّا إزَالَتُهُ فِي الْجُمْلَةِ وَلَوْ مَعَ الْوُضُوءِ بِغَسْلَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا بُدَّ مِنْهَا فَشَرْطِيَّةُ الْإِزَالَةِ غَيْرُ مُقَيَّدَةٍ بِهَذَا الرَّأْيِ اهـ سم. عَلَى بَهْجَةٍ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَقْصِدَ التَّبَرُّكَ) أَيْ وَحْدَهُ (قَوْلُهُ: إذْ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا إلَخْ) أَيْ حَيْثُ أُلْحِقَ هُنَا بِالتَّعْلِيقِ وَثَمَّ بِالتَّبَرُّكِ وَإِلَّا فَالْإِطْلَاقُ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فِي الْبَابَيْنِ فَهُوَ لِعَدَمِ تَأْثِيرِهِ هُنَا حُمِلَ اللَّفْظُ عَلَى التَّعْلِيقِ فَفَسَدَ وُضُوءُهُ وَلِعَدَمِ تَأْثِيرِهِ ثَمَّ حُمِلَ عَلَى التَّبَرُّكِ فَوَقَعَ الطَّلَاقُ، فَالْبَابَانِ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ نَفْعِ الصِّيغَةِ مَعَ الْإِطْلَاقِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ (قَوْلُهُ: يَنْتَفِي بِهِ) أَيْ بِالتَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ: لِانْصِرَافِهِ لِمَدْلُولِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQمَعْنَوِيَّةً لَا مِنْ حَيْثُ خُصُوصُ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ فِيهَا، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالذُّنُوبِ الذُّنُوبُ اللُّغَوِيَّةُ (قَوْلُهُ: لِسَتْرِهِ غَالِبًا) أَيْ وَإِنَّمَا لَمْ يُمْسَحْ شَيْءٌ مِنْ بَاقِي الْبَدَنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ كَشْفُهُ كَالرَّأْسِ (قَوْلُهُ: وَمُوجِبُهُ الِانْقِطَاعُ) شَمِلَ الْحَدَثَ الِاخْتِيَارِيَّ وَغَيْرَهُ، فَيَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ مَسَّ امْرَأَةً وَاسْتَمَرَّ وَاضِعًا يَدَهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ،؛ لِأَنَّهُ مَا دَامَ كَذَلِكَ لَمْ يَنْقَطِعْ حَدَثُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ شَيْءٍ يُخْرِجُ هَذَا وَنَحْوَهُ (قَوْلُهُ: وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ) أَيْ تَقَدُّمُ إزَالَتِهَا بِغُسْلٍ غَيْرِ غُسْلِ الْحَدَثِ، وَإِلَّا فَمُطْلَقُ إزَالَتِهَا قَدْرٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: يَنْتَفِي بِهِ) أَيْ بِهَذَا اللَّفْظِ

لَفْظُ الصِّيغَةِ الصَّرِيحُ فِي الْوُقُوعِ، وَلَفْظُ التَّعْلِيقِ الصَّرِيحُ فِي عَدَمِهِ، لَكِنْ لَمَّا ضَعُفَ هَذَا الصَّرِيحُ بِكَوْنِهِ كَثِيرًا مَا يُسْتَعْمَلُ لِلتَّبَرُّكِ اُحْتِيجَ لِمَا يُخْرِجُهُ عَنْ هَذَا الِاسْتِعْمَالِ، وَهُوَ نِيَّةُ التَّعْلِيقِ بِهِ قَبْلَ فَرَاغِ لَفْظِ تِلْكَ الصِّيغَةِ حَتَّى يَقْوَى عَلَى رَفْعِهَا حِينَئِذٍ، وَأَنْ يَعْرِفَ كَيْفِيَّتَهُ بِأَنْ لَا يَقْصِدَ بِفَرْضٍ مُعَيَّنٍ نَفْلًا، وَأَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْعُضْوِ حَائِلٌ كَدُهْنٍ وَوَسَخٍ تَحْتَ أَظْفَارٍ وَغُبَارٍ عَلَى بَدَنٍ لَا عَرَقٍ مُتَجَمِّدٍ عَلَيْهِ، وَقَوْلُ الْقَفَّالِ: تَرَاكُمُ الْوَسَخِ عَلَى الْعُضْوِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْوُضُوءِ وَلَا النَّقْضُ بِلَمْسِهِ يَتَعَيَّنُ فَرْضُهُ فِيمَا إذَا صَارَ جُزْءًا مِنْ الْبَدَنِ لَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ عَنْهُ، وَأَنْ يُجْرِيَ الْمَاءَ عَلَى الْعُضْوِ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ عَدِّ هَذَا شَرْطًا كَوْنُهُ مَعْلُومًا مِنْ مَفْهُومِ الْغُسْلِ لِأَنَّهُ قَدْ يُرَادُ بِهِ مَا يَعُمُّ النَّضْحَ، وَدُخُولُ الْوَقْتِ فِي حَقِّ سَلَسٍ أَوْ ظَنُّ دُخُولَهُ وَتَقْدِيمُ اسْتِنْجَائِهِ، وَتَحَفُّظٌ اُحْتِيجَ إلَيْهِ وَمُوَالَاةٌ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْوُضُوءِ وَبَيْنَ أَفْعَالِهِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ وَعَدَّ بَعْضُهُمْ مِنْهَا تَحْقِيقَ الْمُقْتَضَى، فَلَوْ شَكَّ هَلْ أَحْدَثَ أَوْ لَا فَتَوَضَّأَ ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ كَانَ مُحْدِثًا لَمْ يَصِحَّ وُضُوءُهُ، وَأَنْ يَغْسِلَ مَعَ الْمَغْسُولِ مَا هُوَ مُشْتَبَهٌ بِهِ، وَغَسْلُ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ وَمَا ظَهَرَ بِالْقَطْعِ فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ. وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْأَوَّلَ لَيْسَ شَرْطًا بَلْ عِنْدَ التَّبَيُّنِ وَمَا بَعْدَهُ بِالْأَرْكَانِ أَشْبَهُ (فَرْضُهُ) هُوَ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَهُوَ التَّعْلِيقُ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَعْرِفَ كَيْفِيَّتَهُ) أَيْ الْوُضُوءِ، وَيَأْتِي هَذَا الشَّرْطُ فِي كُلِّ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ النِّيَّةُ وَقَصْرُهُ عَلَى الْوُضُوءِ لِكَوْنِ الْكَلَامِ فِيهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَا يَقْصِدَ إلَخْ) هَذَا يُشْكِلُ بِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِالْمُخَالِفِ، فَإِنَّ مَا يَأْتِي بِهِ مُرَاعِيًا فِيهِ لِلْخِلَافِ كَالْبَسْمَلَةِ فِي الْفَاتِحَةِ يَعْتَقِدُ سُنِّيَّتَهُ. وَأَجَابَ الشَّارِحُ عَنْهُ فِي بَابِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ اُغْتُفِرَ ذَلِكَ مُحَافَظَةً عَلَى كَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ فَلْيُرَاجَعْ ثَمَّ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ غَيْرَ عَامِّيٍّ، لَكِنْ قُيِّدَ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الصَّلَاةِ بِالْعَامِّيِّ. وَعِبَارَتُهُ فِي بَابِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ: وَأَفْتَى حُجَّةُ الْإِسْلَامِ الْغَزَالِيُّ بِأَنَّ مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ مِنْ الْعَامَّةِ فَرْضَ الصَّلَاةِ مِنْ سُنَنِهَا صَحَّتْ صَلَاتُهُ: أَيْ وَسَائِرُ عِبَادَاتِهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِفَرْضٍ نَفْلًا، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي مَجْمُوعِهِ يُشْعِرُ بِرُجْحَانِهِ، وَالْمُرَادُ بِعَامِّيٍّ مَنْ لَمْ يُحَصِّلْ مِنْ الْفِقْهِ شَيْئًا يَهْتَدِي بِهِ إلَى الْبَاقِي، وَيُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ فَرَائِضَ صَلَاتِهِ مِنْ سُنَنِهَا، وَأَنَّ الْعَالِمَ مَنْ يُمَيِّزُ ذَلِكَ اهـ (قَوْلُهُ: كَدُهْنٍ) أَيْ لَهُ جِرْمٌ يَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَأَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْعُضْوِ مَا يُغَيِّرُ الْمَاءَ تَغَيُّرًا ضَارًّا أَوْ جِرْمٌ كَثِيفٌ يَمْنَعُ وُصُولَهُ لِلْبَشَرَةِ لَا نَحْوُ خِضَابٍ وَدُهْنٍ مَائِعٍ (قَوْلُهُ: وَوَسَخٍ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَصِرْ كَالْجُزْءِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: لَا عَرَقٍ مُتَجَمِّدٍ) قَضِيَّتُهُ وَإِنْ لَمْ يَصِرْ كَالْجُزْءِ وَلَمْ يَتَأَذَّ بِإِزَالَتِهِ كَمَا يَفْهَمُهُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْوَسَخِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِكَثْرَةِ تَكَرُّرِهِ وَالْمَشَقَّةِ فِي إزَالَتِهِ، لَكِنْ فِي ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ: نَعَمْ إنْ صَارَ الْجِرْمُ الْمُتَوَلِّدُ مِنْ الْعَرَقِ جُزْءًا مِنْ الْبَدَنِ لَا يُمْكِنُهُ فَصْلُهُ عَنْهُ فَلَهُ حُكْمُهُ فَلَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْوُضُوءِ وَلَا النَّقْضُ بِمَسِّهِ اهـ (قَوْلُهُ لَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ عَنْهُ) أَيْ بِحَيْثُ يَخْشَى مِنْ فَصْلِهِ مَحْذُورَ تَيَمُّمٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ يُرَادُ بِهِ) أَيْ بِالْغَسْلِ (قَوْلُهُ: وَمُوَالَاةٍ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْوُضُوءِ إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ: وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْوُضُوءِ اهـ. وَهِيَ تُفِيدُ وُجُوبَ الْمُوَالَاةِ بَيْنَ الِاسْتِنْجَاءِ وَالتَّحَفُّظِ بِخِلَافِ عِبَارَةِ الشَّارِحِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَ السَّلَسُ بِالرِّيحِ فَلَا يُشْتَرَطُ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ الِاسْتِنْجَاءِ وَالْوُضُوءِ اهـ سم عَلَى حَجّ. قُلْت: وَيُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ الِاسْتِنْجَاءِ عَلَى الْوُضُوءِ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِطُهْرِ صَاحِبِ الضَّرُورَةِ تَقَدُّمُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: وَعَدَّ بَعْضُهُمْ مِنْهَا تَحَقُّقَ الْمُقْتَضَى) أَيْ إنْ بَانَ الْحَالُ حَجّ، وَعَلَيْهِ فَالتَّفْرِيعُ ظَاهِرٌ وَظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ فِي كَلَامِ مَنْ عَدَّهُ شَرْطًا، وَعَلَيْهِ فَلَا يُرَدُّ قَوْلُ الشَّارِحِ وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْأَوَّلَ إلَخْ (قَوْلُهُ بَلْ عِنْدَ التَّبَيُّنِ) أَيْ تَبَيُّنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: دُهْنٌ) أَيْ جَامِدٌ (قَوْلُهُ: لَا يُمْكِنُ) يَعْنِي يَتَعَسَّرُ فَصْلُهُ (قَوْلُهُ: وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ) هَذَا شَرْطٌ لِجَوَازِ فِعْلِ الصَّلَاةِ بِهِ لَا شَرْطٌ لِصِحَّتِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: لَيْسَ شَرْطًا) عَلَى الْإِطْلَاقِ وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ عِنْدَ تَبَيُّنِ الْحَالِ بِمَعْنَى: إذَا تَبَيَّنَ الْحَالُ تَبَيَّنَّا عَدَمَ صِحَّةِ الْوُضُوءِ لِفَوَاتِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهِ، وَهُوَ تَحَقُّقُ الْمُقْتَضِي.

فَيَعُمُّ كُلَّ فَرْضٍ مِنْهُ: أَيْ فُرُوضِهِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ. لَا يُقَالُ دَلَالَةُ الْعَامِّ كُلِّيَّةٌ مَحْكُومٌ فِيهَا عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مُطَابَقَةً فَيَكُونُ فَاسِدًا لِكَوْنِهِ يَقْتَضِي انْقِسَامَ الْوَاحِدِ سِتَّةً فَيَجْتَمِعُ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ. لِأَنَّا نَقُولُ: إمَّا أَنْ تَكُونَ الْقَاعِدَةُ أَغْلَبِيَّةً لَا كُلِّيَّةً أَوْ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الْمَجْمُوعِ كَمَا فِي قَوْلِهِمْ: رِجَالُ الْبَلَدِ يَحْمِلُونَ الصَّخْرَةَ الْعَظِيمَةَ: أَيْ مَجْمُوعُهُمْ لَا كُلُّ فَرْدٍ فَرْدٍ. وَكَلَامُ الْمِنْهَاجِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ قَدْ تَقُومُ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْعَامِّ حُكْمٌ عَلَى مَجْمُوعِ الْأَفْرَادِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَجْمُوعٌ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى كَوْنِ أَفْرَادِ الْعَامِّ الْجَمْعِ أَوْ نَحْوِهِ آحَادًا أَوْ جُمُوعًا، فَيَكُونُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ كُلًّا لَا كُلِّيَّةً وَلَا كُلِّيًّا، وَهُوَ الْمَحْكُومُ فِيهِ عَلَى الْمَاهِيَّةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى الْأَفْرَادِ وَأَنَّ مَا لَا يَصِحُّ شَرْعًا وَلَا عَقْلًا يَكُونُ مِنْ دَلَالَةِ الِاقْتِضَاءِ فَلَا يُعْتَرَضُ بِهِ (سِتَّةٌ) وَلَمْ يَعُدَّ الْمَاءَ رُكْنًا هُنَا مَعَ عَدِّ التُّرَابِ رُكْنًا فِي التَّيَمُّمِ، لِأَنَّ الْمَاءَ غَيْرُ خَاصٍّ بِالْوُضُوءِ بِخِلَافِ التُّرَابِ فَإِنَّهُ خَاصٌّ بِالتَّيَمُّمِ. وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ النَّجَاسَةُ الْمُغَلَّظَةُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُطَهِّرٍ فِيهَا وَحْدَهُ بَلْ الْمَاءُ بِشَرْطِ امْتِزَاجِهِ بِالتُّرَابِ، عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ: إنَّهُ لَا يَحْسُنُ عَدُّ التُّرَابِ رُكْنًا لِأَنَّ الْآلَةَ جِسْمٌ وَالْفِعْلَ عَرَضٌ فَكَيْفَ يَكُونُ الْجِسْمُ جُزْءًا مِنْ الْعَرَضِ، وَالْفَرْضُ وَالْوَاجِبُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَالْمُرَادُ هُنَا الرُّكْنُ (أَحَدُهَا نِيَّةُ رَفْعِ حَدَثٍ) عَلَى النَّاوِي: أَيْ رَفْعٌ حُكْمُهُ كَحُرْمَةِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْوُضُوءِ رَفْعُ الْمَانِعِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSالْحَدَثِ (قَوْلُهُ: فَيَعُمُّ) أَيْ فَصَحَّ الْإِخْبَارُ عَنْهُ بِالْجَمْعِ (قَوْلُهُ: أَيْ فُرُوضِهِ) أَيْ جُمْلَةِ فُرُوضِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَحْكُومُ فِيهِ إلَخْ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْكُلِّيِّ، وَأَمَّا الْكُلِّيَّةُ فَهِيَ الَّتِي حُكِمَ فِيهَا عَلَى كُلِّ فَرْدٍ، وَالْكُلُّ هُوَ الْحُكْمُ عَلَى جُمْلَةِ الْأَفْرَادِ، فَالثَّلَاثَةُ مُتَغَايِرَةٌ (قَوْلُهُ: يَكُونُ مِنْ دَلَالَةِ الِاقْتِضَاءِ) وَهِيَ أَنْ يَتَوَقَّفَ صِدْقُ الْكَلَامِ أَوْ صِحَّتُهُ عَلَى إضْمَارٍ فَيُقَدَّرَ هُنَا: أَيْ جُمْلَةَ فَرْضِهِ بِمَعْنَى: فُرُوضُهُ سِتَّةٌ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ: إنَّهُ لَا يَحْسُنُ إلَخْ) وَفِي سم عَلَى حَجّ. وَأَقُولُ: هُوَ إشْكَالٌ سَاقِطٌ لِوُجُوهٍ: مِنْهَا أَنَّ هَذَا نَظِيرُ عَدِّهِمْ الْعَاقِدَ رُكْنًا لِلْبَيْعِ مِنْ أَنَّ الْبَيْعَ هُوَ الْعَقْدُ، وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ الْعَاقِدُ جُزْءًا مِنْ الْعَقْدِ. وَقَدْ أَجَابَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ هُنَاكَ بِمَا يَأْتِي نَظِيرُهُ هُنَا. وَمِنْهَا أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِ التُّرَابِ رُكْنًا أَوْ شَرْطًا أَنَّ ذَاتَه هِيَ الرُّكْنُ أَوْ الشَّرْطُ ضَرُورَةَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الرُّكْنِ وَالشَّرْطِ مُتَعَلِّقُ الْوُجُوبِ، وَالْوُجُوبُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالذَّوَاتِ بَلْ بِالْأَفْعَالِ، بَلْ الْمُرَادُ بِالرُّكْنِ أَوْ الشَّرْطِ هُوَ اسْتِعْمَالُ التُّرَابِ أَوْ الْمَاءِ. أَوْ يُقَالُ كَوْنُ الْمَسْحِ بِالتُّرَابِ وَالْغَسْلِ بِالْمَاءِ (قَوْلُهُ: وَالْفِعْلُ عَرَضٌ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمَسْحُ فِي التَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ هُنَا الرُّكْنُ) أَيْ وَمِنْ ثَمَّ تَعَرَّضَ الشَّارِحُ هُنَا لِلشُّرُوطِ وَلَا تُرَدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: أَيْ رَفْعِ حُكْمِهِ) هَذَا إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ حَيْثُ أُرِيدَ بِالْحَدَثِ الْأَسْبَابُ. أَمَّا لَوْ أُرِيدَ بِهِ الْمَنْعُ أَوْ الْأَمْرُ الِاعْتِبَارِيُّ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذَلِكَ بَلْ لَا يَصِحُّ، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا حَمَلَ الْحَدَثَ عَلَى الْأَسْبَابِ وَاحْتَاجَ لِتَقْدِيرِ مَا ذَكَرَ لِقَوْلِهِمْ فَإِنْ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ أَوْ بَعْضَ أَحْدَاثِهِ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَيَجْتَمِعُ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ) أَيْ بِالنَّظَرِ إلَى كَوْنِ فُرُوضِهِ فِي الْخَارِجِ سِتَّةً، فَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ كُلُّ فَرْضٍ مِنْ فُرُوضِهِ الْمَعْلُومِ فِي الْخَارِجِ أَنَّهَا سِتَّةٌ سِتَّةٌ، وَإِلَّا فَالْعِبَارَةُ لَا تَقْتَضِي هَذَا الْحَصْرَ قَبْلَ الْإِخْبَارِ بِسِتَّةٍ وَإِنَّمَا صَرِيحُهَا أَنَّ كُلَّ فَرْضٍ مِنْ فُرُوضِهِ الْغَيْرِ الْمَحْصُورَةِ سِتَّةٌ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْكُلِّيُّ أَمَّا الْكُلِّيَّةُ فَهِيَ الْمَحْكُومُ فِيهَا عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ مُطَابَقَةً، وَالْكُلُّ هُوَ الْمَحْكُومُ فِيهِ عَلَى جُمْلَةِ الْأَفْرَادِ كَمَا عُلِمَتْ كُلُّهَا مِنْ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا عَقْلًا) الْأَوْلَى أَوْ عَقْلًا (قَوْلُهُ: مِنْ دَلَالَةِ الِاقْتِضَاءِ) أَيْ وَهِيَ الَّتِي يَتَوَقَّفُ الصِّدْقُ أَوْ الصِّحَّةُ فِيهَا عَلَى إضْمَارٍ، وَالْمُضْمَرُ هُنَا لَفْظُ جُمْلَةٍ أَوْ مَجْمُوعٍ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى النَّاوِي) أَيْ وَلَوْ حُكْمًا لِيَدْخُلَ الصَّبِيُّ الَّذِي يُوَضِّئُهُ وَلِيُّهُ لِلطَّوَافِ (قَوْلُهُ: أَيْ رَفْعُ حُكْمِهِ) أَيْ فَالْمُرَادُ مِنْ الْحَدَثِ الْأَسْبَابُ، وَإِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا الَّتِي تَتَأَتَّى فِيهَا جَمِيعُ الْأَحْكَامِ الْآتِيَةِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا

فَإِذَا نَوَاهُ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلْمَقْصُودِ سَوَاءٌ أَنَوَى رَفْعَ جَمِيعِ أَحْدَاثِهِ أَمْ بَعْضِهَا وَإِنْ نَفَى بَاقِيَهَا فَلَوْ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ غَالِطًا صَحَّ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ نَوَى رَفْعَ بَعْضِ حَدَثِهِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَبَعْضُ شُرَّاحِ الْحَاوِي وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِ النِّيَّةِ قَوْله تَعَالَى {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ} [البينة: 5] وَالْإِخْلَاصُ النِّيَّةُ. وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» أَيْ الْأَعْمَالُ الْمُعْتَدُّ بِهَا شَرْعًا، وَلِأَنَّ الْوُضُوءَ عِبَادَةٌ فِعْلِيَّةٌ مَحْضَةٌ فَاعْتُبِرَ فِيهِ النِّيَّةُ، فَخَرَجَ بِالْعِبَادَةِ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَنَحْوُهُمَا، وَبِالْفِعْلِيَّةِ الْقَوْلِيَّةُ كَالْأَذَانِ وَالْخُطْبَةِ، وَبِالْمَحْضَةِ الْعُدَّةُ وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ، وَلِأَنَّهُ طَهَارَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْأَسْبَابِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا نَوَاهُ) أَيْ رَفْعَ الْحَدَثِ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْله أَمْ بَعْضَهَا) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ مُتَقَدِّمًا أَوْ مُتَأَخِّرًا. فَإِنْ قُلْت: الْمُتَأَخِّرُ لَا يُسَمَّى حَدَثًا لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْحَدَثَ هُوَ السَّبَبُ الَّذِي يُوجَدُ مِنْ الْمُتَوَضِّئِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ مَسَّ ثُمَّ بَالَ لَا يُطْلَقُ عَلَى الْبَوْلِ حَدَثٌ. قُلْت: أَجَابَ بَعْضُهُمْ بِحَمْلِ الْأَحْدَاثِ الْمُتَعَدِّدَةِ عَلَى مَا لَوْ وُجِدَتْ مِنْهُ دَفْعَةٌ كَأَنْ مَسَّ وَلَمَسَ وَبَالَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ. قَالَ: فَيَتَقَيَّدُ قَوْلُهُمْ إذَا نَوَى بَعْضَ أَحْدَاثِهِ بِذَلِكَ حَتَّى لَوْ وُجِدَتْ مُتَرَتِّبَةً فَنَوَى الْمُتَأَخِّرَ لَمْ يَصِحَّ مُطْلَقًا. وَأَقُولُ: فِي الْمِصْبَاحِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي صِحَّةِ النِّيَّةِ بِرَفْعِ الْبَعْضِ بَيْنَ وُجُودِهَا مَعًا أَوْ مُتَرَتِّبَةً. وَعِبَارَتُهُ: وَالْحَدَثُ الْحَالَةُ الْمُنَاقِضَةُ لِلطَّهَارَةِ شَرْعًا وَالْجَمْعُ الْأَحْدَاثُ، إلَى أَنْ قَالَ: وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ الْمُنَاقِضَةُ لِلطَّهَارَةِ أَنَّ الْحَدَثَ إنْ صَادَفَ طَهَارَةً نَقَضَهَا وَرَفَعَهَا وَإِنْ لَمْ يُصَادِفْ طَهَارَةً فَمِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ حَتَّى يَجُوزَ أَنْ يَجْتَمِعَ عَلَى الشَّخْصِ أَحْدَاثٌ (قَوْلُهُ: فَلَوْ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ) أَيْ وَلَوْ جَنَابَةً كَمَا صَرَّحَ بِالتَّفْصِيلِ فِيهَا، بَلْ وَإِنْ لَمْ يُتَصَوَّرْ مِنْهُ كَالْحَيْضِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) لَعَلَّ صُورَتَهُ أَنَّهُ قَصَدَ رَفْعَ الْحَدَثِ الَّذِي حَصَلَ لَهُ مِنْ النَّوْمِ بِالْفِعْلِ حَتَّى لَوْ نَوَى الْحَدَثَ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ أَنَّهُ نَشَأَ مِنْ النَّوْمِ صَحَّ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ) قَدْ يُقَالُ قِيَاسُ مَا فِي الطَّلَاقِ حَيْثُ يَقَعُ الطَّلَاقُ كَامِلًا فِيمَا لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ الصِّحَّةُ هُنَا وَيَكُونُ رَفْعُ الْبَعْضِ رَفْعًا لِلْكُلِّ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي النِّيَّةِ الْجَزْمُ؛ وَرَفْعُ الْبَعْضِ مَعَ إرَادَةِ بَقَاءِ الْبَعْضِ تَلَاعُبٌ لَا يَلِيقُ بِالنِّيَّةِ، بِخِلَافِ الطَّلَاقِ لَمْ يُشْتَرَطْ فِي وُقُوعِهِ الْجَزْمُ الْمَذْكُورُ وَهُوَ لَا يَتَبَعَّضُ، فَكَانَ إيقَاعُ بَعْضِهِ إيقَاعًا لِكُلِّهِ (قَوْلُهُ: وَالْإِخْلَاصُ النِّيَّةُ) قَالَ سم فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ: فِيهِ شَيْءٌ مَعَ لَهُ اهـ. وَوَجْهُهُ أَنَّ الْإِخْلَاصَ بِمَعْنَى النِّيَّةِ لَا يَتَعَدَّى بِاللَّامِ، إذْ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ عَلَيْهِ نَاوِينَ الدِّينَ لَهُ وَلَا مَعْنَى لَهُ، وَقَدْ يُقَالُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْإِخْلَاصِ بِمَعْنَى النِّيَّةِ تَقْدِيرُ لَفْظِهَا فِي الْكَلَامِ، بَلْ يَكْفِي مُلَاحَظَتُهَا مَعْنًى كَأَنْ يُقَالَ: مَعْنَى مُخْلِصِينَ مُخَصِّصِينَ لَهُ الدِّينَ: أَيْ قَاصِرِينَ الدِّينَ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يَنْسُبُونَهُ إلَى غَيْرِهِ، وَذَلِكَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِالنِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ) قَدَّمَ الْآيَةَ لِكَوْنِهَا دَالَّةً عَلَى وُجُوبِ النِّيَّةِ دَلَالَةً ظَاهِرَةً، وَالْحَدِيثُ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ بِأَنْ يُقَالَ: إنَّمَا صِحَّةُ الْأَعْمَالِ بِالنِّيَّةِ، وَالْحَنَفِيَّةُ يَمْنَعُونَ هَذَا وَيُقَدِّرُونَ إنَّمَا كَمَالُ الْأَعْمَالِ. وَالْجَوَابُ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ تَقْدِيرَ الصِّحَّةِ أَقْرَبُ إلَى نَفْيِ الذَّاتِ مِنْ نَفْيِ الْكَمَالِ، لِأَنَّ مَا انْتَفَتْ صِحَّتُهُ لَا يُعْتَدُّ بِهِ شَرْعًا فَكَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ، بِخِلَافِ مَا انْتَفَى كَمَالُهُ مَا فَإِنَّهُ يُعْتَدُّ بِهِ شَرْعًا فَكَأَنَّ ذَاتَه مَوْجُودَةٌ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَالْأَصْلُ إلَخْ وَكَأَنَّهُ قِيلَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» وَلِأَنَّ الْوُضُوءَ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَحْضَةٌ) أَيْ وَكُلُّ مَا هُوَ كَذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ، وَفِيهِ أَنَّ هَذِهِ الْمُقَدِّمَةَ يَحْتَاجُ إثْبَاتُهَا لِدَلِيلٍ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ) أَيْ الْوُضُوءَ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَالْأَصْلُ أَيْضًا ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا لَوْ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ لَا يَتَجَزَّأُ إذَا بَقِيَ بَعْضُهُ بَقِيَ كُلُّهُ كَمَا

مُوجِبُهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّ مُوجَبِهَا فَأَشْبَهَتْ التَّيَمُّمَ وَبِهِ خَرَجَ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ وَالْكَلَامُ عَلَيْهَا مِنْ سَبْعَةِ أَوْجُهٍ جَمَعَهَا بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ: حَقِيقَةُ حُكْمٍ مَحَلٌّ وَزَمَنْ ... كَيْفِيَّةُ شَرْطٍ وَمَقْصُودٌ حَسَنْ فَحَقِيقَتُهَا لُغَةً الْقَصْدُ، وَشَرْعًا قَصْدُ الشَّيْءِ مُقْتَرِنًا بِفِعْلِهِ، وَحُكْمُهَا الْوُجُوبُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَمَحَلُّهَا الْقَلْبُ، وَزَمَنُهَا أَوَّلُ الْوَاجِبَاتِ، وَكَيْفِيَّتُهَا تَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْأَبْوَابِ، وَشَرْطُهَا إسْلَامُ النَّاوِي، وَتَمْيِيزُهُ وَعِلْمُهُ بِالْمَنْوِيِّ، وَعَدَمُ إتْيَانِهِ بِمُنَافِيهَا بِأَنْ يَسْتَصْحِبَهَا حُكْمًا، وَالْمَقْصُودُ بِهَا تَمْيِيزُ الْعِبَادَةِ عَنْ الْعَادَةِ كَالْجُلُوسِ لِلِاعْتِكَافِ تَارَةً وَلِلِاسْتِرَاحَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: مُوجِبُهَا) أَيْ أَثَرُهَا (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَحَلِّ مُوجَبِهَا) الْأَوْلَى ضَبْطُ الْأُولَى بِالْكَسْرِ، وَالثَّانِيَةِ بِالْفَتْحِ. وَالْمَعْنَى السَّبَبُ الَّذِي يُوجِبُهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّ مُوجَبِهَا: أَيْ مُحَصَّلِهَا، فَاللَّمْسُ مَثَلًا سَبَبٌ لِلطَّهَارَةِ الَّتِي هِيَ زَوَالُ الْمَنْعِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الْحَدَثِ وَمُحَصَّلُهَا غَسْلُ الْأَعْضَاءِ، وَاللَّمْسُ لَيْسَ فِي مَحَلِّ ذَلِكَ الْغَسْلِ، وَلَوْ قَالَ مُوجِبُهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ فَحَقِيقَتُهَا لُغَةً الْقَصْدُ) لَمْ يُسْمَعْ جَمْعُهُ لُغَةً وَقَدْ جَمَعَهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ عَلَى قُصُودٍ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: وَكَلَامُهُمْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ جَمْعَ الْمَصْدَرِ مَوْقُوفٌ عَلَى السَّمَاعِ، فَإِنْ سُمِعَ الْجَمْعُ عَلَّلُوا بِاخْتِلَافِ الْأَنْوَاعِ، وَإِنْ لَمْ يُسْمَعْ عَلَّلُوا بِأَنَّهُ، مَصْدَرٌ: أَيْ بَاقٍ عَلَى مَصْدَرِيَّتِهِ، وَعَلَى هَذَا فَجَمْعُ الْقَصْدِ مَوْقُوفٌ عَلَى السَّمَاعِ: أَيْ وَلَمْ يُسْمَعْ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْفُقَهَاءَ ثِقَاتٌ فَذِكْرُهُمْ لَهُ دَلِيلٌ عَلَى سَمَاعِهِ (قَوْلُهُ: قَصْدُ الشَّيْءِ مُقْتَرِنًا إلَخْ) اعْتِبَارُ الِاقْتِرَانِ فِي الْحَقِيقَةِ يُشْكِلُ بِنَحْوِ الصَّوْمِ وَالِاسْتِثْنَاءِ فِي مُقَوِّمَاتِ الْحَقِيقَةِ مِمَّا لَا مَعْنَى لَهُ كَمَا لَا يَخْفَى. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا رَسْمًا اُعْتُبِرَ فِيهِ لَازِمٌ غَالِبِيٌّ وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ حَقِيقَتُهَا لَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ، أَوْ يَلْتَزِمُ أَنَّ السَّابِقَ فِي الصَّوْمِ لَيْسَ كَنِيَّةٍ بَلْ هُوَ عَزْمٌ اكْتَفَى بِهِ لِلضَّرُورَةِ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ (قَوْلُهُ: وَحُكْمُهَا الْوُجُوبُ) قَدْ يُرَدُّ أَنَّ النِّيَّةَ قَدْ تَكُونُ مَنْدُوبَةً: أَيْ كَنِيَّةِ السِّوَاكِ الَّذِي لَيْسَ فِي ضِمْنِ عِبَادَةٍ. لَا يُقَالُ كَلَامُهُ فِي النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ لَا مُطْلَقًا. لِأَنَّا نَقُولُ: صَرِيحُ سِيَاقِهِ يَرُدُّ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ الْآتِي بِأَوَّلِ غَسْلِ جُزْءٍ مِنْ الْوَجْهِ هُنَا. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْوُجُوبُ غَالِبًا اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ. قُلْت: أَوْ أَنَّ الْوُجُوبَ بِمَعْنَى مَا لَا بُدَّ مِنْهُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ (قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ} [البينة: 5] الْآيَةَ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهَا الْقَلْبُ) نَعَمْ التَّلَفُّظُ مَنْدُوبٌ اهـ شَرْحُ الْبَهْجَةِ: أَيْ فِي جَمِيعِ الْأَبْوَابِ، بَلْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ فِي الْجَمِيعِ. وَقَالَ حَجّ: أَيْ فِي جَمِيعِ الْأَبْوَابِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مُوجِبِهِ: أَيْ فِي جَمِيعِ الْأَبْوَابِ (قَوْلُهُ وَعَدَمُ إتْيَانِهِ بِمُنَافِيهَا) تَقَدَّمَ عَدُّ الْإِسْلَامِ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ شُرُوطِ الْوُضُوءِ، فَلَا يَحْسُنُ هُنَا عَدُّهُ مِنْ شُرُوطِ النِّيَّةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَا مَانِعَ أَنَّ الشَّيْءَ الْوَاحِدَ قَدْ يَكُونُ شَرْطًا لِأَشْيَاءَ مُتَعَدِّدَةٍ بِاعْتِبَارَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ. وَعِبَارَةُ حَجّ: وَهَذِهِ الْخَمْسَةُ الْأَخِيرَةُ: أَيْ وَهِيَ تَحَقُّقُ الْمُقْتَضَى، وَالْإِسْلَامُ وَالتَّمْيِيزُ وَعَدَمُ الصَّارِفِ وَمَعْرِفَةُ الْكَيْفِيَّةِ شُرُوطٌ فِي الْحَقِيقَةِ لِلنِّيَّةِ. [تَنْبِيهٌ] قَالَ الْقَيْصَرِيُّ: يَنْبَغِي لِلْمُتَطَهِّرِ أَنْ يَنْوِيَ مَعَ غَسْلِ يَدَيْهِ: أَيْ كَفَّيْهِ، فَلَا يُنَافِي قَوْلُهُ الْآتِي وَالْيَدَيْنِ إلَخْ تَطْهِيرَهُمَا مِنْ تَنَاوُلِ مَا أَبْعَدَهُ عَنْ اللَّهِ وَنَفْضَهُمَا مِمَّا يَشْغَلُهُ عَنْهُ، وَبِالْمَضْمَضَةِ تَطْهِيرَ الْفَمِ مِنْ تَلْوِيثِ اللِّسَانِ بِالْأَقْوَالِ الْخَبِيثَةِ، وَبِالِاسْتِنْشَاقِ إخْرَاجَ اسْتِرْوَاحِ رَوَائِحِ مَحْبُوبَاتِهِ، وَبِتَخْلِيلِ الشَّعْرِ حَلَّهُ مِنْ أَيْدِي مَا يُهْلِكُهُ وَيُهْبِطُهُ مِنْ أَعْلَى عِلِّيِّينَ إلَى أَسْفَلَ سَافِلِينَ، وَبِغَسْلِ وَجْهِهِ تَطْهِيرَهُ مِنْ تَوَجُّهِهِ إلَى اتِّبَاعِ الْهَوَى وَمِنْ طَلَبِ الْجَاهِ الْمَذْمُومِ وَتَخَشُّعِهِ لِغَيْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَحُكْمُهَا الْوُجُوبُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمَفْعُولُ مَنْدُوبًا فَمَعْنَى الْوُجُوبِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ لِلصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: وَزَمَنُهَا أَوَّلَ الْوَاجِبَاتِ) الْأَوْلَى أَوَّلُ الْعِبَادَاتِ (قَوْلُهُ: وَشَرْطُهَا إسْلَامُ النَّاوِي إلَخْ) ، وَيَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ شُرُوطًا لِلنِّيَّةِ الَّتِي هِيَ رُكْنٌ لِلْوُضُوءِ أَنْ تَكُونَ شُرُوطًا لِلْوُضُوءِ، وَمِنْ ثَمَّ قَدَّمَهَا فِي شُرُوطِ الْوُضُوءِ فَلَا يَرِدُ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ. (قَوْلُهُ: وَعَلِمَهُ بِالْمَنْوِيِّ) لَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَقْصِدُ بِفَرْضٍ نَفْلًا (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ إتْيَانِهِ بِمُنَافِيهَا) الْمُنَافِي هُنَا غَيْرُ

أُخْرَى، أَوْ تَمْيِيزُ رُتَبِهَا كَالصَّلَاةِ تَكُونُ تَارَةً فَرْضًا وَأُخْرَى نَفْلًا، وَلَا تَتَعَيَّنُ النِّيَّةُ الْمُتَقَدِّمَةُ بَلْ هِيَ (أَوْ) نِيَّةُ (اسْتِبَاحَةِ) شَيْءٍ (مُفْتَقِرٍ) صِحَّتُهُ (إلَى طُهْرٍ) أَيْ وُضُوءِ كَصَلَاةٍ وَمَسِّ مُصْحَفٍ وَطَوَافٍ، لِأَنَّ رَفْعَ الْحَدَثِ إنَّمَا يُطْلَبُ لِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ، فَإِذَا نَوَاهَا فَقَدْ نَوَى غَايَةَ الْقَصْدِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: نَوَيْت اسْتِبَاحَةَ مُفْتَقِرٍ إلَى وُضُوءٍ أَجْزَأَهُ وَإِنْ لَمْ يَخْطِرْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ مُفْرَدَاتِهِ، وَكَوْنُ نِيَّتِهِ حِينَئِذٍ تَصْدُقُ بِنِيَّةِ وَاحِدٍ مُبْهَمٍ مِمَّا يَفْتَقِرُ لَهُ لَا يَضُرُّ لِأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ مُتَضَمِّنٌ لِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ، وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ نَوَى بِهِ مَا لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ فِعْلُهُ حَالًا كَالطَّوَافِ وَهُوَ بِمِصْرَ مَثَلًا، أَوْ صَلَاةِ الْعِيدِ فِي نَحْوِ رَجَبٍ، وَمَا لَوْ نَوَى أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ الظُّهْرَ مَثَلًا وَلَا يُصَلِّيَ بِهِ غَيْرَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى بِهِ رَفْعَ حَدَثِهِ بِالنِّسْبَةِ لِصَلَاةٍ دُونَ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وُضُوءُهُ قَوْلًا وَاحِدًا كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ، لِأَنَّ حَدَثَهُ لَا يَتَجَزَّأُ إذَا بَقِيَ بَعْضُهُ بَقِيَ كُلُّهُ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ قَالَ الشَّيْخُ إنَّهُ مَرْدُودٌ فَقَدْ فَرَّقَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِأَنَّ فِي مَسْأَلَةِ الْبَغَوِيّ بَقِيَ بَعْضُ حَدَثِهِ الَّذِي رَفَعَهُ، وَفِيمَا رَدَّ بِهِ الْبَاقِيَ غَيْرَ الْحَدَثِ الْمَرْفُوعِ وَهُوَ لَا يَضُرُّ فَإِنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ إذَا رَفَعَ غَيْرَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSاللَّهِ، وَبِتَطْهِيرِ الْأَنْفِ مِنْ الْأَنَفَةِ وَالْكِبْرِ، وَالْعَيْنِ مِنْ التَّطَلُّعِ إلَى الْمَكْرُوهَاتِ وَالنَّظَرِ لِغَيْرِ اللَّهِ بِنَفْعٍ أَوْ ضُرٍّ، وَالْيَدَيْنِ تَطْهِيرَهُمَا مِنْ تَنَاوُلِ مَا أَبْعَدَهُ عَنْ اللَّهِ، وَالرَّأْسِ زَوَالَ التَّرَؤُّسِ وَالرِّيَاسَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْكِبْرِ، وَالْقَدَمَيْنِ تَطْهِيرَهُمَا مِنْ الْمُسَارَعَةِ إلَى الْمُخَالَفَاتِ وَاتِّبَاعِ الْهَوَى وَحَلَّ قُيُودِ الْعَجْزِ عَنْ الْمُسَارَعَةِ فِي مَيَادِينِ الطَّاعَةِ الْمُبَلِّغَةِ إلَى الْفَوْزِ، وَهَكَذَا يَصْلُحُ الْجَسَدُ لِلْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيْ الْقُدُّوسِ تَعَالَى، مُنَاوِيٌّ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ لِلْجَامِعِ عِنْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَيُّمَا رَجُلٍ قَامَ إلَى وُضُوئِهِ يُرِيدُ الصَّلَاةَ ثُمَّ غَسَلَ كَفَّيْهِ نَزَلَتْ خَطِيئَتُهُ مِنْ كَفَّيْهِ مَعَ أَوَّلِ قَطْرَةٍ، فَإِذَا غَسَلَ وَجْهَهُ» إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ مُفْرَدَاتِهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ خُصُوصُهُ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ تَصَوُّرِ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَفْتَقِرُ إلَى وُضُوءٍ، لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا يُعْتَدُّ بِهَا إذَا قَصَدَ فِعْلَ الْمَنْوِيِّ بِقَلْبِهِ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ نَوَى) أَيْ وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ نَوَتْ الْمَرْأَةُ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ غَالِطَةً، فَإِنْ كَانَتْ عَامِدَةً لَمْ تَصِحَّ نِيَّتُهَا لِعَدَمِ تَأَتِّي ذَلِكَ مِنْهَا (قَوْلُهُ: أَوْ صَلَاةِ الْعِيدِ فِي نَحْوِ رَجَبٍ) أَيْ مَا لَمْ يُقَيَّدْ بِفِعْلِهِ حَالًا وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ لِتَلَاعُبِهِ كَذَا قِيلَ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْ الْمُتَصَرِّفِينَ بِحَيْثُ يَقْدِرُ عَلَى الْوُصُولِ إلَى مَكَّةَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي عَيْنُهُ الصِّحَّةُ وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَأَمَّا لَوْ كَانَ عَاجِزًا وَقْتَ النِّيَّةِ ثُمَّ عَرَضَتْ لَهُ الْقُدْرَةُ بَعْدُ إمَّا بِأَنْ صَارَ مُتَصَرِّفًا أَوْ اتَّفَقَ لَهُ مَنْ يُوَصِّلُهُ إلَى مَكَّةَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْ الْمُتَصَرِّفِينَ لَمْ يَصِحَّ لِفَسَادِ النِّيَّةِ عِنْدَ الْإِتْيَانِ بِهَا، وَمَا وَقَعَ بَاطِلًا لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا. هَذَا وَقَدْ عَلَّلَ ابْنُ حَجَرٍ الصِّحَّةَ فِيمَا لَوْ نَوَى مَا لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّ نِيَّةَ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ فِعْلُهُ مُتَضَمِّنَةٌ نِيَّةَ رَفْعِ الْحَدَثِ اهـ. وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُقَيِّدَ ذَلِكَ بِفِعْلِهِ حَالًا أَوْ لَا لِأَنَّهُ وَإِنْ نَوَاهُ فَالْمَقْصُودُ مِنْهُ رَفْعُ الْحَدَثِ، فَتَقْيِيدُهُ بِمَا ذُكِرَ لَا يُنَافِي مَقْصُودَهُ لَكِنْ يُنَافِي الْأَخْذَ بِمُقْتَضَاهُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَوَى بِوُضُوئِهِ الصَّلَاةَ بِمَحَلٍّ نَجِسٍ إلَخْ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ، فَالْأَوْلَى الْأَخْذُ بِمَا قِيلَ مِنْ فَسَادِ النِّيَّةِ، وَيُحْمَلُ مَا اقْتَضَاهُ التَّعْلِيلُ عَلَى أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِمُنَافِيهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ الشَّيْخُ) أَيْ فِي غَيْرِ شَرْحِ مَنْهَجِهِ (قَوْلُهُ: الْبَاقِي) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ غَيْرُ. وَالْمَعْنَى أَنَّ فِي مَسْأَلَةِ غَيْرِ الْبَغَوِيّ رَفَعَ فِيهَا حَدَثًا بِتَمَامِهِ وَأَبْقَى غَيْرَهُ مِنْ الْأَحْدَاثِ، فَالْحَدَثُ الْبَاقِي غَيْرُ الْمَرْفُوعِ، وَحَيْثُ ارْتَفَعَ حَدَثٌ صَحَّ غَيْرُ الصَّلَاةِ الَّتِي عَيَّنَهَا بِرَفْعِ الْحَدَثِ الَّذِي رَفَعَهُ. وَفِي مَسْأَلَةِ الْبَغَوِيّ الَّذِي رَفَعَهُ بَعْضُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُنَافِي الْمُتَقَدِّمِ فِي شُرُوطِ الْوُضُوءِ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِأَنْ يَسْتَصْحِبَهَا حُكْمًا، فَالْمُنَافِي عَدَمُ الِاسْتِصْحَابِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ الصَّرْفُ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ نَوَى بِهِ) أَيْ بِالْوُضُوءِ: أَيْ بِأَيِّ نِيَّةٍ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ غَيْرِهِ وَلَيْسَ بِمَا خَاصًّا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ نَوَى أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ الظُّهْرَ إلَخْ) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّ نِيَّتَهُ غَيْرُ رَفْعِ الْحَدَثِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَفِيمَا رُدَّ بِهِ) بِبِنَائِهِ لِلْمَجْهُولِ إذْ الْمَرْدُودُ بِهِ لَيْسَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا إذَا نَوَى رَفْعَ بَعْضِ أَحْدَاثِهِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ

وَوَجَّهَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ النَّافِيَ فِيهِ كَالْمُتَلَاعِبِ، لِأَنَّ الْحَدَثَ إذَا ارْتَفَعَ كَانَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ هَذِهِ وَغَيْرَهَا فَصَارَ كَمَنْ قَالَ أُصَلِّي بِهِ وَلَا أُصَلِّي بِهِ، وَلَا يَرِدُ عَلَى تَعْبِيرِهِ بِطُهْرٍ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَالْمُكْثُ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ افْتِقَارِهِمَا إلَى طُهْرٍ وَهُوَ الْغُسْلُ، وَلَا يَصِحُّ الْوُضُوءُ بِنِيَّتِهِمَا لِأَنَّهُ خَرَجَ بِقَوْلِهِ اسْتِبَاحَةَ، إذْ نِيَّةُ اسْتِبَاحَتِهِمَا تَحْصِيلٌ لِلْحَاصِلِ. وَأَيْضًا فَقَدْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ أَوْ مَا يُنْدَبُ لَهُ وُضُوءٌ كَقِرَاءَةٍ فَلَا فِي الْأَصَحِّ (أَوْ) نِيَّةِ (أَدَاءِ فَرْضِ الْوُضُوءِ) أَوْ فَرْضِ الْوُضُوءِ أَوْ الْوُضُوءِ الْوَاجِبِ وَإِنْ كَانَ النَّاوِي صَبِيًّا، أَوْ أَدَاءِ الْوُضُوءِ أَوْ الْوُضُوءِ فَقَطْ أَوْ الطَّهَارَةِ عَنْ الْحَدَثِ أَوْ لَهُ أَوْ لِأَجْلِهِ أَوْ الْوَاجِبَةِ أَوْ أَدَاءِ فَرْضِ الطَّهَارَةِ أَوْ أَدَاءِ الطَّهَارَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنَّمَا صَحَّ الْوُضُوءُ بِنِيَّةِ فَرْضِهِ قَبْلَ الْوَقْتِ، مَعَ أَنَّهُ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ لِكَوْنِ الْمُرَادِ بِهِ فِعْلَ الطَّهَارَةِ عَنْ الْحَدَثِ الْمَشْرُوطِ لِلصَّلَاةِ. وَشَرْطُ الشَّيْءِ يُسَمَّى فَرْضًا، وَأَيْضًا فَهُوَ بِاعْتِبَارِ مَا يَطْرَأُ، أَلَا تَرَى أَنَّ النَّاوِيَ لِرَفْعِ الْحَدَثِ عِنْدَ غَسْلِ جُزْءٍ مِنْ وَجْهِهِ يَكْتَفِي مِنْهُ بِذَلِكَ مَعَ أَنَّ حَدَثَهُ لَمْ يَرْتَفِعْ ذَلِكَ الْوَقْتَ، وَمَحَلُّ الِاكْتِفَاءِ بِالْأُمُورِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي غَيْرِ الْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ. أَمَّا هُوَ فَالْقِيَاسُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ فِيهِ بِنِيَّةِ الرَّفْعِ أَوْ الِاسْتِبَاحَةِ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ ذَهَبَ الْإِسْنَوِيُّ إلَى الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ كَالصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ. قَالَ: غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ مُشْكِلٌ خَارِجٌ عَنْ الْقَوَاعِدِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ. وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ تَخْرِيجَهُ عَلَى الصَّلَاةِ لَيْسَ بِبَعِيدٍ، لِأَنَّ قَضِيَّةَ التَّجْدِيدِ أَنْ يُعِيدَ الشَّيْءَ بِصِفَتِهِ الْأُولَى انْتَهَى. ـــــــــــــــــــــــــــــSالْحَدَثِ، وَاَلَّذِي أَبْقَاهُ بَعْضٌ آخَرُ، وَالْحَدَثُ لَا يَتَجَزَّأُ فَإِذَا بَقِيَ بَعْضُهُ بَقِيَ كُلُّهُ فَلَا يَصِحُّ بِذَلِكَ الْوُضُوءِ شَيْءٌ مِنْ الصَّلَوَاتِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ مَا رَدَّ بِهِ مِنْ أَنَّهُ يُصَلِّي فِي غَيْرِ مَسْأَلَةِ الْبَغَوِيّ بِوُضُوئِهِ مَا شَاءَ وَمَا رَدَّ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ يُصَلِّي فِي مَسْأَلَةِ الْبَغَوِيّ مَا شَاءَ بِأَنَّ فِي مَسْأَلَتِهِ لَمْ يَرْتَفِعْ شَيْءٌ مِنْ حَدَثِهِ فَلَا تَصِحُّ مِنْهُ صَلَاةٌ أَصْلًا اهـ (قَوْلُهُ: وَوَجَّهَهُ) أَيْ الْفَرْقَ (قَوْلُهُ: فَصَارَ كَمَنْ قَالَ أُصَلِّي بِهِ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ. قَوْلُهُ: أَوْ أَدَاءِ، الْمُرَادُ بِالْأَدَاءِ الْفِعْلُ وَالْإِتْيَانُ لَا مُقَابِلُ الْقَضَاءِ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ. قُلْت: وَذَلِكَ لِأَنَّهُ فَعَلَ الْعِبَادَةَ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا. وَالْوُضُوءُ لَيْسَ لَهُ وَقْتٌ مُقَدَّرٌ شَرْعًا بِحَيْثُ يَكُونُ فِعْلُهُ فِيهِ أَدَاءً وَبَعْدَهُ قَضَاءً (قَوْلُهُ: أَوْ الطَّهَارَةِ عَنْ الْحَدَثِ) أَمَّا نِيَّةُ الطَّهَارَةِ فَقَطْ فَلَا تَكْفِي كَنِيَّةِ الْغُسْلِ لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ عَنْ حَدَثٍ وَخُبْثٍ (قَوْلُهُ: أَوْ لَهُ) أَيْ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ: أَوْ الِاسْتِبَاحَةِ) وَمِثْلُهَا الطَّهَارَةُ عَنْ الْحَدَثِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ سم عَلَى مَنْهَجٍ نَقْلًا عَنْ الشَّارِحِ. وَفِي كَلَامِ حَجّ نَقْلًا عَنْ ابْنِ الْعِمَادِ أَنَّهُ يَصِحُّ بِكُلِّ نِيَّةٍ مِمَّا مَرَّ حَتَّى نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ وَالِاسْتِبَاحَةِ. قَالَ: وَهُوَ قَرِيبٌ إنْ أَرَادَ صُورَتَهُمَا، كَمَا أَنَّ مُعِيدَ الصَّلَاةِ يَنْوِي بِهَا الْفَرْضَ إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بِهِ (قَوْلُهُ قَالَ) أَيْ الْإِسْنَوِيُّ (قَوْلُهُ: لَيْسَ بِبَعِيدٍ) قَالَ حَجّ: وَهُوَ قَرِيبٌ إنْ أَرَادَ صُورَتَهُمَا، كَمَا أَنَّ مُعِيدَ الصَّلَاةِ يَنْوِي بِهَا الْفَرْضَ، إلَى أَنْ قَالَ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْإِطْلَاقَ هُنَا كَافٍ كَهُوَ ثَمَّ اهـ: أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ مُلَاحَظَةُ الْإِعَادَةِ لِمَا هُوَ فَرْضٌ، وَلَا نِيَّةُ مَا هُوَ فَرْضٌ صُورَةً وَلَا مَا هُوَ فَرْضٌ فِي الْجُمْلَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQالْفَرْقِ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ الْمَسْأَلَةُ الْمَذْكُورَةُ قَبْلَ هَذِهِ (قَوْلُهُ: وَوَجْهُهُ) أَيْ كَلَامِ الْبَغَوِيّ (قَوْلُهُ: لِكَوْنِ الْمُرَادِ بِهِ إلَخْ) لَا يَتَأَتَّى فِي الْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ مَعَ أَنَّهُ يَصِحُّ فِيهِ فَرْضُ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ذَهَبَ الْإِسْنَوِيُّ. إلَخْ) الْإِسْنَوِيُّ لَمْ يَذْهَبْ إلَى ذَلِكَ. وَإِنَّمَا ذَهَبَ إلَى عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِمَا ذُكِرَ، ثُمَّ بَحَثَ الِاكْتِفَاءَ بَعْدَ جَزْمِهِ بِالْأَوَّلِ، ثُمَّ أَشَارَ إلَى رَدِّ الْبَحْثِ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: تَنْبِيهٌ مَا تَقَرَّرَ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالْأُمُورِ السَّابِقَةِ مَحَلُّهُ فِي الْوُضُوءِ غَيْرِ الْمُجَدَّدِ، أَمَّا الْمُجَدَّدُ فَالْقِيَاسُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ فِيهِ بِنِيَّةِ الرَّفْعِ أَوْ الِاسْتِبَاحَةِ. وَقَدْ يُقَالُ: يُكْتَفَى بِهَا كَالصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ، غَيْرَ أَنَّ ذَاكَ مُشْكِلٌ خَارِجٌ عَنْ الْقَوَاعِدِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ، ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الْعِمَادِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ رَدًّا عَلَى الْبَحْثِ. فِيمَا ذَهَبَ إلَيْهِ مِنْ

[فرائض الوضوء]

وَيَرُدُّ ذَلِكَ بِأَنَّ الصَّلَاةَ اُخْتُلِفَ فِيهَا هَلْ فَرْضُهُ الْأُولَى أَمْ الثَّانِيَةُ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ فِي الْوُضُوءِ بِذَلِكَ فَافْتَرَقَا. وَمِثْلُ مَا ذُكِرَ وُضُوءُ الْجُنُبِ إذَا تَجَرَّدَتْ جَنَابَتُهُ لِمَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الْوُضُوءُ مِنْ أَكْلٍ أَوْ نَوْمٍ أَوْ نَحْوِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْته أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لِلْفَرْضِيَّةِ وَالْأَدَاءِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ خِلَافَهُ، وَإِنَّمَا اكْتَفَى بِالْوُضُوءِ فَقَطْ دُونَ الْغُسْلِ لِأَنَّ الْوُضُوءَ لَا يَكُونُ إلَّا عِبَادَةً فَلَا يُطْلَقُ عَلَى غَيْرِهَا، بِخِلَافِ الْغُسْلِ فَإِنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى غُسْلِ النَّجَاسَةِ وَالْجَنَابَةِ وَغَيْرِهَا (وَمَنْ دَامَ حَدَثُهُ كَمُسْتَحَاضَةٍ) وَسَلَسِ بَوْلٍ أَوْ نَحْوِهِ (كَفَاهُ نِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ) الْمَارَّةِ (دُونَ) نِيَّةِ (الرَّفْعِ) الْمُتَقَدِّمِ لِعَدَمِ ارْتِفَاعِ حَدَثِهِ (عَلَى الصَّحِيحِ فِيهِمَا) أَمَّا الِاكْتِفَاءُ بِنِيَّةِ الِاسْتِبَاحَةِ فَبِالْقِيَاسِ عَلَى التَّيَمُّمِ. وَأَمَّا عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِرَفْعِ الْحَدَثِ فَلِبَقَاءِ حَدَثِهِ. وَالثَّانِي يَصِحُّ فِيهِمَا. وَالثَّالِثُ لَا يَصِحُّ فِيهِمَا بَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا. وَيُنْدَبُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا عَلَى الصَّحِيحِ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ لِتَكُونَ نِيَّةُ الرَّفْعِ لِلْحَدَثِ السَّابِقِ وَنِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ وَنَحْوِهَا لِلَّاحِقِ، وَبِذَلِكَ يُرَدُّ مَا قِيلَ إنَّهُ قَدْ جَمَعَ فِي نِيَّتِهِ بَيْنَ مُبْطِلٍ وَغَيْرِهِ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ نِيَّةَ الِاسْتِبَاحَةِ، وَحْدَهَا تُفِيدُ الرَّفْعَ كَنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ فَالْغَرَضُ يَحْصُلُ بِهَا وَحْدَهَا. وَرُدَّ بِأَنَّ الْغَرَضَ الْخُرُوجُ مِنْ الْخِلَافِ، وَهُوَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِمَا يُؤَدِّي الْمَعْنَى مُطَابَقَةً لَا الْتِزَامًا، وَذَلِكَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِجَمْعِ النِّيَّتَيْنِ، وَحُكْمُ نِيَّةِ دَائِمِ الْحَدَثِ فِيمَا يَسْتَبِيحُهُ مِنْ الصَّلَوَاتِ حُكْمُ الْمُتَيَمِّمِ حَرْفًا بِحَرْفٍ، فَإِنْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ فَرْضٍ اسْتَبَاحَهُ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ تَوَضَّأَ الشَّاكُّ بَعْدَ وُضُوئِهِ فِي حَدَثِهِ مُحْتَاطًا فَبَانَ مُحْدِثًا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَلَا غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا اُعْتُبِرَ ثَمَّ مِنْ التَّأْوِيلَاتِ لِلْفَرْضِ بَلْ الْإِطْلَاقُ كَافٍ، وَيُحْمَلُ عَلَى مَا يَمْنَعُ مِنْ التَّلَاعُبِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُ مَا ذُكِرَ) أَيْ فِي امْتِنَاعِ نِيَّةِ الرَّفْعِ وَالِاسْتِبَاحَةِ وَالطَّهَارَةِ عَنْ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ: إذَا تَجَرَّدَتْ جَنَابَتُهُ) أَيْ عَنْ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ: لِمَا يُسْتَحَبُّ) مُتَعَلِّقٌ بِوُضُوءٍ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَهُ) كَالْجِمَاعِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا اكْتَفَى بِالْوُضُوءِ) أَيْ بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ فَقَطْ: أَيْ مِنْ غَيْرِ أَدَاءً وَفَرْضٍ (قَوْلُهُ: دُونَ الْغُسْلِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَكْتَفِ فِيهِ بِمُجَرَّدِ نِيَّةِ الْغُسْلِ (قَوْلُهُ: كَفَاهُ نِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ) وَشَرْطُ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ قَصْدُ فِعْلِهَا بِتِلْكَ الطَّهَارَةِ فَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ فِعْلَ الصَّلَاةِ أَوْ نَحْوَهَا بِوُضُوئِهِ، قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: فَهُوَ تَلَاعُبٌ لَا يُصَارُ إلَيْهِ اهـ خَطِيبٌ، وَمِثْلُهُ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَلَعَلَّ صُورَةَ مَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ قَصَدَ أَنْ لَا يَفْعَلَ بِهَا شَيْئًا مِنْ الصَّلَوَاتِ وَلَا نَحْوَهَا وَلِيَتَأَتَّى الْقَوْلُ بِالتَّلَاعُبِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَبِذَلِكَ) أَيْ بِكَوْنِ نِيَّةِ الرَّفْعِ لِلْحَدَثِ السَّابِقِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَيْنَ مُبْطِلٍ) وَهُوَ نِيَّةُ الرَّفْعِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ نِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ (قَوْلُهُ: مُطَابَقَةً لَا الْتِزَامًا) عِبَارَةُ حَجّ: وَيَرُدُّ بِمَنْعِ عِلَّتِهِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ كَانَ لَازِمًا بَعِيدًا وَهُوَ لَا يَكْتَفِي بِهِ فِي النِّيَّاتِ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: قَوْلُهُ: كَانَ لَازِمًا بَعِيدًا فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ اللَّازِمَ الْبَعِيدَ مَا كَثُرَتْ وَسَائِطُهُ وَهَذَا مَفْقُودٌ هُنَا، بَلْ لَا وَاسِطَةَ هُنَا أَصْلًا لِأَنَّهُ إذَا تَحَقَّقَ الرَّفْعُ تَحَقَّقَتْ إبَاحَةُ الصَّلَاةِ فَتَأَمَّلْهُ، وَقَوْلُهُ وَيَرُدُّ بِمَنْعِ عِلَّتِهِ كَتَبَ عَلَيْهِ سم فِيهِ أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِهَذَا الْمَنْعِ لِظُهُورِ أَنَّ رَفْعَ الْحَدَثِ يَسْتَلْزِمُ اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ فَالتَّضَمُّنُ صَحِيحٌ. لَا يُقَالُ قَدْ يَرْتَفِعُ إلَخْ الْحَدَثُ وَلَا تُبَاحُ الصَّلَاةُ لِوُجُودِ مَانِعٍ آخَرَ، لِأَنَّهُ لَوْ الْتَفَتَ لِهَذَا لَمْ تَصِحَّ هَذِهِ النِّيَّةُ مِنْ السَّلِيمِ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ حَرْفًا بِحَرْفٍ) هَذَا إذَا نَوَى الِاسْتِبَاحَةَ، فَلَوْ نَوَى الْوُضُوءَ أَوْ فَرْضَ الْوُضُوءِ أَوْ أَدَاءَ الْوُضُوءِ هَلْ يَسْتَبِيحُ الْفَرْضَ وَالنَّفَلَ أَوْ النَّفَلَ فَقَطْ؟ أَجَابَ عَنْهُ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّهُ يَسْتَبِيحُ النَّفَلَ لَا الْفَرْضَ تَنْزِيلًا لَهُ عَلَى أَقَلِّ دَرَجَاتِ مَا يَقْصِدُ لَهُ غَالِبًا. أَقُولُ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهَا بِأَنَّ الصَّلَاةَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ فَصِدْقُهَا عَلَى أَحَدِهِمَا كَصِدْقِهَا عَلَى الْآخَرِ فَحُمِلَتْ عَلَى أَقَلِّ الدَّرَجَاتِ، بِخِلَافِ الْوُضُوءِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ رَفْعُ الْمَانِعِ مُطْلَقًا فَعَمِلَ بِهِ وَكَانَ نِيَّتُهُ كَنِيَّةِ اسْتِبَاحَةِ النَّفْلِ وَالْفَرْضِ مَعًا، وَقَدْ يُجْعَلُ الْعُدُولُ إلَيْهِ دُونَ نِيَّةِ الِاسْتِبَاحَةِ قَرِينَةً عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَوَضَّأَ الشَّاكُّ إلَخْ) هَذِهِ عُلِمَتْ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ، وَعَدَّ بَعْضُهُمْ مِنْهَا تَحَقُّقَ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِمَا ذُكِرَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَيَرُدُّ ذَلِكَ) فِي هَذَا الرَّدِّ نَظَرٌ، إذْ لَا دَخْلَ لِكَوْنِ فَرْضِهِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ (قَوْلُهُ وَغَيْرُهُمَا) أَيْ مِمَّا لَيْسَ عِبَادَةً أَصْلًا كَالتَّبَرُّدِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهَا) أَيْ كَنِيَّةِ أَدَاءِ الْوُضُوءِ الْمُشَارِكِ لِنِيَّةِ الِاسْتِبَاحَةِ فِي الِاكْتِفَاءِ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُقَدِّمْهُ الشَّارِحُ [فَرَائِضُ الْوُضُوء] (قَوْلُهُ: لِلَّاحِقِ) أَيْ أَوْ الْمُقَارِنِ

لَمْ يُجْزِهِ لِلتَّرَدُّدِ فِي النِّيَّةِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، كَمَا لَوْ قَضَى فَائِتَةً شَاكًّا فِي كَوْنِهَا عَلَيْهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا عَلَيْهِ حَيْثُ لَا تَكْفِيهِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ حَدَثَهُ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ لِلضَّرُورَةِ، وَلَوْ تَوَضَّأَ مَنْ شَكَّ فِي وُضُوئِهِ بَعْدَ حَدَثِهِ أَجْزَأَهُ وَإِنْ كَانَ مُتَرَدِّدًا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَدَثِ وَقَدْ فَعَلَ وَاجِبًا، بَلْ لَوْ نَوَى فِيهَا إنْ كَانَ مُحْدِثًا فَعَنْ حَدَثِهِ وَإِلَّا فَتَجْدِيدٌ صَحَّ أَيْضًا وَإِنْ تَذَكَّرَ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّهُ (وَمَنْ) (نَوَى) بِوُضُوئِهِ (تَبَرُّدًا) أَوْ أَمْرًا يَحْصُلُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ كَتَنَظُّفٍ وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ وُضُوئِهِ (مَعَ نِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ) إنْ كَانَ مُسْتَحْضِرًا نِيَّةَ الْوُضُوءِ عِنْدَ نِيَّةِ نَحْوِ التَّبَرُّدِ (جَازَ) وَأَجْزَأَهُ ذَلِكَ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهُ حَاصِلٌ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ كَمَا لَوْ نَوَى بِصَلَاتِهِ الْفَرْضَ وَالتَّحِيَّةَ لِلْمَسْجِدِ، وَالثَّانِي يَضُرُّ لِتَشْرِيكِهِ بَيْنَ قُرْبَةٍ وَغَيْرِهَا، وَلَوْ فُقِدَتْ النِّيَّةُ الْمُعْتَبَرَةُ كَأَنْ نَوَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ مَعَ غَفْلَتِهِ عَنْ نِيَّةِ الْوُضُوءِ لَمْ يُعْتَدَّ بِمَا فَعَلَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَعَلَيْهِ إعَادَتُهُ دُونَ اسْتِئْنَافِ طَهَارَتِهِ. وَهَلْ نِيَّةُ الِاغْتِرَافِ كَنِيَّةِ التَّبَرُّدِ فِي كَوْنِهَا تَقْطَعُ حُكْمَ مَا قَبْلَهَا أَوْ لَا، وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا رَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَدَمُ قَطْعِهَا لِكَوْنِهَا لِمَصْلَحَةِ الطَّهَارَةِ، إذْ تَصُونُ مَاءَهَا عَنْ الِاسْتِعْمَالِ لَا سِيَّمَا وَنِيَّةُ الِاغْتِرَافِ مُسْتَلْزِمَةٌ تَذَكُّرَ نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ عِنْدَ وُجُودِهَا، بِخِلَافِ نِيَّةِ نَحْوِ التَّنَظُّفِ، وَحَيْثُ وَقَعَ تَشْرِيكٌ بَيْنَ عِبَادَةٍ وَغَيْرِهَا كَمَا هُنَا فَاَلَّذِي رَجَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ لَا ثَوَابَ لَهُ مُطْلَقًا، وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ اعْتِبَارُ الْبَاعِثِ، فَإِنْ كَانَ الْأَغْلَبُ بَاعِثَ الْآخِرَةِ أُثِيبَ وَإِلَّا فَلَا، وَيَبْطُلُ بِالرِّدَّةِ وُضُوءُ نَحْوِ مُسْتَحَاضَةٍ كَمَا يَبْطُلُ بِهَا التَّيَمُّمُ وَالنِّيَّةُ مُطْلَقًا، بِخِلَافِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُقْتَضَى، فَلَوْ شَكَّ هَلْ أَحْدَثَ أَوْ لَا فَتَوَضَّأَ إلَخْ (قَوْلُهُ: شَاكًّا فِي كَوْنِهَا عَلَيْهِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَضَى فَائِتَةً شَكَّ فِي أَنَّهُ هَلْ صَلَّاهَا أَوْ لَا، فَإِنَّهَا تَصِحُّ لِأَنَّ صَلَاتَهُ لَيْسَتْ لِلِاحْتِيَاطِ بَلْ هِيَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ) وَفَائِدَةُ الْإِجْزَاءِ عَدَمُ الْعِقَابِ عَلَيْهَا وَحُصُولُ ثَوَابِهَا وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الصَّلَاةِ مِنْ الدَّرَجَاتِ فِي الْآخِرَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَتَوَضَّأْ وَكَانَ فِي الْوَاقِعِ مُحْدِثًا أَوْ نَسِيَ الْحَدَثَ وَصَلَّى وَلَمْ يَتَذَكَّرْ فَإِنَّهُ لَا عِقَابَ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ، وَلَكِنَّهُ لَا يُثَابُ عَلَى صَلَاتِهِ مَعَ الْحَدَثِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَلَا يَنَالُ مِنْ الدَّرَجَاتِ مَا أُعِدَّ لِلْمُصَلِّي (قَوْلُهُ: كَأَنْ نَوَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ) أَيْ وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ وُضُوئِهِ كَمَا مَرَّ، وَقَوْلُهُ دُونَ اسْتِئْنَافٍ إلَخْ: أَيْ بِأَنْ كَانَتْ نِيَّةُ مَا ذُكِرَ فِي أَثْنَاءِ وُضُوئِهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِإِعَادَةِ غَسْلِ مَا قَبْلَ نِيَّةِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ إعَادَتُهُ) أَيْ بِنِيَّةٍ جَدِيدَةٍ لِبُطْلَانِ النِّيَّةِ الْأُولَى بِنِيَّةِ نَحْوِ التَّبَرُّدِ (قَوْلُهُ وَنِيَّةُ الِاغْتِرَافِ مُسْتَلْزِمَةٌ) أَيْ غَالِبًا اهـ سم عَلَى حَجّ. وَعِبَارَتُهُ وَقَوْلُهُ مُسْتَلْزِمَةٌ إلَخْ لَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَيُمْكِنُ أَنْ يَقْصِدَ إخْرَاجَ الْمَاءِ لِيَتَطَهَّرَ بِهِ خَارِجَ الْإِنَاءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُلَاحِظَ نِيَّتَهُ السَّابِقَةَ، وَلَا أَنَّهُ طَهُرَ وَجْهُهُ وَلَا أَرَادَ تَطْهِيرَ خُصُوصِ يَدِهِ بِهَذَا الْمَاءِ الَّذِي أَخْرَجَهُ، فَقَدْ تُصُوِّرَتْ نِيَّةُ الِاغْتِرَافِ مَعَ الْغَفْلَةِ عَنْ النِّيَّةِ انْتَهَى. هَذَا وَقَدْ يَمْنَعُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ نِيَّةَ اغْتِرَافٍ، إذْ حَقِيقَتُهَا الشَّرْعِيَّةُ إخْرَاجُ الْمَاءِ خَارِجَ الْإِنَاءِ بِقَصْدِ التَّطْهِيرِ لِمَا بَقِيَ مِنْ أَعْضَائِهِ كَمَا ذَكَرَهُ حَجّ فِي الْإِيعَابِ، وَعَلَيْهِ فَهِيَ مُسْتَلْزِمَةٌ لَهَا دَائِمًا لَا غَالِبًا (قَوْلُهُ: اعْتِبَارُ الْبَاعِثِ) وَقَالَ حَجّ: الْأَوْجَهُ كَمَا بَيَّنْتُهُ بِأَدِلَّتِهِ الْوَاضِحَةِ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ وَغَيْرِهَا إنْ قَصَدَ الْعِبَادَةَ يُثَابُ عَلَيْهِ بِقَدْرِهِ وَإِنْ انْضَمَّ لَهُ غَيْرُهُ مِمَّا عَدَا الرِّيَاءَ وَنَحْوَهُ مُسَاوِيًا أَوْ رَاجِحًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْأَغْلَبُ بَاعِثَ الدُّنْيَا أَوْ اسْتَوَيَا (قَوْلُهُ: نَحْوِ مُسْتَحَاضَةٍ) كَسَلَسٍ (قَوْلُهُ: كَمَا يَبْطُلُ بِهَا التَّيَمُّمُ) وَإِنَّمَا أَبْطَلَتْ الرِّدَّةُ وُضُوءَ نَحْوِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَالتَّيَمُّمَ دُونَ وُضُوءِ السَّلِيمِ لِأَنَّ تِلْكَ طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ فَتَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا فَلَا ضَرُورَةَ لِبَقَائِهَا مَعَ الرِّدَّةِ فَبَطَلَتْ بِهَا وَلَا كَذَلِكَ وُضُوءُ السَّلِيمِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: شَاكًّا فِي كَوْنِهَا عَلَيْهِ) لَعَلَّ صُورَتَهُ أَنَّهُ حَصَلَ لَهُ فِي الْوَقْتِ مُسْقِطٌ لِلْوُجُوبِ كَالْجُنُونِ وَشَكَّ فِي اسْتِغْرَاقِهِ الْوَقْتَ. أَمَّا إذَا تَحَقَّقَ الْوُجُوبُ وَشَكَّ فِي الْفِعْلِ الْمُسْقِطِ فَظَاهِرٌ أَنَّ الصَّلَاةَ الْحَاصِلَةَ مَعَ الشَّكِّ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ شَغْلِ الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: وَالنِّيَّةُ مُطْلَقًا) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ شَرَعَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَفْعَالِ الْوُضُوءِ وَإِلَّا انْقَطَعَتْ، وَلَا تَبْطُلُ بِحَيْثُ لَوْ أَسْلَمَ بَنَى كَمَا

وُضُوءِ الرَّفَاهِيَةِ، وَلَوْ نَوَى قَطْعَ وُضُوئِهِ انْقَطَعَتْ نِيَّتُهُ فَيُعِيدُهَا لِلْبَاقِي، وَحَيْثُ بَطَلَ وُضُوءُهُ فِي أَثْنَائِهِ بِحَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ أُثِيبَ عَلَى مَا مَضَى إنْ بَطَلَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَإِلَّا فَلَا، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ (أَوْ) نَوَى بِوُضُوئِهِ (مَا يُنْدَبُ لَهُ وُضُوءٌ كَقِرَاءَةٍ فَلَا) يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ: أَيْ لَا يَصِحُّ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ يَسْتَبِيحُهُ مَعَ الْحَدَثِ فَلَمْ يَتَضَمَّنْ قَصْدُهُ قَصْدَ رَفْعِ الْحَدَثِ، وَحَمْلِ كُتُبِ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ وَسَمَاعِ حَدِيثٍ وَفِقْهٍ وَغَضَبٍ وَقَبِيحِ كَلَامٍ وَحَمْلِ مَيِّتٍ وَمَسِّهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSصَاحِبَ ضَرُورَةٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وُضُوءِ الرَّفَاهِيَةِ) هُوَ وُضُوءُ السَّلِيمِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى قَطْعَ وُضُوئِهِ انْقَطَعَتْ نِيَّتُهُ) وَهَلْ مِنْ قَطْعِهَا مَا لَوْ عَزَمَ عَلَى الْحَدَثِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقِيَاسُ مَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ عَزَمَ عَلَى أَنْ يَأْتِيَ بِمُبْطِلٍ كَالْعَمَلِ الْكَثِيرِ لَمْ تَبْطُلْ إلَّا بِالشُّرُوعِ فِيهِ أَنَّهَا لَا تَنْقَطِعُ هُنَا بِمُجَرَّدِ الْعَزْمِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَحْتَاجُ لِإِعَادَةِ مَا غَسَلَهُ بَعْدَ الْعَزْمِ (قَوْلُهُ: فَيُعِيدُهَا لِلْبَاقِي) أَيْ دُونَ مَا مَضَى (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِ) كَشِفَاءِ نَحْوَ الْمُسْتَحَاضَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ كَتَفْرِيغِ نَفْسِهِ لِتَحْصِيلِ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ. وَعِبَارَةُ حَجّ: إنْ كَانَ لِعُذْرٍ اهـ، وَهِيَ تَقْتَضِي حُصُولَ الثَّوَابِ فِي هَذِهِ (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ) أَيْ فَلَوْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِعُذْرٍ بَعْدَ رَكْعَتَيْنِ مَثَلًا أُثِيبَ عَلَيْهِمَا ثَوَابَ الصَّلَاةِ لَا عَلَى مُجَرَّدِ الْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَحْرَمَ ظَانَّ الطَّهَارَةِ فَبَانَ خِلَافُهُ فَلَا يُثَابُ عَلَى الْأَفْعَالِ وَيُثَابُ عَلَى الْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ (قَوْلُهُ: فِي الْأَصَحِّ) وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ نَوَى اسْتِبَاحَةَ ذَلِكَ كَأَنْ قَالَ: نَوَيْت اسْتِبَاحَةَ الْقِرَاءَةِ، أَمَّا لَوْ نَوَى الْوُضُوءَ لِلْقِرَاءَةِ فَقَالَ حَجّ فِيهِ إنَّهُ لَا تَبْطُلُ إلَّا إذَا نَوَى التَّعْلِيقَ أَوَّلًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَقْصِدْهُ إلَّا بَعْدَ ذِكْرِهِ الْوُضُوءَ مَثَلًا لِصِحَّةِ النِّيَّةِ حِينَئِذٍ فَلَا يُبْطِلُهَا مَا وَقَعَ بَعْدُ. قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي حَالِ الْإِطْلَاقِ وَإِلْحَاقُهُ بِالْأَوَّلِ: أَيْ التَّعْلِيقِ أَقْرَبُ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ. وَلَعَلَّ وَجْهَ النَّظَرِ أَنَّهُ إذَا قَالَ نَوَيْت الْوُضُوءَ حُمِلَ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ لَفْظُهُ وَهُوَ رَفْعُ الْمَنْعِ مِنْ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا، فَذِكْرُ الْقِرَاءَةِ طَارِئٌ بَعْدَهُ وَهُوَ لَا يَضُرُّ، وَالتَّعْلِيقُ إنَّمَا يَضُرُّ حَيْثُ قَارَنَ قَصْدُهُ اللَّفْظَ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ بِلَا قَصْدٍ ثُمَّ ذَكَرَ اسْتِثْنَاءً أَوْ شَرْطًا، فَإِنَّهُ لَغْوٌ حَمْلًا لِلصِّيغَةِ عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ مِنْ التَّنْجِيزِ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ النِّيَّةِ الْجَزْمُ بِالِاسْتِبَاحَةِ فَذِكْرُ مَا هُوَ مُبَاحٌ بَعْدَهَا مُخِلٌّ لِلْجَزْمِ بِهَا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: نَوَيْت الْوُضُوءَ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَطْلَقَ، (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَسْتَبِيحُهُ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الصَّبِيُّ اسْتِبَاحَةَ مَسِّ الْمُصْحَفِ لِحَاجَةِ التَّعَلُّمِ لَمْ يَصِحَّ وُضُوءُهُ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ لَهُ بِغَيْرِ وُضُوءٍ، وَأَنَّهُ لَوْ نَوَاهُ لَا لِخُصُوصِ ذَلِكَ بِأَنْ نَوَى الِاسْتِبَاحَةَ مُطْلَقًا صَحَّ لِأَنَّهُ كَانَ يُمْنَعُ مِنْ الْمَسِّ لِغَيْرِ حَاجَةِ التَّعَلُّمِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ أَوْ الطَّوَافِ (قَوْلُهُ: وَحَمْلِ كُتُبِ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ) يَنْبَغِي إنْ مَسَّهَا كَذَلِكَ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي اسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ لِحَمْلِهَا تَعْظِيمُ الْعِلْمِ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِي الْمَسِّ (قَوْلُهُ: وَسَمَاعِ حَدِيثٍ) هُوَ وَإِنْ كَانَ الْوُضُوءُ لَهُ سُنَّةً كَالْقِرَاءَةِ لَكِنَّهُ لَا ثَوَابَ فِي مُجَرَّدِ قِرَاءَتِهِ وَسَمَاعِهَا، بَلْ لَا بُدَّ فِي حُصُولِ ذَلِكَ مِنْ قَصْدِ حِفْظِ أَلْفَاظِهِ وَتَعَلُّمِ الْأَحْكَامِ، وَكَذَا الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَاتِّصَالُ السَّنَدِ عَلَى مَا نَقَلَهُ ابْنُ الْعِمَادِ فِي كِتَابِ الْمَسَاجِدِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ فِي شَرْحِ اللُّمَعِ، وَرَدَّ بِهِ عَلَى مَنْ قَالَ بِحُصُولِ الثَّوَابِ مُطْلَقًا بِأَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ، وَفِي فَتَاوَى حَجّ خِلَافُهُ وَنَصَّهَا بَعْدَ نَقْلِ كَلَامِ ابْنِ الْعِمَادِ وَاسْتِظْهَارِهِ لِكَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ: وَنَقْلُ إفْتَاءِ بَعْضِهِمْ بِالثَّوَابِ مُطْلَقًا هُوَ الْأَوْجَهُ عِنْدِي، لِأَنَّ سَمَاعَهَا لَا يَخْلُو عَنْ فَائِدَةٍ لَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا عَوْدُ بَرَكَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْقَارِئِ وَالْمُسْتَمِعِ، فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَ بَعْضِهِمْ إنَّ سَمَاعَ الْأَذْكَارِ مُبَاحٌ لَا سُنَّةٌ انْتَهَى. وَمَا اسْتَوْجَهَهُ حَجّ يُوَافِقُهُ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ وَلَهُ وَجْهٌ وَجِيهٌ (قَوْلُهُ وَحِمْلِ مَيِّتٍ وَمَسِّهِ) عِبَارَتُهُ فِي الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْغُسْلُ لِغَاسِلِ الْمَيِّتِ مَا نَصُّهُ: وَقَوْلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQصَرَّحُوا بِهِ، فَمُرَادُهُ بِالْبُطْلَانِ مَا يَعُمُّ الْقَطْعَ (قَوْلُهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ) وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ بِغَيْرِ عُذْرٍ (قَوْلُهُ: مَعَ الْمَتْنِ أَوْ نَوَى بِوُضُوئِهِ مَا يُنْدَبُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ عَامٌّ فِي جَمِيعِ النِّيَّاتِ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ قَالَ نَوَيْت الْوُضُوءَ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ مَثَلًا،

نَحْوُ فَصْدٍ وَاسْتِغْرَاقِ ضِحْكٍ وَخَوْفٍ، وَكُلِّ مَا قِيلَ إنَّهُ نَاقِضٌ فَلَا يَصِحُّ الْوُضُوءُ بِنِيَّةِ شَيْءٍ مِنْهَا فَإِنْ أَرَادَ الْوُضُوءَ لِذَلِكَ أَتَى بِنِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَالثَّانِي يَصِحُّ لِأَنَّهُ قَصَدَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْفِعْلُ عَلَى أَكْمَلِ أَحْوَالِهِ وَلَا يَتِمُّ ذَلِكَ إلَّا إنْ ارْتَفَعَ حَدَثُهُ، وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ مَا لَا يُنْدَبُ لَهُ الْوُضُوءُ كَدُخُولِ السُّوقِ وَلُبْسِ الثَّوْبِ وَزِيَارَةِ وَالِدٍ وَصَدِيقٍ لَا يُجْزِئُهُ قَطْعًا وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَوْ نَوَى بِوُضُوئِهِ الصَّلَاةَ بِمَحَلٍّ نَجِسٍ بِنَجَاسَةٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهَا لَمْ يَصِحَّ لِتَلَاعُبِهِ، وَلَوْ نَوَى بِوُضُوئِهِ الْقِرَاءَةَ إنْ كَفَتْ وَإِلَّا فَالصَّلَاةُ لَمْ تُجْزِهِ، وَفَارَقَ مَا لَوْ نَوَى بِمَا أَخْرَجَهُ زَكَاةَ مَالِهِ الْغَائِبِ إنْ كَانَ سَالِمًا، وَإِلَّا فَعَنْ الْحَاضِرِ فَبَانَ تَالِفًا حَيْثُ يُجْزِئُهُ عَنْهَا بِأَنَّ الْوُضُوءَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ وَالزَّكَاةَ مَالِيَّةٌ وَالْأُولَى أَضْيَقُ، وَلَوْ انْغَمَسَ بَعْضُ أَعْضَاءِ مَنْ نَوَى الطُّهْرَ بَسَطَهُ فِي مَاءٍ أَوْ غَسَلَهَا لَهُ فُضُولِيٌّ وَنِيَّتُهُ عَازِبَةٌ فِيهِمَا لَمْ يُجْزِهِ لِانْتِفَاءِ فِعْلِهِ مَعَ النِّيَّةِ، وَقَوْلُهُمْ إنَّ فِعْلَهُ غَيْرُ مُشْتَرَطٍ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ مُتَذَكِّرًا لِلنِّيَّةِ، وَلَوْ أَلْقَاهُ غَيْرُهُ فِي نَهْرٍ مُكْرَهًا فَنَوَى فِيهِ رَفْعَ الْحَدَثِ صَحَّ وُضُوءُهُ (وَيَجِبُ) (قَرْنُهَا بِأَوَّلِ) غَسْلِ (الْوَجْهِ) فَمَا تَقَدَّمَ عَلَيْهَا مِنْهُ لَاغٍ وَمَا قَارَنَهَا هُوَ أَوَّلُهُ فَتَجِبُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَمَنْ حَمَلَهُ أَيْ أَرَادَ حَمْلَهُ لِيَكُونَ عَلَى طَهَارَةٍ (قَوْلُهُ: وَنَحْوَ فَصْدٍ) وَمِنْهُ الْحِجَامَةُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ لِتَلَاعُبِهِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى بِهِ الصَّلَاةَ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ. وَالْفَرْقُ أَنَّ صِحَّةَ الصَّلَاةِ لَا تُجَامِعُ النَّجَاسَةَ الْغَيْرَ الْمَعْفُوِّ عَنْهَا مُطْلَقًا وَتُجَامِعُ وَقْتَ الْكَرَاهَةِ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا فِي ذَوَاتِ السَّبَبِ م ر اهـ سم. وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ نَوَى لِيُصَلِّيَ بِهِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ صَلَاةً مَكْرُوهَةً لَمْ يَصِحَّ، وَهُوَ مَا اسْتَوْجَهَهُ سم عَلَى حَجّ، لَكِنَّ الَّذِي فِي فَتَاوَى الشَّارِحِ خِلَافُهُ. وَعِبَارَتُهُ: سُئِلَ عَنْ شَخْصٍ تَوَضَّأَ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ لِيُصَلِّ بِهِ صَلَاةً لَا سَبَبَ لَهَا هَلْ يَصِحُّ وُضُوءُهُ أَمْ لَا كَمَا لَوْ تَوَضَّأَ لِيُصَلِّ بِهِ فِي مَكَان نَجِسٍ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي الْمَقِيسِ الصِّحَّةُ وَفِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ عَدَمُهَا. وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ عَهِدَ جَوَازَهَا فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ وَلَا كَذَلِكَ فِي الْمَحَلِّ الْمُتَنَجِّسِ اهـ بِحُرُوفِهِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ نَوَى فِي رَجَبٍ الْوُضُوءَ لِيُصَلِّيَ بِهِ الْعِيدَ فِي رَجَبٍ لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا لِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: زَكَاةَ مَالِهِ الْغَائِبِ) أَيْ بِمَحَلٍّ لَا يُعَدُّ إخْرَاجُهَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَخْرَجَ فِيهِ نَقْلًا لِلزَّكَاةِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى أَضْيَقُ) أَيْ وَأَيْضًا فَمَسْأَلَةُ الزَّكَاةِ رَدَّدَ فِي نِيَّتِهَا بَيْنَ أَمْرَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا صَحِيحٌ بِتَقْدِيرِ وُجُودِهِ، وَمَا هُنَا رَدَّدَ فِيهِ بَيْنَ الْقِرَاءَةِ وَهِيَ غَيْرُ مُعْتَدٍ بِنِيَّتِهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ فَضَعُفَتْ نِيَّتُهُ (قَوْلُهُ وَنِيَّتُهُ) الْوَاوُ لِلْحَالِ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ فِعْلِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الْوُضُوءَ عِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ وَغَسَلَ أَعْضَاءَهُ غَيْرَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ نَزَلَ فِي الْمَاءِ بَعْدُ غَافِلًا عَنْ النِّيَّةِ ارْتَفَعَ حَدَثُهُمَا لِكَوْنِ النُّزُولِ مِنْ فِعْلِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَصَابَهُ مَطَرٌ أَوْ صَبَّ الْمَاءَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ مُسْتَحْضِرًا لِلنِّيَّةِ ارْتَفَعَ حَدَثُهُمَا وَإِلَّا فَلَا، ثُمَّ ظَاهِرُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ نَزَلَ الْمَاءَ لِغَرَضٍ كَإِزَالَةِ مَا عَلَى رِجْلَيْهِ مِنْ الْوَحْلِ، أَوْ قَصَدَ أَنْ يَقْطَعَ الْبَحْرَ وَيَخْرُجَ مِنْهُ إلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ ارْتَفَعَ حَدَثُهُمَا، وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ لِأَنَّ نُزُولَهُ لِذَلِكَ الْغَرَضِ يُعَدُّ صَارِفًا عَنْ الْحَدَثِ، وَمَحَلُّ عَدَمِ اشْتِرَاطِ اسْتِحْضَارِ النِّيَّةِ حَيْثُ لَا صَارِفَ كَمَا قَالَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ بِأَنْ قَصَدَ الْغُسْلَ عَنْ الْحَدَثِ أَوْ أَطْلَقَ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ قَرْنُهَا) . [فَرْعٌ] يَنْبَغِي جَوَازُ اقْتِرَانِ النِّيَّةِ بِغَسْلِ شَعْرِ الْوَجْهِ قَبْلَ غَسْلِ بَشَرَتِهِ لِأَنَّ غَسْلَهُ أَصْلِيٌّ لَا بَدَلٌ وِفَاقًا لمر، أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَطَعَ الشَّعْرَ قَبْلَ غَسْلِ الْوَجْهِ لَا يَحْتَاجُ لِتَجْدِيدِ النِّيَّةِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ اهـ. [فَرْعٌ] قَالَ م ر: وَلَا يَكْفِي قَرْنُ النِّيَّةِ بِمَا يَجِبُ زِيَادَةً عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ لِيَتِمَّ غَسْلُهُ إذَا بَدَأَ بِهِ لِتَمَحُّضِهِ لِلتَّبَعِيَّةِ قَالَ بِخِلَافِ قَرْنِهَا بِالشَّعْرِ فِي اللِّحْيَةِ وَلَوْ الْخَارِجَ عَنْ حَدِّهَا قَالَ فِي هَذَا إلَّا أَنْ يُوجَدَ مَا يُخَالِفُهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَمِثْلُ الشَّعْرِ بَاطِنُ اللِّحْيَةِ الْكَثِيفَةِ فَتَكْفِي النِّيَّةُ عِنْدَ غَسْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ (قَوْلُهُ: بِأَوَّلِ غَسْلِ الْوَجْهِ) أَيْ لِأَجْلِ الِاعْتِدَادِ بِهِ كَمَا يَأْتِي ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ خَصَّ الْمَتْنَ بِنِيَّةِ الِاسْتِبَاحَةِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ صَنِيعِ غَيْرِهِ كَالرَّوْضَةِ، ثُمَّ قَالَ: نَعَمْ إنْ نَوَى الْوُضُوءَ لِلْقِرَاءَةِ لَمْ يَبْطُلْ إلَّا إنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ بِهَا أَوَّلًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَقْصِدْ إلَّا بَعْدَ ذِكْرِهِ الْوُضُوءَ مَثَلًا لِصِحَّةِ النِّيَّةِ حِينَئِذٍ فَلَا يُبْطِلُهَا

إعَادَةُ مَا غَسَلَ مِنْهُ قَبْلَهَا، لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ اقْتِرَانُ النِّيَّةِ بِأَوَّلِ الْوَاجِبَاتِ كَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْعِبَادَاتِ، مَا عَدَا الصَّوْمَ فَتَضُرُّ فِيهِ الْمُقَارَنَةُ، بَلْ الشَّرْطُ فِيهِ تَقَدُّمُهَا عَلَى الْفَجْرِ، وَأَمَّا اقْتِرَانُهَا بِمَا قَبْلَهُ مِنْ سُنَنِهِ الدَّاخِلَةِ فِيهِ فَفِيهِ خِلَافٌ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَقِيلَ يَكْفِي) قَرْنُهَا (بِسُنَّةٍ قَبْلَهُ) لِكَوْنِهَا مِنْ جُمْلَةِ الْوُضُوءِ، وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْعِبَادَاتِ أَرْكَانُهَا وَالسُّنَنُ تَوَابِعُ، أَمَّا الِاسْتِنْجَاءُ فَلَا يَكْفِي اقْتِرَانُهَا بِهِ قَطْعًا، وَمَوْضِعُ الْخِلَافِ عِنْدَ عُزُوبِهَا قَبْلَ الْوَجْهِ، فَإِنْ بَقِيَتْ إلَى غَسْلِهِ فَهُوَ أَفْضَلُ لِيُثَابَ عَلَى سُنَنِهِ السَّابِقَةِ لِأَنَّهَا عِنْدَ خُلُوِّهَا عَنْ النِّيَّةِ غَيْرُ مُثَابٍ عَلَيْهَا، بِخِلَافِ مَنْ نَوَى صَوْمَ نَفْلٍ قَبْلَ الزَّوَالِ حَيْثُ يُثَابُ مِنْ أَوَّلِهِ لِأَنَّ الصَّوْمَ خَصْلَةٌ وَاحِدَةٌ لَا يَتَبَعَّضُ، وَأَمَّا الْوُضُوءُ فَأَفْعَالٌ مُتَفَاصِلَةٌ وَالِانْعِطَافُ فِيهَا أَبْعَدُ، وَأَيْضًا فَلَا ارْتِبَاطَ لِصِحَّةِ الْوُضُوءِ بِسُنَنِهِ لِصِحَّتِهِ بِدُونِهَا بِخِلَافِ بَقِيَّةِ النَّهَارِ، وَلَوْ اقْتَرَنَتْ النِّيَّةُ بِالْمَضْمَضَةِ أَوْ الِاسْتِنْشَاقِ وَانْغَسَلَ مَعَهُ جُزْءٌ مِنْ الْوَجْهِ أَجْزَأَهُ وَإِنْ عَزَبَتْ نِيَّتُهُ بَعْدَهُ، سَوَاءٌ أَكَانَ بِنِيَّةِ الْوَجْهِ وَهُوَ وَاضِحٌ أَمْ لَا لِوُجُودِ غَسْلِ جُزْءٍ مِنْ الْوَجْهِ مُقْتَرِنًا بِالنِّيَّةِ، غَيْرَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ غَسْلِ ذَلِكَ الْجُزْءِ مَعَ الْوَجْهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ لِوُجُودِ الصَّارِفِ وَلَا تُحْسَبُ لَهُ الْمَضْمَضَةُ وَلَا الِاسْتِنْشَاقُ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى لِعَدَمِ تَقَدُّمِهِمَا عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ كَمَا قَالَهُ مُجَلِّي فِي الْمَضْمَضَةِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ، وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ كَالْأُولَى كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ اسْتِصْحَابُ النِّيَّةِ ذِكْرًا إلَى تَمَامِهِ (وَلَهُ تَفْرِيقُهَا) أَيْ النِّيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSلِأَنَّهُ إذَا غَسَلَ شَيْئًا قَبْلَ النِّيَّةِ حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِتَعَاطِيهِ عِبَادَةً فَاسِدَةً، وَمَحَلُّ غَسْلِ الْوَجْهِ مَا لَمْ تَعُمَّهُ الْجِرَاحَةُ، فَإِنْ عَمَّتْهُ نَوَى عِنْدَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ. وَعِبَارَةُ حَجّ تَنْبِيهٌ: الْأَوْجَهُ فِيمَنْ سَقَطَ غَسْلُ وَجْهِهِ فَقَطْ لِعِلَّةٍ وَلَا جَبِيرَةَ وُجُوبُ قَرْنِهَا بِأَوَّلِ مَغْسُولٍ مِنْ الْيَدِ، فَإِنْ سَقَطَتَا أَيْضًا فَالرَّأْسِ فَالرِّجْلِ وَلَا يَكْتَفِي بِنِيَّةِ التَّيَمُّمِ لِاسْتِقْلَالِهِ كَمَا لَا يَكْفِي نِيَّةُ الْوُضُوءِ فِي مَحَلِّهَا عَنْ تَيَمُّمٍ لِنَحْوِ الْيَدِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ: وَلَا يَكْتَفِي بِنِيَّةِ التَّيَمُّمِ سَيَأْتِي أَنَّنَا نَنْقُلُ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ بِإِزَاءِ قَوْلِهِ لَوْ نَوَى فَرْضَ التَّيَمُّمِ لَمْ يَكْفِ فِي الْأَصَحِّ. عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ مَا نَصُّهُ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَوْ كَانَتْ يَدُهُ عَلِيلَةً فَإِنْ نَوَى عِنْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ احْتَاجَ لِنِيَّةٍ أُخْرَى عِنْدَ التَّيَمُّمِ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْدَرِجْ فِي النِّيَّةِ الْأُولَى أَوْ نِيَّةِ الِاسْتِبَاحَةِ فَلَا، وَإِنْ عَمَّتْ الْجِرَاحَةُ وَجْهَهُ لَمْ يَحْتَجْ عِنْدَ غَسْلِ غَيْرِهِ إلَى نِيَّةٍ أُخْرَى غَيْرِ نِيَّةِ التَّيَمُّمِ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ أَوْ نِيَّةِ الِاسْتِبَاحَةِ فَلَا كَقَوْلِهِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى آخِرِهِ قِيَاسُهُمَا الِاكْتِفَاءُ بِنِيَّةِ الِاسْتِبَاحَةِ فِي التَّيَمُّمِ عَنْ النِّيَّةِ عِنْدَ أَوَّلِ مَغْسُولٍ مِنْ الْيَدِ هُنَا، بِخِلَافِ قَوْلِهِ وَلَا يَكْتَفِي بِنِيَّةِ التَّيَمُّمِ لِاسْتِقْلَالٍ وَنِيَّةِ الْوُضُوءِ إذَا كَانَتْ نِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ عَنْ نِيَّةِ التَّيَمُّمِ لِلْيَدِ انْتَهَى. وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرَهُ سم مِنْ تَوْجِيهِ الِاكْتِفَاءِ بِنِيَّةِ الِاسْتِبَاحَةِ مِنْ صَلَاحِيَتِهَا لِكُلٍّ مِنْ التَّيَمُّمِ وَالْوُضُوءِ أَنَّهُ لَوْ نَوَى فَرْضَ التَّيَمُّمِ لِلصَّلَاةِ عِنْدَ مَسْحِ الْوَجْهِ لَا يَكْتَفِي بِذَلِكَ عَنْ نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ عِنْدَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ حَجّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِمَا عَلَّلَ بِهِ مِنْ أَنَّ كُلًّا طَهَارَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَا لَا يُشْتَرَطُ لِلْأُخْرَى، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَحْكَامِ مَا لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَكْفِي قَرْنُهَا قَبْلَهُ) خَرَجَ بِهِ الِاسْتِنْجَاءُ فَلَا يَكْفِي قَرْنُهَا بِهِ قَطْعًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا عِنْدَ خُلُوِّهَا عَنْ النِّيَّةِ غَيْرُ مُثَابٍ عَلَيْهَا) قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ سُقُوطُ الطَّلَبِ بِفِعْلِ السُّنَنِ الْمُتَقَدِّمَةِ بِدُونِ النِّيَّةِ لَكِنْ لَا ثَوَابَ لَهُ، لَكِنْ نَقَلَ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ عَنْ مُخْتَصَرِ الْكِفَايَةِ لِابْنِ النَّقِيبِ أَنَّ السُّنَّةَ لَا تَحْصُلُ بِدُونِ النِّيَّةِ فَلَا يَسْقُطُ الطَّلَبُ بِالْغَسْلِ الْمُجَرَّدِ عَنْهُمَا (قَوْلُهُ: غَيْرَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ فِيمَا لَوْ كَانَتْ بِغَيْرِ نِيَّةِ الْوَجْهِ وَحْدَهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ بِنِيَّةِ الْوَجْهِ وَالْمَضْمَضَةِ عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ بِالدَّرْسِ، وَفِيهِ أَنَّهُ إذَا جَمَعَ فِي نِيَّتِهِ بَيْنَ فَرْضٍ وَسُنَّةٍ مَقْصُودَةٍ بَطَلَا، فَالْقِيَاسُ فِي هَذِهِ وُجُوبُ غَسْلِهِ ثَانِيًا وَعَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِمَا فَعَلَهُ أَوَّلًا (قَوْلُهُ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ بِنِيَّةِ الْوَجْهِ، وَالثَّانِيَةُ هِيَ قَوْلُهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَلَهُ تَفْرِيقُهَا) أَيْ النِّيَّةِ بِسَائِرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا وَقَعَ بَعْدُ انْتَهَى (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَقِيَتْ إلَى غَسْلِهِ، فَهُوَ أَفْضَلُ لِيُثَابَ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا إذَا عَزَبَتْ قَبْلَ غَسْلِ الْوَجْهِ لَا يُثَابُ

(عَلَى أَعْضَائِهِ فِي الْأَصَحِّ) بِأَنْ نَرَى عِنْدَ كُلِّ عُضْوٍ رَفَعَ الْحَدَثَ عَنْهُ لِأَنَّهُ يَجُوزُ تَفْرِيقُ أَفْعَالِهِ، فَكَذَا تَفْرِيقُ النِّيَّةِ عَلَى أَفْعَالِهِ. وَالثَّانِي لَا كَمَا يَجُوزُ تَفْرِيقُ النِّيَّةِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى أَجْزَائِهَا، وَلَا فَرْقَ فِي جَوَازِ تَفْرِيقِهَا بَيْنَ أَنْ يَضُمَّ إلَيْهَا نَحْوَ نِيَّةِ تَبَرُّدٍ أَوْ لَا كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْحَاوِي وَأَكْثَرُ فُرُوعِهِ وَلَا بَيْنَ أَنْ يَنْفِيَ غَيْرَ ذَلِكَ الْعُضْوِ كَأَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ عَنْهُ لَا عَنْ غَيْرِهِ أَمْ لَا، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى عِنْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ عَنْهُ وَعِنْدَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ رَفْعَ الْحَدَثِ وَلَمْ يَقُلْ عَنْهُمَا كَفَاهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى النِّيَّةِ عِنْدَ مَسْحِ رَأْسِهِ وَغَسْلِ رِجْلَيْهِ، إذْ نِيَّتُهُ عِنْدَ يَدَيْهِ الْآنَ كَنِيَّتِهِ عِنْدَ وَجْهِهِ، وَهَلْ يَقْطَعُ النِّيَّةَ نَوْمُ مُمَكَّنٍ؟ وَجْهَانِ: أَوْجَهُهُمَا عَدَمُهُ وَإِنْ طَالَ، وَالْحَدَثُ الْأَصْغَرُ يَحِلُّ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ خَاصَّةً لَا جَمِيعَ الْبَدَنِ، وَيَرْتَفِعُ حَدَثُ كُلِّ عُضْوٍ بِغَسْلِهِ مَعَ بَقَاءِ مَنْعِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْدِثِ إلَى تَمَامِهَا (الثَّانِي) مِنْ الْفُرُوضِ (غَسْلُ) ظَاهِرِ (وَجْهِهِ) بِالْإِجْمَاعِ لِلْآيَةِ، وَالْمُرَادُ بِالْغَسْلِ فِي هَذَا الْبَابِ الِانْغِسَالُ، وَلَوْ خُلِقَ لَهُ وَجْهَانِ وَجَبَ غَسْلُهُمَا لِحُصُولِ الْمُوَاجَهَةِ بِهِمَا، ـــــــــــــــــــــــــــــSصُوَرِهَا الْمُتَقَدِّمَةِ أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ حَجّ حَيْثُ قَالَ: وَلَهُ تَفْرِيقُهَا: أَيْ نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ وَالطَّهَارَةِ عَنْهُ لَا غَيْرِهَا لِعَدَمِ تَصَوُّرِهِ فِيهِ وَفِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ: [فَرْعٌ] قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ تَفْرِيقَ النِّيَّةِ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا فِي رَفْعِ الْحَدَثِ. قَالَ حَجّ: وَالطَّهَارَةِ عَنْ الْحَدَثِ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَيَتَّجِهُ أَنَّهُ يُتَصَوَّرُ فِي سَائِرِ الْكَيْفِيَّاتِ كَأَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ غَسْلِ كُلِّ عُضْوٍ غَسْلَهُ عَنْ الْوُضُوءِ، أَوْ عَنْ أَدَاءِ فَرْضِ الْوُضُوءِ، أَوْ لِأَجْلِ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. وَفِيهِ أَيْضًا عَلَى ابْنِ حَجَرٍ: [فَرْعٌ] اُخْتُلِفَ فِيمَا لَوْ نَوَى عِنْدَ كُلِّ عُضْوٍ رَفْعَ الْحَدَثِ وَأَطْلَقَ، فَهَلْ يَصِحُّ وَتَكُونُ كُلُّ نِيَّةٍ مُؤَكِّدَةً لِمَا قَبْلَهَا أَوْ لَا يَصِحُّ، لِأَنَّ كُلَّ نِيَّةٍ تَقْطَعُ النِّيَّةَ السَّابِقَةَ عَلَيْهَا كَمَا لَوْ نَوَى الصَّلَاةَ فِي أَثْنَائِهَا فَإِنَّهُ يَكُونُ قَاطِعًا لِنِيَّتِهَا، وَقَدْ يَتَّجِهُ الْأَوَّلُ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ أَضْيَقُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَفْرِيقُ نِيَّتِهَا بِخِلَافِ الْوُضُوءِ، وَيُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّ الصَّلَاةَ لِكَوْنِهَا هَيْئَةً وَاحِدَةً إذَا نَوَى قَطْعَهَا بَطَلَتْ مِنْ أَصْلِهَا، وَالْوُضُوءُ إذَا نَوَى قَطْعَهُ بَطَلَتْ نِيَّتُهُ دُونَ مَا مَضَى مِنْهُ فَلَا يَبْطُلُ (قَوْلُهُ عَلَى أَعْضَائِهِ فِي الْأَصَحِّ) قَالَ حَجّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ خِلَافَ التَّفْرِيقِ يَأْتِي فِي الْغُسْلِ. وَقَدْ يُشْكِلُ مَا هُنَا بِالطَّوَافِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ تَفْرِيقُ النِّيَّةِ فِيهِ مَعَ جَوَازِ تَفْرِيقِهِ كَالْوُضُوءِ، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ يَجُوزُ التَّقَرُّبُ بِطَوْفَةٍ وَاحِدَةٍ ضَعِيفٌ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُمْ أَلْحَقُوا الطَّوَافَ فِي هَذَا بِالصَّلَاةِ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ شَبَهًا بِهَا مِنْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: كَنِيَّتِهِ عِنْدَ وَجْهِهِ) أَيْ كَمَا لَوْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ وَأَطْلَقَ فَإِنَّ نِيَّتَهُ تَتَعَلَّقُ بِالْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: يَحِلُّ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ خَاصَّةً لَا جَمِيعَ الْبَدَنِ) وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي الْأَيْمَانِ فِيمَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا حَدَثَ بِظَهْرِهِ مَثَلًا. فَإِنْ قُلْنَا الْحَدَثُ الْأَصْغَرُ يَحِلُّ جَمِيعَ الْبَدَنِ حَنِثَ أَوْ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ فَقَطْ لَمْ يَحْنَثْ (قَوْلُهُ: بِالْإِجْمَاعِ لِلْآيَةِ) أَيْ الْإِجْمَاعِ الْمُسْتَنِدِ لِلْآيَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُسْتَدَلَّ بِالْآيَةِ لِأَنَّ دَلَالَةَ الْإِجْمَاعِ أَقْوَى لِانْتِفَاءِ الِاحْتِمَالَاتِ عَنْهُ، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي نَظِيرِهِ فِي الْيَدَيْنِ أَنَّهُ قَالَ لِلْآيَةِ وَالْإِجْمَاعِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ غَسْلُهُمَا) أَيْ حَيْثُ كَانَا أَصْلِيَّيْنِ أَوْ أَصْلِيٌّ وَزَائِدٌ وَاشْتَبَهَ أَوْ تَمَيَّزَ وَكَانَ عَلَى سَمْتِ الْأَصْلِيِّ كَمَا يُفِيدُهُ الِاسْتِدْرَاكُ الْآتِي، وَقَوْلُهُ أَوْ رَأْسَانِ يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ الِاكْتِفَاءِ بِأَحَدِهِمَا إذَا كَانَا أَصْلِيَّيْنِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا زَائِدًا وَاشْتَبَهَ فَلَا بُدَّ مِنْ مَسْحِ جُزْءٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، أَوْ تَمَيَّزَ وَجَبَ مَسُّ جُزْءٍ مِنْ الْأَصْلِيِّ وَلَا يَكْفِي مَسْحُ غَيْرِهِ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الزِّيَادِيِّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ وَلَوْ خُلِقَ لَهُ وَجْهَانِ وَجَبَ غَسْلُهُمَا إلَخْ: أَيْ إذَا كَانَا أَصْلِيَّيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَصْلِيًّا وَالْآخَرُ زَائِدًا وَاشْتَبَهَ الزَّائِدُ بِالْأَصْلِيِّ، أَمَّا إذَا تَمَيَّزَ الْأَصْلِيُّ مِنْ الزَّائِدِ فَيَجِبُ غَسْلُ الْأَصْلِيِّ دُونَ الزَّائِدِ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَى سَمْتِهِ وَإِلَّا وَجَبَ غَسْلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهَا، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادًا (قَوْلُهُ الِانْغِسَالُ) أَيْ مَعَ النِّيَّةِ ذَكَرًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ خُلِقَ لَهُ وَجْهَانِ إلَخْ)

أَوْ رَأْسَانِ كَفَى مَسْحُ بَعْضِ أَحَدِهِمَا، نَعَمْ لَوْ كَانَ لَهُ وَجْهٌ مِنْ جِهَةِ قُبُلِهِ وَآخَرُ مِنْ جِهَةِ دُبُرِهِ وَجَبَ غَسْلُ الْأَوَّلِ فَقَطْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَهُوَ) طُولًا (مَا بَيْنَ مَنَابِتِ شَعْرِ رَأْسِهِ غَالِبًا وَ) تَحْتَ (مُنْتَهَى لَحْيَيْهِ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَهُمَا الْعَظْمَانِ اللَّذَانِ تَنْبُتُ عَلَيْهِمَا الْأَسْنَانُ السُّفْلَى (وَمَا بَيْنَ أُذُنَيْهِ) أَيْ عَرْضًا لِحُصُولِ الْمُوَاجَهَةِ بِكُلِّ ذَلِكَ، بِخِلَافِ بَاطِنِ الْفَمِ وَالْأَنْفِ وَالْعَيْنِ فَلَا يَجِبُ غَسْلُهُمَا، بَلْ وَلَا يُسْتَحَبُّ غَسْلُ بَاطِنِ الْعَيْنِ، عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ صَرَّحَ بِكَرَاهَتِهِ لِضَرَرِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْضًا، وَيَجْرِي هَذَا التَّفْصِيلُ فِي الرَّأْسَيْنِ فَيُقَالُ: إنْ كَانَا أَصْلِيَّيْنِ اكْتَفَى بِمَسْحِ بَعْضِ أَحَدِهِمَا، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَصْلِيًّا وَالْآخَرُ زَائِدًا وَاشْتَبَهَ الزَّائِدُ بِالْأَصْلِيِّ فَيَتَعَيَّنُ مَسْحُ بَعْضِ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَإِنْ تَمَيَّزَ الْأَصْلِيُّ تَعَيَّنَ مَسْحُ بَعْضِ الْأَصْلِيِّ، وَهَلْ يَكْفِي مَسْحُ بَعْضِ الزَّائِدِ فَقَطْ؟ مَحَلُّ نَظَرٍ، وَهَذَا كُلُّهُ بِحَسَبِ الْفَهْمِ نَبَّهَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا الطَّنْدَتَائِيُّ قِيَاسًا عَلَى الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ انْتَهَى. قُلْت: الْأَقْرَبُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَى الِاكْتِفَاءِ بِهِ مَعَ وُجُودِ الْأَصْلِيِّ، وَقَوْلُهُ إذَا كَانَا أَصْلِيَّيْنِ: أَيْ وَيَكْفِيهِ قَرْنُ النِّيَّةِ بِأَحَدِهِمَا إذَا كَانَا أَصْلِيَّيْنِ فَقَطْ، وَمَا تَقَدَّمَ غَسْلُهُ عَلَى النِّيَّةِ يَجِبُ إعَادَتُهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِيمَنْ لَهُ وَجْهٌ وَاحِدٌ. وَفِي حَوَاشِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ عِنْدَ كُلٍّ مِنْهُمَا وَأَنَّ سم تَوَقَّفَ فِيهِ. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ سم، فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا زَائِدًا وَاشْتَبَهَ فَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ عِنْدَ كُلٍّ مِنْهُمَا، أَوْ تَمْيِيزِ الزَّائِدِ وَكَانَ سَمْتَ الْأَصْلِيِّ وَجَبَ قَرْنُهَا بِالْأَصْلِيِّ دُونَ الزَّائِدِ وَإِنْ وَجَبَ غَسْلُهُ هَذَا اهـ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتَفِيَ فِي غَسْلِهِمَا عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ بِمَاءٍ وَاحِدٍ حَتَّى لَوْ غَسَلَ أَحَدَ الْوَجْهَيْنِ بِمَاءٍ ثُمَّ غَسَلَ بِهِ الثَّانِيَ اكْتَفَى بِهِ، لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْأَصْلِيُّ هُوَ الْأَوَّلُ فَالثَّانِي بِاعْتِبَارِ نَفْسِ الْأَمْرِ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ فَلَا يَضُرُّ كَوْنُ غَسْلِهِ بِمُسْتَعْمَلٍ، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلِيُّ هُوَ الثَّانِي فَغَسْلُ الْأَوَّلِ لَمْ يَرْفَعْ حَدَثًا لِانْتِفَاءِ الْأَصَالَةِ عَنْ الْمَغْسُولِ، فَإِذَا غَسَلَ بِهِ الثَّانِيَ ارْتَفَعَ حَدَثُهُ، وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ غَسْلُ كُلٍّ نَزَلَ مَنْزِلَةَ الْأَصْلِيِّ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَجَبَ غَسْلُ الْأَوَّلِ فَقَطْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الْإِحْسَاسُ بِاَلَّذِي مِنْ جِهَةِ الدُّبُرِ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي أَسْبَابِ الْحَدَثِ مِنْ أَنَّ الْعَامِلَةَ مِنْ الْكَفَّيْنِ هِيَ الْأَصْلِيَّةُ أَنَّ مَا بِهِ الْإِحْسَاسُ مِنْهُمَا هُوَ الْأَصْلِيُّ. وَنَقَلَ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ مَا يُوَافِقُ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ خَطِّ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ: وَمَا بَيْنَ أُذُنَيْهِ) أَيْ وَتَدَيْهِمَا. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْوَتَدُ وَيُحَرَّكُ وَكَكَتِفٍ: مَا غُرِزَ فِي الْأَرْضِ أَوْ الْحَائِطِ مِنْ خَشَبٍ، وَمَا كَانَ فِي الْعَرُوضِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ كَعَلَى، وَالْهُنَيَّةُ النَّاشِزَةُ فِي مُقَدَّمِ الْأُذُنِ انْتَهَى. ثُمَّ قَالَ فِي الْمُعْتَلِّ: وَفِي الْحَدِيثِ: هُنَيَّةُ، مُصَغَّرَةُ هَنَةٍ أَصْلُهَا هَنْوَةٌ: أَيْ شَيْءٌ يَسِيرٌ، وَيُرْوَى هُنَيْهَةٌ: إبْدَالُ الْيَاءِ هَاءً انْتَهَى. [تَنْبِيهٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ تَأَخَّرَتْ أُذُنَاهُ خَلْفَهُ بِأَنْ صَارَتَا قَرِيبَتَيْنِ مِنْ الْقَفَا هَلْ يَجِبُ غَسْلُ مَا بَيْنَهُمَا قِيَاسًا عَلَى الْمِرْفَقِ أَمْ لَا؟ وَيُعْتَبَرُ قَدْرُهُ مِنْ الْمُعْتَدِلِ مِنْ غَالِبِ أَمْثَالِهِ. وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ غَسْلُ مَا زَادَ عَلَى مَا يَكُونُ غَايَةً لِلْوَجْهِ مِنْ مُعْتَدِلِ الْخِلْقَةِ مِنْ أَمْثَالِهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ خُلِقَ مِرْفَقُهُ فَوْقَ الْمُعْتَادِ بِأَنَّ الْمِرْفَقَ جُزْءٌ مِنْ الْيَدِ وَقَدْ عُلِّقَ الْغَسْلُ بِهَا فِي الْآيَةِ مَعَ الْمِرْفَقِ وَفِي الْوَجْهِ أَمْ بِغَسْلِ مَا يُسَمَّى وَجْهًا وَهُوَ مَا تَقَعُ بِهِ الْمُوَاجَهَةُ، وَالْأُذُنُ إنَّمَا جُعِلَتْ عَلَامَةً عَلَى حَدِّهِ فَإِذَا خُلِقَتْ قَرِيبَةً مِنْ الْقَفَا فَمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَجْهِ لَا يَقَعُ بِهِ الْمُوَاجَهَةُ فَلَمْ تَشْمَلْهُ الْآيَةُ، وَالْعَلَامَةُ لَيْسَتْ قَطْعِيَّةً حَتَّى يَرْجِعَ إلَيْهَا وَإِنْ خَالَفَتْ الْعَادَةَ وَبَقِيَ مَا لَوْ تَقَدَّمَتْ أُذُنَاهُ قَرِيبًا مِنْ الْعَيْنَيْنِ مَثَلًا هَلْ يَجِبُ غَسْلُهُمَا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَيُجَابُ عَنْهُ أَيْضًا بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُهُمَا وَيُعْتَبَرُ مَحَلُّهُمَا الْأَصْلِيُّ بِغَالِبِ النَّاسِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيهِ تَفْصِيلٌ فِي حَاشِيَةِ الزِّيَادِيِّ يَتَعَيَّنُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ غَسْلُ الْأَوَّلِ فَقَطْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ هُوَ الزَّائِدُ، وَالْمَسْأَلَةُ تَحْتَمِلُ تَوْلِيدَاتٍ كَثِيرَةً كَمَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ جِهَةِ يَمِينِهِ، وَالْآخَرُ بِعَكْسِهِ أَوْ خَلْفَهُ أَوْ أَمَامَهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَلَا

نَعَمْ إنْ تَنَجَّسَ بَاطِنُهَا وَجَبَ غَسْلُهُ، وَيُفَرَّقُ بِغِلَظِ النَّجَاسَةِ بِدَلِيلِ إزَالَتِهَا عَنْ الشَّهِيدِ حَيْثُ كَانَتْ غَيْرَ دَمِ الشَّهَادَةِ. وَيَجِبُ غَسْلُ مَوْقَى الْعَيْنِ قَطْعًا، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ نَحْوُ رَمَاصٍ يَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ إلَى الْمَحَلِّ الْوَاجِبِ وَجَبَ إزَالَتُهُ وَغَسْلُ مَا تَحْتَهُ، وَقَوْلُهُ غَالِبًا إيضَاحٌ لِبَيَانِ إخْرَاجِ الصَّلَعِ وَإِدْخَالِ الْغَمَمِ، إذْ التَّعْبِيرُ بِالْمَنَابِتِ كَافٍ فِي ذَلِكَ فِيهِمَا لِأَنَّ مَوْضِعَ الصَّلَعِ مَنْبَتُ شَعْرِ الرَّأْسِ وَإِنْ انْحَسَرَ الشَّعْرُ عَنْهُ لِسَبَبٍ، وَالْجَبْهَةُ لَيْسَتْ مَنْبَتَهُ وَإِنْ نَبَتَ عَلَيْهَا الشَّعْرُ، وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ: إنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ. أَمَّا مَوْضِعُ الْغَمَمِ فَدَاخِلٌ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (فَمِنْهُ) أَيْ مِنْ الْوَجْهِ (مَوْضِعُ الْغَمَمِ) وَهُوَ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى الْجَبْهَةِ أَوْ بَعْضِهَا لِحُصُولِ الْمُوَاجَهَةِ بِهِ، وَالْغَمَمُ مَأْخُوذٌ مِنْ غَمَّ الشَّيْءَ إذَا سَتَرَهُ، وَمِنْهُ غَمَّ الْهِلَالُ، وَيُقَالُ رَجُلٌ أَغَمُّ وَامْرَأَةٌ غَمَّاءُ، وَالْعَرَبُ تَذُمُّ بِهِ وَتَمْدَحُ بِالنَّزْعِ، إذْ الْغَمَمُ يَدُلُّ عَلَى الْبَلَادَةِ وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَالنَّزْعُ بِضِدِّ ذَلِكَ. قَالَ الْقَائِلُ: فَلَا تَنْكِحِي إنْ فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَنَا ... أَغَمَّ الْقَفَا وَالْوَجْهِ لَيْسَ بِأَنْزَعَا وَمُنْتَهَى اللَّحْيَيْنِ مِنْ الْوَجْهِ كَمَا تَقَرَّرَ وَإِنْ لَمْ تَشْمَلْهُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ (وَكَذَا التَّحْذِيفُ فِي الْأَصَحِّ) أَيْ مَوْضِعُهُ وَهُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ: مَا يَنْبُتُ عَلَيْهِ الشَّعْرُ الْخَفِيفُ بَيْنَ ابْتِدَاءِ الْعِذَارِ وَالنَّزْعَةِ لِمُحَاذَاتِهِ بَيَاضَ الْوَجْهِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ النِّسَاءَ وَالْأَشْرَافَ يَحْذِفُونَ الشَّعْرَ عَنْهُ لِيَتَّسِعَ الْوَجْهُ. وَالثَّانِي أَنَّهُ مِنْ الرَّأْسِ وَسَيَأْتِي تَرْجِيحُهُ، وَضَابِطُهُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي دَقَائِقِهِ: أَنْ تَضَعَ طَرَفَ خَيْطٍ عَلَى رَأْسِ الْأُذُنِ وَالطَّرَفَ الثَّانِيَ عَلَى أَعْلَى الْجَبْهَةِ وَيُفْرَضُ هَذَا الْخَيْطُ مُسْتَقِيمًا، فَمَا نَزَلَ عَنْهُ إلَى جَانِبِ الْوَجْهِ فَهُوَ مَوْضِعُ التَّحْذِيفِ (لَا النَّزَعَتَانِ) بِفَتْحِ الزَّايِ وَيَجُوزُ إسْكَانُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ وَجَبَ غَسْلُهُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَخْشَ مِنْهُ ضَرَرًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى حَالِهِ وَيُعِيدَ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ غَسْلُ مُوقَيْ الْعَيْنِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: مُؤْقُ الْعَيْنِ بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ، وَيَجُوزُ التَّخْفِيفُ مُؤَخَّرُهَا. ثُمَّ قَالَ: وَجَمْعُهُ أَمْآقٌ بِسُكُونِ الْمِيمِ مِثْلُ قُفْلٍ وَأَقْفَالٍ، وَيَجُوزُ الْقَلْبُ فَيُقَالُ آمَاقٍ. مِثْلُ أَبْؤُرٍ وَأَبْآرٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ نَحْوَ رَمَاصٍ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: الرَّمَصُ بِفَتْحَتَيْنِ وَسَخٌ يَجْتَمِعُ فِي الْمُوقِ، فَإِنْ سَالَ فَهُوَ غَمَصٌ، وَإِنْ جَمَدَ فَهُوَ رَمَصٌ، وَقَدْ رَمَصَتْ عَيْنَاهُ مِنْ بَابِ طَرِبَ اهـ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ رَمَاصٍ بِالْأَلِفِ لَعَلَّهُ لُغَةٌ أُخْرَى (قَوْلُهُ: مَنْبِتِ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِهَا اهـ مِصْبَاحٌ. وَعِبَارَةُ الْقَامُوسِ وَالْمَنْبِتُ كَمَجْلِسِ مَوْضِعِهِ: أَيْ النَّبَاتِ شَاذٌّ، وَالْقِيَاسُ كَمَقْعَدٍ اهـ: أَيْ لِأَنَّهُ مِنْ يَنْبُتُ بِالضَّمِّ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَمَصْدَرُهُ عَلَى مَفْعَلُ بِالْفَتْحِ (قَوْلُهُ: لَا حَاجَةَ إلَيْهِ) أَيْ إلَى قَوْلِهِ غَالِبًا (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ غُمَّ الْهِلَالُ) أَيْ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: غُمَّ عَلَيْهِ الْخَبَرُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ خَفِيَ وَغُمَّ الْهِلَالُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ سُتِرَ بِغَيْمٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: إنْ فَرَّقَ اللَّهُ) نُسْخَةُ: الدَّهْرِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَشْمَلْهُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الظَّاهِرِ، وَإِلَّا فَفِي حَجّ عَنْ الرَّافِعِيِّ أَنَّ الْمُنْتَهَى قَدْ يُرَادُ بِهِ مَا يَلِيهِ مِنْ جِهَةِ الْحَنَكِ إلَى آخِرِهِ. قَالَ: وَبِهِ يَنْدَفِعُ الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ النِّسَاءَ وَالْأَشْرَافَ يَحْذِفُونَ الشَّعْرَ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: حَذَفْته حَذْفًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ، وَحَذَفَ الشَّيْءَ حَذْفًا أَيْضًا أَسْقَطَهُ، وَمِنْهُ يُقَالُ حَذَفَ مِنْ شَعْرِهِ وَمِنْ ذَنَبِ الدَّابَّةِ: إذَا قَصَّرَ مِنْهُ. وَحَذَّفَ بِالتَّثْقِيلِ مُبَالَغَةٌ، وَكُلُّ شَيْءٍ أَخَذْت مِنْ نَوَاحِيهِ حَتَّى سَوَّيْته فَقَدْ حَذَّفْته تَحْذِيفًا (قَوْلُهُ عَلَى رَأْسِ الْأُذُنِ) الْمُرَادُ بِرَأْسِ الْأُذُنِ الْجُزْءُ الْمُحَاذِي لِأَعْلَى الْعِذَارِ قَرِيبًا مِنْ الْوَتَدِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أَعْلَى الْأُذُنِ مِنْ جِهَةِ الرَّأْسِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُحَاذِيًا لِمَبْدَإِ الْعِذَارِ (قَوْلُهُ: إلَى جَانِبِ الْوَجْهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQطَائِلَ تَحْتَهُ (قَوْلُهُ: لِبَيَانِ) أَيْ مُرَادُهُ بِهِ الْبَيَانُ لَا أَنَّهُ لَمْ يَحْصُل إذْ الْغَرَضُ أَنَّهُ لِمُجَرَّدِ الْإِيضَاحِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا زَادَ غَالِبًا كَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْمَنْبَتِ مَا يَنْبُتُ عَلَيْهِ الشَّعْرُ بِالْفِعْلِ، وَالْإِمَامُ بَنَى اعْتِرَاضَهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا مِنْ شَأْنِهِ النَّبَاتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَوْضِعُ الْغَمَمِ) لَا مَوْقِعُ لِأَمَّا هُنَا (قَوْلُهُ:، وَهُوَ) أَيْ مَوْضِعُ التَّحْذِيفِ

(وَهُمَا بَيَاضَانِ يَكْتَنِفَانِ النَّاصِيَةَ) فَلَيْسَتَا مِنْ الْوَجْهِ لِأَنَّهُمَا فِي حَدِّ تَدْوِيرِ الرَّأْسِ، وَالنَّاصِيَةُ مُقَدَّمُ الرَّأْسِ مِنْ أَعْلَى الْجَبِينِ (قُلْت: صَحَّحَ الْجُمْهُورُ أَنَّ مَوْضِعَ التَّحْذِيفِ مِنْ الرَّأْسِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِاتِّصَالِ الشَّعْرِ بِهِ فَلَا يَصِيرُ وَجْهًا بِفِعْلِ بَعْضِ النَّاسِ، وَمِنْ الرَّأْسِ أَيْضًا الصُّدْغَانِ لِدُخُولِهِمَا فِي تَدْوِيرِهِ، وَهُمَا فَوْقَ الْأُذُنَيْنِ مُتَّصِلَانِ بِالْعِذَارَيْنِ. وَيُسَنُّ غَسْلُ مَوْضِعِ الصَّلَعِ وَالتَّحْذِيفِ وَالنَّزَعَتَيْنِ وَالصُّدْغَيْنِ مَعَ الْوَجْهِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَ غَسْلَهَا، وَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِ جُزْءٍ مِنْ الرَّأْسِ وَمِنْ تَحْتِ الْحَنَكِ وَمِنْ الْأُذُنَيْنِ وَجُزْءٍ فَوْقَ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ، إذْ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ، وَمِنْ الْوَجْهِ مَا بَيْنَ الْعِذَارِ وَالْأُذُنِ مِنْ الْبَيَاضِ لِكَوْنِهِ دَاخِلًا فِي حَدِّهِ، وَمَا ظَهَرَ مِنْ حُمْرَةِ الشَّفَتَيْنِ وَمِنْ الْأَنْفِ بِالْجَدْعِ، حَتَّى لَوْ اتَّخَذَ لَهُ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ وَجَبَ غَسْلُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ غَسْلُ مَا ظَهَرَ مِنْ أَنْفِهِ بِالْقَطْعِ وَقَدْ تَعَذَّرَ لِلْعُذْرِ فَصَارَ الْأَنْفُ الْمَذْكُورُ فِي حَقِّهِ كَالْأَصْلِيِّ (وَيَجِبُ غَسْلُ كُلِّ هُدْبٍ) وَهُوَ بِضَمِّ الْهَاءِ مَعَ سُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّهَا وَبِفَتْحِهِمَا مَعًا الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى الْعَيْنِ (وَحَاجِبٍ) جَمْعُهُ حَوَاجِبُ وَحَاجِبُ الْأَمِيرِ جَمْعُهُ حُجَّابٌ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَحْجُبُ عَنْ الْعَيْنِ شُعَاعَ الشَّمْسِ (وَعِذَارٍ) وَهُوَ بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ الشَّعْرُ النَّابِتُ الْمُحَاذِي لِلْأُذُنِ بَيْنَ الصُّدْغِ وَالْعَارِضِ أَوَّلُ مَا يَنْبُتُ لِلْأَمْرَدِ غَالِبًا (وَشَارِبٍ) وَهُوَ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى الشَّفَةِ الْعُلْيَا (وَخَدٍّ) أَيْ الشَّعْرِ النَّابِتِ عَلَيْهِ، وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الْمُحَرَّرِ (وَعَنْفَقَةٍ) وَهُوَ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى الشَّفَةِ السُّفْلَى (شَعْرًا وَبَشَرًا) أَيْ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَإِنْ كَانَ كَثِيفًا لِنُدْرَةِ كَثَافَتِهِ فَأُلْحِقَ بِالْغَالِبِ، وَقَوْلُهُ شَعْرًا وَبَشَرًا ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ حَدِّ الْوَجْهِ وَحَدُّهُ ابْتِدَاءُ الْعِذَارِ وَمَا يَلِيهِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَعْلَى الْجَبِينِ) أَيْ بِأَنْ يُعْتَبَرَ ابْتِدَاءُ النَّاصِيَةِ مِنْ أَعْلَى الْجَبِينِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَيَدْخُلَ فِيهِ مَا فَوْقَ الْجَبْهَةِ وَمَا يُقَابِلُ الْجَبِينَيْنِ إلَى أَعْلَى الرَّأْسِ. وَفِي حَجّ الْجَبِينَانِ: جَانِبَا الْجَبْهَةِ (قَوْلُهُ مُتَّصِلَانِ بِالْعِذَارَيْنِ) عِبَارَةُ حَجّ وَهُمَا الْمُتَّصِلَانِ بِالْعِذَارِ مِنْ فَوْقِ وَتَدِ الْأُذُنَيْنِ (قَوْلُهُ مَنْ أَوْجَبَ غَسْلَهَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ هَذَا الْخِلَافُ هُنَا (قَوْلُهُ: إذْ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَهُ مَعْصُومٌ بِحَدِّهِ لَا يَجِبُ غَسْلُ زَائِدٍ عَلَيْهِ، وَهُوَ وَاضِحٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ لِذَاتِهِ وَإِنَّمَا وَجَبَ لِتَحَقُّقِ غَسْلِ الْوَاجِبِ (قَوْلُهُ: بِالْجَدْعِ) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْجِيمِ مَعَ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ (قَوْلُهُ: لَوْ اتَّخَذَ لَهُ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ وَجَبَ غَسْلُهُ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ جَمِيعِهِ وَقَالَ حَجّ إنَّمَا يَجِبُ غَسْلُ مَا فِي مَحَلِّ الِالْتِحَامِ لِأَنَّهُ الْبَدَلُ دُونَ مَا زَادَ عَلَيْهِ. [فَرْعٌ] قُطِعَ أَنْفُهُ فَاِتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ، فَإِنْ الْتَحَمَ وَجَبَ غَسْلُهُ وَصَارَ لَهُ حُكْمُ أَجْزَاءِ الْوَجْهِ م ر (قَوْلُهُ كَالْأَصْلِيِّ) وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْقَضِيَ مَسُّهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْبَشَرَةِ وَإِنْ أُعْطِيَ حُكْمَهَا، وَأَنَّهُ يَكْفِي قَرْنُ النِّيَّةِ بِغَسْلٍ لِأَنَّهُ صَارَ لَهُ حُكْمُ الْوَجْهِ وِفَاقًا لمر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. [فَرْعٌ] قَالُوا يَجِبُ غَسْلُ مَا ظَهَرَ بِقَطْعِ شَفَةٍ أَوْ أَنْفٍ، وَالْمُرَادُ مَا ظَهَرَ مِنْ مَحَلِّ الْقَطْعِ لَا مَا كَانَ مُسْتَتِرًا بِالْمَقْطُوعِ فَلَا يَجِبُ غَسْلُ مَا ظَهَرَ بِقَطْعِ الشَّفَةِ مِنْ لَحْمِ الْأَسْنَانِ، وَكَذَا لَا يَجِبُ غَسْلُ مَا ظَهَرَ بِقَطْعِ الْأَنْفِ مِمَّا كَانَ تَحْتَهُ وَإِنْ صَارَ بَارِزًا مُتَكَشِّفًا وِفَاقًا لِمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا حَجّ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ كَانَ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ قَبْلَ الْقَطْعِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَبَقَاءُ الْأَمْرِ عَلَى مَا كَانَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ بِخِلَافِ بَاطِنِ الْأَنْفِ وَالْفَمِ وَالْعَيْنِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ غَسْلُ كُلِّ هُدْبٍ) ذَكَرَ هَذَا تَوْطِئَةً لِمَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ وَإِلَّا فَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ الثَّانِي غَسْلُ الْوَجْهِ إلَخْ، لِأَنَّ هَذِهِ أَجْزَاءٌ لِلْوَجْهِ (قَوْلُهُ النَّابِتُ عَلَى الْعَيْنِ) خَرَجَ بِهِ النَّابِتُ فِي الْعَيْنِ فَلَا يَجِبُ غَسْلُهُ وَإِنْ طَالَ جِدًّا (قَوْلُهُ: الصُّدْغِ) قَالَ حَجّ: وَالصُّدْغَانِ هُمَا الْمُتَّصِلَانِ بِالْعِذَارِ مِنْ فَوْقُ اهـ (قَوْلُهُ: فَأُلْحِقَ بِالْغَالِبِ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيُسَنُّ غَسْلُ مَوْضِعِ الصَّلَعِ إلَخْ) وَسَيَأْتِي سُنَّ إطَالَةُ الْغُرَّةِ، وَحِينَئِذٍ فَإِذَا غَسَلَ الْمَذْكُورَاتِ حَصَلَ لَهُ سُنَّتَانِ: سُنَّةُ الْإِطَالَةِ، وَسُنَّةُ الْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ الْأَنْفِ بِالْجَدْعِ) أَيْ مَا بَاشَرَتْهُ السِّكِّينُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَقَدْ تَعَذَّرَ لِلْعُذْرِ لِيَخْرُجَ مَا لَمْ تُبَاشِرْهُ مِمَّا كَانَ مُسْتَتِرًا بِالْمَارِنِ. وَصَرَّحَ بِذَلِكَ الزِّيَادِيُّ (قَوْلُهُ: لَوْ اتَّخَذَ لَهُ أَنْفًا) أَيْ، وَالْتَحَمَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَقَدْ تَعَذَّرَ لِلْعُذْرِ (قَوْلُهُ: أَيْ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَيْهِ) لَا يُنَافِي الْجَوَابَ الْآتِيَ

أَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُسْقِطَ شَعْرًا وَيَقُولَ وَبَشَرَتِهَا: أَيْ بَشَرَةِ جَمِيعِ ذَلِكَ، فَقَوْلُهُ شَعْرًا تَكْرَارٌ فَإِنَّمَا تَقَدَّمَ اسْمٌ لَهَا لَا لِمَنَابِتِهَا، وَقَوْلُهُ بَشَرًا غَيْرُ صَالِحٍ لِتَفْسِيرِ مَا تَقَدَّمَ. وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ ذَكَرَ الْخَدَّ أَيْضًا فَنَصَّ عَلَى شَعْرِهِ كَمَا نَصَّ عَلَى بَشَرَةِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الشَّعْرِ (وَقِيلَ لَا يَجِبُ) غَسْلُ (بَاطِنِ عَنْفَقَةٍ كَثِيفَةٍ) بِالْمُثَلَّثَةِ وَلَا بَشَرَتِهَا كَاللِّحْيَةِ، وَفِي ثَالِثٍ يَجِبُ إنْ لَمْ تَتَّصِلْ بِاللِّحْيَةِ (وَاللِّحْيَةُ) مِنْ الرَّجُلِ (إنْ خَفَّتْ كَهُدْبٍ) فَيَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِهَا وَبَاطِنِهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ كَثُفَتْ (فَلْيَغْسِلْ ظَاهِرَهَا) وَلَا يَجِبُ غَسْلُ بَاطِنِهَا وَهُوَ مَنَابِتُهَا «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَرَفَ غَرْفَةً وَاحِدَةً لِوَجْهِهِ» وَكَانَتْ لِحْيَتُهُ كَثِيفَةً وَالْغَرْفَةُ الْوَاحِدَةُ لَا تَصِلُ إلَى بَاطِنِ ذَلِكَ غَالِبًا، وَلِمَا فِي غَسْلِ بَاطِنِهَا مِنْ الْمَشَقَّةِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الشَّعْرَ أَصْلٌ لَا بَدَلٌ. وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ شُعُورَ الْوَجْهِ إنْ لَمْ تَخْرُجْ عَنْ حَدِّهِ، فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ نَادِرَةَ الْكَثَافَةِ كَالْهُدْبِ وَالشَّارِبِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَهُوَ الشَّعْرُ الْخَفِيفُ (قَوْلُهُ: جَمِيعِ ذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورِ وَلَوْ قَالَ تِلْكَ لَكَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: وَفِي ثَالِثٍ يَجِبُ إنْ لَمْ تَتَّصِلَ بِاللِّحْيَةِ) وَقِيلَ لَا يَجِبُ غَسْلُ بَاطِنِ الْكَثِيفِ فِي الْجَمِيعِ لِأَنَّ كَثَافَتَهُ مَانِعَةٌ مِنْ رُؤْيَةِ بَاطِنِهِ فَلَا تَقَعُ بِهِ الْمُوَاجَهَةُ انْتَهَى مَحَلِّيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ غَسْلُ بَاطِنِهَا) قَدْ يُقَالُ: لِمَ اكْتَفَى بِغَسْلِ ظَاهِرِ الْكَثِيفِ الْخَارِجِ مِنْ غَيْرِ اللِّحْيَةِ وَالْعَارِضِ مَعَ الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ فِي أَصْلِهِ الَّذِي فِي حَدِّ الْوَجْهِ وَإِنْ كَانَ كَثِيفًا، إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ لَمَّا خَرَجَ عَنْ الْوَجْهِ الَّذِي هُوَ مَنَاطُ الْوُجُوبِ انْحَطَّ أَمْرُهُ فَسُومِحَ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ قُلْت: قَوْلُهُ فِي أَصْلِهِ إلَخْ صَرِيحُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ الْحَاجِبَ مَثَلًا إذَا طَالَ شَعْرُهُ وَخَرَجَ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ وَكَثُفَ فَالْقَدْرُ الْخَارِجُ يَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِهِ دُونَ بَاطِنِهِ، وَمَا دَخَلَ مِنْهُ فِي حَدِّ الْوَجْهِ يَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ فَلْيُرَاجَعْ فَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي حَدِّ الْوَجْهِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ وَجَبَ غَسْلُ ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ، وَإِذَا خَرَجَ وَجَبَ غَسْلُ ظَاهِرِ الْكَثِيفِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَغْسُولُ، فِي حَدِّ الْوَجْهِ أَوْ خَارِجِهِ لِمَشَقَّةِ إيصَالِ الْمَاءِ إلَى بَاطِنِ مَا فِي حَدِّ الْوَجْهِ دُونَ مَا خَرَجَ، فَلَمَّا كَانَ فِي التَّجْزِئَةِ مَشَقَّةٌ اكْتَفَى بِغَسْلِ الظَّاهِرِ مِنْ الْجَمِيعِ. وَقَدْ يَصِحُّ بِذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي: فَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ (قَوْلُهُ: وَكَانَتْ لِحْيَتُهُ كَثَّةً) قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ كَانَتْ لِحْيَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَلِيلَةً عَظِيمَةً، وَلَا يُقَالُ كَثَّةً وَلَا كَثِيفَةً (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الشَّعْرَ أَصْلٌ لَا بَدَلٌ) أَيْ وَمِنْ ثَمَّ يَجُوزُ قَرْنُ النِّيَّةِ بِهِ وَبِبَاطِنِهِ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ غَسْلُهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَخْرُجْ عَنْ حَدِّهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ لَوْ مُدَّتْ فِي جِهَةِ اسْتِرْسَالِهِ لَا تُجَاوِزُ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ، وَالْخَارِجَةُ هِيَ مَا جَاوَزَتْ ذَلِكَ كَذَا قِيلَ. وَاسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ اللِّحْيَةُ خَارِجَةً عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ دَائِمًا مَعَ أَنَّهُمْ فَصَلُوا فِيهَا بَيْنَ الْخَارِجَةِ عَنْ حَدِّهِ وَالدَّاخِلَةِ فِيهِ انْتَهَى. ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا نَصُّهُ: الْمُرَادُ بِخُرُوجِ الشَّعْرِ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ أَنْ يَلْتَوِيَ عَنْ اعْتِدَالٍ إلَى تَحْتُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، وَأَمَّا مَا طَالَ إلَى جِهَةِ اسْتِقْبَالِ الْوَجْهِ فَكُلُّهُ فِي حَدِّ الْوَجْهِ فَلَهُ حُكْمُ مَا فِي حَدِّ الْوَجْهِ انْتَهَى. وَهُوَ أَيْضًا لَا يُعْلَمُ مِنْهُ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا فِي حَدِّ الْوَجْهِ وَبَيْنَ اللِّحْيَةِ وَبَيْنَ مَا خَرَجَ عَنْهُ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَنَصَّ عَلَى شَعْرِهِ إلَخْ) هَذَا جَوَابٌ عَنْ الْإِشْكَالِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ أَنَّ ذِكْرَ شَعْرًا تَكْرَارٌ. وَسَكَتَ عَنْ الْجَوَابِ عَنْ كَوْنِ بَشَرًا غَيْرَ صَالِحٍ لِتَفْسِيرِ مَا قَبْلَهُ، ثُمَّ إنَّ مَا أَجَابَ بِهِ يَنْحَلُّ الْكَلَامُ عَلَيْهِ إلَى قَوْلِنَا، وَيَجِبُ غَسْلُ كُلِّ هُدْبٍ وَحَاجِبٍ وَعَذَارٍ وَشَارِبٍ وَعَنْفَقَةٍ مِنْ حَيْثُ الْبَشَرَةُ وَكُلُّ خَدٍّ مِنْ حَيْثُ الشَّعْرُ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ. ثُمَّ رَأَيْت الشِّهَابَ ابْنَ حَجَرٍ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَنَابِتُهَا) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَلَا يُكَلَّفُ غَسْلَ بَاطِنِهَا، وَهُوَ الْبَشَرَةُ، وَدَاخِلَهَا، وَهُوَ مَا اسْتَتَرَ مِنْ شَعْرِهَا (قَوْلُهُ:، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الشَّعْرَ أَصْلٌ لَا بَدَلٌ) سَيَأْتِي لَهُ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ أَنَّهُ قَالَ:، وَالْأَصَحُّ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْبَشَرَةِ وَالشَّعْرِ هُنَا أَصْلٌ، وَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَكْفِي مَسْحُ أَحَدِهِمَا، ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا هُنَا، وَقَضِيَّةُ مَا رَتَّبَهُ هُنَاكَ عَلَى الْأَصَالَةِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي هُنَا إلَّا غَسْلُ الشَّعْرِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي اللِّحْيَةِ الْكَثِيفَةِ، وَلَعَلَّهَا مُرَادُهُ وَإِنْ كَانَ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ، وَلْيَنْظُرْ مَا الْأَصْلُ فِيمَا يَجِبُ

وَالْعَنْفَقَةِ وَلِحْيَةِ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى فَيَجِبُ غَسْلُهَا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا خَفَّتْ أَوْ كَثُفَتْ، أَوْ غَيْرَ نَادِرَةِ الْكَثَافَةِ وَهِيَ لِحْيَةُ الرَّجُلِ وَعَارِضَاهُ، فَإِنْ خَفَّتْ بِأَنْ تَرَى الْبَشَرَةَ مِنْ تَحْتِهَا فِي مَجْلِسِ التَّخَاطُبِ وَجَبَ غَسْلُ ظَاهِرِهَا وَبَاطِنِهَا، فَإِنْ كَثُفَتْ وَجَبَ غَسْلُ ظَاهِرِهَا فَقَطْ، فَإِنْ خَفَّ بَعْضُهَا وَكَثُفَ بَعْضُهَا فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ إنْ تَمَيَّزَ، فَإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ وَجَبَ غَسْلُ الْجَمِيعِ، فَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ وَكَانَتْ كَثِيفَةً وَجَبَ غَسْلُ ظَاهِرِهَا فَقَطْ وَإِنْ كَانَتْ نَادِرَةَ الْكَثَافَةِ، وَإِنْ خَفَّتْ وَجَبَ غَسْلُ ظَاهِرِهَا وَبَاطِنِهَا. وَوَقَعَ لِبَعْضِهِمْ فِي هَذَا الْمَقَامِ مَا يُخَالِفُ مَا تَقَرَّرَ فَاحْذَرْهُ. قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: الْمُرَادُ بِعَدَمِ التَّمْيِيزِ عَدَمُ إمْكَانِ إفْرَادِهِ بِالْغَسْلِ وَإِلَّا فَهُوَ مُتَمَيِّزٌ فِي نَفْسِهِ. وَيَجِبُ غَسْلُ سِلْعَةٍ نَبَتَتْ فِي الْوَجْهِ وَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ حَدِّهِ لِحُصُولِ الْمُوَاجَهَةِ بِهَا (وَفِي قَوْلٍ لَا يَجِبُ غَسْلُ خَارِجٍ عَنْ) حَدِّ (الْوَجْهِ) لِخُرُوجِهِ عَنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ كَالذُّؤَابَةِ مِنْ الرَّأْسِ، وَالْأَصَحُّ الْوُجُوبُ لِحُصُولِ الْمُوَاجَهَةِ بِهِ (الثَّالِثُ) مِنْ الْفُرُوضِ (غَسْلُ يَدَيْهِ) لِلْآيَةِ وَالْإِجْمَاعِ (مَعَ مِرْفَقَيْهِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ أَفْصَحُ مِنْ عَكْسِهِ أَوْ قَدْرِهِمَا مِنْ فَاقِدِهِمَا كَمَا فِي الْعُبَابِ لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي صِفَةِ وُضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ تَوَضَّأَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى حَتَّى شَرَعَ فِي الْعَضُدِ ثُمَّ الْيُسْرَى كَذَلِكَ إلَى آخِرِهِ ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَوَضَّأُ» وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6] فَإِنَّ إلَى بِمَعْنَى مَعَ إنْ قُلْنَا إنَّ الْيَدَ إلَى الْكُوعِ فَقَطْ إذْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِغَسْلِ الْكُوعَيْنِ وَالْمِرْفَقَيْنِ دُونَ مَا بَيْنَهُمَا، أَوْ عَلَى حَقِيقَتِهَا، وَاسْتُفِيدَ دُخُولُ الْمَرَافِقِ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـــــــــــــــــــــــــــــSالْخَارِجُ مِنْ اللِّحْيَةِ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ هُوَ الَّذِي إذَا مُدَّ خَرَجَ بِالْمَدِّ عَنْ جِهَةِ نُزُولِهِ، إلَى أَنْ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ ضَبْطُهُ بِأَنْ يَخْرُجَ عَنْ تَدْوِيرِهِ بِأَنْ طَالَ عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ اهـ. قُلْت: هَذَا الِاحْتِمَالُ ضَعِيفٌ، وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ فِي الْحَاشِيَةِ الْكُبْرَى تَنْبِيهٌ: لَوْ كَانَ الشَّعْرُ فِي حَدِّ الْوَجْهِ وَلَكِنَّهُ طَوِيلٌ مُتَجَعِّدٌ بِحَيْثُ لَوْ مُدَّ لَخَرَجَ، فَهَلْ لِلزَّائِدِ مِنْهُ حُكْمُ الْخَارِجِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ نَظِيرِهِ مِنْ شُعُورِ الرَّأْسِ هُوَ مُحْتَمَلٌ (قَوْلُهُ: ظَاهِرًا وَبَاطِنًا) وَفِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ: وَدَاخِلًا: قَالَ سم فِي حَوَاشِيهِ: هَلْ الْمُرَادُ بِبَاطِنِ اللِّحْيَةِ الْوَجْهُ الَّذِي يَلِي الصَّدْرَ مِنْهَا. وَبِدَاخِلِهَا خِلَالُ الشَّعْرِ وَمَنَابِتُهُ، أَوْ الْمُرَادُ بِبَاطِنِهَا الْبَشَرَةُ تَحْتَ شَعْرِهَا وَبِدَاخِلِهَا خِلَالُ شَعْرِهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْوَجْهُ هُوَ الْأَوَّلُ لِوُقُوعِ الْبَاطِنِ فِي مُقَابَلَةِ الظَّاهِرِ وَالدَّاخِلِ الْمُتَنَاوِلِ لِخِلَالِ الشَّعْرِ وَمَنَابِتِهِ، وَذَلِكَ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ مَا عَدَا جَمِيعَ ذَلِكَ انْتَهَى. وَهَذَا التَّرَدُّدُ نَشَأَ مِنْ جَمْعِهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ بَيْنَ الدَّاخِلِ وَالْبَاطِنِ. أَمَّا مَنْ اقْتَصَرَ كَالشَّارِحِ هُنَا عَلَى الْبَاطِنِ فَيُرَادُ بِهِ مَا يَلِي الصَّدْرَ مِنْ اللِّحْيَةِ وَمَا بَيْنَ الشَّعْرِ (قَوْلُهُ: وَعَارِضَاهُ) وَهُمَا مَا انْحَطَّ مِنْ الْعِذَارِ إلَى اللِّحْيَةِ (قَوْلُهُ: ظَاهِرِهَا وَبَاطِنِهَا) لَكِنْ يَنْبَغِي إذَا كَانَتْ خَفِيفَةً، وَقُلْنَا يَجِبُ غَسْلُ بَاطِنِهَا أَنْ لَا يَكُونَ مِنْهُ بَاطِنُ الشَّعْرِ النَّابِتِ عَلَى آخِرِ مُنْتَهَى اللَّحْيَيْنِ بِحَيْثُ يَكُونُ ذَلِكَ الْبَاطِنُ مُسَاوِيًا لِأَسْفَلِ مُنْتَهَى اللَّحْيَيْنِ لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَيْهِ. تَأَمَّلْ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَجَبَ غَسْلُ ظَاهِرِهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ رَجُلٍ أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ نَادِرَةَ الْكَثَافَةِ) هُوَ غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَوَقَعَ لِبَعْضِهِمْ) هُوَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ إمْكَانِ إفْرَادِهِ) أَيْ بِأَنْ عَسَرَ إفْرَادُهُ بِالْغَسْلِ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْإِمْكَانِ مَا قَابَلَ الِاسْتِحَالَةَ (قَوْلُهُ: كَالذُّؤَابَةِ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَدْرِهِمَا) لَعَلَّ الْمُرَادَ قَدْرُهُمَا مِنْ الْمُعْتَدِلِ مِنْ غَالِبِ أَمْثَالِهِ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرَهُ فِي الْكَعْبَيْنِ (قَوْلُهُ: وَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ) أَيْ تَمَّمَ (قَوْلُهُ: حَتَّى شَرَعَ) أَيْ دَخَلَ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى حَقِيقَتِهَا) أَيْ إنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQغَسْلُ ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ مِنْ الشُّعُورِ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي أَنَّ الْأَصْلَ فِيهَا الْمَجْمُوعُ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: لِحُصُولِ الْمُوَاجَهَةِ بِهَا) أَيْ بِأَصْلِهَا (قَوْلُهُ: إذْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ) تَعْلِيلٌ لِغَيْرِ مَذْكُورٍ لَكِنَّهُ مَعْلُومٌ، وَهُوَ وُجُوبُ غَسْلِ مَا بَيْنَ الْكُوعَيْنِ، وَالْمِرْفَقَيْنِ

وَالْإِجْمَاعِ وَمِنْ كَوْنِ الْغَايَةِ فِيهَا لِلْإِسْقَاطِ بِنَاءً عَلَى مَا يَأْتِي لِإِفَادَتِهَا مَدَّ الْحُكْمِ إلَيْهَا أَوْ إسْقَاطَ مَا وَرَاءَهَا، وَضَابِطُهُ أَنَّ اللَّفْظَ إنْ تَنَاوَلَ مَحَلَّهَا لَوْلَا ذِكْرُهَا أَفَادَتْ الثَّانِيَ وَإِلَّا أَفَادَتْ الْأَوَّلَ، فَاللَّيْلُ فِي الصَّوْمِ مِنْهُ بِخِلَافِ الْيَدِ هُنَا فَإِنَّهَا مِنْ الثَّانِي لِصِدْقِهَا عَلَى الْعُضْوِ إلَى الْكَتِفِ لُغَةً، فَكَانَ ذِكْرُ الْغَايَةِ إسْقَاطًا لِمَا وَرَاءَ الْمَرَافِقِ فَدَخَلَ الْمِرْفَقُ. وَيُدْفَعُ مَا نُقِضَ بِهِ الضَّابِطُ مِنْ نَحْوِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ إلَى سُورَةِ كَذَا بِمَنْعِ خُرُوجِ السُّورَةِ عَنْ الْمَقْرُوءِ إلَّا بِقَرِينَةٍ، وَيَجُوزُ جَعْلُ الْيَدِ الَّتِي هِيَ حَقِيقَةٌ إلَى الْمَنْكِبِ أَوْ الْكُوعِ مَجَازًا إلَى الْمِرْفَقِ مَعَ جَعْلِ إلَى غَايَةً لِلْغَسْلِ دَاخِلَةٌ فِي الْمُغَيَّا بِقَرِينَتَيْ الْإِجْمَاعِ وَالِاحْتِيَاطِ لِلْعِبَادَةِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي أَرْجُلِكُمْ إلَى الْكَعْبَيْنِ (فَإِنْ قَطَعَ بَعْضَهُ) أَيْ بَعْضَ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ (وَجَبَ) غَسْلُ (مَا بَقِيَ) لِخَبَرِ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» وَلِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ (أَوْ) قَطَعَ (مِنْ مِرْفَقِهِ) بِأَنْ سَلَّ عَظْمَ ذِرَاعِهِ وَبَقِيَ الْعَظْمَانِ الْمُسَمَّيَانِ بِرَأْسِ الْعَضُدِ (فَرَأْسٌ) أَيْ فَيَجِبُ غَسْلُ رَأْسِ (عَظْمِ الْعَضُدِ عَلَى الْمَشْهُورِ) لِكَوْنِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقُلْنَا: الْيَدُ لِلْمَنْكِبِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى مَا يَأْتِي) أَيْ مِنْ أَنَّهَا: أَيْ الْغَايَةَ لِإِفَادَتِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ إسْقَاطَ مَا وَرَاءَهَا) وَذَلِكَ بِأَنْ يُجْعَلَ التَّقْدِيرُ هُنَا: اغْسِلُوا أَيْدِيَكُمْ مِنْ الْأَصَابِعِ وَاتْرُكُوا مِنْ أَعْلَاهَا إلَى الْمَرَافِقِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْغَسْلُ مِنْ الْأَصَابِعِ الْحَمْلُ عَلَى مَا هُوَ الْغَالِبُ فِي غَسْلِ الْأَيْدِي أَنَّهُ مِنْ الْأَصَابِعِ. وَمِنْ لَازِمِهِ أَنْ يَكُونَ التَّرْكُ مِنْ الْأَعْلَى، وَبَيَّنَ ذَلِكَ فِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: حَتَّى شَرَعَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَضَابِطُهُ) حَاصِلُ هَذَا الضَّابِطِ يَرْجِعُ إلَى أَنَّ الْغَايَةَ إنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ الْمُغَيَّا دَخَلَتْ فِيهِ إلَّا بِقَرِينَةٍ تَقْتَضِي خُرُوجَهَا كَمَا يَأْتِي فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ إلَى سُورَةِ كَذَا مِنْ خُرُوجِ السُّورَةِ إنْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى خُرُوجِهَا وَإِلَّا فَتَدْخُلُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ جِنْسِهِ لَا تَدْخُلُ إلَّا بِقَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى الدُّخُولِ. وَفِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ مَا يُفِيدُ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ مَرْجُوحٌ، وَأَنَّ الرَّاجِحَ عَدَمُ دُخُولِهَا مُطْلَقًا إلَّا بِقَرِينَةٍ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ نَذَرَ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ إلَى سُورَةِ الْكَهْفِ مَثَلًا أَوْ اسْتَأْجَرَهُ آخَرُ عَلَى قِرَاءَةٍ إلَيْهَا وَجَبَ قِرَاءَتُهَا أَيْضًا مَا لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى إخْرَاجِهَا، وَعَلَى كَلَامِ شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَكَلَامِ ابْنِ هِشَامٍ فِي الْمُغْنِي لَا تَدْخُلُ السُّورَةُ (قَوْلُهُ أَفَادَتْ الثَّانِيَ) هُوَ قَوْلُهُ: أَوْ إسْقَاطُ مَا وَرَاءَهَا وَالْأَوَّلُ هُوَ قَوْلُهُ لِإِفَادَتِهَا الْحُكْمَ إلَيْهَا (قَوْلُهُ فَاللَّيْلُ فِي الصَّوْمِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ فَإِنْ قُطِعَ بَعْضُهُ إلَخْ) . [فَرْعٌ] لَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ ثُمَّ أَلْصَقَهَا فِي حَرَارَةِ الدَّمِ، فَإِنْ الْتَحَمَتْ بِحَيْثُ صَارَ يَخْشَى مَحْذُورَ تَيَمُّمٍ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ قَطْعُهَا وَيَجِبُ غَسْلُهَا وَإِلَّا فَلَا م ر سم عَلَى مَنْهَجٍ. [فَرْعٌ آخَرُ] لَوْ كَانَ فَاقِدَ الْيَدَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا فَغَسَلَ بَعْدَ الْوَجْهِ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْهُمَا، إنْ كَانَ ثُمَّ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ ثُمَّ مَسَحَ الرَّأْسَ وَتَمَّمَ وُضُوءَهُ ثُمَّ نَبَتَ لَهُ يَدَانِ بَدَلَ الْمَفْقُودَتَيْنِ فَهَلْ يَجِبُ غَسْلُهُمَا الْآنَ وَيُعِيدُ مَا بَعْدَهُمَا مِنْ الرَّأْسِ وَالرِّجْلَيْنِ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَمْ يُخَاطَبْ بِغَسْلِهِمَا حِينَ الْوُضُوءِ لِفَقْدِهِمَا، فَمَسْحُهُ لِلرَّأْسِ وَقَعَ صَحِيحًا مُعْتَدًّا بِهِ فَلَا يُبْطِلُهُ مَا عَرَضَ مِنْ نَبَاتِ الْيَدَيْنِ، وَكَمَا لَوْ غَسَلَ وَجْهَهُ أَوْ مَسَحَ رَأْسَهُ ثُمَّ نَبَتَ لَهُ شَعْرٌ فِيهِمَا حَيْثُ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ وَلَا مَسْحُهُ. (قَوْلُهُ: عَظْمِ الْعَضُدِ) الْعَضُدُ مَا بَيْنَ الْمِرْفَقِ إلَى الْكَتِفِ، وَفِيهَا خَمْسُ لُغَاتٍ: وِزَانُ رَجُلٍ، وَبِضَمَّتَيْنِ فِي لُغَةِ الْحِجَازِ، وَقَرَأَ بِهَا الْحَسَنُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا} [الكهف: 51] وَمِثَالَ كَبِدٍ فِي لُغَةِ بَنِي أَسَدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى مَا يَأْتِي) أَيْ مِنْ أَنَّ الْيَدَ تَصْدُقُ عَلَى الْعُضْوِ إلَى الْكَتِفِ، فَهُوَ مُقَابِلُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ إنْ قُلْنَا إنَّ الْيَدَ إلَى الْكُوعِ فَقَطْ، وَهُوَ أَوْلَى مِمَّا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: إلَيْهَا) أَيْ إلَى الْغَايَةِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ: أَيْ إلَى مَدْخُولِهَا وَكَذَا يُقَالُ فِي وَرَائِهَا (قَوْلُهُ: وَضَابِطُهُ) أَيْ إفَادَتُهَا مَدَّ الْحُكْمِ تَارَةً وَإِسْقَاطَ مَا وَرَاءَهَا أُخْرَى (قَوْلُهُ: أَفَادَتْ الثَّانِيَ) أَيْ كَوْنَهَا غَايَةً لِلْإِسْقَاطِ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا أَفَادَتْ الْأَوَّلَ: أَيْ كَوْنَهَا غَايَةً لِمَدِّ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْأَوَّلِ

مِنْ الْمِرْفَقِ تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّهُ اسْمٌ لِمَجْمُوعِ الْعَظْمَيْنِ وَالْإِبْرَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَالثَّانِي فَرْعُهُ عَلَى أَنَّهُ طَرَفُ عَظْمِ السَّاعِدِ فَقَطْ وَوُجُوبُ غَسْلِ رَأْسِ الْعَضُدِ بِالتَّبَعِيَّةِ (أَوْ فَوْقَهُ) أَيْ قَطَعَ مِنْ فَوْقِ مِرْفَقِهِ (نُدِبَ) غَسْلُ (بَاقِي عَضُدِهِ) كَمَا لَوْ كَانَ سَلِيمَ الْيَدِ لِئَلَّا يَخْلُوَ الْعُضْوُ عَنْ طَهَارَةٍ، وَيَجِبُ غَسْلُ مَا عَلَى الْيَدَيْنِ مِنْ شَعْرٍ وَإِنْ كَثُفَ وَأَظْفَارٍ وَإِنْ طَالَتْ كَيَدٍ أَوْ سِلْعَةٍ نَبَتَتْ فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ، وَبَاطِنِ ثَقْبٍ أَوْ شَقٍّ فِيهِ لِأَنَّهُ صَارَ ظَاهِرًا. نَعَمْ إنْ كَانَ لَهُمَا غَوْرٌ فِي اللَّحْمِ لَمْ يَجِبْ إلَّا غَسْلُ مَا ظَهَرَ مِنْهُمَا، وَكَذَا يُقَالُ فِي بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ، وَلَوْ انْكَشَطَتْ جِلْدَةُ السَّاعِدِ فَبَلَغَ تَكَشُّطُهَا الْعَضُدَ ثُمَّ تَدَلَّتْ مِنْهُ لَمْ يَجِبْ غَسْلُ شَيْءٍ مِنْهَا لِتَدَلِّيهَا مِنْ غَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ، وَغَسْلِ مَا حَاذَاهُمَا مِنْ يَدٍ زَائِدَةٍ نَبَتَتْ فَوْقَ مَحَلِّ الْفَرْضِ وَتَدَلَّتْ وَلَمْ تَشْتَبِهْ بِالْأَصْلِيَّةِ لِنَحْوِ ضَعْفِ بَطْشٍ أَوْ فَقْدِ أُصْبُعٍ لِحُصُولِ ذَلِكَ الْقَدْرِ فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ مَعَ وُقُوعِ الِاسْمِ عَلَيْهَا، وَخَرَجَ نَحْوُ سِلْعَةٍ وَشَعْرٍ تَدَلَّى مِنْ عَضُدِهِ وَجِلْدَةٍ مُنْكَشِطَةٍ مِنْهُ حَيْثُ لَمْ يَبْلُغْ التَّكَشُّطُ مَحَلَّ الْفَرْضِ، فَلَا يَجِبُ غَسْلُ الْمُحَاذِي مِنْهَا وَلَا غَيْرِهِ لِعَدَمِ وُقُوعِ الِاسْمِ عَلَيْهَا، وَلَوْ جَاوَزَ تَكَشُّطُهَا مِرْفَقَهُ وَتَدَلَّتْ عَلَى سَاعِدِهِ وَجَبَ غَسْلُ الْمُتَدَلِّي مُطْلَقًا مَا لَمْ يَلْتَصِقْ بِهِ، وَإِلَّا غَسَلَ ظَاهِرَهَا بَدَلًا عَمَّا اسْتَتَرَ مِنْهُ، وَلِهَذَا لَوْ زَالَتْ بَعْدَ أَنْ غَسَلَهَا وَجَبَ غَسْلُ مَا ظَهَرَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَقَ لِحْيَتَهُ الْكَثَّةَ لِأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى غَسْلِ ظَاهِرِ الْمُلْتَصِقَةِ كَانَ لِلضَّرُورَةِ وَقَدْ زَالَتْ، وَلَا كَذَلِكَ اللِّحْيَةُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ غَسْلِ بَاطِنِهَا، وَلَوْ انْكَشَطَتْ مِنْ سَاعِدِهِ وَالْتَصَقَ رَأْسُهَا بِعَضُدِهِ مَعَ تَجَافِي بَاقِيهَا وَجَبَ غَسْلُ مُحَاذِي مَحَلِّ الْفَرْضِ مِنْهَا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا دُونَ مَا فَوْقَهُ لِأَنَّهُ عَلَى غَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ، فَلَا نَظَرَ لِأَصْلِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا إلَيْهِ التَّكَشُّطُ لَا بِمَا مِنْهُ ذَلِكَ. وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْبِيرِهِمْ بِالْمُحَاذَاةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَمِثَالُ فَلْسٍ فِي لُغَةِ تَمِيمٍ وَبَكْرٍ، وَالْخَامِسَةُ مِثَالُ قُفْلٍ، قَالَ أَبُو زَيْدٍ: أَهْلُ تِهَامَةَ يُؤَنِّثُونَ الْعَضُدَ ثُمَّ يُذَكِّرُونَ وَالْجَمْعُ أَعْضُدٍ وَأَعْضَادٍ مِثْلُ أَفْلُسٍ وَأَقْفَالٍ اهـ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ: مِنْ شَعْرٍ وَإِنْ كَثُفَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ طَالَ وَخَرَجَ عَنْ الْمُحَاذَاةِ م ر سم عَلَى بَهْجَةٍ. وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ لَكِنْ قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَافَقَ م ر عَلَى أَنَّهُ يَكْفِي غَسْلُ ظَاهِرِ الْخَارِجِ الْكَثِيفِ مِنْ الْيَدَيْنِ اهـ. وَإِطْلَاقُ الشَّارِحِ يُوَافِقُ مَا فِي حَاشِيَةِ الْبَهْجَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ عَمَلًا بِإِطْلَاقِهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ كَانَ لَهُمَا غَوْرٌ) أَيْ الثَّقْبُ وَالشَّقُّ. [فَرْعٌ] وَلَوْ دَخَلَتْ شَوْكَةٌ أُصْبُعَهُ مَثَلًا وَصَارَ رَأْسُهَا ظَاهِرًا غَيْرَ مَسْتُورٍ، فَإِنْ كَانَتْ بِحَيْثُ لَوْ قُلِعَتْ بَقِيَ مَوْضِعُهَا مُجَوَّفًا وَجَبَ قَلْعُهَا، وَلَا يَصِحُّ غَسْلُ الْيَدِ مَعَ بَقَائِهَا، وَإِنْ كَانَتْ بِحَيْثُ لَوْ قُلِعَتْ لَا يَبْقَى مَوْضِعُهَا مُجَوَّفًا بَلْ يَلْتَحِمُ وَيَنْطَبِقُ لَمْ يَجِبْ قَلْعُهَا، وَصَحَّ غَسْلُ الْيَدِ مَعَ وُجُودِهَا لِعَدَمِ ظُهُورِهَا انْتَهَى قب. وَمِثْلُهُ عَلَى مَنْهَجٍ نَقْلًا عَنْ م ر، وَعِبَارَةُ حَجّ: عَطْفٌ عَلَى مَا يَجِبُ غَسْلُهُ وَمَحَلُّ شَوْكَةٍ لَمْ تَغَصَّ فِي الْبَاطِنِ حَتَّى اسْتَتَرَتْ وَالْأَصَحُّ الْوُضُوءُ، وَكَذَا الصَّلَاةُ عَلَى الْأَوْجَهِ إذْ لَا حُكْمَ لِمَا فِي الْبَاطِنِ انْتَهَى. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَتَى كَانَ بَعْضُ الشَّوْكَةِ ظَاهِرًا اُشْتُرِطَ قَلْعُهَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: فَبَلَغَ تَكَشُّطُهَا الْعَضُدَ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَلْتَصِقْ بِهِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ تَدَلَّتْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ عَكْسِهِ) أَيْ فَيَجِبُ غَسْلُهُ، وَعَلَيْهِ فَالْعِبْرَةُ فِي الْمُنْكَشِطِ بِمَا انْتَهَى إلَيْهِ التَّقَلُّعُ لَا بِمَا مِنْهُ التَّقَلُّعُ (قَوْلُهُ: مَعَ وُقُوعِ الِاسْمِ عَلَيْهَا) وَبِهَذَا فَارَقَ الْجِلْدَةَ الْمُتَدَلِّيَةَ مِنْ غَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ وَالسِّلْعَةَ وَالشَّعْرَةَ (قَوْلُهُ وَجَبَ غَسْلُ الْمُتَدَلِّي مُطْلَقًا) أَيْ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا طَالَ أَوْ قَصُرَ (قَوْلُهُ: وَجَبَ غَسْلُ مَا ظَهَرَ) أَيْ وَأَعَادَ مَا بَعْدَهُ رِعَايَةً لِلتَّرْتِيبِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَقَ لِحْيَتَهُ الْكَثَّةَ) فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ مَا ظَهَرَ بِالْحَلْقِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ إلَخْ) هَذَا قَدْ يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ غَسْلِ مَا لَمْ يُحَاذِ الْفَرْضَ لِأَنَّ التَّكَشُّطَ لَمْ يُجَاوِزْ مَحَلَّ الْفَرْضِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا الْتَصَقَ طَرَفُهَا بِغَيْرِ الْفَرْضِ نَزَلَ مَنْزِلَةَ مَا انْتَهَى فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مِنْ يَدٍ زَائِدَةٍ) مِنْ فِيهِ تَبْعِيضِيَّةٌ.

أَنَّ الزَّائِدَةَ لَوْ نَبَتَتْ بَعْدَ قَطْعِ الْأَصْلِيَّةِ لَمْ يَجِبْ غَسْلُ شَيْءٍ مِنْهَا لِانْتِفَاءِ الْمُحَاذَاةِ حِينَئِذٍ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ بِنَاءً عَلَى شُمُولِ الْمُحَاذَاةِ لِمَا كَانَ فِعْلًا أَوْ قُوَّةً وَهُوَ أَقْرَبُ، وَلَوْ طَالَتْ الزَّائِدَةُ فَجَاوَزَتْ أَصَابِعُهَا أَصَابِعَ الْأَصْلِيَّةِ اتَّجَهَ وَجَرَّبَ غَسْلَ الزَّائِدِ عَلَى الْأَصْلِيَّةِ وَيُحْتَمَلُ عَدَمُهُ (الرَّابِعُ) مِنْ الْمَفْرُوضِ (مُسَمًّى مَسْحٌ لِبَشَرَةِ رَأْسِهِ) وَإِنْ قَلَّ (أَوْ) بَعْضِ (شَعْرٍ) وَلَوْ بَعْضَ وَاحِدَةٍ (فِي حَدِّهِ) أَيْ الرَّأْسِ بِحَيْثُ لَا يَخْرُجُ الْمَمْسُوحُ عَنْهُ بِمَدٍّ وَلَوْ تَقْدِيرًا بِأَنْ كَانَ مَعْقُوصًا أَوْ مُتَجَعِّدًا، غَيْرَ أَنَّهُ بِحَيْثُ لَوْ مَدَّ مَحَلَّ الْمَسْحِ مِنْهُ خَرَجَ عَنْ الرَّأْسِ مِنْ جِهَةِ نُزُولِهِ أَوْ اسْتِرْسَالٌ مِنْ جِهَةِ نُزُولِهِ سَوَاءٌ فِيهِمَا جَانِبُ الْوَجْهِ وَغَيْرُهُ، لِمَا صَحَّ مِنْ «مَسْحِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِنَاصِيَتِهِ وَعَلَى عِمَامَتِهِ» الدَّالَّيْنِ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِمَسْحِ الْبَعْضِ، إذْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِخُصُوصِ النَّاصِيَةِ وَالِاكْتِفَاءِ بِهَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الِاسْتِيعَابِ أَوْ الرُّبْعَ لِأَنَّهَا دُونَهُ، وَلِأَنَّ الْبَاءَ الدَّاخِلَةَ فِي حَيِّزٍ مُتَعَدِّدٍ كَالْآيَةِ لِلتَّبْعِيضِ وَغَيْرِهِ كَمَا فِي {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29] لِلْإِلْصَاقِ، وَوُجُوبُ التَّعْمِيمِ فِي التَّيَمُّمِ مَعَ اسْتِوَاءِ آيَتِهِمَا لِثُبُوتِهِ فِي السُّنَّةِ وَجَرَيَانِهِ لِكَوْنِهِ بَدَلًا عَلَى حُكْمِ مُبْدَلِهِ، بِخِلَافِ مَسْحِ الرَّأْسِ فَإِنَّهُ أَصْلٌ فَاعْتُبِرَ لَفْظُهُ، وَلَمْ يَجِبْ فِي الْخُفِّ لِلْإِجْمَاعِ وَلِأَنَّ اسْتِيعَابَهُ يُتْلِفُهُ، وَالْأُذُنَانِ لَيْسَتَا مِنْ الرَّأْسِ وَالْبَيَاضُ وَرَاءَ الْأُذُنِ مِنْهُ هُنَا وَفِي الْحَجِّ. وَالْأَصَحُّ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْبَشَرَةِ وَالشَّعْرِ هُنَا أَصْلٌ، لِأَنَّ الرَّأْسَ لِمَا رَأَسَ وَعَلَا وَكُلٌّ مِنْهُمَا عَالٍ، بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي بَشَرَةِ الْوَجْهِ لَوْ غَسَلَهَا وَتَرَكَ الشَّعْرَ حَيْثُ لَا يَكْفِيهِ لِأَنَّ الْمُوَاجَهَةَ إنَّمَا تَقَعُ بِالشَّعْرِ لَا بِالْبَشَرَةِ (وَالْأَصَحُّ جَوَازُ غَسْلِهِ) لِأَنَّهُ مَسْحٌ وَزِيَادَةٌ، فَأَجْزَأَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالثَّانِي لَا، لِأَنَّا مَأْمُورُونَ بِالْمَسْحِ، وَالْغَسْلُ لَا يُسَمَّى مَسْحًا وَأَشَارَ بِالْجَوَازِ إلَى نَفْيِ كُلٍّ مِنْ اسْتِحْبَابِهِ وَكَرَاهَتِهِ (وَ) جَوَازُ (وَضْعِ الْيَدِ) عَلَيْهِ (بِلَا مَدٍّ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وُصُولُ الْبَلَلِ وَقَدْ وَصَلَ وَالثَّانِي ـــــــــــــــــــــــــــــSالتَّكَشُّطُ بِغَيْرِ الْفَرْضِ (قَوْلُهُ: إنَّ الزَّائِدَةَ لَوْ نَبَتَتْ إلَخْ) أَيْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَقْرَبُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: اتَّجَهَ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: لِبَشَرَةِ رَأْسِهِ وَإِنْ قَلَّ إلَخْ) زَادَ حَجّ: حَتَّى الْبَيَاضِ الْمُحَاذِي لِأَعْلَى الدَّائِرِ حَوْلَ الْأُذُنِ كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ وَعِبَارَتُهُ: وَحَتَّى عَظْمِهِ إذَا ظَهَرَ دُونَ بَاطِنِ مَأْمُومَةٍ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَكَأَنَّهُ لَحَظَ أَنَّ الْأَوَّلَ يُسَمَّى رَأْسًا بِخِلَافِ الثَّانِي انْتَهَى (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضِ شَعْرٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْبَعْضُ مِمَّا وَجَبَ غَسْلُهُ مَعَ الْوَجْهِ مِنْ بَابِ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ، فَيَكْفِي مَسْحُهُ لِأَنَّهُ مِنْ الرَّأْسِ وَإِنْ سَبَقَ لَهُ غَسْلُهُ مَعَ الْوَجْهِ لِأَنَّ غَسْلَهُ أَوَّلًا كَانَ لِيَتَحَقَّقَ بِهِ غَسْلُ الْوَجْهِ لَا لِكَوْنِهِ فَرْضًا مِنْ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يَخْرُجُ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ تَفْصِيلُ الشَّعْرِ الْمَذْكُورِ فِيمَا لَوْ خُلِقَ لَهُ سِلْعَةٌ بِرَأْسِهِ وَتَدَلَّتْ (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتِرْسَالٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِمَدِّ (قَوْلُهُ: مِنْ جِهَةِ نُزُولِهِ) أَيْ وَإِنْ خَرَجَ عَنْهُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ انْتَهَى قب عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: الدَّالَّيْنِ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِمَسْحِ الْبَعْضِ) قَدْ يُقَالُ: إنَّمَا دَلَّ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِمَسْحِ الْبَعْضِ مَعَ مَسْحِ الْعِمَامَةِ لَا وَحْدَهُ انْتَهَى سم عَلَى بَهْجَةٍ. وَقَدْ يُقَالُ: لَمَّا لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِمَسْحِ الْعِمَامَةِ مَعَ الْبَعْضِ لَمْ يَقْدَحْ فِي الِاسْتِدْلَالِ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي النَّاصِيَةِ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِوُجُوبِهَا بِخُصُوصِهَا (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِ) أَيْ وَفِي حَيِّزٍ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى حُكْمِ) مُتَعَلِّقٌ بِجَرَيَانِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأُذُنَانِ لَيْسَتَا مِنْ الرَّأْسِ) فِيهِ إشْعَارٌ بِمُخَالَفَةِ خَبَرِ «الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ» وَقَدْ نَصَّ ابْنُ حَجَرٍ عَلَى ضَعْفِهِ (قَوْلُهُ: مِنْهُ) أَيْ الرَّأْسِ (قَوْلُهُ لِمَا رَأَسَ وَعَلَا) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: رَأَسَ الشَّخْصُ يَرْأَسُ مَهْمُوزٌ بِفَتْحَتَيْنِ رِئَاسَةً شَرُفَ قَدْرُهُ فَهُوَ رَئِيسٌ، وَالْجَمْعُ رُؤَسَاءُ مِثْلَ شَرِيفٍ وَشُرَفَاءَ اهـ (قَوْلُهُ: وَجَوَازُ وَضْعِ الْيَدِ إلَخْ) . ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَوْ مَدَّ إلَخْ) بَيَانٌ لِمَا يَخْرُجُ لَا لِمَا لَا يَخْرُجُ، فَهُوَ بَيَانٌ لِلْمَنْفِيِّ لَا لِلنَّفْيِ (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتِرْسَالٌ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَدَّ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَخْرُجَ عَنْ حَدِّهِ بِنَفْسِهِ وَلَا بِفِعْلٍ (قَوْلُهُ: إذْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِخُصُوصِ النَّاصِيَةِ) أَيْ وَلَا بِوُجُوبِ الْإِتْمَامِ عَلَى الْعِمَامَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمُخَالِفِ إذْ هُوَ مَحَلُّ وِفَاقٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجِبْ فِي الْخُفِّ) أَيْ مَعَ كَوْنِهِ بَدَلًا عَنْ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمُوَاجَهَةَ إنَّمَا تَقَعُ بِالشَّعْرِ لَا بِالْبَشَرَةِ) أَيْ فَالشَّعْرُ هُنَاكَ هُوَ الْأَصْلُ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مُرَادَهُ بِهِ شَعْرُ اللِّحْيَةِ، وَالْعَارِضَيْنِ الْكَثِيفُ كَمَا قَدَّمَهُ وَقَدَّمْنَا مَا فِيهِ

لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى مَسْحًا، وَلَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ بَعْدَ مَسْحِهِ لَمْ يُعِدْ الْمَسْحَ الْخَامِسُ مِنْ الْفُرُوضِ (غَسْلُ رِجْلَيْهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6] قُرِئَ بِالنَّصْبِ وَبِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْوُجُوهِ لَفْظًا فِي الْأَوَّلِ وَمَعْنًى فِي الثَّانِي لِجَرِّهِ بِالْجِوَارِ أَوْ لَفْظًا أَيْضًا عَطْفًا عَلَى الرُّءُوسِ، وَيُحْمَلُ الْمَسْحُ عَلَى مَسْحِ الْخُفِّ أَوْ عَلَى الْغَسْلِ الْخَفِيفِ الَّذِي تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ مَسْحًا، وَنُكْتَةُ إيثَارِهِ طَلَبُ الِاقْتِصَادِ إذْ الْأَرْجُلُ مَظِنَّةُ الْإِسْرَافِ، وَعَلَيْهِ فَالْبَاءُ الْمُقَدَّرَةُ لِلْإِلْصَاقِ وَالْحَامِلُ عَلَيْهِ الْجَمْعُ بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ وَمَا صَحَّ مِنْ وُجُوبِ الْغَسْلِ (مَعَ كَعْبَيْهِ) مِنْ كُلِّ رِجْلٍ وَهُمَا الْعَظْمَانِ النَّاتِئَانِ عِنْدَ مَفْصِلِ السَّاقِ وَالْقَدَمِ، وَيَجِبُ إزَالَةُ مَا يُذَابُ فِي الشَّقِّ مِنْ نَحْوِ شَمْعٍ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِرِجْلِهِ كَعْبٌ اُعْتُبِرَ قَدْرُهُ مِنْ الْمُعْتَدِلِ مِنْ غَالِبِ أَمْثَالِهِ، وَلَوْ قَطَعَ بَعْضَ قَدَمِهِ وَجَبَ غَسْلُ الْبَاقِي، وَإِنْ قَطَعَ فَوْقَ الْكَعْبِ فَلَا فَرْضَ عَلَيْهِ، وَيُسَنُّ غَسْلُ الْبَاقِي كَالْيَدِ وَيَأْتِي فِيهِمَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ غَسْلِ شَعْرٍ وَسِلْعَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَمَحَلُّ تَعَيُّنِ وُجُوبِ غَسْلِهِمَا فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يُرِدْ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ كَمَا سَيَأْتِي. السَّادِسُ مِنْ الْفُرُوضِ (تَرْتِيبُهُ) (هَكَذَا) بِأَنْ يَغْسِلَ وَجْهَهُ مَعَ النِّيَّةِ ثُمَّ يَدَيْهِ ثُمَّ يَمْسَحَ رَأْسَهُ ثُمَّ يَغْسِلَ رِجْلَيْهِ، «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَتَوَضَّأْ إلَّا مُرَتَّبًا» ، وَلَوْ لَمْ يَجِبْ لَتَرَكَهُ فِي وَقْتٍ أَوْ دَلَّ عَلَيْهِ بَيَانًا لِلْجَوَازِ كَمَا فِي التَّثْلِيثِ وَنَحْوِهِ وَلِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» الشَّامِلِ لِلْوُضُوءِ وَإِنْ وَرَدَ فِي الْحَجِّ إذْ الْعِبْرَةُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ وَهُوَ عَامٌّ، وَلِأَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ مَمْسُوحًا بَيْنَ مَغْسُولَاتٍ، وَتَفْرِيقُ الْمُتَجَانِسِ لَا تَرْتَكِبُهُ الْعَرَبُ إلَّا لِفَائِدَةٍ وَهِيَ هُنَا وُجُوبُ التَّرْتِيبِ لَا نَدْبُهُ بِقَرِينَةِ الْأَمْرِ فِي الْخَبَرِ، وَلِأَنَّ الْعَرَبَ إذَا ذَكَرَتْ مُتَعَاطِفَاتٍ بَدَأَتْ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ، فَلَمَّا ذَكَرَ فِيهَا الْوَجْهَ ثُمَّ الْيَدَيْنِ ثُمَّ الرَّأْسَ ثُمَّ الرِّجْلَيْنِ دَلَّتْ عَلَى الْأَمْرِ بِالتَّرْتِيبِ، وَإِلَّا لَقَالَ: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَاغْسِلُوا أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ، وَلِأَنَّ الْأَحَادِيثَ الْمُسْتَفِيضَةَ الشَّائِعَةَ فِي صِفَةِ وُضُوئِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُصَرِّحَةٌ بِهِ، وَلِأَنَّ الْآيَةَ بَيَانٌ لِلْوُضُوءِ الْوَاجِبِ، فَلَوْ قَدَّمَ عُضْوًا عَلَى مَحَلِّهِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ، وَلَوْ غَسَلَ أَرْبَعَةَ أَعْضَائِهِ مَعًا وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ ارْتَفَعَ حَدَثُ وَجْهِهِ فَقَطْ حَيْثُ نَوَى مَعَهُ لِأَنَّ الْمَعِيَّةَ تُنَافِي التَّرْتِيبَ، وَإِنَّمَا صَحَّتْ حَجَّةُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَرْعٌ] لَوْ مَسَحَ عِرْقِيَّتَهُ مَثَلًا فَوَصَلَ الْبَلَلُ لِجِلْدِ رَأْسِهِ أَوْ شَعْرِهِ فَالْوَجْهُ جَرَيَانُ تَفْصِيلِ الْجُرْمُوقِ فِيهِ وَلَا يَتَّجِهُ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا فَتَأَمَّلْ م ر سم عَلَى بَهْجَةٍ. وَقَالَ حَجّ: لَوْ وَضَعَ يَدَهُ الْمُبْتَلَّةَ عَلَى خِرْقَةٍ عَلَى الرَّأْسِ فَوَصَلَ إلَيْهِ الْبَلَلُ أَجْزَأَهُ، قِيلَ الْمُتَّجِهُ تَفْصِيلُ الْجُرْمُوقِ انْتَهَى. وَيُرَدُّ بِمَا مَرَّ أَنَّهُ حَيْثُ حَصَلَ الْغَسْلُ بِفِعْلِهِ بَعْدَ النِّيَّةِ لَمْ يُشْتَرَطْ تَذَكُّرُهَا عِنْدَهُ وَالْمَسْحُ مِثْلُهُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُرْمُوقِ بِأَنَّ ثَمَّ صَارِفًا وَهُوَ مُمَاثَلَةُ غَيْرِ الْمَمْسُوحِ عَلَيْهِ فَاحْتِيجَ لِقَصْدِ مُمَيِّزٍ لَا كَذَلِكَ هُنَا انْتَهَى (قَوْلُهُ: لِجَرِّهِ بِالْجِوَارِ) فِيهِ نَظَرٌ بِأَنَّ شَرْطَ الْجَرِّ عَلَى الْجِوَارِ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَى الْمَجْرُورِ حَرْفُ عَطْفٍ كَمَا لَوْ قِيلَ بِجُحْرِ ضَبٍّ خَرِبٍ (قَوْلُهُ: طَلَبُ الِاقْتِصَادِ) أَيْ عَدَمُ الْمُبَالَغَةِ فِيهِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ مَفْصِلِ السَّاقِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الصَّادِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ إزَالَةُ مَا يُذَابُ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ كَانَ فِيمَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْ الشَّقِّ وَهُوَ ظَاهِرُهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَزَلَ إلَى اللَّحْمِ بِبَاطِنِ الْجُرْحِ فَلَا يَجِبُ إزَالَتُهُ وَلَوْ كَانَ يُرَى (قَوْلُهُ: فَيُسَنُّ غَسْلُ الْبَاقِي) أَيْ إلَى الرُّكْبَتَيْنِ (قَوْلُهُ: عَنْ وَاحِدٍ) أَيْ مِنْ جَمَاعَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِجَرِّهِ بِالْجِوَارِ) فِي الْمُغْنِي أَنَّ حَرْفَ الْعَطْفِ يَمْنَعُ مِنْ الْجَرِّ بِالْجِوَارِ (قَوْلُ فَالْبَاءُ الْمُقَدَّرَةُ لِلْإِلْصَاقِ) تَقَدَّمَ قَرِيبًا أَنَّ الْبَاءَ إذَا دَخَلَتْ فِي حَيِّزِ الْمُتَعَدِّي تَكُونُ لِلتَّبْعِيضِ (قَوْلُهُ: وَالْحَامِلُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى هَذَا الْمَذْكُورِ مِنْ التَّأْوِيلَاتِ، وَهَذِهِ عِبَارَةُ الشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ، وَعِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الْكِتَابِ: وَالْحَامِلُ عَلَى ذَلِكَ الْإِجْمَاعُ عَلَى تَعَيُّنِ غَسْلِهِمَا حَيْثُ لَا خُفَّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَسَلَ أَرْبَعَةَ أَعْضَائِهِ مَعًا) لَيْسَ الْمُرَادُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ الْمَعِيَّةَ الْحَقِيقِيَّةَ حَتَّى لَوْ شَرَعُوا فِي بَقِيَّةِ أَعْضَائِهِ بَعْدَ غَسْلِ بَعْضِ الْوَجْهِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ أَنْ لَا يَشْرَعَ فِي عُضْوٍ حَتَّى يُتِمَّ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَرَتَّبَ) يُشْبِهُ أَنَّ مِنْهُ مَا لَوْ وَقَفَ تَحْتَ مِيزَابٍ وَاسْتَمَرَّ الْمَاءُ يَجْرِي مِنْهُ عَلَى أَعْضَائِهِ؛ إذْ الدَّفْعَةُ

الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهَا عَنْ وَاحِدٍ فِي عَامٍ لِأَنَّ الشَّرْطَ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ عَلَيْهَا غَيْرُهَا. (فَلَوْ) (اغْتَسَلَ مُحْدِثٌ) حَدَثًا أَصْغَرَ فَقَطْ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ أَوْ نَحْوِهِ وَلَوْ مُتَعَمِّدًا، أَوْ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْجَنَابَةِ أَوْ نَحْوِهَا غَالِطًا وَرَتَّبَ فِيهِمَا أَجْزَأَهُ أَوْ انْغَمَسَ بِنِيَّةِ مَا ذُكِرَ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ تَقْدِيرُ تَرْتِيبٍ بِأَنْ غَطَسَ وَمَكَثَ) قَدْرَ التَّرْتِيبِ (صَحَّ) لَهُ الْوُضُوءُ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ حَاصِلٌ فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ، فَإِنَّهُ إذَا لَاقَى الْمَاءُ وَجْهَهُ وَقَدْ نَوَى يَرْتَفِعُ الْحَدَثُ عَنْ وَجْهِهِ وَبُعْدُهُ عَنْ الْيَدَيْنِ لِدُخُولِ وَقْتِ غَسْلِهِمَا وَهَكَذَا إلَى آخِرِ الْأَعْضَاءِ، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ إذْ التَّرْتِيبُ فِيهِ أَمْرٌ تَقْدِيرِيٌّ غَيْرُ تَحْقِيقِيٍّ، وَلِهَذَا لَا يَقُومُ فِي النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ الْغَمْسُ فِي الْمَاءِ الْكَثِيرِ مَقَامَ الْعَدَدِ (وَإِلَّا) وَأَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ تَقْدِيرُ تَرْتِيبٍ بِأَنْ خَرَجَ حَالًا أَوْ غَسَلَ أَسَافِلَهُ قَبْلَ أَعَالِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ (فَلَا) يُجْزِئُهُ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ مِنْ وَاجِبَاتِ الْوُضُوءِ، وَالْوَاجِبُ لَا يَسْقُطُ بِفِعْلِ مَا لَيْسَ كَذَلِكَ (قُلْت: الْأَصَحُّ الصِّحَّةُ بِلَا مُكْثٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّ التَّرْتِيبَ يَحْصُلُ فِي لَحَظَاتٍ لَطِيفَةٍ وَهَذَا هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي التَّعْلِيلِ، وَمَنْ عَلَّلَهُ كَالشَّارِحِ بِأَنَّ الْغُسْلَ يَكْفِي لِلْحَدَثِ الْأَكْبَرِ فَلِلْأَصْغَرِ أَوْلَى رَدَّ بِأَنَّهُ يُنْتَقَضُ بِغَسْلِ الْأَسَافِلِ قَبْلَ الْأَعَالِي، لِأَنَّهُ لَوْ اغْتَسَلَ مُنَكِّسًا بِالصَّبِّ عَلَيْهِ حَصَلَ لَهُ الْوَجْهُ فَقَطْ، أَمَّا انْغِمَاسُهُ فَيُجْزِئُهُ مُطْلَقًا، وَلَوْ أَغْفَلَ مَنْ اغْتَسَلَ لُمْعَةً مِنْ غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ خِلَافًا لِلْقَاضِي. وَقَوْلُ الرُّويَانِيِّ: إنَّ نِيَّةَ الْوُضُوءِ بِغُسْلِهِ: أَيْ وَرَفْعُ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ لَا يُجْزِئُهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ التَّرْتِيبُ حَقِيقَةً مَبْنِيٌّ عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ. وَبَحْثُ ابْنِ الصَّلَاحِ عَدَمَ ـــــــــــــــــــــــــــــSمُتَعَدِّدِينَ كَأَنْ حَجَّ أَحَدُهُمْ عَنْ النَّذْرِ وَالْآخَرُ عَنْ الْقَضَاءِ مَثَلًا وَكَانَ الْمَحْجُوجُ عَنْهُ مَعْضُوبًا أَوْ مَيِّتًا (قَوْلُهُ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ عَلَيْهَا غَيْرُهَا) وَعَلَيْهِ لَوْ تَقَدَّمَ الْإِحْرَامُ بِغَيْرِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَقَعَ عَنْهَا، وَيَقَعُ الْإِحْرَامُ لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ بَعْدُ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ مِنْ قَضَاءٍ وَنَذْرٍ. وَقَالَ الْعَبَّادِيُّ عَلَى أَبِي شُجَاعٍ مَا نَصُّهُ: أَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصَيْنِ لِيَحُجَّا عَنْهُ الْحَجَّتَيْنِ: يَعْنِي حَجَّةَ الْإِسْلَامِ وَالنَّذْرِ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ سَوَاءٌ تَرَتَّبَ إحْرَامُهَا أَمْ لَا، لَكِنْ إنْ تَرَتَّبَ وَقَعَ الْأَوَّلُ لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَإِلَّا وَقَعَ كُلٌّ عَمَّا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ. وَاسْتَشْكَلَ الْبُلْقِينِيُّ إذَا لَمْ يَسْبِقْ أَجِيرٌ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ لِأَنَّ فِيهِ إيقَاعَ الْإِحْرَامِ الثَّانِي عَنْ النَّذْرِ وَلَمْ يُسْتَأْجَرْ لَهُ وَلَيْسَ هُوَ فِي قُوَّةِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ قَالَ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إحْرَامُ الثَّانِي لِنَفْسِهِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ، وَعَلَيْهِ فَيَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَيْهِ بِمَا دَفَعَهُ لَهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ إنْ كَانَ دَفَعَ لَهُ وَإِلَّا سَقَطَتْ عَنْهُ (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَلَوْ اغْتَسَلَ) تَفْرِيعٌ عَلَى وُجُوبِ التَّرْتِيبِ وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ بِهِ إلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ قَدْ يَكُونُ حَقِيقَةً وَقَدْ يَكُونُ تَقْدِيرًا (قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ) لَمْ يُبَيِّنْ مَحَلَّ النِّيَّةِ هُنَا اعْتِمَادًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ قَرْنُهَا بِأَوَّلِ غَسْلِ الْوَجْهِ، فَيُفِيدُ أَنَّهُ إنَّمَا يَكْتَفِي بِغَسْلِهِ حَيْثُ وُجِدَتْ النِّيَّةُ عِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ، فَلَوْ انْغَمَسَ وَنَوَى عِنْدَ وُصُولِ الْمَاءِ إلَى صَدْرِهِ مَثَلًا ثُمَّ تَمَّمَ الِانْغِمَاسَ وَلَمْ يَسْتَحْضِرْ النِّيَّةَ عِنْدَ وُصُولِ الْمَاءِ لِلْوَجْهِ لَمْ يَصِحَّ وُضُوءُهُ لِعَدَمِ النِّيَّةِ وَإِنْ أَمْكَنَ التَّرْتِيبُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ غَطَسَ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ أَنْهَى مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا انْغِمَاسُهُ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ لِأَنَّهُ اغْتَسَلَ مُنَكِّسًا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَغْفَلَ مَنْ اغْتَسَلَ اللُّمْعَةَ) لَيْسَ بِقَيْدٍ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ حَجّ الْآتِي فِي قَوْلِهِ: بَلْ لَوْ كَانَ عَلَى مَا عَدَا أَعْضَاءَ إلَخْ (قَوْلُهُ: اللُّمْعَةَ) بِضَمِّ اللَّامِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ وَالْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: أَجْزَأَهُ ذَلِكَ) أَيْ الِانْغِمَاسُ. (قَوْلُهُ: مَبْنِيٌّ عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ) أَيْ عَلَى الطَّرِيقِ الَّتِي مَشَى عَلَيْهَا الرَّافِعِيُّ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأُولَى مَثَلًا يَرْتَفِعُ بِهَا حَدَثُ الْوَجْهِ، فَالْمَاءُ الَّذِي بَعْدَهُ يَرْفَعُ حَدَثَ الْيَدَيْنِ وَهَكَذَا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا لَا يَقُومُ فِي النَّجَاسَةِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ، فَلَوْ كَانَ جَارِيًا كَفَى بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ الْجَرْيَةَ الْأُولَى تُحْسَبُ لِغَسْلِ وَجْهِهِ وَالثَّانِيَةَ لِيَدِهِ وَهَكَذَا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ غَسَلَ أَسَافِلَهُ إلَخْ) أَيْ فِيمَا إذَا غَسَلَ بِالصَّبِّ وَهِيَ الصُّورَةُ الَّتِي زَادَهَا عَلَى الْمَتْنِ فِيمَا مَرَّ، فَفِي كَلَامِهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ غَيْرُ مُرَتَّبٍ (قَوْلُهُ: يُنْتَقَضُ بِغَسْلِ الْأَسَافِلِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْمَتْنَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا انْغَمَسَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ صَنِيعُهُ، وَهُوَ لَا يُنْتَقَضُ بِمَا ذُكِرَ

الْإِجْزَاءِ عِنْدَ نِيَّةِ ذَلِكَ وَإِنْ أَمْكَنَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَقُمْ الْغُسْلُ مَقَامَ الْوُضُوءِ ضَعِيفٌ. وَمَا عَلَّلَ بِهِ مَمْنُوعٌ، وَاكْتَفَى بِنِيَّةِ الْجَنَابَةِ وَنَحْوِهَا مَعَ كَوْنِ الْمَنْوِيِّ طُهْرًا غَيْرَ مُرَتَّبٍ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تَتَعَلَّقُ بِخُصُوصِ التَّرْتِيبِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا، وَلَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَصْغَرُ وَأَكْبَرُ كَفَاهُ الْغُسْلُ لَهُمَا كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ وَلَوْ بِلَا تَرْتِيبٍ لِانْدِرَاجِ الْأَصْغَرِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ، وَلَوْ غَسَلَ جُنُبٌ بَدَنَهُ إلَّا رِجْلَيْهِ مَثَلًا ثُمَّ أَحْدَثَ غَسَلَهُمَا لِلْجَنَابَةِ ثُمَّ غَسَلَ بَاقِي الْأَعْضَاءِ مُرَتَّبَةً لِلْأَصْغَرِ، وَلَهُ تَقْدِيمُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ عَلَى غَسْلِ الثَّلَاثِ وَتَأْخِيرُهُ وَتَوْسِيطُهُ، وَهُوَ وُضُوءٌ خَالٍ عَنْ غَسْلِ عُضْوٍ مَكْشُوفٍ بِلَا ضَرُورَةٍ، وَلَوْ اغْتَسَلَ إلَّا أَعْضَاءَ وُضُوئِهِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ تَرْتِيبُهَا لِاجْتِمَاعِ الْحَدَثَيْنِ عَلَيْهَا فَيَنْدَرِجُ الْأَصْغَرُ فِي الْأَكْبَرِ، وَلَوْ شَكَّ فِي تَطْهِيرِ عُضْوٍ قَبْلَ الْفَرَاغِ طَهَّرَهُ وَمَا بَعْدَهُ أَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ لَمْ يُؤَثِّرْ. ثُمَّ لَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَرْكَانِهِ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى بَعْضِ سُنَنِهِ فَقَالَ (وَسُنَنُهُ) أَيْ الْوُضُوءِ: أَيْ مِنْ سُنَنِهِ. وَقَدْ ذَكَرَ فِي الطِّرَازِ أَنَّهَا نَحْوُ خَمْسِينَ سُنَّةً، وَمَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْحَصْرِ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِضَافِيِّ بِاعْتِبَارِ الْمَذْكُورِ هُنَا (السِّوَاكُ) وَهُوَ فِي اللُّغَةِ: الدَّلْكُ وَآلَتُهُ. وَفِي الشَّرْعِ: اسْتِعْمَالُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَإِلَّا فَالرُّويَانِيُّ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الرَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: عِنْدَ نِيَّةِ ذَلِكَ) وُضُوءًا أَوْ رَفْعَ حَدَثٍ (قَوْلُهُ: وَمَا عَلَّلَ بِهِ مَمْنُوعٌ) زَادَ حَجّ إذْ لَا ضَرُورَةَ بَلْ وَلَا حَاجَةَ لِهَذِهِ الْإِقَامَةِ بَلْ الْعِلَّةُ الصَّحِيحَةُ هِيَ إمْكَانُ تَقْدِيرِ التَّرْتِيبِ، فَكَفَتْهُ نِيَّةُ مَا يَتَضَمَّنُ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ مَا ذُكِرَ حَتَّى قَصْدِهِ بِغَسْلَةٍ الْوُضُوءَ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ نِسْيَانُ لُمْعَةٍ أَوْ لُمَعٍ مِنْ غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، بَلْ لَوْ كَانَ عَلَى مَا عَدَا أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ مَانِعٌ كَشَمْعٍ لَمْ يُؤَثِّرْ فِيمَا يَظْهَرُ، سَوَاءٌ أَمْكَنَ تَقْدِيرُ التَّرْتِيبِ أَمْ لَا، وَمَنْ قَيَّدَ كَالْإِسْنَوِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ بِإِمْكَانِهِ إنَّمَا أَرَادَ التَّفْرِيعَ عَلَى الْعِلَّةِ الْأُولَى الضَّعِيفَةِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ تَفْرِيعَهُ عَلَى الْعِلَّتَيْنِ انْتَهَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَاكْتَفَى) أَيْ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ الْجَنَابَةِ) أَيْ غَلَطًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ فَلَوْ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ غَالِطًا صَحَّ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ) أَيْ بَلْ وَإِنْ نَفَاهُ (قَوْلُهُ: عَلَى غَسْلِ الثَّلَاثَةِ) أَيْ الْوَجْهِ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ وُضُوءَ خَالٍ إلَخْ) وَيُلْغَزُ بِذَلِكَ فَيُقَالُ: لَنَا وُضُوءٌ خَالٍ عَنْ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَهُمَا مَكْشُوفَتَانِ بِلَا ضَرُورَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَكَّ فِي تَطْهِيرِ عُضْوٍ إلَخْ) قَالَ حَجّ فِي آخِرِ الْفَصْلِ السَّابِقِ مَا نَصُّهُ: وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ هَلْ غَسَلَ ذَكَرَهُ أَوْ هَلْ مَسَحَ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا لَمْ تَلْزَمْهُ إعَادَتُهُ، كَمَا لَوْ شَكَّ بَعْدَ الْوُضُوءِ أَوْ سَلَامِ الصَّلَاةِ فِي تَرْكِ فَرْضٍ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ. وَقَوْلُهُ لَكِنْ لَا يُصَلِّي صَلَاةً أُخْرَى حَتَّى يَسْتَنْجِيَ لِتَرَدُّدِهِ حَالَ شُرُوعِهِ فِي كَمَالِ طَهَارَتِهِ ضَعِيفٌ، وَإِنَّمَا ذَاكَ حَيْثُ تَرَدَّدَ فِي أَصْلِ الطَّهَارَةِ، عَلَى أَنَّ الَّذِي يَتَّجِهُ فِي الْأَوْلَى وُجُوبُ الِاسْتِنْجَاءِ فِي الذَّكَرِ وَلَيْسَ قِيَاسَ مَا ذَكَرَهُ، لِأَنَّ بَعْضَ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ دَاخِلٌ فِيهِمَا وَقَدْ تَيَقَّنَ الْإِتْيَانَ بِهِمَا بِخِلَافِهِ هُنَا، فَإِنَّ كُلًّا مِنْ الذَّكَرِ وَالدُّبُرِ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ فَتَيَقُّنُهُ مُطْلَقَ الِاسْتِنْجَاءِ لَا يَقْتَضِي دُخُولَ غَسْلِ الذَّكَرِ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ سُنَنِهِ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ عَلَى بَعْضِ سُنَنِهِ وَكَأَنَّ الْحَامِلَ عَلَى ذِكْرِهِ بَيَانُ الطَّرِيقِ الْمُفِيدَةِ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ فِي اللُّغَةِ الدَّلْكُ) فِي حَجّ قَبْلَ هَذَا: وَهُوَ مَصْدَرُ سَاكَ فَاهُ يَسُوكُهُ اهـ. وَعَلَيْهِ فَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْمَصْدَرِ وَالْآلَةِ، وَقَوْلُهُ مَصْدَرُ يَجُوزُ أَنَّهُ سَمَاعِيٌّ، وَإِلَّا فَقِيَاسُ مَصْدَرِ سَاكَ سَوْكًا بِالسُّكُونِ لِأَنَّ فَعْلًا قِيَاسُ مَصْدَرِ الثُّلَاثِيِّ الْمُتَعَدِّي. هَذَا وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: السِّوَاكُ: الْمِسْوَاكُ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ: جَمْعُهُ سُوُكٌ بِضَمِّ الْوَاوِ مِثْلُ كِتَابٍ وَكُتُبٍ وَسَوَّكَ فَاهُ تَسْوِيكًا. وَإِذَا قُلْت اسْتَاكَ أَوْ تَسَوَّكَ لَمْ تَذْكُرْ الْفَمَ. وَفِي الْمِصْبَاحِ أَنَّهُ يُجْمَعُ عَلَى سُوُكٍ بِالسُّكُونِ وَالْأَصْلُ بِضَمَّتَيْنِ انْتَهَى: أَيْ فَلَمَّا اُسْتُثْقِلَتْ الضَّمَّةُ عَلَى الْوَاوِ حُذِفَتْ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الِاسْتِعْمَالَ بِالسُّكُونِ لَا غَيْرُ، وَفِيهِ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: سُكْت الشَّيْءَ أَسُوكُهُ سَوْكًا مِنْ بَابِ قَالَ: إذَا دَلَّكْته، فَقَوْلُ حَجّ: وَهُوَ مَصْدَرُ سَاكَ فَاهُ، لَمْ يُرِدْ أَنَّ الْمَصْدَرَ مَقْصُودٌ عَلَيْهِ، بَلْ مُرَادُهُ أَنَّ هَذَا الِاسْمَ اُسْتُعْمِلَ مَصْدَرًا كَمَا اُسْتُعْمِلَ اسْمًا لِلْآلَةِ. [فَائِدَةٌ] قَالَ فِي الْأَوَائِلِ: أَوَّلُ مَنْ اسْتَاكَ إبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ وَسَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ: «هِيَ، أَيْ شَجَرَةُ الزَّيْتُونِ، سِوَاكِي وَسِوَاكُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي» ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[سنن الوضوء]

عُودٍ أَوْ نَحْوِهِ كَأُشْنَانٍ فِي أَسْنَانٍ وَمَا حَوْلَهَا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ» وَفِي رِوَايَةٍ «لَفَرَضْت عَلَيْهِمْ السِّوَاكَ مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ» وَسَوَاءٌ فِي اسْتِحْبَابِهِ لَهُ أَكَانَ حَالَ شُرُوعِهِ فِيهِ أَمْ فِي أَثْنَائِهِ قِيَاسًا عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي التَّسْمِيَةِ، وَبَدْؤُهُ بِالسِّوَاكِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ أَوَّلُ السُّنَنِ وَهُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ جَمْعٌ، وَجَرَى بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّ أَوَّلَهَا غَسْلُ كَفَّيْهِ، وَالْأَوْجَهُ أَنْ يُقَالَ: أَوَّلُ سُنَّتِهِ الْفِعْلِيَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَيْهِ السِّوَاكُ، وَأَوَّلُ الْفِعْلِيَّةِ الَّتِي مِنْهُ غَسْلُ كَفَّيْهِ. وَأَوَّلُ الْقَوْلِيَّةِ التَّسْمِيَةُ، فَيَنْوِي مَعَهَا عِنْدَ غَسْلِ كَفَّيْهِ بِأَنْ يَقْرُنَهَا بِهَا عِنْدَ أَوَّلِ غَسْلِهِمَا ثُمَّ يَتَلَفَّظَ بِهَا سِرًّا عَقِبَ التَّسْمِيَةِ، فَالْمُرَادُ بِتَقْدِيمِ النِّيَّةِ عَلَى غَسْلِ الْكَفَّيْنِ الْوَاقِعِ فِي كَلَامِهِمْ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْفَرَاغِ مِنْهُ، وَبِمَا تَقَرَّرَ يَنْدَفِعُ مَا قِيلَ قَرْنُهَا بِهَا مُسْتَحِيلٌ لِنَدْبِ التَّلَفُّظِ بِهَا، وَلَا يُعْقَلُ التَّلَفُّظُ مَعَ التَّسْمِيَةِ وَلَا يَخْتَصُّ طَلَبُهُ بِالْوُضُوءِ فَيُسَنُّ لِكُلِّ غَسْلٍ أَوْ تَيَمُّمٍ وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ بِهِ، وَسُنَّ كَوْنُهُ (عَرْضًا) أَيْ عَرْضَ الْأَسْنَانِ ظَاهِرُهَا وَبَاطِنُهَا، وَكَيْفِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ يَبْدَأَ بِجَانِبِ فَمِهِ الْأَيْمَنِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَبِذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَلْ هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ نَبِيِّنَا وَسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ، وَالْأَصْلُ أَنَّ مَا ثَبَتَ لِنَبِيٍّ ثَبَتَ لِأُمَّتِهِ، إلَّا مَا خَرَجَ بِدَلِيلٍ فَيَدْخُلُ فِيهِ سَائِرُ أُمَمِ الْأَنْبِيَاءِ، هَذَا وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَسِوَاكُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي» قَدْ يُفِيدُ عُمُومُهُ لِسَائِرِهِمْ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْأَوَائِلِ مِنْ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ اسْتَاكَ إبْرَاهِيمُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِسِوَاكِ الْأَنْبِيَاءِ أَنَّهُ سِوَاكُ مَجْمُوعِهِمْ لَا كُلِّ وَاحِدٍ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فِي الْأَسْنَانِ) زَادَ حَجّ: وَأَقَلُّهُ مَرَّةٌ إلَّا إنْ كَانَ لِتَغَيُّرٍ فَلَا بُدَّ مِنْ إزَالَتِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيُحْتَمَلُ الِاكْتِفَاءُ بِمَا فِيهِ أَيْضًا لِأَنَّهَا تُخَفِّفُهُ (قَوْلُهُ: وَمَا حَوْلَهَا) فِيهِ قُصُورٌ إذْ لَا يَشْمَلُ اللِّسَانَ وَلَا سَقْفَ الْحَنَكِ مَعَ أَنَّهُ يُطْلَبُ فِيهِمَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِمَا حَوْلَهَا مَا يَقْرُبُ مِنْهَا (قَوْلُهُ: لَأَمَرْتُهُمْ) أَيْ أَمْرَ إيجَابٍ. وَمَحَلُّهُ بَيْنَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ وَالْمَضْمَضَةِ اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةٍ لَفَرَضْت) فَإِنْ قُلْت: هُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِالْفَرْضِ، وَإِنَّمَا يُبَلِّغُ مَا أُمِرَ بِتَبْلِيغِهِ مِنْ الْأَحْكَامِ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى قُلْنَا: أُجِيبُ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ فُرِضَ إلَيْهِ ذَلِكَ بِأَنْ خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يَأْمُرَهُمْ أَمْرَ إيجَابٍ وَأَمْرَ نَدْبٍ، فَاخْتَارَ الْأَسْهَلَ لَهُمْ «وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَءُوفًا رَحِيمًا» (قَوْلُهُ: الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَيْسَتْ مِنْهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ الَّتِي مِنْهُ. وَقَدْ يُشْكِلُ بِمَا قَالُوهُ إنَّ مَحَلَّهُ بَعْدَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَيْهِ: أَيْ عَلَى مُعْظَمِهِ، وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ إلَخْ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلسُّنَنِ الْفِعْلِيَّةِ الَّتِي مِنْهُ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلسُّنَنِ الْفِعْلِيَّةِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْهُ فَأَوَّلُهُ السِّوَاكُ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلسُّنَنِ الْقَوْلِيَّةِ فَأَوَّلُهُ التَّسْمِيَةُ، وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْأَقْوَالِ الْمُخْتَلِفَةِ انْتَهَى رَمْلِيٌّ. وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ جَرَى عَلَى أَنَّ أَوَّلَهُ التَّسْمِيَةُ، وَهَذَا لَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ حَيْثُ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ وَجَرَى بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّ أَوَّلَهَا غَسْلُ كَفَّيْهِ وَإِنْ أَشْعَرَ الْجَمْعُ بِأَنَّ فِيهِ الْأَقْوَالَ الْمَذْكُورَةَ (قَوْلُهُ: قَرَنَهَا بِهَا) الضَّمِيرُ فِي قَرَنَهَا لِلنِّيَّةِ وَفِي بِهَا لِلتَّسْمِيَةِ (قَوْلُهُ: فَيُسَنُّ لِكُلِّ غَسْلٍ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ اسْتَاكَ لِلْوُضُوءِ قَبْلَهُ عَلَى الْأَوْجَهِ وِفَاقًا لمر انْتَهَى سم عَلَى حَجّ. وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ فِيهِمَا عِنْدَ إرَادَةِ الشُّرُوعِ فِي الْغُسْلِ وَإِرَادَةِ الضَّرْبِ فِي التَّيَمُّمِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ فِي الْغُسْلِ قُبَيْلَ الْمَضْمَضَةِ بَعْدَ فِعْلِ مَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهَا قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْوُضُوءِ عَنْ حَجّ (قَوْلُهُ: بِجَانِبِ فَمِهِ الْأَيْمَنِ) الْمُتَبَادِرُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ يَبْدَأُ بِجَانِبِهِ الْأَيْمَنِ فَيَسْتَوْعِبُهُ إلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQ [سُنَنُ الْوُضُوءِ] قَوْلُهُ: عَقِبَ التَّسْمِيَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ حُكْمَ التَّلَفُّظِ بِالنِّيَّةِ مُسَاعَدَةُ اللِّسَانِ الْقَلْبَ، وَذَلِكَ إنَّمَا يَحْصُلُ عِنْدَ تَقَارُنِ فِعْلِ اللِّسَانِ، وَالْقَلْبِ أَوْ تَقَدُّمِ التَّلَفُّظِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، بِخِلَافِ تَأْخِيرِ التَّلَفُّظِ (قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ يَنْدَفِعُ مَا قِيلَ قَرْنُهَا بِهَا مُسْتَحِيلٌ) دَفْعُ اسْتِحَالَةِ الْمُقَارَنَةِ لَمْ يَحْصُلْ بِمَا أَجَابَ بِهِ، وَإِنَّمَا حَصَلَ بَيَانُ الْمُرَادِ مِنْ إيقَاعِ التَّلَفُّظِ بِالنِّيَّةِ وَالتَّسْمِيَةِ مِنْ غَيْرِ حُصُولِ الْمُقَارَنَةِ الْمُسْتَحِيلَةِ فَفِيهِ اعْتِرَافٌ بِاسْتِحَالَةِ الْمُقَارَنَةِ الْحَقِيقِيَّةِ الَّتِي قَالَهَا الْمُعْتَرِضُ

وَيَذْهَبَ إلَى الْوَسَطِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ وَيَذْهَبَ إلَيْهِ، وَيُكْرَهُ طُولًا لِأَنَّهُ قَدْ يُدْمِي اللِّثَةَ وَيُفْسِدُهَا إلَّا فِي اللِّسَانِ، فَيُسَنُّ فِيهِ، وَالْكَرَاهَةُ لَا تُنَافِي الْإِجْزَاءَ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الِاسْتِيَاكِ بِالْمِبْرَدِ فَيُكْرَهُ لِإِزَالَتِهِ جُزْءًا، وَقَدْ يَحْرُمُ كَأَنْ فَعَلَهُ بِضَارٍّ، وَيُجْزِئُ فِي الْحَالَتَيْنِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ إزَالَةِ الْقَلَحِ بِهِ. وَيُسَنُّ غَسْلُهُ لِلِاسْتِيَاكِ بِهِ ثَانِيًا إنْ عَلِقَ بِهِ قَذَرٌ، وَيُنْدَبُ بَلْعُ الرِّيقِ أَوَّلَ الِاسْتِيَاكِ وَيَحْصُلُ (بِكُلِّ خَشِنٍ) بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا فَلَا يَكْفِي النَّجِسُ فِيمَا يَظْهَرُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ» وَهَذَا مَنْجَسَةٌ لَهُ، وَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَ بِيَمِينِهِ وَإِنْ كَانَ لِإِزَالَةِ تَغَيُّرٍ لِأَنَّ الْيَدَ لَا تُبَاشِرُهُ، وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي نَحْوِ الِاسْتِنْثَارِ، وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ الْمَضْمَضَةُ بِنَحْوِ مَاءِ الْغَاسُولِ وَإِنْ أَنْقَى الْأَسْنَانَ وَأَزَالَ الْقَلَحَ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى سِوَاكًا بِخِلَافِهِ بِالْغَاسُولِ نَفْسِهِ، وَأَوْلَاهُ الْأَرَاكُ، ـــــــــــــــــــــــــــــSالْوَسَطِ بِاسْتِعْمَالِ السِّوَاكِ فِي الْأَسْنَانِ الْعُلْيَا وَالسُّفْلَى ظَهْرًا وَبَطْنًا إلَى الْوَسَطِ، وَيَبْقَى الْكَلَامُ حَيْثُ لَمْ يَعُمَّ السِّوَاكُ الْعُلْيَا وَالسُّفْلَى فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ، هَلْ يَبْدَأُ بِالْعُلْيَا فَيَسْتَوْعِبُهَا إلَى الْوَسَطِ ثُمَّ الْيُمْنَى كَذَلِكَ أَوْ بِالسُّفْلَى؟ أَوْ يَسْتَوْعِبُ ظَهْرَ الْأَسْنَانِ مِنْ الْعُلْيَا وَالسُّفْلَى ثُمَّ بَاطِنَهَا؟ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ؟ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ تِلْكَ الْكَيْفِيَّاتِ لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ (قَوْلُهُ: وَيَذْهَبُ إلَيْهِ) هَذَا فِي ظَاهِرِ الْأَسْنَانِ، أَمَّا بَاطِنُهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَخَيَّرَ فِيهِ بَيْنَ الْأَيْمَنِ وَالْأَيْسَرِ لَكِنَّ إطْلَاقَهُ الْمُتَقَدِّمَ يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ طُولًا) أَيْ فِي عَرْضِ الْأَسْنَانِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِ أَوَّلًا: أَيْ عَرْضَ الْأَسْنَانِ، وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ إلَّا فِي قَوْلِهِ الْآتِي إلَّا اللِّسَانَ بِمَعْنَى غَيْرٍ، إذْ اللِّسَانُ لَيْسَ دَاخِلًا فِي عِبَارَتِهِ حَتَّى يَسْتَثْنِيَهُ، وَمُقْتَضَى تَخْصِيصِ الْعَرْضِ بِعَرْضِ الْأَسْنَانِ وَالطُّولِ بِاللِّسَانِ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ فِيمَا عَدَاهُمَا مِمَّا يَمُرُّ عَلَيْهِ السِّوَاكُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ طُولًا كَاللِّسَانِ فِي غَيْرِ اللِّثَةِ، أَمَّا هِيَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَرْضًا لِأَنَّهُ عَلَّلَ كَرَاهَةَ الطُّولِ فِي الْأَسْنَانِ بِالْخَوْفِ مِنْ إدْمَاءِ اللِّثَةِ (قَوْلُهُ إلَّا فِي اللِّسَانِ) وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُمِرَّ السِّوَاكَ عَلَى سَقْفِ فَمِهِ بِلُطْفٍ وَعَلَى كَرَاسِيِّ أَضْرَاسِهِ انْتَهَى خَطِيبٌ. قُلْت: وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلَ اسْتِعْمَالَهُ فِي كَرَاسِيِّ الْأَضْرَاسِ تَتْمِيمًا لِلْأَسْنَانِ، ثُمَّ بَعْدَ الْأَسْنَانِ اللِّسَانُ، وَبَعْدَ اللِّسَانِ سَقْفُ الْحَنَكِ (قَوْلُهُ: بِالْمِبْرَدِ) كَمِنْبَرٍ لِأَنَّهُ اسْمُ آلَةٍ (قَوْلُهُ: لِإِزَالَتِهِ جُزْءًا) أَيْ وَلِأَنَّهُ قَدْ يُفْضِي إلَى كَسْرِهَا (قَوْلُهُ: كَأَنْ فَعَلَهُ بِضَارٍّ) كَالنَّبَاتَاتِ السُّمِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ غَسْلُهُ) زَادَ حَجّ قَبْلَ وَضْعِهِ: كَمَا إذَا أَرَادَ الِاسْتِيَاكَ بِهِ ثَانِيًا وَقَدْ حَصَلَ بِهِ نَحْوُ رِيحٍ (قَوْلُهُ وَيُنْدَبُ بَلْعُ الرِّيقِ) وَلَعَلَّ حِكْمَتَهُ التَّبَرُّكُ بِمَا يَحْصُلُ فِي أَوَّلِ الْعِبَادَةِ. وَيَفْعَلُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ السِّوَاكُ جَدِيدًا. وَعِبَارَةُ فَتَاوَى الشَّارِحِ: الْمُرَادُ بِأَوَّلِ السِّوَاكِ مَا اجْتَمَعَ فِي فِيهِ مِنْ رِيقِهِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ السِّوَاكِ اهـ (قَوْلُهُ: أَوَّلُ الِاسْتِيَاكِ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِأَوَّلِهِ، وَلَعَلَّهُ الْمَرَّةُ الَّتِي يَأْتِي بِهَا بَعْدَ أَنْ كَانَ تَارِكًا لَهُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِي النَّجِسُ) خِلَافًا حَجّ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ عَدَمِ إجْزَاءِ النَّجِسِ وَإِجْزَاءِ الضَّارِّ كَالنَّبَاتَاتِ السُّمِّيَّةِ وَالْمِبْرَدِ مَعَ أَنَّ الْأَوَّلَ مِنْهُمَا مُحَرَّمٌ وَالثَّانِيَ مَكْرُوهٌ بِأَنَّ اسْتِعْمَالَ النَّجِسِ مُنَافٍ لِلْحَدِيثِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَإِنَّ الْحُرْمَةَ أَوْ الْكَرَاهَةَ فِيهِ لِأَمْرٍ خَارِجٍ لَا يُنَافِي مَقْصُودَ السِّوَاكِ، وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ حَجّ مِنْ إجْزَاءِ النَّجِسِ يَمْنَعُ مُنَافَاتَهُ لِلْحَدِيثِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّهَارَةِ فِيهِ الطَّهَارَةُ اللُّغَوِيَّةُ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ فَلَا يَكْفِي النَّجِسُ: أَيْ ابْتِدَاءً، وَأَمَّا لَوْ اسْتَعْمَلَ السِّوَاكَ فَدَمِيَتْ لِثَتُهُ فَلَا يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ (قَوْلُهُ: مَطْهَرَةٌ) ضَبَطَهَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ كَالْمَحَلِّيِّ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ، وَانْظُرْ مَا وَجْهُ فَتْحِهَا مَعَ أَنَّهُ اسْمُ آلَةٍ وَالْقِيَاسُ الْكَسْرُ، وَقَدْ يُوَجَّهُ الْفَتْحُ بِأَنَّهُ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ: أَيْ السِّوَاكُ طَهَارَةٌ لِلْفَمِ، ثُمَّ رَأَيْته فِي حَجّ وَنَصُّهُ: مِطْهَرَةٌ أَيْ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ مِنْ التَّطْهِيرِ أَوْ اسْمٌ لِلْآلَةِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: لِإِزَالَةِ تَغَيُّرٍ) وَيَتَّجِهُ الْكَرَاهَةُ إذَا اسْتَاكَ لِإِزَالَةِ نَجَاسَةٍ احْتَاجَ لِلسِّوَاكِ فِي إزَالَتِهَا كَالدُّسُومَةِ النَّجِسَةِ انْتَهَى قم. وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ بِأَنَّ الْيَدَ لَا تُبَاشِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ (قَوْلُهُ: فِي نَحْوِ الِاسْتِنْثَارِ) بِالْمُثَنَّاةِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: وَأَوْلَاهُ الْأَرَاكُ) قَالَ حَجّ: لِلِاتِّبَاعِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي نَحْوِ الِاسْتِنْثَارِ) أَيْ الدَّاخِلِ فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ؛ إذْ الْيُسْرَى لِلْأَذَى، وَالْيُمْنَى لِغَيْرِهِ

فَالنَّخْلُ فَذُو الرِّيحِ الطَّيِّبِ فَالْيَابِسُ الْمُنَدَّى بِالْمَاءِ فَبِمَاءِ الْوَرْدِ فَبِغَيْرِهِ كَالرِّيقِ فَالْعُودُ، وَيُسَنُّ السِّوَاكُ بِالزَّيْتُونِ لِأَنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ، وَوَرَدَ «هِيَ سِوَاكِي وَسِوَاكُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي» وَحِينَئِذٍ فَيَظْهَرُ كَوْنُهُ بَعْدَ النَّخْلِ، وَلَا يُكْرَهُ بِسِوَاكِ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ، وَيَحْرُمُ بِدُونِهِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ رِضَاهُ بِهِ (إلَّا أُصْبُعَهُ) وَلَوْ خَشِنَةً فَلَا تَكْفِي (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهَا جُزْءٌ مِنْهُ فَلَا تَحْسُنُ أَنْ تَكُونَ سِوَاكًا، وَالثَّانِي وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَجْمُوعِ إجْزَاؤُهَا بِالْخَشِنَةِ. أَمَّا أُصْبُعُ غَيْرِ الْمُتَّصِلَةِ الْخَشِنَةِ فَتُجْزِئُ، فَإِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً وَلَوْ مِنْهُ فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ إجْزَائِهَا وَإِنْ قُلْنَا بِطَهَارَتِهَا كَالِاسْتِنْجَاءِ بِجَامِعِ الْإِزَالَةِ كَمَا بَحَثَهُ الْبَدْرُ بْنُ شُهْبَةَ فَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ: وَالِاسْتِيَاكُ عِنْدِي فِي مَعْنَى الِاسْتِجْمَارِ انْتَهَى. وَإِنْ جَرَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى إجْزَائِهَا، وَنَبَّهَ فِي الدَّقَائِقِ عَلَى زِيَادَةِ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ عَلَى الْمُحَرَّرِ (وَيُسَنُّ لِلصَّلَاةِ) وَلَوْ نَفْلًا أَوْ سَلَّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ أَوْ كَانَ فَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ أَوْ كَانَ مُتَيَمِّمًا أَوْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ وَلِسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــSطِيبِ طَعْمٍ وَرِيحٍ وَتَشْعِيرَةٍ لَطِيفَةٍ تُنَقِّي مَا بَيْنَ الْأَسْنَانِ، ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُقَدَّمٌ بِسَائِرِ أَقْسَامِهِ عَلَى مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: فَالنَّخْلُ) قَالَ حَجّ: «لِأَنَّهُ آخِرُ سِوَاكٍ اسْتَاكَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» ، وَصَحَّ أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ أَرَاكًا لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَصَحُّ، أَوْ كُلُّ رَاوٍ قَالَ بِحَسَبِ عِلْمِهِ انْتَهَى حَجّ (قَوْلُهُ فَذُو الرِّيحِ الطَّيِّبِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْمُحَرَّمِ وَغَيْرِهِ. وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمُحَرَّمَ إنَّمَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ مَا يُعَدُّ طَيِّبًا فِي الْعُرْفِ، بِخِلَافِ زَهْرِ الْبَادِيَةِ وَإِنْ كَانَ طَيِّبَ الرِّيحِ. وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ: قَوْلُهُ بِكُلِّ خَشِنٍ وَلَوْ مُطَيِّبًا لِغَيْرِ الْمُحْرِمِ وَالْمُحِدَّةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ انْتَهَى فَيْضٌ: وَتَقْيِيدُهُ بِالْمُطَيِّبِ يُخْرِجُ مَا لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ فِي نَفْسِهِ كَكَثِيرِ الْأَعْشَابِ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَالْيَابِسُ الْمُنَدَّى) أَيْ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ (قَوْلُهُ: مَاءِ الْوَرْدِ) أَيْ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُحْرِمِ (قَوْلُهُ: فَبِغَيْرِهِ) ظَاهِرُهُ اسْتِوَاءُ الْمُنَدَّيَاتِ بِغَيْرِ مَاءِ الْوَرْدِ مِنْ الرِّيقِ وَنَحْوِهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْهَا مَا نَدَى بِمَا لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ كَمَاءِ الزَّهْرِ فَيَكُونَ كَمَاءِ الْوَرْدِ، وَقَدْ تُشْعِرُ عِبَارَتُهُ أَيْضًا بِأَنَّ الرَّطْبَ وَالْيَابِسَ الَّذِي لَمْ يُنَدَّ أَصْلًا فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ، لَكِنَّ عِبَارَةَ حَجّ: وَيَظْهَرُ أَنَّ الْيَابِسَ الْمُنَدَّى بِغَيْرِ الْمَاءِ أَوْلَى مِنْ الرَّطْبِ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِزَالَةِ (قَوْلُهُ: فَالْعُودُ) يُتَأَمَّلُ الْمُرَادُ بِالْعُودِ هُنَا، فَإِنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْعُودَ الْمَعْرُوفَ فَقَدْ دَخَلَ فِي ذِي الرِّيحِ الطَّيِّبِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ غَيْرَهُ فَلَمْ يُبَيِّنْهُ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْعُودِ وَاحِدُ الْعِيدَانِ مِنْ غَيْرِ مَا ذُكِرَ كَالْحَطَبِ وَغَيْرِهِ. هَذَا وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْعُودِ عَلَى الرَّطْبِ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يُكْرَهُ بِسِوَاكِ غَيْرِهِ) قَالَ حَجّ: لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى إلَّا لِلتَّبَرُّكِ كَمَا فَعَلَتْهُ عَائِشَةُ اهـ: أَيْ فَيَكُونُ سُنَّةً (قَوْلُهُ: أُصْبُعُ غَيْرِهِ الْمُتَّصِلَةُ إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَ صَاحِبُهَا حَيًّا أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْهُ) أَخْذُهُ غَايَةٌ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ ذَهَبَ إلَى الِاكْتِفَاءِ بِأُصْبُعِهِ الْمُنْفَصِلَةِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ: أَيْ أَوْ الْمُنْفَصِلَةُ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ حَجّ (قَوْلُهُ: بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ) مِنْهُمْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي مَنْهَجِهِ (قَوْلُهُ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ) الْمُسْتَثْنَى هُوَ قَوْلُهُ إلَّا أُصْبُعَهُ، وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ هُوَ قَوْلُ الْمَتْنِ بِكُلِّ خَشِنٍ (قَوْلُهُ: وَلِسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ) وَيَكُونُ مَحَلُّهُ بَعْدَ فَرَاغِ الْقِرَاءَةِ لِآيَةِ السَّجْدَةِ قَبْلَ الْهُوِيِّ لِلسُّجُودِ حَجّ وَيَفْعَلُهُ الْقَارِئُ بَعْدَ فَرَاغِ الْآيَةِ، وَكَذَا السَّامِعُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا يَدْخُلُ وَقْتُهَا فِي حَقِّهِ أَيْضًا إلَّا بِهِ. فَمَنْ قَالَ يُقَدِّمُهُ عَلَيْهِ لِتَتَّصِلَ هِيَ بِهِ لَعَلَّهُ لِرِعَايَةِ الْأَفْضَلِ اهـ حَجّ. أَقُولُ: فَإِنْ قُلْت قَضِيَّةُ قَوْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQإنْ قُرِئَ الِاسْتِنْثَارُ هُنَا بِالْمُثَلَّثَةِ، وَيَجُوزُ قِرَاءَتُهُ بِالْمُثَنَّاةِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ، فَمُرَادُهُ بِهِ نَتْرُ الذَّكَرِ الْمُتَقَدِّمِ ثَمَّ (قَوْلُهُ: فَالْيَابِسُ الْمُنَدَّى إلَخْ) كَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ أَوْلَاهُ الْأَرَاكُ فَالنَّخْلُ فَذُو الرِّيحِ الطَّيِّبِ مِنْ غَيْرِهِمَا فَالْعُودُ: أَيْ غَيْرِ ذِي الرِّيحِ الطَّيِّبِ، وَالْيَابِسُ الْمُنَدَّى بِالْمَاءِ مِنْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ الْمُنَدَّى بِمَاءِ الْوَرْدِ وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَتُهُ تَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ وَهِيَ عِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِلشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ: وَيَحْصُلُ السِّوَاكُ بِخِرْقَةٍ وَكُلِّ خَشِنٍ مُزِيلٍ، لَكِنَّ الْعُودَ أَوْلَى، وَالْأَرَاكُ مِنْهُ أَوْلَى، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ بِيَابِسٍ نُدِّيَ بِالْمَاءِ

وَإِنْ اسْتَاكَ لِلْقِرَاءَةِ أَوْ شُكْرٍ لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَكْعَتَانِ بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةً بِلَا سِوَاكٍ» وَالْمُعْتَمَدُ تَفْضِيلُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَإِنْ قُلْنَا بِسُنِّيَّتِهَا عَلَى صَلَاةِ الْمُنْفَرِدِ بِسِوَاكٍ لِكَثْرَةِ الْفَوَائِدِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهَا إذْ هِيَ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ فَائِدَةً، وَحِينَئِذٍ فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ وَخَبَرِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ، لِأَنَّ الدَّرَجَاتِ الْمُتَرَتِّبَةَ عَلَى صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ قَدْ تَعْدِلُ الْوَاحِدَةُ مِنْهَا كَثِيرًا مِنْ الرَّكَعَاتِ بِسِوَاكٍ، وَلَوْ نَسِيَهُ ثُمَّ تَذَكَّرَهُ تَدَارَكَهُ بِفِعْلٍ قَلِيلٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ، لِأَنَّ الصَّلَاةَ وَإِنْ كَانَ الْكَفُّ مَطْلُوبًا فِيهَا لَكِنَّهُ عَارَضَهُ طَلَبُ السِّوَاكِ لَهَا وَتَدَارُكُهُ فِيهَا مُمْكِنٌ. أَلَا تَرَى طَلَبَ الشَّارِعِ دَفْعَ الْمَارِّ فِيهَا وَالتَّصْفِيقَ بِشَرْطِهِ وَجَذْبَ مَنْ وَقَفَ عَنْ يَسَارِهِ إلَى يَمِينِهِ مَعَ كَوْنِ ذَلِكَ فِعْلًا، فَالْقَوْلُ بِعَدَمِ التَّدَارُكِ مُعَلَّلًا بِمَا مَرَّ لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يُنْدَبُ لَهَا وَإِنْ اسْتَاكَ لِلْوُضُوءِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ فَمُهُ وَقَرُبَ الْفَصْلُ. وَيُسَنُّ لِلطَّوَافِ وَلَوْ نَفْلًا (وَتَغَيُّرِ الْفَمِ) أَيْ نَكْهَتِهِ بِنَحْوِ نَوْمٍ وَسُكُوتٍ وَأَكْلِ كَرِيهٍ، وَأَفْهَمَ تَعْبِيرُهُ بِالْفَمِ دُونَ السِّنِّ نَدْبَهُ لِتَغَيُّرِ فَمِ مَنْ لَا سِنَّ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، إذْ يُسَنُّ لَهُ الِاسْتِيَاكُ مُطْلَقًا وَيَتَأَكَّدُ لَهُ عِنْدَمَا يَتَأَكَّدُ لِغَيْرِهِ كَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَكَذَا السَّامِعُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَاكَ قَبْلَ فَرَاغِ الْقَارِئِ مِنْ الْآيَةِ لَا تَحْصُلُ لَهُ السُّنَّةُ بَلْ قَدْ يَقْتَضِي الْحُرْمَةَ لِتَعَاطِيهِ عِبَادَةً قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا وَهِيَ غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ: قُلْت: يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ لَا يُطْلَبُ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الْقِرَاءَةِ، وَهُوَ لَا يُنَافِي أَنَّ الْأَفْضَلَ فِي حَقِّ السَّامِعِ التَّهَيُّؤُ لِلسُّجُودِ عَقِبَ الْقِرَاءَةِ بِفِعْلِ مَا هُوَ وَسِيلَةٌ لَهُ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْقِرَاءَةِ، وَنَظِيرُهُ الْوُضُوءُ لِلصَّلَاةِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا، فَإِنَّ الْأَفْضَلَ فِعْلُهُ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ لِيَتَهَيَّأَ لِلْعِبَادَةِ عَقِبَ دُخُولِ وَقْتِهَا. لَا يُقَالُ يُشْكِلُ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ السِّوَاكِ قَبْلَ الْوَقْتِ حُرْمَةُ الْأَذَانِ قَبْلَهُ لِاشْتِغَالِهِ بِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ. لِأَنَّا نَقُولُ: الْأَذَانُ شُرِعَ لِلْإِعْلَامِ بِدُخُولِ الْوَقْتِ فَفِعْلُهُ قَبْلَهُ يُنَافِي مَا شُرِعَ لَهُ بَلْ فِعْلُهُ قَبْلَهُ يُوقِعُ فِي لَبْسٍ، بِخِلَافِ السِّوَاكِ فَإِنَّهُ شُرِعَ لِشَيْءٍ يُفْعَلُ بَعْدَهُ لِيَكُونَ عَلَى الْحَالَةِ الْكَامِلَةِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِفِعْلِهِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهِ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ وَلَمْ يُجِبْ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَاكَ لِلْقِرَاءَةِ) هَذَا مَحَلُّهُ إذَا كَانَ خَارِجَ الصَّلَاةِ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا وَسَجَدَ لِلتِّلَاوَةِ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ الِاسْتِيَاكُ لِانْسِحَابِ السِّوَاكِ الْأَوَّلِ عَلَى الصَّلَاةِ وَتَوَابِعِهَا، وَلَوْ فَرَغَ مِنْ السُّجُودِ وَأَرَادَ الْقِرَاءَةَ بَنَى ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ هَلْ يَتَعَوَّذُ لِلْقِرَاءَةِ بَعْدَ السُّجُودِ أَوْ لَا؟ فِيهِ تَرَدُّدٌ، وَالْأَصَحُّ الثَّانِي وَعَلَيْهِ فَلَا يَسْتَاكُ لِلْقِرَاءَةِ كَذَا نَقَلَ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ حَجّ، غَيْرَ أَنَّ مَا أَطْلَقَهُ مِنْ عَدَمِ اسْتِحْبَابِ التَّعَوُّذِ عُلِّلَ بِأَنَّ وَجْهَهُ عَدَمُ طُولِ الْفَصْلِ بِالسُّجُودِ. وَقَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ طَالَ سُجُودُهُ اُسْتُحِبَّ التَّعَوُّذُ، وَقِيَاسُهُ أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ، وَقَدْ يُفَرَّقُ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ بَنَى ذَلِكَ أَنَّهُ هَلْ إلَخْ، فَإِنَّ مَحَلَّ التَّرَدُّدِ فِيمَا لَوْ سَجَدَ لِلتِّلَاوَةِ فِي صَلَاتِهِ ثُمَّ أَرَادَ الْقِرَاءَةَ بَعْدَهُ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ تِلْكَ الصُّورَةَ لَيْسَ فِيهَا سِوَاكٌ (قَوْلُهُ: أَوْ شُكْرٍ) وَيَكُونُ وَقْتُهُ بَعْدَ وُجُودِ سَبَبِ السُّجُودِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ تَفْضِيلُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ) أَيْ بِلَا سِوَاكٍ (قَوْلُهُ بَيْنَ الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ) هُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَكْعَتَانِ بِسِوَاكٍ» إلَخْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَدَارَكَهُ) أَيْ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: أَلَا تَرَى) أَيْ تَعْلَمُ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ إلَخْ) قَائِلُهُ الْخَطِيبُ (قَوْلُهُ وَتَغَيُّرِ الْفَمِ) قَدْ يَشْمَلُ الْفَمَ فِي وَجْهٍ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ كَالْوَجْهِ الثَّانِي الَّذِي فِي جِهَةِ الْقَفَا وَلَيْسَ بَعِيدًا اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ، وَمِثْلُهُ عَلَى حَجّ، وَعِبَارَتُهُ: وَهَلْ يُطْلَبُ السِّوَاكُ لِلْفَمِ الَّذِي فِيهِ: أَيْ الْوَجْهِ الثَّانِي وَيَتَأَكَّدُ لِتَغَيُّرِهِ وَلِلصَّلَاةِ فِيهِ نَظَرٌ وَالطَّلَبُ غَيْرُ بَعِيدٍ (قَوْلُهُ: كَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ) كَالتَّسْمِيَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ لِكَثْرَةِ الْفَوَائِدِ الْمُتَرَتِّبَةِ إلَخْ) فِي هَذَا السِّيَاقِ فِي أَدَاءِ الْمَقْصُودِ قَلَاقَةٌ، وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ: وَلَيْسَ فِيهِ أَفْضَلِيَّتُهُ عَلَى الْجَمَاعَةِ الَّتِي هِيَ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَّحِدَ الْجَزَاءُ فِي الْحَدِيثَيْنِ؛ لِأَنَّ دَرَجَةً مِنْ هَذِهِ قَدْ تَعْدِلُ كَثِيرًا مِنْ تِلْكَ السَّبْعِينَ رَكْعَةً

أَوْ حَدِيثٍ أَوْ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ، وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ كَوْنَهُ قَبْلَ التَّعَوُّذِ لِلْقِرَاءَةِ (وَلَا يُكْرَهُ) بِحَالٍ (إلَّا لِلصَّائِمِ بَعْدَ الزَّوَالِ) وَإِنْ كَانَ نَفْلًا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ» وَالْخُلُوفُ بِضَمِّ الْخَاءِ: تَغَيُّرُ رَائِحَةِ الْفَمِ، وَالْمُرَادُ الْخُلُوفُ بَعْدَ الزَّوَالِ لِخَبَرِ «أُعْطِيت أُمَّتِي فِي رَمَضَانَ خَمْسًا، ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَإِنَّهُمْ يُمْسُونَ وَخُلُوفُ أَفْوَاهِهِمْ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ» وَالْمَسَاءُ بَعْدَ الزَّوَالِ فَخَصَّصْنَا عُمُومَ الْأَوَّلِ الدَّالِ عَلَى الطِّيبِ مُطْلَقًا بِمَفْهُومِ هَذَا، وَلِأَنَّهُ أَثَرُ عِبَادَةٍ مَشْهُودٌ لَهُ بِالطِّيبِ فَكُرِهَ إزَالَتُهُ كَدَمِ الشَّهِيدِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ كَمَا حَرُمَتْ إزَالَةُ دَمِ الشَّهِيدِ لِمُعَارَضَتِهِ فِي الصَّائِمِ بِتَأَذِّيه وَغَيْرَهُ بِرَائِحَتِهِ فَأُبِيحَ لَهُ إزَالَتُهُ، حَتَّى أَنَّ لَنَا قَوْلًا اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ تَبَعًا لِجَمَاعَةٍ إنَّهَا لَا تُكْرَهُ، بِخِلَافِ دَمِ الشَّهِيدِ فَإِنَّهُ لَمْ يُعَارِضْهُ فِي فَضِيلَتِهِ شَيْءٌ، وَلِأَنَّ الْمُسْتَاكَ مُتَصَرِّفٌ فِي نَفْسِهِ، وَإِزَالَةُ دَمِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَوَّلُ الْوُضُوءِ وَلِدُخُولِ مَسْجِدٍ وَلَوْ خَالِيًا وَمَنْزِلٍ وَلَوْ لِغَيْرِهِ، ثُمَّ يُحْتَمَلُ تَقْيِيدُهُ بِغَيْرِ الْخَالِي، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ بِأَنَّ مَلَائِكَتَهُ أَفْضَلُ فَرُوعُوا كَمَا رُوعُوا بِكَرَاهَةِ دُخُولِهِ خَالِيًا لِمَنْ أَكَلَ كَرِيهًا بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَيُحْتَمَلُ التَّسْوِيَةُ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ اهـ حَجّ. وَعَلَيْهِ فَيُسْتَحَبُّ السِّوَاكُ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ فِي الْوُضُوءِ لِأَجْلِ التَّسْمِيَةِ وَبَعْدَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ لِأَجْلِ الْوُضُوءِ. [فَائِدَةٌ] لَوْ نَذَرَ السِّوَاكَ هَلْ يُحْمَلُ عَلَى مَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ فِيهِ مِنْ دَلْكِ الْأَسْنَانِ وَمَا حَوْلَهَا أَمْ يَشْمَلُ اللِّسَانَ وَسَقْفَ الْحَلْقِ فَيَخْرُجُ مِنْ عُهْدَةِ النَّذْرِ بِإِمْرَارِهِ عَلَى اللِّسَانِ وَسَقْفِ الْحَلْقِ فَقَطْ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ فِي قَوْلِهِ «إذَا اسْتَكْتُمْ فَاسْتَاكُوا عَرْضًا» وَلِتَفْسِيرِهِمْ السِّوَاكَ شَرْعًا بِأَنَّهُ اسْتِعْمَالُ عُودٍ وَنَحْوِهِ فِي الْأَسْنَانِ وَمَا حَوْلَهَا (قَوْلُهُ: أَوْ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ) أَيْ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِالشَّرْعِ فَتَدْخُلُ الْآلَاتُ، وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ (قَوْلُهُ: إلَّا لِلصَّائِمِ بَعْدَ الزَّوَالِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ مَاتَ فَلَا يُكْرَهُ تَسْوِيكُهُ لِأَنَّ الصَّوْمَ انْقَطَعَ بِالْمَوْتِ، وَنُقِلَ عَنْ فَتَاوَى الشَّارِحِ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الزَّوَالِ) وَأَلْحَقَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ الْمُمْسِكَ لِنَحْوِ فَقْدِ النِّيَّةِ انْتَهَى سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ. وَعِبَارَةُ الْخَطِيبِ عَلَى التَّنْبِيهِ: وَخَرَجَ بِالصَّائِمِ الْمُمْسِكُ كَمَنْ نَسِيَ نِيَّةَ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِصَائِمٍ حَقِيقَةً فَلَا يُكْرَهُ لَهُ السِّوَاكُ انْتَهَى. لَكِنَّهُ فِي شَرْحِ الْغَايَةِ اقْتَصَرَ عَلَى نَقْلِ مَا مَرَّ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ فَرَاجِعْ (قَوْلُهُ: وَالْخُلُوفُ بِضَمِّ الْخَاءِ) قَالَ حَجّ: وَتُفْتَحُ فِي لُغَةٍ شَاذَّةٍ انْتَهَى. وَقَالَ السُّيُوطِيّ فِي قُوتِ الْمُغْتَذِي بِشَرْحِ جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ بِضَمِّ الْخَاءِ لَا غَيْرُ. هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ وَالْحَدِيثِ، وَلَمْ يَحْكِ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ وَالصِّحَاحِ غَيْرَهُ. قَالَ الْقَاضِي: وَكَثِيرٌ مِنْ الشُّيُوخِ يَرْوُونَهُ بِفَتْحِهَا. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَهُوَ خَطَأٌ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ أَنْ يَكُونَ مِنْ حَيْثُ الرِّوَايَةُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا لُغَةٌ شَاذَّةٌ (قَوْلُهُ: «أُعْطِيت أُمَّتِي فِي شَهْرِ رَمَضَانَ خَمْسًا أَمَّا الْأُولَى فَإِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ نَظَرَ اللَّهُ إلَيْهِمْ، وَمَنْ نَظَرَ إلَيْهِ لَمْ يُعَذِّبْهُ. وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَإِنَّ خُلُوفَ أَفْوَاهِهِمْ حِينَ يُمْسُونَ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ. وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. وَأَمَّا الرَّابِعَةُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ جَنَّتَهُ، فَيَقُولُ لَهَا: اسْتَعِدِّي وَتَزَيَّنِي لِعِبَادِي أَوْشَكَ أَنْ يَسْتَرِيحُوا مِنْ تَعَبِ الدُّنْيَا إلَى دَارِ كَرَامَتِي. وَأَمَّا الْخَامِسَةُ فَإِذَا كَانَ آخِرُ لَيْلَةٍ غَفَرَ لَهُمْ جَمِيعًا، فَقَالَ رَجُلٌ أَهِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ؟ قَالَ لَا، أَلَمْ تَرَوْا إلَى الْعُمَّالِ يَعْمَلُونَ، فَإِذَا فَرَغُوا مِنْ أَعْمَالِهِمْ وُفُّوا أُجُورَهُمْ» رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ سَعِيدٍ فِي مُسْنَدِهِ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ أَفْوَاهِهِمْ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُمْ لَا يُصْبِحُونَ كَذَلِكَ فَهَذَا الْمَفْهُومُ يُخَصِّصُ الْحَدِيثَ السَّابِقَ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ: فَخَصَّصْنَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ) وَمَعْنَى كَوْنِهِ أَطْيَبَ عِنْدَ اللَّهِ ثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ وَرِضَاهُ، وَبِذَلِكَ فَسَّرَ الْخَطَّابِيُّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَكُرِهَ إزَالَتُهُ كَدَمِ الشَّهِيدِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي الْكَرَاهَةِ وَيُنَافِيهِ مَا بَعْدَهُ مِنْ حُرْمَةِ إزَالَةِ دَمِ الشَّهِيدِ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَأْوِيلٍ فِي الْعِبَارَةِ

الشَّهِيدِ تَصَرُّفٌ فِي حَقِّ الْغَيْرِ وَلَمْ يَأْذَنْ فِيهِ. نَعَمْ نَظِيرُ دَمِ الشَّهِيدِ أَنْ يُسَوِّك مُكَلَّفٌ صَائِمًا بَعْدَ الزَّوَالِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَلَا شَكَّ كَمَا قَالَهُ فِي الْخَادِمِ فِي تَحْرِيمِهِ، وَاخْتَصَّتْ الْكَرَاهَةُ بِمَا بَعْدَ الزَّوَالِ لِأَنَّ التَّغَيُّرَ بِالصَّوْمِ إنَّمَا يَظْهَرُ حِينَئِذٍ، بِخِلَافِهِ قَبْلَهُ فَيُحَالُ عَلَى نَوْمٍ أَوْ أَكْلٍ فِي اللَّيْلِ أَوْ نَحْوِهِمَا. وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ وَاصَلَ وَأَصْبَحَ صَائِمًا كُرِهَ لَهُ قَبْلَ الزَّوَالِ كَمَا قَالَهُ الْجِيلِيُّ، وَتَبِعَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ، وَجَزَمَ بِهِ الْغَزِّيِّ كَصَاحِبِ الْأَنْوَارِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَلَوْ لِمَنْ لَمْ يَتَسَحَّرْ بِالْكُلِّيَّةِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ التَّغَيُّرِ قَبْلَ الزَّوَالِ أَنَّهُ يُحَالُ عَلَى التَّغَيُّرِ مِنْ الطَّعَامِ، بِخِلَافِهِ بَعْدَهُ فَأَنَاطُوهُ بِالْمَظِنَّةِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى الْأَفْرَادِ كَالْمَشَقَّةِ فِي السَّفَرِ، وَعُلِمَ مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَسْتَاكُ بَعْدَ الزَّوَالِ لِصَلَاةٍ أَوْ نَحْوِهَا، إذْ لَوْ طُلِبَ مِنْهُ ذَلِكَ لَزِمَ أَنْ لَا خُلُوفَ غَالِبًا إذْ لَا بُدَّ مِنْ مَجِيءِ صَلَاةٍ بَعْدَ الزَّوَالِ. نَعَمْ إنْ تَغَيَّرَ فَمُهُ بَعْدَهُ بِنَحْوِ نَوْمٍ اسْتَاكَ لِإِزَالَتِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ أَكَلَ الصَّائِمُ نَاسِيًا بَعْدَ الزَّوَالِ أَوْ مُكْرَهًا أَوْ مُوجَرًا مَا زَالَ بِهِ الْخُلُوفُ أَوْ قَبْلَهُ مَا مَنَعَ ظُهُورَهُ وَقُلْنَا بِعَدَمِ فِطْرِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فَهَلْ يُكْرَهُ لَهُ السِّوَاكُ أَمْ لَا لِزَوَالِ الْمَعْنَى؟ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ مُحْتَمَلٌ وَإِطْلَاقُهُمْ يُفْهِمُ التَّعْمِيمَ، وَلَا يَجِبُ السِّوَاكُ عَلَى مَنْ تَنَجَّسَ فَمُهُ بِدُسُومَةٍ إذْ الْوَاجِبُ إزَالَتُهَا بِسِوَاكٍ أَوْ غَيْرِهِ. وَمِنْ فَوَائِدِ السِّوَاكِ أَنَّهُ يُطَهِّرُ الْفَمَ وَيُرْضِي الرَّبَّ وَيُطَيِّبُ النَّكْهَةَ وَيُبَيِّضُ الْأَسْنَانَ وَيَشُدُّ اللِّثَةَ وَيُسَوِّي الظَّهْرَ وَيُبَطِّئُ الشَّيْبَ وَيُضَاعِفُ الْأَجْرَ وَيُذْكِي الْفَطِنَةَ وَيُصَفِّي الْخِلْقَةَ وَيُسَهِّلُ النَّزْعَ وَيُذَكِّرُ الشَّهَادَةَ عِنْدَ الْمَوْتِ (وَ) مِنْ سُنَنِهِ (التَّسْمِيَةُ أَوَّلُهُ) أَيْ الْوُضُوءِ وَلَوْ بِمَاءٍ مَغْصُوبٍ كَمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالْبَغَوِيُّ فَلَا يَخْتَصُّ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وِفَاقًا لِابْنِ الصَّلَاحِ. وَقَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: يَخْتَصُّ لِتَقْيِيدِهِ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ بِذَلِكَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ ذِكْرَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لِكَوْنِهِ مَحَلَّ الْجَزَاءِ انْتَهَى ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ وَاصَلَ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَتَعَاطَ مُفْطِرًا (قَوْلُهُ: كَالْمَشَقَّةِ فِي السَّفَرِ) هَذَا يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا مَرَّ مِنْ كَرَاهَتِهِ لِلْمُوَاصِلِ قَبْلَ الزَّوَالِ مَعَ وُجُودِ الْمَظِنَّةِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّمَا يَكُونُ مَظِنَّةً مَعَ وُجُودِ مَا يُحَالُ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ. وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ الْمُوَاصَلَةَ بِمَا لَا يُحَالُ عَلَيْهِ التَّغَيُّرُ بِوَجْهٍ كَابْتِلَاعِ رِيقِهِ بَعْدَ ظُهُورِهِ عَلَى شَفَتَيْهِ كَرَاهَةَ الِاسْتِيَاكِ بَعْدَ الْفَجْرِ لِانْتِفَاءِ مَا هُوَ مَظِنَّةٌ لِلتَّغَيُّرِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ حَجّ خِلَافُهُ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ تَمَحَّضَ التَّغَيُّرُ مِنْ الصَّوْمِ قَبْلَ الزَّوَالِ بِأَنْ لَمْ يَتَعَاطَ مُفْطِرًا يَنْشَأُ عَنْهُ تَغَيُّرٌ لَيْلًا كُرِهَ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ. وَنَقَلَ بِالدَّرْسِ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ لِلشَّارِحِ مَا يُوَافِقُ مَا قَالَهُ حَجّ نَقْلًا عَنْ وَالِدِهِ، وَنَصُّ مَا نَقَلَ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ فَرْضَ الْكَلَامِ فِيمَا يُحْتَمَلُ تَغَيُّرُهُ بِهِ، أَمَّا لَوْ أَفْطَرَ بِمَا لَا يُحْتَمَلُ أَنْ يُحَالَ عَلَيْهِ التَّغَيُّرُ كَنَحْوِ سِمْسِمَةٍ أَوْ جِمَاعٍ فَحُكْمُهُ كَمَا لَوْ وَاصَلَ، أَفَادَهُ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَقَالَ إنَّ وَالِدَهُ أَفْتَى بِهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ تَغَيَّرَ فَمُهُ بَعْدَهُ) أَيْ الزَّوَالِ (قَوْلُهُ: يُطَهِّرُ الْفَمَ) أَيْ يُنَظِّفُهُ (قَوْلُهُ: وَيُصَفِّي الْخِلْقَةَ) أَيْ لَوْنَ الْبَدَنِ (قَوْلُهُ وَيُسَهِّلُ النَّزْعَ) مُقْتَضَى عَدِّهِ مِنْ الْخُصُوصِيَّاتِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي اسْتِعْمَالِهِ بَيْنَ وَقْتِ النَّزْعِ وَغَيْرِهِ، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ لِجَوَازِ أَنَّ هَذِهِ خُصُوصِيَّةٌ جُعِلَتْ لَهُ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَيَتَأَكَّدُ عِنْدَ الِاحْتِضَارِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ خَبَرُ عَائِشَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، يُقَالُ إنَّهُ يُسَهِّلُ خُرُوجَ الرُّوحِ لِجَوَازِ أَنَّ اسْتِعْمَالَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَبْلَغُ فِي تَسْهِيلِ خُرُوجِ الرُّوحِ مِنْهُ قَبْلَ الِاحْتِضَارِ (قَوْلُهُ: وَيُذَكِّرُ الشَّهَادَةَ) . [فَائِدَةٌ] لَوْ اجْتَمَعَ فِي الشَّخْصِ خَصْلَتَانِ إحْدَاهُمَا تُذَكِّرُ الشَّهَادَةَ وَالْأُخْرَى تُنْسِيهَا كَالسِّوَاكِ وَأَكْلِ الْحَشِيشَةِ مَثَلًا هَلْ يَغْلِبُ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةُ؟ فِيهِ نَظَرٌ: وَنَقَلَ بِالدَّرْسِ عَنْ الْمُنَاوِيِّ تَغْلِيبَ الْأُولَى تَحْسِينًا لِلظَّنِّ فَلْيُرَاجَعْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: يُفْهِمُ التَّعْمِيمَ) أَيْ فَيُكْرَهُ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ فِي النَّوْمِ بَعْدَ الزَّوَالِ لِلتَّغَيُّرِ هُنَاكَ لَا هُنَا

شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ وَالْعِصْيَانُ لِعَارِضٍ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَوَضَّئُوا بِسْمِ اللَّهِ» أَيْ قَائِلِينَ ذَلِكَ، وَأَقَلُّهَا بِسْمِ اللَّهِ، وَأَكْمَلُهَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ثُمَّ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَنِعْمَتِهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الْمَاءَ طَهُورًا، زَادَ الْغَزَالِيُّ: رَبِّ أَعُوذُ بِك مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَعُوذُ بِك رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونَ. وَيُسَنُّ التَّعَوُّذُ قَبْلَهَا، وَتُسَنُّ لِكُلِّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ عِبَادَةً أَوْ غَيْرَهَا كَغُسْلٍ وَتَيَمُّمٍ وَتِلَاوَةٍ وَلَوْ مِنْ أَثْنَاءِ سُورَةٍ وَجِمَاعٍ وَذَبْحٍ وَخُرُوجٍ مِنْ مَنْزِلٍ لَا لِلصَّلَاةِ وَالْحَجِّ وَالْأَذْكَارِ، وَتُكْرَهُ لِمَكْرُوهٍ، وَيَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ تَحْرِيمُهَا لِمُحَرَّمٍ (فَإِنْ تَرَكَ) التَّسْمِيَةَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ فِي أَوَّلِ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ كَذَلِكَ (فَفِي أَثْنَائِهِ) يَأْتِي بِهَا تَدَارُكًا لِمَا فَاتَهُ فَيَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يَأْتِي مَا بَعْدَ فَرَاغِ وُضُوئِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، بِخِلَافِ الْأَكْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) مِنْهُمْ الْأَذْرَعِيُّ كَمَا ذَكَرَهُ حَجّ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ (قَوْلُهُ: زَادَ الْغَزَالِيُّ) أَيْ فِي بِدَايَةِ الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ أَثْنَاءِ سُورَةٍ) شَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ قَرَأَ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ أَثْنَاءِ سُورَةٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَالْمُرَادُ بِالْأَثْنَاءِ مَا بَعْدَ أَوَّلِ السُّورَةِ وَلَوْ بِنَحْوِ آيَةٍ وَقَبْلَ آخِرِهَا كَذَلِكَ، وَظَاهِرُ اقْتِصَارِهِمْ فِي بَيَانِ السُّنَّةِ عَلَى التَّسْمِيَةِ أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ التَّعَوُّذُ قَبْلَهَا فِي الْمَذْكُورَاتِ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ طَلَبِ التَّعَوُّذِ قَبْلَ الْبَسْمَلَةِ فِي الْوُضُوءِ طَلَبُهَا فِيمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ وَجِمَاعٍ) قَالَ حَجّ وَلَوْ تَرَكَهَا فِي أَوَّلِهِ لَا يَأْتِي بِمَا فِي أَثْنَائِهِ لِكَرَاهَةِ الْكَلَامِ عِنْدَهُ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ لِكَرَاهَةِ الْكَلَامِ عِنْدَهُ وَقِيَاسُ مَا فِي آدَابِ الْخَلَاءِ مِنْ أَنَّهُ إذَا عَطَسَ فِيهِ حَمِدَ اللَّهَ بِقَلْبِهِ أَنَّهُ يُلَاحِظُ التَّسْمِيَةَ بِقَلْبِهِ بَاطِنًا هُنَا، وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بِأَنَّ هُنَا لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ، عَلَى أَنَّهُ اُخْتُلِفَ هُنَاكَ فِي أَنَّ كَرَاهَةَ الْكَلَامِ هَلْ هِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمَكَانِ أَوْ بِحَالَةِ الشَّخْصِ فَلَا يُكْرَهُ إلَّا عِنْدَ خُرُوجِ الْخَارِجِ، وَقَالَ أَيْضًا: تَحْصُلُ بِالْإِتْيَانِ بِهَا مِنْ كُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ فِيمَا يَظْهَرُ انْتَهَى: قُلْت: وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا دَفْعُ الشَّيْطَانِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِتَسْمِيَتِهَا، وَنُقِلَ عَنْ الشَّارِحِ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِهَا مِنْ الْمَرْأَةِ، وَإِنَّمَا يَكْفِي مِنْ الزَّوْجِ لِأَنَّهُ الْفَاعِلُ انْتَهَى. وَفِيهِ وَقْفَةٌ (قَوْلُهُ: تَحْرِيمُهَا لِمُحَرَّمٍ) أَيْ لِذَاتِهِ كَالزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ، بَقِيَ الْمُبَاحَاتُ الَّتِي لَا شَرَفَ فِيهَا كَنَقْلِ مَتَاعٍ مِنْ مَكَان إلَى آخَرَ، وَقَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ أَنَّهَا مُبَاحَةٌ فِيهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ حَرَامًا وَلَا مَكْرُوهًا وَلَا ذَا بَالٍ (قَوْلُهُ: تَدَارُكًا لِمَا فَاتَهُ) قَالَ الْمَحَلِّيُّ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْوِيَ الْوُضُوءَ أَوَّلَهُ لِيُثَابَ عَلَى سُنَنِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ اهـ. قَالَ سم عَلَى حَجّ: قَوْلُهُ لِيُثَابَ عَلَى إلَخْ قَضِيَّتُهُ حُصُولُ السُّنَّةِ مِنْ غَيْرِ ثَوَابٍ اهـ. لَكِنْ صَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي مُخْتَصَرِ الْكِفَايَةِ بِأَنَّهُ لَا تَحْصُلُ السُّنَّةُ أَيْضًا اهـ. أَقُولُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ يَقَعُ عَنْ الْعِبَادَةِ وَغَيْرِهَا، فَمُجَرَّدُ وُقُوعِهِ حَيْثُ لَمْ يَقْتَرِنْ بِالنِّيَّةِ يَنْصَرِفُ إلَى الْعَادَةِ فَلَا يَكُونُ عِبَادَةً (قَوْلُهُ أَوَّلُهُ) أَيْ الْأَوْلَى ذَلِكَ، فَلَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ أَوَّلُهُ وَآخِرُهُ حَصَلَتْ السُّنَّةُ. وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ عَلَى أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ فَيُؤْخَذُ مِنْ مَجْمُوعِهِمَا أَنَّ كُلًّا كَافٍ فِي حُصُولِ السُّنَّةِ، وَمُرَادُهُ بِالْأَوَّلِ مَا قَابَلَ الْآخِرَ فَيَدْخُلُ الْوَسَطُ (قَوْلُهُ بَعْدَ فَرَاغِ وُضُوئِهِ) وَانْظُرْ مَا فَرَاغُهُ: أَيْ الْوُضُوءِ هَلْ هُوَ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ أَوْ الذِّكْرُ الَّذِي بَعْدَهُ اهـ سم فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ. قُلْت: الْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ الْمَقْصُودَ عَوْدُ الْبَرَكَةِ عَلَى جَمِيعِ فِعْلِهِ وَمِنْهُ الذِّكْرُ، وَانْظُرْ لَوْ عَزَمَ عَلَى أَنْ يَأْتِيَ بِالتَّشَهُّدِ وَطَالَ الْفَصْلُ بَيْنَ الْفَرَاغِ وَبَيْنَ التَّشَهُّدِ فَهَلْ يُسَنُّ الْإِتْيَانُ بِالْبَسْمَلَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: تَحْرِيمُهَا لِمُحْرِمٍ) أَيْ لِذَاتِهِ، فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ بِمَاءٍ مَغْصُوبٍ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمَكْرُوهِ، وَلْيُنْظَرْ لَوْ أَكَلَ مَغْصُوبًا هَلْ هُوَ مِثْلُ الْوُضُوءِ بِمَاءٍ مَغْصُوبٍ أَوْ الْحُرْمَةُ فِيهِ ذَاتِيَّةٌ؟ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ، وَحِينَئِذٍ فَصُورَةُ الْمُحَرَّمِ الَّذِي تَحْرُمُ التَّسْمِيَةُ عِنْدَهُ أَنْ يَشْرَبَ خَمْرًا أَوْ يَأْكُلَ مَيْتَةً لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَكْلِ الْمَغْصُوبِ أَنَّ الْغَصْبَ أَمْرٌ عَارِضٌ عَلَى حِلِّ الْمَأْكُولِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ بِخِلَافِ هَذَا (قَوْلُهُ: أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ) أَيْ الْأَكْمَلُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَالسُّنَّةُ تَحْصُلُ بِدُونِهِ

فَإِنَّهُ يَأْتِي بِهَا بَعْدَهُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِيَتَقَايَأَ الشَّيْطَانُ مَا أَكَلَهُ، وَهَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ أَوْ لَا؟ مُحْتَمَلٌ، وَعَلَى كَوْنِهِ حَقِيقَةً لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ دَاخِلَ الْإِنَاءِ فَيَجُوزُ وُقُوعُهُ خَارِجَهُ (وَ) مِنْ سُنَنِهِ (غَسْلُ كَفَّيْهِ) إلَى كُوعَيْهِ مَعَ التَّسْمِيَةِ كَمَا مَرَّ قَبْلَ الْمَضْمَضَةِ وَإِنْ تَيَقَّنَ طَهَارَتَهُمَا أَوْ تَوَضَّأَ مِنْ إنَاءٍ بِالصَّبِّ (فَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ طُهْرَهُمَا) بِأَنْ تَرَدَّدَ فِيهِ (كُرِهَ غَمْسُهُمَا فِي الْإِنَاءِ) الَّذِي فِيهِ مَائِعٌ وَإِنْ كَثُرَ أَوْ مَأْكُولٌ رَطْبٌ أَوْ مَاءٌ قَلِيلٌ (قَبْلَ غَسْلِهِمَا) ثَلَاثًا لِخَبَرِ «إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَالْأَمْرُ بِذَلِكَ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ تَوَهُّمِ النَّجَاسَةِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَصْحَابَ أَعْمَالٍ وَيَسْتَنْجُونَ بِالْأَحْجَارِ، وَإِذَا نَامُوا جَالَتْ أَيْدِيهمْ فَرُبَّمَا وَقَعَتْ عَلَى مَحَلِّ النَّجْوِ، فَإِذَا صَادَفَتْ مَاءً قَلِيلًا نَجَّسَتْهُ، فَهَذَا مَحْمَلُ الْحَدِيثِ لَا مُجَرَّدُ النَّوْمِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ لَمْ يَنَمْ وَاحْتُمِلَ نَجَاسَةُ يَدِهِ فَهُوَ فِي مَعْنَى النَّائِمِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِهِ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَوْ تَيَقَّنَ نَجَاسَةَ يَدِهِ كَانَ الْحُكْمُ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَيَكُونُ حَرَامًا، وَإِنْ قُلْنَا بِكَرَاهَةِ تَنَجُّسِ الْمَاءِ الْقَلِيلِ لِمَا فِيهِ هُنَا مِنْ التَّضَمُّخِ بِالنَّجَاسَةِ وَهُوَ حَرَامٌ، وَالْغَسَلَاتُ الْمَذْكُورَةُ هِيَ الْمَطْلُوبَةُ أَوَّلَ الْوُضُوءِ، غَيْرَ أَنَّهُ أُمِرَ بِفِعْلِهَا خَارِجَ الْإِنَاءِ عِنْدَ الشَّكِّ، وَلَا تَزُولُ الْكَرَاهَةُ إلَّا بِالثَّلَاثِ وَإِنْ حَصَلَ تَيَقُّنُ الطُّهْرِ بِوَاحِدَةٍ لِأَنَّ الشَّارِعَ إذَا غَيَّا حُكْمًا بِغَايَةٍ فَإِنَّمَا يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ مِنْهُ بِاسْتِيعَابِهَا، وَمَحَلُّ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ تَيَقُّنِ طُهْرِهِمَا إذَا كَانَ مُسْتَنِدًا لِيَقِينٍ غَسَلَهُمَا ثَلَاثًا، ـــــــــــــــــــــــــــــSحِينَئِذٍ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُسَنُّ لِأَنَّهُ فَرْعٌ مِنْ أَفْعَالِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا مَا لَمْ يَطُلْ زَمَنٌ يُعَدُّ بِهِ مُعْرِضًا عَنْ التَّشَهُّدِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَأْتِي بِهَا بَعْدَهُ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا قَصُرَ الْفَصْلُ بِحَيْثُ يُنْسَبُ إلَيْهِ عُرْفًا (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ طُهْرَهُمَا) قَالَ الْمَحَلِّيُّ: فَإِنْ تَيَقَّنَ طُهْرَهُمَا لَمْ يُكْرَهْ غَمْسُهُمَا وَلَا يُسْتَحَبُّ الْغَسْلُ قَبْلَهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ اهـ. قُلْت: فَيَكُونُ مُبَاحًا. وَقَدْ يُقَالُ: بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَغْسِلَهُمَا خَارِجَ الْإِنَاءِ لِئَلَّا يَصِيرَ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا يَغْمِسُهُمَا فِيهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ فِي نَفْلِ الطَّهَارَةِ غَيْرُ طَهُورٍ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ غَمْسُهُمَا خَوْفَ النَّجَاسَةِ وَإِنْ كُرِهَ غَمْسُهُمَا لِتَأْدِيَتِهِ لِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الَّذِي يُرِيدُ الْوُضُوءَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَرَدَّدَ فِيهِ) أَيْ وَلَوْ مَعَ تَيَقُّنِ الطَّهَارَةِ السَّابِقَةِ (قَوْلُهُ لِخَبَرِ إذَا اسْتَيْقَظَ إلَخْ) قَالَ الْمُنَاوِيُّ عَلَى الْجَامِعِ: قَالَ النَّوَوِيُّ فِي بُسْتَانِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فَضْلٍ التَّيْمِيِّ فِي شَرْحِهِ لِمُسْلِمٍ: إنَّ بَعْضَ الْمُبْتَدِعَةِ لَمَّا سَمِعَ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ مُتَهَكِّمًا: أَنَا أَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدِي، بَاتَتْ فِي الْفِرَاشِ، فَأَصْبَحَ وَقَدْ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي دُبُرِهِ إلَى ذِرَاعِهِ. قَالَ ابْنُ طَاهِرٍ: فَلِيَتَّقِ امْرُؤٌ الِاسْتِخْفَافَ بِالسُّنَنِ وَمَوَاضِعِ التَّوْقِيفِ لِئَلَّا يُسْرِعَ إلَيْهِ شُؤْمُ فِعْلِهِ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ أَيْضًا: وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى مَا وُجِدَ فِي زَمَنِنَا وَتَوَاتَرَتْ الْأَخْبَارُ بِهِ وَثَبَتَ عِنْدَ الْقُضَاةِ أَنَّ رَجُلًا بِقَرْيَةٍ بِبِلَادِ بِصَرَى فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَسِتِّمِائَةٍ كَانَ سَيِّئَ الِاعْتِقَادِ فِي أَهْلِ الْخَيْرِ وَابْنُهُ يَعْتَقِدُهُمْ، فَجَاءَ مِنْ عِنْدِ شَيْخٍ صَالِحٍ وَمَعَهُ مِسْوَاكٌ، فَقَالَ لَهُ مُسْتَهْزِئًا: أَعْطَاك شَيْخُك هَذَا الْمِسْوَاكَ؟ فَأَخَذَهُ وَأَدْخَلَهُ فِي دُبُرِهِ: أَيْ دُبُرِ نَفْسِهِ اسْتِحْقَارًا لَهُ، فَبَقِيَ مُدَّةً ثُمَّ وَلَدَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الَّذِي اسْتَدْخَلَ الْمِسْوَاكَ جِرْوًا قَرِيبَ الشَّبَهِ بِالسَّمَكَةِ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ مَاتَ الرَّجُلُ حَالًا أَوْ بَعْدَ يَوْمَيْنِ اهـ بِحُرُوفِهِ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْجِرْوُ بِالْكَسْرِ وَلَدُ الْكَلْبِ وَالسِّبَاعِ، وَالْفَتْحُ وَالضَّمُّ لُغَةٌ قَالَ ابْنُ السُّكَّيْتِ وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ. وَقَالَ فِي الْبَارِعِ: الْجِرْوُ: الصَّغِيرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ (قَوْلُهُ: جَالَتْ) أَيْ تَحَوَّلَتْ (قَوْلُهُ: هِيَ الْمَطْلُوبَةُ أَوَّلَ الْوُضُوءِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ زِيَادَةً عَلَى الثَّلَاثِ بَلْ هِيَ كَافِيَةٌ لِلنَّجَاسَةِ الْمَشْكُوكَةِ وَسُنَّةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِأَنْ تَرَدَّدَ) أَخْرَجَ بِهِ مَا لَوْ تَيَقَّنَ نَجَاسَتَهُمَا الصَّادِقُ بِهِ الْمَتْنُ (قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ تَوَهُّمِ النَّجَاسَةِ) قَدْ يُقَالُ: لَوْ كَانَ لِأَجْلِ هَذَا التَّوَهُّمِ لَاكْتَفَى بِغَسْلَةٍ وَاحِدَةٍ لِإِفَادَتِهَا بِيَقِينٍ الطَّهَارَةَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَصْحَابَ أَعْمَالٍ) لَعَلَّ وَجْهَ إدْخَالِ هَذَا فِي الدَّلِيلِ أَنَّ الْعَمَلَ يُوجِبُ ثِقَلَ النَّوْمِ عَادَةً فَتَتَأَكَّدُ بِهِ عَدَمُ الدِّرَايَةِ

فَلَوْ كَانَ غَسَلَهُمَا فِيمَا مَضَى عَنْ نَجَاسَةٍ مُتَيَقَّنَةٍ أَوْ مَشْكُوكَةٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ كُرِهَ غَمْسُهُمَا قَبْلَ إكْمَالِ الثَّلَاثِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَوْ كَانَ الشَّكُّ فِي نَجَاسَةٍ مُغَلَّظَةٍ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَدَمُ زَوَالِ الْكَرَاهَةِ إلَّا بِغَسْلِ الْيَدِ سَبْعًا إحْدَاهَا بِتُرَابٍ، وَالْحَدِيثُ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ، فَإِنْ كَانَ الْإِنَاءُ كَبِيرًا وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الصَّبِّ مِنْهُ وَلَمْ يَجِدْ مَا يَغْرِفُ بِهِ مِنْهُ اسْتَعَانَ بِغَيْرِهِ، أَوْ أَخَذَ مِنْهُ بِطَرَفِ ثَوْبٍ نَظِيفٍ أَوْ بِفِيهِ وَخَرَجَ الْإِنَاءُ الَّذِي فِيهِ مَاءٌ كَثِيرٌ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ (وَ) مِنْ سُنَنِهِ (الْمَضْمَضَةُ وَ) بَعْدَهَا (الِاسْتِنْشَاقُ) لِلِاتِّبَاعِ وَلَمْ يَجِبَا لِمَا مَرَّ، وَيَحْصُلُ أَقَلُّهُمَا بِإِيصَالِ الْمَاءِ إلَى الْفَمِ وَالْأَنْفِ وَإِنْ لَمْ يُدِرْهُ فِي الْفَمِ وَلَا مَجَّهُ وَلَا جَذَبَهُ فِي الْأَنْفِ وَلَا نَثَرَهُ، وَأَكْمَلُهُمَا بِأَنْ يُدِيرَهُ ثُمَّ يَمُجَّهُ أَوْ يَجْذِبَهُ ثُمَّ يَنْثُرَهُ. وَعُلِمَ مِمَّا قَدَّرْته فِي كَلَامِي أَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَهُمَا مُسْتَحَقٌّ لَا مُسْتَحَبٌّ، وَأَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ ثُمَّ الْأَصَحُّ إلَى آخِرِهِ، فَلَوْ تَقَدَّمَ مُؤَخَّرًا كَأَنْ اسْتَنْشَقَ قَبْلَ الْمَضْمَضَةِ حَسْبَمَا بَدَأَ بِهِ وَفَاتَ مَا كَانَ مَحَلُّهُ قَبْلَهُ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْوُضُوءِ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الْغُسْلِ عَنْ الرَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَكْفِي لِلْحَدَثِ وَالنَّجِسِ غَسْلَةٌ وَاحِدَةٌ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ هُنَا سِتُّ غَسَلَاتٍ وَإِنْ كَفَتْ الثَّلَاثَةُ فِي أَصْلِ السُّنَّةِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ الِاكْتِفَاءُ بِالثَّلَاثِ هُنَا مِنْ حَيْثُ الطَّهَارَةُ لَا مِنْ حَيْثُ كَرَاهَةُ الْغَمْسِ قَبْلَ الطَّهَارَةِ ثَلَاثًا (قَوْلُهُ كُرِهَ غَمْسُهُمَا) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إحْدَاهَا بِتُرَابٍ) أَيْ وَلَا يُسْتَحَبُّ ثَامِنَةٌ وَتَاسِعَةٌ بِنَاءً عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ مِنْ عَدَمِ اسْتِحْبَابِ التَّثْلِيثِ فِي غَسْلِ النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ. أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْحَدَثِ فَيُسْتَحَبُّ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَلَا كَرَاهَةَ) مَا لَمْ يَتَقَدَّرْ بِالْوَضْعِ سم (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ الِاقْتِصَارِ فِي بَيَانِ الْوَاجِبِ عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ وَمَا مَعَهُ وَلَيْسَ فِيهِ مَضْمَضَةٌ وَلَا اسْتِنْشَاقٌ. وَاسْتَدَلَّ حَجّ هُنَا بِقَوْلِهِ: وَلَمْ يَجِبَا لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «لَا تَتِمُّ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يُسْبِغَ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ، فَيَغْسِلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَيَمْسَحَ رَأْسَهُ وَيَغْسِلَ رِجْلَيْهِ» أَيْ فَهَذِهِ هِيَ الْمَذْكُورَةُ فِيمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فِي قَوْلِهِ {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] الْآيَةَ، وَخَبَرُ «تَمَضْمَضُوا وَاسْتَنْشِقُوا» ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ وَلَا نَثَرَهُ) هُوَ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ. قَالَ فِي مُخْتَارِ الصِّحَاحِ: نَثَرَهُ مِنْ بَابِ نَصَرَ فَانْتَثَرَ وَالِاسْمُ النِّثَارُ بِالْكَسْرِ، وَالنُّثَارُ بِالضَّمِّ مَا تَنَاثَرَ مِنْ الشَّيْءِ، وَدُرٌّ مُنَثَّرٌ شُدِّدَ لِلْكَثْرَةِ، وَالِانْتِثَارُ وَالِاسْتِنْثَارُ بِمَعْنًى: وَهُوَ نَثْرُ مَا فِي الْأَنْفِ بِالنَّفَسِ اهـ فَقَوْلُ الشَّارِحِ: ثُمَّ يَنْثُرُهُ مَعْنَاهُ يُخْرِجُهُ بِنَفَسِهِ، وَعَلَيْهِ فَإِخْرَاجُ مَا فِي الْأَنْفِ مِنْ أَذًى بِنَحْوِ الْخِنْصَرِ لَا يُسَمَّى اسْتِنْثَارًا، فَقَوْلُ شَرْحِ الرَّوْضِ إخْرَاجُ مَا فِي أَنْفِهِ مِنْ أَذًى بِنَحْوِ خِنْصَرِهِ يُسَمَّى اسْتِنْثَارًا لَعَلَّهُ مَجَازٌ (قَوْلُهُ: أَوْ يَجْذِبُهُ) بَابُهُ ضَرَبَ اهـ صِحَاحٌ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا قَدَّرْته) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَبَعْدَهَا (قَوْلُهُ: حَسْبَمَا بَدَأَ بِهِ) خِلَافًا لحج حَيْثُ قَالَ: فَمَتَى قَدَّمَهُ شَيْئًا عَلَى مَحَلِّهِ كَأَنْ اقْتَصَرَ عَلَى الِاسْتِنْشَاقِ لَغَا، وَاعْتَدَّ بِمَا وَقَعَ بَعْدَهُ فِي مَحَلِّهِ مِنْ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ فَالْمَضْمَضَةِ اهـ. قَالَ الْعَبَّادِيُّ فِي شَرْحِ الْغَايَةِ: قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَتَقَدُّمُ الْمَضْمَضَةِ عَلَى الِاسْتِنْشَاقِ شَرْطٌ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقِيلَ مُسْتَحَبٌّ ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ قَدَّمَ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ عَلَى غَسْلِ الْكَفِّ لَمْ يُحْسَبْ الْكَفُّ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ. وَقَضِيَّتُهُ لَوْ قَدَّمَ الِاسْتِنْشَاقَ عَلَى الْمَضْمَضَةِ أَوْ أَتَى بِهِمَا مَعًا حُسِبَ الِاسْتِنْشَاقُ وَفَاتَتْ الْمَضْمَضَةُ فَيَكُونُ التَّرْتِيبُ شَرْطًا لِلِاعْتِدَادِ بِالْجَمِيعِ، فَإِذَا عَكَسَ حُسِبَ مَا قَدَّمَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَبَعْدَهَا) وَلَوْ بِأَنْ يَجْعَلَ كُلَّ مَرَّةٍ مِنْ الِاسْتِنْشَاقِ بَعْدَ كُلِّ مَرَّةٍ مِنْ الْمَضْمَضَةِ لِيَصْدُقَ بِجَمِيعِ الْكَيْفِيَّاتِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذِهِ الْحَوَالَةِ لِشَرْحِ الرَّوْضِ، لَكِنَّ ذَاكَ قَدَّمَ مَا تَصِحُّ لَهُ الْحَوَالَةُ عَلَيْهِ فِي الْكَلَامِ عَلَى التَّسْمِيَةِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ لِآيَةِ الْوُضُوءِ الْمُبَيِّنَةِ لِوَاجِبَاتِهِ، وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْأَعْرَابِيِّ «تَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَك اللَّهُ» انْتَهَى. وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الشَّارِحِ بِمَا مَرَّ الْحَدِيثَ الَّذِي قَدَّمَهُ فِي غَسْلِ الْيَدَيْنِ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَ الدَّلَالَةِ مِنْهُ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَلَوْ قَدَّمَ مُؤَخَّرًا) هَذَا لَا يَظْهَرُ تَرَتُّبُهُ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ، وَإِنَّمَا الَّذِي يَظْهَرُ عَلَيْهِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ مِنْ أَنَّهُ إذَا قَدَّمَ الِاسْتِنْشَاقَ لَغَا وَاعْتُدَّ بِالْمَضْمَضَةِ إذَا فَعَلَهَا بَعْدَهُ لِوُقُوعِهِ فِي غَيْرِ مُسْتَحِقِّهِ

خِلَافًا لِمَا فِي الْمَجْمُوعِ، إذْ الْمُعْتَمَدُ مَا فِيهَا كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِقَوْلِهِمْ فِي الصَّلَاةِ: الثَّالِثَ عَشَرَ تَرْتِيبُ الْأَرْكَانِ فَخَرَجَ السُّنَنُ فَيَحْسِبُ مِنْهَا مَا أَوْقَعَهُ أَوَّلًا فَكَأَنَّهُ تَرَكَ غَيْرَهُ فَلَا يُعْتَدُّ بِفِعْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا لَوْ تَعَوَّذَ ثُمَّ أَتَى بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ. وَفَائِدَةُ تَقْدِيمِ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ مَعْرِفَةُ أَوْصَافِ الْمَاءِ مِنْ طَعْمٍ وَرِيحٍ وَلَوْنٍ بِالنَّظَرِ هَلْ تَغَيَّرَ أَوْ لَا؟ وَقَدَّمَ الْفَمَ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ مِنْ الْأَنْفِ لِكَوْنِهِ مَحَلًّا لِلْقُرْآنِ وَالْأَذْكَارِ وَأَكْثَرُ مَنْفَعَةً (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ فَصْلَهُمَا أَفْضَلُ) مِنْ جَمْعِهِمَا لِمَا رَوَاهُ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «دَخَلْت يَعْنِي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَأَيْته يَفْصِلُ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ» (ثُمَّ الْأَصَحُّ) عَلَى هَذَا الْأَفْضَلُ أَنَّهُ (يَتَمَضْمَضُ بِغَرْفَةٍ ثَلَاثًا، ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ بِأُخْرَى ثَلَاثًا) فَلَا يَنْتَقِلُ إلَى عُضْوٍ إلَّا بَعْدَ كَمَالِ مَا قَبْلَهُ، وَقِيلَ يَتَمَضْمَضُ بِثَلَاثٍ ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ بِثَلَاثٍ وَهُوَ أَضْعَفُهَا وَأَنْظَفُهَا (وَيُبَالِغُ فِيهِمَا غَيْرُ الصَّائِمِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَسْبِغْ الْوُضُوءَ وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا» وَلِخَبَرِ «إذَا تَوَضَّأْت فَأَبْلِغْ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ مَا لَمْ تَكُنْ صَائِمًا» وَالْمُبَالَغَةُ فِيهِمَا أَنْ يَبْلُغَ الْمَاءُ إلَى أَقْصَى الْحَنَكِ وَوَجْهَيْ الْأَسْنَانِ وَاللَّثَاةِ، وَفِي الِاسْتِنْشَاقِ أَنْ يَصْعَدَ الْمَاءُ بِالنَّفَسِ إلَى الْخَيْشُومِ، أَمَّا الصَّائِمُ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى مَحَلِّهِ وَفَاتَ مَا أَخَّرَهُ عَنْهُ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ شَرْطٌ لِلِاعْتِدَادِ بِالْمُؤَخَّرِ، وَأَنَّهُ إذَا قَدَّمَهُ لَغَا وَأَعَادَهُ إذَا أَتَى بِمَاءٍ بَعْدَهُ وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَبَقِيَ مَا لَوْ فَعَلَهُمَا مَعًا، وَيَنْبَغِي عَلَى كَلَامِ حَجّ أَنَّ الْحَاصِلَ مِنْهُمَا الْمَضْمَضَةُ لِوُقُوعِهَا فِي مَحَلِّهَا دُونَ الِاسْتِنْشَاقِ لِوُقُوعِهِ قَبْلَ مَحَلِّهِ، وَهَذَا نَظِيرُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ غَسَلَ أَرْبَعَةَ أَعْضَائِهِ مَعًا حُسِبَ الْوَجْهُ دُونَ غَيْرِهِ، لَا يُقَالُ: إنَّمَا لَمْ يَحْصُلْ غَيْرُ الْوَجْهِ لِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ وَهُوَ هُنَا غَيْرُ وَاجِبٍ. لِأَنَّا نَقُولُ: هُوَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا لَكِنَّهُ مُسْتَحَقٌّ لَا مُسْتَحَبٌّ فَقَطْ فَأَشْبَهَ الْوَاجِبَ. وَأَمَّا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَدَّمَ مُؤَخَّرًا حُسِبَ مَا بَدَأَ بِهِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمَا يَحْصُلَانِ فِيمَا لَوْ أَتَى بِهِمَا مَعًا لِأَنَّهُ لَمْ يُشْتَرَطْ لِحُسْبَانِ الْمُتَأَخِّرِ سَبْقُ غَيْرِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَيُحْسَبُ مِنْهَا إلَخْ) فِي اسْتِفَادَتِهِ مِنْ ذَلِكَ نَظَرٌ لِأَنَّ مُجَرَّدَ عَدَمِ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ بَيْنَ السُّنَنِ لَا يَقْتَضِي حُسْبَانَ الْمُتَقَدِّمِ وَإِلْغَاءَ الْمُتَأَخِّرِ، بَلْ كَمَا يَصْدُقُ بِذَلِكَ يَصْدُقُ بِإِلْغَاءِ الْمُتَأَخِّرِ وَطَلَبِ فِعْلِهَا كَمَا لَوْ لَمْ يَسْبِقْ فِعْلَ الْمُتَأَخِّرِ. وَقِيَاسُ إلْغَاءِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَى التَّعَوُّذِ أَجَابَ عَنْهُ حَجّ بِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي شُرِعَ لَهُ الِافْتِتَاحُ يَفُوتُ بِتَقْدِيمِ التَّعَوُّذِ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْقَصْدَ بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ أَنْ يَقَعَ الِافْتِتَاحُ بِهِ وَلَا يَتَقَدَّمُهُ غَيْرُهُ، وَبِالْبُدَاءَةِ بِالتَّعَوُّذِ فَاتَ ذَلِكَ لِتَعَذُّرِ الرُّجُوعِ إلَيْهِ. وَالْقَصْدُ بِالتَّعَوُّذِ أَنْ تَلِيَهُ الْقِرَاءَةُ وَقَدْ وَجَدَ ذَلِكَ فَاعْتَدَّ بِهِ لِوُقُوعِهِ فِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ: وَقَدَّمَ الْفَمَ) قَالَ فِي الْخَادِمِ: وَالِاسْتِنْشَاقُ أَفْضَلُ، لِأَنَّ أَبَا ثَوْرٍ يَقُولُ: الْمَضْمَضَةُ سُنَّةٌ وَالِاسْتِنْشَاقُ وَاجِبٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَقْوَالَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَحْمُولَةٌ عَلَى الْوُجُوبِ، وَأَفْعَالَهُ عَلَى النَّدْبِ وَالْمَضْمَضَةُ نُقِلَتْ عَنْ فِعْلِهِ، وَالِاسْتِنْشَاقُ ثَبَتَ مِنْ قَوْلِهِ: «إذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً» اهـ (قَوْلُهُ: وَأَكْثَرَ مَنْفَعَةً) لِأَنَّهُ مَحَلُّ قِوَامِ الْبَدَنِ أَكْلًا وَنَحْوَهُ وَالرُّوحِ ذِكْرًا وَنَحْوَهُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَتَمَضْمَضُ إلَخْ) وَيَنْبَغِي فِيمَا لَوْ تَعَدَّدَ الْفَمُ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا قِيلَ فِي تَعَدُّدِ الْوَجْهِ مِنْ أَنَّهُمَا إنْ كَانَا أَصْلِيَّيْنِ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَصْلِيًّا تَمَضْمَضَ فِيهِ إلَى آخِرِ مَا سَبَقَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ) أَفَادَ التَّعْبِيرُ بِثُمَّ أَنَّهُ لَوْ تَمَضْمَضَ بِوَاحِدَةٍ ثُمَّ اسْتَنْشَقَ بِأُخْرَى، وَهَكَذَا لَا يَكُونُ آتِيًا بِالْأَفْضَلِ عَلَى هَذَا. وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْقَائِلَ بِالْفِعْلِ قَاسَ مَا هُنَا عَلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ فِي أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ لَهُ لِعُضْوٍ إلَّا بَعْدَ كَمَالِ طُهْرِ مَا قَبْلَهُ، وَلَكِنَّ عِبَارَةَ حَجّ حِكَايَةٌ لِهَذَا الْقَوْلِ نَصُّهَا: وَمُقَابِلُهُ أَيْ الْأَصَحُّ ثَلَاثٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إذْ الْمُعْتَمَدُ مَا فِيهَا) أَيْ هُنَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لِقَوْلِهِمْ فِي الصَّلَاةِ إلَخْ، وَإِلَّا فَإِذَا تَعَارَضَ مَا فِي الرَّوْضَةِ، وَالْمَجْمُوعِ قُدِّمَ مَا فِيهِ غَالِبًا؛ لِأَنَّهُ مُتَتَبِّعٌ فِيهِ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ لَا مُخْتَصِرٌ لِكَلَامِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَفَائِدَةُ تَقْدِيمِ الْمَضْمَضَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ، وَالْحِكْمَةُ فِي تَقْدِيمِ السُّنَنِ الثَّلَاثَةِ: يَعْنِي الْكَفَّيْنِ، وَالْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ عَلَى الْوُضُوءِ، أَنْ يَتَدَارَكَ أَوْصَافَ الْمَاءِ الثَّلَاثَةَ

فَلَا تُسَنُّ لَهُ الْمُبَالَغَةُ بَلْ تُكْرَهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لِخَوْفِ الْإِفْطَارِ إلَّا أَنْ يَغْسِلَ فَمَهُ مِنْ نَجَاسَةٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ لِكَوْنِهِمَا مَطْلُوبَيْنِ فِي الْوُضُوءِ بِخِلَافِ قُبْلَةِ الصَّائِمِ الْمُحَرِّكَةِ لِشَهْوَتِهِ، لِأَنَّهُ هُنَا يُمْكِنُهُ إطْبَاقُ حَلْقِهِ وَمَجُّ الْمَاءِ وَهُنَاكَ لَا يُمْكِنُهُ رَدُّ الْمَنِيِّ إذَا خَرَجَ، وَلِأَنَّ الْقُبْلَةَ غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ بَلْ دَاعِيَةٌ لِمَا يُضَادُّ الصَّوْمَ مِنْ الْإِنْزَالِ بِخِلَافِ الْمُبَالَغَةِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ حُرْمَةُ الْمُبَالَغَةِ عَلَى صَائِمِ فَرْضٍ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ سَبْقُ الْمَاءِ إلَى جَوْفِهِ إنْ فَعَلَهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ (قُلْت: الْأَظْهَرُ تَفْضِيلُ الْجَمْعِ) بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَيَكُونُ (بِثَلَاثِ غُرَفٍ يَتَمَضْمَضُ مِنْ كُلٍّ ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِوُرُودِ التَّصْرِيحِ بِهِ، وَقِيلَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِغَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ، وَفِي كَيْفِيَّةِ ذَلِكَ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا يَتَمَضْمَضُ مِنْهَا وَلَاءً ثَلَاثًا ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ ثَلَاثًا. وَالثَّانِي يَتَمَضْمَضُ مِنْهَا ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ مِنْهَا ثُمَّ يَفْعَلُ مِنْهَا كَذَلِكَ ثَانِيًا وَثَالِثًا، وَاسْتَحْسَنَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ (وَ) مِنْ سُنَنِهِ (تَثْلِيثُ الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ) ـــــــــــــــــــــــــــــSلِكُلِّ مُتَوَالِيَةٍ أَوْ مُتَفَرِّقَةٍ اهـ. وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا قَدَّمَهُ فِي تَوْجِيهِ أَفْضَلِيَّةِ الْفَصْلِ مِنْ قَوْلِهِ حَتَّى لَا يَنْتَقِلَ عَنْ عُضْوٍ إلَّا بَعْدَ كَمَالِ طُهْرِهِ. إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَرَادَ بِالْمُتَفَرِّقَةِ كَوْنَهَا فِي أَوْقَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يَنْتَقِلْ لِلثَّانِي إلَّا بَعْدَ كَمَالِ الْأَوَّلِ لَكِنَّهُ بَعِيدٌ (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ) أَيْ لِلَّقِيطِ بْنِ صُبْرَةَ (قَوْلُهُ: بَلْ تُكْرَهُ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِهِ الْمُمْسِكُ فَتُكْرَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَغْسِلَ فَمَه إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمُبَالَغَةُ حِينَئِذٍ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ سَبَقَهُ الْمَاءُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إلَى جَوْفِهِ لَمْ يُفْطِرْ لِأَنَّهُ تَوَلَّدَ مِنْ مَأْمُورٍ بِهِ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ إلَخْ) أَيْ وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ إلَخْ، فَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ إذَا قِيلَ بِتَفْضِيلِ الْجَمْعِ اُخْتُلِفَ فِي الْأَوْلَى وَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ ذِكْرُهُ كَأَنْ يَقُولَ: ثُمَّ الْأَصَحُّ بِثَلَاثِ غُرَفٍ إلَخْ فَعَلَ فِي تَفْضِيلِ الْفَصْلِ (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِثَلَاثِ غُرَفٍ) عِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ الْغُرْفَةُ بِالضَّمِّ الْمَاءُ الْمَغْرُوفُ بِالْيَدِ، وَالْجَمْعُ غِرَافٌ مِثْلُ بُرْمَةٍ وَبِرَامٍ، وَالْغَرْفَةُ بِالْفَتْحِ الْمَرَّةُ، وَغَرَفْت الْمَاءَ غَرْفًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَاغْتَرَفْته اهـ. وَفِي الْقَامُوسِ مَا يُوَافِقُهُ، وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يَقُولَ الْمُصَنِّفُ غِرَافٌ (قَوْلُهُ وَفِي كَيْفِيَّةِ ذَلِكَ) أَيْ الْجَمْعِ بِغَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا يَتَمَضْمَضُ مِنْهَا وَلَاءً ثَلَاثًا إلَخْ) أَيْ ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ كَذَلِكَ وَهَذِهِ فِي الْحَقِيقَةِ فَصْلٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَقِلْ لِتَطْهِيرِ الثَّانِي إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْأَوَّلِ وَتَسْمِيَتُهَا وَصْلًا بِاعْتِبَارِ اتِّحَادِ الْغُرْفَةِ (قَوْلُهُ: وَاسْتَحْسَنَهُ) أَيْ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْكَيْفِيَّةَ الْأَوْلَى فِي الْحَقِيقَةِ فَصْلٌ (قَوْلُهُ: تَثْلِيثُ الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ) عِبَارَةُ حَجّ: وَشَرْطُ حُصُولِ التَّثْلِيثِ حُصُولُ الْوَاجِبِ أَوَّلًا، ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَسْحِ بَعْضِ رَأْسِهِ وَثَلَّثَهُ حَصَلَتْ لَهُ سُنَّةُ التَّثْلِيثِ كَمَا شَمِلَهُ الْمَتْنُ وَغَيْرُهُ، وَقَوْلُهُمْ لَا يُحْسَبُ تَعَدُّدٌ قَبْلَ تَمَامِ الْعُضْوِ مَفْرُوضٌ فِي عُضْوٍ يَجِبُ اسْتِيعَابُهُ بِالتَّطْهِيرِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حُسْبَانِ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ قَبْلَ الْفَرْضِ بِأَنَّ هَذَا غَسْلُ مَحَلٍّ آخَرَ قُصِدَ تَطْهِيرُهُ لِذَاتِهِ فَلَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى سَبْقِ غَيْرِهِ لَهُ وَذَاكَ تَكْرِيرُ غَسْلِ الْأَوَّلِ فَتَوَقَّفَ عَلَى وُجُودِ الْأَوْلَى، إذْ لَا يَحْصُلُ التَّكْرَارُ إلَّا حِينَئِذٍ اهـ. وَقَوْلُهُ حُصُولُ الْوَاجِبِ أَوَّلًا، وَعَلَيْهِ فَلَوْ غَسَلَ الْخَدَّ الْأَيْمَنَ ثَلَاثًا ثُمَّ الْأَيْسَرَ كَذَلِكَ لَمْ يَحْصُلْ التَّثْلِيثُ، وَكَذَا لَوْ غَسَلَ الْكَفَّ ثَلَاثًا ثُمَّ السَّاعِدَ، وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُهُمْ مَفْرُوضٌ فِي عُضْوٍ يَجِبُ إلَخْ. [فَرْعٌ] لَوْ كَانَ إذَا ثَلَّثَ لَمْ يَكْفِ الْمَاءُ وَجَبَ تَرْكُهُ، فَلَوْ ثَلَّثَ تَيَمَّمَ وَلَا يُعِيدُ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ فِي غَرَضِ التَّثْلِيثِ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ. قُلْت: وَكَذَا لَا يُعِيدُ لَوْ أَتْلَفَهُ بِلَا غَرَضٍ وَإِنْ أَثِمَ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَيَمَّمْ بِحَضْرَةِ مَاءٍ مُطْلَقٍ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ الْآتِي فِي التَّيَمُّمِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ وُهِبَ لَهُ مَاءٌ إلَخْ، فَإِنْ أَتْلَفَهُ بَعْدَهُ لِغَرَضٍ كَتَبَرُّدٍ وَتَنْظِيفِ ثَوْبٍ فَلَا قَضَاءَ أَيْضًا، وَكَذَا لِغَيْرِ غَرَضٍ فِي الْأَظْهَرِ لِأَنَّهُ فَاقِدٌ لِلْمَاءِ حَالَ التَّيَمُّمِ لَكِنَّهُ أَثِمَ فِي الشِّقِّ الْأَخِيرِ. [فَرْعٌ] هَلْ يُسَنُّ تَثْلِيثُ النِّيَّةِ أَيْضًا أَوْ لَا، لِأَنَّ النِّيَّةَ ثَانِيًا تَقْطَعُ الْأُولَى فَلَا فَائِدَةَ فِي التَّثْلِيثِ، يُحَرَّرُ سم عَلَى مَنْهَجٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَهُنَاكَ لَا يُمْكِنُهُ رَدُّ الْمَنِيِّ) الَّذِي يَأْتِي فِي الصَّوْمِ أَنَّ مَحَلَّ الْحُرْمَةِ إذَا خَشِيَ مِنْ نَفْسِهِ الْوِقَاعَ

الْمَفْرُوضِ وَالْمَنْدُوبِ وَبَاقِي سُنَنِهِ مِنْ تَخْلِيلٍ وَدَلْكٍ وَمُؤْقِ عَيْنٍ وَلِحَاظٍ لَا مَانِعَ فِيهِمَا مِنْ إيصَالِ الْمَاءِ إلَى مَحَلِّهِ وَإِلَّا وَجَبَ غَسْلُهُمَا، وَسِوَاكٍ وَذِكْرٍ وَدُعَاءٍ لِلِاتِّبَاعِ فِي أَكْثَرِ ذَلِكَ وَقِيَاسًا فِي غَيْرِهِ لَا الْخُفِّ كَمَا سَيَأْتِي، وَهَلْ يُثَلِّثُ عَلَى الْجَبِيرَةِ وَالْعِمَامَةِ أَوْ لَا كَالْخُفِّ؟ الْأَشْبَهُ نَعَمْ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا كُرِهَ فِيهِ مَخَافَةَ تَعْيِيبِهِ وَلَا كَذَلِكَ هُمَا. وَقَدْ يَجِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ عِنْدَ ضِيقِ وَقْتِ الْفَرْضِ بِحَيْثُ لَوْ ثَلَّثَ خَرَجَ وَقْتُهُ أَوْ خَوْفَ عَطَشٍ بِحَيْثُ لَوْ أَكْمَلَهُ لَاسْتَوْعَبَ الْمَاءَ وَأَدْرَكَهُ الْعَطَشُ وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَيُكْرَهُ كُلٌّ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثِ وَالنَّقْصُ عَنْهَا بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ وَالْإِسْرَافُ فِي الْمَاءِ وَلَوْ عَلَى الشَّطِّ إلَّا فِي مَاءٍ مَوْقُوفٍ فَتَحْرُمُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا لِكَوْنِهَا غَيْرَ مَأْذُونٍ فِيهَا، وَلَوْ تَوَضَّأَ مَرَّةً تَمَّ كَذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقُلْت: وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الْبَهْجَةِ: وَثُلُثُ الْكُلِّ يَقِينًا مَا خَلَا مَسْحًا لِخُفَّيْنِ يَقْتَضِي طَلَبَهُ، فَيَكُونُ مَا بَعْدَ الْأُولَى مُؤَكِّدًا لَهَا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَكْرِيرِ النِّيَّةِ فِي الصَّلَاةِ حَيْثُ قَالُوا يَخْرُجُ بِالْأَشْفَاعِ وَيَدْخُلُ بِالْأَوْتَارِ بِأَنَّهُ عَهْدُ فِعْلِ النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ بَعْدَ أَوَّلِهِ فِيمَا لَوْ فَرَّقَ النِّيَّةَ أَوْ عَرَضَ مَا يُبْطِلُهَا كَالرِّدَّةِ وَلَمْ يَعْهَدْ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ، وَنُقِلَ عَنْ فَتَاوَى م ر مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: الْمَفْرُوضِ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَمُؤْقُ) بِالْهَمْزِ مِنْ مَأَقَ مُقَدَّمُ الْعَيْنِ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَلَحَاظٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ مُؤَخَّرُ الْعَيْنِ وَبِالْكَسْرِ مَصْدَرُ لَاحَظَهُ: أَيْ رَاعَاهُ مُخْتَارٌ: أَيْ وَغَسْلِ مُؤْقٍ وَلَحَاظٍ، وَهَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ بِتَثْلِيثِ الْغَسْلِ إلَخْ، وَلَا يَشْمَلُهُ قَوْلُهُ وَبَاقِي سُنَنِهِ، وَفِي نُسْخَةٍ إسْقَاطُ قَوْلِهِ وَمُؤْقِ عَيْنٍ وَلَحَاظٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَجَبَ غَسْلُهُمَا) أَيْ وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ إلَّا بِإِزَالَةِ مَا فِيهِمَا مِنْ الرَّمَصِ وَنَحْوَهُ فَتَجِبُ إزَالَتُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي غَسْلِ الْوَجْهِ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَتَأَتَّ إزَالَةُ مَا فِيهِمَا كَالْكُحْلِ وَنَحْوِهِ إلَّا بِضَرَرٍ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ حَيْثُ اسْتَعْمَلَ الْكُحْلَ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ أَوْ لِلتَّزَيُّنِ وَلَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ إضْرَارُ إزَالَتِهِ (قَوْلُهُ: الْأَشْبَهُ نَعَمْ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ مَخَافَةَ تَعْيِيبِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْخُفُّ مِنْ نَحْوِ زُجَاجٍ يُسَنُّ التَّثْلِيثُ لِأَنَّهُ لَا يُخَافُ تَعْيِيبُهُ (قَوْلُهُ: خَرَجَ وَقْتُهُ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُدْرِكْ الصَّلَاةَ كَامِلَةً فِيهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: يُكْرَهُ كُلٌّ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثِ) أَيْ فِي غَيْرِ الْمُسَبَّلِ (قَوْلُهُ: فَتَحْرُمُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا) أَيْ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهَا غَيْرَ مَأْذُونٍ فِيهَا) يُؤْخَذُ مِنْ تَحْرِيمِ مَا ذُكِرَ حُرْمَةُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ يَدْخُلُونَ إلَى مَحَلِّ الطَّهَارَةِ لِتَفْرِيغِ أَنْفُسِهِمْ ثُمَّ يَغْسِلُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَيْدِيَهُمْ مِنْ مَاءِ الْفَسَاقِي الْمُعَدَّةِ لِلْوُضُوءِ لِإِزَالَةِ الْغُبَارِ وَنَحْوِهِ بِلَا وُضُوءٍ وَلَا إرَادَةِ صَلَاةٍ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ حُرْمَةِ ذَلِكَ مَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِفِعْلِ مِثْلِهِ فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ وَيُعْلَمُ بِهِ، قِيَاسًا عَلَى مَا قَالُوهُ فِي مَاءِ الصَّهَارِيجِ الْمُعَدَّةِ لِلشُّرْبِ مِنْ أَنَّهُ إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ بِاسْتِعْمَالِ مَائِهَا لِغَيْرِ الشُّرْبِ وَعُلِمَ بِهِ لَمْ يَحْرُمْ اسْتِعْمَالُهَا فِيمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ الْوَاقِفُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: غَيْرَ مَأْذُونٍ فِيهَا) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا حُرْمَةُ الْوُضُوءِ مِنْ مَغَاطِسِ الْمَسَاجِدِ وَالِاسْتِنْجَاءِ مِنْهَا لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، لِأَنَّ الْوَاقِفَ إنَّمَا وَقَفَهُ لِلِاغْتِسَالِ مِنْهُ دُونَ غَيْرِهِ. نَعَمْ يَجُوزُ الْوُضُوءُ وَالِاسْتِنْجَاءُ مِنْهَا لِمَنْ يُرِيدُ الْغُسْلَ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ سُنَنِهِ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يُغْفَلُ عَنْهُ. نَعَمْ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ لِحُصُولِ التَّيْسِيرِ بِهِ عَلَى النَّاسِ جَازَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَمُؤْقِ عَيْنٍ وَلِحَاظٍ) لِيَنْظُرَ هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى مَاذَا مَعَ دُخُولِهِ فِي الْغُسْلِ، وَقَوْلُهُ لَا مَانِعَ فِيهِمَا إلَخْ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ غَسْلُهُمَا إلَّا إذَا كَانَ بِهِمَا مَانِعٌ، وَهُوَ خِلَافُ صَرِيحِ مَا مَرَّ مِنْ الْوُجُوبِ مُطْلَقًا، وَيَجُوزُ كَوْنُهُمَا مَعْطُوفَيْنِ عَلَى مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَالدَّلْكُ لِغَيْرِ مُؤْقِ عَيْنٍ وَلِحَاظٍ وَلِمُؤْقٍ وَلِحَاظٍ، فَهُوَ مِنْ مَدْخُولِ الدَّلْكِ لَكِنْ قَدْ يُنَافِيهِ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَإِلَّا وَجَبَ غَسْلُهُمَا (قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ) يَجِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى مَسْأَلَةِ النَّقْصِ؛ لِأَنَّهُ قَيْدٌ فِي الزِّيَادَةِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَاءٍ مَوْقُوفٍ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الزِّيَادَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّفْرِيعُ لَا مِنْ الْإِسْرَافِ وَإِنْ كَانَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ.

لَمْ تَحْصُلْ فَضِيلَةُ التَّثْلِيثِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ وَالْفُورَانِيِّ. وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ بِأَنَّ الْوَجْهَ وَالْيَدَ مُتَبَاعِدَانِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَفْرُغَ مِنْ أَحَدِهِمَا ثُمَّ يَنْتَقِلَ إلَى الْآخَرِ. وَأَمَّا الْفَمُ وَالْأَنْفُ فَكَعُضْوٍ وَاحِدٍ (وَيَأْخُذُ الشَّاكُّ بِالْيَقِينِ) وُجُوبًا فِي الْوَاجِبِ وَنَدْبًا فِي الْمَنْدُوبِ كَمَا لَوْ شَكَّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ وَلَا يُقَالُ إنَّ الرَّابِعَةَ بِدْعَةٌ، وَتَرْكُ سُنَّةٍ أَسْهَلُ مِنْ ارْتِكَابِ بِدْعَةٍ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ كَذَلِكَ إلَّا إنْ تَحَقَّقَ كَوْنُهَا رَابِعَةً (وَ) مِنْ سُنَنِهِ (مَسْحُ كُلِّ رَأْسِهِ) لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مَا وَرَدَ فِي صِفَةِ وُضُوئِهِ وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ. وَكَيْفِيَّةُ السُّنَّةِ: أَنْ يَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى مُقَدَّمِ رَأْسِهِ وَيُلْصِقَ سَبَّابَتَهُ بِالْأُخْرَى وَإِبْهَامَيْهِ عَلَى صُدْغَيْهِ ثُمَّ يَذْهَبَ بِهِمَا إلَى قَفَاهُ ثُمَّ يَرُدَّهُمَا إلَى الْمَكَانِ الَّذِي ذَهَبَ مِنْهُ إنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ يَتَقَلَّبُ، فَيَكُونُ حِينَئِذٍ ذَهَابُهُ وَعَوْدُهُ مَسْحَةً وَاحِدَةً لِعَدَمِ تَمَامِهَا بِالذَّهَابِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَعْرٌ يَتَقَلَّبُ لِصِغَرِهِ أَوْ قِصَرِهِ أَوْ عَدَمِهِ لَمْ يَرُدَّ، إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ، فَإِنْ رَدَّ لَمْ تُحْسَبْ ثَانِيَةً لِأَنَّ الْمَاءَ صَارَ مُسْتَعْمَلًا، وَلَا يُنَافِيهِ مَا لَوْ انْغَمَسَ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ نَاوِيًا رَفْعَ حَدَثِهِ ثُمَّ أَحْدَثَ حَالَ انْغِمَاسِهِ فَلَهُ أَنْ يَرْفَعَ. الْحَدَثَ الْمُتَجَدِّدَ بِهِ قَبْلَ خُرُوجِهِ لِأَنَّ مَاءَ الْمَسْحِ تَافِهٌ لَا قُوَّةَ لَهُ كَقُوَّةِ هَذَا، وَلِهَذَا لَوْ أَعَادَ مَاءَ غَسْلِ الذِّرَاعِ مَثَلًا ثَانِيًا ـــــــــــــــــــــــــــــSلَوْ غَسَلَ الْوَجْهَ مَرَّةً ثُمَّ الْيَدَيْنِ ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ ثَانِيًا وَثَالِثًا حَصَلَتْ فَضِيلَةُ التَّثْلِيثِ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ الْآتِي بِأَنَّ الْوَجْهَ وَالْيَدَيْنِ مُتَبَاعِدَانِ خِلَافُهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ. [فَرْعٌ] لَوْ نَذَرَ الْوُضُوءَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ هَلْ يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ أَمْ لَا لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ؟ فِيهِ نَظَرٌ. قَالَ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ: لَا يَنْعَقِدُ اهـ. قُلْت: فَإِنْ أَرَادَ بِعَدَمِ انْعِقَادِهِ إلْغَاءَهُ بِحَيْثُ يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى وَاحِدَةٍ فَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ الثَّانِيَةَ مُسْتَحَبَّةٌ وَالْمَكْرُوهُ إنَّمَا هُوَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الثِّنْتَيْنِ، وَإِنْ أَرَادَ بِعَدَمِ انْعِقَادِهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِمَا فَظَاهِرٌ (قَوْلُهُ لَمْ تَحْصُلْ إلَخْ) هَلْ مِثْلُهُ مَا لَوْ غَطَسَ وَنَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ ثُمَّ كَرَّرَ ذَلِكَ ثَلَاثًا فَيَكُونُ الرَّاجِحُ فِيهِ عَدَمَ حُصُولِ الْفَضِيلَةِ أَوَّلًا. وَيُفَرَّقُ بَيْنَ التَّرْتِيبِ الْحَقِيقِيِّ وَغَيْرِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ فِي التَّرْتِيبِ الْحَقِيقِيِّ تَبَاعُدًا لِغَسْلِ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ عَنْ بَعْضٍ يَظْهَرُ فِي الْحِسِّ وَلَا كَذَلِكَ التَّقْدِيرِيُّ (قَوْلُهُ: التَّثْلِيثِ) وَحُكْمُ هَذِهِ الْإِعَادَةِ الْكَرَاهَةُ كَالزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثِ، وَكَانَ عَدَمُ حُرْمَةِ ذَلِكَ أَنَّهُ تَابِعٌ لِلطَّهَارَةِ وَتَتِمَّةٌ لَهَا فِي الْجُمْلَةِ، فَلَا يُقَالُ إنَّهُ عِبَادَةٌ فَاسِدَةٌ فَتُحَرَّمُ اهـ سم عَلَى حَجّ زَادَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذُكِرَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ مَعَ أَنَّ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ بَعْدَ تَمَامِ الْوُضُوءِ وَقَبْلَ صَلَاةٍ لِأَنَّهُ قِيلَ بِحُصُولِ التَّثْلِيثِ بِهِ وَذَلِكَ شُبْهَةٌ دَافِعَةٌ لِلتَّحْرِيمِ م ر. أَقُولُ: لَا حَاجَةَ إلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ التَّجْدِيدَ قَبْلَ فِعْلِ صَلَاةٍ مَكْرُوهٌ فَقَطْ كَمَا تَقَرَّرَ (قَوْلُهُ: فَكَعُضْوٍ وَاحِدٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ غَسَلَ الْيَدَ الْيُمْنَى مَرَّةً ثُمَّ الْيُسْرَى كَذَلِكَ وَأَعَادَ ذَلِكَ ثَانِيًا وَثَالِثًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ حُسِبَ التَّثْلِيثُ لِأَنَّهُمَا عُضْوٌ وَاحِدٌ كَالْفَمِ وَالْأَنْفِ، لَكِنْ قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ الشَّمَائِلِ مَا نَصُّهُ: وَهَلْ تَحْصُلُ سُنَّةُ التَّيَمُّنِ بِاكْتِحَالِهِ فِي الْيُمْنَى مَرَّةً ثُمَّ فِي الْيُسْرَى مَرَّةً ثُمَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَانِيًا وَثَالِثًا أَوْ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِتَقْدِيمِ الْمَرَّاتِ الثَّلَاثِ فِي الْأُولَى؟ الظَّاهِرُ الثَّانِي قِيَاسًا عَلَى الْعُضْوَيْنِ الْمُتَمَاثِلَيْنِ فِي الْوُضُوءِ كَالْيَدَيْنِ. وَيُحْتَمَلُ حُصُولُهَا بِالْأُولَى كَالْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ عَلَى بَعْضِ الصُّوَرِ الْمَعْرُوفَةِ فِي الْجَمْعِ وَالتَّفْرِيقِ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: وَفِي قَوْلِهِ: يَعْنِي شَرْحَ الرَّوْضِ كَالْيَدَيْنِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ تَثْلِيثَ الْيَدَيْنِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَثْلِيثِ إحْدَاهُمَا قَبْلَ الْأُخْرَى بَلْ لَوْ ثَلَّثَهُمَا مَعًا: أَيْ أَوْ مُرَتَّبًا أَجْزَأَ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ. وَهَذَا هُوَ الْمُتَّجَهُ إذْ لَا يُشْتَرَطُ تَرْتِيبٌ (قَوْلُهُ وَنَدْبًا فِي الْمَنْدُوبِ) وَلَوْ فِي الْمَاءِ الْمَوْقُوفِ. نَعَمْ يَكْفِي ظَنُّ اسْتِيعَابَ الْعُضْوِ بِالْغَسْلِ وَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْهُ كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ اهـ حَجّ، وَعَلَيْهِ فَيُسْتَثْنَى هَذَا مِنْ قَوْلِهِمْ الْمُرَادُ بِالشَّكِّ فِي أَبْوَابِ الْفِقْهِ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ (قَوْلُهُ: مَسْحَةً وَاحِدَةً) وَلَا بُدَّ أَنْ يَقَعَ الْمَسْحُ عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ فِي الثَّلَاثِ حَتَّى يَحْصُلَ التَّثْلِيثُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَاءَ صَارَ مُسْتَعْمَلًا) قَالَ حَجّ: أَيْ لِاخْتِلَاطِ بَلَلِهِ بِبَلَلِ يَدِهِ الْمُنْفَصِلِ عَنْهُ حُكْمًا بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِيَةِ، وَلِضَعْفِ الْبَلَلِ أَثَّرَ فِيهِ أَدْنَى اخْتِلَاطٍ فَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ مِنْ التَّقْدِيرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لَمْ تُحْسَبْ غَسْلَةً أُخْرَى لِكَوْنِهِ تَافِهًا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَاءِ الِانْغِمَاسِ، وَلَوْ مَسَحَ جَمِيعَ رَأْسِهِ وَقَعَ قَدْرُ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ فَرْضًا وَالْبَاقِي سُنَّةً كَنَظِيرِهِ مِنْ تَطْوِيلِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْقِيَامِ، بِخِلَافِ إخْرَاجِ بَعِيرِ الزَّكَاةِ عَنْ دُونِ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ كَمَا اعْتَمَدَ ذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ مَا يُمْكِنُ تَجْزِيئُهُ يَقَعُ قَدْرَ الْوَاجِبِ فَرْضًا فَقَطْ، بِخِلَافِ مَا لَا يُمْكِنُ كَبَعِيرِ الزَّكَاةِ (ثُمَّ) بَعْدَ الرَّأْسِ يَمْسَحُ (أُذُنَيْهِ) ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا بِمَاءٍ جَدِيدٍ لِلِاتِّبَاعِ، وَلَا يُشْكِلُ امْتِنَاعُ مَسْحِ صِمَاخَيْهِ بِبَلَلِ مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ وَبَلَلِ مَسْحِ الرَّأْسِ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ مَعَ أَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ فِي ذَلِكَ طَهُورٌ، لِأَنَّ الْمُرَادَ الْأَكْمَلُ لَا أَصْلُ السُّنَّةِ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ بِذَلِكَ كَمَا جَزَمَ بِهِ السُّبْكِيُّ فِي فَتَاوِيهِ. وَعُلِمَ مِنْ إتْيَانِهِ بِثُمَّ اشْتِرَاطُ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الرَّأْسِ وَالْأُذُنَيْنِ فِي حُصُولِ السُّنَّةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَلَا يُسَنُّ مَسْحُ الرَّقَبَةِ بَلْ. قَالَ الْمُصَنِّفُ إنَّهُ بِدْعَةٌ، قَالَ: وَأَمَّا خَبَرُ «مَسْحُ الرَّقَبَةِ أَمَانٌ مِنْ الْغُلِّ» فَمَوْضُوعٌ. وَاعْلَمْ أَنَّ اسْتِحْبَابَ مَسْحِهِمَا غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِاسْتِيعَابِ مَسْحِ جَمِيعِ الرَّأْسِ، وَمَنْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ مُتَمَسِّكًا بِذِكْرِهِمْ ذَلِكَ عَقِبَ مَسْحِ كُلِّهَا فَقَدْ وَهَمَ (فَإِنْ عَسِرَ رَفْعُ) نَحْوِ (الْعِمَامَةِ) أَوْ لَمْ يُرِدْ نَزْعَهَا كَقَلَنْسُوَةٍ وَخِمَارٍ (كَمَّلَ بِالْمَسْحِ عَلَيْهَا) سَوَاءٌ أَعَسِرَ عَلَيْهِ تَنْحِيَتُهَا أَمْ لَا، «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعَلَى عِمَامَتِهِ» ، فَالتَّعْبِيرُ بِالْعُسْرِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ. وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ كَمَّلَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الِاقْتِصَارُ عَلَى الْعِمَامَةِ وَإِنْ سَقَطَ مَسْحُ الرَّأْسِ لِنَحْوِ عِلَّةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ إجْزَاءُ الْمَسْحِ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ تَحْتَهَا عِرْقِيَّةٌ وَنَحْوُهَا، وَيُؤَيِّدُهُ مَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ إجْزَاءِ الْمَسْحِ عَلَى الطَّيْلَسَانِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِهَذَا التَّكْمِيلِ لُبْسُهَا عَلَى طُهْرٍ، وَفَارَقَتْ الْخُفَّ بِأَنَّهُ بَدَلٌ دُونَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي اخْتِلَاطِ الْمُسْتَعْمَلِ بِغَيْرِهِ اهـ حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: لَا يَخْفَى إشْكَالُهُ مَعَ قَاعِدَةِ أَنَّا لَا نَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ بِالشَّكِّ مَعَ أَنَّ الْفَرْضَ أَقَلُّ مُجْزِئٍ وَمَاؤُهُ يَسِيرٌ جِدًّا بِالنِّسْبَةِ لِمَاءِ الْبَاقِي، فَالْغَالِبُ أَنَّهُ لَا يُغَيِّرُ لَوْ قَدَّرَ مُخَالِفًا وَسَطًا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ: لَمْ تُحْسَبْ غَسْلَةٌ أُخْرَى) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَسَحَ جَمِيعَ رَأْسِهِ إلَخْ) نَقَلَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَالْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُمَا قَالَا: انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْبَيَاضَ الدَّائِرَ حَوْلَ الْأُذُنِ لَيْسَ مِنْ الرَّأْسِ مَعَ قُرْبِهِ مِنْهَا، فَالْأُذُنُ أَوْلَى بِذَلِكَ بِرّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: لَا يُخَالِفُهُ مَا مَرَّ بِالْهَامِشِ عَنْ حَجّ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَشَرَةُ رَأْسِهِ وَإِنْ قَلَّ حَتَّى الْبَيَاضِ الْمُحَاذِي لِأَعْلَى الدَّائِرِ حَوْلَ الْأُذُنِ كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ، لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ حَجّ فِي الْبَيَاضِ الْمُحَاذِي لِأَعْلَى الدَّائِرِ وَهَذَا فِي نَفْسِ الدَّائِرِ (قَوْلُهُ ثُمَّ بَعْدَ الرَّأْسِ) أَيْ مَسْحِهِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا، وَدَفَعَ بِذَلِكَ مَا قَدْ يُوهِمُهُ الْمَتْنُ مِنْ أَنَّ مَسْحَ الْأُذُنَيْنِ مَشْرُوطٌ بِتَقَدُّمِ مَسْحِ كُلِّ الرَّأْسِ، وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: صِمَاخَيْهِ) هُوَ بِالْكَسْرِ: خَرْقُ الْأُذُنِ انْتَهَى مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يُسَنُّ مَسْحُ الرَّقَبَةِ) وَهِيَ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ مُؤَخَّرُ أَصْلِ الْعُنُقِ. وَفِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَالْعُنُقُ: هُوَ الْوُصْلَةُ بَيْنَ الرَّأْسِ وَالْجَسَدِ. وَفِي الْقَامُوسِ الْوُصْلَةُ بِالضَّمِّ: الِاتِّصَالُ، وَكُلُّ مَا اتَّصَلَ بِشَيْءٍ فَمَا بَيْنَهُمَا وُصْلَةٌ وَالْجَمْعُ كَصُرَدٍ (قَوْلُهُ: إنَّهُ بِدْعَةٌ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ أَمَانٌ مِنْ الْغُلِّ) بِضَمِّ الْغَيْنِ طَوْقٌ حَدِيدٌ يُجْعَلُ فِي عُنُقِ الْأَسِيرِ تُضَمُّ بِهِ يَدَاهُ إلَى عُنُقِهِ اهـ قَامُوسٌ. قُلْت، وَبِكَسْرِهَا: الْحِقْدُ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} [الأعراف: 43] (قَوْلُهُ كَمُلَ بِالْمَسْحِ) فَإِنْ كَانَ بِهَا نَجَاسَةٌ وَلَوْ مَعْفُوًّا عَنْهَا لَمْ يَجُزْ قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي فِي مَسْحِ الْخُفِّ، لَكِنْ سَيَأْتِي عَنْ سم عَلَى حَجّ نَقْلًا عَنْ م ر أَنَّهُ لَوْ عَمَّتْ النَّجَاسَةُ الْخُفَّ جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهَا حَيْثُ كَانَتْ مَعْفُوًّا عَنْهَا فَهَلْ قِيَاسُهُ كَذَلِكَ هُنَا أَوْ لَا وَيُفَرَّقُ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَقْرَبُ لِأَنَّ التَّكْمِيلَ عَلَى الْعِمَامَةِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ مَسْحِ الرَّأْسِ وَهُوَ مُسْقِطٌ لِلْفَرْضِ، فَلَا حَاجَةَ إلَى الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ الْمُؤَدِّي لِلتَّنْجِيسِ، بِخِلَافِ مَسْحِ الْخُفِّ فَإِنَّ رَفْعَ الْحَدَثِ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ، لَا يُقَالُ: يُمْكِنُ نَزْعُ الْخُفِّ وَغَسْلُ الرِّجْلِ. لِأَنَّا نَقُولُ: فِيهِ مَشَقَّةٌ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا نُكَلِّفُهُ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ بَدَلٌ دُونَهَا) فِيهِ أَنَّ الَّذِي فَعَلَهُ مِنْ الْمَسْحِ مُسْقِطٌ لِلْوَاجِبِ وَهَذَا بَدَلٌ لِمَا لَمْ يَمْسَحْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

كَمَسْحِ بَعْضِ الرَّأْسِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَأَفْتَى الْقَفَّالُ بِأَنَّهُ يُسَنُّ لِلْمَرْأَةِ اسْتِيعَابُ مَسْحِ رَأْسِهَا وَمَسْحِ الذَّوَائِبِ الْمُسْتَرْسِلَةِ تَبَعًا، وَأَلْحَقَ غَيْرُهُ ذَوَائِبَ الرَّجُلِ بِذَوَائِبِهَا فِي ذَلِكَ، لَكِنْ جَزَمَ فِي الْمَجْمُوعِ بِعَدَمِ اسْتِحْبَابِ مَسْحِ الذَّوَائِبِ، وَظَاهِرُ تَعْبِيرِهِمْ بِالتَّكْمِيلِ أَنَّ الْمَسْحَ عَلَيْهَا مُتَأَخِّرٌ عَنْ مَسْحِ الرَّأْسِ، وَيُحْتَمَلُ غَيْرُهُ وَأَنَّهُ يَمْسَحُ مَا عَدَا مُقَابِلِ الْمَمْسُوحِ مِنْ الرَّأْسِ وَيَكُونُ بِهِ مُحَصِّلًا لِلسُّنَّةِ (وَ) مِنْ سُنَنِهِ (تَخْلِيلُ) نَحْوِ (اللِّحْيَةِ الْكَثَّةِ) مِنْ كُلِّ شَعْرٍ يَكْتَفِي بِغَسْلِ ظَاهِرِهِ وَيَكُونُ بِأَصَابِعِهِ مِنْ أَسْفَلِهِ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا تَوَضَّأَ يُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ» . أَمَّا الشَّعْرُ الْخَفِيفُ أَوْ الْكَثِيفُ الَّذِي فِي حَدِّ الْوَجْهِ مِنْ لِحْيَةِ غَيْرِ الرَّجُلِ وَعَارِضَيْهِ فَيَجِبُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ وَمَنَابِتِهِ بِتَخْلِيلٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَمَحَلُّ سَنِّ التَّخْلِيلِ فِي غَيْرِ الْمُحْرِمِ. أَمَّا هُوَ فَلَا لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى تَسَاقُطِ شَعْرِهِ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (وَ) مِنْ سُنَنِهِ تَخْلِيلُ (أَصَابِعِهِ) مِنْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ بِتَشْبِيكِ يَدَيْهِ، إذْ مَحَلُّ كَرَاهَةِ تَشْبِيكِهِمَا فِيمَنْ كَانَ بِالْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ، وَفِي رِجْلَيْهِ بِأَنْ يَبْتَدِئَ بِخِنْصَرِ الرِّجْلِ الْيُمْنَى وَيَخْتِمَ بِخِنْصَرِ الرِّجْلِ الْيُسْرَى وَيُخَلِّلَ بِخِنْصَرِ يَدِهِ الْيُسْرَى مِنْ أَسْفَلِ رِجْلَيْهِ، وَلَوْ كَانَتْ أَصَابِعُهُ مُلْتَفَّةً بِحَيْثُ لَا يَصِلُ الْمَاءُ إلَيْهَا إلَّا بِالتَّخْلِيلِ وَنَحْوِهِ وَجَبَ، أَوْ مُلْتَحِمَةً حَرُمَ فَتْقُهَا لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ بِلَا ضَرُورَةٍ: أَيْ إنْ خَافَ مَحْذُورَ تَيَمُّمٍ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ (وَ) مِنْ سُنَنِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ فَيَتَيَمَّمُ عَنْ الرَّأْسِ وَلَا يَكْفِي مَسْحُ مَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مَسْحِ الذَّوَائِبِ) أَيْ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ. قَالَ سم عَلَى حَجّ: إنَّ هَذَا عَرَضَ عَلَى م ر بَعْدَ كَلَامِ الْقَفَّالِ فَرَجَعَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: مُتَأَخِّرٌ عَنْ مَسْحِ الرَّأْسِ) حَتَّى لَوْ ابْتَدَأَ بِمَسْحِ الْعِمَامَةِ ثُمَّ مَسَحَ جُزْءًا مِنْ رَأْسِهِ لَا يَكُونُ آتِيًا بِالسُّنَّةِ، وَلَكِنْ يَسْقُطُ الْفَرْضُ بِمَا فَعَلَهُ. قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ قَوْلُهُ: كَمُلَ بِالْمَسْحِ إلَخْ الظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهَا كَالرَّأْسِ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ بِرَفْعِ الْيَدِ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى، فَلَوْ مَسَحَ بَعْضَ رَأْسِهِ وَرَفَعَ يَدَهُ ثُمَّ أَعَادَهَا عَلَى الْعِمَامَةِ لِتَكْمِيلِ الْمَسْحِ صَارَ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا بِانْفِصَالِهِ عَنْ الرَّأْسِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَلَكِنْ يُغْفَلُ عَنْهُ كَثِيرًا عِنْدَ التَّكْمِيلِ عَلَى الْعِمَامَةِ، ثُمَّ ذَلِكَ الْقَدْرُ الْمَمْسُوحُ مِنْ الرَّأْسِ هَلْ يَمْسَحُ مَا يُحَاذِيهِ مِنْ الْعِمَامَةِ؟ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ لَا انْتَهَى: أَيْ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ التَّكْمِيلِ (قَوْلُهُ: أَمَّا هُوَ فَلَا يُؤَدِّي إلَخْ) خِلَافًا لِلْخَطِيبِ عَلَى الْغَايَةِ وَمِثْلُهُ فِي حَجّ (قَوْلُهُ: بِتَشْبِيكِ يَدَيْهِ) بِأَنْ يُدْخِلَ أَصَابِعَ إحْدَى يَدَيْهِ فِي أَصَابِعِ الْأُخْرَى سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ وَضَعَ إحْدَى الرَّاحَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى أَوْ فَعَلَ غَيْرَ ذَلِكَ. وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ أَنَّهُ يَضَعُ بَطْنَ يَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى ظَهْرِ الْيُمْنَى وَيُخَلِّلُ أَصَابِعَهُ، ثُمَّ يَضَعُ بَطْنَ الْيُمْنَى عَلَى ظَهْرِ الْيُسْرَى وَيَفْعَلُ كَذَلِكَ اهـ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ هَذَا مِنْهُ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ إذْ الْمَدَارُ عَلَى تَحَقُّقِ وُصُولِ الْمَاءِ إلَى مَا بَيْنَ الْأَصَابِعِ وَهُوَ صَحِيحٌ بِغَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: إذْ مَحَلُّ كَرَاهَةِ تَشْبِيكِهِمَا) عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: لَوْ سَلَّمَ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا لَا يُشْكِلُ، لِأَنَّ مَا هُنَا مَطْلُوبٌ بِخُصُوصِهِ فَيَكُونُ مُسْتَثْنًى مِنْ إطْلَاقِ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: فِيمَنْ كَانَ بِالْمَسْجِدِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ إذَا كَانَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُهَا، وَهُوَ خِلَافُ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ حَيْثُ قَالَ: وَيُكْرَهُ أَيْضًا تَشْبِيكُ الْأَصَابِعِ وَالْعَبَثُ حَالَ الذَّهَابِ لِلصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ جُمُعَةً وَانْتِظَارُهَا اهـ. فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ فِي انْتِظَارِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمَسْجِدٍ (قَوْلُهُ: وَيُخَلِّلُ بِخِنْصَرِ يَدِهِ الْيُسْرَى) قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: الْيُسْرَى وَالْيُمْنَى فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ. قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: وَهُوَ الْمُخْتَارُ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَهُوَ الرَّاجِحُ الْمُخْتَارُ اهـ ع. قُلْت: هُوَ ضَعِيفٌ، أَوْ يُقَالُ سَوَاءٌ بِاعْتِبَارِ أَصْلِ السُّنَّةِ (قَوْلُهُ: أَصْلُ السُّنَّةِ حَرُمَ فَتْقُهَا) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ فَتَقَهَا بَعْدَ الْوُضُوءِ هَلْ يَجِبُ غَسْلُ مَا ظَهَرَ أَمْ لَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مِنْ لِحْيَةِ غَيْرِ الرَّجُلِ وَعَارِضَيْهِ) أَيْ وَغَيْرِهِمَا، وَلَوْ قَدَّمَ لَفْظَ غَيْرِ عَلَى لَفْظِ لِحْيَةٍ لَأَفَادَ ذَلِكَ، وَلَعَلَّهُ أَصْلُ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ: فِيمَنْ كَانَ بِالْمَسْجِدِ إلَخْ) أَيْ وَكَانَ تَشْبِيكُهُ عَبَثًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَلَا يَضُرُّ التَّشْبِيكُ فِي الْوُضُوءِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ.

(تَقْدِيمُ الْيَمِينِ) عَلَى الْيَسَارِ لِلْأَقْطَعِ وَنَحْوِهِ فِي جَمِيعِ الْأَعْضَاءِ وَلِغَيْرِهِ فِي يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَإِنْ كَانَ لَابِسَ خُفٍّ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِمَسْحِهِمَا مَعًا " لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُحِبُّ التَّيَمُّنَ فِي تَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ " أَيْ تَسْرِيحُ شَعْرِهِ وَطَهُورُهُ وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ: أَيْ مِمَّا هُوَ مِنْ بَابِ التَّكْرِيمِ كَاكْتِحَالٍ وَنَتْفِ إبْطٍ وَحَلْقِ نَحْوِ رَأْسٍ وَلُبْسِ نَحْوِ نَعْلٍ وَثَوْبٍ وَتَقْلِيمِ ظُفْرٍ وَقَصِّ شَارِبٍ وَمُصَافَحَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ. أَمَّا الْكَفَّانِ وَالْخَدَّانِ وَالْأُذُنَانِ لِغَيْرِ نَحْوِ الْأَقْطَعِ فَيُطَهَّرَانِ مَعًا (وَ) مِنْ سُنَنِهِ (إطَالَةُ غُرَّتِهِ) لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنْتُمْ الْغُرُّ الْمُحَجَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ فَلْيُطِلْ غُرَّتَهُ وَتَحْجِيلَهُ» وَمَعْنَى غُرًّا مُحَجَّلِينَ: بِيضُ الْوُجُوهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ كَالْفَرَسِ الْأَغَرِّ: وَهُوَ الَّذِي فِي وَجْهِهِ بَيَاضٌ، وَالْمُحَجَّلُ: وَهُوَ الَّذِي قَوَائِمُهُ بِيضٌ. وَالْإِطَالَةُ فِيهَا غَسْلُ الزَّائِدِ عَلَى الْوَاجِبِ مِنْ الْوَجْهِ مِنْ جَمِيعِ جَوَانِبِهِ. وَغَايَتُهَا غَسْلُ صَفْحَتَيْ الْعُنُقِ مَعَ مُقَدِّمَاتِ الرَّأْسِ (وَ) إطَالَةُ (تَحْجِيلِهِ) بِغَسْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــSلِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ خُلِقَتْ كَذَلِكَ أَصَالَةً؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَيُحْتَمَلُ وُجُوبُهُ كَمَا لَوْ تَدَلَّتْ جِلْدَةٌ وَالْتَصَقَتْ بِالسَّاعِدِ وَصَارَ يَخْشَى مِنْ فَتْقِهَا مِنْ السَّاعِدِ مَحْذُورَ تَيَمُّمٍ، فَإِنَّهَا إذَا فُتِقَتْ بَعْدَ الْغَسْلِ وَجَبَ غَسْلُ مَا ظَهَرَ لِعُرُوضِ الِالْتِصَاقِ وَهَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْيَسَارِ) أَيْ فَلَوْ قَدَّمَ الْيَسَارَ عَلَى الْيَمِينِ أَوْ غَسَلَهُمَا مَعًا كُرِهَ (قَوْلُهُ: مِنْ بَابِ التَّكْرِيمِ إلَخْ) وَيَلْحَقُ بِهِ مَا لَا تَكْرِمَةَ فِيهِ وَلَا إهَانَةَ كَمَا مَرَّ اهـ حَجّ وَتَقَدَّمَ فِي الشَّرْحِ فِي آدَابِ الْخَلَاءِ عَنْ الْمَجْمُوعِ مَا يَقْتَضِي خِلَافًا (قَوْلُهُ: فَيَطْهُرَانِ مَعًا) أَيْ فَلَوْ بَدَأَ بِالْيَمِينِ فَجَوَّزَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَخْذَ كَرَاهَتِهِ مِنْ عِبَارَتِهِ، لَكِنَّ فَرْضَ الْكَلَامِ فِي التَّرْتِيبِ أَعَمُّ مِنْ الْبُدَاءَةِ بِالْيَمِينِ. وَذَكَر م ر أَنَّ فِي ذَلِكَ تَرَدُّدًا وَمَالَ لِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَإِطَالَةُ غُرَّتِهِ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: كَلَامُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ اتِّصَالُهَا بِالْوَاجِبِ وَأَنَّهُ إنْ شَاءَ قَدَّمَهَا وَإِنْ شَاءَ قَدَّمَهُ اهـ عَمِيرَةُ. وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا لَوْ قَدَّمَهَا عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ حَيْثُ سَبَقَتْ نِيَّةُ مُعْتَدٍّ بِهَا كَأَنْ نَوَى عِنْدَ الْمَضْمَضَةِ وَانْغَسَلَ بِمَا فَعَلَهُ جُزْءٌ مِنْ الشَّفَتَيْنِ فَإِنَّ النِّيَّةَ صَحِيحَةٌ وَالْغَسْلُ لَاغٍ إنْ لَمْ يَقْصِدْ الْوَجْهَ وَإِنْ قَصَدَهُ اُعْتُدَّ بِهِ، وَفِي الْحَالَيْنِ لَوْ غَسَلَ بَعْدَ الْمَضْمَضَةِ صَفْحَتَيْ الْعُنُقِ ثُمَّ الْوَجْهَ أَجْزَأَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْغُرَّةَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: الْغُرُّ الْمُحَجَّلُونَ إلَخْ) وَفِي رِوَايَةٍ «إنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ» بِضَمِّ أَوَّلِهِ: أَيْ يُنَادَوْنَ أَوْ يُسَمَّوْنَ. قَالَ الرَّاغِبُ الدُّعَاءُ كَالنِّدَاءِ، لَكِنَّ النِّدَاءَ قَدْ يُقَالُ: إذَا قِيلَ: يَا، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْضَمَّ إلَيْهِ الِاسْمُ وَالدُّعَاءُ لَا يَكَادُ يُقَالُ إلَّا إذَا كَانَ مَعَهُ الِاسْمُ نَحْوَ: يَا فُلَانُ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ كُلٌّ مِنْهُمَا مَحَلَّ الْآخَرِ. وَيُسْتَعْمَلُ اسْتِعْمَالَ التَّسْمِيَةِ كَدَعَوْتُ ابْنِي زَيْدًا أَيْ سَمَّيْته اهـ مُنَاوِيٌّ عِنْدَ شَرْحِ الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ. وَذَكَرَ أَيْضًا فِي مَحَلٍّ بَعْدَ هَذَا عِنْدَ شَرْحِ رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فِي مِثْلِ الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ مَا نَصُّهُ: وَظَاهِرُ قَوْلِهِ مِنْ إسْبَاغِ الْوُضُوءِ أَنَّ هَذِهِ السِّيمَا إنَّمَا تَكُونُ لِمَنْ تَوَضَّأَ فِي الدُّنْيَا. وَفِيهِ رَدٌّ لِمَا نَقَلَهُ الْفَاسِيُّ الْمَالِكِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ أَنَّ الْغُرَّةَ وَالتَّحْجِيلَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ مَنْ تَوَضَّأَ مِنْهُمْ وَمَنْ لَا، كَمَا يُقَالُ لَهُمْ أَهْلُ الْقِبْلَةِ مَنْ صَلَّى مِنْهُمْ وَمَنْ لَا انْتَهَى. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: وَلَا تَحْصُلُ الْغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ إلَّا لِمَنْ تَوَضَّأَ بِالْفِعْلِ أَمَّا مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ فَلَا يَحْصُلَانِ لَهُ اهـ. وَمَنْ نُقِلَ عَنْهُ خِلَافُ ذَلِكَ فَقَدْ أَخْطَأَ لِأَنَّهُ قَوْلٌ لِلزَّنَاتِيِّ الْمَالِكِيِّ لَا لِلشَّيْخِ. وَيَنْبَغِي عَلَى قَوْلِ الشَّيْخِ أَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِمَنْ تَوَضَّأَ حَالَ حَيَاتِهِ كَمَا أَشْعَرَ تَعْبِيرُهُ بِتَوَضَّأَ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِ الْمُسْلِمِينَ طِفْلًا لَمْ يَتَّفِقْ لَهُ وُضُوءٌ لَمْ يَأْتِ كَذَلِكَ. وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِأَنَّ تَرْكَهُ الْوُضُوءَ كَانَ مَعْذُورًا فِيهِ فَلَا يَدْخُلُ مَنْ وَضَّأَهُ الْغَاسِلُ. وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ تَيَمَّمَ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ هَلْ يَحْصُلُ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَيَنْبَغِي الْأَوَّلُ لِإِقَامَةِ الشَّارِعِ لَهُ مَقَامَ الْوُضُوءِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَلْيُطِلْ غُرَّتَهُ وَتَحْجِيلَهُ) وَتُسَنُّ إطَالَتُهُمَا فِي التَّيَمُّمِ أَيْضًا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ. وَعِبَارَتُهُ ثُمَّ عُطِفَا عَلَى مَا يُسَنُّ وَالْغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ. وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ التَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ، ومر خَارِجٌ مَخْرَجَ الْغَالِبِ لَا مَفْهُومَ لَهُ (قَوْلُهُ: فِي وَجْهِهِ بَيَاضٌ) وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِكَوْنِهِ فِي جَبْهَتِهِ. وَكَوْنِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الزَّائِدِ عَنْ الْوَاجِبِ مِنْ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ مِنْ جَمِيعِ الْجَوَانِبِ، وَغَايَتُهُ اسْتِيعَابُ الْعَضُدَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ شَامِلٌ لِمَحَلِّ الْغَسْلِ الْوَاجِبِ وَالْمَسْنُونِ، وَلَا فَرْقَ فِي سَنِّ تَطْوِيلِهِمَا بَيْنَ بَقَاءِ مَحَلِّ الْفَرْضِ وَسُقُوطِهِ، لِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ خِلَافًا لِلْإِمَامِ (وَ) مِنْ سُنَنِهِ (الْمُوَالَاةُ) وَهِيَ التَّتَابُعُ بِحَيْثُ يَغْسِلُ الْعُضْوَ الثَّانِيَ قَبْلَ جَفَافِ الْأَوَّلِ مَعَ اعْتِدَالِ الزَّمَانِ وَالْمِزَاجِ وَالْهَوَاءِ، وَيُقَدَّرُ الْمَمْسُوحُ مَغْسُولًا: وَقَدْ يَجِبُ الْوَلَاءُ لِضِيقِ وَقْتٍ وَفِي وُضُوئِهِ نَحْوُ سَلَسٍ (وَأَوْجَبَهَا الْقَدِيمُ) لِخَبَرِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي وَفِي ظَهْرِ قَدَمَيْهِ لُمْعَةٌ قَدْرَ الدِّرْهَمِ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ» وَأُجِيبُ بِضَعْفِ الْخَبَرِ، وَدَلِيلُ الْأَوَّلِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ فِي السُّوقِ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمَسَحَ رَأْسَهُ، لِلْمُسْتَنْجِي إلَى جِنَازَةٍ فَأَتَى الْمَسْجِدَ فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَصَلَّى» . قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبَيْنَهُمَا تَفْرِيقٌ كَثِيرٌ. وَصَحَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ التَّفْرِيقُ وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ لَا يُبْطِلُهَا التَّفْرِيقُ الْيَسِيرُ فَكَذَا الْكَثِيرُ كَالْحَجِّ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ لَا عُذْرَ مَعَ الطُّولِ، أَمَّا مَعَ الْعُذْرِ فَلَا يَضُرُّ قَطْعًا، وَأَمَّا الْيَسِيرُ فَبِالْإِجْمَاعِ (وَ) مِنْ سُنَنِهِ (تَرْكُ الِاسْتِعَانَةِ) بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لِأَنَّهَا تَرِفَةٌ لَا يَلِيقُ بِحَالِ الْمُتَعَبِّدِ، فَهِيَ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ لَا مَكْرُوهَةٌ، وَفِي إحْضَارِ الْمَاءِ مُبَاحَةٌ، وَفِي غَسْلِ الْأَعْضَاءِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ مَكْرُوهَةٌ، وَتَجِبُ عَلَى عَاجِزٍ وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ وَجَدَهَا فَاضِلَةً عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي الْفِطْرَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَوْقَ الدِّرْهَمِ. وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: وَالْغُرَّةُ فِي الْجَبْهَةِ بَيَاضٌ فَوْقَ الدِّرْهَمِ (قَوْلُهُ: الزَّائِدِ عَلَى الْوَاجِبِ) وَمِنْ الْوَاجِبِ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ، فَالْإِطَالَةُ غَسْلُ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَهِيَ التَّتَابُعُ) يُخْرِجُ الْمَعِيَّةَ فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهَا سم عَلَى بَهْجَةٍ. قُلْت: الظَّاهِرُ حُصُولُ الْمُوَالَاةِ لِأَنَّ هَذَا مَعَ مَا قَبْلَهُ كَأَنَّهُمَا فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ لِعَدَمِ تَخَلُّلِ فَاصِلٍ بَيْنَهُمَا. وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا فِي عُضْوَيْنِ لَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: قَبْلَ جَفَافِ الْأَوَّلِ) لَوْ مَسَحَ الرَّأْسَ ثُمَّ الْأُذُنَيْنِ ثُمَّ غَسَلَ الرِّجْلَيْنِ وَكَانَ الْمُتَخَلِّلُ بَيْنَ مَسْحِ الرَّأْسِ وَغَسْلِ الرِّجْلَيْنِ لَوْ لَمْ يُفْرَضْ اشْتِمَالُهُ عَلَى مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ لَجَفَّ الرَّأْسُ وَبِوَاسِطَتِهِ لَمْ يَحْصُلْ الْجَفَافُ لِلْأُذُنَيْنِ لَوْ قُدِّرَ غَسْلُهُمَا قَبْلَ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ فَهَلْ يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنْ الْمُوَالَاةِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَلَا يَبْعُدُ الثَّانِي كَمَا لَوْ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأُولَى حَصَلَ الْجَفَافُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْيَدِ، وَلَمَّا غَسَلَ الثَّالِثَةَ لَمْ يَجِفَّ مَحَلُّهَا، وَقُلْنَا بِحُصُولِ الْمُوَالَاةِ. وَفِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ: وَإِذَا غَسَلَ ثَلَاثًا فَالْعِبْرَةُ بِالْأَخِيرَةِ. قَالَ سم عَلَيْهِ: بَلْ يُشْتَرَطُ الْوَلَاءُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الثَّانِيَةِ وَبَيْنَ الثَّانِيَةِ وَالْأُولَى حَتَّى لَوْ لَمْ يُوَالِ بَيْنَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَوَالَى بَيْنَ الثَّالِثَةِ وَالْعُضْوِ الَّذِي بَعْدَهَا لَمْ تَحْصُلْ سُنَّةُ الْمُوَالَاةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَلَعَلَّ الِاشْتِرَاطَ أَقْرَبُ بَلْ لَا يَتَّجِهُ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَالْمِزَاجِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: مِزَاجُ الْجَسَدِ بِالْكَسْرِ طَبَائِعُهُ الَّتِي يَأْتَلِفُ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَأَوْجَبُهَا الْقَدِيمُ) لَمْ يَقُلْ وَالْمُوَالَاةُ فِي الْجَدِيدِ، وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْقَدِيمَ خِلَافُهُ، لَعَلَّهُ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ ذَلِكَ لَمْ يُعْلَمْ مَا يَقُولُ بِهِ الْقَدِيمُ أَهُوَ الْإِبَاحَةُ أَوْ الْوُجُوبُ أَوْ غَيْرُهُمَا، وَكَانَ الظَّاهِرُ مِنْهُ أَنَّهَا لَا تُسَنُّ فِي الْقَدِيمِ (قَوْلُهُ: بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ ذَلِكَ الْوُضُوءُ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ لِأَنَّهَا مُعَدَّةٌ لِلِاسْتِعْمَالِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِحَيْثُ لَا يَتَأَتَّى اسْتِعْمَالٌ مِنْهَا عَلَى غَيْرِهِ، فَلَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا مُجَرَّدَ التَّرَفُّهِ، بَلْ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْوُضُوءِ مِنْهَا الْخُرُوجُ مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَ الْوُضُوءَ مِنْ الْفَسَاقِي الصَّغِيرَةِ وَنَظَافَةُ مَائِهَا فِي الْغَالِبِ عَنْ مَاءِ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي الْفِطْرَةِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ وُجُوبُ تَقْدِيمِ الْأُجْرَةِ عَلَى الدَّيْنِ، لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ عِنْدَهُ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ مِنْ وُجُوبِ الْفِطْرَةِ. وَفِي الدَّمِيرِيِّ مَا نَصُّهُ: إنْ وَجَدَهَا فَاضِلَةً عَلَى كِفَايَتِهِ وَكِفَايَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ كِفَايَتُهُ يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ وَقَضَاءَ دَيْنِهِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي الْفِطْرَةِ) أَيْ فَلَا يُعْتَبَرُ فَضْلُهَا عَنْ الدِّينِ عَلَى الرَّاجِحِ، وَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا مِنْ اعْتِبَارِ فَضْلِهَا عَنْهُ قِيَاسًا عَلَى مَا فِي التَّيَمُّمِ مَمْنُوعٌ لِوُجُودِ الْفَارِقِ، وَهُوَ وُجُودُ الْبَدَلِ هُنَاكَ لَا هُنَا

فِي الْأَوْجَهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي أَيْ فِي عَدَمِ كَرَاهَتِهَا أَنْ يَكُونَ الْمُعَيَّنُ أَهْلًا لِلْعِبَادَةِ لِيَخْرُجَ الْكَافِرُ وَنَحْوَهُ انْتَهَى، وَإِطْلَاقُهُمْ يُخَالِفُهُ، وَتَعْبِيرُهُ بِالِاسْتِعَانَةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ عَلَى أَنَّ السِّينَ تَرِدُ لِغَيْرِ الطَّلَبِ كَاسْتَحْجَرَ الطِّينُ: أَيْ صَارَ حَجَرًا، فَلَوْ أَعَانَهُ غَيْرُهُ مَعَ قُدْرَتِهِ وَهُوَ سَاكِتٌ مُتَمَكِّنٌ مِنْ مَنْعِهِ كَانَ كَطَلَبِهَا (وَ) مِنْ سُنَنِهِ تَرْكُ (النَّفْضِ) لِأَنَّهُ يُشْبِهُ التَّبَرِّي مِنْ الْعِبَادَةِ فَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ خِلَافًا لِلرَّوْضَةِ مِنْ كَوْنِهِ مُبَاحًا وَلِلشَّرْحَيْنِ مِنْ كَرَاهَتِهِ (وَكَذَا التَّنْشِيفُ) بِالرَّفْعِ بِخَطِّهِ: أَيْ تَرْكُهُ مِنْ بَلَلِ مَاءِ وُضُوئِهِ بِلَا عُذْرٍ فَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا صَحَّ مِنْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِمِنْدِيلٍ بَعْدَ غُسْلِهِ مِنْ الْجَنَابَةِ فَرَدَّهُ وَجَعَلَ يَنْفُضُ الْمَاءَ بِيَدِهِ» . وَلَا دَلِيلَ فِيهِ لِإِبَاحَةِ النَّفْضِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ فَعَلَهُ بَيَانًا لِلْجَوَازِ. وَالثَّانِي أَنَّهُ مُبَاحٌ وَاخْتَارَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ. وَالثَّالِثُ مَكْرُوهٌ. وَالتَّعْبِيرُ بِالتَّنْشِيفِ لَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمَسْنُونَ تَرْكُهُ إنَّمَا هُوَ الْمُبَالَغَةُ فِيهِ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَهُ، إذْ هُوَ كَمَا فِي الْقَامُوسِ أَخْذُ الْمَاءِ بِخِرْقَةٍ، أَمَّا إذَا كَانَ ثَمَّ عُذْرٌ فَلَا يُسَنُّ تَرْكُهُ بَلْ يَتَأَكَّدُ سَنَّهُ كَأَنْ خَرَجَ بَعْدَ وُضُوئِهِ فِي هُبُوبِ رِيحٍ تَنَجَّسَ أَوْ آلَمَهُ شِدَّةٌ نَحْوَ بَرْدٍ، وَسَيَأْتِي أَنَّ الْمَيِّتَ يُسَنُّ تَنْشِيفُهُ، وَالتَّعْبِيرُ بِالتَّنْشِيفِ هُنَا هُوَ الْمُنَاسِبُ لَا النَّشْفُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْأَوَّلَ أَخْذُ الْمَاءِ بِخِرْقَةٍ وَأَمَّا الثَّانِي بِمَعْنَى الشُّرْبِ فَلَا يَظْهَرُ هُنَا إلَّا بِنَوْعِ تَكَلُّفٍ. وَبَقِيَ مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ ذُكِرَتْ فِي الْمُطَوَّلَاتِ وَأَشَارَ إلَى خَتْمِهَا فَقَالَ (وَيَقُولُ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــSتَقْدِيمِ الدَّيْنِ عَلَى زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَالُوهُ فِي التَّيَمُّمِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ احْتَاجَ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ إلَى ثَمَنِ الْمَاءِ تَيَمَّمَ، فَقَدَّمُوا الدَّيْنَ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فَقِيَاسُهُ أَنْ يُقَدَّمَ هُنَا عَلَى الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ فِي الْأَوْجَهِ) أَيْ وَإِلَّا صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ وَأَعَادَ اهـ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا قم (قَوْلُهُ أَيْ فِي عَدَمِ كَرَاهَتِهَا) أَيْ بِأَنْ قُلْنَا خِلَافَ الْأُولَى أَوْ مُبَاحَةً، وَقَوْلُهُ لِيَخْرُجَ الْكَافِرُ إلَخْ مُقْتَضَاهُ أَنَّ إعَانَةَ الْكَافِرِ مَكْرُوهَةٌ مُطْلَقًا عِنْدَهُ وَفِيمَا ذُكِرَ عَنْهُ تَأَمُّلٌ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: لِيَخْرُجَ الْكَافِرُ وَنَحْوُهُ) كَالْمَجْنُونِ (قَوْلُهُ: كَانَ كَطَلَبِهَا) أَيْ فَيَكُونُ خِلَافَ الْأُولَى (قَوْلُهُ: يَنْفُضُ) مِنْ بَابِ نَصَرَ (قَوْلُهُ هُبُوبِ رِيحٍ تُنَجِّسُ) هُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ حُصُولُ النَّجَاسَةِ. وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ التَّضَمُّخَ بِالنَّجَاسَةِ إنَّمَا يَحْرُمُ إذَا كَانَ يَفْعَلُهُ عَبَثًا، وَأَمَّا هَذَا فَلَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى دَفْعِهِ. نَعَمْ فَيَنْبَغِي وُجُوبُهُ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ أَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَا يَغْسِلُ بِهِ وَقَدْ دَخَلَ الْوَقْتُ (قَوْلُهُ: لَا النَّشْفِ) هُوَ بِسُكُونِ الشِّينِ وَفِعْلُهُ نَشِفَ مِنْ بَابِ فَهِمَ، وَقَوْلُهُ بِمَعْنَى الشُّرْبِ قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: يُقَالُ نَشِفَ الثَّوْبُ الْعَرِقَ وَنَشِفَ الْحَوْضُ الْمَاءَ شَرِبَهُ، وَبَابُهُ فَهِمَ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَبَقِيَ مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ إلَخْ) وَمِنْهَا تَرْكُ الْكَلَامِ. وَفِي فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ سُئِلَ هَلْ يُشْرَعُ السَّلَامُ عَلَى الْمُشْتَغِلِ بِالْوُضُوءِ وَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ أَوْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يُشْرَعُ السَّلَامُ عَلَيْهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الرَّدُّ اهـ. وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُشْتَغِلِ بِالْغُسْلِ لَا يُشْرَعُ السَّلَامُ عَلَيْهِ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ أَنَّهُ قَدْ يَنْكَشِفُ مِنْهُ مَا يَسْتَحْيِ مِنْ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ فَلَا تَلِيقُ مُخَاطَبَتُهُ حِينَئِذٍ اهـ قب (قَوْلُهُ: وَيَقُولُ بَعْدَهُ) عِبَارَةُ حَجّ بَعْدَهُ: أَيْ عَقِبَ الْوُضُوءِ بِحَيْثُ لَا يَطُولُ بَيْنَهُمَا فَاصِلٌ عُرْفًا فِيمَا يَظْهَرُ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ قَالَ: وَيَقُولُ فَوْرًا قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ اهـ. وَلَعَلَّهُ بَيَانٌ لِلْأَكْمَلِ اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ مَتَى طَالَ الْفَصْلُ عُرْفًا لَا يَأْتِي بِهِ كَمَا لَا يَأْتِي بِسُنَّةِ الْوُضُوءِ. وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ الشَّمْسِ الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ يَأْتِي بِهِ مَا لَمْ يُحْدِثْ وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ وَأَنَّ سُنَّةَ الْوُضُوءِ كَذَلِكَ، لَكِنَّهُ قَالَ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَخْرُجُ النَّوْعَانِ بِخُرُوجِ وَقْتِ الْفَرْضِ مَا نَصُّهُ: وَهَلْ تَفُوتُ سُنَّةُ الْوُضُوءِ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهَا كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الضُّحَى فَإِنَّهُ لَا يَفُوتُ طَلَبُهَا وَإِنْ فَعَلَ بَعْضَهَا فِي الْوَقْتِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِمَعْنَى الشُّرْبِ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: نَشِفَ الثَّوْبُ الْعِرْقَ بِالْكَسْرِ، وَنَشِفَ الْحَوْضُ الْمَاءَ يُنَشِّفُهُ نَشَفًا شَرِبَهُ وَتَنَشَّفَهُ كَذَلِكَ

فَرَاغِ وُضُوئِهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ رَافِعًا يَدَيْهِ إلَى السَّمَاءِ (أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ) لِخَبَرِ «مَنْ تَوَضَّأَ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ إلَخْ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيُّهَا شَاءَ» (اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ (سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُك وَأَتُوبُ إلَيْك) لِخَبَرِ «مَنْ تَوَضَّأَ فَقَالَ: سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك إلَخْ كُتِبَ بِرَقٍّ ثُمَّ طُبِعَ بِطَابَعٍ فَلَمْ يُكْسَرْ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» وَالرَّقُّ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالطَّابَعُ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا وَهُوَ الْخَاتَمُ، وَمَعْنَى لَمْ يُكْسَرْ: لَمْ يَتَطَرَّقْ إلَيْهِ إبْطَالٌ، وَاعْتَذَرَ عَنْ حَذْفِ دُعَاءِ الْأَعْضَاءِ بِقَوْلِهِ (وَحَذَفْت) بِالْمُعْجَمَةِ: أَيْ أَسْقَطْت (دُعَاءَ الْأَعْضَاءِ) وَهُوَ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ غَسْلِ كَفَّيْهِ: اللَّهُمَّ احْفَظْ يَدَيَّ عَنْ مَعَاصِيك كُلِّهَا. وَعِنْدَ الْمَضْمَضَةِ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك. وَعِنْدَ الِاسْتِنْشَاقِ: اللَّهُمَّ أَرِحْنِي رَائِحَةَ الْجَنَّةِ. وَعِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ: اللَّهُمَّ بَيِّضْ وَجْهِي يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ. وَعِنْدَ غَسْلِ الْيَدِ الْيُمْنَى: اللَّهُمَّ أَعْطِنِي كِتَابِي بِيَمِينِي وَحَاسِبْنِي حِسَابًا يَسِيرًا. وَعِنْدَ غَسْلِ الْيُسْرَى: اللَّهُمَّ لَا تُعْطِنِي كِتَابِي بِشِمَالِي وَلَا مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي. وَعِنْدَ مَسْحِ الرَّأْسِ: اللَّهُمَّ حَرِّمْ شَعْرِي وَبَشَرِي عَلَى النَّارِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَاصِدًا الْإِعْرَاضَ عَنْ بَاقِيهَا بَلْ يُسْتَحَبُّ قَضَاؤُهُ، أَوْ بِالْحَدَثِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ، أَوْ بِطُولِ الْفَصْلِ عُرْفًا احْتِمَالَاتٌ أَوْجَهُهَا ثَالِثُهَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي رَوْضَتِهِ، وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ تَوَضَّأَ أَنْ يُصَلِّيَ عَقِبَهُ (قَوْلُهُ: رَافِعًا يَدَيْهِ) أَيْ كَهَيْئَةِ الدَّاعِي حَتَّى عِنْدَ قَوْلِهِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَلَا يُقِيمُ السَّبَّابَةَ خِلَافًا لِمَا يَفْعَلُهُ ضَعَفَةُ الطَّلَبَةِ مِنْ مُجَاوِرِي الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ (قَوْلُهُ: أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ) أَيْ إكْرَامًا لَهُ، وَإِلَّا فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ إلَّا مِنْ وَاحِدٍ فَقَطْ: وَهُوَ مَا سَبَقَ فِي عِلْمِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى دُخُولُهُ مِنْهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ يَحْصُلُ لِمَنْ فَعَلَهُ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي عُمْرِهِ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَبِحَمْدِك) وَاوُهُ زَائِدَةٌ فَالْكُلُّ جُمْلَةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ عَاطِفَةٌ: أَيْ وَبِحَمْدِك سَبَّحْتُك حَجّ (قَوْلُهُ: أَسْتَغْفِرُك) . [تَنْبِيهٌ] مَعْنَى أَسْتَغْفِرُك أَطْلُبُ مِنْك الْمَغْفِرَةَ: أَيْ سَتْرَ مَا صَدَرَ مِنِّي مِنْ نَقْصٍ تَمْحُوهُ فَهِيَ لَا تَسْتَدْعِي سَبْقَ ذَنْبٍ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ نَدْبُ: وَأَتُوبُ إلَيْك وَلَوْ لِغَيْرِ مُتَلَبِّسٍ بِالتَّوْبَةِ. وَاسْتَشْكَلَ بِأَنَّهُ كَذِبٌ. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ خَبَرٌ بِمَعْنَى الْإِنْشَاءِ: أَيْ أَسْأَلُك أَنْ تَتُوبَ عَلَيَّ، أَوْ بَاقٍ عَلَى خَبَرِيَّتِهِ. وَالْمَعْنَى أَنَّهُ بِصُورَةِ التَّائِبِ الْخَاضِعِ الذَّلِيلِ، وَيَأْتِي فِي وَجَّهْت وَجْهِي وَخَشَعَ لَك سَمْعِي مَا يُوَافِقُ بَعْضَ ذَلِكَ اهـ حَجّ. [فَائِدَةٌ] «مَنْ قَرَأَ فِي أَثَرِ وُضُوئِهِ {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1] مَرَّةً وَاحِدَةً كَانَ مِنْ الصِّدِّيقِينَ، وَمَنْ قَرَأَهَا مَرَّتَيْنِ كُتِبَ فِي دِيوَانِ الشُّهَدَاءِ، وَمَنْ قَرَأَهَا ثَلَاثًا حَشَرَهُ اللَّهُ مَحْشَرَ الْأَنْبِيَاءِ» . فر عَنْ أَنَسٍ قَالَ السُّيُوطِيّ: فِيهِ أَبُو عُبَيْدَةَ مَجْهُولٌ اهـ مِنْ الْمَجْمُوعِ الْفَائِقِ مِنْ حَدِيثِ خَيْرِ الْخَلَائِقِ لِلْمُنَاوِيِّ. ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ هُنَا مَا نَصُّهُ: وَيُسَنُّ أَنْ يَقُولَ عَقِبَهُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَيَقْرَأُ {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} [القدر: 1] أَيْ ثَلَاثًا كَمَا هُوَ الْقِيَاسُ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَ الْأَئِمَّةِ صَرَّحَ بِذَلِكَ اهـ. وَيُسَنُّ بَعْدَ قِرَاءَةِ السُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنْ يَقُولَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي وَوَسِّعْ لِي فِي دَارِي وَبَارِكْ لِي فِي رِزْقِي وَلَا تَفْتِنِّي بِمَا زَوَيْت عَنِّي» . اهـ سُيُوطِيّ فِي بَعْضِ مُؤَلَّفَاتِهِ. وَيُسَنُّ أَنْ يَأْتِيَ بِجَمِيعِ هَذَا ثَلَاثًا كَمَا مَرَّ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ بِصَدْرِهِ رَافِعًا يَدَيْهِ وَبَصَرَهُ وَلَوْ نَحْوَ أَعْمَى اهـ حَجّ. كَمَا يُسَنُّ إمْرَارُ الْمُوسَى عَلَى الرَّأْسِ الَّذِي لَا شَعْرَ بِهِ (قَوْلُهُ: كُتِبَ بِرَقٍّ إلَخْ) أَيْ وَيَتَعَدَّدُ ذَلِكَ بِتَعَدُّدِ الْوُضُوءِ لِأَنَّ الْفَضْلَ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: دُعَاءِ الْأَعْضَاءِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ هَذِهِ الْأَدْعِيَةَ كُلَّهَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيُّ تُفِيدُ أَنَّ دُعَاءَ الْكَفَّيْنِ وَالْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَالْأُذُنَيْنِ لَيْسَ فِيهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ دُعَاءَ الْأَعْضَاءِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ فِي الْمُحَرَّرِ (قَوْلُهُ: وَحَاسِبْنِي) لَا يُشْكِلُ هَذَا بِأَنَّ فِيهِ طَلَبًا لِلْحِسَابِ مَعَ أَنَّ عَدَمَهُ أَسْهَلُ لِلنَّفْسِ، فَكَانَ اللَّائِقُ طَلَبَ عَدَمِهِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ مِنْ تَحَقُّقِ الْحِسَابِ، وَأَنَّ اخْتِلَافَهُ عَلَى النَّاسِ إنَّمَا هُوَ بِالشِّدَّةِ وَالسُّهُولَةِ، فَكَانَ طَلَبُ عَدَمِهِ بِالْكُلِّيَّةِ طَلَبًا لِمَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى خِلَافِهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ حَرِّمْ شَعْرِي إلَخْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[باب مسح الخف]

وَعِنْدَ مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ. وَعِنْدَ غَسْلِ رِجْلَيْهِ: اللَّهُمَّ ثَبِّتْ قَدَمِي عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الْأَقْدَامُ (إذْ لَا أَصْلَ لَهُ) فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ وَإِنْ كَانَ الرَّافِعِيُّ قَدْ عَدَّهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ مِنْ سُنَنِهِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي أَذْكَارِهِ وَتَنْقِيحِهِ: لَمْ يَجِئْ فِيهِ شَيْءٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَأَفَادَ الشَّارِحُ أَنَّهُ فَاتَ الرَّافِعِيَّ وَالنَّوَوِيَّ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ طُرُقٍ فِي تَارِيخِ ابْنِ حِبَّانَ وَغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَتْ ضَعِيفَةً لِلْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ. وَلِهَذَا اعْتَمَدَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اسْتِحْبَابَهُ، وَأَفْتَى بِهِ وَبِاسْتِحْبَابِهِ أَيْضًا عَقِبَ الْغُسْلِ كَالْوُضُوءِ وَلَوْ مُجَدَّدًا، وَيَتَّجِهُ إلْحَاقُ التَّيَمُّمِ بِهِ عَلَى مَا يَأْتِي فِيهِ، وَنَفَى الْمُصَنِّفُ أَصْلَهُ بِاعْتِبَارِ الصِّحَّةِ. أَمَّا بِاعْتِبَارِ وُرُودِهِ مِنْ الطُّرُقِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَلَعَلَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ ذَلِكَ، أَوْ لَمْ يَسْتَحْضِرْهُ حِينَئِذٍ. وَاعْلَمْ أَنَّ شَرْطَ الْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ عَدَمُ شِدَّةِ ضَعْفِهِ وَأَنْ يَدْخُلَ تَحْتَ أَصْلٍ عَامٍّ وَأَنْ لَا يَعْتَقِدَ سُنِّيَّتَهُ بِذَلِكَ الْحَدِيثِ، وَفِي هَذَا الشَّرْطِ الْأَخِيرِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى. بَابُ مَسْحِ الْخُفِّ مُرَادُهُ بِهِ الْجِنْسُ لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَغْسِلَ رِجْلًا وَيَمْسَحَ عَلَى الْأُخْرَى كَانَ مُمْتَنِعًا. وَلَمَّا أَنْ كَانَ الْمُتَوَضِّئُ ـــــــــــــــــــــــــــــSزَادَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ: وَأَظِلَّنِي تَحْتَ عَرْشِك يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّك (قَوْلُهُ وَبِاسْتِحْبَابِهِ) أَيْ بِاسْتِحْبَابِ الذِّكْرِ الْوَارِدِ بَعْدَ الْوُضُوءِ وَهُوَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: شَرْطُ الْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْعَامِلُ بِهِ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ أَمْ لَا، بَلْ قَدْ يُقَالُ: يَتَأَكَّدُ فِي حَقِّ الْمُقْتَدَى بِهِ لِيَكُونَ فِعْلُهُ سَبَبًا لِإِفَادَةِ غَيْرِهِ الْحُكْمَ الْمُسْتَفَادَ مِنْ ذَلِكَ الْحَدِيثِ. بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ مَسْحُ الْخُفِّ: هُوَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ سم عَلَى أَشْجَاعٍ، وَانْظُرْ مَشْرُوعِيَّةَ الْمَسْحِ فِي أَيِّ زَمَنٍ كَانَتْ، وَيُؤْخَذُ مِنْ جَعْلِهِمْ قِرَاءَةَ الْجَرِّ فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: 6] دَلِيلًا عَلَى الْمَسْحِ أَنَّ مَشْرُوعِيَّتَهُ كَانَتْ مَعَ الْوُضُوءِ فَلْيُرَاجَعْ. ثَمَّ رَأَيْت فِي بَعْضِ شُرُوحِ الْمِنْهَاجِ مَا نَصُّهُ: وَشُرِعَ الْمَسْحُ فِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ وَلَمْ يَكُنْ مَنْسُوخًا بِآيَةِ الْمَائِدَةِ فَإِنَّهُ ثَبَتَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ بِتَبُوكَ» . قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْعِمَادِ: وَنُزُولُ الْمَائِدَةِ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ بِمُدَدٍ كَثِيرَةٍ (قَوْلُهُ: مُرَادُهُ بِهِ الْجِنْسُ) غَرَضُهُ مِنْهُ دَفْعُ مَا أُورِدَ عَلَى الْمَتْنِ مِنْ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَكْفِي غَسْلُ إحْدَاهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الرَّافِعِيُّ قَدْ عَدَّهُ) أَيْ دُعَاءَ الْأَعْضَاءِ مِنْ حَيْثُ هُوَ، وَإِلَّا فَالرَّافِعِيُّ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْمُحَرَّرِ جَمِيعَ الْأَدْعِيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ (قَوْلُهُ: فَاتَ الرَّافِعِيُّ) أَيْ أَنَّهُ إنَّمَا احْتَجَّ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ بِثُبُوتِهِ عَنْ السَّلَفِ، وَالْخَلَفِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ رَوَى عَنْهُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ هُوَ، وَإِلَّا فَالشَّارِحُ لَمْ يَذْكُرْ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ هُنَا وَإِنَّمَا ذَكَرَ مَا فِي الْمُحَرَّرِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَبِاسْتِحْبَابِهِ) يَعْنِي قَوْلَهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ إلَخْ هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ أَوْهَمَتْ عِبَارَتُهُ خِلَافَهُ (قَوْلُهُ: أَمَّا بِاعْتِبَارِ وُرُودِهِ إلَخْ) كَانَ غَرَضُهُ مِنْهُ الْجَوَابَ عَنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْمَارِّ فَاتَ الرَّافِعِيَّ وَالنَّوَوِيَّ أَنَّهُ رَوَى إلَخْ. [بَابُ مَسْحِ الْخُفِّ] ِّ (قَوْلُهُ: مُرَادُهُ بِهِ الْجِنْسُ) هَذَا لَهُ تَتِمَّةٌ لَا يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ إلَّا بِهَا، ذَكَرَهَا الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ، وَهِيَ أَنَّهُ يُعَدُّ هَذَا مُجْمَلٌ هُنَا مُبَيَّنٌ فِي غَيْرِهِ، وَإِلَّا فَاقْتِصَارُ الشَّارِحِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ يَصْدُقُ بِمَا فَرَّ مِنْهُ.

مُخَيَّرًا بَيْنَ غَسْلِ رِجْلَيْهِ وَالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ نَاسَبَ أَنْ يَذْكُرَهُ عَقِبَ الْوُضُوءِ، وَذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَالرَّافِعِيِّ عَقِبَ التَّيَمُّمِ لِأَنَّهُمَا مَسْحَانِ يُجَوِّزَانِ الْإِقْدَامَ عَلَى الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا. وَالْأَصْلُ فِي مَشْرُوعِيَّتِهِ أَخْبَارٌ مِنْهَا خَبَرُ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَكَانَ يُعْجِبُهُمْ حَدِيثُ جَرِيرٍ لِأَنَّ إسْلَامَهُ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ: أَيْ فَلَا يَكُونُ الْأَمْرُ الْوَارِدُ فِيهَا بِغَسْلِ الرِّجْلَيْنِ نَاسِخًا لِلْمَسْحِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُ الصَّحَابَةِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: رَوَيْنَا عَنْ الْحَسَنِ يَبْطُلُ أَنَّهُ قَالَ: حَدَّثَنِي سَبْعُونَ مِنْ الصَّحَابَةِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ عَلَى الْخُفِّ» ، وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى دَفْعِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ دَاعِيَةٌ إلَى لِبْسِهِ وَنَزْعِهِ لِكُلِّ وُضُوءٍ يَشُقُّ فَجُوِّزَ الْمَسْحُ عَلَيْهِ. وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ بِقِرَاءَةِ الْجَرِّ فِي أَرْجُلِكُمْ، وَمَسَحَهُ رَافِعٌ لِلْحَدَثِ لَا مُبِيحَ وَلَا بُدَّ لِجَوَازِهِ مِنْ لِبْسِهِمَا، فَلَوْ لَبِسَ خُفًّا فِي إحْدَاهُمَا بِالشُّرُوطِ لِيَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ الْأُخْرَى لَمْ يَجُزْ كَمَا تَقَدَّمَ، وَفِي مَعْنَاهُ مَا إذَا لَبِسَهُمَا وَأَرَادَ غَسْلَ إحْدَاهُمَا فِي الْخُفِّ وَالْمَسْحَ فِي الْأُخْرَى، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا رِجْلٌ وَاحِدَةٌ جَازَ الْمَسْحُ عَلَى خُفِّهَا، وَلَوْ بَقِيَتْ مِنْ الرِّجْلِ الْأُخْرَى بَقِيَّةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَمَسْحُ الْأُخْرَى فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ بِالْخُفَّيْنِ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ كَوْنُ الْمُرَادِ الْجِنْسَ لَا يَدْفَعُ هَذَا الْإِيهَامَ لِأَنَّ الْجِنْسَ كَمَا يَتَحَقَّقُ فِي ضِمْنِ الْكُلِّ يَتَحَقَّقُ فِي ضِمْنِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، فَالْأَوْلَى حَمْلُ " أَلْ " عَلَى الْعَهْدِ: أَيْ الْخُفِّ الْمَعْهُودِ شَرْعًا وَهُوَ الِاثْنَانِ (قَوْلُهُ: مُخَيَّرًا إلَخْ) تَعْبِيرُهُ بِمَا ذَكَرَ قَدْ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ مِنْ الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ وَجَرَى عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ لِأَنَّ شَرْطَ الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا أَصْلٌ وَالْآخَرُ بَدَلٌ. (قَوْلُهُ: الْبَجَلِيِّ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَفَتْحِ الْجِيمِ مَنْسُوبٌ إلَى بَجِيلَةٍ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ. وَالنَّسَبُ إلَيْهَا بِحَذْفِ الْيَاءِ حَمْلًا عَلَى نَظَائِرِهِ اهـ جَامِعُ الْأُصُولِ لِابْنِ الْأَثِيرِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ نُزُولِ إلَخْ) أَيْ بَلْ كَانَ فِي آخِرِ حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ وَفَاتِهِ: بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا فِيمَا يُقَالُ كَذَا فِي جَامِعِ الْأُصُولِ، لَكِنْ فِي الْإِصَابَةِ جَزَمَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْهُ: أَيْ عَنْ جَرِيرٍ أَنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا هُوَ غَلَطٌ، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ: اسْتَنْصِتْ النَّاسَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ» (قَوْلُهُ: حَدَّثَنِي سَبْعُونَ إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ عَلَى الشَّمَائِلِ فِي بَابِ مَا جَاءَ فِي خُفِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَصُّهَا: " وَفِيهِ جَوَازُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ وَهُوَ إجْمَاعُ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ "، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ رَوَى الْمَسْحَ عَلَيْهِمَا نَحْوُ ثَمَانِينَ صَحَابِيًّا اهـ. قُلْت: وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا هُنَا، لِأَنَّ مَا هُنَا فِي خُصُوصِ رِوَايَةِ الْحَسَنِ يَبْطُلُ، وَمَا فِي شَرْحِ الشَّمَائِلِ لَيْسَ مُقَيَّدًا بِأَحَدٍ، عَلَى أَنَّ نَحْوَ الثَّمَانِينَ مَعْنَاهُ مَا يَقْرُبُ مِنْهَا وَهُوَ صَادِقٌ بِالسَّبْعِينَ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَخْ) عَطَفَ عَلَى أَخْبَارٍ مَنْ حَيْثُ الْمَعْنَى فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَهُوَ مَشْرُوعٌ لِأَخْبَارٍ وَلِأَنَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: رَافِعٌ لِلْحَدَثِ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الزَّوَائِدِ خِلَافًا لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ. وَانْظُرْ مَا ثَمَرَةُ هَذَا الْخِلَافِ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: مِنْ فَوَائِدِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ فِي الْخُفَّيْنِ بَعْدَ مَسْحِهِمَا هَلْ يَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا أَمْ لَا؟ إنْ قُلْنَا إنَّهُ مُبِيحٌ صَارَ مُسْتَعْمَلًا لِرَفْعِهِ الْحَدَثَ، أَوْ رَافِعٌ لَمْ يَصِرْ مُسْتَعْمَلًا لِارْتِفَاعِ الْحَدَثِ قَبْلَ اسْتِعْمَالِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ: أَيْ بِخُفٍّ يَجُوزُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا رِجْلٌ وَاحِدَةٌ جَازَ الْمَسْحُ عَلَى خُفِّهَا) . [فَرْعٌ] لَوْ كَانَ لَهُ أَزْيَدَ مِنْ رِجْلَيْنِ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَلْبَسَ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ خُفًّا، وَمَنْ مَسَحَ كُلَّ خُفٍّ لِأَنَّ الْمَسْحَ طَهَارَةُ الرِّجْلِ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَعَدُّدِ الْمَسْحِ بِتَعَدُّدِ الْأَرْجُلِ، فَلَوْ كَانَ بَعْضُهَا زَائِدًا فَإِنْ تَمَيَّزَ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ. نَعَمْ إنْ تَوَقَّفَ الْخُفُّ فِي الْأَصْلِيَّةِ عَلَى إدْخَالِ الزَّائِدَةِ مَعَهَا فِيهِ لَمْ يَجِبْ مَسْحُ الْخُفِّ عَلَى الزَّائِدَةِ، وَلَا يَكْفِي عَنْ مَسْحِ الْخُفِّ عَلَى الْأَصْلِيَّةِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ اللِّبْسِ فِيهِمَا وَمِنْ مَسْحِهِمَا وَهَذَا كُلُّهُ ظَاهِرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجِعْ، لَكِنْ إنْ كَانَ الْمُرَادُ إدْخَالَهُمَا فِي مَحِلٍّ وَاحِدٍ لَمْ يَظْهَرْ لِذَلِكَ أَثَرٌ فِي الْمَسْحِ إلَّا إنْ تُصُوِّرَ مَسْحُ أَعْلَى إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى سم عَلَى مَنْهَجٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[شروط المسح على الخفين وكيفيته وحكمه]

فَلَا بُدَّ مِنْ سَتْرِهَا بِمَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَتْ إحْدَى رِجْلَيْهِ عَلِيلَةً بِحَيْثُ لَا يَجِبُ غَسْلُهَا فَلَبِسَ الْخُفَّ فِي الصَّحِيحَةِ لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَجِبُ التَّيَمُّمُ عَنْ الرِّجْلِ الْعَلِيلَةِ فَهِيَ كَالصَّحِيحَةِ ثُمَّ النَّظَرُ فِي شَرْطِهِ وَكَيْفِيَّتِهِ وَحُكْمِهِ. وَقَدْ شَرَعَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ (يَجُوزُ فِي الْوُضُوءِ) وَلَوْ مُجَدِّدًا وَإِنْ لَمْ يُحْدِثْ بَعْدَ اللِّبْسِ لِمَا سَبَقَ، وَعَبَّرَ بِالْجَوَازِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَيْنًا وَلَا يُسَنُّ وَلَا يَحْرُمُ وَلَا يُكْرَهُ وَإِلَى أَنَّ الْغَسْلَ أَفْضَلُ وَهُوَ كَذَلِكَ أَصَالَةً، وَقَدْ يُسَنُّ كَتَرْكِهِ رَغْبَةً عَنْ السُّنَّةِ لِإِيثَارِهِ تَقْدِيمَ الْأَفْضَلِ عَلَيْهِ، أَوْ شَكَّ فِي جَوَازِهِ لِنَحْوٍ مُعَارِضٍ كَدَلِيلٍ لَا مِنْ حَيْثُ عَدَمُ عِلْمِهِ جَوَازَهُ أَوْ كَانَ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ أَوْ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ كَرَاهَتَهُ إلَى أَنْ تَزُولَ، وَقَدْ يَجِبُ كَأَنْ خَافَ فَوْتَ عَرَفَةَ أَوْ إنْقَاذِ أَسِيرٍ، أَوْ انْصَبَّ مَاؤُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَقُولُ: قِيَاسُ مَا مَرَّ لَهُ فِي الْوُضُوءِ أَنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الزَّائِدُ عَلَى سَمْتِ الْأَصْلِيِّ، وَإِلَّا وَجَبَ إفْرَادُهُ بِخُفٍّ حَيْثُ أَمْكَنَ، وَإِلَّا أَدْخَلَهُمَا وَمَسَحَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ سَتْرِهَا) أَيْ لِجَوَازِ الْمَسْحِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: بِمَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ) أَيْ بِخُفٍّ يَجُوزُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِمَا سَبَقَ) أَيْ فِي خَبَرِ جَرِيرٍ، وَأَمَّا مَا رَوَاهُ الْحَسَنُ يَبْطُلُ فَلَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى خُصُوصِ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ إلَخْ) لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ الْجَوَازِ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ، فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْجَوَازَ يُطْلَقُ عَلَى مَا قَابَلَ الْحَرَامَ فَيَصْدُقُ لِذَلِكَ كُلِّهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَى أَنَّ الْغُسْلَ إلَخْ) يَتَأَمَّلُ وَجْهَ الْإِشَارَةِ لِأَفْضَلِيَّةِ الْغُسْلِ مِنْ الْجَوَازِ فَإِنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْهُ الْإِبَاحَةُ، وَهِيَ لَا تَدُلُّ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ غَيْرِهَا. إلَّا أَنْ يُقَالَ لِمَا ذُكِرَ فِيمَا مَرَّ وُجُوبُ الْغُسْلِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ الْأَصْلُ، فَذِكْرُ الْجَوَازِ فِي مُقَابَلَتِهِ يُشْعِرُ بِمُخَالَفَتِهِ الْأَصْلَ، وَهُوَ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ مَفْضُولٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْغُسْلِ لِأَصَالَتِهِ (قَوْلُهُ: رَغْبَةً عَنْ السُّنَّةِ) أَيْ بِأَنْ أَعْرَضَ عَنْ السُّنَّةِ لِمُجَرَّدِ أَنَّ فِي الْغُسْلِ تَنْظِيفًا لَا لِمُلَاحَظَةِ أَنَّهُ أَفْضَلُ، فَلَا يُقَالُ الرَّغْبَةُ عَنْ السُّنَّةِ قَدْ تُؤَدِّي إلَى الْكُفْرِ لِأَنَّ ذَاكَ مَحِلُّهُ إنْ كَرِهَهَا مِنْ حَيْثُ نِسْبَتُهَا لِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: لِنَحْوٍ مُعَارِضٍ) وَهَذَا جَوَابٌ عَمَّا قِيلَ إذَا شَكَّ فِي الْجَوَازِ فَكَيْفَ يُقَالُ الْأَفْضَلُ الْمَسْحُ (قَوْلُهُ: لَا مِنْ حَيْثُ عَدَمُ عِلْمِهِ جَوَازَهُ) أَيْ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ الْمَسْحُ بَاطِلًا لِعَدَمِ جَزْمِهِ بِالنِّيَّةِ (قَوْلُهُ: أَوْ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ إلَخْ) قَالَ حَجّ مَا حَاصِلُهُ: هَذِهِ يُغْنِي عَنْهَا قَوْلُهُ: رَغْبَةً عَنْ السُّنَّةِ، لِأَنَّ مَعْنَى التَّرْكِ رَغْبَةً أَنْ يَتْرُكَهُ لِإِيثَارِ الْغُسْلِ عَلَيْهِ لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ أَفْضَلَ، سَوَاءٌ أَوْجَدَ فِي نَفْسِهِ كَرَاهَتَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ عَدَمِ النَّظَافَةِ مَثَلًا أَمْ لَا، فَعُلِمَ أَنَّ الرَّغْبَةَ عَنْهُ أَعَمُّ وَأَنَّ مَنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا أَرَادَ الْإِيضَاحَ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَجِبُ إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ مَا يَقْتَضِي تَحْرِيمَهُ وَلَا مَا يَقْتَضِي كَرَاهَتَهُ. قَالَ حَجّ: وَقَدْ يَحْرُمُ كَأَنْ لَبِسَهُ مُحْرِمٌ تَعَدِّيًا هـ. وَفِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمَسْحِ الْمُجْزِئِ بِأَنْ كَانَ مُسْتَوْفِيًا لِلشُّرُوطِ وَهُوَ فِيمَا ذَكَرَهُ حَجّ بَاطِلٌ لِمَا عَلَّلَ بِهِ مِنْ امْتِنَاعِ اللِّبْسِ لِذَاتِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ لِلْمَكْرُوهِ مِثَالًا وَلَعَلَّهُ لِعَدَمِ وُجُودِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ إنْقَاذُ أَسِيرٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَرَفَةَ سم عَلَى بَهْجَةٍ. وَقَالَ حَجّ: وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ هُنَا أَفْضَلُ لَا وَاجِبًا، وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مُجَرَّدِ خَوْفٍ مِنْ غَيْرِ ظَنٍّ، لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّهُ يَجِبُ الْبِدَارُ إلَى إنْقَاذِ أَسِرْ أَوَفِقَ وَلَوْ عَلَى بُعْدٍ، وَأَنَّهُ إذَا عَارَضَهُ إخْرَاجُ الْفَرْضِ عَنْ وَقْتِهِ قَدَّمَ الْإِنْقَاذَ اهـ (قَوْلُهُ: أَوْ انْصَبَّ مَاؤُهُ) مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ، وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ مَا مَعَهُ مِنْ الْمَاءِ لَا يَفْضُلُ مِنْهُ بَعْدَ مَسْحِ الرَّأْسِ مَا يَكْفِي الْغُسْلَ وَمَعَهُ بُرْدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [شُرُوطُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَكَيْفِيَّتِهِ وَحُكْمِهِ] قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَيْنًا) أَيْ بَلْ مُخَيَّرًا كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَتِهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ التَّعْبِيرُ بِالْجَوَازِ بِالْمَعْنَى الَّذِي أَرَادَهُ الشَّارِحُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ تَرْكُهُ، وَالْعُدُولُ إلَى الْغُسْلِ، ثُمَّ إنَّ شَيْخَنَا فِي الْحَاشِيَةِ نَازَعَ فِي كَوْنِ هَذَا مِنْ الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ بِأَنَّ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ لَا يَكُونَ أَحَدُ الْوَاجِبَيْنِ بَدَلًا عَنْ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ أَصَالَةً) أَيْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ: لِإِيثَارِهِ تَقْدِيمَ الْأَفْضَلِ عَلَيْهِ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ لَا لِإِيثَارِهِ الْغُسْلَ عَلَيْهِ لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ أَفْضَلَ مِنْهُ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ: لَا لِإِيثَارِهِ، وَهِيَ مُسَاوِيَةٌ لِلْعِبَارَةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَجِبُ) أَيْ عَيْنًا لَعَلَّ صُورَتَهُ أَنْ يَخْشَى فَوْتَ الْمَاءِ لَوْ اشْتَغَلَ بِالْإِنْقَاذِ أَوْ فَوْتَ الْإِنْقَاذِ لَوْ اشْتَغَلَ بِالْغُسْلِ

عِنْدَ غَسْلِ رِجْلَيْهِ وَوَجَدَ بَرَدًا لَا يَذُوبُ يَمْسَحُ بِهِ، أَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَلَوْ اشْتَغَلَ بِالْغَسْلِ لَخَرَجَ الْوَقْتُ، أَوْ خَشِيَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ الثَّانِي فِي الْجُمُعَةِ، أَوْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ عَلَى مَيِّتٍ وَخِيفَ انْفِجَارُهُ لَوْ غَسَلَ، أَوْ كَانَ لَابِسُ الْخُفِّ بِشَرْطِهِ مُحْدِثًا وَدَخَلَ الْوَقْتُ وَعِنْدَهُ مَا يَكْفِي الْمَسْحَ فَقَطْ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرْهَقَهُ الْحَدَثُ وَهُوَ مُتَطَهِّرٌ وَمَعَهُ مَا يَكْفِيه لَوْ مَسَحَ وَلَا يَكْفِيهِ لَوْ غَسَلَ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ لُبْسُ الْخُفِّ لِيَمْسَحَ عَلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إحْدَاثِ فِعْلٍ زَائِدٍ قَدْ يَشُقُّ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ فِي صُورَةِ الْإِدَامَةِ تَعَلَّقَ بِهِ وُجُوبُ الطَّهَارَةِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَدَاءِ طَهَارَةٍ وَجَبَتْ عَلَيْهِ بِالْمَاءِ بِاسْتِصْحَابِ حَالَةٍ هُوَ عَلَيْهَا. وَفِي صُورَةِ اللُّبْسِ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الطَّهَارَةُ إذْ الْحَدَثُ لَمْ يُوجَدْ فَلَا وَجْهَ لِتَكْلِيفِهِ أَنْ يَأْتِيَ بِفِعْلٍ مُسْتَأْنَفٍ لِأَجْلِ طَهَارَةٍ لَمْ تَجِبْ بَعْدُ، وَخَرَجَ بِالْوُضُوءِ الْغُسْلُ وَلَوْ مَنْدُوبًا وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ (لِلْمُقِيمِ) وَلَوْ عَاصِيًا بِإِقَامَتِهِ وَلِلْمُسَافِرِ سَفَرًا غَيْرَ مُرَخِّصٍ لِلْقَصْرِ (يَوْمًا وَلَيْلَةً) لِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْخَصَ لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ وَلِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً إذَا تَطَهَّرَ فَلَبِسَ خُفَّيْهِ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا» (وَلِلْمُسَافِرِ) سَفَرَ قَصْرٍ (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا) وَلَوْ ذَهَابًا وَإِيَابًا لِلْحَدِيثِ الْمَارِّ سَوَاءٌ أَتَقَدَّمَ بَعْضُ اللَّيَالِي عَلَى الْأَيَّامِ أَمْ تَأَخَّرَ، وَلَوْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَاءِ اللَّيْلِ أَوْ النَّهَارِ اُعْتُبِرَ قَدْرُ الْمَاضِي مِنْهُ مِنْ اللَّيْلَةِ الرَّابِعَةِ أَوْ الْيَوْمِ الرَّابِعِ، وَيُقَاسُ بِذَلِكَ الْيَوْمُ وَاللَّيْلَةُ، وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ دَائِمَ الْحَدَثِ كَسَلَسِ بَوْلٍ فَيَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ وَيَسْتَفِيدُ بِهِ مَا يَحِلُّ لَهُ لَوْ بَقِيَ طُهْرُهُ وَهُوَ فَرْضٌ وَنَوَافِلُ أَوْ نَوَافِلُ فَقَطْ، فَلَوْ كَانَ حَدَثُهُ بَعْدَ فِعْلِهِ فَرْضًا لَمْ يَمْسَحْ إلَّا لِلنَّوَافِلِ إذْ مَسْحُهُ مُرَتَّبٌ عَلَى طُهْرِهِ وَهُوَ لَا يُفِيدُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَفْعَلَ فَرْضًا آخَرَ وَجَبَ نَزْعُ الْخُفِّ وَالطُّهْرُ الْكَامِلُ لِأَنَّهُ مُحْدِثٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا زَادَ عَلَى فَرْضٍ وَنَوَافِلَ، فَكَأَنَّهُ لَبِسَهُ عَلَى حَدَثٍ حَقِيقَةً، فَإِنَّ طُهْرَهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ كَمَا مَرَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــSتَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْمَسْحُ بِهِ (قَوْلُهُ: فِي الْجُمُعَةِ) أَيْ وَتَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا أَوْ رَقِيقًا أَوْ نَحْوَهُمَا مِمَّنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ لَمْ يَجِبْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: مِنْ إحْدَاثِ فِعْلٍ) أَيْ وَهُوَ لُبْسُ الْخُفَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ) أَيْ فَلَا يَكْفِي الْمَسْحُ فِيهِمَا، وَلَمْ يَقُلْ وَلَوْ مَنْدُوبَةً أَوْ يُؤَخِّرُ الْغَايَةَ عَنْهُمَا فَيَقُولُ وَلَوْ مَنْدُوبَيْنِ، لِأَنَّ الْغُسْلَ الْمَنْدُوبَ لَيْسَ لَهُ حَالَةٌ يَكُونُ فِيهَا وَاجِبًا بِغَيْرِ النَّذْرِ، وَأَمَّا النَّجَاسَةُ الْمَعْفُوُّ عَنْهَا فَهِيَ مَعَ تَوَفُّرِ شُرُوطِ الْعَفْوِ قَدْ يَعْرِضُ لَهَا مَا يُصَيِّرُهَا وَاجِبَةَ الْغُسْلِ كَالْخَوْفِ مِنْ اخْتِلَاطِهَا بِمَا لَمْ تَدْعُ الضَّرُورَةُ إلَيْهِ، فَلَمَّا كَانَ النَّدْبُ لِغَسْلِهَا مُعَرِّضًا لِلزَّوَالِ لَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُرَخِّصٍ لِلْقَصْرِ) أَيْ لِكَوْنِهِ قَصِيرًا أَوْ مَعْصِيَةً أَوْ سَافَرَ لِغَيْرِ مَقْصِدٍ مَعْلُومٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ذَهَابًا إلَخْ) وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَقْصِدَ مَحَلًّا غَيْرَ وَطَنِهِ نَاوِيًا أَنْ لَا يُقِيمَ فِيهِ. وَفِي سم عَلَى حَجّ: بَقِيَ مَا لَوْ سَافَرَ ذَهَابًا فَقَطْ مَثَلًا وَكَانَ فَوْقَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَدُونَ ثَلَاثٍ اهـ. قُلْت: وَحُكْمُهُ أَنَّهُ يَمْسَحُ إلَى إقَامَتِهِ حَيْثُ كَانَ سَفَرُهُ مَسَافَةَ قَصْرٍ وَأَقَامَ قَبْلَ الثَّلَاثَةِ، وَإِلَّا كَانَ طُولُ سَفَرِهِ مَعَ كَوْنِهِ لَا يَبْلُغُ الثَّلَاثَةَ وَهُوَ مَسَافَةُ قَصْرٍ اسْتَوْعَبَهَا كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ شَرْحِ قَوْلِهِ الْآتِي لَمْ يَسْتَوْفِ مُدَّةَ سَفَرٍ (قَوْلُهُ: كَسَلِسِ) بِكَسْرِ اللَّامِ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِدَائِمِ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ: لَوْ بَقِيَ طُهْرُهُ) أَيْ الَّذِي لَيْسَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إلَّا النَّوَافِلَ) لَوْ نَوَى فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اسْتِبَاحَةَ فَرْضِ الصَّلَاةِ هَلْ تَصِحُّ نِيَّتُهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَالطُّهْرُ الْكَامِلُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَصَرَ الْفَصْلُ بَيْنَ إرَادَةِ الْفَرْضِ وَالطُّهْرِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِقَوْلِ الشَّارِحِ فِي التَّعْلِيلِ لِأَنَّهُ مُحْدِثٌ إلَخْ، أَمَّا لَوْ لَمْ يَصِلْ بِهِ فَرْضًا فَالْقِيَاسُ الِاكْتِفَاءُ بِغَسْلِ الرِّجْلَيْنِ إذْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ حَدَثٌ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِمَا، وَسَيَأْتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ نَزَعَ خُفَّيْهِ إلَخْ مَا يُؤَيِّدُهُ مِنْ قَوْلِهِ وَشَمِلَ كَلَامَهُ وُضُوءٌ. . إلَخْ، وَلَكِنْ تَجِبُ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ) أَيْ إطْلَاقُهُ الْمَسْحَ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ خُصُوصِ الْمُدَّةِ وَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِلْمُقِيمِ إلَخْ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: لِمَا زَادَ عَلَى فَرْضٍ وَنَوَافِلَ) عِبَارَةُ الشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ:؛ لِأَنَّهُ مُحْدِثٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْفَرْضِ الثَّانِي

[متى تبداء مدة المسح على الخفين]

أَمَّا الْمُتَحَيِّرَةُ فَلَا نَقْلَ فِيهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا تَمْسَحَ لِأَنَّهَا تَغْتَسِلُ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ هُوَ الْأَوْجَهُ إنْ اغْتَسَلَتْ وَلَبِسَتْ الْخُفَّ فَهِيَ كَغَيْرِهَا، وَإِنْ كَانَتْ لَابِسَتَهُ قَبْلَ الْغُسْلِ لَمْ تَمْسَحْ، وَالْمُتَيَمِّمُ لِفَقْدِ الْمَاءِ لَا يَمْسَحُ شَيْئًا إذَا وَجَدَ الْمَاءَ لِأَنَّ طُهْرَهُ لِضَرُورَةٍ وَقَدْ زَالَ بِزَوَالِهَا، وَمِثْلُهُ كُلٌّ مِنْ دَائِمُ الْحَدَثِ وَالْمُتَيَمِّمُ لِغَيْرِ فَقْدِ الْمَاءِ إذَا زَالَ عُذْرُهُ. وَابْتِدَاءُ مُدَّةِ الْمَسْحِ (مِنْ) تَمَامِ (الْحَدَثِ) أَيْ الْأَصْغَرِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (بَعْدَ لِبْسٍ) لِأَنَّ وَقْتَ الْمَسْحِ يَدْخُلُ بِذَلِكَ فَاعْتُبِرَتْ مُدَّتُهُ مِنْهُ فَيَمْسَحُ فِيهَا لِمَا يَشَاءُ مِنْ الصَّلَوَاتِ، إذْ قَبْلَهُ لَا يُتَصَوَّرُ جَوَازُ إسْنَادِ الصَّلَاةِ إلَى الْمَسْحِ، وَلَا مَعْنَى لِوَقْتِ الْعِبَادَةِ سِوَى الزَّمَانِ الَّذِي يَجُوزُ فِعْلُهَا فِيهِ كَوَقْتِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا، وَمِنْ هُنَا يَظْهَرُ مَا قَالَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ انْتِهَاءِ الْحَدَثِ فَلَا يُحْسَبُ زَمَنُ اسْتِمْرَارِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَوْمًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِهِمْ السَّابِقِ وَمِثْلُهُ اللَّمْسُ وَالْمَسُّ، وَيَجُوزُ لِلَابِسِ الْخُفِّ أَنْ يُجَدِّدَ الْوُضُوءَ قَبْلَ حَدَثِهِ بَلْ يُسْتَحَبُّ كَغَيْرِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ تَوَضَّأَ بَعْدَ حَدَثِهِ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ فِي الْخُفِّ ثُمَّ أَحْدَثَ كَانَ ابْتِدَاءُ مُدَّتِهِ مِنْ حَدَثِهِ الْأَوَّلِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَبِهِ صَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ فِي شَرْحِ الْفُرُوعِ، وَلَوْ أَحْدَثَ وَلَمْ يَمْسَحْ حَتَّى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ لَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSنَزْعِ الْخُفِّ وَغَسْلِ الْقَدَمَيْنِ لِوُجُوبِهَا فِي وُضُوءِ صَاحِبِ الضَّرُورَةِ وَالْمَسْحُ لَمَّا كَانَ قَائِمًا مَقَامَ الْغَسْلِ اُغْتُفِرَتْ مُدَّتُهُ فَلَا تُعَدُّ فَاصِلَةً بَيْنَ مَسْحِ الرَّأْسِ وَالْغَسْلِ بَعْدَ نَزْعِ الْخُفِّ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُتَحَيِّرَةُ) مُحْتَرَزُ مَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَشَمِلَ إطْلَاقَهُ دَائِمُ الْحَدَثِ فَإِنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَشْمَلُ الْمُتَحَيِّرَةَ (قَوْلُهُ: فَهِيَ كَغَيْرِهَا) أَيْ مِنْ دَائِمِ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ: وَالْمُتَيَمِّمُ لِفَقْدِ الْمَاءِ) أَيْ إذَا تَيَمَّمَ لِفَقْدِ الْمَاءِ ثُمَّ لَبِسَ الْخُفَّيْنِ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ، وَأَمَّا إذَا كَانَ لِمَرَضٍ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَنُكْرِ الطُّهْرِ لِيَشْمَلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْحَدَثَ إذَا أُطْلِقَ انْصَرَفَ لِلْأَصْغَرِ، أَمَّا الْأَكْبَرُ وَحْدَهُ بِأَنْ خَرَجَ مَنِيُّهُ وَهُوَ مُتَوَضِّئٌ فَلَا تَدْخُلُ بِهِ الْمُدَّةُ لِبَقَاءِ طُهْرِهِ، فَإِذَا أَحْدَثَ حَدَثًا آخَرَ دَخَلَتْ الْمُدَّةُ، وَقَضِيَّةُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ خُرُوجَ الْمَنِيِّ قَبْلَ دُخُولِ الْمُدَّةِ لَا يَمْنَعُ مِنْ الْمَسْحِ إذَا أَرَادَهُ بَعْدُ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ مَا يُبْطِلُ الْمُدَّةَ بَعْدَ دُخُولِهَا، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ إذَا طَرَأَ بَعْدَ الْمُدَّةِ أَبْطَلَهَا، فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ انْعِقَادِهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ وَقْتَ الْمَسْحِ) هَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي امْتِنَاعَ التَّجْدِيدِ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ جَوَازُهُ بَلْ سَنَّهُ، فَالْمُرَادُ مِنْ التَّعْلِيلِ وَقْتُ الْمَسْحِ الرَّافِعُ لِلْحَدَثِ. [فَائِدَةٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ اُبْتُلِيَ بِالنُّقْطَةِ، وَصَارَ زَمَنُ اسْتِبْرَائِهِ مِنْهَا يَأْخُذُ زَمَنًا طَوِيلًا، هَلْ تُحْسَبُ الْمُدَّةُ مِنْ فَرَاغِ الْبَوْلِ أَوْ مِنْ آخِرِ الِاسْتِبْرَاءِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ إنَّمَا شُرِعَ لِيَأْمَنَ عَوْدَهُ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ، فَحَيْثُ انْقَطَعَ دَخَلَ وَقْتُ الْمَسْحِ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ عَوْدِهِ لَوْ تَوَضَّأَ فِي زَمَنِ انْقِطَاعِهِ صَحَّ وُضُوءُهُ، نَعَمْ لَوْ فُرِضَ اتِّصَالُهُ حَسَبَ مِنْ آخِرِهِ (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِهِمْ السَّابِقِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّ وَقْتَ الْمَسْحِ يَدْخُلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ النَّوْمِ اللَّمْسُ وَالْمَسُّ اقْتِصَارُهُ عَلَى مَا ذَكَرَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إذَا جَنَّ بَعْدَ لِبْسِ الْخُفَّيْنِ وَقَبْلَ الْحَدَثِ لَا تُحْسَبُ الْمُدَّةُ إلَّا مِنْ الْإِفَاقَةِ أَوْ حَدَثٍ آخَرَ. وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الْحَلَبِيِّ: ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَدَثِ آخِرُهُ وَلَوْ نَوْمًا أَوْ مَسًّا أَوْ لَمْسًا عِنْدَ جَمْعٍ مُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمْ حَجّ، وَمِنْ آخِرِهِ إنْ كَانَ بَوْلًا أَوْ غَائِطًا أَوْ رِيحًا أَوْ جُنُونًا أَوْ إغْمَاءً، وَمِنْ أَوَّلِهِ إنْ كَانَ نَوْمًا أَوْ مَسًّا أَوْ لَمْسًا عِنْدَ الْإِمَامِ الْبُلْقِينِيِّ فِي النَّوْمِ فَأَفْتَى بِهِ وَالِدُ شَيْخِنَا وَقَاسَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا الْمَسَّ وَاللَّمْسَ، وَاخْتَلَفَ الْكَلَامُ عَنْهُ فِي تَوْجِيهِ ذَلِكَ انْتَهَى عَلَى مَحَلِّيٍّ. وَبَقِيَ مَا لَوْ تَقَارَنَ اللَّمْسُ وَخُرُوجُ الْخَارِجِ هَلْ تُحْسَبُ الْمُدَّةُ مِنْ انْتِهَاءِ الْأَوَّلِ أَوْ مِنْ انْتِهَاءِ الثَّانِي؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ لَوْ انْفَرَدَ كَانَ قَاطِعًا لِلْمُدَّةِ، بَلْ لَوْ سَبَقَ ابْتِدَاءَ خُرُوجِ الْبَوْلِ مَثَلًا وَوُجِدَ اللَّمْسُ قَبْلَ انْقِطَاعِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: حَتَّى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مَتَى تَبْدَاءُ مُدَّةِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ] قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْمَسْحِ) أَيْ الرَّافِعُ لِلْحَدَثِ الْمُسْتَنِدُ إلَيْهِ جَوَازُ الصَّلَاةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي

[شروط المسح على الخفين]

يَجُزْ الْمَسْحُ حَتَّى يَسْتَأْنِفَ لَيْسَا عَلَى طَهَارَةٍ (فَإِنْ) (مَسَحَ) بَعْدَ حَدَثِهِ وَلَوْ أَحَدَ خُفَّيْهِ (حَضَرًا ثُمَّ سَافَرَ) سَفَرَ قَصْرٍ (أَوْ عَكَسَ) أَيْ مَسَحَ سَفَرًا فَأَقَامَ (لَمْ يَسْتَوْفِ مُدَّةَ سَفَرٍ) تَغْلِيبًا لِلْحَضَرِ فَيَقْتَصِرُ عَلَى مُدَّةِ مُقِيمٍ فِي الْأُولَى، وَكَذَا فِي الثَّانِيَةِ إنْ أَقَامَ قَبْلَ مُدَّتِهِ وَإِلَّا وَجَبَ النَّزْعُ، وَعُلِمَ مِنْ اعْتِبَارِ الْمَسْحِ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِالْحَدَثِ حَضَرًا وَإِنْ مَكَثَ بِالْمُدَّةِ وَلَا بِمَعْنَى وَقْتِ الصَّلَاةِ حَضَرًا، وَعِصْيَانُهُ إنَّمَا هُوَ بِالتَّأْخِيرِ لَا بِالسَّفَرِ الَّذِي بِهِ الرُّخْصَةُ. (وَشَرْطُهُ) أَيْ جَوَازُ مَسْحِ الْخُفِّ أُمُورٌ: أَحَدُهَا (أَنْ يَلْبَسَ بَعْدَ كَمَالِ طُهْرٍ) مِنْ الْحَدَثَيْنِ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ، فَلَوْ غَسَلَ إحْدَى رِجْلَيْهِ وَأَدْخَلَهَا الْخُفَّ ثُمَّ غَسَلَ الْأُخْرَى لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ بَلْ سَبِيلُهُ نَزْعُ الْأَوَّلِ ثُمَّ يُدْخِلُهَا لِأَنَّ إدْخَالَ الْأُولَى كَانَ قَبْلَ كَمَالِ الطَّهَارَةِ، وَلَوْ ابْتَدَأَ اللِّبْسَ وَهُوَ مُتَطَهِّرٌ ثُمَّ أَحْدَثَ قَبْلَ وُصُولِ الرِّجْلِ إلَى قَدَمِ الْخُفِّ لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ لِمَا تَقَرَّرَ، وَلَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ الْحَدَثَانِ فَغَسَلَ أَعْضَاءَ وُضُوئِهِ عَنْهُمَا أَوْ عَنْ الْجَنَابَةِ، وَقُلْنَا بِالِانْدِرَاجِ وَلِبْسِ الْخُفِّ قَبْلَ غَسْلِ بَاقِي بَدَنِهِ لَمْ يَمْسَحْ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ لَبِسَهُ قَبْلَ كَمَالِ طَهَارَتِهِ. وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَمَالِ أَرَادَ بِهَا تَأْكِيدَ نَفْيِ مَذْهَبِ الْمُزَنِيّ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ لَوْ غَسَلَ رِجْلًا وَأَدْخَلَهَا فِيهِ ثُمَّ الْأُخْرَى كَذَلِكَ أَجْزَأَهُ، وَلِاحْتِمَالِ تَوَهُّمِ إرَادَةِ الْبَعْضِ، وَنَكَّرَ الطُّهْرَ لِيَشْمَلَ التَّيَمُّمَ، وَحُكْمُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ لِإِعْوَازِ الْمَاءِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْمَسْحُ بَلْ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ لَزِمَهُ نَزْعُهُ وَالْوُضُوءُ الْكَامِلُ، وَإِنْ كَانَ لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ فَأَحْدَثَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ وَلَوْ مُقِيمًا ثُمَّ عَرَضَ لَهُ السَّفَرُ بَعْدُ (قَوْلُهُ: حَضَرًا) خَرَجَ مَا لَوْ حَصَلَ الْحَدَثُ فِي الْحَضَرِ وَلَمْ يَمْسَحْ فِيهِ، فَإِنَّهُ إنْ مَضَتْ مُدَّةُ الْإِقَامَةِ قَبْلَ السَّفَرِ وَجَبَ تَجْدِيدُ اللِّبْسِ، وَإِنْ مَضَى يَوْمٌ مَثَلًا مِنْ غَيْرِ مَسْحٍ ثُمَّ سَافَرَ وَمَضَتْ لَيْلَةٌ مِنْ غَيْرِ مَسْحٍ لَهُ فَلَهُ اسْتِيفَاءُ مُدَّةِ الْمُسَافِرِينَ وَابْتِدَاؤُهَا مِنْ الْحَدَثِ الَّذِي فِي الْحَضَرِ، هَكَذَا ظَهَرَ لِي مِنْ كَلَامِهِمْ وَهُوَ وَاضِحٌ نَبَّهْت عَلَيْهِ لِيُعْلَمَ وَلَا يَذْهَبُ الْوَهْمُ إلَى خِلَافِهِ شَيْخُنَا بِهَامِشِ الْمَحَلِّيِّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَمَا ذَكَرَهُ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ الشَّيْخِ، وَعُلِمَ مِنْ اعْتِبَارِ الْمَسْحِ وَمِنْ قَوْلِهِ أَيْضًا وَلَوْ أَحْدَثَ وَلَمْ يَمْسَحْ حَتَّى انْقَضَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَجَبَ النَّزْعُ) أَيْ عِنْدَ إرَادَةِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: لَا عِبْرَةَ بِالْحَدَثِ إلَخْ) أَيْ لَا يَضُرُّ فِي ذَلِكَ كَوْنُ ابْتِدَاءِ الْمُدَّةِ مِنْ الْحَدَثِ كَمَا لَوْ سَافَرَ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ حَضَرَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَصْرُهَا فِي السَّفَرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرَعَ فِيهَا قَبْلَ سَفَرِهِ قم (قَوْلُهُ: وَعِصْيَانُهُ) دَفَعَ بِهِ مَا يُقَالُ الْمَسْحُ رُخْصَةٌ وَهِيَ لَا تُنَاطُ بِالْمَعَاصِي، وَوَجْهُ الدَّفْعِ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِمْ الرُّخَصُ لَا تُنَاطُ بِالْمَعَاصِي أَنَّ الرُّخْصَةَ لَا يَكُونُ سَبَبُهَا مَعْصِيَةٌ، وَالسَّفَرُ هُنَا هُوَ جَوَازٌ لِلْمَسْحِ وَلَمْ يُعْصَ بِهِ. (قَوْلُهُ: مَسَحَ الْخُفَّ) أَشَارَ بِهِ إلَّا أَنَّ ذَاتَ الْخُفِّ لَا تَتَعَلَّقُ بِهَا شُرُوطٌ، فَإِنَّ الشُّرُوطَ إنَّمَا هِيَ لِلْأَحْكَامِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ غَسَلَ الْأُخْرَى إلَخْ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ قُطِعَتْ الرِّجْلُ الْيُسْرَى فَلَا بُدَّ لِصِحَّةِ الْمَسْحِ مِنْ نَزْعِ الْأُولَى وَعَوْدِهَا، وَأَمَّا لَوْ لَبِسَ الْيُمْنَى قَبْلَ الْيُسْرَى ثُمَّ لَبِسَ الْيُسْرَى بَعْدَ طُهْرِهَا فَقُطِعَتْ الْيُمْنَى فَلَا يُكَلَّفُ نَزْعَ خُفِّ الْيُسْرَى لِوُقُوعِهِ بَعْدَ كَمَالِ الطُّهْرِ (قَوْلُهُ: نَزَعَ الْأَوَّلَ) أَيْ مِنْ مَوْضِعِ الْقَدَمِ انْتَهَى مَحَلِّيٌّ وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ السَّاقِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ وُصُولِ الرِّجْلِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ كَانَ بَعْدَ الْوُصُولِ أَوْ مُقَارَنًا لَهُ، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ فِي الْمُقَارَنَةِ بِأَنَّهُ يَنْزِلُ وُصُولُهَا لِمَحِلِّ الْقَدَمِ مَعَ الْحَدَثِ مَنْزِلَةَ الْوُصُولِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَى الْحَدَثِ لِقُوَّةِ الطَّهَارَةِ، وَوُجِدَ بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ خِلَافُهُ مِنْ غَيْرِ عَزْوٍ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَقُلْنَا بِالِانْدِرَاجِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: قَبْلَ كَمَالِ طَهَارَتِهِ) وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ فَائِدَةُ تَعْبِيرِهِ بِكَمَالٍ، إذْ الْحَاصِلُ لَهُ هُنَا طُهْرٌ لَكِنْ لَيْسَ كَامِلًا لِبَقَاءِ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ فِي بَقِيَّةِ الْبَدَنِ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ: مِنْ الْحَدَثِ لِلْإِيضَاحِ (قَوْلُهُ: وَلِاحْتِمَالِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQ [شُرُوطُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ] [الْأَوَّل أَنْ يَلْبَسَهُمَا بَعْدَ كَمَالِ الطَّهَارَة] قَوْلُهُ: وَلِاحْتِمَالِ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَذْهَبِ بِإِبْرَازِ لَامِ الْإِضَافَةِ، وَالتَّقْدِيرُ لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ لِمَذْهَبِ الْمُزَنِيّ، وَالنَّفْيُ لِاحْتِمَالِ

[الثاني أن يكون الخف صالحا ساتر محل فرضه]

ثُمَّ تَكَلَّفَ الْوُضُوءَ لِيَمْسَحَ فَهُوَ كَدَائِمِ الْحَدَثِ وَقَدْ مَرَّ، وَهَلْ تَكَلُّفُهُ الْمَذْكُورُ جَائِزٌ أَمْ لَا؟ فِيهِ تَرَدُّدٌ لِلْإِسْنَوِيِّ، وَالْأَوْجَهُ فِيهِ الْحُرْمَةُ، وَيُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ عِبَارَةِ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ فِي الْخَاتِمَةِ قُبَيْلَ الْكِتَابِ الْأَوَّلِ. الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْخُفُّ صَالِحًا كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (سَاتِرٌ مَحِلَّ فَرْضِهِ) وَهُوَ الرِّجْلُ الَّتِي هِيَ مَحَلُّ الْغَسْلِ مِنْ الْجَوَانِبِ وَالْأَسْفَلِ لَا مِنْ الْأَعْلَى عَكْسُ سَاتِرِ الْعَوْرَةِ كَمَا فِي الزَّجَّاجِ الشَّفَّافِ حَيْثُ لَا يَكْفِي ثُمَّ بِخِلَافِهِ هُنَا إنْ أَمْكَنَ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْقَصْدَ هُنَا مَنْعُ نُفُوذِ الْمَاءِ وَهُنَاكَ مَنْعُ الرُّؤْيَةِ، فَلَوْ تَخَرَّقَ مِنْ مَحِلِّ الْفَرْضِ وَإِنْ قَلَّ خَرْقُهُ أَوْ ظَهَرَ شَيْءٌ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ مِنْ مَوَاضِعِ الْخَرَزِ ضَرَّ، وَإِنَّمَا عُفِيَ عَنْ وُصُولِ الْمَاءِ مِنْهَا لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ بِخِلَافِ ظُهُورِ بَعْضِ الْفَرْضِ، وَلَوْ تَخَرَّقَتْ الْبِطَانَةُ أَوْ الظِّهَارَةُ أَوْ هُمَا لَا عَلَى الْمُحَاذَاةِ لَمْ يَضُرَّ إنْ كَانَ الْبَاقِي صَفِيقًا يُمْكِنُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ عَلَيْهِ (طَاهِرًا) فَلَا يَكْفِي نَجِسٌ إذْ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهِ الَّتِي هِيَ الْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ مِنْ الْمَسْحِ وَمَا عَدَاهَا مِنْ مَسِّ الْمُصْحَفِ وَنَحْوِهِ كَالتَّابِعِ لَهَا، وَلِأَنَّ الْخُفَّ بَدَلٌ عَنْ الرِّجْلِ، وَهِيَ لَا تَطْهُرُ عَنْ الْحَدَثِ مَا لَمْ تَزُلْ نَجَاسَتُهَا، فَكَيْفَ يُمْسَحُ عَلَى الْبَدَلِ وَهُوَ نَجِسُ الْعَيْنِ، وَالْمُتَنَجِّسُ كَالنَّجِسِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، خِلَافًا لِابْنِ الْمُقْرِي وَمَنْ تَبِعَهُ فِي أَنَّهُ يَصِحُّ وَيَسْتَفِيدُ بِهِ مَسَّ الْمُصْحَفِ وَنَحْوَهُ قَبْلَ غَسْلِهِ، وَالصَّلَاةَ بَعْدَهُ. نَعَمْ لَوْ كَانَ عَلَى الْخُفِّ نَجَاسَةٌ مَعْفُوٌّ عَنْهَا وَمَسَحَ مِنْ أَعْلَاهُ مَا لَا نَجَاسَةَ عَلَيْهِ صَحَّ، فَإِنْ مَسَحَ عَلَى مَحَلِّهَا وَاخْتَلَطَ الْمَاءُ بِهَا زَادَ التَّلْوِيثُ وَلَزِمَهُ إزَالَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ، وَلَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSتَأْكِيدٍ بِتَضْمِينٍ أَرَادَ مَعْنًى ذَكَرَهُ وَالْمَعْنَى ذَكَرَهُ لِتَأْكِيدٍ وَلِاحْتِمَالٍ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ عَطْفٌ عَلَى أَرَادَ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى وَالتَّقْدِيرِ: وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَمَالٌ لِإِرَادَةٍ وَلِاحْتِمَالٍ. إلَخْ. (قَوْلُهُ: الْبِطَانَةِ أَوْ الظِّهَارَةِ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِمَا مَحَلِّيٌّ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْخُفَّ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ صِحَّةِ مَسْحِ الْخُفِّ إذَا كَانَ عَلَى الرِّجْلِ حَائِلٌ مِنْ شَمْعٍ أَوْ دُهْنٍ جَامِدٍ أَوْ فِيهَا شَوْكَةٌ ظَاهِرَةٌ أَوْ سَوَادٌ تَحْتَ أَظْفَارِهَا سم عَلَى حَجّ. ثُمَّ رَأَيْته عَلَى مَنْهَجٍ قَالَ: فِيهِ نَظَرٌ، وَالْقَلْبُ الْآنَ إلَى الصِّحَّةِ أَمْيَلُ، وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَائِلِ وَنَجَاسَةِ الرِّجْلِ بِأَنَّ النَّجَاسَةَ مُنَافِيَةٌ لِلصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ الْمَقْصُودُ بِالْوُضُوءِ، وَلَا كَذَلِكَ الْحَائِلُ، هَذَا وَقَدْ يُؤْخَذُ مَا تَرَجَّاهُ مِنْ الصِّحَّةِ مَعَ وُجُودُ الْحَائِلِ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي فِي مَسْأَلَةِ الْجُرْمُوقِ: فَإِنْ صَلُحَ الْأَعْلَى دُونَ الْأَسْفَلِ صَحَّ الْمَسْحُ عَلَيْهِ وَالْأَسْفَلُ كَلِفَافَةٍ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَزُلْ نَجَاسَتُهَا) عُمُومُهُ يَشْمَلُ النَّجَاسَةَ الْمَعْفُوَّ عَنْهَا، وَعَلَيْهِ فَلَا يَكْفِي غَسْلُ الرِّجْلِ مَعَ بَقَاءِ النَّجَاسَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ مَاءَ الْغَسْلِ إذَا اخْتَلَطَ بِالنَّجَاسَةِ نَشَرَهَا فَمَنَعَ مِنْ الْعَفْوِ عَنْهَا، لَكِنَّ هَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا نَقَلَهُ سم فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ عَنْ م ر مِنْ أَنَّهُ قَرَّرَ أَنَّهُ لَوْ غُسِلَ ثَوْبٌ فِيهِ دَمُ بَرَاغِيثَ لِأَجْلِ تَنْظِيفِهِ مِنْ الْأَوْسَاخِ لَمْ يَضُرَّ بَقَاءُ الدَّمِ فِيهِ وَيُعْفَى عَمَّا أَصَابَهُ هَذَا الْمَاءُ فَتَأَمَّلْ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ هُنَا حَيْثُ كَانَ الْقَصْدُ مِنْ الْغَسْلِ رَفْعَ الْحَدَثِ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ اخْتِلَاطُهُ بِالنَّجَاسَةِ مُطْلَقًا، وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِ هُنَا عَلَى نَجَاسَةٍ لَا يُعْفَى عَنْهَا، لَكِنَّ قَوْلَهُ فِيمَا يَأْتِي فَإِنْ مَسَحَ عَلَى مَحِلِّهَا وَاخْتَلَطَ الْمَاءُ بِهَا زَادَ التَّلْوِيثُ يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: وَالْمُتَنَجِّسُ) أَيْ مَا لَمْ يَغْسِلْهُ قَبْلَ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ: صَحَّ) أَيْ وَإِنْ وَصَلَ الْمَاءُ لِمَوْضِعِ النَّجَاسَةِ وَاخْتَلَطَ بِهَا سم (قَوْلُهُ: فَإِنْ مَسَحَ عَلَى مَحِلِّهَا وَاخْتَلَطَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا مَسَحَ عَلَى مَحِلِّ النَّجَاسَةِ وَلَمْ يَخْتَلِطْ بِهَا لَمْ يَضُرَّ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْمَسْحِ يَحْصُلُ رُطُوبَةٌ فِي الْمَحِلِّ وَهِيَ حَقِيقَةُ الِاخْتِلَاطِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: زَادَ التَّلْوِيثُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْمَسْحُ ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَخْ، وَلَا يَحْتَاجُ حِينَئِذٍ إلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ قَبْلَ لَفْظِ احْتِمَالٍ، فَهُوَ أَوْلَى مِمَّا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ مَرَّ) لَا يَخْفَى أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَا مَرَّ فِيهِ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ فَرْضًا ثَانِيًا يَنْزِعَ، وَيَأْتِيَ بِطُهْرٍ كَامِلٍ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَأْتِيَ هُنَا؛ لِأَنَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ غَسَلَ مَا عَدَا الرِّجْلَيْنِ؛ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ هُنَا بَعْدَ النَّزْعِ إنَّمَا هُوَ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ [الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْخُفُّ صَالِحًا سَاتِرٌ مَحِلَّ فَرْضِهِ] (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ هُنَا مَنْعُ نُفُوذِ الْمَاءِ) أَيْ وَمِنْ لَازِمِهِ مَنْعُ الرُّؤْيَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِي نَجِسٌ إلَى قَوْلِهِ، وَالْمُتَنَجِّسُ كَالنَّجِسِ) أَيْ لَا يَكْفِي الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِهِ بَعْدُ فَلَيْسَتْ الطَّهَارَةُ شَرْطًا لِلُّبْسِ وَإِنْ اقْتَضَى جَعْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ طَاهِرًا حَالًا مِنْ ضَمِيرِ يَلْبَسُ خِلَافَ ذَلِكَ

[يشترط في الخف كونه قويا يمكن تتابع المشي فيه]

خَرَزَ خُفَّهُ بِشَعْرٍ نَجِسٍ مَعَ رُطُوبَتِهِ، أَوْ الْخُفُّ طَهَّرَ ظَاهِرَهُ بِغَسْلِهِ دُونَ مَحَلِّ الْخَرْزِ وَيُعْفَى عَنْهُ فَلَا يُحْكَمُ بِتَنَجُّسِ رِجْلِهِ الْمُبْتَلَّةِ وَيُصَلِّي فِيهِ الْفَرَائِضَ وَالنَّوَافِلَ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ فِي الْأَطْعِمَةِ، وَتَرْكُ أَبِي زَيْدٍ الْفَرْضَ فِيهِ احْتِيَاطٌ وَيُشْتَرَطُ فِي الْخُفِّ كَوْنُهُ قَوِيًّا بِحَيْثُ (يُمْكِنُ) لِقُوَّتِهِ (تَتَابُعُ الْمَشْيِ فِيهِ لِتَرَدُّدِ مُسَافِرٍ لِحَاجَاتِهِ) عِنْدَ الْحَطِّ وَالتَّرْحَالِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ لَابِسُهُ مُقْعَدًا فِي مُدَّةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا إنْ كَانَ مُسَافِرًا سَفَرَ قَصْرٍ، وَلِحَاجَةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إنْ كَانَ مُقِيمًا مَعَ مُرَاعَاةِ اعْتِدَالِ الْأَرْضِ سُهُولَةً وَصُعُوبَةً فِيمَا يَظْهَرُ، وَالْمُرَادُ بِقُوَّتِهِ أَنْ يَتَأَتَّى فِيهِ مَا ذُكِرَ وَحْدَهُ مِنْ غَيْرِ مَدَاسٍ، إذْ لَوْ اُعْتُبِرَ مَعَ الْمَدَاسِ لَكَانَ غَالِبُ الْخِفَافِ يَحْصُلُ بِهِ ذَلِكَ، فَلَا يُجْزِئُ رَقِيقٌ يَتَخَرَّقُ بِالْمَشْيِ عَنْ قُرْبٍ، وَلَا ثَقِيلٌ لَا يُمْكِنُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ عَلَيْهِ كَضَيِّقٍ لَا يَتَّسِعُ بِالْمَشْيِ عَنْ قُرْبٍ، وَمُفْرِطِ سِعَةٍ لِأَنَّ اللِّبْسَ إنَّمَا شُرِعَ لِحَاجَةِ الِاسْتِدَامَةِ، وَلَا تَتَأَتَّى إلَّا فِيمَا تَوَفَّرَتْ فِيهِ الشُّرُوطُ الْمُتَقَدِّمَةُ. لَا يُقَالُ سَاتِرٌ وَمَا بَعْدَهُ أَحْوَالٌ مُقَيِّدَةٌ لِصَاحِبِهَا فَمِنْ أَيْنَ يَلْزَمُ الْأَمْرُ بِهَا، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْأَمْرِ بِشَيْءٍ الْأَمْرُ بِالْمُقَيَّدِ لَهُ بِدَلِيلِ: اضْرِبْ هِنْدًا جَالِسَةً. لِأَنَّا نَقُولُ: مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ تَكُنْ الْحَالُ مِنْ نَوْعِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَلَا مِنْ فِعْلِ الْمَأْمُورِ كَالْمِثَالِ الْمَذْكُورِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSمَحِلَّ النَّجَاسَةِ، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ سم عَلَى حَجّ حَيْثُ قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ زِيَادَةَ التَّلْوِيثِ تَحْصُلُ وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْمَسْحُ مَحِلَّ النَّجَاسَةِ لِأَنَّ تَرْطِيبَهَا أَوْ زِيَادَتَهُ زِيَادَةٌ فِي التَّلْوِيثِ. نَعَمْ إنْ عَمَّتْ النَّجَاسَةُ الْمَعْفُوُّ عَنْهَا الْخُفَّ لَمْ يَبْعُدْ جَوَازُ الْمَسْحِ عَلَيْهَا م ر. أَقُولُ بَلْ يَبْعُدُ الْجَوَازُ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَى الْمَسْحِ الْمُؤَدِّي لِلتَّضَمُّخِ بِالنَّجَاسَةِ، فَيَجِبُ النَّزْعُ وَغَسْلُ الرِّجْلَيْنِ فَيَحْصُلُ بِذَلِكَ عَدَمُ مُخَامَرَةِ النَّجَاسَةِ مَا أَمْكَنَ، وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ سم يَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ بِيَدِهِ وَلَا يُكَلَّفُ حَائِلًا لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ وَلِأَنَّهُ تَوَلَّدَ مِنْ مَأْمُورٍ بِهِ وَقِيَاسًا عَلَى مَا قَالُوهُ مِنْ جَوَازِ وَضْعِ يَدِهِ فِي الطَّعَامِ وَنَحْوِهِ إذَا كَانَ بِهَا نَجَاسَةٌ مَعْفُوٌّ عَنْهَا كَدَمِ الْبَرَاغِيثِ (قَوْلُهُ: بِشَعْرٍ نَجِسٍ) أَيْ وَلَوْ مِنْ مُغَلَّظٍ وَيَظْهَرُ الْعَفْوُ عَنْهُ أَيْضًا فِي غَيْرِ الْخِفَافِ مِمَّا لَا يَتَيَسَّرُ خَرْزُهُ إلَّا بِهِ (قَوْلُهُ: الْفَرْضُ فِيهِ) أَيْ الْخُفِّ الْمَخْرُوزِ بِالشَّعْرِ النَّجِسِ. (قَوْلُهُ: كَوْنُهُ قَوِيًّا) الْوَجْهُ اعْتِبَارُ الْقُوَّةِ مِنْ الْحَدَثِ بَعْدَ اللِّبْسِ، لِأَنَّ بِهِ دُخُولَ وَقْتِ الْمَسْحِ حَتَّى لَوْ أَمْكَنَ تَرَدُّدُ الْمُقِيمِ فِيهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً مِنْ وَقْتِ اللِّبْسِ لَا مِنْ وَقْتِ الْحَدَثِ لَمْ يَكْفِ م ر سم عَلَى بَهْجَةٌ. وَيَنْبَغِي أَنَّ ضَعْفَهُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ لَا يَضُرُّ إذَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الصَّلَاحِيَّةِ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ: وَلِحَاجَةِ يَوْمٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ اعْتِبَارُ حَوَائِجِ السَّفَرِ فِي حَقِّ الْمُقِيمِ. وَقَالَ حَجّ: تَنْبِيهٌ: أَخَذَ ابْنُ الْعِمَادِ مِنْ قَوْلِهِمْ هُنَا لِمُسَافِرٍ بَعْدَ ذِكْرِهِمْ لَهُ وَلِلْمُقِيمِ أَنَّ الْمُرَادَ التَّرَدُّدُ لِحَوَائِجِ سَفَرِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِلْمُقِيمِ، وَسَفَرُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِغَيْرِهِ، وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّ تَعْبِيرَهُمْ بِالْمُسَافِرِ هُنَا لِلْغَالِبِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ فِي الْمُقِيمِ تَرَدُّدُهُ لِحَاجَةِ إقَامَتِهِ الْمُعْتَادَةِ غَالِبًا كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا تَقْدِيرُ سَفَرِهِ وَحَوَائِجِهِ لَهُ وَاعْتِبَارُ تَرَدُّدِهِ لَهَا فَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ مَا قَرَّرْته فَتَأَمَّلْهُ. ثُمَّ رَأَيْت فِي بَعْضِ هَوَامِشِ الشَّارِحِ مِنْ مَنَاهِيهِ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ: وَلِحَاجَةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إنْ كَانَ مُقِيمًا: أَيْ حَاجَةُ الْمُقِيمِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ حَاجَةِ الْمُسَافِرِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مُقِيمًا) هَلْ يُشْتَرَطُ صَلَاحِيَّتُهُ لِلتَّرَدُّدِ فِيهِ تِلْكَ الْمُدَّةِ حَتَّى فِي آخِرِهَا أَمْ يَكْفِي صَلَاحِيَّتُهُ فِي الِابْتِدَاءِ حَتَّى وَلَوْ لَمْ تُوجَدْ آخِرُهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي مَعَ مُلَاحَظَةِ قُوَّتِهِ لِمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ: سُهُولَةً وَصُعُوبَةً) أَيْ بِأَنْ تَكُونَ مُتَوَسِّطَةً بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: وَمُفْرِطُ سَعَةٍ) أَيْ مَا لَمْ يَضِقْ عَنْ قُرْبٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَقُولُ إلَخْ) أَقُولُ: يُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ بَابِ الْأَمْرِ بِشَيْءٍ مُقَيَّدٍ إذْ لَا أَمْرَ هُنَا، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الْإِخْبَارِ وَبَيَانِ شُرُوطِ الشَّيْءِ، فَإِذَا أَخْبَرَ بِأَنَّ شَرْطَهُ اللِّبْسُ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ عُلِمَ أَنَّ اللِّبْسَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ لَا يَكْفِي فِيهِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَوْلُهُ: إذَا لَمْ تَكُنْ الْحَالُ إلَخْ، بَقِيَ أَنَّهُ مِنْ أَيْنَ الْأَمْرُ بِهَذِهِ الْأَحْوَالِ فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ الْمُتَبَادَرُ مِنْ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [يُشْتَرَطُ فِي الْخُفِّ كَوْنُهُ قَوِيًّا يُمْكِنُ تَتَابُعُ الْمَشْيِ فِيهِ] قَوْلُهُ: لِقُوَّتِهِ) الْأَصْوَبُ حَذْفُهُ إذْ الْمَتْنُ لَيْسَ قَاصِرًا عَلَى ذَلِكَ، وَسَيَأْتِي مَا أَخْرَجَهُ الْمَتْنُ (قَوْلُهُ: وَلَا ثَقِيلَ) هُوَ وَمَا بَعْدَهُ مُحْتَرَزُ الْمَتْنِ لَوْلَا قَوْلُ الشَّارِحِ لِقُوَّتِهِ فَوَجَبَ حَذْفُهُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فَمِنْ أَيْنَ يَلْزَمُ الْأَمْرُ إلَخْ) هَذَا السُّؤَالُ

أَمَّا إذَا كَانَتْ مِنْ نَحْوِ ذَلِكَ نَحْوُ حُجَّ مُفْرَدًا وَادْخُلْ مَكَّةَ مُحْرِمًا فَهِيَ مَأْمُورٌ بِهَا، وَمَا هُنَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ (قِيلَ وَحَلَالًا) فَلَا يُجْزِئُ عَلَى مَغْصُوبٍ وَمَسْرُوقٍ مُطْلَقًا، وَلَا عَلَى خُفٍّ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ حَرِيرٍ لِرَجُلٍ، لِأَنَّ الْمَسْحَ جُوِّزَ لِحَاجَةِ الِاسْتِدَامَةِ وَهَذَا مَأْمُورٌ بِنَزْعِهِ، وَلِأَنَّ الْمَسْحَ رُخْصَةٌ وَهِيَ لَا تُنَاطُ بِالْمَعَاصِي. وَالْأَصَحُّ الْجَوَازُ قِيَاسًا عَلَى الْوُضُوءِ بِمَاءٍ مَغْصُوبٍ، وَالصَّلَاةُ فِي مَكَان مَغْصُوبٍ لِأَنَّ الْخُفَّ يُسْتَوْفَى بِهِ الرُّخْصَةُ، لَا أَنَّهُ الْمُجَوِّزُ لَهَا بِخِلَافِ مَنْعِ الْقَصْرِ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ إذْ الْمُجَوِّزُ لَهُ السَّفَرُ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْمُحْتَرَمِ وَلَمْ يَجُزْ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ ثَمَّ لِمَعْنًى قَائِمٍ بِالْآلَةِ بِخِلَافِهِ هُنَا. وَلَوْ اتَّخَذَ خُفًّا مِنْ نَحْوِ جِلْدِ آدَمِيٍّ صَحَّ الْمَسْحُ عَلَيْهِ نَظِيرَ مَا مَرَّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اتَّخَذَ الْمُحْرِمُ خُفًّا وَأَرَادَ الْمَسْحَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبَعًا لِجَمْعٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ أَنَّ الْمُحْرِمَ مَنْهِيٌّ عَنْ اللِّبْسِ مِنْ حَيْثُ هُوَ اللِّبْسُ فَصَارَ كَالْخُفِّ الَّذِي لَا يُمْكِنُ تَتَابُعُ الْمَشْيِ فِيهِ، وَالنَّهْيُ عَنْ لِبْسِ الْمَغْصُوبِ وَنَحْوِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُتَعَدٍّ بِاسْتِعْمَالِ مَالِ غَيْرِهِ (وَلَا يُجْزِئُ مَنْسُوجٌ لَا يَمْنَعُ مَاءً) أَيْ نُفُوذَ مَاءِ الْغُسْلِ إلَى الرِّجْلِ مِنْ غَيْرِ مَحِلِّ الْخَرْزِ لَوْ صُبَّ عَلَيْهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِعَدَمِ صَفَاقَتِهِ، إذْ الْغَالِبُ مِنْ الْخِفَافِ الْمُنْصَرِفِ إلَيْهَا نُصُوصُ الْمَسْحِ مَنْعُهَا نُفُوذَهُ فَيَبْقَى الْغَسْلُ وَاجِبًا فِيمَا سِوَاهَا. وَالثَّانِي يُجْزِئُ كَالْمُتَخَرِّقِ ظِهَارَتُهُ مِنْ مَحِلٍّ وَبِطَانَتُهُ مِنْ آخَرَ مِنْ غَيْرِ تَحَاذٍ، وَلَا بُدَّ فِي صِحَّتِهِ أَنْ يُسَمَّى خُفًّا، فَلَوْ لَفَّ قِطْعَةَ أُدْمٍ عَلَى رِجْلَيْهِ وَأَحْكَمَهَا بِالشَّدِّ وَأَمْكَنَهُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ عَلَيْهَا لَمْ يَصِحَّ الْمَسْحُ عَلَيْهَا لِعُسْرِ إزَالَتِهِ وَإِعَادَتِهِ عَلَى هَيْئَتِهِ مَعَ اسْتِيفَازِ الْمُسَافِرِ فَلَا يَحْصُلُ لَهُ الِارْتِفَاقُ الْمَقْصُودُ. وَاسْتَغْنَى الْمُصَنِّفُ عَنْ ذِكْرِهِ اكْتِفَاءً بِقَوْلِهِ أَوَّلَ الْبَابِ يَجُوزُ لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِيهِ يَعُودُ عَلَى الْخُفِّ فَخَرَجَ غَيْرُهُ (وَلَا) يُجْزِئُ (جُرْمُوقَانِ فِي الْأَظْهَرِ) وَالْجُرْمُوقُ بِضَمِّ الْجِيمِ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ: شَيْءٌ كَالْخُفِّ فِيهِ وُسْعٌ يُلْبَسُ فَوْقَ الْخُفِّ، وَأَطْلَقَ الْفُقَهَاءُ أَنَّهُ خُفٌّ فَوْقَ خُفٍّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاسِعًا لِتَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِهِ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ أَنَّهُ يُجْزِئُ لِأَنَّ شِدَّةَ الْبَرْدِ قَدْ تُحْوِجُ إلَى لِبْسِهِ، وَفِي نَزْعِهِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ لِيَمْسَحَ عَلَى الْأَسْفَلِ مَشَقَّةٌ، وَمَنَعَ الْأَوَّلَ الْمَشَقَّةُ فِي ذَلِكَ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ إدْخَالِ يَدِهِ بَيْنَهُمَا وَمَسْحِ الْأَسْفَلِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا غَيْرَ صَالِحَيْنِ لِلْمَسْحِ لَمْ يَجُزْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَطْعًا، فَإِنْ صَلُحَ الْأَعْلَى دُونَ الْأَسْفَلِ صَحَّ الْمَسْحُ عَلَيْهِ، وَالْأَسْفَلُ كَلُفَافَةٍ أَوْ الْأَسْفَلِ دُونَ الْأَعْلَى وَلَمْ يَصِلْ الْبَلَلُ لِلْأَسْفَلِ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ وَصَلَ إلَيْهِ لَا بِقَصْدِ الْأَعْلَى صَحَّ وَحْدَهُ، وَيَجْرِي التَّفْصِيلُ أَيْضًا فِي الْقَوِيَّيْنِ بِأَنْ يَصِلَ لِلْأَسْفَلِ مِنْ مَحِلِّ خَرْزِ الْأَعْلَى، وَلَوْ تَخَرَّقَ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ) كَأَنَّ قَوْلَهُ: إنَّ السَّاتِرَ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ نَوْعِ الْخُفِّ، وَأَنَّهَا أَوْصَافٌ لِلْخُفِّ الْمَأْمُورِ بِلِبْسِهِ بَعْدَ الطُّهْرِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ وَشَرْطُ الْخُفِّ لِبْسُهُ بَعْدَ طُهْرٍ فِي مَعْنًى: وَيَجِبُ لِبْسُ الْخُفِّ بَعْدَ الطُّهْرِ لِيَصِحَّ الْمَسْحُ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ الْجَوَازُ) أَيْ فِي الْمَغْصُوبِ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ الذَّهَبِ إلَخْ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: نَظِيرُ الْخُفِّ الْمَغْصُوبِ غَسْلُ الرِّجْلِ الْمَغْصُوبَةِ وَصُورَتُهَا أَنْ يَجِبَ قَطْعُهَا فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ اهـ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ عَلَى التَّحْرِيرِ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِأَنْ يَقْطَعَ رِجْلَ غَيْرِهِ مَثَلًا وَيُلْصِقَهَا بِرِجْلِهِ وَتَحِلُّهَا الْحَيَاةُ فَيَصِحُّ الْمَسْحُ عَلَيْهَا وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ التَّقْيِيدِ بِحُلُولِ الْحَيَاةِ وَيُكْتَفَى بِاتِّصَالِ مَا وَصَلَهُ بِرِجْلِهِ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ الْمَشْيُ عَلَيْهِ لِحَوَائِجِهِ لِتَنْزِيلِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَنْزِلَةَ الرِّجْلِ الْأَصْلِيَّةِ. (قَوْلُهُ: مِنْ نَحْوِ جِلْدِ آدَمِيٍّ) أَيْ وَلَوْ مُحْتَرَمًا (قَوْلُهُ: صَحَّ الْمَسْحُ عَلَيْهِ) قَدْ يُقَالُ يُشْكِلُ هَذَا بِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ لِبْسِهِ لِمَعْنًى قَائِمٍ بِهِ فَهُوَ كَالِاسْتِنْجَاءِ بِالْمُحْتَرَمِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: هُوَ وَإِنْ كَانَ لِمَعْنًى قَائِمٍ بِهِ لَكِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ لِبْسِهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ لِبْسًا بَلْ مِنْ حَيْثُ إهَانَةُ صَاحِبِهِ فَهُوَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ وَمَعَ ذَلِكَ فِيهِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: بِاسْتِعْمَالِ مَالِ غَيْرِهِ) أَيْ فِي الْمَغْصُوبِ وَبِاسْتِعْمَالِ مَا يُؤَدِّي إلَى الْخُيَلَاءِ وَتَضْيِيقِ النَّقْدَيْنِ فِي الذَّهَبِ وَنَحْوِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ فِي صِحَّتِهِ) أَيْ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْوَجْهَيْنِ، وَيُمْكِنُ اسْتِفَادَةُ ذَلِكَ مِنْ الْمَتْنِ بِأَنْ يَجْعَلَ قَوْلَهُ مَنْسُوجٌ صِفَةُ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ، وَالْأَصْلُ وَلَا يُجْزِئُ خُفٌّ مَنْسُوجٌ، وَأَشَارَ إلَى ذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَاسْتَغْنَى الْمُصَنِّفُ عَنْ ذِكْرِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَنْ ذِكْرِهِ) أَيْ ذِكْرِ قَوْلِهِ وَلَا بُدَّ فِي صِحَّتِهِ أَنْ يُسَمَّى خُفًّا. (قَوْلُهُ: لَا بِقَصْدِ الْأَعْلَى إلَخْ) بِأَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْجَوَابُ فِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: لِمَعْنًى قَائِمٍ بِالْآلَةِ) فِي هَذَا الْفَرْقِ وَقْفَةٌ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ: وَأَطْلَقَ الْفُقَهَاءُ أَنَّهُ خُفٌّ فَوْقَ خُفٍّ إلَخْ)

الْأَسْفَلُ مِنْ الْقَوِيَّيْنِ وَهُوَ بِطُهْرٍ لَبِسَهُمَا مَسَحَ عَلَى الْأَعْلَى لِصَيْرُورَتِهِ أَصْلًا، وَالْأَسْفَلُ كَاللِّفَافَةِ أَوْ وَهُوَ مُحْدِثٌ فَلَا، أَوْ وَهُوَ عَلَى طَهَارَةِ الْمَسْحِ جَازَ لَهُ الْمَسْحُ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَى طَهَارَةِ اللِّبْسِ وِفَاقًا لَلْحِجَازِيِّ فِي مُخْتَصَرِ الرَّوْضَةِ، وَالْخُفُّ ذُو الطَّاقَيْنِ غَيْرِ الْمُلْتَصِقَيْنِ كَالْجُرْمُوقَيْنِ، قَالَهُ الْبَغَوِيّ. قَالَ: وَعِنْدِي يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْأَعْلَى فَقَطْ لِأَنَّ الْجَمِيعَ خُفٌّ وَاحِدٌ فَمَسْحُ الْأَسْفَلِ كَمَسْحِ بَاطِنِ الْخُفِّ اهـ. وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْأَسْفَلَ إنْ كَانَ مُتَّصِلًا بِالْأَعْلَى بِخِيَاطَةٍ وَنَحْوِهَا فَهُوَ كَالْبِطَانَةِ، وَيُحْمَلُ كَلَامُ الْبَغَوِيّ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَالْأَعْلَى كَالْجُرْمُوقِ وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَيْهِ. وَلَوْ لَبِسَ خُفًّا عَلَى جَبِيرَةٍ لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ عَلَيْهِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ لِأَنَّهُ مَلْبُوسٌ فَوْقَ مَمْسُوحٍ كَالْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ الْمَسْحِ عَلَيْهِ لَوْ تَحَمَّلَ الْمَشَقَّةَ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ وَضَعَ الْجَبِيرَةَ ثُمَّ لَبِسَ الْخُفَّ لِانْتِفَاءِ مَا ذُكِرَ، لَكِنْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِعَدَمِ جَوَازِ الْمَسْحِ لِمَا ذُكِرَ. وَلَا شَكَّ أَنَّ الْجَبِيرَةَ لَا تَكُونُ إلَّا مَمْسُوحَةً بِمَعْنَى أَنَّ وَاجِبَهَا الْمَسْحُ فَشَمِلَ ذَلِكَ وَضْعَهَا عَلَى الْغَسْلِ الْمَذْكُورِ (وَيَجُوزُ مَشْقُوقُ قَدَمٍ شُدَّ بِالْعُرَى فِي الْأَصَحُّ) بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ شَيْءٌ مِنْ مَحِلِّ الْفَرْضِ لِحُصُولِ السَّتْرِ وَسُهُولَةِ الِارْتِفَاقِ بِهِ فِي الْإِزَالَةِ وَالْإِعَادَةِ، فَإِنْ لَمْ يُشَدَّ بِالْعُرَى لَمْ يَكْفِ لِظُهُورِ مَحِلِّ الْفَرْضِ إذَا مَشَى ـــــــــــــــــــــــــــــSقَصَدَهُمَا أَوْ الْأَسْفَلَ وَحْدَهُ أَوْ أَطْلَقَ. قَالَ سم عَلَى حَجّ: وَمِثْلُ قَصْدِ الْأَعْلَى فَقَطْ قَصْدُ وَاحِدٍ لَا بِعَيْنِهِ: أَيْ لِأَنَّ قَصْدَ وَاحِدٍ لَا بِعَيْنِهِ هُوَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ، وَهُوَ يُوجَدُ فِي قَصْدِ الْأَعْلَى وَحْدَهُ وَفِي غَيْرِهِ، فَلَمَّا صَدَقَ بِمَا لِتَبْطُلَ وَمَا لَا لِتَبْطُلَ حَمَلَ عَلَى الثَّانِي احْتِيَاطًا، وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ الْمَسْحِ هُوَ مَسَحَ الْأَسْفَلَ أَوْ الْأَعْلَى هَلْ يُعْتَدُّ بِمَسْحِهِ فَلَا يُكَلَّفُ إعَادَتُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ الصِّحَّةُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ حَيْثُ كَانَ الشَّكُّ بَعْدَ مَسْحِهِمَا جَمِيعًا، فَلَوْ كَانَ بَعْدَ مَسْحِ وَاحِدَةٍ وَشَكَّ هَلْ مَسَحَ الْأَعْلَى مِنْهَا أَوْ الْأَسْفَلَ وَجَبَ إعَادَةُ مَسْحِهَا لِأَنَّ الشَّكَّ قَبْلَ فَرَاغِ الْوُضُوءِ مُؤَثِّرٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ، وَلَوْ شَكَّ فِي تَطْهِيرِ عُضْوٍ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ طُهْرِهِ طَهَّرَهُ وَمَا بَعْدَهُ أَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ لَمْ يُؤَثِّرْ (قَوْلُهُ: أَوْ وَهُوَ مُحْدِثٌ فَلَا) أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّ وُجُودَ الْأَعْلَى عِنْدَ تَخَرُّقِ الْأَسْفَلِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ ابْتِدَاءِ اللِّبْسِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى طَهَارَةِ اللِّبْسِ أَوْ الْمَسْحِ كَانَ كَاللِّبْسِ عَلَى طَهَارَةٍ الْآنَ وَهُوَ كَافٍ، وَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا كَانَ كَاللِّبْسِ عَلَى حَدَثٍ فَلَا يَكْفِي (قَوْلُهُ: وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَيْهِ) فِي هَذَا الْحَمْلِ بَعْدَ قَوْلِهِ أَوَّلًا مُلْتَصِقَيْنِ بَعْدَ فَتَأَمَّلْهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: يَكْفِي فِي عَدَمِ الِالْتِصَاقِ خِيَاطَةُ طَرَفِ الْبِطَانَةِ فِي الظِّهَارَةِ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ مَعَ ذَلِكَ عَلَى الْبَاقِي عَدَمُ الِالْتِصَاقِ (قَوْلُهُ: فَوْقَ مَمْسُوحٍ) أَيْ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُمْسَحَ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَتْ الْجَبِيرَةُ لَا يَجِبُ مَسْحُهَا لِعَدَمِ أَخْذِهَا شَيْئًا مِنْ الصَّحِيحِ كَمَا قَالَهُ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ سم عَلَى بَهْجَةٌ. لَكِنَّ عِبَارَةَ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَلْبُوسٌ فَوْقَ مَمْسُوحٍ، قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِبْ مَسْحُهَا بِأَنْ لَمْ تَأْخُذْ مِنْ الصَّحِيحِ شَيْئًا لَمْ يَمْتَنِعْ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ الْمَلْبُوسِ عَلَيْهَا اهـ. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى أَنَّ وَاجِبَهَا الْمَسْحُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَأْخُذْ مِنْ الصَّحِيحِ شَيْئًا لَا يَمْتَنِعُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ لِعَدَمِ وُجُوبِ مَسْحِهَا حِينَئِذٍ، وَيُجْزِي عَنْهَا التَّيَمُّمُ. ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الزِّيَادِيَّ جَرَى عَلَى هَذِهِ الْقَضِيَّةِ فِي حَاشِيَتِهِ وَنَصُّهَا: قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَلْبُوسٌ إلَخْ، قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِبْ مَسْحُهَا بِأَنْ لَمْ تَأْخُذْ مِنْ الصَّحِيحِ شَيْئًا لَمْ يَمْتَنِعْ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ الْمَلْبُوسِ عَلَيْهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ غَسَلَ مَا تَحْتَهَا ثُمَّ وَضَعَهَا فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ الْمَلْبُوسِ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِمَسْحِهَا بَعْدَ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQصَرِيحُ هَذَا خُصُوصًا مَعَ النَّظَرِ لِمَا قَبْلَهُ أَنَّ الْجُرْمُوقَ اسْمٌ لِلْأَعْلَى بِشَرْطِ أَسْفَلَ، وَحِينَئِذٍ فَالتَّثْنِيَةُ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ بِاعْتِبَارِ تَعَدُّدِهِ فِي الرِّجْلَيْنِ، لَكِنَّ صَرِيحَ كَلَامِ غَيْرِهِ خِلَافُهُ، وَأَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَعْلَى، وَالْأَسْفَلِ يُسَمَّى جُرْمُوقًا، وَعَلَيْهِ فَالتَّثْنِيَةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُنَزَّلَةٌ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْبَغَوِيّ) أَيْ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ

وَلَوْ فُتِحَتْ الْعُرَى بَطَلَ الْمَسْحُ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْ الرِّجْلِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ إذَا مَشَى ظَهَرَ، وَيَكْفِي فِي جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَيْهِ الْمَعْنَى الْمَوْجُودُ فِي الْخُفِّ لِأَنَّا لَا نُعَوِّلُ عَلَى مُجَرَّدِ التَّسْمِيَةِ فَقَطْ بَلْ لَا بُدَّ مَعَهَا مِنْ مُرَاعَاةِ الْعِلَّةِ. وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ فَلَا يَكْفِي الْمَسْحُ عَلَيْهِ. (وَيُسَنُّ مَسْحُ) ظَاهِرِ (أَعْلَاهُ) السَّاتِرِ لِظَهْرِ الْقَدَمِ (وَأَسْفَلِهِ) وَحَرْفِهِ وَعَقِبِهِ (خُطُوطًا) لِأَثَرِ ابْنِ عُمَرَ فِي الْأَوَّلِينَ وَقِيَاسًا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ، وَالْأَوْلَى وَضْعُ أَصَابِعِ يُمْنَى يَدَيْهِ مُنْفَرِجَةً عَلَى ظَهْرِ مُقَدَّمِ الْخُفِّ وَالْيُسْرَى عَلَى أَسْفَلِ الْعَقِبِ وَإِمْرَارُهُمَا، فَتَنْتَهِي أَصَابِعُ الْيُمْنَى إلَى آخِرِ السَّاقِ وَالْيُسْرَى إلَى مُقَدَّمِ بَطْنِ الْخُفِّ وَلَا يُسْتَحَبُّ اسْتِيعَابُهُ، وَيُكْرَهُ تَكْرَارُ مَسْحِهِ وَإِنْ أَجْزَأَ وَغَسْلُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ يَعِيبُهُ وَيُفْسِدُهُ. وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ فِي نَحْوِ الْخَشَبِ وَهُوَ كَذَلِكَ (وَيَكْفِي مُسَمَّى مَسْحٍ) كَمَسْحِ الرَّأْسِ وَلَوْ بِعُودٍ أَوْ وَضَعَ يَدَهُ الْمُبْتَلَّةِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُمِرَّهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ لِوُرُودِ الْمَسْحِ مُطْلَقًا وَلَمْ يَصِحَّ فِي تَقْدِيرِهِ شَيْءٌ فَتَعَيَّنَ الِاكْتِفَاءُ بِمَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ، وَلَا بُدَّ أَنْ (يُحَاذِيَ) أَيْ يُقَابِلَ (الْفَرْضَ) مِنْ ظَاهِرِهِ، لَا بَاطِنِهِ الْمُلَاقِي لِلْبَشَرَةِ فَلَا يَكْفِي بِالِاتِّفَاقِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSوَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ سم عَلَى بَهْجَةٌ (قَوْلُهُ: الْمَعْنَى الْمَوْجُودُ) وَهُوَ سُهُولَةُ الِارْتِفَاقِ فِي الْمَشْيِ بِهِ مَعَ اسْتِيفَاءِ شُرُوطِهِ (قَوْلُهُ: وَالْيُسْرَى عَلَى أَسْفَلَ إلَخْ) لَا يَظْهَرُ مِنْ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ شُمُولُ الْمَسْحِ لِلْعَقِبِ، إلَّا أَنْ يُرَادَ بِأَسْفَلِهِ وَضْعُ الْيَدِ عَلَى مُؤَخَّرِ الْعَقِبِ بِحَيْثُ يَسْتَوْعِبُهُ بِالْمَسْحِ، وَمَعْنَى جَعْلِ ذَلِكَ أَسْفَلَهُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ السَّاقِ مَثَلًا. هَذَا وَجَعَلَ الْبَكْرِيُّ ذَلِكَ مُفِيدًا لِدُخُولِهِ حَيْثُ قَالَ قَوْلُهُ: تَحْتَ الْعَقِبِ إشَارَةٌ إلَى اسْتِحْبَابِ مَسْحِ الْعَقِبِ وَلَا يُشْعِرُ بِهِ الْمَتْنُ اهـ. وَفِي جَعْلِهِ مُفِيدًا لَهُ تَأَمُّلٌ كَمَا عَلِمْته، وَكَذَا لَا تُفِيدُ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ إدْخَالَ الْحَرْفِ (قَوْلُهُ: فَتَنْتَهِي أَصَابِعُ الْيُمْنَى إلَى آخِرِ السَّاقِ) قَضِيَّةُ قَوْلِهِ إلَى آخِرِ السَّاقِ اسْتِحْبَابُ التَّحْجِيلِ لِأَنَّ آخِرَ السَّاقِ مَا يَلِي الرُّكْبَةَ، كَذَا قِيلَ، وَقَدْ يُمْنَعُ أَنَّ آخِرَهُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا آخِرُهُ مَا يَلِي الْقَدَمَ لِأَنَّ مَا وَضَعَهُ عَلَى الِانْتِصَابِ يَكُونُ أَعْلَاهُ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ أَسْفَلُهُ، فَأَعْلَى الْآدَمِيِّ رَأْسُهُ، وَآخِرُهُ رِجْلَاهُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْجَزَرِيَّةِ. ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ قَالَ: إنَّهُ كَانَ ظَهَرَ لَنَا اسْتِحْبَابُ التَّحْجِيلِ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الْمَجْمُوعِ التَّصْرِيحَ بِخِلَافِهِ اهـ بِالْمَعْنَى فَرَاجِعْهُ، وَقَوْلُهُ: إلَى آخِرِ السَّاقِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ الْآخِرَ مِنْ جِهَةِ الْقَدَمِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْآخِرِ الْأَعْلَى إشَارَةً إلَى التَّحْجِيلِ حَرَّرَهُ، وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ إلَى السَّاقِ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَهِيَ تُفِيدُ عَدَمَ اسْتِحْبَابِ التَّحْجِيلِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا نَقَلَهُ عَنْ الْمَجْمُوعِ فَيُحْمَلُ آخِرُ السَّاقِ عَلَى مَا يَلِي الْقَدَمَ مِنْهُ وَهُوَ مَدْلُولُهُ عَلَى مَا فِي شَرْحِ الْجَزَرِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُسْتَحَبُّ اسْتِيعَابُهُ) قَضِيَّةُ الِاقْتِصَارِ عَلَى نَفْيِ الِاسْتِحْبَابِ أَنَّهُ مُبَاحٌ وَلَيْسَ مَكْرُوهًا، وَلَا خِلَافَ الْأَوْلَى، وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ فَاسْتِيعَابُهُ بِالْمَسْحِ خِلَافُ الْأَوْلَى، ثُمَّ الْقَوْلُ بِعَدَمِ الِاسْتِحْبَابِ قَدْ يُشْكِلُ بِأَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ كَمَا قَالَهُ ع وُجُوبُ الِاسْتِيعَابِ إلَّا مَوَاضِعَ الْغُضُونِ، فَالْقِيَاسُ نَدْبُهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ مَا قُلْنَاهُ مِنْ عَدَمِ الِاسْتِيعَابِ هُوَ الْوَارِدُ فِي الْأَخْبَارِ الْمُصَرِّحَةِ بِأَنَّهُ: أَيْ الْمَسْحَ كَانَ خُطُوطًا وَهُوَ دَالٌّ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ يَعِيبُهُ) فَإِنْ قُلْت: التَّعَيُّبُ إتْلَافٌ لِلْمَالِ فَهَلَّا حُرِّمَ الْغَسْلُ وَالتَّكْرَارُ؟ قُلْت: لَيْسَ التَّعْيِيبُ مُحَقَّقًا، وَلَوْ سَلِمَ فَقَدْ يُقَالُ لَمَّا كَانَ هُنَا لِغَرَضِ أَدَاءِ الْعِبَادَةِ كَانَ مُغْتَفَرًا وَلَمْ يَحْرُمْ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لَا بَاطِنَهُ) قَدْ يُفِيدُ إجْزَاءَ الْمَسْحِ عَلَى مُحَاذَى الْكَعْبَيْنِ لِكَوْنِهِمَا لَيْسَا مِنْ الْبَاطِنِ وَلَا مَا ذُكِرَ مَعَهُ مِنْ صُوَرِ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ، وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ عَلَى مَا نَقَلَهُ سم عَنْهُ، وَعِبَارَتُهُ قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَيَكْفِي مَسْحُ الْكَعْبِ وَمَا يُوَازِيهِ فِي الْفَرْضِ غَيْرُ الْعَقِبِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ، خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ جَمْعٍ مِنْ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَا بُدَّ مَعَهَا) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ الِاسْمِ فَيَقْتَضِي خِلَافَ مَا ذَكَرَهُ، وَصَرِيحُ الْمَتْنِ أَنَّهُ يُسَمَّى خُفًّا وَصَرَّحَ بِهِ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَجْزَأَ) لَمْ يَظْهَرْ لِي مَوْقِعُ هَذِهِ الْغَايَةِ، وَهُوَ تَابِعٌ فِيهَا لِشَرْحِ الْإِرْشَادِ

وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ شَعْرٌ لَمْ يَكْفِ الْمَسْحُ عَلَيْهِ جَزْمًا، بِخِلَافِ الرَّأْسِ فَإِنَّ الشَّعْرَ مِنْ مُسَمَّاهُ، إذْ الرَّأْسُ لِمَا رَأَسَ وَعَلَا، وَهُوَ صَادِقٌ عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ شَعْرِ الْخُفِّ فَلَا يُسَمَّى خُفًّا (إلَّا أَسْفَلُ الرِّجْلِ وَعَقِبِهَا فَلَا) يَكْفِي (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِعَدَمِ وُرُودِ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ، وَالرُّخْصَةُ يَجِبُ فِيهَا الِاتِّبَاعُ. وَالثَّانِي يَكْفِي قِيَاسًا عَلَى الْأَعْلَى، وَالْعَقِبُ مُؤَخَّرُ الْقَدَمِ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْقَافِ، وَيَجُوزُ إسْكَانُ الْقَافِ مَعَ فَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا. (قُلْت: حَرْفُهُ كَأَسْفَلِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي عَدَمِ الرُّؤْيَةِ غَالِبًا. (وَلَا مَسْحَ لِشَاكٍّ فِي بَقَاءِ الْمُدَّةِ) كَأَنْ نَسِيَ ابْتِدَاءَهَا أَوْ أَنَّهُ مَسَحَ حَضَرًا أَوْ سَفَرًا لِأَنَّ الْمَسْحَ رُخْصَةٌ، فَإِذَا شَكَّ فِيهَا رَجَعَ لِلْأَصْلِ وَهُوَ الْغَسْلُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الشَّكَّ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي مَنْعِ الْمَسْحِ لَا أَنَّهُ يَقْتَضِي الْحُكْمَ بِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، فَلَوْ زَالَ الشَّكُّ وَتَحَقَّقَ بَقَاءُ الْمُدَّةِ جَازَ الْمَسْحُ، وَعَلَيْهِ لَوْ كَانَ مَسَحَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي عَلَى الشَّكِّ فِي أَنَّهُ مَسَحَ فِي الْحَضَرِ أَوْ السَّفَرِ وَصَلَّى ثُمَّ زَالَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَعَلِمَ أَنَّ ابْتِدَاءَهُ وَقَعَ فِي السَّفَرِ فَعَلَيْهِ إعَادَةُ صَلَاةِ الْيَوْمِ الثَّانِي لِأَنَّهُ صَلَّاهَا مَعَ الشَّكِّ، وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِالْمَسْحِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ لِعِلْمِهِ بِبَقَاءِ الْمُدَّةِ، ثُمَّ إنْ كَانَ مَسَحَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يُحْدِثْ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْيَوْمَ الثَّالِثَ بِذَلِكَ الْمَسْحِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَحْدَثَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي لَكِنَّهُ مَسَحَ فِيهِ عَلَى الشَّكِّ وَجَبَ عَلَيْهِ إعَادَةُ مَسْحِهِ، وَيَجُوزُ لَهُ إعَادَةُ صَلَوَاتِ الْيَوْمِ الثَّانِي بِالْمَسْحِ الْوَاقِعِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ. (فَإِنْ أَجْنَبَ وَجَبَ) عَلَيْهِ (تَجْدِيدُ لِبْسِ) أَيْ إنْ أَرَادَ الْمَسْحَ وَمِثْلُهُ كُلُّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغَسْلُ لِحَدَثٍ أَكْبَرَ كَحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ لِمَا صَحَّ مِنْ خَبَرِ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا كُنَّا مُسَافِرِينَ أَوْ سَفْرًا أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيِهِنَّ إلَّا مِنْ جَنَابَةٍ» وَقِيسَ بِهِ الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ وَالْوِلَادَةُ وَلِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَكْثُرُ وُقُوعُهُ فَلَا يَشُقُّ النَّزْعُ لَهُ، بِخِلَافِ الْحَدَثِ حَتَّى لَوْ غَسَلَهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSالْعِبْرَةَ بِمَا قُدَّامِ السَّاقِ إلَى رُءُوسِ الْأَظْفَارِ لَا غَيْرُ اهـ. وَكُتِبَ عَلَى الْمَنْهَجِ: لَوْ مَسَحَ بَاطِنَهُ فَنَفَذَ الْمَاءُ مِنْ مَوَاضِعَ الْخَرْزِ إلَى ظَاهِرِهِ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُجْزِئُ إنْ قَصَدَ الظَّاهِرَ أَوْ الْبَاطِنَ أَوْ أَطْلَقَ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ الْبَاطِنَ فَقَطْ، وَكَذَا يُقَالُ إذَا مَسَحَ الشَّعْرَ الَّذِي بِظَاهِرِ الْخُفِّ فَأَصَابَ الْمَاءُ بَقِيَّةَ الْخُفِّ، وَقُلْنَا إنْ مَسَحَ الشَّعْرَ لَا يَكْفِي فَتَأَمَّلْ اهـ. وَقِيَاسُ مَا مَرَّ عَنْهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ أَحَدَ الْجُرْمُوقَيْنِ لَا بِعَيْنِهِ لَمْ يَكْفِ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ. [فَرْعٌ] هَلْ يَكْفِي الْمَسْحُ عَلَى الْخَيْطِ الَّذِي خِيطَ بِهِ الْخُفُّ سَوَاءٌ كَانَ جِلْدًا أَوْ كَتَّانًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ لَا يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ لِأَنَّهُ صَارَ يُعَدُّ مِنْ جُمْلَتِهِ، وَهَلْ يَكْفِي الْمَسْحُ عَلَى الْأَزْرَارِ وَالْعُرَى الَّتِي لِلْخُفِّ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَلَا يَبْعُدُ أَيْضًا الِاكْتِفَاءُ إذَا كَانَتْ مُثَبَّتَةً فِيهِ بِنَحْوِ الْخِيَاطَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ شَعْرٌ لَمْ يَكْفِ عَلَيْهِ الْمَسْحُ جَزْمًا) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: لِمَا رَأَسَ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: رَأَسَ فُلَانٌ الْقَوْمَ يَرْأَسُهُمْ بِالْفَتْحِ رِآسَةٌ فَهُوَ رَئِيسٌ وَيُقَالُ رَيِّسٌ بِوَزْنِ قَيِّمٍ اهـ (قَوْلُهُ: فَلَا يُسَمَّى خُفًّا) زَادَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذَكَرَ عَنْ م ر، وَقَدْ يُقَالُ لَيْسَ الشَّعْرُ دَاخِلًا فِي حَقِيقَةِ الرَّأْسِ وَاكْتَفَى بِهِ، فَقِيَاسُهُ الِاكْتِفَاءُ بِشَعْرِ الْخُفِّ كَمَا قَالَهُ حَجّ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ وُرُودِ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَسْفَلِ وَالْعَقِبِ (قَوْلُهُ: إعَادَةُ مَسْحِهِ) أَيْ لِفِعْلِهِ أَوَّلًا مَعَ التَّرَدُّدِ (قَوْلُهُ: لِحَدَثٍ أَكْبَرَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ النَّزْعُ عَلَى مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ لِنَذْرٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا عَلَى مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ لِنَجَاسَةِ كُلِّ بَدَنِهِ أَوْ بَعْضِهِ وَاشْتُبِهَ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ. [فَائِدَةٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ شَكَّ هَلْ بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ مَا يَسَعُ الصَّلَاةَ كَامِلَةً أَمْ لَا؟ هَلْ لَهُ الْإِحْرَامُ بِهَا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالظَّاهِرُ الثَّانِي لِتَرَدُّدِهِ فِي النِّيَّةِ حَالَ الْإِحْرَامِ بِنَاءً عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ مَا لَا يَسَعُ الصَّلَاةَ وَأَحْرَمَ عَالِمًا بِذَلِكَ لَمْ يَنْعَقِدْ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ هُنَا وَتَبِعَهُ الْخَطِيبُ مِنْ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: مُسَافِرِينَ أَوْ سَفْرًا) فِي نِهَايَةِ ابْنِ الْأَثِيرِ: إذَا كُنَّا سَفْرًا أَوْ مُسَافِرِينَ، الشَّكُّ مِنْ الرَّاوِي فِي السَّفَرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[باب الغسل]

دَاخِلَ الْخُفِّ لَمْ يَكْفِهِ فِي جَوَازِ الْمَسْحِ. وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ رَدُّ مَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ مَنْ تَجَرَّدَتْ جَنَابَتُهُ عَنْ الْحَدَثِ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ فِي الْخُفِّ جَازَ لَهُ الْمَسْحُ، وَخَرَجَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ غَسْلُ بَدَنِهِ لِنَجَاسَةٍ وَجَهِلَهَا فِيهِ فَإِنَّهُ يَكْفِيهِ غَسْلُ رِجْلَيْهِ فِي الْخُفِّ، بِخِلَافٍ نَحْوَ الْجُنُبِ فَإِنَّهُ وَإِنْ غَسَلَهُمَا فِيهِ لَا بُدَّ لِصِحَّةِ مَسْحِهِ مِنْ نَزْعِهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ. (وَمَنْ) (نَزَعَ) خُفَّيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا أَوْ انْقَضَتْ مُدَّتُهُ أَوْ شَكَّ فِي بَقَائِهَا أَوْ ظَهَرَ بَعْضُ مَحِلِّ الْفَرْضِ بِتَخَرُّقٍ أَوْ غَيْرِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ (وَهُوَ بِطُهْرِ الْمَسْحِ غَسَلَ قَدَمَيْهِ) إذْ الْأَصْلُ غَسْلُهُمَا وَالْمَسْحُ بَدَلٌ فَإِذَا قَدَرَ عَلَى الْأَصْلِ زَالَ حُكْمُ الْبَدَلِ كَالتَّيَمُّمِ بَعْدَ وُجُودِ الْمَاءِ، وَلَوْ زَلْزَلَ رِجْلَهُ فِي الْخُفِّ وَلَمْ يُخْرِجْهَا عَنْ الْقَدَمِ لَمْ يَبْطُلْ مَسْحُهُ، وَلَوْ أَخْرَجَهَا مِنْ قَدَمِ الْخُفِّ إلَى السَّاقِ لَمْ يُؤَثِّرْ عَلَى النَّصِّ، وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِ. نَعَمْ لَوْ كَانَ الْخُفُّ طَوِيلًا خَارِجًا عَنْ الْعَادَةِ فَأَخْرَجَ رِجْلَهُ إلَى مَوْضِعٍ لَوْ كَانَ الْخُفُّ مُعْتَادًا لَظَهَرَ شَيْءٌ مِنْ مَحِلِّ الْفَرْضِ بَطَلَ مَسْحُهُ بِلَا خِلَافٍ، وَشَمَلَ كَلَامُهُ وُضُوءَ دَائِمِ الْحَدَثِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ حَيْثُ قَالَ: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَحِلُّ الِاكْتِفَاءِ بِغَسْلِ الْقَدَمَيْنِ بَعْدَ النَّزْعِ وَنَحْوِهِ فِي وُضُوءِ الرَّفَاهِيَةِ، أَمَّا دَائِمُ الْحَدَثِ فَيَلْزَمُهُ الِاسْتِئْنَافُ لَا مَحَالَةَ، أَمَّا لِلْفَرِيضَةِ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا لِلنَّافِلَةِ فَلِأَنَّ الِاسْتِبَاحَةَ لَا تَتَبَعَّضُ، فَإِذَا ارْتَفَعَتْ بِالنِّسْبَةِ لِلرِّجْلَيْنِ ارْتَفَعَتْ مُطْلَقًا كَذَا ظَنَنْته فَتَأَمَّلْهُ وَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا (وَفِي قَوْلٍ يَتَوَضَّأُ) لِأَنَّ الْوُضُوءَ عِبَادَةٌ يُبْطِلُهَا الْحَدَثُ فَتَبْطُلُ كُلُّهَا بِبُطْلَانِ بَعْضِهَا كَالصَّلَاةِ، وَاحْتُرِزَ بِطُهْرِ الْمَسْحِ عَنْ طُهْرِ الْغَسْلِ بِأَنْ تَوَضَّأَ وَلَبِسَ الْخُفَّ ثُمَّ نَزَعَهُ قَبْلَ الْحَدَثِ، أَوْ أَحْدَثَ وَلَكِنْ تَوَضَّأَ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ فِي الْخُفِّ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. بَابُ الْغُسْلِ هُوَ لُغَةً سَيَلَانُ الْمَاءِ عَلَى الشَّيْءِ وَشَرْعًا سَيَلَانُهُ عَلَى جَمِيعِ الْبَدَنِ بِالنِّيَّةِ فِي غَيْرِ غَسْلِ الْمَيِّتِ بِشَرَائِطَ مَخْصُوصَةٍ، وَالْأَفْصَحُ الْأَشْهَرُ فِيهِ لُغَةً فَتْحُ الْغَيْنِ وَضَمُّهَا هُوَ الْجَارِي عَلَى أَلْسِنَةِ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ، وَيُقَالُ بِالضَّمِّ لِلْمَاءِ الَّذِي يُغْتَسَلُ بِهِ، وَبِالْكَسْرِ لِمَا يُغْتَسَلُ بِهِ مِنْ سِدْرٍ وَنَحْوِهِ، وَلَا يَجِبُ فَوْرًا أَصَالَةً وَلَوْ عَلَى فَاغْتَسِلْ خِلَافًا لِابْنِ الْعِمَادِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالْمُسَافِرِينَ. السَّفْرُ جَمْعُ سَافِرٍ كَصَاحِبٍ وَصَحْبٍ، وَالْمُسَافِرُونَ جَمْعُ مُسَافِرٍ وَالسَّفْرُ وَالْمُسَافِرُونَ بِمَعْنًى (قَوْلُهُ: لَمْ يَكْفِهِ فِي جَوَازِ الْمَسْحِ) أَيْ وَإِنْ ارْتَفَعَتْ جَنَابَتُهُمَا بِالْغُسْلِ لِبُطْلَانِ الْمُدَّةِ بِالْجَنَابَةِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُ ذَلِكَ) عَطْفٌ عَلَى نَحْوٍ: أَيْ أَوْ ظَهَرَ بَعْضٌ نَحْوَ مَحَلِّ الْفَرْضِ كَالْخِرَقِ الَّتِي عَلَى الرَّجُلِ، وَيَجُوزُ قِرَاءَتُهُ بِالرَّفْعِ: أَيْ أَوْ حَصَلَ نَحْوُ ذَلِكَ: أَوْ نَحْوُ ظُهُورِ مَحَلِّ الْفَرْضِ كَحَلِّ شَدَّادٍ مَشْقُوقِ الْقَدَمِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ مِنْ مَحَلِّ الْقَدَمِ (قَوْلُهُ: غَسَلَ قَدَمَيْهِ) أَيْ بِنِيَّةٍ جَدِيدَةٍ وُجُوبًا لِأَنَّ نِيَّتَهُ الْأُولَى إنَّمَا تَنَاوَلَتْ الْمَسْحَ دُونَ الْغَسْلِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا) هُوَ آخِرُ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ. بَابُ الْغُسْلِ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ غُسْلِ الْمَيِّتِ) أَمَّا هُوَ فَلَا يَجِبُ فِيهِ النِّيَّةُ بَلْ يُسْتَحَبُّ فَقَطْ (قَوْلُهُ: الْأَشْهَرُ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ مُبَيِّنَةٌ لِلْمُرَادِ بِالْأَفْصَحِ هُنَا، فَإِنَّ مَعْنَى الْفَصَاحَةِ الْمُقَرَّرِ فِي عُرْفِهِمْ لَا يَظْهَرُ مَعْنَاهُ هُنَا (قَوْلُهُ: أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ) أَيْ فِي الْفِعْلِ الرَّافِعِ لِلْحَدَثِ، أَمَّا إزَالَةُ النَّجَاسَةِ فَالْأَشْهَرُ فِي لِسَانِهِمْ الْفَتْحُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ فَوْرًا أَصَالَةً) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ ضَاقَ وَقْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِنَجَاسَةٍ) لَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْهُ تَاءٌ قَبْلَ الْهَاءِ مِنْ الْكَتَبَةِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا قَدَرَ عَلَى الْأَصْلِ) عِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ فَإِذَا زَالَ وَجَبَ الرُّجُوعُ إلَى الْأَصْلِ. [بَابُ الْغُسْلِ] [مُوجِبَاتُ الْغُسْل] بَابُ الْغُسْلِ

وَالْكَلَامُ أَوَّلًا فِي مُوجِبَاتِهِ وَوَاجِبَاتِهِ وَسُنَنِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، وَقَدْ بَدَأَ مِنْهَا بِالْأَوَّلِ فَقَالَ (مُوجِبُهُ مَوْتٌ) لِمَا سَيَأْتِي فِي الْجَنَائِزِ، وَفِيهَا أَيْضًا أَنَّ الشَّهِيدَ يَحْرُمُ غُسْلُهُ، وَالْكَافِرُ لَا يَجِبُ غُسْلُهُ، وَالسَّقْطُ الَّذِي بَلَغَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَلَمْ تَظْهَرْ أَمَارَةُ حَيَاتِهِ يَجِبُ غُسْلُهُ مَعَ أَنَّا لَمْ نَعْلَمْ سَبْقَ مَوْتٍ لَهُ فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ ذَلِكَ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ هُنَاكَ غُسْلَ السَّقْطِ الْمَذْكُورِ، وَلَا يَرُدُّ عَلَى عَدِّهِ الْمُوجِبَاتِ لَهُ تَنَجُّسُ جَمِيعِ الْبَدَنِ أَوْ بَعْضِهِ مَعَ الِاشْتِبَاهِ، لِأَنَّ الْوَاجِبَ مُطْلَقُ الْإِزَالَةِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِغُسْلٍ بِعَيْنِهِ حَتَّى لَوْ فَرَضَ كَشْطَ جِلْدِهِ حَصَلَ الْغَرَضُ، وَالْمَوْتُ عَدَمُ الْحَيَاةِ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِمُفَارَقَةِ الرُّوحِ الْجَسَدِ، وَقِيلَ عَدَمُ الْحَيَاةِ عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ الْحَيَاةُ. وَقِيلَ عَرَضٌ يُضَادُّهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} [الملك: 2] وَرَدَّ بِأَنَّ الْمَعْنَى قَدَّرَ وَالْعَدَمُ مُقَدَّرٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSالصَّلَاةِ عَقِبَ الْجَنَابَةِ أَوْ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ فَيَجِبُ فِيهِ الْفَوْرُ لَا لِذَاتِهِ بَلْ لِإِيقَاعِ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا (قَوْلُهُ: وَالْكَلَامُ أَوَّلًا فِي مُوجِبَاتِهِ) أَيْ وَثَانِيًا فِي وَاجِبَاتِهِ وَهَكَذَا، وَلَوْ أَسْقَطَ قَوْلَهُ أَوَّلًا اسْتَغْنَى عَنْ هَذَا التَّقْدِيرِ، وَتُعْلَمُ بُدَاءَتُهُ بِالْمُوجِبَاتِ مِنْ قَوْلِهِ وَقَدْ بَدَأَ بِالْأَوَّلِ. إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) أَيْ وَفِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمَا ذُكِرَ: أَيْ مِنْ الْمُوجِبَاتِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَفِيهَا أَنَّ الشَّهِيدَ. إلَخْ لَا عَلَى قَوْلِهِ مَعَ أَنَّا لَمْ نَعْلَمْ. إلَخْ، لِأَنَّ ذَاكَ إنَّمَا يَقْتَضِي الْإِيرَادَ لَا عَدَمَهُ، وَلَعَلَّ الْغَرَضَ مِنْ ذِكْرِهِ الرَّدَّ عَلَى حَجّ حَيْثُ جَعَلَهُ مُسْتَفَادًا مِنْ كَوْنِ الْمَوْتِ مُوجِبًا حَيْثُ قَالَ مَا حَاصِلُهُ: إنَّهُ يُحْكَمُ بِمَوْتِهِ لِأَنَّ الْمَوْتَ عَدَمُ الْحَيَاةِ عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ الْحَيَاةُ وَهَذَا شَأْنُهُ الْحَيَاةُ (قَوْلُهُ: غَيْرُ أَنَّهُ) اعْتِذَارٌ عَمَّا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ، وَفِيهَا أَنَّ السِّقْطَ يَجِبُ غُسْلُهُ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمِنْهَاجِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ لَكِنَّهُ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي كَلَامِهِمْ وَهُوَ كَافٍ فِي عَدَمِ الْوَارِدِ عَلَيْهِ هُنَا (قَوْلُهُ: عَلَى عَدِّهِ الْمُوجِبَاتِ) فِي نُسْخَةِ حَصْرِهِ الْمُوجِبَاتِ لَهُ فِيمَا ذَكَرَهُ تَنَجَّسَ إلَخْ، وَمَا فِي الْأَصْلِ أَوْلَى لِأَنَّ عِبَارَتَهُ لَا تُفِيدُ الْحَصْرَ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ عَدَمُ الْحَيَاةِ) ذَكَرَهُ فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِهِ قَبْلَ عَدَمِ الْحَيَاةِ يَقْتَضِي أَنَّ الْأَوَّلَ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مِنْ شَأْنِهِ الْحَيَاةُ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَيُعَبِّرُ عَنْهُ الِاشْتِرَاطُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُ صَاحِبِ هَذَا الْقِيلِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَحَقُّقُ الْحَيَاةِ، بَلْ مَتَى بَلَغَ زَمَانًا تَحْصُلُ فِيهِ الْحَيَاةُ لِمِثْلِهِ وَلَمْ تُوجَدْ عُدَّ مَيِّتًا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ عَرَضٌ يُضَادُّهَا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي سَبْقُ الْحَيَاةِ، فَيَدْخُلُ السِّقْطُ فِي الْمَيِّتِ عَلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ. وَفِي التُّحْفَةِ مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ حَيْثُ جَعَلَ الْمَوْتَ عَلَى الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ صَادِقًا عَلَى السِّقْطِ، لَكِنْ نَظَرٌ فِيهِ سم بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلِ بِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ الْمُفَارَقَةِ سَبْقُ الْوُجُودِ، قَالَ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَا مَعْنَى الْعَدَمِ، وَيُجْعَلُ قَوْلُهُ: عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ إلَخْ رَاجِعًا إلَيْهِ أَيْضًا، لَكِنْ يَلْزَمُ حِينَئِذٍ اتِّحَادُ هَذَا مَعَ الثَّانِي اهـ. هَذَا وَفِي الْمَقَاصِدِ إبْقَاءُ الْأَوَّلِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَرَدُّ الثَّانِي إلَيْهِ وَعِبَارَتُهُ وَالْمَوْتُ زَوَالُهَا: أَيْ الْحَيَاةِ: أَيْ عَدَمِ الْحَيَاةِ عَمَّا يَتَّصِفُ بِهَا الْفِعْلُ، وَهَذَا مُرَادُ مَنْ قَالَ عَدَمُ الْحَيَاةِ عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ: أَيْ عَمَّا يَكُونُ مِنْ أَمْرِهِ وَصِفَتِهِ الْحَيَاةُ بِالْفِعْلِ فَهُوَ عَدَمُ مِلْكِهِ لَهَا كَالْعَمَى الطَّارِقِ بَعْدَ الْبَصَرِ لَا كَمُطْلَقِ الْعَدَمِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَقِيلَ عَرَضٌ إلَخْ) جَرَى عَلَى رَدِّ هَذَا الْقَوْلِ فِي الْمَقَاصِدِ أَيْضًا، لَكِنْ فِي تَفْسِيرِ ابْنِ عَادِلٍ عَنْ ابْنِ الْخَطِيبِ الْحَقُّ أَنَّهُ وُجُودِيٌّ، وَيُوَافِقُهُ مَا نَقَلَهُ الصَّفَوِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْوُدِّ أَنَّ عَدَمِيَّةَ الْمَوْتِ كَانَتْ مَنْسُوبَةً إلَى الْقَدَرِيَّةِ فَفَشَتْ. اهـ. هَذَا وَفِي حَوَاشِي السُّيُوطِيّ أَنَّ طَائِفَةً مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ ذَهَبُوا إلَى أَنَّ الْمَوْتَ جِسْمٌ وَالْأَحَادِيثُ وَالْآثَارُ مُصَرِّحَةٌ بِذَلِكَ. قَالَ: وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ هَذَا الْجِسْمُ الَّذِي عَلَى صُورَتِهِ كَبْشٌ كَمَا أَنَّ الْحَيَاةَ جِسْمٌ عَلَى صُورَةِ فَرَسٍ لَا يَمُرُّ بِشَيْءٍ إلَّا حَيِيَ. وَأَمَّا الْمَعْنَى الْقَائِمُ بِالْبَدَنِ عِنْدَ مُفَارَقَةِ الرُّوحِ فَإِنَّمَا هُوَ أَثَرُهُ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ تَسْمِيَتُهُ بِالْمَوْتِ مِنْ بَابِ الْمَجَازِ لَا الْحَقِيقَةِ أَوْ بَابِ الْمُشْتَرَكِ، وَحِينَئِذٍ فَالْأَمْرُ فِي النِّزَاعِ قَرِيبٌ اهـ. وَرَدَّهُ حَجّ فِي عَامَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوَّلًا) يَنْبَغِي إسْقَاطُهُ، وَهُوَ تَابِعٌ فِيهِ لِشَرْحِ الْإِرْشَادِ لَكِنَّ ذَاكَ عَطَفَ مَا بَعْدَهُ بِالْفَاءِ لِتَرَتُّبِ الْمَذْكُورَاتِ فِي مَتْنِ الْإِرْشَادِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَلَمَّا لَمْ تَكُنْ مُرَتَّبَةً فِي الْمِنْهَاجِ كَذَلِكَ عَدَلَ الشَّارِحُ إلَى الْوَاوِ فَلَمْ يَبْقَ لِلَفْظَةِ أَوَّلًا مَوْقِعٌ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّا لَمْ نَعْلَمْ سَبْقَ مَوْتٍ لَهُ) وَجْهُ عَدَمِ وُرُودِهِ أَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَيِّتِ بِدَلِيلِ ذِكْرِهِمْ لَهُ فِي الْجَنَائِزِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَفِيهَا أَيْضًا

(وَحَيْضٌ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222] أَيْ الْحَيْضِ، وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ وَفِيمَا يَأْتِي الِانْقِطَاعُ مَعَ الْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا كَمَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ فِيهِ بِالِانْتِفَاعِ (وَنِفَاسٌ) لِكَوْنِهِ دَمُ حَيْضٍ مُجْتَمِعٌ. (وَكَذَا وِلَادَةٌ بِلَا بَلَلٍ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهَا لَا تَخْلُو عَنْ بَلَلٍ وَإِنْ كُنَّا لَا نُشَاهِدُهُ، وَلِأَنَّهُ يَجِبُ بِخُرُوجِ الْمَاءِ الَّذِي يُخْلَقُ مِنْهُ الْوَلَدُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَتَاوِيهِ فَقَالَ: وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِجَوْهَرٍ وَلَا جِسْمٍ، وَحَدِيثُ «يُؤْتَى بِالْمَوْتِ فِي صُورَةِ كَبْشٍ» إلَخْ مِنْ بَابِ التَّمْثِيلِ اهـ. ثُمَّ صَحَّحَ كَوْنَهُ أَمْرًا وُجُودِيًّا (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاعْتَزِلُوا} [البقرة: 222] إلَخْ) أَيْ وَلِخَبَرِ: «إذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْك الدَّمَ وَصَلِّي» وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ " فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي " سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: أَيْ الْحَيْضِ) أَيْ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ، وَلَعَلَّهُ لَمْ يَحْمِلْ الْمَحِيضَ فِي الْآيَةِ عَلَى زَمَنِ الْحَيْضِ أَوْ مَكَانِهِ كَمَا قِيلَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، لِأَنَّ هَذَا أَوْفَقُ بِمَا ذَكَرَهُ الْمَتْنُ مِنْ أَنَّهُ الْمُوجِبُ عَلَى أَنَّ حَمْلَ الْمَحِيضِ عَلَى مَكَانِ الْحَيْضِ يُوهِمُ مَنْعَ قُرْبَانِهَا فِي مَحِلِّهِ وَلَوْ فِي غَيْرِ زَمَانِهِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ قَطْعًا (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: وَقِيلَ يَجِبُ بِالْخُرُوجِ فَقَطْ. وَمِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا يُغَسَّلُ الشَّهِيدُ الْجُنُبُ فَاسْتَشْهَدَتْ حَائِضٌ فَإِنَّا نُغَسِّلُهَا عَلَى هَذَا دُونَ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: إلَى الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا) كَالطَّوَافِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ فِيهِ إلَخْ) عِبَارَتُهُ الْخُرُوجُ وَإِرَادَةُ نَحْوِ الصَّلَاةِ اهـ. وَمِنْ لَازِمِ إرَادَةِ نَحْوِ الصَّلَاةِ الِانْقِطَاعُ فَكَأَنَّهُ قَالَ: مُوجِبُهُ الْحَدَثُ وَالِانْقِطَاعُ وَإِرَادَةُ نَحْوِ الصَّلَاةِ، لَكِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الِانْقِطَاعَ صَرِيحًا، فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ قَوْلِهِ كَمَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ. إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ دَمَ حَيْضٍ) هُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا لَمْ تَحِضْ وَهِيَ حَامِلٌ. أَمَّا هِيَ فَيَجُوزُ أَنَّ الْخَارِجَ مِنْهَا حَالَ الْحَمْلِ الْبَعْضُ لَا الْكُلُّ، وَمُجْتَمِعٍ بِالْجَرِّ صِفَةٌ لِلْحَيْضِ وَإِضَافَةُ الدَّمِ إلَيْهِ بَيَانِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا وِلَادَةٌ) هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْوِلَادَةُ مِنْ طَرِيقِهَا الْمُعْتَادِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي انْسِدَادِ الْفَرْج مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الِانْسِدَادُ عَارِضًا أَوْ خِلْقِيًّا. وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مِثْلُهُ، وَقَالَ فِي حَاشِيَتِهِ: وَيَجُوزُ جِمَاعُهَا بَعْدَ الْوِلَادَةِ بِلَا بَلَلٍ لِأَنَّهَا جَنَابَةٌ، وَهِيَ لَا تَمْنَعُ الْجِمَاعَ رَمْلِيٌّ. أَقُولُ: وَتُفْطِرُ بِهَا إذَا كَانَتْ صَائِمَةً، وَمَا ذُكِرَ مِنْ الْفِطْرِ بِهَا إذَا كَانَتْ صَائِمَةً يُشْكِلُ عَلَى جَوَازِ وَطْئِهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ عَلَّلَ وُجُوبَ الْغُسْلِ بِالْوِلَادَةِ تَارَةً بِأَنَّهَا مَظِنَّةُ النِّفَاسِ، وَتَارَةً بِأَنَّ الْوَلَدَ مَنِيٌّ مُجْتَمِعٌ، فَالثَّانِي مِنْ التَّعْلِيلَيْنِ يَقْتَضِي جَوَازَ الْوَطْءِ وَعَدَمَ الْفِطْرِ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ بِمُجَرَّدِهَا لَا تُبْطِلُ الصَّوْمَ، فَلَعَلَّهُمْ بَنَوْا جَوَازَ الْوَطْءِ عَلَى أَنَّ الْوِلَادَةَ جَنَابَةٌ، وَالْفِطْرُ عَلَى أَنَّهُ مَظِنَّةٌ لِلنِّفَاسِ احْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْفِطْرِ وَتَخْفِيفًا عَلَى الزَّوْجِ لِلشَّكِّ فِي الْمُحَرَّمِ. (فَرْعٌ) سَأَلَ م ر عَمَّا لَوْ عَضَّ كَلْبٌ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً فَخَرَجَ مِنْ فَرْجِهِ حَيَوَانٌ صَغِيرٌ عَلَى صُورَةِ الْكَلْبِ كَمَا يَقَعُ كَثِيرًا، فَهَلْ هَذَا الْحَيَوَانُ نَجِسٌ كَالْكَلْبِ كَالْمُتَوَلِّدِ مِنْ وَطْءِ الْكَلْبِ لِحَيَوَانٍ طَاهِرٍ حَتَّى يَجِبُ تَسْبِيعُ الْمَخْرَجِ مِنْهُ، وَهَلْ يَجِبُ الْغُسْلُ بِخُرُوجِهِ لِأَنَّهُ وِلَادَةٌ؟ فَأَجَابَ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ غَيْرُ نَجِسٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَوَلَّدْ مِنْ مَاءِ الْكَلْبِ، وَأَنَّهُ لَا غُسْلَ لِأَنَّ الْوِلَادَةَ الْمُقْتَضِيَةَ لِلْغُسْلِ هِيَ الْوِلَادَةُ الْمُعْتَادَةُ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ دُودٌ مِنْ الْجَوْفِ لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَيْ الْحَيْضِ) اللَّائِقُ: أَيْ زَمَنُ الْحَيْضِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَيَدُلُّ لَهُ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ ذَكَرَ نَفْسَ الْحَيْضِ فِيمَا قَبْلَهُ بِلَفْظِ الْأَذَى، فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْمَحِيضِ الْحَيْضَ لَكَانَ الْمَقَامُ لِلْإِضْمَارِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ كَغَيْرِهِ مِنْ التَّفْسِيرِ بِالْحَيْضِ يُحْوِجُ إلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ، وَهُوَ لَفْظُ زَمَنٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَا تَخْلُو عَنْ بَلَلٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْبَلَلَ هُوَ الْمُوجِبُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ

فَبِخُرُوجِ الْوَلَدِ أَوْلَى. وَالثَّانِي لَا، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ» وَلَوْ أَلْقَتْ بَعْضَ وَلَدٍ كَيَدٍ أَوْ رِجْلٍ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا الْغُسْلُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَمَا مَرَّ، وَقَدْ يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ وِلَادَةٌ، وَيَجِبُ بِإِلْقَاءِ عَلَقَةٍ أَوْ مُضْغَةٍ كَالْوَلَدِ. (وَجَنَابَةٌ) بِالْإِجْمَاعِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] وَهِيَ لُغَةً الْبُعْدُ، وَشَرْعًا: أَمْرٌ مَعْنَوِيٌّ يَقُومُ بِالْبَدَنِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ حَيْثُ لَا مُرَخِّصَ، وَتَحْصُلُ (بِدُخُولِ حَشَفَةٍ) وَهِيَ كَمَا فِي الصِّحَاحِ وَالْقَامُوسِ: مَا فَوْقَ الْخِتَانِ فَلَا تَحْصُلُ بِبَعْضِهَا وَلَوْ مَعَ أَكْثَرِ الذَّكَرِ بِأَنْ شُقَّ وَأُدْخِلَ أَحَدُ شِقَّيْهِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِهِمْ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ» وَالْمُرَادُ بِالِالْتِقَاءِ الْمُحَاذَاةُ لِأَنَّ خِتَانَ الْمَرْأَةِ فَوْقَ مَدْخَلِ الذَّكَرِ وَإِنَّمَا يَتَحَاذَيَانِ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ (أَوْ قَدْرِهَا) مِنْ مَقْطُوعِهَا، وَإِنْ جَاوَزَ حَدَّ الِاعْتِدَالِ فَلَا يُعْتَبَرُ قَدْرُ حَشَفَةِ مُعْتَدِلٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي التَّحْلِيلِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ مِنْهُ إذْ الِاعْتِبَارُ بِصَاحِبِهَا أَوْلَى مِنْ الِاعْتِبَارِ بِغَيْرِهِ، وَلَا إدْخَالَ قَدْرِهَا مَعَ وُجُودِهَا فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا لَوْ ثَنَى ذَكَرَهُ وَأَدْخَلَ قَدْرَهَا مِنْهُ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَلَا إدْخَالَ دُونَهَا وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الذَّكَرِ غَيْرُهُ (فَرْجًا) قُبُلًا أَوْ دُبُرًا وَلَوْ مِنْ مَيِّتٍ أَوْ بَهِيمَةٍ كَسَمَكَةٍ وَغَيْرِ مُمَيِّزٍ وَإِنْ لَمْ يَشْتَهِ وَلَا حَصَلَ إنْزَالٌ وَلَا قَصْدٌ وَلَا انْتِشَارٌ وَلَا اخْتِيَارٌ أَوْ بِحَائِلٍ غَلِيظٍ، وَلَوْ كَانَتْ الْحَشَفَةُ أَوْ قَدْرُهَا مِنْ مَبَانٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــSبِسَبَبِهِ مَعَ أَنَّهُ حَيَوَانٌ تَوَلَّدَ فِي الْجَوْفِ وَخَرَجَ مِنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ مَتَى وُطِئَتْ الْمَرْأَةُ وَوَلَدَتْ وَلَوْ عَلَى صُورَةِ حَيَوَانٍ وَجَبَ الْغُسْلُ (قَوْلُهُ: «إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ» ) وَجَوَابُهُ أَنَّ الْوَلَدَ مَنِيٌّ مُنْعَقِدٌ فَيَصْدُقُ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا الْغُسْلُ) أَيْ وَيَجِبُ عَلَيْهَا الْوُضُوءُ عَيْنًا (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ بِإِلْقَاءِ عَلَقَةٍ إلَخْ) ع: يَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ فِيهِمَا قَوْلُ الْقَوَابِلِ إنَّهُمَا أَصْلُ آدَمِيٍّ اهـ. وَفِي الْعُبَابِ قَالَ: الْقَوَابِلُ هُمَا أَصْلُ آدَمِيٍّ، وَقَضِيَّةُ اشْتِرَاطِ هَذَا الْقَوْلِ عَدَمُ الْوُجُوبِ إذَا لَمْ تَقُلْ الْقَوَابِلُ ذَلِكَ لِعَدَمِهِنَّ أَوْ غَيْرِهِ تَأَمَّلْ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَهُوَ ظَاهِرٌ، لَكِنْ فِيهِ عَلَى حَجّ مَا حَاصِلُهُ نَقْلًا عَنْ الزَّرْكَشِيّ أَنَّ مَحِلَّ التَّوَقُّفِ عَلَى قَوْلِهِنَّ إنْ لَمْ تَرَ بَلَلًا وَإِلَّا وَجَبَ الْغُسْلُ مُطْلَقًا اهـ. وَفِي التَّفْرِقَةِ نَظَرٌ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمَرْئِيُّ دَمًا عَلَى صُورَةِ الْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ وَالْبَلَلُ بَلُّ الدَّمِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا أَثَرَ لَهُ، فَالْأَوْلَى الْأَخْذُ بِالْإِطْلَاقِ. وَبَقِيَ مَا لَوْ اخْتَلَفَتْ الْقَوَابِلُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا قِيلَ فِي الْإِخْبَارِ بِتَنَجُّسِ الْمَاءِ مِنْ تَقْدِيمِ الْأَوْثَقِ فَالْأَكْثَرِ عَدَدًا إلَخْ. وَقَوْلُهُ: الْقَوَابِلُ: أَيْ أَرْبَعٌ مِنْهُنَّ إنْ قُلْنَا إنَّهُ شَهَادَةٌ، وَيُحْتَمَلُ الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدَةٍ لِحُصُولِ الظَّنِّ بِخَبَرِهَا وَهُوَ الْأَقْرَبُ، لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ أَصْلُ آدَمِيٍّ. (قَوْلُهُ: وَتَحْصُلُ) زَادَ حَجّ: لِآدَمِيٍّ حَيٍّ فَاعِلٍ أَوْ مَفْعُولٍ بِهِ (قَوْلُهُ: بِدُخُولِ حَشَفَةٍ) أَيْ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: مَا فَوْقَ الْخِتَانِ) أَيْ مَا هُوَ الْأَقْرَبُ مِنْ الْخِتَانِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: هِيَ رَأْسُ الذَّكَرِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ شَقَّ وَأَدْخَلَ أَحَدَ شِقَّيْهِ) عِبَارَةُ حَجّ: وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ مُدْرَكًا أَنَّ بَعْضَ الْحَشَفَةِ يُقَدَّرُ مِنْ بَاقِي الذَّكَرِ قَدَرُهُ سَوَاءٌ بَعْضُ الطُّولِ وَبَعْضُ الْعَرْضِ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ: يُقَدَّرُ مِنْ بَاقِي الذَّكَرِ قَدْرُهُ اُنْظُرْ صُورَتَهُ فِي الطُّولِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَاوَزَ) أَيْ الْمَقْطُوعُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الذَّكَرِ غَيْرُهُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْحَزُّ فِي آخِرِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَهِيمَةٍ) ع: لَوْ كَانَ يَابِسًا قَدِيدًا كَذَكَرِ الثَّوْرِ الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْوُجُوبِ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَغَيْرُ مُمَيِّزٍ) أَيْ وَجِنِّيَّةٍ إنْ تَحَقَّقَ كَعَكْسِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ فِيهِمَا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ بِحَائِلٍ غَلِيظٍ) وَمِنْهُ قَصَبَةٌ أَدْخَلَهُ فِيهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَشَرْعًا أَمْرٌ مَعْنَوِيٌّ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمَنْعَ وَالسَّبَبَ لَا يُسَمَّيَانِ جَنَابَةً (قَوْلُهُ: وَتَحْصُلُ) أَيْ لِلرَّجُلِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ الْجَلَالُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي، وَالْمَرْأَةُ كَرَجُلٍ

وَاعْتِبَارُ قَدْرِ الْحَشَفَةِ الْمُعْتَدِلَةِ مِنْ ذَكَرِ الْبَهِيمَةِ وَعَدَمِهِ يُوكَلُ إلَى نَظَرِ الْفَقِيهِ. وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَرَى بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ كَمَا قَالُوا فِيمَنْ لَا مَرْفِقَ لَهُ وَلَا كَعْبٌ يُقَدَّرُ بِقَدْرِهِ. وَلَا يُعَادُ غُسْلُ الْمَيِّتِ إذَا أُولِجَ فِيهِ أَوْ اسْتُولِجَ ذَكَرُهُ لِسُقُوطِ تَكْلِيفِهِ كَالْبَهِيمَةِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ غُسْلُهُ بِالْمَوْتِ تَنْظِيفًا وَإِكْرَامًا لَهُ، وَلَا يَجِبُ بِوَطْءِ الْمَيِّتَةِ حَدٌّ كَمَا سَيَأْتِي وَلَا مَهْرٌ، كَمَا لَا يَجِبُ بِقَطْعِ يَدِهَا دِيَةٌ، نَعَمْ تَفْسُدُ بِهِ الْعِبَادَاتُ وَتَجِبُ بِهِ الْكَفَّارَةُ فِي الصَّوْمِ وَالْحَجِّ، وَكَمَا يُنَاطُ الْغُسْلُ بِالْحَشَفَةِ يَحْصُلُ بِهَا التَّحْلِيلُ، وَيَجِبُ الْحَدُّ بِإِيلَاجِهَا عَلَى مَا يَأْتِي فِي مَحِلِّهِ، وَتَحْرُمُ بِهِ الرَّبِيبَةُ وَيَلْزَمُ الْمَهْرُ وَالْعِدَّةُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَحْكَامِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSكَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ وَإِنْ نُوزَع فِيهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: يُوَكَّلُ إلَى نَظَرِ الْفَقِيهِ) عِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: وَفِيمَا لَوْ خُلِقَ بِلَا حَشَفَةٍ يُعْتَبَرُ قَدْرُ الْمُعْتَدِلَةِ لِغَالِبِ أَمْثَالِهِ: أَيْ أَمْثَالِ ذَكَرِهِ، وَكَذَا فِي ذَكَرِ الْبَهِيمَةِ يُعْتَبَرُ قَدْرُ تَكَوُّنِ نِسْبَتِهِ إلَيْهِ كَنِسْبَةِ مُعْتَدِلِ ذَكَرِ الْآدَمِيِّ إلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ. وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ ذَكَرُهُ الْمَوْجُودُ كَالشَّعِيرَةِ وَلَيْسَ لَهُ حَشَفَةٌ هَلْ يُقَدَّرُ لَهُ حَشَفَةٌ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ سم عَلَى حَجّ قَوْلُهُ: أَوْ مَخْلُوقٍ بِدُونِهَا، يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَ بِلَوْنِ الْحَشَفَةِ وَصِفَتِهَا بِأَنْ كَانَ كُلُّهُ بِصِفَةِ الْحَشَفَةِ فَلَا يَتَوَقَّفُ وُجُوبُ الْغُسْلِ عَلَى إدْخَالِ جَمِيعِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، نَعَمْ إنْ حُزِّزَ مِنْ أَسْفَلِهِ بِصُورَةِ تَحْزِيزِ الْحَشَفَةِ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إدْخَالِ الْجَمِيعِ اهـ أَنَّهُ يُقَدَّرُ لَهُ حَشَفَةٌ بِأَنْ تُعْتَبَرَ نِسْبَةُ حَشَفَةِ مُعْتَدِلِ ذَكَرٍ إلَى بَاقِيه وَيُقَدَّرُ لَهُ مِثْلُهَا، فَإِنْ فُرِضَ أَنَّ حَشَفَةَ الْمُعْتَدِلِ رُبْعُ ذَكَرِهِ كَانَ رُبْعُ ذَكَرِ هَذَا هُوَ الْحَشَفَةُ. [فَرْعٌ] قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَمَنْ أَحَسَّ بِنُزُولِ مَنِيِّهِ فَأَمْسَكَ ذَكَرَهُ فَلَمْ يَخْرُجْ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: حَتَّى لَوْ كَانَ فِي صَلَاةٍ أَتَمَّهَا، وَإِنْ حَكَمْنَا بِبُلُوغِهِ بِذَلِكَ أَوْ قَطَعَ وَهُوَ فِيهِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمُنْفَصِلِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَالْبَارِزِيُّ اهـ. وَلَا يَخْفَى إشْكَالُ مَا قَالَاهُ، وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ لِأَنَّ الْمَنِيَّ فِيهِ انْفَصَلَ عَنْ الْبَدَنِ، وَمُجَرَّدُ اسْتِتَارِهِ بِمَا انْفَصَلَ مَعَهُ لَا أَثَرَ لَهُ سم عَلَى حَجّ اهـ وَحَيْثُ اُعْتُبِرَتْ النِّسْبَةُ كَانَتْ ضَابِطَةً فَلَعَلَّ اعْتِبَارَهَا بَيَانٌ لِمَا ظَهَرَ لِلْفَقِيهِ وَقَرَّرَهُ وَإِلَّا فَهُمَا مُتَبَايِنَانِ. [فَرْعٌ] لَوْ أَدْخَلَ مِنْ الذَّكَرِ الْمُبَانِ الْحَشَفَةَ وَجَبَ الْغُسْلُ، أَوْ قَدْرَهَا مِنْ الطَّرَفِ الْآخَرِ لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ م ر [فَرْعٌ] ذَكَرٌ مُبَانٍ قُطِعَتْ حَشَفَتُهُ سُئِلَ م ر عَنْهُ فَقَالَ بَحْثًا إنْ أَدْخَلَ قَدْرَ الْحَشَفَةِ مِنْ أَيْ الطَّرَفَيْنِ وَجَبَ الْغُسْلُ اهـ فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ. ثُمَّ فِي مَرَّةٍ قَالَ: يَنْبَغِي أَنَّ الْمُعْتَبَرَ جِهَةُ مَوْضِعِ الْحَشَفَةِ. أَقُولُ: وَيُؤَيِّدُ قَوْلَهُ وَجَبَ الْغُسْلُ إطْلَاقُ قَوْلِهِمْ أَوْ قَدْرُهَا مِنْ فَاقِدِهَا لِشُمُولِهِ كُلًّا مِنْ الْجِهَتَيْنِ، وَقَوْلُ حَجّ أَيْضًا: وَلَوْ ثَنَاهُ وَأَدْخَلَ قَدْرَ الْحَشَفَةِ مِنْهُ مَعَ وُجُودِ الْحَشَفَةِ لَمْ يُؤَثِّرْ وَإِلَّا أَثَّرَ عَلَى الْوَجْهِ. [فَرْعٌ] لَوْ قُطِعَ فَرْجُ الْمَرْأَةِ بِحَيْثُ بَقِيَ اسْمُهُ وَأُولِجَ فِيهِ ظَهَرَ عَلَى الْفَوْرِ، وَوَافَقَ م ر عَلَيْهِ كَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ إذْ لَا يُسَمَّى جِمَاعًا وَإِنْ نَقَضَ مِنْهُ فَلْيُحَرَّرْ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ جَوَّزَ أَنَّهُ إذَا بَقِيَ اسْمُهُ وَجَبَ الْغُسْلُ فَلْيُحَرَّرْ. وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّا نَمْنَعُ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى جِمَاعًا، أَوْ أَنَّ الْغُسْلَ غَيْرُ مَنُوطٍ بِكَوْنِهِ يُسَمَّى جِمَاعًا بَلْ بِمَا يُسَمَّى الْإِدْخَالُ فِي فَرْجٍ ثُمَّ صَمَّمَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ سم مَنْهَجٌ. أَقُولُ: وَقِيَاسُ وُجُوبِهِ بِالذَّكَرِ الْمُبَانِ وُجُوبُهُ هُنَا عَلَى الْمُولِجِ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَوْلَجَ فِي فَرْجٍ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ) أَيْ الْفَقِيهُ (قَوْلُهُ: مِنْ بَقِيَّةِ الْأَحْكَامِ) هَذَا مَعَ قَوْلِهِ قَبْلَهُ مُتَّصِلٌ أَوْ مَقْطُوعٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَاعْتِبَارُ قَدْرِ الْحَشَفَةِ إلَخْ) عِبَارَةٌ قَلِقَةٌ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّقْدِيرِ، لَكِنَّ الْمُقَدَّرَ بِهِ يُوَكَّلُ إلَى نَظَرِ الْفَقِيهِ هَلْ يُعْتَبَرُ فِيهِ قَدْرُ الْحَشَفَةِ الْمُعْتَدِلَةِ أَيْ بِالنِّسْبَةِ أَوْ لَا يُعْتَبَرُ قَدْرُهَا بَلْ يُعْتَبَرُ بِغَيْرِهَا؟ ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ قَدْرُهَا (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ الْحَدُّ بِإِيلَاجِهَا إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا مَعَ مَا مَرَّ مِنْ الْغَايَةِ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ كَانَتْ الْحَشَفَةُ أَوْ قَدْرُهَا مِنْ مُبَانٍ

وَيُسْتَثْنَى الْخُنْثَى فَلَا غُسْلَ بِإِيلَاجِ حَشَفَتِهِ وَلَا بِإِيلَاجٍ فِي قُبُلِهِ، لَا عَلَى الْمُولِجِ وَلَا عَلَى الْمَوْلَجِ فِيهِ فِيهِمَا إلَّا إذَا اجْتَمَعَا، وَلَوْ خُلِقَ لَهُ ذَكَرَانِ يَبُولُ بِهِمَا فَأَوْلَجَ أَحَدَهُمَا وَجَبَ الْغُسْلُ، وَلَوْ كَانَ يَبُولُ بِأَحَدِهِمَا وَجَبَ الْغُسْلُ بِإِيلَاجِهِ دُونَ الْآخَرِ إنْ لَمْ يُسَامِتْ الْعَامِلُ، وَلَوْ أَوْلَجَ خُنْثَى فِي دُبُرِ رَجُلٍ تَخَيَّرَا بَيْنَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ. (وَ) تَحْصُلُ (بِخُرُوجِ مَنِيٍّ) وَلَوْ بِلَوْنِ الدَّمِ لِكَثْرَةِ جِمَاعٍ وَنَحْوِهِ، فَيَكُونُ طَاهِرًا مُوجِبًا لِلْغُسْلِ إذَا وُجِدَتْ فِيهِ الْخَوَاصُّ الْآتِيَةُ، وَالْمُرَادُ مَنِيُّهُ لَيَخْرُجَ بِهِ مَنِيُّ غَيْرِهِ وَالْخَارِجُ أَوَّلَ مَرَّةٍ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ اسْتَدْخَلْتَهُ ثُمَّ خَرَجَ، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ خَرَجَ بِنَظَرٍ أَمْ فِكْرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSثُمَّ قَوْلُهُ: الْمُتَّصِلُ أَوْ الْمُنْفَصِلُ فِيهِمَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْمَهْرِ وَحُصُولِ التَّحْلِيلِ بِإِيلَاجِ الذَّكَرِ الْمُبَانِ وَهُوَ حَاصِلُ مَا فِي فَتَاوَى شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ فَلْيُرَاجَعْ. وَقَدْ وَقَعَ الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ مَعَ وَلَدِهِ فَوَافَقَ عَلَى أَنَّهُ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ سم عَلَى حَجّ. وَعِبَارَةُ حَجّ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ نَصُّهَا: وَنَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِالْمَقْطُوعِ نَسَبٌ وَإِحْصَانٌ وَتَحْلِيلٌ وَمَهْرٌ وَعِدَّةٌ وَمُصَاهَرَةٌ وَإِبْطَالُ إحْرَامٍ، وَيُفَارِقُ الْغُسْلَ بِأَنَّهُ أَوْسَعُ بَابًا مِنْهَا اهـ. هَذَا وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى مَنْ قُطِعَ ذَكَرُهُ ثُمَّ أَوْلَجَ فِي فَرْجٍ الْغُسْلُ، وَفِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِأَنَّهُ بِانْفِصَالِهِ عَنْهُ انْقَطَعَتْ نِسْبَتُهُ إلَيْهِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فِيهِ فَتَنَبَّهْ لَهُ. هَذَا وَقَدْ يُحْمَلُ مَا فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ مِنْ قَوْلِهِ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِشَارَةِ فِي قَوْلِهِ ذَلِكَ قَوْلُهُ: قَبْلُ يُعْتَبَرُ قَدْرُهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا أَوْ مَخْلُوقٍ بِدُونِهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَقِبَهُ، فَفِي الْأَوَّلِ يُعْتَبَرُ قَوْلُ الذَّاهِبَةِ مِنْ بَقِيَّةِ ذَكَرِهَا وَإِنْ جَاوَزَ طُولُهَا الْعَادَةَ كَمَا يَقْتَضِيهِ إطْلَاقُهُمْ، وَفِي الثَّانِي يُعْتَبَرُ قَدْرُ الْمُعْتَدِلَةِ بِغَالِبِ أَمْثَالِ ذَلِكَ الذَّكَرِ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْحَمْلُ أَيْضًا مَا تَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ لَهُ مِمَّا يُخَالِفُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ هُنَا مِنْ التَّعْمِيمِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُسَامِتْ الْعَامِلُ) لَمْ يَذْكُرْ هُنَا حُكْمَ مَا لَوْ اشْتَبَهَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ، وَقَدْ سَوَّى حَجّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَصْلِيِّينَ وَهُوَ مُوَافِقٌ فِي ذَلِكَ لِمَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ، لَكِنْ تَقَدَّمَ ثَمَّ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّ النَّقْضَ لَا يَكُونُ إلَّا بِهِمَا مَعًا، فَقِيَاسُهُ هُنَا أَنَّ الْغُسْلَ إنَّمَا يَكُونُ بِإِيلَاجِهِمَا، وَمِنْ ثَمَّ تَوَقَّفَ سم فِيمَا ذَكَرَهُ حَجّ هُنَا وَقَالَ مَا حَاصِلُهُ: الْقِيَاسُ أَنَّهُ إنَّمَا يُجَنَّبُ بِإِيلَاجِهِمَا مَعًا اهـ. وَقَدْ يُقَالُ مَحِلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى سَمْتِ الْأَصْلِيِّ، فَإِنْ كَانَ عَلَى سَمْتِهِ اتَّجَهَ مَا قَالَهُ حَجّ، وَلَعَلَّ وَجْهَ إطْلَاقِهِ أَنَّ الِاشْتِبَاهَ إنَّمَا يَكُونُ حِينَئِذٍ وَمَعَ هَذِهِ الْحَالَةِ لَا وَجْهَ إلَّا وُجُوبُ الْغُسْلِ بِإِيلَاجِ كُلٍّ مِنْهُمَا، لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ بِإِيلَاجِ الْمُتَمَيِّزِ حَيْثُ كَانَ عَلَى سَمْتِ الْأَصْلِيِّ كَانَ وُجُوبُهُ بِإِيلَاجِهِ حَالَةَ الِاشْتِبَاهِ أَوْلَى (قَوْلُهُ: تَخَيَّرَا بَيْنَ الْوُضُوءِ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ هُنَا مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ احْتَمَلَ كَوْنَ الْخَارِجِ مَنِيًّا أَوْ وَدْيًا (قَوْلُهُ: وَالْغُسْلُ) وَذَلِكَ فِي الْوَاضِحِ، لِأَنَّهُ إمَّا وَاجِبُهُ الْوُضُوءُ بِخُرُوجِ ذَكَرِ الْخُنْثَى مِنْ دُبُرِهِ، أَوْ الْغُسْلُ بِإِيلَاجِهِ فِيهِ وَفِي الْخُنْثَى، لِأَنَّهُ إمَّا وَاجِبُهُ الْغُسْلُ بِإِيلَاجِهِ أَوْ الْوُضُوءُ بِاللَّمْسِ، وَعَلَيْهِ فَمَحِلُّ ذَلِكَ فِي الْخُنْثَى حَيْثُ لَا مَانِعَ مِنْ النَّقْضِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مَحْرَمِيَّةٌ وَلَا صِغَرٌ. (قَوْلُهُ: اسْتَدْخَلْتَهُ ثُمَّ خَرَجَ) قَالَ الْخَطِيبُ عَلَى الْغَايَةِ: أَمَّا إذَا خَرَجَ مِنْ قُبُلِ الْمَرْأَةِ مَنِيُّ جِمَاعِهَا بَعْدَ غُسْلِهَا فَلَا تُعِيدُ الْغُسْلَ إلَّا إذَا قَضَتْ شَهْوَتَهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا شَهْوَةٌ كَصَغِيرَةٍ أَوْ كَانَ وَلَمْ تَقْضِ كَنَائِمَةٍ لَا إعَادَةَ عَلَيْهَا، فَإِنْ قِيلَ إذَا قَضَتْ شَهْوَتَهَا لَمْ تَتَيَقَّنْ خُرُوجَ مَنِيِّهَا، وَيَقِينُ الطَّهَارَةِ لَا يُرْفَعُ بِظَنِّ الْحَدَثِ، إذْ حَدَثُهَا وَهُوَ خُرُوجُ مَنِيِّهَا غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ، وَقَضَاءُ شَهْوَتِهَا لَا يَسْتَدْعِي خُرُوجَ شَيْءٍ مِنْ مَنِيِّهَا كَمَا قَالَهُ فِي التَّوْشِيحِ. أُجِيبُ بِأَنَّ قَضَاءَ شَهْوَتِهَا مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ نَوْمِهَا فِي خُرُوجِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوُجُوبُ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ بِالذَّكَرِ الْمُبَانِ، وَهُوَ حَاصِلٌ فِي فَتَاوَى وَالِدِهِ. وَقَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ إنَّهُ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الْعَدَدِ تَقْيِيدُ الشَّارِحِ وُجُوبَ الْعِدَّةِ بِالذَّكَرِ الْمُتَّصِلِ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِيمَا لَوْ اسْتَدْخَلَهُ ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى لَا يَتَكَرَّرَ مَعَ مَا يَأْتِي

أَمْ احْتِلَامٍ أَمْ غَيْرِهَا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَمَّا جَاءَتْهُ أُمُّ سُلَيْمٍ وَقَالَتْ لَهُ لَا يُسْتَحَى مِنْ الْحَقِّ هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إذَا هِيَ احْتَلَمَتْ؟ قَالَ: نَعَمْ، إذَا رَأَتْ الْمَاءَ» (مِنْ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ) وَلَوْ مِنْ قُبُلَيْ مُشْكِلٍ (وَغَيْرِهِ) كَدُبُرٍ أَوْ ثُقْبَةٍ قِيَاسًا عَلَى الْمُعْتَادِ، وَتَسْوِيَتُهُ فِي الْخَارِجِ مِنْ الْمُعْتَادِ وَغَيْرِهِ هِيَ الْمُرَجَّحَةُ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمُصَحَّحَةُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ لَكِنْ جَزَمَ فِي التَّحْقِيقِ بِأَنَّ لِلْخَارِجِ مِنْ غَيْرِ الْمُعْتَادِ حُكْمُ الْمُنْفَتِحِ فِي بَابِ الْحَدَثِ، فَيُعْتَبَرُ فِيهِ الِانْفِتَاحُ وَالِانْسِدَادُ وَالْأَعْلَى وَالْأَسْفَلُ، وَصَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهُوَ الْمَاشِي عَلَى الْقَوَاعِدِ فَلْيُعْمَلْ بِهِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَالصُّلْبُ هُنَا كَالْمَعِدَةِ هُنَاكَ. قَالَ فِي الْخَادِمِ: وَصَوَابُهُ كَتَحْتِ الْمَعِدَةِ هُنَاكَ، لِأَنَّ كَلَامَ الْمَجْمُوعِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْخَارِجَ مِنْ نَفْسِ الصُّلْبِ يُوجِبُ الْغُسْلَ اهـ. وَهُوَ كَمَا قَالَ: وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا مَرَّ حَيْثُ أَلْحَقَ ثُمَّ مَا انْفَتَحَ فِي الْمَعِدَةِ بِمَا فَوْقَهَا، بِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِأَنَّ مَا تُحِيلُهُ الطَّبِيعَةُ تُلْقِيهِ إلَى أَسْفَلَ وَمَا سِوَاهُ بِالْقَيْءِ أَشْبَهُ بِخِلَافِ مَا هُنَا، وَالصُّلْبُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ لِلرَّجُلِ أَمَّا الْمَرْأَةُ فَالْمُعْتَبَرُ فِيهَا مَا بَيْنَ تَرَائِبِهَا وَهِيَ عِظَامُ الصَّدْرِ، وَالْمُرَادُ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَالْبِكْرِ بُرُوزُهُ عَنْ الْفَرْجِ إلَى الظَّاهِرِ، وَيَكْفِي فِي الثَّيِّبِ وُصُولُهُ إلَى مَحِلٍّ يَجِبُ غَسْلُهُ فِي الْجَنَابَةِ، وَمَنْ أَحَسَّ بِنُزُولِ مَنِيِّهِ فَأَمْسَكَ ذَكَرَهُ فَلَمْ يَخْرُجْ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ. ثُمَّ الْكَلَامُ فِي مَنِيٍّ مُسْتَحْكِمٍ فَإِنْ لَمْ يَسْتَحْكِمْ بِأَنْ خَرَجَ لِمَرَضٍ لَمْ يَجِبْ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْحَدَثِ، فَنَزَّلُوا الْمَظِنَّةَ مَنْزِلَةَ الْمَئِنَّةِ، وَخَرَجَ بِقُبُلِ الْمَرْأَةِ مَا لَوْ وُطِئَتْ فِي دُبُرِهَا فَاغْتَسَلَتْ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا مَنِيُّ الرَّجُلِ لَمْ يَجِب عَلَيْهَا إعَادَةُ الْغُسْلِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. [فَائِدَةٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ دَخَلَ إنْسَانٌ فَرْجَ امْرَأَةٍ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَدْخَلَ ذَكَرَهُ فَرْجًا أَمْ لَا لِأَنَّهُ أَدْخَلَهُ تَابِعًا لَا مُسْتَقِلًّا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ هُوَ الْأَوَّلُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ. [فَائِدَةٌ أُخْرَى] سُئِلَ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ عَمَّنْ أَدْخَلَ ذَكَرَهُ فِي ذَكَرِ آخَرَ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمَا الْغُسْلُ أَمْ لَا. فَأَجَابَ بِالْوُجُوبِ اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَى هَذَا الْفِعْلِ أَنَّهُ دُخُولُ ذَكَرٍ فِي فَرْجٍ وَذَلِكَ مُوجِبٌ لِلْغُسْلِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: أُمُّ سُلَيْمٍ) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ: أُمُّ سُلَيْمٍ بِنْتُ مِلْحَانَ بْنِ خَالِدٍ الْأَنْصَارِيَّةُ وَالِدَةُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ يُقَالُ اسْمُهَا سَهْلَةُ أَوْ رُمَيْلَةُ أَوْ رُمَيْثَةُ أَوْ مُلَيْكَةُ أَوْ أُنَيْفَةُ وَهِيَ الْغُمَيْصَاءُ أَوْ الرُّمَيْصَاءُ اُشْتُهِرَتْ بِكُنْيَتِهَا، وَكَانَتْ مِنْ الصَّحَابِيَّاتِ الْفَاضِلَاتِ، مَاتَتْ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ (قَوْلُهُ: حُكْمُ الْمُنْفَتِحِ فِي بَابِ الْحَدَثِ إلَخْ) تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ أَنَّ الْمَنَافِذَ الْأَصْلِيَّةَ لَا تُعْتَبَرُ، وَقِيَاسُهُ هُنَا أَنَّ الْخَارِجَ مِنْهَا لَا يُوجِبُ الْغُسْلَ، فَقَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ كَالدُّبُرِ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ حَجّ، أَوْ عَلَى مَا قَالَهُ هُوَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالْمَنَافِذِ الْأَصْلِيَّةِ الْفَمَ وَنَحْوَهُ، وَأَمَّا الدُّبُرُ فَهُوَ مِنْ الْفَرْجِ، وَغَايَتُهُ أَنَّ خُرُوجَ الْمَنِيِّ مِنْهُ خُرُوجٌ لَهُ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ (قَوْلُهُ: وَالصُّلْبُ) أَيْ كُلُّهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَمَا قَالَ) أَيْ فِي الْخَادِمِ مِنْ أَنَّ صَوَابَهُ كَتَحْتِ الْمَعِدَةِ فَيُنْقَضُ الْخَارِجُ مِنْ نَفْسِ الصُّلْبِ، وَخَالَفَ فِيهِ حَجّ فَجَعَلَ الْغُسْلَ مُخْتَصًّا بِمَا يَخْرُجُ مِنْ تَحْتِ الصُّلْبِ وَتَحْتِ تَرَائِبِ الْمَرْأَةِ، وَتَبِعَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ (قَوْلُهُ: وَهِيَ عِظَامُ الصَّدْرِ) أَيْ كُلُّهَا (قَوْلُهُ: فَأَمْسَكَ ذَكَرَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَأَفْهَمَ التَّعْبِيرَ بِالْخَارِجِ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِنُزُولِهِ لِقَصَبَةِ الذَّكَرِ وَإِنْ حَكَمْنَا بِبُلُوغِهِ وَلَا لِقَطْعِهِ، وَهُوَ فِيهِ إذَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمُنْفَصِلِ شَيْءٌ كَمَا قَالَهُ الْبَارِزِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ إذَا تَحَقَّقْنَا وُجُودَهُ فِي الْمُنْفَصِلِ، إذْ الْمَدَارُ عَلَى خُرُوجِ الْمَنِيِّ وَقَدْ وَجَدَ اهـ. وَمَا نَظَرَ بِهِ تَقَدَّمَ مِثْلُهُ اعْتِرَاضًا عَلَى مَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ وَالْبَارِزِيِّ لَكِنَّ عِبَارَتَهُ ثَمَّ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمُنْفَصِلِ، وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِقَوْلِهِ هُنَا مِنْ الْمُتَّصِلِ (قَوْلُهُ: فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ) أَيْ وَيُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ إنْ كَانَ صَغِيرًا (قَوْلُهُ: مُسْتَحْكِمٌ) أَيْ بِأَنْ وَجَدَ فِيهِ إحْدَى خَوَاصِّ الْمَنِيِّ طب وم ر. وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْخَارِجِ مِنْ غَيْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: ثُمَّ الْكَلَامُ) أَيْ فِي الْخَارِجِ مِنْ الثُّقْبَةِ كَمَا هُوَ فَرْضُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ خَرَجَ لِمَرَضٍ) هُوَ صُورَةُ

الْغُسْلُ بِلَا خِلَافٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ (وَيُعْرَفُ) الْمَنِيُّ (بِتَدَفُّقِهِ) وَهُوَ خُرُوجُهُ بِدَفَعَاتٍ، قَالَ تَعَالَى {مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} [الطارق: 6] (أَوْ لَذَّةٍ) بِالْمُعْجَمَةِ (بِخُرُوجِهِ) أَيْ وُجْدَانِهَا وَإِنْ لَمْ يَتَدَفَّقْ لِقِلَّتِهِ وَيَلْزَمُهُ فُتُورُ الذَّكَرِ وَانْكِسَارُ الشَّهْوَةِ غَالِبًا (أَوْ رِيحُ عَجِينٍ) وَطَلْعِ نَخْلٍ (رَطْبًا وَبَيَاضَ بَيْضٍ جَافًّا) وَإِنْ لَمْ يَتَدَفَّقْ وَيُلْتَذَّ بِهِ كَأَنْ خَرَجَ مَا بَقِيَ مِنْهُ بَعْدَ الْغُسْلِ فَأَيُّ صِفَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ وُجِدَتْ كَفَتْ إذْ لَا يُوجَدُ شَيْءٌ مِنْهَا فِي غَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ رَطْبًا وَجَافًّا حَالَانِ مِنْ الْمَنِيِّ لَا مِنْ الْعَجِينِ وَبَيَاضِ الْبَيْضِ، وَلَا أَثَرَ لِثَخَانَةٍ أَوْ بَيَاضٍ فِي مَنِيِّ الرَّجُلِ وَلَا ضِدَّ ذَلِكَ فِي مَنِيِّ الْمَرْأَةِ (فَإِنْ فَقَدَتْ الصِّفَاتِ) أَيْ الْخَوَاصِّ الْمَذْكُورَةِ (فَلَا غُسْلَ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَنِيٍّ، فَلَوْ احْتَمَلَ كَوْنُ الْخَارِجِ مَنِيًّا أَوْ وَدْيًا كَمَنْ اسْتَيْقَظَ وَوَجَدَ الْخَارِجَ مِنْهُ أَبْيَضَ ثَخِينًا تَخَيَّرَ بَيْنَ حُكْمَيْهِمَا فَيَغْتَسِلُ أَوْ يَتَوَضَّأُ وَيَغْسِلُ مَا أَصَابَهُ مِنْهُ، فَلَوْ اخْتَارَ كَوْنَهُ مَنِيًّا لَمْ يُحَرَّمْ عَلَيْهِ قَبْلَ اغْتِسَالِهِ مَا يُحَرَّمُ عَلَى الْجُنُبِ لِلشَّكِّ فِي الْجَنَابَةِ، وَلِهَذَا مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الِاحْتِيَاطِ بِفِعْلِ مُقْتَضَى الْحَدَثَيْنِ لَا يُوجَبُ عَلَيْهِ غَسْلُ مَا أَصَابَ ثَوْبَهُ، لِأَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَتُهُ، كَذَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَمَّا اخْتَارَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، إذْ التَّفْوِيضُ إلَى خِيَرَتِهِ يَقْتَضِي ذَلِكَ. وَإِنْ رَأَى مَنِيًّا فِي ثَوْبِهِ أَوْ فِي فِرَاشٍ نَامَ فِيهِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ مَنْ لَا يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ كَالْمَمْسُوحِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا فِي الْخَادِمِ لَزِمَهُ الْغُسْلُ وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ احْتِلَامًا، وَلَزِمَهُ إعَادَةُ كُلِّ مَكْتُوبَةٍ لَا يُحْتَمَلُ حُدُوثُهُ بَعْدَهَا، وَيُنْدَبُ لَهُ إعَادَةُ مَا احْتَمَلَ أَنَّهُ فِيهَا كَمَا لَوْ نَامَ مَعَ مَنْ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ وَلَوْ نَادِرًا، كَالصَّبِيِّ بَعْدَ تِسْعٍ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ لَهُمَا الْغُسْلُ، وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ صِحَّةُ مَا قَيَّدَ الْمَاوَرْدِيُّ الْمَسْأَلَةَ بِهِ بِمَا إذَا رَأَى ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُعْتَادِ، أَمَّا الْخَارِجُ مِنْهُ فَيُوجِبُ الْغُسْلَ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ حَاصِلُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَمَا قَالَهُ م ر. وَقَوْلُهُ: لِمَرَضٍ: أَيْ مَعَ كَوْنِهِ فِيهِ بَعْضُ الْخَوَاصِّ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَيُسْتَفَادُ مَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ ثُمَّ الْكَلَامُ إلَخْ، فَإِنَّ مُرَادَهُ بِهِ التَّفْصِيلُ فِي الْمَنِيِّ الْخَارِجِ مِنْ الْمُنْفَتِحِ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا خَرَجَ مِنْ طَرِيقِهِ الْأَصْلِيِّ يُوجِبُ الْغُسْلَ مُطْلَقًا حَيْثُ عُلِمَ أَنَّهُ مَنِيٌّ بِوُجُودِ بَعْضِ الْخَوَاصِّ فِيهِ. وَقَوْلُهُ: مُسْتَحْكِمٌ بِكَسْرِ الْكَافِ كَمَا فِي تَحْرِيرِ النَّوَوِيِّ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُهُ: الْمُخْتَارُ وَأَحْكَمَ فَاسْتَحْكَمَ: أَيْ صَارَ مُحْكَمًا اهـ. فَصَرَّحَ بِأَنَّ اسْتَحْكَمَ لَازِمٌ فَالْوَصْفُ مِنْهُ اسْمُ فَاعِلٍ عَلَى مُسْتَفْعِلٍ بِالْكَسْرِ (قَوْلُهُ: أَوْ رِيحُ عَجِينٍ) أَيْ عَجِينُ حِنْطَةٍ وَنَحْوِهَا: أَيْ وَبِيضِ دَجَاجٍ وَنَحْوُهُ خَطِيبٌ، وَالْمُرَادُ بِنَحْوِ الْحِنْطَةِ: أَيْ مَا يُشْبِهُ رَائِحَةَ عَجِينِهَا، وَبِنَحْوِ بَيْضِ الدَّجَاجِ مَا يُشْبِهُ رَائِحَتَهُ رَائِحَتَهُ (قَوْلُهُ: فِي مَنِيِّ الْمَرْأَةِ) أَيْ مِنْ الرِّقَّةِ وَالصُّفْرَةِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: أَيْ الْخَوَاصِّ) دَفَعَ مَا أُورِدَ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ صِفَاتِ مَنِيِّ الرَّجُلِ الْبَيَاضُ وَالثِّخَنُ مَعَ وُجُوبِ الْغُسْلِ بِانْتِفَائِهِمَا عَنْهُ، وَيُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ حَمْلِ أَلْ فِي الْمَتْنِ عَلَى الْعَهْدِ الذَّكَرِيِّ (قَوْلُهُ: لِلشَّكِّ فِي الْجَنَابَةِ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) وَعَلَيْهِ فَإِذَا رَجَعَ قَالَ حَجّ: فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَعْمَلُ بِقَضِيَّةِ مَا رَجَعَ إلَيْهِ فِي الْمَاضِي أَيْضًا وَهُوَ الْأَحْوَطُ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَا يَعْمَلُ بِهَا إلَّا فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ قَضِيَّةَ الْأَوَّلِ بِفِعْلِهِ بِمُوجِبِهِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ الرُّجُوعُ فِيهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم (قَوْلُهُ: لَا يَعْمَلُ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْوَجْهُ اهـ. [تَنْبِيهٌ آخَرُ] هَلْ غَيْرُ الْخَارِجِ مِنْهُ ذَلِكَ مِثْلُهُ فِي التَّخْيِيرِ الْمَذْكُورِ، وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَلْزَمُ كُلًّا الْجَرْيُ عَلَى قَضِيَّةِ مَا اخْتَارَهُ حَتَّى لَوْ اخْتَارَ صَاحِبُهُ أَنَّهُ مَذْيٌ وَالْآخَرُ أَنَّهُ مَنِيٌّ لَمْ يَقْتَدِ بِهِ لِأَنَّهُ جُنُبٌ بِحَسَبِ مَا اخْتَارَهُ لَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQغَيْرِ الْمُسْتَحْكِمِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِعَدَمِ اسْتِحْكَامِهِ خُلُوَّهُ عَنْ الصِّفَاتِ الْآتِيَةِ وَإِنْ قِيلَ بِهِ إذْ ذَاكَ غَيْرُ مَنِيٍّ أَصْلًا (قَوْلُهُ: عَجِينٍ) أَيْ مِنْ حِنْطَةٍ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ: بِمَا إذَا رَأَى) بَدَلٌ مِنْ بِهِ

الْمَنِيَّ فِي بَاطِنِ الثَّوْبِ، فَإِنْ رَآهُ فِي ظَاهِرِهِ فَلَا غُسْلَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَصَابَهُ مِنْ غَيْرِهِ (وَالْمَرْأَةُ كَرَجُلٍ) فِيمَا مَرَّ مِنْ حُصُولِ الْجَنَابَةِ وَمَا يَعْرِفُ بِهِ الْمَنِيُّ مِنْ الْخَوَاصِّ الثَّلَاثِ عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ اضْطِرَابٍ طَوِيلٍ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ. (وَيُحَرَّمُ بِهَا) أَيْ بِالْجَنَابَةِ (مَا حُرِّمَ بِالْحَدَثِ) الْأَصْغَرِ لِأَنَّهَا أَغْلَظُ مِنْهُ (وَالْمُكْثُ بِالْمَسْجِدِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43] وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنِّي لَا أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلَا جُنُبٍ» وَمِثْلُهُ رَحْبَتُهُ وَهَوَاؤُهُ وَجَنَاحٌ بِجِدَارِهِ وَإِنْ كَانَ كُلُّهُ فِي هَوَاءِ الشَّارِعِ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ، وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ الْمَسْجِدُ شَائِعًا فِي أَرْضٍ بَعْضُهَا مَمْلُوكٌ وَإِنْ قَلَّ غَيْرُ الْمِلْكِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيُفَارِقُ التَّفْصِيلَ السَّابِقَ فِي التَّفْسِيرِ مَعَ أَنَّ حُرْمَةَ الْقُرْآنِ آكَدُ مِنْ حُرْمَةِ الْمَسْجِدِ، بِأَنَّ الْمَسْجِدِيَّةَ لَمَّا انْبَهَمَتْ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ تِلْكَ الْأَرْضِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْمُكْثُ كَانَ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَاكِثٌ فِي مَسْجِدٍ شَائِعٍ بِخِلَافِ الْقُرْآنِ مَعَ التَّفْسِيرِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُنْبَهِمٍ فِيهِ بَلْ مُتَمَيِّزٌ عَنْهُ، فَلَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَسَّ مُصْحَفًا شَائِعًا، وَأَيْضًا فَاخْتِلَاطُ الْمَسْجِدِيَّةِ بِالْمِلْكِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ يُسَمَّى مَسْجِدًا، وَلَا كَذَلِكَ الْمُصْحَفُ إذَا اخْتَلَطَ بِالتَّفْسِيرِ فَإِنَّهُ يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ يُسَمَّى مُصْحَفًا إنْ زَادَ عَلَيْهِ التَّفْسِيرُ كَمَا مَرَّ، وَمَحَلُّ حُرْمَةِ مَا تَقَدَّمَ ـــــــــــــــــــــــــــــSشَيْئًا، وَاَلَّذِي يَنْقَدِحُ أَنَّ الثَّانِيَ لَا يَلْزَمُهُ غَسْلُ مَا أَصَابَهُ مِنْهُ لِلشَّكِّ وَأَنَّهُ لَا يُقْتَدَى بِهِ فِي الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ اهـ حَجّ. وَبَقِيَ مَا لَوْ تَذَكَّرَ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ أَنَّهُ مَنِيٌّ كَوْنُهُ مَنِيًّا حَقِيقَةً هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ الْغُسْلِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ تَوَضَّأَ احْتِيَاطًا ثُمَّ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُخَاطَبًا بِالْأَحَدِ الدَّائِرِ وَأَتَى بِهِ تَحَقَّقَ فِي ضِمْنِهِ الْوَاجِبُ وَلَيْسَ مُتَبَرِّعًا بِالْفِعْلِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ فَصَلَّى الْخَمْسَ وَسِيلَةً لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ مِنْ الْوَاجِبِ ثُمَّ تَذَكَّرَ الْمَنْسِيَّةَ بِعَيْنِهَا، فَإِنَّ مَا أَتَى بِهِ يُجْزِئُهُ مَعَ تَرَدُّدِهِ فِي النِّيَّةِ، بِخِلَافِ وُضُوءِ الِاحْتِيَاطِ فِيمَا لَوْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ فَرْعٌ: عَمِلَ بِمُقْتَضَى مَا اخْتَارَهُ، ثُمَّ بَانَ الْحَالُ عَلَى وَفْقِ مَا اخْتَارَهُ فَيَتَّجِهُ أَنْ يُجْزِئَهُ أَخْذًا مِمَّا فَرَّقُوا بِهِ بَيْنَ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ إذَا بَانَ الْحَالُ فِي وُضُوءِ الِاحْتِيَاطِ وَالْإِجْزَاءِ إذَا بَانَ الْحَالُ فِي مَسْأَلَةِ الْمَنْسِيَّةِ بِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ فِي وُضُوءِ الِاحْتِيَاطِ (قَوْلُهُ: فِي ظَاهِرِهِ) قَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ مَعَ فَرْضِ الْكَلَامِ فِي كَوْنِهِ لَا يُمَكَّنُ مِنْ غَيْرِهِ وَمِنْ ثَمَّ عَمَّمَ غَيْرُهُ الْحُكْمَ. وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ: قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَإِنْ رَأَى فِي فِرَاشِهِ أَوْ ثَوْبِهِ وَلَوْ بِظَاهِرِهِ مَنِيًّا إلَخْ اهـ. قَالَ حَجّ: وَمَحَلُّهُ حَيْثُ احْتَمَلَ ذَلِكَ عَادَةً فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْمُكْثُ) زَادَ حَجّ: وَهَلْ ضَابِطُهُ هُنَا كَمَا فِي الِاعْتِكَافِ أَوْ يُكْتَفَى هُنَا بِأَدْنَى طُمَأْنِينَةٍ لِأَنَّهُ أَغْلَظُ؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَالثَّانِي أَقْرَبُ اهـ. وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُمْ إنَّمَا اعْتَبَرُوا فِي الِاعْتِكَافِ الزِّيَادَةَ لِأَنَّ مَا دُونَهَا لَا يُسَمَّى اعْتِكَافًا، وَالْمَدَارُ هُنَا عَلَى عَدَمِ تَعْظِيمِ الْمَسْجِدِ بِالْمُكْثِ فِيهِ مَعَ الْجَنَابَةِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِأَدْنَى مُكْثٍ، ثُمَّ قَالَ أَيْضًا: وَمِنْ خَصَائِصِهِ حِلُّ الْمُكْثِ لَهُ بِهِ جُنُبًا، وَلَيْسَ عَلَى مِثْلِهِ فِي ذَلِكَ وَخَبَرُهُ وَهُوَ كَمَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ عَنْ الْمَجْمُوعِ: «يَا عَلِيُّ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ يُجْنِبُ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ غَيْرِي وَغَيْرُك» ، ضَعِيفٌ وَإِنْ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيبٌ اهـ. وَقَضِيَّةُ اقْتِصَارِهِ فِي الْخُصُوصِيَّةِ عَلَى الْمُكْثُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَغَيْرِهِ فِي الْقِرَاءَةِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ رَحْبَتُهُ) وَهِيَ مَا وَقَفَ لِلصَّلَاةِ حَالَ كَوْنِهَا جُزْءًا مِنْ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: شَائِعًا) أَيْ فَهُوَ كَالْمَسْجِدِ فِي حُرْمَةِ الْمُكْثِ فِيهِ عَلَى الْجُنُبِ وَنَحْوِهِ، وَتَجِبُ قِسْمَتُهُ فَوْرًا، وَيُسْتَحَبُّ لِدَاخِلِهِ التَّحِيَّةُ، وَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَيْ بِالْجَنَابَةِ) وَأَمَّا بِالْحَيْضِ فَسَيَأْتِي فِي بَابِهِ وَكَذَا النِّفَاسُ، وَأَمَّا الْمَوْتُ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَجَنَاحٌ بِجِدَارِهِ) فِيهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ دَاخِلًا فِي وَقْفِيَّتِهِ، فَهُوَ مَسْجِدٌ حَتَّى إنَّ الْمَسْجِدَ اسْمٌ لِهَذِهِ الْأَبْنِيَةِ الْمَخْصُوصَةِ مَعَ الْأَرْضِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَاخِلًا فِي وَقْفِيَّتِهِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: إنْ زَادَ عَلَيْهِ التَّفْسِيرُ) لَا دَخْلَ لِهَذَا فِي التَّسْمِيَةِ وَعَدَمِهَا وَإِنَّمَا هُوَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ قُيِّدَتْ بِهِ الْحُرْمَةُ

إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ، فَإِنْ كَانَ كَإِغْلَاقِ بَابِهِ أَوْ خَوْفٍ لَوْ خَرَجَ وَلَوْ عَلَى مَالٍ وَتَعَذَّرَ غُسْلُهُ هُنَاكَ تَيَمَّمَ حَتْمًا لَا بِتُرَابِ الْمَسْجِدِ وَهُوَ الدَّاخِلُ فِي وَقْفِهِ فَيَحْرُمُ بِهِ كَتُرَابٍ مَمْلُوكٍ لِغَيْرِهِ وَيَصِحُّ، وَمَحَلُّهُ أَيْضًا فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ؛ أَمَّا الْكَافِرُ فَلَهُ دُخُولُهُ إنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ مُسْلِمٌ أَوْ وَجَدَ مَا يَقُومُ مَقَامَ إذْنِهِ فِيهِ وَدَعَتْ حَاجَةٌ إلَى دُخُولِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ جُنُبًا أَمْ لَا، ـــــــــــــــــــــــــــــSيَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِيهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الزِّيَادِيِّ. قَالَ سم: وَالْفَرْقُ أَنَّ الْغَرَضَ مِنْ التَّحِيَّةِ أَنْ لَا تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ الْمَسْجِدِ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ فِيهِ فَاسْتُحِبَّتْ فِي الشَّائِعِ لِأَنَّ بَعْضَهُ مَسْجِدٌ، بَلْ مَا مِنْ جُزْءٍ إلَّا وَفِيهِ جِهَةُ مَسْجِدِيَّةٍ، وَتَرْكُ الصَّلَاةِ يُخِلُّ بِتَعْظِيمِهِ، وَالِاعْتِكَافُ إنَّمَا يَكُونُ فِي مَسْجِدٍ وَالشَّائِعُ بَعْضُهُ لَيْسَ بِمَسْجِدٍ، فَالْمَاكِثُ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ خَرَجَ بَعْضُهُ عَنْ الْمَسْجِدِ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِ. [فَائِدَةٌ] قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِتَيْسِيرِ الْوُقُوفِ عَلَى غَوَامِضِ أَحْكَامِ الْوُقُوفِ: ثُمَّ مَوْضِعُ الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ: أَيْ وَقْفِ الْجُزْءِ الْمُشَاعِ مَسْجِدًا مِنْ أَصْلِهِ حَيْثُ أَمْكَنَتْ قِسْمَةُ الْأَرْضِ أَجْزَاءً، وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْا فِيهِ نَقْلًا وَهُوَ عَجِيبٌ، فَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي فَتَاوِيهِ الَّتِي جَمَعَهَا ابْنُ أَخِيهِ فَقَالَ: وَمِنْ الْغَرَائِبِ إذَا كَانَ لَهُ حِصَّةٌ فِي أَرْضٍ مُشَاعَةٍ وَهِيَ لَا تَنْقَسِمُ فَجَعَلَهَا مَسْجِدًا لَمْ يَصِحَّ اهـ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ الضَّرُورَةِ وَالْعُذْرِ مَا إذَا كَانَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَلَمْ يُمْكِنُهُ الْغُسْلُ إلَّا فِي الْحَمَّامِ لِخَوْفِ بَرْدِ الْمَاءِ أَوْ نَحْوِهِ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ أَخْذُ أُجْرَةِ الْحَمَّامِ إلَّا مِنْ الْمَسْجِدِ وَلَمْ يَجِدْ مِنْ يُنَاوِلُهَا لَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ، وَهَذَا قِيَاسُ قَوْلِهِمْ إذَا كَانَ الْمَاءُ فِي الْمَسْجِدِ دَخَلَ لِأَخْذِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَمْكُثُ قَدْرَ الِاسْتِقَاءِ فَقَطْ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ فِي مَسْأَلَتِنَا إذَا أَمْكَنَهُ، ثُمَّ رَأَيْت م ر قَالَ: مَنْ احْتَاجَ لِلدُّخُولِ لِلْمَسْجِدِ وَهُوَ جُنُبٌ لِأَخْذِ أُجْرَةِ الْحَمَّامِ مَثَلًا جَازَ الدُّخُولُ إنْ تَيَمَّمَ وَمَكَثَ قَدْرَ حَاجَتِهِ، وَلَا يَجُوزُ بِلَا تَيَمُّمٍ. وَقَوْلُهُ: تَيَمَّمَ حَتْمًا إلَخْ: أَيْ فَلَوْ وَجَدَ مَا يَكْفِي بَعْضَ أَعْضَائِهِ أَوْ وَجَدَ مَا يَكْفِي جَمِيعَهَا لَكِنْ مَنَعَهُ نَحْوُ الْبَرْدِ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ فِي جَمِيعِهَا وَلَمْ يَمْنَعْهُ فِي بَعْضِهَا، فَهَلْ يَجِبُ فِي الصُّورَتَيْنِ اسْتِعْمَالُ الْمَقْدُورِ تَقْلِيلًا لِلْحَدَثِ كَمَنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ وَوَجَدَ مَاءً لَا يَكْفِيه أَوْ مَاءً لَا يُمْكِنُهُ إلَّا اسْتِعْمَالُ بَعْضِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْوُجُوبُ فَتَأَمَّلْ سم عَلَى مَنْهَجٍ. [فَائِدَةٌ] عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَنَّ لِلْجُنُبِ أَنْ يَمْكُثَ بِالْمَسْجِدِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَلَوْ كَانَ الْغُسْلُ يُمْكِنُهُ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ اهـ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَى مَالٍ) أَيْ وَإِنْ قَلَّ كَدِرْهَمٍ (قَوْلُهُ: لَا بِتُرَابِ الْمَسْجِدِ إلَخْ) هَلْ الْمُشْتَرِي لَهُ مِنْ غَلَّتِهِ كَأَجْزَائِهِ، أَوْ كَاَلَّذِي فَرَشَهُ بِهِ أَحَدٌ مِنْ غَيْرِ وَقْفٍ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ، وَلَوْ شَكَّ فِي كَوْنِهِ مِنْ أَجْزَائِهِ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ، وَلَعَلَّ التَّحْرِيمَ أَقْرَبُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ احْتِرَامُهُ وَكَوْنُهُ مِنْ أَجْزَائِهِ حَتَّى يُعْلَمَ مُسَوِّغٌ لِأَخْذِهِ حَاشِيَةَ إيضَاحٍ لحج. هَذَا وَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّرَدُّدِ فِي الْمُشْتَرَى مِنْ غَلَّتِهِ إنَّمَا يَأْتِي إذَا قُلْنَا إنَّ الدَّاخِلَ فِي وَقْفِيَّتِهِ لَا يُجْزِئُ فِي التَّيَمُّمِ، وَحَمَلَ التَّرَدُّدُ عَلَى أَنَّهُ هَلْ يُجْزِئُ أَوْ لَا بِخِلَافِ الْخَارِجِ عَنْهَا، أَمَّا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ الدَّاخِلَ فِي وَقْفِيَّتِهِ يَحْرُمُ وَيَصِحُّ التَّيَمُّمُ بِهِ بِخِلَافِ الْخَارِجِ عَنْهُ، كَاَلَّذِي تَهُبُّ بِهِ الرِّيَاحُ فَلَا يَظْهَرُ التَّرَدُّدُ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ مُطْلَقًا وَيَصِحُّ (قَوْلُهُ: مُسْلِمٌ) رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ حَيْثُ كَانَ بَالِغًا، وَخَرَجَ بِالْمَسْجِدِ قُبُورُ الْأَنْبِيَاءِ فَلَا يَجُوزُ الْإِذْنُ لَهُ فِي دُخُولِهَا مُطْلَقًا تَعْظِيمًا لَهَا اهـ فَتَاوَى الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَدَعَتْ حَاجَةٌ) أَيْ تَتَعَلَّقْ بِمَصْلَحَتِنَا كَبِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَلَوْ تَيَسَّرَ غَيْرُهُ، أَوْ تَتَعَلَّقُ بِهِ لَكِنَّ حُصُولَهَا مِنْ جِهَتِنَا كَاسْتِفْتَائِهِ أَوْ دَعْوَاهُ عِنْدَ قَاضٍ، أَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ الْإِذْنُ لَهُ فِيهِ لِأَجْلِهِ كَدُخُولِهِ لِأَكْلٍ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ تَفْرِيغِ نَفْسِهِ فِي سِقَايَتِهِ الَّتِي يَدْخُلُ إلَيْهَا مِنْهُ، أَمَّا الَّتِي لَا يَدْخُلُ إلَيْهَا مِنْهُ فَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ دُخُولِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَلَهُ دُخُولُهُ) بِمَعْنَى أَنَّا لَا نَمْنَعُهُ وَإِلَّا، فَهُوَ حَرَامٌ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ

لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ حُرْمَتَهُ، أَمَّا الْكَافِرَةُ إذَا كَانَتْ حَائِضًا وَأَمِنَتْ التَّلْوِيثَ فَهَلْ تُمْنَعُ كَالْمُسْلِمَةِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ أَوْ لَا كَمَا صَرَّحَا بِهِ فِي بَابِ اللِّعَانِ؟ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي التَّرْجِيحِ، وَالْأَقْرَبُ حَمْلُ الْمَنْعِ عَلَى عَدَمِ حَاجَتِهَا الشَّرْعِيَّةِ وَعَدَمِهِ عَلَى وُجُودِ حَاجَتِهَا الشَّرْعِيَّةِ، وَمَحَلُّهَا أَيْضًا فِي الْبَالِغِ. أَمَّا الصَّبِيُّ الْجُنُبُ فَيَجُوزُ لَهُ الْمُكْثُ فِيهِ كَالْقِرَاءَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي فَتَاوِيهِ. قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ فِي تَسْهِيلِ الْمَقَاصِدِ: وَمِنْ التَّرَدُّدِ فِيهِ أَنْ يَدْخُلَ لِيَأْخُذَ حَاجَةً مِنْ الْمَسْجِدِ وَيَخْرُجُ مِنْ الْبَابِ الَّذِي دَخَلَ مِنْهُ دُونَ وُقُوفٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ دَخَلَهُ يُرِيدُ الْخُرُوجَ مِنْ الْبَابِ الْآخَرِ ثُمَّ عَنَّ لَهُ الرُّجُوعُ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ (لَا عُبُورُهُ) لِكَوْنِهِ أَخَفَّ وَلَا يُكَلَّفُ الْإِسْرَاعَ بَلْ يَمْشِي عَلَى عَادَتِهِ. نَعَمْ هُوَ لِلْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ عِنْدَ أَمْنِهِمَا تَلْوِيثَهُ مَكْرُوهٌ وَإِلَّا فَحَرَامٌ كَمَا سَيَأْتِي. وَلِلْجُنُبِ خِلَافُ الْأَوْلَى إلَّا لِعُذْرٍ، وَلَوْ عَبَّرَ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ لَمْ يَحْرُمْ الْمُرُورُ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِابْنِ الْعِمَادِ، إذْ الْحُرْمَةُ إنَّمَا هِيَ لِقَصْدِ الْمَعْصِيَةِ لَا لِلْمُرُورِ، وَلَوْ رَكِبَ دَابَّةً وَمَرَّ فِيهِ لَمْ يَكُنْ مُكْثًا لِأَنَّ سَيْرَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSبِلَا إذْنِ مُسْلِمٍ. نَعَمْ لَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ تَنْجِيسُهُمْ مَاءَهَا أَوْ جُدْرَانَهَا مُنِعُوا وَلَا يَجُوزُ الْإِذْنُ لَهُمْ فِي الدُّخُولِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ حُرْمَتَهُ) قَالَ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ بَعْدَ نَقْلِهِ مِثْلَ مَا ذُكِرَ عَنْ حَجّ: وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلتَّمْكِينِ، أَمَّا هُوَ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ. الْجُلُوسُ مَعَ الْجَنَابَةِ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالْفُرُوعِ خِطَابَ عِقَابٍ. أَقُولُ: قَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا رَبْطُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَسِيرَ مِنْ الْكُفَّارِ بِالْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ حَيْثُ كَانَ حَرَامًا وَلَوْ بِاعْتِبَارِ الْآخِرَةِ فَقَطْ لَا يَفْعَلُهُ مَعَهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا أَنْ يُقَالَ: فَعَلَ ذَلِكَ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ يُقِرُّ الْكُفَّارَ عَلَى مَا لَا يَعْتَقِدُونَ حُرْمَتَهُ وَإِنْ كَانُوا يُعَاقَبُونَ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ، لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ تَصْرِيحُهُمْ بِحُرْمَةِ إطْعَامِنَا إيَّاهُمْ فِي رَمَضَانَ مَعَ أَنَّهُمْ لَا يَعْتَقِدُونَ حُرْمَتَهُ (قَوْلُهُ: وَعَدَمِهِ) أَيْ الْمَنْعِ وَهُوَ الْجَوَازُ (قَوْلُهُ: حَاجَتُهَا) يَعْنِي أَنَّا لَا نَمْنَعُهَا الدُّخُولَ عِنْدَ حَاجَتِهَا. وَمَعَ ذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَيْهَا الدُّخُولُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الْعُبَابِ: وَالذِّمِّيَّةُ مَعَ الْحَيْضِ لَا الْجَنَابَةِ كَالْمُسْلِمَةِ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ عَدَمِ الْمَنْعِ وَالْحُرْمَةِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ الْمُكْثُ عَلَى الْجُنُبِ الْكَافِرِ، وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ التَّشْرِيعِ (قَوْلُهُ: فِي الْبَالِغِ) أَيْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ لَهُ) . [فَرْعٌ] نَقَلَ م ر عَنْ الْبَكْرِيِّ فِي حَاشِيَتِهِ نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى النَّوَوِيِّ أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِمْ يَحْرُمُ الْمُكْثُ وَالْقِرَاءَةُ عَلَى الْجُنُبِ الْمُمَيِّزِ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ مُشْكِلٌ، وَلَوْ كَانَ مَفْرُوضًا فِيمَا إذَا احْتَاجَ الْمُمَيِّزُ لِلْقِرَاءَةِ أَوْ الْمُكْثَ لِلتَّعْلِيمِ لَكَانَ قَرِيبًا، وَقَدْ تَوَقَّفَ فِيهِ م ر وَقَالَ: رَاجَعْتُ فَتَاوَى النَّوَوِيِّ فَلَمْ أَجِدْ فِيهَا ذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَفِي حَوَاشِيهِ عَلَى حَجّ الْجَوَابُ بِأَنَّ لَهُ فَتَاوَى أُخْرَى غَيْرُ مَشْهُورَةٍ فَلَا أَثَرَ لِكَوْنِهِ لَيْسَ فِي الْمَشْهُورَةِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ هُوَ) أَيْ الْعُبُورُ، وَخَرَجَ بِهِ التَّرَدُّدُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: إلَّا لِعُذْرٍ) أَيْ كَأَنْ تَعَيَّنَ الْمَسْجِدُ طَرِيقًا وَتَعَذَّرَ غُسْلُهُ فَلَا يُكْرَهُ لِلْحَائِضِ وَلَا يَكُونُ خِلَافَ الْأَوْلَى لِلْجُنُبِ، وَعِبَارَةُ حَجّ هُوَ أَعْنِي الْمُرُورَ بِهِ لِغَيْرِ غَرَضٍ خِلَافُ الْأَوْلَى اهـ. وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا تَكُونُ خِلَافَ الْأَوْلَى إذَا كَانَ لِغَرَضٍ مَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَرُورَةً، وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الرَّوْضِ، وَشَرْحُهُ لَا إنْ كَانَ الْعُبُورُ لِغَرَضٍ كَقُرْبِ طَرِيقٍ فَلَيْسَ بِمَكْرُوهٍ وَلَا خِلَافَ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: إذْ الْحُرْمَةُ إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْعِمَادِ فِيمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَمَّا الْكَافِرَةُ إذَا كَانَتْ حَائِضَةً إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا تُمْنَعُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ مُطْلَقًا، وَبِهِ صَرَّحَ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ خِلَافُهُ فِي الْكَافِرِ الْجُنُبِ مُعَلَّلًا بِمَا يُفِيدُ عَدَمَ الْحُرْمَةِ هُنَا (قَوْلُهُ: أَنْ يَدْخُلَ إلَخْ) أَيْ وَفَعَلَ ذَلِكَ

مَنْسُوبٌ إلَيْهِ، بِخِلَافٍ نَحْوَ سَرِيرٍ يَحْمِلُهُ إنْسَانٌ، وَلَوْ دَخَلَ عَلَى عَزْمِ أَنَّهُ مَتَى وَصَلَ لِلْبَابِ الْآخَرِ رَجَعَ قَبْلَ مُجَاوَزَتِهِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ التَّرَدُّدَ، وَالسَّابِحُ فِي نَهْرٍ فِيهِ كَالْمَارِّ، وَمَنْ دَخَلَهُ فَنَزَلَ بِئْرَهُ وَلَمْ يَمْكُثْ حَتَّى اغْتَسَلَ لَمْ يَحْرُمُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيُحْتَمَلُ مَنْعُهُ لِأَنَّهُ حُصُولٌ لَا مُرُورٌ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِهِ بِئْرٌ وَدَلَّى نَفْسَهُ فِيهَا بِحَبْلٍ حُرِّمَ عَلَى مَا إذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ مُكْثٌ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِ نَفْسِهِ، وَلَوْ لَمْ يَجِدْ مَاءً إلَّا فِيهِ جَازَ لَهُ الْمُكْثُ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ وَتَيَمَّمَ لِذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى، وَلَوْ جَامَعَ زَوْجَتَهُ فِيهِ وَهُمَا مَارَّانِ فَالْأَوْجَهُ الْحُرْمَةُ، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ لَوْ مَكَثَ جُنُبٌ فِيهِ هُوَ وَزَوْجَتُهُ لِعُذْرٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ مُجَامَعَتُهَا، وَمِنْ كَلَامِهِمْ فِي بَابِ الِاعْتِكَافِ فِي تَوْجِيهِ كَوْنِ الْمَسْجِدِ شَرْطًا لِصِحَّتِهِ حَيْثُ قَالُوا: لَا جَائِزَ أَنْ يَكُونَ ذَكَرَ بِالْمَسَاجِدِ شَرْطًا لِمَنْعِ مُبَاشَرَةِ الْمُعْتَكِفِ فِي الْمَسْجِدِ، لِأَنَّ مَنْعَهَا فِيهِ لَا يَخْتَصُّ بِهِ فَغَيْرُ الْمُعْتَكِفِ كَذَلِكَ، وَخَرَجَ بِالْمَسْجِدِ الْمَدْرَسَةُ وَالرِّبَاطُ وَمُصَلَّى الْعِيدِ وَنَحْوِهَا؛ وَهَلْ شَرْطُ الْحُرْمَةِ تَحَقُّقُ الْمَسْجِدِيَّةِ أَوْ يُكْتَفَى بِالْقَرِينَةِ؟ فِيهِ احْتِمَالٌ، وَالْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِهِمْ الْأَوَّلُ، وَعَلَيْهِ فَالِاسْتِفَاضَةُ كَافِيَةٌ مَا لَمْ يُعْلَمْ أَصْلُهُ كَالْمَسَاجِدِ الْمُحْدَثَةِ بِمِنًى. (وَالْقُرْآنُ) حَيْثُ تَلَفَّظَ بِهِ بِحَيْثُ أَسْمَعَ نَفْسَهُ مَعَ اعْتِدَالِ سَمْعِهِ وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّ نَحْوُ لَغَطٍ وَلَوْ لِحَرْفٍ، لِأَنَّ نُطْقَهُ بِحَرْفٍ بِقَصْدِ الْقُرْآنِ شُرُوعٌ فِي الْمَعْصِيَةِ، فَالتَّحْرِيمُ لِذَلِكَ لَا لِكَوْنِهِ يُسَمَّى قَارِئًا. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَقْرَأُ الْجُنُبُ وَلَا الْحَائِضُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ» وَهُوَ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا لَهُ مُتَابَعَاتٌ تُجْبِرُ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ التَّرَدُّدِ مَا لَوْ دَخَلَ لِيَأْخُذَ حَاجَةً إلَخْ ضَعِيفٌ. هَذَا، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ كَلَامَ الْعِمَادِ هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ قَصْدَ الْإِقَامَةِ صَيَّرَ مُرُورَهُ كَالتَّرَدُّدِ وَهُوَ حَرَامٌ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُكْثِ فَكَذَا هَذَا (قَوْلُهُ: مَنْسُوبٌ إلَيْهِ) قَالُوا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْقِبْلَةِ إنَّمَا يَكُونُ مَنْسُوبًا إلَيْهِ لِتَبْطُلَ صَلَاتُهُ بِمَشْيِهَا ثَلَاثَ خُطُوَاتٍ إذَا كَانَ زِمَامُهَا بِيَدِهِ، فَإِنْ كَانَ بِيَدِ غَيْرِهِ أَوْ مُرْسَلًا لَمْ تَبْطُلْ لِأَنَّ سَيْرَهَا مَنْسُوبٌ إلَى غَيْرِهِ. وَقِيَاسُهُ أَنْ يُقَالَ هُنَا كَذَلِكَ، فَيُقَالُ إنْ كَانَ زِمَامُهَا بِيَدِهِ لَمْ يَحْرُمْ الْمُرُورُ لِأَنَّهُ سَائِرٌ، وَإِنْ كَانَ بِيَدِ غَيْرِهِ حُرِّمَ لِاسْتِقْرَارِهِ فِي نَفْسِهِ وَنِسْبَةُ السَّيْرِ إلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: إنْسَانٌ) أَيْ عَاقِلٌ (قَوْلُهُ: كَالْمَارِّ) أَمَّا لَوْ كَانَ فِي سَفِينَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا فِي الدَّابَّةِ، فَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُسَيِّرُ لَهَا لَمْ يَحْرُمْ لِأَنَّ سَيْرَهَا مَنْسُوبٌ إلَيْهِ فَكَأَنَّهُ مَارٌّ، وَإِلَّا حُرِّمَ لِاسْتِقْرَارِهِ كَمَنْ جَلَسَ عَلَى سَرِيرٍ يَحْمِلُهُ رِجَالٌ (قَوْلُهُ: إلَّا فِيهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ لَهُ مُجَامَعَتُهَا) أَيْ لِأَنَّ فِيهِ انْتِهَاكًا لِحُرْمَةِ الْمَسْجِدِ وَإِلَّا فَجِمَاعُهُ فِيهِ لَا يَزِيدُ عَلَى كَوْنِهِ جُنُبًا مَارًّا (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِهِمْ الْأَوَّلُ) وَفِي كَلَامِ حَجّ مَا يُرَجِّحُ الثَّانِيَ، وَاسْتَشْهَدَ لَهُ بِكَلَامِ السُّبْكِيّ فَلْيُرَاجَعْ، وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ حَجّ. (قَوْلُهُ: وَالْقُرْآنُ) أَيْ مِنْ مُسْلِمٍ بَالِغٍ، وَلَوْ نَذَرَ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ فَأَجْنَبَ فِيهِ وَلَمْ يَجِدْ مَاءً يَغْتَسِلُ بِهِ وَلَا تُرَابًا يَتَيَمَّمُ بِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ، فَالْمُمْتَنِعُ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ التَّنَفُّلُ بِالْقِرَاءَةِ كَمَا فِي الْإِرْشَادِ اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُثَابُ أَيْضًا عَلَى قِرَاءَتِهِ الْمَذْكُورَةِ، وَهَذَا كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ حَيْثُ أَوْجَبُوا عَلَيْهِ صَلَاةَ الْفَرْضِ وَقِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ فِيهِ، فَالْقِرَاءَةُ الْمَنْذُورَةُ هُنَا كَالْفَاتِحَةِ ثَمَّ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ إنَّمَا وَجَبَتْ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ، وَمِنْ ثَمَّ يَجِبُ إعَادَتُهَا وَالنَّذْرُ لَيْسَ لَهُ وَقْتٌ شَرْعِيٌّ أَصَالَةً حَتَّى يُرَاعَى هَذَا، وَقِيلَ الِاكْتِفَاءُ بِالْقِرَاءَةِ فِي حَقِّ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ حَيْثُ قَصَدَ الْقِرَاءَةَ كَمَا قَالَهُ حَجّ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ مَانِعَةٌ لَهُ مِنْ صَرْفِ مَا أَتَى بِهِ الْقُرْآنُ، وَلَمْ يَجْعَلُوا الْإِحْرَامَ بِالصَّلَاةِ مُوجِبًا لِحَمْلِ الْفَاتِحَةِ إذَا أَتَى بِمَا عَلَى الْقُرْآنِ: أَيْ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْقِيلِ لِكَوْنِ الصَّلَاةِ لَا تَصِحُّ بِدُونِهَا، وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ فِي حَقِّ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ أَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ قَصْدِهَا بِالْأَوْلَى فِيمَا لَوْ نَذَرَ الْقِرَاءَةَ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ وَفَقَدَ الطَّهُورَيْنِ حَيْثُ قُلْنَا يَقْرَأُ (قَوْلُهُ: لَا يَقْرَأُ الْجُنُبُ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ نَهْيٌ، وَبِضَمِّهَا خَبَرٌ بِمَعْنَاهُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: لَهُ مُتَابَعَاتٌ) أَيْ وَذَلِكَ بِأَنْ يُرَدَّ مَعْنَاهُ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ إمَّا ـــــــــــــــــــــــــــــQحَتَّى يُسَمَّى تَرَدُّدًا. وَأَمَّا حُرْمَةُ الْقَصْدِ فَأَمْرٌ آخَرُ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: عَلَى عَزْمِ أَنَّهُ مَتَى وَصَلَ لِلْآخَرِ رَجَعَ) أَيْ وَفَعَلَ ذَلِكَ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: الْمُحْدَثَةِ) خَرَجَ بِهِ مَسْجِدُ الْخَيْفِ كَنَمِرَةَ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِحَرْفٍ:) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: وَلَوْ بِقَصْدِ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ انْتَهَى.

ضَعْفَهُ بَلْ حَسَّنَهُ الْمُنْذِرِيُّ (وَتَحِلُّ أَذْكَارُهُ) لِلْجُنُبِ (لَا بِقَصْدِ قُرْآنٍ) كَقَوْلِهِ فِي الْأَكْلِ بِسْمِ اللَّهِ، وَعِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَعِنْدَ رُكُوبِهِ {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا} [الزخرف: 13] وَعِنْدَ الْمُصِيبَةِ {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 156] لِعَدَمِ الْإِخْلَالِ حِينَئِذٍ بِالتَّعْظِيمِ، إذْ الْقُرْآنُ إنَّمَا يَكُونُ قُرْآنًا بِالْقَصْدِ، وَشَمِلَ مَا إذَا قَصَدَ ذِكْرَهُ أَوْ مَوْعِظَتَهُ أَوْ حُكْمَهُ وَحْدَهُ، أَوْ أَطْلَقَ كَأَنْ جَرَى بِهِ لِسَانُهُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ فَلَا يَحْرُمُ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَا لَا يُوجَدُ نَظْمُهُ إلَّا فِيهِ كَآيَةِ الْكُرْسِيِّ وَسُورَةِ الْإِخْلَاصِ، وَبَيْنَ مَا يُوجَدُ نَظْمُهُ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِلْمَنْقُولِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْفَتْحَ عَلَى الْإِمَامِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ قَصْدِ الْقِرَاءَةِ، وَلَوْ لِمَا لَا يُوجَدُ نَظْمُهُ إلَّا فِي الْقُرْآنِ. قَالَ الْجَوْجَرِيُّ: وَهُوَ قَضِيَّةُ تَسْوِيَةِ الْمَجْمُوعِ بَيْنَ الْأَذْكَارِ وَغَيْرِهَا، ثُمَّ قَالَ: إنَّ كَلَامَ الزَّرْكَشِيّ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا مَمْنُوعٌ وَضَعْفُهُ ظَاهِرٌ يُدْرَكُ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ اهـ. وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ قَوْلَهُ أَذْكَارُهُ مِثَالٌ، فَمَوَاعِظُهُ وَأَحْكَامُهُ وَقَصَصُهُ كَذَلِكَ، وَمَحَلُّ مَنْعِ قِرَاءَةِ الْجُنُبِ إذَا كَانَ مُسْلِمًا. أَمَّا الْكَافِرُ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهَا لِعَدَمِ اعْتِقَادِهِ حُرْمَتَهَا، وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيمُهُ لِلْكَافِرِ الْمُعَانِدِ، وَيُمْنَعُ تَعَلُّمَهُ فِي الْأَصَحِّ، وَغَيْرُ الْمُعَانِدِ إنْ لَمْ يُرْجَ إسْلَامُهُ لَمْ يَجُزْ تَعْلِيمُهُ وَإِلَّا جَازَ، وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْ مَسِّ الْمُصْحَفِ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ آكَدُ بِدَلِيلِ حُرْمَةِ حَمْلِهِ مَعَ الْحَدَثِ وَحُرْمَةِ مَسِّهِ بِنَجَسٍ بِخِلَافِهَا إذْ تَجُوزُ مَعَ الْحَدَثِ وَبِفَمٍ نَجِسٍ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ انْدِفَاعُ مَا فِي الْإِسْعَادِ هُنَا أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْمُهِمَّاتِ مِنْ قِيَاسِهَا عَلَيْهَا كَمَا رَدَّ ذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الْجَوْجَرِيُّ. وَيَجُوزُ لِلْجُنُبِ إجْرَاءُ الْقُرْآنِ عَلَى قَلْبِهِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَالْهَمْسُ بِهِ بِتَحْرِيكِ شَفَتَيْهِ إنْ لَمْ يَسْمَعْ نَفْسَهُ وَالنَّظَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــSصَحِيحٌ أَوْ حَسَنٌ (قَوْلُهُ: لَا بِقَصْدِ قُرْآنٍ) أَيْ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: إنَّمَا يَكُونُ قُرْآنًا بِالْقَصْدِ) أَيْ مَعَ وُجُودِ الْمَانِعِ. أَمَّا بِدُونِهِ فَالتَّلَفُّظُ بِالْقُرْآنِ مَصْرُوفٌ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ وَيُثَابُ عَلَيْهِ. ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ تَعْلِيلًا لِلْجَوَازِ مَا نَصُّهُ: لِأَنَّهُ أَيْ عِنْدَ وُجُودِ قَرِينَةٍ تَقْتَضِي صَرْفَهُ عَنْ مَوْضُوعِهِ كَالْجَنَابَةِ هُنَا لَا يَكُونُ قُرْآنًا إلَّا بِالْقَصْدِ (قَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِهِ) كَالْمَلَكِ الْقُدُّوسِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِمَا لَا يُوجَدُ نَظْمُهُ إلَخْ) وَوَجْهُ التَّأْيِيدِ أَنَّ تَفْصِيلَهُمْ فِي الْفَتْحِ بَيْنَ مَا لَا يُوجَدُ نَظْمُهُ إلَّا فِي الْقُرْآنِ وَبَيْنَ مَا يُوجَدُ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ دَلِيلٌ عَلَى قَبُولِهِ الصَّرْفَ عَنْ كَوْنِهِ قُرْآنًا، وَحَيْثُ قَبِلَهُ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ لِانْتِفَاءِ الْقُرْآنِيَّةِ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: وَضَعْفُهُ ظَاهِرٌ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ بَعْدَ اشْتَرَاك الْكُلِّ فِي الْقُرْآنِيَّةِ لَا وَجْهَ لِلتَّفْرِقَةِ بَيْنَ مَا لَا يُوجَدُ نَظْمُهُ فِيهِ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ ذَاتَ الْقُرْآنِيَّةِ لَا تَنْتَفِي عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ وَالْكَلَامُ فِي حُكْمِ الْقُرْآنِ، وَعَلَيْهِ لَا يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ مَا يُوجَدُ نَظْمُهُ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَقَصَصُهُ) أَيْ وَجُمْلَةُ الْقُرْآنِ لَا تَخْرُجُ عَمَّا ذُكِرَ فَكَأَنَّهُ قَالَ: تَحِلُّ قِرَاءَةُ جَمِيعِهِ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ الْقُرْآنِيَّةَ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْكَافِرُ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهَا) أَيْ الْقِرَاءَةِ بَلْ يُمَكَّنُ مِنْهَا. أَمَّا قِرَاءَتُهُ مَعَ الْجَنَابَةِ فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ خِطَابَ عِقَابٍ اهـ زِيَادِيٌّ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ وَلَوْ كَانَ مُعَانِدًا، وَعِبَارَتُهُ عَلَى الْبَهْجَةِ نَعَمْ شَرْطُ تَمْكِينِ الْكَافِرِ مِنْ الْقِرَاءَةِ أَنْ لَا يَكُونَ مُعَانِدًا أَوْ رُجِيَ إسْلَامُهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَالْقِيَاسُ أَيْضًا مَنْعُهُ مِنْ كِتَابَةِ الْقُرْآنِ حَيْثُ مُنِعَ مِنْ قِرَاءَتِهِ (قَوْلُهُ: وَيُمْنَعُ تَعَلُّمُهُ) وَالْقِيَاسُ مَنْعُهُ مِنْ التِّلَاوَةِ حَيْثُ كَانَ مُعَانِدًا وَلَمْ يُرْجَ إسْلَامُهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَنْعِ كَوْنُهُ مِنْ الْإِمَامِ بَلْ يَجُوزُ مِنْ الْآحَادِ، لِأَنَّهُ نَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ وَهُوَ لَا يَخْتَصُّ بِالْإِمَامِ (قَوْلُهُ: بِنَجَسٍ) أَيْ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ. وَعِبَارَةُ حَجّ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ: وَيَحْرُمُ مَسُّهُ كَكُلِّ اسْمٍ مُعَظَّمٍ بِمُتَنَجَّسٍ بِغَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ، وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ تَعْظِيمًا لَهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهَا) أَيْ الْقِرَاءَةِ (قَوْلُهُ: وَبِفَمٍ نَجِسٍ) وَلَوْ بِمُغَلَّظٍ وَإِنْ تَعَمَّدَ فِعْلَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: مِنْ قِيَاسِهَا) اُنْظُرْ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ، وَلَعَلَّهُ بِتَثْنِيَةِ الضَّمِيرِ فِي عَلَيْهِمَا وَعَلَيْهِ فَضَمِيرُ قِيَاسِهَا لِلْقِرَاءَةِ وَضَمِيرُ عَلَيْهِمَا لِمَسِّ الْمُصْحَفِ وَحَمْلِهِ. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ) أَيْ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ (قَوْلُهُ: بِتَحْرِيكِ شَفَتَيْهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إنَّمَا يَكُونُ قُرْآنًا بِالْقَصْدِ) أَيْ عِنْدَ قِيَامِ الْمَانِعِ (قَوْلُهُ: مِنْ قِيَاسِهَا عَلَيْهَا) يُنْظَرُ مَا مَرْجِعُ الضَّمِيرِ

[واجبات الغسل]

فِي الْمُصْحَفِ وَقِرَاءَةُ مَنْسُوخِ التِّلَاوَةِ وَمَا وَرَدَ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ. ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى وَاجِبَاتِهِ فَقَالَ (وَأَقَلُّهُ) أَيْ وَأَقَلُّ وَاجِبِ الْغُسْلِ الَّذِي لَا يَصِحُّ بِدُونِهِ (نِيَّةُ رَفْعِ جَنَابَةٍ) إنْ كَانَ جُنُبًا، فَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا نَوَتْ رَفْعَ حَدَثِ الْحَيْضِ (أَوْ) نِيَّةَ (اسْتِبَاحَةِ) شَيْءٍ (مُفْتَقِرٍ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْغُسْلِ كَالطَّوَافِ وَالصَّلَاةِ وَنِيَّةُ مُنْقَطِعَةِ حَيْضٍ اسْتِبَاحَةَ وَطْءٍ وَلَوْ مُحَرَّمًا فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ ابْنِ الْمُقْرِي تَبَعًا لِأَصْلِهِ هُنَا، وَإِنْ قَيَّدَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ صِفَةِ الْوُضُوءِ بِالزَّوْجِ وَنَحْوِهَا لِمَا سَبَقَ فِي الضَّوْءِ، فَإِنْ نَوَى مَا لَا يَفْتَقِرُ إلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ (أَوْ أَدَاءَ فَرْضِ الْغُسْلِ) أَوْ أَدَاءَ الْغُسْلِ، أَوْ فَرْضِ الْغُسْلِ، أَوْ الْغُسْلِ الْمَفْرُوضِ، أَوْ الْوَاجِبِ، أَوْ الطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ، أَوْ الْغُسْلِ لَهَا فِيمَا يَظْهَرُ لَا الْغُسْلِ فَقَطْ، لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عَادَةً وَبِهِ فَارَقَ الْوُضُوءَ، أَوْ رَفْعَ الْحَدَثِ، أَوْ الْحَدَثَ الْأَكْبَرَ، أَوْ عَنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ لِتَعَرُّضِهِ لِلْمَقْصُودِ فِيمَا سِوَى رَفْعِ الْحَدَثِ، وَلِاسْتِلْزَامِ رَفْعِ الْمُطْلَقِ رَفْعَ الْمُقَيَّدِ فِيهِمَا، إذْ رَفْعُ الْمَاهِيَّةِ يَسْتَلْزِمُ رَفْعَ كُلٍّ مِنْ أَجْزَائِهَا. فَلَا يُقَالُ الْحَدَثُ حَيْثُ أُطْلِقَ مُنْصَرِفٌ لِلْأَصْغَرِ غَالِبًا، وَيَأْتِي مَا تَقَدَّمَ فِي الْوُضُوءِ هُنَا مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى سَلَسِ الْمَنِيِّ نِيَّةٌ نَحْوُ الِاسْتِبَاحَةِ، إذْ لَا يَكْفِيهِ نِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ أَوْ الطَّهَارَةِ عَنْهُ وَأَنَّهُ لَوْ نَفَى مِنْ أَحْدَاثِهِ غَيْرَ مَا نَوَاهُ أَجْزَأَهُ، وَأَنَّهُ لَوْ جَنَابَةَ جِمَاعٍ وَقَدْ احْتَلَمَ، أَوْ الْجَنَابَةَ الْمُخَالِفَ مَفْهُومَهَا لِمَفْهُومِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ (قَوْلُهُ: عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ) كَالْأَحَادِيثِ الْقُدْسِيَّةِ (قَوْلُهُ: الَّذِي لَا يَصِحُّ بِدُونِهِ) قَالَ حَجّ: مِنْ جَنَابَةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَوْ لِسَبَبٍ مِمَّا سُنَّ لَهُ الْغُسْلُ، إذْ الْغُسْلُ الْمَنْدُوبُ كَالْمَفْرُوضِ فِي الْوَاجِبِ مِنْ جِهَةِ الِاعْتِدَادِ بِهِ وَالْمَنْدُوبِ مِنْ جِهَةِ كَمَالِهِ، نَعَمْ يَتَفَارَقَانِ فِي النِّيَّةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْجُمُعَةِ. وَبِمَا تَقَرَّرَ يُعْلَمُ أَنَّ فِي عِبَارَتِهِ شِبْهَ اسْتِخْدَامٍ لِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْغُسْلِ فِي التَّرْجَمَةِ الْأَعَمَّ مِنْ الْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ، وَبِالضَّمِيرِ فِي مُوجِبِهِ الْوَاجِبَ وَفِي أَقَلِّهِ وَأَكْمَلِهِ الْأَعَمَّ، إذْ الْوَاجِبُ مِنْ حَيْثُ وَصْفُهُ بِالْوُجُوبِ لَا أَقَلَّ لَهُ وَلَا أَكْمَلَ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ يُعْلَمُ إلَخْ. أَقُولُ: مَا ذَكَرَهُ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الضَّمِيرُ فِي مُوجِبِهِ لِلْأَعَمِّ: أَيْ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ أَيْضًا، وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْمُوجِبَ لِجِنْسِ الْغُسْلِ: أَيْ هَذِهِ الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ الْأُمُورُ الْمَذْكُورَةُ، بَلْ لَا مَعْنًى لِرُجُوعِ الضَّمِيرِ لِلْوَاجِبِ إذْ يَصِيرُ الْمَعْنَى الْمُوجِبُ لِلْغُسْلِ الْوَاجِبِ مَا ذُكِرَ وَلَا وَجْهَ لَهُ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُحَرَّمًا) أَيْ كَالزِّنَا (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهَا) أَيْ نَحْوُ الْمَذْكُورَاتِ كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَا الْغُسْلِ فَقَطْ) أَيْ أَوْ الطَّهَارَةِ فَقَطْ بِخِلَافِ فَرْضِ الطَّهَارَةِ، أَوْ الطَّهَارَةِ الْوَاجِبَةِ أَوْ الطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ، أَوْ أَدَاءِ الطَّهَارَةِ عَلَى قِيَاسِ مَا قَدَّمَهُ عَنْ إفْتَاءِ وَالِدِهِ فِي الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: أَوْ رَفْعِ الْحَدَثِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَأَدَاءَ فَرْضِ الْغُسْلِ (قَوْلُهُ: رَفْعِ كُلٍّ مِنْ أَجْزَائِهَا) الْمُنَاسِبُ؛ لِقَوْلِهِ رَفْعَ الْمُقَيَّدِ أَنْ يَقُولَ هُنَا مِنْ جُزْئِيَّاتِهَا لِأَنَّ الْمُقَيَّدَ مَعَ قَيْدِهِ إنَّمَا هُوَ جُزْئِيٌّ لَا جُزْءٌ (قَوْلُهُ: نَحْوُ الِاسْتِبَاحَةِ) أَيْ وَإِذَا أَتَى بِتِلْكَ النِّيَّةِ جَاءَ فِيهَا مَا قِيلَ فِي الْمُتَيَمِّمِ مِنْ أَنَّهُ إذَا نَوَى اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ اسْتَبَاحَ النَّفَلَ دُونَ الْفَرْضِ، وَإِذَا نَوَى اسْتِبَاحَةَ فَرْضِ الصَّلَاةِ اسْتَبَاحَ الْفَرْضَ وَالنَّفَلَ، وَإِذَا نَوَى اسْتِبَاحَةَ مَا يَفْتَقِرُ إلَى طُهْرٍ كَالْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ اسْتَبَاحَ مَا عَدَا الصَّلَاةَ. وَنُقِلَ عَنْ فَتَاوَى الشَّمْسِ الرَّمْلِيِّ فِي بَابِ الْوُضُوءِ أَنَّهُ إذَا نَوَى فَرْضَ الْوُضُوءِ أَوْ نَحْوَهُ اسْتَبَاحَ النَّافِلَةَ تَنْزِيلًا لِلنِّيَّةِ عَلَى أَقَلِّ الدَّرَجَاتِ اهـ وَقِيَاسُ قَوْلِهِ: تَنْزِيلًا عَلَى أَقَلِّ الدَّرَجَاتِ أَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَبِيحُ بِذَلِكَ مَسَّ الْمُصْحَفِ وَنَحْوَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [وَاجِبَاتُ الْغُسْل] قَوْلُهُ: وَنَحْوِهَا) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ وَنِيَّةِ مُنْقَطِعَةِ الْحَيْضِ إلَخْ، وَفِي نُسَخٍ: وَنَحْوِهِ وَهِيَ غَيْرُ صَحِيحَةٍ إذْ الرَّوْضَةُ إنَّمَا قَيَّدَتْ بِخُصُوصِ الزَّوْجِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: مِنْ أَجْزَائِهَا) اللَّائِقُ جُزْئِيَّاتُهَا (قَوْلُهُ: فَلَا يُقَالُ: إلَخْ) مَا مَهَّدَهُ لَا يَدْفَعُ هَذَا، وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ وَقَوْلُهُمْ: الْحَدَثُ إذَا أُطْلِقَ انْصَرَفَ لِلْأَصْغَرِ غَالِبًا، مُرَادُهُمْ إطْلَاقُهُ فِي عِبَارَةِ الْفُقَهَاءِ

الْحَيْضِ وَحَدَثُهُ حَيْضٌ أَوْ عَكْسُهُ صَحَّ مَعَ الْغَلَطِ، وَإِنْ كَانَ مَا نَوَاهُ مَعَهُ لَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهُ مِنْهُ كَنِيَّةِ الرَّجُلِ رَفْعَ حَدَثِ الْحَيْضِ غَلَطًا كَمَا اعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَبِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُتَعَمِّدًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ. نَعَمْ يَرْتَفِعُ الْحَيْضُ بِنِيَّةِ النِّفَاسِ وَعَكْسِهِ مَعَ الْعَمْدِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْلِيلُهُمْ إيجَابَ الْغُسْلِ فِي النِّفَاسِ بِكَوْنِهِ دَمَ حَيْضٍ مُجْتَمِعٍ وَتَصْرِيحُهُمْ بِأَنَّ اسْمَ النِّفَاسِ مِنْ أَسْمَاءِ الْحَيْضِ وَذَلِكَ دَالٌّ عَلَى أَنَّ الِاسْمَ مُشْتَرَكٌ، وَقَدْ جَزَمَ بِذَلِكَ فِي الْبَيَانِ وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَلَوْ نَوَى الْجُنُبُ بِالْغُسْلِ رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ غَالِطًا وَصَحَّحْنَاهُ لَمْ تَرْتَفِعْ جَنَابَتُهُ عَنْ غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، لِأَنَّ نِيَّتَهُ لَمْ تَتَنَاوَلْهُ وَلَا عَنْ رَأْسِهِ إذْ وَاجِبُ رَأْسِهِ الْغُسْلُ، وَاَلَّذِي نَوَاهُ فِيهَا إنَّمَا هُوَ الْمَسْحُ لِأَنَّهُ وَاجِبُ الْوُضُوءِ، وَالْغُسْلُ النَّائِبُ عَنْ الْمَسْحِ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْغُسْلِ وَتَرْتَفِعُ عَنْ بَاقِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ لِوُجُوبِهَا فِي الْحَدَثَيْنِ وَهَلْ يَرْتَفِعُ الْحَدَثُ الْأَصْغَرُ عَنْ رَأْسِهِ لِإِتْيَانِهِ بِنِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ فِي الْوُضُوءِ، أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِارْتِفَاعِهِ عَنْهُ أَخْذًا مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِمْ: إنَّ جَنَابَتَهُ لَا تَرْتَفِعُ عَنْ رَأْسِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ: إنَّهُ يُسَنُّ لَهُ الْوُضُوءُ، وَالْأَفْضَلُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْغُسْلِ وَيُنْوَى بِهِ رَفْعُ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فَيَرْتَفِعُ عَنْ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ مَعَ بَقَاءِ جَنَابَتِهَا، وَلَا يَلْحَقُ بِالرَّأْسِ فِيمَا تَقَدَّمَ بَاطِنُ لِحْيَةِ الرَّجُلِ الْكَثِيفَةِ وَعَارِضَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ مَغْسُولِهِ أَصَالَةً فَتَرْتَفِعُ الْجَنَابَةُ عَنْهُ كَمَا أَفَادَهُ ابْنُ الْعِمَادِ، خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ أَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيُّ وَارْتَضَاهُ فِي الْمُهِمَّاتِ (مَقْرُونَةً بِأَوَّلِ فَرْضٍ) لِمَا سَبَقَ فِي الْوُضُوءِ، وَأَوَّلُ فَرْضٍ هُنَا هُوَ أَوَّلُ مَغْسُولٍ مِنْ بَدَنِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ أَعْلَى أَمْ أَسْفَلَ لِعَدَمِ التَّرْتِيبِ فِيهِ، فَلَوْ نَوَى بَعْدَ غَسْلِ جُزْءٍ وَجَبَ إعَادَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَقِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ فِي نِيَّةِ الْوُضُوءِ أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُهُ فِي نِيَّةِ فَرْضِ الْغُسْلِ أَوْ أَدَائِهِ (قَوْلُهُ: وَحَدَثُهُ حَيْضٌ إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ تَصْوِيرُ الْغَلَطِ فِي ذَلِكَ مِنْ الرَّجُلِ فَإِنَّ صُورَتَهُ أَنْ يَنْوِيَ غَيْرَ مَا عَلَيْهِ يَظُنُّهُ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُمْكِنٍ فِي حَقِّ الرَّجُلِ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَظُنَّ حُصُولَ الْحَيْضِ لَهُ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ تَصَوُّرِهِ لِجَوَازِ كَوْنِهِ خُنْثَى اتَّضَحَ بِالذُّكُورَةِ ثُمَّ خَرَجَ دَمٌ مِنْ فَرْجِهِ فَظَنَّهُ حَيْضًا فَنَوَاهُ، وَقَدْ أَجْنَبَ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ ذَكَرِهِ فَصَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ غَلَطًا وَلِجَوَازِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ ذَكَرِ الرَّجُلِ دَمٌ فَيَظُنُّهُ لِجَهْلِهِ حَيْضًا فَيَنْوِي رَفْعَهُ مَعَ أَنَّ جَنَابَتَهُ بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: مَعَ الْعَمْدِ) أَيْ مَا لَمْ تَنْوِ الْحَائِضُ النِّفَاسَ وَتُرِيدُ حَقِيقَتَهُ، أَوْ النُّفَسَاءُ الْحَيْضَ وَتُرِيدُ حَقِيقَتَهُ. وَعِبَارَةُ حَجّ: وَيَصِحُّ رَفْعُ الْحَيْضِ بِنِيَّةِ النِّفَاسِ وَعَكْسُهُ مَا لَمْ يَقْصِدْ الْمَعْنَى الشَّرْعِيَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَصَحَّحْنَاهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي نَوَاهُ فِيهَا) الْقِيَاسُ أَنْ يَقُولَ فِيهِ لِأَنَّ الرَّأْسَ مُذَكَّرٌ (قَوْلُهُ: مَعَ بَقَاءِ جَنَابَتِهَا) هُوَ وَاضِحٌ حَيْثُ كَانَتْ نِيَّتُهُ رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ أَوْ الْوُضُوءَ. أَمَّا إذَا كَانَتْ نِيَّتُهُ رَفْعَ الْحَدَثِ فَقَطْ مَثَلًا فَهَلْ تَرْتَفِعُ الْجَنَابَةُ لِأَنَّ مَا نَوَاهُ صَالِحٌ لَهُمَا أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ رَفْعِ جَنَابَتِهِ لِمَا ذُكِرَ لِأَنَّ الْقَرِينَةَ صَارِفَةٌ عَنْ وُقُوعِ غُسْلِهِ عَنْ الْجَنَابَةِ، إذْ غُسْلُهُ لِلْأَعْضَاءِ الْمَخْصُوصَةِ مُقْتَصِرًا عَلَيْهَا مُرَتَّبَةً ظَاهِرٌ فِي إرَادَةِ الْأَصْغَرِ فَتُحْمَلُ نِيَّتُهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ مَغْسُولِهِ) قَضِيَّةُ قَوْلِهِ لِأَنَّهُ مِنْ مَغْسُولِهِ أَصَالَةً عَدَمُ ارْتِفَاعِ الْجَنَابَةِ عَمَّا زَادَ عَلَى الْوَاجِبِ مِنْ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ. وَعِبَارَةُ حَجّ بَدَلُ قَوْلِهِ لِأَنَّهُ مَنْ إلَخْ لِأَنَّهُ يُسَنُّ فَكَأَنَّهُ نَوَاهُ. وَمِنْهُ يُؤْخَذُ ارْتِفَاعُ جَنَابَةِ مَحِلِّ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّ غَسْلَ الْوَجْهِ هُوَ الْأَصْلُ وَلَا كَذَلِكَ مَحَلُّ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ اهـ بِحُرُوفِهِ وَيُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ مِنْ مَغْسُولِهِ أَصَالَةً لَا بَدَلًا، بِخِلَافِ مَسْحِ الرَّأْسِ فَإِنَّهُ بَدَلٌ وَكَوْنُهُ مِنْ مَغْسُولِهِ أَصَالَةً بِهَذَا الْمَعْنَى شَامِلٌ لِلْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: نَعَمْ يَرْتَفِعُ الْحَيْضُ بِنِيَّةِ النِّفَاسِ وَعَكْسِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ نَوَى الْمَعْنَى الشَّرْعِيَّ وَلَا يُسَاعِدُهُ تَعْلِيلُهُ، وَالشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ قَيَّدَهُ بِمَا إذَا لَمْ يَنْوِ الْمَعْنَى الشَّرْعِيَّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي نَوَاهُ فِيهَا) صَوَابُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَغْسُولِهِ أَصَالَةً)

غُسْلِهِ. وَإِذَا اقْتَرَنَتْ بِأَوَّلِ مَفْرُوضٍ لَمْ يُثَبْ عَلَى السُّنَنِ السَّابِقَةِ، وَقَوْلُهُ مَقْرُونَةٌ بِالرَّفْعِ فِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ، وَيَصِحُّ نَصْبُهَا عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ عَامِلُهُ الْمَصْدَرُ الْمَلْفُوظُ بِهِ أَوَّلًا وَتَقْدِيرُهُ: وَأَقَلُّهُ أَنْ يَنْوِيَ كَذَا نِيَّةً مَقْرُونَةً (وَتَعْمِيمُ شَعْرِهِ وَبَشَرِهِ) لِمَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَمَّا أَنَا فَيَكْفِينِي أَنْ أَصُبَّ عَلَى رَأْسِي ثَلَاثًا ثُمَّ أُفِيضَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِي» وَلِأَنَّ الْحَدَثَ عَمَّ جَمِيعَ الْبَدَنِ فَوَجَبَ تَعْمِيمُهُ بِالْغُسْلِ، وَيَجِبُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى مَنَابِتِ شَعْرٍ وَإِنْ كَثُفَ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ لِتَكَرُّرِهِ، وَيَجِبُ نَقْضُ ضَفَائِرَ لَا يَصِلُ الْمَاءُ إلَى بَاطِنِهَا إلَّا بِالنَّقْضِ، وَغَسْلِ مَا ظَهَرَ مِنْ صِمَاخَيْ الْأُذُنَيْنِ، وَمَا يَبْدُو مِنْ شُقُوقِ الْبَدَنِ الَّتِي لَا غَوْرَ لَهَا، وَمَا تَحْتَ قُلْفَةِ أَقْلَفَ، وَمَا ظَهَرَ مِنْ بَاطِنِ أَنْفٍ مَجْذُوعٍ، وَمِنْ فَرْجِ الثَّيِّبِ عِنْدَ قُعُودِهَا لِحَاجَتِهَا، وَيُعْفَى عَنْ بَاطِنِ شَعْرٍ مَعْقُودٍ، نَعَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَذَلِكَ شَامِلٌ لِمَا زَادَ عَلَى الْوَاجِبِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَثِبْ عَلَى السُّنَنِ إلَخْ) أَيْ بَلْ لَا يَحْصُلُ لَهُ شَيْءٌ مِنْهَا عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ فِي سُنَنِ الْوُضُوءِ عَنْ مُخْتَصَرِ الْكِفَايَةِ لِابْنِ النَّقِيبِ. وَفِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ عَزْوُ الْمُخْتَصَرِ الْمَذْكُورِ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ خَطَأٌ، فَإِنَّ ابْنَ الرِّفْعَةِ وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ وَتُوُفِّيَ فِي ثَانِي عَشَرَ رَجَبَ فِي السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ بَعْدَ السَّبْعِمِائَةِ، وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ تُوُفِّيَ بِمِصْرَ فِي الْعَاشِرِ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ سِتِّينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَفِي ذَلِكَ الزَّمَانِ لَمْ يَكُنْ ابْنُ الرِّفْعَةِ مُتَأَهِّلًا لِلتَّأْلِيفِ، بَلْ كَانَ فِي زَمَنِ التَّحْصِيلِ فَكَيْفَ يُتَوَهَّمُ أَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ يَخْتَصِرُ الْكِفَايَةَ. وَأَمَّا ابْنُ النَّقِيبِ فَقَدْ تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ ثَانِي عَشَرَ شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ (قَوْلُهُ: الْمَلْفُوظُ بِهِ أَوَّلًا) أَيْ وَهُوَ نِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَتَعْمِيمُ شَعْرِهِ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ غَسَلَ أُصُولَ الشَّعْرِ دُونَ أَطْرَافِهِ بَقِيَتْ الْجَنَابَةُ فِيهَا وَارْتَفَعَتْ عَنْ أُصُولِهَا، فَلَوْ حَلَقَ شَعْرَهُ الْآنَ أَوْ قَصَّ مِنْهُ مَا يَزِيدُ عَلَى مَا لَمْ يَغْسِلْهُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْغُسْلُ مَا ظَهَرَ بِالْقَطْعِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَغْسِلْ الْأُصُولَ أَوْ غَسَلَهَا ثُمَّ قَصَّ مِنْ الْأَطْرَافِ مَا يَنْتَهِي لِحَدِّ الْمَغْسُولِ بِلَا زِيَادَةٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ مَا ظَهَرَ بِالْحَلْقِ أَوْ الْقَصِّ لِبَقَاءِ جَنَابَتِهِ بِعَدَمِ وُصُولِ الْمَاءِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا أَنَا فَيَكْفِينِي أَنْ أَصُبَّ إلَخْ) لَعَلَّهُ قِيلَ فِي مَقَامِ الرَّدِّ عَلَى مَنْ بَالَغَ فِي صَبِّ الْمَاءِ عَلَى بَدَنِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَا شُرِعَ لَهُ شُرِعَ لِأُمَّتِهِ إلَّا مَا ثَبَتَ اخْتِصَاصُهُ بِهِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي فَتْحِ الْبَارِي مَا نَصُّهُ: قُسَيْمٌ أَمَّا مَحْذُوفٌ، وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ سَبَبَهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَأَوَّلُهُ عِنْدَهُ: ذَكَرُوا عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْغُسْلَ مِنْ الْجَنَابَةِ فَذَكَرَهُ، وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: «تَمَارَوْا فِي الْغُسْلِ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: فَأَمَّا أَنَا فَأَغْسِلُ رَأْسِي بِكَذَا وَكَذَا» فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَهَذَا هُوَ الْقُسَيْمُ الْمَحْذُوفِ اهـ. وَقَدَّرَهُ الْكَرْمَانِيُّ بِقَوْلِهِ: وَأَمَّا غَيْرَى فَلَا يَفِيضُ أَوْ فَلَا أَعْلَمُ اهـ (قَوْلُهُ: ضَفَائِرَ) جَمْعُ ضَفِيرَةٍ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ صِمَاخَيْ) هُوَ بِكَسْرِ الصَّادِ فَقَطْ كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَالْمُخْتَارُ (قَوْلُهُ: وَمَا تَحْتَ قُلْفَةِ أَقْلَفَ) أَيْ إنْ تَيَسَّرَ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا وَجَبَ إزَالَتُهَا، فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ صَلَّى كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَلَا يَتَيَمَّمُ خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: مَجْدُوعٍ) أَيْ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ فَرْجِ الثَّيِّبِ إلَخْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَدَاخِلُ الْفَمِ حَيْثُ عَدَّ هَذَا مِنْ الظَّاهِرِ وَذَاكَ مِنْ الْبَاطِنِ هُوَ أَنَّ بَاطِنَ الْفَمِ لَيْسَ لَهُ حَالَةٌ يَظْهَرُ فِيهَا تَارَةً وَيَسْتَتِرُ أُخْرَى، وَمَا يَظْهَرُ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ يَظْهَرُ فِيمَا لَوْ جَلَسَتْ عَلَى قَدَمَيْهَا وَيَسْتَتِرُ فِيمَا لَوْ قَامَتْ أَوْ قَعَدَتْ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الْهَيْئَةِ فَكَانَ كَمَا بَيْنَ الْأَصَابِعِ، وَهِيَ مِنْ الظَّاهِرِ فَعُدَّ مِنْهُ فَوَجَبَ غَسْلُهَا دَائِمًا كَمَا بَيْنَ الْأَصَابِعِ بِخِلَافِ دَاخِلِ الْفَمِ اهـ حَجّ بِتَصَرُّفٍ (قَوْلُهُ: شَعْرٍ مَعْقُودٍ) أَيْ بِنَفْسِهِ وَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQأُخِذَ مِنْهُ الِارْتِفَاعُ عَنْ مَحَلِّ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ فَيُقَيَّدُ عَدَمُ الِارْتِفَاعِ عَنْ الرَّأْسِ بِغَيْرِ مَحَلِّ الْغُرَّةِ (قَوْلُهُ: وَتَعْمِيمُ شَعْرِهِ) فَلَوْ لَمْ يَعُمَّهُ كَأَنْ غَسَلَ بَعْضَهُ بَقِيَتْ جَنَابَةُ الْبَاقِي فَيَجِبُ غَسْلُهُ عَنْ الْجَنَابَةِ حَتَّى لَوْ قَطَعَهُ وَلَوْ مِنْ أَسْفَلِ مَحَلِّ الْغُسْلِ أَوْ نَتَفَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ غَسْلُ مَا ظَهَرَ مِنْهُ بِالْقَطْعِ أَوْ النَّتْفِ كَمَا نَقَلَهُ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ عَنْ الْبَيَانِ وَأَقَرَّهُ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا بَقِيَ بَعْضُ الشَّعْرِ بِلَا غَسْلٍ كَانَ مُخَاطَبًا بِرَفْعِ جَنَابَتِهِ بِالْغُسْلِ، وَالْقَطْعِ وَنَحْوُهُ لَا يَكْفِي عَنْهُ (قَوْلُهُ: مَعْقُودٍ)

شَعْرُ الْعَيْنِ وَالْأَنْفِ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ، وَمُرَادُهُ بِالْبَشَرَةِ مَا يَشْمَلُ الْأَظْفَارَ بِخِلَافِ نَقْضِ الْوُضُوءِ (وَلَا تَجِبُ) فِي الْغُسْلِ (مَضْمَضَةٌ وَلَا اسْتِنْشَاقٌ) بَلْ هُمَا مَسْنُونَانِ كَمَا فِي الْوُضُوءِ وَغُسْلِ الْمَيِّتِ، لِأَنَّ الْفِعْلَ الْمُجَرَّدَ لَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ إلَّا إذَا كَانَ بَيَانًا لِمُجْمَلٍ تَعَلَّقَ بِهِ الْوُجُوبُ وَلَيْسَ الْأَمْرُ هُنَا كَذَلِكَ. (وَأَكْمَلُهُ) أَيْ الْغُسْلِ (إزَالَةُ الْقَذَرِ) بِالْمُعْجَمَةِ طَاهِرًا أَوْ نَجِسًا اسْتِظْهَارًا فِيهِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ يَكْفِي غَسْلَةٌ لَهُمَا (ثُمَّ) بَعْدَ إزَالَتِهِ (الْوُضُوءُ) كَامِلًا لِلِاتِّبَاعِ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ تَأْخِيرِ قَدَمَيْهِ عَنْهُ (وَفِي قَوْلٍ يُؤَخِّرُ غَسْلَ قَدَمَيْهِ) لِمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ غَيْرَ غَسْلِ قَدَمَيْهِ» وَسَوَاءٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ قَدَّمَ الْوُضُوءَ كُلَّهُ أَمْ بَعْضَهُ أَمْ أَخَّرَهُ أَمْ فَعَلَهُ فِي أَثْنَاءِ الْغُسْلِ فَهُوَ مُحَصِّلٌ لِلسُّنَّةِ، لَكِنَّ الْأَفْضَلَ تَقْدِيمُهُ، ثُمَّ إنْ تَجَرَّدَتْ جَنَابَتُهُ عَنْ الْحَدَثِ نَوَى بِهِ سُنَّةَ الْغُسْلِ وَإِلَّا فَرَفْعُ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يُقَدِّمَ الْغُسْلَ عَلَى الْوُضُوءِ أَوْ يُؤَخِّرَهُ عَنْهُ، وَلَوْ تَرَكَ الْوُضُوءَ أَوْ الْمَضْمَضَةَ أَوْ الِاسْتِنْشَاقَ كُرِهَ لَهُ، وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَتَدَارَكَ ذَلِكَ، وَلَوْ تَوَضَّأَ قَبْلَ غُسْلِهِ ثُمَّ أَحْدَثَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ لَمْ يَحْتَجْ لِتَحْصِيلِ سُنَّةِ الْوُضُوءِ إلَى إعَادَتِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، بِخِلَافِ مَا لَوْ غَسَلَ يَدَيْهِ فِي الْوُضُوءِ ثُمَّ أَحْدَثَ قَبْلَ الْمَضْمَضَةِ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ فِي تَحْصِيلِ السُّنَّةِ إلَى إعَادَةِ غَسْلِهِمَا بَعْدَ نِيَّةِ الْوُضُوءِ، لِأَنَّ تِلْكَ النِّيَّةَ بَطَلَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَثُرَ اهـ حَجّ. وَظَاهِرُهُ وَإِنْ قَصَّرَ صَاحِبُهُ بِأَنْ لَمْ يَتَعَهَّدْهُ بِدُهْنٍ وَنَحْوِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ تَعَهُّدَهُ (قَوْلُهُ: لَا يَجِبُ غَسْلُهُ) وَإِنْ طَالَ حَجّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْفِعْلَ) أَيْ فِعْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُشْعِرِ بِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْفِعْلَ إلَخْ) إذْ لَا يُحْتَاجُ لِلِاعْتِذَارِ بِمِثْلِ هَذَا إلَّا حَيْثُ ثَبَتَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِعْلُهُمَا (قَوْلُهُ: الْمُجَرَّدَ) أَيْ عَنْ الْقَرِينَةِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الْأَمْرُ هُنَا كَذَلِكَ) أَيْ بَلْ الثَّابِتُ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُجَرَّدُ الْفِعْلِ لَا عَلَى وَجْهِ الْبَيَانِ لِشَيْءٍ (قَوْلُهُ: اسْتِظْهَارًا) الِاسْتِظْهَارُ طَلَبُ الْأَمْرِ الَّذِي يُرِيدُهُ مِنْ وُضُوءٍ أَوْ غَيْرِهِ كَزَكَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: لِلِاتِّبَاعِ) أَيْ الْمَنْقُولِ عَنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: عَنْ الْحَدَثِ) أَيْ كَانَ احْتَلَمَ وَهُوَ قَاعِدٌ مُتَمَكِّنٌ (قَوْلُهُ: سُنَّةَ الْغُسْلِ) فَنِيَّتُهُ تُعَيِّنُ ذَلِكَ، وَأَنَّ غَيْرَ هَذِهِ مِنْ نِيَّاتِ الْوُضُوءِ كَنَوَيْتُ فَرْضَ الْوُضُوءِ لَا يَكْفِي، وَيُتَأَمَّلُ وَجْهُهُ فِي نَحْوِ نَوَيْت فَرْضَ الْوُضُوءِ، وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ لَفْظِ الْغُسْلِ: أَيْ أَوْ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: أَوْ يُؤَخِّرُهُ عَنْهُ) وَوَجْهُهُ فِي التَّأَخُّرِ الْخُرُوجُ مِنْ خِلَافِ مِنْ مُنِعَ انْدِرَاجُهُ فِي الْأَكْبَرِ فَلَا يُقَالُ حَيْثُ اغْتَسَلَ عَنْ الْجَنَابَةِ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ حَدَثٌ أَصْغَرَ حَتَّى يَنْوِيَهُ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَتَدَارَكَ ذَلِكَ) أَيْ بِأَنْ يَأْتِيَ بِهِ بَعْدُ وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ (قَوْلُهُ: إلَى إعَادَتِهِ) قَدْ يُشْكِلُ بِأَنَّ قَضِيَّةَ مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ الَّتِي هِيَ مَلْحَظٌ لِلسُّنَّةِ أَنْ تُسَنَّ الْإِعَادَةُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ الِانْدِرَاجِ. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ حَصَلَتْ السُّنَّةُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مِنْ سُنَنِ الْغُسْلِ الْمَأْمُورِ بِهَا لِلِاتِّبَاعِ، فَإِنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ الْخِلَافِ سُنَّ الْوُضُوءُ لِمُرَاعَاتِهِ، فَبِالْوُضُوءِ الْأَوَّلِ حَصَلَتْ سُنَّةُ الْغُسْلِ الْمَأْمُورِ بِهَا لِلِاتِّبَاعِ، وَبِالْوُضُوءِ ثَانِيًا حَصَلَ الْخُرُوجُ مِنْ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَحْدَثَ قَبْلَ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْوُضُوءَ الْوَاحِدَ لَا يَتَبَعَّضُ صِحَّةً وَفَسَادًا، فَبِالْحَدَثِ بَعْدَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ بَطَلَ مَا فَعَلَهُ مِنْ الْوُضُوءِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ مُنْعَقِدٍ وَإِلَّا فَقَدْ قَالَ سم عَنْ الشَّارِحِ إنَّهُ يُتَّجَهُ عَدَمُ الْعَفْوِ عَمَّا يَعْقِدُهُ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: شَعْرُ الْعَيْنِ) أَيْ الَّذِي فِي دَاخِلِهَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْوُضُوءُ) أَيْ وَلَوْ لِلْغُسْلِ الْمَنْدُوبِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْعُبَابُ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا الصَّنِيعِ أَنَّ هَذَا التَّعْمِيمَ فِي الْمَتْنِ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ الْمَتْنُ مَفْرُوضٌ فِي تَقْدِيمِ الْوُضُوءِ بِكَمَالِهِ الَّذِي هُوَ الْأَكْمَلُ الْمُطْلَقُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي ثُمَّ تَعَهَّدَ إلَخْ وَلِهَذَا قَالَ هُوَ كَامِلًا عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ الْوُضُوءُ وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ بَعْدَ حِكَايَةِ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَتْنِ وَعَلَى كُلٍّ تَحْصُلُ سُنَّةُ الْوُضُوءِ بِتَقْدِيمِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ وَتَأْخِيرِهِ وَتَوَسُّطِهِ

بِالْحَدَثِ. (ثُمَّ) بَعْدَ الْوُضُوءِ (تَعَهُّدُ مَعَاطِفِهِ) كَالْأُذُنَيْنِ وَطَبَقَاتِ الْبَطْنِ وَالْمُوقِ وَتَحْتَ الْمُقْبِلِ مِنْ الْأَنْفِ بِأَنْ يَأْخُذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ وَيَضَعُهَا بِرِفْقٍ عَلَيْهِ مُمِيلًا لَهَا لِيُصَلِّ لِمَعَاطِفِهَا مِنْ غَيْرِ نُزُولٍ لِصِمَاخِهِ فَيَضُرُّ بِهِ وَيَتَأَكَّدُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الصَّائِمِ، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ يَتَعَيَّنُ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْمُبَالَغَةِ، وَإِنَّمَا سُنَّ تَعَهُّدُ مَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الثِّقَةِ بِوُصُولِ الْمَاءِ وَأَبْعَدُ عَنْ الْإِسْرَافِ فِيهِ. (ثُمَّ يُفِيضُ) الْمَاءَ (عَلَى رَأْسِهِ وَيُخَلِّلُهُ) أَيْ أُصُولَ شَعْرِهِ بِأَصَابِعِهِ وَهِيَ مَبْلُولَةٌ اتِّبَاعًا وَالْمُسْتَحَبُّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ أَنْ يَكُونَ التَّخْلِيلُ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ، وَلَا يُعَارِضُهُ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْوَاوِ لِأَنَّهَا لَا تَقْتَضِي تَرْتِيبًا وَلَا يَتَقَيَّدُ الِاسْتِحْبَابُ بِالرَّأْسِ فَسَائِرُ شُعُورِ بَدَنِهِ كَذَلِكَ. (ثُمَّ) يُفِيضُهُ (عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ) لِلِاتِّبَاعِ وَفَارَقَ غُسْلُ الْمَيِّتِ حَيْثُ لَا يَنْتَقِلُ لِلْمُؤَخَّرِ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْمُقَدَّمِ لِسُهُولَةِ ذَلِكَ عَلَى الْحَيِّ هُنَا خِلَافُهُ، ثُمَّ لِمَا يَلْزَمُ فِيهِ مِنْ تَكْرِيرِ تَقْلِيبِ الْمَيِّتِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَيْسَرِ، فَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ بِاسْتِوَائِهِمَا مَرْدُودٌ، وَعَلَى الْفَرْقِ لَوْ فَعَلَ هُنَا مَا يَأْتِي ثُمَّ كَانَ آتِيًا بِأَصْلِ السُّنَّةِ فِيمَا يَظْهَرُ بِالنِّسْبَةِ لِمُقَدَّمِ شِقِّهِ الْأَيْمَنِ دُونَ مُؤَخَّرِهِ لِتَأَخُّرِهِ عَنْ مُقَدَّمِ الْأَيْسَرِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ فِي الرَّأْسِ الْبُدَاءَةُ بِالْأَيْمَنِ، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَاعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِخِلَافِ مَا لَوْ تَوَضَّأَ لِلْجَنَابَةِ ثُمَّ أَحْدَثَ بَعْدَ فَرَاغِ الْوُضُوءِ فَإِنَّ الْوُضُوءَ ثَمَّ هُنَا صَحِيحٌ فَحَصَلَتْ بِهِ السُّنَّةُ. (قَوْلُهُ: مُمِيلًا لَهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ فِعْلُهُ فَيَجُوزُ لَهُ الِانْغِمَاسُ وَصَبُّ الْمَاءِ عَلَى رَأْسِهِ وَإِنْ أَمْكَنَ الْإِمَالَةُ، وَعَلَيْهِ فَهَلْ إذَا وَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ إلَى الصِّمَاخَيْنِ بِسَبَبِ الِانْغِمَاسِ مَعَ إمْكَانِ الْإِمَالَةِ يَبْطُلُ صَوْمُهُ لِمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُمْ يَتَأَكَّدُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ فِي حَقِّهِ أَوَّلًا لِأَنَّهُ تَوَلَّدَ مِنْ مَأْذُونٍ فِيهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَقِيَاسُ الْفِطْرِ بِوُصُولِ مَاءِ الْمَضْمَضَةِ إذَا بَالَغَ الْفِطْرَ، لَكِنْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَحِلَّ الْفِطْرِ إذَا كَانَ مِنْ عَادَتِهِ وُصُولُ الْمَاءِ إلَى بَاطِنِ أُذُنَيْهِ لَوْ انْغَمَسَ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقَوْلُهُ: إذَا كَانَ مِنْ عَادَتِهِ: أَيْ وَلَا بُدَّ مِنْ تَكَرُّرِ ذَلِكَ فَلَا يَثْبُتُ هُنَا بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الْأَغْسَالِ الْوَاجِبَةِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهَا الْمَنْدُوبَةُ لِاشْتِرَاكِهَا مَعَهَا فِي الطَّلَبِ، أَمَّا لَوْ اغْتَسَلَ لِمُجَرَّدِ التَّبَرُّدِ أَوْ التَّنَظُّفِ وَوَصَلَ الْمَاءُ بِسَبَبِهِ إلَى بَاطِنِ الْأُذُنِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَضُرَّ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَوَلَّدْ مِنْ مَأْمُورٍ بِهِ وَهُوَ قَرِيبٌ فَلْيُرَاجَعْ. ثُمَّ رَأَيْت فِي كِتَابِ الصَّوْمِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ سَبَقَ مَاءُ الْمَضْمَضَةِ إلَخْ مَا نَصُّهُ: بِخِلَافِ حَالَةِ الْمُبَالَغَةِ وَبِخِلَافِ سَبْقِ مَائِهِمَا غَيْرَ مَشْرُوعَيْنِ كَأَنْ جَعَلَ الْمَاءَ فِي أَنْفِهِ أَوْ فَمِهِ لَا لِغَرَضٍ، وَبِخِلَافِ سَبْقِ مَاءِ غُسْلِ التَّبَرُّدِ وَالْمَرَّةِ الرَّابِعَةِ مِنْ الْمَضْمَضَةِ أَوْ الِاسْتِنْشَاقِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِذَلِكَ بَلْ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فِي الرَّابِعَةِ، وَخَرَجَ بِمَا قَرَّرْنَاهُ سَبْقُ مَاءِ الْغُسْلِ مِنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ جَنَابَةٍ أَوْ مِنْ غُسْلٍ مَسْنُونٍ فَلَا يُفْطِرُ بِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ غَسَلَ أُذُنَيْهِ فِي الْجَنَابَةِ وَنَحْوِهَا فَسَبَقَ الْمَاءُ الْجَوْفَ مِنْهُمَا لَا يُفْطِرُ، وَلَا نَظَرَ إلَى إمْكَانِ إمَالَةِ الرَّأْسِ بِحَيْثُ لَا يَدْخُلُ شَيْءٌ لِعُسْرِهِ، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ عُرِفَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ يَصِلُ الْمَاءُ مِنْهُ إلَى جَوْفِهِ أَوْ دِمَاغِهِ بِالِانْغِمَاسِ وَلَا يُمْكِنُهُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ أَنْ يَحْرُمَ الِانْغِمَاسُ وَيُفْطِرُ قَطْعًا. نَعَمْ مَحَلُّهُ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ الْغُسْلِ لَا عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ وَإِلَّا فَلَا يُفْطِرُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَكَذَا لَا يُفْطِرُ بِسَبْقِهِ مَنْ غَسَلَ نَجَاسَةً بِفِيهِ وَإِنْ بَالَغَ فِيهَا اهـ بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: وَيَتَأَكَّدُ ذَلِكَ) أَيْ الْإِمَالَةُ (قَوْلُهُ: عَلَى ذَلِكَ) أَيْ التَّأَكُّدُ خِلَافًا لحج. (قَوْلُهُ: بِأَصَابِعِهِ) قَالَ حَجّ: وَالْمُحْرِمُ كَغَيْرِهِ لَكِنْ يَتَحَرَّى الرِّفْقَ خَشْيَةَ الِانْتِتَافِ اهـ. وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَظَاهِرُ عَدَمِ تَقْيِيدِ الشَّارِحِ لَهُ، لَكِنْ تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ فِي الْوُضُوءِ: أَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ سَنِّ التَّخْلِيلِ، وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَالْوُضُوءِ بِأَنَّهُ يَجِبُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى بَاطِنِ الشَّعْرِ هُنَا مُطْلَقًا، بِخِلَافِهِ فِي الْوُضُوءِ لَا يَجِبُ إيصَالُهُ إلَى بَاطِنِ الْكَثِيفِ عَلَى مَا مَرَّ فَطَلَبُ التَّخْلِيلِ هُنَا مِنْ الْمُحْرِمِ اسْتِظْهَارًا بِخِلَافِ الْوُضُوءِ. (قَوْلُهُ: عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ) أَيْ مِنْ أَمَامِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَثْنَاءَ الْغُسْلِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَأْخُذَ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْإِذْنِ فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ مَا يُفِيضُهُ يَكْفِي كُلَّ رَأْسِهِ، وَإِلَّا بَدَأَ بِالْأَيْمَنِ كَمَا يَبْدَأُ بِهِ الْأَقْطَعُ وَفَاعِلُ التَّخْلِيلِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ كَالْوُضُوءِ، فَيَغْسِلُ رَأْسَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ ثَلَاثًا ثُمَّ الْأَيْسَرَ ثَلَاثًا بِالنِّسْبَةِ لِأَصْلِ سُنَّةِ التَّثْلِيثِ فَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِالنِّسْبَةِ لِكَمَالِهَا. (وَيُدَلِّكُ) بَدَنَهُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ (وَيُثَلِّثُ) كَالْوُضُوءِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ انْغَمَسَ فِي مَاءٍ فَإِنْ كَانَ جَارِيًا كَفَى فِي التَّثْلِيثِ أَنْ يُمِرَّ عَلَيْهِ ثَلَاثَ جَرْيَاتٍ لَكِنْ يَفُوتُهُ الدَّلْكُ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ غَالِبًا تَحْتَ الْمَاءِ، وَإِنْ كَانَ رَاكِدًا انْغَمَسَ فِيهِ ثَلَاثًا إمَّا بِرَفْعِ رَأْسِهِ مِنْهُ، وَنَقْلِ قَدَمَيْهِ أَوْ انْتِقَالِهِ فِيهِ مِنْ مَقَامِهِ إلَى آخَرَ ثَلَاثًا، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى انْفِصَالِ جُمْلَتِهِ وَلَا رَأْسِهِ كَمَا فِي التَّطْهِيرِ مِنْ النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ إذْ حَرَكَتُهُ تَحْتَ الْمَاءِ كَجَرْيِ الْمَاءِ عَلَيْهِ. (وَتُتْبِعُ) الْأُنْثَى غَيْرُ الْمُحْرِمَةِ وَالْمُحَدَّةِ (لِحَيْضٍ) أَوْ نِفَاسٍ وَلَوْ خَلِيَّةً أَوْ بِكْرًا أَوْ عَجُوزًا أَوْ ثُقْبَةَ أُنْثَى انْسَدَّ فَرْجُهَا أَوْ خُنْثَى حُكِمَ بِأُنُوثَتِهِ بِخِلَافِ دَمِ الْفَسَادِ وَغَيْرِ الدَّمِ (أَثَرَهُ) أَيْ الدَّمَ (مِسْكًا وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمِسْكُ (فَنَحْوُهُ) بِأَنْ تَجْعَلَهُ فِي قُطْنَةٍ وَتُدْخِلُهُ فَرْجَهَا بَعْدَ غُسْلِهَا ثُمَّ طِيبًا ثُمَّ طِينًا تَطْيِيبًا لِلْمَحِلِّ لَا لِسُرْعَةِ الْعُلُوقِ فَيُكْرَهُ تَرْكُهُ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ التَّرْتِيبَ الْمَذْكُورَ شَرْطٌ لِكَمَالِ السُّنَّةِ، أَمَّا الْمُحْرِمَةُ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهَا اسْتِعْمَالُ الطِّيبِ مُطْلَقًا كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَكَذَا الْمُحَدَّةُ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَهَا تَطْيِيبُ الْمَحَلِّ بِقَلِيلِ قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ وَلَوْ لَمْ تَجِدْ سِوَى الْمَاءِ كَفَى فِي دَفْعِ الْكَرَاهَةِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لَا عَلَى السُّنَّةِ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ، وَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُنْدَبُ تَطْيِيبُ مَا أَصَابَهُ دَمُ الْحَيْضِ مِنْ بَقِيَّةِ بَدَنِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ أَمَّا الصَّائِمَةُ فَلَا تَسْتَعْمِلُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَشَمِلَ تَعْبِيرُهُ بِأَثَرِ الدَّمِ الْمُسْتَحَاضَةَ إذَا شُفِيَتْ وَهُوَ مَا تَفَقَّهَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــSوَخَلْفِهِ ثُمَّ الْأَيْسَرُ كَذَلِكَ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُ، وَأَفَادَهُ قَوْلُ الشَّارِحِ وَفَارَقَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ إلَخْ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ بِتَثْلِيثٍ لِغَسْلِ جَمِيعِ الْبَدَنِ. (قَوْلُهُ: وَالْمُحَدَّةِ) أَيْ وَغَيْرُ الصَّائِمَةِ أَيْضًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي: أَمَّا الصَّائِمَةُ. إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ ثُقْبَةَ) أَيْ وَكَانَ مَحِلُّ حَيْضِهَا ثُقْبَةً اهـ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمِسْكُ) أَيْ بِأَنْ لَمْ تَجِدْهُ أَوْ لَمْ تَسْمَحْ بِهِ اهـ خَطِيب عَلَى أَبِي شُجَاعٍ، وَشَمِلَهُ قَوْلُ حَجّ: وَإِلَّا تُرِدْهُ (قَوْلُهُ: فَنَحْوُهُ) أَيْ مِمَّا فِيهِ حَرَارَةٌ كَالْقُسْطِ وَالْأَظْفَارِ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ طِيبًا فَطِينًا. إلَخْ خَطِيبٌ عَلَى أَبِي شُجَاعٍ (قَوْلُهُ: فَرْجَهَا) وَهُوَ مَا يَنْفَتِحُ مِنْهَا عِنْدَ جُلُوسِهَا عَلَى قَدَمَيْهَا كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ حَجّ: الْوَاجِبُ غَسْلُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ: فَرْجَهَا (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ قُسْطًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، طَالَتْ مُدَّةُ مَا بَقِيَ مِنْ إحْرَامِهَا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: بِقَلِيلِ قُسْطٍ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: وَالْقُسْطُ بِالضَّمِّ بَخُورٌ مَعْرُوفٌ، قَالَ ابْنُ فَارِسٍ: عَرَبِيٌّ (قَوْلُهُ: فِي دَفْعِ الْكَرَاهَةِ) ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِكِفَايَةِ الْمَاءِ هُوَ الْغُسْلُ الشَّرْعِيُّ، لَا إدْخَالَ مَاءٍ فِي الْفَرْجِ بَدَلَ الطِّيبِ الْمَذْكُورِ عَمِيرَةُ. وَعِبَارَةُ حَجّ: بَلْ لَوْ جَعَلَتْ مَاءً غَيْرَ مَاءِ الرَّفْعِ بَدَلَ ذَلِكَ كَفَى فِي دَفْعِ كَرَاهَةِ تَرْكِ الِاتِّبَاعِ، بَلْ وَفِي حُصُولِ أَصْلِ سُنَّةِ النَّظَافَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ. وَهِيَ مُخَالِفَةٌ كَمَا تَرَى لِمَا قَالَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُنْدَبُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ بِأَنْ تَجْعَلَهُ فِي قُطْنَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ تَعْبِيرُهُ بِأَثَرِ الدَّمِ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ بِخِلَافِ دَمِ الْفَسَادِ وَغَيْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: ثُمَّ طِيبًا) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الطِّيبَ غَيْرُ نَحْوِ الْمِسْكِ، وَاَلَّذِي فِي التُّحْفَةِ تَفْسِيرُ النَّحْوِ بِالطِّيبِ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ تَعْبِيرُهُ بِأَثَرِ الدَّمِ الْمُسْتَحَاضَةَ) لَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ دَمِ الْفَسَادِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ ذَاكَ عِنْدَ اسْتِرْسَالِ الدَّمِ. قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَاسْتَثْنَى الزَّرْكَشِيُّ الْمُسْتَحَاضَةَ أَيْضًا فَقَالَ: يَنْبَغِي لَهَا أَنْ لَا تَسْتَعْمِلَهُ؛ لِأَنَّهُ يَنْجُسُ بِخُرُوجِ الدَّمِ فَيَجِبُ غَسْلُهُ فَلَا يَبْقَى لَهُ فَائِدَةٌ انْتَهَى. وَصُورَةُ مَا هُنَا عِنْدَ الشِّفَاءِ كَمَا تَرَى، وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ مَا هُنَا عَلَى الِاسْتِحَاضَةِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْحَيْضِ قَالَ: فَالِاتِّبَاعُ فِي الْحَقِيقَةِ لِلْحَيْضِ، وَإِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى هَذَا الْحَمْلِ مُحَاوَلَةُ شُمُولِ الْمَتْنِ لِلصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ وَالشَّارِحُ كَمَا تَرَى إنَّمَا جَعَلَ الشَّامِلَ الدَّمَ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ خُصُوصِ الْحَيْضِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ وَقْفَةٌ عَلَى أَنَّ قَضِيَّةَ هَذَا الْحَمْلِ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ لَهَا الِاتِّبَاعُ لِلْحَيْضِ الَّذِي اُسْتُحِيضَتْ عَقِبَهُ وَلَك أَنْ تَمْنَعَهُ بِتَصْرِيحِهِمْ بِسَنِّهِ لِلْمُتَحَيِّرَةِ لِاحْتِمَالِ الِانْقِطَاعِ

وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُتَحَيِّرَةَ عِنْدَ غُسْلِهَا كَذَلِكَ لِاحْتِمَالِ الِانْقِطَاعِ. وَأَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِحُرْمَةِ جِمَاعِ مَنْ تَنَجَّسَ ذَكَرُهُ قَبْلَ غُسْلِهِ، وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ بِغَيْرِ السَّلَسِ لِتَصْرِيحِهِمْ بِحِلِّ وَطْءِ الْمُسْتَحَاضَةِ مَعَ جَرَيَانِ دَمِهَا. (وَلَا يُسَنُّ) (تَجْدِيدُهُ) أَيْ الْغُسْلِ لِعَدَمِ وُرُودِهِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْحَرَجِ (بِخِلَافِ الْوُضُوءِ) فَيُسَنُّ تَجْدِيدُهُ إذَا صَلَّى بِالْأَوَّلِ صَلَاةً مَا وَلَوْ تَحِيَّةَ مَسْجِدٍ وَرَكْعَةً وَاحِدَةً إذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهَا، لَا سَجْدَةَ تِلَاوَةٍ أَوْ شُكْرٍ لِعَدَمِ كَوْنِهِمَا صَلَاةً وَلَا طَوَافًا وَإِنْ كَانَ مُلْحَقًا بِالصَّلَاةِ. وَلَوْ جَدَّدَهُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ كُرِهَ تَنْزِيهًا لَا تَحْرِيمًا، وَيَصِحُّ كَمَا أَوْضَحْت جَمِيعَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْعُيَّابِ. نَعَمْ إنْ عَارِضَهُ فَضِيلَةُ أَوَّلِ الْوَقْتِ قُدِّمَتْ عَلَى التَّجْدِيدِ لِأَنَّهَا أَوْلَى مِنْهُ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَتَقَدَّمَ اسْتِحْبَابُهُ لِمَاسِحِ الْخُفِّ، وَيُسْتَحَبُّ تَجْدِيدُهُ أَيْضًا لِلْوُضُوءِ الْمُكَمَّلِ بِالتَّيَمُّمِ لِجِرَاحَةٍ وَنَحْوِهَا كَمَا نَقَلَهُ مُجَلِّي عَنْ الْقَفَّالِ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ. (وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَنْقُصَ مَاءُ الْوُضُوءِ) فِيمَنْ اعْتَدَلَ جَسَدُهُ (عَنْ مُدٍّ) تَقْرِيبًا وَهُوَ رَطْلٌ وَثُلُثٌ بَغْدَادِيٌّ ـــــــــــــــــــــــــــــSالدَّمِ، عَلَى أَنَّ التَّعْبِيرَ بِأَثَرِ الدَّمِ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، فَإِنَّ عِبَارَتَهُ كَمَا تَرَى وَتَتَبُّعٌ لِحَيْضٍ فَلْيُتَأَمَّلْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ أَشَارَ إلَى أَنَّ الْحَيْضَ فِي كَلَامِهِ لَيْسَ بِقَيْدٍ حَيْثُ قَالَ: أَيْ أَثَرُ الدَّمِ. وَقَدْ يُقَالُ فِي دَفْعِ التَّنَافِي لَمَّا كَانَ كُلُّ وَقْتٍ مِنْ أَوْقَاتِهَا يَحْتَمِلُ انْقِطَاعَ الْحَيْضِ فِيهِ طَلَبَ ذَلِكَ عِنْدَ كُلِّ غُسْلٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الدَّمَ الَّذِي اغْتَسَلَتْ عَقِبَهُ دَمُ حَيْضٍ لَا دَمُ فَسَادٍ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ تَعْلِيلُهُ بِقَوْلِهِ: لِاحْتِمَالِ إلَخْ، لَكِنَّ هَذَا إنَّمَا يَتِمُّ فِي الْمُتَحَيِّرَةِ لَا فِي غَيْرِهَا فَإِنَّ مَا وَقَعَ فِي غَيْرِ زَمَنِ حَيْضِهَا مُتَمَحَّضٌ لِكَوْنِهِ دَمَ فَسَادٍ، أَوْ يُقَالُ: إنَّهُ جَرَى فِي مَعْنَى الْمُسْتَحَاضَةِ هُنَا عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمَحَلِّيُّ فِي بَابِ الْحَيْضِ مِنْ أَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ هِيَ الَّتِي جَاوَزَ دَمُهَا أَكْثَرَ الْحَيْضِ وَاسْتَمَرَّ، وَلَوْ قَالَ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ: وَيَلْحَقُ بِالْحَيْضِ دَمُ الْمُسْتَحَاضَةِ إذَا شُفِيَتْ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: مَنْ تَنَجَّسَ ذَكَرُهُ) أَيْ بِغَيْرِ الْمَذْيِ، أَمَّا بِهِ فَلَا يَحْرُمُ بَلْ يُعْفَى عَنْ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْجِمَاعِ خَاصَّةً لِأَنَّ غَسْلَهُ يُفَتِّرُهُ، وَقَدْ يَتَكَرَّرُ ذَلِكَ مِنْهُ فَيَشُقُّ عَلَيْهِ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْجِمَاعِ فَلَا يُعْفَى عَنْهُ، فَلَوْ أَصَابَ ثَوْبَهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَنِيِّ الْمُخْتَلِطِ بِهِ وَجَبَ غَسْلُهُ، ثُمَّ مَا ذُكِرَ فِي الْمَذْيِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ مَنْ اُبْتُلِيَ بِهِ وَغَيْرِهِ، فَكُلُّ مَنْ حَصَلَ لَهُ ذَلِكَ كَانَ حُكْمُهُ مَا ذُكِرَ وَإِنْ نَدَرَ خُرُوجُهُ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِ حَجّ: إنَّ مَنْ يُعْلَمُ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّ الْمَاءَ يُفَتِّرُهُ عَنْ جِمَاعٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ ذَكَرِهِ وَأَنَّ مَنْ اعْتَادَ عَدَمَ فُتُورِ الذَّكَرِ بِغَسْلِهِ. وَإِنْ تَكَرَّرَ لَا يُعْفَى عَنْ الْمَذْيِ فِي حَقِّهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُسَنُّ تَجْدِيدُهُ) أَيْ بَلْ يُكْرَهُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ جَدَّدَ وُضُوءَهُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ صَلَاةً مَا بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا غَيْرُ مَشْرُوعٍ (قَوْلُهُ: صَلَاةً مَا) يَشْمَل صَلَاةَ الْجِنَازَةِ سم عَلَى حَجّ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّلَاةِ الصَّلَاةُ الْكَامِلَةُ فَلَوْ أَحْرَمَ بِهَا ثُمَّ فَسَدَتْ لَمْ يُسَنَّ لَهُ التَّجْدِيدُ. [فَرْعٌ] كَثِيرٌ مِنْ الطَّلَبَةِ تَخَيَّلَ إشْكَالًا يَتَعَلَّقُ بِالْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ لِأَنَّهُ حَيْثُ صَلَّى بِالْأَوَّلِ طَلَبَ التَّجْدِيدَ فَيَلْزَمُ التَّسَلْسُلُ. وَأَقُولُ: لُزُومُ التَّسَلْسُلِ مَمْنُوعٌ وَتَخَيُّلُهُ غَفْلَةٌ، لِأَنَّهُ إنَّمَا يَطْلُبُ التَّجْدِيدَ إذَا صَلَّى بِالْأَوَّلِ صَلَاةً مَا إنْ أَرَادَ صَلَاةً أُخْرَى مَعَ بَقَاءِ الْوُضُوءِ الْأَوَّلِ، وَإِرَادَةِ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى مَعَ بَقَاءِ الْوُضُوءِ الْأَوَّلِ كُلٌّ مِنْهُمَا غَيْرُ لَازِمٍ لِجَوَازِ أَنْ لَا يُرِيدَ وَأَنْ لَا يَبْقَى وُضُوءُهُ فَأَيْنَ لُزُومُ التَّسَلْسُلِ؟ فَاعْرِفْهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ جَدَّدَهُ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ مِنْ مَاءٍ مُسِيلٍ (قَوْلُهُ: كُرِهَ تَنْزِيهًا) زَادَ حَجّ: نَعَمْ يَتَّجِهُ أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ بِهِ عِبَادَةً مُسْتَقِلَّةً حُرِّمَ لِتَلَاعُبِهِ اهـ. وَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِالْمُسْتَقِلَّةِ أَنَّهَا عِبَادَةٌ مَطْلُوبَةٌ مِنْهُ لِذَاتِهَا (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ عَارَضَهُ) أَيْ تَجْدِيدُ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: رَطْلٌ وَثُلُثٌ بَغْدَادِيٌّ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَإِذَا سُنَّ لِاحْتِمَالِ الِانْقِطَاعِ مَعَ اسْتِرْسَالِ الدَّمِ فَأَوْلَى أَنْ يُسَنَّ مَعَ تَحَقُّقِهِ (قَوْلُهُ: الْمُكَمَّلِ بِالتَّيَمُّمِ) أَيْ وَلَا يُجَدَّدُ التَّيَمُّمُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ

(وَالْغُسْلِ عَنْ صَاعٍ) تَقْرِيبًا وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُوَضِّئُهُ الْمُدُّ وَيُغَسِّلُهُ الصَّاعُ» ، أَمَّا مَنْ لَمْ يَعْتَدِلْ جَسَدُهُ فَيُعْتَبَرُ بِالنِّسْبَةِ إلَى جَسَدِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - زِيَادَةً وَنَقْصًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (وَلَا حَدَّ لَهُ) أَيْ لِمَاءِ الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ، فَلَوْ نَقَصَ عَنْ ذَلِكَ مَعَ الْإِسْبَاغِ كَفَى، فَقَدْ نُقِلَ عَنْ إمَامِنَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: قَدْ يُرْفِقُ الْفَقِيهُ بِالْقَلِيلِ فَيَكْفِيهِ، وَيَخْرِقُ الْأَخْرَقُ بِالْكَثِيرِ فَلَا يَكْفِيهِ. وَيُسْتَحَبُّ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْمُدِّ وَالصَّاعِ لِأَنَّ الرِّفْقَ مَحْبُوبٌ وَيَنْقُصُ بِفَتْحِ الْيَاءِ، وَمَاءُ الْوُضُوءِ مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ وَالْفَاعِلُ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الشَّخْصِ، وَفِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ بِالرَّفْعِ وَهُوَ صَحِيحٌ أَيْضًا، وَحُكْمُ الْمُوَالَاةِ هُنَا كَالْوُضُوءِ. قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَحْلِقَ أَوْ يُقَلِّمَ أَوْ يَسْتَحِدَّ أَوْ يُخْرِجَ دَمًا أَوْ يُبَيِّنَ مِنْ نَفْسِهِ جُزْءًا وَهُوَ جُنُبٌ، إذْ سَائِرُ أَجْزَائِهِ تُرَدُّ إلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ فَيَعُودُ جُنُبًا. وَيُقَالُ إنْ كُلَّ شَعْرَةً تُطَالِبُ بِجَنَابَتِهَا. (وَمَنْ بِهِ) أَيْ بِبَدَنِهِ شَيْءٌ (نَجِسٌ يَغْسِلُهُ ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَلَا تَكْفِي لَهُمَا غَسْلَةٌ) وَاحِدَةٌ (وَكَذَا فِي الْوُضُوءِ) لِأَنَّهُمَا وَاجِبَانِ مُخْتَلِفَا الْجِنْسِ فَلَا يَتَدَاخَلَانِ (قُلْت: الْأَصَحُّ تَكْفِيهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّ وَاجِبَهُمَا غَسْلُ الْعُضْوِ وَقَدْ وُجِدَ كَمَا لَوْ اغْتَسَلَتْ مِنْ جَنَابَةٍ وَحَيْضٍ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ النَّجَاسَةِ الْحُكْمِيَّةِ وَالْعَيْنِيَّةِ، وَمَا وَقَعَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ فَرْضِ ذَلِكَ فِي النَّجَاسَةِ الْحُكْمِيَّةِ مِثَالٌ لَا قَيْدَ، وَقَيَّدَ السُّبْكِيُّ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا لَمْ تَحُلْ بَيْنَ الْمَاءِ وَالْعُضْوِ وَكَثُرَ الْمَاءُ أَوْ قَلَّ وَأَزَالَهَا بِمُجَرَّدِ مُلَاقَاتِهِ لَهَا وَإِلَّا لَمْ يَكْفِ قَطْعًا، وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهَا بِغَيْرِ الْمُغَلَّظَةِ أَيْضًا، فَغُسْلُهَا بِدُونِ تَرْتِيبٍ أَوْ بِهِ قَبْلَ اسْتِكْمَالِ السَّبْعِ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ هُنَا مَا سَيَأْتِي فِي الْجَنَائِزِ مِنْ اشْتِرَاطِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ قَبْلَ غَسْلِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ تَرَكَ الِاسْتِدْرَاكَ ثُمَّ عَلَيْهِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا هُنَا. (وَمَنْ اغْتَسَلَ لِجَنَابَةٍ وَجُمُعَةٍ) بِنِيَّتِهِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَهُوَ بِالْمِصْرِيِّ رَطْلٌ تَقْرِيبًا (قَوْلُهُ: قَدْ يَرْفُقُ الْفَقِيهُ) أَيْ لُغَةً، فَالْمُرَادُ بِهِ الْحَاذِقُ وَحِينَئِذٍ فَيَشْمَلُ الرِّفْقَ فِي سَائِرِ الْأَشْيَاءِ (قَوْلُهُ: وَيَخْرِقُ الْأَخْرَقُ) أَيْ الْأَحْمَقُ. قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: الْخَرَقُ: بِفَتْحَتَيْنِ مَصْدَرُ الْأَخْرَقِ وَهُوَ ضِدُّ الرَّفِيقِ وَبَابُهُ طَرِبَ وَالِاسْمُ الْخُرْقُ بِالضَّمِّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الرِّفْقَ مَحْبُوبٌ) أَيْ فَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلَاثِ، وَصَبُّ مَا يَزِيدُ عَلَى مَا يَكْفِيه عَادَةٌ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَلَوْ الْأُولَى، وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَعْرِضْ لَهُ وَسْوَسَةٌ أَوْ شَكٌّ فِي تَيَقُّنِ الطَّهَارَةِ أَوْ فِي عَدَدِ مَا أَتَى بِهِ. هَذَا وَقَدْ يَقَعُ لِلْإِنْسَانِ أَنَّهُ إذَا تَوَضَّأَ مِنْ مَاءٍ قَلِيلٍ أَوْ مَمْلُوكٍ لَهُ دَبَّرَهُ فَيَكْفِيهِ الْقَلِيلُ مِنْ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ إذَا تَطَهَّرَ مِنْ مُسْبِلٍ أَوْ مِلْكِ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ كَالْحَمَّامَاتِ بَالَغَ فِي مِقْدَارِ الْغُرْفَةِ وَأَكْثَرَ مِنْ الْغُرُفَاتِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَحْرُمُ حَيْثُ كَانَ اسْتِعْمَالُهُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ كَالِاسْتِظْهَارِ فِي الطَّهَارَةِ (قَوْلُهُ: وَيَنْقُصُ بِفَتْحِ الْيَاءِ) أَيْ وَضَمِّ الْقَافِ مُخَفَّفَةٌ، وَيَجُوزُ ضَمُّ الْيَاءِ مَعَ كَسْرِ الْقَافِ مُشَدَّدًا (قَوْلُهُ: أَوْ يُقَلِّمَ) بَابُهُ ضَرَبَ (قَوْلُهُ: تُرَدُّ إلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الرَّدَّ لَيْسَ خَاصًّا بِالْأَجْزَاءِ الْأَصْلِيَّةِ وَفِيهِ خِلَافٌ. وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ سَعْدِ الدِّينِ فِي الْعَقَائِدِ نَصُّهَا: رَدًّا عَلَى الْفَلَاسِفَةِ: وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعَادَ إنَّمَا هُوَ الْأَجْزَاءُ الْأَصْلِيَّةُ الْبَاقِيَةُ مِنْ أَوَّلِ الْعُمُرِ إلَى آخِرِهِ (قَوْلُهُ: فَيَعُودُ جُنُبًا) ظَاهِرُ هَذَا الصَّنِيعِ أَنَّ الْأَجْزَاءَ الْمُنْفَصِلَةَ قَبْلَ الِاغْتِسَالِ لَا تَرْتَفِعُ جَنَابَتُهَا بِغَسْلِهَا سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَيُقَالُ إنَّ كُلَّ شَعْرَةٍ. . إلَخْ) فَائِدَتُهُ التَّوْبِيخُ وَاللَّوْمُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِفَاعِلِ ذَلِكَ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ قَصَّرَ كَأَنْ دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَغْتَسِلْ وَإِلَّا فَلَا كَأَنْ فَجَأَهُ الْمَوْتُ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ اسْتِكْمَالِ السَّبْعِ) وَقَعَ السُّؤَالُ هَلْ تَصِحُّ النِّيَّةُ قَبْلَ السَّابِعَةِ؟ فَأَجَابَ م ر بِعَدَمِ صِحَّتِهَا قَبْلَهَا، إذْ الْحَدَثُ إنَّمَا يَرْتَفِعُ بِالسَّابِعَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَرْنِ النِّيَّةِ بِهَا. وَعِنْدِي أَنَّهَا تَصِحُّ قَبْلَهَا حَتَّى مَعَ الْأُولَى، لِأَنَّ كُلَّ غَسْلَةٍ لَهَا مَدْخَلٌ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ فَقَدْ اقْتَرَنَتْ النِّيَّةُ بِأَوَّلِ الْغُسْلِ الْوَاقِعِ، وَالسَّابِعَةُ وَحْدَهَا لَمْ تَرْفَعْ، إذْ لَوْلَا الْغَسَلَاتُ السَّابِقَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمَاءُ الْوُضُوءِ مَنْصُوبٌ) هَذَا لَا يُنَاسِبُهُ قَوْلُهُ: فِي حَلِّ الْمَتْنِ فِيمَنْ اعْتَدَلَ جَسَدُهُ، وَإِنَّمَا كَانَ الْمُنَاسِبُ إسْقَاطَ فِي، فَهُوَ جَارٍ فِي الْحَلِّ عَلَى الْإِعْرَابِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: شَيْءٌ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ

(حَصَلَا) كَمَا لَوْ نَوَى الْفَرْضَ وَتَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ (أَوْ لِأَحَدِهِمَا حَصَلَ فَقَطْ) عَمَلًا بِمَا نَوَاهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَنْدَرِجْ النَّفَلُ فِي الْفَرْضِ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ فَأَشْبَهَ سُنَّةَ الظُّهْرِ مَعَ فَرْضِهِ، وَفَارَقَ مَا لَوْ نَوَى بِصَلَاتِهِ الْفَرْضَ دُونَ التَّحِيَّةِ حَيْثُ تَحْصُلُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا بِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ إشْغَالُ الْبُقْعَةِ بِصَلَاةٍ وَقَدْ حَصَلَ، وَلَيْسَ الْقَصْدُ هُنَا النَّظَافَةَ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ عِنْدَ عَجْزِهِ عَنْ الْمَاءِ، فَلَوْ نَوَى غُسْلَ الْجَنَابَةِ وَنَفَى غُسْلَ الْجُمُعَةِ وَقُلْنَا بِحُصُولِهِمَا بِنِيَّةِ أَحَدِهِمَا فَفِيهِ احْتِمَالَانِ: أَظْهَرُهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ عَدَمُ الْحُصُولِ نَعَمْ لَوْ طُلِبَتْ مِنْهُ أَغْسَالٌ مُسْتَحَبَّةٌ كَعِيدٍ وَكُسُوفٍ وَاسْتِسْقَاءٍ وَجُمُعَةٍ وَنَوَى أَحَدَهَا حَصَلَ الْجَمِيعُ لِمُسَاوَاتِهَا لِمَنْوِيِّهِ، وَقِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَسْبَابُ أَغْسَالٍ وَاجِبَةٍ وَنَوَى أَحَدَهَا لِأَنَّ مَبْنَى الطِّهَارَاتِ عَلَى التَّدَاخُلِ. (قُلْت: وَلَوْ) (أَحْدَثَ ثُمَّ أَجْنَبَ أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ أَجْنَبَ ثُمَّ أَحْدَثَ (كَفَى الْغُسْلُ) (عَلَى الْمَذْهَبِ، وَاَلَّذِي أَعْلَمُ) نَوَى الْوُضُوءَ مَعَهُ أَمْ لَمْ يَنْوِهِ غَسَلَ الْأَعْضَاءَ مُرَتَّبَةً أَمْ لَا، لِأَنَّهُمَا طَهَارَتَانِ فَتَدَاخَلَتَا، وَقَدْ نَبَّهَ الرَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ إنَّمَا يَقَعُ عَنْ الْجَنَابَةِ وَأَنَّ الْأَصْغَرَ يَضْمَحِلُّ مَعَهُ: أَيْ لَا يَبْقَى لَهُ حُكْمٌ فَلِهَذَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ كَفَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَكْفِي الْغُسْلُ وَإِنْ نَوَى مَعَهُ الْوُضُوءَ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْوُضُوءِ مَعَهُ. وَالثَّالِثُ إنْ نَوَى مَعَ الْغُسْلِ الْوُضُوءَ كَفَى وَإِلَّا فَلَا. وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ طَرِيقٌ قَاطِعٌ بِالِاكْتِفَاءِ لِتَقَدُّمِ الْأَكْبَرِ فِيهَا فَلَا يُؤْثَرُ بَعْدَهُ الْأَصْغَرُ، فَالطَّرِيقَانِ فِي مَجْمُوعِ الصُّورَتَيْنِ مِنْ حَيْثُ الثَّانِيَةُ لَا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، كَذَا قَالَ الشَّارِحُ جَوَابًا عَنْ اعْتِرَاضٍ أُورِدَ عَلَيْهِ، فَقَوْلُهُ لَا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا: أَيْ لَا فِي جَمِيعِهِمَا، ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَيْهَا مَا رَفَعَتْ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: حَصَلَا) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَالْأَكْمَلُ أَنْ يَغْتَسِلَ لِلْجَنَابَةِ ثُمَّ لِلْجُمُعَةِ، ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا اهـ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: دُونَ التَّحِيَّةِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا كَمَا أَشْعَرَ بِهِ قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا. أَمَّا لَوْ نَفَاهَا فَلَا يَحْصُلُ، بِخِلَافِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فَإِنَّهُ لَا يَنْتَفِي بِنَفْيِهِ بَلْ يَحْصُلُ وَإِنْ نَفَاهُ لِأَنَّهُ اضْمَحَلَّ مَعَ الْجَنَابَةِ (قَوْلُهُ: إشْغَالُ الْبُقْعَةِ) التَّعْبِيرُ بِهِ لُغَةً فَلْيُتَأَمَّلْ، فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: شَغْلٌ، وَفِي الْمُخْتَارِ شَغْلٌ بِسُكُونِ الْغَيْنِ وَضَمِّهَا، وَشَغْلٌ بِفَتْحِ الشِّين وَسُكُونِ الْغَيْنِ وَبِفَتْحَتَيْنِ فَصَارَتْ أَرْبَعَ لُغَاتٍ، وَالْجَمْعُ أَشْغَالٌ وَشَغَلَهُ مِنْ بَابِ قَطَعَ فَهُوَ شَاغِلٌ، وَلَا تَقُلْ أَشْغَلَهُ لِأَنَّهَا لُغَةٌ رَدِيئَةٌ (قَوْلُهُ: وَقُلْنَا بِحُصُولِهِمَا بِنِيَّةِ أَحَدِهِمَا) صَادِقٌ بِمَا إذَا نَوَى الْجُمُعَةَ وَحْدَهَا، وَلَيْسَ مُرَادًا فَإِنَّهُ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ لَا تَرْتَفِعُ جَنَابَتُهُ قَطْعًا (قَوْلُهُ: حَصَلَ الْجَمِيعُ) الظَّاهِرُ مِنْهُ حُصُولُ ثَوَابِ الْكُلِّ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا اعْتَمَدَهُ فِي تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ إذَا لَمْ يَنْوِهَا، لَكِنْ قَالَ حَجّ: وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِحُصُولِ غَيْرِ الْمَنْوِيِّ سُقُوطُ طَلَبِهِ كَمَا فِي التَّحِيَّةِ اهـ. وَهُوَ جَارٍ عَلَى مِثْلِ مَا جَرَى عَلَيْهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ لِأَحَدِهِمَا حَصَلَ فَقَطْ) أَمَّا لَوْ نَوَى أَحَدَ وَاجِبَيْنِ فَيَحْصُلَانِ، وَكَتَبَ سم عَلَى حَجّ قَوْلُهُ: لِأَحَدِ وَاجِبَيْنِ إلَخْ، هَذَا ظَاهِرٌ فِي وَاجِبَيْنِ عَنْ حَدَثٍ، أَمَّا وَاجِبَانِ أَحَدُهُمَا عَنْ حَدَثٍ كَجَنَابَةٍ وَالْآخَرُ عَنْ نَذْرٍ، فَالْمُتَّجَهُ: أَيْ كَمَا قَالَهُ م ر أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ أَحَدُهُمَا بِنِيَّةِ الْآخَرِ، لِأَنَّ نِيَّةَ أَحَدِهِمَا لَا تَتَضَمَّنُ الْآخَرَ. أَمَّا نِيَّةُ الْمَنْذُورِ فَلَيْسَ فِيهَا تَعَرُّضٌ لِرَفْعِ الْحَدَثِ مُطْلَقًا. وَأَمَّا نِيَّةُ الْآخَرِ فَلِأَنَّ الْمَنْذُورَ جِنْسٌ آخَرُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ مَا عَلَى الْمُحْدِثِ، بَلْ لَوْ كَانَ عَنْ نَذْرَيْنِ اتَّجَهَ عَدَمٌ بِحُصُولِ أَحَدِهِمَا بِنِيَّةِ الْآخَرِ أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ النَّذْرَيْنِ أَوْجَبَ فِعْلًا مُسْتَقِلًّا غَيْرَ مَا أَوْجَبَهُ الْآخَرُ مِنْ حَيْثُ الشَّخْصُ وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي مُطْلَقِ الْغُسْلِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ كَانَ عَلَى الْمَرْأَةِ حَيْضٌ وَنِفَاسٌ وَجَنَابَةٌ حَيْثُ أَجْزَأَهَا نِيَّةُ وَاحِدٍ مِنْهَا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الثَّلَاثَةِ رَفْعُ مَانِعِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ إذَا ارْتَفَعَ بِالنِّسْبَةِ لِأَحَدِهَا ارْتَفَعَ ضَرُورَةً بِالنِّسْبَةِ لِبَاقِيهَا إذْ الْمَنْعُ لَا يَتَبَعَّضُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ نُفِيَ بَعْضُهَا لَمْ يَنْتِفْ، فَكَانَتْ كُلُّهَا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ. (قَوْلُهُ: أَمْ لَمْ يَنْوِهِ) أَيْ بَلْ لَوْ نَفَاهُ لَمْ يَنْتِفْ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ اضْمِحْلَالِ الْأَصْغَرِ مَعَ الْأَكْبَرِ (قَوْلُهُ: وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ) هِيَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ عَكْسُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقُلْنَا بِحُصُولِهِمَا) أَيْ عَلَى الضَّعِيفِ (قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ أَحَدِهِمَا) شَمِلَ حُصُولَ الْجُمُعَةِ بِالْجَنَابَةِ وَعَكْسَهُ، وَهُوَ صَحِيحٌ فَقَدْ قِيلَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا حَكَاهُ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ وَغَيْرُهُ، فَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مَمْنُوعٌ

[باب النجاسة]

فَيَكْفِي فِي صِدْقِ كَوْنِهِ فِي الْمَجْمُوعِ كَوْنُهُ فِي بَعْضِ الْأَفْرَادِ، بِخِلَافِ كَوْنِهِ فِي الْجَمِيعِ، وَلَوْ وُجِدَ الْحَدَثَانِ مَعًا فَهُوَ كَمَا لَوْ تَقَدَّمَ الْأَصْغَرُ. وَيُبَاحُ لِلرَّجُلِ دُخُولُ الْحَمَّامِ وَيَجِبُ عَلَى دَاخِلِهِ غَضُّ الْبَصَرِ عَمَّا لَا يَحِلُّ، وَصَوْنُ عَوْرَتِهِ عَنْ كَشْفِهَا بِحَضْرَةِ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهَا أَوْ فِي غَيْرِ وَقْتِ حَاجَةِ كَشْفِهَا، وَنَهْيُ الْغَيْرِ عَنْ كَشْفِ عَوْرَتِهِ وَإِنْ عَلِمَ عَدَمَ امْتِثَالِهِ، وَيَحِلُّ لِلنِّسَاءِ دُخُولُهُ أَيْضًا مَعَ الْكَرَاهَةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، وَالْخَنَاثَى كَالنِّسَاءِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ الِاقْتِصَارُ فِي الْمَاءِ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ فَلَا يُجَاوِزُهَا وَلَا الْعَادَةَ. وَمِنْ آدَابِهِ قَصْدُ التَّطَهُّرِ وَالتَّنَظُّفِ وَتَسْلِيمُ الْأُجْرَةِ قَبْلَ دُخُولِهِ وَالتَّسْمِيَةُ لِلدُّخُولِ ثُمَّ التَّعَوُّذُ كَالْخَلَاءِ وَتَقْدِيمُ يُسْرَاهُ دُخُولًا وَيُمْنَاهُ خُرُوجًا كَمَا مَرَّ، وَأَنْ يَذْكُرَ بِحَرَارَتِهِ حَرَّ جَهَنَّمَ، وَأَنْ لَا يَدْخُلَهُ إذَا رَأَى فِيهِ عَارِيًّا، وَأَنْ لَا يُعَجِّلَ بِدُخُولِ الْبَيْتِ الْحَارِّ حَتَّى يَعْرَقَ فِي الْأَوَّلِ، وَأَنْ لَا يُكْثِرَ الْكَلَامَ وَأَنْ يَدْخُلَ وَقْتَ الْخِلْوَةِ أَوْ يَتَكَلَّفَ إخْلَاءَ الْحَمَّامِ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إلَّا أَهْلُ الدِّينِ فَالنَّظَرُ إلَى الْأَبْدَانِ مَكْشُوفَةً فِيهِ شَوْبٌ مِنْ قِلَّةِ الْحَيَاءِ، وَأَنْ يَسْتَغْفِرَ اللَّهَ تَعَالَى، وَبَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ. وَيُكْرَهُ أَنْ يَدْخُلَهُ قُبَيْلَ الْمَغْرِبِ وَبَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ لِأَنَّهُ وَقْتُ انْتِشَارِ الشَّيَاطِينِ، وَيُكْرَهُ لِلصَّائِمِ، وَصَبُّ الْمَاءِ الْبَارِدِ عَلَى الرَّأْسِ وَشُرْبُهُ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْهُ مِنْ حَيْثُ الطِّبُّ وَلَا بَأْسَ بِدَلْكِ غَيْرِهِ إلَّا عَوْرَةً أَوْ مَظِنَّةَ شَهْوَةٍ، وَلَا بَأْسَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ بِقَوْلِهِ لِغَيْرِهِ: عَافَاكَ اللَّهُ وَلَا بِالْمُصَافَحَةِ. وَيُسَنُّ لِمَنْ يُخَالِطُ النَّاسَ التَّنْظِيفُ بِالسِّوَاكِ وَإِزَالَةُ الْأَوْسَاخِ مِنْ رِيحٍ كَرِيهٍ وَشَعْرٍ وَحُسْنُ الْأَدَبِ مَعَهُمْ. بَابُ النَّجَاسَةِ وَفِيهِ إزَالَتِهَا وَهِيَ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى مَعْرِفَتِهَا فَنَقُولُ: هِيَ لُغَةً كُلُّ مُسْتَقْذَرٍ، وَشَرْعًا مُسْتَقْذَرٌ يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ حَيْثُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَإِنْ عُلِمَ عَدَمُ امْتِثَالِهِ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَالْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ إنَّمَا يَجِبَانِ عِنْدَ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، فَلَوْ خَافَ ضَرَرًا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالتَّسْمِيَةُ لِلدُّخُولِ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحِلَّهَا عِنْدَ الْبَابِ الَّذِي يَدْخُلُ مِنْهُ لِلْمَسْلَخِ لِأَنَّ الْكُلَّ مَأْوَى الشَّيَاطِينِ، وَيَقُولُ فِي تَسْمِيَتِهِ وَاسْتِعَاذَتِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الرِّجْسِ النَّجِسِ الْخَبِيثِ الْمُخَبَّثِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَسْتَغْفِرَ) قَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَبَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهُ إلَخْ أَنَّهُ يَفْعَلُ الِاسْتِغْفَارَ قَبْلَ الْخُرُوجِ. وَصِيغَةُ الِاسْتِغْفَارِ الْمَشْهُورَةِ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إلَيْهِ. وَيَقُولُ: غَيْرَهَا مِنْ كُلِّ مَا يُفِيدُ طَلَبَ الْمَغْفِرَةِ، نَحْوَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي. وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْخَلَاءِ فَإِنَّهُ يَقُولُ عِنْدَ خُرُوجِهِ: غُفْرَانَكَ غُفْرَانَكَ، الْحَمْدُ لِلَّهِ إلَخْ، أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ مَشْغُولًا عَنْ الذِّكْرِ بِالتَّنْظِيفِ فَيُعَدُّ بِهِ مُعْرِضًا كَمَا عُدَّ بِاشْتِغَالِهِ بِتَفْرِيغِ نَفْسِهِ فِي الْخَلَاءِ مُعْرِضًا (قَوْلُهُ: يُصَلِّي) أَيْ فِي غَيْرِ مَسْلَخِهِ (قَوْلُهُ: رَكْعَتَيْنِ) أَيْ يَنْوِي بِهِمَا سُنَّةَ الْخُرُوجِ مِنْ الْحَمَّامِ أَوْ يُطْلِقَ (قَوْلُهُ: وَلَا بِالْمُصَافَحَةِ) أَفَادَ قَوْلُهُ: وَلَا بَأْسَ إلَخْ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِسُنَّةٍ، غَايَتُهُ أَنَّهُ لَا لَوْمَ عَلَيْهِ فِي فِعْلِهِ بِحَيْثُ تُكْرَهُ لَهُ، وَمَا اعْتَادَهُ النَّاسُ مِنْ تَقْبِيلِ الْإِنْسَانِ يَدَ نَفْسِهِ بَعْدَ الْمُصَافَحَةِ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ أَيْضًا سِيَّمَا إذَا اُعْتِيدَ ذَلِكَ لِلتَّعْظِيمِ. بَابُ النَّجَاسَةِ قِيلَ كَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُهَا عَنْ التَّيَمُّمِ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَمَّا قَبْلَهَا لَا عَنْهَا أَوْ تَقْدِيمُهَا عَقِبِ الْمِيَاهِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ لِهَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَلَا يُجَاوِزُهَا وَلَا الْعَادَةَ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ: وَأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى الْحَاجَةِ أَوْ الْعَادَةِ انْتَهَتْ. وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ تَقْتَضِي الْحُرْمَةَ فِيمَا فَوْقَ الْحَاجَةِ وَإِنْ كَانَ دُونَ الْعَادَةِ كَمَا، إذَا زَادَ عَلَى الصَّاعِ فِي الْغُسْلِ حَيْثُ كَانَ يَكْفِيهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: إلَّا عَوْرَةً) هَلْ وَإِنْ كَانَ بِحَائِلٍ، وَمَا الْمُرَادُ بِالْعَوْرَةِ هُنَا [بَابُ النَّجَاسَةِ] [أَنْوَاعِ النَّجَاسَات] بَابُ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ إزَالَتُهَا، وَقَوْلُهُ عَلَى مَعْرِفَتِهَا: أَيْ النَّجَاسَةِ وَهِيَ تُعْرَفُ بِالْحَدِّ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَبِالْعَدِّ

لَا مُرَخِّصَ. وَعَرَّفَهَا بَعْضُهُمْ بِأَنَّهَا كُلُّ عَيْنٍ حُرِّمَ تَنَاوُلُهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ مَعَ سُهُولَةِ التَّمْيِيزِ، لَا لِحُرْمَتِهَا وَلَا لِاسْتِقْذَارِهَا وَلَا لِضَرَرِهَا فِي بَدَنٍ أَوْ عَقْلٍ، فَخَرَجَ بِالْإِطْلَاقِ مَا يُبَاحُ قَلِيلُهُ كَبَعْضِ النَّبَاتَاتِ السُّمِّيَّةِ، الِاخْتِيَارِ حَالَةَ الضَّرُورَةِ فَيُبَاحُ فِيهَا تَنَاوُلُ الْمَيْتَةِ وَبِسُهُولَةِ التَّمْيِيزِ دُودُ الْفَاكِهَةِ وَنَحْوُهَا فَيُبَاحُ تَنَاوُلُهُ مَعَهَا وَإِنْ سَهُلَ تَمْيِيزُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــSالصَّنِيعِ وَجْهًا أَيْضًا، وَهُوَ أَنَّ إزَالَتَهَا لَمَّا كَانَتْ شَرْطًا لِلْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ عَلَى مَا مَرَّ، وَكَانَ لَا بُدَّ فِي بَعْضِهَا مِنْ تُرَابِ التَّيَمُّمِ كَانَتْ آخِذَةً طَرَفًا مِمَّا قَبْلَهَا وَمِمَّا بَعْدَهَا فَتَوَسَّطَتْ بَيْنَهُمَا إشَارَةً لِذَلِكَ اهـ. حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: قَدْ يُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّهَا أُخِّرَتْ عَنْ الضَّوْءِ وَالْغُسْلِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهِمَا تَقَدُّمُ إزَالَتِهَا، وَأَنَّهُ يَكْفِي مُقَارَنَةُ إزَالَتِهِمَا لَهُ، وَقُدِّمَتْ عَلَى التَّيَمُّمِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهِ تَقْدِيمُ إزَالَتِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّهُ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ، وَقَوْلُ سم: وَأَنَّهُ يَكْفِي مُقَارَنَةً إلَخْ: أَيْ فِيمَا لَوْ كَانَتْ فِيمَا يَجِبُ غَسْلُهُ فِي الْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ، أَمَّا لَوْ كَانَتْ فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَيَصِحُّ مَعَ وُجُودِهَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَقْدِيمُ الِاسْتِنْجَاءِ عَلَى وُضُوءِ السَّلِيمِ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ إزَالَتُهَا) أَيْ فَتَرْجَمَ لِشَيْءٍ وَزَادَ عَلَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ مَعِيبٍ، عَلَى أَنَّهُ قِيلَ: إنَّ هَذَا لَا يُعَدُّ زِيَادَةً، فَإِنَّ الْكَلَامَ عَلَى شَيْءٍ يَسْتَدْعِي ذِكْرَ مُتَعَلِّقَاتِهِ وَلَوَازِمِهِ وَلَوْ عَرَضِيَّةً وَعِبَارَةُ السَّيِّدِ عِيسَى الصَّفَوِيِّ فِيمَا كَتَبَهُ عَلَى حَاشِيَةِ السَّيِّدِ الْجُرْجَانِيِّ نَصُّهَا: وَلَيْسَ مُرَادُهُمْ بِكَوْنِ الْبَابِ فِي كَذَا الْحَصْرُ، بَلْ إنَّهُ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ أَوْ الْمُعَظَّمُ، فَلَوْ ذُكِرَ غَيْرُهُ نَادِرًا أَوْ اسْتِطْرَادًا لَا يَضُرُّ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَ ذِكْرَهُ فِي التَّرْجَمَةِ اعْتِمَادًا عَلَى تَوَجُّهِ الذِّهْنِ إلَيْهِ، إمَّا بِطَرِيقِ الْمُقَايَسَةِ أَوْ اللُّزُومِ اهـ بِحُرُوفِهِ. (قَوْلُهُ: كُلُّ مُسْتَقْذَرٍ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: اعْتِبَارُ الِاسْتِقْذَارِ فِيمَا يُنَاقِضُ اعْتِبَارَ عَدَمِهِ فِي الْحَدِّ الْآخَرِ الْمَذْكُورِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِقَوْلِهِ: كُلُّ عَيْنٍ حُرِّمَ تَنَاوُلُهَا، إلَى أَنْ قَالَ: لَا لِحُرْمَتِهَا وَلَا لِاسْتِقْذَارِهَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ هِيَ مُسْتَقْذَرَةٌ إلَّا أَنَّ حُرْمَتَهَا لَيْسَتْ لِاسْتِقْذَارِهَا وَهُوَ بَعِيدٌ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى مَنْهَج (قَوْلُهُ: وَعَرَّفَهَا) أَيْ شَرْعًا (قَوْلُهُ: بَعْضُهُمْ) هُوَ بِهَذَا الْعُنْوَانِ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ، وَنَسَبَهُ بَعْضُهُمْ لِلنَّوَوِيِّ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَبْتَكِرْهُ وَإِنْ أَوْهَمَتْ نِسْبَتُهُ إلَيْهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: النَّبَاتَاتُ السُّمَيَّةُ) أَيْ فَإِنَّ قَلِيلَهَا يُبَاحُ بِلَا ضَرُورَةٍ (قَوْلُهُ: الِاخْتِيَارِ) أَيْ عَنْ الِاعْتِبَارِ فِي تَأْثِيرِ الْحُرْمَةِ لِمَا يَأْتِي أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ وَمَا بَعْدَهُ لِلْإِدْخَالِ فَلَا يُقَالُ فِي كَلَامِهِ تَنَافٍ حَيْثُ جَعَلَهُمَا فِيمَا بَعْدَهُ لِلْإِدْخَالِ وَصَرَّحَ هُنَا بِأَنَّهُمَا لِلْإِخْرَاجِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَهُلَ تَمْيِيزُهُ) هَذَا التَّعْمِيمُ يُنَافِي جَعْلَهُ خَارِجًا بِالْقَيْدِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ خَارِجٌ نَظَرًا لِكَوْنِ مَنْ شَأْنُهُ عُسْرُ التَّمْيِيزِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بَعْدُ بِقَوْلِهِ: " نَظَرًا إلَخْ "، وَالتَّعْمِيمُ نَظَرًا إلَى جَوَازِ التَّنَاوُلِ قَلَم يَتَوَارَدَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ مَا يَأْتِي فِي الْمَتْنِ: أَيْ وَهَذَا وَجْهُ تَقْدِيمِ مَعْرِفَتِهَا عَلَى إزَالَتِهَا، هَذَا مُرَادُ الشَّارِحِ فِيمَا يَظْهَرُ إلَّا أَنَّ فِي سِيَاقِهِ صُعُوبَةً لَا تَخْفَى (قَوْلُهُ: حَرُمَ تَنَاوُلُهَا) أَيْ عُلِمَ حُرْمَتُهُ بِالدَّلِيلِ الْخَارِجِيِّ فَلَا دَوْرَ (قَوْلُهُ: وَلَا لِاسْتِقْذَارِهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّ النَّجَاسَةَ سَبَبُهَا غَيْرُ الِاسْتِقْذَارِ، وَقَضِيَّةُ التَّعْرِيفِ السَّابِقِ خِلَافُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ. ثُمَّ أَجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ النَّجَاسَةَ مُسْتَقْذَرَةٌ إلَّا أَنَّ حُرْمَتَهَا لَيْسَتْ لِاسْتِقْذَارِهَا انْتَهَى: أَيْ وَتَرَتُّبُ مَنْعِ الصَّلَاةِ عَلَى الِاسْتِقْذَارِ غَيْرُ تَرَتُّبِ الْحُرْمَةِ عَلَيْهِ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ الْقَضِيَّتَيْنِ. وَاعْلَمْ أَنَّ قَضِيَّةَ التَّعْرِيفِ الْأَوَّلِ أَنَّ النَّجَاسَاتِ كُلَّهَا مُسْتَقْذَرَةٌ وَلَك مَنْعُهُ فِي الْكَلْبِ الْحَيِّ وَلِهَذَا يَأْلَفُهُ مَنْ لَا يَعْتَقِدُ نَجَاسَتَهُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَحْوِ الذِّئْبِ، وَلَا يُقَالُ: الْمُرَادُ اسْتِقْذَارُهَا شَرْعًا إذْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ الدَّوْرُ (قَوْلُهُ: الِاخْتِيَارِ) أَيْ وَخَرَجَ بِحَالَةِ الِاخْتِيَارِ إلَخْ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا ذُكِرَ كَمَا عَبَّرَ بِهِ غَيْرُهُ وَإِلَّا فَهَذَا الْقَيْدُ كَاَلَّذِي بَعْدَهُ لِلْإِدْخَالِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَهُلَ) فِي هَذَا السِّيَاقِ صُعُوبَةٌ، وَكَانَ حَقُّ الْعِبَارَةِ وَبِسُهُولَةِ التَّمْيِيزِ مَا عَسَرَ

خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ نَظَرًا إلَى أَنَّ شَأْنَهُ عُسْرُ التَّمْيِيزِ، وَلَا يَتَنَجَّسُ فَمُهُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُهُ. وَهَذَا الْقَيْدُ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ لِلْإِدْخَالِ لَا لِلْإِخْرَاجِ كَمَا أَوْضَحْت ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، وَلَا حَاجَةَ لِزِيَادَةِ إمْكَانِ التَّنَاوُلِ لِيُخْرِجَ بِهِ الْأَشْيَاءَ الصُّلْبَةَ كَالْحَجَرِ، لِأَنَّ مَا لَا يُمْكِنُ تَنَاوُلُهُ لَا يُوصَفُ بِحِلِّ وَلَا تَحْرِيمٍ وَإِلَّا لَزِمَ التَّكْلِيفُ بِالْمُحَالِ وَبِلَا لِحُرْمَتِهَا لَحْمُ الْآدَمِيِّ فَإِنَّهُ وَإِنْ حُرِّمَ تَنَاوُلُهُ مُطْلَقًا فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ إلَخْ لَكِنْ لَا لِنَجَاسَتِهِ بَلْ لِحُرْمَتِهِ، وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ لَحْمُ الْحَرْبِيِّ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ تَنَاوُلُهُ مَعَ عَدَمِ احْتِرَامِهِ، إذْ الْحُرْمَةُ تَنْشَأُ مِنْ مُلَاحَظَةِ الْأَوْصَافِ الذَّاتِيَّةِ أَوْ الْعَرَضِيَّةِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأُولَى لَازِمَةٌ لِلْجِنْسِ مِنْ حَيْثُ هُوَ لِأَنَّ الْأَوْصَافَ الذَّاتِيَّةَ لَا تَخْتَلِفُ، وَالثَّانِيَةُ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ تِلْكَ الْأَوْصَافِ الْمُخْتَلِفَةِ بِاخْتِلَافِ أَفْرَادِ الْجِنْسِ، وَحِينَئِذٍ فَالْآدَمِيُّ تَثْبُتُ لَهُ الْحُرْمَةُ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ تَارَةً وَمِنْ حَيْثُ وَصْفُهُ أُخْرَى، فَالْحُرْمَةُ الثَّابِتَةُ لَهُ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ تَقْتَضِي الطَّهَارَةَ لِأَنَّهَا وَصْفٌ ذَاتِيٌّ أَيْضًا فَلَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَفْرَادِ، وَالثَّابِتَةُ لَهُ مِنْ حَيْثُ وَصْفُهُ تَقْتَضِي احْتِرَامَهُ وَتَوْقِيرَهُ بِحَسَبِ مَا يَلِيقُ بِحَالِهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْحَرْبِيَّ تَثْبُتُ لَهُ الْحُرْمَةُ الْأُولَى، فَكَانَ طَاهِرًا حَيًّا وَمَيِّتًا حَتَّى يَمْتَنِعَ اسْتِعْمَالُ جُزْءٍ مِنْهُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَلَمْ تَثْبُتْ لَهُ الْحُرْمَةُ الثَّانِيَةُ فَلَمْ يُحْتَرَمْ وَلَمْ يُعَظَّمُ، فَلِهَذَا جَازَ إغْرَاءُ الْكِلَابِ عَلَى جِيفَتِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ فِي كَلَامِهِمْ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَرُدُّ عَلَى الْحَدِّ لِأَنَّ طَهَارَتَهُ لِحُرْمَتِهِ الذَّاتِيَّةِ كَغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ بِاعْتِبَارِ وَصْفِهِ، وَبِلَا اسْتِقْذَارِهَا مَا حُرِّمَ تَنَاوُلُهُ لَا لِمَا تَقَدَّمَ، بَلْ لِاسْتِقْذَارِهِ كَمُخَاطٍ وَمَنِيٍّ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمُسْتَقْذَرَاتِ بِنَاءً عَلَى حُرْمَةِ أَكْلِهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَبِلَا لِضَرَرِهَا فِي بَدَنٍ أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلَا يَتَنَجَّسُ فَمُهُ) قِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّ مَا خُبِزَ بِالسِّرْجِينِ وَنَحْوِهِ لَا يَتَنَجَّسُ الْفَمُ بِأَكْلِهِ وَلَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْهُ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ النَّجَاسَةِ التَّنْجِيسُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا الْقَيْدُ) يَعْنِي قَوْلَهُ لِعُسْرِ التَّمْيِيزِ مَعَ مَا قَبْلَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ: حَالَةِ الِاخْتِيَارِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَزِمَ التَّكْلِيفُ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ هَذَا فَإِنَّ أَكْلَ الْحَجَرِ لَيْسَ مِنْ الْمُحَالِ غَايَتُهُ أَنَّ فِيهِ مَشَقَّةً، فَلَوْ كُلِّفَ بِأَكْلِهِ مَثَلًا لَأَمْكَنَ بِأَنْ يُدَقَّ وَيُؤْكَلَ. (قَوْلُهُ: حُرِّمَ تَنَاوُلُهُ مُطْلَقًا) كَثُرَ أَوْ قَلَّ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ لِحُرْمَتِهِ) أَيْ احْتِرَامِهِ (قَوْلُهُ: الْأُولَى) هِيَ الْأَوْصَافُ الذَّاتِيَّةُ وَالثَّانِيَةُ هِيَ الْأَوْصَافُ الْعَرَضِيَّةُ (قَوْلُهُ: بِاخْتِلَافِ أَفْرَادِ الْجِنْسِ) وَفِي نُسْخَةٍ: أَوْصَافِ الْجِنْسِ، وَمَا فِي الْأَصْلِ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِاخْتِلَافِ الْأَوْصَافِ بِاخْتِلَافِ الْأَوْصَافِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا وَصْفٌ ذَاتِيٌّ أَيْضًا) قَدْ يُقَالُ: إنْ أَرَادَ بِأَنَّ الطَّهَارَةَ وَصْفٌ ذَاتِيٌّ أَنَّهَا مُقْتَضَى الذَّاتِ فَمَمْنُوعٌ وَلِذَا اخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ فِيهَا، أَوْ أَنَّهَا قَائِمَةٌ بِالذَّاتِ فَكُلُّ الْأَوْصَافِ كَذَلِكَ؛ إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَرَادَ بِالذَّاتِيِّ الْحَقِيقِيَّ. وَقَدْ يُقَالُ: لِمَ اقْتَضَتْ الْحُرْمَةُ الذَّاتِيَّةُ الطَّهَارَةَ دُونَ الِاحْتِرَامِ سم عَلَى حَجّ. وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ الْفَرْقِ بَيْنَ الطَّهَارَةِ وَغَيْرِهَا بِأَنَّ الطَّهَارَةَ صِفَةٌ قَائِمَةٌ بِالْعَيْنِ فَنَاسَبَ تَرَتُّبَهَا عَلَى مُجَرَّدِ حَقِيقَتِهَا، وَالتَّوْقِيرُ حَاصِلٌ بِفِعْلِ الْغَيْرِ فَاقْتَضَى صِفَةً تُنَاسِبُ تَرَتُّبَهُ عَلَيْهَا زَائِدَةً عَلَى الذَّاتِ كَحُسْنِ الِاعْتِقَادِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) مُرَادُهُ حَجّ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يُرَدُّ) أَيْ وَلَا يُرَدُّ أَنَّ ذَلِكَ يُرَدُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى حُرْمَةِ أَكْلِهَا) أَيْ وَلَوْ مِنْهُ كَأَنْ بَصَقَ أَوْ مَخَطَ ثُمَّ أَرَادَ تَنَاوُلَهُ، وَمَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ فِي مَعْدِنِهَا كَالرِّيقِ فِي الْفَمِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ ابْتِلَاعُهُ وَكَذَلِكَ الْمُخَاطُ، ثُمَّ مَا ذُكِرَ شَامِلٌ لِمَا لَوْ أَرَادَ التَّبَرُّكَ بِبُصَاقِ مَنْ يَعْتَقِدُ صَلَاحَهُ فَتَنَاوَلَهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِبَعْضِ الْأَطْفَالِ، كَأَنْ أَمَرَ الْوَلِيَّ بِالْبَصْقِ فِي فَمِ نَفْسِهِ أَوْ فَمِ وَلَدِهِ فَيَحْرُمُ عَلَى الْوَلِيِّ الْبَصْقُ فِي فَمِهِ: أَيْ الْمَذْكُورِ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَعَلَى وَلِيِّ الطِّفْلِ التَّمْكِينُ مِنْ الْبَصْقِ فِي فَمِ الطِّفْلِ فَلْيُرَاجَعْ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا وَإِنْ اُسْتُهْلِكَ بِغَيْرِهِ، وَكَأَنْ اخْتَلَطَ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَمْيِيزُهُ كَدُودِ الْفَاكِهَةِ، وَالْمُرَادُ بِالْعُسْرِ مَا مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ فَلَا تَضُرُّ سُهُولَتُهُ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا لَا يُمْكِنُ تَنَاوُلُهُ) يُنْظَرُ مَا الْمُرَادُ بِالْإِمْكَانِ هُنَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَزِمَ التَّكْلِيفُ بِالْمُحَالِ) ظَاهِرُهُ امْتِنَاعُ ذَلِكَ، وَهُوَ خِلَافُ الصَّحِيحِ فَيَجُوزُ التَّكْلِيفُ بِهِ مُطْلَقًا عَلَى الصَّحِيحِ، عَلَى أَنَّ مَا هُنَا لَيْسَ مِنْ التَّكْلِيفِ بِالْمُحَالِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: مَعَ عَدَمِ احْتِرَامِهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْأَوْصَافُ الْعَرَضِيَّةُ وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ هَذَا (قَوْلُهُ: وَبِلَا اسْتِقْذَارِهَا) حَقُّ الْعِبَارَةِ وَبِلَا لِاسْتِقْذَارِهَا،

عَقْلٍ مَا ضَرَّ الْعَقْلَ كَالْأَفْيُونِ وَالزَّعْفَرَانِ، أَوْ الْبَدَنَ كَالسُّمِّيَّاتِ وَالتُّرَابِ وَسَائِرِ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ ثُمَّ عَرَّفَهَا الْمُصَنِّفُ بَعْدَهَا فَقَالَ: (هِيَ كُلُّ مُسْكِرٍ مَائِعٍ) خَمْرًا كَانَ وَهُوَ الْمُشْتَدُّ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ وَلَوْ مُحْتَرَمَةً وَمُثَلَّثَةً وَبَاطِنَ حَبَّاتِ عُنْقُودٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا مِنْ شَأْنِهِ الْإِسْكَارُ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا، أَمَّا الْخَمْرُ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهَا فَتَغْلِيظًا وَزَجْرًا عَنْهَا كَالْكَلْبِ وَلِأَنَّهَا رِجْسٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَالرِّجْسُ النَّجِسُ، وَأُلْحِقَ بِذَلِكَ غَيْرُهَا مِنْ سَائِرِ الْمُسْكِرَاتِ قِيَاسًا عَلَيْهَا بِوُجُودِ الْإِسْكَارِ الْمُسَبَّبِ عَنْهُ ذَلِكَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا. وَلَا يُشْكِلُ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ بِالْآيَةِ عَطْفُهُ عَلَى الْخَمْرِ مَا لَيْسَ بِنَجِسٍ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَ الرِّجْسَ فِي مَعْنَيَيْهِ وَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، إذْ الثَّلَاثَةُ الْمَقْرُونَةُ مَعَهَا مُعَارَضَةٌ بِالْإِجْمَاعِ فَبَقِيَتْ هِيَ، وَخَرَجَ بِزِيَادَتِهِ عَلَى أَصْلِهِ مَائِعٌ غَيْرُهُ كَالْحَشِيشَةِ وَالْبَنْجِ وَالْأَفْيُونِ فَإِنَّهُ وَإِنْ أَسْكَرَ طَاهِرٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الدَّقَائِقِ، وَمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِمَا لَمْ يَحْصُلْ بِهِ تَقْدِيرٌ لَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ مُرَادًا فِيهِمَا لِقَصْدِ التَّبَرُّكِ فِي الْأَوَّلِ وَلِاسْتِهْلَاكِهِ فِي الثَّانِي (قَوْلُهُ: كَالْأَفْيُونِ) وَقَضِيَّةُ التَّمْثِيلِ بِمَا ذَكَرَ أَنَّهُ يَحْرُمُ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ يَحْرُمُ تَنَاوُلُهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَلَيْسَ مُرَادًا فَإِنَّ الْمُحَرَّمَ مِنْهُ الْكَثِيرُ دُونَ الْقَلِيلِ بِالنِّسْبَةِ لِغَالِبِ النَّاسِ لَا لِلْمُتَنَاوِلِ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِحَمْلِ مَا هُنَا عَلَى مَنْ يَضُرُّهُ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ كَمَا يَأْتِي وَمَعَ ذَلِكَ كَانَ الْأَوْلَى التَّمْثِيلُ بِالسُّمِّيَّاتِ الَّتِي يَضُرُّ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا. وَبَقِيَ مَا لَوْ شَكَّ فِي شَيْءٍ هَلْ هُوَ ضَارٌّ أَوْ لَا وَيَنْبَغِي فِيهِ الْحِلُّ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النَّهْيِ (قَوْلُهُ: وَسَائِرُ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ ضَرَّهُ ذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَطْعِمَةِ. وَعِبَارَتُهُ ثُمَّ وَلَا يَحْرُمُ مِنْ الطَّاهِرِ إلَّا نَحْوُ تُرَابٍ وَحَجَرٍ وَمِنْهُ مَدَرٌ وَطَفْلٌ لِمَنْ يَضُرُّهُ، وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ إطْلَاقُ جَمِيعِ حُرْمَتِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَرَّفَهَا) أَيْ بَيَّنَهَا بِالْعَدِّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُشْتَدُّ مِنْ عَصِيرٍ إلَخْ) أَيْ الَّذِي قَوِيَ تَغَيُّرُهُ حَتَّى صَارَ مُسْكِرًا (قَوْلُهُ: وَمُثَلَّثَةٌ) وَهِيَ الَّتِي أُغْلِيَتْ عَلَى النَّارِ حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثَاهَا (قَوْلُهُ: وَزَجْرًا) عَطْفٌ مُغَايِرٌ (قَوْلُهُ: بِالْآيَةِ) هِيَ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ} [المائدة: 90] (قَوْلُهُ: فِي مَعْنَيَيْهِ) أَيْ الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ، وَالْقَرِينَةُ عَلَى الثَّانِي مَا سَيَذْكُرُهُ مِنْ الْإِجْمَاعِ فَلَيْسَ الرِّجْسُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ النَّجِسِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ أَوْهَمَهُ قَوْلُهُ: فِي مَعْنَيَيْهِ إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا صَحَّ الِاسْتِدْلَال بِهِ عَلَى نَجَاسَةِ الْخَمْرِ فَإِنَّ الْمُشْتَرَكَ إنَّمَا يُحْمَلُ عَلَى أَحَدِ مَعْنَيَيْهِ بِقَرِينَةٍ وَالشَّارِحُ جَعَلَ نَفْسَ الْآيَةِ دَلِيلًا عَلَى النَّجَاسَةِ، وَالْإِجْمَاعُ مُقْتَضِيًا لِإِخْرَاجِ مَا لَيْسَ بِنَجَسٍ مِنْ الرِّجْسِ. هَذَا وَفِي الْمُخْتَارِ الرِّجْسُ الْقَذَرُ وَقَالَ الْفَرَّاءُ قَوْله تَعَالَى {وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ} [يونس: 100] أَنَّهُ الْعِقَابُ وَالْغَضَبُ وَهُوَ مُضَارِعٌ لِقَوْلِهِ الرِّجْزُ اهـ وَالْمُتَبَادِرُ مِنْهُ أَنَّهُ حَقِيقَةً فِيمَا تَنْفِرُ مِنْهُ النَّفْسُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَجِسًا وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ الِاسْتِدْلَالِ بِالْآيَةِ بِأَنَّ الرِّجْزَ وَإِنْ كَانَ مُشْتَرَكًا لَكِنَّهُ اُشْتُهِرَ فِي النَّجَسِ ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنَّهُ مِنْ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ وَأَنَّهُ مِنْ الْمُشْتَرَكِ قَالَ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى مُطْلَقِ الْمُسْتَقْذَرِ اهـ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: كَالْحَشِيشَةِ) لَوْ صَارَ فِي الْحَشِيشِ الْمُذَابِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ اتَّجَهَ النَّجَاسَةَ كَالْمُسْكِرِ الْمَائِعِ الْمُتَّخَذِ مِنْ خُبْزٍ وَنَحْوِهِ وِفَاقًا لِشَيْخِنَا الطَّبَلَاوِيِّ وَخَالَفَ م ر ثُمَّ جَزَمَ بِالْمُوَافَقَةِ وَفِي الْإِيعَابِ لَوْ انْتَفَتْ الشِّدَّةُ الْمُطْرِبَةُ عَنْ الْخَمْرِ لِجُمُودِهَا وَوُجِدَتْ فِي الْحَشِيشَةِ لِذَوْبِهَا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ بَقَاءُ الْخَمْرِ عَلَى نَجَاسَتِهَا لِأَنَّهَا لَا تَطْهُرُ إلَّا بِالتَّخْلِيلِ وَلَمْ يُوجَدْ وَنَجَاسَةُ نَحْوِ الْحَشِيشَةِ إذْ غَايَتُهَا أَنَّهَا صَارَتْ كَمَاءِ خُبْزٍ وُجِدَتْ فِيهِ الشِّدَّةُ الْمُطْرِبَةُ، ثُمَّ ظَاهِرُ تَفْسِيرِهِمْ الْمُسْكِرَ بِالْمُغَطِّي لِلْعَقْلِ وَإِخْرَاجُهُمْ الْحَشِيشَةَ بِالْمَائِعِ أَنَّ عَصِيرَ الْعِنَبِ إذَا ظَهَرَ فِيهِ التَّغَيُّرُ وَصَارَ مُغَطِّيًا لِلْعَقْلِ وَلَمْ تَصِرْ فِيهِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ صَارَ نَجِسًا وَقَدْ يَقْتَضِي قَوْلُهُ: الْآتِي فِي التَّخْلِيلِ الْمُحَصِّلِ لِطَهَارَةِ الْخَمْرِ وَيَكْفِي زَوَالُ النَّشْوَةِ إلَخْ خِلَافُهُ وَأَنَّ الْعَصِيرَ مَا لَمْ تَصِرْ فِيهِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ لَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ وَإِنْ حُرِّمَ تَنَاوُلُهُ (قَوْلُهُ: وَالْبَنْجُ) بِفَتْحِ الْبَاءِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَأَمَّا بِالْكَسْرِ فَهُوَ أَصْلُ الشَّيْءِ وَقَوْلُهُ: ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَعَلَّ اللَّامَ، وَالْأَلِفَ سَقَطَا مِنْ الْكَتَبَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَرَّفَهَا الْمُصَنِّفُ) لَا مَوْقِعَ لِثُمَّ هُنَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إذْ الثَّلَاثَةُ) لَوْ عَبَّرَ بِالْوَاوِ بَدَلَ إذْ لِيَكُونَ جَوَابًا عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ لَكَانَ وَاضِحًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ اُسْتُعْمِلَ إلَخْ) كَأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّهُ اُسْتُعْمِلَ

شُرُوحِ الْحَاوِي مِنْ نَجَاسَةِ الْحَشِيشَةِ غَلَطٌ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنَّ الْبَنْجَ وَالْحَشِيشَ طَاهِرَانِ مُسْكِرَانِ، وَلَا يَرِدُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ الْخَمْرَةُ الْمُنْعَقِدَةُ فَإِنَّهَا جَامِدَةٌ وَهِيَ نَجِسَةٌ وَالْحَشِيشَةُ الْمُذَابَةُ فَإِنَّهَا طَاهِرَةٌ، لِأَنَّ الْخَمْرَةَ الْمُنْعَقِدَةَ مَائِعَةٌ فِي الْأَصْلِ بِخِلَافِ الْحَشِيشَةِ الْمُذَابَةِ. وَقَدْ سُئِلَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ الْكِشْكِ هَلْ هُوَ نَجِسٌ لِأَنَّهُ يَتَخَمَّرُ كَالْبُوظَةِ، وَهَلْ يَكُونُ جَفَافُهُ كَالتَّخَلُّلِ فِي الْخَمْرِ فَيَطْهُرُ أَوْ يَكُونُ كَالْخَمْرِ الْمُنْعَقِدَةِ فَلَا يَطْهُرُ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِ هَذَا الْقَائِلِ، فَإِنَّهُ لَوْ فُرِضَ كَوْنُهُ مُسْكِرًا لَكَانَ طَاهِرًا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَائِعٍ انْتَهَى. أَيْ حَالَ إسْكَارِهِ لَوْ كَانَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْبُوظَةَ نَجِسَةٌ وَهُوَ كَذَلِكَ، إذْ لَوْ نَظَرَ إلَى جُمُودِهَا قَبْلَ إسْكَارِهَا لَوَرَدَ عَلَى ذَلِكَ الزَّبِيبُ وَالتَّمْرُ وَنَحْوُهُمَا مِنْ الْجَامِدَاتِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ جَلِيٌّ. وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ ابْنُ النَّقِيبِ وَغَيْرُهُ الْحَدُّ بِأَنَّهُ حَدٌّ لِلنَّجِسِ لَا لِلنَّجَاسَةِ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ، لِأَنَّ حَقِيقَتَهَا تَحْرِيمُ مُلَابَسَةِ الْمُسْتَقْذِرَاتِ فَهِيَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ فَكَيْفَ تُفَسَّرُ بِالْأَعْيَانِ؟ رَدَّ بِأَنَّ النَّجَاسَةَ تُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَعْيَانِ وَعَلَى الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ، فَحَدُّهَا بِالْأَعْيَانِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ النَّوَوِيَّ لَمْ يُرِدْ بِهَا مَعْنَاهَا الثَّانِي بَلْ الْأَوَّلَ، وَهِيَ حَقِيقَةٌ فِيهِ أَوْ مَجَازٌ مَشْهُورٌ، عَلَى أَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ قَالُوا: إنَّ النَّجَاسَةَ وَالنَّجِسَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، ثُمَّ الْأَعْيَانُ جَمَادٌ وَحَيَوَانٌ، فَالْجَمَادُ كُلُّهُ طَاهِرٌ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَهُ لِمَنَافِعِ عِبَادِهِ وَلَوْ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ، وَلَا يَحْصُلُ الِانْتِفَاعُ أَوْ يَكْمُلُ إلَّا بِالطَّهَارَةِ إلَّا مَا نَصَّ الشَّارِعُ عَلَى نَجَاسَتِهِ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ: كُلُّ مُسْكِرٍ مَائِعٍ، وَالْحَيَوَانُ كُلُّهُ طَاهِرٌ لِمَا مَرَّ إلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ الشَّارِعُ، وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فَقَالَ: (وَكَلْبٌ) وَلَوْ مُعَلَّمًا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيُرِقْهُ ثُمَّ لْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ» وَخَبَرِ مُسْلِمٍ «طَهُورُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ إذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ الْمَاءَ لَوْ لَمْ يَكُنْ نَجِسًا لَمَا أَمَرَنَا بِإِرَاقَتِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إتْلَافِ الْمَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالْأَفْيُونُ زَادَ حَجّ وَجَوْزَةُ الطِّيبِ اهـ (قَوْلُهُ: وَقَدْ صَرَّحَ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى جَوَابِ اعْتِرَاضٍ وَارِدٍ عَلَى الْمَتْنِ تَقْرِيرُهُ أَنَّ الْبَنْجَ وَالْحَشِيشَةَ مُخَدِّرَانِ لَا مُسْكِرَانِ، فَلَا يُحْتَاجُ إلَى زِيَادَةِ مَائِعٍ لِيَخْرُجَ بِهِ الْبَنْجُ وَالْحَشِيشَةُ لِأَنَّهُمَا خَارِجَانِ بِقَيْدِ الْإِسْكَارِ، فَأَجَابَ بِأَنَّهُ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِأَنَّهُمَا مُسْكِرَانِ لَا مُخَدِّرَانِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا طَاهِرَةٌ) أَيْ مَا لَمْ يَصِرْ لَهَا شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: لَوْ كَانَ) أَيْ مُسْكِرًا (قَوْلُهُ: وَهَذَا ظَاهِرٌ جَلِيٌّ) قَدْ يُفَرِّقُ بِأَنَّ التَّمْرَ وَنَحْوَهُ لَمْ يَقُمْ بِهِ تَغَيُّرٌ حَالَ كَوْنِهِ جَامِدًا، بِخِلَافِ الْبُوظَةِ فَإِنَّ الْإِسْكَارَ قَامَ بِهَا حَالَ جُمُودِهَا فَهِيَ كَالْحَشِيشَةِ الْمُذَابَةِ بِالْمَاءِ (قَوْلُهُ: مَعْنَاهُ الثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ: وَعَلَى الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ، وَالْأَوَّلُ هُوَ قَوْلُهُ: يُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَعْيَانِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ) أَيْ فَلَا يَرِدُ أَنَّ فِي كَثِيرٍ مِنْهُ ضَرَرًا ظَاهِرًا. لِأَنَّا نَقُولُ: هُوَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ لَكِنْ فِيهِ نَفْعٌ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَهِيَ الْمَقْصُودَةُ مِنْ خَلْقِهِ. وَيُقَالُ مِثْلُهُ فِي الْحَيَوَانِ وَالْجَمَادِ مَا لَيْسَ حَيَوَانًا وَلَا جُزْءَ حَيَوَانٍ وَلَا خَرَجَ مِنْ حَيَوَانٍ، وَأَرَادُوا بِالْحَيَوَانِ مَا عَدَا الْجَمَادَ فَيَدْخُلُ فِيهِ جُزْؤُهُ وَمَا خَرَجَ مِنْهُ كَاللَّبَنِ وَالْبَوْلِ (قَوْلُهُ: طَهُورُ إنَاءِ إلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: الْأَشْهَرُ فِيهِ ضَمُّ الطَّاءِ، وَيُقَالُ بِفَتْحِهَا لُغَتَانِ هَكَذَا بِخَطِّ الزِّيَادِيِّ. وَقَوْلُ الْمَحَلِّيِّ: أَيْ مُطَهِّرُهُ ظَاهِرٌ فِي الْفَتْحِ لِأَنَّ الْمُطَهِّرَ هُوَ الْآلَةُ وَمُحْتَمِلٌ لِلضَّمِّ بِأَنْ يُرَادَ بِهِ الْفِعْلُ الْمُطَهِّرُ (قَوْلُهُ: أَنْ يَغْسِلَهُ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ أَنْ يُغْسَلَ سَبْعَ مَرَّاتٍ (قَوْلُهُ: وَجْهُ الدَّلَالَةِ) أَيْ مِنْ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي كُلٍّ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ بِالنِّسْبَةِ لِلْخَمْرِ، وَفِي أَحَدِهِمَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَعْدَهَا لِلْقَرِينَةِ (قَوْلُهُ: وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ ابْنُ النَّقِيبِ وَغَيْرُهُ الْحَدَّ) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ هِيَ كُلُّ مُسْكِرٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ حَقِيقَتَهَا تَحْرِيمُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ التَّحْرِيمَ الَّذِي هُوَ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ هُوَ خِطَابُ اللَّهِ، وَفِي إطْلَاقِ لَفْظِ النَّجَاسَةِ عَلَى خِطَابِهِ تَعَالَى غَايَةُ الْبُعْدِ، وَالْبَشَاعَةِ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ الْعِبَارَةِ غَيْرُ ظَاهِرِهَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْأَعْيَانُ جَمَادٌ) الْمُرَادُ بِالْجَمَادِ هُنَا مَا لَيْسَ حَيَوَانًا وَلَا جُزْأَهُ وَلَا خَرَجَ مِنْهُ بِقَرِينَةِ بَقِيَّةِ كَلَامِهِ، لَكِنْ قَدْ يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْحَصْيَةِ لِدُخُولِهَا فِي الْجَمَادِ الْمُتَقَدِّمِ (قَوْلُهُ: وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ الْمَاءَ) لَعَلَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ

الْمَنْهِيِّ عَنْ إضَاعَتِهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّعَبُّدِ إلَّا لِدَلِيلٍ، وَأَنَّ الطَّهَارَةَ تُسْتَعْمَلُ إمَّا عَنْ حَدَثٍ أَوْ خَبَثٍ، وَلَا حَدَثَ عَلَى الْإِنَاءِ فَتَعَيَّنَ طَهَارَةُ الْخَبَثِ فَثَبَتَتْ نَجَاسَةُ فَمِهِ وَهُوَ أَطْيَبُ أَجْزَائِهِ، بَلْ هُوَ أَطْيَبُ الْحَيَوَانِ نَكْهَةً لِكَثْرَةِ مَا يَلْهَثُ، فَبَقِيَّتُهَا أَوْلَى وَإِرَاقَةُ مَا وَلَغَ فِيهِ وَاجِبَةٌ إنْ أُرِيدَ اسْتِعْمَالُ الْإِنَاءِ، وَإِلَّا فَمُسْتَحَبَّةٌ كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ إلَّا الْخَمْرَةَ غَيْرَ الْمُحْتَرَمَةِ فَتَجِبُ إرَاقَتُهَا فَوْرًا لِطَلَبِ النَّفْسِ تَنَاوُلَهَا. وَاعْلَمْ أَنَّ أَلْفَاظَ الشَّرْعِ إذَا دَارَتْ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ اللُّغَوِيَّةِ وَالشَّرْعِيَّةِ حُمِلَتْ عَلَى الثَّانِي، إلَّا إذَا قَامَ دَلِيلٌ. وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الْغَسْلَ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ لِأَنَّهُ رِجْسٌ، وَلَمْ يَصِحَّ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ خِلَافُهُ، وَلِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ وَغَيْرِهِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُعِيَ إلَى دَارٍ فَلَمْ يُجِبْ، وَإِلَى أُخْرَى فَأَجَابَ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: فِي دَارِ فُلَانٍ كَلْبٌ، قِيلَ وَفِي دَارِ فُلَانٍ هِرَّةٌ، فَقَالَ: إنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجِسَةٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: عَدَمُ التَّعَبُّدِ) أَيْ فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي وَالْأَوَّلِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الطَّهَارَةَ تُسْتَعْمَلُ) أَيْ وَالْأَصْلُ أَنَّ الطَّهَارَةَ، وَاحْتَرَزَ بِالْأَصْلِ بِالنِّسْبَةِ لَهَا عَنْ غَسْلِ الْمَيِّتِ فَإِنَّهُ لِلتَّكَرُّمَةِ وَلَيْسَ عَنْ حَدَثٍ وَلَا خَبَثٍ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ دَفْعُ النَّظَرِ الْآتِي عَنْ الزِّيَادِيِّ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَتِمُّ إذَا عُطِفَ عَلَى الْأَصْلِ أَوْ جُعِلَ مُسْتَأْنَفًا، وَحَيْثُ عُطِفَ عَلَى عَدَمِ التَّعَبُّدِ لَمْ يَرِدْ (قَوْلُهُ: إمَّا عَنْ حَدَثٍ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ قَدْ لَا تَكُونُ عَنْ حَدَثٍ وَلَا نَجَسٍ كَمَا فِي غَسْلِ الْمَيِّتِ زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: أَطْيَبُ الْحَيَوَانِ نَكْهَةً) أَيْ حَتَّى مِنْ الْآدَمِيِّ (قَوْلُهُ: فَبَقِيَّتُهَا أَوْلَى) قِيلَ قَدْ تُمْنَعُ الْأَوْلَوِيَّةُ بَلْ وَالْمُسَاوَاةُ بِأَنَّ فَمَهُ يُخَالِطُ النَّجَاسَةَ كَثِيرًا لِتَنَاوُلِهِ إيَّاهَا، وَلَا كَذَلِكَ بَقِيَّةُ أَجْزَائِهِ فَإِنَّهَا قَدْ لَا تُلَاقِي نَجَاسَةً أَلْبَتَّةَ أَوْ تَقِلُّ مُلَاقَاتُهَا لَهَا. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ أَجْزَائِهِ فَضَلَاتُهُ كَالْبَوْلِ وَالرَّوْثِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ اسْتِقْذَارَهَا أَشَدُّ مِنْ اسْتِقْذَارِ فَمِهِ وَإِنْ كَانَ مُلَاقِيًا لِلنَّجَاسَةِ كَثِيرًا، وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْعِلَّةُ مُلَاقَاةُ فَمِهِ لِلنَّجَاسَةِ لَقِيلَ بِنَجَاسَةِ غَيْرِهِ مِنْ الْوُحُوشِ الَّتِي لَا تَتَنَاوَلُ إلَّا ذَلِكَ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ كَثِيرًا، فَتَنْجِيسُ الشَّارِعِ لِفَمِهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ نَجَاسَتَهُ لِمَعْنًى فِيهِ مَعَ اتِّصَافِهِ بِطِيبِ النَّكْهَةِ الْمُوجِبِ لِتَرَجُّحِ فَمِهِ عَلَى بَقِيَّةِ أَجْزَائِهِ حَتَّى نَحْوِ ظَهْرِهِ وَذَلِكَ مُوجِبٌ لِثُبُوتِ النَّجَاسَةِ فِي بَقِيَّةِ أَجْزَائِهِ بِالْأَوْلَى. [فَرْعٌ] قَالَ سم عَلَى حَجّ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَالِكِيَّ الَّذِي أَصَابَهُ مُغَلَّظٌ وَلَمْ يُسَبِّعْهُ مَعَ التُّرَابِ يَجُوزُ لَهُ دُخُولُ الْمَسْجِدِ عَمَلًا بِاعْتِقَادِهِ، لَكِنْ هَلْ لِلْحَاكِمِ مَنْعُهُ لِتَضَرُّرِ غَيْرِهِ بِدُخُولِهِ حَيْثُ يَتَلَوَّثُ الْمَسْجِدُ مِنْهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. أَقُولُ: الْأَقْرَبُ لَا يَمْنَعُهُ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ مَا وَقَعَ بِتَقْلِيدٍ صَحِيحٍ لَا يُعْتَرَضُ مِنْ الْحَاكِمِ عَلَى صَاحِبِهِ وَأَنَّ دَعْوَةَ الْحِسْبَةِ لَا تَدْخُلُ فِي الْأُمُورِ الِاجْتِهَادِيَّةِ. وَقَدْ يُقَالُ: يُحْتَمَلُ أَنَّ مَحِلَّ ذَاكَ فِيمَا ضَرَرُهُ قَاصِرٌ عَلَى الْمُقَلِّدِ كَمَا لَوْ مَسَّ فَرْجَهُ ثُمَّ صَلَّى لَيْسَ لِلشَّافِعِيِّ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ، أَمَّا مَا يَتَعَدَّى ضَرَرُهُ إلَى غَيْرِ الْمُقَلِّدِ كَمَا هُنَا فَلَا مَانِعَ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ مَنْعُهُ. وَنُقِلَ عَنْ فَتَاوَى حَجّ أَنَّ لَهُ مَنْعَهُ حَيْثُ خِيفَ التَّلْوِيثُ، وَيُوَجَّهُ مَا أَفْتَى بِهِ بِأَنَّ عَدَمَ مَنْعِهِ يُلْزِمُ عَلَيْهِ إفْسَادَ عِبَادَةِ غَيْرِهِ اهـ. وَهُوَ تَصْرِيحٌ بِالِاحْتِمَالِ الثَّانِي وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ) وَلَوْ مِنْ مُغَلَّظٍ، وَمَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ تَدْعُ حَاجَةٌ إلَى اسْتِعْمَالِهَا كَاحْتِيَاجِهِ إلَى السِّرْجِينِ (قَوْلُهُ: فَتَجِبُ إرَاقَتُهَا فَوْرًا لِطَلَبِ النَّفْسِ تَنَاوُلَهَا) هَذَا مَوْجُودٌ فِي الْمُحْتَرَمَةِ فَيُزَادُ لِإِخْرَاجِهَا مِنْ غَيْرِ دَاعٍ لِبَقَائِهَا سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ (قَوْلُهُ: حُمِلَتْ عَلَى الثَّانِي) أَيْ الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي ذِكْرِ الْمَاءِ، وَإِلَّا فَاَلَّذِي فِي الْخَبَرَيْنِ أَعَمُّ (قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّ أَلْفَاظَ الشَّرْعِ إلَخْ) تَوْطِئَةٌ لِمَا يَأْتِي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ (قَوْلُهُ: حُمِلَتْ عَلَى الثَّانِي) ، وَهُوَ هُنَا حَمْلُ الرِّجْسِ عَلَى خُصُوصِ النَّجِسِ وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ كُلَّ مُسْتَقْذَرٍ

فَدَلَّ إيمَاؤُهُ لِلْعِلَّةِ بِأَنَّ الَّتِي هِيَ مِنْ صِيَغِ التَّعْلِيلِ عَلَى أَنَّ الْكَلْبَ نَجِسٌ. (وَخِنْزِيرٌ) بِكَسْرِ الْخَاءِ لِأَنَّهُ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الْكَلْبِ لِأَنَّهُ لَا يُقْتَنَى بِحَالٍ، وَلِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ إلَى قَتْلِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ فِيهِ وَمَنْصُوصٌ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَلَا يَنْتَقِضُ بِالْحَشَرَاتِ وَنَحْوِهَا إذْ لَا تَقْبَلُ الِانْتِفَاعَ وَالِاقْتِنَاءَ، بِخِلَافِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَقْبَلُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ، وَجَازَ ذَلِكَ فِي الْكَلْبِ وَامْتَنَعَ فِي الْخِنْزِيرِ لِمَا تَقَدَّمَ، وَاسْتُدِلَّ عَلَى نَجَاسَتِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: 145] إذْ الْمُرَادُ جُمْلَتُهُ لِأَنَّ لَحْمَهُ دَخَلَ فِي عُمُومِ الْمَيْتَةِ، وَقَدْ بَيَّنَّا وَجْهَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ (وَفَرْعَهُمَا) أَيْ فَرْعُ كُلٍّ مِنْهُمَا تَبَعًا لِأَصْلِهِ وَتَغْلِيبًا لِلنَّجَاسَةِ، وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ وَلَدُ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ فَرْعٌ بِالْوَاسِطَةِ وَإِنْ سَفُلَ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ النَّجَسُ أَبًا أَمْ أُمًّا إذْ الْقَاعِدَةُ أَنَّ الْفَرْعَ يَتْبَعُ الْأَبَ فِي النَّسَبِ، وَالْأُمَّ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ وَأَشْرَفَهُمَا فِي الدِّينِ، وَإِيجَابِ الْبَدَلِ وَتَقْرِيرِ الْجِزْيَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: مَنْدُوبٌ إلَى قَتْلِهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ عَقُورًا، لَكِنْ فِي الْعُبَابِ فِي بَابِ الْبَيْعِ وُجُوبُ قَتْلِ الْعَقُورِ وَجَوَازُ قَتْلِ غَيْرِهِ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْفَرْعَ يَتْبَعُ الْأَبَ إلَخْ) وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: يَتْبَعُ الْفَرْعُ فِي انْتِسَابٍ أَبَاهُ ... وَالْأُمَّ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةْ وَالزَّكَاةَ الْأَخَفَّ وَالدِّينَ الْأَعْلَى ... وَاَلَّذِي اشْتَدَّ فِي جَزَاءٍ وَدِيَهْ وَأَخَسَّ الْأَصْلَيْنِ رِجْسًا وَذَبْحًا ... وَنِكَاحًا وَالْأَكْلَ وَالْأُضْحِيَّهْ (قَوْلُهُ: وَالْأُمَّ فِي الرِّقِّ) قَدْ يَشْمَلُ بِإِطْلَاقِهِ الْمَوْطُوءَةَ بِالْمِلْكِ مَعَ أَنَّ الْوَلَدَ لَا يَتْبَعُهَا فِي الرِّقِّ قب (قَوْلُهُ: وَأَشْرَفَهُمَا فِي الدِّينِ) مُقْتَضَاهُ أَنَّ الْمُتَوَلِّدَ بَيْنَ كِتَابِيٍّ وَوَثَنِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ كِتَابِيٌّ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ، وَلَا يُنَافِيهِ تَحْرِيمُ نِكَاحِ الْمُتَوَلِّدَةِ بَيْنَهُمَا لِجَوَازِ أَنَّ ذَلِكَ احْتِيَاطًا لِلنِّكَاحِ مَعَ كَوْنِهَا كِتَابِيَّةً، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهَا كِتَابِيَّةً حِلُّ الْمُنَاكَحَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ، فَإِنَّهُ قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ عَطْفُ قَوْلِهِ وَإِيجَابُ الْبَدَلِ عَلَيْهِ فِي الْمُتَوَلِّدِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ كِتَابِيًّا لَمَا اُحْتِيجَ لِذِكْرِهِ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ ذِكْرَهُ لِيُدْخِلَ مَا لَوْ تَوَلَّدَ صَيْدٌ بَيْنَ أَهْلِيٍّ وَوَحْشِيٍّ، فَإِنَّهُ إذَا قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ يَجِبُ فِيهِ الْبَدَلُ، وَحُكْمُهُ لَا يُعْلَمُ مِنْ تَبَعِيَّةِ الْأَشْرَفِ فِي الدِّينِ. قَالَ حَجّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَقَضِيَّةُ مَا تَقَرَّرَ مِنْ الْحُكْمِ بِتَبَعِيَّتِهِ الْأَخَسَّ لِأَبَوَيْهِ أَنَّ الْآدَمِيَّ الْمُتَوَلِّدَ بَيْنَ آدَمِيٍّ أَوْ آدَمِيَّةٍ وَمُغَلَّظٍ لَهُ حُكْمُ الْمُغَلَّظِ فِي سَائِرِ أَحْكَامِهِ وَهُوَ وَاضِحٌ فِي النَّجَاسَةِ وَنَحْوِهَا، وَبَحْثُ طَهَارَتِهِ نَظَرًا لِصُورَتِهِ بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِهِمْ، بِخِلَافِهِ فِي التَّكْلِيفِ لِأَنَّ مَنَاطَهُ الْعَقْلُ، وَلَا يُنَافِيهِ نَجَاسَةُ عَيْنِهِ لِلْعَفْوِ عَنْهَا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ، بَلْ وَإِلَى غَيْرِهِ نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِي الْوَشْمِ وَلَوْ بِمُغَلَّظٍ إذَا تَعَذَّرَتْ إزَالَتُهُ فَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ وَيُمَاسُّ النَّاسَ وَلَوْ مَعَ الرُّطُوبَةِ وَيَؤُمُّهُمْ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إعَادَةٌ. وَمَالَ الْإِسْنَوِيُّ إلَى عَدَمِ حِلِّ مُنَاكَحَتِهِ، وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُهُ لِأَنَّ فِي أَحَدِ أَصْلَيْهِ مَا لَا يَحِلُّ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً وَلَوْ لِمَنْ هُوَ مِثْلُهُ وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الدِّينِ، وَقَضِيَّةُ مَا يَأْتِي فِي النِّكَاحِ مِنْ أَنَّ شَرْطَ حِلِّ التَّسَرِّي حِلُّ الْمُنَاكَحَةِ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْءُ أَمَتِهِ بِالْمِلْكِ أَيْضًا، لَكِنْ لَوْ قِيلَ بِاسْتِثْنَاءِ هَذَا إذَا تَحَقَّقَ الْعَنَتُ لَمْ يَبْعُدْ اهـ. وَانْظُرْ لَوْ كَانَتْ أُنْثَى وَتَحَقَّقَتْ الْعَنَتَ فَهَلْ يَحِلُّ لَهَا التَّزَوُّجُ أَمْ لَا لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَى الْغَيْرِ نِكَاحُهَا، لِأَنَّ فِي أَحَدِ أُصُولِهَا مَا لَا يَحِلُّ نِكَاحُهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَيَتَعَذَّرُ تَزْوِيجُهَا، وَيَجِبُ عَلَيْهَا الصَّبْرُ وَمَنْعُ نَفْسِهَا عَنْ الزِّنَا بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ. وَكَتَبَ سم عَلَى قَوْلِ حَجّ: وَلَوْ آدَمِيًّا تَغْلِيبًا لِلنَّجِسِ هُوَ كَمَا قَالَ: وَإِنْ قُلْنَا بِطَهَارَةِ آدَمِيٍّ تَوَلَّدَ بَيْنَ آدَمِيٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْكَلْبَ (قَوْلُهُ: فَدَلَّ إيمَاؤُهُ لِلْعِلَّةِ بِأَنَّ) أَيْ بِكَسْرِ هَمْزَةِ إنَّ وَتَشْدِيدِ نُونِهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يُنْتَقَضُ) أَيْ التَّعْلِيلُ بِأَنَّهُ لَا يُقْتَنَى (قَوْلُهُ: إذْ لَا تَقْبَلُ الِانْتِفَاعَ وَالِاقْتِنَاءَ) الْمُرَادُ بِالِانْتِفَاعِ هُنَا مَا يُرَادِفُ الِاقْتِنَاءَ فَعَطَفَهُ عَلَيْهِ عَطْفَ تَفْسِيرٍ، إذْ الْحَشَرَاتُ يُنْتَفَعُ بِهَا فِي الْخَوَاصِّ (قَوْلُهُ: الْمُرَادُ جُمْلَتُهُ) أَيْ: فَالْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ الَّذِي هُوَ أَصْلُ مَنْ اسْتَدَلَّ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَيْ فَرْعُ كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ مَعَ الْآخَرِ أَوْ مَعَ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ، وَقَوْلُهُ تَبَعًا لِأَصْلِهِ يَصِحُّ تَعْلِيلًا لَهُمَا

وَأَخَفَّهُمَا فِي عَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ، وَأَخَسَّهُمَا فِي النَّجَاسَةِ وَتَحْرِيمِ الذَّبِيحَةِ وَالْمُنَاكَحَةِ. (وَمَيِّتَةُ غَيْرِ الْآدَمِيِّ وَالسَّمَكِ وَالْجَرَادِ) وَلَوْ نَحْوَ ذُبَابٍ كَدُودِ خَلٍّ مَعَ شَعْرِهَا وَصُوفِهَا وَوَبَرِهَا وَرِيشِهَا وَعَظْمِهَا وَظِلْفِهَا وَظُفْرِهَا وَحَافِرِهَا وَسَائِرِ أَجْزَائِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 3] وَتَحْرِيمُ مَا لَيْسَ بِمُحْتَرَمٍ وَلَا مُضِرٍّ يَدُلُّ عَلَى نَجَاسَتِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْمَيْتَةِ شَرْعًا مَا زَالَتْ حَيَاتُهُ لَا بِذَكَاةٍ شَرْعِيَّةٍ فَدَخَلَ فِيهَا مُذَكَّى غَيْرِ الْمَأْكُولِ، وَمُذَكَّى الْمَأْكُولِ تَذْكِيَةً غَيْرَ شَرْعِيَّةٍ كَذَبِيحَةِ الْمَجُوسِ وَالْمُحْرِمِ بِضَمِّ الْمِيمِ، أَمَّا الْمُذَكَّاةُ شَرْعًا فَطَاهِرَةٌ وَلَوْ جَنِينًا فِي بَطْنِهَا وَصَيْدًا لَمْ تُدْرَكْ ذَكَاتُهُ وَبَعِيرًا نَدَّ لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ ذَلِكَ ذَكَاتَهُمَا، أَمَّا الْآدَمِيُّ وَلَوْ كَافِرًا فَطَاهِرٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70] وَقَضِيَّةُ تَكْرِيمِهِمْ أَنْ لَا يُحْكَمَ بِنَجَاسَتِهِمْ بِالْمَوْتِ وَلِخَبَرِ الْحَاكِمِ «لَا تُنَجِّسُوا مَوْتَاكُمْ فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا» وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ نَجِسًا ـــــــــــــــــــــــــــــSأَوْ آدَمِيَّةٍ وَمُغَلَّظٍ فَمَحِلُّهُ فِيمَا ذُكِرَ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى صُورَةِ الْآدَمِيِّ خِلَافًا لِلشَّارِحِ، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ حِينَئِذٍ وَإِنْ تَكَلَّمَ وَمَيَّزَ وَبَلَغَ مُدَّةَ بُلُوغِ الْآدَمِيِّ إذْ هُوَ بِصُورَةِ الْكَلْبِ: أَيْ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ آدَمِيَّتِهِ، وَلَوْ مُسِخَ آدَمِيٌّ كَلْبًا فَيَنْبَغِي طَهَارَتُهُ اسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى مَا يَأْتِي فِي التَّنْبِيهِ، وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ. وَكَتَبَ سم عَلَى قَوْلِ حَجّ نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِي الْوَشْمِ يُتَأَمَّلُ، فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيمَا سَيَأْتِي فِي الْوَشْمِ تَصْرِيحًا بِالْعَفْوِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ إذَا مَسَّهُ مَعَ الرُّطُوبَةِ بِلَا حَاجَةٍ. وَقَدْ يُؤَيِّدُ عَدَمَ الْعَفْوِ فِي أَنَّهُ لَوْ مَسَّ نَجَاسَةً مَعْفُوَّةً عَلَى غَيْرِهِ مَعَ الرُّطُوبَةِ بِلَا حَاجَةٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَتَنَجَّسُ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ اهـ سم. قَالَ حَجّ: قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَوْ وَطِئَ آدَمِيٌّ بَهِيمَةً فَوَلَّدَهَا الْآدَمِيُّ مِلْكٌ لِمَالِكِهَا وَهُوَ مَقِيسٌ اهـ. أَقُولُ: وَلَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ مَأْكُولَةً، لِأَنَّ الْمُتَوَلَّدَ بَيْنَ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ. وَبَقِيَ مَا لَوْ وَطِئَ خَرُوفٌ آدَمِيَّةً فَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَحُكْمُهُ أَنَّهُ لَيْسَ مِلْكًا لِصَاحِبِ الْخَرُوفِ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ أُمُّهُ حُرَّةً فَهُوَ حُرٌّ تَبَعًا لَهَا، وَإِنْ كَانَتْ رَقِيقَةً فَهُوَ مِلْكٌ لِمَالِكِهَا، وَمَعَ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُجْزِئَ فِي الْكَفَّارَةِ تَبَعًا لِأَخَسِّ أَصْلَيْهِ، كَمَا لَا يُجْزِئُ الْمُتَوَلَّدُ بَيْنَ مَا يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَغَيْرِهِ فِيهَا، بَلْ لَعَلَّ هَذَا أَوْلَى مِنْهُ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ لِانْتِفَاءِ اسْمِ الْآدَمِيِّ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى صُورَتِهِ فَتَنَبَّهْ لَهُ وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا يُخَالِفُهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ. وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ تَوَلَّدَ بَيْنَ مَأْكُولَيْنِ مَا هُوَ عَلَى صُورَةِ الْآدَمِيِّ وَصَارَ مُمَيِّزًا عَاقِلًا هَلْ تَصِحُّ إمَامَتُهُ وَبَقِيَّةُ الْعِبَادَاتِ مِنْهُ وَهَلْ يَجُوزُ ذَبْحُهُ وَأَكْلُهُ أَمْ لَا؟ وَإِذَا مَاتَ هَلْ يُعْطَى حُكْمَ الْآدَمِيِّ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ بِصِحَّةِ إقَامَتِهِ وَسَائِرِ عِبَادَاتِهِ، وَأَنَّهُ يُعَدُّ مِنْ الْأَرْبَعِينَ فِي الْجُمُعَةِ لِأَنَّهَا مَنُوطَةٌ بِالْعَقْلِ، وَقَدْ وُجِدَ أَنَّهُ يَجُوزُ ذَبْحُهُ وَأَكْلُهُ لِأَنَّهُ مَأْكُولٌ تَبَعًا لِأَصْلَيْهِ، وَأَنَّهُ لَا يُعْطَى حُكْمَ الْآدَمِيِّ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَحْكَامِ لَا فِي الْحَيَاةِ وَلَا فِي الْمَمَاتِ، وَقَدْ يُقَالُ: لَا يُحْسَبُ مِنْ الْأَرْبَعِينَ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِمْ الْجُمُعَةُ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا التَّرَدُّدَ فِي أَنَّ الْجُمُعَةَ هَلْ تَنْعَقِدُ مِنْ الْجِنِّ بِحَيْثُ يُحْسَبُونَ مِنْ الْعَدَدِ مَعَ أَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ بِالِاتِّفَاقِ بِاخْتِلَافِهِمْ فِي الِانْعِقَادِ بِهِمْ مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى تَكْلِيفِهِمْ يُعْلَمُ مِنْهُ بِالْأُولَى عَدَمُ حُسْبَانِهِمْ مِنْ الْعَدَدِ وَإِنْ قُلْنَا بِتَكْلِيفِهِمْ. (قَوْلُهُ: وَظِلْفِهَا) اسْمٌ لِحَافِرِ الْغَنَمِ وَنَحْوِهِ، وَالظُّفْرُ لِلطَّيْرِ وَالْحَافِرُ لِلْفَرَسِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا مُضِرٍّ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: الِاسْتِدْلَال عَلَى نَجَاسَةِ الْمَيْتَةِ بِالْإِجْمَاعِ أَحْسَنُ لِأَنَّ فِي أَكْلِ الْمَيْتَةِ ضَرَرًا سم عَلَى بَهْجَةٌ. وَفِي قَوْلِ الشَّارِحِ: وَلَا مُضِرَّ، تَصْرِيحٌ بِنَفْيِ الضَّرَرِ عَنْ الْمَيْتَةِ، وَصَرَّحَ بِهِ أَيْضًا حَجّ حَيْثُ قَالَ: وَزَعْمُ إضْرَارِهَا: أَيْ الْمَيْتَةِ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ: عَلَى نَجَاسَتِهِ) فِي نُسْخَةِ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: كَذَبِيحَةِ الْمَجُوسِ) أَيْ وَمَا ذُبِحَ بِالْعَظْمِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُحْرِمُ) أَيْ إذَا كَانَ مَا ذَكَّاهُ صَيْدًا وَحْشِيًّا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ، أَمَّا لَوْ كَانَ مَذْبُوحُهُ غَيْرَ وَحْشِيٍّ كَعَنْزٍ مَثَلًا فَلَا يَحْرُمُ. (قَوْلُهُ: الْآدَمِيُّ إلَخْ) وَمِثْلُ الْآدَمِيِّ الْمَلَكُ وَالْجِنُّ فَإِنَّ مَيْتَتَهُمَا طَاهِرَةٌ، كَذَا بِهَامِشِ شَرْحِ الْبَهْجَةِ بِخَطِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَمَّا قَوْلُهُ: وَتَغْلِيبًا لِلنَّجَاسَةِ لَا يَصِحُّ إلَّا تَعْلِيلًا لِلثَّانِي (قَوْلُهُ: لَمْ تُدْرَكْ ذَكَاتُهُ) أَيْ الْمَعْهُودَةُ فَلَا يُنَافِيهِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: لَا تُنَجِّسُوا مَوْتَاكُمْ، فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ إلَخْ) ذِكْرُ الْمُؤْمِنِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ كَذَا قَالُوا. وَقَدْ يُقَالُ: مَا الْمَانِعُ أَنَّ وَجْهَ الدَّلَالَةِ

لَمَا أَمَرَ بِغُسْلِهِ كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ. لَا يُقَالُ: وَلَوْ كَانَ طَاهِرًا لَمَا أَمَرَ بِغُسْلِهِ كَسَائِرِ الْأَعْيَانِ الطَّاهِرَةِ. لِأَنَّا نَقُولُ: غُسْلُ الطَّاهِرِ مَعْهُودٌ فِي الْحَدَثِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ النَّجِسِ، عَلَى أَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ تَكْرِيمُهُ وَإِزَالَةُ الْأَوْسَاخِ عَنْهُ، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28] الْمُرَادُ نَجَاسَةُ الِاعْتِقَادِ أَوْ أَنَّا نَجْتَنِبُهُمْ كَالنَّجَاسَةِ لَا نَجَاسَةَ الْأَبَدَانِ، وَلِهَذَا «رَبَطَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَسِيرَ فِي الْمَسْجِدِ» ، وَقَدْ أَبَاحَ اللَّهُ طَعَامَ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَالْخِلَافُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي غَيْرِ مَيْتَةِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتِ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ الْمَالِكِيُّ: وَفِي غَيْرِ الشَّهِيدِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ، وَأَمَّا مَيْتَةُ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى طَهَارَتِهِمَا وَلَوْ كَانَ السَّمَكُ طَافِيًا وَهُوَ مَا يُؤْكَلُ مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ سَمَكًا، وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْبَحْرِ «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» وَسَوَاءٌ أَمَاتَا بِاصْطِيَادٍ أَمْ بِقَطْعِ رَأْسٍ وَلَوْ مِمَّنْ لَا يَحِلُّ ذَبْحُهُ مِنْ الْكُفَّارِ أَمْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى «غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْعَ غَزَوَاتٍ نَأْكُلُ مَعَهُ الْجَرَادَ» . وَصَحَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ: السَّمَكُ وَالْجَرَادُ، وَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ» . وَالْجَرَادُ اسْمُ جِنْسٍ وَاحِدَتُهُ جَرَادَةٌ تُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى. (وَ) الْمُسْتَحِيلُ فِي بَاطِنِ الْحَيَوَانِ نَجِسٌ فَمِنْهُ (دَمٌ) بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِهَا وَلَوْ تَحَلَّبَ مِنْ سَمَكٍ وَكَبِدٍ وَطِحَالٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} [الأنعام: 145] أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــSالزِّيَادِيِّ. وَفِي فَتَاوَى الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ مَا يُوَافِقُ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ. أَقُولُ: وَيُوَجَّهُ بِمَا وُجِّهَ بِهِ طَهَارَةُ الْمُتَوَلَّدِ بَيْنَ الْكَلْبِ وَالْآدَمِيِّ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا» حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْ ذَلِكَ بِالْآدَمِيِّ، وَلَا يُشْكِلُ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي نَجَاسَةَ الْكَافِرِ لِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْمُؤْمِنِ فِي هَذَا وَنَظَائِرِهِ لَيْسَ لِإِخْرَاجِ الْكَافِرِ بَلْ لِلثَّنَاءِ عَلَى الْإِيمَانِ وَالتَّرْغِيبِ فِيهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ النَّجَسِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ عَظْمَ الْمَيْتَةِ إذَا تَنَجَّسَ بِمُغَلَّظَةٍ وَأُرِيدَ تَطْهِيرُهُ مِنْهُ لِيَرْجِعَ لِأَصْلِهِ لَا يُمْكِنُ فِيهِ ذَلِكَ لِأَنَّ النَّجَسَ لَمْ يُعْهَدْ غَسْلُهُ لِلتَّطْهِيرِ. وَبِهَذِهِ الْقَضِيَّةِ صَرَّحَ سم عَلَى حَجّ فِيمَا يَأْتِي حَيْثُ قَالَ قَوْلُهُ: وَإِنْ سَبَّعَ وَتَرَّبَ إلَخْ، يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ وَهُوَ مَا لَوْ بَالَ كَلْبٌ عَلَى عَظْمِ مَيْتَةِ غَيْرِ الْمُغَلَّظَةِ فَغُسِلَ سَبْعًا إحْدَاهَا بِتُرَابٍ فَهَلْ يَطْهُرُ مِنْ حَيْثُ النَّجَاسَةُ الْمُغَلَّظَةُ، حَتَّى لَوْ أَصَابَ ثَوْبًا رَطْبًا مَثَلًا بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُحْتَجْ لِتَسْبِيعٍ؟ وَالْجَوَابُ لَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا ذُكِرَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَسْبِيعِ ذَلِكَ الثَّوْبِ اهـ. لَكِنْ فِي فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ مَا نَصُّهُ: فَرْعٌ: سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَنْ الْإِنَاءِ الْعَاجِ إذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَوْ نَحْوُهُ وَغُسِلَ سَبْعَ مَرَّاتٍ إحْدَاهَا بِتُرَابٍ، فَهَلْ يُكْتَفَى بِذَلِكَ عَنْ تَطْهِيرِهِ أَوْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْعَاجَ يَطْهُرُ بِمَا ذُكِرَ عَنْ النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ اهـ مِنْ بَابِ الْأَوَانِي وَهُوَ الْأَقْرَبُ. (قَوْلُهُ: وَالْخِلَافُ إلَخْ) لَمْ يَتَقَدَّمْ حِكَايَةُ الْخِلَافِ فِي كَلَامِهِ فِي مَيْتَةِ الْآدَمِيِّ لَكِنَّهُ ثَابِتٌ، وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: وَكَذَا مَيْتَةُ الْآدَمِيِّ فِي الْأَظْهَرِ (قَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِ الشَّهِيدِ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: طَافِيًا) بِأَنْ ظَهَرَ بَعْدَ الْمَوْتِ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: حَتْفَ أَنْفِهِ) أَيْ بِأَنْ مَاتَ بِلَا جِنَايَةٍ (قَوْلُهُ: ابْنُ أَبِي أَوْفَى) هُوَ بِتَحْرِيكِ الْوَاوِ كَمَا ضَبَطَهُ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لَكِنْ فِي الْقَسْطَلَّانِيِّ " أَبُو أَوْفَى " بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَفَتْحِ الْفَاءِ مَقْصُورًا اسْمُهُ عَلْقَمَةُ بْنُ خَالِدٍ (قَوْلُهُ: وَصَحَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ) يُفِيدُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ وَلَيْسَ مَرْفُوعًا، وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ حَيْثُ قَالَ: لَكِنَّ الصَّحِيحَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ الْقَائِلَ أُحِلَّتْ لَنَا إلَخْ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لَكِنَّهُ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ، وَرِوَايَةُ رَفْعِ ذَلِكَ ضَعِيفٌ جِدًّا وَمِنْ ثَمَّ قَالَ أَحْمَدُ: إنَّهَا مُنْكَرَةٌ اهـ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَحَلَّبْ) أَيْ سَالَ (قَوْلُهُ: وَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ) أَيْ وَإِنْ سُحِقَا وَصَارَا ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْهُ لِطَهَارَةِ الْكَافِرِ أَنَّ الْخَصْمَ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمُسْلِمِ، وَالْكَافِرِ فِي النَّجَاسَةِ بِالْمَوْتِ، فَإِذَا ثَبَتَتْ طَهَارَةُ الْمُسْلِمِ فَالْكَافِرُ مِثْلُهُ لِعَدَمِ الْفَرْقِ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ تَبَعًا لِغَيْرِهِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي كَلَامِ غَيْرِ الشَّارِحِ وَإِلَّا فَابْنُ الْعَرَبِيِّ قَبْلَ الزَّرْكَشِيّ بِكَثِيرٍ، وَالْعِبَارَةُ تُوهِمُ خِلَافَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ

سَائِلًا وَلِخَبَرِ «فَاغْسِلِي عَنْك الدَّمَ وَصَلِّي» وَخَرَجَ بِالْمَسْفُوحِ فِي الْآيَةِ الْكَبِدُ وَالطِّحَالُ، وَأَمَّا الدَّمُ الْبَاقِي عَلَى اللَّحْمِ وَعِظَامِهِ مِنْ الْمُذَكَّاةِ فَنَجِسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ كَمَا قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعَفْوَ لَا يُنَافِي النَّجَاسَةَ، فَمُرَادُ مِنْ عَبَّرَ بِطَهَارَتِهِ أَنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ. (وَقَيْحٌ) لِكَوْنِهِ دَمًا يَسْتَحِيلُ إلَى نَتِنٍ وَفَسَادٍ وَمَاءِ قَرْحٍ وَنَفْطٍ وَجُدَرِيٍّ مُتَغَيِّرٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ. (وَقَيْءٌ) اتِّفَاقًا وَهُوَ الرَّاجِعُ بَعْدَ الْوُصُولِ إلَى الْمَعِدَةِ وَلَوْ مَاءً وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ كَمَا قَالَاهُ، وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ وُصُولُهُ لِمَا جَاوَزَ مَخْرَجَ الْحَرْفِ الْبَاطِنِ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ بَاطِنٌ فِيمَا يَظْهَرُ. نَعَمْ لَوْ رَجَعَ مِنْهُ حَبٌّ صَحِيحٌ صَلَابَتُهُ بَاقِيَةٌ بِحَيْثُ لَوْ زُرِعَ نَبَتَ كَانَ مُتَنَجِّسًا لَا نَجِسًا، وَيُحْمَلُ كَلَامُ مَنْ أَطْلَقَ نَجَاسَتَهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَبْقَ فِيهِ تِلْكَ الْقُوَّةِ. وَمَنْ أَطْلَقَ كَوْنَهُ مُتَنَجِّسًا عَلَى بَقَائِهَا فِيهِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الرَّوْثِ، وَقِيَاسُهُ فِي الْبَيْضِ لَوْ خَرَجَ مِنْهُ صَحِيحًا بَعْدَ ابْتِلَاعِهِ بِحَيْثُ تَكُونُ فِيهِ قُوَّةُ خُرُوجِ الْفَرْخِ أَنْ يَكُونَ مُتَنَجِّسًا لَا نَجِسًا. وَلَوْ اُبْتُلِيَ شَخْصٌ بِالْقَيْءِ عُفِيَ عَنْهُ مِنْهُ فِي الثَّوْبِ وَغَيْرِهِ كَدَمِ الْبَرَاغِيثِ وَإِنْ كَثُرَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَجِرَّةً وَمَرَّةً، وَمِثْلُهُمَا سُمُّ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ وَسَائِرِ الْهَوَامِّ فَيَكُونُ نَجِسًا. قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِلَسْعَةِ الْحَيَّةِ لِأَنَّ سُمَّهَا يَظْهَرُ عَلَى مَحِلِّ اللَّسْعَةِ، لَا الْعَقْرَبِ لِأَنَّ إبْرَتَهَا تَغُوصُ فِي بَاطِنِ اللَّحْمِ وَتَمُجُّ السُّمَّ فِي بَاطِنِهِ وَهُوَ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ بُطْلَانِهَا بِالْحَيَّةِ دُونَ الْعَقْرَبِ هُوَ الْأَوْجَهُ، إلَّا إنْ عَلِمَ مُلَاقَاةَ السُّمِّ لِلظَّاهِرِ أَوْ لِمَا لَاقَى سُمَّهَا، وَمَحَلُّ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَرَارَةِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا فِيهَا. أَمَّا هِيَ فَمُتَنَجِّسَةٌ كَالْكَرِشِ فَتَطْهُرُ بِغَسْلِهَا، وَأَمَّا الْخَرَزَةُ الَّتِي تُوجَدُ فِي الْمَرَارَةِ وَتَسْتَعْمِلُ فِي الْأَدْوِيَةِ فَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ فِي الْخَادِمِ نَجَاسَتُهَا لِأَنَّهَا تَجَسَّدَتْ مِنْ النَّجَاسَةِ فَأَشْبَهَتْ الْمَاءَ النَّجِسَ إذَا انْعَقَدَ مِلْحًا، وَالْبَلْغَمُ الصَّاعِدُ مِنْ الْمَعِدَةِ نَجِسٌ، بِخِلَافِ النَّازِلِ مِنْ الرَّأْسِ أَوْ مِنْ أَقْصَى الْحَلْقِ أَوْ الصَّدْرِ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ، وَالْمَاءُ السَّائِلُ مِنْ فَمِ النَّائِمِ نَجِسٌ إنْ كَانَ مِنْ الْمَعِدَةِ كَأَنْ خَرَجَ مُنْتِنًا بِصُفْرَةٍ لَا إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSكَالدَّمِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: فَنَجِسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ) صَوَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِالدَّمِ الْبَاقِي عَلَى اللَّحْمِ الَّذِي لَمْ يَخْتَلِطْ بِشَيْءٍ كَمَا لَوْ ذُبِحَتْ شَاةٌ وَقُطِعَ لَحْمُهَا فَبَقِيَ عَلَيْهِ أَثَرٌ مِنْ الدَّمِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ كَمَا يُفْعَلُ فِي الْبَقَرِ الَّتِي تُذْبَحُ فِي الْمَحِلِّ الْمُعَدِّ لِذَبْحِهَا الْآنَ مِنْ صَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهَا لِإِزَالَةِ الدَّمِ عَنْهَا، فَإِنَّ الْبَاقِيَ مِنْ الدَّمِ عَلَى اللَّحْمِ بَعْدَ صَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ لَا يُعْفَى عَنْهُ وَإِنْ قَلَّ لِاخْتِلَاطِهِ بِأَجْنَبِيٍّ وَهُوَ تَصْوِيرٌ حَسَنٌ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ، وَلَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الْعَفْوِ عَمَّا ذُكِرَ بَيْنَ الْمُبْتَلَى بِهِ كَالْجَزَّارِينَ وَغَيْرِهِمْ، لَكِنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ مَنْ اُبْتُلِيَ بِالْقَيْءِ عُفِيَ عَنْهُ فِي ثَوْبِهِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ كَثُرَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ، فَقِيَاسُهُ هُنَا أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ، وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْقَيْءَ لَمَّا كَانَ ضَرُورِيًّا لَهُ لَيْسَ بِاخْتِيَارِهِ عُفِيَ عَنْهُ مُطْلَقًا، بِخِلَافِ الدَّمِ لَمَّا كَانَ بِفِعْلِهِ لَمْ يُعْفَ عَنْهُ وَلَوْ شَكَّ فِي الِاخْتِلَاطِ وَعَدَمِهِ لَمْ يَضُرَّ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ. (قَوْلُهُ: كَمَا سَيَأْتِي) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ ذَلِكَ يَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، وَإِلَّا فَالْمُصَنِّفُ إنَّمَا ذَكَرَ التَّغَيُّرَ بِالرِّيحِ فَقَطْ، أَوْ أَنَّهُ أَشَارَ إلَى أَنَّ الرِّيحَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِثَالٌ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُفَرِّقُوا فِي التَّغْيِيرِ الدَّالِّ عَلَى النَّجَاسَةِ بَيْنَ الرِّيحِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: الْحَرْفِ الْبَاطِنِ) أَيْ وَهُوَ الْحَاءُ الْمُهْمَلَةُ (قَوْلُهُ: بِالْقَيْءِ عُفِيَ عَنْهُ) وَمِثْلُهُ بِالْأَوْلَى لَوْ اُبْتُلِيَ بِدَمِ اللِّثَةِ، وَالْمُرَادُ بِالِابْتِلَاءِ بِهِ أَنْ يَكْثُرَ وُجُودُهُ بِحَيْثُ يَقِلُّ خُلُوُّهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَجِرَّةً) هِيَ مَا يُخْرِجُهُ الْبَعِيرُ مَثَلًا عِنْدَ الِاجْتِرَارِ (قَوْلُهُ: بِلَسْعَةِ الْحَيَّةِ) وَمِثْلُهَا الثُّعْبَانُ (قَوْلُهُ: فِي الْمَرَارَةِ) لَمْ يُعَبَّرْ فِيمَا مَرَّ بِالْمِرَارِ. بَلْ بِالْمُرَّةِ، وَهِيَ اسْمٌ لِلْمَاءِ الَّذِي فِي الْجِلْدَةِ، وَالْجِلْدَةُ تُسَمَّى مَرَارَةٌ. وَعَلَيْهِ فَلَا حَاجَةَ لِلتَّقْيِيدِ، وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: الْمَرَارَةُ الَّتِي فِيهَا الْمُرَّةُ (قَوْلُهُ: وَالْبَلْغَمُ الصَّاعِدُ) وَيُعْرَفُ كَوْنُهُ مِنْهَا بِمَا يَأْتِي فِي الْمَاءِ السَّائِلِ مِنْ فَمِ النَّائِمِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ خَرَجَ مُنْتِنًا) قَضِيَّةُ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ مَعَ النَّتَنِ وَالصُّفْرَةِ يُقْطَعُ بِأَنَّهُ مِنْ الْمَعِدَةِ وَلَا يَكُونُ مِنْ مَحِلِّ الشَّكِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْإِجْمَاعِ وَسَقَطَتْ الْوَاوُ مِنْ الْكَتَبَةِ (قَوْلُهُ: مُلَاقَاةُ السُّمِّ لِلظَّاهِرِ) لَعَلَّ صَوَابَ الْعِبَارَةِ مُلَاقَاةُ الظَّاهِرِ لِلسُّمِّ حَتَّى يَنْسَجِمَ مَعَهُ مَا بَعْدَهُ. .

أَوْ شُكَّ فِي أَنَّهُ مِنْهَا أَوْ لَا فَإِنَّهُ طَاهِرٌ، نَعَمْ لَوْ اُبْتُلِيَ بِهِ شَخْصٌ فَالظَّاهِرُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ الْعَفْوُ. وَالزَّبَادُ طَاهِرٌ. وَهُوَ لَبَنُ سِنَّوْرٍ بَحْرِيٍّ أَوْ عِرْقُ سِنَّوْرٍ بَرِّيٍّ، وَيَتَّجِهُ الْعَفْوُ عَنْ يَسِيرِ شَعْرِهِ عُرْفًا وَلَمْ يُبَيِّنُوا أَنَّ الْمُرَادَ الْقَلِيلُ فِي الْمَأْخُوذِ لِلِاسْتِعْمَالِ أَوْ فِي الْإِنَاءِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ، وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ إنْ كَانَ جَامِدًا لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِيهِ بِمَحَلِّ النَّجَاسَةِ فَقَطْ، فَإِنْ كَثُرَتْ فِي مَحِلٍّ وَاحِدٍ لَمْ يُعْفَ عَنْهُ وَإِلَّا عُفِيَ، بِخِلَافِ الْمَائِعِ فَإِنَّ جَمِيعَهُ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ، فَإِنْ قَلَّ الشَّعْرُ فِيهِ عُفِيَ عَنْهُ وَإِلَّا فَلَا، وَلَا نَظَرَ لِلْمَأْخُوذِ. وَالْعَنْبَرُ طَاهِرٌ وَهُوَ نَبْتٌ يَلْفِظُهُ الْبَحْرُ، وَالْمِسْكُ طَاهِرٌ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «الْمِسْكُ أَطْيَبُ الطِّيبِ» وَكَذَا فَأْرَتُهُ بِشَعْرِهَا إنْ انْفَصَلَتْ فِي حَالِ حَيَاةِ الظَّبْيَةِ وَلَوْ احْتِمَالًا فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ بَعْدَ ذَكَاتِهَا وَإِلَّا فَنَجِسَانِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ فِي الْمِسْكِ قِيَاسًا عَلَى الْإِنْفَحَةِ. (وَرَوْثٌ) بِالْمُثَلَّثَةِ وَلَوْ مِنْ طَيْرٍ مَأْكُولٍ أَوْ مِمَّا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً أَوْ سَمَكٍ أَوْ جَرَادٍ لِمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا جِيءَ لَهُ بِحَجَرَيْنِ وَرَوْثَةٍ لِيَسْتَنْجِيَ بِهَا أَخَذَ الْحَجَرَيْنِ وَرَدَّ الرَّوْثَةَ وَقَالَ: هَذَا رِكْسٌ وَالرِّكْسُ النَّجَسُ» وَالْعَذِرَةُ وَالرَّوْثُ قِيلَ بِتَرَادُفِهِمَا، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: إنَّ الْعَذِرَةَ مُخْتَصَّةٌ بِالْآدَمِيِّ وَالرَّوْثُ أَعَمُّ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَدْ يُمْنَعُ بَلْ هُوَ مُخْتَصٌّ بِغَيْرِ الْآدَمِيِّ، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ صَاحِبِ الْمُحْكَمِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَوْ شَكَّ فِي أَنَّهُ مِنْهَا) مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ أَكَلَ شَيْئًا نَجِسًا أَوْ مُتَنَجِّسًا وَغَسَلَ مَا يَظْهَرُ مِنْ الْفَمِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ بَلْغَمٌ مِنْ الصَّدْرِ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ، لِأَنَّ مَا فِي الْبَاطِنِ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالنَّجَاسَةِ فَلَا يَنْجُسُ مَا مَرَّ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ مُرُورَهُ عَلَى مَحِلٍّ نَجِسٍ (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ الْعَفْوُ) أَيْ وَإِنْ كَثُرَ، وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَسِيلَ عَلَى مَلْبُوسِهِ أَوْ غَيْرِهِ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ. وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْفَى عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ مَنْ اُبْتُلِيَ بِهِ إذَا مَسَّهُ بِلَا حَاجَةٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ سم عَلَى حَجّ: إنَّهُ لَوْ مَسَّ نَجَاسَةً مَعْفُوًّا عَنْهَا عَلَى غَيْرِهِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْهَا فِي حَقِّهِ حَيْثُ كَانَ مَسُّهُ بِلَا حَاجَةٍ اهـ بِالْمَعْنَى. وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ شَرِبَ مِنْ إنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ أَوْ أَكَلَ مِنْ طَعَامٍ وَمَسَّ الْمِلْعَقَةَ مَثَلًا بِفَمِهِ وَوَضَعَهَا فِي الطَّعَامِ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَنْجَسُ مَا فِي الْإِنَاءِ مِنْ الْمَاءِ وَلَا مِنْ الطَّعَامِ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ النَّجَاسَةِ التَّنْجِيسُ وَلَوْ انْصَبَّ مِنْ ذَلِكَ الطَّعَامِ عَلَى غَيْرِهِ شَيْءٌ لَا يُنَجِّسُهُ لِأَنَّا لَمْ نَحْكُمُ بِنَجَاسَةِ الطَّعَامِ بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى طَهَارَتِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ لَبَنُ سِنَّوْرٍ بَحْرِيٍّ) عِبَارَةُ حَجّ: وَهُوَ لَبَنٌ مَأْكُولٌ بَحْرِيٌّ كَمَا فِي الْحَاوِي رِيحُهُ كَالْمِسْكِ وَبَيَاضُهُ بَيَاضُ اللَّبَنِ فَهُوَ طَاهِرٌ (قَوْلُهُ: نَبْتٌ) يُؤَيِّدُهُ مَا نَقَلَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ فِي شَرْحِ الصَّحِيحِ. قَالَ إمَامُنَا الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: كَالرَّافِعِيِّ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ رَكِبَ الْبَحْرَ فَوَقَعَ إلَى جَزِيرَةٍ، فَنَظَرَ إلَى شَجَرَةٍ مِثْلِ عُنُقِ الشَّاةِ وَإِذَا ثَمَرُهَا عَنْبَرٌ، قَالَ: فَتَرَكْنَاهُ حَتَّى يَكْبُرَ ثُمَّ نَأْخُذَ فَهَبَّتْ رِيحٌ فَأَلْقَتْهُ فِي الْبَحْرِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالسَّمَكُ وَدَوَابُّ الْبَحْرِ تَبْتَلِعُهُ أَوَّلَ مَا يَقَعُ لِأَنَّهُ لَيِّنٌ، فَإِذَا ابْتَلَعَتْهُ قَلَّمَا تَسْلَمُ إلَّا قَتَلَتْهَا لِفَرْطِ الْحَرَارَةِ الَّتِي فِيهِ فَإِذَا أَخَذَ الصَّيَّادُ السَّمَكَةَ وَجَدَهُ فِي بَطْنِهَا فَيُقَدِّرُ أَيْ يَظُنُّ أَنَّهُ مِنْهَا وَإِنَّمَا هُوَ ثَمَرٌ نَبَتَ (قَوْلُهُ: يَلْفِظُهُ الْبَحْرُ) وَعِبَارَةُ حَجّ: وَلَيْسَ الْعَنْبَرُ رَوْثًا خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ بَلْ هُوَ نَبَاتٌ فِي الْبَحْرِ، فَمَا تَحَقَّقَ مِنْهُ أَنَّهُ مَبْلُوعٌ مُتَنَجَّسٌ لِأَنَّهُ مُتَجَسِّدٌ غَلِيظٌ لَا يَسْتَحِيلُ (قَوْلُهُ: فَأْرَتُهُ) بِالْهَمْزِ وَتَرَكَهُ، بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ الْمَعْرُوفِ فَإِنَّهُ بِالْهَمْزِ فَقَطْ كَمَا فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ احْتِمَالًا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ رَأَى ظَبْيَةً مَيِّتَةً وَفَأْرَةً مُنْفَصِلَةً عِنْدَهَا وَاحْتَمَلَ أَنَّ انْفِصَالَهَا قَبْلَ مَوْتِهَا حُكِمَ بِطَهَارَتِهَا وَهُوَ مُتَّجَهٌ لِأَنَّهَا كَانَتْ طَاهِرَةً قَبْلَ الْمَوْتِ فَتُسْتَصْحَبُ طَهَارَتُهَا وَلَمْ يُعْلَمْ مَا يُزِيلُ الطَّهَارَةَ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: وَرَوْثٌ) أَيْ وَلَوْ مِنْ الْجِنِّ حَيْثُ تَحَقَّقْنَاهُ رَوْثًا، وَلَوْ أَصَابَتْ النَّجَاسَةُ جِنِّيًّا ثَبَتَ لَهُ مَا يَثْبُتُ لَنَا مِنْ الْأَحْكَامِ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا قَالَهُ حَجّ مِنْ أَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ بِمَا كُلِّفْنَا بِهِ إلَّا مَا عُلِمَ النَّصُّ بِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ: لِمَا رَوَاهُ إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْهُ الْمَحَلِّيُّ بَلْ قَالَ: وَرَوْثٌ بِالْمُثَلَّثَةِ كَالْبَوْلِ اهـ. وَاعْتَرَضَ بِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ دَلِيلَهُ حَتَّى يُقَاسَ عَلَيْهِ. أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ لَعَلَّ الْمَحَلِّيَّ عَدَلَ عَمَّا قَالَهُ الشَّيْخُ إدْخَالًا لَهُ فِي الرَّوْثِ الْمَقِيسِ عَلَى الْبَوْلِ، وَقَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هَذَا رِكْسٌ إلَى وَاحِدٍ مِنْ مُطْلَقِ الرَّوْثِ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّ التَّنْجِيسَ لَهَا مِنْ حَيْثُ الْحَيَوَانُ الَّتِي هِيَ مِنْهُ، فَيَدُلُّ عَلَى نَجَاسَةِ ذَلِكَ النَّوْعِ كَالْحِمَارِ مَثَلًا فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَال بِهِ عَلَى نَجَاسَةِ مُطْلَقِ الرَّوْثِ (قَوْلُهُ: وَالْعَذِرَةُ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: وَالْعَذِرَةُ وِزَانُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَابْنِ الْأَثِيرِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِذِي الْحَافِرِ قَالَ: وَعَلَيْهِ فَاسْتِعْمَالُ الْفُقَهَاءِ لَهُ فِي سَائِرِ الْبَهَائِمِ تَوَسُّعٌ انْتَهَى. وَعَلَى قَوْلِ التَّرَادُفِ فَأَحَدُهُمَا يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ، وَعَلَى قَوْلِ النَّوَوِيِّ الرَّوْثُ يُغْنِي عَنْ الْعَذِرَةِ، وَهَلْ الْعَسَلُ خَارِجٌ مِنْ دُبُرِ النَّحْلَةِ أَوْ مِنْ فِيهَا؟ فِيهِ خِلَافٌ، وَالْأَشْبَهُ الثَّانِي، فَعَلَى الْأَوَّلِ يُسْتَثْنَى ذَلِكَ مِنْ الضَّابِطِ فِي الْخَارِجِ. (وَبَوْلٌ) لِلْأَمْرِ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ فِي بَوْلِ الْأَعْرَابِيِّ فِي الْمَسْجِدِ، وَقِيسَ بِهِ سَائِرُ الْأَبْوَالِ، وَأَمَّا «أَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعُرَنِيِّينَ بِشُرْبِ أَبْوَالِ الْإِبِلِ» فَكَانَ لِلتَّدَاوِي، وَهُوَ جَائِزٌ بِصَرْفِ النَّجَاسَةِ غَيْرُ الْخَمْرَةِ، وَمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَجْعَلْ الشِّفَاءَ فِي الْمُحَرَّمَاتِ مَحْمُولٌ عَلَى صَرْفِ الْخَمْرِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ نَجَاسَةَ الْفَضَلَاتِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مَا صَحَّحَاهُ وَحَمَلَ الْقَائِلُ بِذَلِكَ الْأَخْبَارَ الَّتِي يَدُلُّ ظَاهِرُهَا لِلطَّهَارَةِ كَعَدَمِ إنْكَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شُرْبَ أُمِّ أَيْمَنَ بَوْلَهُ عَلَى التَّدَاوِي، لَكِنْ جَزَمَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ بِطَهَارَتِهَا، وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَنَقَلَهُ الْعِمْرَانِيُّ عَنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ، وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَالْبَارِزِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ. وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّهُ الَّذِي أَعْتَقِدُهُ وَأَلْقَى اللَّهَ بِهِ. وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّ بِهِ الْفَتْوَى، وَصَحَّحَهُ الْقَايَاتِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ الْحَقُّ، وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: تَكَاثَرَتْ الْأَدِلَّةُ عَلَى ذَلِكَ، وَعَدَّهُ الْأَئِمَّةُ فِي خَصَائِصِهِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى خِلَافِهِ، وَإِنْ وَقَعَ فِي كُتُبِ كَثِيرٍ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ فَقَدْ اسْتَقَرَّ الْأَمْرُ مِنْ أَئِمَّتِهِمْ عَلَى الْقَوْلِ بِالطَّهَارَةِ انْتَهَى. وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَحُمِلَ تَنَزُّهُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَمَزِيدِ النَّظَافَةِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي طَرْدُ الطَّهَارَةِ فِي فَضَلَاتِ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ، وَنَازَعَهُ الْجَوْجَرِيُّ فِي ذَلِكَ. وَأَمَّا الْحَصَاةُ الَّتِي تَخْرُجُ مَعَ الْبَوْلِ أَوْ بَعْدَهُ أَحْيَانَا وَتُسَمِّيهَا الْعَامَّةُ الْحَصِيَّةَ، فَأَفْتَى فِيهَا الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهُ إنْ أَخْبَرَ طَبِيبٌ عَدْلٌ بِأَنَّهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSكَلِمَةٍ الْخُرْءُ وَلَا يُعْرَفُ تَخْفِيفُهَا، وَتُطْلَقُ الْعَذِرَةُ عَلَى فِنَاءِ الدَّارِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُلْقُونَ الْخُرْءَ فِيهِ، فَهُوَ مَجَازٌ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الظَّرْفِ بِاسْمِ الْمَظْرُوفِ وَالْجَمْعُ عَذِرَاتٌ (قَوْلُهُ: فَأَحَدُهُمَا يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ) وَعَلَيْهِ فَالْمُتَبَادَرُ أَنَّهُ اسْمٌ لِمَا يَخْرُجُ مِنْ جَمِيعِ الْحَيَوَانَاتِ، لَكِنْ فِي حَجّ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ عَلَى التَّرَادُفِ خَاصٌّ بِمَا يَخْرُجُ مِنْ الْآدَمِيِّ (قَوْلُهُ: فَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ وَعَلَى الثَّانِي يُسْتَثْنَى مِنْ الْقَيْءِ اهـ حَجّ. وَفِيهِ: وَقِيلَ مِنْ ثُقْبَتَيْنِ تَحْتَ جَنَاحِهَا فَلَا اسْتِثْنَاءَ إلَّا بِالنَّظَرِ إلَى أَنَّهُ حِينَئِذٍ كَاللَّبَنِ وَهُوَ مِنْ غَيْرِ الْمَأْكُولِ نَجِسٌ. (قَوْلُهُ: عَلَى صِرْفِ الْخَمْرِ) أَيْ فَلَا يَجُوز التَّدَاوِي بِهِ، بِخِلَافِ صِرْفٍ غَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ النَّجَاسَاتِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ التَّدَاوِي بِهِ حَيْثُ لَمْ يَقُمْ غَيْرُهُ مَقَامَهُ عَلَى مَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ وَصَلَ عَظْمَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِطَهَارَتِهَا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ مَا كَانَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَمَا كَانَ بَعْدَهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ تَكْرِيمًا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي بَقِيَّةِ الْأَنْبِيَاءِ بِنَاءً عَلَى إلْحَاقِهِمْ بِنَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا يَأْتِي، وَصُورَةُ مَا قَبْلَ النُّبُوَّةِ أَنْ يَبْقَى شَيْءٌ مِنْ فَضَلَاتِهِ الْحَاصِلَةِ قَبْلَ النُّبُوَّةِ إلَى مَا بَعْدَهَا، أَوْ ثَوْبًا مَثَلًا أَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْهَا وَبَقِيَ بِلَا غَسْلٍ لِمَا بَعْدَ النُّبُوَّةِ (قَوْلُهُ: الْعِمْرَانِيُّ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ نِسْبَةٌ إلَى الْعِمْرَانِيَّةِ قَرْيَةٌ بِنَاحِيَةِ الْمُوصِلِ أَنْسَابٌ لِلسُّيُوطِيِّ (قَوْلُهُ: طَرْدُ الطَّهَارَةِ) هَذَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ طَهَارَتِهَا حِلُّ تَنَاوُلِهَا فَيَنْبَغِي تَحْرِيمُهُ إلَّا لِغَرَضٍ كَالْمُدَاوَاةِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الطَّهَارَةِ أَيْضًا احْتِرَامُهَا بِحَيْثُ يَحْرُمُ وَطْؤُهَا لَوْ وُجِدَتْ بِأَرْضٍ، وَعَلَيْهِ فَيَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهَا إذَا جَمَدَتْ (قَوْلُهُ: سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: طَبِيبٌ) وَلَعَلَّ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْخَرَزَةِ عَلَى مَا أَشْعَرَ بِهِ كَلَامُهُ فِيمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِلْحُكْمِ بِنَجَاسَتِهَا إخْبَارُ طَبِيبٍ بِانْعِقَادِهَا مِنْ النَّجَسِ أَنَّ وُجُودَهَا فِي الْمَرَارَةِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ أَجْزَاءِ الْحَيَوَانِ قَرِينَةٌ عَلَى انْعِقَادِهَا مِنْ النَّجَسِ دُونَ الْخُصْيَةِ لِجَوَازِ دُخُولِهَا إلَى الْجَوْفِ مِنْ خَارِجٍ كَدُخُولِهَا فِي الْمَاءِ الْمَشْرُوبِ، أَوْ أَنَّهَا كَمَا نَقَلَهُ سم عَنْ وَالِدِ الشَّارِحِ: حَجَرٌ خَلَقَهُ اللَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَعَلَى الْأَوَّلِ يُسْتَثْنَى ذَلِكَ إلَخْ) أَيْ وَعَلَى الثَّانِي يُسْتَثْنَى مِنْ الْقَيْءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: مِنْ الضَّابِطِ) أَيْ الْمَذْكُورِ فِي كَلَامِهِمْ فِي الْخَارِجِ مِنْ الدُّبُرِ

مُنْعَقِدَةٌ مِنْ الْبَوْلِ فَنَجِسَةٌ وَإِلَّا فَمُتَنَجِّسَةٌ لِدُخُولِهَا فِي الْجَمَادِ الْمُتَقَدِّمِ حِينَئِذٍ. (وَمَذْيٌ) بِالْمُعْجَمَةِ وَإِسْكَانِهَا، وَقِيلَ بِكَسْرِهَا مَعَ تَخْفِيفِ الْيَاءِ وَبِكَسْرِ الذَّالِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ لِلْأَمْرِ بِغَسْلِ الذَّكَرِ مِنْهُ فِي قِصَّةِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَهُوَ مَاءٌ أَصْفَرُ رَقِيقٌ يَخْرُجُ بِلَا شَهْوَةٍ عِنْدَ فَوَرَانِهَا، وَفِي تَعْلِيقِ ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّهُ يَكُونُ فِي الشِّتَاءِ أَبْيَضَ ثَخِينًا وَفِي الصَّيْفِ أَصْفَرَ رَقِيقًا، وَرُبَّمَا لَا يُحَسُّ بِخُرُوجِهِ، وَهُوَ أَغْلَبُ فِي النِّسَاءِ مِنْهُ فِي الرِّجَالِ خُصُوصًا عِنْدَ هَيَجَانِهِنَّ. (وَوَدِيٌّ) بِالْمُهْمَلَةِ وَقِيلَ بِالْمُعْجَمَةِ وَإِسْكَانِهَا وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ، وَقِيلَ وَتَشْدِيدِهَا بِالْإِجْمَاعِ فِيهِمَا وَهُوَ مَاءٌ أَبْيَضُ كَدِرٌ ثَخِينٌ يَخْرُجُ عَقِبَ الْبَوْلِ أَوْ عِنْدَ حَمْلِ شَيْءٍ ثَقِيلٍ. (وَكَذَا مَنِيِّ غَيْرِ الْآدَمِيِّ) وَنَحْوِ الْكَلْبِ (فِي الْأَصَحِّ) كَسَائِرِ الْمُسْتَحِيلَاتِ. أَمَّا مَنِيُّ نَحْوِ الْكَلْبِ فَنَجِسٌ بِلَا خِلَافٍ. وَأَمَّا مَنِيُّ الْآدَمِيِّ فَطَاهِرٌ فِي الْأَظْهَرِ، لِأَنَّهُ أَصْلُهُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً أَوْ خُنْثَى، وَغَايَتُهُ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ وَهُوَ لَا يُؤَثِّرُ، فَالْقَوْلُ بِنَجَاسَتِهِ لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَسَوَاءٌ فِي الطَّهَارَةِ مَنِيُّ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ فَيَنْجُسُ وَالْمَجْبُوبِ وَالْمَمْسُوحِ، فَكُلُّ مَنْ تَصَوَّرَ لَهُ مَنِيٌّ مِنْهُمْ كَانَ كَغَيْرِهِ، وَخَرَجَ مَنْ لَا يُمْكِنُ بُلُوغُهُ لَوْ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ فَإِنَّهُ يَكُونُ نَجِسًا، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَنِيٍّ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ «أَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - كَانَتْ تَفْرُكُهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يُصَلِّي فِيهِ» ، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ «فَيُصَلِّي فِيهِ» . قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهَذَا لَا يَتِمُّ الِاسْتِدْلَال بِهِ إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَةِ فَضَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَأُجِيبُ بِصِحَّةِ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ مُطْلَقًا وَلَوْ قُلْنَا بِطَهَارَةِ فَضَلَاتِهِ، لِأَنَّ مَنِيَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ مِنْ جِمَاعٍ فَيُخَالِطُ مَنِيَّ الْمَرْأَةِ فَلَوْ كَانَ مَنِيُّهَا نَجَسًا لَمْ يُكْتَفَ فِيهِ بِفَرْكِهِ لِاخْتِلَاطِهِ بِمَنِيِّهِ فَيُنَجِّسُهُ، وَقَدْ أَوْضَحْت ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهُ نَجِسٌ مُطْلَقًا لِاسْتِحَالَتِهِ فِي الْبَاطِنِ، وَقِيلَ بِنَجَاسَتِهِ مِنْ الْمَرْأَةِ بِنَاءً عَلَى نَجَاسَةِ رُطُوبَةِ فَرْجِهَا، وَلَوْ بَال الشَّخْصُ وَلَمْ يَغْسِلْ مَحِلَّهُ تَنَجَّسَ مَنِيُّهُ وَإِنْ كَانَ مُسْتَجْمِرًا بِالْأَحْجَارِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ جَامَعَ رَجُلٌ مَنْ اسْتَنْجَتْ بِالْأَحْجَارِ تَنَجَّسَ مَنِيُّهُمَا، ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي هَذَا الْمَحِلِّ وَلَيْسَ مُنْعَقِدًا مِنْ نَفْسِ الْبَوْلِ اهـ. لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِمِثْلِهِ فِي الْخَرَزَةِ فَلَا يَتِمُّ الْفَرْقُ. قَوْلُهُ: بِالْمُعْجَمَةِ) وَيَجُوزُ إهْمَالُهَا ابْنُ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: عِنْدَ هَيَجَانِهِنَّ) أَيْ هَيَجَانِ شَهْوَتِهِنَّ (قَوْلُهُ: أَوْ عِنْدَ حَمْلِ شَيْءٍ. إلَخْ) أَيْ فَلَا يَخْتَصُّ بِالْبَالِغِينَ، وَأَمَّا الْمَذْيُ فَيُحْتَمَلُ اخْتِصَاصُهُ بِالْبَالِغِينَ لِأَنَّ خُرُوجَهُ نَاشِئٌ عَنْ الشَّهْوَةِ. (قَوْلُهُ: وَغَايَتُهُ) أَيْ غَايَةُ غَايَةِ الْخَارِجِ مِنْ الْخُنْثَى (قَوْلُهُ: بِنَجَاسَةٍ) أَيْ مِنْ الْخُنْثَى (قَوْلُهُ: لَوْ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ) أَيْ عَلَى صُورَةِ الْمَنِيِّ، وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلُ " شَيْءٍ " مَنِيٍّ، وَيُنَافِيهَا قَوْلُهُ: لَيْسَ بِمَنِيٍّ (قَوْلُهُ: لَيْسَ بِمَنِيٍّ) أَيْ وَإِنْ وُجِدَتْ فِيهِ خَوَاصُّ الْمَنِيِّ، لَكِنَّ قَوْلَهُ بَعْدُ كَنَظِيرِهِ فِي الْمَنِيِّ يَقْتَضِي خِلَافَهُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ مَا يَأْتِي مَخْصُوصٌ بِمَا إذَا خَرَجَ فِي زَمَنٍ يُمْكِنُ كَوْنُهُ فِيهِ مَنِيًّا، لَكِنْ فِي قم الْجَزْمُ بِنَجَاسَتِهِ حَيْثُ خَرَجَ فِي دُونِ التِّسْعِ، وَوَجْهُهُ بِأَنَّ الْمَنِيَّ إنَّمَا حُكِمَ بِطَهَارَتِهِ لِكَوْنِهِ مَنْشَأٌ لِلْآدَمِيِّ وَفِيمَا دُونَ التِّسْعِ لَا يَصْلُحُ لِذَلِكَ، وَهَذَا التَّوْجِيهُ مُطَّرِدٌ فِيمَا وُجِدَتْ فِيهِ خَوَاصُّ الْمَنِيِّ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: كَانَ مِنْ جِمَاعٍ) أَيْ لَا مِنْ احْتِلَامٍ وَلَا أَثَرَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ خَرَجَ بِمَرَضٍ أَوْ غَزَارَةِ مَنِيٍّ لِأَنَّهُ نَادِرٌ (قَوْلَةُ مَنْ اسْتَنْجَتْ بِالْأَحْجَارِ) وَكَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: بِالْمُعْجَمَةِ إلَخْ) قَالَ الدَّمِيرِيِّ فِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ: أَفْصَحُهَا إسْكَانُ الذَّالِ، وَثَانِيهَا كَسْرُهَا مَعَ تَشْدِيدِ الْيَاءِ، وَثَالِثُهَا كَسْرُهَا مَعَ تَخْفِيفِ الْيَاءِ كَشَجَّ وَعَمَّ (قَوْلُهُ بِلَا شَهْوَةٍ) أَيْ قَوِيَّةٍ كَمَا قَالَهُ غَيْرُهُ فَلَا يُنَافِيهِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ بِالْمُهْمَلَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِلشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ بِمُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ، وَيُقَالُ بِالْمُعْجَمَةِ وَبِكَسْرِ الدَّالِ مَعَ تَشْدِيدِ الْيَاءِ (قَوْلُهُ: رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً إلَخْ) تَعْمِيمٌ فِي الْآدَمِيِّ الْخَارِجِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَغَايَتُهُ) أَيْ مَنِيُّ الْخُنْثَى (قَوْلُهُ: لَمْ يَكْتَفِ فِيهِ) أَيْ فِي مَنِيِّهِ (قَوْلُهُ: وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهُ نَجِسٌ مُطْلَقًا) صَرِيحٌ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ فِي أَنَّ الضَّمِيرَ فِي أَنَّهُ لِمُطْلَقِ الْمَنِيِّ الشَّامِلِ لِمَنِيِّ الْآدَمِيِّ، وَفِيهِ أُمُورٌ مِنْهَا أَنَّهُ قَدَّمَ الْكَلَامَ عَلَى مَنِيِّ الْآدَمِيِّ. وَمِنْهَا أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْآدَمِيِّ أَقْوَالٌ، لَا أَوْجُهٌ مِنْهَا أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِجَعْلِ خُصُوصِ هَذَا مُقَابِلَ الْأَصَحِّ مَعَ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ مَا سَيَأْتِي تَصْحِيحُهُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَمَا بَعْدَهُ

وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَنْجُسُ ذَكَرُهُ (قُلْت: الْأَصَحُّ طَهَارَةُ مَنِيِّ غَيْرِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَفَرْعُ أَحَدِهِمَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِكَوْنِهِ أَصْلُ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ كَالْبَيْضِ فَأَشْبَهَ مَنِيَّ الْآدَمِيِّ. وَيُسَنُّ غَسْلُ الْمَنِيِّ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ طَهَارَتُهُ مِنْ الْمَأْكُولِ وَنَجَاسَتُهُ مِنْ غَيْرِهِ كَاللَّبَنِ وَالْبَيْضِ الْمَأْخُوذِ مِنْ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ وَإِنْ لَمْ يُؤْكَلْ طَاهِرٌ، وَمِثْلُهُ الْمَأْخُوذُ مِنْ مَيْتَةٍ إنْ كَانَ مُتَصَلِّبًا، وَبَزَرَ الْقَزِّ طَاهِرٌ. وَلَوْ اسْتَحَالَتْ الْبَيْضَةُ دَمًا وَصَلُحَ لِلتَّخَلُّقِ فَطَاهِرَةٌ وَإِلَّا فَلَا. (وَلَبَنُ مَا لَا يُؤْكَلُ غَيْرُ) لَبَنِ (الْآدَمِيِّ) كَلَبَنِ الْأَتَانِ لِكَوْنِهِ مِنْ الْمُسْتَحِيلَاتِ فِي الْبَاطِنِ، أَمَّا لَبَنُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ كَلَبَنِ الْفَرَسِ وَإِنْ وَلَدَتْ بَغْلًا فَطَاهِرٌ. وَكَذَا لَبَنُ الشَّاةِ أَوْ الْبَقَرَةِ إذَا أَوْلَدَهَا كَلْبٌ أَوْ خِنْزِيرٌ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ فِي خَادِمِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ لَبَنِ الْبَقَرَةِ وَالْعِجْلَةِ وَالثَّوْرِ وَالْعِجْلِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ، وَلَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَلَى لَوْنِ الدَّمِ أَوْ لَا إنْ وُجِدَتْ فِيهِ خَوَاصُّ اللَّبَنِ كَنَظِيرِهِ فِي الْمَنِيِّ. أَمَّا مَا أُخِذَ مِنْ ضَرْعِ بَهِيمَةٍ مَيْتَةٍ فَإِنَّهُ نَجِسٌ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. وَالْأَصْلُ فِي طَهَارَةِ مَا ذُكِرَ قَوْله تَعَالَى {لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ} [النحل: 66] . وَأَمَّا لَبَنُ الْآدَمِيِّ فَطَاهِرٌ أَيْضًا إذْ لَا يَلِيقُ بِكَرَامَتِهِ أَنْ يَكُونَ مَنْشَؤُهُ نَجِسًا، وَلِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّ النِّسْوَةَ أُمِرْنَ فِي زَمَنٍ بِاجْتِنَابِهِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ ذَكَرٍ أَمْ أُنْثَى وَلَوْ صَغِيرَةً لَمْ تَسْتَكْمِلْ تِسْعَ سِنِينَ أَمْ مُشْكِلٍ قِيَاسًا عَلَى الذَّكَرِ، وَأَوْلَى انْفَصَلَ فِي حَيَاتِهِ أَمْ بَعْدَ مَوْتِهِ لِأَنَّ التَّكْرِيمَ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَوْ كَانَ هُوَ مُسْتَجْمِرًا بِالْحَجَرِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ جِمَاعُهَا، وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا تَمْكِينُهُ وَلَا تَصِيرُ بِالِامْتِنَاعِ نَاشِزَةً، وَعَلَيْهِ لَوْ فَقَدَ الْمَاءَ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْجِمَاعُ وَلَا يَكُونُ فَقْدُهُ عُذْرًا فِي جَوَازِهِ. نَعَمْ إنْ خَافَ الزِّنَا اتَّجَهَ أَنَّهُ عُذْرٌ فَيَجُوزُ الْوَطْءُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَجْمِرُ بِالْحَجَرِ الرَّجُلَ أَوْ الْمَرْأَةَ. وَيَجِبُ عَلَيْهَا التَّمْكِينُ فِيمَا إذَا كَانَ الرَّجُلُ مُسْتَجْمِرًا بِالْحَجَرِ وَهِيَ بِالْمَاءِ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ) أَيْ وَعَلَيْهَا أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ غَسْلُ الْمَنِيِّ) أَيْ مُطْلَقًا رَطْبًا كَانَ أَوْ جَافًّا، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ بَعْدَ نَقْلِهِ مَا قَالَهُ حَجّ عَنْ الْمَحَامِلِيِّ. قُلْت: لَوْ قِيلَ بِاسْتِحْبَابِهِ مُطْلَقًا خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا، لَكِنْ يُعَارِضُهُ أَنَّ مَحِلَّ مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ مَا لَمْ تَثْبُتْ سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ بِخِلَافِهِ، وَقَدْ ثَبَتَ فَرْكُهُ يَابِسًا هُنَا فَلَا يُلْتَفَتُ لِخِلَافِهِ. وَقَالَ حَجّ: وَيُسَنُّ غَسْلُهُ رَطْبًا وَفَرْكُهُ يَابِسًا لَكِنَّ غَسْلَهُ أَفْضَلُ اهـ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُتَأَمَّلَ مَعْنَى اسْتِحْبَابِ فَرْكِهِ مَعَ كَوْنِ غَسْلِهِ أَفْضَلَ، فَإِنَّ كَوْنَ الْغَسْلِ أَفْضَلَ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْفَرْكَ خِلَافُ الْأَوْلَى، فَكَيْفَ يَكُونُ سُنَّةً إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُمَا سُنَّتَانِ إحْدَاهُمَا أَفْضَلُ مِنْ الْأُخْرَى كَمَا قِيلَ فِي الْإِقْعَاءِ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ إنَّهُ سُنَّةٌ وَالِافْتِرَاشُ أَفْضَلُ مِنْهُ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ لَهُ: أَعْنِي حَجّ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَيُسَنُّ مَسْحُ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلَهُ خُطُوطًا مِنْ الِاعْتِرَاضِ عَلَى مَنْ قَالَ: الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ: وَالْأَكْمَلُ مَسْحُ أَعْلَاهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ سُنَّةٌ بِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ عَجِيبٌ اهـ. فَأَفَادَ أَنَّ الْأَكْمَلَ وَالسُّنَّةَ بِمَعْنًى، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْأَفْضَلَ كَالْأَكْمَلِ وَلَكِنْ فِي سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ غَسْلُهُ رَطْبًا إلَخْ عِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَيُسَنُّ غَسْلُهُ رَطْبًا وَفَرْكُهُ يَابِسًا لِحَدِيثٍ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ، وَلَا نَظَرَ لِعَدَمِ إجْزَاءِ الْفَرْكِ عِنْدَ الْمُخَالِفِ لِمُعَارَضَتِهِ لِسُنَّةٍ صَحِيحَةٍ (قَوْلُهُ: مُتَصَلِّبًا) أَيْ أَمَّا الْخَارِجُ فِي الْحَيَاةِ وَالْمَأْخُوذُ مِنْ الْمُذَكَّاةِ فَطَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ يَتَصَلَّبْ كَالْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) مِنْ ذَلِكَ الْبَيْضُ الَّذِي يَحْصُلُ مِنْ الْحَيَوَانِ بِلَا كَبْسِ ذَكَرٍ فَإِنَّهُ إذَا صَارَ دَمًا كَانَ نَجِسًا لِأَنَّهُ لَا يَأْتِي مِنْهُ حَيَوَانٌ اهـ حَجّ بِالْمَعْنَى. (قَوْلُهُ: الْآدَمِيِّ) أَيْ وَالْجِنِّيِّ أَيْضًا فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: خَوَاصُّ اللَّبَنِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQكَمَا لَا وَجْهَ لِجَعْلِ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ الْآتِي مَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ، وَبِالْجُمْلَةِ فَصَنِيعُهُ. هُنَا فِيهِ اخْتِلَالٌ مِنْ وُجُوهٍ يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ كَلَامِهِمْ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ: وَأَمَّا الْمَنِيُّ فَمَنِيُّ الْآدَمِيِّ طَاهِرٌ. وَقِيلَ فِيهِ قَوْلَانِ. وَقِيلَ الْقَوْلَانِ فِي مَنِيِّ الْمَرْأَةِ خَاصَّةً، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا مَنِيُّ غَيْرِ الْآدَمِيِّ فَمِنْ الْكَلْبِ، وَالْخِنْزِيرِ وَفَرْعُ أَحَدِهِمَا نَجِسٌ، وَمِنْ غَيْرِهِمَا فِيهِ أَوْجُهٌ أَصَحُّهَا نَجِسٌ وَالثَّانِي طَاهِرٌ وَالثَّالِثُ طَاهِرٌ مِنْ مَأْكُولِ اللَّحْمِ نَجِسٌ مِنْ غَيْرِهِ كَاللَّبَنِ. قُلْت: الْأَصَحُّ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ، وَالْأَكْثَرِينَ الْوَجْهُ الثَّانِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَتْ.

الثَّابِتَ لِلْآدَمِيِّ الْأَصْلُ شُمُولُهُ لِلْجَمِيعِ وَلِأَنَّهُ أَوْلَى بِالطَّهَارَةِ مِنْ الْمَنِيِّ. وَقَدْ يَشْمَلُ ذَلِكَ تَعْبِيرُ الصَّيْمَرِيِّ بِقَوْلِهِ: أَلْبَانُ الْآدَمِيِّينَ وَالْآدَمِيَّاتِ لَمْ يَخْتَلِفْ الْمَذْهَبُ فِي طَهَارَتِهَا وَجَوَازِ بَيْعِهَا. وَالْإِنْفَحَةُ طَاهِرَةٌ وَهِيَ لَبَنٌ فِي جَوْفٍ نَحْوَ سَخْلَةٍ فِي جِلْدَةٍ تُسَمَّى إنْفَحَةٌ أَيْضًا إنْ كَانَتْ مِنْ مُذَكَّاةٍ لَمْ تُطْعَمْ غَيْرَ اللَّبَنِ، وَسَوَاءٌ فِي اللَّبَنِ لَبَنُ أُمِّهَا أَمْ غَيْرُهُ شَرِبَتْهُ أَمْ سُقِيَ لَهَا كَانَ طَاهِرًا أَمْ نَجِسًا وَلَوْ مِنْ نَحْوِ كَلْبَةٍ خَرَجَ عَلَى هَيْئَتِهِ حَالًّا أَمْ لَا، وَلَا فَرْقَ فِي طَهَارَتِهَا عِنْدَ تَوَفُّرِ الشُّرُوطِ بَيْنَ مُجَاوَزَتِهَا زَمَنًا تُسَمَّى فِيهِ سَخْلَةً أَوْ لَا فِيمَا يَظْهَرُ، وَقَدْ ذَكَرْت الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغُسْلِ مِنْ بَوْلِ الصَّبِيِّ بَعْدَ حَوْلَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ سِوَى اللَّبَنَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ. نَعَمْ يُعْفَى عَنْ الْجُبْنِ الْمَعْمُولِ بِالْإِنْفَحَةِ مِنْ حَيَوَانٍ تَغَذَّى بِغَيْرِ اللَّبَنِ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ فِي هَذَا الزَّمَانِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، إذْ مِنْ الْقَوَاعِدِ أَنَّ الْمَشَقَّةَ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ وَأَنَّ الْأَمْرَ إذَا ضَاقَ اتَّسَعَ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] وَصَرَّحَ الْأَئِمَّةُ بِالْعَفْوِ مِنْ النَّجَاسَةِ فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ الْمَشَقَّةُ فِيهَا أَخَفُّ مِنْ هَذِهِ الْمَشَقَّةِ. (وَالْجُزْءُ الْمُنْفَصِلُ) بِنَفْسِهِ أَوْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ (مِنْ) الْحَيَوَانِ (الْحَيِّ) (كَمَيْتَتِهِ) طَهَارَةً وَضِدَّهَا لِخَبَرِ «مَا قُطِعَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيِّتٌ» فَالْيَدُ مِنْ الْآدَمِيِّ طَاهِرَةٌ وَلَوْ مَقْطُوعَةً فِي سَرِقَةٍ أَوْ كَانَ الْجُزْءُ مِنْ سَمَكٍ أَوْ جَرَادٍ وَمِنْ نَحْوِ الشَّاةِ نَجِسَةٌ، وَمِنْهُ الْمَشِيمَةُ الَّتِي فِيهَا الْوَلَدُ طَاهِرَةٌ مِنْ الْآدَمِيِّ، نَجِسَةٌ مِنْ غَيْرِهِ. أَمَّا الْمُنْفَصِلُ مِنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَهُ حُكْمُ مَيْتَتِهِ بِلَا نِزَاعٍ، وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ فِيمَا يَخْرُجُ مِنْ جِلْدِ نَحْوِ حَيَّةٍ أَوْ عَقْرَبٍ فِي حَيَاتِهَا بِطَهَارَتِهِ كَالْعَرَقِ: أَيْ بِخِلَافِ سُمِّهَا كَمَا مَرَّ وَكَلَامُهُمْ يُخَالِفُهُ (إلَّا شَعْرَ الْمَأْكُولِ فَطَاهِرٌ) بِالْإِجْمَاعِ فِي الْمَجْزُوزِ وَعَلَى الصَّحِيحِ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَمْ يُبَيِّنْ خَوَاصَّهُ الَّتِي تُوجَدُ فِيهِ وَلَا تُوجَدُ فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فِي جِلْدَةٍ) قَالَ: أَمَّا إذَا قُلْنَا بِطَهَارَتِهِ لَا أَدْرِي أَمَأْكُولَةٌ أَمْ لَا؟ قَالَ الرُّويَانِيُّ: تُؤْكَلُ بِرّ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٌ. وَعِبَارَةُ حَجّ: وَجِلْدَةُ الْإِنْفَحَةِ مِنْ مَأْكُولٍ طَاهِرَةٌ تُؤْكَلُ، وَكَذَا مَا فِيهَا إنْ أُخِذَتْ مِنْ مَذْبُوحٍ لَمْ يَأْكُلْ غَيْرَ اللَّبَنِ وَإِنْ جَاوَزَ سَنَتَيْنِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطِّفْلِ الْآتِي غَيْرُ خَفِيٍّ (قَوْلُهُ: أَوْلَى) وَإِنْ جَاوَزَتْ الْحَوْلَيْنِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُعْفَى إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِالْعَفْوِ الطَّهَارَةَ اهـ م ر عَلَى الْعُبَابِ: أَيْ فَتَصِحُّ صَلَاةُ حَامِلِهِ، وَلَا يَجِبُ غَسْلُ الْفَمِ مِنْهُ عِنْدَ إرَادَةِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَهَلْ يَلْحَقُ بِالْإِنْفَحَةِ الْخُبْزُ الْمَخْبُوزُ بِالسِّرْجِينِ أَمْ لَا؟ الظَّاهِرُ الْإِلْحَاقُ كَمَا نَقَلَ عَنْ الزِّيَادِيِّ بِالدَّرْسِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ) أَيْ وَلَا يُكَلَّفُ غَيْرَهُ إذَا سَهُلَ تَحْصِيلُهُ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْأَمْرَ إذَا ضَاقَ اتَّسَعَ) أَيْ وَمِنْ قَوَاعِدِهِ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا اتَّسَعَ ضَاقَ: أَيْ إذَا كَثُرَ الْوُقُوعُ فِيهِ بِحَيْثُ لَا يَكَادُ يُتَخَلَّفُ عَادَةً عَمَّا هُوَ فِيهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ كَحَرَكَةِ الْيَدِ فِي الصَّلَاةِ أَبْطَلُوهَا بِثَلَاثَةِ أَفْعَالٍ مُتَوَالِيَةٍ وَلَوْ سَهْوًا. وَعِبَارَةُ حَجّ عَلَى الْعُبَابِ: وَمِنْ عِبَارَاتِ الشَّافِعِيِّ الرَّشِيقَةِ: " إذَا ضَاقَ الْأَمْرُ اتَّسَعَ ". وَقَدْ أَجَابَ بِهَا لَمَّا سُئِلَ عَنْ الْوُضُوءِ مِنْ أَوَانِي الْخَزَفِ الْمَعْمُولَةِ بِالسِّرْجِينِ ثُمَّ قَالَ: وَوَضَعَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذِهِ الْعِبَارَةَ فَقَالَ: لَمَّا وُضِعَتْ الْأَشْيَاءُ فِي الْأُصُولِ عَلِمُوا أَنَّهَا إذَا اتَّسَعَتْ ضَاقَتْ وَإِذَا ضَاقَتْ اتَّسَعَتْ، وَمَثَّلَ لِمَا اضْطَرَّ بِقَلِيلِ الْعَمَلِ فِي الصَّلَاةِ سُومِحَ بِهِ بِخِلَافِ كَثِيرِهِ مِمَّا لَمْ يُحْتَجْ لَهُ لَمْ يُسَامَحْ بِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْجُزْءُ الْمُنْفَصِلُ إلَخْ) اُنْظُرْ لَوْ اتَّصَلَ الْجُزْءُ الْمَذْكُورُ بِأَصْلِهِ وَحَلَّتْهُ الْحَيَاةُ هَلْ يَطْهُرُ وَيُؤْكَلُ بَعْدَ التَّذْكِيَةِ أَوْ لَا؟ وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ أَحْيَا اللَّهُ الْمَيْتَةَ ثُمَّ ذُكِّيَتْ وَلَا يَظْهَرُ فِي هَذِهِ إلَّا الْحِلُّ فَكَذَا الْأَوْلَى شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ (قَوْلُهُ: كَالْعَرَقِ) وَفِيهِ نَظَرٌ لِبُعْدِ تَشْبِيهِهِ بِالْعَرَقِ، بَلْ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ نَجِسٌ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مُتَجَسِّدٌ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ كَمَيِّتَتِهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُمْ يُخَالِفُهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: نَعَمْ يُعْفَى إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِهِ لِلْعُبَابِ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ بَعْضُهُمْ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِالْعَفْوِ الطَّهَارَةَ انْتَهَى. وَكَانَ الضَّمِيرُ فِي مُرَادِهِ رَاجِعٌ لِوَالِدِهِ الَّذِي أَفْتَى بِذَلِكَ فَلْتُرَاجَعْ عِبَارَتُهُ، وَعَلَيْهِ فَالْجُبْنُ طَاهِرٌ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، وَهُوَ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ هُنَا (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ الْجُزْءُ) لَمْ يَظْهَرْ مَا هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ.

فِي الْمُنْتَتَفِ وَصُوفِهِ وَوَبَرِهِ وَرِيشِهِ مِثْلُهُ سَوَاءٌ انْتَتَفَ مِنْهُ أَمْ اُنْتُتِفَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} [النحل: 80] وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا أُخِذَ حَالَ الْحَيَاةِ أَوْ بَعْدَ التَّذْكِيَةِ وَهُوَ مُخَصَّصٌ لِلْخَبَرِ الْمُتَقَدِّمِ، وَالشَّعْرُ الْمَجْهُولُ انْفِصَالُهُ هَلْ هُوَ فِي حَالِ حَيَاةِ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ أَوْ كَوْنُهُ مَأْكُولًا أَوْ غَيْرُهُ طَاهِرٌ عَمَلًا بِالْأَصْلِ، وَقِيَاسُهُ أَنَّ الْعَظْمَ كَذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْجَوَاهِرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَأَيْنَا قِطْعَةَ لَحْمٍ مُلْقَاةٍ وَشَكَكْنَا هَلْ هِيَ مِنْ مُذَكَّاةٍ أَوْ لَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّذْكِيَةِ، وَلَوْ قُطِعَ عُضْوٌ يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ وَعَلَيْهِ شَعْرٌ فَهُوَ نَجِسٌ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ لَهُ هَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَنْفَصِلْ مَعَ الشَّعْرِ شَيْءٌ مِنْ أُصُولِهِ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ مَعَ رُطُوبَةٍ فَهُوَ مُتَنَجِّسٌ يَطْهُرُ بِغَسْلِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (وَلَيْسَتْ الْعَلَقَةُ) وَهِيَ دَمٌ غَلِيظٌ يَسْتَحِيلُ إلَيْهِ الْمَنِيُّ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَعْلَقُ لِرُطُوبَتِهَا بِمَا تُلَاقِيهِ (وَالْمُضْغَةُ) وَهِيَ لَحْمَةٌ مُنْعَقِدَةٌ مِنْ ذَلِكَ. سُمِّيَتْ بِهِ لِأَنَّهَا بِقَدْرِ مَا يُمْضَغُ (وَرُطُوبَةُ الْفَرْجِ) وَهِيَ مَاءٌ أَبْيَضُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْمَذْيِ وَالْعَرَقِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ أَنَّ الْخَارِجَةَ مِنْ بَاطِنِ الْفَرْجِ نَجِسَةٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا مَتَى خَرَجَتْ مِنْ مَحِلٍّ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ فَهِيَ نَجِسَةٌ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSمُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَالشَّعْرُ) وَمِثْلُهُ اللَّبَنُ قح وَعِبَارَتُهُ: لَوْ شُكَّ فِي اللَّبَنِ أَمِنْ مَأْكُولٍ أَوْ آدَمِيٍّ أَوْ لَا، فَهُوَ طَاهِرٌ خِلَافًا لِلْأَنْوَارِ وَإِنْ كَانَ مُلْقًى فِي الْأَرْضِ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ. وَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِحِفْظِ مَا يُلْقَى مِنْهُ عَلَى الْأَرْضِ، بِخِلَافِ اللَّحْمَةِ فَلِهَذَا فَصَّلَ فِيهَا تَفْصِيلَهَا الْمَعْرُوفَ (قَوْلُهُ: مَأْكُولًا أَوْ غَيْرَهُ) وَمِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى فِي مِصْرِنَا مِنْ الْفِرَاءِ الَّتِي تُبَاعُ وَلَا يُعْرَفُ أَصْلُ حَيَوَانِهَا الَّذِي أُخِذَتْ مِنْهُ هَلْ هُوَ مَأْكُولُ اللَّحْمِ أَمْ لَا؟ وَهَلْ أُخِذَ مِنْهُ بَعْدَ تَذْكِيَتِهِ أَوْ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ: فِي الْجَوَاهِرِ) أَيْ وَإِنْ وَجَدَهُ مَرْمِيًّا فَلَيْسَ كَاللَّحْمِ " قح " وَعِبَارَتُهُ عَلَى حَجّ قَوْلُهُ: وَقِيَاسُهُ إلَخْ: أَيْ وَإِنْ كَانَ مَرْمِيًّا لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِرَمْيِ الْعَظْمِ الطَّاهِرِ م ر (قَوْلُهُ: قِطْعَةَ لَحْمٍ) عِبَارَتُهُ عِنْدَ شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا سَبَقَ وَلَوْ أُخْبِرَ بِتَنَجُّسِهِ إلَخْ، نَصُّهَا: " وَلَوْ وَجَدَ قِطْعَةَ لَحْمٍ فِي إنَاءٍ أَوْ خِرْقَةٍ بِبَلَدٍ لَا مَجُوسَ فِيهِ فَهِيَ طَاهِرَةٌ أَوْ مَرْمِيَّةٌ مَكْشُوفَةٌ فَنَجِسَةٌ أَوْ فِي إنَاءٍ أَوْ خِرْقَةٍ وَالْمَجُوسُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَ الْمُسْلِمُونَ أَغْلَبَ فَكَذَلِكَ، فَإِنْ غَلَبَ الْمُسْلِمُونَ فَطَاهِرَةٌ ". (قَوْلُهُ: بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ لَهُ) أَيْ فَلَوْ كَانَ يَسِيرًا لَا وَقْعَ لَهُ كَقِطْعَةِ لَحْمٍ يَسِيرَةٍ انْفَصَلَتْ مَعَ الرِّيشِ لَمْ يَضُرَّ وَيَكُونُ الرِّيشُ طَاهِرًا م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: تَعْلَقُ) مِنْ بَابِ طَرِبَ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَرُطُوبَةُ الْفَرْجِ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يُلَاقِيهِ بَاطِنُ الْفَرْجِ مِنْ دَمِ الْحَيْضِ هَلْ يَتَنَجَّسُ بِذَلِكَ فَيَتَنَجَّسُ بِهِ ذَكَرُ الْمُجَامِعِ أَوْ لَا؟ لِأَنَّ مَا فِي الْبَاطِنِ لَا يُنَجِّسُ أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ نَجِسٌ كَالنَّجَاسَاتِ الَّتِي فِي الْبَاطِنِ فَإِنَّهَا مَحْكُومٌ بِنَجَاسَتِهَا، وَلَكِنَّهَا لَا تُنَجِّسُ مَا أَصَابَهَا إلَّا إذَا اتَّصَلَتْ بِالظَّاهِرِ، وَمَعَ هَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْفَى عَنْ ذَلِكَ، فَلَا يَنْجَسُ ذَكَرُ الْمُجَامِعِ لِكَثْرَةِ الِابْتِلَاءِ بِهِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ أَيْضًا مَا لَوْ أَدْخَلَتْ أُصْبُعَهَا لِغَرَضٍ، لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ الِابْتِلَاءُ بِهِ كَالْجِمَاعِ لَكِنَّهَا قَدْ تَحْتَاجُ إلَيْهِ كَأَنْ أَرَادَتْ الْمُبَالَغَةَ فِي تَنْظِيفِ الْمَحِلِّ. وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ طَالَ ذَكَرُهُ وَخَرَجَ عَنْ الِاعْتِدَالِ أَنَّهُ لَا يَنْجَسُ بِمَا أَصَابَهُ مِنْ الرُّطُوبَةِ الْمُتَوَلَّدَةِ مِنْ الْبَاطِنِ الَّذِي لَا يَصِلُ إلَيْهِ ذَكَرُ الْمُجَامِعِ الْمُعْتَدِلِ لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّحَفُّظِ مِنْهُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اُبْتُلِيَ النَّائِمُ بِسَيَلَانِ الْمَاءِ مِنْ فَمِهِ فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ فَكَذَا هَذَا (قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ) يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ بِعَدَمِ وُجُوبِ غَسْلِ ذَكَرِ الْمُجَامِعِ فَإِنَّهُ يَصِلُ إلَى مَا لَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْ الْمَرْأَةِ، وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْقِيَاسُ نَجَاسَتُهُ. نَعَمْ فِي كَلَامِ سم عَلَى بَهْجَةٌ مَا يُفِيدُ أَنَّا وَإِنْ قُلْنَا بِنَجَاسَتِهِ يُعْفَى عَنْهُ. وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ ابْنِ الْعِمَادِ أَنَّ مَحِلَّ نَجَاسَةِ مَا يَخْرُجُ مِمَّا لَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْ الْفَرْجِ حَيْثُ خَرَجَ بِنَفْسِهِ كَأَنْ سَالَ. أَمَّا مَا يَخْرُجُ عَلَى ذَكَرِ الْمُجَامِعِ أَوْ عَلَى أُصْبُعِ الْمَرْأَةِ إذَا أَدْخَلَتْهُ فِي فَرْجِهَا فَطَاهِرٌ اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ. وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ نَجِسٌ غَايَتُهُ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ فَلَا يَنْجَسُ ذَكَرُ الْمُجَامِعِ كَمَا فُهِمَ مِنْ حَاشِيَةِ الْبَهْجَةِ لسم (قَوْلُهُ: فَهِيَ نَجِسَةٌ) خِلَافًا لحج حَيْثُ قَالَ بِطَهَارَتِهَا إنْ خَرَجَتْ مِمَّا يَصِلُ إلَيْهِ ذَكَرُ الْمُجَامِعِ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ: أَيْ فَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

رُطُوبَةٌ جَوْفِيَّةٌ، وَهِيَ إذَا خَرَجَتْ إلَى الظَّاهِرِ يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهَا فَلَا يَنْجَسُ ذَكَرُ الْمُجَامِعِ عِنْدَ الْحُكْمِ بِطَهَارَتِهَا، وَلَا يَجِبُ غَسْلُ الْوَلَدِ الْمُنْفَصِلِ فِي حَيَاةِ أُمِّهِ، وَالْأَمْرُ بِغَسْلِ الذَّكَرِ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَلَا تَنَجَّسَ مَنِيُّ الْمَرْأَةِ عَلَى مَا مَرَّ (بِنَجَسٍ فِي الْأَصَحِّ) مِنْ كُلِّ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ وَلَوْ غَيْرَ مَأْكُولٍ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ الْآدَمِيِّ أَفَادَ بِهِ مَعَ قَوْلِهِ آخِرَ الْمَقَالَةِ وَالثَّلَاثَةُ مِنْ غَيْرِ الْآدَمِيِّ أَوْلَى بِالنَّجَاسَةِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الثَّلَاثَةِ جَارٍ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ مِنْ الْآدَمِيِّ أَمْ مِنْ غَيْرِهِ، وَأَنَّ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ فِي الثَّلَاثَةِ مِنْ غَيْرِ الْآدَمِيِّ أَقْوَى مِنْ مُقَابِلِهِ فِيهَا مِنْ الْآدَمِيِّ، فَمَا ذَكَرَهُ لَيْسَ تَقْيِيدًا مُخْرِجًا لِلثَّلَاثَةِ مِنْ غَيْرِ الْآدَمِيِّ مِنْ الطَّهَارَةِ. هَكَذَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَتَاوِيهِ، وَخَرَجَ بِالطَّاهِرِ النَّجِسِ كَكَلْبٍ وَنَحْوِهِ. وَمِنْ الْمَحْكُومِ بِنَجَاسَتِهِ الْبُخَارُ الْخَارِجُ مِنْ النَّجَاسَةِ الْمُتَصَاعِدُ عَنْهَا بِوَاسِطَةِ نَارٍ، إذْ هُوَ مِنْ أَجْزَائِهَا تَفْصِلُهُ النَّارُ مِنْهَا لِقُوَّتِهَا لِأَنَّهُ رَمَادٌ مُنْتَشِرٌ لَكِنْ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ، وَشَمِلَ ذَلِكَ دُخَانُ النَّدِّ الْمَعْجُونِ بِالْخَمْرِ وَإِنْ جَازَ التَّبَخُّرُ بِهِ لِأَنَّ الْمُتَنَجِّسَ هُنَا كَالنَّجِسِ، وَمَا لَوْ انْفَصَلَ دُخَانٌ مِنْ لَهَبِ شَمْعَةٍ وُقُودُهَا نَجَسٌ أَوْ مِنْ دُخَانِ خَمْرٍ أُغْلِيَتْ وَلَمْ يَبْقَ فِيهَا شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ لِنَجَاسَةِ عَيْنِهَا، أَوْ مِنْ دُخَانِ حَطَبٍ أُوقِدَ بَعْدَ تَنَجُّسِهِ بِنَحْوِ بَوْلٍ. وَأَمَّا النُّوشَادِرُ وَهُوَ مِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى فَإِنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ انْعَقَدَ مِنْ دُخَانِ النَّجَاسَةِ أَوْ قَالَ عَدْلَانِ خَبِيرَانِ إنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا مِنْ دُخَانِهَا فَنَجِسٌ، وَإِلَّا فَالْأَصْلُ الطَّهَارَةُ، وَيُعْفَى عَنْ يَسِيرِ شَعْرِ نَجِسٍ مِنْ غَيْرِ نَحْوِ كَلْبٍ، وَعَنْ كَثِيرِهِ مِنْ مَرْكُوبٍ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ، وَعَنْ رَوْثِ سَمَكٍ فَلَا يَنْجُسُ الْمَاءُ لِتَعَذُّرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ إلَّا أَنْ يُغَيِّرَهُ فَيَنْجُسُ، وَلِمَا يَغْلِبُ تَرَشُّحُهُ كَدَمْعٍ وَبُصَاقٍ وَمُخَاطٍ حُكْمُ حَيَوَانِهِ طَهَارَةً وَضِدَّهَا. (وَلَا يَطْهُرُ نَجِسُ الْعَيْنِ) بِالْغَسْلِ مُطْلَقًا وَلَا بِالِاسْتِحَالَةِ كَمَيِّتَةٍ وَقَعَتْ فِي مَلَّاحَةٍ فَصَارَتْ مِلْحًا أَوْ أُحْرِقَتْ فَصَارَتْ رَمَادًا (إلَّا) شَيْئَانِ: أَحَدُهُمَا (خَمْرٌ) وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُحْتَرَمَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَنْجَسُ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ لَهُ (قَوْلُهُ: بِنَجَسٍ فِي الْأَصَحِّ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ أَكْلُ الْمُضْغَةِ وَالْعَلَقَةِ مِنْ الْمُذَكَّاةِ فِيمَا يَظْهَرُ، ثُمَّ رَأَيْت شَرْحَ الرَّوْضِ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْأَطْعِمَةِ وَالْأُضْحِيَّةِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ) وَلَوْ مِنْ مُغَلَّظٍ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بِفِعْلِهِ، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِاغْتِفَارِ ذَلِكَ لِكَثْرَةِ الِابْتِلَاءِ بِهِ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَلْصَقَ بِثَوْبِهِ ذُبَابَةً مُتَنَجِّسَةً بِنَحْوِ غَائِطٍ لَمْ يُعْفَ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ الطَّرَفَ مَا أَصَابَهُ مِنْهَا لِأَنَّهُ بِفِعْلِهِ وَلَوْ شَكَّ فِي الْقِلَّةِ وَعَدَمِهَا لَمْ يَنْجَسْ عَمَلًا بِالْأَصْلِ (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ انْفَصَلَ دُخَانٌ) أَفْهَمُ أَنَّهُ لَوْ نَشَّفَ شَيْئًا رَطْبًا عَلَى اللَّهَبِ الْمُجَرَّدِ عَنْ الدُّخَانِ لَا يَتَنَجَّسُ وَهُوَ ظَاهِرٌ. ثُمَّ رَأَيْت فِي ابْنِ الْعِمَادِ مِنْ كِتَابِهِ [رَفْعُ الْإِلْبَاسِ عَنْ وَهْمِ الْوِسْوَاسِ] مَا نَصُّهُ: السَّابِعُ إذَا أُوقِدَ بِالْأَعْيَانِ النَّجِسَةِ تَصَاعَدَتْ النَّارُ وَتَصَاعَدَ مِنْ النَّارِ الدُّخَانُ، وَقَدْ سَبَقَ حُكْمُ الدُّخَانِ. وَأَمَّا النَّارُ الْمُتَصَاعِدَةُ فِي حَالِ الْوُقُودِ فَلَيْسَتْ مِنْ نَفْسِ الْوُقُودِ، وَإِنَّمَا هِيَ تَأْكُلُ الْوُقُودَ وَيَخْرُجُ مِنْهُ الدُّخَانُ، وَالدُّخَانُ أَجْزَاءٌ لَطِيفَةٌ تَنْفَصِلُ مِنْ الْوَقُودِ، وَلِهَذَا يَجْتَمِعُ مِنْهُ الْهِبَابُ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ النَّارَ الْمُتَصَاعِدَةَ طَاهِرَةٌ حَتَّى لَوْ صَعِدَتْ صَافِيَةً مِنْ الدُّخَانِ وَمَسَّتْ ثَوْبًا رَطْبًا لَمْ يُحْكَمْ بِتَنَجُّسِهِ، إلَّا أَنَّهَا فِي الْغَالِبِ تَخْتَلِطُ بِالدُّخَانِ بِدَلِيلِ أَنَّ الدُّخَانَ يَصْعَدُ مِنْ أَعْلَاهَا فِي حَالِ التَّلَهُّبِ وَالدُّخَانُ يَخْتَلِطُ بِهَا، وَلِهَذَا إذَا لَاقَتْ النَّارُ شَيْئًا رَطْبًا أَسْوَدَ مِنْ الدُّخَانِ الَّذِي هُوَ مُخْتَلِطٌ بِهَا، فَعَلَى هَذَا إذَا لَاقَاهَا شَيْءٌ رَطْبٌ تَنَجَّسَ اهـ. وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْهِبَابَ الْمَعْرُوفَ الْمُتَّخَذَ مِنْ دُخَانِ السِّرْجِينِ أَوْ الزَّيْتِ الْمُتَنَجِّسِ إذَا أُوقِدَ بِهِ نَجِسٌ كَالرَّمَادِ، وَقَدْ يُقَالُ بِالْعَفْوِ عَنْ قَلِيلِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ. إذْ مِنْ الْقَوَاعِدِ أَنَّ الْمَشَقَّةَ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ (قَوْلُهُ: نَحْوِ كَلْبٍ) أَيْ أَمَّا هُوَ فَلَا يُعْفَى مِنْهُ وَإِنْ احْتَاجَ إلَى رُكُوبِهِ لِغِلَظِ أَمْرِهِ وَنُدْرَةِ وُقُوعِ مِثْلِهِ (قَوْلُهُ: لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ) أَيْ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ كَانَ يُمْكِنُهُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ وَأَصَابَهُ لَمْ يَضُرَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا تُنَجِّسُ مَنِيُّ الْمَرْأَةِ) الضَّمِيرُ فِي تُنَجِّسُ رَاجِعٌ إلَى الرُّطُوبَةِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ الْمَحْكُومِ بِنَجَاسَتِهِ الْبُخَارُ) يَعْنِي الدُّخَانَ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُغَيِّرَهُ) أَيْ وَإِلَّا أَنْ يَضَعَ السَّمَكَ فِي الْمَاءِ عَبَثًا كَمَا قَدَّمَهُ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الطَّهَارَةِ

حَقِيقَةً كَانَتْ الْخَمْرَةُ وَهِيَ الْمُتَّخَذَةُ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ أَمْ غَيْرَهَا وَهِيَ الْمُعْتَصَرَةُ مِنْ غَيْرِهِ، فَقَدْ ذُكِرَ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ أَنَّهَا اسْمٌ لِكُلِّ مُسْكِرٍ، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ طَهَارَةِ النَّبِيذِ بِالتَّخَلُّلِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا صَحَّحَاهُ فِي بَابَيْ الرِّبَا وَالسَّلَمِ لِإِطْبَاقِهِمْ عَلَى صِحَّةِ السَّلَمِ فِي خَلِّ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ الْمُسْتَلْزِمَةِ لِطَهَارَتِهِمَا، لِأَنَّ النَّجِسَ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَلَا السَّلَمُ فِيهِ اتِّفَاقًا، وَلَا يَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِهِمْ ثَمَّ عَلَى خَلٍّ لَمْ يَتَخَمَّرْ لِأَنَّهُ نَادِرٌ، وَإِنَّمَا طَهُرَ لِأَنَّ الْمَاءَ مِنْ ضَرُورَتِهِ بِالنِّسْبَةِ لِإِخْرَاجِ مَا بَقِيَ فِيهِ لَا مِنْ أَصْلِ ضَرُورَةِ عَصْرِهِ لِسُهُولَتِهِ بِدُونِهِ، وَإِذَا تُسُومِحَ فِي هَذَا الْمَاءِ فَمَا يُتَوَقَّفُ عَلَيْهِ أَصْلُ الْعَصْرِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (تَخَلَّلَتْ) بِنَفْسِهَا فَتَطْهُرُ بِالتَّخَلُّلِ لِأَنَّ عِلَّةَ النَّجَاسَةِ وَالتَّحْرِيمِ الْإِسْكَارُ وَقَدْ زَالَتْ، وَلِأَنَّ الْعَصِيرَ لَا يَتَخَلَّلُ إلَّا بَعْدَ التَّخَمُّرِ غَالِبًا، فَلَوْ لَمْ نَقُلْ بِالطَّهَارَةِ لِرُبَّمَا تَعَذَّرَ الْخَلُّ وَهُوَ حَلَالٌ إجْمَاعًا وَلَوْ بَقِيَ فِي قَعْرِ الْإِنَاءِ دُرْدِيُّ خَمْرٍ فَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ أَنَّهُ يَطْهُرُ تَبَعًا لِلْإِنَاءِ سَوَاءٌ اسْتَحْجَرَ أَمْ لَا، كَمَا يَطْهُرُ بَاطِنُ جَوْفِ الدَّنِّ، بَلْ هَذَا أَوْلَى، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَيْضًا أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْعَصِيرِ بَيْنَ الْمُتَّخَذِ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ وَغَيْرِهِ. فَلَوْ جُعِلَ فِيهِ عَسَلًا أَوْ سُكَّرًا أَوْ اتَّخَذَهُ مِنْ نَحْوِ عِنَبٍ وَرُمَّانٍ أَوْ بُرٍّ وَزَبِيبٍ طَهُرَ بِانْقِلَابِهِ خَلًّا، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الْعِمَادِ وَلَيْسَ فِيهِ تَخْلِيلٌ بِمُصَاحَبَةِ عَيْنٍ لِأَنَّ نَفْسَ الْعَسَلِ أَوْ الْبُرِّ وَنَحْوِهِمَا يَتَخَمَّرْ كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَكَذَلِكَ السُّكَّرُ فَلَمْ يَصْحَبْ الْخَمْرَ عَيْنٌ أُخْرَى، وَلَوْ جُعِلَ مَعَ نَحْوِ الزَّبِيبِ طِيبًا مُتَنَوِّعًا وَنُقِعَ ثُمَّ صُفِّيَ وَصَارَتْ رَائِحَتُهُ كَرَائِحَةِ الْخَمْرِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إنَّ ذَلِكَ الطِّيبَ إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الزَّبِيبِ تَنَجَّسَ، وَإِلَّا فَلَا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَوْ أُلْقِيَ عَلَى عَصِيرٍ خَلٌّ دُونَهُ تَنَجَّسَ. وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ الْأَصْلَ وَالظَّاهِرَ عَدَمُ التَّخَمُّرِ، وَلَا عِبْرَةَ بِالرَّائِحَةِ حِينَئِذٍ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ وَهُوَ أَوْجَهُ، وَيَكْفِي زَوَالُ النَّشْوَةِ وَغَلَبَةُ الْحُمُوضَةِ وَلَا تُشْتَرَطُ نِهَايَتُهَا بِحَيْثُ لَا تَزِيدُ (وَكَذَا إنْ نُقِلَتْ مِنْ شَمْسٍ إلَى ظِلٍّ وَعَكْسُهُ فِي الْأَصَحِّ) أَوْ مِنْ دَنٍّ إلَى آخَرَ أَوْ فَتَحَ رَأْسَ ظَرْفِهِ لِلْهَوَاءِ لِزَوَالِ الشِّدَّةِ الْمُطْرِبَةِ مِنْ غَيْرِ نَجَاسَةٍ خَلَّفَتْهَا سَوَاءٌ أَقَصَدَ بِكُلٍّ مِنْهَا التَّخَلُّلَ أَمْ لَا، وَالثَّانِي لَا تَطْهُرُ لِمَا سَيَأْتِي (فَإِنْ خُلِّلَتْ بِطَرْحِ شَيْءٍ) فِيهَا وَلَوْ بِنَفْسِهِ أَوْ بِإِلْقَاءِ نَحْوَ رِيحٍ (فَلَا) تَطْهُرُ لِأَنَّ مَنْ اسْتَعْجَلَ شَيْئًا قَبْلَ أَوَانِهِ عُوقِبَ بِحِرْمَانِهِ غَالِبًا، سَوَاءٌ كَانَ لَهُ دَخْلٌ فِي التَّخْلِيلِ كَبَصَلٍ وَخُبْزٍ حَارٍّ أَمْ لَا كَحَصَاةٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لِسُهُولَتِهِ بِدُونِهِ. إلَخْ) كَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمْ قَالُوا بِطَهَارَةِ الْخَمْرِ وَإِنْ اخْتَلَطَ بِهِ مَا تَوَقَّفَ كَمَالُ عَصْرِهِ عَلَيْهِ، وَإِذَا قَالُوا بِذَلِكَ فِي الْخَمْرِ الَّذِي يُمْكِنُ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنْ الْمَاءِ فَلْيَقُولُوا بِهِ فِي النَّبِيذِ لِكَوْنِ الْمَاءِ مِنْ ضَرُورِيَّاتِهِ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: بِنَفْسِهَا) قَالَ سم فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ وَجَزَمَ م ر فِي تَقْرِيرِهِ بِحُرْمَةِ الِاسْتِعْجَالِ وَاعْتَمَدَهُ وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ التَّطْهِيرَ اهـ. وَنُقِلَ فِي حَوَاشِي حَجّ عَدَمُ الْحُرْمَةِ فَلْيُرَاجَعْ، وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ صَرِيحَةٌ فِي الْحُرْمَةِ أَيْضًا حَيْثُ جَعَلَ الْقَوْلَ بِعَدَمِ طَهَارَتِهَا إذَا نُقِلَتْ مِنْ شَمْسٍ إلَى ظِلٍّ مَبْنِيًّا عَلَى حُرْمَةِ الِاسْتِعْجَالِ بِالنَّقْلِ (قَوْلُهُ: دُرْدِيٌّ) هُوَ بِضَمِّ الدَّالِ (قَوْلُهُ: فَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ. إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَسْكَرَ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ حُكِمَ بِطَهَارَتِهِ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ، كَمَا حُكِمَ بِطَهَارَةِ الدَّنِّ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى نَجَاسَةِ الْخَلِّ، وَغَايَتُهُ أَنَّهُ يَصِيرُ كَالْحَشِيشَةِ الْجَامِدَةِ، عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ أَوْ الْمُطَّرِدَ أَنَّهُ إذَا تَخَلَّلَ لَا يَبْقَى الدُّرْدِيُّ مُسْكِرًا، وَلَعَلَّهُ إذَا بَقِيَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْإِسْكَارِ فَهُوَ أَثَرٌ لَا يَزِيدُ عَلَى مَا يَحْصُلُ مِنْ الْحَشِيشِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَطْهُرُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: فَلَوْ جُعِلَ فِيهِ) أَيْ فِي الدَّنِّ الَّذِي فِيهِ الْعَصِيرُ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ) أَيْ وَأَنَّهُ طَاهِرٌ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوْجَهُ) وَجَزَمَ حَجّ بِالتَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي) أَيْ فِي الطَّهَارَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَنْ اسْتَعْجَلَ شَيْئًا) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ: فَإِنْ خَلَّلْت إلَخْ، بِقَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا زَادَهُ مِنْ نَحْوِ الرِّيحِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: اسْمٌ لِكُلِّ مُسْكِرٍ) أَيْ حَقِيقَةً كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ، فَفِي اسْتِشْهَادِ الشَّارِحِ بِهِ عَلَى مَا قَدَّمَهُ صُعُوبَةٌ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ: هَلْ الْخَمْرُ حَقِيقَةٌ فِي الْمُعْتَصَرَةِ مِنْ الْعِنَبِ مَجَازٌ فِي غَيْرِهَا. أَوْ حَقِيقَةٌ فِي كُلِّ مُسْكِرٍ؟ (قَوْلُهُ: مُتَنَوِّعًا) لَيْسَ بِقَيْدٍ فِي الْحُكْمِ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ لِكَوْنِهِ الْوَاقِعَ (قَوْلُهُ: فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ ذَلِكَ الطِّيبَ إنْ كَانَ أَقَلَّ) أَيْ عَيْنَ الطِّيبِ لَا مُجَرَّدَ رَائِحَتِهِ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ) أَيْ، وَهُوَ الطَّهَارَةُ مُطْلَقًا كَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ

وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا قَبْلَ التَّخَمُّرِ وَمَا بَعْدَهُ، وَلَا بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ طَاهِرَةً أَوْ نَجِسَةً، نَعَمْ إنْ كَانَتْ طَاهِرَةً وَنُزِعَتْ مِنْهَا قَبْلَ التَّخَلُّلِ طَهُرَتْ، أَمَّا النَّجِسَةُ فَلَا وَإِنْ نُزِعَتْ قَبْلَهُ لِأَنَّ النَّجَسَ يَقْبَلُ التَّنْجِيسَ. وَلَوْ عُصِرَ نَحْوُ الْعِنَبِ وَوَقَعَ فِيهِ بَعْضُ حَبَّاتٍ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهَا لَمْ تَضُرَّ فِيمَا يَظْهَرُ، وَكَالْمُتَنَجِّسِ بِالْعَيْنِ الْعَنَاقِيدُ وَحَبَّاتُهَا إذَا تَخَمَّرَتْ فِي الدَّنِّ ثُمَّ تَخَلَّلَتْ، وَكَذَا لَوْ صُبَّ عَصِيرٌ فِي دَنٍّ مُتَنَجِّسٍ أَوْ كَانَ الْعَصِيرُ مُتَنَجِّسًا، أَوْ نَقَصَ مِنْ خَمْرِ الدَّنِّ بِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْهَا، أَوْ أُدْخِلَ فِيهِ شَيْءٌ فَارْتَفَعَتْ بِسَبَبِهِ ثُمَّ أُخْرِجَ فَعَادَتْ كَمَا كَانَتْ، إلَّا إنْ صُبَّ عَلَيْهَا خَمْرٌ حَتَّى ارْتَفَعَتْ إلَى الْمَوْضِعِ الْأَوَّلِ. وَاعْتَبَرَ الْبَغَوِيّ كَوْنَهُ قَبْلَ جَفَافِهِ، وَاعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَيَطْهُرُ الدَّنُّ تَبَعًا لَهَا وَإِنْ تَشَرَّبَ بِهَا أَوْ غَلَتْ، وَلَوْ اخْتَلَطَ عَصِيرٌ بِخَلٍّ مَغْلُوبٍ ضَرَّ أَوْ غَالِبٍ فَلَا، فَإِنْ كَانَ مُسَاوِيًا فَكَذَلِكَ إنْ أَخْبَرَ بِهِ عَدْلَانِ يَعْرِفَانِ مَا يَمْنَعُ التَّخَمُّرَ وَعَدَمَهُ، أَوْ عَدْلٌ وَاحِدٌ فِيمَا يَظْهَرُ، أَمَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ خَبِيرٌ أَوْ وُجِدَ وَشَكَّ فَالْأَوْجَهُ إدَارَةُ الْحُكْمِ عَلَى الْغَالِبِ حِينَئِذٍ. وَيَحِلُّ إمْسَاكُ خَمْرٍ مُحْتَرَمَةٍ لَا غَيْرَهَا وَهِيَ الْمُعْتَصَرَةُ بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ فَتَجِبُ إرَاقَتُهَا فَوْرًا كَمَا تَقَدَّمَ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSفَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجْرِي فِيهِ (قَوْلُهُ: أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ) وَلَيْسَ مِنْ الْعَيْنِ فِيمَا يَظْهَرُ الدُّودُ الْمُتَوَلَّدُ مِنْ الْعَصِيرِ فَلَا يَضُرُّ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ تَخَمَّرَ مَا فِي أَجْوَافِ الْحَبَّاتِ ثُمَّ تَخَلَّلَ حَيْثُ قَالُوا بِطَهَارَتِهِ، وَمِمَّا يَتَسَاقَطُ مِنْ الْعِنَبِ عِنْدَ الْعَصْرِ مِنْ النَّوَى فَإِنَّ الِاحْتِرَازَ عَنْ ذَلِكَ أَسْهَلُ مِنْ الِاحْتِرَازِ عَنْ الدُّودِ فَتَنَبَّهْ لَهُ (قَوْلُهُ: قَبْلَ التَّخَلُّلِ) أَيْ إنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ شَيْءٌ مِنْ الْعَيْنِ. بَقِيَ مَا لَوْ كَانَ مِنْ شَأْنِهِ التَّخَلُّلُ ثُمَّ أَخْبَرَ مَعْصُومٌ بِأَنَّهُ لَمْ يَتَخَلَّلْ مِنْهُ شَيْءٌ هَلْ يَطْهُرُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِمَّا أَقَامَ الشَّارِعُ فِيهِ الْمَظِنَّةَ مَقَامَ الْيَقِينِ، بَلْ مِمَّا بَنَى فِيهِ الْحُكْمَ عَلَى ظَاهِرِ الْحَالِ مِنْ التَّخَلُّلِ مِنْ الْعَيْنِ وَبِإِخْبَارِ مَعْصُومٍ قَطَعَ بِانْتِفَاءِ ذَلِكَ فَوَجَبَ الْحُكْمُ بِطَهَارَتِهِ بِالتَّخَلُّلِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَخَلَّلَتْ) قَرَّرَ م ر أَنَّهُ يَضُرُّ الْعَنَاقِيدَ وَالْحَبَّاتِ إنْ تَخَمَّرَتْ فِي الدَّنِّ وَتَخَلَّلَتْ، بِخِلَافِ مَا إذَا تَخَمَّرَ مَا فِي أَجْوَافِ الْحَبَّاتِ ثُمَّ تَخَلَّلَ يَطْهُرُ لِأَنَّهُ كَالظُّرُوفِ لِمَا فِي جَوْفِهَا اهـ. وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُخَالِفُهُ فَرَاجِعْهُ اهـ سم. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ مَا نَقَلَهُ سم عَنْ الشَّارِحِ وَمَا هُنَا، لِإِمْكَانِ حَمْلِ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمُتَخَمِّرُ الْعَنَاقِيدَ مَعَ الْحَبَّاتِ فَلَا يَطْهُرُ مَا فِي بَاطِنِ الْحَبَّاتِ، وَهَذَا هُوَ الشِّقُّ الْأَوَّلُ مِمَّا نَقَلَهُ سم عَنْ م ر وَمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ إلَخْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا أُخِذَتْ الْحَبَّاتُ مُجَرَّدَةً عَنْ الْعَنَاقِيدِ وَطُرِحَتْ فِي الدَّنِّ إنْ تَخَمَّرَتْ ثُمَّ تَخَلَّلَتْ، لَكِنْ تُشْكِلُ إحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ بِالْأُخْرَى، فَإِنَّ قُشُورَ الْحَبَّاتِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْخَمْرِ كَالظُّرُوفِ لَهَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَمُجَاوَرَتُهَا لِلْعَنَاقِيدِ فِي الْأُولَى لَا تَضُرُّ فِي طَهَارَتِهَا لِأَنَّ غَايَتَهَا أَنَّ الْعَنَاقِيدَ مُجَاوِرَةٌ لِلْحَبَّاتِ وَمُجَرَّدُ ذَلِكَ لَا يَقْتَضِي نَجَاسَةَ مَا فِي الْبَاطِنِ. نَعَمْ إنَّ فَرْضَ الْكَلَامِ فِيمَا لَوْ انْعَصَرَتْ الْحَبَّاتُ وَاخْتَلَطَتْ الْعَنَاقِيدُ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا اتَّضَحَ الْقَوْلُ بِنَجَاسَتِهَا وَانْدَفَعَ الْإِشْكَالُ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْهَا) أَيْ فَإِنَّ الْخَلَّ وَإِنْ طَهُرَ بِانْقِلَابِ الْخَمْرِ إلَيْهِ تَنَجَّسَ بِمُلَاقَاتِهِ الْجُزْءَ الَّذِي أُزِيلَتْ الْخَمْرَةُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ غَلَتْ) أَيْ حَتَّى ارْتَفَعَتْ وَعِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ: وَيَطْهُرُ بِطُهْرِهَا ظَرْفُهَا وَمَا ارْتَفَعَتْ إلَيْهِ لَكِنْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ تَبَعًا لَهَا اهـ (قَوْلُهُ: مَغْلُوبٌ) أَيْ بِأَنْ كَانَ دُونَ الْعَصْرِ (قَوْلُهُ: إنْ أَخْبَرَ بِهِ) لَمْ يَذْكُرْ حَجّ هَذَا الْقَيْدَ (قَوْلُهُ: لَمْ يُوجَدْ خَبِيرٌ) أَيْ فِي مَوْضِعٍ يَجِبُ الذَّهَابُ إلَيْهِ لَوْ أُقِيمَتْ فِيهِ الْجُمُعَةُ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْغَالِبِ) يُتَأَمَّلُ مَعْنَى الْغَالِبِ فَإِنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْخَلَّ مُسَاوٍ وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يُعْرَفُ حَالُهُ فَمَا مَعْنَى الْغَلَبَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ أَنَّهُ يَنْظُرُ لِغَالِبِ مَا يُعْرَضُ لِلْعَصِيرِ الْمُخْتَلِطِ بِخَلٍّ مُسَاوٍ لَهُ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يُعْلَمْ حَالٌ أَلْبَتَّةَ فَيَنْبَغِي عَدَمُ طَهَارَتِهِ نَظَرًا إلَى مَا هُوَ الْغَالِبُ فِي الْعَصِيرِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مِنْ تَخَمُّرِهِ قَبْلَ التَّخَلُّلِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ الْغَيْرُ، فَالْمُحْتَرَمَةُ هِيَ الَّتِي عُصِرَتْ بِقَصْدِ الْخَلِّيَّةِ أَوْ لَا بِقَصْدِ شَيْءٍ، وَهَلْ عَصْرُهَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ كَبِيرَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَكَالْمُتَنَجِّسِ بِالْعَيْنِ الْعَنَاقِيدُ إلَخْ) مُرَادُهُ بِهِ الرَّدُّ عَلَى الشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ، لَكِنْ فِي عِبَارَتِهِ مُسَامَحَةٌ، وَعِبَارَةُ الشَّرْحِ الْمَذْكُورِ: وَتُسْتَثْنَى الْعَنَاقِيدُ وَحَبَّاتُهَا فَلَا تَضُرُّ مُصَاحَبَتُهَا لِلْخَمْرِ إذَا تَخَلَّلَتْ

فِي بَابِ الْغَصْبِ وَذُكِرَتْ فِيهَا فَوَائِدُ جُمْلَةٌ هُنَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ. (وَ) ثَانِيهِمَا (جِلْدٌ نَجِسٌ بِالْمَوْتِ) مَأْكُولًا كَانَ أَمْ غَيْرَهُ (فَيَطْهُرُ بِدَبْغِهِ) أَيْ بِانْدِبَاغِهِ وَلَوْ بِوُقُوعِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِإِلْقَاءِ رِيحٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ أَوْ بِإِلْقَاءِ الدَّابِغِ عَلَيْهِ وَلَوْ بِنَحْوِ رِيحٍ (ظَاهِرُهُ وَكَذَا بَاطِنُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ «إذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ» وَحَدِيثُ «طَهُورُ كُلِّ أَدِيمٍ دِبَاغُهُ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ، وَوَرَدَ فِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ «هَلَّا أَخَذْتُمْ إهَابَهَا فَدَبَغْتُمُوهُ فَانْتَفَعْتُمْ بِهِ» . قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْخَادِمِ: وَالْمُرَادُ بِبَاطِنِهِ مَا بَطُنَ وَبِظَاهِرِهِ مَا ظَهَرَ مِنْ وَجْهَيْهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ: إذَا قُلْنَا بِطَهَارَةِ ظَاهِرِهِ فَقَطْ جَازَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ لَا فِيهِ، فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ، فَقَدْ رَأَيْت مَنْ يَغْلَطُ فِيهِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ طَهَارَةِ بَاطِنِهِ بِهِ أَنَّهُ لَوْ نَتَفَ الشَّعْرَ بَعْدَ دَبْغِهِ صَارَ مَوْضِعُهُ مُتَنَجِّسًا يَطْهُرُ بِغَسْلِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَالثَّانِي يَقُولُ آلَةُ الدِّبَاغِ لَا تَصِلُ إلَى الْبَاطِنِ. وَرَدَّ بِوُصُولِهَا إلَيْهِ بِوَاسِطَةِ الْمَاءِ أَوْ رُطُوبَةِ الْجِلْدِ وَخَرَجَ بِالْجِلْدِ الشَّعْرُ فَلَا يَطْهُرُ بِهِ وَإِنْ أُلْقِيَ فِي الْمَدْبَغَةِ وَعَمَّهُ الدَّابِغُ لِأَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ لَكِنْ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ وَإِنْ قَالَ الشَّيْخُ إنَّهُ يَطْهُرُ تَبَعًا وَإِنْ لَمْ يَتَأَثَّرْ بِالدَّبْغِ، لَكِنَّ قَوْلَهُ كَمَا يَطْهُرُ دَنُّ الْخَمْرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَخَلُّلُ مَحِلِّ وَقْفَةٍ، إذْ يُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ الشَّعْرِ وَالدَّنِّ بِأَنَّ الثَّانِيَ مَحِلُّ ضَرُورَةٍ، إذْ لَوْلَا الْحُكْمُ بِطَهَارَتِهِ لَمْ يُمْكِنْ طَهَارَةُ خَلٍّ أَصْلًا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ لَا ضَرُورَةَ إلَى الْقَوْلِ بِطَهَارَتِهِ لِإِمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِهِ لَا مِنْ جِهَةِ الشَّعْرِ وَخَرَجَ بِنَجِسٍ بِالْمَوْتِ جِلْدُ الْمُغَلَّظَةِ فَلَا يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ، إذْ سَبَبُ نَجَاسَةِ الْمَيْتَةِ تَعَرُّضُهَا لِلْعُفُونَةِ وَالْحَيَاةُ أَبْلَغُ فِي دَفْعِهَا، فَإِذَا لَمْ تُفِدْ الطَّهَارَةَ فَالِانْدِبَاغُ أَوْلَى (وَالدَّبْغُ نَزْعُ فُضُولِهِ) وَهِيَ مَائِيَّتُهُ وَرُطُوبَتُهُ الْمُفْسِدُ لَهُ بَقَاؤُهَا، وَيُطَيِّبُهُ نَزْعُهَا بِحَيْثُ لَوْ نُقِعَ فِي الْمَاءِ لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ النَّتِنُ، وَهُوَ مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بِالْفَسَادِ أَوْ هُوَ أَعَمُّ لِيَشْمَلَ نَحْوَ شِدَّةٍ نَحْوِ تَصَلُّبِهِ وَسُرْعَةً نَحْوَ بَلَائِهِ، لَكِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَوْ صَغِيرَةٌ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: جِلْدٌ نَجِسٌ بِالْمَوْتِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ سُلِخَ جِلْدُ حَيَوَانٍ وَهُوَ حَيٌّ لَمْ يَطْهُرْ بِالدَّبْغِ وَلَيْسَ مُرَادًا. وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِكَوْنِهِ نَجِسًا بِالْمَوْتِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَوْتِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، وَذَلِكَ أَنَّ الْجُزْءَ الْمُنْفَصِلَ مِنْ الْحَيِّ كَمَيِّتَتِهِ، فَانْفِصَالُهُ مَعَ الْحَيَاةِ بِمَنْزِلَةِ انْفِصَالِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: أَدِيمٌ) أَيْ جِلْدٌ (قَوْلُهُ: مِنْ وَجْهَيْهِ) شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ الدِّبَاغُ مُلَاقِيًا لِلطَّبَقَةِ الَّتِي تَلِي اللَّحْمَ دُونَ الْمُلَاقِي لِلشَّعْرِ، كَمَا يُفْعَلُ فِي دَبْغِ الْفِرَاءِ بِوَضْعِ نَحْوِ الْقَرَظِ عَلَى الْمُلَاقِي لِلَّحْمِ دُونَ غَيْرِهِ وَيُعَالَجُ حَتَّى تَزُولَ عُفُونَتُهُ، فَإِنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ عَلَى هَذَا طَهَارَةُ الْمُلَاقِي لِلشَّعْرِ لِأَنَّهُ طَاهِرٌ مِنْ وَجْهَيْهِ دُونَ مَا بَيْنَ طَبَقَتَيْ الْجِلْدِ وَهُوَ مُشْكِلٌ، فَإِنَّهُ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ وُصُولُ أَثَرِ الدِّبَاغِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِلْمُلَاقِي لِلشَّعْرِ دُونَ غَيْرِهِ مِمَّا بَيْنَ الطَّبَقَتَيْنِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِلُ إلَى الْمُلَاقِي لِلشَّعْرِ إلَّا بَعْدَ مُجَاوَرَةِ مَا بَيْنَ الطَّبَقَتَيْنِ، وَصَوَّرَهُ الْبَكْرِيُّ بِمَا إذَا وَضَعَ الدِّبَاغَ عَلَى كُلٍّ مِنْ وَجْهَيْهِ وَعَلَيْهِ فَلَا إشْكَالَ، لَكِنْ يَرُدُّهُ ظَاهِرُ قَوْلِ الشَّارِحِ هُنَا: وَيُؤْخَذُ مِنْ طَهَارَةِ بَاطِنِهِ بِهِ أَنَّهُ لَوْ نَتَفَ الشَّعْرَ بَعْدَ دَبْغِهِ صَارَ مَوْضِعُهُ مُتَنَجِّسًا، فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَوْضِعَ الشَّعْرِ طَهُرَ بِالدِّبَاغِ ثُمَّ تَنَجَّسَ بِمُلَاقَاتِهِ لِلشَّعْرِ فَإِنَّ الدِّبَاغَ لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ (قَوْلُهُ: لَا ضَرُورَةَ) قَدْ تُمْنَعُ الضَّرُورَةُ بِأَنْ يُقَالَ: يُعْفَى عَنْ مُلَاقَاةِ الدَّنِّ لِلْخَلِّ مَعَ نَجَاسَةِ الدَّنِّ لِلضَّرُورَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ النَّجَاسَةِ التَّنْجِيسُ، فَالْفَرْقُ حِينَئِذٍ فِيهِ نَظَرٌ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَرُطُوبَتُهُ) عَطْفٌ مُغَايِرٌ (قَوْلُهُ: بَقَاؤُهَا) أَيْ الْفُضُولِ (قَوْلُهُ: بَلَائِهِ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: بَلِيَ الثَّوْبُ بِالْكَسْرِ بِلًى بِالْقَصْرِ، فَإِنْ فَتَحْت يَاءَ الْمَصْدَرِ مَدَدْته اهـ. وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ: هُنَا بَلَائِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ) أَيْ فِي ذَاتِ الدَّنِّ (قَوْلُهُ: أَوْ هُوَ) أَيْ الْفَسَادُ

فِي إطْلَاقِ ذَلِكَ نَظَرٌ. وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَا عَدَا النَّتِنَ إنْ قَالَ خَبِيرَانِ إنَّهُ لِفَسَادِ الدَّبْغِ ضُرٌّ وَإِلَّا فَلَا، لِأَنَّا نَجِدُ مَا اُتُّفِقَ عَلَى إتْقَانِ دَبْغِهِ يَتَأَثَّرُ بِالْمَاءِ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ لِمُطْلَقِ التَّأَثُّرِ بِهِ بَلْ التَّأَثُّرُ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ الدَّبْغِ وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إلَّا (بِحِرِّيفٍ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَهُوَ مَا يَلْذَعُ اللِّسَانَ بِحِرْفَتِهِ كَشَبٍّ وَشَثٍّ وَقَرَظٍ وَعَفْصٍ وَلَوْ بِنَجِسٍ كَذَرْقِ حَمَامٍ وَزِبْلٍ لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِهِ (لَا شَمْسٍ وَتُرَابٍ) وَمِلْحٍ وَكُلِّ مَا لَا يَنْزِعُ الْفُضُولَ وَإِنْ جَفَّ بِهِ الْجِلْدُ وَطَابَتْ رَائِحَتُهُ لِبَقَاءِ عُفُونَتِهِ كَامِنَةً فِيهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ نُقِعَ فِي الْمَاءِ عَادَتْ عُفُونَتُهُ (وَلَا يَجِبُ الْمَاءُ فِي أَثْنَائِهِ) أَيْ الدَّبْغُ (فِي الْأَصَحِّ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إحَالَةٌ لَا إزَالَةٌ وَلِهَذَا جَازَ بِالنَّجِسِ الْمُحَصِّلِ لِذَلِكَ، وَأَمَّا خَبَرُ «يُطَهِّرُهَا الْمَاءُ وَالْقَرَظُ» فَمَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ أَوْ الطَّهَارَةِ الْمُطْلَقَةِ، وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ: وَمَنْ تَبِعَهُ لَا بُدَّ فِي الْجَافِّ مِنْ الْمَاءِ لِيَصِلَ الدَّوَاءُ بِهِ إلَى سَائِرِ أَجْزَائِهِ، مَرْدُودٌ إذْ الْقَصْدُ وُصُولُهُ وَلَوْ بِمَائِعٍ غَيْرِ الْمَاءِ فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْمَاءِ، إذْ لَا نَظَرَ إلَى أَنَّ لَطَافَتَهُ تُوَصِّلُ الدَّوَاءَ إلَى بَاطِنِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يُوَصِّلُهُ غَيْرُهُ، لِأَنَّ الْقَصْدَ الْإِحَالَةُ وَهِيَ حَاصِلَةٌ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ الدَّوَاءُ إلَى بَاطِنِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَجِبُ الْمَاءُ تَغْلِيبًا لِمَعْنَى الْإِزَالَةِ (وَ) يَصِيرُ (الْمَدْبُوغُ) وَالْمُنْدَبِغُ (كَثَوْبٍ نَجِسٍ) أَيْ مُتَنَجِّسٍ لِمُلَاقَاتِهِ لِلْأَدْوِيَةِ النَّجِسَةِ أَوْ الْمُتَنَجِّسَةِ بِمُلَاقَاتِهَا قَبْلَ طُهْرِ عَيْنِهِ فَلَا يَطْهُرُ إلَّا بِغَسْلِهِ بِإِجْرَاءِ الْمَاءِ عَلَى ظَاهِرِ الْجِلْدِ، سَوَاءٌ أَدُبِغَ بِطَاهِرٍ أَمْ نَجِسٍ ثُمَّ يُصَلَّى فِيهِ وَيَسْتَعْمِلُهُ فِي مَائِعٍ، وَيَحْرُمُ أَكْلُهُ وَإِنْ كَانَ أَصْلُ حَيَوَانِهِ مَأْكُولًا لِخُرُوجِ حَيَوَانِهِ بِمَوْتِهِ عَنْ الْمَأْكُولِ. ثُمَّ النَّجَاسَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: مُغَلَّظَةٌ وَمُخَفَّفَةٌ وَمُتَوَسِّطَةٌ، وَبَدَأَ بِأَوَّلِهَا فَقَالَ (وَمَا نَجِسَ بِمُلَاقَاةِ شَيْءٍ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَجُوزُ فِيهِ كَسْرُ الْبَاءِ مَعَ الْقَصْرِ وَفَتْحُهَا مَعَ الْمَدِّ (قَوْلُهُ: النَّتِنُ) أَيْ أَمَّا هُوَ فَيَضُرُّ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: كَشَبٍّ وَشَثٍّ) الْأَوَّلُ بِالْمُوَحَّدَةِ وَالثَّانِي بِالْمُثَلَّثَةِ وَهُوَ شَجَرٌ مُرُّ الطَّعْمِ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ يُدْبَغُ بِهِ، وَالْأَوَّلُ مِنْ جَوَاهِرِ الْأَرْضِ مَعْرُوفٌ يُشْبِهُ الزَّاجَ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ) أَيْ فِي غَيْرِ الْغَنِيَّةِ، أَمَّا فِيهَا فَقَالَ: فَلَا بُدَّ مِنْ تَلْيِينِهِ وَلَمْ يَقُلْ بِالْمَاءِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ الْأَوْلَى وَهُوَ كَمَا قَالَ اهـ قب (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَدُبِغَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ قَبْلَ الدَّبْغِ لَا يُكْتَفَى بِغَسْلِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ حَيْثُ قَالَ: فَيَجِبُ غَسْلُهُ بِمَاءٍ طَهُورٍ مَعَ التَّتْرِيبِ وَالتَّسْبِيعِ إنْ أَصَابَهُ مُغَلَّظٌ، وَإِنْ سَبَّعَ وَتَرَّبَ قَبْلَ الدَّبْغِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَقْبَلُ الطَّهَارَةَ اهـ. وَفِيهِ مَا مَرَّ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَمَيْتَةِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ وَالسَّمَكِ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَنْ الْمَأْكُولِ) عَلَّلَهُ حَجّ بِأَنَّهُ انْتَقَلَ عَنْ طَبْعِ اللُّحُومِ إلَى طَبْعِ الثِّيَابِ وَهُوَ يُفِيدُ حُرْمَةَ أَكْلِ الثِّيَابِ أَيْضًا. أَقُولُ: لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ جِلْدَ الْمُذَكَّاةِ إذَا دُبِغَ يَحِلُّ أَكْلُهُ مَعَ أَنَّهُ انْتَقَلَ إلَى طَبْعِ الثِّيَابِ، وَلَا يَرُدُّ مِثْلُهُ عَلَى قَوْلِ الشَّارِحِ لِخُرُوجِ حَيَوَانِهِ بِمَوْتِهِ إلَخْ. وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ جِلْدَ الْمُذَكَّاةِ لَمَّا كَانَ قَبْلَ الدَّبْغِ مَأْكُولًا اسْتَصْحَبَ حَالُهُ قَبْلَ الدَّبْغِ وَلَا كَذَلِكَ الثِّيَابُ. (قَوْلُهُ: نَجِسٌ) بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ كَمَا فِي مِصْبَاحِ الْقُرْطُبِيِّ (قَوْلُهُ: بِمُلَاقَاةِ شَيْءٍ) زَادَ حَجّ: غَيْرِ دَاخِلِ مَاءٍ كَثِيرٍ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ اهـ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ: غَيْرُ. إلَخْ تَوَهَّمَ بَعْضُهُمْ مِنْ ذَلِكَ صِحَّةَ الصَّلَاةِ مَعَ مَسِّ الدَّاخِلِ فِي الْمَاءِ الْكَثِيرِ، وَهُوَ خَطَأٌ لِأَنَّهُ مَاسٌّ لِلنَّجَاسَةِ قَطْعًا، وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ مُصَاحَبَةَ الْمَاءِ الْكَثِيرِ مَانِعَةٌ مِنْ التَّنْجِيسِ، وَمَسُّ النَّجَاسَةِ فِي الصَّلَاةِ مُبْطِلٌ لَهَا وَإِنْ لَمْ يَنْجَسْ، كَمَا لَوْ مَسَّ فَرْجَهُ الدَّاخِلَ فِي الْمَاءِ الْكَثِيرِ لَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ، وَهُوَ خَطَأٌ لِأَنَّهُ مَاسٌّ قَطْعًا، وَيَأْتِي مَا يُصَرِّحُ بِمَا قَالَهُ حَجّ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَتَكُونُ كَثْرَةُ الْمَاءِ مَانِعَةً مِنْ تَنَجُّسِهِ. [فَرْعٌ] لَوْ وَصَلَ شَيْءٌ مِنْ مُغَلَّظٍ وَرَاءَ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْ الْفَرْجِ فَهَلْ يُنَجِّسُهُ فَيَتَنَجَّسُ مَا وَصَلَ إلَيْهِ كَذَكَرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَشَبٍّ) الشَّبُّ بِالْمُوَحَّدَةِ مِنْ جَوَاهِرِ الْأَرْضِ يُشْبِهُ الزَّاجَ، وَبِالْمُثَلَّثَةِ شَجَرٌ مَعْرُوفٌ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ مُرُّ الطَّعْمِ يُدْبَغُ بِهِ أَيْضًا، قَالَهُ الدَّمِيرِيِّ (قَوْلُهُ: لِخُرُوجِ حَيَوَانِهِ بِمَوْتِهِ عَنْ الْمَأْكُولِ) خَرَجَ بِهِ جِلْدُ الْمُذَكَّى، وَإِنْ كَانَ مَدْبُوغًا، فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَكْلُهُ كَمَا قَدَّمَهُ فِي فَصْلِ الِاسْتِنْجَاءِ وَمَرَّ مَا فِيهِ، وَرُبَّمَا تُوهِمُ مُنَاقَضَتَهُ لِمَا هُنَا.

كَلْبٍ) سَوَاءٌ أَكَانَ بِجُزْءٍ مِنْهُ أَمْ مِنْ فَضَلَاتِهِ، أَمْ بِمَا تَنَجَّسَ بِشَيْءٍ مِنْهُمَا كَأَنْ وَلَغَ فِي بَوْلٍ أَوْ مَاءٍ كَثِيرٍ مُتَغَيِّرٍ بِنَجَاسَةٍ ثُمَّ أَصَابَ ذَلِكَ الَّذِي وَلَغَ فِيهِ ثَوْبًا وَلَوْ مَعَضَّهُ مِنْ صَيْدٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ جَافًّا وَلَاقَى رَطْبًا أَمْ عَكْسَهُ (غُسِلَ سَبْعًا إحْدَاهُنَّ) فِي غَيْرِ أَرْضٍ تُرَابِيَّةٍ (بِتُرَابٍ) وَلَوْ طِينًا رَطْبًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْغَزَالِيُّ لِأَنَّهُ تُرَابٌ بِالْقُوَّةِ، وَيَكْفِي الْعَدَدُ الْمَذْكُورُ بِشَرْطِهِ وَإِنْ تَعَدَّدَ الْوَالِغُ أَوْ الْوُلُوغُ أَوْ لَاقَتْهُ نَجَاسَةٌ أُخْرَى. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «طَهُورُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ إذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» ، وَفِي رِوَايَةٍ «أُولَاهُنَّ، أَوْ أُخْرَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» وَفِي أُخْرَى «وَعَفَّرَهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ» أَيْ بِأَنْ تُصَاحِبَ السَّابِعَةَ لِرِوَايَةِ: السَّابِعَةُ بِالتُّرَابِ الْمُعَارِضَةُ لِرِوَايَةِ أُولَاهُنَّ فِي مَحِلِّهِ فَيَتَسَاقَطَانِ فِي تَعْيِينِ مَحِلِّهِ، وَيَكْفِي فِي وَاحِدَةٍ مِنْ السَّبْعِ كَمَا فِي رِوَايَةِ «إحْدَاهُنَّ بِالْبَطْحَاءِ» عَلَى أَنَّهُ لَا تَعَارُضَ لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بِحَمْلِ رِوَايَةِ أُولَاهُنَّ عَلَى الْأَكْمَلِ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى تَتْرِيبِ مَا يَتَرَشْرَشُ مِنْ جَمِيعِ الْغَسَلَاتِ، وَرِوَايَةُ: السَّابِعَةُ عَلَى الْجَوَازِ، وَرِوَايَةُ إحْدَاهُنَّ عَلَى الْأَجْزَاءِ وَهُوَ لَا يُنَافِي الْجَوَازَ أَيْضًا، وَقَدْ أَمَرَ بِالْغَسْلِ مِنْ وُلُوغِهِ بِفَمِهِ وَهُوَ أَطْيَبُ أَجْزَائِهِ فَغَيْرُهُ مِنْ بَوْلِهِ وَعَرَقِهِ وَرَوْثِهِ وَنَحْوِهَا أَوْلَى، وَالْغَسَلَاتُ الْمُزِيلَةُ لِلْعَيْنِ تُعَدُّ وَاحِدَةً ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُجَامِعِ أَوْ لَا، لِأَنَّ الْبَاطِلَ لَا يُنَجِّسُهُ مَا لَاقَاهُ، كُلٌّ مُحْتَمَلٌ. فَعَلَى الثَّانِي يُسْتَثْنَى هَذَا مِنْ الْمَتْنِ اهـ حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ: فَيَتَنَجَّسُ إلَخْ. أَقُولُ: أَمَّا أَصْلُ تَنَجُّسِ مَا وَصَلَ إلَيْهِ فَلَا يَنْبَغِي التَّوَقُّفُ فِيهِ، لِأَنَّ ذَلِكَ الْغِلَظَ الْوَاصِلَ إلَى مَا ذُكِرَ بَاقٍ عَلَى نَجَاسَتِهِ، وَمُلَاقَاةِ الظَّاهِرِ كَذَكَرِ الْمُجَامِعِ لِلنَّجَاسَةِ فِي الْبَاطِنِ تَقْتَضِي التَّنْجِيسَ، وَلَيْسَ كَلَامُهُ فِي أَصْلِ التَّنْجِيسِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَعَلَى الثَّانِي إلَخْ، وَأَمَّا تَنَجُّسُهُ بِتَنَجُّسِ الْمُغَلَّظِ فَقَدْ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِهِ أَنَّهُ لَوْ أَكَلَ مُغَلَّظًا ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ لَمْ يَجِبْ تَسْبِيعُ الْمَخْرَجِ. وَقَدْ يُقَالُ ذَاكَ إذَا وَصَلَ لِمَحِلِّ الْإِحَالَةِ وَهُوَ الْمَعِدَةُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ: كَأَنْ وَلَغَ فِي بَوْلٍ أَوْ مَاءٍ كَثِيرٍ) فِي التَّمْثِيلِ بِهَذَيْنِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ النَّجِسَ يَقْبَلُ التَّنْجِيسَ وَهَلْ يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ؟ فِيهِ مَا مَرَّ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَغَيْرِهِ فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ النَّجِسِ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَمَيْتَةِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: مُتَغَيِّرٌ بِنَجَاسَةٍ) أَوْ بِطَاهِرٍ لِلْمَاءِ عَنْهُ غِنًى تَغَيُّرًا كَثِيرًا لِمَا مَرَّ لَهُ أَنَّ ذَلِكَ كَالْمَائِعِ يَنْجَسُ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِالنَّجَسِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ الْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ النَّجِسَ يَقْبَلُ التَّنْجِيسَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَضَّهُ) غَايَةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَا نَجِسَ إلَخْ: أَيْ وَلَوْ كَانَ مَا نَجَس مَعَضُّ الْكَلْبِ (قَوْلُهُ: إحْدَاهُنَّ) وَفِي نُسْخَةٍ إحْدَاهَا، وَمَا فِي الْأَصْلِ أَوْلَى لِأَنَّ مَا لَا يُعْقَلُ إنْ كَانَ مُسَمَّاهُ عَشَرَةً فَمَا دُونَ فَالْأَكْثَرُ الْمُطَابَقَةُ، وَإِنْ كَانَ فَوْقَ ذَلِكَ فَالْأَكْثَرُ الْإِفْرَادُ، وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ عَلَى قَوْله تَعَالَى {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ} [التوبة: 36] الْآيَةَ، فَأَفْرَدَ فِي قَوْلِهِ مِنْهَا لِرُجُوعِهِ لِلِاثْنَيْ عَشَرَ، وَجَمَعَ فِي قَوْلِهِ {فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ} [التوبة: 36] لِرُجُوعِهِ لِلْأَرْبَعَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْتَى بِهِ الْغَزَالِيُّ) وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مَزْجِهِ بِالْمَاءِ كَمَا يُفِيدُهُ «إحْدَاهُنَّ بِتُرَابٍ» فَإِنَّهُ جَعَلَ الْمُطَهِّرَ الْمَاءَ الْمَمْزُوجَ بِالتُّرَابِ وَإِنْ كَانَ التُّرَابُ الَّذِي مُزِجَ بِالْمَاءِ طِينًا رَطْبًا (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ) وَهُوَ امْتِزَاجُهُ بِالتُّرَابِ (قَوْلُهُ: طُهُورُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ) هُوَ بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ وَالْأَوَّلُ هُنَا أَوْلَى لِلْإِخْبَارِ عَنْهُ بِالْغَسْلِ الَّذِي هُوَ مَصْدَرٌ، وَأَمَّا بِالْفَتْحِ فَيَحْتَاجُ إلَى تَأْوِيلِ الطَّهُورِ بِالْمُطَهِّرِ أَوْ تَقْدِيرِ مُضَافٍ نَحْوَ اسْتِعْمَالُ طَهُورِ إنَاءِ أَحَدِكُمْ الْمُزِيلُ لِلنَّجَاسَةِ أَنْ يَغْسِلَهُ إلَخْ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ الْأَشْهَرُ فِيهِ ضَمُّ الطَّاءِ، وَيُقَالُ بِفَتْحِهَا فَهُمَا لُغَتَانِ (قَوْلُهُ: إذَا وَلَغَ فِيهِ) وَلَغَ الْكَلْبُ وَغَيْرُهُ مِنْ السِّبَاعِ يَلَغُ وَلْغًا مِنْ بَابِ نَفَعَ وَوُلُوغًا شَرِبَ بِلِسَانِهِ وَسُقُوطُ الْوَاوِ كَمَا فِي يَقَعُ، وَوَلِغَ يَلِغُ: مِنْ بَابِ وَرِثَ وَوَسَعَ لُغَةٌ وَيَوْلَغُ مِثْلُ وَجِلَ يَوْجَلُ لُغَةٌ أَيْضًا اهـ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ: يُصَاحِبُ السَّابِعَةَ) أَيْ فَنَزَلَ التُّرَابُ الْمُصَاحِبُ السَّابِعَةَ مَنْزِلَةَ الثَّامِنَةِ وَسَمَّاهُ بِاسْمِهَا (قَوْلُهُ: بِالْبَطْحَاءِ) الْمُرَادُ بِهِ التُّرَابُ وَأَصْلُهُ مَسِيلٌ وَاسِعٌ فِيهِ دِقَاقُ الْحَصَى. قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: الْأَبْطَحُ مَسِيلٌ وَاسِعٌ فِيهِ دِقَاقُ الْحَصَى، وَالْجَمْعُ الْأَبَاطِحُ وَالْبِطَاحُ بِالْكَسْرِ، وَالْبَطِيحَةُ وَالْبَطْحَاءُ كَالْأَبْطَحِ وَمِنْهُ بَطْحَاءُ مَكَّةَ (قَوْلُهُ: الْمُزِيلَةُ لِلْعَيْنِ) هَلْ الْمُرَادُ بِالْعَيْنِ الْجِرْمُ أَوْ الْمُرَادُ بِهَا مَا يَشْمَلُ الصِّفَةَ؟ الْأَوْفَقُ بِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي تَفْسِيرُ الْعَيْنِ وَهِيَ مَا نَجَّسَ إلَخْ الثَّانِي، ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامِ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ مَا ذُكِرَ نَقْلًا عَنْ م ر وَمِثْلُهُ عَلَى حَجّ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[النجاسة على ثلاثة أقسام]

وَإِنْ كَثُرَتْ وَإِنَّمَا حَسَبُ الْعَدَدِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ قَبْلَ زَوَالِ الْعَيْنِ، لِأَنَّهُ مَحِلُّ تَخْفِيفٍ وَمَا هُنَا مَحِلُّ تَغْلِيظٍ، فَلَا يُقَاسُ هَذَا بِذَاكَ. وَلَوْ أَكَلَ لَحْمَ كَلْبٍ لَمْ يَجِبْ تَسْبِيعُ دُبُرِهِ مِنْ خُرُوجِهِ وَإِنْ خَرَجَ بِعَيْنِهِ قَبْلَ اسْتِحَالَتِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَأَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ لِأَنَّ الْبَاطِنَ مُحِيلٌ، وَقَدْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي حَمَّامٍ غُسِلَ دَاخِلَهُ كَلْبٌ وَلَمْ يُعْهَدْ تَطْهِيرُهُ وَاسْتَمَرَّ النَّاسُ عَلَى دُخُولِهِ وَالِاغْتِسَالِ فِيهِ مُدَّةً طَوِيلَةً وَانْتَشَرَتْ النَّجَاسَةُ إلَى حُصْرِهِ وَفُوَطِهِ وَنَحْوِهِمَا بِأَنَّ مَا تُيُقِّنَ إصَابَةُ شَيْءٍ لَهُ مِنْ ذَلِكَ نَجِسٌ وَإِلَّا فَطَاهِرٌ لِأَنَّا لَا نُنَجِّسُ بِالشَّكِّ، وَيَطْهُرُ الْحَمَّامُ بِمُرُورِ الْمَاءِ عَلَيْهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ إحْدَاهَا بِطَفْلٍ مِمَّا يُغْتَسَلُ بِهِ فِيهِ لِحُصُولِ التَّتْرِيبِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَلَوْ مَضَتْ مُدَّةٌ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَرَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَوْ بِوَاسِطَةِ الطِّينِ الَّذِي فِي نِعَالٍ دَاخِلِيَّةٍ لَمْ يُحْكَمْ بِالنَّجَاسَةِ لِدَاخِلَيْهِ، كَمَا فِي الْهِرَّةِ إذَا أَكَلَتْ نَجَاسَةً وَغَابَتْ غَيْبَةً يُحْتَمَلُ فِيهَا طَهَارَةُ فَمِهَا (وَالْأَظْهَرُ تَعَيُّنُ التُّرَابِ) وَلَوْ غُبَارَ رَمْلٍ وَإِنْ عُدِمَ أَوْ أُفْسِدَ الثَّوْبُ أَوْ زَادَ فِي الْغَسَلَاتِ فَجَعَلَهَا ثَمَانِيَةً مَثَلًا، لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهِ التَّطْهِيرُ الْوَارِدُ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ بِغَيْرِ مَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ نَصَّ فِي الْحَدِيثِ عَلَيْهِ فَلَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ كَالتَّيَمُّمِ، وَلِأَنَّهُ غُلِّظَ فِي ذَلِكَ بِالْجَمْعِ بَيْنَ جِنْسَيْنِ فَلَا يَكْفِي أَحَدُهُمَا كَزِنَا الْبِكْرِ غُلِّظَ فِيهِ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الْجَلْدِ وَالتَّغْرِيبِ فَلَمْ يُكْتَفَ بِأَحَدِهِمَا، وَخَرَجَ الْمَزْجُ بِنَحْوِ أُشْنَانٍ وَصَابُونٍ وَنُخَالَةٍ وَدَقِيقٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يَلْحَقْ بِالتُّرَابِ نَحْوُ الصَّابُونِ وَإِنْ سَاوَاهُ فِي كَوْنِهِ جَامِدًا وَفِي الْأَمْرِ بِهِ فِي التَّطْهِيرِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَنْبَطَ مِنْ النَّصِّ مَعْنًى يُبْطِلُهُ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ لَا يَتَعَيَّنُ وَيَقُومُ ـــــــــــــــــــــــــــــSغَسَلَ النَّجَاسَةَ الْمُغَلَّظَةَ وَوَضَعَ الْمَاءَ مَمْزُوجًا بِالتُّرَابِ فِي الْأُولَى وَلَمْ تَزُلْ بِهِ الْأَوْصَافُ ثُمَّ ضَمَّ إلَيْهَا غَسَلَاتٍ أُخْرَى وَبِحَيْثُ زَالَتْ الْأَوْصَافُ بِمَجْمُوعِهَا فَهَلْ يُعْتَدُّ بِمَا وَضَعَهُ مِنْ التُّرَابِ قَبْلَ زَوَالِ الْأَوْصَافِ وَعَدَّ كُلَّهُ غَسْلَةً صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّ التُّرَابَ وُجِدَ فِي الْأُولَى أَوَّلًا لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ تَزُلْ بِمَا وُضِعَ فِيهِ أَلْغَى وَاعْتَدَّ بِمَا بَعْدَهُ فَقَطْ، قَالَ سم: فِيهِ نَظَرٌ. أَقُولُ: وَلَا يَبْعُدُ الْقَوْلُ بِالْأَوَّلِ لِمَا سَبَقَ مِنْ التَّعْلِيلِ، وَخَرَجَ بِالْوَصْفِ الْجِرْمُ فَلَا يُعْتَدُّ بِوَضْعِ التُّرَابِ قَبْلَ إزَالَتِهِ، وَسَيَأْتِي عَنْ سم عَلَى حَجّ أَنَّ مِثْلَ وَضْعِ التُّرَابِ عَلَى الْجِرْمِ وَضْعُهُ عَلَى الْمَحِلِّ بَعْدَ زَوَالِ الْجِرْمِ وَلَكِنْ مَعَ بَقَاءِ الْأَوْصَافِ (قَوْلُهُ: فِي الِاسْتِنْجَاءِ) أَيْ بِالْحَجَرِ لِأَنَّهُ الَّذِي يُعْتَبَرُ فِيهِ عَدَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَكَلَ لَحْمَ كَلْبٍ) خَرَجَ بِهِ الْعَظْمُ فَيَجِبُ التَّسْبِيعُ بِخُرُوجِهِ مِنْ الدُّبْرِ وَلَوْ عَلَى غَيْرِ صُورَتِهِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ اللَّحْمِ الْعَظْمُ الرَّقِيقُ الَّذِي يُؤْكَلُ عَادَةً مَعَهُ، وَلَا عِبْرَةَ بِمَا تَنَجَّسَ بِهِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُ حَتَّى لَوْ تَقَايَأَهُ بَعْدَ اسْتِحَالَتِهِ لَمْ يَجِبْ التَّسْبِيعُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ مَا تُحِيلُهُ الْمَعِدَةُ تُلْقِيهِ إلَى أَسْفَلَ، فَمَا يَتَقَايَأَهُ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ الِاسْتِحَالَةُ فَيَجِبُ التَّسْبِيعُ وَإِنْ كَانَ مُسْتَحِيلًا. وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: بِخِلَافِ مَا لَوْ تَقَايَأَهُ: أَيْ اللَّحْمَ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَسْبِيعُ فَمِهِ مَعَ التَّتْرِيبِ اهـ. وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّتْرِيبُ مِنْ الْقَيْءِ إذَا اسْتَحَالَ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مِنْ وُجُوبِ التَّسْبِيعِ إذَا خَرَجَ مِنْ فَمِهِ غَيْرُ مُسْتَحِيلٍ يَفْهَمُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ لَمْ يَجِبْ تَسْبِيعُ دُبُرِهِ مِنْ خُرُوجِهِ، حَيْثُ قَيَّدَ بِالْخُرُوجِ مِنْ الدُّبُرِ (قَوْلُهُ: مُحِيلٌ) أَيْ مِنْ شَأْنِهِ الْإِحَالَةُ (قَوْلُهُ: بِطَفْلٍ) وَمِثْلُهُ مَا فِي نِعَالِ الدَّاخِلِينَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي: وَبِوَاسِطَةِ الطِّينِ الَّذِي فِي نِعَالِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِدَاخِلِيَّةٍ) أَيْ أَمَّا هُوَ فَبَاقٍ عَلَى نَجَاسَتِهِ لِتَيَقُّنِهَا وَعَدَمِ الْعِلْمِ بِمَا يُزِيلُهَا حَتَّى لَوْ صَلَّى شَخْصٌ فِيهِ بِلَا حَائِلٍ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عُدِمَ) أَيْ التُّرَابُ فَلَا يَكُونُ عَدَمُهُ أَوْ الزِّيَادَةُ فِي الْغَسَلَاتِ مُسْقِطًا لِلتُّرَابِ، وَعُدِمَ فِي كَلَامِهِ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ، وَفِي الْمُخْتَارِ: عَدِمَتْ الشَّيْءَ مِنْ بَابِ طَرِبَ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ: أَيْ فَقَدْته اهـ (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ التُّرَابِ (قَوْلُهُ: جِنْسَيْنِ) أَيْ وَهُمَا الْمَاءُ وَالتُّرَابُ (قَوْلُهُ: أُشْنَانٍ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْكَسْرِ لُغَةٌ مُعَرَّبٌ اهـ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ: وَفِي الْأَمْرِ بِهِ فِي التَّطْهِيرِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ [النَّجَاسَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ] [النَّجَاسَةُ الْمُغَلَّظَة] قَوْلُهُ: لَمْ يَحْكُمْ بِالنَّجَاسَةِ) يَعْنِي لَمْ يَحْكُمْ بِنَجَاسَةِ مَا أَصَابَهُ كَمَا فِي الْهِرَّةِ. وَفِي نُسْخَةٍ: لَمْ يَحْكُمْ بِالنَّجَاسَةِ بِدَاخِلَيْهِ وَهِيَ الْمُوَافِقَةُ لِمَا فِي فَتَاوَى وَالِدِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ زَادَ فِي الْغُسَالَاتِ فَجَعَلَهَا ثَمَانِيَةً) أَيْ وَلَا يُقَالُ: إنَّ الثَّامِنَةَ تَقُومُ مَقَامَ التُّرَابِ

مَا ذُكِرَ وَنَحْوُهُ مَقَامَهُ (وَ) الْأَظْهَرُ (أَنَّ الْخِنْزِيرَ كَكَلْبٍ) لِأَنَّ الْخِنْزِيرَ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الْكَلْبِ، لِأَنَّ تَحْرِيمَهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي الْقُرْآنِ وَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَتَحْرِيمُ الْكَلْبِ مُجْتَهَدٌ فِيهِ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَلِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ اقْتِنَاؤُهُ بِحَالٍ بِخِلَافِ الْكَلْبِ، وَلِأَنَّهُ يُنْدَبُ قَتْلُهُ لَا لِضَرُورَةٍ، وَالْفَرْعُ الْمُتَوَلِّدُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا يَتْبَعُ الْأَخَسَّ فِي النَّجَاسَةِ عَمَلًا بِالْقَاعِدَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَالثَّانِي يَكْفِي غَسْلُ ذَلِكَ مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ غَيْرِ تُرَابٍ كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ لِأَنَّ الْوَارِدَ فِي الْكَلْبِ وَمَا ذُكِرَ لَا يُسَمَّى كَلْبًا، وَلَوْ غَمَسَ الْمُتَنَجِّسَ بِمَا ذُكِرَ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ رَاكِدٍ وَحَرَّكَهُ سَبْعًا وَتَرَّبَهُ طَهُرَ، وَإِنْ لَمْ يُحَرِّكْهُ فَوَاحِدَةٌ، وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ فِي انْغِمَاسِ الْمُحْدِثِ مِنْ تَقْدِيرِ التَّرْتِيبِ بِأَنَّ التَّرْتِيبَ صِفَةٌ تَابِعَةٌ وَالْعَدَدُ ذَوَاتٌ مَقْصُودَةٌ فَلَا يُقَاسَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ، وَيَظْهَرُ فِي تَحْرِيكِهِ أَنَّ الذَّهَابَ مَرَّةٌ وَالْعَوْدَ أُخْرَى. وَيُفَرِّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَأْتِي فِي تَحْرِيكِ الْيَدِ فِي الْحَكِّ فِي الصَّلَاةِ بِأَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى الْعُرْفِ، أَوْ فِي جَارٍ وَجَرَى عَلَيْهِ سَبْعَ جَرْيَاتٍ حُسِبَتْ سَبْعًا وَلَوْ وَلَغَ كَلْبٌ فِي إنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ كَثِيرٌ وَلَمْ يَنْقُصْ بِوُلُوغِهِ عَنْ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَنْجَسْ الْمَاءُ وَلَا الْإِنَاءُ وَإِنْ أَصَابَ جِرْمَهُ الْمَسْتُورَ بِالْمَاءِ، وَتَكُونُ كَثْرَةُ الْمَاءِ مَانِعَةً مِنْ تَنَجُّسِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ. وَلَوْ وَلَغَ فِي إنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ ثُمَّ بَلَغَ قُلَّتَيْنِ طَهُرَ الْمَاءُ لَا الْإِنَاءُ (وَلَا يَكْفِي تُرَابٌ) ـــــــــــــــــــــــــــــSلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ إذَا تَوَقَّفَتْ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ عَلَى الصَّابُونِ أَوْ نَحْوِهِ وَجَبَ، وَإِلَّا فَخُصُوصُ الصَّابُونِ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَرِدْ أَمْرٌ بِالتَّطْهِيرِ بِهِ. (قَوْلُهُ: لَا لِضَرُورَةٍ) أَيْ فَقَتْلُهُ بِلَا ضَرَرٍ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الْكَلْبِ (قَوْلُهُ: فَوَاحِدَةٌ) أَيْ وَإِنْ طَالَ مُكْثُهُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْعُرْفِ) أَيْ عَلَى الْعُرْفِ فِي التَّحْرِيكِ وَهُوَ بَعْدَ الذَّهَابِ وَالْعَوْدِ مَرَّةً وَهُنَا عَلَى جَرْيِ الْمَاءِ، وَالْحَاصِلُ فِي الْعَوْدِ غَيْرُ الْحَاصِلِ فِي الذَّهَابِ، وَكَمَا اُعْتُبِرَ الذَّهَابُ وَالْعَوْدُ مَرَّةً فِي الصَّلَاةِ اُعْتُبِرَ الْمَاءُ كُلُّهُ شَيْئًا وَاحِدًا فِيمَا لَوْ انْغَمَسَ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ مُحْدَثٍ وَحُرِّك الْمَاءُ مَرَّاتٍ كَثِيرَةً فَإِنَّهُ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالِاسْتِعْمَالِ لِأَنَّ الْعُرْفَ لَا يَعُدُّ الثَّانِيَ غَيْرَ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَصَابَ جِرْمَهُ الْمَسْتُورَ بِالْمَاءِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَمْ يَسْتُرْهُ الْمَاءُ مِنْ أَعْلَى الْإِنَاءِ فَإِنْ تَحَقَّقَ مَسُّ الْكَلْبِ لَهُ مَعَ رُطُوبَةٍ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ تَنَجَّسَ وَإِلَّا فَلَا سم عَلَى مَنْهَج بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: مَانِعَةٌ مِنْ تَنَجُّسِهِ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ لَاقَى بَدَنُهُ شَيْئًا مِنْ الْكَلْبِ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ فَإِنَّهُ لَا يَنْجَسُ لِأَنَّ مَا لَاقَاهُ مِنْ الْبَلَلِ الْمُتَّصِلِ بِالْكَلْبِ بَعْدَ الْمَاءِ الْكَثِيرِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَمْسَكَهُ بِيَدِهِ وَتَحَامَلَ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يَصِرْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رِجْلِهِ إلَّا مُجَرَّدَ الْبَلَلِ فَإِنَّهُ يَنْجَسُ لِأَنَّ الْمَاءَ الْمُلَاقِي لِيَدِهِ الْآنَ نَجِسٌ، وَكَتَحَامُلِهِ عَلَيْهِ بِيَدِهِ مَا لَوْ عَلِمْنَا تَحَامُلَ الْكَلْبِ عَلَى مَحِلِّ وُقُوفِهِ كَالْحَوْضِ بِحَيْثُ لَا يَصِيرُ بَيْنَ رِجْلَيْهِ وَمَقَرُّهُ حَائِلٌ مِنْ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: لَا الْإِنَاءُ) فَإِنَّهُ لَا يَطْهُرُ بِمُجَرَّدِ بُلُوغِ الْمَاءِ قُلَّتَيْنِ، بَلْ إنْ تُرِّبَ بِأَنْ مُزِجَ بِالْمَاءِ تُرَابٌ يُكَدِّرُهُ وَحُرِّكَ فِيهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ طَهُرَ وَإِلَّا فَهُوَ بَاقٍ عَلَى نَجَاسَتِهِ حَتَّى لَوْ نَقَصَ عَنْ الْقُلَّتَيْنِ عَادَ عَلَى الْمَاءِ بِالتَّنْجِيسِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي تُرَابٌ نَجِسٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي قَوْلِ الرَّوْضِ مَمْزُوجًا بِالْمَاءِ مَا نَصُّهُ: " قَبْلَ وَضْعِهِمَا عَلَى الْمَحِلِّ أَوْ بَعْدَهُ بِأَنْ يُوضَعَا وَلَوْ مُتَرَتِّبَيْنِ ثُمَّ يُمْزَجَا قَبْلَ الْغَسْلِ وَإِنْ كَانَ الْمَحِلُّ رَطْبًا إذْ الطَّهُورُ الْوَارِدُ عَلَى الْمَحِلِّ بَاقٍ عَلَى طَهُورِيَّتِهِ، وَبِذَلِكَ جَزَمَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيمَا لَوْ وُضِعَ التُّرَابُ أَوَّلًا، وَمِثْلُهُ عَكْسُهُ بِلَا رَيْبٍ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ إلَخْ. وَهَذَا الْكَلَامُ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَحِلُّ رَطْبًا بِالنَّجَاسَةِ كَفَى وَضْعُ التُّرَابِ أَوَّلًا، لَكِنْ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّهُ لَوْ وُضِعَ التُّرَابُ أَوَّلًا عَلَى عَيْنِ النَّجَاسَةِ لَمْ يَكْفِ لِتَنَجُّسِهِ، وَظَاهِرُهُ الْمُخَالَفَةُ لِمَا ذُكِرَ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ وَوَقَعَ الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ مَعَ م ر. وَحَاصِلُ مَا تَحَرَّرَ مَعَهُ بِالْفَهْمِ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَتْ النَّجَاسَةُ عَيْنِيَّةً بِأَنْ يَكُونَ جِرْمُهَا وَأَوْصَافُهَا مِنْ طَعْمٍ أَوْ لَوْنٍ أَوْ رِيحٍ مَوْجُودًا فِي الْمَحِلِّ لَمْ يَكْفِ وَضْعُ التُّرَابِ أَوَّلًا عَلَيْهَا، وَهَذَا مَحْمَلُ مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا، بِخِلَافِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ هُوَ تَحْرِيمُ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ لَا جُمْلَتُهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمَهُ آنِفًا (قَوْلُهُ: يَتْبَعُ الْأَخَسَّ) لَا مَعْنَى لَهُ فِي الْمُتَوَلِّدِ مِنْهُمَا فَكَانَ يَنْبَغِي إسْقَاطُ لَفْظِ مِنْهُمَا.

مُسْتَعْمَلٌ فِي حَدَثٍ أَوْ نَجَسٍ، وَلَا (نَجِسٍ) فِي الْأَصَحِّ، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ بِهِ فَلَا يَكْفِي التُّرَابُ الْمُحَرَّقُ وَلَا الْمُتَنَجِّسُ بِعَيْنِيَّةٍ أَوْ حُكْمِيَّةٍ بِوَاسِطَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَكْفِي هُنَا الرَّمْلُ الَّذِي لَهُ غُبَارٌ وَإِنْ كَانَ نَدِيًّا، وَالتُّرَابُ وَلَوْ اخْتَلَطَ بِنَحْوِ دَقِيقٍ حَيْثُ كَانَ لَوْ مُزِجَ بِالْمَاءِ لَاسْتُهْلِكَتْ أَجْزَاءُ الدَّقِيقِ وَوَصَلَ التُّرَابُ الْمَمْزُوجُ بِالْمَاءِ إلَى جَمِيعِ الْمَحِلِّ وَإِنْ لَمْ يَكْفِ فِي التَّيَمُّمِ لِظُهُورِ الْفَارِقِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهُ يَكْفِي كَالدِّبَاغِ بِالشَّيْءِ النَّجِسِ (وَلَا) يَكْفِي (مَمْزُوجٌ بِمَائِعٍ) كَخَلٍّ (فِي الْأَصَحِّ) إلَّا إذَا مَزَجَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَلَمْ يُفْحَشْ تَغَيُّرُهُ بِنَحْوِ الْخَلِّ، وَيَكْفِي مَزْجُ التُّرَابِ خَارِجَ الْإِنَاءِ الْمُتَنَجِّسِ أَوْ فِيهِ سَوَاءٌ أَصُبَّ الْمَاءُ أَوَّلًا أَمْ التُّرَابُ. وَالضَّابِطُ أَنْ يَعُمَّ مَحِلَّ النَّجَاسَةِ بِأَنْ يَكُونَ قَدْرًا يَقْدِرُ الْمَاءَ وَيَصِلُ بِوَاسِطَتِهِ إلَى جَمِيعِ أَجْزَاءِ الْمَحِلِّ، وَيَقُومُ مَقَامَ التَّتْرِيبِ الْمَاءُ الْكَدِرُ كَمَاءِ النِّيلِ أَيَّامَ زِيَادَتِهِ وَكَمَاءِ السَّيْلِ الْمُتَتَرِّبِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَكْفِي التُّرَابُ الْمَمْزُوجُ بِالْمَائِعِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِذَلِكَ. وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا فِي غَيْرِ أَرْضٍ تُرَابِيَّةٍ التُّرَابِيَّةُ إذْ لَا مَعْنَى لِتَتْرِيبِ التُّرَابِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ التُّرَابِ الْمُسْتَعْمَلِ وَغَيْرِهِ فَلَا يَجِبُ تَتْرِيبُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَضْعِ الْمَاءِ أَوَّلًا لِأَنَّهُ أَقْوَى بَلْ هُوَ الْمُزِيلُ وَإِنَّمَا التُّرَابُ شَرْطٌ، وَبِخِلَافِ مَا لَوْ زَالَتْ أَوْصَافُهَا فَيَكْفِي وَضْعُ التُّرَابِ أَوَّلًا وَإِنْ كَانَ الْمَحِلُّ نَجِسًا، وَهَذَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ وَأَنَّهَا إذَا كَانَتْ أَوْصَافُهَا فِي الْمَحِلِّ مِنْ غَيْرِ جِرْمٍ وَصُبَّ عَلَيْهَا مَاءٌ مَمْزُوجٌ بِالتُّرَابِ فَإِنْ زَالَتْ الْأَوْصَافُ بِتِلْكَ الْغَسْلَةِ حُسِبَتْ وَإِلَّا فَلَا، فَالْمُرَادُ بِالْعَيْنِ فِي قَوْلِهِمْ مُزِيلُ الْعَيْنِ وَاحِدَةٌ وَإِنْ تَعَدَّدَ مَا يَشْمَلُ أَوْصَافَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جِرْمٌ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: مُسْتَعْمَلٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فِي حَدَثٍ أَوْ خَبَثٍ اهـ. أَقُولُ: صُورَةُ الْمُسْتَعْمَلِ فِي خَبَثٍ: التُّرَابُ الْمُصَاحِبُ لِلسَّابِعَةِ فِي الْمُغَلَّظَةِ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ لَكِنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ. لَا يُقَالُ: إنَّمَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ مُسْتَعْمَلًا، إنْ قُلْنَا إنَّهُ شَطْرٌ فِي طَهَارَةِ الْمُغَلَّظَةِ لَا شَرْطٌ. لِأَنَّا نَقُولُ: بَلْ هُوَ مُسْتَعْمَلٌ، وَإِنْ قُلْنَا شَرْطٌ لِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ زَوَالُ النَّجَاسَةِ وَإِنْ كَانَ شَرْطًا فَقَدْ أَدَّى بِهِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَقِلَّ بِذَلِكَ كَمَا أَنَّ الْمَاءَ لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ أَيْضًا، بَلْ وَيَتَصَوَّرُ أَيْضًا فِي الْمَصَاحِفِ لِغَيْرِ السَّابِعَةِ إذَا طَهُرَ لِأَنَّهُ نَجِسٌ مُسْتَعْمَلٌ، فَإِذَا طَهُرَ زَالَ التَّنْجِيسُ دُونَ الِاسْتِعْمَالِ. أَمَّا إنَّهُ نَجِسٌ فَطَاهِرٌ، وَأَمَّا أَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ فَلِأَنَّهُ أَدَّى بِهِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ، لِأَنَّ طَهَارَةَ الْمَحِلِّ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى هَذِهِ الْغَسْلَةِ وَإِنْ تَوَقَّفَتْ عَلَى غَيْرِهَا أَيْضًا، نَعَمْ لَوْ طَهُرَ لِغَمْسِهِ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ عَادَ طَهُورًا كَالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ إذَا صَارَ كَثِيرًا، كَذَا قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَفِيهِ نَظَرٌ، فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ فَإِنَّ الْوَجْهَ خِلَافُهُ اهـ قح. أَقُولُ: وَإِنَّمَا كَانَ الْوَجْهُ خِلَافَهُ لِأَنَّ وَصْفَ التُّرَابِ بِالِاسْتِعْمَالِ بَاقٍ وَإِنْ زَالَتْ النَّجَاسَةُ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ التُّرَابَ لَوْ كَانَ فِي السَّابِعَةِ لَمْ يَتَنَجَّسْ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ بِالِاسْتِعْمَالِ. وَفِي قب يَتَّجِهُ أَنْ يُعَدَّ مِنْ الْمُسْتَعْمَلِ فَلَا يَكْفِي مَا لَوْ اسْتَنْجَى بِطِينٍ مُسْتَحْجِرٍ ثُمَّ طَهَّرَهُ مِنْ النَّجَاسَةِ ثُمَّ جَفَّفَهُ ثُمَّ دَقَّهُ لِأَنَّهُ أَزَالَ الْمَانِعَ، كَمَا أَنَّ مَاءَ الِاسْتِنْجَاءِ كَأَنْ بَالَ وَجَفَّ الْبَوْلُ ثُمَّ اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ غَيْرُ طَهُورٍ لِأَنَّهُ أَزَالَ الْمَانِعَ وِفَاقًا لَمْ ر اهـ. أَقُولُ: وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَعُدُّوا حَجَرَ الِاسْتِنْجَاءِ مِنْ الْمُطَهِّرَاتِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْمَحِلَّ بَاقٍ عَلَى نَجَاسَتِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ نَزَلَ الْمُسْتَجْمِرُ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ نَجَّسَهُ أَوْ حَمَلَهُ مُصَلٍّ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ. وَقَدْ يُقَالُ هُوَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُطَهِّرًا لِلْمَحَلِّ لَكِنَّهُ مُزِيلٌ لِلْمَانِعِ فَأُلْحِقَ بِالتُّرَابِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي التَّيَمُّمِ بِذَلِكَ، وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِ فِي حَدَثٍ أَوْ نَجَسٍ (قَوْلُهُ: لِظُهُورِ الْفَارِقِ) أَيْ وَهُوَ أَنَّ نَدَاوَةَ الرَّمَلِ وَنَحْوَ الدَّقِيقِ يَمْنَعَانِ مِنْ وُصُولِ التُّرَابِ إلَى الْعُضْوِ وَلَا يَمْنَعَانِ مِنْ كُدُورَةِ الْمَاءِ بِالتُّرَابِ الَّتِي هِيَ الْمَقْصُودَةُ هُنَا (قَوْلُهُ: خَارِجُ الْإِنَاءِ) أَيْ وَهُوَ أَوْلَى خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَصُبَّ الْمَاءُ) أَيْ وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمَحَلُّ رَطْبًا أَوْ جَافًّا، لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وُضِعَ التُّرَابُ أَوَّلًا عَلَى عَيْنِ النَّجَاسَةِ لَمْ يَكْفِ. (قَوْلُهُ: إذْ لَا مَعْنَى لِتَتْرِيبِ التُّرَابِ) أَيْ وَلَا يَصِيرُ التُّرَابُ مُسْتَعْمَلًا بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَهِّرْ شَيْئًا، وَإِنَّمَا سَقَطَ اسْتِعْمَالُ التُّرَابِ فِيهِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُ) أَيْ وَلَوْ نَجِسًا حَيْثُ قَصَدَ تَطْهِيرَهُ لِمَا عَلَّلَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَتْرِيبِ التُّرَابِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مُطْلَقًا، بِخِلَافِ الْأَرْضِ الْحَجَرِيَّةِ وَالرَّمْلِيَّةِ الَّتِي لَا غُبَارَ فِيهِمَا فَلَا بُدَّ مِنْ تَتْرِيبِهِمَا، وَالْمُرَادُ بِالْأَرْضِ التُّرَابِيَّةِ مَا فِيهَا تُرَابٌ، وَلَوْ أَصَابَ شَيْءٌ مِنْهَا ثَوْبًا قَبْلَ تَمَامِ السَّبْعِ اُشْتُرِطَ فِي تَطْهِيرِهِ تَتْرِيبُهُ، وَلَا يَكُونُ تَبَعًا لَهَا لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ فِيهَا وَهِيَ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَتْرِيبِ التُّرَابِ، وَأَيْضًا فَالِاسْتِثْنَاءُ مِعْيَارُ الْعُمُومِ، وَلَمْ يَسْتَثْنُوا مِنْ تَتْرِيبِ النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ إلَّا الْأَرْضَ التُّرَابِيَّةَ، كَذَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَإِنْ نُسِبَ إلَيْهِ أَنَّهُ أَفْتَى قَبْلَهُ بِخِلَافِهِ. نَعَمْ لَوْ جَمَعَ التُّرَابَ الْمُتَطَايِرَ وَأَرَادَ تَطْهِيرَهُ لَمْ يَحْتَجْ إلَى تَتْرِيبِهِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ السَّابِقَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. ثُمَّ ذَكَرَ النَّجَاسَةَ الْمُخَفَّفَةَ فَقَالَ (وَمَا نُجِّسَ بِبَوْلِ صَبِيٍّ لَمْ يَطْعَمْ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَثَالِثِهِ: أَيْ لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ قَبْلَ مُضِيِّ حَوْلَيْنِ (غَيْرَ لَبَنٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأَرْضِ الْحَجَرِيَّةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا بَال كَلْبٌ عَلَى حَجَرٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ وَوَصَلَ بَوْلُهُ إلَى الْحَجَرِ لَا يُحْتَاجُ فِي تَطْهِيرِ الْحَجَرِ إلَى تَتْرِيبٍ، وَقِيَاسُ مَا قَالَهُ قم فِيمَا لَوْ تَطَايَرَ مِنْ الْأَرْضِ التُّرَابِيَّةِ شَيْءٌ عَلَى ثَوْبٍ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي تَطْهِيرِ الثَّوْبِ إنْ أَصَابَتْهُ رُطُوبَةٌ مِنْ التُّرَابِ مِنْ غَسْلِ الرُّطُوبَةِ الَّتِي أَصَابَتْهُ وَتَتْرِيبِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْحَجَرِ الْمَذْكُورِ مِنْ غَسْلِهِ سَبْعًا إحْدَاهَا بِالتُّرَابِ. وَهُوَ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ بِسُقُوطِ التَّتْرِيبِ فِي الْأَرْضِ التُّرَابِيَّةِ بِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَتْرِيبِ التُّرَابِ. وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ سم عَلَى بَهْجَةٌ مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: مِنْهَا) أَيْ الْأَرْضِ التُّرَابِيَّةِ (قَوْلُهُ: تَتْرِيبُهُ) أَيْ تَتْرِيبُ مَا أَصَابَ الْمُتَطَايِرَ مِنْ الْأَرْضِ فَلَيْسَ لِلْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ فِي هَذِهِ حُكْمُ الْمُنْتَقَلِ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِلتُّرَابِ. بِخِلَافِ الْمُتَطَايِرِ مِنْ غَسَلَاتِ الثَّوْبِ مَثَلًا فَإِنَّ لِلْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ حُكْمَ الْمُنْتَقَلِ عَنْهُ. بَقِيَ مَا لَوْ تَرَّبَ الْأَرْضَ التُّرَابِيَّةَ عَلَى خِلَافِ مَا أُمِرَ بِهِ ثُمَّ تَطَايَرَ مِنْ غُسَالَتِهَا شَيْءٌ فَهَلْ يَجِبُ تَتْرِيبُهُ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِالتُّرَابِ الْمُسْتَعْمَلِ فِيهَا قَبْلُ حَيْثُ لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ أَوَّلًا اكْتِفَاءً بِوُجُودِ التَّتْرِيبِ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَطْلُوبًا فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِوُجُودِ التُّرَابِ فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ قَوْلِهِمْ لِلْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ حُكْمُ الْمُنْتَقَلِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: مِنْ الْعِلَّةِ السَّابِقَةِ) هِيَ قَوْلُهُ: إذْ لَا مَعْنَى لِتَتْرِيبِ التُّرَابِ. (قَوْلُهُ: وَمَا نَجِسَ بِبَوْلِ صَبِيٍّ. إلَخْ) دَخَلَ فِي مَا غَيْرِ الْآدَمِيِّ كَإِنَاءٍ وَأَرْضٍ فَيَطْهُرُ بِالنَّضْحِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ، وَلَا يُنَافِيه قَوْلُهُ: م الْآتِي: وَفَارَقَتْ الذِّكْرَ إلَخْ، لِأَنَّ الِابْتِلَاءَ الْمَذْكُورَ حِكْمَتُهُ فِي الْأَصْلِ فَلَا يُنَافِي تَخَلُّفَهُ فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّ، وَعُمُومُ الْحُكْمِ اهـ سم عَلَى حَجّ. قَالَ شَيْخُنَا الْحَلَبِيُّ: لَوْ وَقَعَتْ قَطْرَةٌ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ وَأَصَابَ شَيْئًا وَجَبَ غَسْلُهُ وَلَا يَكْفِي نَضْحُهُ، وَلَوْ أَصَابَ ذَلِكَ الْبَوْلُ الصَّرْفُ شَيْئًا كَفَى النَّضْحُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي أَوَّلِ خُرُوجِهِ بِأَنْ كَانَ فِي إنَاءٍ كَالْقَصْرِيَّةِ مَثَلًا أَخْذًا بِعُمُومِ قَوْلِهِمْ مَا نُجِّسَ بِبَوْلِ صَبِيٍّ لِصِدْقِهِ بِغَيْرِ أَوَّلِ خُرُوجِهِ وَلَا تَتَوَقَّفُ الرُّخْصَةُ عَلَى مُلَاقَاتِهِ مِنْ مَحِلِّهِ وَمَعْدِنِهِ. أَقُولُ وَإِنَّمَا لَمْ يُكْتَفَ بِالنَّضْحِ فِي الْوَاصِلِ مِنْ الْمَاءِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّهُ لَمَّا تَنَجَّسَ بِالْبَوْلِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَنَجَّسَ بِغَيْرِ الْبَوْلِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُطْعَمْ أَيْ لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: وَالطُّعْمُ بِالضَّمِّ الطَّعَامُ، وَقَدْ طَعِمَ بِالْكَسْرِ طُعْمًا بِضَمِّ الطَّاءِ إذَا أَكَلَ أَوْ ذَاقَ فَهُوَ طَاعِمٌ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا} [الأحزاب: 53] وَقَالَ {وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} [البقرة: 249] أَيْ مَنْ لَمْ يَذُقْهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُطْلَقُ الطُّعْمُ عَلَى الْمَشْرُوبِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْلَهُ أَوْ ذَاقَ يَدْخُلُ الْمَشْرُوبَ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى مَنْ شَرِبَهُ أَنَّهُ ذَاقَهُ (قَوْلُهُ: قَبْلَ مُضِيِّ حَوْلَيْنِ) أَيْ تَحْدِيدًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الزِّيَادِيِّ الْآتِي لَوْ شَرِبَ اللَّبَنَ (قَوْلُهُ: غَيْرَ لَبَنٍ) أَيْ وَلَوْ سَمْنًا أَوْ جُبْنًا اهـ حَجّ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مِنْ أُمِّهِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَيُغْسَلُ مِنْهُ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ: لَمْ يُطْعَمْ إلَخْ هَلْ قِشْدَةُ اللَّبَنِ وَسَمْنُهُ كَاللَّبَنِ أَوْ لَا م ر، وَلِهَذَا لَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَبَنًا فِيهِ نَظَرٌ، وَقَوْلُهُ: أَوْ لَا اعْتَمَدَهُ م ر، وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ الْحَلَبِيِّ أَنَّ مِثْلَ اللَّبَنِ الْقِشْدَةُ. أَقُولُ: وَهُوَ قَرِيبٌ لَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ. وَأَمَّا السَّمْنُ فَقَدْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ فِيهَا) لَفْظُ فِيهَا وَصْفٌ لِلْعِلَّةِ وَلَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِانْتِفَاءِ

[النجاسة المخففة]

عَلَى وَجْهِ التَّغَذِّي (نُضِحَ) بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ وَحَاءٍ مُهْمَلَةٍ، وَقِيلَ بِمُعْجَمَةٍ أَيْضًا. أَمَّا الرَّضَاعُ بَعْدَهُمَا فَبِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ. وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إذَا كَبِرَ غَلُظَتْ مَعِدَتُهُ وَقَوِيَتْ عَلَى الِاسْتِحَالَةِ وَرُبَّمَا كَانَتْ تُحِيلُ إحَالَةً مَكْرُوهَةً، فَالْحَوْلَانِ أَقْرَبُ مَرَدٍّ فِيهِ وَلِهَذَا يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْأَعْرَابِ الَّذِينَ لَا يَتَنَاوَلُونَ إلَّا اللَّبَنَ وَلَا يَضُرُّ تَنَاوُلُهُ السَّفُوفَ وَنَحْوَهُ لِلْإِصْلَاحِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أَكَلَ قَبْلَهُمَا طَعَامًا لِلتَّغَذِّي ثُمَّ تَرَكَهُ وَشَرِبَ اللَّبَنَ فَقَطْ غُسِلَ مِنْ بَوْلِهِ وَلَا يُنْضَحُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَخَرَجَ الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى فَلَا بُدَّ فِي بَوْلِهِمَا مِنْ الْغَسْلِ. وَلَا فَرْقَ فِي اللَّبَنِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا أَوْ نَجِسًا وَلَوْ مِنْ مُغَلَّظَةٍ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصَّبِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ الِائْتِلَافَ بِحَمْلِهِ أَكْثَرُ، فَخُفِّفَ فِي بَوْلِهِ لِلْقَاعِدَةِ الصَّحِيحَةِ أَنَّ الْمَشَقَّةَ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ وَأَنَّ الْأَمْرَ إذَا ضَاقَ اتَّسَعَ، وَيُعَضِّدُهَا أَنَّ أَصْلَ الشَّرْعِ وَضْعُ الْحَرَجِ فِيمَا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَأَنَّ بَوْلَهُ أَرَقُّ مِنْ بَوْلِهَا فَلَا يَلْصَقُ بِالْمَحِلِّ لُصُوقَ بَوْلِهَا بِهِ، وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ ذَكَرْت جَوَابَهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ تَنَاوُلَهُ مَا سِوَى اللَّبَنِ لِلتَّغَذِّي يَمْنَعُ نَضْحَهُ وَيُوجِبُ غَسْلَهُ، سَوَاءٌ اسْتَغْنَى بِهِ عَنْ اللَّبَنِ أَمْ لَا، وَإِنَّمَا يَكْفِي النَّضْحُ حَيْثُ غَلَبَ الْمَاءُ عَلَى الْمَحِلِّ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي نَضْحِ نَحْوِ الثَّوْبِ السَّيَلَانُ بِخِلَافِ الْغَسْلِ فِيهِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْهُ. وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ وَالْحَدِيثُ الْآتِي أَنَّ النَّضْحَ يَكْفِي وَإِنْ بَقِيَ الطَّعْمُ وَاللَّوْنُ وَالرِّيحُ، وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِلرُّخْصَةِ وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ خِلَافُهُ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ الْمُتَّجِهُ أَنَّ هَذِهِ النَّجَاسَةَ كَغَيْرِهَا، وَحَمْلُ وُجُوبِ إزَالَةِ أَوْصَافِهَا عَلَى غَيْرِ الْمُخَفَّفَةِ يَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ، وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ سُهُولَةِ زَوَالِهَا. وَالْأَصْلُ فِيمَا تَقَدَّمَ خَبَرُ الشَّيْخَيْنِ عَنْ أُمِّ قَيْسٍ «أَنَّهَا جَاءَتْ بِابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ، فَأَجْلَسَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حِجْرِهِ، فَبَالَ عَلَيْهِ فَدَعَا بِمَاءٍ وَنَضَحَهُ» وَخَبَرُ التِّرْمِذِيِّ يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْجَارِيَةِ وَيُرَشُّ مِنْ بَوْلِ الْغُلَامِ. ثُمَّ ذَكَرَ الثَّالِثَ مِنْهَا وَهِيَ النَّجَاسَةُ الْمُتَوَسِّطَةُ وَهِيَ مُنْقَسِمَةٌ كَمَا قَبْلَهَا إلَى عَيْنِيَّةٍ وَإِلَى حُكْمِيَّةٍ، وَقَدْ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ (وَمَا نَجِسَ بِغَيْرِهِمَا) أَيْ غَيْرِ الْكَلْبِ وَبَوْلِ الصَّبِيِّ الْمُتَقَدِّمِ (إنْ لَمْ تَكُنْ عَيْنًا) بِأَنْ كَانَتْ حُكْمِيَّةً، وَهِيَ مَا لَا يُدْرَكُ لَهَا عَيْنٌ وَلَا وَصْفٌ، سَوَاءٌ أَكَانَ عَدَمُ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلِمْت مِنْ كَلَامِ حَجّ وُجُوبَ الْغَسْلِ بِسَبَبِهِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ بِمُعْجَمَةٍ أَيْضًا) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: وَقِيلَ مَا ثَخُنَ كَالطِّينِ فَبِالْمُعْجَمَةِ وَمَا رَقِّ كَالْمَاءِ فَبِالْمُهْمَلَةِ (قَوْلُهُ: فَبِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ شَرِبَ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ وَبَالَ بَعْدَهُمَا لَا يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِهِ، وَفِي الزِّيَادِيِّ خِلَافُهُ وَعِبَارَتُهُ: لَوْ شَرِبَ اللَّبَنَ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ ثُمَّ بَالَ بَعْدَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَأْكُلَ غَيْرَ اللَّبَنِ فَهَلْ يَكْفِي فِيهِ النَّضْحُ أَوْ يَجِبُ فِيهِ الْغَسْلُ؟ لِأَنَّ تَمَامَ الْحَوْلَيْنِ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ أَكْلِ غَيْرِ اللَّبَنِ؟ الَّذِي يَظْهَرُ الثَّانِي كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الطَّنْدَتَائِيُّ اهـ. وَعِبَارَةُ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ قَوْلُهُ: قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ يَنْبَغِي أَوْ مَعَ التَّمَامِ بِأَنْ شَرِبَ اللَّبَنَ مَعَ التَّمَامِ وَنَزَلَ مَعَ التَّمَامِ اهـ. وَلَوْ شَكَّ هَلْ الْبَوْلُ قَبْلَهُمَا أَوْ بَعْدَهُمَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُكْتَفَى فِيهِ بِالنَّضْحِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ بُلُوغِ الْحَوْلَيْنِ وَعَدَمُ كَوْنِ الْبَوْلِ بَعْدَهُمَا (قَوْلُهُ: السَّفُوفَ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: وَكُلُّ مَا يُؤْخَذُ غَيْرُ مَعْجُونٍ فَهُوَ سَفُوفٌ بِفَتْحِ السِّينِ (قَوْلُهُ: وَضْعُ الْحَرَجِ) أَيْ رَفْعُهُ (قَوْلُهُ: لَا بُدَّ فِيهِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ السَّيَلَانِ (قَوْلُهُ: فِي حِجْرِهِ) هُوَ بِالْكَسْرِ لَا غَيْرُ اسْمٌ لِمَا بَيْنَ يَدَيْك مِنْ ثَوْبِك وَبِمَعْنَى الْمَنْعِ مُثَلَّثٌ اهـ قَامُوسَ. وَكَذَا حِجْرُ الْإِنْسَانِ اسْمٌ لِمَا بَيْنَ الْإِبْطِ إلَى الْكَشْحِ مُثَلَّثٌ أَيْضًا وَفِي النِّهَايَةِ أَنَّ طَرَفَ الثَّوْبِ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ، وَفِي الْمِصْبَاحِ: وَحَجْرُ الْإِنْسَانِ بِالْفَتْحِ، وَقَدْ يُكْسَرُ حِضْنُهُ وَهُوَ مَا دُونَ إبْطِهِ إلَى الْكَشْحِ، وَهُوَ فِي حَجْرِهِ: أَيْ فِي كَنَفِهِ وَحِمَايَتِهِ وَالْجَمْعُ حُجُورٌ، ثُمَّ قَالَ: وَالْحِضْنُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [النَّجَاسَةَ الْمُخَفَّفَةَ] قَوْلُهُ: وَهِيَ مَا لَا يُدْرَكُ لَهَا عَيْنٌ) الْمُرَادُ بِالْعَيْنِ هُنَا الْجِرْمُ، فَهُوَ غَيْرُ الْعَيْنِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَتْنِ

[النجاسة المتوسطة]

الْإِدْرَاكِ لِخَفَاءِ أَثَرِهَا بِالْجَفَافِ كَبَوْلٍ جَفَّ فَذَهَبَتْ عَيْنُهُ وَلَا أَثَرَ لَهُ وَلَا رِيحَ فَذَهَبَ وَصْفُهُ أَمْ لَا، لِكَوْنِ الْمَحِلِّ صَقِيلًا لَا تَثْبُتُ عَلَيْهِ النَّجَاسَةُ كَالْمِرْآةِ وَالسَّيْفِ (كَفَى جَرْيُ الْمَاءِ عَلَيْهِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ كَمَطَرٍ وَلَوْ سِكِّينًا سُقِيَتْ وَهِيَ مُحْمَاةٌ نَجَسًا فَلَا يُحْتَاجُ إلَى سَقْيِهَا مَاءً طَهُورًا أَوْ لَحْمًا طُبِخَ بِنَجَسٍ فَيَطْهُرُ بِغَسْلِهِ وَلَا حَاجَةَ لِإِغْلَائِهِ وَلَا لِعَصْرِهِ (وَإِنْ كَانَتْ) عَيْنًا سَوَاءٌ أَتَوَقَّفَ طُهْرُهَا عَلَى عَدَدٍ أَمْ لَا، وَهِيَ مَا نَجِسَ طَعْمًا أَوْ لَوْنًا أَوْ رِيحًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَعْرِيفِ نَقِيضِهَا الْمَارِّ (وَجَبَ) بَعْدَ زَوَالِهَا (إزَالَةُ الطَّعْمِ) وَإِنْ عَسُرَ زَوَالُهُ لِسُهُولَتِهِ غَالِبًا فَأُلْحِقَ بِهِ نَادِرُهَا لَا سِيَّمَا وَبَقَاؤُهُ يَدُلُّ عَلَى بَقَائِهَا. نَعَمْ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: لَوْ لَمْ يَزُلْ إلَّا بِالْقَطْعِ عُفِيَ عَنْهُ، وَيَظْهَرُ تَصْوِيرُهُ فِيمَا إذَا دَمِيَتْ لِثَتُهُ أَوْ تَنَجَّسَ فَمُهُ بِنَجَاسَةٍ أُخْرَى، وَلَيْسَ فِي هَذِهِ ذَوْقُ نَجَاسَةٍ مُحَقَّقَةٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَصَل بَعْدَ الْغَسْلِ وَغَلَبَةِ الظَّنِّ بِحُصُولِ الطَّهَارَةِ، فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ تَصْرِيحُهُمْ بِحُرْمَةِ ذَوْقِ النَّجَاسَةِ وَإِنَّمَا نَظِيرُهُ ذَوْقُهَا قَبْلَ الْغَسْلِ وَلَا شَكَّ فِي مَنْعِهِ. وَقَدْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: لَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ زَوَالُ طَعْمِهَا جَازَ لَهُ ذَوْقُ الْمَحِلِّ اسْتِظْهَارًا. وَتَقَدَّمَ فِي الْأَوَانِي أَنَّ الْمُرَجَّحَ فِيهَا جَوَازُ الذَّوْقِ، وَأَنَّ مَحِلَّ مَنْعِهِ إذَا تَحَقَّقَ وُجُودُهَا فِيمَا يُرِيدُ ذَوْقَهُ انْحَصَرَتْ فِيهِ (وَلَا يَضُرُّ) (بَقَاءُ لَوْنٍ) كَلَوْنِ الدَّمِ (أَوْ رِيحٍ) كَرِيحِ الْخَمْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا دُونَ الْإِبْطِ إلَى الْكَشْحِ، وَالْجَمْعُ: أَحْضَانٌ مِثْلُ: حِمْلٍ وَأَحْمَالٍ اهـ. [النَّجَاسَةُ الْمُتَوَسِّطَةُ] (قَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لَهُ وَلَا رِيحَ) الْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ: مِنْ تَعْرِيفِ نَقِيضِهَا الْمَارِّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ فِي تَعْرِيفِ الْحُكْمِيَّةِ وَهِيَ مَا لَا يُدْرَكُ لَهُ عَيْنٌ وَلَا وَصْفٌ (قَوْلُهُ: بَعْدَ زَوَالِهَا) أَيْ زَوَالِ جِرْمِهَا فَفِي الْعِبَارَةِ تَسَامُحٌ. (قَوْلُهُ: فَأُلْحِقَ بِهِ) أَيْ بِالْغَالِبِ، وَقَوْلُهُ: نَادِرُهَا: أَيْ الزَّوَالُ، وَأَنَّثَ الضَّمِيرَ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الْإِزَالَةِ (قَوْلُهُ: عُفِيَ عَنْهُ) أَيْ فَيُحْكَمُ بِطَهَارَةِ مَحِلِّهِ مَعَ مَاءِ الطَّعْمِ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ فِيمَا لَوْ عَسُرَ زَوَالُ اللَّوْنِ أَوْ الرِّيحِ مِنْ قَوْلِهِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ تَصْوِيرُهُ) أَشَارَ بِهِ إلَى دَفْعِ مَا يُقَالُ كَيْفَ يُدْرَكُ بِهَا الطَّعْمُ مَعَ حُرْمَةِ ذَوْقِ النَّجَاسَةِ، أَوْ يُقَالُ إنَّمَا يَحْرُمُ ذَوْقُ النَّجَاسَةِ إذَا كَانَتْ مُحَقَّقَةً، وَمَا هُنَا اخْتِبَارٌ لِمَحِلِّهَا هَلْ بَقِيَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ أَوْ زَالَتْ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِي هَذَا. . إلَخْ) لَا يَظْهَرُ تَرْتِيبُهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّصْوِيرِ بَلْ هُوَ جَوَابٌ مُسْتَقِلٌّ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا نَظِيرُهُ إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ أُصِيبَ الثَّوْبُ بِنَجَاسَةٍ لَا يُعْرَفُ طَعْمُهَا فَأَرَادَ ذَوْقَهَا قَبْلَ الْغَسْلِ لِيَتَصَوَّرَ الطَّعْمَ فَيَعْلَمَهُ لَوْ صَبَّ الْمَاءَ عَلَيْهِ ثُمَّ ذَاقَهُ، فَظَاهِرُ عِبَارَتِهِ امْتِنَاعُ ذَلِكَ لِتَحَقُّقِ النَّجَاسَةِ حَالَ ذَوْقِ الْمَحِلِّ فَيُغْسَلُ إلَى أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ زَوَالُ النَّجَاسَةِ ثُمَّ إذَا ذَاقَهُ فَوَجَدَ فِيهِ طَعْمًا حَمَلَهُ عَلَى النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: جَازَ لَهُ ذَوْقُ الْمَحَلِّ) وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ حَيْثُ قَالَ: وَظَاهِرٌ أَنَّهُ بَعْدَ ظَنِّ الطُّهْرِ لَا يَجِبُ شَمٌّ وَلَا نَظَرٌ. نَعَمْ يَنْبَغِي شَمُّهُ هُنَا، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ زَالَ شَمُّهُ أَوْ بَصَرُهُ خِلْقَةً أَوْ لِعَارِضٍ لَمْ يَلْزَمْهُ سُؤَالُ غَيْرِهِ أَنْ يَشُمَّ أَوْ يَنْظُرَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَانْحَصَرَتْ فِيهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ ذَاقَ أَحَدَهُمَا امْتَنَعَ عَلَيْهِ ذَوْقُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لَهُ) يَعْنِي مِنْ طَعْمٍ أَوْ لَوْنٍ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: أَمْ لَا لِكَوْنِ الْمَحَلِّ صَقِيلًا) صَرِيحُهُ أَنَّ نَجَاسَةَ الصَّقِيلِ حُكْمِيَّةٌ وَلَوْ قَبْلَ الْجَفَافِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ نَجَاسَتُهُ حِينَئِذٍ عَيْنِيَّةٌ، وَإِنَّمَا نَصُّوا عَلَيْهِ لِلْإِشَارَةِ لِلرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ يُكْتَفَى فِيهِ بِالْمَسْحِ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ: قُلْت إذَا أَصَابَتْ النَّجَاسَةُ شَيْئًا صَقِيلًا كَسَيْفٍ وَسِكِّينٍ وَمِرْآةٍ لَمْ يَطْهُرْ بِالْمَسْحِ عِنْدَنَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهَا (قَوْلُهُ: بَعْدَ زَوَالِهَا) أَيْ زَوَالُ جُرْمِهَا، وَفِي نُسْخَةٍ: زَوَالُ عَيْنِهَا (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: لَوْ لَمْ يَزُلْ إلَّا بِالْقَطْعِ نَفَى عَنْهُ) أَيْ وَلَمْ يَطْهُرْ بِخِلَافِ مَا سَيَأْتِي فِي اللَّوْنِ وَالرِّيحِ خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ تَصْوِيرُهُ) يَعْنِي تَصْوِيرَ إدْرَاكِ بَقَاءِ الطَّعْمِ عَلَى وَجْهٍ غَيْرِ مُحَرَّمٍ وَإِنْ قَصُرَتْ عَنْهُ عِبَارَتُهُ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ فِي هَذَا ذَوْقُ نَجَاسَةٍ مُحَقَّقَةٍ؛ لِأَنَّهُ إلَخْ) هَذَا جَوَابٌ مُسْتَقِلٌّ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا قَبْلَهُ، وَكَانَ الْأَوْلَى لَهُ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي نَجَاسَةٍ غَسَلَهَا وَشَكَّ فِي طَعْمِهَا لَا فِي نَجَاسَةٍ شَكَّ فِيهَا ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ فِي الْأَوَانِي إلَخْ) مُرَادُهُ بِهِ جَوَابٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّ الْمُرَجَّحَ أَنَّ حُرْمَةَ الذَّوْقِ إنَّمَا هِيَ عِنْدَ تَحَقُّقِ النَّجَاسَةِ، إلَّا أَنَّ الْأَنْسَبَ هُنَا جَوَابُ الْبُلْقِينِيِّ لِمَا قَدَّمْنَاهُ

(عَسُرَ زَوَالُهُ) بِحَيْثُ لَا يَزُولُ بِالْمُبَالَغَةِ بِنَحْوِ الْحَتِّ وَالْقَرْصِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْأَرْضُ وَالثَّوْبُ وَالْإِنَاءُ وَسَوَاءٌ أَطَالَ بَقَاءَ الرَّائِحَةِ أَمْ لَا، وَمَعْنَى قَوْلِهِ لَا يَضُرُّ: أَنَّهُ طَاهِرٌ حَقِيقَةً لَا نَجِسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ حَتَّى لَوْ أَصَابَهُ بَلَلٌ لَمْ يَتَنَجَّسْ. إذْ لَا مَعْنَى لِلْغَسْلِ إلَّا الطَّهَارَةُ وَالْأَثَرُ الْبَاقِي شَبِيهٌ بِمَا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُغَلَّظَةِ وَغَيْرِهَا، فَلَوْ عَسُرَتْ إزَالَةُ لَوْنٍ نَحْوِ دَمٍ مُغَلَّظٍ أَوْ رِيحِهِ طَهُرَ، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ فِي خَادِمِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَعْفُ عَنْ قَلِيلِ دَمِهِ لِسُهُولَةِ إزَالَةِ جِرْمِهِ وَخَرَجَ مَا سَهُلَ زَوَالُهُ فَلَا يَطْهُرُ مَعَ بَقَائِهِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى بَقَاءِ الْعَيْنِ (وَفِي الرِّيحِ قَوْلٌ) أَنَّهُ يَضُرُّ أَمْعَاءَهُ كَسَهْلِ الزَّوَالِ (قُلْت: فَإِنْ أُبْقِيَا مَعًا) فِي مَحِلٍّ وَاحِدٍ وَإِنْ عَسُرَ زَوَالُهُمَا (ضَرَّ عَلَى الصَّحِيحِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِقُوَّةِ دَلَالَتِهِمَا عَلَى بَقَاءِ الْعَيْنِ، فَإِنْ أُمِّيًّا فِي مَحِلَّيْنِ لَمْ يَضُرَّ كَمَا لَوْ تَخَرَّقَتْ بِطَانَةُ الْخُفِّ وَظِهَارَتُهُ مِنْ مَحِلَّيْنِ غَيْرِ مُتَحَاذِيَيْنِ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الَّتِي هِيَ قُوَّةُ دَلَالَتِهِمَا عَلَى بَقَائِهَا، وَلَوْ تُوَقَّفَ زَوَالُ ذَلِكَ وَنَحْوِهِ عَلَى أُشْنَانٍ أَوْ صَابُونَ أَوْ حَتٍّ أَوْ قَرْصٍ وَجَبَ وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ، وَبِهِ يُجْمَعُ بَيْنَ قَوْلَيْ الْوُجُوبِ وَالِاسْتِحْبَابِ، وَالْأَوْجَهُ أَنْ يُعْتَبَرَ لِوُجُوبِ نَحْوِ الصَّابُونِ أَنْ يَفْضُلَ ثَمَنُهُ عَمَّا يَفْضُلُ عَنْهُ ثَمَنُ الْمَاءِ فِي التَّيَمُّمِ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْحَتِّ وَنَحْوِهِ لَزِمَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ إذَا وَجَدَهَا فَاضِلَةً عَنْ ذَلِكَ أَيْضًا، وَأَنَّهُ لَوْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ حِسًّا أَوْ شَرْعًا احْتَمَلَ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ اسْتِعْمَالُهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَوْ وَجَدَهُ لِطَهَارَةِ الْمَحِلِّ حَقِيقَةً، وَيَحْتَمِلُ اللُّزُومَ وَأَنَّ كُلًّا مِنْ الطُّهْرِ وَالْعَفْوِ إنَّمَا كَانَ لِلتَّعَذُّرِ وَقَدْ زَالَ، وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِلْقَوَاعِدِ، بَلْ قِيَاسُ فَقْدِ الْمَاءِ عِنْدَ حَاجَتِهِ عَدَمُ الطُّهْرِ مُطْلَقًا وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ لِاغْتِفَارِهِمَا مُنْفَرِدَيْنِ فَكَذَا مُجْتَمِعَيْنِ؛ وَأَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي مَاءٍ نُقِلَ مِنْ الْبَحْرِ وَوُضِعَ فِي زِيرٍ فَوُجِدَ فِيهِ طَعْمُ زِبْلٍ أَوْ رِيحُهُ أَوْ لَوْنُهُ بِنَجَاسَتِهِ، فَقَدْ قَالَ الْأَصْحَابُ: وَشُرِعَ تَقْدِيمُ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ لِيُعْرَفَ طَعْمُ الْمَاءِ وَرَائِحَتُهُ انْتَهَى. ـــــــــــــــــــــــــــــSالْآخَرِ لِانْحِصَارِ النَّجَاسَةِ فِيهِ، وَقَدْ مَرَّ لَهُ مَا يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: وَالْقَرْصُ) أَيْ بِالصَّادِ بِالْمُهْمَلَةِ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْقَرْصُ الْغَسْلُ بِأَطْرَافِ الْأَصَابِعِ، وَقِيلَ هُوَ الْقَلْعُ بِالظُّفْرِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَثَرُ الْبَاقِي إلَخْ) أَيْ وَهُوَ لَا يَنْجَسُ (قَوْلُهُ: عَنْ قَلِيلِ دَمِهِ) أَيْ الْمُغَلَّظِ وَقَوْلُهُ: لِسُهُولَةِ إزَالَةِ إلَخْ: أَيْ فَلَوْ عُولِجَ وَلَمْ يَزُلْ كَانَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ: أَيْ فَيُعْفَى عَنْهُ (قَوْلُهُ: ضَرَّ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الضَّرَرِ إذَا بَقِيَا مَعًا بَيْنَ كَوْنِهِمَا مِنْ نَجَاسَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ نَجَاسَتَيْنِ، وَقَدْ يُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: قَبْلُ كَلَوْنِ الدَّمِ وَرِيحِ الْخَمْرِ، لَكِنْ نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ تَقْيِيدُ الضَّرَرِ بِمَا إذَا كَانَا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ مِنْ نَجَاسَةٍ وَاحِدَةٍ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ بَقَاءَهُمَا مِنْ نَجَاسَةٍ وَاحِدَةٍ دَلِيلٌ عَلَى قُوَّةِ النَّجَاسَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَا مِنْ ثِنْتَيْنِ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُسْتَقِلَّةٌ لَا ارْتِبَاطَ لَهَا بِالْأُخْرَى وَكُلَّ وَاحِدَةٍ بِانْفِرَادِهَا ضَعِيفَةٌ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَوْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ) أَيْ نَحْوُ الصَّابُونِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِلْقَوَاعِدِ) الْإِشَارَةُ رَاجِعَةٌ لِقَوْلِهِ وَيُحْتَمَلُ اللُّزُومُ (قَوْلُهُ: عَدَمُ الطُّهْرِ إلَخْ) وَمُقْتَضَى هَذِهِ الْأَوْجُهِ أَنَّهُ يَقْضِي مَا صَلَّاهُ بِهِ مُدَّةَ الْفَقْدِ، لَكِنَّ عِبَارَةَ قم قَوْلُهُ: وَجَبَ إزَالَةُ أَوْصَافِهِ: أَيْ وَلَوْ بِالِاسْتِعَانَةِ بِنَحْوِ صَابُونٍ حَتَّى لَوْ لَمْ يَجِدْهُ لَمْ يَطْهُرْ الْمَحَلُّ كَمَا لَوْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ أَوْ التُّرَابَ فِي الْمُغَلَّظَةِ وِفَاقًا فِي ذَلِكَ لمر، لَكِنَّهُ خَالَفَ ذَلِكَ ثَانِيًا وَقَالَ: لَوْ عَجَزَ عَنْ تَحْصِيلِهِ فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِالطَّهَارَةِ لِلضَّرُورَةِ، وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ بِلَا قَضَاءٍ، وَمَتَى قَدَرَ عَلَيْهِ وَجَبَتْ الِاسْتِعَانَةُ بِهِ فِي إزَالَةِ الْوَصْفِ لِزَوَالِ الضَّرُورَةِ فَإِنَّهَا تَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا انْتَهَى بِمَعْنَاهُ. وَذَكَرَ غَالِبَهُ فِي شَرْحِهِ لِلْمِنْهَاجِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِيهِ نَظَرًا لِأَنَّ مَنْ يُوجِبُ الِاسْتِعَانَةَ يَجْعَلُهَا شَرْطًا فِي التَّطْهِيرِ، وَشَرْطُ التَّطْهِيرِ إذَا فَاتَ لِعُذْرٍ لَا يَحْصُلُ التَّطْهِيرُ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ لِلضَّرُورَةِ وَيَقْضِيَهَا فَلْيُحَرَّرْ. ثُمَّ اعْتَرَفَ بِأَنَّ الْقِيَاسَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ، بَلْ وَبِأَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَضُرُّ) أَيْ بَقَاؤُهُمَا (قَوْلُهُ: فَوَجَدَ فِيهِ طَعْمَ زِبْلٍ أَوْ رِيحَهُ أَوْ لَوْنَهُ بِنَجَاسَتِهِ) نَقَلَ بِالدَّرْسِ عَنْ فَتَاوَى وَالِدِهِ الْقَوْلَ بِعَدَمِ النَّجَاسَةِ انْتَهَى. وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ هَذَا مِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى وَمَا كَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ تَوَقَّفَ زَوَالُ ذَلِكَ) يَعْنِي لَوْنَ النَّجَاسَةِ أَوْ رِيحَهَا. وَلَيْسَ خَاصًّا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ. قُلْت: فَإِنْ بَقِيَا إلَخْ وَإِنْ

وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ فِيهِ طَعْمُ شَيْءٍ لَا يَكُونُ إلَّا لِلنَّجَاسَةِ حُكِمَ بِنَجَاسَتِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ بِرِيحِ الْخَمْرِ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ. وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَلَّا يَكُونَ بِقُرْبِهِ جِيفَةٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْهَا، وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ رَأَى فِي فِرَاشِهِ أَوْ ثَوْبِهِ مَنِيًّا لَا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ. هَذَا وَالْأَوْجَهُ خِلَافُ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ، لِأَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَةُ الْمَاءِ وَعَدَمُ وُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِيهِ، فَالْحُكْمُ مَعَ ذَلِكَ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ حُكْمٌ بِهَا بِالشَّكِّ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا ذُكِرَ مِنْ نَظَائِرِهِ، وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الْوَلَدِ فِي الْمَاءِ الْمُزِيلِ لِأَنَّهُ عَهْدُ بَوْلِ الْحَيَوَانَاتِ فِي الْمَاءِ الْمَنْقُولِ مِنْهُ فِي الْجُمْلَةِ، فَأَشْبَهَ السَّبَبَ الظَّاهِرَ، وَلَا كَذَلِكَ مَسْأَلَتُنَا فَلَمْ يَتَقَدَّمْ مَا يُمْكِنُ الْإِحَالَةُ عَلَيْهِ أَصْلًا، وَلَا مَا نُقِلَ عَنْ الْأَصْحَابِ مِنْ حِكْمَةِ شُرُوعِ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ، إذْ لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الطَّعْمَ مُقْتَضٍ لِنَجَاسَتِهِ لِإِمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى الْبَحْثِ عَنْ حَالِهِ إذَا وَجَدَ طَعْمَهُ أَوْ رِيحَهُ مُتَغَيِّرًا. نَعَمْ يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْبَغَوِيّ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ سَبْقَ مَا يُحَالُ عَلَيْهِ (وَيُشْتَرَطُ وُرُودُ الْمَاءِ) عَلَى مَحِلِّهَا إنْ كَانَ قَلِيلًا، بِخِلَافِ مَا إذَا وَرَدَتْ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَنْجَسُ بِالْمُلَاقَاةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، فَلَوْ طَهَّرَ إنَاءً أَدَارَ الْمَاءَ عَلَى جَوَانِبِهِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يَطْهُرُ قَبْلَ أَنْ يَصُبَّ النَّجَاسَةَ مِنْهُ وَهُوَ كَذَلِكَ إذَا لَمْ تَكُنْ النَّجَاسَةُ مَائِعَةً بَاقِيَةً فِيهِ. أَمَّا لَوْ كَانَتْ مَائِعَةً بَاقِيَةً فِيهِ لَمْ يَطْهُرْ مَا دَامَ عَيْنُهَا مَغْمُورًا بِالْمَاءِ (لَا الْعَصْرِ فِي الْأَصَحِّ) فِيهِمَا لَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِيمَا يُمْكِنُ عَصْرُهُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا لَهُ خَمْلٌ كَالْبِسَاطِ أَوْ لَا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، فَقَوْلُ الْغَزِّيِّ يُشْتَرَطُ اتِّفَاقًا فِي الْأَوَّلِ ضَعِيفٌ، وَمُقَابِلُهُ فِي الْأُولَى قَوْلُ ابْنِ سُرَيْجٍ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ إذَا أُورِدَ عَلَيْهِ الْمَحِلُّ النَّجِسُ لِتَطْهِيرِهِ كَالثَّوْبِ يُغْمَسُ فِي إجَّانَةِ مَاءٍ لِذَلِكَ أَنَّهُ يُطَهِّرُهُ كَمَا لَوْ كَانَ وَارِدًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَلْقَتْهُ الرِّيحُ فِيهِ فَيَنْجُسُ بِهِ، وَالْخِلَافُ فِي الثَّانِيَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي فِي طَهَارَةِ الْغُسَالَةِ إنْ قُلْنَا بِطَهَارَتِهَا وَهُوَ الْأَظْهَرُ لَمْ يُشْتَرَطْ الْعَصْرُ وَإِلَّا اُشْتُرِطَ، وَيَقُومُ مَقَامَهُ الْجَفَافُ فِي الْأَصَحِّ. (وَالْأَظْهَرُ طَهَارَةُ غُسَالَةٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــSكَذَلِكَ لَا يَنْجَسُ (قَوْلُهُ: حُكِمَ بِنَجَاسَتِهِ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: لِوُضُوحِ الْفَرْقِ) أَيْ وَهُوَ أَنَّ الْحَدَّ يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا (قَوْلُهُ: وَلَا كَذَلِكَ مَسْأَلَتُنَا) هِيَ مَا لَوْ وُجِدَ فِي الْمَاءِ طَعْمٌ لَا يَكُونُ إلَّا لِلنَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) مِنْهُ مَا لَوْ تَنَجَّسَ فَمُهُ بِدَمِ اللِّثَةِ أَوْ بِمَا يَخْرُجُ بِسَبَبِ الْجُشَاءِ فَتَفَلَهُ ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَأَدَارَ الْمَاءَ فِي فَمِهِ بِحَيْثُ عَمَّهُ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ بِالنَّجَاسَةِ فَإِنَّ فَمَهُ يَطْهُرُ وَلَا يَتَنَجَّسُ الْمَاءُ فَيَجُوزُ ابْتِلَاعُهُ لِطَهَارَتِهِ، فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ، هَذَا وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَتْ تَدْمَى لِثَتُهُ مِنْ بَعْضِ الْمَآكِلِ بِتَشْوِيشِهَا عَلَى لَحْمِ الْأَسْنَانِ دُونَ بَعْضٍ، فَهَلْ يُعْفَى عَنْهُ فِيمَا تَدْمَى بِهِ لِثَتُهُ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ أَمْ لَا لِإِمْكَانِ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِتَنَاوُلِ الْبَعْضِ الَّذِي لَا يَحْصُلُ مِنْهُ دَمْيُ اللِّثَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالظَّاهِرُ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى حِينَئِذٍ، وَبِتَقْدِيرِ وُقُوعِهِ يُمْكِنُ تَطْهِيرُ فَمِهِ مِنْهُ وَإِنْ حَصَلَ لَهُ مَشَقَّةٌ لِنُدْرَةِ ذَلِكَ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ إلَخْ) وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إنْ صَبَّ عَلَيْهِ فِي إجَّانَةٍ مَثَلًا، فَإِنْ صَبَّ عَلَيْهِ وَهُوَ بِيَدِهِ لَمْ يَحْتَجْ لِعَصْرٍ قَطْعًا كَالنَّجَاسَةِ الْمُخَفَّفَةِ وَالْحُكْمِيَّةِ انْتَهَى حَجّ (قَوْلُهُ: خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ إلَخْ) مِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ الِاسْتِحْبَابَ لِرِعَايَةِ الْخِلَافِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى كَوْنِهِ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، بَلْ يُسَنُّ الْخُرُوجُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ خِلَافًا لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ كَمَا هُنَا، لَكِنْ ذَكَر حَجّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِاسْتِحْبَابِ الْخُرُوجِ مِنْهُ قُوَّةُ الْخِلَافِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِيمَا لَمْ يَنُصُّوا عَلَى اسْتِحْبَابِهِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ. أَمَّا هُوَ فَتُسَنُّ مُرَاعَاتُهُ وَإِنْ شَذَّ. قَالَ حَجّ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سَنَّهُمْ لَهُ لِدَلِيلٍ قَامَ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ، إمَّا بِالِاعْتِرَاضِ عَلَى مَنْ حَكَمَ عَلَيْهِ بِالشُّذُوذِ، أَوْ بِكَوْنِهِ مَعَ شُذُوذِهِ عِنْدَنَا مُوَافِقًا لِبَعْضِ الْمَذَاهِبِ، فَيَكُونُ فِعْلُهُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ ذَلِكَ الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ: يُشْتَرَطُ) أَيْ الْعَصْرُ، وَقَوْلُهُ: فِي الْأَوَّلِ هُوَ قَوْلُهُ: مَا لَهُ خَمْلٌ (قَوْلُهُ: وَيَقُومُ مَقَامَهُ) أَيْ عَلَى الْمُقَابِلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْهَمَهُ سِيَاقُهُ (قَوْلُهُ: إذْ لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ إلَخْ) وَحِينَئِذٍ فَلَا شَاهِدَ فِيهِ لِإِفْتَاءِ وَالِدِهِ، عَلَى أَنَّ الْإِفْتَاءَ الْمَذْكُورَ لَا يَخْلُو عَنْ تَوَقُّفٍ وَإِنْ وَجَّهَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ عَهِدَ بَوْلَ الْحَيَوَانَاتِ إلَخْ، وَعَلَيْهِ فَيُقَالُ: بِمِثْلِهِ فِي نَظَائِرِ ذَلِكَ، وَيَكُونُ تَقْيِيدًا لِكَلَامِ الْبَغَوِيّ

قَلِيلَةٍ (تَنْفَصِلُ بِلَا تَغَيُّرٍ وَقَدْ طَهُرَ الْمَحِلُّ) لِأَنَّ الْبَلَلَ الْبَاقِيَ عَلَى الْمَحِلِّ هُوَ بَعْضُ الْمُنْفَصِلِ، فَلَوْ كَانَ الْمُنْفَصِلُ نَجَسًا لَكَانَ الْمَحِلُّ مِثْلَهُ فَيَكُونُ الْمُنْفَصِلُ طَاهِرًا غَيْرَ طَهُورٍ لِاسْتِعْمَالِهِ فِي خَبَثٍ. وَالثَّانِي أَنَّهَا نَجِسَةٌ لِانْتِقَالِ الْمَنْعِ إلَيْهَا، فَلَوْ انْفَصَلَتْ مُتَغَيِّرَةً وَالنَّجَاسَةُ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ عَلَى الْمَحِلِّ أَوْ عَكْسُهُ فَالْمَاءُ وَالْمَحِلُّ نَجِسَانِ. وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ انْفَصَلَتْ زَائِدَةَ الْوَزْنِ بَعْدَ اعْتِبَارِ مَا يَتَشَرَّبُهُ الْمَحِلُّ مِنْ الْمَاءِ وَيُلْقِيهِ مِنْ الْوَسَخِ الطَّاهِرِ. أَمَّا الْكَثِيرَةُ فَطَاهِرَةٌ مَا لَمْ تَتَغَيَّرْ وَإِنْ لَمْ يَطْهُرْ الْمَحَلُّ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الطَّهَارَةِ، وَيَطْهُرُ بِالْغَسْلِ مَصْبُوغٌ وَمَخْضُوبٌ بِمُتَنَجَّسٍ إنْ انْفَصَلَ الصِّبْغُ وَإِنْ بَقِيَ لَوْنُهُ الْمُجَرَّدُ كَطَهَارَةِ الصِّبْغِ الْمُنْفَرِدِ إذَا غَمَرَهُ مَاءٌ وَارِدٌ عَلَيْهِ. وَقَدْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ صَبْغَ رَأْسَهُ أَوْ ثَوْبَهُ أَوْ لِحْيَتَهُ بِنَجَاسَةٍ مُغَلَّظَةٍ عَالِمًا بِذَلِكَ وَغَسَلَهُ بِالْمَاءِ وَالتُّرَابِ وَعَسُرَ إخْرَاجُ لَوْنِ الصِّبْغِ بِطُهْرِهِ إذَا انْفَصَلَ صِبْغُهُ عَنْهُ وَلَمْ يَزِدْ وَزْنُهُ بَعْدَ غَسْلِهِ عَلَى وَزْنِهِ قَبْلَ صَبْغِهِ وَإِنْ بَقِيَ لَوْنُهُ لِعُسْرِ زَوَالِهِ. وَلَوْ صُبَّ عَلَى مَوْضِعٍ نَحْوُ بَوْلٍ أَوْ خَمْرٍ مِنْ أَرْضِ مَاءٍ غَمَرَهُ طَهُرَ وَإِنْ لَمْ يَنْضِبْ، فَإِنْ صُبَّ عَلَى عَيْنٍ نَحْوَ الْبَوْلِ لَمْ يَطْهُرْ. وَلَوْ عُجِنَ اللَّبِنُ وَخَالَطَهُ نَجَاسَةٌ جَامِدَةٌ كَرَوْثٍ لَمْ يَطْهُرْ، وَإِنْ طُبِخَ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ خَالَطَهُ غَيْرُهَا كَبَوْلٍ طَهُرَ ظَاهِرُهُ بِالْغَسْلِ، وَكَذَا بَاطِنُهُ بِالنَّقْعِ فِي الْمَاءِ وَلَوْ مَطْبُوخًا إنْ كَانَ رِخْوًا يَصِلُهُ الْمَاءُ أَوْ مَدْقُوقًا بِحَيْثُ صَارَ تُرَابًا. وَإِنَّمَا حَكَمْنَا بِطَهَارَةِ ظَاهِرِ الْآجُرِّ بِالْغَسْلِ دُونَ بَاطِنِهِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي السِّكِّينِ حَيْثُ تَطْهُرُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا بِغَسْلِهَا، لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالْآجُرِّ مُتَأَتٍّ مِنْ غَيْرِ مُلَابَسَةٍ، فَلَا حَاجَةَ لِلْحُكْمِ بِطَهَارَةِ بَاطِنِهِ مِنْ غَيْرِ إيصَالِ الْمَاءِ إلَيْهِ بِخِلَافِ السِّكِّينِ، وَلَا يُؤْمَرُ بِسَحْقِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ مَالِيَّتِهَا أَوْ نَقْصِهَا، وَلَوْ فُعِلَ ذَلِكَ جَازَ أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: بِلَا تَغَيُّرٍ إلَخْ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ كَمَا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ اللَّحْمَ يُغْسَلُ مِرَارًا وَلَا تَصْفُو غُسَالَتُهُ ثُمَّ يُطْبَخُ وَيَظْهَرُ فِي مَرَقَتِهِ لَوْنُ الدَّمِ هَلْ يُعْفَى عَنْهُ أَمْ لَا؟ فَأَقُولُ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ الْعَفْوِ قِيَاسًا عَلَى الْمَيْتَةِ الَّتِي لَا دَمَ لَهَا سَائِلٌ، فَإِنَّ مَحَلَّ الْعَفْوِ عَنْهَا حَيْثُ لَمْ تُغَيِّرْ مَا وَقَعَتْ فِيهِ (قَوْلُهُ: مَصْبُوغٌ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الصِّبْغُ رَطْبًا فِي الْمَحَلِّ فَإِنْ جَفَّ الثَّوْبُ الْمَصْبُوغُ بِالْمُتَنَجِّسِ كَفَى صَبُّ الْمَاءِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ تَصْفُ غُسَالَتُهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الصِّبْغُ مَخْلُوطًا بِأَجْزَاءٍ نَجِسَةِ الْعَيْنِ، هَذَا حَاصِلُ مَا كَتَبَهُ سم عَنْ الشَّارِحِ عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: إنْ انْفَصَلَ الصِّبْغُ) هَذَا قَدْ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَعْمَلَ لِلْمَصْبُوغِ مَا يَمْنَعُ مِنْ انْفِصَالِ الصِّبْغِ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ اسْتِعْمَالِ مَا يُسَمُّونَهُ فِطَامًا لِلثَّوْبِ كَقِشْرِ الرُّمَّانِ وَنَحْوِهِ لَمْ يَطْهُرْ بِالْغَسْلِ لِلْعِلْمِ بِبَقَاءِ النَّجَاسَةِ فِيهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ اُشْتُرِطَ زَوَالُهَا: إنْ كَانَتْ رَطْبَةً أَوْ مَخْلُوطَةً بِنَجِسِ الْعَيْنِ. أَمَّا حَيْثُ لَمْ يُشْتَرَطْ زَوَالُهَا بِأَنْ جَفَّتْ فَلَا يَضُرُّ اسْتِعْمَالُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَزِدْ وَزْنُهُ) أَيْ الْمَاءُ الْمُنْفَصِلُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَنْضُبْ) أَيْ لَمْ يَنْشَفْ فَفِي الْمِصْبَاحِ: نَضَبَ الْمَاءُ نُضُوبًا مِنْ بَابِ قَعَدَ غَارَ فِي الْأَرْضِ، وَيَنْضَبُ بِالْكَسْرِ لُغَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عُجِنَ اللَّبِنُ) بِكَسْرِ الْبَاءِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَطْهُرْ) أَيْ وَإِنْ نُقِعَ فِي الْمَاءِ (قَوْلُهُ: ظَاهِرِ الْآجُرِّ إلَخْ) أَيْ فِيمَا لَوْ خَالَطَهُ نَجَاسَةٌ جَامِدَةٌ. نَعَمْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى الْعَفْوِ عَمَّا عُجِنَ مِنْ الْخَزَفِ بِنَجِسٍ: أَيْ يُضْطَرُّ إلَيْهِ فِيهِ، وَاعْتَمَدَهُ كَثِيرُونَ وَأَلْحَقُوا بِهِ الْآجُرَّ الْمَعْجُونَ بِهِ انْتَهَى حَجّ. وَعَلَيْهِ فَلَا يَنْجَسُ مَا أَصَابَهُ مَعَ تَوَسُّطِ رُطُوبَةٍ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ، وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: لَا يَضُرُّ: أَيْ بَقَاءُ لَوْنٍ أَوْ رِيحٍ عَسُرَ زَوَالُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَزْنُهُ) أَيْ الْمَاءِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا، وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى إذْ الصُّورَةُ أَنَّ الصَّبْغَ انْفَصَلَ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا اللَّوْنُ الْمُجَرَّدُ لَكِنَّهُ لَا تَقْبَلُهُ عِبَارَةُ الْفَتَاوَى (قَوْلُهُ: لَمْ يَطْهُرْ وَإِنْ طُبِخَ) أَيْ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا كَمَا هُوَ صَرِيحُ السِّيَاقِ وَصَرِيحُ كَلَامِهِمْ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا حَكَمْنَا بِطَهَارَةِ ظَاهِرِ الْآجُرِّ) أَيْ إذَا خَالَطَهُ نَجَاسَةٌ غَيْرُ جَامِدَةٍ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ السِّكِّينِ) أَيْ، فَإِنَّهُ لَا يَتَأَتَّى الِانْتِفَاعُ بِهَا غَالِبًا: أَيْ بِالْمُلَابَسَةِ: أَيْ بِالْحَمْلِ وَنَحْوِهِ

تَكُونَ النَّجَاسَةُ دَاخِلَ الْأَجْزَاءِ الصِّغَارِ، وَلَوْ تَنَجَّسَ زِئْبَقٌ طَهُرَ بِغَسْلَةِ، ظَاهِرُهُ إنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَ تَنَجُّسِهِ وَغَسْلِهِ تُقْطَعُ، وَإِنْ تَقَطَّعَ بَيْنَهُمَا فَلَا، وَعَلَى هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ يُحْمَلُ كَلَامُ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ إمْكَانِ تَطْهِيرِهِ وَمَنْ قَالَ بِإِمْكَانِهِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُغْسَلَ مَحَلُّ النَّجَاسَةِ بَعْدَ طُهْرِهَا غَسْلَتَيْنِ لِتَكْمُلَ الثَّلَاثُ وَلَوْ مُخَفَّفَةً فِي الْأَوْجَهِ. أَمَّا الْمُغَلَّظَةُ فَلَا كَمَا قَالَهُ الجيلوي فِي بَحْرِ الْفَتَاوَى فِي نَشْرِ الْحَاوِي، وَبِهِ جَزَمَ التَّقِيُّ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ، لِأَنَّ الْمُكَبَّرَ لَا يُكَبَّرُ كَالْمُصَغَّرِ لَا يُصَغَّرُ، وَمَعْنَى أَنَّ الْمُكَبَّرَ لَا يُكَبَّرُ أَنَّ الشَّارِعَ بَالَغَ فِي تَكْبِيرِهِ فَلَا يُرَادُ عَلَيْهِ، كَمَا أَنَّ الشَّيْءَ إذَا صُغِّرَ مَرَّةً لَا يُصَغَّرُ أُخْرَى، وَهَذَا نَظِيرُ قَوْلِهِمْ الشَّيْءُ إذَا انْتَهَى نِهَايَتَهُ فِي التَّغْلِيظِ لَا يَقْبَلُ التَّغْلِيظَ كَالْأَيْمَانِ فِي الْقَسَامَةِ وَكَقَتْلِ الْعَمْدِ وَشَبَهِهِ لَا تُغَلَّظُ فِيهِ الدِّيَةُ وَإِنْ غُلِّظَتْ فِي الْخَطَأِ وَهَذَا أَقْرَبُ إلَى الْقَوَاعِدِ، وَيَقْرُبُ مِنْهُ قَوْلُهُمْ فِي الْجِزْيَةِ: إنَّ الْجُبْرَانَ لَا يُضَعَّفُ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ نِيَّةٌ وَتَجِبُ إزَالَتُهَا فَوْرًا إنْ عَصَى بِهَا وَإِلَّا فَلِنَحْوِ صَلَاةٍ. نَعَمْ يُسَنُّ الْمُبَادَرَةُ بِإِزَالَتِهَا حَيْثُ لَمْ تَجِبْ. وَأَمَّا الْعَاصِي بِجَنَابَتِهِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْمُبَادَرَةُ بِالْغُسْلِ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ، لِأَنَّ الْمُتَنَجِّسَ مُتَلَبِّسٌ بِمَا عَصَى بِهِ بِخِلَافِ الْجُنُبِ، وَلَوْ أَصَابَ شَيْءٌ مِنْ غَسَلَاتِ الْكَلْبِ شَيْئًا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَحِلِّ الْمُنْتَقِلِ عَنْهُ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ تَتْرِيبِهِ غَسَلَهُ قَدْرَ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ السَّبْعِ وَلَمْ يَتَرَتَّبْ وَإِلَّا فَعَدَدُ مَا بَقِيَ مَعَ التَّتْرِيبِ. أَمَّا الْمُتَطَايِرُ مِنْ أَرْضٍ تُرَابِيَّةٍ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ. وَالْمُرَادُ بِغُسَالَةِ النَّجَاسَةِ مَا اُسْتُعْمِلَ فِي وَاجِبِ الْإِزَالَةِ. أَمَّا الْمُسْتَعْمَلُ فِي مَنْدُوبِهَا فَطَهُورٌ، وَمَا غُسِلَ بِهِ نَجَاسَةٌ مَعْفُوٌّ عَنْهَا كَقَلِيلِ دَمِ غَيْرِ طَهُورٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ النَّقِيبِ، وَيَتَعَيَّنُ فِي نَحْوِ الدَّمِ إذَا أُرِيدَ غَسْلُهُ بِالصَّبِّ عَلَيْهِ فِي نَحْوِ جَفْنَةٍ وَالْمَاءُ قَلِيلٌ بِإِزَالَةِ عَيْنِهِ وَإِلَّا تَنَجَّسَ الْمَاءُ بِمَا بَعْدَ اسْتِقْرَارِهِ مَعَهَا فِيهَا، وَمَالَ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ إلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنَّهُ طَاهِرٌ حَقِيقَةً إلَخْ. (قَوْلُهُ: زِئْبَقٌ) كَدِرْهَمٍ وَزِبْرِجٍ مُخْتَارٌ. (قَوْلُهُ: لَا تُغَلَّظُ فِيهِ الدِّيَةُ) أَيْ فَلَوْ قَتَلَ مَحْرَمًا ذَا رَحِمٍ وَفِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ عَمْدًا أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ لَا تُغَلَّظُ دِيَتُهُ زِيَادَةً عَلَى مَا أَوْجَبَهُ الشَّرْعُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ خَطَأً فَإِنَّهُ يُغَلَّظُ فِيهِ الدِّيَةُ. (قَوْلُهُ: قَوْلُهُ: م فِي الْجِزْيَةِ إلَخْ) وَذَلِكَ فِيمَا لَوْ قَالَ: قُوِّمَ بِدَفْعِ الْجِزْيَةِ بِاسْمِ الزَّكَاةِ وَلَمْ يَفِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ بِاسْمِ الزَّكَاةِ بِدِينَارٍ عَنْ كُلِّ رَأْسٍ فَإِنَّ الزَّكَاةَ تُضَاعَفُ عَلَيْهِمْ دُونَ الْجُبْرَانِ (قَوْلُهُ: فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ) أَيْ وَلَوْ مُغَلَّظَةً (قَوْلُهُ: نِيَّةٌ) وَهَلْ يُسْتَحَبُّ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: بِعَدَدِ مَا بَقِيَ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ غَسَلَ سَبْعًا مِنْ غَيْرِ تُرَابٍ وَتَطَايَرَ مِنْ السَّابِعَةِ وَجَبَ غَسْلُهُ مَرَّةً فَقَطْ بِتُرَابٍ، لِأَنَّ السَّابِعَةَ لَمَّا خَلَتْ مِنْ التُّرَابِ أُلْغِيَتْ وَكَأَنَّهُ تَطَايَرَ مِنْ السَّادِسَةِ، وَالْحُكْمُ فِيهَا أَنَّ مَا تَطَايَرَ مِنْهَا يُغْسَلُ مَرَّةً لِأَنَّ لِلْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ حُكْمُ الْمُنْتَقَلِ عَنْهُ. (فَرْعٌ) لَوْ اجْتَمَعَ غَسَلَاتُ الْمُغَلَّظَةِ فَأَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْهَا فَالْوَجْهُ وُجُوبُ سِتِّ غَسَلَاتٍ مُطْلَقًا، لِأَنَّ فِيهَا غُسَالَةَ الْأُولَى وَالْإِصَابَةُ مِنْهَا تَقْتَضِي الْغَسْلَ سِتًّا. وَأَمَّا التَّرْتِيبُ فَعَلَى مَا مَرَّ. وَنَقَلَ م ر عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ أَفْتَى بِوُجُوبِ سَبْعِ غَسَلَاتٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ السَّبْعِ لَوْ أَصَابَهُ مِنْهَا شَيْءٌ لَمْ يَجِبْ التَّسْبِيعُ، فَكَذَا الْمَجْمُوعُ قم. وَأَرَادَ بِمَا مَرَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّهُ إنْ كَانَ تَرَّبَ فِي الْأُولَى لَمْ يَحْتَجْ لِلتَّتْرِيبِ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَأْتِي بِهِ مِنْ الْغَسَلَاتِ السِّتَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَرَّبَ فِيهَا وَجَبَ التَّتْرِيبُ وَإِنْ كَانَ تَرَّبَ فِي غَيْرِهَا لِأَنَّهُ لَمْ يُتَرِّبْ فِي الْأُولَى وَقَدْ اخْتَلَطَ مَاؤُهَا بِغَيْرِهِ فَوَجَبَ التَّتْرِيبُ (قَوْلُهُ: فِي مَنْدُوبِهَا) كَالْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ (قَوْلُهُ: مَعْفُوٌّ عَنْهَا) وَغَسْلُهَا مَنْدُوبٌ بَلْ قَدْ يَجِبُ كَأَنْ أَرَادَ اسْتِعْمَالَ الثَّوْبِ عَلَى وَجْهٍ يَتَنَجَّسُ بِهِ مَا لَاقَاهُ (قَوْلُهُ: وَمَالَ جَمْعٌ إلَخْ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ أَوَّلًا، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمَالَ جَمْعٌ) مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ انْفَصَلَتْ زَائِدَةٌ بَعْدَ اعْتِبَارِ مَا يَشْرَبُهُ الْمَحَلُّ إلَخْ، فَهَذَا الْجَمْعُ يَقُولُ بِطَهَارَةِ الْمَحَلِّ وَإِنْ زَادَ وَزْنُ الْغُسَالَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَارِّ. .

[باب التيمم]

الْمُسَامَحَةِ مَعَ زِيَادَةِ الْوَزْنِ، لِأَنَّ عِنْدَ عَدَمِ الزِّيَادَةِ النَّجَاسَةَ فِي الْمَاءِ وَالْمَحَلِّ أَوْ أَحَدِهِمَا، وَلَكِنْ أَسْقَطَ الشَّارِعُ اعْتِبَارَهُ فَلَمْ يَفْتَرِقْ الْحَالُ بَيْنَ الزِّيَادَةِ وَعَدَمِهَا. وَيُرَدُّ بِأَنَّهَا حَيْثُ لَمْ تُوجَدْ فَالْمَاءُ قَهَرَ النَّجَاسَةَ وَأَعْدَمَهَا فَكَأَنَّهَا لَمْ تُوجَدْ وَلَا كَذَلِكَ مَعَ وُجُودِهَا. وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ فِي مُصْحَفٍ تَنَجَّسَ بِغَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ بِوُجُوبِ غَسْلِهِ وَإِنْ أَدَّى إلَى تَلَفِهِ وَلَوْ كَانَ لِيَتِيمٍ وَيَتَعَيَّنُ فَرْضُهُ عَلَى مَا فِيهِ فِيمَا إذَا مَسَّتْ النَّجَاسَةُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ فِي نَحْوِ الْجِلْدِ أَوْ الْحَوَاشِي. (وَلَوْ نُجِّسَ مَائِعٌ) غَيْرُ الْمَاءِ وَلَوْ دُهْنًا (تَعَذَّرَ تَطْهِيرُهُ) لِأَنَّهُ بِطَبْعِهِ يَمْنَعُ إصَابَةَ الْمَاءِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَمَّا سُئِلَ عَنْ الْفَأْرَةِ تَمُوتُ فِي السَّمْنِ، فَقَالَ: إنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا، وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ» وَفِي رِوَايَةٍ لِلْخَطَّابِيِّ: «فَأَرِيقُوهُ» . فَلَوْ أَمْكَنَ تَطْهِيرُهُ شَرْعًا لَمْ يَقُلْ فِيهِ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ، وَمَحَلُّ وُجُوبِ إرَاقَتِهِ حَيْثُ لَمْ يَرِدْ اسْتِعْمَالُهُ فِي نَحْوِ وُقُودٍ وَإِسْقَاءِ نَحْوِ دَابَّةٍ أَوْ عَمَلِ نَحْوِ صَابُونٍ بِهِ، وَيَأْتِي قُبَيْلَ الْعِيدِ حُكْمُ الْإِيقَادِ فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ، وَالْحِيلَةُ فِي تَطْهِيرِ الْعَسَلِ الْمُتَنَجِّسِ إسْقَاؤُهُ لِلنَّحْلِ، وَالْجَامِدُ هُوَ الَّذِي أُخِذَ مِنْهُ قِطْعَةٌ لَا يَتَرَادُّ مِنْ الْبَاقِي مَا يَمْلَأُ مَحِلَّهَا عَنْ قُرْبٍ، وَالْمَائِعُ بِخِلَافِهِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَقِيلَ يَطْهُرُ الدُّهْنُ بِغَسْلِهِ) كَالثَّوْبِ النَّجِسِ بِأَنْ يُصَبَّ الْمَاءُ عَلَيْهِ وَيُكَاثِرُهُ ثُمَّ يُحَرِّكُهُ بِخَشَبَةٍ وَنَحْوِهَا بِحَيْثُ يُظَنُّ حُصُولُهُ لِجَمِيعِهِ، ثُمَّ يُتْرَكُ لِيَعْلُوَ ثُمَّ يُثْقَبُ أَسْفَلُهُ، فَإِذَا خَرَجَ الْمَاءُ سُدَّ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ إذَا تَنَجَّسَ بِمَا لَا دُهْنِيَّةَ فِيهِ كَالْبَوْلِ وَإِلَّا لَمْ يَطْهُرُ بِلَا خِلَافٍ. بَابُ التَّيَمُّمِ هُوَ فِي اللُّغَةِ: الْقَصْدُ، تَقُولُ: تَيَمَّمْت فُلَانًا وَيَمَّمْته وَأَمَمْته: أَيْ قَصَدْته وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267] وقَوْله تَعَالَى {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة: 6] وَفِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ إيصَالِ التُّرَابِ إلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ بِشَرَائِطَ مَخْصُوصَةٍ، وَهُوَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهُوَ رُخْصَةٌ لَا عَزِيمَةٌ وَصِحَّتُهُ بِالتُّرَابِ الْمَغْصُوبِ لِكَوْنِهِ آلَةَ الرُّخْصَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSانْفَصَلَتْ زَائِدَةُ الْوَزْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي مُصْحَفٍ تَنَجَّسَ) هَلْ مِثْلُ الْمُصْحَفِ كُتُبُ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ لِيَتِيمٍ) أَيْ وَالْغَاسِلُ لَهُ الْوَلِيُّ، وَهَلْ لِلْأَجْنَبِيِّ فِعْلُ ذَلِكَ فِي مُصْحَفِ الْيَتِيمِ بَلْ وَفِي غَيْرِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ إزَالَةِ الْمُنْكَرِ أَوْ لَا، فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْجَوَازِ لِعَدَمِ عِلْمِنَا بِأَنَّ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ مِنْهُ مَجْمَعٌ عَلَيْهِ سِيَّمَا، وَقَدْ قَالَ عَلَى مَا فِيهِ الْمُشْعِرُ بِالتَّوَقُّفِ فِي حُكْمِهِ مِنْ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا فِيهِ) أَيْ مِنْ النَّظَرِ (قَوْلُهُ: فِي نَحْوِ الْجِلْدِ) وَمِنْهُ مَا بَيْنَ السُّطُورِ. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ وُجُوبِ. إلَخْ) يُتَأَمَّلُ التَّعْبِيرُ بِالْوُجُوبِ هُنَا مَعَ مَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمَتْنِ وَكَلْبٍ وَإِرَاقَةِ مَاءٍ وَلَغَ فِيهِ وَاجِبٌ إنْ أُرِيدَ اسْتِعْمَالُ الْإِنَاءِ وَإِلَّا فَمُسْتَحَبَّةٌ كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ، غَيْرِ الْخَمْرَةِ الْمُحْتَرَمَةِ فَيَجِبُ إرَاقَتُهَا فَوْرًا لِطَلَبِ النَّفْسِ تَنَاوُلَهَا انْتَهَى، وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَمَحَلُّ طَلَبِ الْإِرَاقَةِ. [بَابُ التَّيَمُّمِ] ِ (قَوْلُهُ: عَنْ إيصَالِ التُّرَابِ) عَبَّرَ بِهِ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ سَفَّتْهُ رِيحٌ عَلَيْهِ فَرَدَّدَهُ وَنَوَى لَمْ يَكْفِ (قَوْلُهُ: بِشَرَائِطَ) هِيَ جَمْعُ شَرِيطَةٍ، قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: الشَّرْطُ مَعْرُوفٌ وَجَمْعُهُ شُرُوطٌ وَكَذَا الشَّرِيطَةُ: أَيْ مَعْرُوفَةٌ وَجَمْعُهَا شَرَائِطُ انْتَهَى. وَلَيْسَ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ فِي الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ لِكَوْنِ ذَلِكَ مِنْ الْأَرْكَانِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ رُخْصَةٌ) أَيْ مُطْلَقًا: أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْفَقْدُ حِسًّا أَوْ شَرْعًا، لِأَنَّ الرُّخْصَةَ هِيَ الْحُكْمُ الْمُتَغَيِّرُ إلَيْهِ السَّهْلُ لِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ لِلْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ، وَقِيلَ عَزِيمَةٌ، وَقِيلَ إنْ كَانَ لِلْفَقْدِ الْحِسِّيِّ فَعَزِيمَةٌ وَإِلَّا فَرُخْصَةٌ، وَهَذَا الثَّالِثُ هُوَ الْأَوْفَقُ بِمَا يَأْتِي مِنْ صِحَّةِ تَيَمُّمِ الْعَاصِي بِالسَّفَرِ قَبْلَ التَّوْبَةِ إنْ فَقَدَ الْمَاءَ حِسًّا وَبُطْلَانِ تَيَمُّمِهِ قَبْلَهَا إنْ فَقَدَهُ شَرْعًا كَأَنْ تَيَمَّمَ لِمَرَضٍ. (قَوْلُهُ: وَصِحَّتُهُ بِالتُّرَابِ إلَخْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQبَابُ التَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: لَهُ بِشَرَائِطَ مَخْصُوصَةٍ) الْمُرَادُ بِالشَّرَائِطِ هُنَا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ رُخْصَةٌ لَا عَزِيمَةٌ) قِيلَ يَرِدُ عَلَيْهِ صِحَّةُ

[أسباب التيمم]

لَا الْمُجَوِّزِ لَهَا، وَالْمُمْتَنِعُ إنَّمَا هُوَ كَوْنُ سَبَبِهَا الْمُجَوِّزِ لَهَا مَعْصِيَةً. وَفُرِضَ سَنَةَ أَرْبَعٍ، وَقِيلَ سَنَةَ سِتٍّ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَإِنْ كَانَ حَدَثُهُ أَكْبَرَ. وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [المائدة: 6] الْآيَةُ، وَخَبَرُ مُسْلِمٍ «جُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا وَتُرْبَتُهَا طَهُورًا» وَبَقِيَّةُ مَا يَأْتِي مِنْ الْأَخْبَارِ الْآتِيَةِ فِي الْبَابِ. (يَتَيَمَّمُ الْمُحْدِثُ وَالْجُنُبُ) بِالْإِجْمَاعِ، وَمِثْلُهُ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ وَمَنْ وَلَدَتْ وَلَدًا جَافًّا وَالْقِيَاسُ أَنَّ الْمَأْمُورَ بِغُسْلٍ مَسْنُونٍ كَجُمُعَةٍ أَوْ وُضُوءٍ كَذَلِكَ يَتَيَمَّمُ أَيْضًا، وَسَيَأْتِي أَنَّ الْمَيِّتَ يُيَمَّمُ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْمُحْدِثِ وَالْجُنُبِ لِأَنَّهُمَا الْأَصْلُ وَمَحَلُّ النَّصِّ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ «بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَاجَةٍ فَأَجْنَبْت، فَتَمَرَّغْت فِي الصَّعِيدِ كَمَا تَمَرَّغُ الدَّابَّةُ، ثُمَّ أَتَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرْت ذَلِكَ فَقَالَ: إنَّمَا كَانَ يَكْفِيَك أَنْ تَضْرِبَ بِيَدَيْك هَكَذَا، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ الْأَرْضَ ضَرْبَةً وَاحِدَةً ثُمَّ مَسَحَ الشِّمَالِ عَلَى الْيَمِينِ وَظَاهِرَ كَفَّيْهِ وَوَجْهَهُ» وَخَبَرُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى ثَمَّ رَأَى رَجُلًا مُعْتَزِلًا لَمْ يُصَلِّ مَعَ الْقَوْمِ فَقَالَ: يَا فُلَانُ مَا مَنَعَك أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ الْقَوْمِ؟ فَقَالَ: أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ وَلَا مَاءَ، فَقَالَ: عَلَيْك بِالصَّعِيدِ فَإِنَّهُ يَكْفِيَك» وَاحْتَرَزَ بِالْمُحْدِثِ وَالْجُنُبِ عَنْ الْمُتَنَجِّسِ فَلَا يَتَيَمَّمُ مَعَ الْعَجْزِ لِعَدَمِ وُرُودِهِ، وَيَجُوزُ جَعْلُ قَوْلِهِ: الْجُنُبُ بَعْدَ الْمُحْدِثِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ (لِأَسْبَابٍ) جَمْعُ سَبَبٍ وَقَدْ مَرَّ تَعْرِيفُهُ: يَعْنِي لِوَاحِدٍ مِنْهَا، وَفِي الْحَقِيقَةِ الْمُبِيحُ لِلتَّيَمُّمِ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الْعَجْزُ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSجَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ: قُلْتُمْ إنَّ التَّيَمُّمَ رُخْصَةٌ وَالرُّخَصُ لَا تُنَاطُ بِالْمَعَاصِي فَكَيْفَ يَصِحُّ بِالتُّرَابِ الْمَغْصُوبِ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِمْ الرُّخَصُ لَا تُنَاطُ بِالْمَعَاصِي أَنْ لَا يَكُونَ سَبَبُهَا مَعْصِيَةً، وَالتُّرَابُ لَيْسَ سَبَبَ التَّيَمُّمِ بَلْ فَقْدُ الْمَاءِ وَإِنَّمَا التُّرَابُ آلَةٌ تُجَوِّزُهُ، لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ، فَإِنَّ الْأَصَحَّ صِحَّةُ تَيَمُّمِهِ مَعَ أَنَّ سَبَبَ التَّيَمُّمِ فِيهِ وَهُوَ السَّفَرُ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةُ الْفَقْدِ الْمُجَوِّزِ لَهُ مَعْصِيَةٌ (قَوْلُهُ: وَفُرِضَ) أَيْ شُرِعَ. (قَوْلُهُ: وَمَنْ وَلَدَتْ وَلَدًا جَافًّا) إنَّمَا لَمْ يَكْتَفِ بِذِكْرِ الْجَنَابَةِ عَنْهُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْوِلَادَةَ سَبَبٌ مُسْتَقِلٌّ، وَأَمَّا إلْقَاءُ بَعْضِ الْوَلَدِ فَهُوَ نَاقِضٌ لِلْوُضُوءِ فَدَخَلَ فِي الْمُحْدِثِ (قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ إلَخْ) سَيَأْتِي فِي بَابِ الْجُمُعَةِ أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ غُسْلِهَا تَيَمَّمَ، وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْجُمُعَةِ أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ غُسْلِهَا تَيَمَّمَ، وَلَعَلَّهُ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ التَّصْرِيحُ بِكُلِّ مَا شَمِلَهُ قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ أَنَّ إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ ضَوْءٌ كَذَلِكَ) أَيْ مَسْنُونٌ وَقَوْلُهُ يَتَيَمَّمُ أَيْضًا ظَاهِرُهُ وَإِنْ تَعَدَّدَ ذَلِكَ مِنْهُ مِرَارًا كَأَنْ بَقِيَ وُضُوءُهُ وَحَضَرَتْهُ صَلَوَاتٌ، وَنَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الشَّارِحِ مَا يُوَافِقُهُ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ تَيَمُّمُهُ عَنْ حَدَثٍ فَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ تَجْدِيدُ التَّيَمُّمِ كَمَا قَدَّمَهُ حَجّ فِي الْغُسْلِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ بَقَائِهِ عَلَى وُضُوئِهِ وَبَقَائِهِ عَلَى تَيَمُّمِهِ حَيْثُ طُلِبَ مِنْهُ تَجْدِيدُ التَّيَمُّمِ مَعَ بَقَاءِ الْوُضُوءِ وَلَمْ يُطْلَبْ مَعَ بَقَاءِ التَّيَمُّمِ عَنْ الْحَدَثِ أَنَّهُ هُنَا بَدَلٌ عَنْ الْوُضُوءِ الْمَطْلُوبِ، فَأُعْطِيَ حُكْمَهُ مَنْ فَعَلَهُ لِكُلِّ صَلَاةٍ مَعَ بَقَاءِ الطَّهَارَةِ، وَأَمَّا التَّيَمُّمُ عَنْ الْحَدَثِ فَهُوَ تَكْرَارٌ لِمَا فَعَلَهُ مُسْتَقِلًّا وَهُوَ رُخْصَةٌ طُلِبَ تَخْفِيفُهَا فَلَا يُسَنُّ تَكْرَارُهَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ الْأَرْضَ) أَيْ بِكُلِّ يَدٍ لَهُ وَهُوَ مُشْكِلٌ عَلَى مُرَجَّحِ النَّوَوِيِّ الْآتِي مِنْ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِضَرْبِهِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي (قَوْلُهُ: فَلَا يُتَيَمَّمُ مَعَ الْعَجْزِ) أَيْ بَدَلًا عَنْ غَسْلِ النَّجَاسَةِ لَا عَنْ الْحَدَثِ، فَإِنَّهُ يَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَكُونُ قَبْلَ التَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يُرِيدَ بِالْمُحْدِثِ الْأَعَمَّ، وَعَلَيْهِ فَتَدْخُلُ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ فِي الْمُحْدِثِ، وَجَعَلَ هَذَا جَائِزًا فِي الْمَقَامِ لِمَا مَرَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَيَمُّمِ الْعَاصِي عِنْدَ فَقْدِ الْمَاءِ كَمَا يَأْتِي، وَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ لَيْسَتْ سَبَبَ الرُّخْصَةِ، وَإِنَّمَا السَّبَبُ فَقْدُ الْمَاءِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُسَافِرُ وَالْمُقِيمُ [أَسْبَابُ التَّيَمُّمِ] (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ) أَيْ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ، فَهُوَ مُسْتَنِدُ الْإِجْمَاعِ بِالنِّسْبَةِ لِلْجُنُبِ (قَوْلُهُ: مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ) أَيْ وَنُكْتَتُهُ وُرُودُهُ فِي الْقُرْآنِ

وَلِلْعَجْزِ أَسْبَابٌ (أَحَدُهَا: فَقْدُ الْمَاءِ) لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ، وَالْفَقْدُ الشَّرْعِيُّ كَالْحِسِّيِّ بِدَلِيلِ مَا لَوْ مَرَّ مُسَافِرٌ عَلَى مَاءٍ مُسْبَلٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَيَتَيَمَّمُ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّوَضُّؤُ مِنْهُ، وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ لِقَصْرِ الْوَاقِفِ لَهُ عَلَى الشُّرْبِ، نَقَلَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ عَنْ الْأَصْحَابِ. وَأَمَّا الصَّهَارِيجُ الْمُسْبَلَةُ لِلشُّرْبِ فَلَا يُتَوَضَّأُ مِنْهَا، أَوْ لِلِانْتِفَاعِ فَيَجُوزُ الْوُضُوءُ وَغَيْرُهُ وَإِنْ شَكَّ اجْتَنَبَ الْوُضُوءَ، قَالَهُ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: يَجُوزُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْخَابِيَةِ وَالصِّهْرِيجِ بِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ فِيهَا الِاقْتِصَارُ عَلَى الشُّرْبِ. وَالْأَوْجَهُ تَحْكِيمُ الْعُرْفِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَحَالِّ. (فَإِنْ تَيَقَّنَ الْمُسَافِرُ) هُوَ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَالْمُقِيمُ مِثْلُهُ (فَقْدَهُ) وَعَوْدُ الضَّمِيرِ فِي كَلَامِهِ لِلْمُضَافِ إلَيْهِ سَائِغٌ بَلْ مُتَعَيَّنٌ هُنَا بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ (تَيَمَّمَ بِلَا طَلَبٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَيَجُوزُ إسْكَانُهَا، إذْ طَلَبُ مَا يُعْلَمْ فَقْدِهِ عَبَثٌ لَا فَائِدَةَ لَهُ كَكَوْنِهِ فِي بَعْضِ رِمَالِ الْبَوَادِي. وَمِنْ صُوَرِ تَيَقُّنِ فَقْدِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ مَا لَوْ أَخْبَرَهُ عُدُولٌ بِفَقْدِهِ، بَلْ الْأَوْجَهُ إلْحَاقُ الْعَدْلِ فِي ذَلِكَ بِالْجَمْعِ إذَا أَفَادَ الظَّنَّ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِيمَا لَوْ بَعَثَ النَّازِلُونَ ثِقَةً يَطْلُبُ لَهُمْ (وَإِنْ تَوَهَّمَهُ) أَيْ وَقَعَ فِي وَهْمِهِ: أَيْ ذِهْنِهِ بِأَنْ جَوَّزَ وُجُودَ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ: يَعْنِي تَجْوِيزًا رَاجِحًا وَهُوَ الظَّنُّ، أَوْ مَرْجُوحًا وَهُوَ الْوَهْمُ، أَوْ مُسْتَوِيًا وَهُوَ الشَّكُّ، فَلَيْسَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنَّ الْحَدَثَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَنْصَرِفُ لِلْأَصْغَرِ (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَقَدَ الْمَاءَ) أَيْ حِسًّا أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ: وَالْفَقْدُ الشَّرْعِيُّ كَالْحِسِّيِّ (قَوْلُهُ: عَلَى الطَّرِيقِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ، وَإِنَّمَا عَبَّرُوا بِهِ لِأَنَّ تَسْبِيلَهُ عَلَى الطَّرِيقِ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ يُسْبَلُ لِلشُّرْبِ لَا لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: الصَّهَارِيجُ) جَمْعُ صِهْرِيجٍ كَقِنْدِيلٍ وَعُلَابِطٍ حَوْضٌ يَجْتَمِعُ فِيهِ الْمَاءُ اهـ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ فَلَا يُتَوَضَّأُ مِنْهَا) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ، وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ خَالَفَ وَتَوَضَّأَ صَحَّ وُضُوءُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَاءِ الْمَغْصُوبِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَكَّ) أَيْ تَرَدَّدَ فَيَشْمَلُ الظَّنَّ، وَمِنْهُ غَالِبُ الصَّهَارِيجِ الْمَوْجُودَةِ بِمِصْرِنَا فَإِنَّا لَمْ نَعْلَمْ فِيهَا حَالَ الْوَاقِفِ، وَالْغَالِبُ قَصْرُهَا عَلَى الشُّرْبِ، ثُمَّ قَدْ تَقُومُ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الشُّرْبَ مِنْهَا خَاصٌّ بِمَوَاضِعِهَا فَيَمْتَنِعُ نَقْلُهَا: أَيْ نَقْلُ الْمَاءِ لِلشُّرْبِ مِنْهُ فِي الْبُيُوتِ وَقَدْ تَقُومُ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الشُّرْبَ مِنْهَا غَيْرُ خَاصٍّ بِمَوَاضِعِهَا فَيُنْقَلُ مَاؤُهَا لِلشُّرْبِ مِنْهُ فِي الْبُيُوتِ وَيَخْتَصُّ بِهِ مَنْ أَخَذَهَا بِمُجَرَّدِ حِيَازَتِهِ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْهُ (قَوْلُهُ: اجْتَنِبْ الْوُضُوءَ) أَيْ وُجُوبًا. (قَوْلُهُ لِلْمُضَافِ إلَيْهِ) أَيْ كَالْمَاءِ فِي قَوْلِهِ هُنَا فَقَدَ الْمَاءَ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: سَائِغٌ) أَيْ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ فَإِنَّهُ: أَيْ الْخِنْزِيرَ رِجْسٌ كَمَا هُوَ التَّحْقِيقُ فِي الْآيَةِ انْتَهَى حَجّ (قَوْلُهُ: إلْحَاقُ الْعَدْلِ) أَيْ وَلَوْ عَدْلَ رِوَايَةٍ (قَوْلُهُ: إذَا أَفَادَ الظَّنَّ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ بَقِيَ مَعَهُ تَرَدُّدٌ لَا يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْيَقِينِ، وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ لِمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي مَوَاضِعَ مِنْ أَنَّ خَبَرَ الْعَدْلِ بِمُجَرَّدِهِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْيَقِينِ (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ تَوَهَّمَهُ) يَنْبَغِي أَنَّ إخْبَارَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ الَّذِي لَمْ يُعْهَدْ عَلَيْهِ كَذِبٌ مِمَّا يُورِثُ الْوَهْمَ فَيَجِبُ الطَّلَبُ، وَأَمَّا إذَا أُخْبِرَ بِعَدَمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ:، وَالْفَقْدُ الشَّرْعِيُّ كَالْحِسِّيِّ) مُرَادُهُ بِالشَّرْعِيِّ مَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ لِدَلِيلِ مَا لَوْ سَافَرَ إلَخْ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ بِهِ مَا يَشْمَلُ احْتِيَاجَهُ إلَيْهِ لِعَطَشٍ مُحْتَرَمٍ وَخَوْفِ اسْتِعْمَالِهِ مِمَّا يَأْتِي؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي عَطْفُهُمَا فِي الْمَتْنِ عَلَى فَقْدِ الْمَاءِ بِهَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ (قَوْلُهُ: هُوَ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ) فَالْمُقِيمُ مِثْلَهُ. قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: لَك أَنْ تَقُولَ قَدْ جَعَلَ أَحْوَالَ الْمُسَافِرِ ثَلَاثَةً: تَيَقُّنَ الْفَقْدِ وَتَوَهُّمَ الْوُجُودِ، وَتَيَقُّنَ الْوُجُودِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ. وَحِينَئِذٍ فَالْحَالُ الثَّالِثُ لَك أَنْ تَتَوَقَّفَ فِي كَوْنِ الْمُقِيمِ فِيهَا كَالْمُسَافِرِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُقِيمَ يَقْصِدُ الْمَاءَ الْمُتَيَقَّنَ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الظَّنُّ) الظَّنُّ تَارَةً يَسْتَنِدُ إلَى إخْبَارِ عَدْلٍ فَيُلْحَقُ بِالْيَقِينِ وَتَارَةً لَا، فَهُوَ كَالْوَهْمِ فَلَا يُنَافِي مَا هُنَا مَا يَأْتِي قَرِيبًا

الْمُرَادُ بِالْوَهْمِ هُنَا الثَّانِيَ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا (طَلَبَهُ) مِمَّا تَوَهَّمَهُ حَتْمًا وَإِنْ ظَنَّ عَدَمَهُ كَمَا مَرَّ، إذْ التَّيَمُّمُ طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ وَلَا ضَرُورَةَ مَعَ إمْكَانِ الطُّهْرِ بِالْمَاءِ، وَلَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَبِ فِي الْوَقْتِ لِانْتِفَاءِ الضَّرُورَةِ قَبْلَهُ، وَلَهُ اسْتِنَابَةُ مَوْثُوقٍ بِهِ فِيهِ بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ لِكَوْنِهَا مُجْتَهَدًا فِيهَا وَمَا هُنَا مَحْسُوسٌ، وَلَا يَكْفِي بِلَا إذْنٍ أَوْ بِإِذْنٍ لِيَطْلُبَ لَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ، أَوْ أُذِنَ لَهُ قَبْلَهُ وَأَطْلَقَ فَطَلَبَ لَهُ قَبْلَهُ أَوْ شَاكًّا فِيهِ. نَعَمْ الْأَقْرَبُ الِاكْتِفَاءُ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ بِطَلَبِهِ فِي الْوَقْتِ كَمَا لَوْ وَكَّلَ مُحْرِمٌ حَالًّا لِيَعْقِدَ لَهُ النِّكَاحَ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ لِيَطْلُبَهُ لَهُ فِيهِ كَفَى وَلَا أَثَرَ لِإِخْبَارِ فَاسِقٍ بِمَاءٍ وُجُودًا وَلَا عَدَمًا خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ، وَلَوْ طَلَبَ قَبْلَ الْوَقْتِ لِفَائِتَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ فَدَخَلَ الْوَقْتُ عَقِبَ طَلَبِهِ تَيَمَّمَ لِصَاحِبَةِ الْوَقْتَ بِذَلِكَ الطَّلَبِ كَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ طَلَبَهُ لِعَطَشِ نَفْسِهِ أَوْ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ كَذَلِكَ، وَقَدْ يَجِبُ طَلَبُهُ قَبْلَ الْوَقْتِ كَمَا فِي الْخَادِمِ أَوْ فِي أَوَّلِهِ لِكَوْنِ الْقَافِلَةِ عَظِيمَةً لَا يُمْكِنُ اسْتِيعَابُهَا إلَّا بِمُبَادَرَتِهِ أَوَّلَ الْوَقْتِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَعْجِيلُ الطَّلَبِ فِي أَظْهَرِ احْتِمَالَيْ ابْنِ الْأُسْتَاذِ، وَلَوْ طَلَبَ قَبْلَهُ وَدَامَ نَظَرُهُ إلَى الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَجِبُ نَظَرُهَا حَتَّى دَخَلَ الْوَقْتُ كَفَى، قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ، وَلَا يُجْزِئُهُ مَعَ الشَّكِّ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ وَإِنْ صَادَفَهُ (مِنْ رَحْلِهِ) هُوَ مَسْكَنُ الشَّخْصِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوُجُودِ الْمَاءِ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ لِأَنَّ قَوْلَهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ (قَوْلُهُ: الثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ أَيْ مَرْجُوحًا (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَبِ فِي الْوَقْتِ) أَيْ يَقِينًا لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَا يُجْزِئُهُ مَعَ الشَّكِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَوْثُوقٌ بِهِ فِيهِ) أَيْ الطَّلَبِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْوَقْتِ) أَيْ قَبْلَ دُخُولِهِ (قَوْلُهُ: لِيَطْلُبهُ لَهُ فِيهِ) بَقِيَ مَا لَوْ قَالَ لَهُ اُطْلُبْ لِي قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ، وَيَنْبَغِي عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ لِتَرْدِيدِهِ بَيْنَ مَا يَكْفِي وَمَا لَا يَكْفِي فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لِإِخْبَارِ فَاسِقٍ) وَمِنْهُ الْكَافِرُ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ وَإِنْ اعْتَقَدَ صِدْقَهُ، لَكِنَّ قِيَاسَ مَا ذَكَرَهُ فِي الصَّوْمِ الِاكْتِفَاءُ، وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ وَبِخَطِّ الشَّارِحِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَلَا أَثَرَ لِإِخْبَارِ فَاسِقٍ مَا لَمْ يَحْصُلْ بِهِ تَوَهُّمٌ، وَمَحَلُّ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِخَبَرِ الْفَاسِقِ مَا لَمْ يَبْلُغُوا عَدَدَ التَّوَاتُرِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ) ظَاهِرُهُ رُجُوعُهُ لِقَوْلِهِ وُجُودًا وَعَدَمًا. وَفِي الدَّمِيرِيِّ مَا نَصُّهُ: فَلَوْ أَخْبَرَهُ فَاسِقٌ أَنَّ الْمَاءَ فِي مَكَان مُعَيَّنٍ لَمْ يَعْتَمِدْهُ. وَإِنْ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَاءٌ اعْتَمَدَهُ لِأَنَّ الْعَدَمَ هُوَ الْأَصْلُ بِخِلَافِ الْوِجْدَانِ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ انْتَهَى. وَعَلَيْهِ فَيُخَصُّ قَوْلُهُ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ بِمَا لَوْ أَخْبَرَهُ بِعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: تَيَمَّمَ لِصَاحِبَةِ الْوَقْتِ) أَيْ جَازَ لَهُ التَّيَمُّمُ بِذَلِكَ الطَّلَبِ وَلَا يُكَلَّفُ طَلَبًا آخَرَ (قَوْلُهُ: تَعْجِيلُ الطَّلَبِ) أَيْ أَوْ الطَّلَبِ قَبْلَ الْوَقْتِ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ قَبْلُ وَقَدْ يَجِبُ طَلَبُهُ قَبْلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يُجْزِئُهُ) أَيْ الطَّلَبُ (قَوْلُهُ: فِي دُخُولِ الْوَقْتِ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ شَكَّ فِي مَأْذُونِهِ هَلْ طَلَبَ قَبْلَ الْوَقْتِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ الْعَدَمَ إلَخْ) ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ طَلَبَ مَعَ الْعِلْمِ بِعَدَمِ الْوَقْتِ وَتَيَقَّنَ بِهِ الْفَقْدَ فَيَكْفِي (قَوْلُهُ مِنْ رَحْلِهِ) بِأَنْ يُفَتِّشَ فِيهِ، ثُمَّ إطْلَاقُ الطَّلَبِ عَلَى مُجَرَّدِ التَّفْتِيشِ هَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ أَوْ مَجَازٌ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مَوْثُوقٍ بِهِ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ ثِقَةً لَا فَاسِقًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي: وَلَا أَثَرَ لِإِخْبَارِ فَاسِقٍ إلَخْ، وَبِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ بَعَثَ النَّازِلُونَ ثِقَةً فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لِإِخْبَارِ فَاسِقٍ إلَخْ) هَذَا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالطَّلَبِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ بَلْ هُوَ أَمْرٌ سَابِقٌ عَلَى الطَّلَبِ فَكَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ الْمَارِّ، وَمِنْ صُوَرِ تَيَقُّنِ فَقْدِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ مَا لَوْ أَخْبَرَهُ عُدُولٌ إلَخْ وَعَنْ خَطِّ الشَّيْخِ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْأَخْذِ بِقَوْلِ الْفَاسِقِ: أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْوُجُودِ مَا إذَا لَمْ يُوقِعْ إخْبَارَهُ فِي الْوَهْمِ وُجُودُ الْمَاءِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَقَدْ تَلَخَّصَ أَنَّ طَرِيقَةَ الشَّيْخِ عَدَمُ صِحَّةِ تَوْكِيلِ الْفَاسِقِ فِي طَلَبِ الْمَاءِ مُخَالِفًا فِي ذَلِكَ لِلشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَجِبُ طَلَبُهُ قَبْلَ الْوَقْتِ) نَظَرَ فِيهِ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ بِمَا يَأْتِي مِنْ جَوَازِ إتْلَافِ الْمَاءِ الَّذِي مَعَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ انْتَهَى. وَقَدْ يُنْظَرُ فِيهِ أَيْضًا

مِنْ حَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ أَوْ شَعْرٍ أَوْ وَبَرٍ، وَيُجْمَعُ فِي الْكَثْرَةِ عَلَى رِحَالٍ وَفِي الْقِلَّةِ عَلَى أَرْحُلٍ، وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى مَا يَسْتَصْحِبُهُ مِنْ الْأَثَاثِ (وَرُفْقَتِهِ) بِتَثْلِيثِ الرَّاءِ: أَيْ إلَى أَنْ يَسْتَوْعِبَهُمْ أَوْ يَضِيقَ الْوَقْتُ فَلَا يَبْقَى إلَّا مَا يَسَعُ تِلْكَ الصَّلَاةَ، وَلَا يَجِبُ الطَّلَبُ مِنْ كُلٍّ بِعَيْنِهِ بَلْ يَكْفِي نِدَاءٌ يَعُمُّ جَمِيعَهُمْ بِأَنْ يَقُولَ مَنْ مَعَهُ مَاءٌ مَنْ يَجُودُ بِهِ مَنْ يَبِيعُهُ، فَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ قَدْ يَبْذُلُهُ وَلَا يَهَبُهُ وَلَا يَبِيعُهُ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَنْ يَجُودُ بِهِ سَكَتَ مَنْ لَا يَبْذُلُهُ مَجَّانًا، أَوْ عَلَى إطْلَاقِ النِّدَاءِ سَكَتَ مَنْ يَظُنُّ اتِّهَابَهُ وَلَا يَسْمَحُ إلَّا بِبَيْعِهِ وَلَوْ بَعَثَ النَّازِلُونَ ثِقَةً يَطْلُبُهُ لَهُمْ كَفَى (وَنَظَرَ حَوَالَيْهِ) مِنْ جِهَاتِهِ الْأَرْبَعِ (إنْ كَانَ بِمُسْتَوٍ) مِنْ الْأَرْضِ وَيَخُصُّ مَوَاضِعَ الْخُضْرَةِ وَالطَّيْرِ بِمَزِيدِ احْتِيَاطٍ وَهُوَ وَاجِبٌ إنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ تَوَقُّفُ غَلَبَةِ ظَنِّ الْفَقْدِ عَلَيْهِ (فَإِنْ احْتَاجَ إلَى تَرَدُّدٍ) بِأَنْ كَانَ ثَمَّ شَجَرٌ أَوْ جَبَلٌ أَوْ وَهْدَةٌ أَوْ نَحْوُهَا (تَرَدَّدَ قَدَرَ نَظَرِهِ) أَيْ قَدَرَ مَا يَنْظُرُ إلَيْهِ فِي الْمُسْتَوَى، وَالْمُرَادُ نَظَرُ الْمُعْتَدِلِ، وَضَبَطَهُ الْإِمَامُ بِحَدِّ الْغَوْثِ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي لَوْ اسْتَغَاثَ بِرُفْقَتِهِ لَأَغَاثُوهُ مَعَ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ تَشَاغُلِهِمْ بِأَحْوَالِهِمْ وَتَفَاوُضِهِمْ فِي أَقْوَالِهِمْ. وَقَوْلُ الشَّارِحِ قِيلَ وَمَا هُنَا كَالْمُحَرَّرِ أَزْيَدُ مِنْ ذَلِكَ بِكَثِيرٍ وَاضِحٍ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ عَنْهُ بِقِيلٍ لِعَدَمِ كَوْنِهِ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي كَلَامِ الشُّرَّاحِ، وَعَبَّرَ عَنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنَّهُ حَقِيقَةٌ وَأَنَّ الطَّلَبَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ التَّفْتِيشِ وَالسُّؤَالِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يَسْعَى بِهِ فِي تَحْصِيلِ مُرَادِهِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا نَقَلَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْبَيْضَاوِيِّ عَنْ الطِّيبِيِّ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ {قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: 102] مِنْ أَنَّ الطَّلَبَ وَالسُّؤَالَ وَالِاسْتِخْبَارَ وَالِاسْتِفْهَامَ وَالِاسْتِعْلَامَ أَلْفَاظٌ مُتَقَارِبَةٌ وَأَنَّهَا مُتَرَتِّبَةٌ فَالطَّلَبُ أَعُمُّهَا، قَالَ: لِأَنَّهُ يَشْمَلُ الطَّلَبَ مِنْ نَفْسِهِ وَمِنْ غَيْرِهِ، وَالسُّؤَالُ خَاصٌّ بِالطَّلَبِ مِنْ الْغَيْرِ إلَى آخِرِ مَا بَيَّنَ بِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الطَّلَبَ مِنْ النَّفْسِ لَيْسَ عِبَارَةً إلَّا عَنْ التَّأَمُّلِ فِي الشَّيْءِ لِيَظْهَرَ الْمُرَادُ مِنْهُ، فَهُوَ كَالْبَحْثِ وَالتَّفْتِيشِ فِي الرَّحْلِ عَنْ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: وَيُطْلَقُ أَيْضًا) أَيْ مَجَازًا. (قَوْلُهُ: أَوْ يَضِيقَ الْوَقْتُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَخَّرَ الطَّلَبَ إلَى وَقْتٍ لَا يُمْكِنُهُ اسْتِيعَابُ الرُّفْقَةِ فِيهِ، وَلَا يُنَافِيه مَا مَرَّ عَنْ الْخَادِمِ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الطَّلَبُ فِي وَقْتٍ يَسْتَوْعِبُهُمْ فِيهِ وَلَوْ قَبْلَ الْوَقْتِ لِأَنَّ الْكَلَامَ ثَمَّ فِي وُجُوبِ الطَّلَبِ وَمَا هُنَا فِي وُجُوبِ الصَّلَاةِ وَإِنْ أَثِمَ بِتَأْخِيرِ الطَّلَبِ (قَوْلُهُ تِلْكَ الصَّلَاةُ) أَيْ كَامِلَةٌ حَتَّى لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَوْ طَلَبَ لَا يَبْقَى مَا يَسَعُهَا كَامِلَةً امْتَنَعَ الطَّلَبُ وَوَجَبَ الْإِحْرَامُ بِهَا وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ إذَا أَضَلَّ رَحْلَهُ فِي رِحَالٍ مِنْ الْفَضَاءِ أَنَّهُ يَقْضِي هُنَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَا يَقْضِي وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِأَنَّهُ حِينَ الطَّلَبِ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَيَمَّمَ وَلَيْسَ مَعَهُ مَاءٌ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ الْمَاءَ عَبَثًا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى إطْلَاقِ النِّدَاءِ سَكَتَ إلَخْ) أَيْ وَعَلَى ذَلِكَ فَيَكْفِي مَنْ مَعَهُ مَاءٌ يَجُودُ بِهِ مَنْ مَعَهُ مَاءٌ يَبِيعُهُ أَوْ مَنْ مَعَهُ مَاءٌ وَلَوْ بِثَمَنِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَعَثَ النَّازِلُونَ) أَيْ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْبَعْثِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَإِنْ كَانَ تَابِعًا لِغَيْرِهِ كَالزَّوْجَةِ وَالْعَبْدِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ قَبْلُ وَلَا يَكْفِي بِلَا إذْنٍ (قَوْلُهُ: وَنَظَرَ حَوَالَيْهِ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: يُقَالُ حَوَالَيْهِ وَحَوْلَيْهِ وَحَوْلَهُ وَحَوْلَهُ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجِ. وَفِي الصَّحَاحِ: يُقَالُ قَعَدَ حَوْلَهُ وَحِوَالَهُ وَحَوْلَيْهِ وَحَوَالَيْهِ وَلَا تَقُلْ حَوَالِيِهِ بِكَسْرِ اللَّامِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ وَاجِبٌ) أَيْ تَخْصِيصُ مَوَاضِعِ الْخُضْرَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ نَظَرُ الْمُعْتَدِلِ) هَذَا الْوَصْفُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْقَيْدِ: أَيْ تَرَدَّدَ قَدْرَ نَظَرِهِ إنْ كَانَ مُعْتَدِلًا. وَبِهَذَا يُجَابُ عَمَّا نَظَرَ بِهِ سم عَلَى حَجّ مِنْ أَنَّ هَذَا الْوَصْفَ إنَّمَا يَتَأَتَّى لَوْ كَانَ الْمُرَادُ جِنْسَ النَّظَرِ، أَمَّا بَعْدَ تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهِ نَظَرَ مُرِيدُ التَّيَمُّمِ فَنَظَرُهُ لَا يَكُونُ تَارَةً قَوِيًّا وَتَارَةً ضَعِيفًا بَلْ عَلَى حَالَةٍ وَاحِدَةٍ. وَأَجَابَ عَنْهُ بِمَا لَعَلَّ مَا ذَكَرْنَاهُ أَقْرَبُ مِنْهُ (قَوْلُهُ الَّذِي لَوْ اسْتَغَاثَ) يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ ابْتِدَاءُ هَذَا الْحَدِّ مِنْ آخِرِ الرُّفْقَةِ الَّذِينَ يَلْزَمُهُ سُؤَالُهُمْ وَهُمْ الْمَنْسُوبُونَ إلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِأَنَّ الَّذِينَ يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِيعَابُهُمْ هُمْ رُفْقَتُهُ الْمَنْسُوبُونَ إلَيْهِ لَا جَمِيعُ الْقَافِلَةِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَا يَهَبُهُ) لَا مَحَلَّ لَهُ هُنَا (قَوْلُهُ: وَضَبَطَهُ) يَحْتَمِلُ رُجُوعَ الضَّمِيرِ إلَى مَا يَجِبُ التَّرَدُّدُ إلَيْهِ فَيَكُونُ قَدْ أَثْبَتَ الْمُخَالَفَةَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا فِي الْمَتْنِ أَوَّلَ وَهْلَةٍ، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُهُ: الْآتِي وَقَوْلُ الشَّيْخِ قِيلَ إلَخْ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مُؤَاخَذَاتٌ تَأْتِي، وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ لِمَا فِي الْمَتْنِ، فَيَكُونُ قَدْ أَشَارَ إلَى مَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ مِنْ نَفْيِ الْمُخَالَفَةِ بَيْنَ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ؛ لِأَنَّ مُؤَدَّاهَا وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: وَاضِحٌ) خَبَرُ

فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ بِغَلْوَةِ سَهْمٍ: أَيْ غَايَةِ رَمْيِهِ، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاسْتِوَاءِ الْأَرْضِ وَاخْتِلَافِهَا صُعُودًا وَهُبُوطًا، وَقَوْلُهُمْ إنْ كَانَ بِمُسْتَوٍ مِنْ الْأَرْضِ نَظَرَ حَوَالَيْهِ. وَلَا يَلْزَمُهُ مَشْيٌ أَصْلًا وَإِنْ كَانَ بِقُرْبِهِ جَبَلٌ صَعَدَهُ وَنَظَرَ حَوَالَيْهِ إنْ أَمِنَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبُوَيْطِيِّ: وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَدُورَ لِطَلَبِ الْمَاءِ لِأَنَّ ذَلِكَ أَضَرُّ عَلَيْهِ مِنْ إتْيَانِهِ الْمَاءَ فِي الْمَوَاضِعِ الْبَعِيدَةِ مِنْ طَرِيقِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَحَدٍ اهـ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فَقَدْ أَشَارَ إلَى نَقْلِ الْإِجْمَاعِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ التَّرَدُّدِ اهـ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى تَرَدُّدٍ غَيْرِ مُتَعَيِّنٍ بِأَنْ كَانَ لَوْ صَعَدَ أَحَاطَ بِحَدِّ الْغَوْثِ مِنْ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ، إذْ لَا فَائِدَةَ مَعَ ذَلِكَ لِوُجُوبِ التَّرَدُّدِ وَحُمِلَ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ نَحْوُ الصُّعُودِ لَا يُفِيدُهُ النَّظَرُ فَتَعَيَّنَ التَّرَدُّدُ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَأْمَنَ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَعُضْوِهِ وَاخْتِصَاصِهِ الْمُحْتَرَمِ وَانْقِطَاعًا عَنْ رُفْقَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْحِشْ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ لِتَكَرُّرِهِ كُلَّ يَوْمٍ، بِخِلَافِهَا وَفَوْتِ وَقْتِ تِلْكَ الصَّلَاةِ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ ذَلِكَ إلَّا مَا يَسَعُهَا، وَبِفَارِقِ وَاجِدِ الْمَاءِ بِحَيْثُ لَوْ تَوَضَّأَ خَرَجَ الْوَقْتُ وَلَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا مِنْ آخِرِ الْقَافِلَةِ مُطْلَقًا وَإِلَّا فَقَدْ تَتَّسِعُ الْقَافِلَةُ جِدًّا بِحَيْثُ تَأْخُذُ قَدْرَ فَرْسَخٍ وَأَكْثَرَ، فَلَوْ اُعْتُبِرَ الْحَدُّ مِنْ آخِرِهَا لَزِمَ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ وَرُبَّمَا يَزِيدُ عَلَى حَدِّ الْقُرْبِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى مَنْهَجِ، لَكِنْ يُشْكِلُ بِمَا مَرَّ عَنْ الزَّرْكَشِيّ مِنْ وُجُوبِ الطَّلَبِ قَبْلَ الْوَقْتِ إذَا عَظُمَتْ الْقَافِلَةُ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ مَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ يُخَالِفُهُ تَقْيِيدُ حَجّ الرُّفْقَةِ بِالْمَنْسُوبِينَ لِمَنْزِلِهِ عَادَةً لَا كُلُّ الْقَافِلَةِ إنْ تَفَاحَشَ كِبَرُهَا انْتَهَى، إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُ الزَّرْكَشِيّ بِالْعِظَمِ كَثْرَتُهُمْ مَعَ نِسْبَتِهِمْ إلَى مَنْزِلِهِ عَادَةً (قَوْلُهُ: أَيْ غَايَةَ رَمْيِهِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْغَلْوَةُ الْغَايَةُ وَهِيَ رَمْيَةُ سَهْمٍ أَبْعَدَ مَا يَقْدِرُ، وَيُقَالُ هِيَ قَدْرُ ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ إلَى أَرْبَعِمِائَةٍ وَالْجَمْعُ غَلَوَاتٍ مِثْلُ شَهْوَةٍ وَشَهَوَاتٍ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ) أَيْ وَاجِبًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: يُمْكِنُ حَمْلُهُ) جَوَابٌ لِقَوْلِهِ وَقَوْلِهِمْ إنْ كَانَ بِمُسْتَوٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ) أَيْ فِي أَدَاءِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْإِحَاطَةِ بِجَوَانِبِ مَا يَنْتَهِي نَظَرُهُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَحُمِلَ الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ تَرَدَّدَ قَدَرَ نَظَرِهِ، لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ أَضَرَّ عَلَيْهِ مِنْ إتْيَانِهِ الْمَاءَ فِي الْمَوَاضِعِ الْبَعِيدَةِ (قَوْلُهُ: لَا يُفِيدُهُ النَّظَرُ) أَيْ إلَى الْجِهَاتِ الَّتِي يُحْتَمَلُ وُجُودُ الْمَاءِ فِيهَا فَهُوَ بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ (قَوْلُهُ: الْمُحْتَرَمُ) لَعَلَّ تَقْيِيدَ الِاخْتِصَاصِ بِالْمُحْتَرَمِ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ فَإِنَّ غَيْرَ الْمُحْتَرَمِ كَالْكَلْبِ الْعَقُورِ لَا تَثْبُتُ عَلَيْهِ يَدٌ فَلَا يَكُونُ اخْتِصَاصًا، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الِاحْتِرَامِ فَلَا عِبْرَةَ بِخَوْفِهِ عَلَى زَانٍ مُحْصَنٍ أَوْ مُرْتَدٍّ أَوْ نَحْوِهِمَا. وَعِبَارَةُ حَجّ حَيْثُ أَمَّنَ بِضْعًا وَمُحْتَرَمًا نَفْسًا وَعُضْوًا وَمَالًا وَإِنْ قَلَّ وَاخْتِصَاصًا اهـ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مُحْتَرَمَاتٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ) أَيْ فَإِنَّ الِانْقِطَاعَ عَنْ الرُّفْقَةِ لَا يَجُوزُ السَّفَرُ مَعَهُمْ بَعْدَ الْفَجْرِ حَيْثُ أَدَّى إلَى تَفْوِيتِهَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ ضَرُورَةٍ تَدْعُو إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَفَوْتُ وَقْتٍ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ أَنْ يَأْمَنَ (قَوْلُهُ: إلَّا مَا يَسَعُهَا) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفِي الْحَقِيقَةِ الْوُضُوحُ إنَّمَا هُوَ لِلْقِيلِ الَّذِي حَكَاهُ الشَّيْخُ لَا نَفْسَ حِكَايَتِهِ، وَقَوْلُهُ وَإِنَّمَا عَبَّرَ عَنْهُ بِقِيلِ لَا يَخْفَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي عَنْهُ لِلْمُخَالَفَةِ الَّتِي أَثْبَتَهَا الْقِيلُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ ضَبْطِ الْإِمَامِ، وَلَيْسَ فِيهِ إثْبَاتُ حُكْمٍ حَتَّى يُقَالَ: وَإِنَّمَا عَبَّرَ عَنْهُ بِقِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ، عَلَى أَنَّ كَوْنَهُ لَيْسَ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ لَا يَقْتَضِي التَّعْبِيرَ عَنْهُ بِقِيلَ. وَبِالْجُمْلَةِ فَفِي سِيَاقِهِ غَايَةُ الْقَلَاقَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُعْلَمُ مِنْهُ مَا رَجَّحَهُ فِي ضَبْطِ مَا يَجِبُ التَّرَدُّدُ إلَيْهِ. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الشَّيْخَ الْجَلَالَ إنَّمَا مُرَادُهُ بِمَا ذَكَرَهُ عَنْ الشَّيْخِ نَفْيُ الْمُخَالَفَةِ بَيْنَ مَا هُنَا، وَضَبْطُ الْإِمَامِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ عَنْ شَرْحِ الْمَنْهَجِ فَحِكَايَتُهُ لِلْمُخَالَفَةِ بِقِيلَ إنَّمَا هُوَ لِلْإِشَارَةِ لِضَعْفِهَا لَا كَمَا فَهِمَهُ عَنْ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُمْ إنْ كَانَ بِمُسْتَوٍ إلَخْ) مُرَادُهُ بِهِ الْجَوَابُ عَمَّا اُعْتُرِضَ بِهِ عَلَى الْمَتْنِ فِي إيجَابِ التَّرَدُّدِ مِنْ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الشَّافِعِيِّ، وَالْأَصْحَابِ مِنْ عَدَمِ إيجَابِ التَّرَدُّدِ مُطْلَقًا

جُمُعَةً فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَلَا يَتَيَمَّمُ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِفَاقِدٍ لِلْمَاءِ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) بَعْدَ الْبَحْثِ الْمَذْكُورِ مَاءً (تَيَمَّمَ) لِأَنَّ الْفَقْدَ حَاصِلٌ وَتَأْخِيرُ التَّيَمُّمِ عَنْ الطَّلَبِ فِي الْوَقْتِ جَائِزٌ إنْ لَمْ يَحْدُثْ سَبَبٌ يُحْتَمَلُ مَعَهُ وُجُودُ الْمَاءِ (فَلَوْ) طَلَبَ كَمَا مَرَّ وَتَيَمَّمَ، وَ (مَكَثَ) بِضَمِّ الْكَافِ وَفَتْحِهَا (مَوْضِعَهُ) وَلَمْ يَتَيَقَّنْ عَدَمَهُ بِالطَّلَبِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُحَالُ عَلَيْهِ وُجُودُهُ (فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ الطَّلَبِ) ثَانِيًا (لِمَا يَطْرَأُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ طَرَيَانُهُ لِلْحَدَثِ أَمْ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ أَمْ قَضَاءِ صَلَوَاتٍ مُتَوَالِيَةٍ أَمْ غَيْرِ مُتَوَالِيَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ اطِّلَاعِهِ عَلَى بِئْرٍ خَفِيَتْ عَلَيْهِ أَوْ وُجُودِ مَنْ يَدُلُّهُ عَلَى الْمَاءِ لَكِنَّ الطَّلَبَ الثَّانِيَ أَخَفُّ مِنْ الْأَوَّلِ. وَالثَّانِي لَا يَجِبُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ هُنَاكَ مَاءٌ لَظَفِرَ بِهِ بِالطَّلَبِ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ مَكَثَ مَوْضِعَهُ مِنْ زِيَادَاتِهِ عَلَى الْمُحَرَّرِ مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزٍ. (فَلَوْ) (عَلِمَ) الْمُسَافِرُ بِمَحِلِّ (مَاءٌ يَصِلُهُ الْمُسَافِرُ لِحَاجَتِهِ) كَاحْتِطَابٍ وَاحْتِشَاشٍ (وَجَبَ قَصْدُهُ) أَيْ طَلَبُهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يَسْعَى إلَى هَذَا الْحَدِّ لِأَشْغَالِهِ الدُّنْيَوِيَّةِ فَلِلْعِبَادَةِ أَوْلَى، وَهَذَا الْمِقْدَارُ هُوَ الْمُسَمَّى بِحَدِّ الْقُرْبِ وَهُوَ أَزْيَدُ مِنْ حَدِّ الْغَوْثِ الَّذِي يَسْعَى إلَيْهِ فِي حَالِ تَوَهُّمِ الْمَاءِ كَمَا مَرَّ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى: وَلَعَلَّهُ يَقْرُبُ مِنْ نِصْفِ فَرْسَخٍ، هَذَا (إنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرَ نَفْسِ) أَوْ عُضْوٍ أَوْ بُضْعٍ (أَوْ مَالٍ) لَا يَجِبُ عَلَيْهِ بَذْلُهُ فِي تَحْصِيلِ الْمَاءِ ثَمَنًا أَوْ أُجْرَةً، وَلَا بُدَّ أَنْ يَأْمَنَ انْقِطَاعَهُ عَنْ رُفْقَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِتَخَلُّفِهِ عَنْهُمْ كَمَا مَرَّ وَخُرُوجَ الْوَقْتِ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَامِلَةً (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَحْدُثْ سَبَبٌ) قَيْدٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ تَيَمُّمٌ لَا لِقَوْلِهِ جَائِزٌ. فَإِنَّهُ يَصِيرُ الْمَعْنَى عَلَيْهِ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّأْخِيرُ إنْ لَمْ يَحْدُثْ سَبَبٌ، فَإِنْ حَدَثَ وَجَبَ تَعْجِيلُ التَّيَمُّمِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ قَطْعًا (قَوْلُهُ: وَنَحْوُ ذَلِكَ) كَالنَّذْرِ وَالطَّوَافِ الْمَفْرُوضِ، أَمَّا النَّافِلَةُ فَلَا يَجِبُ التَّجْدِيدُ لَهَا بَلْ يُصَلِّي مِنْهَا مَا شَاءَ مَا لَمْ يُحْدِثْ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُ حَجّ مِنْ نَحْوِ حَدَثٍ أَوْ إرَادَةِ فَرْضٍ آخَرَ. (قَوْلُهُ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الطَّبَقَاتِ: أَبُو سَعْدٍ بِسُكُونِ الْعَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ، تَفَقَّهَ عَلَى الْغَزَالِيِّ وَصَارَ أَكْبَرَ تَلَامِذَتِهِ، وَشَرَحَ الْوَسِيطَ وَسَمَّاهُ الْمُحِيطَ، وَعَلَّقَ فِي الْخِلَافِ تَعْلِيقَةً مَشْهُورَةً، ثُمَّ قَالَ: تُوُفِّيَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ كَمَا قَالَ ابْنُ خِلِّكَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ (قَوْلُهُ: مِنْ نِصْفِ فَرْسَخٍ) وَقَدَّرَهُ بِسَيْرِ الْأَثْقَالِ الْمُعْتَدِلَةِ إحْدَى عَشْرَ دَرَجَةً وَرُبْعَ دَرَجَةٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَسَافَةَ الْقَصْرِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَقَدْرُهَا ثَلَثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ دَرَجَةً، وَمَسَافَةُ الْقَصْرِ سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا، فَإِذَا قُسِمَتْ عَلَيْهَا بِاعْتِبَارِ الدَّرَجِ كَانَ مَا يَخُصُّ كُلُّ فَرْسَخٍ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً وَنِصْفَ دَرَجَةٍ وَنِصْفُ الْفَرْسَخِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: أَوْ بِضْعَ) لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ اهـ حَجّ، وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِيمَا قَبْلَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ حَيْثُ قَالَ: وَتَنْكِيرُ النَّفْسِ وَالْمَالِ لِإِفَادَةِ عَدَمِ الِاخْتِصَاصِ بِهِ اهـ (قَوْلُهُ: وَخُرُوجُ الْوَقْتِ) عِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ: يُحْتَمَلُ الِاكْتِفَاءُ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ اهـ. وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا مَرَّ لِأَنَّ مَا هُنَا فِي الْعِلْمِ وَمَا هُنَاكَ فِي التَّوَهُّمِ وَفَرَّقَ مَا بَيْنَهُمَا، فَإِنَّ صُورَةَ التَّوَهُّمِ يُحْتَمَلُ فِيهَا عَدَمُ وِجْدَانِ الْمَاءِ فَطَلَبُ الْمَاءِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يُفَوِّتُ الْوَقْتَ الْمُحَقَّقُ بِلَا فَائِدَةٍ فَاشْتَرَطَ فِيهِ إدْرَاكَ جَمِيعِ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ، وَمَا هُنَا مُتَحَقَّقٌ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْجَوَابُ لِلشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ تَصَرُّفُ الشَّيْخِ فِي إيرَادِهِ بِمَا فِيهِ قَلَاقَةٌ (قَوْلُهُ: وَتَأْخِيرُ التَّيَمُّمِ عَنْ الطَّلَبِ فِي الْوَقْتِ جَائِزٌ) أَيْ فَلَا يَمْنَعُ صِحَّةَ التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْجَوَازِ هُنَا إلَّا ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَبِهَذَا اتَّضَحَ بِمَعْنَى تَقْيِيدِهِ بِقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَحْدُثْ إلَخْ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ جَعْلِ شَيْخِنَا لَهُ قَيْدًا لِلْمَتْنِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ مِنْ السِّيَاقِ (قَوْلُهُ: بِمَحَلٍّ) الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَاءً كَمَا صَنَعَ فِي التُّحْفَةِ

أَيْضًا (فَإِنْ) خَافَ مَا ذُكِرَ أَوْ (كَانَ) الْمَاءُ بِمَحَلٍّ (فَوْقَ ذَلِكَ) الْمَحَلِّ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ وَهَذَا يُسَمَّى حَدَّ الْبُعْدِ (تَيَمَّمَ) وَلَا يُكَلَّفُ طَلَبُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَرَجِ، وَلَوْ انْتَهَى إلَى الْمَنْزِلِ فِي آخِرِ الْوَقْتِ وَالْمَاءُ فِي حَدِّ الْقُرْبِ وَلَوْ قَصَدَهُ خَرَجَ الْوَقْتُ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَجَبَ قَصْدُهُ، وَالْمُصَنِّفُ لَا. قَالَ الشَّارِحُ: وَكُلٌّ مِنْهُمَا نَقَلَ مَا قَالَهُ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ فِي مَحَلٍّ لَا يَسْقُطُ فِعْلُ الصَّلَاةِ فِيهِ بِالتَّيَمُّمِ، وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الرَّوْضَةِ أَمَّا الْمُقِيمُ فَلَا يَتَيَمَّمُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ، وَالتَّعْبِيرُ بِالْمُقِيمِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْمَحَلُّ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ. وَلَوْ كَانَ فِي سَفِينَةٍ وَخَافَ غَرَقًا لَوْ أَخَذَ مِنْ الْبَحْرِ تَيَمَّمَ وَلَا يُعِيدُ، وَخَرَجَ بِالْمَالِ الِاخْتِصَاصَاتُ، وَالْمَالُ الَّذِي يَجِبُ بَذْلُهُ فِي تَحْصِيلِ الْمَاءِ ثَمَنًا أَوْ أُجْرَةً فَلَا أَثَرَ لِلْخَوْفِ عَلَيْهِ هُنَا وَإِنْ اعْتَبَرْنَاهُ ثَمَّ فِي حَالَةٍ التَّوَهُّمِ كَمَا مَرَّ، وَلِأَنَّ دَانَقًا مِنْ الْمَالِ خَيْرٌ مِنْهَا وَإِنْ كَثُرَتْ، وَمَا زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ هَذَا لَا يَأْتِي فِي الْكَلْبِ إلَّا إنْ حَلَّ قَتْلُهُ وَإِلَّا فَلَا طَلَبَ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ سَقْيُهُ وَالتَّيَمُّمُ، فَكَيْفَ يُؤْمَرُ بِتَحْصِيلِ مَا لَيْسَ بِحَاصِلٍ، وَتَضْيِيعُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوُجُودُ الْمَاءِ فَاكْتَفَى بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ مَعَ الْوُضُوءِ لَوُقُوعِهَا أَدَاءً (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَوْقَ ذَلِكَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ فَوْقَ ذَلِكَ بِيَسِيرٍ كَقَدَمٍ مَثَلًا وَفِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُعَدُّ فَوْقَ حَدِّ الْقُرْبِ، فَإِنَّ الْمُسَافِرَ إذَا عَلِمَ بِمِثْلِ ذَلِكَ لَا يَمْتَنِعُ مِنْ الذَّهَابِ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ إذَا بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ عُرْفًا. وَفِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ بِالْمَاءِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَهُوَ فِي مَنْزِلِهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ طَلَبُهُ، وَإِنْ اتَّفَقَ أَنَّهُ طَلَبَ الْمَاءَ فَوَصَلَ إلَى غَايَةِ حَدِّ الْقُرْبِ ثُمَّ عَلِمَ بِهِ فَوْقَهُ بِذَلِكَ الْقَدْرِ وَجَبَ طَلَبُهُ اهـ. وَهُوَ بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِهِمْ لِمَا مَرَّ أَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ لَا يُعَدُّ زِيَادَةً عَلَى حَدِّ الْقُرْبِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ (قَوْلُهُ لَا يَسْقُطُ فِعْلُ الصَّلَاةِ فِيهِ بِالتَّيَمُّمِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ، وَقَوْلُهُ عَلَى خِلَافِهِ: أَيْ بِأَنْ كَانَ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْفَقْدُ أَوْ يَسْتَوِي الْأَمْرَانِ (قَوْلُهُ: مِمَّا قَرَّرْنَاهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَخَافَ غَرَقًا إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بَعْدَ مَا ذَكَرَ مَا نَصُّهُ: وَنَحْوُهُ كَالْتِقَامِ حُوتٍ وَسُقُوطِ مُتَمَوَّلٍ مَعَهُ أَوْ سَرِقَتِهِ اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ فِي مَسْأَلَتِنَا بَلْ قَضِيَّتُهُ عَدَمُ الْقَضَاءِ فِي مُقِيمٍ تَيَمَّمَ لِلْخَوْفِ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ فَلْيُنْظَرْ سم عَلَى حَجّ. وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ سَبُعٌ أَوْ عَدُوٌّ فَيَتَيَمَّمُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي لَهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قَضَى فِي الْأَظْهَرِ. وَحِينَئِذٍ يَصِحُّ أَنْ يُلْغَزَ بِذَلِكَ وَيُقَالُ لَنَا رَجُلٌ سَلِيمٌ الْأَعْضَاءِ غَيْرُ فَاقِدٍ لِلْمَاءِ تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَصُورَتُهُ لَوْ كَانَ فِي سَفِينَةٍ إلَخْ وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ بَعْضُ إخْوَانِنَا فَقَالَ: وَمَا رَجُلٌ لِلْمَاءِ لَيْسَ بِفَاقِدٍ ... سَلِيمُ الْعُضْوِ مِنْ مُبِيحِ تَيَمُّمٍ تَيَمَّمَ لَا يَقْضِي صَلَاةً وَهَذِهِ ... لَعَمْرِي خَفَاءٌ فِي حِجَابٍ مُكَتَّمٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يُعِيدُ) أَيْ وَإِنْ قَصَرَ السَّفَرَ. قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَمَحَلُّ عَدَمِ الْإِعَادَةِ إذَا كَانَ الْمَوْضِعُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ مِمَّا لَا يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا فِيهِ السَّفِينَةُ، أَمَّا لَوْ غَلَبَ وُجُودُ الْمَاءِ فِيهِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا ذُكِرَ وَجَبَ الْقَضَاءُ اهـ بِالْمَعْنَى. وَقَوْلُهُ بِقَطْعِ النَّظَرِ إلَخْ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ بِهِ عَمَّا لَوْ كَانَ الْغَالِبُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ وُجُودَ الْمَاءِ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ وَاتَّفَقَ احْتِيَاجُهُ إلَى النُّزُولِ فِي السَّفِينَةِ فِي وَقْتٍ مُنِعَ فِيهِ مِنْ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ لِمَا سَبَقَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْمَحَلُّ يَغْلِبُ فِيهِ الْفَقْدُ فِي غَالِبِ السَّنَةِ لَكِنْ اتَّفَقَ وُجُودُهُ مِنْ سَيْلٍ مَثَلًا فِي بَعْضِ أَيَّامِ السَّنَةِ فَإِنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَلَا أَثَرَ لِلْخَوْفِ عَلَيْهِ هُنَا إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى) أَيْ وَلَوْ لِمَا فَوْقَ حَدِّ الْقُرْبِ مَا لَمْ يَعُدْ مُسَافِرًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ: فَلَا أَثَرَ لِلْخَوْفِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ دَانِقًا) الصَّوَابُ حَذْفُ الْوَاوِ (قَوْلُهُ: خَيْرٌ مِنْهَا) يَعْنِي

غَيْرُ صَحِيحٍ، لِأَنَّ الْخَشْيَةَ عَلَى الِاخْتِصَاصِ هُنَا إنَّمَا هِيَ خَشْيَةُ أَخْذِ الْغَيْرِ لَوْ قَصَدَ الْمَاءَ وَتَرَكَهُ لَا خَشْيَةَ ذَهَابِ رُوحِهِ بِالْعَطَشِ، وَبِذَلِكَ يُجْمَعُ بَيْنَ كَلَامَيْ الْمَجْمُوعِ. (وَلَوْ) (تَيَقَّنَهُ) أَيْ وُجُودَ الْمَاءِ (آخِرَ الْوَقْتِ) مَعَ كَوْنِ التَّيَمُّمِ جَائِزًا لَهُ فِي أَثْنَائِهِ وَفِي الْوَقْتِ مَا يَسَعُهَا كُلَّهَا وَطُهْرُهَا فِيهِ (فَانْتِظَارُهُ أَفْضَلُ) مِنْ تَعْجِيلِ التَّيَمُّمِ لِأَنَّ التَّقْدِيمَ مُسْتَحَبٌّ وَالْوُضُوءَ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ فَرْضٌ فَثَوَابُهُ أَكْثَرُ. وَلِهَذَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّقْدِيمِ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْوُضُوءِ، وَالْمُرَادُ بِالْيَقِينِ هُنَا الْوُثُوقُ بِحُصُولِ الْمَاءِ بِحَيْثُ لَا يَتَخَلَّفُ عَادَةً لَا مَا يَنْتَفِي مَعَهُ احْتِمَالُ عَدَمِ الْحُصُولِ عَقْلًا، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ تَيَقُّنِ وُجُودِهِ فِي مَنْزِلِهِ أَوْ غَيْرِهِ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ كَمَا أَطْلَقَ ذَلِكَ أَصْحَابُنَا، لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الطَّلَبِ بِالْحَالَةِ الرَّاهِنَةِ وَهُوَ فِيهَا فَاقِدٌ لِلْمَاءِ حِسًّا وَشَرْعًا. وَقَدْ تُعْرَضُ عَوَارِضُ يَكُونُ التَّيَمُّمُ فِيهَا أَوَّلَ الْوَقْتِ أَفْضَلَ كَأَنْ كَانَ يُصَلِّي أَوَّلَ الْوَقْتِ بِسُتْرَةٍ وَلَوْ أَخَّرَ لَمْ يُصَلِّ بِهَا، أَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَيَعْجَزُ عَنْهُ لَوْ أَخَّرَ وَلَوْ شَكَّ فِي وُجُودِهِ آخِرَ الْوَقْتِ (أَوْ ظَنَّهُ) بِأَنْ كَانَ وُجُودُهُ مُتَرَجِّحًا عِنْدَهُ آخَرَّهُ (فَتَعْجِيلُ التَّيَمُّمِ أَفْضَلُ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ مُحَقَّقَةٌ بِخِلَافِ فَضِيلَةِ الْوُضُوءِ وَالثَّانِي التَّأْخِيرُ أَفْضَلُ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ صَلَّاهَا بِالتَّيَمُّمِ أَوَّلَ الْوَقْتِ ثُمَّ أَعَادَهَا آخِرَهُ مَعَ الْكَمَالِ فَهُوَ الْغَايَةُ فِي إحْرَازِ الْفَضِيلَةِ. وَيُجَابُ عَنْ اسْتِشْكَالِ ابْنِ الرِّفْعَةِ لَهُ بِأَنَّ الْفَرْضَ الْأُولَى وَلَمْ تَشْمَلْهَا فَضِيلَةُ الْوُضُوءِ بِأَنَّ الثَّانِيَةَ لَمَّا كَانَتْ عَيْنَ الْأُولَى كَانَتْ جَابِرَةً لِنَقْصِهَا. لَا يُقَالُ: الصَّلَاةُ بِالتَّيَمُّمِ لَا يُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا بِالْوُضُوءِ. لِأَنَّا نَقُولُ: مَحَلُّهُ فِيمَنْ لَا يَرْجُو الْمَاءَ بَعْدُ بِقَرِينَةِ سِيَاقِ كَلَامِهِمْ، وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي الْأُولَى إذَا كَانَ يُصَلِّيهَا فِي الْحَالَيْنِ مُنْفَرِدًا أَوْ فِي جَمَاعَةٍ. أَمَّا لَوْ كَانَ إذَا قَدَّمَهَا صَلَّاهَا بِالتَّيَمُّمِ فِي جَمَاعَةٍ وَإِذَا أَخَّرَهَا لِلْوُضُوءِ انْفَرَدَ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّ التَّقْدِيمَ أَفْضَلُ. أَمَّا إذَا تَرَجَّحَ عِنْدَهُ فَقْدُهُ أَوْ تَيَقَّنَهُ آخِرَ الْوَقْتِ فَالتَّعْجِيلُ أَفْضَلُ جَزْمًا، وَيَجْرِي هَذَا التَّفْصِيلُ فِيمَا لَوْ صَلَّى الْوَقْتَ مُنْفَرِدًا وَأَخَّرَهُ فِي جَمَاعَةٍ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ فَحَشَ التَّأْخِيرُ فَالتَّقْدِيمُ أَفْضَلُ وَإِنْ خَفَّ فَالتَّأْخِيرُ أَفْضَلُ اهـ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ. وَإِدْرَاكُ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ أَوْلَى مِنْ إدْرَاكِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ إدْرَاكِ غَيْرِ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ، أَمَّا فِيهَا عِنْدَ خَوْفِ فَوْتِ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ وَهُوَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ فَالْأَوْجَهُ وُجُوبُ الْوُقُوفِ عَلَيْهِ مُتَأَخِّرًا أَوْ مُنْفَرِدًا لِإِدْرَاكِهَا، وَإِنْ خَافَ فَوْتَ قِيَامِ الثَّانِيَةِ وَقِرَاءَتِهَا فَالْأَوْلَى لَهُ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ وَيَقِفَ فِي الصَّفِّ ـــــــــــــــــــــــــــــSيُحَصِّلُ الْمَاءَ بِلَا مَالٍ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ اعْتَبَرْنَاهُ: أَيْ الْخَوْفَ (قَوْلُهُ: لَوْ قَصَدَ) أَيْ الْمَاءَ. (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ) وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّأْخِيرُ حِينَئِذٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ، وَيُفِيدُهُ مَا جَمَعَ بِهِ بَيْنَ كَلَامَيْ الرَّافِعِيِّ وَالنَّوَوِيِّ الْمَارِّ (قَوْلُهُ: أَوَّلُ الْوَقْتِ أَفْضَلُ) أَيْ مِنْ الْوُضُوءِ مَعَ التَّأْخِيرِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَكَّ فِي وُجُودِهِ) هَذِهِ الصُّورَةُ تُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ ظَنَّهُ بِالطَّرِيقِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: عِنْدَهُ آخِرُهُ) الْمُرَادُ بِالْآخِرِ مَا قَابَلَ الْأَوَّلَ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ آخِرِ الْوَقْتِ وَوَسَطِهِ، وَلَا بَيْنَ فُحْشِ التَّأْخِيرِ وَوُجُودِ الْمَاءِ وَعَدَمِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: مَعَ الْكَمَالِ) أَيْ مَعَ الْوُضُوءِ وَلَوْ مُنْفَرِدًا (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ وَلَوْ تَيَقَّنَّهُ آخِرَ الْوَقْتِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ وَيَجْرِي هَذَا التَّفْصِيلُ فِيمَا لَوْ صَلَّى إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِدْرَاكُ الرَّكْعَةِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَدْرَكَهَا عَلَى وَجْهٍ لَا تَحْصُلُ مَعَهُ الْفَضِيلَةُ كَأَنْ أَدْرَكَهَا فِي صَفٍّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّفِّ الَّذِي أَمَامَهُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ، أَوْ فِي صَفٍّ أَحْدَثُوهُ مَعَ نُقْصَانِ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مِنْ الصُّفُوفِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَيُحْتَمَلُ، وَلَعَلَّهُ أَقْرَبُ، تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ الِاقْتِدَاءُ عَلَى وَجْهٍ تَحْصُلُ مَعَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوْلَى) أَيْ الصَّفُّ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَقِرَاءَتُهَا) أَيْ مَعَ إدْرَاكِ رُكُوعِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالِاخْتِصَاصَاتِ (قَوْلُهُ: مَعَ كَوْنِ التَّيَمُّمِ جَائِزًا لَهُ فِي أَثْنَائِهِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ التَّيَمُّمُ جَائِزًا لَهُ فِي أَثْنَائِهِ بِأَنْ كَانَ فِي مَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ، فَإِنَّ الِانْتِظَارَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ كَمَا عُلِمَ مِنْ نَظِيرِهِ الْمَارِّ وَبِهِ صَرَّحَ الزِّيَادِيُّ (قَوْلُهُ: أَوْ تَيَقَّنَهُ) أَيْ الْفَقْدَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ) قَيْدٌ فِي الْوُجُوبِ، وَانْظُرْ لَوْ كَانَ غَيْرَ مَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ هَلْ الْأَفْضَلُ

الْمُتَأَخِّرِ لِتَصِحَّ جُمُعَتُهُ إجْمَاعًا، وَإِدْرَاكُ الْجَمَاعَةِ أَوْلَى مِنْ تَثْلِيثِ الْوُضُوءِ وَسَائِرِ آدَابِهِ، فَإِذَا خَافَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ بِسَلَامِ الْإِمَامِ لَوْ أَكْمَلَ الْوُضُوءَ بِآدَابِهِ فَإِدْرَاكُهَا أَوْلَى مِنْ إكْمَالِهِ. وَلَوْ ضَاقَ وَقْتُهَا أَوْ الْمَاءُ عَنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى فَرَائِضِهِ. وَلَا يَلْزَمُ الْبَدْوِيَّ الِانْتِقَالُ لِيَتَطَهَّرَ بِالْمَاءِ عَنْ التَّيَمُّمِ، وَلَوْ ازْدَحَمَ مُسَافِرُونَ عَلَى بِئْرٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ مَقَامٍ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَلِيَهُ إلَّا وَاحِدٌ وَاحِدٌ، فَمَنْ عَلِمَ تَأَخُّرَ نَوْبَتِهِ عَنْ الْوَقْتِ لَمْ يَنْتَظِرْهَا بَلْ يُصَلِّي مُتَيَمِّمًا وَعَارِيًّا وَقَاعِدًا مِنْ غَيْرِ إعَادَةٍ، وَإِنْ تَوَقَّعَهَا فِي الْوَقْتِ لَزِمَهُ الِانْتِظَارُ. (وَلَوْ) (وَجَدَ مَاءً) يَصْلُحُ لِلْغُسْلِ وَ (لَا يَكْفِيه) (فَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ اسْتِعْمَالِهِ) مُحْدِثًا كَانَ أَوْ جُنُبَا، وَيُرَاعَى التَّرْتِيبُ إنْ كَانَ حَدَثُهُ أَصْغَرَ وَإِلَّا فَلَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [المائدة: 6] فَشَرَطَ التَّيَمُّمَ بِعَدَمِ الْمَاءِ، وَنُكِّرَ الْمَاءُ فِي سِيَاقِ النَّفْي فَاقْتَضَى أَنْ لَا يَجِدَ مَا يُسَمَّى مَاءً وَلِخَبَرٍ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» وَلِأَنَّهُ قَدَرَ عَلَى غَسْلِ بَعْضِ أَعْضَائِهِ فَلَمْ يَسْقُطْ الْوُجُوبُ بِعَجْزِهِ عَنْ الْبَاقِي. وَالثَّانِي لَا يَجِبُ بَلْ يَتَيَمَّمُ كَمَا لَوْ وَجَدَ بَعْضَ الرَّقَبَةِ فِي الْكَفَّارَةِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ إعْتَاقُهُ بَلْ يَعْدِلُ إلَى الصَّوْمِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِعَدَمِ تَسْمِيَةِ بَعْضِهَا رَقَبَةً وَبَعْضِ الْمَاءِ مَاءً وَلِأَنَّا لَوْ أَوْجَبْنَا بَعْضَ الرَّقَبَةِ مَعَ الشَّهْرَيْنِ لَجَمَعْنَا بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ. بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَإِذَا خَافَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَخَفْ فَوْتَهَا بِذَلِكَ بَلْ خَافَ فَوْتَ بَعْضٍ مِنْهَا كَمَا لَوْ كَانَ لَوْ ثَلَّثَ أَدْرَكَهُ فِي التَّشَهُّدِ مَثَلًا كَانَ تَثْلِيثُ الْوُضُوءِ أَوْلَى. وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ فَرْضٌ فَثَوَابُهَا يَزِيدُ عَلَى ثَوَابِ السُّنَنِ فَيَنْبَغِي الْمُحَافَظَةُ عَلَيْهَا وَإِنْ فَاتَ سُنَنُ الْوُضُوءِ. وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ لَوْ ثَلَّثَ فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ مَعَ إمَامٍ عَدْلٍ وَأَدْرَكَهَا مَعَ غَيْرِهِ. وَيَنْبَغِي أَنَّ تَرْكَ التَّثْلِيثِ فِيهِ أَفْضَلُ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ الْبَدْوِيَّ الِانْتِقَالُ) أَيْ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ مَشَقَّةٌ عَلَيْهِ لِعُسْرِ مُفَارَقَةِ مَا أَلِفَهُ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: بَلْ يُصَلِّي مُتَيَمِّمًا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ فِي مَحَلٍّ لَا تَسْقُطُ الصَّلَاةُ فِيهِ بِالتَّيَمُّمِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ دَخَلَ الْحَمَّامَ وَتَعَذَّرَ غُسْلُهُ فِي غَيْرِهِ وَعَلِمَ أَنَّ النَّوْبَةَ لَا تَنْتَهِي إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ تَيَمَّمَ وَصَلَّى فِي الْوَقْتِ ثُمَّ أَعَادَهُ، لَكِنَّ فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا نَصُّهُ فَرْعٌ: لَوْ خَافَ بَرْدَ الْمَاءِ وَعَجَزَ عَنْ تَسْخِينِهِ فِي الْحَالِ لَكِنَّهُ يَعْلَمُ وُجُودَ حَطَبٍ فِي مَكَان إذَا ذَهَبَ إلَيْهِ لَا يَرْجِعُ إلَّا وَقَدْ خَرَجَ الْوَقْتُ أَوْ لَمْ يَخْرُجْ لَكِنْ لَا يَفْرُغُ مِنْ تَسْخِينِهِ إلَّا وَقَدْ خَرَجَ الْوَقْتُ فَيَظْهَرُ، وَأَقَرَّ عَلَيْهِ م ر أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ قَصْدُ الْحَطَبِ فِي الْأُولَى أَوْ التَّسْخِينُ فِي الثَّانِيَةِ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: إنَّ الْمُقِيمَ يَجِبُ عَلَيْهِ قَصْدُ الْمَاءِ الَّذِي فِي حَدِّ الْقُرْبِ بَلْ وَفِي حَدِّ الْبُعْدِ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ بِأَنَّ الْإِتْيَانَ بِالْحَطَبِ وَالتَّسْخِينِ لَا يَنْقُصُ عَنْ الذَّهَابِ لِلْمَاءِ فِي حَدِّ الْقُرْبِ لَكِنْ لَا يَبْعُدُ أَنَّهُ هَا هُنَا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُقِيمِ وَالْمُسَافِرِ لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. وَقِيَاسُهُ أَنَّ فِي مَسْأَلَةِ الْحَمَّامِ يَنْتَظِرُ النَّوْبَةَ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَلَا يَتَيَمَّمُ لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ. هَذَا وَلَوْ أَمْكَنَهُ الدُّخُولُ مَعَ غَيْرِهِ فِي حَوْضِ الْحَمَّامِ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ وُجُوبِ الِاسْتِنْجَاءِ بِحَضْرَةِ النَّاسِ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ أَنَّهُ يَجِبُ هُنَا كَذَلِكَ، وَيَجِبُ عَلَى مَنْ اجْتَمَعَ مَعَهُ غَضُّ الْبَصَرِ. ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ فِي آخِرِ بَابِ التَّيَمُّمِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ تَيَمَّمَ لِبَرْدٍ إلَخْ مَا نَصُّهُ: وَلَوْ تَنَاوَبَ جَمْعٌ الِاغْتِسَالَ مِنْ مُغْتَسَلِ الْحَمَّامِ لِلْخَوْفِ مِنْ الْبَرْدِ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ نَوْبَتَهُ تَأْتِي فِي الْوَقْتِ وَجَبَ انْتِظَارُهَا وَامْتَنَعَ التَّيَمُّمُ سَوَاءٌ كَانَ تَأَخُّرُهُ عَنْ غَيْرِهِ بِنَحْوِ تَقْدِيمِ صَاحِبِ الْحَمَّامِ السَّابِقَ عَلَى غَيْرِهِ أَوْ بِتَعَدِّي غَيْرِهِ عَلَيْهِ وَمَنْعِهِ مِنْ التَّقْدِيمِ. وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا لَا تَأْتِي إلَّا خَارِجَ الْوَقْتِ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ فِي الْوَقْتِ ثُمَّ يَجِبُ الْقَضَاءُ إنْ كَانَ ثَمَّ مَاءٌ آخَرُ غَيْرُ مَا تَنَاوَبُوا فِيهِ لَكِنْ امْتَنَعَ اسْتِعْمَالُهُ لِنَحْوِ بَرْدٍ وَإِلَّا فَلَا م ر اهـ. (قَوْلُهُ وَنَكَّرَ الْمَاءَ) أَيْ فِي قَوْله تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [المائدة: 6] (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّا لَوْ أَوْجَبْنَا إلَخْ) قَدْ يُقَالُ قِيَاسُ مَا هُنَا أَنَّهُ إذَا وَجَدَ بَعْضَ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَهُ تَحْصِيلُ فَضِيلَةِ الصَّفِّ وَإِنْ أَتَمَّهَا ظُهْرًا أَوْ تَحْصِيلُهَا جُمُعَةٍ بِإِحْرَامِهِ مُنْفَرِدًا عَنْ الصَّفِّ؟ الظَّاهِرُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: عَلَى بِئْرٍ) أَيْ، وَالْمَحَلُّ يَغْلِبُ فِيهِ فَقْدُ الْمَاءِ وَإِلَّا وَجَبَ الِانْتِظَارُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ كَمَا قَيَّدَهُ النُّورُ الزِّيَادِيُّ كَالشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ

فَإِنَّهُ يَقَعُ عَنْ الْبَعْضِ الَّذِي لَمْ يُغْسَلْ لَا عَنْ الْمَغْسُولِ، وَيَجِبُ أَيْضًا اسْتِعْمَالُ تُرَابٍ نَاقِصٍ (وَيَكُونُ) اسْتِعْمَالُهُ (قَبْلَ التَّيَمُّمِ) عَنْ الْبَاقِي لِئَلَّا يَكُونَ مُتَيَمِّمًا وَمَعَهُ مَاءٌ. أَمَّا غَيْرُ الصَّالِحِ لِلْغُسْلِ كَثَلْجٍ أَوْ بَرَدٍ لَا يَذُوبُ فَلَا يَجِبُ مَسْحُ الرَّأْسِ بِهِ إذْ لَا يُمْكِنُ هُنَا تَقْدِيمُ مَسْحِ الرَّأْسِ، فَمَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مَهْمُوزَةٌ مُنَوَّنَةٌ لَا مَوْصُولَةٌ لِئَلَّا يُرَدَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَلَوْ وَجَدَ مُحْدِثٌ تَنَجَّسَ بَدَنُهُ بِمَا لَا يُعْفَى عَنْهُ مَاءً لَا يَكْفِي إلَّا أَحَدَهُمَا تَعَيَّنَ لِلْخَبَثِ لِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لِإِزَالَتِهِ، بِخِلَافِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ تَنَجُّسَ الثَّوْبِ إذَا لَمْ يُمْكِنُهُ نَزْعُهُ كَتَنَجُّسِ الْبَدَنِ فِيمَا ذُكِرَ. وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْمُقِيمِ وَالْمُسَافِرِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ، وَبِهِ أَفْتَى الْبَغَوِيّ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَإِنْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: إنَّ مَحَلَّ تَعَيُّنِهِ لَهَا فِي الْمُسَافِرِ. أَمَّا الْمُقِيمُ فَلَا لِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِ بِكُلِّ حَالٍ وَإِنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ أَوْلَى، وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي مَجْمُوعِهِ وَتَحْقِيقِهِ. وَشَرْطُ صِحَّةِ التَّيَمُّمِ تَقْدِيمُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ قَبْلَهُ، فَلَوْ تَيَمَّمَ قَبْلَ إزَالَتِهَا لَمْ يَصِحَّ تَيَمُّمُهُ كَمَا رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي رَوْضَتِهِ وَتَحْقِيقِهِ فِي بَابِ الِاسْتِنْجَاءِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ مُبِيحٌ وَلَا إبَاحَةَ مَعَ الْمَانِعِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ تَيَمَّمَ قَبْلَ الْوَقْتِ وَإِنْ رَجَّحَا فِي هَذَا الْبَابِ الْجَوَازَ. (وَيَجِبُ) فِي الْوَقْتِ (شِرَاؤُهُ) أَيْ الْمَاءِ وَإِنْ لَمْ يَكْفِهِ، وَكَذَا التُّرَابِ وَلَوْ بِمَحَلٍّ يَلْزَمُهُ فِيهِ الْقَضَاءُ فِيمَا يَظْهَرُ (بِثَمَنِ مِثْلِهِ) إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ بِنَقْدٍ أَوْ عَرَضٍ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ، فَإِنْ بِيعَ بِغَبْنٍ لَمْ يُكَلَّفْ شِرَاؤُهُ لِلضَّرُورَةِ وَإِنْ قَلَّتْ الزِّيَادَةُ، وَإِنْ بِيعَ نَسِيئَةً لَزِمَهُ شِرَاؤُهُ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَمَالُهُ حَاضِرٌ أَوْ غَائِبٌ وَالْأَجَلُ مُمْتَدٌّ إلَى وُصُولِهِ لَهُ، وَلَوْ زِيدَ فِي ثَمَنِهِ بِسَبَبِ التَّأْجِيلِ زِيَادَةً لَائِقَةً بِالْأَجَلِ لَمْ يَخْرُجْ بِهَا عَنْ كَوْنِهِ ثَمَنَ مِثْلِهِ. وَالْمُرَادُ بِهِ الْقَدْرُ اللَّائِقُ بِهِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، وَلَا تُعْتَبَرُ حَالَةُ الِاضْطِرَارِ فَقَدْ تَصِلُ الشَّرْبَةُ دَنَانِيرَ وَيَبْعُدُ فِي الرُّخَصِ إيجَابُ مِثْلِ ذَلِكَ. نَعَمْ يُسَنُّ لَهُ شِرَاؤُهُ إذَا زَادَ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَحْصِيلُ آلَاتِ الِاسْتِقَاءِ كَدَلْوٍ وَرِشَاءٍ عِنْدَ حَاجَتِهِ إلَيْهَا إذَا وَجَدَهَا تُبَاعُ بِثَمَنِ مِثْلِهَا أَوْ تُؤَجَّرُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا (إلَّا أَنْ يَحْتَاجَ إلَيْهِ) أَيْ الثَّمَنَ (لِدَيْنٍ) وَلَوْ مُؤَجَّلًا. نَعَمْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ حُلُولُهُ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى وَطَنِهِ أَوْ بَعْدَهُ، وَلَا مَالَ لَهُ فِيهِ وَإِلَّا وَجَبَ شِرَاؤُهُ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ النَّسِيئَةِ السَّابِقَةِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِآدَمِيٍّ، وَلَا بَيْنَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ أَوْ بِعَيْنٍ مِنْ مَالِهِ كَعَيْنٍ أَعَارَهَا فَرَهْنَهَا الْمُسْتَعِيرُ بِإِذْنِهِ (مُسْتَغْرِقٍ) هُوَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ غَيْرَ أَنَّهُ أَتَى ـــــــــــــــــــــــــــــSالرَّقَبَةِ يَصُومُ أَيَّامًا تَعْدِلُ الْمَعْجُوزَ عَنْهُ مِنْ الرَّقَبَةِ، وَعَلَيْهِ فَلَا جَمْعَ بَيْنَ الرَّقَبَةِ وَبَدَلِهَا لَكِنْ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُجْزِئَ فِي الْكَفَّارَةِ الشَّهْرَانِ بِكَمَالِهِمَا وَمَا دُونَهُمَا لَا يُعْتَدُّ بِهِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ أَيْضًا إلَخْ) أَيْ قَطْعًا وَقِيلَ فِيهِ الْقَوْلَانِ اهـ مَحَلِّيٌّ (قَوْلُهُ: أَمَّا غَيْرُ الصَّالِحِ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ يَصْلُحُ لِلْغُسْلِ (قَوْلُهُ: لَا بَدَلَ لَهُ) أَيْ الْخَبَثَ، وَقَوْلُهُ لِإِزَالَتِهَا صِلَةُ تَعَيَّنَ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: تَعَيَّنَ لِلْخَبَثِ لِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لِإِزَالَتِهِ وَهُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ نَزْعُهُ) أَيْ كَأَنْ خَافَ الْهَلَاكَ لَوْ نَزَعَهُ، فَإِنْ أَمْكَنَ بِأَنْ لَمْ يَخْشَ مِنْ نَزْعِهِ مَحْذُورَ تَيَمُّمٍ تَوَضَّأَ وَنَزَعَ الثَّوْبَ وَصَلَّى عَارِيًّا وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّ فَقَدْ السُّتْرَةِ مِمَّا يَكْثُرُ (قَوْلُهُ كَتَنَجُّسِ الْبَدَنِ) أَيْ فَيَغْسِلُهُ وَيَتَيَمَّمُ (قَوْلُهُ وَإِنْ رَجَحَا إلَخْ) مَشَى عَلَيْهِ حَجّ. (قَوْلُهُ أَوْ غَائِبٌ إلَخْ) أَيْ وَإِنَّمَا وَجَبَ ذَلِكَ مَعَ احْتِمَالِ تَلَفِ الْمَالِ قَبْلَ وُصُولِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ (قَوْلُهُ وَرِشَاءٌ) أَيْ حَبْلٌ. قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: وَالرِّشَاءُ حَبْلٌ جَمْعُهُ أَرْشِيَةٌ. وَفِي الْمِصْبَاحِ: وَالرِّشَاءُ الْحَبْلُ وَالْجَمْعُ أَرْشِيَةٌ مِثْلُ كِسَاءٍ وَأَكْسِيَةٍ (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةٍ إلَخْ) بَلْ قَدْ يُقَالُ فِي هَذِهِ: إنَّهُ لَيْسَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ لِدَيْنِهِ لِوُجُودِ مَا بَقِيَ بِهِ الدَّيْنُ (قَوْلُهُ: لِلَّهِ) كَالزَّكَاةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَعَيْنٍ أَعَارَهَا) لَعَلَّ الصُّورَةَ أَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَى الْمُسْتَعِيرِ تَعَذَّرَ، وَأَرَادَ الْمُعِيرُ فَكَّ عَيْنِهِ بِمَالٍ مِنْ عِنْدِهِ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ؛ لِأَنَّ إعَارَةَ الْعَيْنِ لِرَهْنِهَا ضَمَانٌ لِلدَّيْنِ فِيهَا، وَلَا يَصِحُّ بِاحْتِيَاجِهِ لِبَيْعِ تِلْكَ الْعَيْنِ لِلْمَاءِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ غَيْرُهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَصَرُّفٌ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا مَرْهُونَةٌ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى مَا صَوَّرْنَا بِهِ قَوْلُ الشَّيْخِ

بِهِ لِزِيَادَةِ الْإِيضَاحِ، وَحِينَئِذٍ فَهُوَ فِي كَلَامِهِ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ إذْ مِنْ لَازِمِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ لِأَجْلِ اسْتِغْرَاقِهِ (أَوْ مُؤْنَةِ سَفَرِهِ) مُبَاحًا كَانَ أَوْ طَاعَةً كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ لِلسَّفَرِ، وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يُرِيدَهُ فِي الْحَالِ أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَا بَيْنَ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ مَمْلُوكٍ وَزَوْجَةٍ وَرَفِيقٍ وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ يَخَافُ انْقِطَاعَهُمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي فِي الْحَجِّ، وَيَظْهَرُ فِي الْمُقِيمِ اعْتِبَارُ الْفَضْلِ عَنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ كَالْفِطْرَةِ، بِخِلَافِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَأَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ يَحْتَاجُ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَدَاءُ دَيْنِ الْغَيْرِ بِخِلَافِ حَمْلِهِ عِنْدَ الِانْقِطَاعِ (أَوْ نَفَقَةِ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَالشَّارِحُ تَبِعَ فِي قَوْلِهِ مَعَهُ الرَّوْضَةَ، وَهُوَ مِثَالٌ لَا قَيْدٌ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ آدَمِيًّا أَمْ غَيْرَهُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ احْتِيَاجِهِ لِذَلِكَ حَالًا أَوْ مَآلًا، وَلَا بَيْنَ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ رَفِيقِهِ وَرُفْقَتِهِ وَزَوْجَتِهِ سَوَاءٌ فِيهِ الْكُفَّارُ وَالْمُسْلِمُونَ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فَاضِلًا أَيْضًا عَنْ مَسْكَنِهِ وَخَادِمِهِ، فَالْمُرَادُ بِالنَّفَقَةِ فِي كَلَامِهِ الْمُؤْنَةُ، وَخَرَجَ بِالْمُحْتَرَمِ الْحَرْبِيُّ وَالْمُرْتَدُّ وَالزَّانِي الْمُحْصَنُ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ. وَأَمَّا غَيْرُ الْعَقُورِ فَمُحْتَرَمٌ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِنْ وَقَعَ لِلْمُصَنِّفِ فِي مَوْضِعِ جَوَازِهِ، وَلَوْ كَانَ مَعَهُ مَاءٌ لَا يَحْتَاجُهُ لِلْعَطَشِ لَكِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى ثَمَنِهِ فِي شَيْءٍ مِمَّا سَبَقَ جَازَ لَهُ التَّيَمُّمُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَلَوْ وَجَدَ ثَوْبًا وَقَدَرَ عَلَى شَدِّهِ فِي الدَّلْوِ أَوْ عَلَى إدْلَائِهِ فِي الْبِئْرِ وَعَصْرِهِ أَوْ عَلَى شَقِّهِ وَإِيصَالِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ لِيَصِلَ وَجَبَ إنْ لَمْ يَزِدْ نُقْصَانُهُ عَلَى أَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِ الْمَاءِ وَأُجْرَةِ مِثْلِ الْحَبْلِ، وَلَوْ وَجَدَ ثَمَنَ الْمَاءِ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى سُتْرَةِ صَلَاةٍ قَدَّمَهَا لِدَوَامِ النَّفْعِ بِهَا، وَلَوْ فَقَدَ الْمَاءَ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَوْ حَفَرَ مَحَلَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ يَحْصُلُ بِحَفْرٍ يَسِيرٍ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ لَزِمَهُ وَإِلَّا فَلَا، ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَهَلْ تُذْبَحُ شَاةُ الْغَيْرِ الَّتِي لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهَا لِكَلْبِهِ الْمُحْتَرَمِ الْمُحْتَاجِ إلَى طَعَامٍ وَجْهَانِ فِي الْمَجْمُوعِ: أَحَدُهُمَا نَعَمْ كَالْمَاءِ فَيَلْزَمُ مَالِكَهَا بَذْلُهَا لَهُ وَعَلَى نَقْلِهِ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: صِفَةٌ كَاشِفَةٌ) الصَّوَابُ لَازِمَةٌ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ لِأَنَّ الصِّفَةَ الْكَاشِفَةَ هِيَ الْمُبَيِّنَةُ لِحَقِيقَةِ مَتْبُوعِهَا كَقَوْلِهِمْ الْجِسْمُ الطَّوِيلُ الْعَرِيضُ الْعَمِيقُ يَحْتَاجُ إلَى فَرَاغٍ يَشْغَلُهُ، وَاللَّازِمَةُ هِيَ الَّتِي لَا تَنْفُك عَنْ مَتْبُوعِهَا وَلَيْسَتْ مُبَيِّنَةً لِمَفْهُومِهِ كَالضَّاحِكِ بِالْقُوَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِنْسَانِ (قَوْلُهُ: بَيْنَ أَنْ يُرِيدَهُ) أَيْ السَّفَرَ، وَالْمُرَادُ بِالْإِرَادَةِ هُنَا الِاحْتِيَاجُ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَرَفِيقٌ) هُوَ بِالْفَاءِ (قَوْلُهُ: مِمَّنْ يَخَافُ انْقِطَاعُهُمْ) أَيْ فَيَجِبُ حَمْلُهُمْ مُقَدَّمًا عَلَى طَهَارَتِهِ (قَوْلُهُ: كَالْفِطْرَةِ) يُؤْخَذُ مِنْ تَشْبِيهِهِ بِهَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فَضْلُهُ عَنْ مَسْكَنِهِ وَخَادِمِهِ الَّذِي يَحْتَاجُهُ وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الدَّيْنِ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ: وَلَا بَيْنَ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: الْغَيْرُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ أَصْلًا لَهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ حَمْلِهِ) أَيْ حَمْلِ غَيْرِهِ عِنْدَ انْقِطَاعِهِ عَنْ الرُّفْقَةِ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ لَهُ وَهُوَ تَحْتَ يَدِ غَيْرِهِ أَوْ كَانَ لِبَعْضِ رُفْقَتِهِ (قَوْلُهُ: فَالْمُرَادُ بِالنَّفَقَةِ الْمُؤْنَةُ) وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ هُنَا: وَلَا بَيْنَ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ إلَخْ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ: وَلَا بَيْنَ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ مَمْلُوكٍ وَزَوْجَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَتَارِكُ الصَّلَاةِ) أَيْ بَعْدَ أَمْرِهِ بِهَا وَامْتِنَاعِهِ مِنْهَا. وَعِبَارَةُ حَجّ: وَمِنْهُ أَنْ يُؤْمَرَ بِهَا فِي الْوَقْتِ وَأَنْ يُسْتَتَابَ بَعْدَهُ فَلَا يَتُوبَ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ اسْتِتَابَتِهِ وَمِثْلُهُ فِي هَذَا كُلُّ مَنْ وَجَبَتْ اسْتِتَابَتُهُ، وَزَانٍ مُحْصَنٌ (قَوْلُهُ: وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ) أَيْ فَلَا يَكُونُ احْتِيَاجُهُ عُذْرًا لِأَنَّهُ يَجُوزُ قَتْلُهُ. بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُسَنَّ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ عَدُوٌّ فَيَجِبُ، كَذَا قَالَهُ الشَّارِحُ فِي السِّيَرِ قُبَيْلَ فَصْلِ نِسَاءِ الْكُفَّارِ وَصِبْيَانِهِمْ إلَخْ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْخِنْزِيرَ إذَا كَانَ فِيهِ عَدُوٌّ يَجِبُ قَتْلُهُ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا فِي الْعُبَابِ فِي الْبَيْعِ مِنْ وُجُوبِ قَتْلِهِ عَلَى مَا فِيهِ عَدُوٌّ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا غَيْرُ الْعَقُورِ إلَخْ) مِنْهُ مَا لَا نَفْعَ فِيهِ وَلَا ضَرَرَ (قَوْلُهُ: قَدَّمَهَا) أَيْ السُّتْرَةَ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِنَفْسِهِ إنْ لَاقَ بِهِ أَوْ بِمَنْ يَسْتَأْجِرُهُ إنْ لَمْ تَزِدْهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ عَلَى ثَمَنِ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ كَالْمَاءِ) وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يَجِبُ لِمَالِكِهَا قِيمَتُهَا وَإِنْ امْتَنَعَ الْمَالِكُ مِنْ بَذْلِهَا جَازَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْآتِي، بِخِلَافِ الدَّيْنِ، فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي فَكِّ عَيْنِهِ هُنَا فَلَيْسَ مَحْضَ أَدَاءِ دَيْنِ الْغَيْرِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: صِفَةٌ كَاشِفَةٌ) الصَّوَابُ لَازِمَةٌ (قَوْلُهُ: أَنْ يُرِيدَهُ) ظَاهِرُ السِّيَاقِ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلسَّفَرِ، وَرَجَعَهُ شَيْخُنَا لِلْمُؤْنَةِ بِتَضْمِينٍ يُرِيدُهُ مَعْنَى يَحْتَاجُهُ (قَوْلُهُ: بِحَفْرٍ يَسِيرٍ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ) لَعَلَّ الْمُرَادَ مَشَقَّةٌ لَهَا وَقْعٌ فَلْيُرَاجَعْ

الْقَاضِي اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْأَطْعِمَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَثَانِيهِمَا لَا لِكَوْنِ الشَّاةِ ذَاتَ حُرْمَةٍ أَيْضًا. (وَلَوْ) (وُهِبَ لَهُ مَاءٌ) أَوْ أُقْرِضَهُ فِي الْوَقْتِ (أَوْ أُعِيرُ دَلْوًا) أَوْ نَحْوَهُ مِنْ آلَاتِ الِاسْتِقَاءِ فِيهِ (وَجَبَ) عَلَيْهِ (الْقَبُولُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْمُسَامَحَةَ بِهِ غَالِبَةٌ فَلَا تَعْظُمُ فِيهِ الْمِنَّةُ، فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ ذَلِكَ وَتَيَمَّمَ بَعْدَ فَقْدِهِ أَوْ امْتِنَاعِ مَالِكِهِ عَنْ هِبَتِهِ أَثِمَ وَلَا إعَادَةَ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ، وَالثَّانِي لَا يَجِبُ قَبُولُ الْمَاءِ لِلْمِنَّةِ كَالثَّمَنِ وَلَا قَبُولُ الْعَارِيَّةِ إذَا زَادَتْ قِيمَةُ الْمُسْتَعَارِ عَلَى ثَمَنِ الْمَاءِ لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ فَيَضْمَنُ زِيَادَةً عَلَى ثَمَنِ الْمَاءِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَلْزَمُهُ اتِّهَابُ الْمَاءِ وَاقْتِرَاضُهُ وَاسْتِعَارَةُ آلَةِ الِاسْتِقَاءِ إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا وَلَمْ يَحْتَجْ لَهُ الْمَالِكُ وَقَدْ ضَاقَ الْوَقْتُ: أَيْ وَقَدْ جَوَّزَ بَذْلَهُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَوْ أُقْرِضَ ثَمَنَ الْمَاءِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَبُولُ وَلَوْ مِنْ فَرْعِهِ أَوْ أَصْلَهُ، أَوْ كَانَ مُوسِرًا بِمَالِ غَائِبٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَرَجِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَعَدِمَ أَمْنَ مُطَالَبَتِهِ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ إذْ لَا يَدْخُلْهُ أَجَلٌ، بِخِلَافِ الشِّرَاءِ وَالِاسْتِئْجَارِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ أَتْلَفَ الْمَاءَ قَبْلَ الْوَقْتِ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَإِنْ أَتْلَفَهُ بَعْدَهُ لِغَرَضٍ كَتَبَرُّدٍ وَتَنْظِيفِ ثَوْبٍ فَلَا قَضَاءَ أَيْضًا، وَكَذَا لِغَيْرِ غَرَضٍ فِي الْأَظْهَرِ لِأَنَّهُ فَاقِدٌ لِلْمَاءِ حَالَ التَّيَمُّمِ لَكِنَّهُ آثِمٌ فِي الشِّقِّ الْأَخِيرِ، وَيُقَاسُ بِهِ مَا لَوْ أَحْدَثَ فِي الْوَقْتِ عَبَثًا وَلَا مَاءَ ثَمَّ وَلَا يَلْزَمُ مَنْ مَعَهُ مَاءٌ بَذْلُهُ لِمُحْتَاجِ طَهَارَةٍ بِهِ (وَلَوْ وَهَبَ ثَمَنَهُ فَلَا) لِمَا فِيهِ مِنْ الْمِنَّةِ وَلَوْ مِنْ فَرْعٍ أَوْ أَصْلٍ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي هِبَةِ آلَاتِ الِاسْتِقَاءِ. (وَلَوْ) (نَسِيَهُ) أَيْ الْمَاءَ (فِي رَحْلِهِ أَوْ أَضَلَّهُ فِيهِ فَلَمْ يَجِدْهُ بَعْدَ الطَّلَبِ) وَإِنْ أَمْعَنَ فِيهِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ فَقْدُهُ (فَتَيَمَّمَ) (قَضَى فِي الْأَظْهَرِ) لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْمَاءِ وَلِنِسْبَتِهِ فِي إهْمَالِ ذَلِكَ حَتَّى نَسِيَهُ أَوْ أَضَلَّهُ إلَى تَقْصِيرٍ، وَلِأَنَّ الْوُضُوءَ شَرْطٌ لِلصَّلَاةِ فَلَا يَسْقُطُ بِالنِّسْيَانِ كَسَتْرِ الْعَوْرَةِ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَأَمَّا خَبَرُ ابْنِ مَاجَهْ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» فَقَدْ خُصُّ مِنْهُ غَرَامَاتُ الْمُتْلَفَاتِ وَصَلَاةُ الْمُحْدِثِ نَاسِيًا وَغَيْرُ ذَلِكَ فَيُخَصُّ مِنْهُ نِسْيَانُ الْمَاءِ فِي رَحْلِهِ قِيَاسًا، وَمِثْلُ ذَلِكَ إضْلَالُ ثَمَنِ الْمَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ الْقُونَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَنِسْيَانُ آلَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَهْرُهُ عَلَى تَسْلِيمِهَا كَمَا فِي الْمَاءِ إذَا طَلَبَهُ لِدَفْعِ الْعَطَشِ وَامْتَنَعَ مَالِكُهُ مِنْ تَسْلِيمِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَقْرَضَهُ فِي الْوَقْتِ) لَمْ يُبَيِّنْ مَفْهُومَ هَذَا الْقَيْدِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ وَهَبَ لَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ أَقْرَضَهُ لَمْ يَجِبْ قَبُولُهُ وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ وُجُودِهِ فِي الْوَقْتِ، وَقَدْ يُشْكِلُ بِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْخَادِمِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَوَقَّفَ اسْتِيعَابُ الرُّفْقَةِ عَلَى الطَّلَبِ قَبْلَ الْوَقْتِ وَجَبَ مَعَ أَنَّ حُصُولَهُ مِنْ جِهَتِهِمْ مُتَوَهَّمٌ وَهُوَ هُنَا مُحَقَّقٌ (قَوْلُهُ: عَنْ هِبَتِهِ) أَيْ أَوْ وُصُولُهُ بَعْدَ مُفَارَقَةِ مَالِكِهِ إلَى حَدِّ الْبُعْدِ عَمِيرَةَ (قَوْلُهُ اتِّهَابُ الْمَاءِ إلَخْ) أَيْ طَلَبَ ذَلِكَ مِنْ مَالِكِهِ (قَوْلُهُ وَعَدَمُ أَمْنِ مُطَالَبَتِهِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ أَنْ لَا يُطَالِبَهُ قَبْلَ وُصُولِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ قَبُولُهُ، وَقَدْ يُقَالُ بِعَدَمِهِ لِأَنَّ النَّذْرَ لَا يُصَيِّرُهُ مُؤَجَّلًا وَيُمْكِنُهُ الطَّلَبُ بِوَكِيلِهِ أَوْ الْحَوَالَةِ عَلَيْهِ، فَلَوْ نَذَرَ أَنْ لَا يُطَالِبَهُ بِنَفْسِهِ وَلَا بِوَكِيلِهِ وَلَا يُحِيلَ عَلَيْهِ وَلَا يَتَسَبَّبَ فِي أَخْذِهِ مِنْهُ بِحِيلَةٍ احْتَمَلَ الْوُجُوبَ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ لِغَرَضٍ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: فِي الشِّقِّ الْأَخِيرِ) هُوَ قَوْلُهُ: وَكَذَا لِغَيْرِ غَرَضٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُقَاسُ بِهِ) أَيْ فِي الْإِثْمِ (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ مَنْ مَعَهُ مَاءٌ إلَخْ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ مَعَهُ تُرَابٌ لَا يَلْزَمُهُ بَذْلُهُ لِطَهَارَةِ غَيْرِهِ، إذْ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُصَحِّحَ عِبَادَةَ غَيْرِهِ، وَحِينَئِذٍ فَهُوَ فَاقِدٌ لِلطَّهُورَيْنِ فَيُصَلِّي وَيُعِيدُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُؤَلِّفُ. (قَوْلُهُ: وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ فَقْدُهُ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ بَقَاءَهُ لَا يَتَيَمَّمُ وَيَسْتَمِرُّ وُجُوبُ الطَّلَبِ، وَنَازَعَهُ عُبَابٌ بِأَنَّهُ لَوْ عِلْمَ أَنَّ النَّوْبَةَ لَا تَنْتَهِي إلَيْهِ فِي الْبِئْرِ إلَّا بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ تَيَمَّمَ اهـ. وَقَدْ يُدْفَعُ تَوَقُّفُهُ بِمَا مَرَّ مِنْ تَصْوِيرِ مَسْأَلَةِ الْبِئْرِ بِالْمُسَافِرِ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فِي الْوَقْتِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ وَهَبَهُ أَوْ أَقْرَضَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَبُولُ، وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ لَمْ يُخَاطَبْ، وَمَرَّ أَنَّ لَهُ إعْدَامَ الْمَاءِ قَبْلَ الْوَقْتِ فَمَا هُنَا أَوْلَى، وَلَيْسَ هَذَا نَظِيرَ وُجُوبِ طَلَبِ الْمَاءِ قَبْلَ الْوَقْتِ إذَا اتَّسَعَتْ الْقَافِلَةُ كَمَا لَا يَخْفَى خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَمْعَنَ فِيهِ) يَجِبُ حَذْفُ الْوَاوِ إذْ مَحَلُّ الْخِلَافِ مَا إذَا أَمْعَنَ فِي الطَّلَبِ

الِاسْتِقَاءِ وَإِضْلَالُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِمَا الْأَذْرَعِيِّ بَحْثًا، وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ بِالتَّقْصِيرِ أَنَّهُ لَوْ وَرِثَ مَاءً وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ فِي الْحَالَيْنِ لِأَنَّ النِّسْيَانَ فِي الْأُولَى عُذْرٌ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ حَالَ بَيْنَهُمَا سَبُعٌ وَلِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّطْ فِي الثَّانِيَةِ فِي الطَّلَبِ. (وَلَوْ) (أَضَلَّ رَحْلَهُ فِي رِحَالٍ) لِظُلْمَةٍ وَنَحْوِهَا وَأَمْعَنَ فِي الطَّلَبِ أَوْ ضَلَّ عَنْ الرُّفْقَةِ أَوْ أَدْرَجَ مَاءً أَوْ ثَمَنَهُ أَوْ آلَةَ الِاسْتِقَاءِ فِي رَحْلِهِ بَعْدَ طَلَبِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَلَا بِبِئْرٍ خَفِيَّةٍ وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى (فَلَا) قَضَاءَ وَإِنْ وَجَدَ ذَلِكَ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ بِخِلَافِهِ فِي النِّسْيَانِ لِتَقَدُّمِ عِلْمِهِ بِذَلِكَ وَفِي الْإِضْلَالِ فِي رَحْلِهِ إذْ مُخَيَّمُ الرُّفْقَةِ أَوْسَعُ مِنْ مُخَيَّمِهِ فَكَانَ أَبْعَدَ عَنْ التَّقْصِيرِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَنَّهُ لَوْ اتَّسَعَ مُخَيَّمُهُ كَمَا فِي مُخَيَّمِ بَعْضِ الْأُمَرَاءِ كَانَ كَمُخَيَّمِ الرُّفْقَةِ، أَمَّا لَوْ كَانَتْ ظَاهِرَةً فَإِنَّهُ يَجِبُ الْقَضَاءُ، أَوْ لَمْ يَطْلُبْهُ مِنْ رَحْلِهِ لِعِلْمِهِ أَنْ لَا مَاءَ فِيهِ وَأَدْرَجَ فِيهِ فَكَذَلِكَ أَيْضًا لِتَقْصِيرِهِ، وَلَوْ تَيَمَّمَ لِإِضْلَالِهِ عَنْ الْقَافِلَةِ أَوْ عَنْ الْمَاءِ أَوْ لِغَصْبِ مَائِهِ فَلَا إعَادَةَ قَطْعًا، وَخَتَمَ السَّبَبَ الْأَوَّلَ بِهَاتَيْنِ مَعَ أَنَّهُمَا بِآخِرِ الْبَابِ الْمَبْحُوثِ فِيهِ عَنْ الْقَضَاءِ أَنْسَبُ كَمَا يَظْهَرُ بِبَادِي الرَّأْيِ تَذْيِيلًا لِهَذَا الْمَبْحَثِ لِمُنَاسِبَتِهِمَا لَهُ وَإِفَادَتُهُمَا مَسَائِلَ حَسَنَةٍ فِي الطَّلَبِ، وَهِيَ أَنَّهُ يُعِيدُ مَعَ وُجُودِ التَّقْصِيرِ، وَأَنَّ النِّسْيَانَ لَيْسَ عُذْرًا مُقْتَضِيًا لِسُقُوطِهِ، وَأَنَّ الْإِضْلَالَ يُغْتَفَرُ تَارَةً وَلَا يُغْتَفَرُ أُخْرَى، فَانْدَفَعَ اعْتِرَاضُ الشُّرَّاحِ عَلَيْهِ فِي ذِكْرِ هَاتَيْنِ هُنَا وَوَضَحَ أَنَّهُمَا هُنَا أَنْسَبُ، وَلَوْ بَاعَ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ أَوْ وَهَبَهُ فِيهِ بِلَا حَاجَةٍ لَهُ وَلَا لِلْمُشْتَرِي أَوْ الْمُتَّهَبِ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ وَلَا هِبَتُهُ لِلْعَجْزِ عَنْهُ شَرْعًا لِتَعَيُّنِهِ لِلطُّهْرِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صِحَّةِ هِبَةِ مَنْ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ أَوْ دُيُونٌ فَوَهَبَ مَا يَمْلِكُهُ بِأَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لَوْ وَرِثَ مَاءً) أَيْ أَوْ ثَمَنَهُ أَوْ آلَةَ الِاسْتِقَاءِ (قَوْلُهُ: فِي الْحَالَيْنِ) وَهُمَا النِّسْيَانُ وَالْإِضْلَالُ. (قَوْلُهُ: كَانَ كَمُخَيَّمِ الرُّفْقَةِ) وَبَقِيَ عَكْسُهُ وَهُوَ مَا لَوْ اتَّسَعَ مُخَيَّمُ بَعْضِ الْفُقَرَاءِ وَضَاقَ مُخَيَّمُ بَعْضِ الْأُمَرَاءِ هَلْ يَجِبُ الْقَضَاءُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الِاتِّسَاعِ وَعَدَمِهِ فَمُخَيَّمُ بَعْضِ الْأُمَرَاءِ إذَا ضَاقَ بِحَيْثُ تَسْهُلُ مَعْرِفَةُ مَا فِيهِ وَجَبَ الْقَضَاءُ لِتَقْصِيرِهِ وَعَكْسِهِ بِعَكْسِهِ، لَكِنْ عَلَّلَ حَجّ بِذَلِكَ بِأَنَّ شَأْنَ مُخَيَّمِ الرُّفْقَةِ أَوْ الْغَالِبَ فِيهِ أَنَّهُ أَوْسَعُ مِنْ مُخَيَّمِهِ فَلَمْ يُنْسَبْ هُنَا لِتَقْصِيرٍ أَلْبَتَّةَ اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مَا يَعْرِضُ مِنْ ضِيقِ مُخَيَّمِ الرُّفْقَةِ وَلَا مِنْ اتِّسَاعِ مُخَيَّمِهِ، فَقِيَاسُ ذَلِكَ جَرَيَانُهُ فِي مُخَيَّمِ بَعْضِ الْأُمَرَاءِ وَبَعْضِ الْفُقَرَاءِ، وَأَنَّ الْحُكْمَ لَيْسَ دَائِرًا مَعَ الِاتِّسَاعِ وَعَدَمِهِ بَلْ هُوَ دَائِرٌ مَعَ الشَّأْنِ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ كَانَتْ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَلَا بِبِئْرٍ خَفِيَّةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَطْلُبْهُ مِنْ رَحْلِهِ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ قَبْلُ بَعْدَ طَلَبِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ (قَوْلُهُ: وَوَضَحَ أَنَّهُمَا هُنَا أَنْسَبُ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا لَمَّا كَانَا مُنَاسِبَيْنِ لِهَذَا السَّبَبِ وَهُوَ مُتَقَدِّمٌ سِيَّمَا وَقَدْ اشْتَمَلَ ذِكْرُهُمَا فِيهِ عَلَى فَوَائِدَ تَتَعَلَّقُ بِهِ كَانَ ذِكْرُهُمَا فِيهِ أَنْسَبَ (قَوْلُهُ أَوْ وَهَبَهُ فِيهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ صَحَّ، وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى تَحْصِيلِ الْمَاءِ إلَخْ مَا يُصَرِّحُ بِهِ، وَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ إشْكَالِهِ لِوُجُوبِ الطَّلَبِ قَبْلَ الْوَقْتِ لَوْ عَطِلَتْ الْقَافِلَةُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ وَإِنْ كَانَ زَائِدًا عَلَى الْقَدْرِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ الظَّاهِرُ الصِّحَّةُ فِيمَا زَادَ إذَا كَانَ مِقْدَارُهُ مَعْلُومًا أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. لَا يُقَالُ: مِقْدَارُ مَا يَسْتَعْمِلُهُ فِي الْوُضُوءِ غَيْرُ مَعْلُومٍ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحْصُورًا فِي قَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْمَاءِ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ، لِأَنَّا نَقُولُ: مَمْنُوعٌ فَإِنَّهُ قَدْ يَعْلَمُ مِقْدَارَ مَا يَكْفِيه بِوَاسِطَةِ اسْتِعْمَالِهِ لِمِثْلِهِ سَابِقًا. وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَزِمَ الْبَائِعَ فَسْخُ الْبَيْعِ فِي الْقَدْرِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ. وَوَجْهُ التَّأْيِيدِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِقْدَارُ مَا يَسْتَعْمِلُهُ مَجْهُولًا لَمَا تَأَتَّى الْفَسْخُ فِيهِ دُونَ مَا زَادَ عَلَى حَاجَتِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ إلَخْ) لَمْ يُبَيِّنْ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَفَّارَةِ، وَبَيَّنَّهُ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ حَيْثُ قَالَ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَفَّارَةِ بِأَنَّهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَمَا فِي مُخَيَّمِ بَعْضِ الْأُمَرَاءِ) ذِكْرُ الْأُمَرَاءِ لَيْسَ بِقَيْدٍ وَإِنَّمَا هُوَ لِمُجَرَّدِ التَّصْوِيرِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ فَهِمَ مِنْهُ شَيْخُنَا التَّقْيِيدَ وَرَتَّبَ عَلَيْهِ فِي حَاشِيَتِهِ

رَضِيَ بِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالذِّمَّةِ فَلَا حَجَرَ لَهُ فِي الْعَيْنِ وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ حِيلَةً مِنْ تَعَلُّقِ غُرَمَائِهِ بِعَيْنِ مَالِهِ وَيَلْزَمُهُ اسْتِرْدَادُ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَعَ تَمَكُّنِهِ لَمْ يَصِحَّ تَيَمُّمُهُ لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الِاسْتِرْدَادِ تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَقَضَى تِلْكَ الصَّلَاةَ الَّتِي وَقَعَ تَفْوِيتُ الْمَاءِ فِي وَقْتِهَا لِتَقْصِيرِهِ فِيهَا دُونَ غَيْرِهَا، وَلَوْ تَلَف الْمَاءُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ الْمُتَّهَبِ ثُمَّ تَيَمَّمَ وَصَلَّى لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ إعَادَةٌ، وَيَضْمَنُ الْمُشْتَرِي الْمَاءَ لَا الْمُتَّهَبُ إذْ فَاسِدُ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى تَحْصِيلِ الْمَاءِ الَّذِي تَصَرَّفَ فِيهِ قَبْلَ الْوَقْتِ بِبَيْعٍ جَائِزٍ وَهِبَةٍ لِفَرْعٍ لَزِمَ الْأَصْلُ الرُّجُوعُ فِيهِ عِنْدَ احْتِيَاجِهِ لَهُ لِطَهَارَتِهِ وَلَزِمَ الْبَائِعَ فَسْخُ الْبَيْعِ فِي الْقَدْرِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ فِيمَا إذَا كَانَ لَهُ خِيَارٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَلَوْ مَاتَ مَالِكُ مَاءٍ وَثَمَّ ظَامِئُونَ شَرِبُوهُ وَيُيَمَّمُ وَضَمِنَ لِلْوَارِثِ بِقِيمَتِهِ لَا مِثْلِهِ حَيْثُ كَانُوا بِبَرِّيَّةٍ لَهُ بِهَا قِيمَةٌ وَرَجَعُوا إلَى مَحَلٍّ لَا قِيمَةَ لِلْمَاءِ بِهِ أَوْ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي، وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ وَأَرَادَ الْوَارِثُ تَغْرِيمَهُمْ مِثْلَهُ إذْ لَوْ رَدُّوا الْمَاءَ لَكَانَ إسْقَاطًا لِلضَّمَانِ بِالْكُلِّيَّةِ، فَإِنْ فُرِضَ الْغُرْمُ بِمَحِلِّ الشُّرْبِ أَوْ مَحِلٍّ آخَرَ لِلْمَاءِ فِيهِ قِيمَةٌ وَلَوْ دُونَ قِيمَتِهِ بِمَحَلِّ الْإِتْلَافِ غَرِمَ مِثْلَهُ كَبَقِيَّةِ الْمِثْلِيَّاتِ، وَلَوْ أَوْصَى بِصَرْفِ مَاءٍ لِأَوْلَى النَّاسِ بِهِ قُدِّمَ حَتْمًا ظَامِئٌ مُحْتَرَمٌ وَلَوْ غَيْرَ آدَمِيٍّ حِفْظًا لِمُهْجَتِهِ ثُمَّ مَيِّتٌ، وَإِنْ احْتَاجَهُ الْحَيُّ لِطُهْرِهِ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ إمَامًا أَوْ تَعَيَّنَتْ صَلَاتُهُ عَلَيْهِ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، إذْ غُسْلُ الْمَيِّتِ مُتَأَكِّدٌ لِعَدَمِ إمْكَانِ تَدَارُكِهِ مَعَ كَوْنِهِ خَاتِمَةَ أَمْرِهِ، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ لِإِمْكَانِ تَدَارُكِهَا عَلَى قَبْرِهِ، فَلَوْ مَاتَ اثْنَانِ مُرَتَّبًا وَوُجِدَ الْمَاءُ قَبْلَ مَوْتِهِمَا قُدِّمَ الْأَوَّلُ لِسَبْقِهِ، فَإِنْ مَاتَا مَعًا أَوْ جُهِلَ أَسْبَقُهُمَا أَوْ وُجِدَ الْمَاءُ بَعْدَهُمَا قُدِّمَ أَفْضَلُهُمَا بِغَلَبَةِ الظَّنِّ بِقُرْبِهِ لِلرَّحْمَةِ لَا بَحَرِيَّةٍ وَذُكُورَةٍ وَنَحْوِهِمَا، فَإِنْ اسْتَوَيَا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا وَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُ الْوَارِثِ ذَلِكَ ثُمَّ الْمُتَنَجِّسُ، إذْ لَا بَدَلَ لِطُهْرِهِ سَوَاءٌ ذُو النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ وَغَيْرِهَا خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، إذْ مَانِعُ النَّجَاسَةِ شَيْءٌ وَاحِدٌ بِخِلَافِ تَقْدِيمِ نَحْوِ حَائِضٍ عَلَى جُنُبٍ، لِأَنَّ مَانِعَ الْحَيْضِ زَائِدٌ عَلَى مَانِعِ الْجَنَابَةِ ثُمَّ الْحَائِضُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ وَالنُّفَسَاءُ لِغِلَظِ حَدَثِهِمَا وَعَدَمِ خُلُوِّهِمَا عَنْ النَّجَاسَةِ غَالِبًا، وَلَوْ اجْتَمَعَتَا قُدِّمَ أَفْضَلُهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSلَيْسَتْ عَلَى الْفَوْرِ، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ وَقْتَهَا مَحْدُودُ الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ (قَوْلُهُ: لِتَقْصِيرِهِ إلَخْ) وَبِهَذَا فَارَقَ مَا لَوْ غُصِبَ مَاؤُهُ حَيْثُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ كَمَا مَرَّ مَعَ أَنَّ الْمَقْبُوضَ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ فِي حُكْمِ الْمَغْصُوبِ (قَوْلُهُ: بِبَيْعٍ جَائِزٍ) أَيْ شُرِطَ فِيهِ الْخِيَارُ لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ) أَيْ لَهَا وَقَعَ وَإِلَّا فَالنَّقْلُ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَا يَكَادُ يَخْلُو عَنْ مُؤْنَةٍ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ غُصِبَ مِنْهُ مَاءٌ بِأَرْضِ الْحِجَازِ ثُمَّ وَجَدَهُ بِمِصْرَ غَرَّمَهُ قِيمَةَ الْمَاءِ لَا مِثْلَهُ وَإِنْ كَانَ لَا قِيمَةَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ) غَايَةٌ لِمَا قَبْلُهُ (قَوْلُهُ: وَأَرَادَ الْوَارِثُ) عُطِفَ عَلَى كَانُوا وَلَوْ ذَكَرَهُ عَقِبَهُ وَأَبْدَلَ قَوْلَهُ تَغْرِيمُهُمْ مِثْلَهُ بِقَوْلِهِ: وَأَرَادَ الْوَارِثُ تَغْرِيمَهُمْ بَدَلَهُ لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ وَلَوْ دُونَ قِيمَتِهِ) أَيْ حَيْثُ لَا مُؤْنَةَ لِنَقْلِهِ إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ: لِسَبْقِهِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مَفْضُولًا (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُ إلَخْ) أَيْ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَبُولُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْمُتَنَجِّسُ) أَيْ الشَّخْصُ الْمُتَنَجِّسُ إلَخْ بَدَنًا أَوْ ثَوْبًا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ: إذْ لَا بَدَلَ لِطُهْرِهِ (قَوْلُهُ: قَدَّمَ أَفْضَلَهُمَا) قَضِيَّتُهُ تَقْدِيمُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ عَلَى الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ سَوَاءٌ وَجَبَ عَلَيْهِمَا الْقَضَاءُ أَمْ لَا، وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ حَيْثُ قَالَ: ثُمَّ مُتَنَجِّسٌ لِأَنَّ طُهْرَهُ لَا بَدَلَ لَهُ وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْأَصْلِ اهـ. لَكِنْ قَالَ حَجّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ فِيمَا لَوْ وَجَدَ مَاءً لَا يَكْفِيه مَا حَاصِلُهُ: أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ حَدَثَانِ سُنَّ تَقْدِيمُ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ لِيَرْتَفِعَ الْحَدَثَانِ عَنْهَا، ثُمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فِي الْقَدْرِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ) إنَّمَا لَمْ يُقَيَّدْ بِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا؛ لِأَنَّهُ صَوَّرَهَا بِاحْتِيَاجِهِ لِجَمِيعِ الْمَاءِ، فَلَوْ فُرِضَ احْتِيَاجُهُ لِلْبَعْضِ فَقَطْ فُسِخَ فِيهِ فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَالْمَسْأَلَتَانِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ (قَوْلُهُ: وَأَرَادَ الْوَارِثُ تَغْرِيمَهُمْ مِثْلَهُ) كَذَا فِي النُّسَخِ، وَيَجِبُ حَذْفُ لَفْظَةِ مِثْلِهِ لِإِفْسَادِهَا الْمَعْنَى، وَلَيْسَتْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ الَّذِي هَذِهِ عِبَارَتُهُ.

ثُمَّ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا مَعَ تَسَاوِيهِمَا، ثُمَّ الْجُنُبُ لِأَنَّ مَانِعَهُ أَغْلَظُ مِنْ مَانِعِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ، فَإِنْ كَفَى الْأَصْغَرُ فَقَدْ قُدِّمَ لِارْتِفَاعِ كَامِلِ حَدَثِهِ. (الثَّانِي) مِنْ الْأَسْبَابِ (أَنْ يُحْتَاجَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (إلَيْهِ) أَيْ الْمَاءِ (لِعَطَشِ) حَيَوَانٍ (مُحْتَرَمٍ) وَلَوْ غَيْرَ آدَمِيٍّ (وَلَوْ) كَانَتْ حَاجَتُهُ لَهُ (مَآلًا) أَيْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ صِيَانَةً لِلرُّوحِ وَنَحْوِهَا عَنْ التَّلَفِ لِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لَهُ، بِخِلَافِ طَهَارَةِ الْحَدَثِ وَسَوَاءٌ أَظَنَّ وُجُودَهُ فِي غَدِهِ أَمْ لَا فَلَهُ التَّيَمُّمُ، وَيَحْرُمُ تَطَهُّرُهُ بِهِ وَإِنْ قَلَّ حَيْثُ ظَنَّ وُجُودَ مُحْتَرَمٍ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فِي الْقَافِلَةِ وَإِنْ كَبِرَتْ وَخَرَجَتْ عَنْ الضَّبْطِ وَكَثِيرٌ يَجْهَلُونَ فَيَتَوَهَّمُونَ أَنَّ التَّطَهُّرَ بِالْمَاءِ قُرْبَةٌ حِينَئِذٍ، وَهُوَ خَطَأٌ قَبِيحٌ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الطَّهَارَةِ ثُمَّ جَمْعُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSإذَا أَحْدَثَ وَحَضَرَتْ صَلَاةٌ أُخْرَى وَمَعَهُ مَاءٌ لَا يَكْفِيه لِلْوُضُوءِ وَرَفْعِ جَنَابَةِ بَقِيَّةِ الْبَدَنِ غَسَلَ بَقِيَّةَ الْبَدَنِ عَنْ الْجَنَابَةِ وَتَيَمَّمَ عَنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ ثُمَّ قَالَ: نَعَمْ يَنْبَغِي أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي النَّجَسِ أَنَّ مَحَلَّ مَا ذَكَرَهُ فِيمَنْ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ فَمَنْ يَقْضِي يَتَخَيَّرُ اهـ. وَأَرَادَ بِمَا قَالُوهُ فِي النَّجَسِ مَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ وَجَدَ مُحْدِثٌ بِهِ أَوْ بِثَوْبِهِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ نَزْعُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ نَجَسٌ لَا يُعْفَى عَنْهُ مَاءً يَكْفِي أَحَدُهُمَا، فَقَدْ تَعَيَّنَ الْخَبَثُ إنْ كَانَ مُسَافِرًا لَا حَاضِرًا لِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ اهـ. ثُمَّ قَالَ فِيهِ: وَإِنَّمَا قَدَّمَ فِي الْإِيصَاءِ الْآتِي لِأَنَّهُ أَوْلَى بِالْإِزَالَةِ لِفُحْشِهِ وَجَبَ قَضَاءٌ أَمْ لَا اهـ. لَكِنْ تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ فِيمَنْ وَجَدَ مَاءً لَا يَكْفِيه أَنَّ الْمُعْتَمَدَ تَقْدِيمُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ عَلَى الْحَدَثِ سَوَاءٌ وَجَبَ الْقَضَاءُ أَمْ لَا، وَعَلَيْهِ فَتُقَدَّمُ الْجَنَابَةُ عَلَى الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَجَبَ الْقَضَاءُ أَمْ لَا خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ حَجّ (قَوْلُهُ: مَعَ تَسَاوِيهِمَا) الْأَوْلَى لِتُسَاوِيهِمَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَفَى الْأَصْغَرَ) أَيْ الْحَدَثَ الْأَصْغَرَ. (قَوْلُهُ: بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ) أَيْ لِيَشْمَلَ غَيْرَ مَالِكِهِ (قَوْلُهُ: لِعَطَشِ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: وَخَرَجَ بِالْمُحْتَرَمِ غَيْرُهُ فَلَا يَكُونُ عَطَشُهُ مُجَوِّزًا لِبَذْلِ الْمَاءِ لَهُ، وَهَلْ يُعْتَبَرُ الِاحْتِرَامُ فِي مَالِكِ الْمَاءِ أَيْضًا أَوَّلًا فَيَكُونُ أَحَقَّ بِمَائِهِ وَإِنْ كَانَ مُهْدَرًا لِزِنَاهُ مَعَ إحْصَانِهِ أَوْ غَيْرِهِ لِلنَّظَرِ فِيهِ مَجَالٌ، وَلَعَلَّ الثَّانِيَ أَقْرَبُ لِأَنَّا مَعَ ذَلِكَ لَا نَأْمُرُهُ بِقَتْلِ نَفْسِهِ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ قَتْلُهَا وَيُفَارِقُ مَا يَأْتِي فِي الْعَاصِي بِسَفَرِهِ بِقُدْرَةِ ذَاكَ عَلَى التَّوْبَةِ وَهِيَ تُجَوِّزُ تَرَخُّصَهُ وَتَوْبَةُ هَذَا لَا تَمْنَعُ إهْدَارَهُ. نَعَمْ إنْ كَانَ إهْدَارُهُ يَزُولُ بِالتَّوْبَةِ كَتَرْكِهِ الصَّلَاةَ بِشَرْطِهِ لَمْ يَبْعُدْ أَنْ يَكُونَ كَالْعَاصِي بِسَفَرِهِ فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِمَائِهِ إلَّا إنْ تَابَ، عَلَى أَنَّ الزَّرْكَشِيَّ اسْتَشْكَلَ عَدَمَ حَلِّ بَذْلِ الْمَاءِ لِغَيْرِ الْمُحْتَرَمِ بِأَنَّ عَدَمَ احْتِرَامِهِ لَا يُجَوِّزُ عَدَمَ سَقْيِهِ وَإِنْ قُتِلَ شَرْعًا. لِأَنَّا مَأْمُورُونَ بِإِحْسَانِ الْقَتْلَةِ بِأَنْ نَسْلُكَ أَسْهَلَ طُرُقِ الْقَتْلِ وَلَيْسَ الْعَطَشُ وَالْجُوعُ مِنْ ذَلِكَ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَجِبُ أَنْ لَوْ مَنَعْنَاهُ الْمَاءَ مَعَ عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ. وَأَمَّا مَعَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ لِلطُّهْرِ فَلَا مَحْذُورَ لِمَنْعِهِ إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بِهِ فِي الْجَوَابِ سم عَلَى حَجّ. (فَرْعٌ) ظَاهِرُ قَوْلِهِمْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ كَوْنُ نَحْوِ ثَمَنِ الْمَاءِ فَاضِلًا عَنْ مُؤْنَةِ حَيَوَانِهِ الْمُحْتَرَمِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ مُحْتَاجًا إلَى ذَلِكَ الْحَيَوَانِ أَوْ لَا، وَقَدْ قَيَّدُوا الْمَسْكَنَ وَالْخَادِمَ بِالْمُحْتَاجِ إلَيْهِمَا فَلْيُحَرَّرْ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمَانِعَ هُنَا خَوْفُ هَلَاكِهِ وَهُوَ مَوْجُودٌ اتَّحَدَ الْحَيَوَانُ أَوْ تَعَدَّدَ، وَالْكَلَامُ ثَمَّ فِيمَا لَوْ احْتَاجَ لِبَيْعِ الْخَادِمِ وَالْمَسْكَنِ لِطَهَارَتِهِ فَلَا جَامِعَ بَيْنَهُمَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُ سم أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهُ حَيَوَانَاتٌ زَائِدَةٌ عَلَى حَاجَتِهِ وَأَمْكَنَ بَيْعُهَا لِمَنْ يَسْقِيهَا لَا يُكَلَّفُ بَيْعَهَا بَلْ يَسْقِيهَا مَا يَحْتَاجُ إلَى طَهَارَتِهِ بِهِ وَيَتَيَمَّمُ فَيَأْتِي الْإِشْكَالُ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ إنْ فُرِضَ ذَلِكَ كُلِّفَ بَيْعَهُ وَيُسْتَعْمَلُ الْمَاءُ فِي الطَّهَارَةِ، وَحِينَئِذٍ تَكُونُ هَذِهِ مِنْ أَفْرَادِ مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَاءِ فَاضِلًا عَمَّا يُحْتَاجُ إلَيْهِ وَهَذَا مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ أَظَنَّ إلَخْ) فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَا قَالَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ لُقِيُّ الْمَاءِ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ لِلْعَطَشِ لَوْ اسْتَعْمَلَ مَا مَعَهُ لَزِمَهُ اسْتِعْمَالُهُ اهـ. وَمَا قَالَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ لَا بُعْدَ فِيهِ، بَلْ قَدْ يُقَالُ إنَّهُ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ وُجُودُهُ لَا يَكُونُ مُحْتَاجًا إلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ خَطَأٌ قَبِيحٌ) أَيْ وَيَكُونُ كَبِيرَةً فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لِلشُّرْبِ لِأَنَّ النَّفْسَ تَعَافُهُ، وَيَلْحَقُ بِالْمُسْتَعْمَلِ كُلُّ مُسْتَقْذَرٍ عُرْفًا، بِخِلَافِ مُتَغَيِّرٍ بِنَحْوِ مَاءِ وَرْدٍ، نَعَمْ لَوْ احْتَاجَهُ لِعَطَشِ بَهِيمَةٍ فَالْأَوْجَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُمْ لُزُومُ ذَلِكَ لِانْتِفَاءِ الْعِيَافَةِ، وَلَا يَتَيَمَّمُ لِعَطَشٍ أَوْ مَرَضٍ عَاصٍ بِسَفَرِهِ حَتَّى يَتُوبَ، فَإِنْ شَرِبَ الْمَاءَ ثُمَّ تَيَمَّمَ لَمْ يُعِدْ، وَلَا يَتَيَمَّمُ لِاحْتِيَاجِهِ لَهُ لِغَيْرِ الْعَطَشِ مَآلًا كَبَلِّ كَعْكٍ وَفَتِيتٍ وَطَبْخِ لَحْمٍ، بِخِلَافِ حَاجَتِهِ لِذَلِكَ حَالًا فَلَهُ التَّيَمُّمُ مِنْ أَجْلِهَا، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ كَلَامُ مَنْ أَطْلَقَ أَنَّهُ كَالْعَطَشِ وَالْقَائِلُ بِعَدَمِ جَوَازِ التَّيَمُّمِ مَعَ حُضُورِهِ عَلَى الْحَاجَةِ الْمَآلِيَّةِ، وَلِلظَّامِئِ غَصْبُ الْمَاءِ مِنْ مَالِكٍ غَيْرِ ظَامِئٍ وَمُقَاتَلَتُهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ قُتِلَ هَدَرٌ أَوْ الظَّامِئُ ضَمِنَهُ، وَلَوْ احْتَاجَ مَالِكُ مَاءٍ إلَيْهِ مَآلًا وَثَمَّ مَنْ يَحْتَاجُهُ حَالًا لَزِمَهُ بَذْلُهُ لَهُ لِتَحَقُّقِ حَاجَتِهِ، وَمَنْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ حَاجَةَ غَيْرِهِ لَهُ مَآلًا لَزِمَهُ التَّزَوُّدُ لَهُ إنْ قَدَرَ، وَإِذَا تَزَوَّدَ لِلْمَآلِ فَفَضَلَتْ فَضْلَةٌ فَإِنْ سَارُوا عَلَى الْعَادَةِ وَلَمْ يَمُتْ مِنْهُمْ أَحَدٌ فَالْقَضَاءُ وَإِلَّا فَلَا، وَمَنْ مَعَهُ فِي الْوَقْتِ مَاءَانِ طَاهِرٌ وَنَجَسٌ وَبِهِ ظَمَأٌ أَوْ يَتَوَقَّعُهُ تَيَمَّمَ وَشَرِبَ الطَّاهِرَ وَلَا يَجُوزُ لَهُ شُرْبُ النَّجَسِ وَخَرَجَ بِالْمُحْتَرَمِ غَيْرُهُ كَمَا مَرَّ، وَضَابِطُ الْعَطَشِ الْمُبِيحِ لِلتَّيَمُّمِ مَا يَأْتِي فِي خَوْفِ الْمَرَضِ وَنَحْوِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي بَذْلِهِ إنْقَاذًا مِنْ الْهَلَاكِ، وَتَرْكُهُ فِيهِ تَسَبُّبٌ لِإِهْلَاكِ مَنْ عَلِمَ احْتِيَاجَهُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: كُلُّ مُسْتَقْذَرٍ عُرْفًا) أَيْ فَلَا يُكَلَّفُ اسْتِعْمَالَهُ فِيهِ: أَيْ فِي الْأَمْرِ الْمُسْتَقْذَرِ مِنْهُ ثُمَّ جَمَعَهُ: أَيْ لِلشُّرْبِ مِنْهُ لِأَنَّ النَّفْسَ تَعَافُهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مَعَهُ مُسْتَقْذَرٌ وَطَهُورٌ لَا يُكَلَّفُ شُرْبَ الْمُسْتَقْذَرِ وَاسْتِعْمَالَ الطُّهُورِ. وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ مُتَغَيِّرٍ بِنَحْوِ إلَخْ: أَيْ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ شُرْبُهُ وَيَتَوَضَّأُ بِالطَّهُورِ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الْعِيَافَةِ) وَمِثْلُ الدَّابَّةِ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ: أَيْ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ فِي الْمُسْتَقْذَرِ الطَّاهِرِ لَا فِي النَّجَسِ اهـ حَجّ. وَبَقِيَ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ الْمُحْتَاجُ لِلْمَاءِ حَاضِرًا هَلْ يَلْزَمُ مَنْ مَعَهُ الْمَاءُ اسْتِعْمَالُهُ وَجَمْعُهُ وَدَفْعُهُ لَهُ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ أَمْ لَا؟ لِأَنَّ مَنْ شَأْنُهُ أَنَّهُ مُسْتَقْذَرٌ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ الثَّانِي، وَلَوْ قِيلَ بِالْأَوَّلِ مَعَ غُرْمِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ قِيمَتِهِ مُسْتَعْمَلًا وَغَيْرَ مُسْتَعْمَلٍ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا فَلْيُرَاجَعْ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمَالِكُ مَعَ حُضُورِهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ بَذْلُ الْمَاءِ لِطَهَارَةِ غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَبَلِّ كَعْكٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَسْهُلْ اسْتِعْمَالُهُ إلَّا بِالْبَلِّ، وَصَرَّحَ حَجّ بِخِلَافِهِ فَقَيَّدَهُ بِمَا لَمْ يَعْسَرْ اسْتِعْمَالُهُ اهـ وَأَخَذَ سم عَلَيْهِ بِمُقْتَضَاهُ فَقَالَ لَوْ عَسِرَ اسْتِعْمَالُهُ بِدُونِ الْبَلِّ كَانَ كَالْعَطَشِ اهـ (قَوْلُهُ: مِنْ مَالِكٍ غَيْرِ ظَامِئٍ) أَيْ بِقَرِينَةٍ: دَالَّةٍ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ بَذْلُهُ لَهُ إلَخْ) أَيْ وَيُقَدَّمُ الْآدَمِيُّ عَلَى الدَّابَّةِ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ أَشْرَفَتْ سَفِينَةٌ عَلَى الْغَرَقِ مِنْ إلْقَاءِ الدَّوَابِّ لِنَجَاةِ الْآدَمِيِّينَ، وَهَلْ يُقَدَّمُ الْآدَمِيُّ عَلَى الدَّابَّةِ وَلَوْ عَلِمَ هَلَاكُهَا وَانْقِطَاعُهُ عَنْ الرُّفْقَةِ وَتَوَلَّدَ الضَّرَرُ لَهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ خَشْيَةَ الضَّرَرِ مُسْتَقْبَلَةٌ وَقَدْ لَا تَحْصُلُ فَقُدِّمَتْ الْحَاجَةُ الْحَالِيَّةُ عَلَيْهَا، وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ أَنَّهُ يُؤْثَرُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ حَالًا وَإِنْ أَخْبَرَهُ مَعْصُومٌ بِأَنَّهُ لَا يَجِدُ الْمَاءَ فِي الْمَآلِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: فَالْقَضَاءُ) أَيْ لَمَّا كَانَتْ تَكْفِيه تِلْكَ الْفَضْلَةُ بِاعْتِبَارِ عَادَتِهِ الْغَالِبَةِ فِيمَا يَظْهَرُ حَجّ وَرَدَّهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ فَقَالَ: يَجِبُ الْقَضَاءُ: أَيْ لِجَمِيعِ الصَّلَوَاتِ السَّابِقَةِ لَا لِمَا تَكْفِيه تِلْكَ الْفَضْلَةُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ اهـ. أَقُولُ: وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا يَصْدُقُ عَلَيْهَا أَنَّهَا فُعِلَتْ وَمَعَهُمْ مَاءٌ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ، فَوُجُوبُ قَضَاءِ الْأُولَى أَوْ الْأَخِيرَةِ وَهُوَ مَا اسْتَقَرَّ بِهِ سم مِنْ احْتِمَالَيْنِ أَبْدَاهُمَا فِي كَلَامِ حَجّ تَحْكُمُ (قَوْلُهُ: مَا يَأْتِي فِي خَوْفِ الْمَرَضِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيُلْحَقُ بِالْمُسْتَعْمَلِ كُلُّ مُسْتَقْذَرٍ عُرْفًا إلَخْ) لَعَلَّ الصُّورَةَ أَنَّ مَعَهُ مَاءَيْنِ أَحَدُهُمَا مُسْتَقْذَرٌ عُرْفًا: أَيْ لَا يَصِحُّ الطُّهْرُ بِهِ لِتَغَيُّرِهِ بِمَا يَضُرُّ، وَالْآخَرُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ شُرْبُ الْمُسْتَقْذَرِ وَالتَّطَهُّرُ بِالْآخَرِ، بِخِلَافِ مَاءِ الْوَرْدِ فَيَلْزَمُهُ شُرْبُهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَالطُّهْرُ بِالْآخَرِ، وَيَدُلُّ لَهُ مَا ذَكَرَهُ بَعْدُ، وَفِي التُّحْفَةِ مِثْلُهُ وَكَتَبَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ مَا يَدُلُّ لِذَلِكَ أَيْضًا (قَوْلُهُ: أَوْ مَرِضَ) أَيْ عَصَى بِهِ فَلَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَسْأَلَةِ السَّفَرِ (قَوْلُهُ: عَاصٍ بِسَفَرِهِ) أَيْ أَوْ مَرَضِهِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا) أَيْ الشِّقِّ الثَّانِي مِنْ التَّفْصِيلِ، وَهُوَ احْتِيَاجُهُ إلَيْهِ لِذَلِكَ حَالًا، فَقَوْلُهُ، وَالْقَائِلُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَنْ أَطْلَقَ، وَالتَّقْدِيرُ:

(الثَّالِثُ) مِنْ الْأَسْبَابِ (مَرَضٌ يُخَافُ مَعَهُ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ) أَيْ الْمَاءِ (عَلَى مَنْفَعَةِ عُضْوٍ) أَيْ كَعَمًى وَصَمَمٍ وَخَرَسٍ وَشَلَلٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى} [المائدة: 6] الْآيَةُ، وَلِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَجُلًا أَصَابَهُ جُرْحٌ عَلَى عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ أَصَابَهُ احْتِلَامٌ، فَأُمِرَ بِالِاغْتِسَالِ فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ فَقَالَ: قَتَلُوهُ قَاتَلَهُمْ اللَّهُ، أَوَلَمْ يَكُنْ شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالَ؟» وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْمَرَضُ الْمَذْكُورُ حَاصِلًا عِنْدَهُ، وَلَكِنْ خَافَ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الْإِفْضَاءَ إلَيْهِ تَيَمَّمَ أَيْضًا قِيَاسًا عَلَى الْحَاصِلِ وَتَعْبِيرُهُ بِمَنْفَعَةِ عُضْوٍ يُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ زَوَالِهَا بِالْكُلِّيَّةِ كَمَا سَبَقَ وَنَقْصِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا الْجَوَازُ عِنْدَ الْخَوْفِ عَلَى نَفْسٍ أَوْ سُقُوطِ عُضْوٍ بِالْأَوْلَى، فَلِذَلِكَ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِمَا فِي الْمُحَرَّرِ. نَعَمْ مَتَى عَصَى بِسَبَبِ الْمَرَضِ تَوَقَّفَتْ صِحَّةُ تَيَمُّمِهِ عَلَى تَوْبَتِهِ لِتَعَدِّيهِ وَالْعُضْوُ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا (وَكَذَا بُطْءُ الْبُرْءِ) وَهُوَ طُولُ مُدَّةِ الْمَرَضِ وَإِنْ لَمْ يَزِدْ الْأَلَمُ وَكَذَا زِيَادَةُ الْعِلَّةِ وَهُوَ إفْرَاطُ الْأَلَمِ وَكَثْرَةُ الْمِقْدَارِ وَإِنْ لَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ (أَوْ الشَّيْنُ الْفَاحِشُ) مِنْ نَحْوِ تَغَيُّرِ لَوْنٍ وَنُحُولٍ وَاسْتِحْشَافٍ وَثُغْرَةٍ تَبْقَى وَلَحْمَةٍ تَزِيدُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَمِنْهُ أَنَّهُ لَا يَشْرَبُهُ إلَّا بَعْدَ إخْبَارِ طَبِيبٍ عَدْلٍ بِأَنَّ عَدَمَ الشُّرْبِ يَتَوَلَّدُ مِنْهُ مَحْذُورٌ تَيَمَّمَ. (قَوْلُهُ: يَخَافُ مَعَهُ) شَمِلَ تَعْبِيرُهُ بِالْخَوْفِ مَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ التَّوَهُّمِ أَوْ عَلَى سَبِيلِ النُّدْرَةِ كَأَنْ قَالَ لَهُ: الْعَدْلُ قَدْ يَخْشَى مِنْهُ التَّلَفَ (قَوْلُهُ عَلَى مَنْفَعَةِ عُضْوٍ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا عَمِيرَةُ وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَتَعْبِيرُهُ بِمَنْفَعَةِ عُضْوٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَأَمَرَ بِالِاغْتِسَالِ) أَيْ مِنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ لِظَنِّهِ أَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَكْفِي وَأَنَّ الْغُسْلَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: «قَاتَلَهُمْ اللَّهُ» ) فِي حَجّ «قَتَلَهُمْ اللَّهُ» اهـ. وَلَا يُشْكِلُ هَذَا الدُّعَاءُ وَأَمْثَالُهُ فَإِنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِهَا حَقِيقَتُهَا بَلْ يُقْصَدُ بِهَا التَّنْفِيرُ (قَوْلُهُ: «أَوْ لَمْ يَكُنْ شِفَاءُ الْعَيِّ» ) أَيْ أَوْ لَمْ يَكُنْ اهْتِدَاءُ الْجَاهِلِ السُّؤَالَ، وَالْمَعْنَى: أَوْ لَمْ يَكُنْ سَبَبُ اهْتِدَاءِ الْجَاهِلِ السُّؤَالَ، وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ الْعَيُّ ضِدُّ الْبَيَانِ، وَقَدْ عَيَّ فِي مَنْطِقِهِ فَهُوَ عَيٌّ عَلَى فَعْلٌ إلَى أَنْ قَالَ: وَعَيَّ بِأَمْرِهِ عَيًّا إذَا لَمْ يَهْتَدْ لِوَجْهِهِ (قَوْلُهُ: وَنَقَصَهَا) أَيْ نَقْصًا يَظْهَرُ بِهِ خَلَلٌ عَادَةً (قَوْلُهُ: نَعَمْ مَتَى عَصَى إلَخْ) هَذِهِ عُلِمَتْ بِالْأُولَى مِنْ قَوْلِهِ قُبَيْلَ الثَّالِثِ وَلَا يَتَيَمَّمُ لِعَطَشٍ أَوْ مَرَضٍ عَاصٍ بِسَفَرِهِ حَتَّى يَتُوبَ (قَوْلُهُ: بُطْءُ الْبُرْءِ) بِضَمِّ الْبَاءِ وَفَتْحِهَا فِيهِمَا حَجّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ طُولُ مُدَّةِ الْمَرَضِ) أَيْ مُدَّةً يَحْصُلُ فِيهَا نَوْعُ مَشَقَّةٍ وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْرِقْ وَقْتَ صَلَاةٍ أَخَذَا مِنْ إطْلَاقِهِمْ وَهُوَ الظَّاهِرُ الْمُتَعَيَّنُ (قَوْلُهُ: مُدَّةُ الْمَرَضِ) فَسَّرَهُ الْمَحَلِّيُّ بِقَوْلِهِ: أَيْ طُولَ مُدَّتِهِ. أَقُولُ: وَعِبَارَةُ م ر أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ لِأَنَّ طُولَ مُدَّةِ الْبُرْءِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُحَشِّينَ مَعْنَاهُ اسْتِمْرَارُ السَّلَامَةِ زَمَانًا طَوِيلًا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى لَيْسَ مُرَادًا، وَقَدْ يُجَابُ عَنْ الْمَحَلِّيِّ بِأَنَّ الْمُرَادَ طُولُ الْمُدَّةِ الَّتِي يَعْقُبُهَا الْبُرْءُ، وَالْإِضَافَةُ يَكْفِي فِيهَا أَدْنَى مُلَابَسَةٍ (قَوْلُهُ: إفْرَاطُ الْأَلَمِ) أَيْ زِيَادَتُهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يُحْتَمَلَ عَادَةً، بِخِلَافِ أَلَمٍ يَسِيرٍ فَلَا أَثَرَ لَهُ اهـ حَجّ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي كَوْنِ الْأَلَمِ أَوْ زِيَادَتِهِ مُبِيحًا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ حُصُولُهُ حَالَةَ الِاسْتِعْمَالِ بِسَبَبِ الْجُرْحِ وَبَيْنَ كَوْنِ الْأَلَمِ يَنْشَأُ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ وَلَمْ يَكُنْ حَاصِلًا قَبْلُ، لَكِنْ فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ وَزِيَادَةُ الْأَلَمِ كَذَا فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَلَا يُبِيحُهُ التَّأَلُّمُ بِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ لِجُرْحٍ أَوْ بَرْدٍ لَا يَخَافُ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ مَعَهُ مَحْذُورًا فِي الْعَاقِبَةِ اهـ. وَالتَّأَلُّمُ بِالِاسْتِعْمَالِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْشَأَ أَلَمٌ مِنْهُ لَا عِبْرَةَ بِهِ، بِخِلَافِ التَّأَلُّمِ النَّاشِئِ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ فَتَدَبَّرْ، وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ: أَوْ زِيَادَةُ الْعِلَّةِ وَهِيَ إفْرَاطُ الْأَلَمِ (قَوْلُهُ وَكَثْرَةُ الْمِقْدَارِ) أَيْ بِأَنْ انْتَشَرَ الْأَلَمُ مِنْ مَوْضِعِهِ لِمَوْضِعٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: وَثُغْرَةٌ تَبْقَى وَلُحْمَةٌ تَزِيدُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ صِغَرَ كُلٌّ مِنْ اللُّحْمَةِ وَالثُّغْرَةِ، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ لِأَنَّ مُجَرَّدَ وُجُودِهِمَا فِي الْعُضْوِ يُورِثُ شَيْنًا، وَلَعَلَّ هَذَا الظَّاهِرَ غَيْرُ مُرَادٍ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ بَيَانٌ لِلشَّيْنِ وَهُوَ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ بِمُجَرَّدِهِ التَّيَمُّمُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيُحْمَلُ كَلَامُ الْقَائِلِ بِعَدَمِ جَوَازِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَتَعْبِيرُهُ بِمَنْفَعَةِ عُضْوٍ يُؤْخَذُ مِنْهُ إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ إطْلَاقِ الْخَوْفِ لَا مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْعُضْوِ. (قَوْلُهُ: وَكَثْرَةُ الْمِقْدَارِ) الْوَاوُ لِلتَّقْسِيمِ

(فِي عُضْوٍ ظَاهِرٍ فِي الْأَظْهَرِ) لِإِطْلَاقِ الْمَرَضِ فِي الْآيَةِ، وَلِأَنَّ مَشَقَّةَ الزِّيَادَةِ وَالْبُطْءِ فَوْقَ مَشَقَّةِ طَلَبِ الْمَاءِ مِنْ فَرْسَخٍ، وَضَرَرُ الشَّيْنِ الْمَذْكُورِ فَوْقَ ضَرَرِ الزِّيَادَةِ الْيَسِيرَةِ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِ الْمَاءِ. وَاحْتَرَزَ عَنْ الْيَسِيرِ وَلَوْ عَلَى عُضْوٍ ظَاهِرٍ كَأَثَرِ جُدَرِيٍّ وَسَوَادٍ قَلِيلٍ، وَعَنْ الْفَاحِشِ بِعُضْوٍ بَاطِنٍ وَهُوَ مَا يُعَدُّ كَشْفُهُ هَتْكًا لِلْمُرُوءَةِ بِأَنْ لَا يَبْدُوَ فِي الْمِهْنَةِ غَالِبًا، وَالظَّاهِرُ بِخِلَافِهِ فَلَا أَثَرَ لِخَوْفِ ذَلِكَ فِيهِمَا إذْ لَيْسَ فِيهِمَا كَبِيرُ ضَرَرٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ الْمُتَطَهِّرِ قَدْ يَكُونُ رَقِيقًا وَلَوْ أَمَةً حَسْنَاءَ فَتَنْقُصُ قِيمَتُهُ بِذَلِكَ نَقْصًا فَاحِشًا، وَيُفَارِقُ عَدَمَ وُجُوبِ بَذْلِ فَلْسٍ زَائِدٍ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِ الْمَاءِ كَمَا مَرَّ بِأَنَّ الْخُسْرَانَ ثَمَّ مُحَقَّقٌ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَقَضِيَّتُهُ جَوَازُ التَّيَمُّمِ عِنْدَ تَحَقُّقِ النَّقْصِ. وَرُدَّ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِي الظَّاهِرِ أَيْضًا وَلَمْ يَقُولُوا بِهِ وَلَيْسَ فِي مَحَلِّهِ لِأَنَّ الِاسْتِشْكَالَ فِيهِ أَيْضًا، وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا أَيْضًا بِأَنَّهُ إنَّمَا أَمَرْنَاهُ هُنَا بِالِاسْتِعْمَالِ وَإِنْ تَحَقَّقَ نَقْصٌ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ تَعَالَى بِالطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ فَلَمْ نَعْتَبِرْ حَقَّ السَّيِّدِ لِدَلِيلِ مَا لَوْ تَرَكَ الصَّلَاةَ فَإِنَّا نَقْتُلُهُ بِهِ وَإِنْ فَاتَ حَقُّهُ بِالْكُلِّيَّةِ، بِخِلَافِ بَذْلِ الزِّيَادَةِ، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ مَا أَطْلَقُوهُ بِأَنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ تَأْثِيرِ الْقَلِيلِ فِي الظَّاهِرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبَلْ إنْ كَانَ فَاحِشًا تَيَمَّمَ أَوْ يَسِيرًا فَلَا، وَالْوَاوُ فِيهِ وَفِيمَا قَبْلَهُ بِمَعْنَى أَوْ وَبِهَا عَبَّرَ حَجّ (قَوْلُهُ: فِي عُضْوٍ ظَاهِرٍ) يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ التَّفْصِيلُ السَّابِقُ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ فِي احْتِيَاجِهِ لِعَطَشِ الْمُحْتَرَمِ مِنْ أَنَّهُ تَارَةً يَكُونُ الْمَاءُ مَعَهُ وَتَارَةً يَكُونُ مَعَ غَيْرِهِ فَيُسَوَّى بَيْنَ النَّفْسِ وَالْعُضْوِ. وَقَالَ حَجّ: وَظَاهِرُ تَقْيِيدِ نَحْوِ الْعُضْوِ هُنَا بِالْمُحْتَرَمِ لَيَخْرُجَ نَحْوُ يَدٍ تَحَتَّمَ قَطْعُهَا لِسَرِقَةٍ، أَوْ مُحَارَبَةٍ بِخِلَافِ وَاجِبَةِ الْقَطْعِ لِقَوَدٍ لِاحْتِمَالِ الْعَفْوِ اهـ. وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمَالِكَ لَيْسَ مُحْتَرَمًا فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَقَدْ مَرَّ عَنْ سم أَنَّ الْأَقْرَبَ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: وَاحْتَرَزَ) أَيْ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ تَقْيِيدِ الشَّيْنِ بِالْفَاحِشِ وَكَوْنِهِ فِي عُضْوٍ ظَاهِرٍ (قَوْلُهُ: جُدَرِيٌّ) الْجُدَرِيُّ بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ الدَّالِ وَالْجُدَرِيُّ بِفَتْحِهِمَا لُغَتَانِ اهـ مُخْتَارُ (قَوْلُهُ: هَتْكًا لِلْمُرُوءَةِ) بِضَمِّ الْمِيمِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ بِضَبْطِ الْقَلَمِ. وَقَالَ التِّلْمِسَانِيُّ عَلَى السُّنَنِ: الْمُرُوءَةِ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا وَبِالْهَمْزِ وَتَرْكِهِ مَعَ إبْدَالِهَا وَاوًا مَلَكَةٌ نَفْسَانِيَّةٌ. وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ فِي شَرْحِ الشِّفَاءِ: الْمُرُوءَةُ فُعُولَةٌ بِالضَّمِّ مَهْمُوزٌ قَدْ تُبْدَلُ هَمْزَتُهُ وَاوًا وَتُدْغَمُ وَتُسَهَّلُ بِمَعْنَى الْإِنْسَانِيَّةِ، لِأَنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْمَرْءِ وَهِيَ تَعَاطِي الْمَرْءِ مَا يَسْتَحْسِنُ وَتَجَنُّبُ مَا يُسْتَرْذَلُ كَالْحِرَفِ الدَّنِيئَةِ وَالْمَلَابِسِ الْخَسِيسَةِ وَالْجُلُوسِ فِي الْأَسْوَاقِ اهـ. وَفِي تَقْرِيبِ التَّقْرِيبِ لِابْنِ صَاحِبِ الْمِصْبَاحِ نُورِ الدِّينِ خَطِيبِ الدَّهْشَةِ مَا نَصُّهُ: مَرُؤَ الرَّجُلُ بِالضَّمِّ مُرُوءَةً كَسُهُولَةٍ وَقَدْ يُسَهَّلُ وَتُشَدَّدُ وَاوُهُ، أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَاوَ وَالْيَاءَ إذَا زِيدَتَا وَوَقَعَ بَعْدَهُمَا هَمْزَةٌ أُبْدِلَتْ مِنْ جِنْسِ مَا قَبْلَهَا وَاوًا أَوْ يَاءً إلَخْ، ثُمَّ تُدْغَمُ فِيهَا الْوَاوُ وَالْيَاءُ حَسُنَتْ هَيْئَتُهُ وَعَفَافُهُ عَمَّا لَا يَحِلُّ لَهُ (قَوْلُهُ: الْمِهْنَةُ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ الْمَهْنَةُ بِالْفَتْحِ الْخِدْمَةُ، وَحَكَى أَبُو زَيْدٍ وَالْكِسَائِيُّ الْمِهْنَةُ بِالْكَسْرِ، وَأَنْكَرَهُ الْأَصْمَعِيُّ وَفِي الْخَطِيبِ وَحُكِيَ ضَمُّهَا أَيْضًا اهـ. وَفِي الْقَامُوسِ: الْمِهْنَةُ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ وَالتَّحْرِيكِ وَكَكَلِمَةِ الْحِذْقِ بِالْخِدْمَةِ وَالْعَمَلِ، يُقَالُ مَهَنَهُ كَمَنَعَهُ وَنَصَرَهُ مِهَنًا وَمِهْنَةً وَبِكَسْرٍ: خَدَمَهُ وَضَرَبَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَامْتَهَنَهُ اسْتَعْمَلَهُ لِلْمِهْنَةِ، فَامْتَهَنَ لَازِمٌ مُتَعَدٍّ: أَيْ فِي مُطَاوِعِهِ بِكَسْرِ الْوَاوِ لَازِمٌ، وَقَوْلُهُ مُتَعَدٍّ: أَيْ فِي مُطَاوَعِهِ بِفَتْحِ الْوَاوِ كَمَا تَقُولُ كَسْرَتُهُ فَانْكَسَرَ وَجَذَبْته فَانْجَذَبَ، وَلَيْسَ اللُّزُومُ وَالتَّعَدِّي فِي الْفِعْلِ حَالَةَ كَوْنِهِ بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ الْمُتَطَهِّرِ إلَخْ) غَرَضُهُ مِنْهُ الرَّدُّ عَلَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ هُنَا) وَقَدْ يُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّ الْخُسْرَانَ فِي مَسْأَلَةِ الشِّرَاءِ رَاجِعٌ إلَى الْمُسْتَعْمِلِ وَهُوَ مَالِكُ الْمَاءِ وَلَا كَذَلِكَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ اهـ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِ الْإِسْلَامِ بِهَامِشِ الدَّمِيرِيِّ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ: بِأَنَّ الْخُسْرَانَ ثَمَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ إلَخْ) أَيْ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ جَوَازِ التَّيَمُّمِ عِنْدَ تَحَقُّقِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِي مَحَلِّهِ) أَيْ الرَّدُّ بِتَأَتِّي مِثْلِهِ فِي الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ: تَوْجِيهُ مَا أَطْلَقُوهُ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلْخَوْفِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَلَا أَثَرَ لِخَوْفِ ذَلِكَ فِيهِمَا) يَعْنِي فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَالْإِشَارَةُ بِذَلِكَ لِلْمُحْتَرَزَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ، وَالضَّمِيرُ فِيهِمَا الثَّانِي لِذَيْنِك الْمُحْتَرَزَيْنِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِي الظَّاهِرِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّيْنِ الْيَسِيرِ (قَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ تَعَالَى بِالطَّهَارَةِ)

وَالْكَثِيرِ فِي الْبَاطِنِ، بِخِلَافِ الْكَثِيرِ فِي الظَّاهِرِ، فَأَنَاطُوا الْأَمْرَ بِالْغَالِبِ فِيهِمَا وَلَمْ يُعَوِّلُوا عَلَى خِلَافِهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَذْلٍ زَائِدٍ عَلَى الثَّمَنِ بِأَنَّ هَذَا يُعَدُّ غَبْنًا فِي الْمُعَامَلَةِ وَلَا يَسْمَحُ بِهَا أَهْلُ الْعَقْلِ، كَمَا جَاءَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ كَانَ يَشِحُّ فِيهَا بِالتَّافِهِ وَيَتَصَدَّقُ بِالْكَثِيرِ، فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ: ذَاكَ عَقْلِي وَهَذَا جُودِي. وَالثَّانِي لَا يَتَيَمَّمُ لِذَلِكَ لِانْتِفَاءِ التَّلَفِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ إنَّمَا يَتَيَمَّمُ إنْ أَخْبَرَهُ بِكَوْنِهِ يَحْصُلُ مِنْهُ ذَلِكَ وَبِكَوْنِهِ مَخُوفًا طَبِيبٌ مَقْبُولُ الرِّوَايَةِ وَلَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً أَوْ عَرَفَ هُوَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ، وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ التَّيَمُّمُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ السِّنْجِيِّ وَأَقَرَّهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ جَزَمَ الْبَغَوِيّ بِأَنَّهُ يَتَيَمَّمُ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّهُ يَدُلُّ لَهُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ فِي الْأَطْعِمَةِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْمُضْطَرَّ إذَا خَافَ مِنْ الطَّعَامِ الْمُحْضَرِ إلَيْهِ أَنَّهُ مَسْمُومٌ جَازَ لَهُ تَرْكُهُ وَالِانْتِقَالُ إلَى الْمَيْتَةِ اهـ. فَقَدْ فَرَّقَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَيْنَهُمَا بِأَنَّ ذِمَّتَهُ هُنَا اشْتَغَلَتْ بِالطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ فَلَا تَبْرَأُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِدَلِيلٍ وَلَا كَذَلِكَ أَكْلُ الْمَيْتَةِ، وَفِي كَلَامِ ابْنِ الْعِمَادِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ (وَشِدَّةُ الْبَرْدِ كَمَرَضٍ) أَيْ فِي أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ إنْ خَافَ شَيْئًا مِمَّا مَرَّ وَلَمْ يَجِدْ مَا يُسَخِّنُ بِهِ الْمَاءَ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي الْيَسِيرِ وَلَا فِي الْفَاحِشِ بِالْبَاطِلِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ فَلَا أَثَرَ لِخَوْفِ ذَلِكَ فِيهِمَا. (قَوْلُهُ: أَهْلُ الْعَقْلِ) أَيْ حَيْثُ فَعَلُوا ذَلِكَ جَهْلًا بِالْقِيمَةِ، أَمَّا لَوْ فَعَلُوا ذَلِكَ مَعَ فَقِيرٍ مُحَابَاةً فَهُوَ مِنْ الصَّدَقَةِ الْخَفِيَّةِ وَفَاعِلُهَا مَحْمُودٌ لَا مَذْمُومٌ (قَوْلُهُ: يَشِحُّ فِيهَا) أَيْ الْمُعَامَلَةَ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ التَّلَفِ) أَيْ لِشَيْءٍ مِنْ مَنْفَعَةِ الْوُضُوءِ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ لِنُقْصَانِ الْمَنْفَعَةِ قَطْعًا (قَوْلُهُ: طَبِيبٌ) فَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِخْبَارِ إلَّا بِأُجْرَةٍ وَجَبَ دَفْعُهَا لَهُ إنْ كَانَ فِي الْإِخْبَارِ كُلْفَةٌ كَأَنْ احْتَاجَ فِي إخْبَارِهِ إلَى سَعْيٍ حَتَّى يَصِلَ لِلْمَرِيضِ، أَوْ لِتَفْتِيشِ كُتُبٍ لِيُخْبِرَهُ بِمَا يَلِيقُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ كُلْفَةٌ كَأَنْ حَصَلَ مِنْهُ الْجَوَابُ بِكَلِمَةٍ لَا تُتْعِبُ لَمْ تَجِبْ لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ شَيْئًا بِلَا عَقْدٍ تَبَرُّعًا جَازَ، وَقَوْلُهُ مَقْبُولُ الرِّوَايَةِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَهُ فَاسِقٌ أَوْ كَافِرٌ لَا يَأْخُذُ بِخَبَرِهِ وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُ وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ، فَمَتَى غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُ عَمِلَ بِهِ وَبَقِيَ مَا لَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ إخْبَارُ عُدُولٍ، وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْأَوْثَقِ فَالْأَكْثَرِ عَدَدًا أَخْذًا مِمَّا قَالَهُ الشَّارِحُ فِي الْمِيَاهِ، فَلَوْ اسْتَوَوْا وُثُوقًا وَعَدَالَةً وَعَدَدًا تَسَاقَطُوا وَكَانَ كَمَا لَوْ لَمْ يُوجَدْ مُخْبِرٌ فَيَأْتِي فِيهِ كَلَامُ السِّنْجِيِّ وَغَيْرِهِ، وَلَوْ قِيلَ بِتَقَدُّمِ خَبَرِ مَنْ أَخْبَرَ بِالضَّرَرِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا لِأَنَّ مَعَهُ زِيَادَةً، ثُمَّ عُلِمَ إنْ كَانَ الْمَرَضُ مَضْبُوطًا لَا يَحْتَاجُ إلَى مُرَاجَعَةِ الطَّبِيبِ فِي كُلِّ صَلَاةٍ فَذَاكَ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَمِنْ التَّعَارُضِ أَيْضًا مَا لَوْ كَانَ يَعْرِفُ الطِّبَّ مِنْ نَفْسِهِ ثُمَّ أَخْبَرَهُ آخَرُ، بِخِلَافِ مَا يَعْرِفُهُ فَيَأْتِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: أَوْ عَرَفَ هُوَ ذَلِكَ) أَيْ الْمَخُوفَ (قَوْلُهُ: مِنْ نَفْسِهِ) وَلَوْ فَاسِقًا، وَالْمُرَادُ الْمَعْرِفَةُ بِسَبَبِ الطِّبِّ. وَفِي حَجّ: وَلَوْ بِالتَّجْرِبَةِ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ التَّجْرِبَةَ قَدْ لَا تَحْصُلُ بِهَا مَعْرِفَةٌ لِجَوَازِ أَنَّ حُصُولَ الضَّرَرِ كَانَ لِأَسْبَابٍ لَمْ تُوجَدْ فِي هَذَا الْمَرَضِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ سَلَامَتُهُ مِنْ خَارِمِ الْمُرُوءَةِ وَلَا مِنْ مُفَسِّقٍ هُنَا وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ فَقَدَهُ فِي مَحَلٍّ يَجِبُ طَلَبُ الْمَاءِ مِنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: السِّنْجِيُّ) هُوَ بِالْكَسْرِ وَالسُّكُونِ وَجِيمٍ نِسْبَةً إلَى سِنْجَ قَرْيَةٍ بِمَرْوٍ وَالضَّمِّ وَمُهْمَلَةٍ آخِرُهُ إلَى السُّنْجِ مَوْضِعٌ بِالْمَدِينَةِ أَنْسَابٌ لِلسُّيُوطِيِّ مِنْ حَرْفِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ (قَوْلُهُ: يَدُلُّ لَهُ) أَيْ لِمَا جَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ (قَوْلُهُ: إلَّا بِدَلِيلِ) أَيْ يَسْتَنِدُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَا كَذَلِكَ أَكْلُ الْمَيْتَةِ) لَك أَنْ تُعَارِضَ بِأَنَّهُ ثَمَّ أَيْضًا اشْتَغَلَتْ ذِمَّتُهُ بِطَلَبِ وِقَايَةِ رُوحِهِ بِأَكْلِ الطَّاهِرِ وَضَرَرُهُ غَيْرُ مُحَقَّقٍ فَلَا يَعْدِلُ عَنْهُ إلَّا بِدَلِيلٍ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجِدْ مَا يُسَخِّنُ بِهِ الْمَاءَ) قَالَ سم عَلَى حَجّ فِي آخِرِ الْبَابِ مَا نَصُّهُ: أَمَّا لَوْ وَجَدَ مَا يُسَخِّنُ بِهِ الْمَاءَ لَكِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ بِحَيْثُ لَوْ اشْتَغَلَ بِالتَّسْخِينِ خَرَجَ الْوَقْتُ وَجَبَ عَلَيْهِ الِاشْتِغَالُ بِهِ، وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذَا يُشْبِهُ الْمُصَادَرَةَ، فَإِنَّ الْمُسْتَشْكِلَ لَا يُسَلِّمُ تَعَلُّقَ حَقِّهِ تَعَالَى بِالطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: أَوْ عَرَفَ هُوَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ) أَيْ طِبًّا لَا تَجْرِبَةً.

أَوْ يَدَّثِرُ أَعْضَاءَهُ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ «احْتَلَمْت فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ، فَأَشْفَقْت أَنْ أَغْتَسِلَ فَأَهْلَكَ، فَتَيَمَّمْت ثُمَّ صَلَّيْت بِأَصْحَابِي الصُّبْحَ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا عَمْرُو، صَلَّيْت بِأَصْحَابِك وَأَنْتَ جُنُبٌ فَأَخْبَرْته بِاَلَّذِي مَنَعَنِي مِنْ الِاغْتِسَالِ وَقُلْت: إنِّي سَمِعْت اللَّهَ يَقُول {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29] فَضَحِكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا» . (وَإِذَا امْتَنَعَ اسْتِعْمَالُهُ) أَيْ الْمَاءِ (فِي عُضْوٍ) مِنْ مَحَلِّ طَهَارَتِهِ لِجُرْحٍ أَوْ كَسْرٍ أَوْ مَرَضٍ فَلَمْ يُرِدْ بِامْتِنَاعِهِ تَحْرِيمَهُ بَلْ امْتِنَاعُ وُجُوبِ اسْتِعْمَالِهِ، وَيَصِحُّ أَنْ يُرِيدَ بِهِ تَحْرِيمَهُ أَيْضًا عِنْدَ غَلَبَةِ ظَنِّهِ حُصُولُ الْمَحْذُورِ بِالطَّرِيقِ الْمُتَقَدِّمِ، فَالِامْتِنَاعُ عَلَى بَابِهِ وَمُرَادُهُ بِالْعُضْوِ الْجِنْسُ، وَخَرَجَ بِهِ امْتِنَاعُ اسْتِعْمَالِهِ فِي جَمِيعِ أَعْضَاءِ طَهَارَتِهِ فَإِنَّهُ يَكْفِيه التَّيَمُّمُ (إنْ لَمْ يَكُنْ) عَلَيْهِ (سَاتِرٌ وَجَبَ التَّيَمُّمُ) لِئَلَّا يَبْقَى مَحَلُّ الْعِلَّةِ بِلَا طَهَارَةٍ وَيَلْزَمُهُ إمْرَارُ التُّرَابِ مَا أَمْكَنَ عَلَى مَحَلِّ الْعِلَّةِ إنْ كَانَ بِمَحَلِّ التَّيَمُّمِ وَلَمْ يَخْشَ مَحْذُورًا مِمَّا مَرَّ وَعَرَّفَ التَّيَمُّمَ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ إشَارَةً لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ يُمِرُّ التُّرَابَ عَلَى الْمَحَلِّ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَلَيْسَ لَهُ التَّيَمُّمُ لِيُصَلِّيَ بِهِ فِي الْوَقْتِ أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ وَاجِدٌ لِلْمَاءِ قَادِرٌ عَلَى الطَّهَارَةِ اهـ. وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ وَاجِدٌ إلَخْ: أَيْ وَبِهِ يُفَارِقُ مَسْأَلَةَ الزَّحْمَةِ الْمَارَّةِ وَخَرَجَ بِالتَّسْخِينِ التَّبْرِيدُ، فَإِذَا كَانَ الْمَاءُ سَاخِنًا بِحَيْثُ لَوْ اشْتَغَلَ بِتَبْرِيدِهِ خَرَجَ الْوَقْتُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ التَّبْرِيدَ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ وَلَا بِاخْتِيَارِهِ، بِخِلَافِ التَّسْخِينِ، وَيُحْتَمَلُ إلْحَاقُ التَّبْرِيدِ بِالتَّسْخِينِ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِهِ بَلْ قَدْ يَكُونُ زَوَالُ الْحَرَارَةِ فِي زَمَنٍ دُونَ مَا يَصْرِفُ فِي التَّسْخِينِ (قَوْلُهُ: احْتَلَمَتْ إلَخْ) يُشْكِلُ هَذَا الدَّلِيلُ بِأَنَّ مَنْ تَيَمَّمَ لِلْبَرْدِ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ فَلَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ أَخَّرَ الْبَيَانَ لِوَقْتِ الْحَاجَةِ، فَسُكُوتُهُ لَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ إمَامَتِهِ لِجَوَازِ أَنَّهُ أَخَّرَ الْبَيَانَ لِوَقْتِ الْحَاجَةِ وَهُوَ وَقْتُ الْقَضَاءِ، أَوْ أَنَّ الْقَوْمَ لَمْ يَعْلَمُوا تَيَمُّمَهُ (قَوْلُهُ: ذَاتُ السَّلَاسِلِ) هِيَ بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ، وَعِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ: وَذَاتُ السَّلَاسِلِ، بِسِينَيْنِ مُهْمَلَتَيْنِ الْأُولَى مَفْتُوحَةٌ وَالثَّانِيَةُ مَكْسُورَةٌ وَاللَّامُ مُخَفَّفَةٌ: مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ بِنَاحِيَةِ الشَّامِ فِي أَرْضِ بَنِي عُذْرَةَ كَذَا قَالَهُ الْبَكْرِيُّ فِي مُعْجَمِهِ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّهْذِيبِ هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ، وَكَانَتْ فِي جُمَادَى الْآخِرَةَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَكَانَ عَمْرٌو أَمِيرَهَا. وَوَقَعَ فِي نِهَايَةِ ابْنِ الْأَثِيرِ أَنَّهَا بِضَمِّ السِّينِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ وَأَنَّهَا بِأَرْضِ جُذَامَ. وَفِي الصَّحَاحِ قَرِيبٌ مِنْهُ. وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ كَمَا قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ اهـ وَضَبَطَهُ ابْنُ سَيِّدَهُ فِي الْمُحْكَمِ بِالْوَجْهَيْنِ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ غَلَبَةِ ظَنِّهِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ مَا ذُكِرَ جَازَ لَهُ التَّيَمُّمُ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا اقْتَضَاهُ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْخَوْفِ، وَحِينَئِذٍ فَحَيْثُ أَخْبَرَهُ الطَّبِيبُ بِأَنَّ الْغَالِبَ حُصُولُ الْمَرَضِ حَرُمَ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ، وَإِنْ أَخْبَرَ بِمُجَرَّدِ حُصُولِ الْخَوْفِ لَمْ يَجِبْ وَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ (قَوْلُهُ: وَمُرَادُهُ بِالْعُضْوِ الْجِنْسُ) أَيْ فَيُصَدَّقُ بِمَا إذَا كَانَتْ الْجِرَاحَةُ فِي أَكْثَرِ مِنْ عُضْوٍ لَكِنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ تَعَدُّدَ الْعُضْوِ يَأْتِي فِي كَلَامِهِ. وَقَدْ يُقَالُ إتْيَانُهُ فِي كَلَامِهِ لَا يَمْنَعُ حَمْلُهُ عَلَى الْجِنْسِ لِأَنَّ الْجِنْسَ عِنْدَ الْحَمْلِ عَلَيْهِ مُجْمَلٌ فَمَا يَأْتِي بَيَانٌ لَهُ أَوْ أَنَّ مَا يَأْتِي بَيَانٌ لِتَعَدُّدِ التَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: مَا أَمْكَنَ عَلَى مَحَلِّ الْعِلَّةِ) إنْ أَمْكَنَ وَلَوْ عَلَى أَفْوَاهِ الْجُرْحِ إذْ لَا ضَرَرَ فِيهِ مَتْنُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ (قَوْلُهُ: مِمَّا مَرَّ) أَيْ مِنْ الْخَوْفِ عَلَى مَنْفَعَةِ الْعُضْوِ إلَخْ (قَوْلُهُ: إشَارَةٌ لِلرَّدِّ إلَخْ) وَوَجْهُ الرَّدِّ أَنَّ ذَلِكَ: أَيْ مَسْحُ الْمَحَلِّ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ وَحْدَهُ لَا يُسَمَّى تَيَمُّمًا شَرْعِيًّا، وَالْأَلْفَاظُ الْمُطْلَقَةُ تُحْمَلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَلَمْ يَرِدْ) لَوْ عَبَّرَ بِالْوَاوِ بَدَلَ الْفَاءِ كَمَا عَبَّرَ الدَّمِيرِيُّ لَكَانَ وَاضِحًا (قَوْلُهُ: عِنْدَ غَلَبَةِ ظَنِّهِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ لَا بُدَّ مِنْهُ لِامْتِنَاعِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ

(وَكَذَا غَسْلُ الصَّحِيحِ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَلَوْ بِأُجْرَةٍ فَاضِلَةٍ عَمَّا مَرَّ فِي نَظِيرِهِ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ بِبَلِّ خِرْقَةٍ وَعَصْرِهَا لِتَنْغَسِلَ تِلْكَ الْمَحَالُّ بِالْمُتَقَاطَرِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ أَمَسَّهُ مَاءً بِلَا إفَاضَةٍ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ مَا رُوِيَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ «أَنَّهُ غَسَلَ مَعَاطِفَهُ وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ» قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ غَسَلَ مَا أَمْكَنَهُ وَتَيَمَّمَ لِلْبَاقِي، وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ فِي وُجُوبِ غَسْلِهِ الْقَوْلَانِ فِيمَنْ وَجَدَ مِنْ الْمَاءِ مَا لَا يَكْفِيه، وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ مَسْحُ مَوْضِعِ الْعِلَّةِ بِالْمَاءِ وَإِنْ لَمْ يَخَفْ مِنْهُ، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَئِمَّةِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ إنَّمَا هُوَ الْغُسْلُ. نَعَمْ يَظْهَرُ اسْتِحْبَابُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَضَعَ سَاتِرًا عَلَى الْعَلِيلِ لِيَمْسَحَ عَلَى السَّاتِرِ إذْ الْمَسْحُ رُخْصَةٌ فَلَا يُنَاسِبُهَا وُجُوبُ ذَلِكَ (وَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَغَسْلِ الصَّحِيحِ (لِلْجُنُبِ) وَنَحْوِهِ مِنْ حَائِضٍ وَنُفَسَاءَ وَمَنْ طُلِبَ مِنْهُ غُسْلٌ مَسْنُونٌ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ بَدَلٌ عَنْ غَسْلِ الْعَلِيلِ وَالْمُبْدَلُ لَا يَجِبُ فِيهِ التَّرْتِيبُ فَكَذَلِكَ بَدَلُهُ. وَرُدَّ الْقَوْلُ بِوُجُوبِ تَقْدِيمِ غَسْلِ الصَّحِيحِ، كَوُجُوبِ تَقْدِيمِ مَاءٍ لَا يَكْفِيه بِأَنَّ التَّيَمُّمَ هُنَا لِلْعِلَّةِ وَهِيَ مُسْتَمِرَّةٌ وَهُنَاكَ لِعَدَمِ الْمَاءِ، فَأَمَرَ بِاسْتِعْمَالِهِ أَوَّلًا لِيَصِيرَ عَادِمًا وَيُحْمَلُ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى مَا هُوَ مَعْهُودٌ فِي الشَّرْعِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا غَسْلُ الصَّحِيحِ عَلَى الْمَذْهَبِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَلَمَّا بَيَّنَ حَبَّاتِ الْجُدَرِيِّ حُكْمُ الْعُضْوِ الْجَرِيحِ إنْ خَافَ مِنْ غَسْلِهِ مَا مَرَّ اهـ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِأُجْرَةٍ فَاضِلَةٍ) أَيْ فَإِنْ تَعَذَّرَ الِاسْتِئْجَارُ قَضَى لِنُدُورِهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: عَمَّا مَرَّ) وَهُوَ مَا يُعْتَبَرُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فَضْلُهُ عَنْ الدَّيْنِ بِنَاءً عَلَى مَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الشَّارِحِ فِي زَكَاةِ الْفِطْرَةِ. وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شِرَاءُ الْمَاءِ إذَا احْتَاجَ ثَمَنَهُ فِي الدَّيْنِ الْمُسْتَغْرِقِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ الْمُقْتَضَى غَيْرُ مُرَادٍ عِنْدَ الشَّارِحِ وَأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فَضْلُهُ عَنْ الدَّيْنِ كَثَمَنِ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: بِبَلِّ خِرْقَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ غَسَلَ (قَوْلُهُ: بِلَا إفَاضَةٍ إلَخْ) أَيْ وَذَلِكَ غَسْلٌ خَفِيفٌ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْمَسْحِ (قَوْلُهُ فَلَا يُنَاسِبُهَا وُجُوبُ ذَلِكَ) أَيْ عَلَى أَنَّ الْمَسْحَ عَلَى السَّاتِرِ إنَّمَا هُوَ بَدَلٌ عَمَّا أَخَذَهُ مِنْ الصَّحِيحِ وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ غَسْلِهِ فَلَا مَعْنَى لِوَضْعِ السَّاتِرِ عَلَيْهِ، بَلْ الْقِيَاسُ مَنْعُهُ لِأَدَائِهِ إلَى تَفْوِيتِ الْغَسْلِ مَعَ إمْكَانِهِ. وَعِبَارَةُ ابْنِ قَاسِمٍ فِيمَا كَتَبَهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَجَرٍ: نَعَمْ يُسَنُّ سَتْرُ الْجُرْحِ حَتَّى يَمْسَحَ عَلَيْهِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ اهـ. قَدْ يُقَالُ قِيَاسُ أَنَّ الْمَسْحَ عَلَيْهِ طَهَارَةُ مَا تَحْتَ السَّاتِرِ مِنْ الصَّحِيحِ أَنَّهُ إذَا أَمْكَنَهُ غَسْلُ الصَّحِيحِ لَا يُسَنُّ السَّتْرُ الْمَذْكُورُ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، بَلْ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُخَالِفُ الْمُرَاعَى خِلَافُهُ يَرَى ذَلِكَ. وَقَدْ يُقَالُ: كَوْنُ الْمُخَالِفِ يَرَى ذَلِكَ لَا يَقْتَضِي وَضْعَ السَّاتِرِ، لِأَنَّ رِعَايَةَ الْخِلَافِ إنَّمَا تُطْلَبُ حَيْثُ لَمْ تُفَوِّتْ مَطْلُوبًا عِنْدَنَا وَهِيَ هُنَا تُفَوِّتُ الْغَسْلَ الْوَاجِبَ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ وُجُوبِ نَزْعِ الْجَبِيرَةِ إذَا أَخَذَتْ مِنْ الصَّحِيحِ شَيْئًا لِيَغْسِلَ مَا تَحْتَهَا، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْكَلَامَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا تَعَذَّرَ غَسْلُ مَا حَوْلَ الْجُرْحِ مِنْ الصَّحِيحِ فَيُسَنُّ وَضْعُ السَّاتِرِ لِيَمْسَحَهُ بَدَلَ الصَّحِيحِ مُنْضَمًّا لِلتَّيَمُّمِ بَدَلَ الْجَرِيحِ (قَوْلُهُ: وَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُمَا إلَخْ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: تَنْبِيهٌ مَا أَفَادَهُ الْمَتْنُ أَنَّ الْجُنُبَ إذَا أَحْدَثَ لَا يَلْزَمُهُ التَّرْتِيبُ وَإِنْ كَانَتْ عِلَّتُهُ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَتْ عِلَّتُهُ فِي يَدِهِ مَثَلًا فَتَيَمَّمَ عَنْ الْجَنَابَةِ ثُمَّ أَحْدَثَ فَتَوَضَّأَ وَأَعَادَ التَّيَمُّمَ عَنْ الْأَكْبَرِ لِإِرَادَتِهِ فَرْضًا ثَانِيًا فَيَنْدَرِجُ فِيهِ تَيَمُّمُ الْأَصْغَرِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْوُضُوءِ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي جُنُبٍ بَقِيَ رِجْلَاهُ فَأَحْدَثَ لَهُ غَسْلُهُمَا قَبْلَ بَقِيَّةِ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ، وَمَا أَوْمَأَ إلَيْهِ كَلَامُ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّيَمُّمِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَنْ الْأَصْغَرِ وَقْتَ غَسْلِ الْعَلِيلِ فَهُوَ مُنَافٍ لِكَلَامِهِمْ أَنَّهُ حَيْثُ اجْتَمَعَ الْأَصْغَرُ وَالْأَكْبَرُ اضْمَحَلَّ النَّظَرُ إلَى الْأَصْغَرِ مُطْلَقًا اهـ (قَوْلُهُ: لِلْجُنُبِ) قَالَ الْمَحَلِّيُّ وُجُوبًا. أَقُولُ: أَيْ مِنْ جِهَةِ الْوُجُوبِ فَهُوَ تَمْيِيزٌ وَلَا خَبَرَ لِلَا هُنَا، إذْ الْكَثِيرُ إسْقَاطُ خَبَرِهَا بَلْ قِيلَ بِوُجُوبِ إسْقَاطِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْخَبَرَ مَحْذُوفٌ: أَيْ لَا تَرْتِيبَ وَاجِبٌ وُجُوبَهُ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ الْقَوْلُ إلَخْ) لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ حِكَايَةُ هَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

النَّصُّ الْقَائِلُ بِأَنَّهُ يَبْدَأُ بِالتَّيَمُّمِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ لِيُذْهِبَ الْمَاءُ أَثَرَ التُّرَابِ (فَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا) حَدَثًا أَصْغَرَ (فَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ التَّيَمُّمِ وَقْتَ غَسْلِ الْعَلِيلِ) لِاشْتِرَاطِ التَّرْتِيبِ فِي طَهَارَتِهِ فَلَا يَنْتَقِلُ عَنْ عُضْوٍ حَتَّى يُكْمِلَهُ غَسْلًا وَتَيَمُّمًا عَمَلًا بِقَضِيَّةِ التَّرْتِيبِ، فَلَوْ كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي الْيَدِ فَالْوَاجِبُ تَقْدِيمُ التَّيَمُّمِ عَلَى مَسْحِ الرَّأْسِ وَتَأْخِيرِهِ عَنْ غَسْلِ الْوَجْهِ، وَلَهُ تَقْدِيمُهُ عَلَى غَسْلِ الصَّحِيحِ وَهُوَ الْأَوْلَى لِيُزِيلَ الْمَاءُ أَثَرَ التُّرَابِ وَتَأْخِيرُهُ عَنْهُ وَتَوَسُّطُهُ، إذْ الْعُضْوُ الْوَاحِدُ لَا تَرْتِيبَ فِيهِ وَلَوْ كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي وَجْهِهِ تَيَمَّمَ عَنْهُ قَبْلَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ. وَيُسَنُّ لِلْجُنُبِ وَنَحْوِهِ تَقْدِيمُ التَّيَمُّمِ أَيْضًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالْأَصْحَابِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: الْأَوْلَى تَقْدِيمُ مَا نُدِبَ تَقْدِيمُهُ فِي الْغُسْلِ، فَإِنْ كَانَتْ جِرَاحَتُهُ فِي رَأْسِهِ غَسَلَ مَا صَحَّ مِنْهُ ثُمَّ تَيَمَّمَ عَنْ جَرِيحِهِ ثُمَّ غَسَلَ بَاقِي جَسَدِهِ وَمَا بَحَثَهُ ظَاهِرٌ لَا مَعْدِلَ عَنْهُ. وَالثَّانِي يَجِبُ تَقْدِيمُ غَسْلِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ مِنْ الْأَعْضَاءِ كُلِّهَا لِمَا مَرَّ فِي الْجُنُبِ. وَالثَّالِثُ يَتَخَيَّرُ إنْ شَاءَ قَدَّمَ التَّيَمُّمَ عَلَى الْمَغْسُولِ وَإِنْ شَاءَ أَخَّرَ (فَإِنْ جُرِحَ عُضْوَاهُ فَتَيَمُّمَانِ) يَجِبَانِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ اشْتِرَاطُ التَّيَمُّمِ وَقْتَ غَسْلِ الْعَلِيلِ لِتَعَدُّدِ الْعَلِيلِ، فَلَوْ كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي وَجْهِهِ وَيَدِهِ تَيَمَّمَ فِي الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ تَيَمُّمَيْنِ: تَيَمُّمًا عَنْ الْوَجْهِ قَبْلَ الِانْتِقَالِ إلَى الْيَدِ، وَتَيَمُّمًا عَنْ الْيَدِ قَبْلَ الِانْتِقَالِ لِمَسْحِ الرَّأْسِ، وَلَهُ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ التَّيَمُّمَيْنِ بَعْدَ فَرَاغِ الْوَجْهِ وَلَوْ وُجِدَتْ الْعِلَّةُ فِي أَعْضَائِهِ الْأَرْبَعَةِ وَلَمْ تَعُمَّهَا فَثَلَاثُ تَيَمُّمَاتٍ وَاحِدٌ عَنْ وَجْهِهِ وَآخَرُ عَنْ يَدَيْهِ وَآخَرُ عَنْ رِجْلَيْهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَيَمُّمٍ عَنْ الرَّأْسِ لِأَنَّ مَسْحَ الصَّحِيحِ مِنْهَا يَكْفِي وَإِنْ قَلَّ. نَعَمْ لَوْ عَمَّتهَا الْجِرَاحَةُ احْتَاجَ إلَى تَيَمُّمٍ رَابِعٍ عَنْهَا وَلَوْ عَمَّتْ الْعِلَّةُ أَعْضَاءَهُ الْأَرْبَعَةِ كَفَاهُ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ عَنْ الْوُضُوءِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى كُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا سَاتِرٌ عَمَّهُ وَتَمَكَّنَ مِنْ رَفْعِ السَّاتِرِ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْقَوْلِ لَكِنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ ثُبُوتُ الْخِلَافِ وَإِنْ لَمْ يَحْكِهِ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: لِيُزِيلَ الْمَاءُ أَثَرَ التُّرَابِ) هَذَا لَا يَأْتِي إذَا عَمَّتْ الْعِلَّةُ الْوَجْهَ وَالْيَدَيْنِ، وَنَظَرَ الزَّرْكَشِيُّ فِي مَسْحِ السَّاتِرِ هَلْ الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ التَّيَمُّمِ كَالْغُسْلِ؟ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّ الْأُولَى ذَلِكَ، لَكِنْ إنْ فَعَلَ السُّنَّةَ مِنْ مَسْحِهِ بِالتُّرَابِ لِيُزِيلَهُ مَاءُ الْمَسْحِ حِينَئِذٍ كَذَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَقَوْلُهُ هَذَا لَا يَأْتِي إلَخْ ظَاهِرٌ لَكِنَّهُ قَدْ يُوَجَّهُ تَقْدِيمُ التَّيَمُّمِ فِيهِ بِمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ عَلَى غَيْرِهَا، فَتَقْدِيمُ التَّيَمُّمِ حِينَئِذٍ لِكَوْنِهِ بَدَلًا مِنْ غَسْلِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ (قَوْلُهُ: وَتَوَسُّطُهُ) أَيْ بِأَنْ يَغْسِلَ بَعْضَ الْعُضْوِ الصَّحِيحِ ثُمَّ يَتَيَمَّمَ عَنْ عِلَّتِهِ ثُمَّ يَغْسِلَ بَاقِي صَحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ لِلْجُنُبِ إلَخْ) هَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ: وَيُحْمَلُ النَّصُّ الْقَائِلُ بِأَنَّهُ إلَخْ، وَلَعَلَّ ذِكْرَهُ هُنَا لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي كَلَامِهِمْ وَتَوْطِئَةٍ لِمَا نَقَلَهُ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ فِي الْجُنُبِ إلَخْ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ تَقْدِيمُ الْغُسْلِ عَلَى قَوْلٍ تَقَدَّمَ رَدُّهُ (قَوْلُهُ بَعْدَ فَرَاغِ الْوَجْهِ) وَبِهِ عُلِمَ رَدُّ مَا قِيلَ يَكْفِيه تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ عَنْ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ لِعَدَمِ الْفَاصِلِ بَيْنَهُمَا. وَوَجْهُ الرَّدِّ أَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ غَسْلُ بَعْضِ كُلٍّ مِنْ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَجَبَ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا وَهُوَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِتَيَمُّمَيْنِ، وَسَيَأْتِي مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَوْ عَمَّتهَا) الْأَوْلَى عَمَّتْهُ لِأَنَّ الرَّأْسَ مُذَكَّرٌ (قَوْلُهُ: كَفَاهُ تَيَمُّمٌ) وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ احْتَاجَ لِأَرْبَعِ تَيَمُّمَاتٍ بِأَنْ كَانَ فِي كُلِّ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ الْأَرْبَعَةِ عِلَّةٌ غَيْرُ عَامَّةٍ لِغَيْرِ الرَّأْسِ وَعَامَّةٍ لِلرَّأْسِ كَفَى نِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ عِنْدَ تَيَمُّمِ الْوَجْهِ فَلَا تَحْتَاجُ بَقِيَّةُ التَّيَمُّمَاتِ نِيَّةً وَإِنْ نَوَى عِنْدَ غُسْلِ صَحِيحِ الْوَجْهِ رَفْعَ الْحَدَثِ اهـ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى أَبِي شُجَاعٍ. أَقُولُ: وَفِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى لِأَنَّ كُلَّ تَيَمُّمٍ طَهَارَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ، وَإِذَا اكْتَفَى بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ فَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا إلَخْ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ مَسْحَ الصَّحِيحِ مِنْهَا) الصَّوَابُ مِنْهُ وَكَذَا يُقَالُ: فِي عَمَّتِهَا

وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ وَجَبَ عَلَيْهِ لِأَجْلِ تَيَمُّمِهِ وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ التَّيَمُّمُ وَيُصَلِّي كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ ثُمَّ يَقْضِي لَكِنَّهُ يُسَنُّ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ وَالْيَدَانِ وَالرِّجْلَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا كَعُضْوٍ. نَعَمْ يُسَنُّ جَعْلُ كُلِّ وَاحِدَةٍ كَعُضْوِ فِي التَّيَمُّمِ مِنْ أَجْلِهَا. وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ عَمَّتْ الْعِلَّةُ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ كَفَاهُ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ عَنْ ذَلِكَ لِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ بَيْنَهُمَا حِينَئِذٍ، وَبِهِ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ عَمَّتْ الرَّأْسَ وَالرِّجْلَيْنِ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: فَإِنْ قِيلَ إذَا كَانَتْ الْجِرَاحَةُ فِي وَجْهِهِ وَيَدِهِ وَغَسَلَ صَحِيحَ الْوَجْهِ أَوَّلًا جَازَ تَوَالِي تَيَمُّمَيْهِمَا فَلِمَ لَا يَكْفِيه تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ كَمَنْ عَمَّتْ الْجِرَاحَةُ أَعْضَاءَهُ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ التَّيَمُّمَ هُنَا فِي طُهْرٍ تَحَتَّمَ فِيهِ التَّرْتِيبُ، فَلَوْ كَفَاهُ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ حَصَلَ تَطْهِيرُ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ، بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ عَنْ الْأَعْضَاءِ كُلِّهَا لِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ بِسُقُوطِ الْغُسْلِ اهـ. قَالَ الشَّيْخُ: وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ لَا يُفِيدُ لِأَنَّ حُكْمَ التَّرْتِيبِ بَاقٍ فِيمَا يُمْكِنُ غَسْلُهُ سَاقِطٌ فِي غَيْرِهِ فَيَكْفِيه تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الطُّهْرَ فِي الْعُضْوِ الْوَاحِدِ لَا يَتَجَزَّأُ تَرْتِيبًا وَعَدَمَهُ. (وَإِنْ) (كَانَ) عَلَى عُضْوِهِ الَّذِي امْتَنَعَ اسْتِعْمَالُهُ الْمَاءَ فِيهِ سَاتِرٌ (كَجَبِيرَةٍ وَلُصُوقٍ لَا يُمْكِنُ نَزْعُهَا) لِخَوْفِهِ مَحْذُورًا مِمَّا مَرَّ، وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ وَلَا يُمْكِنُ. قِيلَ: وَهِيَ أَوْلَى لِإِيهَامِ تِلْكَ أَنَّ مَا يُمْكِنُ نَزْعُهُ لَا يُسَمَّى سَاتِرًا اهـ. وَيُرَدُّ بِفَرْضِ صِحَّتِهِ بِأَنَّ مِنْ الْوَاضِحِ أَنَّ هَذَا قَيْدٌ لِلْحُكْمِ لَا لِتَسْمِيَتِهَا سَاتِرًا فَلَمْ يَحْتَجْ لِلْوَاوِ. وَالْجَبِيرَةُ بِفَتْحِ الْجِيمِ: خَشَبٌ أَوْ قَصَبٌ يُسَوَّى وَيُشَدُّ عَلَى مَحَلِّ الْكَسْرِ أَوْ الْخَلْعِ لِيَنْجَبِرَ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: الْجَبِيرَةُ مَا كَانَ عَلَى كَسْرٍ وَاللُّصُوقُ مَا كَانَ عَلَى جُرْحٍ، وَمِنْهُ عِصَابَةُ الْفَصْدِ وَنَحْوُهَا، وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالسَّاتِرِ شَامِلٌ لِمَا تَقَدَّمَ، وَحَيْثُ عَسُرَ عَلَيْهِ نَزْعُ مَا ذُكِرَ (غَسَلَ الصَّحِيحَ) لِكَوْنِهَا طَهَارَةً ضَرُورَةً فَلَزِمَهُ أَقْصَى مَا يُمْكِنُهُ مِنْهَا (وَتَيَمَّمَ) لِحَدِيثِ جَابِرٍ فِي «الْمَشْجُوجِ الَّذِي احْتَلَمَ وَاغْتَسَلَ فَدَخَلَ الْمَاءُ شَجَّتَهُ فَمَاتَ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا كَانَ يَكْفِيه أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِبَ عَلَى رَأْسِهِ خِرْقَةً ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ» (كَمَا سَبَقَ) حُكْمُهُ مِنْ مُرَاعَاةِ التَّرْتِيبِ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَزِمَ وُقُوعُ مَا عَدَا نِيَّةَ التَّيَمُّمِ الْأَوَّلِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا، إذْ مَحَلُّهَا بِالنِّسْبَةِ لِكُلِّ تَيَمُّمٍ عِنْدَ نَقْلِ التُّرَابِ وَمُقَارَنَتِهَا لِلْمَسْحِ بِهِ، فَالِاكْتِفَاءُ بِالنِّيَّةِ الْأُولَى عَنْ بَقِيَّةِ التَّيَمُّمَاتِ يُشْبِهُ مَا لَوْ نَوَى عِنْدَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ الْوُضُوءَ وَلَمْ يَسْتَحْضِرْ النِّيَّةَ عِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ وَهُوَ بَاطِلٌ فَكَذَا هُنَا، عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ الثَّانِيَ حَيْثُ خَلَا عَنْ النِّيَّةِ كَانَ الْحَاصِلُ بِهِ مُجَرَّدَ تَكْرَارِ الْمَسْحِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ عَلَيْهِ) أَيْ رَفْعُ السِّتْرِ (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ يُسَنُّ) أَيْ التَّيَمُّمُ فَوْقَ السَّاتِرِ (قَوْلُهُ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ فَالْيَدَانِ كَعُضْوٍ وَالرِّجْلَانِ كَعُضْوِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَدَّمَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ عَمَّتْ الْعِلَّةُ أَعْضَاءَهُ الْأَرْبَعَةَ كَفَاهُ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: تَحَتَّمَ فِيهِ التَّرْتِيبُ) أَيْ نَظَرًا لِغَسْلِ الصَّحِيحِ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُمْتَنِعٌ) أَيْ لِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ فِيهِ (قَوْلُهُ: فِيمَا يُمْكِنُ غَسْلُهُ) وَهُوَ صَحِيحُ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ (قَوْلُهُ: سَاقِطٌ فِي غَيْرِهِ) وَهُوَ عَلِيلُهُمَا. (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَحْتَجْ لِلْوَاوِ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ هِيَ أَوْضَحُ لِاسْتِغْنَائِهَا عَنْ الْجَوَابِ (قَوْلُهُ: مَا كَانَ عَلَى جُرْحٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مِنْ خَشَبٍ (قَوْلُهُ: لِمَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ الْجَبِيرَةِ وَاللُّصُوقِ (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ عُثِرَ عَلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ خَافَ مِنْ نَزْعِ الْجَبِيرَةِ شَيْئًا مِمَّا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: «وَيَعْصِبُ عَلَى رَأْسِهِ» ) بَابُهُ ضَرَبَ اهـ مُخْتَارٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ: أَيْ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْمَشْجُوجِ فِي قِصَّةِ جَابِرٍ وَالْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِلَفْظِ رَجُلٍ فِي سُؤَالِ ابْنِ عَبَّاسٍ هُوَ الْمُتَقَدِّمُ فِي قَوْلِهِ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا أَصَابَهُ جُرْحٌ عَلَى عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيَكُونُ قَوْلُهُ هُنَا إنَّمَا يَكْفِيه مَذْكُورًا مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ «أَوَ لَمْ يَكُنْ شِفَاءُ الْعَيِّ السُّؤَالَ» لَكِنَّ جَابِرَ رَوَى كَيْفِيَّةَ تَعْلِيمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التَّيَمُّمَ وَابْنَ عَبَّاسٍ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِذَلِكَ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى اعْتِرَاضِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْآمِرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فِي الْوُضُوءِ، وَتَعَدَّدَ التَّيَمُّمُ بِتَعَدُّدِ مَحَلِّ الْعِلَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا أَمْكَنَ نَزْعُهَا مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَجَبَ وَهُوَ كَذَلِكَ (وَيَجِبُ مَعَ ذَلِكَ مَسْحُ كُلِّ جَبِيرَتِهِ بِمَاءٍ) حَتَّى مَا تَحْتَ أَطْرَافِ السَّاتِرِ مِنْهُ بِالتَّلَطُّفِ السَّابِقِ حَيْثُ أَمْكَنَ فَلَا يُجْزِئُهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَسْحِ بَعْضِ السَّاتِرِ لِأَنَّهُ أُبِيحَ لِضَرُورَةِ الْعَجْزِ عَنْ الْأَصْلِ فَيَجِبُ فِيهِ التَّعْمِيمُ كَالْمَسْحِ فِي التَّيَمُّمِ، وَخَرَجَ بِالْمَاءِ التُّرَابُ لِأَنَّهُ ضَعِيفٌ فَلَا يُؤَثِّرُ مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ، بِخِلَافِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ يُؤَثِّرُ مِنْ وَرَائِهِ فِي نَحْوِ مَسْحِ الْخُفِّ، وَيُشْتَرَطُ فِي السَّاتِرِ أَنْ لَا يَسْتُرَ إلَّا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ لِلِاسْتِمْسَاكِ إذْ الْمَسْحُ بَدَلٌ عَنْهُ حَتَّى لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا مِنْ الصَّحِيحِ أَصْلًا سَقَطَ حِينَئِذٍ مَسْحُهُ، لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْعُضْوُ جَرِيحًا وَوَاجِبُهُ التَّيَمُّمُ عَنْهُ وَغَسْلُ الْبَاقِي فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَسْتُرَ أَوَّلًا، فَإِطْلَاقُهُمْ وُجُوبَ الْمَسْحِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ السَّاتِرَ يَأْخُذُ زِيَادَةً عَلَى مَحَلِّ الْعِلَّةِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يُوضَعَ عَلَى طُهْرٍ كَالْخُفِّ وَإِلَّا وَجَبَ نَزْعُهُ وَالْوَضْعُ عَلَى طُهْرٍ إنْ أَمْكَنَ، فَإِنْ تَعَذَّرَ مَسَحَ وَقَضَى كَمَا يَأْتِي، وَأَفْهَمَ إطْلَاقُهُ أَنَّهُ لَا يَتَأَقَّتُ لِأَنَّ التَّأْقِيتَ لَمْ يَرِدْ هُنَا، بِخِلَافِهِ فِي الْخُفِّ فَلَهُ الْمَسْحُ إلَى أَنْ يَبْرَأَ، وَيَمْسَحُ عَلَيْهَا وَلَوْ أَصَابَهَا دَمٌ مِنْ الْجُرْحِ لِأَنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَإِنْ اخْتَلَطَ الدَّمُ بِالْمَاءِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَقْدِيمًا لِمَصْلَحَةِ الْوَاجِبِ عَلَى دَفْعِ ـــــــــــــــــــــــــــــSلِلرَّجُلِ بِالْغُسْلِ (قَوْلُهُ: مِنْ كَلَامِهِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ لَا يُمْكِنُ نَزْعُهَا (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَسْتُرَ) الْأَوْلَى وَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ مَسْحِ السَّاتِرِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الصَّحِيحِ شَيْئًا فَإِنَّهُ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ حَتَّى لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ إلَخْ نَعَمْ يُشْتَرَطُ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْ الصَّحِيحِ إلَّا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ لِلِاسْتِمْسَاكِ، لَكِنْ لَيْسَ الْكَلَامُ الْآنَ فِي الْقَضَاءِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى طُهْرٍ) فِي نُسْخَةٍ كَامِلٍ لَا طُهْرِ ذَلِكَ الْعُضْوِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَصَابَهَا دَمٌ مِنْ الْجُرْحِ) غَايَةٌ لِمَا قَبْلَهُ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَلَوْ نَفِدَ إلَيْهَا نَحْوُ دَمِ الْجُرْحِ وَعَمَّهَا عُفِيَ عَنْ مُخَالَطَةِ مَاءٍ مَسَحَهَا لَهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ اخْتِلَاطِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ بِأَجْنَبِيٍّ يَحْتَاجُ إلَى مُمَاسَّتِهِ لَهُ اهـ. وَكَتَبَ سم عَلَى قَوْلِهِ وَعَمَّهَا مَا نَصُّهُ اُنْظُرْ لَوْ عَمّهَا جُرْمُ الدَّمِ بِحَيْثُ لَا يَصِلُ الْمَسْحُ لِنَفْسِهَا اهـ: أَيْ فَهَلْ يَكْفِي الْمَسْحُ عَلَيْهَا أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ تَجَمَّدَ الْعَرَقُ عَلَى الْبَدَنِ حَتَّى صَارَ كَالْجُزْءِ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يُعَدُّ حَائِلًا بَلْ يَكْتَفِي بِجَرَيَانِ الْمَاءِ عَلَيْهِ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى الْبَدَنِ لِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ الْجُزْءِ مِنْهُ فَكَذَلِكَ هُنَا، وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الْعَلَامَةِ الشَّوْبَرِيِّ عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْعُبَابِ مَا يُوَافِقُهُ، ثُمَّ رَأَيْت مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي آخِرِ بَابِ التَّيَمُّمِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِجُرْحِهِ دَمٌ كَثِيرٌ مِنْ قَوْلِهِ وَتَقْيِيدِهِ بِالْكَثِيرِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الْمُحَرَّرِ إلَى أَنْ قَالَ: وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ مَا هُنَا عَلَى كَثِيرٍ جَاوَزَ مَحَلَّهُ أَوْ حَصَلَ بِفَعْلَةٍ أَوْ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْجُرْحُ فِي عُضْوِ التَّيَمُّمِ وَعَلَيْهِ دَمٌ كَثِيرٌ حَائِلٌ يَمْنَعُ الْمَاءَ وَإِيصَالَ التُّرَابِ عَلَى الْعُضْوِ اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَا يَمْسَحُ هُنَا لِوُجُودِ الْحَائِلِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: مَعْفُوٌّ عَنْهُ) زَادَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْد مَا ذَكَرَ نَقْلًا عَنْ م ر خِلَافًا لِمَا فِي فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَرَاجَعْت فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ فَوَجَدْت الَّذِي فِيهَا عَلَى وَجْهٍ آخَرَ فَرَاجِعْهُ. قَالَ م ر: فَلَوْ كَانَ لَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: حَتَّى مَا تَحْتَ أَطْرَافِ السَّاتِرِ مِنْهُ) ظَاهِرُهُ بَلْ صَرِيحُهُ أَنَّهُ غَايَةٌ فِي الْمَسْحِ: أَيْ فَيَمْسَحُ حَتَّى مَا تَحْتَ أَطْرَافِ السَّاتِرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَفِي الْعِبَارَةِ سَقْطٌ يَظْهَرُ مِنْ عِبَارَةِ شَرْحِ الْإِرْشَادِ الَّتِي هِيَ أَصْلُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ وَنَصُّهَا بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ فَإِنْ سَتَرَ عَمَّهُ مَسْحًا بِمَاءٍ أَبَدًا وَغَسَلَ الصَّحِيحَ حَتَّى مَا تَحْتَ أَطْرَافِ السَّاتِرِ إلَخْ، فَلَعَلَّهُ سَقَطَ لَفْظُ وَغَسَلَ الصَّحِيحَ مِنْ الْكَتَبَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ) أَيْ لِصِحَّةِ الْمَسْحِ إذْ هُوَ قَيْدٌ لَهُ كَمَا لَا يَخْفَى: أَيْ إلَّا عِنْدَ عَدَمِ إمْكَانِ نَزْعِهِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَجَبَ نَزْعُهُ) وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا لَوْ وَضَعَهَا عَلَى حَدَثٍ أَوْ طُهْرٍ إلَّا فِي الْقَضَاءِ وَعَدَمِهِ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ فِي آخِرِ الْبَابِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَ مَسَحَ وَقَضَى) هَذَا التَّفْصِيلُ فِيمَا إذَا كَانَ فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ، أَمَّا إذَا كَانَ فِيهَا فَالْقَضَاءُ لَازِمٌ بِكُلِّ حَالٍ كَمَا يَأْتِي.

مَفْسَدَةِ الْحَرَامِ كَوُجُوبِ تَنَحْنُحِ مُصَلِّي الْفَرْضِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ. (وَقِيلَ) يَكْفِيه مَسْحُ (بَعْضِهَا) كَالْخُفِّ وَالرَّأْسِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّأْسِ بِأَنَّ فِي تَعْمِيمِهِ مَشَقَّةَ النَّزْعِ وَبَيْنَ الْخُفِّ بِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا فَإِنَّ الِاسْتِيعَابَ يُبْلِيه. (فَإِذَا) (تَيَمَّمَ) مِنْ غَسْلِ الصَّحِيحِ وَتَيَمَّمَ عَنْ الْجَرِيحِ وَأَدَّى فَرِيضَةً (لِفَرْضٍ ثَانٍ) وَثَالِثٍ وَهَكَذَا (وَلَمْ يُحْدِثْ) وَلَمْ يَطْرَأْ عَلَى تَيَمُّمِهِ مُبْطِلٌ لَهُ (لَمْ يُعِدْ الْجُنُبُ) وَنَحْوُهُ (غُسْلًا) لِمَا غَسَلَهُ وَلَا مَسْحًا لِمَا مَسَحَهُ، إذْ التَّيَمُّمُ طَهَارَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يَلْزَمُ بِارْتِفَاعِ حُكْمِهَا انْتِقَاضُ طَهَارَةٍ أُخْرَى، كَمَا لَوْ اغْتَسَلَ الْجُنُبُ ثُمَّ أَحْدَثَ يَلْزَمُهُ الْوُضُوءُ وَلَا يَنْتَقِضُ غُسْلُهُ وَإِنْ كَانَ أَعْضَاءُ الْوُضُوءِ بَعْضَ الْمَغْسُولِ فِي الْجَنَابَةِ لِأَنَّ الْوُضُوءَ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فِي الْجُمْلَةِ (وَيُعِيدُ الْمُحْدِثُ) غَسْلَ (مَا بَعُدَ عَلِيلِهِ) مُرَاعَاةً لِلتَّرْتِيبِ، فَإِذَا كَانَتْ الْجِرَاحَةُ فِي الْيَدِ تَيَمَّمَ وَأَعَادَ مَسْحَ الرَّأْسِ ثُمَّ غَسَلَ الرِّجْلَيْنِ، لِأَنَّ حُكْمَ الْحَادِثِ عَادَ إلَى الْعُضْوِ فِي حَقِّ الْفَرِيضَةِ دُونَ النَّوَافِلِ فَيَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ مَا بَعْدَهُ (وَقِيلَ يَسْتَأْنِفَانِ) فَيُعِيدُ الْمُحْدِثُ الْوُضُوءَ وَالْجُنُبُ الْغُسْلَ (وَقِيلَ الْمُحْدِثُ كَجُنُبٍ) فَلَا يُعِيدُ شَيْئًا عَلَى الصَّحِيحِ (قُلْت: هَذَا الثَّالِثُ أَصَحُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ، وَنَقَلَ الْإِمَامُ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ مَا بَعْدَ عَلِيلِهِ أَنْ لَوْ بَطَلَتْ طَهَارَةُ الْعَلِيلِ وَطَهَارَةُ الْعَلِيلِ بَاقِيَةٌ بِدَلِيلِ جَوَازِ التَّنَفُّلِ. وَإِذَا قُلْنَا بِالصَّحِيحِ وَهُوَ إعَادَةُ التَّيَمُّمِ فَقَطْ وَكَانَ مُتَعَدِّدًا فَهَلْ يُعِيدُهُ كَذَلِكَ أَوْ يُعِيدُ تَيَمُّمًا فَقَطْ؟ الْأَوْجَهُ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ تَيَمُّمًا وَاحِدًا، وَالْقَائِلُ بِتَعَدُّدِهِ بِنَاءً عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ لِأَجْلِ التَّرْتِيبِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يُحْدِثْ مَا إذَا أَحْدَثَ فَإِنَّهُ يُعِيدُ جَمِيعَ مَا مَرَّ، وَلَوْ رَفَعَ الْجَبِيرَةَ عَنْ مَوْضِعِ الْكَسْرِ فَوَجَدَهُ قَدْ انْدَمَلَ أَعَادَ كُلَّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا بَعْدَ الِانْدِمَالِ بِالْمَسْحِ عَلَيْهَا، وَلَوْ سَقَطَتْ جَبِيرَتُهُ فِي الصَّلَاةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ سَوَاءٌ أَكَانَ بَرِيءَ أَمْ لَا كَانْقِلَاعِ الْخُفِّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ رَفَعَ السَّاتِرَ لِتَوَهُّمِ الْبُرْءِ فَبَانَ خِلَافُهُ فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ، وَلَعَلَّ صُورَةَ رَفْعِ السَّاتِرِ أَنَّهُ ظَهَرَ مِنْ الصَّحِيحِ مَا لَا يَجِبُ غَسْلُهُ عَكْسُ صُورَةِ سُقُوطِ الْجَبِيرَةِ، إذْ لَا يُمْكِنُ بَقَاؤُهَا مَعَ وُجُوبِ غَسْلِ مَا ظَهَرَ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ فِي الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSمَسَحَهَا انْتَقَلَ الدَّمُ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ بِحَيْثُ لَا يُعْفَى عَنْهُ مَسَحَ أَيْضًا لِأَنَّ غَايَةَ مَا فِي الْبَابِ أَنَّهُ نَجَّسَ نَفْسَهُ لِحَاجَةٍ وَهُوَ جَائِزٌ ثُمَّ يَغْسِلُ الْمَحَلَّ الْمُنْتَقَلَ إلَيْهِ الْمَذْكُورُ اهـ. وَهَذَا لَا يُشْكِلُ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْخُفَّ إذَا تَنَجَّسَ بِمَعْفُوٍّ عَنْهُ يُمْسَحُ مِنْهُ مَا لَا نَجَاسَةَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْخُفَّ لَا يَجِبُ اسْتِيعَابُهُ بِالْمَسْحِ بَلْ الْوَاجِبُ فِيهِ مَا يُسَمَّى مَسْحًا فَلَا ضَرُورَةَ إلَى مَسْحِ مَوْضِعِ النَّجَاسَةِ، وَأَمَّا الْجَبِيرَةُ فَيَجِبُ اسْتِيعَابُهَا، فَالدَّمُ وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِهَا أَشْبَهَتْ مَا لَوْ عَمَّتْ النَّجَاسَةُ الْخُفَّ وَتَقَدَّمَ جَوَازُ مَسْحِهِ حِينَئِذٍ ثَمَّ عَنْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: فِي تَعْمِيمِهِ) أَيْ الرَّأْسِ. (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ) مِنْ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ (قَوْلُهُ مَا إذَا أَحْدَثَ) أَيْ أَوْ أَجْنَبَ ثَانِيًا (قَوْلُهُ: بَعْدَ الِانْدِمَالِ) أَيْ مَا عَلِمَ أَنَّهَا بَعْدَ الِانْدِمَالِ فَإِنْ تَرَدَّدَ فِي وَقْتِ الِانْدِمَالِ قُدِّرَ بِأَقْرَبِ زَمَنٍ يُمْكِنُ الِانْدِمَالُ فِيهِ (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) أَيْ لِظُهُورِ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ الْآتِي مَعَ وُجُوبِ غَسْلِ مَا ظَهَرَ (قَوْلُهُ: لَا يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ) أَيْ وَلَا صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّ صُورَةَ رَفْعِ السَّاتِرِ) أَيْ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَفَعَ السَّاتِرَ إلَخْ (قَوْلُهُ مَا لَا يَجِبُ غَسْلُهُ) لَوْ قَالَ: لَمْ يَظْهَرْ مِنْ الصَّحِيحِ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ كَانَ أَوْضَحَ لِشُمُولِهِ مَا لَوْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْ الصَّحِيحِ شَيْءٌ أَصْلًا وَإِنْ كَانَ مُسْتَفَادًا بِالْأَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُمْكِنُ بَقَاؤُهَا) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَعَلَّ صُورَةَ رَفْعِ السَّاتِرِ أَنَّهُ ظَهَرَ مِنْ الصَّحِيحِ مَا لَا يَجِبُ غَسْلُهُ) عِبَارَةٌ مَقْلُوبَةٌ إذْ لَيْسَ لَنَا صُورَةٌ يَظْهَرُ فِيهَا مِنْ الصَّحِيحِ مَا لَا يَجِبُ غَسْلُهُ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ بَعْدَ أَنْ أَجَابَ بِالْجَوَابِ الْآتِي فِي كَلَامِ الشَّيْخِ بَعْدَ نَصِّهَا ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ أَجَابَ بِحَمْلِ مَا هُنَا أَيْ مَسْأَلَةِ رَفْعِ السَّاتِرِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْ الصَّحِيحِ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ وَمَا هُنَاكَ فِي مَسْأَلَةِ الْجَبِيرَةِ عَلَى مَا إذَا ظَهَرَ مِنْهُ ذَلِكَ، وَهُوَ أَوْلَى انْتَهَتْ

أَوْ مَا إذَا تَرَدَّدَ فِي بُطْلَانِ تَيَمُّمِهِ وَطَالَ التَّرَدُّدُ أَوْ مَضَى مَعَهُ رُكْنٌ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ مَلْحَظَ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ غَيْرُ مَلْحَظِ بُطْلَانِ التَّيَمُّمِ وَانْدَفَعَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ: لَا أَثَرَ لِظُهُورِ شَيْءٍ مِنْ الصَّحِيحِ فِي بُطْلَانِ التَّيَمُّمِ لِأَنَّهُ عَنْ الْعَلِيلِ وَوَجْهُ انْدِفَاعِهِ أَنَّا لَمْ نَجْعَلْ هَذَا الظُّهُورَ سَبَبًا لِبُطْلَانِ التَّيَمُّمِ بَلْ لِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ وَمَلْحَظُهُمَا مُخْتَلِفٌ كَمَا تَقَرَّرَ، وَإِذَا تَحَقَّقَ الْبُرْءُ وَهُوَ عَلَى طَهَارَةٍ كَانَ كَوِجْدَانِ الْمُتَيَمِّمِ الْمَاءَ فِي تَفْصِيلِهِ الْآتِي وَلَوْ كَانَتْ لُصُوقًا تُنْزَعُ وَتُغَيَّرُ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ أَيَّامٍ فَحُكْمُهَا كَالْجَبِيرَةِ الْوَاحِدَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ السُّبْكِيُّ، وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ بَلْ الْأَوْجَهُ خِلَافُهُ. وَلَوْ كَانَتْ الْجَبِيرَةُ عَلَى عُضْوَيْنِ فَرَفَعَ إحْدَاهُمَا لَمْ يَلْزَمْهُ رَفْعُ الْأُخْرَى، بِخِلَافِ مَاسِحِ الْخُفِّ لَوْ نَزَعَ أَحَدَ خُفَّيْهِ لَزِمَهُ نَزْعُ الْآخَرِ لِأَنَّ الشَّرْطَ فِي الِابْتِدَاءِ أَنْ يَلْبَسَهُمَا جَمِيعًا وَهُنَا لَا يُشْتَرَطُ فِي الِابْتِدَاءِ أَنْ يَضَعَ الْجَبِيرَةَ عَلَيْهِمَا، وَلَوْ أَجْنَبَ صَاحِبُ الْجَبِيرَةِ اغْتَسَلَ وَتَيَمَّمَ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ نَزْعُهَا، بِخِلَافِ الْخُفِّ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ فِي إيجَابِ النَّزْعِ هُنَا مَشَقَّةً. ثُمَّ الْكَلَامُ فِي التَّيَمُّمِ يَنْحَصِرُ فِي ثَلَاثَةِ أَطْرَافٍ: الْأَوَّلُ فِي أَسْبَابِهِ وَقَدْ مَرَّ الْكَلَامُ عَلَيْهَا، الثَّانِي فِي كَيْفِيَّتِهِ، الثَّالِثُ فِي أَحْكَامِهِ. وَقَدْ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الطَّرَفِ الثَّانِي فَقَالَ: فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَرْكَانِ التَّيَمُّمِ وَكَيْفِيَّتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا سَيَأْتِي (يَتَيَمَّمُ بِكُلِّ تُرَابٍ) فَلَا يُجْزِئُ بِغَيْرِهِ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ أَوْ مَا اتَّصَلَ بِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ: أَيْ تُرَابًا طَاهِرًا، وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «جُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَتُرْبَتُهَا طَهُورًا» وَالتُّرْبَةُ مِنْ أَسْمَاءِ التُّرَابِ، وَجَاءَ بِلَفْظِ التُّرَابِ فِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ وَصَحَّحَهَا أَبُو عَوَانَةَ «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَتُرَابُهَا طَهُورًا» ـــــــــــــــــــــــــــــSالصَّلَاةَ وَهُوَ تَعْلِيلٌ لِكَوْنِ سُقُوطِ الْجَبِيرَةِ عَكْسَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَا بَعْدَهُ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ مَعَ وُجُوبِ غَسْلِ مَا ظَهَرَ (قَوْلُهُ: أَوْ مَا إذَا تَرَدَّدَ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ أَنَّهُ ظَهَرَ مِنْ الصَّحِيحِ مَا لَا يَجِبُ غَسْلُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مَلْحَظِ إلَخْ) وَهُوَ أَنَّ مَلْحَظَ بُطْلَانِ التَّيَمُّمِ الْبُرْءُ مِنْ الْعِلَّةِ، وَمَلْحَظَ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ ظُهُورُ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْ الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ: فِي بُطْلَانِ التَّيَمُّمِ) أَيْ فَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ (قَوْلُهُ: فِي تَفْصِيلِهِ الْآتِي) أَيْ فَيُقَالُ إنْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ وَلَيْسَ فِي صَلَاةٍ امْتَنَعَ الْإِحْرَامُ بِهَا أَوْ فِيهَا، فَإِنْ وَجَبَ قَضَاؤُهَا كَكَوْنِ السَّاتِرِ أَخَذَ زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ الِاسْتِمْسَاكِ بَطَلَتْ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ كَكَوْنِ السَّاتِرِ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ الصَّحِيحِ شَيْئًا أَتَمَّهَا (قَوْلُهُ: الْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) أَيْ مِنْ أَنَّ كُلَّ مَرَّةٍ لَهَا حُكْمٌ مُسْتَقِلٌّ، فَعَلَى كَلَامِ السُّبْكِيّ تَغْيِيرُ اللُّصُوقِ لَا يُؤَثِّرُ فِي طَهَارَتِهِ السَّابِقَةِ، وَعَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ يُؤَثِّرُ، فَيَجِبُ غَسْلُ الصَّحِيحِ مَعَ مَا بَعْدَهُ وَلَا يَبْطُلُ التَّيَمُّمُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ نَزْعُهَا) أَيْ ثُمَّ إنْ وُجِدَ سَبَبٌ لِلْقَضَاءِ كَكَوْنِهَا أَخَذْت زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ الِاسْتِمْسَاكِ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ: عَلَى الطَّرَفِ الثَّانِي) أَيْ مُعَقِّبًا لَهُ بِالثَّالِثِ فَفِيهِ مُسَامَحَةٌ. فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَرْكَانِ التَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: وَكَيْفِيَّتُهُ) لَا يُقَالُ: الْأَرْكَانُ دَاخِلَةٌ فِي الْكَيْفِيَّةِ فَلَا وَجْهَ لِعَطْفِ الْكَيْفِيَّةِ عَلَيْهَا. لِأَنَّا نَقُولُ: الْمُرَادُ مِنْ كَيْفِيَّةِ الصِّفَةِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ بَيَانِهَا بَيَانُ الْأَرْكَانِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ بَيَانِ الْكُلِّ بَيَانُ أَجْزَائِهِ وَإِنْ كَانَتْ دَاخِلَةً فِيهِ، وَهُنَا تَبْيِينُ الْكَيْفِيَّةِ يَحْصُلُ بِأَنْ يُقَالَ: كَيْفِيَّتُهُ نَقْلُ التُّرَابِ مَعَ النِّيَّةِ إلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ، وَيُبَيِّنُ كَيْفِيَّةَ النَّقْلِ، لَكِنَّ بَعْضَ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ الْكَيْفِيَّةُ سُنَنٌ وَبَعْضُهَا أَرْكَانٌ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَبْيِينِهَا كَمَا سَبَقَ تَمْيِيزُ السُّنَنِ عَنْ الْأَرْكَانِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَغَيْرُ ذَلِكَ) كَالْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَا اتَّصَلَ بِهَا) كَالشَّجَرِ وَالزَّرْعِ (قَوْلُهُ: «لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا» إلَخْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ مَا إذَا تَرَدَّدَ) هَذَا تَصْوِيرٌ آخَرُ لِلْجَبِيرَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَصُورَةُ الْجَبِيرَةِ أَنَّهُ ظَهَرَ مِنْ الصَّحِيحِ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ أَوْ مَا إذَا تَرَدَّدَ إلَخْ، إذْ لَيْسَ قَبْلَهُ مَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَيْهِ فِي اللَّفْظِ. وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ فِي هَذَا الْمَقَامِ: وَلَوْ

[فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك]

وَكَوْنُ مَفْهُومِ اللَّقَبِ لَيْسَ بِحَجَّةٍ مَحَلُّهُ حَيْثُ لَا قَرِينَةَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ فِي الْمَنْخُولِ، وَهُنَا قَرِينَتَانِ: الْعُدُولُ إلَى التُّرَابِ فِي الطَّهُورِيَّةِ بَعْدَ ذِكْرِ جَمِيعِهَا فِي الْمَسْجِدِيَّةِ، وَكَوْنُ السِّيَاقِ لِلِامْتِنَانِ الْمُقْتَضِي تَكْثِيرَ مَا يَمْتَنُّ بِهِ. فَلَمَّا اقْتَصَرَ عَلَى التُّرَابِ دَلَّ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِالْحُكْمِ، وَطَهَارَةُ التَّيَمُّمِ تَعَبُّدِيَّةٌ فَاخْتَصَّتْ بِمَا وَرَدَ كَالْوُضُوءِ، بِخِلَافِ الدَّبَّاغِ فَإِنَّهُ نَزْعُ الْفُضُولِ وَهُوَ يَحْصُلُ بِأَنْوَاعٍ (طَاهِرٍ) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الطَّهُورَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي: وَلَا بِمُسْتَعْمِلٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43] وَمَرَّ تَفْسِيرُهُ بِالتُّرَابِ الطَّاهِرِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: تُرَابٌ لَهُ غُبَارٌ، وَقَوْلُهُ حُجَّةٌ فِي اللُّغَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْله تَعَالَى {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6] إذْ الْإِتْيَانُ بِمِنْ الْمُفِيدَةِ لِلتَّبْعِيضِ يَقْتَضِي أَنْ يَمْسَحَ بِشَيْءٍ يَحْصُلُ عَلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ بَعْضُهُ، وَقَوْلُ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ إنَّهَا لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ تُرَابٌ ضَعَّفَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ ـــــــــــــــــــــــــــــSعِبَارَةُ حَجّ وَصَحَّ «جُعِلَتْ الْأَرْضُ كُلُّهَا لَنَا مَسْجِدًا وَتُرَابُهَا» ، وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ وَتُرْبَتُهَا، وَهُمَا مُتَرَادِفَانِ كَمَا قَالَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فِيهِ لَنَا طَهُورًا (قَوْلُهُ: الْمَنْخُولُ) بِالنُّونِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ اسْمُ كِتَابٍ لَلْغَزَالِيِّ فِي أُصُولِ الدِّينِ (قَوْلُهُ: لِلِامْتِنَانِ) فِي كَوْنِ الِامْتِنَانِ قَرِينَةَ شَيْءٍ سم عَلَى حَجّ: أَيْ لِأَنَّهُ يَجُوزُ إفْرَادُهُ مِنْ بَيْنِ أَنْوَاعِ مَا يُمْتَنُّ بِهِ لِحِكْمَةٍ، وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ هُنَا امْتِهَانَ التُّرَابِ فَيُتَوَهَّمُ عَدَمُ إجْزَائِهِ (قَوْلُهُ: فَاخْتَصَّتْ بِمَا وَرَدَ كَالْوُضُوءِ) يُفِيدُ أَنَّ طَهَارَةَ الْوُضُوءِ تَعَبُّدِيَّةٌ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ فِي الْوُضُوءِ عَنْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ لَكِنَّهُ رُجِّحَ ثُمَّ إنَّهُ مَعْقُولُ الْمَعْنَى فَلَعَلَّ التَّشْبِيهَ فِي مُجَرَّدِ الِاقْتِصَارِ عَلَى مَا وَرَدَ أَوْ أَنَّهُ جَرَى هُنَا عَلَى غَيْرِ مَا رَجَّحَهُ ثُمَّ إنَّهُ مَعْقُولُ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ النَّزْعُ (قَوْلُهُ: مَا يَشْمَلُ الطَّهُورَ) الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ: أَرَادَ بِهِ الطَّهُورَ اهـ سم عَلَى حَجّ بِالْمَعْنَى: يَعْنِي لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ التَّأْوِيلِ إخْرَاجُ الْمُسْتَعْمَلِ وَهُوَ إنَّمَا يَخْرُجُ حَيْثُ أُرِيدَ بِالطَّاهِرِ الطَّهُورُ لَا مَا يَشْمَلُهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ وَلَا بِمُسْتَعْمَلٍ فِي حُكْمِ الِاسْتِثْنَاءِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ حُجَّةٌ) مَعْنَاهُ: أَنَّهُ لِثِقَتِهِ وَدِيَانَتِهِ لَا يَنْقُلُ تَفْسِيرًا فِي اللُّغَةِ إلَّا إذَا سَمِعَهُ مِنْ الْمَوْثُوقِ بِهِمْ فِيهَا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يَقُولَ: قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ كَذَلِكَ فَانْدَفَعَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا مِنْ أَنَّ الشَّافِعِيَّ وَنَحْوَهُ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ لَا يُحْتَجُّ بِمُجَرَّدِ صُدُورِ الْكَلِمَةِ مِنْهُمْ عَلَى أَنَّهَا مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ وَإِنَّمَا يُحْتَجُّ بِنَقْلِهِمْ، وَالشَّافِعِيُّ فِي هَذِهِ لَمْ يَقُلْ قَالَ الْعَرَبُ كَذَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: ضَعَّفَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ) وَكَانَ حَنَفِيًّا وَأَنْصَفَ مِنْ نَفْسِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQسَقَطَتْ جَبِيرَةٌ فِي صَلَاتِهِ بَطَلَتْ كَنَزْعِ الْخُفِّ وَمَحَلُّهُ مَا إذَا بَانَ شَيْءٌ مِمَّا يَجِبُ غَسْلُهُ إذْ لَا يُمْكِنُ بَقَاؤُهَا مَعَ وُجُوبِ غَسْلِ مَا ظَهَرَ، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ فِي الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ أَوْ مَا إذَا تَرَدَّدَ فِي بُطْلَانِ تَيَمُّمِهِ وَطَالَ التَّرَدُّدُ أَوْ مَضَى مَعَهُ رُكْنٌ ثُمَّ إنْ عَلِمَ الْبُرْءَ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ أَيْضًا وَإِلَّا فَلَا، وَبِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ مَلْحَظَ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ غَيْرُ مَلْحَظِ بُطْلَانِ التَّيَمُّمِ انْدَفَعَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي فِي الشَّرْحِ، فَالشَّيْخُ تَصَرَّفَ فِيهَا وَفِي عِبَارَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ بِمَا تَرَى. [فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَرْكَانِ التَّيَمُّمِ وَكَيْفِيَّتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ] (قَوْلُهُ: «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ» إلَخْ) بَدَلٌ مِنْ رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ (قَوْلُهُ: لِلِامْتِنَانِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ فِي حَيِّزِ الِامْتِنَانِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ: فِي حَيِّزِ الِامْتِنَانِ فِيهِ شَيْءٌ اهـ. وَتَوَقُّفُهُ كَمَا تَرَى إنَّمَا هُوَ فِي كَوْنِهَا فِي حَيِّزِ الِامْتِنَانِ لَا فِي كَوْنِ الِامْتِنَانِ دَالًّا عَلَى خُصُوصِ التُّرَابِ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: كَالْوُضُوءِ) لَعَلَّ التَّشْبِيهَ فِي مُجَرَّدِ الِاخْتِصَاصِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهِ تَعَبُّدِيًّا أَوْ مَعْقُولَ الْمَعْنَى، فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ لَهُ فِي الْوُضُوءِ وَفِيهِ شَيْءٌ خُصُوصًا مَعَ مَا يَأْتِي بَعْدَهُ، فَلَعَلَّهُ هُنَا مَشَى عَلَى خِلَافِ مَا رَجَّحَهُ ثَمَّ (قَوْلُهُ: مَا يَشْمَلُ) الصَّوَابُ حَذْفُهُ (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ هُنَا كَالْخَبَرِ الْآتِي؛ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ الِاسْتِدْلَال بِهِمَا وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ الْكَلَامَ عَلَى الْآيَةِ، ثَمَّ (قَوْلُهُ: فَلَا يُشْتَرَطُ تُرَابٌ) لَعَلَّ صَوَابَهُ غُبَارٌ ثُمَّ رَأَيْته كَذَلِكَ فِي نُسْخَةٍ

بِأَنَّ أَحَدًا مِنْ الْعَرَبِ لَا يَفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ مَسَحَ بِرَأْسِهِ مِنْ الدُّهْنِ وَمِنْ الْمَاءِ وَمِنْ التُّرَابِ إلَّا مَعْنَى التَّبْعِيضِ وَالْإِذْعَانُ لِلْحَقِّ أَحَقُّ مِنْ الْمِرَاءِ اهـ. وَيَدُلُّ لَهُ مِنْ السُّنَّةِ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَتُرْبَتُهَا طَهُورًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ كَمَا مَرَّ وَهِيَ مُبَيِّنَةٌ لِلرِّوَايَةِ الْمُطْلَقَةِ فِي قَوْلِهِ «وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» وَدَخَلَ فِي التُّرَابِ سَائِرُ أَنْوَاعِهِ وَلَوْ أَصْفَرَ أَوْ أَعْفَرَ أَوْ أَحْمَرَ أَوْ أَسْوَدَ أَوْ أَبْيَضَ (حَتَّى مَا يُدَاوَى بِهِ) كَالْأَرْمَنِيِّ وَالسَّبْخِ الَّذِي لَا يَنْبُتُ دُونَ الَّذِي يَعْلُوهُ مِلْحٌ، وَمَا أَخْرَجَتْهُ الْأَرَضَةُ مِنْ مَدَرٍ لِأَنَّهُ تُرَابٌ لَا مِنْ خَشَبٍ، إذْ لَا يُسَمَّى تُرَابًا، وَلَا أَثَرَ لِامْتِزَاجِهِ بِلُعَابِهَا كَطِينٍ عُجِنَ بِنَحْوِ خَلٍّ ثُمَّ جَفَّ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ، وَإِنْ تَغَيَّرَتْ رَائِحَتُهُ وَطَعْمُهُ وَلَوْنُهُ. نَعَمْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ غُبَارٌ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ كَثِيرٌ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ فِيهِ، وَلَا لِتَغَيُّرِ حَمْأَةٍ كَطِينٍ شُوِيَ حَتَّى اسْوَدَّ لَا إنْ صَارَ رَمَادًا، وَلَا يُجْزِئُ التَّيَمُّمُ بِنَجَسٍ كَتُرَابِ مَقْبَرَةٍ عُلِمَ نَبْشُهَا وَإِنْ أَصَابَهُ مَطَرٌ، فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ جَازَ بِلَا كَرَاهَةٍ، وَكَتُرَابٍ عَلَى ظَهْرٍ كَلْبٍ أَوْ خِنْزِيرٍ عُلِمَ اتِّصَالُهُ بِهِ رَطْبًا. وَلَا بِمُخْتَلَطٍ بِنَجَسٍ كَفُتَاتِ الرَّوْثِ، وَقَوْلُ أَبِي الطَّيِّبِ: لَوْ وَقَعَتْ ذَرَّةُ نَجَاسَةٍ فِي صُبْرَةِ تُرَابٍ كَبِيرَةٍ تَحَرَّى وَتَيَمَّمَ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ عَدَمُ اشْتِرَاطِ التَّعَدُّدِ فِي التَّحَرِّي، وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَائِدَةٌ] ذُكِرَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي هَذَا الْفَصْلِ أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ كَلَامُ شَخْصٍ فِي إفْتَاءٍ وَتَصْنِيفٍ لَهُ كَانَ الْأَخْذُ بِمَا فِي التَّصْنِيفِ أَوْلَى فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: وَيَدُلُّ لَهُ) أَيْ لِاشْتِرَاطِ التُّرَابِ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) الَّذِي مَرَّ فِي الْحَدِيثِ: «جُعِلَتْ لَنَا» لَا لِي (قَوْلُهُ: سَائِرُ) أَيْ جَمِيعُ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَصْفَرَ) وَمِنْهُ الطِّفْلُ الْمَعْرُوفُ اهـ حَجّ. وَقَوْلُهُ أَوْ أَعْفَرَ وَالْأَعْفَرُ الْأَبْيَضُ وَلَيْسَ بِشَدِيدِ الْبَيَاضِ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: كَالْإِرْمِنِيِّ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ حَجّ، وَنَقَلَ عَنْهُ سم فِي غَيْرِ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ فَتْحَهَا اهـ. وَبِكَسْرِ الْمِيمِ أَيْضًا كَمَا نَقَلَ عَنْ النَّوَوِيِّ، لَكِنْ فِي الْمُخْتَارِ مَا نَصُّهُ: وَإِرْمِينْيَةُ بِالْكَسْرِ قَرْيَةٌ بِنَاحِيَةِ الرُّومِ، وَالنِّسْبَةُ إلَيْهَا إرْمَنِيُّ بِفَتْحِ الْمِيمِ اهـ. وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ: قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا لُغَتَانِ خِلَافًا لِلْأَسْنَوِيِّ اهـ. وَفِي الْمِصْبَاحِ: إرْمِينِيَةُ نَاحِيَةٌ بِالرُّومِ وَهِيَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ وَبَعْدَهَا يَاءٌ آخِرُ الْحُرُوفِ سَاكِنَةٌ ثُمَّ نُونٌ مَكْسُورَةٌ ثُمَّ يَاءٌ آخِرُ الْحُرُوفِ أَيْضًا مَفْتُوحَةٌ لِأَجْلِ هَاءِ التَّأْنِيثِ، وَإِذَا نُسِبَ إلَيْهَا حُذِفَتْ الْيَاءَ الَّتِي بَعْدَ الْمِيمِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ وَحُذِفَتْ الْيَاءُ الَّتِي بَعْدَ النُّونِ أَيْضًا اسْتِثْقَالًا لِاجْتِمَاعِ ثَلَاثِ يَاءَاتٍ فَتَتَوَالَى كَسْرَتَانِ مَعَ يَاءِ النَّسَبِ، وَهُوَ عِنْدَهُمْ مُسْتَثْقَلٌ فَتُفْتَحُ الْمِيمُ تَخْفِيفًا، فَيُقَالُ إرْمَنِيُّ، وَيُقَالُ الطِّينُ الْأَرْمَنِيُّ مَنْسُوبٌ إلَيْهَا وَلَوْ نُسِبَ عَلَى الْقِيَاسِ لَقِيلَ إرْمِينِيُّ اهـ (قَوْلُهُ: وَالسَّبَخِ) هُوَ بِالْجَرِّ عُطِفَ عَلَى مَا يُدَاوِي (قَوْلُهُ: وَمَا أَخْرَجَتْهُ) أَيْ وَحَتَّى مَا أَخْرَجَتْهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِلُعَابِهَا) أَيْ الْأَرَضَةُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَذْكُرْهُ) أَيْ هَذَا الْقَيْدَ وَهُوَ كَوْنُهُ لَهُ غُبَارٌ (قَوْلُهُ: الْغَالِبُ فِيهِ) أَيْ وَمَدْلُولَاتُ الْأَلْفَاظِ تُحْمَلُ عَلَى مَا هُوَ غَالِبٌ فِيهَا (قَوْلُهُ وَلَا لِتَغَيُّرٍ) أَيْ وَلَا أَثَرَ لِتَغَيُّرٍ إلَخْ، وَحَمْأَةٍ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ ثَانِيه شَرْحُ الرَّوْضِ. وَفِي الْقَامُوسِ: الْحَمْأَةُ الطِّينُ الْأَسْوَدُ الْمُنْتِنُ كَالْحَمَإِ مُحَرَّكَةً اهـ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْحَمْأَةَ بِالسُّكُونِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ جَازَ) أَيْ بِأَنْ عَلِمَ عَدَمَ نَبْشِهَا أَوْ شَكَّ فِيهِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ بِلَا كَرَاهَةٍ شُمُولُهُ لِكُلٍّ مِنْ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ فِي صُورَةِ الشَّكِّ أَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ وَلَمْ يَرِدْ نَهْيٌ عَنْهُ مَعَ الشَّكِّ (قَوْلُهُ: وَكَتُرَابٍ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ كَتُرَابِ مَقْبَرَةٍ (قَوْلُهُ: رَطْبًا) أَيْ فَلَوْ عَلِمَ اتِّصَالَهُ بِهِ جَافَّيْنِ أَوْ شَكَّ فِيهِ جَازَ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْمَقْبَرَةِ الَّتِي لَمْ يُعْلَمْ نَبْشُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ:، وَيَدُلُّ لَهُ) أَيْ لِمَا فِي الْمَتْنِ: أَيْ يَدُلُّ لَهُ مِنْ الْقُرْآنِ الْآيَةُ الْمَارَّةُ عَلَى مَا مَرَّ فِيهَا، وَمِنْ السُّنَّةِ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الدَّمِيرِيِّ الَّذِي مَا هُنَا عِبَارَتُهُ كَاَلَّذِي مَرَّ فِي الْآيَةِ وَإِنْ أَوْهَمَ سِيَاقُ الشَّيْخِ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي لَهُ رَاجِعٌ لِكَلَامِ الشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: لِي) الَّذِي تَقَدَّمَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ لَنَا

فَإِنْ قَسَمَ التُّرَابَ قِسْمَيْنِ جَازَ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي فَصْلِ الْكُمَّيْنِ عَنْ الْقَمِيصِ بَعْدَ تَنَجُّسِ أَحَدِهِمَا (وَبِرَمْلٍ فِيهِ غُبَارٌ) لَا يُلْصَقُ بِالْعُضْوِ خَشِنًا كَانَ أَوْ نَاعِمًا لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ التُّرَابِ إذْ هُوَ مِنْ طَبَقَاتِ الْأَرْضِ. وَفِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ: لَوْ سُحِقَ الرَّمَلُ الصَّرْفُ وَصَارَ لَهُ غُبَارٌ أَجْزَأَ: أَيْ بِأَنْ صَارَ كُلُّهُ بِالسَّحْقِ غُبَارًا أَوْ بَقِيَ مِنْهُ خَشِنٌ لَا يَمْنَعُ لُصُوقَ الْغُبَارِ بِالْعُضْوِ حَتَّى لَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا يَأْتِي قَالَ بِخِلَافِ الْحَجَرِ الْمَسْحُوقِ، وَقَدْ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ: الرَّمَلُ ضَرْبَانِ: مَا لَهُ غُبَارٌ فَيَجُوزُ بِهِ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ التُّرَابِ، وَمَا لَا غُبَارَ لَهُ فَلَا لِعَدَمِ التُّرَابِ لَا لِخُرُوجِهِ عَنْ جِنْسِ التُّرَابِ اهـ. إذْ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ تُرَابٌ حَقِيقَةً وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غُبَارٌ. أَمَّا إذَا لَصَق الرَّمَلُ الَّذِي لَهُ غُبَارٌ فَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ بِهِ، وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ يُحْمَلُ مَا وَقَعَ فِي كُتُبِ الْمُصَنِّفِ مِنْ إطْلَاقِ الْإِجْزَاءِ وَإِطْلَاقِ عَدَمِهِ، وَفِي الْمَجْمُوعِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّ إنَاطَتَهُمْ الْحُكْمَ بِالنَّاعِمِ وَالْخَشِنِ الْغَالِبُ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ إعَادَةَ الْبَاءِ الْمُفِيدَةِ لِمُغَايِرَةِ الرَّمَلِ لِلتُّرَابِ لِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ لِصُورَةِ الرَّمَلِ قَبْلَ السَّحْقِ. نَعَمْ التَّيَمُّمُ حَقِيقَةً إنَّمَا هُوَ بِالْغُبَارِ الَّذِي صَارَ تُرَابًا لَا بِالرَّمَلِ، فَفِي الْعِبَارَةِ نَوْعُ قَلْبٍ وَهُوَ مِمَّا تُؤْثِرُهُ الْفُصَحَاءُ لِأَغْرَاضٍ لَا يَبْعُدُ قَصْدُ بَعْضِهَا هُنَا (لَا بِمَعْدِنٍ) بِكَسْرِ الدَّالِ كَنُورَةٍ وَنِفْطٍ وَكِبْرِيتٍ (وَسَحَاقَةِ خَزَفٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــSعَدَمُ الْكَرَاهَةِ هُنَا أَيْضًا وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِأَنَّ الْغَالِبَ هُنَا الرُّطُوبَةُ وَلِغِلَظِ نَجَاسَةِ الْكَلْبِ (قَوْلُهُ: قِسْمَيْنِ جَازَ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ اخْتِلَاطُ النَّجَاسَةِ بِكُلٍّ مِنْ الْقِسْمَيْنِ، وَلَعَلَّهُ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْقَيْدَ لِتَعْبِيرِهِ بِالذَّرَّةِ فَإِنَّهَا لَا يُمْكِنُ انْقِسَامُهَا. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: أَيْ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ تَفَرُّقُ الْمُخْتَلَطِ مِنْ النَّجَاسَةِ فِيهِمَا اهـ. وَانْظُرْ لَوْ هَجَمَ وَتَيَمَّمَ مِنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ هَلْ يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ كَمَا لَوْ تَيَمَّمَ مِنْ تُرَابٍ عَلَى ظُهْرِ كَلْبٍ شَكَّ فِي اتِّصَالِهِ بِهِ رَطْبًا أَوْ جَافًّا أَوْ لَا يَصِحُّ كَمَا لَوْ اخْتَلَطَ إنَاءٌ طَاهِرٌ بِنَجِسٍ الظَّاهِرُ الثَّانِي لِتَحَقُّقِ النَّجَاسَةِ فِيمَا ذُكِرَ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ وَقَعَتْ قَطْرَةُ بَوْلٍ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ حَيْثُ تَصِحُّ طَهَارَتُهُ مِنْهُ لَوْ هَجَمَ وَأَعْرَضَ عَنْ التَّقْدِيرِ بِأَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى التَّغَيُّرِ، وَهُوَ غَيْرُ مُحَقَّقٍ بَلْ مَشْكُوكٌ فِيهِ، وَنَحْنُ لَا نُنَجِّسُ بِالشَّكِّ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّا تَحَقَّقْنَا اخْتِلَاطَ النَّجَاسَةِ الْمَانِعَةِ وَشَكَكْنَا فِيمَا نَسْتَعْمِلُهُ، لَكِنْ قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى ابْنِ حَجَرٍ: وَيُتَّجَهُ فِي الْكَبِيرَةِ جِدًّا جَوَازُ التَّيَمُّمِ بِلَا تَحَرٍّ كَمَا لَوْ اشْتَبَهَتْ نَجَاسَةٌ فِي مَكَان وَاسِعٍ جِدًّا تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهِ اهـ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ تَنَجُّسِ أَحَدِهِمَا) ظَاهِرُ الشَّارِحِ كَابْنِ حَجَرٍ إنَّ فَصَلَ أَحَدِهِمَا مَعَ بَقَاءِ الْكُمِّ الثَّانِي مُتَّصِلًا بِالْقَمِيصِ لَا يَكْفِي فِي جَوَازِ الِاجْتِهَادِ وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ لِتَحَقُّقِ التَّعَدُّدِ بِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَبِرَمْلٍ فِيهِ غُبَارٌ) . [فَرْعٌ اسْتِطْرَادِيٌّ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ كَانَ مَعَهُ رَمْلٌ لَهُ غُبَارٌ وَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِاَللَّهِ أَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ تُرَابٌ هَلْ يَحْنَثُ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ التُّرَابِ لِإِجْزَائِهِ فِي التَّيَمُّمِ أَوْ لَا نَظَرًا لِلْعُرْفِ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى فِيهِ تُرَابًا وَالْأَيْمَانُ مَبْنَاهَا عَلَى الْعُرْفِ؟ أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ الَّذِي لَا مَحِيصَ عَنْهُ هُوَ الثَّانِي لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لَا يُلْصَقُ) بِفَتْحِ الصَّادِ فِي الْمُضَارِعِ وَكَسْرِهَا فِي الْمَاضِي اهـ مُخْتَارُ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ التُّرَابِ) فِي نُسْخَةٍ الْغُبَارُ، وَمَا فِي الْأَصْلِ يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ لَا بِخُرُوجِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَوْعُ قَلْبٍ) وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ مِنْ الْمَجَازِ حُكْمًا لِأَنَّهُ إسْنَادُ اللَّفْظِ إلَى غَيْرِ مَا هُوَ لَهُ مِنْ الْمُلَابَسَاتِ، وَفِي سم عَلَى حَجّ قَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ وَبِغُبَارِ رَمْلٍ أَوْهَمَ اشْتِرَاطَ تَمْيِيزِهِ عَنْ الرَّمَلِ (قَوْلُهُ: لَا بِمَعْدِنٍ) قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَلَا بِحَجَرٍ: أَيْ وَإِنْ كَانَ رَخْوًا كَالْكَذَّانِ: أَيْ الْبَلَاطِ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِهِ وَزُجَاجٍ وَخَزَفٍ وَآجُرٍّ سُحِقَتْ اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَإِنْ صَارَ لَهَا غُبَارٌ لِأَنَّهَا مَعَ ذَلِكَ لَا تُسَمَّى تُرَابًا اهـ سم عَلَى حَجّ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْكَذَّانُ بِفَتْحِ الْكَافِ وَتَشْدِيدِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ الْحَجَرُ الرَّخْوُ اهـ (قَوْلُهُ بِكَسْرِ الذَّالِ) أَيْ أَوْ فَتْحِهَا (قَوْلُهُ: كَنَوْرَةٍ) هُوَ الْجِيرُ قَبْلَ طَفْيِهِ شَيْخُنَا الْحَلَبِيُّ، لَكِنَّ عِبَارَةَ الْمِصْبَاحِ: النُّورَةُ بِضَمِّ النُّونِ حَجَرُ الْكِلْسِ ثُمَّ غَلَبَتْ عَلَى أَخْلَاطٍ تُضَافُ إلَى الْكِلْسِ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى تُرَابًا، وَالْخَزَفُ: مَا اُتُّخِذَ مِنْ الطِّينِ وَشُوِيَ فَصَارَ فُخَّارًا وَاحِدَتُهُ خَزَفَةٌ (وَمُخْتَلَطٍ بِدَقِيقِ وَنَحْوِهِ) مِمَّا يُعَلَّقُ بِالْيَدِ كَزَعْفَرَانٍ وَجِصٍّ لِمَنْعِهِ مِنْ تَعْمِيمِ الْعُضْوِ بِالتُّرَابِ، بِخِلَافِ الرَّمَلِ إذَا خَالَطَهُ التُّرَابُ عَلَى مَا مَرَّ وَسَوَاءٌ أَقَلَّ الْخَلِيطُ أَمْ كَثُرَ (وَقِيلَ إنْ قَلَّ الْخَلِيطُ جَازَ) كَالْمَائِعِ الْقَلِيلِ إذَا اخْتَلَطَ بِالْمَاءِ فَإِنَّ الْغَلَبَةَ تُصَيِّرُ الْمُنْغَمِرَ الْقَلِيلَ عَدَمًا. وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمَائِعَ لَا يَمْنَعُ مِنْ وُصُولِ الْمَاءِ إلَى الْبَشَرَةِ لِلَطَافَتِهِ، وَالدَّقِيقَ وَنَحْوَهُ يَمْنَعُ وُصُولَ التُّرَابِ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي يَعْلَقُ بِهِ لِكَثَافَتِهِ، وَالْأَرْجَحُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ ضَبْطُ الْقَلِيلِ هُنَا بِاعْتِبَارِ الْأَوْصَافِ الثَّلَاثَةِ كَمَا فِي الْمَاءِ (وَلَا بِ) تُرَابٍ (مُسْتَعْمَلٍ عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهُ أُدِّيَ بِهِ فَرْضٌ وَعِبَادَةٌ فَكَانَ مُسْتَعْمَلًا كَالْمَاءِ الَّذِي تَوَضَّأَتْ بِهِ الْمُسْتَحَاضَةُ. وَالثَّانِي يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ فَلَا يَتَأَثَّرُ بِالِاسْتِعْمَالِ (وَهُوَ) أَيْ الْمُسْتَعْمَلُ (مَا بَقِيَ بِعُضْوِهِ) حَالَةَ تَيَمُّمِهِ (وَكَذَا مَا تَنَاثَرَ) بِالْمُثَلَّثَةِ بَعْدَ إمْسَاسِهِ الْعُضْوَ حَالَةَ تَيَمُّمِهِ (فِي الْأَصَحِّ) كَالْمَاءِ الْمُتَقَاطِرِ مِنْ طَهَارَتِهِ. وَالثَّانِي لَا يَكُونُ مُسْتَعْمَلًا لِأَنَّ التُّرَابَ كَثِيفٌ إذَا عَلَقَ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْمَحَلِّ مَنَعَ غَيْرَهُ أَنْ يَلْتَصِقَ بِهِ، وَإِذَا لَمْ يَلْتَصِقْ بِهِ فَلَا يُؤَثِّرُ، ـــــــــــــــــــــــــــــSزِرْنِيخٍ وَغَيْرِهِ وَتُسْتَعْمَلُ لِإِزَالَةِ الشَّعْرِ وَتَنَوَّرَ أَطَلَى بِالنُّورَةِ اهـ. وَقَالَ فِي الصِّحَاحِ: الْكِلْسُ: أَيْ بِالْكَافِ الْمَكْسُورَةِ وَاللَّامِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ الصَّارُوجُ يُبْنَى بِهِ. قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ: شَادَهُ مَرْمَرًا وَجَلَّلَهُ كِلْسًا ... فَلِلطَّيْرِ فِي ذُرَاهُ وُكُورٌ وَمِنْهُ الْكِلْسَةُ فِي اللَّوْنِ، يُقَالُ ذِئْبٌ أَكْلَسُ اهـ. وَقَوْلُهُ الصَّارُوجُ، قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الصَّارُوجُ النُّورَةُ وَأَخْلَاطُهَا مُعَرَّبٌ لِأَنَّ الصَّادَّ وَالْجِيمَ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي كَلِمَةٍ عَرَبِيَّةٍ (قَوْلُهُ: خَزَفَةٌ) وَقِيلَ هُوَ الْجَرُّ خَاصَّةً، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الْقَامُوسِ: الْخَزَفُ مُحَرَّكَةٌ الْجَرُّ، وَكُلُّ مَا عُمِلَ مِنْ الطِّينِ وَشُوِيَ بِالنَّارِ حَتَّى يَكُونَ فَخَّارًا وَمُخَالِفٌ لِمَا يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ الْمِصْبَاحِ الْخَزَفِ: الطِّينُ الْمَعْمُولُ آنِيَةٌ قَبْلَ أَنْ يُطْبَخَ وَهُوَ الصَّلْصَالُ، فَإِذَا شُوِّيَ فَهُوَ الْفَخَّارُ خَاصَّةً (قَوْلُهُ: وَمُخْتَلَطٌ) أَيْ يَقِينًا (قَوْلُهُ: مِمَّا يُعَلَّقُ) بِفَتْحِ اللَّامِ مِنْ بَابِ طَرِبَ يَطْرَبُ (قَوْلُهُ: كَزَعْفَرَانٍ) أَيْ أَوْ مِسْكٍ (قَوْلُهُ: الْأَوْصَافُ الثَّلَاثَةُ) أَيْ فَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الدَّقِيقِ مَثَلًا يَضُرُّ أَحَدَ أَوْصَافِ التُّرَابِ (قَوْلُهُ وَلَا بِمُسْتَعْمَلٍ) قَالَ حَجّ: فِي حَدَثٍ وَكَذَا خَبَثٍ فِيمَا يَظْهَرُ بِأَنْ اُسْتُعْمِلَ فِي مُغَلَّظٍ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلَهُ: وَكَذَا خَبَثٌ اعْتَمَدَهُ م ر، وَقَوْلُهُ بِأَنْ اُسْتُعْمِلَ: أَيْ ثُمَّ ظَهَرَ بِشَرْطِهِ اهـ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّ الِاحْتِيَاجِ لِلتَّطْهِيرِ إذَا اسْتَعْمَلَهُ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ أَمَّا إذَا اسْتَعْمَلَهُ فِيهَا فَهُوَ طَاهِرٌ كَالْغُسَالَةِ الْمُنْفَصِلَةِ مِنْهَا. وَأَمَّا حَجَرُ الِاسْتِنْجَاءِ إذَا طَهُرَ أَوْ اُسْتُعْمِلَ فِي غَيْرِ الْأُولَى وَلَمْ يَتَلَوَّثْ فَهَلْ يَكْفِي هُنَا إذَا دُقَّ وَصَارَ تُرَابًا لِأَنَّهُ مُخَفِّفٌ لَا مُزِيلٌ أَوْ لَا لِإِزَالَتِهِ الْمَنْعَ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ عَنْ سم فِي النَّجَاسَةِ الْكَلْبِيَّةِ وَيُحْتَمَلُ الْأَوَّلُ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ نَجَاسَةَ الْمَحَلِّ بَاقِيَةٌ هُنَا، وَإِنَّمَا صَحَّتْ الصَّلَاةُ مَعَ بَقَائِهَا تَخْفِيفًا وَرُخْصَةً. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ الْحُكْمِ بِنَجَاسَةِ الْمَحَلِّ أَنَّ الْمُسْتَجْمِرَ لَوْ حَمَلَهُ مُصَلٍّ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ أَوْ نَزَلَ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ نَجَّسَهُ، بِخِلَافِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي غَسَلَاتِ الْكَلْبِ فَإِنَّ الْمَحَلَّ طَهُرَ بِاسْتِعْمَالِهِ حَقِيقَةً (قَوْلُهُ فَرْضٌ وَعِبَادَةٌ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أُدِّيَ بِهِ فَرْضٌ هُوَ عِبَادَةٌ، فَيُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُسْتَعْمَلًا فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَمَا لَوْ تَيَمَّمَ بَدَلًا عَنْ الْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ، أَوْ عَنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُسْتَعْمَلًا كَالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي نَقْلِ الطَّهَارَةِ، وَقَدْ يُفِيدُهُ قَوْلُ حَجّ فِي حَدَثٍ وَكَذَا خَبَثٍ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: فَكَانَ إلَخْ) الْأَظْهَرُ فِي التَّفْرِيعِ أَنْ يَقُولَ فَلَا يُجْزِئُ كَالْمَاءِ (قَوْلُهُ: الْمُسْتَحَاضَةُ) قَدْ يَقْتَضِي أَنَّ مَاءَ الْمُسْتَحَاضَةِ مُسْتَعْمَلٌ اتِّفَاقًا، وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ لِأَنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ إلَخْ خِلَافُهُ. وَمِنْ ثَمَّ قَالَ عَمِيرَةُ بَعْدَ نَقْلِ هَذَا التَّعْلِيلِ عَنْ الرَّافِعِيِّ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقِيَاسُهُ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي مَاءِ صَاحِبِ الضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: مَا بَقِيَ بِعُضْوِهِ) أَيْ حَيْثُ اسْتَعْمَلَهُ فِي تَيَمُّمٍ وَاجِبٍ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّهُ أُدِّيَ بِهِ فَرْضٌ وَعِبَادَةٌ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: بَعْدَ إمْسَاسِهِ) أَيْ أَمَّا مَا تَنَاثَرَ مِنْ غَيْرِ مَسِّ الْعُضْوِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ. مَنْهَجٌ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلَهُ مِنْ غَيْرِ مَسٍّ شَامِلٍ لِمَا مَسَّ مَا مَسَّ الْعُضْوُ عَلَيْهِ. ثُمَّ رَأَيْت فِي التَّجْرِيدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بِخِلَافِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ رَقِيقٌ يُلَاقِي جَمِيعَ الْمَحَلِّ وَهَذَا الْوَجْهُ ضَعِيفٌ أَوْ غَلَطٌ، أَمَّا الَّذِي تَنَاثَرَ وَلَمْ يَحْصُلْ بِهِ إمْسَاسُ الْعُضْوِ فَلَيْسَ بِمُسْتَعْمَلٍ كَالْبَاقِي عَلَى الْأَرْضِ، وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ: وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لِلْمُتَنَاثِرِ حُكْمُ الِاسْتِعْمَالِ إذَا انْفَصَلَ بِالْكُلِّيَّةِ وَأَعْرَضَ الْمُتَيَمِّمُ عَنْهُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ انْفَصَلَ عَنْ الْيَدِ الْمَاسِحَةِ وَالْمَمْسُوحِ جَمِيعًا وَعِبَارَتُهُ: وَإِنْ قُلْنَا إنَّ الْمُتَنَاثِرَ مُسْتَعْمَلٌ فَإِنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الِاسْتِعْمَالِ إذَا انْفَصَلَ بِالْكُلِّيَّةِ وَأَعْرَضَ الْمُتَيَمِّمُ عَنْهُ، لِأَنَّ فِي إيصَالِ التُّرَابِ إلَى الْأَعْضَاءِ عُسْرًا لَا سِيَّمَا مَعَ رِعَايَةِ الِاقْتِصَارِ عَلَى ضَرْبَتَيْنِ فَيُعْذَرُ فِي رَفْعِ الْيَدِ وَرَدِّهَا كَمَا يُعْذَرُ فِي التَّقَاذُفِ الَّذِي يَغْلِبُ فِي الْمَاءِ وَلَا يُحْكَمُ بِاسْتِعْمَالِ الْمُتَقَاذَفِ. وَمَا فَهِمَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ كَلَامِهِ وَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَهُ مِنْ الْهَوَاءِ قَبْلَ إعْرَاضِهِ عَنْهُ وَتَيَمَّمَ بِهِ جَازَ مَمْنُوعٌ، وَعُلِمَ مِنْ حَصْرِ الْمُسْتَعْمَلِ فِيمَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ تَيَمَّمَ وَاحِدٌ أَوْ جَمَاعَةٌ مَرَّاتٍ كَثِيرَةً مِنْ تُرَابٍ يَسِيرٍ فِي نَحْوِ خِرْقَةٍ جَازَ حَيْثُ لَمْ يَتَنَاثَرْ إلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ كَمَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ مُتَكَرِّرًا مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ. (وَيُشْتَرَطُ قَصْدُهُ) أَيْ التُّرَابِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43] أَيْ اقْصِدُوهُ (فَلَوْ سَفَّتْهُ رِيحٌ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى عُضْوٍ مِنْ أَعْضَاءِ تَيَمُّمِهِ (فَرَدَّدَهُ) عَلَيْهِ (وَنَوَى لَمْ يُجْزِئْ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَيَصِحُّ أَنْ يُفْتَحَ أَوَّلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ تَعَاطِيَ الْعِبَادَةِ الْفَاسِدَةِ حَرَامٌ، وَسَوَاءٌ أَقَصَدَ بِوُقُوفِهِ فِي مَهَبِّ الرِّيحِ التَّيَمُّمَ أَمْ لَا لِانْتِفَاءِ الْقَصْدِ مِنْ جِهَتِهِ بِانْتِفَاءِ النَّقْلِ الْمُحَقِّقِ لَهُ وَمُجَرَّدُ الْقَصْدِ الْمَذْكُورِ غَيْرُ كَافٍ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ كُثِّفَ التُّرَابُ فِي الْهَوَاءِ فَمَعَكَ فِيهِ وَجْهَهُ أَجْزَأَهُ حِينَئِذٍ، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ مَا لَوْ بَرَزَ لِلْمَطَرِ فِي الطُّهْرِ بِالْمَاءِ وَنَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ أَوْ الْجَنَابَةِ فَانْغَسَلَتْ أَعْضَاؤُهُ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ فِيهِ الْغُسْلُ وَاسْمُهُ يُطْلَقُ وَلَوْ بِغَيْرِ قَصْدٍ، بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ (وَلَوْ يُمِّمَ بِإِذْنِهِ جَازَ) إقَامَةً لِفِعْلِ نَائِبِهِ مَقَامَ فِعْلِهِ وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ كَافِرًا أَوْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنَّهُ الْمَشْهُورُ اهـ: أَيْ شَامِلُ التُّرَابِ مَسُّ التُّرَابِ الَّذِي عَلَى الْعُضْوِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ لِعَدَمِ صِدْقِ حَدِّهِ عَلَيْهِ، وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُ ذَلِكَ بِأَنْ تَكُونَ أَلْوَانُ التُّرَابِ مُخْتَلِفَةً، كَأَصْفَرَ وَأَخْضَرَ مَثَلًا، وَإِلَّا فَكَيْفَ يُمْكِنُ تَمْيِيزُ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ، أَوْ يُصَوَّرُ أَيْضًا بِمَا لَوْ كَانَ عَلَى أَعْضَائِهِ رُطُوبَةٌ مِنْ عَرَقٍ مَثَلًا وَلَصِقَ عَلَيْهِ التُّرَابُ الْأَوَّلُ، وَزَادَ سم عَلَى حَجّ بَعْدُ مِثْلَ مَا ذَكَرَهُ عَلَى مَنْهَجٍ كَالطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ (قَوْلُهُ: ضَعِيفٌ) أَيْ شَدِيدُ الضَّعْفِ عَلَى خِلَافِ مَا اقْتَضَاهُ التَّعْبِيرُ عَنْ مُقَابِلِهِ بِالْأَصَحِّ، وَقَوْلُهُ أَوْ غَلِطَ: أَيْ مَنْ قَائِلُهُ لِفَسَادِ تَخْرِيجِهِ عَلَى قَوَاعِدِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ وَالْمَمْسُوحُ) أَيْ وَالْعُضْوُ الْمَمْسُوحُ وَجْهًا كَانَ أَوْ يَدًا (قَوْلُهُ: مِنْ كَلَامِهِ) أَيْ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: مَمْنُوعٌ) أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّ مُرَادَ الرَّافِعِيِّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ مَا انْفَصَلَ عَنْ الْمَاسِحَةِ وَالْمَمْسُوحَةِ فَيُصَدَّقُ بِمَا كَانَ فِي الْهَوَاءِ وَلَمْ يَعْرِضْ عَنْهُ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَتَنَاثَرْ) أَيْ يَقِينًا، فَلَوْ شَكَّ فِي شَيْءٍ هَلْ تَنَاثَرَ بَعْدَ مَسِّ الْعُضْوِ أَوْ لَا جَازَ التَّيَمُّمُ بِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمَسِّ. (قَوْلُهُ: الْفَاسِدَةُ) أَيْ إلَّا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُرْمَةِ الْفَسَادُ كَمَا فِي التَّيَمُّمِ بِتُرَابٍ مَغْصُوبٍ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ عَدَمَ جَوَازِ الْعِبَادَةِ يَقْتَضِي فَسَادَهَا كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يُشْتَرَطُ لِرَفْعِ الْحَدَثِ إلَخْ (قَوْلُهُ: حَرَامٌ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فَمَعَكَ) هُوَ بِتَخْفِيفِ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِهَا كَمَا فِي الْمُخْتَارِ وَعِبَارَتُهُ، يُقَالُ مَعَكَ بِدَيْنِهِ: أَيْ مَطَلَ وَبَابُهُ قَطَعَ، وَرُبَّمَا قَالُوا مَعَكَ الْأَدِيمَ: أَيْ دَلَكَهُ، وَتَمَعَّكَتْ الدَّابَّةُ: أَيْ تَمَرَّغَتْ، وَمَعَكَهَا صَاحِبُهَا تَمْعِيكًا (قَوْلُهُ: أَجْزَأَهُ) وَلَا يُنَافِيه قَوْلُهُمْ لَوْ وَقَفَ حَتَّى جَاءَ الْهَوَاءُ بِالْغُبَارِ عَلَى وَجْهِهِ لَمْ يَكْفِ لِأَنَّهُ لَا فِعْلَ لَهُ هُنَاكَ بِخِلَافِ مَا قُلْنَاهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ بَرَزَ لِلْمَطَرِ) أَيْ أَوْ أَصَابَهُ اتِّفَاقًا مِنْ غَيْرِ بُرُوزٍ لَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَبِيًّا) أَيْ مُمَيِّزًا شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ وحج. وَنَقَلَ سم عَنْ م ر أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مُمَيِّزًا بَلْ وَلَا كَوْنُهُ آدَمِيًّا وَعِبَارَتُهُ فَرْعٌ: قَالَ م ر: لَا فَرَق فِي صِحَّةِ نَقْلِ الْمَأْذُونِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَهَذَا الْوَجْهُ ضَعِيفٌ أَوْ غَلَطٌ) أَيْ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يُعَبِّرَ بِالصَّحِيحِ أَوْ أَنْ يُهْمِلَهُ. (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى إلَخْ) أَيْ، وَالْأَصْلُ فِي الْحُرْمَةِ إذَا أُضِيفَتْ لِلْعِبَادَاتِ عَدَمُ الصِّحَّةِ، وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُرْمَةِ عَدَمُ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ صَبِيًّا)

حَيْثُ لَا نَقْضَ أَمَّا إذَا لَمْ يَأْذَنْ فَلَا يَصِحُّ لِانْتِفَاءِ قَصْدِهِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَنْوِيَ الْإِذْنَ عِنْدَ النَّقْلِ وَعِنْدَ مَسْحِ الْوَجْهِ كَمَا لَوْ كَانَ هُوَ الْمُتَيَمِّمُ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ جَزْمًا كَمَا لَوْ يَمَّمَهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ كَتَعَرُّضِهِ لِلرِّيحِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ لَهُ عُذْرٌ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا (وَقِيلَ يُشْتَرَطُ) فِيمَا لَوْ يَمَّمَهُ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ أَنْ يَكُونَ لَهُ (عُذْرٌ) لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ التُّرَابَ. نَعَمْ يُسْتَحَبُّ عَلَى الْأَوَّلِ تَرْكُهُ مَعَ الْقُدْرَةِ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ بَلْ يُكْرَهُ ذَلِكَ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْعَجْزِ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهَا. (وَأَرْكَانُهُ نَقْلُ التُّرَابِ) أَيْ تَحْوِيلُهُ مِنْ نَحْوِ أَرْضٍ وَهَوَاءٍ إلَى الْعُضْوِ الْمَمْسُوحِ بِنَفْسِ ذَلِكَ الْعُضْوِ أَوْ بِغَيْرِهِ عَلَى مَا مَرَّ، وَرُكْنُ الشَّيْءِ جَانِبُهُ الْأَقْوَى وَجَمْعُهُ أَرْكَانٌ، وَذَكَرَهَا خَمْسَةً هُنَا: النَّقْلُ وَالنِّيَّةُ وَمَسْحُ الْوَجْهِ وَمَسْحُ الْيَدَيْنِ وَالتَّرْتِيبُ، وَسَتَأْتِي مُرَتَّبَةً كَذَلِكَ، وَزَادَ فِي الرَّوْضَةِ شَيْئَيْنِ: التُّرَابَ وَالْقَصْدَ. قِيلَ وَإِسْقَاطُهُمَا أَوْلَى لِأَنَّ التُّرَابَ كَالْمَاءِ فِي الْوُضُوءِ وَهُوَ شَرْطٌ، لَكِنْ تَقَدَّمَ ثَمَّ أَنَّهُ رُكْنٌ هُنَا، وَأَمَّا الْقَصْدُ فَدَاخِلٌ فِي النَّقْلِ لِأَنَّهُ إذَا نَقَلَ التُّرَابَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوطِ وَقَدْ نَوَى كَانَ قَاصِدًا. قَالَ السُّبْكِيُّ: لَوْ حَذَفَ ذِكْرَ الْقَصْدِ كَفَاهُ ذِكْرُ النَّقْلِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ الْقَصْدُ. قَالَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِانْفِكَاكِ الْقَصْدِ عَنْ النَّقْلِ فِيمَا إذَا وَقَفَ فِي مَهَبِّ الرِّيحِ بِنِيَّةِ تَحْصِيلِ التُّرَابِ عَلَيْهِ، فَلَمَّا حَصَلَ نَوَى وَرَدَّدَهُ فَإِنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَصَدَ وَلَمْ يَنْقُلْ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَارِدٍ عَلَى السُّبْكِيّ لِأَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ النَّقْلِ الْقَصْدُ، لَا أَنَّ الْقَصْدَ يَلْزَمُ مِنْهُ النَّقْلُ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ نَقْلُ التُّرَابِ مَا لَوْ كَانَ عَلَى الْعُضْوِ فَرَدَّدَهُ مِنْ جَانِبٍ إلَى آخَرَ فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي، وَلَوْ تَلَقَّى تُرَابًا مِنْ الرِّيحِ بِنَحْوِ كُمِّهِ وَمَسَحَ بِهِ وَجْهَهُ أَوْ تَمَرَّغَ فِي التُّرَابِ وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ أَجْزَأَهُ لِأَنَّهُ نَقَلَ بِالْعُضْوِ الْمَمْسُوحِ إلَيْهِ. لَا يُقَالُ: الْحَدَثُ بَعْدَ الضَّرْبِ وَقَبْلَ مَسْحِ الْوَجْهِ مُضِرٌّ كَالضَّرْبِ قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ مَعَ الشَّكِّ ـــــــــــــــــــــــــــــSبَيْنَ كَوْنِهِ ذَكَرًا وَكَوْنِهِ أُنْثَى، ثُمَّ قَالَ: وَلَا بَيْنَ كَوْنِهِ عَاقِلًا وَكَوْنِهِ مَجْنُونًا أَوْ صَبِيًّا لَا يُمَيِّزُ اهـ. فَسُئِلَ لَوْ كَانَ دَابَّةً بِأَنْ عَلِمَ دَابَّةً بِحَيْثُ تَفْعَلُ بِأَمْرِهِ فَقَالَ وَلَوْ كَانَ دَابَّةً اهـ لَا يُقَالُ: لَا فِعْلَ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. لِأَنَّا نَقُولُ: فِعْلُ الدَّابَّةِ الْمُعَلَّمَةِ بِأَمْرِهِ وَإِشَارَتِهِ بِمَنْزِلَةِ فِعْلِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَأَقُولُ مَا قَالَهُ فِي غَيْرِ الْعَاقِلِ هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ، وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ إنَّهُ يَشْتَرِطُ فِي نَقْلِ الْغَيْرِ كَوْنُهُ بِإِذْنِهِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْغَيْرُ عَاقِلًا لَمْ يُتَصَوَّرْ الْإِذْنُ لَهُ. لِأَنَّا نَقُولُ: إذَا أَشَارَ لِغَيْرِ الْعَاقِلِ بِيَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا أَوْ حَرَكَةٍ بِحَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ نَقْلُهُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ إذْنِهِ، وَالْإِذْنُ إنَّمَا اُعْتُبِرَ لِيَكُونَ ذَلِكَ مَنْسُوبًا إلَيْهِ وَالنِّسْبَةُ إلَيْهِ حَاصِلَةٌ مَعَ مَا ذُكِرَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجِ. وَمِثْلُ مَا ذَكَرَ الْمَلَكُ بِفَتْحِ اللَّامِ كَمَا نُقِلَ عَنْ م ر بِالدَّرْسِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا نَقْضَ) أَيْ بِمَسِّهَا كَأَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا مَحْرَمِيَّةٌ أَوْ صِغَرٌ أَوْ مَسَّتْهُ بِحَائِلٍ (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ مَسْحِ الْوَجْهِ) وَلَمْ يَذْكُرْ اشْتِرَاطَ الِاسْتِدَامَةِ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ اشْتِرَاطِهَا، ثُمَّ الْمُرَادُ بِاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ عِنْدَ الْمَسْحِ أَنَّهُ يَسْتَحْضِرُهَا ذِكْرًا لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ يَسْتَأْنِفُ نِيَّةً جَدِيدَةً (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ التُّرَابَ) أَيْ مَعَ كَوْنِ الْقَصْدِ شَرْطًا لِصِحَّةِ التَّيَمُّمِ، وَبِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا فِي الْوُضُوءِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَضَّأَهُ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ أَوْ بِدُونِ إذْنٍ وَنَوَى عِنْدَ صَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ جَازَ قَطْعًا (قَوْلُهُ: بِأُجْرَةٍ) أَيْ فَاضِلَةٍ عَمَّا يَحْتَاجُهُ فِي الْفِطْرَةِ قِيَاسًا عَلَى مَا قَدَّمَهُ فِي الْوُضُوءِ. (قَوْلُهُ: قِيلَ) قَائِلُهُ الرَّافِعِيُّ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: إنَّهُ رُكْنٌ هُنَا) بِخِلَافِ الْمَاءِ لِأَنَّهُ لَيْسَ خَاصًّا، بِخِلَافِ التُّرَابِ فَإِنَّهُ خَاصٌّ بِالتَّيَمُّمِ لِأَنَّهُ فِي النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ لَيْسَ مُطَهِّرًا بَلْ الْمُطَهِّرُ إنَّمَا هُوَ الْمَاءُ وَالتُّرَابُ شَرْطٌ، وَالْمُخَاطَبَاتُ لَا يُكْتَفَى فِيهَا بِدَلَالَةِ الِالْتِزَامِ بَلْ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الدَّلَالَةِ الْمُطَابِقِيِّةِ دَلَالَةَ اللَّفْظِ عَلَى تَمَامِ مَا وُضِعَ لَهُ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) أَيْ فِيمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ: مَا ذَكَرَهُ) أَيْ الْعِرَاقِيُّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ أَوْ تَمَرَّغَ (قَوْلُهُ: لَا يُقَالُ) أَيْ إيرَادًا عَلَى قَوْلِهِ وَلَوْ تَلَقَّى تُرَابًا مِنْ الرِّيحِ إلَخْ، وَحَاصِلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ بَلْ أَفْتَى بِأَنَّ الْبَهِيمَةَ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: قِيلَ وَإِسْقَاطُهُمَا أَوْلَى) قَضِيَّةُ حِكَايَتِهِ ذَلِكَ بِقِيلَ أَنَّهُ لَا يَرْتَضِيهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، لَكِنْ يَنْحَطُّ كَلَامُهُ فِي الثَّانِي عَلَى الرِّضَا بِهِ (قَوْلُهُ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ) أَيْ إذَا وَقَعَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوطِ (قَوْلُهُ: لَا يُقَالُ:) سَيَأْتِي أَنَّ مَحَلَّ الْجَوَابِ تَسْلِيمُ الْإِشْكَالِ فَمُؤَدَّاهُمَا وَاحِدٌ، فَلَا يَنْبَغِي التَّعْبِيرُ بِلَا يُقَالُ:

فِي دُخُولِهِ مَعَ أَنَّ الْمَسْحَ بِالضَّرْبِ الْمَذْكُورِ لَا يَتَقَاعَدُ عَنْ التَّمَعُّكِ وَالضَّرْبِ بِمَا عَلَى كُمِّهِ أَوْ يَدِهِ فَيَنْبَغِي جَوَازُهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّا نَقُولُ: بِجَوَازِهِ عِنْدَ تَجْدِيدِ النِّيَّةِ، وَيَكُونُ كَمَا لَوْ كَانَ التُّرَابُ عَلَى يَدَيْهِ ابْتِدَاءً، وَمَحَلُّ الْمَنْعِ عِنْدَ عَدَمِ تَجْدِيدِهَا لِبُطْلَانِهَا وَبُطْلَانِ النَّقْلِ الَّذِي قَارَنَتْهُ (فَلَوْ نَقَلَ) التُّرَابَ (مِنْ وَجْهٍ إلَى يَدٍ) بِأَنْ حَدَثَ عَلَيْهِ تُرَابٌ بَعْدَ زَوَالِ مَا مَسَحَهُ بِهِ مِنْ التُّرَابِ (أَوْ عَكَسَ) بِأَنْ نَقَلَ مِنْ يَدِهِ إلَى وَجْهِهِ أَوْ مِنْ يَدٍ إلَى أُخْرَى أَوْ مِنْ عُضْوٍ ثُمَّ رَدَّدَهُ إلَيْهِ بَعْدَ انْفِصَالِهِ عَنْهُ وَمَسَحَهُ بِهِ (كَفَى فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ مَنْقُولٌ مِنْ عُضْوٍ غَيْرِ مَمْسُوحٍ بِهِ فَجَازَ كَالْمَنْقُولِ مِنْ الرَّأْسِ وَالظَّهْرِ وَغَيْرِهِمَا وَالثَّانِي لَا يَكْفِي فِيهِمَا لِأَنَّهُ نَقَلَ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ كَالنَّقْلِ مِنْ بَعْضِ الْعُضْوِ إلَى بَعْضِهِ مَعَ تَرْدِيدِهِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ نَقْلٍ عَنْهُ، وَدُفِعَ بِأَنَّهُ بِالِانْفِصَالِ انْقَطَعَ حُكْمُ ذَلِكَ الْعُضْوِ عَنْهُ، بِخِلَافِ تَرْدِيدِهِ عَلَيْهِ، وَلَوْ يَمَّمَهُ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ فَأَحْدَثَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ أَخْذِ التُّرَابِ وَقَبْلَ الْمَسْحِ لَمْ يَضُرَّ كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي فَتَاوِيهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، أَمَّا الْآذِنُ فَلِأَنَّهُ غَيْرُ نَاقِلٍ، وَأَمَّا الْمَأْذُونُ لَهُ فَلِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَيَمِّمٍ، وَكَذَا لَا يَضُرُّ حَدَثُهُمَا فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ أَيْضًا ثُمَّ أَشَارَ إلَى الرُّكْنِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ (وَنِيَّةُ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ) وَنَحْوِهَا مِمَّا يَفْتَقِرُ اسْتِبَاحَتُهُ إلَى طَهَارَةٍ كَطَوَافٍ وَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ وَشُكْرٍ وَحَمْلِ مُصْحَفٍ، وَكَلَامُهُ هُنَا فِي صِحَّةِ التَّيَمُّمِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ، أَمَّا مَا يَسْتَبِيحُهُ بِهِ فَسَيَأْتِي، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُعَيِّنَ الْحَدَثَ أَمْ لَا حَتَّى لَوْ تَيَمَّمَ بِنِيَّةِ الِاسْتِبَاحَةِ ظَانًّا كَوْنَ حَدَثِهِ أَصْغَرَ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَكْبَرُ أَوْ بِالْعَكْسِ لَمْ يَضُرَّ لِأَنَّ مُوجِبَهُمَا مُتَّحِدٌ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُتَعَمِّدًا فَإِنَّهُ يَضُرُّ لِتَلَاعُبِهِ، فَلَوْ كَانَ مُسَافِرًا وَأَجْنَبَ فِيهِ وَنَسِيَ وَكَانَ يَتَيَمَّمُ وَقْتًا وَيَتَوَضَّأُ وَقْتًا أَعَادَ صَلَاةَ الْوُضُوءِ فَقَطْ لِمَا ذُكِرَ (لَا) نِيَّةَ (رَفْعَ الْحَدَثِ) أَصْغَرَ كَانَ أَوْ أَكْبَرَ أَوْ الطَّهَارَةِ عَنْ أَحَدِهِمَا فَلَا تَكْفِي لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُهُ لِبُطْلَانِهِ بِزَوَالِ مُقْتَضِيهِ، «وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَقَدْ تَيَمَّمَ عَنْ الْجَنَابَةِ مِنْ شِدَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنَّ مَا عَلَّلَ بِهِ الْإِجْزَاءَ فِي مَسْأَلَةِ التَّمَعُّكِ حَاصِلٌ بِالْأَوْلَى فِيمَا لَوْ أَحْدَثَ بَيْنَ النَّقْلِ وَالْمَسْحِ (قَوْلُهُ: بِجَوَازِهِ) أَيْ مَا هُنَاكَ أَيْ فِيمَا لَوْ أَحْدَثَ بَيْنَ النَّقْلِ وَالضَّرْبِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ تَجْدِيدِ النِّيَّةِ) أَيْ قُبَيْلَ مَسِّ التُّرَابِ لِلْوَجْهِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ وَبُطْلَانِ النَّقْلِ، فَلَوْ لَمْ يُجَدِّدْهَا إلَّا عِنْدَ مُمَاسَّةِ التُّرَابِ لَمْ يَكْفِ لِانْتِفَاءِ النَّقْلِ، لَكِنْ فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ وَظَاهِرٌ عَلَى مَا قُلْنَاهُ أَنَّهُ لَوْ أَحْدَثَ بَعْدَ النَّقْلِ فَجَدَّدَهَا مَعَ تَمْرِيغِ وَجْهِهِ عَلَى يَدَيْهِ فِي الْهَوَاءِ كَفَى كَمَا لَوْ مَرَّغَهُ بِالْأَرْضِ نَاوِيًا. تَأَمَّلْ اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَجْدِيدُهَا قُبَيْلَ الْمَسِّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ تَمْرِيغَهُ لِلْوَجْهِ عَلَى التُّرَابِ نَقْلٌ بِالْعُضْوِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَنْوِ بَعْدَ الْحَدَثِ إلَّا بَعْدَ مَسِّ التُّرَابِ لِلْوَجْهِ مَعَ بَقَائِهِ سَاكِنًا فَإِنَّهُ لَا نَقْلَ فِيهِ لَا بِالْعُضْوِ وَلَا بِغَيْرِهِ، وَالنَّقْلُ لِلْأَوَّلِ بَطَل بِالْحَدَثِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ عَدَمِ تَجْدِيدِهَا) أَيْ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: فَأَحْدَثَ أَحَدُهُمَا) أَيْ وَلَوْ مَعَ الْآخَرِ فَيُصَدَّقُ بِحَدَثِهِمَا مَعًا وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي قَوْلِهِ وَكَذَا لَا يَضُرُّ حَدَثُهُمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَضُرَّ كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ) أَيْ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَجْدِيدُ نِيَّةِ التَّيَمُّمِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ أَمَّا الْآذِنُ) خِلَافًا لحج حَيْثُ قَالَ الْمُعْتَمَدُ: أَنَّهُ يَضُرُّ حَدَثُ الْآذِنِ لِبُطْلَانِ نِيَّتِهِ بِالْحَدَثِ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخَانِ (قَوْلُهُ: فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ) هِيَ قَوْلُهُ وَلَوْ يَمَّمَهُ غَيْرُهُ. (قَوْلُهُ: مِمَّا تَفْتَقِرُ) بَيَانٌ لِنَحْوِهَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ مُوجَبَهُمَا) بِفَتْحِ الْجِيمِ: أَيْ وَهُوَ مَسْحُ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ (قَوْلُهُ: لِمَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ صِحَّةِ تَيَمُّمِ الْمُحْدِثِ حَدَثًا أَصْغَرَ بِنِيَّةِ الْأَكْبَرِ غَلَطًا وَعَكْسُهُ وَقَدْ أَلْغَزَ السُّيُوطِيّ بِذَلِكَ فَقَالَ: ـــــــــــــــــــــــــــــQوَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَاسْتَشْكَلَ ذَلِكَ: أَيْ قَوْلَ الْمَتْنِ فَلَوْ تَلَقَّاهُ مِنْ الرِّيحِ بِكُمِّهِ أَوْ يَدِهِ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ فِي الشَّرْحِ بِأَنَّ الْحَدَثَ بَعْدَ الضَّرْبِ وَقَبْلَ مَسْحِ الْوَجْهِ يَضُرُّ وَكَذَا الضَّرْبُ قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ مَعَ الشَّكِّ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي، ثُمَّ قَالَ: وَيُجَابُ بِأَنَّا نَقُولُ بِجَوَازِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُتَعَمِّدًا) أَيْ كَأَنْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ عَنْ الْأَكْبَرِ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَكْبَرُ، قَالَهُ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ)

الْبَرْدِ يَا عَمْرُو صَلَّيْت بِأَصْحَابِك وَأَنْتَ جُنُبٌ» وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ كَانَ مَعَ التَّيَمُّمِ غَسْلُ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ يَرْفَعُهُ حِينَئِذٍ. قَالَ الْكَمَالُ ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ: فَإِنْ قِيلَ الْحَدَثُ الَّذِي يَنْوِي رَفْعَهُ هُوَ الْمَنْعُ وَالْمَنْعُ يَرْتَفِعُ بِالتَّيَمُّمِ، قُلْنَا: الْحَدَثُ مَنْعُ مُتَعَلِّقِهِ كُلَّ صَلَاةٍ فَرِيضَةً كَانَتْ أَوْ نَافِلَةً وَكُلُّ طَوَافٍ فَرْضًا كَانَ أَوْ نَفْلًا وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا ذُكِرَ مَعَهُ، لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَى أَحَدِ الْأَسْبَابِ، وَهَذَا الْمَنْعُ الْعَامُّ الْمُتَعَلِّقُ لَا يَرْتَفِعُ بِالتَّيَمُّمِ إنَّمَا يَرْتَفِعُ بِهِ مَنْعُ خَاصٍّ الْمُتَعَلِّقِ وَهُوَ الْمَنْعُ مِنْ النَّوَافِلِ فَقَطْ، أَوْ مِنْ فَرِيضَةٍ وَاحِدَةٍ وَمَا يُسْتَبَاحُ مَعَهَا وَالْخَاصُّ غَيْرُ الْعَامِّ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ الْخَاصِّ صَحَّ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَلَوْ) (نَوَى فَرْضَ التَّيَمُّمِ) أَوْ فَرْضَ الطُّهْرِ أَوْ التَّيَمُّمِ الْمَفْرُوضِ (لَمْ يَكْفِ فِي الْأَصَحِّ) بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْوُضُوءِ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ إنَّمَا يُؤْتَى بِهِ عَنْ ضَرُورَةٍ فَلَا يَصْلُحُ مَقْصِدًا، وَلِهَذَا لَا يُنْدَبُ تَجْدِيدُهُ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ. نَعَمْ إنْ تَيَمَّمَ نَدْبًا كَأَنْ تَيَمَّمَ لِلْجُمُعَةِ عِنْدَ تَعَذُّرِ غُسْلِهِ أَجْزَأَتْهُ نِيَّةُ التَّيَمُّمِ بَدَلَ الْغُسْلِ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ. وَالثَّانِي يَكْفِي قِيَاسًا عَلَى الْوُضُوءِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِمَا تَقَدَّمَ. لَا يُقَالُ: لِمَ لَمْ تَصِحَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَلَيْسَ عَجِيبًا أَنَّ شَخْصًا مُسَافِرًا ... إلَى غَيْرِ عِصْيَانٍ تُبَاحُ لَهُ الرُّخَصْ إذَا مَا تَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ أَعَادَهَا ... وَلَيْسَ مُعِيدًا لِلَّتِي بِالتُّرَابِ خَصْ لَقَدْ كَانَ هَذَا لِلْجَنَابَةِ قَدْ نَسِي ... وَصَلَّى مِرَارًا بِالْوُضُوءِ أَتَى بِنَصْ كَذَاك مِرَارًا بِالتَّيَمُّمِ يَا فَتَى ... عَلَيْك بِكُتُبِ الْعِلْمِ يَا خَيْرَ مَنْ فَحَصْ قَضَاءُ صَلَاةٍ بِالْوُضُوءِ فَوَاجِبٌ ... وَلَيْسَ مُعِيدًا لِلَّتِي بِالتُّرَابِ خَصْ لِأَنَّ مَقَامَ الْغُسْلِ قَامَ تَيَمُّمٌ ... خِلَافَ وُضُوءٍ هَاكَ فَرْقًا بِهِ تَخُصْ وَذَا نَظْمُ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ ابْنُ أَحْمَدَ ... فَيَا رَبِّ سَلِّمْهُ مِنْ الْهَمِّ وَالْغُصَصْ (قَوْلُهُ: صَلَّيْت) الَّذِي تَقَدَّمَ أَصْلَيْت (قَوْلُهُ: وَأَنْتَ جُنُبٌ) قَالَ حَجّ: سَمَّاهُ جُنُبًا مَعَ تَيَمُّمِهِ إفَادَةً لِعَدَمِ رَفْعِهِ. وَقَدْ يُقَالُ: يَجُوزُ أَنَّهُ إنَّمَا سَمَّاهُ بِذَلِكَ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لِلْبَرْدِ لَا يَسْقُطُ مَعَهُ الْقَضَاءُ فَكَانَ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: خَاصِ الْمُتَعَلِّقِ) أَيْ خَاصِ مُتَعَلِّقِهِ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْوَصْفِ إلَى فَاعِلِهِ (قَوْلُهُ رَفَعَ الْحَدَثَ) وَهُوَ الْمَنْعُ الْمُتَعَلِّقُ بِفَرْضٍ وَنَوَافِلَ أَوْ نَوَافِلَ فَقَطْ (قَوْلُهُ: فَرْضُ التَّيَمُّمِ) أَيْ أَوْ التَّيَمُّمِ فَقَطْ م ر سم عَلَى مَنْهَجِ (قَوْلُهُ لَمْ يَكْفِ فِي الْأَصَحِّ) . [فَرْعٌ] صَمَّمَ ابْنُ الرَّمْلِيِّ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِنِيَّةِ التَّيَمُّمِ أَوْ فَرْضِ التَّيَمُّمِ إذَا لَمْ يُضْفِهَا لِنَحْوِ الصَّلَاةِ فَإِنْ أَضَافَهَا كَنَوَيْتُ التَّيَمُّمَ لِلصَّلَاةِ أَوْ فَرْضَ التَّيَمُّمِ لِلصَّلَاةِ جَازَ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا بَطَلَ هُنَاكَ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَصْلُحُ مَقْصِدًا وَلَمَّا أَضَافَهُ لَمْ يَبْقَ مَقْصِدًا سم عَلَى مَنْهَجِ. أَقُولُ: وَيَسْتَبِيحُ بِهِ النَّوَافِلَ فَقَطْ تَنْزِيلًا لَهُ عَلَى أَقَلِّ الدَّرَجَاتِ، إذْ غَايَةُ ذَلِكَ أَنَّ إضَافَتَهُ لِلصَّلَاةِ أَلْحَقَتْهُ بِمَا لَوْ نَوَى اسْتِبَاحَتَهَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ) هَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّ صَاحِبَ الضَّرُورَةِ لَا يَنْوِي فَرْضَ الْوُضُوءِ لِأَنَّ طُهْرَهُ طُهْرُ ضَرُورَةٍ فَلَيْسَ مُرَادًا (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا) أَيْ لِكَوْنِهِ إنَّمَا يَأْتِي بِهِ (قَوْلُهُ: لَا يُنْدَبُ) وَقَضِيَّةُ عَدَمِ سَنِّهِ أَنَّهُ إذَا جَدَّدَهُ لَا يَصِحُّ، لَكِنْ نُقِلَ عَنْ الشَّارِحِ كَرَاهَتُهُ فَقَطْ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: أَجْزَأَتْهُ) وَكَذَا إنْ تَيَمَّمَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ: أَيْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ بَدَلًا عَنْ الْوُضُوءِ سم، وَظَاهِرُ الشَّارِحِ وَإِنْ لَمْ يُضِفْهُ إلَى الْجُمُعَةِ أَوْ غُسْلِهَا، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَمِنْ ثُمَّ لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي تَيَمُّمِ نَحْوِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ اسْتِبَاحَةٌ جَازَ لَهُ نِيَّةُ تَيَمُّمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّهُ أُطْلِقَ عَلَيْهِ جُنُبًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَمَا قَالَهُ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ وَلَك أَنْ تَقُولَ: هُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا أُطْلِقَ عَلَيْهِ جُنُبًا بِنَاءً عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ تَيَمُّمِهِ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالسَّبَبِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمَّا أَخْبَرَهُ بِهِ سَكَتَ (قَوْلُهُ: الْعَامُّ الْمُتَعَلَّقُ) مِنْ إضَافَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ لِفَاعِلِهِ فَالْمُتَعَلَّقُ بِفَتْحِ اللَّامِ، وَكَذَا يُقَالُ: فِي خَاصِّ الْمُتَعَلَّقِ

[بيان ما يباح له التيمم]

نِيَّةُ التَّيَمُّمِ أَوْ فَرْضُهُ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا نَوَى الْوَاقِعَ. لِأَنَّا نَقُولُ: مَمْنُوعٌ بِإِطْلَاقِهِ، لِأَنَّهُ وَإِنْ نَوَاهُ مِنْ وَجْهٍ نَوَى خِلَافَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، لِأَنَّ تَرْكَهُ نِيَّةَ الِاسْتِبَاحَةِ وَعُدُولَهُ إلَى نِيَّةِ التَّيَمُّمِ أَوْ نِيَّةِ فَرْضِيَّتِهِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ عِبَادَةٌ مَقْصُودَةٌ فِي نَفْسِهَا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِالضَّرُورَةِ وَهَذَا خِلَافُ الْوَاقِعِ. وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَوْ نَوَى فَرْضِيَّةَ الْإِبْدَالِ لَا الْأُصُولِ صَحَّ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ الْآنَ نَوَى الْوَاقِعَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلَمْ يَكُنْ لِلْإِبْطَالِ وَجْهٌ (وَيَجِبُ قَرْنُهَا) أَيْ النِّيَّةِ (بِالنَّقْلِ) الْحَاصِلِ بِالضَّرْبِ إلَى وَجْهِهِ إذْ هُوَ أَوَّلُ الْأَرْكَانِ (وَكَذَا) يَجِبُ (اسْتِدَامَتُهَا إلَى مَسْحِ شَيْءٍ مِنْ الْوَجْهِ عَلَى الصَّحِيحِ) فَلَوْ عَزَبَتْ قَبْلَ الْمَسْحِ لَمْ يَكْفِ إذْ النَّقْلُ وَإِنْ كَانَ رُكْنًا غَيْرَ مَقْصُودٍ فِي نَفْسِهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَالْمُتَّجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِاسْتِحْضَارِهَا عِنْدَهُمَا وَإِنْ عَزَبَتْ بَيْنَهُمَا، وَاسْتَشْهَدَ لَهُ بِكَلَامٍ لِأَبِي خَلَفٍ الطَّبَرِيِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَالتَّعْبِيرُ بِالِاسْتِدَامَةِ كَمَا قَالَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - جَرَى عَلَى الْغَالِبِ لِأَنَّ الزَّمَنَ يَسِيرُ لَا تَعْزُبُ النِّيَّةُ فِيهِ غَالِبًا حَتَّى إنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْوِ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا عِنْدَ إرَادَةِ الْمَسْحِ لِلْوَجْهِ أَجْزَأَهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْفَرْقِ الْمُتَقَدِّمِ، وَلَا يُنَافِيه قَوْلُ الْأَصْحَابِ: يَجِبُ قَرْنُهَا بِالنَّقْلِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَدِّ بِهِ، وَهَذَا لَا يُعْتَدُّ بِهِ، إذْ الْمُعْتَدُّ بِهِ الْآنَ هُوَ النَّقْلُ مِنْ الْيَدَيْنِ إلَى الْوَجْهِ وَقَدْ اقْتَرَنَتْ النِّيَّةُ بِهِ، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ لَا تَجِبُ الِاسْتِدَامَةُ كَمَا لَوْ قَارَنَتْ نِيَّةُ الْوُضُوءِ أَوَّلَ غَسْلِ الْوَجْهِ ثُمَّ انْقَطَعَتْ، وَالْأَوَّلُ أَجَابَ بِمَا مَرَّ. ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا يُبَاحُ لَهُ بِنِيَّتِهِ فَقَالَ (فَإِنْ) (نَوَى فَرْضًا وَنَفْلًا) أَيْ اسْتِبَاحَتَهُمَا (أُبِيحَا) لَهُ عَمَلًا بِمَا نَوَاهُ وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُهُ الْفَرْضَ كَمَا يُفِيدُهُ تَنْكِيرُهُ لَهُ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ فِي الْوُضُوءِ تَعْيِينُ الْحَدَثِ الَّذِي يَنْوِي رَفْعَهُ، فَلَوْ عَيَّنَ فَرْضًا وَلَوْ مَنْذُورًا وَصَلَّى بِهِ غَيْرَهُ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا فِي الْوَقْتِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ صَلَّى بِهِ الْفَرْضَ الْمَنْوِيَّ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ جَازَ، وَلَوْ عَيَّنَ فَرْضًا وَأَخْطَأَ فِي تَعْيِينِهِ كَمَنْ نَوَى فَائِتَةً وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَوْ ظُهْرًا وَإِنَّمَا عَلَيْهِ عَصْرٌ لَمْ يَصِحَّ تَيَمُّمُهُ، إذْ نِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ وَاجِبَةٌ فِي التَّيَمُّمِ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ التَّعْيِينُ، فَإِذَا عَيَّنَ وَأَخْطَأَ لَمْ يَصِحَّ، وَكَذَا مَنْ شَكَّ أَوْ ظَنَّ هَلْ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ فَتَيَمَّمَ لَهَا ثُمَّ ذَكَرَهَا لِأَنَّ وَقْتَ الْفَائِتَةِ بِالتَّذَكُّرِ، وَلَوْ نَوَى بِتَيَمُّمِهِ اسْتِبَاحَةَ فَرْضَيْنِ صَحَّ وَاسْتَبَاحَ وَاحِدًا كَمَا يُسْتَفَادُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ تَوْحِيدِهِ مِنْ تَنْكِيرِهِ الْفَرْضَ، وَلَوْ نَوَى أَنْ يُصَلِّيَ بِالتَّيَمُّمِ فَرْضَ الظُّهْرِ خَمْسَ رَكَعَاتٍ أَوْ ثَلَاثًا. قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ: لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ أَدَاءَ الظُّهْرِ خَمْسَ رَكَعَاتٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْجُمُعَةِ وَسُنَّةُ تَيَمُّمِهَا لِانْحِصَارِ الْأَمْرِ فِيهَا (قَوْلُهُ: بِإِطْلَاقِهِ) أَيْ الْمُتَيَمِّمِ (قَوْلُهُ: فَرْضِيَّةُ الْإِبْدَالِ) بِأَنْ نَوَى فَرْضَ التَّيَمُّمِ قَاصِدًا أَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الْغُسْلِ أَوْ الْوُضُوءِ لَا أَنَّهُ فَرْضٌ أَصْلِيٌّ (قَوْلُهُ: لَا تَعْزُبُ النِّيَّةُ فِيهِ غَالِبًا) كَوْنُ التَّعْبِيرِ بِالِاسْتِدَامَةِ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ، وَأَنَّ عُزُوبَهَا بَيْنَ النَّقْلِ وَالْمَسْحِ لَا يَضُرُّ يَبْعُدُهُ فَرْضُ الْخِلَافِ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَمُقَابِلِهِ فِي اعْتِبَارِ الِاسْتِدَامَةِ وَقَوْلُهُ وَلَا يُنَافِيه. قَدْ يُقَالُ: هُوَ لَا يُحَصِّلُ الْفَرْضَ لِأَنَّهُ مَتَى جَدَّدَ النِّيَّةَ عِنْد إرَادَةِ الْمَسْحِ وَقَبْلَ مُمَاسَّةِ التُّرَابِ لِلْوَجْهِ اكْتَفَى بِذَلِكَ وَإِنْ قُلْنَا إنَّ عُزُوبَ النِّيَّةِ مُضِرٌّ لِأَنَّ النِّيَّةَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مُحَصِّلَةٌ لِلنَّقْلِ (قَوْلُهُ: كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْفَرْقِ الْمُتَقَدِّمِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّا نَقُولُ بِجَوَازِهِ عِنْدَ تَجْدِيدِ النِّيَّةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيه) أَيْ الْإِجْزَاءَ الْمَذْكُورَ (قَوْلُهُ: إذْ الْمُعْتَدُّ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: لَا يُنَافِيه. (قَوْلُهُ: اسْتِبَاحَةُ فَرْضَيْنِ) أَيْ كَأَنْ قَالَ: نَوَيْت اسْتِبَاحَةَ الظُّهْرِ أَوْ الْعَصْرِ. وَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ أَيْضًا فِيمَا لَوْ نَوَى أَحَدَ فَرْضَيْنِ لَا بِعَيْنِهِ كَأَنْ قَالَ: نَوَيْت اسْتِبَاحَةَ الظُّهْرِ أَوْ الْعَصْرِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) مُعْتَمَدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: حَتَّى إنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْوِ بَعْدَ ذَلِكَ) الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا إنْ كَانَتْ الْإِشَارَةُ بِهِ إلَى مُجَرَّدِ صُورَةِ النَّقْلِ (قَوْلُهُ: كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْفَرْقِ الْمُتَقَدِّمِ) أَيْ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَلَوْ نَقَلَ مِنْ وَجْهٍ إلَى يَدٍ إلَخْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِعِنْوَانِ الْفَرْقِ (قَوْلُهُ: وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ لَا تَجِبُ الِاسْتِدَامَةُ) أَيْ بَلْ يَكْفِي قَرْنُهَا بِالنَّقْلِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَحْضِرْ عِنْدَ مَسْحِ الْوَجْهِ [بَيَانِ مَا يُبَاحُ لَهُ التَّيَمُّمِ] (قَوْلُهُ: إذْ نِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَالتَّيَمُّمُ مُبِيحٌ وَبِالْخَطَأِ صَادَفَتْ نِيَّتُهُ اسْتِبَاحَةَ مَا لَا يُسْتَبَاحُ

غَيْرُ مُبَاحٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ نَوَى أَنْ يُصَلِّيَ عُرْيَانًا مَعَ وُجُودِ الثِّيَابِ (أَوْ) نَوَى (فَرْضًا) (فَلَهُ النَّفَلُ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّ النَّوَافِلَ تَابِعَةٌ، فَإِذَا اسْتَبَاحَ الْمَتْبُوعَ اسْتَبَاحَ التَّابِعَ كَمَا إذَا أَعْتَقَ الْأُمَّ يُعْتَقُ الْحَمْلُ. وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهَا. وَالثَّالِثُ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ الْفَرْضِ لَا قَبْلَهُ لِأَنَّ التَّابِعَ لَا يُقَدَّمُ وَالتَّيَمُّمُ لِلْجِنَازَةِ كَنِيَّةِ النَّفْلِ لِأَنَّهُ يَسْقُطُ بِفِعْلِ الْغَيْرِ (أَوْ نَفْلًا أَوْ الصَّلَاةَ تَنَفَّلَ) أَيْ فَعَلَ النَّفَلَ (لَا الْفَرْضَ عَلَى الْمَذْهَبِ) فِيهِمَا. أَمَّا الْأُولَى فَلِكَوْنِ الْفَرْضِ أَصْلًا وَالنَّفَلِ تَابِعًا فَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ أَوْ نَوَى فَرْضًا فَلَهُ النَّفَلُ) أَيْ مَعَ الْفَرْضِ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ أَوْ تَأَخَّرَ. وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ يَسْتَبِيحُ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْفَرَائِضِ وَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ الْفَرْضَ فِي نِيَّتِهِ بِالْعَيْنِيِّ، وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ وَأَطْلَقَ نَزَلَتْ عَلَى النَّفْلِ، لِأَنَّ الْمُطَلَّقَ يَنْزِلُ عَلَى أَقَلِّ الدَّرَجَاتِ، وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ إذَا أَطْلَقَ الْفَرْضَ حُمِلَ عَلَى فَرْضِ الْكِفَايَةِ لِصِدْقِ الْفَرْضِ بِهِ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ تَصْدُقُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ صِدْقًا وَاحِدًا بِأَنْ يُقَالَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا صَلَاةٌ، بِخِلَافِ الْفَرْضِ فَإِنَّهُ اشْتَهَرَ فِي الْفَرْضِ الْعَيْنِيِّ بِحَيْثُ إذَا أُرِيدَ غَيْرُهُ لَا يُذْكَرُ إلَّا مُقَيَّدًا، فَوَجَبَ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لِأَنَّهُ لِشُهْرَتِهِ فِيهِ صَارَ كَالْمَوْضُوعِ لَهُ، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ كَمَا تَقَرَّرَ هَذَا، وَفِي كَلَامِ سم عَلَى مَنْهَجِ أَنَّ الْمَرْتَبَةَ الْأُولَى مِمَّا يَنْوِيه الْفَرْضُ الْعَيْنِيُّ فَيَسْتَبِيحُ بِهَا كُلَّ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَيَمُّمٍ اهـ. وَقَضِيَّةُ تَقْيِيدِهِ بِالْعَيْنِيِّ أَنَّهُ لَا يَسْتَبِيحُ ذَلِكَ عِنْدَ إطْلَاقِ الْفَرْضِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَابَلَهُ بِمَا لَوْ نَوَى صَلَاةَ الْجِنَازَةِ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالْعَيْنِيِّ مَا يَشْمَلُ مَا لَوْ ذَكَرَهُ فِي نِيَّتِهِ وَمَا لَوْ أَطْلَقَ فَيَكُونُ هُوَ مُرَادًا مِنْهَا، وَبَقِيَ مَا لَوْ قَالَ نَوَيْت اسْتِبَاحَةَ فَرْضٍ وَأَطْلَقَ، فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْفَرْضِ الْعَيْنِيِّ فَيُصَلِّي بِهِ مَا شَاءَ أَوْ عَلَى فَرْضِ الْكِفَايَةِ فَيُصَلِّي بِهِ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَبِبَعْضِ الْهَوَامِشِ مِنْ غَيْرِ عَزْوٍ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْجِنَازَةِ تَنْزِيلًا عَلَى أَقَلِّ الدَّرَجَاتِ. وَأَقُولُ: حَيْثُ جُعِلَتْ الْعِلَّةُ التَّنْزِيلَ عَلَى أَقَلِّ الدَّرَجَاتِ فَالْأَقْرَبُ حَمْلُهُ عَلَى مَسِّ الْمُصْحَفِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ، لِأَنَّ مِمَّا يَصْدُقُ بِهِ الْفَرْضُ مَسُّ الْمُصْحَفِ وَحَمْلُهُ إذَا وَجَبَ كَأَنْ خِيفَ عَلَيْهِ تَنَجُّسٌ أَوْ كَافِرٌ وَمِمَّا يَصْدُقُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْمُكْثُ فِي الْمَسْجِدِ إذَا نَذَرَ الِاعْتِكَافَ فِيهِ فَلَا يُصَلِّي بِهِ لَا فَرْضًا مِنْ الصَّلَوَاتِ وَلَا نَفْلًا، هَذَا وَصَرِيحُ قَوْلِ الْمَنْهَجِ وَلَا يُؤَدِّي بِهِ: أَيْ بِتَيَمُّمِهِ لِفَرِيضَةٍ عَيْنِيَّةٍ مِنْ فُرُوضٍ عَيْنِيَّةٍ غَيْرَ وَاحِدٍ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الْفَرْضَ وَأَطْلَقَ لَا يُصَلِّي بِهِ فَرْضًا عَيْنِيًّا. وَقَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: لَوْ قَالَ نَوَيْت اسْتِبَاحَةَ صَلَاةِ الظُّهْرِ دُونَ النَّوَافِلِ فَهَلْ يَسْتَبِيحُ النَّوَافِلَ؟ هُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ اهـ. أَقُولُ: يَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ قَصَدَ إبَاحَةً تَثْبُتُ لِلْفَرْضِ دُونَ النَّوَافِلِ فَالْقِيَاسُ الْبُطْلَانُ: أَيْ لِلتَّيَمُّمِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبَغَوِيِّ فِي هَامِشِ بَابِ الْوُضُوءِ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ يَسْتَبِيحُ الْفَرْضَ وَلَا يَفْعَلُ النَّفَلَ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجِ. وَقَوْلُهُ لَا يَضُرُّ: أَيْ فَلَهُ فِعْلُ النَّفْلِ. وَبَقِيَ مَا لَوْ قَالَ: نَوَيْت اسْتِبَاحَةَ مُفْتَقِرٍ إلَى تَيَمُّمٍ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِيهِ: إنْ كَانَ مُحْدِثًا حَدَثًا أَصْغَرَ لَمْ يَصِحَّ لِشُمُولِ نِيَّتِهِ لِلْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَكِلَاهُمَا مُبَاحٌ لَهُ فَلَا تَصِحُّ نِيَّتُهُ كَمَا لَوْ قَالَ فِي وُضُوئِهِ نَوَيْت اسْتِبَاحَةَ مُفْتَقِرٍ إلَى طُهْرٍ، وَإِنْ كَانَ مُحْدِثَا حَدَثًا أَكْبَرَ صَحَّتْ نِيَّتُهُ وَنَزَلَتْ عَلَى أَقَلِّ الدَّرَجَاتِ فَيَسْتَبِيحُ مَسَّ الْمُصْحَفِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَسْقُطُ) أَيْ مَا ذُكِرَ وَهُوَ فَرْضُ الْجِنَازَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ فِعْلُ النَّفْلِ) أَشَارَ بِهِ إلَى صِحَّةِ الْعَطْفِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ نَظَرَ فِي الْعَطْفِ إلَى صِحَّةِ الْمَعْنَى فَإِنَّ قَوْلَهُ تَنَفُّلٌ مَعْنَاهُ فِعْلُ النَّفْلِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ أَوْ نَفْلًا (قَوْلُهُ: الْفَرْضُ أَصْلًا) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ النَّفَلَ تَابِعٌ فِي الْمَشْرُوعِيَّةِ لِلْفَرْضِ، فَإِنَّ مَنْ لَمْ يُخَاطَبْ بِالْفَرْضِ لَمْ يُخَاطَبْ بِالنَّفْلِ. وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ فِي شَرْحِ قَوْلِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ: وَالْحُكْمُ خِطَابُ اللَّهِ الْمُتَعَلِّقُ بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُكَلَّفٌ تَوْجِيهًا لِشُمُولِ الْحُكْمِ لِلْمَنْدُوبِ وَالْمَكْرُوهِ وَالْمُبَاحِ الْمُعَبَّرِ فِيهِ عَنْ الْأَوَّلَيْنِ بِالِاقْتِضَاءِ الْغَيْرِ الْجَازِمِ وَعَنْ الثَّالِثِ بِالتَّخْيِيرِ نَصَّهَا لِتَنَاوُلِ حَيْثِيَّةِ التَّكْلِيفِ لِلْأَخِيرَيْنِ مِنْهَا: أَيْ الِاقْتِضَاءَ الْغَيْرَ الْجَازِمِ، وَالتَّخْيِيرُ كَالْأَوَّلِ الظَّاهِرِ: أَيْ وَهُوَ الِاقْتِضَاءُ الْجَازِمُ فَإِنَّهُ لَوْلَا وُجُودُ التَّكْلِيفِ لَمْ يُوجَدَا. أَلَا تَرَى إلَى انْتِفَائِهِمَا قَبْلَ الْبَعْثَةِ كَانْتِفَاءِ التَّكْلِيفِ انْتَهَى - رَحِمَهُ اللَّهُ -، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّبَعِيَّةِ أَنَّهَا شُرِعَتْ جَابِرَةٌ لِلْفَرَائِضِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

يَكُونُ الْمَتْبُوعُ تَابِعًا. وَالثَّانِي يَسْتَبِيحُ الْفَرْضَ قِيَاسًا عَلَى الْوُضُوءِ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَبِالْقِيَاسِ عَلَى مَا لَوْ تَحَرَّمَ بِالصَّلَاةِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَنْعَقِدُ نَفْلًا، وَكَوْنُ الْمُنْفَرِدِ الْمُحَلَّى بِأَلْ لِلْعُمُومِ إنَّمَا يُفِيدُ فِيمَا مَدَارُهُ عَلَى الْأَلْفَاظِ، وَالنِّيَّاتُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ، عَلَى أَنَّ بِنَاءَهَا عَلَى الِاحْتِيَاطِ يَمْنَعُ الْعَمَلَ فِيهَا بِمِثْلِ ذَلِكَ لَوْ فُرِضَ أَنَّ لِلْأَلْفَاظِ فِيهَا دَخْلًا فَانْدَفَعَ مَا لِلْأَسْنَوِيِّ وَغَيْرِهِ هُنَا، وَالثَّانِي يَسْتَبِيحُ الْفَرْضَ أَيْضًا لِأَنَّ الصَّلَاةَ اسْمُ جِنْسٍ يَتَنَاوَلُ النَّوْعَيْنِ فَيَسْتَبِيحُهُمَا كَمَا لَوْ نَوَاهُمَا، وَمَتَى اسْتَبَاحَ النَّفَلَ اسْتَبَاحَ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ نَحْوِ مَسِّ مُصْحَفٍ وَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ أَوْ شُكْرٍ وَقِرَاءَةِ نَحْوِ جُنُبٍ وَمُكْثِهِ فِي الْمَسْجِدِ وَحِلِّ وَطْءٍ وَصَلَاةِ جِنَازَةٍ وَإِنْ تَعَيَّنَتْ، فَإِنْ تَيَمَّمَ لِمَسِّ مُصْحَفٍ وَلَوْ عِنْدَ خَوْفٍ عَلَيْهِ مِنْ كَافِرٍ أَوْ غَرَقٍ أَوْ حَرْقٍ أَوْ نَجَاسَةٍ أَوْ لِسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ أَوْ شُكْرٍ أَوْ مَنْ انْقَطَعَ حَيْضُهَا لِحِلِّ وَطْءٍ وَلَوْ لِحَلِيلٍ أَوْ تَيَمُّمِ جُنُبٍ لِاعْتِكَافٍ أَوْ قِرَاءَةِ قُرْآنٍ وَلَوْ كَانَتْ فَرْضًا عَيْنِيًّا كَتَعَلُّمِ الْفَاتِحَةِ لَمْ يَسْتَبِحْ بِهِ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا. نَعَمْ يَظْهَرُ أَنَّ الْجَمِيعَ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى لَوْ تَيَمَّمَ لِوَاحِدٍ مِنْهَا جَازَ لَهُ فِعْلُ الْبَقِيَّةِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَسُجُودُ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرُ وَمَسُّ الْمُصْحَفِ وَحَمْلُهُ لِأَنَّ النَّفَلَ آكَدُ مِنْهَا لَا يَقْتَضِي شُمُولَهُ لِلْجِنَازَةِ، وَأَنَّ النَّفَلَ حِينَئِذٍ آكَدُ مِنْهَا لِفَصْلِهِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ بِقَوْلِهِ كَمَا سَيَأْتِي. ثُمَّ أَشَارَ إلَى الرُّكْنِ الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ (وَمَسْحُ وَجْهِهِ) أَوْ جَبْهَتِهِ وَظَاهِرِ لِحْيَتِهِ وَالْمُقْبِلِ مِنْ أَنْفِهِ عَلَى شَفَتِهِ وَلَوْ بِغَيْرِ يَدِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [النساء: 43] . ثُمَّ أَشَارَ إلَى الرُّكْنِ الرَّابِعِ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ) مَسْحُ (يَدَيْهِ مَعَ مِرْفَقَيْهِ) لِلْآيَةِ وَلِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ «التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ: ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلذِّرَاعَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ» وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْوُضُوءِ وَلِأَنَّهُ مَمْسُوحٌ فِي التَّيَمُّمِ فَكَانَ كَغَسْلِهِ، وَيَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ مِنْ غَسْلِ مَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ أَوْ بَعْضُهَا وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا، وَكَذَا زِيَادُهُ يَدٍ أَوْ أُصْبُعٍ وَتَدَلِّي جَلْدَةٍ وَأَشَارَ إلَى الرُّكْنِ الْخَامِسِ وَهُوَ التَّرْتِيبُ بِثُمَّ فَيُشْتَرَطُ تَقْدِيمُ مَسْحِ الْوَجْهِ عَلَى مَسْحِ الْيَدَيْنِ كَمَا فِي الْوُضُوءِ وَإِنْ كَانَ حَدَثُهُ أَكْبَرَ أَوْ تَيَمَّمَ عَنْ غُسْلٍ مَسْنُونٍ أَوْ وُضُوءٍ كَذَلِكَ، بِخِلَافِ الْغُسْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَكَأَنَّهَا مُكَمِّلَةٌ لَهَا فَعُدَّتْ تَابِعَةً بِهَذَا الِاعْتِبَارِ (قَوْلُهُ: قِيَاسًا عَلَى الْوُضُوءِ) أَيْ فِي أَنَّهُ إذَا نَوَى فِيهِ اسْتِبَاحَةَ النَّفْلِ اسْتَبَاحَهُ وَالْفَرْضَ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الثَّانِيَةُ) هِيَ قَوْلُهُ أَوْ الصَّلَاةُ (قَوْلُهُ: تَحْرُمُ بِالصَّلَاةِ) أَيْ وَأَطْلَقَ (قَوْلُهُ: مَسُّ الْمُصْحَفِ) أَيْ وَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ حَمْلُهُ لِلْخَوْفِ عَلَيْهِ مِنْ كَافِرٍ أَوْ تَنَجُّسٍ، وَلَا يُقَالُ إنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ صَارَ فَرْضًا عَلَيْهِ فَلَا يَسْتَبِيحُهُ بِنِيَّةِ النَّفْلِ وَلَا أَنَّهُ عِنْدَ تَعَيُّنِهِ يَصِيرُ فَرْضًا عَلَيْهِ فَإِذَا نَوَاهُ اسْتَبَاحَ غَيْرَهُ مِنْ الْفَرَائِضِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِحَلِيلٍ) أَخَذَهُ غَايَةً لِدَفْعِ مَا قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّهَا الْآنَ تَتَيَمَّمُ لِوَاجِبٍ (قَوْلُهُ جَازَ لَهُ فِعْلُ الْبَقِيَّةِ) أَيْ مِمَّا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ تَيَمَّمَ لِمَسِّ مُصْحَفٍ إلَخْ، وَمِنْهُ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ مَسِّ الْمُصْحَفِ جَازَ لَهُ فِعْلُ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ عَلَّلَ الْجُمْلَةَ بِمَا ذَكَرَ. (قَوْلُهُ: وَمَسْحُ وَجْهِهِ) [فَرْعٌ] قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَلَوْ مَسَحَ وَجْهَهُ بِيَدِهِ النَّجِسَةِ لَمْ يَجُزْ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي تَنَجُّسِ سَائِرِ الْبَدَنِ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجِ. وَقَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ: أَيْ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ التَّيَمُّمِ زَوَالُ النَّجَاسَةِ عَنْ بَدَنِهِ لَا لِكَوْنِهِ مَسَحَ بِآلَةِ نَجِسَةٍ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ مَسَحَ بِثَوْبٍ نَجَسٍ مَعَ طَهَارَةِ بَدَنِهِ صَحَّ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ وَجْهَيْهِ) أَيْ حَيْثُ وَجَبَ غَسَلَهُمَا بِأَنْ كَانَا أَصْلِيَّيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا زَائِدًا وَاشْتَبَهَ أَوْ تَمَيَّزَ وَكَانَ عَلَى سَمْتِ الْأَصْلِيِّ، فَإِنْ تَمَيَّزَ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى سَمْتِهِ لَمْ يَجِبْ غَسْلُهُ فَلَا يَجِبُ مَسْحُهُ. (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ وَالْأَوْلَى حَذْفُ الْوَاوِ لِأَنَّهُ عِلَّةُ الْقِيَاسِ. (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) مِنْ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَظَاهِرُ لِحْيَتِهِ إلَخْ) هُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ إذْ هُوَ مِنْ مَشْمُولَاتِ الْوَجْهِ وَنُكْتَتُهُ الِاحْتِيَاجُ لِلنَّصِّ عَلَيْهَا لِخَفَائِهَا (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ مَمْسُوحٌ إلَخْ) لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْوَاوِ؛ لِأَنَّهُ مَسْلَكٌ آخَرُ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِالْقِيَاسِ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ،

مِنْ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ لِأَنَّ الْبَدَنَ فِيهِ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ، وَأَمَّا الْوَجْهُ وَالْيَدُ فَمُخْتَلِفَانِ وَمُقْتَضَاهُ وُجُوبُ التَّرْتِيبِ فِي التَّمَعُّكِ وَهُوَ كَذَلِكَ، إذْ تَعْمِيمُ الْبَدَنِ لَا يَجِبُ فِي حَالَةٍ حَتَّى يَكُونَ كَالْغُسْلِ. أَمَّا تَقْدِيمُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فَغَيْرُ وَاجِبٍ كَالْوُضُوءِ، وَلَا يَسْقُطُ التَّرْتِيبُ بِنِسْيَانِهِ كَسَائِرِ الْأَرْكَانِ، وَلَوْ مُنِعَ شَخْصٌ مِنْ الْوُضُوءِ إلَّا مُنَكَّسًا حَصَلَ لَهُ غَسْلُ الْوَجْهِ وَتَيَمَّمَ لِلْبَاقِي لِعَجْزِهِ عَنْ الْمَاءِ، وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى مَنْ غُصِبَ مَاؤُهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الصَّلَاةِ مُحْدِثًا فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ عَنْ وُضُوئِهِ بِبَدَلٍ فِي هَذِهِ بِخِلَافِهِ فِي الْأُولَى. (وَلَا يَجِبُ) (إيصَالُهُ) أَيْ التُّرَابِ (مَنْبَتَ الشَّعْرِ الْخَفِيفِ) وَإِنْ نَدَرَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْعُسْرِ وَلَا يَنْدُبُ أَيْضًا لِلْمَشَقَّةِ، بِخِلَافِ الْمَاءِ وَعُلِمَ حُكْمُ الْكَثِيفِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. (وَلَا تَرْتِيبَ فِي نَقْلِهِ) أَيْ لَا يَجِبُ ذَلِكَ (فِي الْأَصَحِّ) لَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ (فَلَوْ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ) التُّرَابَ ضَرْبَةً وَاحِدَةً أَوْ ضَرَبَ بِيَمِينِهِ قَبْلَ يَسَارِهِ (وَمَسَحَ بِيَمِينِهِ وَجْهَهُ وَبِيَسَارِهِ يَمِينَهُ) أَوْ عَكَسَ (جَازَ) وَفَارَقَ الْمَسْحَ بِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ وَالْمَسْحُ أَصْلٌ. وَالثَّانِي يَجِبُ كَمَا فِي الْمَسْحِ، وَلَا يُشْتَرَطُ قَصْدُ التُّرَابِ لِعُضْوٍ مُعَيَّنٍ يَمْسَحُهُ فَلَوْ أَخَذَ التُّرَابَ لِيَمْسَحَ بِهِ وَجْهَهُ فَتَذَكَّرَ أَنَّهُ مَسَحَهُ جَازَ أَنْ يَمْسَحَ بِذَلِكَ التُّرَابِ يَدَيْهِ أَوْ أَخَذَهُ لِيَدَيْهِ ظَانًّا أَنَّهُ مَسَحَ وَجْهَهُ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ لَمْ يَمْسَحْهُ جَازَ أَنْ يَمْسَحَ بِهِ وَجْهَهُ، خِلَافًا لِلْقَفَّالِ فِي فَتَاوِيهِ وَإِنْ جَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ. ثُمَّ لَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَرْكَانِهِ ذَكَرَ بَعْضَ سُنَنِهِ بِقَوْلِهِ (وَتُنْدَبُ) لِلْمُتَيَمِّمِ (التَّسْمِيَةُ) أَوَّلَهُ كَالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَلَوْ لِنَحْوِ جُنُبٍ وَالذِّكْرُ آخِرُهُ السَّابِقُ ثَمَّ وَذَكَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ أَرَادَ صَلَاةً قَبْلَ الْحَدَثِ وَعَدِمَ الْمَانِعَ أَوْ تَعَذَّرَ اسْتِعْمَالُهُ فَإِنَّهُ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ عَنْ الْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ نَقَلَهُ سم عَنْ م ر (قَوْلُهُ: فِي حَالَةٍ) أَيْ مِنْ أَحْوَالِ التَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ، وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ بِالْهَامِشِ عَنْ سم فِيمَنْ كَانَ فِي سَفِينَةٍ وَتَيَمَّمَ فِيهَا لِخَوْفِ الْغَرَقِ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْإِعَادَةِ حَيْثُ كَانَ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ فَقْدُ الْمَاءِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْبَحْرِ الَّذِي فِيهِ السَّفِينَةُ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْإِعَادَةِ هُنَا حَيْثُ كَانَ بِمَحَلٍّ لَا يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ، وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ الْإِعَادَةِ مُطْلَقًا لِكَوْنِ الْمَانِعِ حِسِّيًّا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ سَبُعٌ وَلَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ. (قَوْلُهُ: وَلَا تَرْتِيبَ) ضَبَطَهُ حَجّ بِالْفَتْحِ وَمَا فَسَّرَ بِهِ م ر يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ، وَهُوَ أَوْلَى لِأَنَّ الْمُسْتَفَادَ مِنْهَا نَفْيُ الْوُجُوبِ، وَالْأَصْلُ أَنَّهُ إذَا انْتَفَى الْوُجُوبُ بَقِيَ الِاسْتِحْبَابُ، بِخِلَافِ قِرَاءَتِهِ بِالْفَتْحِ فَإِنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ لَا تَرْتِيبَ مَطْلُوبٌ، وَعَلَى مَا ضَبَطَهُ حَجّ فَلَا: نَافِيَةٌ لِلْجِنْسِ، وَتَرْتِيبَ: اسْمُهَا وَبَيْنَهُمَا وَلِلْجُنُبِ مُتَعَلِّقَانِ بِتَرْتِيبٍ، وَخَبَرُ لَا مَحْذُوفٌ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ لِأَنَّ خَبَرَ لَا إذَا دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَيْهِ جَازَ حَذْفُهُ بِكَثْرَةٍ عِنْدَ الْحِجَازِيِّينَ وَوَجَبَ حَذْفُهُ عِنْدَ التَّمِيمِيِّينَ وَالطَّائِيِّينَ، وَعَلَى هَذَا فَيُحْتَمَلُ مَطْلُوبٌ وَيُحْتَمَلُ وَاجِبٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ. (قَوْلُهُ: كَالْوُضُوءِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهَا أَوَّلَهُ أَتَى بِهَا فِي أَثْنَائِهِ (قَوْلُهُ: وَالذِّكْرُ إلَخْ) أَيْ وَصَلَاةُ رَكْعَتَيْ سُنَّةِ التَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: وَذِكْرُ الْوَجْهِ إلَخْ) بِنَاءً عَلَى نَدْبِهِ حَجّ وَتَقَدَّمَ نَدْبُ التَّسْمِيَةِ، وَلَا يَتَأَتَّى هُنَا شَيْءٌ مِنْ بَقِيَّةِ أَذْكَارِ الْوُضُوءِ لِاخْتِصَاصِ التَّيَمُّمِ بِالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ (قَوْلُهُ: وَالسِّوَاكُ) وَمَحَلُّهُ بَيْنَ التَّسْمِيَةِ وَالنَّقْلِ كَمَا أَنَّهُ فِي الْوُضُوءِ بَيْنَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ وَالْمَضْمَضَةِ انْتَهَى حَجّ. أَقُولُ: وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ التَّسْمِيَةَ لَا تُسْتَحَبُّ مُقَارَنَتُهَا لِلنَّقْلِ عَلَى خِلَافِ مَا مَرَّ مِنْ اسْتِحْبَابِ مُقَارَنَتِهَا لِغَسْلِ الْكَفَّيْنِ فِي الْوُضُوءِ. وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّيَمُّمِ أَنْ يُقَالَ بِمِثْلِهِ فِي الْغُسْلِ فَيُسَنُّ التَّسْمِيَةُ لَهُ ثُمَّ السِّوَاكُ قَبْلَ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ، وَعَلَى قِيَاسِ الْوُضُوءِ مِنْ مُقَارَنَةِ التَّسْمِيَةِ لِغَسْلِ الْكَفَّيْنِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَارِنَ هُنَا أَوَّلَ النَّقْلِ فَيَكُونَ السِّوَاكُ قَبْلَ النَّقْلِ وَالتَّسْمِيَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ لَفْظٍ كَالْوَجْهِ بَعْدَ قَوْلِهِ كَغَسْلِهِ؛ لِأَنَّ الدَّلِيلَ لَا يَتَّضِحُ إلَّا بِهِ، وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ النُّسَّاخِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ، وَلَعَلَّهُ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْغُسْلِ الْوَاقِعِ عَنْ الْوُضُوءِ بِالصَّبِّ (قَوْلُهُ: وَلَا تَرْتِيبٌ) بِالرَّفْعِ وَالتَّنْوِينِ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ إيصَالٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّيْخُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: أَيْ لَا يَجِبُ ذَلِكَ، وَبِقَوْلِهِ لَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ، وَهُوَ

[سنن التيمم]

الْوَجْهَ وَالْيَدَيْنِ وَالسِّوَاكَ وَالْغُرَّةَ وَالتَّحْجِيلَ وَأَنْ لَا يَرْفَعَ يَدَهُ عَنْ الْوُضُوءِ حَتَّى يُتِمَّ مَسْحَهُ وَتَخْلِيلَ أَصَابِعِهِ كَمَا يَأْتِي (وَمَسْحُ وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ بِضَرْبَتَيْنِ) لِوُرُودِ ذَلِكَ فِي الْأَخْبَارِ، وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ إيصَالُ التُّرَابِ وَقَدْ حَصَلَ (قُلْت: الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ وُجُوبُ ضَرْبَتَيْنِ وَإِنْ أَمْكَنَ بِضَرْبَةٍ بِخِرْقَةٍ وَنَحْوِهَا) كَأَنْ يَأْخُذَ خِرْقَةً كَبِيرَةً يَضْرِبُ بِهَا ثُمَّ يَمْسَحُ بِبَعْضِهَا وَجْهَهُ وَبِبَاقِيهَا مَثَلًا يَدَيْهِ دَفْعَةً وَاحِدَةً (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِخَبَرِ الْحَاكِمِ «التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ: ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ» . وَرَوَى أَبُو دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَيَمَّمَ بِضَرْبَتَيْنِ: مَسَحَ بِإِحْدَاهُمَا وَجْهَهُ، وَبِالْأُخْرَى ذِرَاعَيْهِ» وَلِأَنَّ الِاسْتِيعَابَ غَالِبًا لَا يَتَأَتَّى بِدُونِهِمَا فَأَشْبَهَ الْأَحْجَارَ الثَّلَاثَةَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ، وَلِأَنَّ الزِّيَادَةَ جَائِزَةٌ بِالِاتِّفَاقِ، فَلَوْ جَازَ أَيْضًا النُّقْصَانُ لَمْ يَبْقَ لِلتَّقْيِيدِ بِالْعَدَدِ فَائِدَةٌ، وَمَفْهُومُ كَلَامِهِمْ وَاسْتِدْلَالِهِمْ بِحَدِيثِ عَمَّارٍ وَنَحْوِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الضَّرْبَ بِالْيَدَيْنِ دَفْعَةً وَاحِدَةً يُحْسَبُ ضَرْبَةً، بِخِلَافِ مَا إذَا ضَرَبَ يَدًا ثُمَّ يَدًا، وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى ضَرْبَتَيْنِ. نَعَمْ إنْ لَمْ يَحْصُلْ الِاسْتِيعَابُ بِهِمَا لَمْ تُكْرَهْ الزِّيَادَةُ بَلْ تَجِبُ، وَلَوْ ضَرَبَ بِنَحْوِ خِرْقَةٍ ضَرْبَةً وَمَسَحَ بِهَا وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ سِوَى جُزْءٍ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ إحْدَاهُمَا كَأُصْبُعٍ ثُمَّ ضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى وَمَسَحَ بِهَا ذَلِكَ الْجُزْءَ جَازَ لِوُجُودِ الضَّرْبَتَيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ السَّابِقِ يُخَالِفُهُ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ جَوَازُ التَّمَعُّكِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: قُلْت: الْأَصَحُّ) هُوَ هُنَا بِمَعْنَى الرَّاجِحِ بِقَرِينَةِ جَمْعِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَنْصُوصِ، وَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ التَّنَافِي، فَإِنَّ الْأَصَحَّ مِنْ الْأَوْجَهِ لِلْأَصْحَابِ وَالْمَنْصُوصِ لِلْإِمَامِ وَفِي الْوَصْفِ بِهِمَا مَعًا تَنَافٍ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَمْسَحُ إلَخْ) الْبُطْلَانُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَاضِحٌ لَكِنَّهُ لِعَدَمِ التَّرْتِيبِ لَا لِعَدَمِ تَعَدُّدِ الضَّرْبِ. وَقَدْ مَرَّ أَنَّ خُصُوصَ الضَّرْبِ لَيْسَ بِشَرْطٍ، بَلْ الْمَدَارُ عَلَى تَعَدُّدِ النَّقْلِ وَهُوَ حَاصِلٌ فِيمَا لَوْ مَسَحَ بِبَعْضِ الْخِرْقَةِ وَجْهَهُ ثُمَّ بِبَاقِيهَا يَدَيْهِ (قَوْلُهُ: وَاسْتِدْلَالُهُمْ) أَيْ وَمَفْهُومُ اسْتِدْلَالِهِمْ وَإِنَّمَا قُلْنَا وَمَفْهُومُ اسْتِدْلَالِهِمْ وَلَمْ نَقْلِ وَاسْتِدْلَالُهُمْ، لِأَنَّ خَبَرَ عَمَّارٍ «إنَّمَا كَانَ يَكْفِيك» إِلَخْ وَهِيَ مِنْ الْمَفْهُومِ (قَوْلُهُ: ضَرَبَ يَدًا ثُمَّ يَدًا) أَيْ فَإِنَّهُ يَحْسِبُ ضَرْبَتَيْنِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ مَسَحَ بِالْأُولَى وَجْهَهُ وَإِحْدَى يَدَيْهِ، وَبِالثَّانِيَةِ الْأُخْرَى أَجْزَأَ (قَوْلُهُ: ذَلِكَ الْجُزْءَ) هُوَ وَاضِحٌ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ أَوْ أَحَدُهُمَا. أَمَّا قَوْلُهُ سِوَى جُزْءٍ مِنْهُمَا فَمُشْكِلٌ لِأَنَّهُ إذَا تَرَكَ مِنْ وَجْهِهِ جُزْءًا وَإِنْ قَلَّ لَا يَصِحُّ مَسْحُ يَدَيْهِ لِعَدَمِ التَّرْتِيبِ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ صُورَتَهُ أَنْ يَمْسَحَ وَجْهَهُ بِبَعْضِ أَجْزَاءِ الْخِرْقَةِ ثُمَّ يَضْرِبُ بِيَدِهِ الْأَرْضَ مَثَلًا فَيَمْسَحُ بِبَعْضِهَا بَاقِي الْوَجْهِ ثُمَّ يَمْسَحُ بِبَاقِي الْخِرْقَةِ يَدَيْهِ إلَّا جُزْءًا ثُمَّ يَمْسَحُ بِمَا بَقِيَ فِيمَا ضَرَبَ بِهِ الْجُزْءَ الْبَاقِي مِنْ الْيَدِ إلَّا أَنَّ هَذِهِ فِي الْحَقِيقَةِ ثَلَاثُ ضَرَبَاتٍ لَا ثِنْتَانِ فَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى أَنْ يَمْسَحَ بِهَا الْوَجْهَ جَمِيعَهُ وَالْيَدَيْنِ إلَّا جُزْءًا عَلَى مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ مَسَحَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ لَمْ يَكْفِ فَالْوَاجِبُ إعَادَةُ مَسْحِ آخِرِ جُزْءٍ مِنْ يَدَيْهِ وَالِاكْتِفَاءُ بِالضَّرْبَةِ الْوَاحِدَةِ فِي مَسْحِ مَا عَدَا الْجُزْءَ الْأَخِيرَ (قَوْلُهُ: الْحَدِيثُ السَّابِقُ) وَهُوَ قَوْلُهُ رَوَى أَبُو دَاوُد إلَخْ فَيُحْمَلُ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ فِيهِ تَعَدُّدُ الضَّرْبِ فَقَطْ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْلَى مِنْ ضَبْطِ الشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ لَهُ بِالْفَتْحِ لِإِفَادَتِهِ عَدَمَ مَشْرُوعِيَّةِ التَّرْتِيبِ أَصْلًا [سُنَنُ التَّيَمُّمِ] (قَوْلُهُ: كَأَنْ يَأْخُذَ خِرْقَةً إلَخْ) سَيَأْتِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالضَّرْبِ النَّقْلُ، وَتَصْوِيرُهُ بِمَا ذُكِرَ يُوهِمُ أَنَّ الْمُرَادَ حَقِيقَةُ الضَّرْبِ، فَلَوْ صَوَّرَ بِقَوْلِهِ كَأَنَّ مَعَك وَجْهَهُ، وَيَدَيْهِ فِي التُّرَابِ مَعًا كَانَ أَوْلَى، عَلَى أَنَّا نَمْنَعُ انْتِفَاءَ الضَّرْبَتَيْنِ إذَا مَسَحَ وَجْهَهُ، وَيَدَيْهِ مَعًا لِلْقَطْعِ بِأَنَّ مَسْحَ الْوَجْهِ غَيْرُ مَسْحِ الْيَدَيْنِ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ انْتَفَى التَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: سِوَى جُزْءٍ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ إحْدَاهُمَا) بِإِثْبَاتِ أَلِفٍ مَعَ الدَّالِ فِي إحْدَاهُمَا تَأْنِيثُ أَحَدٍ خِلَافًا لِمَا فِي نُسَخٍ فَالضَّمِيرُ فِيهِ كَالضَّمِيرِ فِي مِنْهُمَا لِلْيَدَيْنِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ التَّرْتِيبَ وَاجِبٌ بَيْنَ الْوَجْهِ، وَالْيَدَيْنِ فَلَا يُتَصَوَّرُ بَقَاءُ جُزْءٍ مِنْ الْيَدَيْنِ مَعَ بَقَاءِ جُزْءٍ مِنْ الْوَجْهِ؛ لِأَنَّهُ مَا دَامَ جُزْءٌ مِنْ الْوَجْهِ بَاقِيًا فَجَمِيعُ

لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالضَّرْبِ النَّقْلُ وَلَوْ بِالْعُضْوِ الْمَسْمُوحِ كَمَا مَرَّ لَا حَقِيقَةُ الضَّرْبِ. وَآثَرُوا التَّعْبِيرَ بِالضَّرْبِ لِمُوَافَقَةِ لَفْظِ الْحَدِيثِ وَلِلْغَالِبِ، إذْ يَكْفِي وَضْعُ الْيَدِ عَلَى تُرَابٍ نَاعِمٍ بِدُونِهِ (وَيُقَدِّمُ) نَدْبًا (يَمِينَهُ) عَلَى يَسَارِهِ (وَأَعْلَى وَجْهِهِ) عَلَى أَسْفَلِهِ كَالْوُضُوءِ، وَيَأْتِي بِهِ عَلَى كَيْفِيَّتِهِ الْمَشْهُورَةِ، وَهِيَ أَنْ يَضَعَ بُطُونَ أَصَابِعِ الْيُسْرَى سِوَى الْإِبْهَامِ عَلَى ظُهُورِ أَصَابِعِ الْيُمْنَى سِوَى الْإِبْهَامِ بِحَيْثُ لَا تَخْرُجُ أَنَامِلُ الْيُمْنَى عَنْ مُسَبِّحَةِ الْيُسْرَى، وَلَا مُسَبِّحَةُ الْيُمْنَى عَنْ أَنَامِلِ الْيُسْرَى وَيُمِرُّهَا عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُمْنَى، فَإِذَا بَلَغَ الْكُوعَ ضَمَّ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ إلَى حَرْفِ الذِّرَاعِ وَيُمِرُّهَا إلَى الْمِرْفَقِ، ثُمَّ يُدِيرُ بَطْنَ كَفِّهِ إلَى بَطْنِ الذِّرَاعِ فَيُمِرُّهَا عَلَيْهِ رَافِعًا إبْهَامَهُ، فَإِذَا بَلَغَ الْكُوعَ أَمَرَّ إبْهَامَ الْيُسْرَى عَلَى إبْهَامِ الْيُمْنَى ثُمَّ يَفْعَلُ بِالْيُسْرَى كَذَلِكَ، ثُمَّ يَمْسَحُ إحْدَى الرَّاحَتَيْنِ بِالْأُخْرَى وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِأَنَّ فَرَضَهُمَا حَصَلَ بِضَرْبِهِمَا بَعْدَ مَسْحِ وَجْهِهِ، وَجَازَ مَسْحُ ذِرَاعَيْهِ بِتُرَابِهِمَا لِعَدَمِ انْفِصَالِهِ مَعَ الْحَاجَةِ، إذْ لَا يُمْكِنُ مَسْحُ الذِّرَاعِ بِكَفِّهَا فَصَارَ كَنَقْلِ الْمَاءِ مِنْ بَعْضِ الْعُضْوِ إلَى بَعْضِهِ، قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَمُرَادُهُ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ بِنَقْلِ الْمَاءِ تَقَاذُفُهُ الَّذِي يَغْلِبُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الرَّافِعِيُّ (وَتَخْفِيفُ الْغُبَارِ) بِنَفْخِهِ وَنَفْضِ الْيَدِ إذَا كَانَ كَثِيرًا بِحَيْثُ لَا يَبْقَى إلَّا قَدْرُ الْحَاجَةِ «لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نَفَضَ يَدَيْهِ وَنَفَخَ فِيهِمَا» ، وَأَمَّا مَسْحُ التُّرَابِ عَنْ أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ فَالْأَحَبُّ كَمَا فِي الْأُمِّ أَنْ لَا يَفْعَلُهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ الصَّلَاةِ (وَمُوَالَاةُ التَّيَمُّمِ كَالْوُضُوءِ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا طَهَارَةٌ عَنْ حَدَثٍ، وَيَأْتِي فِيهِ الْقَوْلَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ وَيُقَدَّرُ الْمَمْسُوحُ مَغْسُولًا كَمَا مَرَّ. وَيُسْتَحَبُّ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَالصَّلَاةِ وَتَجِبُ فِي تَيَمُّمِ دَائِمِ الْحَدَثِ كَمَا تَجِبُ فِي وُضُوئِهِ، وَتَجِبُ أَيْضًا فِي وُضُوءِ السَّلِيمِ عِنْدَ ضِيقِ وَقْتِ الْفَرِيضَةِ (قُلْت: وَكَذَا الْغُسْلُ) أَيْ تُسْتَحَبُّ مُوَالَاتُهُ كَالْوُضُوءِ لِمَا ذُكِرَ مِنْ كَوْنِهِ طَهَارَةً (وَيُنْدَبُ تَفْرِيقُ أَصَابِعِهِ أَوَّلًا) أَيْ أَوَّلُ كُلِّ ضَرْبَةٍ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي إثَارَةِ الْغُبَارِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى زِيَادَةٍ عَلَيْهِمَا، وَلِيُسْتَغْنَى فِي الثَّانِيَةِ بِالْوَاصِلِ عَنْ الْمَسْحِ بِمَا عَلَى الْكَفِّ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى التَّفْرِيقِ فِي الْأُولَى عَدَمُ صِحَّةِ التَّيَمُّمِ، لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى التَّفْرِيقِ فِيهَا أَجْزَأَهُ لِعَدَمِ وُجُوبِ تَرْتِيبِ النَّقْلِ كَمَا مَرَّ، فَحُصُولُ التُّرَابِ الثَّانِي إنْ لَمْ يَزِدْ الْأَوَّلُ قُوَّةً لَمْ يَنْقُصْهُ، وَالْغُبَارُ الْحَاصِلُ مِنْ الْأُولَى لَا يَمْنَعُ الْمَسْحَ بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ غَشِيَهُ غُبَارُ السَّفَرِ لَا يُكَلَّفُ نَفْضُهُ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَوْلُ الْبَغَوِيِّ: يُكَلَّفُ نَفْضَ التُّرَابِ مَحْمُولٌ عَلَى تُرَابٍ يَمْنَعُ وُصُولَ التُّرَابِ إلَى الْمَحَلِّ، وَأَمَّا قَوْلُ الْقَفَّالِ إنَّهُ إذَا فَرَّقَ فِي الْأُولَى ـــــــــــــــــــــــــــــSتَكُونَ وَاحِدَةً لِلْوَجْهِ وَأُخْرَى لِلْيَدَيْنِ حَتَّى تَنْتَفِيَ الْمُخَالَفَةُ (قَوْلُهُ: بِدُونِهِ) أَيْ الضَّرْبِ (قَوْلُهُ وَيَأْتِي بِهِ إلَخْ) قَالَ حَجّ وَأَسْقَطَ مِنْ أَصْلِهِ نَدْبَ الْكَيْفِيَّةِ الْمَشْهُورَةِ فِي مَسْحِ الْيَدَيْنِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ شَيْءٍ فِيهَا وَمِنْ ثَمَّ نُقِلَ عَنْ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهَا لَا تُنْدَبُ لَكِنَّهُ مَشَى فِي الرَّوْضَةِ عَلَى نَدْبِهَا (قَوْلُهُ فَإِذَا بَلَغَ الْكُوعَ) أَيْ فِي الْعَوْدِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَمْسَحُ إلَخْ) أَيْ نَدْبًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: وَإِنَّمَا لَمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ) أَيْ مَسْحُ إحْدَى الرَّاحَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَفْعَلَهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ حَصَلَ مِنْهُ تَشْوِيهٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ أَثَرُ عِبَادَةٍ (قَوْلُهُ: مِنْ الصَّلَاةِ) أَيْ الَّتِي فَعَلَهَا فَرْضِهَا وَنَفْلِهَا فَيُسْتَحَبُّ إدَامَتُهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ الرَّوَاتِبِ الْبَعْدِيَّةِ وَمِنْ الْوَتْرِ إذَا فَعَلَهُ أَوَّلَ اللَّيْلِ (قَوْلُهُ: فِيهِ الْقَوْلَانِ) الْجَدِيدُ الْقَائِلُ بِالسُّنِّيَّةِ وَالْقَدِيمُ الْقَائِلُ بِالْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: مِنْ كَوْنِهِ) أَيْ الْغُسْلِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ صِحَّةِ التَّيَمُّمِ) أَيْ بِالتُّرَابِ الْحَاصِلِ بَيْنَ الْأَصَابِعِ لِأَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهَا قَبْلَ مَسْحِ الْوَجْهِ وَذَلِكَ لِمَا أَشَارَ إلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ حِينَ وَصَلَ إلَيْهَا لَمْ يَزَلْ الْمَانِعُ وَإِنَّمَا أَزَالَهُ بَعْدَ مَسْحِ الْوَجْهِ، فَالْمُتَقَدِّمُ عَلَى مَسْحِ الْوَجْهِ هُوَ النَّقْلُ لَا الْمَسْحُ وَتَرْتِيبُ النَّقْلِ لَيْسَ بِشَرْطٍ (قَوْلُهُ: لَا يُكَلَّفُ نَفْضَهُ) أَيْ عِنْدَ إرَادَةِ التَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ مَحْمُولٌ عَلَى تُرَابِ إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْخَلِيطَ يَضُرُّ وَإِنْ قَلَّ لِمَنْعِهِ مِنْ وُصُولِ التُّرَابِ إلَى الْعُضْوِ الْمَمْسُوحِ، فَقِيَاسُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْحِ الْيَدَيْنِ بَاقِي لِعَدَمِ دُخُولِ وَقْتِهِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالضَّرْبِ النَّقْلُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَا مَرَّ قَبْلَهُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ حَقِيقَةُ الضَّرْبِ ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّعْرِيفَاتِ الْمَارَّةَ، وَالْآتِيَةَ إنَّمَا تَأْتِي عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ غَشِيَهُ غُبَارُ السَّفَرِ لَا يُكَلَّفُ نَفْضَهُ) يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ مِنْ كَوْنِ الْخَلِيطِ يَضُرُّ مُطْلَقًا وَإِنْ قَلَّ لِلْفَرْقِ الظَّاهِرِ بَيْنَ مَا عَلَى الْعُضْوِ خُصُوصًا

[أحكام التيمم]

لَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ فَهُوَ جَارٍ عَلَى مَا مَرَّ عَنْهُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْقَصْدِ لِعُضْوٍ مُعَيَّنٍ وَهُوَ وَجْهٌ ضَعِيفٌ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُخَلِّلَ أَصَابِعَ يَدَيْهِ بَعْدَ مَسْحِهِمَا بِالتَّشْبِيكِ كَالْوُضُوءِ، وَيَجِبُ إنْ لَمْ يُفَرِّقْهَا فِي الضَّرْبَتَيْنِ لِيُوَصِّلَ التُّرَابَ إلَى الْمَحَلِّ الْوَاجِبِ مَسْحُهُ أَوْ فَرَّقَ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ: لِأَنَّ مَا وَصَلَ إلَيْهِ قَبْلَ مَسْحِ وَجْهِهِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ فِي حُصُولِ الْمَسْحِ فَاحْتَاجَ إلَى التَّخْلِيلِ لَيَحْصُلَ تَرْتِيبُ الْمَسْحَيْنِ (وَيَجِبُ نَزْعُ خَاتَمِهِ فِي الثَّانِيَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِيَبْلُغَ التُّرَابُ مَحَلَّهُ، بِخِلَافِ الْوُضُوءِ لِأَنَّ التُّرَابَ كَثِيفٌ لَا يَسْرِي إلَى مَا تَحْتَ الْخَاتَمِ، بِخِلَافِ الْمَاءِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ وُجُوبِهِ فِي الْأُولَى وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِيَكُونَ مَسْحُ الْوَجْهِ بِالْيَدِ اتِّبَاعًا لَلسُّنَّةِ، وَإِيجَابُ نَزْعِهِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الْمَسْحِ لَا عِنْدَ الضَّرْبِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ، وَإِيجَابُهُ لَيْسَ لَعَيْنِهِ بَلْ لِإِيصَالِ التُّرَابِ لِمَا تَحْتَهُ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى غَالِبًا إلَّا بِالنَّزْعِ حَتَّى لَوْ حَصَلَ الْغَرَضُ بِتَحْرِيكِهِ أَوْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِسَعَتِهِ كَفَى، كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ ضَيِّقًا بِحَيْثُ يَعْلَمُ عَدَمَ وُصُولِ الْمَاءِ إلَى مَا تَحْتَهُ فِي الطُّهْرِ بِهِ إلَّا بِتَحْرِيكِهِ أَوْ نَزْعِهِ وَجَبَ. لَا يُقَالُ تَحْرِيكُ الْخَاتَمِ غَيْرُ كَافٍ وَإِنْ اتَّسَعَ إذْ بِانْتِقَالِهِ لِلْخَاتَمِ ثُمَّ عَوْدُهُ لِلْعُضْوِ يَصِيرُ مُسْتَعْمِلًا، وَلَيْسَ كَانْتِقَالِهِ لِلْيَدِ الْمَاسِحَةِ ثُمَّ عَوْدُهُ لِلْحَاجَةِ إلَى هَذَا دُونَ ذَاكَ لِأَنَّا نَمْنَعُ انْتِفَاءَ الْحَاجَةِ هُنَا لِصَيْرُورَتِهِ نَائِبًا عَنْ مُبَاشَرَةِ الْيَدِ، وَأَيْضًا فَوُصُولُ التُّرَابِ لِمَحَلٍّ مَعَ عَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهِ فِي حُكْمِ عَدَمِ وُصُولِهِ فَبِرَفْعِهِ ثُمَّ عَوْدِهِ يُفْرَضُ كَأَنَّهُ أَوَّلُ مَا وَصَلَهُ الْآنَ فَافْهَمْ، وَالْخَاتَمُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِهَا. وَيُسَنُّ عَدَمُ تَكْرَارِ الْمَسْحِ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ فِيهِ تَخْفِيفُ الْغُبَارِ وَأَنْ يَسْتَقْبِلَ بِهِ الْقِبْلَةَ، وَشَرْطُ صِحَّتِهِ عَدَمُ نَجَاسَةٍ عَلَى الْمُتَيَمِّمِ، فَلَوْ مَسَحَ وَعَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ لَمْ يَصِحَّ تَيَمُّمُهُ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لِإِبَاحَةِ الصَّلَاةِ وَلَا إبَاحَةَ مَعَ الْمَانِعِ، فَأَشْبَهَ التَّيَمُّمَ قَبْلَ الْوَقْتِ كَمَا مَرَّ وَلِهَذَا لَوْ تَيَمَّمَ قَبْلَ اسْتِنْجَائِهِ لَمْ يَصِحَّ تَيَمُّمُهُ، كَمَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ ثَمَّ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ الْمُفْتَى بِهِ، وَلَوْ تَنَجَّسَ بَدَنُهُ بَعْدَ تَيَمُّمِهِ لَمْ يَبْطُلْ إنْ تَيَمَّمَ قَبْلَ سَتْرِ عَوْرَتِهِ وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ سَتْرِهَا صَحَّ لِأَنَّ مُنَافَاةَ النَّجَاسَةِ لِلصَّلَاةِ أَشَدُّ مِنْ مُنَافَاةِ كَشْفِ الْعَوْرَةِ، أَوْ تَيَمَّمَ قَبْلَ الِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ فَالْأَوْجَهُ الصِّحَّةُ لِقِلَّةِ الْمُنَافَاةِ لَهَا، بِخِلَافِ النَّجَاسَةِ، وَلِهَذَا لَوْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ إلَى أَرْبَعِ جِهَاتٍ صَحَّتْ مِنْ غَيْرِ إعَادَةٍ. ثُمَّ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَحْكَامِهِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ: أَحَدُهَا مَا يُبْطِلُهُ غَيْرُ الْحَدَثِ الْمُبْطِلِ لَهُ فَقَالَ (وَمَنْ تَيَمَّمَ لِفَقْدِ مَاءٍ فَوَجَدَهُ) أَوْ تَوَهَّمَهُ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ كَمَا يَأْتِي ـــــــــــــــــــــــــــــSهُنَا وُجُوبُ النَّفْضِ مُطْلَقًا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ بِالتُّرَابِ الْمَانِعُ مَا يُلْصَقُ بِالْعُضْوِ فَيَحُولُ بَيْنَ التُّرَابِ الْمَمْسُوحِ بِهِ وَبَيْنَ الْعُضْوِ، وَمُرَادُهُ بِمَا لَا يَمْنَعُ تُرَابٌ خَشِنٌ لَا يُلْصَقُ بِالْعُضْوِ فَلَا يَحُولُ بَيْنَ تُرَابِ التَّيَمُّمِ وَالْعُضْوِ، وَهَذِهِ التَّفْرِقَةُ كَالتَّفْرِقَةِ فِي الرَّمَلِ بَيْنَ مَا يُلْصَقُ وَمَا لَا يُلْصَقُ، وَمَعَ ذَلِكَ فَفِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ تُرَابَ السَّفَرِ عَلَى الْعُضْوِ وَهُوَ يَقْتَضِي مَنْعَ وُصُولِ تُرَابِ التَّيَمُّمِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ عَلَى مَا مَرَّ عَنْهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُنْدَبُ التَّسْمِيَةُ فَلَوْ أَخَذَ التُّرَابَ لِيَمْسَحَ بِهِ وَجْهَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِتَحْرِيكِهِ) خِلَافًا لحج. (قَوْلُهُ: وَعَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ أَزَالَهَا وَلَوْ حُكْمًا كَمَا فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ. وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ ثَمَّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَتَغْسِلُ الْمُسْتَحَاضَةُ فَرْجَهَا: أَيْ إنْ أَرَادَتْهُ وَإِلَّا اسْتَعْمَلَتْ الْأَحْجَارَ بِنَاءً عَلَى جَوَازِهَا فِي النَّادِرِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، ثُمَّ قَالَ: وَبَعْدَ ذَلِكَ: أَيْ الْغُسْلِ أَوْ اسْتِعْمَالِ الْأَحْجَارِ يَتَوَضَّأُ أَوْ يَتَيَمَّمُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) أَيْ سَوَاءٌ قَدَرَ عَلَى إزَالَةِ النَّجَاسَةِ أَوْ لَا، وَعَلَيْهِ فَلَوْ عَجَزَ عَنْ إزَالَتِهَا صَلَّى عَلَى حَالِهِ كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَيُعِيدُ. وَقَيَّدَ حَجّ الْبُطْلَانَ بِمَا إذَا كَانَ مَعَهُ مِنْ الْمَاءِ مَا يَكْفِي لِإِزَالَةِ الْخَبَثِ الْقَادِرِ عَلَى إزَالَتِهِ انْتَهَى. وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ عَجَزَ عَنْ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ صَحَّ تَيَمُّمُهُ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ الصِّحَّةُ) خِلَافًا لحج. (قَوْلُهُ: أَوْ تَوَهَّمَهُ) مِنْهُ مَا لَوْ تَوَهَّمَ زَوَالَ الْمَانِعِ الْحِسِّيِّ كَأَنْ تَوَهَّمَ زَوَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ مِنْ جِنْسِ التُّرَابِ الْمَمْسُوحِ بِهِ وَبَيْنَ خَلِيطِ أَجْنَبِيٍّ طَارِئٍ فَانْدَفَعَ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ هُنَا [أَحْكَامُ التَّيَمُّمِ] [أَحَدُهَا مَا يُبْطِلُهُ غَيْرُ الْحَدَثِ الْمُبْطِلِ لَهُ] (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي)

وَإِنْ زَالَ سَرِيعًا لِوُجُوبِ طَلَبِهِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَشْرَعْ فِي الْمَقْصُودِ، بِخِلَافِ تَوَهُّمِهِ السُّتْرَةَ لِعَدَمِ وُجُوبِ طَلَبِهَا لِأَنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ وُجْدَانِهَا بِالطَّلَبِ لِلضِّنَةِ بِهَا، وَيَحْصُلُ التَّوَهُّمُ بِرُؤْيَةِ سَرَابٍ أَوْ غَمَامَةٍ مُطْبِقَةٍ بِقُرْبِهِ أَوْ رَكْبٍ طَلَعَ أَوْ نَحْوِهَا، فَلَوْ سَمِعَ قَائِلًا يَقُولُ عِنْدِي مَاءٌ لِغَائِبٍ أَوْ مَاءٌ نَجَسٌ أَوْ مُسْتَعْمَلٌ أَوْ مَاءُ وَرْدٍ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ أَوْ عِنْدِي لِفُلَانٍ مَاءٌ وَهُوَ يَعْلَمُ غَيْبَتَهُ فَلَا، فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ حُضُورَهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ مِنْ حَالِهِ شَيْئًا بَطَلَ لِوُجُوبِ السُّؤَالِ عَنْهُ وَمَحَلُّ بُطْلَانِهِ بِالتَّوَهُّمِ إنْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ زَمَنٌ لَوْ سَعَى فِيهِ إلَى ذَلِكَ لَأَمْكَنَهُ التَّطَهُّرُ بِهِ وَالصَّلَاةُ فِيهِ. قَالَ فِي الْخَادِمِ: وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عِنْدِي مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ مَاءٌ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ لِوُجُوبِ الْبَحْثِ عَنْ صَاحِبِ الْمَاءِ وَطَلَبِهِ مِنْهُ. قَالَ: وَلَوْ سَمِعَ قَائِلًا يَقُولُ عِنْدِي لِلْعَطَشِ مَاءٌ لَمْ يَبْطُلْ تَيَمُّمُهُ، بِخِلَافِ عِنْدِي مَاءٌ لِلْعَطَشِ أَوْ يُحْتَمَلُ الْبُطْلَانُ فِي الْأُولَى لِاحْتِمَالِ أَنْ يُعِدَّهُ لِعَطَشِ غَيْرِ مُحْتَرَمٍ، وَنَظِيرُهُ عِنْدِي مَاءٌ لِوُضُوئِي أَوْ لِوُضُوئِي مَاءٌ فَيَبْطُلُ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْوِجْدَانِ هُنَا لِعَطْفِهِ عَلَيْهِ قَوْلُهُ أَوْ فِي صَلَاةٍ وَهِيَ إنَّمَا تَبْطُلُ بِالْوِجْدَانِ لَا بِالتَّوَهُّمِ (إنْ لَمْ يَكُنْ فِي صَلَاةٍ بَطَلَ) تَيَمُّمُهُ، وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ وَجَدَهُ فِي أَثْنَاءِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي كَلَامِهِ عَلَى نِيَّةِ التَّحَرُّمِ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ أَبِي دَاوُد «التُّرَابُ كَافِيك، وَلَوْ لَمْ تَجِدْ الْمَاءَ عَشْرَ حِجَجٍ، فَإِذَا وَجَدْت الْمَاءَ فَأَمِسَّهُ جِلْدَك» وَخَرَجَ مَا إذَا كَانَ فِي صَلَاةٍ فَلَا تَبْطُلُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالسَّبُعِ فَيَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ لِوُجُوبِ الْبَحْثِ عَنْ ذَلِكَ، بِخِلَافِ تَوَهُّمِ زَوَالِ الْمَانِعِ الشَّرْعِيِّ كَتَوَهُّمِ الشِّفَاءِ فَلَا يَبْطُلُ بِهِ التَّيَمُّمُ كَمَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ قُبَيْلَ الْفَصْلِ فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَفَعَ السَّاتِرَ لِتَوَهُّمِ الْبُرْءِ فَبَانَ خِلَافُهُ فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ، وَمِنْهُ كَمَا قَالَهُ حَجّ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ مَا لَوْ رَأَى رَجُلًا لَابِسًا إذَا احْتَمَلَ أَنَّ تَحْتَ ثِيَابِهِ مَاءً (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَالَ) أَيْ تَوَهُّمُهُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ تَوَهُّمِهِ السُّتْرَةَ) أَيْ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ مُطْلَقًا، وَعَلَى هَذَا فَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ هَذِهِ الْجُمْلَةِ لِلْكَلَامِ عَلَى بُطْلَانِ الصَّلَاةِ كَمَا فَعَلَ حَجّ، ثُمَّ قَالَ: وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ تَوَهُّمِ السُّتْرَةِ وَتَوَهُّمِ الْمَاءِ بَلْ هُمَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فِي أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَبْطُلُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَبِالْجُمْلَةِ فَالْفَرْقُ إنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ السُّتْرَةَ إذَا تَوَهَّمَهَا لَا يَجِبُ طَلَبُهَا، بِخِلَافِ الْمَاءِ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ بِالصَّلَاةِ إذَا تَوَهَّمَ الْمَاءَ، وَلَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ بِهَا إذَا تَوَهَّمَ السُّتْرَةَ. فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا تَوَهَّمَ الْمَاءَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ بِهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَوَهَّمَ السُّتْرَةَ، وَالْفَرْقُ وُجُوبُ طَلَبِ الْمَاءِ وَعَدَمُ وُجُوبِ طَلَبِ السُّتْرَةِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ تَوَهُّمُهُ الْبُرْءَ أَيْضًا فَلَا يَبْطُلُ بِهِ التَّيَمُّمُ وَإِنَّمَا يَبْطُلُ بِهِ بِالْعِلْمِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ لِفَقْدِ مَاءٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِلضِّنَةِ) أَيْ الْبُخْلِ (قَوْلُهُ: سَرَابٌ) وَهُوَ مَا يُرَى وَسَطِ النَّهَارِ يُشْبِهُ الْمَاءَ وَلَيْسَ بِمَاءٍ كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَعِبَارَةُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ عَلَى الْبَهْجَةِ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ نَحْوُ طُلُوعِ الرَّكْبِ أَوْ آلٍ إلَخْ مَا نَصُّهُ: وَالْآلُ السَّرَابُ أَوْ مَا يُوجَدُ أَوَّلَ النَّهَارِ، قَالَهُ صَاحِبُ الْقَامُوسِ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ مَا يُرَى أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ كَأَنَّهُ يَرْفَعُ الشُّخُوصَ وَلَيْسَ هُوَ السَّرَابُ وَكُلٌّ صَحِيحٍ هُنَا (قَوْلُهُ: يَعْلَمُ غَيْبَتَهُ) أَيْ وَعَدَمُ رِضَاهُ بِأَخْذِهِ حَجّ وَمَفْهُومُهُ الْبُطْلَانُ بِالشَّكِّ فِي الصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَعْلَمْ مِنْ حَالِهِ شَيْئًا) وَمِثْلُهُ فِي الْبُطْلَانِ مَا لَوْ قَالَ عِنْدِي لِحَاضِرٍ مَاءٌ فَيَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ لِوُجُوبِ السُّؤَالِ عَنْهُ (قَوْلُهُ لَأَمْكَنَهُ التَّطَهُّرُ) فَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ ذَلِكَ لَمْ يَبْطُلْ تَيَمُّمُهُ (قَوْلُهُ: وَالصَّلَاةُ فِيهِ) أَيْ بِتَمَامِهَا حَجّ وَهُوَ مُقْتَضَى تَعْبِيرِ الشَّارِحِ بِالصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: عَنْ صَاحِبِ الْمَاءِ) أَيْ الَّذِي اشْتَرَاهُ وَاضِعُ الْيَدِ عَلَى الْمَاءِ مِنْهُ بِثَمَنِ الْخَمْرِ (قَوْلُهُ لَمْ يَبْطُلْ تَيَمُّمُهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ الْبُطْلَانُ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ عِنْدِي لِلْعَطَشِ مَاءٌ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ ذَلِكَ) أَيْ عَدَمَ كَوْنِهِ فِي صَلَاةٍ (قَوْلُهُ: تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ) أَيْ وَلَوْ مَعَ الرَّاءِ مِنْ أَكْبَرَ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُ حَجّ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ بِقَيْدِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ تَوَهُّمِهِ السُّتْرَةَ) يَعْنِي تَوَهُّمَ الْمُصَلِّي لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مُتَيَمِّمًا (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ وَجَدَهُ) أَيْ أَوْ تَوَهَّمَهُ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ مَا إذَا كَانَ فِي صَلَاةٍ إلَخْ) فِي هَذَا الصَّنِيعِ نَظَرٌ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ خَرَجَ بِالتَّوَهُّمِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ الَّذِي زَادَهُ التَّوَهُّمُ فِيهَا وَأَنَّ مِثْلَ التَّوَهُّمِ فِيهَا الشَّكُّ وَالظَّنُّ

بِتَوَهُّمٍ وَلَا شَكٍّ وَلَا ظَنٍّ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ لِفَقْدِ مَاءٍ عَمَّا إذَا كَانَ لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ فَلَا يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ إلَّا بِالْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ، وَلَا أَثَرَ لِوُجُودِهِ قَبْلَهَا، وَإِنَّمَا يُبْطِلُهُ وُجُودُ الْمَاءِ أَوْ تَوَهُّمُهُ (إنْ لَمْ يَقْتَرِنْ) وُجُودُهُ (بِمَانِعٍ كَعَطَشٍ) وَسَبُعٍ وَتَعَذُّرِ اسْتِقَاءٍ، إذْ وُجُودُهُ حِينَئِذٍ كَالْعَدَمِ. [فَرْعٌ] ذَكَرَ شَارِحٌ هُنَا كَلَامًا عَنْ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ مَرَّ نَائِمٌ مُمْكِنٌ بِمَاءٍ ثُمَّ تَنَبَّهَ وَعَلِمَهُ بَعْدَ بُعْدِهِ عَنْهُ هَلْ يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَ ذَلِكَ عِنْدَنَا، وَالْأَقْرَبُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ فِيمَا لَوْ أَدْرَجَ مَاءً فِي رَحْلِهِ وَلَمْ يُقَصِّرْ فِي طَلَبِهِ أَوْ كَانَ بِقُرْبِهِ بِئْرٌ خَفِيَّةٌ فَتَيَمَّمَ غَيْرَ عَالَمٍ بِهَا وَانْتَقَلَ عَنْهَا أَوْ رَأَى وَاطِئَ مُتَيَمِّمَةٍ الْمَاءَ دُونَهَا عَدَمُ بُطْلَانُ تَيَمُّمِهِ (أَوْ) وَجَدَهُ (فِي صَلَاةٍ) فَرْضًا أَوْ نَفْلًا كَصَلَاةِ جِنَازَةٍ أَوْ عِيدٍ (لَا يَسْقُطُ) أَيْ لَا يَسْقُطُ قَضَاؤُهَا (بِهِ) أَيْ بِالتَّيَمُّمِ بِأَنْ كَانَتْ بِمَكَانٍ يَنْدُرُ فِيهِ فَقْدُ الْمَاءِ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ وَتَيَمُّمُهُ (عَلَى الْمَشْهُورِ) إذْ لَا فَائِدَةَ فِي اسْتِمْرَارِهِ مَعَ لُزُومِ الْإِعَادَةِ، وَالثَّانِي لَا تَبْطُلُ مُحَافَظَةً عَلَى حُرْمَتِهَا وَيُعِيدُهَا (وَإِنْ أَسْقَطَهَا) أَيْ أَسْقَطَ التَّيَمُّمُ قِضَاءَهَا (فَلَا) تَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِتَلَبُّسِهِ بِالْمَقْصُودِ مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ مِنْ اسْتِمْرَارِهِ كَوُجُودِ الْمُكَفِّرِ الرَّقَبَةَ فِي الصَّوْمِ، وَلِأَنَّ إحْبَاطَهَا أَشَدُّ مِنْ يَسِيرِ غَبْنِ شِرَائِهِ وَيُخَالِفُ السِّتْرَ فَإِنَّهُ يَجِبُ قَطْعًا إذْ لَمْ يَأْتِ بِبَدَلٍ، وَلِأَنَّ وُجُودَ الْمَاءِ لَيْسَ بِحَدَثٍ غَيْرَ أَنَّهُ مَانِعٌ مِنْ ابْتِدَاءِ التَّيَمُّمِ، وَلَيْسَ كَالْمُصَلِّي بِالْخُفِّ فَيَتَخَرَّقُ فِيهَا لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ افْتِتَاحُهَا مَعَ تَخَرُّقِهِ لَا سِيَّمَا مَعَ نِسْبَتِهِ إلَى تَقْصِيرٍ بِعَدَمِ تَعَهُّدِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي بَيَانِ عَدَمِ الْبُطْلَانِ بِأَنْ كَانَ بَعْدَ تَمَامِ الرَّاءِ مِنْ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ: قَبْلَهَا) أَيْ الْقُدْرَةِ (قَوْلُهُ: فَرْعٌ ذَكَرَ شَارِحٌ هُنَا كَلَامًا عَنْ الْحَنَفِيَّةِ إلَخْ) فِي نُسْخَةٍ بَدَلَ مَا ذَكَرَ وَذَكَرَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ مَرَّ نَائِمٌ مُمَكَّنٌ بِمَاءٍ ثُمَّ تَنَبَّهَ وَعَلِمَهُ بَعْدَ بُعْدِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُبَيِّنْ) أَيْ الْبَعْضَ (قَوْلُهُ: عَدَمَ بُطْلَانِ تَيَمُّمِهِ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجِ نَقْلًا عَنْ م ر بَعْدَ مَا ذَكَرَ: لِعَدَمِ عِلْمِهِ وَشُعُورِهِ كَمَا لَوْ كَانَ هُنَاكَ بِئْرٌ خَفِيَّةٌ فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِتَقْصِيرِ النَّائِمِ بِخِلَافِ الْبِئْرِ الْخَفِيَّةِ اهـ. قُلْت: وَقَدْ يُدْفَعُ الْفَرْقُ بِعَدَمِ بُطْلَانِ تَيَمُّمِ الْمُمْكِنَةِ حَيْثُ لَمْ تَرَ الْمَاءَ فَإِنَّهَا أَقْرَبُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ النَّائِمِ. [تَنْبِيهٌ] لَوْ رَعَفَ فِي الصَّلَاةِ وَوَجَدَ مَا يَكْفِي الدَّمَ فَقَطْ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ. قَالَ شَيْخُنَا كَذَا ذَكَرَهُ فِي الْعُبَابِ. قَالَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَا وَجْهَ لِبُطْلَانِ تَيَمُّمِهِ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنْ يُحْمَلَ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا كَانَ كَافِيًا لِلدَّمِ فَقَطْ مِنْ نَفْسِ الْأَمْرِ وَتَرَدَّدَ هُوَ فِي كَوْنِهِ فَاضِلًا عَنْهُ أَوْ لَا فَيَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ لِذَلِكَ اهـ حَوَاشِي شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَتَيَمُّمُهُ) عِبَارَةُ حَجّ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ لِبُطْلَانِ تَيَمُّمِهَا كَمَا عُلِمَ مِنْ سِيَاقِ كَلَامِهِ، إذْ الْبَحْثُ فِي مُبْطِلِهِ لَا مُبْطِلِهَا فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ اهـ: أَيْ بِأَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بَطَلَ: أَيْ التَّيَمُّمُ (قَوْلُهُ: إذْ لَا فَائِدَةَ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ لَا يَأْتِي فِي النَّافِلَةِ فَتَأَمَّلْ، وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مَعَ طَلَبِ الْإِعَادَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: هَذَا تَعْلِيلٌ لِبُطْلَانِ الْفَرْضِ الْوَاقِعِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَبُطْلَانِ النَّفْلِ إنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ لِلْفَرْضِ وَلَيْسَ مُعَلَّلًا فِي كَلَامِهِمْ بِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: عَلَى حُرْمَتِهَا) أَيْ احْتِرَامِهَا لِأَنَّهُ يَحْرُمُ قَطْعُهَا (قَوْلُهُ: فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ) اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ بِمَا لَوْ أَبْصَرَ الْأَعْمَى فِي الصَّلَاةِ بَعْد التَّقْلِيدِ فِي الْقِبْلَةِ اهـ عَمِيرَةُ. قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَيُجَابُ بِأَنَّهُ هُنَا قَدْ فَرَغَ مِنْ الْبَدَلِ وَهُوَ التَّيَمُّمُ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّهُ مَا دَامَ فِي الصَّلَاةِ فَهُوَ مُقَلِّدٌ اهـ: أَيْ وَبِالْإِبْصَارِ زَالَ مَا يَجُوزُ مَعَهُ التَّقْلِيدُ. قَالَ فِي حَاشِيَةِ الرَّوْضِ وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ صَلَاةَ الْأَعْمَى مُسْتَنِدَةٌ إلَى غَيْرِهِ، فَإِذَا أَبْصَرَ وَجَبَ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ، وَلَا يُمْكِنُ بِنَاءُ اجْتِهَادِهِ عَلَى اجْتِهَادِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ لِتَلَبُّسِهِ بِالْمَقْصُودِ (قَوْلُهُ: إحْبَاطُهَا) أَيْ إبْطَالُهَا (قَوْلُهُ: مِنْ يَسِيرِ غَبْنِ شِرَائِهِ) وَهُمْ لَمْ يُكَلِّفُوهُ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيُخَالِفُ) أَيْ التَّيَمُّمُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَجِبُ) أَيْ السِّتْرُ ثُمَّ إنْ أَمْكَنَهُ حَالًا وَفَعَلَهُ اسْتَمَرَّتْ صَلَاتُهُ عَلَى الصِّحَّةِ وَإِلَّا بَطَلَتْ (قَوْلُهُ: لَيْسَ بِحَدَثٍ) أَيْ وَإِنَّمَا بَطَلَتْ حَيْثُ لَمْ تَسْقُطْ بِالتَّيَمُّمِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَلَا كَالْمُعْتَدَّةِ بِالْأَشْهُرِ لَوْ حَاضَتْ فِيهَا لِقُدْرَتِهَا عَلَى الْأَصْلِ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْبَدَلِ، بِخِلَافِ الْمُتَيَمِّمِ فِيهِمَا (وَقِيلَ يَبْطُلُ النَّفَلُ) الَّذِي يَسْقُطُ بِالتَّيَمُّمِ لِقُصُورِ حُرْمَتِهِ عَنْ حُرْمَةِ الْفَرْضِ، إذْ الْفَرْضُ يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ، بِخِلَافِ النَّفْلِ، وَلَوْ وَجَدَ الْمَاءَ فِي صَلَاةٍ تَسْقُطُ بِالتَّيَمُّمِ وَهُوَ مُسَافِرٌ قَاصِرٌ فَنَوَى الْإِقَامَةَ، أَوْ كَانَتْ مَقْصُورَةً فَنَوَى إتْمَامَهَا بَطَلَتْ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْإِقَامَةِ فِي الْأُولَى وَلِحُدُوثِ مَا لَمْ يَسْتَبِحْهُ فِيهَا فِي الثَّانِيَةِ، لِأَنَّ الْإِتْمَامَ كَافْتِتَاحِ صَلَاةٍ أُخْرَى، فَلَوْ تَأَخَّرَتْ الرُّؤْيَةُ لِلْمَاءِ عَنْ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ أَوْ الْإِتْمَامِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، وَلَوْ قَارَنَتْ الرُّؤْيَةُ الْإِقَامَةَ أَوْ الْإِتْمَامَ كَانَتْ كَتَقَدُّمِهَا فَتَضُرُّ كَمَا تَقْتَضِيه عِبَارَةُ ابْنِ الْمُقْرِي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَشِفَاءُ الْمَرِيضِ مِنْ مَرَضِهِ فِي الصَّلَاةِ كَوِجْدَانِ الْمَاءِ فِي التَّفْصِيلِ الْمَارِّ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ قَطْعَهَا) أَيْ الْفَرِيضَةِ الَّتِي تَسْقُطُ بِالتَّيَمُّمِ، وَيَجُوزُ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى الصَّلَاةِ الَّتِي تَسْقُطُ بِالتَّيَمُّمِ وَلَوْ نَفْلًا، وَإِنَّمَا حَمَلْنَا عِبَارَتَهُ عَلَى الْفَرْضِ لِأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ وَجْهًا بِحُرْمَةِ الْقَطْعِ وَهُوَ لَا يَأْتِي فِي النَّفْلِ. وَالثَّانِي إتْمَامُهَا أَفْضَلُ (لِيَتَوَضَّأَ) وَيُصَلِّيَ بَدَلَهَا (أَفْضَلُ) مِنْ إتْمَامِهَا كَوُجُودِ الْمُكَفِّرِ الرَّقَبَةَ فِي أَثْنَاءِ الصَّوْمِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي اسْتِمْرَارِهِ مَعَ لُزُومِ الْإِعَادَةِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْفَرَاغِ إلَخْ) اُنْظُرْ مَفْهُومَهُ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّيَمُّمِ مَعَ أَنَّ وِجْدَانَ الْمَاءِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْبَدَلِ وَهُوَ التَّيَمُّمُ وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ يُبْطِلُ التَّيَمُّمَ فَلَا بُدَّ مِنْ رِعَايَةِ شَيْءٍ آخَرَ سم عَلَى بَهْجَةِ. وَقَوْلُهُ فَلَا بُدَّ إلَخْ كَأَنْ يُقَالَ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَأَتْهُ بَعْدَ الْأَشْهُرِ فَإِنَّ الْبَدَلَ وَأَثَرَهُ الَّذِي هُوَ كَالْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ هُنَا انْقَضَى، بِخِلَافِ رُؤْيَةِ الْمَاءِ بَعْدَ التَّيَمُّمِ فَإِنَّ مَا طُلِبَ التَّيَمُّمُ لَهُ وَهُوَ الصَّلَاةُ بَاقٍ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم عَلَى بَهْجَةِ أَيْضًا وَهُوَ مُنْتَقَضٌ بِالْقُدْرَةِ عَلَى الرَّقَبَةِ فِي أَثْنَاءِ الصَّوْمِ اهـ. قُلْت: هُوَ مُنْتَقَضٌ بِهِ كَمَا قَالَ لَكِنَّهُ قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِمَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ يَعْنِي شَيْخَ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَجَبَتْ الرَّقَبَةُ لَكَانَ جَمْعًا بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ، وَلَا يُرَدُّ مِثْلُهُ فِي الْحَائِضِ لِأَنَّهُ بِطُرُوءِ الْحَيْضِ تَبَيَّنَ أَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ فَمَا مَضَى مَحْسُوبٌ مِنْ الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ: النَّفَلُ) أَيْ الْمُؤَقَّتُ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: فَنَوَى) وَسَيَأْتِي لَهُ أَنَّ مُقَارَنَةَ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ أَوْ الْإِتْمَامِ لِلرُّؤْيَةِ كَتَأَخُّرِهَا فَتَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ قَاصِرٌ (قَوْلُهُ: فَتَضُرُّ) خِلَافًا لحج فِي الْمُقَارَنَةِ (قَوْلُهُ: وَشِفَاءُ الْمَرِيضِ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ عُلِمَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَوَهَّمَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ أَوْ ظَنَّهُ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ كَمَا فِي الْمَاءِ. وَمِنْ شِفَاءِ الْمَرِيضِ انْقِطَاعُ دَمِ الْمُسْتَحَاضَةِ (قَوْلُهُ كَوِجْدَانِ الْمَاءِ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ تَسْقُطُ بِالتَّيَمُّمِ لَمْ تَبْطُلْ وَإِلَّا بَطَلَتْ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي إلَخْ) الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَفْضَلُ ثُمَّ رَأَيْته فِي نُسْخَةٍ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِيَتَوَضَّأَ وَيُصَلِّيَ بَدَلَهَا أَفْضَلُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ صَلَاةَ جِنَازَةٍ وَهُوَ قَرِيبٌ إنْ لَمْ يُخْشَ تَغَيُّرٌ، فَإِنْ خِيفَ عَلَيْهِ تَغَيُّرٌ مَا فَالْإِتْمَامُ أَفْضَلُ بَلْ قَدْ يُقَالُ بِوُجُوبِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْإِتْمَامَ أَفْضَلُ وَإِنْ لَمْ يُخْشَ تَغَيُّرٌ أَصْلًا مُسَارَعَةً إلَى دَفْنِهِ (قَوْلُهُ: فِي أَثْنَاءِ الصَّوْمِ) أَيْ فَإِنَّ إعْتَاقَهَا وَقَطْعَ الصَّوْمِ أَفْضَلُ، وَكَالصَّوْمِ الْإِطْعَامُ، فَإِذَا قَدَرَ عَلَى غَيْرِهِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ لَا يَجِبُ الْعَوْدُ لَهُ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ أَفْضَلُ كَمَا لَوْ قَدَرَ عَلَى الْإِعْتَاقِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي آخِرِ كِتَابِ الْكَفَّارَةِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ فَقِيرًا نَصُّهَا وَلَا أَثَرَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى صَوْمٍ أَوْ عِتْقٍ بَعْدَ الْإِطْعَامِ وَلَوْ لِمُدٍّ كَمَا لَوْ شَرَعَ فِي صَوْمِ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرَيْنِ فَقَدَرَ عَلَى الْعِتْقِ اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِ الْأَمْدَادِ فَأَخْرَجَهُ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الصَّوْمِ أَوْ الْعِتْقِ لَا يَجِبُ الْعَوْدُ لَهُ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ بَقِيَّةِ الْأَمْدَادِ بَلْ يَسْتَقِرُّ الطَّعَامُ فِي ذِمَّتِهِ إلَى الْقُدْرَةِ، وَمُرَادُ الشَّارِحِ بِالْأَثْنَاءِ هُنَا: مَا بَعْدَ الشُّرُوعِ وَلَوْ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ، وَهَلْ يَقَعُ الصَّوْمُ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا،؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي وَإِنْ كَانَ نَوَى بِهِ الْفَرْضَ لِئَلَّا يَلْزَمَ عَلَيْهِ الْجَمْعُ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ وَهُمْ يُجَوِّزُونَ ذَلِكَ، وَبَقِيَ مَا لَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ مَقْصُورَةً) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ

وَلِيَخْرُجَ مِنْ خِلَافِ مَنْ حَرَّمَ إتْمَامَهَا. قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: أَوْ قَلَبَهَا نَفْلًا، وَقَدْ يُقَالُ: الْأَفْضَلُ قَلْبُهَا نَفْلًا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَالْأَفْضَلُ الْخُرُوجُ مِنْهَا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ أَصَحَّ الْأَوْجُهِ إمَّا هَذَا أَوْ هَذَا لَا أَنَّ ذَلِكَ مَقَالَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَمْ أَرَ مَنْ رَجَّحَ قَلْبَهَا نَفْلًا، وَعُلِمَ أَيْضًا أَنَّ إطْلَاقَ الْقَوْلِ بِأَنَّ قَطْعَهَا أَفْضَلُ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي جَمَاعَةٍ أَوْ مُنْفَرِدًا، وَيَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ إنْ ابْتَدَأَهَا فِي جَمَاعَةٍ وَلَوْ قَطَعَهَا وَتَوَضَّأَ لَا انْفَرَدَ، فَالْمُضِيُّ فِيهَا مَعَ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ وَإِنْ ابْتَدَأَهَا مُنْفَرِدًا، وَلَوْ قَطَعَهَا وَتَوَضَّأَ لَصَلَّاهَا فِي جَمَاعَةٍ أَوْ ابْتَدَأَهَا فِي جَمَاعَةٍ، وَلَوْ قَطَعَهَا وَتَوَضَّأَ لَصَلَّاهَا فِي جَمَاعَةٍ أَوْ ابْتَدَأَهَا مُنْفَرِدًا، وَلَوْ قَطَعَهَا وَتَوَضَّأَ لَصَلَّاهَا مُنْفَرِدًا فَقَطْعُهَا أَفْضَلُ، وَمَحَلُّ جَوَازِ قَطْعِ الْفَرِيضَةِ مَا لَمْ يَضِقْ وَقْتُهَا فَإِنْ ضَاقَ حَرُمَ لِئَلَّا يُخْرِجَهَا عَنْ وَقْتِهَا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى أَدَائِهَا فِيهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْإِمَامِ، وَقَالَ إنَّهُ مُتَعَيِّنٌ، وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا يُخَالِفُهُ وَإِنْ جَعَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَجْهًا ضَعِيفًا. وَلَوْ يُمِّمَ مَيِّتٌ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ ثُمَّ وُجِدَ الْمَاءُ كَانَ حُكْمُ تَيَمُّمِهِ كَتَيَمُّمِ الْحَيِّ، وَحُكْمُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ حُكْمَ غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSانْقَطَعَ تَتَابُعُ الْمُكَفِّرِ هَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْعِتْقُ حَيْثُ وَجَدَ الرَّقَبَةَ أَمْ يَسْتَأْنِفُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ قَالَ) أَيْ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: أَوْ قَلَبَهَا) عُطِفَ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قَطَعَهَا (قَوْلُهُ: أَمَّا هَذَا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ قَطَعَهَا، وَقَوْلُهُ أَوْ هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ قَلَبَهَا (قَوْلُهُ: لَا أَنَّ ذَلِكَ) أَيْ الْأَحَدَ الدَّائِرَ (قَوْلُهُ: مَقَالَةٌ وَاحِدَةٌ) قَدْ يُخَالِفُهُ مَا فِي الدَّمِيرِيِّ فَإِنَّهُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْأَصَحَّ وَمُقَابِلَهُ قَالَ: وَالثَّالِثُ الْأَفْضَلُ أَنْ يَقْلِبَ فَرْضَهُ نَفْلًا وَيُسَلِّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ اهـ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْأَوَّلَ: الْأَفْضَلُ قَطْعُهَا لَا قَلْبُهَا نَفْلًا مُطْلَقًا، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ كَوْنَ الثَّالِثِ يَقُولُ الْأَفْضَلُ قَلْبُهَا نَفْلًا لَا يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَرَ مَنْ رَجَّحَ قَلْبَهَا نَفْلًا، بَلْ قَوْلُهُ لَمْ أَرَ مَنْ رَجَّحَ مُشْعِرٌ بِأَنَّهُ رَأَى مَنْ قَالَ بِهِ هَذَا، وَقَوْلُهُ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ أَصَحّ الْأَوْجُهِ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّ كَوْنَهُ أَرَادَ مَا هَذَا أَوْ هَذَا لَا يَكُونُ مَقَالَةً وَاحِدَةً، وَفِيهِ تَأَمُّلٌ فَإِنَّ مُفَادَهُ التَّخْيِيرُ بَيْنَ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ وَالتَّخْيِيرُ بَيْنَهُمَا مَقَالَةٌ وَاحِدَةٌ، وَإِنَّمَا يَنْتَفِي كَوْنُهُ مَقَالَةً وَاحِدَةً إذَا كَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ إنَّ قَلْبَهَا نَفْلًا أَفْضَلُ. وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ إنَّ قَطْعَهَا أَفْضَلُ وَهُوَ لَمْ يَنْقُلْهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ أَوْجُهًا: مِنْهَا أَنَّ قَلْبَهَا نَفْلًا أَفْضَلُ. وَمِنْهَا أَنَّ قَطْعَهَا أَفْضَلُ، وَمِنْهَا غَيْرُ ذَلِكَ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَيَبْقَى الْأَوَّلَانِ وَأَحَدُهُمَا لَا بِعَيْنِهِ هُوَ الْأَصَحُّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَحْمِلُ عِبَارَةَ النَّوَوِيِّ عَلَى أَنْ يَقُولَ مَا عَدَا الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ ضَعِيفٌ، وَأَمَّا الْأَوَّلَانِ فَأَحَدُهُمَا هُوَ الْأَصَحُّ لَكِنْ لَمْ يَتَحَرَّرْ لِلشَّارِحِ خُصُوصُ الْأَصَحِّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ فِي جَمَاعَةٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ مَفْضُولَةً، وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ بِمَا إذَا اسْتَوَيَا أَوْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ أَفْضَلَ مِنْ الْأُولَى (قَوْلُهُ: فَإِنْ ضَاقَ) أَيْ عَمَّا يَسَعُهَا كَامِلَةً حَجّ، لَكِنْ قَالَ قم عَنْ الشَّارِحِ: إنَّهُ مَالَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ ضِيقُ الْوَقْتِ عَنْ وُقُوعِهَا أَدَاءً حَتَّى لَوْ كَانَ إذَا قَطَعَهَا وَتَوَضَّأَ أَدْرَكَ رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ قَطَعَهَا، وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِعِبَارَةِ النَّاشِرِيِّ فِي ذَلِكَ، وَمَا نَقَلَهُ سم عَنْهُ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ لِئَلَّا إلَخْ (قَوْلُهُ: ضَعِيفًا) قب فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا، وَبِتَأَمُّلِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يُضْعِفْهُ إلَّا مِنْ حَيْثُ إنَّ مُقْتَضَاهُ جَوَازُ قَطْعِ الْفَرْضِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْمُتَيَمِّمِ وَغَيْرِهِ قَبْلَ ضِيقِ الْوَقْتِ، ثُمَّ رَأَيْته فِي الْإِسْعَادِ أَشَارَ لِذَلِكَ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ يُمِّمَ مَيِّتٌ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: وَلَوْ تَيَمَّمَ وَيَمَّمَ الْمَيِّتَ وَصَلَّى عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا تَسْقُطُ الصَّلَاةُ بِالتَّيَمُّمِ ثُمَّ دَفْنَهُ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ تَوَضَّأَ وَصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ، وَهَلْ تَتَوَقَّفُ عَلَى نَبْشِ الْمَيِّتِ وَغَسْلِهِ حَيْثُ لَمْ يَتَغَيَّرْ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَقَالَ م ر: يَنْبَغِي أَنْ تَتَوَقَّفَ وَتَقَدَّمَ عَنْ الشَّارِحِ مَا قَدْ يَقْتَضِي خِلَافَهُ اهـ. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ حَجّ وَقَدْ يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ فِي الْجَنَائِزِ حَيْثُ قَالَ: مَتَى دُفِنَ بِلَا غُسْلٍ وَجَبَ نَبْشُهُ وَغَسْلُهُ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ (قَوْلُهُ: كَتَيَمُّمِ الْحَيِّ) أَيْ فَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَحُكْمُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ حُكْمُ غَيْرِهَا) فُهِمَ مِنْ إطْلَاقِهِ صِحَّةَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ بِالتَّيَمُّمِ لِلْمُسَافِرِ، وَالْحَاضِرِ بِشَرْطِهِ، وَلَمَّا

وَقَوْلُ ابْنِ خَيْرَانَ: لَيْسَ لِحَاضِرٍ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيُصَلِّيَ عَلَى الْمَيِّتِ مَرْدُودٌ، قِيلَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهُ، وَإِنْ أَمْكَنَ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ صَلَاتَهُ لَا تُغْنِي عَنْ الْإِعَادَةِ وَلَيْسَ هُنَا وَقْتٌ مَضِيقٌ يَكُونُ بَعْدَهُ قَضَاءً حَتَّى يَفْعَلَهَا لِحُرْمَتِهِ بِأَنَّ وَقْتَهَا الْوَاجِبَ فِعْلُهَا فِيهِ أَصَالَةً قَبْلَ الدَّفْنِ فَتَعَيَّنَ فِعْلُهَا قَبْلَهُ لِحُرْمَتِهِ ثَمَّ بَعْدَهُ إذَا رَأَى الْمَاءَ لِإِسْقَاطِ الْفَرْضِ. عَلَى أَنَّ عِبَارَتَهُ أُوِّلَتْ بِأَنَّهَا فِي حَاضِرٍ: أَيْ أَوْ مُسَافِرٍ وَاجِدٍ لِلْمَاءِ خَافَ لَوْ تَوَضَّأَ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ فَهَذَا لَا يَتَيَمَّمُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ. أَمَّا إذَا كَانَ ثَمَّ مَنْ يَحْصُلُ بِهِ الْفَرْضُ فَلَيْسَ لَهُ التَّيَمُّمُ لِفِعْلِهَا لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ بِهِ إلَيْهِ انْتَهَى. هَذَا وَالْأَوْجَهُ جَوَازُ صَلَاتِهِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ ثَمَّ مَنْ يَحْصُل الْفَرْضُ بِهِ. وَيَبْطُلُ التَّيَمُّمُ بِسَلَامِهِ مِنْ صَلَاةٍ تَسْقُطُ بِهِ بِرُؤْيَتِهِ فِيهَا وَإِنْ عَلِمَ تَلَفَهُ قَبْلَ سَلَامِهِ لِضَعْفِهِ بِرُؤْيَةِ الْمَاءِ وَكَانَ مُقْتَضَى الْحَالِ بُطْلَانُهَا لَكِنْ خَالَفْنَاهُ لِحُرْمَتِهَا، وَيُسَلِّمُ الثَّانِيَةَ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الصَّلَاةِ فِي الثَّوَابِ وَلَيْسَتْ مِنْهَا عِنْدَ عُرُوضِ الْمُنَافِي. وَلَوْ رَأَتْ حَائِضٌ مُتَيَمِّمَةٌ لِفَقْدِ الْمَاءِ مَاءً وَهُوَ يُجَامِعُهَا نَزَعَ وُجُوبًا لِبُطْلَانِ طُهْرِهَا حَيْثُ عَلِمَ بِرُؤْيَتِهَا، لَا إنْ رَآهُ هُوَ فَلَا يَجِبُ نَزْعُهُ لِبَقَاءِ طُهْرِهَا خِلَافًا لِصَاحِبِ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَانَ فِي مَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ فَقْدُ الْمَاءِ أَوْ يَسْتَوِي فِيهِ الْأَمْرَانِ فَلَا إعَادَةَ، وَإِلَّا وَجَبَ غُسْلُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ ابْنِ خَيْرَانِ) هَذَا قَدْ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ تَعَقُّبٌ لِمَا قَبْلَهُ وَلَمْ يَظْهَرْ فِيهِ ذَلِكَ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ قُصِدَ بِهِ بَيَانُ حُكْمِ تَيَمُّمِ الْحَيِّ (قَوْلُهُ: حَيْثُ) ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ مَرْدُودٌ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ وَقْتَهَا) صِلَةٌ مَرْدُودٌ (قَوْلُهُ: قَبْلَهُ) أَيْ الدَّفْنِ (قَوْلُهُ: جَوَازُ صَلَاتِهِ) أَيْ الْمُتَيَمِّمِ (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فِي مَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ فَقْدُ الْمَاءِ أَمْ لَا لَكِنْ إذَا لَمْ تَسْقُطْ الصَّلَاةُ بِفِعْلِهِ وَكَانَ ثَمَّ مَنْ تَسْقُطُ بِفِعْلِهِ وَجَبَ عَلَى مَنْ تَسْقُطُ بِفِعْلِهِ وَصَحَّتْ لِمَنْ لَا تَسْقُطُ بِفِعْلِهِ كَنَافِلَتِهِ (قَوْلُهُ تَسْقُطُ بِهِ) أَيْ التَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: وَيُسَلِّمُ الثَّانِيَةَ) قَالَ حَجّ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: لَا سُجُودَ سَهْوٍ تَذَكَّرَهُ بَعْدَهَا وَإِنْ قَرُبَ الْفَصْلُ لِفَصْلِهِ عَنْهَا بِالسَّلَامِ صُورَةً وَإِنْ بَانَ بِالْعَوْدِ لَوْ جَازَ أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ اهـ. وَمِثْلُهُ فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وَفِي ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ وَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَيْضًا حَيْثُ اقْتَصَرَ عَلَى التَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ، وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ شَيْخِنَا الْعَلَامَةِ الشَّوْبَرِيِّ مِنْ التَّوَقُّفِ فِي حَجّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَبَقِيَ مَا لَوْ تَذَكَّرَ فَوَاتَ رُكْنٍ بَعْدَ سَلَامِهِ هَلْ يَأْتِي بِهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إنْ قَصُرَ الْفَصْلُ أَتَى بِهِ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا (قَوْلُهُ: لِبَقَاءِ طُهْرِهَا) قَالَ حَجّ لِأَنَّهُ لَا يَبْطُلُ إلَّا بِرُؤْيَتِهَا دُونَ رُؤْيَتِهِ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إلَخْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إعْلَامُهَا بِوُجُودِ الْمَاءِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ طَهَارَتَهَا بَاقِيَةٌ، وَوَطْؤُهُ جَائِزٌ، وَقِيَاسُ مَا هُنَا أَنَّهُ لَوْ اقْتَدَى بِمُتَيَمِّمٍ تَسْقُطُ صَلَاتُهُ بِالتَّيَمُّمِ، وَقَدْ رَأَى هُوَ أَعْنِي الْمَأْمُومَ الْمَاءَ قَبْلَ إحْرَامِهِ بِهِ دُونَ الْإِمَامِ صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ وَلَمْ يَكُنْ إعْلَامُهُ بِوُجُودِهِ لَازِمًا اهـ. أَقُولُ: وَفِيهِ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ إنَّ الظَّاهِرَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ رَأَى بَعْدَ إحْرَامِ الْإِمَامِ وَقَبْلَ إحْرَامِهِ هُوَ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَا وَجْهَ لِلتَّرَدُّدِ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَوْ رَأَى الْمَاءَ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ وَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ رَأَى الْمَاءَ، فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي إخْبَارِ الْمَأْمُومِ لَهُ بِأَنَّهُ رَأَى الْمَاءَ؟ نَعَمْ إنْ كَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَ ابْنُ خَيْرَانَ يُخَالِفُ فِي ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَاضِرِ أَرْدَفَ بِكَلَامِهِ وَرَدَّهُ فَاتَّضَحَ إيرَادُ كَلَامِ ابْنِ خَيْرَانَ عَقِبَ هَذَا وَانْدَفَعَ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ هُنَا (قَوْلُهُ: قِيلَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهُ) الْقَائِلُ لِهَذَا الْقِيلِ هُوَ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ، فَإِنَّ هَذِهِ عِبَارَتَهُ فِي التُّحْفَةِ إلَى قَوْلِ الشَّيْخِ اهـ. لَكِنْ فِي سِيَاقِ الشَّيْخِ لَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَحِكَايَةِ جَمِيعِهِ بِقِيلَ مَعَ أَنَّ الضَّعِيفَ عِنْدَ الشَّارِحِ إنَّمَا هُوَ تَقْيِيدُهُ بِقَوْلِهِ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ ثَمَّ غَيْرُهُ نَظَرٌ لَا يَخْفَى، وَصَدْرُ عِبَارَةِ الشِّهَابِ الْمَذْكُورِ وَقَوْلِ ابْنِ خَيْرَانَ لَيْسَ لِحَاضِرٍ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيُصَلِّيَ عَلَى الْمَيِّتِ مَرْدُودٌ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهُ وَإِنْ أَمْكَنَ تَوْجِيهُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَأَتْ حَائِضٌ) أَيْ مَنْ انْقَطَعَ حَيْضُهَا

[الحكم الثاني ما يستبيحه بالتيمم]

الْأَنْوَارِ، وَلَوْ رَأَى مَاءً فِي أَثْنَاءِ قِرَاءَةٍ قَدْ تَيَمَّمَ لَهَا بَطَلَ تَيَمُّمُهُ بِالرُّؤْيَةِ، لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَنْوِيَ قِرَاءَةَ قَدْرٍ مَعْلُومٍ أَمْ لَا لِعَدَمِ ارْتِبَاطِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ) (الْمُتَنَفِّلَ) الْوَاجِدَ لِلْمَاءِ فِي صَلَاةٍ الَّذِي لَمْ يَنْوِ قَدْرًا (لَا يُجَاوِزُ رَكْعَتَيْنِ) لِأَنَّهُ الْأَحَبُّ وَالْمَعْهُودُ فِي النَّفْلِ، فَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِمَا كَافْتِتَاحِ صَلَاتِهِ بَعْدَ وُجُودِ الْمَاءِ لِافْتِقَارِهَا إلَى قَصْدٍ جَدِيدٍ. نَعَمْ لَوْ وَجَدَهُ فِي ثَالِثَةٍ أَتَمَّهَا لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالرُّويَانِيُّ، وَالثَّالِثَةُ مِثَالٌ فَمَا فَوْقَهَا لَهُ حُكْمُهَا (إلَّا مَنْ نَوَى عَدَدًا) أَيْ شَيْئًا وَلَوْ رَكْعَةً كَمَا هُوَ اصْطِلَاحُ الْفُقَهَاءِ، فَالِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ بِاصْطِلَاحِ الْحِسَابِ غَيْرُ سَدِيدٍ (فَيُتِمُّهُ) كَالْفَرْضِ لِانْعِقَادِ نِيَّتِهِ عَلَى مَا نَوَاهُ، وَلَا يَزِيدُ عَلَيْهِ، إذْ الزِّيَادَةُ كَافْتِتَاحِ صَلَاةٍ أُخْرَى بَعْدَ وُجُودِ الْمَاءِ لِافْتِقَارِهَا إلَى قَصْدٍ جَدِيدٍ، وَلَوْ رَأَى الْمَاءَ فِي أَثْنَاءِ طَوَافِهِ تَوَضَّأَ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ تَفْرِيقِهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا قَالَهُ الْفُورَانِيُّ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي الْأَوَّلِ أَنَّهُ يُجَاوِزُ رَكْعَتَيْنِ بِمَا شَاءَ، وَفِي الثَّانِي أَنَّهُ لَا يُجَاوِزُ رَكْعَتَيْنِ. ثُمَّ شَرَعَ فِي الْحُكْمِ الثَّانِي وَهُوَ مَا يَسْتَبِيحُهُ بِالتَّيَمُّمِ فَقَالَ (وَلَا يُصَلِّي بِتَيَمُّمٍ غَيْرِ فَرْضٍ) سَوَاءٌ أَكَانَ تَيَمُّمُهُ عَنْ حَدَثٍ أَصْغَرَ أَمْ أَكْبَرَ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ لِمَرَضٍ أَمْ لِفَقْدِ مَاءٍ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ بَالِغًا أَمْ صَبِيًّا. نَعَمْ لَوْ تَيَمَّمَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالضَّمِيرُ فِي إحْرَامِهِ رَاجِعًا لِلْإِمَامِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ قَبْلَ إحْرَامِ الْإِمَامِ رَأَى الْمَأْمُومُ الْمَاءَ اتَّجَهَ السُّؤَالُ (قَوْلُهُ: قَدْ تَيَمَّمَ) أَيْ بِأَنْ كَانَ جُنُبًا (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ ارْتِبَاطِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ) قَالَ سم عَلَى الْبَهْجَةِ: قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ إذَا رَآهُ فِي أَثْنَاءِ جُمْلَةٍ يَرْتَبِطُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ مُبْتَدَأً أَوْ خَبَرًا اهـ. أَقُولُ: قَدْ يَمْنَعُ هَذَا الْأَخْذَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالِارْتِبَاطِ أَنْ لَا يَعْتَدَّ بِمَا فَعَلَهُ قَبْلَ رُؤْيَةِ الْمَاءِ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الصَّلَاةِ دُونَ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: الَّذِي لَمْ يَنْوِ قَدْرًا) هَذَا التَّقْيِيدُ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الْآتِي إلَّا مَنْ نَوَى عَدَدًا فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ تَبْقِيَةَ الْمَتْنِ عَلَى إطْلَاقِهِ (قَوْلُهُ: لَا يُجَاوِزُ) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ لِمَا عَلَّلَ بِهِ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: فِي ثَالِثَةٍ) أَيْ بِأَنْ وَصَلَ إلَى حَدٍّ تَجْزِيه فِيهِ الْقِرَاءَةُ، وَذَلِكَ بِأَنْ كَانَ لِلْقِيَامِ أَقْرَبَ إنْ كَانَ يُصَلِّي مِنْ قِيَامٍ، وَبِأَنْ يَسْتَوِيَ جَالِسًا وَإِنْ لَمْ يُشْرِعْ فِي الْقِرَاءَةِ إنْ كَانَ يُصَلِّي مِنْ جُلُوسٍ، وَنُقِلَ عَنْ الْعُبَابِ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: إلَّا مَنْ نَوَى إلَخْ) قح. أَقُولُ: اسْتِثْنَاءُ هَذَا مِنْ عَدَمِ مُجَاوَزَةِ رَكْعَتَيْنِ يَتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّ الْمُثْبَتَ بِهِ مُجَاوَزَتُهُمَا فَلَا يُنَاسِبُ حَمْلَ الْعَدَدِ الْمَنْوِيِّ عَلَى مَا يَشْمَلُ الرَّكْعَةَ فَتَأَمَّلْهُ اهـ. وَقَدْ يُقَالُ هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ وَكَأَنَّهُ قَالَ: وَمَنْ نَوَى عَدَدًا يُتِمُّهُ (قَوْلُهُ: فَيُتِمُّهُ) أَيْ جَوَازًا وَالْأَفْضَلُ قَطْعُهُ لِيُصَلِّيَهُ بِالْوُضُوءِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ كَالْفَرْضِ وَلِمَا مَرَّ مِنْ بُطْلَانِهِ عَلَى وَجْهٍ (قَوْلُهُ: تَفْرِيقُهُ) أَيْ الطَّوَافِ فَيَتَوَضَّأُ وَيَأْتِي بِبَقِيَّةِ طَوَافِهِ لِأَنَّ الْمُوَالَاةَ فِيهِ سُنَّةٌ. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَكَانَ بَالِغًا أَمْ صَبِيًّا) أَيْ وَوَجْهُ ذَلِكَ فِيهِ أَنَّهُمْ أَلْحَقُوا صَلَاتَهُ بِالْفَرَائِضِ حَيْثُ لَمْ يُجَوِّزُوهَا مِنْ قُعُودٍ وَلَا عَلَى الدَّابَّةِ فِي السَّفَرِ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ لَوْ فَاتَتْهُمَا صَلَوَاتٌ وَأَرَادَ الصَّبِيُّ قَضَاءَ مَا فَاتَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَالْمَجْنُونُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الَّذِي لَمْ يَنْوِ قَدْرًا) لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ هُنَا خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ؛ لِأَنَّهُ سَيُعْلَمُ مِنْ حِكَايَةِ الشَّارِحِ لِلْمُقَابِلِ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى، وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ كُلٌّ مِنْهُمَا مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لَهَا خِلَافٌ يَخُصُّهَا فَصُورَةُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا يُجَاوِزُ رَكْعَتَيْنِ أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ قَدْرًا كَمَا صَوَّرَهُ بِهِ الشَّارِحُ وَصُورَةُ قَوْلِهِ إلَّا مَنْ نَوَى عَدَدًا عَكْسُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَيْ شَيْئًا وَلَوْ رَكْعَةً) كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ إذْ هُوَ حَاصِلُ جَوَابَيْنِ مُسْتَأْنَفَيْنِ فَلَا يَصِحُّ أَخْذُ أَحَدِهِمَا غَايَةً فِي الْآخَرِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَمَّا اعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْعَدَدِ بِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ الرَّكْعَةَ سَلَكُوا فِي الْجَوَابِ عَنْهُ مَسْلَكَيْنِ، فَمِنْهُمْ مَنْ سَلَّمَ الِاعْتِرَاضَ فَحَوَّلَ لَفْظَ عَدَدٍ إلَى لَفْظِ شَيْءٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَ الِاعْتِرَاضَ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى طَرِيقَةِ الْحِسَابِ وَأَنَّ طَرِيقَةَ الْفُقَهَاءِ تُخَالِفُ ذَلِكَ، عَلَى أَنَّ هَذَا الِاعْتِرَاضَ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَتَأَتَّى مِنْ أَصْلِهِ حَتَّى يَحْتَاجَ لِلْجَوَابِ عَنْهُ، إذْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَفْرُوضٌ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ بِدَلِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ، لَكِنَّهُ إنَّمَا يَتَأَتَّى إنْ جَعَلْنَا الِاسْتِثْنَاءَ هُنَا حَقِيقِيًّا، وَتَقَدَّمَ فِي الْحَاشِيَةِ قَبْلَ هَذِهِ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَأَنَّهُ مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ [الْحُكْمِ الثَّانِي مَا يَسْتَبِيحُهُ بِالتَّيَمُّمِ] (قَوْلُهُ: أَمْ لِفَقْدِ مَاءٍ) كَأَنَّهُ سَقَطَ قَبْلَهُ لَفْظُ وَسَوَاءٌ أَكَانَ لِمَرَضٍ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ قَسِيمًا لِمَا قَبْلَهُ

لِلْفَرْضِ ثُمَّ بَلَغَ لَمْ يَصِلْ بِهِ الْفَرْضُ لِأَنَّ صَلَاتَهُ نَفْلٌ كَمَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ عَمَلًا بِالِاحْتِيَاطِ فِي حَقِّهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ. وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْفَرْضُ أَدَاءً أَمْ قَضَاءً لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: 6] إلَى قَوْلِهِ {فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43] فَاقْتَضَى وُجُوبُ الطُّهْرِ لِكُلِّ صَلَاةٍ خَرَجَ الْوُضُوءُ بِالسُّنَّةِ فَبَقِيَ التَّيَمُّمُ عَلَى مُقْتَضَاهُ. وَلِمَا. رَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ " يَتَيَمَّمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَإِنْ لَمْ يُحْدِثْ " وَلِمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ " مِنْ السُّنَّةِ أَنْ لَا يُصَلِّيَ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ إلَّا صَلَاةً وَاحِدَةً، ثُمَّ يُحْدِثُ لِلثَّانِيَةِ تَيَمُّمًا " وَالسُّنَّةُ فِي كَلَامِ الصَّحَابِيِّ تَنْصَرِفُ إلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَيْنَمَا أَدْرَكَتْنِي الصَّلَاةُ تَيَمَّمْت وَصَلَّيْت» يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ فَتَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا. لَا يُقَالُ: لَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَلَا يُؤَدِّي بِتَيَمُّمٍ غَيْرَ فَرْضٍ كَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الطَّوَافَيْنِ وَالطَّوَافَ وَالصَّلَاةَ لِأَنَّا نَقُولُ: لَوْ عَبَّرَ بِذَلِكَ لَوَرَدَ عَلَيْهِ تَمْكِينُ الْمَرْأَةِ حَلِيلَهَا مِرَارًا مُتَعَدِّدَةً بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ جَائِزٌ مَعَ أَنَّ كُلَّ مَرَّةٍ فَرْضٌ عَلَيْهَا، وَعِبَارَتُهُ حِينَئِذٍ تَقْتَضِي عَدَمَ ذَلِكَ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، بِخِلَافِ مَا عَبَّرَ بِهِ فَإِنَّهُ سَالِمٌ مِنْ ذَلِكَ غَايَتُهُ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْعِبَارَةِ مَا سِوَى الصَّلَاةِ، بَلْ حُكْمُهُ مَسْكُوتٌ عَنْهُ وَلَيْسَ بِمُضِرٍّ، وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَخُطْبَتِهَا بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ كَمَا رَجَّحَاهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، لِأَنَّ الْخُطْبَةَ وَإِنْ كَانَتْ فَرْضَ كِفَايَةٍ قَدْ الْتَحَقَتْ بِفَرَائِضِ الْأَعْيَانِ لِمَا قِيلَ إنَّهَا بَدَلٌ عَنْ رَكْعَتَيْنِ وَالصَّحِيحُ لَا يَقْطَعُ النَّظَرَ عَنْ مُقَابِلِهِ وَإِنَّمَا جَمَعَ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٌ مَعَ أَنَّهُمَا فَرْضَانِ لِكَوْنِهِمَا فِي حُكْمِ شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْخَطِيبَ يَحْتَاجُ إلَى تَيَمُّمَيْنِ، وَأَنَّهُ لَوْ تَيَمَّمَ لِلْجُمُعَةِ فَلَهُ أَنْ يَخْطُبَ بِهِ وَلَا يُصَلِّي الْجُمُعَةَ بِهِ، وَأَنَّهُ لَوْ تَيَمَّمَ لِلْخُطْبَةِ فَلَمْ يَخْطُبْ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ الْجُمُعَةَ وَإِنْ كَانَتْ دُونَ مَا فَعَلَهُ بِهِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهَا أُلْحِقَتْ بِفَرْضِ الْعَيْنِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْمُتَيَمِّمَ لِلْجَنَابَةِ عِنْدَ عَجْزِهِ عَنْ الْمَاءِ إذَا تَجَرَّدَتْ جَنَابَتُهُ عَنْ الْحَدَثِ فَإِنَّهُ لَا يُصَلِّي بِهِ غَيْرَ فَرْضٍ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ أَسْبَابِ الْحَدَثِ، وَلَوْ تَيَمَّمَ عَنْ حَدَثٍ أَكْبَرَ ثُمَّ أَحْدَثَ حَدَثًا أَصْغَرَ انْتَقَضَ طُهْرُهُ الْأَصْغَرُ لَا الْأَكْبَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَضَاءَهُ بَعْدَ إفَاقَتِهِ عَمَلًا بِالسُّنِّيَّةِ فِيهِمَا وَجَبَ عَلَيْهِمَا التَّيَمُّمُ لِكُلِّ فَرْضٍ مَعَ وُقُوعِهِ نَفْلًا لَهُمَا لِلْعِلَّةِ السَّابِقَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَلَغَ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ بَلَغَ فِي أَثْنَائِهَا فَيُتِمُّهَا بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ اهـ حَجّ بِالْمَعْنَى، وَفِي فَتَاوَى م ر مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ صَلَاتَهُ نَفْلٌ) زَادَ سم عَلَى مَنْهَجِ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: وَإِنَّمَا صَحَّتْ نِيَّةُ فُرُوضٍ مَعَ أَنَّهُ لَا يَسْتَبِيحُهَا لِأَنَّهُ نَوَى فَرْضًا وَزَادَ فَلَغَتْ الزِّيَادَةُ، وَفَارَقَ مَا لَوْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ الظُّهْرِ خَمْسَ رَكَعَاتٍ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ مَعَهُ اسْتِبَاحَةُ كُلِّهِ وَلَا بَعْضِهِ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا اهـ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَإِنَّمَا صَحَّتْ نِيَّةُ فُرُوضٍ أَلِخ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيمَا لَوْ نَوَى فُرُوضًا بَيْنَ إمْكَانِ صَلَاةِ كُلٍّ مِنْهَا وَقَّتَ النِّيَّةَ لِكَوْنِ بَعْضِهَا أَدَاءً وَبَعْضِهَا قَضَاءً وَبَيَّنَ مَا لَوْ أَمْكَنَ فِعْلُ بَعْضِهَا وَقَّتَ النِّيَّةَ دُونَ بَعْضٍ كَمَا لَوْ نَوَى التَّيَمُّمَ لِمُؤَدَّاةٍ وَأُخْرَى لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهَا، وَقَدْ يُفْهِمُهُ قَوْلُهُ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ مَعَهُ اسْتِبَاحَةُ كُلِّهِ وَلَا بَعْضِهِ (قَوْلُهُ: لِكُلِّ صَلَاةٍ) إطْلَاقُهُ يَشْمَلُ النَّفَلَ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَلِأَنَّ الْوُضُوءَ كَانَ يَجِبُ لِكُلِّ فَرْضٍ فَنُسِخَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَبَقِيَ التَّيَمُّمُ عَلَى الْأَصْلِ مِنْ وُجُوبِ الطُّهْرِ لِكُلِّ فَرْضٍ اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِي النَّسْخِ، وَلَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ: خَرَجَ الْوُضُوءُ بِالسُّنَّةِ، بَلْ قَدْ يُفِيدُ خِلَافَهُ وَهُوَ أَنَّ السُّنَّةَ بَيَّنَتْ عَدَمَ وُجُوبِ الْوُضُوءِ لِكُلِّ فَرْضٍ فَتَكُونُ مُخَصِّصَةً لِلْآيَةِ (قَوْلُهُ: يَدُلُّ عَلَيْهِ) وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ عُمُومَ قَوْلِهِ «أَيْنَمَا أَدْرَكَتْنِي الصَّلَاةُ» إلَخْ يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَ مُتَيَمِّمًا قَبْلُ (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ عَبَّرَ بِيُؤَدِّي بَدَلَ يُصَلِّي، وَقَدْ يُقَالُ مَسْأَلَةُ تَمْكِينِ الْحَلِيلِ مُسْتَثْنَاةٌ فَلَا تُرَدُّ نَقْضًا (قَوْلُهُ: الْجُمُعَةُ وَخُطْبَتُهَا) أَيْ وَلَا بَيْنَ خُطْبَتَيْنِ فِي مَحَلَّيْنِ كَمَا لَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فِي بَابِ أَسْبَابِ الْحَدَثِ) أَيْ وَفِي صَدْرِ هَذِهِ السِّوَادَةِ

كَمَا لَوْ أَحْدَثَ بَعْدَ غُسْلِهِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْدِثِ. وَيَسْتَمِرُّ تَيَمُّمُهُ عَنْ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ حَتَّى يَجِدَ الْمَاءَ بِلَا مَانِعٍ، وَلَوْ غَسَلَ جُنُبٌ كُلَّ بَدَنِهِ سِوَى رِجْلَيْهِ ثُمَّ فَقَدْ الْمَاءَ وَحَصَلَ لَهُ حَدَثٌ أَصْغَرُ وَتَيَمَّمَ لَهُ ثُمَّ وَجَدَ مَاءً يَكْفِي رِجْلَيْهِ فَقَطْ تَعَيَّنَ لَهُمَا وَلَا يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ. وَلَوْ تَيَمَّمَ أَوَّلًا لِتَمَامِ غُسْلِهِ ثُمَّ أَحْدَثَ وَتَيَمَّمَ لَهُ ثُمَّ وَجَدَ كَافِيَهُمَا بَطَلَ تَيَمُّمُهُ، وَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ جِمَاعُ أَهْلِهِ، وَإِنْ عَلِمَ عَدَمَ الْمَاءِ وَقْتَ الصَّلَاةِ فَيَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي مِنْ غَيْرِ إعَادَةٍ. (وَيَتَنَفَّلُ) مَعَ الْفَرِيضَةِ وَبِدُونِهَا يَتَيَمَّمُ (مَا شَاءَ) لِكَثْرَةِ النَّوَافِلِ فَتَشْتَدُّ الْمَشَقَّةُ بِإِعَادَةِ التَّيَمُّمِ لَهَا. فَخَفَّفَ الشَّارِعُ فِي حُكْمِهَا كَمَا خَفَّفَ بِتَرْكِ الْقِيَامِ فِيهَا مَعَ الْقُدْرَةِ وَبِتَرْكِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ فِي السَّفَرِ، وَلِأَنَّهَا وَإِنْ تَعَدَّدَتْ فِي حُكْمِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِرَكْعَةٍ فَلَهُ أَنْ يَجْعَلَهَا مِائَةً وَبِالْعَكْسِ، وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُتِمَّ كُلَّ صَلَاةٍ يَدْخُلُ فِيهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَجْمَعَهَا مَعَ فَرْضٍ لِأَنَّ ابْتِدَاءَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSخَطَبَ فِي مَوْضِعٍ وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ ثُمَّ انْتَقَلَ لِلْآخَرِ وَأَرَادَ الْخُطْبَةَ لِأَهْلِهِ وَفِيهِ كَلَامٌ لقم فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُحْدِثِ) أَيْ مِنْ صَلَاةٍ وَطَوَافٍ وَنَحْوِهِمَا، بِخِلَافِ مَا لَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْدِثِ حَدَثًا أَصْغَرَ مِنْ قِرَاءَةٍ وَمُكْثِ مَسْجِدٍ فَلَا يَحْرُمُ لِبَقَاءِ طُهْرِهِ بِالنِّسْبَةِ فَلَا يَحْتَاجُ لِتَيَمُّمٍ آخَرَ مَا لَمْ تَعْرِضْ لَهُ جَنَابَةٌ (قَوْلُهُ: وَيَسْتَمِرُّ تَيَمُّمُهُ) أَيْ فَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَمْكُثُ فِي الْمَسْجِدِ بِهَذَا التَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: يَجِدُ الْمَاءَ إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَإِذَا أَرَادَ صَلَاةَ النَّافِلَةِ وَتَوَضَّأَ لَهَا لَمْ يَحْتَجْ لِلتَّيَمُّمِ حَيْثُ كَانَ تَيَمُّمُهُ عَنْ الْجَنَابَةِ لِعِلَّةٍ بِغَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ تَيَمُّمُهُ عَنْ الْجَنَابَةِ لِفَقْدِ الْمَاءِ ثُمَّ أَحْدَثَ حَدَثًا أَصْغَرَ فَتَيَمَّمَ بِنِيَّةِ زَوَالِ مَانِعِ الْأَصْغَرِ، وَيُصَلِّي بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ النَّوَافِلَ لِبَقَاءِ تَيَمُّمِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَدَثِ الْأَكْبَرِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ) أَيْ فَيَتَنَفَّلُ بِهِ مَا شَاءَ وَيُصَلِّي بِهِ الْفَرْضَ إنْ لَمْ يَكُنْ صَلَّاهُ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ قَبْلُ (قَوْلُهُ: لِتَمَامِ غُسْلِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مَعَهُ مَاءٌ يَكْفِيه وَتَيَمَّمَ لَهُ أَيْ لِلْحَدَثِ (قَوْلُهُ وُجِدَ كَافِيهمَا) أَيْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَالْجَنَابَةِ (قَوْلُهُ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ) وَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا وَأَنَّ الْمُرَادَ التَّيَمُّمُ الْأَوَّلُ وَهُوَ الَّذِي عَنْ الْجَنَابَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْخَطِيبُ الشِّرْبِينِيُّ وَعِبَارَتُهُ: وَلَوْ غَسَلَ نَحْوُ جُنُبٍ جَمِيعَ بَدَنِهِ إلَّا رِجْلَيْهِ فَقَطْ تَعَيَّنَ لَهُمَا وَلَا يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ، وَلَوْ تَيَمَّمَ أَوَّلًا لِتَمَامِ غُسْلِهِ ثُمَّ أَحْدَثَ وَتَيَمَّمَ لَهُ ثُمَّ وَجَدَ كَافِيَهُمَا بَطَلَ تَيَمُّمُهُ الْأَوَّلُ، وَهَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ كَافِيهمَا لِلرِّجْلَيْنِ. وَلَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ بَلْ يَجُوزُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِيهِ رَاجِعٌ لِلْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَالْجَنَابَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَبُطْلَانُ التَّيَمُّمِ حِينَئِذٍ ظَاهِرٌ لِوُجُودِ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ كَانَا مُسْتَنْجِيَيْنِ بِالْمَاءِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ لَهُ جِمَاعُهَا كَمَا مَرَّ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضَمُّخِ بِالنَّجَاسَةِ وَلِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ بُطْلَانِ تَيَمُّمِهِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ مَاءً فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ، هَذَا وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ الِاسْتِنْجَاءَ مِنْ الْمَذْيِ لِأَنَّهُ يُضْعِفُ شَهْوَتَهُ وَيُعْفَى عَنْهُ، لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِلْجِمَاعِ لَا لِمَا أَصَابَ بَدَنَهُ مِنْهُ أَوْ ثَوْبَهُ وَعَلَيْهِ فَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِدُ مَاءً يَغْسِلُ بِهِ مَا أَصَابَهُ مِنْهُ بَعْدَ الْجِمَاعِ فَيَنْبَغِي حُرْمَتُهُ إذَا كَانَ الْجِمَاعُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ لَا قَبْلَهُ، فَلَا يَحْرُمُ لِعَدَمِ مُخَاطَبَتِهِ بِالصَّلَاةِ الْآنَ وَهُوَ لَا يُكَلَّفُ تَحْصِيلَ شُرُوطِ الصَّلَاةِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا. (قَوْلُهُ: بِدَلِيلٍ إلَخْ) هَذَا التَّوْجِيهُ لَا يَأْتِي فِي غَيْرِ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ كَالرَّوَاتِبِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَجْمَعَهَا) إلَخْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَبْطَلَهَا بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهَا فَهَلْ إذَا أَعَادَهَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ فَرْضٍ آخَرَ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ وَإِنْ وَجَبَ إعَادَتُهَا فَهُوَ طَرِيقٌ لِإِتْمَامِهَا، لَكِنْ فِي حَجّ مَا نَصُّهُ: نَعَمْ إنْ قَطَعَهَا: أَيْ النَّافِلَةَ الَّتِي نَذَرَ إتْمَامَهَا بِنِيَّةِ الْإِعْرَاضِ ثُمَّ أَرَادَ إتْمَامَهَا احْتَمَلَ وُجُوبَ التَّيَمُّمِ، لِأَنَّهُ بِالْإِعْرَاضِ عَنْ الْبَقِيَّةِ صَيَّرَهَا كَالْفَرْضِ الْمُسْتَقِلِّ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ نَذَرَ سُورَتَيْنِ فِي وَقْتَيْنِ فَيُحْتَمَلُ وُجُوبُ التَّيَمُّمِ لِكُلٍّ لِأَنَّهُمَا لَا يُسَمَّيَانِ الْآنَ فَرْضًا وَاحِدًا اهـ. وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ فِيمَا لَوْ قَطَعَ بِنِيَّةِ الْإِعْرَاضِ ثُمَّ أَرَادَ الْإِتْمَامَ أَنَّهُ لَوْ أَبْطَلَهَا ثُمَّ أَرَادَ إعَادَتَهَا وُجُوبُ التَّيَمُّمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بَطَلَ تَيَمُّمُهُ) أَيْ الْأَوَّلُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْخَطِيبُ (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ إلَخْ) هَذَا تَعْلِيلٌ لِلنَّفْلِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ وَإِلَّا، فَهُوَ خَاصٌّ بِالنَّفْلِ الْمُطْلَقِ.

نَفْلٌ كَمَا ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ، إذْ هِيَ فِي الْحَقِيقَةِ نَفْلٌ وَالْفَرْضُ إنَّمَا هُوَ إتْمَامُهَا كَمَا فِي حَجِّ النَّفْلِ، وَلَوْ صَلَّى بِتَيَمُّمٍ مَكْتُوبَةً مُنْفَرِدًا أَوْ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ أَعَادَهَا فِي جَمَاعَةٍ بِهِ جَازَ لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ فَرْضٍ وَنَافِلَةٍ أَوْ صَلَّاهَا حَيْثُ تَلْزَمُهُ إعَادَتُهَا كَمَرْبُوطٍ ثُمَّ أَعَادَهَا بِهِ جَازَ أَيْضًا لِمَا تَقَدَّمَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ فَرْضَهُ الْمُعَادَةُ وَهُوَ الْأَصَحُّ. لَا يُقَالُ: الْأُولَى أَتَى بِهَا فَرْضًا وَالْفَرْضَانِ لَا يُجْمَعَانِ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ. لِأَنَّا نَقُولُ: هِيَ كَالْمَنْسِيَّةِ مِنْ خَمْسٍ يَجُوزُ جَمْعُهَا بِتَيَمُّمٍ وَإِنْ كَانَتْ فُرُوضًا، لِأَنَّ الْفَرْضَ بِالذَّاتِ وَاحِدٌ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مُصَلِّيَ الْجُمُعَةِ بِتَيَمُّمٍ لَوْ لَزِمَهُ إعَادَةُ الظُّهْرِ صَلَّاهَا بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ كَمَا تَقَرَّرَ. (وَالنَّذْرُ) بِالْمُعْجَمَةِ (كَفَرْضٍ) عَيْنِيٍّ (فِي الْأَظْهَرِ) عَلَى النَّاذِرِ مَسْلُوكًا بِهِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ فَلَا يَجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فَرْضٍ آخَرَ بِتَيَمُّمِ أَدَاءً كَانَ أَوْ قَضَاءً. وَالثَّانِي لَا، لِأَنَّ وُجُوبَهُ لِعَارِضٍ فَلَا يُلْحَقُ بِالْفَرْضِ أَصَالَةً فَلَهُ مَا ذُكِرَ. (وَالْأَصَحُّ صِحَّةُ جَنَائِزَ) أَوْ جِنَازَتَيْنِ أَوْ وَاحِدَةٍ كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى (مَعَ فَرْضٍ) بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ وَلَوْ تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ بِأَنْ لَمْ يَحْضُرْ غَيْرُهُ لِعَدَمِ كَوْنِهَا مِنْ جِنْسِ فَرَائِضِ الْأَعْيَانِ، وَإِنَّمَا تَعَيَّنَ الْقِيَامُ فِيهَا مَعَ الْقُدْرَةِ لِأَنَّهُ مُعْظَمُ أَرْكَانِهَا وَتَرْكُهَا يَمْحَقُ صُورَتَهَا. وَالثَّانِي لَا تَصِحُّ لِأَنَّهَا فَرْضٌ فِي الْجُمْلَةِ وَالْفَرْضُ بِالْفَرْضِ أَشْبَهُ. وَالثَّالِثُ إنْ تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ فَكَالْفَرْضِ وَإِلَّا فَكَالنَّفَلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSفَرْعٌ] تَيَمَّمَ لِلْفَرْضِ وَأَحْرَمَ بِهِ ثُمَّ بَطَلَ أَوْ أَبْطَلَهُ فَالْوَجْهُ جَوَازُ إعَادَةِ ذَلِكَ الْفَرْضِ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّ بِهِ الْفَرْضَ، خِلَافًا لِمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ شُرَّاحِ الْحَاوِي قب (قَوْلُهُ جَازَ أَيْضًا إلَخْ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ تَيَمَّمَ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ وَصَلَّى ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى مَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْفَقْدُ أَوْ يَسْتَوِي فِيهِ الْأَمْرَانِ فَلَهُ إعَادَتُهَا بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ الْأَوَّلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي سُقُوطِ الْقَضَاءِ بِمَحَلِّ الصَّلَاةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لَا بِمَحَلِّ التَّيَمُّمِ. (قَوْلُهُ: وَالنَّذْرُ كَفَرْضٍ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: كَالْوَتْرِ، أَيْ فِي أَنَّهُ كُلُّهُ فَرْضٌ وَاحِدٌ وَإِنْ اشْتَمَلَ عَلَى رَكَعَاتٍ مَفْصُولَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ يُسَمَّى صَلَاةً وَاحِدَةً مَنْذُورَةً فَلَمْ يَلْزَمْهُ تَكْرِيرُ التَّيَمُّمِ بِتَكْرِيرِ الْفَصْلِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ اهـ. وَقَالَ م ر: إنَّهُ أَيْ الِاحْتِمَالَ لَيْسَ بَعِيدًا فَانْظُرْ سُنَّةَ الظُّهْرِ الْأَرْبَعِ الْقَبْلِيَّةَ أَوْ الْبَعْدِيَّةِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: قَوْلُهُ فَلَمْ يَلْزَمْهُ إلَخْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ التَّرَاوِيحِ مَا لَمْ يُنْذِرْ أَنَّهُ يُسَلِّمْ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، فَإِنْ نَذَرَ ذَلِكَ وَجَبَ لِكُلِّ تَيَمُّمٍ سَوَاءٌ الْوَتْرُ وَالضُّحَى وَغَيْرُهُمَا لِأَنَّهُ أَخْرَجَهَا بِنَذْرِ السَّلَامِ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ عَنْ كَوْنِهَا صَلَاةً وَاحِدَةً، وَأَمَّا التَّرَاوِيحُ فَلَا يَنْعَقِدُ نَذْرُ السَّلَامِ فِيهَا لِوُجُوبِهِ شَرْعًا، وَالْوَاجِبُ لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ التَّرَاوِيحِ حَيْثُ صُحِّحَ أَنْ يُصَلِّيَهَا كُلَّهَا بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ عَلَى مَا فِي فَتَاوَى حَجّ وَبَيْنَ الْوَتْرِ مَثَلًا حَيْثُ وَجَبَ تَعَدُّدُ التَّيَمُّمِ فِيهِ بِأَنَّ الْوَتْرَ مَثَلًا لَمَّا نَذَرَ السَّلَامَ فِيهِ كَانَ الْجَعْلُ مَقْصُودًا نَاشِئًا مِنْ الْتِزَامِهِ فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهُ لِكَوْنِهِ مِنْ فِعْلِهِ، وَالتَّرَاوِيحُ لَمَّا كَانَ السَّلَامُ فِيهَا مُعْتَبَرًا أَصَالَةً مَعَ صِدْقِ اسْمِ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا بَقِيَتْ عَلَى أَصْلِهَا مِنْ عَدَمِ تَعَدُّدِ التَّيَمُّمِ لِمَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ اسْمُ الصَّلَاةِ الْوَاحِدَةِ. وَقَوْلُهُ فَانْظُرْ سُنَّةَ الظُّهْرِ. أَقُولُ: الظَّاهِرُ فِي سُنَّةِ الظُّهْرِ فِي النَّذْرِ أَنَّهُ يُكْتَفَى فِيهَا بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ كَالْوَتْرِ. صُورَتُهُ كَأَنْ يَقُولَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ سُنَّةَ الظُّهْرِ الْقَبْلِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةِ، وَيَكْفِي لِلثَّمَانِيَةِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ وَإِحْرَامٌ وَاحِدٌ عَلَى كَلَامِ الرَّمْلِيِّ خِلَافًا لحج رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَكَسُنَّةِ الظُّهْرِ الضُّحَى وَإِنْ سَلَّمَ فِيهَا مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَأَمَّا التَّرَاوِيحُ فَقِيلَ يَجِبُ أَنْ يَتَيَمَّمَ فِيهَا لِكُلِّ رَكْعَتَيْنِ لِوُجُوبِ السَّلَامِ فِيهَا مِنْهُمَا، لَكِنْ نُقِلَ عَنْ فَتَاوَى حَجّ أَنَّهَا كَالْوَتْرِ فَيُكْتَفَى لَهَا بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ اسْمَ التَّرَاوِيحِ يَشْمَلُهَا كُلُّهَا فَهِيَ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَالَ حَجّ فِي الْفَتَاوَى: وَمِمَّا يُسْتَأْنَسُ بِهِ لِلِاكْتِفَاءِ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ لِلتَّرَاوِيحِ قَوْلِي فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقِرَاءَةَ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ فَإِنَّ فَرْضَ تَعَيُّنِهَا: أَيْ الْقِرَاءَةِ لِخَوْفِ نِسْيَانٍ فَهَلْ يَسْتَبِيحُ مِنْهَا بِتَيَمُّمٍ لَهَا مَا نَوَاهُ وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمَجْلِسُ، أَوْ مَا دَامَ الْمَجْلِسُ مُتَّحِدًا أَوْ مَا لَمْ يَقْطَعْهَا بِنِيَّةِ الْإِعْرَاضِ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَاَلَّذِي يَنْقَدِحُ الثَّالِثُ. وَلَا يُقَالُ: إنَّ قِرَاءَةَ كُلِّ آيَةٍ فَرْضٌ فَيُحْتَاجُ إلَى تَيَمُّمٍ آخَرَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ الَّتِي لَا تُطَاقُ اهـ. (قَوْلُهُ: بِالْأَوْلَى) أَيْ فِي الْجِنَازَتَيْنِ وَالْوَاحِدَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا فَرْضٌ فِي الْجُمْلَةِ) قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ حَتَّى فِي الْجِنَازَةِ الْوَاحِدَةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْمَعَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ) (مَنْ نَسِيَ إحْدَى الْخَمْسِ) وَلَمْ يَعْلَمْ عَيْنَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ الْخَمْسَ لِتَبْرَأَ ذِمَّتُهُ بِيَقِينٍ، وَإِذَا أَرَادَ ذَلِكَ (كَفَاهُ تَيَمُّمٌ) لَهُنَّ لِأَنَّ الْفَرْضَ وَاحِدٌ وَمَا عَدَاهُ وَسِيلَةٌ، وَقَوْلُهُ لَهُنَّ مُتَعَلِّقٌ بِكَفَاهُ إذْ الْأَصْلُ فِي الْعَمَلِ الْفِعْلُ، فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ: إنَّ عِبَارَتَهُ تُوهِمُ أَنَّهُ يَكْفِيه تَيَمُّمٌ إذَا نَوَى بِهِ الْخَمْسَ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ. وَالثَّانِي يَجِبُ خَمْسُ تَيَمُّمَاتٍ لِوُجُوبِ الْخَمْسِ، وَلَوْ تَرَدَّدَ هَلْ تَرَكَ طَوَافَ فَرْضٍ أَوْ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ صَلَّى الْخَمْسَ وَطَافَ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ كَمَا مَرَّ. وَلَوْ نَذَرَ شَيْئًا إنْ رَدَّهُ اللَّهُ سَالِمًا ثُمَّ شَكَّ أَنَذَرَ صَدَقَةً أَمْ عِتْقًا أَمْ صَلَاةً أَمْ صَوْمًا قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِجَمِيعِهَا كَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يَجْتَهِدُ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا هُنَاكَ وُجُوبَ الْكُلِّ عَلَيْهِ فَلَا يَسْقُطُ إلَّا بِالْيَقِينِ، وَهَا هُنَا تَيَقَّنَّا أَنَّ الْكُلَّ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا وَجَبَتْ وَاحِدَةٌ وَاشْتَبَهَتْ فَيَجْتَهِدُ كَالْقِبْلَةِ وَالْأَوَانِي اهـ، وَالرَّاجِحُ الثَّانِي. وَلَوْ جَهِلَ عَدَدَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الصَّلَوَاتِ وَقَالَ لَا يَنْقُصْنَ عَنْ عَشْرٍ وَلَا يَزِدْنَ عَلَى عِشْرِينَ لَزِمَهُ عِشْرُونَ، وَلَوْ نَسِيَ ثَلَاثَ صَلَوَاتٍ مِنْ يَوْمَيْنِ وَلَا يَدْرِي أَكُلُّهَا مُخْتَلِفَةٌ أَوْ ثِنْتَانِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَجَبَ عَشْرٌ أَيْضًا قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيه، قَالَ: وَإِنْ نَسِيَ أَرْبَعًا مِنْ يَوْمَيْنِ وَلَا يَدْرِي أَنَّهَا مُخْتَلِفَةٌ أَوْ مَنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ أَوْ خَمْسًا أَوْ أَوْ سِتًّا لَزِمَهُ صَلَاةُ يَوْمَيْنِ، وَكَذَا فِي السَّبْع وَالثَّمَانِ مِنْ يَوْمَيْنِ، وَأَمَّا الثَّلَاثَةُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَا يَدْرِي أَنَّهَا مُخْتَلِفَةٌ أَوْ مُتَّفِقَةٌ فَإِنَّهُ يَقْضِي ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَكَذَا أَرْبَعٌ أَوْ خَمْسٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. (وَإِنْ) (نَسِيَ) صَلَاتَيْنِ وَعَلِمَ كَوْنَهُمَا (مُخْتَلِفَتَيْنِ) كَعَصْرٍ وَمَغْرِبٍ سَوَاءٌ أَعَلِمَ أَنَّهُمَا مِنْ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ فَإِنْ شَاءَ (صَلَّى كُلَّ صَلَاةٍ) مِنْ الْخَمْسِ (بِتَيَمُّمٍ) فَيُصَلِّي الْخَمْسَ بِخَمْسِ تَيَمُّمَاتٍ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ الْقَاصِّ (وَإِنْ شَاءَ تَيَمَّمَ مَرَّتَيْنِ وَصَلَّى بِالْأَوَّلِ) مِنْ التَّيَمُّمَيْنِ (أَرْبَعًا وَلَاءً) كَالصُّبْحِ وَالظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْوَلَاءُ مِثَالٌ لَا قَيْدٌ (وَبِالثَّانِي) مِنْ التَّيَمُّمَيْنِ (أَرْبَعًا لَيْسَ مِنْهَا الَّتِي بَدَأَ بِهَا) كَالظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَهَذَا شَرْطٌ لَا بُدَّ مِنْهُ فَيَخْرُجُ مِنْ عُهْدَةِ مَا عَلَيْهِ بِيَقِينٍ لِكَوْنِهِ قَدْ صَلَّى الثَّلَاثَةَ الْمُتَوَسِّطَةَ وَهِيَ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ وَالْمَغْرِبُ مَرَّتَيْنِ بِتَيَمُّمَيْنِ، فَإِنْ كَانَتْ الْفَائِتَتَانِ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَقَدْ تَأَدَّتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا بِتَيَمُّمٍ، وَإِنْ كَانَتَا الصُّبْحَ وَالْعِشَاءَ فَقَدْ تَأَدَّتْ الصُّبْحُ بِالتَّيَمُّمِ الْأَوَّلِ وَالْعِشَاءَ بِالثَّانِي، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ إحْدَى الْفَائِتَتَيْنِ إحْدَى الثَّلَاثِ وَالْأُخْرَى الصُّبْحَ أَوْ الْعِشَاءَ. وَهَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ الْحَدَّادِ وَاسْتَحْسَنَهَا الْأَصْحَابُ وَفَرَّعُوا عَلَيْهَا، وَفِي ضَبْطِ ذَلِكَ عِبَارَاتٌ: مِنْهَا أَنْ تَضْرِبَ الْمَنْسِيَّ فِي الْمَنْسِيِّ فِيهِ وَتَزِيدَ عَلَى الْحَاصِلِ عَدَدَ الْمَنْسِيِّ، ثُمَّ تَضْرِبَ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَعَ فَرْضٍ آخَرَ مُطْلَقًا عَلَى الثَّانِي وَلَا إنْ تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ عَلَى الثَّالِثِ. (قَوْلُهُ: كَفَاهُ تَيَمُّمٌ لَهُنَّ) أَيْ وَيُشْتَرَطُ فِي النِّيَّةِ أَنْ يَقُولَ: نَوَيْت اسْتِبَاحَةَ فَرْضِ الصَّلَاةِ أَوْ الصَّلَاةِ الَّتِي نَسِيتهَا مِنْ الْخَمْسِ فِي يَوْمِ كَذَا مَثَلًا، فَلَوْ عَيَّنَ صَلَاةً مِنْ الْيَوْمِ الَّذِي نَسِيَ الصَّلَاةَ فِيهِ كَأَنْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ صَلَاةَ الصُّبْحِ مَثَلًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ غَيْرَهَا بِهِ مِنْ صَلَوَاتِ ذَلِكَ الْيَوْمِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُعَيَّنَةَ لَيْسَتْ عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ مُسْتَبِيحًا فِي نِيَّتِهِ لِفَرْضٍ (قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ الثَّانِي) قَالَ الشَّارِحُ فِي بَابِ النَّذْرِ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَنْ يُعَلِّقَهُ بِشَيْءٍ إلَخْ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذُكِرَ: فَإِنْ اجْتَهَدَ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ وَأَيِسَ مِنْ ذَلِكَ فَالْأَوْجَهُ وُجُوبُ الْكُلِّ، إذْ لَا يَتِمُّ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْ وَاجِبِهِ يَقِينًا إلَّا بِفِعْلِ الْكُلِّ، وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ عِشْرُونَ) أَيْ صَلَاةً (قَوْلُهُ: وَجَبَ عَشْرٌ) أَيْ بِعَشْرِ تَيَمُّمَاتٍ (قَوْلُهُ صَلَاةُ يَوْمَيْنِ) أَيْ بِعَشْرِ تَيَمُّمَاتٍ أَيْضًا (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَقْضِي ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) أَيْ بِثَلَاثِ تَيَمُّمَاتٍ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ قَوْلُهُ لَيْسَ مِنْهَا إلَخْ (قَوْلُهُ لَا بُدَّ مِنْهُ) أَيْ فَلَوْ خَالَفَ ذَلِكَ حَرُمَ عَلَيْهِ وَلَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ، ثُمَّ رَأَيْت الشَّيْخَ عَمِيرَةَ صَرَّحَ بِالْحُرْمَةِ: أَيْ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الِانْعِقَادِ (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ الْحَدَّادِ) هِيَ قَوْلُهُ إنْ شَاءَ تَيَمَّمَ مَرَّتَيْنِ (قَوْلُهُ: مِنْهَا أَنْ تَضْرِبَ الْمَنْسِيَّ فِيهِ الْمَنْسِيَّ فِيهِ إلَخْ) أَيْ وَمِنْهَا أَنْ يُقَالَ: ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْإِيهَامَ لَا يَنْدَفِعُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَا يَدْرِي أَنَّهَا مُخْتَلِفَةٌ أَوْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ) يَعْنِي كُلَّ اثْنَيْنِ مِنْهَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ.

الْمَنْسِيَّ فِي نَفْسِهِ وَتُسْقِطَهُ مِنْ الْحَاصِلِ وَتُصَلِّيَ بِعَدَدِ الْبَاقِي؛ فَفِي نِسْيَانِ صَلَاتَيْنِ تَضْرِبُ اثْنَيْنِ فِي خَمْسَةٍ يَحْصُلُ عَشَرَةٌ تَزِيدُ عَلَيْهِ اثْنَيْنِ ثُمَّ تَضْرِبُهُمَا فِيهِمَا وَتُسْقِطُ الْحَاصِلَ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ يَبْقَى ثَمَانِيَةٌ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الشَّرْطَ أَنْ يَتْرُكَ فِي كُلٍّ مَرَّةٍ مَا بَدَأَ بِهِ فِي الْمَرَّةِ قَبْلَهَا. (أَوْ) نَسِيَ صَلَاتَيْنِ وَعَلِمَ كَوْنَهُمَا (مُتَّفِقَتَيْنِ) وَلَمْ يَعْلَمْ عَيْنَهُمَا كَعَصْرَيْنِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا مِنْ يَوْمَيْنِ (صَلَّى الْخَمْسَ مَرَّتَيْنِ بِتَيَمُّمَيْنِ) لِيَخْرُجَ عَنْ الْعُهْدَةِ بِيَقِينٍ وَيَكْفِي لَهُنَّ تَيَمُّمَانِ؛ وَإِنْ قِيلَ لَا بُدَّ مِنْ عَشْرِ تَيَمُّمَاتٍ، فَإِنْ شَكَّ هَلْ هُمَا مُتَّفِقَتَانِ أَوْ مُخْتَلِفَتَانِ أَخَذَ بِالْأَحْوَطِ وَهُوَ الِاتِّفَاقُ، وَلَوْ تَذَكَّرَ الْمَنْسِيَّةَ بَعْدَ صَلَاتِهِ الْخَمْسِ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ إعَادَتُهَا كَمَا رَجَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِنْ نَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْهُ خِلَافَهُ. (وَلَا يَتَيَمَّمُ لِفَرْضٍ قَبْلَ وَقْتِ فِعْلِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: 6] الْآيَةُ، وَالْقِيَامُ إلَيْهَا إنَّمَا هُوَ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا، فَخَرَجَ الْوُضُوءُ بِالدَّلِيلِ وَبَقِيَ التَّيَمُّمُ عَلَى ظَاهِرِهِ. وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَتُرَابُهَا طَهُورًا أَيْنَمَا أَدْرَكَتْنِي الصَّلَاةُ تَيَمَّمْت وَصَلَّيْت» وَلِأَنَّهُ قَبْلَ الْوَقْتِ مُسْتَغْنًى عَنْهُ فَلَمْ يَصِحَّ كَحَالِ وُجُودِ الْمَاءِ، وَلَا بُدَّ لِصِحَّتِهِ مِنْ مَعْرِفَةِ دُخُولِ الْوَقْتِ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا كَنَقْلِ التُّرَابِ الْمُقْتَرِنِ بِهِ نِيَّتُهُ، فَلَوْ تَيَمَّمَ شَاكًّا فِيهِ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ صَادَفَ الْوَقْتَ، وَلَا فَرْقَ فِي الْفَرْضِ بَيْنَ الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ فَوَقْتُ الْفَائِتَةِ بِتَذَكُّرِهَا، وَلَوْ تَذَكَّرَ فَائِتَةً فَتَيَمَّمَ لَهَا ثُمَّ صَلَّى بِهِ حَاضِرَةً أَوْ عَكَسَهُ جَازَ، وَيَتَيَمَّمُ لِجَمْعِ الْعَصْرِ مَعَ الظُّهْرِ تَقْدِيمًا عَقِبَ الظُّهْرِ فِي وَقْتِهَا، فَإِنْ دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَهَا بَطَلَ التَّيَمُّمُ وَلَا جَمْعَ لِزَوَالِ التَّبَعِيَّةِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ الْعَصْرِ لَكِنْ بَطَلَ الْجَمْعُ لِطُولِ الْفَصْلِ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ حَتَّى يُصَلِّيَ بِهِ فَرِيضَةً غَيْرَهَا وَنَافِلَةً، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ يَأْبَاهُ. قَالَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ اقْتَصَرُوا عَلَى بُطْلَانِ التَّيَمُّمِ بِدُخُولِ الْوَقْتِ، وَاَلَّذِي يَقْتَضِيه الْقِيَاسُ أَنَّ التَّأْخِيرَ الْمُبْطِلَ لِلتَّبَعِيَّةِ الْمَانِعَ مِنْ الْجَمْعِ يُبْطِلُ التَّيَمُّمَ أَيْضًا لِأَنَّهُ تَيَمَّمَ لَهَا قَبْلَ وَقْتِهَا لَكِنَّ التَّعْبِيرَ بِبُطْلَانِ التَّيَمُّمِ لَمْ يَذْكُرْهُ الرَّافِعِيُّ بَلْ كَلَامُهُ يَقْتَضِي بَقَاءَهُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ حَتَّى لَوْ صَلَّى بِهِ مَا ذُكِرَ صَحَّ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ الصَّوَابُ وَنَظَرَ فِيهِ الشَّيْخُ بِأَنَّ التَّيَمُّمَ إنَّمَا صَحَّ تَبَعًا عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ وَلِأَنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَسْتَبِيحَ بِالتَّيَمُّمِ غَيْرَ مَا نَوَاهُ دُونَ مَا نَوَاهُ، وَالْأَوْجَهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي ـــــــــــــــــــــــــــــSيَتَيَمَّمُ بِعَدَدِ الْمَنْسِيِّ وَيُصَلِّي بِكُلِّ تَيَمُّمٍ عَدَدَ غَيْرِ الْمَنْسِيِّ بِزِيَادَةِ وَاحِدٍ، فَفِيمَا لَوْ نَسِيَ صَلَاتَيْنِ يَتَيَمَّمُ تَيَمُّمَيْنِ وَيُصَلِّي بِكُلِّ تَيَمُّمٍ عَدَدَ غَيْرِ الْمَنْسِيِّ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ بِزِيَادَةِ وَاحِدَةٍ فَتَصِيرُ الْجُمْلَةُ أَرْبَعَةً بِكُلِّ تَيَمُّمٍ وَمَجْمُوعُهَا ثَمَانِيَةٌ، وَمِنْهَا كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنْ تَزِيدَ فِي عَدَدِ الْمَنْسِيِّ فِيهِ مَا لَا يَنْقُصُ عَمَّا يَبْقَى مِنْ الْمَنْسِيِّ فِيهِ بَعْدَ إسْقَاطِ الْمَنْسِيِّ وَتَقْسِمَ الْمَجْمُوعَ صَحِيحًا صَحِيحًا عَلَيْهِ، فَفِي الْمِثَالِ: الْمَنْسِيُّ اثْنَانِ تُزَادُ عَلَى الْمَنْسِيِّ فِيهِ ثَلَاثَةٌ وَهِيَ أَوَّلُ عَدَدٍ يُوجَدُ فِيهِ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ، وَالْمَجْمُوعُ وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ يَنْقَسِمُ عَلَى الِاثْنَيْنِ صَحِيحًا، وَعَلَى الْعِبَارَاتِ كُلِّهَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَتْرُكَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ مَا بَدَأَ بِهِ فِي الْمَرَّةِ قَبْلَهَا كَمَا عُرِفَ (قَوْلُهُ: فَفِي نِسْيَانِ صَلَاتَيْنِ إلَخْ) أَيْ وَفِي نِسْيَانِ ثَلَاثِ صَلَوَاتٍ تَضْرِبُ ثَلَاثَةً فِي خَمْسَةٍ بِخَمْسَةَ عَشَرَ، ثُمَّ تَزِيدُ عَدَدَ الْمَنْسِيِّ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ تَصِيرُ الْجُمْلَةُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ تَسْقُطُ مِنْهَا تِسْعَةٌ وَهِيَ الْحَاصِلَةُ مِنْ ضَرْبِ الْمَنْسِيِّ فِي نَفْسِهِ تَبْقَى تِسْعَةٌ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي نِسْيَانِ أَرْبَعٍ. (قَوْلُهُ بِتَيَمُّمَيْنِ) وَلَا يَكْفِيه الْعَمَلُ بِالطَّرِيقَةِ السَّابِقَةِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمَنْسِيَّتَانِ صُبْحَيْنِ أَوْ عِشَاءَيْنِ وَهُوَ إنَّمَا فَعَلَ وَاحِدًا مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ إعَادَتُهَا) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ وُضُوءِ الِاحْتِيَاطِ أَنَّهُ مُقَصِّرٌ ثُمَّ لِإِمْكَانِ إتْيَانِهِ بِالظُّهْرِ الْمُتَيَقَّنِ بِإِبْطَالِ وُضُوئِهِ بِالْمَسِّ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا وَبِأَنَّهُ فِي وُضُوءِ الِاحْتِيَاطِ مُتَبَرِّعٌ بِالطُّهْرِ وَهَا هُنَا مُلْزَمٌ بِالصَّلَاةِ ثُمَّ رَأَيْت الْفَرْقَ الْأَوَّلَ فِي حَجّ. (قَوْلُهُ ثُمَّ صَلَّى بِهِ حَاضِرَةً) أَيْ وَلَوْ كَانَ التَّيَمُّمُ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الْحَاضِرَةِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَوْ عَكْسُهُ) بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ أَيْ حَصَلَ عَكْسُهُ أَوْ كَانَ الْمُصَلَّى عَكْسَهُ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ) هُوَ قَوْلُهُ لِزَوَالِ التَّبَعِيَّةِ (قَوْلُهُ: يَبْطُلُ التَّيَمُّمُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي) ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بِخِلَافِ مَا لَوْ تَيَمَّمَ لِفَائِتَةٍ قَبْلَ وَقْتِ الْحَاضِرَةِ فَإِنَّهَا تُبَاحُ بِهِ؛ وَفَرَّقَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهُ ثَمَّ اسْتَبَاحَ مَا نَوَى فَاسْتَبَاحَ غَيْرَهُ بَدَلًا وَهُنَا لَمْ يَسْتَبِحْ مَا نَوَى بِالصِّفَةِ الَّتِي نَوَى فَلَمْ يَسْتَبِحْ غَيْرَهُ، وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ الْمَنْذُورَةَ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ وَالْجِنَازَةَ وَيَدْخُلُ وَقْتُهَا بِتَمَامِ طُهْرِ الْمَيِّتِ مِنْ غُسْلٍ أَوْ تَيَمُّمٍ وَإِنْ لَمْ يُكَفَّنْ. نَعَمْ يُكْرَهُ التَّيَمُّمُ قَبْلَهُ، وَهَلْ الْمُرَادُ الْغَسْلَةُ الْوَاجِبَةُ وَإِنْ أُرِيدَ غَسَّلَهُ ثَلَاثًا أَوْ تَمَامَ الثَّلَاثِ. قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: الظَّاهِرُ الثَّانِي لَكِنَّ قَوْلَ الْحِجَازِيِّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَقْتُ الْجِنَازَةِ تَمَامُ الْغُسْلِ الْوَاجِبِ يُخَالِفُهُ وَهُوَ الْأَوْجُهُ، وَلَوْ مَاتَ شَخْصٌ بَعْدَ تَيَمُّمِهِ لِجِنَازَةٍ جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ لِمَا تَقَدَّمَ، وَلَوْ تَيَمَّمَ مَنْ أَرَادَ تَأْخِيرَ الظُّهْرِ لِلْعَصْرِ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ جَازَ أَوْ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ فَكَذَا أَيْضًا لِأَنَّهُ وَقْتُهَا أَصَالَةً، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَيَمَّمَ لِلْعَصْرِ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِعَدَمِ دُخُولِ وَقْتِهَا، وَلَوْ تَيَمَّمَ لِمَقْصُورَةٍ فَصَلَّى بِهِ تَامَّةً جَازَ، وَلَوْ تَيَمَّمَ لِلْخُطْبَةِ بَعْدَ الزَّوَالِ صَحَّ أَوْ قَبْلَهُ فَلَا، أَوْ لِلْجُمُعَةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ جَازَ لِأَنَّ وَقْتَهَا دَخَلَ بِالزَّوَالِ، وَتَقَدُّمُ الْخُطْبَةِ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ فِعْلِهَا كَمَا لَوْ تَيَمَّمَ لِمَكْتُوبَةٍ مَثَلًا قَبْلَ سَتْرِ عَوْرَتِهِ أَوْ اجْتِهَادِهِ فِي الْقِبْلَةِ كَمَا مَرَّ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ تَيَمَّمَ الْخَطِيبُ أَوْ غَيْرُهُ قَبْلَ تَمَامِ الْعَدَدِ الَّذِي تَنْعَقِدُ بِهِ الْجُمُعَةُ. (وَكَذَا) (النَّفَلُ الْمُؤَقَّتُ) كَالرَّوَاتِبِ مَعَ الْفَرَائِضِ فَلَا يَتَيَمَّمُ لَهُ قَبْلَ وَقْتِهِ (فِي الْأَصَحِّ) قِيَاسًا عَلَى الْفَرْضِ وَأَوْقَاتُ النَّوَافِلِ الْمُؤَقَّتَةِ مُقَرَّرَةٌ فِي أَبْوَابِهَا، وَوَقْتُ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ دُخُولُهُ لَهُ، وَصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ لِمُرِيدِهَا جَمَاعَةً الِاجْتِمَاعُ لَهَا، وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ اجْتِمَاعُ الْمُعْظَمِ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَهَا مُنْفَرِدًا تَيَمَّمَ عِنْدَ إرَادَةِ فِعْلِهَا، وَظَاهِرُ أَنَّهُ يُلْحَقُ بِهَا فِي ذَلِكَ صَلَاةُ الْكُسُوفَيْنِ فَيَدْخُلُ الْوَقْتُ لِمَنْ أَرَادَهَا وَحْدَهُ بِمُجَرَّدِ التَّغَيُّرِ وَمَعَ النَّاسِ بِاجْتِمَاعِ مُعْظَمِهِمْ. وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ التَّوَقُّفُ عَلَى الِاجْتِمَاعِ مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ مَنْ أَرَادَ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ أَوْ الْعِيدِ فِي جَمَاعَةٍ لَا يَتَيَمَّمُ إلَّا بَعْدَ الِاجْتِمَاعِ وَلَا قَائِلَ بِهِ يَرُدُّ بِالْفَرْقِ، إذْ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ مُؤَقَّتَةٌ بِمَعْلُومٍ وَهُوَ مِنْ فَرَاغِ الْغُسْلِ إلَى الدَّفْنِ، وَالْعِيدُ وَقْتُهَا مَحْدُودُ الطَّرَفَيْنِ كَالْمَكْتُوبَةِ فَلَمْ يَتَوَقَّفَا عَلَى اجْتِمَاعٍ وَإِنْ أَرَادَهُ، بِخِلَافِ الِاسْتِسْقَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ مِنْ كَوْنِ الْقِيَاسِ أَنَّ التَّأْخِيرَ الْمُبْطِلَ لِلتَّبَعِيَّةِ الْمَانِعَةِ مِنْ الْجَمْعِ يُبْطِلُ التَّيَمُّمَ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا) أَيْ الْحَاضِرَةُ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ ثَمَّ اسْتَبَاحَ) أَيْ فِي الْفَائِتَةِ (قَوْلُهُ وَهُنَا) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْجَمْعِ (قَوْلُهُ: فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ) أَيْ فَلَا يَتَيَمَّمُ قَبْلَ مَجِيئِهِ (قَوْلُهُ: قَبْلَهُ) أَيْ التَّكْفِينِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ الْمُرَادُ الْغِسْلَةُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: بَعْدَ تَيَمُّمِهِ) أَيْ تَيَمُّمِ الْحَيِّ (قَوْلُهُ جَازَ لَهُ) أَيْ الْمُتَيَمِّمِ (قَوْلُهُ: أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: لِمَا تَقَدَّمَ) أَيْ فِيمَا لَوْ تَيَمَّمَ لِفَائِتَةٍ ثُمَّ دَخَلَ وَقْتُ الْحَاضِرَةِ مِنْ قَوْلِهِ: وَفَرَّقَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِلْعَصْرِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَأْخِيرٍ، (قَوْلُهُ: فِي وَقْتِ الْعَصْرِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَلَوْ تَيَمَّمَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ) أَيْ مِثْلُ التَّيَمُّمِ لِلْجُمُعَةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ فِي عَدَمِ الضَّرَرِ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ وَقْتِهِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ التَّعْبِيرَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِوَقْتِ الْفِعْلِ لَيْسَ قَيْدًا، فَتَصِحُّ نِيَّةُ اسْتِبَاحَةِ سُنَّةِ الظُّهْرِ الْبَعْدِيَّةِ قَبْلَ فِعْلِ الظُّهْرِ لِدُخُولِ وَقْتِهَا الزَّمَانِيِّ (قَوْلُهُ: عِنْدَ إرَادَةِ فِعْلِهَا) أَيْ ثَمَّ لَوْ عَنَّ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا مَعَهُمْ أَوْ صَلَّاهَا مُنْفَرِدًا ثُمَّ أَرَادَ إعَادَتَهَا مَعَ الْجَمَاعَةِ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ لَمْ يَمْتَنِعْ (قَوْلُهُ: وَمَعَ النَّاسِ إلَخْ) وَأَرَادَ الْخُرُوجَ مَعَهُمْ إلَى الصَّحْرَاءِ وَجَبَ تَأْخِيرُ التَّيَمُّمِ إلَيْهَا عَلَى الْأَوْجَهِ كَمَا لَا يَتَيَمَّمُ لِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ إلَّا بَعْدَ دُخُولِهِ اهـ شَرْحُ الْإِرْشَادِ. وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ مَعَهُمْ أَنَّهُ لَوْ تَأَخَّرَ عَنْ مُوَافَقَتِهِمْ فِي الْخُرُوجِ إلَى وَقْتٍ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ اجْتِمَاعُ الْمُعَظِّمِ فِي الصَّحْرَاءِ جَوَازُ التَّيَمُّمِ لَهُ قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْ بَيْتِهِ مَثَلًا، وَلَا يُشْتَرَطُ وُصُولُهُ إلَى الصَّحْرَاءِ وَهُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ: مُؤَقَّتَةٌ بِمَعْلُومٍ) اعْتَرَضَ سم عَلَى حَجّ فَقَالَ: قَوْلُهُ مُؤَقَّتَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ مَاتَ شَخْصٌ بَعْدَ تَيَمُّمِهِ) أَيْ: الْمُتَيَمِّمُ (قَوْلُهُ: إذْ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ مُؤَقَّتَةٌ بِمَعْلُومٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ صَلَاةَ الْخُسُوفَيْنِ مُؤَقَّتَةٌ بِمَعْلُومٍ أَيْضًا، وَهُوَ مِنْ التَّغَيُّرِ إلَى الِانْجِلَاءِ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ. فَإِنْ قِيلَ: الِانْجِلَاءُ غَيْرُ مَعْلُومِ الْوَقْتِ فَقَدْ يَتَقَدَّمُ وَقَدْ يَتَأَخَّرُ. قُلْنَا: كَذَلِكَ الدَّفْنُ بِالنِّسْبَةِ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الدَّفْنَ مُتَعَلِّقٌ بِالِاخْتِيَارِ وَلَا كَذَلِكَ الِانْجِلَاءُ، ثُمَّ رَأَيْت الشِّهَابَ ابْنَ قَاسِمٍ ذَهَبَ إلَى نَحْوِ ذَلِكَ إلَّا مَا ذَكَرْته آخِرًا

وَالُكُسُوفَيْنِ إذْ لَا نِهَايَةَ لِوَقْتِهِمَا مَعْلُومَةٌ فَنَظَرَ فِيهِمَا لِمَا عَزَمَ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي يَجُوزُ قَبْلَهُ لِأَنَّ أَمَرَهُ أَوْسَعُ، وَلِهَذَا جَازَ الْجَمْعُ بَيْنَ نَوَافِلَ. وَخَرَجَ بِالْمُؤَقَّتِ النَّفَلُ الْمُطْلَقُ وَمَا تَأَخَّرَ سَبَبُهُ أَبَدًا فَيَتَيَمَّمُ لَهُ مَتَى شَاءَ إلَّا فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ فَلَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ لَهُ. وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا إذَا تَيَمَّمَ فِي وَقْتِهَا لِيُصَلِّيَ فِيهِ، فَلَوْ تَيَمَّمَ فِيهِ لِيُصَلِّيَ مُطْلَقًا أَوْ فِي غَيْرِهِ فَلَا يَنْبَغِي مَنْعُهُ، وَلَوْ تَيَمَّمَ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ لِيُصَلِّيَ فِيهِ لَمْ يَصِحَّ. لَا يُقَالُ هِيَ مُؤَقَّتَةٌ أَيْضًا بِمُقْتَضَى مَا تَقَرَّرَ فَيَصِحُّ التَّيَمُّمُ لَهَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: مُرَادُنَا بِالْمُؤَقَّتِ مَا لَهُ وَقْتٌ مَحْدُودُ الطَّرَفَيْنِ. وَالْمُطْلَقَةُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ لِأَنَّ مَا عَدَا وَقْتَ الْكَرَاهَةِ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ لِمَا يَأْتِي أَنَّ مِنْهُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْفِعْلِ وَهُوَ قَدْ يَزِيدُ وَقَدْ يَنْقُصُ. ثُمَّ شَرَعَ فِي الْحُكْمِ الثَّالِثِ وَهُوَ وُجُوبُ الْقَضَاءِ فَقَالَ (وَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا) لِكَوْنِهِ فِي مَوْضِعٍ لَيْسَا فِيهِ، أَوْ وَجَدَهُمَا وَمَنَعَ مِنْ اسْتِعْمَالِهِمَا مَانِعٌ مِنْ نَحْوِ حَاجَةِ عَطَشٍ فِي الْمَاءِ أَوْ نَدَاوَةٍ فِي التُّرَابِ مَانِعَةٍ مِنْ وُصُولِ الْغُبَارِ لِلْعُضْوِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ تَجْفِيفُهُ بِنَحْوِ نَارٍ (لَزِمَهُ فِي الْجَدِيدِ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرْضَ) الْأَدَاءَ وَلَوْ جُمُعَةً، لَكِنَّهُ لَا يُحْسَبُ مِنْ الْأَرْبَعِينَ لِنَقْصِهِ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ لِقَوْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِمَعْلُومٍ إلَخْ قَدْ يُنْظَرُ فِيهِ بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ مَعْلُومٌ بِالْوَصْفِ، بِمَعْنَى أَنَّ بِدَايَتَهُ مَعْلُومَةٌ بِالْوَصْفِ وَهُوَ فَرَاغُ الْغُسْلِ، وَنِهَايَتَهُ مَعْلُومَةٌ بِالْوَصْفِ وَهُوَ الدَّفْنُ فَالِاسْتِقَاء وَالْكُسُوفُ كَذَلِكَ، لِأَنَّ بِدَايَةَ الْأَوَّلِ مَعْلُومَةٌ بِالْوَصْفِ وَهُوَ انْقِطَاعُ الْمَاءِ مَعَ الْحَاجَةِ، وَنِهَايَتَهُ مَعْلُومَةٌ بِالْوَصْفِ وَهُوَ حُصُولُ السُّقْيَا، وَبِدَايَةَ الثَّانِي مَعْلُومَةٌ بِالْوَصْفِ وَهُوَ التَّغَيُّرُ، وَنِهَايَتَهُ مَعْلُومَةٌ بِالْوَصْفِ وَهُوَ زَوَالُ التَّغَيُّرِ. وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ مَعْلُومٌ بِالشَّخْصِ بِمَعْنَى أَنَّ وَقْتَ بِدَايَتِهِ وَنِهَايَتِهِ مُتَعَيِّنَانِ لَا يَتَقَدَّمَانِ وَلَا يَتَأَخَّرَانِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ. وَقَوْلُهُ الْآتِي إذْ لَا نِهَايَةَ لِوَقْتِهِمَا مَعْلُومَةٌ. يُقَالُ عَلَيْهِ إنْ أُرِيدَ أَنَّهَا غَيْرُ مَعْلُومَةٍ بِالْوَصْفِ فَمَمْنُوعٌ أَوْ بِالشَّخْصِ فَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ كَذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الدَّفْنَ لَمَّا كَانَ وَقْتُهُ مَعْلُومًا بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ وَهُوَ مَا يُرِيدُونَ دَفْنَهُ فِيهِ نَزَلَ مَنْزِلَةَ الْمَعْلُومِ لِكَوْنِهِ مَوْكُولًا إلَى فِعْلِهِمْ وَلَا كَذَلِكَ الِاسْتِسْقَاءُ وَنَحْوُهُ (قَوْلُهُ وَمَا تَأَخَّرَ سَبَبُهُ) كَرَكْعَتِي الْإِحْرَامِ وَالِاسْتِخَارَةِ وَمَنْ أَرَادَ السَّفَرَ (قَوْلُهُ: أَنَّ مَحَلَّهُ) أَيْ مَحَلُّ قَوْلِهِ فَلَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ لَهُ (قَوْلُهُ: لَا يُقَالُ) وَارِدٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَلَوْ تَيَمَّمَ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ لِيُصَلِّيَ إلَخْ (قَوْلُهُ: هِيَ) أَيْ النَّافِلَةَ الْمُطْلَقَةَ (قَوْلُهُ مَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهَا فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ فَكَأَنَّهَا مُؤَقَّتَةٌ بِغَيْرِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُمْكِنْهُ تَجْفِيفُهُ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ أَمْكَنَهُ وَجَبَ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِهِ جِرَاحَةٌ فِي يَدَيْهِ فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثُمَّ أَرَادَ التَّيَمُّمَ عَنْ جِرَاحَةِ الْيَدَيْنِ أَنَّهُ يُكَلَّفُ تَنْشِيفَ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ قَبْلَ أَخْذِ التُّرَابِ، لِأَنَّهُ إنْ أَخَذَهُ مَعَ بَلَلِ يَدَيْهِ صَارَ كَالتُّرَابِ النَّدِيِّ الْمَأْخُوذِ مِنْ الْأَرْضِ فَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ بِهِ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ. وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ تَكْلِيفِهِ تَنْشِيفُ الْوَجْهِ مَا لَمْ يَقِفْ فِي مَهَبِّ الرِّيحِ، فَإِنْ وَقَفَ فِيهِ وَحَرَّكَ وَجْهَهُ لِأَخْذِ التُّرَابِ مِنْ الْهَوَاءِ فَلَا لِوُصُولِ التُّرَابِ إلَى جَمِيعِ أَجْزَاءِ الْوَجْهِ فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ لَا يَحْسِبُ مِنْ الْأَرْبَعِينَ لِنَقْصِهِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ تَيَمَّمَ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ فَلَا يُحْسَبُ مِنْ الْأَرْبَعِينَ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُصَلِّي لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَيَقْضِي بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ) مُتَعَلِّقٌ بِيُصَلِّي فَهُوَ عِلَّةٌ لِلْمُقَيَّدِ مَعَ قَيْدِهِ فَالْمُقَيَّدُ وَهُوَ الْفَرْضُ وَقَوْلُهُ مَعَ قَيْدِهِ وَهُوَ الْأَدَاءُ وَقَوْلُهُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَا يُقَالُ: إلَخْ) هَذَا وَارِدٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَلَوْ تَيَمَّمَ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ لِيُصَلِّيَ فِيهِ لَمْ يَصِحَّ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهَا مُؤَقَّتَةٌ بِغَيْرِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ، وَالْمُؤَقَّتُ يَصِحُّ التَّيَمُّمُ لَهُ فِي وَقْتِهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَصَلَّاهُ فِي وَقْتِهِ أَمْ فِي غَيْرِهِ، وَهُوَ إذَا تَيَمَّمَ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ لِيُصَلِّيَ فِيهِ كَمَنْ يَتَيَمَّمُ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ لِيُصَلِّيَ بِهِ وَقْتَ الْمَغْرِبِ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ مَنْعُ كَوْنِهَا مُؤَقَّتَةً (قَوْلُهُ: هِيَ مُؤَقَّتَةٌ) الضَّمِيرُ لِلنَّفْلِ الْمُطْلَقِ بِالتَّأْوِيلِ

[الحكم الثالث وجوب القضاء لمن لم يجد ماء ولا ترابا]

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» فَإِنْ كَانَ جُنُبًا وَجَبَ عَلَيْهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، وَصَلَاتُهُ مُتَّصِفَةٌ بِالصِّحَّةِ فَتَبْطُلُ بِمَا يَبْطُلُ بِهِ غَيْرُهَا مِنْ بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ وَلَوْ بِسَبْقِ الْحَدَثِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ صَلَاتِهِ ضِيقُ الْوَقْتِ، بَلْ إنَّمَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ مَا دَامَ يَرْجُو أَحَدَ الطَّهُورَيْنِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَيُعِيدُ) إذَا وَجَدَ الْمَاءَ أَوْ التُّرَابَ بِمَحَلٍّ تَسْقُطُ بِهِ الصَّلَاةُ وَإِلَّا حَرُمَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا، وَإِنَّمَا وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ لِأَنَّهُ عُذْرٌ نَادِرٌ. وَالثَّانِي تَجِبُ الصَّلَاةُ بِلَا إعَادَةٍ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِهَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ وَهُوَ مُطَرَّدٌ فِي كُلِّ صَلَاةٍ أُدِّيَتْ فِي الْوَقْتِ مَعَ خَلَلٍ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُزَنِيِّ، وَاخْتَارَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لِأَنَّهُ أَدَّى وَظِيفَةَ الْوَقْتِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ الْقَضَاءُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ شَيْءٌ، وَلَوْ رَأَى أَحَدَ الطَّهُورَيْنِ فِي أَثْنَاءِ هَذِهِ الصَّلَاةِ بَطَلَتْ، وَتَجِبُ الْإِعَادَةُ عَلَى مَنْ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ يَخَافُ مِنْ غَسْلِهَا مُبِيحُ تَيَمُّمٍ أَوْ حَبْسٌ عَلَيْهَا وَكَانَ لَوْ سَجَدَ لَسَجَدَ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يُصَلِّي وُجُوبًا إيمَاءً بِأَنْ يَنْحَنِيَ لَهُ بِحَيْثُ لَوْ زَادَ أَصَابَهَا وَيُعِيدُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ وَالْمَجْمُوعِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَخَرَجَ بِالْفَرْضِ النَّفَلُ فَلَيْسَ لِمَنْ ذُكِرَ فِعْلُهَا إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهَا، وَلَوْ كَانَ حَدَثُهُ أَكْبَرَ امْتَنَعَ عَلَيْهِ مَسُّ الْمُصْحَفِ وَحَمْلُهُ وَالْجُلُوسُ فِي الْمَسْجِدِ وَقِرَاءَةُ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ سِوَى الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ كَمَا مَرَّ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ كَالنَّفْلِ فِي أَنَّهَا تُؤَدَّى مَعَ مَكْتُوبَةٍ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ، وَقِيَاسُهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ لَا يُصَلُّونَهَا وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَزِمَهُ أَنْ يُصَلِّيَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَجَبَ عَلَيْهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ نَعَمْ فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ فَقَطْ حَتْمًا فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ نَصُّهَا: قَالَ فِي الْإِسْعَادِ: وَهَلْ يَلْحَقُ بِالْفَاتِحَةِ آيَةُ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَالسُّورَةُ الْمُعَيَّنَةُ الْمَنْذُورَةُ كُلَّ يَوْمٍ لِفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ يَوْمًا بِكَمَالِهِ لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْإِرْشَادِ نَعَمْ وَهُوَ مُتَّجَهٌ فِي آيَةِ الْخُطْبَةِ، وَفِيهِ فِي السُّورَةِ الْمَنْذُورَةِ تَرَدُّدٌ إذْ النَّذْرُ يُسْلَكُ بِهِ مَسْلَكُ جَائِزِ الشَّرْعِ، وَالْأَوْجَهُ إلْحَاقُهَا بِمَا قَبْلَهَا، إذْ مَا ذُكِرَ فِي التَّرَدُّدِ خِلَافُ الْأَصْلِ اهـ. أَقُولُ: وَبَقِيَ مَا لَوْ قَرَأَ بِقَصْدِ الْقُرْآنِ مَعَ الْجَنَابَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ هَلْ تُجْزِئُهُ الْقِرَاءَةُ مَعَ حُرْمَةِ ذَلِكَ كَالصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ أَوْ لَا أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي الْإِجَارَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِقِرَاءَةِ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ وَأَجْنَبَ فِيهِ فَقَرَأَ وَهُوَ جُنُبٌ حَيْثُ قَالُوا لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْقِرَاءَةِ الثَّوَابُ وَقِرَاءَتُهُ لَا ثَوَابَ فِيهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِمَا ذُكِرَ، وَلَيْسَ هَذَا كَالصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ لِأَنَّ تِلْكَ لَهَا جِهَتَانِ كَوْنُهَا صَلَاةً وَلَيْسَتْ مَنْهِيًّا عَنْهَا مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ، وَكَوْنُهَا شُغْلًا لِمِلْكِ الْغَيْرِ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَلَوْ بِغَيْرِ صَلَاةٍ فَلَيْسَتْ الْحُرْمَةُ مِنْ جِهَةِ الصَّلَاةِ، بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ الْحُرْمَةَ مِنْ جِهَةِ الْقِرَاءَةِ (قَوْلُهُ لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) هُوَ الْإِسْنَوِيُّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ هَذَا الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَأَى إلَخْ) أَيْ أَوْ تَوَهَّمَهُ كَمَا بَحَثَهُ شَيْخُنَا ابْنُ الرَّمْلِيِّ زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لِمَنْ ذُكِرَ) أَيْ مِنْ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَمَنْ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ أَوْ حُبِسَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: فَعَلَهَا) أَيْ صَلَاةَ النَّفْلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ حَدَثُهُ أَكْبَرَ) أَيْ فَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْقُرْآنِ) يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ خَافَ نِسْيَانَهُ لَوْ لَمْ يَقْرَأْ وَكَانَ لَا يَدْفَعُ خَوْفَ نِسْيَانِهِ إجْرَاؤُهُ عَلَى قَلْبِهِ (قَوْلُهُ: هَؤُلَاءِ) أَيْ فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ وَمَنْ بِبَدَنِهِ نَجَاسَةٌ أَوْ حُبِسَ بِمَكَانٍ نَجَسٍ (قَوْلُهُ: لَا يُصَلُّونَهَا) قَضِيَّةُ حَصْرِهِ فِيمَا ذُكِرَ أَنَّ غَيْرَهُمْ مِمَّنْ يَصِحُّ مِنْهُ الْفَرْضُ يَتَنَفَّلُ وَيَدْخُلُ فِيهِ مَنْ تَحَيَّرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْحُكْمِ الثَّالِثِ وُجُوبُ الْقَضَاءِ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا] قَوْلُهُ: وَالثَّانِي تَجِبُ الصَّلَاةُ بِلَا إعَادَةٍ) هُوَ أَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ فِي الْقَدِيمِ. وَالثَّانِي مِنْهَا نَدْبُ فِعْلِ الصَّلَاةِ لِلْفَاقِدِ الْمَذْكُورِ. وَالثَّالِثُ حُرْمَتُهُ مَعَ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: فِعْلُهَا) الضَّمِيرُ فِيهِ لِلنَّفْلِ بِالتَّأْوِيلِ

كَذَلِكَ إذَا حَصَلَ فَرْضُهَا بِغَيْرِهِمْ. وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ مَنْ صَلَّى هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَسْجُدُ فِيهَا لِتِلَاوَةٍ وَلَا سَهْوٍ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. أَمَّا فَاقِدُ السُّتْرَةِ فَلَهُ التَّنَفُّلُ لِعَدَمِ لُزُومِ الْإِعَادَةِ لَهُ كَدَائِمِ الْحَدَثِ وَنَحْوِهِ مِمَّنْ يَسْقُطُ فَرْضُهُ بِالصَّلَاةِ مَعَ وُجُودِ الْمُنَافِي وَإِنْ وَقَعَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا يُخَالِفُهُ. وَمُرَادُهُ بِالْإِعَادَةِ هُنَا الْقَضَاءُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ. (وَيَقْضِي الْمُقِيمُ الْمُتَيَمِّمُ) وُجُوبًا (لِفَقْدِ الْمَاءِ) لِأَنَّ فَقْدَهُ فِي الْإِقَامَةِ نَادِرٌ بِخِلَافِهِ فِي السَّفَرِ وَفِي قَوْلٍ لَا يَقْضِي (لَا الْمُسَافِرُ) الْمُتَيَمِّمُ لِفَقْدِ الْمَاءِ وَإِنْ كَانَ سَفَرُهُ قَصِيرًا لِعُمُومِ فَقْدِهِ فِيهِ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ رَجُلَيْنِ تَيَمَّمَا فِي سَفَرٍ وَصَلَّيَا ثُمَّ وَجَدَا الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ فَأَعَادَ أَحَدُهُمَا بِالْوُضُوءِ دُونَ الْآخَرِ. ثُمَّ ذَكَرَا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لِلَّذِي أَعَادَ: لَك الْأَجْرُ مَرَّتَيْنِ، وَلِلْآخَرِ: أَصَبْت السُّنَّةَ وَأَجْزَأَتْك صَلَاتُك» وَتَعْبِيرُهُمْ بِمَكَانِ التَّيَمُّمِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ عَدَمِ اخْتِلَافِ مَكَانِ التَّيَمُّمِ وَالصَّلَاةِ بِهِ فِي نُدْرَةِ فَقْدِ الْمَاءِ وَعَدَمِ نُدْرَتِهِ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ فَالِاعْتِبَارُ حِينَئِذٍ بِمَكَانِ الصَّلَاةِ بِهِ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَلَوْ دَخَلَ الْمُسَافِرُ فِي طَرِيقِهِ قَرْيَةً وَعَدِمَ الْمَاءَ وَصَلَّى بِالتَّيَمُّمِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي الْقِبْلَةِ وَالْمَرْبُوطُ عَلَى خَشَبَةٍ وَنَحْوُهُمَا، وَفِيهِ بُعْدٌ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يُصَلُّونَ لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ لِلنَّفْلِ (قَوْلُهُ إذَا حَصَلَ فَرْضُهَا بِغَيْرِهِمْ) كَذَا فِي نُسْخَةٍ، وَيَشْكُلُ عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ أَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ حَيْثُ كَانَتْ كَالنَّفْلِ فَحَقُّهَا أَلَّا يُصَلُّوهَا مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ هَذِهِ فَرْضٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَشْبِيهِهَا بِالنَّفْلِ إعْطَاؤُهَا حُكْمَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (قَوْلُهُ: مِمَّا ذُكِرَ) هُوَ قَوْلُهُ إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ مَأْمُومًا وَإِلَّا وَجَبَ لِلْمُتَابَعَةِ (قَوْلُهُ: لُزُومُ الْإِعَادَةِ لَهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ مَنْ تَيَمَّمَ فِي مَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ لَا يَتَنَفَّلُ، وَصَرِيحُ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ وَجَدَهُ فِي صَلَاةٍ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا لَا تَسْقُطُ إلَخْ خِلَافُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: الْقَضَاءُ) الْأَوْلَى مَا يَشْمَلُ الْقَضَاءَ لِأَنَّهُ لَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ عَدَمُ وُجُودِ مَاءٍ أَوْ تُرَابٍ فِيهِ صَلَّى أَوَّلَهُ، ثُمَّ إنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا فِي الْوَقْتِ عَلَى خِلَافِ ظَنِّهِ وَجَبَ فِعْلُهَا فِيهِ. (قَوْلُهُ: لِفَقْدِ الْمَاءِ) وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ كَانَ بِمَحَلٍّ مَاؤُهُ قَرِيبٌ بِحَيْثُ لَوْ حَفَرَ الْأَرْضَ حَصَلَ الْمَاءُ هَلْ يُكَلَّفُ ذَلِكَ، وَلَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ حِينَئِذٍ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ لَائِقٍ بِهِ الْحَفْرُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَإِنْ لَمْ يَلِقْ بِهِ الْحَفْرُ، لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا يُغْتَفَرُ فِي جَانِبِ الْعِبَادَةِ (قَوْلُهُ: جَرَى عَلَى الْغَالِبِ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ الْإِحْرَامُ بِالصَّلَاةِ إذَا انْتَقَلَ فِي بَقِيَّتِهَا إلَى مَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْفَقْدُ (قَوْلُهُ: فَالِاعْتِبَارُ إلَخْ) . [تَنْبِيهٌ] إذَا اعْتَبَرْنَا مَحَلَّ الصَّلَاةِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ فِي زَمَنِ الصَّلَاةِ حَتَّى لَوْ وَقَعَتْ فِي صَيْفٍ وَكَانَ الْغَالِبُ فِي صَيْفِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ الْعَدَمَ وَفِي شِتَائِهِ الْوُجُودَ فَلَا قَضَاءَ. وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ وَجَبَ الْقَضَاءُ أَوْ فِي جَمِيعِ الْعَامِ أَوْ غَالِبِهِ أَوْ جَمِيعِ الْعُمْرِ أَوْ غَالِبِهِ. فِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ الْأَوْجَهَ الْأَوَّلُ. وَعَلَيْهِ فَلَوْ غَلَبَ الْوُجُودُ صَيْفًا وَشِتَاءً فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ لَكِنْ غَلَبَ الْعَدَمُ فِي خُصُوصِ ذَلِكَ الصَّيْفِ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فَيَسْقُطُ الْقَضَاءُ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَلَا يَبْعُدُ اعْتِبَارُهُ وَيَجْرِي جَمِيعُ ذَلِكَ فِي مَحَلِّ التَّيَمُّمِ إذَا اعْتَبَرْنَاهُ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَمَا ذُكِرَ أَنَّهُ الْأَقْرَبُ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ حَجّ: وَقْتُ التَّيَمُّمِ وَهُوَ مُرَادُ الشَّرْحِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ إلَّا فِي كَوْنِ الْمَكَانِ مُعْتَبَرًا فِيهِ التَّيَمُّمُ أَوْ الصَّلَاةُ، وَمِنْهُ يُسْتَفَادُ أَنَّ مَنْ سَافَرَ إلَى بَلْدَةٍ وَأَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ بِمَفَازَةٍ بِطَرِيقِهَا لَا مَاءَ فِي تِلْكَ الْمَفَازَةِ لَا فِي الْمَكَانِ الَّذِي أَرَادَ الصَّلَاةَ فِيهِ وَلَا فِيمَا حَوْلَهُ إلَى حَدٍّ يَجِبُ تَحْصِيلُ الْمَاءِ مِنْهُ وَهُوَ حَدُّ الْقُرْبِ إذَا صَلَّى فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ بِالتَّيَمُّمِ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَ الْغَالِبُ عَدَمَ وُجُودِ الْمَاءِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. وَيُسْتَفَادُ أَيْضًا أَنَّ مَا بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْفَقْدِ أَوْ الْوُجُوبِ بِغَالِبِ السَّنَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمُرَادُهُ بِالْإِعَادَةِ هُنَا الْقَضَاءُ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ: بَلْ مُرَادُهُ مَا يَشْمَلُ الْأَمْرَيْنِ فَيَلْزَمُهُ فِعْلُهَا فِي الْوَقْتِ إنْ وُجِدَ مَا مَرَّ فِيهِ وَإِلَّا فَخَارِجَهُ (قَوْلُهُ وَتَعْبِيرُهُمْ بِمَكَانِ التَّيَمُّمِ إلَخْ) كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُمَهِّدَ لِهَذَا مَا يُرَتِّبَهُ عَلَيْهِ

وَجَبَ الْقَضَاءُ، فَالتَّعْبِيرُ بِالْإِقَامَةِ وَالسَّفَرِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ إذْ الْمَدَارُ فِي الْقَضَاءِ عَلَى نُدْرَةِ فَقَدْ الْمَاءِ لَا بِالْإِقَامَةِ. وَفِي عَدَمِهِ عَلَى كَثْرَةِ فَقْدِ الْمَاءِ لَا بِالسَّفَرِ، أَوْ أَقَامَ فِي مَفَازَةٍ وَطَالَتْ إقَامَتُهُ وَصَلَاتُهُ بِالتَّيَمُّمِ فَلَا قَضَاءَ، وَلَوْ اسْتَوَى الْوُجُودُ وَالْعَدَمُ فَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ الْقَضَاءِ (إلَّا الْعَاصِي بِسَفَرِهِ فِي الْأَصَحِّ) كَعَبْدٍ آبِقٍ وَامْرَأَةٍ نَاشِزَةٍ، لِأَنَّ عَدَمَ الْقَضَاءِ رُخْصَةٌ فَلَا يُنَاطُ بِسَفَرِ الْمَعْصِيَةِ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا لَزِمَهُ فِعْلُهُ خَرَجَ عَنْ مُضَاهَاةِ الرُّخَصِ الْمَحْضَةِ، قَالَهُ الْإِمَامُ. قِيلَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْوَاجِبَ لَيْسَ بِرُخْصَةٍ مَحْضَةٍ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ السُّبْكِيُّ: هُوَ رُخْصَةٌ مِنْ حَيْثُ قِيَامُ سَبَبِ الْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ، وَعَزِيمَةٌ مِنْ حَيْثُ وُجُوبُهُ وَتَحَتُّمُهُ اهـ. وَبِهِ يُجْمَعُ بَيْنَ مَنْ عَبَّرَ فِي أَكْلِ الْمُضْطَرِّ الْمَيِّتَةَ بِأَنَّهُ رُخْصَةٌ، وَمَنْ عَبَّرَ بِأَنَّهُ عَزِيمَةٌ. وَأَمَّا تَرَدُّدُ الْإِمَامِ فِي مَوْضِعٍ أَنَّ الْوُجُوبَ هَلْ يُجَامِعُ الرُّخْصَةَ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ هَلْ يُجَامِعُ الرُّخْصَةَ الْمَحْضَةَ. وَقَدْ يُقَالُ: الْأَوْجَهُ مَا صَرَّحَ بِهِ كَلَامُهُمْ أَنَّ الْوُجُوبَ يُجَامِعُ الرُّخْصَةَ الْمَحْضَةَ وَأَنَّهُ لَا يُنَافِي تَغَيُّرَهَا إلَى سُهُولَةٍ، لِأَنَّ الْوُجُوبَ فِيهَا لَمَّا كَانَ مُوَافِقًا لِغَرَضِ النَّفْسِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ أَخَفُّ عَلَيْهَا مِنْ الْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ غَالِبًا لَمْ يَكُنْ مُنَافِيًا لَهَا لِمَا فِيهَا مِنْ التَّسْهِيلِ، وَيَصِحُّ تَيَمُّمُهُ فِيهِ إنْ فَقَدَ الْمَاءَ حِسًّا لَا شَرْعًا لِنَحْوِ مَرَضٍ وَعَطَشٍ. فَلَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ حَتَّى يَتُوبَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى زَوَالِ مَانِعِهِ بِالتَّوْبَةِ، وَلَوْ عَصَى بِالْإِقَامَةِ بِمَحِلٍّ لَا يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ وَتَيَمَّمَ لِفَقْدِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَضَاءُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلًّا لِلرُّخْصَةِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ حَتَّى يَفْتَرِقَ الْحَالُ بَيْنَ الْعَاصِي وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ السَّفَرِ. فَانْدَفَعَ مَا لِلسُّبْكِيِّ هُنَا وَخَرَجَ الْعَاصِي فِي سَفَرِهِ كَأَنْ زَنَى أَوْ سَرَقَ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْمُرَخَّصَ غَيْرُ مَا بِهِ الْمَعْصِيَةِ. وَالثَّانِي لَا يَقْضِي لِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ صَارَ عَزِيمَةً، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تُقْضَى فَيَفْعَلُهَا وَيَقْضِي الظُّهْرَ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ. (وَمَنْ تَيَمَّمَ لِبَرْدٍ) وَلَوْ فِي سَفَرٍ وَصَلَّى بِهِ (قَضَى فِي الْأَظْهَرِ) لِنُدُورِ فَقْدِ مَا يُسَخِّنُ بِهِ الْمَاءَ أَوْ يَدْثُرُ بِهِ أَعْضَاءَهُ وَلَوْ وَقَعَ لَا يَدُومُ. الثَّانِي لَا يَقْضِي لِحَدِيثِ عَمْرٍو السَّابِقِ. وَأُجِيبَ عَنْ الْخَبَرِ بِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إنَّمَا لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِعَادَةِ لِأَنَّهَا عَلَى التَّرَاخِي وَتَأْخِيرُ الْبَيَانِ إلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ جَائِزٌ، وَبِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَالَمًا بِوُجُوبِ ـــــــــــــــــــــــــــــSخِلَافُ مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ حَجّ وَمَا اسْتَقَرَّ بِهِ الْمُحَشِّي فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يُغْلَطُ فِيهِ كَثِيرًا مِنْ ضَعَفَةِ الطَّلَبَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى نُدْرَةِ فَقْدِ الْمَاءِ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: يُحْتَمَلُ تَقْيِيدُهُ نُدْرَةَ فَقْدِ الْمَاءِ بِعَدَمِهِ، فَإِنْ كَانَ لِمَانِعٍ حِسِّيٍّ كَسَبُعٍ حَائِلٍ وَتَأَخُّرِ نَوْبَتِهِ فِي بِئْرٍ تَنَاوَبُوهُ عَنْ الْوَقْتِ لَمْ يَبْعُدْ عَدَمُ الْقَضَاءِ م ر (قَوْلُهُ فَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ الْقَضَاءِ) أَيْ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُنَاطُ) أَيْ يُعَلَّقُ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ إلَخْ) هُوَ تَعْلِيلٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ بِالتَّيَمُّمِ مَعَ كَوْنِهِ رُخْصَةٌ وَهِيَ لَا تُنَاطُ بِالْمَعَاصِي، فَكَانَ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ بُطْلَانُ التَّيَمُّمِ حَتَّى يَتُوبَ مِنْ مَعْصِيَتِهِ (قَوْلُهُ: فَعَلَهُ) أَيْ التَّيَمُّمَ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ تَيَمُّمُهُ) أَيْ الْعَاصِي وَقَوْلُهُ فِيهِ أَيْ السَّفَرِ (قَوْلُهُ: بِالتَّوْبَةِ) قَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ أَنَّ عِصْيَانَهُ بِالسَّفَرِ مَانِعٌ مِنْ تَيَمُّمِ الْمَرِيضِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمَرَضَ الَّذِي هُوَ سَبَبٌ لِلتَّيَمُّمِ لَمْ يَعْصِ بِهِ وَالسَّفَرَ الَّذِي عَصَى بِهِ لَيْسَ مُقْتَضِيًا لِلتَّيَمُّمِ حَتَّى يُقَالَ إنَّهُ قَادِرٌ عَلَى مَانِعِهِ بِالتَّوْبَةِ، وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ عَنْهُ بِجَوَابٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَصَى) أَيْ شَخْصٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْمَحَلُّ الَّذِي أَقَامَ بِهِ (قَوْلُهُ: لَا تُقْضَى) أَيْ جُمُعَةٌ. (قَوْلُهُ: لِنُدُورِ فَقْدِ مَا يُسَخِّنُ بِهِ الْمَاءَ) وَلَوْ تَنَاوَبَ جَمْعٌ الِاغْتِسَالَ مِنْ مُغْتَسَلِ الْحَمَّامِ لِلْخَوْفِ مِنْ الْبَرْدِ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ نَوْبَتَهُ تَأْتِي فِي الْوَقْتِ وَجَبَ انْتِظَارُهَا وَامْتَنَعَ التَّيَمُّمُ سَوَاءٌ كَانَ تَأَخُّرُهُ عَنْ غَيْرِهِ بِنَحْوِ تَقْدِيمِ صَاحِبِ الْحَمَّامِ السَّابِقَ عَلَى غَيْرِهِ أَوْ بِتَعَدِّي غَيْرِهِ عَلَيْهِ وَمَنَعَهُ مِنْ التَّقَدُّمِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا لَا تَأْتِي إلَّا خَارِجَ الْوَقْتِ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ فِي الْوَقْتِ، ثُمَّ يَجِبُ الْقَضَاءُ إنْ كَانَ ثَمَّ مَاءٌ آخَرُ غَيْرُ مَا تَنَاوَبُوا فِيهِ لَكِنْ مُنِعَ اسْتِعْمَالُهُ لِنَحْوِ بَرْدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ لَمَّا لَزِمَهُ فِعْلُهُ إلَخْ) هُوَ تَابِعٌ فِيهِ لِلشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَعْنًى هُنَا؛ لِأَنَّهُ مُسَاوٍ لِتَعْلِيلِ الثَّانِي الْآتِي وَتَوَقَّفَ فِيهِ أَيْضًا الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ

الْقَضَاءِ. وَأَمَّا أَصْحَابُهُ فَيُحْتَمَلُ عَدَمُ مَعْرِفَتِهِمْ الْحُكْمَ أَوْ جَهْلِهِمْ بِحَالِهِ وَقْتَ الْقُدْوَةِ بِهِ. (أَوْ) تَيَمَّمَ (لِمَرَضٍ يَمْنَعُ الْمَاءَ) (مُطْلَقًا) أَيْ فِي سَائِرِ أَعْضَاءِ طَهَارَتِهِ (أَوْ) يَمْنَعُهُ (فِي عُضْوٍ) مِنْ أَعْضَائِهَا (وَلَا سَاتِرَ) عَلَيْهِ مِنْ لُصُوقٍ أَوْ نَحْوِهِ (فَلَا) قَضَاءَ عَلَيْهِ حَاضِرًا كَانَ أَمْ مُسَافِرًا، لِأَنَّ الْمَرَضَ مِنْ الْأَعْذَارِ الْعَامَّةِ الَّتِي تَشُقُّ مَعَهَا الْإِعَادَةُ، وَالْمَرَضُ هُنَا أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ جُرْحًا أَمْ غَيْرَهُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ بِجُرْحِهِ دَمٌ كَثِيرٌ) فَيَقْضِي لِأَنَّ الْعَجْزَ عَمَّا يُزِيلُهُ بِهِ مِنْ نَحْوِ مَاءٍ مُسَخَّنٍ نَادِرٌ، وَتَقَيُّدُهُ بِالْكَثِيرِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الْمُحَرَّرِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ حَامِلُ نَجَاسَةٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهَا، وَلِكَوْنِ التَّيَمُّمِ طَهَارَةً ضَعِيفَةً لَمْ يُغْتَفَرْ فِيهِ الدَّمُ الْكَثِيرُ كَمَا لَا يُغْتَفَرُ فِيهِ جَوَازُ تَأْخِيرِ الِاسْتِنْجَاءِ عَنْهُ، بِخِلَافِ الطُّهْرِ بِالْمَاءِ، وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ مَا هُنَا عَلَى كَثِيرٍ جَاوَزَ مَحَلَّهُ أَوْ حَصَلَ بِفِعْلِهِ فَلَا يُخَالِفُ مَا فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ، أَوْ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْجُرْحُ فِي عُضْوِ التَّيَمُّمِ وَعَلَيْهِ دَمٌ كَثِيرٌ حَائِلٌ يَمْنَعُ الْمَاءَ وَإِيصَالَ التُّرَابِ عَلَى الْعُضْوِ، وَحَمْلُهُ عَلَى مَا يُوَافِقُ رَأْيَهُ الْآتِي فِي بَابِهِ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَمَنْ حَمَلَ الشَّارِحَ لَهُ عَلَى أَنَّهُ جَارٍ هُنَا عَلَى مُرَادِ الرَّافِعِيِّ، ثُمَّ التَّفْرِيعُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ ظَاهِرٌ إذَا قُلْنَا بِصِحَّةِ التَّيَمُّمِ. أَمَّا إذَا قُلْنَا بِأَنَّ مَنْ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ لَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا مَرَّ فَصَلَاتُهُ بِالتَّيَمُّمِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بَاطِلَةٌ وَالْقَضَاءُ حِينَئِذٍ بِالتَّفْوِيتِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِاسْتِثْنَائِهِ، لِأَنَّ مَنْ صَلَّى بِنَجَاسَةٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَيَمِّمًا. لِأَنَّا نَقُولُ: فِيهِ فَائِدَةٌ، وَهِيَ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ فِي مَفْهُومِ الْكَثِيرِ. نَعَمْ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا طَرَأَتْ النَّجَاسَةُ بَعْدَ التَّيَمُّمِ (فَإِنْ) (كَانَ) بِأَعْضَائِهِ أَوْ بَعْضِهَا (سَاتِرٌ) مِنْ نَحْوِ لُصُوقٍ (لَمْ يَقْضِ فِي الْأَظْهَرِ إنْ وَضَعَ) أَيْ السَّاتِرَ (عَلَى طُهْرٍ) لِأَنَّهُ يَفْعَلُ لِلضَّرُورَةِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ، وَهَلْ الْمُرَادُ بِالطُّهْرِ الطُّهْرُ الْكَامِلُ وَهُوَ مَا يُبِيحُ الصَّلَاةَ كَالْخُفِّ أَوْ طَهَارَةُ ذَلِكَ الْمَحَلِّ فَقَطْ؟ الْأَوْجَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَصَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ الْأَوَّلُ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ. وَقَالَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ: يَنْبَغِي أَنْ يَضَعَهَا عَلَى وُضُوءٍ كَامِلٍ كَمَا فِي لُبْسِ الْخُفِّ، هَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ تَكُنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَإِلَّا فَلَا م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: أَوْ جَهْلُهُمْ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ الْقَضَاءُ لِأَنَّ غَايَةَ أَمْرِهِمْ أَنَّهُ تَبَيَّنَ لَهُمْ حَدَثُ الْإِمَامِ وَهُوَ لَا يَقْتَضِي وُجُوبَ الْقَضَاءِ، وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ هُنَا لِتَقْصِيرِهِمْ بِعَدَمِ عِلْمِهِمْ بِحَالِ الْمُتَيَمِّمِ لَمْ يَبْعُدْ، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَبَيُّنِ الْحَدَثِ بِأَنَّ الْحَدَثَ مِمَّا يَخْفَى فَلَا يَطَّلِعُونَ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ لِلْبَرْدِ أَوْ فِي مَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ التَّفْرِيعُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ فَيَقْضِي (قَوْلَهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَتَجِبُ الْإِعَادَةُ عَلَى مَنْ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ سَاتِرَ إلَخْ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ مِنْ صُوَرِ الْجَبِيرَةِ فِي لُزُومِ الْقَضَاءِ وَعَدَمِهِ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ فِي أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ وَجَبَ الْقَضَاءُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَخَذْت مِنْ الصَّحِيحِ شَيْئًا أَمْ لَا وَسَوَاءٌ وَضَعَهَا عَلَى طُهْرٍ أَمْ لَا، وَكَذَا إنْ كَانَتْ فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ وَأَخَذْت مِنْ الصَّحِيحِ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى الِاسْتِمْسَاكِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ مُطْلَقًا وَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ نَزْعُهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ بِغَيْرِ أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ وَلَمْ تَأْخُذْ مِنْ الصَّحِيحِ إلَّا قَدْرَ الِاسْتِمْسَاكِ وَوَضَعَتْ عَلَى طُهْرٍ فَلَا قَضَاءَ، وَكَذَا إنْ لَمْ تَأْخُذْ مِنْ الصَّحِيحِ شَيْئًا، سَوَاءٌ وُضِعَتْ عَلَى حَدَثٍ أَوْ طُهْرٍ حَيْثُ كَانَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَيُحْتَمَلُ عَدَمُ مَعْرِفَتِهِمْ) كَذَا فِي النُّسَخِ، وَلَعَلَّ الصَّوَابَ حَذْفُ لَفْظِ عَدَمُ (قَوْلُهُ: أَوْ جَهْلُهُمْ بِحَالِهِ إلَخْ) أَيْ فَاقْتِدَاؤُهُ بِهِ صَحِيحٌ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِمْ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ دَمٌ كَثِيرٌ حَائِلٌ) وَعَلَيْهِ فَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِكَثْرَتِهِ حَيْلُولَتُهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ التَّفْرِيغُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ ظَاهِرٌ إذَا قُلْنَا إلَخْ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْجَوَابِ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْكَثِيرُ الْحَاصِلُ بِفِعْلِهِ أَوْ الَّذِي جَاوَزَ مَحَلَّهُ، أَمَّا عَلَى الْجَوَابِ الثَّانِي فَهُوَ ظَاهِرٌ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: فِي مَفْهُومِ الْكَثِيرِ) أَيْ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ حَائِلًا بِعُضْوِ التَّيَمُّمِ ضَرَّ وَإِلَّا فَلَا

[باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة والنفاس]

الْجَبِيرَةُ وَنَحْوُهَا عَلَى مَحَلِّ التَّيَمُّمِ، وَإِلَّا لَزِمَ الْقَضَاءُ مُطْلَقًا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ لِنُقْصَانِ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ جَمِيعًا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إنَّ إطْلَاقَ الْجُمْهُورِ يَقْتَضِي عَدَمَ الْفَرْقِ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ يَقُولُ مَسَحَهُ لِلْعُذْرِ وَهُوَ نَادِرٌ غَيْرُ دَائِمٍ (فَإِنْ) (وَضَعَ) السَّاتِرَ (عَلَى حَدَثٍ) (وَجَبَ نَزْعُهُ) إنْ أَمْكَنَ مِنْ غَيْرِ مُبِيحِ تَيَمُّمٍ لِكَوْنِهِ مَسْحًا عَلَى سَاتِرٍ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْوَضْعُ عَلَى طُهْرٍ كَالْخُفِّ سَوَاءٌ أَكَانَ فِي أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ أَمْ فِي غَيْرِهَا مِنْ أَعْضَاءِ طَهَارَتِهِ، وَقَوْلُهُ عَلَى حَدَثٍ مِثَالٌ فَيَجِبُ نَزْعُهُ عِنْدَ الْإِمْكَانِ وَلَوْ كَانَ مَوْضُوعًا عَلَى طُهْرٍ، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ عِنْدَ تَعَذُّرِ نَزْعِهِ فِي الْقَضَاءِ وَعَدَمِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ تَعَذَّرَ) نَزَعَهُ وَمَسَحَ عَلَيْهِ وَصَلَّى (قَضَى عَلَى الْمَشْهُورِ) لِفَوَاتِ شَرْطِ الْوَضْعِ عَلَى طَهَارَةٍ فَلَمْ يَبْقَ كَالْخُفِّ. نَعَمْ مَرَّ أَنَّ مَسْحَهُ إنَّمَا هُوَ بَدَلٌ عَمَّا أَخَذَهُ مِنْ الصَّحِيحِ وَأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا مِنْهُ لَمْ يَجِبْ مَسْحُهُ حِينَئِذٍ، فَيُتَّجَهُ حَمْلُ قَوْلِهِمْ بِوُجُوبِ النَّزْعِ فِيهِمَا وَتَفْصِيلُهُمْ بَيْنَ الْوَضْعِ عَلَى طُهْرٍ وَعَلَى حَدَثٍ عَلَى مَا إذَا أَخَذْت شَيْئًا مِنْهُ وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ نَزْعٌ وَلَا قَضَاءٌ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَعَدَمِ السَّاتِرِ. وَالثَّانِي لَا يَقْضِي لِلْعُذْرِ، وَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُعَبِّرَ بِالْمَذْهَبِ لِأَنَّ الْأَصَحَّ الْقَطْعُ بِالْقَضَاءِ. قَالَ الشَّارِحُ: وَاسْتَغْنَى الْمُصَنِّفُ بِتَعْبِيرِهِ بِالْمَشْهُورِ الْمُشْعِرِ بِضَعْفِ الْخِلَافِ عَنْ تَعْبِيرِ الْمُحَرَّرِ كَالشَّرْحِ بِأَصَحِّ الطَّرِيقِينَ. وَوَجْهُهُ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِهِ فِي اصْطِلَاحِهِ دَالٌ عَلَى ضَعْفِ مُقَابِلِهِ، فَيُغْنِي ذَلِكَ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ وَأَنَّ فِيهِ خِلَافًا وَأَنَّهُ ضَعِيفٌ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَسْتَغْنِ بِذَلِكَ فِي إفَادَةِ كَوْنِ الْخِلَافِ طَرِيقَيْنِ، وَحِينَئِذٍ فَالِاعْتِذَارُ بِمَا ذُكِرَ ضَعِيفٌ. بَابُ الْحَيْضِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ مِنْ الِاسْتِحَاضَةِ وَالنِّفَاسِ. وَتَرْجَمَهُ بِالْحَيْضِ لِأَنَّ أَحْكَامَهُ أَغْلَبُ وَهُوَ مَصْدَرُ حَاضَتْ حَيْضًا وَمَحِيضًا وَمَحَاضًا، وَهُوَ لُغَةً: السَّيَلَانُ، يُقَالُ حَاضَ الْوَادِي إذَا سَالَ، وَحَاضَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي غَيْرِ أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ، وَلَا يَجِبُ مَسْحُهَا حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ وُضِعَتْ عَلَى طُهْرٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَكَانَ إلَخْ) أَيْ وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْحَدَثُ أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ. بَابُ الْحَيْضِ وَالْحِكْمَةُ فِي ذِكْرِ هَذَا الْبَابِ فِي آخِرِ أَبْوَابِ الطَّهَارَةِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَنْوَاعِ الطَّهَارَةِ، بَلْ الطَّهَارَةُ تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وَهُوَ مَخْصُوصٌ بِالنِّسَاءِ (قَوْلُهُ: أَغْلَبُ) أَيْ مِنْ أَحْكَامِ النِّفَاسِ وَذَلِكَ لِكَثْرَةِ وُقُوعِ الْحَيْضِ لَا لِزِيَادَةِ أَحْكَامِ الْحَيْضِ فِي أَنْفُسِهَا عَلَى أَحْكَامِ النِّفَاسِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي آخِرَ الْبَابِ، عَلَى أَنَّ أَحْكَامَ الْحَيْضِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا ذَكَرَهُ فِي هَذَا الْبَابِ أَكْثَرُ، إذْ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْبُلُوغُ وَالْعِدَّةُ وَالِاسْتِبْرَاءُ وَغَيْرُهُ. فَإِنْ قُلْت: الْحَامِلُ تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالْحَمْلِ. قُلْنَا لَيْسَتْ الْعِدَّةُ مَنُوطَةً بِالنِّفَاسِ بَلْ بِالْوَضْعِ، حَتَّى لَوْ وَلَدَتْ وَلَدًا جَافًّا انْقَضَتْ بِهِ الْعِدَّةُ (قَوْلُهُ مَصْدَرُ حَاضَتْ) هَذَا بِاعْتِبَارِ اللُّغَةِ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ شَرْعًا دَمُ جِبِلَّةٍ إلَخْ، وَكَمَا أَنَّ الْحَيْضَ مَصْدَرٌ يُسْتَعْمَلُ أَيْضًا اسْمًا لِزَمَانِ الْحَيْضِ وَلِمَكَانِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ مِنْ أَعْضَاءِ طَهَارَتِهِ) يَشْتَرِطُ طَهَارَةَ مَحَلِّهَا فَقَطْ كَمَا نَقَلَهُ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ عَنْ تَرْجِيحِ الزَّرْكَشِيّ (قَوْلُهُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ. [بَابُ الْحَيْضِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ مِنْ الِاسْتِحَاضَةِ وَالنِّفَاسِ] بَابُ الْحَيْضِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ أَحْكَامَهُ أَغْلَبُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْوُقُوعُ وَإِلَّا فَأَحْكَامُ الِاسْتِحَاضَةِ أَكْثَرُ كَمَا لَا يَخْفَى

الشَّجَرَةُ إذَا سَالَ صَمْغُهَا. قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: وَيُقَالُ: إنَّ الْحَوْضَ مِنْهُ لِحَيْضِ الْمَاءِ: أَيْ سَيَلَانِهِ، وَالْعَرَبُ تُدْخِلُ الْوَاوَ عَلَى الْيَاءِ وَبِالْعَكْسِ لِأَنَّهُمَا مِنْ حَيِّزٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْهَوَاءُ اهـ. وَشَرْعًا: دَمُ جِبِلَّةٍ يَخْرُجُ مِنْ أَقْصَى رَحِمِ الْمَرْأَةِ بَعْدَ بُلُوغِهَا عَلَى سَبِيلِ الصِّحَّةِ فِي أَوْقَاتٍ مَخْصُوصَةٍ. وَلَهُ عَشَرَةُ أَسْمَاءٍ: حَيْضٌ، وَطَمْثٌ بِالْمُثَلَّثَةِ، وَضَحْكٌ، وَإِعْصَارٌ، وَإِكْبَارٌ، وَدِرَاسٌ، وَعِرَاكٌ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَفِرَاكٌ بِالْفَاءِ، وَطَمْسٌ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ، وَنِفَاسٌ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَائِشَةَ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ " أَنَفِسْت ". قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَا كَرَاهَةَ فِي تَسْمِيَتِهِ بِشَيْءٍ مِنْهَا، وَالِاسْتِحَاضَةُ دَمُ عِلَّةٍ يَخْرُجُ مِنْ عِرْقٍ فَمُهُ فِي أَدْنَى الرَّحِمِ يُسَمَّى الْعَاذِلَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، وَحَكَى ابْنُ سِيدَهْ إهْمَالَهَا وَالْجَوْهَرِيُّ مَعَ إعْجَامِهَا بَدَلَ اللَّامِ رَاءً. وَالنِّفَاسُ: الدَّمُ الْخَارِجُ بَعْدَ فَرَاغِ الرَّحِمِ مِنْ الْحَمْلِ، فَخَرَجَ بِذَلِكَ دَمُ الطَّلْقِ، وَالْخَارِجُ مَعَ الْوَلَدِ فَلَيْسَ بِحَيْضٍ لِكَوْنِهِ مِنْ آثَارِ الْوِلَادَةِ، وَلَا نِفَاسَ لِتَقَدُّمِهِ عَلَى خُرُوجِ الْوَلَدِ بَلْ هُوَ دَمُ فَسَادٍ إلَّا أَنْ يَتَّصِلَ بِحَيْضِهَا الْمُتَقَدِّمِ فَإِنَّهُ يَكُونُ حَيْضًا. قَالَ الْجَاحِظُ: وَاَلَّذِي يَحِيضُ مِنْ الْحَيَوَانِ أَرْبَعَةٌ: الْآدَمِيَّاتُ، ـــــــــــــــــــــــــــــSالَّذِي هُوَ الْفَرْجُ (قَوْلُهُ: وَيُقَالُ إنَّ الْحَوْضَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْحَيْضِ بِمَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ (قَوْلُهُ: سَيَلَانِهِ) أَيْ إلَى الْحَوْضِ (قَوْلُهُ: تُدْخِلُ الْوَاوَ) أَيْ تَسْتَعْمِلُهَا فِي مَوْضِعِ الْيَاءِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَقْصَى) أَيْ أَعْلَى (قَوْلُهُ رَحِمِ الْمَرْأَةِ) . [فَائِدَةٌ] لَوْ خُلِقَ لِلْمَرْأَةِ فَرْجَانِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي النَّقْضِ بِمَسِّهِمَا مِنْ أَنَّهُ إنْ تَمَيَّزَ الْأَصْلِيُّ مِنْ الزَّائِدِ فَالْعِبْرَةُ بِخُرُوجِهِ مِنْ الْأَصْلِيِّ، وَإِنْ اشْتَبَهَ الْأَصْلِيُّ بِالزَّائِدِ فَلَا بُدَّ لِلْحُكْمِ بِأَنَّهُ حَيْضٌ مِنْ خُرُوجِهِ مِنْهُمَا، وَكَانَا أَصْلِيَّيْنِ فَالْخَارِجُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا حَيْضٌ (قَوْلُهُ: بَعْدَ بُلُوغِهَا) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْبُلُوغِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْحَيْضُ مُحَصَّلًا لِلْبُلُوغِ فَلَا يَكُونُ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَلَهُ عَشَرَةُ أَسْمَاءٍ) وَقَدْ نَظَمَهَا الشَّيْخُ نَجْمُ الدِّينِ بْنُ قَاضِي عَجْلُونٍ فِي قَوْلِهِ: أَسَامِي الْمَحِيضِ الْعَشْرُ إنْ رُمْت حِفْظَهَا ... مُفَصَّلَةً حَيْضٌ نِفَاسٌ وَإِكْبَارُ وَطَمْثٌ وَطَمْسٌ ثُمَّ ضِحْكٌ وَبَعْدَهَا ... عِرَاكٌ فِرَاكٌ وَالدِّرَاسُ وَإِعْصَارُ (قَوْلُهُ: أَنَفِسْت) هُوَ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ فِي الْأَكْثَرِ، وَفِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ لحج مَا نَصُّهُ: قَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَصْلُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ مِنْ النَّفْسِ وَهُوَ الدَّمُ، إلَّا أَنَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَ بِنَاءِ الْفِعْلِ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ فَقَالُوا فِي الْحَيْضِ نَفِسَتْ بِفَتْحِ النُّونِ، وَفِي الْوِلَادَةِ بِضَمِّهَا، قَالَهُ كَثِيرٌ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ، لَكِنْ حَكَى أَبُو حَاتِمٍ عَنْ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ: يُقَالُ نُفِسَتْ الْمَرْأَةُ فِي الْحَيْضِ وَالْوِلَادَةِ بِضَمِّ النُّونِ فِيهِمَا، وَقَدْ ثَبَتَ فِي رِوَايَتِنَا بِالْوَجْهَيْنِ فَتْحُ النُّونِ وَضَمُّهَا اهـ. وَفِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ مَا نَصُّهُ: وَيُقَالُ فِي فِعْلِ النِّفَاسِ نُفِسَتْ الْمَرْأَةُ بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِهَا وَبِكَسْرِ الْفَاءِ فِيهِمَا، وَالضَّمُّ أَفْصَحُ، وَفِي فِعْلِ الْحَيْضِ نَفِسَتْ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ لَا غَيْرُ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: فِي أَدْنَى الرَّحِمِ) وَمِنْ الطُّرُقِ الَّتِي تَعْرِفُ بِهَا الْمَرْأَةُ كَوْنَ الْخَارِجِ دَمَ حَيْضٍ أَوْ اسْتِحَاضَةٍ أَنْ تَأْخُذَ مَنْ قَامَ بِهَا مَا ذُكِرَ مَاسُورَةً مَثَلًا وَتَضَعَهَا فِي فَرْجِهَا، فَإِنْ دَخَلَ الدَّمُ فِيهَا فَهُوَ حَيْضٌ، وَإِنْ ظَهَرَ عَلَى جَوَانِبِهَا فَهُوَ اسْتِحَاضَةٌ، وَهَذِهِ عَلَامَةٌ ظَنِّيَّةٌ فَقَطْ لَا قَطْعِيَّةٌ وَإِلَّا لَمْ تُوجَدْ لَنَا مُسْتَحَاضَةٌ (قَوْلُهُ: بَعْدَ فَرَاغِ الرَّحِمِ مِنْ الْحَمْلِ) أَيْ وَلَوْ عَلَقَةً أَوْ مُضْغَةً وَقَبْلَ مُضِيِّ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: مَعَ الْوَلَدِ فَلَيْسَ بِحَيْضٍ) أَيْ أَوْ بَيْنَ تَوْأَمَيْنِ فَلَيْسَ بِنِفَاسٍ بَلْ حَيْضٍ إنْ تَوَفَّرَتْ فِيهِ شُرُوطُهُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَتَّصِلَ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الدَّمِ الْخَارِجِ مَعَ الطَّلْقِ أَوْ الْوَلَدِ فَهُوَ قَيْدٌ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: قَالَ الْجَاحِظُ إلَخْ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لَا أَثَرَ لَهُ فِي الْأَحْكَامِ حَتَّى لَوْ عَلِقَ بِحَيْضٍ شَيْءٌ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ لَمْ يَقَعْ وَإِنْ خَرَجَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ حَيِّزٍ وَاحِدٍ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ إذْ لَا يَكُونَانِ مِنْ حَيِّزٍ وَاحِدٍ إلَّا إذَا كَانَا حَرْفَيْ مَدٍّ (قَوْلُهُ: عَلَى سَبِيلِ الصِّحَّةِ) قَدْ يُقَالُ: لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ دَمُ جِبِلَّةٍ وَبِقَوْلِهِ أَقْصَى رَحِمِ الْمَرْأَةِ بَلْ لَا يَظْهَرُ لَهُ مَعْنًى

وَالْأَرْنَبُ، وَالضَّبُعُ، وَالْخُفَّاشُ. وَزَادَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ أَرْبَعَةً أُخْرَى، وَهِيَ: النَّاقَةُ، وَالْكَلْبَةُ، وَالْوَزَغَةُ، وَالْحِجْرُ: أَيْ الْأُنْثَى مِنْ الْخَيْلِ، وَالْأَصْلُ فِي الْحَيْضِ آيَةُ {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} [البقرة: 222] أَيْ الْحَيْضِ {قُلْ هُوَ أَذًى} [البقرة: 222] وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَيْضِ هَذَا شَيْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ» ثُمَّ الْكَلَامُ فِي الْحَيْضِ يَسْتَدْعِي مَعْرِفَةَ حُكْمِهِ وَسِنِّهِ وَقَدْرِهِ وَقَدْرِ الطُّهْرِ، وَقَدْ شَرَعَ فِي بَيَانِهَا مُبْتَدِئًا بِمَعْرِفَةِ سِنِّهِ فَقَالَ (أَقَلُّ سِنِّهِ تِسْعُ سِنِينَ) وَلَوْ بِالْبِلَادِ الْبَارِدَةِ لِلْوُجُودِ، لِأَنَّ مَا وَرَدَ فِي الشَّرْعِ وَلَا ضَابِطَ لَهُ شَرْعِيٌّ وَلَا لُغَوِيٌّ يُتْبَعُ فِيهِ الْوُجُودُ كَالْقَبْضِ وَالْحَرْزِ وَالْإِحْيَاءِ وَخِيَارِ الْمَجْلِسِ. قَالَ إمَامُنَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: أَعْجَلُ مَنْ سَمِعْت مِنْ النِّسَاءِ يَحِضْنَ نِسَاءُ تِهَامَةَ يَحِضْنَ لِتِسْعِ سِنِينَ: أَيْ قَمَرِيَّةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ} [البقرة: 189] ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْهَا دَمُ مِقْدَارِ أَقَلِّ الْحَيْضِ مَثَلًا، أَمَّا أَوَّلًا فَكَوْنُ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ يَقَعُ لَهَا الْحَيْضُ لَيْسَ أَمْرًا قَطْعِيًّا وَذِكْرُ الْجَاحِظِ أَوْ غَيْرِهِ لَهُ لَا يَقْتَضِي ثُبُوتَهُ فِي الْوَاقِعِ وَلَا الْقَطْعَ بِهِ، وَأَمَّا ثَانِيًا فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَيْضُ الْمَذْكُورَاتِ فِي سِنٍّ وَعَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ لَا يَتَحَقَّقُ بَعْدَ التَّعْلِيقِ. نَعَمْ إنْ أَرَادَ بِحَيْضِهَا مُجَرَّدَ خُرُوجِ الدَّمِ مِنْهَا اُعْتُبِرَ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَالْخُفَّاشُ) بِوَزْنِ الْعُنَّابِ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ وَالْحِجْرُ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْفَرَسُ الْأُنْثَى جَمْعُهَا حُجُورٌ وَأَحْجَارٌ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ وَبِلَا هَاءٍ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ، وَفِي الْقَامُوسِ أَنَّهُ بِالْهَاءِ لَحْنٌ (قَوْلُهُ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ) تَقْوِيَةٌ لِمَا قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: فِي الْحَيْضِ) أَيْ فِي شَأْنِهِ (قَوْلُهُ: كَتَبَهُ) أَيْ قَدَّرَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى بَنَاتِ آدَمَ) . [فَائِدَةٌ] نَقَلَ الْبُخَارِيُّ عَنْ بَنِي إسْرَائِيلَ: أَوَّلُ مَا وَقَعَ الْحَيْضُ فِيهِمْ ثُمَّ أَبْطَلَهُ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ هَذَا شَيْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ» وَقِيلَ أَوَّلُ مَنْ حَاضَتْ حَوَّاءُ بِالْمَدِّ لَمَّا كَسَرَتْ شَجَرَةَ الْحِنْطَةِ أَدْمَتْهَا، فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى «وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَأُدْمِيَنَّكِ كَمَا أَدْمَيْت هَذِهِ الشَّجَرَةَ» انْتَهَى. دَمِيرِيٌّ، وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْإِضَافَةَ لِلْجِنْسِ: أَيْ جِنْسِ بَنَاتِ آدَمَ، أَوْ بِحَمْلِ قِصَّةِ بَنِي إسْرَائِيلَ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ أَوَّلُ مَا فَشَا فِيهِمْ وَحَمْلِ مَا فِي قِصَّةِ حَوَّاءَ عَلَى الْأَوَّلِ الْحَقِيقِيِّ. لَا يُقَالُ: يَرُدُّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْحَدِيثِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي تَحِيضُ لِأَنَّا نَقُولُ: لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ حَصْرٌ فَالْحُكْمُ بِأَنَّهُ كَتَبَهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ لَا يُنَافِي أَنَّهُ كَتَبَهُ عَلَى غَيْرِهِنَّ أَيْضًا (قَوْلُهُ: مَعْرِفَةَ حُكْمِهِ) إنَّمَا قَدَّمَ الشَّارِحُ هَذَا لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ، إذْ مَعْرِفَةُ الْحَيْضِ إنَّمَا هِيَ وَسِيلَةٌ لِتَرَتُّبِ أَحْكَامِهِ، وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ السِّنَّ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَصَوُّرُ الْحَيْضِ بِدُونِهِ (قَوْلُهُ: أَقَلُّ سِنِّهِ تِسْعُ سِنِينَ) أَيْ وَغَالِبُهُ عِشْرُونَ سَنَةً أَخْذًا مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي عُيُوبِ الرَّقِيقِ فِي بَابِ الْخِيَارِ وَأَكْثَرُهُ اثْنَتَانِ وَسِتُّونَ سَنَةً (قَوْلُهُ: لِلْوُجُودِ) أَيْ الِاسْتِقْرَاءِ (قَوْلُهُ: يُتْبَعُ فِيهِ الْوُجُودُ) أَيْ الْعُرْفُ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي تَقَدُّمِ اللُّغَةِ عَلَى الْعُرْفِ، وَالْمُصَرَّحُ بِهِ فِي الْأُصُولِ خِلَافُهُ فَيُقَدَّمُ الشَّرْعُ ثُمَّ الْعُرْفُ ثُمَّ اللُّغَةُ، ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي لسم وَالْجَوَابُ لَنَا عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَعْجَلُ مَنْ سَمِعْت مِنْ النِّسَاءِ يَحِضْنَ نِسَاءُ تِهَامَةَ) فَقَوْلُهُ مَنْ اسْمٌ مَوْصُولٌ وَسَمِعْت صِلَتُهُ وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ وَسَمِعْت بِمَعْنَى عَلِمْته وَمِنْ النِّسَاءِ مُتَعَلِّقٌ بِسَمِعْت وَجُمْلَةُ يَحِضْنَ حَالٌ مِنْ النِّسَاءِ، وَقَوْلُهُ: نِسَاءُ تِهَامَةَ خَبَرُ الْمُبْتَدَإِ وَهُوَ أَعْجَلُ (قَوْلُهُ: يَحِضْنَ لِتِسْعِ سِنِينَ) جَوَابُ سُؤَالٍ تَقْدِيرُهُ: مَا سَبَبُ كَوْنِهِنَّ أَعْجَلَ (قَوْلُهُ: أَيْ قَمَرِيَّةٍ) أَيْ هِلَالِيَّةٍ لِأَنَّ السَّنَةَ الْهِلَالِيَّةَ ثَلَثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَخُمُسُ يَوْمٍ وَسُدُسُهُ، بِخِلَافِ الْعَدَدِيَّةِ فَإِنَّهَا ثَلَثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ يَوْمًا وَالشَّمْسِيَّةُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَسِتُّونَ يَوْمًا وَرُبُعُ يَوْمٍ إلَّا جُزْءًا مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ جُزْءٍ مِنْ الْيَوْمِ اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ. وَعِبَارَةُ عَمِيرَةَ فِي الْهِلَالِيَّةِ: ثَلَثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ وَسُدُسُ يَوْمٍ اهـ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: يَتْبَعُ فِيهِ الْوُجُودَ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى الْوُجُودِ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَبْضِ وَمَا بَعْدَهُ، وَالْمَشْهُورُ يَتْبَعُ فِيهِ الْعُرْفَ، وَعِبَارَةُ

وَالْمُعْتَبَرُ فِي التِّسْعِ التَّقْرِيبُ لَا التَّحْدِيدُ كَلَبَنِ الرَّضَاعِ فَيُغْتَفَرُ نَقْصُ زَمَنٍ دُونَ أَقَلِّ حَيْضٍ وَطُهْرٍ فَيَكُونُ الدَّمُ الْمَرْئِيُّ فِيهِ حَيْضًا، بِخِلَافِ الْمَرْئِيِّ فِي زَمَنٍ يَسَعُهُمَا وَلَا حَدَّ لِآخِرِهِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، بَلْ هُوَ مُمْكِنٌ مَا دَامَتْ الْمَرْأَةُ حَيَّةً خِلَافًا لِلْمَحَامِلِيِّ حَيْثُ ذَهَبَ إلَى أَنَّ آخِرَهُ سِتُّونَ سَنَةً، وَلَا يُنَافِيهِ تَحْدِيدُ سِنِّ الْيَأْسِ بِاثْنَيْنِ وَسِتِّينَ سَنَةً لِأَنَّهُ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ حَتَّى لَا يُعْتَبَرَ النَّقْصُ عَنْهُ كَمَا يَأْتِي ثَمَّ، وَإِمْكَانُ إنْزَالِهَا كَإِمْكَانِ حَيْضِهَا، بِخِلَافِ إمْكَانِ إنْزَالِ الصَّبِيِّ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ تَمَامِ التَّاسِعَةِ، وَالْفَرْقُ حَرَارَةُ طَبْعِ النِّسَاءِ كَذَا قِيلَ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْفَرْقِ. نَعَمْ سَيَأْتِي فِي بَابِ الْحَجْرِ أَنَّ التِّسْعَ فِي الْمَنِيِّ تَحْدِيدٌ لَا تَقْرِيبٌ، وَالتِّسْعُ فِي كَلَامِهِ لَيْسَتْ ظَرْفًا بَلْ خَبَرًا، فَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ قَائِلَ ذَلِكَ جَعَلَهَا كُلَّهَا ظَرْفًا لِلْحَيْضِ وَلَا قَائِلَ بِهِ لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَلَوْ رَأَتْ الدَّمَ أَيَّامًا بَعْضَهَا قَبْلَ زَمَنِ إمْكَانِهِ وَبَعْضَهَا فِيهِ جُعِلَ الْمَرْئِيُّ فِي زَمَنِ الْإِمْكَانِ حَيْضًا إنْ تَوَفَّرَتْ شُرُوطُهُ الْآتِيَةُ. (وَأَقَلُّهُ) زَمَنًا (يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ) أَيْ قَدْرُهُمَا مُتَّصِلًا وَهُمَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ سَاعَةً كَمِنْ أَثْنَاءِ يَوْمٍ إلَى مِثْلِهِ مِنْ الْيَوْمِ الْآخَرِ، وَلِهَذَا قَالَ الشَّارِحُ: أَيْ قَدْرُ ذَلِكَ مُتَّصِلًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ مَسْأَلَةٍ تَأْتِي آخِرَ الْبَابِ: أَيْ وَهِيَ قَوْلُهُ وَالنَّقَاءُ بَيْنَ أَقَلِّ الْحَيْضِ حَيْضٌ، وَمُرَادُهُ بِمَا ذَكَرَ أَنَّ أَقَلَّ الْحَيْضِ مِنْ حَيْثُ الزَّمَانُ مِقْدَارُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ عَلَى الِاتِّصَالِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي زَمَنِ الْأَقَلِّ مِنْ تَوَانِي الدَّمِ مِنْ غَيْرِ تَخَلُّلِ نَقَاءٍ كَمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ لَفْظِ الِاتِّصَالِ، بَلْ مَتَى رَأَتْ دَمًا مُتَقَطِّعًا يَنْقُصُ كُلٌّ مِنْهُ عَنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، غَيْرُ أَنَّهُ إذَا جُمِعَ بَلَغَ يَوْمًا وَلَيْلَةً عَلَى الِاتِّصَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَقَلِّ حَيْضٍ وَطُهْرٍ) أَيْ وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ بِلَيَالِيِهَا حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ) أَيْ قَوْلَ الْمَاوَرْدِيِّ لَا حَدَّ لِآخِرِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْفَرْقِ) أَيْ فَيَكُونُ تَقْرِيبًا فِيهِمَا كَمَا نَقَلَهُ سم فِي حَاشِيَةِ حَجّ وَعِبَارَتُهُ قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ: أَيْ فِي اعْتِبَارِ اسْتِكْمَالِ التِّسْعِ التَّقْرِيبِيِّ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي وَقَدْ اعْتَمَدَ ذَلِكَ م ر اهـ، وَعَلَيْهِ فَالْمَعْنَى أَنَّ خُرُوجَهُ مِنْ الرَّجُلِ قَبْلَ اسْتِكْمَالِ التِّسْعِ بِمَا لَا يَسَعُ حَيْضًا وَطُهْرًا لِلْمَرْأَةِ يَقْتَضِي الْحُكْمَ بِبُلُوغِهِ، لَكِنَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ الِاسْتِدْرَاكِ بِقَوْلِهِ نَعَمْ سَيَأْتِي إلَخْ يُخَالِفُهُ وَهُوَ سَاقِطٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ وَلَعَلَّهُ حَاشِيَةٌ أُدْرِجَتْ (قَوْلُهُ: تَحْدِيدٌ) أَيْ فِي الْمَنِيِّ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِ حَيْثُ جَزَمَ بِهِ اعْتِمَادُ أَنَّهُ تَحْدِيدِيٌّ فَيُقَدَّمُ عَلَى مَا نَقَلَهُ سم عَنْهُ هُنَا مِنْ أَنَّهُ تَقْرِيبِيٌّ (قَوْلُهُ: جَعَلَهَا كُلَّهَا) أَيْ السِّنِينَ التِّسْعَ (قَوْلُهُ: زَمَنًا) تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْمُضَافِ: أَيْ أَقَلُّ زَمَنِهِ يَوْمٌ إلَخْ. وَدَفَعَ بِهِ مَا أُورِدَ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي أَقَلُّهُ رَاجِعٌ لِلدَّمِ وَاسْمُ التَّفْضِيلِ بَعْضُ مَا يُضَافُ إلَيْهِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَأَقَلُّ دَمِ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَهُوَ لَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِخْبَارِ بِاسْمِ الزَّمَانِ عَنْ الْجُثَّةِ، وَإِنَّمَا آثَرَ ذِكْرَ التَّمْيِيزِ عَلَى تَقْدِيرِ الْمُضَافِ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاخْتِصَارِ وَعَدَمِ تَغْيِيرِ الْإِعْرَابِ لِأَنَّهُ إنْ قَدَّرَهُ بَيْنَ الْمُتَضَايِفَيْنِ فَقَالَ وَأَقَلُّ زَمَنِهِ غَيَّرَ صُورَةَ الْمَتْنِ بِتَصْيِيرِ الْهَاءِ مَكْسُورَةً بَعْدَ أَنْ كَانَتْ مَضْمُومَةً وَفَصَلَ بَيْنَ الْمُتَضَايِفَيْنِ، وَإِنْ أَخَّرَ الْبَيَانَ عَنْ الْمَتْنِ فَقَالَ: أَيْ أَقَلُّ زَمَنِهِ بَعْدَ وَأَقَلُّهُ أَدَّى إلَى طُولٍ فَمَا ذَكَرَهُ أَخْصَرُ وَأَوْلَى (قَوْلُهُ: أَيْ قَدْرُهُمَا) فَسَّرَ بِذَلِكَ لِيَشْمَلَ نَحْوَ مِنْ الظُّهْرِ لِمِثْلِهِ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: مُتَّصِلًا) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ فِي بَيَانِ الْأَقَلِّ، وَلَا يُتَصَوَّرُ الْأَقَلُّ إلَّا مَعَ الِاتِّصَالِ، إذْ لَوْ تَخَلَّلَ نَقَاءٌ فَإِمَّا أَنْ يَبْلُغَ مَجْمُوعُ الدِّمَاءِ الْمُتَفَرِّقَةِ يَوْمًا وَلَيْلَةً أَمْ لَا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ لَزِمَ الزِّيَادَةُ عَلَى الْأَقَلِّ لِأَنَّ النَّقَاءَ حِينَئِذٍ حَيْضٌ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَلَا حَيْضَ حِينَئِذٍ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الْبُرُلُّسِيُّ ذَكَرَ نَحْوَ ذَلِكَ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ تَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَمُرَادُهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِمْدَادِ: فَرَجَعَ فِيهِ إلَى التَّعَارُفِ بِالِاسْتِقْرَاءِ (قَوْلُهُ: فَيُغْتَفَرُ نَقْصُ زَمَنٍ) رَاجِعٌ لِلدَّمِ وَاللَّبَنِ وَإِنْ كَانَ التَّفْرِيعُ الْآتِي خَاصًّا بِالدَّمِ وَوَجْهُهُ فِي اللَّبَنِ احْتِمَالُ الْبُلُوغِ (قَوْلُهُ:، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْفَرْقِ) أَيْ فَيَكُونُ تَقْرِيبًا فِيهِمَا كَمَا أَفْصَحَ بِهِ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ عَنْ الشَّارِحِ

[أقل الحيض زمن يوم وليلة]

كَانَ كَافِيًا فِي حُصُولِ أَقَلِّ الْحَيْضِ (وَأَكْثَرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا بِلَيَالِيِهَا) وَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ دَمُ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ بِلَيْلَتِهِ كَأَنْ رَأَتْ الدَّمَ أَوَّلَ النَّهَارِ لِلِاسْتِقْرَاءِ، وَأَمَّا خَبَرُ «أَقَلُّ الْحَيْضِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَأَكْثَرُهُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ» فَضَعِيفٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (وَأَقَلُّ طُهْرٍ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ) زَمَنًا (خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا) إذْ الشَّهْرُ لَا يَخْلُو غَالِبًا عَنْ حَيْضٍ وَطُهْرٍ، فَإِذَا كَانَ أَكْثَرُ الْحَيْضِ خَمْسَةَ عَشَرَ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ أَقَلُّ الطُّهْرِ كَذَلِكَ، وَلِأَنَّ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ فِي عِدَّةِ الْآيِسَةِ فِي مُقَابَلَةِ ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الشَّهْرَ إمَّا أَنْ يَجْمَعَ أَكْثَرَ الْحَيْضِ وَأَقَلَّ الطُّهْرِ أَوْ عَكْسَهُ أَوْ أَقَلَّهُمَا أَوْ أَكْثَرَهُمَا، لَا سَبِيلَ إلَى الثَّانِي وَالرَّابِعِ لِأَنَّ أَكْثَرَ الطُّهْرِ غَيْرُ مَحْدُودٍ، وَلَا إلَى الثَّالِثِ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مِنْ شَهْرٍ فَتَعَيَّنَ الْأَوَّلُ، فَثَبَتَ أَنَّ أَقَلَّ الطُّهْرِ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ الطُّهْرُ بَيْنَ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ فَيَجُوزُ كَوْنُهُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ سَوَاءٌ أَكَانَ الْحَيْضُ مُتَقَدِّمًا عَلَى النِّفَاسِ أَمْ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ وَكَانَ طُرُوُّهُ بَعْدَ بُلُوغِ النِّفَاسِ أَكْثَرَهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، فَإِنْ طَرَأَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ أَكْثَرَهُ لَمْ يَكُنْ حَيْضًا ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: فِي حُصُولِ أَقَلِّ الْحَيْضِ) فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ وَالْحَالَةُ مَا ذَكَرَ يَكُونُ زَمَنُ النَّقَاءِ وَالدَّمِ حَيْضًا عَلَى الْأَظْهَرِ الْآتِي، فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ الْأَقَلِّ بَلْ مِنْ الْأَكْثَرِ أَوْ الْغَالِبِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ عَمِيرَةُ: فَالْحَاصِلُ أَنَّ تَحَقُّقَ وُجُودِ الْأَقَلِّ فَقَطْ لَا يَكُونُ إلَّا مَعَ الِاتِّصَالِ، إذْ لَوْ فُرِضَ نَقَاءٌ فِي خِلَالِ دَمِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ زَادَ الْحَيْضُ عَنْ الْأَقَلِّ اهـ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ هَذَا الْمَجْمُوعَ هُوَ أَقَلُّ دَمِ الْحَيْضِ، ثُمَّ إنْ قُلْنَا بِاللَّفْظِ كَانَ هُوَ الْحَيْضَ دُونَ النَّقَاءِ الْمُتَحَلِّلِ، وَإِنْ قُلْنَا بِالسَّحْبِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ كَانَ فِي الْمَجْمُوعِ أَقَلَّ دَمِ الْحَيْضِ، وَحُكِمَ عَلَى النَّقَاءِ بِأَنَّهُ حَيْضٌ تَبَعًا، فَزَمَنُ الدَّمِ وَالنَّقَاءِ كُلُّهُ حَيْضٌ شَرْعًا وَالدَّمُ الْحَاصِلُ فِيهِ هُوَ أَقَلُّ دَمِ الْحَيْضِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ رَأَتْ الدَّمَ إلَخْ) أَيْ فَتُكْمِلُ اللَّيَالِيَ لِلَّيْلَةِ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ أَكْثَرَهُ يَنْتَهِي بِغُرُوبِ شَمْسِ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ، وَلَوْ قَالَ وَأَكْثَرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ بِلَيَالِيِهَا وَإِنْ تَأَخَّرَتْ لَيْلَةُ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ عَنْهُ كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: لِلِاسْتِقْرَاءِ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: قَالُوا لِأَنَّ مَا لَا ضَابِطَ لَهُ فِي اللُّغَةِ وَلَا الشَّرْعِ يُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ، وَهَذَا يَقْتَضِي تَقَدُّمَ اللُّغَةِ عَلَى الْعُرْفِ، وَيُخَالِفُهُ قَوْلُ الْأُصُولِيِّينَ: إنَّ اللَّفْظَ يُحْمَلُ أَوَّلًا عَلَى الشَّرْعِيِّ ثُمَّ الْعُرْفِيِّ ثُمَّ اللُّغَةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْعُرْفَ يُقَدَّمُ عَلَى اللُّغَةِ فِي بَيَانِ مَدْلُولِ اللَّفْظِ، وَمَا هُنَا لَيْسَ مِنْهُ بَلْ مِنْ بَيَانِ الضَّابِطِ الْمُطَّرِدِ الَّذِي هُوَ كَالْقَاعِدَةِ، وَيَجُوزُ أَنَّ أَهْلَ الْأُصُولِ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ (قَوْلُهُ: إذْ الشَّهْرُ إلَخْ) اُنْظُرْ أَيَّ حَاجَةٍ لِهَذَا الْقَيْدِ وَهَلَّا اقْتَصَرَ عَلَى أَنَّ الشَّهْرَ قَدْ يَجْتَمِعُ فِيهِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُثْبِتُ الْمَطْلُوبَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. قُلْت: قَدْ يُقَالُ ذَكَرَهُ لِكَوْنِهِ الْمُطَابِقَ لِلْوَاقِعِ وَإِنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ ثُبُوتُ الْمَطْلُوبِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَزِمَ أَنْ يَكُونَ أَقَلُّ الطُّهْرِ إلَخْ) لَا يَمْنَعُ هَذَا اللُّزُومَ بِأَنْ يُتَوَقَّفَ عَلَى كَوْنِ الشَّهْرِ لَا يَخْلُو غَالِبًا عَنْ أَكْثَرِ الْحَيْضِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ هَذَا التَّوَقُّفَ بَاطِلٌ وَلَا يَضُرُّ خُلُوُّهُ غَالِبًا عَنْ أَكْثَرِ الْحَيْضِ، فَإِنَّهُ لَوْ خَلَا عَنْ الْأَكْثَرِ لَزِمَ خُلُوُّهُ عَنْهُ دَائِمًا أَوْ غَالِبًا، وَهُوَ بَاطِلٌ فِي الْأَوَّلِ بِالْوُجُودِ غَيْرُ مُضِرٍّ فِي الثَّانِي لِحُصُولِ الْمَطْلُوبِ فِي الْفَرْدِ النَّادِرِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لَا سَبِيلَ إلَى الثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ أَوْ عَكْسُهُ، وَقَوْلُهُ: وَالرَّابِعِ هُوَ قَوْلُهُ أَوْ أَكْثَرَهُمَا، وَقَوْلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [أَقَلُّ الْحَيْضِ زَمَنِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ] قَوْلُهُ: كَانَ كَافِيًا فِي حُصُولِ أَقَلِّ الْحَيْضِ) يُشْكِلُ عَلَيْهِ تَسْمِيَتُهُمْ النَّقَاءَ الْحَاصِلَ بَيْنَ أَوْقَاتِ الدَّمِ حَيْضًا، وَالْمُتَعَيِّنَ كَمَا لَا يَخْفَى مَا فَهِمَهُ الشِّهَابُ الْبُرُلُّسِيُّ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ الْمُحَقِّقِ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ تِلْمِيذُهُ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ كَافِيًا فِي تَسْمِيَةِ مَا ذُكِرَ حَيْضًا، وَلَكِنْ لَا يَكُونُ الْأَقَلَّ، وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ الْبُرُلُّسِيِّ بَعْدَ أَنْ قَرَّرَ كَلَامَ الشَّارِحِ الْمُحَقِّقُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا نَصُّهَا: فَالْحَاصِلُ أَنَّ تَحَقُّقَ وُجُودِ الْأَقَلِّ فَقَطْ لَا يَكُونُ إلَّا مَعَ الِاتِّصَالِ، إذْ لَوْ فُرِضَ نَقَاءٌ فِي خِلَالِ دَمِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ زَادَ الْحَيْضُ عَنْ الْأَقَلِّ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: لَزِمَ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَكَذَا فِي التَّعْلِيلِ بَعْدَهُ

[أحكام الحيض]

إلَّا إذَا فَصَلَ بَيْنَهُمَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَغَالِبُ الْحَيْضِ سِتٌّ أَوْ سَبْعٌ، وَبَاقِي الشَّهْرِ غَالِبُ الطُّهْرِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِحَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ «تَحَيَّضِي فِي عِلْمِ اللَّهِ سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةً كَمَا تَحِيضُ النِّسَاءُ، وَيَطْهُرْنَ مِيقَاتُ حَيْضِهِنَّ وَطُهْرِهِنَّ» أَيْ الْتَزِمِي الْحَيْضَ وَأَحْكَامَهُ فِيمَا أَعْلَمَك اللَّهُ مِنْ عَادَةِ النِّسَاءِ مِنْ سِتَّةِ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةٍ، وَالْمُرَادُ غَالِبُهُنَّ لِاسْتِحَالَةِ اتِّفَاقِ الْكُلِّ عَادَةً (وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ) أَيْ الطُّهْرِ إجْمَاعًا، فَقَدْ لَا تَحِيضُ الْمَرْأَةُ فِي عُمْرِهَا إلَّا مَرَّةً وَقَدْ لَا تَحِيضُ أَصْلًا، وَلَوْ اطَّرَدَتْ عَادَةُ امْرَأَةٍ بِأَنْ تَحِيضَ دُونَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ تَطْهُرَ دُونَهَا لَمْ يُتْبَعْ ذَلِكَ لِأَنَّ بَحْثَ الْأَوَّلِينَ أَتَمُّ وَأَوْفَى، وَاحْتِمَالُ دَمٍ فَاسِدٍ لِلْمَرْأَةِ أَقْرَبُ مِنْ خَرْقِ الْعَادَةِ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ خَرْقُهُمْ لَهَا بِرُؤْيَةِ امْرَأَةٍ دَمًا بَعْدَ سِنِّ الْيَأْسِ حَيْثُ حَكَمُوا بِأَنَّهُ حَيْضٌ وَأَبْطَلُوا بِهِ تَحْدِيدَهُمْ لَهُ بِمَا مَرَّ، لِأَنَّ الِاسْتِقْرَاءَ وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا فِيهِمَا لَكِنَّهُ هُنَا أَتَمُّ بِدَلِيلِ عَدَمِ الْخِلَافِ عِنْدَنَا فِيهِ بِخِلَافِهِ، ثُمَّ لِمَا يَأْتِي مِنْ الْخِلَافِ الْقَوِيِّ فِي سِنِّهِ، وَفِي أَنَّ الْمُرَادَ نِسَاءُ عَشِيرَتِهَا أَوْ كُلُّ النِّسَاءِ وَعَلَيْهِ الْمَدَارُ فِي سَائِرِ الْأَزْمِنَةِ أَوْ زَمَنِهَا، فَهَذَا كُلُّهُ يُؤْذِنُ بِضَعْفِ الِاسْتِقْرَاءِ فَلَمْ يَلْتَزِمُوا فِيهِ مَا الْتَزَمُوهُ فِي الْحَيْضِ. ثُمَّ شَرَعَ فِي أَحْكَامِ الْحَيْضِ فَقَالَ (وَيَحْرُمُ بِهِ) أَيْ بِالْحَيْضِ (مَا يَحْرُمُ بِالْجَنَابَةِ) مِنْ صَلَاةٍ وَغَيْرِهَا لِكَوْنِهِ أَغْلَظَ مِنْهَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَحْرُمُ بِهِ أُمُورٌ زِيَادَةً عَلَى مَا يَحْرُمُ بِهَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَعُبُورُ الْمَسْجِدِ إنْ خَافَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَلَا إلَى الثَّالِثِ هُوَ قَوْلُهُ أَوْ أَقَلَّهُمَا، وَقَوْلُهُ فَتَعَيَّنَ الْأَوَّلُ هُوَ قَوْلُهُ أَنْ يَجْمَعَ أَكْثَرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا فَصَلَ بَيْنَهُمَا إلَخْ) كَوْنُ الْفَاصِلِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الدَّمُ الطَّارِئُ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ سِتِّينَ يَوْمًا، أَمَّا لَوْ كَانَ بَعْدَهَا كَأَنْ انْقَطَعَ دَمُ النِّفَاسِ فِي خَمْسِينَ يَوْمًا ثُمَّ عَادَ فِي وَاحِدٍ وَسِتِّينَ فَإِنَّهُ حَيْضٌ مَعَ كَوْنِ الْفَاصِلِ فِي هَذِهِ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَغَالِبُ الْحَيْضِ) تَتْمِيمُ الْأَقْسَامِ، وَلَعَلَّ الْحِكْمَةَ فِي عَدَمِ ذِكْرِ الْمُصَنِّفِ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حُكْمٌ مِمَّا قَصَدَ الْمُصَنِّفُ ذِكْرَهُ (قَوْلُهُ: لِحَمْنَةَ) هِيَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمَفْتُوحَةِ وَالْمِيمِ السَّاكِنَةِ (قَوْلُهُ: تَحَيَّضِي) فِي الْمُخْتَارِ وَتَحَيَّضَتْ: أَيْ قَعَدَتْ أَيَّامَ حَيْضِهَا عَنْ الصَّلَاةِ اهـ، وَعَلَيْهِ فَمَعْنَى تَحَيَّضِي اُقْعُدِي عَنْ الصَّلَاةِ: أَيْ اُتْرُكِيهَا، وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُقْرَأَ كَمَا تَحَيَّضَ بِفَتْحِ التَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَلَكِنَّ الْمَسْمُوعَ مِنْ أَفْوَاهِ الْمَشَايِخِ فَتْحُ التَّاءِ وَسُكُونُ الْيَاءِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ وَيَطْهُرْنَ (قَوْلُهُ: فِي عِلْمِ اللَّهِ) أَيْ فِيمَا عَلِمَ اللَّهُ لَك مِنْ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ: مِيقَاتُ حَيْضِهِنَّ) أَيْ ذَلِكَ مِيقَاتٌ إلَخْ، وَيَجُوزُ نَصْبُهُ بَدَلًا مِنْ سِتَّةً (قَوْلُهُ: مِنْ عَادَةِ النِّسَاءِ) هَذَا الدَّلِيلُ ظَاهِرٌ فِيمَا قَصَدَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ غَالِبَ الْحَيْضِ سِتٌّ أَوْ سَبْعٌ لَكِنَّهُ لَا يُطَابِقُ مَا يَأْتِي فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْمُسْتَحَاضَةِ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْحَدِيثِ أَنَّهَا تَتَخَيَّرُ بَيْنَ السِّتِّ وَالسَّبْعِ وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ لَهَا عَادَةٌ، وَهُوَ كَمَا تَرَى مُخَالِفٌ لِمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: لِاسْتِحَالَةِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ كَمَا يَسْتَحِيلُ اتِّفَاقُ الْكُلِّ عَادَةً يَسْتَحِيلُ عَادَةً اطِّلَاعُهَا عَلَى حَالِ غَالِبِ جَمِيعِ النِّسَاءِ، فَكَيْفَ تُؤْمَرُ بِمُوَافَقَةِ مَا لَا يُمْكِنُهَا الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِهِنَّ مَنْ يَبْلُغُهَا حَالُهُ مِنْهُنَّ بِوَاسِطَةِ اسْتِقْرَاءِ الْمُسْتَقْرِئِينَ سم عَلَى بَهْجَةٍ (قَوْلُهُ: لَمْ يُتْبَعْ ذَلِكَ) أَيْ فَلَا يُحْكَمُ بِأَنَّهُ دَمُ حَيْضٍ بَلْ اسْتِحَاضَةٍ (قَوْلُهُ: وَأَوْفَى) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: بِمَا مَرَّ) أَيْ وَهُوَ اثْنَتَانِ وَسِتُّونَ سَنَةً (قَوْلُهُ: فِيهِمَا) أَيْ فِي الْحَيْضِ وَسِنِّ الْيَأْسِ (قَوْلُهُ: عَدَمِ الْخِلَافِ) أَيْ الْخِلَافِ الْمَشْهُورِ وَإِلَّا فَهُنَاكَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ بِأَنَّ أَقَلَّهُ يَوْمٌ وَقَوْلٌ بِأَنَّ أَقَلَّهُ مَجَّةٌ وَهُمَا غَرِيبَانِ. (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَحْرُمُ بِهِ) هُوَ عِلَّةٌ لِكَوْنِهِ أَغْلَظَ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَمَّا حَرُمَ بِهِ عُبُورُ الْمَسْجِدِ وَنَحْوُهُ مِمَّا لَا يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ كَانَ أَغْلَظَ مِنْ الْجَنَابَةِ فَاسْتَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ بِهِ مَا يَحْرُمُ بِالْجَنَابَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ) أَيْ الْمَزِيدِ (قَوْلُهُ: عُبُورُ الْمَسْجِدِ) وَلَوْ بِالْمَنْزِلِ وَمُرَادُهُ بِالْمَسْجِدِ الْمَسْجِدُ يَقِينًا وَيَكْفِي فِي ذَلِكَ الِاسْتِفَاضَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: تَحَيَّضِي فِي عِلْمِ اللَّهِ إلَخْ) تَحَيَّضِي بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ الْمَفْتُوحَةِ أَيْضًا: أَيْ اُقْعُدِي عَنْ الصَّلَاةِ [أَحْكَامُ الْحَيْضِ] (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَحْرُمُ بِهِ أُمُورُ زِيَادَةٍ إلَخْ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِلْمَجْمُوعِ، وَإِلَّا فَحُرْمَةُ عُبُورِ الْمَسْجِدِ عِنْدَ خَوْفِ التَّلْوِيثِ لَا يَقْتَضِي أَنَّهُ أَغْلَظُ؛ لِأَنَّهُ لِأَمْرٍ عَارِضٍ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِهَا.

تَلْوِيثَهُ صِيَانَةً لَهُ عَنْ تَلْوِيثِهِ بِالنَّجَاسَةِ، فَإِنْ أَمِنَتْ تَلْوِيثَهُ جَازَ لَهَا الْعُبُورُ مَعَ الْكَرَاهَةِ) كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَمَحَلُّهَا عِنْدَ انْتِفَاءِ حَاجَةِ عُبُورِهَا وَلَا يَخْتَصُّ مَا ذَكَرَهُ بِهَا، فَمَنْ بِهِ حَدَثٌ دَائِمٌ كَمُسْتَحَاضَةٍ وَسَلِسِ بَوْلٍ وَمَنْ بِهِ جِرَاحَةٌ نَضَّاخَةٌ بِالدَّمِ أَوْ كَانَ مُنْتَعِلًا بِنَعْلٍ بِهِ نَجَاسَةٌ رَطْبَةٌ وَخَشِيَ تَلْوِيثَ الْمَسْجِدِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: تَلْوِيثَهُ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بِمُثَلَّثَةٍ قَبْلَ الْهَاءِ. قُلْت: وَيُمْكِنُ دَفْعُ تَوَهُّمِ قِرَاءَتِهِ بِالنُّونِ الْمُوهِمِ أَنَّهُ إذَا لَوَّثَهُ مِنْ غَيْرِ ظُهُورِ لَوْنٍ فِيهِ كَحُمْرَةٍ لَمْ يَحْرُمْ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهَا) أَيْ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: حَاجَةِ عُبُورِهَا إلَخْ) وَهَلْ مِنْ الْحَاجَةِ الْمُرُورُ مِنْ الْمَسْجِدِ بِنَجَاسَةٍ لِبُعْدِ بَيْتِهِ مِنْ طَرِيقٍ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَقُرْبِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ أَوْ لَيْسَ ذَلِكَ مِنْ الْحَاجَةِ لِأَنَّ فِيهِ قَطْعَ هَوَاءِ الْمَسْجِدِ بِالنَّجَاسَةِ وَهُوَ حَرَامٌ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَيُؤَيِّدُهُ تَصْرِيحُهُمْ بِأَنَّهُ يَجُوزُ إدْخَالُ النَّعْلِ الْمُتَنَجِّسِ الْمَسْجِدَ حَيْثُ أَمِنَ وُصُولَ نَجَاسَتِهِ مِنْهُ لِلْمَسْجِدِ، وَكَذَا دُخُولُهُ بِثَوْبٍ مُتَنَجِّسٍ نَجَاسَةً حُكْمِيَّةً وَإِنْ زَادَ عَلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ، وَيَحْتَمِلُ الثَّانِي. وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ النَّعْلَ وَنَحْوَهُ ضَرُورِيٌّ بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ وَلَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ فَلْيُرَاجَعْ. [فَائِدَةٌ] قَالَ حَجّ: بُحِثَ حِلُّ دُخُولِ مُسْتَبْرِئٍ يَدَهُ عَلَى ذَكَرِهِ لِمَنْعِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ سَوَاءٌ السَّلَسُ وَغَيْرُهُ اهـ وَأَقَرَّهُ سم. أَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا كَرَاهَةَ فِي دُخُولِهِ أَيْضًا، وَمُرَادُ حَجّ بِالدُّخُولِ مَا يَشْمَلُ الْمُكْثَ، وَمِثْلُ الْمُسْتَبْرِئِ بِالْأَوْلَى الْمُسْتَنْجِي بِالْأَحْجَارِ، وَوَقَعَ فِي كَلَامِ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ خِلَافُهُ وَقَوْلُهُ: يَدَهُ إلَخْ: أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مَعَ نَحْوِ خِرْقَةٍ عَلَى ذَكَرِهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: نَضَّاخَةٌ) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَفِي الْمُخْتَارِ عَيْنٌ نَضَّاخَةٌ كَثِيرَةُ الْمِيَاهِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْله تَعَالَى نَضَّاخَتَانِ أَيْ فَوَّارَتَانِ اهـ بِحُرُوفِهِ. وَمِثْلُ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى مَا يَقَعُ لِإِخْوَانِنَا الْمُجَاوِرِينَ مِنْ حُصُولِ التَّشْوِيشِ لَهُمْ وَإِقَامَتِهِمْ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ غَلَبَةِ نَجَاسَتِهِ فَتَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الْإِقَامَةُ فِيهِ وَيَجِبُ إخْرَاجُهُمْ مِنْهُ فَتَنَبَّهْ لَهُ (قَوْلُهُ: وَخَشِيَ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ أَمِنَ التَّلْوِيثَ لَمْ يُكْرَهْ عُبُورُهُ بِخِلَافِهَا حَجّ: أَيْ بِخِلَافِ الْحَائِضِ. [فَرْعٌ] سُئِلَ م ر فِي دَرْسِهِ عَنْ غَسْلِ النَّجَاسَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَانْفِصَالِ الْغُسَالَةِ فِيهِ حَيْثُ حَكَمَ بِطَهَارَتِهَا كَأَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ حُكْمِيَّةً فَقَالَ: يَنْبَغِي التَّحْرِيمُ لِلِاسْتِقْذَارِ وَإِنْ جَوَّزْنَا الْوُضُوءَ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ سُقُوطِ مَائِهِ الْمُسْتَعْمَلِ، لِأَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ فِي النَّجَاسَةِ يُسْتَقْذَرُ، بِخِلَافِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي الْحَدَثِ السَّاقِطِ مِنْ الْوُضُوءِ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ جَوَّزْنَا الْوُضُوءَ فِي الْمَسْجِدِ: أَيْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ بِأَعْضَائِهِ مَا يُقَذِّرُ الْمَاءَ. [فَرْعٌ] يَجُوزُ إلْقَاءُ الطَّاهِرَاتِ كَقُشُورِ الْبِطِّيخِ فِي الْمَسْجِدِ إلَّا إنْ قَذَّرَهُ بِهَا أَوْ قَصَدَ الِازْدِرَاءَ بِهِ وَالِامْتِهَانَ فَيَحْرُمُ، وَيَحْرُمُ إلْقَاءُ الْمُسْتَعْمَلِ فِيهِ، وَيَجُوزُ الْوُضُوءُ فِيهِ وَإِنْ سَقَطَ الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ فِيهِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ فِي الْأَوَّلِ امْتِهَانًا مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ م ر. [فَرْعٌ] قَالَ م ر: يَحْرُمُ الْبُصَاقُ فِي الْمَسْجِدِ، وَيَجُوزُ إلْقَاءُ مَاءِ الْمَضْمَضَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَإِنْ كَانَ مُخْتَلِطًا بِالْبُصَاقِ لِاسْتِهْلَاكِهِ فِيهِ اهـ. وَخَرَجَ بِاسْتِهْلَاكِهِ فِيهِ مَا إذَا كَانَ الْبُصَاقُ مُتَمَيِّزًا فِي مَاءِ الْمَضْمَضَةِ ظَاهِرًا بِحَيْثُ يُحَسُّ وَيُدْرَكُ مُنْفَرِدًا فَلْيُتَأَمَّلْ. [فَرْعٌ] الَّذِي يَظْهَرُ حُرْمَةُ الْبُصَاقِ عَلَى حُصْرِ الْمَسْجِدِ أَوْ عَلَى شَيْءٍ نَاتِئٍ فِيهِ كَخَشَبَةٍ وَحَجَرٍ، لِأَنَّهُ فِي هَوَاءِ الْمَسْجِدِ وَهَوَاءُ الْمَسْجِدِ مَسْجِدٌ، وَمِنْ ذَلِكَ الْبُصَاقُ عَلَى بَلَاطِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا حَالَ وَقْفِهِ مَسْجِدًا لِأَنَّهُ فِي هَوَاءِ الْمَسْجِدِ، وَمِنْ ذَلِكَ الْبُصَاقُ عَلَى خَزَائِنِ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ لِأَنَّهَا فِي هَوَاءِ الْمَسْجِدِ. نَعَمْ إنْ بَصَقَ بَيْنَ خِزَانَتَيْنِ بِحَيْثُ صَارَ مَدْفُونًا غَيْرَ بَارِزٍ فِي الْهَوَاءِ فَلَا يَبْعُدُ الْجَوَازُ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الدَّفْنِ، وَكَذَا لَوْ بَصَقَ تَحْتَ الْحُصْرِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَأَثَّرَ بِهِ بِتَعْفِينِهَا أَوْ غَيْرِهِ وَإِلَّا فَالْوَجْهُ التَّحْرِيمُ. وَأَمَّا بَصْقُهُ فِي الْمَسْجِدِ فِي ثَوْبٍ عِنْدَهُ فَيَنْبَغِي جَوَازُهُ لِأَنَّهُ مَحَلُّ حَاجَةٍ وَلَيْسَ بَاقِيًا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَلَهُ حُكْمُهَا، وَخَرَجَ بِالْمَسْجِدِ غَيْرُهُ كَمُصَلَّى الْعِيدِ وَالْمَدْرَسَةِ وَالرِّبَاطِ فَلَا يُكْرَهُ وَلَا يَحْرُمُ عُبُورُهُ عَلَى مَنْ ذُكِرَ (وَالصَّوْمُ) لِلْإِجْمَاعِ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَعَدَمِ انْعِقَادِهِ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَلَيْسَ إذَا حَاضَتْ الْمَرْأَةُ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ؟» وَهَلْ عَدَمُ صِحَّتِهِ مِنْهَا تَعَبُّدٌ لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ كَمَا ادَّعَاهُ الْإِمَامُ أَوْ مَعْقُولُ الْمَعْنَى؟ الْأَوْجَهُ الثَّانِي، لِأَنَّ خُرُوجَ الدَّمِ مُضْعِفٌ وَالصَّوْمُ مُضْعِفٌ أَيْضًا، فَلَوْ أُمِرَتْ بِالصَّوْمِ لَاجْتَمَعَ عَلَيْهَا مُضْعِفَانِ وَالشَّارِعُ نَاظِرٌ إلَى حِفْظِ الْأَبْدَانِ، وَهَلْ تُثَابُ عَلَى التَّرْكِ كَمَا يُثَابُ الْمَرِيضُ عَلَى النَّوَافِلِ الَّتِي كَانَ يَفْعَلُهَا فِي صِحَّتِهِ وَشَغَلَهُ مَرَضُهُ عَنْهَا؟ قَالَ الْمُصَنِّفُ: لَا لِأَنَّ الْمَرِيضَ يَنْوِي أَنَّهُ يَفْعَلُ لَوْ كَانَ سَالِمًا مَعَ بَقَاءِ أَهْلِيَّتِهِ وَهِيَ غَيْرُ أَهْلٍ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَنْوِيَ أَنَّهَا تَفْعَلُ لِأَنَّهُ حَرَامٌ عَلَيْهَا (وَيَجِبُ قَضَاؤُهُ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ) لِخَبَرِ عَائِشَةَ «كُنَّا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ» وَتَرْكُ الصَّلَاةِ يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ قَضَائِهَا لِأَنَّ الشَّارِعَ أَمَرَ بِالتَّرْكِ وَمَتْرُوكُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي الْمَسْجِدِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ بَصْقِهِ فِي نَحْوِ كُمِّهِ، ثُمَّ رَأَيْت م ر كَشَيْخِنَا حَجّ يُخَالِفُ فِي جَمِيعِ مَا قُلْته لِأَنَّهُ لَيْسَ جُزْءًا مِنْ الْمَسْجِدِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَقَوْلُهُ: يُخَالِفُ فِي جَمِيعِ مَا قُلْته: أَيْ فَيَقُولُ بِالْجَوَازِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْبَصْقُ عَلَى الْخَزَائِنِ أَوْ بَيْنَهَا أَوْ عَلَى الْحُصْرِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمَسْجِدِ لَكِنَّهُ مِلْكٌ لِغَيْرِ الْبَاصِقِ أَوْ وَقْفٌ. وَيُجَابُ عَنْهُ بِمَا سَبَقَ فِي كَلَامِهِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَخَرَجَ بِالْمَسْجِدِ غَيْرُهُ بِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ مِنْ حَيْثُ الْمَسْجِدِيَّةُ وَإِنْ حَرُمَ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى. وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ جُزْءًا مِنْ الْمَسْجِدِ: أَيْ لِاخْتِصَاصِ الْمَسْجِدِ بِالْأَرْضِ وَمَا فِيهَا مِمَّا أَنْشَأَهُ الْوَاقِفُ مَسْجِدًا وَالْحُصْرُ وَالْخَزَائِنُ إنَّمَا حَدَثَتْ بَعْدَ الْإِنْشَاءِ فَلَا يَشْمَلُهَا الْوَقْفُ، وَهِيَ بَعْدَ ذَلِكَ إمَّا بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي أَوْ مَوْقُوفَةٌ لِمَصَالِحِ الْمَسْجِدِ وَلَيْسَتْ مَسْجِدًا. قُلْت: وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ سم (قَوْلُهُ: فَلَهُ حُكْمُهَا) أَيْ فِي حُرْمَةِ الدُّخُولِ إنْ خَافَ التَّلْوِيثَ. أَمَّا مَعَ أَمْنِهِ فَلَيْسَ لَهُ حُكْمُهَا إذْ لَا يُكْرَهُ لَهُ الدُّخُولُ مُطْلَقًا اهـ حَجّ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْرُمُ عُبُورُهُ عَلَى مَنْ ذُكِرَ) أَيْ عِنْدَ مُجَرَّدِ خَوْفِ التَّلْوِيثِ، فَإِنْ تَحَقَّقَ التَّلْوِيثُ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ حَرُمَ، بَلْ يَجْرِي ذَلِكَ فِي دُخُولِهِ مِلْكَ غَيْرِهِ مُطْلَقًا اهـ حَجّ بِالْمَعْنَى. وَقَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ مَعَ خَشْيَةِ التَّلْوِيثِ وَهُوَ مُشْكِلٌ، وَيَتَّجِهُ وِفَاقًا لمر أَنَّ الْمُرَادَ لَا يَحْرُمُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَدْرَسَةً أَوْ رِبَاطًا، وَلَكِنْ يَحْرُمُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى إذَا كَانَ مَمْلُوكًا وَلَمْ يَأْذَنْ الْمَالِكُ وَلَا ظَنَّ رِضَاهُ أَوْ مَوْقُوفًا مُطْلَقًا. نَعَمْ إنْ كَانَ مَوْقُوفًا وَكَانَ أَرْضُهُ تُرَابِيَّةً وَكَانَ الدَّمُ يَسِيرًا فَلَا يَبْعُدُ وِفَاقًا لَمْ ر الْجَوَازِ اهـ (قَوْلُهُ: أَلَيْسَ) اسْتِفْهَامٌ تَقْرِيرِيٌّ، وَهُوَ جَوَابُ سُؤَالِ مَنْ قَالَتْ حِينَ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «النِّسَاءُ نَاقِصَاتُ عَقْلٍ وَدِينٍ» مَا مَعْنَاهُ: أَمَّا نُقْصَانُ الْعَقْلِ فَمُشَاهَدٌ. وَأَمَّا نُقْصَانُ الدِّينِ فَمَا وَجْهُهُ (قَوْلُهُ: الْأَوْجَهُ الثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ: أَوْ مَعْقُولُ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ: يَنْوِي أَنَّهُ يَفْعَلُ إلَخْ) مَا الْمَانِعُ أَنْ يُقَالَ وَهِيَ تَنْوِي فِعْلَ ذَلِكَ لَوْ لَمْ تَحِضْ (قَوْلُهُ: وَتَرْكُ الصَّلَاةِ إلَخْ) كَانَ مُرَادُهُ أَنَّ مُجَرَّدَ عَدَمِ الْأَمْرِ بِالْقَضَاءِ لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ وُجُوبِهِ لِمَا هُوَ مَعْلُومٌ أَنَّ الْوَاجِبَ إذَا لَمْ يُفْعَلْ فِي وَقْتِهِ وَجَبَ قَضَاؤُهُ. وَحَاصِلُ مَا وُجِّهَ بِهِ أَنَّهُ لَمَّا وَرَدَ الْأَمْرُ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ: أَيْ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَلَا يُكْرَهُ وَلَا يَحْرُمُ عُبُورُهُ عَلَى مَنْ ذُكِرَ) يُشْكِلُ عَلَيْهِ تَصْرِيحُهُمْ بِتَحْرِيمِ إسْرَاجِ الْمَذْكُورَاتِ بِالنَّجِسِ إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَاكَ عِنْدَ تَحَقُّقِ النَّجَاسَةِ، وَمَا هُنَا فِي مُجَرَّدِ الْخَوْفِ. وَقَدْ قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ: إنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْحُرْمَةِ فِي الْحَائِضِ إذَا عَبَرَتْ الرِّبَاطَ وَنَحْوَهُ مِنْ حَيْثُ الْحَيْضُ، وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ التَّلْوِيثُ فَيَحْرُمُ انْتَهَى. وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إنَّمَا يَتَأَتَّى فِي الْحَائِضِ لِكَوْنِهَا لَهَا جِهَتَانِ كَمَا تَقَرَّرَ أَمَّا غَيْرُهَا مِمَّنْ أُلْحِقَ بِهَا مِمَّنْ بِهِ حَدَثٌ دَائِمٌ وَنَحْوُهُ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ إذْ لَيْسَ فِيهِ إلَّا جِهَةُ التَّلْوِيثِ وَالشَّارِحُ كَغَيْرِهِ مُصَرِّحٌ فِيهِ بِعَدَمِ الْحُرْمَةِ، ثُمَّ رَأَيْتُ الشِّهَابَ ابْنَ قَاسِمٍ نَقَلَ عَنْ شَيْخِهِ الشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ مَا قَدَّمْته مِنْ الْحَمْلِ بِقَوْلِي إلَّا أَنْ يُقَالَ إلَخْ (قَوْلُهُ: الَّتِي كَانَ يَفْعَلُهَا إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ غَافِلًا عَنْ نِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ صَحِيحًا فَعَلَهُ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ هَذِهِ النِّيَّةِ، وَعَلَيْهِ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ عَادَةٌ لَكِنْ كَانَ فِي نِيَّتِهِ مَا ذُكِرَ هَلْ يَكُونُ

لَا يَجِبُ فِعْلُهُ فَلَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ وَلِأَنَّهَا تَكْثُرُ فَتَشُقُّ بِخِلَافِهِ، وَلِأَنَّ أَمْرَهَا لَمْ يُبْنَ عَلَى أَنْ تُؤَخَّرَ وَلَوْ بِعُذْرٍ ثُمَّ تُقْضَى، بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ عُهِدَ تَأْخِيرُهُ بِعُذْرِ السَّفَرِ وَالْمَرَضِ ثُمَّ يُقْضَى، وَقَدْ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى ذَلِكَ. وَالْأَوْجَهُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ كَرَاهَةُ قَضَائِهَا بَلْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: إنَّهُ الْمَشْهُورُ الْمَعْرُوفُ وَلَا يُؤْثَرُ فِيهِ نَهْيُ عَائِشَةَ الْآتِي، وَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ مُنْتَقَضٌ بِقَضَاءِ الْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ، خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ وَالْمُصَنِّفِ عَنْ الْبَيْضَاوِيِّ أَنَّهُ يَحْرُمُ لِأَنَّ عَائِشَةَ نَهَتْ السَّائِلَ عَنْ ذَلِكَ، وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ مَحَلُّهُ فِيمَا أُمِرَ بِفِعْلِهِ، بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ فَيُسَنُّ لَهُمَا الْقَضَاءُ، وَعَلَى الْكَرَاهَةِ هَلْ تَنْعَقِدُ صَلَاتُهَا أَوْ لَا؟ الْأَوْجَهُ نَعَمْ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ طَلَبِ الْعِبَادَةِ عَدَمُ انْعِقَادِهَا وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ أَنَّ وُجُوبَ قَضَاءِ الصَّوْمِ عَلَيْهَا بِأَمْرٍ جَدِيدٍ، وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الِانْعِقَادِ اسْتِوَاءُ الْقَوْلِ بِالْحُرْمَةِ وَالْكَرَاهَةِ لِأَنَّهُ حَيْثُ قِيلَ بِعَدَمِهِ كَانَتْ عِبَادَةً فَاسِدَةً وَتَعَاطِيهَا حَرَامٌ، فَنَصْبُهُمْ الْخِلَافَ بَيْنَهُمَا دَالٌّ عَلَى تَغَايُرِ حُكْمِهِمَا وَمِمَّا يَحْرُمُ عَلَيْهَا الطَّهَارَةُ عَنْ الْحَدَثِ بِقَصْدِ التَّعَبُّدِ مَعَ عِلْمِهَا بِالْحُرْمَةِ لِتَلَاعُبِهَا، فَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا النَّظَافَةَ كَأَغْسَالِ الْحَجِّ لَمْ يَمْتَنِعْ كَمَا سَيَأْتِي ثُمَّ (وَ) يَحْرُمُ بِهِ أَيْضًا مُبَاشَرَتُهَا فِي (مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا) وَلَوْ مِنْ غَيْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSدَلَّ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ غَيْرُ وَاجِبَةٍ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي عَدَمَ وُجُوبِ الْقَضَاءِ إلَّا بِدَلِيلٍ وَلَمْ يَثْبُتْ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ أَمْرَهَا) أَيْ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَالتَّعْلِيلُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّ الشَّارِعَ أَمَرَ بِالتَّرْكِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مُنْتَقِضٌ) يُتَأَمَّلُ فَإِنَّ الْمَجْنُونَ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا الْقَضَاءُ كَمَا أَنَّ الْحَائِضَ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْقَضَاءُ. نَعَمْ يُفَارِقَانِ الْحَائِضَ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّهُ يُكْرَهُ قَضَاءُ الْحَائِضِ، وَيُنْدَبُ قَضَاءُ الْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ، لَكِنَّ هَذَا لَا دَخْلَ لَهُ فِي التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ الْحَائِضَ يَحْرُمُ عَلَيْهَا الْفِعْلُ لِلنَّهْيِ، وَلَا كَذَلِكَ الْمَجْنُونُ، إذْ غَايَةُ أَمْرِهِ أَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ بِالْفِعْلِ مَا دَامَ مَجْنُونًا، فَلَا بُعْدَ فِي اسْتِحْبَابِ الْقَضَاءِ مِنْهُ لِزَوَالِ مَانِعِ الْفِعْلِ (قَوْلُهُ: عَنْ الْبَيْضَاوِيِّ) هُوَ أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الشَّيْخَيْنِ وَلَيْسَ هُوَ الْمُفَسِّرَ الْمَشْهُورَ الْآنَ كَذَا بِهَامِشٍ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ: الْأَوْجَهُ نَعَمْ) خِلَافًا لحج: أَيْ وَتَنْعَقِدُ نَفْلًا فَتَجْمَعُهَا مَعَ فَرْضٍ آخَرَ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ كَمَا وَقَعَ فِي كَلَامِ شَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَائِضِ وَالْكَافِرِ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ فِيمَا يَأْتِي مِنْ عَدَمِ انْعِقَادِ الصَّلَاةِ إذَا قَضَاهَا أَنَّ الْكَافِرَ كَانَ مُخَاطَبًا بِتِلْكَ الصَّلَاةِ فِي حَالِ كُفْرِهِ بِأَنْ يُسْلِمَ وَيَأْتِيَ بِهَا، فَلَمَّا أَسْلَمَ سَقَطَ عَنْهُ الْقَضَاءُ لِلْإِخْبَارِ بِغُفْرَانِ مَا سَلَفَ لَهُ، فَإِذَا قَضَاهَا كَانَ مُرَاغِمًا لِلشَّرْعِ فَلَمْ تَصِحَّ مِنْهُ، وَلَا كَذَلِكَ الْحَائِضُ فَإِنَّهَا أُسْقِطَتْ عَنْهَا فِي زَمَنِ الْحَيْضِ عَزِيمَةً وَالْقَضَاءُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ وَلَمْ يَثْبُتْ فَلَمْ يَكُنْ فِي قَضَائِهَا مَا يُشْبِهُ الْمُرَاغَمَةَ لِعَدَمِ وُرُودِ شَيْءٍ فِيهِ عَنْ الشَّارِعِ، وَبِأَنَّ الْكَافِرَ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ حَالَةٌ قَبْلَ إسْلَامِهِ يَكُونُ فِيهَا أَهْلًا، بِخِلَافِ الْحَائِضِ فَإِنَّهَا أَهْلٌ لِلصَّلَاةِ فِي الْجُمْلَةِ وَلَكِنَّهَا نُهِيَتْ عَنْهَا زَمَنَ الْحَيْضِ، وَالْقِيَاسُ أَنَّهَا لَا تُثَابُ عَلَى صَلَاتِهَا هَذِهِ لِأَنَّهَا مَنْهِيَّةٌ عَنْهَا لِذَاتِهَا وَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ لَا ثَوَابَ فِيهِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ طَلَبِ الْعِبَادَةِ عَدَمُ انْعِقَادِهَا) قَدْ يُتَوَقَّفُ فِي هَذَا التَّعْلِيلِ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْحَاصِلُ هُنَا مُجَرَّدَ عَدَمِ الطَّلَبِ بَلْ النَّهْيَ عَنْ الْفِعْلِ، وَالنَّهْيُ عَنْ الْعِبَادَةِ لِذَاتِهَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ، وَمُجَرَّدُ عَدَمِ الطَّلَبِ لَا يَقْتَضِيهِ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ فِي الْعِبَادَةِ أَنَّهَا إذَا لَمْ تُطْلَبْ لَا تَنْعَقِدُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَمْتَنِعْ إلَخْ) أَيْ بَلْ تُسَنُّ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ) أَيْ عَلَى الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ (قَوْلُهُ: مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا إلَخْ) لَوْ مَاتَتْ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ فَالْوَجْهُ حُرْمَةُ مُبَاشَرَةِ مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQكَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ) يَعْنِي الْآتِي فِي قَوْلِهِ: وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ مَحَلُّهُ إلَخْ، فَإِنَّ الْعِبَارَةَ لِشَرْحِ الرَّوْضِ وَالشَّارِحُ تَصَرَّفَ فِيهَا بِمَا تَرَى، وَوَقَعَ خِلَافُ هَذَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ إلَخْ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ كَرَاهَةُ قَضَائِهَا (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَلْزَمُ إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ يَلْزَمُ إذَا كَانَ النَّهْيُ رَاجِعًا لِذَاتِ الْعِبَادَةِ وَلَازِمِهَا عَلَى أَنَّ مَا هُنَا طَلَبُ تَرْكٍ لَا عَدَمُ طَلَبٍ وَشَتَّانَ مَا بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى الْقَوْلِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: لَا مَحْذُورَ فِي الِاسْتِوَاءِ الْمَذْكُورِ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فِي التَّنَفُّلِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ (قَوْلُهُ: مُبَاشَرَتُهَا) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَصْدَرُ مُضَافًا لِمَفْعُولِهِ:

شَهْوَةٍ لِآيَةِ {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222] وَهُوَ الْحَيْضُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَأَلَ عَمَّا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنْ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ فَقَالَ: مَا فَوْقَ الْإِزَارِ» وَخَصَّ بِمَفْهُومِهِ عُمُومَ خَبَرِ مُسْلِمٍ «اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إلَّا النِّكَاحَ» وَلِأَنَّ الِاسْتِمْتَاعَ بِمَا تَحْتَ الْإِزَارِ يَدْعُو إلَى الْجِمَاعِ فَحُرِّمَ، لِأَنَّ مَنْ حَامَ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ، عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْمُضَاجَعَةُ وَالْقُبْلَةُ وَنَحْوُهُمَا جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ رَدِّ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ إلَيْهِ، وَيُعَضِّدُهُ فِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ حُرْمَةُ وَطْئِهَا فِي فَرْجِهَا وَلَوْ بِحَائِلٍ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَجَوَازُ النَّظَرِ وَلَوْ بِشَهْوَةٍ لَهَا إذْ لَيْسَ هُوَ أَعْظَمَ مِنْ تَقْبِيلِهَا فِي وَجْهِهَا بِشَهْوَةٍ، وَإِنْ كَانَ تَعْبِيرُ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالْمُحَرَّرِ وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ بِالِاسْتِمْتَاعِ يَقْتَضِي تَحْرِيمَهُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنْ بَيَّنَ التَّعْبِيرَ بِالِاسْتِمْتَاعِ وَالْمُبَاشَرَةِ عُمُومًا وَخُصُوصًا مِنْ وَجْهٍ: أَيْ لِكَوْنِ الْمُبَاشَرَةِ لَا تَكُونُ إلَّا بِاللَّمْسِ سَوَاءٌ أَكَانَ بِشَهْوَةٍ أَمْ لَا، وَالِاسْتِمْتَاعُ يَكُونُ بِاللَّمْسِ وَالنَّظَرِ، وَلَا يَكُونُ إلَّا بِشَهْوَةٍ. أَمَّا الِاسْتِمْتَاعُ بِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَلَوْ بِوَطْءٍ فَجَائِزٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ حَائِلٌ، وَكَذَا بِمَا بَيْنَهُمَا بِحَائِلٍ بِغَيْرِ وَطْءٍ فِي الْفَرْجِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِيمَنْ لَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إنْ بَاشَرَهَا وَطِئَ لِمَا عَرَفَهُ مِنْ عَادَتِهِ مِنْ قُوَّةِ شَبَقِهِ وَقِلَّةِ تَقْوَاهُ، وَهُوَ أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ مِمَّنْ حَرَّكَتْ الْقُبْلَةُ شَهْوَتَهُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَأَمَّا نَفْسُ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَهَلْ هُمَا كَمَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَتَحْتَ الرُّكْبَةِ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّنْقِيحِ: لَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا كَلَامًا فِي الِاسْتِمْتَاعِ بِالسُّرَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَمَا فِي الْحَيَاةِ، بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهُ يَحْرُمُ بَعْدَ الْمَوْتِ مَسُّ مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا إذَا لَمْ تَكُنْ حَائِضًا بِخِلَافِهِ فِي الْحَيَاةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْجَنَائِزِ، فَحَالُ الْمَوْتِ أَضْيَقُ فَكَانَتْ الْحُرْمَةُ فِيهِ فِيمَا ذُكِرَ أَوْلَى اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ حُرْمَةُ مَسِّ الشَّعْرِ النَّابِتِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَإِنْ طَالَ، وَهُوَ قَرِيبٌ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُنِيطُوا الْحُكْمَ هُنَا بِالشَّهْوَةِ وَعَدَمِهَا فَلْيُرَاجَعْ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا حُرْمَةُ مَسِّ ذَلِكَ بِظُفْرِهِ أَوْ سِنِّهِ أَوْ شَعْرِهِ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ أَيْضًا لِأَنَّ مَنْ حَامَ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ، لَكِنَّ فِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ نَقْلًا عَنْ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ الشَّوْبَرِيِّ أَنَّهُ لَوْ مَسَّ بِسِنِّهِ أَوْ شَعْرِهِ أَوْ ظُفْرِهِ لَمْ يَحْرُمْ وَفِيهِ وَقْفَةٌ. [فَرْعٌ] لَوْ خَافَ الزِّنَا إنْ لَمْ يَطَأْ الْحَائِضَ: أَيْ بِأَنْ تَعَيَّنَ وَطْؤُهَا لِدَفْعِهِ جَازَ لِأَنَّهُ يَرْتَكِبُ أَخَفَّ الْمَفْسَدَتَيْنِ لِدَفْعِ أَشَدِّهِمَا، بَلْ يَنْبَغِي وُجُوبُهُ، وَقِيَاسُ ذَلِكَ حِلُّ اسْتِمْنَاءٍ بِيَدِهِ تَعَيَّنَ لِدَفْعِ الزِّنَا اهـ سم أَيْضًا عَلَى حَجّ. وَقَوْلُهُ: لِدَفْعِ أَشَدِّهِمَا يَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا وَالِاسْتِمْنَاءُ بِيَدِهِ فَيُقَدِّمُ الْوَطْءَ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ مَا يُبَاحُ لَهُ فِعْلُهُ بَلْ هُوَ بِخُصُوصِهِ مُبَاحٌ لَوْلَا الْحَيْضُ، وَلَا كَذَلِكَ اسْتِمْنَاؤُهُ بِيَدِهِ. وَقَوْلُهُ: بَلْ يَنْبَغِي وُجُوبُهُ: أَيْ وَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ تَصَدُّقٌ حِينَئِذٍ لِعَدَمِ حُرْمَتِهِ. وَقَوْلُهُ: وَقِيَاسُ ذَلِكَ حِلُّ اسْتِمْنَاءٍ بِيَدِهِ إلَخْ أَوْ يَدِ زَوْجَتِهِ مُقَدِّمًا عَلَى وَطْئِهَا حَائِضًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ إنْ تَعَيَّنَ لِدَفْعِ الزِّنَا. أَمَّا بِدُونِ تَعَيُّنِ دَفْعِ الزِّنَا فَجَائِزٌ مُطْلَقًا. وَبَقِيَ مَا لَوْ دَارَ الْحَالُ بَيْنَ وَطْءِ زَوْجَتِهِ فِي دُبُرِهَا بِأَنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا كَأَنْ انْسَدَّ قُبُلُهَا وَبَيْنَ الزِّنَا هَلْ يُقَدِّمُ الْأَوَّلَ أَوْ الثَّانِيَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ لَهُ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا فِي الْجُمْلَةِ وَلِأَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ بِذَلِكَ. وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ تَعَارَضَ وَطْؤُهَا فِي الدُّبُرِ وَالِاسْتِمْنَاءُ بِيَدِ نَفْسِهِ فِي دَفْعِ الزِّنَا، فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ تَقْدِيمُ الْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ أَيْضًا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ مَحَلُّ تَمَتُّعِهِ فِي الْجُمْلَةِ. وَيَنْبَغِي كُفْرُ مَنْ اعْتَقَدَ حِلَّ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَمَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ «مَا فَوْقَ الْإِزَارِ» ، وَقَوْلُهُ: إلَيْهِ: أَيْ إلَى قَوْلِهِ " اصْنَعُوا " فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ، وَقَوْلُهُ وَيُعَضِّدُهُ: أَيْ قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِهِ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ أَنْ يُبَاشِرَهَا فِيمَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا وَلِفَاعِلِهِ: أَيْ أَنْ تُبَاشِرَهُ لَكِنْ عَلَى الثَّانِي تَكُونُ فِي بِمَعْنَى الْبَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِوَطْءٍ) الْمُرَادُ بِهِ الْمُبَاشَرَةُ بِالذَّكَرِ.

وَالرُّكْبَةِ، وَالْمُخْتَارُ الْجَزْمُ بِجَوَازِهِ اهـ وَعِبَارَةُ الْأُمِّ وَالسُّرَّةُ فَوْقَ الْإِزَارِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَسَكَتُوا عَنْ مُبَاشَرَةِ الْمَرْأَةِ لِلزَّوْجِ، وَالْقِيَاسُ أَنَّ مَسَّهَا لِلذَّكَرِ وَنَحْوِهِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ حُكْمُهُ حُكْمُ تَمَتُّعَاتِهِ بِهَا فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ. وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ غَلَطٌ عَجِيبٌ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الرَّجُلِ دَمٌ حَتَّى يَكُونَ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ كَمَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا، فَمَسُّهَا لِذَكَرِهِ غَايَتُهُ أَنَّهُ اسْتِمْتَاعٌ بِكَفِّهَا وَهُوَ جَائِزٌ قَطْعًا، وَبِأَنَّهَا إذَا لَمَسَتْ ذَكَرَهُ بِيَدِهَا فَقَدْ اسْتَمْتَعَ هُوَ بِهَا بِمَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَهُوَ جَائِزٌ، وَبِأَنَّهُ كَانَ الصَّوَابُ فِي نَظْمِ الْقِيَاسِ أَنْ يَقُولَ: كُلُّ مَا مَنَعْنَاهُ مِنْهُ نَمْنَعُهَا أَنْ تَلْمِسَهُ بِهِ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَلْمِسَ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ سَائِرَ بَدَنِهَا إلَّا مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ تَمْكِينُهَا مِنْ لَمْسِهِ بِمَا بَيْنَهُمَا، وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ اسْتِمْتَاعِهَا بِهِ مُطْلَقًا، وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ وَقَدْ يُقَالُ: إنْ كَانَتْ هِيَ الْمُسْتَمْتِعَةَ اتَّضَحَ مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ لِأَنَّهُ كَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ اسْتِمْتَاعُهُ بِمَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا خَوْفَ الْوَطْءِ الْمُحَرَّمِ يَحْرُمُ اسْتِمْتَاعُهَا بِمَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ لِذَلِكَ، وَخَشْيَةُ التَّلْوِيثِ بِالدَّمِ لَيْسَ عِلَّةً وَلَا جُزْءَ عِلَّةٍ لِوُجُودِ الْحُرْمَةِ مَعَ تَيَقُّنِ عَدَمِهِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُسْتَمْتِعَ اُتُّجِهَ الْحِلُّ لِأَنَّهُ مُسْتَمْتِعٌ بِمَا عَدَا مَا بَيْنَهُمَا. هَذَا وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ فِي جَانِبِهَا خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ، وَوَطْؤُهَا فِي فَرْجِهَا عَالِمًا عَامِدًا مُخْتَارًا كَبِيرَةٌ يُكَفَّرُ مُسْتَحِلُّهُ. وَيُسْتَحَبُّ لِلْوَاطِئِ مَعَ الْعِلْمِ وَهُوَ عَامِدٌ مُخْتَارٌ فِي أَوَّلِ الدَّمِ تَصَدُّقٌ، وَيُجْزِئُ وَلَوْ عَلَى نَحْوِ فَقِيرٍ وَاحِدٍ بِمِثْقَالٍ إسْلَامِيٍّ مِنْ الذَّهَبِ الْخَالِصِ أَوْ مَا يَكُونُ بِقَدْرِهِ، وَفِي آخِرِ الدَّمِ بِنِصْفِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ زَوْجًا أَمْ غَيْرَهُ، وَقَدْ أَبْدَى ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا مَعْنًى لَطِيفًا فَقَالَ: إنَّمَا كَانَ هَذَا لِأَنَّهُ كَانَ فِي أَوَّلِهِ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْجِمَاعِ فَلَا يُعْذَرُ، وَفِي آخِرِهِ قَدْ بَعُدَ عَهْدُهُ فَخُفِّفَ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِي غَيْرِ الْمُتَحَيِّرَةِ أَمَّا هِيَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: الْجَزْمُ بِجَوَازِهِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فِي فَرْجِهَا) أَيْ فِي زَمَنِ الدَّمِ سم عَلَى حَجّ عَنْ عب (قَوْلُهُ: كَبِيرَةٌ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِيمَا زَادَ مِنْ حَيْضِهَا عَلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ. وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ: فَرْعٌ أَكْثَرُ الْحَيْضِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَشْرٌ فَهَلْ الْوَطْءُ كَبِيرَةٌ فِيمَا زَادَ عَلَى الْعَشْرِ أَوْ لَا نَظَرًا لِخِلَافِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ مَا نَقُولُهُ فِي شُرْبِ النَّبِيذِ حَيْثُ يُجِيزُهُ أَبُو حَنِيفَةَ فَرَاجِعْهُ، وَفِيهِ عَلَى مَنْهَجٍ أَنَّ وَطْأَهَا بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ كَبِيرَةٌ حَيْثُ لَمْ يُجَوِّزْهُ أَبُو حَنِيفَةَ اهـ. أَقُولُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ وَطْأَهَا بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْعَشْرِ لَيْسَ كَبِيرَةً لِتَجْوِيزِ أَبِي حَنِيفَةَ لَهُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ زَمَنِ جَرَيَانِ الدَّمِ وَانْقِطَاعِهِ بِأَنَّ مَا بَعْدَ الِانْقِطَاعِ طُهْرٌ حُكْمًا وَلَا مُجَاوَزَةَ فِيهِ لِلدَّمِ أَصْلًا بِخِلَافِ زَمَنِ جَرَيَانِهِ، وَقَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يُجَوِّزْهُ أَبُو حَنِيفَةَ يُفِيدُ حُرْمَتَهُ إذَا انْقَطَعَ قَبْلَ الْعَشْرِ لَكِنْ كَانَ انْقِطَاعُهُ فِي زَمَنٍ لَا يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ بِجَوَازِ الْوَطْءِ فِيهِ. [فَرْعٌ] قَالَ م ر: الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَى الْحَائِضِ حُضُورُ الْمُحْتَضِرِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمُحْتَضِرَ مِنْ شَأْنِهِ الِاحْتِيَاجُ لِمَنْ يُعَاوِنُهُ وَيُزِيلُ عَنْهُ الْوَحْشَةَ فَجَازَ لَهَا ذَلِكَ لِهَذَا الْغَرَضِ، وَجَازَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعَوِّضُ الْمُحْتَضِرَ بَدَلَ حُضُورِ الْمَلَائِكَةِ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ لِلْوَاطِئِ) وَمِثْلُهُ تَارِكُ الْجُمُعَةِ عَمْدًا فَيُسْتَحَبُّ لَهُ التَّصَدُّقُ بِذَلِكَ كَذَا بِهَامِشٍ بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ، ثُمَّ رَأَيْته فِي مم عَلَى حَجّ فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُنْظَرْ إنْ كَانَ ذَلِكَ مَخْصُوصًا بِالْجُمُعَةِ فَمَا وَجْهُهُ، وَإِنْ كَانَ عَامًّا فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ الْكَبَائِرِ قِيَاسًا عَلَى الْوَطْءِ فِي الْحَيْضِ اُتُّجِهَ (قَوْلُهُ: مَعَ الْعِلْمِ) أَيْ بِالتَّحْرِيمِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الصَّبِيَّ لَا يُطْلَبُ مِنْ وَلِيِّهِ التَّصَدُّقُ عَنْهُ، وَكَذَا لَا يُطْلَبُ مِنْهُ التَّصَدُّقُ بَعْدَ كَمَالِهِ سم عَلَى حَجّ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: فِي أَوَّلِ الدَّمِ) أَفَادَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ أَنَّهُ إذَا وَطِئَهَا فِي وَسَطِ الدَّمِ تَصَدَّقَ بِثُلُثَيْ دِينَارٍ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْأَكْثَرُونَ اهـ مَنَاظِرُ الِابْتِهَاجِ لِلْقُدْسِيِّ. قُلْت: بَلْ ذَكَرَ سم عَلَى حَجّ مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ حَيْثُ قَالَ: الْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ زَمَنُ إقْبَالِهِ وَقُوَّتِهِ وَالْمُرَادُ بِآخِرِهِ زَمَنُ ضَعْفِهِ، وَهَذَا مِنْهُ يَقْتَضِي عَدَمَ الْوَاسِطَةِ وَأَنَّهُ مَا دَامَ الدَّمُ قَوِيًّا يُسْتَحَبُّ التَّصَدُّقُ بِالدِّينَارِ وَإِنْ مَضَى غَالِبُ مُدَّةِ الْحَيْضِ (قَوْلُهُ: تَصَدُّقٌ) وَقَضِيَّتُهُ تَكَرُّرُ طَلَبِ التَّصَدُّقِ بِمَا ذَكَرَ بِتَكَرُّرِ الْوَطْءِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ ذَلِكَ كَفَّارَةٌ لِحُرْمَةِ الْوَطْءِ وَهِيَ مُتَعَدِّدَةٌ بِتَعَدُّدِهِ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ بِعَدَمِ التَّكَرُّرِ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالُوهُ فِي حَدِّ الزِّنَا مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَلَا كَفَّارَةَ بِوَطْئِهَا وَإِنْ حَرُمَ، وَلَوْ أَخْبَرَتْهُ بِالْحَيْضِ فَكَذَّبَهَا لَمْ يَحْرُمْ أَوْ صَدَّقَهَا حَرُمَ، وَإِنْ لَمْ يُكَذِّبْهَا وَلَمْ يُصَدِّقْهَا فَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ حِلُّهُ لِلشَّكِّ، بِخِلَافِ مَنْ عَلَّقَ بِهِ طَلَاقَهَا وَأَخْبَرَتْهُ بِهِ فَإِنَّهَا تُطْلَقُ وَإِنْ كَذَّبَهَا لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ فِي تَعْلِيقِهِ بِمَا لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهَا، وَيُقَاسُ النِّفَاسُ عَلَى الْحَيْضِ فِيمَا ذُكِرَ وَالْوَطْءُ بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ إلَى الطُّهْرِ كَالْوَطْءِ فِي آخِرِ الدَّمِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَا يُكْرَهُ طَبْخُهَا وَلَا اسْتِعْمَالُ مَا مَسَّتْهُ مِنْ عَجِينٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ غَيْرُ الْوَطْءِ) وَاخْتَارَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ، وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الطَّلَاقِ حُرْمَتُهُ فِي حَيْضِ مَمْسُوسَةٍ لِتَضَرُّرِهَا بِطُولِ الْمُدَّةِ، فَإِنَّ زَمَانَ الْحَيْضِ لَا يُحْسَبُ مِنْ الْعِدَّةِ، فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا لَمْ يَحْرُمْ طَلَاقُهَا لِأَنَّ عِدَّتَهَا إنَّمَا تَنْقَضِي بِوَضْعِ الْحَمْلِ (فَإِذَا انْقَطَعَ) دَمُ الْحَيْضِ فِي زَمَنِ إمْكَانِهِ وَمِثْلُهُ النِّفَاسُ (لَمْ يَحِلَّ قَبْلَ الْغُسْلِ) أَيْ أَوْ التَّيَمُّمِ (غَيْرُ الصَّوْمِ) لِأَنَّ الْحَيْضَ قَدْ زَالَ وَصَارَتْ كَالْجُنُبِ وَصَوْمُهُ صَحِيحٌ بِالْإِجْمَاعِ (وَالطَّلَاقُ) هُوَ مِنْ زِيَادَتِهِ لِزَوَالِ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِتَحْرِيمِهِ مِنْ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ بِسَبَبِ الْحَيْضِ، وَمِمَّا يَحِلُّ لَهَا أَيْضًا صِحَّةُ طَهَارَتِهَا وَصَلَاتِهَا عِنْدَ فَقْدِ الطَّهُورَيْنِ بَلْ يَجِبُ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ تَمَتُّعٍ وَمَسِّ مُصْحَفٍ وَحَمْلِهِ وَنَحْوِهَا بَاقٍ حَتَّى تَغْتَسِلَ أَوْ تَتَيَمَّمَ، أَمَّا غَيْرُ التَّمَتُّعُ فَلِبَقَاءِ حَدَثِهَا، وَأَمَّا التَّمَتُّعُ، فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] فَإِنَّهُ قَدْ قُرِئَ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ وَالْقِرَاءَتَانِ فِي السَّبْعِ، فَأَمَّا قِرَاءَةُ التَّشْدِيدِ فَصَرِيحَةٌ فِيمَا قُلْنَاهُ. وَأَمَّا التَّخْفِيفُ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ أَيْضًا الِاغْتِسَالَ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٌ لِقَرِينَةِ قَوْلِهِ {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} [البقرة: 222] فَوَاضِحٌ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ انْقِطَاعَ الْحَيْضِ فَقَدْ ذَكَرَ بَعْدَهُ شَرْطًا آخَرَ وَهُوَ قَوْلُهُ {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} [البقرة: 222] فَلَا بُدَّ مِنْهُمَا مَعًا. ثُمَّ شَرَعَ فِي الِاسْتِحَاضَةِ وَأَحْكَامِهَا فَقَالَ (وَالِاسْتِحَاضَةُ) هِيَ مَا وَقَعَ فِي غَيْرِ زَمَنِ الْحَيْضِ وَلَوْ مِنْ آيِسَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَهِيَ أَنْ يُجَاوِزَ أَكْثَرَ الْحَيْضِ وَيَسْتَمِرَّ جَارٍ عَلَى اصْطِلَاحٍ فِيهَا مُقَابِلَ الْمَشْهُورِ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَدَمِ تَكَرُّرِهِ إذَا زَنَى مَرَّاتٍ قَبْلَ الْحَدِّ. وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّهُ يَتَصَدَّقُ وَإِنْ وَطِئَ لِخَوْفِ الزِّنَا وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ وَهُوَ عَدَمُ الْحُرْمَةِ فَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ التَّصَدُّقُ. وَفِي حَجّ تَنْبِيهٌ ذَكَرُوا أَنَّ الْجِمَاعَ فِي الْحَيْضِ يُورِثُ عِلَّةً مُؤْلِمَةً جِدًّا لِلْمُجَامِعِ وَجُذَامَ الْوَلَدِ اهـ (قَوْلُهُ: أَوْ صَدَّقَهَا إلَخْ) لَوْ وَافَقَهَا عَلَى الْحَيْضِ فَادَّعَتْ بَقَاءَهُ وَعَدَمَ انْقِطَاعِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ م ر اهـ سم عَلَى شَرْحِ الْمَنْهَجِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ خَالَفَتْ عَادَتَهَا (قَوْلُهُ: فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ اسْتِحْبَابِ التَّصَدُّقِ بِدِينَارٍ أَوْ بِنِصْفِ دِينَارٍ وَكَوْنِ الْوَطْءِ فِي زَمَنِهِ كَبِيرَةً، وَقَوْلُهُ: كَالْوَطْءِ فِي آخِرِ الدَّمِ: أَيْ مِنْ اسْتِحْبَابِ التَّصَدُّقِ بِنِصْفِ دِينَارٍ (قَوْلُهُ حُرْمَتُهُ) أَيْ الطَّلَاقِ وَهُوَ تَوْطِئَةٌ لِقَوْلِهِ بَعْدُ فَإِذَا انْقَطَعَ لَمْ يَحِلَّ قَبْلَ الْغُسْلِ غَيْرُ الصَّوْمِ إلَخْ اهـ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ (قَوْلُهُ: مَمْسُوسَةٍ) أَيْ مَوْطُوءَةٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا لَمْ يَحْرُمْ) لَا يُقَالُ: قَدْ تَطُولُ الْعِدَّةُ مَعَ بَقِيَّةِ زَمَنِ الْحَمْلِ أَكْثَرَ مِنْهَا مَعَ بَقِيَّةِ الْحَيْضِ. لِأَنَّا نَقُولُ: حَمْلُهَا لَمْ يَتَحَقَّقْ وَقْتَ الطَّلَاقِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ مَا ظَنَّتْهُ حَمْلًا لَيْسَ بِحَمْلٍ، بِخِلَافِ الْحَيْضِ لِلْحُكْمِ بِأَنَّهُ حَيْضٌ بِمُجَرَّدِ طُرُوِّهِ (قَوْلُهُ: فِي زَمَنِ) اُنْظُرْ مَا خَرَجَ بِهِ وَلَعَلَّهُ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا انْقَطَعَ قَبْلَ فَرَاغِ عَادَتِهَا وَظَنَّتْ عَوْدَهُ فَلَا يَجُوزُ لَهَا الصَّوْمُ (قَوْلُهُ: صِحَّةُ طَهَارَتِهَا) الْأَوْلَى إسْقَاطُ صِحَّةُ فَإِنَّهَا لَا تُوصَفُ بِحِلٍّ وَلَا حُرْمَةٍ (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ انْقِطَاعِ الدَّمِ وَالطَّهَارَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ آيِسَةٍ) أَيْ وَلَمْ يَبْلُغْ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَإِلَّا كَانَ حَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: عَلَى اصْطِلَاحٍ) أَيْ وَلَيْسَ ذَلِكَ الِاصْطِلَاحُ خَاصًّا بِالْفُقَهَاءِ. قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: وَاسْتُحِيضَتْ الْمَرْأَةُ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ بَعْدَ أَيَّامِهَا فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ اهـ. فَقَوْلُهُ: بَعْدَ أَيَّامِهَا ظَاهِرٌ فِيمَا جَرَى عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فِي زَمَنِ إمْكَانِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ بَعْدَ مُضِيِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ قَدْ زَالَ وَصَارَتْ كَالْجُنُبِ) هَذَا التَّعْلِيلُ يُدْخِلُ حِلَّ نَحْوِ الْجِمَاعِ (قَوْلُهُ: وَمِمَّا يَحِلُّ لَهَا أَيْضًا) أَيْ: بِالِانْقِطَاعِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قُبَيْلَ الْغُسْلِ وَإِلَّا صَارَ الْمَعْنَى لَمْ يَحِلَّ قَبْلَ الْغُسْلِ غَيْرُ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ، وَالْغُسْلِ إذْ الْمُرَادُ بِالطَّهَارَةِ فِي كَلَامِهِ الْغُسْلُ: أَيْ

[الاستحاضة وأحكامها]

وَيَخْرُجُ عَلَيْهِ مَا تَرَاهُ نَحْوُ الْآيِسَةِ (حَدَثٌ دَائِمٌ) لَيْسَ ذَلِكَ بِتَفْسِيرٍ لِلِاسْتِحَاضَةِ وَإِلَّا لَلَزِمَ كَوْنُ سَلَسِ الْبَوْلِ اسْتِحَاضَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ بَيَانٌ لِحُكْمِهَا الْإِجْمَالِيِّ: أَيْ حُكْمُ الدَّمِ الْخَارِجِ بِالصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ حُكْمُ الْحَدَثِ الدَّائِمِ (كَسَلَسٍ) تَشْبِيهٌ لَا تَمْثِيلٌ، وَإِنَّمَا الِاسْتِحَاضَةُ دَمٌ تَرَاهُ الْمَرْأَةُ غَيْرُ دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ سَوَاءٌ اتَّصَلَ بِهِمَا أَمْ لَا، كَالدَّمِ الَّذِي تَرَاهُ الْمَرْأَةُ قَبْلَ تِسْعِ سِنِينَ. وَالسَّلَسُ بِفَتْحِ اللَّامِ: أَيْ سَلَسُ الْبَوْلِ وَالْمَذْيِ وَالْغَائِطِ وَالرِّيحِ، وَلِلِاسْتِحَاضَةِ أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ حُكْمًا مَذْكُورَةً فِي الْمُطَوَّلَاتِ (فَلَا تَمْنَعُ الصَّوْمَ) فَرْضًا كَانَ أَوْ نَفْلًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَصَرَّحُوا بِهِ فِي الْمُتَحَيِّرَةِ كَمَا سَيَأْتِي خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ فِي النَّفْلِ (وَالصَّلَاةَ) كَسَائِرِ الْأَحْدَاثِ الدَّائِمَةِ بِخِلَافِ الْحَيْضِ، وَلِأَمْرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حَمْنَةَ بِهِمَا وَهَذَا بَيَانٌ لِحُكْمِهَا التَّفْصِيلِيِّ (فَتَغْسِلُ الْمُسْتَحَاضَةُ فَرْجَهَا) إنْ أَرَادَتْهُ وَإِلَّا اسْتَعْمَلَتْ الْأَحْجَارَ بِنَاءً عَلَى جَوَازِهَا فِي النَّادِرِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، فَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْغُسْلِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَالْغُسْلُ أَوْ مَا قَامَ مَقَامَهُ يَكُونُ قَبْلَ طَهَارَتِهَا وُضُوءًا كَانَتْ أَوْ تَيَمُّمًا (وَتَعْصِبُهُ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَإِسْكَانِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ الْمُخَفَّفَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ بِأَنْ تَشُدَّ خِرْقَةً كَالتِّكَّةِ بِوَسَطِهَا وَتَتَلَجَّمَ بِأُخْرَى مَشْقُوقَةِ الطَّرَفَيْنِ تَجْعَلُ إحْدَاهُمَا قُدَّامَهَا وَالْأُخْرَى وَرَاءَهَا وَتَشُدُّهُمَا بِتِلْكَ الْخِرْقَةِ، فَإِنْ دَعَتْ حَاجَتُهَا فِي دَفْعِ الدَّمِ أَوْ تَقْلِيلِهِ إلَى حَشْوِهِ بِنَحْوِ قُطْنٍ وَهِيَ مُفْطِرَةٌ وَلَمْ تَتَأَذَّ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالشَّارِحُ (قَوْلُهُ: لَا تَمْثِيلٌ) وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَمْثِيلًا لِلْحَدَثِ الدَّائِمِ الَّذِي اشْتَمَلَ عَلَيْهِ التَّشْبِيهُ (قَوْلُهُ: وَالرِّيحِ) أَيْ وَغَيْرِهَا كَالْوَدْيِ وَالدَّمِ، إلَّا أَنَّ سَلَسَ الرِّيحِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِنْجَاءُ مِنْهُ بَلْ يُكْرَهُ ذَلِكَ كَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ فِي النَّفْلِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَقُولُ بِحُرْمَةِ صَوْمِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَلَوْ غَيْرَ الْمُتَحَيِّرَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ. وَعِبَارَةُ حَجّ: وَبِهِ يُعْلَمُ رَدُّ قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ يَنْبَغِي مَنْعُهَا مِنْ صَوْمِ النَّفْلِ لِأَنَّهَا إنْ حَشَتْ أَفْطَرَتْ وَإِلَّا ضَيَّعَتْ فَرْضَ الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ اضْطِرَارٍ لِذَلِكَ، وَوَجْهُ رَدِّهِ أَنَّ التَّوْسِعَةَ لَهَا فِي طُرُقِ الْفَضَائِلِ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي مِنْ جَوَازِ التَّأْخِيرِ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ وَصَلَاةِ النَّفْلِ وَلَوْ بَعْدَ الْوَقْتِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَإِنْ خَالَفَهُ فِي أَكْثَرِ كُتُبِهِ اقْتَضَتْ إنْ تَسَامَحَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَالِاسْتِحَاضَةُ إلَخْ بَيَانٌ لِحُكْمِهَا الْإِجْمَالِيِّ، وَهَذَا وَهُوَ قَوْلُهُ: فَتَغْسِلُ إلَخْ بَيَانٌ لِحُكْمِهَا التَّفْصِيلِيِّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا اسْتَعْمَلَتْ الْأَحْجَارَ) ع قَدْ صَرَّحُوا بِإِجْزَاءِ الْحَجَرِ فِيهَا، فَكَانَ الْمُرَادُ هُنَا عِنْدَ انْتِشَارِهِ فَوْقَ الْعَادَةِ سم عَلَى مَنْهَجٍ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ هُنَا وَإِلَّا اسْتَعْمَلَتْ الْأَحْجَارَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَنْتَشِرْ دَمُهَا فَوْقَ الْعَادَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ إجْزَاءَ الْحَجَرِ فِي جَمِيعِ صُوَرِهِ مَشْرُوطٌ بِأَنْ لَا يُجَاوِزَ الْخَارِجُ الصَّفْحَةَ وَالْحَشَفَةَ وَلَعَلَّهُ الْمُرَادُ بِقَوْلِ ع فَوْقَ الْعَادَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ ضَمُّ التَّاءِ وَتَشْدِيدُ الصَّادِ. قَالَ فِي الصِّحَاحِ: عَصَّبَ رَأْسَهُ بِالْعِصَابَةِ تَعْصِيبًا (قَوْلُهُ: كَالتِّكَّةِ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ التِّكَّةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ بَدَلُهُ كَمَا لَا يَخْفَى [الِاسْتِحَاضَةُ وَأَحْكَامِهَا] (قَوْلُهُ: وَيَخْرُجُ عَلَيْهِ مَا تَرَاهُ نَحْوُ الْآيِسَةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْآيِسَةَ إذَا رَأَتْ دَمًا وَجَاوَزَ أَكْثَرَ الْحَيْضِ لَا يُحْكَمُ عَلَى مَا اسْتَوْفَى شُرُوطَ الْحَيْضِ مِنْهُ أَنَّهُ حَيْضٌ، وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي لِلشَّارِحِ فِي الرَّدِّ عَلَى الْفَتَى وَمُعَاصِرِيهِ، وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا تَرَاهُ الصَّبِيَّةُ الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ تِسْعَ سِنِينَ (قَوْلُهُ: لَيْسَ ذَلِكَ بِتَفْسِيرٍ لِلِاسْتِحَاضَةِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ حَاصِلَ مَا قَرَّرَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنْ قَوْلَهُ حَدَثٌ دَائِمٌ تَفْسِيرٌ لِلِاسْتِحَاضَةِ، وَقَوْلُهُ كَسَلَسٍ تَشْبِيهٌ بِالِاسْتِحَاضَةِ فِي أَنَّهُ حَدَثٌ دَائِمٌ أَشَارَ بِهِ مَعَ التَّفْرِيعِ بَعْدَهُ إلَى بَيَانِ حُكْمِ الِاسْتِحَاضَةِ الْإِجْمَالِيِّ، ثُمَّ أَشَارَ إلَى حُكْمِهَا التَّفْصِيلِيِّ بِقَوْلِهِ فَتَغْسِلُ الْمُسْتَحَاضَةُ فَرْجَهَا إلَخْ، وَأَمَّا مَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ فَفِيهِ أُمُورٌ: مِنْهَا أَنَّ قَوْلَهُ وَإِلَّا لَزِمَ إلَخْ ظَاهِرُ الْبُطْلَانِ، وَمِنْهَا أَنَّ جَعْلَهُ كَسَلَسٍ تَشْبِيهًا بَعْدَ مَا قَرَّرَهُ فِي مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ حَدَثٌ دَائِمٌ يَنْحَلُّ الْمَعْنَى عَلَيْهِ إلَى قَوْلِنَا السَّلَسُ مُشَبَّهٌ بِالِاسْتِحَاضَةِ فِي أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْحَدَثِ الدَّائِمِ، وَسَيَذْكُرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّلَسِ هُنَا سَلَسُ الْبَوْلِ، وَالْمَذْيُ، وَالْغَائِطُ وَالرِّيحُ، وَحِينَئِذٍ فَيُقَالُ: كُلٌّ مِنْ الِاسْتِحَاضَةِ وَالسَّلَسِ الشَّامِلِ لِمَا ذُكِرَ يُعْطَى حُكْمَ الْحَدَثِ الدَّائِمِ وَلَيْسَ

وَجَبَ عَلَيْهَا الْحَشْوُ قَبْلَ الشَّدِّ وَالتَّلَجُّمِ وَيُكْتَفَى بِهِ إنْ لَمْ تَحْتَجْ إلَيْهِمَا، فَإِنْ كَانَتْ صَائِمَةً أَوْ تَأَذَّتْ بِاجْتِمَاعِ الدَّمِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا الْحَشْوُ بَلْ يَجِبُ عَلَى الصَّائِمَةِ تَرْكُهُ نَهَارًا، وَإِنَّمَا رَاعَوْا هُنَا مَصْلَحَةَ الصَّوْمِ دُونَ مَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ عَكْسَ فِعْلِهِمْ فِيمَنْ ابْتَلَعَ بَعْضَ خَيْطٍ قَبْلَ الْفَجْرِ وَطَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ وَطَرَفُهُ خَارِجٌ لِأَنَّ الِاسْتِحَاضَةَ عِلَّةٌ مُزْمِنَةٌ وَالظَّاهِرُ دَوَامُهَا. فَلَوْ رَاعَوْا مَصْلَحَةَ الصَّلَاةِ هُنَا لَتَعَذَّرَ قَضَاءُ الصَّوْمِ لِلْحَشْوِ وَلِأَنَّ الْمَحْذُورَ هُنَا لَا يَنْتَفِي بِالْكُلِّيَّةِ فَإِنَّ الْحَشْوَ يَتَنَجَّسُ وَهِيَ حَامِلَتُهُ بِخِلَافِهِ ثَمَّ، وَلِأَنَّهَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهَا تَقْصِيرٌ فَخُفِّفَ عَنْهَا أَمْرُهَا وَصَحَّتْ مِنْهَا الْعِبَادَتَانِ قَطْعًا كَمَا تَصِحُّ صَلَاتُهَا مَعَ النَّجَاسَةِ وَالْحَدَثِ الدَّائِمِ لِلضَّرُورَةِ وَلِأَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ يَتَكَرَّرُ عَلَيْهَا الْقَضَاءُ فَيَشُقُّ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْخَيْطِ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ إلَّا نَادِرًا (وَ) بَعْدَ ذَلِكَ (تَتَوَضَّأُ) أَوْ تَتَيَمَّمُ وَتُبَادِرُ بِهِ وُجُوبًا عَقِبَ الِاحْتِيَاطِ وَيَكُونُ ذَلِكَ (وَقْتَ الصَّلَاةِ) وَلَوْ نَافِلَةً لَا قَبْلَهُ كَالْمُتَيَمِّمِ وَتَجْمَعُ بِطَهَارَتِهَا بَيْنَ فَرْضٍ وَنَوَافِلَ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا الِاقْتِصَارُ فِي وُضُوئِهَا عَلَى مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ بَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِالْكَسْرِ رِبَاطُ السَّرَاوِيلِ وَالْجَمْعُ تِكَكٌ (قَوْلُهُ: وَيَكْتَفِي بِهِ) أَيْ الشَّدِّ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَحْتَجْ إلَيْهِمَا) أَيْ الشَّدِّ وَالْحَشْوِ. [فَرْعٌ] هَلْ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ طَهَارَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَنَحْوِهَا إزَالَةُ النَّجَاسَةِ الَّتِي عَلَى الْبَدَنِ كَمَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ لِصِحَّةِ التَّيَمُّمِ لَا يَبْعُدُ الِاشْتِرَاطُ أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِ ذَلِكَ بِأَنَّ التَّيَمُّمَ لِلْإِبَاحَةِ وَلَا إبَاحَةَ مَعَ النَّجَاسَةِ فَلْيُحَرَّرْ، ثُمَّ رَأَيْت السَّيِّدَ السَّمْهُودِيَّ فِي شُرُوطِ الْوُضُوءِ نَقَلَ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْقِيَاسُ وَأَقَرَّهُ فَانْظُرْهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: أَوْ تَأَذَّتْ) أَيْ تَأَذِّيًا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً وَإِنْ لَمْ يُبِحْ التَّيَمُّمَ (قَوْلُهُ: بَلْ يَجِبُ عَلَى الصَّائِمَةِ تَرْكُهُ) أَيْ الْحَشْوِ، فَلَوْ حَشَتْ نَاسِيَةً لِلصَّوْمِ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ جَوَازِ نَزْعِهِ لِأَنَّهُ لَا يَبْطُلُ صَوْمُهَا بِاسْتِمْرَارِ الْحَشْوِ، وَانْدَفَعَ مَعَهُ خُرُوجُ الدَّمِ الْمُبْطِلِ لِصَلَاتِهَا. وَفِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ مَا نَصُّهُ: لَوْ حَشَتْ نَاسِيَةً الصَّوْمَ أَوْ حَشَتْ لَيْلًا وَأَصْبَحَتْ صَائِمَةً نَاسِيَةً لَغَا الْحَشْوُ وَوَجَبَ عَلَيْهَا قَلْعُهُ قِيَاسًا عَلَى الْخَيْطِ فِي الصَّوْمِ اهـ. أَقُولُ: وَفِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى، عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ قِيَاسًا إلَخْ يَقْتَضِي وُجُوبَ قَلْعِ الْخَيْطِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الشَّارِحِ بَعْدُ فَإِنَّ الْحَشْوَ يَتَنَجَّسُ وَهِيَ حَامِلَتُهُ وَهُوَ قَدْ يَقْتَضِي وُجُوبَ النَّزْعِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَمَا يَأْتِي عَنْ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا رَاعَوْا هُنَا مَصْلَحَةَ الصَّوْمِ دُونَ مَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ إلَخْ) الْمُرَادُ أَنَّهُمْ رَاعَوْا مَصْلَحَةَ الصَّوْمِ حَيْثُ أَمَرُوهَا بِتَرْكِ الْحَشْوِ لِئَلَّا يَفْسُدَ بِهِ صَوْمُهَا، وَلَمْ يُرَاعُوا مَصْلَحَةَ الصَّلَاةِ حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَى عَدَمِ الْحَشْوِ خُرُوجُ الدَّمِ الْمُقْتَضِي لِإِفْسَادِهَا، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْخَيْطِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَغْتَفِرُوا إخْرَاجَهُ فِي الصَّوْمِ بَلْ أَوْجَبُوهُ رِعَايَةً لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ وَأَبْطَلُوا صَوْمَهُ. قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: قَوْلُهُمْ وَإِنَّمَا رَاعَوْا إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يُبْطِلُوا الصَّلَاةَ بِخُرُوجِ الدَّمِ كَمَا أَبْطَلُوهَا ثُمَّ بِبَقَاءِ الْخَيْطِ، بَلْ فِي الْحَقِيقَةِ رَاعَوْا كُلًّا مِنْهُمَا حَيْثُ اغْتَفَرُوا مَا يُنَافِيهِ وَحَكَمُوا بِصِحَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَعَ وُجُودِ الْمُنَافِي (قَوْلُهُ: وَطَرَفُهُ خَارِجٌ) أَيْ حَيْثُ حَكَمُوا بِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ إنْ لَمْ يَنْزِعْهُ. [فَرْعٌ] لَوْ حَشَتْ لَيْلًا وَأَصْبَحَتْ صَائِمَةً وَالْحَشْوُ بَاقٍ فِي فَرْجِهَا فَهَلْ يَجِبُ نَزْعُهُ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ؟ تَرَدَّدَ فِيهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَأَقُولُ: إنْ كَانَ نَزْعُهُ لَا يُبْطِلُ الصَّوْمَ فَالْوَجْهُ وُجُوبُ النَّزْعِ لِئَلَّا تَصِيرَ حَامِلَةً لِنَجَاسَةٍ فِي الصَّلَاةِ بِلَا حَاجَةٍ، وَإِنْ كَانَ يُبْطِلُهُ فَهُوَ كَمَسْأَلَةِ الْخَيْطِ إذَا أَصْبَحَ صَائِمًا وَطَرَفُهُ بِجَوْفِهِ وَطَرَفُهُ الْآخَرُ خَارِجٌ مِنْ فَمِهِ، فَلْيُحَرَّرْ هَلْ نَزْعُ الْحَشْوِ مِنْ الْفَرْجِ يُبْطِلُ الصَّوْمَ أَوْ لَا سم عَلَى مَنْهَجٍ؟ قُلْت: الْوَجْهُ أَنَّهُ إنْ تَوَقَّفَ عَلَى إدْخَالِ شَيْءٍ بَاطِنَ الْفَرْجِ لِإِخْرَاجِهِ بَطَلَ وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا يَقْتَضِيهِ قَوْلُ الشَّارِحِ فَإِنَّ الْحَشْوَ يَتَنَجَّسُ وَهِيَ حَامِلَتُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَدَثًا دَائِمًا، فَمَاذَا يَكُونُ الْحَدَثُ الدَّائِمُ الَّذِي أُعْطِيَا حُكْمَهُ؛ وَمِنْهَا قَوْلُهُ: بَعْدَ التَّفْرِيعِ الْمَذْكُورِ وَهَذَا بَيَانٌ لِحُكْمِهَا التَّفْصِيلِيِّ يُقَالُ: عَلَيْهِ حَيْثُ بَيَّنَ حُكْمَهَا إجْمَالًا بِقَوْلِهِ كَحَدَثٍ وَتَفْصِيلًا بِهَذَا التَّفْرِيعِ، فَمَا يَكُونُ مَوْقِعُ قَوْلِهِ فَتَغْسِلُ الْمُسْتَحَاضَةُ فَرْجَهَا إلَخْ. فَتَأَمَّلْ

لَهَا التَّثْلِيثُ فِيهِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ حَيْثُ مَنَعَ ذَلِكَ، وَاسْتَشْهَدَ بِمَسْأَلَةِ اسْتِمْسَاكِ الْبَوْلِ بِالْقُعُودِ قَالَ: فَإِذَا سَامَحُوا فِي فَرْضِ الْقِيَامِ لِحِفْظِ الطَّهَارَةِ، فَفِي التَّثْلِيثِ الْمَنْدُوبِ أَوْلَى، فَقَدْ فَرَّقَ بِأَنَّ مَا هُنَاكَ يَرْفَعُ الْخَبَثَ أَصْلًا وَمَا هُنَا يُقَلِّلُهُ، وَلَوْ تَوَضَّأَتْ قَبْلَ الزَّوَالِ مَثَلًا لِفَائِتَةٍ فَزَالَتْ الشَّمْسُ فَهَلْ لَهَا أَنْ تُصَلِّيَ بِهِ الظُّهْرَ؟ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ فِي نَظِيرِهَا مِنْ التَّيَمُّمِ وَلَمْ يَحْضُرْنِي فِيهِ نَقْلٌ (وَ) بَعْدَ مَا ذُكِرَ (تُبَادِرُ بِهَا) أَيْ بِالصَّلَاةِ وُجُوبًا تَقْلِيلًا لِلْحَدَثِ بِخِلَافِ الْمُتَيَمِّمِ السَّلِيمِ. (فَلَوْ أَخَّرَتْ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ كَسَتْرٍ) لِعَوْرَةٍ وَأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ (وَانْتِظَارِ جَمَاعَةٍ) وَذَهَابٍ لِمَسْجِدٍ وَتَحْصِيلِ سُتْرَةٍ وَاجْتِهَادٍ فِي قِبْلَةٍ (لَمْ يَضُرَّ) وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ لِكَوْنِهَا غَيْرَ مُقَصِّرَةٍ بِذَلِكَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَحَيْثُ وَجَبَتْ الْمُبَادَرَةُ قَالَ الْإِمَامُ: ذَهَبَ ذَاهِبُونَ مِنْ أَئِمَّتِنَا إلَى الْمُبَالَغَةِ وَاغْتَفَرَ آخَرُونَ الْفَصْلَ الْيَسِيرَ وَضَبْطُهُ بِقَدْرِ مَا بَيْنَ صَلَاتَيْ الْجَمْعِ اهـ. وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي، وَاسْتَشْكَلَ التَّمْثِيلُ بِأَذَانِ الْمَرْأَةِ لِعَدَمِ مَشْرُوعِيَّتِهِ لَهَا. وَأُجِيبَ بِحَمْلِهِ عَلَى الْإِجَابَةِ وَبِأَنَّ تَأْخِيرَهَا لِلْأَذَانِ لَا يَسْتَلْزِمُ أَذَانَهَا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: يَنْبَغِي حَمْلُ الْأَذَانِ فِي كَلَامِهِمْ عَلَى الرَّجُلِ السَّلِسِ دُونَ الْمُسْتَحَاضَةِ وَقَالَ الْغَزِّيُّ: مُرَادُهُمْ الرَّجُلُ إذَا كَانَ سَلِسَ الْبَوْلِ أَوْ الرِّيحِ أَوْ الْمَذْيِ. وَلَوْ اعْتَادَتْ الِانْقِطَاعَ بِقَدْرِ مَا يَسَعُ وُضُوءًا وَالصَّلَاةَ فَانْقَطَعَ لَزِمَهَا الْمُبَادَرَةُ وَامْتَنَعَ عَلَيْهَا التَّأْخِيرُ لِانْتِظَارِ جَمَاعَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَخَّرَتْ لَا لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ كَأَكْلٍ وَشُرْبٍ وَنَحْوِهِمَا (فَيَضُرُّ) التَّأْخِيرُ (عَلَى الصَّحِيحِ) وَيَبْطُلُ طُهْرُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: حَيْثُ مَنَعَ ذَلِكَ) أَيْ التَّثْلِيثَ (قَوْلُهُ: مِنْ التَّيَمُّمِ) وَالرَّاجِحُ مِنْهُ أَنَّ الْمُتَيَمِّمَ يُصَلِّي فَكَذَا هُنَا وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمُتَيَمِّمَ لَمْ يَطْرَأْ بَعْدَ تَيَمُّمِهِ مَا يُزِيلُ طَهَارَتَهُ بِخِلَافِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ: وَانْتِظَارِ جَمَاعَةٍ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ انْتِظَارُ الْجَمَاعَةِ وَإِنْ طَالَ جِدًّا وَاسْتَغْرَقَ أَكْثَرَ الْوَقْتِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ الِانْتِظَارُ مَطْلُوبًا فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ الِانْتِظَارُ مَطْلُوبًا كَكَوْنِ الْإِمَامِ فَاسِقًا أَوْ مُخَالِفًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يُكْرَهُ فِيهِ الِاقْتِدَاءُ، وَلَيْسَ مَا ذَكَرَ مِنْ قَوْلِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ مَحَلَّ إلَخْ مُقَابِلًا لِقَوْلِهِ قَبْلُ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ بَلْ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَصْلِ الِانْتِظَارِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ) أَيْ كُلُّهُ حَيْثُ عُذِرَتْ فِي التَّأْخِيرِ لِنَحْوِ غَيْمٍ فَبَالَغَتْ فِي الِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ أَوْ طَلَبِ السُّتْرَةِ وَإِلَّا بِأَنْ عَلِمَتْ ضِيقَ الْوَقْتِ فَلَا يَجُوزُ لَهَا التَّأْخِيرُ، وَالْقِيَاسُ حِينَئِذٍ امْتِنَاعُ صَلَاتِهَا بِذَلِكَ الطَّهُورِ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهَا أَنَّهَا أَخَّرَتْ لَا لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ وَإِنْ اقْتَضَى إطْلَاقُهُمْ الْجَوَازَ (قَوْلُهُ: بِقَدْرِ مَا بَيْنَ صَلَاتَيْ الْجَمْعِ) وَهُوَ الْقَدْرُ الَّذِي لَا يَسَعُ صَلَاةَ رَكْعَتَيْنِ بِأَخَفِّ مُمْكِنٍ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي) وَالْكَلَامُ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ حَيْثُ لَا عُذْرَ فِي التَّأْخِيرِ، أَمَّا مَعَهُ فَيُغْتَفَرُ فَوْقَ ذَلِكَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ: وَاغْتَفَرَ آخَرُونَ الْفَصْلَ الْيَسِيرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ) هُوَ صَحِيحٌ وَلَكِنَّهُ لَا يَأْتِي مَعَ جَعْلِهِمْ الْأَذَانَ مِنْ أَمْثِلَةِ تَأْخِيرِهَا لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ إذْ هُوَ صَرِيحٌ فِي الْمَرْأَةِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْمَرْأَةِ لِمُجَرَّدِ التَّمْثِيلِ، وَكَأَنَّهُ قِيلَ: فَإِنْ أَخَّرَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ غَيْرُهَا مِمَّنْ دَامَ حَدَثُهُ. وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْأَئِمَّةَ لَمْ يُصَرِّحُوا بِالْمَرْأَةِ وَإِنَّمَا عَلَامَةُ التَّأْنِيثِ وَهِيَ التَّاءُ تُصَرِّحُ بِذَلِكَ لَكِنَّ الْفَاعِلَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَهَا، وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ فَلَوْ أَخَّرَتْ الذَّاتُ الْمُبْتَلَاةُ بِشَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ وَكُلُّ مِثَالٍ يَرْجِعُ لِمَا يُنَاسِبُهُ اهـ. وَهُوَ وَاضِحٌ فِي غَيْرِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ، أَمَّا فِيهَا فَلَا يَتَأَتَّى مَا ذَكَرَ لِتَعْبِيرِهِ بِالِاسْتِحَاضَةِ إلَّا بِمُلَاحَظَةِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ مَا ذَكَرَ لِلتَّمْثِيلِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْغَزِّيُّ) هُوَ مُسَاوٍ فِي الْمَعْنَى لِمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ: وَيَبْطُلُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا حَيْثُ أَخَّرَتْ لَا لِمَصْلَحَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَيْ فِي الْوَقْتِ) كَمَا يَأْتِي فِي الْمَتْنِ فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ وَجَبَتْ الْمُبَادَرَةُ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَى قَوْلِهِ فَلَوْ أَخَّرَتْ إلَخْ كَمَا صَنَعَ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ، أَوْ تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَيَضُرُّ.

وَتَجِبُ إعَادَتُهُ وَإِعَادَةُ الِاحْتِيَاطِ لِتَكَرُّرِ الْحَدَثِ وَالنَّجَسِ مَعَ اسْتِغْنَائِهَا عَنْ احْتِمَالِ ذَلِكَ بِقُدْرَتِهَا عَلَى الْمُبَادَرَةِ، وَالثَّانِي لَا يَضُرُّ كَالْمُتَيَمِّمِ، وَلَوْ خَرَجَ دَمُهَا مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ مِنْهَا لَمْ يَضُرَّ فَإِنْ كَانَ بِتَقْصِيرٍ فِي الشَّدِّ وَنَحْوِهِ بَطَلَ طُهْرُهَا وَكَذَا صَلَاتُهَا إنْ كَانَتْ فِي صَلَاةٍ وَيَبْطُلُ طُهْرُهَا أَيْضًا بِشِفَائِهَا وَإِنْ اتَّصَلَ بِآخِرِهِ. (وَيَجِبُ الْوُضُوءُ لِكُلِّ فَرْضٍ) وَلَوْ نَذْرًا كَالْمُتَيَمِّمِ لِبَقَاءِ حَدَثِهَا لِخَبَرِ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ «تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ» وَخَرَجَ بِالْفَرْضِ النَّفَلُ فَلَهَا أَنْ تَتَنَفَّلَ مَا شَاءَتْ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ فَقَالَ: الصَّوَابُ الْمَعْرُوفُ أَنَّهَا تَسْتَبِيحُ النَّوَافِلَ مُسْتَقِلَّةً وَتَبَعًا لِلْفَرِيضَةِ مَا دَامَ الْوَقْتُ بَاقِيًا وَبَعْدَهُ عَلَى الْأَصَحِّ لَكِنَّهُ خَالَفَهُ فِي أَكْثَرِ كُتُبِهِ فَصَحَّحَ فِي التَّحْقِيقِ وَشَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ وَمُسْلِمٍ أَنَّهَا لَا تَسْتَبِيحُهَا بَعْدَ الْوَقْتِ وَفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُتَيَمِّمِ بِتَجَدُّدِ حَدَثِهَا وَتَزَايُدِ نَجَاسَتِهَا وَجَمَعَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى رَوَاتِبِ الْفَرَائِضِ وَالثَّانِي عَلَى غَيْرِهَا (وَكَذَا) يَجِبُ لِكُلِّ فَرْضٍ (تَجْدِيدُ الْعِصَابَةِ) وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا (فِي الْأَصَحِّ) وَإِنْ لَمْ تَزُلْ عَنْ مَحَلِّهَا وَلَا ظَهَرَ الدَّمُ بِجَوَانِبِهَا تَقْلِيلًا لِلنَّجَسِ كَالْوُضُوءِ تَقْلِيلًا لِلْحَدَثِ، وَالثَّانِي لَا يَجِبُ تَجْدِيدُهَا لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْأَمْرِ بِإِزَالَتِهَا مَعَ اسْتِقْرَارِهَا، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ عَدَمِ ظُهُورِ دَمٍ عَلَى جَوَانِبِهَا مَعَ بَقَائِهَا عَلَى مَوْضِعِهَا مِنْ غَيْرِ زَوَالٍ لَهُ وَقَعَ، وَإِلَّا وَجَبَ تَجْدِيدُهَا قَطْعًا لِأَنَّ النَّجَاسَةَ قَدْ كَثُرَتْ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ تَقْلِيلِهَا. وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ مَحَلَّ وُجُوبِ تَجْدِيدِهَا عِنْدَ تَلَوُّثِهَا بِمَا لَا يُعْفَى عَنْهُ، فَإِنْ لَمْ تَتَلَوَّثْ أَصْلًا أَوْ تَلَوَّثَتْ بِمَا يُعْفَى عَنْهُ لِقِلَّتِهِ فَالْوَاجِبُ فِيمَا يَظْهَرُ تَجْدِيدُ رِبَاطِهَا لِكُلِّ فَرْضٍ لَا تَغْيِيرُهَا بِالْكُلِّيَّةِ، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ الْعَفْوِ عَنْ قَلِيلِ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ هُوَ مَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَاسْتَثْنَاهُ مِنْ دَمِ الْمَنَافِذِ الَّتِي حَكَمُوا فِيهَا بِعَدَمِ الْعَفْوِ عَمَّا خَرَجَ مِنْهَا. (وَلَوْ انْقَطَعَ دَمُهَا بَعْدَ) نَحْوِ (الْوُضُوءِ) وَقَبْلَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالصَّلَاةِ امْتَنَعَتْ الصَّلَاةُ فِي حَقِّهَا فَرْضًا أَوْ نَفْلًا، وَهُوَ رُبَّمَا يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِيَ وَخَرَجَ بِالْفَرْضِ النَّفَلُ إلَخْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ مَا يَأْتِي مِنْ جَوَازِ النَّفْلِ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ تُؤَخِّرْ لَا لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ بِقَرِينَةِ مَا هُنَا، أَوْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِبُطْلَانِ الطُّهْرِ ضَعْفُهُ عَنْ أَدَاءِ الْفَرْضِ بِهِ (قَوْلُهُ وَيَجِبُ إعَادَتُهُ) أَيْ الطُّهْرِ مِنْ وُضُوءٍ وَتَيَمُّمٍ (قَوْلُهُ وَإِعَادَةُ الِاحْتِيَاطِ) أَيْ وَهُوَ الْغُسْلُ وَالْحَشْوُ وَالْعَصْبُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَضُرَّ) أَيْ فِي الصَّلَاةِ أَوْ قَبْلَهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ اتَّصَلَ إلَخْ) إنَّمَا أَخَذَهُ غَايَةً لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ حَيْثُ اتَّصَلَ بِآخِرِ الطُّهْرِ لَا يَبْطُلُ لِعَدَمِ تَخَلُّلِ حَدَثٍ بَيْنَ الشَّفَا وَالطُّهْرِ، وَلَكِنَّهُ نَظَرَ فِي إبْطَالِهِ إلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْحَدَثِ قَبْلَ فَرَاغِ الطُّهْرِ. (قَوْلُهُ: لِكُلِّ فَرْضٍ) وَكَذَا لَوْ أَحْدَثَتْ قَبْلَ أَنْ تُصَلِّيَ حَدَثًا خَاصًّا سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَذْرًا) لَعَلَّ وَجْهَ أَخْذِهِ غَايَةً أَنَّ فِيهِ خِلَافًا كَالتَّيَمُّمِ لَهُ وَبِتَقْدِيرِ عَدَمِ الْخِلَافِ، فَوَجْهُ أَخْذِهِ غَايَةً دَفْعُ تَوَهُّمِ عَدَمِ وُجُوبِ التَّجْدِيدِ لِكَوْنِهِ لَيْسَ فَرْضًا أَصْلِيًّا سِيَّمَا وَهُوَ مِنْ الْأَبْوَابِ الَّتِي لَا يُطْلَقُ فِيهَا الْقَوْلُ بِتَرْجِيحٍ فَكَثِيرًا مَا يَسْلُكُونَ بِهِ مَسْلَكَ جَائِزِ الشَّرْعِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ كَالنَّفْلِ (قَوْلُهُ: رَوَاتِبِ الْفَرَائِضِ) بَقِيَ مَا لَوْ تَوَضَّأَتْ لَا لِفَرِيضَةٍ وَالْمُتَبَادَرُ أَنَّهَا تَسْتَبِيحُ مِنْ النَّوَافِلِ مَا شَاءَتْ مَا دَامَ طُهْرُهَا بَاقِيًا (قَوْلُهُ: مَعَ اسْتِقْرَارِهَا) فِي نُسْخَةٍ اسْتِمْرَارِهَا (قَوْلُهُ: مِنْ التَّعْلِيلِ) هُوَ قَوْلُهُ: تَقْلِيلًا لِلنَّجَسِ إلَخْ (قَوْلُهُ: هُوَ مَا أَفْتَى بِهِ) أَيْ وَيُعْفَى أَيْضًا عَنْ قَلِيلِ الْبَوْلِ بِالنِّسْبَةِ لِلسَّلَسِ كَمَا فِي حَجّ وَعِبَارَتُهُ. قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَوْ انْفَتَحَ فِي مَقْعَدَتِهِ دُمَّلٌ فَخَرَجَ مِنْهُ غَائِطٌ لَمْ يُعْفَ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ. وَقَالَ وَالِدُهُ بَعْدَ قَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ: إنَّمَا يُعْفَى عَنْ بَوْلِ السَّلَسِ بَعْدَ الطَّهَارَةِ مَا ذَكَرَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ، بَلْ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ: أَيْ الْخَارِجِ بَعْدَ إحْكَامِ مَا وَجَبَ مِنْ عَصْبٍ وَحَشْوٍ فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ كَمَا فِي التَّنْبِيهِ قَبْلَ الطَّهَارَةِ وَبَعْدَهَا، وَتَقْيِيدُهُمْ بِهَا إنَّمَا هُوَ لِبَيَانِ أَنَّ مَا يَخْرُجُ بَعْدَهَا لَا يَنْقُضُهَا وَتَبِعَهُ فِي الْخَادِمِ بَلْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: سَلَسُ الْبَوْلِ وَدَمُ الِاسْتِحَاضَةِ يُعْفَى حَتَّى عَنْ كَثِيرِهِمَا لَكِنْ غَلَّطَهُ النَّشَائِيُّ: أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِكَثِيرِ الْبَوْلِ اهـ. وَقَضِيَّةُ اقْتِصَارِهِ فِي التَّغْلِيطِ عَلَى كَثِيرِ الْبَوْلِ أَنَّ كَثِيرَ الدَّمِ يُعْفَى عَنْهُ، لَكِنْ تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ تَخْصِيصُ الْعَفْوِ بِالْقَلِيلِ، وَظَاهِرُ تَقْيِيدِ الْعَفْوِ عَنْ الْقَلِيلِ بِالْبَوْلِ أَنَّ الْغَائِطَ لَا يُعْفَى عَنْهُ مُطْلَقًا وَإِنْ اُبْتُلِيَ بِخُرُوجِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الصَّلَاةِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ أَوْ فِي أَثْنَائِهَا (وَلَمْ تَعْتَدْ انْقِطَاعَهُ وَعَوْدَهُ) وَلَمْ يُخْبِرْهَا ثِقَةٌ عَارِفٌ بِعَوْدِهِ (أَوْ اعْتَادَتْ) مَا ذُكِرَ أَوْ أَخْبَرَهَا مِنْ ذُكِرَ بِعَوْدِهِ (وَوَسِعَ) بِكَسْرِ السِّينِ (زَمَنُ الِانْقِطَاعِ) بِحَسَبِ عَادَتِهَا أَوْ بِإِخْبَارِ مَنْ ذُكِرَ (وُضُوءًا وَالصَّلَاةَ وَجَبَ الْوُضُوءُ) وَإِزَالَةُ مَا عَلَى فَرْجِهَا مِنْ النَّجَاسَةِ لِاحْتِمَالِ شِفَائِهَا فِي الْأُولَى مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ عَوْدِهِ، وَلِإِمْكَانِ أَدَاءِ الصَّلَاةِ عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ فِي الْوَقْتِ فِي الثَّانِيَةِ، فَلَوْ صَلَّتْ مِنْ غَيْرِ وُضُوءٍ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهَا امْتَدَّ الِانْقِطَاعُ أَمْ لَا لِتَرَدُّدِهَا فِي طُهْرِهَا حَالَةَ شُرُوعِهَا، وَلَوْ عَادَ دَمُهَا فَوْرًا اسْتَمَرَّ وُضُوءُهَا لِعَدَمِ وُجُودِ الِانْقِطَاعِ الْمُغْنِي عَنْ الصَّلَاةِ بِالْحَدَثِ وَالنَّجَسِ، وَالْمُرَادُ بِبُطْلَانِ وُضُوئِهَا بِمَا ذُكِرَ حَيْثُ خَرَجَ مِنْهَا دَمٌ فِي أَثْنَائِهِ أَوْ بَعْدَهُ، وَإِلَّا فَلَا يَبْطُلُ وَتُصَلِّي بِهِ قَطْعًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ، لِأَنَّهُ بَانَ أَنَّ طُهْرَهَا رَافِعُ حَدَثٍ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ اعْتَادَتْ عَوْدَهُ عَلَى نُدُورٍ. وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ مُعْظَمِ الْأَصْحَابِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَإِنْ بُحِثَ أَنَّهُ لَا يَبْعُدُ إلْحَاقُ هَذِهِ النَّادِرَةِ بِالْمَعْدُومَةِ وَأَنَّهُ مُقْتَضَى كَلَامِ الْغَزَالِيِّ، وَلَوْ اعْتَادَتْ عَوْدَهُ عَنْ قُرْبٍ فَامْتَدَّ زَمَنٌ يَسَعُ مَا ذُكِرَ وَقَدْ صَلَّتْ بِطُهْرِهَا تَبَيَّنَّا بُطْلَانَ طَهَارَتِهَا وَصَلَاتِهَا اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، فَإِنْ اعْتَادَتْ انْقِطَاعَهُ فِي أَثْنَاءِ الْوَقْتِ وَوَثِقَتْ بِانْقِطَاعِهِ فِيهِ وَأَمِنَتْ الْفَوَاتَ وَجَبَ عَلَيْهَا انْتِظَارُهُ لِاسْتِغْنَائِهَا حِينَئِذٍ عَنْ الصَّلَاةِ بِالْحَدَثِ وَالنَّجَسِ، وَإِلَّا فَفِيهِ مَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ فِيمَنْ رَجَى الْمَاءَ آخِرَ الْوَقْتِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ التَّتِمَّةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ جَزَمَ صَاحِبُ الشَّامِلِ بِوُجُوبِ التَّأْخِيرِ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ الْوَجْهُ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ وَرَجَى الْمَاءَ آخِرَ الْوَقْتِ حَيْثُ يَجِبُ التَّأْخِيرُ عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ، فَكَذَا هُنَا لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، وَهَلْ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ يَسَعُ الطَّهَارَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَرْعٌ اسْتِطْرَادِيٌّ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ مَيِّتٍ أَكَلَ الْمَرَضُ لَحْمَ مَخْرَجِهِ وَلَمْ يُمْكِنْ الْغَاسِلَ قَطْعُ الْخَارِجِ مِنْهُ فَمَا الْحُكْمُ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ؟ أَقُولُ: الْوَاجِبُ فِي حَالِ الْمَيِّتِ الْمَذْكُورِ أَنْ يُغَسَّلَ وَيُغَسَّلَ مَخْرَجُهُ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَيُسَدَّ مَخْرَجُهُ بِقُطْنٍ أَوْ نَحْوِهِ وَيُشَدَّ عَلَيْهِ عَقِبَ الْحَشْوِ عِصَابَةٌ أَوْ نَحْوُهَا وَيُصَلَّى عَلَيْهِ عَقِبَ ذَلِكَ فَوْرًا، وَلَوْ قَبْلَ وَضْعِ الْكَفَنِ عَلَيْهِ حَيْثُ خِيفَ خُرُوجُ شَيْءٍ مِنْهُ، حَتَّى لَوْ غَلَبَهُ شَيْءٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَخَرَجَ مِنْهُ قَهْرًا عُفِيَ عَنْهُ لِلضَّرُورَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ فِي أَثْنَائِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُخْبِرْهَا ثِقَةٌ عَارِفٌ) أَيْ وَلَوْ امْرَأَةً. وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الثِّقَةِ الْفَاسِقُ إذَا اعْتَقَدَتْ صِدْقَهُ (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ: وَلَمْ تَعْتَدْ انْقِطَاعَهُ وَعَوْدَهُ، وَالثَّانِيَةُ هِيَ قَوْلُهُ أَوْ اعْتَادَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: حَيْثُ) خَبَرُ قَوْلِهِ وَالْمُرَادُ (قَوْلُهُ: فِي أَثْنَائِهِ) أَيْ الْوُضُوءِ وَلَوْ مَعَ الْبَعْضِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ كَلَامُهُ) أَيْ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِيهِ الْوُضُوءُ (قَوْلُهُ: بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ) أَيْ فَتُعِيدُ (قَوْلُهُ: وَجَبَ عَلَيْهَا انْتِظَارُهُ) وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُتَيَمِّمِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَيَقَّنَ الْمَاءَ آخِرَ الْوَقْتِ كَانَ انْتِظَارُهُ أَفْضَلَ لَا وَاجِبًا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ وُجِدَ مِنْهَا مَا يُنَافِي بَقَاءَ الطَّهَارَةِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ إلَى اغْتِفَارِهِ وَالْمُتَيَمِّمَ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فِيمَنْ رَجَى الْمَاءَ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: رَجَوْته أَرْجُوهُ رُجُوًّا عَلَى فُعُولٍ وَالِاسْمُ الرَّجَاءُ بِالْمَدِّ، وَرَجَيْتُهُ أَرْجِيهِ مِنْ بَابِ رَمَى لُغَةٌ اهـ. فَلَعَلَّ رَسْمَ الشَّارِحِ لِأَلِفِهَا بِالْيَاءِ عَلَى هَذِهِ اللُّغَةِ لِأَنَّ الْأَلِفَ إذَا كَانَتْ مُنْقَلِبَةً عَنْ وَاوٍ تُكْتَبُ أَلِفًا أَوْ مُنْقَلِبَةً عَنْ يَاءٍ كُتِبَتْ يَاءً (قَوْلُهُ: آخِرَ الْوَقْتِ) أَيْ فَيَكُونُ التَّعْجِيلُ أَفْضَلَ (قَوْلُهُ: صَاحِبُ الشَّامِلِ) هُوَ ابْنُ الصَّبَّاغِ (قَوْلُهُ: بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْمُتَيَمِّمِ وَالْمُسْتَحَاضَةِ، وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ: لِوُضُوحِ إلَخْ مِنْ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِلْمُسْتَحَاضَةِ وَمَنْ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ فَيَكُونُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ رَدًّا عَلَى الزَّرْكَشِيّ لَكِنَّ فِي الْفَرْقِ حِينَئِذٍ خَفَاءً، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ هَذِهِ مَعْذُورَةٌ كَالْمُتَيَمِّمِ فَاغْتُفِرَ لَهَا التَّأْخِيرُ بِخِلَافِ مَنْ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا يُصَرِّحُ بِأَنَّ قَوْلَهُ لِوُضُوحِ إلَخْ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[فصل إذا رأت المرأة من الدم لسن الحيض أقله فأكثر ولم يعبر أكثره]

وَالصَّلَاةَ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ بِسُنَنِهِمَا أَوْ يَسَعُ أَقَلَّ مَا يُجْزِئُ؟ الْأَقْرَبُ الثَّانِي وَيَشْهَدُ لَهُ مَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي مَسْأَلَةِ السَّلَسِ فِي صَلَاتِهِ قَاعِدًا، وَطَهَارَةُ الْمُسْتَحَاضَةِ مُبِيحَةٌ لَا رَافِعَةٌ، وَلَوْ اسْتَمْسَكَ السَّلَسُ بِالْقُعُودِ دُونَ الْقِيَامِ صَلَّى قَاعِدًا وُجُوبًا كَمَا فِي الْأَنْوَارِ حِفْظًا لِطَهَارَتِهِ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ فَهِمَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ وَنَسَبَهُ لِلرَّوْضَةِ بِحَسَبِ فَهْمِهِ، وَذُو الْجُرْحِ السَّائِلِ كَالْمُسْتَحَاضَةِ فِي الشَّدِّ وَغَسْلِ الدَّمِ لِكُلِّ فَرْضٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَا يَجُوزُ لِلسَّلَسِ أَنْ يُعَلِّقَ قَارُورَةً لِيَقْطُرَ فِيهَا بَوْلُهُ لِكَوْنِهِ يَصِيرُ حَامِلًا نَجَاسَةً فِي غَيْرِ مَعْدِنِهَا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَيَجُوزُ وَطْءُ الْمُسْتَحَاضَةِ وَإِنْ كَانَ دَمُهَا جَارِيًا فِي زَمَنٍ يُحْكَمُ لَهَا فِيهِ بِكَوْنِهَا طَاهِرَةً وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ. فَصْلٌ إذَا (رَأَتْ) الْمَرْأَةُ مِنْ الدَّمِ (لِسِنِّ الْحَيْضِ أَقَلَّهُ) فَأَكْثَرَ (وَلَمْ يَعْبُرْ) أَيْ يُجَاوِزْ (أَكْثَرَهُ فَكُلُّهُ حَيْضٌ) أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَتْ مُبْتَدَأَةً أَمْ مُعْتَادَةً وَقَعَ الدَّمُ عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ أَمْ انْقَسَمَ إلَى قَوِيٍّ وَضَعِيفٍ وَافَقَ ذَلِكَ عَادَتَهَا أَمْ خَالَفَهَا، لِأَنَّ الشُّرُوطَ قَدْ اجْتَمَعَتْ، وَاحْتِمَالُ تَغَيُّرِ الْعَادَةِ مُمْكِنٌ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهَا بَقِيَّةُ طُهْرٍ، فَإِنْ كَانَ بِأَنْ رَأَتْ ثَلَاثَةً ـــــــــــــــــــــــــــــSبَلْ سِيقَ لِلرَّدِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَقَلَّ مَا يُجْزِئُ) بِالنِّسْبَةِ لِلْمُصَلَّى (قَوْلُهُ مُبِيحَةٌ لَا رَافِعَةٌ) أَيْ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ نَوَتْ رَفْعَ الْحَدَثِ لَمْ يَصِحَّ وُضُوءُهَا لِأَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَمْسَكَ السَّلَسُ) هُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ (قَوْلُهُ لِيَقْطُرَ) مِنْ بَابِ نَصَرَ اهـ مُخْتَارٌ: أَيْ خَارِجَ الصَّلَاةِ، وَفِيهَا: وَلَوْ قِيلَ بِجَوَازِ ذَلِكَ خَارِجَ الصَّلَاةِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ إصَابَةِ الْبَوْلِ لِبَدَنِهِ أَوْ ثِيَابِهِ لَمْ يَبْعُدْ، بَلْ قَدْ يَقْتَضِيهِ تَعْلِيلُهُمْ بِأَنَّهُ يَصِيرُ حَامِلَ نَجَاسَةٍ فِي غَيْرِ إلَخْ، فَإِنَّهُ حَيْثُ عُلِمَ أَنَّ النَّجَاسَةَ لَا تَنْدَفِعُ إلَّا بِذَلِكَ كَانَ حَاجَةً أَيُّ حَاجَةٍ. . [فَصْلٌ إذَا رَأَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ الدَّمِ لِسِنِّ الْحَيْضِ أَقَلَّهُ فَأَكْثَرَ وَلَمْ يَعْبُرْ أَكْثَرَهُ] فَصْلٌ (قَوْلُهُ: إذَا رَأَتْ الْمَرْأَةُ إلَخْ) وَخَرَجَ بِالْمَرْأَةِ الْخُنْثَى فَلَا يُحْكَمُ عَلَى مَا رَآهُ بِأَنَّهُ حَيْضٌ، لِأَنَّ مُجَرَّدَ خُرُوجِ الدَّمِ لَيْسَ مِنْ عَلَامَاتِ الِاتِّضَاحِ، وَفُهِمَ مِنْ الْمَتْنِ كَوْنُ الرَّائِي امْرَأَةً بِتَاءِ التَّأْنِيثِ فِي رَأَتْ (قَوْلُهُ: لِسِنِّ) أَيْ فِي سِنِّ (قَوْلُهُ: فَأَكْثَرَ) أَيْ أَوْ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعْبُرْ إلَخْ) أَيْ الدَّمُ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ أَقَلَّهُ لِاسْتِحَالَتِهِ فَلَمْ يَحْتَجْ لِلِاحْتِرَازِ عَنْهُ، عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُرِيدَ بِالْأَقَلِّ هُنَا مَا عَدَا الْأَكْثَرَ وَحِينَئِذٍ لَا يَرُدُّ عَلَى الْعِبَارَةِ شَيْءٌ اهـ حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم، قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ إلَخْ. أَقُولُ: مِنْ التَّوْجِيهَاتِ الْقَرِيبَةِ السَّهْلَةِ أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِرُؤْيَةِ أَقَلِّ الْحَيْضِ رُؤْيَةُ أَقَلِّ قَدْرِهِ وَهُوَ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ سَاعَةً وَهَذَا صَادِقٌ بِرُؤْيَةِ مَا زَادَ عَلَى قَدْرِهِ فَقَطْ إلَى الْأَكْثَرِ وَفَوْقَهُ إذْ رُؤْيَةُ جَمِيعِ ذَلِكَ يَصْدُقُ مَعَهَا رُؤْيَةُ الْأَقَلِّ، فَصَحَّ تَقْسِيمُهُ إلَى عَدَمِ عُبُورِ الْأَكْثَرِ وَإِلَى عُبُورِهِ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ، وَعَلَى هَذَا فَمَرْجِعُ الضَّمِيرِ فِي يَعْبُرُ الدَّمُ الْمَرْئِيُّ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَظُنَّ أَنَّ هَذَا التَّوْجِيهَ هُوَ مَعْنَى الْعِلَاوَةِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ غَلَطٌ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: فَكُلُّهُ حَيْضٌ) هُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ تَحَقَّقَتْ أَنَّ أَوْقَاتَ الدَّمِ لَا تَنْقُصُ عَنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَأَمَّا إذَا شَكَّتْ فِي أَنَّهُ يَبْلُغُ ذَلِكَ أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ مُضِيِّ ذَلِكَ فَهَلْ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ حَيْضٌ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِيمَا تَرَاهُ الْمَرْأَةُ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ نَقْصُهُ عَنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَمْ لَا، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحَيْضِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنْ يُحْكَمَ عَلَى مَا تَرَاهُ الْمَرْأَةُ بِأَنَّهُ حَيْضٌ مَا لَمْ يَنْقُصْ فَيُؤْخَذُ بِكَلَامِهِمْ حَتَّى يَتَحَقَّقَ مَا يَمْنَعُهُ فَلَا تَقْضِي مَا فَاتَهَا فِيهِ مِنْ الصَّلَوَاتِ، وَيُحْكَمُ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِسَبَبِهِ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِهِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ عَنْ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهَا بَقِيَّةُ طُهْرٍ) هُوَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

دَمًا ثُمَّ اثْنَيْ عَشَرَ نَقَاءً ثُمَّ ثَلَاثَةً دَمًا ثُمَّ انْقَطَعَ فَالثَّلَاثَةُ الْأَخِيرَةُ دَمُ فَسَادٍ لَا حَيْضٍ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ مُفَرَّقًا (وَالصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ) كُلٌّ مِنْهُمَا (حَيْضٌ فِي الْأَصَحِّ) سَوَاءٌ الْمُبْتَدَأَةُ وَغَيْرُهَا خَالَفَ عَادَتَهَا أَمْ لَا كَمَا مَرَّ، وَهُمَا لَيْسَا مِنْ أَلْوَانِ الدَّمِ وَإِنَّمَا هُمَا كَالصَّدِيدِ تَعْلُوهُ صُفْرَةٌ وَكُدْرَةٌ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ " أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يَبْعَثْنَ لِعَائِشَةَ الدُّرْجَةَ وَفِيهَا الْكُرْسُفُ فِيهِ الصُّفْرَةُ مِنْ دَمِ الْحَيْضِ فَتَقُولُ لَا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ " تُرِيدُ الطُّهْرَ مِنْ الْحَيْضَةِ. وَالدُّرْجَةُ بِدَالٍ مَضْمُومَةٍ مُهْمَلَةٍ وَرَاءٍ مُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَهَا جِيمٌ خِرْقَةٌ وَنَحْوُهَا تُدْخِلُهَا الْمَرْأَةُ فِي فَرْجِهَا ثُمَّ تُخْرِجُهَا لِتَنْظُرَ هَلْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ أَثَرِ الْحَيْضِ أَمْ لَا، وَالْقَصَّةُ بِفَتْحِ الْقَافِ الْجَصُّ وَهِيَ الْقُطْنَةُ أَوْ الْخِرْقَةُ الْبَيْضَاءُ الَّتِي تَحْشُو بِهَا الْمَرْأَةُ عِنْدَ الْحَيْضِ شُبِّهَتْ الرُّطُوبَةُ النَّقِيَّةُ بِالْجَصِّ فِي الصَّفَاءِ. وَالْكُرْسُفُ: الْقُطْنُ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يَكُونُ ذَلِكَ حَيْضًا لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى لَوْنِ الدَّمِ، وَلِقَوْلِ أُمِّ عَطِيَّةَ: كُنَّا لَا نَعُدُّ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ شَيْئًا، وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ قَوْلَ عَائِشَةَ أَقْوَى لِكَثْرَةِ مُلَازَمَتِهَا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا لَوْ جَاوَزَ دَمُ الْمَرْأَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا يُسَمَّى بِالْمُسْتَحَاضَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُصَنِّفِ أَقَلُّ الطُّهْرِ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا (قَوْلُهُ: ثُمَّ انْقَطَعَ) وَخَرَجَ بِانْقَطَعَ مَا لَوْ اسْتَمَرَّ، فَإِنْ كَانَتْ مُبْتَدَأَةً فَغَيْرُ مُمَيِّزَةٍ، أَوْ مُعْتَادَةً عَمِلَتْ بِعَادَتِهَا كَمَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ رَأَتْ خَمْسَتَهَا الْمَعْهُودَةَ أَوَّلَ الشَّهْرِ ثُمَّ نَقَاءً أَرْبَعَةَ عَشَرَ ثُمَّ عَادَ الدَّمُ وَاسْتَمَرَّ فَيَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْ أَوَّلِ الْعَائِدِ طُهْرٌ ثُمَّ تَحِيضُ خَمْسَةَ أَيَّامٍ مِنْهُ وَيَسْتَمِرُّ دَوْرُهَا عِشْرِينَ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: فَالثَّلَاثَةُ الْأَخِيرَةُ) شَامِلٌ لِلْمُبْتَدَأَةِ أَيْضًا، وَكَتَبَ شَيْخُنَا بِرّ بِهَامِشِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ مَا نَصُّهُ: اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِمْ آخِرَ الْبَابِ فِي مَسْأَلَةِ الدِّمَاءِ الْمُتَخَلَّلَةِ بِالنَّقَاءِ إذَا زَادَتْ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ بِالنَّقَاءِ فَهِيَ اسْتِحَاضَةٌ اهـ. أَقُولُ: يُخَصُّ ذَاكَ بِهَذَا، وَانْظُرْ لَوْ كَانَ الدَّمُ الْمَرْئِيُّ بَعْدَ النَّقَاءِ سِتَّةً مَثَلًا فَهَلْ يُجْعَلُ الزَّائِدُ عَلَى تَكْمِلَةِ الطُّهْرِ حَيْضًا؟ لَا يَبْعُدُ أَنْ يُجْعَلَ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: قَوْلُهُ: ذَاكَ بِهَذَا: أَيْ فَيُقَالُ إنْ قَطَعَ عَلَى رَأْسِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ أَوْ فِيهَا كَانَ الدَّمُ مَعَ النَّقَاءِ حَيْضًا، وَهَذَا التَّخْصِيصُ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِمْ إذَا زَادَتْ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ، وَقَوْلُهُ: لَا يَبْعُدُ أَنْ يُجْعَلَ إلَخْ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُبْتَدَأَةِ وَالْمُعْتَادَةِ، لَكِنَّ فِيمَا تَقَدَّمَ عَنْ حَجّ مِنْ قَوْلِهِ كَمَا قَالُوهُ فَمَا لَوْ رَأَتْ خَمْسَتَهَا الْمَعْهُودَةَ أَوَّلَ الشَّهْرِ إلَخْ مَا يَقْتَضِي تَخْصِيصَ ذَلِكَ بِالْمُعْتَادَةِ، وَأَنَّ الْمُبْتَدَأَةَ تَحِيضُ يَوْمًا وَلَيْلَةً مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ (قَوْلُهُ: وَالصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ) أَطْلَقَ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ عَلَى ذِي الصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ مَجَازًا أَوْ قَدَّرَ الْمُضَافَ: أَيْ ذُو اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: كَالصَّدِيدِ) نَقَلَ هَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْمَجْمُوعِ عَنْ الْإِمَامِ وَقَالَ إنَّهُ الْأَصَحُّ، وَنَقَلَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّهُمَا مَاءٌ أَصْفَرُ وَمَاءٌ أَكْدَرُ (قَوْلُهُ: وَيَدُلُّ لِذَلِكَ) أَيْ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ حَيْضٌ (قَوْلُهُ: مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ إلَخْ) وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا خَبَرُ «إذَا وَاقَعَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ وَهِيَ حَائِضٌ إنْ كَانَ دَمًا أَحْمَرَ فَلْيَتَصَدَّقْ بِدِينَارٍ، وَإِنْ كَانَ أَصْفَرَ فَلْيَتَصَدَّقْ بِنِصْفِ دِينَارٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَجْهُ الدَّلَالَةِ بِهِ أَنَّهُ سَمَّى الْأَصْفَرَ دَمَ الْحَيْضِ عَلَى مَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ «إذَا وَاقَعَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ وَهِيَ حَائِضٌ إنْ كَانَ دَمًا أَحْمَرَ» وَلَعَلَّ الشَّارِحَ لَمْ يَسْتَدِلَّ بِهَذَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ سَمَّاهَا حَائِضًا مَجَازًا، وَأَنَّ اسْتِحْبَابَ التَّصَدُّقِ بِنِصْفِ دِينَارٍ لِمُوَاقَعَتِهِ لَهَا بَعْدَ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ وَقَبْلَ الطُّهْرِ ثُمَّ اعْتِبَارُ نِصْفِ الدِّينَارِ فِي الْأَصْفَرِ بِنَاءً عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ الْأَصْفَرَ لَا يُوجَدُ فِي أَوَّلِ الْحَيْضِ بَلْ فِي آخِرِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ كُلُّ حَيْضِهَا أَصْفَرَ وَوَطِئَ فِي أَوَّلِهِ سُنَّ التَّصَدُّقُ بِدِينَارٍ (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْقُطْنَةُ) التَّفْسِيرُ بِهِ لَا يُنَاسِبُ مَا سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ: شُبِّهَتْ الرُّطُوبَةُ النَّقِيَّةُ بِالْجِصِّ إلَخْ. وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْحَافِظُ حَجّ فِي فَتْحِ الْبَارِي: وَالْقَصَّةُ مَاءٌ أَبْيَضُ يَدْفِقُهُ الرَّحِمُ عِنْدَ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ اهـ. وَقَوْلُهُ: يَدْفِقُهُ هُوَ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَضَمِّهَا، وَعِبَارَةُ الْقَامُوسِ دَفَقَهُ يَدْفُقُهُ وَيَدْفِقُهُ صَبَّهُ اهـ. وَيُمْكِنُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَهُمَا لَيْسَا مِنْ أَلْوَانِ الدَّمِ) عِبَارَةُ الْقُوتِ وَهُمَا شَيْءٌ كَالصَّدِيدِ يَعْلُوهُ صُفْرَةٌ وَكُدْرَةٌ وَلَيْسَا بِدَمٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَالْقَصَّةُ) أَيْ، فَهُوَ تَفْسِيرٌ مُرَادٌ مِنْ الْقَصَّةِ، وَالْجِصُّ تَفْسِيرٌ لَهَا بِاعْتِبَارِ أَصْلِ اللُّغَةِ

وَلَهَا سَبْعَةُ أَحْوَالٍ لِأَنَّهَا إمَّا مُمَيِّزَةٌ أَوْ لَا، وَكُلٌّ مِنْهُمَا إمَّا مُبْتَدَأَةٌ أَوْ مُعْتَادَةٌ، وَغَيْرُ الْمُمَيِّزَةِ النَّاسِيَةُ لِعَادَتِهَا وَهِيَ الْمُتَحَيِّرَةُ إمَّا نَاسِيَةٌ لِلْقَدْرِ وَالْوَقْتِ أَوْ لِلْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي أَوْ لِلثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ، فَقَالَ مُبْتَدِئًا بِالْمُبْتَدَأَةِ الْمُمَيِّزَةِ (فَإِنْ عَبَرَهُ) أَيْ جَاوَزَ الدَّمُ أَكْثَرَ الْحَيْضِ (فَإِنْ) (كَانَتْ) أَيْ مَنْ جَاوَزَ دَمُهَا أَكْثَرَ الْحَيْضِ (مُبْتَدَأَةً) أَيْ أَوَّلَ مَا ابْتَدَأَهَا الدَّمُ (مُمَيِّزَةً) (بِأَنْ تَرَى) فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ دَمًا (قَوِيًّا وَ) فِي بَعْضِهَا (ضَعِيفًا) كَالْأَسْوَدِ وَالْأَحْمَرِ فَهُوَ ضَعِيفٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَسْوَدِ قَوِيٌّ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَشْقَرِ، وَالْأَشْقَرُ أَقْوَى مِنْ الْأَصْفَرِ، وَهُوَ أَقْوَى مِنْ الْأَكْدَرِ، وَذُو الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ أَقْوَى مِمَّا لَا رَائِحَةَ لَهُ، وَالثَّخِينُ أَقْوَى مِنْ الرَّقِيقِ، وَالْأَقْوَى مَا جَمَعَ مِنْ هَذِهِ الْقُوَى أَكْثَرَ، فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الصِّفَاتِ كَأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَسْوَدَ بِلَا ثِخَنٍ وَنَتْنٍ وَالْآخَرُ أَحْمَرَ بِأَحَدِهِمَا، أَوْ كَانَ الْأَسْوَدُ بِأَحَدِهِمَا وَالْأَحْمَرُ بِهِمَا اُعْتُبِرَ السَّبْقُ لِقُوَّتِهِ (فَالضَّعِيفُ) مِنْ ذَلِكَ (اسْتِحَاضَةٌ) وَإِنْ امْتَدَّ زَمَنُهُ. (وَالْقَوِيُّ) مِنْهُ (حَيْضٌ) بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ: أَشَارَ إلَى أَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يَنْقُصْ) الْقَوِيُّ (عَنْ أَقَلِّهِ) وَهُوَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ كَمَا مَرَّ، وَإِلَى ثَانِيهَا بِقَوْلِهِ (وَلَا عَبَرَ) أَيْ جَاوَزَ (أَكْثَرَهُ) وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مُتَّصِلَةً لِأَنَّ الْحَيْضَ لَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ، وَإِلَى ثَالِثِهَا بِقَوْلِهِ (وَلَا نَقَصَ الضَّعِيفُ عَنْ أَقَلِّ الطُّهْرِ) وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَاءً لِيَكُونَ طُهْرًا بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ، فَلَوْ رَأَتْ يَوْمًا سَوَادًا وَيَوْمًا حُمْرَةً وَهَكَذَا أَبَدًا لَمْ يَكُنْ تَمْيِيزًا مُعْتَبَرًا، وَإِنَّمَا كَانَتْ جُمْلَةُ الضَّعِيفِ لَمْ تَنْقُصْ عَنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لِعَدَمِ اتِّصَالِهَا، وَمَتَى اجْتَمَعَتْ الشُّرُوطُ الْمَذْكُورَةُ كَانَ الضَّعِيفُ طُهْرًا وَإِنْ طَالَ، حَتَّى لَوْ رَأَتْ يَوْمًا وَلَيْلَةً أَسْوَدَ ثُمَّ اتَّصَلَ بِهِ الضَّعِيفُ وَتَمَادَى سِنِينَ كَانَ طُهْرًا وَإِنْ كَانَتْ تَرَى الدَّمَ دَائِمًا إذَا كَثُرَ الطُّهْرُ لَا حَدَّ لَهُ، وَشَمِلَ قَوْلُهُ وَالْقَوِيُّ حَيْضٌ مَا لَوْ تَقَدَّمَ الْقَوِيُّ وَهُوَ كَذَلِكَ قَطْعًا، وَمَا لَوْ تَأَخَّرَ أَوْ تَوَسَّطَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنْ يُقَدَّرَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مَحْذُوفٌ كَأَنْ يُقَالَ: وَالْمُرَادُ بِهِ مَا فِي الْقُطْنَةِ فَلَا يُخَالِفُ مَا فِي الْفَتْحِ. (قَوْلُهُ: وَغَيْرُ) أَيْ وَالْمُعْتَادَةُ غَيْرُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ الثَّانِي) وَالصُّورَةُ السَّابِعَةُ أَنْ تَكُونَ الْمُعْتَادَةُ غَيْرُ الْمُمَيِّزَةِ حَافِظَةً لِلْقَدْرِ وَالْوَقْتِ، وَلَعَلَّهُ تَرَكَ التَّصْرِيحَ بِهَا لِاسْتِفَادَتِهَا بِالْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ النَّاسِيَةُ لِعَادَتِهَا أَوْ لِتَصْرِيحِ الْمُصَنِّفِ بِهَا فِي قَوْلِهِ فَتَرُدُّ إلَيْهِمَا قَدْرًا وَوَقْتًا (قَوْلُهُ: أَيْ أَوَّلَ مَا ابْتَدَأَهَا الدَّمُ) هَذَا التَّفْسِيرُ يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّهُ ضَبَطَ الْمَتْنَ بِفَتْحِ الدَّالِ، وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ قَوْلُ الشَّارِحِ: أَيْ أَوَّلَ إلَخْ فَهِيَ بِفَتْحِ الدَّالِ فِي عِبَارَةِ الْمَتْنِ، وَتَوَقَّفَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي صِحَّةِ قَوْلِك ابْتَدَأَهُ الشَّيْءُ وَقَالَ: لَمْ أَجِدْهُ فِي اللُّغَةِ، وَعَلَيْهِ فَيُقْرَأُ فِي الْمَتْنِ بِكَسْرِ الدَّالِ: أَيْ اُبْتُدِئَتْ فِي الدَّمِ اهـ. وَلَعَلَّ الشَّارِحَ لَمْ يَشْرَحْ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يُحْوِجُ إلَى تَجَوُّزٍ فِي إسْنَادِ الِابْتِدَاءِ بِمَعْنَى الشُّرُوعِ إلَى الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَرَى) ع هُوَ تَفْسِيرٌ لِلْمُمَيِّزَةِ لَا لِلْمُبْتَدَأَةِ الْمُمَيِّزَةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فَهُوَ ضَعِيفٌ) أَيْ الْأَحْمَرُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْأَصْفَرُ أَقْوَى مِنْ الْأَكْدَرِ (قَوْلُهُ: أَكْثَرَ) أَيْ أَكْثَرَ مِنْ مُقَابِلِهِ (قَوْلُهُ: امْتَدَّ زَمَنُهُ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ سِنِينَ وَسَيَأْتِي أَيْضًا فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: مُتَّصِلَةٌ) أَيْ فَهَذَا الشَّرْطُ فِي الْحَقِيقَةِ شَرْطَانِ: هُمَا كَوْنُهُ لَمْ يُجَاوِزْ أَكْثَرَ الْحَيْضِ، وَكَوْنُهُ مُتَّصِلًا (قَوْلُهُ: وَلَا نَقَصَ الضَّعِيفُ إلَخْ) قَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِأَنَّا نُرِيدُ أَنْ نَجْعَلَ الضَّعِيفَ طُهْرًا وَالْقَوِيَّ بَعْدَهُ حَيْضَةً أُخْرَى، وَإِنَّمَا يُمْكِنُ ذَلِكَ إذَا بَلَغَ الضَّعِيفُ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَمَثَّلَ الْإِسْنَوِيُّ لِذَلِكَ بِمَا لَوْ رَأَتْ يَوْمًا وَلَيْلَةً أَسْوَدَ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ أَحْمَرَ ثُمَّ السَّوَادَ. ثُمَّ قَالَ: فَلَوْ أَخَذْنَا بِالتَّمْيِيزِ هُنَا وَاعْتَبَرْنَاهُ لَجَعَلْنَا الْقَوِيَّ حَيْضًا وَالضَّعِيفَ طُهْرًا وَالْقَوِيَّ بَعْدَهُ حَيْضًا آخَرَ فَيَلْزَمُ نُقْصَانُ الطُّهْرِ عَنْ أَقَلِّهِ اهـ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: فَلَوْ رَأَتْ يَوْمًا سَوَادًا) أَيْ مَعَ لَيْلَتِهِ، وَأَمَّا لَوْ رَأَتْ الدَّمَ بِالنَّهَارِ دُونَ اللَّيْلِ أَوْ عَكْسَهُ فَلَا حَيْضَ لَهَا لِأَنَّهُ لَا جَائِزَ أَنْ يُحْكَمَ عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ بِأَنَّهُمَا حَيْضٌ دُونَ مَا بَعْدَهُمَا لِكَوْنِ النَّقَاءِ عَلَى هَذَا لَيْسَ مُتَخَلِّلًا بَيْنَ دَمِ حَيْضٍ وَلَا أَنْ يُحْكَمَ عَلَى مَا يَكْمُلُ بِهِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِمَّا بَعْدَ النَّقَاءِ مِنْ الدَّمِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ حَيْضُهَا أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. قَالَ فِي الْبَهْجَةِ: بَلْ لَا حَيْضَ لِلَّتِي تَرُدُّهَا الْأَقَلَّ فَأَبْصَرَتْ يَوْمًا دَمًا وَأَبْصَرَتْ لَيْلًا نَقَاءً عَنْهُ حَتَّى عَبَرَتْ اهـ عَمِيرَةُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ تَمْيِيزًا إلَخْ) أَيْ بَلْ هِيَ فَاقِدَةُ شَرْطِ التَّمْيِيزِ وَسَيَأْتِي حُكْمُهَا (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ تَأَخَّرَ) أَيْ وَإِنْ وَقَعَ بَعْدَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[إذا جاوز دم المرأة خمسة عشر يوما يسمى بالمستحاضة]

كَمَا لَوْ رَأَتْ خَمْسَةً حُمْرَةً ثُمَّ خَمْسَةً سَوَادًا ثُمَّ أَطْبَقَتْ الْحُمْرَةُ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَوْ اجْتَمَعَ قَوِيٌّ وَضَعِيفٌ وَأَضْعَفُ فَالْقَوِيُّ مَعَ مَا يُنَاسِبُهُ فِي الْقُوَّةِ مِنْ الضَّعِيفِ حَيْضٌ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ: أَنْ يَتَقَدَّمَ الْقَوِيُّ، وَأَنْ يَتَّصِلَ بِهِ الْمُنَاسِبُ الضَّعِيفُ، وَأَنْ يَصْلُحَا مَعًا لِلْحَيْضِ بِأَنْ لَا يَزِيدَ مَجْمُوعُهُمَا عَلَى أَكْثَرِهِ كَخَمْسَةٍ سَوَادًا ثُمَّ خَمْسَةٍ حُمْرَةً ثُمَّ أَطْبَقَتْ الصُّفْرَةُ فَالْأَوَّلَانِ حَيْضٌ، وَإِنْ لَمْ يَصْلُحَا مَعًا لِلْحَيْضِ كَعَشَرَةٍ سَوَادًا وَسِتَّةٍ حُمْرَةً ثُمَّ أَطْبَقَتْ الصُّفْرَةُ أَوْ صَلَحَا لَكِنْ تَقَدَّمَ الضَّعِيفُ كَخَمْسَةٍ حُمْرَةً ثُمَّ خَمْسَةٍ سَوَادًا ثُمَّ أَطْبَقَتْ الصُّفْرَةُ أَوْ تَأَخَّرَ لَكِنْ لَمْ يَتَّصِلْ الضَّعِيفُ بِالْقَوِيِّ كَخَمْسَةٍ سَوَادًا ثُمَّ خَمْسَةٍ صُفْرَةً ثُمَّ أَطْبَقَتْ الْحُمْرَةُ فَالْحَيْضُ السَّوَادُ فَقَطْ، وَمَا ذَكَرَ فِي الثَّالِثَةِ هُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَشُرَّاحُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَحْقِيقِهِ، لَكِنَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا جَعَلَهَا كَتَوَسُّطِ الْحُمْرَةِ بَيْنَ سَوَادَيْنِ وَقَالَ فِي تِلْكَ، لَوْ رَأَتْ سَوَادًا ثُمَّ حُمْرَةً ثُمَّ سَوَادًا كُلَّ وَاحِدٍ سَبْعَةَ أَيَّامٍ فَحَيْضُهَا السَّوَادُ مَعَ الْحُمْرَةِ. وَأَجَابَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْحُمْرَةَ إنَّمَا جُعِلَتْ حَيْضًا تَبَعًا لِلسَّوَادِ لِقُرْبِهَا مِنْهُ لِكَوْنِهَا تَلِيهِ فِي الْقُوَّةِ، بِخِلَافِ الصُّفْرَةِ مَعَ السَّوَادِ اهـ. وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ صِحَّةُ مَا فِي التَّحْقِيقِ وَالْمَجْمُوعِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَأَمَّا الْجَعْلُ الَّذِي ذَكَرَهُ فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ. ثُمَّ شَرَعَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ الْمُبْتَدَأَةُ غَيْرُ الْمُمَيِّزَةِ، فَقَالَ (أَوْ) كَانَتْ الْمُجَاوِزُ دَمُهَا أَكْثَرَ الْحَيْضِ (مُبْتَدَأَةً لَا مُمَيِّزَةً بِأَنْ رَأَتْهُ بِصِفَةٍ) وَاحِدَةٍ (أَوْ) رَأَتْهُ بِصِفَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ لَكِنْ (فَقَدَتْ شَرْطَ تَمْيِيزٍ) مِنْ الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ قَوْلَهُ فَقَدَتْ مَعْطُوفٌ عَلَى لَا مُمَيِّزَةً لَا عَلَى رَأَتْ، فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ إنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ فَاقِدَةَ شَرْطِ تَمْيِيزٍ تُسَمَّى غَيْرَ مُمَيِّزَةٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ تُسَمَّى مُمَيِّزَةً غَيْرَ مُعْتَدٍّ بِتَمْيِيزِهَا، عَلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ الْآتِيَ وَحَيْثُ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّهَا تُسَمَّى غَيْرَ مُمَيِّزَةٍ وَالْخِلَافُ فِي التَّسْمِيَةِ مَعَ كَوْنِ الْحُكْمِ صَحِيحًا، ثُمَّ إنْ لَمْ تَعْرِفْ وَقْتَ ابْتِدَاءِ الدَّمِ فَكَمُتَحَيِّرَةٍ وَسَيَأْتِي حُكْمُهَا وَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSضَعِيفٌ أَيْضًا فَيَشْمَلُ مَا لَوْ تَوَسَّطَ وَهُوَ مَا مَثَّلَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَ فِي الثَّالِثَةِ) هِيَ قَوْلُهُ: أَوْ تَأَخَّرَ لَكِنْ لَمْ يَتَّصِلْ (قَوْلُهُ: وَقَالَ فِي تِلْكَ) أَيْ تَوْسِيطِ الْحُمْرَةِ بَيْنَ سَوَادَيْنِ (قَوْلُهُ: مَعَ الْحُمْرَةِ) أَيْ فَيَكُونُ حَيْضُهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ السَّوَادَ مَعَ الصُّفْرَةِ (قَوْلُهُ: وَأَجَابَ الْوَالِدُ) الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّهُ جَوَابٌ عَنْ التَّعَارُضِ بَيْنَ مَا فِي التَّحْقِيقِ وَالْمَجْمُوعِ، لَكِنْ سَيَأْتِي لَهُ أَنَّ مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْجَعْلِ غَيْرُ صَحِيحٍ مَعَ أَنَّهُ عَيْنُ مَا اسْتَشْكَلَ بِهِ الْمُعْتَرِضُ. وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ بَعْدَ نَقْلِ مِثْلِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ مَا نَصُّهُ: أَيْ فَيَكُونُ حَيْضُهَا السَّوَادَ مَعَ الصُّفْرَةِ فَقَدْ نَسَبَ: أَيْ صَاحِبُ الرَّوْضِ إلَى تَصْحِيحِ التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ أَنَّ حَيْضَهَا السَّوَادُ فَقَطْ وَإِلَى الْمَجْمُوعِ، وَالْأَصْلُ أَنَّ حَيْضَهَا السَّوَادُ مَعَ الصُّفْرَةِ، وَأَجَابَ شَيْخُنَا إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِي أَنَّهُ لَيْسَ جَوَابًا عَنْ الْمُعَارَضَةِ بَلْ هُوَ جَوَابٌ عَمَّا وُجِّهَ فِي الْمَجْمُوعِ. وَحَاصِلُهُ يَرْجِعُ إلَى اعْتِمَادِ مَا فِي التَّحْقِيقِ (قَوْلُهُ: لِقُرْبِهَا مِنْهُ) لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى جَعْلِ الْحُمْرَةِ مَعَ السَّوَادِ حَيْضًا أَنَّ الْحُمْرَةَ وَإِنْ كَانَتْ مُنَاسِبَةً لِلْأَسْوَدِ لَكِنْ لَمْ يَتَأَخَّرْ عَنْهَا مَا هُوَ أَضْعَفُ مِنْهَا مَعَ اعْتِبَارِهِمْ فِي الْمُنَاسِبِ (قَوْلُهُ: مَا فِي التَّحْقِيقِ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْحَيْضَ السَّوَادُ فَقَطْ، وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ أَنَّ السَّوَادَ مَعَ الْحُمْرَةِ حَيْضٌ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: وَقَالَ فِي تِلْكَ لَوْ رَأَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بِالْفَرْقِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ الْوَالِدِ بِأَنَّ الْحُمْرَةَ لَمَّا جُعِلَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: الَّذِي ذَكَرَهُ) أَيْ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَجْمُوعِ وَالرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّ الصُّفْرَةَ الْمَذْكُورَةَ كَتَوَسُّطِ الْحُمْرَةِ بَيْنَ سَوَادَيْنِ (قَوْلُهُ: فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ) أَيْ لِضَعْفِ الصُّفْرَةِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: قَوْلَهُمْ الْآتِيَ) وَنَصُّهُ: وَحَيْثُ أُطْلِقَتْ الْمُمَيِّزَةُ فَالْمُرَادُ الْجَامِعَةُ لِلشُّرُوطِ السَّابِقَةِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: فَكَمُتَحَيِّرَةٍ) إنَّمَا جَعَلَهَا كَالْمُتَحَيِّرَةِ وَلَمْ يَعُدَّهَا مِنْهَا لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمُتَحَيِّرَةَ هِيَ النَّاسِيَةُ لِعَادَتِهَا قَدْرًا ـــــــــــــــــــــــــــــQ [إذَا جَاوَزَ دَمُ الْمَرْأَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا يُسَمَّى بِالْمُسْتَحَاضَةِ] قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ صِحَّةُ مَا فِي التَّحْقِيقِ، وَالْمَجْمُوعِ) مُرَادُهُ بِصِحَّةِ مَا فِي الْمَجْمُوعِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَقِيسِ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ مَا قَرَّرَهُ وَبِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَأَمَّا الْجُعْلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْمَقِيسِ، وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ فِي كَلَامِ الْمَجْمُوعِ: أَيْ يُفَرَّقُ

[المستحاضة الثانية وهي المبتدأة غير المميزة]

عَرَفَتْهُ (فَالْأَظْهَرُ أَنَّ حَيْضَهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ) لِأَنَّ سُقُوطَ الصَّلَاةِ عَنْهَا فِي هَذَا الْقَدْرِ مُتَيَقَّنٌ وَفِيمَا سِوَاهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ، فَلَا يُتْرَكُ الْيَقِينُ إلَّا بِمِثْلِهِ أَوْ أَمَارَةٍ ظَاهِرَةٍ مِنْ تَمْيِيزٍ أَوْ عَادَةٍ، لَكِنَّهَا فِي الدَّوْرِ الْأَوَّلِ تُمْهِلُ حَتَّى يَعْبُرَ الدَّمُ أَكْثَرَهُ فَتَغْتَسِلَ وَتَقْضِيَ عِبَادَةَ مَا زَادَ عَلَى الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، وَفِي الدَّوْرِ الثَّانِي تَغْتَسِلُ بِمُجَرَّدِ مُضِيِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ عَلَى الْأَظْهَرِ إنْ اسْتَمَرَّ فَقْدُ التَّمْيِيزِ (وَطُهْرَهَا تِسْعٌ وَعِشْرُونَ) لِأَنَّهَا تَتِمَّةُ الدَّوْرِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهَا تَرُدُّ إلَى غَالِبِ عَادَةِ النِّسَاءِ وَهُوَ سِتٌّ أَوْ سَبْعٌ، وَأَمَّا خَبَرُ خَمْسَةٍ الْمُتَقَدِّمُ فَذَاكَ لِأَنَّهَا كَانَتْ مُعْتَادَةً عَلَى الْأَصَحِّ، وَمَعْنَاهُ سِتَّةٌ إنْ اعْتَدْتِهَا أَوْ سَبْعَةٌ كَذَلِكَ، وَبَاقِي الشَّهْرِ طُهْرٌ فَهُوَ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلتَّخْيِيرِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا شَكَّتْ فِي عَادَتِهَا فَقَالَ لَهَا سِتَّةٌ إنْ لَمْ تَذْكُرِي عَادَتَك وَسَبْعَةٌ إنْ ذَكَرْتهَا، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ عَادَتَهَا كَانَتْ مُخْتَلِفَةً فَقَالَ: سِتَّةٌ فِي شَهْرِ السِّتَّةِ وَسَبْعَةٌ فِي شَهْرِ السَّبْعَةِ، وَنَصَّ عَلَى أَنَّ طُهْرَهَا ذَلِكَ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ أَقَلُّ الطُّهْرِ أَوْ غَالِبُهُ، وَأَنَّهُ يَلْزَمُهَا أَنْ تَحْتَاطَ فِيمَا سِوَى أَقَلِّ الْحَيْضِ إلَى أَكْثَرِهِ كَمَا قِيلَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ وَطُهْرُهَا بَقِيَّةُ الشَّهْرِ لِأَنَّ الشَّهْرَ قَدْ يَكُونُ نَاقِصًا فَنَصَّ عَلَى الْمُرَادِ، وَقَوْلُهُ وَطُهْرَهَا تِسْعٌ وَعِشْرُونَ يَحْتَمِلُ عَوْدَ الْأَظْهَرِ إلَيْهِ أَيْضًا: أَيْ الْأَظْهَرُ أَنَّ حَيْضَهَا الْأَقَلُّ لَا الْغَالِبُ، وَالْأَظْهَرُ أَيْضًا أَنَّ طُهْرَهَا تِسْعٌ وَعِشْرُونَ، وَحِينَئِذٍ فَيُقْرَأُ وَطُهْرَهَا بِالنَّصْبِ، وَيَحْتَمِلُ كَوْنَهُ مُفَرَّعًا عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَيُقْرَأُ بِالرَّفْعِ. قَالَ المنكت: وَالْأَقْرَبُ إلَى عِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ الْأَوَّلُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: كَلَامُ الْمُحَرَّرِ وَالْكِتَابِ ظَاهِرٌ فِي عَوْدِ الْخِلَافِ إلَيْهِمَا، ثُمَّ مَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ مَا لَمْ يَطْرَأْ لَهَا دَمٌ فِي أَثْنَاءِ تَمْيِيزِهَا، فَإِنْ طَرَأَ كَذَلِكَ رَدَّتْ إلَيْهِ نَسْخًا لِمَا مَضَى بِالتَّمْيِيزِ. وَلِمَا كَانَتْ اللَّيَالِي مُرَادَةً مَعَ الْأَيَّامِ تَرَكَ التَّاءَ مِنْ تِسْعٍ لِأَنَّ الْعَرَبَ تُغَلِّبُ التَّأْنِيثَ فِي اسْمِ الْعَدَدِ إذَا أَرَادَتْ ذَلِكَ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] مَعَ أَنَّ الْمَعْدُودَ إذَا حَدَثَ كَمَا هُنَا جَازَ حَذْفُ التَّاءِ. وَلَوْ رَأَتْ الْمُبْتَدَأَةُ خَمْسَةَ عَشَرَ حُمْرَةً ثُمَّ خَمْسَةَ عَشَرَ سَوَادًا تَرَكَتْ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ. أَمَّا فِي الْخَمْسَةَ عَشَرَ الْأُولَى فَلِأَنَّهَا كَانَتْ تَرْجُو الِانْقِطَاعَ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَوَقْتًا، وَهَذِهِ لَيْسَتْ مُعْتَادَةً لَكِنَّهَا مِثْلُهَا فِي الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهَا فِي الدَّوْرِ الْأَوَّلِ) الدَّوْرُ فِيمَنْ لَمْ تَخْتَلِفْ عَادَتُهَا هُوَ الْمُدَّةُ الَّتِي تَشْتَمِلُ عَلَى حَيْضٍ وَطُهْرٍ كَالشَّهْرِ فِي الْمُبْتَدَأَةِ وَفِيمَنْ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهَا هُوَ جُمْلَةُ الْأَشْهُرِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْعَادَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ كَثُرَتْ الْأَشْهُرُ أَوْ قَلَّتْ، ثُمَّ إنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ رَدَّتْ إلَى النَّوْبَةِ الْأَخِيرَةِ عَلَى مَا يَأْتِي، وَإِنْ تَكَرَّرَ بِأَنْ انْتَهَتْ إلَى حَدٍّ فِي الِاخْتِلَافِ ثُمَّ جَاءَ الدَّوْرُ الثَّانِي عَلَى نُوَبٍ مُخْتَلِفَةٍ أَيْضًا فَرَّقَ بَيْنَ الِانْتِظَامِ وَعَدَمِهِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: إنْ اعْتَدَّتْهَا) يَجُوزُ فِي مِثْلِهِ مِمَّا اتَّصَلَتْ فِيهِ تَاءُ الْمُخَاطَبَةِ بِهَا الضَّمِيرَ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا بِيَاءٍ لِلْإِشْبَاعِ عَلَى لُغَةٍ قَلِيلَةٍ، وَالْفَصِيحُ عَدَمُهُ كَمَا هُنَا كَذَا ذَكَرَهُ الرَّضِيُّ، وَنَقَلَهُ عَنْهُ الشَّنَوَانِيُّ فِي حَوَاشِيهِ عَلَى الْأَجْرُومِيَّةِ فِي بَابِ الْمُبْتَدَإِ وَالْخَبَرِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْإِشْبَاعُ بِالْيَاءِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَقَالَ لَهَا سِتَّةٌ إنْ لَمْ تَذْكُرِي) أَيْ وَعَلَى هَذَا لَا تَحْتَاطُ فِي السَّابِعِ بَلْ تَجْعَلُهُ طُهْرًا مَحْضًا (قَوْلُهُ: وَنَصَّ) أَيْ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: بِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ أَقَلَّ الطُّهْرِ، وَغَالِبِهِ مَعَ الِاحْتِيَاطِ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ) أَيْ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: تِسْعٌ وَعِشْرُونَ) وَمُقَابِلُهُ قَوْلٌ بِأَنَّ طُهْرَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ احْتِيَاطًا اهـ ع (قَوْلُهُ: وَطُهْرَهَا بِالنَّصْبِ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ يَقُولُ دَوْرُهَا سِتَّةَ عَشَرَ لِمَا تَقَدَّمَ قَبْلَهُ عَنْ ع (قَوْلُهُ: عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ) أَيْ الْأَظْهَرِ (قَوْلُهُ: قَالَ المنكت) أَيْ ابْنُ النَّقِيبِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَطْرَأْ لَهَا إلَخْ) الْأَوْلَى مَا لَمْ يَطْرَأْ فِي أَثْنَاءِ دَمِهَا تَمْيِيزٌ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهَا غَيْرُ مُمَيِّزَةٍ ثُمَّ رَأَيْت الْخَطِيبَ صَرَّحَ بِذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: نَعَمْ إنْ طَرَأَ لَهَا فِي أَثْنَاءِ الدَّمِ تَمْيِيزٌ عَادَتْ إلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَيْنَهُمَا بِمَا قَدَّمَهُ عَنْ وَالِدِهِ، عَلَى أَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ قَوْلِهِ وَعُلِمَ إلَخْ إذْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ مَا فِيهِ [الْمُسْتَحَاضَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ الْمُبْتَدَأَةُ غَيْرُ الْمُمَيِّزَةِ] (قَوْلُهُ: فَيُقْرَأُ بِالرَّفْعِ) عِبَارَةُ الشِّهَابِ الْبُرُلُّسِيِّ يَنْبَغِي أَنْ يُقْرَأَ بِالنَّصْبِ؛ لِأَنَّا وَإِنْ فَرَّعْنَا عَلَى الْأَظْهَرِ لَنَا قَوْلٌ بِأَنَّ طُهْرَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ احْتِيَاطًا انْتَهَتْ، وَمَا ذَكَرَهُ إنَّمَا يَتِمُّ إنْ كَانَ الْخِلَافُ قَوِيًّا نَظَرًا لِاصْطِلَاحِ الْمُصَنِّفِ

[المستحاضة الثالثة وهي المعتادة غير المميزة]

وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلِأَنَّ السَّوَادَ تَبَيَّنَ أَنَّ مَا قَبْلَهُ اسْتِحَاضَةٌ، فَلَوْ زَادَ السَّوَادُ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ فَلَا تَمْيِيزَ فَتَرُدُّ مِنْ أَوَّلِ الْحُمْرَةِ إلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَيَكُونُ ابْتِدَاءُ دَوْرِهَا الْحَادِيَ وَالثَّلَاثِينَ. قَالَ الْأَئِمَّةُ: وَلَا يُتَصَوَّرُ مُسْتَحَاضَةٌ تَدَعُ الصَّلَاةَ هَذِهِ الْمُدَّةَ إلَّا هَذِهِ. وَأَوْرَدَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْمُعْتَادَةَ يُتَصَوَّرُ فِيهَا أَنْ تَدَعَ الصَّلَاةَ خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا بِأَنْ تَكُونَ عَادَتُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ أَوَّلِ كُلِّ شَهْرٍ فَرَأَتْ مِنْ أَوَّلِ شَهْرٍ خَمْسَةَ عَشَرَ حُمْرَةً ثُمَّ أَطْبَقَ السَّوَادُ فَتُؤْمَرُ بِالتَّرْكِ فِي الْخَمْسَةَ عَشَرَ الْأُولَى أَيَّامَ عَادَتِهَا، وَفِي الثَّانِيَةِ لِقُوَّتِهَا رَجَاءَ اسْتِقْرَارِ التَّمْيِيزِ، وَفِي الثَّالِثَةِ لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَمَرَّ السَّوَادُ تَبَيَّنَ أَنَّ مَرَدَّهَا الْعَادَةُ، وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ وَلَك أَنْ تَقُولَ قَدْ تُؤْمَرُ بِالتَّرْكِ فِي أَضْعَافِ ذَلِكَ إذَا رَأَتْ صُفْرَةً ثُمَّ شُقْرَةً ثُمَّ حُمْرَةً ثُمَّ سَوَادًا بِلَا ثَخَانَةٍ وَلَا رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ ثُمَّ سَوَادًا بِأَحَدِهِمَا ثُمَّ سَوَادًا بِهِمَا مَعًا وَنَحْوَ ذَلِكَ وَأَقَامَ كُلُّ دَمٍ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِنَّهَا تَتْرُكُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ لِلْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ وَهُوَ كَوْنُهُ أَقْوَى مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ رَدَّهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّهُمْ إنَّمَا اقْتَصَرُوا عَلَى هَذِهِ الْمُدَّةِ لِأَنَّ الدَّوْرَ وَهُوَ الشَّهْرُ لَا يَخْلُو عَنْ حَيْضٍ وَطُهْرٍ غَالِبًا، وَالْخَمْسَةَ عَشَرَ الْأُولَى ثَبَتَ حُكْمُ الْحَيْضِ فِيهَا بِالظُّهُورِ، فَإِذَا جَاءَ بَعْدَهَا مَا يَنْسَخُهَا لِأَجْلِ الْقُوَّةِ رَتَّبْنَا الْحُكْمَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا جَاوَزَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ عَلِمْنَا أَنَّهَا غَيْرُ مُمَيِّزَةٍ. ثُمَّ شَرَعَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ الثَّالِثَةِ وَهِيَ الْمُعْتَادَةُ غَيْرُ الْمُمَيِّزَةِ فَقَالَ (أَوْ مُعْتَادَةٌ) غَيْرُ مُمَيِّزَةٍ (بِأَنْ سَبَقَ لَهَا حَيْضٌ وَطُهْرٌ) وَهِيَ ذَاكِرَتُهُمَا (فَتَرُدُّ إلَيْهِمَا قَدْرًا وَوَقْتًا) كَخَمْسَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ مَثَلًا «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَرْأَةِ الَّتِي اسْتَفْتَتْ لَهَا أُمُّ سَلَمَةَ وَكَانَتْ تُهَرَاقُ الدَّمَ عَلَى عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِتَنْظُرَ عَدَدَ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُهَا مِنْ الشَّهْرِ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا الَّذِي أَصَابَهَا فَلْتَتْرُكْ الصَّلَاةَ قَدْرَ ذَلِكَ مِنْ الشَّهْرِ، فَإِذَا خَلَّفَتْ ذَلِكَ فَلْتَغْتَسِلْ ثُمَّ لْتَسْتَثْفِرْ بِثَوْبٍ ثُمَّ لْتُصَلِّ» ، وَتُهَرَاقُ بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْهَاءِ: أَيْ تَصُبُّ، وَالدَّمَ مَنْصُوبٌ بِالتَّشْبِيهِ بِالْمَفْعُولِ بِهِ أَوْ بِالتَّمْيِيزِ عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّ. وَاعْتَرَضَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ إلَى هَذَا التَّكَلُّفِ وَإِنَّمَا هُوَ مَفْعُولٌ بِهِ، وَالْمَعْنَى تُهَرِيقُ الدَّمَ، قَالَهُ السُّهَيْلِيُّ وَغَيْرُهُ، قَالُوا: غَيْرَ أَنَّ الْعَرَبَ تَعْدِلُ بِالْكَلِمَةِ إلَى وَزْنِ مَا هُوَ فِي مَعْنَاهَا وَهِيَ فِي مَعْنَى تُسْتَحَاضُ وَتُسْتَحَاضُ عَلَى وَزْنِ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُعْتَادَةَ إذَا جَاوَزَ دَمُهَا عَادَتَهَا أَمْسَكَتْ عَمَّا تُمْسِكُ عَنْهُ الْحَائِضُ قَطْعًا لِاحْتِمَالِ انْقِطَاعِهِ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ فَإِذَا انْقَطَعَ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ فَأَقَلَّ فَالْكُلُّ حَيْضٌ وَإِنْ عَبَرَهَا قَضَتْ مَا وَرَاءَ قَدْرِ عَادَتِهَا وَفِي الدَّوْرِ الثَّانِي وَمَا بَعْدَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSنَسْخًا لِمَا مَضَى بِالتَّمْيِيزِ اهـ. وَحَيْثُ عَبَّرَ بِمَا ذُكِرَ فَيُقَالُ الْمُرَادُ مَا لَمْ يَطْرَأْ لَهَا دَمٌ يَصْلُحُ لِلْحَيْضِ. (قَوْلُهُ: ابْتِدَاءُ دَوْرِهَا) أَيْ الثَّانِي (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَئِمَّةُ) أَيْ أَئِمَّةُ الشَّافِعِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَأُورِدَ إلَخْ) وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُمْ أَرَادُوا لَيْسَ لَنَا مُبْتَدَأَةٌ تَتْرُكُ الصَّلَاةَ شَهْرًا إلَّا هَذِهِ (قَوْلُهُ: وَفِي الثَّالِثَةِ) أَيْ وَفِي الْخَمْسَةَ عَشَرَ الثَّالِثَةُ الَّتِي هِيَ بَقِيَّةُ الْخَمْسَةِ وَالْأَرْبَعِينَ (قَوْلُهُ: أَضْعَافِ ذَلِكَ) أَيْ الثَّلَاثِينَ وَهُوَ تِسْعُونَ. [الْمُسْتَحَاضَةِ الثَّالِثَةِ وَهِيَ الْمُعْتَادَةُ غَيْرُ الْمُمَيِّزَةِ] (قَوْلُهُ: فَإِذَا خَلَّفَتْ) أَيْ تَرَكَتْهُ خَلْفَهَا بِأَنْ جَاوَزَتْهُ (قَوْلُهُ: لِتَسْتَثْفِرْ بِثَوْبٍ) أَيْ تَتَلَجَّمْ بِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ تَصُبُّ) هَذَا التَّفْسِيرُ مُوَافِقٌ لِمَا يَأْتِي عَنْ الزَّرْكَشِيّ (قَوْلُهُ وَاعْتَرَضَهُ) أَيْ اعْتَرَضَ قَوْلَهُ وَالدَّمَ مَنْصُوبٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَى هَذَا التَّكَلُّفِ) وَاَلَّذِي أَحْوَجَ الْقَائِلَ بِهِ إلَى ذَلِكَ التَّكَلُّفِ أَنَّهُ جَعَلَ تُهَرَاقُ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ ضَمِيرٌ يَعُودُ إلَى الْمَرْأَةِ فَلَا يَكُونُ الدَّمُ عَلَى هَذَا مَفْعُولًا بِهِ. وَحَاصِلُ مَا أَجَابَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ، وَإِنْ عَدَلَ بِهِ إلَى صِيغَةِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ فَكَأَنَّهُ قَالَ الْمَرْأَةُ الَّتِي تُرِيقُ الدَّمَ مِنْ أَرَاقَ أَيْ تَصُبُّهُ (قَوْلُهُ: عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَتُسْتَحَاضُ عَلَى وَزْنِ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ) أَيْ وَهُمْ عَدَلُوا إلَى وَزْنِهِ فَقَطْ فِي تُهْرَاقُ وَلَمْ يَنْظُرُوا إلَى عَمَلِهِ الْخَاصِّ بَلْ أَبْقَوْهُ عَلَى عَمَلِهِ الْأَوَّلِ مِنْ نَصْبِ الْمَفْعُولِ بِهِ فَتَأَمَّلْ

إذَا عَبَرَ أَيَّامَ عَادَتِهَا اغْتَسَلَتْ وَصَامَتْ وَصَلَّتْ لِظُهُورِ الِاسْتِحَاضَةِ لِأَنَّهَا تَثْبُتُ بِمَرَّةٍ جَزْمًا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ عَادَتُهَا أَنْ تَحِيضَ أَيَّامًا مِنْ كُلِّ شَهْرٍ أَوْ مِنْ كُلِّ سَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ، وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ هُنَا الْآيِسَةَ إذَا حَاضَتْ وَجَاوَزَ دَمُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ فَتَرُدُّ لِعَادَتِهَا قَبْلَ الْيَأْسِ لِمَا يَأْتِي فِي الْعَدَدِ أَنَّهَا تَحِيضُ بِرُؤْيَةِ الدَّمِ وَيَتَبَيَّنُ أَنَّهَا غَيْرُ آيِسَةٍ فَلَزِمَ كَوْنُهَا مُسْتَحَاضَةً بِمُجَاوَزَةِ دَمِهَا الْأَكْثَرَ، وَقَوْلُ الْفَتَى وَكَثِيرِينَ مِنْ مُعَاصِرِيهِ إنَّهُ دَمٌ فَسَادٍ غَفْلَةٌ عَمَّا ذَكَرُوهُ فِي الْعَدَدِ أَنَّهُمْ أَرَادُوا الْحُكْمَ عَلَى جَمِيعِهِ بِذَلِكَ وَإِلَّا فَهُوَ تَحَكُّمٌ مُخَالِفٌ لِتَصْرِيحِهِمْ هُنَا أَنَّ دَمَ الْحَيْضِ الْمُجَاوِزَ اسْتِحَاضَةٌ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُمْ بِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الِاسْتِحَاضَةِ أَنَّهَا دَمُ فَسَادٍ فَلَمْ يُخَالِفُوا غَيْرَهُمْ (وَتَثْبُتُ) الْعَادَةُ إنْ لَمْ تَخْتَلِفْ (بِمَرَّةٍ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ الِابْتِدَاءِ فَمَنْ حَاضَتْ فِي شَهْرٍ خَمْسَةً ثُمَّ اُسْتُحِيضَتْ رَدَّتْ إلَى الْخَمْسَةِ كَمَا تَرُدُّ إلَيْهَا لَوْ تَكَرَّرَتْ. وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِمَرَّتَيْنِ لِأَنَّ الْعَادَةَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْعَوْدِ. وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ لَفْظَ الْعَادَةِ لَمْ يَرِدْ بِهِ نَصٌّ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ، أَمَّا إذَا اخْتَلَفَتْ عَادَتُهَا وَانْتَظَمَتْ بِأَنْ كَانَتْ تَحِيضُ فِي شَهْرٍ ثَلَاثَةً مَثَلًا، وَفِي الثَّانِي خَمْسَةً، وَفِي الثَّالِثِ سَبْعَةً، وَفِي الرَّابِعِ ثَلَاثَةً، وَفِي الْخَامِسِ خَمْسَةً، وَفِي السَّادِسِ سَبْعَةً ثَبَتَ هَذَا الدَّوَرَانُ بِمَرَّةٍ نَشَأَ مِنْ عَادَةٍ ثَبَتَتْ بِمَرَّتَيْنِ وَالْعَادَةُ الْمُخْتَلِفَةُ إنَّمَا تَثْبُتُ بِمَرَّتَيْنِ، وَأَقَلُّ مَا يَحْصُلُ مَا مَثَّلْنَا فِي سِتَّةِ أَشْهُرٍ. وَإِنْ اُسْتُحِيضَتْ فِي شَهْرٍ بَنَتْ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَدُرْ الدَّوْرُ الثَّانِي عَلَى النَّظْمِ السَّابِقِ كَأَنْ اُسْتُحِيضَتْ فِي الشَّهْرِ الرَّابِعِ رَدَّتْ إلَى السَّبْعَةِ دُونَ الْعَادَاتِ السَّابِقَةِ، فَإِنْ لَمْ تَنْتَظِمْ بِأَنْ كَانَتْ تَتَقَدَّمُ هَذِهِ مَرَّةً وَهَذِهِ أُخْرَى رَدَّتْ إلَى مَا قَبْلَ شَهْرِ الِاسْتِحَاضَةِ إنْ ذَكَرَتْهُ لِثُبُوتِ الْعَادَةِ بِمَرَّةٍ. وَيَلْزَمُهَا الِاحْتِيَاطُ إلَى آخِرِ أَكْثَرِ عَادَتِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الَّذِي قَبْلَ شَهْرِ اسْتِحَاضَتِهَا، فَإِنْ نَسِيَتْ مَا قَبْلَ شَهْرِ الِاسْتِحَاضَةِ أَوْ نَسِيَتْ كَيْفِيَّةَ الدَّوَرَانِ دُونَ الْعَادَةِ حِيضَتْ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةً لِكَوْنِهَا الْمُتَيَقَّنَ وَتَحْتَاطُ إلَى آخِرِ أَكْثَرِ الْعَادَاتِ وَتَغْتَسِلُ آخِرَ كُلِّ نَوْبَةٍ لِاحْتِمَالِ انْقِطَاعِ دَمِهَا عِنْدَهُ. ثُمَّ شَرَعَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ الرَّابِعَةِ وَهِيَ الْمُعْتَادَةُ الْمُمَيِّزَةُ فَقَالَ (وَيُحْكَمُ لِلْمُعْتَادَةِ) الْمُمَيِّزَةِ (بِالتَّمْيِيزِ لَا الْعَادَةِ) الْمُخَالِفَةِ لَهُ (فِي الْأَصَحِّ) إنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَهُمَا أَقَلُّ الطُّهْرِ، لِأَنَّ التَّمْيِيزَ أَقْوَى مِنْ الْعَادَةِ لِظُهُورِهِ وَلِأَنَّهُ عَلَامَةٌ فِي الدَّمِ وَهِيَ عَلَامَةٌ فِي صَاحِبَتِهِ وَلِأَنَّهُ عَلَامَةٌ حَاضِرَةٌ وَالْعَادَةُ عَلَامَةٌ مُنْقَضِيَةٌ، فَلَوْ كَانَتْ عَادَتُهَا خَمْسَةً مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَبَقِيَّتُهُ طُهْرٌ فَرَأَتْ عَشَرَةً أَسْوَدَ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَبَقِيَّتَهُ أَحْمَرَ حُكِمَ بِأَنَّ حَيْضَهَا الْعَشَرَةُ لَا الْخَمْسَةُ الْأُولَى مِنْهَا وَالثَّانِي تَأْخُذُ كَالْعَادَةِ لِأَنَّهَا قَدْ ثَبَتَتْ وَاسْتَقَرَّتْ وَصِفَةُ الدَّمِ بِصَدَدِ الزَّوَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ عَلَى رَأْسِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ. وَالْمُرَادُ أَنْ لَا يُجَاوِزَهَا (قَوْلُهُ: إذَا عَبَرَ) أَيْ جَاوَزَ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ) أَيْ مَا تَرَاهُ الْآيِسَةُ (قَوْلُهُ: غَفْلَةٌ إلَخْ) قَدْ يُمْنَعُ بِمَنْعِ أَنَّ مَا قَالُوهُ غَفْلَةٌ وَأَنَّ مَا يَأْتِي فِي الْعَدَدِ يَرُدُّ مَا قَالُوهُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مَا فِي الْعَدَدِ فِيمَا إذَا عُلِمَ وُجُودُ دَمِ الْحَيْضِ بِشُرُوطِهِ بَعْدَ سِنِّ الْيَأْسِ وَالدَّمُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ مَشْكُوكٌ فِيهِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي قَوْلِهِ مَشْكُوكٌ فِيهِ مَعَ قَوْلِهِمْ إنَّ الْآيِسَةَ إذَا رَأَتْ دَمًا لَمْ يَنْقُصْ عَنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ حُكِمَ بِأَنَّهُ حَيْضٌ فَمَا مَعْنَى كَوْنِهِ مَشْكُوكًا فِيهِ مَعَ أَنَّ هَذَا لَوْ وُجِدَ مِثْلُهُ لِغَيْرِ الْآيِسَةِ لَمْ يُجْعَلْ مَشْكُوكًا فِيهِ بَلْ يُحْكَمُ بِأَنَّهُ حَيْضٌ بِالنِّسْبَةِ لِقَدْرِ عَادَتِهَا وَلِمَا زَادَ بِأَنَّهُ اسْتِحَاضَةٌ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا خَالَفَتْ مَنْ ثَبَتَ لَهُنَّ بِالِاسْتِقْرَاءِ الْيَأْسُ فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ أَوْرَثَنَا الشَّكَّ فِيمَا رَأَتْهُ مِنْ الدَّمِ حَيْثُ جَاوَزَ أَكْثَرَ الْحَيْضِ (قَوْلُهُ: ثَبَتَتْ بِمَرَّتَيْنِ) أَيْ فَتَرُدُّ إلَيْهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الَّذِي ثَبَتَ لَهَا قَبْلَ الِاسْتِحَاضَةِ (قَوْلُهُ: رَدَّتْ إلَى السَّبْعَةِ) السَّبْعَةُ فِي هَذَا الْمِثَالِ هِيَ أَكْثَرُ النُّوَبِ، فَلَوْ كَانَ الشَّهْرُ الثَّالِثُ ثَلَاثَةً أَوْ خَمْسَةً رَدَّتْ إلَيْهِ وَاحْتَاطَتْ فِي الزَّائِدِ عَلَى مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَنْهَجِ، لَكِنْ قَالَ سم عَلَيْهِ: الَّذِي فِي الْعُبَابِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَتَكَرَّرْ الدَّوْرُ تَرُدُّ لِلنَّوْبَةِ الْأَخِيرَةِ وَلَا احْتِيَاطَ عَلَيْهَا مُطْلَقًا وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ: الْمُمَيِّزَةِ) بِأَنْ رَأَتْ قَوِيًّا وَضَعِيفًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[المستحاضة الخامسة وهي المتحيرة]

وَذَلِكَ عِنْدَ نُقْصَانِهِ عَنْ أَقَلِّ الْحَيْضِ أَوْ مُجَاوَرَتِهِ أَكْثَرَهُ، أَمَّا إذَا تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا أَقَلُّ الطُّهْرِ كَأَنْ رَأَتْ بَعْدَ خَمْسَتِهَا عِشْرِينَ ضَعِيفًا ثُمَّ خَمْسَةً قَوِيًّا ثُمَّ ضَعِيفًا فَقَدْرُ الْعَادَةِ حَيْضٌ لِلْعَادَةِ وَالْقَوِيُّ حَيْضٌ آخَرُ لِأَنَّ بَيْنَهُمَا طُهْرًا كَامِلًا. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَرْأَةَ مُبْتَدَأَةً كَانَتْ أَوْ لَا تَتْرُكُ مَا تَتْرُكُهُ الْحَائِضُ بِمُجَرَّدِ رُؤْيَتِهَا الدَّمَ حَمْلًا عَلَى الظَّاهِرِ مِنْ كَوْنِهِ حَيْضًا فَلَهَا حُكْمُ الْحَائِضِ حَتَّى يَحْرُمَ طَلَاقُهَا حِينَئِذٍ، فَإِنْ انْقَطَعَ لِدُونِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ حَكَمْنَا بِعَدَمِ كَوْنِهِ حَيْضًا لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ دَمُ فَسَادٍ فَتَقْضِي الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ فَإِنْ كَانَتْ صَائِمَةً بِأَنْ نَوَتْ قَبْلَ وُجُودِ الدَّمِ أَوْ عِلْمِهَا بِهِ أَوْ ظَنَّتْ أَنَّهُ دَمُ فَسَادٍ أَوْ جَهِلَتْ الْحُكْمَ صَحَّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَتْ مَعَ الْعِلْمِ بِالْحُكْمِ لِتَلَاعُبِهَا. ثُمَّ شَرَعَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ الْخَامِسَةِ: وَهِيَ الْمُتَحَيِّرَةُ فَقَالَ (أَوْ) كَانَتْ مَنْ جَاوَزَ دَمُهَا أَكْثَرَهُ (مُتَحَيِّرَةً) سُمِّيَتْ بِهِ لِتَحَيُّرِهَا فِي أَمْرِهَا وَتُسَمَّى بِالْمُحَيِّرَةِ أَيْضًا لِأَنَّهَا حَيَّرَتْ الْفَقِيهَ فِي أَمْرِهَا وَلِهَذَا صَنَّفَ الدَّارِمِيُّ فِيهَا مُجَلَّدًا ضَخْمًا لَخَّصَ الْمُصَنِّفُ مَقَاصِدَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَهِيَ الْمُسْتَحَاضَةُ غَيْرُ الْمُمَيِّزَةِ وَلَهَا ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ: لِأَنَّهَا إمَّا أَنْ تَكُونَ نَاسِيَةً لِقَدْرِهَا وَوَقْتِهَا، أَوْ لِقَدْرِهَا دُونَ وَقْتِهَا، أَوْ بِالْعَكْسِ. وَقَدْ شَرَعَ فِي الْأَوَّلِ فَقَالَ (بِأَنْ نَسِيَتْ) أَيْ جَهِلَتْ (عَادَتَهَا قَدْرًا وَوَقْتًا) لِنَحْوِ غَفْلَةٍ أَوْ عِلَّةٍ عَارِضَةٍ، وَقَدْ تُجَنُّ وَهِيَ صَغِيرَةٌ وَتَدُومُ لَهَا عَادَةُ حَيْضٍ ثُمَّ تُفِيقُ مُسْتَحَاضَةً فَلَا تَعْرِفُ شَيْئًا مِمَّا سَبَقَ (فَفِي قَوْلٍ) هِيَ (كَمُبْتَدَأَةٍ) لِأَنَّ الْعَادَةَ الْمَنْسِيَّةَ لَا يُسْتَفَادُ مِنْهَا حُكْمٌ فَتَكُونُ كَالْمَعْدُومَةِ وَلِأَنَّ الْأَخْذَ بِالِاحْتِيَاطِ الْآتِي فِيهِ حَرَجٌ شَدِيدٌ وَهُوَ مَنْفِيٌّ عَنْ الْأُمَّةِ. نَعَمْ لَا يُمْكِنُ إلْحَاقُهَا بِالْمُبْتَدَأَةِ فِي ابْتِدَاءِ دَوْرِهَا لِأَنَّ ابْتِدَاءَ دَوْرِ الْمُبْتَدَأَةِ مَعْلُومٌ بِظُهُورِ الدَّمِ، بِخِلَافِ النَّاسِيَةِ فَيَكُونُ ابْتِدَاؤُهُ أَوَّلَ الْهِلَالِ، وَمَتَى أَطْلَقُوا الشَّهْرَ فِي مَسَائِلِ الِاسْتِحَاضَةِ عَنَوْا بِهِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا سَوَاءٌ أَكَانَ ابْتِدَاؤُهُ مِنْ أَوَّلِ الْهِلَالِ أَمْ لَا إلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ (وَالْمَشْهُورُ وُجُوبُ الِاحْتِيَاطِ) عَلَيْهَا لِاحْتِمَالِ كُلِّ زَمَانٍ يَمُرُّ عَلَيْهَا لِلْحَيْضِ وَالطُّهْرِ وَالِانْقِطَاعِ، وَلَا يُمْكِنُ جَعْلُهَا حَائِضًا دَائِمًا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَزَادَ الْقَوِيُّ عَلَى عَادَتِهَا السَّابِقَةِ وَسَيَأْتِي مِثَالُهُ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ الزَّوَالُ (قَوْلُهُ: تَتْرُكُ مَا تَتْرُكُهُ الْحَائِضُ بِمُجَرَّدِ رُؤْيَتِهَا) وَعِبَارَةُ حَجّ: بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الدَّمِ لِزَمَنِ إمْكَانِ الْحَيْضِ يَجِبُ الْتِزَامُ أَحْكَامِهِ إلَخْ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم، قَوْلُهُ: الْتِزَامُ أَحْكَامِهِ وَمِنْهَا وُقُوعُ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ بِهِ فَيُحْكَمُ بِوُقُوعِهِ بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الدَّمِ، ثُمَّ إنْ اسْتَمَرَّ إلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَأَكْثَرَ اسْتَمَرَّ الْحُكْمُ بِالْوُقُوعِ وَإِنْ انْقَطَعَ قَبْلَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بَانَ أَنْ لَا وُقُوعَ فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَهَلْ يَسْتَمِرُّ حُكْمُ الطَّلَاقِ لِأَنَّا حَكَمْنَا بِمُجَرَّدِ الرُّؤْيَةِ بِأَنَّ الْخَارِجَ حَيْضٌ وَلَمْ نَتَحَقَّقْ خِلَافَهُ وَمُجَرَّدُ الْمَوْتِ لَا يَمْنَعُ كَوْنَهُ حَيْضًا بِخِلَافِ الِانْقِطَاعِ فِي الْحَيَاةِ أَوْ لَا يَسْتَمِرُّ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ غَيْرُ حَائِضٍ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ النِّكَاحِ فِيهِ نَظَرٌ اهـ. وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي فَصْلِ عَلَّقَ بِحَمْلٍ مَا نَصُّهُ: أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ بِالْحَيْضِ وَقَعَ بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الدَّمِ كَمَا يَأْتِي، حَتَّى لَوْ مَاتَتْ قَبْلَ مُضِيِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أُجْرِيَتْ عَلَيْهَا أَحْكَامُ الطَّلَاقِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَإِنْ احْتَمَلَ كَوْنَهُ دَمَ فَسَادٍ اهـ. وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَتْ صَائِمَةً وَرَأَتْ الدَّمَ فَظَنَّتْهُ حَيْضًا وَأَفْطَرَتْ ثُمَّ تَبَيَّنَ كَوْنُهُ غَيْرَ حَيْضٍ فَهَلْ تُفْطِرُ وَيَلْزَمُهَا الْقَضَاءُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ ظَنَّ بَقَاءَ اللَّيْلِ فَأَكَلَ فَبَانَ نَهَارًا وَعَلَى مَا لَوْ أَكَلَ نَاسِيًا فَظَنَّ بُطْلَانَ صَوْمِهِ ثُمَّ أَكَلَ عَامِدًا بَعْدُ (قَوْلُهُ: فَتَقْضِي الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ) أَيْ وَلَا إثْمَ عَلَيْهَا فِي التَّرْكِ لِأَنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِهِ [الْمُسْتَحَاضَةِ الْخَامِسَةِ وَهِيَ الْمُتَحَيِّرَةُ] (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْمُتَحَيِّرَةُ) أَيْ الْمُطْلَقَةُ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ لَهَا ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ لِأَنَّ ذَاكَ فِي مُطْلَقِ الْمُتَحَيِّرَةِ، وَهَذَا فِي الْمُتَحَيِّرَةِ الْمُطْلَقَةِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ جَهِلَتْ) فَسَّرَ النِّسْيَانَ بِالْجَهْلِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ سَبْقُ الْعِلْمِ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ: لِنَحْوِ غَفْلَةٍ أَوْ عِلَّةٍ (قَوْلُهُ: وَتَدُومُ) الْأَوْلَى وَتَسْتَقِرُّ (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ) أَيْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ (قَوْلُهُ: أَوَّلَ الْهِلَالِ) قَالَ ع: لِأَنَّهُ الْأَغْلَبُ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهِيَ دَعْوَى مُخَالِفَةٌ لِلْحِسِّ، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الْعُمْدَةُ فِي تَزْيِيفِ هَذَا الْقَوْلِ اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: فِي هَذَا الْمَوْضِعِ) أَيْ فَمُرَادُهُمْ بِالشَّهْرِ الْهِلَالِيِّ نَقَصَ أَوْ كَمَلَ (قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ وُجُوبُ الِاحْتِيَاطِ) وَمَحَلُّ وُجُوبِ مَا ذُكِرَ عَلَيْهَا كَمَا أَفَادَهُ النَّاشِرِيُّ مَا لَمْ تَصِلْ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ فَإِنْ وَصَلَتْهُ فَلَا وَهُوَ ظَاهِرُ جَلِيِّ شَرْحِ م ر. وَأَقُولُ: لَعَلَّ مَا قَالَهُ النَّاشِرِيُّ مَبْنِيٌّ عَلَى ظَاهِرِ مَا سَبَقَ عَنْ الْفَتَى وَغَيْرِهِ اهـ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لِقِيَامِ الْإِجْمَاعِ عَلَى بُطْلَانِهِ، وَلَا طَاهِرًا دَائِمًا لِقِيَامِ الدَّمِ. وَلَا التَّبْعِيضُ لِأَنَّهُ تَحَكُّمٌ فَاحْتَاطَتْ لِلضَّرُورَةِ. نَعَمْ تَعْتَدُّ لَوْ طَلُقَتْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ اعْتِبَارًا بِالْغَالِبِ وَدَفْعًا لِلضَّرَرِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ؛ وَإِذَا تَمَهَّدَ أَنَّ الْمَشْهُورَ وُجُوبُ الِاحْتِيَاطِ (فَيَحْرُمُ الْوَطْءُ) عَلَى زَوْجِهَا أَوْ سَيِّدِهَا وَالْمُبَاشَرَةُ لَهَا فِيمَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا وَيَسْتَمِرُّ وُجُوبُ نَفَقَتِهَا وَكُسْوَتِهَا عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSسم عَلَى حَجّ، وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ شَرْحِ م ر يُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مُتَّصِلًا بِقَوْلِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ وَالصَّوَابُ إسْقَاطُهَا. وَقَوْلُهُ: مَا سَبَقَ عَنْ الْفَتَى: أَيْ مِنْ الْآيِسَةِ إذَا جَاوَزَ دَمُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا يَكُونُ دَمَ فَسَادٍ. قَالَ سم أَيْضًا: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَاكَ مَفْرُوضًا فِي دَمٍ مُتَمَيِّزٍ عُلِمَ أَنَّهُ حَيْضٌ لِوُجُودِ شُرُوطِهِ. بِخِلَافِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ لِمُجَاوَزَتِهِ أَكْثَرَ الْحَيْضِ كَمَا هُنَا، ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ تَعَرَّضَ لِهَذِهِ فِيمَا مَرَّ اهـ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مَا قَالُوهُ مَفْرُوضٌ فِيمَنْ عَلِمَتْ بِعَادَتِهَا الْمَاضِيَةِ وَمَا هُنَا فِي غَيْرِهَا، فَعَدَمُ عِلْمِهَا بِالْعَادَةِ أَضْعَفَ شَأْنَهَا فَلَمْ يَصْلُحْ أَنْ يُجْعَلَ مَا أَصَابَهَا خَارِقًا لِاسْتِقْرَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَمِنْ ثَمَّ جَرَى فِيهَا قَوْلٌ بِإِلْحَاقِهَا بِالْمُبْتَدَأَةِ. بِخِلَافِ الْعَالِمَةِ فَإِنَّ حَالَهَا أَقْوَى فَعُدَّتْ غَيْرَ مُتَحَيِّرَةٍ فَأَمْكَنَ جَعْلُ مَا أَصَابَهَا نَاقِضًا لِلِاسْتِقْرَاءِ (قَوْلُهُ: لِقِيَامِ الدَّمِ) أَيْ لِوُجُودِهِ وَهَذِهِ بِمُجَرَّدِهَا لَا تَصْلُحُ مَانِعَةً مِنْ كَوْنِهِ طُهْرًا دَائِمًا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ كُلُّهُ دَمَ فَسَادٍ إلَّا أَنْ يُمْنَعَ هَذَا بِأَنَّ مَا تَرَاهُ الْمَرْأَةُ فِي سِنِّ الْحَيْضِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا مَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ مَانِعٌ. وَالْمَانِعُ هُنَا إنَّمَا مَنَعَ مِنْ الْحُكْمِ عَلَى الْكُلِّ بِأَنَّهُ حَيْضٌ، وَلَمْ يَمْنَعْ مِنْ أَنَّ بَعْضَهُ حَيْضٌ وَبَعْضَهُ غَيْرُ حَيْضٍ (قَوْلُهُ: وَلَا التَّبْعِيضُ) أَيْ بِأَنْ يُحْكَمَ عَلَى بَعْضٍ مُعَيَّنٍ بِأَنَّهُ حَيْضٌ وَعَلَى آخَرَ بِأَنَّهُ طُهْرٌ (قَوْلُهُ: اعْتِبَارًا بِالْغَالِبِ) أَيْ إذَا طَلَّقَهَا فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ، أَمَّا إذَا طَلَّقَهَا فِي أَثْنَائِهِ فَإِنْ كَانَ مَضَى مِنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ أَوْ أَكْثَرُ لَغَا مَا بَقِيَ وَاعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ ذَلِكَ، وَيَحْرُمُ طَلَاقُهَا حِينَئِذٍ لِمَا فِيهِ مِنْ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ، وَإِنْ بَقِيَ مِنْ الشَّهْرِ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَكْثَرُ فَبِشَهْرَيْنِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَوْلُهُ: كَمَا سَيَأْتِي مَعْنَاهُ عَلَى مَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَدَفْعًا لِلضَّرَرِ إلَخْ) لَك نَقْضُهُ بِمَنْ انْقَطَعَ حَيْضُهَا لِعِلَّةٍ أَوْ لَا لِعِلَّةٍ تُعْرَفُ حَيْثُ قَالُوا فِيهَا كَمَا سَيَأْتِي: تَصْبِرُ حَتَّى تَحِيضَ وَتَعْتَدَّ بِالْأَقْرَاءِ وَتَيْأَسَ فَتَعْتَدَّ بِالْأَشْهُرِ وَلَمْ يَنْظُرُوا لِلضَّرَرِ فِيهَا. فَإِنْ قُلْت: الضَّرَرُ فِيهَا غَيْرُ مُحَقَّقٍ لِجَوَازِ أَنْ تَحِيضَ بَعْدُ بِقَلِيلٍ إنْ لَمْ تَكُنْ قَرِيبَةً لِلْيَأْسِ أَوْ تَيْأَسَ إنْ كَانَتْ قَرِيبَةً. قُلْت: هُوَ مُعَارَضٌ بِهَذِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تُشْفَى أَوْ تَتَذَكَّرَ عَادَتَهَا قَدْرًا وَوَقْتًا فَتَأَمَّلْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ هَذِهِ لَمَّا اُحْتُمِلَ انْقِضَاءُ عِدَّتِهَا لِرُؤْيَتِهَا الدَّمَ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَشْتَمِلُ عَلَى حَيْضٍ وَطُهْرٍ لِمَا مَرَّ أَنَّ الشَّهْرَ لَا يَخْلُو غَالِبًا عَنْ طُهْرٍ وَحَيْضٍ. قُلْنَا بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ بِخِلَافِ مَنْ انْقَطَعَ دَمُهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ مَا يُحْتَمَلُ مَعَهُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ مَعَ كَوْنِهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ لِعَدَمِ بُلُوغِهَا سِنَّ الْيَأْسِ (قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ الْوَطْءُ) لِإِطْلَاقِهَا لِأَنَّ عِلَّةَ تَحْرِيمِهِ مِنْ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ لَا تَتَأَتَّى هُنَا لِمَا تَقَرَّرَ فِي عِدَّتِهَا اهـ حَجّ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ لِأَنَّ عِلَّةَ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الشَّهْرِ مَا لَا يَسَعُ حَيْضًا وَطُهْرًا حُرْمَةُ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِتَضَرُّرِهَا بِطُولِ الْعِدَّةِ بِمَا بَقِيَ مِنْ الشَّهْرِ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى زَوْجِهَا) لَوْ اخْتَلَفَ اعْتِقَادُهُمَا فَالْعِبْرَةُ بِعَقِيدَةِ الزَّوْجِ لَا الزَّوْجَةِ وَفِي حَجّ مَا يُصَرِّحُ بِهِ فِي بَابِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ وَفِيمَا لَوْ مَكَّنَتْهُ عَمَلًا بِعَقِيدَةِ الزَّوْجِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا التَّقْلِيدُ لِمَنْ قَلَّدَهُ زَوْجُهَا أَوْ لَا؟ قَالَ فِي الْإِيعَابِ: فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ وُجُوبُ التَّقْلِيدِ. أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ فِي وُجُوبِ التَّقْلِيدِ نَظَرٌ لِأَنَّا حَيْثُ قُلْنَا الْعِبْرَةُ بِعَقِيدَةِ الزَّوْجِ صَارَتْ مُكْرَهَةً عَلَى التَّمْكِينِ شَرْعًا وَالْمُكْرَهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّوْرِيَةُ وَإِنْ أَمْكَنَتْهُ لِأَنَّ فِعْلَهُ كَلَا فِعْلٍ، فَكَذَلِكَ يُقَالُ هُنَا: لَا يَجِبُ عَلَيْهَا التَّقْلِيدُ لِأَنَّ فِعْلَهَا كَلَا فِعْلٍ. لَا يُقَالُ: يَرُدُّ عَلَى ذَلِكَ مَا قَالُوهُ فِي الطَّلَاقِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَعَدَمِهِ مِنْ أَنَّ الزَّوْجَ يُدَيَّنُ وَعَلَيْهَا الْهَرَبُ. لِأَنَّا نَقُولُ: لَا مُنَافَاةَ لِأَنَّهَا ثَمَّتَ لَمْ تُوَافِقْهُ عَلَى مُدَّعَاهُ وَإِلَّا فَلَا تَدْيِينَ، وَلِأَنَّ مُعْتَقَدَهُ ثَمَّ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ ظَاهِرًا فَلَزِمَهَا الْهَرَبُ مِنْهُ لِذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ يُقَرُّ عَلَيْهِ فَلَزِمَهَا تَمْكِينُهُ رِعَايَةً لِاعْتِقَادِهِ، ثُمَّ رَأَيْته فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ الشَّوْبَرِيِّ عَلَى مَنْهَجٍ نَقْلًا عَنْ الْعُبَابِ (قَوْلُهُ: وَكُسْوَتِهَا) أَيْ وَسَائِرِ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ كَالْقَسْمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[المستحاضة الرابعة وهي المعتادة المميزة]

زَوْجِهَا، وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي فَسْخِ نِكَاحِهَا لِأَنَّ وَطْأَهَا مُتَوَقَّعٌ (وَ) يَحْرُمُ عَلَيْهَا (مَسُّ الْمُصْحَفِ) وَحَمْلُهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (وَالْقِرَاءَةُ) لِلْفَاتِحَةِ وَلِلسُّورَةِ (فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ) كَالْحَائِضِ وَإِنْ خَافَتْ نِسْيَانَ الْقُرْآنِ فِيمَا يَظْهَرُ لِتَمَكُّنِهَا مِنْ إجْرَائِهِ عَلَى قَلْبِهَا، أَمَّا فِي الصَّلَاةِ فَجَائِزَةٌ مُطْلَقًا فَاتِحَةً أَوْ غَيْرَهَا، وَتُفَارِقُ فَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ الْجُنُبَ حَيْثُ وَجَبَ عَلَيْهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْفَاتِحَةِ بِأَنَّ الْجُنُبَ حَدَثُهُ مُحَقَّقٌ وَحَدَثُ هَذِهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ غَيْرُ مُحَقَّقٍ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ تَحْرِيمَ الْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ عَلَيْهَا وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ إنْ كَانَ لِغَرَضٍ دُنْيَوِيٍّ: أَيْ أَوْ لَا لِغَرَضٍ. فَإِنْ كَانَ لِلصَّلَاةِ فَكَقِرَاءَةِ السُّورَةِ فِيهَا أَوْ لِاعْتِكَافٍ أَوْ طَوَافٍ فَكَالصَّلَاةِ فَرْضًا وَنَفْلًا. قَالَ: وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا أَمِنَتْ التَّلْوِيثَ اهـ. وَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ مِنْ جَوَازِ دُخُولِهَا لَهُ لِلصَّلَاةِ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا رَدَّهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمَفْهُومِ كَلَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لِأَنَّ وَطْأَهَا) قَضِيَّةُ هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّ زَوْجَةَ الْأَبِ لَوْ تَحَيَّرَتْ لَا يَجِبُ عَلَى فَرْعِهِ الْإِعْفَافُ بِغَيْرِهَا لِتَوَقُّعِ زَوَالِ التَّحَيُّرِ كُلَّ وَقْتٍ. نَعَمْ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ أَضَرَّ بِهِ تَرْكُ الْجِمَاعِ وَلَمْ تَظْهَرْ قَرِينَةٌ عَلَى تَوَقُّعِ شِفَائِهَا قَرِيبًا وَجَبَ الْإِعْفَافُ بِأُخْرَى وَيَدْفَعُ نَفَقَةً وَاحِدَةً عَلَى مَا يَأْتِي، وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّ خَائِفَ الزِّنَا يَحِلُّ، لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ الْمُتَحَيِّرَةِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ. وَنُقِلَ عَنْ الْجَلَالِ السُّيُوطِيِّ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا، قَالَ: إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ تَحْتَهُ مُتَحَيِّرَةٌ لَمْ يَجُزْ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ عَلَيْهَا لِأَنَّ انْقِطَاعَ الدَّمِ عَنْهَا مُتَوَقَّعٌ كُلَّ وَقْتٍ. وَأُورِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ حَيْثُ مَنَعَ نِكَاحَ الْأَمَةِ عَلَى الْمُتَحَيِّرَةِ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ فَالْقِيَاسُ جَوَازُ نِكَاحِ الْأَمَةِ ابْتِدَاءً حَيْثُ لَمْ تَكُنْ تَحْتَهُ مَنْ تَصْلُحُ لِلْوَطْءِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُمْ نَظَرُوا لِاحْتِمَالِ الِانْقِطَاعِ فِي الْمُتَحَيِّرَةِ فَلَمْ يُثْبِتُوا لَهُ الْخِيَارَ فِيمَا لَوْ نَكَحَهَا جَاهِلًا بِحَالِهَا فَبَانَتْ مُتَحَيِّرَةً (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهَا الْقِرَاءَةُ لِلتَّعَلُّمِ وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ لِأَنَّ تَعَلُّمَ الْقِرَاءَةِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ فَهُوَ مِنْ مُهِمَّاتِ الدِّينِ، فَكَمَا جَازَ لَهَا التَّنَفُّلُ بِالصَّلَاةِ فَلَا مَانِعَ مِنْ جَوَازِ قِرَاءَتِهَا لِلتَّعَلُّمِ، بَلْ وَيَنْبَغِي لَهَا جَوَازُ مَسِّ الْمُصْحَفِ وَحَمْلُهُ إذَا تَوَقَّفَتْ قِرَاءَتُهُ عَلَيْهِمَا، وَأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكْفِ فِي دَفْعِ النِّسْيَانِ إجْرَاؤُهُ عَلَى قَلْبِهَا وَلَمْ يَتَّفِقْ لَهَا قِرَاءَتُهُ فِي الصَّلَاةِ لِمَانِعٍ قَامَ بِهَا كَاشْتِغَالِهَا بِصِنَاعَةٍ تَمْنَعُهَا مِنْ تَطْوِيلِ الصَّلَاةِ وَالنَّافِلَةِ جَازَ لَهَا الْقِرَاءَةُ. ثُمَّ إذَا قُلْنَا بِجَوَازِ الْقِرَاءَةِ لَهَا خَوْفَ النِّسْيَانِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَقْصِدَ بِتِلَاوَتِهَا الذِّكْرَ أَوْ تُطْلِقَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ دَفْعِ النِّسْيَانِ مَعَ ذَلِكَ؟ قُلْت: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا ذَلِكَ، بَلْ يَجُوزُ لَهَا قَصْدُ الْقِرَاءَةِ لِأَنَّ حَدَثَهَا غَيْرُ مُحَقَّقٍ وَالْعُذْرُ قَائِمٌ بِهَا فَلَا مَانِعَ مِنْ قَصْدِ الْقِرَاءَةِ الْمُحَصِّلِ لِلثَّوَابِ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ قِرَاءَتُهَا مَشْرُوعَةً سُنَّ لِلسَّامِعِ لَهَا سُجُودُ التِّلَاوَةِ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) وَفِي حَجّ الْجَزْمُ بِجَوَازِهِ: أَيْ وَتُثَابُ عَلَى هَذَا الْإِجْرَاءِ ثَوَابَ الْقِرَاءَةِ (قَوْلُهُ: لِتَمَكُّنِهَا مِنْ إجْرَائِهِ) أَيْ وَبِالْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ أَمَّا فِي الصَّلَاةِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: فَجَائِزَةٌ مُطْلَقًا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَقِيلَ تَحْرُمُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْفَاتِحَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: عَلَى قَلْبِهَا) أَيْ وَتُثَابُ عَلَى هَذَا الْإِجْرَاءِ (قَوْلُهُ: حَدَثُهُ مُحَقَّقٌ) أَيْ فَلِذَا لَمْ يَزِدْ عَلَى الْفَاتِحَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ كَلَامُهُ) مَا وَجْهُ شُمُولِهِ. فَإِنْ قُلْت: مِنْ قَوْلِهِ وَالْمَشْهُورُ وُجُوبُ الِاحْتِيَاطِ. قُلْت: جَازَ أَنْ يَكُونَ مُسْتَثْنًى لِحَاجَةِ الصَّلَاةِ كَالْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَذْكُرُهُ عَنْ الْمُهِمَّاتِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْأَصْلُ عَدَمُ الِاسْتِثْنَاءِ فِي غَيْرِ مَا نَصُّوا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ) أَيْ الْإِسْنَوِيُّ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ لِغَرَضٍ دُنْيَوِيٍّ إلَخْ) أَفْهَمَ جَوَازُ الْمُكْثِ إذَا كَانَ لِغَرَضٍ شَرْعِيٍّ كَسَمَاعِ دَرْسٍ أَوْ اسْتِفْتَاءٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ لِلصَّلَاةِ فَكَقِرَاءَةِ السُّورَةِ فِيمَا يُفْهَمُ خِلَافُهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَمَا أَفْهَمَهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْمُسْتَحَاضَةِ الرَّابِعَةِ وَهِيَ الْمُعْتَادَةُ الْمُمَيِّزَةُ] قَوْلُهُ: وَشَمِلَ كَلَامُهُ تَحْرِيمَ الْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ عَلَيْهَا) يَعْنِي قَوْلَهُ، وَالْمَشْهُورُ وُجُوبُ الِاحْتِيَاطِ

الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّهَا لَا يَجُوزُ لَهَا دُخُولُهُ لِذَلِكَ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ خَارِجَهُ، بِخِلَافِ الطَّوَافِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ مِنْ ضَرُورَتِهِ (وَتُصَلِّي الْفَرَائِضَ) خَارِجَ الْمَسْجِدِ (أَبَدًا) وُجُوبًا مَكْتُوبَةً أَوْ مَنْذُورَةً لِاحْتِمَالِ الطُّهْرِ، وَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ كَذَلِكَ (وَكَذَا النَّفَلُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ مِنْ مُهِمَّاتِ الدِّينِ فَلَا وَجْهَ لِحِرْمَانِهَا ذَلِكَ، وَالثَّانِي لَا إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ كَمَسِّ الْمُصْحَفِ وَالْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ التَّنَفُّلَ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِ الْفَرِيضَةِ وَقَدْ عُلِمَ مَا فِيهِ مِمَّا مَرَّ. وَيَجُوزُ لَهَا صَوْمُ النَّفْلِ وَطَوَافُ النَّفْلِ لَهُ كَالصَّلَاةِ، وَسَيَأْتِي فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ لُزُومُ قَضَائِهَا الصَّلَاةَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (وَتَغْتَسِلُ لِكُلِّ فَرْضٍ) لِاحْتِمَالِ تَقَدُّمِ الِانْقِطَاعِ، وَإِنَّمَا تَفْعَلُهُ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهِ لِأَنَّهُ طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ كَالتَّيَمُّمِ. نَعَمْ إنْ عَلِمَتْ وَقْتَهُ كَعِنْدِ الْغُرُوبِ لَمْ تَغْتَسِلْ إلَّا لَهُ، وَخَرَجَ بِالْفَرْضِ النَّفَلُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا الِاغْتِسَالُ لَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ ظَاهِرُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ دَلَّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ لَهَا دُخُولُهُ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ نَذَرَتْ الصَّلَاةَ فِيهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْعَقِدَ نَذْرُهَا لِعَدَمِ جَوَازِ دُخُولِ الْمَسْجِدِ لِلصَّلَاةِ. نَعَمْ لَوْ نَذَرَتْ الصَّلَاةَ فِيهِ مُعْتَكِفَةً فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ صِحَّتُهُ لِأَنَّهَا مُتَمَكِّنَةٌ مِنْ فِعْلِ ذَلِكَ بِالِاعْتِكَافِ وَفِي ابْنِ حَجَرٍ مَا نَصُّهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَيَحْرُمُ الْوَطْءُ وَمَسُّ الْمُصْحَفِ وَالْمُكْثُ بِالْمَسْجِدِ إلَّا لِصَلَاةٍ أَوْ طَوَافٍ أَوْ اعْتِكَافٍ وَلَوْ نَفْلًا اهـ. وَعَلَيْهِ فَلَوْ نَذَرَتْ الصَّلَاةَ فِيهِ انْعَقَدَ اهـ شَيْخُنَا عش (قَوْلُهُ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَوْ أَرَادَتْ فِعْلَ الْجُمُعَةِ بَلْ أَوْ غَيْرِهَا وَتَعَذَّرَ عَلَيْهَا الِاقْتِدَاءُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ جَازَ لَهَا دُخُولُهُ لِفِعْلِهَا، وَلَا يَرُدُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْجُمُعَةَ لَيْسَتْ فَرْضًا عَلَيْهَا لِأَنَّ دُخُولَ الْمَسْجِدِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى كَوْنِ الْعِبَادَةِ الَّتِي تَدْخُلُ لِفِعْلِهَا فَرْضًا بِدَلِيلِ دُخُولِهَا لِطَوَافِ النَّافِلَةِ وَالِاعْتِكَافِ غَيْرِ الْمَنْذُورِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ) أَيْ كَالِاعْتِكَافِ. بِخِلَافِ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ فَلَا يَجُوزُ لَهَا فِعْلُهَا إلَّا إذَا دَخَلَتْ لِغَرَضٍ غَيْرِهَا كَالِاعْتِكَافِ فَتَفْعَلُهَا لِطَلَبِهَا مِنْهَا حِينَئِذٍ، أَمَّا إذَا دَخَلَتْ بِقَصْدِهَا فَلَا تَفْعَلُهَا لِأَنَّ دُخُولَهَا لِمُجَرَّدِ التَّحِيَّةِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ (قَوْلُهُ: أَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ كَذَلِكَ) أَيْ كَصَلَاةِ الْفَرْضِ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ لَهَا لَا فِي صِفَتِهِ الْخَاصَّةِ وَهِيَ وُجُوبُهَا كَالْفَرْضِ، وَلَوْ شَبَّهَهَا بِالنَّفْلِ كَانَ أَوْلَى، وَلَعَلَّهُ تَرَكَ ذَلِكَ لِئَلَّا تَعْتَقِدَ جَوَازَ فِعْلِهَا قَبْلَ الْفَرْضِ. قَالَ سم عَلَى حَجّ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْقُطَ الْفَرْضُ لِفِعْلِهَا لِعَدَمِ إغْنَاءِ صَلَاتِهَا عَنْ الْقَضَاءِ اهـ. وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُتَيَمِّمِ بِأَنَّ طُهْرَ الْمُتَيَمِّمِ مُحَقَّقٌ دُونَ هَذِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ مُهِمَّاتِ الدِّينِ) أَيْ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي اهْتَمَّ بِهَا الشَّارِعُ وَحَثَّ عَلَى فِعْلِهَا (قَوْلُهُ: مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَجِبُ الْوُضُوءُ لِكُلِّ فَرْضٍ مِنْ أَنَّهَا تَفْعَلُهَا بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ إنْ كَانَتْ رَاتِبَةً بِخِلَافِ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي) أَيْ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: لِكُلِّ فَرْضٍ) أَيْ وَلَوْ نَذْرًا وَصَلَاةَ جِنَازَةٍ اهـ زِيَادِيٌّ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا تُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الرِّجَالِ، وَالْفَرْقُ عَلَى مَا قَالَهُ بَيْنَ الْمُتَحَيِّرَةِ وَالْمُتَيَمِّمِ أَنَّ التَّيَمُّمَ يُزِيلُ الْمَانِعَ يَقِينًا غَايَتُهُ أَنَّهُ يَضْعُفُ عَنْ أَدَاءِ فَرْضَيْنِ، بِخِلَافِ الْمُتَحَيِّرَةِ فَإِنَّهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ تَحْتَمِلُ الْحَيْضَ وَالطُّهْرَ وَالِانْقِطَاعَ، ثُمَّ قَوْلُهُ: وَصَلَاةَ جِنَازَةٍ هُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ تَتَعَدَّدْ الْجَنَائِزُ، فَإِنْ تَعَدَّدَتْ وَصَلَّتْ عَلَيْهَا دَفْعَةً وَاحِدَةً كَفَاهَا غُسْلٌ وَاحِدٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا إذَا اغْتَسَلَتْ لِفَائِتَةٍ وَأَرَادَتْ أَنْ تُصَلِّيَ بِهِ حَاضِرَةً بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهَا ذَلِكَ، وَقِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَتَوَضَّأُ وَقْتَ الصَّلَاةِ أَنَّهَا تَفْعَلُهُ كَالْمُتَيَمِّمِ وَتَقَدَّمَ بِهَامِشِهِ أَنَّهُ قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا. قَالَ: وَيَأْتِي مِثْلُهُ هُنَا فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا الِاغْتِسَالُ) أَيْ وَيَكْفِيهَا لَهُ الْوُضُوءُ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ فَعَلَتْهُ اسْتِقْلَالًا كَالضُّحَى. وَقَضِيَّةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ أَنَّ مَحَلَّ الِاكْتِفَاءِ بِالْوُضُوءِ حَيْثُ فُعِلَ بَعْدَ غُسْلِ الْفَرْضِ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ عَلَى الْفَرْضِ أَوْ تَأَخَّرَ، أَمَّا لَوْ فُعِلَ اسْتِقْلَالًا سَوَاءٌ كَانَ فِي وَقْتِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ كَذَلِكَ) قَالَ سم: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْقُطَ الْفَرْضُ لِعَدَمِ إغْنَاءِ صَلَاتِهَا عَنْ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ التَّنَفُّلَ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِ الْفَرِيضَةِ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: إنَّمَا يَظْهَرُ ذَلِكَ إذَا أُرِيدَ النَّفَلُ بِطَهَارَةِ الْفَرْضِ

كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِذَا اغْتَسَلَتْ لَا يَلْزَمُهَا الْمُبَادَرَةُ لِلصَّلَاةِ لَكِنْ لَوْ أَخَّرَتْ لَزِمَهَا الْوُضُوءُ حَيْثُ يَلْزَمُ الْمُسْتَحَاضَةَ الْمُؤَخِّرَةَ. وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا غُسْلَ عَلَى ذَاتِ التَّقَطُّعِ فِي النَّقَاءِ إذَا اغْتَسَلَتْ فِيهِ، وَيَلْزَمُهَا إذَا لَمْ تَنْغَمِسْ أَنْ تُرَتِّبَ بَيْنَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فِيمَا يَظْهَرُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ وَاجِبُهَا وَالْعِبَادَةُ يُحْتَاطُ لَهَا وَلَا يَلْزَمُهَا نِيَّةُ الْوُضُوءِ فِيمَا يَظْهَرُ أَيْضًا إذْ جَهْلُهَا بِالْحَالِ يُصَيِّرُهَا كَالْغَالِطِ وَهُوَ يُجْزِئُهُ الْوُضُوءُ بِنِيَّةٍ نَحْوَ الْحَيْضِ (وَتَصُومُ) لُزُومًا (رَمَضَانَ) لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ طَاهِرَةً فِي جَمِيعِهِ (ثُمَّ شَهْرًا) آخَرَ (كَامِلَيْنِ) حَالٌ مِنْ رَمَضَانَ وَشَهْرًا وَتَنْكِيرُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَرْضٍ أَوْ لَا فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْغُسْلِ وَعِبَارَتُهُ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: قَالَ الْقَاضِي: كُلُّ مَوْضِعٍ قُلْنَا عَلَيْهَا الْوُضُوءُ لِكُلِّ فَرْضٍ فَلَهَا صَلَاةُ النَّفْلِ، وَكُلُّ مَوْضِعٍ قُلْنَا عَلَيْهَا الْغُسْلُ لِكُلِّ فَرْضٍ لَمْ يَجُزْ النَّفَلُ إلَّا بِالْغُسْلِ أَيْضًا. قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَسْتَبِيحَ النَّفَلَ بَعْدَ الْفَرْضِ. وَأَقُولُ: وَقَبْلَهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَإِذَا اغْتَسَلَتْ إلَخْ) عُبَابٌ: أَيْ لِأَنَّ الْغُسْلَ إنَّمَا أَوْجَبْنَاهُ لِاحْتِمَالِ الِانْقِطَاعِ وَهُوَ لَا يَحْتَمِلُ تَكَرُّرَهُ بَيْنَ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ، وَلَوْ بَادَرَتْ فَمِنْ الْمُحْتَمَلِ أَنَّ الْغُسْلَ وَقَعَ فِي الْحَيْضِ وَانْقَطَعَ بَعْدَهُ هَذَا. وَلَكِنَّ الِاحْتِمَالَ فِي الزَّمَنِ الْقَصِيرِ أَقَلُّ مِنْهُ فِي الزَّمَنِ الطَّوِيلِ رَافِعِيٌّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: حَيْثُ يَلْزَمُ الْمُسْتَحَاضَةَ) أَيْ غَيْرَ الْمُتَحَيِّرَةِ لِيَصِحَّ قِيَاسُ هَذِهِ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَهِيَ قِسْمٌ مِنْ مُطْلَقِ الْمُسْتَحَاضَةِ فَيَلْزَمُ قِيَاسُ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: الْمُؤَخِّرَةَ) وَهِيَ مَا لَوْ أَخَّرَتْ لَا لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ بِقَدْرِ مَا يَمْنَعُ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَلَوْ أَخَّرَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا غُسْلَ عَلَى ذَاتِ التَّقَطُّعِ) أَيْ لَا وَاجِبٌ وَلَا مَنْدُوبٌ، بَلْ لَوْ قِيلَ بِحُرْمَتِهِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا لِأَنَّهُ تَعَاطٍ لِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهَا إلَخْ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهَا إلَخْ يُشْعِرُ بِجَوَازِ نِيَّتِهِ وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ، لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْوَاجِبَ الْغُسْلُ وَأَنَّ الْوَاجِبَ الْوُضُوءُ وَغُسْلُ جَمِيعِ الْبَدَنِ لَا يَكْفِي فِيهِ نِيَّةُ الْوُضُوءِ وَلَوْ غَلَطًا، بِخِلَافِ الْوُضُوءِ يَكْفِي فِيهِ نِيَّةُ رَفْعِ الْأَكْبَرِ غَلَطًا فَالِاحْتِيَاطُ الْمُخَلِّصُ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ تَعَيُّنُ نِيَّةِ الْأَكْبَرِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. وَيُمْكِنُ أَنَّ الْمُرَادَ لَا يَلْزَمُهَا نِيَّةُ الْوُضُوءِ مَعَ نِيَّةِ رَفْعِ حَدَثِ الْحَيْضِ لِأَنَّ الْمُرَادَ نَفْيُ لُزُومِهَا مُسْتَقِلَّةً مَعَ تَرْكِ نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ) قَدْ يُقَالُ: لَا يَتَوَقَّفُ الْوُجُوبُ عَلَى خُصُوصِ مَا ذُكِرَ بَلْ يَكْفِي فِي الْوُجُوبِ أَنْ يُقَالَ لِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ مِنْهُ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ طَاهِرَةً فِيهِ وَأَنْ تَكُونَ حَائِضًا فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَتَنْكِيرُهُ إلَخْ) خَصَّ الْإِيرَادَ بِلَفْظِ الشَّهْرِ دُونَ رَمَضَانَ، لِأَنَّ رَمَضَانَ عُلِمَ فَالتَّعْرِيفُ لَازِمٌ لَهُ، وَقَدْ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا قِيلَ إنَّ رَجَبًا إنْ أُرِيدَ مِنْ سَنَةٍ بِعَيْنِهَا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْ الصَّرْفِ وَإِلَّا صُرِفَ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُرَدْ مِنْ سَنَةٍ بِعَيْنِهَا كَانَ نَكِرَةً، فَقِيَاسُهُ أَنَّ رَمَضَانَ هُنَا نَكِرَةٌ إذْ لَمْ يُرَدْ مِنْ سَنَةٍ بِعَيْنِهَا؛ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّمَا اُعْتُبِرَ لِمَنْعِ الصَّرْفِ فِي رَجَبٍ كَوْنُهُ مِنْ سَنَةٍ بِعَيْنِهَا لِمَا قِيلَ: إنَّ الْمَانِعَ لَهُ مِنْ الصَّرْفِ الْعَلَمِيَّةُ وَالْعَدْلُ عَنْ الْمُعَرَّفِ بِاللَّامِ، وَلَا يَتَأَتَّى الْعَدْلُ عَنْ الْمُعَرَّفِ إلَّا إذَا أُرِيدَ مِنْ سَنَةٍ بِعَيْنِهَا، وَحَيْثُ أُرِيدَ مِنْ سَنَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ فَالْعَلَمِيَّةُ بَاقِيَةٌ، لَكِنْ انْتَفَتْ الْعِلَّةُ الثَّانِيَةُ، وَرَمَضَانُ الْمَانِعُ لَهُ الْعَلَمِيَّةُ وَالزِّيَادَةُ وَالْعَلَمِيَّةُ بَاقِيَةٌ، وَإِنْ أُرِيدَ مِنْ أَيِّ سَنَةٍ فَهُوَ مَعْرِفَةٌ دَائِمًا لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ مَا بَيْنَ شَعْبَانَ وَشَوَّالٍ مِنْ جَمِيعِ السِّنِينَ، ثُمَّ رَأَيْت عَنْ التَّفْتَازَانِيِّ فِي حَوَاشِي الْكَشَّافِ أَنَّ رَجَبَ وَصَفَرَ إنْ أُرِيدَ بِهِمَا مُعَيَّنٌ فَهُمَا غَيْرُ مُنْصَرِفَيْنِ وَإِلَّا فَمُنْصَرِفَانِ. قَالَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيُّ: وَكَانَ وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ فِي الْمُعَيَّنِ مَعْدُولٌ عَنْ الصَّفَرِ وَالرَّجَبِ كَمَا قَالُوا فِي سَحَرَ إنَّهُ مَعْدُولٌ عَنْ السَّحَرِ فَفِيهِمَا الْعَلَمِيَّةُ وَالْعَدْلُ. وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْمَانِعَ الْعَلَمِيَّةُ وَالتَّأْنِيثُ بِاعْتِبَارِ الْمُدَّةِ، وَالْقِيَاسُ صَرْفُهُ حَيْثُ لَمْ يُرَدْ مِنْ سَنَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهَا نِيَّةُ الْوُضُوءِ) يُشْعِرُ بِجَوَازِ نِيَّتِهِ. قَالَ سم: وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْوَاجِبَ الْغُسْلُ، وَأَنَّ الْوَاجِبَ الْوُضُوءُ وَغَسْلُ جَمِيعِ الْبَدَنِ لَا تَكْفِي فِيهِ نِيَّةُ الْوُضُوءِ وَلَوْ غَلَطًا، بِخِلَافِ الْوُضُوءِ يَكْفِي فِيهِ نِيَّةُ رَفْعِ الْأَكْبَرِ غَلَطًا، فَالِاحْتِيَاطُ الْمُخَلِّصُ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ تَعَيُّنُ نِيَّةِ الْأَكْبَرِ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى

غَيْرُ مُؤَثِّرٍ لِتَخْصِيصِهِ بِمَا قَدَّرْته وَهِيَ مُؤَكِّدَةٌ لِرَمَضَانَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ إطْلَاقُهُ عَلَى بَعْضِهِ بَلْ مُؤَسِّسَةٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِنَا الْآتِي فَالْكَمَالُ إلَى آخِرِهِ. وَمُؤَسِّسَةٌ لِشَهْرًا لِإِفَادَتِهَا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ ثَلَاثُونَ يَوْمًا بِأَنْ يَكُونَ رَمَضَانُ ثَلَاثِينَ وَتَأْتِيَ بَعْدَهُ بِمِثْلِهَا مُتَوَالِيَةً (فَيَحْصُلُ) لَهَا (مِنْ كُلٍّ) مِنْهُمَا (أَرْبَعَةَ عَشَرَ) يَوْمًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ حَيْضُهَا أَكْثَرَ الْحَيْضِ وَأَنْ يَبْتَدِئَ فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ وَحِينَئِذٍ فَيَنْقَطِعُ فِي أَثْنَاءِ السَّادِسَ عَشَرَ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَوُجُودُ الْحَيْضِ فِي بَعْضِ الْيَوْمِ مُبْطِلٌ لَهُ فَيَلْزَمُ مَا قُلْنَاهُ، فَالْكَمَالُ فِي رَمَضَانَ قَيْدٌ لِغَرَضِ حُصُولِ الْأَرْبَعَةَ عَشَرَ لَا لِبَقَاءِ الْيَوْمَيْنِ كَمَا لَا يَخْفَى فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ، كَمَا لَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا يَبْقَى عَلَيْهَا شَيْءٌ إذَا عَلِمَتْ أَنَّ الِانْقِطَاعَ كَانَ لَيْلًا لِوُضُوحِهِ أَيْضًا. وَاحْتَرَزَ بِكَامِلَيْنِ عَنْ الشَّهْرِ النَّاقِصِ، فَإِذَا نَقَصَ رَمَضَانُ مَثَلًا حَصَلَ لَهَا مِنْهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَالْمَقْضِيُّ مِنْهُ بِكُلِّ حَالٍ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَإِذَا صَامَتْ بَعْدَ ذَلِكَ شَهْرًا كَامِلًا بَقِيَ عَلَيْهَا يَوْمَانِ، وَإِذَا بَقِيَ عَلَيْهَا يَوْمَانِ فَطَرِيقَةُ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهَا مِنْهُمَا أَنْ تَفْعَلَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ تَصُومُ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ) يَوْمًا (ثَلَاثَةً أَوَّلَهَا وَثَلَاثَةً آخِرَهَا فَيَحْصُلُ) لَهَا (الْيَوْمَانِ الْبَاقِيَانِ) لِأَنَّ الْحَيْضَ إنْ طَرَأَ فِي الْأَوَّلِ مِنْهَا فَغَايَتُهُ أَنْ يَنْقَطِعَ فِي السَّادِسَ عَشَرَ فَيَصِحَّ لَهَا الْيَوْمَانِ الْأَخِيرَانِ، وَإِنْ طَرَأَ فِي الثَّانِي صَحَّ الطَّرَفَانِ، أَوْ فِي الثَّالِثِ صَحَّ الْأَوَّلَانِ، أَوْ فِي السَّادِسَ عَشَرَ صَحَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِعَيْنِهَا لِأَنَّهُ مَتَى نَوَى تَنْكِيرَهُ زَالَتْ الْعَلَمِيَّةُ (قَوْلُهُ: لِتَخْصِيصِهِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا لِأَنَّ عَطْفَ النَّكِرَةِ عَلَى الْمَعْرِفَةِ كَعَكْسِهِ مُسَوِّغٌ لِمَجِيءِ الْحَالِ مِنْهَا. وَفِي سم عَلَى حَجّ قَوْلُهُ: لِتَخْصِيصِهِ بِمَا قَدَّرْته هَذَا عَجِيبٌ فَإِنَّ الْمُسَوِّغَ مَوْجُودٌ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ وَهُوَ مُشَارَكَتُهُ فِي الْحَالِ لِلْمَعْرِفَةِ، فَإِنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مُسَوِّغَاتِ مَجِيءِ الْحَالِ مِنْ النَّكِرَةِ وَبِذَلِكَ عَبَّرَ فِي التَّسْهِيلِ. وَعَبَّرَ السُّيُوطِيّ فِي مُسَوِّغِ الْحَالِ بِمُسَوِّغَاتِ الِابْتِدَاءِ، وَصَرَّحُوا فِي مُسَوِّغَاتِ الِابْتِدَاءِ بِأَنَّ مِنْهَا أَنْ يُعْطَفَ عَلَى سَائِغِ الِابْتِدَاءِ نَحْوُ: زَيْدٌ وَرَجُلٌ قَائِمًا اهـ. وَعِبَارَةُ الْأُشْمُونِيِّ فِي مُسَوِّغَاتِ الِابْتِدَاءِ بِالنَّكِرَةِ نَصُّهَا: الْخَامِسُ الْعَطْفُ بِشَرْطِ أَنَّ أَحَدَ الْمُتَعَاطِفَيْنِ يَجُوزُ الِابْتِدَاءُ بِهِ نَحْوُ {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ} [محمد: 21] أَيْ أَمْثَلُ مِنْ غَيْرِهِمَا وَنَحْوُ {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى} [البقرة: 263] اهـ. وَسَوَاءٌ تَقَدَّمَتْ الْمَعْرِفَةُ عَلَى النَّكِرَةِ أَوْ تَأَخَّرَتْ كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ أَوَّلًا بِقَوْلِنَا: كَعَكْسِهِ وَيَدُلُّ لِتَقَدُّمِ الْمَعْرِفَةِ عَلَى النَّكِرَةِ تَمْثِيلُ السُّيُوطِيِّ بِقَوْلِهِ نَحْوُ زَيْدٌ وَرَجُلٌ وَلِتَأْخِيرِهَا قَوْلُ الْأُشْمُونِيِّ مِمَّا زَادَهُ فِي التَّسْهِيلِ فِي بَابِ الْحَالِ ثَالِثُهَا: أَيْ ثَالِثُ الْمُسَوِّغَاتِ لِوُقُوعِ الْحَالِ مِنْ النَّكِرَةِ أَنْ تَشْتَرِكَ النَّكِرَةُ مَعَ الْمَعْرِفَةِ فِي الْحَالِ نَحْوَ: هَؤُلَاءِ نَاسٌ وَعَبْدُ اللَّهِ مُنْطَلِقِينَ اهـ (قَوْلُهُ: بِمَا قَدَّرْته) أَيْ مِنْ لَفْظٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ الْحَالُ (قَوْلُهُ: وَمُؤَسِّسَةٌ) أَيْ مُحَصِّلَةٌ لِمَعْنًى لَمْ يَحْصُلْ بِدُونِهَا (قَوْلُهُ: فَلَا اعْتِرَاضَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: بَقِيَ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَهِيَ إيهَامُهُ أَنَّ رَمَضَانَ فِي حَقِّهَا يُعْتَبَرُ ثَلَاثِينَ كَالشَّهْرِ الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: هَذَا الْإِيهَامُ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: لِوُضُوحِهِ أَيْضًا) لَا مَوْقِعَ لَهُ أَيْضًا إلَّا أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا إلَى قَوْلِهِ كَمَا لَا يُعْتَرَضُ إلَخْ، وَفِيهِ أَنَّ التَّشْبِيهَ مُغْنٍ عَنْهُ، وَقَدْ يُقَالُ: وَصْفُ مَا مَرَّ بِالْوُضُوحِ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ) عُبَابٌ هِيَ تُكْتَبُ بِالْأَلِفِ إنْ كَانَ فِيهَا تَاءُ التَّأْنِيثِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا بِأَنْ كَانَ الْمَعْدُودُ مُؤَنَّثًا نُظِرَ إنْ أَتَيْت بِالْيَاءِ فَقُلْت: ثَمَنِي عَشْرَةَ فَبِغَيْرِ أَلِفٍ وَإِلَّا فَبِالْأَلِفِ نَحْوَ: ثَمَانِ عَشْرَةَ، قَالَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي أَدَبِ الْكَاتِبِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَيُنَافِيهِ قَوْلُ الْمِصْبَاحِ: إذَا أَضَفْت الثَّمَانِيَةَ إلَى مُؤَنَّثٍ ثَبَتَتْ الْيَاءُ ثُبُوتَهَا فِي الْقَاضِي وَأُعْرِبَ إعْرَابَ الْمَنْقُوصِ، تَقُولُ جَاءَ ثَمَانِي نِسْوَةٍ وَثَمَانِي مِائَةٍ وَرَأَيْت ثَمَانِيَ نِسْوَةٍ تُظْهِرُ الْفَتْحَةَ، وَإِذَا لَمْ تُضِفْ قُلْت عِنْدِي مِنْ النِّسَاءِ ثَمَانٍ وَمَرَرْت مِنْهُنَّ بِثَمَانٍ وَرَأَيْت ثَمَانِيَ، وَإِذَا وَقَعَتْ فِي الْمُرَكَّبِ تَخَيَّرْت بَيْنَ سُكُونِ الْيَاءِ وَفَتْحِهَا وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ، يُقَالُ عِنْدِي مِنْ النِّسَاءِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِمَا قَدَّرْته) تَبِعَ فِيهِ الشِّهَابَ ابْنَ حَجَرٍ وَتَعَجَّبَ مِنْهُ سم؛ فَإِنَّ الْمُسَوِّغَ مَوْجُودٌ بِدُونِهِ، وَهُوَ عَطْفُهُ عَلَى الْمَعْرِفَةِ

الثَّانِي وَالثَّالِثُ، أَوْ فِي السَّابِعَ عَشَرَ صَحَّ السَّادِسَ عَشَرَ وَالثَّالِثُ، أَوْ فِي الثَّامِنَ عَشَرَ صَحَّ اللَّذَانِ قَبْلَهُ، وَيَحْصُلُ الْيَوْمَانِ أَيْضًا بِأَنْ تَصُومَ لَهُمَا أَرْبَعَةً: أَوَّلَ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ، وَاثْنَيْنِ آخِرَهَا أَوْ بِالْعَكْسِ، أَوْ اثْنَيْنِ أَوَّلَهَا وَاثْنَيْنِ آخِرَهَا وَاثْنَيْنِ وَسَطَهَا، وَبِأَنْ تَصُومَ لَهَا خَمْسَةً الْأَوَّلَ وَالثَّالِثَ وَالْخَامِسَ وَالسَّابِعَ عَشَرَ وَالتَّاسِعَ عَشَرَ، وَلَا يَتَعَيَّنُ هَذَا الْمَذْكُورُ فِي تَحْصِيلِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي الْمُطَوَّلَاتِ، بَلْ بَالَغَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُمَا بِكَيْفِيَّاتٍ تَبْلُغُ أَلْفَ صُورَةٍ وَوَاحِدَةً، وَلَعَلَّهُ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ الصَّوْمِ بِأَنْوَاعِهِ لَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِخُصُوصِهَا لِظُهُورِ فَسَادِهِ (وَيُمْكِنُ قَضَاءُ يَوْمٍ بِصَوْمِ يَوْمٍ ثُمَّ الثَّالِثِ) مِنْ الْأَوَّلِ (وَالسَّابِعَ عَشَرَ) مِنْهُ لِأَنَّ الْحَيْضَ إنْ طَرَأَ فِي الْأَوَّلِ سَلِمَ الْأَخِيرُ أَوْ فِي الثَّالِثِ سَلِمَ الْأَوَّلُ، وَإِنْ كَانَ آخِرَ الْحَيْضِ الْأَوَّلِ سَلِمَ الثَّالِثُ أَوْ الثَّالِثِ سَلِمَ الْأَخِيرُ، وَلَا يَتَعَيَّنُ الْيَوْمُ الثَّالِثُ لِلصَّوْمِ الثَّانِي وَلَا السَّابِعَ عَشَرَ لِلصَّوْمِ الثَّالِثِ بَلْ لَهَا أَنْ تَصُومَ بَدَلَ الثَّالِثِ يَوْمًا بَعْدَهُ إلَى آخِرِ الْخَامِسَ عَشَرَ وَبَدَلَ السَّابِعَ عَشَرَ يَوْمًا بَعْدَهُ إلَى آخِرِ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمُخَلَّفُ مِنْ أَوَّلِ السَّادِسَ عَشَرَ مِثْلَ مَا بَيْنَ صَوْمِهَا الْأَوَّلِ وَالثَّانِي أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ، فَلَوْ صَامَتْ الْأَوَّلَ وَالثَّالِثَ وَالثَّامِنَ عَشَرَ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ الْمُخَلَّفَ مِنْ أَوَّلِ السَّادِسَ عَشَرَ يَوْمَانِ وَلَيْسَ بَيْنَ الصَّوْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ إلَّا يَوْمٌ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ ذَلِكَ لِجَوَازِ أَنْ يَنْقَطِعَ الْحَيْضُ فِي أَثْنَاءِ الثَّالِثِ وَيَعُودَ فِي أَثْنَاءِ الثَّامِنَ عَشَرَ، وَلَوْ صَامَتْ الْأَوَّلَ وَالرَّابِعَ وَالثَّامِنَ عَشَرَ جَازَ لِأَنَّ الْمُخَلَّفَ أَقَلُّ مِمَّا بَيْنَ الصَّوْمَيْنِ، وَلَوْ صَامَتْ الْأَوَّلَ وَالْخَامِسَ عَشَرَ فَقَدْ تَخَلَّلَ بَيْنَ الصَّوْمَيْنِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَلَهَا أَنْ تَصُومَ التَّاسِعَ وَالْعِشْرِينَ لِأَنَّ الْمُخَلَّفَ مُمَاثِلٌ وَأَنْ تَصُومَ قَبْلَهُ لِأَنَّهُ أَقَلُّ. نَعَمْ لَا يَكْفِي أَنْ تَصُومَ السَّادِسَ عَشَرَ لِأَنَّهَا لَمْ تُخَلِّفْ شَيْئًا، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ ذَلِكَ لِبَيَانِ أَنَّ السَّبْعَةَ عَشَرَ أَقَلُّ مُدَّةٍ يُمْكِنُ فِيهَا قَضَاءُ الْيَوْمِ الْوَاحِدِ. وَضَابِطُ الطَّرِيقَةِ الْأُولَى أَنْ تَصُومَ قَدْرَ مَا عَلَيْهَا مُتَوَالِيًا فِي خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ تَصُومَ قَدْرَهُ مُتَوَالِيًا مِنْ سَابِعَ عَشَرَ صَوْمِهَا الْأَوَّلِ ثُمَّ تَصُومُ يَوْمَيْنِ بَيْنَ الصَّوْمَيْنِ سَوَاءٌ اتَّصَلَا بِالصَّوْمِ الْأَوَّلِ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ أَوَقَعَا مُجْتَمِعَيْنِ أَمْ مُتَفَرِّقَيْنِ. وَضَابِطُ الطَّرِيقَةِ الثَّانِيَةِ أَنْ تَصُومَ قَدْرَ مَا عَلَيْهَا مُفَرَّقًا فِي خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مَعَ زِيَادَةِ صَوْمِ يَوْمٍ، ثُمَّ تَصُومَ قَدْرَهُ مِنْ سَابِعَ عَشَرَ صَوْمِهَا الْأَوَّلِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ، فَتَصُومَ يَوْمًا وَثَالِثَهُ وَسَابِعَ عَشَرَهُ، وَالطَّرِيقَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــSامْرَأَةً، وَتُحْذَفُ الْيَاءُ فِي لُغَةٍ بِشَرْطِ فَتْحِ النُّونِ، فَإِنْ كَانَ الْمَعْدُودُ مُذَكَّرًا قُلْت عِنْدِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ رَجُلًا بِإِثْبَاتِ الْهَاءِ اهـ. فَلَمْ يُفَرِّقْ فِي ثُبُوتِ الْأَلِفِ بَيْنَ ثُبُوتِ الْيَاءِ وَحَذْفِهَا، وَقَدْ يُقَالُ: لَا مُنَافَاةَ لِأَنَّ كَلَامَ ابْنِ قُتَيْبَةَ فِي حَذْفِ الْأَلِفِ خَطَأٌ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ حَذْفُهَا مِنْ اللَّفْظِ، وَكَلَامُ الْمِصْبَاحِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا يُنْطَقُ بِهِ فِيهَا مِنْ الْحُرُوفِ (قَوْلُهُ: وَاثْنَيْنِ وَسَطَهَا) أَيْ لَيْسَا مُتَّصِلَيْنِ بِالْيَوْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَلَا بِالْأَخِيرَيْنِ سَوَاءٌ وَالَتْ بَيْنَهُمَا فِي أَنْفُسِهِمَا أَوْ فَرَّقَتْهُمَا (قَوْلُهُ: تَحْصِيلُهُمَا) أَيْ الْيَوْمَيْنِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ الْمُخَلَّفُ) أَيْ الْمَتْرُوكُ صَوْمُهُ بَعْدَ الْخَامِسَ عَشَرَ (قَوْلُهُ: يَوْمَانِ) وَهُمَا السَّادِسَ عَشَرَ وَالسَّابِعَ عَشَرَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُخَلَّفَ أَقَلُّ) يُتَأَمَّلُ قَوْلُهُ: أَقَلُّ فَإِنَّ الْمُخَلَّفَ مِنْ أَوَّلِ السَّادِسَ عَشَرَ إلَى الثَّامِنَ عَشَرَ قَدْرُ مَا بَيْنَ الصَّوْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي. ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ بَدَلَ الرَّابِعِ الْخَامِسَ وَعَلَيْهَا فَلَا إشْكَالَ (قَوْلُهُ: وَأَنْ تَصُومَ قَبْلَهُ) أَيْ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ (قَوْلُهُ: لَمْ تُخَلِّفْ) أَيْ لَمْ تَتْرُكْ شَيْئًا بَعْدَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ (قَوْلُهُ: الطَّرِيقَةُ الْأُولَى) هِيَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: ثُمَّ تَصُومُ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ثَلَاثَةً إلَخْ وَالثَّانِيَةُ هِيَ قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ قَضَاءُ يَوْمٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ تَصُومَ إلَخْ) بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ أَوَّلُ النَّوْبَةِ الثَّانِيَةِ سَابِعَ عَشَرَ نَظِيرِهِ إلَى خَامِسَ عَشَرَ ثَانِيهِ، فَإِذَا صَامَتْ الْأَوَّلَ وَالثَّالِثَ وَالْخَامِسَ وَالسَّابِعَ عَشَرَ وَالتَّاسِعَ عَشَرَ فَقَدْ صَامَتْ قَدْرَ مَا عَلَيْهَا وَهُوَ الْيَوْمَانِ مُفَرَّقًا فِي الْخَمْسَةَ عَشَرَ وَزَادَتْ يَوْمًا وَصَامَتْ قَدْرَهُ أَيْضًا مِنْ السَّابِعَ عَشَرَ وَهُوَ سَابِعَ عَشَرَ الْأَوَّلِ مِنْ النَّوْبَةِ الْأُولَى وَخَامِسَ عَشَرَ الثَّانِي مِنْهَا، فَلَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْأَوَّلَ وَالرَّابِعَ) فِي نُسْخَةٍ، وَالْخَامِسَ بَدَلَ الرَّابِعِ وَهِيَ الصَّوَابُ

[المستحاضة غير المميزة]

الْأُولَى تَأْتِي فِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَمَا دُونَهَا، وَالثَّانِيَةُ تَأْتِي فِي سَبْعَةِ أَيَّامٍ فَمَا دُونَهَا. هَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ الْمُتَتَابِعِ، أَمَّا هُوَ بِنَذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ سَبْعًا فَمَا دُونَهَا صَامَتْهُ وَلَاءً ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، الثَّالِثَةُ مِنْهَا مِنْ سَابِعَ عَشَرَ شُرُوعِهَا فِي الصَّوْمِ بِشَرْطِ أَنْ تُفَرِّقَ بَيْنَ كُلِّ مَرَّتَيْنِ مِنْ الثَّلَاثِ بِيَوْمٍ فَأَكْثَرَ حَيْثُ يَتَأَتَّى الْأَكْثَرُ، فَإِنْ كَانَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَمَا دُونَهَا صَامَتْ لَهُ سِتَّةَ عَشَرَ وَلَاءً ثُمَّ تَصُومُ قَدْرَ الْمُتَتَابِعِ أَيْضًا وَلَاءً، فَإِنْ كَانَ مَا عَلَيْهَا شَهْرَيْنِ صَامَتْ مِائَةً وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَاءً. ثُمَّ شَرَعَ فِي الْحَالَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ لِلْمُتَحَيِّرَةِ فَقَالَ (وَإِنْ حَفِظَتْ) مِنْ عَادَتِهَا (شَيْئًا) وَجَهِلَتْ آخَرَ بِأَنْ ذَكَرَتْ الْوَقْتَ دُونَ الْقَدْرِ أَوْ بِالْعَكْسِ (فَلِلْيَقِينِ) مِنْ حَيْضٍ وَطُهْرٍ (حُكْمُهُ) وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ تَبَعًا لِلْغَزَالِيِّ تَسْمِيَةُ هَذِهِ مُتَحَيِّرَةً، وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِمْ عَلَى التَّحَيُّرِ الْمُطْلَقِ وَهَذِهِ تَحَيُّرُهَا نِسْبِيٌّ لِمَا مَرَّ أَنَّ لِلْمُتَحَيِّرَةِ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ (وَهِيَ) أَيْ الْمُتَحَيِّرَةُ الذَّاكِرَةُ لِأَحَدِهِمَا (فِي) الزَّمَنِ (الْمُحْتَمِلِ) لِلْحَيْضِ وَالطُّهْرِ (كَحَائِضٍ فِي الْوَطْءِ) وَمَا أُلْحِقَ بِهِ مِمَّا مَرَّ (وَطَاهِرٍ فِي الْعِبَادَةِ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ وُجُوبِ الِاحْتِيَاطِ فِي حَقِّهَا (وَإِنْ احْتَمَلَ انْقِطَاعًا وَجَبَ الْغُسْلُ لِكُلِّ فَرْضٍ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَحْتَمِلْهُ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا إلَّا الْوُضُوءُ فَقَطْ، وَيُسَمَّى مَا يَحْتَمِلُ الِانْقِطَاعَ طُهْرًا مَشْكُوكًا فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَرَّقَتْ بِأَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ كَأَنْ صَامَتْ الْأَوَّلَ وَالرَّابِعَ وَالسَّابِعَ تَخَيَّرَتْ فِي الصَّوْمِ الثَّانِي بَيْنَ صَوْمِ السَّابِعَ عَشَرَ وَالثَّامِنَ عَشَرَ لِأَنَّ الثَّامِنَ عَشَرَ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّابِعِ خَامِسَ عَشَرَ وَلِلْأَوَّلِ سَابِعَ عَشَرَ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) كَأَنْ كَانَ عَلَيْهَا كَفَّارَةُ قَتْلٍ أَوْ صَامَتْ عَنْ قَرِيبِهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا التَّتَابُعُ كَأَنْ كَانَ يَجِبُ عَلَى مَنْ صَامَتْ عَنْهُ. وَعِبَارَةُ سم عَلَى الْغَايَةِ: قَالَ بَعْضُهُمْ: وَمَحَلُّهُ أَيْ عَدَمِ وُجُوبِ التَّتَابُعِ فِي صَوْمٍ لَمْ يَجِبْ فِيهِ التَّتَابُعُ اهـ. وَهُوَ مُحْتَمَلٌ اهـ. لَكِنَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ فِي فَصْلِ فِدْيَةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ: وَلَوْ صَامَ أَجْنَبِيٌّ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ صَحَّ. نَصُّهَا: وَفِي الْمَجْمُوعِ: مَذْهَبُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ لَوْ صَامَ عَنْهُ بِالْإِذْنِ ثَلَاثُونَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ أَجْزَأَ وَهُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي اُعْتُقِدَ، وَلَكِنْ لَمْ أَرَ فِيهِ كَلَامًا لِأَصْحَابِنَا اهـ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَأَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ الْأُسْتَاذِ تَفَقُّهًا إلَى أَنْ قَالَ: وَسِوَاهُ فِي فِعْلِ الصَّوْمِ أَكَانَ قَدْ وَجَبَ فِيهِ التَّتَابُعُ أَمْ لَا، لِأَنَّ التَّتَابُعَ إنَّمَا وَجَبَ فِي حَقِّ الْمَيِّتِ لِمَعْنًى لَا يُوجَدُ فِي حَقِّ الْقَرِيبِ، وَلِأَنَّهُ الْتَزَمَ صِفَةً زَائِدَةً عَلَى أَصْلِ الصَّوْمِ فَسَقَطَتْ بِمَوْتِهِ اهـ. فَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِعَدَمِ وُجُوبِ التَّتَابُعِ عَلَى الْقَرِيبِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: صَامَتْهُ) أَيْ مَا عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ تُفَرِّقَ إلَخْ) وَلَا يُمْكِنُ الزِّيَادَةُ فِي التَّفْرِيقِ عَلَيْهِ فِي السَّبْعَةِ الْكَامِلَةِ (قَوْلُهُ: قَدْرَ الْمُتَتَابِعِ) أَيْ الَّذِي عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: مِائَةً وَأَرْبَعِينَ إلَخْ) أَيْ فَيَحْصُلُ لَهَا مِنْ الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ سِتَّةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا لِحُصُولِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ مِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ وَمِنْ الْعِشْرِينَ الْبَاقِيَةِ أَرْبَعَةٌ لِأَنَّ غَايَةَ مَا يَفْسُدُ مِنْهَا سِتَّةَ عَشَرَ. (قَوْلُهُ: وَيُسَمَّى مَا يَحْتَمِلُ إلَخْ) أَيْ كَمَا بَيْنَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَاللَّيْلَةِ وَالنِّصْفِ الثَّانِي فِي مِثَالِ الذَّاكِرَةِ لِلْوَقْتِ، وَقَوْلُهُ: وَمَا لَا يَحْتَمِلُ: أَيْ كَمَا قَبْلَ السَّادِسِ فِي مِثَالِ الذَّاكِرَةِ لِلْقَدْرِ الْآتِي. وَقَوْلُهُ: حَيْضٌ بِيَقِينٍ اُنْظُرْ كَيْفَ يَكُونُ بِيَقِينٍ مَعَ احْتِمَالِ تَغَيُّرِ الْعَادَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَالِاسْتِحَاضَةُ لَا تَمْنَعُ تَغَيُّرَ الْعَادَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ تَصَفُّحِ مَسَائِلِهَا فَلْيُحَرَّرْ الْجَوَابُ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ حَيْضٌ بِيَقِينٍ ظَاهِرًا لِأَنَّ حُكْمَ اللَّهِ فِي حَقِّ الْمُعْتَادَةِ ظَاهِرًا أَنَّهَا تَرُدُّ لِعَادَتِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ. وَقَوْلُهُ: وَنِصْفُهُ الثَّانِي طُهْرٌ بِيَقِينٍ فِيهِ بَحْثٌ أَيْضًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَيُسَمَّى مَا يَحْتَمِلُ الِانْقِطَاعَ طُهْرًا مَشْكُوكًا فِيهِ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تَفْعَلُ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ فِي هَذَا الْحَالِ وَلَا فِي الْحَيْضِ الْمَشْكُوكِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْمُسْتَحَاضَة غَيْر الْمُمَيَّزَة] قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ إلَخْ) هَذَا عَلَى جَعْلِ الضَّمِيرِ فِيهِ رَاجِعًا إلَى الْمُتَحَيِّرَةِ. قَالَ سم: وَلَا يَتَعَيَّنُ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا إلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ ضَمِيرُ كَانَتْ فِي قَوْلِهِ أَوْ كَانَتْ مُتَحَيِّرَةً، وَهِيَ مَنْ جَاوَزَ دَمُهَا أَكْثَرَ الْحَيْضِ الَّذِي هُوَ مُقَسَّمٌ لِجَمِيعِ الْأَقْسَامِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَادَّعَى أَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ يُبْعِدُهُ الْإِتْيَانُ بِهِ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ دُونَ الْمُتَقَدِّمَةِ حَيْثُ أَتَى بِهَا بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ، وَأَيْضًا مُقَابَلَةُ النِّسْيَانِ بِالْحِفْظِ، وَلِهَذَا عَدَلَ عَنْهُ الشَّارِحُ كَالشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ

وَمَا لَا يَحْتَمِلُهُ حَيْضًا مَشْكُوكًا فِيهِ، وَالذَّاكِرَةُ لِلْوَقْتِ كَأَنْ تَقُولَ: كَانَ حَيْضِي يَبْتَدِئُ أَوَّلَ الشَّهْرِ، فَيَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْهُ حَيْضٌ بِيَقِينٍ، وَنِصْفُهُ الثَّانِي طُهْرٌ بِيَقِينٍ، وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ يَحْتَمِلُ الْحَيْضَ وَالطُّهْرَ وَالِانْقِطَاعَ وَالذَّاكِرَةُ لِلْقَدْرِ كَأَنْ تَقُولَ: كَانَ حَيْضِي خَمْسَةً فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ الشَّهْرِ لَا أَعْلَمُ ابْتِدَاءَهَا وَأَعْلَمُ أَنِّي فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ طَاهِرَةٌ، فَالسَّادِسُ حَيْضٌ بِيَقِينٍ وَالْأَوَّلُ طُهْرٌ بِيَقِينٍ كَالْعِشْرِينِ الْأَخِيرِينَ. وَالثَّانِي إلَى آخِرِ الْخَامِسِ مُحْتَمِلٌ لِلْحَيْضِ وَالطُّهْرِ. وَالسَّابِعُ إلَى آخِرِ الْعَاشِرِ مُحْتَمِلٌ لَهُمَا وَلِلِانْقِطَاعِ، وَلَوْ قَالَتْ: كُنْت أَخْلِطُ شَهْرًا بِشَهْرٍ: أَيْ كُنْت فِي آخِرِ كُلِّ شَهْرٍ وَأَوَّلِ مَا بَعْدَهُ حَائِضًا فَلَحْظَةٌ مِنْ أَوَّلِ كُلِّ شَهْرٍ وَلَحْظَةٌ مِنْ آخِرِهِ حَيْضٌ بِيَقِينٍ، وَلَحْظَةٌ مِنْ آخِرِ الْخَامِسَ عَشَرَ وَلَحْظَةٌ مِنْ أَوَّلِ لَيْلَةِ السَّادِسَ عَشَرَ طُهْرٌ بِيَقِينٍ، وَمَا بَيْنَ اللَّحْظَةِ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَاللَّحْظَةِ مِنْ آخِرِ الْخَامِسَ عَشَرَ يَحْتَمِلُ الْحَيْضَ وَالطُّهْرَ وَالِانْقِطَاعَ، وَمَا بَيْنَ اللَّحْظَةِ مِنْ أَوَّلِ لَيْلَةِ السَّادِسَ عَشَرَ وَاللَّحْظَةِ مِنْ آخِرِ الشَّهْرِ يَحْتَمِلُهُمَا دُونَ الِانْقِطَاعِ، وَلَوْ قَالَتْ: كُنْت أَخْلِطُ شَهْرًا بِشَهْرٍ طُهْرًا فَلَيْسَ لَهَا حَيْضٌ بِيَقِينٍ وَلَهَا لَحْظَتَانِ طُهْرٌ بِيَقِينٍ فِي أَوَّلِ كُلِّ شَهْرٍ وَآخِرِهِ، ثُمَّ قَدْرُ أَقَلِّ الْحَيْضِ بَعْدَ اللَّحْظَتَيْنِ لَا يُمْكِنُ فِيهِ الِانْقِطَاعُ وَبَعْدَهُ يَحْتَمِلُ، وَالْحَافِظَةُ لِلْقَدْرِ إنَّمَا تَخْرُجُ عَنْ التَّحَيُّرِ الْمُطْلَقِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِيهِ وَلَا فِيمَا لَوْ نَسِيَتْ انْتِظَامَ عَادَتِهَا فَرَدَّتْ لِأَقَلِّ النُّوَبِ وَاحْتَاطَتْ فِي الزَّائِدِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الطَّوَافَ لَا آخِرَ لِوَقْتِهِ وَهِيَ فِي زَمَنِ الشَّكِّ يُحْتَمَلُ فَسَادُ طَوَافِهَا فَيَجِبُ تَأْخِيرُهُ لِطُهْرِهَا الْمُحَقَّقِ، بِخِلَافِ النَّاسِيَةِ لِعَادَتِهَا قَدْرًا وَوَقْتًا فَإِنَّهَا مُضْطَرَّةٌ إلَى فِعْلِهِ، إذْ لَا زَمَنَ لَهَا تَرْجُو الِانْقِطَاعَ فِيهِ حَتَّى تُؤْمَرَ بِالتَّأْخِيرِ إلَيْهِ، هَذَا وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِمَا لَوْ طَافَتْ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ زَمَنَ التَّحَيُّرِ هَلْ تَجِبُ إعَادَتُهُ فِي زَمَنٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مَعَهُ وُقُوعُهُ فِي الطُّهْرِ كَمَا فِي قَضَاءِ الصَّلَوَاتِ أَوْ لَا، وَقِيَاسُ مَا فِي الصَّلَاةِ وُجُوبُ ذَلِكَ لِأَنَّهَا إذَا طَافَتْ زَمَنَ التَّحَيُّرِ اُحْتُمِلَ وُقُوعُ الطَّوَافِ زَمَنَ الْحَيْضِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَقَوْلُنَا لَا آخِرَ لِوَقْتِهِ لَا يُقَالُ: انْتِظَارُهَا لِلطُّهْرِ الْمُحَقَّقِ مَعَ الْإِحْرَامِ فِيهِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ. لِأَنَّا نَقُولُ: يُمْكِنُ دَفْعُ الْمَشَقَّةِ بِمَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّ الْحَائِضَ حَيْضًا مُحَقَّقًا تَتَخَلَّصُ مِنْ الْإِحْرَامِ بِالْهُجُومِ عَلَى الطَّوَافِ مُقَلِّدَةً مَذْهَبَ الْحَنَفِيَّةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي فِي الْحَجِّ كَأَنْ تَرْحَلَ إلَى أَنْ تَصِلَ إلَى حِلٍّ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهَا الرُّجُوعُ مِنْهُ إلَى مَكَّةَ. وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي فَصْلٍ لِلطَّوَافِ بِأَنْوَاعِهِ وَاجِبَاتٌ نَصُّهَا: وَسَيَأْتِي أَيْضًا أَنَّ مَنْ حَاضَتْ قَبْلَ طَوَافِ الرُّكْنِ وَلَمْ يُمْكِنْهَا الْإِقَامَةُ حَتَّى تَطْهُرَ لَهَا أَنْ تَرْحَلَ، فَإِذَا وَصَلَتْ إلَى مَحَلٍّ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهَا الرُّجُوعُ مِنْهُ إلَى مَكَّةَ جَازَ لَهَا حِينَئِذٍ أَنْ تَتَحَلَّلَ كَالْمُحْصَرِ وَتُحِلُّ حِينَئِذٍ مِنْ إحْرَامِهَا وَيَبْقَى الطَّوَافُ فِي ذِمَّتِهَا إلَى أَنْ تَعُودَ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي وَأَنَّهَا تَحْتَاجُ عِنْدَ فِعْلِهِ إلَى إحْرَامٍ لِخُرُوجِهَا مِنْ مَنْسَكِهَا بِالتَّحَلُّلِ، بِخِلَافِ مَنْ طَافَ بِتَيَمُّمٍ تَجِبُ مَعَهُ الْإِعَادَةُ لِعَدَمِ تَحَلُّلِهِ حَقِيقَةً وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ: لَيْسَ لَهَا أَنْ تُسَافِرَ حَتَّى تَطُوفَ، قَالَ غَيْرُهُ: إنَّهُ غَلَطٌ مِنْهُ اهـ. وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَنْ طَافَ بِتَيَمُّمٍ إلَخْ: أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إحْرَامٍ جَدِيدٍ لِمَا عَلَّلَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ) الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادُهُمْ بِاحْتِمَالِ الطُّهْرِ هُنَا طُهْرًا أَصْلِيًّا لَا يَكُونُ بَعْدَ الِانْقِطَاعِ كَمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ عَطْفِ الِانْقِطَاعِ عَلَيْهِ وَجَعْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا أَحَدَ الْمُحْتَمَلَاتِ فَإِنَّهُ مُسْتَحِيلٌ بَعْدَ فَرْضٍ تَقَدَّمَ الْحَيْضَ يَقِينًا بَلْ مُرَادُهُمْ الطُّهْرُ فِي الْجُمْلَةِ. فَالْمُرَادُ بِاحْتِمَالِ الطُّهْرِ وَالِانْقِطَاعِ احْتِمَالُ طُهْرٍ بَعْدَ الِانْقِطَاعِ أَوْ مَعَهُ الِانْقِطَاعُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُحْتَمَلُ حُصُولُهُ عَلَى الِانْفِرَادِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ كَمَا تَبَيَّنَ، بَلْ الْمُرَادُ احْتِمَالُ طُهْرٍ مَعَهُ انْقِطَاعٌ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَالَ: اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالطُّهْرِ بِدُونِ انْقِطَاعٍ مَعَ تَقَدُّمِ الْحَيْضِ يَقِينًا فِي الْمِثَالِ، وَكَأَنَّ الْمُرَادَ بِالطُّهْرِ وَالِانْقِطَاعِ الطُّهْرُ بَعْدَ الِانْقِطَاعِ، فَالطُّهْرُ قِسْمَانِ أَصْلِيٌّ بِأَنْ لَا يَتَقَدَّمَهُ انْقِطَاعُ حَيْضٍ كَمَا بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالسَّادِسِ فِي مِثَالِ ذَاكِرَةِ الْقَدْرِ الْآتِي، وَطُهْرٌ بَعْدَ الِانْقِطَاعِ كَمَا هُنَا. وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ هُنَا بِاحْتِمَالِ الطُّهْرِ احْتِمَالُ الطُّهْرِ إنْ حَصَلَ مِنْهَا غُسْلٌ بَعْدَ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ) هُوَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَبِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ كَمَا يُفِيدُهُ الْمِصْبَاحُ، وَسَيَأْتِي لَنَا فِي الِاعْتِكَافِ زِيَادَةُ إيضَاحٍ (قَوْلُهُ: وَبَعْدَهُ إلَخْ) أَيْ فَيَتَوَضَّأُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بِحِفْظِ قَدْرِ الدَّوْرِ وَابْتِدَائِهِ وَقَدْرِ الْحَيْضِ، فَإِذَا قَالَتْ: دَوْرِي ثَلَاثُونَ أَوَّلُهَا كَذَا وَحَيْضِي عَشَرَةٌ فَعَشَرَةٌ فِي أَوَّلِهَا لَا تَحْتَمِلُ الِانْقِطَاعَ وَالْبَاقِي يَحْتَمِلُهُ وَالْجَمِيعُ يَحْتَمِلُ الْحَيْضَ وَالطُّهْرَ، وَلَوْ قَالَتْ: حَيْضِي إحْدَى عَشَرَاتِ الشَّهْرِ فَهَذِهِ كَالْأُولَى إلَّا أَنَّ احْتِمَالَ الِانْقِطَاعِ هُنَا لَا يَكُونُ إلَّا فِي آخِرِ كُلِّ عَشَرَةٍ، وَلَوْ قَالَتْ: حَيْضِي عَشَرَةٌ فِي عِشْرِينَ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ فَالْعَشَرَةُ الْأَخِيرَةُ طُهْرٌ بِيَقِينٍ وَالْعِشْرُونَ تَحْتَمِلُ الْحَيْضَ وَالطُّهْرَ وَالْعَشَرَةُ الثَّانِيَةُ مِنْهَا تَحْتَمِلُ الِانْقِطَاعَ أَيْضًا، وَلَوْ قَالَتْ: كَانَ حَيْضِي خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ الْعِشْرِينَ الْأُولَى فَالْعَشَرَةُ الْأَخِيرَةُ طُهْرٌ بِيَقِينٍ وَالْخَمْسَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ حَيْضٌ بِيَقِينٍ وَالْأُولَى تَحْتَمِلُ الْحَيْضَ وَالطُّهْرَ دُونَ الِانْقِطَاعِ وَالرَّابِعَةُ تَحْتَمِلُ الْجَمِيعَ. وَلَوْ قَالَتْ: حَيْضِي خَمْسَةٌ وَكُنْت فِي الْيَوْمِ الثَّالِثَ عَشَرَ طَاهِرًا فَخَمْسَةٌ مِنْ أَوَّلِ الدَّوْرِ تَحْتَمِلُ الْحَيْضَ وَالطُّهْرَ دُونَ الِانْقِطَاعِ وَمَا بَعْدَهَا يَحْتَمِلُ الْجَمِيعَ إلَى آخِرِ الثَّانِيَ عَشَرَ، ثُمَّ الثَّالِثَ عَشَرَ وَالرَّابِعَ عَشَرَ وَالْخَامِسَ عَشَرَ طُهْرٌ بِيَقِينٍ، وَمِنْ أَوَّلِ السَّادِسَ عَشَرَ إلَى آخِرِ الْعِشْرِينَ يَحْتَمِلُ الْحَيْضَ وَالطُّهْرَ دُونَ الِانْقِطَاعِ، وَمِنْهُ إلَى آخِرِ الشَّهْرِ يَحْتَمِلُ الْجَمِيعَ، وَمَتَى كَانَ الْقَدْرُ الَّذِي أَضَلَّتْهُ زَائِدًا عَلَى نِصْفِ الْمُضَلِّ فِيهِ حَصَلَ حَيْضٌ بِيَقِينٍ مِنْ وَسَطِهِ، وَهُوَ الزَّائِدُ عَلَى النِّصْفِ مَعَ مِثْلِهِ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ دَمَ الْحَامِلِ) حَيْضٌ إذَا تَوَفَّرَتْ شُرُوطُهُ وَإِنْ تَعَقَّبَهُ الطَّلْقُ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ لِخَبَرِ «دَمُ الْحَيْضِ أَسْوَدُ يُعْرَفُ» وَلِأَنَّهُ دَمٌ لَا يَمْنَعُهُ الرَّضَاعُ بَلْ إذَا وُجِدَ مَعَهُ حُكِمَ بِكَوْنِهِ حَيْضًا وَإِنْ نَدَرَ فَكَذَا لَا يَمْنَعُهُ الْحَمْلُ، وَإِنَّمَا حَكَمَ الشَّارِعُ بِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ بِهِ بِنَاءً عَلَى الْغَالِبِ، لَكِنْ لَا يَحْرُمُ طَلَاقُهَا فِيهِ لِانْتِفَاءِ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ بِهِ، وَلَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِهِ إنْ كَانَ لَهُ حُكْمُ الْحَمْلِ فِي انْقِضَائِهَا بِالْحَمْلِ بِأَنْ كَانَتْ لِصَاحِبِهِ؛ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ، فَإِنْ كَانَ الْحَمْلُ مِنْ زِنًا كَأَنْ فُسِخَ نِكَاحُ صَبِيٍّ بِعَيْبٍ أَوْ غَيْرِهِ بَعْدَ دُخُولِهِ وَهِيَ حَامِلٌ مِنْ زِنًا أَوْ تَزَوَّجَ الرَّجُلُ حَامِلًا مِنْ زِنًا ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ فَسَخَ بَعْدَ الدُّخُولِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ الْوَالِيَيْنِ لِلَّحْظَةِ الْأُولَى لِكُلِّ فَرْضٍ لِأَنَّ ذَلِكَ حَيْضٌ مَشْكُوكٌ فِيهِ، وَتَغْتَسِلُ فِيمَا بَعْدَهُمَا لِكُلِّ فَرْضٍ إلَى اللَّحْظَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الشَّهْرِ لِأَنَّهُ طُهْرٌ مَشْكُوكٌ فِيهِ (قَوْلُهُ: لَا تَحْتَمِلُ الِانْقِطَاعَ) أَيْ فَتَتَوَضَّأُ فِيهَا لِكُلِّ فَرْضٍ، وَقَوْلُهُ وَالْبَاقِي يَحْتَمِلُهُ أَيْ فَتَغْتَسِلُ لِكُلِّ فَرْضٍ لِاحْتِمَالِ الِانْقِطَاعِ (قَوْلُهُ: تَحْتَمِلُ الْحَيْضَ وَالطُّهْرَ) أَيْ فَيَحْرُمُ الْوَطْءُ فِي جَمِيعِهِ لِاحْتِمَالِ الْحَيْضِ (قَوْلُهُ: إحْدَى عَشَرَاتِ الشَّهْرِ) أَيْ عَشَرَةٌ مِنْ الْعَشَرَاتِ الثَّلَاثِ الْمُشْتَمِلِ عَلَيْهَا الشَّهْرُ (قَوْلُهُ: كَالْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ فَإِذَا قَالَتْ: دَوْرِي ثَلَاثُونَ أَوَّلُهَا كَذَا إلَخْ (قَوْلُهُ: إنَّ دَمَ الْحَامِلِ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ خَالَفَ عَادَتَهَا حَيْثُ لَمْ يَنْقُصْ عَنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَا زَادَ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ وَلَوْ بِصِفَتِهِ غَيْرَ صِفَةِ الدَّمِ الَّذِي كَانَتْ تَرَاهُ فِي غَيْرِ زَمَنِ الْحَمْلِ، وَقَوْلُهُ: إذَا تَوَفَّرَتْ شُرُوطُهُ مِنْهَا أَنْ لَا يَنْقُصَ عَنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ رَأَتْ دُونَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَيَعْقُبُهُ الطَّلْقُ وَاسْتَمَرَّ الدَّمُ لَا يَكُونُ الْخَارِجُ مَعَ الطَّلْقِ حَيْضًا، وَنَظَرَ فِيهِ سم عَلَى حَجّ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ حَيْضٌ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ رُؤْيَتِهِ حُكِمَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَيُسْتَصْحَبُ إلَى تَحَقُّقِ مَا يُنَافِيهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَعَقَّبَهُ الطَّلْقُ) أَيْ جَاءَ بَعْدَهُ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: وَعَقَّبَهُ تَعْقِيبًا فَهُوَ مُعَقِّبٌ جَاءَ بَعْدَهُ اهـ بِالْمَعْنَى، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ خَرَجَ مَعَ الطَّلْقِ (قَوْلُهُ: لَا يَحْرُمُ طَلَاقُهَا فِيهِ) أَيْ الْحَيْضِ زَمَنَ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: وَلَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ) أَيْ بِالْحَيْضِ إنْ كَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهِيَ حَامِلٌ مِنْ زِنًا) بَقِيَ مَا لَوْ لَمْ يُعْلَمْ هَلْ هُوَ مِنْ زِنًا أَوْ شُبْهَةٍ، وَحُكْمُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُمْكِنْ لُحُوقُهُ بِالزَّوْجِ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ زِنًا، وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي كِتَابِ الْعَدَدِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَعِدَّةُ حُرَّةٍ ذَاتِ أَقْرَاءٍ ثَلَاثَةٌ مَا نَصُّهُ: وَلَوْ جُهِلَ حَالُ الْحَمْلِ وَلَمْ يُمْكِنْ لُحُوقُهُ بِالزَّوْجِ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ زِنًا كَمَا نَقَلَاهُ وَأَقَرَّاهُ: أَيْ مِنْ حَيْثُ صِحَّةُ نِكَاحِهَا مَعَهُ وَجَوَازُ وَطْءِ الزَّوْجِ لَهَا. أَمَّا مِنْ حَيْثُ عَدَمُ عُقُوبَتِهَا بِسَبَبِهِ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ شُبْهَةٍ. فَإِنْ أَتَتْ بِهِ لِلْإِمْكَانِ مِنْهُ لَحِقَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَمْ يَنْتَفِ عَنْهُ إلَّا بِلِعَانٍ اهـ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إذَا تَوَفَّرَتْ شُرُوطُهُ) بِخِلَافِ مَا إذَا انْتَفَى شَيْءٌ مِنْهَا كَأَنْ رَأَتْ يَوْمًا فَقَطْ ثُمَّ وَضَعَتْ مُتَّصِلًا بِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ سم

انْقَضَتْ الْعِدَّةُ بِالْحَيْضِ مَعَ وُجُودِ الْحَمْلِ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ زِنًا كَأَنْ طَلَّقَهَا حَامِلًا مِنْهُ فَوَطِئَهَا غَيْرُهُ بِشُبْهَةٍ أَوْ بِالْعَكْسِ لَمْ تَنْقَضِ بِهِ خِلَافًا لِلْقَاضِي. وَالثَّانِي وَهُوَ الْقَدِيمُ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَيْضٍ بَلْ هُوَ حَدَثٌ دَائِمٌ كَسَلَسِ الْبَوْلِ لِأَنَّ الْحَمْلَ يَسُدُّ مَخْرَجَ الْحَيْضِ وَقَدْ جُعِلَ دَلِيلًا عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْحَامِلَ لَا تَحِيضُ، وَالْأَوَّلُ أَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا حُكِمَ بِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ عَمَلًا بِالْغَالِبِ كَمَا مَرَّ (وَ) أَنَّ (النَّقَاءَ بَيْنَ) دِمَاءِ (أَقَلِّ الْحَيْضِ) فَأَكْثَرَ (حَيْضٌ) تَبَعًا لِنَقْصِ النَّقَاءِ عَنْ أَقَلِّ الطُّهْرِ فَأَشْبَهَ الْفَتْرَةَ بَيْنَ دَفَعَاتِ الدَّمِ وَيُسَمَّى قَوْلَ السَّحْبِ. وَالثَّانِي أَنَّهُ طُهْرٌ لِأَنَّهُ إذَا دَلَّ الدَّمُ عَلَى الْحَيْضِ وَجَبَ أَنْ يَدُلَّ النَّقَاءُ عَلَى الطُّهْرِ، وَيُسَمَّى هَذَا قَوْلَ اللَّقَطِ وَقَوْلَ التَّلْفِيقِ، وَمَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَنَحْوِهِمَا فَلَا يُجْعَلُ النَّقَاءُ طُهْرًا فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ إجْمَاعًا. وَشَرْطُ جَعْلِ النَّقَاءِ بَيْنَ الدَّمِ حَيْضًا أَنْ لَا يُجَاوِزَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَا يَنْقُصَ مَجْمُوعُ الدِّمَاءِ عَنْ أَقَلِّ الْحَيْضِ، وَأَنْ يَكُونَ النَّقَاءُ زَائِدًا عَلَى الْفَتَرَاتِ الْمُعْتَادَةِ بَيْنَ دَفَعَاتِ الْحَيْضِ فَإِنَّ تِلْكَ حَيْضٌ قَطْعًا. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفَتْرَةِ وَالنَّقَاءِ أَنَّ الْفَتْرَةَ هِيَ الْحَالَةُ الَّتِي يَنْقَطِعُ فِيهَا جَرَيَانُ الدَّمِ وَيَبْقَى أَثَرٌ لَوْ أَدْخَلَتْ قُطْنَةً فِي فَرْجِهَا لَخَرَجَتْ مُلَوَّثَةً. وَالنَّقَاءُ أَنْ تُخْرَجَ نَقِيَّةً لَا شَيْءَ عَلَيْهَا وَلَوْ عَبَرَ التَّقَطُّعُ خَمْسَةَ عَشَرَ جَاءَ مَا مَرَّ فِي الْمُسْتَحَاضَاتِ وَالدَّمُ الْمَرْئِيُّ بَيْنَ التَّوْأَمَيْنِ بِشُرُوطِ الْحَيْضِ حَيْضٌ كَالْخَارِجِ بَعْدَ عُضْوٍ مُنْفَصِلٍ مِنْ الْوَلَدِ الْمُجْتَنِّ لِأَنَّهُ خَرَجَ قَبْلَ فَرَاغِ الرَّحِمِ كَدَمِ الْحَامِلِ، بَلْ أَوْلَى بِكَوْنِهِ حَيْضًا إذْ إرْخَاءُ الدَّمِ بَيْنَ الْوِلَادَتَيْنِ أَقْرَبُ مِنْهُ قَبْلَهُمَا لِانْفِتَاحِ فَمِ الرَّحِمِ بِالْوِلَادَةِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَيْنَ الدَّمِ. قَالَ الْبُرْهَانُ الْفَزَارِيّ: كَذَا هُوَ فِي عِدَّةِ نُسَخٍ، وَقِيلَ إنَّهُ كَانَ هَكَذَا فِي نُسْخَةِ الْمُؤَلِّفِ ثُمَّ أَصْلَحَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ بِقَوْلِهِ بَيْنَ أَقَلِّ الْحَيْضِ لِأَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ إنَّمَا يَنْسَحِبُ إذَا بَلَغَ مَجْمُوعُ الدِّمَاءِ أَقَلَّ الْحَيْضِ اهـ وَهَذِهِ النُّسْخَةُ هِيَ الَّتِي شَرَحَ عَلَيْهَا السُّبْكِيُّ. وَقَالَ المنكت: قَدْ رَأَيْت نُسْخَةَ الْمُصَنِّفِ الَّتِي بِخَطِّهِ وَأُصْلِحَتْ كَمَا قَالَ بِغَيْرِ خَطِّهِ. ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى النِّفَاسِ، فَقَالَ (وَأَقَلُّ النِّفَاسِ لَحْظَةٌ) يُقَالُ فِي فِعْلِهِ نُفِسَتْ الْمَرْأَةُ بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِهَا وَبِكَسْرِ الْفَاءِ فِيهِمَا وَالضَّمُّ أَفْصَحُ، وَعَبَّرَ بَدَلَ اللَّحْظَةِ فِي التَّحْقِيقِ كَالتَّنْبِيهِ بِالْمَجَّةِ: أَيْ الدَّفْعَةِ. وَفِي الرَّوْضَةِ لَا حَدَّ لِأَقَلِّهِ: أَيْ لَا يَتَقَدَّرُ بَلْ مَا وُجِدَ مِنْهُ وَإِنْ قَلَّ يَكُونُ نِفَاسًا، وَلَا يُوجَدُ أَقَلُّ مِنْ مَجَّةٍ وَيُعَبَّرُ عَنْ زَمَنِهَا بِاللَّحْظَةِ، فَالْمُرَادُ مِنْ الْعِبَارَاتِ وَاحِدٌ. وَهُوَ لُغَةً: الْوِلَادَةُ، وَشَرْعًا مَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ. وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ عَقِبَ النَّفْسِ أَوْ مِنْ قَوْلِهِمْ تَنَفَّسَ الصُّبْحُ إذَا ظَهَرَ. وَأَوَّلُ وَقْتِهِ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَلَدِ، وَقِيلَ أَقَلُّ الطُّهْرِ، وَإِنْ كَانَ عَلَقَةً أَوْ مُضْغَةً قَالَ الْقَوَابِلُ إنَّهُ مَبْدَأُ خَلْقٍ آدَمِيٍّ، فَإِنْ تَأَخَّرَ خُرُوجُهُ عَنْ الْوِلَادَةِ فَأَوَّلُهُ مِنْ خُرُوجِهِ لَا مِنْهَا كَمَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَمَوْضِعٍ مِنْ الْمَجْمُوعِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ صَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ، وَمَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْمَجْمُوعِ عَكْسَ ذَلِكَ، إذْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ جَعْلُ النَّقَاءِ الَّذِي لَمْ يَسْبِقْهُ دَمٌ نِفَاسًا فَتَجِبُ عَلَيْهَا الصَّلَاةُ فِي النَّقَاءِ الْمَذْكُورِ، وَقَدْ صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: انْقَضَتْ الْعِدَّةُ بِالْحَيْضِ) أَيْ وَيَحْرُمُ طَلَاقُهَا فِيهِ لِتَضَرُّرِهَا بِطُولِ الْعِدَّةِ فَإِنَّ زَمَنَهُ لَا يُحْسَبُ مِنْهَا (قَوْلُهُ: لَمْ تَنْقَضِ بِهِ) أَيْ الْحَيْضِ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفَتْرَةِ وَالنَّقَاءِ) أَيْ عَلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ النُّسْخَةُ) هِيَ قَوْلُهُ: بَيْنَ أَقَلِّ الْحَيْضِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: يُقَالُ فِي فِعْلِهِ) أَيْ فِي الْفِعْلِ الدَّالِّ عَلَى الدَّمِ الْخَارِجِ بَعْدَ فَرَاغِ الرَّحِمِ. أَمَّا نَفِسَتْ بِمَعْنَى حَاضَتْ فَيُقَالُ فِيهِ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَقَدْ مَرَّ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: الدُّفْعَةُ) أَيْ بِضَمِّ الدَّالِ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: مِنْ الْعِبَارَاتِ) هِيَ مَجَّةٌ وَلَحْظَةٌ وَدَفْعَةٌ (قَوْلُهُ: قَالَ الْقَوَابِلُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ، وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدَةٍ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى مَا يُفِيدُ الظَّنَّ وَالْوَاحِدَةُ تُحَصِّلُهُ. وَعِبَارَةُ حَجّ عَلَقَةً أَوْ مُضْغَةً فِيهَا صُوَرٌ خَفِيَّةٌ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْغُسْلِ، إذْ لَا تُسَمَّى وِلَادَةً إلَّا حِينَئِذٍ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، فَلَا تَخَالُفَ بَيْنَ مَا ذَكَرُوهُ هُنَا وَفِي الْعَدَدِ خِلَافًا لِمَنْ ظَنَّهُ (قَوْلُهُ: فَأَوَّلُهُ مِنْ خُرُوجِهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْأَحْكَامُ وَقَوْلُهُ: لَا مِنْهَا أَيْ الْوِلَادَةِ (قَوْلُهُ: فِي النَّقَاءِ الْمَذْكُورِ) أَيْ الَّذِي بَيْنَ الْوِلَادَةِ وَرُؤْيَةِ الدَّمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[أقل النفاس وأكثره وغالبه]

يَصِحُّ غُسْلُهَا عَقِبَ وِلَادَتِهَا. وَلَا يُشْكِلُ عَلَى مَا رَجَّحْنَاهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِبُطْلَانِ صَوْمِ مَنْ وَلَدَتْ وَلَدًا جَافًّا، لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْوِلَادَةُ مَظِنَّةَ خُرُوجِ الدَّمِ أُنِيطَ الْبُطْلَانُ بِوُجُودِهَا وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ كَمَا جُعِلَ النَّوْمُ نَاقِضًا وَإِنْ تَحَقَّقَ عَدَمُ خُرُوجِ شَيْءٍ مِنْهُ، وَكَلَامُ ابْنِ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ مُحْتَمِلٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا لَكِنَّهُ إلَى الثَّانِي أَقْرَبُ، وَقَضِيَّةُ الْأَخْذِ بِالْأَوَّلِ أَنَّ زَمَنَ النَّقَاءِ لَا يُحْسَبُ مِنْ السِّتِّينَ، لَكِنْ صَرَّحَ الْبُلْقِينِيُّ بِخِلَافِهِ فَقَالَ: ابْتِدَاءُ السِّتِّينَ مِنْ الْوِلَادَةِ وَزَمَنُ النَّقَاءِ لَا نِفَاسَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مَحْسُوبًا مِنْ السِّتِّينَ وَلَمْ أَرَ مَنْ حَقَّقَ هَذَا اهـ. وَلَوْ لَمْ تَرَ نِفَاسًا أَصْلًا فَهَلْ يُبَاحُ وَطْؤُهَا قَبْلَ الْغُسْلِ أَوْ التَّيَمُّمِ بِشَرْطِهِ أَوْ لَا؟ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِجَوَازِهِ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهَا جَنَابَةٌ، بَلْ عَلَّلُوا إيجَابَ خُرُوجِ وَلَدِ الْجَافِّ الْغُسْلَ بِأَنَّهُ مَتَى انْعَقَدَ وَلَوْ لَمْ تَرَ دَمًا إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَكْثَرَ فَلَا نِفَاسَ لَهَا أَصْلًا عَلَى الْأَصَحِّ (وَأَكْثَرُهُ سِتُّونَ) يَوْمًا (وَغَالِبُهُ أَرْبَعُونَ) يَوْمًا اعْتِبَارًا بِالْوُجُودِ فِي كُلِّ ذَلِكَ، وَأَمَّا خَبَرُ أَبِي دَاوُد عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «كَانَتْ النُّفَسَاءُ تَجْلِسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعِينَ يَوْمًا» فَلَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الزِّيَادَةِ، أَوْ يَكُونُ مَحْمُولًا عَلَى الْغَالِبِ أَوْ عَلَى نِسْوَةٍ مَحْصُورَاتٍ وَأَبْدَى أَبُو سَهْلٍ الصُّعْلُوكِيُّ فِي كَوْنِ أَكْثَرِهِ مَا ذُكِرَ مَعْنًى لَطِيفًا، وَهُوَ أَنَّ الْمَنِيَّ يَمْكُثُ فِي الرَّحِمِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا لَا يَتَغَيَّرُ، ثُمَّ يَمْكُثُ مِثْلَهَا عَلَقَةً ثُمَّ مِثْلَهَا مُضْغَةً ثُمَّ تُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ، وَالْوَلَدُ يَتَغَذَّى بِدَمِ الْحَيْضِ مِنْ حِينَئِذٍ فَلَا يَجْتَمِعُ مِنْ حِينِ النَّفْخِ لِكَوْنِهِ غِذَاءً لَهُ وَإِنَّمَا يَجْتَمِعُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَأَكْثَرُ الْحَيْضِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَيَكُونُ أَكْثَرُ النِّفَاسِ سِتِّينَ. (وَيَحْرُمُ بِهِ مَا حَرُمَ بِالْحَيْضِ) لِأَنَّهُ دَمُ حَيْضٍ مُجْتَمِعٌ وَلِهَذَا قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَحُكْمُ النِّفَاسِ مُطْلَقًا حُكْمُ الْحَيْضِ إلَّا فِي شَيْئَيْنِ: أَحَدِهِمَا أَنَّ الْحَيْضَ يُوجِبُ الْبُلُوغَ وَالنِّفَاسُ لَا يُوجِبُهُ لِثُبُوتِهِ قَبْلَهُ بِالْإِنْزَالِ الَّذِي حَبِلَتْ مِنْهُ. الثَّانِي أَنَّ الْحَيْضَ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْعِدَّةُ وَالِاسْتِبْرَاءُ وَلَا يَتَعَلَّقَانِ بِالنِّفَاسِ لِحُصُولِهِمَا قَبْلَهُ بِمُجَرَّدِ الْوِلَادَةِ، وَيُخَالِفُهُ أَيْضًا فِي أَنَّ أَقَلَّ النِّفَاسِ لَا يُسْقِطُ الصَّلَاةَ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَأَقَرَّهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ أَقَلَّ النِّفَاسِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَغْرِقَ وَقْتَ الصَّلَاةِ، لِأَنَّهُ إنْ وُجِدَ فِي الْأَثْنَاءِ فَقَدْ تَقَدَّمَ وُجُوبُهَا وَإِنْ وُجِدَ فِي الْأَوَّلِ فَقَدْ لَزِمَتْ بِالِانْقِطَاعِ، بِخِلَافِ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ يَعُمُّ الْوَقْتَ وَلَا يَرُدُّ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ مُحْتَمِلٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ فَأَوَّلُهُ مِنْ خُرُوجِهِ، وَقَوْلِهِ لَا مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مَحْسُوبًا) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَفْتَى الْوَالِدُ إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ هَذَا بِبُطْلَانِ صَوْمِهَا بِوِلَادَتِهَا وَلَدًا جَافًّا حَيْثُ عَلَّلَ الْبُطْلَانَ بِأَنَّ الْوِلَادَةَ مَظِنَّةٌ لِخُرُوجِ الدَّمِ فَأَقَامُوهَا مَقَامَ الْيَقِينِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي حُرْمَةَ الْوَطْءِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ بُطْلَانِ الصَّوْمِ وَجَوَازِ الْوَطْءِ الِاحْتِيَاطُ لِلْعِبَادَةِ (قَوْلُهُ: وَأَكْثَرُهُ سِتُّونَ) عُبَابٌ خَالَفَ فِي ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ فَقَالَا: الْأَكْثَرُ أَرْبَعُونَ، وَذَهَبَ الْمُزَنِيّ إلَى أَنَّ أَقَلَّهُ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ لِأَنَّ أَكْثَرَهُ قَدْرُ الْحَيْضِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَلْيَكُنْ أَقَلُّهُ كَذَلِكَ اهـ. قُلْت: مُقْتَضَى هَذَا التَّخْرِيجِ أَنْ يَقُولَ غَالِبُهُ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ أَوْ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: تَجْلِسُ) أَيْ يَدُومُ نِفَاسُهَا (قَوْلُهُ: وَأَبْدَى أَبُو سَهْلٍ) تَبِعَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِمَا فِيهِ نَظَرٌ. نَعَمْ أَنْكَرَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ كَوْنَهُ غِذَاءً لِلْوَلَدِ لَدِ لِأَنَّهُ يُولَدُ وَفَمُهُ مَسْدُودٌ وَلَا طَرِيقَ لِجَرَيَانِ الدَّمِ وَعَلَى وَجْهِهِ الْمَشِيمَةُ وَلِهَذَا أَجِنَّةُ الْبَهَائِمِ تَعِيشُ فِي الْبُطُونِ وَلَا حَيْضَ لَهَا اهـ. وَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ لَا حُجَّةَ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ غِذَاءً وُصُولُهُ لِلْمَعِدَةِ مِنْ الْفَمِ لِاحْتِمَالِ وُصُولِهِ إلَيْهَا مِنْ السُّرَّةِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْمَشِيمَةِ اهـ حَجّ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ. أَقُولُ: وَأَجِنَّةُ الْبَهَائِمِ يَجُوزُ أَنْ تَتَغَذَّى بِغَيْرِ دَمِ الْحَيْضِ لِانْتِفَائِهِ فِي حَقِّهِنَّ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ لِأَنَّ أَقَلَّ النِّفَاسِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَغْرِقَ) قَالَ حَجّ: وَلَك مَنْعُهُ بِأَنْ يُتَصَوَّرَ إسْقَاطُهُ لَهَا بِأَنْ تَكُونَ مَجْنُونَةً مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ إلَى أَنْ يَبْقَى لَحْظَةً فَتَنْفَسَ حِينَئِذٍ، فَمُقَارَنَةُ النِّفَاسِ لِهَذِهِ اللَّحْظَةِ أَسْقَطَتْ إيجَابَ الصَّلَاةِ عَنْهَا حَتَّى لَا يَلْزَمَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ [أَقَلُّ النِّفَاسِ وَأَكْثَرُهُ وَغَالِبُهُ] قَوْلُهُ: فَيَكُونُ أَكْثَرُ النِّفَاسِ سِتِّينَ) قَالَ الشِّهَابُ الْبُرُلُّسِيُّ: قَضِيَّةُ هَذَا أَنْ يَكُونَ غَالِبُ النِّفَاسِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ وَلَمْ

[حكم النفاس هو حكم الحيض]

شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَلَى عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ (وَعُبُورُهُ سِتِّينَ) يَوْمًا (كَعُبُورِهِ أَكْثَرَهُ) أَيْ كَعُبُورِ الْحَيْضِ أَكْثَرَهُ وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ وَحِينَئِذٍ فَيُنْظَرُ أَمُبْتَدَأَةٌ هِيَ أَمْ مُعْتَادَةٌ مُمَيِّزَةٌ أَمْ غَيْرُ مُمَيِّزَةٍ، وَيُقَاسُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْحَيْضِ وِفَاقًا وَخِلَافًا لِأَنَّ النِّفَاسَ كَالْحَيْضِ فِي غَالِبِ أَحْكَامِهِ فَكَذَلِكَ فِي الرَّدِّ إلَيْهِ عِنْدَ الْإِشْكَالِ، وَلَا يُمْكِنُ تَصَوُّرُ مُتَحَيِّرَةٍ مُطْلَقَةٍ فِي النِّفَاسِ بِنَاءً عَلَى الرَّاجِحِ أَنَّ مَنْ عَادَتُهَا عَدَمُ رُؤْيَةِ نِفَاسِ أَصْلًا إذَا وَلَدَتْ فَرَأَتْ الدَّمَ وَجَاوَزَ السِّتِّينَ أَنَّهَا كَالْمُبْتَدَأَةِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ ابْتِدَاءُ نِفَاسِهَا مَعْلُومًا وَبِهِ يَنْتَفِي التَّحَيُّرُ الْمُطْلَقُ، وَمِنْ أَحْكَامِ الْبَابِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَعْلَمَ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ أَحْكَامِ الْحَيْضِ وَالِاسْتِحَاضَةِ وَالنِّفَاسِ، فَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا عَالِمًا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُعَلِّمَهَا، وَإِلَّا فَلَهَا الْخُرُوجُ لِسُؤَالِ الْعُلَمَاءِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَمْكِينُهَا مِنْ ذَلِكَ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ مَنْعُهَا إلَّا إنْ سَأَلَ وَأَخْبَرَهَا فَفِي ذَلِكَ غُنْيَةً عَنْ خُرُوجِهَا، وَلَا يَجُوزُ لَهَا الْخُرُوجُ إلَى مَجْلِسِ ذِكْرٍ وَنَحْوِهِ إلَّا بِرِضَاهُ، وَيَحِلُّ وَطْءُ مَنْ طَهُرَتْ عَقِبَ انْقِطَاعِ حَيْضِهَا أَوْ نِفَاسِهَا حَالًا وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ، فَإِنْ خَافَتْ عَوْدَهُ اُسْتُحِبَّ لَهُ التَّوَقُّفُ فِي الْوَطْءِ احْتِيَاطًا. كِتَابُ الصَّلَاةِ هِيَ لُغَةً: الدُّعَاءُ بِخَيْرٍ، قَالَ تَعَالَى {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 103] أَيْ اُدْعُ لَهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَضَاؤُهَا، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَ الشُّرَّاحِ أَشَارَ لِذَلِكَ اهـ (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ فَيُنْظَرُ إلَخْ) أَفَادَ هَذَا التَّفْصِيلُ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ عَلَى الْمُجَاوِزِ بِأَنَّهُ حَيْضٌ بَلْ يُنْظَرُ فِيهِ لِأَحْوَالِ الْمُسْتَحَاضَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السِّتِّينَ نَقَاءٌ، وَعَلَيْهِ فَيُفَارِقُ ذَلِكَ مَا لَوْ رَأَتْ الْحَامِلُ دَمًا وَاتَّصَلَ بِهِ دَمُ طَلْقِهَا أَوْ وِلَادَتِهَا فَإِنَّ الْمُتَّصِلَ يَكُونُ حَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَهُمَا نَقَاءٌ. وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ قَوْلُهُ لَيْسَ: أَيْ الْخَارِجُ مِنْ الطَّلْقِ أَوْ الْوِلَادَةِ حَيْضًا إلَخْ، مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَتَّصِلْ بِحَيْضٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَى الطَّلْقِ وَإِلَّا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْخَارِجِ مَعَ الطَّلْقِ وَالْخَارِجِ مَعَ الْوَلَدِ حَيْضًا، حَتَّى لَوْ اسْتَمَرَّ الْخَارِجُ مَعَ الطَّلْقِ وَخُرُوجِ الْوَلَدِ إلَى أَنْ اتَّصَلَ بِالْخَارِجِ بَعْدَ تَمَامِ الْوِلَادَةِ كَانَ جَمِيعُهُ حَيْضًا، وَإِنْ لَزِمَ اتِّصَالُ النِّفَاسِ بِالْحَيْضِ بِدُونِ فَاصِلِ طُهْرٍ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ، خِلَافُ مَا لَوْ جَاوَزَ دَمُهَا النِّفَاسَ السِّتِّينَ فَإِنَّهُ يَكُونُ الِاسْتِحَاضَةَ، وَلَا يُجْعَلُ مَا بَعْدَ السِّتِّينَ حَيْضًا مُتَّصِلًا بِالنِّفَاسِ وَاعْتِبَارُ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا إذَا تَقَدَّمَ النِّفَاسُ دُونَ مَا إذَا تَأَخَّرَ صَرَّحُوا بِهِ (قَوْلُهُ: مَجْلِسِ ذِكْرٍ وَنَحْوِهِ) مِنْهُ زِيَارَةُ الْأَوْلِيَاءِ وَالْمَقَابِرِ. كِتَابُ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: كِتَابُ الصَّلَاةِ) أَيْ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ بَيَانِ حَقِيقَتِهَا وَأَحْكَامِهَا (قَوْلُهُ: هِيَ لُغَةً الدُّعَاءُ بِخَيْرٍ) وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ هِيَ لُغَةً مَا مَرَّ أَوَّلَ الْكِتَابِ، وَأَرَادَ بِهِ مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّهَا مِنْ اللَّهِ رَحْمَةٌ وَمِنْ الْمَلَائِكَةِ اسْتِغْفَارٌ وَمِنْ الْآدَمِيِّ تَضَرُّعٌ وَدُعَاءٌ اهـ. وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: الصَّلَاةُ قِيلَ أَصْلُهَا فِي اللُّغَةِ الدُّعَاءُ لِقَوْلِهِ {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 103] أَيْ اُدْعُ لَهُمْ {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] ـــــــــــــــــــــــــــــQيَقُولُوا بِهِ [حُكْمُ النِّفَاسِ هُوَ حُكْمُ الْحَيْضِ] (قَوْلُهُ: وَلَا يُمْكِنُ تَصَوُّرُ مُتَحَيِّرَةٍ مُطْلَقَةَ النِّفَاسِ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ حَجّ: قَدْ تُصَوَّرُ بِأَنْ تَقُولَ وُلِدْت مَجْنُونَةً وَاسْتَمَرَّ بِي الدَّمُ وَأَنَا مُبْتَدَأَةٌ فِي الْحَيْضِ، فَإِنَّهَا تَحْتَاطُ أَبَدًا. [كِتَابُ الصَّلَاةِ]

وَفِي الشَّرْعِ: أَقْوَالٌ وَأَفْعَالٌ مَخْصُوصَةٌ مُفْتَتَحَةٌ بِالتَّكْبِيرِ مُخْتَتَمَةٌ بِالتَّسْلِيمِ بِشَرَائِطَ مَخْصُوصَةٍ. وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ لِدُخُولِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ مَعَ أَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَنْوَاعِ الصَّلَاةِ وَغَيْرُ جَامِعٍ أَيْضًا لِخُرُوجِ صَلَاةِ الْأَخْرَسِ فَإِنَّهَا صَلَاةٌ شَرْعِيَّةٌ وَلَا أَقْوَالَ فِيهَا. قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْإِيرَادَ الْأَوَّلَ: هَذَا اعْتِرَاضٌ عَجِيبٌ فَإِنَّ التَّعْبِيرَ بِالْأَفْعَالِ مُخْرِجٌ لِذَلِكَ، فَإِنَّ سُجُودَ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ فِعْلٌ وَاحِدٌ مُفْتَتَحٌ بِالتَّكْبِيرِ مُخْتَتَمٌ بِالتَّسْلِيمِ وَغَيْرُهُمَا أَفْعَالٌ، وَأَيْضًا فَالتَّعْبِيرُ بِالْأَقْوَالِ مُخْرِجٌ لَهُ أَيْضًا، وَأَمَّا صَلَاةُ الْأَخْرَسِ فَلَا تَرِدُ لِنُدْرَتِهَا. وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} [البقرة: 43] أَيْ حَافِظُوا عَلَيْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ دُعَاءً ثُمَّ سُمِّيَ بِهَا هَذِهِ الْأَفْعَالُ الْمَشْهُورَةُ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الدُّعَاءِ، وَهَلْ سَبِيلُهُ النَّقْلُ حَتَّى تَكُونَ الصَّلَاةُ حَقِيقَةً شَرْعِيَّةً فِي هَذِهِ الْأَفْعَالِ مَجَازًا لُغَوِيًّا فِي الدُّعَاءِ لِأَنَّ النَّقْلَ فِي اللُّغَاتِ كَالنَّسْخِ فِي الْأَحْكَامِ، أَوْ يُقَالُ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي الْمَنْقُولِ إلَيْهِ مَجَازٌ رَاجِحٌ، وَفِي الْمَنْقُولِ عَنْهُ حَقِيقَةٌ مَرْجُوحَةٌ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ أَهْلِ الْأُصُولِ. وَقِيلَ الصَّلَاةُ فِي اللُّغَةِ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الدُّعَاءِ وَالتَّعْظِيمِ وَالرَّحْمَةِ وَالْبَرَكَةِ، وَمِنْهُ «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى» أَيْ بَارِكْ عَلَيْهِمْ أَوْ ارْحَمْهُمْ، وَعَلَى هَذَا فَلَا يَكُونُ قَوْلُهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ مُشْتَرَكًا بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ بَلْ مُفْرَدٌ فِي مَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ التَّعْظِيمُ، وَالصَّلَاةُ تُجْمَعُ عَلَى صَلَوَاتٍ اهـ (قَوْلُهُ: أَقْوَالٌ) قَالَ الْخَطِيبُ الشِّرْبِينِيُّ: إنَّ الْمُرَادَ بِالْأَقْوَالِ مَا عَدَا التَّكْبِيرَ وَالسَّلَامَ لَا مَا يَشْمَلُهُمَا وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ لِقَوْلِهِ مُفْتَتَحَةٌ بِالتَّكْبِيرِ إلَخْ، وَأَنَّ هَذَا تَحْقِيقٌ لَمْ يَرَهُ لِغَيْرِهِ، وَأَنَّ ذِكْرَ الِافْتِتَاحِ يَدُلُّ عَلَى خُرُوجِ التَّكْبِيرِ عَنْ الْأَقْوَالِ اهـ. وَأَقُولُ: هَذَا كُلُّهُ غَلَطٌ وَاضِحٌ وَاللَّائِقُ إزَالَةُ التَّاءِ وَالْحَاءِ مِنْ لَفْظِ التَّحْقِيقِ الْمَذْكُورِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ: مُفْتَتَحَةٌ بِالتَّكْبِيرِ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ إذْ لَا تُمَيَّزُ تِلْكَ الْأَقْوَالُ وَالْأَفْعَالُ الَّتِي هِيَ الصَّلَاةُ عَنْ غَيْرِهَا إلَّا بِهَذَا الْقَيْدِ فَلِهَذَا صَرَّحَ بِهِ مَعَ الْقَطْعِ بِتَنَاوُلِ التَّعْرِيفِ أَقْوَالَ التَّكْبِيرِ وَالسَّلَامِ، وَلِأَنَّ افْتِتَاحَ الشَّيْءِ يَكُونُ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرُوهُ فِي خُطْبَةِ الْعِيدَيْنِ أَنَّ التَّكْبِيرَ قَبْلَهَا خَارِجٌ عَنْهَا وَأَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يُفْتَتَحُ بِمَا لَيْسَ مِنْهُ، فَإِنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِافْتِتَاحَ قَدْ يَكُونُ بِمَا هُوَ مِنْهُ بَلْ وَعَلَى أَنَّهُ الْأَصْلُ فَتَأَمَّلْهُ، وَلِهَذَا كَانَتْ أُمُّ الْكِتَابِ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ مَعَ أَنَّهَا جُزْءٌ مِنْهُ قَطْعًا فَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ (قَوْلُهُ: بِالتَّسْلِيمِ) أَلْ فِي التَّكْبِيرِ وَالتَّسْلِيمِ لِلْعَهْدِ: أَيْ الْمَعْهُودَيْنِ بِشَرْطِهِمَا الْآتِي، وَقَوْلُهُ: بِالتَّسْلِيمِ زَادَ حَجّ غَالِبًا فَلَا تَرِدُ صَلَاةُ الْأَخْرَسِ وَصَلَاةُ الْمَرِيضِ الَّذِي يُجْرِيهَا عَلَى قَلْبِهِ، بَلْ لَا يَرِدُ أَنَّ مَعَ حَذْفِ غَالِبًا لِأَنَّ وَضْعَ الصَّلَاةِ ذَلِكَ فَمَا خَرَجَ عَنْهُ لِعَارِضٍ لَا يَرِدُ عَلَيْهِ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ: فَمَا خَرَجَ مِنْهُ لِعَارِضٍ لَا يَرِدُ عَلَيْهِ، يُقَالُ عَلَيْهِ هَذَا الَّذِي خَرَجَ لِعَارِضٍ هَلْ هُوَ مِنْ الْأَفْرَادِ حَقِيقَةً أَوْ لَا، وَهَلْ يَشْمَلُهُ لَفْظُ التَّعْرِيفِ أَوْ لَا، فَإِنْ قَالَ مِنْ الْأَفْرَادِ حَقِيقَةً وَلَا يَشْمَلُهُ فَهُوَ وَارِدٌ قَطْعًا وَإِلَّا فَهُوَ مَمْنُوعٌ قَطْعًا فَتَأَمَّلْهُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ شَيْءٌ وَضْعُهُ مَا ذُكِرَ وَفِيهِ خَفَاءٌ لَا يَلِيقُ بِالتَّعْرِيفِ. (قَوْلُهُ: وَاعْتُرِضَ) أَيْ التَّعْرِيفُ (قَوْلُهُ: فِعْلٌ وَاحِدٌ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: بَلْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَفْعَالٌ لِاشْتِمَالِهِمَا عَلَى الْهَوِيِّ وَالرَّفْعِ وَلَيْسَا مِنْ مُسَمَّى السَّجْدَةِ اهـ بِالْمَعْنَى. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: هَوَى يَهْوِي مِنْ بَابِ ضَرَبَ هُوِيًّا بِضَمِّ الْهَاءِ وَفَتْحِهَا، وَزَادَ ابْنُ الْقُوطِيَّةِ هَوَاءً بِالْمَدِّ سَقَطَ مِنْ أَعْلَى إلَى أَسْفَلَ قَالَهُ أَبُو زَيْدٍ وَغَيْرُهُ. قَالَ الشَّاعِرُ هَوِيَّ الدَّلْوِ أَسْلَمَهَا الرِّشَاءُ يُرْوَى بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ، وَاقْتَصَرَ الْأَزْهَرِيُّ عَلَى الْفَتْحِ وَهَوَى يَهْوِي أَيْضًا هُوِيًّا بِالضَّمِّ لَا غَيْرُ إذَا ارْتَفَعَ قَالَ الشَّاعِرُ يَهْوِي مَحَارِمُهَا هُوِيَّ الْأَجْدَلِ وَقَالَ الْآخَرُ: وَالدَّهْرُ فِي أَصْعَادِهَا عَجِلُ الْهُوِيِّ اهـ. وَفِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ مَا يَنْبَغِي أَنْ يُرَاجَعَ (قَوْلُهُ: مُخْرِجٌ لَهُ) أَيْ لِلْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَرِدُ لِنُدْرَتِهَا) قِيلَ عَلَيْهِ قَيْدُ الْغَلَبَةِ لَا يُشْعِرُ بِهِ التَّعْرِيفُ فَلَا بُدَّ فِي أَخْذِهِ قَيْدًا مِنْ الْإِشْعَارِ بِهِ. قُلْنَا: إنَّمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مُفْتَتَحَةٌ بِالتَّكْبِيرِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ مَخْصُوصَةٌ، فَلَوْ أَبْدَلَهُ بِقَوْلِهِ عَلَى قَوْلٍ مَخْصُوصٍ لَكَانَ أَوْلَى إذْ هُوَ صَادِقٌ بِمَا إذَا أَتَى بِالْأَفْعَالِ الْمَخْصُوصَةِ مِنْ غَيْرِ تَرْتِيبٍ مَثَلًا وَافْتَتَحَهَا بِالتَّكْبِيرِ وَاخْتَتَمَهَا بِالتَّسْلِيمِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَرِدُ لِنُدْرَتِهَا) وَأَيْضًا فَهِيَ صَلَاةٌ بِالنَّظَرِ إلَى أَصْلِهَا فَلَا يَرِدُ مَا سَقَطَ لِعُذْرٍ

دَائِمًا بِإِكْمَالِ وَاجِبَاتِهَا وَسُنَنِهَا وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «فَرَضَ اللَّهُ عَلَى أُمَّتِي لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ خَمْسِينَ صَلَاةً، فَلَمْ أَزَلْ أُرَاجِعُهُ وَأَسْأَلُهُ التَّخْفِيفَ حَتَّى جَعَلَهَا خَمْسًا فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ» وَكَانَتْ لَيْلَةُ الْإِسْرَاءِ الَّتِي فَرَضَ فِيهَا الْخَمْسَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ كَمَا قَالَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ، وَقِيلَ بِسِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا كَمَا حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ وَخَمْسَةِ أَشْهُرٍ أَوْ ثَلَاثَةٍ أَوْ قَبْلَهَا بِثَلَاثِ سِنِينَ، وَقَالَ الْجَرْمِيِّ: فِي سَابِعِ عَشَرَيْ رَبِيعِ الْآخَرِ، وَكَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي فَتَاوِيهِ، لَكِنْ قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ رَبِيعُ الْأَوَّلُ، وَقِيلَ سَابِعُ عَشَرَيْ رَجَبٍ، وَاخْتَارَهُ الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سُرُورٍ الْمَقْدِسِيَّ. وَبَدَأَ بِالْمَكْتُوبَاتِ اهْتِمَامًا بِهَا إذْ هِيَ أَفْضَلُ مِمَّا سِوَاهَا فَقَالَ (الْمَكْتُوبَاتُ) أَيْ الْمَفْرُوضَاتُ الْعَيْنِيَّةُ مِنْ الصَّلَاةِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ (خَمْسٌ) مَعْلُومَةٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ أَمَّا الْجُمُعَةُ فَسَتَأْتِي فِي بَابِهَا وَلَمْ تَدْخُلْ فِي كَلَامِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSنَعْتَبِرُ الْإِشْعَارَ بِهِ فِي التَّعَارِيفِ الْحَقِيقِيَّةِ كَتَعَارِيفِ الْمَنَاطِقَةِ وَالْحُكَمَاءِ. وَأَمَّا الْفُقَهَاءُ وَالْأُصُولِيُّونَ فَهُمْ يَتَسَامَحُونَ فِي عَدَمِ ذِكْرِ قَيْدِ الْغَلَبَةِ فِي كَلَامِهِمْ وَيَقُولُونَ عَلَيْهِ مَحْذُوفٌ إشَارَةً إلَى أَنَّ النَّادِرَ عِنْدَهُمْ كَالْمَعْدُومِ (قَوْلُهُ: وَاجِبَاتِهَا وَسُنَنِهَا) أَيْ فَحَافِظُوا لِلنَّدْبِ أَيْضًا اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ: أَيْ كَمَا أَنَّهُ لِلْوُجُوبِ فَيَكُونُ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعْنَيَيْهِ أَوْ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ (قَوْلُهُ: خَمْسِينَ صَلَاةً) نَقَلَ السُّيُوطِيّ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ صَلَوَاتٌ أُخَرُ فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، بَلْ هِيَ الْخَمْسُ مُكَرَّرًا كُلٌّ مِنْهَا عَشْرُ مَرَّاتٍ وَأَنَّهَا نَسَخَتْ فِي حَقِّنَا فَقَطْ دُونَهُ، لَكِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ: الْمَشْهُورُ نَسْخُهَا فِي حَقِّنَا وَحَقِّهِ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ فِي حَقِّنَا وَحَقِّهِ تَسْلِيمُ مَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيّ مِنْ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَيَحْتَاجُ الْقَائِلُ بِذَلِكَ إلَى نَقْلٍ عَنْ الشَّارِعِ (قَوْلُهُ: حَتَّى جَعَلَهَا) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْخَمْسِينَ صَلَاةً نُسِخَتْ فِي حَقِّنَا وَفِي حَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَكِنْ كَانَ يَفْعَلُهَا عَلَى وَجْهِ النَّفْلِيَّةِ، وَضَبَطَ السُّيُوطِيّ فِي الْخَصَائِصِ الصُّغْرَى الصَّلَوَاتِ الَّتِي كَانَ يُصَلِّيهَا فَبَلَغَتْ مِائَةَ رَكْعَةٍ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الْمِائَةَ هِيَ الَّتِي فُرِضَتْ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ، هَذَا وَفِي كَلَامِ الْبَيْضَاوِيِّ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا} [البقرة: 286] أَنَّ مِنْ الْإِصْرِ الَّذِي كَانَ عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ وَخُفِّفَ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي كَانَتْ مَفْرُوضَةً عَلَيْهِمْ خَمْسُونَ صَلَاةً فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَيُعَارِضُهُ مَا فِي مِعْرَاجِ الْغَيْطِيِّ مِنْ «أَنَّهُ لَمَّا أَخْبَرَ مُوسَى بِذَلِكَ قَالَ لَهُ ارْجِعْ إلَى رَبِّك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ عَنْك وَعَنْ أُمَّتِك فَإِنَّ أُمَّتَك لَا تُطِيقُ ذَلِكَ فَإِنِّي قَدْ خَبَرْت النَّاسَ قَبْلَك وَبَلَوْت بَنِي إسْرَائِيلَ وَعَالَجْتهمْ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ عَلَى أَدْنَى مِنْ هَذَا فَضَعُفُوا» اهـ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ فُرِضَ عَلَيْهِمْ الْخَمْسُونَ فَلَمْ يَقُومُوا بِهَا، فَسَأَلَ مُوسَى التَّخْفِيفَ عَنْهُ فَخُفِّفَ بِإِسْقَاطِ الْبَعْضِ فَلَمْ يَقُومُوا بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِمْ بَعْدَ التَّخْفِيفِ، فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ مَا نَقَلَهُ الْبَيْضَاوِيُّ وَمَا نَقَلَهُ الْغَيْطِيُّ (قَوْلُهُ: وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى الْأَوَّلِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَوْ وَخَمْسَةِ) أَيْ بِسَنَةٍ وَخَمْسَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِثَلَاثِ سِنِينَ) وَنَقَلَ ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الْعَقَائِدِ عَنْ الْقَاضِي عِيَاضٍ فِي الشِّفَاءِ أَنَّ الْمِعْرَاجَ كَانَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِخَمْسِ سِنِينَ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَيْ الْمَفْرُوضَاتُ) لَمَّا كَانَ الْكَتْبُ غَيْرَ الْفَرْضِ لُغَةً وَأَعَمَّ مِنْهُ شَرْعًا فَسَّرَ الْمُرَادَ هُنَا بِقَوْلِهِ: أَيْ الْمَفْرُوضَاتُ سم عَلَى حَجّ، وَخَرَجَ بِالْمَفْرُوضَاتِ الرَّوَاتِبُ وَالْوِتْرُ فَلَيْسَتْ مَعْلُومَةً مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ. [فَرْعٌ] سُئِلَ ابْنُ الصَّلَاحِ عَنْ إبْلِيسَ وَجُنُودِهِ هَلْ يُصَلُّونَ وَيَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لِيُغْرُوا الْعَالِمَ الزَّاهِدَ فِي الطَّرِيقِ الَّتِي يَسْلُكُهَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ ظَاهِرَ الْمَنْقُولِ يَنْفِي قِرَاءَتَهُمْ الْقُرْآنَ وُقُوعًا، وَيَلْزَمُ مِنْهُ انْتِفَاءُ الصَّلَاةِ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِهَا الْفَاتِحَةَ وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَمْ يُعْطَوْا فَضِيلَةَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَهِيَ حَرِيصَةٌ لِذَلِكَ عَلَى اسْتِمَاعِهِ مِنْ الْإِنْسِ، فَإِنَّ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ خَمْسَةٌ) لَعَلَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَقُولِ الْأَكْثَرِينَ: أَيْ سِتَّةٌ: أَيْ وَقِيلَ سِتَّةٌ وَخَمْسَةُ أَشْهُرٍ فَفِي الْعِبَارَةِ مُسَامَحَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَدْخُلْ فِي كَلَامِهِ) أَيْ الْآتِي فِي قَوْلِهِ الظُّهْرِ إلَخْ

عَلَى أَنَّهَا خَمْسٌ فِي يَوْمِهَا، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ وَخَبَرُ الْأَعْرَابِيِّ «هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا قَالَ لَا إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» وَقَوْلُهُ لِمُعَاذٍ لَمَّا بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ «أَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ» وَأَمَّا قِيَامُ اللَّيْلِ فَنُسِخَ فِي حَقِّنَا وَكَذَا فِي حَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْأَصَحِّ، وَصَدَّرَ تَبَعًا لِلْأَكْثَرِينَ بِمَوَاقِيتِهَا لِأَنَّهَا أَهَمُّ شُرُوطِهَا، إذْ بِدُخُولِهَا تَجِبُ وَبِخُرُوجِهَا تَفُوتُ. وَالْأَصْلُ فِيهَا قَوْله تَعَالَى {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} [الروم: 17] الْآيَةَ، أَرَادَ بِالْمَسَاءِ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَبِالصَّبَاحِ صَلَاةَ الصُّبْحِ وَبِ (عَشِيًّا) الْعَصْرَ وَبِ (تُظْهِرُونَ) الظُّهْرَ وقَوْله تَعَالَى {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق: 39] {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ} [ق: 40] وَأَرَادَ بِالْأَوَّلِ صَلَاةَ الصُّبْحِ وَبِالثَّانِي صَلَاةَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَبِالثَّالِثِ صَلَاتَيْ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَفِي شَرْحِ الْمُسْنَدِ لِلرَّافِعِيِّ أَنَّ الصُّبْحَ صَلَاةُ آدَمَ وَالظُّهْرَ لِدَاوُدَ وَالْعَصْرَ لِسُلَيْمَانَ وَالْمَغْرِبَ لِيَعْقُوبَ وَالْعِشَاءَ لِيُونُسَ وَأَوْرَدَ فِيهِ خَبَرًا. وَالْحِكْمَةُ فِي كَوْنِ الْمَكْتُوبَاتِ سَبْعَ عَشْرَةَ رَكْعَةً أَنَّ زَمَنَ الْيَقَظَةِ مِنْ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ سَاعَةً غَالِبًا اثْنَا عَشَرَ بِالنَّهَارِ وَنَحْوُ ثَلَاثِ سَاعَاتٍ مِنْ الْغُرُوبِ وَسَاعَتَيْنِ مِنْ قُبَيْلِ الْفَجْرِ فَجَعَلَ لِكُلِّ سَاعَةٍ رَكْعَةً جَبْرًا لِمَا يَقَعُ فِيهَا مِنْ التَّقْصِيرِ. وَحِكْمَةُ اخْتِصَاصِ الْخَمْسِ بِهَذِهِ الْأَوْقَاتِ تَعَبُّدٌ كَمَا قَالَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَأَبْدَى غَيْرُهُمْ لَهُ حِكَمًا مِنْ أَحْسَنِهَا تَذَكُّرُ الْإِنْسَانِ بِهَا نَشْأَتَهُ، إذْ وِلَادَتُهُ كَطُلُوعِ الشَّمْسِ وَنُشْؤُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَرَامَةٌ أَكْرَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا الْإِنْسَ، غَيْرَ أَنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ الْجِنِّ يَقْرَءُونَهُ اهـ حَاشِيَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ لِلرَّمْلِيِّ. رَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ مَرْفُوعًا «إنَّ الْعَبْدَ إذَا قَامَ يُصَلِّي أُتِيَ بِذُنُوبِهِ فَوُضِعَتْ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ عَاتِقِهِ، فَكُلَّمَا يُكَبِّرُ أَوْ يَسْجُدُ تَتَسَاقَطُ عَنْهُ» حَاشِيَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْضًا. وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ إبْلِيسَ وَجُنُودَهُ لَا يُصَلُّونَ لِبُعْدِهِمْ عَنْ رَحْمَةِ اللَّهِ فَلَا يَفْعَلُونَ مَا هُوَ طَرِيقٌ لِلْمَغْفِرَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهَا) أَيْ الْمَكْتُوبَاتِ (قَوْلُهُ: فِي حَقِّنَا) أَيْ قَطْعًا (قَوْلُهُ: أَرَادَ بِالْمَسَاءِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ: أَرَادَ بِحِينَ تُمْسُونَ قَالَ سم عَلَيْهِ: أَيْ بِالتَّسْبِيحِ حِينَ تُمْسُونَ اهـ. وَالْمُرَادُ بِالتَّسْبِيحِ فِي كَلَامِهِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {فَسُبْحَانَ اللَّهِ} [الأنبياء: 22] الصَّلَاةُ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَبِعَشِيًّا الْعَصْرَ) عِبَارَةُ الْقَامُوسِ: الْعَشِيُّ بِالْفَتْحِ الظُّلْمَةُ كَالْعَشْوَاءِ أَوْ مَا بَيْنَ أَوَّلِ اللَّيْلِ إلَى رُبُعِهِ ثُمَّ قَالَ: وَالْعَشِيُّ وَالْعَشِيَّةُ آخِرُ النَّهَارِ اهـ. أَيْ وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ مِنْ الْإِطْلَاقِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: أَنَّ الصُّبْحَ إلَخْ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: قَوْلُهُ: وَوَرَدَ أَنَّ الصُّبْحَ إلَى آخِرِ مَا فِي الشَّرْحِ، قِيلَ وَهَذِهِ الصَّلَوَاتُ تَفَرَّقَتْ فِي الْأَنْبِيَاءِ، فَالْفَجْرُ لِآدَمَ وَالظُّهْرُ لِإِبْرَاهِيمَ وَالْعَصْرُ لِسُلَيْمَانَ وَالْمَغْرِبُ لِعِيسَى رَكْعَتَيْنِ عَنْ نَفْسِهِ وَرَكْعَةً عَنْ أُمِّهِ وَالْعِشَاءُ خُصَّتْ بِهِ هَذِهِ الْأُمَّةُ، وَخَالَفَ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحِ الْمُسْنَدِ بَعْضَ ذَلِكَ فَجَعَلَ الظُّهْرَ لِدَاوُدَ وَالْمَغْرِبَ لِيَعْقُوبَ وَالْعِشَاءَ لِيُونُسَ وَأَوْرَدَ فِيهِ خَبَرًا، وَالْأَصَحُّ كَمَا مَرَّ أَنَّ الْعِشَاءَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِنَا اهـ. وَالْمُتَبَادَرُ أَنَّهَا كَانَتْ وَاجِبَةً عَلَيْهِمْ فَلْيُرَاجَعْ: أَيْ وَحَيْثُ كَانَ كَذَلِكَ مَا الْجَوَابُ عَمَّا وَرَدَ مِنْ أَنَّهَا لِيُونُسَ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهَا كَانَتْ لِيُونُسَ دُونَ أُمَّتِهِ أَوْ لَمْ يُصَلِّهَا بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ أَوْ لَمْ يُصَلِّهَا فِي هَذَا الْوَقْتِ. وَقَوْلُهُ رَكْعَتَيْنِ عَنْ نَفْسِهِ: أَيْ مُكَفِّرَةً لِمَا نُسِبَ إلَيْهِ مِنْ دَعْوَى الْأُلُوهِيَّةِ وَرَكْعَةً عَنْ أُمِّهِ لِمَا نُسِبَ إلَيْهَا مِنْ رَمْيِهَا بِالْأُلُوهِيَّةِ أَيْضًا. وَفِي سِيرَةِ الْحَلَبِيِّ: وَفُرِضَتْ الصَّلَاةُ فِي الْمِعْرَاجِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى الْمَغْرِبِ ثُمَّ زِيدَ فِيمَا عَدَا الصُّبْحَ رَكْعَتَيْنِ وَالْمَغْرِبَ رَكْعَةً اهـ. أَقُولُ: وَعَلَى هَذَا فَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا وَقَعَ فِي كَلَامِ السُّيُوطِيّ مِنْ أَنَّهَا لَمْ تُنْسَخْ فِي حَقِّهِ وَأَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ كَانَتْ تُفْعَلُ عَشْرًا، وَأَنَّ جُمْلَةَ الرَّكَعَاتِ الَّتِي كَانَ يُصَلِّيهَا مِائَةٌ عَلَى مَا كَانَ مَفْرُوضًا عَلَيْهِ عَقِبَ الْإِسْرَاءِ. (قَوْلُهُ: نَشْأَتَهُ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: وَالنَّشْأَةُ وِزَانُ التَّمْرَةِ وَالضَّلَالَةِ، وَنَشَأْت فِي بَنِي فُلَانٍ نَشْئًا: رُبِّيت فِيهِمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إذْ وِلَادَتُهُ كَطُلُوعِ الشَّمْسِ إلَخْ) لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ تَخْصِيصُ الْأَوْقَاتِ الْخَمْسَةِ إذْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ زِيَادَةُ الصَّلَوَاتِ عَلَى خَمْسَةٍ.

كَارْتِفَاعِهَا وَشَبَابُهُ كَوُقُوفِهَا عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ وَكُهُولَتُهُ كَمَيْلِهَا وَشَيْخُوخَتُهُ كَقُرْبِهَا لِلْغُرُوبِ وَمَوْتُهُ كَغُرُوبِهَا، وَيُزَادُ عَلَيْهِ وَفَنَاءُ جِسْمِهِ كَانْمِحَاقِ أَثَرِهَا وَهُوَ الشَّفَقُ الْأَحْمَرُ، فَوَجَبَتْ الْعِشَاءُ حِينَئِذٍ تَذْكِيرًا بِذَلِكَ، كَمَا أَنَّ كَمَالَهُ فِي الْبَطْنِ وَتَهْيِئَتَهُ لِلْخُرُوجِ كَطُلُوعِ الْفَجْرِ الَّذِي هُوَ مُقَدِّمَةٌ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ الْمُشَبَّهِ بِالْوِلَادَةِ فَوَجَبَ الصُّبْحُ حِينَئِذٍ لِذَلِكَ أَيْضًا، وَكَانَ حِكْمَةُ كَوْنِ الصُّبْحِ رَكْعَتَيْنِ بَقَاءَ كَسَلِ النَّوْمِ وَالْعَصْرَيْنِ أَرْبَعًا تَوَفُّرَ النَّشَاطِ عِنْدَهُمَا بِمُعَانَاةِ الْأَسْبَابِ وَالْمَغْرِبِ ثَلَاثًا أَنَّهَا وِتْرُ النَّهَارِ وَلَمْ تَكُنْ وَاحِدَةً لِأَنَّهَا بُتَيْرَاءُ مِنْ الْبَتْرِ وَهُوَ الْقَطْعُ، وَأُلْحِقَتْ الْعِشَاءُ بِالْعَصْرَيْنِ لِيَنْجَبِرَ نَقْصُ اللَّيْلِ عَنْ النَّهَارِ إذْ فِيهِ فَرْضَانِ وَفِي النَّهَارِ ثَلَاثَةٌ لِكَوْنِ النَّفْسِ عَلَى الْحَرَكَةِ فِيهِ أَقْوَى. وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِهَا خَمْسًا فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الدَّجَّالِ، أَمَّا فِيهَا فَقَدْ وَرَدَ أَنَّ أَوَّلَهَا كَسَنَةٍ وَثَانِيهَا كَشَهْرٍ وَثَالِثُهَا كَجُمُعَةٍ، وَالْأَمْرَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ بِالتَّقْدِيرِ وَيُقَاسُ بِهِ الْأَخِيرَانِ بِأَنْ يُحَرَّرَ قَدْرُ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَتُصَلَّى، وَكَذَا الصَّوْمُ وَسَائِرُ الْعِبَادَاتِ الزَّمَانِيَّةِ وَغَيْرِ الْعِبَادَةِ كَحُلُولِ الْآجَالِ، وَيُجْرَى ذَلِكَ فِيمَا لَوْ مَكَثَتْ الشَّمْسُ عِنْدَ قَوْمٍ مُدَّةً. وَلَمَّا كَانَتْ الظُّهْرُ أَوَّلَ صَلَاةٍ ظَهَرَتْ وَمِنْ ثَمَّ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ وَلِفِعْلِهَا وَقْتَ الظَّهِيرَةِ: أَيْ شِدَّةِ الْحَرِّ، وَقَدْ بَدَأَ اللَّهُ بِهَا فِي قَوْلِهِ {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78] وَكَانَتْ أَوَّلَ صَلَاةٍ عَلَّمَهَا جِبْرِيلُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَدَأَ كَغَيْرِهِ بِهَا وَبِوَقْتِهَا فَقَالَ (الظُّهْرُ) لِخَبَرِ جِبْرِيلَ الْآتِي وَإِنَّمَا بَدَأَ بِهَا وَإِنْ كَانَ أَوَّلُ صَلَاةٍ حَضَرَتْ بَعْدَ الْإِيجَابِ فِي لَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ الصُّبْحَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ حَصَلَ لَهُ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ أَوَّلَ وُجُوبِ الْخَمْسِ مِنْ الظُّهْرِ أَوْ أَنَّ الْإِتْيَانَ بِالصَّلَاةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى بَيَانِهَا وَلَمْ يُبَيَّنْ إلَّا وَقْتُ الظُّهْرِ (وَأَوَّلُ وَقْتِهِ) أَيْ الظُّهْرِ (زَوَالُ الشَّمْسِ) أَيْ عَقِبَ وَقْتِ زَوَالِهَا يَعْنِي يَدْخُلُ وَقْتُهَا بِالزَّوَالِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالِاسْمُ النُّشْءُ وِزَانُ قُفْلٍ اهـ. (قَوْلُهُ: وَفَنَاءُ جِسْمِهِ) هِيَ بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَأَمَّا بِالْكَسْرِ فَاسْمٌ لِمَا اتَّسَعَ أَمَامَ الدَّارِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) أَيْ الْوَاحِدَةَ (قَوْلُهُ: الدَّجَّالِ) هُوَ بَشَرٌ مِنْ بَنِي آدَمَ وَمَوْجُودٌ الْآنَ وَاسْمُهُ صَافُ بْنُ الصَّيَّادِ وَكُنْيَتُهُ أَبُو يُوسُفَ وَهُوَ يَهُودِيٌّ اهـ مُنَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالْأَمْرَ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَنَّ أَوَّلَهَا (قَوْلُهُ: بِالتَّقْدِيرِ) أَيْ لِوُرُودِ الْحَدِيثِ بِذَلِكَ. فَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا نَصُّهُ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي مُسْلِمٍ عَنْ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ قَالَ «ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الدَّجَّالَ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَبْثُهُ فِي الْأَرْضِ؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ يَوْمًا يَوْمٌ كَسَنَةٍ وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ أَيَكْفِينَا فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ؟ قَالَ: لَا، اُقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ» اهـ. وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ ذِكْرَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَيُقَاسُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَوَّلَ صَلَاةٍ) يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ حِكْمَةِ الْأَوَّلِيَّةِ احْتِيَاجُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إلَى تَعْلِيمِ جِبْرِيلَ كَيْفِيَّتَهَا وَالتَّعْلِيمُ فِي أَظْهَرِ الْأَوْقَاتِ أَظْهَرُ وَأَبْلَغُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: أَوَّلَ صَلَاةٍ حَضَرَتْ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت: لِمَ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِقَضَاءِ الْعِشَاءِ مَعَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجَعَ مِنْ الْإِسْرَاءِ آخِرَ اللَّيْلِ. قُلْت: يَجُوزُ أَنَّهُمْ لَمْ يُنَبِّهُوا عَلَيْهِ لِجَوَازِ أَنَّهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ فِعْلِهَا قَبْلَ الْفَجْرِ حِينَ رَجَعَ مِنْ الْإِسْرَاءِ، أَوْ أَنَّ وُجُوبَهَا مَشْرُوطٌ بِالتَّمَكُّنِ مِنْ إعْلَامِ أُمَّتِهِ وَلَمْ يَتَّفِقْ ذَلِكَ لِعَدَمِ زَمَنٍ يَتَأَتَّى فِيهِ الْإِعْلَامُ بَعْدَ عَوْدِهِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُبَيِّنْ إلَخْ) وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِمَا يَرِدُ عَلَى الثَّانِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَوَجَبَ قَضَاؤُهَا، وَلَمْ يُنْقَلْ وَمِثْلُهُ مِمَّا تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ. وَفِي سم عَلَى حَجّ جَوَابٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الْوُجُوبَ كَانَ مُعَلَّقًا عَلَى بَيَانِ الْكَيْفِيَّةِ (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَأَوَّلُ وَقْتِهِ) يُجْمَعُ عَلَى أَوْقَاتٍ جَمْعَ قِلَّةٍ وَوُقُوتٍ جَمْعَ كَثْرَةٍ اهـ شَرْحُ الْعُبَابِ لِابْنِ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: زَوَالُ الشَّمْسِ) ذَكَرَهُ حَمْلًا لِلظُّهْرِ الَّذِي هُوَ مَرْجِعُ الضَّمِيرِ عَلَى الْوَقْتِ أَوْ الْحِينِ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الظُّهْرُ مَضْمُومًا: أَيْ مُضَافًا إلَى الصَّلَاةِ مُؤَنَّثَةٌ فَيُقَالُ دَخَلَتْ صَلَاةُ الظُّهْرِ، وَمِنْ غَيْرِ إضَافَةٍ يَجُوزُ التَّذْكِيرُ وَالتَّأْنِيثُ، فَالتَّأْنِيثُ عَلَى مَعْنَى سَاعَةِ الزَّوَالِ، وَالتَّذْكِيرُ عَلَى مَعْنَى الْوَقْتِ وَالْحِينِ فَيُقَالُ حَانَ الظُّهْرُ وَحَانَتْ الظُّهْرُ وَيُقَاسُ عَلَى هَذَا بَاقِي الصَّلَوَاتِ (قَوْلُهُ: بِالزَّوَالِ) أَيْ فَالزَّوَالُ عَلَامَةٌ عَلَى دُخُولِ الْوَقْتِ وَيُقَالُ لَهَا أَيْضًا سَبَبٌ وَعِلَّةٌ كَمَا فِي شَرْحِ جَمْعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[وقت الظهر]

مَيْلُهَا عَنْ وَسَطِ السَّمَاءِ الْمُسَمَّى بُلُوغُهَا إلَيْهِ بِحَالَةِ الِاسْتِوَاءِ إلَى جِهَةِ الْمَغْرِبِ فِي الظَّاهِرِ لَنَا بِزِيَادَةِ الظِّلِّ عِنْدَ تَنَاهِي نَقْصِهِ وَهُوَ الْأَكْثَرُ، أَوْ حُدُوثُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَا نَفْسُ الْمَيْلِ فَإِنَّهُ يُوجَدُ قَبْلَ ظُهُورِهِ لَنَا وَلَيْسَ هُوَ أَوَّلَ الْوَقْتِ، فَلَوْ أَحْرَمَ قَبْلَ ظُهُورِهِ ثُمَّ اتَّصَلَ الظُّهُورُ بِالتَّحَرُّمِ عَلَى قُرْبٍ لَمْ تَنْعَقِدْ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْفَجْرِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ مَوَاقِيتَ الشَّرْعِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَا يُدْرَكُ بِالْحِسِّ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَذَلِكَ يُتَصَوَّرُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ كَمَكَّةَ وَصَنْعَاءَ الْيَمَنِ فِي أَطْوَلِ أَيَّامِ السَّنَةِ دَلَّ عَلَى دُخُولِ وَقْتِهَا بِمَا تَقَدَّمَ خَبَرَ «أَمَّنِي جِبْرِيلُ عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ فَصَلَّى بِي الظُّهْرَ حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْجَوَامِعِ لِلْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا يُدْرَكُ بِالْحِسِّ) أَيْ لَا عَلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ حَتَّى لَوْ أَوْقَعَ التَّحَرُّمَ بَعْدَ مَيْلِهَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَقَبْلَ ظُهُورِهِ لَنَا لَمْ تَنْعَقِدْ وَإِنْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ وَلِيٌّ بَلْ أَوْ مَعْصُومٌ لِمَا عَلَّلَ بِهِ الشَّارِحُ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّ مَوَاقِيتَ الشَّرْعِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَا يُدْرَكُ بِالْحِسِّ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ بِالزَّوَالِ فَلَا وُقُوعَ وَإِنْ عَرَفَ ذَلِكَ بِالْمِيقَاتِ مِنْ نَفْسِهِ بَلْ وَإِنْ أَخْبَرَهُ مَعْصُومٌ أَيْضًا لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ حُدُوثُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ. وَقَوْلُهُ: فِي أَطْوَلِ أَيَّامِ السَّنَةِ. قَالَ حَجّ: وَاخْتَلَفُوا فِي قَدْرِهِ فِيهَا فَقِيلَ يَوْمٌ وَاحِدٌ هُوَ أَطْوَلُ أَيَّامِ السَّنَةِ، وَقِيلَ جَمِيعُ أَيَّامِ الصَّيْفِ، وَقِيلَ سِتَّةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا، وَقِيلَ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ قَبْلَ انْتِهَاءِ الطُّولِ وَمِثْلُهَا عَقِبَهُ، وَقِيلَ يَوْمَانِ يَوْمٌ قَبْلَ الْأَطْوَلِ بِسِتَّةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَيَوْمٌ بَعْدَهُ بِسِتَّةٍ وَعِشْرِينَ وَمَا عَدَا الْأَخِيرَ وَالْأَوَّلَ غَلَطٌ، وَاَلَّذِي بَيَّنَهُ أَئِمَّةُ الْفَلَكِ هُوَ الْأَخِيرُ، وَقَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِنَا إنَّ صَنْعَاءَ كَمَكَّةَ فِي ذَلِكَ لَا يُوَافِقُ مَا حَرَّرَهُ أَئِمَّةُ الْفَلَكِ لِأَنَّ عَرْضَ مَكَّةَ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً وَعَرْضُ صَنْعَاءَ عَلَى مَا فِي زيج ابْنِ الشَّاطِرِ خَمْسَ عَشْرَةَ دَرَجَةً تَقْرِيبًا، فَلَا يَنْعَدِمُ الظِّلُّ فِيهَا إلَّا قَبْلَ الْأَطْوَلِ بِنَحْوِ خَمْسِينَ يَوْمًا وَبَعْدَهُ بِنَحْوِهَا أَيْضًا، وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَيُوَضِّحُهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ (قَوْلُهُ: «أَمَّنِي جِبْرِيلُ» ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: وَبَيَّنَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي مَغَازِيهِ أَنَّ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ الَّتِي صَلَّاهَا جِبْرِيلُ بِهِ كَانَتْ صَبِيحَةَ يَوْمِ فَرْضِهِ لَمَّا أُسْرِيَ بِهِ وَأَنَّهُ صِيحَ بِالصَّلَاةَ جَامِعَةً: أَيْ لِأَنَّ الْأَذَانَ لَمْ يُشْرَعْ بِالْمَدِينَةِ بَعْدُ وَأَنَّ جِبْرِيلَ صَلَّى بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ بِأَصْحَابِهِ: أَيْ كَانَ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِمْ وَمُبَلِّغًا لَهُمْ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ رِوَايَةِ النَّسَائِيّ السَّابِقَةِ، وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ الرَّدُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ بَيَانَ الْأَوْقَاتِ إنَّمَا وَقَعَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ فَحَصْرُهُ ذَلِكَ بَاطِلٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَإِنَّمَا تَقَدَّمَ جِبْرِيلُ وَصَلَّى بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ كَوْنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلَ مِنْهُ لِغَرَضِ التَّعْلِيمِ، لَا يُقَالُ: كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يَقْتَدِيَ جِبْرِيلُ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُعَلِّمَهُ التَّبَعِيَّةَ قَبْلَ ذَلِكَ بِالْقَوْلِ أَوْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي بِهِ إمَامًا وَيُعَلِّمُهُ جِبْرِيلُ مَعَ كَوْنِهِ مُقْتَدِيًا بِالْإِشَارَةِ أَوْ نَحْوِهَا. لِأَنَّا نَقُولُ: لَعَلَّ إمَامَةَ جِبْرِيلَ أَظْهَرُ فِي التَّعْلِيمِ مِنْهُ فِيمَا لَوْ اقْتَدَى بِهِ جِبْرِيلُ وَعَلَّمَهُ بِالْإِشَارَةِ أَوْ نَحْوِهَا. وَقَوْلُهُ فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ: أَيْ فَلَمَّا جَاءَ الْغَدُ صَلَّى بِهِ الظُّهْرَ. فِيهِ أَنَّ أَوَّلَ الْيَوْمِ التَّالِي لِلْيَوْمِ الْأَوَّلِ هُوَ الصُّبْحُ، وَعَلَيْهِ فَكَانَ يَقُولُ: فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ صَلَّى بِي الصُّبْحَ إلَى آخِرِ الْعِشَاءِ، ثُمَّ يَقُولُ: فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ: أَيْ بَعْدَ الْيَوْمِ الثَّانِي صَلَّى بِي الصُّبْحَ لِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ مِنْ الْيَوْمِ الثَّالِثِ. قُلْت: يَجُوزُ أَنَّهُ جَعَلَ الْيَوْمَ مُلَفَّقًا مِنْ يَوْمَيْنِ فَيَكُونُ الصُّبْحُ الْأَوَّلُ مِنْ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَالصُّبْحُ الثَّانِي مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: «فَصَلَّى بِي الظُّهْرَ» ) أَيْ إمَامًا كَمَا هُوَ شَأْنُ الْمُعَلِّمِ، قِيلَ وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ صِحَّةَ شَرْطِ الْقُدْوَةِ الْعِلْمُ بِذُكُورَةِ الْإِمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ لَا يَتَّصِفُونَ بِالذُّكُورَةِ وَلَا بِالْأُنُوثَةِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الشَّرْطَ عَدَمُ اعْتِقَادِ الْأُنُوثَةِ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي حَقِّ الْمَلَائِكَةِ لِذَمِّ اللَّهِ مَنْ سَمَّاهُمْ إنَاثًا، ثُمَّ هُوَ مُشْكِلٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الشَّرْطَ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ أَنْ يَعْرِفَ كَيْفِيَّتَهَا فُرُوضًا وَسُنَنًا قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِهَا، وَكَوْنُهُ عَلَّمَهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ ثُمَّ صَلَّى بِهِ يَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ مِنْ نَقْلٍ صَحِيحٍ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ فِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِعْلُهُ لَا يَكُونُ عَلَى مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ يُرَدُّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [وَقْتُ الظُّهْرِ] قَوْلُهُ: وَذَلِكَ يُتَصَوَّرُ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ حُدُوثِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ

وَكَانَ الْفَيْءُ قَدْرَ الشِّرَاكِ وَالْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ: أَيْ الشَّيْءِ مِثْلَهُ وَالْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ: أَيْ دَخَلَ وَقْتُ إفْطَارِهِ وَالْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ وَالْفَجْرَ حِين حَرُمَ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ عَلَى الصَّائِمِ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ صَلَّى بِي الظُّهْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَهُ وَالْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَيْهِ وَالْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ وَالْعِشَاءَ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ وَالْفَجْرَ فَأَسْفَرَ، وَقَالَ: الْوَقْتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ: صَلَّى الظُّهْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَهُ: أَيْ فَرَغَ مِنْهَا حِينَئِذٍ كَمَا شَرَعَ فِي الْعَصْرِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ حِينَئِذٍ قَالَهُ إمَامُنَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نَافِيًا بِهِ اشْتِرَاكَهُمَا فِي وَقْتٍ وَيَدُلُّ لَهُ خَبَرُ «وَقْتُ الظُّهْرِ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ مَا لَمْ تَحْضُرْ الْعَصْرُ» (وَآخِرُهُ) أَيْ وَقْتِ الظُّهْرِ (مَصِيرُ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ سِوَى ظِلِّ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ) أَيْ غَيْرَ ظِلِّ الشَّيْءِ حَالَةَ الِاسْتِوَاءِ إنْ كَانَ، وَاعْتُبِرَ الْمِثْلُ بِقَامَتِك أَوْ غَيْرِهَا فِي أَرْضٍ مُسْتَوِيَةٍ وَعَلِّمْ عَلَى رَأْسِ الظِّلِّ فَمَا زَالَ الظِّلُّ يَنْقُصُ عَنْ الْخَطِّ فَهُوَ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَإِنْ وَقَفَ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ فَهُوَ وَقْتُ الزَّوَالِ، وَإِنْ أَخَذَ الظِّلُّ فِي الزِّيَادَةِ عُلِمَ أَنَّهَا زَالَتْ. قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَقَامَةُ الْإِنْسَانِ سِتَّةُ أَقْدَامٍ وَنِصْفٌ بِقَدَمِ نَفْسِهِ. قَالَ الْأَكْثَرُونَ وَلِلظُّهْرِ ثَلَاثَةُ أَوْقَاتٍ: وَقْتُ فَضِيلَةٍ أَوَّلَهُ، وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ إلَى آخِرِهِ، وَوَقْتُ عُذْرٍ وَوَقْتُ الْعَصْرِ لِمَنْ يَجْمَعُ. وَقَالَ الْقَاضِي: لَهَا أَرْبَعَةُ أَوْقَاتٍ: وَقْتُ فَضِيلَةٍ أَوَّلَهُ إلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ الشَّيْءِ مِثْلَ رُبُعِهِ، وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ إلَى أَنْ يَصِيرَ مِثْلَ نِصْفِهِ، وَوَقْتُ جَوَازٍ إلَى آخِرِهِ، وَوَقْتُ عُذْرٍ وَقْتُ الْعَصْرِ لَمْ يَجْمَعُ، وَلَهَا أَيْضًا وَقْتُ ضَرُورَةٍ، وَسَيَأْتِي وَوَقْتُ حُرْمَةٍ وَهُوَ الْقَدْرُ الَّذِي يَسَعُهَا وَإِنْ وَقَعَتْ أَدَاءً لَكِنَّهُمَا يَجْرِيَانِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الظُّهْرِ. قَالَ الشَّيْخُ: وَعَلَى هَذَا فَفِي قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ وَالْقَاضِي إلَى آخِرِهِ تَسَمُّحٌ. (وَهُوَ) أَيْ مَصِيرُ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ سِوَى مَا مَرَّ (أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ) ـــــــــــــــــــــــــــــSبِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ ذَلِكَ لَمَا خَالَفَهُ الشَّافِعِيُّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذَا اُغْتُفِرَ فِي بَدْءِ الْإِسْلَامِ لِضَرُورَةِ تَعَلُّمِ الْكَيْفِيَّةِ وَبَعْدَ تَقَرُّرِ الْإِسْلَامِ وَجَبَ الْعِلْمُ بِكَيْفِيَّتِهَا قَبْلَ فِعْلِهَا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُنْسَبُ الْفَاعِلُ لَهَا قَبْلَ الْعِلْمِ إلَى تَقْصِيرٍ (قَوْلُهُ: الْفَيْءُ) أَيْ الظِّلُّ وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: يَذْهَبُ النَّاسُ إلَى أَنَّ الظِّلَّ وَالْفَيْءَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الظِّلُّ يَكُونُ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً وَالْفَيْءُ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ: أَيْ فَهُوَ أَخَصُّ مِنْ الظِّلِّ فَلَا يُقَالُ لِمَا قَبْلَ الزَّوَالِ فَيْءٌ وَإِنَّمَا سُمِّيَ بَعْدَ الزَّوَالِ فَيْئًا لِأَنَّهُ ظِلٌّ فَاءَ عَنْ جَانِبِ الْمَغْرِبِ إلَى جَانِبِ الْمَشْرِقِ، وَالْفَيْءُ الرُّجُوعُ. ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ رُؤْبَةُ بْنُ الْعَجَّاجِ: كُلُّ مَا كَانَتْ الشَّمْسُ عَلَيْهِ فَزَالَتْ عَنْهُ فَهُوَ ظِلٌّ وَفَيْءٌ، وَمَا لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فَهُوَ ظِلٌّ، وَمِنْ هُنَا قِيلَ الشَّمْسُ تَنْسَخُ الظِّلَّ وَالْفَيْءُ يَنْسَخُ الشَّمْسَ اهـ وَذَكَرَ غَيْرَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: قَدْرَ الشِّرَاكِ) الشِّرَاكُ بِالْكَسْرِ اسْمٌ لِلسَّيْرِ الرَّقِيقِ بِظَاهِرِ النَّعْلِ (قَوْلُهُ: عَلَى الصَّائِمِ) فَإِنْ قِيلَ الصَّوْمُ إنَّمَا فُرِضَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَكَيْفَ قَالَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ. فَالْجَوَابُ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ ذَلِكَ بَعْدَ تَقَرُّرِ فَرْضِ الصَّوْمِ بِالْمَدِينَةِ، أَوْ الْمُرَادُ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ الَّذِي تَعْهَدُونَهُ فَإِنَّهُ كَانَ مَفْرُوضًا عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: أَيْ فَرَغَ مِنْهَا) هَلْ يَصِحُّ بَقَاؤُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ فَإِنَّهُ بَعْدَ مَصِيرِ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ يَبْقَى مِنْ الْوَقْتِ مِقْدَارُ قَدْرِ الِاسْتِوَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَدْ يُقَالُ لَا يَصِحُّ بَقَاؤُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى أَنْ يَكُونَ ظِلُّ الِاسْتِوَاءِ بِقَدْرِ مَا يَسَعُ الصَّلَاةَ، وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّهُ يَقْتَضِي دُخُولَ وَقْتِ الْعَصْرِ إذَا صَارَ ظِلُّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ مَعَ بَقَاءِ ظِلِّ الِاسْتِوَاءِ فَتَكُونُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ وَهُوَ مُنَافٍ لِقَوْلِهِ قَالَهُ إمَامُنَا (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا) أَيْ أَنَّ لَهَا أَيْضًا وَقْتَ ضَرُورَةٍ إلَخْ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فَفِي قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ) يَنْبَغِي عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ أَنْ يَكُونَ لَهَا أَيْضًا وَقْتُ جَوَازٍ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ فَيَتَّحِدُ بِالذَّاتِ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ وَالْجَوَازِ كَمَا اتَّحَدَ كَذَلِكَ وَقْتُ الْفَضِيلَةِ وَالِاخْتِيَارِ فِي الْمَغْرِبِ سَيَأْتِي اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: تَسْمَحُ) هُوَ مَقُولُ الْقَوْلِ، وَوَجْهُ التَّسَمُّحِ أَنَّهُمْ أَدْخَلُوا فِي وَقْتِ الْجَوَازِ وَالِاخْتِيَارِ وَقْتَ الضَّرُورَةِ وَالْحُرْمَةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ إلَخْ) عِبَارَةٌ (قَوْلُهُ: وَعَلِّمْ عَلَى رَأْسِ الظِّلِّ) مَحَلُّ هَذِهِ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمَتْنِ الْمَارِّ وَأَوَّلُ وَقْتِهِ زَوَالُ الشَّمْسِ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ) لَا يُنَاسِبُ التَّصْدِيرَ بِقَوْلِهِ خَمْسٌ وَانْظُرْ مَا أُعْرِبَ الْمَتْنُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لِلْحَدِيثِ الْمَارِّ، وَلَا يُشْتَرَطُ حُدُوثُ زِيَادَةٍ فَاصِلَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَقْتِ الظُّهْرِ، وَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فَإِذَا جَاوَزَ ظِلُّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ بِأَقَلِّ زِيَادَةٍ فَقَدْ دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ فَلَيْسَ مُخَالِفًا لِذَلِكَ بَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ لَا يَكَادُ يُعْرَفُ إلَّا بِهَا وَهِيَ مِنْهُ (وَيَبْقَى) وَقْتُهُ (حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ) لِخَبَرِ «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَهَا، وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ» وَقَوْلُهُ فِي خَبَرِ جِبْرِيلَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا وَإِلَى الْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ «وَالْوَقْتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ» مَحْمُولٌ عَلَى وَقْتِ الِاخْتِيَارِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ (وَالِاخْتِيَارُ أَنْ لَا تُؤَخَّرَ عَنْ مَصِيرِ الظِّلِّ مِثْلَيْنِ) غَيْرَ ظِلِّ الِاسْتِوَاءِ إنْ كَانَ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ. وَسُمِّيَ مُخْتَارًا لِأَرْجَحِيَّتِهِ عَلَى مَا بَعْدَهُ أَوْ لِاخْتِيَارِ جِبْرِيلَ إيَّاهُ. وَلِلْعَصْرِ سَبْعَةُ أَوْقَاتٍ وَقْتُ فَضِيلَةٍ أَوَّلَهُ، وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ وَوَقْتُ عُذْرٍ وَقْتُ الظُّهْرِ لِمَنْ يَجْمَعُ، وَوَقْتُ ضَرُورَةٍ، وَوَقْتُ جَوَازٍ بِلَا كَرَاهَةٍ، وَوَقْتُ كَرَاهَةٍ، وَوَقْتُ حُرْمَةٍ آخِرَ وَقْتِهَا بِحَيْثُ لَا يَسَعُ جَمِيعَهَا وَإِنْ وَقَعَتْ أَدَاءً وَنَظَرَ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِوَقْتِ حُرْمَةٍ وَإِنَّمَا يَحْرُمُ التَّأْخِيرُ إلَيْهِ، وَهَذَا الْوَقْتُ وَقْتُ إيجَابٍ لِأَنَّهُ يَجِبُ فِعْلُ الصَّلَاةِ فِيهِ، فَنَفْسُ التَّأْخِيرِ هُوَ الْمُحَرَّمُ لَا نَفْسُ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ انْتَهَى. وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ مُرَادَهُمْ وَقْتُ الْحُرْمَةِ مِنْ حَيْثُ التَّأْخِيرُ لَا مِنْ حَيْثُ الصَّلَاةُ وَتَنْظِيرُهُ يَجْرِي فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ أَيْضًا، وَمَا زَادَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ وَقْتِ الْقَضَاءِ فِيمَا لَوْ أَحْرَمَ لِصَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا ثُمَّ أَفْسَدَهَا عَمْدًا صَارَتْ قَضَاءً فَرَّعَهُ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا أَدَاءٌ كَمَا كَانَتْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا. (وَالْمَغْرِبُ) يَدْخُلُ وَقْتُهَا (بِالْغُرُوبِ) لِخَبَرِ جِبْرِيلَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِكَوْنِهَا تُفْعَلُ عَقِبَ الْغُرُوبِ، وَأَصْلُ الْغُرُوبِ الْبُعْدُ، يُقَالُ غَرَبَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَالرَّاءِ إذَا بَعُدَ، وَالْمُرَادُ تَكَامُلُ غُرُوبِهَا فَلَا يُحْكَمُ بِخُرُوجِ وَقْتِ الْعَصْرِ بِغَيْبُوبَةِ الْبَعْضِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْجَمِيعِ، وَيَخْرُجُ وَقْتُ الصُّبْحِ بِطُلُوعِ بَعْضِهَا، وَالْفَرْقُ تَنْزِيلُ رُؤْيَةِ الْبَعْضِ مَنْزِلَةَ رُؤْيَةِ الْجَمِيعِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَإِنْ شِئْت قُلْت رَاعَيْنَا اسْمَ النَّهَارِ بِوُجُودِ الْبَعْضِ وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ كَثِيرُونَ مِنْ اللُّغَوِيِّينَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَنْهَجُ وَشَرْحُهُ: فَوَقْتُ عَصْرٍ مِنْ آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم أَوْضَحَ مِنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ: وَآخِرُهُ مَصِيرُ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ سِوَى إلَخْ، لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ مَصِيرُ ظِلِّ الشَّيْءِ: أَيْ وَقْتُ صَيْرُورَتِهِ آخِرَ جُزْءٍ مِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ لَمْ يَصِحَّ قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْجُزْءَ الَّذِي يَتَحَقَّقُ فِيهِ صَيْرُورَةُ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ سِوَى ظِلِّ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ: أَعْنِي الْجُزْءَ الَّذِي يَعْقُبُ آخِرَ جُزْءٍ مِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ فَإِنَّ عِنْدَهُ يَتَحَقَّقُ صَيْرُورَةُ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ سِوَى ظِلِّ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ لَمْ يَصِحَّ قَوْلُهُ: وَآخِرُهُ مَصِيرُ ظِلِّ الشَّيْءِ إلَخْ، فَلَا بُدَّ مِنْ التَّسَامُحِ بِأَنْ يُرَادَ الْأَوَّلُ، وَيَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَهُوَ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ: أَيْ بِهِ يَدْخُلُ وَقْتُ الْعَصْرِ: أَيْ بِتَحَقُّقِهِ يَدْخُلُ ذَلِكَ، أَوْ يُرَادُ الثَّانِي وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ وَآخِرُهُ مَصِيرُ ظِلِّ الشَّيْءِ إلَى مِثْلِهِ إلَخْ أَنَّ آخِرَهُ بِتَحَقُّقِ هَذَا الْوَقْتِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَفِي حِكَايَةِ الْمَحَلِّيِّ عِبَارَةُ الْوَجِيزِ إشَارَةٌ إلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: وَقْتُ الْعَصْرِ) قَالَ حَجّ: سُمِّيَتْ الْعَصْرَ لِمُعَاصَرَتِهَا الْغُرُوبَ وَكَذَا قِيلَ وَلَوْ قِيلَ لِتَنَاقُصِ ضَوْءِ الشَّمْسِ مِنْهَا حَتَّى يَفْنَى تَشْبِيهًا بِتَنَاقُصِ الْغُسَالَةِ مِنْ الثَّوْبِ بِالْعَصْرِ حَتَّى تَفْنَى لَكَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: وَسُمِّيَ مُخْتَارًا) قَالَ حَجّ: تَنْبِيهٌ الْمُرَادُ بِوَقْتِ الْفَضِيلَةِ مَا يَزِيدُ فِيهِ الثَّوَابُ مِنْ حَيْثُ الْوَقْتُ، وَبِوَقْتِ الِاخْتِيَارِ مَا فِيهِ ثَوَابٌ دُونَ ذَلِكَ مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ، وَبِوَقْتِ الْجَوَازِ مَا لَا ثَوَابَ فِيهِ مِنْهَا، وَبِوَقْتِ الْكَرَاهَةِ مَا فِيهِ مَلَامٌ مِنْهَا، وَبِوَقْتِ الْحُرْمَةِ مَا فِيهِ إثْمٌ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَنَظَرَ بَعْضُهُمْ) مِنْ الْعَظَائِمِ اسْتِشْكَالُ بَعْضِهِمْ تَسْمِيَةَ هَذَا الْوَقْتِ بِهَذَا الِاسْمِ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لَيْسَتْ لِلْوَقْتِ، وَكَأَنَّ هَذَا الْمُسْتَشْكِلَ مَا فَهِمَ قَطُّ مَعْنَى الْإِضَافَةِ وَهُوَ تَعَلُّقُ مَا بَيْنَ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ، وَإِنَّ هَذَا مَعْنًى مَشْهُورٌ مَطْرُوقٌ لَا يَقَعُ فِيهِ اسْتِشْكَالٌ إلَّا مِمَّنْ لَمْ يَسْمَعْهُ أَوْ لَمْ يَفْهَمْهُ قَطُّ، وَلَا خَفَاءَ فِي ثُبُوتِ هَذَا التَّعَلُّقِ هُنَا فَإِنَّ الْحُرْمَةَ وَصْفٌ لِلتَّأْخِيرِ إلَيْهِ فَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحُرْمَةِ مُلَابَسَةٌ، لِأَنَّهُ وَقْتٌ ثَبَتَتْ الْحُرْمَةُ عِنْدَ التَّأْخِيرِ إلَيْهِ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ، وَهَذَا مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَنَظَرَ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) أَيْ وَقْتِ الْحُرْمَةِ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا) أَيْ فَلَا يَجِبُ فِعْلُهَا فَوْرًا وَإِنْ أَوْقَعَ رَكْعَةً مِنْهَا فِي الْوَقْتِ فَأَدَاءٌ وَإِلَّا فَقَضَاءٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[وقت المغرب]

وَغَيْرِهِمْ إنَّ النَّهَارَ أَوَّلُهُ طُلُوعُ الشَّمْسِ، وَيُعْرَفُ الْغُرُوبُ فِي الْعُمْرَانِ بِزَوَالِ الشُّعَاعِ عَنْ أَعْلَى الْحِيطَانِ وَفِي الْجِبَالِ عَنْ أَعْلَاهَا وَإِقْبَالِ الظَّلَامِ مِنْ الْمَشْرِقِ (وَيَبْقَى) وَقْتُهَا (حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ الْأَحْمَرُ فِي الْقَدِيمِ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «وَقْتُ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَغِبْ الشَّفَقُ» وَسَيَأْتِي تَرْجِيحُهُ، وَاحْتَرَزَ بِالْأَحْمَرِ عَنْ الْأَصْفَرِ وَالْأَبْيَضِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمُحَرَّرِ لِانْصِرَافِ الِاسْمِ لُغَةً إلَيْهِ إذْ الْمَعْرُوفُ فِي اللُّغَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَالْأَزْهَرِيُّ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ الشَّفَقَ هُوَ الْحُمْرَةُ فَهُوَ فِي كَلَامِهِ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ (وَفِي الْجَدِيدِ يَنْقَضِي) وَقْتُهَا (بِمُضِيِّ قَدْرِ) زَمَنِ (وُضُوءٍ) وَغُسْلٍ أَوْ تَيَمُّمٍ (وَسَتْرِ عَوْرَةٍ وَأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَخَمْسِ رَكَعَاتٍ) لِأَنَّ جِبْرِيلَ صَلَّاهَا فِي الْيَوْمَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِخِلَافِ غَيْرِهَا. وَرُدَّ الِاسْتِدْلَال بِذَلِكَ بِأَنَّهُ إنَّمَا بَيَّنَ الْوَقْتَ الْمُخْتَارَ الْمُسَمَّى بِوَقْتِ الْفَضِيلَةِ. أَمَّا وَقْتُهَا الْجَائِزُ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ فِيهِ، وَإِنَّمَا اسْتَثْنَى قَدْرَ هَذِهِ الْأُمُورِ لِلضَّرُورَةِ، وَمُرَادُهُ بِالْخَمْسِ الْمَغْرِبُ وَسُنَنُهَا الَّتِي بَعْدَهَا، وَزَادَ الْإِمَامُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَهَا بِنَاءً عَلَى اسْتِحْبَابِهِمَا الْآتِي، وَالِاعْتِبَارُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِالْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ كَمَا أَطْلَقَهُ الرَّافِعِيُّ كَالْجُمْهُورِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ فِي اعْتِبَارِهِ فِعْلَ نَفْسِهِ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ اخْتِلَافِ وَقْتِهِ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ وَلَا نَظِيرَ لَهُ فِي بَقِيَّةِ الْأَوْقَاتِ، وَيُعْتَبَرُ أَيْضًا مِقْدَارُ زَمَنِ اسْتِنْجَاءٍ وَإِزَالَةِ نَجَاسَةٍ مِنْ بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ وَتَحَفُّظِ دَائِمِ حَدَثٍ، وَمَا يُسَنُّ لَهَا وَلِشُرُوطِهَا كَتَعَمُّمِ وَتَقَمُّصٍ وَتَثْلِيثٍ وَأَكْلِ لُقَمٍ يَكْسِرُ بِهَا سَوْرَةَ الْجُوعِ كَمَا فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ، وَصَوَّبَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ اعْتِبَارَ الشِّبَعِ لِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــS [وَقْتُ الْمَغْرِب] قَوْلُهُ: وَلَمْ يَذْكُرْهُ) أَيْ الْأَحْمَرَ (قَوْلُهُ: صِفَةٌ كَاشِفَةٌ) الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ صِفَةٌ مُؤَكِّدَةٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ صِفَةٌ لَازِمَةٌ وَهِيَ الَّتِي لَا تَنْفَكُّ عَنْ الْمَوْصُوفِ. وَأَمَّا الْكَاشِفَةُ فَهِيَ الْمُبَيِّنَةُ لِحَقِيقَةِ مَوْصُوفِهَا وَهِيَ هُنَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ فَبِالتَّعْبِيرِ بِالْكَاشِفَةِ وَاللَّازِمَةِ يَتَمَيَّزُ حَقِيقَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ الْأُخْرَى. وَأَمَّا الْمُؤَكِّدَةُ فَإِنَّهَا تُجَامِعُ كُلًّا مِنْ اللَّازِمَةِ وَالْكَاشِفَةِ (قَوْلُهُ: زَمَنِ وُضُوءٍ) الْمُرَادُ مِنْ الْوُضُوءِ الْمَفْرُوضُ وَالْمَسْنُونُ: أَيْ مَا فُرِضَ مِنْهُ وَمَا سُنَّ مِنْهُ بِكَمَالِهِ، لِأَنَّ النَّقْصَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ نَقَلَهُ النَّاشِرِيُّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْيَمَنِ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ غُسْلٍ) الْأَوْلَى وَغُسْلٍ وَتَيَمُّمٍ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ تُعْتَبَرُ مَعًا فِيمَا لَوْ عَرَضَتْ الْجَنَابَةُ لِمَنْ فِي بَدَنِهِ جِرَاحَةٌ فَإِنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَ الْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ وَالْغُسْلِ (قَوْلُهُ: بِالْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ) أَيْ مِنْ غَالِبِ النَّاسِ عَلَى مَا هُوَ الظَّاهِرُ مِمَّا ذَكَرَ. وَقَالَ حَجّ: الْوَسَطُ الْمُعْتَدِلُ مِنْ فِعْلِ كُلِّ إنْسَانٍ. وَاعْتَرَضَهُ سم بِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى اخْتِلَافِ الْوَقْتِ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ (قَوْلُهُ: وَإِزَالَةِ نَجَاسَةٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ: وَإِزَالَةِ خَبَثٍ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: يَنْبَغِي اعْتِبَارُهُ مُغَلَّظًا لِأَنَّهُ قَدْ يُصِيبُهُ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَقَوْلُ سم يَنْبَغِي اعْتِبَارُهُ مُغَلَّظًا جَزَمَ بِهِ حَجّ فِي شَرْحِهِ هُنَا حَيْثُ قَالَ: وَيُقَدَّرُ مُغَلَّظًا، وَعِبَارَةُ الْإِرْشَادِ: إلَى مُضِيِّ قَدْرِ أَدَائِهَا بِشُرُوطٍ وَسُنَنٍ اهـ، وَمِنْ السُّنَنِ الْأَذَانُ حَتَّى فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ لِأَنَّهُ يُنْدَبُ إجَابَتُهَا اهـ بِحُرُوفِهِ. أَقُولُ: وَمِثْلُ الْأَذَانِ تَجْدِيدُ الْوُضُوءِ أَيْضًا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ: وَمِمَّا يُسَنُّ لَهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَتَحَفُّظِ إلَخْ) زَادَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ: تَحَرِّيَ الْقِبْلَةِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: وَهَلْ يُعْتَبَرُ مَعَ ذَلِكَ زَمَنُ الْمُضِيِّ إلَى الْجَمَاعَةِ فِيهِ نَظَرٌ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ فِي التَّعْلِيقَةِ: وَيُضَافُ إلَى مَا ذَكَرُوا قَصْدُ الْمَسْجِدِ اهـ (قَوْلُهُ: وَتَقَمُّصٍ) وَلَوْ لِلتَّجَمُّلِ (قَوْلُهُ: سَوْرَةَ الْجُوعِ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ وَبِالضَّمِّ أَيْضًا: أَيْ حِدَّتَهُ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: سَوْرَةُ الْخَمْرِ وَغَيْرِهَا حِدَّتُهَا كَسُوَارِهَا بِالضَّمِّ اهـ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [وَقْتُ الْعَصْرِ] قَوْلُهُ: وَإِقْبَالِ الظَّلَامِ مِنْ الْمَشْرِقِ) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ: أَوْ غُسْلٍ أَوْ تَيَمُّمٍ) صَرِيحُ الْعَطْفِ بِأَوْ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ قَدْرٌ وَاحِدٌ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ، وَكَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ وَاجِبُهُ مِنْهَا فَيُغْتَفَرُ قَدْرُهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَتَى بِهِ قَبْلَ الْوَقْتِ وَعَبَّرَ الشِّهَابُ حَجّ بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ: وَلَا نَظِيرَ لَهُ فِي بَقِيَّةِ الْأَوْقَاتِ) هَذَا لَازِمٌ لِمَا ذَكَرَهُ عَقِبَ هَذَا أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَلِشُرُوطِهَا إلَى وَتَثْلِيثٍ) وَإِنَّهُ مَسْنُونٌ لِلْوُضُوءِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ لَهَا

فِي الصَّحِيحَيْنِ «إذَا قُدِّمَ الْعَشَاءُ فَابْدَءُوا بِهِ قَبْلَ أَنْ تُصَلُّوا الْمَغْرِبَ وَلَا تَعْجَلُوا عَنْ عَشَائِكُمْ» وَقَدْ رَدَّهُ فِي الْخَادِمِ وَقَالَ: إنَّهُ وَجْهٌ خَارِجٌ عَنْ الْمَذْهَبِ، وَإِنَّهُ لَا دَلِيلَ لَهُ فِي الْحَدِيثِ إذْ هُوَ دَلِيلٌ عَلَى امْتِدَادِ الْوَقْتِ وَهُوَ إنَّمَا يُفَرَّعُ عَلَى قَوْلِ التَّضْيِيقِ. وَأَجَابَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ عَنْ الْحَدِيثِ بِأَنَّ عَشَاءَهُمْ كَانَ شُرْبَ اللَّبَنِ أَوْ التَّمَرَاتِ الْيَسِيرَةَ، وَذَلِكَ فِي مَعْنَى اللُّقَمِ لِغَيْرِهِمْ. لَا يُقَالُ: يَلْزَمُ عَلَى الْجَدِيدِ امْتِنَاعُ جَمْعِ التَّقَدُّمِ إذْ مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهِ وُقُوعُ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتِ الْمَتْبُوعَةِ وَقَدْ حُصِرَ وَقْتُهَا فِيمَا ذَكَرَهُ. لِأَنَّا نَقُولُ بِعَدَمِ لُزُومِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْوَقْتَ يَسَعُ الصَّلَاتَيْنِ لَا سِيَّمَا فِي حَالَةِ تَقَدُّمِ الشَّرَائِطِ عَلَى الْوَقْتِ وَاسْتِجْمَاعِهَا فِيهِ، فَإِنْ فُرِضَ ضِيقُهُ عَنْهُمَا لِاشْتِغَالِهِ بِالْأَسْبَابِ امْتَنَعَ الْجَمْعُ، وَلَوْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ فِي بَلَدٍ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ ثُمَّ سَافَرَ إلَى بَلَدٍ آخَرَ فَوَجَدَ الشَّمْسَ لَمْ تَغْرُبْ فِيهِ وَجَبَ عَلَيْهِ إعَادَةُ الْمَغْرِبِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَاعْلَمْ أَنَّهُ جَاءَ فِي حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ «أَنَّهَا إذَا طَلَعَتْ مِنْ مَغْرِبِهَا تَسِيرُ إلَى وَسَطِ السَّمَاءِ ثُمَّ تَرْجِعُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَطْلُعُ مِنْ الْمَشْرِقِ كَعَادَتِهَا» وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ يَدْخُلُ وَقْتُ الظُّهْرِ بِرُجُوعِهَا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ زَوَالِهَا، وَوَقْتُ الْعَصْرِ إذَا صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ، وَالْمَغْرِبِ بِغُرُوبِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ «إنَّ لَيْلَةَ طُلُوعِهَا مِنْ مَغْرِبِهَا تَطُولُ بِقَدْرِ ثَلَاثِ لَيَالٍ» لَكِنَّ ذَلِكَ لَا يُعْرَفُ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّهَا لِانْبِهَامِهَا عَلَى النَّاسِ، فَحِينَئِذٍ قِيَاسُ مَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِنَا بَعْدُ بِيَسِيرٍ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الْخَمْسِ، لِأَنَّ الزَّائِدَ لَيْلَتَانِ فَيُقَدَّرَانِ عَنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَوَاجِبُهُمَا الْخَمْسُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَوَاقِيتَ مُخْتَلِفَةٌ بِاخْتِلَافِ الْبُلْدَانِ ارْتِفَاعًا، فَقَدْ يَكُونُ زَوَالُ الشَّمْسِ فِي بَلَدٍ طُلُوعُهَا بِبَلَدٍ آخَرَ وَعَصْرًا بِآخَرَ وَمَغْرِبًا بِآخَرَ وَعِشَاءً بِآخَرَ (وَلَوْ شَرَعَ) فِيهَا (فِي الْوَقْتِ) عَلَى الْجَدِيدِ (وَمَدَّ حَتَّى غَابَ الشَّفَقُ جَازَ عَلَى الصَّحِيحِ) سَوَاءٌ أَكَانَ بِقِرَاءَةٍ أَمْ ذِكْرٍ بَلْ أَمْ سُكُوتٍ فِيمَا يَظْهَرُ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَ فِيهَا بِالْأَعْرَافِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا» وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ لِوُقُوعِ بَعْضِهَا خَارِجَ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَقَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: وَالْجَمْعُ سَوْرَاتٌ بِالسُّكُونِ لِلتَّخْفِيفِ اهـ. فَقَوْلُهُ: لِلتَّخْفِيفِ يَقْتَضِي أَنَّهُ اسْمٌ لَا صِفَةٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: إذْ مِنْ شَرْطِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِصِحَّةِ جَمْعِ التَّقْدِيمِ مِنْ وُقُوعِ الثَّانِيَةِ كَامِلَةً فِي وَقْتِ الْأُولَى، وَفِي الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ فِي بَابِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ مَا نَصُّهُ: وَرَابِعُهَا: أَيْ شُرُوطِ التَّقْدِيمِ دَوَامُ سَفَرِهِ إلَى عَقْدِهِ ثَانِيَةً، فَلَوْ أَقَامَ قَبْلَهُ فَلَا جَمْعَ لِزَوَالِ السَّبَبِ فَتَعَيَّنَ تَأْخِيرُ الثَّانِيَةِ إلَى وَقْتِهَا اهـ، وَعَلَيْهِ فَيُحْتَاجُ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْوَقْتِ حَيْثُ لَمْ يَكْتَفُوا فِيهِ بِإِحْرَامِ الثَّانِيَةِ فِي وَقْتِ الْمَتْبُوعَةِ وَبَيْنَ السَّفَرِ حَيْثُ اكْتَفَوْا لِصِحَّةِ جَمْعِ التَّقْدِيمِ بِعَقْدِ الثَّانِيَةِ فِي وَقْتِ الْأُولَى، ثُمَّ رَأَيْت فِي بَابِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ احْتِمَالَيْنِ عَنْ وَالِدِ الرُّويَانِيِّ: أَحَدُهُمَا يَكْفِي رَكْعَةٌ، وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ بَلْ مَا دُونَ الرَّكْعَةِ كَافٍ فِي صِحَّةِ الْجَمْعِ، وَذَكَرَ أَنَّ م ر اعْتَمَدَ هَذَا الثَّانِيَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَفِي حَاشِيَتِهِ عَلَى حَجّ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ مَا حَاصِلُهُ اشْتِرَاطُ كَوْنِ الثَّانِيَةِ بِتَمَامِهَا فِي الْوَقْتِ، وَذَكَرَ عَنْ وَالِدِهِ الْجَلَالِ أَنَّهُ رَدَّهُ وَاكْتَفَى بِإِدْرَاكِ مَا دُونَ الرَّكْعَةِ، قَالَ: وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الرُّويَانِيُّ وَأَطَالَ فِي تَقْرِيرِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَقْتِ وَالسَّفَرِ وَحِينَئِذٍ فَيَسْقُطُ السُّؤَالُ مِنْ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ: وُقُوعُ الصَّلَاتَيْنِ) أَيْ وُقُوعُ الْأُولَى تَامَّةً وَوُقُوعُ عَقْدِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: إعَادَةُ الْمَغْرِبِ) أَيْ وَتَقَعُ الْأُولَى نَفْلًا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ فَيُقَدَّرَانِ) أَيْ يُحْسَبَانِ (قَوْلُهُ: بِاخْتِلَافِ الْبُلْدَانِ) هُوَ بِضَمِّ الْبَاءِ كَمَا ضَبَطَهُ بِالْقَلَمِ فِي الصِّحَاحِ وَالْمُخْتَارِ، وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الْأُشْمُونِيِّ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْخُلَاصَةِ: وَفَعْلًا اسْمًا وَفَعِيلًا وَفَعَلْ غَيْرَ مُعَلِّ الْعَيْنِ فُعْلَانَ شَمِلْ نَصُّهَا مِنْ أَمْثِلَةِ جَمْعِ الْكَثْرَةِ فُعْلَانَ بِضَمِّ الْفَاءِ وَهُوَ مَقِيسٌ فِي اسْمٍ عَلَى فَعْلٍ نَحْوُ بَطْنٍ وَبُطْنَانٍ وَظَهْرٍ وَظُهْرَانٍ أَوْ فَعِيلٍ نَحْوُ قَضِيبٍ وَقُضْبَانٍ وَرَغِيفٍ وَرُغْفَانٍ، أَوْ فَعَلٌ صَحِيحَ الْعَيْنِ نَحْوَ ذَكَرٍ وَذُكْرَانٍ وَجَمَلٍ وَجُمْلَانٍ (قَوْلُهُ: وَمَدَّ إلَخْ) خَرَجَ مُجَرَّدُ الْإِتْيَانِ بِالسُّنَنِ بِأَنْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ جَمِيعَ وَاجِبَاتِهَا دُونَ سُنَنِهَا، فَإِنَّ الْإِتْيَانَ بِالسُّنَنِ حِينَئِذٍ مَنْدُوبٌ فَلَيْسَ خِلَافَ الْأَوْلَى كَالْمَدِّ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْأَنْوَارِ بِأَنَّهُ لَوْ أَدْرَكَ آخِرَ الْوَقْتِ بِحَيْثُ لَوْ أَدَّى الْفَرِيضَةَ بِسُنَنِهَا لَفَاتَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الْوَقْتِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ إذَا خَرَجَ بَعْضُهَا عَنْ الْوَقْتِ تَكُونُ أَوْ مَا خَرَجَ عَنْهُ قَضَاءً، وَحُكْمُ غَيْرِ الْمَغْرِبِ فِي جَوَازِ الْمَدِّ كَالْمَغْرِبِ، لِأَنَّ الصِّدِّيقَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - طَوَّلَ مَرَّةً فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ، فَقِيلَ لَهُ: كَادَتْ الشَّمْسُ أَنْ تَطْلُعَ، فَقَالَ: لَوْ طَلَعَتْ لَمْ تَجِدْنَا غَافِلِينَ. وَلَا يُكْرَهُ ذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ. أَمَّا الْجُمُعَةُ فَيَمْتَنِعُ تَطْوِيلُهَا إلَى مَا بَعْدَ وَقْتِهَا بِلَا خِلَافٍ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا تَوَقُّفُ صِحَّتِهَا عَلَى وُقُوعِ جَمِيعِهَا فِي وَقْتِهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا، وَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّ مَحَلَّ الْجَوَازِ حَيْثُ شَرَعَ فِيهَا وَفِي وَقْتِهَا مَا يَسَعُ جَمِيعَهَا، وَلَا فَرْقَ حِينَئِذٍ بَيْنَ أَنْ يُوقِعَ مِنْهَا رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ أَوْ لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ. نَعَمْ يَظْهَرُ أَنَّ إيقَاعَ رَكْعَةٍ فِيهِ شَرْطٌ لِتَسْمِيَتِهَا مُؤَدَّاةً وَإِلَّا فَتَكُونُ قَضَاءً لَا إثْمَ فِيهِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ هُنَا مِنْ الْخِلَافِ الْمَبْنِيِّ عَلَى الْأَصَحِّ فِي غَيْرِ الْمَغْرِبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ بَعْضِهَا عَنْ وَقْتِهَا: أَيْ بِلَا مَدٍّ كَمَا فِي قَوْلِهِ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ كَمَا فِي غَيْرِ الْمَغْرِبِ: أَيْ بِلَا مَدٍّ أَيْضًا، فَكَلَامُ الْمِنْهَاجِ مِنْ الْخِلَافِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ جَوَازِ ذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ غَيْرِ الْمَغْرِبِ، أَمَّا إذَا جَوَّزْنَا ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمَغْرِبِ جَازَ هُنَا قَطْعًا. وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ: ثُمَّ عَلَى الْجَدِيدِ لَوْ شَرَعَ فِي الْمَغْرِبِ فِي الْوَقْتِ الْمَضْبُوطِ فَهَلْ لَهُ اسْتِدَامَتُهَا إلَى انْقِضَاءِ الْوَقْتِ؟ إنْ قُلْنَا: الصَّلَاةُ الَّتِي يَقَعُ بَعْضُهَا فِي الْوَقْتِ وَبَعْضُهَا بَعْدَهُ أَدَاءٌ وَأَنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا إلَى أَنْ يَخْرُجَ عَنْ الْوَقْتِ بَعْضُهَا فَلَهُ ذَلِكَ قَطْعًا، وَإِنْ لَمْ نُجَوِّزْ ذَلِكَ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ فَفِي الْمَغْرِبِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا يَجُوزُ مَدُّهَا إلَى مَغِيبِ الشَّفَقِ، وَالثَّانِي مَنْعُهُ كَغَيْرِهَا (قُلْت: الْقَدِيمُ أَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) بَلْ هُوَ جَدِيدٌ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَّقَ الْقَوْلَ بِهِ فِي الْإِمْلَاءِ عَلَى صِحَّةِ الْحَدِيثِ وَهُوَ مِنْ الْكُتُبِ الْجَدِيدَةِ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إنَّهُ الصَّوَابُ، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالتَّنْقِيحِ إنَّهُ الصَّحِيحُ، وَقَدْ صَحَّحَهُ جَمَاعَاتٌ كَثِيرَةٌ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِنَا الْمُحَدِّثِينَ. وَأَجَابَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ حَدِيثِ جِبْرِيلَ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا بَيَّنَ فِيهِ الْأَوْقَاتَ الْمُخْتَارَةَ وَنَحْنُ نَقُولُ: إنَّ وَقْتَهَا الْمُخْتَارَ مَضِيقٌ مُسَاوٍ لِوَقْتِ الْفَضِيلَةِ، وَبِأَنَّ حَدِيثَ جِبْرِيلَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ لِأَنَّهُ وَرَدَ بِمَكَّةَ وَأَحَادِيثَ الِامْتِدَادِ بِالْمَدِينَةِ فَهِيَ مُتَأَخِّرَةٌ يَجِبُ تَقْدِيمُهَا، وَبِأَنَّ حَدِيثَ الِامْتِدَادِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْوَقْتُ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَرْكَانِ تَقَعُ فِي الْوَقْتِ أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يُتِمَّ السُّنَنَ اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْأَفْضَلَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْبَغَوِيّ الْمَنْقُولِ عَنْهُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَمَا بَيَّنَّاهُ آخِرَ سُجُودِ السَّهْوِ، لَكِنْ قَيَّدَهُ م ر بِأَنْ يُدْرِكَ رَكْعَةً اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: قَضَاءً) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ فِيهَا لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ فِي الْوَقْتِ رَكْعَةٌ فَكُلُّهَا أَدَاءٌ (قَوْلُهُ: بِلَا خِلَافٍ) يَنْبَغِي إلَّا فِي حَقِّ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَعَلَيْهِ فَتَنْقَلِبُ ظُهْرًا بِخُرُوجِ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: وَفِي وَقْتِهَا مَا يَسَعُ جَمِيعَهَا) هَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْهُ فِي كَلَامِ سم عَلَى حَجّ مِنْ أَنَّهُ يَكْفِي لِجَوَازِ الْمَدِّ إدْرَاكُ رَكْعَةٍ فِي الْوَقْتِ؛ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا تَقَدَّمَ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ شَرَعَ فِيهَا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ أَرْكَانَهَا، لَكِنَّ اشْتِغَالَهُ بِالسُّنَنِ مَنَعَ مِنْ إدْرَاكِ رَكْعَةٍ فِي الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: أَيْ بِلَا مَدٍّ) خَبَرُ قَوْلِهِ وَقَوْلِ الشَّارِحِ: وَكَأَنَّهُ قَالَ مَعْنَاهُ بِلَا مَدٍّ. [فَرْعٌ] شَرَعَ فِي الْمَغْرِبِ مَثَلًا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِهَا مَا يَسَعُهَا وَمَدَّ إلَى أَنْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِ الْعِشَاءِ مَا يَسَعُ الْعِشَاءَ أَوْ رَكْعَةً مِنْهَا، فَهَلْ يَجِبُ قَطْعُ الْمَغْرِبِ وَفِعْلُ الْعِشَاءِ مُطْلَقًا أَوْ يُفْصَلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ أَدْرَكَ مِنْ وَقْتِ الْمَغْرِبِ قَدْرَ رَكْعَةٍ فَلَا يَجِبُ قَطْعُهَا، بَلْ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهَا مُؤَدَّاةٌ وَبَيْنَ أَنْ لَا يَكُونَ أَدْرَكَ مِنْ وَقْتِهَا قَدْرَ رَكْعَةٍ فَيَجِبُ قَطْعُهَا لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ فَائِتَةٌ، وَالْفَائِتَةُ يَجِبُ قَطْعُهَا إذَا خِيفَ فَوْتُ الْحَاضِرَةِ عَلَى مَا يَأْتِي؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَظَاهِرُهُ حُرْمَةُ الْمَدِّ إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْ وَقْتِ الثَّانِيَةِ مَا لَا يَسَعُهَا اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُهُ: فِيهِ نَظَرٌ لَا يَبْعُدُ إلْحَاقُهَا بِالْفَائِتَةِ فِي وُجُوبِ الْقَطْعِ إذَا خَافَ فَوْتَ الْحَاضِرَةِ، وَإِنْ أَمْكَنَ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْمَغْرِبَ هُنَا أَحْرَمَ بِهَا فِي وَقْتِهَا فَاسْتَحَقَّتْ الْإِتْمَامَ فَيُعْذَرُ بِهِ وَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْحَاضِرَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِلَا مَدٍّ) هُوَ خَبَرُ قَوْلِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: إلَى انْقِضَاءِ الْوَقْتِ) يَعْنِي غُرُوبَ الشَّفَقِ كَمَا عُلِمَ مِنْ الْمَتْنِ

[وقت العشاء]

أَقْوَى مِنْ حَدِيثِ جِبْرِيلَ لِأَنَّ رُوَاتَهُ أَكْثَرُ وَلِأَنَّهُ أَصَحُّ إسْنَادًا وَلِذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ دُونَ حَدِيثِ جِبْرِيلَ. وَلَهَا خَمْسَةُ أَوْقَاتٍ: وَقْتُ فَضِيلَةٍ وَاخْتِيَارٍ أَوَّلَ الْوَقْتِ، وَوَقْتُ جَوَازٍ مَا لَمْ يَغِبْ الشَّفَقُ الْأَحْمَرُ، وَوَقْتُ عُذْرٍ، وَقْتُ الْعِشَاءِ لِمَنْ يَجْمَعُ، وَوَقْتُ ضَرُورَةٍ، وَوَقْتُ حُرْمَةٍ. وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ نَقْلًا عَنْ التِّرْمِذِيِّ وَوَقْتُ كَرَاهَةٍ وَهُوَ تَأْخِيرُهَا عَنْ وَقْتِ الْجَدِيدِ ظَاهِرٌ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ. (وَالْعِشَاءُ) يَدْخُلُ وَقْتُهَا (بِمَغِيبِ الشَّفَقِ) الْأَحْمَرِ لَا مَا بَعْدَهُ مِنْ الْأَصْفَرِ ثُمَّ الْأَبْيَضِ، وَيَنْبَغِي نَدْبُ تَأْخِيرِهَا لِزَوَالِ الْأَصْفَرِ وَنَحْوِهِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ، وَمَنْ لَا عِشَاءَ لَهُمْ لَكِنَّهُمْ فِي نَوَاحٍ تَقْصُرُ لَيَالِيهمْ وَلَا يَغِيبُ عَنْهُمْ الشَّفَقُ تَكُونُ الْعِشَاءُ فِي حَقِّهِمْ بِمُضِيِّ زَمَنٍ يَغِيبُ فِيهِ الشَّفَقُ فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ، وَقَدْ سُئِلَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَلْ مُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ الْعِشَاءَ بَعْدَ فَجْرِهِمْ أَوْ لَا؟ وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: بَلْ يَقْتَضِي أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ بِلَيْلٍ لَهُ وَجْهٌ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ كَلَامَ الْأَصْحَابِ الْمَذْكُورَ مُحْتَمِلٌ لِكُلٍّ مِنْ الشَّفَقَيْنِ لَكِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ فِي بَيَانٍ فِي دُخُولِ وَقْتِ أَدَائِهَا، وَلَمْ يَسْتَثْنُوا مِنْ أَوْقَاتِ صَلَوَاتِهِمْ إلَّا وَقْتَ الْعِشَاءِ، إذْ لَوْ حُمِلَ عَلَى الْأَوَّلِ لَزِمَ مِنْهُ اتِّحَادُ أَوَّلِ وَقْتَيْ الْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ فِي حَقِّهِمْ وَلَزِمَهُمْ أَنْ يُبَيِّنُوا أَيْضًا أَنَّ وَقْتَ صُبْحِهِمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَضِيلَةٍ وَاخْتِيَارٍ) عَدَّهُمَا وَاحِدًا لِاتِّحَادِهِمَا بِالذَّاتِ وَلِذَا جَعَلَ أَوْقَاتَهَا خَمْسَةً وَلَك أَنْ تَجْعَلَهَا سِتَّةً لِاخْتِلَافِ وَقْتَيْ الْفَضِيلَةِ وَالِاخْتِيَارِ بِحَسَبِ الْمَفْهُومِ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: وَمَنْ لَا عِشَاءَ لَهُمْ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَفِي بِلَادِ الْمَشْرِقِ نَوَاحٍ تَقْصُرُ لَيَالِيهِمْ فَلَا يَغِيبُ الشَّفَقُ عِنْدَهُمْ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ: فِي بِلَادِ إلَخْ، بِخِلَافِ الَّذِينَ يَغِيبُ الشَّفَقُ عِنْدَهُمْ فَوَقْتُ الْعِشَاءِ لَهُمْ غَيْبُوبَتُهُ عِنْدَهُمْ وَإِنْ تَأَخَّرَتْ عَنْ غَيْبُوبَتِهِ عِنْدَ غَيْرِهِمْ تَأْخِيرًا كَثِيرًا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْكَلَامِ اهـ. أَقُولُ: وَعَلَى هَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ كَوْنُ الْبَاقِي مِنْ اللَّيْلِ بَعْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ عِنْدَهُمْ زَمَنًا يَسَعُ الْعِشَاءَ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ شَفَقُ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ خَوْفًا مِنْ فَوَاتِ الْعِشَاءِ. [تَنْبِيهٌ] لَوْ عُدِمَ وَقْتُ الْعِشَاءِ كَأَنْ طَلَعَ الْفَجْرُ كَمَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَجَبَ قَضَاؤُهَا عَلَى الْأَوْجَهِ مِنْ اخْتِلَافٍ فِيهِ بَيْنَ الْمُتَأَخِّرِينَ وَلَوْ لَمْ تَغِبْ إلَّا بِقَدْرِ مَا بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ، فَأَطْلَقَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ حَالُهُمْ بِأَقْرَبِ بَلَدٍ إلَيْهِمْ، وَفَرَّعَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ أَنَّهُمْ يُقَدِّرُونَ فِي الصَّوْمِ لَيْلَهُمْ بِأَقْرَبِ بَلَدٍ إلَيْهِمْ ثُمَّ يُمْسِكُونَ إلَى الْغُرُوبِ بِأَقْرَبِ بَلَدٍ إلَيْهِمْ، وَمَا قَالَاهُ إنَّمَا يَظْهَرُ إنْ لَمْ تَسَعْ مُدَّةُ غَيْبُوبَتِهَا أَكْلَ مَا يُقِيمُ بِنِيَّةِ الصَّائِمِ لِتَعَذُّرِ الْعَمَلِ بِمَا عِنْدَهُمْ فَاضْطُرِرْنَا إلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ، بِخِلَافِ مَا إذَا وَسِعَ ذَلِكَ وَلَيْسَ هَذَا حِينَئِذٍ كَأَيَّامِ الدَّجَّالِ لِوُجُودِ اللَّيْلِ هُنَا وَإِنْ قَصُرَ وَلَوْ لَمْ يَسَعْ ذَلِكَ إلَّا قَدْرَ الْمَغْرِبِ، أَوْ أَكْلَ الصَّائِمِ قَدَّمَ أَكْلَهُ وَقَضَى الْمَغْرِبَ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ وَجَبَ قَضَاؤُهَا عَلَى الْأَوْجَهِ لَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَ صَوْمِ رَمَضَانَ هَلْ يَجِبُ بِمُجَرَّدِ طُلُوعِ الْفَجْرِ عِنْدَهُمْ أَوْ يُعْتَبَرُ قَدْرُ طُلُوعِهِ بِأَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَوَالِي الصَّوْمِ الْقَاتِلِ أَوْ الْمُضِرِّ ضَرَرًا لَا يُحْتَمَلُ لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ تَنَاوُلِ مَا يَدْفَعُ ذَلِكَ لِعَدَمِ اسْتِمْرَارِ الْغُرُوبِ زَمَنًا يَسَعُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَهُوَ مُشْكِلٌ بِالْحُكْمِ بِانْعِدَامِ وَقْتِ الْعِشَاءِ بَلْ قِيَاسُ اعْتِبَارِ قَدْرِ طُلُوعِهِ بِأَقْرَبِ الْبِلَادِ بَقَاءُ وَقْتِ الْعِشَاءِ وَوُقُوعُهَا أَدَاءً فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ وَهَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ بَعْضِهِمْ فِيمَا إذَا لَمْ يَغِبْ الشَّفَقُ فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِيَ وَفَرَّعَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ حُكْمُ مَا نَحْنُ فِيهِ: أَيْ وَهُوَ أَنَّهُمْ يُقَدِّرُونَ فِي الصَّوْمِ لَيْلَهُمْ بِأَقْرَبِ بَلَدٍ إلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الثَّانِي) ـــــــــــــــــــــــــــــQ [وَقْتُ الْعِشَاء] قَوْلُهُ: لَا مَا بَعْدَهُ) مِنْ الْأَصْفَرِ ثُمَّ الْأَبْيَضِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُنْسَبُ الدُّخُولُ إلَيْهِمَا لِسَبْقِهِ عَلَيْهِمَا، وَالْمُرَادُ مِنْ هَذَا نَفْيُ مَذْهَبِ مَنْ قَالَ: إنَّ الْوَقْتَ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِمَغِيبِهِمَا (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ مَنْ قَالَ) أَيْ وَهَلْ قَوْلُ مَنْ قَالَ إلَخْ (قَوْلُهُ: اتِّحَادُ أَوَّلِ وَقْتَيْ الْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ) لَفْظُ أَوَّلِ لَيْسَ فِي فَتَاوَى وَالِدِهِ

لَا يَدْخُلُ إلَّا بِمُضِيِّ قَدْرِ مَا يَغِيبُ فِيهِ الشَّفَقُ فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ، وَأَيْضًا فَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الْعِشَاءِ لَيْلِيَّةٌ وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ نَهَارِيَّةً فِي حَقِّهِمْ، فَإِنْ اتَّفَقَ وُجُودُ الشَّفَقِ الْأَوَّلِ عِنْدَهُمْ بِأَنْ طَلَعَ فَجْرُهُمْ بِمُضِيِّ قَدْرِ مَا يَغِيبُ فِيهِ الشَّفَقُ فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ صَلَّوْا الْعِشَاءَ حِينَئِذٍ أَدَاءً لَكِنْ لَا يَدْخُلُ وَقْتُ صُبْحِهِمْ إلَّا بِمُضِيِّ مَا مَرَّ (وَيَبْقَى) وَقْتُهَا (إلَى الْفَجْرِ) الصَّادِقِ لِخَبَرِ جِبْرِيلَ مَعَ خَبَرِ مُسْلِمٍ «لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ الْأُخْرَى» ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي امْتِدَادَ وَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ إلَى دُخُولِ وَقْتِ الْأُخْرَى مِنْ الْخَمْسِ أَيْ فِي غَيْرِ الصُّبْحِ لِمَا سَيَجِيءُ فِي وَقْتِهَا، وَخَرَجَ بِالصَّادِقِ الْكَاذِبُ وَهُوَ مَا يَطْلُعُ مُسْتَطِيلًا بِأَعْلَاهُ ضَوْءٌ كَذَنَبِ السِّرْحَانِ وَهُوَ الذِّئْبُ، ثُمَّ يَذْهَبُ وَتَعْقُبُهُ ظُلْمَةٌ، ثُمَّ يَطْلُعُ الْفَجْرُ الصَّادِقُ مُسْتَطِيرًا بِالرَّاءِ: أَيْ مُنْتَشِرًا، ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ قَوْلِهِ: وَقَوْلُ مَنْ قَالَ إلَخْ. وَصُورَتُهُ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ لَيْلِهِمْ مَا يُمْكِنُ فِيهِ فِعْلُ الْعِشَاءِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي: فَإِنْ اتَّفَقَ وُجُودُ الشَّفَقِ الْأَوَّلِ إلَخْ (قَوْلُهُ: الشَّفَقِ الْأَوَّلِ) أَيْ الْأَحْمَرِ (قَوْلُهُ: قَدْرِ مَا يَغِيبُ فِيهِ الشَّفَقُ) لَعَلَّهُ قَدْرُ مَا يَطْلُعُ فِيهِ الْفَجْرُ (قَوْلُهُ: فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ) بَقِيَ مَا لَوْ اسْتَوَى فِي الْقُرْبِ إلَيْهِمْ بَلَدَانِ ثُمَّ كَانَ يَغِيبُ الشَّفَقُ فِي إحْدَاهُمَا قَبْلَ الْأُخْرَى هَلْ يُعْتَبَرُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى فِعْلِ الْعِشَاءِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا عَلَى احْتِمَالٍ (قَوْلُهُ: بِمُضِيِّ مَا مَرَّ) أَيْ مَا يَسَعُ الْعِشَاءَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ عَلَى مَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ عِبَارَتِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَدْخُلُ وَقْتُهُ بِمُضِيِّ اللَّيْلِ فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ، لَكِنَّهُ يُشْكِلُ بِأَنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي إلَى خُرُوجِ وَقْتِ الصُّبْحِ عِنْدَهُمْ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ عِنْدَهُمْ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ. وَعِبَارَةُ حَجّ مَا نَصُّهُ: الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُنْسَبَ وَقْتُ الْمَغْرِبِ عِنْدَ أُولَئِكَ إلَى لَيْلِهِمْ، فَإِنْ كَانَ السُّدُسَ مَثَلًا جَعَلْنَا لَيْلَ هَؤُلَاءِ سُدُسَهُ وَقْتَ الْمَغْرِبِ وَبَقِيَّتَهُ وَقْتَ الْعِشَاءِ وَإِنْ قَصُرَ جِدًّا وَأَطَالَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ، وَرَدَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا فَرَاجِعْهُ وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ حَجّ، وَيَلْزَمُ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ انْعِدَامُ وَقْتِ الْعِشَاءِ، وَقَدْ يُؤَدِّي إلَى أَنَّ الصُّبْحَ إنَّمَا يَدْخُلُ وَقْتُهُ بَعْدَ طُلُوعِ شَمْسِهِمْ. نَعَمْ إنْ خُصَّ كَلَامُ الشَّارِحِ بِمَا لَوْ غَابَ الشَّفَقُ فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ وَبَقِيَ مِنْ لَيْلِهِمْ مَا يُمْكِنُهُمْ فِيهِ فِعْلُ الْعِشَاءِ فَقَرِيبٌ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: لِمَا سَيَجِيءُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَقْتُ الصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَذَنَبِ السِّرْحَانِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الِاسْتِطَالَةُ وَكَوْنُ النُّورِ فِي أَعْلَاهُ عَمِيرَةُ وَهُوَ بِكَسْرِ السِّينِ، وَفِي الْمِصْبَاحِ السِّرْحَانُ بِالْكَسْرِ: الذِّئْبُ وَالْأَسَدُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الشَّفَقِ الْأَوَّلِ) أَيْ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ هَلْ مُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ بَعْدَ فَجْرِهِمْ. وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّ وَالِدَهُ سُئِلَ عَنْ قَضِيَّةِ مَا قَدَّمَهُ هُوَ فِي قَوْلِهِ وَمَنْ لَا عِشَاءَ عِنْدَهُمْ إلَخْ هَلْ يَقْتَضِي أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ الْعِشَاءَ بَعْدَ الْفَجْرِ أَوْ قَبْلَهُ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ فَرْضَ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِيهِ فِي الشَّفَقِ الثَّانِي: أَيْ بِأَنْ يَفْضُلَ بَعْدَ الزَّمَنِ الَّذِي يَغِيبُ الشَّفَقُ فِيهِ فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ زَمَنٌ مِنْ اللَّيْلِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ يُمْكِنُ إيقَاعُ الْعِشَاءِ فِيهِ، وَإِنَّمَا كَانَ فَرْضُ كَلَامِهِمْ ذَلِكَ لِلدَّلَائِلِ الَّتِي ذَكَرَهَا مِنْ كَلَامِهِمْ وَإِنْ كَانَ كَلَامُهُمْ فِي حَدِّ ذَاتِهِ مُحْتَمِلًا لِلشِّقِّ الْأَوَّلِ أَيْضًا: أَعْنِي كَوْنَهُمْ يُصَلُّونَ الْعِشَاءَ بَعْدَ الْفَجْرِ، فَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ لَهُمْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اتَّفَقَ وُجُودُ الشَّفَقِ الْأَوَّلِ) بِأَنْ لَمْ يَمْضِ زَمَنُ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ إلَّا وَقَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ عِنْدَهُمْ فَحُكْمُهُ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ الْعِشَاءَ حِينَئِذٍ: أَيْ بَعْدَ الْفَجْرِ وَبَعْدَ التَّقْدِيرِ الْمَذْكُورِ وَتَقَعُ لَهُمْ أَدَاءً، فَتَلَخَّصَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ التَّقْدِيرِ مُطْلَقًا وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ طُلُوعُ الْفَجْرِ قَبْلَ فِعْلِ الْعِشَاءِ، وَلَا يَخْفَى بَعْدَهُ حِينَئِذٍ، وَمِنْ ثَمَّ اعْتَمَدَ الشِّهَابُ حَجّ الْأَخْذَ بِالنِّسْبَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ جِبْرِيلَ) أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِأَوَّلِ الْوَقْتِ إذْ لَمْ يُقَدِّمْ دَلِيلَهُ، وَقَوْلُهُ مَعَ خَبَرِ مُسْلِمٍ أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِآخِرِهِ

[وقت الصبح]

وَسُمِّيَ الْأَوَّلُ كَاذِبًا لِأَنَّهُ يُضِيءُ ثُمَّ يَسْوَدُّ وَيَذْهَبُ. وَالثَّانِي صَادِقًا لِأَنَّهُ يُصَدِّقُ عَنْ الصُّبْحِ وَيُبَيِّنُهُ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْخَبَرِ إطْلَاقُ الْكَذِبِ عَلَى مَا لَا يَعْقِلُ وَهُوَ «صَدَقَ اللَّهُ وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيك» لِمَا أَوْهَمَهُ مِنْ عَدَمِ حُصُولِ الشِّفَاءِ بِشُرْبِ الْعَسَلِ. وَذَكَرَ فِي الْمَجْمُوعِ لِلْعِشَاءِ أَرْبَعَةَ أَوْقَاتٍ: الْوَقْتَانِ الْمَذْكُورَانِ، وَوَقْتُ فَضِيلَةٍ أَوَّلَ الْوَقْتِ، وَوَقْتُ عُذْرٍ، وَوَقْتُ الْمَغْرِبِ لِمَنْ يَجْمَعُ (وَالِاخْتِيَارُ أَنْ لَا تُؤَخَّرَ عَنْ ثُلُثِ اللَّيْلِ) لِخَبَرِ جِبْرِيلَ السَّابِقِ (وَفِي قَوْلٍ عَنْ نِصْفِهِ) لِخَبَرِ «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَخَّرْت صَلَاةَ الْعِشَاءِ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ» وَرَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَكَلَامُهُ فِي الْمَجْمُوعِ يَقْتَضِي أَنَّ الْأَكْثَرِينَ عَلَيْهِ: قَالَ السُّبْكِيُّ: فَلَا أَدْرِي تَصْحِيحَهُ عَنْ عَمْدٍ فَيَكُونُ مُخَالِفًا لِمَا فِي كُتُبِهِ أَمْ لَا وَهُوَ الْأَقْرَبُ. (وَالصُّبْحُ) بِضَمِّ الصَّادِ وَحُكِيَ كَسْرُهَا لُغَةً أَوَّلُ النَّهَارِ، وَيَدْخُلُ وَقْتُهَا (بِالْفَجْرِ الصَّادِقِ) لِخَبَرِ جِبْرِيلَ فَإِنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى الْوَقْتِ الَّذِي يَحْرُمُ فِيهِ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ عَلَى الصَّائِمِ وَإِنَّمَا يَحْرُمَانِ بِالصَّادِقِ (وَهُوَ الْمُنْتَشِرُ ضَوْءُهُ مُعْتَرِضًا بِالْأُفُقِ) كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَيَّدَ هُنَا بِالصَّادِقِ وَأَطْلَقَ فِي خُرُوجِ وَقْتِ الْعِشَاءِ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْحُكْمَ دَائِرٌ عَلَى الصَّادِقِ الْآتِي فِي كَلَامِهِ (وَيَبْقَى) وَقْتُهَا (حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ) لِلْخَبَرِ وَهُوَ (وَقْتُ الصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ) أَيْ بَعْضُهَا كَمَا مَرَّ (وَالِاخْتِيَارُ أَنْ لَا تُؤَخَّرَ عَنْ الْإِسْفَارِ) أَيْ الْإِضَاءَةِ لِخَبَرِ جِبْرِيلَ الْمَارِّ. وَلَهُ أَرْبَعَةُ أَوْقَاتِ فَضِيلَةٍ، وَهِيَ: أَوَّلُهُ ثُمَّ اخْتِيَارٌ إلَى الْإِسْفَارِ، ثُمَّ جَوَازٌ بِلَا كَرَاهَةٍ إلَى الْحُمْرَةِ قَبْلَ طُلُوعِهَا، ثُمَّ جَوَازٌ مَعَ الْكَرَاهَةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُكْرَهُ تَأْخِيرُهَا إلَيْهِ. وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّهَا الْوُسْطَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} [البقرة: 238] الْآيَةَ إذْ لَا قُنُوتَ إلَّا فِيهَا، وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «قَالَتْ عَائِشَةُ لِمَنْ يَكْتُبُ لَهَا مُصْحَفًا: اُكْتُبْ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَصَلَاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ قَالَتْ: سَمِعْتهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» إذْ الْعَطْفُ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ. قَالَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ فِي الْحَاوِي: صَحَّتْ الْأَحَادِيثُ أَنَّهَا الْعَصْرُ كَخَبَرِ «شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ» وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ اتِّبَاعُ الْحَدِيثِ فَصَارَ هَذَا مَذْهَبَهُ، وَلَا يُقَالُ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ كَمَا وَهِمَ فِيهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَقَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: نَعَمْ الْأَصَحُّ أَنَّهَا الْعَصْرُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَلَا كَرَاهَةَ فِي تَسْمِيَةِ الصُّبْحِ غَدَاةً كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ. نَعَمْ الْأَوْلَى عَدَمُ تَسْمِيَتِهَا بِذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالْجَمْعُ سَرَاحِينُ، وَيُقَالُ لِلْفَجْرِ الْكَاذِبِ عَلَى التَّشْبِيهِ اهـ (قَوْلُهُ: يُصَدِّقُ عَنْ الصُّبْحِ) أَيْ يَكْشِفُ (قَوْلُهُ: وَيُبَيِّنُهُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: أَرْبَعَةَ أَوْقَاتٍ) أَيْ زِيَادَةً عَلَى وَقْتَيْ الضَّرُورَةِ وَالْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ: الْوَقْتَانِ الْمَذْكُورَانِ) أَيْ وَهُمَا قَوْلُهُ: فِيمَا مَضَى فِي أَوْقَاتِ الظُّهْرِ، وَلَهَا أَيْضًا وَقْتُ ضَرُورَةٍ وَسَيَأْتِي، وَوَقْتُ حُرْمَةٍ وَهُوَ الْقَدْرُ الَّذِي لَا يَسَعُهَا وَإِنْ وَقَعَتْ أَدَاءً لَكِنَّهُمَا يَجْرِيَانِ فِي غَيْرِ الظُّهْرِ، وَقَوْلُهُ وَوَقْتُ فَضِيلَةٍ أَوَّلَ الْوَقْتِ، وَوَقْتُ عُذْرٍ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى الْوَقْتَانِ (قَوْلُهُ وَرَجَّحَهُ) أَيْ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ. (قَوْلُهُ: عَنْ الْإِسْفَارِ) يُقَالُ سَفَّرَ الصُّبْحُ وَأَسْفَرَ، وَيَجِبُ حَمْلُ عَنْ الْإِسْفَارِ عَلَى اسْتِعْمَالِ عَنْ بِمَعْنَى إلَى لِتُوَافِقَ عِبَارَةَ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا، أَوْ يُرَادُ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ مِنْ الْإِسْفَارِ فَإِنَّهَا إذَا وَقَعَتْ فِيهِ صُدِّقَ أَنَّهَا أُخِّرَتْ عَنْ الْجُزْءِ الْأَوَّلِ، لَكِنَّ هَذَا الْأَخِيرَ يَقْتَضِي أَنَّ مُقَارَنَةَ آخِرِهَا لِلْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ الِاخْتِيَارِ، فَالتَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ أَوْلَى بَلْ مُتَعَيَّنٌ اهـ عَمِيرَةُ؟ (قَوْلُهُ: ثُمَّ) اخْتِيَارُ التَّعْبِيرِ بِثُمَّ يُفِيدُ أَنَّ وَقْتَ الِاخْتِيَارِ لَا يُشَارِكُ وَقْتَ الْفَضِيلَةِ، وَقَوْلُ الْمَنْهَجِ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ وَالِاخْتِيَارِ مِنْ ذَلِكَ: أَيْ آخِرَ وَقْتِ الظُّهْرِ إلَخْ، وَتَعْبِيرُهُ بِمِثْلِهِ فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ يَقْتَضِي أَنَّ وَقْتَ الْفَضِيلَةِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِاخْتِيَارِ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ اخْتِيَارٌ لَا غَيْرُ، وَمِثْلُ مَا فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْمَذْكُورَانِ) أَيْ فِي الْمَتْنِ قَبْلُ وَبَعْدُ، فَقَوْلُهُ، وَيَبْقَى إلَى الْفَجْرِ الصَّادِقِ هُوَ وَقْتُ الْجَوَازِ، وَالْآتِي وَقْتُ الِاخْتِيَارِ [وَقْتُ الصُّبْح] (قَوْلُهُ: ثُمَّ اخْتِيَارُ) أَيْ: فَقَطْ وَإِلَّا، فَهُوَ يُشَارِكُ الْفَضِيلَةَ فِي وَقْتِهَا.

وَتُسَمَّى فَجْرًا وَصُبْحًا لِوُرُودِ الْفَجْرِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِهِمَا مَعًا (قُلْت: يُكْرَهُ تَسْمِيَةُ الْمَغْرِبِ عِشَاءً وَ) تَسْمِيَةُ (الْعِشَاءِ عَتَمَةً) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَغْلِبَنَّكُمْ الْأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ الْمَغْرِبِ، قَالَ: وَتَقُولُ الْأَعْرَابُ هِيَ الْعِشَاءُ» وَلِقَوْلِهِ «لَا تَغْلِبَنَّكُمْ الْأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ أَلَا إنَّهَا الْعِشَاءُ وَهُمْ يُعْتِمُونَ بِالْإِبِلِ» وَمَا وَرَدَ عَنْ تَسْمِيَتِهَا عَتَمَةً فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مَحْمُولٌ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ أَوْ أَنَّهُ خَاطَبَ بِهِ مَنْ يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ الْعِشَاءُ بِالْمَغْرِبِ أَوْ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ النَّهْيِ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ كَرَاهَةِ تَسْمِيَتِهَا عَتَمَةً هُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَالتَّحْقِيقِ، لَكِنَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ نَقَلَ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا تُسَمَّى بِذَلِكَ، وَذَهَبَ إلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ تُكْرَهُ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: فَظَهَرَ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى عَدَمِ الْكَرَاهَةِ، وَقَدْ فَهِمَ أَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمُخَالَفَةَ، وَأَفَادَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَدَمَهَا إذْ لَيْسَ فِي النَّصِّ حُكْمُ تَسْمِيَتِهَا بِذَلِكَ، وَقَدْ سَكَتَ عَنْهُ الْمُحَقِّقُونَ، وَصَرَّحَتْ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى بِكَرَاهَتِهَا وَهُوَ الْوَجْهُ لِوُرُودِ النَّهْيِ الْخَاصِّ فِيهَا. (وَ) يُكْرَهُ (النَّوْمُ قَبْلَهَا) أَيْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ لِمَا فِيهِ مِنْ خَوْفِ اسْتِمْرَارِهِ إلَى خُرُوجِ الْوَقْتِ وَلِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: إنَّ هَذِهِ الْكَرَاهَةَ تَعُمُّ سَائِرَ الصَّلَوَاتِ، وَسِيَاقُ كَلَامِهِمْ يُشْعِرُ بِتَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ بِمَا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهَ أَيْضًا ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَنْهَجِ فِي مَتْنِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: يُكْرَهُ تَسْمِيَةُ الْمَغْرِبِ عِشَاءً) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِالتَّغْلِيبِ كَالْعِشَاءَيْنِ، وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ حَيْثُ قَالَ: وَغَلَبَ فِي التَّثْنِيَةِ الْعَصْرُ لِشَرَفِهَا وَالْمَغْرِبُ لِلنَّهْيِ عَنْ تَسْمِيَتِهَا عِشَاءً، لَكِنْ نَقَلَ سم فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ عَنْ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ: أَيْ مَعَ التَّغْلِيبِ (قَوْلُهُ: وَتَسْمِيَةُ الْعِشَاءِ) لَا يُقَالُ: كَانَ الْأَوْلَى عَدَمَ تَقْدِيرِ التَّسْمِيَةِ لِأَنَّ الْعَامِلَ فِي الْمَعْطُوفِ هُوَ الْعَامِلُ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ: لِأَنَّا نَقُولُ: الْغَرَضُ مِنْ ذِكْرِهِ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ الْعَامِلَ فِيهِ التَّسْمِيَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْمَتْنِ كَمَا أَجَابُوا بِهِ فِي أَمْثَالِ ذَلِكَ، كَمَا لَوْ قِيلَ لَمْ يَقُمْ وَلَمْ يَقْعُدْ زَيْدٌ مِنْ قَوْلِهِمْ ذِكْرُ لَمْ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ تَقْدِيرَ عَامِلٍ غَيْرِ الْأَوَّلِ، بَلْ مُرَادُهُمْ بِهِ مُجَرَّدُ بَيَانِ الْعَامِلِ الْمُتَقَدِّمِ (قَوْلُهُ: عَدَمَهَا) أَيْ عَدَمَ الْمُخَالَفَةِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ الْكَرَاهَةُ وَقَوْلُهُ: الْوَجْهُ مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهَ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ فِي أَثْنَاءِ كَلَامِهِ: بَلْ وَلَا يُكْرَهُ النَّوْمُ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ رَمْلِيٌّ وَهُوَ شَامِلٌ لِلْعِشَاءِ فَلَا يُكْرَهُ النَّوْمُ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا وَشَامِلٌ لِلْجُمُعَةِ أَيْضًا فَلَا يُكْرَهُ النَّوْمُ قَبْلَهُ وَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْجُمُعَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُخَاطَبًا بِهَا قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ، وَإِنْ قُلْنَا بِوُجُوبِ السَّعْيِ عَلَى بَعِيدِ الدَّارِ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ بَعِيدُ الدَّارِ لَا يُمْكِنُهُ الذَّهَابُ إلَى الْجُمُعَةِ إلَّا بِالسَّعْيِ قَبْلَهَا نُزِّلَ مَا يُمْكِنُهُ فِيهِ السَّعْيُ مَنْزِلَةَ وَقْتِ الْجُمُعَةِ، لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُعْتَبَرْ لَأَدَّى إلَى عَدَمِ طَلَبِهَا مِنْهُ، وَالنَّوْمُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مُسْتَلْزِمًا لِتَفْوِيتِ الْجُمُعَةِ اعْتَبَرَ لِحُرْمَتِهِ خِطَابَهُ بِالْجُمُعَةِ وَهُوَ لَا يُخَاطَبُ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ، لَكِنْ فِي سم عَلَى حَجّ أَنَّ حُرْمَةَ النَّوْمِ قَبْلَ الْجُمُعَةِ هُوَ قِيَاسُ وُجُوبِ السَّعْيِ عَلَى بَعِيدِ الدَّارِ. قَالَ: وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَعِيدُ الدَّارِ وَجَبَ عَلَيْهِ السَّعْيُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِوُرُودِ الْفَجْرِ فِي الْكِتَابِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ جَاءَ بِالثَّانِي أَيْ: الْفَجْرِ وَالسُّنَّةُ بِهِمَا مَعًا (قَوْلُهُ: عَدَمَهَا) أَيْ الْمُخَالِفَةِ لِمَا بَيَّنَهُ بَعْدُ. وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ فِي كَلَامِ النَّوَوِيِّ الَّذِي فَهِمَهُ مِنْهُ أَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ؛ لِأَنَّ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْأُمِّ لَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِحُكْمِ التَّسْمِيَةِ، إذْ الَّذِي فِيهَا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا تُسَمَّى فَيَبْقَى إذَا سُمِّيَتْ هَلْ يَكُونُ مَكْرُوهًا أَوْ خِلَافَ الْأَوْلَى؟ لَا تَعَرُّضَ فِي النَّصِّ لِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْمُحَقِّقُونَ التَّابِعُونَ لِلنَّصِّ سَاكِتُونَ عَنْ ذَلِكَ، فَرَجَعْنَا إلَى الْكَرَاهَةِ الْمُصَرَّحِ بِهَا فِي كَلَامِ النَّوَوِيِّ فِي الرَّوْضَةِ وَالتَّحْقِيقِ الْوَارِدِ بِهَا النَّصُّ قَوْلُهُ: (وَسِيَاقُ كَلَامِهِمْ يُشْعِرُ بِتَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ بِمَا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ) أَيْ: فَالْكَرَاهَةُ خَاصَّةٌ بِهِ فَمَا نَقَلَهُ بَعْدُ عَنْ بَحْثِ الْإِسْنَوِيِّ مُخَالِفٌ لَهُ وَمِنْ ثَمَّ اعْتَمَدَ الزِّيَادِيُّ خِلَافَهُ، وَسَيَأْتِي أَنَّ مَحَلَّ الْكَرَاهَةِ إذَا ظَنَّ يَقَظَتَهُ فِي الْوَقْتِ وَإِلَّا حَرُمَ

قَبْلَهُ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ فِعْلِ الْمَغْرِبِ لِلْمَعْنَى السَّابِقِ (وَالْحَدِيثُ بَعْدَهَا) مَكْرُوهًا كَانَ أَوْ مُبَاحًا لِلْحَدِيثِ الْمَارِّ وَلَكِنَّ الْمَكْرُوهَ أَشَدُّ كَرَاهَةً هُنَا، وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّ نَوْمَهُ قَدْ يَتَأَخَّرُ فَيَخَافُ فَوْتَ الصُّبْحِ عَنْ وَقْتِهَا أَوْ عَنْ أَوَّلِهِ أَوْ يَفُوتُهُ صَلَاةُ اللَّيْلِ إنْ اعْتَادَهَا وَلِتَقَعَ الصَّلَاةُ الَّتِي هِيَ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ خَاتِمَةَ عَمَلِهِ، وَالنَّوْمُ أَخُو الْمَوْتِ، وَرُبَّمَا مَاتَ فِي نَوْمِهِ وَبِأَنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ سَكَنًا وَهَذَا يُخْرِجُهُ عَنْ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ، وَأَظْهَرُ الْمَعَانِي الْأَوَّلُ، وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ مَا لَوْ جَمَعَ الْعِشَاءَ مَعَ الْمَغْرِبِ تَقْدِيمًا، وَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ خِلَافُهُ، وَمَحَلُّ كَرَاهَةِ النَّوْمِ قَبْلَهَا إذَا ظَنَّ تَيَقُّظَهُ فِي الْوَقْتِ وَإِلَّا حَرُمَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ، فَإِنْ نَامَ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ لَمْ يَحْرُمْ وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ تَيَقُّظِهِ فِيهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُخَاطَبْ بِهَا، وَلَوْ غَلَبَ عَلَيْهِ النَّوْمُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَعَزْمِهِ عَلَى الْفِعْلِ وَأَزَالَ تَمْيِيزَهُ فَلَا حُرْمَةَ فِيهِ مُطْلَقًا وَلَا كَرَاهَةَ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَدَمَ كَرَاهَةِ الْحَدِيثِ قَبْلَهَا، لَكِنَّ قَضِيَّةَ التَّعْلِيلِ بِخَوْفِ الْفَوْتِ عَدَمُ الْفَرْقِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ إبَاحَةَ الْكَلَامِ قَبْلَ الصَّلَاةِ تَنْتَهِي بِالْأَمْرِ بِإِيقَاعِ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِ الِاخْتِيَارِ، وَأَمَّا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَلَا ضَابِطَ لَهُ فَخَوْفُ الصَّلَاةِ فِيهِ أَكْثَرُ اهـ (إلَّا فِي خَيْرٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ وَحَدِيثٍ وَمُذَاكَرَةِ فِقْهٍ وَإِينَاسِ ضَيْفٍ وَتَكَلُّمٍ بِمَا دَعَتْ إلَيْهِ حَاجَةٌ كَحِسَابٍ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ، لِأَنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ نَاجِزٌ فَلَا يُتْرَكُ لِمَفْسَدَةٍ مُتَوَهَّمَةٍ لِمَا رُوِيَ «عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحَدِّثُنَا عَامَّةَ لَيْلِهِ عَنْ بَنِي إسْرَائِيلَ» وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْمُسَافِرَ. وَمِنْ كَرَاهَتِهِ قَبْلَهَا إنْ قُلْنَا بِهَا الْمُنْتَظِرَ جَمَاعَةً بَعْدَ مُضِيِّ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ لِحَدِيثِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَبْلَ الْوَقْتِ وَحَرُمَ النَّوْمُ الْمُفَوِّتُ لِذَلِكَ السَّعْيِ الْوَاجِبِ (قَوْلُهُ: قَبْلَهُ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ عَدَمُ تَحْرِيمِ النَّوْمِ قَبْلَ الْوَقْتِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَسْتَيْقِظُ فِيهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُخَاطَبْ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ لِخِفَّةِ أَمْرِهَا تَوَسَّعُوا فِيهَا فَأَثْبَتُوهَا لِمُجَرَّدِ الِاحْتِيَاطِ وَلَا كَذَلِكَ التَّحْرِيمُ (قَوْلُهُ: وَالْحَدِيثُ بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ فِعْلِهَا. قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: وَالْمُرَادُ الْحَدِيثُ الْمُبَاحُ فِي غَيْرِ هَذَا الْوَقْتِ. أَمَّا الْمَكْرُوهُ فَهُوَ هُنَا أَشَدُّ كَرَاهَةً وَكَذَا الْمُحَرَّمُ. قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: كَسِيرَةِ الْبَطَّالِ وَغَيْرِهِ وَالْأَخْبَارِ الْكَاذِبَةِ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ سَمَاعُهَا لِعَدَمِ صِحَّتِهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فِي الِاعْتِكَافِ، وَعَدَمُ صِحَّتِهَا لَا يَكْفِي فِي التَّعْلِيلِ إلَّا إنْ أُرِيدَ بِهِ تَحَقُّقُ كَذِبِهَا كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي سِيرَةِ الْبَطَّالِ وَغَيْرِهِ اهـ. وَأُلْحِقَ بِالْحَدِيثِ نَحْوُ الْخِيَاطَةِ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَغَيْرِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ فَلَا يُكْرَهُ. قَالَ ع بَعْدَ هَذَا قَالَ: أَيْ الْإِسْنَوِيُّ: فَإِنْ قُلْنَا بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ فَهَلْ يَكُونُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ أَوْ بِمُضِيِّ قَدْرِ زَمَنِ الْفِعْلِ؟ مَحَلُّ نَظَرٍ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي. وَنَقَلَهُ سم عَنْ حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لَكِنْ جَزَمَ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمَنْهَجِ بِالْأَوَّلِ حَيْثُ قَالَ: إلَّا إذَا جَمَعَهَا تَقْدِيمًا مَعَ الْمَغْرِبِ فَلَا يُكْرَهُ بَعْدَهَا قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا اهـ. وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الدُّخُولِ يُكْرَهُ وَإِنْ لَمْ يَمْضِ زَمَنٌ يَسَعُ فِعْلَهَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا حَرُمَ) مِثْلُهُ مَا لَوْ وَهِمَ عَدَمَ اسْتِيقَاظِهِ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ وَإِينَاسِ ضَيْفٍ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ فَاسِقًا وَإِلَّا حَرُمَ إلَّا لِعُذْرٍ كَخَوْفٍ مِنْهُ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ، وَهَذَا إذَا كَانَ إينَاسُهُ لَهُ لِكَوْنِهِ فَاسِقًا. أَمَّا لَوْ كَانَ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ شَيْخَهُ أَوْ مُعَلِّمَهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ، فَإِنْ لَمْ يُلَاحَظْ فِي إينَاسِهِ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَيَظْهَرُ إلْحَاقُهُ بِالْأَوَّلِ فَيَحْرُمُ (قَوْلُهُ: بِمَا دَعَتْ إلَيْهِ حَاجَةٌ) وَمِنْهَا مُحَادَثَةُ الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: عَامَّةَ لَيْلِهِ) أَيْ أَكْثَرَهُ (قَوْلُهُ: الْمُسَافِرَ) أَيْ فَلَا يُكْرَهُ فِي حَقِّهِ الْحَدِيثُ بَعْدَهَا مُطْلَقًا: أَيْ سَوَاءٌ كَانَ السَّفَرُ طَوِيلًا أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ فِي خَيْرٍ أَوْ حَاجَةِ السَّفَرِ (قَوْلُهُ: إنْ قُلْنَا بِهَا) أَيْ الَّذِي هُوَ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: مَضَى وَقْتُ الِاخْتِيَارِ) أَيْ فَلَا يُكْرَهُ، وَمَعْلُومٌ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ قَبْلَ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّ فَرْقَ الْإِسْنَوِيِّ بَيْنَ الْحَدِيثِ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا يَقْتَضِي كَرَاهَتَهُ قَبْلَهَا بَعْدَ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ. هَذَا، وَفِي حَجّ مَا نَصُّهُ: وَأَمَّا قَبْلَهَا فَإِنْ فَوَّتَ الِاخْتِيَارَ كُرِهَ: أَيْ كَانَ خِلَافَ الْأَوْلَى، وَتُسَمَّى كَرَاهَةً خَفِيفَةً وَإِلَّا فَلَا إلَّا لِمُنْتَظِرِ الْجَمَاعَةِ لِيُعِيدَهَا مَعَهُمْ وَلَوْ بُعَيْدَ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ وَلِلْمُسَافِرِ ثُمَّ قَالَ: وَإِلَّا لِعُذْرٍ أَوْ فِي خَيْرٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

«لَا سَمَرَ بَعْدَ الْعِشَاءِ إلَّا لِمُصَلٍّ أَوْ مُسَافِرٍ» رَوَاهُمَا أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ. وَتَجِبُ الصَّلَاةُ بِأَوَّلِ وَقْتِهَا وُجُوبًا مُوَسَّعًا فَلَا يَأْثَمُ بِتَأْخِيرِهِ إلَى آخِرِهِ إنْ عَزَمَ فِي أَوَّلِهِ عَلَى فِعْلِهَا فِيهِ وَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ وَقْتِهَا إلَّا مَا يَسَعُهَا فَقَطْ، بِخِلَافِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ مُوَسَّعٌ وَلَكِنَّهُ يَأْثَمُ بِالْمَوْتِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ فِعْلِهِ وَلَمْ يَفْعَلْهُ إذْ لَوْ لَمْ يُحْكَمْ بِعِصْيَانِهِ لَأَدَّى إلَى فَوَاتِ مَعْنَى الْوُجُوبِ وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَلَهَا حَالَةٌ أُخْرَى يَعْصِي فِيهَا وَهُوَ إخْرَاجُهَا عَنْ وَقْتِهَا، فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ مَوْتُهُ فِي أَثْنَاءِ الْوَقْتِ أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ تَعَيَّنَتْ فِيهِ ثُمَّ لَوْ لَمْ يَمُتْ فِي أَثْنَائِهِ لَمْ تَصِرْ بِفِعْلِهَا فِي بَاقِيهِ قَضَاءً، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَهَا أَوَّلَ وَقْتِهَا كَمَا قَالَ (وَيُسَنُّ تَعْجِيلُ الصَّلَاةِ لِأَوَّلِ الْوَقْتِ) وَلَوْ عِشَاءً لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} [البقرة: 238] وَمِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا تَعْجِيلُهَا، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: 148] ـــــــــــــــــــــــــــــSكَعِلْمٍ شَرْعِيٍّ اهـ. وَمُرَادُهُ الشَّرْعِيُّ الَّذِي لَهُ تَعَلُّقٌ بِالشَّرْعِ لَا خُصُوصُ الشَّرْعِيِّ بِالْمَعْنَى الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْفِقْهُ وَالْحَدِيثُ وَالتَّفْسِيرُ وَمِنْهُ النَّحْوُ وَالصَّرْفُ وَغَيْرُهُمَا وَهُوَ ظَاهِرٌ، أَوْ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْحَدِيثَ بَعْدَهَا لِانْتِظَارِ جَمَاعَةٍ يُعِيدُهَا مَعَهُمْ غَيْرُهُ مَكْرُوهٌ، وَهُوَ خِلَافُ مَا فَرَضَ الشَّارِحُ الْكَلَامَ فِيهِ مِنْ أَنَّ انْتِظَارَ الْجَمَاعَةِ قَبْلَهَا لَا يُكْرَهُ فَيَصِيرُ الْحَاصِلُ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الْحَدِيثُ لِانْتِظَارِ الْجَمَاعَةِ لَا قَبْلَ فِعْلِهَا وَلَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: لَا سَمَرَ) أَيْ لَا حَدِيثَ (قَوْلُهُ: أَوْ مُسَافِرٍ) نَازَعَ فِيهِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ ابْنِ الْعِمَادِ بِأَنَّ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسَافِرِ وَغَيْرِهِ، ثُمَّ حَمَلَ الْحَدِيثَ عَلَى مَا حَاصِلُهُ أَنْ يَحْتَاجَ إلَيْهِ الْمُسَافِرُ لِإِعَانَتِهِ عَلَى السَّتْرِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: إنْ عَزَمَ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَعْزِمْ أَثِمَ وَإِنْ فَعَلَهَا فِي الْوَقْتِ وَهَذَا عَزْمٌ خَاصٌّ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَيْضًا عَزْمٌ عَامٌّ، وَهُوَ أَنْ يَعْزِمَ عَقِبَ الْبُلُوغِ عَلَى فِعْلِ كُلِّ الْوَاجِبَاتِ وَتَرْكِ كُلِّ الْمَعَاصِي كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ سم فِي الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ إلَخْ) أَقُولُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الصَّلَاةَ وَقْتٌ مَحْدُودٌ فَيَتَحَقَّقُ الْإِثْمُ بِفَوَاتِهِ، بِخِلَافِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ لَا آخِرَ لِوَقْتِهِ فَلَوْ لَمْ نُؤَثِّمْهُ بِالْمَوْتِ لَمْ يَتَحَقَّقْ وُجُوبُهُ (قَوْلُهُ: إذْ لَوْ لَمْ يُحْكَمْ بِعِصْيَانِهِ) يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ مَا فَاتَ بِعُذْرٍ مِنْ صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ كَالْحَجِّ، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ حَجَرٍ حَيْثُ قَالَ: وَمِثْلُ الْحَجِّ فَائِتَةٌ بِعُذْرٍ لِأَنَّ وَقْتَهَا الْعُمْرُ أَيْضًا اهـ، وَمُقْتَضَى تَشْبِيهِهِ بِالْحَجِّ أَنَّهُ بِالْمَوْتِ يَتَبَيَّنُ إثْمُهُ مِنْ آخِرِ وَقْتِ الْإِمْكَانِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ أَيْضًا: فَإِنْ قُلْت: مَرَّ فِي النَّوْمِ أَنَّهُ لَوْ تَوَهَّمَ الْفَوْتَ مَعَهُ حَرُمَ فَهَلْ قِيَاسُهُ هَذَا حَتَّى يَتَضَيَّقَ بِتَوَهُّمِ الْفَوْتِ؟ قُلْت: نَعَمْ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ النَّوْمِ التَّفْوِيتَ فَلَمْ يَجُزْ إلَّا مَعَ ظَنِّ الْإِدْرَاكِ بِخِلَافِهِ هُنَا اهـ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ مَوْتُهُ فِي أَثْنَاءِ الْوَقْتِ لَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ تَعَيَّنَتْ فِيهِ أَنَّهُ لَوْ تَوَهَّمَ مَوْتَهُ لَمْ يَأْثَمْ بِالتَّأْخِيرِ بِنَاءً عَلَى مَا اقْتَضَاهُ الْعَطْفُ لِلشَّكِّ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ اسْتِوَاءُ الطَّرَفَيْنِ فَلَا يَكُونُ التَّوَهُّمُ مُلْحَقًا بِتَوَهُّمِ الْفَوَاتِ بِالنَّوْمِ، فَإِنْ حُمِلَ الشَّكُّ عَلَى مُطْلَقِ التَّرَدُّدِ اقْتَضَى التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْفَوَاتِ بِالنَّوْمِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ تَعْجِيلُ الصَّلَاةِ) . [تَنْبِيهٌ] فَرَّقَ ابْنُ الْقَيِّمِ بَيْنَ الْمُبَادَرَةِ وَالْعَجَلَةِ بِأَنَّ الْمُبَادَرَةَ انْتِهَازُ الْفُرْصَةِ فِي وَقْتِهَا فَلَا يَتْرُكُهَا حَتَّى إذَا فَاتَتْ طَلَبَهَا فَهُوَ لَا يَطْلُبُ الْأُمُورَ فِي إدْبَارِهَا وَلَا قَبْلَ وَقْتِهَا، بَلْ إذَا حَضَرَ وَقْتُهَا بَادَرَ إلَيْهَا وَوَثَبَ عَلَيْهَا، وَالْعَجَلَةُ طَلَبُ أَخْذِ الشَّيْءِ قَبْلَ وَقْتِهِ اهـ مُنَاوِيٌّ فِي شَرْحِهِ لِلْجَامِعِ عِنْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «بَادِرُوا بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ» إلَخْ، وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ التَّعْبِيرَ هُنَا بِالتَّعْجِيلِ لِلْمُبَالَغَةِ وَهُوَ مَجَازٌ عَنْ الْمُبَادَرَةِ لَكِنَّهُ لِشِدَّتِهَا كَأَنَّهُ طَلَبَ الصَّلَاةَ قَبْلَ وَقْتِهَا، أَوْ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِهِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ الِاشْتِغَالُ بِأَسْبَابِهَا قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا فَذَلِكَ كَالطَّلَبِ لَهَا قَبْلَ وَقْتِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ عِشَاءً) أَخَذَهَا غَايَةً تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ بَعْدُ: وَفِي قَوْلٍ تَأْخِيرُ الْعِشَاءِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: 148] أَيْ ابْتَدِرُوهَا. قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: 148] فَابْتَدِرُوهَا انْتِهَازًا لِلْفُرْصَةِ وَحِيَازَةً لِفَضْلِ السَّبْقِ وَالتَّقَدُّمِ اهـ. وَالْفُرْصَةُ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ تَفَارَصَ الْقَوْمُ الْمَاءَ الْقَلِيلَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ نَوْبَةٌ، فَيُقَالُ يَا فُلَانُ جَاءَتْ فُرْصَتُك: أَيْ نَوْبَتُك وَوَقْتُك الَّذِي تَسْتَقِي فِيهِ فَيُسَارِعُ لَهُ. وَانْتَهَزَ الْفُرْصَةَ: أَيْ شَمَّرَ لَهَا مُبَادِرًا، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَقَوْلِهِ {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: 133] وَالصَّلَاةُ مِنْ الْخَيْرَاتِ، وَسَبَبُ الْمَغْفِرَةِ، وَلِخَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «سَأَلْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: الصَّلَاةُ لِأَوَّلِ وَقْتِهَا» وَأَمَّا خَبَرُ «أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ» فَمُعَارَضٌ بِذَلِكَ وَغَيْرِهِ، وَلِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِسْفَارِ ظُهُورُ الْفَجْرِ الَّذِي بِهِ يُعْلَمُ طُلُوعُهُ، فَالتَّأْخِيرُ إلَيْهِ أَفْضَلُ مِنْ تَعْجِيلِهِ عِنْدَ ظَنِّ طُلُوعِهِ، وَأَمَّا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ الْعِشَاءَ» فَجَوَابُهُ أَنَّ تَعْجِيلَهَا هُوَ الَّذِي وَاظَبَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «الصَّلَاةُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ رِضْوَانُ اللَّهِ، وَفِي آخِرِهِ عَفْوُ اللَّهِ» قَالَ إمَامُنَا رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: إنَّمَا يَكُونُ لِلْمُحْسِنِينَ، وَالْعَفْوُ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُقَصِّرِينَ، وَلَا يُمْنَعُ تَحْصِيلُ فَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ لَوْ اشْتَغَلَ أَوَّلَهُ بِأَسْبَابِهَا مِنْ طَهَارَةٍ وَأَذَانٍ وَسَتْرٍ وَأَكْلِ لُقَمٍ وَتَقْدِيمِ سُنَّةٍ رَاتِبَةٍ بَلْ لَوْ أَخَّرَ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ ثُمَّ أَحْرَمَ بِهَا حَصَّلَ فَضِيلَةَ أَوَّلِهِ كَمَا فِي الذَّخَائِرِ، وَلَا يُكَلَّفُ السُّرْعَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالْجَمْعُ فُرَصٌ مِثْلَ: غَرْفَةٌ وَغُرَفٌ (قَوْلُهُ: وَقَوْلِهِ وَسَارِعُوا) قَالَ النَّسَفِيُّ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: مَعْنَى الْمُسَارَعَةِ إلَى الْمَغْفِرَةِ وَالْجَنَّةِ الْإِقْبَالُ عَلَى مَا يُوَصِّلُ إلَيْهِمَا ثُمَّ قِيلَ هِيَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ أَوْ التَّكْبِيرَةُ الْأُولَى أَوْ الطَّاعَةُ أَوْ الْإِخْلَاصُ أَوْ التَّوْبَةُ أَوْ الْجُمُعَةُ وَالْجَمَاعَةُ. (قَوْلُهُ: هُوَ الَّذِي وَاظَبَ عَلَيْهِ) أَيْ وَأَمَّا التَّأْخِيرُ فَكَانَ لِعُذْرٍ وَمَصْلَحَةٍ تَقْتَضِي التَّأْخِيرَ. وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّ كَانَ تُفِيدُ التَّكْرَارَ. لِأَنَّا نَقُولُ: أَمَّا أَوَّلًا فَإِفَادَتُهَا التَّكْرَارَ لَيْسَ مِنْ وَضْعِهَا بَلْ بِحَسَبِ الْقَرَائِنِ الْمُحْتَفَّةِ بِالِاسْتِعْمَالِ، وَأَمَّا ثَانِيًا فَتَقُولُ سَلَّمْنَا إفَادَتَهَا التَّكْرَارَ لَكِنَّهُ يَصْدُقُ بِثَلَاثِ مَرَّاتٍ وَتَكَرُّرُهَا بِتَكَرُّرِ الْعُذْرِ وَالْأَكْثَرُ التَّعْجِيلُ بَلْ هُوَ الْأَصْلُ (قَوْلُهُ: لَوْ اشْتَغَلَ) هِيَ مَصْدَرِيَّةٌ: أَيْ اشْتِغَالُهُ لِأَنَّ لَوْ مِنْ الْحُرُوفِ الْمَصْدَرِيَّةِ الَّتِي تُسْبَكُ بِالْمَصْدَرِ (قَوْلُهُ: وَأَكْلِ لُقَمٍ) أَيْ مُوَفِّرَةٍ لِلْخُشُوعِ كَمَا فِي حَجّ، وَلَعَلَّ جَعْلَهُ سَبَبًا لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ تَحْصِيلِ الْخُشُوعِ فِيهَا وَإِلَّا فَالْأَكْلُ لَيْسَ مِنْ أَسْبَابِهَا. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الشِّبَعَ يُفَوِّتُ وَقْتَ الْفَضِيلَةِ، وَقَدْ يُخَالِفُهُ مَا مَرَّ لَهُ فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ، وَالْأَقْرَبُ إلْحَاقُ مَا هُنَا بِمَا هُنَاكَ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ سم عَلَى حَجّ الْمَذْكُورِ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا قَالَهُ حَجّ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ نَقْلًا عَنْ الزَّرْكَشِيّ، وَلَعَلَّ الْعِبْرَةَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ الْوَسَطُ مِنْ غَالِبِ النَّاسِ لِئَلَّا يَخْتَلِفَ وَقْتُ الْفَضِيلَةِ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْمُصَلِّينَ، وَهُوَ غَيْرُ مَعْهُودٍ وَعُمُومُهُ شَامِلٌ لِهَذِهِ، فَلَوْ خَالَفَ عَادَةَ الْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَاتَتْهُ سُنَّةُ التَّعْجِيلِ فَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ وَنَوَى أَنَّهُ لَوْ خَلَا عَنْ الْعُذْرِ عَجَّلَ فَمِنْ الظَّاهِرِ عَدَمُ حُصُولِ السُّنَّةِ، وَلَكِنْ لَا مَانِعَ أَنَّ اللَّهَ يَكْتُبُ لَهُ ثَوَابًا مِثْلَ ثَوَابِهِ لَوْ عَجَّلَ لِامْتِثَالِهِ أَمْرَ الشَّارِعِ (قَوْلُهُ: بِقَدْرِ ذَلِكَ) أَيْ أَسْبَابِهَا وَمِثْلُهُ فِي حَجّ لَكِنَّ ابْنَ حَجّ بَيَّنَ فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَسْبَابِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي وَقْتِ الْفَضِيلَةِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ بِالْفِعْلِ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَحْتَاجَ إلَيْهِ بِالْفِعْلِ حَتَّى لَا يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَدَّمَ الْأَسْبَابَ عَلَى الْوَقْتِ وَأَخَّرَ بِقَدْرِهَا مِنْ أَوَّلِهِ حَصَلَ سُنَّةُ التَّعْجِيلِ، وَأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ عَلَى الْجَدِيدِ زَمَنُ مَا يَجِبُ وَيُنْدَبُ بِتَقْدِيرِ وُقُوعِهِ وَإِنْ نَدَرَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مُتَطَهِّرًا (قَوْلُهُ: حَصَّلَ فَضِيلَةَ أَوَّلِهِ إلَخْ) أَيْ لَكِنَّ الْفِعْلَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَفْضَلُ، وَإِنْ كَانَ لَوْ فَعَلَ بَعْدُ صُدِّقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ فَعَلَ فِي وَقْتِ الْفَضِيلَةِ كَمَنْ أَدْرَكَ التَّحَرُّمَ مَعَ الْإِمَامِ، وَمَنْ أَدْرَكَ التَّشَهُّدَ فَالْحَاصِلُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ثَوَابُ الْجَمَاعَةِ لَكِنَّ دَرَجَاتِ الْأَوَّلِ أَكْمَلُ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الذَّخَائِرِ) هُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُكَلَّفُ السُّرْعَةَ إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ: وَيُنْدَبُ لِلْإِمَامِ الْحِرْصُ عَلَى أَوَّلِ الْوَقْتِ لَكِنْ بَعْدَ مُضِيِّ قَدْرِ اجْتِمَاعِ النَّاسِ وَفِعْلِهِمْ لِأَسْبَابِهَا عَادَةً، وَبَعْدَهُ يُصَلِّي بِمَنْ حَضَرَ وَإِنْ قَلَّ، لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْجَمَاعَةَ الْقَلِيلَةَ أَوَّلَهُ أَفْضَلُ مِنْ الْكَثِيرَةِ آخِرَهُ، وَلَا يَنْتَظِرُ وَلَوْ هُوَ شَرِيفٌ وَعَالِمٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَكْلِ لُقَمٍ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَسْبَابِ أَعَمُّ مِمَّا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّةُ الصَّلَاةِ أَوْ كَمَالُهَا، بِخِلَافِ صَنِيعِ الشِّهَابِ حَجّ حَيْثُ جَعَلَهَا مِنْ الشُّغْلِ الْخَفِيفِ، إذْ مُقْتَضَاهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَسْبَابِ مَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّةُ الصَّلَاةِ فَحَسْبُ

عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ، وَلَوْ فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ شُغْلًا خَفِيفًا أَوْ أَتَى بِكَلَامٍ قَصِيرٍ أَوْ أَخْرَجَ حَدَثًا يُدَافِعُهُ أَوْ حَصَلَ مَاءٌ وَنَحْوُهُ لَمْ يَمْنَعْهَا أَيْضًا (وَفِي قَوْلٍ تَأْخِيرُ الْعِشَاءِ أَفْضَلُ) مَا لَمْ يُجَاوِزْ وَقْتَ الِاخْتِيَارِ لِلْأَخْبَارِ الْمُتَقَدِّمَةِ الَّتِي أُجِيبَ عَنْهَا، وَالْمَشْهُورُ اسْتِحْبَابُ التَّعْجِيلِ لِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ، وَمَحَلُّ اسْتِحْبَابِ التَّعْجِيلِ مَا لَمْ يُعَارِضْهُ مُعَارِضٌ، فَإِنْ عَارَضَهُ وَذَلِكَ فِي نَحْوِ أَرْبَعِينَ صُورَةً فَلَا يَكُونُ مَطْلُوبًا: مِنْهَا نَدْبُ التَّأْخِيرِ لِمَنْ يَرْمِي الْجِمَارَ وَلِمُسَافِرٍ سَائِرٍ وَقْتَ الْأُولَى وَلِلْوَاقِفِ بِعَرَفَةَ فَيُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ وَإِنْ كَانَ نَازِلًا وَقْتَهَا لِيَجْمَعَهَا مَعَ الْعِشَاءِ بِمُزْدَلِفَةَ وَلِمَنْ تَيَقَّنَ وُجُودَ الْمَاءِ أَوْ السُّتْرَةِ أَوْ الْجَمَاعَةِ آخِرَ الْوَقْتِ. نَعَمْ الْأَفْضَلُ كَمَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ أَنْ يُصَلِّيَ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ مُنْفَرِدًا ثُمَّ فِي الْجَمَاعَةِ أَوْ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ آخِرَ الْوَقْتِ، وَلِدَائِمِ الْحَدَثِ إذَا رَجَا الِانْقِطَاعَ، وَلِمَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْوَقْتُ فِي يَوْمِ غَيْمٍ حَتَّى يَتَيَقَّنَهُ أَوْ يَظُنَّ فَوَاتَهُ لَوْ أَخَّرَهَا. وَضَابِطُهُ أَنَّ كُلَّ مَا تَرَجَّحَتْ مَصْلَحَةُ فِعْلِهِ وَلَوْ أُخِّرَ فَاتَتْ يُقَدَّمُ عَلَى الصَّلَاةِ، وَأَنَّ كُلَّ كَمَالٍ كَالْجَمَاعَةِ اقْتَرَنَ بِالتَّأْخِيرِ وَخَلَا عَنْهُ التَّقْدِيمُ يَكُونُ التَّأْخِيرُ مَعَهُ أَفْضَلَ. وَقَدْ أَشَارَ لِبَعْضِ الصُّوَرِ بِقَوْلِهِ (وَيُسَنُّ الْإِبْرَادُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَإِنْ انْتَظَرَ كُرِهَ. وَمِنْ ثَمَّ لَمَّا اشْتَغَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَيْ بِحَيْثُ تَأَخَّرَ عَنْ وَقْتِ عَادَتِهِ أَقَامَ الصَّلَاةَ، فَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ مَرَّةً وَابْنُ عَوْفٍ أُخْرَى مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَطُلْ تَأَخُّرُهُ بَلْ أَدْرَكَ صَلَاتَيْهِمَا وَاقْتَدَى بِهِمَا وَصَوَّبَ فِعْلَهُمَا. نَعَمْ يَأْتِي فِي تَأَخُّرِ الرَّوَاتِبِ تَفْصِيلٌ لَا يُنَافِيهِ هَذَا لِعِلْمِهِمْ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحِرْصِ عَلَى أَوَّلِ الْوَقْتِ اهـ. وَقَدْ يُشْكِلُ قَوْلُهُ إنَّ الْجَمَاعَةَ الْقَلِيلَةَ أَوَّلَهُ أَفْضَلُ مِنْ الْكَثِيرَةِ آخِرَهُ إلَخْ عَلَى قَوْلِهِ كَالرَّمْلِيِّ إنَّ كُلَّ كَمَالٍ اقْتَرَنَ بِالتَّأْخِيرِ وَخَلَا عَنْهُ التَّقْدِيمُ يَكُونُ التَّأْخِيرُ مَعَهُ أَفْضَلَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ مُرَادَهُ بِالْكَمَالِ السُّنَّةُ الَّتِي تَحْصُلُ مَعَ التَّأْخِيرِ وَتَفُوتُ مِنْ أَصْلِهَا بِالتَّقْدِيمِ، بِخِلَافِ صُورَةِ الْجَمَاعَةِ فَإِنَّهَا حَاصِلَةٌ مَعَ كُلٍّ مِنْ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ وَإِنْ فَاتَ بِتَقْدِيمِهَا صِفَةُ كَمَالٍ فِيهَا. وَيُعَارِضُهُ مَا قَالَهُ حَجّ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ قَصَدَ الصَّلَاةَ فِي نَحْوِ مَسْجِدٍ بَعِيدٍ لِنَحْوِ كِبَرِهِ أَوْ فِقْهِ إمَامِهِ نُدِبَ لَهُ الْإِبْرَادُ وَإِنْ أَمْكَنَهُ فِي قَرِيبٍ عَلَى الْأَوْجَهِ اهـ (قَوْلُهُ: وَلِلْوَاقِفِ بِعَرَفَةَ فَيُؤَخِّرُ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ فَوْتُ عَرَفَةَ وَانْفِجَارُ الْمَيِّتِ فَهَلْ يُقَدِّمُ الْأَوَّلَ أَوْ الثَّانِي فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ تَقْدِيمُ الثَّانِي لِأَنَّ فِيهِ هَتْكًا لِحُرْمَتِهِ، وَلَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ بِخِلَافِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ فِي الْجَمَاعَةِ) وَمِثْلُهَا السُّتْرَةُ وَالْمَاءُ فَيُعِيدُ إذَا وَجَدَهَا فِي الْوَقْتِ وَلَوْ مُنْفَرِدًا، وَيَكُونُ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ تَوَقُّفِ صِحَّةِ الْمُعَادَةِ عَلَى جَمَاعَةٍ (قَوْلُهُ: إذَا رَجَا) أَمَّا إذَا تَحَقَّقَهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ التَّأْخِيرُ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ، وَهَلْ الْجَرِيحُ الْمُتَيَمِّمُ عَنْ الْجِرَاحَةِ إذَا تَحَقَّقَ الْبُرْءُ آخِرَ الْوَقْتِ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّأْخِيرُ لِيُصَلِّيَ بِالْوُضُوءِ الْكَامِلِ أَوْ يَكُونُ أَوْلَى لَهُ فَقَطْ؟ الْأَقْرَبُ الثَّانِي كَمَا لَوْ تَيَقَّنَ الْمَاءَ آخِرَ الْوَقْتِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ دَائِمَ الْحَدَثِ يُصَلِّي مَعَ الْحَدَثِ، فَالْقِيَاسُ بُطْلَانُ صَلَاتِهِ دُونَ الْمُتَيَمِّمِ عَنْ الْجِرَاحَةِ، فَإِنَّ التَّيَمُّمَ طَهَارَةٌ شَرْعِيَّةٌ (قَوْلُهُ يَكُونُ التَّأْخِيرُ مَعَهُ) زَادَ حَجّ: لِمَنْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى لَا يُنَافِيَ مَا يَأْتِي فِي الْإِبْرَادِ مَعَهُ اهـ. وَيُفِيدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ قَبْلُ: نَعَمْ الْأَفْضَلُ كَمَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ. (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ الْإِبْرَادُ إلَخْ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ: وَيُسَنُّ تَعْجِيلُ الصَّلَاةِ لِأَوَّلِ الْوَقْتِ. وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: وَمَحَلُّ اسْتِحْبَابِ التَّعْجِيلِ إلَخْ وَهَذَا مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الدَّجَّالِ. أَمَّا هِيَ فَلَا يُسَنُّ الْإِبْرَادُ فِيهَا لِأَنَّهُ لَا يُرْجَى فِيهَا زَوَالُ الْحَرِّ فِي وَقْتٍ يَذْهَبُ فِيهِ لِمَحَلِّ الْجَمَاعَةِ مَعَ بَقَاءِ الْوَقْتِ الْمُقَدَّرِ، وَنَقَلَ بِالدَّرْسِ مِثْلَ ذَلِكَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مُعَلِّلًا بِانْتِفَاءِ الظِّلِّ اهـ. أَقُولُ: وَأَمَّا الْبَوَادِي الَّتِي لَيْسَ فِيهَا حِيطَانٌ يَمْشِي فِيهَا طَالِبُ الْجَمَاعَةِ فَالظَّاهِرُ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ سَنُّ الْإِبْرَادِ فِيهَا لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا ظِلٌّ يَمْشِي فِيهِ طَالِبُ الْجَمَاعَةِ يَنْكَسِرُ سَوْرَةُ الْحَرِّ وَقَدْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بِالظُّهْرِ) أَيْ تَأْخِيرُهُ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهِ (فِي شِدَّةِ الْحَرِّ) إلَى أَنْ يَصِيرَ لِلْحِيطَانِ ظِلٌّ يَمْشِي فِيهِ طَالِبُ الْجَمَاعَةِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ» وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «بِالظُّهْرِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» أَيْ هَيَجَانِهَا وَانْتِشَارِ لَهَبِهَا. وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ فِي التَّعْجِيلِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ مَشَقَّةً تَسْلُبُ الْخُشُوعَ أَوْ كَمَالَهُ فَسُنَّ لَهُ التَّأْخِيرُ، كَمَنْ حَضَرَهُ طَعَامٌ وَنَفْسُهُ تَتُوقُ إلَيْهِ أَوْ دَافَعَهُ الْخَبَثُ، وَمَا وَرَدَ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ فَمَنْسُوخٌ وَلَا يُجَاوِزُ بِهِ نِصْفَ الْوَقْتِ، وَخَرَجَ بِالصَّلَاةِ الْأَذَانُ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَطْلَبِ وَحُمِلَ أَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْإِبْرَادِ بِهِ عَلَى مَا إذَا عُلِمَ مِنْ حَالِ السَّامِعِينَ حُضُورُهُمْ عَقِبَ الْأَذَانِ لِتَنْدَفِعَ عَنْهُمْ الْمَشَقَّةُ، ثُمَّ قَالَ: وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْإِقَامَةِ وَلَا بُعْدَ فِيهِ وَإِنْ اُدُّعِيَ بُعْدُهُ، فَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ التَّصْرِيحُ بِهِ، وَبِالظُّهْرِ الْجُمُعَةُ فَلَا إبْرَادَ فِيهَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ سَلَمَةَ «كُنَّا نُجَمِّعُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ» وَلِشِدَّةِ الْخَطَرِ فِي فَوَاتِهَا الْمُؤَدِّي إلَيْهِ تَأْخِيرُهَا بِالتَّكَاسُلِ وَلِأَنَّ النَّاسَ مَأْمُورُونَ بِالتَّبْكِيرِ إلَيْهَا فَلَا يَتَأَذَّوْنَ بِالْحَرِّ، وَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُبْرِدُ بِهَا بَيَانٌ لِلْجَوَازِ فِيهَا جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ (وَالْأَصَحُّ اخْتِصَاصُهُ) أَيْ الْإِبْرَادِ (بِبَلَدٍ حَارٍّ) كَمَكَّةَ وَبَعْضِ الْعِرَاقِ (وَجَمَاعَةِ) نَحْوِ (مَسْجِدٍ) مِنْ رِبَاطٍ وَمَدْرَسَةٍ (يَقْصِدُونَهُ مِنْ بُعْدٍ) فَلَا يُسَنُّ الْإِبْرَادُ فِي غَيْرِ شِدَّةِ الْحَرِّ وَلَوْ بِقُطْرٍ حَارٍّ وَلَا فِي قُطْرٍ بَارِدٍ أَوْ مُعْتَدِلٍ وَإِنْ اتَّفَقَ فِيهِ شِدَّةُ الْحَرِّ، وَلَا لِمَنْ يُصَلِّي مُنْفَرِدًا أَوْ جَمَاعَةً بِبَيْتِهِ أَوْ بِمَحَلٍّ حَضَرَهُ جَمَاعَةٌ لَا يَأْتِيهِمْ غَيْرُهُمْ أَوْ يَأْتِيهِمْ غَيْرُهُمْ مِنْ قُرْبٍ أَوْ مِنْ بُعْدٍ لَكِنْ يَجِدُ ظِلًّا يَمْشِي فِيهِ، إذْ لَيْسَ فِي ذَلِكَ كَبِيرُ مَشَقَّةٍ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ الْإِبْرَادُ لِمُنْفَرِدٍ يُرِيدُ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ. وَفِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ إشْعَارٌ بِسَنِّهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَوْ حَضَرَ مَوْضِعَ جَمَاعَةٍ أَوَّلَ الْوَقْتِ أَوْ كَانَ مُقِيمًا بِهِ لَكِنْ يَنْتَظِرُ غَيْرَهُ سُنَّ لَهُ الْإِبْرَادُ إمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا كَمَا اقْتَضَاهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَكُونُ فِيهَا ظِلٌّ يَمْشِي فِيهِ طَالِبُ الْجَمَاعَةِ بِأَنْ يَكُونَ فِيهَا شَاخِصٌ لَهُ ظِلٌّ كَالْأَشْجَارِ (قَوْلُهُ: فِي شِدَّةِ الْحَرِّ) . [فَرْعٌ] سَأَلَ سَائِلٌ هَلْ يُسَنُّ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ فِي شِدَّةِ الْبَرْدِ إلَى أَنْ يَخِفَّ الْبَرْدُ الشَّاغِلُ السَّالِبُ لِلْخُشُوعِ قِيَاسًا عَلَى. مَا وَرَدَ فِي الْحَرِّ؟ فَأَجَابَ م ر إنَّهُ لَا يُسَنُّ لِأَنَّ الْإِبْرَادَ فِي الْحَرِّ رُخْصَةٌ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ أَقُولُ: الْأَوْلَى الْجَوَابُ أَنَّ زِيَادَةَ الظِّلِّ مُحَقَّقَةٌ، فَلِزَوَالِ الْحَدِّ أَمَدٌ يُنْتَظَرُ وَلَا كَذَلِكَ الْبَرْدُ فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ زِيَادَتُهُ مَعَ التَّأْخِيرِ لِعَدَمِ وُجُودِ عَلَامَةٍ تَدُلُّ عَلَى زَوَالِهِ عَادَةً، وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا أَوْلَى لِأَنَّ الصَّحِيحَ جَوَازُ جَرَيَانِ الْقِيَاسِ فِي الرُّخَصِ عَلَى مَا فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ (قَوْلُهُ: ظِلٌّ يَمْشِي فِيهِ إلَخْ) وَلَا يُجَاوِزُ نِصْفَ الْوَقْتِ حَجّ وَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ: مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ: الْفَيْحُ سُطُوعُ الْحَرِّ وَفَوَرَانُهُ وَيُقَالُ بِالْوَاوِ وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَفَاحَتْ الْقِدْرُ تَفِيحُ وَتَفُوحُ: إذَا غَلَتْ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ التَّشْبِيهِ وَالتَّمْثِيلِ: أَيْ كَأَنَّهُ نَارُ جَهَنَّمَ فِي حَرِّهَا اهـ. وَقَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِهِ: اسْتَشْكَلَ بِأَنَّ فِعْلَ الصَّلَاةِ مَظِنَّةُ وُجُودِ الرَّحْمَةِ فَفِعْلُهَا مَظِنَّةُ طَرْدِ الْعَذَابِ فَكَيْفَ أَمَرَ بِتَرْكِهَا؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّ وَقْتَ ظُهُورِ الْغَضَبِ لَا يَنْجَحُ فِيهِ الطَّلَبُ إلَّا مِمَّنْ أُذِنَ لَهُ فِيهِ اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي هَذَا الْإِشْكَالِ مِنْ أَصْلِهِ، فَإِنَّ مُجَرَّدَ شِدَّةِ الْحَرِّ قَدْ تَكُونُ نِعْمَةً مِنْ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ لِإِصْلَاحِ مَعَايِشِهِمْ فَلَا تَكُونُ بِمُجَرَّدِهَا عَلَامَةً عَلَى الْغَضَبِ، وَكَوْنُ الْإِنْسَانِ قَدْ يَحْصُلُ لَهُ مَشَقَّةٌ مِنْهَا لَا يُنَافِي كَوْنَهَا نِعْمَةً مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنْ صَحِبَهَا مَشَقَّةٌ (قَوْلُهُ: أَيْ هَيَجَانِهَا) هُوَ مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَانْتِشَارِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ التَّصْرِيحُ) أَيْ بِتَأْخِيرِ الْإِقَامَةِ (قَوْلُهُ: كَانَ يُبْرِدُ بِهَا) لَكِنَّهُ يُعَارِضُهُ خَبَرُ سَلَمَةَ السَّابِقُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ هَذَا تَارَةً وَهَذَا تَارَةً (قَوْلُهُ: فَلَا يُسَنُّ الْإِبْرَادُ فِي غَيْرِ شِدَّةِ الْحَرِّ) مُحْتَرَزُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ (قَوْلُهُ: وَلَا فِي قُطْرٍ بَارِدٍ) الَّذِي وَقَعَ التَّعْبِيرُ بِهِ فِي الْمَتْنِ الْبَلَدُ فَالْمُنَاسِبُ لَهُ أَنْ يَقُولَ: وَلَا فِي بَلَدٍ بَارِدٍ، فَلَعَلَّهُ حَمَلَ الْبَلَدَ عَلَى الْقُطْرِ أَوْ أَشَارَ إلَى أَنَّ فِي الْمَتْنِ حَذْفًا، وَالْأَصْلُ وَالْأَصَحُّ اخْتِصَاصُهُ بِقُطْرٍ حَارٍّ بِبَلَدٍ حَارٍّ. أَوْ إلَى أَنَّ مَحَلَّ اعْتِبَارِ الْقُطْرِ فِيمَنْ عَبَّرَ بِهِ حَيْثُ لَمْ يُخَالِفْ الْبَلَدَ، فَإِنْ خَالَفَتْهُ فَهِيَ الْمُعْتَبَرَةُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَيْ سَنُّ الْإِبْرَادِ (قَوْلُهُ: إمَامًا كَانَ) وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّ الْأَفْضَلَ لَهُ فِعْلُهَا أَوَّلًا ثُمَّ فِعْلُهَا مَعَهُمْ لِأَنَّ سَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[وقع بعض صلاته في الوقت وبعضها خارجه]

كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَهُوَ ظَاهِرُ النَّصِّ. وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبُعْدِ مَا يَذْهَبُ مَعَهُ الْخُشُوعُ أَوْ كَمَالُهُ لِتَأَثُّرِهِ بِالشَّمْسِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يَخْتَصُّ بِذَلِكَ، فَيُسَنُّ فِي كُلِّ مَا ذُكِرَ لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ. (وَمَنْ وَقَعَ بَعْضُ صَلَاتِهِ فِي الْوَقْتِ) وَبَعْضُهَا خَارِجَهُ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ وَقَعَ) فِي وَقْتِهَا (رَكْعَةٌ) أَوْ أَكْثَرُ كَمَا عُلِمَ بِالْأَوْلَى (فَالْجَمِيعُ أَدَاءٌ) لِخَبَرِ «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» أَيْ مُؤَدَّاةً (وَإِلَّا) بِأَنْ وَقَعَ فِيهِ دُونَ رَكْعَةٍ (فَقَضَاءٌ) كُلُّهَا لِمَفْهُومِ الْخَبَرِ الْمَارِّ وَلِاشْتِمَالِ الرَّكْعَةِ عَلَى مُعْظَمِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ، وَغَالِبُ مَا بَعْدَهَا تَكْرِيرٌ لِمَا قَبْلَهَا فَكَانَ تَابِعًا لَهَا، وَالْمُرَادُ بِالرَّكْعَةِ تَحْصِيلُ جَمِيعِهَا بِسَجْدَتَيْهَا، وَالثَّانِي الْجَمِيعُ أَدَاءٌ مُطْلَقًا، وَفِي وَجْهٍ أَنَّ مَا فِي الْوَقْتِ أَدَاءٌ وَمَا وَقَعَ بَعْدَهُ قَضَاءٌ. قِيلَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْإِبْرَادِ فِي حَقِّهِ بِطَرِيقِ التَّبَعِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَشَمِلَ ذَلِكَ قَوْلَهُمْ: يُسَنُّ لِرَاجِي الْجَمَاعَةِ أَثْنَاءَ الْوَقْتِ فِعْلُهَا أَوَّلَهُ ثُمَّ مَعَهُمْ اهـ حَجّ. فَإِنْ قُلْت: غَيْرُ الْإِمَامِ لَا مَحْذُورَ يَتَرَتَّبُ عَلَى إعَادَتِهِ، بِخِلَافِ الْإِمَامِ فَإِنَّ إعَادَتَهُ تُحْمَلُ عَلَى اقْتِدَاءِ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ وَفِيهِ خِلَافٌ. قُلْت: ذَكَرُوا فِي صَلَاةِ بَطْنِ نَخْلٍ أَنَّ الْخِلَافَ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْمُعَادَةِ لِأَنَّهُ قِيلَ إنَّ الثَّانِيَةَ هِيَ الْفَرْضُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرُ النَّصِّ) إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ إنْ صَلَّى أَوَّلَ الْوَقْتِ صَلَّى مُنْفَرِدًا وَإِنْ صَلَّى بِالْإِبْرَادِ صَلَّى جَمَاعَةً فَظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ الْإِبْرَادَ يَحْصُلُ مَعَهُ كَثْرَةُ الْجَمَاعَةِ بِخِلَافِ عَدَمِهِ أَشْكَلَ بِمَا تَقَدَّمَ عَنْ حَجّ مِنْ أَنَّ الْجَمَاعَةَ الْقَلِيلَةَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَفْضَلُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْإِبْرَادُ هُنَا لَيْسَ لِتَحْصِيلِ فَضِيلَةٍ فِي صَلَاتِهِ هُوَ بَلْ رِعَايَةً لِمَنْ لَمْ يَحْضُرْ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَعَلِمَ حُضُورَهُمْ بَعْدُ وَمَعَ ذَلِكَ فِيهِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ التَّعْوِيلِ عَلَى مُجَرَّدِ شِدَّةِ الْحَرِّ (قَوْلُهُ: مَا يَذْهَبُ مَعَهُ الْخُشُوعُ) وَهَلْ يُعْتَبَرُ خُصُوصُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى انْفِرَادِهِ مِنْ الْمُصَلِّينَ حَتَّى لَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ مَرِيضًا أَوْ شَيْخًا يَزُولُ خُشُوعُهُ بِمَجِيئِهِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَلَوْ مِنْ قُرْبٍ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِبْرَادُ، أَوْ الْعِبْرَةُ بِغَالِبِ النَّاسِ فَلَا يُلْتَفَتُ لِمَنْ ذُكِرَ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الثَّانِي ثُمَّ رَأَيْت حَجّ صَرَّحَ بِهِ [وَقَعَ بَعْضُ صَلَاتِهِ فِي الْوَقْتِ وَبَعْضُهَا خَارِجَهُ] (قَوْلُهُ: فَالْأَصَحُّ إلَخْ) فَائِدَةُ الْخِلَافِ أَنَّهُ إذَا شَرَعَ الْمُسَافِرُ فِي الصَّلَاةِ بِنِيَّةِ الْقَصْرِ فَخُرُوجُ الْوَقْتِ قَبْلَ فَرَاغِهَا، فَإِنْ قُلْنَا: إنَّ الصَّلَاةَ كُلَّهَا أَدَاءٌ فَلَهُ الْقَصْرُ وَإِلَّا لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ فِي قَوْلٍ: أَيْ ضَعِيفٍ يَأْتِي اهـ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ. وَقَوْلُهُ: فَالْجَمِيعُ أَدَاءٌ إلَخْ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ كَالْقَمُولِيِّ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ حَيْثُ شَرَعَ فِيهَا فِي الْوَقْتِ نَوَى الْأَدَاءَ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ رَكْعَةً. وَقَالَ الْإِمَامُ: لَا وَجْهَ لِنِيَّةِ الْأَدَاءِ إذَا عَلِمَ أَنَّ الْوَقْتَ لَا يَسَعُهَا بَلْ لَا يَصِحُّ، وَاسْتُوْجِهَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ حَمْلُ كَلَامِ الْإِمَامِ عَلَى مَا إذَا نَوَى الْأَدَاءَ الشَّرْعِيَّ، وَكَلَامِ الْأَصْحَابِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَنْوِهِ: أَيْ بِأَنْ نَوَى الْأَدَاءَ اللُّغَوِيَّ أَوْ أَطْلَقَ. أَمَّا إذَا أَطْلَقَ فَيَنْبَغِي عَدَمُ الصِّحَّةِ، وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ، وَبِهِ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: رَكْعَةٌ) أَيْ بِأَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى حَدٍّ تُجْزِئُهُ فِيهِ الْقِرَاءَةُ كَمَا يَأْتِي. وَبَقِيَ مَا لَوْ قَارَنَ رَفْعُ رَأْسِهِ خُرُوجَ الْوَقْتِ هَلْ يَكُونُ قَضَاءً أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ مَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ مَثَلًا قَضَاءً أَوْ أَدَاءً (قَوْلُهُ: أَيْ مُؤَدَّاةً) أَيْ وَإِلَّا فَمُطْلَقُ إدْرَاكِهَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى رَكْعَةٍ فِي الْوَقْتِ تَأَمَّلْ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَلِاشْتِمَالِ الرَّكْعَةِ إلَخْ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّ الرَّكْعَةَ لَيْسَ فِيهَا تَشَهُّدٌ، وَقَوْلُهُ تَكْرِيرٌ: أَيْ كَالتَّكْرِيرِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْمَحَلِّيُّ وَإِلَّا فَلَيْسَتْ تَكْرِيرًا حَقِيقَةً لِأَنَّ كُلَّ رَكْعَةٍ مَقْصُودَةٌ بِأَفْعَالِهَا مُسْتَقِلَّةٌ بِالْقَصْدِ، وَإِنَّمَا يُشْبِهُ التَّكْرَارَ صُورَةً (قَوْلُهُ: تَكْرِيرٌ لِمَا قَبْلَهَا) لَيْسَ قَبْلَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى شَيْءٌ حَتَّى تَكُونَ هِيَ تَكْرِيرًا لَهُ، فَالْأَوْلَى كَمَا فِي الْمَحَلِّيِّ وَغَيْرِهِ أَنْ يَقُولَ: إذْ غَالِبُ مَا بَعْدَهَا تَكْرِيرٌ لَهَا. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَبْلَهَا رَاجِعٌ لِمَا، وَالْمَعْنَى: وَغَالِبُ الْأَفْعَالِ الَّتِي بَعْدَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْإِبْرَادُ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ] قَوْلُهُ: فَالْجَمِيعُ أَدَاءً) أَيْ: وَيَنْوِي بِهِ الْأَدَاءَ

وَهُوَ التَّحْقِيقُ، وَمَنْ كَانَ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَرْكَانِ الصَّلَاةِ أَدْرَكَهَا وَلَوْ حَافَظَ عَلَى سُنَنِهَا فَاتَ بَعْضُهَا فَالْإِتْيَانُ بِالسُّنَنِ أَفْضَلُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ شُوحِحَ فِيهِ. وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ عَنْهُ بِأَنَّ صُورَتَهَا مَا إذَا شَرَعَ فِيهَا وَقَدْ بَقِيَ مِنْهُ مَا يَسَعُهَا، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا ضَاقَ وَقْتُ مَكْتُوبَةٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى فَرَائِضِ الْوُضُوءِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ فِعْلُ سُنَنِهِ الَّتِي يَخْرُجُ الْوَقْتُ لَوْ فَعَلَهَا. (وَمَنْ جَهِلَ الْوَقْتَ) لِغَيْمٍ أَوْ حَبْسٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSتَكْرِيرٌ لِمَا قَبْلَ تِلْكَ الْأَفْعَالِ وَاَلَّذِي قَبْلَهَا هُوَ الرَّكْعَةُ الْأُولَى فَسَاوَى مَا ذَكَرَهُ تَعْبِيرَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَالْإِتْيَانُ بِالسُّنَنِ) وَمِنْهَا دُعَاءُ الِافْتِتَاحِ فَيَأْتِي بِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ، لَكِنْ قَيَّدَهُ م ر بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ سم عَلَى مَنْهَجٍ بِالْمَعْنَى. أَقُولُ: وَهُوَ خِلَافُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ هُنَا، وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ هَذَا فَإِنَّ الْكَلَامَ مَفْرُوضٌ فِيمَنْ كَانَ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَرْكَانِ أَدْرَكَهَا فِي الْوَقْتِ وَمَنْ لَازَمَهُ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِهَا فِي وَقْتٍ يَسَعُهَا فَمَا مَعْنَى الْجَوَابِ (قَوْلُهُ: عَلَى فَرَائِضِ الْوُضُوءِ) أَيْ وَفَرَائِضِ الصَّلَاةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ فِعْلُ سُنَنِهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَلَّ مَا خَرَجَ مِنْهَا عَنْ الْوَقْتِ كَرَكْعَةٍ أَوْ أَقَلَّ، وَعَلَيْهِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهَا مِنْ قَوْلِهِ: وَمَنْ كَانَ إلَخْ حَيْثُ قَيَّدَهُ م ر بِرَكْعَةٍ. وَلَعَلَّهُ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْوُضُوءِ مَا يُصَحِّحُ الصَّلَاةَ، وَلَيْسَ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ فَالْغَرَضُ مِنْهُ حَاصِلٌ بِفِعْلِ الْفَرْضِ، بِخِلَافِ الْفَائِتَةِ إذَا اشْتَغَلَ بِهَا فَإِنَّهَا مَقْصُودَةٌ لِذَاتِهَا وَمُسَاوِيَةٌ لِلْحَاضِرَةِ فِي فَرْضِيَّتِهَا، فَحَيْثُ حَصَلَ مَا تَصِيرُ بِهِ مُؤَدَّاةً فِي وَقْتِهَا اكْتَفَى بِهِ وَلَا كَذَلِكَ مَا هُنَا، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ إلَى وَقْتٍ لَا يَسَعُهَا، وَعَلَيْهِ فَلَوْ اتَّفَقَ لَهُ ذَلِكَ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَرْكَانِ تَقْلِيلًا لِمَا يَقَعُ خَارِجَ الْوَقْتِ أَوْ يَجُوزُ لَهُ الِاشْتِغَالُ بِالسُّنَنِ لِأَنَّ حُرْمَةَ التَّأْخِيرِ حَصَلَتْ وَتَدَارُكُهَا غَيْرُ مُمْكِنٍ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَنَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ الثَّانِيَ وَعِبَارَتُهُ كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَمَدَّ حَتَّى غَابَ الشَّفَقُ جَازَ عَلَى الصَّحِيحِ نَصُّهَا خَرَجَ مُجَرَّدُ الْإِتْيَانِ بِالسُّنَنِ بِأَنْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ جَمِيعَ وَاجِبَاتِهَا دُونَ سُنَنِهَا فَإِنَّ الْإِتْيَانَ بِالسُّنَنِ حِينَئِذٍ مَنْدُوبٌ، فَلَيْسَ خِلَافَ الْأَوْلَى كَالْمَدِّ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْأَنْوَارِ بِأَنَّهُ لَوْ أَدْرَكَ آخِرَ الْوَقْتِ بِحَيْثُ لَوْ أَدَّى الْفَرِيضَةَ بِسُنَنِهَا لَفَاتَ الْوَقْتُ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَرْكَانِ تَقَعُ فِي الْوَقْتِ بِأَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يُتَمِّمَ بِالسُّنَنِ اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْأَفْضَلَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْبَغَوِيّ الْمَنْقُولِ عَنْهُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَمَا بَيَّنَّاهُ آخِرَ سُجُودِ السَّهْوِ لَكِنْ قَيَّدَهُ م ر بِأَنْ يُدْرِكَ رَكْعَةً اهـ. (قَوْلُهُ: وَمَنْ جَهِلَ الْوَقْتَ اجْتَهَدَ) . [فَرْعٌ] سُئِلَ م ر عَمَّنْ اجْتَهَدَ فِي الْوَقْتِ لِنَحْوِ غَيْمٍ وَصَلَّى وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ الْحَالُ لَكِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ صَلَاتَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ؟ وَعَمَّنْ فَاتَهُ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ مَثَلًا بِعُذْرٍ وَالْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَهَلْ يُسْتَحَبُّ لَهُ التَّرْتِيبُ أَمْ يَجِبُ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ مَا فَاتَهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ؟ فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ أَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فَمَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ فِيهَا وُقُوعُ مَا فَعَلَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَمُقْتَضَى إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ اسْتِحْبَابَ التَّرْتِيبِ تَقْدِيمُ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ مُطْلَقًا وَإِنْ خَالَفَ الْأَذْرَعِيُّ فِي ذَلِكَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيمَا أَجَابَ بِهِ عَنْ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى بِأَنَّهُ حَيْثُ بَنَى فِعْلَهُ عَلَى الِاجْتِهَادِ لَا يُنْقَضُ إلَّا بِتَبَيُّنِ خِلَافِهِ، وَمُجَرَّدُ ظَنٍّ أَنَّهَا وَقَعَتْ قَبْلَ الْوَقْتِ لَا أَثَرَ لَهُ، بَلْ الْقِيَاسُ أَنَّهُ لَوْ اجْتَهَدَ ثَانِيًا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَأَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى خِلَافِ مَا بَنَى عَلَيْهِ فِعْلَهُ الْأَوَّلَ لَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يُنْقَضُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ) هُوَ فَرْضُ قَوْلِهِ فِي صَدْرِ الْمَسْأَلَةِ: وَمَنْ كَانَ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَرْكَانِ الصَّلَاةِ أَدْرَكَهَا (قَوْلُهُ: وَقَدْ بَقِيَ مِنْهُ مَا يَسَعُهَا) أَيْ يَسَعُ كُلَّ مُجْزِئٍ مِنْ أَرْكَانِهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْحَدِّ الْوَسَطِ مِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ كَمَا نَقَلَهُ سم عَنْ بَحْثِ شَيْخِهِ الشِّهَابِ حَجّ

[جهل الوقت لغيم أو حبس]

فِي مَكَان مُظْلِمٍ أَوْ نَحْوِهِمَا (اجْتَهَدَ) بِمَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ دُخُولُهُ (بِوِرْدٍ وَنَحْوِهِ) كَصَوْتِ دِيكٍ جُرِّبَتْ إصَابَتُهُ لِلْوَقْتِ، وَصَنْعَةٍ وُجُوبًا إنْ عَجَزَ عَنْ الْيَقِينِ، وَجَوَازًا إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، هَذَا كُلُّهُ إنْ لَمْ يُخْبِرْهُ ثِقَةٌ عَنْ مُشَاهَدَةٍ، فَإِنْ أَخْبَرَهُ عَنْ عِلْمٍ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ كَوُجُودِ النَّصِّ لِأَنَّهُ خَبَرٌ مِنْ أَخْبَارِ الدِّينِ فَرَجَعَ فِيهِ الْمُجْتَهِدُ إلَى قَوْلِ الثِّقَةِ كَخَبَرِ الرَّسُولِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَعْمَى وَالْبَصِيرِ فِي ذَلِكَ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ الْعَمَلُ بِقَوْلِ الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ وَلَوْ أَمْكَنَهُ هُوَ الْعِلْمُ بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ. وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِتَكَرُّرِ الْأَوْقَاتِ فَيَعْسُرُ الْعِلْمُ كُلَّ وَقْتٍ. بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ فَإِنَّهُ إذَا عَلِمَ عَيْنَهَا مَرَّةً وَاحِدَةً اكْتَفَى بِهِ بَقِيَّةَ عُمْرِهِ مَا دَامَ مُقِيمًا بِمَكَّةَ فَلَا عُسْرَ، وَمَنْ قَدَرَ عَلَى الِاجْتِهَادِ لَمْ يُقَلِّدْ مُجْتَهِدًا لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدًا، نَعَمْ لِأَعْمَى الْبَصَرِ وَالْبَصِيرَةِ تَقْلِيدُ بَصِيرٍ ثِقَةٍ عَارِفٍ، وَأَذَانُ الْعَدْلِ الْعَارِفِ بِالْمَوَاقِيتِ فِي الصَّحْوِ كَالْإِخْبَارِ عَنْ عِلْمٍ، وَلَهُ تَقْلِيدُهُ فِي الْغَيْمِ لِأَنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ عَادَةً إلَّا فِي الْوَقْتِ، وَلَوْ صَلَّى مِنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ لَزِمَهُ الْإِعَادَةُ مُطْلَقًا لِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ، وَيَلْزَمُ الْمُجْتَهِدَ التَّأْخِيرُ إلَى أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ دُخُولُهُ وَتَأْخِيرُهُ إلَى خَوْفِ الْفَوَاتِ أَفْضَلُ، وَيَجُوزُ لِلْمُنَجِّمِ وَالْحَاسِبِ الْعَمَلُ بِمَعْرِفَتِهِمَا وَلَيْسَ لِأَحَدٍ تَقْلِيدُهُمَا فِيهِ. وَالْحَاسِبُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الصَّوْمِ مَنْ يَعْتَمِدُ مَنَازِلَ الْقَمَرِ وَتَقْدِيرَ سَيْرِهِ. وَالْمُنَجِّمُ مَنْ يَرَى أَوَّلَ الْوَقْتِ طُلُوعَ النَّجْمِ الْفُلَانِيِّ. (فَإِنْ) صَلَّى بِاجْتِهَادٍ ثُمَّ (تَيَقَّنَ) أَنَّ (صَلَاتَهُ) وَقَعَتْ (قَبْلَ الْوَقْتِ) أَوْ بَعْضُهَا وَلَوْ تَكْبِيرَةَ التَّحَرُّمِ أَوْ أَخْبَرَهُ بِهِ مَقْبُولُ الرِّوَايَةِ عَنْ مُشَاهَدَةٍ وَعِلْمٍ بِذَلِكَ فِي وَقْتِهَا أَوْ قَبْلَ دُخُولِهِ أَعَادَهَا قَطْعًا أَوْ عَلِمَ بِهِ بَعْدَهُ (قَضَى) الصَّلَاةَ الْمَذْكُورَةَ (فِي الْأَظْهَرِ) لِفَوَاتِ شَرْطِهَا وَهُوَ الْوَقْتُ، وَمُقَابِلُ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِالِاجْتِهَادِ (قَوْلُهُ: كَصَوْتِ دِيكٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُصَلِّي بِمُجَرَّدِ سَمَاعِ صَوْتِ الدِّيكِ وَنَحْوِهِ. وَقَالَ شَيْخُنَا الْحَلَبِيُّ: وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَجْعَلُ ذَلِكَ عَلَامَةً يَجْتَهِدُ بِهَا كَأَنْ يَتَأَمَّلَ فِي الْخِيَاطَةِ الَّتِي فَعَلَهَا هَلْ أَسْرَعَ فِيهَا عَنْ عَادَتِهِ أَوْ لَا، وَهَلْ أَذَّنَ الدِّيكُ قَبْلَ عَادَتِهِ بِأَنْ كَانَ ثَمَّ عَلَامَةً يَعْرِفُ بِهَا وَقْتَ أَذَانِهِ الْمُعْتَادِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا ذُكِرَ. قَالَ: وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: اجْتَهَدَ بِوِرْدٍ وَنَحْوِهِ، فَجَعَلَ الْوِرْدَ وَنَحْوَهُ آلَةً لِلِاجْتِهَادِ وَلَمْ يَقُلْ اعْتَمَدَ عَلَى وِرْدٍ وَنَحْوِهِ اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ (قَوْلُهُ: إنْ عَجَزَ عَنْ الْيَقِينِ) أَيْ بِالصَّبْرِ حَتَّى يَدْخُلَ الْوَقْتُ بِحَيْثُ إنَّهُ لَوْ صَبَرَ طَلَبًا لِتَحَقُّقِ الْوَقْتِ لَا يَرْجُو بِهِ مَعْرِفَتَهُ، قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ: أَوْ بِخُرُوجِهِ مِنْ ظُلْمَةِ وَرُؤْيَةِ الشَّمْسِ اهـ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُخْبِرْهُ ثِقَةٌ) وَفِي مَعْنَاهُ مِزْوَلَةٌ وَضَعَهَا عَدْلٌ أَوْ فَاسِقٌ وَمَضَى عَلَيْهَا زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ اطِّلَاعُ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَالْعَدْلِ عَلَيْهَا وَلَمْ يَطْعَنُوا فِيهَا (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) أَيْ الِاجْتِهَادِ وَالْعَمَلِ بِقَوْلِ الثِّقَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَمْكَنَهُ) مُعْتَمَدٌ وَمِنْهُ مَا لَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ خَرَجَ مِنْ مَحَلِّهِ الَّذِي هُوَ فِيهِ رَأَى الشَّمْسَ وَأَمْكَنَهُ الْيَقِينُ (قَوْلُهُ: وَالْبَصِيرَةِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ فَالْمُرَادُ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا التَّقْلِيدَ (قَوْلُهُ: ثِقَةٌ عَارِفٌ) أَيْ بِدُخُولِ الْوَقْتِ كَمَا يَأْتِي نَظِيرُهُ فِي أَنَّ لَهُ تَقْلِيدَ الثِّقَةِ الْعَارِفِ بِأَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ بِالِاجْتِهَادِ (قَوْلُهُ: الْإِعَادَةُ مُطْلَقًا) أَيْ تَبَيَّنَ أَنَّ صَلَاتَهُ فِي الْوَقْتِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ لِلْمُنَجِّمِ) بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَمَا نَقَلَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الشَّارِحِ، وَعِبَارَتُهُ فَرْعٌ: قَالُوا لِلْمُنَجِّمِ اعْتِمَادُ حِسَابِهِ وَلَا يُقَلِّدُ غَيْرَهُ. وَاعْتَمَدَ م ر أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ اعْتِمَادُ حِسَابِهِ عَلَى طَرِيقِ مَا اعْتَمَدَهُ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ صَوْمُ رَمَضَانَ إذَا عَرَفَهُ بِالْحِسَابِ وَيُجْزِيهِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِأَحَدٍ تَقْلِيدُهُمَا) سَيَأْتِي فِي الصَّوْمِ أَنَّ لِغَيْرِهِ الْعَمَلَ بِهِ فَيَحْتَمِلُ مَجِيئَهُ هُنَا، وَأَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ أَمَارَاتِ دُخُولِ الْوَقْتِ أَكْثَرُ وَأَيْسَرُ مِنْ أَمَارَاتِ دُخُولِ رَمَضَانَ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْفَرْقِ فَإِنَّ الْمَدَارَ عَلَى مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ دُخُولُ الْوَقْتِ وَهُوَ حَاصِلٌ حَيْثُ اعْتَقَدَ صِدْقَهُ، ثُمَّ رَأَيْت م ر صَرَّحَ بِهِ فِي فَتَاوِيهِ هَذَا، وَقَضِيَّةُ مَا ذَكَرَ أَنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى مَنَازِلِ الْقَمَرِ وَعَلَى أَنَّ دُخُولَ الْوَقْتِ يَكُونُ عِنْدَ طُلُوعِ النَّجْمِ الْفُلَانِيِّ لَيْسَ اعْتِمَادًا عَلَى أَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ لِأَنَّ أَدِلَّتَهَا غَيْرُ مَا ذُكِرَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ سَمَاعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [جَهِلَ الْوَقْتَ لِغَيْمٍ أَوْ حَبْسٍ] قَوْلُهُ: امْتَنَعَ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ امْتِنَاعُ الْأَخْذِ بِقَضِيَّةِ الِاجْتِهَادِ حِينَئِذٍ

[صلى باجتهاد ثم تيقن أن صلاته وقعت قبل الوقت أو بعضها]

الْأَظْهَرِ قَضَاءٌ اعْتِبَارًا بِمَا فِي ظَنِّهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ وُقُوعَهَا قَبْلَ الْوَقْتِ بِأَنْ لَمْ يَبِنْ الْحَالُ أَوْ بَانَ وُقُوعُهَا فِيهِ أَوْ بَعْدَهُ (فَلَا) قَضَاءَ عَلَيْهِ وَالْوَاقِعَةُ بَعْدَهُ قَضَاءٌ لَكِنْ لَا إثْمَ فِيهَا (وَيُبَادِرُ بِالْفَائِتِ) اسْتِحْبَابًا مُسَارَعَةً لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ إنْ فَاتَ بِعُذْرٍ كَنَوْمٍ وَنِسْيَانٍ، وَوُجُوبًا إنْ فَاتَ بِغَيْرِ عُذْرٍ تَعْجِيلًا لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ لِخَبَرِ «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا» . (وَيُسَنُّ) (تَرْتِيبُهُ) أَيْ الْفَائِتِ فَيَقْضِي الصُّبْحَ قَبْلَ الظُّهْرِ وَهَكَذَا لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ، وَأَطْلَقَ الْأَصْحَابُ تَرْتِيبَ الْفَوَائِتِ فَاقْتَضَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَفُوتَ كُلُّهَا بِعُذْرٍ أَوْ عَمْدًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ حَيْثُ قَالَ فِيمَا لَوْ فَاتَ بَعْضُهَا عَمْدًا إنَّ قِيَاسَ قَوْلِهِمْ أَنَّهُ يَجِبُ قَضَاؤُهُ فَوْرًا أَنْ تَجِبَ الْبُدَاءَةُ بِهِ وَإِنْ فَاتَ التَّرْتِيبُ الْمَحْبُوبُ. قَالَ: وَكَذَا يَجِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْحَاضِرَةِ الْمُتَّسِعِ وَقْتُهَا، وَقَدْ عَارَضَ بَحْثَهُ الْمَذْكُورَ خُرُوجُنَا مِنْ خِلَافِ الْأَئِمَّةِ فِي التَّرْتِيبِ إذْ هُوَ خِلَافٌ فِي الصِّحَّةِ، فَرِعَايَتُهُ أَوْلَى مِنْ رِعَايَةِ التَّكْمِيلَاتِ الَّتِي تَصِحُّ الصَّلَاةُ بِدُونِهَا (وَ) يُسَنُّ (تَقْدِيمُهُ عَلَى الْحَاضِرَةِ الَّتِي لَا يُخَافُ فَوْتُهَا) لِحَدِيثِ الْخَنْدَقِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى يَوْمَهُ الْعَصْرَ بَعْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُؤَذِّنِ الثِّقَةِ الْعَارِفِ بِالْأَدِلَّةِ كَالْإِخْبَارِ عَنْ عِلْمٍ. (قَوْلُهُ: فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ) ظَاهِرُهُ لَا وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا، وَلَوْ قِيلَ بِالنَّدْبِ لِتَرَدُّدِهِ فِي الْفِعْلِ هَلْ وَقَعَ فِي الْوَقْتِ أَوْ لَا لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا (قَوْلُهُ: وَالْوَاقِعَةُ بَعْدَهُ قَضَاءٌ) قَالَ حَجّ: وَثَوَابُ الْقَضَاءِ دُونَ ثَوَابِ الْأَدَاءِ وَإِنْ فَاتَ بِعُذْرٍ اهـ. وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا فَاتَ بِعُذْرٍ وَكَانَ عَزْمُهُ عَلَى الْفِعْلِ وَإِنَّمَا تَرَكَهُ لِقِيَامِ الْعُذْرِ بِهِ حَصَلَ لَهُ ثَوَابٌ عَلَى الْعَزْمِ يُسَاوِي ثَوَابَ الْأَدَاءِ أَوْ يَزِيدُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَنِسْيَانٍ) يَنْبَغِي إلَّا أَنْ يَنْشَأَ النِّسْيَانُ عَنْ مَنْهِيٍّ عَنْهُ كَلَعِبِ الشِّطْرَنْجِ فَلَا يَكُونُ عُذْرًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ، وَبِهَذَا يُخَصَّصُ خَبَرُ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ» وَبَقِيَ مَا لَوْ دَخَلَ الْوَقْتُ وَعَزَمَ عَلَى الْفِعْلِ ثُمَّ تَشَاغَلَ فِي مُطَالَعَةٍ أَوْ صَنْعَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ وَهُوَ غَافِلٌ هَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ هَذَا نِسْيَانٌ لَمْ يَنْشَأْ عَنْ تَقْصِيرٍ مِنْهُ، كَمَا حُكِيَ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّهُ شَرَعَ فِي الْمُطَالَعَةِ بَعْدَ الْعِشَاءِ فَاسْتَغْرَقَ فِيهَا حَتَّى لَذَعَهُ حَرُّ الشَّمْسِ فِي جَبْهَتِهِ (قَوْلُهُ: وَوُجُوبًا إنْ فَاتَ بِغَيْرِ عُذْرٍ) . [فَرْعٌ] الْمُعْتَمَدُ فِيمَا لَوْ أَفْسَدَ الصَّلَاةَ عَمْدًا أَنَّهُ لَا تَجِبُ إعَادَتُهَا فَوْرًا وَأَنَّهُ إنْ فَعَلَهَا فِي الْوَقْتِ فَهِيَ أَدَاءٌ وَإِلَّا فَقَضَاءٌ اهـ عَلَى مَنْهَجٍ. وَتَقَدَّمَ حُكْمُ هَذَا الْفَرْعِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالِاخْتِيَارُ أَنْ لَا يُؤَخِّرَ عَنْ مَصِيرِ الظِّلِّ مِثْلَيْنِ (قَوْلُهُ: فَلْيُصَلِّهَا) دَلَّ عَلَى طَلَبِ الصَّلَاةِ وَقْتَ تَذَكُّرِهَا وَهُوَ يُفِيدُ وُجُوبَ الصَّلَاةِ وَكَوْنَ الْقَضَاءِ عَلَى الْفَوْرِ؛ صَرَفَ عَنْ الْفَوْرِ «أَنَّهُ لَمَّا نَامَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ فِي الْوَادِي حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ ارْتَحَلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ ثُمَّ سَارَ مُدَّةً ثُمَّ نَزَلَ وَصَلَّى» ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ فَوْرِيَّةِ الْقَضَاءِ وَبَقِيَ وُجُوبُ الْقَضَاءِ عَلَى ظَاهِرِهِ. (قَوْلُهُ كُلُّهَا) أَيْ أَوْ بَعْضُهَا بِغَيْرِ عُذْرٍ وَبَعْضُهَا بِهِ، وَهَذِهِ هِيَ الَّتِي خَالَفَ فِيهَا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَمَا هُوَ صَرِيحُ قَوْلِهِ حَيْثُ قَالَ: فِيمَا لَوْ فَاتَ بَعْضُهَا عَمْدًا إلَخْ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) مُرَادُهُ حَجّ (قَوْلُهُ: فِي التَّرْتِيبِ) وَلَمْ يَذْكُرْ مَا يُعَارِضُ وُجُوبَ تَقْدِيمِ مَا فَاتَ بِغَيْرِ عُذْرٍ عَلَى الْحَاضِرَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ: مِنْ خِلَافِ الْأَئِمَّةِ فِي التَّرْتِيبِ شَامِلٌ لَهُ (قَوْلُهُ: صَلَّى يَوْمَهُ الْعَصْرَ) لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْعَصْرِ بَلْ ذِكْرُ الشَّارِحِ لَهُ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ لِكَوْنِهِ مَحَلَّ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى تَقْدِيمِ الْفَائِتَةِ عَلَى الْحَاضِرَةِ وَبِتَقْدِيرِ خُصُوصِيَّتِهِ فَيَحْتَمِلُ تَعَدُّدَ الْوَاقِعَةِ، فَإِنَّ أَيَّامَ الْخَنْدَقِ كَانَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْخَبَرِ الَّذِي رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَلَفْظُهُ «حُبِسْنَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ حَتَّى ذَهَبَ هَوِيٌّ مِنْ اللَّيْلِ حَتَّى ـــــــــــــــــــــــــــــQ [صَلَّى بِاجْتِهَادٍ ثُمَّ تَيَقَّنَ أَنَّ صَلَاتَهُ وَقَعَتْ قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ بَعْضُهَا] قَوْلُهُ: لِخَبَرِ مَنْ نَامَ إلَخْ) هُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَصْلِ الْمُبَادَرَةِ فَقَطْ [تَرْتِيبُ الْفَائِتِ مِنْ الصَّلَاة] (قَوْلُهُ كُلُّهَا بِعُذْرٍ أَوْ عَمْدًا) أَيْ: وَبَعْضُهَا بِعُذْرٍ وَبَعْضُهَا عَمْدًا لِيَتَأَتَّى قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ (قَوْلُهُ: وَقَدْ عَارَضَ بَحْثَهُ الْمَذْكُورَ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِبَحْثِهِ الْمَذْكُورِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ حَيْثُ قَالَ: فِيمَا لَوْ فَاتَ بَعْضُهَا عَمْدًا أَنَّ قِيَاسَ قَوْلِهِمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ رِعَايَةِ التَّكْمِيلَاتِ) لَا مَحَلَّ لَهُ هُنَا

مَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا الْمَغْرِبَ» ، فَإِنْ خَافَ فَوْتَهَا وَجَبَ تَقْدِيمُ الْحَاضِرَةِ لِأَنَّ الْوَقْتَ تَعَيَّنَ لَهَا وَلِئَلَّا تَصِيرَ الْأُخْرَى قَضَاءً، وَتَعْبِيرُهُ بِالْفَوَاتِ يَقْتَضِي اسْتِحْبَابَ التَّرْتِيبِ أَيْضًا إذَا أَمْكَنَهُ إدْرَاكُ رَكْعَةٍ مِنْ الْحَاضِرَةِ لِأَنَّهَا لَمْ تَفُتْ، وَبِهِ جَزَمَ فِي الْكِفَايَةِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُحَرَّرِ وَالتَّحْقِيقِ وَالرَّوْضِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ إذْ هُوَ خِلَافٌ فِي الصِّحَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّ فِيهِ نَظَرًا لِمَا فِيهِ مِنْ إخْرَاجِ بَعْضِ الصَّلَاةِ عَنْ الْوَقْتِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ. وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ مَحَلَّ تَحْرِيمِ إخْرَاجِ بَعْضِهَا عَنْ وَقْتِهَا فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ، وَلَوْ شَرَعَ فِي الْحَاضِرَةِ ثُمَّ ذَكَرَ الْفَائِتَةَ وَهُوَ فِيهَا وَجَبَ إتْمَامُ الْحَاضِرَةِ ضَاقَ وَقْتُهَا أَمْ اتَّسَعَ. ثُمَّ يَقْضِي الْفَائِتَةَ وَيُسَنُّ لَهُ إعَادَةُ الْحَاضِرَةِ؛ وَلَوْ دَخَلَ فِي الْفَائِتَةِ مُعْتَقِدًا سَعَةَ الْوَقْتِ فَبَانَ ضِيقُهُ وَجَبَ قَطْعُهَا وَالشُّرُوعُ فِي الْحَاضِرَةِ. وَيُسَنُّ إيقَاظُ النَّائِمِينَ لِلصَّلَاةِ لَا سِيَّمَا عِنْدَ ضِيقِ وَقْتِهَا، فَإِنْ عَصَى بِنَوْمِهِ وَجَبَ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِحَالِهِ إيقَاظُهُ، وَكَذَا يُسْتَحَبُّ إيقَاظُهُ إذَا رَآهُ نَائِمًا أَمَامَ الْمُصَلِّينَ أَوْ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَوْ مِحْرَابِ الْمَسْجِدِ أَوْ عَلَى سَطْحٍ لَا إجَارَةَ لَهُ أَوْ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَقَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، لِأَنَّ الْأَرْضَ تَعِجُّ إلَى اللَّهِ مِنْ نَوْمَةِ عَالِمٍ حِينَئِذٍ أَوْ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ أَوْ خَالِيًا فِي بَيْتٍ وَحْدَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSكُفِينَا، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَالًا فَأَمَرَهُ فَأَقَامَ الظُّهْرَ، فَصَلَّاهَا كَمَا كَانَ يُصَلِّي فِي وَقْتِهَا، ثُمَّ أَقَامَ الْعَصْرَ فَصَلَّاهَا كَذَلِكَ، ثُمَّ أَقَامَ الْمَغْرِبَ فَصَلَّاهَا كَذَلِكَ، ثُمَّ أَقَامَ الْعِشَاءَ فَصَلَّاهَا كَذَلِكَ» اهـ شَرْحُ الْبَهْجَةِ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَهَوِيٌّ كَغَنِيٍّ وَيُضَمُّ وَتَهْوَاءٌ مِنْ اللَّيْلِ: سَاعَةٌ مِنْهُ اهـ. قُلْت: وَاللَّيْلُ يَدْخُلُ بِالْغُرُوبِ فَيَصْدُقُ قَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدَ مَا غَرَبَتْ إلَخْ. نَعَمْ نُقِلَ عَنْ الْجَوْهَرِيِّ تَفْسِيرُ الْهَوِيِّ بِثُلُثِ اللَّيْلِ، وَحِينَئِذٍ فَيُشْكِلُ قَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدَ مَا غَرَبَتْ، وَالِاسْتِدْلَالُ لِأَنَّ الْمَغْرِبَ حِينَئِذٍ لَيْسَتْ حَاضِرَةً فَلَا مُخَلِّصَ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِالْحَمْلِ عَلَى تَعَدُّدِ الْوَاقِعَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ خَافَ فَوْتَهَا) أَيْ عَدَمَ إدْرَاكِ رَكْعَةٍ مِنْهَا فِي الْوَقْتِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ) خَالَفَ فِيهِ حَجّ فَقَالَ: أَمَّا إذَا خَافَ فَوْتَ الْحَاضِرَةِ بِأَنْ يَقَعَ بَعْضُهَا وَإِنْ قَلَّ خَارِجَ الْوَقْتِ فَيَلْزَمُهُ الْبُدَاءَةُ بِهَا لِحُرْمَةِ خُرُوجِ بَعْضِهَا عَنْ الْوَقْتِ مَعَ إمْكَانِ فِعْلِ كُلِّهَا فِيهِ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ لَهُ) أَيْ وَلَوْ مُنْفَرِدًا وَبَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ قَالَ بِبُطْلَانِهَا إذَا عَلِمَ بِالْفَائِتَةِ قَبْلَ فَرَاغِ الْحَاضِرَةِ (قَوْلُهُ: سَعَةَ الْوَقْتِ) بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِهَا، وَنَظَمَ اللُّغَتَيْنِ شَيْخُنَا الدَّنَوْشَرِيُّ بِقَوْلِهِ: وَسَعَةٌ بِالْفَتْحِ فِي الْأَوْزَانِ ... وَالْكَسْرُ مَحْكِيٌّ عَنْ الصَّاغَانِيِّ (قَوْلُهُ: وَجَبَ قَطْعُهَا) هَلَّا سُنَّ قَلْبُهَا نَفْلًا وَالسَّلَامُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ فَرَاجِعْ، ثُمَّ رَأَيْت م ر قَالَ: إنَّهُ يُسَنُّ قَلْبُهَا نَفْلًا سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِهِ وَجَبَ قَطْعُهَا عَلَى مَعْنَى امْتَنَعَ إتْمَامُهَا فَرْضًا فَلَا يُنَافِي سَنُّ قَلْبِهَا نَفْلًا. (قَوْلُهُ: لَا سِيَّمَا عِنْدَ ضِيقِ وَقْتِهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إيقَاظُهُمْ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَإِنْ عُرِفَ مِنْ عَادَتِهِمْ أَنَّهُمْ يَسْتَيْقِظُونَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يُمْكِنُهُمْ فِيهِ الْفِعْلُ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ غَرَضٌ يَحْمِلُهُمْ عَلَى النَّوْمِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَمْ لَا، وَلَعَلَّ هَذَا الْأَخِيرَ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ أَمَامَ الْمُصَلِّينَ) أَيْ حَيْثُ قَرُبَ مِنْهُمْ بِحَيْثُ يُعَدُّ عُرْفًا سُوءَ أَدَبٍ (قَوْلُهُ: أَوْ مِحْرَابِ الْمَسْجِدِ) أَيْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُرِيدُ الْإِمَامُ الصَّلَاةَ فِيهِ حَتَّى لَوْ اعْتَادَ الْإِمَامُ الصَّلَاةَ فِي غَيْرِ الْمِحْرَابِ لَا يُسَنُّ إيقَاظُ النَّائِمِ فِيهِ وَقْتَ صَلَاةِ الْإِمَامِ فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لَا إجَّارَ لَهُ) أَيْ لَا حَاجِزَ لَهُ. وَوُجِدَ بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ مَا نَصُّهُ وُجِدَ بِخَطِّ بَعْضِهِمْ مُصَلَّحًا لَا حِجَارَ لَهُ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْجِيمِ وَبَعْدَ الْأَلِفِ رَاءٌ جَمْعُ حِجْرٍ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَهُوَ الْحَائِطُ الْمُحِيطَةُ بِالسَّاحَةِ وَالْمُرَادُ بِهَا مَا يَحْجِزُ الْإِنْسَانَ النَّائِمَ وَيَمْنَعُهُ مِنْ الْوُقُوعِ وَالسُّقُوطِ مُؤَلِّفٌ. وَفِي الْمُخْتَارِ: وَالْإِجَّارُ السَّطْحُ، وَعَلَيْهِ فَيَصِيرُ التَّقْدِيرُ هُنَا وَعَلَى سَطْحٍ لَا سَطْحَ لَهُ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ، فَالْأَوْلَى مَا ذُكِرَ عَنْ الْمُؤَلِّفِ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ صَلَّى الصُّبْحَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَرْضَ تَعِجُّ إلَى اللَّهِ) أَيْ تَرْفَعُ صَوْتَهَا. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: عَجَّ عَجًّا مِنْ بَابِ ضَرَبَ، وَعَجِيجًا أَيْضًا رَفَعَ صَوْتَهُ بِالتَّلْبِيَةِ. وَفِي الْمُخْتَارِ: الْعَجُّ رَفْعُ الصَّوْتِ اهـ فَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِتَلْبِيَةٍ وَلَا غَيْرِهَا. وَفِي الْقَامُوسِ: عَجَّ يَعِجُّ وَيَعَجُّ كَيَمَلُّ (قَوْلُهُ: مِنْ نَوْمَةِ عَالِمٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَبَانَ ضِيقُهُ) أَيْ عَنْ رَكْعَةٍ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ

[إيقاظ النائمين للصلاة]

فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ، أَوْ نَامَتْ الْمَرْأَةُ مُسْتَلْقِيَةً وَوَجْهُهَا إلَى السَّمَاءِ قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ، أَوْ نَامَ رَجُلٌ مُنْبَطِحًا عَلَى وَجْهِهِ فَإِنَّهَا ضِجْعَةٌ يُبْغِضُهَا اللَّهُ، وَيُسَنُّ إيقَاظُ غَيْرِهِ أَيْضًا لِصَلَاةِ اللَّيْلِ وَلِلتَّسَحُّرِ، وَمَنْ نَامَ وَفِي يَدِهِ غَمَرٌ وَالنَّائِمِ بِعَرَفَاتٍ وَوَقْتَ الْوُقُوفِ لِأَنَّهُ وَقْتُ طَلَبٍ وَتَضَرُّعٍ، وَمَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعِشَاءِ هَلْ لَهُ صَلَاةُ الْوِتْرِ قَبْلَ قَضَائِهَا؟ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا عَدَمُ الْجَوَازِ. وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ فَوَائِتُ وَأَرَادَ قَضَاءَهَا هَلْ يَبْدَأُ بِالصُّبْحِ أَوْ الظُّهْرِ؟ حَكَى الطَّبَرِيُّ شَارِحُ التَّنْبِيهِ فِيهِ وَجْهَيْنِ وَأَوْجَهُهُمَا أَنَّهُ يَبْدَأُ بِاَلَّتِي فَاتَتْهُ أَوَّلًا مُحَافَظَةً عَلَى التَّرْتِيبِ. وَمَنْ عَلَيْهِ فَوَائِتُ لَا يَعْرِفُ عَدَدَهَا قَالَ الْقَفَّالُ: يَقْضِي مَا تَحَقَّقَ تَرْكُهُ، وَقَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ: يَقْضِي مَا زَادَ عَلَى مَا تَحَقَّقَ فِعْلُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَلَوْ تَيَقَّظَ مِنْ نَوْمِهِ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ مَا لَا يَسَعُ إلَّا الْوُضُوءَ أَوْ بَعْضَهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ فَاتَتْهُ بِعُذْرٍ فَلَا يَجِبُ قَضَاؤُهَا فَوْرًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ بِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ) أَيْ أَوْ بَعْدَ صَلَاةِ النَّاسِ الْعَصْرَ: أَيْ وَلَوْ صَلَّاهَا أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ) اُنْظُرْ وَجْهَ الْكَرَاهَةِ وَلَعَلَّهُ الْوَحْشَةُ. الَّتِي تَحْصُلُ لِلنَّائِمِ وَحْدَهُ فَإِنَّهَا رُبَّمَا أَدَّتْ إلَى اخْتِلَالِ عَقْلِهِ، وَفِي الْحَدِيثِ «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي الْوَحْدَةِ مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ أَبَدًا، وَلَا نَامَ رَجُلٌ فِي بَيْتٍ وَحْدَهُ» طس عَنْ جَابِرٍ خ عَنْ ابْنِ عُمَرَ اهـ دُرَرِ الْبِحَارِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ اشْتَمَلَتْ الدَّارُ عَلَى بُيُوتٍ مُتَفَرِّقَةٍ فَنَامَ وَحْدَهُ فِي بَيْتٍ مِنْهَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْوَحْشَةِ (قَوْلُهُ: مُسْتَلْقِيَةً) وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ هَذِهِ الْهَيْئَةَ لَمَّا كَانَتْ تَفْعَلُهَا الْمَرْأَةُ عِنْدَ جِمَاعِهَا نُهِيَ عَنْهَا لِأَنَّهَا مَظِنَّةٌ لِتَذَكُّرِ تِلْكَ الْحَالَةِ مِنْهَا أَوْ مِمَّنْ يَرَاهَا نَائِمَةً أَوْ أَنَّهُ مَظِنَّةٌ لِانْكِشَافِ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهَا وَالْمَطْلُوبُ مِنْهَا السَّتْرُ، وَلَا يَخْتَصُّ مَا ذُكِرَ بِالْبَالِغَةِ لِأَنَّ هَذِهِ الْهَيْئَةَ فَاحِشَةٌ لِلْأُنْثَى مِنْ حَيْثُ هِيَ، وَلَكِنَّ الْكَرَاهَةَ فِي حَقِّ غَيْرِ الْبَالِغَةِ تَتَعَلَّقُ بِوَلِيِّهَا لِأَنَّ خِطَابَ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ يَتَعَلَّقُ بِوَلِيِّهِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَامَ رَجُلٌ مُنْبَطِحًا) أَيْ أَوْ امْرَأَةٌ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا ضِجْعَةٌ) بِالْكَسْرِ اسْمٌ لِلْهَيْئَةِ (قَوْلُهُ: يُبْغِضُهَا اللَّهُ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْغَيْنِ مِنْ الْإِبْغَاضِ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: بَغُضَ الشَّيْءُ بِالضَّمِّ بَغَاضَةً فَهُوَ بَغِيضٌ، وَأَبْغَضْته إبْغَاضًا فَهُوَ مُبْغَضٌ وَالِاسْمُ الْبُغْضُ. قَالُوا: وَلَا يُقَالُ بَغَضْته بِغَيْرِ أَلِفٍ اهـ. وَفِي الْقَامُوسِ: أَنَّ يَبْغُضُنِي بِضَمِّ الْغَيْنِ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ) أَيْ لِلشَّخْصِ إيقَاظُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِصَلَاةِ اللَّيْلِ) أَيْ إذَا عَلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يَفْعَلُهَا (قَوْلُهُ: وَمَنْ نَامَ وَفِي يَدِهِ) التَّقْيِيدُ بِهَا لِلْغَالِبِ، وَمِثْلُهَا ثِيَابُهُ وَبَقِيَّةُ بَدَنِهِ. وَالْحِكْمَةُ فِي طَلَبِ إيقَاظِهِ أَنَّ الشَّيْطَانَ يَأْتِي لِلْغَمَرِ وَرُبَّمَا آذَى صَاحِبَهُ، وَإِنَّمَا خَصَّ الْيَدَ لِمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «مَنْ نَامَ وَفِي يَدِهِ غَمَرٌ فَأَصَابَهُ وَضَحٌ فَلَا يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ» اهـ. وَالْوَضَحُ هُوَ الْبَرَصُ. وَقَوْلُهُ: غَمَرٌ هُوَ كَمَا فِي الْقَامُوسِ رِيحُ اللَّحْمِ، وَعِبَارَتُهُ الْغَمَرُ بِالتَّحْرِيكِ رِيحُ اللَّحْمِ وَمَا يَعْلَقُ بِالْيَدِ مِنْ دَسَمِهِ (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهَا إلَخْ) لَيْسَ هَذَا أَحَدَ الْوَجْهَيْنِ لِجَوَازِ أَنَّ مَا فَاتَهُ أَوَّلًا هُوَ الْمَغْرِبُ أَوْ الْعِشَاءُ، وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَالْأَوْجَهُ أَنْ يَبْدَأَ بِمَا فَاتَهُ أَوَّلًا بِلَا إضَافَةِ الْأَوْجَهِ لِلضَّمِيرِ فَإِنَّهُ رُدِّدَ فِي الْوَجْهَيْنِ بَيْنَ الصُّبْحِ وَالظُّهْرِ، وَيُحْتَمَلُ أَوَّلُ مَا فَاتَهُ غَيْرُ الصُّبْحِ وَالظُّهْرِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْوَجْهَانِ فِي كَلَامِ شَارِحِ التَّنْبِيهِ غَيْرُ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ وَقَدْ يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ: وَجْهَيْنِ بِدُونِ أَلْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَصَحُّ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ أَنَّ مَا شَكَّ فِي فِعْلِهِ لَا يَقْضِيهِ عَلَى الْأَوَّلِ وَيَقْضِيهِ عَلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ: مَا لَا يَسَعُ إلَّا الْوُضُوءَ أَوْ بَعْضَهُ) أَفْهَمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [إيقَاظُ النَّائِمِينَ لِلصَّلَاةِ] قَوْلُهُ: غَمَرٌ) بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ دُهْنٌ وَنَحْوُهُ (قَوْلُهُ: وَقْتَ الْوُقُوفِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ الْوَقْتُ الَّذِي يَجْتَمِعُ النَّاسُ فِيهِ لِلدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ لَا مُطْلَقُ الْوَقْتِ الَّذِي يَصِحُّ فِيهِ الْوُقُوفُ (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا) لَيْسَ هَذَا أَحَدَ الْوَجْهَيْنِ حَتَّى يُقَالَ: إنَّهُ أَوْجَهُهُمَا، فَفِي الْعِبَارَةِ مُسَاهَلَةٌ

وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِ الْفَرِيضَةِ هَلْ فَعَلَهَا أَوْ لَا لَزِمَهُ قَضَاؤُهَا كَمَا لَوْ شَكَّ فِي النِّيَّةِ وَلَوْ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ بَعْدَ وَقْتِهَا هَلْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ أَوْ لَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ كَمَا أَوْضَحْت ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ. (وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ) كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ (عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ) لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ أَوْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ» وَالظَّهِيرَةُ شِدَّةُ الْحَرِّ كَمَا مَرَّ، وَقَائِمُهَا هُوَ الْبَعِيرُ يَكُونُ بَارِكًا فَيَقُومُ مِنْ شِدَّةِ حَرِّ الْأَرْضِ، وَتَضَيَّفُ بِمُثَنَّاةٍ مِنْ فَوْقُ ثُمَّ ضَادٍ مُعْجَمَةٍ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتُ مُشَدَّدَةٍ: أَيْ تَمِيلُ، وَمِنْهُ الضَّيْفُ تَقُولُ: أَضَفْت فُلَانًا إذَا أَمَلْته إلَيْك وَأَنْزَلْته عِنْدَك، وَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ مِنْ كَرَاهَةِ الدَّفْنِ مَحَلُّهُ إذَا تَحَرَّاهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ وَقْتَ الِاسْتِوَاءِ لَطِيفٌ لَا يَتَّسِعُ لِصَلَاةٍ وَلَا يَكَادُ يُشْعَرُ بِهِ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ إلَّا أَنَّ التَّحَرُّمَ قَدْ يُمْكِنُ إيقَاعُهُ فِيهِ فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ (إلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ) وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْهَا لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ فِي ذَلِكَ، وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ مُرْسَلًا لِاعْتِضَادِهِ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَحَبَّ التَّبْكِيرَ إلَيْهَا ثُمَّ رَغِبَ فِي الصَّلَاةِ إلَى خُرُوجِ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ (وَ) تُكْرَهُ أَيْضًا (بَعْدَ) أَدَاءِ (الصُّبْحِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ كَرُمْحٍ) فِي رَأْيِ الْعَيْنِ وَإِلَّا فَالْمَسَافَةُ بَعِيدَةٌ جِدًّا وَهُوَ تَقْرِيبٌ (وَبَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ) أَدَاءً وَلَوْ مَجْمُوعَةً فِي وَقْتِ الظُّهْرِ (حَتَّى تَغْرُبَ) لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ، وَرَوَى مُسْلِمٌ «فَإِنَّهَا تَطْلُعُ وَتَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ» وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ وَبَقِيَ لِلْكَرَاهَةِ وَقْتَانِ آخَرَانِ ذَكَرَهُمَا الرَّافِعِيُّ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَالْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ، وَهُمَا عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ حَتَّى تَرْتَفِعَ، ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنَّهُ لَوْ اسْتَيْقَظَ وَقَدْ بَقِيَ مَا يَسَعُ الْوُضُوءَ وَبَعْضَ الصَّلَاةِ كَالتَّحَرُّمِ وَجَبَ فِعْلُهُ حَتَّى لَوْ أَخَّرَ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ عَصَى بِذَلِكَ وَوَجَبَ قَضَاؤُهَا فَوْرًا. وَمِثْلُ الْوُضُوءِ الْغُسْلُ مِنْ الْجَنَابَةِ، بَلْ كُلُّ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّةُ الصَّلَاةِ كَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ مِنْ بَدَنِهِ أَوْ سَتْرِ عَوْرَتِهِ (قَوْلُهُ: لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ) فَلَوْ فَعَلَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ عَلَيْهِ لَا تُجْزِيهِ فَتَجِبُ إعَادَتُهَا اهـ سم عَلَى حَجّ بِالْمَعْنَى. وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا أَنَّ الشَّكَّ فِي كَوْنِهَا عَلَيْهِ أَوْ لَا شَكٌّ فِي سَبَبِ الْوُجُوبِ، كَمَا لَوْ انْقَطَعَ دَمُ الْحَائِضِ أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ وَشَكَّ فِي أَنْ ذَلِكَ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا وُجُوبَ، لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، بِخِلَافِ مَنْ شَكَّ هَلْ فَعَلَ أَوْ لَا فَإِنَّهُ عَلِمَ بِاشْتِغَالِ الذِّمَّةِ وَشَكَّ فِي الْمُسْقِطِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَيُؤْخَذُ هَذَا التَّوْجِيهُ مِنْ قَوْلِ حَجّ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ شَكَّهُ فِي اللُّزُومِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْفِعْلِ شَكٌّ فِي اجْتِمَاعِ شُرُوطِ اللُّزُومِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، بِخِلَافِهِ فِي الْفِعْلِ فَإِنَّهُ مُسْتَلْزِمٌ لِتَيَقُّنِ اللُّزُومِ وَالشَّكُّ فِي الْمُسْقِطِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ) أَيْ يَقِينًا فَلَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ لَمْ يُكْرَهْ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ نَقْبُرُ) بَابُهُ ضَرَبَ وَنَصَرَ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ) يَعْنِي تَمِيلُ وَهُوَ بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ الْمَفْتُوحَةِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ الْمَفْتُوحَةِ فَالْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ الْمُشَدَّدَةِ وَأَصْلُهُ تَتَضَيَّفُ حُذِفَ مِنْهُ إحْدَى التَّاءَيْنِ اهـ مِنْ الْبَحْرِ شَرْحُ الْكَنْزِ لِزَيْنِ الْحَنَفِيِّ. وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَمِنْهُ الضَّيْفُ أَنَّ التَّاءَ مَضْمُومَةٌ وَالْيَاءَ الْمُشَدَّدَةَ مَكْسُورَةٌ، وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ فَإِنَّ قَوْلَهُ حَتَّى تَمِيلَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَلَعَلَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ تَضَيَّفَنِي فَضَيَّفْته إذَا طَلَبَ الْقِرَى فَقَرَيْته (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْهَا) لَا يُقَالُ: الْعِلَّةُ الْآتِيَةُ تُخْرِجُهُ. لِأَنَّا نَقُولُ: لَمَّا كَانَ الْأَصْلُ حُضُورَهَا لَنْ تَلْزَمَهُ وَلِغَيْرِهِ تَوَسَّعُوا فِي جَوَازِ التَّنَفُّلِ لَهُ وَأَلْحَقُوهُ بِمَنْ حَضَرَهَا بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: «بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ» ) ع وَفِي رِوَايَةٍ لِغَيْرِهِ أَنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ وَمَعَهَا قَرْنُ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا ارْتَفَعَتْ فَارَقَهَا، فَإِذَا اسْتَوَتْ قَارَنَهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ بَعْدَ وَقْتِهَا إلَخْ) لَعَلَّ صُورَتَهُ أَنَّهُ حَصَلَ لَهُ مَانِعٌ فِي الْوَقْتِ كَإِغْمَاءٍ وَشَكَّ هَلْ حَصَلَ لَهُ فِيهِ إفَاقَةٌ فَلَزِمَتْهُ الصَّلَاةُ أَوْ لَا

[الصلاة عند الاستواء]

وَعِنْدَ الِاصْفِرَارِ حَتَّى تَغْرُبَ، وَيُمْكِنُ انْدِرَاجُهُمَا فِي عِبَارَتِهِ بِتَأْوِيلٍ غَيْرَ أَنَّ الْكَرَاهَةَ بَعْدَ أَدَاءِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ خَاصَّةً بِمَنْ صَلَّى وَعِنْدَ الطُّلُوعِ وَالِاصْفِرَارِ، لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ وَالْعَصْرَ وَمَنْ لَمْ يُصَلِّهِمَا، وَيَتَّسِعُ وَقْتُ الْكَرَاهَةِ فِي الْأَوَّلَيْنِ لِمَنْ بَادَرَ بِفِعْلِ الْفَرْضِ أَوَّلَ وَقْتِهِ، وَيَضِيقُ لِمَنْ أَخَّرَهُ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ، وَيَجْتَمِعُ الْكَرَاهَتَانِ فِيمَنْ فَعَلَ الْفَرْضَ وَدَخَلَ عَلَيْهِ كَرَاهَةُ الْوَقْتِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْمُرَادُ بِحَصْرِ الْكَرَاهَةِ فِي الْأَوْقَاتِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوْقَاتِ الْأَصْلِيَّةِ، فَسَتَأْتِي كَرَاهَةُ التَّنَفُّلِ فِي وَقْتِ إقَامَةِ الصَّلَاةِ وَوَقْتِ صُعُودِ الْإِمَامِ لِخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ اهـ. وَالْأُولَى إنَّمَا تَرِدُ إذَا قُلْنَا بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ لِلتَّنْزِيهِ وَهُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الطَّهَارَةِ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، أَمَّا إذَا قُلْنَا بِأَنَّهَا لِلتَّحْرِيمِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ فَلَا، وَلَا تَرِدُ الثَّانِيَةُ أَيْضًا لِذِكْرِهِمْ لَهَا فِي بَابِهَا، وَزَادَ بَعْضُهُمْ كَرَاهَةَ وَقْتَيْنِ آخَرَيْنِ وَهُوَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى صَلَاتِهِ وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ إلَى صَلَاتِهِ، وَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الْكَرَاهَةَ فِيهَا لِلتَّنْزِيهِ (إلَّا لِسَبَبٍ) غَيْرِ مُتَأَخِّرٍ مُتَقَدِّمًا كَالْجِنَازَةِ وَالْفَائِتَةِ وَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ، أَوْ مُقَارِنًا كَكُسُوفٍ وَاسْتِسْقَاءٍ وَإِعَادَةِ صَلَاةِ جَمَاعَةٍ وَمُتَيَمِّمٍ، وَأَشَارَ إلَى بَعْضِ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (كَفَائِتَةٍ) وَلَوْ نَافِلَةً تُقْضَى لِخَبَرِ «فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إذَا ذَكَرَهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــSفَإِذَا زَالَتْ فَارَقَهَا، فَإِذَا دَنَتْ لِلْغُرُوبِ قَارَنَهَا، فَإِذَا غَرَبَتْ فَارَقَهَا. وَاخْتُلِفَ فِي الْقَرْنِ فَقِيلَ: قَوْمُهُ وَهُمْ عُبَّادُ الشَّمْسِ يَسْجُدُونَ لَهَا فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ، وَقِيلَ إنَّهُ يُدْنِي رَأْسَهُ مِنْ الشَّمْسِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ لِيَكُونَ السَّاجِدُ لَهَا سَاجِدًا لَهُ اهـ. وَانْظُرْ قَرْنَيْ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. قُلْت: يُمْكِنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمَا جَانِبَا الرَّأْسِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَمَعْنَى كَوْنِهَا بَيْنَ قَرْنَيْهِ أَنَّهُ يُلْصِقُ نَاصِيَتَهُ بِهَا اهـ. وَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِيمَا قُلْنَاهُ. وَعِبَارَةُ حَجّ: وَأَصْلُ ذَلِكَ مَا صَحَّ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ مَعَ التَّقْيِيدِ بِالرُّمْحِ أَوْ الرُّمْحَيْنِ فِي رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ فِي مُسْتَخْرَجِهِ عَلَى مُسْلِمٍ، لَكِنَّهُ مُشْكِلٌ بِمَا يَأْتِي فِي الْعَرَايَا أَنَّهُمْ عِنْدَ الشَّكِّ فِي الْخَمْسَةِ أَوْ الدُّونِ أَخَذُوا بِالْأَكْثَرِ وَهُوَ الْخَمْسَةُ احْتِيَاطًا، فَقِيَاسُهُ هُنَا امْتِدَادُ الْحُرْمَةِ لِلرُّمْحَيْنِ لِذَلِكَ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْأَصْلَ جَوَازُ الصَّلَاةِ إلَّا مَا تَحَقَّقَ مَنْعُهُ وَحُرْمَةُ الرِّبَا إلَّا مَا تَحَقَّقَ حِلُّهُ، فَأَثَرُ الشَّكِّ هُنَا الْأَخْذُ بِالزَّائِدِ وَثَمَّ الْأَخْذُ بِالْأَقَلِّ عَمَلًا بِكُلٍّ مِنْ الْأَصْلَيْنِ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ الِاصْفِرَارِ حَتَّى تَغْرُبَ) أَيْ فَلَوْ أَحْرَمَ بِصَلَاةٍ لَا سَبَبَ لَهَا قَبْلَ الِاصْفِرَارِ أَوْ الطُّلُوعِ وَعَلِمَ أَنَّهَا لَا تَتِمُّ إلَّا بَعْدَ الِاصْفِرَارِ أَوْ الطُّلُوعِ فَقِيَاسُ مَا لَوْ أَحْرَمَ بِصَلَاةٍ لَا سَبَبَ لَهَا قَبْلَ صُعُودِ الْخَطِيبِ الْمِنْبَرَ وَعَلِمَ أَنَّهَا لَا تَتِمُّ إلَّا بَعْدَ اسْتِقْرَارِهِ (قَوْلُهُ: بِتَأْوِيلٍ غَيْرَ أَنَّ الْكَرَاهَةَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالْكَرَاهَةِ فِيمَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيمَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَاصْفِرَارِهَا بَيْنَ مَنْ صَلَّى وَمَنْ لَمْ يُصَلِّ وَفِيمَا قَبْلَهُمَا فِي حَقِّ مَنْ صَلَّى، فَصَحَّ إضَافَةُ الْكَرَاهَةِ لِمَنْ صَلَّى الْعَصْرَ وَالصُّبْحَ إلَى الِارْتِفَاعِ وَالْغُرُوبِ عَلَى الْجُمْلَةِ وَإِنْ شَارَكَهُ فِي ذَلِكَ مَنْ لَمْ يُصَلِّ بَعْدَ الطُّلُوعِ وَالِاصْفِرَارِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ كَوْنُ الصَّلَاةِ مَكْرُوهَةً (قَوْلُهُ: إلَى صَلَاتِهِ وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَبْلَ سُنَّتِهِمَا بَلْ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا الْكَرَاهَةُ وَإِنْ عَرَضَ مَا يَقْتَضِي التَّنَفُّلَ لِدُخُولِ الْمَسْجِدِ أَوْ الْوُضُوءِ قَبْلَ فِعْلِ السُّنَّةِ أَوْ بَعْدَهَا وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ فِي الْأَخِيرَةِ (قَوْلُهُ: كَفَائِتَةٍ) أَيْ وَكَنَافِلَةٍ اتَّخَذَهَا وِرْدًا، قَالَهُ الرَّافِعِيُّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الصَّلَاةُ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ] قَوْلُهُ: بِتَأْوِيلٍ) اُنْظُرْ مَا وَجْهَهُ. وَفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مَا لَا يُشْفَى (قَوْلُهُ: إذْ قُلْنَا بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ لِلتَّنْزِيهِ) أَيْ هُنَا (قَوْلُهُ: كَكُسُوفٍ وَاسْتِسْقَاءٍ) جَعَلَهُمَا الشِّهَابُ حَجّ مِمَّا سَبَبُهُ مُتَقَدِّمٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّقَدُّمَ وَقَسِيمَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ. وَوَجْهُ مَا صَنَعَهُ الشَّارِحُ أَنَّ السَّبَبَ الَّذِي هُوَ الْكُسُوفُ أَوْ الْقَحْطُ مَوْجُودٌ عِنْدَ الصَّلَاةِ وَإِنْ تَقَدَّمَ ابْتِدَاؤُهُ، وَالصَّلَاةُ إنَّمَا هِيَ لِهَذَا الْمَوْجُودِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ زَالَ امْتَنَعَتْ الصَّلَاةُ، وَأَمَّا الصَّلَاةُ الْمَطْلُوبَةُ بَعْدَ السُّقْيَا، فَإِنَّمَا هِيَ لِلشُّكْرِ لَا لِطَلَبِ الْغَيْثِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَمُتَيَمِّمٍ) عِبَارَةُ حَجّ، وَالْمُعَادَةُ لِتَيَمُّمٍ أَوْ انْفِرَادٍ انْتَهَتْ، وَمُتَيَمِّمٍ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ مَعْطُوفٌ عَلَى صَلَاةِ

وَخَبَرِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ: هُمَا اللَّتَانِ بَعْدَ الظُّهْرِ» وَفِي مُسْلِمٍ «لَمْ يَزَلْ يُصَلِّيهِمَا حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا» : أَيْ لِأَنَّ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ أَنَّهُ إذَا عَمِلَ عَمَلًا دَاوَمَ عَلَيْهِ فَفَعَلَهُمَا أَوَّلَ مَرَّةٍ قَضَاءً وَبَعْدَهُ نَفْلًا، فَلَيْسَ لِمَنْ قَضَى فِيهَا فَائِتَةً الْمُدَاوَمَةُ عَلَيْهَا وَجَعْلُهَا وِرْدًا. وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْفَائِتَةَ تُفْعَلُ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ نَعَمْ يُكْرَهُ تَأْخِيرُ الْفَائِتَةِ لِيَقْضِيَهَا فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ (وَ) صَلَاةِ (كُسُوفٍ وَاسْتِسْقَاءٍ) وَرَكْعَتَيْ وُضُوءٍ (وَتَحِيَّةٍ) لِمَسْجِدٍ لَمْ يَدْخُلْ إلَيْهِ بِقَصْدِهَا فَقَطْ (وَسَجْدَةِ شُكْرٍ) وَتِلَاوَةٍ لَمْ يَقْرَأْ آيَتَهَا لِيَسْجُدَ وَإِنْ كَانَتْ الْقِرَاءَةُ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ لِأَنَّ بَعْضَهَا لَهُ سَبَبٌ مُتَقَدِّمٌ وَبَعْضَهَا سَبَبُهُ مُقَارِنٌ إذْ نَحْوُ التَّحِيَّةِ وَالْكُسُوفِ مُعَرَّضٌ لِلْفَوَاتِ، وَمَنْ فَعَلَ صَلَاةً حُكِمَ بِكَرَاهَتِهَا فِي الْأَوْقَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَثِمَ وَلَمْ تَنْعَقِدْ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّ الْكَرَاهَةَ لِلتَّنْزِيهِ، لِأَنَّ النَّهْيَ إذَا رَجَعَ إلَى نَفْسِ الْعِبَادَةِ أَوْ لَازَمَهَا اقْتَضَى الْفَسَادَ سَوَاءٌ أَكَانَ لِلتَّحْرِيمِ أَوْ لِلتَّنْزِيهِ، وَأَيْضًا فَإِبَاحَةُ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَوْلِ بِكَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا لَا تُنَافِي حُرْمَةَ الْإِقْدَامِ عَلَيْهَا مِنْ حَيْثُ عَدَمُ الِانْعِقَادِ، مَعَ أَنَّهُ لَا بُعْدَ فِي إبَاحَةِ الْإِقْدَامِ عَلَى مَا لَا يَنْعَقِدُ إذَا كَانَتْ الْكَرَاهَةُ فِيهِ لِلتَّنْزِيهِ وَلَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ التَّلَاعُبَ، وَفَارَقَ كَرَاهَةُ الزَّمَانِ كَرَاهَةَ الْمَكَانِ حَيْثُ انْعَقَدَتْ فِيهِ مَعَهَا بِأَنَّ الْفِعْلَ فِي الزَّمَانِ يَذْهَبُ جُزْءٌ مِنْهُ فَكَانَ النَّهْيُ مُنْصَرِفًا لِإِذْهَابِ هَذَا الْجُزْءِ فِي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَهُوَ وَصْفٌ لَازِمٌ، إذْ لَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُ فِعْلٍ إلَّا بِإِذْهَابِ جُزْءٍ مِنْ الزَّمَانِ، وَأَمَّا الْمَكَانُ فَلَا يَذْهَبُ جُزْءٌ مِنْهُ وَلَا يَتَأَثَّرُ بِالْفِعْلِ، فَالنَّهْيُ فِيهِ لِأَمْرٍ خَارِجِيٍّ مُجَاوِرٍ لَا لَازِمٍ فَحُقِّقَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ نَفِيسٌ، وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيُفَرَّقُ أَيْضًا بِاللُّزُومِ وَعَدَمِهِ، وَتَحْقِيقُ هَذَا أَنَّ الْأَفْعَالَ الِاخْتِيَارِيَّةَ لِلْعِبَادِ تَقْتَضِي زَمَانًا وَمَكَانًا وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَازِمٌ لِوُجُودِ الْفِعْلِ، لَكِنَّ الزَّمَانَ كَمَا يَلْزَمُ الْمَاهِيَّةَ دُونَ الْمَكَانِ، وَلِهَذَا يَنْقَسِمُ الْفِعْلُ بِحَسَبِ انْقِسَامِ الزَّمَانِ إلَى الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ وَالْحَالِ، فَكَانَ أَشَدَّ ارْتِبَاطًا ـــــــــــــــــــــــــــــSفَرْعٌ] تَذَكَّرَ وَقْتَ الْخُطْبَةِ تَرْكَ فَائِتَةٍ عَمْدًا لِغَيْرِ عُذْرٍ هَلْ يَجُوزُ فِعْلُهَا؟ قَالَ شَيْخُنَا طب: يَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: أَيْ لِأَنَّ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ أَنَّهُ إلَخْ) قَالَ حَجّ: وَيَرُدُّهُ مَا يَأْتِي فِي مَعْنَى الرَّاتِبِ الْمُؤَكَّدِ وَغَيْرِهِ وَمَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي نَوْمِهِمْ عَنْ الصُّبْحِ قَضَى سُنَّتَهَا وَلَمْ يُدَاوِمْ عَلَيْهِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ) أَيْ فَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَنْعَقِدْ، وَعِبَارَةُ حَجّ: أَمَّا إذَا تَحَرَّى إيقَاعَ صَلَاةٍ غَيْرِ صَاحِبَةِ الْوَقْتِ فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَكْرُوهًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ الصَّوَابُ الْجَزْمُ بِالْمَنْعِ إذَا عَلِمَ بِالنَّهْيِ وَقَصَدَ تَأْخِيرَهَا لِيَفْعَلَهَا فِيهِ فَيَحْرُمُ مُطْلَقًا وَلَوْ فَائِتَةً يَجِبُ قَضَاؤُهَا فَوْرًا لِأَنَّهُ مُعَانِدٌ لِلشَّرْعِ. وَعَبَّرَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ بِمُرَاغِمٍ لِلشَّرْعِ بِالْكُلِّيَّةِ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِتَكْفِيرِهِمْ مَنْ قِيلَ لَهُ قُصَّ أَظْفَارَك فَقَالَ لَا أَفْعَلُهُ رَغْبَةً عَنْ السُّنَّةِ، فَإِذَا اقْتَضَتْ الرَّغْبَةُ عَنْ السُّنَّةِ التَّكْفِيرَ فَأَوْلَى هَذِهِ الْمُعَانَدَةُ وَالْمُرَاغَمَةُ. وَيُجَابُ بِتَعَيُّنِ حَمْلِ هَذَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ شَبَّهَ الْمُرَاغَمَةَ وَالْمُعَانَدَةَ لَا أَنَّهُ مَوْجُودٌ فِيهِ حَقِيقَتُهَا، وَقَوْلُ جَمْعٍ الْمَكْرُوهُ تَأْخِيرُهَا إلَيْهِ لَا إيقَاعُهَا فِيهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ بِالذَّاتِ الْإِيقَاعُ لَا التَّأْخِيرُ (قَوْلُهُ: يَذْهَبُ جُزْءٌ مِنْهُ) أَيْ يَذْهَبُ بِفِعْلِ الصَّلَاةِ فِيهِ جُزْءٌ هُوَ زَمَنُ الْفِعْلِ لَا أَنَّ الْفِعْلَ أَذْهَبَ بِذَاتِهِ شَيْئًا مِنْ الزَّمَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــQجَمَاعَةٍ، وَانْظُرْ مَا وَجْهُ كَوْنِ هَذَا مِنْ السَّبَبِ الْمُقَارِنِ مَعَ أَنَّ السَّبَبَ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: إذْ نَحْوُ التَّحِيَّةِ، وَالْكُسُوفِ مُعَرَّضٌ لِلْفَوَاتِ) يُنْظَرُ مَا مَوْقِعُهُ هُنَا (قَوْلُهُ: وَأَيْضًا فَإِبَاحَةُ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَوْلِ إلَخْ) ظَاهِرُ التَّقْيِيدِ بِأَيْضًا أَنَّهُ تَوْجِيهٌ ثَانٍ لِعَدَمِ الِانْعِقَادِ مَعَ الْقَوْلِ بِكَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى، وَلَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ أَيْضًا لِيَكُونَ جَوَابًا عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ نَشَأَ مِنْ إثْبَاتِ الْإِثْمِ مَعَ الْقَوْلِ بِكَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ تَقْدِيرُهُ كَيْفَ تَتَّصِفُ بِالْإِبَاحَةِ، وَالْحُرْمَةِ لَكَانَ وَاضِحًا، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْجِهَةَ مُنْفَكَّةٌ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا يَنْقَسِمُ الْفِعْلُ إلَخْ) الْفِعْلُ الْمُنْقَسِمُ إلَى هَذِهِ هُوَ الْفِعْلُ الِاصْطِلَاحِيُّ عِنْدَ النُّحَاةِ لَا الْفِعْلُ الْمُرَادُ هُنَا كَمَا لَا يَخْفَى. .

[فصل فيمن تجب عليه الصلاة ومن لا تجب عليه]

بِالْفِعْلِ مِنْ الْمَكَانِ فَافْتَرَقَا، وَالْمُرَادُ بِالتَّقَدُّمِ وَقَسِيمَيْهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الصَّلَاةِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِلَى الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ وَعِبَارَتُهَا مُحْتَمِلَةٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا. قَالَ الشَّيْخُ: وَالْأَوَّلُ مِنْهُمَا أَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَيْسَ مِنْ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ لِإِيقَاعِهَا فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ حَتَّى لَا تَنْعَقِدَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ تَأْخِيرِ الْجِنَازَةِ لِيُصَلَّى عَلَيْهَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَقْصِدُونَ بِذَلِكَ كَثْرَةَ الْمُصَلِّينَ عَلَيْهَا كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، أَمَّا مَا سَبَبُهُ مُتَأَخِّرٌ كَصَلَاةِ الِاسْتِخَارَةِ وَالْإِحْرَامِ فَيَمْتَنِعُ فِي وَقْتِهَا مُطْلَقًا، وَقَدْ تَنْتَفِي الْكَرَاهَة لِلْمَكَانِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَإِلَّا) فِي (حَرَمِ مَكَّةَ عَلَى الصَّحِيحِ) لِخَبَرِ «يَا بَنِي عَبْدِ مُنَافٍ لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ وَصَلَّى أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ» وَلِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ فَضْلِ الصَّلَاةِ فَلَا تُكْرَهُ بِحَالٍ. نَعَمْ هِيَ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا فِي مُقْنِعِ الْمَحَامِلِيِّ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ، وَالثَّانِي أَنَّهَا تُكْرَهُ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ، وَحُمِلَتْ الصَّلَاةُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّ الطَّوَافَ سَبَبُهَا فَلَا حَاجَةَ إلَى تَخْصِيصٍ بِالِاسْتِثْنَاءِ، وَخَرَجَ بِحَرَمِ مَكَّةَ حَرَمُ الْمَدِينَةِ فَهُوَ كَغَيْرِهِ. . ثُمَّ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ وَمَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ فَقَالَ فَصْلٌ (إنَّمَا تَجِبُ الصَّلَاةُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ) وَلَوْ فِيمَا مَضَى كَمَا سَيَأْتِي ذِكْرُهُ أَوْ غَيْرُهُ، فَلَا تَجِبُ عَلَى كَافِرٍ أَصْلِيٍّ وُجُوبَ مُطَالَبَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَقَسِيمَيْهِ) وَهُمَا التَّأْخِيرُ وَالْمُقَارَنَةُ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِلَى الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ مُحْتَمَلَةٌ إلَخْ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَأَمَّا بَعْدَ قَوْلِهِ عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ الْمُفِيدِ لِلْجَزْمِ بِكَوْنِهَا كَذَلِكَ لَا يَحْسُنُ قَوْلُهُ وَعِبَارَتُهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ مِنْهُمَا أَظْهَرُ) هُوَ قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ إلَى الصَّلَاةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ) زَادَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: وَعَلَيْهِ فَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ سَبَبُهَا مُتَقَدِّمٌ، وَعَلَى الثَّانِي قَدْ يَكُونُ مُتَقَدِّمًا وَقَدْ يَكُونُ مُقَارِنًا بِحَسَبِ وُقُوعِهِ فِي الْوَقْتِ أَوْ قَبْلَهُ اهـ (قَوْلُهُ: فَيَمْتَنِعُ فِي وَقْتِهَا مُطْلَقًا) قَصَدَ التَّأْخِيرَ إلَيْهِ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ) لَا يُقَالُ: هُوَ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ كَمَا عُرِفَ. لِأَنَّا نَقُولُ: لَيْسَ قَوْلُهُ: وَصَلَّى صَرِيحًا فِي إرَادَةِ مَا يَشْمَلُ سُنَّةَ الطَّوَافِ وَغَيْرَهَا وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فِيهِ. نَعَمْ فِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ «لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا صَلَّى» مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الطَّوَافِ وَبِهَا يُضَعَّفُ الْخِلَافُ اهـ حَجّ. فَصْلٌ: إنَّمَا تَجِبُ الصَّلَاةُ (قَوْلُهُ: فَصْلٌ) إنْ قُلْت التَّعْبِيرُ بِالْفَصْلِ لَا وَجْهَ لَهُ لِعَدَمِ انْدِرَاجِهِ تَحْتَ بَابِ الْمَوَاقِيتِ. قُلْت: يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمَوَاقِيتَ لَمَّا لَمْ تَكُنْ مَعْرِفَتُهَا مَطْلُوبَةً لِذَاتِهَا بَلْ لِيُعْرَفَ بِهَا وُجُوبُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُكَلَّفِ عِنْدَ دُخُولِهَا نُزِّلَتْ مَعْرِفَةُ وُجُوبِ الصَّلَاةِ مَنْزِلَةَ الْمَسَائِلِ الْمُنْدَرِجَةِ تَحْتَ الْمَوَاقِيتِ، عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي تَقْدِيرُ بَابِ الْمَوَاقِيتِ عَقِبَ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَبِهِ عَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ، فَالتَّعْبِيرُ بِالْفَصْلِ فِي مَحَلِّهِ، أَوْ أَنَّهُ عَبَّرَ بِالْفَصْلِ عَنْ الْبَابِ عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ (قَوْلُهُ: إنَّمَا تَجِبُ الصَّلَاةُ) أَيْ السَّابِقَةُ اهـ حَجّ. قَالَ سم عَلَيْهِ: أَيْ فَأَلْ لِلْعَهْدِ (قَوْلُهُ عَلَى كُلِّ) أَشَارَ بِلَفْظِ كُلِّ إلَى عُمُومِ مُسْلِمٍ لِأَنَّهُ بِدُونِهَا مُطْلَقٌ مُحْتَمِلٌ لِإِرَادَةِ الْمَاهِيَّةِ فِي ضِمْنِ بَعْضِ الْأَفْرَادِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِيمَا مَضَى) هَذَا مَجَازٌ يَحْتَاجُ فِي تَنَاوُلِ اللَّفْظِ لَهُ إلَى قَرِينَةٍ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. قُلْت: يُمْكِنُ جَعْلُ الْقَرِينَةِ قَوْلَهُ فِيمَا يَأْتِي فَلَا قَضَاءَ عَلَى كَافِرٍ أَصْلِيٍّ فَإِنَّهُ يُخْرِجُ الْمُرْتَدَّ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ، وَهَذَا جَوَابٌ عَنْ الْمَنْهَجِ لِتَقْيِيدِهِ الْكَافِرَ بِالْأَصْلِيِّ، وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ الشَّارِحِ فَإِنَّ الْقَرِينَةَ الَّتِي بَنَى عَلَيْهَا التَّعْمِيمَ هِيَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إلَّا الْمُرْتَدَّ (قَوْلُهُ: فَلَا تَجِبُ عَلَى كَافِرٍ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ لَا يُطَالَبُ مِنَّا وَإِلَّا ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَمَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ] قَوْلُهُ: وُجُوبَ مُطَالَبَةٍ) أَيْ مِنَّا وَإِلَّا، فَهُوَ مُطَالَبٌ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ وَلِهَذَا عُوقِبَ

بِهَا فِي الدُّنْيَا لِعَدَمِ صِحَّتِهَا مِنْهُ وَإِنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ وُجُوبَ عِقَابٍ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ فِعْلِهَا بِالْإِسْلَامِ (بَالِغٍ) فَلَا تَجِبُ عَلَى صَغِيرٍ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ (عَاقِلٍ) فَلَا تَجِبُ عَلَى مَجْنُونٍ لِمَا ذُكِرَ، وَلَوْ خُلِقَ أَعْمَى أَصَمَّ أَخْرَسَ فَهُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ كَمَنْ لَمْ تَبْلُغُهُ الدَّعْوَةُ (طَاهِرٍ) فَلَا تَجِبُ عَلَى حَائِضٍ أَوْ نُفَسَاءَ لِعَدَمِ صِحَّتهَا مِنْهُمَا، فَمَنْ تَوَفَّرَتْ فِيهِ هَذِهِ الشُّرُوطُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ إجْمَاعًا. لَا يُقَالُ: إنَّ حَمْلَ عَدَمِ الْوُجُوبِ عَلَى أَضْدَادِ مَنْ ذَكَرَهُ عَلَى عَدَمِ الْإِثْمِ بِالتَّرْكِ وَعَدَمِ الطَّلَبِ فِي الدُّنْيَا وَرُدَّ الْكَافِرُ أَوْ عَلَى الْأَوَّلِ وَرُدَّ أَيْضًا أَوْ عَلَى الثَّانِي وَرُدَّ الصَّبِيُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــSفَهُوَ مُطَالَبٌ شَرْعًا، إذْ لَوْ لَمْ يُطَالَبْ كَذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لِلْعِقَابِ عَلَيْهَا سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وُجُوبُ عِقَابٍ عَلَيْهَا) كَسَائِرِ الْفُرُوعِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي الْآخِرَةِ إلَخْ حَجّ. وَقَوْلُهُ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا: أَيْ كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَحُرْمَةِ الزِّنَا، بِخِلَافِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ كَشُرْبِ مَا لَا يُسْكِرُ مِنْ النَّبِيذِ وَالْبَيْعِ بِالتَّعَاطِي فَلَا يُعَاقَبُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَجِبُ عَلَى صَغِيرٍ إلَخْ) لَا يُقَالُ: لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ هَذِهِ الْمُحْتَرَزَاتِ فَإِنَّهَا تَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا قَضَاءَ عَلَى الْكَافِرِ إلَخْ. لِأَنَّا نَقُولُ: مَا يَأْتِي فِي الْقَضَاءِ وَعَدَمِهِ وَمَا هُنَا فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ وَهُمَا مُخْتَلِفَانِ (قَوْلُهُ: لِمَا ذُكِرَ) هُوَ قَوْلُهُ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ خُلِقَ أَعْمَى أَصَمَّ أَخْرَسَ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ خُلِقَ أَعْمَى أَصَمَّ نَاطِقًا كَانَ مُكَلَّفًا، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِأَنَّ النُّطْقَ بِمُجَرَّدِهِ لَا يَكُونُ طَرِيقًا لِمَعْرِفَةِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، بِخِلَافِ الْبَصَرِ وَالسَّمْعِ فَلَعَلَّ التَّقْيِيدَ بِهِ لِأَنَّهُ لَازِمٌ لِلصَّمَمِ الْخِلْقِيِّ فَلْيُرَاجَعْ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ خُلِقَ إلَخْ مَا لَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ ذَلِكَ بَعْدَ التَّمْيِيزِ، فَإِنْ كَانَ عَرَفَ الْأَحْكَامَ قَبْلَ طُرُوُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَى عَدَمِهِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ فَيُحَرِّكُ لِسَانَهُ وَلَهَاتَهُ بِالْقِرَاءَةِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ، وَإِذَا لَمْ يَعْرِفْ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ اجْتَهَدَ فِيهَا، فَإِذَا أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى شَيْءٍ فَعَلَ بِهِ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ لِاسْتِقْرَارِهَا فِي ذِمَّتِهِ بِعَدَمِ أَدَائِهَا فِي الْوَقْتِ وَقَوْلُنَا لَهَاتَهُ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: اللَّهَاةُ اللَّحْمَةُ الْمُشْرِفَةُ عَلَى الْحَلْقِ فِي أَقْصَى الْفَمِ وَالْجَمْعُ لَهَى وَلَهَيَاتٌ مِثْلُ حَصَاةٍ وَحَصَى وَحَصَيَاتٍ وَلَهَوَاتٍ أَيْضًا عَلَى الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ) أَيْ فَلَا يَأْثَمُ بِالتَّرْكِ (قَوْلُهُ: لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ) لَكِنْ لَوْ أَسْلَمَ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، بِخِلَافِ مَنْ خُلِقَ أَعْمَى أَصَمَّ فَإِنَّهُ إنْ زَالَ مَانِعُهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَى مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ فَإِنَّهُ بَاقٍ عَلَى كُفْرِهِ، غَايَتُهُ أَنَّهُ غَيْرُ مُهْدَرٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ، وَتَكْلِيفُهُ كَتَكْلِيفِ غَيْرِهِ مِنْ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ، فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْيَهُودِيِّ أَوْ النَّصْرَانِيِّ؟ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا عَلَى بُعْدٍ، فَإِنَّ الْأَعْمَى الْأَصَمَّ إلَخْ لَيْسَ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الْخِطَابِ، بِخِلَافِ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنْ الْكُفَّارِ بِأَنَّ الْعِلَّةَ الَّتِي لِأَجْلِهَا أُسْقِطَتْ الصَّلَاةُ عَنْ الْكَافِرِ وَهِيَ النَّفْرَةُ عَنْ الْإِسْلَامِ مُنْتَفِيَةٌ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ. وَذَلِكَ أَنَّ الْكَافِرَ الْأَصْلِيَّ كَانَ عِنْدَهُ عِنَادٌ زَالَ بِالْإِسْلَامِ، وَرُبَّمَا عَادَ بِالْأَمْرِ بِالْقَضَاءِ فَيَنْفِرُ عَنْ الْإِسْلَامِ. وَأَمَّا مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ فَلَيْسَ عِنْدَهُ عِنَادٌ يَعُودُ بِالْأَمْرِ بِالْقَضَاءِ فَيَنْفِرُ عَنْ الْإِسْلَامِ بِسَبَبِهِ، وَالْمَانِعُ لَهُ عَنْ الْإِسْلَامِ لَيْسَ هُوَ الْعِنَادُ كَالْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ، بَلْ الْمَانِعُ لَهُ هُوَ الْجَهْلُ بِالدَّعْوَةِ فَنُزِّلَ مَنْزِلَةَ مُسْلِمٍ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ (قَوْلُهُ وَعَدَمِ الطَّلَبِ فِي الدُّنْيَا) أَيْ مَجْمُوعِهِمَا وَهُوَ الطَّلَبُ فِي الدُّنْيَا وَالْإِثْمُ فِي الْآخِرَةِ، وَقَوْلُهُ وَرُدَّ الْكَافِرُ: أَيْ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَجْتَمِعَا فِيهِ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ عَدَمُ الْإِثْمِ إلَخْ وَقَوْلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَرَدَ الْكَافِرُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ أَثِمَ بِالتَّرْكِ فَوُرُودُهُ هُنَا بِالنَّظَرِ لِلشِّقِّ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَرَدَ غَيْرُهُ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ: هُوَ سَهْوٌ وَالصَّوَابُ وَرَدَ الصَّبِيّ انْتَهَى: أَيْ؛ لِأَنَّهَا مَطْلُوبَةٌ مِنْهُ وَلَوْ بِوَاسِطَةِ وَلِيِّهِ، قَالَ سم: بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ، وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ، فَإِنَّهَا غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ مِنْهُمْ بَلْ مَمْنُوعَةٌ عَلَى الْأَخِيرَيْنِ. وَفِي نُسْخَةٍ مِنْ الشَّرْحِ وَرَدَ الصَّبِيُّ وَهِيَ تَصَرُّفٌ مِنْ عِبَارَةِ الْمُعْتَرِضِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَرِضَ إنَّمَا قَالَ وَرَدَ غَيْرُهُ وَمِنْ ثَمَّ اعْتَرَضَهُ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ كَمَا مَرَّ

لِأَنَّا نَقُولُ بِمَنْعِهِ، إذْ الْوُجُوبُ حَيْثُ أَطْلَقَ إنَّمَا يَنْصَرِفُ لِمَدْلُولِهِ الشَّرْعِيِّ وَهُوَ هُنَا كَذَلِكَ ثُبُوتًا وَانْتِفَاءُ غَايَةِ مَا فِيهِ أَنَّ فِي الْكَافِرِ تَفْصِيلًا وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الْمَفْهُومَ إذَا كَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا يُرَدُّ فَبَطَلَ الْإِيرَادُ عَلَى أَنَّ دَعْوَاهُ عَدَمَ إثْمِ الْكَافِرِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى عَدَمِ مُخَاطَبَتِهِ بِالْفُرُوعِ (وَلَا قَضَاءَ عَلَى الْكَافِرِ) إذَا أَسْلَمَ كَغَيْرِهَا مِنْ الْعِبَادَاتِ تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْإِسْلَامِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] وَلِأَنَّهُ لَوْ طُلِبَ مِنْهُ قَضَاءُ عِبَادَاتِ زَمَنِ كُفْرِهِ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا لَكَانَ سَبَبًا لِتَنْفِيرِهِ عَنْ الْإِسْلَامِ لِكَثْرَةِ الْمَشَقَّةِ فِيهِ خُصُوصًا إذَا مَضَى غَالِبُ عُمْرِهِ فِي الْكُفْرِ، فَلَوْ قَضَاهَا لَمْ تَنْعَقِدْ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَعَلَى الثَّانِي: أَيْ عَدَمِ الطَّلَبِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَقُولُ بِمَنْعِهِ) أَيْ الْوُرُودَ (قَوْلُهُ: لِمَدْلُولِهِ الشَّرْعِيِّ) وَهُوَ الطَّلَبُ فِي الدُّنْيَا وَالْإِثْمُ فِي الْآخِرَةِ (قَوْلُهُ غَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّ فِي الْكَافِرِ تَفْصِيلًا) أَيْ وَهُوَ أَنَّهُ تَارَةً يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَتَارَةً لَا يَجِبُ، فَبِاعْتِبَارِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ وَعَدَمِهِ جَعَلَهُ قِسْمَيْنِ: الْأَصْلِيُّ قِسْمٌ، وَالْمُرْتَدُّ قِسْمٌ وَإِنْ كَانَا مُسْتَوِيَيْنِ فِي الْوُجُوبِ عَلَيْهِمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ، وَبِهَذَا يُجَابُ عَمَّا اعْتَرَضَهُ بِهِ سم عَلَى حَجّ حَيْثُ قَالَ: وَقَوْلُهُ تَفْصِيلًا يُتَأَمَّلُ مَا الْمُرَادُ بِذَلِكَ التَّفْصِيلِ؟ فَإِنَّهُ إنْ أَرَادَ بِهِ التَّفْصِيلَ بَيْنَ الْمُرْتَدِّ وَغَيْرِهِ فَفِيهِ أَمْرَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَدْخَلَ الْمُرْتَدَّ فِي الْمُسْلِمِ حَيْثُ قَالَ وَلَوْ فِيمَا مَضَى إلَخْ فَلَا يَدْخُلُ حِينَئِذٍ فِي أَضْدَادِ مَنْ ذَكَرَ. وَالثَّانِي أَنَّ الْوُجُوبَ بِمَدْلُولِهِ الشَّرْعِيِّ وَهُوَ الطَّلَبُ طَلَبًا جَازِمًا ثَابِتٌ فِي حَقِّ الْمُرْتَدِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الْكُفَّارِ ضَرُورَةَ أَنَّ الْجَمِيعَ مُكَلَّفُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ. وَأَمَّا الْمُطَالَبَةُ مِنَّا لَهُمْ بِذَلِكَ أَوْ عَدَمُهَا فَأَمْرٌ آخَرُ خَارِجٌ عَنْ مَعْنَى الْوُجُوبِ، وَإِنْ أَرَادَ التَّفْصِيلَ بَيْنَ الْعِقَابِ وَالْمُطَالَبَةِ فِي الدُّنْيَا بِمَعْنَى أَنَّ الْأَوَّلَ ثَابِتٌ فِي حَقِّ الْكَافِرِ دُونَ الثَّانِي، فَفِيهِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا خَارِجٌ عَنْ مَدْلُولِ الْوُجُوبِ شَرْعًا الثَّابِتِ فِي حَقِّ الْكَافِرِ لِمَا تَقَرَّرَ، وَإِنْ أُرِيدَ التَّفْصِيلُ فِي الْإِثْمِ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ إثْمٌ مُطْلَقًا دَائِمًا (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ دَعْوَاهُ عَدَمَ إثْمِ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ مَا ذُكِرَ فَإِنَّ الْمُعْتَرِضَ لَمْ يَدَّعِ عَدَمَ إثْمِ الْكَافِرِ بَلْ قَوْلُهُ أَوْ عَلَى الْأَوَّلِ وَرُدَّ أَيْضًا إلَخْ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ قَائِلٌ بِإِثْمِهِ، وَفِي قَوْلِهِ عَلَى أَنَّهُ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى حَاصِلِ مَا قَالَهُ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَلَوْ قَضَاهَا إلَخْ) أَيْ عَالِمًا وَعَامِدًا وَإِلَّا وَقَعَتْ لَهُ نَفْلًا مُطْلَقًا. [فَرْعٌ] لَنَا شَخْصٌ مُسْلِمٌ بَالِغٌ عَاقِلٌ قَادِرٌ لَا يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ إذَا تَرَكَهَا، وَصُورَتُهُ: أَنْ يَشْتَبِهَ صَغِيرَانِ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ ثُمَّ يَبْلُغَا وَيَسْتَمِرَّ الِاشْتِبَاهُ، فَإِنَّ الْمُسْلِمَ مِنْهُمَا بَالِغٌ عَاقِلٌ قَادِرٌ وَلَا يُؤْمَرُ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ عَيْنُهُ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. قُلْت: فَلَوْ أَسْلَمَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا فَاتَهُ مِنْ الْبُلُوغِ إلَى الْإِسْلَامِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مُسْلِمًا فِي الْأَصْلِ أَوْ لَا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ إسْلَامِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْوُجُوبِ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ شَكَّ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِ الصَّلَاةِ هَلْ هِيَ عَلَيْهِ أَوْ لَا مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ لِلشَّكِّ فِي اسْتِجْمَاعِ شُرُوطِهَا بَلْ هَذَا فَرْدٌ مِنْ ذَاكَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَحَلُّهُ فِيمَنْ شَكَّ إذَا اسْتَمَرَّ شَكُّهُ، فَإِنْ زَالَ تَبَيَّنَّا الْوُجُوبَ عَلَيْهِ وَهَذَا مِنْهُ، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ لِأَنَّا لَمْ نَتَبَيَّنْ عَيْنَ الْمُسْلِمِ مِنْهُمَا فِي الْأَصْلِ وَإِنَّمَا حَكَمْنَا بِإِسْلَامِهِمْ مِنْ وَقْتِ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتَيْنِ، وَغَايَتُهُ أَنَّا نَحْكُمُ الْآنَ بِإِسْلَامِهِمَا مَعَ اعْتِقَادِنَا أَنَّ أَحَدَهُمَا كَانَ كَافِرًا قَبْلُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُسَنَّ لَهُمَا الْقَضَاءُ، وَبَقِيَ مَا لَوْ مَاتَا هَلْ يُصَلَّى عَلَيْهِمَا أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِمَا وَيُعَلِّقَ النِّيَّةَ سَوَاءٌ مَاتَا مَعَهُ أَوْ مُرَتَّبًا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ صِغَرِ الْمَمَالِيكِ حَيْثُ قُلْنَا بِعَدَمِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ بِتَحَقُّقِ إسْلَامِ أَحَدِهِمَا وَذَلِكَ يُوجِبُ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ وَلَكِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَتَعَيَّنْ أَشْبَهَ مَا لَوْ اخْتَلَطَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ (قَوْلُهُ: لَمْ تَنْعَقِدْ) خِلَافًا لِلْجَلَالِ السُّيُوطِيّ فَإِنَّهُ قَالَ بِانْعِقَادِهَا كَالصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ سم عَلَى حَجّ. وَنَقَلَ سم عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ:؛ لِأَنَّا نَقُولُ بِمَنْعِهِ إلَخْ) قَالَ سم فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ: لَعَلَّ الْأَوْجَهَ فِي جَوَابِ هَذَا الْقِيلِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ بِالْوُجُوبِ مَعْنَاهُ الشَّرْعِيَّ الَّذِي هُوَ الطَّلَبُ الْجَازِمُ مَعَ أَثَرِهِ الَّذِي هُوَ تَوَجُّهُ الْمُطَالَبَةِ فِي الدُّنْيَا وَحِينَئِذٍ يَتَّضِحُ انْتِفَاؤُهُ عَنْ الْأَضْدَادِ بِانْتِفَاءِ جُزْأَيْهِ أَوْ أَحَدِهِمَا انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: إنَّمَا يَنْصَرِفُ لِمَدْلُولِهِ الشَّرْعِيِّ) أَيْ الطَّلَبِ الْجَازِمِ (قَوْلُهُ: إنَّ فِي الْكَافِرِ تَفْصِيلًا) صَوَابُهُ أَنَّ فِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلًا (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ دَعْوَاهُ عَدَمُ إثْمِ الْكَافِرِ) يُتَأَمَّلُ، فَإِنَّهُ إنَّمَا ادَّعَى إثْمَهُ حَتَّى أَوْرَدَهُ

وَلَوْ أَسْلَمَ أُثِيبَ عَلَى مَا فَعَلَهُ مِنْ الْقُرَبِ الَّتِي لَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ كَصَدَقَةٍ وَصِلَةٍ وَعِتْقٍ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (إلَّا الْمُرْتَدِّ) بِالْجَرِّ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَيْ عَلَى الْبَدَلِ عَلَى مَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ مِنْ أَنَّ الْأَرْجَحَ فِي مِثْلِهِ الِاتِّبَاعُ فَاقْتِصَارُهُ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ الْأَرْجَحَ، وَإِلَّا فَيَجُوزُ نَصْبُهُ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ أَيْضًا فَيَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا فَاتَهُ فِيهَا بَعْدَ إسْلَامِهِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ الْتَزَمَهَا بِالْإِسْلَامِ فَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ بِالْجُحُودِ كَحَقِّ الْآدَمِيِّ، وَلِأَنَّهُ اعْتَقَدَ وُجُوبَهَا وَقَدَرَ عَلَى التَّسَبُّبِ إلَى أَدَائِهَا فَهُوَ كَالْمُحْدِثِ. نَعَمْ لَا تَقْضِي الْمُرْتَدَّةُ زَمَنَ الْحَيْضِ وَنَحْوَهُ، بِخِلَافِ زَمَنِ الْجُنُونِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَائِضَ مُخَاطَبَةٌ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ فَهِيَ مُؤَدِّيَةٌ مَا أُمِرَتْ بِهِ، وَالْمَجْنُونُ لَيْسَ مُخَاطَبًا بِتَرْكِ الصَّلَاةِ فِي زَمَنِ جُنُونِهِ حَتَّى يُقَالَ إنَّهُ أَدَّى مَا أُمِرَ بِهِ، وَمَا وَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ قَضَاءِ الْحَائِضِ الْمُرْتَدَّةِ زَمَنَ الْجُنُونِ سَبْقُ قَلَمٍ (وَ) لَا عَلَى (الصَّبِيِّ) الشَّامِلِ لِلصِّبْيَةِ بَعْدَ بُلُوغِهِ لِمَا مَرَّ (وَيُؤْمَرُ) الصَّبِيُّ الْمَذْكُورُ (بِهَا) حَيْثُ كَانَ مُمَيِّزًا بِأَنْ يَصِيرَ أَهْلًا لَأَنْ يَأْكُلَ وَحْدَهُ وَيَشْرَبَ وَيَسْتَنْجِيَ كَذَلِكَ (لِسَبْعٍ) مِنْ السِّنِينَ: أَيْ بَعْدَ اسْتِكْمَالِهَا، وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّمْيِيزِ وَاسْتِكْمَالِهِ السَّبْعَ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ (وَيُضْرَبُ عَلَيْهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــSالشَّارِحِ أَنَّ قَضَاءَهُ لَا يُطْلَبُ وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا لِأَنَّهُ يَنْفِرُ، وَالْأَصْلُ فِيمَا لَمْ يُطْلَبْ أَنْ لَا يَنْعَقِدَ اهـ. لَكِنْ قَدْ يُشْكِلُ ذَلِكَ بِانْعِقَادِهَا مِنْ الْحَائِضِ إذَا قَضَتْ فَإِنَّ الْفِعْلَ غَيْرُ مَطْلُوبٍ مِنْهَا لِلْكَرَاهَةِ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْحَائِضَ لَمَّا كَانَتْ مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَةِ فِي الْجُمْلَةِ صَحَّ مِنْهَا الْقَضَاءُ، بِخِلَافِ الْكَافِرِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَةِ أَصْلًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْحَيْضِ هَذَا وَانْظُرْ حُكْمَ الصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ هَلْ يَصِحُّ قَضَاؤُهُمَا أَوْ لَا، فَإِنْ قَالَ بِالصِّحَّةِ الَّتِي قَالَ بِهَا السُّيُوطِيّ اُحْتِيجَ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ. وَقَدْ يُقَالُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ إنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الزَّكَاةِ مُوَاسَاةُ الْفُقَرَاءِ وَنَحْوِهِمْ وَتَعَلُّقُ حَقِّهِمْ بِالْمَالِ وَبِحَوَلَانِ الْحَوْلِ فَالْتَحَقَتْ بِحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ الَّتِي لَا تَسْقُطُ بِالْإِسْلَامِ فَاعْتُدَّ بِدَفْعِهَا مِنْهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ لِأَرْبَابِهَا قَوْلُهُ بِالْمَالِ وَبِحَوَلَانِ الْحَوْلِ: أَيْ كِلَيْهِمَا، وَالْمُرَادُ بِالْمَالِ النِّصَابُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَشْيَاءَ إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِأَسْبَابِهَا وَشُرُوطِهَا وَالنِّصَابُ سَبَبٌ، وَحَوَلَانُ الْحَوْلِ شَرْطٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وُجُوبُ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَسْلَمَ أُثِيبَ إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُسْلِمْ لَا يُثَابُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا فِي الْآخِرَةِ، وَلَكِنْ يَجُوزُ أَنَّ اللَّهَ يُعَوِّضُهُ عَنْهَا فِي الدُّنْيَا مَالًا أَوْ وَلَدًا وَغَيْرَهُمَا، وَقَوْلُهُ عَلَى مَا فَعَلَهُ: أَيْ فِي الْكُفْرِ (قَوْلُهُ: إلَّا الْمُرْتَدَّ) . [فَرْعٌ] لَوْ انْتَقَلَ النَّصْرَانِيُّ إلَى التَّهَوُّدِ مَثَلًا ثُمَّ أَسْلَمَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ فِي مُدَّةِ التَّهَوُّدِ أَيْضًا بِرّ بِخَطِّهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَمَا ذَكَرَهُ يُفِيدُهُ قَصْرُ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى الْمُرْتَدِّ فَإِنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِعْيَارُ الْعُمُومِ، وَأَيْضًا فَتَعْلِيلُهُمْ لِلْقَضَاءِ عَلَى الْمُرْتَدِّ بِأَنَّهُ الْتَزَمَهَا بِالْإِسْلَامِ إلَخْ يُفِيدُ نَفْيَ الْقَضَاءِ عَنْ الْمُتَنَقِّلِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّ الْأَرْجَحَ) وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنْ خَطِّ الْمُصَنِّفِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ) وَهُوَ النِّفَاسُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ زَمَنِ الْجُنُونِ) أَيْ الْخَالِي مِنْ الْحَيْضِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: مَا أُمِرَتْ بِهِ) أَيْ وَهُوَ التَّرْكُ، وَالْمُرَادُ بِالتَّأْدِيَةِ فِعْلُهُ وَبِالتَّرْكِ كَفُّ النَّفَسِ لَا عَدَمُ الْفِعْلِ، إذْ الْعَدَمُ الْمَحْضُ لَا يَكُونُ مَنَاطًا لِلتَّكْلِيفِ أَصْلًا (قَوْلُهُ: سَبْقُ قَلَمٍ) يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَائِضِ الْبَالِغُ كَمَا فِي حَدِيثِ «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إلَّا بِخِمَارٍ» فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَائِضِ الْبَالِغُ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَضَاءِ الْحَائِضِ زَمَنُ الْجُنُونِ: أَيْ فِي غَيْرِ زَمَنِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ اهـ كَذَا بِهَامِشٍ. أَقُولُ: وَكِلَا الْجَوَابَيْنِ بَعِيدٌ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ عَدَمِ تَكْلِيفِهِ (قَوْلُهُ: الْمَذْكُورُ) أَيْ الشَّامِلُ لِلصِّبْيَةِ (قَوْلُهُ لَأَنْ يَأْكُلَ وَحْدَهُ) وَهَذَا أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي ضَابِطِهِ، وَقِيلَ أَنْ يَعْرِفَ يَمِينَهُ مِنْ شِمَالِهِ، وَقِيلَ أَنْ يَفْهَمَ الْخِطَابَ وَيَرُدَّ الْجَوَابَ اهـ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ، وَالْمُرَادُ بِمَعْرِفَةِ يَمِينِهِ مِنْ شِمَالِهِ أَنْ يَعْرِفَ مَا يَضُرُّهُ وَمَا يَنْفَعُهُ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَيُوَافِقُهُ أَيْ تَفْسِيرُ التَّمْيِيزِ بِمَا ذَكَرَ خَبَرُ أَبِي دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ مَتَى يُؤْمَرُ الصَّبِيُّ بِالصَّلَاةِ، فَقَالَ: إذَا عَرَفَ يَمِينَهُ مِنْ شِمَالِهِ» أَيْ مَا يَضُرُّهُ مِمَّا يَنْفَعُهُ (قَوْلُهُ: وَعَلِمَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ حَيْثُ كَانَ مُمَيِّزًا (قَوْلُهُ: اسْتِكْمَالُهُ السَّبْعَ) أَيْ فَلَا يَجِبُ أَمْرُهُ بِهَا إذَا مَيَّزَ قَبْلَ السَّبْعِ، لَكِنَّ الْأَوْجَهَ كَمَا قَالَهُ حَجّ فِي قِنٍّ صَغِيرٍ لَمْ يُعْرَفْ إسْلَامُهُ نَدَبَ أَمْرَهُ لِيَأْلَفَهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ اهـ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِهِ فِي ذَلِكَ مَنْ مَيَّزَ دُونَ السَّبْعِ (قَوْلُهُ: وَيُضْرَبُ عَلَيْهَا) أَيْ وُجُوبًا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أَيْ عَلَى تَرْكِهَا (لِعَشْرٍ) لِأَنَّهُ مُظَنَّةُ الْبُلُوغِ فَيَجُوزُ ضَرْبُهُ فِي أَثْنَاءِ الْعَاشِرَةِ كَمَا صَحَّحَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ شَرَطَ اسْتِكْمَالَهَا. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ «مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعٍ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ» وَقِيسَ: بِالصَّلَاةِ الصَّوْمُ، وَالْأَمْرُ بِالضَّرْبِ وَاجِبَانِ عَلَى الْوَلِيِّ أَبًا كَانَ أَوْ جَدًّا أَوْ وَصِيًّا أَوْ قَيِّمًا، وَالْمُلْتَقِطُ وَمَالِكُ الرَّقِيقِ فِي مَعْنَى الْأَبِ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ، وَكَذَا الْمُودَعُ وَالْمُسْتَعِيرُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَالْإِمَامُ، وَكَذَا الْمُسْلِمُونَ فِيمَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ، وَلَا يَقْتَصِرُ كَمَا قَالَهُ الطَّبَرِيُّ عَلَى مُجَرَّدِ صِيغَتِهِ بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ التَّهْدِيدِ وَالصَّوْمُ كَالصَّلَاةِ فِيمَا تَقَرَّرَ إنْ أَطَاقَهُ بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ بِهِ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ أَمْرِهِ بِهَا مِنْ لَا يُعْرَفُ دِينُهُ وَهُوَ مُمَيِّزٌ يَصِفُ الْإِسْلَامَ فَلَا يُؤْمَرُ بِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSزَادَ ابْنُ حَجَرٍ: أَيْ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ وَلَوْ لَمْ يُفِدْ إلَّا بِمُبَرِّحٍ تَرَكَهُ وِفَاقًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ غَيْرَ مُبَرِّحٍ: أَيْ وَإِنْ كَثُرَ خِلَافًا لِمَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ مِنْ أَنَّهُ لَا يُضْرَبُ فَوْقَ ثَلَاثِ ضَرَبَاتٍ أَخْذًا مِنْ حَدِيثِ «غَطِّ جِبْرِيلَ لِلنَّبِيِّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي ابْتِدَاءِ الْوَحْيِ» . وَرَوَى ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ بِسَنَدٍ ضَعِيفِ «نَهَى أَنْ يَضْرِبُ الْمُؤَدِّبُ فَوْقَ ثَلَاثِ ضَرَبَاتٍ» قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْيَنْبُوعِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: يَتَّجِهُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهَا وَتَوَقَّفَ فِعْلُهَا عَلَى الضَّرْبِ ضَرَبَهُ لِيَفْعَلَهَا لَا أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ تَرْكِهَا مِنْ غَيْرِ سَبْقِ طَلَبِهَا فِيهِ حَتَّى خَرَجَ وَقْتُهَا مَثَلًا يَضْرِبُ لِأَجْلِ التَّرْكِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ ضَرْبُهُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ الْوُجُوبُ لِأَنَّ مَا كَانَ مُمْتَنِعًا وَجَازَ وَجَبَ، وَإِلَّا فَلَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَنْ شَرَطَ اسْتِكْمَالَهَا إلَخْ، عَلَى أَنَّ الْإِسْنَوِيَّ لَمْ يُعَبِّرْ بِالْجَوَازِ بَلْ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ قَرَّرَهُ حَتَّى يَضْرِبَ بِاسْتِكْمَالِ تِسْعٍ اهـ. ثُمَّ مَحَلُّ مَا ذَكَرَ مِنْ وُجُوبِ الضَّرْبِ مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ هَرَبُهُ وَضَيَاعُهُ. فَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ تَرَكَهُ (قَوْلُهُ: فِي أَثْنَاءِ الْعَاشِرَةِ) الْمُرَادُ بِالْأَثْنَاءِ تَمَامُ التِّسْعِ فَلَا يَشْتَرِطُ مُضِيَّ مُدَّةٍ مِنْ الْعَاشِرَةِ لِأَنَّهُمْ عَلَّلُوا وُجُوبَ الضَّرْبِ بِاحْتِمَالِ الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِالتِّسْعِ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَعِبَارَتُهُ: فِي أَثْنَاءِ الْعَاشِرَةِ وَلَوْ عَقِبَ اسْتِكْمَالِ التِّسْعِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: عَلَى الْوَلِيِّ أَيًّا كَانَ إلَخْ) . [فَرْعٌ] يَجُوزُ لِلْأُمِّ الضَّرْبُ مَعَ وُجُودِ الْأَبِ م ر، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْأَمْرُ وَالضَّرْبُ إلَّا إنْ فُقِدَ الْأَبُ، لِأَنَّ هَذِهِ الْوِلَايَةَ الْخَاصَّةَ مَعَ وُجُودِهِ لَهُ لَا لَهَا هَكَذَا قَرَّرَهُ م ر عَلَى جِهَةِ الْبَحْثِ وَالْفَهْمِ. أَقُولُ: لَكِنَّ قَوْلَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا يَجِبُ عَلَى الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ إلَى آخِرِ مَا حَكَاهُ الشَّارِحُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ مَعَ وُجُودِ الْأَبِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، لَكِنَّ وُجُوبَهُ عَلَى الْأُمِّ لَيْسَ لِوِلَايَتِهَا عَلَى الصَّبِيِّ بَلْ لِكَوْنِهِ أَمْرًا بِالْمَعْرُوفِ، وَذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِالْأُمِّ بَلْ يُشْرِكُهَا فِيهِ الْأَجَانِبُ، وَأَمَّا الْوُجُوبُ عَلَى الْأَبِ فَلِلْوِلَايَةِ الْخَاصَّةِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْأَبَ وَالْأُمَّ لِقُرْبِهِمَا مِنْ الْأَوْلَادِ لَا لِاخْتِصَاصِ الْحُكْمِ بِهِمَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ بِالْمَعْنَى، وَكَالْأُمِّ فِيمَا ذَكَرَ كَبِيرُ الْإِخْوَةِ وَبَقِيَّةُ الْعَصَبَةِ حَيْثُ لَا وِصَايَةَ لَهُمْ (قَوْلُهُ: أَوْ جَدٌّ) أَيْ وَإِنْ عَلَا. قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: وَلَوْ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ السُّبْكِيُّ اهـ سم عَلَى حَجّ، لَكِنَّ الْوُجُوبَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ لَيْسَ لِلْوِلَايَةِ الْخَاصَّةِ بَلْ لِمُجَرَّدِ الْقَرَابَةِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْمُودِعُ وَالْمُسْتَعِيرُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ الْمُلْتَقِطُ وَالْمُودِعُ وَالْمُسْتَعِيرُ وَمَالِكُ الرَّقِيقِ اهـ زَادَ حَجّ وَأَقْرَبُ الْأَوْلِيَاءِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْمُسْلِمُونَ فِيمَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ) قَضِيَّةُ هَذَا وُجُوبُ الضَّرْبِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حَيْثُ لَا وَلِيَّ لَهُ بَلْ قَضِيَّةُ كَوْنِ ذَلِكَ مِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وُجُوبَهُ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْوَلِيِّ حَيْثُ لَمْ يَقُمْ بِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ التَّهْدِيدِ) أَيْ حَيْثُ اُحْتِيجَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: إنْ أَطَاقَهُ) وَيَعْرِفُ مِنْ الْإِطَاقَةِ وَعَدَمِهَا: الْقَرَائِنُ، فَحَيْثُ ظَهَرَ لِوَلِيِّهِ عَدَمُ إطَاقَتِهِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ أَمْرُهُ، وَحَيْثُ ظَهَرَتْ وَجَبَ أَمْرُهُ، وَلَوْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ مِنْهُ بِأَنْ تَرَدَّدَ فِي حَالِهِ فَيَنْبَغِي امْتِنَاعُ الْأَمْرِ أَيْضًا لِأَنَّ الْأَصْلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ كَافِرًا، وَلَا يُنْهَى عَنْهَا لِأَنَّا لَا نَتَحَقَّقُ كُفْرَهُ وَهَذَا كَصِغَارِ الْمَمَالِيكِ، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ تَفَقُّهًا وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهَلْ يَضْرِبُهُ عَلَى الْقَضَاءِ وَيَأْمُرهُ بِهِ أَوْ تَصِحُّ مِنْهُ الصَّلَاةُ الْمَفْرُوضَةُ عَلَى الْمُكَلَّفِ قَاعِدًا؟ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ أَنَّهُ يُضْرَبُ وَيُؤْمَرُ بِهِ كَمَا فِي الْأَدَاءِ، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْأَمْرِ، وَأَنَّهَا لَا تَصِحُّ مِنْهُ قَاعِدًا وَإِنْ كَانَتْ نَفْلًا فِي حَقِّهِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْبَحْرِ: أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ مِنْهُ جَالِسًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَجَرَيَانُ الْوَجْهَيْنِ فِي الصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ مُحْتَمَلٌ، وَكَلَامُ الْأَكْثَرِينَ مُشْعِرٌ بِالْمَنْعِ، وَعَلَيْهِمْ نَهْيُهُ عَنْ الْمُحَرَّمَاتِ وَتَعْلِيمُهُ الْوَاجِبَاتِ وَسَائِرَ الشَّرَائِعِ كَالسِّوَاكِ وَحُضُورِ الْجَمَاعَاتِ، ثُمَّ إنْ بَلَغَ رَشِيدًا انْتَفَى ذَلِكَ عَنْ الْأَوْلِيَاءِ، أَوْ سَفِيهًا فَوِلَايَةُ الْأَبِ مُسْتَمِرَّةٌ، فَيَكُونُ كَالصَّبِيِّ وَأُجْرَةُ تَعْلِيمِهِ الْوَاجِبَاتِ فِي مَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى الْأَبِ ثُمَّ الْأُمِّ، وَيُخْرِجُ مِنْ مَالِهِ أُجْرَةَ تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَالْآدَابِ كَزَكَاتِهِ وَنَفَقَةِ مُمَوِّنِهِ وَبَدَلِ مُتْلَفِهِ، فَمَعْنَى وُجُوبِهَا فِي مَالِهِ ثُبُوتُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSعَدَمُ الْإِطَاقَةِ، وَيَنْبَغِي لِلْوَلِيِّ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ حَيْثُ عَلِمَ أَنَّهُ يَضُرُّهُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا كَصِغَارِ الْمَمَالِيكِ) قَالَ حَجّ: وَالْأَوْجَهُ نَدْبُ أَمْرِهِ بِهَا لِيَأْلَفَهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ اهـ. وَقَالَ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ: إنَّهُ يَجِبُ أَمْرُهُ بِهَا نَظَرًا لِظَاهِرِ الْإِسْلَامِ وَمِثْلُهُ فِي الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْهَاجِ: أَيْ ثُمَّ إنْ كَانَ مُسْلِمًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا، وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَصِحُّ مِنْهُ) أَيْ وَهَلْ يَصِحُّ إلَخْ وَكَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يُعَبِّرَ بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ يُضْرَبُ وَيُؤْمَرُ بِهِ) هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا فَاتَهُ بَعْدَ بُلُوغِ الْعَشْرِ، أَمَّا مَا فَاتَهُ بَعْدَ السَّبْعِ وَلَمْ يَقْضِهِ حَتَّى دَخَلَ الْعَشْرَ فَهَلْ يُضْرَبُ عَلَى قَضَائِهِ كَاَلَّذِي فَاتَهُ بَعْدَ بُلُوغِهَا أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ نَعَمْ لِأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يُضْرَبُ قَبْلَ الْعَشْرِ لِعَدَمِ احْتِمَالِهِ الضَّرْبَ وَنَقَلَهُ شَيْخُنَا الْعَلَامَةُ الشَّوْبَرِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ. [فَرْعٌ] قَالَ م ر: يَجُوزُ لِمُؤَدِّبِ الْأَطْفَالِ الْأَيْتَامِ بِمَكَاتِبِ الْأَيْتَامِ أَمْرُهُمْ وَضَرْبُهُمْ عَلَى نَحْوِ الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ لَهُمْ أَوْصِيَاءٌ، لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَمَّا قَرَّرَهُ لِتَعْلِيمِهِمْ كَانَ مُسَلَّطًا لَهُ عَلَى ذَلِكَ فَثَبَتَتْ لَهُ بِهَذِهِ الْوِلَايَةِ فِي وَقْتِ التَّعْلِيمِ، وَلِأَنَّهُمْ ضَائِعُونَ فِي هَذَا الْوَقْتِ لِغَيْبَةِ الْوَصِيِّ عَنْهُمْ وَقَطْعِ نَظَرِهِ عَنْهُمْ فِي هَذَا الْوَقْتِ، فَكَانَ مِنْ الْمَصْلَحَةِ لَهُمْ ثُبُوتُ هَذِهِ الْوِلَايَةِ فِي هَذَا الْوَقْتِ لِلْمُؤَدِّبِ. أَقُولُ: يُؤَيِّدُ الْجَوَازَ تَأْيِيدًا ظَاهِرًا أَنَّ الْمُؤَدِّبَ فِي وَقْتِ التَّعْلِيمِ لَا يَنْقُصُ عَنْ الْمُوَدِّعِ لِلرَّقِيقِ وَالْمُسْتَعِيرِ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَأَقُولُ أَيْضًا: يَنْبَغِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِمُؤَدِّبِ مَنْ سَلَّمَهُ إلَيْهِ وَلِيُّهُ لَا الْحَاكِمُ أَمْرُهُ وَضَرْبُهُ لِأَنَّهُ قَرِيبٌ مِنْ الْمُودَعِ فِي هَذَا الْوَقْتِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَيُؤْمَرُ بِهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ أَمْرَهُ بِالْفِعْلِ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَلَا ضَرَبَهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَجَرَيَانُ الْوَجْهَيْنِ) أَيْ فِي الصِّحَّةِ قَاعِدًا وَعَدَمِهَا (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْأَكْثَرِينَ مُشْعِرٌ بِالْمَنْعِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ كَالصَّبِيِّ) وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ غَيْرَ الْأَبِ مِمَّنْ ذَكَرَ لَيْسَ كَالْأَبِ فِي ذَلِكَ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ حَجّ خِلَافُهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: وَلَا يَنْتَهِي وُجُوبُ ذَيْنَك: أَيْ الْأَمْرِ وَالضَّرْبِ عَلَى مَنْ ذَكَرَ إلَّا بِبُلُوغِهِ رَشِيدًا، فَقَوْلُهُ عَلَى مَنْ ذَكَرَ شَامِلٌ لِغَيْرِ الْأَبِ مِنْ الْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا مَرَّ، وَهُوَ وَاضِحٌ فَإِنَّ وِلَايَةَ غَيْرِ الْأَبِ لَا تَنْفَكُّ إلَّا بِبُلُوغِهِ رَشِيدًا وَهُوَ هُنَا مُنْتَفٍ (قَوْلُهُ وَأُجْرَةُ تَعْلِيمِهِ الْوَاجِبَاتِ) أَيْ مِنْ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَغَيْرِهِمَا مِنْ سَائِرِ الشَّرَائِعِ كَمَا مَرَّ فِي تَفْسِيرِ الْوَاجِبَاتِ (قَوْلُهُ: فَعَلَى الْأَبِ ثُمَّ الْأُمِّ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَا تَجِبُ الْأُجْرَةُ عَلَى غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ مِنْ الْأَقَارِبِ وَبَيْتِ الْمَالِ وَمَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ. وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ مَيَاسِيرَ الْمُسْلِمِينَ إنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ الضَّرُورِيُّ كَإِطْعَامِ الْمُضْطَرِّ (قَوْلُهُ وَيُخْرِجُ مِنْ مَالِهِ) أَيْ وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ عَلَى الْأَبِ وَلَا الْأُمِّ (قَوْلُهُ: أُجْرَةُ تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ) ثُمَّ يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ تَعْلِيمِهِ الْقُرْآنَ وَدَفْعَ أُجْرَتِهِ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، أَوْ بِلَا أُجْرَةٍ حَيْثُ كَانَ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ ظَاهِرَةٌ لِلصَّبِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَالسِّوَاكِ) لَكِنْ لَا يَضْرِبُ عَلَى السِّوَاكِ وَنَحْوِهِ مِنْ السُّنَنِ نَقَلَهُ سم عَنْ الشَّارِحِ

فِي ذِمَّتِهِ وَوُجُوبِ إخْرَاجِهَا مِنْ مَالِهِ عَلَى وَلِيِّهِ، فَإِنْ بَقِيَتْ إلَى كَمَالِهِ وَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ لَزِمَهُ إخْرَاجُهَا، وَبِهَذَا يَجْمَعُ بَيْنَ كَلَامِهِمْ الْمُتَنَاقِضِ فِي ذَلِكَ. وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ ضَرْبُ زَوْجَتِهِ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا إذْ مَحَلُّ جَوَازِ ضَرْبِهِ لَهَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ لَا فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى. وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الْبَزْرِيِّ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَمْرُهَا بِالصَّلَاةِ وَضَرْبُهَا عَلَيْهَا (وَلَا) قَضَاءَ (عَلَى) شَخْصٍ (ذِي حَيْضٍ) أَوْ نِفَاسٍ وَلَوْ فِي رِدَّةٍ إذَا طَهُرَتَا كَمَا مَرَّ وَإِنْ اسْتَجْلَبَ بِدَوَاءٍ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى حُكْمِ قَضَائِهَا فِي الْبَابِ الْمَارِّ (أَوْ) ذِي (جُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ) أَوْ سُكْرٍ أَوْ عَتَهٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ بَعْدَ إفَاقَتِهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا لِخَبَرِ «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ، وَعَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَبْرَأَ» صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، وَرَدَ النَّصُّ فِي الْمَجْنُونِ وَقِيسَ عَلَيْهِ كُلُّ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِسَبَبٍ يُعْذَرُ فِيهِ وَسَوَاءٌ أَقَلَّ زَمَنُ ذَلِكَ أَمْ طَالَ، وَإِنَّمَا وَجَبَ قَضَاءُ الصَّوْمِ عَلَى مَنْ اسْتَغْرَقَ إغْمَاؤُهُ جَمِيعَ النَّهَارِ لِمَا فِي قَضَاءِ الصَّلَاةِ مِنْ الْحَرَجِ لِكَثْرَتِهَا بِتَكَرُّرِهَا بِخِلَافِ الصَّوْمِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْإِغْمَاءَ يَقْبَلُ طُرُوُّ إغْمَاءٍ آخَرَ عَلَيْهِ دُونَ الْجُنُونِ، وَأَنَّهُ يُمْكِنُ تَمَيُّزُ انْتِهَاءِ الْأَوَّلِ بَعْدَ طُرُوُّ الثَّانِي عَلَيْهِ وَفِي تَصَوُّرِ ذَلِكَ بُعْدٌ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْإِغْمَاءَ مَرَضٌ وَلِلْأَطِبَّاءِ دَخْلٌ فِي تَمَايُزِ أَنْوَاعِهِ وَمُدَدِهَا بِخِلَافِ الْجُنُونِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSأَمَّا لَوْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي تَعْلِيمِهِ صَنْعَةً يُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْهَا مَعَ احْتِيَاجِهِ إلَى ذَلِكَ وَعَدَمِ تَيَسُّرِ النَّفَقَةِ لَهُ إذَا اشْتَغَلَ بِالْقُرْآنِ فَلَا يَجُوزُ لِوَلِيِّهِ شَغْلُهُ بِالْقُرْآنِ وَلَا بِتَعَلُّمِ الْعِلْمِ بَلْ يُشْغِلُهُ بِمَا يَعُودُ عَلَيْهِ مِنْهُ مَصْلَحَةٌ، وَإِنْ كَانَ ذَكِيًّا وَظَهَرَتْ عَلَيْهِ عَلَامَةُ النَّجَابَةِ لَوْ اشْتَغَلَ بِالْقُرْآنِ أَوْ الْعِلْمِ. نَعَمْ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ لِصِحَّةِ عِبَادَتِهِ يَجِبُ تَعْلِيمُهُ لَهُ وَلَوْ بَلِيدًا، وَيَصْرِفُ أُجْرَةَ التَّعْلِيمِ مِنْ مَالِهِ عَلَى مَا مَرَّ، وَلَا نَظَرَ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ كَوْنِ أَبِيهِ فَقِيهًا أَوْ لَا، بَلْ الْمَدَارُ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ مَصْلَحَةِ الصَّبِيِّ، فَقَدْ يَكُونُ الْأَبُ فَقِيهًا وَتَدْعُو الضَّرُورَةُ إلَى تَعَلُّمِ الِابْنِ صَنْعَةً يُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْهَا (قَوْلُهُ: فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ الصَّبِيُّ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ ضَرْبُ زِوَجَتِهِ) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَمْرُهَا بِذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَخْشَ نُشُوزًا وَلَا أَمَارَتَهُ لِوُجُوبِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ عَلَى عُمُومِ الْمُسْلِمِينَ وَالزَّوْجُ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: ضَرْبُ زَوْجَتِهِ) أَيْ الْبَالِغَةِ الْعَاقِلَةِ، أَمَّا الصَّغِيرَةُ فَلَهُ ضَرْبُهَا إذَا كَانَتْ فَاقِدَةَ الْأَبَوَيْنِ سم عَلَى مَنْهَجٍ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: ابْنُ الْبَزْرِيِّ) بِكَسْرِ الْبَاءِ وَسُكُونِ الزَّايِ نِسْبَةً لِبِزْرِ الْكَتَّانِ، كَذَا نُقِلَ عَنْ الْمُؤَلِّفِ وَاَلَّذِي فِي تَارِيخِ ابْنِ خَلِّكَانَ وَطَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ الْوُسْطَى لِلسُّبْكِيِّ إنَّمَا هُوَ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ. وَفِي الْمِصْبَاحِ: الْبِزْرُ بِزْرُ الْبَقْلِ وَنَحْوِهِ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ لُغَةً. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَلَا يَقُولُهُ الْفُصَحَاءُ إلَّا بِالْكَسْرِ فَهُوَ أَفْصَحُ (قَوْلُهُ: إنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ ضَرْبُهَا) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَلَا قَضَاءَ عَلَى شَخْصٍ) دَفَعَ بِهِ كَالْمَحَلِّيُّ مَا يَرُدُّ عَلَى الْمَتْنِ مِنْ أَنَّ الْحَيْضَ صِفَةُ الْمَرْأَةِ، فَالْمُنَاسِبُ لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ ذَاتَ حَيْضٍ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِذَلِكَ الْمُحْوِجِ لِلتَّأْوِيلِ لِعَطْفِ الْجُنُونِ الشَّامِلِ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى عَلَى الْحَيْضِ (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى حُكْمِ قَضَائِهَا) وَهُوَ انْعِقَادُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مَعَ الْقَوْلِ بِالْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ ذِي جُنُونٍ) اُنْظُرْ هَلْ مِنْ الْجُنُونِ بِالتَّعَدِّي الْجُنُونُ الْحَاصِلُ لِمَنْ يَتَعَاطَى الْخَلَاوَى وَالْأَوْرَادَ بِغَيْرِ طَرِيقٍ مُوَصِّلٍ لِذَلِكَ أَوْ لَا؟ الْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ ضَابِطَ التَّعَدِّي أَنْ يَعْلَمَ تَرَتُّبَ الْجُنُونِ عَلَى مَا تَعَاطَاهُ وَيَفْعَلُهُ، وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ عَتَهٍ) نَوْعٌ مِنْ الْجُنُونِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْجُنُونِ) قَدْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً وَلَا وَلِيَّ لَهَا خَاصٌّ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ إذْ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْلِمِينَ، عَلَى أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ فِيهِ أَيْضًا مَعَ وُجُودِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ إذْ لَا يَتَقَاعَدُ عَنْ الْمُودَعِ، وَالْمُسْتَعِيرِ إنْ لَمْ يَكُنْ أَوْلَى مِنْهُمَا، وَلَعَلَّ كَلَامَ الشَّارِحِ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ هَذَا (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إلَخْ) لَمْ يَظْهَرْ لِهَذَا مَوْقِعٌ هُنَا، وَالشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ إنَّمَا رَتَّبَهُ عَلَى قَوْلِهِ، وَكَذَا يَجِبُ الْقَضَاءُ عَلَى مَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ سَكِرَ بِتَعَدٍّ ثُمَّ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ سَكِرَ بِلَا تَعَدٍّ

[وقت زوال موانع وجوب الصلاة]

وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ الْجُنُونَ الطَّارِئَ عَلَى الرِّدَّةِ يَجِبُ مَعَهُ قَضَاءُ أَيَّامِ الْجُنُونِ الْوَاقِعَةِ فِي رِدَّتِهِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ، بِخِلَافِ مَنْ كُسِرَ رِجْلَيْهِ تَعَدَّيَا وَصَلَّى قَاعِدًا لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِانْتِهَاءِ مَعْصِيَتِهِ بِانْتِهَاءِ كَسْرِهِ وَلِإِتْيَانِهِ بِالْبَدَلِ حَالَةَ الْعَجْزِ، قَالَ فِي الْخَادِمِ: كَذَا أَطْلَقُوهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا أَسْلَمَ أَبُوهُ فَإِنَّهُ يَحْكُمُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لَهُ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ مِنْ حِينِ أَسْلَمَ أَبُوهُ إذْ الْمُسْلِمُ لَا يُغَلَّظُ عَلَيْهِ انْتَهَى، وَيُسْتَحَبُّ لِلْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَنَحْوِهِمَا الْقَضَاءُ (بِخِلَافِ) ذِي (السُّكْرِ) أَوْ الْجُنُونِ أَوْ الْإِغْمَاءِ الْمُتَعَدَّى بِهِ فَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ بَعْدَ إفَاقَتِهِ، فَإِنْ جَهِلَ كَوْنَهُ مُحَرَّمًا أَوْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ أَوْ أَكَلَهُ لِيَقْطَعَ غَيْرُهُ بَعْدَ زَوَالِ عَقْلِهِ يَدًا لَهُ مَثَلًا مُتَأَكِّلَةً لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا فَيَسْقُطُ عَنْهُ الْقَضَاءُ لِعُذْرِهِ، أَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّ جِنْسَهُ يُزِيلُ الْعَقْلَ وَظَنَّ أَنَّ مَا تَنَاوَلَهُ مِنْهُ لَا يُزِيلُهُ لِقِلَّتِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ لِتَقْصِيرِهِ، وَلَوْ طَرَأَ الْجُنُونُ عَلَى السُّكْرِ الْمُتَعَدَّى بِهِ وَجَبَ قَضَاءُ الْمُدَّةِ الَّتِي يَنْتَهِي إلَيْهَا السُّكْرُ غَالِبًا. ثُمَّ انْتَقَلَ الْمُصَنِّفُ إلَى بَيَانِ وَقْتِ الضَّرُورَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ وَقْتُ زَوَالِ مَوَانِعِ الْوُجُوبِ وَهِيَ الصِّبَا وَالْكُفْرُ وَالْجُنُونُ وَالْإِغْمَاءُ وَالْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ فَقَالَ (وَلَوْ زَالَتْ هَذِهِ الْأَسْبَابُ) أَيْ الْمَوَانِعُ (وَ) قَدْ (بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ قَدْرُ تَكْبِيرَةٍ) أَيْ قَدْرُ زَمَنِهَا فَأَكْثَرَ (وَجَبَتْ الصَّلَاةُ) أَيْ صَلَاةُ ذَلِكَ الْوَقْتِ لِخَبَرِ «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً» السَّابِقَ بِجَامِعِ إدْرَاكِ مَا يَسَعُ رُكْنًا وَقِيَاسًا عَلَى اقْتِدَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــSيُعَارِضُهُ قَوْلُهُمْ فِي زَوَالِ الْعَقْلِ إذَا أَخْبَرَ الْأَطِبَّاءُ بِعَوْدِهِ انْتَظَرَ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ ظُهُورِ عَلَامَاتٍ لَهُمْ يَسْتَدِلُّونَ بِهَا عَلَى إمْكَانِ الْعَوْدِ جِوَازُ دُخُولِ جُنُونٍ عَلَى جُنُونٍ، لِأَنَّ الْأَوَّلَ حَصَلَ بِهِ زَوَالُ الْعَقْلِ، وَحَيْثُ زَالَ فَلَا يُمْكِنُ تَكَرُّرُهُ مَا دَامَ الْجُنُونُ قَائِمًا لِأَنَّ الْعَقْلَ شَيْءٌ وَاحِدٌ فَلَا يُمْكِنُ تَكَرُّرُ زَوَالِهِ (قَوْلُهُ: يَجِبُ مَعَهُ قَضَاءُ أَيَّامِ الْجُنُونِ) وَمَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَحْكُمْ بِإِسْلَامِهِ زَمَنَ جُنُونِهِ، فَإِنْ حَكَمَ بِهِ كَأَنْ أَسْلَمَ أَحَدُ أُصُولِهِ فَلَا قَضَاءَ لِمَا فَاتَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ وَيَسْتَثْنِي إلَخْ (قَوْلُهُ: كَذَا أَطْلَقُوهُ) أَيْ حَيْثُ قَالُوا مَنْ ارْتَدَّ ثُمَّ جُنَّ وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا فَاتَ فِي زَمَنِ الْجُنُونِ، فَإِنْ قَضِيَّتَهُ أَنَّ الْمُرْتَدَّ لَوْ جُنَّ ثُمَّ أَسْلَمَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْقَضَاءُ، لَكِنَّ تَعْبِيرَ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ: أَيَّامِ الْجُنُونِ الْوَاقِعَ فِي رِدَّتِهِ يُخْرِجُ مَا ذَكَرَهُ، فَإِنَّهُ بِإِسْلَامِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ لَا يَصِيرُ مُرْتَدًّا، فَلَعَلَّ تَعْبِيرَ الْأَصْحَابِ الَّذِي اسْتَثْنَى مِنْهُ الزَّرْكَشِيُّ لَمْ يَقَعْ فِيهِ التَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ فِي زَمَنِ رِدَّتِهِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْجُنُونِ الْوَاقِعِ فِي زَمَنِ الرِّدَّةِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِمَا) وَهُوَ السَّكْرَانُ بِلَا تَعَدٍّ، وَالصَّبِيُّ لَكِنْ: بِالنِّسْبَةِ لِمَا أَمَرَ بِهِ وَهُوَ مَا فَاتَهُ بَعْدَ التَّمْيِيزِ وَاسْتِكْمَالِ السَّبْعِ، أَمَّا مَا فَاتَهُ قَبْلَ تَمَيُّزِهِ فَلَا يَنْعَقِدُ مِنْهُ لَوْ قَضَاهُ (قَوْلُهُ: أَوْ أَكَلَهُ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَطْعَمَهُ غَيْرُهُ لِذَلِكَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَلَا تَعَدِّيَ مِنْهُ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِمَا أَكَلَهُ وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِي أَنَّ الْفَاعِلَ هَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ لِلْأَكْلِ أَوْ لَا لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي بَدَنِ غَيْرِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ لِقَصْدِ الْإِصْلَاحِ الْمَذْكُورِ حَيْثُ كَانَ عَالِمًا بِأَسْبَابِ الْمَصْلَحَةِ أَوْ أَخْبَرَهُ بِهَا ثِقَةٌ (قَوْلُهُ: يُزِيلُ الْعَقْلَ وَظَنَّ) وَظَاهِرُهُ وَإِنْ اسْتَنَدَ ظَنُّهُ لِخَبَرِ عَدْلٍ أَوْ عُدُولٍ وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: الَّتِي يَنْتَهِي إلَيْهَا السُّكْرُ غَالِبًا) أَيْ حَقِيقَةً، أَمَّا الْمُدَّةُ الْمَشْكُوكُ فِيهَا فَلَا يَجِبُ قَضَاؤُهَا حَجّ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: وَالْكُفْرُ) أَيْ الْأَصْلِيُّ (قَوْلُهُ: وَالْإِغْمَاءِ) أَيْ وَالسُّكْرُ بِلَا تَعَدٍّ، وَلَعَلَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ لِعَدَمِ ذِكْرِهِ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: أَيْ الْمَوَانِعُ) بَيَّنَ بِهِ أَنَّ فِي التَّعْبِيرِ بِالْأَسْبَابِ تَجَوُّزًا، وَلَعَلَّ عَلَاقَةَ الْمَجَازِ الضِّدِّيَّةُ فَإِنَّ الْمَانِعَ مُضَادٌّ لِلسَّبَبِ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ مَنْ أَدْرَكَ) قَدْ يُنَاقَشُ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْخَبَرُ فِي إدْرَاكِ الْوُجُوبِ نَافَى قَوْلَهُ الْآتِي لِأَنَّ مَفْهُومَهُ إلَخْ، أَوْ فِي إدْرَاكِ الْأَدَاءِ لَمْ يَنْهَضْ الِاسْتِدْلَال وَلَا بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمُدَّةَ مَا تَعَدَّى بِهِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: كَذَا أَطْلَقُوهُ) الَّذِي تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ لَيْسَ فِيهِ إطْلَاقٌ بَلْ هُوَ مُقَيَّدٌ بِقَوْلِهِ الْوَاقِعَةُ فِي رِدَّتِهِ، فَهُوَ مُخْرِجٌ لِهَذِهِ الصُّورَةِ، فَكَلَامُ الْخَادِمِ إنَّمَا يَتَنَزَّلُ عَلَى عِبَارَةِ مَنْ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْقَيْدَ، وَإِتْيَانُ الشَّارِحِ بِلَفْظِ كَذَا فِي قَوْلِهِ كَذَا أَطْلَقُوهُ بَعْدَ إيرَادِهِ الْحُكْمَ مُقَيَّدًا فِيهِ مَا لَا يَخْفَى [وَقْتُ زَوَالِ مَوَانِعِ وُجُوبِ الصَّلَاة] (قَوْلُهُ: قَدْرُ) الَّذِي أَدْخَلَهُ فِي خِلَالِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَغْيِيرُ إعْرَابِ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: أَيْ صَلَاةِ ذَلِكَ الْوَقْتِ إلَخْ)

الْمُسَافِرِ بِالْمُتِمِّ بِجَامِعِ اللُّزُومِ، وَإِنَّمَا لَمْ تُدْرَكْ الْجُمُعَةُ بِدُونِ رَكْعَةٍ لِأَنَّ ذَاكَ إدْرَاكُ إسْقَاطٍ وَهَذَا إدْرَاكُ إيجَابٍ فَاحْتِيطَ فِيهِمَا، وَمَفْهُومُ الْخَبَرِ لَا يُنَافِي الْقِيَاسَ الْمَذْكُورَ لِأَنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّهَا لَا تَكُونُ أَدَاءً لَا أَنَّهَا لَا تَجِبُ قَضَاءً، أَمَّا إذَا بَقِيَ دُونَ تَكْبِيرَةٍ فَلَا لُزُومَ وَإِنْ تَرَدَّدَ فِيهِ الْجُوَيْنِيُّ (وَفِي قَوْلٍ يَشْتَرِطُ رَكْعَةً) بِأَخَفَّ مَا يُمْكِنُ، كَمَا أَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تُدْرَكُ بِأَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ وَلِمَفْهُومِ خَبَرِ «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ، وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَشَرْطُ الْوُجُوبِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ بَقَاءُ السَّلَامَةِ عَنْ الْمَوَانِعِ بِقَدْرِ فِعْلِ الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ بِأَخَفَّ مَا يُمْكِنُ، فَلَوْ عَادَ الْعُذْرُ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ تَجِبْ الصَّلَاةُ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَالْقِيَاسُ بِاعْتِبَارِ وَقْتِ السَّتْرِ، وَلَوْ قِيلَ بِاعْتِبَارِ زَمَنِ التَّحَرِّي فِي الْقِبْلَةِ لَكَانَ مُتَّجَهًا انْتَهَى، وَفِيهِ نَظَرٌ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ اعْتِبَارِ زَمَنِ الطَّهَارَةِ وَعَدَمِ اعْتِبَارِ زَمَنِ السَّتْرِ أَنَّ الطَّهَارَةَ تَخْتَصُّ بِالصَّلَاةِ، بِخِلَافِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ، وَقَدْ أَشَارَ ابْنُ الرِّفْعَةَ إلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSأَقُولُ: قَوْلُهُ وَلَا بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ بِأَنْ يُقَالَ ثَبَتَ كَوْنُهَا مُؤَدَّاةً بِإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ فَيُقَاسُ الْوُجُوبُ بِإِدْرَاكِهَا عَلَى عَدَمِ النُّهُوضِ أَنَّهَا إنَّمَا جُعِلَتْ أَدَاءً بِتَبَعِيَّةِ مَا بَعْدَ الْوَقْتِ لِمَا فِيهِ وَهَذَا لَيْسَ مَوْجُودًا فِي الْوُجُوبِ، فَلَا يُقَالُ وَجَبَتْ الصَّلَاةُ بِإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ بِتَبَعِيَّةِ مَا بَعْدَ الْوَقْتِ لِمَا فِيهِ لِأَنَّ وُجُوبَ مَا فِي الْوَقْتِ مِنْ الرَّكْعَةِ لَمْ يَثْبُتْ فَهُوَ قِيَاسٌ مَعَ انْتِفَاءِ الْعِلَّةِ (قَوْلُهُ: بِجَامِعِ اللُّزُومِ) قَالَ حَجّ وَكَانَ قِيَاسُهُ الْوُجُوبَ بِدُونِ تَكْبِيرِهِ لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَظْهَرْ ذَلِكَ غَالِبًا هُنَا أَسْقَطُوا اعْتِبَارَهُ لِعُسْرِ تَصَوُّرِهِ، إذْ الْمَدَارُ عَلَى إدْرَاكِ قَدْرِ جُزْءٍ مَحْسُوسٍ مِنْ الْوَقْتِ، وَبِهِ يُفَرِّقُ بَيْنَ اعْتِبَارِ التَّكْبِيرِ هُنَا دُونَ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِيهِ عَلَى مُجَرَّدِ الرَّبْطِ (قَوْلُهُ: لَا يُنَافِي الْقِيَاسَ الْمَذْكُورَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَقِيَاسًا عَلَى اقْتِدَاءِ الْمُسَافِرِ بِالْمُتِمِّ (قَوْلُهُ: بِأَخَفِّ مَا يُمْكِنُ) أَيْ لِأَيِّ شَخْصٍ، وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ أَخَفُّ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَحَدٌ (قَوْلُهُ: بِقَدْرِ فِعْلِ الطَّهَارَةِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَمْكَنَهُ تَقْدِيمَ الطَّهَارَةِ عَلَى زَوَالِ الْمَانِعِ بِأَنْ كَانَ الْمَانِعُ الصِّبَا أَوْ الْكُفْرَ وَهُوَ مُشْكِلٌ عَلَى مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ طَرَأَ الْمَانِعُ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْخُلُوُّ بِقَدْرِ طُهْرٍ يُمْكِنُ تَقْدِيمُهُ، وَسَيَأْتِي عَنْ حَجّ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِهِ وَيُمْكِنُ أَنَّ الْمَتْبُوعَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالصَّلَاةِ بِأَخَفِّ إلَخْ) كَأَرْبَعٍ فِي الْمُقِيمِ وَاثْنَيْنِ فِي الْمُسَافِرِ، وَإِنْ أَرَادَ الْإِتْمَامَ بَلْ وَإِنْ شَرَعَ فِيهَا عَلَى قَصْدِ الْإِتْمَامِ فَعَادَ الْمَانِعُ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ رَكْعَتَيْنِ فَتَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ: بِأَخَفِّ مَا يُمْكِنُ) أَيْ مِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مُضِيُّ زَمَنٍ يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ الْفِعْلِ وَلَا يَتَمَكَّنُ بِدُونِ ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ فَيُفَرِّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ حَيْثُ لَمْ يَعْتَبِرْ فِعْلَ نَفْسِهِ بِأَنَّ الْمَدَارَ ثُمَّ عَلَى وُجُودِ زَمَنٍ يَكُونُ فِيهِ مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَةِ، وَالْمَدَارُ هُنَا عَلَى مَا يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ الْفِعْلِ ثُمَّ مَا ذَكَرَ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ زَمَنِ الْوُجُوبِ وَزَمَنِ اسْتِقْرَارِ الْفِعْلِ فِي ذِمَّتِهِ، أَخَذَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ مِنْ كَلَامِ الْمَحَلِّيِّ حَيْثُ قَالَ: اسْتِمْرَارُ السَّلَامَةِ أَخَفُّ مَا يُمْكِنُهُ: أَيْ مِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ، وَفِي آخِرِ الْوَقْتِ بِالنِّسْبَةِ لِزَمَنِ الْوُجُوبِ أَخَفُّ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَحَدٌ، فَلَمْ يُقَيِّدُ بِفِعْلِ نَفْسِهِ وَلَا بِالْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ. وَقَوْلُهُ وَلَا يَتَمَكَّنُ بِدُونِ ذَلِكَ: أَيْ وَالتَّحَرِّي يُمْكِنُ فِعْلُهُ قَبْلَ زَوَالِ الْمَانِعِ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيمَا ذَكَرَ بِالنِّسْبَةِ لِنَحْوِ الْمَجْنُونِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الِاجْتِهَادُ فِي الْقِبْلَةِ زَمَنَ جُنُونِهِ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) نَقَلَ سم ـــــــــــــــــــــــــــــQعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: أَيْ صَلَاةُ الْوَقْتِ كَمَا يَلْزَمُ وَقَدْ بَقِيَ مِنْهُ قَدْرُ رَكْعَةٍ لِخَبَرِ إلَخْ، فَجَعَلَ الْخَبَرَ دَلِيلًا عَلَى الْوُجُوبِ بِإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ، ثُمَّ قَاسَ عَلَيْهِ إدْرَاكَ الرُّكْنِ، وَلَعَلَّ فِي الشَّرْحِ سَقْطًا (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ) لَعَلَّ هَذَا مِنْ بَابِ التَّنَزُّلِ مَعَ الْقَوْلِ الثَّانِي الْمُسْتَدِلِّ بِالْخَبَرِ الْمَذْكُورِ كَمَا يَأْتِي، وَإِلَّا فَسَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ أَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَدَاءِ لَا لِلْوُجُوبِ، وَهُوَ تَابِعٌ فِيمَا ذَكَرَهُ لِمَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ. وَاعْتَرَضَهُ سم بِقَوْلِهِ: قَدْ يُنَاقَشُ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْخَبَرُ فِي إدْرَاكِ الْوُجُوبِ نَافَى قَوْلَهُ الْآتِي؛ لِأَنَّ مَفْهُومَهُ إلَخْ، أَوْ فِي إدْرَاكِ الْأَدَاءِ لَمْ يُنْهِضْ الِاسْتِدْلَالَ وَلَا بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ اعْتِبَارِ زَمَنِ الطَّهَارَةِ إلَخْ) لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الطُّهْرِ وَالتَّحَرِّي (قَوْلُهُ تَخْتَصُّ بِالصَّلَاةِ) فِيهِ وَقْفَةٌ

هَذَا الْفَرْقِ فَإِنَّهُ نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ فِيمَا إذَا طَرَأَ الْعُذْرُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مُضِيُّ قَدْرِ السُّتْرَةِ لِتَقَدُّمِ إيجَابِهَا عَلَى وَقْتِ الصَّلَاةِ، وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَوْجَهَ عَدَمُ اعْتِبَارِ كُلٍّ مِنْ السُّتْرَةِ وَالتَّحَرِّي فِي الْقِبْلَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُدْرِكَ مَعَ التَّكْبِيرَةِ أَوْ الرَّكْعَةِ قَدْرَ الطَّهَارَةِ عَلَى الْأَظْهَرِ، لِأَنَّ الطَّهَارَةَ شَرْطٌ لِلصِّحَّةِ لَا لِلُّزُومِ وَلِأَنَّهَا لَا تَخْتَصُّ بِالْوَقْتِ (وَالْأَظْهَرُ) عَلَى الْأَوَّلِ (وُجُوبُ الظُّهْرِ) مَعَ الْعَصْرِ (بِإِدْرَاكِ تَكْبِيرَةِ آخِرِ الْعَصْرِ وَ) وُجُوبُ (الْمَغْرِبِ) مَعَ الْعِشَاءِ بِإِدْرَاكِ ذَلِكَ (آخِرَ) وَقْتِ (الْعِشَاءِ) لِأَنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ وَقْتٌ لِلظُّهْرِ، وَوَقْتُ الْعِشَاء وَقْتٌ لِلْمَغْرِبِ فِي حَالَةِ الْعُذْرِ، فَفِي حَالَةِ الضَّرُورَةِ أَوْلَى لِأَنَّهَا فَوْقَ الْعُذْرِ، وَالثَّانِي لَا بُدَّ مَعَ التَّكْبِيرَةِ الَّتِي فِي آخِرِ الْعَصْرِ مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ، لِأَنَّ إيجَابَ الصَّلَاتَيْنِ سَبَبُهُ الْحَمْلُ عَلَى الْجَمْعِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ، وَصُورَةُ الْجَمْعِ إنَّمَا تَتَحَقَّقُ إذَا أَوْقَعَ إحْدَى الصَّلَاتَيْنِ فِي الْوَقْتِ وَشَرَعَ فِي الْأُخْرَى، وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي لَا تُجْمَعُ مَعَ مَا قَبْلَهَا وَهِيَ الصُّبْحُ وَالظُّهْرُ وَالْمَغْرِبُ إذَا زَالَ الْعُذْرُ فِي آخِرِهَا وَجَبَتْ هِيَ فَقَطْ وَهُوَ كَذَلِكَ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ وَهِيَ جَعْلُ الْوَقْتِ كَالْوَقْتِ الْوَاحِدِ، وَلَا بُدَّ فِي إيجَابِهِمَا مِنْ زَوَالِ الْمَانِعِ مُدَّةً تَسَعُهُمَا مَعًا، فَقَدْ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ إذَا زَالَ الْعُذْرُ وَعَادَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَمَسْأَلَتُنَا هَذِهِ أَوْلَى مِنْ تِلْكَ بِالِاشْتِرَاطِ لِأَنَّ الْإِدْرَاكَ فِي الْوَقْتِ أَوْلَى مِنْهُ خَارِجَ الْوَقْتِ، وَلَوْ أَدْرَكَ مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ قَدْرَ تَكْبِيرَةٍ وَمَضَى بَعْدَ الْمَغْرِبِ مَا يَسَعُ الْعَصْرَ مَعَهَا وَجَبَتَا دُونَ الظُّهْرِ، وَلَوْ أَدْرَكَ رَكْعَةً آخِرَ الْعَصْرِ مَثَلًا وَخَلَا مِنْ الْمَوَانِعِ مَا يَسَعُهَا وَطُهْرُهَا فَعَادَ الْمَانِعُ بَعْدَ أَنْ أَدْرَكَ مِنْ وَقْتِ الْمَغْرِبِ مَا يَسَعُهَا فَيَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ إلَى الْمَغْرِبِ وَمَا فَضَلَ لَا يَكْفِي لِلْعَصْرِ فَلَا تَجِبُ، ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَشْرَعَ فِي الْعَصْرِ أَوْ لَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: إنَّ مَا ذَكَرَهُ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَشْرَعْ فِي الْعَصْرِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ، وَإِلَّا فَيَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ لَهَا لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْمَغْرِبِ لِاشْتِغَالِهِ بِالْعَصْرِ الَّتِي شَرَعَ فِيمَا وُجُوبًا قَبْلَ الْمَغْرِبِ وَيَطَّرِدُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمَغْرِبِ أَيْضًا (وَلَوْ بَلَغَ فِيهَا) أَيْ الصَّلَاةِ بِالسِّنِّ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ بِالِاحْتِلَامِ إلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ مَا إذَا نَزَلَ الْمَنِيُّ إلَى ذَكَرِهِ فَأَمْسَكَهُ حَتَّى رَجَعَ الْمَنِيُّ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ وَإِنْ لَمْ يَبْرُزْ مِنْهُ إلَى خَارِجٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (أَتَمَّهَا) وُجُوبًا (وَأَجْزَأَتْهُ عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهَا مَضْرُوبٌ عَلَى فِعْلِهَا وَقَدْ شَرَعَ فِيهَا بِشَرَائِطِهَا فَلَزِمَهُ إتْمَامُهَا وَأَجْزَأَتْهُ، وَإِنْ تَغَيَّرَ حَالُهُ إلَى الْكَمَالِ فِي أَثْنَائِهَا كَالْعَبْدِ إذَا شَرَعَ فِي الظُّهْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ عَتَقَ قَبْلَ إتْمَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَنْ الشَّارِحِ الْجَزْمُ بِمُقْتَضَى النَّظَرِ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ الْآتِي وَحَاصِلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: قَدْرَ الطَّهَارَةِ) أَيْ فِي الْوَقْتِ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ اشْتِرَاطِ بَقَاءِ السَّلَامَةِ مَا يَسَعُ الْفَرْضَ وَالطُّهْرَ لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَشَرَعَ فِي الْأُخْرَى) قَدْ يُخَالِفُ هَذَا مَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ مِنْ أَنَّهُ يَعْتَبِرُ لِصِحَّةِ الْجَمْعِ وُقُوعَ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتِ الْأُولَى، لَكِنْ مَا هُنَا مُوَافِقٌ لِمَا فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ كَمَا مَرَّ نَقْلًا عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَمَسْأَلَتُنَا هَذِهِ) هِيَ مَا أَفْهَمَهُ الْمَتْنُ (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ تِلْكَ) أَيْ مَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ (قَوْلُهُ: فَأَمْسَكَهُ) أَيْ بِحَائِلٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَبْرُزْ مِنْهُ إلَى خَارِجٍ) أَيْ كَمَا يَحْكُمُ بِبُلُوغِ الْحُبْلَى وَإِنْ لَمْ يَبْرُزْ مَنِيُّهَا، وَمَنْ صَوَّرَهَا بِفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ إذَا خَرَجَ مِنْهُ الْمَنِيُّ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ لَمْ يُصِبْ لِأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى مَرْدُودٍ، بَلْ الصَّوَابُ وُجُوبُ اسْتِئْنَافِهَا لِأَنَّهُ يَجِبُ التَّحَرُّزُ فِي دَوَامِهَا عَنْ الْمُبْطِلِ، قَالَهُ الْأَقْفَهْسِيُّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَأَجْزَأْته) أَيْ وَإِنْ كَانَ مُتَيَمِّمًا كَمَا اخْتَارَهُ طب وم ر، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَوَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِتَقَدُّمِ إيجَابِهَا) بِمَعْنَى أَنَّ وُجُوبَهَا سَابِقٌ عَلَى الصَّلَاةِ لَا لِلصَّلَاةِ بَلْ لِذَاتِهَا وَإِنْ لَمْ يُرِدْ الصَّلَاةَ، وَفَرَّقَ بَيْنَ تَقَدُّمِ إيجَابِهَا وَإِيجَابِ تَقَدُّمِهَا فَانْدَفَعَ مَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ هُنَا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: زَالَ الْعُذْرُ وَعَادَ) أَيْ فِي الْوَقْتِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ

الظُّهْرِ وَفَوَاتِ الْجُمُعَةِ وَوُقُوعُ أَوَّلِهَا نَفْلًا لَا يَمْنَعُ وُقُوعَ بَاقِيهَا وَاجِبًا كَحَجِّ التَّطَوُّعِ، وَكَمَا لَوْ شَرَعَ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ ثُمَّ نَذَرَ إتْمَامَهُ أَوْ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ وَهُوَ مَرِيضٌ ثُمَّ شُفِيَ، لَكِنْ تُسْتَحَبُّ الْإِعَادَةُ لِيُؤَدِّيَهَا فِي حَالِ الْكَمَالِ، وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْجُمْهُورِ، وَالثَّانِي لَا يَجِبُ إتْمَامُهَا بَلْ يُسْتَحَبُّ وَلَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّ ابْتِدَاءَهَا وَقَعَ فِي حَالِ النُّقْصَانِ (أَوْ) بَلَغَ (بَعْدَهَا فَلَا إعَادَةَ) لَازِمَةً لَهُ (عَلَى الصَّحِيحِ) وَإِنْ كَانَتْ جُمُعَةً لِأَنَّهُ أَدَّى وَظِيفَةَ الْوَقْتِ كَمَا أُمِرَ فَلَمْ تَلْزَمْهُ الْإِعَادَةُ كَمَا إذَا صَلَّتْ الْأَمَةُ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ ثُمَّ عَتَقَتْ، وَالثَّانِي أَنَّهَا تَجِبُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْبَاقِي مِنْ الْوَقْتِ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا لِأَنَّ الْمَأْتِيَّ بِهِ نَفْلٌ فَلَا يَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ كَمَا لَوْ حَجَّ ثُمَّ بَلَغَ. وَأَجَابَ الْأَوَّلُونَ بِأَنَّ الْمَأْتِيَّ بِهِ مَانِعٌ مِنْ الْخِطَابِ بِالْفَرْضِ لَا مُسْقِطَ لَهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالْحَجِّ أَنَّ الصَّبِيَّ مَأْمُورٌ بِالصَّلَاةِ مَضْرُوبٌ عَلَيْهَا كَمَا مَرَّ، بِخِلَافِ الْحَجِّ، وَأَيْضًا فَلِأَنَّ الْحَجَّ لَمَّا كَانَ وُجُوبُهُ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي الْعُمْرِ اشْتَرَطْنَا وُقُوعَهُ فِي حَالِ الْكَمَالِ، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ، وَسَوَاءٌ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَى الْأَوَّلِ أَكَانَ نَوَى الْفَرْضِيَّةَ أَمْ لَا بِنَاءً عَلَى مَا سَيَأْتِي أَنَّ الْأَرْجَحَ عَدَمُ وُجُوبِهَا فِي حَقِّهِ. نَعَمْ لَوْ صَلَّى الْخُنْثَى الظُّهْرَ ثُمَّ بَانَ رَجُلًا وَأَمْكَنَتْهُ الْجُمُعَةُ لَزِمَتْهُ (وَلَوْ حَاضَتْ) أَوْ نَفِسَتْ (أَوْ جُنَّ) أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ (أَوَّلَ الْوَقْتِ) وَاسْتَغْرَقَ الْمَانِعُ بَاقِيَهُ (وَجَبَتْ تِلْكَ) الصَّلَاةُ لَا الثَّانِيَةُ الَّتِي تُجْمَعُ مَعَهَا (إنْ أَدْرَكَ قَدْرَ الْفَرْضِ) مَنْ عَرَضَ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ عُرُوضِهِ، فَالْأَوَّلُ فِي كَلَامِهِ نِسْبِيٌّ بِدَلِيلِ مَا أَعْقَبَهُ بِهِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ، وَالْمُعْتَبَرُ أَخَفُّ مَا يُمْكِنُ لِأَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْفَرِيضَةَ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ نِيَّتِهَا فِي حَقِّهِ كَمَا سَيَأْتِي م ر وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. ثُمَّ رَأَيْت مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَسَوَاءٌ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وُقُوعُ بَاقِيهَا وَاجِبًا) قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ يُثَابَ عَلَى مَا قَبْلَ الْبُلُوغِ ثَوَابَ النَّفْلِ وَعَلَى مَا بَعْدَهُ ثَوَابَ الْفَرْضِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ نَذَرَ إتْمَامَهُ) أَيْ فَإِنَّ أَوَّلَهُ يَقَعُ نَفْلًا وَبَاقِيهِ وَاجِبًا، وَعَلَيْهِ فَيُثَابُ عَلَى مَا قَبْلَ النَّذْرِ ثَوَابَ النَّفْلِ وَعَلَى مَا بَعْدَهُ ثَوَابَ الْوَاجِبِ وَيُجْزِئُهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَكِنْ تُسْتَحَبُّ الْإِعَادَةُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُحَرِّمُ قَطْعَهَا وَاسْتِئْنَافَهَا لِكَوْنِهِ أَحْرَمَ بِهَا مُسْتَجْمِعَةً لِلشُّرُوطِ لِأَنَّهُ جَعَلَ اسْتِحْبَابَ الْقَطْعِ مُقَابِلًا لِلصَّحِيحِ، وَعَلَيْهِ فَيُفَرِّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ وَجَدَ الْمُتَيَمِّمُ الْمَاءَ فِي صَلَاةٍ تَسْقُطُ بِالتَّيَمُّمِ حَيْثُ قِيلَ إنْ قَطَعَهَا لِيَتَوَضَّأَ أَفْضَلُ بِأَنَّهُ ثُمَّ قِيلَ بِحُرْمَةِ إتْمَامِهَا فَكَانَ الْقَطْعُ أَفْضَلَ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِهِ: أَيْ مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَ الْقَطْعَ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا وَظَاهِرُهُ أَيْضًا وَلَوْ مُنْفَرِدًا (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ وُجُوبُ الْإِتْمَامِ (قَوْلُهُ: وَأَمْكَنَتْهُ الْجُمُعَةُ لَزِمَتْهُ) لِتَبَيُّنِ كَوْنِهِ أَهْلَهَا مِنْ وَقْتِ عَقْدِهَا اهـ اهـ حَجّ، وَمَفْهُومُ قَوْلِ الشَّارِحِ وَأَمْكَنَتْهُ الْجُمُعَةُ أَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ إعَادَةُ الظُّهْرِ إذَا لَمْ تُمْكِنُهُ، وَهُوَ مُشْكِلٌ، فَإِنَّ مُقْتَضَى تَبَيُّنِ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِهَا وَقْتَ الْفِعْلِ بُطْلَانُ ظُهْرِهِ مُطْلَقًا، وَذَلِكَ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْإِعَادَةِ: أَيْ لِلظُّهْرِ سَوَاءٌ أَمْكَنَتْهُ الْجُمُعَةُ أَمْ لَا وَلَوْ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْجُمُعَةِ الَّتِي اتَّضَحَ فِي يَوْمِهَا بَلْ جَمِيعُ مَا فَعَلَهُ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ قَبْلَ فَوْتِ الْجُمُعَةِ الْقِيَاسُ وُجُوبُ إعَادَتِهِ عَلَى مُقْتَضَى هَذَا التَّعْلِيلِ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الَّتِي وَقَعَتْ بَاطِلَةٌ هِيَ الْأُولَى وَمَا بَعْدَ الْأُولَى مِنْ صَلَوَاتِ الظُّهْرِ كُلِّ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ تَقَعُ قَضَاءً عَمَّا قَبْلَهَا قِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ الْبَارِزِيِّ فِي الصُّبْحِ وَيَأْتِي هُنَا مَا نُقِلَ عَنْ م ر مِنْ نِيَّةِ الْأَدَاءِ وَالْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ وَنَفِسَتْ) أَيْ خَرَجَ مِنْهَا الدَّمُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ. وَاخْتُلِفَ فِي فِعْلِهِ فَقِيلَ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ أَوْ لِلْمَفْعُولِ، وَتَقَدَّمَ مَا فِي ضَبْطِهِ فِي بَابِ الْحَيْضِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَالْأَوَّلُ) أَيْ لَفْظُ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ فِي كَلَامِهِ: أَيْ الْمُصَنَّفِ، وَقَوْلُهُ نِسْبِيٌّ: أَيْ إذْ الْمُرَادُ بِهِ مَا قَابَلَ الْآخَرَ دُونَ حَقِيقَةِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْأَوَّلِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُدْرِكَ مَعَهَا فَرْضًا وَلَا رَكْعَةً (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَبَرُ أَخَفُّ مَا يُمْكِنُ) أَيْ مِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. وَعِبَارَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ، وَهُوَ مَرِيضٌ ثُمَّ شُفِيَ) فِيهِ وَقْفَةٌ إذْ أَوَّلُهُ لَيْسَ بِنَفْلٍ وَإِنْ كَانَ جَائِزَ التَّرْكِ لِلْعُذْرِ كَمَا لَا يَخْفَى

[فصل في بيان الأذان والإقامة]

أَدْرَكَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يُمْكِنُ فِيهِ فِعْلُ الْفَرْضِ فَلَا يَسْقُطُ بِمَا يَطْرَأُ بَعْدَهُ، كَمَا لَوْ هَلَكَ النِّصَابُ بَعْدَ الْحَوْلِ وَأَمْكَنَ الْأَدَاءُ فَإِنَّ الزَّكَاةَ لَا تَسْقُطُ، وَيَجِبُ الْفَرْضُ الَّذِي قَبْلَهَا أَيْضًا إنْ كَانَ يَجْمَعُ مَعَهَا وَأَدْرَكَ قَدْرَهُ كَمَا مَرَّ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ فِعْلِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ الصَّلَاةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي تُجْمَعُ مَعَهَا إذَا خَلَا مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُهَا لِأَنَّ وَقْتَ الْأُولَى لَا يَصْلُحُ لِلثَّانِيَةِ إلَّا إذَا صَلَّاهُمَا جَمْعًا بِخِلَافِ الْعَكْسِ، وَأَيْضًا وَقْتُ الْأُولَى فِي الْجَمْعِ وَقْتٌ لِلثَّانِيَةِ تَبَعًا بِخِلَافِ الْعَكْسِ، بِدَلِيلِ عَدَمِ جَوَازِ تَقْدِيمِ الثَّانِيَةِ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ وَجَوَازِ تَقْدِيمِ الْأُولَى بَلْ وُجُوبِهِ عَلَى وَجْهٍ فِي جَمْعِ التَّأْخِيرِ، وَلَا يُعْتَبَرُ قَدْرُ الطَّهَارَةِ عَلَى الْأَصَحِّ إلَّا إذَا لَمْ يَجُزْ تَقْدِيمُهَا كَالْمُتَيَمِّمِ وَدَائِمِ الْحَدَثِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَلْبَثْ حِينَئِذٍ مَا يَسَعُ ذَلِكَ فَلَا لُزُومَ إلَّا أَنْ يَسَعَ الْفَرْضَ الثَّانِيَ فَيَجِبُ فَقَطْ لِأَنَّ الْوَقْتَ لَهُ، أَوْ الْأَوَّلُ بِأَنْ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْقَصْرُ وَأَدْرَكَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ فَفِي التَّهْذِيبِ يَجُوزُ أَنْ تَجِبَ الْمَغْرِبُ وَكَانَ الْقَاضِي يَتَوَقَّفُ فِيهِ لِسُقُوطِ التَّابِعِ بِسُقُوطِ مَتْبُوعِهِ اهـ. وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ عَدَمُ وُجُوبِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ قَدْرَ الْفَرْضِ كَمَا مَرَّ (فَلَا) تَجِبُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ هَلَكَ النِّصَابُ قَبْلَ التَّمَكُّنِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ طَرَيَان الصِّبَا لِاسْتِحَالَتِهِ وَلَا الْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ. فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ (الْأَذَانُ) وَالْأَذِينُ وَالتَّأْذِينُ بِالْمُعْجَمَةِ لُغَةً: الْإِعْلَامُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 3] وَشَرْعًا: ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَحَلِّيِّ أَخَفُّ مَا يُمْكِنُهُ اهـ، وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِيمَا قُلْنَاهُ (قَوْلُهُ: وَأَدْرَكَ قَدْرَهُ) لَا يُقَالُ: لَا حَاجَةَ إلَى إدْرَاكِ قَدْرِ الْفَرْضِ الثَّانِي مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ لِأَنَّهُ وَجَبَ بِإِدْرَاكِهِ فِي وَقْتِ نَفْسِهِ، إذْ الْفَرْضُ أَنَّ الْمَانِعَ إنَّمَا طَرَأَ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ فَيَلْزَمُ الْخُلُوُّ مِنْهُ فِي وَقْتِ الْأُولَى. لِأَنَّا نَقُولُ: لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمَانِعُ قَائِمًا بِهِ فِي وَقْتِ الْأُولَى كُلِّهِ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ أَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ مَثَلًا ثُمَّ جُنَّ أَوْ حَاضَتْ فِيهِ فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ (قَوْلُهُ: فِي بَيَانِ الْأَذَانِ) قَالَ الْخَطِيبُ وَشُرِعَ الْأَذَانُ فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنْ الْهِجْرَةِ اهـ. أَقُولُ: هَلْ يُكَفَّرُ جَاحِدُهُ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُهُمَا كَإِجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ وَالْمُقِيمِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقِبَ الْأَذَانِ (قَوْلُهُ: الْأَذَانُ وَالْأَذِينُ) اسْمَا مَصْدَرٍ وَقَوْلُهُ وَالتَّأْذِينُ مَصْدَرٌ (قَوْلُهُ: وَأَذَانٌ) أَيْ إعْلَامٌ (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْغَالِبَ فِي كُلِّ حَقِيقَةٍ عُرْفِيَّةٍ أَنْ تَكُونَ أَخَصَّ مِنْ اللُّغَوِيَّةِ خُصُوصًا مُطْلَقًا بِأَنْ يَكُونَ الْعُرْفِيُّ فَرْدًا مِنْ أَفْرَادِ اللُّغَوِيِّ وَمَا هُنَا مِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ، لِأَنَّ الْقَوْلَ: أَيْ اللَّفْظَ الْمَخْصُوصَ لَيْسَ فَرْدًا مِنْ أَفْرَادِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَهُوَ الْإِعْلَامُ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ، بَلْ هُوَ مِنْ اسْتِعْمَالِ الشَّيْءِ فِي سَبَبِهِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى الْعُرْفِيُّ بِالنِّسْبَةِ لِلْغَوِيِّ مَجَازًا مُرْسَلًا، وَبَعْضُهُمْ عَرَّفَ الْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيَّ بِقَوْلِهِ الْإِعْلَامُ بِدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ فَيَكُونُ مِنْ الْغَالِبِ فَتَأَمَّلْ. وَعِبَارَةُ حَجّ: وَشَرْعًا ذِكْرُ مَخْصُوصٍ شُرِعَ أَصَالَةً لِلْإِعْلَامِ بِالصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ اهـ. وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ أَصَالَةً إلَى إخْرَاجِ مَا شُرِعَ فِيهِ الْأَذَانُ لِغَيْرِ الصَّلَاةِ كَالْأَذَانِ لِلْمَهْمُومِ إلَخْ، كَذَا نَقَلَهُ سم عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لحج وَعَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ وَبَيَّنْت بِهَامِشِهِ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِهَذَا الِاحْتِرَازِ لِأَنَّ الْأَذَانَ لِغَيْرِ الصَّلَاةِ أَذَانٌ حَقِيقَةً وَإِنَّ هَذَا الْقَيْدَ لَا يُخْرِجُهُ لِصِدْقِ التَّعْرِيفِ عَلَيْهِ اهـ. وَلَعَلَّ هَذَا حِكْمَةُ إسْقَاطِ الشَّارِعِ لِهَذَا الْقَيْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مَا يَسَعُ ذَلِكَ) أَيْ مَا قَدْرُ مَا تَجَمَّعَ مَعَهَا أَيْضًا. [فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ] فَصْلٌ

قَوْلٌ مَخْصُوصٌ يُعْلَمُ بِهِ وَقْتُ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ. وَالْأَصْلُ فِيهِمَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: 9] وَقَوْلُهُ {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: 58] وَمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ» وَفِي أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ قَالَ «لَمَّا أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالنَّاقُوسِ يَعْمَلُ لِيَضْرِبَ بِهِ النَّاسُ لِجَمْعِ الصَّلَاةِ طَافَ بِي وَأَنَا نَائِمٌ رَجُلٌ يَحْمِلُ نَاقُوسًا فِي يَدِهِ فَقُلْت: يَا عَبْدَ اللَّهِ أَتَبِيعُ النَّاقُوسَ؟ فَقَالَ: وَمَا تَصْنَعُ بِهِ فَقُلْت: نَدْعُو بِهِ إلَى الصَّلَاةِ، قَالَ: أَوَلَا أَدُلُّك عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ؟ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: قَوْلٌ مَخْصُوصٌ) أَيْ الْإِتْيَانُ بِقَوْلٍ إلَخْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَقْتَ الصَّلَاةِ) أَيْ وَقْتَ دُخُولِهَا (قَوْلُهُ: إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ) أَيْ دَخَلَ وَقْتُهَا (قَوْلُهُ: قَالَ: «لَمَّا أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالنَّاقُوسِ» إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ: لَيْلَةٌ تَشَاوَرُوا، وَهِيَ تُفِيدُ عَدَمَ أَمْرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَيُوَافِقُهُ مَا فِي سِيرَةِ الشَّامِيِّ حَيْثُ قَالَ: «اهْتَمَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَيْفَ يَجْمَعُ النَّاسَ لِلصَّلَاةِ، فَاسْتَشَارَ النَّاسَ فَقِيلَ: انْصِبْ رَايَةً وَلَمْ يُعْجِبْهُ ذَلِكَ، فَذَكَرَ لَهُ الْقَنَعَ وَهُوَ الْبُوقُ فَقَالَ: هُوَ مِنْ أَمْرِ الْيَهُودِ، فَذَكَرَ لَهُ النَّاقُوسَ فَقَالَ: هُوَ مِنْ أَمْرِ النَّصَارَى، فَقَالُوا: لَوْ رَفَعْنَا نَارًا فَقَالَ: ذَاكَ لِلْمَجُوسِ، فَقَالَ عُمَرُ: أَوَتَبْعَثُونَ رَجُلًا يُنَادِي بِالصَّلَاةِ؟ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يَا بِلَالُ قُمْ فَنَادِ بِالصَّلَاةِ» . قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا النِّدَاءُ دُعَاءٌ إلَى الصَّلَاةِ غَيْرُ الْأَذَانِ كَانَ شُرِعَ قَبْلَ الْأَذَانِ. قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: وَكَانَ الَّذِي يُنَادِي بِهِ بِلَالٌ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ اهـ. وَهُوَ كَمَا تَرَى مُشْتَمِلٌ عَلَى النَّهْيِ عَنْ النَّاقُوسِ وَالْأَمْرِ بِالذِّكْرِ. ثُمَّ رَأَيْت فِي سِيرَةِ شَيْخِنَا الْحَلَبِيِّ بَعْدَ نَحْوِ مَا ذَكَرَ مَا نَصُّهُ: وَقِيلَ «اهْتَمَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ وَأَصْحَابُهُ بِالنَّاقُوسِ: أَيْ اتَّفَقُوا عَلَيْهِ فَنُحِتَ لِيَضْرِبَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ» اهـ. وَهَذَا الْكَلَامُ مِنْهُمْ يُفْهِمُ أَنَّهُ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ رَأَيْت بِهَامِشِ نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ: وَالْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَا قَالَهُ السُّيُوطِيّ فِي الْخَصَائِصِ اهـ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الْحَلَبِيَّ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي سِيرَتِهِ هَذَا. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ مَا نَصُّهُ: وَإِنَّمَا ثَبَتَ حُكْمُ الْأَذَانِ بِرُؤْيَا عَبْدِ اللَّهِ مَعَ أَنَّ رُؤْيَا غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَنْبَنِي عَلَيْهَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ لِاحْتِمَالِ مُقَارَنَةِ الْوَحْيِ لِذَلِكَ. وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَأَبِي دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرِ اللَّيْثِيِّ أَحَدِ كِبَارِ التَّابِعِينَ «أَنَّ عُمَرَ لَمَّا رَأَى الْأَذَانَ جَاءَ لِيُخْبِرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَجَدَ الْوَحْيَ قَدْ وَرَدَ بِذَلِكَ، فَمَا رَاعَهُ إلَّا أَذَانُ بِلَالٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: سَبَقَك بِذَلِكَ الْوَحْيُ» وَهَذَا أَصَحُّ مِمَّا حَكَى الدَّاوُدِيُّ «أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى بِهِ قَبْلَ هَذِهِ الرُّؤْيَا بِثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ» اهـ: وَأَخَذَ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْحَافِظِ فِي فَتْحِ الْبَارِي حَيْثُ قَالَ: وَقَدْ اسْتَشْكَلَ إثْبَاتُ حُكْمِ الْأَذَانِ بِرُؤْيَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ لِأَنَّ رُؤْيَا غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَنْبَنِي عَلَيْهَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ. وَأُجِيبَ بِاحْتِمَالِ مُقَارَنَةِ الْوَحْيِ بِذَلِكَ، أَوْ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْرٌ بِمُقْتَضَاهَا لِيَنْظُرَ أَيُقِرُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْ مِنْ اللَّهِ أَوْ لَا، وَلَا سِيَّمَا لَمَّا رَأَى نَظْمَهَا يُبْعِدُ دُخُولَ الْوَسْوَاسِ فِيهِ، وَهَذَا يَنْبَنِي عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ اجْتِهَادِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْأَحْكَامِ وَهُوَ الْمَنْصُورُ فِي الْأُصُولِ. وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرِ اللَّيْثِيِّ أَحَدِ كِبَارِ التَّابِعِينَ «أَنَّ عُمَرَ لَمَّا رَأَى الْأَذَانَ جَاءَ لِيُخْبِرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَجَدَ الْوَحْيَ قَدْ وَرَدَ بِذَلِكَ، فَمَا رَاعَهُ إلَّا أَذَانُ بِلَالٍ وَقَالَ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: يُعْلَمُ بِهِ وَقْتُ الصَّلَاةِ) قَالَ حَجّ أَصَالَةً انْتَهَى. وَظَاهِرٌ أَنَّ مُرَادَهُ بِذَلِكَ إدْخَالُ أَذَانِ الْمَهْمُومِ وَنَحْوِهِ. مِمَّا يَأْتِي: أَيْ، فَهُوَ أَذَانٌ حَقِيقَةً، وَلَيْسَ الْقَصْدُ بِتَقْيِيدٍ يُعْلَمُ بِهِ وَقْتَ الصَّلَاةِ إخْرَاجُهُ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَالشِّهَابُ سم فَهِمَ أَنَّ مُرَادَهُ بِهِ إخْرَاجُ مَا ذُكِرَ فَكَتَبَ عَلَيْهِ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ: أَصَالَةً احْتِرَازًا عَنْ الْأَذَانِ الَّذِي يُسَنُّ لِغَيْرِ الصَّلَاةِ وَاسْتَدَلَّ عَنْ ذَلِكَ بِكَلَامِهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بِلَفْظِ الِاحْتِرَازِ فَتَأَمَّلْ.

فَقُلْت بَلَى، قَالَ تَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ إلَى آخِرِ الْأَذَانِ، ثُمَّ اسْتَأْخَرَ عَنِّي غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ قَالَ: وَتَقُولُ إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ إلَى آخِرِ الْإِقَامَةِ، فَلَمَّا أَصْبَحْت أَتَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرْته بِمَا رَأَيْت فَقَالَ: إنَّهَا رُؤْيَا حَقٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ، قُمْ مَعَ بِلَالٍ فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْت فَإِنَّهُ أَنْدَى مِنْك صَوْتًا، فَقُمْت مَعَ بِلَالٍ فَجَعَلْت أُلْقِيهِ عَلَيْهِ فَيُؤَذِّنُ بِهِ، فَسَمِعَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخِطَابِ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ فَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ وَيَقُولُ: وَاَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَيْت مِثْلَ مَا رَأَى، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فَلِلَّهِ الْحَمْدُ» . وَلَا يَرُدُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْأَحْكَامَ لَا تَثْبُتُ بِالرُّؤْيَا. لِأَنَّا نَقُولُ: لَيْسَ مُسْتَنَدُ الْأَذَانِ الرُّؤْيَا وَإِنَّمَا وَافَقَهَا نُزُولُ الْوَحْيِ فَالْحُكْمُ ثَبَتَ بِهِ لَا بِهَا، فَقَدْ رَوَى الْبَزَّارُ «أَنَّ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُرِيَ الْأَذَانَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَأُسْمِعَهُ مُشَاهَدَةً فَوْقَ سَبْعِ سَمَوَاتٍ، ثُمَّ قَدَّمَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: سَبَقَك بِذَلِكَ الْوَحْيُ» وَهَذَا أَصَحُّ مِمَّا حَكَى الدَّاوُدِيُّ عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ «أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ بِالْأَذَانِ قَبْلَ أَنْ يُخْبِرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ وَعُمَرُ بِثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ» اهـ. وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَذَانَ شُرِعَ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ مِنْهَا لِلطَّبَرَانِيِّ «أَنَّهُ لَمَّا أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْحَى اللَّهُ إلَيْهِ الْأَذَانَ فَنَزَلَ بِهِ فَعَلَّمَهُ بِلَالًا» وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ فِي الْأَفْرَادِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ «أَنَّ جِبْرِيلَ أَمَرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْأَذَانِ حِينَ فُرِضَتْ الصَّلَاةُ» وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ أَيْضًا، وَلِلْبَزَّارِ وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ قَالَ «لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُعَلِّمَ رَسُولَهُ الْأَذَانَ أَتَاهُ جِبْرِيلُ بِدَابَّةٍ يُقَالُ لَهَا الْبُرَاقُ، فَرَكِبَهَا فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ؛ وَفِي آخِرِهِ: ثُمَّ أَخَذَ الْمَلَكُ بِيَدِهِ فَأَقَامَ أَهْلَ السَّمَاءِ» وَفِي إسْنَادِهِ مَتْرُوكٌ أَيْضًا. وَيُمْكِنُ عَلَى تَقْدِيرِ الصِّحَّةِ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى تَعَدُّدِ الْإِسْرَاءِ فَيَكُونُ ذَلِكَ وَقَعَ بِالْمَدِينَةِ. وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ اهـ بِاخْتِصَارٍ. وَذَكَرَ الشَّامِيُّ مِثْلَهُ مَعَ زِيَادَةٍ فَلْيُرَاجَعْ كُلٌّ مِنْهُمَا. أَقُولُ: وَبِتَقْدِيرِ صِحَّةِ مَجِيءِ الْوَحْيِ قَبْلَهُ بِثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ أَوْحَى إلَيْهِ أَنْ يُعْلِمَ النَّاسَ بِوَقْتِ الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ لِمَا يُعْلِمُ بِهِ، ثُمَّ بِسَبَبِ هَذَا الْإِجْمَالِ وَقَعَتْ الْمُشَاوَرَةُ فِيمَا يُعْلِمُ بِهِ، ثُمَّ بَعْدَ الْمُشَاوَرَةِ جَاءَ الْوَحْيُ بِخُصُوصِ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ لَيْلَةَ الرُّؤْيَةِ، فَلَمَّا أُخْبِرَ بِالرُّؤْيَةِ قَالَ: سَبَقَكَ الْوَحْيُ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ، وَالْمُرَادُ سَبَقَك فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّةِ حَدِيثِ أَنَّ جِبْرِيلَ حِينَ أَرَادَ أَنْ يُعَلِّمَهُ الْأَذَانَ أَتَاهُ بِالْبُرَاقِ إلَخْ فَيُمْكِنُ أَنَّهُ عَلَّمَهُ لِيَأْتِيَ بِهِ فِي ذَلِكَ الْمَوْطِنِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ مَشْرُوعِيَّتُهُ لِأَهْلِ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ: فَلَمَّا أَصْبَحْت) فِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ جَاءَهُ لَيْلًا، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ أَطْلَقَ عَلَى الْوَقْتِ الَّذِي جَاءَ فِيهِ لَيْلًا صَبَاحًا لِقُرْبِهِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَيُؤَذِّنُ بِهِ) ذَكَرَ بَعْضُهُمْ فِي مُنَاسَبَةِ اخْتِصَاصِهِ بِالْأَذَانِ دُونَ غَيْرِهِ كَوْنَهُ لَمَّا عُذِّبَ لِيَرْجِعَ عَنْ الْإِسْلَامِ فَلَمْ يَرْجِعْ وَجَعَلَ يَقُولُ أَحَدٌ أَحَدٌ جُوزِيَ بِوِلَايَةِ الْأَذَانِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى التَّوْحِيدِ فِي ابْتِدَائِهِ وَانْتِهَائِهِ اهـ حَوَاشِي الْمَوَاهِبِ لَشَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ. (قَوْلُهُ: لَقَدْ رَأَيْت مِثْلَ مَا رَأَى) أَيْ بَعْدَ مَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ: أَيْ بِالرُّؤْيَا الْمُتَقَدِّمَةِ إلَخْ فَلَا يُقَالُ مِنْ أَيْنَ عَرَفَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: «فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فَلِلَّهِ الْحَمْدُ» ) فِي رِوَايَةٍ «سَبَقَكَ بِهِ الْوَحْيُ» وَبِهِ يَنْدَفِعُ السُّؤَالُ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَلَا يُرَدُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: إنَّ النَّبِيَّ أُرِيَ الْأَذَانَ إلَخْ) لَيْسَ هَذَا بَيَانًا لِلْوَحْيِ بَلْ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ عَلِمَ بِهِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّهُ إنَّمَا لَمْ يَأْمُرْ بِهِ عَقِبَ الْإِسْرَاءِ لِأَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَسَمِعَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إلَخْ) الْمُتَبَادَرُ مِنْ الرِّوَايَةِ أَوَّلًا أَنَّ الْإِشَارَةَ رَاجِعَةٌ إلَى الْأَذَانِ خِلَافُ الْمُتَبَادَرِ مِنْهَا آخِرًا فِي قَوْلِهِ فَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ إلَخْ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ مِنْهُ أَنَّ الْإِشَارَةَ رَاجِعَةٌ لِأَمْرِ الرُّؤْيَا، وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا فِي رِوَايَةِ " فَلَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ " بِزِيَادَةِ الْبَاءِ فِي اسْمِ الْإِشَارَةِ، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ تَرْتِيبُ مَا ذُكِرَ عَلَى مُجَرَّدِ الْأَذَانِ وَقَوْلُهُ، وَهُوَ فِي بَيْتِهِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا وَافَقَهَا نُزُولُ الْوَحْيِ) فَالْحُكْمُ ثَبَتَ بِهِ لَا بِهَا، لَكِنْ لَك أَنْ تَقُولَ: لَوْ كَانَ الْحُكْمُ ثَبَتَ بِمَا ذُكِرَ لَصَلَّى بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَبِيحَةَ الْإِسْرَاءِ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ جِبْرِيلَ أَخْبَرَهُ عِنْدَ الرُّؤْيَا الْمَذْكُورَةِ أَنَّ مَا سَمِعَهُ فِي لَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ

جِبْرِيلُ فَأَمَّ أَهْلَ السَّمَاءِ وَفِيهِمْ آدَم وَنُوحٌ عَلَيْهِمْ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ، فَأَكْمَلَ لَهُ الشَّرَفَ عَلَى أَهْلِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ» وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا يُعْلَمُ بِهِ وَقْتُ الصَّلَاةِ مَا يُسَنُّ لِغَيْرِهَا، وَلَهُ أَنْوَاعٌ يَأْتِي بَعْضُهَا فِي الْعَقِيقَةِ. وَمِنْهَا أَنَّهُ يُسَنُّ لِلْمَهْمُومِ أَنْ يَأْمُرَ مَنْ يُؤَذِّنُ فِي أُذُنِهِ فَإِنَّهُ يُزِيلُ الْهَمَّ كَمَا رَوَاهُ الدَّيْلَمِيُّ عَنْ عَلِيٍّ يَرْفَعُهُ. وَرَوَى أَيْضًا «مَنْ سَاءَ خُلُقُهُ مِنْ إنْسَانٍ أَوْ بَهِيمَةٍ فَإِنَّهُ يُؤَذَّنُ فِي أُذُنِهِ» وَيُسَنُّ أَيْضًا إذَا تَغَوَّلَتْ الْغِيلَانُ: أَيْ تَمَرَّدَتْ الْجَانُّ، لِأَنَّ الْأَذَانَ يَدْفَعُ شَرَّهُمْ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ إذَا سَمِعَهُ أَدْبَرَ. وَلَا تَرُدُّ هَذِهِ الصُّوَرُ عَلَى الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي أَذَانٍ مَعَهُ إقَامَةٌ وَهَذِهِ لَا إقَامَةَ فِيهَا سِوَى أَذَانِ الْمَوْلُودِ. وَأَمَّا هُوَ فَأَفْرَدَهُ بِالذِّكْرِ فِي بَابِ الْعَقِيقَةِ. (وَالْإِقَامَةُ) فِي الْأَصْلِ مَصْدَرُ أَقَامَ وَسُمِّيَ بِهِ الذِّكْرُ الْمَخْصُوصُ لِأَنَّهُ يُقِيمُ إلَى الصَّلَاةِ. وَمَشْرُوعِيَّةُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ ثَابِتَةٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي كَيْفِيَّةِ مَشْرُوعِيَّتِهِمَا وَالْأَصَحُّ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا (سُنَّةٌ) عَلَى الْكِفَايَةِ وَلَوْ لِجُمُعَةٍ فَيَحْصُلُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ كَابْتِدَاءِ السَّلَامِ، وَلَوْ أَذَّنَ فِي جَانِبٍ مِنْ بَلَدٍ كَبِيرٍ حَصَلَتْ السُّنَّةُ لِأَهْلِ ذَلِكَ الْجَانِبِ فَقَطْ. أَمَّا فِي حَقِّ الْمُنْفَرِدِ فَهُمَا سُنَّةُ عَيْنٍ. وَالضَّابِطُ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ جَمِيعُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْوَحْيَ بِهِ لَمْ يَكُنْ حَصَلَ إذْ ذَاكَ وَإِنَّمَا حَصَلَ وَقْتَ الرُّؤْيَا (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا يَعْلَمُ بِهِ إلَخْ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: لَا حَاجَةَ لِهَذَا الِاحْتِرَازِ لِأَنَّ الْأَذَانَ لِغَيْرِ الصَّلَاةِ أَذَانٌ حَقِيقَةً، وَأَنَّ هَذَا الْقَيْدَ لَا يُخْرِجُهُ لِصِدْقِ التَّعْرِيفِ مَعَهُ عَلَيْهِ اهـ. وَالتَّعْرِيفُ هُوَ قَوْلُهُ قَوْلٌ مَخْصُوصٌ (قَوْلُهُ: فِي أُذُنِهِ) اُنْظُرْ أَيَّ أُذُنٍ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُزِيلُ الْهَمَّ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَزُلْ بِمَرَّةٍ طَلَبَ تَكْرِيرَهُ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بِعِدَّةٍ (قَوْلُهُ: إذَا تَغَوَّلَتْ الْغِيلَانُ) زَادَ ابْنُ حَجَرٍ: وَالْمَصْرُوعُ وَالْغَضْبَانُ وَعِنْدَ مُزْدَحَمِ الْجَيْشِ وَعِنْدَ الْحَرِيقِ، قِيلَ وَعِنْدَ إنْزَالِ الْمَيِّتِ الْقَبْرَ قِيَاسًا عَلَى أَوَّلِ خُرُوجِهِ لِلدُّنْيَا لَكِنْ رَدَدْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ اهـ. وَقَوْلُهُ سِوَى أَذَانِ الْمَوْلُودِ قَالَ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ: هَلْ وَلَوْ وُلِدَ كَافِرٌ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَلَا بُعْدَ فِي الْأَوَّلِ أَخْذًا بِإِطْلَاقِهِمْ أَنَّ كُلَّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ اهـ. أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ وَإِنْ أُطْلِقَتْ مَحْمُولَةٌ عَلَى أَوْلَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَعْنَى وِلَادَتِهِمْ عَلَى الْفِطْرَةِ أَنَّ فِيهِمْ قَابِلِيَّةَ الْخِطَابِ لَوْ وُجِّهَ إلَيْهِمْ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُعْطَوْا فِي الدُّنْيَا شَيْئًا مِنْ أَحْكَامِنَا حَتَّى إذَا مَاتُوا لَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَلَا يُدْفَنُونَ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الشَّيْطَانَ إذَا سَمِعَهُ أَدْبَرَ) . [فَائِدَةٌ] قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِهِ الصَّغِيرِ عَلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عِنْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ الشَّيْطَانَ إذَا سَمِعَ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ أَحَالَ لَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لَا يَسْمَعَ صَوْتَهُ» إلَخْ مَا نَصُّهُ: قَالَ الْمُحَقِّقُ أَبُو زُرْعَةَ: إنَّمَا يَكُونُ، أَيْ إدْبَارُهُ مِنْ أَذَانٍ شَرْعِيٍّ مُجْتَمِعِ الشُّرُوطِ وَاقِعٍ بِمَحَلِّهِ أُرِيدَ بِهِ الْإِعْلَامُ بِالصَّلَاةِ فَلَا أَثَرَ لِمُجَرَّدِ صُورَتِهِ اهـ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا قَالَهُ أَبُو زُرْعَةَ عَلَى مَا فَهِمَ مِنْ الْحَدِيثِ مِنْ أَنَّهُ يُدِيرُ وَلَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لَا يَسْمَعَ صَوْتَهُ، وَهُوَ لَا يُنَافِي أَنَّهُ إذَا سَمِعَ الْأَذَانَ عَلَى غَيْرِ تِلْكَ الْهَيْئَةِ يُدْبِرُ فَيَكْفِي شَرُّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إدْبَارُهُ بِتِلْكَ الصِّفَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا تَرِدُ هَذِهِ الصُّورَةُ) أَيْ الْمُعَبَّرُ عَنْهَا بِالْأَنْوَاعِ فِي قَوْلِهِ وَلَهُ أَنْوَاعٌ يَأْتِي بَعْضُهَا فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ أَذَانَ الْمَوْلُودِ حَتَّى يَسْتَثْنِيَهُ (قَوْلُهُ: سِوَى أَذَانِ الْمَوْلُودِ) أَيْ وَسِوَى الْأَذَانِ خَلْفَ الْمُسَافِرِ فَإِنَّهُ يُسَنُّ هُوَ وَالْإِقَامَةُ اهـ حَجّ. أَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ سَفَرُ مَعْصِيَةٍ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يُسَنَّ (قَوْلُهُ أَمَّا فِي حَقِّ الْمُنْفَرِدِ) مُحْتَرِزُ مَا أَشْعَرَ بِهِ قَوْلُهُ عَلَى الْكِفَايَةِ مِنْ أَنَّهُ مَشْرُوعٌ لِلْجَمَاعَةِ سُنَّةٌ، وَقِيلَ فَرْضُ كِفَايَةٍ (قَوْلُهُ: وَالضَّابِطُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) أَيْ فِي كِفَايَتِهِ لِمَنْ شُرِعَ لَهُمْ أَنْ يَكُونَ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQشُرُوعٌ لِلصَّلَاةِ، وَعَلَيْهِ فَالْوَحْيُ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هُوَ إخْبَارُ جِبْرِيلَ الْمَذْكُورُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا يُعْلَمُ بِهِ وَقْتَ الصَّلَاةِ مَا يُسَنُّ لِغَيْرِهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى أَذَانًا لَكِنَّ الَّذِي يَأْتِي عَقِبَهُ يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا تَرِدُ هَذِهِ الصُّوَرُ) أَيْ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَإِنَّمَا يُشْرَعَانِ لِلْمَكْتُوبَةِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا هُوَ فَأَفْرَدَهُ إلَخْ) هَذَا لَا يَجْرِي مَعَ الْحَصْرِ (قَوْلُهُ: فَيَحْصُلُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ) مَحَلُّ حُصُولِهِ بِذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِظُهُورِ الشِّعَارِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ يُطْلَبُ مِنْ الْمُنْفَرِدِ وَإِنْ سَمِعَ أَذَانَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَالضَّابِطُ إلَخْ) هَذَا لَا يَنْسَجِمُ مَعَ الَّذِي قَبْلَهُ، وَالشِّهَابُ حَجّ إنَّمَا رَتَّبَهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَعِبَارَتُهُ

أَهْلِهَا لَوْ أَصْغَوْا إلَيْهِ، لَكِنْ لَا بُدَّ فِي حُصُولِ السُّنَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِكُلِّ أَهْلِ الْبَلَدِ مِنْ ظُهُورِ الشِّعَارِ كَمَا ذُكِرَ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي أَنَّ أَذَانَ الْجَمَاعَةِ يَكْفِي سَمَاعُ وَاحِدٍ لَهُ، لِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ لِأَدَاءِ أَصْلِ سُنَّةِ الْأَذَانِ وَهَذَا بِالنَّظَرِ لِأَدَائِهِ عَنْ جَمِيعِ أَهْلِ الْبَلَدِ. قَالُوا: وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبَا لِأَنَّهُمَا إعْلَامٌ بِالصَّلَاةِ وَدُعَاءٌ إلَيْهَا كَقَوْلِهِ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ، وَضَعَّفَهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ شِعَارٌ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ الْأَذَانِ. وَفِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّ ذَاكَ دُعَاءٌ إلَى مُسْتَحَبٍّ وَهَذَا دُعَاءٌ إلَى وَاجِبٍ. وَيَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْأَذَانِ أَيْضًا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَرَكَهُ فِي ثَانِيَةِ الْجَمْعِ، وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمَا تَرَكَهُ لِلْجَمْعِ الَّذِي لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَلِذِكْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي جَبْرِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ كَمَا ذَكَرَ الْوُضُوءَ وَالِاسْتِقْبَالَ وَأَرْكَانَ الصَّلَاةِ (وَقِيلَ) كُلٌّ (فَرْضُ كِفَايَةٍ) لِأَنَّهُمَا مِنْ الشَّعَائِرِ الظَّاهِرَةِ وَفِي تَرْكِهِمَا تَهَاوُنٌ، فَعَلَيْهِ لَوْ تَرَكَهُمَا أَهْلُ بَلْدَةٍ قُوتِلُوا بِخِلَافِ ذَلِكَ عَلَى الْأَوَّلِ (وَإِنَّمَا يُشْرَعَانِ لِلْمَكْتُوبَةِ) مِنْ الْخَمْسِ خَرَجَ الْمَنْذُورَةُ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ وَسَائِرُ النَّوَافِلِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: كَمَا ذُكِرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ أَذَّنَ فِي جَانِبٍ إلَخْ، غَيْرُ أَنَّ فِي إفَادَةِ هَذَا اعْتِبَارَ ظُهُورِ الشِّعَارِ زِيَادَةً عَلَى سَمَاعِهِمْ بِالْقُوَّةِ نَظَرًا (قَوْلُهُ: يَكْفِي سَمَاعٌ وَاحِدٌ لَهُ) ظَاهِرُهُ بِالْفِعْلِ لَا بِالْقُوَّةِ. وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ حُضُورُ الصَّلَاةِ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ، وَعَلَيْهِ فَيُشْتَرَطُ فِي الَّذِي يَسْمَعُ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُطْلَبُ مِنْهُ الْحُضُورُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبَا إلَخْ) أَيْ عَمَلًا بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ» (قَوْلُهُ: وَضَعَّفَهُ فِي الْمَجْمُوعِ) أَيْ الْقِيَاسَ عَلَى الصَّلَاةِ جَامِعَةً (قَوْلُهُ: وَفِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّ ذَاكَ) أَيْ الصَّلَاةَ جَامِعَةً (قَوْلُهُ: فِي خَبَرِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ) قَدْ تُمْنَعُ هَذِهِ الْمُلَازَمَةُ بِأَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ فِي خَبَرِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الصِّحَّةُ وَلَيْسَ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ مِنْهُ وَإِنْ قِيلَ بِالْوُجُوبِ اهـ. وَقَالَ سم عَلَى بَهْجَةٍ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ إنْ تَرَكَهُ فِي ثَانِيَةِ الْجَمْعِ لِكَوْنِهِ مِنْ رُخَصِ السَّفَرِ كَالْجَمْعِ، وَإِنَّ تَرْكَهُ لِلْمُسِيءِ صَلَاتَهُ كَتَرْكِ ذِكْرِ بَعْضِ الْوَاجِبَاتِ لَهُ لِعِلْمِهِ بِهَا اهـ. وَأَشَارَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ لِلتَّوَقُّفِ فِي كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ بِقَوْلِهِ قَالُوا حَيْثُ جَعَلَهُ مُسَلَّطًا عَلَيْهَا، وَهُوَ خِلَافُ مَا سَلَكَهُ الشَّارِحُ هُنَا حَيْثُ غَيَّرَ الْأُسْلُوبَ، فَعَبَّرَ عَنْ الْأَوَّلِ بِقَالُوا وَعَنْ الْأَخِيرَيْنِ بِقَوْلِهِ: وَيَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ إلَخْ، هَذَا وَقَدْ يَمْنَعُ أَنَّ فِي تَرْكِ الْأَذَانِ لِثَانِيَةِ الْجَمْعِ دَلَالَةً عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ بِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ إذَا وَالَى بَيْنَ الصَّلَوَاتِ يَكْتَفِي بِأَذَانٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ (قَوْلُهُ: قُوتِلُوا) أَيْ قِتَالُ الْبُغَاةِ لَا قِتَالُ الْمُرْتَدِّينَ، بِخِلَافِ ذَلِكَ: أَيْ التَّرْكِ عَلَى الْأَوَّلِ: أَيْ فَلَا يُقَاتِلُونَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ، وَقَدْ يُشَكِّلُ بِجَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي الْمُقَاتِلَةِ عَلَى تَرْكِ الْجَمَاعَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ، ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّ كُلَّ مَا قِيلَ فِيهِ بِالسُّنِّيَّةِ، وَفِيهِ شِعَارٌ ظَاهِرٌ إذَا تَرَكَهُ أَهْلُ بَلَدٍ قُوتِلُوا عَلَيْهِ، لَكِنَّ الْخِلَافَ فِي غَيْرِ الْجَمَاعَةِ لَعَلَّهُ شَدِيدُ الضَّعْفِ فَلَمْ يَذْكُرُوهُ (قَوْلُهُ: وَسَائِرُ النَّوَافِلِ) شَمَلَ الْمُعَادَةَ فَلَا يُؤَذِّنُ لَهَا وَإِنْ لَمْ يُؤَذِّنْ لِلْأُولَى لِأَنَّهَا نَفْلٌ، وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ حَيْثُ لَمْ يُؤَذِّنْ لِلْأُولَى سَنَّ الْأَذَانَ لَهَا لَمَّا قِيلَ إنَّ فَرْضَهُ الثَّانِيَةُ، وَفِي كَلَامِ سم عَلَى حَجّ التَّرَدُّدُ فِي ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ. وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ انْتَقَلَ إلَى مَحَلٍّ بَعْدَ أَنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ فَوَجَدَ الْوَقْتَ لَمْ يَدْخُلْ مِنْ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ سُنَّةٌ وَقِيلَ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَبَعْدَ ذِكْرِهِ دَلِيلَ الْقَوْلِ الثَّانِي نَصَّهَا، وَهُوَ قَوِيٌّ وَمِنْ ثَمَّ اخْتَارَهُ جَمْعٌ فَيُقَاتَلُ أَهْلُ بَلَدٍ تَرَكُوهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا بِحَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ الشِّعَارُ، فَفِي بَلَدٍ صَغِيرَةٍ يَكْتَفِي بِمَحَلٍّ أَوْ كَبِيرَةٍ لَا بُدَّ مِنْ مَحَالٍّ نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِي الْجَمَاعَةِ. وَالضَّابِطُ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ كُلُّ أَهْلِهَا لَوْ أَصْغَوْا إلَيْهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا قِتَالَ لَكِنْ لَا بُدَّ فِي حُصُولِ السُّنَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِكُلِّ أَهْلِ الْبَلَدِ مِنْ ظُهُورِ الشِّعَارِ كَمَا ذَكَرَهُ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي أَنَّ أَذَانَ الْجَمَاعَةِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ يَكْفِي سَمَاعُ وَاحِدٍ لَهُ) أَيْ بِالْقُوَّةِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُ الْآتِي وَلِتَأَتِّي الْمُنَافَاةِ

فَلَا يُؤَذِّنُ لَهَا وَلَا يُقِيمُ لِعَدَمِ وُرُودِهِمَا فِيهَا بَلْ يُكْرَهَانِ لِغَيْرِ الْمَكْتُوبَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ، وَعَبَّرَ ب يُشْرَعَانِ دُونَ يُسَنَّانِ إشَارَةً إلَى أَنَّ ذَلِكَ جَارٍ عَلَى الْقَوْلَيْنِ (وَيُقَالُ فِي الْعِيدِ وَنَحْوِهِ) مِنْ كُسُوفٍ وَاسْتِسْقَاءٍ وَتَرَاوِيحَ وَكُلِّ نَفْلٍ شُرِعَتْ لَهُ الْجَمَاعَةُ، وَكَذَا وَتْرٌ سُنَّ جَمَاعَةً وَتَرَاخَى فِعْلُهُ عَنْ التَّرَاوِيحِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، بِخِلَافِ مَا إذَا فَعَلَ عَقِبَهَا فَإِنَّ النِّدَاءَ لَهَا نِدَاءٌ لَهُ كَذَا قِيلَ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَقُولُهُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنْ التَّرَاوِيحِ وَلِلْوِتْرِ مُطْلَقًا لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ الْإِقَامَةِ لَوْ كَانَتْ مَطْلُوبَةً هُنَا (الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ) بِنَصْبِ الْأَوَّلِ بِالْإِغْرَاءِ وَالثَّانِي بِالْحَالِيَّةِ وَرَفْعِهِمَا عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرِ وَرَفْعِ أَحَدِهِمَا عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ حُذِفَ خَبَرُهُ أَوْ عَكْسُهُ، وَنَصْبُ الْآخِرِ عَلَى الْإِغْرَاءِ فِي الْأَوَّلِ وَالْحَالِيَّةُ فِي الثَّانِي لِوُرُودِ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ، وَقِيسَ بِهِ الْبَاقِي وَكَالصَّلَاةِ جَامِعَةً هَلُمُّوا إلَى الصَّلَاةِ أَوْ الصَّلَاةُ رَحِمَكُمْ اللَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSلِلْفَرْضِ فِيهِ إعَادَةُ الْأَذَانِ فِيمَا لَوْ انْتَقَلَ إلَى الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ وَوَجَدَ الْوَقْتَ لَمْ يَدْخُلْ (قَوْلُهُ: بَلْ يُكْرَهَانِ لِغَيْرِ الْمَكْتُوبَةِ) هَذَا يُشْكِلُ عَلَى مَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ مِنْ حُرْمَةِ الْأَذَانِ قَبْلَ الْوَقْتِ بِنِيَّتِهِ مُعَلِّلًا لَهُ بِأَنَّهُ مُتَعَاطٍ عِبَادَةً فَاسِدَةً، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَنْوِ أَوْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَأْتِي بِأَنَّ هَذَا أَذَانٌ لِلصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا وَهُوَ مَشْرُوعٌ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ ذَاكَ، وَلَعَلَّ هَذَا الْفَرْقَ أَقْرَبُ لِمَا ذَكَرَهُ حَجّ جَوَابًا عَنْ إيرَادِ مَا ذُكِرَ عَلَى أَذَانِ الْمَرْأَةِ لِلنِّسَاءِ حَيْثُ لَمْ تَرْفَعْ بِهِ صَوْتُهَا وَقَصَدَتْ بِهِ الْأَذَانَ مِنْ أَنَّ الْأَذَانَ قَبْلَ الْوَقْتِ فِيهِ مُنَابَذَةٌ صَرِيحَةٌ لِلشَّرْعِ بِخِلَافِ هَذَا، إذْ الَّذِي اقْتَضَاهُ الدَّلِيلُ فِيهِ عَدَمَ نَدْبِهِ لَا غَيْرُ (قَوْلُهُ: جَارٍ عَلَى الْقَوْلَيْنِ) وَهُمَا السُّنِّيَّةُ وَالْفَرْضِيَّةُ، فَمُرَادُهُ بِالْقَوْلَيْنِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ لَكِنَّهُ عَلَى مَا يُفِيدُهُ اصْطِلَاحَ الْمُصَنِّفِ وَجْهَانِ لَا قَوْلَانِ (قَوْلُهُ: وَيُقَالُ فِي الْعِيدِ) وَيَنْبَغِي نَدْبُهُ عِنْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَعِنْدَ الصَّلَاةِ لِيَكُونَ نَائِبًا عَنْ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ اهـ حَجّ. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُقَالُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً بَدَلًا عَنْ الْإِقَامَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْأَذْكَارِ لِلنَّوَوِيِّ رَمْلِيٌّ اهـ زِيَادِيٌ. هَذَا وَقَدْ يُقَالُ فِي جَعْلِهِمْ إيَّاهُ بَدَلًا عَنْ الْإِقَامَةِ نَظَرٌ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ بَدَلًا عَنْهَا لَشُرِعَ لِلْمُنْفَرِدِ، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ ذِكْرُ شَرْعٍ لِهَذِهِ الصَّلَاةِ اسْتِنْهَاضًا لِلْحَاضِرِينَ وَلَيْسَ بَدَلًا عَنْ شَيْءٍ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) هَلْ يُسَنُّ إجَابَةُ ذَلِكَ لَا يَبْعُدُ سَنُّهَا بِلَا حَوْلٍ وَلَا قُوَّةٍ إلَّا بِاَللَّهِ وَيَنْبَغِي كَرَاهَةُ ذَلِكَ لِنَحْوِ الْجُنُبِ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَقَوْلُهُ كَرَاهَةُ ذَلِكَ: أَيْ قَوْلُهُ الصَّلَاةُ جَامِعَةً لَا كَرَاهَةَ قَوْلِهِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ لِمَا يَأْتِي مِنْ عَدَمِ كَرَاهَةِ إجَابَةِ نَحْوِ الْحَائِضِ بِذَلِكَ وَنَحْوِهِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُوَجَّهَ اسْتِحْبَابُ إجَابَةِ ذَلِكَ بِلَا حَوْلٍ وَلَا قُوَّةٍ إلَّا بِاَللَّهِ بِالْقِيَاسِ عَلَى إجَابَةِ الْمُقِيمِ بِذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا يَسْتَنْهِضُ الْحَاضِرِينَ لِلْقِيَامِ إلَيْهَا. وَأَمَّا أَخْذُهُ مِنْ إجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ بِذَلِكَ إذَا قَالَ: «أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ» ، فَفِيهِ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا قِيلَ لِفَوَاتِ حُضُورِ الْجَمَاعَةِ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ وَكُلِّ نَفْلٍ شُرِعَتْ لَهُ الْجَمَاعَةُ) أَيْ وَإِنْ نَذَرَ فِعْلَهُ، وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِالْمَنْذُورَةِ الَّتِي لَا تُسَنُّ فِيهَا الْجَمَاعَةُ صَلَاةٌ لَمْ تُطْلَبْ مِنْهُ فِيهَا الْجَمَاعَةُ بِدُونِ النَّذْرِ وَنَذْرُ فِعْلِهَا كَسُنَّةِ الظُّهْرِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا فَعَلَهَا عَقِبَهَا) قَالَ سم عَلَى حَجّ: وَقَدْ يُقَالُ هَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَ قَوْلُهُ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ بِمَنْزِلَةِ الْأَذَانِ، فَإِنْ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْإِقَامَةِ فَقَدْ يُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَرَاخِي فِعْلِهِ وَعَدَمِهِ، وَقِيَاسُ كَوْنِهِ بِمَنْزِلَةِ الْإِقَامَةِ الْإِتْيَانُ بِهِ لِكُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنْ التَّرَاوِيحِ: أَيْ كَمَا تَقَدَّمَ اهـ. وَهُوَ مَضْمُونُ قَوْلِهِ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَقُولُهُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنْ التَّرَاوِيحِ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ حُذِفَ خَبَرُهُ) فِيهِ عُسْرٌ وَيُمْكِنُ تَقْدِيرُهُ لَنَا: أَيْ لَنَا جَامِعَةٌ: أَيْ كَائِنٌ لَنَا عِبَادَةٌ جَامِعَةٌ: أَيْ وَهِيَ الصَّلَاةُ بِدَلِيلِ السِّيَاقِ أَوْ مِنْهَا جَامِعَةٌ، وَفِيهِ شَيْءٌ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَكَالصَّلَاةِ جَامِعَةٍ هَلُمُّوا) أَيْ فِي أَدَاءِ أَصْلِ السُّنَّةِ وَإِلَّا فَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ لِوُرُودِهِ عَنْ الشَّارِعِ (قَوْلُهُ: أَوْ الصَّلَاةُ رَحِمَكُمْ اللَّهُ) أَيْ أَوْ الصَّلَاةُ فَقَطْ عَلَى مَا يُفِيدُهُ كَلَامَ الْمَنْهَجِ، أَوْ الصَّلَاةُ الصَّلَاةُ عَلَى مَا فِي حَجّ، قَالَ: ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مُبْتَدَأٌ حُذِفَ خَبَرُهُ) لَا يَتَأَتَّى فِي جَامِعَةٍ

[الأذان للمنفرد بالصلاة]

أَوْ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ كَمَا فِي الْعُبَابِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فِي الْعِيدِ وَنَحْوِهِ النَّافِلَةُ الَّتِي لَا تُسَنُّ الْجَمَاعَةُ فِيهَا وَاَلَّتِي تُسَنُّ فِيهَا إذَا صُلِّيَتْ فُرَادَى وَالْمَنْذُورَةُ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ لِأَنَّ الْمُشَيِّعِينَ لَهَا حَاضِرُونَ فَلَا حَاجَةَ لِإِعْلَامِهِمْ (وَالْجَدِيدُ نَدْبُهُ) أَيْ الْأَذَانِ (لِلْمُنْفَرِدِ) بِالصَّلَاةِ فِي صَحْرَاءَ أَوْ غَيْرِهَا وَإِنْ سَمِعَ أَذَانَ غَيْرِهِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَالتَّنْقِيحِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ مِنْ أَنَّهُ إنْ سَمِعَ أَذَانَ الْجَمَاعَةِ لَا يَشْرَعُ وَقَوَّاهُ الْأَذْرَعِيُّ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ مَعَهُمْ، فَفِي كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ، وَيَكْفِي فِي أَذَانِ الْمُنْفَرِدِ إسْمَاعُ نَفْسِهِ، بِخِلَافِ أَذَانِ الْإِعْلَامِ كَمَا يَأْتِي، وَالْقَدِيمُ لَا يُنْدَبُ لَهُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْأَذَانِ الْإِعْلَامُ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي الْمُنْفَرِدِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ بَعْدَ ذِكْرِ الْقَوْلَيْنِ فِي الْجَدِيدِ كَالْوَجِيزِ وَالْجُمْهُورُ اقْتَصَرُوا عَلَى أَنَّهُ يُؤَذِّنُ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلْخِلَافِ، وَأَفْصَحُوا فِي الرَّوْضَةِ بِتَرْجِيحِ طَرِيقِهِمْ وَاكْتَفَى عَنْهَا هُنَا بِذِكْرِ الْجَدِيدِ كَالْمُحَرَّرِ (وَيَرْفَعُ) الْمُنْفَرِدُ (صَوْتَهُ) نَدْبًا بِالْأَذَانِ فَوْقَ مَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ وَمَنْ يُؤَذِّنُ لِجَمَاعَةٍ فَوْقَ مَا يَسْمَعُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَيُبَالِغُ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي الْجَهْرِ مَا لَمْ يُجْهِدْ نَفْسَهُ لِمَا فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ «أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ لَهُ: إنِّي أَرَاك تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ، فَإِذَا كُنْت فِي غَنَمِك أَوْ بَادِيَتِك فَأَذَّنْت لِلصَّلَاةِ فَارْفَعْ صَوْتَك بِالنِّدَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا إنْسٌ وَلَا شَيْءٌ إلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» : أَيْ سَمِعْت جَمِيعَ مَا قُلْته لَك بِخِطَابٍ إلَيَّ أَيْ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا فَهِمَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَأَوْرَدَهُ بِاللَّفْظِ الدَّالِ عَلَى ذَلِكَ: أَيْ لَمْ يُورِدُوهُ بِلَفْظِ الْحَدِيثِ بَلْ بِمَعْنَاهُ فَقَالُوا: إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِأَبِي سَعِيدِ إلَى آخِرِهِ، لِيَظْهَرَ بِهِ الِاسْتِدْلَال عَلَى أَذَانِ الْمُنْفَرِدِ وَرَفْعِ صَوْتِهِ (إلَّا بِمَسْجِدٍ) أَيْ وَنَحْوِهِ مِنْ مَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ مِنْ أَمْكِنَةِ الْجَمَاعَةِ (وَقَعَتْ فِيهِ جَمَاعَةٌ) ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ (قَوْلُهُ: الَّتِي لَا تُسَنُّ الْجَمَاعَةُ فِيهَا) أَيْ وَإِنْ صُلِّيَتْ جَمَاعَةً (قَوْلُهُ: فَلَا حَاجَةَ لِإِعْلَامِهِمْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُشَيَّعِينَ لَوْ كَثُرُوا وَلَمْ يَعْلَمُوا وَقْتَ تَقَدُّمِ الْإِمَامِ لِلصَّلَاةِ سُنَّ ذَلِكَ لَهُمْ وَلَا بُعْدَ فِيهِ (قَوْلُهُ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ مَعَهُمْ) أَيْ وَصَلَّى مَعَهُمْ: أَيْ لَكِنْ لَمْ يَتَّفِقْ ذَلِكَ لَهُ فَإِنْ لَمْ يُتَّفَقْ صَلَاتُهُ مَعَهُمْ أَذَّنَ وَظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَرْكِ الصَّلَاةِ مَعَهُمْ لِعُذْرٍ أَمْ لَا وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِهِ صَلَّى فِي بَيْتِهِ أَوْ الْمَسْجِدِ، لَكِنْ قَيَّدَ بَعْضُهُمْ كَلَامَ الْأَذْرَعِيِّ بِمَا إذَا صَلَّى مَعَهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ، وَعَلَيْهِ فَيُنْدَبُ لِلْمُنْفَرِدِ مُطْلَقًا سَمِعَ أَذَانَ غَيْرِهِ أَوْ لَا أَرَادَ الصَّلَاةَ مَعَهُمْ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَيُبَالِغُ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي الْجَهْرِ مَا لَمْ يُجْهِدْ نَفْسَهُ) أَيْ فَيَحْصُلُ لَهُ أَصْلُ السُّنَّةِ بِمُجَرَّدِ الرَّفْعِ فَوْقَ مَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ أَوْ أَحَدًا مِنْ الْمُصَلِّينَ وَكَمَالُ السُّنَّةِ بِالرَّفْعِ طَاقَتُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ، وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ الْبَلَدِ الْأَجَانِبُ لَمْ يَسْقُطُ الطَّلَبُ عَنْ غَيْرِهِمْ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ مَدَى) أَيْ غَايَةُ صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ، فَالْمَدَى بِفَتْحِ الْمِيمِ يُكْتَبُ بِالْيَاءِ وَهُوَ غَايَةُ الشَّيْءِ (قَوْله وَلَا إنْسٌ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ كَافِرًا وَلَا مَانِعَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: إلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) أَيْ وَشَهَادَتُهُمْ سَبَبٌ لِقُرْبِهِ مِنْ اللَّهِ لِأَنَّهُ يَقْبَلُ شَهَادَتَهُمْ لَهُ بِالْقِيَامِ بِشَعَائِرِ الدِّينِ فَيُجَازِيهِ عَلَى ذَلِكَ، وَهَذَا الثَّوَابُ الْعَظِيمُ إنَّمَا يَحْصُلُ لِلْمُؤَذِّنِ احْتِسَابًا لِلْمُدَاوِمِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ يَحْصُلُ لَهُ أَصْلُ الثَّوَابِ (قَوْلُهُ: وَقَعَتْ فِيهِ جَمَاعَةٌ) زَادَ حَجّ: أَوْ صَلَّوْا فِيهِ فُرَادَى، وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ أَذَّنَ لِتِلْكَ الصَّلَاةِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ صَلَّوْا بِلَا أَذَانٍ اُسْتُحِبَّ الْأَذَانُ وَالرَّفْعُ مَعَ أَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ مَوْجُودَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْأَذَانِ لِلْمُنْفَرِدِ بِالصَّلَاةِ] قَوْلُهُ: يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ مَعَهُمْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ وَصَلَّى مَعَهُمْ، وَيُؤْخَذُ مِنْ مَفْهُومِهِ أَنَّ الْجَمَاعَةَ الَّتِي لَمْ تُرِدْ الصَّلَاةَ مَعَ جَمَاعَةِ الْأَذَانِ كَالْمُنْفَرِدِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَمْكِنَةِ الْجَمَاعَةِ) لَا مَوْقِعَ لِهَذَا الْبَيَانِ الْمُتَقَدِّمِ.

فَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِهِ، وَقَوْلُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَانْصَرَفُوا مِثَالٌ لَا قَيْدٌ، فَلَوْ لَمْ يَنْصَرِفُوا فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ إنْ طَالَ الزَّمَنُ بَيْنَ الْأَذَانَيْنِ تَوَهَّمَ السَّامِعُونَ دُخُولَ وَقْتِ صَلَاةٍ أُخْرَى وَإِلَّا تَوَهَّمُوا وُقُوعَ صَلَاتِهِمْ قَبْلَ الْوَقْتِ لَا سِيَّمَا فِي يَوْمِ الْغَيْمِ (وَيُقِيمُ لِلْفَائِتَةِ) الْمَفْرُوضَةِ مَنْ يُرِيدُ فِعْلَهَا لِأَنَّهَا لِافْتِتَاحِ الصَّلَاةِ وَهُوَ مَوْجُودٌ (وَلَا يُؤَذِّنُ) لَهَا (فِي الْجَدِيدِ) لِزَوَالِ وَقْتِهَا «وَقَدْ فَاتَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَلَوَاتُ يَوْمِ الْخَنْدَقِ فَقَضَاهَا وَلَمْ يُؤَذِّنْ لَهَا» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي مُسْنَدِيهِمَا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَجَازَ لَهُمْ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ لِاشْتِغَالِهِمْ بِالْقِتَالِ وَلَمْ تَكُنْ صَلَاةُ الْخَوْفِ وَالْقَدِيمُ يُؤَذِّنُ لَهَا: أَيْ حَيْثُ تَفْعَلُ جَمَاعَةٌ لِيُجَامِعَ الْقَدِيمُ السَّابِقَ فِي الْمُؤَدَّاةِ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يُؤَذِّنْ الْمُنْفَرِدُ لَهَا فَالْفَائِتَةُ أَوْلَى كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ. وَعَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ مِنْ اقْتِصَارِ الْجُمْهُورِ فِي الْمُؤَدَّاةِ عَلَى أَنَّهُ يُؤَذِّنُ يَجْرِي الْقَدِيمُ هُنَا عَلَى إطْلَاقِهِ، كَذَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ (قُلْت: الْقَدِيمُ أَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَهُوَ أَنَّهُ يُؤَذِّنُ لَهَا وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ جَمَاعَةٌ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَامَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ عَنْ الصُّبْحِ حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ، فَسَارُوا حَتَّى ارْتَفَعَتْ ثُمَّ نَزَلَ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ بِالصَّلَاةِ وَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ صَلَّى صَلَاةَ الْغَدَاةِ وَصَنَعَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ كُلَّ يَوْمٍ» وَالْأَذَانُ حَقٌّ لِلْفَرِيضَةِ عَلَى الْقَدِيمِ الْأَصَحِّ وَعَلَى الْجَدِيدِ لِلْوَقْتِ (فَإِنْ كَانَ فَوَائِتَ لَمْ يُؤَذِّنْ) مَنْ أَرَادَ قَضَاءَهَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ (لِغَيْرِ الْأُولَى) بِلَا خِلَافٍ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ. أَمَّا الْأُولَى فَفِيهَا الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ، وَلَوْ كَانَتْ الْأُولَى فَائِتَةً وَقَدَّمَهَا عَلَى الْحَاضِرَةِ أَوْ كَانَتْ غَيْرَ فَرِيضَةِ الْوَقْتِ وَقَدْ قَدَّمَهَا فِي جَمْعِ التَّأْخِيرِ أَذَّنَ لِلْأُولَى فَقَطْ كَمَا رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ لِأَنَّهُ الثَّابِتُ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَمَّا إذَا لَمْ يُوَالِ فَيُؤَذِّنُ لِلثَّانِيَةِ. وَلَوْ صَلَّى فَائِتَةً قُبَيْلَ الزَّوَالِ أَذَّنَ لَهَا، ثُمَّ إذَا دَخَلَ وَقْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــSانْتَهَى سم (قَوْلُهُ: فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ) أَيْ أَنَّهُ لَا يُرْفَعُ (قَوْلُهُ: «وَقَدْ فَاتَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَلَوَاتٌ» ) قَالَ الْمَحَلِّيُّ: وَهِيَ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ وَالْمَغْرِبُ انْتَهَى. وَقَدْ يُعَارِضُ هَذَا مَا مَرَّ لِلشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَيُسَنُّ تَقْدِيمُهُ: أَيْ الْفَائِتِ عَلَى الْحَاضِرَةِ الَّتِي لَا يَخَافُ فَوْتَهَا مِنْ قَوْلِهِ اسْتِدْلَالًا عَلَى ذَلِكَ لِحَدِيثِ الْخَنْدَقِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى يَوْمَهُ الْعَصْرَ بَعْدَ مَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا الْمَغْرِبَ» انْتَهَى، فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمَغْرِبَ لَمْ تَفُتْهُ، وَيُمْكِنُ أَنَّهُ تَعَدَّدَ الْفَوَاتُ فِي أَيَّامِهِ فَلَا تَعَارُضَ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَامَ) اسْتَشْكَلَ هَذَا بِحَدِيثِ «نَحْنُ مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ تَنَامُ أَعْيُنُنَا وَلَا تَنَامُ قُلُوبُنَا» . وَأَجَابَ عَنْهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ لِلْأَنْبِيَاءِ نَوْمَيْنِ، فَكَانَ هَذَا النَّوْمُ مِنْ النَّوْمِ الثَّانِي وَهُوَ خِلَافُ نَوْمِ الْعَيْنِ. وَأَجَابَ غَيْرُهُ بِجَوَابٍ حَسَنٍ وَهُوَ أَنَّ دُخُولَ الْوَقْتِ مِنْ وَظَائِفِ الْأَعْيُنِ وَالْأَعْيُنُ كَانَتْ نَائِمَةً، وَهَذَا لَا يُنَافِي اسْتِيقَاظَ الْقُلُوبِ انْتَهَى. وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي هَذَا بِأَنَّ يَقَظَةَ الْقَلْبِ يُدْرِكُ بِهَا الشَّمْسَ كَمَا يَقَعُ ذَلِكَ لِبَعْضِ أُمَّتِهِ فَكَيْفَ هُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَقَدْ يُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِلتَّشْرِيعِ لِأَنَّ مَنْ نَامَتْ عَيْنَاهُ لَا يُخَاطَبُ بِأَدَاءِ الصَّلَاةِ حَالَ نَوْمِهِ، وَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُشَارِكٌ لِأُمَّتِهِ إلَّا فِيمَا اخْتَصَّ بِهِ وَلَمْ يَرِدْ اخْتِصَاصُهُ بِالْخِطَابِ حَالَ نَوْمِ عَيْنَيْهِ دُونَ قَلْبِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: «ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ» ) أَيْ بِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: «ثُمَّ صَلَّى صَلَاةَ الْغَدَاةِ» ) أَيْ الصُّبْحِ (قَوْلُهُ: «كَمَا كَانَ يَصْنَعُ كُلَّ يَوْمٍ» ) أَيْ مِنْ تَقْدِيمِ سُنَّةِ الصُّبْحِ وَالِاشْتِغَالِ بِالتَّسْبِيحِ مَثَلًا بَعْدَ الْفَرْضِ إذْ كَانَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ فَوَائِتُ لَمْ يُؤَذِّنْ) أَيْ لَمْ يُشَرِّعُ لَهَا الْأَذَانَ وَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى التَّقْدِيمِ الرَّاجِحِ وَعَلَى مُقَابِلِهِ (قَوْلُهُ: فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَ وَالَاهَا (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا لَمْ يُوَالِ) مُحْتَرَزُ الْمُوَالَاةِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ كَمَا مَرَّ وَهَلْ يَضُرُّ فِي الْمُوَالَاةِ رَوَاتِبُ الْفَرَائِضِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَشَرْطُهُ الْوَقْتُ إلَخْ مَا نَصُّهُ: وَبِهِ يَعْلَمُ أَنَّ الْكَلَامَ لِحَاجَةٍ لَا يُؤَثِّرُ فِي طُولِ الْفَصْلِ، وَأَنَّ الطُّولَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالسُّكُوتِ أَوْ الْكَلَامِ غَيْرِ الْمَنْدُوبِ لَا لِحَاجَةٍ انْتَهَى أَنَّ الْفَصْلَ بِالرَّوَاتِبِ لَا يَضُرُّ فِي الْمُوَالَاةِ لِأَنَّهَا مَنْدُوبَةٌ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ بَعْدَ إنَّ الْفَصْلَ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَخُطْبَتِهَا يَضُرُّ إذَا كَانَ بِقَدْرِ رَكْعَتَيْنِ بِأَخَفِّ مُمْكِنٍ كَالْفَصْلِ بَيْنَ صَلَاتَيْ الْجَمْعِ، بِخِلَافِ الْفَصْلِ بَيْنَ الْإِقَامَةِ وَالصَّلَاةِ، وَبِخِلَافِ الْفَصْلِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِجَابَةِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ زِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ بِحَيْثُ لَا يُنْسَبُ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ أَصْلًا. قَالَ: وَفَرَّقَ بَيْنَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الظُّهْرِ عَقِبَ سَلَامِهِ مِنْ الْفَائِتَةِ أَذَّنَ لِلظُّهْرِ أَيْضًا، وَكَذَا لَوْ أَخَّرَ مُؤَدَّاةً لِآخِرِ وَقْتِهَا وَأَذَّنَ لَهَا، ثُمَّ عَقِبَ سَلَامِهِ دَخَلَ وَقْتُ مُؤَدَّاةٍ أُخْرَى فَيُؤَذِّنُ لَهَا كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ. وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ أَنَّهُ لَوْ وَالَى بَيْنَ صَلَاتَيْنِ لَمْ يُؤَذِّنْ لِغَيْرِ الْأُولَى مَا لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى حَاضِرَةً وَأَذَّنَ لَهَا وَتَذَكَّرَ فَائِتَةً وَفَعَلَهَا عَقِبَهَا لَمْ يُؤَذِّنْ لِلْفَائِتَةِ لِأَنَّ تَذَكُّرَهَا لَيْسَ بِوَقْتٍ حَقِيقِيٍّ لَهَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَحَيْثُ لَمْ يُؤَذِّنْ لِلثَّانِيَةِ فَمَا بَعْدَهَا أَقَامَ لِكُلٍّ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِمُزْدَلِفَةَ بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ رِوَايَةِ جَابِرٍ وَرُوِيَا مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ صَلَّاهُمَا بِإِقَامَتَيْنِ» ، وَأَجَابُوا عَنْهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا حَفِظَ الْإِقَامَةَ وَقَدْ حَفِظَ جَابِرٌ الْأَذَانَ فَوَجَبَ تَقْدِيمُهُ لِزِيَادَةِ عِلْمِهِ، وَبِأَنَّ جَابِرَ اسْتَوْفَى حُجَّةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَتْقَنَهَا فَهُوَ أَوْلَى بِالِاعْتِمَادِ (وَيُنْدَبُ لِجَمَاعَةِ النِّسَاءِ الْإِقَامَةُ) بِأَنْ تَفْعَلَهَا إحْدَاهُنَّ، فَلَوْ صَلَّتْ وَحْدَهَا أَقَامَتْ لِنَفْسِهَا أَيْضًا، وَلَوْ أَقَامَتْ لِرَجُلٍ أَوْ خُنْثَى لَمْ يَصِحَّ (لَا الْأَذَانُ عَلَى الْمَشْهُورِ) فِيهِمَا لِأَنَّ الْأَذَانَ يُخْشَى مِنْ رَفْعِ الْمَرْأَةِ صَوْتَهَا بِهِ الْفِتْنَةُ وَالْإِقَامَةُ لِاسْتِنْهَاضِ الْحَاضِرِينَ، وَلَيْسَ فِيهَا رَفْعٌ كَالْأَذَانِ، وَالثَّانِي يُنْدَبَانِ بِأَنْ تَأْتِي بِهِمَا وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ لَكِنْ لَا تَرْفَعُ صَوْتَهَا فَوْقَ مَا تَسْمَعُ صَوَاحِبُهَا، وَالثَّالِثُ لَا يُنْدَبَانِ الْأَذَانُ لِمَا مَرَّ وَالْإِقَامَةُ تَبَعٌ لَهُ، وَلَوْ أَذَّنَتْ الْمَرْأَةُ لِلرِّجَالِ أَوْ الْخَنَاثَى لَمْ يَصِحَّ أَذَانُهَا وَأَثِمَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ (قَوْلُهُ: عَقِبَ سَلَامِهِ مِنْ الْفَائِتَةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ الْحَاضِرَةَ وَهُوَ فِي أَثْنَاءِ الْفَائِتَةِ أَوْ قَبْلَ أَنْ أَحْرَمَ لَكِنْ بَعْدَ الْأَذَانِ لَهَا لَا يُؤَذِّنُ لِلْحَاضِرَةِ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الْمَنْهَجِ لَمْ يَدْخُلُ وَقْتُهَا قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الْأَذَانِ إلَخْ خِلَافُهُ وَهُوَ الْوَجْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ فَقَوْلُهُ عَقِبَ سَلَامِهِ مِثَالٌ لَا قَيْدٌ (قَوْلُهُ: أَذَّنَ لِلظُّهْرِ أَيْضًا) لَعَلَّ وَجْهُهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْأَذَانُ قَبْلَ دُخُولِ الْحَاضِرَةِ لَمْ يَصْلُحْ لِكَوْنِهِ مِنْ سُنَنِهَا (قَوْلُهُ: يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ) وَجْهُ أَخْذِهِ أَنَّ الْوَقْتَ حَيْثُ أَطْلَقَ فِي عِبَارَةِ الْفُقَهَاءِ انْصَرَفَ لِلْحَقِيقِيِّ (قَوْلُهُ: وَتَذَكَّرَ فَائِتَةً وَفَعَلَهَا عَقِبَهَا لَمْ يُؤَذِّنْ) بَقِيَ مَا لَوْ أَذَّنَ وَأَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ ثُمَّ عَرَضَ لَهُ مَا يَقْتَضِي التَّأْخِيرَ وَاسْتَمَرَّ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ فَهَلْ يُؤَذِّنُ لَهَا أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِهِمْ الْأَذَانَ لِلْفَائِتَةِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ لِأَنَّهُ وَقَعَ مِنْهُ أَذَانٌ لِهَذِهِ الصَّلَاةِ وَإِنْ تَأَخَّرَتْ عَنْهُ، وَالْمَوْلَاةُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالصَّلَاةِ لَا تُشْتَرَطُ (قَوْلُهُ: اسْتَوْفَى حُجَّةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ تَتَبَّعَهَا وَاسْتَقَرَّاهَا فَضَبْطُ جَمِيعِ مَا وَقَعَ لَهُ فِيهَا مِنْ الْأَفْعَالِ الظَّاهِرَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَقَامَتْ لِرَجُلٍ أَوْ خُنْثَى لَمْ يَصِحَّ) وَقِيَاسُ حُرْمَةِ الْأَذَانِ قَبْلَ الْوَقْتِ لِكَوْنِهِ عِبَادَةً فَاسِدَةً حُرْمَةُ إقَامَتِهَا لِمَنْ ذُكِرَ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِمَا مَرَّ عَنْ حَجّ فِي أَذَانِ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: لَا الْأَذَانُ) أَيْ فَلَا يُنْدَبُ لَهُنَّ وَإِنْ فُقِدَ الرِّجَالُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَذَانَ يُخْشَى مِنْ رَفْعِ الْمَرْأَةِ صَوْتَهَا بِهِ الْفِتْنَةُ) الْأُولَى التَّعْلِيلُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الْأَذَانَ مِنْ وَظَائِفِ الرِّجَالِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ أَجْنَبِيٌّ اُسْتُحِبَّ، وَهُوَ خِلَافُ مَا اعْتَمَدَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَذَّنَتْ الْمَرْأَةُ لِلرِّجَالِ إلَخْ) الْمُتَبَادِرُ مِنْ السِّيَاقِ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا لَوْ أَذَّنَتْ لِلرِّجَالِ الْمَرِيدِينَ لِلصَّلَاةِ، وَهُوَ يَفْهَمُ أَنَّهُ لَا يُحَرِّمُ أَذَانَهَا خَلْفَ الْمُسَافِرِ وَلَوْ رَجُلًا وَلَا فِيمَا لَوْ تَغَوَّلَتْ الْغِيلَانُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا شُرِعَ فِيهِ الْأَذَانُ لِغَيْرِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِي حُرْمَةِ أَذَانِهَا أَنَّهُ مِنْ وَظَائِفِ الرِّجَالِ، وَفِي فِعْلِهَا لَهُ تَشَبُّهٌ بِهِمْ بِنَاءً عَلَى مَا هُوَ الظَّاهِرُ أَنَّ الَّذِي مِنْ وَظَائِفِهِمْ الْأَذَانُ لِلصَّلَاةِ لَا مُطْلَقًا. أَمَّا عَلَى التَّعْلِيلِ بِحُرْمَةِ نَظَرِهِمْ إلَيْهَا فَمُقْتَضَاهُ حُرْمَةُ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ ثَمَّ أَجْنَبِيٌّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ:؛ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ، وَالْعِشَاءِ بِمُزْدَلِفَةَ» ) هَذَا إنَّمَا سَاقَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ دَلِيلًا عَلَى سَنِّ الْأَذَانِ فِي أُولَى الْمَجْمُوعَتَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا مَا صَنَعَهُ الشَّارِحُ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ ضَيَاعٌ (قَوْلُهُ: وَأَجَابُوا إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ هُنَا سَنَّ الْإِقَامَةَ لِكُلٍّ، وَكُلٌّ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ مُتَكَفِّلٌ بِهِ فَلَا حَاجَةَ لِلْجَوَابِ (قَوْلُهُ: فِيهِمَا) أَيْ بِالنَّظَرِ لِلْمَجْمُوعِ بِدَلِيلِ حِكَايَةِ الْمُقَابِلَيْنِ الْآتِيَيْنِ

لِحُرْمَةِ نَظَرِهِمَا إلَيْهَا وَكَذَا لَوْ أَذَّنَ الْخُنْثَى لِلرِّجَالِ أَوْ النِّسَاءِ وَرَفَعَ فِي هَذِهِ صَوْتَهُ فَوْقَ مَا يُسْمِعُهُنَّ أَوْ الْخَنَاثَى كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِحُرْمَةِ نَظَرِ الْكُلِّ إلَيْهِ وَقِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْإِمَامَةِ وَإِنْ نُوزِعَ فِي الْقِيَاسِ وَلَا فَرْقَ فِي الرِّجَالِ بَيْنَ الْمَحَارِمِ وَغَيْرِهِمْ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَإِنْ قَالَ الشَّيْخُ إنَّهُ الْقِيَاسُ لِأَنَّ الْأَذَانَ مِنْ شِعَارِ الرِّجَالِ فَلَا يَصِحُّ لَهُمْ مِنْ غَيْرِهِمْ لَا سِيَّمَا وَفِي رَفْعِهِنَّ الصَّوْتَ بِهِ تَشَبُّهً بِالرِّجَالِ. أَمَّا إذَا أَذَّنَ كُلٌّ مِنْ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى لِنَفْسِهِ أَوْ أَذَّنَتْ الْمَرْأَةُ لِلنِّسَاءِ كَانَ جَائِزًا غَيْرَ مُسْتَحَبٍّ كَمَا مَرَّ. وَلَا يُشْكِلُ حُرْمَةُ أَذَانِهَا بِجَوَازِ غِنَائِهَا مَعَ اسْتِمَاعِ الرَّجُلِ لَهُ لِأَنَّ الْغِنَاءَ يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ اسْتِمَاعُهُ وَإِنْ أَمِنَ الْفِتْنَةَ، وَالْأَذَانُ يُسْتَحَبُّ لَهُ اسْتِمَاعُهُ، فَلَوْ جَوَّزْنَاهُ لِلْمَرْأَةِ لَأَدَّى إلَى أَنْ يُؤْمَرَ الرَّجُلُ بِاسْتِمَاعِ مَا يُخْشَى مِنْهُ الْفِتْنَةُ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ، وَلِأَنَّ فِيهِ تَشَبُّهًا بِالرِّجَالِ، بِخِلَافِ الْغِنَاءِ فَإِنَّهُ مِنْ شِعَارِ النِّسَاءِ، وَلِأَنَّ الْغِنَاءَ لَيْسَ بِعِبَادَةٍ وَالْأَذَانَ عِبَادَةٌ وَالْمَرْأَةُ لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِهَا فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا تَعَاطِيهَا كَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا تَعَاطِي الْعِبَادَةِ الْفَاسِدَةِ، وَلِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ النَّظَرُ إلَى الْمُؤَذِّنِ حَالَةَ أَذَانِهِ، فَلَوْ اسْتَحْبَبْنَاهُ لِلْمَرْأَةِ لَأُمِرَ السَّامِعُ بِالنَّظَرِ إلَيْهَا وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَقْصُودِ الشَّارِعِ، وَلِأَنَّ الْغِنَاءَ مِنْهَا إنَّمَا يُبَاحُ لِلْأَجَانِبِ الَّذِينَ يُؤْمَنُ افْتِتَانُهُمْ بِصَوْتِهَا، وَالْأَذَانُ مَشْرُوعٌ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ فَلَا يُحْكَمُ بِالْأَمْنِ مِنْ الِافْتِتَانِ فَمُنِعَتْ مِنْهُ، وَفَارِقُ الرَّفْعِ هُنَا الرَّفْعُ بِالتَّلْبِيَةِ بِأَنَّ الْإِصْغَاءَ إلَيْهَا غَيْرُ مَطْلُوبٍ. وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْفَرْقِ بَيْنِ غِنَائِهَا وَأَذَانِهَا مِنْ قَوْلِنَا إنَّ الْأَذَانَ عِبَادَةٌ وَلَيْسَتْ مِنْ أَهْلِهَا، وَمِنْ أَنَّ فِيهِ تَشَبُّهًا بِالرِّجَالِ، وَمِنْ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ النَّظَرُ إلَى الْمُؤَذِّنِ عَدَمُ حُرْمَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمُطْلَقًا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّمَا يُسَنُّ النَّظَرُ لِلْمُؤَذِّنِ حَيْثُ أَذَّنَ لِلصَّلَاةِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ بِالدَّرْسِ حُرْمَةُ أَذَانِهَا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَإِنَّ م ر سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَأَجَابَ بِأَنَّ ظَاهِرَ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهَا لَا تُؤَذِّنُ انْتَهَى. وَمَا نُقِلَ عَنْ م ر لَا يُفِيدُ حُرْمَةَ أَذَانِهَا وَإِنَّمَا يُفِيدُ عَدَمَ طَلَبِهِ مِنْهَا لِتِلْكَ الْأَحْوَالِ، وَعَدَمُ الطَّلَبِ يَسْتَدْعِي الْحُرْمَةَ (قَوْلُهُ: لِحُرْمَةِ نَظَرِهِمَا) أَيْ الْمُسَبِّبُ عَنْ أَذَانِهَا فَإِنَّهُ يُسَنُّ النَّظَرُ إلَى الْمُؤَذِّنِ كَمَا يَأْتِي، وَهَلْ يُحَرَّمُ عَلَى سَامِعِهَا السَّمَاعُ فَيَجِبُ سَدُّ الْآذَانِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَا يُحَرَّمُ سَمَاعُ الْغِنَاءِ مِنْهَا وَنَحْوِهِ إلَّا عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ. قَالَ فِي الْإِيعَابِ: وَحَيْثُ حُرِّمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَهَلْ تُثَابُ أَمْ لَا كَمَا فِي الْجَهْرِ؟ مَحَلُّ نَظَرٍ. وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ كَالصَّلَاةِ فِي الْمَغْصُوبِ انْتَهَى. أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ: بَلْ الْأَقْرَبُ الثَّانِي. وَيُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الصَّلَاةَ مَطْلُوبَةٌ مِنْهَا شَرْعًا وَمُعَاقَبَةٌ عَلَى تَرْكِهَا فَأُثِيبَتْ عَلَى فِعْلِهَا فِي الْمَكَانِ الْمَغْصُوبِ، وَجَازَ أَنْ يَكُونَ الْعِقَابُ بِغَيْرِ حِرْمَانِ الثَّوَابِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهَا مَنْهِيَّةٌ عَنْهُ فَلَا تُثَابُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ) هِيَ قَوْلُهُ أَوْ النِّسَاءُ (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَرْفَعْ. وَيُشْكِلُ بِمَا قَدَّمَهُ فِي أَذَانِهِ لِلنِّسَاءِ حَيْثُ قَدْ قَيَّدَ بِرَفْعِ الصَّوْتِ مَعَ أَنَّهُنَّ يَحْرُمُ نَظَرُهُنَّ إلَيْهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ تَشْبِيهُ أَذَانِ الْخُنْثَى لِلْخَنَاثَى بِأَذَانِهِ لِلنِّسَاءِ فِي جَمِيعِ مَا قَدَّمَهُ، وَقَوْلُهُ لِحُرْمَةِ إلَخْ: أَيْ لِأَنَّ أَذَانَهُ قَدْ يَجُرُّ إلَى نَظَرِ الرِّجَالِ إلَيْهِ فَلَا تَتَوَقَّفُ الْحُرْمَةُ عَلَى نَظَرِهِمْ إلَيْهِ بِالْفِعْلِ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَذَّنَتْ الْمَرْأَةُ) أَيْ أَمَّا إذَا أَذَّنَتْ الْخُنْثَى لِلْخَنَاثَى فَيَحْرُمُ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ، وَفِيهِ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِنَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ تَشْبِيهُ أَذَانِ الْخُنْثَى إلَخْ، وَقَوْلُهُ كَانَ جَائِزًا: أَيْ بِلَا كَرَاهَةٍ حَيْثُ أَذَّنَتْ بِقَدْرِ مَا يَسْمَعْنَ وَلَمْ تَقْصِدْ الْأَذَانَ الشَّرْعِيَّ، فَإِنْ رَفَعَتْ فَوْقَ ذَلِكَ أَوْ أَرَادَتْ الْأَذَانَ الشَّرْعِيَّ حُرِّمَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ أَجْنَبِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالْمَرْأَةُ لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِهَا) أَيْ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْعِبَادَةِ، وَجَعْلُ الْأَذَانِ عِبَادَةً لَا يَأْتِي بِنَاءً عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ الْمُنْفَرِجَةِ مِنْ أَنَّ الْعِبَادَةَ مَا تَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ فَلَعَلَّ لَهَا إطْلَاقَيْنِ أَوْ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا، فَمِنْهُمْ مِنْ اعْتَبَرَ فِي الْعِبَادَةِ مُجَرَّدَ الثَّوَابِ عَلَى الْفِعْلِ، وَمِنْهُمْ مِنْ اعْتَبَرَ مَعَ ذَلِكَ التَّوَقُّفَ عَلَى النِّيَّةِ (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْإِصْغَاءَ إلَيْهَا) أَيْ التَّلْبِيَةَ (قَوْلُهُ: وَمِنْ أَنَّ فِيهِ تَشَبُّهًا بِالرِّجَالِ) أَخَذَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَرَفَعَ فِي هَذِهِ صَوْتَهُ مَا يُسْمِعُهُنَّ) أَفْهَمَ عَدَمَ الْإِثْمِ عِنْدَ انْتِفَاءِ فَوْقِ الرَّفْعِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ مَعَ التَّعْلِيلِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ لَهُمْ) قَدْ يُقَالُ: لَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِهِ لَهُمْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَمِنَ الْفِتْنَةَ) لَعَلَّ الصَّوَابَ إسْقَاطُ الْوَاوِ (قَوْلُهُ: لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِهَا) أَيْ لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْعِبَادَةِ الْمَخْصُوصَةِ

رَفْعِ صَوْتِهَا بِالْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجِهَا، وَإِنْ كَانَ الْإِصْغَاءُ لِلْقِرَاءَةِ مَنْدُوبًا وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَدْ صَرَّحُوا بِكَرَاهَةِ جَهْرِهَا بِهَا فِي الصَّلَاةِ بِحَضْرَةِ أَجْنَبِيٍّ وَعَلَّلُوهُ بِخَوْفِ الِافْتِتَانِ (وَالْأَذَانُ) أَيْ مُعْظَمُهُ (مُثَنَّى) مَعْدُولٌ عَنْ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ، لِأَنَّ كَلِمَةَ التَّوْحِيدِ فِي آخِرِهِ مُفْرَدَةٌ وَالتَّكْبِيرُ فِي أَوَّلِهِ أَرْبَعٌ لِلِاتِّبَاعِ (وَالْإِقَامَةُ) أَيْ مُعْظَمُهَا (فُرَادَى) لِأَنَّ لَفْظَ الْإِقَامَةِ وَالتَّكْبِيرِ فِي أَوَّلِهَا وَآخِرِهَا مُثَنًّى لِلِاتِّبَاعِ أَيْضًا، وَكَلِمَاتُ الْأَذَانِ مَشْهُورَةٌ وَعِدَّتُهَا بِالتَّرْجِيعِ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً وَعِدَّةُ كَلِمَاتِهَا إحْدَى عَشْرَةَ لِأَنَّ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ أَمْرَانِ يَتَقَدَّمَانِ الصَّلَاةَ لِأَجْلِهَا، فَكَانَ الثَّانِي مِنْهُمَا أَنْقَصَ مِنْ الْأَوَّلِ كَخُطْبَتَيْ الْجُمُعَةِ، وَلِأَنَّ الْإِقَامَةَ ثَانٍ لِأَوَّلِ، وَيُفْتَتَحُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِتَكْبِيرَاتٍ مُتَوَالِيَةٍ فَكَانَ الثَّانِي أَنْقَصَ مِنْ الْأَوَّلِ كَتَكْبِيرَاتِ صَلَاةِ الْعِيدِ، وَلِأَنَّ الْأَذَانَ أَوْفَى صِفَةً مِنْ الْإِقَامَةِ لِأَنَّهُ يُؤْتَى بِهِ مُرَتَّلًا وَيُرْفَعُ بِهِ الصَّوْتُ فَكَانَ أَوْفَى قَدْرًا مِنْهَا، كَالرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ لَمَّا كَانَتَا أَوْفَى صِفَةً بِالْجَهْرِ كَانَتَا أَوْفَى قَدْرًا بِالسُّورَةِ (إلَّا لَفْظُ الْإِقَامَةِ) لِخَبَرِ أَنَسٍ «أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يُشَفِّعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ إلَّا لَفْظَ الْإِقَامَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاسْتِثْنَاءُ لَفْظِ الْإِقَامَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَيُسَنُّ إدْرَاجُهَا) أَيْ إدْرَاجُ كَلِمَاتِهَا وَهُوَ الْإِسْرَاعُ بِهَا إذْ الْإِدْرَاجُ الطَّيُّ ثُمَّ اُسْتُعِيرَ لِإِدْخَالِ بَعْضِ الْكَلِمَاتِ فِي بَعْضٍ لِمَا صَحَّ مِنْ الْأَمْرِ بِهِ وَلِأَنَّ الْإِقَامَةَ لِلْحَاضِرِينَ، فَالْإِدْرَاجُ فِيهَا أَشْبَهُ وَالْأَذَانُ لِلْغَائِبِينَ فَالتَّرْتِيلُ فِيهِ أَبْلَغُ، وَمَا قَالَهُ الْهَرَوِيُّ مِنْ أَنَّ عَوَامَّ النَّاسِ يَقُولُونَ أَكْبَرُ بِضَمِّ الرَّاءِ إذَا وَصَلَ هُوَ الْقِيَاسُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ، وَإِنْ ذَهَبَ الْمُبَرِّدُ إلَى فَتْحِ الرَّاءِ مِنْ أَكْبَرَ الْأُولَى وَتَسْكِينِ الثَّانِيَةِ وَقَالَ لِأَنَّ الْأَذَانَ سُمِعَ مَوْقُوفًا فَكَانَ الْأَصْلُ إسْكَانَهَا، لَكِنْ لَمَّا وَقَعَتْ قَبْلَ فَتْحَةِ هَمْزَةِ اللَّهِ الثَّانِيَةِ فُتِحَتْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {الم - اللَّهُ} [آل عمران: 1 - 2] وَجَرَى عَلَى كَلَامِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ إذْ مَا عَلَّلَ بِهِ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ الْوَقْفَ لَيْسَ عَلَى أَكْبَرِ الْأَوَّلِ وَلَيْسَ هُوَ مِثْلَ الم كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِلْمُتَأَمِّلِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبَعْضُهُمْ مِنْ هَذَا عَدَمَ حُرْمَةِ الْأَذَانِ عَلَى الْأَمْرَدِ الْجَمِيلِ لِأَنَّهُ مِنْ الرِّجَالِ فَلَيْسَ فِي فِعْلِهِ تَشَبُّهٌ بِغَيْرِ جِنْسِهِ، وَبَنَاهُ عَلَى أَنَّ عِلَّةَ تَحْرِيمِ الْأَذَانِ عَلَى الْمَرْأَةِ مُرَكَّبَةٌ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالرِّجَالِ وَحُرْمَةِ النَّظَرِ إلَيْهَا وَخَوْفِ الْفِتْنَةِ بِسَمَاعِهَا وَالْحُكْمُ إذَا عُلِّلَ بِعِلَّةٍ مُرَكَّبَةٍ مِنْ عِلَّتَيْنِ يَنْتَفِي بِانْتِفَاءِ إحْدَاهُمَا، وَالتَّشَبُّهُ مُنْتَفٍ فِي حَقِّ الْأَمْرَدِ فَيَنْتَفِي تَحْرِيمُ الْأَذَانِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَعِدَّتُهَا بِالتَّرْجِيعِ) أَيْ وَهُوَ سُنَّةٌ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَلَوْ تَرَكَهُ صَحَّ أَذَانُهُ (قَوْلُهُ: تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً) أَيْ فَلَوْ تَرَكَ كَلِمَةً مِنْ غَيْرِ التَّرْجِيعِ لَمْ يَصِحَّ أَذَانُهُ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِ حَجّ أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِكَلِمَةٍ مِنْهُ عَلَى وَجْهٍ يُخِلُّ بِمَعْنَاهَا لَمْ يَصِحَّ أَنَّهُ إذَا خَفَّفَ مُشَدِّدًا بِحَيْثُ يُخِلُّ بِمَعْنَى الْكَلِمَةِ لَمْ يَصِحَّ أَذَانَهُ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ فَكُّ الْإِدْغَامِ فِي أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ لِأَنَّهُ أَتَى بِالْأَصْلِ وَلَا إخْلَالَ فِيهِ، وَعَلَيْهِ فَيُفَرِّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فَكِّ الْإِدْغَامِ فِي التَّشَهُّدِ حَيْثُ قِيلَ بِأَنَّهُ يَضُرُّ بِأَنَّ أَمْرَ الصَّلَاةِ أَضْيَقُ مِنْ الْأَذَانِ فَيُحَافَظُ فِيهِ عَلَى كَمَالِ صِفَاتِهِ (قَوْلُهُ: وَعِدَّةُ كَلِمَاتِهَا) أَيْ الْإِقَامَةِ (قَوْلُهُ: كَخُطْبَتَيْ الْجُمُعَةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الثَّانِيَةَ أَقْصَرُ مِنْ الْأُولَى، وَفِيهِ أَنَّ الْأَرْكَانَ فِيهِمَا ثَلَاثَةٌ، وَأَنَّ الْآيَةَ تَكْفِي فِي إحْدَاهُمَا، وَأَنَّهُ يَجِبُ الدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الثَّانِيَةِ فَالثَّانِيَةُ أَطْوَلُ مِنْ الْأُولَى، إلَّا أَنْ يُقَالَ: يُسْتَحَبُّ تَطْوِيلُ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ بِأَذْكَارٍ زِيَادَةً عَلَى الْأَرْكَانِ فَلْيُرَاجَعْ مِنْ بَابِهِ، أَوْ الْمُرَادُ أَنَّهَا نَقْصٌ بِاعْتِبَارِ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْخُطَبَاءِ مِنْ الْمُبَالَغَةِ فِي الْوَعْظِ فِي الْأُولَى وَالِاخْتِصَارِ فِي الثَّانِيَةِ وَتَخْفِيفِهَا مَا أَمْكَنَ (قَوْلُهُ: إذْ مَا عَلَّلَ بِهِ) أَيْ الْمُبَرِّدُ (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِلْمُتَأَمِّلِ) أَيْ فَإِنَّ وَضْعَ مِيمٍ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ بِتَكْبِيرَاتٍ) فِيهِ تَسَاهُلٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِقَامَةِ (قَوْلُهُ هُوَ الْقِيَاسُ) الضَّمِيرُ فِي الْمَعْنَى رَاجِعٌ إلَى قَوْلِ الْعَوَامّ الَّذِي حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فَفِي الْعِبَارَةِ مُسَامَحَةٌ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْأَذَانَ سُمِعَ مَوْقُوفًا) لَعَلَّ مُرَادَهُ بِالْمَوْقُوفِ مَا قَابَلَ الْمُعْرَبَ، وَالْمَبْنِيَّ وَإِلَّا لَمْ يَنْهَضْ مَا قَالَهُ؛ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ الْمَوْقُوفَ وَأَنَّ الْمُعْرَبَ إذَا وُقِفَ عَلَيْهِ حُرِّكَ إنَّمَا يُحَرَّكُ بِحَرَكَةِ إعْرَابِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ رَدُّ الشَّارِحِ الْآتِي. نَعَمْ فِي جَعْلِهِ ذَلِكَ مِنْ الْمَوْقُوفِ بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مَعَ وُجُودِ الْعَامِلِ وَقْفَةٌ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِلْمُتَأَمِّلِ)

[التثويب في أذاني الصبح]

(وَتَرْتِيلُهُ) وَهُوَ التَّأَنِّي (وَالتَّرْجِيعُ فِيهِ) أَيْ الْأَذَانِ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ، وَحِكْمَتُهُ تَدَبُّرُ كَلِمَتَيْ الْإِخْلَاصِ لِكَوْنِهِمَا الْمُنْجِيَتَيْنِ مِنْ الْكُفْرِ الْمُدْخِلَتَيْنِ فِي الْإِسْلَامِ وَتَذَكُّرُ خَفَائِهِمَا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ ظُهُورُهُمَا وَهُوَ الْإِسْرَارُ بِكَلِمَتَيْ الشَّهَادَتَيْنِ بَعْدَ التَّكْبِيرِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ رَجَعَ إلَى الرَّفْعِ بَعْدَ أَنْ تَرَكَهُ أَوْ إلَى الشَّهَادَتَيْنِ بَعْدَ ذَكَرِهِمَا فَهُوَ اسْمٌ لِلْأَوَّلِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقِ وَالدَّقَائِقِ وَالتَّحْرِيرِ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّهُ لَهُمَا، وَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ مِنْ أَنَّهُ اسْمٌ لِلثَّانِي نُسِبَ فِيهِ إلَى السَّهْوِ، وَالْأَوْجَهُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ. وَالْمُرَادُ بِالْإِسْرَارِ بِهِمَا أَنْ يُسْمِعَ مَنْ بِقُرْبِهِ أَوْ أَهْلَ الْمَسْجِدِ إنْ كَانَ وَاقِفًا عَلَيْهِمْ، وَالْمَسْجِدُ مُتَوَسِّطُ الْخِطَّةِ كَمَا صَحَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَنَقَلَهُ عَنْ النَّصِّ وَغَيْرِهِ وَمَا ذَكَرَهُ تَفْسِيرٌ مُرَادٌ، وَإِلَّا فَحَقِيقَةُ الْإِسْرَارِ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ لِأَنَّهُ ضِدُّ الْجَهْرِ (وَ) يُسَنُّ (التَّثْوِيبُ) وَيُقَالُ التَّثْوِيبُ بِالْمُثَلَّثَةِ فِيهِمَا (فِي) أَذَانَيْ (الصُّبْحِ) وَهُوَ أَنْ يَقُولَ الْحَيْعَلَتَيْنِ «الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ» مَرَّتَيْنِ أَيْ الْيَقِظَةُ لِلصَّلَاةِ خَيْرٌ مِنْ الرَّاحَةِ الَّتِي تَحْصُلُ مِنْ النَّوْمِ لِوُرُودِهِ فِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَهُوَ مِنْ ثَابَ إذَا رَجَعَ لِأَنَّ الْمُؤَذِّنَ دَعَا إلَى الصَّلَاةِ بِالْحَيْعَلَتَيْنِ ثُمَّ عَادَ فَدَعَا إلَيْهَا بِذَلِكَ، وَخَصَّ بِالصُّبْحِ لِمَا يَعْرِضُ لِلنَّائِمِ مِنْ التَّكَاسُلِ بِسَبَبِ النَّوْمِ، وَيَثُوبُ فِي أَذَانِ الْفَائِتَةِ أَيْضًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عُجَيْلٍ الْيَمَنِيُّ نَظَرًا لِأَصْلِهِ، وَيُكْرَهُ تَثْوِيبُهُ لِغَيْرِهَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» وَيُسَنُّ فِي اللَّيْلَةِ الْمَاطِرَةِ أَوْ الْمُظْلِمَةِ أَوْ ذَاتِ الرِّيحِ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ الْأَذَانِ وَهُوَ الْأَوْلَى أَوْ بَعْدَ الْحَيْعَلَتَيْنِ: «أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ» ، لِمَا صَحَّ مِنْ الْأَمْرِ بِهِ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ فِي قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِرَفْعِهِ: «لَا تَقُلْ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ» : أَيْ لَا تَقُلْ ذَلِكَ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ قَالَهُ عِوَضًا لَمْ يَصِحَّ أَذَانُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ خِلَافًا لِمَا فِي الْإِسْعَادِ وَشَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِلْكَمَالِ الدَّمِيرِيِّ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ مَعَ الْحَيْعَلَتَيْنِ: حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSالسُّكُونِ وَلَا كَذَلِكَ التَّكْبِيرُ (قَوْلُهُ: وَتَرْتِيلُهُ) يُسْتَثْنَى التَّكْبِيرُ فَإِنَّهُ يَجْمَعُ كُلَّ تَكْبِيرَتَيْنِ فِي نَفَسٍ لِخِفَّةِ لَفْظِهِ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا بِرّ عَلَى الْمَحَلِّيِّ سم عَلَى حَجّ وَقَوْلُهُ فِي نَفَسٍ قَالَ حَجّ: أَيْ مَعَ وَقْفَةٍ لَطِيفَةٍ عَلَى الْأُولَى، فَإِنْ لَمْ يَقِفْ فَالْأُولَى الضَّمُّ وَقِيلَ الْفَتْحُ (قَوْلُهُ: وَالتَّرْجِيعُ فِيهِ) أَيْ الْأَذَانِ إلَخْ. سُئِلَ م ر هَلْ يُسَنُّ التَّرْجِيعُ فِي الْأَذَانِ فِي أُذُنِ الْمَوْلُودِ وَنَحْوِهِ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يُسَنُّ فِيهِ وَإِنَّمَا يُسَنُّ فِي الْأَذَانِ لِلصَّلَاةِ، هَكَذَا قَرَأَهُ بَعْضُ الطَّلَبَةِ بِالدَّرْسِ وَقَرَأَ بَعْضٌ أَيْضًا خِلَافَهُ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْإِسْرَارُ) أَيْ قَبْلَ الْإِتْيَانِ بِهِمَا جَهْرًا، وَيَأْتِي بِالْأَرْبَعِ وَلَاءً. قَالَ فِي الْعُبَابِ: فَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِهِمَا سِرًّا أَوَّلًا أَتَى بِهِمَا بَعْدَ الْجَهْرِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: فَهُوَ اسْمٌ لِلْأَوَّلِ) أَيْ لِلْقَوْلِ سِرًّا، لَكِنَّ التَّعْلِيلَ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّهُ رَجَعَ إلَخْ لَا يُنَاسِبُهُ (قَوْلُهُ: مُتَوَسِّطُ الْخُطَّةِ) أَيْ غَيْرُ كَبِيرٍ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَنْ ثَابَ إذَا رَجَعَ) وَأَصْلُهُ أَنْ يَجِيءَ الرَّجُلُ مُسْتَصْرِخًا يَلُوحُ بِثَوْبٍ لِيُرَى فَسُمِّيَ الدُّعَاءُ تَثْوِيبًا لِذَلِكَ، وَلِلْإِمَامِ احْتِمَالٌ بِرُكْنِيَّتِهِ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَيَثُوبُ فِي أَذَانِ الْفَائِتَةِ) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْ أَذَانَيْ الصُّبْحِ عَلَى مَا يَأْتِي وَيُوَالِي بَيْنَ أَذَانَيْهِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ رَدٌّ) أَيْ مَرْدُودٌ (قَوْلُهُ: أَوْ الْمُظْلِمَةُ) الْمُرَادُ بِهَا إظْلَامٌ يَنْشَأُ عَنْ نَحْوِ سَحَابٍ، أَمَّا الظُّلْمَةُ الْمُعْتَادَةُ فِي أَوَاخِرِ الشَّهْرِ لِعَدَمِ طُلُوعِ الْقَمَرِ فِيهَا فَلَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ فِيهَا (قَوْلُهُ: أَنْ يَقُولَ بَعْدَ الْأَذَانِ) أَيْ بَدَلَ التَّثْوِيبِ (قَوْلُهُ: «أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ» ) أَيْ مَرَّتَيْنِ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ التَّثْوِيبِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ قَالَهُ) أَيْ التَّثْوِيبَ، وَقَوْلُهُ عِوَضًا: أَيْ عَنْ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَجْهُهُ أَنَّ الْأَصْلَ فِي مِيمٍ السُّكُونُ فَحُرِّكَ بِالْفَتْحِ لِالْتِقَائِهِ مَعَ الْهَمْزَةِ الَّتِي الْأَصْلُ فِيهَا السُّكُونُ أَيْضًا إذْ هِيَ هَمْزَةُ وَصْلٍ وَإِنَّمَا لَمْ تُحَرَّكْ بِالْكَسْرِ لِتَوَالِي كَسْرَتَيْنِ، وَهُوَ ثَقِيلٌ بِخِلَافِ الرَّاءِ مِنْ أَكْبَرُ، فَإِنَّ الْأَصْلَ فِيهَا التَّحْرِيكُ (قَوْلُهُ: فَهُوَ اسْمٌ لِلْأَوَّلِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِهَذَا التَّوْجِيهِ أَنْ يَكُونَ اسْمًا لِلثَّانِي؛ لِأَنَّهُ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ، وَحِينَئِذٍ فَتَسْمِيَةُ الْأَوَّلِ بِهِ مَجَازٌ مِنْ تَسْمِيَةِ السَّبَبِ بِاسْمِ الْمُسَبَّبِ إذْ هُوَ سَبَبُ الرُّجُوعِ [التَّثْوِيبُ فِي أَذَانَيْ الصُّبْحِ] (قَوْلُهُ: لِوُرُودِهِ) أَيْ التَّثْوِيبِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْمُظْلِمَةِ) قَالَ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ: أَيْ لِنَحْوِ سَحَابٍ لَا لِغَيْبَةِ الْقَمَرِ فِي آخِرِ الشَّهْرِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ قَالَهُ) أَيْ أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ عِوَضًا عَنْ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ

فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا صَرَّحَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ أَيْضًا خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ (وَ) يُسَنُّ (أَنْ يُؤَذِّنَ قَائِمًا) «لِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَالًا بِالْقِيَامِ» وَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِعْلَامِ، فَيُكْرَهُ لِلْقَاعِدِ وَلِلْمُضْطَجِعِ أَشَدُّ وَلِلرَّاكِبِ الْمُقِيمِ، بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ لَا يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ لِحَاجَتِهِ لِلرُّكُوبِ، لَكِنَّ الْأَوْلَى لَهُ أَنْ لَا يُؤَذِّنَ إلَّا بَعْدَ نُزُولِهِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ لِلْفَرِيضَةِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ تَرْكُ الْقِيَامِ وَلَوْ غَيْرَ رَاكِبٍ. وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ السَّفَرِ التَّعَبَ وَالْمَشَقَّةَ فَسُومِحَ لَهُ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَا يُكْرَهُ لَهُ أَيْضًا تَرْكُ الِاسْتِقْبَالِ وَلَا الْمَشْيُ لِاحْتِمَالِهِ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ فَفِي الْأَذَانِ أَوْلَى، وَالْإِقَامَةُ كَالْأَذَانِ فِيمَا ذُكِرَ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُجْزِي مِنْ الْمَاشِي وَإِنْ بَعُدَ عَنْ مَحَلِّ ابْتِدَائِهِ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ آخِرَهُ مَنْ سَمِعَ أَوَّلَهُ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ فَعَلَهُمَا لِغَيْرِهِ كَأَنْ كَانَ ثَمَّ مَعَهُ مَنْ يَمْشِي وَفِي مَحَلِّ ابْتِدَائِهِ غَيْرُهُ اشْتَرَطَ أَنْ لَا يَبْعُدَ عَنْ مَحَلِّ ابْتِدَائِهِ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ آخِرَهُ مَنْ سَمِعَ أَوَّلَهُ وَإِلَّا لَمْ يُجْزِهِ كَمَا فِي الْمُقِيمِ. وَسُنَّ أَنْ يَتَوَجَّهَ (لِلْقِبْلَةِ) لِأَنَّهُ الْمَنْقُولُ سَلَفًا وَخَلَفًا وَلِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْجِهَاتِ، فَلَوْ تَرَكَ ذَلِكَ مَعَ الْقُدْرَةِ كُرِهَ وَأَجْزَأَهُ لِأَنَّهُ لَا يُخِلُّ بِهِ، وَيُسَنُّ أَنْ يَلْتَفِتَ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ بِوَجْهِهِ لَا بِصَدْرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْتَقِلَ عَنْ مَحَلِّهِ وَلَوْ عَلَى مَنَارَةٍ مُحَافَظَةً عَلَى الِاسْتِقْبَالِ يَمِينًا مَرَّةً فِي قَوْلِهِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ مَرَّتَيْنِ وَيَسَارًا أُخْرَى فِي حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ كَذَلِكَ حَتَّى يُتِمَّهُمَا فِي الِالْتِفَاتَتَيْنِ لِمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ «رَأَيْت بِلَالًا يُؤَذِّنُ، فَجَعَلْت أَتَتَبَّعُ فَاهُ هَهُنَا وَهَهُنَا، يَقُولُ يَمِينًا وَشِمَالًا حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ» وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «فَلَمَّا بَلَغَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ لَوَى عُنُقَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا وَلَمْ يَسْتَدِرْ» وَاخْتُصَّتْ الْحَيْعَلَتَانِ بِالِالْتِفَاتِ لِأَنَّ غَيْرَهُمَا ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى وَهُمَا خِطَابُ الْآدَمِيِّ كَالسَّلَامِ فِي الصَّلَاةِ يَلْتَفِتُ فِيهِ دُونَ مَا سِوَاهُ مِنْ أَذْكَارِهَا، وَيُفَارِقُ كَرَاهَةَ الْتِفَاتِ الْخَطِيبِ فِي الْخُطْبَةِ بِأَنَّهُ يَعِظُ الْحَاضِرِينَ، فَالْأَدَبُ فِي حَقِّهِ أَنْ لَا يُعْرِضَ عَنْهُمْ، وَإِنَّمَا لَمْ يُكْرَهْ فِي الْإِقَامَةِ بَلْ يُنْدَبُ كَمَا مَرَّ، لِأَنَّهُ الْقَصْدُ مِنْهَا الْإِعْلَامُ فَلَيْسَ فِيهِ تَرْكُ أَدَبٍ، وَلَا يَلْتَفِتُ فِي قَوْلِهِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ عُجَيْلٍ الْيَمَنِيُّ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤَذِّنَ عَلَى عَالٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَقْبِلُوا عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ) وَالْقِيَاسُ حِينَئِذٍ حُرْمَتُهُ لِأَنَّهُ بِهِ صَارَ مُتَعَاطِيًا لِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ (قَوْلُهُ: وَلِلرَّاكِبِ الْمُقِيمِ) أَيْ جَالِسًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِ ع بَعْدَ رَاكِبًا جَالِسًا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ) أَيْ فَلَا يُكْرَهُ لَهُ الْأَذَانُ رَاكِبًا جَالِسًا عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ النُّزُولِ (قَوْلُهُ: تَرْكُ الْقِيَامِ) أَيْ لِلْمُسَافِرِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ وَيُوَجَّهُ إلَخْ، فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ فَيُكْرَهُ لِلْقَاعِدِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُجْزِئُ) قَدْ تُشْعِرُ عِبَارَتُهُ بِاخْتِصَاصِ الْإِجْزَاءِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِالْمُسَافِرِ، وَلَعَلَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ غَيْرَهُ لَا يَمْشِي فِي أَذَانِهِ وَلَا إقَامَةٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يُجِزْهُ) أَيْ لَمْ يُجِزْ مَنْ لَمْ يُسْمِعْ الْكُلَّ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الدَّوَرَانِ فِي الْأَذَانِ أَنَّهُ إنْ سَمِعَ آخِرَهُ مَنْ سَمِعَ أَوَّلَهُ كَفَى وَإِلَّا فَلَا، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ عَنْ سم (قَوْلُهُ: مَنَارَةٍ) أَيْ وَتُسَمَّى الْمِئْذَنَةُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْتَفِتُ فِي قَوْلِهِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ) أَيْ لَوْ تَرَتَّبَ عَلَى عَدَمِ الِالْتِفَاتِ عَدَمُ سَمَاعِ بَعْضِهِمْ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤَذِّنَ عَلَى عَالٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْإِقَامَةِ لَا يُسْتَحَبُّ فِيهَا ذَلِكَ إلَّا إذَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَأَنْ يُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ قَائِمًا وَعَلَى عَالٍ اُحْتِيجَ إلَيْهِ اهـ. وَظَاهِرُهُ رُجُوعُ الْقَيْدِ لِكُلٍّ مِنْ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى قَوْلِ الشَّارِحِ بِخِلَافِ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ الدَّمِيرِيِّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يُجْزِهِ) لَعَلَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ فِي مَحَلِّ ابْتِدَائِهِ إذْ لَا تَوَقُّفَ فِي إجْزَائِهِ لِمَنْ يَمْشِي مَعَهُ، وَمِنْ ثَمَّ احْتَرَزَ بِالتَّصْوِيرِ الْمَذْكُورِ عَمَّا إذَا أَذَّنَ لِمَنْ يَمْشِي مَعَهُ فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ رَأَيْت سم تَوَقَّفَ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ وَذَكَرَ أَنَّهُ بَحَثَ مَعَهُ فِيهَا فَحَاوَلَ تَأْوِيلَهَا بِمَا لَا يَخْفَى مَا فِيهِ انْتَهَى. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَنْبَغِي حَذْفُ قَوْلِهِ كَأَنْ كَانَ ثَمَّ مَعَهُ مَنْ يَمْشِي إذْ حُكْمُهُ حُكْمُ مَا إذَا كَانَ يُؤَذِّنُ لِنَفْسِهِ

[ترتيب الأذان]

كَمَنَارَةٍ وَسَطْحٍ لِلِاتِّبَاعِ وَلِزِيَادَةِ الْإِعْلَامِ بِخِلَافِ الْإِقَامَةِ لَا يُسْتَحَبُّ فِيهَا ذَلِكَ إلَّا إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ لِكِبَرِ الْمَسْجِدِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. وَفِي الْبَحْرِ: لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَسْجِدِ مَنَارَةٌ سُنَّ أَنْ يُؤَذِّنَ عَلَى الْبَابِ، وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا تَعَذَّرَ فِي سَطْحِهِ وَإِلَّا فَهُوَ أَوْلَى فِيمَا يَظْهَرُ. وَيُسَنُّ لِلْمُؤَذِّنِ جَعْلُ أُصْبُعَيْهِ فِي صِمَاخَيْهِ لِمَا صَحَّ مِنْ فِعْلِ بِلَالٍ بِحَضْرَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالْمُرَادُ أُنْمُلَتَا سَبَّابَتَيْهِ وَلِأَنَّهُ أَجْمَعُ لِلصَّوْتِ، وَبِهِ يَسْتَدِلُّ الْأَصَمُّ أَوْ مَنْ هُوَ عَلَى بُعْدٍ عَلَى كَوْنِهِ أَذَانًا فَيَكُونُ أَبْلَغُ فِي الْإِعْلَامِ فَيُجِيبُ إلَى فِعْلِ الصَّلَاةِ لَا أَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ إجَابَةُ الْمُؤَذِّنِ بِالْقَوْلِ، بِخِلَافِ الْإِقَامَةِ لَا يُسَنُّ فِيهَا ذَلِكَ، وَلَوْ تَعَذَّرَتْ إحْدَى يَدَيْهِ لِعِلَّةٍ جَعَلَ السَّلِيمَةَ فَقَطْ. نَعَمْ إنْ كَانَتْ الْعَلِيلَةُ سَبَّابَتَيْهِ فَيَظْهَرُ جَعْلُ غَيْرِهِمَا مِنْ بَقِيَّةِ أَصَابِعِهِ (وَيُشْتَرَطُ) (تَرْتِيبُهُ) أَيْ الْأَذَانِ وَمِثْلُهُ الْإِقَامَةُ لِلِاتِّبَاعِ وَلِأَنَّ تَرْكَهُ يُوهِمُ اللَّعِبَ وَيُخِلُّ بِالْإِعْلَامِ، فَإِنْ عَكَسَ وَلَوْ نَاسِيًا لَمْ يَصِحَّ وَيَبْنِي عَلَى الْمُنْتَظِمِ مِنْهُ وَالِاسْتِئْنَافُ أَوْلَى، وَلَوْ تَرَكَ بَعْضَ الْكَلِمَاتِ فِي خِلَالِهِ أَتَى بِالْمَتْرُوكِ وَأَعَادَ مَا بَعْدَهُ (وَ) يُشْتَرَطُ (مُوَالَاتُهُ) وَكَذَا الْإِقَامَةُ لِأَنَّ تَرْكَ ذَلِكَ يُخِلُّ بِالْإِعْلَامِ فَلَا يَفْصِلُ بَيْنَ كَلِمَاتِهِ بِسُكُوتٍ أَوْ كَلَامٍ طَوِيلٍ نَعَمْ لَا يَضُرُّ يَسِيرُهُمَا وَلَوْ عَمْدًا كَيَسِيرِ نَوْمِ وَإِغْمَاءٍ وَجُنُونٍ لِعَدَمِ إخْلَالِهِ بِالْإِعْلَامِ، وَيُسَنُّ أَنْ يَسْتَأْنِفَ فِي غَيْرِ الْأَوَّلَيْنِ وَكَذَا فِيهِمَا فِي الْإِقَامَةِ فَكَأَنَّهَا لِقُرْبِهَا مِنْ الصَّلَاةِ وَتَأَكُّدِهَا لَمْ يُسَامَحْ فِيهَا بِفَاصِلٍ أَلْبَتَّةَ، بِخِلَافِ الْأَذَانِ، وَلَوْ عَطَسَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْإِقَامَةِ، وَالْأَقْرَبُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ لِأَنَّ الْأَذَانَ شُرِعَ لِلْإِعْلَامِ، وَالْغَرَضُ بِهِ إظْهَارُ الشِّعَارِ وَكَوْنُهُ عَلَى عَالٍ أَظْهَرُ فِي حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ. وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ قَالَ م ر: وَلَا يَدُورُ عَلَيْهِ فَإِنْ دَارَ كَفَى إنْ سَمِعَ آخِرَ أَذَانِهِ مَنْ سَمِعَ أَوَّلَهُ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ كَمَنَارَةٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَرُبَتْ مَوَاضِعُ الْأَذَانِ وَكَثُرَتْ، وَالْمَنَارَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ جَمْعُهَا مَنَاوِرُ بِالْوَاوِ لِأَنَّهُ مِنْ النُّورِ، وَمَنْ قَالَ مَنَائِرُ وَهَمَزَ فَقَدْ شَبَّهَ الْأَصْلِيَّ بِالزَّائِدِ كَمَا قَالُوا مَصَائِبُ بِالْهَمْزِ، وَأَصْلُهُ مَصَاوِبُ (قَوْلُهُ وَسَطْحٍ) لِلِاتِّبَاعِ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ، وَوَرَدَ أَيْضًا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّائِيِّ أَنَّهُ قَالَ «رَأَيْت فِي الْمَنَامِ رَجُلًا قَامَ عَلَى جَزْمِ حَائِطٍ فَأَذَّنَ» إلَخْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ. وَالْجَزْمُ الْأَصْلُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: مِنْ بَقِيَّةِ أَصَابِعِهِ) قَضِيَّتُهُ اسْتِوَاؤُهَا فِي حُصُولِ السُّنَّةِ بِكُلٍّ مِنْهَا وَأَنَّهُ لَوْ فُقِدَتْ أَصَابِعُهُ الْكُلُّ لَمْ يَضَعْ الْكَفَّ، وَفِي حَاشِيَةِ سم عَلَى حَجّ قَوْلُهُ سَبَّابَتَيْهِ، فَلَوْ تَعَذَّرَا لِنَحْوِ فَقْدِهِمَا اُتُّجِهَ جَعْلُ غَيْرِهِمَا مِنْ أَصَابِعِهِ، بَلْ لَا يَبْعُدُ حُصُولُ أَصْلِ السُّنَّةِ بِجَعْلِ غَيْرِهِمَا وَلَوْ لَمْ يَتَعَذَّرَا، وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَمَا قَالُوهُ فِي التَّشَهُّدِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قُطِعَتْ سَبَّابَتُهُ لَا يَرْفَعُ غَيْرَهَا أَنَّ غَيْرَ السَّبَّابَةِ طُلِبَ لَهُ صِفَةٌ يَكُونُ عَلَيْهَا فَرَفْعُهَا بَدَلُ السَّبَّابَةِ يُفَوِّتُ صِفَتَهَا بِخِلَافِهِ هُنَا [تَرْتِيبُ الْأَذَانِ] (قَوْلُهُ أَتَى بِالْمَتْرُوكِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُطِلْ الْفَصْلَ بِمَا أَتَى بِهِ مِنْ غَيْرِ الْمُنْتَظِمِ بَيْنَ الْمُنْتَظِمِ وَمَا كَمُلَ بِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَلَامٍ طَوِيلٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِعُذْرٍ كَإِنْذَارِ أَعْمَى أَوْ إنْذَارِ مَنْ قَصَدَتْهُ حَيَّةٌ. وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ عَنْ حَجّ مِنْ قَوْلِهِ لَا لِحَاجَةِ خِلَافِهِ، وَكَذَا مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَقَدْ يَجِبُ الْإِنْذَارُ لِنَحْوِ حَيَّةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا يَضُرُّ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَخَرَجَ بِالطَّوِيلِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ إخْلَالِهِ بِالْإِعْلَامِ) قَالَ حَجّ: فَإِنْ فَحُشَ بِأَنَّ مَضَى ذَلِكَ: أَيْ الزَّمَنُ الَّذِي يُخِلُّ بِالْإِعْلَامِ أَعَادَهُ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ: أَيْ فِي غَيْرِ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَالصَّلَاةُ لِوُجُوبِ الْمُوَالَاةِ فِيهَا وَيُحْتَاطُ لِلْوَاجِبِ مَا لَا يُحْتَاطُ لِغَيْرِهِ، وَمِنْ ثَمَّ يَنْبَغِي أَنْ يَضْبِطَ الطُّولَ الْمُضِرَّ فِيهَا: أَيْ فِي الْجُمُعَةِ بِقَدْرِ رَكْعَتَيْنِ بِأَخَفِّ مُمْكِنٍ أَخْذًا مِنْ نَظِيرِهِ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ، وَلَا يَضُرُّ الطُّولُ هُنَا بِذَلِكَ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْأَوَّلِينَ) هُمَا يَسِيرُ الْكَلَامِ وَالسُّكُوتِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَبْنِي عَلَى الْمُنْتَظِمِ مِنْهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَصَدَ التَّكْمِيلَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفَاتِحَةِ لَائِحٌ (قَوْلُهُ: طَوِيلٍ) وَصْفٌ لِلسُّكُوتِ، وَالْكَلَامِ إذْ الْعَطْفُ بِأَوْ (قَوْلُهُ: لَمْ يُسَامَحْ فِيهَا بِفَاصِلٍ أَلْبَتَّةَ) لَعَلَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلسُّنَّةِ بِقَرِينَةِ مَا قَبْلَهُ: أَيْ: فَالْأَذَانُ سُومِحَ فِيهِ بِالسُّكُوتِ، وَالْكَلَامِ الْقَصِيرَيْنِ فَلَمْ يُسَنَّ الِاسْتِئْنَافُ لِأَجْلِهِمَا، بِخِلَافِ يُسَنُّ الِاسْتِئْنَافُ فِيهَا مُطْلَقًا

[من شروط المؤذن والمقيم الإسلام]

سُنَّ لَهُ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ فِي نَفْسِهِ وَأَنْ يُؤَخِّرَ رَدَّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتَ الْعَاطِسِ إلَى الْفَرَاغِ وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ. وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَعْذُورًا سُومِحَ لَهُ فِي التَّدَارُكِ مَعَ طُولِهِ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ بِوَجْهِ، فَإِنْ لَمْ يُؤَخِّرْ ذَلِكَ لِلْفَرَاغِ فَخِلَافُ السُّنَّةِ كَالتَّكَلُّمِ وَلَوْ لِمَصْلَحَةٍ، وَقَدْ يَجِبُ الْإِنْذَارُ لِنَحْوِ حَيَّةٍ تَقْصِدُ مُحْتَرَمًا أَوْ رَأَى نَحْوَ أَعْمَى يُرِيدُ أَنْ يَقَعَ فِي نَحْوِ بِئْرٍ وَلَا يُشْتَرَطُ لِلْأَذَانِ نِيَّةٌ بَلْ عَدَمُ الصَّارِفِ، فَلَوْ ظَنَّ أَنَّهُ يُؤَذِّنُ لِلظُّهْرِ فَكَانَتْ الْعَصْرُ صَحَّ، وَيُشْتَرَطُ فِي كُلٍّ مِنْ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ عَدَمُ بِنَاءِ غَيْرِهِ عَلَى مَا أَتَى بِهِ لِأَنَّ صُدُورَ ذَلِكَ يُورِثُ اللَّبْسَ غَالِبًا، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَشْتَبِهَا صَوْتًا أَوْ لَا (وَفِي قَوْلٍ: لَا يَضُرُّ كَلَامٌ وَسُكُوتٌ طَوِيلَانِ) بَيْنَ كَلِمَاتِهِمَا كَبَقِيَّةِ الْأَذْكَارِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ لَمْ يَفْحُشْ الطُّولُ، فَإِنْ فَحُشَ بِحَيْثُ لَا يُسَمَّى مَعَ الْأَوَّلِ أَذَانًا فِي الْأَذَانِ وَإِقَامَةً فِي الْإِقَامَةِ اسْتَأْنَفَ جَزْمًا (وَشَرْطُ الْمُؤَذِّنِ) وَالْمُقِيمِ (الْإِسْلَامُ) فَلَا يَصِحَّانِ مِنْ كَافِرٍ لِأَنَّ فِي إتْيَانِهِ بِهِمَا نَوْعَ اسْتِهْزَاءٍ إذْ لَا يَعْتَقِدُ حَقِيقَةَ ذَلِكَ فَلَوْ فَعَلَ الْكَافِرُ ذَلِكَ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ لِنُطْقِهِ بِالشَّهَادَتَيْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَأَنْ يُؤَخِّرَ رَدَّ السَّلَامِ) أَيْ وَسُنَّ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَمَّا كَانَ مَعْذُورًا سُومِحَ لَهُ) قَضِيَّتُهُ وُجُوبُ الرَّدِّ بَعْدَ فَرَاغِ الْأَذَانِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْأَبْيَاتِ الْمَشْهُورَةِ الَّتِي أَوَّلُهَا رَدُّ السَّلَامِ وَاجِبٌ إلَّا عَلَى إلَخْ، حَيْثُ عُدَّ فِيهَا الْأَذَانُ مِنْ الصُّوَرِ الْمُسْقِطَةِ لِلرَّدِّ لَكِنَّهُ مُوَافِقٌ لِمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ وُجُوبِ الرَّدِّ عَلَى الْخَطِيبِ إذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَجِبُ الْإِنْذَارُ) أَيْ وَإِنْ طَالَ وَلَا يَبْطُلُ بِهِ الْأَذَانُ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: بَلْ عَدَمُ الصَّارِفِ) قَالَ حَجّ: وَشَرْطُهُ عَدَمُ الصَّارِفِ وَكَذَا الْإِقَامَةُ، فَلَوْ قَصَدَ تَعْلِيمَ غَيْرِهِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ لَا النِّيَّةُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَمِنْ ثَمَّ يَنْبَغِي نَدْبُهَا، وَفُرِّعَ عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ لَوْ كَبَّرَ تَكْبِيرَتَيْنِ بِقَصْدِهِ ثُمَّ أَرَادَ صَرْفَهُمَا لِلْإِقَامَةِ لَمْ يَنْصَرِفَا عَنْهُ فَيَبْنِي عَلَيْهِمَا، وَفِي التَّفْرِيعِ نَظَرٌ اهـ. وَلَمْ يُبَيِّنْ وِجْهَةَ النَّظَرِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ عَدَمُ تَأَتِّي النَّظَرِ فِيمَا قَالَهُ لِأَنَّ الصَّارِفَ إنَّمَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ إذَا كَانَ مُقَارِنًا لِلَّفْظِ أَمَّا بَعْدَهُ فَلَا فَحَيْثُ قَصَدَ الْأَذَانَ بِالتَّكْبِيرَتَيْنِ حُسِبَتَا مِنْهُ فَلَا يَأْتِي صَرْفُهُمَا بَعْدُ، فَإِنْ لَمْ يُطِلْ الْفَصْلَ فَلَا وَجْهَ لِمَنْعِ الْبِنَاءِ، وَبَقِيَ مَا لَوْ أَذَّنَ لِدَفْعِ تَغَوُّلِ الْغِيلَانُ مَثَلًا وَصَادَفَ دُخُولَ الْوَقْتِ فَهَلْ يَكْفِي أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَالْإِقَامَةُ عَدَمُ بِنَاءِ غَيْرِهِ) وَمِنْهُ مَا يَقَعُ مِنْ الْمُؤَذِّنِينَ حَالَ اشْتِرَاكِهِمْ فِي الْأَذَانِ مِنْ تَقْطِيعِ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ بِحَيْثُ يَذْكُرُ وَاحِدٌ بَعْضَ الْكَلِمَةِ وَغَيْرُهُ بَاقِيَهَا، وَيَنْبَغِي حُرْمَةُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ تَعَاطٍ لِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ، إلَّا أَنْ يُقَالَ طُرُوُّ ذَلِكَ يُبْطِلُ خُصُوصَ الْأَذَانِ وَيَبْقَى كَوْنُهُ ذِكْرًا فَلَا يَحْرُمُ، لَكِنَّ مُقْتَضَى تَعْلِيلِ حُرْمَةِ الْأَذَانِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ بِكَوْنِهِ عِبَادَةً فَاسِدَةً خِلَافُهُ [مِنْ شُرُوطُ الْمُؤَذِّنِ وَالْمُقِيمِ الْإِسْلَامُ] (قَوْلُهُ لِنُطِقْهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْإِسْلَامِ عَطْفُ إحْدَى الشَّهَادَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى لِأَنَّ الشَّهَادَتَيْنِ فِي الْأَذَانِ لَا عَطْفَ بَيْنَهُمَا وَقَدْ حُكِمَ بِالْإِسْلَامِ بِالنُّطْقِ بِهِمَا، وَيُوَافِقُ ذَلِكَ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ فِي بَابِ الرِّدَّةِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ: إذَا ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ ارْتَدَّ وَهُوَ مُسْلِمٌ لَمْ أَكْشِفْ عَنْ الْحَالِ وَقُلْت لَهُ: قُلْ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَّك بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ دِينٍ يُخَالِفُ دِينَ الْإِسْلَامِ اهـ. وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي بَابِ الْكُفَّار أَنَّهُ ذَكَرَ الشَّافِعِيَّ أَنَّ الْإِسْلَامَ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ إلَخْ، لِظُهُورِ أَنَّ الْوَاوَ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ لِحِكَايَةِ صِيغَةِ الْإِسْلَامِ لَا مِنْ نَفْسِ صِيغَةِ الْإِسْلَامِ الْمَحْكِيَّةِ فَتَدَبَّرْ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَمَا ذُكِرَ فِي صَدْرِ الْقَوْلَةِ مِنْ قَوْلِهِ لَا يُشْتَرَطُ إلَخْ هُوَ مَا ذِكْرُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ أَنَّ الشَّيْخَ: يَعْنِي الرَّمْلِيَّ رَجَعَ إلَيْهِ آخِرًا بَعْدَ أَنْ قَرَّرَ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَة أَنَّهُ أَتَى بِالْوَاوِ الْعَاطِفَةِ وَأَنَّهُ لَوْ تَرَكَهَا لَمْ يَحْكُمْ بِإِسْلَامِهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا مَعَ تَرْكِ أَشْهَدُ فَلَا بُدَّ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَمْ يُسَامِحْ فِيهَا بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُؤَخِّرَ رَدَّ السَّلَامِ) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ الْمُسَلِّمُ يَمْكُثُ إلَى الْفَرَاغِ فَإِنْ كَانَ يَذْهَبُ كَأَنْ سَلَّمَ، وَهُوَ مَارٌّ فَهَلْ يَرُدُّ عَلَيْهِ حَالًا أَوْ يَتْرُكُ الرَّدَّ

مَا لَمْ يَكُنْ عِيسَوِيًّا لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ إلَى الْعَرَبِ خَاصَّةً، وَلَا يُعْتَدُّ بِأَذَانِ غَيْرِ الْعِيسَوِيِّ الْأَوَّلِ فَإِنْ أَعَادَهُ اعْتَدَّ بِالثَّانِي، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُعِدْهُ وَبِخِلَافِ الْعِيسَوِيِّ وَإِنْ أَعَادَهُ. وَلَوْ ارْتَدَّ الْمُؤَذِّنُ ثُمَّ أَسْلَمَ قَرِيبًا بَنَى لِأَنَّ الرِّدَّةَ لَا تُبْطِلُ مَا مَضَى إلَّا إنْ اتَّصَلَتْ بِالْمَوْتِ، وَإِنْ ارْتَدَّ بَعْدَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ وَلَوْ بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ جَازَتْ إقَامَتُهُ. نَعَمْ يُسَنُّ أَنْ يُعِيدَ ذَلِكَ غَيْرُهُ لِأَنَّ رِدَّتَهُ تُورِثُ شُبْهَةً فِي حَالِهِ (وَ) شَرْطُ مَنْ ذَكَرَ (التَّمْيِيزُ) وَلَوْ صَبِيًّا فَيَتَأَدَّى بِأَذَانِهِ وَإِقَامَتِهِ الشِّعَارُ وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ خَبَرُهُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ، وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ قَبُولِ خَبَرِهِ فِيمَا طَرِيقُهُ الْمُشَاهَدَةُ كَرُؤْيَةِ النَّجَاسَةِ ضَعِيفٌ كَمَا ذَكَرَهُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ. نَعَمْ قَدْ يُقْبَلُ خَبَرُهُ فِيمَا احْتَفَتْ بِهِ قَرِينَةٌ كَإِذْنٍ فِي دُخُولِ دَارٍ وَإِيصَالِ هَدِيَّةٍ وَإِخْبَارِهِ بِطَلَبِ ذِي وَلِيمَةٍ لَهُ فَتَجِبُ الْإِجَابَةُ إنْ وَقَعَ فِي الْقَلْبِ صِدْقُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــSالْوَاوِ، وَعِبَارَةُ الْعَلْقَمِيِّ عِنْدَ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُخْلِصًا مِنْ قَلْبِهِ» نَصُّهَا: وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي التَّلَفُّظِ عِنْدَ الْإِسْلَامِ بِكَلِمَةِ الشَّهَادَةِ أَنْ يَقُولَ أَشْهَدُ وَهُوَ الرَّاجِحُ الْمُعْتَمَدُ بَلْ هُوَ الصَّوَابُ، وَلَا يُغْتَرُّ بِمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعَصْرِ وَأَفْتَى بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ أَشْهَدُ تَبَعًا لِظَاهِرِ كَلَامِهِمْ فِي مَوَاضِعَ، وَمَوَاضِعُ أُخَرُ لَمْ يُصَرِّحُوا فِيهَا بِذَلِكَ بَلْ اكْتَفَوْا بِقَوْلِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ أَشْهَدُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: ذَكَرَ ابْنُ الرِّفْعَةَ تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الشَّهَادَتَيْنِ، وَقَوْلُ الْإِمَامِ: إنَّ قَائِلَهُ يَرَاهُ بَابًا مِنْ التَّعَبُّدِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِتْيَانِ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ، حَتَّى لَوْ قَالَ أَعْلَمُ وَأَتَحَقَّقُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ لَا يَكُونُ بِذَلِكَ مُسْلِمًا: أَيْ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ عَلَى الْأَرْبَعِينَ مِنْ أَنَّ كُلَّ مَا يَدُلُّ عَلَى الْعِلْمِ وَالْإِقْرَارِ يُسَلَّمُ بِهِ، كَمَا أَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّ الشَّاهِدَ لَوْ قَالَ أَعْلَمُ وَأَتَحَقَّقُ لَا يَقُومُ مَقَامَ أَشْهَدُ لِأَجْلِ التَّعَبُّدِ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ، ثُمَّ قَالَ: إنَّ نَصَّهُ فِي الْمُخْتَصَرِ وَالْأُمِّ هُنَا: يَعْنِي فِي كِتَابِ اللِّعَانِ ظَاهِرُهُ اعْتِبَارُ لَفْظِ الشَّهَادَةِ، وَنَصُّهُ فِي بَابِ الْمُرْتَدِّ ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالشَّهَادَتَيْنِ يَكْفِي فِي حُصُولِ الْإِسْلَامِ، فَإِنْ أَجْرَى كُلَّ نَصٍّ عَلَى ظَاهِرِهِ حَصَلَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: قُلْت: وَالْوَجْهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ لَفْظِ الشَّهَادَةِ كَمَا تَضَمَّنَ كَلَامُ الْحَلِيمِيِّ نَقْلَ الِاتِّفَاقِ عَلَيْهِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْقَفَّالِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ الْأَحَادِيثِ وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ فِي مَوَاضِعَ وَكَلَامُ أَصْحَابِهِ وَالْأَحَادِيثُ الدَّالَّةُ عَلَى ذَلِكَ كَثِيرَةٌ. اُنْظُرْ إلَى «قَوْلِهِ لِعَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ يَا عَمُّ قُلْ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» وَلَمْ يَقُلْ لَفْظُ أَشْهَدُ بَلْ مِنْ جِهَة الِاعْتِرَافِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَالنُّبُوَّةِ الْمُسْتَلْزِمَةِ لِصِدْقِ الرَّسُولِ فِيمَا جَاءَ بِهِ كَمَا بَيَّنَهُ الْإِمَامُ هُنَا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يَحْصُلُ الْإِسْلَامُ إلَّا بِالشَّهَادَتَيْنِ وَرَأَى ذَلِكَ بَابًا مِنْ التَّعَبُّدِ؛ حَتَّى إذَا قَالَ الْمُعَطِّلُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ لَمْ يَحْكُمْ بِإِسْلَامِهِ مَا لَمْ يَقُلْ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ اهـ. وَهَذَا اسْتِدْرَاكٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّهَادَتَيْنِ ذَلِكَ لَا أَنْ يَقُولَ لَفْظَ الشَّهَادَةِ فَاعْلَمْهُ، وَلَا نِزَاعَ فِيهِ وَلَا مِرْيَةَ، وَنَصَّ فِي الْمُخْتَصَرِ فِي الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِالرِّدَّةِ قِيلَ لَهُ قُلْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَمَا رُوِيَ فِي الْأَحَادِيثِ مِنْ لَفْظِ الشَّهَادَةِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ الْإِتْيَانَ بِلَفْظِ أَشْهَدُ، وَمَنْ وَقَفَ عَلَى طُرُقِ الْأَحَادِيثِ عَلِمَ ذَلِكَ اهـ كَلَامُ الْأَذْرَعِيُّ بِحُرُوفِهِ. قُلْت: وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» . قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: فَإِنْ قِيلَ فَكَيْفَ لَمْ يَذْكُرُ الرِّسَالَةَ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ الْمَجْمُوعُ وَصَارَ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ عَلَمًا عَلَيْهِ كَمَا تَقُولُ قَرَأْتُ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] أَيْ السُّورَةَ كُلَّهَا اهـ. قُلْت: فَظَهَرَ بِذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِمْ الشَّهَادَتَانِ أَوْ كَلِمَةُ الشَّهَادَةِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ لَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ أَشْهَدُ كَمَا تَقَدَّمَ اهـ بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ عِيسَوِيًّا) قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ فِي شَرْحِهِ: طَائِفَةٌ مِنْ الْيَهُودِ مَنْسُوبُونَ إلَى أَبِي عِيسَى وَإِسْحَاقَ بْنِ يَعْقُوبَ الْأَصْفَهَانِيِّ الْيَهُودِيِّ كَانَ فِي خِلَافَةِ الْمَنْصُورِ، وَكَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بُعِثَ إلَى الْعَرَبِ خَاصَّةً، وَلَهُ كِتَابٌ وَضَعَ فِيهِ الذَّبَائِحَ وَخَالَفَ الْيَهُودَ فِي أَحْكَامٍ كَثِيرَةٍ (قَوْلُهُ: لَا أَنَّ الرِّدَّةَ لَا تُبْطِلُ مَا مَضَى) أَيْ مِنْ الْأَعْمَالِ. أَمَّا الثَّوَابُ فَيَبْطُلُ بِالرِّدَّةِ مُطْلَقًا عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: ذَلِكَ) أَيْ الْأَذَانُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ قَدْ يُقْبَلُ خَبَرُهُ) أَيْ فَإِنْ قَوِيَتْ الْقَرِينَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أَمَّا غَيْرُ الْمُمَيِّزِ كَالْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ أَذَانُهُ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْعِبَادَةِ. نَعَمْ يَصِحُّ أَذَانُ سَكْرَانَ فِي أَوَائِلِ نَشْأَتِهِ لِانْتِظَامِ قَصْدِهِ وَفِعْلِهِ حِينَئِذٍ (وَ) شَرْطُهُ أَيْضًا (الذُّكُورَةُ) وَلَوْ عَبْدًا، فَلَا يَصِحُّ أَذَانُ غَيْرِ الذَّكَرِ كَمَا تَقَدَّمَ إيضَاحُهُ. نَعَمْ لَوْ أَذَّنَ الْخُنْثَى فَبَانَتْ ذُكُورَتُهُ عَقِبَ أَذَانِهِ فَالْوَجْهُ إجْزَاؤُهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِي غُنْيَتِهِ. وَيُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ نَصْبِ مُؤَذِّنٍ رَاتِبٍ مِنْ قِبَلِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ أَوْ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ النَّصْبِ شَرْعًا كَوْنُهُ عَارِفًا بِالْمَوَاقِيتِ بِأَمَارَةٍ أَوْ بِخَبَرِ ثِقَةٍ عَنْ عِلْمٍ، وَأَنْ يَكُونَ بَالِغًا أَمِينًا، فَغَيْرُ الْعَارِفِ لَا يَجُوزُ نَصْبُهُ وَإِنْ صَحَّ أَذَانُهُ، وَبِخِلَافِ مَنْ يُؤَذِّنُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِجَمَاعَةٍ مِنْ غَيْرِ نَصْبٍ فَلَا تُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُ بِهَا، بَلْ مَتَى عَلِمَ دُخُولَ الْوَقْتِ صَحَّ أَذَانُهُ كَأَذَانِ الْأَعْمَى، هَذَا حَاصِلُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ خِلَافًا لِمَنْ فَهِمَ مِنْ كَلَامِهِ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ، وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ كَصَاحِبِ الْإِسْعَادِ، وَلَوْ أَذَّنَ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْوَقْتِ فَصَادَفَهُ اُعْتُدَّ بِأَذَانِهِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِيهِ وَبِهِ فَارَقَ التَّيَمُّمَ وَالصَّلَاةَ (وَيُكْرَهُ) الْأَذَانُ (لِلْمُحْدِثِ) حَدَثًا ـــــــــــــــــــــــــــــSهُنَا عَلَى صِدْقِهِ قَبْلَ خَبَرِهِ وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي لَهُ فِي الصَّوْمِ أَنَّ الْكَافِرَ إنْ أَخْبَرَ بِدُخُولِ الْوَقْتِ وَوَقَعَ فِي الْقَلْبِ صِدْقُهُ قَبَلُ وَإِلَّا فَلَا وَأَنَّ الْفَاسِقَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَشَرْطُهُ أَيْضًا الذُّكُورَةُ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ فِي أَذَانِ الصَّلَاةِ وَأَذَانِ غَيْرِهَا مِنْ الْأَذَانِ فِي أُذُنِ الْمَوْلُودِ وَغَيْرِهِ مِمَّا مَرَّ، وَلَوْ قِيلَ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ فِي أَذَانِ غَيْرِ الصَّلَاةِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: عَقِبَ أَذَانِهِ) لَعَلَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ تُبْنَ حَالَا طَلَبِ الْأَذَانِ مِنْ غَيْرِهِ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِإِذْنِهِ ظَاهِرًا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ إذَا تَبَيَّنَتْ ذُكُورَتُهُ بَعْدَ مُدَّةٍ لَمْ يَعْتَدَّ بِأَذَانِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ قِبَلِ الْإِمَامِ) عِبَارَةُ حَجّ: وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ نَصْبِ نَحْوِ الْإِمَامِ انْتَهَى وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي عَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِتَوْلِيَتِهِ، بِخِلَافِ قَوْلِ الشَّارِحِ، وَيُشْتَرَطُ لِجَوَازِ إلَخْ فَإِنَّهُ لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ الْبُطْلَانُ لَكِنَّهُ الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ لَا سِيَّمَا وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْإِمَامَ إنَّمَا يَفْعَلُ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَمَتَى فَعَلَ خِلَافَ ذَلِكَ لَا يَعْتَدُّ بِفِعْلِهِ، وَعَلَى مَا أَفْهَمَهُ إطْلَاقُ الشَّارِحِ مِنْ الِاعْتِدَادِ بِتَوْلِيَتِهِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ عَدَمِ صِحَّةِ تَوْلِيَةِ الْإِمَامِ إذَا لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِذَلِكَ؟ وَلَعَلَّهُ أَنَّ الْخَلَلَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ الَّذِي يَخْشَى مِنْ غَيْرِ الْأَهْلِ يَبْعُدُ عِلْمُ الْمَأْمُومِينَ بِهِ، وَلَا كَذَلِكَ الْمُؤَذِّنُ فَإِنَّ أَذَانَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ لَوْ فُرِضَ يُسَهِّلُ عِلْمَ النَّاسِ بِهِ فَلَا يُقَلِّدُونَهُ فِي أَذَانِهِ، وَنُقِلَ عَنْ م ر مَا يُوَافِقُ إطْلَاقَ شَرْحِهِ مِنْ صِحَّةِ تَوْلِيَتِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ النَّصْبِ شَرْعًا) كَالنَّاظِرِ الْمُفَوَّضِ لَهُ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ الْوَاقِفِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارِقَ التَّيَمُّمَ وَالصَّلَاةَ) وَقَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقِ أَنَّهُ لَوْ خَطَبَ لِلْجُمُعَةِ جَاهِلًا بِدُخُولِ الْوَقْتِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ فِي الْوَقْتِ أَجْزَأَهُ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْخُطْبَةِ، وَيَحْتَمِلُ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ أَشْبَهَتْ الصَّلَاةَ. وَقِيلَ إنَّهَا بَدَلٌ عَنْ رَكْعَتَيْنِ انْتَهَى حَجّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَقَوْلُهُ فَتَبَيَّنَ أَنَّ فِي الْوَقْتِ أَجْزَأَهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ الْأَذَانُ لِلْمُحْدِثِ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا مِنْ الْأَذْكَارِ لَا يُكْرَهُ لِلْمُحْدِثِ لِأَنَّ الْقُرْآنَ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ الْأَذْكَارِ لَا يُكْرَهُ لَهُ فَبَقِيَّةُ الْأَذْكَارِ بِالْأَوْلَى. قَالَ فِي التِّبْيَانِ: فَصْلٌ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ وَهُوَ عَلَى طَهَارَةٍ فَإِنْ قَرَأَ مُحْدِثًا جَازَ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ قَالَهُ الْإِمَامُ الْحُسَيْنُ. وَلَا يُقَالُ ارْتَكَبَ مَكْرُوهًا بَلْ هُوَ تَارِكٌ لِلْأَفْضَلِ انْتَهَى. وَفِي الْعُبَابِ: وَلَا تُكْرَهُ: أَيْ التِّلَاوَةُ لِمُحْدِثٍ، قَالَ فِي شَرْحِهِ: لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ مَعَ الْحَدَثِ كَمَا صَحَّ عَنْهُ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ كَوْنُهَا فِي حَقِّ الْمُحْدِثِ خِلَافَ الْأَفْضَلِ انْتَهَى. وَبَيَّنَ قَوْلَ ذَلِكَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْعُبَابُ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ، فَعَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ عِلَّةُ كَرَاهَةِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِلْمُحْدِثِ مُجَرَّدَ كَوْنِهِمَا ذِكْرًا كَمَا تَوَهَّمَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَفِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ فِي بَابِ الْأَذَانِ: وَلَا يُكْرَهُ الذِّكْرُ لِلْمُحْدِثِ بَلْ وَلَا لِلْجُنُبِ انْتَهَى. وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَشَرْطُهُ) أَيْ الْمُؤَذِّنِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَتْنِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ أَذَانُ غَيْرِ الذَّكَرِ) أَيْ لِلرِّجَالِ، وَالْخَنَاثَى بِخِلَافِهِ لِلنِّسَاءِ بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ عَلَى مَا مَرَّ فَيَجُوزُ وَلَا يُسْتَحَبُّ، وَيَكُونُ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا ذَكَرَهُ حَجّ،

[كراهة الأذان للمحدث]

أَصْغَرَ لِخَبَرِ «كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ إلَّا عَلَى طُهْرٍ» أَوْ قَالَ " عَلَى طَهَارَةٍ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إنَّهُ صَحِيحٌ فَيُسْتَحَبُّ كَوْنُهُ مُتَطَهِّرًا لِذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ يَدْعُو إلَى الصَّلَاةِ فَلْيَكُنْ بِصِفَةِ مَنْ يُمْكِنُهُ فِعْلَهَا وَإِلَّا فَهُوَ وَاعِظٌ غَيْرُ مُتَّعِظٍ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ التَّطَهُّرُ مِنْ الْخُبْثِ أَيْضًا وَهُوَ كَذَلِكَ (وَ) الْكَرَاهَةُ (لِلْجُنُبِ أَشَدُّ) مِنْهَا لِلْمُحْدِثِ لِكَوْنِ الْجَنَابَةِ أَغْلَظَ وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْجُنُبُ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الصَّلَاةِ فَوْقَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُحْدِثُ، وَالْمُرَادُ بِالْمُحْدِثِ مَنْ لَا تُبَاحُ لَهُ الصَّلَاةُ. وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ دَالَّةٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ حَيْثُ قَالَ: يُكْرَهُ أَذَانُ مُحْدِثٍ غَيْرِ مُتَيَمِّمٍ (وَالْإِقَامَةُ) مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا (أَغْلَظُ) مِنْ الْأَذَانِ لِقُرْبِهَا مِنْ الصَّلَاةِ، فَإِنْ انْتَظَرَهُ الْقَوْمُ لِيَتَطَهَّرَ شُقَّ عَلَيْهِمْ وَإِلَّا سَاءَتْ بِهِ الظُّنُونُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ كَرَاهَةَ إقَامَةِ الْمُحْدِثِ أَشَدُّ مِنْ كَرَاهَةِ أَذَانِ الْجُنُبِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قُرْبِهَا مِنْ الصَّلَاةِ لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ يُتَّجَهُ مُسَاوَاتُهُمَا، وَقِيَاسُ مَا ذَكَرُوهُ أَنْ يَكُونَ أَذَانُ الْمُحْدِثِ الْجُنُبِ أَشَدَّ مِنْ الْجُنُبِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْحَيْضَ وَالنِّفَاسَ أَغْلَظُ مِنْ الْجَنَابَةِ فَتَكُونُ الْكَرَاهَةُ مَعَهُمَا أَشَدَّ مِنْهَا مَعَهَا، وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ صِحَّةُ أَذَانِ الْجُنُبِ وَإِقَامَتِهِ وَإِنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ، وَمِثْلُهُ مَكْشُوفِ الْعَوْرَةِ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، فَإِنْ أَحْدَثَ وَلَوْ حَدَثًا أَكْبَرَ فِي أَذَانِهِ اُسْتُحِبَّ إتْمَامُهُ، وَلَا يُسَنُّ قَطْعُهُ لِيَتَطَهَّرَ لِئَلَّا يُوهِمَ التَّلَاعُبَ، فَإِنْ تَطَهَّرَ وَلَمْ يَطُلْ زَمَنُهُ بَنَى عَلَى أَذَانِهِ وَالِاسْتِئْنَافُ أَوْلَى (وَيُسَنُّ) لِلْأَذَانِ مُؤَذِّنٌ (صَيِّتٌ) أَيْ عَالِي الصَّوْتِ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِرَائِي الْأَذَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــSإجَابَةُ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ لِلْمُؤَذِّنِ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَلِأَنَّهُ يَدْعُو إلَى الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْمُحْدِثِ مِنْ لَا تُبَاحُ لَهُ الصَّلَاةُ) أَيْ فَالْمُتَيَمِّمُ لَيْسَ مُحْدِثًا لِأَنَّهُ تُبَاحُ لَهُ الصَّلَاةُ. وَقَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِمَنْ لَا تُبَاحُ لَهُ الصَّلَاةُ أَنَّ فَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ كَالْمُتَيَمِّمِ وَبِهِ صَرَّحَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ انْتَظَرَهُ) أَيْ انْتَظَرُوا مَنْ أَقَامَ وَذَهَبَ لِيَتَطَهَّرَ شَقَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا سَاءَتْ بِهِ الظُّنُونُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْتَظِرُوهُ بِأَنْ أَقَامَ لَهُمْ وَهُوَ مُحْدِثٌ أَوْ جُنُبٌ وَلَمْ يُصَلِّ سَاءَتْ بِهِ الظُّنُونُ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ إلَخْ) فِي كَوْنِ مَا ذُكِرَ قَضِيَّةَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ خَفَاءٌ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَقَدْ يُقَالُ وَجْهُهُ أَنَّ حَذْفَ الْمَعْمُولِ فِي قَوْلِهِ وَالْإِقَامَةُ أَغْلَظُ يُفِيدُ أَنَّهَا أَغْلَظُ مِنْ كُلٍّ مِنْ أَذَانِ الْمُحْدِثِ وَالْجُنُبِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ يُتَّجَهُ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: أَشَدُّ مِنْ الْجُنُبِ) أَيْ الْمُتَوَضِّئِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَدَثًا أَكْبَرَ فِي أَذَانِهِ اُسْتُحِبَّ إتْمَامُهُ) أَيْ فَلَوْ كَانَ الْأَذَانُ فِي مَسْجِدٍ حُرِّمَ الْمُكْثُ وَوَجَبَ قَطْعُ الْأَذَانِ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ بِالْمَعْنَى. أَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ وُجُوبِ الْقَطْعِ حَيْثُ لَمْ يَتَأَتَّ لَهُ فِعْلُهُ بِلَا مُكْثٍ بِأَنْ لَمْ يَتَأَتَّ سَمَاعُ الْجَمَاعَةِ لَهُ إلَّا إذَا أَكْمَلَهُ بِمَحَلِّهِ مَثَلًا وَإِلَّا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَعَلَيْهِ فَعَدَمُ الصِّحَّةِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى إطْلَاقِهِ [كَرَاهَةُ الْأَذَانِ لِلْمُحْدِثِ] (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ «كَرِهْت أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ إلَّا عَلَى طُهْرٍ» ) قَضِيَّةُ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ أَنَّ الْكَرَاهَةَ مَعَ الْحَدَثِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُ الْأَذَانِ ذِكْرًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ الْأَذْكَارِ لَا يُكْرَهُ مَعَ الْحَدَثِ كَمَا بَيَّنَهُ الشِّهَابُ سم، وَمِنْ ثَمَّ حَكَمَ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ بِوَهْمِ مَنْ ادَّعَى ذَلِكَ، وَالشِّهَابُ حَجّ اسْتَدَلَّ بِخَبَرِ «لَا يُؤَذِّنُ إلَّا مُتَوَضِّئٌ» (قَوْلُهُ: مَنْ لَا تُبَاحُ لَهُ الصَّلَاةُ) فَلَا كَرَاهَةَ فِي أَذَانِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ كَمَا بَحَثَهُ الشِّهَابُ سم وَصَرَّحَ بِهِ الدَّمِيرِيِّ وَإِنْ أَخْرَجَتْهُ عِبَارَةُ الْعُبَابِ الْمَذْكُورَةُ، لَكِنْ بَحَثَ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ الْكَرَاهَةَ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ يُؤَذِّنُ لِنَفْسِهِ فَلَا يُكْرَهُ بِدَلِيلِ طَلَبِ نَحْوِ السُّورَةِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ أَذَانُهُ لِتَأْدِيَةِ الشِّعَارِ كُرِهَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِمِثْلِهِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِمَا قَرَّرَهُ هُوَ بِهِ حَيْثُ أَطْلَقَ فِي الْأَذَانِ مِنْ قَوْلِهِ مِنْ الْأَذَانِ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَأَضَافَهُ لِلضَّمِيرِ فَقَالَ مِنْ أَذَانِهِ، لَكِنْ يَبْقَى النَّظَرُ فِي الْمَتْنِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ أَيُّ الْمَعْنَيَيْنِ أَظْهَرُ (قَوْلُهُ: فَتَكُونُ الْكَرَاهَةُ مَعَهُمَا أَشَدَّ إلَخْ) مُرَادُهُ أَذَانُهُمَا بِغَيْرِ رَفْعِ صَوْتٍ وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّ أَذَانَ الْمَرْأَةِ، وَالْخُنْثَى بِرَفْعِهِ حَرَامٌ كَذَا حَمَلَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ سم عِبَارَةَ شَرْحِ الرَّوْضِ، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا يُسَمَّى أَذَانًا وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ ذِكْرٍ، فَالْأَوْلَى الْجَوَابُ بِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِقَامَةِ

[الإمامة أفضل من الأذان]

أَلْقِهِ عَلَى بِلَالٍ فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْك» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَالْأَنْدَى هُوَ الْأَبْعَدُ مَدًى، لِأَنَّ حِكْمَةَ الْأَذَانِ هِيَ إبْلَاغُ دُخُولِ الْوَقْتِ وَهُوَ فِي الصِّيتِ أَكْثَرُ (حَسَنُ الصَّوْتِ) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اخْتَارَ أَبَا مَحْذُورَةَ لِحُسْنِ صَوْتِهِ» وَلِأَنَّهُ أَرَقَّ لِمَسَامِعِهِ فَيَكُونُ مَيْلُهُمْ إلَى الْإِجَابَةِ أَكْثَرَ (عَدْلٌ) أَيْ عَدْلٌ رِوَايَةً بِالنِّسْبَةِ لِأَصْلِ السُّنَّةِ. وَأَمَّا كَمَالُهَا فَيُعْتَبَرُ فِيهِ كَوْنُهُ عَدْلَ شَهَادَةٍ، وَبِهِ يَجْمَعُ بَيْنَ كَلَامِ الْوَالِدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِهِ عَلَى الزُّبْدِ وَكَلَامِ شَيْخِهِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ عَلَى الْوَقْتِ، فَإِنْ أَذَّنَ الْفَاسِقُ كُرِهَ، إذْ لَا يُؤْمَنُ مِنْ أَنْ يُؤَذِّنَ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ وَلَا أَنْ يَنْظُرَ إلَى الْعَوْرَاتِ لَكِنْ يَحْصُلُ بِأَذَانِهِ السُّنَّةُ وَإِنْ لَمْ يُقْبَلُ خَبَرُهُ وَيُكْرَهُ تَمْطِيطُ الْأَذَانِ: أَيْ تَمْدِيدُهُ وَالتَّغَنِّي بِهِ: أَيْ التَّطْرِيبُ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ مِنْ وَلَدِ مُؤَذِّنِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَبِلَالٍ وَابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ وَأَبِي مَحْذُورَةَ وَسَعْدٍ الْقُرَظِيِّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَمِنْ أَوْلَادِ مُؤَذِّنِي أَصْحَابِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَمِنْ أَوْلَادِ الصَّحَابَةِ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَيُسَنُّ أَنْ يَتَحَوَّلَ الْمُؤَذِّنُ مِنْ مَكَانِ الْأَذَانِ لِلْإِقَامَةِ وَلَا يُقِيمُ وَهُوَ يَمْشِي، وَأَنْ يَفْصِلَ الْمُؤَذِّنُ وَالْإِمَامُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ بِقَدْرِ اجْتِمَاعِ النَّاسِ فِي مَحَلِّ الصَّلَاةِ وَبِقَدْرِ فِعْلِ السُّنَّةِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَيَفْصِلُ فِي الْمَغْرِبِ بَيْنهمَا بِنَحْوِ سَكْتَةٍ لَطِيفَةٍ كَقُعُودٍ يَسِيرٍ لِضِيقِ وَقْتِهَا وَلِاجْتِمَاعِ النَّاسِ لَهَا عَادَةً قَبْلَ وَقْتِهَا، وَعَلَى تَصْحِيحِ الْمُصَنِّفِ مِنْ اسْتِحْبَابِ سُنَّةٍ لِلْمَغْرِبِ قَبْلَهَا يَفْصِلُ بِقَدْرِ أَدَائِهَا أَيْضًا، وَيُكْرَهُ أَذَانُ الْأَعْمَى حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ بَصِيرٌ يَعْرِفُ الْوَقْتَ لِأَنَّهُ رُبَّمَا غَلِطَ فِيهِ أَوْ يُفَوِّتُ عَلَى النَّاسِ أَوَّلَ الْوَقْتِ (وَالْإِمَامَةُ أَفْضَلُ مِنْهُ) أَيْ الْأَذَانِ (فِي الْأَصَحِّ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لِيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ وَاظَبُوا عَلَى الْإِمَامَةِ دُونَ الْأَذَانِ وَإِنْ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَذَّنَ فِي السَّفَرِ رَاكِبًا، وَلِأَنَّ الْقِيَامَ بِالشَّيْءِ أَوْلَى مِنْ الدُّعَاءِ إلَيْهِ (قُلْت: الْأَصَحُّ أَنَّهُ أَفْضَلُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَقَدْ نَقَلَ عَنْ النَّصِّ وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ لِأَنَّهُ عَلَامَةٌ عَلَى الْوَقْتِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَيَجِبُ خُرُوجُهُ مِنْ الْمَسْجِدِ وَيُكْمِلُ الْأَذَانَ فِي مُرُورِهِ أَوْ بِبَابِ الْمَسْجِدِ إنْ أَرَادَ إكْمَالَهُ (قَوْلُهُ: هُوَ الْأَبْعَدُ مَدًى) وَقِيلَ هُوَ الْأَحْسَنُ صَوْتًا (قَوْلُهُ: فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ) أَيْ حَيْثُ اُعْتُبِرَ كَوْنُهُ عَدْلَ شَهَادَةٍ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يَحْصُلُ بِأَذَانِهِ) أَيْ الْفَاسِقِ، وَقَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ أَنَّ أَذَانَهُ فِي الْوَقْتِ وَلَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى أَذَانِهِ نَظَرٌ إلَى الْعَوْرَاتِ كَأَنْ أَذَّنَ بِأَرْضِ الْمَسْجِدِ بَعْدَ عِلْمِنَا بِدُخُولِ الْوَقْتِ لَمْ يُكْرَهْ، وَلَوْ قِيلَ بِالْكَرَاهَةِ لَمْ يَبْعُدْ لِأَنَّ الدَّاعِيَ لِلصَّلَاةِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى أَكْمَلِ حَالٍ (قَوْلُهُ: وَالتَّغَنِّي بِهِ) قَالَ حَجّ: مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ بِهِ الْمَعْنَى وَإِلَّا حُرِّمَ، بَلْ كَثِيرٌ مِنْهُ كُفْرٌ فَلْيُنْتَبَهْ لِذَلِكَ انْتَهَى (قَوْلُهُ فَمِنْ أَوْلَادِ الصَّحَابَةِ) قَالَ حَجّ: وَيَظْهَرُ تَقْدِيمُ ذُرِّيَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذُرِّيَّةِ مُؤَذِّنِي الصَّحَابَةِ وَعَلَى ذُرِّيَّةِ صَحَابِيٍّ لَيْسَ مِنْهُمْ: أَيْ لَيْسَ مِنْ أَوْلَادِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (قَوْلُهُ: وَيَفْصِلُ فِي الْمَغْرِبِ بَيْنَهُمَا) أَيْ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ [الْإِمَامَةُ أَفْضَلُ مِنْ الْأَذَانِ] (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَذَّنَ فِي السَّفَرِ إلَخْ) رَوَى التِّرْمِذِيُّ «أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَسِيرٍ فَانْتَهَوْا إلَى مَضِيقٍ وَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَمُطِرُوا، فَأَذَّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَقَامَ فَتَقَدَّمَ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَصَلَّى بِهِمْ يُومِئُ إيمَاءً» قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: إسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ وَابْنُ الْقَطَّانِ، وَقَدْ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ «فَأَمَرَ الْمُؤَذِّنَ فَأَذَّنَ وَأَقَامَ، أَوْ أَقَامَ بِغَيْرِ أَذَانٍ» وَكَذَا هُوَ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَرَجَّحَ السُّهَيْلِيُّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ لِأَنَّهَا بَيَّنَتْ مَا أَجْمَلُ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ وَإِنْ كَانَ الرَّاوِي عِنْدَهُ شَدِيدَ الضَّعْفِ انْتَهَى مُلَخَّصًا مِنْ التَّخْرِيجِ أَيْضًا، لَكِنْ قَالَ الشَّمْسُ الشَّامِيُّ: جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِأَنَّهُ أَذَّنَ مَرَّةً، وَتَبِعَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيُّ قَالَ الْحَافِظُ السُّيُوطِيّ: مَنْ قَالَ إنَّهُ لَمْ يُبَاشِرْ هَذِهِ الْعِبَادَةَ بِنَفْسِهِ وَأَلْغَزَ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ مَا سُنَّةٌ أَمَرَ بِهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَفْعَلْهَا فَقَدْ غَفَلَ انْتَهَى (قَوْلُهُ: قُلْت الْأَصَحُّ أَنَّهُ أَفْضَلُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَيُؤْخَذُ مِنْ اعْتِذَارِهِمْ عَنْ عَدَمِ أَذَانِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ لِاشْتِغَالِهِمْ بِمُهِمَّاتِ الْإِسْلَامِ أَنَّ الْأَذَانَ لَوْ وَقَعَ مِنْهُمْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ إمَامَتِهِمْ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَهُوَ أَكْثَرُ نَفْعًا مِنْهَا وَلِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ لَاسْتَهَمُوا عَلَيْهِ» أَيْ اقْتَرَعُوا، وَقَوْلُهُ «إنَّ خِيَارَ عِبَادِ اللَّهِ يُرَاعُونَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ وَالْأَظِلَّةَ لِذِكْرِ اللَّهِ» وَقَوْلُهُ «الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» أَيْ أَكْثَرُ رَجَاءً لِأَنَّ رَاجِيَ الشَّيْءِ يَمُدُّ عُنُقَهُ إلَيْهِ، وَقِيلَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ: أَيْ إسْرَاعًا إلَى الْجَنَّةِ، وَقَوْلُهُ «الْإِمَامُ ضَامِنٌ وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ، اللَّهُمَّ أَرْشِدْ الْأَئِمَّةَ وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ» وَالْأَمَانَةُ أَعْلَى مِنْ الضَّمَانِ وَالْمَغْفِرَةُ أَعْلَى مِنْ الْإِرْشَادِ وَخَبَرُ «الْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ مَدَى صَوْتِهِ وَيَشْهَدُ لَهُ كُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ» وَإِنَّمَا وَاظَبَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ بَعْدَهُ عَلَى الْإِمَامَةِ وَلَمْ يُؤَذِّنُوا لِاشْتِغَالِهِمْ بِمُهِمَّاتِ الدِّينِ الَّتِي لَا يَقُومُ غَيْرُهُمْ فِيهَا مَقَامَهُمْ، وَلِهَذَا قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَوْلَا الْخِلِّيفَى لَأَذَّنْت. وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ الِاشْتِغَالَ بِذَلِكَ إنَّمَا يَمْنَعُ الْإِدَامَةَ لَا الْفِعْلَ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ لَا سِيَّمَا أَوْقَاتِ الْفَرَاغِ، كَمَا اعْتَرَضَ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ لَوْ أَذَّنَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقَالَ إنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَهُوَ لَا يُجْزِئُ، أَوْ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَلَا جَزَالَةَ فِيهِ بِأَنَّهُ فِي غَايَةِ الْجَزَالَةِ كَكُلِّ إقَامَةِ ظَاهِرٍ مَقَامَ مُضْمَرٍ لِنُكْتَةٍ. وَالْأَحْسَنُ فِي الْجَوَابِ أَنَّ عَدَمَ فِعْلِهِ لِلْأَذَانِ لَا دَلَالَةَ فِيهِ لِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ لِاحْتِمَالِهِ، وَأَمَّا أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَوْ أَذَّنَ لَوَجَبَ حُضُورُ الْجَمَاعَةِ فَقَدْ رَدَّهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّهُ أَذَّنَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، وَرُدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْجَمَاعَةَ الَّذِينَ أَذَّنَ لَهُمْ كَانُوا حَاضِرِينَ مَعَهُ عَلَى أَنَّ مَعْنَى أَذَّنَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ أَمْرٌ كَمَا فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى، وَسَوَاءٌ عَلَى رَأْيِ الْمُصَنِّفِ أَقَامَ الْإِمَامُ بِحُقُوقِ الْإِمَامَةِ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ انْضَمَّ إلَيْهِ الْإِقَامَةُ أَمْ لَا، خِلَافًا لِلْمُصَنِّفِ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ، وَإِنَّمَا كَانَ الْأَذَانُ أَفْضَلَ مَعَ كَوْنِهِ سُنَّةً وَالْجَمَاعَةُ فَرْضُ كِفَايَةٍ لِأَنَّ السُّنَّةَ قَدْ تَفْضُلُ الْفَرْضَ كَرَدِّ السَّلَامِ مَعَ ابْتِدَائِهِ وَإِبْرَاءِ الْمُعْسِرِ وَإِنْظَارِهِ فَإِنَّ الْأَوَّلَ سُنَّةٌ وَالثَّانِي فَرْضٌ، عَلَى أَنَّ مَرْجُوحِيَّةَ الْإِمَامَةِ لَيْسَتْ مِنْ جِهَةِ الْجَمَاعَةِ بَلْ مِنْ جِهَةِ خُصُوصِ كَوْنِهَا مَظِنَّةَ التَّقْصِيرِ، وَأَيْضًا فَالْجَمَاعَةُ لَيْسَتْ خَاصَّةً بِالْإِمَامِ لِأَنَّهَا قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ، وَشَمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ إمَامَةَ الْجُمُعَةِ فَالْأَذَانُ أَفْضَلُ مِنْهَا أَيْضًا وَيَظْهَرُ أَنَّ إمَامَتَهَا أَفْضَلُ مِنْ خُطْبَتِهَا، وَيَلْزَمُ مِنْ تَفْضِيلِ الْأَذَانِ عَلَى إمَامَتِهَا تَفْضِيلُهُ عَلَى خُطْبَتِهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. وَيُسَنُّ لِلْمُتَأَهِّلِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِمَامَةِ وَأَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ مُتَطَوِّعًا بِهِ فَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَكِنَّهُمْ لَمَّا تَرَكُوهُ لِأُمُورٍ مُهِمَّةٍ جَازَ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ فَضْلٌ عَلَى الْإِمَامَةِ يَزِيدُ عَلَى فَضْلِ الْأَذَانِ لَوْ وَقَعَ مِنْهُمْ. (قَوْلُهُ: لَاسْتَهَمُوا عَلَيْهِ) الضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِ رَاجِعٌ لِمَا مِنْ قَوْلِهِ مَا فِي النِّدَاءِ (قَوْلُهُ: مَدَى صَوْتِهِ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى ذَلِكَ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَوْ جُسِّمَتْ ذُنُوبُهُ وَبَلَغَتْ بِتَقْدِيرِهَا جِسْمًا مَكَانًا هُوَ غَايَةُ صَوْتِهِ لَغُفِرَتْ لَهُ تِلْكَ الذُّنُوبُ بِسَبَبِ الْأَذَانِ فَلْيُرَاجَعْ. ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لحج مَا نَصُّهُ: وَمَعْنَى يَغْفِرُ لَهُ مَدَى صَوْتِهِ أَنَّ ذُنُوبَهُ لَوْ كَانَتْ أَجْسَامًا غُفِرَ لَهُ مِنْهَا قَدْرُ مَا يَمْلَأُ الْمَسَافَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُنْتَهَى صَوْتِهِ، وَقِيلَ تَمْتَدُّ لَهُ الرَّحْمَةُ بِقَدْرِ مَدَى الصَّوْتِ. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: يَبْلُغُ غَايَةَ الْمَغْفِرَةِ إذَا بَلَغَ غَايَةَ رَفْعِ الصَّوْتِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ انْتَهَى بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: وَيَشْهَدُ لَهُ) أَيْ بِالْأَذَانِ وَمَنْ لَازَمَهُ إيمَانُهُ لِنُطْقِهِ بِالشَّهَادَتَيْنِ فِيهِ (قَوْلُهُ: لَوْلَا الْخِلِّيفَى) أَيْ الْقِيَامُ بِأَمْرِ الْخِلَافَةِ، وَفِي النِّهَايَةِ الْخِلِّيفَى بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيد وَالْقَصْرُ الْخِلَافَةُ وَهُوَ وَأَمْثَالُهُ مِنْ الْأَبْنِيَةِ كَالرَّمْيَا، وَالدَّلِيلِيِّ، مَصَادِرُ تَدُلُّ عَلَى مَعْنَى الْكَثْرَةِ يُرِيدُ بِهِ كَثْرَةَ اجْتِهَادِهِ فِي ضَبْطِ الْأُمُورِ وَتَصْرِيفِ أَعِنَّتِهَا (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ فِي غَايَةِ الْجَزَالَةِ) صِلَةُ اعْتَرَضَ الْجَوَابَ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَكُلِّ إقَامَةِ ظَاهِرٍ مَقَامَ مُضْمِرٍ، لِنُكْتَةٍ) زَادَ حَجّ: عَلَى أَنَّهُ صَحَّ أَنَّهُ أَذَّنَ مَرَّةً فِي السَّفَرِ رَاكِبًا فَقَالَ ذَلِكَ، وَنُقِلَ عَنْهُ فِي تَشَهُّدِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ كَانَ يَأْتِي بِأَحَدِهِمَا تَارَةً وَبِالْآخَرِ أُخْرَى انْتَهَى. وَقَوْلُهُ فَقَالَ ذَلِكَ: أَيْ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَحْسَنُ فِي الْجَوَابِ) أَيْ عَنْ تَوْجِيهِ أَفْضَلِيَّةِ الْإِمَامَةِ بِمُوَاظَبَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخُلَفَاءِ عَلَى الْإِمَامَةِ وَعَدَمِ الْأَذَانِ (قَوْلُهُ: لِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ) أَيْ الْقَوْلُ بِأَفْضَلِيَّةِ الْأَذَانِ وَالْقَوْلُ بِأَفْضَلِيَّةِ الْإِمَامَةِ (قَوْلُهُ: انْضَمَّ إلَيْهِ) أَيْ الْأَذَانِ (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِمَامَةِ) وَفِي ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ الْخِلِّيفَى) بِكَسْرِ الْخَاءِ وَاللَّامِ الْمُشَدَّدَةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ مَصْدَرُ خَلَّفَهُ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ لِإِدَارَةِ الْمُبَالَغَةِ كَحَثَّهُ حِثِّيثَى وَخَصَّهُ خِصِّيصَى (قَوْلُهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَ السُّنِّيَّةَ فِي ذَلِكَ وَلِمَنْ أَثْبَتَ فِيهِ الْكَرَاهَةَ،

أَبَى رَزَقَهُ الْإِمَامُ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرْزُقَ مُؤَذِّنًا وَهُوَ يَجِدُ مُتَبَرِّعًا، فَإِنْ تَطَوَّعَ بِهِ فَاسِقٌ وَثَمَّ أَمِينٌ أَوْ أَمِينٌ وَثَمَّ أَمِينٌ أَحْسَنُ صَوْتًا مِنْهُ وَأَبَى الْأَمِينُ فِي الْأُولَى وَالْأَحْسَنُ صَوْتًا فِي الثَّانِيَةِ إلَّا بِالرِّزْقِ رَزَقَهُ الْإِمَامُ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ عِنْدَ حَاجَتِهِ بِقَدْرِهَا أَوْ مِنْ مَالِهِ مَا شَاءَ، وَيَجُوزُ لِلْوَاحِدِ مِنْ الرَّعِيَّةِ أَنْ يَرْزُقَهُ مِنْ مَالِهِ. وَأَذَانُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ أَهَمُّ مِنْ غَيْرِهِ، وَلِكُلٍّ مِنْ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ وَالْأُجْرَةُ عَلَى جَمِيعِهِ، وَيَكْفِي الْإِمَامَ لَا غَيْرَهُ إنْ اسْتَأْجَرَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَنْ يَقُولَ أَسْتَأْجَرْتُك كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا فَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ الْمُدَّةِ كَالْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ، بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَ مِنْ مَالِهِ أَوْ اسْتَأْجَرَ غَيْرَهُ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهَا عَلَى الْأَصْلِ فِي الْإِجَارَةِ، وَتَدْخُلُ الْإِقَامَةُ فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْأَذَانِ ضِمْنًا فَيَبْطُلُ إفْرَادُهَا بِإِجَارَةٍ إذْ لَا كُلْفَةَ فِيهَا وَفِي الْأَذَانِ كُلْفَةٌ لِرِعَايَةِ الْوَقْتِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَيْسَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ بِصَافِيَةٍ عَنْ الْإِشْكَالِ. وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَذَانِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ الْأَذَانَ فِيهِ مَشَقَّةُ الصُّعُودِ وَالنُّزُولِ وَمُرَاعَاةُ الْوَقْتِ وَالِاجْتِهَادِ فِيهِ بِخِلَافِ الْإِقَامَةِ. الثَّانِي أَنَّ الْأَذَانَ يَرْجِعُ لِلْمُؤَذِّنِ وَالْإِقَامَةُ لَا تَرْجِعُ لِلْمُقِيمِ بَلْ تَتَعَلَّقُ بِنَظَرِ الْإِمَامِ بَلْ فِي صِحَّتِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ خِلَافٌ. وَشَرْطُ الْإِجَارَةِ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ مُفَوَّضًا لِلْأَجِيرِ وَلَا يَكُونَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِيهِ وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِي الْإِتْيَانِ بِالْإِقَامَةِ لِتَعَلُّقِ أَمْرِهَا بِالْإِمَامِ، فَكَيْفَ يُسْتَأْجَرُ عَلَى شَيْءٍ لَمْ يُفَوَّضْ إلَيْهِ وَكَيْفَ تَصِحُّ إجَارَةُ عَيْنٍ عَلَى أَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ فِعْلِهِ بِنَفْسِهِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْأَذَانُ بِقُرْبِ الْمَسْجِدِ وَأَنْ لَا يَكْتَفِيَ أَهْلُ الْمَسَاجِدِ الْمُتَقَارِبَةِ بِأَذَانِ بَعْضِهِمْ بَلْ يُؤَذَّنُ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ، وَيُكْرَهُ خُرُوجُ الْمُؤَذِّنِ وَغَيْرُهُ بَعْدَ الْأَذَانِ مِنْ مَحَلِّ الْجَمَاعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ إلَّا لِعُذْرٍ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ وَقْتَ الْأَذَانِ مَنُوطٌ بِنَظَرِ الْمُؤَذِّنِ وَوَقْتَ الْإِقَامَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSنُسْخَةٌ وَالْإِقَامَةُ، وَمَا فِي الْأَصْلِ أَوْلَى لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الرَّاتِبَ: أَيْ الْمُؤَذِّنَ الرَّاتِبَ أَوْلَى بِالْإِقَامَةِ (قَوْلُهُ: رَزَقَهُ الْإِمَامُ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ عِنْدَ حَاجَتِهِ) التَّقْيِيدُ بِالْحَاجَةِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ غَنِيًّا أَوْ زَادَ مَا يَطْلُبُهُ عَلَى الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ دَفْعُ شَيْءٍ لَهُ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ، وَهَذَا وَأَمْثَالُهُ مَتَى عَبَّرَ بِهِ كَانَ فِيهِ خَفَاءٌ بِالنِّسْبَةِ لِمُقَابِلِهِ. وَقَدْ يُقَالُ مَا الْمَانِعُ مِنْ أَنَّهُ يُعْطِي قَدْرَ أُجْرَةِ مِثْلِهِ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلٍ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَمَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ لَهُمْ يَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُهُ. هَذَا وَقَدْ يُقَالُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ قَوْلِهِ عِنْدَ حَاجَتِهِ بِقَدْرِهَا لَا يُنَافِي مَا ذَكَر لِجَوَازِ أَنْ يُرَادَ إنْ كَانَ مُحْتَاجًا أَخَذَ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ وَإِلَّا أَخَذَ بِقَدْرِ أُجْرَةِ مِثْلِهِ (قَوْلُهُ: وَأَذَانُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ أَهَمُّ مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ فَيَزِيدُ ثَوَابُهُ عَلَى غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْأَذَانِ (قَوْلُهُ وَالْأُجْرَةُ عَلَى جَمِيعِهِ) أَيْ وَفَائِدَةُ ذَلِكَ تَظْهَرُ فِيمَا لَوْ أَخَلَّ بِهِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ فَيَسْقُطُ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الْمُسَمَّى بِقِسْطِهِ، أَمَّا لَوْ أَخَلَّ بِبَعْضِ كَلِمَاتِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ الْأَوْقَاتِ الَّتِي أَخَلَّ فِيهَا لِأَنَّهُ بِتَرْكِ كَلِمَةٍ مِنْهُ أَوْ بَعْضِهَا بَطَلَ الْأَذَانُ بِجُمْلَتِهِ (قَوْلُهُ: وَتَدْخُلُ الْإِقَامَةُ فِي الِاسْتِئْجَارِ) أَيْ فَلَوْ تَرَكَهَا سَقَطَ مِنْ الْأُجْرَةِ مَا يُقَابِلُهَا، وَأَمَّا مَا اُعْتِيدَ مِنْ فِعْلِ الْمُؤَذِّنِينَ مِنْ التَّسْبِيحَاتِ وَالْأَدْعِيَةِ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ فَلَيْسَ دَاخِلًا فِي الْإِجَارَةِ فِي الْأَذَانِ، فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْهُ لَمْ يَسْقُطْ مِنْ أُجْرَتِهِ لِلْأَذَانِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: إفْرَادُهَا) أَيْ الْإِقَامَةُ (قَوْلُهُ إذْ لَا كُلْفَةَ فِيهَا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِيهَا كُلْفَةٌ كَأَنْ احْتَاجَ فِي إسْمَاعِ النَّاسِ إلَى صُعُودِ مَحَلٍّ عَالٍ فِي صُعُودِهِ مَشَقَّةٌ أَوْ مُبَالَغَةٌ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ وَالتَّأَنِّي فِي الْكَلِمَاتِ لِيَتَمَكَّنَ النَّاسُ مِنْ سَمَاعِهِ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ لَهَا (قَوْلُهُ: وَلَيْسَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ) هِيَ قَوْلُهُ فَيَبْطُلُ إفْرَادُهَا بِإِجَارَةٍ (قَوْلُهُ: بَلْ فِي صِحَّتِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ خِلَافٌ) وَالرَّاجِحُ الصِّحَّةُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَتِهَا لَوْ وَقَعَتْ قَبْلَ إذْنِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَشَرْطُ الْإِجَارَةِ إلَخْ) تَوْجِيهٌ لِلْبُطْلَانِ مِنْ الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرَهُ وَلَوْ قَالَ بَلْ قِيلَ بِبُطْلَانِهَا عِنْدَ عَدَمِ الْإِذْنِ لِأَنَّ شَرْطَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَفِي نُسَخٍ، وَالْإِقَامَةُ بَدَلُ الْإِمَامَةِ (قَوْلُهُ: الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مُطْلَقِ الْأَذَانِ (قَوْلُهُ: الثَّانِي أَنَّ الْأَذَانَ يَرْجِعُ لِلْمُؤَذِّنِ إلَخْ) فِي هَذَا الْوَجْهِ نَظَرٌ يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ كَلَامِهِمْ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ

[شروط الأذان]

بِنَظَرِ الْإِمَامِ لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمُؤَذِّنُ أَمْلَكُ بِالْأَذَانِ وَالْإِمَامُ أَمْلَكُ بِالْإِقَامَةِ» وَلِأَنَّهُ لِبَيَانِ الْوَقْتِ فَيَتَعَلَّقُ بِنَظَرِ الرَّاصِدِ لَهُ وَهُوَ الْمُؤَذِّنُ وَهِيَ لِلْقِيَامِ إلَيَّ الصَّلَاةِ فَلَا تُقَامُ إلَّا بِإِشَارَتِهِ، فَإِنْ أُقِيمَتْ بِغَيْرِهَا أَجْزَأَتْ، وَلَا يَصِحُّ الْأَذَانُ لِغَيْرِهِ بِالْعَجَمِيَّةِ وَهُنَاكَ مَنْ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مَنْ لَا يُحْسِنُهَا، وَإِنْ أَذَّنَ لِنَفْسِهِ وَهُوَ لَا يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ صَحَّ وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ مَنْ يُحْسِنُهَا وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّمَ، حَكَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَأَقَرَّهُ (وَشَرْطُهُ) أَيْ الْأَذَانِ (الْوَقْتُ) وَمِثْلُهُ الْإِقَامَةُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ الْإِعْلَامُ، وَلَا مَعْنَى لَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ التَّدْلِيسِ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ صِحَّتَهُ مَا دَامَ الْوَقْتُ بَاقِيًا، وَبِهِ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُوَالَاةِ الْأَخِيرَةِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ، فَتَقْيِيدُ ابْنِ الرِّفْعَةِ بِوَقْتِ الِاخْتِيَارِ مَحْمُولٌ عَلَى بَيَانِ الْأَفْضَلِ. نَعَمْ تَبْطُلُ مَشْرُوعِيَّتُهُ بِفِعْلِ الصَّلَاةِ كَمَا نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْبُوَيْطِيِّ، وَظَاهِرٌ كَمَا قَالَهُ الْجَوْجَرِيُّ أَنَّ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُصَلِّي فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ وَلَوْ أَذَّنَ قَبْلَ الْوَقْتِ بِنِيَّتِهِ حُرِّمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مُتَعَاطٍ عِبَادَةً فَاسِدَةً (إلَّا الصُّبْحَ) أَيْ أَذَانَهُ (فَمِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ) شِتَاءً كَانَ أَوْ صَيْفًا لِمَا صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ مَكْتُومٍ» وَشَمَلَ ذَلِكَ أَذَانَ الْجُمُعَةِ فَهُوَ كَغَيْرِهِ، وَالْقِيَاسُ عَلَى الصُّبْحِ غَيْرُ صَحِيحٍ. أَمَّا الْإِقَامَةُ فَلَا تَصِحُّ إلَّا فِي الْوَقْتِ وَلَوْ لِلصُّبْحِ. نَعَمْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَطُولَ الْفَصْلُ عُرْفًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ، وَخَالَفَتْ الصُّبْحُ غَيْرَهَا لِأَنَّ وَقْتَهَا يَدْخُلُ عَلَى النَّاسِ وَفِيهِمْ الْجُنُبُ وَالنَّائِمُ، فَاسْتُحِبَّ تَقْدِيمُ أَذَانِهَا لِيَتَنَبَّهُوا وَيَتَأَهَّبُوا لِيُدْرِكُوا فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ (وَيُسَنُّ مُؤَذِّنَانِ لِلْمَسْجِدِ) وَنَحْوِهِ اقْتِدَاءً بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَمِنْ فَوَائِدِهِ أَنَّهُ (يُؤَذِّنُ وَاحِدٌ) لِلصُّبْحِ (قَبْلَ الْفَجْرِ وَآخَرُ بَعْدَهُ) لِلْخَبَرِ الْمُتَقَدِّمِ وَتُسْتَحَبُّ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِمَا بِحَسَبِ الْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَةِ وَيَتَرَتَّبُونَ فِي أَذَانِهِمْ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لَهُ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِعْلَامِ، فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَالْمَسْجِدُ كَبِيرٌ تَفَرَّقُوا فِي أَقْطَارِهِ كُلُّ وَاحِدٍ فِي قُطْرٍ، وَإِنْ صَغُرَ اجْتَمَعُوا إنْ لَمْ يُؤَدِّ اجْتِمَاعُهُمْ إلَى اضْطِرَابٍ وَاخْتِلَاطٍ وَيَقِفُونَ عَلَيْهِ كَلِمَةً كَلِمَةً، فَإِنْ أَدَّى إلَى تَشْوِيشٍ أَذَّنَ بَعْضُهُمْ بِالْقُرْعَةِ إذَا تَنَازَعُوا. نَعَمْ لَنَا صُورَةٌ يُسْتَحَبُّ فِيهَا اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSالْإِجَارَةِ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ إلَخْ لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: «الْمُؤَذِّنُ أَمْلَكُ بِالْأَذَانِ» ) أَيْ أَشَدُّ اسْتِحْقَاقًا لِلنَّظَرِ فِي دُخُولِ وَقْتِهِ فَلَا يُرْجَعُ لِغَيْرِهِ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أُقِيمَتْ بِغَيْرِهَا أَجْزَأَتْ) وَلَا إثْمَ عَلَى الْفَاعِلِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ الْأَذَانُ لِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّمَ) أَيْ يُسَنُّ لَهُ [شُرُوطُ الْأَذَانِ] (قَوْلُهُ: صِحَّتُهُ) أَيْ صِحَّةُ الْأَذَانِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ تَبْطُلُ مَشْرُوعِيَّتُهُ بِفِعْلِ الصَّلَاةِ) أَيْ لِلْجَمَاعَةِ بِفِعْلِهِمْ وَالْمُنْفَرِدُ بِفِعْلِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُتَعَاطٍ عِبَادَةً فَاسِدَةً) فِيهِ مَا مَرَّ عَنْ شَرْحِ الْمُنْفَرِجَةِ (قَوْلُهُ: فَمِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ) قَالَ حَجّ: وَاخَتِيرَ تَحْدِيدُهُ بِالسَّحَرِ وَهُوَ السُّدُسُ الْأَخِيرُ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا حَاصِلُهُ لَوْ أَذَّنَ قَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ هَلْ يَحْرُمُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ قَبْلُ وَلَوْ أَذَّنَ قَبْلَ الْوَقْتِ بِنِيَّتِهِ حَرُمَ أَنْ يُقَالَ هُنَا بِالتَّحْرِيمِ حَيْثُ أَذَّنَ بِنِيَّتِهِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَغَيْرِهِ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ قَبْلَ الْوَقْتِ، وَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَى قَوْلِهِ إلَّا الصُّبْحَ لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَطُولَ الْفَصْلُ) أَيْ وَذَلِكَ فِي الْجُمُعَةِ بِأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى قَدْرِ رَكْعَتَيْنِ بِأَخَفِّ مَا يُمْكِنُ وَفِي غَيْرِهَا أَنْ لَا يَطُولَ الْفَصْلُ عُرْفًا لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْمَنْدُوبِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْوَاجِبِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ حَجّ (قَوْلُهُ: فِي قُطْرٍ) أَيْ نَاحِيَةٍ. قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: الْقُطْرُ النَّاحِيَةُ وَالْجَانِبُ وَجَمْعُهُ أَقْطَارٌ (قَوْلُهُ: إلَى اضْطِرَابٍ وَاخْتِلَاطٍ) عَطْفُ مُغَايِرٍ بِحَمْلِ الِاضْطِرَابِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُوَالَاةِ الْأَخِيرَةِ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ لِلشِّهَابِ حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بِبَعْضِ تَصَرُّفٍ، لَكِنَّ الشِّهَابَ الْمَذْكُورَ ذَكَرَ قُبَيْلَ ذَلِكَ مَا نَصُّهُ: وَكَذَا لَوْ أَخَّرَ مُؤَدَّاةً لِآخِرِ الْوَقْتِ فَأَذَّنَ لَهَا ثُمَّ عَقِبَ سَلَامِهَا دَخَلَ وَقْتُ مُؤَدَّاةٍ أُخْرَى فَيُؤَذِّنُ لَهَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ انْتَهَى. وَالشَّارِحُ قَدَّمَ هَذَا فِي أَوَائِلِ الْفَصْلِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: فَإِنْ كَانَ فَوَائِتَ لَمْ يُؤَذِّنْ لِغَيْرِ الْأُولَى، ثُمَّ ذَكَرَ مَا ذَكَرَهُ هُنَا فَأَشْكَلَ مُرَادُهُ

الْأَذَانِ مَعَ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ وَهِيَ أَذَانُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ، وَسَبَبُهُ التَّطْوِيلُ عَلَى الْحَاضِرِينَ فَإِنَّهُمْ مُجْتَمِعُونَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ غَالِبًا سِيَّمَا مَنْ امْتَثَلَ السُّنَّةَ وَبَكَّرَ، لَكِنَّ الْأَصَحَّ خِلَافُهُ لِتَصْرِيحِهِمْ ثُمَّ بِأَنَّ السُّنَّةَ كَوْنُ الْمُؤَذِّنِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَاحِدًا. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَعِنْدَ التَّرْتِيبِ لَا يَتَأَخَّرُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ لِئَلَّا يَذْهَبَ أَوَّلُ الْوَقْتِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ سُنَّ لَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ الْمَرَّتَيْنِ فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى مَرَّةٍ فَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ بَعْدَ الْفَجْرِ، وَالْمُؤَذِّنُ الْأَوَّلُ أَوْلَى بِالْإِقَامَةِ مَا لَمْ يَكُنْ الرَّاتِبُ غَيْرَهُ فَيَكُونُ الرَّاتِبُ أَوْلَى (وَيُسَنُّ لِسَامِعِهِ) وَمُسْتَمِعِهِ وَمِثْلُهُ الْمُقِيمُ (مِثْلُ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى اخْتِلَالِ الْأَذَانِ وَالِاخْتِلَاطِ عَلَى اخْتِلَاطِ الْأَصْوَاتِ وَاشْتِبَاهِهَا (قَوْلُهُ: وَسَبَبُهُ التَّطْوِيلُ) الْأَوْلَى عَدَمُ التَّطْوِيلِ، وَوَجْهُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّ الْمُرَادَ التَّطْوِيلُ لَوْ تَرَتَّبُوا فِي أَذَانِهِمْ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْأَصَحَّ خِلَافُهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَنْ يُؤَذِّنَ الْمَرَّتَيْنِ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يُؤَذِّنْ قَبْلَ الْفَجْرِ فَهَلْ يُسَنُّ بَعْدَهُ أَذَانَانِ نَظَرًا لِلْأَصْلِ أَوْ لَا، وَيَحْكُمُ بِفَوَاتِ الْأَوَّلِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ وَلَوْ قَضَى فَائِتَةَ الصُّبْحِ فَهَلْ يُسَنُّ لَهَا أَذَانَانِ أَوْ وَاحِدٌ فَقَطْ؟ قَالَ سم عَلَى بَهْجَةٍ: فِي كُلٍّ مِنْهُمَا نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُسَنُّ أَذَانَانِ نَظَرًا لِلْأَصْلِ كَمَا طَلَبَ التَّثْوِيبَ فَائِتَتُهَا نَظَرًا لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى مَرَّةٍ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَا يَقَعُ لِلْمُؤَذِّنَيْنِ فِي رَمَضَانَ مِنْ تَقْدِيمِ الْأَذَانِ عَلَى الْفَجْرِ كَافٍ فِي أَدَاءِ السُّنَّةِ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى. وَقَدْ يُقَالُ مُلَاحَظَةُ مَنْعِ النَّاسِ مِنْ الْوُقُوعِ فِيمَا يُؤَدِّي إلَى الْفِطْرِ إنْ أَخَّرَ الْأَذَانَ إلَى الْفَجْرِ مَانِعٌ مِنْ كَوْنِهِ خِلَافَ الْأَوْلَى. لَا يُقَالُ: لَكِنَّهُ يُؤَدِّي إلَى مَفْسَدَةٍ أُخْرَى وَهِيَ صَلَاتُهُمْ قَبْلَ الْفَجْرِ لِأَنَّا نَقُولُ: عِلْمُهُمْ بِاطِّرَادِ الْعَادَةِ بِالْأَذَانِ قَبْلَ الْفَجْرِ مَانِعٌ مِنْ ذَلِكَ. وَحَامِلٌ عَلَى تَحَرِّي تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ لِيَتَيَقَّنَ دُخُولَ الْوَقْتِ أَوْ ظَنَّهُ (قَوْلُهُ: أَوْلَى بِالْإِقَامَةِ) لَعَلَّهُ لِأَنَّهُ بِتَقَدُّمِهِ اسْتَحَقَّ الْإِقَامَةَ فَأَذَانُ الثَّانِي بَعْدَهُ لَا يَسْقُطُ مَا ثَبَتَ لِلْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ لِسَامِعِهِ) شَامِلٌ لِلْأَذَانِ لِلصَّلَاةِ وَلِغَيْرِهَا كَالْأَذَانِ فِي أُذُنِ الْمَوْلُودِ وَخَلْفَ الْمُسَافِرِ، وَيُوَافِقُهُ عُمُومُ حَدِيثِ «إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ» إلَخْ الْآتِيَ فَإِنَّ الْمُتَبَادِرَ أَنَّ اللَّامَ فِيهِ لِلِاسْتِغْرَاقِ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ: إذَا سَمِعْتُمْ أَيَّ مُؤَذِّنٍ سَوَاءٌ أَذَّنَ لِلصَّلَاةِ أَوْ لِغَيْرِهَا، لَكِنْ نُقِلَ عَنْ م ر أَنَّهُ لَا سُكْنَى إلَّا أَذَانَ الصَّلَاةِ، وَعَلَيْهِ فَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ لِلْعَهْدِ فَلْيُرَاجَعْ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ لِسَامِعِهِ أَنَّهُ يُجِيبُ وَلَوْ بِصَوْتٍ لَمْ يَفْهَمْهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةَ حَجّ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَعِبَارَتُهُ عَلَى الْمِنْهَاجِ: وَيُسَنُّ لِسَامِعِهِ كَالْإِقَامَةِ بِأَنْ يُفَسِّرَ اللَّفْظَ وَإِلَّا لَمْ يُعْتَدَّ بِسَمَاعِهِ نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِي السُّورَةِ لِلْإِمَامِ انْتَهَى. وَفِي سم عَلَى الْبَهْجَةِ قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَلَوْ ثَنَّى حَنَفِيٌّ احْتَمَلَ أَنَّهُ لَا يُجِيبُهُ فِي الزِّيَادَةِ لِأَنَّهُ يَرَاهَا خِلَافَ السُّنَّةِ وَقِيَاسًا عَلَى الِاعْتِبَارِ بِعَقِيدَةِ الْمَأْمُومِ وَكَمَا لَوْ زَادَ فِي الْأَذَانِ تَكْبِيرًا أَوْ غَيْرَهُ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يُتَابِعُهُ انْتَهَى. وَهُوَ مُتَّجَهٌ جِدًّا وَإِنْ أَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهَا سُنَّةٌ فِي اعْتِقَادِ الْآتِي بِهَا سُنَّةُ الْإِقَامَةِ فَيُنْدَبُ إجَابَتُهَا، وَفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اعْتِبَارِ عَقِيدَةِ الْمَأْمُومِ بِأَنَّ الْإِمَامَةَ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ رَابِطَةٍ وَهِيَ مُتَعَذِّرَةٌ مَعَ اعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ بُطْلَانَ صَلَاةِ الْإِمَامِ، وَهُنَا لَا يَحْتَاجُ لِرَابِطَةٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزِّيَادَةِ فِي الْأَذَانِ بِأَنَّهُ لَا قَائِلَ بِهَا يُعْتَدُّ بِهِ فَلَمْ يُرَاعِ خِلَافَهُ، بِخِلَافِ تَثْنِيَةِ كَلَامِ الْإِقَامَةِ انْتَهَى فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِي فَلَوْ كَانَ الْمُؤَذِّنُ يُثَنِّي الْإِقَامَةَ فَهَلْ يُثَنِّي السَّامِعُ إلَخْ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا هُنَا. [فَرْعٌ] لَوْ دَخَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي أَثْنَاءِ الْأَذَانِ بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ، فَفِي الْعُبَابِ تَبَعًا لِمَا اخْتَارَهُ أَبُو شُكَيْلٍ أَنَّهُ يُجِيبُ قَائِمًا ثُمَّ يُصَلِّي التَّحِيَّةَ بِخِفَّةٍ لِيَسْمَعَ أَوَّلَ الْخُطْبَةِ سم عَلَى حَجّ. وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّهُ يُصَلِّي ثُمَّ يُجِيبُ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا لِأَنَّ الْإِجَابَةَ لَا تَفُوتُ بِطُولِ الْفَصْلِ مَا لَمْ يَفْحُشُ الطُّولُ، عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْإِتْيَانُ بِالْإِجَابَةِ وَالْخَطِيبُ يَخْطُبُ، بِخِلَافِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَسَبَبُهُ التَّطْوِيلُ) أَيْ: خَشْيَتُهُ (قَوْلُهُ: وَمُسْتَمِعِهِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ

قَوْلِهِ) وَإِنْ كَانَ جُنُبًا وَحَائِضًا وَنَحْوَهُمَا خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ فِي قَوْلِهِ لَا يُجِيبَانِ لِخَبَرِ «كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ إلَّا عَلَى طُهْرٍ» قَالَ: وَالتَّوَسُّطُ أَنَّهُ يُسَنُّ لِلْمُحْدِثِ لَا لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ إلَّا الْجَنَابَةَ» ، وَلِابْنِهِ فِي التَّوْشِيحِ فِي قَوْلِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُتَوَسَّطَ فَيُقَالُ تُجِيبُ الْحَائِضُ لِطُولِ أَمَدِهَا بِخِلَافِ الْجُنُبِ، وَالْخَبَرَانِ لَا يَدُلَّانِ عَلَى غَيْرِ الْجَنَابَةِ وَلَيْسَ الْحَيْضُ فِي مَعْنَاهَا لِمَا ذُكِرَ انْتَهَى. إذْ فِي دَعْوَاهُ أَنَّ الْخَبَرَيْنِ لَا يَدُلَّانِ عَلَى غَيْرِ الْجَنَابَةِ نَظَرٌ، بَلْ ظَاهِرُ الْأَوَّلِ الْكَرَاهَةُ لِلثَّلَاثَةِ، وَقَدْ يُقَالُ: يُؤَيِّدُهَا كَرَاهَةُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لَهُمْ. وَيُفَرِّقُ بِأَنَّ الْمُؤَذِّنَ وَالْمُقِيمَ مُقَصِّرَانِ حَيْثُ لَمْ يَتَطَهَّرُوا عِنْدَ مُرَاقَبَتِهِمَا الْوَقْتَ وَالْمُجِيبُ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ لِأَنَّ إجَابَتَهُ تَابِعَةٌ لِأَذَانِ غَيْرِهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ غَالِبًا وَقْتَ أَذَانِهِ، وَشَمَلَتْ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ الْمُجَامِعَ وَقَاضِيَ الْحَاجَةِ غَيْرُ أَنَّهُمَا إنَّمَا يُجِيبَانِ بَعْدَ فَرَاغِهِمَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يُطِلْ الْفَصْلَ عُرْفًا وَإِلَّا لَمْ يُسْتَحَبَّ لَهُمَا الْإِجَابَةُ وَمَنْ فِي صَلَاةٍ، لَكِنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ اسْتِحْبَابِ الْإِجَابَةِ فِي حَقِّهِ بَلْ هِيَ مَكْرُوهَةٌ، فَإِنْ قَالَ فِي التَّثْوِيبِ صَدَقْت وَبَرَرْت، أَوْ قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ أَوْ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا تَبْطُلُ بِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. وَلَوْ كَانَ الْمُصَلِّي يَقْرَأُ فِي الْفَاتِحَةِ فَأَجَابَهُ قَطَعَ مُوَالَاتَهَا وَوَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَهَا وَلَوْ كَانَ السَّامِعُ وَنَحْوُهُ فِي ذِكْرٍ أَوْ قِرَاءَةٍ سُنَّ لَهُ الْإِجَابَةُ وَقَطْعُ مَا هُوَ فِيهِ أَوْ فِي طَوَافٍ أَجَابَهُ فِيهِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُجِيبَ فِي كُلِّ كَلِمَةٍ عَقِبَهَا بِأَنْ لَا يُقَارِنَهُ وَلَا يَتَأَخَّرَ عَنْهُ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَمُقْتَضَاهُ الْإِجْزَاءُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَعَدَمُهُ عِنْدَ التَّقَدُّمِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ الْعِمَادِ مِنْ عَدَمِ حُصُولِ سُنَّةِ الْإِجَابَةِ فِي حَالَةِ الْمُقَارَنَةِ مَحْمُولٌ عَلَى نَفْيِ الْفَضِيلَةِ الْكَامِلَةِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَدَمَ اسْتِحْبَابِ الْإِجَابَةِ إذَا عَلِمَ بِأَذَانِ غَيْرِهِ: أَيْ أَوْ إقَامَتِهِ وَلَمْ يَسْمَعْ ذَلِكَ لِصَمَمٍ أَوْ بُعْدٍ. وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إنَّهُ الظَّاهِرُ لِأَنَّهَا مُعَلَّقَةٌ بِالسَّمَاعِ فِي خَبَرِ «إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ» وَكَمَا فِي نَظِيرِهِ فِي تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ قَالَ: وَإِذَا لَمْ يَسْمَعْ التَّرْجِيعَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تُسَنُّ الْإِجَابَةُ فِيهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ» وَلَمْ يَقُلْ مِثْلَ مَا تَسْمَعُونَ، وَصَرَّحَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ بِاسْتِحْبَابِ الْإِجَابَةِ فِي جَمِيعِهِ إذَا لَمْ يَسْمَعْ إلَّا بَعْضَهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSالصَّلَاةِ فَإِنَّهَا تَمْتَنِعُ عَلَيْهِ إذَا طَالَ الْفَصْلُ (قَوْلُهُ: وَنَحْوَهُمَا) أَيْ كَالنُّفَسَاءِ (قَوْلُهُ: عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ) أَيْ فِي كُلِّ أَحْيَانِهِ، وَقَوْلُهُ وَلِابْنِهِ: أَيْ السُّبْكِيّ فِي التَّوْشِيحِ وَهُوَ التَّاجُ السُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ) قَدْ يُخَالِفُ هَذَا مَا مَرَّ لَهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمُوَالَاتِهِ مِنْ أَنَّهُ إذَا عَطَسَ أَوْ سَلَّمَ عَلَيْهِ شَخْصٌ حَمِدَ اللَّهَ وَرَدَّ السَّلَامَ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ، وَقَدْ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا فَحُشَ الطُّولُ وَمَا مَرَّ عَلَى خِلَافِهِ بِأَنْ طَالَ بِلَا فُحْشٍ (قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَالَ فِي إجَابَةِ الْحَيْعَلَتَيْنِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ فَلَا يَضُرُّ، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِ حَجّ: وَيُكْرَهُ لِمَنْ فِي صَلَاةٍ إلَّا الْحَيْعَلَةَ وَالتَّثْوِيبَ أَوْ صَدَقْت فَإِنَّهُ يُبْطِلُهَا إنْ عَلِمَ وَتَعَمَّدَ (قَوْلُهُ: قَطَعَ مُوَالَاتَهَا) أَيْ قَطَعَ فِعْلُهُ وَهُوَ الْإِجَابَةُ مُوَالَاتَهَا (قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ) وَهِيَ الْمُقَارَنَةُ وَالتَّأَخُّرُ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَسْمَعْ إلَّا بَعْضَهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلِابْنِهِ) أَيْ وَخِلَافًا لِابْنِ السُّبْكِيّ فِي كِتَابِهِ التَّوْشِيحِ (قَوْلُهُ: وَالْخَبَرَانِ لَا يَدُلَّانِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمَجْمُوعُ إذْ الْأَوَّلُ وَإِنْ كَانَ عَامًّا، فَهُوَ مَخْصُوصٌ بِالثَّانِي هَذَا هُوَ مُرَادُهُ فِيمَا يَظْهَرُ وَإِلَّا، فَهُوَ لَا يَسَعُهُ أَنْ يُنْكِرَ عُمُومَ الْأَوَّلِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ تَنْظِيرُ الشَّارِحِ الْآتِي فِي كَلَامِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَمَنْ فِي صَلَاةٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِمْدَادِ لِلشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ بَعْدَ قَوْلِ الْإِرْشَادِ وَيُجِيبُ لَا مُصَلِّيًا وَنَحْوَهُ نَصُّهَا: مِمَّنْ يُكْرَهُ لَهُ الْكَلَامُ كَقَاضِ حَاجَةٍ وَمُجَامِعٍ وَغَيْرِهِمَا مِمَّنْ يَأْتِي فَلَا تُسَنُّ لِهَؤُلَاءِ الْإِجَابَةُ بَلْ تُكْرَهُ بَلْ إنْ كَانَتْ إجَابَةُ الْمُصَلِّي بِحَيْعَلَتَيْهِ أَوْ تَثْوِيبٍ أَوْ صَدَقْت وَبَرَرْت أَوْ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ بَطَلَتْ بِخِلَافِ صِدْقِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا وَتَتَأَكَّدُ لَهُ الْإِجَابَةُ بَعْدَ الْفَرَاغِ إلَى أَنْ قَالَ: وَكَذَا يُقَالُ: فِي كُلِّ مَنْ طُلِبَ مِنْهُ تَرْكُ الْإِجَابَةِ لِعُذْرٍ كَقَاضِي الْحَاجَةِ، وَالْمُجَامِعِ وَمَنْ بِمَحَلِّ النَّجَاسَةِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ الْحَالَةِ) يَعْنِي حَالَتَيْ الْمُقَارَنَةِ وَالتَّأَخُّرِ

كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ، قَالَ فِيهِ: وَإِذَا سَمِعَ مُؤَذِّنًا بَعْدَ مُؤَذِّنٍ فَالْمُخْتَارُ أَنَّ أَصْلَ الْفَضِيلَةِ فِي الْإِجَابَةِ شَامِلٌ لِلْجَمِيعِ إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ مُتَأَكِّدٌ يُكْرَهُ تَرْكُهُ. وَقَالَ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: إنَّ إجَابَةَ الْأَوَّلِ أَفْضَلُ إلَّا أَذَانَيْ الصُّبْحِ فَلَا أَفْضَلِيَّةَ فِيهِمَا لِتَقَدُّمِ الْأَوَّلِ وَوُقُوعِ الثَّانِي فِي الْوَقْتِ وَإِلَّا أَذَانَيْ الْجُمُعَةِ لِتَقَدُّمِ الْأَوَّلِ وَمَشْرُوعِيَّةِ الثَّانِي فِي زَمَنِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَمِمَّا عَمَّتْ الْبَلْوَى مَا إذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُونَ وَاخْتَلَطَتْ أَصْوَاتُهُمْ عَلَى السَّامِعِ وَصَارَ بَعْضُهُمْ يَسْبِقُ بَعْضًا وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تُسْتَحَبُّ إجَابَةُ هَؤُلَاءِ، وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ أَنَّهُ تُسْتَحَبُّ إجَابَتُهُمْ (إلَّا فِي حَيْعَلَتَيْهِ) وَهُمَا حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ (فَيَقُولُ) بَدَل كُلٍّ مِنْهَا (لَا حَوْلَ) عَنْ الْمَعْصِيَةِ إلَّا بِعِصْمَةِ اللَّهِ (وَلَا قُوَّةَ) عَلَى الطَّاعَةِ (إلَّا بِاَللَّهِ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ، وَلِأَنَّ الْحَيْعَلَتَيْنِ دُعَاءٌ إلَى الصَّلَاةِ فَلَا يَلِيقُ بِغَيْرِ الْمُؤَذِّنِ، إذْ لَوْ قَالَهُ السَّامِعُ لَكَانَ النَّاسُ كُلُّهُمْ دُعَاةً فَمَنْ الْمُجِيبُ، فَسُنَّ لِلْمُجِيبِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ تَفْوِيضٌ مَحْضٌ إلَى اللَّهِ تَعَالَى (قُلْت: وَإِلَّا فِي التَّثْوِيبِ) فِي أَذَانِ الصُّبْحِ (فَيَقُولُ) بَدَلَ كَلِمَتَيْهِ (صَدَقْت وَبَرَرْت، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) بِكَسْرِ الرَّاءِ الْأُولَى وَحُكِيَ فَتْحُهَا: أَيْ صِرْت ذَا بِرٍّ: أَيْ خَيْرٍ كَثِيرٍ لِلْمُنَاسَبَةِ وَلِوُرُودِ خَبَرٍ فِيهِ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَادَّعَى الدَّمِيرِيِّ أَنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ. وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ مَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ، فَلَوْ كَانَ الْمُؤَذِّنُ يُثَنِّي الْإِقَامَةَ فَهَلْ يُثَنِّي السَّامِعُ؟ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ نَعَمْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَخْرُجَ فِيهِ خِلَافٌ مِنْ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِعَقِيدَةِ الْإِمَامِ أَوْ الْمَأْمُومِ، وَقَدْ تَعَرَّضَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ابْنُ كَجٍّ فِي التَّجْرِيدِ وَجَزَمَ فِيهَا بِالْأَوَّلِ وَعِبَارَتُهُ: وَإِذَا ثَنَّى الْمُؤَذِّنُ الْإِقَامَةَ يُسْتَحَبُّ لِكُلِّ مَنْ سَمِعَهُ أَنْ يَقُولَ مِثْلَهُ وَيُجِيبُ سَامِعُ الْإِقَامَةِ بِمِثْلِ مَا سَمِعَهُ إلَّا فِي كَلِمَتَيْ الْإِقَامَةِ فَإِنَّهُ يَقُولُ: أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا وَجَعَلَنِي مِنْ صَالِحِي أَهْلِهَا (وَ) يُسَنُّ (لِكُلٍّ) مِنْ مُؤَذِّنٍ وَسَامِعٍ وَمُسْتَمِعٍ وَكَذَا مُقِيمٌ لِحَدِيثٍ وَرَدَ فِيهِ رَوَاهُ ابْنُ السُّنِّيِّ وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي أَذْكَارِهِ (أَنْ يُصَلِّيَ) وَيُسَلِّمَ (عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) لِمَا مَرَّ مِنْ كَرَاهَةِ إفْرَادِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخِرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ الْآخِرِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ مُتَأَكِّدٌ) أَيْ جَوَابُهُ (قَوْلُهُ: مَا إذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُونَ) أَيْ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ أَوْ مَحَالَّ وَسَمِعَ الْجَمِيعُ (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إنَّهُ تُسْتَحَبُّ إجَابَتُهُمْ) أَيْ إجَابَةٌ وَاحِدَةٌ وَيَتَحَقَّقُ ذَلِكَ بِأَنْ يَتَأَخَّرَ بِكُلِّ كَلِمَةٍ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى ظَنَّهُ أَنَّهُمْ أَتَوْا بِهَا بِحَيْثُ تَقَعُ إجَابَتُهُ مُتَأَخِّرَةً أَوْ مُقَارِنَةً (قَوْلُهُ: وَبَرَرْت) زَادَ فِي الْعُبَابِ وَبِالْحَقِّ نَطَقْت بِهِ (قَوْلُهُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَأَدَامَهَا) زَادَ حَجّ: مَا دَامَتْ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ. وَقَوْلُهُ وَجَعَلَنِي مِنْ صَالِحِي أَهْلِهَا. زَادَ حَجّ: لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِهِ (قَوْلُهُ: أَنْ يُصَلِّيَ وَيُسَلِّمَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَتَحْصُلُ السُّنَّةُ بِأَيِّ لَفْظٍ أَتَى بِهِ مِمَّا يُفِيدُ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَفْضَلَ الصِّيَغِ عَلَى الرَّاجِحِ صَلَاةُ التَّشَهُّدِ فَيَنْبَغِي تَقْدِيمُهَا عَلَى غَيْرِهَا، وَمِنْ الْغَيْرِ مَا يَقَعُ لِلْمُؤَذِّنِينَ مِنْ قَوْلِهِمْ بَعْدَ الْأَذَانِ: الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إلَى آخِرِ مَا يَأْتُونَ بِهِ فَيَكْفِي. [فَائِدَةٌ] قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: وَيَتَأَكَّدُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَوَاضِعَ وَرَدَ فِيهَا أَخْبَارٌ خَاصَّةٌ أَكْثَرُهَا بِأَسَانِيدَ جِيَادٍ عَقِبَ إجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ وَأَوَّلَ الدُّعَاءِ وَأَوْسَطَهُ وَآخِرَهُ، وَفِي أَوَّلِهِ آكَدُ وَفِي آخِرِ الْقُنُوتِ وَفِي أَثْنَاءِ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ وَعِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالْخُرُوجِ مِنْهُ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ وَالتَّفَرُّقِ وَعِنْدَ السَّفَرِ وَالْقُدُومِ مِنْهُ وَالْقِيَامِ لِصَلَاةِ اللَّيْلِ وَخَتْمِ الْقُرْآنِ وَعِنْدَ الْهَمِّ وَالْكَرْبِ وَالتَّوْبَةِ وَقِرَاءَةِ الْحَدِيثِ وَتَبْلِيغِ الْعِلْمِ وَالذِّكْرِ وَنِسْيَانِ الشَّيْءِ. وَوَرَدَ أَيْضًا فِي أَحَادِيثَ ضَعِيفَةٍ عِنْدَ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ وَطَنِينِ الْأُذُنِ وَالتَّلْبِيَةِ وَعَقِبَ الْوُضُوءِ وَعِنْدَ الذَّبْحِ وَالْعُطَاسِ. وَوَرَدَ الْمَنْعُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَفَى بِهِمَا السُّنِّيَّةَ لَا الْإِجْزَاءَ (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ أَنَّهُ تُسْتَحَبُّ إجَابَتُهُمْ) وَالصُّورَةُ أَنَّ الْأَذَانَ مَشْرُوعٌ، إذْ الصُّورَةُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُؤَذِّنُ عَلَى حِدَةٍ لَكِنَّهُمْ تَقَارَبُوا فَاشْتَبَهَتْ أَصْوَاتُهُمْ عَلَى السَّامِعِ

(بَعْدَ فَرَاغِهِ) أَيْ مِنْ ذَلِكَ (ثُمَّ) يَقُولُ عَقِبَ ذَلِكَ (اللَّهُمَّ) أَصْلُهُ يَا اللَّهُ حُذِفَتْ يَاؤُهُ وَعَوَّضَتْ عَنْهَا الْمِيمُ وَلِهَذَا امْتَنَعَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا (رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ) بِفَتْحِ الدَّال: هِيَ دَعْوَةُ الْأَذَانِ (التَّامَّةِ) سُمِّيَتْ تَامَّةً لِكَمَالِهَا وَسَلَامَتِهَا مِنْ نَقْصٍ يَتَطَرَّقُ إلَيْهَا (وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ) أَيْ الَّتِي سَتُقَامُ (آتِ) أَعْطِ (مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ) مَنْزِلَةً فِي الْجَنَّةِ (وَالْفَضِيلَةَ) عَطْفُ بَيَانٍ أَوْ أَعَمُّ، وَحُذِفَ مِنْ أَصْلِهِ وَغَيْرِهِ وَالدَّرَجَةَ الرَّفِيعَةَ، وَخَتَمَهُ بِيَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ لِأَنَّهُ لَا أَصْلَ لَهُمَا، وَيُقَالُ أَنَّ الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ قُبَّتَانِ فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ إحْدَاهُمَا مِنْ لُؤْلُؤَةٍ بَيْضَاءَ يَسْكُنُهَا مُحَمَّدٌ وَآلُهُ وَالْأُخْرَى مِنْ يَاقُوتَةٍ صَفْرَاءَ يَسْكُنُهَا إبْرَاهِيمُ وَآلُهُ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - (وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا) هُوَ مَقَامُ الشَّفَاعَةِ فِي فَصْلِ الْقَضَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (الَّذِي وَعَدْته) الَّذِي مَنْصُوبٌ بَدَلٌ مِمَّا قَبْلَهُ أَوْ بِتَقْدِيرِ أَعْنِي، أَوْ مَرْفُوعٌ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ» وَالْحِكْمَةُ فِي سُؤَالِ ذَلِكَ لَهُ وَإِنْ كَانَ وَاجِبَ الْوُقُوعِ بِوَعْدِ اللَّهِ تَعَالَى إظْهَارُ شَرَفِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْهَا عِنْدَهُمَا أَيْضًا انْتَهَى مُنَاوِيٌّ عِنْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ عَلَيَّ زَكَاةٌ لَكُمْ» وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ بِحَدِيثَيْنِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ «صَلُّوا عَلَى أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ فَإِنَّ اللَّهَ بَعَثَهُمْ كَمَا بَعَثَنِي» إلَخْ، وَحِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ لَمَّا بَذَلُوا أَعْرَاضَهُمْ فِيهِ لِأَعْدَائِهِ فَنَالُوا مِنْهُمْ وَسَبُّوهُمْ أَعْطَاهُمْ اللَّهُ الصَّلَاةَ عَلَيْهِمْ، وَجَعَلَ لَهُمْ أَطْيَبَ الثَّنَاءِ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَأَخْلَصَهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ، فَالصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ مَنْدُوبَةٌ لَا وَاجِبَةٌ، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ عَلَى نَبِيِّنَا إذْ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّ الْأُمَمَ السَّابِقَةَ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ كَذَا بَحَثَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ انْتَهَى. وَنَقَلَ بِالدَّرْسِ عَنْ الشَّيْخِ حَمْدَانَ نَقْلًا عَنْ الشِّيرَازِيِّ أَنَّهُ تُسَنُّ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ الْإِقَامَةِ، وَانْظُرْ هَلْ يُقَالُ مِثْلُهُ فِي الْأَذَانِ أَمْ لَا؟ ثُمَّ رَأَيْت بِهَامِشِ نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ مِنْ شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ بَعْدَ فَرَاغٍ مِنْ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ هَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ لَكِنْ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ وَتَبِعَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّ الصَّلَاةَ الْمَطْلُوبَةَ لِلْإِقَامَةِ إنَّمَا تَكُونُ قَبْلَهَا. قَالَ السَّيِّدُ السَّمْهُودِيُّ فِي حَوَاشِي الرَّوْضَةِ: وَلَعَلَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ، فَإِنَّ الْمَعْرُوفَ وَالْوَارِدَ فِي أَحَادِيثَ يُعْمَلُ بِهَا فِي الْفَضَائِلِ أَنَّهُ بَعْدَهَا، وَقَدْ أَفْتَى شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ بِنَدْبِهَا قَبْلَ الْإِقَامَةِ، فَإِنْ كَانَ مُسْتَنَدُهُ مَا تَعَقَّبَهُ السَّمْهُودِيُّ فَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ، وَإِلَّا فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ طَلَبِهَا بَعْدَ الْإِقَامَةِ انْتَهَى بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ فَرَاغِهِ) وَلَوْ كَانَ اشْتِغَالُهُ بِالْإِجَابَةِ يُفَوِّتُ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ مَعَ الْإِمَامِ أَوْ بَعْضَ الْفَاتِحَةِ بَلْ أَوْ كُلَّهَا فَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ مِنْ أَنَّهُ يُقَدِّمُ سُنَنَ الْوُضُوءِ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ يُقَدِّمُ الْإِجَابَةَ عَلَى أَنَّهُ قِيلَ بِوُجُوبِهَا (قَوْلُهُ أَيْ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ اللَّهُمَّ) وَظَاهِرٌ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْإِجَابَةِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالدُّعَاءِ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، فَلَوْ تَرَكَ بَعْضَهَا سُنَّ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْبَاقِي (قَوْلُهُ عَطْفُ بَيَانٍ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْبَيَانِ هُنَا التَّفْسِيرُ وَإِلَّا فَالْبَيَانُ لَا يَقْتَرِنُ بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ: يَسْكُنُهَا إبْرَاهِيمُ وَآلُهُ) وَلَا يُنَافِي هَذَا سُؤَالُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُمَا عَلَى هَذَا الْجَوَازِ أَنْ يَكُونَ السُّؤَالُ لِتَنْجِيزِ مَا وَعَدَ بِهِ مِنْ أَنَّهُمَا لَهُ، وَيَكُونُ سُكْنَى إبْرَاهِيمَ وَآلِهِ فِيهَا مِنْ قَبْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إظْهَارًا لِشَرَفِهِ عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: مَقَامًا مَحْمُودًا) وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ أَيْضًا الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: إظْهَارُ شَرَفِهِ) وَمِنْ لَازِمِ طَلَبِ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ: الْأَذَانِ، وَالْإِجَابَةِ، وَالْإِقَامَةِ (قَوْلُهُ: عَطْفَ بَيَانٍ) يَعْنِي عَطْفَ تَفْسِيرٍ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ عَطْفَ الْبَيَانِ الِاصْطِلَاحِيِّ إذْ هُوَ لَا يَقْتَرِنُ بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ: يَسْكُنُهَا إبْرَاهِيمُ وَآلُهُ) يُقَالُ: عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَمَا مَعْنَى سُؤَالِهَا لِسَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ فِي الْجَوَابِ عَنْهُ مَا لَا يَشْفِي.

[فصل في بيان القبلة وما يتبعها]

وَعِظَمِ مَنْزِلَتِهِ وَيُسَنُّ الدُّعَاءُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِمَا وَرَدَ «إنَّ الدُّعَاءَ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لَا يُرَدُّ فَادْعُوا» وَأَنْ يَقُولَ الْمُؤَذِّنُ وَمَنْ سَمِعَهُ بَعْدَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ: اللَّهُمَّ هَذَا إقْبَالُ لَيْلِك وَإِدْبَارُ نَهَارِك وَأَصْوَاتُ دُعَائِك اغْفِرْ لِي وَيَقُولُ كُلٌّ مِنْهُمَا بَعْدَ أَذَانِ الصُّبْحِ: اللَّهُمَّ هَذَا إقْبَالُ نَهَارِك وَإِدْبَارُ لَيْلِك وَأَصْوَاتُ دُعَاتِك اغْفِرْ لِي وَآكَدُ الدُّعَاءِ كَمَا فِي الْعُبَابِ سُؤَالُ الْعَافِيَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْقِبْلَةِ وَمَا يَتْبَعُهَا (اسْتِقْبَالُ) عَيْنِ (الْقِبْلَةِ) أَيْ الْكَعْبَةِ بِصَدْرِهِ لَا بِوَجْهِهِ (شَرْطٌ لِصَلَاةِ الْقَادِرِ) عَلَى الِاسْتِقْبَالِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 144] أَيْ جِهَتَهُ، وَالِاسْتِقْبَالُ لَا يَجِبُ فِي غَيْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَهُ امْتِثَالَا حُصُولِ الثَّوَابِ لِلدَّاعِي (قَوْلُهُ: وَعِظَمِ مَنْزِلَتِهِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ الدُّعَاءُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ) أَيْ وَإِنْ طَالَ مَا بَيْنَهُمَا، وَيَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ بِمُجَرَّدِ الدُّعَاءِ، وَالْأَوْلَى شَغْلُ الزَّمَنِ بِتَمَامِهِ بِالدُّعَاءِ إلَّا وَقْتُ فِعْلِ الرَّاتِبَةِ عَلَى أَنَّ الدُّعَاءَ فِي نَحْوِ سُجُودِهَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ دُعَاءٌ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، وَمَفْهُومُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا يَطْلُبُ الدُّعَاءَ بَعْدَ الْإِقَامَةِ وَقَبْلَ التَّحَرُّمِ. وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْ الْمُصَلِّي الْمُبَادَرَةُ إلَى التَّحَرُّمِ لِتَحْصُلَ لَهُ الْفَضِيلَةُ التَّامَّةُ (قَوْلُهُ بَعْدَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ) أَيْ وَبَعْدَ إجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكُلٌّ مِنْ هَذِهِ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فَلَا يَتَوَقَّفُ طَلَبُ شَيْءٍ مِنْهَا عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: اغْفِرْ لِي) عِبَارَةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ فَاغْفِرْ لِي (قَوْلُهُ: بَعْدَ أَذَانِ الصُّبْحِ) إنَّمَا خَصَّ الْمَغْرِبَ وَالصُّبْحَ بِذَلِكَ لِكَوْنِ الْمَغْرِبِ خَاتِمَةَ عَمَلِ النَّهَارِ وَالصُّبْحِ خَاتِمَةَ عَمَلِ اللَّيْلِ وَمُقَدِّمَةَ عَمَلِ النَّهَارِ (قَوْلُهُ: سُؤَالُ الْعَافِيَةِ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. [فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْقِبْلَةِ وَمَا يَتْبَعُهَا] فَصْلٌ: فِي بَيَانِ الْقِبْلَةِ أَيْ فِي بَيَانِ حَقِيقَتِهَا وَحُكْمِ اسْتِقْبَالِهَا (قَوْلُهُ: وَمَا يَتْبَعُهَا) أَيْ كَوُجُوبِ إتْمَامِ الْأَرْكَانِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا فِي نَفْلِ السَّفَرِ، وَكَاسْتِقْبَالِ صَوْبِ مَقْصِدِهِ فِي نَفْلِ السَّفَرِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: لَا بِوَجْهِهِ) أَيْ وَلَا بِقَدَمَيْهِ أَخْذًا بِإِطْلَاقِهِمْ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَإِنْ اسْتَبْعَدَهُ سم عَلَى حَجّ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْوَجْهَ لَا يَجِبُ الِاسْتِقْبَالُ بِهِ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بِدَلِيلِ مَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ صَلَّى مُسْتَلْقِيًا مِنْ وُجُوبِ الِاسْتِقْبَالِ بِالْوَجْهِ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى اسْتِقْبَالِهِ بِمَا ذَكَرَ اهـ كَذَا بِهَامِشٍ عَنْ الشَّيْخِ سُلَيْمَانَ الْبَابِلِيِّ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الصَّدْرِ هُنَا وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى التَّعْمِيمَ لِأَنَّ الْأَدِلَّةَ الْوَارِدَةَ مِنْ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ إنَّمَا تُحْمَلُ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ الْقَائِمِ وَالْقَاعِدِ، فَمَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَيْهِمَا لِلْأَدِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَهُوَ كَوْنُهَا مُطْلَقَةً، وَالْمُطْلَقُ يُحْمَلُ عَلَى الْغَالِبِ فِيهِ وَأَمَّا التَّوَجُّهُ بِالْوَجْهِ فَهُوَ بِدَلِيلٍ خَارِجِيٍّ كَمَا سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ وَدَفْعًا لِمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ ظَاهِرٍ قَوْله تَعَالَى {فَوَلِّ وَجْهَكَ} [البقرة: 144] أَنَّ الِاسْتِقْبَالَ بِهِ وَاجِبٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ: أَيْ جِهَتَهُ) لَا يَرُدُّ أَنَّ هَذَا التَّفْسِيرَ لَا يُوَافِقُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ مِنْ اشْتِرَاطِ اسْتِقْبَالِ الْعَيْنِ وَعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالْجِهَةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا بَيَانُ اسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الدُّعَاءُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ] فَصْلٌ (قَوْلُهُ: بِصَدْرِهِ لَا بِوَجْهِهِ) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي صَلَاةِ الْقَادِرِ فِي الْفَرْضِ كَمَا هُوَ نَصُّ الْمَتْنِ، فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ قَدْ يَجِبُ بِالْوَجْهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْتَلْقِي؛ لِأَنَّ تِلْكَ حَالَةُ عَجْزٍ وَسَيَأْتِي لَهَا حُكْمٌ يَخُصُّهَا، فَانْدَفَعَ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ عَنْ الْبَابِلِيِّ مَعَ الْجَوَابِ عَنْهُ

الصَّلَاةِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ فِيهَا، وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ قِبَلَ الْكَعْبَةِ وَقَالَ هَذِهِ الْقِبْلَةُ» مَعَ خَبَرِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» وَقُبُلَ بِضَمِّ الْقَافِ وَالْبَاءِ وَيَجُوزُ إسْكَانُهَا. قَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ مُقَابِلُهَا، وَبَعْضُهُمْ مَا اسْتَقْبَلَك مِنْهَا: أَيْ وَجْهُهَا، وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ ابْنِ عُمَرَ «وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي وَجْهِ الْكَعْبَةِ» وَرَوَى أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ الْبَيْتَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يُصَلِّ، وَدَخَلَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَصَلَّى» وَفِي هَذَا جَوَابُ نَفْيِ أُسَامَةَ الصَّلَاةَ. وَالْأَصْحَابُ وَمِنْهُمْ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَدْ أَجَابُوا بِاحْتِمَالِ الدُّخُولِ مَرَّتَيْنِ، وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِالنَّقْلِ لَا بِالِاحْتِمَالِ، وَأَمَّا خَبَرُ «مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ» فَمَحْمُولٌ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ دَانَاهُمْ، وَسُمِّيَتْ قِبْلَةً لِأَنَّ الْمُصَلِّي يُقَابِلُهَا وَكَعْبَةً لِارْتِفَاعِهَا، وَقِيلَ لَاسْتَدَارَتْهَا وَارْتِفَاعِهَا، «وَكَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَوَّلُ أَمْرِهِ يَسْتَقْبِلُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ. قِيلَ بِأَمْرٍ، وَقِيلَ بِرَأْيِهِ، وَكَانَ يَجْعَلُ الْكَعْبَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فَيَقِفُ بَيْنَ الْيَمَانِيَيْنِ، فَلَمَّا هَاجَرَ اسْتَدْبَرَهَا فَشَقَّ عَلَيْهِ، فَسَأَلَ جِبْرِيلَ أَنْ يَسْأَلَ رَبَّهُ التَّحَوُّلَ إلَيْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي الْجُمْلَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ بِدُونِهِ إجْمَاعًا، وَأَمَّا تَعَيُّنُ الْعَيْنِ فَمَسْأَلَةٌ أُخْرَى لَهَا طَرِيقٌ آخَرُ مِنْ الِاسْتِدْلَالِ، عَلَى أَنَّا نَمْنَعُ الْجِهَةَ الْمُفَسَّرَ بِهَا الشَّطْرُ فِي الْآيَةِ مُقَابَلَةَ الْعَيْنِ فَقَدْ قَالَ جَدُّ شَيْخِنَا الشَّرِيفِ عِيسَى فِي مُصَنَّفٍ لَهُ فِي وُجُوبِ إصَابَةِ عَيْنِ الْقِبْلَةِ مَا نَصُّهُ: بَلْ التَّحْقِيقُ أَنَّ إطْلَاقَ الْجِهَةِ فِي مُقَابَلَةِ الْعَيْنِ إنَّمَا هُوَ اصْطِلَاحُ طَائِفَةٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ. وَأَمَّا بِحَسَبِ أَصْلِ اللُّغَةِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ مَنْ انْحَرَفَ عَنْ مُقَابَلَةِ شَيْءٍ فَهُوَ لَيْسَ مُتَوَجِّهًا نَحْوَهُ وَلَا إلَى جِهَتِهِ بِحَسَبِ حَقِيقَةِ اللُّغَةِ وَإِنْ أَطْلَقَ عَلَيْهِ بِمُسَامَحَةٍ أَوْ اصْطِلَاحٍ، فَالشَّافِعِيُّ لَاحَظَ حَقِيقَةَ اللُّغَةِ وَحَكَمَ بِالْآيَةِ أَنَّ الْوَاجِبَ أَصَالَةُ الْعَيْنِ، وَمَعْنَاهُ: أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يُعَدُّ عُرْفًا أَنَّهُ مُتَوَجِّهٌ إلَى عَيْنِ الْكَعْبَةِ كَمَا حَقَّقَهُ الْإِمَامُ فِي النِّهَايَةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَقَوْلُهُ أَيْ جِهَتَهُ الْمُرَادُ بِهَا هُنَا الْعَيْنُ لِمَا يَأْتِي عَنْ حَجّ، وَلَوْ فَسَّرَ بِهِ الشَّارِحُ كَانَ أَوْلَى لِيُطَابِقَ قَوْلَهُ السَّابِقَ عَيْنَ الْقِبْلَةِ إلَخْ، وَلَعَلَّ الْحَامِلَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ الْمُفَسِّرِينَ، وَحَمْلُ الْقِبْلَةِ عَلَى الْعَيْنِ هُنَا بَيَانٌ لِلْمُرَادِ بِهَا هُنَا (قَوْلُهُ: وَقَالَ هَذِهِ الْقِبْلَةُ) قَالَ حَجّ: فَالْحَصْرُ فِيهَا دَافِعٌ لِحَمْلِ الْآيَةِ عَلَى الْجِهَةِ (قَوْلُهُ: «دَخَلَ الْبَيْتَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ» ) أَيْ مِنْ الْأَيَّامِ الَّتِي أَقَامَهَا بَعْدَ الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ) أَيْ دُخُولُهُ مَرَّتَيْنِ (قَوْلُهُ: بِالنَّقْلِ) أَيْ السَّابِقِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَابْنِ حِبَّانَ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا خَبَرُ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ أَيْ الْكَعْبَةِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَمَنْ دَانَاهُمْ) أَيْ قَرُبَ مِنْهُمْ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ بِحَيْثُ يُعَدُّ عَلَى سَمْتِهِمْ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لِاسْتِدَارَتِهَا وَارْتِفَاعِهَا) عِبَارَةُ حَجّ: سُمِّيَ الْبَيْتُ كَعْبَةً أَخْذًا مِنْ كَعَبْتُهُ رَبَّعْتُهُ، وَالْكَعْبَةُ: كُلُّ بَيْتٍ مُرَبَّعٍ كَذَا فِي الْقَامُوسِ، وَهَذَا أَوْضَحُ مِنْ جَعْلِ سَبَبِهَا ارْتِفَاعَهَا كَمَا سُمِّيَ كَعْبُ الرَّجُلِ بِذَلِكَ لِارْتِفَاعِهِ، وَأَصْوَبُ مِنْ جَعْلِهِ: أَيْ جَعْلِ سَبَبِ التَّسْمِيَةِ اسْتِدَارَتِهَا إلَّا أَنْ يُرِيدَ قَائِلُهُ بِالِاسْتِدَارَةِ التَّرْبِيعَ مَجَازًا أَوْ يَكُونَ أَخْذُ الِاسْتِدَارَةِ فِي الْكَعْبِ سَبَبًا لِتَسْمِيَتِهِ لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ اهـ (قَوْلُهُ وَقِيلَ بِرَأْيِهِ) أَيْ لَا بِتَقْلِيدِ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ يُصَلُّونَ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ بِتَقْدِيرِ أَنَّ ذَلِكَ شُرِعَ لَهُمْ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنْ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا لَيْسَ شَرْعًا لَنَا مُطْلَقًا: أَيْ سَوَاءٌ وَرَدَ فِي شَرْعِنَا مَا يُقَرِّرُهُ أَوْ مَا يَنْسَخُهُ فَهُوَ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَا يَكُونَ بِوَحْيٍ فَهُوَ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُ. غَايَتُهُ أَنَّهُ اتَّفَقَ مُوَافَقَتُهُ لِمَنْ يَسْتَقْبِلُهَا بِشَرْعٍ (قَوْلُهُ: فَلَمَّا هَاجَرَ اسْتَدْبَرَهَا) أَيْ الْكَعْبَةَ بِوَحْيٍ، وَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ لَمَّا هَاجَرَ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ خُرُوجِهِ مِنْ مَكَّةَ، وَعِبَارَةُ الْبَيْضَاوِيِّ رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَصَلَّى نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا ثُمَّ وُجِّهَ إلَى الْكَعْبَةِ فِي رَجَبٍ بَعْدَ الزَّوَالِ قَبْلَ قِتَالِ بَدْرٍ بِشَهْرَيْنِ» اهـ. وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ قَوْلِهِ قَدِمَ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ دُخُولِهِ الْمَدِينَةِ فَلْيُحَرَّرْ مَا فَعَلَهُ فِي مُدَّةِ الذَّهَابِ (قَوْلُهُ: فَشُقَّ عَلَيْهِ) قِيلَ لِكَوْنِهَا قِبْلَةَ إبْرَاهِيمَ، وَقِيلَ لِأَنَّ قِبْلَةَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ قِبْلَةُ الْيَهُودِ فَشُقَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِإِيهَامِهِ الْيَهُودَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ يُعَظِّمُونَ دِينَهُمْ حَتَّى رَجَعُوا إلَى قِبْلَتِهِمْ (قَوْلُهُ: فَسَأَلَ جِبْرِيلَ) حِكْمَةُ سُؤَالِهِ جِبْرِيلَ أَنَّهُ الَّذِي يَنْزِلُ بِالْوَحْيِ وَإِلَّا فَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْرَبُ مَنْزِلَةً إلَى اللَّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَنَزَلَ {فَوَلِّ وَجْهَكَ} [البقرة: 144] الْآيَةَ، وَقَدْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ فَتَحَوَّلَ» ، وَمَا فِي الْبُخَارِيِّ «إنَّ أَوَّلَ صَلَاةٍ صُلِّيَتْ لِلْكَعْبَةِ الْعَصْرُ» أَيْ كَامِلَةً وَكَانَ التَّحْوِيلُ فِي رَجَبٍ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِسِتَّةَ عَشَرَ أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِالْقَادِرِ عَنْ الْعَاجِزِ كَمَرِيضٍ عَجَزَ عَمَّنْ يُوَجِّهُهُ وَمَرْبُوطٌ عَلَى خَشَبَةٍ وَغَرِيقٌ عَلَى لَوْحٍ يَخَافُ مِنْ اسْتِقْبَالِهِ الْغَرَقَ، وَمَنْ خَافَ مِنْ نُزُولِهِ عَنْ دَابَّتِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ انْقِطَاعًا عَنْ الرُّفْقَةِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي عَلَى حَسَبِ حَالِهِ وَيُعِيدُ عَلَى الْأَصَحِّ لِنُدْرَتِهِ، وَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ وُجُوبُ الْإِعَادَةِ دَلِيلُ الِاشْتِرَاطِ: أَيْ لَا يَحْتَاجُ لِلتَّقْيِيدِ بِالْقَادِرِ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ شَرْطًا لَمَا صَحَّتْ الصَّلَاةُ بِدُونِهِ وَبِأَنَّ وُجُوبَ الْقَضَاءِ لَا دَلِيلَ فِيهِ وَلِهَذَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: يَخْدِشُ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ جِبْرِيلَ. وَلَا يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا مُرَاجَعَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَبَّهُ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ بِنَفْسِهِ لِجَوَازِ أَنَّ جِبْرِيلَ أَخْبَرَهُ بِأَنَّهُ لَا يُجَاوِزُ الْمَقَامَ الَّذِي انْتَهَى إلَيْهِ، أَوْ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَلَب مِنْهُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ الْمُنَاجَاةَ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: «وَقَدْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ» ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ التَّحَوُّلَ كَانَ فِي ابْتِدَاءِ الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ، وَفِي النُّورِ مَا نَصَّهُ: الْخَامِسَةُ أَيْ مِنْ الْفَوَائِدِ فِي أَيِّ رَكْعَةٍ وَقَعَ التَّحَوُّلُ. الْجَوَابُ أَنَّهُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ. السَّادِسَةُ: فِي أَيِّ رُكْنٍ وَقَعَ الْجَوَابُ فِي الرُّكُوعِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ. وَعَلَيْهِ فَمَنْ قَالَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَرَكْعَتَيْنِ لِلْكَعْبَةِ لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الرُّكُوعَ لَمَّا كَانَتْ تُدْرَكُ بِهِ الرَّكْعَةُ لِلْمَسْبُوقِ وَكَانَ التَّحْوِيلُ فِيهِ جَعْلُ الرَّكْعَةِ كُلِّهَا لِلْكَعْبَةِ مَعَ أَنَّ قِيَامَهَا وَقِرَاءَتَهَا وَابْتِدَاءَ رُكُوعِهَا لِبَيْتِ الْمَقْدِسِ (قَوْلُهُ: فَتَحَوَّلَ) وَلَمْ يُبَيِّنُوا مَا فَعَلَتْهُ الصَّحَابَةُ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ هَلْ تَحَوَّلُوا فِي أَمْكَنَتْهُمْ مِنْ غَيْرِ تَأَخُّرٍ أَمْ تَأَخَّرُوا أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ ثُمَّ رَأَيْت فِي السِّيرَةِ الشَّامِيَّةِ فِي مَبْحَثِ تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ مَا نَصُّهُ: «فَاسْتَدَارُوا إلَى الْكَعْبَةِ فَتَحَوَّلَ النِّسَاءُ مَكَانَ الرِّجَالِ وَالرِّجَالُ مَكَانَ النِّسَاءِ» ، وَذَلِكَ أَنَّ الْإِمَامَ تَحَوَّلَ مِنْ مَقَامِهِ فِي مُقَدِّمِ الْمَسْجِدِ إلَى مُؤَخَّرِ الْمَسْجِدِ، لِأَنَّ مَنْ اسْتَقْبَلَ الْكَعْبَةَ بِالْمَدِينَةِ فَقَدْ اسْتَدْبَرَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَهُوَ لَوْ دَارَ كَمَا هُوَ مَكَانُهُ لَمْ يَكُنْ خَلْفَهُ مَكَانٌ يَسَعُ الصُّفُوفَ، فَلَمَّا تَحَوَّلَ الْإِمَامُ تَحَوَّلَتْ الرِّجَالُ حَتَّى صَارُوا خَلْفَهُ وَتَحَوَّلَتْ النِّسَاءُ حَتَّى صِرْنَ خَلْفَ الرِّجَالِ وَهَذَا يَسْتَدْعِي عَمَلًا كَثِيرًا فِي الصَّلَاةِ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ كَمَا كَانَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْكَلَامِ: أَيْ كَالْحُكْمِ الَّذِي كَانَ قَبْلَ تَحْرِيمِهِ وَهُوَ إبَاحَتُهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اُغْتُفِرَ الْعَمَلُ الْمَذْكُورُ لِأَجْلِ الْمَصْلَحَةِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ لَمْ تَتَوَالَ الْخُطَا عِنْدَ التَّحْوِيلِ بَلْ وَقَعَتْ مُتَفَرِّقَةً (قَوْلُهُ: أَيْ كَامِلَةً) خَبَرٌ لِقَوْلِهِ وَمَا فِي الْبُخَارِيِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَكَانَ التَّحَوُّلُ فِي رَجَبٍ بَعْدَ الْهِجْرَةِ إلَخْ) الْجَزْمُ بِكَوْنِ التَّحَوُّلِ فِي رَجَبٍ مَعَ حِكَايَةِ الْخِلَافِ فِي الْمُدَّةِ أَهِيَ سِتَّةَ عَشَرَ أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ يُفِيدُ أَنَّ فِي وَقْتِ الْهِجْرَةِ خِلَافًا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: كَمَرِيضٍ عَجَزَ عَمَّنْ يُوَجِّهُهُ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَجِدْهُ فِي مَحَلٍّ يَجِبُ طَلَبُ الْمَاءِ مِنْهُ. لَا يُقَالُ: هُوَ عَاجِزٌ فَكَيْفَ يُمْكِنُهُ الطَّلَبُ. لِأَنَّا نَقُولُ: يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ بِمَأْذُونِهِ (قَوْلُهُ وَمَنْ خَافَ مِنْ نُزُولِهِ عَنْ دَابَّتِهِ عَلَى نَفْسِهِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: هَذَا لَيْسَ خَارِجًا بِالْقَادِرِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْقَادِرُ حَسًّا بِدَلِيلِ اسْتِثْنَاءِ شِدَّةِ الْخَوْفِ وَكَانَ الْأَوْلَى إدْخَالُ مَا ذُكِرَ فِيهِ. وَقَدْ يُقَالُ: لَمَّا كَانَتْ الْإِعَادَةُ فِيمَا ذُكِرَ وَاجِبَةً بِخِلَافِ شِدَّةِ الْخَوْفِ لَمْ يَدْخُلْهَا فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَالِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْخَوْفَ عَلَى الِاخْتِصَاصِ لَا أَثَرَ لَهُ وَإِنْ كَثُرَ (قَوْلُهُ: أَوْ انْقِطَاعًا عَنْ الرِّفْقَةِ) أَيْ إذَا اسْتَوْحَشَ كَمَا يَأْتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ سَائِرَةٍ فَلَا (قَوْلُهُ: عَلَى حَسَبِ حَالِهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْوَقْتُ وَاسِعًا، وَقِيَاسًا مَا تَقَدَّمَ فِي فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَنَحْوُهُ أَنَّهُ إنْ رَجَا زَوَالَ الْعُذْرِ لَا يُصَلِّي إلَّا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ، وَإِنْ لَمْ يَرْجُ زَوَالَهُ صَلَّى فِي أَوَّلِهِ، ثُمَّ إنْ زَالَ بَعُدَ عَلَى خِلَافِ ظَنِّهِ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ، وَإِنْ اسْتَمَرَّ الْعُذْرُ حَتَّى فَاتَ الْوَقْتُ كَانَتْ فَائِتَةً بِعُذْرٍ فَيُنْدَبُ قَضَاؤُهَا فَوْرًا، وَيَجُوزُ التَّأْخِيرُ بِشَرْطِ أَنْ يَفْعَلهَا قَبْلَ مَوْتِهِ كَسَائِرِ الْفَوَائِتِ (قَوْله فَلَا يَحْتَاجُ لِلتَّقْيِيدِ) الْأَوْلَى فَلَا يَصِحُّ التَّقْيِيدُ لِإِخْرَاجِهِ مَا هُوَ دَاخِلٌ حَيْثُ جُعِلَ شَرْطًا فِي الْعَاجِزِ (قَوْلُهُ: لَوْ كَانَ) أَيْ الِاسْتِقْبَالُ (قَوْلُهُ: يَخْدِشُ ذَلِكَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[الفرض في حق القريب من الكعبة إصابة عينها]

حُكْمُنَا بِصِحَّةِ صَلَاةِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ، فَلَوْ أَمْكَنَهُ أَنْ يُصَلِّيَ إلَى الْقِبْلَةِ قَاعِدًا وَإِلَى غَيْرهَا قَائِمًا وَجَبَ الْأَوَّلُ، لِأَنَّ فَرْضَ الْقِبْلَةِ آكَدُ مِنْ فَرْضِ الْقِيَامِ بِدَلِيلِ سُقُوطِهِ فِي النَّفْلِ مَعَ الْقُدْرَةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْفَرْضَ فِي حَقِّ الْقَرِيبِ مِنْ الْكَعْبَةِ إصَابَةُ عَيْنِهَا وَكَذَا الْبَعِيدُ فِي الْأَظْهَرِ، لَكِنْ فِي الْقُرْبِ يَقِينًا وَفِي الْبُعْدِ ظَنًّا، وَلَا يُعَكِّرُ عَلَى ذَلِكَ الْحَدِيثُ السَّابِقُ «مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ» وَلَا صِحَّةَ صَلَاةِ الصَّفِّ الْمُسْتَطِيلِ مِنْ الْمَشْرِقِ إلَى الْمَغْرِبِ لِأَنَّ الْمُسَامَتَةَ تَصْدُقُ مَعَ الْبُعْدِ. وَرَدَّ بِأَنَّهَا إنَّمَا تَصْدُقُ مَعَ الِانْحِرَافِ. وَأَجَابَ ابْنُ الصَّبَّاغِ بِأَنَّ الْمُخْطِئَ فِيهَا غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ. وَرَدَّهُ الْفَارِقِيُّ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ مَنْ صَلَّى مَأْمُومًا فِي صَفٍّ مُسْتَطِيلٍ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ أَكْثَرُ مِنْ سَمْتِ الْكَعْبَةِ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ لِخُرُوجِهِ أَوْ خُرُوجِ إمَامِهِ عَنْ سَمْتِهَا. وَيُرَدُّ وَإِنْ نَقَلَهُ جَمْعٌ وَأَقَرُّوهُ بِأَنَّ اللَّازِمَ عَلَى تَسْلِيمِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْبُطْلَانِ خُرُوجُ أَحَدِهِمَا فَقَطْ لَا بِعَيْنِهِ، فَالْمُبْطِلُ مُبْهَمٌ وَهُوَ لَا يُؤَثِّرُ نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ صَلَّى لِأَرْبَعِ جِهَاتٍ، وَعَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ كَوْنِهِ مُسْلِمًا الْأَصَحُّ الصِّحَّةُ، لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ الْمُسَامِتَ مِنْ غَيْرِهِ لِاتِّسَاعِ الْمَسَافَةِ مَعَ الْبُعْدِ، فَأَحَدُهُمَا وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ قَدْرُ سَمْتِ الْكَعْبَةِ مِرَارًا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ وَإِمَامُهُ مِنْ الْمُسَامِتِينَ وَلَا بُطْلَانَ مَعَ الشَّكِّ فِي وُجُودِ الْمُبْطِلِ (إلَّا فِي) صَلَاةِ (شِدَّةِ الْخَوْفِ) ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ قَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَبَابُهُ ضَرَبَ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ وَالْقَامُوسِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَمْكَنَهُ أَنْ يُصَلِّيَ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْوَاوِ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَجَبَ الْأَوَّلُ) أَيْ وَلَا إعَادَةَ كَالْمَرِيضِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُسَامَتَةَ تَصْدُقُ) أَيْ لِمَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّ صَغِيرَ الْجُرْمِ كُلَّمَا زَادَ بُعْدُهُ اتَّسَعَتْ مُسَامَتَتُهُ كَالنَّارِ الْمُوقِدَةِ مِنْ بُعْدٍ وَغَرَضِ الرُّمَاةِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَرَدَ بِأَنَّهَا) أَيْ الْمُسَامَتَةَ (قَوْلُهُ وَأَجَابَ) أَيْ عَنْ الرَّدِّ (قَوْلُهُ: وَرَدُّهُ) أَيْ الْجَوَابُ (قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ) أَيْ رَدَّ الْفَارِقِيُّ (قَوْلُهُ لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ الْمُسَامَتَ مِنْ غَيْرِهِ) وَقَعَ مِثْلُهُ فِي حَجّ حَيْثُ قَالَ: وَصِحَّةُ صَلَاةِ الْمُسْتَطِيلِ مِنْ الْمَشْرِقِ إلَى الْمَغْرِبِ مَحْمُولٌ عَلَى انْحِرَافٍ فِيهِ، أَوْ عَلَى أَنَّ الْمُخْطِئَ فِيهِ غَيْرُ مُعَيَّنٍ، وَكَتَبَ بِهَامِشِهِ سم مَا حَاصِلُهُ إنَّ هَذَا لَا يَلْتَئِمُ مَعَ قَوْلِهِ: وَالْمُعْتَبَرُ مُسَامَتَتُهَا عُرْفًا لَا حَقِيقَةً اهـ. يَعْنِي إنَّهُ إذَا قُلْنَا الْمُعْتَبَرُ مُسَامَتَتُهَا عُرْفًا وَهُوَ مَا عَلَيْهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ صَدَقَ عَلَى الْكُلِّ أَنَّهُمْ مُسْتَقْبِلُونَ كَذَلِكَ فَلَا يَتَأَتَّى حَمْلُهُ عَلَى الِانْحِرَافِ وَلَا عَلَى أَنَّ الْمُخْطِئَ فِيهَا غَيْرُ مُعَيَّنٍ إذْ الْكُلُّ مُسْتَقْبِلُونَ عُرْفًا (قَوْله إلَّا فِي صَلَاةِ شِدَّةِ الْخَوْفِ) قَضِيَّةُ هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّ شِدَّةَ الْخَوْفِ لَا تَمْنَعُ مِنْ الْقُدْرَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ شِدَّةَ الْخَوْفِ مَانِعَةٌ شَرْعًا مِنْ الْقُدْرَةِ عَلَى الِاسْتِقْبَالِ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْقُدْرَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَتْنِ الْقُدْرَةُ الْحِسِّيَّةُ وَالْخَائِفُ قَادِرٌ حِسًّا وَيَرُدُّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْفَرْضَ فِي حَقِّ الْقَرِيبِ مِنْ الْكَعْبَةِ إصَابَةُ عَيْنِهَا] قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُسَامَتَةَ تَصْدُقُ مَعَ الْبُعْدِ) الَّذِي يَصْدُقُ مَعَ الْبُعْدِ إنَّمَا هُوَ الْمُسَامَتَةُ الْعُرْفِيَّةُ لَا الْحَقِيقِيَّةُ كَمَا حَقَّقَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَحَيْثُ كَانَ الْمُرَادُ الْمُسَامَتَةَ الْعُرْفِيَّةَ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي وَلَا يَحْتَاجُ لِلْجَوَابِ عَنْهُ، إذْ كُلُّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى إرَادَةِ الْمُسَامَتَةِ الْحَقِيقِيَّةِ الْغَيْرِ الْمُخْتَلِفَةِ بِالْقُرْبِ، وَالْبُعْدِ (قَوْلُهُ: وَيَرِدُ إلَخْ) هَذَا لَا يُلَاقِي كَلَامَ الْفَارِقِيِّ كَمَا يُعْلَمُ بِالتَّأَمُّلِ. وَقَوْلُهُ فَالْمُبْطِلُ مُبْهَمٌ مَمْنُوعٌ بَلْ هُوَ مُعَيَّنٌ وَإِنَّمَا الْمُبْهَمُ مَنْ حَصَلَ لَهُ الْمُبْطِلُ فِي صَلَاتِهِ مِنْهُمَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَنْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ لِأَرْبَعِ جِهَاتٍ أَنَّ ذَاكَ فِي كُلِّ اسْتِقْبَالٍ عَلَى حِدَتِهِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مُصِيبٌ وَأَنَّهُ مُخْطِئٌ فَلَمْ يَتَعَيَّنْ الْخَطَأُ فِي حَالَةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَأَمَّا هُنَا، فَإِنَّا عَلَى تَسْلِيمِ مَا مَرَّ نَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَهُمَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْمُعَيَّنَةِ خَارِجٌ عَنْ سَمْتِ الْكَعْبَةِ وَلَا بُدَّ فَلَمْ تَصِحَّ الْقُدْوَةُ. فَالْحَاصِلُ أَنَّا مَتَى اعْتَبَرْنَا الْمُسَامَتَةَ الْحَقِيقِيَّةَ فَإِلْزَامُ الْفَارِقِيِّ لَا مَحِيدَ عَنْهُ، فَالْمُتَعَيَّنُ الِاكْتِفَاءُ بِالْمُسَامَتَةِ الْعُرْفِيَّةِ الَّتِي قَالَ بِهَا إمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَسَيُعَوِّلُ الشَّارِحُ عَلَيْهَا فِيمَا يَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَمَنْ صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ وَاسْتَقْبَلَ جِدَارَهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: لِاتِّسَاعِ الْمَسَافَةِ) كَذَا فِي نُسَخٍ، وَالصَّوَابُ مَا فِي نُسْخَةٍ أُخْرَى لِاتِّسَاعِ الْمُسَامَتَةِ (قَوْلُهُ: يَحْتَمِلُ أَنَّهُ وَإِمَامُهُ مِنْ الْمُسَامِتِينَ) إنْ أَرَادَ الْمُسَامَتَةَ الْحَقِيقِيَّةَ، وَهُوَ الَّذِي يُوَافِقُهُ قَوْلُهُ: لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ الْمُسَامِتَ مِنْ غَيْرِهِ، فَالِاحْتِمَالُ مَمْنُوعٌ وَعَدَمُ مُسَامَتَةِ أَحَدِهِمَا أَمْرٌ مَقْطُوعٌ بِهِ، وَإِنْ أَرَادَ الْمُسَامَتَةَ الْعُرْفِيَّةَ، وَهُوَ الَّذِي يُوَافِقُهُ قَوْلُهُ: لِاتِّسَاعِ الْمَسَافَةِ مَعَ

مِنْ مُبَاحِ قِتَالٍ أَوْ غَيْرِهِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الصَّلَاةُ فَرْضًا أَمْ نَفْلًا فَلَا يَكُونُ التَّوَجُّهُ شَرْطًا. نَعَمْ إنْ أَمِنَ امْتَنَعَ عَلَيْهِ فِعْلُ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ كَانَ رَاكِبًا وَأَمِنَ وَأَرَادَ أَنْ يَنْزِلَ اُشْتُرِطَ أَنْ لَا يَسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةَ فِي نُزُولِهِ، فَإِنْ اسْتَدْبَرَهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِالِاتِّفَاقِ وَمِنْ الْخَوْفِ الْمُجَوِّزِ لِتَرْكِ الِاسْتِقْبَالِ أَنْ يَكُونَ شَخْصٌ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ وَيَخَافُ فَوْتَ الْوَقْتِ فَلَهُ أَنْ يُحْرِمَ وَيَتَوَجَّهُ لِلْخُرُوجِ وَيُصَلِّي بِالْإِيمَاءِ (وَ) إلَّا فِي (نَفْلِ السَّفَرِ) الْمُبَاحِ لِمَنْ لَهُ مَقْصِدٌ مَعْلُومٌ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الِاسْتِقْبَالُ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ غَيْرَ الْفَرَائِضِ وَلَوْ عِيدًا أَوْ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ، وَخَرَجَ بِالسَّفَرِ الْحَضَرُ فَلَا يَجُوزُ وَإِنْ اُحْتِيجَ فِيهِ إلَى التَّرَدُّدِ كَالسَّفَرِ لِعَدَمِ وُرُودِهِ (فَلِلْمُسَافِرِ) السَّفَرَ الْمَذْكُورَ (التَّنَفُّلُ رَاكِبًا وَمَاشِيًا) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ فِي السَّفَرِ حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ» أَيْ فِي جِهَةِ مَقْصِدِهِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ " وَقَدْ فُسِّرَ بِهِ قَوْله تَعَالَى {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115] وَقِيسَ بِالرَّاكِبِ وَالْمَاشِي، لِأَنَّ الْمَشْيَ أَحَدُ السَّفَرَيْنِ، وَأَيْضًا اسْتَوَيَا فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ فَكَذَا فِي النَّافِلَةِ. وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ النَّاسَ مُحْتَاجُونَ إلَى الْأَسْفَارِ، فَلَوْ شَرَطْنَا فِيهَا الِاسْتِقْبَالَ لِلتَّنَفُّلِ لَأَدَّى إلَى تَرْكِ أَوْرَادِهِمْ أَوْ مَصَالِحِ مُعَايَشَتِهِمْ، وَيُشْتَرَطُ تَرْكُ الْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ كَالرَّكْضِ وَالْعَدْوِ. وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا دَوَامُ السَّفَر، فَلَوْ صَارَ مُقِيمًا فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ وَجَبَ عَلَيْهِ إتْمَامُهَا عَلَى الْأَرْضِ مُسْتَقْبِلًا، وَقَدْ يَشْمَلُ إطْلَاقُهُ رَاكِبَ السَّفِينَةِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّنَفُّلُ حَيْثُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَيْهِ مَا مَرَّ لِلشَّارِحِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ خَافَ مِنْ نُزُولِهِ عَنْ دَابَّتِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوَانْقِطَاعًا عَنْ الرِّفْقَةِ كَانَ عَاجِزًا وَتَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْهُ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: فَعَلَ ذَلِكَ) أَيْ فَرْضًا أَوَنَفْلًا (قَوْلُهُ: اشْتَرَطَ أَنْ لَا يَسْتَدْبِرَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ مُجَرَّدَ الِانْحِرَافِ لَا يَضُرُّ. وَقَالَ سم عَلَى حَجّ: يَنْبَغِي وَأَنْ لَا يَحْصُلَ فِعْلٌ مُبْطِلٌ اهـ أَيْ وَهُوَ صَادِقٌ بِالِانْحِرَافِ فَيَضُرُّ (قَوْلُهُ: فَلَهُ أَنْ يُحْرِمَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَهَلْ يَخْرُجُ وَيُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ إلَى مَا بَعْدَ الْوَقْتِ أَوْ يُصَلِّيهَا مَاكِثًا فِي الْمَغْصُوبِ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ؟ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ هُوَ جَوَازٌ بَعْدَ مَنْعٍ فَيَصْدُقُ بِالْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: وَيُصَلِّي بِالْإِيمَاءِ) أَيْ وَيُعِيدُ لِنُدْرَةِ ذَلِكَ وَنَقَلَهُ سم عَلَى حَجّ عَنْ م ر (قَوْلُهُ: وَلَوْ عِيدًا) أَخَذَهُ غَايَةً لِلْخِلَافِ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَلِلْمُسَافِرِ التَّنَفُّلُ) . [فَرْعٌ] نَذَرَ إتْمَامِ كُلِّ نَفْلٍ شُرِعَ فِيهِ، فَشُرِعَ فِي السَّفَرِ فِي نَافِلَةٍ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِقْرَارُ يَنْبَغِي نَعَمْ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ وُجُوبِ ذَلِكَ لِأَنَّهَا وَإِنْ نَذَرَ إتْمَامَهَا لَمْ تَخْرُجُ، عَنْ كَوْنِهَا نَفْلًا وَمِنْ ثُمَّ جَازَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ فَرْضِ عَيْنٍ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ. وَأَمَّا لَوْ فَسَدَتْ وَأَرَادَ قَضَاءَهَا فَهَلْ لَهُ صَلَاتُهَا عَلَى الدَّابَّةِ وَجَمْعُهَا مَعَ فَرْضٍ آخَرَ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهَا لَمْ يَجِبْ أَوَّلُهَا لِذَاتِهِ بَلْ إنَّمَا وَجَبَ وَسِيلَةً لِقَضَاءِ مَا فَاتَهُ مِنْ الْوَاجِبِ (قَوْلُهُ: أَيْ فِي جِهَةِ مَقْصِدِهِ) وَالْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّ تَرْكَ الدَّابَّةِ تَمُرُّ إلَى أَيِّ جِهَةٍ أَرَادَتْ لَا يَلِيقُ بِحَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ عَبَثًا فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إنَّمَا يُسَيِّرُهَا جِهَةَ مَقْصِدِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ فَسَّرَ، بِهِ) أَيْ بِالتَّوَجُّهِ فِي نَفْلِ السَّفَرِ (قَوْلُهُ كَالرَّكْضِ وَالْعَدْوِ) أَيْ بِلَا حَاجَةٍ عَلَى مَا يَأْتِي. وَقَوْلُهُ وَالْعَدْوُ، زَادَ حَجّ وَالْإِعْدَاءِ وَتَحْرِيكِ الرِّجْلِ بِلَا حَاجَةٍ (قَوْلُهُ: فَلَوْ صَارَ مُقِيمًا) أَيْ أَوْ وَصَلَ الْمَحَطَّ الْمُنْقَطِعَ بِهِ السَّيْرُ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ فِيمَا يَأْتِي وحج هُنَا. وَعِبَارَتُهُ: فَلَوْ بَلَغَ الْمَحَطَّ الْمُنْقَطِعَ بِهِ السَّيْرُ أَوْ طَرَفَ مَحَلِّ الْإِقَامَةِ أَوْ نَوَاهَا مَاكِثًا بِمَحِلٍّ صَالِحٍ لَهَا نَزَلَ وَأَتَمَّهَا بِأَرْكَانِهَا لِلْقِبْلَةِ مَا لَمْ يُمْكِنُهُ، ذَلِكَ عَلَيْهَا، وَيَجِبُ اسْتِقْبَالُ رَاكِبِ السَّفِينَةِ إلَّا الْمَلَّاحَ وَهُوَ مَنْ لَهُ دَخْلٌ فِي تَسْيِيرِهَا فَإِنَّهُ يَتَنَفَّلُ لِجِهَةِ مَقْصِدِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ إلَّا فِي التَّحَرُّمِ إنْ سَهُلَ، وَلَا إتْمَامُ الْأَرْكَانِ وَإِنْ سَهُلَ لِأَنَّهُ يَقْطَعُهُ عَنْ عَمَلِهِ اهـ حَجّ بِحُرُوفِهِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ خُصُوصُ الْمَحَلِّ الَّذِي لَا يَسِيرُ بَعْدَهُ بَلْ يَنْزِلُ فِيهِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ الْمَحَطُّ مُتَّسِعًا وَوَصَلَ إلَيْهِ يَتَرَخَّصُ إلَى وُصُولِ خُصُوصِ مَا يُرِيدُ النُّزُولَ فِيهِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَرْضِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ كَمَا يَأْتِي لَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ لَهُ) أَيْ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْبُعْدِ فَالْمُسَامَتَةُ بِهَذَا الْمَعْنَى مُتَحَقِّقَةٌ لَا مُحْتَمَلَةٌ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: مِنْ مُبَاحِ قِتَالٍ) لَعَلَّ مِنْ بِمَعْنَى فِي (قَوْلُهُ: وَجَبَ عَلَيْهِ إتْمَامُهَا إلَخْ)

تَوَجَّهَتْ لِتَيَسُّرِ الِاسْتِقْبَالِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الْمَلَّاحُ الَّذِي يَسِيرُهَا وَهُوَ مَنْ لَهُ دَخْلٌ فِي سَيْرِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَئِيسَ الْمَلَّاحِينَ فَإِنَّهُ يَتَنَفَّلُ إلَى جِهَةِ مَقْصِدِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْعُدَّةِ وَغَيْرُهُ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: لَا بُدَّ مِنْهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ وَإِنْ صَحَّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ كَغَيْرِهِ وَأَلْحَقَ صَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ الْيَمَنِيُّ بِمَلَّاحِهَا مَسِيرَ الْمَرْقَدِ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ. وَسَجْدَةُ الشُّكْرِ وَالتِّلَاوَةِ الْمَفْعُولَةِ خَارِجَ الصَّلَاةِ حُكْمُهَا حُكْمُ النَّافِلَةِ عَلَى الصَّحِيحِ لِوُجُودِ الْمَعْنَى، وَقَدْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِهِ وَخَرَجَ بِالنَّفْلِ الْفَرْضُ وَلَوْ مَنْذُورَةٌ وَجِنَازَةٌ كَمَا سَيَأْتِي تَجْوِيزُهُ فِي أَدَاءِ الْفَرْضِ عَلَى الدَّابَّةِ (وَلَا يُشْتَرَطُ طُولُ سَفَرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ) لِعُمُومِ الْحَاجَةِ وَقِيَاسًا عَلَى تَرْكِ الْجُمُعَةِ وَعَدَمُ الْقَضَاءِ عَلَى التَّيَمُّمِ وَالسَّفَرِ الْقَصِيرِ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ: مِثْلُ أَنْ يَخْرُجَ إلَى ضَيْعَةٍ مَسِيرَتُهَا مِيلٌ أَوْ نَحْوُهُ، وَالْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ: أَنْ يَخْرُجَ إلَى مَكَان لَا يَلْزَمُهُ فِيهِ الْجُمُعَةُ لِعَدَمِ سَمَاعِهِ النِّدَاءَ. قَالَ الشَّرَفُ الْمُنَاوِيُّ: وَهَذَا ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ فَارَقَ حُكْمَ الْمُقِيمِينَ فِي الْبَلَدِ، وَلَعَلَّ كَلَامَ غَيْرِهِ رَاجِعٌ إلَيْهِ إلَّا أَنَّ الْبَغَوِيّ اعْتَبَرَ الْحِكْمَةَ وَغَيْرُهُ اعْتَبَرَ الْمَظِنَّةَ انْتَهَى. وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ كَالْقَصْرِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ النَّفَلَ أَخَفُّ وَلِهَذَا جَازَ قَاعِدًا فِي الْحَضَرِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ (فَإِنْ أَمْكَنَ) يَعْنِي سَهُلَ (اسْتِقْبَالُ الرَّاكِبِ) وَمِنْهُ رَاكِبُ الْفُلْكِ سِوَى الْمَلَّاحِ (فِي مَرْقَدٍ) كَهَوْدَجٍ وَمَحْمَلٍ وَاسِعٍ فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ (وَإِتْمَامُ) أَرْكَانِهَا كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا نَحْوِ (رُكُوعِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَهُ إلَخْ، وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ جَعْلُ هَذَا دَاخِلًا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، فَإِنْ أَمْكَنَ اسْتِقْبَالُ الرَّاكِبِ فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ لِإِمْكَانِ حَمْلِ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا تَيَسَّرَ عَلَيْهِ الِاسْتِقْبَالُ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُهُ لِتَيَسُّرِ الِاسْتِقْبَالِ غَايَتُهُ أَنَّ حُكْمَهُ يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ فَإِنْ أَمْكَنَ اسْتِقْبَالُ الرَّاكِبِ (قَوْلُهُ: مَنْ لَهُ دَخْلٌ فِي سَيْرِهَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمُعَدِّينَ لِتَسْيِيرِهَا كَمَا لَوْ عَاوَنَ بَعْضُ الرِّكَابِ أَهْلَ الْعَمَلِ فِيهَا فِي بَعْضِ أَعْمَالِهِمْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَئِيسَ الْمَلَّاحِينَ) قَضِيَّةُ مَا فِي الْمُخْتَارِ أَنَّهُ لَا يُقَالُ رَئِيسٌ، وَعِبَارَتُهُ وَرَأَسَ فُلَانٌ الْقَوْمَ يَرْأَسُهُمْ بِالْفَتْحِ رِيَاسَةً فَهُوَ رَائِسُهُمْ، وَيُقَالُ أَيْضًا رَيِّسٌ بِوَزْنِ قَيِّمٍ هَذَا إذَا قُرِئَ بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ فَإِنْ قُرِئَ بِوَزْنِ فَعِيلٍ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ وَعِبَارَتُهُ رَأَسَ الشَّخْصُ يَرْأَسُ مَهْمُوزٌ بِفَتْحَتَيْنِ رِيَاسَةً شَرُفَ قَدْرُهُ فَهُوَ رَئِيسٌ وَالْجَمْعُ رُؤَسَاءُ مِثْلُ شَرِيفٍ وَشُرَفَاءَ لَمْ يَرِدْ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَمِثْلُ مَا فِي الْمِصْبَاحِ فِي الْقَامُوسِ وَالصِّحَاحِ. (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الرَّوْضَةِ لَا بُدَّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ: وَأَلْحَقَ صَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ الْقَضَاءِ عَلَى الْمُتَيَمِّمِ) قَدْ يُقَالُ عَدَمُ قَضَاءِ الْمُتَيَمِّمِ لَيْسَ مِنْ رُخَصِ السَّفَرِ إذْ الْمَدَارُ فِيهِ عَلَى غَلَبَةِ فَقْدِ الْمَاءِ وَعَدَمِهِ وَلَوْ فِي الْحَضَرِ (قَوْلُهُ: لَا يَلْزَمُهُ فِيهِ الْجُمُعَةُ) قَالَ حَجّ: وَيُفَرِّقُ بَيْنَ هَذَا وَحُرْمَةِ سَفَرِ الْمَرْأَةِ وَالْمَدِينِ بِشَرْطِهِمَا فَإِنَّهُ يَكْفِي فِيهِ وُجُودُ مُسَمَّى السَّفَرِ بِأَنَّ الْمُجَوِّزَ هُنَا الْحَاجَةُ وَهِيَ تَسْتَدْعِي اشْتِرَاطَ ذَلِكَ وَثَمَّ تَفْوِيتُ حَقِّ الْغَيْرِ وَهُوَ لَا يَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَهَذَا ظَاهِرٌ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ الْبَغَوِيّ اعْتَبَرَ الْحِكْمَةَ) وَهِيَ مُفَارَقَتُهُ حُكْمَ الْمُقِيمِينَ فِي الْبَلَدِ وَالْمَظِنَّةُ هِيَ الْمِيلُ وَنَحْوُهُ فَإِنَّهُ مَظِنَّةٌ لِعَدَمِ سَمَاعِ النِّدَاءِ، وَقَدْ يُفِيدُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ إلَى بَعْضِ بَسَاتِينِ الْبَلَدِ أَوْ غِيطَانِهَا الْبَعِيدَةِ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّنَفُّلُ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ مُسَافِرًا عُرْفًا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ ضَابِطًا لِمَا يُسَمَّى سَفَرًا، فَيُفِيدُ التَّنَفُّلَ عِنْدَ قَصْدِهِ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ مَا قَصَدَ الذَّهَابَ إلَيْهِ مِنْ مَرَافِقِ الْبَلَدِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا، وَقَدْ يُشْعِرُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ فَارَقَ حُكْمَ الْمُقِيمِينَ بِالْبَلَدِ الثَّانِي، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ أَرَادَ زِيَارَةَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَعَالَى وَكَانَ بَيْنَ مَبْدَإِ سَيْرِهِ وَمَقَامِ الْإِمَامِ الْمِيلُ وَنَحْوُهُ جَازَ لَهُ التَّرَخُّصُ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ السُّوَرِ إنْ كَانَ دَاخِلَهُ وَمُجَاوَزَةِ الْعُمْرَانِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِمَا خَرَجَ مِنْهُ سُورٌ، وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي التَّوَجُّهِ إلَى بَرَكَةِ الْمُجَاوِرِينَ مِنْ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ وَنَحْوِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَمْكَنَ) تَفْصِيلٌ بَيَّنَ بِهِ مَا أَجْمَلَهُ أَوَّلًا فِي قَوْلِهِ إلَّا فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ وَنَفْلٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ رَاكِبُ الْفُلْكِ) إطْلَاقُ الرَّاكِبِ عَلَى مَنْ فِي السَّفِينَةِ مَجَازٌ، فَفِي الْقَامُوسِ وَالرَّاكِبُ لِلْبَعِيرِ خَاصَّةً (قَوْلُهُ: وَإِتْمَامُ أَرْكَانِهَا كُلِّهَا) عَمِيرَةُ: قَضِيَّةُ كَلَامِهِ إذَنْ أَنَّهُ لَوْ سَهُلَ الِاسْتِقْبَالُ فِي الْجَمِيعِ وَلَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ لِلصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: مَسِيرَ الْمَرْقَدِ) اُنْظُرْ مَا صُورَتُهُ، فَإِنَّ الْمُسَافِرَ مَاشِيًا يَتَنَفَّلُ لِصَوْبِ مَقْصِدِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَسِيرًا لِلْمَرْقَدِ

وَسُجُودِهِ لَزِمَهُ) ذَلِكَ لِتَيَسُّرِهِ عَلَيْهِ فَأَشْبَهَ رَاكِبَ السَّفِينَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ كُلُّهُ كَأَنْ كَانَ عَلَى سَرْجٍ أَوْ قَتْبٍ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ سَهُلَ الِاسْتِقْبَالُ) كَأَنْ كَانَتْ سَهْلَةً غَيْرَ مَقْطُورَةٍ بِأَنْ كَانَتْ وَاقِفَةً أَوْ سَائِرَةً وَزِمَامُهَا بِيَدِهِ أَوْ يَسْتَطِيعُ رَاكِبُهَا الِانْحِرَافَ إلَى الْقِبْلَةِ بِنَفْسِهِ (وَجَبَ) لِكَوْنِهِ مُتَيَسِّرًا عَلَيْهِ وَشَمَلَ مَا لَوْ كَانَتْ مَغْصُوبَةً (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَسْهُلْ بِأَنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ سَائِرَةً وَهِيَ مَقْطُورَةٌ أَوْ عَسِرَةٌ أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ الِانْحِرَافَ لِعَجْزِهِ (فَلَا) يَجِبُ الِاسْتِقْبَالُ لِلْمَشَقَّةِ وَاخْتِلَالِ أَمْرِ السَّيْرِ عَلَيْهِ، وَقِيلَ يَجِبُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا، وَقِيلَ لَا مُطْلَقًا كَمَا فِي دَوَامِ الصَّلَاةِ (وَيَخْتَصُّ) وُجُوبُ الِاسْتِقْبَالِ (بِالتَّحَرُّمِ) فَلَا يَجِبُ فِيمَا سِوَاهُ لِوُقُوعِ أَوَّلِ الصَّلَاةِ بِالشَّرْطِ ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَعْدَهُ تَابِعًا لَهُ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا سَافَرَ فَأَرَادَ أَنْ يَتَطَوَّعَ اسْتَقْبَلَ بِنَاقَتِهِ الْقِبْلَةَ فَكَبَّرَ ثُمَّ صَلَّى حَيْثُمَا وَجَّهَهُ رِكَابُهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَلْيَدْخُلْ فِيهَا عَلَى أَتَمِّ الْأَحْوَالِ. وَاعْلَمْ أَنَّ النَّافِلَةَ الْمُطْلَقَةَ إذَا تَحَرَّمَ فِيهَا بِعَدَدٍ ثُمَّ نَوَى الزِّيَادَةَ عَلَيْهِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِقْبَالُ عِنْدَ النِّيَّةِ نَظَرًا إلَى أَنَّهَا إنْشَاءٌ، وَلِهَذَا إذَا رَأَى الْمَاءَ فِي أَثْنَاءِ النَّافِلَةِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَزِيدَ فِي النِّيَّةِ أَمْ لَا يَجِبُ نَظَرًا لِلدَّوَامِ وَلِأَنَّهُمْ لَمْ يُعْطُوهَا حُكْمَ الِابْتِدَاءِ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ فَإِنَّهُ لَا يُشْرَعُ دُعَاءُ الِاسْتِفْتَاحِ بَعْدَ النِّيَّةِ هَذَا مِمَّا تَرَدَّدَ فِيهِ النَّظَرُ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْوُجُوبِ (وَقِيلَ يُشْتَرَطُ فِي السَّلَامِ أَيْضًا) لِيَحْصُلَ الِاسْتِقْبَالُ فِي طَرَفَيْ الصَّلَاةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ، أَمَّا فِي غَيْرِهِمَا فَالْمَذْهَبُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهِ الِاسْتِقْبَالُ. وَفَرَّقَ بَيْنَ التَّحَرُّمِ وَغَيْرِهِ بِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ حَالَةَ انْعِقَادِهَا أَوْلَى، وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمَا فِيمَا إذَا كَانَتْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ فِي غَيْرِ التَّحَرُّمِ وَإِنْ كَانَتْ وَاقِفَةً أَيْضًا. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَتَيَسَّرْ سِوَى إتْمَامِ رُكُوعٍ أَنْ يَجِبَ الِاسْتِقْبَالُ فِي الْجَمِيعِ وَالْإِتْمَامُ فِي ذَلِكَ الرُّكُوعِ فَقَطْ وَهُوَ كَلَامٌ لَا وَجْهَ لَهُ اهـ. وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ، دَخَلَ فِي ذَلِكَ مَا إذَا سَهُلَ التَّوَجُّهُ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ دُونَ إتْمَامِ شَيْءٍ مِنْ الْأَرْكَانِ، وَمَا إذَا سَهُلَ إتْمَامُ الْأَرْكَانِ أَوْ بَعْضِهَا دُونَ التَّوَجُّهِ مُطْلَقًا أَوْ فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ. فَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لَا يَجِبُ إلَّا الِاسْتِقْبَالُ عِنْدَ التَّحَرُّمِ إنْ سَهُلَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَقَوْلُهُ لَا يَجِبُ إلَّا الِاسْتِقْبَالُ عِنْدَ التَّحَرُّمِ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَشَمَلَ مَا لَوْ كَانَتْ مَغْصُوبَةً) أَيْ الدَّابَّةُ فَلَا يَضُرُّ غَصْبُهَا فِي جَوَازِ التَّنَفُّلِ وَإِنْ حَرَّمَ رُكُوبَهَا لِأَنَّ الْحُرْمَةَ فِيهِ لِأَمْرٍ خَارِجٍ (قَوْلُهُ: يَخْتَصُّ وُجُوبُ الِاسْتِقْبَالِ بِالتَّحَرُّمِ) أَيْ إنْ سَهُلَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ضَعِيفٌ) لَمْ يَظْهَرْ لِلتَّنْصِيصِ عَلَى ضَعْفِهِ حِكْمَةٌ فَإِنَّ هَذَا مَعْلُومٌ مِنْ قَاعِدَةِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا عَبَّرَ عَنْهُ بِقِيلَ، وَيُمْكِنُ رُجُوعُهُ لِلتَّعْلِيلِ، وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا كَالتَّحَرُّمِ لِأَنَّهُ طَرَفُهَا الثَّانِي. وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ يُحْتَاطُ لِلْخُرُوجِ لِلِانْعِقَادِ مَا لَا يُحْتَاطُ لِلْخُرُوجِ وَمِنْ ثَمَّ وَجَبَ اقْتِرَانُ النِّيَّةِ بِالْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي اهـ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِي رُجُوعِهِ لِلتَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ فَالْمَذْهَبُ الْجَزْمُ) هَذَا قَدْ يَقْتَضِي أَنَّ فِيمَا بَيْنَهُمَا خِلَافًا أَيْضًا وَأَنَّ عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ طَرِيقَةٌ قَاطِعَةٌ لَكِنَّ عِبَارَةَ الْمَحَلِّيِّ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيمَا بَيْنَهُمَا جَزْمًا اهـ. وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي نَفْيِ الْخِلَافِ، فَلَعَلَّ مُرَادَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا لِغَيْرِهِ فَمَا الْمُرَادُ بِالْإِلْحَاقِ وَمَا الْحَاجَةُ إلَيْهِ؟ (قَوْلُهُ: ذَلِكَ كُلُّهُ) أَيْ الِاسْتِقْبَالُ وَإِتْمَامُ الْأَرْكَانِ أَوْ بَعْضُهَا بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَمْكَنَهُ الِاسْتِقْبَالُ فَقَطْ أَوْ إتْمَامُ الْأَرْكَانِ أَوْ بَعْضِهَا فَقَطْ، وَحِينَئِذٍ فَحَاصِلُهُ مَا ذَكَرَهُ الشِّهَابُ حَجّ بِقَوْلِهِ: وَظَاهِرُ صَنِيعِ الْمَتْنِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الِاسْتِقْبَالُ فِي الْجَمِيعِ وَإِتْمَامُ الْأَرْكَانِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا إلَّا إنْ قَدَرَ عَلَيْهِمَا مَعًا، وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ الْإِتْمَامُ مُطْلَقًا وَلَا الِاسْتِقْبَالُ إلَّا فِي تَحَرُّمٍ سَهْلٍ. قَالَ: وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ انْتَهَى. وَشَمِلَ الْبَعْضُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ الرُّكُوعَ وَحْدَهُ أَوْ السُّجُودَ وَحْدَهُ مَثَلًا، وَأَصْرَحُ مِنْهُ فِي ذَلِكَ مَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِخِلَافِ مَا فِي التُّحْفَةِ، وَقَدْ قَالَ الشِّهَابُ سم: إنَّ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَنْهَجِ: أَيْ كَالشَّارِحِ لَا وَجْهَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ضَعِيفٌ) أَيْ لَا بَاطِلٌ كَمَا قِيلَ بِهِ وَهَذَا وَجْهُ تَنْصِيصِهِ عَلَى أَنَّهُ ضَعِيفٌ مَعَ فَهْمِهِ مِنْ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ عَنْهُ بِقِيلَ، وَيَجُوزُ رُجُوعُهُ لِلتَّعْلِيلِ وَفِي التُّحْفَةِ مَا يُؤَيِّدُهُ (قَوْلُهُ: فَالْمَذْهَبُ إلَخْ) هَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ وَإِنْ أَوْهَمَهُ كَلَامُ الشَّارِحِ

بَعِيدٌ وَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ أَنَّهُ مَا دَامَ وَاقِفًا لَا يُصَلِّي إلَّا إلَى الْقِبْلَةِ وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ. وَفِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ لِاسْتِرَاحَةٍ أَوْ انْتِظَارِ رُفْقَةٍ لَزِمَهُ الِاسْتِقْبَالُ مَا دَامَ وَاقِفًا فَإِنْ صَارَ أَتَمَّ صَلَاتَهُ إلَى جِهَةِ سَفَرِهِ إنْ كَانَ سَيْرُهُ لِأَجْلِ سَيْرِ الرُّفْقَةِ، وَإِنْ كَانَ مُخْتَارًا لَهُ بِلَا ضَرُورَةٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَسِيرَ حَتَّى تَنْتَهِيَ صَلَاتُهُ، لِأَنَّهُ بِالْوُقُوفِ لَزِمَهُ فَرْضُ التَّوَجُّهِ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْحَاوِي نَحْوُهُ انْتَهَى. وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اسْتَمَرَّ عَلَى الصَّلَاةِ، وَإِلَّا فَالْخُرُوجُ مِنْ النَّافِلَةِ لَا يَحْرُمُ، وَلَهُ كَمَا فِي الشَّرْحِ الْمَذْكُورِ أَيْضًا أَنْ يُتِمَّهَا بِالْإِيمَاءِ (وَيَحْرُمُ انْحِرَافُهُ عَنْ) صَوْبِ (طَرِيقِهِ) لِصَيْرُورَتِهِ بَدَلًا عَنْ الْقِبْلَةِ (إلَّا إلَى الْقِبْلَةِ) لَوْ بِرُكُوبِهِ مَقْلُوبًا فَلَا يَضُرُّ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ، وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ عَنْ يَمِينِهِ أَمْ يَسَارِهِ أَمْ خَلْفِهِ، خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ لِكَوْنِهِ وَصْلَةً لِلْأَصْلِ، إذْ لَا يَتَأَتَّى الرُّجُوعُ إلَيْهِ إلَّا بِهِ فَيَكُونُ مُغْتَفَرًا، كَمَا لَوْ تَغَيَّرَتْ نِيَّتُهُ عَنْ مَقْصِدِهِ الَّذِي صَلَّى إلَيْهِ وَعَزَمَ أَنْ يُسَافِرَ إلَى غَيْرِهِ أَوْ الرُّجُوعُ إلَى وَطَنِهِ فَإِنَّهُ يَصْرِفُ وَجْهَهُ إلَى الْجِهَةِ الثَّانِيَةِ وَيَمْضِي فِي صَلَاتِهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَتَكُونُ هِيَ قِبْلَتُهُ، وَإِنَّمَا تَكُونُ الْأُولَى قِبْلَتَهُ مَا لَمْ تَتَغَيَّرْ الْعَزِيمَةُ، فَإِنْ انْحَرَفَ إلَى غَيْرِهَا عَامِدًا عَالِمًا وَلَوْ قَهْرًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ عَزَمَ عَلَى الْعَوْدِ إلَى مَقْصِدِهِ أَوْ نَاسِيًا أَوْ لِإِضْلَالِهِ الطَّرِيقَ أَوْ جِمَاحِ الدَّابَّةِ بَطَلَتْ بِانْحِرَافِهِ إنْ طَالَ الزَّمَنُ كَالْكَلَامِ الْكَثِيرِ، وَإِلَّا فَلَا تَبْطُلُ كَالْيَسِيرِ سَهْوًا، وَلَكِنَّهُ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ لِأَنَّ عَمْدَ ذَلِكَ مُبْطِلٌ، وَفِعْلُ الدَّابَّةِ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَصَحَّحَاهُ فِي الْجِمَاحِ وَالرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ فِي النِّسْيَانِ وَنَقَلَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ فِيهِ عَنْ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: تَتَعَيَّنُ الْفَتْوَى بِهِ لِأَنَّهُ الْقِيَاسُ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نَقَلَا عَنْ الشَّافِعِيِّ عَدَمَ السُّجُودِ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ، وَلَوْ انْحَرَفَتْ بِنَفْسِهَا بِغَيْرِ جِمَاحٍ وَهُوَ غَافِلٌ عَنْهَا ذَاكِرٌ لِلصَّلَاةِ فَفِي الْوَسِيطِ إنْ قَصُرَ الزَّمَانُ لَمْ تَبْطُلْ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ وَأَوْجَهُهُمَا كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ الْبُطْلَانُ، وَلَوْ خَرَجَ الرَّاكِبُ فِي مَعَاطِفِ الطَّرِيقِ أَوْ عَدَلَ لِزَحْمَةٍ أَوْ غُبَارٍ وَنَحْوِهِمَا لَمْ يَضُرَّ، ـــــــــــــــــــــــــــــSالشَّارِحِ بِالْمَذْهَبِ الْمَنْقُولِ فِي كَلَامِهِمْ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ مَا دَامَ وَاقِفًا) أَيْ طَوِيلًا عَلَى مَا عَبَّرَ بِهِ شَارِحٌ، وَعَلَيْهِ يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يَقْطَعُ تَوَاصُلَ السَّيْرِ عُرْفًا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: لَا يُصَلِّي إلَّا إلَى الْقِبْلَةِ) لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ إتْمَامُ الْأَرْكَانِ اهـ حَجّ: أَيْ فَيُصَلِّي بِالْإِيمَاءِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ لِاسْتِرَاحَةٍ) سَيَأْتِي مَا يُوَافِقُهُ عَنْ الْمَجْمُوعِ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا لَوْ وَقَفَ طَوِيلًا أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ) أَيْ وُجُوبِ الْإِتْمَامِ لِلْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ أَنْ يُتِمَّهَا بِالْإِيمَاءِ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ وَاقِفَةً كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ حَجّ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالْإِيمَاءِ بَيْنَ كَوْنِهِ عَازِمًا عَلَى السَّفَرِ بِسَيْرِ الرِّفْقَةِ إنْ سَارُوا وَبَيْنَ عَدَمِهِ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي جَوَازِ الْإِيمَاءِ حَيْثُ أَرَادَ تَرْكَ السَّيْرِ قَبْلَ فَرَاغِ الصَّلَاةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ اُغْتُفِرَ ذَلِكَ لِمَا فِي الْإِتْمَامِ عَلَى الدَّابَّةِ أَوْ النُّزُولِ مِنْ الْمَشَقَّةِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ: أَوْ خَلْفِهِ، وَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا قَدَّمَهُ فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَمِنَ وَاسْتَدْبَرَ فِي نُزُولِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَقَدْ يُفَرِّقُ بِأَنَّ ذَاكَ حَالَةُ ضَرُورَةٍ وَقَدْ زَالَتْ وَمَا هُنَا فِي النَّفْلِ فِي السَّفَرِ وَقَدْ تَوَسَّعُوا فِيهِ مَا لَمْ يَتَوَسَّعُوا فِي غَيْرِهِ. عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ الَّذِي يَسْتَدْبِرُهُ هُنَا فِيمَا لَوْ كَانَتْ الْقِبْلَةُ خَلْفَهُ وَالْتَفَتَ إلَيْهَا هُوَ مَقْصِدُهُ وَلَيْسَ هُوَ قِبْلَةً بَلْ بَدَلَهَا، وَاَلَّذِي اسْتَدْبَرَهُ فِي النُّزُولِ فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ هُوَ الْقِبْلَةُ وَفَرْقُ مَا بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ وَصْلَةً) أَيْ طَرِيقًا (قَوْلُهُ وَلَوْ قَهْرًا) أَيْ بِأَنْ أُكْرِهَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَزَمَ عَلَى الْعَوْدِ) أَيْ بَعْدَ الِانْحِرَافِ فَلَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ لَمْ يَضُرَّ) أَيْ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ الرُّجُوعِ إلَى وَطَنِهِ) اُنْظُرْ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَاذَا، وَلَعَلَّ لَفْظَ عَلَى سَاقِطٌ مِنْ النُّسَخِ عَقِبَ قَوْلِهِ عَزَمَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَهْرًا) فِي أَخْذِهِ غَايَةٌ لِلْعَمْدِ وَقْفَةٌ

وَإِنْ نَوَى الرُّجُوعَ مِنْ سَفَرِهِ فَلْيَنْحَرِفْ إلَيْهَا فَوْرًا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ، وَلَوْ كَانَ لِمَقْصِدِهِ طَرِيقَانِ يُمْكِنُهُ الِاسْتِقْبَالَ فِي أَحَدِهِمَا فَقَطْ فَسَلَكَ الْآخَرَ لَا لِغَرَضٍ فَهَلْ لَهُ التَّنَفُّلُ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ؟ يُحْتَمَلُ تَخْرِيجُهُ عَلَى نَظِيرِهِ مِنْ الْقَصْرِ وَيُحْتَمَلُ تَجْوِيزُهُ لَهُ قَطْعًا تَوْسِعَةً فِي النَّوَافِلِ وَتَكْثِيرًا لَهَا، وَلِهَذَا جَازَتْ كَذَلِكَ فِي السَّفَرِ الْقَصِيرِ وَهَذَا أَصَحُّ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا وَفَارَقَ مَنْعَ الْقَصْرِ فِي نَظِيرِهِ بِمَزِيدِ التَّوْسِعَةِ فِي النَّوَافِلِ لِكَثْرَتِهَا. (وَيُومِئُ بِرُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ) أَيْ وَيَكُونُ سُجُودُهُ (أَخْفَضَ) مِنْ رُكُوعِهِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَبِسُجُودِهِ وُجُوبًا إنْ تَمَكَّنَ مِنْ ذَلِكَ تَمْيِيزًا بَيْنَهُمَا لِلِاتِّبَاعِ، وَلَا يَلْزَمُهُ السُّجُودُ عَلَى عُرْفِ الدَّابَّةِ وَنَحْوِهِ بَلْ يَكْفِيهِ الْإِيمَاءُ وَلَا يَلْزَمُهُ إتْمَامُهَا لَتَعَذُّرِهِ أَوْ تَعَسُّرِهِ وَالنُّزُولُ لَهُمَا أَعْسَرُ. قَالَ الْإِمَامُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بَذْلُ وُسْعِهِ فِي الِانْحِنَاءِ «لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ يُومِئُ إيمَاءً إلَّا الْفَرَائِضَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَفِي حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ: «فِي صَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الرَّاحِلَةِ بِالْإِيمَاءِ يَجْعَلُ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ» (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ) (الْمَاشِيَ يُتِمُّ) وُجُوبًا (رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ) (وَيَسْتَقْبِلُ فِيهِمَا وَفِي إحْرَامِهِ) وَجُلُوسُهُ بَيْنَ سَجْدَتَيْهِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إتْمَامُهَا مَاكِثًا لِسُهُولَتِهِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الرَّاكِبِ، وَالثَّانِي يَكْفِيهِ أَنْ يُومِئَ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ كَالرَّاكِبِ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ فِيهِمَا وَيَلْزَمُهُ فِي إحْرَامه عَلَى الْأَصَحِّ وَلَا يَلْزَمُهُ فِي السَّلَامِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَلَوْ كَانَ يَمْشِي فِي وَحْلِ وَنَحْوِهِ أَوْ مَاءٍ أَوْ ثَلْجٍ فَهَلْ يَلْزَمُهُ إكْمَالَ السُّجُودِ عَلَى الْأَرْضِ؟ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ لُزُومُهُ وَاشْتِرَاطُهُ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ وَهُوَ الْأَوْجَهُ يَكْفِيهِ أَيْ الْإِيمَاءُ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ الظَّاهِرَةِ وَتَلْوِيثِ ـــــــــــــــــــــــــــــSخَرَجَ عَنْ جِهَةِ مَقْصِدِهِ (قَوْلُهُ: فَلْيَنْحَرِفْ إلَيْهَا) أَيْ إلَى الْجِهَةِ الَّتِي قَصَدَ الرُّجُوعَ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: يُحْتَمَلُ تَخْرِيجُهُ إلَخْ) أَيْ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَيُومِئُ) أَيْ بِالْهَمْزِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَبِسُجُودِهِ) وَعَلَيْهَا فَأَخْفَضَ حَالٌ وَعَلَى الْأُولَى فَيَجُوزُ رَفْعُهُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ وَجَرُّهُ عَطْفًا عَلَى رُكُوعِهِ، وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ إعَادَةِ الْجَارِ لِعَطْفِهِ عَلَى ظَاهِرٍ وَلَا شُذُوذَ فِيهِ، عَلَى أَنَّ فِي الرَّفْعِ تَقْدِيرَ يَكُونُ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَهُوَ قَلِيلٌ بِدُونِ أَنْ وَلَوْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ السُّجُودُ عَلَى عُرْفِ الدَّابَّةِ) شَامِلٌ لِغَيْرِ الْفَرَسِ. وَفِي الْمُخْتَارِ: الْعُرْفُ ضِدُّ النُّكْرِ إلَى أَنْ قَالَ: وَالْعُرْفُ أَيْضًا عُرْفُ الْفَرَسِ اهـ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُضَافُ لِغَيْرِ الْفَرَسِ مِنْ الدَّوَابِّ، ثُمَّ قَالَ: وَالْمَعْرَفَةُ بِفَتْحِ الرَّاءِ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يَنْبُتُ عَلَيْهِ الْعُرْفُ اهـ. وَفِي الْقَامُوسِ: وَالْعُرْفُ بِالضَّمِّ: شَعْرُ عُنُقِ الْفَرَسِ وَتُضَمُّ رَاؤُهُ اهـ. وَفِي الْمِصْبَاحِ: وَعُرْفُ الدَّابَّةِ الشَّعْرُ النَّابِتُ فِي مَحْدَبِ رَقَبَتِهِ اهـ. وَهُوَ مُوَافِقٌ لِإِطْلَاقِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ إتْمَامُهَا) لَا يُقَالُ: هَذَا عَلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَا يَلْزَمُهُ السُّجُودُ عَلَى عُرْفٍ إلَخْ. لِأَنَّا نَقُولُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ السُّجُودِ عَلَى عُرْفِ الدَّابَّةِ نَفْيُهُ مُطْلَقًا لِجَوَازِ أَنْ يُكَلِّفَهُ عَلَى نَحْوِ السَّرْجِ وَبِتَقْدِيرِ لُزُومِهِ فَقَدْ ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ وَالنُّزُولُ لَهُمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: يَجْعَلُ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ) أَيْ فَتُحْمَلُ الرِّوَايَةُ الْأُولَى عَلَى هَذَا (قَوْلُهُ: أَنَّ الْمَاشِي يُتِمُّ وُجُوبًا رُكُوعَهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ إتْمَامُهَا أَوْ عَدَمُ الِاسْتِقْبَالِ فِيهِمَا لِخَوْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ مَثَلًا لَمْ يَنْتَفِلْ سم عَلَى مَنْهَجٍ بِالْمَعْنَى. أَقُولُ: وَلَوْ قِيلَ يَتَنَفَّلُ وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا فَإِنَّ الْمَشَقَّةَ الْمُجَوِّزَةُ لِتَرْكِ الِاسْتِقْبَالِ فِي السَّفَرِ فِي حَقِّ الرَّاكِبِ مَوْجُودَةٌ هُنَا فَلْيُرَاجَعْ، وَقَدْ يَشْهَدُ لَهُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ كَانَ بِالطَّرِيقِ وَحَلَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ) أَيْ الِاسْتِقْبَالُ (قَوْلُهُ: يَكْفِيهِ أَيْ الْإِيمَاءُ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ) أَيْ وَلَا يُسَنُّ إعَادَةُ النَّفْلِ الرَّاتِبِ مِنْهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَكْفِيهِ مُجَرَّدُ الْإِيمَاءِ مِنْ غَيْرِ مُبَالَغَةٍ فِيهِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَكُونُ سُجُودُهُ إلَخْ) أَعْرَبَ الشِّهَابُ حَجّ أَخْفَضَ حَالًا، وَعَلَيْهِ فَيُقْرَأُ سُجُودُهُ بِالْجَرِّ، وَأَمَّا صَنِيعُ الشَّارِحِ فَيَقْتَضِي قِرَاءَتَهُ بِالرَّفْعِ (قَوْلُهُ: وَفِي حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ) هَذَا بَيَانُ الِاتِّبَاعِ الْمُتَقَدِّمِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إتْمَامَهَا مَاكِثًا لِسُهُولَتِهِ عَلَيْهِ) هَذَا جَعَلَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ تَعْلِيلًا لِوُجُوبِ الِاسْتِقْبَالِ فِيمَا ذَكَرَ لَا لِوُجُوبِ إتْمَامِ الرُّكُوعِ

بَدَنِهِ وَثِيَابِهِ بِالطِّينِ، وَقَدْ وَجَّهُوا وُجُوبَ إكْمَالِهِ بِالتَّيَسُّرِ وَعَدَمِ الْمَشَقَّةِ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ هُنَا وَإِلْزَامُهُ بِالْكَمَالِ يُؤَدِّي إلَى التَّرْكِ جُمْلَةً (وَ) الْأَظْهَرُ أَنَّهُ (لَا يَمْشِي) أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْمَشْيُ (إلَّا فِي قِيَامِهِ) شَمَلَ اعْتِدَالَهُ (وَتَشَهُّدَهُ) وَلَوْ الْأَوَّلُ فَلَا يَمْشِي فِي غَيْرِهِمَا، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِأَنَّ مَشْيَ الْقَائِمِ سَهْلٌ فَسَقَطَ عَنْهُ التَّوَجُّهُ فِيهِ لِيَمْشِيَ فِيهِ شَيْئًا مِنْ سَفَرِهِ قَدْرَ مَا يَأْتِي بِالذَّكَرِ الْمَسْنُونِ فِيهِ، وَمَشْيُ الْجَالِسِ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِالْقِيَامِ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ فَلَزِمَهُ التَّوَجُّهُ فِيهِ، وَلَوْ بَلَغَ الْمُسَافِرُ الْمَحَطَّ الَّذِي يَنْقَطِعُ بِهِ سَيْرُهُ أَوْ بَلَغَ طَرَفَ بُنْيَانِ بَلَدِ إقَامَتِهِ أَوْ نَوَى وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ مَاكِثٌ بِمَحَلِّ الْإِقَامَةِ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ لَهَا لَزِمَهُ النُّزُولُ عَنْ دَابَّتِهِ إنْ لَمْ يَسْتَقِرَّ فِي نَحْوِ هَوْدَجٍ وَلَمْ يُمْكِنْهُ إتْمَامُهَا مُسْتَقْبَلًا وَهِيَ وَاقِفَةٌ لِانْقِطَاعِ سَفَرِهِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الرُّخْصَةِ، بِخِلَافِ الْمَارِّ بِذَلِكَ وَلَوْ بَقَرِيَّةٍ لَهُ أَهْلٌ فِيهَا فَلَا يَلْزَمُهُ النُّزُولُ، وَعَلِمَ أَنَّ الشَّرْطَ فِي جَوَازِ تَنَفُّلِهِ رَاكِبًا وَمَاشِيًا دَوَامُ سَفَرِهِ وَسَيْرِهِ، فَلَوْ نَزَلَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ لَزِمَهُ إتْمَامُهَا لِلْقِبْلَةِ قَبْلَ رُكُوبِهِ، وَلَوْ نَزَلَ وَبَنَى أَوْ ابْتَدَأَهَا لِلْقِبْلَةِ ثُمَّ أَرَادَ الرُّكُوبَ وَالسَّيْرَ فَلْيُتِمَّهَا وَيُسَلِّمُ مِنْهَا ثُمَّ يَرْكَبُ فَإِنْ رَكِبَ بَطَلَتْ إلَّا أَنْ يَضْطَرَّ إلَى الرُّكُوبِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي مَجْمُوعِهِ، وَلَهُ الرَّكْضُ لِلدَّابَّةِ وَالْعَدْوُ لِحَاجَةٍ سَوَاءٌ أَنَّ الرَّكْضَ وَالْعَدْوَ لِحَاجَةِ السَّفَرِ كَخَوْفِ تَخَلُّفِهِ عَنْ الرُّفْقَةِ أَمْ لِغَيْرِ حَاجَتِهِ كَتَعَلُّقِهَا بِصَيْدٍ يُرِيدُ إمْسَاكَهُ كَمَا اقْتَضَى ذَلِكَ كَلَامُهُمْ وَكَلَامُ ابْنِ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّ الْوَجْهَ بُطْلَانُهَا فِي الثَّانِي، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَجْرَى الدَّابَّةَ أَوْ عَدَا الْمَاشِي ـــــــــــــــــــــــــــــSيُقَالُ يُبَالِغُ فِي ذَلِكَ بِحَيْثُ يَقْرَبُ مِنْ الْوَحْلِ كَمَنْ حُبِسَ بِمَوْضِعٍ نَجِسٍ، وَكَمَا فِي مَنْ يُصَلِّي النَّفَلَ قَاعِدًا إذَا عَجَزَ عَنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، لِأَنَّ النَّفَلَ فِي السَّفَرِ خُفِّفَ فِيهِ، وَحَيْثُ وُجِدَتْ مَشَقَّةٌ سَقَطَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ فَيَكْتَفِي بِمُجَرَّدِ الْإِيمَاءِ (قَوْلُهُ: وَتَشَهُّدَهُ) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ سَلَامَ التَّحَلُّلِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ - وَمَا يَتَّصِلُ بِهَا مِنْ الْأَدْعِيَةِ (قَوْلُهُ فَلَزِمَهُ التَّوَجُّهُ فِيهِ) وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَزْحَفُ أَوْ يَحْبُو جَازَ لَهُ ذَلِكَ فِيهِ اهـ حَجّ: أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ حَالُهُ فِي السَّفَرِ الْحَبْوَ أَوْ الزَّحْفَ بَلْ لَوْ أَرَادَ ذَلِكَ فِي خُصُوصِ الْجُلُوسِ جَازَ. وَقَوْلُهُ إنَّهُ لَوْ كَانَ يَزْحَفُ قِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ رَكَعَ وَمَشَى فِي رُكُوعِهِ لَمْ يَمْتَنِعْ حَيْثُ أَتَمَّهُ لِلْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَلَغَ طَرَفَ بُنْيَانِ بَلَدِ إقَامَتِهِ) أَيْ الْبَلَدِ الَّذِي نَوَى الْإِقَامَةَ فِيهِ أَوَاَلَّذِي هُوَ مَقْصِدُهُ فَلَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي فِي الْقَرْيَةِ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ النُّزُولُ عَنْ دَابَّتِهِ) هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَسْتَدْبِرَ كَمَا تَقَدَّمَ فِيمَنْ أَمَّنَ رَاكِبًا فَنَزَلَ يَنْبَغِي نَعَمْ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لِانْقِطَاعِ سَفَرِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لَزِمَهُ النُّزُولُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَقَرِيَّةٍ لَهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ وَطَنَهُ، وَلَيْسَ مُرَادًا لِمَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ مِنْ أَنَّهُ يَنْقَطِعُ سَفَرُهُ بِمُرُورِهِ عَلَى وَطَنِهِ وَعِبَارَتُهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِذَا رَجَعَ انْتَهَى سَفَرُهُ بِبُلُوغِهِ مَا شَرَطَ مُجَاوَزَتَهُ ابْتِدَاءَ نَصِّهَا: فَعَلِمَ أَنَّهُ يَنْتَهِي بِمُجَرَّدِ بُلُوغِهِ مَبْدَأُ سَفَرِهِ مِنْ وَطَنِهِ وَلَوْ كَانَ مَارًّا بِهِ فِي سَفَرِهِ كَأَنْ خَرَجَ مِنْهُ ثُمَّ رَجَعَ مِنْ بَعِيدٍ قَاصِدًا مُرُورَهُ بِهِ مِنْ غَيْرِ إقَامَةٍ اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَضْطَرَّ إلَى الرُّكُوبِ) أَيْ فَيَرْكَبُ وَيُكْمِلُهَا (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي مَجْمُوعِهِ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إنْ كَانَتْ صُورَةُ النُّزُولِ مُقَيَّدَةً بِعَدَمِ الْأَفْعَالِ الْمُبْطِلَةِ فَيَنْبَغِي تَجْوِيزُ الرُّكُوبِ بِهَذَا الْقَيْدِ فَقَدْ يُتَصَوَّرُ فَلِمَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُصَوَّرَةٍ بِذَلِكَ فَهُوَ مُشْكِلٌ، مَعَ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الرُّكُوبُ كَذَلِكَ وَإِلَّا فَلِمَ اُغْتُفِرَتْ الْأَفْعَالُ الْمُبْطِلَةُ فِي النُّزُولِ دُونَ الرُّكُوبِ، لَعَلَّ الْمُرَادَ الْأَوَّلُ، وَإِنَّمَا فَرَّقُوا بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ فَلْيُتَأَمَّلْ، قَالَهُ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى التَّحْرِيرِ. أَقُولُ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا اُغْتُفِرَتْ الْحَرَكَاتُ الْمُبْطِلَةُ عِنْدَ إرَادَةِ النُّزُولِ لِأَنَّهُ لَمَّا انْتَقَلَ إلَى مَا هُوَ وَاجِدٌ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ اُغْتُفِرَ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ، وَالرُّكُوبُ لَمَّا كَانَ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً ضُويِقَ فِيهِ فَلَمْ يُغْتَفَرْ لَهُ إلَّا مَا كَانَ ضَرُورِيًّا (قَوْلُهُ: وَلَهُ الرَّكْضُ لِلدَّابَّةِ وَالْعَدْوُ) أَيْ وَلَوْ كَثُرَا (قَوْلُهُ: فِي الثَّانِي) هُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالسُّجُودِ، وَالشَّارِحُ تَبِعَهُ فِي ذَلِكَ فَلَزِمَ عَلَيْهِ إهْمَالُ تَعْلِيلِ الْإِتْمَامِ الْمَذْكُورِ وَإِيهَامُ أَنَّهُ تَعْلِيلٌ لَهُ أَيْضًا مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ بَيْنَهُ إلَخْ) هَذَا فَرْقٌ بَيْنَ الِاعْتِدَالِ، وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ لَا تَقْبَلُهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِقَرْيَةٍ لَهُ أَهْلٌ فِيهَا) فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُرِدْ النُّزُولَ بِهَا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي

فِي صَلَاتِهِ بِلَا حَاجَةٍ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ كَمَا مَرَّ وَلَوْ بَالَتْ أَوْ رَاثَتْ دَابَّةٌ أَوْ وَطِئَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ أَوْطَأَهَا نَجَاسَةً لَمْ يَضُرَّ لِأَنَّهُ لَمْ يُلَاقِهَا، وَلَوْ دَمَى فَمُ الدَّابَّةِ وَفِي يَدِهِ لِجَامُهَا فَسِيَاقُ الْكَلَامِ قَدْ يُفْهِمُ صِحَّتَهَا، وَاَلَّذِي أَوْرَدَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ كَمَا لَوْ صَلَّى وَفِي يَدِهِ حَبْلٌ طَاهِرٌ عَلَى نَجَاسَةٍ، وَقَضِيَّتُهُ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ يَلْحَقُ بِمَا ذُكِرَ كُلَّ نَجَاسَةٍ اتَّصَلَتْ بِالدَّابَّةِ وَعِنَانُهَا بِيَدِهِ أَخْذًا مِمَّا تَقَرَّرَ، أَمَّا الْمَاشِي فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ إنْ وَطِئَ نَجَاسَةً عَمْدًا وَلَوْ يَابِسَةً وَإِنْ لَمْ يَجِدْ عَنْهَا مَعْدِلًا كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ التَّحْقِيقِ، بِخِلَافِ وَطْئِهَا نَاسِيًا وَهِيَ يَابِسَةٌ لِلْجَهْلِ بِهَا مَعَ مُفَارِقَتِهَا حَالًا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ فَنَحَّاهَا حَالًا، فَإِنْ كَانَتْ مَعْفُوًّا عَنْهَا كَذَرْقِ طُيُورٍ عَمَّتْ بِهَا الْبَلْوَى وَلَا رُطُوبَةَ ثَمَّ وَلَمْ يَتَعَمَّدْ الْمَشْيَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَجِدْ عَنْهَا مَعْدِلًا لَمْ يَضُرَّ، وَلَا يُكَلَّفُ التَّحَفُّظَ وَالِاحْتِيَاطَ فِي مَشْيِهِ لِأَنَّ تَكْلِيفَهُ ذَلِكَ يُشَوِّشُ عَلَيْهِ غَرَضَ سَيْرِهِ (وَلَوْ صَلَّى) شَخْصٌ (فَرْضًا) عَيْنِيًّا أَوْ غَيْرَهُ (عَلَى دَابَّةٍ وَاسْتَقْبَلَ) الْقِبْلَةَ (وَأَتَمَّ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ) وَبَقِيَّةَ أَرْكَانِهِ بِأَنْ كَانَ فِي نَحْوِ هَوْدَجٍ (وَهِيَ وَاقِفَةٌ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَعْقُولَةً أَوْ كَانَ عَلَى سَرِيرٍ يَمْشِي بِهِ رِجَالٌ أَوْ فِي زَوْرَقٍ أَوْ أُرْجُوحَةٍ مُعَلَّقَةٍ بِحِبَالٍ (جَازَ) لِاسْتِقْرَارِ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ (أَوْ سَائِرَةٌ فَلَا) لِأَنَّ سَيْرَهَا مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ إتْمَامِ الْأَرْكَانِ عَلَيْهَا. نَعَمْ إنْ خَافَ مِنْ النُّزُولِ عَنْهَا عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ وَإِنْ قَلَّ أَوْ فَوْتِ رُفْقَتِهِ إذَا اسْتَوْحَشَ وَإِنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ، أَوْ خَافَ وُقُوعَ مُعَادِلِهِ لِمَيْلِ الْحَمْلِ أَوْ تَضَرُّرَ الدَّابَّةِ أَوْ احْتَاجَ فِي نُزُولِهِ إذَا رَكِبَ إلَى مُعِينٍ وَلَيْسَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ أَمْ لِغَيْرِ الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَوْطَأَهَا نَجَاسَةً لَمْ يَضُرَّ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ زِمَامُهَا بِيَدِهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ صَلَّى وَبِيَدِهِ حَبْلٌ) وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ كَانَ الْحَبْلُ تَحْتَ رِجْلِهِ مَثَلًا (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ عَلَى الْأَصَحِّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَعِنَانُهَا بِيَدِهِ) أَيْ وَإِنْ طَالَ، وَهَلْ مِثْلُ الْعِنَانِ الرِّكَابُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ: إنْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ حَمْلِهِ عَلَى رِجْلِهِ وَرَفَعَهَا وَهُوَ عَلَيْهَا لَمْ يَضُرَّ وَإِلَّا ضُرَّ لِأَنَّهُ يُعَدُّ مُتَّصِلًا بِهِ عُرْفًا (قَوْلُهُ: عَمَّتْ بِهَا الْبَلْوَى وَلَا رُطُوبَةَ) أَيْ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَالْمُرَادُ بِعُمُومِهَا كَثْرَةُ وُقُوعِهَا فِي الْمَحَلِّ بِحَيْثُ يُشَقُّ تَحَرُّمُ الْمَحَلِّ الطَّاهِرِ مِنْهُ. وَقَوْلُهُ لَمْ يَجِدْ عَنْهَا مَعْدِلًا لَعَلَّ الْمُرَادُ بِهِ أَنْ لَا يَكُونَ ثَمَّ جِهَةٌ خَالِيَةٌ عَنْهُ رَأْسًا يَسْهُلُ الْمُرُورُ بِهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَا يُكَلَّفُ التَّحَفُّظَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَرْضًا عَيْنِيًّا أَوْ غَيْرَهُ) كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ اهـ زِيَادِيٌّ وحج (قَوْلُهُ: أَوْ أُرْجُوحَةٍ) هِيَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ إذَا اسْتَوْحَشَ) أَيْ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ فِيمَا لَوْ تَوَهَّمَ الْمَاءَ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ طَلَبُهُ إنْ خَافَ انْقِطَاعَهُ عَنْ الرُّفْقَةِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْحِشْ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الشَّرْحِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ ذَاكَ لَمَّا كَانَ لِمُجَرَّدِ التَّوَهُّمِ وَقَدْ لَا يَجِبُ مَعَهُ الْمَاءُ بِالطَّلَبِ رُوعِيَ جَانِبُ الرُّفْقَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الشَّارِحِ فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ فَلْيُنْظَرْ مَعَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ أَوْطَأَهَا نَجَاسَةً لَمْ يَضُرَّ) لَعَلَّ الصُّورَةَ أَنَّ اللِّجَامَ مَثَلًا لَيْسَ فِي يَدِهِ لِيُلَاقِيَ مَا يَأْتِي فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَمَا يَأْتِي قَرِيبًا مِنْ قَوْلِهِ، وَيَظْهَرُ أَنْ يُلْحِقَ بِمَا ذُكِرَ كُلُّ نَجَاسَةٍ اتَّصَلَتْ بِالدَّابَّةِ إلَخْ، ثُمَّ رَأَيْتُ الشِّهَابَ سم قَالَ عَقِبَ قَوْلِ الشِّهَابِ حَجّ وَطْءُ نَجِسٍ خَرَجَ إيطَاءٌ بِالدَّابَّةِ لَكِنْ إذَا تَلَوَّثَتْ رِجْلُهَا ضَرَّ، إمْسَاكُ مَا رَبَطَ بِهَا كَمَا فِي مَسْأَلَةِ السَّاجُورِ (قَوْلُهُ: اتَّصَلَتْ بِالدَّابَّةِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُلَاقِ اللِّجَامَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ قَابِضٌ مُتَّصِلٌ بِالنَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ مَعْفُوًّا عَنْهَا إلَخْ) هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِالْمُسَافِرِ كَمَا يَأْتِي فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ بِمَا فِيهِ، عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَلَمْ يَجِدْ عَنْهَا مَعْدِلًا لَمْ يَشْرِطْهُ ثَمَّ، وَحِينَئِذٍ فَالْعَفْوُ عَمَّا ذُكِرَ لَيْسَ لِخُصُوصِ السَّيْرِ، فَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ تَكْلِيفَهُ ذَلِكَ إلَخْ لَمْ يُفِدْ هُنَا شَيْئًا (قَوْلُهُ: أَوْ فِي زَوْرَقٍ) إنْ كَانَتْ الصُّورَةُ أَنَّهُ فِي الْبَحْرِ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدَّمَ مَسْأَلَةَ السَّفِينَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الصُّورَةُ أَنَّهُ فِي الْبَرِّ، فَإِنْ كَانَتْ صُورَتُهُ أَنَّهُ يَجُرُّهُ رِجَالٌ فَكَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ يَمْشِي بِهِ رِجَالٌ، وَإِنْ كَانَتْ صُورَتُهُ أَنَّهُ تَجُرُّهُ دَابَّةٌ مَثَلًا، فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ مَسْأَلَةِ الْمِحَفَّةِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ سَيْرَهَا مَنْسُوبٌ إلَيْهِ) هُوَ تَعْلِيلٌ لِمَسْأَلَةِ الْمَتْنِ خَاصَّةً مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا أَدْرَجَهُ فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ عَلَى أَنَّهَا مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَنْ يَلْزَمُ زِمَامَهَا كَمَا يَأْتِي

مَعَهُ أَجِيرٌ لِذَلِكَ وَلَمْ يَتَوَسَّمْ مِنْ نَحْوِ صِدِّيقٍ إعَانَتَهُ فَلَهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرْضَ عَلَيْهَا وَهِيَ سَائِرَةٌ إلَى جِهَةِ مَقْصِدِهِ وَيُومِئُ وَيُعِيدُ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ السَّرِيرِ صِحَّةُ مَا أَفَادَهُ الْبَدْرُ بْنُ شُهْبَةَ حَيْثُ قَالَ: وَقَضِيَّةُ هَذَا صِحَّةُ الصَّلَاةِ فِي الْمِحَفَّةِ السَّائِرَةِ، لِأَنَّ مَنْ بِيَدِهِ زِمَامُ الدَّابَّةِ يُرَاعِي الْقِبْلَةَ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ نَفِيسَةٌ يَحْتَاجُ إلَيْهَا، وَفَرَّقَ الْمُتَوَلِّي بَيْنَ الدَّابَّةِ السَّائِرَةِ بِنَفْسِهَا وَبَيْنَ الرِّجَالِ السَّائِرِينَ بِالسَّرِيرِ بِأَنَّ الدَّابَّةَ لَا تَكَادُ تَثْبُتُ عَلَى حَالَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا تُرَاعِي الْجِهَةَ، بِخِلَافِ الرِّجَالِ، قَالَ: حَتَّى لَوْ كَانَ لِلدَّابَّةِ مَنْ يَلْزَمُ لِجَامَهَا وَيُسَيِّرُهَا بِحَيْثُ لَا تَخْتَلِفُ الْجِهَةُ جَازَ ذَلِكَ، وَسَبَقَهُ إلَى هَذَا الْأَخِيرِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَمَا نَظَرَ بِهِ فِي كَلَامِ الْمُتَوَلِّي صَاحِبُ الْإِسْعَادِ بِأَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ مُرَاعَاةُ السَّائِرِ بِنَفْسِهِ الِاسْتِقْبَالَ اخْتِيَارًا وَلَا اخْتِيَارَ لِلدَّابَّةِ وَلَيْسَ سَيْرُهَا كَالْحَاصِلِ لِلسَّائِرِ بِنَفْسِهِ يُرَدُّ بِأَنَّ الْعِلَّةَ لَيْسَتْ هِيَ اخْتِيَارَ السَّائِرِ إذْ لَا يَصِحُّ مَنَاطًا لِتَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِهِ بَلْ الْأَمْنُ مِنْ التَّحَوُّلِ عَنْ الْقِبْلَةِ بِالِانْحِرَافِ الْمُبْطِلِ لِصَلَاتِهِ وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَفَرَّقَ غَيْرُ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّ السَّرِيرَ مَنْسُوبٌ لِحَامِلِهِ دُونَ رَاكِبِهِ وَلِهَذَا اُحْتِيجَ فِي وُقُوعِ الطَّوَافِ لِلْمَحْمُولِ إلَى قَرِينَةٍ تَصْرِفُهُ عَنْ الْحَامِلِ كَمَا سَيَأْتِي، وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِمْ بِأَنَّ سَيْرَ الدَّابَّةِ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ أَنَّهَا لَوْ مَشَتْ بِهِ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ بَطَلَتْ بِثَلَاثِ خُطُوَاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ، وَمِثْلُهَا الْوَثْبَةُ الْفَاحِشَةُ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَشَمَلَ كَلَامُهُ الصَّلَاةَ الْمَنْذُورَةَ وَيَلْحَقُ بِهَا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ لِسُلُوكِهِمْ بِالْأُولَى مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ، وَلِأَنَّ الرُّكْنَ الْأَعْظَمَ فِي الثَّانِيَةِ الْقِيَامُ وَفِعْلُهَا عَلَى الدَّابَّةِ يَمْحُو صُورَتَهَا، وَلِنُدْرَةِ هَذِهِ الصَّلَاةِ وَلِاحْتِرَامِ الْمَيِّتِ حَتَّى لَوْ فُرِضَ إتْمَامُهُ عَلَيْهَا فَكَذَلِكَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ كَالْقُونَوِيِّ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ فِي النَّفْلِ إنَّمَا كَانَتْ لِكَثْرَتِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSمُطْلَقًا بِخِلَافِهِ هُنَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَوَسَّمْ) أَيْ لَمْ يَجُزْ مِنْ نَحْوِ صَدِيقٍ ذَلِكَ بِعَلَامَةٍ (قَوْلُهُ: فِي الْمِحَفَّةِ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: وَالْمِحَفَّةِ بِالْكَسْرِ مَرْكَبٌ مِنْ مَرَاكِبِ النِّسَاءِ كَالْهَوْدَجِ إلَّا أَنَّهَا لَا تُقَبَّبُ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَسْأَلَةٌ نَفِيسَةٌ) وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِمَّا يَأْتِي عَنْ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الدَّابَّةَ لَا تَكَادُ تَثْبُتُ) وَقَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقِ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ وَلَوْ كَانُوا مَمْلُوكِينَ لِلْمَحْمُولِ أَوْ مَأْمُورِينَ لَهُ وَإِنْ كَانُوا أَعْجَمِيِّينَ يَعْتَقِدُونَ وُجُوبَ طَاعَتِهِ فَتَأَمَّلْ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ فَلَا يُقَالُ: مِلْكُهُ لَهُمْ وَاعْتِقَادُهُمْ وُجُوبَ طَاعَتِهِ صَيَّرَ سَيْرَهُمْ مَنْسُوبًا إلَيْهِ. لِأَنَّا نَقُولُ: الْعِلَّةُ فِي الصِّحَّةِ لُزُومُهُمْ جِهَةً وَاحِدَةً وَعَقْلُهُمْ يَقْتَضِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانُوا مِلْكًا أَوْ اعْتَقَدُوا الْوُجُوبَ (قَوْلُهُ: جَازَ ذَلِكَ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا الْوَثْبَةُ الْفَاحِشَةُ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلِنُدْرَةِ هَذِهِ الصَّلَاةِ) قَالَ حَجّ: وَالْفَرْقُ بِهَذَا أَوْلَى مِنْ الْفَرْقِ بِأَنَّ الْجُلُوسَ يَمْحُو صُورَتَهَا لِأَنَّهُ مُنْتَقَضٌ بِامْتِنَاعِ فِعْلِهَا عَلَى السَّائِرَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مَعَ بَقَاءِ الْقِيَامِ (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ فُرِضَ إتْمَامُهُ) أَيْ الْقِيَامُ (قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ) أَيْ لَا يَصِحُّ حَيْثُ كَانَتْ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ وَالدَّابَّةُ سَائِرَةٌ. أَمَّا إذَا كَانَتْ لَهَا وَهِيَ وَاقِفَةٌ فَلَا وَجْهَ لِعَدَمِ الصِّحَّةِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ إتْمَامُهُ لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِيهِ رَاجِعٌ لِلْقِيَامِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ. وَعِبَارَةُ حَجّ: وَلَوْ صَلَّى شَخْصٌ قَادِرٌ عَلَى النُّزُولِ فَرْضًا وَلَوْ نَذْرًا وَكَذَا صَلَاةُ جِنَازَةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، إلَى أَنْ قَالَ: وَهِيَ وَاقِفَةٌ جَازَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيُومِئُ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ هُوَ مُضِرٌّ؛ لِأَنَّ الْإِعَادَةَ لَازِمَةٌ حِينَئِذٍ، وَإِنْ أَتَمَّ الْأَرْكَانَ (قَوْلُهُ: أَنَّهَا لَوْ مَشَتْ) أَيْ حَيْثُ اشْتَرَطْنَا وُقُوفَهَا، فَهُوَ رَاجِعٌ إلَى مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ، وَكَأَنَّهُ أَخْرَجَ بِقَوْلِهِ مَشَتْ مَا إذَا تَحَرَّكَتْ؛ إذْ تَحَرُّكُهَا لَيْسَ مَنْسُوبًا إلَيْهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ كَلَامُهُ) أَيْ فِي خُصُوصِ قَوْلِهِ أَوْ سَائِرَةً فَلَا وَإِلَّا يَلْزَمُ عَلَيْهِ خَلَلٌ لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ بِهَا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ) أَيْ فَلَمْ يَشْمَلْهَا كَلَامُهُ، لَكِنْ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ فِي حَلِّ الْمَتْنِ عَيْنِيًّا أَوْ غَيْرَهُ، وَكَانَ الْأَوْلَى إسْقَاطَ

وَهَذِهِ نَادِرَةٌ وَإِنْ صَرَّحَ الْإِمَامُ بِالْجَوَازِ، وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَادَّعَى أَنَّ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ يَقْتَضِيهِ، وَقِيَاسُهُ جَوَازُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمَاشِي إذَا صَلَّى عَلَى غَائِبٍ مَثَلًا لَكِنَّهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ هُنَاكَ قَدْ صَرَّحَ بِامْتِنَاعِ الْمَشْيِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَا يَضُرُّهُ إحَالَةُ سَبْقِهِ فِي التَّيَمُّمِ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ قَدَّمَهُ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ فِيهِ وَيَمْتَنِعُ عَلَى مَنْ صَلَّى فَرْضًا فِي سَفِينَةٍ تَرْكُ الْقِيَامِ إلَّا لِعُذْرٍ كَدَوَرَانِ رَأْسٍ وَنَحْوِهِ، فَلَوْ حَوَّلَتْهَا الرِّيحُ فَتَحَوَّلَ صَدْرُهُ عَنْ الْقِبْلَةِ وَجَبَ رَدُّهُ إلَيْهَا، وَلَهُ الْبِنَاءُ إنْ عَادَ فَوْرًا وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ (وَمَنْ صَلَّى) فَرْضًا أَوْ نَفْلًا (فِي الْكَعْبَةِ وَاسْتَقْبَلَ جِدَارَهَا أَوْ بَابَهَا) حَالَ كَوْنِهِ (مَرْدُودًا) وَإِنْ لَمْ تَرْتَفِعْ عَتَبَتُهُ إنْ سَامَتْ بَعْضَ الْبَابِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (أَوْ مَفْتُوحًا مَعَ ارْتِفَاعِ عَتَبَتِهِ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ) تَقْرِيبًا فَأَكْثَرَ بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ وَإِنْ بَعُدَ عَنْهُ ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ فَأَكْثَرَ، وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي سَتْرَةِ الْمُصَلِّي وَقَاضِي الْحَاجَةِ بِأَنَّ الْقَصْدَ ثُمَّ سَتَرَهُ عَنْ الْكَعْبَةِ وَلَا يَحْصُلُ إلَّا مَعَ الْقُرْبِ. وَهُنَا إصَابَةُ عَيْنِهَا وَهُوَ الْحَاصِلُ فِي الْبُعْدِ كَالْقُرْبِ (أَوْ) صَلَّى (عَلَى سَطْحِهَا) أَوْ فِي عَرْصَتِهَا لَوْ انْهَدَمَتْ، وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى (مُسْتَقْبِلًا مِنْ بِنَائِهَا مَا سَبَقَ) وَهُوَ قَدْرُ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ أَوْ اسْتَقْبَلَ شَاخِصًا بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ مُتَّصِلًا بِالْكَعْبَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْرَ قَامَتِهِ طُولًا وَعَرْضًا فَشَمَلَ مَا لَوْ انْخَفَضَ مَوْضِعُ مَوْقِفِهِ وَارْتَفَعَتْ أَرْضُ الْجَانِبِ الْآخَرِ كَشَجَرَةٍ نَابِتَةٍ وَعَصًا مُسَمَّرَةٍ أَوْ مَبْنِيَّةٍ وَبَقِيَّةِ جِدَارٍ (جَازَ) مَا صَلَّاهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الشَّاخِصُ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ سُتْرَةُ الْمُصَلِّي فَاعْتُبِرَ فِيهِ قَدْرُهَا، وَقَدْ سُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهَا فَقَالَ «كَمُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَهِيَ ثُلُثَا ذِرَاعٍ تَقْرِيبًا لَيْسَ بِمَخْرَجٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَإِنْ صَرَّحَ الْإِمَامُ بِالْجَوَازِ) أَيْ فِي الْجِنَازَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّهُ) أَيْ النَّوَوِيَّ (قَوْلُهُ: كَدَوَرَانِ رَأْسٍ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ لِعَجْزِهِ عَنْ الْقِيَامِ (قَوْلُهُ: فَتَحَوَّلَ صَدْرُهُ عَنْ الْقِبْلَةِ) أَيْ يَقِينًا فَالشَّكُّ لَا يُؤَثِّرُ (قَوْلُهُ: وَجَبَ رَدُّهُ) أَيْ رُجُوعُهُ (قَوْلُهُ: وَلَهُ الْبِنَاءُ إنْ عَادَ فَوْرًا) وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ انْحَرَفَتْ بِهِ دَابَّتُهُ خَطَأً أَوْ لِجِمَاحِهَا وَعَادَ فَوْرًا مِنْ أَنَّهُ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ أَنْ يُقَالَ بِالْأَوْلَى بِمِثْلِهِ هُنَا (قَوْلُهُ: أَوْ فِي عَرْصَتِهَا لَوْ انْهَدَمَتْ) اُنْظُرْ لَوْ انْهَدَمَ بَعْضُهَا وَوَقَفَ خَارِجَهَا مُسْتَقْبِلًا هَوَاءَ الْمُنْهَدِمِ دُونَ شَيْءٍ مِنْ الْبَاقِي هَلْ يَكْفِي لِأَنَّهُ يُعَدُّ مُسْتَقْبِلًا كَمَا لَوْ انْهَدَمَتْ كُلُّهَا أَوْ لَا لِقُدْرَتِهِ عَلَى اسْتِقْبَالِ الْبَاقِي، فَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ الْأَوَّلُ. فَقَدْ يُقَالُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَمَا إذَا ارْتَفَعَ عَلَى نَحْوِ جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ وَاسْتَقْبَلَ هَوَاءَهَا مَعَ إمْكَانِ الِانْخِفَاضِ بِحَيْثُ يَسْتَقْبِلُ نَفْسَهَا فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتَقْبَلَ شَاخِصًا) فَلَوْ أُزِيلَ الشَّاخِصُ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ بَطَلَتْ، بِخِلَافِ مَا إذَا أُزِيلَتْ الرَّابِطَةُ. وَالْفَرْقُ أَنَّ أَمْرَ الِاسْتِقْبَالِ فَوْقَ أَمْرِ الرَّابِطَةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ بِالْمَعْنَى نَقْلًا عَنْ م ر. وَفِيهِ أَيْضًا لَوْ كَانَ الشَّاخِصُ فِي جَانِبِ فَقَطْ هَلْ يَكْفِي الْخَالِي عَنْهُ اهـ؟ أَقُولُ: قَدْ يُؤْخَذُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ أَوْ خَرَجَ بَعْضُ بَدَنِهِ عَنْ مُحَاذَاةِ الشَّاخِصِ لِأَنَّهُ مُتَوَجِّهٌ بِبَعْضِ بَدَنِهِ جُزْءَهَا وَبِبَاقِيهِ هَوَاءَهَا لَكِنْ تَبَعًا، لَكِنَّ هَذَا الْمَأْخُوذَ قَدْ يُخَالِفُهُ مَا قَالَهُ حَجّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ اسْتَقْبَلَ طَرَفًا مِنْهَا بِبَعْضِ بَدَنِهِ وَخَرَجَ بَاقِيهِ عَنْ اسْتِقْبَالِهِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ اهـ. وَقَدْ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ دَاخِلَ الْكَعْبَةِ هُنَا قَوِيَتْ التَّبَعِيَّةُ بِخِلَافِهِ ثُمَّ (قَوْلُهُ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ) وَهُوَ كَوْنُهُ مِنْهَا وَارْتَفَعَ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ فَأَكْثَرَ (قَوْلُهُ: وَعَصًا مُسَمَّرَةٍ) مِنْ سَمَّرَهُ وَبَابُهُ قَتَلَ، وَالتَّثْقِيلُ مُبَالَغَةٌ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ لَوْ سَمَّرَهَا لِيُصَلِّيَ إلَيْهَا ثُمَّ يَأْخُذُهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ اهـ. وَارْتَضَى م ر هَذَا الْخِلَافَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَقَدْ سُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهَا) أَيْ سُتْرَةِ الْمُصَلِّي (قَوْلُهُ: كَمُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذَا فِيمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَ الْمَتْنِ وَأَتَمَّ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ) أَيْ فِي قَاضِي الْحَاجَةِ وَسَكَتَ عَنْ سُتْرَةِ الْمُصَلِّي

لِمَا زَادَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا هُوَ بَيَانٌ لِقَدْرِ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ أَنَّ غَايَتَهَا نَحْوُ ذِرَاعٍ. قَالَ الْإِمَامُ: وَكَأَنَّهُمْ رَاعُوا فِي اعْتِبَارِ ذَلِكَ أَنْ يُسَامِتَ فِي سُجُودِهِ الشَّاخِصَ بِمُعْظَمِ بَدَنِهِ لَا اسْتِقْبَالَ نَحْوِ حَشِيشٍ نَابِتٍ وَعَصًا مَغْرُوزَةٍ لِكَوْنِهِ لَا يُعَدُّ مِنْ أَجْزَائِهَا وَتُخَالِفُ الْعَصَا الْأَوْتَادَ الْمَغْرُوزَةَ فِي الدَّارِ حَيْثُ تُعَدُّ مِنْهَا بِدَلِيلِ دُخُولِهَا فِي بَيْعِهَا لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِغَرْزِهَا لِلْمَصْلَحَةِ فَعُدَّتْ مِنْ الدَّارِ لِذَلِكَ، وَإِنْ جَمَعَ تُرَابَهَا أَمَامَهُ أَوْ نَزَلَ فِي مُنْخَفَضٍ مِنْهَا كَحُفْرَةٍ كَفَى أَخْذًا مِمَّا مَرَّ لِكَوْنِهِ يُعَدُّ مِنْ أَجْزَائِهَا، وَإِنْ وَقَفَ خَارِجَ الْعَرْصَةِ وَلَوْ عَلَى نَحْوِ جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ أَجْزَأَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ شَاخِصٌ لِأَنَّهُ يُعَدُّ مُتَوَجِّهًا إلَيْهَا، بِخِلَافِ مَا وَقَفَ فِيهَا وَتَوَجَّهَ إلَى هَوَائِهَا، وَلَوْ خَرَجَ عَنْ مُحَاذَاةِ الْكَعْبَةِ بِبَعْضِ بَدَنِهِ بِأَنْ وَقَفَ بِطَرَفِهَا وَخَرَجَ عَنْهُ بَعْضُهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّاذَرْوَانَ كَالْحَجَرِ فِيمَا يَأْتِي فِيهِ، وَلَوْ اسْتَقْبَلَ الرُّكْنَ فَالْوَجْهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْجَزْمُ بِالصِّحَّةِ لِأَنَّهُ مُسْتَقْبِلٌ لِلْبِنَاءِ الْمُجَاوِرِ لِلرُّكْنِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ بَدَنِهِ خَارِجًا عَنْ الرُّكْنِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَإِنْ امْتَدَّ صَفٌّ طَوِيلٌ بِقُرْبِ الْكَعْبَةِ وَخَرَجَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْمُحَاذَاةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِعَدَمِ اسْتِقْبَالِهِمْ لَهَا، وَلَا شَكَّ أَنَّهُمْ إذَا بَعِدُوا عَنْهَا حَاذَوْهَا وَصَحَّتْ صَلَاتُهُمْ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ اسْتَدْبَرَهَا نَاسِيًا وَطَالَ الزَّمَنُ بَطَلَتْ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَصُرَ، وَإِنْ أَمْيَلَ عَنْهَا قَهْرًا بَطَلَتْ وَإِنْ قَلَّ الزَّمَنُ لِنُدْرَةِ ذَلِكَ وَلَوْ اسْتَقْبَلَ الْحِجْرَ بِكَسْرِ الْحَاءِ دُونَ الْكَعْبَةِ لَمْ يُجْزِهِ لِأَنَّ كَوْنَهُ مِنْ الْبَيْتِ مَظْنُونٌ لَا مَقْطُوعٌ بِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا ثَبَتَ بِالْآحَادِ وَلَوْ اسْتَقْبَلَ مِنْ عَتَبَتِهَا قَدْرَ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ لَكِنْ لَمْ يُحَاذِ أَسْفَلَهُ كَخَشَبَةٍ مُعْتَرِضَةٍ بَيْنَ سَارِيَتَيْنِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِاسْتِقْبَالِهِ فِيهَا الْكَعْبَةَ، وَيُتَّجَهُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ صَلَاةَ جِنَازَةٍ، بِخِلَافِ غَيْرِهَا لِعَدَمِ اسْتِقْبَالِهِ حِينَئِذٍ فِي بَعْضِ أَفْعَالِهَا. وَاعْلَمْ أَنَّ النَّفَلَ فِي الْكَعْبَةِ أَفْضَلُ مِنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِكَسْرِ الْخَاءِ وَالْهَمْزِ، وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالْكَثِيرُ آخِرَةُ الرَّحْلِ، وَلَا تَقُلْ مُؤَخِّرَةُ الرَّحْلِ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: لَا اسْتِقْبَالَ نَحْوَ حَشِيشٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَاسْتَقْبَلَ جِدَارَهَا إلَخْ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لَا إنْ اسْتَقْبَلَ نَحْوَ حَشِيشٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَمَعَ تُرَابَهَا أَمَامَهُ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ أَحْجَارَهَا الْمَقْلُوعَةَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَلَوْ شَكَّ فِي التُّرَابِ هَلْ هُوَ مِنْهَا أَمْ لَا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ عَنْهُ بَعْضُهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) يُتَأَمَّلْ تَصْوِيرُهُ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ أَيَّ جُزْءٍ وَقَفَ فِي مُقَابَلَتِهِ كَانَ مُسْتَقْبِلًا بِبَاقِي بَدَنِهِ لِلْمُجَاوِرِ لَهُ إنْ كَانَ خَارِجَهَا، فَإِنْ وَقَفَ دَاخِلَهَا وَاسْتَقْبَلَ جُزْءًا مِنْهَا بِبَعْضِ بَدَنِهِ وَبِبَاقِيهِ هَوَاءَهَا بِأَنْ كَانَ فِي مُقَابَلَةِ بَابِهَا مَفْتُوحًا لَمْ يَصِحَّ، لَكِنْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا عَنْ الزِّيَادِيِّ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الصِّحَّةُ فِي هَذِهِ حَيْثُ قَالَ: وَبِبَاقِيهِ هَوَاءَهَا لَكِنْ تَبَعًا (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّاذَرْوَانَ إلَخْ) جَزَمَ بِهِ حَجّ (قَوْلُهُ كَالْحَجَرِ فِيمَا يَأْتِي) أَيْ مِنْ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ (قَوْلُهُ وَلَوْ اسْتَقْبَلَ الرُّكْنَ) أَيَّ رُكْنٍ كَانَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُسْتَقْبِلٌ لِلْبِنَاءِ الْمُجَاوِرِ) أَيْ وَهُوَ الَّذِي فِي جَانِبَيْ الرُّكْنِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا قَصُرَ) أَيْ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ لِأَنَّ عَمْدَهُ مُبْطِلٌ (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَمْ يُحَاذِ أَسْفَلَهُ) أَيْ مَا اسْتَقْبَلَهُ فِي نُسْخَةٍ لَمْ يُحَاذِ أَسْفَلُهُ أَسْفَلَهُ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ غَيْرِهَا) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ، وَقِيَاسُ الصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ أَحْرَمَ وَجَيْبُهُ مَفْتُوحٌ صِحَّةُ إحْرَامِهِ هُنَا إلَى أَنْ يَخْرُجَ عَنْ اسْتِقْبَالِهِ الْخَشَبَةَ الْمَذْكُورَةَ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بِسُهُولَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَكَأَنَّهُمْ رَاعُوا إلَخْ) هَذَا حِكْمَةُ فِي اعْتِبَارِ الثُّلُثَيْ ذِرَاعٍ، وَالْكِفَايَةِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَا اسْتِقْبَالَ نَحْوِ حَشِيشٍ إلَخْ) بَيَانٌ لِمُحْتَرَزِ قَوْلِ الْمَتْنِ وَاسْتَقْبَلَ جِدَارَهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: بِأَنْ وَقَفَ بِطَرَفِهَا وَخَرَجَ عَنْهُ بَعْضُهُ) صُورَتُهُ كَانَ جَعَلَ بَعْضَهُ كَأَحَدِ شِقَّيْهِ مُتَوَجِّهًا إلَى أَحَدِ وَجْهَيْ رُكْنِ الْكَعْبَةِ، وَالشِّقَّ الْآخَرَ مُتَوَجِّهًا لِلْهَوَاءِ خَارِجَ الْكَعْبَةِ بِأَنْ لَمْ يَنْحَرِفْ إلَى جِهَةِ رُكْنِهَا، وَهَذَا ظَاهِرٌ وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ عَتَبَتِهَا) لَيْسَ الْمُرَادُ الْعَتَبَةَ الَّتِي يَطَؤُهَا الدَّاخِلُ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ، بَلْ الْمُرَادُ بِهَا نَحْوُ الْخَشَبَةِ الْآتِيَةِ فَكَانَ يَنْبَغِي خِلَافُ هَذَا التَّعْبِيرِ

خَارِجَهَا، وَمِثْلُهُ النَّذْرُ وَالْقَضَاءُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْبُعْدِ عَنْ الرِّيَاءِ، وَكَذَا صَلَاةُ مَنْ لَمْ يَرْجُ جَمَاعَةً خَارِجَ الْكَعْبَةِ بِأَنْ لَمْ يَرْجُهَا أَصْلًا أَوْ يَرْجُوهَا دَاخِلَهَا أَوْ دَاخِلَهَا وَخَارِجَهَا، فَإِنْ رَجَاهَا خَارِجَهَا فَقَطْ فَخَارِجَهَا أَفْضَلُ، لِأَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى فَضِيلَةٍ تَتَعَلَّقُ بِنَفْسِ الْعِبَادَةِ أَوْلَى مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى فَضِيلَةٍ تَتَعَلَّقُ بِمَكَانِهَا، كَالْجَمَاعَةِ بِبَيْتِهِ فَإِنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ فِي الْمَسْجِدِ، وَكَالنَّافِلَةِ بِبَيْتِهِ فَإِنَّهَا أَفْضَلُ مِنْهَا بِالْمَسْجِدِ وَإِنْ كَانَ الْمَسْجِدُ أَفْضَلَ مِنْهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُرَاعِ خِلَافَ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ لِمُخَالَفَتِهِ لِسُنَّةٍ صَحِيحَةٍ فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِيهَا. وَقَدْ نَقَلَ الطُّرْطُوشِيُّ الْمَالِكِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ النَّافِلَةَ فِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ حَتَّى فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ (وَمَنْ أَمْكَنَهُ عِلْمَ الْقِبْلَةِ) بِأَنْ كَانَ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ بِمَكَّةَ وَلَا حَائِلَ، أَوْ عَلَى جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ، أَوْ عَلَى سَطْحٍ وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ مُعَايَنَتِهَا وَحَصَلَ لَهُ شَكٌّ فِيهَا لِنَحْوِ ظُلْمَةٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْعَمَلُ بِغَيْرِ عِلْمِهِ وَ (حُرِّمَ عَلَيْهِ التَّقْلِيدُ) أَيْ الْأَخْذُ بِقَوْلِ مُجْتَهِدٍ (وَالِاجْتِهَادُ) فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْعَمَلُ بِهِ كَالْحَاكِمِ إذَا وَجَدَ النَّصَّ، وَيُمْتَنَعُ عَلَيْهِ أَيْضًا الْأَخْذُ بِخَبَرِ الْغَيْرِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي: ـــــــــــــــــــــــــــــSالتَّدَارُكِ فِيمَنْ أَحْرَمَ مَفْتُوحَ الْجَيْبِ وَعُسْرُهُ هُنَا وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ مِنْ الْبُعْدِ عَنْ الرِّيَاءِ) الْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِأَفْضَلِيَّتِهَا عَلَى بَقِيَّةِ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ لَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَكَذَا صَلَاةُ مَنْ لَمْ يَرْجُ جَمَاعَةً إلَخْ، بَلْ قَوْلُهُ الْآتِي الْمُحَافَظَةَ إلَخْ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ (قَوْلُهُ أَوْ يَرْجُوهَا) أَيْ أَوْ بِأَنْ يَرْجُوهَا إلَخْ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى لَمْ يَرْجُهَا (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْهَا بِالْمَسْجِدِ) أَيْ وَلَوْ الْكَعْبَةُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ نَقَلَ الطُّرْطُوشِيُّ) الطُّرْطُوشِيُّ بِالْفَتْحِ وَالسُّكُونِ وَالضَّمِّ آخِرُهُ مُهْمَلَةٌ إلَى طَرَطُوسَ مَدِينَةٌ بِالشَّامِ وَبِالْمُعْجَمَةِ آخِرُهُ إلَى طَرْطُوشَةَ مَدِينَةٌ بِالْأَنْدَلُسِ اهـ لُبُّ اللُّبَابِ. لَكِنْ فِي الَّتِي آخِرُهَا مُعْجَمَةٌ بِضَمِّ الطَّاءَيْنِ وَقَدْ يُفْتَحَانِ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: طَرْطُوشَةُ بِالضَّمِّ وَيُفْتَحُ بَلَدٌ بِالْأَنْدَلُسِ اهـ. قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: سَاكِنُهَا أَبُو بَكْرٍ الطُّرْطُوشِيُّ الْمَالِكِيُّ مُصَنِّفُ كِتَابِ سِرَاجِ الْمُلُوكِ (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْهَا فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَمَنْ أَمْكَنَهُ عِلْمُ الْقِبْلَةِ) أَيْ سَهُلَ عَلَيْهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ نَالَهُ مَشَقَّةٌ، وَعِبَارَةُ حَجّ: أَيْ بِأَنْ كَانَ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ خَارِجَهُ وَلَا حَائِلَ أَوْ وَثَمَّ حَائِلٌ أُحْدِثَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ أَوْ أَحْدَثَهُ غَيْرُهُ تَعَدِّيًا وَأَمْكَنَتْهُ إزَالَتُهُ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَكَّةَ وَلَا حَائِلَ) أَيْ بِأَنْ كَانَ بِمَحَلٍّ يُشَاهِدُ فِيهِ الْكَعْبَةَ وَإِلَّا فَبَعْضُ أَمَاكِنِ مَكَّةَ إذَا كَانَ فِيهِ لَا يُشَاهِدُ الْكَعْبَةَ (قَوْلُهُ: أَيْ الْأَخْذُ بِقَوْلِ مُجْتَهِدٍ) هُوَ بَيَانٌ لِلتَّعْلِيلِ اصْطِلَاحًا، وَإِلَّا فَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْأَخْذُ بِقَوْلِ الْغَيْرِ مُطْلَقًا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ قَبْلُ: لَمْ يَجُزْ لَهُ الْعَمَلُ بِغَيْرِ عِلْمِهِ، وَمِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي: وَإِلَّا أَخَذَ بِقَوْلِ ثِقَةٍ يُخْبِرُ عَنْ عِلْمٍ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ مَعَ إمْكَانِ الْعِلْمِ لَا يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ بِقَوْلِ الثِّقَةِ (قَوْلُهُ: الْعَمَلُ بِهِ) أَيْ بِمَا ذَكَرَ مِنْ التَّقْلِيدِ وَالِاجْتِهَادِ (قَوْلُهُ الْأَخْذُ بِخَبَرِ الْغَيْرِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعْصُومًا، وَمُقْتَضَى مَا عَلَّلَ بِهِ فِي الْفَرْقِ الْآتِي مِنْ أَنَّ الْقِبْلَةَ مَبْنَاهَا عَلَى الْيَقِينِ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ وَبِعَدَدِ التَّوَاتُرِ وَلَوْ مِنْ كُفَّارٍ وَصِبْيَانٍ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ وَإِلَّا أَخَذَ بِقَوْلِ ثِقَةٍ يُخْبِرُ عَنْ عِلْمٍ. وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ بِأَنْ يُفَسِّرَ التَّقْلِيدَ بِالْأَخْذِ بِقَوْلِ الْغَيْرِ مُطْلَقًا، وَيَدُلُّ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْبُعْدِ عَنْ الرِّيَاءِ) هَذَا إنَّمَا عَلَّلُوا بِهِ صَلَاةَ الْإِنْسَانِ فِي بَيْتِ نَفْسِهِ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ فِي آخِرِ صِفَةِ الصَّلَاةِ. أَمَّا هُنَا، فَهُوَ مَمْنُوعٌ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: مَنْ لَمْ يَرْجُ جَمَاعَةً خَارِجَهَا) أَيْ فَقَطْ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ صَلَاةَ النَّافِلَةِ فِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ إلَخْ) الْمُرَادُ بَيْتُ الْإِنْسَانِ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ آخِرَ صِفَةِ الصَّلَاةِ لَا الْكَعْبَةُ وَسَيَأْتِي، ثُمَّ إنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَثْرَةِ الثَّوَابِ: أَيْ الْوَارِدِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ التَّفْضِيلُ، وَيَدُلُّ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ الْمُرَادُ أَنَّ الطُّرْطُوشِيُّ مَالِكِيٌّ، فَهُوَ قَائِلٌ بِحُرْمَةِ الصَّلَاةِ دَاخِلَ الْكَعْبَةِ (قَوْلُهُ: وَحَصَلَ لَهُ شَكٌّ فِيهَا لِنَحْوِ ظُلْمَةٍ) مُرَادُهُ بِالظُّلْمَةِ الظُّلْمَةُ الْمَانِعَةُ مِنْ الْمُعَايَنَةِ فِي الْحَالِ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ التَّوَصُّلِ

أَيْ وَلَوْ عَنْ عِلْمٍ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَاكْتِفَاءِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - بِالْإِخْبَارِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ إمْكَانِ الْيَقِينِ بِالسَّمَاعِ مِنْهُ وَالْأَخْذِ بِقَوْلِ الْغَيْرِ فِي الْمِيَاهِ وَنَحْوِهَا بِأَنَّ الْمَدَارَ فِي الْقِبْلَةِ لِكَوْنِهَا أَمْرًا حِسِّيًّا مُشَاهَدًا عَلَى الْيَقِينِ، بِخِلَافِ الْأَحْكَامِ وَنَحْوِهَا، وَلَوْ بَنَى مِحْرَابَهُ عَلَى الْمُعَايَنَةِ صَلَّى إلَيْهِ أَبَدًا مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى الْمُعَايَنَةِ فِي كُلِّ صَلَاةٍ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ صَلَّى بِالْمُعَايَنَةِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى الْمُعَايَنَةِ فِي كُلِّ صَلَاةٍ مَا لَمْ يُفَارِقْ مَحَلَّهُ وَيَتَطَرَّقُ إلَيْهِ الِاحْتِمَالُ. وَفِي مَعْنَى الْمُعَايِنِ مَنْ نَشَأَ بِمَكَّةَ وَتَيَقَّنَ إصَابَةَ الْقِبْلَةِ وَإِنْ لَمْ يُعَايِنْهَا حَالَ صَلَاتِهِ، وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا بِمَكَّةَ وَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ حَائِلٌ خُلُقِيٌّ كَجَبَلٍ أَوْ حَادِثٍ كَبِنَاءٍ جَازَ لَهُ الِاجْتِهَادُ لِمَا فِي تَكْلِيفِهِ الْمُعَايَنَةَ مِنْ الْمَشَقَّةِ ذَكَرَهُ فِي التَّحْقِيقِ، وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا فَقَدَ ثِقَةً يُخْبِرُهُ عَنْ عِلْمٍ، وَإِلَّا فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الِاجْتِهَادِ كَمَا سَيَأْتِي، وَبِمَا إذَا كَانَ بِنَاءُ الْحَائِلِ لِحَاجَةٍ، فَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ بِالِاجْتِهَادِ لِتَفْرِيطِهِ، وَلَا اجْتِهَادَ فِي مَحَارِيبِ الْمُسْلِمِينَ وَمَحَارِيبِ جَادَّتِهِمْ: أَيْ مُعْظَمُ طَرِيقِهِمْ وَقُرَاهُمْ الْقَدِيمَةِ الَّتِي نَشَأَ بِهَا قُرُونٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ صَغُرَتْ وَخَرِبَتْ حَيْثُ سَلِمَتْ مِنْ الطَّعْنِ لِأَنَّهَا لَمْ تَنْضُبْ إلَّا بِحَضْرَةِ جَمْعٍ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِسَمْتِ الْكَوَاكِبِ وَالْأَدِلَّةِ فَجَرَى دَلَّك مَجْرَى الْخَبَرِ، وَفِي مَعْنَاهُ خَبَرُ عَدْلٍ بِاتِّفَاقِ جَمْعٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى جِهَةٍ وَخَبَرُ صَاحِبِ الدَّارِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ عَلِمَ أَنَّ صَاحِبَهَا يُخْبِرُ عَنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ تَقْلِيدُهُ، ثُمَّ مَحَلُّ ـــــــــــــــــــــــــــــSتَعْبِيرُ الرَّوْضَةِ بِلَا يَجُوزُ لَهُ اعْتِمَادُ قَوْلِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ وَلَوْ عَنْ عِلْمٍ إلَخْ) الْأُولَى: أَيْ مِمَّنْ يُخْبِرُ عَنْ عِلْمٍ لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ تَقَدَّمَ حُرْمَةُ تَقْلِيدِهِ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا الْمُخْبِرُ عَنْ عِلْمٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَنَى) أَيُّ شَخْصٍ مِحْرَابَهُ: أَيْ أَوْ نَصَبَ عَلَامَةً (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعَايَنَةِ) أَيْ يَقِينًا (قَوْلُهُ: وَتَيَقَّنَ إصَابَةَ الْقِبْلَةِ) أَيْ بِأَنْ رَآهَا بِعَيْنِهِ فَعَرَفَ عَيْنَهَا لِيَسْتَقْبِلهَا أَوْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ عَدَدُ التَّوَاتُرِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُقَيَّدٌ) أَيْ مَا فِي التَّحْقِيقِ مِنْ الْجَوَازِ (قَوْلُهُ: كَمَا سَيَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا أَخَذَ بِقَوْلِ ثِقَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ) أَيْ وَلَمْ يَطْرَأْ الِاحْتِيَاجُ لَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ فِيمَا يَأْتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا إلَخْ (قَوْلُهُ: لِتَفْرِيطِهِ) يُفِيدُ أَنَّ الْبَانِيَ لَهُ بِغَيْرِ حَاجَةٍ هُوَ الْمُصَلِّي حَتَّى لَوْ بَنَاهُ غَيْرُهُ بِلَا حَاجَةٍ لَا يُكَلَّفُ صُعُودَهُ، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَمَحَلُّ جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِيمَا إذَا كَانَ ثَمَّ حَائِلٌ أَنْ لَا يَبْنِيَهُ بِلَا حَاجَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَا اجْتِهَادَ فِي مَحَارِيبِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ فَالْمَحَارِيبُ الْمُعْتَمَدَةُ فِي مَعْنَى الْمُعَايَنَةِ. قَالَ سم عَلَى حَجّ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ: وَيَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ قَبْلَ الْإِقْدَامِ: أَيْ عَلَى اعْتِمَادِ الْمِحْرَابِ الْبَحْثَ عَنْ وُجُودِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ السَّلَامَةُ مِنْ الطَّعْنِ وَإِذَا صَلَّى قَبْلَهُ بِدُونِ اجْتِهَادٍ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ اهـ. وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي مَحَلٍّ لَمْ يَكْثُرْ طَارِقُوهُ وَاحْتُمِلَ الطَّعْنُ فِيهِ وَإِلَّا فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ (قَوْلُهُ: وَمَحَارِيبِ جَادَّتِهِمْ) أَيْ مُعْظَمِ طَرِيقِهِمْ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: وَالْجَادَّةُ وَسَطُ الطَّرِيقِ وَمُعْظَمُهُ وَالْجَمْعُ الْجَوَادُّ مِثْلُ دَابَّةٍ وَدَوَابَّ (قَوْلُهُ: الَّتِي نَشَأَ بِهَا قُرُونٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ جَمَاعَاتُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ صَلُّوا إلَى هَذَا الْمِحْرَابِ، وَلَمْ يُنْقَلُ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ طَعَنَ فِيهِ، وَيَكْفِي الطَّعْنُ مِنْ وَاحِدٍ إذَا ذَكَرَ لَهُ مُسْتَنَدًا أَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْمِيقَاتِ فَذَلِكَ يُخْرِجُهُ عَنْ رُتْبَةِ الْيَقِينِ الَّذِي لَا يُجْتَهَدُ مَعَهُ اهـ سم عَلَى حَجٍّ (قَوْلُهُ: وَفِي مَعْنَاهُ) أَيْ الْمُعَايِنُ (قَوْلُهُ: يُخْبِرُ عَنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ) أَيْ بِأَنْ أَخْبَرَ عَنْ مُعَايَنَةٍ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا كَرُؤْيَةِ الْقُطْبِ أَوْ الْمَحَارِيبِ الْمُعْتَمَدَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ تَقْلِيدُهُ) أَيْ بِأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُخْبِرُ عَنْ اجْتِهَادٍ أَوْ شَكٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَى الْمُعَايَنَةِ بِغَيْرِ مَشَقَّةٍ إذْ هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ، وَسَيَأْتِي مَا يَدُلُّ لَهُ فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَنْ عِلْمٍ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ وَلَوْ؛ لِأَنَّ الْمُخْبِرَ عَنْ غَيْرِ عِلْمٍ هُوَ الْمُجْتَهِدُ وَسَتَأْتِي مَسْأَلَتُهُ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: فِي الْمِيَاهِ) أَيْ مَعَ إمْكَانِ الطَّهَارَةِ مِنْ مَاءٍ مُتَيَقَّنِ الطَّهَارَةِ (قَوْلُهُ: قُرُونٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ) فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ جَمَاعَاتٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ صَلُّوا إلَى هَذَا الْمِحْرَابِ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ طَعَنَ فِيهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ ثَلَثَمِائَةِ سَنَةٍ وَلَا مِائَةً وَلَا نِصْفَهَا (قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ أَنَّ صَاحِبَهَا يُخْبِرُ عَنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ) وَمِنْ غَيْرِ الِاجْتِهَادِ أَخْذًا مِمَّا قَبْلَهُ اسْتِنَادُ إخْبَارِهِ إلَى اتِّفَاقِ أَهْلِ الْبَلَدِ عَلَى جِهَاتِهَا وَأَوْضَاعِهَا الْمَعْلُومِ مِنْهُ جِهَةُ الْقِبْلَةِ

امْتِنَاعِ الِاجْتِهَادِ فِيمَا ذُكِرَ بِالنِّسْبَةِ لِلْجِهَةِ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلتَّيَامُنِ وَالتَّيَاسُرِ فَيَجُوزُ إذْ لَا يَبْعُدُ الْخَطَأُ فِيهِمَا بِخِلَافِهِ فِي الْجِهَةِ، وَهَذَا فِي غَيْرِ مَحَارِيبِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَسَاجِدِهِ. أَمَّا هِيَ فَيَمْتَنِعُ الِاجْتِهَادُ فِيهَا مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَا يُقِرُّ عَلَى خَطَأٍ، فَلَوْ تَخَيَّلَ حَاذِقٌ فِيهَا يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً فَخَيَالُهُ بَاطِلٌ وَمَسَاجِدُهُ هِيَ الَّتِي صَلَّى فِيهَا إنْ ضُبِطَتْ وَمَحَارِيبُهُ كُلُّ مَا ثَبَتَ صَلَاتُهُ فِيهِ إذْ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِهِ مَحَارِيبُ، وَلَا يَلْحَقُ بِذَلِكَ مَا وَضَعَهُ الصَّحَابَةُ كَقِبْلَةِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ وَالشَّامِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَجَامِعِ مِصْرِ الْقَدِيمَةِ وَهُوَ الْجَامِعُ الْعَتِيقُ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَنْصِبُوهَا إلَّا عَنْ اجْتِهَادٍ وَاجْتِهَادُهُمْ لَا يُوجِبُ الْقَطْعَ بِعَدَمِ انْحِرَافِهِ وَإِنْ قَلَّ، وَيَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ فِي خَرِبَةٍ أَمْكَنَ أَنْ يَأْتِيَهَا الْكُفَّارُ، وَكَذَا فِي طَرِيقٍ يَنْدُرُ مُرُورُ الْمُسْلِمِينَ بِهَا أَوْ يَسْتَوِي مُرُورُ الْفَرِيقَيْنِ بِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ (وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُمْكِنُهُ عِلْمُ الْقِبْلَةِ بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ أَوْ نَالَهُ مَشَقَّةٌ فِي تَحْصِيلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي أَمْرِهِ (قَوْلُهُ: فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَالِاجْتِهَادُ فِي مَحَارِيبِ الْمُسْلِمِينَ إلَخْ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ جِهَةً وَيَمْنَةً وَيَسْرَةً (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يُقِرُّ عَلَى خَطَأٍ) يَعْنِي أَنَّهُ إنْ وَقَعَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطَأٌ نَبَّهَ عَلَيْهِ بِلَا وَحْيٍ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَقَعُ مِنْهُ الْخَطَأُ لَكِنَّهُ لَا يُقِرُّ عَلَيْهِ، وَالصَّحِيحُ خِلَافُهُ فَهُوَ لِعِصْمَتِهِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَقَعُ مِنْهُمْ الْخَطَأُ لَا عَمْدًا وَلَا سَهْوًا إلَّا أَنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ تَشْرِيعٌ كَمَا فِي سَلَامِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ رَكْعَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَمَسَاجِدُهُ) الْمُغَايَرَةُ بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَالْمِحْرَابِ وَإِنَّمَا هِيَ بِحَسَبِ الْمَفْهُومِ، وَإِلَّا فَالْمَدَارُ هُنَا عَلَى ضَبْطِ مَا اسْتَقْبَلَهُ فِي صَلَاتِهِ، حَتَّى لَوْ عُلِمَتْ صَلَاتُهُ فِي مَكَان وَضُبِطَ خُصُوصُ مَوْقِفِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِيهِ وَلَمْ يُضْبَطْ مَا اسْتَقْبَلَهُ فِيهِ لَمْ يَكُنْ مَانِعًا مِنْ الِاجْتِهَادِ بَلْ يَجِبُ بَعْدَهُ الِاجْتِهَادُ (قَوْلُهُ: كَمَا ثَبَتَ صَلَاتُهُ فِيهِ) أَيْ وَلَوْ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ حَجّ اهـ زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ إذْ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِهِ مَحَارِيبُ) إذْ الْمِحْرَابُ الْمُجَوَّفُ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمَعْرُوفَةِ حَدَثَ بَعْدَهُ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: يُكْرَهُ الدُّخُولُ فِي طَاقَةِ الْمِحْرَابِ، وَرَأَيْت بِهَامِشِ نُسْخَةٍ قَدِيمَةٍ: وَلَا يُكْرَهُ الدُّخُولُ فِي الطَّاقَةِ خِلَافًا لِلسُّيُوطِيِّ (قَوْلُهُ: وَيَحُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ) أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ إنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ فِيهَا، وَلَيْسَ لَهُ اعْتِمَادُ الْمِحْرَابِ الْمَذْكُورِ لِلشَّكِّ فِي بَانِيهِ الْمُفِيدِ لِلتَّرَدُّدِ فِي النِّيَّةِ، وَيَجْتَهِدُ فِيهَا مُطْلَقًا جِهَةً وَيَمْنَةً وَيَسْرَةً، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ هُنَا وَتَفْصِيلُهُ فِيمَا بَعْدَهُ أَنَّهُ يَجْتَهِدُ فِي هَذِهِ وَإِنَّ كَثُرَ مُرُورُ الْمُسْلِمِينَ بِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ يَسْتَوِي مُرُورُ الْفَرِيقَيْنِ) قَالَ سم فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الْبَهْجَةِ: قَوْلُهُ أَوْ يَسْتَوِي مُرُورُ إلَخْ، قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ اهـ. وَهُوَ صَادِقٌ بِكَثْرَةِ مُرُورِ الْمُسْلِمِينَ بِأَنْ كَثُرَ مُرُورُ الْفَرِيقَيْنِ مَعَ الِاسْتِوَاءِ، وَقَوْلُهُ السَّابِقُ يَسْلُكُهُ الْمُسْلِمُونَ كَثِيرٌ صَادِقٌ مَعَ سُلُوكِ غَيْرِهِمْ أَيْضًا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا فَيَحْتَاجُ لِحَمْلِ أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ عَلَى الْآخَرِ، وَهَلْ الْأَوْجَهُ حَمْلُ هَذَا عَلَى ذَاكَ فَيُقَيَّدُ هَذَا بِمَا إذَا لَمْ يَكْثُرْ مُرُورُ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ ظَاهِرِ الْعِبَارَةِ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُ: أَوْ يَسْتَوِي كَالصَّرِيحِ فِي عَدَمِ الِاعْتِمَادِ هُنَا وَإِنْ كَثُرَ مُرُورُ الْمُسْلِمِينَ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُوَجِّهَ اهـ. وَعَلَيْهِ فَيُقَيِّدُ عَدَمَ اعْتِمَادِ مِحْرَابِ الْقَرْيَةِ الَّتِي اسْتَوَى مُرُورُ الْكُفَّارِ وَالْمُسْلِمِينَ بِطَرِيقِهَا بِمَا إذَا لَمْ يَكْثُرْ الْمُسْلِمُونَ، أَمَّا إذَا كَثُرُوا فَلَا نَظَرَ لِمُرُورِ الْكُفَّارِ مَعَهُمْ قَلُّوا أَوْ كَثُرُوا (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ عِلْمُ الْقِبْلَةِ بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الرُّؤْيَةِ وَالْمِحْرَابِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمَحَارِيبَ وَنَحْوَهَا تُقَدَّمُ عَلَى الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ. وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ الْمُخْبِرَ عَنْ عِلْمٍ أَقْوَى بِدَلِيلٍ أَنَّهُ لَا يَجْتَهِدُ مَعَ إخْبَارِهِ يَمْنَةً وَلَا يَسْرَةً كَمَا نَقَلَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ طب، بِخِلَافِ الْمَحَارِيبِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَإِلَّا يُمْكِنُهُ عِلْمُ عَيْنِهَا أَوْ أَمْكَنَهُ وَثَمَّ حَائِلٌ وَلَوْ حَادِثًا بِفِعْلِهِ لِحَاجَةٍ، لَكِنْ إنْ لَمْ يَكُنْ تَعَدَّى بِإِحْدَاثِهِ أَوْ زَالَ تَعَدِّيهِ فِيمَا يَظْهَرُ فِيهِمَا اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي مُخَالَفَةِ كَلَامِ الشَّارِحِ فِي الْمِحْرَابِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَالَهُ مَشَقَّةٌ) قَالَ حَجّ: أَيْ عُرْفًا ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الدَّارِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَنَدُهُمْ الِاجْتِهَادَ، فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِدُورِ مَكَّةَ فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ فِي خَرِبَةٍ إلَخْ) هَذَا وَمَا بَعْدَهُ مُحْتَرَزَانِ لِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَلَا اجْتِهَادَ فِي مَحَارِيبِ الْمُسْلِمِينَ وَمَحَارِيبِ جَادَّتِهِمْ

(أَخَذَ) وُجُوبًا (بِقَوْلِ ثِقَةٍ) بَصِيرٍ مَقْبُولِ الرِّوَايَةِ وَلَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةٍ (يُخْبِرُ عَنْ عِلْمٍ) بِالْقِبْلَةِ أَوْ مِحْرَابٍ مُعْتَمَدٍ سَوَاءٌ أَكَانَ فِي الْوَقْتِ أَمْ غَيْرِهِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ السُّؤَالُ عَمَّنْ يُخْبِرُ بِذَلِكَ عِنْدَ حَاجَتِهِ إلَيْهِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ مَنْ كَانَ بِمَكَّةَ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ حَائِلٌ لَهُ الِاجْتِهَادُ لِأَنَّ السُّؤَالَ لَا مَشَقَّةَ فِيهِ، بِخِلَافِ الطُّلُوعِ فَإِنْ فُرِضَ أَنَّ عَلَيْهِ مَشَقَّةً فِي السُّؤَالِ لِبُعْدِ الْمَكَانِ أَوْ نَحْوِهِ كَانَ الْحُكْمُ فِيهَا كَمَا فِي تِلْكَ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَخَرَجَ بِمَقْبُولِ الرِّوَايَةِ غَيْرُهُ كَصَبِيٍّ وَلَوْ مُمَيِّزًا وَكَافِرٍ وَفَاسِقٍ فَلَا يُقْبَلُ إخْبَارُهُ بِمَا ذُكِرَ كَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي خَبَرِ الدِّينِ. نَعَمْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَوْ اسْتَعْلَمَ مُسْلِمٌ مِنْ مُشْرِكٍ دَلَائِلَ الْقِبْلَةِ وَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهُ وَاجْتَهَدَ لِنَفْسِهِ فِي جِهَاتِ الْقِبْلَةِ جَازَ لِأَنَّهُ عَمِلَ فِي الْقِبْلَةِ عَلَى اجْتِهَادِ نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا قُبِلَ خَبَرُ الْمُشْرِكِ فِي غَيْرِهَا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمَا أَظُنُّهُمْ يُوَافِقُونَهُ عَلَيْهِ، وَنَظَرَ فِيهِ الشَّاشِيُّ وَقَالَ: إذَا لَمْ يُقْبَلْ خَبَرُهُ فِي الْقِبْلَةِ لَا يُقْبَلُ فِي أَدِلَّتِهَا إلَّا أَنْ يُوَافِقَ عَلَيْهَا مُسْلِمٌ، وَسُكُونُ نَفْسِهِ إلَى خَبَرِهِ لَا يُوجِبُ أَنْ يُعَوِّلَ عَلَيْهِ الْحُكْمَ اهـ. وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ الِاجْتِهَادِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْخَبَرِ عَدَمُ جَوَازِ الْأَخْذِ بِالْخَبَرِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْيَقِينِ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَلَا يَجُوزُ لِلْأَعْمَى وَلَا لِمَنْ هُوَ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَخَذَ بِقَوْلِ ثِقَةٍ) أَيْ وَمِنْهُ وَلِيٌّ يُخْبِرُهُ عَنْ كَشْفٍ: أَيْ وَإِذَا سُئِلَ الثِّقَةُ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِرْشَادُ لَهَا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ إرْشَادَهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ، وَمَنْ سُئِلَ شَيْئًا مِنْهَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ فِعْلُهُ حَيْثُ لَا عُذْرَ لَهُ فِي الِامْتِنَاعِ ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي إخْبَارِهِ مَشَقَّةٌ لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً وَإِلَّا اسْتَحَقَّهَا (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ عَلَيْهِ السُّؤَالُ عَمَّنْ يُخْبِرُ بِذَلِكَ) أَيْ وَيَجِبُ تَكْرِيرُ السُّؤَالِ لِكُلِّ صَلَاةٍ تَحْضُرُ كَمَا يَجِبُ تَجْدِيدُ الِاجْتِهَادِ اهـ حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِجَوَابِهِ الْمُسْتَنِدِ لِلِاجْتِهَادِ السَّابِقِ إذَا لَمْ يَكُنْ ذَاكِرًا لِدَلِيلِهِ اهـ (قَوْلُهُ: لِبُعْدِ الْمَكَانِ) أَوْ نَحْوِهِ كَتَحَجُّبِ الْمَسْئُولِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي تِلْكَ) أَيْ فَيَجْتَهِدُ (قَوْلُهُ: وَكَافِرٍ) قَالَ حَجّ: إلَّا أَنْ عَلَّمَهُ قَوَاعِدَ صُيِّرَتْ لَهُ مَلَكَةً يَعْلَمُ بِهَا الْقِبْلَةَ حَيْثُ يُمْكِنُهُ أَنْ يُبَرْهِنَ عَلَيْهَا وَإِنْ نَسِيَ تِلْكَ الْقَوَاعِدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ الْمُخَالِفُ لِذَلِكَ ضَعِيفٌ اهـ. وَأَقُولُ: وَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِمُخَالَفَةِ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّ كَلَامَ الْمَاوَرْدِيِّ يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا تَعَلَّمَ مِنْهُ الْأَدِلَّةَ وَقَلَّدَهُ فِي الْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهَا كَأَنْ أَخْبَرَهُ بِأَنَّ النَّجْمَ الْفُلَانِيَّ إذَا اسْتَقْبَلْتَهُ أَوْ اسْتَدْبَرْتَهُ عَلَى صِفَةِ كَذَا كُنْت مُسْتَقْبِلًا لِلْكَعْبَةِ، وَهُوَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ ضَعِيفٌ، أَمَّا إذَا تَعَلَّمَ أَصْلَ الْأَدِلَّةِ مِنْهُ ثُمَّ تَوَصَّلَ بِذَلِكَ إلَى اسْتِخْرَاجِهَا مِنْ الْكُتُبِ وَاجْتَهَدَ فِي ذَلِكَ حَتَّى صَارَ لَهُ مَلَكَةٌ يَقْتَدِرُ بِهَا عَلَى مَعْرِفَةِ صَحِيحِ الْأَدِلَّةِ مِنْ فَاسِدِهَا لَمْ يَمْتَنِعْ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهَا بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَخْذُ بِهِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، وَمَا ذَكَرَهُ حَجّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهُ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الصَّوْمِ الْأَخْذُ بِخَبَرِهِ حِينَئِذٍ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ أَمْرُ الْقِبْلَةِ مَبْنِيًّا عَلَى الْيَقِينِ وَكَانَتْ حُرْمَةُ الصَّلَاةِ أَعْظَمَ مِنْ الصَّوْمِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُعْذَرُ فِي تَأْخِيرِهَا بِحَالٍ، بِخِلَافِ الصَّوْمِ اُحْتِيجَ لَهَا، وَيُؤَيِّدُهُ تَضْعِيفُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ فِيمَا لَوْ تَعَلَّمَ الْأَدِلَّةَ مِنْ كَافِرٍ مَعَ فَرْضِهَا فِيمَا وَقَعَ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهُ (قَوْلُهُ: لَوْ اسْتَعْلَمَ) أَيْ تَعَلَّمَ (قَوْلُهُ: أَنْ يُعَوِّلَ عَلَيْهِ) أَيْ أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ) هُوَ قَوْلُهُ وَنَظَرَ فِيهِ الشَّاشِيُّ (قَوْلُهُ: مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْيَقِينِ) هَذَا الْحُكْمُ تَقَدَّمَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي قَوْلِهِ وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُوَافِقَ عَلَيْهَا مُسْلِمٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ مِنْهُ بَلْ أَوْلَى مَا إذَا كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ قَوَاعِدُ مُدَوَّنَةٌ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ وَكَانَ لَا يَسْتَقِلُّ بِفَهْمِهَا فَأَوْقَفَهُ عَلَى فَهْمِ مَعَانِيهَا كَافِرٌ فَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ الِاجْتِهَادِ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ نَصُّ الْمَتْنِ، وَعُذْرُهُ أَنَّهُ تَابِعٌ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ لِشَرْحِ الرَّوْضِ، لَكِنَّ عِبَارَةَ الْمَتْنِ هُنَاكَ مُغَايِرَةٌ لِمَا هُنَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ لِلْأَعْمَى إلَخْ) فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ لِلشِّهَابِ سم مَا نَصُّهُ: يُؤْخَذُ مِنْ جَوَازِ الْأَخْذِ بِقَوْلِ الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ عِنْدَ وُجُودِ الْحَائِلِ الْمَذْكُورِ: أَيْ لِلْمَشَقَّةِ حِينَئِذٍ، وَمِنْ قَوْلِهِ: أَيْ الشِّهَابِ حَجّ الْآتِي إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَشَقَّةٌ عُرْفًا أَنَّ الْأَعْمَى

الْأَخْذُ بِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْيَقِينِ بِالْمَسِّ وَيَعْتَمِدُ كُلٌّ مِنْهُمَا الْمَسَّ وَإِنْ لَمْ يَرَهُ قَبْلَ الْعَمَى فَلَوْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ مَوَاضِعُ لَمْسِهَا صَبَرَ فَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ صَلَّى كَيْفَ اتَّفَقَ وَأَعَادَ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي (فَإِنْ فَقَدَ) مَا ذُكِرَ (وَأَمْكَنَهُ الِاجْتِهَادُ) بِأَنْ كَانَ بَصِيرًا يَعْرِفُ أَدِلَّةَ الْقِبْلَةِ وَهِيَ كَثِيرَةٌ وَأَضْعَفُهَا الرِّيَاحُ لِاخْتِلَافِهَا وَأَقْوَاهَا الْقُطْبُ قَالَا وَهُوَ نَجْمٌ صَغِيرٌ فِي بَنَاتِ نَعْشِ الصُّغْرَى بَيْنَ الْفَرْقَدَيْنِ وَالْجَدْيِ وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَقَالِيمِ، فَفِي الْعِرَاقِ يَجْعَلُهُ الْمُصَلِّي خَلْفَ أُذُنِهِ الْيُمْنَى وَفِي مِصْرَ خَلْف الْيُسْرَى ـــــــــــــــــــــــــــــSالْأَخْذُ بِخَبَرِ الْغَيْرِ إلَخْ، فَلَعَلَّ ذِكْرَهُ هُنَا لِبَيَانِ الْمَأْخَذِ لَا لِإِفَادَةِ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: الْأَخْذُ بِهِ) أَيْ بِالْخَبَرِ (قَوْلُهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْيَقِينِ) عِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالِاجْتِهَادِ فَعَلِمَ أَنَّ مَنْ بِالْمَسْجِدِ وَهُوَ أَعْمَى أَوْ فِي ظُلْمَةٍ لَا يَعْتَمِدُ إلَّا بِالْمَسِّ الَّذِي يَحْصُلُ لَهُ بِهِ الْيَقِينُ أَوْ إخْبَارُ عَدَدِ التَّوَاتُرِ، وَكَذَا قَرِينَةٌ قَطْعِيَّةٌ بِأَنْ كَانَ قَدْ رَأَى مَحَلًّا فِيهِ مَنْ جَعَلَ ظَهْرَهُ لَهُ مَثَلًا يَكُونُ مُسْتَقْبِلًا أَوْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ عَدَدُ التَّوَاتُرِ اهـ (قَوْلُهُ: بِالْمَسِّ) أَيْ حَيْثُ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِيهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمَهُ فِي وُجُوبِ سُؤَالِ مَنْ يُخْبِرُ عَنْ عِلْمٍ وَفِي عَدَمِ تَكْلِيفِ صُعُودِهِ، بَلْ أَوْ دُخُولُ الْمَسْجِدِ مُعَلِّلًا ذَلِكَ بِحُصُولِ الْمَشَقَّةِ. وَفِي حَاشِيَةِ سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ وَلَا حَائِلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا: أَيْ وَلَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي عِلْمِهَا، بِخِلَافِ الْأَعْمَى مَثَلًا إذَا أَمْكَنَهُ التَّحْسِيسُ عَلَيْهَا لَكِنْ بِمَشَقَّةٍ كَكَثْرَةِ الصُّفُوفِ وَالزِّحَامِ فَيَكُونُ كَالْحَائِلِ، هَكَذَا ظَهَرَ وَعَرَضْتُهُ عَلَى شَيْخِنَا طب فَوَافَقَ عَلَيْهِ اهـ. وَعِبَارَتُهُ عَلَى أَبِي شُجَاعٍ نَصُّهَا: وَقِيَاسُ هَذَا الَّذِي مَرَّ أَنَّ الْأَعْمَى وَمَنْ فِي ظُلْمَةٍ إذَا كَانَ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ مَسْجِدٍ بِهِ مِحْرَابٌ مُعْتَمَدٌ وَشُقَّ عَلَيْهِ الْوُصُولُ لِلْكَعْبَةِ أَوْ الْمِحْرَابِ قَلَّدَ ثِقَةً إنْ وَجَدَهُ، وَإِلَّا فَلَهُ الِاجْتِهَادُ وَهُوَ قَرِيبٌ، لَكِنْ قَدْ يُخَالِفُهُ قَوْلُهُمَا: وَلَوْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ: أَيْ عَلَى الْأَعْمَى مَوَاضِعُ لَمْسِهَا: أَيْ بِأَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْمِحْرَابُ بِغَيْرِهِ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَصْبِرُ حَتَّى يُخْبِرَهُ غَيْرُهُ صَرِيحًا، فَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ صَلَّى عَلَى حَسَبِ حَالِهِ وَأَعَادَ اهـ. فَقَدْ مَنَعْنَاهُ الِاجْتِهَادَ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْيَقِينِ بِالْمَسِّ لِلِاشْتِبَاهِ، فَكَيْفَ عِنْدَ إمْكَانِهِ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّ الْمَسَّ ثُمَّ فِي نَفْسِهِ لَا مَشَقَّةَ فِيهِ، لَكِنْ مُنِعَ مِنْهُ الِاشْتِبَاهُ الْمَنْسُوبُ فِيهِ إلَى تَقْصِيرٍ فَلَمْ يُعْذَرْ، بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ فِيهِ مَشَقَّةً فَعُذِرَ فِيهِ، وَلَوْلَا النَّظَرُ إلَى الْمَشَقَّةِ لَأَوْجَبْنَا صُعُودَ الْحَائِلِ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْعَمَى) أَيْ أَوْ قَبْلَ الظُّلْمَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُدْرِكْهَا بِتَمَامِهَا فِيهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَقَدَ مَا ذُكِرَ) أَيْ بِأَنْ كَانَ فِي مَحَلٍّ لَا يُكَلَّفُ تَحْصِيلَ الْمَاءِ مِنْهُ (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ بَصِيرًا) مِثْلُهُ فِي الْمَحَلِّيِّ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَنْ لَا يَعْرِفُ أَدِلَّتَهَا لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّقْلِيدُ، وَيُنَافِيهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي: وَمَنْ عَجَزَ عَنْ الِاجْتِهَادِ وَتُعَلَّمْ الْأَدِلَّةِ كَأَعْمَى قَلَّدَ ثِقَةً عَارِفًا وَإِنْ قَدَرَ فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ التَّعَلُّمِ. وَأَجَابَ عَنْهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَعْرِفَةِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ حَاصِلَةً بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْقُوَّةِ بِأَنْ أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمَ (قَوْلُهُ وَأَقْوَاهَا الْقُطْبُ) عِبَارَةُ حَجّ: وَأَقْوَاهَا الْقُطْبُ الشَّمَالِيُّ بِتَثْلِيثِ الْقَافِ (قَوْلُهُ: فِي بَنَاتِ نَعْشَ) اتَّفَقَ سِيبَوَيْهِ وَالْفَرَّاءُ عَلَى تَرْكِ صَرْفِ ـــــــــــــــــــــــــــــQإذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ أَوْ مَسْجِدَ مِحْرَابِهِ مُعْتَمَدٌ وَشَقَّ عَلَيْهِ لَمْسُ الْكَعْبَةِ فِي الْأَوَّلِ أَوْ الْمِحْرَابِ فِي الثَّانِي لِامْتِلَاءِ الْمَحَلِّ بِالنَّاسِ أَوْ لِامْتِدَادِ الصُّفُوفِ لِلصَّلَاةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ سَقَطَ عَنْهُ وُجُوبُ اللَّمْسِ وَجَازَ لَهُ الْأَخْذُ بِقَوْلِ الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ. قَالَ: وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَفِي ذَلِكَ مَزِيدٌ فِي شَرْحِنَا لِأَبِي شُجَاعٍ انْتَهَى (قَوْلُهُ: مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْيَقِينِ بِالْمَسِّ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ الْمَسُّ يُفِيدُهُ الْيَقِينُ فِي الْجِهَةِ دُونَ الْعَيْنِ كَمَا فِي مَحَارِيبِ بَلْدَتِنَا رَشِيدٍ الْمَطْعُونِ فِيهَا تَيَامُنًا وَتَيَاسُرًا لَا جِهَةً، وَهُوَ مَفْهُومٌ مِمَّا مَرَّ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ، وَحِينَئِذٍ فَيَجِبُ عَلَى الْأَعْمَى لَمْسُ حَوَائِطِهَا لِيَسْتَفِيدَ الْيَقِينَ فِي الْجِهَةِ ثُمَّ يُقَلِّدَ فِي التَّيَامُنِ وَالتَّيَاسُرِ هَكَذَا ظَهَرَ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: وَأَمْكَنَ الِاجْتِهَادُ) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ عَارِفٌ بِالْأَدِلَّةِ بِالْفِعْلِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي

وَفِي الْيَمِينِ قُبَالَتُهُ مِمَّا يَلِي جَانِبَهُ الْأَيْسَرَ وَفِي الشَّامِ وَرَاءَهُ وَنَجْرَانَ وَرَاءَ ظَهْرِهِ وَلِذَلِكَ قِيلَ إنَّ قِبْلَتَهَا أَعْدَلُ الْقِبَلِ وَكَأَنَّهُمَا سَمَّيَاهُ نَجْمًا لِمُجَاوَرَتِهِ لَهُ وَإِلَّا فَهُوَ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ لَيْسَ نَجْمًا وَإِنَّمَا هُوَ نُقْطَةٌ تَدُورُ عَلَيْهَا هَذِهِ الْكَوَاكِبُ بِقُرْبِ النَّجْمِ (حُرِّمَ) عَلَيْهِ (التَّقْلِيدُ) وَهُوَ قَبُولُ قَوْلِ مَنْ يُخْبِرُ عَنْ اجْتِهَادٍ إذْ الْمُجْتَهِدُ لَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدًا وَيَجِبُ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ إلَّا إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْهُ كَلَا اجْتِهَادٍ بَلْ يُصَلِّي عَلَى حَسَبِ حَالِهِ وَتَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ وَيَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَى بَيْتِ الْإِبْرَةِ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ وَالْقِبْلَةِ لِإِفَادَتِهَا الظَّنِّ بِذَلِكَ كَمَا يُفِيدُهُ الِاجْتِهَادُ، أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ ظَاهِرٌ. (وَإِنْ) (تَحَيَّرَ) الْمُجْتَهِدُ فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ لِنَحْوِ غَيْمٍ أَوْ تَعَارُضِ أَدِلَّةٍ (لَمْ يُقَلِّدْ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ وَالتَّحَيُّرُ عَارِضٌ يُرْجَى زَوَالُهُ عَنْ قُرْبٍ غَالِبًا (وَصَلَّى كَيْفَ كَانَ) لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ (وَيَقْضِي لِنُدْرَتِهِ) وَالْقَوْلُ الثَّانِي يُقَلِّدُ بِلَا قَضَاءٍ لِأَنَّهُ الْآنَ عَاجِزٌ عَنْ مَعْرِفَةِ الصَّوَابِ فَأَشْبَهَ الْأَعْمَى، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ عَنْ ضِيقِ الْوَقْتِ، أَمَّا قَبْلَهُ فَيَمْتَنِعُ التَّقْلِيدُ قَطْعًا لِعَدَمِ الْحَاجَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSنَعْشَ لِلْمَعْرِفَةِ وَالتَّأْنِيثِ صِحَاحٌ (قَوْلُهُ: وَنَجْرَانَ وَرَاءَ ظَهْرِهِ) لَا يَظْهَرُ مِنْ هَذَا مُخَالَفَةٌ لِمَا قَبْلَهُ فَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ: وَفِي الشَّامِ وَنَجْرَانَ وَرَاءَهُ، لَكِنْ فِي حَجّ: وَقِيلَ يَنْحَرِفُ بِدِمَشْقَ وَمَا قَارَبَهَا، ثُمَّ أَفْرَدَ نَجْرَانَ بِالذِّكْرِ لِعَدَمِ الْخِلَافِ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَكَأَنَّهُمَا سَمَّيَاهُ) إشَارَةً إلَى دَفْعِ اعْتِرَاضٍ يُتَوَجَّهُ عَلَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ (قَوْلُهُ: لِإِفَادَتِهَا الظَّنَّ بِذَلِكَ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّ بَيْتَ الْإِبْرَةِ فِي مَرْتَبَةِ الْمُجْتَهِدِ، وَلَيْسَ مُرَادًا إذْ لَوْ كَانَ فِي مَرْتَبَتِهِ لَحَرُمَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِهِ إنْ قَدَرَ عَلَى الِاجْتِهَادِ كَمَا يَحْرُمُ الْأَخْذُ بِقَوْلِ الْمُجْتَهِدِ، لَكِنَّ تَعْبِيرَهُ بِجَوَازِ الِاعْتِمَادِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْعَمَلِ بِهِ وَبَيْنَ الِاجْتِهَادِ فَيَكُونُ مَرْتَبَةً بَيْنَ الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ وَبَيْنَ الِاجْتِهَادِ (قَوْلُهُ: كَمَا يُفِيدُهُ الِاجْتِهَادُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ بَيْتَ الْإِبْرَةِ لَيْسَ كَالْمِحْرَابِ الْمُعْتَمَدِ، فَإِنَّ ذَاكَ بِمَنْزِلَةِ الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ حَتَّى لَا يَجُوزَ الِاجْتِهَادُ مَعَهُ جِهَةً وَلَا غَيْرَهَا عَلَى مَا مَرَّ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَرْتَبَتَهُ بَعْدَ مَرْتَبَةِ الْمِحْرَابِ. وَفِي سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: اُنْظُرْ لَوْ تَعَارَضَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ مَا الْمُقَدَّمُ، وَقَوْلُهُ الْجَمُّ الْغَفِيرُ لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ عَدَدُ التَّوَاتُرِ اهـ. وَأَقُولُ: يَنْبَغِي أَنَّ عَدَدَ التَّوَاتُرِ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ ثُمَّ الْإِخْبَارُ عَنْ عِلْمِ بِرُؤْيَةِ الْكَعْبَةِ، ثُمَّ رُؤْيَةُ الْمَحَارِيبِ الْمُعْتَمَدَةُ، ثُمَّ رُؤْيَةُ الْقُطْبِ، ثُمَّ الْإِخْبَارُ بِرُؤْيَةِ الْجَمِّ الْغَفِيرِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّوَاتُرَ يُفِيدُ الْيَقِينَ، وَخَبَرُ الْمُخْبِرُ عَنْ عِلْمٍ يُفِيدُ الظَّنَّ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ التَّوَاتُرُ، وَرُؤْيَةُ الْكَعْبَةِ أَبْعَدُ مِنْ الْغَلَطِ مِنْ رُؤْيَةِ الْقُطْبِ، لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْعِيَانِ لَكِنَّهُ قَدْ يَقَعُ الْخَطَأُ فِي رُؤْيَتِهِ لِاشْتِبَاهِهِ عَلَى الرَّائِي أَوْ لِمَانِعٍ قَامَ بِالرَّائِي، وَرُؤْيَةُ الْقُطْبِ أَقْرَبُ لِتَحَرِّي مَا يُصَلَّى إلَيْهِ عِنْدَ الرَّائِي، فَإِنَّ الْمُخْبِرَ بِأَنَّهُ رَأَى الْجَمَّ الْغَفِيرَ يُصَلُّونَ رُبَّمَا يَكُونُ مُسْتَنَدُهُ رُؤْيَةَ صَلَاتِهِمْ لِتِلْكَ الْجِهَةِ فَلَا يَأْمَنُ فِي الْأَخْذِ بِقَوْلِهِ مِنْ الِانْحِرَافِ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً (قَوْلُهُ: لَمْ يُقَلِّدْ فِي الْأَظْهَرِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَهُ غَيْرُهُ بِأَنَّ الْقِبْلَةَ فِي هَذِهِ الْجِهَةِ جَازَ لَهُ الْعُدُولُ إلَى غَيْرِهَا، وَلَوْ قِيلَ إنَّهُ يَأْخُذُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ مِنْ كَوْنِهِ يُصَلِّي إلَى جِهَةٍ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا الْقِبْلَةُ، وَيَقْضِي لِعَدَمِ جَزْمِهِ بِالنِّيَّةِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ رَأَى مِحْرَابًا لَا يَجُوزُ اعْتِمَادُهُ (قَوْلُهُ: وَصَلَّى كَيْفَ كَانَ) وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْتِزَامُ مَا صَلَّى إلَيْهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ بِاخْتِيَارِهِ الْتَزَمَ اسْتِقْبَالَهُ فَلَا يَتْرُكُهُ إلَّا لَمَّا يُرَجَّحُ غَيْرُهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ) نَقَلَ سم فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ عَنْ الشَّارِحِ اعْتِمَادُهُ اهـ. وَيُمْكِن حَمْلُ كَلَامِ الْإِمَامِ عَلَى مَا إذَا رَجَا زَوَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَبِحَرَّانَ وَرَاءَ ظَهْرِهِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَبْلِهِ؛ لِأَنَّ حَرَّان مِنْ أَعْمَالِ الشَّامِ، وَالْحُكْمُ وَاحِدٌ

إلَيْهِ، وَنَازَعَهُ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ وَقَالَ: إنَّ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ شَاذٌّ وَالْمَشْهُورُ التَّعْمِيمُ. (وَيَجِبُ تَجْدِيدُ الِاجْتِهَادِ) أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَالتَّقْلِيدِ فِي نَحْوِ الْأَعْمَى (لِكُلِّ صَلَاةٍ) مَفْرُوضَةٍ عَيْنِيَّةٍ أَدَاءً أَوْ قَضَاءً وَلَوْ مَنْذُورَةً (تَحْضُرُ عَلَى الصَّحِيحِ) سَعْيًا فِي إصَابَةِ الْحَقِّ لِتَأَكُّدِ الظَّنِّ عِنْدَ الْمُوَافَقَةِ، وَقُوَّةُ الثَّانِي عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا عَنْ أَمَارَةٍ أَقْوَى وَالْأَقْوَى أَقْرَبُ إلَى الْيَقِينِ. وَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِهِ تَحْضُرُ عَلَى حُضُورِ فِعْلِهَا بِأَنْ يَدْخُلَ وَقْتُهُ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ الْخَمْسِ تَوْطِئَةً لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ تَحْضُرُ لَا مَخْرَجَ لِغَيْرِهَا، وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ مَا لَمْ يَكُنْ ذَاكِرًا لِلدَّلِيلِ الْأَوَّلِ وَإِلَّا فَلَا إعَادَةَ، وَخَرَجَ بِالْمَفْرُوضَةِ النَّافِلَةُ وَمِثْلُهَا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ كَمَا فِي التَّيَمُّمِ، وَخَرَجَ بِالْقِبْلَةِ الثَّوْبُ فَلَا يَلْزَمُهُ إعَادَةَ الِاجْتِهَادِ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ، وَالثَّانِي لَا يَجِبُ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُ الظَّنِّ الْأَوَّلِ. (وَمَنْ عَجَزَ) بِفَتْحِ الْجِيمِ (عَنْ الِاجْتِهَادِ) فِيهَا (وَ) عَنْ (تَعَلُّمِ الْأَدِلَّةِ) كَأَعْمَى الْبَصَرِ أَوْ الْبَصِيرَةِ (قَلَّدَ) حَتْمًا (ثِقَةً) وَلَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً (عَارِفًا) ـــــــــــــــــــــــــــــSالتَّحَيُّرِ وَكَلَامُ غَيْرِهِ عَلَى خِلَافِهِ (قَوْلُهُ: وَنَازَعَهُ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ) أَيْ النَّوَوِيُّ (قَوْلُهُ وَالْمَشْهُورُ التَّعْمِيمُ) أَيْ ضَاقَ الْوَقْتُ أَوْ اتَّسَعَ (قَوْلُهُ: لِكُلِّ صَلَاةٍ تَحْضُرُ عَلَى الصَّحِيحِ) هَذَا الْخِلَافُ يَجْرِي فِي الْمُفْتِي فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، وَفِي الشَّاهِدِ إذَا زَكَّى ثُمَّ شَهِدَ ثَانِيًا بَعْدَ طُولِ الزَّمَنِ: أَيْ عُرْفًا وَفِي طَلَبِ الْمُتَيَمِّمِ الْمَاءُ إذَا لَمْ يَنْتَقِلْ عَنْ مَوْضِعِهِ اهـ عَمِيرَةَ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَنْذُورَةٌ) قَالَ حَجّ: وَمُعَادَةٌ مَعَ جَمَاعَةٍ اهـ. وَعَلَيْهِ فَهَذِهِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ تَجْدِيدِ الِاجْتِهَادِ لِلنَّافِلَةِ. وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ الْمُعَادَةَ لَمَّا قِيلَ بِفَرْضِيَّتِهَا وَعَدَمِ صِحَّتِهَا مِنْ قُعُودٍ مَعَ الْقُدْرَةِ أَشْبَهَتْ الْفَرَائِضَ فَلَمْ تَلْحَقْ النَّوَافِلَ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ: وَمُعَادَةٌ مَعَ جَمَاعَةٍ يَنْبَغِي أَوْ فُرَادَى لِفَسَادِ الْأُولَى، ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَمُعَادَةٌ لِفَسَادِ الْأُولَى كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ أَوْ فِي جَمَاعَةٍ اهـ. وَبَقِيَ مَا لَوْ سُنَّ إعَادَتُهَا عَلَى الِانْفِرَادِ لِجَرَيَانِ قَوْلٍ بِبُطْلَانِهَا عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْجَمَاعَةِ، فَهَلْ يُجَدِّدُ لَهَا أَيْضًا لَا يَبْعُدُ أَنَّهُ يُجَدِّدُ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلُهُ وَمُعَادَةٌ ظَاهِرُهُ وَلَوْ عَقِبَ السَّلَامِ مِنْ غَيْرِ فَاصِلٍ. أَقُولُ: وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي وُجُوبِ تَجْدِيدِ الِاجْتِهَادِ فِيمَا لَوْ كَانَتْ الْإِعَادَةُ لِفَسَادِ الْأُولَى، أَوْ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مِنْ أَفْسَدَهَا بِأَنَّ الْأَوْلَى حَيْثُ تَبَيَّنَ فَسَادُهَا كَانَتْ كَمَا لَوْ لَمْ تَفْعَلْ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْمُعَادَةَ هِيَ الْأَوْلَى وَقَدْ تَأَخَّرَ الْإِحْرَامُ بِهَا عَنْ الِاجْتِهَادِ وَهُوَ لَا يَضُرُّ، وَهَلْ يَجِبُ تَجْدِيدُ الِاجْتِهَادِ لِكُلِّ رَكْعَتَيْنِ إذَا سَلَّمَ مِنْهُمَا كَالضُّحَى أَوْ يُفَرِّقُ بَيْنَ مَا يَصِحُّ الْجَمْعُ فِيهِ بَيْنَ رَكَعَاتٍ بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ كَالضُّحَى فَيَكْفِي لَهُ اجْتِهَادٌ وَاحِدٌ، وَبَيْنَ مَا لَا يَجُوزُ الْإِحْرَامُ فِيهِ بِأَكْثَرِ مِنْ رَكْعَتَيْنِ كَالتَّرَاوِيحِ فَيَجِبُ فِيهِ تَجْدِيدُ الِاجْتِهَادِ لِكُلِّ إحْرَامٍ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ إلْحَاقَةُ بِمَا فِي التَّيَمُّمِ، فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ الرَّاجِحُ مِنْ أَنَّهُ يَكْفِي لِلتَّرَاوِيحِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ لَا يَجِبُ تَجْدِيدُ الِاجْتِهَادِ هُنَا لِمَا مَرَّ أَيْضًا أَنَّهَا كُلُّهَا صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ وَالْكَلَامُ فِي الْمَنْذُورَةِ (قَوْلُهُ فَلَا اعْتَرَضَ عَلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ يُقَالَ: قَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِتَحَضُّرٍ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا لَوْ اجْتَهَدَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ مِنْ الْخَمْسِ ثُمَّ دَخَلَ وَقْتُهَا فَيَخْرُجُ بِذَلِكَ الْمَنْذُورَةُ وَالْفَائِتَةُ وَالْحَاضِرَةُ إذَا اجْتَهَدَ فِي وَقْتِهَا وَصَلَّى فَائِتَةً بِذَلِكَ الِاجْتِهَادِ ثُمَّ أَرَادَ فِعْلَ الْحَاضِرَةِ فَإِنَّهُ لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ أَنَّهَا حَضَرَتْ بَعْدَ الِاجْتِهَادِ (قَوْلُهُ: تَوْطِئَةً) التَّوْطِئَةُ: هِيَ التَّمْهِيدُ لِلشَّيْءِ، وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمُتَقَدِّمِ عَلَى الشَّيْءِ، وَلَفْظُ الْخَمْسِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ تَحَضُّرٍ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالتَّوْطِئَةِ مُجَرَّدُ الْبَيَانِ تَقَدَّمَتْ عَلَى الْمُبَيَّنِ أَوْ تَأَخَّرَتْ، وَقَدْ قِيلَ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي " سَوِيًّا " مِنْ قَوْله تَعَالَى {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} [مريم: 17] حَيْثُ قَالُوا إنَّهَا حَالٌ مُوَطِّئَةٌ لِبَشَرًا (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْمَفْرُوضَةِ النَّافِلَةُ) شَمَلَتْ الْمُعَادَةَ، وَمَرَّ عَنْ حَجّ فِيهَا مَا يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: وَمَنْ عَجَزَ) بِفَتْحِ الْجِيمِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا اهـ مَنْهَجٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً) قَدْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِكُلِّ صَلَاةٍ تَحْضُرُ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الضُّحَى مَثَلًا إذَا نَذَرَهَا يَكْفِي لَهَا اجْتِهَادٌ وَاحِدٌ وَإِنْ عَدَّدَ سَلَامَهَا وَتَرَدَّدَ فِيهِ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ (قَوْلُهُ: تَوْطِئَةً لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ تَحْضُرُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى حَمْلِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَمَنْ عَجَزَ عَنْ الِاجْتِهَادِ) أَيْ

يَجْتَهِدُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43] أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ مُعْظَمَ الْأَدِلَّةِ تَتَعَلَّقُ بِالْمُشَاهَدَةِ وَالرِّيحُ ضَعِيفَةٌ كَمَا مَرَّ وَالِاشْتِبَاهُ عَلَيْهِ فِيهَا أَكْثَرُ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ أَسْوَأُ مِنْ فَاقِدِ الْبَصَرِ بِخِلَافِ الْفَاسِقِ وَالْمُمَيِّزِ وَغَيْرِ الْعَارِفِ، فَلَوْ صَلَّى مِنْ غَيْرِ تَقْلِيدٍ لَزِمَتْهُ الْإِعَادَةُ وَإِنْ صَادَفَ الْقِبْلَةَ أَمَّا مَا صَلَّاهُ بِالتَّقْلِيدِ وَصَادَفَ فِيهِ الْقِبْلَةَ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ الْحَالُ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ فِيهِ، فَإِنْ قَالَ الْمُخْبِرُ: رَأَيْت الْقُطْبَ أَوْ الْجَمَّ الْغَفِيرَ يُصَلُّونَ هَكَذَا فَهُوَ إخْبَارٌ عَنْ عِلْمٍ فَالْأَخْذُ بِهِ قَبُولُ خَبَرٍ لَا تَقْلِيدٍ، وَلَوْ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ فِي الِاجْتِهَادِ اثْنَانِ قَلَّدَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا لَكِنَّ الْأَوْثَقَ وَالْأَعْلَمَ عِنْدَهُ أَوْلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSيُشْعِرُ التَّعْبِيرُ بِالثِّقَةِ دُونَ مَقْبُولِ الشَّهَادَةِ مَنْ يَرْتَكِبُ خَارِمَ الْمُرُوءَةِ مَعَ السَّلَامَةِ مِنْ الْفِسْقِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيُشْعِرُ بِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ بِخِلَافِ الْفَاسِقِ إلَخْ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِعَدَمِ قَبُولِ خَبَرِهِ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْأَوَّلُ) هُوَ أَعْمَى الْبَصَرِ (قَوْلُهُ: وَالْمُمَيِّزِ وَغَيْرِ الْعَارِفِ) أَيْ فَلَا يُقَلِّدُ وَاحِدًا مِنْهُمْ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَمَّا الْفَاسِقُ وَالْمُمَيِّزُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَهُوَ إخْبَارٌ عَنْ عِلْمٍ) يُتَأَمَّلْ هَذَا مَعَ جَعْلِهِ فِيمَا مَرَّ مِنْ أَدِلَّةِ الِاجْتِهَادِ، لَكِنَّهُ مُوَافِقٌ فِيهِ لَمَّا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَفِي مَعْنَاهُ خَبَرٌ عَدْلٌ بِاتِّفَاقِ جَمْعٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَقَوْلُهُ فَهُوَ إخْبَارٌ عَنْ عِلْمٍ مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَالْإِخْبَارِ فِي تَقَدُّمِهِ عَلَى الِاجْتِهَادِ (قَوْلُهُ: قَلَّدَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا) لَوْ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ دَلِيلَانِ أَخَذَ بِأَوْضَحِهِمَا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَوْلَوِيَّةِ الْأَخْذِ بِقَوْلِ الْأَعْلَمِ بِأَنَّ الظَّنَّ الْمُسْتَنِدَ لِفِعْلِ النَّفْسِ أَقْوَى مِنْ الْمُسْتَنِدِ لِلْغَيْرِ، فَإِنْ تُسَاوَيَا تَخَيَّرَ، زَادَ الْبَغَوِيّ: ثُمَّ يُعِيدُ لِتَرَدُّدِهِ حَالَةَ الشُّرُوعِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْأَوْثَقَ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا نَظَرَ هُنَا لِكَثْرَةِ الْعَدَدِ، وَبِهِ صَرَّحَ سم عَلَى حَجٍّ حَيْثُ قَالَ: لَوْ اتَّحَدَ أَحَدُهُمَا وَتَعَدَّدَ الْآخَرُ قَلَّدَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا. ثُمَّ قَالَ: قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَوْثَقَ وَالْآخَرُ أَعْلَمَ فَالظَّاهِرُ اسْتِوَاؤُهُمَا إلَخْ اهـ. وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ: الْأَوْلَى تَقْدِيمُ الْأَوْثَقِ اهـ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. هَذَا وَتَقَدَّمَ الشَّارِحُ فِي الْمِيَاهِ أَنَّهُ لَوْ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ اثْنَانِ أَخَذَ بِقَوْلِ أَوْثَقِهِمَا، فَإِنْ اسْتَوَيَا فَالْأَكْثَرُ عَدَدًا، فَإِنْ اسْتَوَيَا تَسَاقَطَا وَعُمِلَ بِأَصْلِ الطَّهَارَةِ اهـ. وَعَلَيْهِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا. وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْإِخْبَارَ عَنْ النَّجَاسَةِ لَمَّا كَانَ مُسْتَنَدُهُ الْحِسَّ رُوعِيَ فِيهِ كَثْرَةُ الْعَدَدِ لِبُعْدِ اشْتِبَاهِ الْمُشَاهَدِ عَلَى الْكَثِيرِ مِنْ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ: وَالْأَعْلَمُ عِنْدَهُ أَوْلَى) نَقَلَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ، وَنَظَرَ فِيهِ بِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ الْأَخْذُ بِقَوْلِهِ فِي الصَّلَاةِ فَخَارِجُهَا مِنْ بَابِ أَوْلَى، فَيُتَّجَهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَخْذُ بِقَوْلِهِ أَيْضًا كَدَاخِلِهَا. ثُمَّ قَالَ: وَسَأَلَ م ر عَنْ الْمَسْأَلَةِ فَوَافَقَ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ بِالذِّهْنِ عَلَى الْبَدِيهَةِ اهـ. وَبَقِيَ مَا لَوْ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ مُخْبِرَانِ عَنْ عِلْمٍ أَوْ مَا هُوَ بِمَنْزِلَتِهِ كَأَنْ قَالَ لَهُ شَخْصٌ: الْقُطْبُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ يَكُونُ أَمَامَكَ، وَقَالَ الْآخَرُ: يَكُونُ خَلْفَ أُذُنِكَ الْيُسْرَى مَثَلًا، فَهَلْ يَأْخُذُ بِقَوْلِ أَحَدِهِمَا كَالْمُجْتَهَدِينَ أَوْ يَتَسَاقَطَانِ عِنْدَهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَعَلَّ الثَّانِيَ أَقْرَبُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُجْتَهِدَيْنِ بِأَنَّهُ هُنَا يُمْكِنُهُ الِاجْتِهَادُ لِنَفْسِهِ بَعْدُ، بِخِلَافِ الْمُجْتَهِدَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَأْخُذُ بِقَوْلِ أَحَدِهِمَا إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الِاجْتِهَادِ فَاضْطُرَّ لِلْأَخْذِ بِقَوْلِ أَحَدِهِمَا، وَأَيْضًا هُمَا هُنَا اخْتَلَفَا فِي عَلَامَةٍ وَاحِدَةٍ لِعَارِضٍ فِيهَا وَهُوَ مُوجِبٌ لِلتَّسَاقُطِ، وَكَتَبَ أَيْضًا: وَإِذَا أَخَذَ بِقَوْلِ أَحَدِهِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ إعَادَةُ الصَّلَاةِ بَعْدُ لِتَرَدُّدِهِ فِي النِّيَّةِ حِينَ التَّقْلِيدِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَنُقِلَ اعْتِمَادُهُ عَنْ م ر وَفِيهِ وَقْفَةٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْإِعَادَةِ فِيمَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَعْلَمَ أَوْ أَوْثَقَ وَأَخَذَ بِقَوْلِهِ عَمَلًا بِمَا هُوَ أَوْلَى، لِأَنَّ اخْتِيَارَهُ لِزِيَادَةِ عِلْمِهِ يُلْغِي أَثَرَ مُقَابِلِهِ فَلَا تَرَدُّدَ فِي النِّيَّةِ عِنْدَهُ، وَاحْتِمَالُ خَطَئِهِ كَاحْتِمَالِهِ فِيمَا لَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِعَدَمِ عِلْمِهِ بِالْأَدِلَّةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِهِ، إذْ الْعَالِمُ بِهَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ التَّقْلِيدُ كَمَا مَرَّ. قَالَ الشِّهَابُ سم فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ قَوْلُهُ: وَمَنْ عَجَزَ عَنْ الِاجْتِهَادِ بِتَأَمُّلٍ هَذَا مَعَ تَقَدَّمَ يُعْلَمُ أَنَّ الْعَالِمَ بِالْفِعْلِ بِأَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ يَمْتَنِعُ تَقْلِيدُهُ مُطْلَقًا فَإِنْ كَانَ التَّعَلُّمُ فَرْضَ كِفَايَةٍ وَغَيْرُ الْعَالِمِ بِالْفِعْلِ يَنْظُرُ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ التَّعَلُّمُ فَرْضَ كِفَايَةٍ فِي حَقِّهِ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّعَلُّمُ وَامْتَنَعَ التَّقْلِيدُ. فَإِنْ قَلَّدَ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ قَالَ: وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ ظَاهِرَةٌ فِي كُلِّ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَكْثَرَ) أَيْ مِنْ الْبَصِيرِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْفَاسِقِ)

وَيَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ السُّؤَالِ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ تُحْصَرُ بِنَاءً عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ فِي تَجْدِيدِ الِاجْتِهَادِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْكِفَايَةِ. (وَإِنْ) (قَدَرَ) الْمُكَلَّفُ عَلَى تَعَلُّمِ أَدِلَّتِهَا (فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ التَّعَلُّمِ) عِنْدَ إرَادَةِ السَّفَرِ لِعُمُومِ حَاجَةِ الْمُسَافِرِ إلَيْهَا وَكَثْرَةِ الِاشْتِبَاهِ عَلَيْهِ، فَكَانَ فَرْضَ عَيْنٍ فِيهِ، بِخِلَافِهِ فِي الْحَضَرِ فَفَرْضُ كِفَايَةٍ، إذْ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ السَّلَفُ بَعْدَهُ أَنَّهُمْ أَلْزَمُوا آحَادَ النَّاسِ تَعَلُّمَهَا، بِخِلَافِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَأَرْكَانِهَا، وَالْمُصَنِّفُ أَطْلَقَ فِي الْكِتَابِ وَصَحَّحَ فِي غَيْرِهِ كَوْنَهُ فَرْضَ عَيْنٍ فِيمَا ذَكَرَ كَتَعَلُّمِ الْوُضُوءِ وَغَيْرِهِ، وَحَمَلَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ فَرْضُ عَيْنِ فِي السَّفَرِ عَلَى سَفَرٍ يَقِلُّ فِيهِ الْعَارِفُونَ بِأَدِلَّتِهَا دُونَ مَا يُكْثِرُونَ فِيهِ كَرَكْبِ الْحَاجِّ فَهُوَ كَالْحَضَرِ اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَلَوْ سَافَرَ مِنْ قَرْيَةٍ إلَى أُخْرَى قَرِيبَةٍ بِحَيْثُ يَقْطَعُ الْمَسَافَةَ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ الصَّلَاةِ فَهُوَ كَالْحَضَرِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِالْمُسَافِرِ أَصْحَابُ الْخِيَامِ وَالنُّجْعَةِ إذَا قَلُّوا، وَكَذَا مَنْ قَطَنَ بِمَوْضِعٍ بَعِيدٍ مِنْ بَادِيَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَالْمُرَادُ بِتَعَلُّمِ الْأَدِلَّةِ تَعَلُّمُ الظَّاهِرِ مِنْهَا دُونَ دَقَائِقِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ والأرغياني فِي فَتَاوِيهِ (فَيَحْرُمُ) عَلَيْهِ (التَّقْلِيدُ) فَإِنْ قَلَّدَ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ، فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ فَكَتَحَيُّرِ الْمُجْتَهِدِ وَقَدْ مَرَّ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّ تَعَلُّمَ الْأَدِلَّةِ لَا يَجِبُ بِخُصُوصِهِ بَلْ هُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ فَيَجُوزُ لَهُ التَّقْلِيدُ وَلَا يَقْضِي مَا صَلَّاهُ بِهِ. (وَمَنْ صَلَّى بِالِاجْتِهَادِ) مِنْهُ أَوْ مِمَّنْ قَلَّدَهُ (فَتَيَقَّنَ الْخَطَأَ) فِي جِهَةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ يَمْنَةٍ أَوْ يَسْرَةٍ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَقَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا أَعَادَهَا أَوْ بَعْدَ خُرُوجِهِ (قَضَى) حَتْمًا (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الْخَطَأَ فِيمَا يُؤْمَنُ مِثْلُهُ فِي الْإِعَادَةِ، كَالْحَاكِمِ يَحْكُمُ بِاجْتِهَادٍ ثُمَّ يَجِدُ النَّصَّ بِخِلَافِهِ، وَلِأَنَّ مَا لَا يَسْقُطُ مِنْ الشُّرُوطِ بِالنِّسْيَانِ لَا يَسْقُطُ بِالْخَطَأِ كَالطَّهَارَةِ، وَاحْتَرَزُوا بِقَوْلِهِمْ فِيمَا يُؤْمَنُ مِثْلُهُ فِي الْإِعَادَةِ عَنْ الْأَكْلِ فِي الصَّوْمِ نَاسِيًا وَالْخَطَأُ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ حَيْثُ لَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مِثْلُهُ فِيهَا، وَخَرَجَ بِتَيَقُّنِ الْخَطَأِ ظَنُّهُ وَبِتَعَيُّنِ الْخَطَأِ إبْهَامُهُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ إلَى جِهَاتٍ بِاجْتِهَادَاتٍ فَلَا إعَادَةَ فِيهِمَا كَمَا سَيَأْتِي، وَالْمُرَادُ بِالتَّيَقُّنِ مَا يَمْتَنِعُ مَعَهُ الِاجْتِهَادُ فَيَدْخُلُ فِيهِ خَبَرُ الْعَدْلِ عَنْ عِيَانٍ، وَالثَّانِي لَا يَقْضِي لِأَنَّهُ تَرَكَ الْقِبْلَةَ بِعُذْرٍ فَأَشْبَهَ تَرْكَهَا فِي حَالِ الْقِتَالِ (فَلَوْ تَيَقَّنَهُ فِيهَا) أَيْ الصَّلَاةِ (وَجَبَ اسْتِئْنَافُهَا) وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ الصَّوَابُ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ قَضَائِهَا بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِمَا مَضَى، وَإِلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSاجْتَهَدَ هُوَ وَأَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى جِهَةٍ فَصَلَّى إلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ السُّؤَالِ) هَذَا الْحُكْمُ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ فَذِكْرُهُ هُنَا تَصْرِيحٌ بِمَا عَلِمَ (قَوْلُ فَرْضُ عَيْنٍ فِيهِ) أَيْ السَّفَرُ (قَوْلُهُ: دُونَ مَا يَكْثُرُونَ فِيهِ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَثْرَةِ أَنْ يَكُونَ فِي الرَّكْبِ جَمَاعَةٌ مُتَفَرِّقَةٌ فِيهِ بِحَيْثُ يَسْهُلُ عَلَى كُلِّ مَنْ أَرَادَ السُّؤَالَ عَنْ الصَّلَاةِ وُجُودُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ قَوِيَّةٍ تَحْصُلُ فِي قَصْدِهِ لَهُ (قَوْلُهُ: وَالنُّجْعَةِ) عَطْفُ تَفْسِيرِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِ ذَلِكَ) كَأَصْحَابِ الْخِيَامِ الْبَعِيدَةِ، أَوْ مَنْ أَقَامَ بِجَبَلٍ أَوْ غَارٍ بَعِيدٍ (قَوْلُهُ: والأرغياني) بِالْفَتْحِ فَالسُّكُونِ وَكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ نِسْبَةٌ إلَى أَرْغِيَانَ مِنْ نَوَاحِي نَيْسَابُورَ اهـ سُيُوطِيٌّ فِي الْأَنْسَابِ. وَاسْمُهُ أَبُو بَكْرٍ، وَتَفَقَّهَ عَلَى وَالِدِهِ سَهْلُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَعْرُوفُ بِالْحَاكِمِ كَمَا فِي طَبَقَاتِ الْإِسْنَوِيِّ (قَوْلُهُ فِي جِهَةٍ مُعَيَّنَةٍ) إنَّمَا قَيَّدَ بِهَا لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ: وَإِنْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ عَمَلَ بِالثَّانِي إلَخْ، فَإِنَّهُ تَيَقَّنَ الْخَطَأَ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، لَكِنَّ الْخَطَأَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَبِتَعَيُّنِ الْخَطَأِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ مَا لَا يَسْقُطُ مِنْ الشُّرُوطِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ مِنْ الشُّرُوطِ مَا يَسْقُطُ بِالنِّسْيَانِ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ مِنْ لِلْبَيَانِ، أَوْ أَنَّهُ أَرَادَ بِالشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَاتِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ شُرُوطًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ الصَّوَابُ) إنْ قِيلَ كَيْفَ يَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ مَعَ عَدَمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمُحْتَرَزُ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ: عِنْدَ إرَادَةِ السَّفَرِ، فَهُوَ الَّذِي زَادَهُ الْمُصَنِّفُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ تَعَلُّمُ الْأَدِلَّةِ عِنْدَ السَّفَرِ فَرْضُ عَيْنٍ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي غَيْرِ الْمِنْهَاجِ، وَأَطْلَقَ فِي الْمِنْهَاجِ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ تَصْحِيحَ أَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ كَتَعَلُّمِ الْوُضُوءِ وَغَيْرِهِ انْتَهَى. فَجَعَلَ التَّنْظِيرَ بِتَعَلُّمِ الْوُضُوءِ وَغَيْرِهِ بِالنِّسْبَةِ لِتَصْحِيحِ إطْلَاقِ أَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ، وَهُوَ وَاضِحٌ. وَأَمَّا الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَجَعَلَهُ فِي حَيِّزِ التَّفْصِيلِ فَأَشْكَلَ

هَذَا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ فَلَوْ، فَإِنْ لَمْ نُوجِبْهُ انْحَرَفَ إلَى جِهَةِ الصَّوَابِ، وَبَنَى إنْ ظَهَرَ مَعَ ذَلِكَ جِهَةُ الصَّوَابِ لِأَنَّ الْمَاضِيَ مُعْتَدٍّ بِهِ، وَشَمَلَتْ عِبَارَتُهُ تَيَقُّنَ الْخَطَأِ يَمْنَةً وَيَسَرَةً، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ. (وَإِنْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ) ثَانِيًا فَظَهَرَ لَهُ أَنَّ الصَّوَابَ فِي جِهَةٍ أُخْرَى غَيْرَ الْجِهَةِ الْأُولَى (عَمِلَ بِالثَّانِي) حَتْمًا إنْ تَرَجَّحَ وَلَوْ فِي الصَّلَاةِ وَعَمِلَ بِالْأَوَّلِ إنْ تَرَجَّحَ، وَفَرَّقَ بَيْنَ عَمَلِهِ بِالثَّانِي وَعَدَمِهِ وَعَمَلِهِ بِهِ فِي الْمِيَاهِ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ نَقْضُ الِاجْتِهَادِ بِالِاجْتِهَادِ إنْ غَسَلَ مَا أَصَابَهُ الْأَوَّلُ وَالصَّلَاةُ يَنْجُسُ إنْ لَمْ يَغْسِلْهُ، وَهُنَا لَا يَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ وَلَا بِنَجَاسَةٍ، وَمَنَعَ ابْنُ الصَّبَّاغِ ذَلِكَ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُ النَّقْضُ لَوْ أَبْطَلْنَا مَا مَضَى مِنْ طُهْرِهِ وَصَلَاتِهِ وَلَمْ نُبْطِلْهُ بَلْ أَمَرْنَاهُ بِغَسْلِ مَا ظُنَّ نَجَاسَتُهُ كَمَا أَمَرْنَاهُ بِاجْتِنَابِ بَقِيَّةِ الْمَاءِ الْأَوَّلِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يَكْفِي فِي النَّقْضِ وُجُوبُ غَسْلِ مَا أَصَابَهُ الْأَوَّلُ وَاجْتِنَابُ الْبَقِيَّةِ، وَلَوْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ بِاجْتِهَادٍ فَعُمِيَ فِيهَا أَتَمَّهَا وَلَا إعَادَةَ. فَإِنْ دَارَ أَوْ أَدَارَهُ غَيْرُهُ عَنْ تِلْكَ الْجِهَةِ اسْتَأْنَفَ بِاجْتِهَادِ غَيْرِهِ، نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ تَجِبُ إعَادَةُ الِاجْتِهَادِ لِلْفَرْضِ الْوَاحِدِ إذَا فَسَدَ (وَلَا قَضَاءَ) لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ كَمَا مَرَّ (حَتَّى لَوْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ لِأَرْبَعِ جِهَاتٍ بِالِاجْتِهَادِ) الْمُؤَدِّي إلَى ذَلِكَ (فَلَا) إعَادَةَ وَلَا (قَضَاءَ) لِأَنَّهُ وَإِنْ تَيَقَّنَ الْخَطَأَ فِي ثَلَاثٍ قَدْ أَدَّى كُلًّا مِنْهَا بِاجْتِهَادٍ لَمْ يَتَعَيَّنْ فِيهِ الْخَطَأُ، فَإِنْ اسْتَوَيَا وَلَمْ يَكُنْ فِي صَلَاةٍ تَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا لِعَدَمِ مَزِيَّةِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ أَوْ فِيهَا وَجَبَ الْعَمَلُ بِالْأَوَّلِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ الْتَزَمَ بِدُخُولِهِ فِيهَا جِهَةً فَلَا يَتَحَوَّلُ إلَّا بِأَرْجَحَ، مَعَ أَنَّ التَّحَوُّلَ فِعْلٌ أَجْنَبِيٌّ لَا يُنَاسِبُ الصَّلَاةَ فَاحْتِيطَ لَهَا، وَهَذَا التَّفْضِيلُ هُوَ مَا نَقَلَاهُ عَنْ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّاهُ وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ مِنْ وُجُوبِ التَّحَوُّلِ أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِ الْجُمْهُورِ ضَعِيفٌ إذْ ـــــــــــــــــــــــــــــSظُهُورِ الصَّوَابِ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ حَيْثُ قَالُوا لَا يُقْضَى بِالتَّيَمُّمِ فِي مَحَلٍّ لَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ بِتَيَمُّمِهِ فِيهِ؟ قُلْنَا: لَا إشْكَالَ وَهُمَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَجَبَ اسْتِئْنَافُهَا اسْتَقَرَّ وُجُوبُ اسْتِئْنَافِهَا فِي ذِمَّتِهِ لَكِنْ لَا يَفْعَلُهَا إلَّا بَعْدَ ظُهُورِ الصَّوَابِ (قَوْلُهُ: وَشَمَلَتْ عِبَارَتُهُ تَيَقُّنَ الْخَطَأِ) هَذَا الْحُكْمُ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ أَوْ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً فَذِكْرُهُ تَصْرِيحٌ بِمَا عَلِمَ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَعَمِلَ بِالْأَوَّلِ إنْ تَرَجَّحَ) أَيْ أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: تَجِبُ إعَادَةُ الِاجْتِهَادِ لِلْفَرْضِ إلَخْ) قَدْ يُمْنَعُ الْأَخْذُ بِأَنَّ الْأَعْمَى إنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْأَخْذُ بِقَوْلِ الْغَيْرِ لِأَنَّهُ بِتَحَوُّلِهِ عَنْ الْقِبْلَةِ قَدْ لَا يَهْتَدِي لِلْعَوْدِ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي كَانَ مُسْتَقْبِلًا لَهُ، بِخِلَافِ الْبَصِيرِ إذَا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ فَإِنَّهُ يُمْكِنُهُ فِعْلُ الْمُعَادَةِ لِلْجِهَةِ الَّتِي كَانَ يُصَلِّي إلَيْهَا، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَنْ أَمْكَنَهُ الْعَوْدُ إلَى مَحَلِّهِ وَالْعِلْمِ بِالْجِهَةِ الَّتِي صَلَّى إلَيْهَا أَوَّلًا وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَيُقَالُ: مَنْ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ الْجِهَةَ الَّتِي كَانَ مُتَوَجِّهًا إلَيْهَا قَبْلَ ذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ تَجْدِيدُ الِاجْتِهَادِ، وَمَنْ عَلِمَ الْجِهَةَ الَّتِي كَانَ مُتَوَجِّهًا إلَيْهَا لِإِعَادَةٍ عَقِبَ الْفَسَادِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّجْدِيدُ لِبَقَاءِ ظَنِّهِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ لَا إعَادَةَ وَلَا قَضَاءَ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ جَمَاعَةً مَكَثُوا يُصَلُّونَ فِي قَرْيَةٍ إلَى مِحْرَابٍ بِهَا مُدَّةً طَوِيلَةً ثُمَّ مَرَّ بِهِمْ شَخْصٌ وَأَخْبَرَهُمْ بِأَنَّ فِي الْقِبْلَةِ انْحِرَافًا كَثِيرًا فَهَلْ يَلْزَمُهُمْ إعَادَةُ مَا صَلَّوْهُ فِي الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ أَمْ لَا؟ وَهُوَ أَنَّهُمْ إنْ تَيَقَّنُوا الْخَطَأَ فِي وَضْعِ الْمِحْرَابِ الَّذِي كَانُوا يُصَلُّونَ إلَيْهِ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ لِكُلِّ مَا صَلَّوْهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنُوا ذَلِكَ وَلَا ظَنُّوا خِلَافَهُ فَلَا إعَادَةَ لِشَيْءٍ مِمَّا صَلَّوْهُ وَيَسْتَمِرُّونَ عَلَى حَالِهِمْ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ تَطَاوُلِ الْأَيَّامِ مَعَ كَثْرَةِ الطَّارِقِينَ لِلْمَحَلِّ أَنَّهُ عَلَى الصَّوَابِ وَأَنَّ الْمُخْبِرَ لَهُمْ هُوَ الْمُخْطِئُ، وَإِنْ تَرَجَّحَ بِدَلِيلٍ غَيْرِ قَطْعِيٍّ كَإِخْبَارِ مَنْ يُوثَقُ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ عَمِلُوا بِالثَّانِي، وَلَا إعَادَةَ لِمَا صَلَّوْهُ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَوَيَا) أَيْ الِاجْتِهَادَانِ وَهُوَ قَسِيمُ قَوْلِهِ قُبِلَ حَتْمًا إنْ تَرَجَّحَ (قَوْلُهُ: وَهَذَا التَّفْصِيلُ) أَيْ مَا بَيْنَ مَا لَوْ حَصَلَ اخْتِلَافُ الْمُسْتَوَيَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِلْفَرْضِ الْوَاحِدِ إذَا فَسَدَ) وَكَذَا إذَا أَعَادَهُ فِي الْجَمَاعَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشِّهَابُ حَجّ.

إطْلَاقُهُمْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ دَلِيلُ الثَّانِي أَرْجَحَ بِدَلِيلِ تَقْيِيدِهِمْ اقْتِرَانَ ظُهُورِ الصَّوَابِ بِظُهُورِ الْخَطَأِ، إذْ كَيْفَ يَظْهَرُ لَهُ الصَّوَابُ مَعَ التَّسَاوِي الْمُقْتَضِي لِلشَّكِّ. وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ بَلْ هُوَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِهِ قَوْلُ الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأُمِّ وَاتِّفَاقُ الْأَصْحَابِ: لَوْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ بِاجْتِهَادٍ ثُمَّ شَكَّ وَلَمْ يَتَرَجَّحْ لَهُ جِهَةٌ أَتَمَّهَا إلَى جِهَتِهِ وَلَا إعَادَةَ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عَلِمَ أَنَّ مَحَلَّ الْعَمَلِ بِالثَّانِي فِي الصَّلَاةِ وَاسْتِمْرَارَ صِحَّتِهَا إذَا ظَنَّ الصَّوَابَ مُقَارِنًا لِظُهُورِ الْخَطَأِ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَظُنَّهُ مُقَارِنًا بَطَلَتْ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الصَّوَابِ عَلَى قُرْبٍ لَمَضَى جُزْءٌ مِنْهَا إلَى غَيْرِ قِبْلَةٍ، وَلَوْ اجْتَهَدَ اثْنَانِ فِي الْقِبْلَةِ وَاتَّفَقَ اجْتِهَادُهَا وَاقْتَدَى أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ فَتَغَيَّرَ اجْتِهَادُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَزِمَهُ الِانْحِرَافُ إلَى الْجِهَةِ الثَّانِيَةِ، وَيَنْوِي الْمَأْمُومُ الْمُفَارَقَةَ وَإِنْ اخْتَلَفَا تَيَامُنًا وَتَيَاسُرًا، وَذَلِكَ عُذْرٌ فِي مُفَارَقَةِ الْمَأْمُومِ. وَلَوْ قَالَ مُجْتَهِدٌ لِمُقَلِّدٍ وَهُوَ فِي صَلَاةٍ أَخْطَأَ بِكَ فُلَانٌ وَالْمُجْتَهِدُ الثَّانِي أَعْرَفُ عِنْدَهُ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ أَكْثَرُ عَدَالَةً كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ، أَوْ قَالَ لَهُ أَنْتَ عَلَى الْخَطَأِ قَطْعًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَعْرَفَ عِنْدَهُ مِنْ الْأَوَّلِ تَحَوَّلَ إنْ بَانَ لَهُ الصَّوَابُ مُقَارِنًا لِلْقَوْلِ بِأَنْ أَخْبَرَ بِهِ وَبِالْخَطَأِ مَعًا، لِبُطْلَانِ تَقْلِيدِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِ مَنْ هُوَ أَرْجَحُ مِنْهُ فِي الْأُولَى، وَبِقَطْعِ الْقَاطِعِ فِي الثَّانِيَةِ، فَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ أَيْضًا فِي الثَّانِيَةِ قُطِعَ بِأَنَّ الصَّوَابَ مَا ذَكَرَهُ وَلَمْ يَكُنْ الثَّانِي أَعْلَمَ لَمْ يُؤَثِّرْ، قَالَهُ الْإِمَامُ، فَإِنْ لَمْ يَبِنْ لَهُ الصَّوَابُ مُقَارِنًا بَطَلَتْ وَإِنْ بَانَ لَهُ الصَّوَابُ عَنْ قُرْبٍ لِمَا مَرَّ، وَلَوْ قِيلَ لِأَعْمًى وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ صَلَاتُك إلَى الشَّمْسِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ قِبْلَتَهُ غَيْرُهَا اسْتَأْنَفَ لِبُطْلَانِ تَقْلِيدِ الْأَوَّلِ بِذَلِكَ، وَإِنْ أَبْصَرَ وَهُوَ فِي أَثْنَائِهَا وَعَلِمَ أَنَّهُ عَلَى الْإِصَابَةِ لِلْقِبْلَةِ لِمِحْرَابٍ أَوْ نَجْمٍ أَوْ خَبَرِ ثِقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَتَمَّهَا أَوْ عَلَى الْخَطَأِ أَوْ تَرَدُّدٍ بَطَلَتْ لِانْتِفَاءِ ظَنِّ الْإِصَابَةِ، وَإِنْ ظَنَّ الصَّوَابَ غَيْرَهَا انْحَرَفَ إلَى مَا ظَنَّهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــSوَهُوَ فِي الصَّلَاةِ وَبَيْنَ مَا لَوْ حَصَلَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِهَا (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ) أَيْ التَّفْصِيلَ بَيْنَ كَوْنِهِ فِيهَا وَخَارِجَهَا (قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ فَظَهَرَ لَهُ أَنَّ الصَّوَابَ فِي جِهَةٍ إلَخْ، وَمِنْ قَوْلِهِ عَمِلَ بِالثَّانِي حَتْمًا إنْ تَرَجَّحَ، فَإِنَّ مَعْنَى الْعَمَلِ بِالثَّانِي أَنْ يَتَحَوَّلَ إلَى جِهَتِهِ فَوْرًا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَتَأَتَّى حَيْثُ كَانَ ظُهُورُ الصَّوَابِ مُقَارِنًا لِلْخَطَأِ (قَوْلُهُ: مُقَارِنًا لِظُهُورِ الْخَطَأِ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُقَارَنَةِ مَا هُوَ الْأَعَمُّ مِنْ الْمُقَارَنَةِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ لَمْ يَمْضِ قَبْلَ ظُهُورِ الصَّوَابِ مَا يَسَعُ رُكْنًا، كَمَا لَوْ تَرَدَّدَ فِي النِّيَّةِ وَزَالَ تَرَدُّدُهُ فَوْرًا، وَكَمَا لَوْ انْحَرَفَ عَنْ الْقِبْلَةِ نِسْيَانًا أَوْ دَارَتْ بِهِ السَّفِينَةُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ حَيْثُ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِعَوْدِهِ فَوْرًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَا) غَايَةً: أَيْ وَلَا يَكُونُ التَّخَالُفُ مُغْنِيًا عَنْ نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ وَهَذَا مَحَلُّهُ حَيْثُ عَلِمَ بِانْحِرَافِهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الِانْحِرَافَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَظْهَرَ وَإِنْ كَانَ الْمَأْمُومُ أَعْمَى. وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ فَرْضِهِ صَبْرًا عَلَى الْقَوْلِ بِهِ عِنْدَ تَبَيُّنِ نَجَاسَةٍ بِثَوْبِ الْإِمَامِ بِأَنَّ الشُّعُورَ بِالِانْحِرَافِ أَقْرَبُ مِنْ الشُّعُورِ بِنَجَاسَةِ ثَوْبِ الْإِمَامِ فِي حَقِّ الْأَعْمَى لِأَنَّهَا لَا طَرِيقَ لِإِدْرَاكِهَا إلَّا الْبَصَرُ وَالِانْحِرَافُ قَدْ يُدْرِكُهُ بِالسَّمْعِ. (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ عُذْرٌ) أَيْ فَلَا تَفُوتُهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: تَحَوَّلَ) أَيْ وُجُوبًا، وَيُفَارِقُ هَذَا مَا مَرَّ مِنْ نَدْبِ الْأَخْذِ بِقَوْلِ الْأَعْلَمِ إذَا اخْتَلَفَا عَلَيْهِ خَارِجَهَا بِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ دَعْوَى أَحَدِ الْمُجْتَهِدَيْنِ الْخَطَأَ عَلَى الْآخَرِ وَلَا دَعْوَى خَطَأِ الْخِلَافِ مُطْلَقًا فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَإِنَّمَا لَمْ نُوجِبْ الِاسْتِئْنَافَ لِأَنَّ مُجَرَّدَ قَوْلِهِ ذَلِكَ لَا يُفِيدُ تَيَقُّنَ خَطَأِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ الثَّانِي أَعْلَمَ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الثَّانِي أَعْلَمَ أَثَّرَ وَهَلْ الْمُرَادُ مِنْهُ وُجُوبُ الْأَخْذِ بِقَوْلِ الثَّانِي أَوْ الْأَوْلَوِيَّةُ فَقَطْ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْمُتَبَادِرُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: انْحَرَفَ إلَى مَا ظَنَّهُ) أَيْ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[أركان الصلاة]

(بَابُ صِفَةِ) أَيْ كَيْفِيَّةِ (الصَّلَاةِ) الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى وَاجِبٍ، وَيَنْقَسِمُ لِدَاخِلٍ فِي مَاهِيَّتِهَا وَيُسَمَّى رُكْنًا، وَلِخَارِجٍ عَنْهَا وَيُسَمَّى شَرْطًا، وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الْآتِي وَعَلَى مَنْدُوبٍ وَيَنْقَسِمُ أَيْضًا لِمَا يُجْبَرُ بِالسُّجُودِ وَيُسَمَّى بَعْضًا لِتَأَكُّدِ شَأْنِهِ بِالْجَبْرِ لِشِبْهِهِ بِالْبَعْضِ حَقِيقَةً وَسَيَأْتِي فِي سُجُودِ السَّهْوِ، وَلِمَا لَمْ يُجْبَرْ وَيُسَمَّى هَيْئَةً وَهُوَ مَا عَدَا الْأَبْعَاضَ، وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِعِبَارَاتٍ أُخْرَى فَيُقَالُ: مَا شُرِعَ لِلصَّلَاةِ إنْ وَجَبَ لَهَا فَشَرْطٌ، أَوْ فِيهَا فَرُكْنٌ، أَوْ سُنَّ وَجُبِرَ فَبَعْضٌ، وَإِلَّا فَهَيْئَةٌ، وَشُبِّهَتْ الصَّلَاةُ بِالْإِنْسَانِ فَالرُّكْنُ كَرَأْسِهِ وَالشَّرْطُ كَحَيَاتِهِ وَالْبَعْضُ كَأَعْضَائِهِ وَالْهَيْئَاتُ كَشَعْرِهِ (أَرْكَانُهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ) رُكْنًا كَذَا فِي الْمُحَرَّرِ بِجَعْلِ الطُّمَأْنِينَةِ فِي مَحَالِّهَا صِفَةً تَابِعَةً، وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِي التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ بِرُكْنٍ، وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الْحَاوِي أَنَّهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ بِجَعْلِ الطُّمَأْنِينَةِ فِي مَحَالِّهَا الْأَرْبَعِ الْآتِيَةِ رُكْنًا وَاحِدًا، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا سَبْعَةَ عَشَرَ بِجَعْلِهَا فِي كُلٍّ مِنْ مَحَالِّهَا رُكْنًا، وَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ، قِيلَ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَعْنَوِيًّا أَيْضًا، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ فِي السُّجُودِ فِي طُمَأْنِينَةِ الِاعْتِدَالِ مَثَلًا فَإِنْ جَعَلْنَاهَا تَابِعَةً لَمْ يُؤَثِّرْ شَكُّهُ، كَمَا لَوْ شَكَّ فِي بَعْضِ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ بَعْدَ فَرَاغِهَا، أَوْ مَقْصُودَةً لَزِمَهُ الْعَوْدُ لِلِاعْتِدَالِ فَوْرًا كَمَا لَوْ شَكَّ فِي أَصْلِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ بَعْدَ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ يَعُودُ إلَيْهَا كَمَا يَأْتِي فَيُتَأَمَّلُ. وَيَرُدُّ بِتَأْثِيرِ شَكِّهِ فِيهَا، وَإِنْ جَعَلْنَاهَا تَابِعَةً فَلَا بُدَّ مِنْ تَدَارُكِهَا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الشَّكِّ فِي بَعْضِ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا بِأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا ذَلِكَ فِيهَا لِكَثْرَةِ حُرُوفِهَا وَغَلَبَةِ الشَّكِّ فِيهَا، وَبِعَدِّ الْمُصَلِّي رُكْنًا كَالصَّائِمِ حَيْثُ عُدَّ رُكْنًا وَالْبَائِعُ رُكْنًا تَكُونُ الْجُمْلَةُ خَمْسَةَ عَشَرَ. وَقَدْ يُقَالُ: يُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْفَاعِلَ إنَّمَا جُعِلَ رُكْنًا فِي الْبَيْعِ نَظَرًا لِلْعَقْدِ الْمُتَرَتِّبِ وُجُودُهُ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــS (بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ) (قَوْلُهُ: أَيْ كَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ الْمُرَادُ بِالصِّفَةِ هُنَا الْكَيْفِيَّةُ اهـ. أَقُولُ: غَرَضُهُ مِنْ سَوْقِهَا الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ تَفْسِيرَهَا بِالْكَيْفِيَّةِ تَفْسِيرُ مُرَادِ (قَوْلِهِ الْمُشْتَمِلَةِ) فِي التَّعْبِيرِ عَنْ الشَّرْطِ الْخَارِجِ بِالِاشْتِمَالِ تَسَمُّحٌ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِهِ مُطْلَقَ التَّعَلُّقِ وَذَلِكَ يَسْتَوِي فِيهِ الرُّكْنُ وَالشَّرْطُ (قَوْلُهُ: وَيَنْقَسِمُ) أَيْ الْوَاجِبُ (قَوْلُهُ: وَيَنْقَسِمُ) أَيْ الْمَنْدُوبُ (قَوْلُهُ: وَيُعَبَّرُ عَنْهُ) أَيْ هَذَا التَّفْصِيلُ الْمُتَقَدِّمُ مِنْ قَوْلِهِ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى وَاجِبٍ وَيَنْقَسِمُ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَعَلَى مَنْدُوبٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَشُبِّهَتْ الصَّلَاةُ) هَذِهِ حِكْمَةٌ لِتَقْسِيمِ مَا تَشْتَمِلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ إلَى الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: قِيلَ) قَائِلُهُ حَجّ (قَوْلُهُ: أَيْضًا) الْأَوْلَى إسْقَاطُهَا، لِأَنَّ الْقَائِلَ إنَّهُ لَفْظِيٌّ لَا يَجْعَلُهُ مَعْنَوِيًّا، وَكَذَا عَكْسُهُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ إسْقَاطَ لَفْظِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَيَرُدُّ بِتَأْثِيرِ شَكِّهِ فِيهَا) أَيْ فِي طُمَأْنِينَةِ الِاعْتِدَالِ (قَوْلُهُ: اغْتَفَرُوا ذَلِكَ فِيهَا) أَيْ الْفَاتِحَةِ (قَوْلُهُ: وَبِعَدِّ) مُسْتَأْنَفٌ، وَقَوْلُهُ الْمُصَلِّي رُكْنًا: أَيْ مَعَ جَعْلِ الطُّمَأْنِينَةِ فِي مَحَالِّهَا الْأَرْبَعَةِ رُكْنًا (قَوْلُهُ: الْمُرَتَّبُ وُجُودُهُ عَلَيْهِ) قَدْ يُقَالُ: إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِتَرَتُّبِ وُجُودِهِ عَلَيْهِ أَنَّ الْعَقْدَ فِعْلٌ وَهُوَ لَا يُوجَدُ بِدُونِ فَاعِلٍ فَالصَّلَاةُ كَذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [أَرْكَانُ الصَّلَاةُ] (بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ) (قَوْلُهُ: وَلِخَارِجٍ عَنْهَا وَيُسَمَّى شَرْطًا وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الْآتِي) لَك أَنْ تَقُولَ: لَوْ أَرَادَ بِالصِّفَةِ هُنَا مَا يَشْمَلُ الشَّرْطَ لَتَرْجَمَ لِلشُّرُوطِ بِفَصْلٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَلَمَا تَرْجَمَ لَهُ بِبَابٍ عَلَى أَنَّا نَمْنَعُ كَوْنَ الشَّرْطِ الْخَارِجِ عَنْ الْمَاهِيَّةِ مِنْ جُمْلَةِ الْكَيْفِيَّةِ (قَوْلُهُ: تَكُونُ الْجُمْلَةُ خَمْسَةَ عَشَرَ) أَيْ بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ عِبَارَةِ الْحَاوِي وَظَاهِرِ تَعْوِيلِهِ عَلَيْهِ دُونَ مَا قَبْلَهُ وَمَا

[الأول من أركان الصلاة النية]

كَالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا كَانَ التَّحْقِيقُ أَنَّهُمَا شَرْطَانِ لِأَنَّهُمَا خَارِجَانِ عَنْهُ، وَفِي الصَّوْمِ لِأَنَّ مَاهِيَّتَهُ غَيْرُ مَوْجُودَةٍ فِي الْخَارِجِ وَإِنَّمَا تَتَعَقَّلُ بِتَعَقُّلِ الْفَاعِلِ، فَجُعِلَ رُكْنًا لِتَكُونَ تَابِعَةً لَهُ، بِخِلَافِ نَحْوِ الصَّلَاةِ تُوجَدُ خَارِجًا فَلَمْ يَحْتَجْ لِلنَّظَرِ لِفَاعِلِهَا، ثُمَّ الرُّكْنُ كَالشَّرْطِ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَيُفَارِقُهُ بِمَا مَرَّ وَبِأَنَّ الشَّرْطَ مَا اُعْتُبِرَ فِي الصَّلَاةِ بِحَيْثُ يُقَارِنُ كُلَّ مُعْتَبَرٍ سِوَاهُ، وَالرُّكْنُ مَا اُعْتُبِرَ فِيهَا لَا بِهَذَا الْوَجْهِ، وَلَا يَرِدُ الِاسْتِقْبَالُ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ حَاصِلًا فِي الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ حَقِيقَةً هُوَ حَاصِلٌ فِي غَيْرِهِمَا عُرْفًا مَعَ أَنَّهُ بِبَعْضِ مُقَدَّمِ الْبَدَنِ حَاصِلٌ حَقِيقَةً أَيْضًا، وَشَمِلَ هَذَا التَّعْرِيفُ التَّوَرُّكَ كَتَرْكِ الْكَلَامِ وَنَحْوِهِ وَهُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، لَكِنْ صَوَّبَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهَا مُبْطِلَاتٌ: الْأَوَّلُ (النِّيَّةُ) لِمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ، وَهِيَ فِعْلٌ قَلْبِيٌّ إذْ حَقِيقَتُهَا الْقَصْدُ بِالْقَلْبِ، فَالْقَلْبُ مَحَلُّهَا فَلَا يَجِبُ النُّطْقُ بِهَا كَمَا سَيَأْتِي، وَلِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي بَعْضِ الصَّلَاةِ وَهُوَ أَوَّلُهَا لَا فِي جَمِيعِهَا، فَكَانَتْ رُكْنًا كَالتَّكْبِيرِ وَالرُّكُوعِ وَغَيْرِهِمَا. وَقِيلَ هِيَ شَرْطٌ إذْ الرُّكْنُ مَا كَانَ دَاخِلَ الْمَاهِيَةِ وَبِفَرَاغِ النِّيَّةِ يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ، وَجَوَابُهُ أَنَّا نَتَبَيَّنُ بِفَرَاغِهَا دُخُولَهُ فِيهَا بِأَوَّلِهَا، وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَنْ افْتَتَحَ النِّيَّةَ مَعَ مُقَارَنَةِ مَانِعٍ مِنْ نَجَاسَةٍ أَوْ اسْتِدْبَارٍ مَثَلًا وَتَمَّتْ وَلَا مَانِعَ. فَإِنْ قِيلَ: هِيَ شَرْطُ صِحَّةٍ أَوْ رُكْنٌ فَلَا كَذَا، قِيلَ: وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ صِحَّتِهَا مُطْلَقًا. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ فَتَكُونُ خَارِجَةً عَنْهَا، وَإِلَّا لَتَعَلَّقَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ افْتَقَرَتْ إلَى نِيَّةٍ أُخْرَى، قَالَ: وَالْأَظْهَرُ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ رُكْنِيَّتُهَا، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الصَّلَاةِ، وَتَتَعَلَّقُ بِمَا عَدَاهَا مِنْ الْأَرْكَانِ: أَيْ لَا بِنَفْسِهَا أَيْضًا، وَلَا تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ. وَلَك أَنْ تَقُولَ: يَجُوزُ تَعَلُّقُهَا بِنَفْسِهَا أَيْضًا كَمَا قَالَ الْمُتَكَلِّمُونَ كُلُّ صِفَةٍ تَتَعَلَّقُ وَلَا تُؤَثِّرُ يَجُوزُ تَعَلُّقُهَا بِنَفْسِهَا وَبِغَيْرِهَا كَالْعِلْمِ وَالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَفْتَقِرْ إلَى نِيَّةٍ لِأَنَّهَا شَامِلَةٌ لِجَمِيعِ الصَّلَاةِ فَتُحَصِّلُ نَفْسَهَا وَغَيْرَهَا كَشَاةٍ مِنْ أَرْبَعِينَ فَإِنَّهَا تُزَكِّي نَفْسَهَا وَغَيْرَهَا، وَقَدْ أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلِهَذَا) أَيْ لِكَوْنِ الْبَائِعِ إنَّمَا عُدَّ رُكْنًا فِي الْبَيْعِ لِتَرَتُّبِهِ عَلَيْهِ كَانَ التَّحْقِيقُ أَنَّهُمَا شَرْطَانِ، لِأَنَّهُ حَيْثُ كَانَتْ الْعِلَّةُ تَرَتُّبَ الْعَقْدِ عَلَى وُجُودِهِ كَانَ خَارِجًا عَنْ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُمَا شَرْطَانِ) أَيْ الْعَاقِدَ وَالْمَعْقُودَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَفِي الصَّوْمِ) أَيْ وَإِنَّمَا عُدَّ الصَّائِمُ رُكْنًا فِي الصَّوْمِ إلَخْ (قَوْلُهُ: تُوجَدُ خَارِجًا) أَيْ عَنْ الْقُوَى: أَيْ الْمَذْكُورَةِ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَتْ الْقِرَاءَةُ فِيهَا مَسْمُوعَةً وَالْأَفْعَالُ مُشَاهَدَةً (قَوْلُهُ: وَيُفَارِقُهُ بِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّ الرُّكْنَ دَاخِلٌ فِيهَا وَالشَّرْطَ خَارِجٌ عَنْهَا (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ الشَّرْطَ مَا اُعْتُبِرَ فِي الصَّلَاةِ) أَيْ كَالطَّهَارَةِ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ هَذَا التَّعْرِيفُ) أَيْ قَوْلُهُ وَبِأَنَّ الشَّرْطَ مَا اُعْتُبِرَ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: أَنَّهَا مُبْطِلَاتٌ) أَيْ فَهِيَ مَوَانِعُ لَا شُرُوطٌ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ النُّطْقُ بِهَا) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: قِيلَ وَالْأَوْجَهُ) هُوَ ظَاهِرٌ، وَوُجِّهَ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَتِمُّ الْقَوْلُ بِصِحَّتِهَا عَلَى الشَّرْطِيَّةِ لَوْ كَانَ بَيْنَ النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ تَرَتُّبٌ خَارِجِيٌّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُمَا مُتَقَارِنَانِ، فَمُقَارَنَةُ الْمُفْسِدِ لَهَا يَلْزَمُهُ مُقَارَنَةُ الْمُفْسِدِ بِالتَّكْبِيرِ. وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ فَائِدَةَ الْخِلَافِ كَالشَّارِحِ نَصُّهَا: وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِافْتِتَاحِهَا مَا سَبَقَ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ فَهُوَ غَيْرُ رُكْنٍ وَلَا شَرْطٍ أَوْ مَا يُقَارِنُهَا ضَرَّ عَلَيْهِمَا لِمُقَارَنَتِهِ لِبَعْضِ التَّكْبِيرَةِ اهـ. وَهُوَ عَيْنُ مَا قُلْنَاهُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ قِيلَ هِيَ شَرْطٌ أَوْ رُكْنٌ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهَا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إذْ الشَّرْطُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ) أَيْ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ ذَلِكَ إلَى التَّسَلْسُلِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ تَفْتَقِرْ) أَيْ النِّيَّةُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تُزَكِّي نَفْسَهَا) أَيْ تُطَهِّرُ نَفْسَهَا (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQبَعْدَهُ أَنَّهُ مُخْتَارُهُ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مَوْجُودَةٍ فِي الْخَارِجِ) رَدَّهُ الشِّهَابُ سم بِأَنَّ مَاهِيَّةَ الصَّوْمِ الْإِمْسَاكُ الْمَخْصُوصُ بِمَعْنَى كَفِّ النَّفْسِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَخْصُوصِ، وَهُوَ فِعْلٌ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْأُصُولِ انْتَهَى. وَأَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ صُورَةَ الصَّلَاةِ تُشَاهَدُ بِخِلَافِ صُورَةِ الصَّوْمِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ صَوَّبَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهَا) يَعْنِي الْإِخْلَالَ بِهَا [الْأَوَّلُ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ النِّيَّةُ] (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ صِحَّتِهَا مُطْلَقًا) أَيْ:؛ لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ إلَّا مُقَارِنَةً لِلتَّكْبِيرِ، وَهِيَ رُكْنٌ بِالِاتِّفَاقِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ تَوَفُّرُ

اعْتِبَارِ النِّيَّةِ فِي الصَّلَاةِ وَبَدَأَ بِهَا لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِهَا (فَإِنْ صَلَّى) أَيْ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ (فَرْضًا) وَلَوْ نَذْرًا أَوْ قَضَاءً أَوْ كِفَايَةً (وَجَبَ قَصْدُ فِعْلِهِ) بِأَنْ يَقْصِدَ فِعْلَ الصَّلَاةِ لِتَتَمَيَّزَ عَنْ سَائِرِ الْأَفْعَالِ وَهِيَ هُنَا مَا عَدَا النِّيَّةَ لِأَنَّهَا لَا تُنْوَى كَمَا مَرَّ (وَ) وَجَبَ (تَعْيِينُهُ) بِالرَّفْعِ مِنْ ظُهْرٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ جَوَابًا عَنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ كَانَ حَقُّهُ أَنْ يُعَبِّرَ بِقَوْلِهِ قَصَدَ فِعْلَهَا وَتَعْيِينَهَا، وَيَظْهَرُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَكْفِي فِي الصُّبْحِ صَلَاةُ الْغَدَاةِ أَوْ صَلَاةُ الْفَجْرِ لِصِدْقِهِمَا عَلَيْهَا، وَفِي إجْزَاءِ نِيَّةِ صَلَاةٍ يَثُوبُ فِي أَذَانِهَا أَوْ يَقْنُتُ فِيهَا أَبَدًا عَنْ نِيَّةِ الصُّبْحِ تَرَدُّدٌ، وَالْأَوْجَهُ الْإِجْزَاءُ، وَيَظْهَرُ أَنَّ نِيَّةَ صَلَاةٍ يُسَنُّ الْإِبْرَادُ لَهَا عِنْدَ تَوَفُّرِ شُرُوطِهِ مُغْنِيَةٌ عَنْ نِيَّةِ الظُّهْرِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا. (وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ) مَعَ مَا ذُكِرَ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ الصَّادِقُ بِالصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ لِتَتَعَيَّنَ بِنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ لِلصَّلَاةِ الْأَصْلِيَّةِ يَقْتَضِي عَدَمَ وُجُوبِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي الْمُعَادَةِ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ أَنَّ الْمُرَجَّحَ خِلَافُهُ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ أَيْ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ) كَأَنَّهُ دَفْعٌ لِمَا اعْتَرَضَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّ ضَمِيرَ فِعْلِهِ الْآتِي لَا يَصِحُّ عَوْدُهُ عَلَى الْفَرْضِ، لِأَنَّ ذَلِكَ سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ. قَالَ الْقَيَاتِيُّ: كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَوَّلًا فِي ذَاتِ الْفَرْضِ لَا فِي صِفَتِهِ، وَثَانِيًا عَلَى الْعَكْسِ فَلَا يَرِدُ مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ اهـ ع (قَوْلُهُ وَهِيَ) أَيْ الْأَفْعَالُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَا تُنْوَى كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ: وَلِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ، لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي رَدِّ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا شَرْطٌ أَنَّهَا شَامِلَةٌ لِجَمِيعِ الصَّلَاةِ، وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْفِعْلِ مَا يَشْمَلُهَا (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ جَوَابًا) فِي كَوْنِ الْجَوَابِ مَأْخُوذًا مِنْ الرَّفْعِ نَظَرٌ، وَإِنَّمَا هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ: أَيْ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ مَا هُوَ فَرْضٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ وَابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَكْفِي فِي الصُّبْحِ) أَيْ فَرْضِ الصُّبْحِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَقْنُتُ فِيهَا أَبَدًا) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْقُنُوتِ فِي وِتْرِ رَمَضَانَ وَفِي بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ لِنَازِلَةٍ نَزَلَتْ (قَوْلُهُ: عِنْدَ تَوَفُّرِ شُرُوطِهِ) أَيْ الْإِبْرَادُ، وَالْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ: نَوَيْت أُصَلِّي صَلَاةً يُسَنُّ الْإِبْرَادُ لَهَا عِنْدَ تَوَفُّرِ شُرُوطِهِ بِتَمَامِهَا (قَوْلُهُ: عَنْ نِيَّةِ الظُّهْرِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ فِي قُطْرٍ لَا يُسَنُّ الْإِبْرَادُ فِيهِ اهـ مُؤَلَّفٌ. (قَوْلُهُ: مَعَ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الْقَصْدِ وَالتَّعْيِينِ (قَوْلُهُ: الصَّادِقِ) أَيْ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي عَدَمَ وُجُوبِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ إلَخْ) يُجَابُ بِحَمْلِ الْفَرْضِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ وَيُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالشُّرُوطِ وَانْتِفَاءُ الْمَوَانِعِ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ وَجَّهَهُ بِمَا ذَكَرْته (قَوْلُهُ: وَهِيَ هُنَا مَا عَدَا النِّيَّةَ) أَيْ إذَا قَطَعْنَا النَّظَرَ عَمَّا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَلَك أَنْ تَقُولَ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ) يَعْنِي قَوْلَهُ: مِنْ ظُهْرٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، إذْ هُوَ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْجَوَابُ عَمَّا ذُكِرَ: أَيْ تَعْيِينُ الْفَرْضِ لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ فَرْضًا بَلْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ ظُهْرًا أَوْ غَيْرَهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ الْجَلَالِ مِنْ ظُهْرٍ أَوْ غَيْرِهِ بَيَانٌ لِمَا فِيمَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ: أَيْ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ مَا هُوَ فَرْضٌ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ صَلَّى فَرْضًا، وَالشَّارِحُ هُنَا أَخَذَ الْجَوَابَ مِنْ مُجَرَّدِ الْبَيَانِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُبِينِ فَانْدَفَعَ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ هُنَا (قَوْلُهُ: جَوَابًا عَنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ) يَحْتَاجُ إلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ إلَخْ) أَيْ جَوَابًا عَنْ اعْتِرَاضِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: قَصَدَ فِعْلَهَا) يَعْنِي: الصَّلَاةَ الْمُتَقَدِّمَةَ فِي التَّرْجَمَةِ (قَوْلُهُ: فِعْلَهَا وَتَعْيِينَهَا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ إعَادَةِ الضَّمِيرِ عَلَى فَرْضًا إلْغَاءُ قَوْلِهِ، وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ الْفَرْضِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنَاهُ (قَوْلُهُ: مَعَ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ قَصْدِ الْفِعْلِ وَالتَّعْيِينِ، وَأَمَّا ذِكْرُ الْفَرْضِ الْمُتَقَدِّمِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَلَيْسَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَنْوِيِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَانْدَفَعَ مَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ هُنَا مِمَّا حَاصِلُهُ التَّوَرُّكُ عَلَى الشَّارِحِ الْجَلَالِ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ مَعَ مَا ذُكِرَ الْفَرْضُ وَقَصْدُ الْفِعْلِ وَالتَّعْيِينُ (قَوْلُهُ: لِتَتَعَيَّنَ بِنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ) أَيْ إنَّمَا وَجَبَتْ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ؛ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ قَصْدِ الْفِعْلِ وَالتَّعْيِينِ يَصْدُقُ بِالْمُعَادَةِ، فَاحْتَاجَ الْأَمْرُ إلَى مَا يُخْرِجُهَا، وَهُوَ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ: أَيْ وَأَمَّا غَيْرُهَا مِنْ النَّوَافِلِ مَثَلًا خَارِجٌ بِالتَّعْيِينِ، هَذَا تَقْرِيرُ كَلَامِ الشَّارِحِ الْجَلَالِ، وَانْظُرْ مَا عِلَّةُ الْوُجُوبِ عَلَى مُرَجَّحِ الشَّارِحِ هُنَا مِنْ وُجُوبِهَا

لَا تَجِبُ لِأَنَّ مَا يُعَيِّنُهُ يَنْصَرِفُ إلَيْهَا بِدُونِ هَذِهِ النِّيَّةِ، بِخِلَافِ الْمُعَادَةِ فَلَا يَنْصَرِفُ إلَيْهَا إلَّا بِقَصْدِ الْإِعَادَةِ، وَتَكْفِي عَلَى الْأَوَّلِ نِيَّةُ النَّذْرِ فِي الْمَنْذُورِ عَنْ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ كَمَا قَالَهُ فِي الذَّخَائِرِ، إذْ النَّذْرُ لَا يَكُونُ إلَّا فَرْضًا، ثُمَّ مَحَلُّ وُجُوبِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي حَقِّ الْبَالِغِ، أَمَّا الصَّبِيُّ فَلَا تُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ كَمَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَصَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلُهَا وُقُوعُ صَلَاتِهِ نَفْلًا فَكَيْفَ يَنْوِي الْفَرْضِيَّةَ. وَالْعِبَادَاتُ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا النِّيَّةُ تَنْقَسِمُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَتَخْرُجُ الْمُعَادَةُ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا سَيَأْتِي فِي صَلَاةِ الصَّبِيِّ مِنْ وُجُوبِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ حَتَّى عِنْدَ الْمَحَلِّيِّ لِحَمْلِ الْفَرْضِ فِيمَا يَأْتِي عَلَى الْفَرْضِ فِي الْجُمْلَةِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ هُنَا عَلَى الْفَرْضِ فِي الْجُمْلَةِ لِمُنَافَاتِهِ لِقَوْلِهِ لِيَتَعَيَّنَ نِيَّةُ الْفَرْضِ لِلصَّلَاةِ الْأَصْلِيَّةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْصَرِفُ إلَيْهَا إلَّا بِقَصْدِ الْإِعَادَةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ الْإِعَادَةِ فِي الْمُعَادَةِ، وَالرَّاجِحُ خِلَافُهُ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ حَجّ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ) أَيْ الْقَاضِي مَحَلِّيٌّ (قَوْلُهُ: إذْ النَّذْرُ لَا يَكُونُ إلَّا فَرْضًا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أُصَلِّي الظُّهْرَ مَكْتُوبَةَ الصِّحَّةِ، إذْ الْكَتْبُ لُغَةً الْفَرْضُ كَمَا فِي آيَةِ الصِّيَامِ. وَأَقُولُ: قَدْ يُمْنَعُ هَذَا الْأَخْذُ بِأَنَّ الْكَتْبَ لَمَّا اشْتَرَكَ بَيْنَ الْجَعْلِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ} [المائدة: 21] وَبَيْنَ الْمُقَدَّرِ كَمَا فِي قَوْلِهِ {لَنْ يُصِيبَنَا إِلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} [التوبة: 51] لَمْ تَكُنْ قَائِمَةً مَقَامَ الْفَرْضِيَّةِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْكَتْبَ لَمَّا صَارَ حَقِيقَةً شَرْعِيَّةً فِي لِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرْعِ مُنْصَرِفًا لِلْفَرْضِ خَاصَّةً حُمِلَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَضُرَّ الِاشْتِرَاكُ بِحَسَبِ الْأَصْلِ، وَبَقِيَ مَا لَوْ قَالَ: أُصَلِّي الظُّهْرَ الْوَاجِبَ أَوْ الْمُتَعَيَّنَ هَلْ يَكْفِي أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِتَرَادُفِ الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ، وَلِأَنَّ مَعْنَى التَّعْيِينِ أَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِهِ بِخُصُوصِهِ بِحَيْثُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ وَهَذَا عَيْنُ الْفَرْضِ، هَذَا وَقَدْ أَطْلَقُوا وُجُوبَ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي الْمَنْذُورِ. قَالَ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ: وَهَلْ هُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ نَفْلٍ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ وَقْتٌ أَوْ سَبَبٌ أَوْ لَا حَتَّى لَوْ نَذَرَ صَلَاةَ الضُّحَى أَوْ رَوَاتِبَ الْفَرَائِضِ لَا تَجِبُ فِيهِ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ؟ قَالَ: لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَفِيهِ وَقْفَةٌ اهـ. أَقُولُ: لَكِنَّ الْمُجَرَّدَ صَحَّحَ عَلَى الْأَوَّلِ نَقْلًا عَنْ خَطِّهِ (قَوْلُهُ: وَصَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ) تَوَهَّمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ قِيَاسَ تَصْوِيبِ الْمَجْمُوعِ عَدَمُ وُجُوبِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي الْجُمُعَةِ عَلَى مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ كَالْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ، وَهَذَا قِيَاسٌ فَاسِدٌ لِأَنَّ الصَّبِيَّ لَمْ يُخَاطَبْ بِفَرْضِ الْوَقْتِ فَلَا مَعْنَى لِوُجُوبِ الْفَرْضِيَّةِ فِي حَقِّهِ، بِخِلَافِ الْمَذْكُورِينَ بِالنِّسْبَةِ لِلْجُمُعَةِ فَإِنَّهُمْ خُوطِبُوا بِفَرْضِ الْوَقْتِ الصَّادِقِ بِالْجُمُعَةِ، فَهِيَ فَرْضُ الْوَقْتِ بَدَلًا أَوْ إحْدَى خُصْلَتَيْهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَكَيْفَ يَنْوِي الْفَرْضِيَّةَ) هَذَا يَقْتَضِي امْتِنَاعَ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ لِأَنَّهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ تَلَاعُبٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادًا إذْ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي وُجُوبِهَا وَعَدَمِهِ، لَكِنْ يَتَعَيَّنُ فِي حَقِّهِ حَيْثُ نَوَى الْفَرْضِيَّةَ أَنْ لَا يُرِيدَ أَنَّهُ فَرْضٌ فِي حَقِّهِ بِحَيْثُ يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ، وَإِنَّمَا يَنْوِي بِالْفَرْضِ بَيَانَ الْحَقِيقَةِ الْأَصْلِيَّةِ أَوْ يُطْلَقُ وَيُحْمَلُ ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ الْمَذْكُورَةِ. وَبَقِيَ مَا لَوْ صَلَّى الصَّبِيُّ ثُمَّ بَلَغَ فِي الْوَقْتِ وَأَرَادَ الْإِعَادَةَ، هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ نَظَرًا لِلْوَقْتِ الَّذِي أَعَادَهَا فِيهِ أَمْ لَا نَظَرًا إلَى أَنَّهُ إعَادَةٌ لِمَا سَبَقَ وَهُوَ كَانَ نَفْلًا فِيهِ نَظَرٌ؟ فَيُحْتَمَلُ الْأَوَّلُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فَرْضًا فِي حَقِّهِ لَا بِالْأَصْلِ وَلَا بِالْحَالِ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ لِوُقُوعِ صَلَاتِهِ نَفْلًا أَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِذَلِكَ بِأَنْ قَالَ: نَوَيْت أُصَلِّي الظُّهْرَ مَثَلًا نَفْلًا الصِّحَّةُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَاحَظَ أَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَيْهِ أَوْ أَطْلَقَ، أَمَّا لَوْ أَرَادَ النَّفَلَ الْمُطْلَقَ فَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ، وَأَمَّا الْحَائِضُ وَالْمَجْنُونُ فَإِنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ قَضَائِهِمَا عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ فَالظَّاهِرُ وُجُوبُ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي حَقِّهِمَا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الصَّبِيِّ بِأَنَّهُمَا مِنْ حَيْثُ السِّنُّ كَانَا مَحَلًّا لِلتَّكْلِيفِ فِي الْجُمْلَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَتَّى فِي الصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ ثُمَّ رَأَيْته فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُعَادَةِ فَلَا يَنْصَرِفُ إلَيْهَا إلَّا بِقَصْدِ الْإِعَادَةِ) هَذَا لَا يُنَاسِبُ مَا رَجَّحَهُ مِنْ وُجُوبِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي الْمُعَادَةِ، وَعُذْرُهُ أَنَّهُ تَبِعَ فِيهِ الشَّارِحَ الْجَلَالَ، وَهُوَ إنَّمَا بَنَاهُ عَلَى مَذْهَبِهِ.

بِالنِّسْبَةِ لِوُجُوبِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ إلَى أَقْسَامٍ: مِنْهَا الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ وَالزَّكَاةُ لَا تُشْتَرَطُ فِيهَا بِلَا خِلَافٍ، خِلَافًا لِمَا وَقَعَ لِلدَّمِيرِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ هُنَا فِي الزَّكَاةِ، وَمِنْهَا مَا تُشْتَرَطُ فِيهِ عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ الصَّلَاةُ وَالْجُمُعَةُ مِنْهَا، وَمِنْهَا عَكْسُهُ الصَّوْمُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَإِنْ اقْتَضَتْ عِبَارَةُ الْكِتَابِ ثَمَّ خِلَافَهُ، وَمِنْهَا عِبَادَةٌ لَا يَكْفِي فِيهَا ذَلِكَ بَلْ يَضُرُّ عَلَى الصَّحِيحِ وَهِيَ التَّيَمُّمُ فَإِذَا نَوَى فَرْضَهُ لَمْ يَكْفِ (دُونَ الْإِضَافَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى) لِأَنَّ عِبَادَةَ الْمُسْلِمِ لَا تَكُونُ إلَّا لَهُ. وَالثَّانِي تَجِبُ لِيَتَحَقَّق مَعْنَى الْإِخْلَاصِ وَيَجْرِيَانِ فِي سَائِرِ الْعِبَادَاتِ، وَلَا يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لِاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَلَا لِعَدَدِ الرَّكَعَاتِ فَإِنْ عَيَّنَ الظُّهْرَ مَثَلًا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا مُتَعَمِّدًا لَمْ تَنْعَقِدْ لِتَلَاعُبِهِ أَوْ مُخْطِئًا، فَكَذَلِكَ عَلَى الرَّاجِحِ أَخْذًا مِنْ الْقَاعِدَةِ أَنَّ مَا وَجَبَ التَّعَرُّضُ لَهُ جُمْلَةً أَوْ تَفْصِيلًا يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ، وَالظُّهْرُ مَثَلًا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِعَدَدِهِ جُمْلَةً فَيَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ إذْ قَوْلُهُ الظُّهْرُ يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ أَرْبَعًا (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ يَصِحُّ الْأَدَاءُ بِنِيَّةِ الْقَضَاءِ) حَيْثُ جَهِلَ الْحَالَ لِغَيْمٍ وَنَحْوِهِ فَظَنَّ خُرُوجَ وَقْتِهَا فَنَوَاهَا قَضَاءً فَتَبَيَّنَ بَقَاؤُهُ (وَعَكْسُهُ) كَأَنْ ظَنَّ بَقَاءَهُ فَنَوَاهَا أَدَاءً فَتَبَيَّنَ خُرُوجُهُ إذْ يُسْتَعْمَلُ الْقَضَاءُ بِمَعْنَى الْأَدَاءِ وَعَكْسُهُ، تَقُولُ: قَضَيْت الدَّيْنَ وَأَدَّيْته بِمَعْنًى، قَالَ تَعَالَى {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ} [البقرة: 200] أَيْ أَدَّيْتُمْ. وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ بَلْ يُشْتَرَطَانِ لِيَتَمَيَّزَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ كَمَا فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، لَكِنْ يُسَنُّ التَّعَرُّضُ لَهُمَا عَلَى الْأَوَّلِ، وَلَوْ نَوَى الْأَدَاءَ عَنْ الْقَضَاءِ وَعَكْسَهُ عَامِدًا عَالِمًا لَمْ تَصِحَّ لِتَلَاعُبِهِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ تَصْرِيحِهِمْ نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِذَلِكَ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيَّ لَمْ يَضُرَّ كَمَا قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِلْوَقْتِ كَالْيَوْمِ إذْ لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِلشُّرُوطِ، فَلَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِخِلَافِ الصَّبِيِّ (قَوْلُهُ: وَالزَّكَاةُ لَا تُشْتَرَطُ فِيهَا) أَيْ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا مَا تُشْتَرَطُ فِيهِ) أَيْ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا عَكْسُهُ) أَيْ لَا تَجِبُ فِيهِ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقَوْلُهُ الصَّوْمُ: أَيْ وَهُوَ الصَّوْمُ (قَوْلُهُ: فَإِذَا نَوَى فَرْضَهُ لَمْ يَكْفِ) أَيْ مَا لَمْ يُضِفْهُ لِلصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: لَا تَكُونُ إلَّا لَهُ) أَيْ لَا تَكُونَ وَاقِعَةً إلَّا لَهُ، لَكِنَّهُ قَدْ يَغْفُلُ عَنْ إضَافَتِهَا إلَيْهِ فَتُسَنُّ مُلَاحَظَتُهَا لِيَتَحَقَّقَ إضَافَتُهَا لَهُ مِنْ النَّاوِي. (قَوْلُهُ: كَأَنْ ظَنَّ بَقَاءَهُ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ: ظَنَّ يَقْتَضِي عَدَمَ الصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ نَوَى مَعَ الشَّكِّ الْأَدَاءَ أَوْ الْقَضَاءَ وَبَانَ خِلَافُهُ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ وَلَوْ نَوَى الْأَدَاءَ عَنْ الْقَضَاءِ وَعَكْسُهُ عَامِدًا عَالِمًا إلَخْ الصِّحَّةُ، فَقَدْ تَنَازَعَ الْمَفْهُومَانِ فِي صُورَةِ الشَّكِّ، وَالْأَقْرَبُ فِيهَا الصِّحَّةُ لِتَعْلِيلِهِمْ الْبُطْلَانَ مَعَ الْعِلْمِ بِالتَّلَاعُبِ وَهُوَ مُنْتَفٍ بِالشَّكِّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِالصِّحَّةِ فِي الشَّكِّ إذَا قَالَ أَدَاءً وَقَدْ خَرَجَ الْوَقْتُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْوَقْتِ، وَبِعَدَمِهَا إذَا قَالَ قَضَاءً لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ خُرُوجِ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى الْأَدَاءَ عَنْ الْقَضَاءِ) ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ وَإِلَّا فَقَدْ عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ حَيْثُ جُهِلَ الْحَالُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَمْ تَصِحَّ لِتَلَاعُبِهِ) وَلَوْ لَمْ يَنْوِ أَدَاءً وَلَا قَضَاءً بَلْ أَطْلَقَ، وَعَلَيْهِ فَائِتَةٌ مِنْ جِنْسِ صَاحِبَةِ الْوَقْتِ صَحَّ، وَحُمِلَتْ عَلَى الْمُؤَدَّاةِ الَّتِي هِيَ صَاحِبَةُ الْوَقْتِ، وَفِيهِ أَنَّهُ لَوْ نَوَى فَرِيضَةَ الْوَقْتِ أَوْ الْفَرِيضَةَ الَّتِي هِيَ صَاحِبَةُ الْوَقْتِ لَمْ يَصِحَّ لِتَرَدُّدِ مَا نَوَاهُ بَيْنَ الْمُؤَدَّاةِ وَبَيْنَ الْمَقْضِيَّةِ لِأَنَّهَا يَصْدُقُ عَلَيْهَا أَنَّهَا صَاحِبَةُ الْوَقْتِ فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ مَا لَوْ أَطْلَقَ حَيْثُ حُمِلَ عَلَى صَاحِبَةِ الْوَقْتِ فَصَحَّ، وَبَيْنَ مَا لَوْ صَرَّحَ بِصَاحِبَةِ الْوَقْتِ حَيْثُ قِيلَ بِالْبُطْلَانِ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَهُمَا. وَقَدْ يُقَالُ: إذَا قَالَ فَرِيضَةُ الْوَقْتِ أَوْ صَاحِبَتُهُ فَقَدْ تَعَرَّضَ فِي لَفْظِهِ لِمَا يَشْمَلُ الْفَائِتَةَ فَضَعُفَ حَمْلُهُ عَلَى صَاحِبَةِ الْوَقْتِ دُونَ غَيْرِهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَ فَإِنَّهُ لَمْ يَبْعُدْ حَمْلُهُ عَلَى صَاحِبَةِ الْوَقْتِ لِأَنَّ الْمُطْلَقَاتِ تُحْمَلُ عَلَى مَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْهَا مَا لَمْ يُوجَدْ قَرِينَةٌ صَارِفَةٌ عَنْ إرَادَتِهِ. وَفِي سم عَلَى حَجّ: بَقِيَ مَا لَوْ أَعَادَ الْمَكْتُوبَةَ فِي وَقْتِهَا جَمَاعَةً أَوْ مُنْفَرِدًا حَيْثُ تُطْلَبُ إعَادَتُهَا كَذَلِكَ وَلَمْ يَنْوِ أَدَاءً وَلَا قَضَاءً وَعَلَيْهِ فَائِتَةٌ وَنَوَى مَا يَصْلُحُ لِلْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَهَلْ يَقَعُ فِعْلُهُ إعَادَةً وَالْفَائِتَةُ بَاقِيَةٌ بِحَالِهَا أَوْ يَقَعُ عَنْ الْفَائِتَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ يُرَجِّحُ الْأَوَّلُ أَنَّ الْوَقْتَ لِلْإِعَادَةِ وَقَدْ يُرَجِّحُ الثَّانِي وُجُوبُ الْفَائِتَةِ دُونَ الْإِعَادَةِ اهـ (قَوْلُهُ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِلْوَقْتِ) أَيْ الَّذِي يَدْخُلُ بِهِ فِعْلُ الصَّلَاةِ، وَيَخْرُجُ بِخُرُوجِهِ حَتَّى يَتَأَتَّى قَوْلُهُ: إذْ لَا يَجِبُ

عَيَّنَ الْيَوْمَ وَأَخْطَأَ صَحَّ فِي الْأَدَاءِ لِأَنَّ مَعْرِفَةَ الْوَقْتِ الْمُتَعَيِّنِ لِلْفِعْلِ بِالشَّرْعِ تَلْغِي خَطَأَهُ فِيهِ، وَكَذَا فِي الْقَضَاءِ أَيْضًا كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمَا فِي التَّيَمُّمِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَوَقَعَ فِي الْفَتَاوَى لِلْبَارِزِيِّ أَنَّ رَجُلًا كَانَ فِي مَوْضِعٍ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً يَتَرَاءَى لَهُ الْفَجْرُ فَيُصَلِّيَ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ خَطَؤُهُ فَمَاذَا يَجِبُ عَلَيْهِ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا قَضَاءُ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ، لِأَنَّ صَلَاةَ كُلِّ يَوْمٍ تَكُونُ قَضَاءً عَنْ صَلَاةِ الْيَوْمِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ لَوْ أَحْرَمَ بِفَرِيضَةٍ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا ظَانًّا دُخُولَهُ انْعَقَدَتْ صَلَاتُهُ نَفْلًا لِأَنَّ ذَاكَ مَحَلُّهُ فِيمَنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مَقْضِيَّةٌ نَظِيرَ مَا نَوَاهُ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا، وَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَارِزِيُّ أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ. وَسُئِلَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ عَلَيْهِ قَضَاءُ ظُهْرِ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ وَيَوْمِ الْخَمِيسِ فَصَلَّى ظُهْرًا نَوَى بِهِ قَضَاءَ الْمُتَأَخِّرِ هَلْ يَقَعُ عَنْهُ أَمْ عَنْ الْأَوَّلِ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَقَعُ عَمَّا نَوَاهُ. وَسُئِلَ أَيْضًا عَمَّنْ عَلَيْهِ قَضَاءُ ظُهْرِ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ فَقَطْ فَصَلَّى ظُهْرًا نَوَى بِهِ قَضَاءَ ظُهْرِ يَوْمِ الْخَمِيسِ غَالِطًا هَلْ يَقَعُ عَمَّا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ عَيَّنَ مَا لَا يَجِبُ تَعْيِينُهُ وَأَخْطَأَ فِيهِ أَوَّلًا كَمَا فِي الْإِمَامِ وَالْجِنَازَةِ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَقَعُ عَمَّا عَلَيْهِ لِمَا ذُكِرَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ بَعْضُهُمْ وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. (وَالنَّفَلُ ذُو الْوَقْتِ أَوْ السَّبَبِ كَالْفَرْضِ فِيمَا سَبَقَ) أَيْ مِنْ اشْتِرَاطِ نِيَّةِ فِعْلِ الصَّلَاةِ وَالتَّعْيِينِ، فَيَنْوِي فِي ذِي السَّبَبِ سَبَبَهَا كَصَلَاةِ الْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَعِيدِ الْفِطْرِ أَوْ الْأَضْحَى وَسُنَّةِ الظُّهْرِ مَثَلًا الْقَبْلِيَّةَ أَوْ الْبَعْدِيَّةِ سَوَاءٌ أَكَانَ صَلَّى الْفَرْضَ قَبْلَ الْقَبْلِيَّةَ أَمْ لَا، خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَوُجِّهَ بِأَنَّ تَعْيِينَهَا إنَّمَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الِاسْمِ وَالْوَقْتِ، كَمَا يَجِبُ تَعْيِينُ الظُّهْرِ لِئَلَّا يَلْتَبِسَ بِالْعَصْرِ، وَكَمَا يَجِبُ تَعْيِينُ عِيدِ الْفِطْرِ لِئَلَّا يَلْتَبِسَ بِالْأَضْحَى، وَلِأَنَّ الْوَقْتَ لَا يُعَيَّنُ، وَمَا بَحَثَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي فِي صَلَاةِ الْعِيدِ أَنْ لَا يَجِبَ التَّعَرُّضُ لِكَوْنِهَا فِطْرًا أَوْ نَحْوًا لِأَنَّهُمَا مُسْتَوِيَانِ فِي جَمِيعِ الصِّفَاتِ فَيَلْتَحِقُ بِالْكَفَّارَةِ رُدَّ بِأَنَّ الصَّلَاةَ آكَدُ فَإِنَّهَا عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ لَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ، وَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى وَقْتِ وُجُوبِهَا بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ. وَيُسْتَثْنَى ـــــــــــــــــــــــــــــSبِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ الْمَعْنَى الشَّرْعِيَّ أَوْ أَطْلَقَ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ (قَوْلُهُ: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا قَضَاءُ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ عَيَّنَ كَوْنَهَا عَنْ الْيَوْمِ الَّذِي ظَنَّ دُخُولَ وَقْتِهِ وَيُوَافِقُهُ مَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ الْخَطَأُ فِي الْيَوْمِ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ ظُهْرُ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ فَقَطْ فَصَلَّى ظُهْرًا نَوَى بِهِ قَضَاءَ ظُهْرِ يَوْمِ الْخَمِيسِ غَالِطًا أَنَّهُ يَقَعُ عَمَّا عَلَيْهِ، لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا نَصُّهُ بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ: وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ إنْ قَصَدَ بِالصَّلَاةِ فَرْضَ ذَلِكَ الْوَقْتِ الَّذِي ظَنَّ دُخُولَهُ بِخُصُوصِهِ فَالْوَجْهُ عَدَمُ وُقُوعِهَا عَنْ الْفَائِتَةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، لِأَنَّ الْقَصْدَ الْمَذْكُورَ صَارِفٌ عَنْ الْفَائِتَةِ وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْ كَوْنَهَا فَرْضَ ذَلِكَ الْوَقْتِ الَّذِي ظَنَّ دُخُولَهُ، فَالْوَجْهُ الْوُقُوعُ عَنْ الْفَائِتَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا حَجّ سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةِ الْبَارِزِيِّ فَنَقَلَ عَنْهُ مَا تَقَدَّمَ، وَعَنْ ابْنِ الْمُقْرِي خِلَافُهُ، ثُمَّ حَمَلَهُمَا عَلَى الْحَالَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا وَذَكَرَ م ر فِي مَسْأَلَةِ الْبَارِزِيِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ اهـ أَيْ حَمَلَ مَسْأَلَةَ الْبَارِزِيِّ عَلَى مَا لَوْ لَمْ يُلَاحِظْ فَرْضَ الْوَقْتِ الَّذِي ظَنَّ دُخُولَهُ، وَلَكِنْ مَا نَقَلَهُ سم عَنْ م ر لَا يُوَافِقُ ظَاهِرَ مَا فِي الشَّرْحِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ مَا فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ يَقَعُ عَمَّا نَوَاهُ) بَقِيَ مَا لَوْ أَطْلَقَ فِي نِيَّتِهِ فَهَلْ يَنْصَرِفُ لِلْأَوَّلِ لِاسْتِحْقَاقِهِ ذَلِكَ بِالسَّبْقِ أَوْ لِلثَّانِي لِقُرْبِهِ مِنْهُ وَسَبْقِ الذِّهْنِ إلَيْهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ يَقَعُ عَمَّا عَلَيْهِ لِمَا ذُكِرَ) أَيْ لِأَنَّهُ عَيَّنَ مَا لَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقَدْ عُلِمَ) أَيْ مَا أَفْتَى بِهِ وَالِدُهُ وَقَوْلُهُ مِمَّا مَرَّ أَيْ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِلْوَقْتِ (قَوْلُهُ: لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) أَيْ حَيْثُ قَالَ: إنْ لَمْ يَكُنْ صَلَّى الْفَرْضَ لَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةِ الْقَبَلِيَّةِ لِأَنَّ الْبَعْدِيَّةَ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهَا فَلَا يُشْتَبَهُ مَا نَوَاهُ بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَوَجْهُ) أَيْ اشْتِرَاطُ التَّعْيِينِ وَلَوْ قَبْلَ فِعْلِ الْفَرْضِ (قَوْلُهُ: إنَّمَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ) أَيْ تَعْيِينُ الْقَبَلِيَّةِ وَالْبَعْدِيَّةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ) أَيْ فَإِنَّهَا عِبَادَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّعَرُّضُ لِلشُّرُوطِ، إذْ الشَّرْطُ إنَّمَا هُوَ الْوَقْتُ الْمَذْكُورُ كَمَا لَا يَخْفَى، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ: كَالْيَوْمِ تَنْظِيرٌ لَا تَمْثِيلٌ (قَوْلُهُ: ظَانًّا دُخُولَهُ) أَيْ بِمُسْتَنَدٍ شَرْعِيٍّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: سَبَبَهَا) أَيْ: الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَعِيدِ الْأَضْحَى إلَخْ) هَذَا مِنْ ذِي الْوَقْتِ

مِنْ ذِي السَّبَبِ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ وَرَكْعَتَا الْوُضُوءِ وَالْإِحْرَامِ وَالِاسْتِخَارَةِ وَالطَّوَافِ وَصَلَاةُ الْجُمُعَةِ وَسُنَّةُ الزَّوَالِ وَصَلَاةُ الْغَفْلَةِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَالصَّلَاةُ فِي بَيْتِهِ إذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ لِلسَّفَرِ وَالْمُسَافِرُ إذَا نَزَلَ مَنْزِلًا وَأَرَادَ مُفَارَقَتَهُ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ فِي الْأُولَى وَالْإِحْيَاءُ فِي الثَّانِيَةِ وَقِيَاسًا عَلَيْهِمَا فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِكُلِّ صَلَاةٍ وَإِنْ نَقَلَ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ فِي الثَّالِثَةِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِيهَا ذَلِكَ. وَالتَّحْقِيقُ فِي هَذَا الْمَقَامِ عَدَمُ الِاسْتِثْنَاءِ لِأَنَّ هَذَا الْمَفْعُولَ لَيْسَ عَيْنَ ذَلِكَ الْمُقَيَّدِ وَإِنَّمَا هُوَ نَفْلٌ مُطْلَقٌ حَصَلَ بِهِ مَقْصُودُ ذَلِكَ الْمُقَيَّدِ. وَالْوِتْرُ صَلَاةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فَلَا تَجِبُ إضَافَتُهَا إلَى الْعِشَاءِ، بَلْ يَنْوِي سُنَّةَ الْوِتْرِ، وَيَنْوِي بِجَمِيعِهِ إنْ أَوْتَرَ بِأَكْثَرَ مِنْ رَكْعَةِ الْوِتْرِ أَيْضًا وَإِنْ فَصَلَهُ كَمَا يَنْوِي التَّرَاوِيحَ بِجَمِيعِهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَنْوِي فِي الْأَخِيرَةِ مِنْهُ وَفِيمَا سِوَاهَا الْوِتْرَ أَوْ سُنَّتَهُ، وَيَتَخَيَّرُ فِيمَا سِوَى الْأَخِيرَةِ مِنْهُ إذَا فَصَلَهُ بَيْنَ نِيَّةِ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَمُقَدِّمَةِ الْوِتْرِ وَسُنَّتِهِ وَهِيَ أَوْلَى. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا ـــــــــــــــــــــــــــــSمَالِيَّةٌ وَتَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ، وَيَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى وَقْتِ وُجُوبِهَا فِي الْجُمْلَةِ بِأَنْ كَانَتْ بِالْمَالِ وَقُدِّمَتْ عَلَى الْحِنْثِ (قَوْلُهُ: تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ بِالْإِضَافَةِ إلَى السَّبَبِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ (قَوْلُهُ وَصَلَاةُ الْحَاجَةِ) وَأَقَلُّهَا رَكْعَتَانِ (قَوْلُهُ: وَسُنَّةُ الزَّوَالِ) سَيَأْتِي أَنَّ ذَاتَ السَّبَبِ تَفُوتُ بِزَوَالِهِ، وَعَلَيْهِ فَلْيُنْظَرْ بِمَاذَا تَفُوتُ سُنَّةُ الزَّوَالِ هَلْ بِصَلَاةِ الظُّهْرِ أَوْ بِطُولِ الزَّمَنِ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ فَوَاتِهَا لِأَنَّهَا طُلِبَتْ بَعْدَ الزَّوَالِ، فَالزَّوَالُ سَبَبٌ لِطَلَبِ فِعْلِهَا وَهُوَ بَاقٍ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ فَلْيُرَاجَعْ، وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ دَخَلَ الْوَقْتُ وَلَمْ يُصَلِّ مَا تَحْصُلُ بِهِ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَأَنْ صَلَّى سُنَّةَ الظُّهْرِ أَوْ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ مَثَلًا بَعْدَ الزَّوَالِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَهَا فَهَلْ تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الِانْعِقَادِ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْعِبَادَةَ إذَا لَمْ تُطْلَبْ لَا تَنْعَقِدُ، وَهَذِهِ غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ حِينَئِذٍ لِدُخُولِهَا فِيمَا صَلَّاهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا. وَقِيَاسُ عَدَمِ حُصُولِ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ إذَا نَفَاهَا انْتِفَاءَ سُنَّةِ الزَّوَالِ إذَا فَعَلَ سُنَّةَ الظُّهْرِ مَثَلًا وَنَفَى سُنَّةَ الزَّوَالِ عَنْهَا (قَوْلُهُ: وَالصَّلَاةُ فِي بَيْتِهِ) وَأَقَلُّهَا رَكْعَتَانِ (قَوْلُهُ: وَالْمُسَافِرُ إذَا نَزَلَ) وَأَقَلُّهَا رَكْعَتَانِ (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) أَيْ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ رَكْعَتَا الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِذَلِكَ صَلَاةُ التَّوْبَةِ وَرَكْعَتَا الْقَتْلِ وَعِنْدَ الزِّفَافِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مَا قُصِدَ بِهِ مُجَرَّدُ الشُّغْلِ بِالصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: حَصَلَ بِهِ مَقْصُودُ ذَلِكَ) كَشُغْلِ الْبُقْعَةِ فِي حَقِّ دَاخِلِ الْمَسْجِدِ وَإِيقَاعِ صَلَاةٍ بَعْدَ الْوُضُوءِ فِي حَقِّ الْمُتَوَضِّئِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ الْمَقْصُودُ إلَى أَنَّ الْمَطْلُوبَ نَفْسَهُ لَمْ يَحْصُلْ، فَلَا يُقَالُ صَلَّى تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ مَثَلًا وَإِنَّمَا يُقَالُ صَلَّى صَلَاةً حَصَلَ بِهَا الْمَقْصُودُ مِنْ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَعَلَى هَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي سُنَّةَ الْوُضُوءِ أَوْ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ مَثَلًا لَا يَحْنَثُ بِمَا صَلَّاهُ مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ مَقْصُودُ مَا حَلَفَ عَلَى عَدَمِ فِعْلِهِ، وَكَذَا لَا يَحْصُلُ ثَوَابُهَا حَيْثُ لَمْ تُنْوَ وَإِنْ سَقَطَ الطَّلَبُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُعِيدَ التَّحِيَّةَ هَلْ تَصِحُّ أَمْ لَا لِدُخُولِهَا فِي ضِمْنِ مَا فَعَلَهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِحُصُولِهَا بِمَا فَعَلَهُ أَوَّلًا، وَلَا يُنَافِيهِ مَا قَالُوهُ فِي الْجَنَائِزِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى عَلَى الْمَيِّتِ ثُمَّ أَعَادَ مِرَارًا وَلَوْ مُنْفَرِدًا صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ سَقَطَ فِعْلُهَا، لِأَنَّ تِلْكَ خَرَجَتْ عَنْ النَّظَائِرِ لِغَرَضِ حُصُولِ الرَّحْمَةِ لِلْمَيِّتِ. (قَوْلُهُ: فَلَا تَجِبُ إضَافَتُهَا) أَيْ فَلَوْ أَضَافَهَا لَهَا صَحَّ كَأَنْ قَالَ وِتْرَ الْعِشَاءِ، وَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ الْوِتْرُ الْمَطْلُوبُ بَعْدَ الْعِشَاءِ، بَلْ قَدْ يُشْعِرُ بِسِنِّ الْإِضَافَةِ اقْتِصَارُهُ عَلَى نَفْيِ الْوُجُوبِ حَيْثُ قَالَ: فَلَا يَجِبُ دُونَ فَلَا يَطْلُبُ (قَوْلُهُ: وَسُنَّتُهُ) هَذِهِ عُلِمَتْ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ سُنَّتُهُ، وَلَعَلَّ ذِكْرَهَا هُنَا لِقَوْلِهِ وَهِيَ أَوْلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا ذِي السَّبَبِ، وَلَعَلَّ فِي نُسَخِ الشَّارِحِ سَقْطًا (قَوْلُهُ: وَسُنَّةِ الزَّوَالِ وَصَلَاةِ الْغَفْلَةِ) هَاتَانِ ذَاتَا وَقْتٍ لَا سَبَبٍ (قَوْلُهُ: فَلَا تَجِبُ إضَافَتُهَا إلَى الْعِشَاءِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ يَجُوزُ وَصَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ قَالَ: الْوِتْرُ سُنَّةُ الْعِشَاءِ، فَلَا يَصِحُّ إذَا لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ الْوِتْرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَلَعَلَّ هَذَا مُرَادُ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا بِقَوْلِهِمْ: وَلَا تُضَافُ إلَى الْعِشَاءِ

نَوَى عَدَدًا فَإِنْ لَمْ يَنْوِ فَهَلْ يَلْغُو لِإِبْهَامِهِ أَوْ يَصِحُّ، وَيُحْمَلُ عَلَى رَكْعَةٍ لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنُ، أَوْ ثَلَاثٌ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ كَنِيَّةِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا تَنْعَقِدُ رَكْعَتَيْنِ مَعَ صِحَّةِ الرَّكْعَةِ، أَوْ إحْدَى عَشْرَةَ لِأَنَّ الْوِتْرَ لَهُ غَايَةٌ هِيَ أَفْضَلُ، فَحَمَلْنَا الْإِطْلَاقَ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فِيهِ نَظَرٌ اهـ. قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: هَذِهِ التَّرْدِيدَاتُ كُلُّهَا بَاطِلَةٌ، لِأَنَّ الْأَصْحَابَ جَعَلُوا لِلْوِتْرِ أَقَلَّ وَأَكْمَلَ وَأَدْنَى كَمَالٍ، وَصَرَّحُوا بِأَنَّ إطْلَاقَ النِّيَّةِ إنَّمَا يَصِحُّ فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ، ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحَمْلِ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ إنْ كَانَ فِيمَا إذَا نَوَى مُقَدِّمَةَ الْوِتْرِ أَوْ مِنْ الْوِتْرِ لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِيمَا إذَا أَطْلَقَ وَقَالَ أُصَلِّي الْوِتْرَ فَالْوِتْرُ أَقَلُّهُ رَكْعَةٌ فَيَنْزِلُ الْإِطْلَاقُ عَلَيْهَا حَمْلًا عَلَى أَدْنَى الْمَرَاتِبِ اهـ. وَاسْتَظْهَرَ الشَّيْخُ أَنَّهُ يَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا يُرِيدُهُ مِنْ رَكْعَةٍ أَوْ ثَلَاثٍ أَوْ خَمْسٍ أَوْ سَبْعٍ أَوْ تِسْعٍ أَوْ إحْدَى عَشْرَةَ، وَرَجَّحَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْحَمْلَ عَلَى ثَلَاثٍ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ أَقَلَّ مَا طَلَبَهُ الشَّارِعُ فِيهِ فَصَارَ بِمَثَابَةِ أَقَلِّهِ، إذْ الرَّكْعَةُ قِيلَ يُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا فَلَمْ تَكُنْ مَطْلُوبَةً لَهُ بِنَفْسِهَا. (وَفِي) اشْتِرَاطِ (نِيَّةِ النَّفْلِيَّةِ وَجْهَانِ) كَمَا فِي اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي الْفَرْضِ، وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ تَبَعًا لِلْمُحَرَّرِ الْوَجْهَانِ وَكَشَطَ الْمُصَنِّفُ الْأَلْفَ وَاللَّامَ مِنْ نُسْخَتِهِ لِمَا فِيهَا مِنْ إيهَامِ اشْتِرَاطِهَا، وَقَدْ صَوَّبَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ عَدَمَ اشْتِرَاطِهَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ هُنَا بِقَوْلِهِ (قُلْت: الصَّحِيحُ لَا تُشْتَرَطُ نِيَّةُ النَّفْلِيَّةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) إذْ نِيَّةُ النَّفْلِيَّةِ مُلَازِمَةٌ لِلنَّفْلِ، بِخِلَافِ الْعَصْرِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهَا قَدْ تَكُونُ فَرْضًا وَقَدْ لَا تَكُونُ بِدَلِيلِ صَلَاةِ الصَّبِيِّ كَمَا مَرَّ، وَفِي اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ وَالْإِضَافَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ (وَيَكْفِي فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ) وَهُوَ مَا لَا يَتَقَيَّدُ بِوَقْتٍ وَلَا سَبَبٍ (نِيَّةُ فِعْلِ الصَّلَاةِ) لِأَنَّ النَّفَلَ أَدْنَى دَرَجَاتِ الصَّلَاةِ، فَإِنْ نَوَاهَا وَجَبَ أَنْ تَحْصُلَ لَهُ. (وَالنِّيَّةُ بِالْقَلْبِ) إجْمَاعًا فَلَا يَكْفِي نُطْقٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: كَنِيَّةِ الصَّلَاةِ) أَيْ فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تَنْعَقِدُ رَكْعَتَيْنِ) قَضِيَّتُهُ امْتِنَاعُ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِمَا حَيْثُ أَطْلَقَ النِّيَّةَ وَلَيْسَ مُرَادًا، فَإِنَّهُ وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ يُصَلِّي مَا شَاءَ بِتِلْكَ النِّيَّةِ، فَلَعَلَّ الْغَرَضَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ حَمْلُ مَا نَوَاهُ عَلَى رَكْعَةٍ بَلْ إنْ شَاءَ اقْتَصَرَ عَلَى رَكْعَةٍ أَوْ يَزِيدُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي، وَلَا حَصْرَ لِلنَّفْلِ الْمُطْلَقِ، وَقَوْلُهُ مَعَ صِحَّةِ الرَّكْعَةِ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ إذَا أَطْلَقَ النِّيَّةَ لَمْ يَتَعَيَّنْ حَمْلُهُ عَلَى الرَّكْعَةِ وَإِنْ صَحَّتْ نِيَّتُهَا اسْتِقْلَالًا (قَوْلُهُ: عَلَى مَا يُرِيدُهُ) أَيْ يَخْتَارُهُ بَعْدَ إطْلَاقِ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ إلَخْ) وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ نَوَى سُنَّةَ الظُّهْرِ الْقَبَلِيَّةَ مَثَلًا فَرَكْعَتَانِ أَوْ الضُّحَى فَكَذَلِكَ اهـ مُؤَلَّفٌ. وَمِثْلُهُ فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ بِالنِّسْبَةِ لِسُنَّةِ الظُّهْرِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامِ سم عَلَى حَجّ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ نَقْلًا عَنْ م ر مَا نَصُّهُ. فَرْعٌ: يَجُوزُ أَنْ يُطْلِقَ فِي نِيَّةِ سُنَّةِ الظُّهْرِ الْمُتَقَدِّمَةِ مَثَلًا وَيَتَخَيَّرَ بَيْنَ رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعٍ اهـ م ر اهـ وَبَقِيَ مَا لَوْ نَذَرَ الْوِتْرَ وَأَطْلَقَ فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى ثَلَاثٍ قِيَاسًا عَلَى ذَلِكَ أَوْ عَلَى رَكْعَةٍ أَوْ إحْدَى عَشْرَةَ أَوْ تَلْغُو نِيَّتُهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَعَلَيْهِ فَالْمَعْنَى أَنَّ الثَّلَاثَةَ تَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ وَبَاقِي الْوِتْرِ بَاقٍ عَلَى النَّدْبِ، وَلَا يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ يَفْعَلُ الثَّلَاثَ وَيُمْتَنَعُ مَا زَادَ عَلَيْهَا، لِأَنَّ عَدَمَ الزِّيَادَةِ لَوْ قُلْنَا بِهِ لَكَانَ مِنْ نَذْرِ مَا لَيْسَ بِقُرْبَةٍ وَنَذْرُ مَا هُوَ كَذَلِكَ لَا يَنْعَقِدُ. (قَوْلُهُ: قُلْت الصَّحِيحُ لَا تُشْتَرَطُ نِيَّةُ النَّفْلِيَّةِ) أَيْ وَعَلَى هَذَا وَمَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ عَدَدَ الرَّكَعَاتِ لَا يُشْتَرَطُ فَلَعَلَّ صُورَةَ نِيَّةِ سُنَّةِ الظُّهْرِ مَثَلًا بِدُونِهَا أَنْ يَنْوِيَ بِقَلْبِهِ الصَّلَاةَ الْمَطْلُوبَةَ قَبْلَ الظُّهْرِ فَتَنْعَقِدَ نِيَّتُهُ وَيَتَخَيَّرَ بَيْنَ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ م ر (قَوْلُهُ: مُلَازِمَةٌ لِلنَّفْلِ) عِبَارَةُ حَجّ لِأَنَّ النَّفْلِيَّةَ لَازِمَةٌ لَهُ، وَهِيَ أَوْضَحُ مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ إذْ اللَّازِمُ لَهُ كَوْنُهُ نَفْلًا لَا نِيَّةُ كَوْنِ مَا صَلَّاهُ نَفْلًا (قَوْلُهُ: وَجَبَ) أَيْ ثَبَتَ، وَفُسِّرَ بِهَذَا الْمَعْنَى لِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ لِمَذْهَبِنَا، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تَنْعَقِدُ رَكْعَتَيْنِ) أَيْ: تَنْصَرِفُ إلَيْهِمَا فَلَيْسَ لَهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِمَا وَلَا النَّقْضُ عَنْهُمَا إلَّا بِنِيَّةٍ جَدِيدَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: كُلُّهَا بَاطِلَةٌ) أَيْ إلَّا الْأَوَّلَ مِنْهَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَاقِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: وَيُحْمَلُ عَلَى مَا يُرِيدُهُ) إنْ كَانَ مُرَادُهُ مَا يُرِيدُهُ فِي ابْتِدَاءِ نِيَّتِهِ خَالَفَ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ، وَإِنْ أَرَادَ مَا يُرِيدُهُ بَعْدُ خَالَفَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ الْعِمَادِ مِنْ الْحَصْرِ فِي كَلَامِهِمْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَوَاهَا) أَيْ: الصَّلَاةَ وَقَوْلُهُ: وَجَبَ بِأَنْ يَحْصُلَ لَهُ أَدْنَى الْمَرَاتِبِ: أَيْ

بِهَا مَعَ غَفْلَةِ قَلْبِهِ عَنْهَا، وَهَذَا جَارٍ فِي سَائِرِ الْأَبْوَابِ، وَلَا يَضُرُّهُ لَوْ نَطَقَ بِخِلَافِ مَا فِي الْقَلْبِ كَأَنْ نَوَى الظُّهْرَ وَسَبَقَ لِسَانُهُ إلَى الْعَصْرِ (وَيُنْدَبُ النُّطْقُ) بِالْمَنْوِيِّ (قُبَيْلَ التَّكْبِيرِ) لِيُسَاعِدَ اللِّسَانُ الْقَلْبَ وَلِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ الْوَسْوَاسِ وَلِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ، وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِتَلَفُّظِهِ بِالْمَشِيئَةِ فِيهَا أَوْ بِنِيَّتِهَا إنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ أَوْ أَطْلَقَ لِلْمُنَافَاةِ وَبِنِيَّةِ الْخُرُوجِ وَالتَّرَدُّدِ فِيهِ، بِخِلَافِ الصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَالِاعْتِكَافِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ أَضْيَقُ، وَبِتَعْلِيقِهِ بِشَيْءٍ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لِمَا مَرَّ، وَفَارَقَ مَنْ نَوَى وَهُوَ فِي الْأُولَى مُبْطِلًا فِي الثَّانِيَةِ بِأَنَّهُ جَازِمٌ وَالْمُعَلَّقُ غَيْرُ جَازِمٍ وَالْوَسْوَاسُ الْقَهْرِيُّ لَا أَثَرَ لَهُ، وَلَوْ ظَنَّ أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ فَأَتَمَّ عَلَيْهِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ، وَلَا تَبْطُلُ بِشَكِّ جَالِسٍ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ فِي ظُهْرِهِ فَقَامَ لِثَالِثَةٍ ثُمَّ تَذَكَّرَهُ، وَلَا بِالْقُنُوتِ فِي سُنَّةِ الصُّبْحِ بِظَنِّ أَنَّهَا الصُّبْحُ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ وَأَتَى بِرُكْنٍ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِلْقَمُولِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ. وَلَا بِنِيَّةِ الصَّلَاةِ وَدَفْعِ الْغَرِيمِ أَوْ حُصُولِ دِينَارٍ فِيمَا إذَا قِيلَ لَهُ صَلِّ وَلَك دِينَارٌ، بِخِلَافِ نِيَّةِ فَرْضٍ وَنَفْلٍ لَا يَنْدَرِجُ فِيهِ لِلتَّشْرِيكِ بَيْنَ عِبَادَتَيْنِ مَقْصُودَتَيْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSوَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ عَلَى جَمْعِ الْجَوَامِعِ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَالْفَرْضُ وَالْوَاجِبُ مُتَرَادِفَانِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ أَيْ الْخِلَافُ لَفْظِيٌّ: أَيْ عَائِدٌ إلَى اللَّفْظِ وَالتَّسْمِيَةِ. إذْ حَاصِلُهُ أَنَّ مَا ثَبَتَ بِقَطْعِيٍّ كَمَا يُسَمَّى فَرْضًا هَلْ يُسَمَّى وَاجِبًا، وَمَا ثَبَتَ بِظَنِّيٍّ كَمَا يُسَمَّى وَاجِبًا هَلْ يُسَمَّى فَرْضًا؟ فَعِنْدَهُ لَا أَخْذَ لِلْفَرْضِ مِنْ فَرَضَ الشَّيْءِ بِمَعْنَى حَزَّهُ: أَيْ قَطَعَ بَعْضَهُ، وَلِلْوَاجِبِ مِنْ وَجَبَ الشَّيْءُ وَجْبَةً سَقَطَ، وَمَا ثَبَتَ بِظَنِّيٍّ سَاقِطٍ مِنْ الْمَعْلُومِ، وَعِنْدَنَا نَعَمْ أَخْذًا مِنْ فَرَضَ الشَّيْءَ قَدَّرَهُ، وَوَجَبَ الشَّيْءُ وُجُوبًا ثَبَتَ، وَكُلٌّ مِنْ الْمُقَدَّرِ وَالثَّابِتِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَثْبُتَ بِقَطْعِيٍّ أَوْ ظَنِّيٍّ وَمَأْخَذُنَا أَكْثَرُ اسْتِعْمَالًا اهـ. (قَوْلُهُ: وَسَبَقَ لِسَانُهُ إلَى الْعَصْرِ) وَكَذَا لَوْ تَعَمَّدَهُ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهُ وَقَصَدَ مَا نَوَاهُ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ: وَلِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ) أَيْ هُنَا وَفِي سَائِرِ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ النِّيَّةُ (قَوْلُهُ: أَوْ بِنِيَّتِهَا إنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ) أَيْ وَلَوْ مَعَ التَّبَرُّكِ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ التَّبَرُّكَ وَحْدَهُ وَالْمُتَبَادَرُ أَنَّ هَذَا قَيْدٌ فِي الثَّانِيَةِ، بِخِلَافِ التَّلَفُّظِ بِالْمَشِيئَةِ فِيهَا بِأَنْ وَقَعَ بَعْدَ التَّحَرُّمِ لِأَنَّهُ كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالتَّرَدُّدُ فِيهِ) أَيْ حَيْثُ طَالَ التَّرَدُّدُ بِأَنْ تَرَدَّدَ بَعْدَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ مَثَلًا وَقَبْلَ الرُّكُوعِ، أَوْ مَضَى رُكْنٌ فِي حَالَةِ تَرَدُّدِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الصَّوْمِ) أَيْ فَلَا يَبْطُلُ بِنِيَّةِ الْخُرُوجِ (قَوْلُهُ: وَبِتَعْلِيقِهِ بِشَيْءٍ ظَاهِرُهُ) وَلَوْ بِمُسْتَحِيلٍ عَقْلًا سم عَلَى بَهْجَةٍ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ التَّعْلِيقَ مِنْ حَيْثُ هُوَ مُنَافٍ لِلنِّيَّةِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ) كَأَنْ نَوَى أَنَّهُ إنْ نَادَاهُ فُلَانٌ أَجَابَهُ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّ الصَّلَاةَ أَضْيَقُ، أَوْ مِنْ الْمُنَافَاةِ وَهَذَا أَقْرَبُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ فِي الْأُولَى) أَيْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى (قَوْله فَرْضٌ أَوْ نَفْلٌ فَأَتَمَّ عَلَيْهِ) دَخَلَ فِيهِ مَا لَوْ كَانَ فِي سُنَّةِ الصُّبْحِ فَظَنَّهَا الصُّبْحَ مَثَلًا، وَعَكْسُهُ فَيَصِحُّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَيَقَعُ عَمَّا نَوَاهُ بِاعْتِبَارِ نَفْسِ الْأَمْرِ، ثُمَّ إنْ تَذَكَّرَهُ فَذَاكَ، وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْهُ أَعَادَ السُّنَّةَ نَدْبًا وَالصُّبْحَ وُجُوبًا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَخَرَجَ بِالظَّنِّ مَا لَوْ شَكَّ فِي أَنَّ مَا نَوَاهُ ظُهْرٌ أَوْ عَصْرٌ مَثَلًا فَيَضُرُّ حَيْثُ طَالَ التَّرَدُّدُ أَوْ مَضَى رُكْنٌ (قَوْلُهُ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ) أَيْ أَهُوَ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي (قَوْلُهُ فِي ظُهْرِهِ) قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ تَرَدَّدَ فِيمَا نَوَاهُ الظُّهْرَ أَوْ سُنَّتَهُ ثُمَّ قَامَ مَعَ التَّرَدُّدِ لَمْ يَضُرَّ حَيْثُ تَذَكَّرَ مَا نَوَاهُ: يَعْنِي عَنْ قُرْبٍ. وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّهُ حَيْثُ تَرَدَّدَ فَالْوَاجِبُ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَتَذَكَّرَ، ثُمَّ إنْ تَذَكَّرَ عَنْ قُرْبٍ اسْتَمَرَّتْ صَلَاتُهُ عَلَى الصِّحَّةِ وَإِلَّا بَطَلَتْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَذَكَّرَهُ) أَيْ إنَّهُ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَأَتَى بِرُكْنٍ فِيمَا يَظْهَرُ) أَيْ لِأَنَّهُ تَطْوِيلٌ لِرُكْنٍ قَصِيرٍ سَهْوًا (قَوْلُهُ: لَا يَنْدَرِجُ فِيهِ) كَسُنَّةِ الظُّهْرِ مَعَ فَرْضِهِ. أَمَّا مَا يَنْدَرِجُ كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ فَلَا يَضُرُّ التَّشْرِيكُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفَرْضِ، وَكَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالنَّفْلِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِتَلَفُّظِهِ بِالْمَشِيئَةِ) عِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ: وَلَوْ عَقَّبَ النِّيَّةَ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ بِلِسَانِهِ أَوْ قَلْبِهِ تَبَرُّكًا لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ عَلَّقَ أَوْ شَكَّ ضَرَّ (قَوْلُهُ: فِي طُهْرِهِ) هُوَ بِالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ كَغَيْرِهِ الطَّهَارَةُ، وَالشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ فَهِمَ

وَبِخِلَافِ نِيَّةِ الطَّوَافِ وَدَفْعِ الْغَرِيمِ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ مَا يَدْفَعُ فِيهِ عَادَةً بِخِلَافِ الصَّلَاةِ، وَلَوْ قَلَبَ الْمُصَلِّي صَلَاتَهُ الَّتِي هُوَ فِيهَا صَلَاةً أُخْرَى عَالِمًا عَامِدًا بَطَلَتْ، أَوْ أَتَى بِمُنَافِي الْفَرْضِ لَا النَّفْلِ كَأَنْ أَحْرَمَ الْقَادِرُ بِالْفَرْضِ قَاعِدًا، أَوْ أَحْرَمَ بِهِ قَبْلَ وَقْتِهِ عَامِدًا عَالِمًا لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ لِتَلَاعُبِهِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ كَظَنِّهِ دُخُولَ الْوَقْتِ فَأَحْرَمَ بِالْفَرْضِ أَوْ قَلَبَهُ نَفْلًا لِإِدْرَاكِ جَمَاعَةٍ مَشْرُوعَةٍ وَهُوَ مُنْفَرِدٌ فَسَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ لِيُدْرِكَهَا أَوْ رَكَعَ مَسْبُوقٌ قَبْلَ تَمَامِ التَّكْبِيرَةِ جَاهِلًا انْقَلَبَتْ نَفْلًا لِعُذْرِهِ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ الْخُصُوصِ بُطْلَانُ الْعُمُومِ، وَلَوْ قَلَبَهَا نَفْلًا مُعَيَّنًا كَرَكْعَتَيْ الضُّحَى لَمْ تَصِحَّ لِافْتِقَارِهِ إلَى تَعْيِينٍ، وَلَوْ لَمْ تُشْرَعْ فِي حَقِّهِ الْجَمَاعَةُ وَكَانَ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ مَثَلًا فَوَجَدَ مَنْ يُصَلِّي الْعَصْرَ لَمْ يَجُزْ لَهُ قَطْعُهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَوْ عَلِمَ كَوْنَهُ أَحْرَمَ قَبْلَ وَقْتِهَا فِي أَثْنَائِهَا لَمْ يُتِمَّهَا لِتَبَيُّنِ بُطْلَانِهَا، وَإِنَّمَا وَقَعَتْ لَهُ نَفْلًا لِقِيَامِ عُذْرِهِ كَمَا لَوْ صَلَّى بِاجْتِهَادٍ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ الْحَالُ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ فَرَاغِهَا وَقَعَتْ لَهُ نَفْلًا أَوْ فِي أَثْنَائِهَا بَطَلَتْ كَمَا مَرَّ وَامْتَنَعَ عَلَيْهِ الِاسْتِمْرَارُ فِيهَا، وَلَوْ صَلَّى لِقَصْدِ ثَوَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ الْهَرَبِ مِنْ عِقَابِهِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِلْفَخْرِ الرَّازِيّ. وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى مَنْ مَحْضُ عِبَادَتِهِ لِذَلِكَ وَحْدَهُ، وَلَكِنْ يَبْقَى النَّظَرُ فِي بَقَاءِ إسْلَامِهِ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا مُرَادُ الْمُتَكَلِّمِينَ أَنَّهُ مَحَطُّ نَظَرِهِمْ لِمُنَافَاتِهِ لِاسْتِحْقَاقِهِ تَعَالَى الْعِبَادَةَ مِنْ الْخَلْقِ لِذَاتِهِ. أَمَّا مَنْ لَمْ يُمَحِّضْهَا فَلَا شُبْهَةَ فِي صِحَّةِ عِبَادَتِهِ كَمَا قَرَرْنَاهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا مَرَّ أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ اشْتِرَاطِ التَّعْيِينِ كَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ إلَخْ، فَلَا يَضُرُّ التَّشْرِيكُ فِي نِيَّتِهِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ صَلَاةِ الْفَرْضِ وَلَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الرَّاتِبَةِ أَوْ نَحْوِهَا (قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِ نِيَّةِ الطَّوَافِ) أَيْ فَلَا تَنْعَقِدُ (قَوْلُهُ: صَلَاةٌ أُخْرَى عَامِدًا) يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ أَحْرَمَ بِالْفَرْضِ مُنْفَرِدًا ثُمَّ رَأَى الْجَمَاعَةَ تُقَامُ فَإِنَّهُ يُسَنُّ لَهُ قَلْبُهَا نَفْلًا وَالسَّلَامُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: فَسَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ قَلَبَهَا إلَى أَقَلَّ مِنْ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ قَبْلَ تَلَبُّثِهِ بِالثَّالِثَةِ لَمْ يَصِحَّ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ قَبْلَ تَمَامِ التَّكْبِيرَةِ جَاهِلًا) أَيْ وَلَوْ بَيْنَ أَظْهَرِ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّ هَذَا مِنْ دَقَائِقِ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ الْخُصُوصِ) وَهُوَ الْفَرْضُ، وَقَوْلُهُ بُطْلَانُ الْعُمُومِ هُوَ النَّفَلُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ تُشْرَعْ فِي حَقِّهِ جَمَاعَةٌ) أَيْ الَّتِي أَرَادَ فِعْلَهَا مَعَ الْإِمَامِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ تَمْثِيلِهِ (قَوْلُهُ: فَوَجَدَ مَنْ يُصَلِّي) تَصْوِيرٌ لِلْمَنْفِيِّ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ صَلَّى بِاجْتِهَادٍ) قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ تَبَيُّنَ الْخَطَأِ فِي الْقَبْلِ يَمْنَعُ صِحَّةَ النَّفْلِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْفَرَاغِ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ بِخِلَافِ مَا هُنَا سِيَّمَا وَقَدْ قَالَ الشَّارِحُ: إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ الْخُصُوصِ إلَخْ، وَمُرَادُهُ بِالْخُصُوصِ كَوْنُ الصَّلَاةِ الْمَنْوِيَّةِ فَرْضًا، وَبِالْعُمُومِ مُطْلَقُ الصَّلَاةِ، وَهُوَ إذَا أَطْلَقَ الصَّلَاةَ حُمِلَتْ عَلَى النَّفْلِ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِ) أَيْ الْفَخْرِ، وَقَوْلُهُ عَلَى مَنْ مَحْضُ عِبَادَتِهِ قَالَ سم عَلَى حَجّ: قَوْلُهُ عَلَى مَنْ مَحْضُ إلَخْ لَعَلَّ الْوَجْهَ أَنْ يُقَالَ: إنْ أُرِيدَ بِالتَّمْحِيضِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ إلَّا لِأَجْلِ ذَلِكَ بِحَيْثُ إنَّهُ لَوْلَاهُ مَا فَعَلَ مَعَ اعْتِقَادِهِ اسْتِحْقَاقَ اللَّهِ ذَلِكَ لِذَاتِهِ فَالْوَجْهُ صِحَّةُ عِبَادَتِهِ كَمَا قَدْ يُصَرِّحُ بِذَلِكَ نُصُوصُ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ، إذْ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ تَعَمَّدَ الْإِخْلَالَ بِحَقِّ الْخِدْمَةِ مَعَ اعْتِقَادِهِ ثُبُوتَهُ، وَمُجَرَّدُ ذَلِكَ لَا يُنَافِي الصِّحَّةَ وَلَا الْإِيمَانَ، وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ إلَّا لِأَجْلِ ذَلِكَ مَعَ عَدَمِ اعْتِقَادِ الِاسْتِحْقَاقِ الْمَذْكُورِ فَالْوَجْهُ عَدَمُ إيمَانِهِ وَعَدَمُ صِحَّةِ عِبَادَتِهِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ يَبْقَى النَّظَرُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ حَيْثُ اعْتَقَدَ اسْتِحْقَاقَهُ تَعَالَى لِلْعِبَادَةِ فَلَا وَجْهَ إلَى إسْلَامِهِ، لِأَنَّ غَايَةَ الْأَمْرِ ارْتِكَابُ الْمُخَالَفَةِ، وَهِيَ مَعَ اعْتِقَادِ حَقِّ الْأُلُوهِيَّةِ لَا تَقْدَحُ فِي الْإِسْلَامِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ هَذَا) أَيْ مَنْ مَحْضُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهَا بِالظَّاءِ الْمُشَالَةِ فَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَا هُوَ مَسْطُورٌ فِيهَا (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ الْخُصُوصِ) أَيْ الْفَرْضِيَّةِ، وَقَوْلُهُ بُطْلَانُ الْعُمُومِ: أَيْ: عُمُومُ كَوْنِهَا صَلَاةَ الْمَنْزِلِ عَلَى أَقَلِّ الدَّرَجَاتِ، وَهُوَ النَّفَلُ (قَوْلُهُ: أَنَّ هَذَا) أَيْ الْحَمْلَ، وَقَوْلُهُ مُرَادُ الْمُتَكَلِّمِينَ: أَيْ الَّذِينَ مِنْهُمْ الْفَخْرُ الرَّازِيّ عَلَى أَنَّ الْفَخْرَ الْمَذْكُورَ نَاقِلٌ لِمَا ذَكَرَهُ عَنْ الْمُتَكَلِّمِينَ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ وَاعْلَمْ أَنَّ لَك أَنْ تَمْنَعَ هَذِهِ الدَّلَالَةَ، بَلْ لَك أَنْ تَدَّعِيَ دَلَالَةَ كَلَامِ الْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى أَنَّ كَلَامَ الْفَخْرِ عَلَى

[الثاني من أركان الصلاة تكبيرة الإحرام]

إذْ طَمَعُهُ فِي ذَلِكَ وَطَلَبُهُ إيَّاهُ لَا يُنَافِي صِحَّتَهَا. (الثَّانِي) مِنْ أَرْكَانِهَا (تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ) فِي قِيَامِهِ أَوْ بَدَلِهِ لِخَبَرِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ «إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِك كُلِّهَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا. ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَسْتَوِيَ قَائِمًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِك كُلِّهَا» . وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ بَدَلَ قَوْلِهِ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا: «حَتَّى تَطْمَئِنَّ قَائِمًا» ، وَسُمِّيَتْ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ بِهَا مَا كَانَ حَلَالًا لَهُ قَبْلَهَا مِنْ مُفْسِدَاتِ الصَّلَاةِ كَأَكْلٍ وَشُرْبٍ وَكَلَامٍ وَغَيْرِهَا (وَيَتَعَيَّنُ) فِيهَا (عَلَى الْقَادِرِ) بِالنُّطْقِ بِهَا (اللَّهُ أَكْبَرُ) لِأَنَّهُ الْمَأْثُورُ مِنْ فِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَعَ خَبَرِ الْبُخَارِيِّ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» أَيْ كَمَا عَلِمْتُمُونِي حَتَّى لَا تَرِدَ الْأَقْوَالُ، وَصَحَّ " تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ " وَهِيَ صِيغَةُ حَصْرٍ فَلَا يُجْزِئُ اللَّهُ كَبِيرٌ لِفَوَاتِ مَعْنَى أَفْعَلَ وَلَا الرَّحْمَنُ وَلَا الرَّحِيمُ أَكْبَرُ: أَيْ وَلَا اللَّهُ أَعْظَمُ وَأَجَلُّ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى تَكْبِيرًا (وَلَا تَضُرُّ زِيَادَةٌ لَا تَمْنَعُ الِاسْمَ) أَيْ اسْمَ التَّكْبِيرِ (كَاَللَّهِ الْأَكْبَرُ) لِأَنَّهَا لَا تُغَيِّرُ الْمَعْنَى بَلْ تُقَوِّيهِ بِإِفَادَةِ الْحَصْرِ، لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ، وَلَوْ أَخَلَّ بِحَرْفٍ مِنْ اللَّهُ أَكْبَرُ لِلتَّحَرُّمِ ضَرَّ، وَمِثْلُهُ تَكْبِيرَاتُ الِانْتِقَالَاتِ فِي عَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهَا، وَتَضُرُّ زِيَادَةُ حَرْفٍ يُغَيِّرُ الْمَعْنَى كَمَدِّ هَمْزَةِ اللَّهِ وَأَلْفٍ بَعْدَ الْبَاءِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ جَمْعَ كَبَرٍ بِالْفَتْحِ وَهُوَ الطَّبْلُ الَّذِي لَهُ وَجْهٌ وَاحِدٌ وَزِيَادَةُ وَاوٍ قَبْلَ الْجَلَالَةِ كَمَا فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَتَشْدِيدُ الْبَاءِ أَوْ الرَّاءِ مِنْ أَكْبَرُ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ رَزِينٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ. أَمَّا الثَّانِي فَمَرْدُودٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ وَغَيْرُهُ إذْ الرَّاءُ حَرْفُ تَكْرِيرٍ فَزِيَادَتُهُ لَا تُغَيِّرُ الْمَعْنَى وَإِبْدَالُ هَمْزَةِ أَكْبَرُ وَاوًا مِنْ الْعَالِمِ دُونَ الْجَاهِلِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمْعِ الصِّحَّةَ ـــــــــــــــــــــــــــــSعِبَادَتِهِ لِذَلِكَ وَحْدَهُ. (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ) وَاسْمُهُ خَلَّادُ بْنُ رَافِعٍ الزُّرَقِيُّ اهـ عَمِيرَةُ. أَقُولُ: وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْخَبَرَ بِتَمَامِهِ وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى قَوْلِهِ إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ عَلَى عَادَتِهِ مِنْ الِاقْتِصَارِ فِي الْأَحَادِيثِ الطِّوَالِ عَلَى مَحَلِّ الِاسْتِدْلَالِ لِيُحِيلَ عَلَيْهِ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ، وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ التَّشَهُّدَ وَنَحْوَهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ لِكَوْنِهِ كَانَ عَالِمًا بِهَا، وَقَوْلُهُ «ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ» أَيْ وَكَانَ الَّذِي مَعَهُ مِنْهُ الْفَاتِحَةُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ إلَى قَوْلِهِ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ مِمَّا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ، فَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا بَعْدَهُ كَمَا فَعَلَ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ مُفْسِدَاتِ الصَّلَاةِ) أَيْ وَتَحْرِيمُ ذَلِكَ عَلَيْهِ يَدْخُلُ بِهِ فِي أَمْرٍ مُحَرَّمٍ: قَالَ ع: يُقَالُ أَحْرَمَ الرَّجُلُ إذَا دَخَلَ فِي حُرْمَةٍ لَا تُهْتَكُ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَلَمَّا دَخَلَ بِهَذِهِ التَّكْبِيرَةِ فِي عِبَادَةٍ يَحْرُمُ فِيهَا أُمُورٌ قِيلَ لَهَا تَكْبِيرَةُ إحْرَامٍ (قَوْلُهُ: اللَّهُ أَكْبَرُ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هِيَ مَوْصُولَةٌ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ لِأَنَّ قَطْعَهَا عَلَى الْحِكَايَةِ يُوهِمُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُصَلِّي إيقَاعُهَا: أَيْ الْإِتْيَانُ بِهَا مَقْطُوعَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ مَأْمُومًا اللَّهُ أَكْبَرُ بِوَصْلِهَا جَزَمَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ اهـ عَمِيرَةُ. وَبَقِيَ مَا لَوْ فَتَحَ الْهَاءَ أَوْ كَسَرَهَا مِنْ اللَّهِ، وَمَا لَوْ فَتَحَ الرَّاءَ أَوْ كَسَرَهَا مِنْ أَكْبَرِ هَلْ يَضُرُّ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الضَّرَرِ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ اللَّحْنَ فِي الْقِرَاءَةِ إذَا لَمْ يُغَيِّرْ الْمَعْنَى لَا يَضُرُّ، وَنَقَلَ بِالدَّرْسِ عَنْ فَتَاوَى وَالِدِ الشَّارِحِ مَا يُوَافِقُ مَا قُلْنَاهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ) لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا خِلَافًا، بَلْ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ الْآتِي فِي تَوْجِيهٍ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ، وَالثَّانِي تَضُرُّ الزِّيَادَةُ فِيهِ لِاسْتِقْلَالِهَا، بِخِلَافِ الْأُولَى الْجَزْمُ بِنَفْيِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ لَكِنْ فِي الدَّمِيرِيِّ فِي قَوْلٍ ضَعِيفٍ يَضُرُّ الْفَصْلُ بِاللَّامِ (قَوْلُهُ: وَتَضُرُّ زِيَادَةُ حَرْفٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ جَاهِلًا بِهِ (قَوْلُهُ: وَزِيَادَةُ وَاوٍ قَبْلَ الْجَلَالَةِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ جَاهِلًا (قَوْلُهُ: وَتَشْدِيدُ الْبَاءِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ جَاهِلًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ) أَيْ تَشْدِيدُ الْبَاءِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الثَّانِي فَمَرْدُودٌ) أَيْ تَشْدِيدُ الرَّاءِ (قَوْلُهُ: دُونَ الْجَاهِلِ) ظَاهِرُ تَقْيِيدِ مَا ذُكِرَ بِالْعَالِمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQإطْلَاقِهِ [الثَّانِي مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةُ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ] (قَوْلُهُ: خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ) أَيْ الْمَذْكُورِ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ: وَلَوْ قَالَ لَلَّهُ الْأَكْبَرُ أَجْزَأَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ (قَوْلُ إذْ الرَّاءُ حَرْفُ تَكْرِيرٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ التَّكْرِيرَ غَيْرُ التَّشْدِيدِ، وَيَظْهَرُ ذَلِكَ فِي حَالَةِ التَّحْرِيكِ

مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لُغَةٌ وَإِبْدَالُ الْكَافِ هَمْزَةً وَتَخَلُّلُ وَاوٍ بَيْنَ الْكَلِمَتَيْنِ سَاكِنَةً أَوْ مُتَحَرِّكَةً لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى حِينَئِذٍ تَكْبِيرًا وَلَوْ زَادَ فِي الْمَدِّ عَلَى الْأَلْفِ الَّتِي بَيْنَ اللَّامِ وَالْهَاءِ إلَى حَدٍّ لَا يَرَاهُ أَحَدٌ مِنْ الْقُرَّاءِ وَهُوَ عَالِمٌ بِالْحَالِ فِيمَا يَظْهَرُ ضَرَّ، وَوَصْلُ هَمْزَةِ اللَّهُ أَكْبَرُ بِمَا قَبْلَهَا كَمَا مَرَّ خِلَافُ الْأَوْلَى وَذَهَبَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَى الْكَرَاهَةِ وَيُمْكِنُ رَدُّهُ إلَى الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَبْطُلْ لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ حَرْفًا ثَابِتًا فِي حَالِ الدَّرْجِ وَلَا يَضُرُّ ضَمُّ الرَّاءِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِمَا اعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ تَبَعًا لِلْجِيلِيِّ النَّاقِلِ لَهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ فَقَدْ رَدَّهُ الْجَلَّالُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ لَمْ يَرَ ذَلِكَ فِي الْأُمِّ وَبِأَنَّ الْجِيلِيَّ لَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ قَالَ وَأَمَّا مَا رُوِيَ مِنْ قَوْلِهِ التَّكْبِيرُ جَزْمٌ فَمَعْنَاهُ لَا يُمَدُّ اهـ أَيْ وَيَكُونُ مَعْنَاهُ الْجَزْمَ بِالْمَنْوِيِّ لِيَخْرُجَ بِهِ التَّرَدُّدُ فِيهِ عَلَى أَنَّ الْحَافِظَ ابْنَ حَجَرٍ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الرَّافِعِيِّ بِأَنَّهُ لَا أَصْلَ لَهُ وَإِنَّمَا هُوَ قَوْلُ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ (وَكَذَا) لَا يَضُرُّ (اللَّهُ الْجَلِيلُ أَكْبَرُ) أَيْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَكْبَرُ لِبَقَاءِ النَّظْمِ وَالْمَعْنَى (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي تَضُرُّ الزِّيَادَةُ فِيهِ لِاسْتِقْلَالِهَا بِخِلَافِ الْأَوْلَى وَمِثْلُ ذَلِكَ كُلُّ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ تَعَالَى إذَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ بِمَا عُرِفَا بِخِلَافِ مَا إذَا طَالَ كَاَللَّهِ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ أَكْبَرُ وَالتَّمْثِيلُ بِمَا ذَكَرْته هُوَ مَا فِي التَّحْقِيقِ. فَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ فِيهِ إنَّهُ يَسِيرٌ ضَعِيفٌ وَأَوْلَى مِنْهُ زِيَادَةُ الشَّيْخِ الَّذِي بَعْدَ الْجَلَالَةِ وَلَوْ تَخَلَّلَ غَيْرُ النُّعُوتِ كَاَللَّهِ يَا أَكْبَرُ ضَرَّ مُطْلَقًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ، وَمِثْلُهُ اللَّهُ يَا رَحْمَنُ أَكْبَرُ وَنَحْوُهُ فِيمَا يَظْهَرُ لِإِيهَامِهِ الْإِعْرَاضَ عَنْ التَّكْبِيرِ إلَى الدُّعَاءِ (لَا أَكْبَرُ اللَّهُ) فَإِنَّهُ يَضُرُّ (عَلَى الصَّحِيحِ) أَوْ الْأَكْبَرُ اللَّهُ فَلَا تَنْعَقِدُ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى تَكْبِيرًا، بِخِلَافِ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ فِي التَّحْلِيلِ فَإِنَّهُ يُسَمَّى سَلَامًا كَمَا سَيَأْتِي، وَالثَّانِي لَا يَضُرُّ لِأَنَّ تَقْدِيمَ الْخَبَرِ جَائِزٌ وَالْحِكْمَةُ فِي افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ بِالتَّكْبِيرِ كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ اسْتِحْضَارُ الْمُصَلِّي عَظَمَةَ مَنْ تَهَيَّأَ لِخِدْمَتِهِ وَالْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيْهِ لِيَمْتَلِئَ هَيْبَةً فَيَحْضُرُ قَلْبُهُ وَيَخْشَعُ وَلَا يَعْبَثُ، فَإِنْ قِيلَ: لِمَ اخْتَصَّ انْعِقَادُهَا بِلَفْظِ التَّكْبِيرِ دُونَ لَفْظِ التَّعْظِيمِ؟ قُلْنَا: إنَّمَا اخْتَصَّ بِهِ لِأَنَّ لَفْظَهُ يَدُلُّ عَلَى الْقِدَمِ وَالتَّعْظِيمِ عَلَى وَجْهِ الْمُبَالَغَةِ وَالْأَعْظَمُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْقِدَمِ، وَكُلُّهَا تَقْتَضِي التَّفْخِيمَ إلَّا أَنَّهَا تَتَفَاوَتُ وَلِهَذَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «سُبْحَانَ اللَّهِ نِصْفُ الْمِيزَانِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنَّ تَغْيِيرَ غَيْرِ الْعَالِمِ يَضُرُّ مُطْلَقًا فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ، وَلَوْ قِيلَ بِعَدَمِ الضَّرَرِ فِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ مَعَ الْجَهْلِ لَمْ يَبْعُدْ لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى إلَّا أَنْ يُقَالَ مَا تَغَيَّرَ بِهِ الْمَعْنَى يُخْرِجُ الْكَلِمَةَ عَنْ كَوْنِهَا تَكْبِيرًا وَيُصَيِّرُهَا أَجْنَبِيَّةً وَالصَّلَاةُ وَإِنْ لَمْ تَبْطُلْ بِالْكَلِمَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ لَكِنْ تَبْطُلُ بِنُقْصَانِ رُكْنٍ مُطْلَقًا كَمَا لَوْ جَهِلَ وُجُوبَ الْفَاتِحَةِ عَلَيْهِ فَصَلَّى بِدُونِهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِالْجَاهِلِ هُنَا مَا لَوْ عَلِمَ الْحُكْمَ ثُمَّ نَسِيَهُ (قَوْلُهُ: لَا يَرَاهُ أَحَدٌ مِنْ الْقُرَّاءِ) أَيْ فِي قِرَاءَةٍ غَيْرِ مُتَوَاتِرَةٍ إذْ لَا يُخْرِجُهُ ذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ لُغَةً وَغَايَةُ مِقْدَارِ مَا نُقِلَ عَنْهُمْ عَلَى مَا نَقَلَهُ ابْنُ حَجَرٍ سَبْعُ أَلِفَاتٍ وَتُقَدَّرُ كُلُّ أَلْفٍ بِحَرَكَتَيْنِ وَهُوَ عَلَى التَّقْرِيبِ وَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ بِتَحْرِيكِ الْأَصَابِعِ مُتَوَالِيَةً مُتَقَارِنَةً لِلنُّطْقِ بِالْمَدِّ (قَوْلُهُ: بِمَا قَبْلَهَا) كَأَنْ يَقُولَ مُقْتَدِيًا اللَّهُ أَكْبَرُ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) اُنْظُرْ فِي أَيِّ مَحَلٍّ مَرَّ وَلَعَلَّهُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَتَعَيَّنُ عَلَى الْقَادِرِ اللَّهُ أَكْبَرُ حَيْثُ نَطَقَ بِهَا مَوْصُولَةً، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ هِيَ مَوْصُولَةٌ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ فَنُسِبَ وَصْلُهَا لِلْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ رَدُّهُ إلَى الْأَوَّلِ) أَيْ بِأَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ كَرَاهَةٌ خَفِيفَةٌ لَمْ يَرِدْ فِيهَا نَهْيٌ خَاصٌّ وَلَكِنَّهَا اُسْتُفِيدَتْ مِنْ الْأَمْرِ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى حُرُوفِ التَّكْبِيرِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ لَا أَصْلَ لَهُ) أَيْ قَوْلُهُ التَّكْبِيرُ جَزَمَ (قَوْلُهُ: بِمَا ذَكَرْتُهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ كَ اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ إلَخْ (قَوْلُهُ هُوَ مَا فِي التَّحْقِيقِ) وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ، وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ، وَجَعَلَ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ أَمْثِلَةِ عَدَمِ الضَّرَرِ اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ كَبَّرَ اهـ (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى مِنْهُ) أَيْ بِالضَّعْفِ، وَقَوْلُهُ زِيَادَةُ الشَّيْخِ الَّذِي: أَيْ لَفْظُ الَّذِي مَعَ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ (قَوْلُهُ: لَا أَكْبَرَ اللَّهُ) هَلْ وَلَوْ أَتَى بِأَكْبَرَ ثَانِيًا كَأَنْ قَالَ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: إنْ قَصَدَ الْبِنَاءَ ضَرَّ، وَإِلَّا بِأَنْ قَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ أَوْ أَطْلَقَ فَلَا (قَوْلُهُ: وَالْأَعْظُمُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْقَدَمِ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا، قَالَ بَعْضُهُمْ: ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَوَصْلُ هَمْزَةِ اللَّهُ أَكْبَرُ بِمَا قَبْلَهَا كَمَأْمُومٍ) أَيْ كَوَصْلِهَا بِلَفْظِ مَأْمُومًا، وَالْمَوْجُودُ فِي نُسَخِ الشَّرْحِ لَفْظُ كَمَا مَرَّ تَحْرِيفٌ مِنْ الْكَتَبَةِ، فَإِنَّ الْعِبَارَةَ لِلْإِمْدَادِ وَهِيَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأُولَى) أَيْ الزِّيَادَةِ الْأُولَى الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: كَاَللَّهِ الْأَكْبَرِ إذْ اللَّامُ لَا تَسْتَقِلُّ (قَوْلُهُ يَدُلُّ عَلَى الْقِدَمِ) أَيْ إنْ نَظَرَ إلَى الْكُفْرِ مِنْ حَيْثُ الزَّمَانُ،

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ مِلْءُ مَا بَيْنَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ» وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِكَايَةً عَنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ «الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي وَالْعَظَمَةُ إزَارِي، فَمَنْ نَازَعَنِي فِي شَيْءٍ مِنْهُمَا قَصَمْته وَلَا أُبَالِي» اسْتَعَارَ لِلْكِبْرِيَاءِ الرِّدَاءَ وَلِلْعَظَمَةِ الْإِزَار وَالرِّدَاءُ أَشْرَفُ مِنْ الْإِزَارِ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ وُجُوبُ التَّكْبِيرِ قَائِمًا حَيْثُ يَلْزَمُهُ الْقِيَامُ، وَأَنْ يُسْمِعَ بِهِ نَفْسَهُ إذَا كَانَ صَحِيحَ السَّمْعِ لَا عَارِضَ عِنْدَهُ مِنْ لَغَطٍ أَوْ غَيْرِهِ. وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَقْصِرَهُ بِحَيْثُ لَا يُفْهَمُ وَأَنْ لَا يُمَطِّطَهُ، وَقِصَرُهُ بِأَنْ يُسْرِعَ بِهِ أَوْلَى وَأَنْ يَجْهَرَ بِالتَّكْبِيرَاتِ الْإِمَامُ لَا غَيْرُهُ، إلَّا أَنْ لَا يَبْلُغَ صَوْتُ الْإِمَامِ جَمِيعَ الْمَأْمُومِينَ فَيَجْهَرُ بَعْضُهُمْ وَاحِدٌ أَوْ أَكْثَرُ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ لِيُبَلِّغَ عَنْهُ، وَلَوْ كَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ تَكْبِيرَاتٍ نَاوِيًا بِكُلٍّ مِنْهَا الِافْتِتَاحَ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ بِالْأَوْتَارِ وَخَرَجَ بِالْأَشْفَاعِ، هَذَا إنْ لَمْ يَنْوِ بَيْنَهُمَا خُرُوجًا أَوْ افْتِتَاحًا، وَإِلَّا فَيَخْرُجُ بِالنِّيَّةِ وَيَدْخُلُ بِالتَّكْبِيرِ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِغَيْرِ الْأُولَى شَيْئًا لَمْ يَضُرَّ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ، هَذَا كُلُّهُ مَعَ الْعَمْدِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، أَمَّا مَعَ السَّهْوِ فَلَا بُطْلَانَ. وَلَوْ شَكَّ فِي أَنَّهُ أَحْرَمَ أَوْ لَا فَأَحْرَمَ قَبْلَ أَنْ يَنْوِيَ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ لَمْ تَنْعَقِدْ، لِأَنَّا نَشُكُّ فِي هَذِهِ النِّيَّةِ أَنَّهَا شَفْعٌ أَوْ وِتْرٌ فَلَا تَنْعَقِدُ الصَّلَاةُ مَعَ الشَّكِّ، وَهَذَا مِنْ الْفُرُوعِ النَّفِيسَةِ. وَلَوْ اقْتَدَى بِإِمَامٍ فَكَبَّرَ ثُمَّ كَبَّرَ فَهَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَمَّا شَاعَ أَنْ يُقَالَ لِمَنْ هُوَ أَقْدَمُ مِنْ آخَرَ أَنَّهُ أَكْبَرُ مِنْهُ عَلَى أَنَّ فِعْلَهُ مِنْ بَابِ عَلِمَ دُونَ أَنْ يُقَالَ أَعْظَمُ مِنْهُ. فَإِذَا وُصِفَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بَعْدَ حَذْفِ الْمُفَضَّلِ عَلَيْهِ دَلَالَةً عَلَى الْعُمُومِ صَارَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَقْدَمُ مِنْ كُلِّ قَدِيمٍ، بِخِلَافِ أَعْظَمَ اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ. وَفِي طَبَقَاتِ التَّاجِ السُّبْكِيّ فِي تَرْجَمَةِ الْغَزَالِيِّ فَقَالَ: يَعْنِي أَبَا حَنِيفَةَ الْمَقْصُودُ مِنْ كَلِمَةِ التَّكْبِيرِ الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ بِالْكِبْرِيَاءِ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَرْجَمَتِهِ بِكُلِّ لِسَانٍ وَبَيْنَ قَوْلِهِ اللَّهُ أَعْظَمُ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِمَ عَلِمْت أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي صِفَاتِ اللَّهِ بَيْنَ الْعَظَمَةِ وَالْكِبْرِيَاءِ؟ مَعَ أَنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ «الْعَظَمَةُ إزَارِي وَالْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي» وَالرِّدَاءُ أَشْرَفُ مِنْ الْإِزَارِ إلَخْ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ فَمَنْ نَازَعَنِي) أَيْ بِأَنْ حَاوَلَ اتِّصَافَهُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِأَنْ اعْتَقَدَ فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ أَعْظَمُ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ أَكْبَرُ مِنْ غَيْرِهِ، بَلْ أَوْ أَنَّهُ عَظِيمٌ وَإِنْ لَمْ يَرَ أَنَّهُ أَعْظَمُ مِنْ غَيْرِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ إنْ أَدَّى إلَى اسْتِنْقَاصِ غَيْرِهِ مِنْ النَّاسِ مُعَيَّنًا، أَمَّا فِي الْحَيَوَانِ مِنْ حَيْثُ الْخَلْقُ فَحَرَامٌ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ فِي قِيَامِهِ أَوْ بَدَلَهُ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَقْصِرَهُ) عِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: قَصَرْت الصَّلَاةَ وَمِنْهَا قَصْرًا مِنْ بَابِ قَتَلَ هَذِهِ اللُّغَةُ الْعَالِيَةُ الَّتِي جَاءَ بِهَا الْقُرْآنُ، قَالَ تَعَالَى {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} [النساء: 101] وَقُصِرَتْ الصَّلَاةُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فَهِيَ مَقْصُورَةٌ وَفِي حَدِيثِ «أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ» وَفِي لُغَةٍ يَتَعَدَّى بِالْهَمْزَةِ وَالتَّضْعِيفِ فَيُقَالُ أَقْصَرْتُهَا وَقَصَرْتُهَا اهـ (قَوْلُهُ: أَوْلَى) أَيْ لِأَنَّهُ يَكُونُ أَقْرَبَ لِاسْتِحْضَارِ النِّيَّةِ فِي جَمِيعِهِ (قَوْلُهُ: الْإِمَامُ لَا غَيْرُهُ) أَيْ وَإِذَا جَهَرَ اُشْتُرِطَ أَنْ يَقْصِدَ بِتَكْبِيرِهِ الذِّكْرَ وَلَوْ مَعَ الْإِعْلَامِ، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ وَغَيْرُهَا (قَوْلُهُ: هَذَا إنْ لَمْ يَنْوِ بَيْنَهُمَا خُرُوجًا) أَيْ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ تَرَدُّدٌ فِي النِّيَّةِ مَعَ طُولٍ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَعَ السَّهْوِ) أَيْ كَأَنْ نَسِيَ كَوْنَهُ أَحْرَمَ أَوَّلًا فَكَبَّرَ قَاصِدًا الْإِحْرَامَ (قَوْلُهُ: فَأَحْرَمَ قَبْلَ أَنْ يَنْوِيَ) أَيْ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ، فَإِنْ طَالَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِلتَّرَدُّدِ (قَوْلُهُ لَمْ تَنْعَقِدْ) أَيْ هَذِهِ النِّيَّةُ، ثُمَّ إنْ عَلِمَ عَنْ قُرْبٍ أَنَّهُ أَحْرَمَ قَبْلَ تَبَيُّنِ انْعِقَادِ صَلَاتِهِ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ اقْتَدَى بِإِمَامٍ) أَيْ أَرَادَ الِاقْتِدَاءَ لِقَوْلِهِ بَعْدُ: فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ الِاقْتِدَاءُ إلَخْ، وَيُمْكِنُ بَقَاؤُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ: فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ إلَخْ عَلَى مَعْنَى: فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ الْبَقَاءُ عَلَى الْقُدْرَةِ، وَيُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ الْآتِي، وَمُقْتَضَاهُ الْبَقَاءُ فِي مَسْأَلَتِنَا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَكَبَّرَ ثُمَّ كَبَّرَ) أَيْ الْإِمَامُ ـــــــــــــــــــــــــــــQيُقَالُ: فُلَانٌ أَكْبَرُ مِنْ فُلَانٍ: أَيْ أَقْدَمُ مِنْهُ فِي الزَّمَانِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ) هَذَا لَمْ يُعْلَمْ مِمَّا تَقَدَّمَ فَفِيهِ مُسَامَحَةٌ إذْ النُّطْقُ لَا يَسْتَلْزِمُ إسْمَاعَ نَفْسِهِ

يَجُوزُ لَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ قَطَعَ النِّيَّةَ وَنَوَى الْخُرُوجَ مِنْ الْأُولَى أَوْ يَمْتَنِعُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ قَطْعِهِ لِلنِّيَّةِ الْأُولَى؟ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ تَنَحْنَحَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ يَحْمِلُهُ عَلَى السَّهْوِ وَلَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ فِي الْأَصَحِّ، وَمُقْتَضَاهُ الْبَقَاءُ فِي مَسْأَلَتِنَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَإِنْ ذَهَبَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إلَى أَنَّ الْمُتَّجَهَ الِامْتِنَاعُ لِأَنَّ إفْسَادَ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ صِحَّتُهُ لَا يُتَابِعُهُ فِيهِ بِخِلَافِ مَا يَعْرِضُ فِي الْأَثْنَاءِ بَعْدَ عَقْدِ الصِّحَّةِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ فَقِيهًا لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِثْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اهـ. عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُمْنَعُ قَوْلُهُ فِي فَرْقِهِ إنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ صِحَّتَهُ. وَلَوْ أَحْرَمَ بِرَكْعَتَيْنِ وَكَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ ثُمَّ كَبَّرَ لَهُ أَيْضًا بِنِيَّةِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ فَهَذَا يَحْتَمِلُ الْإِبْطَالَ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْفُضْ النِّيَّةَ الْأُولَى بَلْ زَادَ عَلَيْهَا فَتَبْطُلُ وَلَا تَنْعَقِدُ الثَّانِيَةُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَيَحْتَمِلُ الصِّحَّةَ لِأَنَّ نِيَّةَ الزِّيَادَةِ كَنِيَّةِ صَلَاةٍ مُسْتَأْنَفَةٍ. (وَمَنْ عَجَزَ) وَهُوَ نَاطِقٌ عَنْ إتْيَانِهِ بِالتَّكْبِيرِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ التَّعَلُّمِ فِي الْوَقْتِ (تَرْجَمَ) حَتْمًا بِأَيِّ لُغَةٍ كَانَتْ مِنْ فَارِسِيَّةٍ وَسُرْيَانِيَّةٍ وَعِبْرَانِيَّةٍ وَغَيْرِهَا فَيَأْتِي بِمَدْلُولِ التَّكْبِيرِ بِتِلْكَ اللُّغَةِ إذْ لَا إعْجَازَ فِيهِ، بِخِلَافِ الْفَاتِحَةِ حَيْثُ لَا يُتَرْجِمُ عَنْهَا لِأَنَّ الْقُرْآنَ مُعْجِزٌ (وَوَجَبَ التَّعْلِيمُ إنْ قَدَرَ) عَلَيْهِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ التَّكْبِيرُ وَالْفَاتِحَةُ وَالتَّشَهُّدُ وَمَا بَعْدَهُ وَلَوْ بِسَفَرٍ أَطَاقَهُ وَإِنْ طَالَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ، لِأَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ السَّفَرُ لِلْمَاءِ عَلَى فَاقِدِهِ لِدَوَامِ نَفْعِ هَذَا بِخِلَافِهِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ لِأَجْلِ التَّعَلُّمِ إلَّا أَنْ يَضِيقَ وَقْتُهَا فَلَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ لِلْقَادِرِ عَلَيْهِ مَا دَامَ الْوَقْتُ مُتَّسَعًا، إذْ لَوْ جَازَتْ لَهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّعَلُّمُ أَصْلًا لِأَنَّهُ بَعْدَ أَنْ صَلَّى لَا يَلْزَمُهُ التَّعَلُّمُ فِي هَذَا الْوَقْتِ وَفِي الْوَقْتِ الثَّانِي مِثْلُهُ، وَإِنَّمَا جَازَ التَّيَمُّمُ أَوَّلَ الْوَقْتِ مَعَ تَيَقُّنِ الْمَاءِ آخِرَهُ لِأَنَّ وُجُودَهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِفِعْلِهِ، فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ صَلَّى لِحُرْمَتِهِ وَأَعَادَ كَكُلِّ صَلَاةٍ تَرَكَ التَّعَلُّمَ لَهَا مَعَ إمْكَانِهِ، وَإِمْكَانُهُ مُعْتَبَرٌ مِنْ الْإِسْلَامِ فِيمَنْ طَرَأَ عَلَيْهِ، وَفِي غَيْرِهِ يُتَّجَهُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ أَنْ يُعْتَبَرَ مِنْ تَمْيِيزِهِ لِكَوْنِ الْأَرْكَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَرَّتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَنَوَى) عَطْفٌ عَلَى قَطَعَ عَطْفُ سَبَبٍ عَلَى مُسَبَّبٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ إفْسَادَ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ) أَيْ إفْسَادَ فِعْلٍ لَمْ يَتَحَقَّقْ صِحَّتُهُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ هُنَا شَكَّ فِي انْعِقَادِ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَهِيَ فَاسِدَةٌ عَلَى احْتِمَالٍ فَلَا يُتَابِعُهُ فِيهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَنَحْنَحَ فِي صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ تَحَقَّقَ مِنْهُ الصِّحَّةُ وَشَكَّ فِي الْمُبْطِلِ بِالْإِتْيَانِ بِالثَّانِيَةِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، لَا يُقَالُ: هُوَ هُنَا كَذَلِكَ لِأَنَّهُ هُنَا عَلِمَ الصِّحَّةَ بِنِيَّتِهِ الْأُولَى وَشَكَّ فِي الْمُبْطِلِ بِالْإِتْيَانِ بِالثَّانِيَةِ. لِأَنَّا نَقُولُ: يَجُوزُ أَنَّ إتْيَانَهُ بِالثَّانِيَةِ لِعِلْمِهِ أَوْ ظَنِّهِ فَسَادَ الْأُولَى فَتَكُونُ الثَّانِيَةُ الصَّحِيحَةُ، وَإِنْ قَصَدَ بِهَا الِافْتِتَاحَ بَعْدَ صِحَّةِ الْأُولَى فَتَبْطُلُ، وَلَعَلَّ مَا ذُكِرَ مِنْ السُّؤَالِ هُوَ الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُمْنَعُ (قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ) أَيْ الْإِمَامُ فَقِيهًا: أَيْ فَلَا يَفْعَلُ مَا يُؤَدِّي لِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ (قَوْلُهُ: إنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ صِحَّتَهُ) أَيْ لِأَنَّا تَحَقَّقْنَا صِحَّتَهُ بِالْأُولَى وَشَكَكْنَا فِي الْمُبْطِلِ (قَوْلُهُ فَهَذَا يَحْتَمِلُ الْإِبْطَالَ) أَيْ إبْطَالَ الصَّلَاةِ بِالتَّكْبِيرِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: فَتَبْطُلُ) أَيْ النِّيَّةُ الْأُولَى (قَوْلُهُ كَنِيَّةِ صَلَاةٍ مُسْتَأْنَفَةٍ) أَيْ فَيَتَضَمَّنُ قَطْعَ الْأُولَى. (قَوْلُهُ: تَرْجَمَ حَتْمًا بِأَيِّ لُغَةٍ كَانَتْ) أَيْ فَلَوْ عَجَزَ عَنْ التَّرْجَمَةِ هَلْ يَنْتَقِلُ إلَى ذِكْرٍ آخَرَ أَوْ يَسْقُطُ التَّكْبِيرُ بِالْكُلِّيَّةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي أَخْذًا مِنْ مُقْتَضَى عَدَمِ التَّعَرُّضِ لَهُ فَلْيُرَاجَعْ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي. قُلْت: الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ جَوَازُ التَّفْرِقَةِ إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ وَمِثْلُ ذَلِكَ قَدَّرْته عَلَى الذَّكَرِ قَبْلَ أَنْ تَمْضِيَ وَقْفَةٌ بِقَدْرِ الْفَاتِحَةِ فَيَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ بِهِ، وَهَذَا غَيْرُ خَاصٍّ بِالْفَاتِحَةِ بَلْ يَطَّرِدُ فِي التَّكْبِيرِ وَالتَّشَهُّدِ اهـ يَقْتَضِي خِلَافَهُ (قَوْلُهُ: إذْ لَا إعْجَازَ فِيهِ) أَيْ التَّكْبِيرِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِسَفَرٍ أَطَاقَهُ) الظَّاهِرُ مِنْ أَطَاقَهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الرَّاحِلَةِ لِمَا فِي الْمَشْيِ مِنْ الْمَشَقَّةِ حَيْثُ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ كَمَا فِي الْحَجِّ، وَيَحْتَمِلُ الْفَرْقَ فَيَجِبُ السَّفَرُ مَاشِيًا حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ فَوْرِيَّةٌ، فَحَيْثُ قَدَرَ عَلَى تَحْصِيلِ مَا يُعْتَبَرُ فِيهَا وَجَبَ مُطْلَقًا، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا نَصُّهُ: وَلَوْ بِسَفَرٍ لَكِنْ إنْ وَجَدَ الْمُؤَنَ الْمُعْتَبَرَةَ فِي الْحَجِّ فِيمَا يَظْهَرُ وَإِنْ أَمْكَنَ الْفَرْقُ بِأَنَّ هَذَا فَوْرِيٌّ لِأَنَّهُ لَا ضَابِطَ يَظْهَرُ هُنَا إلَّا مَا قَالُوهُ ثَمَّ. نَعَمْ لَوْ قِيلَ هُنَا يَجِبُ الْمَشْيُ عَلَى مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَالشُّرُوطِ لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ الصَّبِيِّ وَالْبَالِغِ، وَيَطَّرِدُ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ نَظَائِرِهِ وَقَدْ يُنَازَعُ فِيهِ، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ مُؤَاخَذَتِهِ بِمَا مَضَى فِي زَمَنِ صِبَاهُ، وَيَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ تَعْلِيمُ غُلَامِهِ الْعَرَبِيَّةَ لِأَجْلِ التَّكْبِيرِ وَنَحْوِهِ أَوْ تَخْلِيَتُهُ لِيَكْتَسِبَ أُجْرَةَ مُعَلِّمِهِ، فَإِنْ لَمْ يُعَلِّمْهُ وَاسْتَكْسَبَهُ عَصَى بِذَلِكَ. أَمَّا الْعَاجِزُ لِنَحْوِ خَرَسٍ فَيَجِبُ تَحْرِيكُ لِسَانِهِ وَشَفَتَيْهِ وَلَهَاتِهِ بِالتَّكْبِيرِ قَدْرَ إمْكَانِهِ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَهَكَذَا حُكْمُ تَشَهُّدِهِ وَسَلَامِهِ وَسَائِرِ أَذْكَارِهِ، قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: فَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ نَوَاهُ بِقَلْبِهِ كَمَا فِي الْمَرِيضِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ كَانَ مُرَادُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ بِذَلِكَ مَنْ طَرَأَ خَرَسُهُ أَوْ خَبِلَ لِسَانُهُ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ الْقِرَاءَةَ وَغَيْرَهَا مِنْ الذِّكْرِ الْوَاجِبِ فَهُوَ وَاضِحٌ، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُحَرِّكُ لِسَانَهُ وَشَفَتَيْهِ وَلَهَوَاتِهِ بِالْقِرَاءَةِ عَلَى مَخَارِجِ الْحُرُوفِ، وَيَكُونُ كَنَاطِقٍ انْقَطَعَ صَوْتُهُ فَيَتَكَلَّمُ بِالْقُوَّةِ وَلَا يَسْمَعُ صَوْتَهُ، وَإِنْ أَرَادُوا أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ بَعِيدٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ الْأَوَّلُ، وَإِلَّا لَأَوْجَبُوا تَحْرِيكَهُ عَلَى النَّاطِقِ الَّذِي لَا يُحْسِنُ شَيْئًا إذْ لَا يَتَقَاعَدُ حَالُهُ عَنْ الْأَخْرَسِ خِلْقَةً، وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَا يُرِيدَ الْأَئِمَّةُ مَنْ طَرَأَ خَرَسُهُ فَأَقَلُّ الدَّرَجَاتِ أَنْ يُقَالَ: لَا بُدَّ أَنْ يُسْمِعَ الْأَخْرَسَ الْقِرَاءَةَ وَالذِّكْرَ بِحَيْثُ يَحْفَظُهُمَا بِقَلْبِهِ. (وَيُسَنُّ) لِلْمُصَلِّي وَلَوْ امْرَأَةً (رَفْعُ يَدَيْهِ) وَإِنْ اضْطَجَعَ (فِي تَكْبِيرِهِ) لِلْإِحْرَامِ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ مُسْتَقْبِلًا بِكَفَّيْهِ الْقِبْلَةَ مُمِيلًا أَطْرَافَ أَصَابِعِهِمَا نَحْوَهَا كَمَا ذَكَرَهُ الْمَحَامِلِيُّ، وَإِنْ ذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ غَرِيبٌ كَأَشْغَالِهِمَا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَصَرَّحَ جَمَاعَةٌ بِكَرَاهَةِ خِلَافِهِ مُفَرِّقًا أَصَابِعَهُ تَفْرِيقًا وَسَطًا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَإِنْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إنَّ الْمَشْهُورَ عَدَمُ التَّقْيِيدِ بِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْيَدَيْنِ هُنَا الْكَفَّانِ وَيَرْفَعُهُمَا (حَذْوَ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ: أَيْ مُقَابِلَ (مَنْكِبَيْهِ) بِحَيْثُ يَكُونُ رَأْسُ إبْهَامَيْهِ مُقَابِلًا شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ، وَرَأْسُ بَقِيَّةِ أَصَابِعِهِ مُقَابِلًا لِأَعْلَى أُذُنَيْهِ، وَكَفَّاهُ مُقَابِلَتَيْنِ لِمَنْكِبَيْهِ، وَهَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ جَمَعَ بِهَا الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَيْنَ الرِّوَايَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ فِي ذَلِكَ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، بَلْ قَالَ الْبُخَارِيُّ: رَوَى الرَّفْعَ سَبْعَةَ عَشَرَ صَحَابِيًّا وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ خِلَافُهُ، وَحِكْمَتُهُ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إعْظَامُ إجْلَالِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَجَاءُ ثَوَابِهِ وَالِاقْتِدَاءُ بِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَوَجْهُ الْإِعْظَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَإِنْ طَالَ كَمَنْ لَزِمَهُ الْحَجُّ فَوْرًا لَمْ يَبْعُدْ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا لَا يَتِمُّ إلَخْ وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا قُلْنَاهُ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) أَيْ خِلَافُ قَوْلِهِ مِنْ التَّمْيِيزِ فَيَكُونُ مِنْ الْبُلُوغِ (قَوْلُهُ: لِأَجْلِ التَّكْبِيرِ وَنَحْوِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يَخْلُصُ مِنْ الْإِثْمِ بِتَعْلِيمِهِ مِنْ الْعَرَبِيَّةِ مَا يَتَمَكَّنُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُعَلِّمْهُ وَاسْتَكْسَبَهُ) أَيْ فَحَيْثُ لَمْ يَسْتَكْسِبْهُ فَلَا عِصْيَانَ لِإِمْكَانِ أَنْ يَتَعَلَّمَ وَلَوْ بِإِيجَارِ نَفْسِهِ. وَلَا يُقَالُ: الْعَبْدُ لَا يُؤَجِّرُ نَفْسَهُ. لِأَنَّا نَقُولُ: الشَّرْعُ جَعَلَ لَهُ الْوِلَايَةَ عَلَى نَفْسِهِ فِيمَا يَضْطَرُّ إلَيْهِ وَهَذِهِ مِنْهُ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَلْجَأَهُ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَهَاتِهِ بِالْقِرَاءَةِ) وَهِيَ الْهَنَةُ الْمُنْطَبِقَةُ فِي أَقْصَى سَقْفِ الْفَمِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ (قَوْلُهُ: أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ بِأَنْ أَرَادُوا مَا يَشْمَلُ الْخَرَسَ الطَّارِئَ وَالْأَصْلِيَّ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ الْأَوَّلُ) أَيْ مَنْ طَرَأَ خَرَسُهُ، وَخَرَجَ بِهِ الْخِلْقِيُّ فَلَا يَجِبُ مَعَهُ تَحْرِيكُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُحْسِنُ شَيْئًا مِنْ الْحُرُوفِ حَتَّى يُحَرِّكَ لِسَانَهُ بِهِ، فَلَوْ حَرَّكَ لِسَانَهُ وَشَفَتَيْهِ مِنْ غَيْرِ شُعُورٍ بِشَيْءٍ مِنْ الْحُرُوفِ لَمْ تَبْطُلْ، كَمَا لَوْ حَرَّكَ أَصَابِعَهُ فِي حَكٍّ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّ هَذِهِ حَرَكَاتٌ خَفِيفَةٌ وَهِيَ لَا تُبْطِلُ وَإِنْ كَثُرَتْ، وَفِي سم عَلَى بَهْجَةٍ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مُبْطِلًا اهـ. وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ وَيُقَالُ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ نَعَمْ إنْ فُرِضَ تَصَوُّرُهُ لِلْحُرُوفِ كَأَنْ سَمِعَ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ فَانْتَقَشَ فِي ذِهْنِهِ صُوَرُ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ وَجَبَ التَّحْرِيكُ. (قَوْلُهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ كَمَا هُوَ اصْطِلَاحُ الْمُحَدِّثِينَ (قَوْلُهُ: وَحِكْمَتُهُ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ) وَهَذِهِ الْحِكْمَةُ مُطَّرِدَةٌ فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُطْلَبُ فِيهَا الرَّفْعُ (قَوْلُهُ: إعْظَامُ إجْلَالِ) هُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَاسْتَكْسَبَهُ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ فِي الْعِصْيَانِ، بَلْ الْعِصْيَانُ ثَابِتٌ إذَا لَمْ يَعْلَمْهُ وَلَمْ يُخِلَّهُ لِيَكْتَسِبَ أُجْرَةَ الْمُعَلِّمِ كَأَنْ حَبَسَهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَدَّمَهُ قَبْلَ هَذَا (قَوْلُهُ: وَوَجْهُ الْإِعْظَامِ إلَخْ) سَكَتَ عَنْ وَجْهِ رَجَاءِ الثَّوَابِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ رَجَاءُ

مَا تَضَمَّنَهُ الْجَمْعُ بَيْنَ مَا يُمْكِنُ مِنْ انْعِقَادِ الْقَلْبِ عَلَى كِبْرِيَائِهِ تَعَالَى وَعَظَمَتِهِ وَالتَّرْجَمَةِ عَنْهُ بِاللِّسَانِ وَإِظْهَارِ مَا يُمْكِنُ إظْهَارُهُ بِهِ مِنْ الْأَرْكَانِ. وَقِيلَ لِلْإِشَارَةِ إلَى تَوْحِيدِهِ، وَقِيلَ لِيَرَاهُ مَنْ لَا يَسْمَعُ تَكْبِيرَهُ فَيَقْتَدِيَ بِهِ، وَقِيلَ إشَارَةٌ إلَى طَرْحِ مَا سِوَاهُ تَعَالَى وَالْإِقْبَالِ بِكُلِّهِ عَلَى صَلَاتِهِ، وَلَوْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الرَّفْعُ إلَّا بِزِيَادَةٍ عَلَى الْمَشْرُوعِ أَوْ نَقْصٍ عَنْهُ أَتَى بِمَا يُمْكِنُهُ، فَإِنْ أَمْكَنَاهُ أَتَى بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْمَشْرُوعِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ أَوْ تَعَسَّرَ رَفْعُ إحْدَى يَدَيْهِ رَفَعَ الْأُخْرَى، وَيَرْفَعُ الْأَقْطَعُ إلَى حَدٍّ لَوْ كَانَ سَلِيمًا وَصْلَ كَفَّهُ وَأَصَابِعَهُ الْهَيْئَةَ الْمَشْرُوعَةَ، وَلَوْ تَرَكَ الرَّفْعَ وَلَوْ عَمْدًا حَتَّى شَرَعَ فِي التَّكْبِيرِ رَفَعَ أَثْنَاءَهُ لَا بَعْدَهُ لِزَوَالِ سَبَبِهِ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الرَّفْعِ وَتَفْرِيقِ أَصَابِعِهِ وَكَوْنِهِ وَسَطًا وَإِلَى الْقِبْلَةِ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، وَإِذَا فَعَلَ شَيْئًا مِنْهَا أُثِيبَ عَلَيْهِ وَفَاتَهُ الْكَمَالُ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرُّوهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ قَبْلَ الرَّفْعِ وَالتَّكْبِيرِ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ وَيُطْلِقُ رَأْسَهُ قَلِيلًا وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ (وَالْأَصَحُّ) فِي زَمَنِ ذَلِكَ (رَفْعُهُ مَعَ ابْتِدَائِهِ) أَيْ التَّكْبِيرِ وَانْتِهَاؤُهُ مَعَ انْتِهَائِهِ أَيْ انْتِهَاءِ الرَّفْعِ مَعَ انْتِهَاءِ التَّكْبِيرِ، وَيَحُطُّهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَالْمَجْمُوعِ وَالتَّنْقِيحِ خِلَافًا لِمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا مِنْ أَنَّهُ تُسَنُّ الْمَعِيَّةُ فِي الِابْتِدَاءِ دُونَ الِانْتِهَاءِ وَإِنْ جَزَمَ بِهِ الْجَوْجَرِيُّ وَصَاحِبُ الْإِسْعَادِ وَالْخِلَافُ فِي الْأَفْضَلِ فَقَطْ. (وَيَجِبُ قَرْنُ النِّيَّةِ بِالتَّكْبِيرِ) أَيْ بِجَمِيعِ تَكْبِيرِ التَّحَرُّمِ لِأَنَّهُ أَوَّلُ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ فَوَجَبَ مُقَارَنَتُهَا بِذَلِكَ كَالْحَجِّ وَغَيْرِهِ، إلَّا الصَّوْمُ لِمَا مَرَّ بِأَنْ يَسْتَحْضِرَ فِي ذِهْنِهِ ذَاتَ الصَّلَاةِ وَمَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ بِهِ مِنْ صِفَاتِهَا، ثُمَّ يَقْصِدَ فِعْلَ ذَلِكَ الْمَعْلُومِ وَيَجْعَلُ قَصْدَهُ هَذَا مُقَارِنًا لِأَوَّلِ التَّكْبِيرِ وَلَا يَغْفُلُ عَنْ تَذَكُّرِهِ حَتَّى يُتِمَّ تَكْبِيرَهُ وَلَا يُجْزِيهِ تَوْزِيعُهُ عَلَيْهِ، فَلَوْ عَزَبَتْ قَبْلَ تَمَامِهِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ لِأَنَّ النِّيَّةَ مُعْتَبَرَةٌ فِي الِانْعِقَادِ، وَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِتَمَامِ التَّكْبِيرَةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ مُقَارَنَةُ النِّيَّةِ لِلْجَلِيلِ مَثَلًا لَوْ قَالَ اللَّهُ الْجَلِيلُ أَكْبَرُ وَهُوَ مَا بَحَثَهُ صَالِحُ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ: وَإِلَّا لَصَدَقَ أَنَّهُ تَخَلَّلَ فِي التَّكْبِيرِ عَدَمُ الْمُقَارَنَةِ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافُهُ، وَأَنَّ كَلَامَهُمْ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ مِنْ عَدَمِ زِيَادَةِ شَيْءٍ بَيْنَ لَفْظَيْ التَّكْبِيرِ، فَلَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى اشْتِرَاطِ الْمُقَارَنَةِ فِيمَا عَدَا لَفْظَيْ التَّكْبِيرِ نَظَرًا لِلْمَعْنَى، إذْ الْمُعْتَبَرُ اقْتِرَانُهَا بِاللَّفْظِ الَّذِي يَتَوَقَّفُ الِانْعِقَادُ عَلَيْهِ وَهُوَ اللَّهُ أَكْبَرُ فَلَا يُشْتَرَطُ اقْتِرَانُهَا بِمَا تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا، وَلَمَّا كَانَ الزَّمَنُ يَسِيرًا لَمْ يَقْدَحْ عُزُوبُهَا بَيْنَهُمَا لِشَبَهِهِ بِسَكْتَةِ التَّنَفُّسِ وَالْعِيِّ، وَلَا يَجِبُ اسْتِصْحَابُهَا بَعْدَ التَّكْبِيرِ لِلْعُسْرِ لَكِنَّهُ يُسَنُّ ـــــــــــــــــــــــــــــSمُتَرَادِفَانِ وَالْمُرَادُ الْمُبَالَغَةُ فِي الْإِجْلَالِ وَهُوَ التَّعْظِيمُ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ رَفْعُ يَدَيْهِ إلَخْ، لَكِنَّهُ عَلَى هَذَا كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: رَفْعُ يَدَيْهِ وَكَوْنُهُ مُسْتَقْبِلًا إلَخْ، بِزِيَادَةِ الْعَاطِفِ فِي كُلٍّ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ إلَخْ) أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ نَجَاسَةٌ أَوْ نَحْوُهَا تَمْنَعُهُ السُّجُودَ. (قَوْلُهُ: مُقَارِنًا لِأَوَّلِ التَّكْبِيرِ) فَيَكُونُ كَمَا لَوْ نَظَرَ بِبَصَرِهِ إلَى شَيْءٍ قُبَيْلَ الشُّرُوعِ فِي التَّكْبِيرِ، وَأَدَامَ نَظَرَهُ إلَيْهِ إلَى تَمَامِهِ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَحَدُ وَجْهَيْنِ. قَالَ ع: قَالَ السُّبْكِيُّ: اخْتَلَفُوا فِي هَذَا الِاسْتِصْحَابِ فَقِيلَ الْمُرَادُ أَنْ يَسْتَمِرَّ اسْتِحْضَارُهَا إلَى آخِرِهِ، قَالَ: وَلَكِنَّ اسْتِحْضَارَ النِّيَّةِ لَيْسَ بِنِيَّةٍ، وَإِيجَابُ مَا لَيْسَ بِنِيَّةٍ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ. وَقِيلَ يُوَالِي أَمْثَالَهَا فَإِذَا وُجِدَ الْقَصْدُ الْمُعْتَبَرُ أَوَّلًا جَدَّدَ مِثْلَهُ وَهَكَذَا مِنْ غَيْرِ تَخَلُّلِ زَمَنٍ، وَلَيْسَ تَكْرَارُ النِّيَّةِ كَتَكَرُّرِ التَّكْبِيرِ كَيْ لَا يَضُرَّ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِالْفِرَاعِ مِنْ التَّكْبِيرِ، قَالَ: وَهَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّوَابِ بِذَلِكَ الْإِعْظَامِ (قَوْلُهُ: عَلِيَّ كِبْرِيَائِهِ) لَفْظَةُ عَلِيَّ بِكَسْرِ اللَّامِ اسْمٌ بِمَعْنَى عُلُوٍّ، فَهُوَ مَفْعُولُ اعْتِقَادٍ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لِلْإِشَارَةِ إلَى تَوْحِيدِهِ) اُنْظُرْ مَا وَجْهَهُ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ) أَيْ فِي الْحِكْمَةِ غَيْرُ مَا مَرَّ عَنْ الشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ:، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ) أَيْ الرَّفْعَ الْمَطْلُوبَ مَعَ التَّكْبِيرِ وَإِنْ أَوْهَمَتْ الْعِبَارَةُ خِلَافَهُ (قَوْلُهُ: وَمَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ مِنْ صِفَاتِهَا) أَيْ مِنْ التَّعْيِينِ أَوْ، وَالْفَرْضِيَّةِ، وَالْمُرَادُ بِذَاتِ الصَّلَاةِ الْأَفْعَالُ، وَالْأَقْوَالُ الْمَخْصُوصَةُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْصُلُ) أَيْ الِانْعِقَادُ

[الثالث من أركان الصلاة القيام]

(وَقِيلَ يَكْفِي) قَرْنُهَا (بِأَوَّلِهِ) وَلَا يَجِبُ اسْتِصْحَابُهَا إلَى آخِرِهِ وَقِيلَ يَجِبُ بَسْطُهَا عَلَيْهِ. (الثَّالِثُ) مِنْ أَرْكَانِهَا (الْقِيَامُ فِي فَرْضِ الْقَادِرِ) عَلَيْهِ شَمَلَ فَرْضَ الصَّبِيِّ وَالْعَارِي وَالْفَرِيضَةُ الْمُعَادَةُ وَالْمَنْذُورَةُ، فَيَجِبُ حَالَةَ التَّحَرُّمِ إجْمَاعًا، وَهُوَ مُرَادُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا بِقَوْلِهِمَا يَجِبُ أَنْ يُكَبِّرَ قَائِمًا حَيْثُ يَجِبُ الْقِيَامُ، وَلِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ» ، زَادَ النَّسَائِيّ «فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَمُسْتَلْقِيًا {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] » وَإِنَّمَا أَخَّرُوا الْقِيَامَ عَنْ النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ مَعَ تَقَدُّمِهِ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا رُكْنَانِ فِي كُلِّ صَلَاةٍ بِخِلَافِهِ، وَلِأَنَّهُ قَبْلَهُمَا شَرْطٌ وَرُكْنِيَّتُهُ إنَّمَا هِيَ مَعَهُمَا وَبَعْدَهُمَا. وَعُلِمَ أَنَّهُمْ أَوْجَبُوا الذِّكْرَ فِي قِيَامِ الصَّلَاةِ وَجُلُوسِ التَّشَهُّدِ وَلَمْ يُوجِبُوهُ فِي الرُّكُوعِ وَلَا فِي السُّجُودِ لِأَنَّ الْقِيَامَ وَالْقُعُودَ يَقَعَانِ لِلْعِبَادَةِ وَالْعَادَةِ فَاحْتِيجَ إلَى ذِكْرٍ يُخَلِّصُهُمَا لِلْعِبَادَةِ، وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ يَقَعَانِ خَالِصَيْنِ لِلَّهِ تَعَالَى إذْ هُمَا لَا يَقَعَانِ إلَّا لِلْعِبَادَةِ فَلَمْ يَجِبْ ذِكْرٌ فِيهِمَا، وَيُسَنُّ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ قَدَمَيْهِ بِشِبْرٍ خِلَافًا لِقَوْلِ الْأَنْوَارِ بِأَرْبَعِ أَصَابِعَ، فَقَدْ صَرَّحُوا بِالشِّبْرِ فِي تَفْرِيقِ رُكْبَتَيْهِ فِي السُّجُودِ (وَشَرْطُهُ نَصْبُ فَتَارِهِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ: أَيْ عِظَامِهِ الَّتِي هِيَ مَفَاصِلُهُ، لِأَنَّ اسْمَ الْقِيَامِ دَائِرٌ مَعَهُ فَلَا يَضُرُّ إطْرَاقُ الرَّأْسِ بَلْ يُسَنُّ، وَلَا الِاسْتِنَادُ إلَى نَحْوِ جِدَارٍ وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ رَفَعَ لَسَقَطَ لِوُجُودِ اسْمِ الْقِيَامِ لَكِنْ يُكْرَهُ الِاسْتِنَادُ. نَعَمْ لَوْ اسْتَنَدَ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ رَفْعُ قَدَمَيْهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ مُعَلِّقٌ نَفْسَهُ وَلَيْسَ بِقَائِمٍ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ صِحَّةُ قَوْلِ الْعَبَّادِيِّ: يَجِبُ وَضْعُ الْقَدَمَيْنِ عَلَى الْأَرْضِ، فَلَوْ أَخَذَ اثْنَانِ بِعَضُدِهِ وَرَفَعَاهُ فِي الْهَوَاءِ حَتَّى صَلَّى لَمْ تَصِحَّ، وَلَا يَضُرُّ قِيَامُهُ عَلَى ظَهْرِ قَدَمَيْهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي اسْمَ الْقِيَامِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ نَظِيرُهُ فِي السُّجُودِ لِأَنَّ اسْمَهُ يُنَافِي وَضْعَ الْقَدَمَيْنِ الْمَأْمُورِ بِهِ، ثُمَّ وَخَرَجَ بِالْفَرْضِ النَّفَلُ وَبِالْقَادِرِ الْعَاجِزُ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُمَا. وَاسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ مَسَائِلُ: مِنْهَا مَا لَوْ خَافَ رَاكِبُ سَفِينَةٍ غَرَقًا أَوْ دَوَرَانَ رَأْسٍ فَإِنَّهُ يُصَلِّي قَاعِدًا وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، زَادَ فِي الْكِفَايَةِ: وَإِنْ أَمْكَنَتْهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْأَرْضِ، وَمُنَازَعَةُ الْأَذْرَعِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ فِيهِ بِنُدْرَةِ ذَلِكَ مَمْنُوعَةٌ، وَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ: تَجِبُ الْإِعَادَةُ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْعَجْزُ لِلزِّحَامِ لِنُدْرَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSالْوَجْهُ فِيهِ حَرَجٌ وَمَشَقَّةٌ لَا يَتَفَطَّنُ لَهُ كُلُّ أَحَدٍ وَلَا يَعْقِلُ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَكْفِي قَرْنُهَا بِأَوَّلِهِ) عَلَّلَ هَذَا الْوَجْهَ بِأَنَّ اسْتِصْحَابَ النِّيَّةِ ذِكْرًا فِي دَوَامِ الصَّلَاةِ غَيْرُ وَاجِبٍ وَرُدَّ مِنْ طَرَفِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ فِي الِانْعِقَادِ، وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِتَمَامِ التَّكْبِيرِ وَذَهَبَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ إلَى الِاكْتِفَاءِ بِوُجُودِ النِّيَّةِ قُبَيْلَ التَّكْبِيرِ اهـ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَجِبُ بَسْطُهَا عَلَيْهِ) بِأَنْ يَقْرِنَ بِكُلِّ جُزْءٍ وَاحِدًا مِنْ قَصْدِ الْفِعْلِ وَالتَّعْيِينِ وَنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا أَخَّرُوا الْقِيَامَ) أَيْ فِي الذِّكْرِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ قَبْلَهُمَا شَرْطٌ) يُتَّجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِمُقَارَنَتِهِ بِهِمَا فَقَطْ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهِمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا قَالَهُ مَنْقُولًا فَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِهِ مَعَ إشْكَالِهِ، أَوْ تَكُونَ شَرْطِيَّتُهُ قَبْلَهُمَا لِتَوَافُقِ مُقَارَنَتِهِ لَهُمَا عَادَةً عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ أَمْكَنَتْ بِدُونِهِ لَمْ يُشْتَرَطْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْجَبُوا الذِّكْرَ إلَخْ) أَيْ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ (قَوْلُهُ: وَجُلُوسِ) أَيْ وَأَوْجَبُوا أَلْفَاظَ التَّشَهُّدِ فِي جُلُوسِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ التَّشَهُّدِ: أَيْ الْأَخِيرِ (قَوْلُهُ بَيْنَ قَدَمَيْهِ بِشِبْرٍ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ صَرَّحُوا بِالشِّبْرِ إلَخْ) أَيْ فَيُقَاسَ عَلَيْهِ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُكْرَهُ الِاسْتِنَادُ) يَنْبَغِي حَيْثُ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ أَخَذَ اثْنَانِ بِعَضُدِهِ) بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ عَضُدَيْهِ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَمْكَنَتْهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْأَرْضِ) أَيْ وَلَوْ بِلَا مَشَقَّةٍ، فَلَا يُكَلَّفُ الْخُرُوجَ مِنْ السَّفِينَةِ لِلصَّلَاةِ خَارِجَهَا عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ، لَكِنْ قَالَ سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ خَافَ نَحْوَ دَوَرَانِ رَأْسٍ إلَخْ: أَيْ فَيُصَلِّي قَاعِدًا وَإِنْ أَمْكَنَتْهُ الصَّلَاةُ قَائِمًا عَلَى الْأَرْضِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ، وَلَعَلَّ مَحَلَّهُ إذَا شَقَّ الْخُرُوجُ إلَى الْأَرْضِ أَوْ فَوَاتُ مَصْلَحَةِ السَّفَرِ اهـ بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: وَمُنَازَعَةُ الْأَذْرَعِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ فِيهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الثَّالِثُ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةُ الْقِيَامُ] قَوْلُهُ: شَمِلَ فَرْضَ الصَّبِيِّ) فِيهِ وَقْفَةٌ خُصُوصًا عَلَى طَرِيقَتِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِلزِّحَامِ)

وَمِنْهَا مَا لَوْ كَانَ بِهِ سَلَسُ بَوْلٍ وَلَوْ قَالَ سَالَ بَوْلُهُ وَإِنْ قَعَدَ لَمْ يَسِلْ فَإِنَّهُ يُصَلِّي قَاعِدًا وُجُوبًا كَمَا فِي الْأَنْوَارِ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ. وَمِنْهَا مَا لَوْ قَالَ لَهُ طَبِيبٌ ثِقَةٌ إنْ صَلَّيْت مُسْتَلْقِيًا أَمْكَنَ مُدَاوَاتُك، وَبِعَيْنِهِ مَرَضٌ فَلَهُ تَرْكُ الْقِيَامِ، وَلَوْ كَانَ الْمُخْبِرُ لَهُ عَدْلٌ رِوَايَةٌ فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ كَانَ هُوَ عَارِفًا، وَلَوْ شَرَعَ فِي السُّورَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ ثُمَّ عَجَزَ فِي أَثْنَائِهَا قَعَدَ لِيُكْمِلَهَا، وَلَا يُكَلَّفُ قَطْعَهَا لِيَرْكَعَ وَإِنْ كَانَ تَرْكُ الْقِرَاءَةِ أَحَبَّ، وَلَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْفَاتِحَةِ أَمْكَنَهُ الْقِيَامُ وَإِنْ زَادَ عَجْزًا صَلَّى بِالْفَاتِحَةِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ. وَقَضِيَّتُهُ لُزُومُ ذَلِكَ، لَكِنْ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ بِأَفْضَلِيَّتِهِ وَهُوَ وَاضِحٌ، وَإِنَّمَا اغْتَفَرُوا تَرْكَ الْقِيَامِ لِأَجْلِ سُنَّةِ الْجَمَاعَةِ وَلَمْ يَغْتَفِرُوا الْكَلَامَ النَّاشِئَ عَنْ التَّنَحْنُحِ لِسُنَّةِ الْجَهْرِ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ أَنَّ الْقِيَامَ مِنْ بَابِ الْمَأْمُورَاتِ وَقَدْ أَتَى بِبَدَلٍ عَنْهُ، وَالْكَلَامَ مِنْ بَابِ الْمَنْهِيَّاتِ وَاعْتِنَاءُ الشَّارِعِ بِدَفْعِهِ أَهَمُّ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْكَلَامَ مُنَافٍ لِلصَّلَاةِ، بِخِلَافِ الْقُعُودِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مِنْ أَرْكَانِهَا. وَلَوْ أَمْكَنَ الْمَرِيضُ الْقِيَامَ مُنْفَرِدًا مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ وَلَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ فِي جَمَاعَةٍ إلَّا بِفِعْلِ بَعْضِهَا قَاعِدًا فَالْأَفْضَلُ الِانْفِرَادُ، وَتَصِحُّ مَعَ الْجَمَاعَةِ وَإِنْ قَعَدَ فِي بَعْضِهَا كَمَا فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ، وَكَانَ وَجْهُهُ أَنَّ عُذْرَهُ اقْتَضَى مُسَامَحَتَهُ بِتَحْصِيلِ الْفَضَائِلِ، فَانْدَفَعَ قَوْلُ جَمْعٍ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْقِيَامَ آكَدُ مِنْ الْجَمَاعَةِ. وَمِنْهَا مَا لَوْ كَانَ لِلْغُزَاةِ رَقِيبٌ يَرْقُبُ الْعَدُوَّ وَلَوْ قَامَ لَرَآهُ الْعَدُوُّ، أَوْ جَلَسَ الْغُزَاةُ فِي مَكْمَنٍ وَلَوْ قَامُوا لَرَآهُمْ الْعَدُوُّ لَهُمْ وَفَسَدَ تَدْبِيرُ الْحَرْبِ صَلَّوْا قُعُودًا، وَوَجَبَتْ الْإِعَادَةُ لِنُدْرَةِ ذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ خَافُوا قَصْدَ الْعَدُوِّ لَهُمْ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ، وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ تَصْحِيحِ الْمُتَوَلِّي، وَإِنْ نَقَلَ الرُّويَانِيُّ عَنْ النَّصِّ اللُّزُومِ وَالْفَرْقُ عَلَى الْأَوَّلِ شِدَّةُ الضَّرَرِ فِي قَصْدِ الْعَدُوِّ، وَقَدْ يَمْنَعُ اسْتِثْنَاءَ ذَلِكَ بِأَنَّ مَنْ ذُكِرَ عَاجِزٌ لِضَرُورَةِ التَّدَاوِي أَوْ خَوْفِ الْغَرَقِ أَوْ الْخَوْفِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَكَلَامُهُ مُتَنَاوِلٌ لَهَا (فَإِنْ وَقَفَ مُنْحَنِيًا) إلَى قُدَّامِهِ أَوْ خَلْفِهِ، أَوْ مَائِلًا (إلَى يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ، بِحَيْثُ لَا يُسَمَّى قَائِمًا) (لَمْ يَصِحَّ) قِيَامُهُ لِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَالِانْحِنَاءُ السَّالِبُ لِلِاسْمِ أَنْ يَصِيرَ إلَى الرُّكُوعِ أَقْرَبَ، قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ لَا إنْ كَانَ أَقْرَبَ إلَى الْقِيَامِ أَوْ اسْتَوَى ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فِي عَدَمِ الْإِعَادَةِ (قَوْلُهُ: وُجُوبًا) قَالَ سم عَلَى حَجّ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ: وَهُوَ أَوْجُهُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الرِّفْعَةِ نَدْبًا، وَإِنْ نَقَلَهُ عَنْ الرَّوْضَةِ وَوَجَّهَ الزَّرْكَشِيُّ نِسْبَتَهُ إلَيْهَا كَذَلِكَ، وَنَقَلَ عَنْ الْكَافِي مُسَاعَدَتَهُ وَجَرَى عَلَيْهِ بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى الْمِنْهَاجِ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ اهـ. وَظَاهِرٌ أَنَّهُ عَلَى الْوُجُوبِ لَوْ صَلَّى قَائِمًا مَعَ نُزُولِ الْبَوْلِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ اهـ بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: وَبِعَيْنِهِ) الْوَاوُ لِلْحَالِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ تَرْكُ الْقِيَامِ) أَيْ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: قَعَدَ لِيُكْمِلَهَا) ثُمَّ يَقُومُ لِلرُّكُوعِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ سم الْآتِي (قَوْلُهُ بِأَفْضَلِيَّتِهِ) وَهُوَ وَاضِحٌ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ إذَا قَرَأَ الْفَاتِحَةَ فَقَطْ لَمْ يَقْعُدْ أَوْ وَالسُّورَةُ قَعَدَ فِيهَا جَازَ لَهُ قِرَاءَتُهَا مَعَ الْقُعُودِ وَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ تَرْكَهَا وَكَتَبَ بِهَامِشِهِ سم مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ جَازَ لَهُ قِرَاءَتُهَا مَعَ الْقُعُودِ فِيهِ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ جَازَ لَهُ الصَّلَاةُ مَعَ الْقُعُودِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَقْعُدُ عِنْدَ الْعَجْزِ لَا مُطْلَقًا، فَإِذَا كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ إلَى قَدْرِ الْفَاتِحَةِ ثُمَّ يَعْجِزُ قَدْرَ السُّورَةِ قَامَ إلَى تَمَامِ الْفَاتِحَةِ ثُمَّ قَعَدَ حَالَ قِرَاءَةِ السُّورَةِ ثُمَّ قَامَ لِلرُّكُوعِ وَهَكَذَا (قَوْلُهُ: لِأَجْلِ سُنَّةِ الْجَمَاعَةِ) أَيْ حَيْثُ يَقْتَدِي بِالْإِمَامِ، فَإِذَا عَرَضَ لَهُ الْعَجْزُ لِتَطْوِيلِ الْإِمَامِ مَثَلًا جَلَسَ إلَى رُكُوعِ الْإِمَامِ فَيَقُومُ وَيَرْكَعُ مَعَهُ (قَوْلُهُ: بِتَحْصِيلِ الْفَضَائِلِ) أَيْ بِسَبَبِ تَحْصِيلِ الْفَضَائِلِ: أَيْ لِأَجْلِهَا فَجُوِّزَ لَهُ الْقُعُودُ فِي بَعْضِ الصَّلَاةِ لِتَحْصِيلِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ أَوْ السُّورَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ ذَكَرٍ عَاجِزٍ) أَيْ فَحُكْمُهُ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنَّفِ الْآتِي وَلَوْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ قَعَدَ كَيْفَ شَاءَ اهـ. وَلَوْ أَخَّرَ الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ إلَى هُنَاكَ لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: أَقْرَبَ) أَيْ مِنْهُ إلَى الْقِيَامِ (قَوْلُهُ: لَا إنْ كَانَ أَقْرَبَ إلَى الْقِيَامِ) هَذَا إنَّمَا يَأْتِي فِي الِانْحِنَاءِ إلَى قُدَّامِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ: وَالصُّورَةُ أَنَّهُ فِي السَّفِينَةِ (قَوْلُهُ: لِأَجْلِ سُنَّةِ الْجَمَاعَةِ) أَيْ فِيمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ قَرِيبًا وَلَوْ أَخَّرَ هَذَا عَنْهُ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَالِانْحِنَاءُ السَّالِبُ لِلِاسْمِ) وَهَلْ الْمَيَلَانُ عَلَى وِزَانِهِ أَوْ لَهُ ضَابِطٌ آخَرُ

الْأَمْرَانِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ أَيْضًا وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْقِيَامِ إلَّا مُتَّكِئًا عَلَى شَيْءٍ أَوْ إلَّا عَلَى رُكْبَتَيْهِ أَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى النُّهُوضِ إلَّا بِمُعِينٍ وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ وَجَدَهَا فَاضِلَةً عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ فِيمَا يَظْهَرُ فِي يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ لَزِمَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مَقْدُورُهُ، وَقَوْلُ الْقَاضِي يَجُوزُ قُعُودُهُ فِي الثَّانِيَةِ، وَصَوَّبَهُ ابْنُ الْفِرْكَاحِ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى قِيَامًا مَرْدُودٌ بِوُجُوبِ الْقِرَاءَةِ فِي الْهَوِيِّ كَمَا يَأْتِي، وَيُكْرَهُ إلْصَاقُ رِجْلَيْهِ وَتَقْدِيمُ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى (فَإِنْ لَمْ يُطِقْ انْتِصَابًا) لِنَحْوِ كِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ (وَصَارَ كَرَاكِعٍ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَقِفُ) وُجُوبًا (كَذَلِكَ) لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْقِيَامِ مِنْ غَيْرِهِ (وَيَزِيدُ انْحِنَاءَهُ لِرُكُوعِهِ إنْ قَدَرَ) لِيَتَمَيَّزَ عَنْ قِيَامِهِ وَالثَّانِي لَا بَلْ يَقْعُدُ فَإِذَا وَصَلَ إلَى الرُّكُوعِ لَزِمَهُ الِارْتِفَاعُ لِأَنَّ حَدَّ الرُّكُوعِ يُفَارِقُ حَدَّ الْقِيَامِ فَلَا يَتَأَدَّى هَذَا بِذَاكَ (وَلَوْ أَمْكَنَهُ الْقِيَامُ دُونَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ) لِعِلَّةٍ بِظَهْرِهِ مَثَلًا تَمْنَعُهُ الِانْحِنَاءَ (قَامَ) وُجُوبًا وَلَوْ بِمُعِينٍ وَإِنْ كَانَ مَائِلًا عَلَى جَنْبٍ بَلْ وَلَوْ كَانَ أَقْرَبَ إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ فِيمَا يَظْهَرُ (وَفَعَلَهُمَا بِقَدْرِ إمْكَانِهِ) لِخَبَرِ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأَتَوْا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» وَلِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ وَلِأَنَّ الْقِيَامَ آكَدُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُرَادُ نِسْبَةُ انْحِنَائِهِ إلَى الرُّكُوعِ لَوْ كَانَ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمُحَصَّلَةِ لَهُ أَقْرَبُ إلَى الرُّكُوعِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْقِيَامِ إلَّا مُتَّكِئًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي دَوَامِ قِيَامِهِ: وَفِي كَلَامِ سم عَلَى مَنْهَجٍ نَقْلًا عَنْ الشَّارِحِ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي النُّهُوضِ فَقَطْ بِأَنْ احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ حَالَ النُّهُوضِ، فَإِذَا اسْتَوَى قَائِمًا اسْتَغْنَى عَنْهُ، وَعِبَارَتُهُ قَوْلُهُ أَوْ بِغَيْرِهِ. اعْلَمْ أَنَّ النَّوَوِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ: فَلَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقِيَامِ إلَّا بِمُعِينٍ لَزِمَهُ ذَلِكَ، قَالَ السُّبْكِيُّ: وَمَحَلُّهُ إنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ بَعْدَ النُّهُوضِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ الْحُسَيْنَ قَالَ فِي تَعْلِيقِهِ: إنَّ الْعَاجِزَ عَنْ الْقِيَامِ إذَا أَمْكَنَهُ الْقِيَامُ بِالْعُكَّازَةِ وَأَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى شَيْءٍ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ اهـ. وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ خِلَافُهُ. وَكَذَا مَسْأَلَةُ الِاتِّكَاءِ بَعْدَ الْقِيَامِ مَذْكُورَةٌ فِي الرَّوْضَةِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَأَوْجَبَ ذَلِكَ فِيهَا اهـ ع. وَاعْلَمْ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْعُكَّازَةِ لَهَا حَالَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَحْتَاجَ إلَيْهَا فِي النُّهُوضِ وَإِذَا قَامَ أَمْكَنَهُ الْقِيَامُ بِدُونِهَا، وَثَانِيهِمَا أَنْ يَحْتَاجَ إلَيْهَا فِي النُّهُوضِ وَفِي الْقِيَامِ بَعْدَهُ أَيْضًا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ الْقِيَامُ بَعْدَ النُّهُوضِ بِدُونِهَا فَيَجِبُ فِي الْحَالِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي م ر. أَقُولُ: وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُعِينِ اهـ. وَعِبَارَةُ سم عَلَى بَهْجَةٍ قَوْلُهُ إلَّا بِمُعِينٍ وَجَبَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ احْتَاجَ لَهُ فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ لَا يَجِبُ م ر. وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ: لَوْ قَدَرَ الْعَاجِزُ عَنْ الْقِيَامِ مُسْتَقِلًّا عَلَى الْقِيَامِ مُتَّكِئًا عَلَى شَيْءٍ أَوْ عَلَى الْقِيَامِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ أَوْ قَدَرَ عَلَى النُّهُوضِ بِمُعِينٍ وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ وَجَدَهَا فَاضِلَةً عَنْ مُؤْنَةِ مُمَوَّنِهِ يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ لَزِمَهُ ذَلِكَ اهـ. وَيَخْرُجُ بِقَوْلِهِ أَوْ قَدَرَ عَلَى النُّهُوضِ بِمُعِينٍ مَا لَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقِيَامِ إلَّا بِمُعِينٍ فَلَا يَلْزَمُهُ كَمَا قَالَهُ الْغَزِّيِّ، وَيَتَحَصَّلُ مِنْهُ مَعَ قَوْلِ الرَّوْضِ مُتَّكِئًا عَلَى شَيْءٍ أَنَّ مَنْ قَدَرَ بَعْضَ النُّهُوضِ عَلَى الْقِيَامِ مُعْتَمِدًا عَلَى نَحْوِ جِدَارٍ وَعَصًا لَزِمَهُ أَوْ بِمُعِينٍ لَمْ يَلْزَمْهُ. (قَوْلُهُ: وَتَقْدِيمُ إحْدَاهُمَا) وَهَذَا لَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ سَنِّ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ بِقَدْرِ شِبْرٍ، لِأَنَّ تَرْكَ السُّنَّةِ قَدْ يَكُونُ مَكْرُوهًا وَقَدْ يَكُونُ خِلَافَ الْأَوْلَى، فَذِكْرُ الْكَرَاهَةِ هُنَا بَيَانٌ لِمَا اُسْتُفِيدَ مِنْ عَدَمِ السُّنِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَيَزِيدُ انْحِنَاءَهُ لِرُكُوعِهِ إنْ قَدَرَ) قَالَ حَجّ: فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ لَزِمَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذَا فَرَغَ مِنْ قَدْرِ الْقِيَامِ أَنْ يَصْرِفَ مَا بَعْدَهُ لِلرُّكُوعِ بِطُمَأْنِينَتِهِ ثُمَّ لِلِاعْتِدَالِ بِطُمَأْنِينَتِهِ، وَيَخُصُّ قَوْلَهُمْ لَا يَجِبُ قَصْدُ الرُّكْنِ بِخُصُوصِهِ بِغَيْرِ هَذَا وَنَحْوِهِ لِتَعَذُّرِ وُجُودِ صُورَةِ الرُّكْنِ إلَّا بِالنِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِمُعِينٍ) أَيْ فِي النُّهُوضِ دُونَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ إلَّا عَلَى رُكْبَتَيْهِ) أَيْ أَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْقِيَامِ إلَّا عَلَى رُكْبَتَيْهِ كَمَا سَيُعْلَمُ مِنْ بَقِيَّةِ كَلَامِهِ فِي آخِرِ السِّوَادَةِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ صَرِيحَةٌ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِمُعِينٍ) يَعْنِي: فِي النُّهُوضِ لَا فِي دَوَامِ الْقِيَامِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: بَلْ وَلَوْ كَانَ أَقْرَبَ إلَى الرُّكُوعِ فِيمَا يَظْهَرُ) اُنْظُرْ مَا مَوْقِعُ هَذَا الْبَحْثِ مَعَ أَنَّهُ نَصُّ قَوْلِ الْمَتْنِ فِيمَا مَرَّ فَإِنْ لَمْ يُطِقْ انْتِصَابًا وَصَارَ كَرَاكِعٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا فِي الْمَيْلِ إلَى جَنْبٍ، بِخِلَافِ مَا فِي الْمَتْنِ، فَإِنَّهُ فِي الِانْحِنَاءِ، وَعَلَيْهِ فَلْيُنْظَرْ مَا إذَا صَارَ فِي مَيْلِهِ إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ الْمَيْلَ لَا يُعْطَى حُكْمَ الِانْحِنَاءِ فَلْيُرَاجَعْ

مِنْهُمَا، وَسُقُوطُهُ فِي النَّفْلِ دُونَهُمَا لَا يُنَافِي ذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ كَمَا لَا يَخْفَى، وَلَوْ أَطَاقَ الْقِيَامَ وَالِاضْطِجَاعَ دُونَ الْجُلُوسِ قَامَ لِأَنَّ الْقِيَامَ قُعُودٌ وَزِيَادَةٌ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَيَفْعَلُ مَا يُمْكِنُهُ مِنْ الْإِيمَاءِ (وَلَوْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ قَعَدَ) لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَالْإِجْمَاعِ (كَيْفَ شَاءَ) لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ وَثَوَابُ الْقَاعِدِ لِعُذْرٍ كَثَوَابِ الْقَائِمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَلَّى قَبْلَ مَرَضِهِ لِكُفْرٍ أَوْ تَهَاوُنٍ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ. نَعَمْ إنْ عَصَى بِنَحْوِ قَطْعِ رِجْلِهِ لَمْ يَتِمَّ ثَوَابُهُ وَإِنْ كَانَ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَا نَعْنِي بِالْعَجْزِ عَدَمَ الْإِمْكَانِ فَقَطْ بَلْ فِي مَعْنَاهُ: خَوْفُ الْهَلَاكِ، أَوْ الْغَرَقُ، أَوْ زِيَادَةُ الْمَرَضِ، أَوْ لُحُوقُ مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ، أَوْ دَوَرَانُ الرَّأْسِ فِي حَقِّ رَاكِبِ السَّفِينَةِ كَمَا تَقَدَّمَ بَعْضُ ذَلِكَ. قَالَ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ: الَّذِي اخْتَارَهُ الْإِمَامُ فِي ضَبْطِ الْعَجْزِ أَنْ تَلْحَقَهُ مَشَقَّةٌ تُذْهِبُ خُشُوعَهُ لَكِنَّهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إنَّ الْمَذْهَبَ خِلَافُهُ انْتَهَى. وَأَجَابَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ إذْهَابَ الْخُشُوعِ يَنْشَأُ عَنْ مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ وَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ يُصَلِّي قَاعِدًا بِالِانْحِنَاءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الرُّكُوعِ إلَى حَدِّ رُكُوعِهِ أَمْ لَا. قَالَ أَبُو شُكَيْلٍ: لَا تَبْطُلُ إنْ كَانَ جَاهِلًا وَإِلَّا بَطَلَتْ، وَإِذَا وَقَعَ الْمَطَرُ وَهُوَ فِي بَيْتٍ لَا يَسَعُ قَامَتَهُ وَلَيْسَ هُنَاكَ مُكْتَنٌّ غَيْرَهُ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا فِي أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ مَكْتُوبَةً بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَلَوْ قُعُودًا أَمْ لَا، إلَّا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ كَمَا فُهِمَ مِنْ الرَّوْضَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَقَامِ أَمْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ وَيُصَلِّي قَائِمًا فِي مَوْضِعٍ يُصِيبُهُ الْمَطَرُ، فَإِنْ قِيلَ بِالتَّرَخُّصِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ أَمْ لَا؟ قَالَ أَبُو شُكَيْلٍ: إنْ كَانَتْ الْمَشَقَّةُ الَّتِي تَحْصُلُ عَلَيْهِ فِي الْمَطَرِ دُونَ الْمَشَقَّةِ الَّتِي تَحْصُلُ عَلَى الْمَرِيضِ لَوْ صَلَّى قَائِمًا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَهَا جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْبَيْتِ الْمَذْكُورِ قَاعِدًا. نَعَمْ هَلْ الْأَفْضَلُ لَهُ التَّقْدِيمُ أَوْ التَّأْخِيرُ إنْ كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا فِيهِ مَا فِي التَّيَمُّمِ فِي أُولِي الْوَقْتِ إذَا كَانَ يَرْجُو الْمَاءَ آخِرَ الْوَقْتِ. وَالْأَصَحُّ أَنَّ التَّقْدِيمَ أَفْضَلُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْمَطَرَ مِنْ الْأَعْذَارِ الْعَامَّةِ وَلِذَلِكَ يَجُوزُ الْجَمْعُ بِهِ وَلَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ. وَقَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ: ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا بَعْدَهُ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لَا يُنَافِي ذَلِكَ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الرُّكُوعَ وَإِنْ لَمْ يَسْقُطْ فِي النَّافِلَةِ لَكِنَّهُ شُرِعَ فِيهَا عَلَى وَجْهِ أَدْوَنَ مِنْ رُكُوعِ الْقَائِمِ، فَكَانَ كُلٌّ مِنْ حَقِيقَةِ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ سَاقِطًا فِي النَّافِلَةِ، وَأَمَّا عَدَمُ سُقُوطِ السُّجُودِ فِي النَّافِلَةِ فَلِأَنَّهُ لَيْسَ لَنَا حَالَةٌ دُونَهُ يُعَدُّ مَعَهَا سَاجِدًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقِيَامَ قُعُودٌ وَزِيَادَةٌ) يُتَأَمَّلُ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: أَيْ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْقُعُودِ مُبَايِنَةٌ لِحَقِيقَةِ الْقِيَامِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُوَجَّهَ بِأَنَّ الْقُعُودَ يَشْتَمِلُ عَلَى انْتِصَابِ مَا فَوْقَ الْفَخِذَيْنِ وَهَذِهِ الْحَقِيقَةُ مَوْجُودَةٌ فِي الْقِيَامِ وَتَزِيدُ عَلَيْهَا بِانْتِصَابِ الْفَخِذَيْنِ مَعَ الظَّهْرِ (قَوْلُهُ: بِالِانْحِنَاءِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَبْطُلُ وَعَلَيْهِ فَصُورَتُهُ أَنْ يُحْرِمَ قَاعِدًا وَيَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ ثُمَّ يَنْحَنِيَ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ إلَى حَدِّ رُكُوعِهِ لَا عَلَى نِيَّةِ الرُّكُوعِ بَلْ تَتْمِيمًا لِلْقِيَامِ. أَمَّا لَوْ أَحْرَمَ مُنْحَنِيًا أَوْ انْحَنَى عَقِبَ إحْرَامِهِ وَقَرَأَ، فَإِنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا فَإِنْ تَذَكَّرَ وَأَعَادَ مَا فَعَلَهُ مِنْ الْجُلُوسِ اسْتَمَرَّتْ الصِّحَّةُ وَاعْتَدَّ بِمَا فَعَلَهُ وَإِنْ سَلَّمَ بَانِيًا عَلَى مَا فَعَلَهُ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ لِأَنَّهُ تَرَكَ مَا هُوَ بَدَلُ الْقِيَامِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بَطَلَتْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ عَالِمًا: أَيْ وَفَعَلَ ذَلِكَ لَا لِعُذْرٍ أَمَّا لَوْ كَانَ لِعُذْرٍ كَأَنْ جَلَسَ مُفْتَرِشًا فَتَعِبَتْ رِجْلَاهُ فَأَرَادَ التَّوَرُّكَ فَحَصَلَ انْحِنَاءٌ بِسَبَبِ الْإِتْيَانِ بِالتَّوَرُّكِ فَلَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ هُنَاكَ مَكْتَنٌّ غَيْرَهُ) أَيْ مَكَانٌ يَكْتَنُّ فِيهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَطَرَ مِنْ الْأَعْذَارِ الْعَامَّةِ) قَدْ يُشْكِلُ بِأَنَّ الْمَطَرَ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَعْذَارِ الْعَامَّةِ لَكِنْ فَقْدُ الْكِنِّ نَادِرٌ، كَمَا قِيلَ بِوُجُوبِ الْبَيْضَاءِ عَلَى مَنْ تَيَمَّمَ لِلْبَرْدِ لِنُدْرَةِ فَقْدِ مَا يُسَخِّنُ بِهِ وَإِنْ كَانَ الْبَرْدُ غَيْرَ نَادِرٍ إلَّا أَنْ يُمْنَعَ أَنَّ فَقْدَ الكن نَادِرٌ، وَهَلْ مِثْلُ الْمَطَرِ مَا لَوْ حُبِسَ فِي مَوْضِعٍ لَا يُمْكِنُهُ الْقِيَامُ فِيهِ فَصَلَّى قَاعِدًا أَمْ لِنُدْرَةِ الْحَبْسِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَطَرِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ) وَفِي نُسْخَةِ ابْنِ الْعَرَّافِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: عَنْ ذَلِكَ) أَيْ عَنْ كَلَامِ الْإِمَامِ الَّذِي رَدَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِي نُسَخٍ، وَجَمَعَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

لَا رُخْصَةَ فِي ذَلِكَ بَلْ الْقِيَامُ شَرْطٌ فَعَلَيْهِ فِعْلُ الصَّلَاةِ قَائِمًا وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ لِلْقُعُودِ كَيْفِيَّةً فَالْأَوْلَى مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَافْتِرَاشُهُ أَفْضَلُ مِنْ تَرَبُّعِهِ) وَغَيْرُهُ (فِي الْأَظْهَرِ) وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ لِأَنَّهَا هَيْئَةٌ مَشْرُوعَةٌ فِي الصَّلَاةِ فَكَانَتْ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهَا. وَالثَّانِي التَّرَبُّعُ أَفْضَلُ وَصَحَّحَهُ جَمْعٌ وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ، وَشَمَلَ إطْلَاقُهُ الْمَرْأَةَ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَوْ تَعَارَضَ التَّرَبُّعُ وَالتَّوَرُّكُ قُدِّمَ التَّرَبُّعُ لِجَرَيَانِ الْخِلَافِ الْقَوِيِّ فِي أَفْضَلِيَّتِهِ عَلَى الِافْتِرَاشِ وَلَمْ يَجْرِ ذَلِكَ فِي التَّوَرُّكِ فِيمَا يَظْهَرُ. (وَيُكْرَهُ الْإِقْعَاءُ) هُنَا وَفِي سَائِرِ قَعَدَاتِ الصَّلَاةِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ كَمَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ (بِأَنْ يَجْلِسَ عَلَى وَرِكَيْهِ) هُمَا أَصْلُ فَخِذَيْهِ (نَاصِبًا رُكْبَتَيْهِ) بِأَنْ يُلْصِقَ أَلْيَيْهِ بِمَوْضِعِ صَلَاتِهِ وَيَنْصِبَ سَاقَيْهِ وَفَخِذَيْهِ كَهَيْئَةِ الْمُسْتَوْفِزِ وَهَذَا أَحْسَنُ مَا فُسِّرَ بِهِ، وَوَجْهُ النَّهْيِ عَنْهُ مَا فِيهِ مِنْ التَّشْبِيهِ بِالْكَلْبِ وَالْقِرْدِ كَمَا وَقَعَ الصَّرِيحُ بِهِ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، وَقَدْ يُسَنُّ الْإِقْعَاءُ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِأَنْ يَضَعَ أَطْرَافَ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ وَأَلْيَيْهِ عَلَى عَقِبَيْهِ، وَمَعَ كَوْنِهِ سُنَّةً الِافْتِرَاشُ أَفْضَلُ مِنْهُ، وَيُلْحَقُ بِالْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا كُلُّ جُلُوسٍ قَصِيرٍ كَجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَقْعُدَ مَادًّا رِجْلَيْهِ (ثُمَّ يَنْحَنِيَ) الْمُصَلِّي قَاعِدًا (لِرُكُوعِهِ بِحَيْثُ تُحَاذِي) تُقَابِلُ (جَبْهَتُهُ مَا قُدَّامَ رُكْبَتَيْهِ) فِي الْأَقَلِّ (وَالْأَكْمَلُ أَنْ تُحَاذِيَ) جَبْهَتُهُ (مَوْضِعَ سُجُودِهِ) وَرُكُوعُ الْقَاعِدِ فِي النَّفْلِ كَذَلِكَ، وَذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى أَقَلِّ رُكُوعِ الْقَائِمِ وَأَكْمَلِهِ، إذْ الْأَوَّلُ يُحَاذِي فِيهِ مَا أَمَامَ قَدَمَيْهِ، وَالثَّانِي يُحَاذِي فِيهِ قَرِيبَ مَحَلِّ سُجُودِهِ، فَمَنْ قَالَ إنَّهُمَا عَلَى وَزْنِ رُكُوعِ الْقَائِمِ أَرَادَ بِالنِّسْبَةِ لِهَذَا الْأَمْرِ التَّقْرِيبَ لَا التَّحْدِيدَ (فَإِنْ عَجَزَ) الْمُصَلِّي (عَنْ الْقُعُودِ) بِأَنْ نَالَهُ مِنْهُ الْمَشَقَّةُ الْحَاصِلَةُ بِالْقِيَامِ (صَلَّى لِجَنْبِهِ الْأَيْمَنِ) وَيُكْرَهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ عَلَى الْأَيْسَرِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ الْجَنْبِ (فَمُسْتَلْقِيًا) عَلَى ظَهْرِهِ أَخْمَصَاهُ لِلْقِبْلَةِ كَالْمُحْتَضِرِ وَرَأْسُهُ أَرْفَعُ بِنَحْوِ وِسَادَةٍ لِيَتَوَجَّهَ بِوَجْهِهِ الْقِبْلَةَ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: هَذَا فِي غَيْرِ الْكَعْبَةِ، أَمَّا فِيهَا فَالْمُتَّجَهُ جَوَازُ اسْتِلْقَائِهِ عَلَى ظَهْرِهِ وَعَلَى وَجْهِهِ لِأَنَّهُ كَيْفَمَا تَوَجَّهَ فَهُوَ مُتَوَجِّهٌ لِجُزْءٍ مِنْهَا. نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا سَقْفٌ اتَّجَهَ مَنْعُ الِاسْتِلْقَاءِ: أَيْ عَلَى ظَهْرِهِ وَالْمَسْأَلَةُ مُحْتَمَلَةٌ، وَلَعَلَّنَا نَزْدَادُ فِيهَا عِلْمًا أَوْ نَشْهَدُ فِيهَا نَقْلًا اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ ظَاهِرٌ وَإِنْ رَدَّهُ ابْنُ الْعِمَادِ. وَلَوْ قَدَرَ الْمُصَلِّي عَلَى الرُّكُوعِ فَقَطْ كَرَّرَهُ لِلسُّجُودِ، وَمَنْ قَدَرَ عَلَى زِيَادَةٍ عَلَى أَكْمَلِ الرُّكُوعِ تَعَيَّنَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ لِلسُّجُودِ لِأَنَّ الْفَرْقَ وَاجِبٌ بَيْنَهُمَا عَلَى الْمُتَمَكِّنِ وَلَوْ عَجَزَ عَنْ السُّجُودِ، إلَّا أَنْ يَسْجُدَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ أَوْ صُدْغِهِ وَكَانَ بِذَلِكَ أَقْرَبَ إلَى الْأَرْضِ وَجَبَ، فَإِنْ عَجَزَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ) أَيْ مَا قَالَهُ أَبُو شُكَيْلٍ. (قَوْلُهُ: وَفِي سَائِرِ قَعَدَاتِ الصَّلَاةِ) وَخَرَجَ بِالصَّلَاةِ غَيْرُهَا فَلَا يُكْرَهُ فِيهَا الْإِقْعَاءُ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ سَائِرِ الْكَيْفِيَّاتِ. نَعَمْ إنْ قَعَدَ عَلَى هَيْئَةٍ مُزْرِيَةٍ أَوْ تُشْعِرُ بِعَدَمِ اكْتِرَاثِهِ بِالْحَاضِرِينَ وَهُوَ مِمَّنْ يُسْتَحَى مِنْهُمْ كُرِهَ ذَلِكَ وَإِنْ تَأَذَّوْا بِذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ إيذَاءٍ مُحَرَّمًا (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ أَنْ يَعْقِدَ مَادًّا رِجْلَيْهِ) أَيْ فِي الصَّلَاةِ وَأَمَّا فِي غَيْرِهَا فَلَا إلَّا إذَا كَانَ عِنْدَ مَنْ يَسْتَحْيِ مِنْهُ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ضَرُورَةٌ تَقْتَضِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ) أَيْ الْإِسْنَوِيُّ (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى زِيَادَةٍ كَرَّرَ الْأَكْمَلَ وَلَا يُكَلَّفُ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْأَقَلِّ لِلرُّكُوعِ وَيَفْعَلُ الزِّيَادَةَ لِلسُّجُودِ (قَوْلُهُ: أَقْرَبَ إلَى الْأَرْضِ) وَصُورَتُهُ أَنْ يُصَلِّيَ مُسْتَلْقِيًا وَلَا يُمْكِنُهُ الْجُلُوسُ لِيَسْجُدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَيْنَ كَلَامَيْ الرَّوْضَةِ، وَالْمَجْمُوعِ إلَى آخِرِهِ وَمَا هُنَا أَقْعَدُ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ لِلْقُعُودِ كَيْفِيَّةٌ إلَخْ) يُوهِمُ أَنَّ فِيهِ خِلَافًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْلَى مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ) حَقُّ الْعِبَارَةِ فَالْأَفْضَلُ الِافْتِرَاشُ كَمَا قَالَ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُسَنُّ الْإِقْعَاءُ) أَيْ بِالْكَيْفِيَّةِ الْآتِيَةِ، فَالْإِقْعَاءُ الْمُفَسَّرُ بِمَا مَرَّ مُكَرَّرُهُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَكَانَ بِذَلِكَ أَقْرَبَ إلَى الْأَرْضِ) سَقَطَ مِنْهُ لَفْظُ بِجَبْهَتِهِ مِنْ النُّسَخِ عَقِبَ قَوْلِهِ أَقْرَبَ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي عِبَارَةِ الْعُبَابِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مِنْ الْوَاضِحِ أَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ فِيمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ، وَالْقَاعِدِ وَغَيْرِهِمَا، فَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ قَصْرِهِ عَلَى الْمُسْتَلْقِي لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ، وَعَلَى أَنَّ

أَوْمَأَ بِرَأْسِهِ وَالسُّجُودُ أَخْفَضُ مِنْ الرُّكُوعِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْإِيمَاءِ بِرَأْسِهِ فَبِطَرَفِهِ: أَيْ بَصَرِهِ وَمَنْ لَازَمَهُ الْإِيمَاءُ بِجَفْنِهِ وَحَاجِبِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ هُنَا إيمَاءٌ لِلسُّجُودِ أَخْفَضَ وَهُوَ مُتَّجَهٌ خِلَافًا لِلْجَوْجَرِيِّ لِظُهُورِ التَّمْيِيزِ بَيْنَهُمَا فِي الْإِيمَاءِ بِالرَّأْسِ دُونَ الطَّرَفِ، ثُمَّ إنْ عَجَزَ عَنْ الْإِيمَاءِ بِطَرَفِهِ صَلَّى بِقَلْبِهِ بِأَنْ يُجْرِيَ أَرْكَانَهَا وَسُنَنَهَا عَلَى قَلْبِهِ قَوْلِيَّةً كَانَتْ أَوْ فِعْلِيَّةً إنْ عَجَزَ عَنْ النُّطْقِ أَيْضًا بِأَنْ يُمَثِّلَ نَفْسَهُ قَائِمًا وَقَارِئًا وَرَاكِعًا لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَالْقَوْلُ بِنُدْرَتِهِ مَمْنُوعٌ، وَلَا يَلْزَمُ نَحْوَ الْقَاعِدِ وَالْمُومِي إجْرَاءُ نَحْوِ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ عَلَى قَلْبِهِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ الصَّلَاةُ مَا دَامَ عَقْلُهُ ثَابِتًا لِوُجُودِ مَنَاطِ التَّكْلِيفِ، وَلَوْ قَدَرَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ عَلَى الْقِيَامِ أَوْ الْقُعُودِ أَوْ عَجَزَ عَنْهُ أَتَى بِمَقْدُورِهِ وَبَنَى عَلَى قِرَاءَتِهِ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ إعَادَتُهَا لِتَقَعَ حَالَ الْكَمَالِ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ أَوْ الْقُعُودِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ قَرَأَ قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا وَلَا تُجْزِئُهُ قِرَاءَتُهُ فِي نُهُوضِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهَا فِيمَا هُوَ أَكْمَلُ مِنْهُ، فَلَوْ قَرَأَ فِيهِ شَيْئًا أَعَادَهُ. وَهُنَا فَرْعٌ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا قَامَ هَلْ يَقُومُ مُكَبِّرًا؟ قَالَ بَعْضُهُمْ: الْقِيَاسُ الْمَنْعُ لِأَنَّ الْمُوَالَاةَ شَرْطٌ فِي الْفَاتِحَةِ، بَلْ يَقُومُ سَاكِتًا، وَنُظِرَ فِيهِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ لَيْسَ فِيهَا سُكُوتٌ حَقِيقِيٌّ فِي حَقِّ الْإِمَامِ، وَتَجِبُ الْقِرَاءَةُ فِي هَوِيِّ الْعَاجِزِ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ مِمَّا بَعْدَهُ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ بَعْدَهَا وَجَبَ قِيَامٌ بِلَا طُمَأْنِينَةٍ لِيَرْكَعَ مِنْهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ الطُّمَأْنِينَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْهُ، وَلَكِنْ قَدَرَ عَلَى جَعْلِ مُقَدَّمِ رَأْسِهِ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ صُدْغَيْهِ دُونَ جَبْهَتِهِ وَجَبَ أَنْ يَأْتِيَ بِمَقْدُورِهِ حَيْثُ كَانَتْ جَبْهَتُهُ أَقْرَبَ إلَى الْأَرْضِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ مِمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ السُّجُودِ (قَوْلُهُ: فَبِطَرَفِهِ) أَيْ بَصَرِهِ. وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: الطَّرَفُ الْعَيْنُ وَلَا يُجْمَعُ اهـ (قَوْلُهُ: الْإِيمَاءُ بِجَفْنِهِ) قَالَ ع عَلَى بَهْجَةٍ: فَلَوْ فَعَلَ بِجَفْنٍ وَاحِدٍ فَالظَّاهِرُ الِاكْتِفَاءُ (قَوْلُهُ قَوْلِيَّةً كَانَتْ أَوْ فِعْلِيَّةً) وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ مُرَاعَاةُ صِفَةِ الْقِرَاءَةِ مِنْ الْإِدْغَامِ وَغَيْرِهِ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى النُّطْقِ وَجَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ الصِّفَاتِ إنَّمَا اُعْتُبِرَتْ عِنْدَ النُّطْقِ لِيَتَمَيَّزَ بَعْضُ الْحُرُوفِ عَنْ بَعْضٍ خُصُوصًا الْمُتَمَاثِلَةُ وَالْمُتَقَارِبَةُ، وَعِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهَا إنَّمَا يَأْتِي بِهَا عَلَى وَجْهِ الْإِشَارَةِ إلَيْهَا فَلَا يُشْتَبَهُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ حَتَّى تَحْتَاجَ إلَى التَّمْيِيزِ (قَوْلُهُ وَقَارِئًا وَرَاكِعًا) أَيْ وَمُعْتَدِلًا عَلَى مَا مَرَّ: أَيْ نَظِيرُهُ عَنْ حَجّ: أَيْ بَعْدَ قَوْلِهِ، وَيَزِيدُ انْحِنَاءَهُ لِرُكُوعِهِ إنْ قَدَرَ إلَخْ، وَلَكِنْ قَالَ ابْنُ الْمُقْرِي: يَسْقُطُ الِاعْتِدَالُ فَلَا تَتَوَقَّفُ الصِّحَّةُ عَلَى تَمْثِيلِهِ مُعْتَدِلًا وَلَا عَلَى مُضِيِّ زَمَنٍ يَسَعُ الِاعْتِدَالَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ) وَلَا يُشْتَرَطُ فِيمَا يَقْدِرُ بِهِ تِلْكَ الْأَفْعَالَ أَنْ يَسَعَهَا لَوْ كَانَ قَادِرًا وَفَعَلَهَا بَلْ حَيْثُ حَصَلَ التَّمْيِيزُ بَيْنَ الْأَفْعَالِ فِي نَفْسِهِ كَأَنْ مَثَّلَ نَفْسَهُ رَاكِعًا وَمَضَى زَمَنٌ بِقَدْرِ الطُّمَأْنِينَةِ فِيهِ كَفَى. [فَائِدَةٌ] قَالَ حَجّ: فَإِنْ عَجَزَ كَأَنْ أُكْرِهَ عَلَى تَرْكِ كُلِّ مَا ذُكِرَ فِي الْوَقْتِ أَجْرَى الْأَفْعَالَ عَلَى قَلْبِهِ كَالْأَقْوَالِ إذَا اعْتَقَلَ لِسَانُهُ وُجُوبًا فِي الْوَاجِبَةِ وَنَدْبًا فِي الْمَنْدُوبَةِ وَلَا إعَادَةَ، وَتَوَقَّفَ سم فِي عَدَمِ الْإِعَادَةِ وَنَقَلَ عَنْ فَتَاوَى الشَّارِحِ وُجُوبَ الْإِعَادَةِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ. أَقُولُ: لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى مَا ذُكِرَ نَادِرٌ إذَا وَقَعَ لَا يَدُومُ وَالْإِعَادَةُ فِي مِثْلِهِ وَاجِبَةٌ (قَوْلُهُ: هَلْ يَقُومُ مُكَبِّرًا) أَيْ وَهُوَ فِي أَثْنَاءِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَقُومُ سَاكِتًا) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فِي حَقِّ الْإِمَامِ) وَعَلَيْهِ فَيَقُومُ مُكَبِّرًا، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَنْقَطِعَ الْمُوَالَاةُ لِأَنَّ الذِّكْرَ الْمَطْلُوبَ لَا يَقْطَعُهَا كَالتَّأْمِينِ وَالْفَتْحِ عَلَى الْإِمَامِ (قَوْلُهُ فِي هَوِيِّ الْعَاجِزِ) أَيْ فَلَوْ تَرَكَهَا عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّ فَوْتَ الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ بِتَفْوِيتِ مَحَلِّهَا (قَوْلُهُ: بَعْدَهَا) أَيْ الْقِرَاءَةُ (قَوْلُهُ: بِلَا طُمَأْنِينَةٍ) أَيْ بِلَا وُجُوبِ طُمَأْنِينَةٍ وَعَلَيْهِ فَلَوْ اطْمَأَنَّ فِي قِيَامِهِ لَمْ يَضُرَّ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ الطُّمَأْنِينَةُ فِيهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQكَوْنَهُ يَضَعُ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ عَلَى الْأَرْضِ، وَهُوَ مُسْتَلْقٍ عَلَى ظَهْرِهِ غَيْرُ مُمْكِنٍ لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ نَحْوَ الْقَاعِدِ، وَالْمُومِئِ إجْرَاءُ إلَخْ) لَعَلَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْقَاعِدَ إجْرَاءُ الْقِيَامِ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ، وَلَا الْمَنْوِيَّ إجْرَاءُ نَحْوِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ عَلَى قَلْبِهِ مَعَ إتْيَانِهِ بِالْإِيمَاءِ وَإِلَّا، فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ لَهُ إعَادَتُهَا) أَيْ فِيمَا إذَا قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ أَوْ

فِيهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ لِنَفْسِهِ، أَوْ قَدَرَ عَلَيْهِ فِي الرُّكُوعِ قَبْلَ الطُّمَأْنِينَةِ ارْتَفَعَ لَهَا إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ، فَإِنْ انْتَصَبَ ثُمَّ رَكَعَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ رُكُوعٍ أَوْ بَعْدَ الطُّمَأْنِينَةِ فَقَدْ تَمَّ رُكُوعُهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَنْتَقِلَ إلَى حَدِّ الرَّاكِعِينَ صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ، وَقَيَّدَهُ بِمَا إذَا انْتَقَلَ مُنْحَنِيًا وَمَنَعَهُ فِيمَا إذَا انْتَقَلَ مُنْتَصِبًا، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ الرَّوْضَةِ الْجَوَازَ، وَعَلَى الثَّانِي يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْمَجْمُوعِ الْمَنْعَ، أَوْ قَدَرَ عَلَيْهِ فِي الِاعْتِدَالِ قَبْلَ الطُّمَأْنِينَةِ قَامَ وَاطْمَأَنَّ، وَكَذَا بَعْدَهَا إنْ أَرَادَ قُنُوتًا فِي مَحَلِّهِ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ الْقِيَامُ لِأَنَّ الِاعْتِدَالَ رُكْنٌ قَصِيرٌ فَلَا يَطُولُ. وَقَضِيَّةُ الْمُعَلَّلِ جَوَازُ الْقِيَامِ، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ مَنْعُهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَإِنْ قَنَتَ قَاعِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. (وَلِلْقَادِرِ) عَلَى الْقِيَامِ (النَّفَلُ قَاعِدًا) إجْمَاعًا رَاتِبًا كَانَ أَمْ غَيْرَهُ لِأَنَّ النَّوَافِلَ تَكْثُرُ، فَاشْتِرَاطُ الْقِيَامِ فِيهَا يُؤَدِّي إلَى الْحَرَجِ أَوْ التَّرْكِ، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ الْقُعُودُ فِي الْعِيدَيْنِ وَالْكُسُوفَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ عَلَى وَجْهٍ ضَعِيفٍ لِنَدُورَهَا (وَكَذَا) لَهُ النَّفَلُ (مُضْطَجِعًا فِي الْأَصَحِّ) مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ لِخَبَرِ «مَنْ صَلَّى قَائِمًا فَهُوَ أَفْضَلُ، وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ، وَمَنْ صَلَّى نَائِمًا: أَيْ مُضْطَجِعًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِدِ» وَهُوَ وَارِدٌ فِيمَنْ صَلَّى النَّفَلَ كَذَلِكَ مَعَ الْقُدْرَةِ، وَهَذَا فِي حَقِّنَا، أَمَّا فِي حَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا، إذْ مِنْ خَصَائِصِهِ أَنَّ تَطَوُّعَهُ قَاعِدًا مَعَ قُدْرَتِهِ كَتَطَوُّعِهِ قَائِمًا. وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ مُضْطَجِعًا امْتِنَاعَ الِاسْتِلْقَاءِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ أَتَمَّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ لِعَدَمِ وُرُودِهِ، بِخِلَافِ الِانْحِنَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ مِنْ الْقُعُودِ. نَعَمْ إذَا قَرَأَ فِيهِ وَأَرَادَ جَعْلَهُ لِلرُّكُوعِ اُشْتُرِطَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مُضِيَّ جُزْءٍ مِنْهُ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ وَهُوَ مُطْمَئِنٌّ لِيَكُونَ عَنْ الرُّكُوعِ إذْ مَا قَارَنَهَا لَا يُمْكِنُ حُسْبَانُهُ عَنْهُ، وَإِذَا صَلَّى مُضْطَجِعًا وَجَبَ أَنْ يَأْتِيَ بِرُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ تَامَّيْنِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ عَدَمُ صِحَّتِهِ مِنْ اضْطِجَاعٍ لِمَا فِيهِ مِنْ انْمِحَاقِ صُورَةِ الصَّلَاةِ. وَسُئِلَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ يُصَلِّي النَّفَلَ قَائِمًا هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكْثِرَ لِلْإِحْرَامِ حَالَ قِيَامِهِ قَبْلَ اعْتِدَالِهِ وَتَنْعَقِدُ بِهِ صَلَاتُهُ أَوْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ تَكْبِيرَتُهُ الْمَذْكُورَةُ وَتَنْعَقِدُ بِهَا صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا فِي حَالَةٍ أَدْنَى مِنْ حَالَتِهِ وَلَوْ فِي حَالِ اضْطِجَاعِهِ ثُمَّ يُصَلِّي قَائِمًا، وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا أَفْتَى بِهِ سَابِقًا مِنْ إجْزَاءِ قِرَاءَتِهِ فِي هَوِيِّهِ لِلْجُلُوسِ دُونَ عَكْسِهِ، لِأَنَّهُ هُنَا لَمْ يَدْخُلْ فِي الصَّلَاةِ إذْ لَا يَتِمُّ دُخُولُهُ فِيهَا إلَّا بِتَمَامِ تَكْبِيرَةٍ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْقِرَاءَةِ فَسُومِحَ هُنَا مَا لَمْ يُسَامَحْ بِهِ، ثُمَّ وَلَوْ أَرَادَ عِشْرِينَ رَكْعَةً قَاعِدًا وَعَشْرًا قَائِمًا فَفِيهِ احْتِمَالَانِ فِي الْجَوَاهِرِ، وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْعِشْرِينَ أَفْضَلُ لِمَا فِيهَا مِنْ زِيَادَةِ الرُّكُوعِ وَغَيْرِهِ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِأَنَّهَا أَكْمَلُ، ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الْقِيَامِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ إذَا انْتَقَلَ مُنْحَنِيًا (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ الْمُعَلَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ الْقِيَامُ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ) هُوَ قَوْلُهُ لِأَنَّ الِاعْتِدَالَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: امْتِنَاعَ الِاسْتِلْقَاءِ) أَيْ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى الِاضْطِجَاعِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ وُرُودِهِ) هَذَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ لَهُ مِنْ أَبِي شُكَيْلٍ مِنْ أَنَّ مَنْ يُصَلِّي بِالِانْحِنَاءِ قَاعِدًا فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الرُّكُوعِ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إنْ كَانَ عَالِمًا لَا جَاهِلًا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا مَرَّ مَفْرُوضٌ فِي الْفَرْضِ وَمَا هُنَا فِي النَّفْلِ، وَهُوَ يُتَوَسَّعُ فِيهِ مَا لَا يُتَوَسَّعُ فِي غَيْرِهِ، فَلَا تَعَارُضَ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا مَرَّ عَنْ أَبِي شُكَيْلٍ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا قَرَأَ الْفَاتِحَةَ قَبْلَ انْحِنَائِهِ فَلَا تَعَارُضَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الِانْحِنَاءِ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ امْتِنَاعُ الِاسْتِلْقَاءِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إذَا قَرَأَ فِيهِ) أَيْ الِانْحِنَاءُ (قَوْلُهُ: بِرُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ تَأْمِينٌ) أَيْ بِأَنْ يَقْعُدَ وَيَأْتِيَ بِهِمَا (قَوْلُهُ: قَبْلَ اعْتِدَالِهِ) أَيْ انْتِصَابِهِ قَائِمًا (قَوْله لِأَنَّهُ هُنَا لَمْ يَدْخُلْ فِي الصَّلَاةِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ النَّفَلَ مِنْ قِيَامٍ فَأَحْرَمَ بِهِ جَالِسًا ثُمَّ أَرَادَ الْقِيَامَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ فِي نُهُوضِهِ لِلْقِيَامِ لِأَنَّهُ صَائِرٌ لِأَكْمَلَ مِمَّا هُوَ فِيهِ. أَقُولُ: وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ صَائِرًا لِمَا هُوَ أَكْمَلُ فَلَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ لِجَوَازِ فِعْلِ النَّفْلِ جَالِسًا، فَصَيْرُورَتُهُ لِمَا هُوَ الْأَكْمَلُ لَا تَقْتَضِي وُجُوبَ الْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ فِي الْأَدْوَنِ، فَالْقِيَاسُ جَوَازُ قِرَاءَتِهِ فِي النُّهُوضِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالرُّكُوعِ (قَوْلُهُ: فِي إجْزَاءِ قِرَاءَتِهِ فِي هَوِيِّهِ لِلْجُلُوسِ دُونَ عَكْسِهِ) وَالصُّورَةُ أَنَّهُ فِي النَّفْلِ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْإِفْتَاءِ، وَفِيهِ

[الرابع من أركان الصلاة قراءة الفاتحة]

وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ الِاسْتِوَاءُ، وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَفْصِيلُ الْعَشْرِ مِنْ قِيَامٍ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا أَشَقُّ، فَقَدْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ: صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ مِنْ قِيَامٍ أَفْضَلُ مِنْ أَرْبَعٍ مِنْ قُعُودٍ، وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ» أَيْ الْقِيَامِ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ مَا إذَا اسْتَوَى الزَّمَانُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (الرَّابِعُ) مِنْ أَرْكَانِهَا (الْقِرَاءَةُ) لِلْفَاتِحَةِ كَمَا سَيَأْتِي (وَيُسَنُّ بَعْدَ التَّحَرُّمِ) أَيْ عَقِبَهُ وَلَوْ لِلنَّفْلِ (دُعَاءُ الِافْتِتَاحِ) لِمُنْفَرِدٍ وَإِمَامٍ وَمَأْمُومٍ تَمَكَّنَ مِنْهُ بِأَنْ أَدْرَكَ إمَامَهُ فِي الْقِيَامِ دُونَ الِاعْتِدَالِ وَأَمِنَ فَوْتَ الصَّلَاةِ أَوْ الْأَدَاءِ وَقَدْ شَرَعَ فِيهَا وَفِي وَقْتِهَا مَا يَسَعُ جَمِيعَهَا، أَوْ غَلَبَ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSكَمَا تَجُوزُ فِي الْهَوِيِّ إلَى الْقُعُودِ (قَوْلُهُ: مِنْ قِيَامٍ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْعِشْرِينَ مِنْ قُعُودٍ، أَمَّا لَوْ كَانَتْ الْكُلُّ مِنْ قِيَامٍ وَاسْتَوَى زَمَنُ الْعَشْرِ وَالْعِشْرِينَ فَالْعِشْرُونَ أَفْضَلُ لِمَا فِيهَا مِنْ زِيَادَةِ الرُّكُوعَاتِ وَالسُّجُودَاتِ مَعَ اشْتِرَاطِ الْكُلِّ فِي الْقِيَامِ (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ) وَالْكَلَامُ فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ، أَمَّا غَيْرُهُ كَالرَّوَاتِبِ وَالْوِتْرِ فَالْمُحَافَظَةُ عَلَى الْعَدَدِ الْمَطْلُوبِ فِيهِ أَفْضَلُ، فَفِعْلُ الْوِتْرِ إحْدَى عَشْرَةَ فِي الزَّمَنِ الْقَصِيرِ أَفْضَلُ مِنْ فِعْلِ ثَلَاثَةٍ مَثَلًا فِي قِيَامٍ يَزِيدُ عَلَى زَمَنِ ذَلِكَ الْعَدَدِ، لِكَوْنِ الْعَدَدِ فِيمَا ذُكِرَ بِخُصُوصِهِ مَطْلُوبًا لِلشَّارِعِ. (قَوْلُهُ: لِمَا سَيَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَتَعَيَّنُ الْفَاتِحَةُ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ) قَالَ حَجّ: وَقِيلَ يَجِبُ (قَوْلُهُ: بَعْدَ التَّحَرُّمِ) لَعَلَّ تَعْبِيرَهُ بِبَعْدَ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَفُوتُ بِالتَّأْخِيرِ حَيْثُ لَمْ يَشْتَغِلْ بِغَيْرِهِ، وَعَلَيْهِ فَتَفْسِيرُ الشَّارِحِ بِالْعَقِبِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْمُبَادَرَةُ بِهِ عَقِبَ التَّحَرُّمِ وَإِنْ لَمْ يَفُتْ بِالتَّأْخِيرِ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى مَنْهَجٍ قَالَ: قَوْلُهُ عَقِبَ التَّحَرُّمِ اُنْظُرْ التَّعْبِيرَ بِعَقِبَ فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ الْفَوَاتُ إذَا طَالَ الْفَصْلُ، وَقَدْ يُتَّجَهُ عَدَمُ الْفَوَاتِ مُطْلَقًا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: تَمَكَّنَ مِنْهُ) أَيْ وَلَوْ مَعَ سَمَاعِ قِرَاءَةِ إمَامِهِ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَدْرَكَ إمَامَهُ فِي الْقِيَامِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ أَدْرَكَهُ فِي غَيْرِهِ، وَمِنْهُ الْجُلُوسُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، فَلَا يَأْتِي بِهِ بَعْدَ التَّحَرُّمِ وَلَا بَعْدَ قِيَامِهِ مِنْ التَّشَهُّدِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَامَ الْإِمَامُ قَبْلَ جُلُوسِ الْمَأْمُومِ مَعَهُ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ الْآتِي مَا عَدَا الْجُلُوسَ مَعَهُ لِأَنَّهُ مُفَوَّتٌ إلَخْ عَدَمُ فَوَاتِهِ حَيْثُ لَا جُلُوسَ مِنْهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ ع التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَأَمِنَ فَوَاتَ الصَّلَاةِ) أَيْ بِأَنْ خَافَ أَنَّهُ لَوْ اشْتَغَلَ بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ لَا يُمْكِنُهُ فِعْلُ الصَّلَاةِ أَصْلًا لِهُجُومِ الْمَوْتِ عَلَيْهِ فِيهَا أَوْ طُرُوُّ دَمِ الْحَيْضِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ: لَا مَنْ خَافَ فَوْتَ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ أَوْ فَوْتَ الْوَقْتِ: أَيْ وَقْتُ الصَّلَاةِ أَوْ وَقْتُ الْأَدَاءِ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ وَقْتِهَا إلَّا مَا يَسَعُ رَكْعَةً فَلَا يُنْدَبُ لَهُ دُعَاءُ الِافْتِتَاحِ إلَخْ، وَتَرَدَّدَ سم عَلَى مَنْهَجٍ فِي الْمُرَادِ بِفَوْتِ الْوَقْتِ فَلْيُرَاجَعْ أَقُولُ: يُمْكِنُ حَمْلُ فَوَاتِ الْوَقْتِ عَلَى أَنَّهُ إنْ اشْتَغَلَ بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ خَرَجَ بَعْضُ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا وَإِنْ قَلَّ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ مُغَايِرٌ لِمَعْنَى خَوْفِ الْأَدَاءِ وَإِنْ كَانَ خَوْفُ الْأَدَاءِ يُغْنِي عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ الْأَدَاءُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــQنَظَرٌ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْحَالَةَ الَّتِي مُنِعَ الْقِرَاءَةَ فِيهَا أَكْمَلُ بِكُلِّ حَالٍ مِنْ الْقُعُودِ الَّذِي لَهُ الْقِرَاءَةُ فِيهِ فِي الْحَالِ (قَوْلُهُ: إذَا اسْتَوَى الزَّمَانُ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ اسْتِوَاءُ زَمَنِ كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْ رَكَعَاتِ الْقُعُودِ مَعَ كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْ رَكَعَاتِ الْقِيَامِ لِتَحْصُلَ الْمُفَاضَلَةُ بَيْنَ نَفْسِ الْقِيَامِ وَنَفْسِ تَكْثِيرِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ الزَّمَانَ الَّذِي صَرَفَهُ لِمَجْمُوعِ الْعَشْرِ مُسَاوٍ لِلزَّمَانِ الَّذِي صَرَفَهُ لِلْعِشْرِينِ، فَيَنْبَغِي الْقَطْعُ بِتَفْضِيلِ الْعَشْرِ مِنْ قِيَامٍ، وَالتَّفْضِيلُ حِينَئِذٍ عَارِضٌ مِنْ تَطْوِيلِ الْقِيَامِ لَا مِنْ ذَاتِهِ فَتَأَمَّلْ [الرَّابِعُ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ] (قَوْلُهُ: أَيْ عَقِبَهُ) مُرَادُهُ بِالْعَقِبِيَّةِ أَنْ لَا يَفْصِلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّحَرُّمِ تَعَوُّذٌ أَوْ قِرَاءَةٌ لَا الْعَقِبِيَّةُ الْحَقِيقِيَّةُ (قَوْلُهُ: دُونَ الِاعْتِدَالِ) أَيْ فَمَا بَعْدَهُ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مِنْ الْقِيَامِ دُونَ مَا بَعْدَهُ عَلَى أَنَّهُ سَيُعِيدُهُ قَرِيبًا بِنَحْوِ مَا ذَكَرْته (قَوْلُهُ: وَأَمِنَ فَوْتَ الصَّلَاةِ) أَيْ بِأَنْ لَا يَخَافَ الْمَوْتَ بِأَنْ لَمْ يَحْضُرْهُ مَا يَخْشَى مِنْهُ الْمَوْتَ عَاجِلًا، وَأَمَّا مَنْ صَوَّرَهُ بِخَوْفِ الْمَرْأَةِ نُزُولَ الْحَيْضِ أَوْ خَوْفِ جُنُونٍ يَعْتَادُهُ فِي هَذَا الْوَقْتِ فَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْفَائِتَ فِي ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ الْأَدَاءُ فَقَطْ. وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا، وَالْمَسْأَلَتَيْنِ بَعْدَهُ لَا يَخْتَصُّ بِالْمَأْمُومِ وَإِنْ أَوْهَمَهُ كَلَامُهُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، وَالْخَامِسِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ شَرَعَ فِيهَا وَفِي وَقْتِهَا مَا يَسَعُ جَمِيعَهَا) هَذَا قَيْدٌ رَابِعٌ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ غَيْرِهِ وَأَمِنَ فَوْتَ وَقْتِ الصَّلَاةِ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ

ظَنِّهِ أَنَّهُ مَعَ اشْتِغَالِهِ بِهِ يُدْرِكُ الْفَاتِحَةَ قَبْلَ رُكُوعِ إمَامِهِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْجِنَازَةِ وَلَوْ عَلَى قَبْرٍ أَوْ غَائِبٍ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ خِلَافًا لِابْنِ الْعِمَادِ كَمَا سَيَأْتِي فِيهَا، وَيَأْتِي بِهِ سِرًّا إنْ لَمْ يَتَعَوَّذْ أَوْ يُدْرِكْ إمَامَهُ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ وَإِنْ أَمَّنَ لِتَأْمِينِهِ، وَهُوَ وَجَّهْت وَجْهِي: أَيْ قَصَدْت بِعِبَادَتِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ أَيْ أَبْدَعَهُمَا عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ سَبَقَ، حَنِيفًا: أَيْ مَائِلًا عَنْ كُلِّ الْأَدْيَانِ إلَى دِينِ الْإِسْلَامِ مُسْلِمًا: أَيْ مُنْقَادًا إلَى الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي، وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ، إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْت وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ. لِمَا صَحَّ مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ. وَفِي رِوَايَةٍ: وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ. وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْتِي بِهَا تَارَةً لِأَنَّهُ أَوَّلُ مُسْلِمِي هَذِهِ الْأُمَّةِ فَلَا يَقُولُهَا غَيْرُهُ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَأْتِي بِجَمِيعِ ذَلِكَ بِأَلْفَاظِهِ الْمَذْكُورَةِ لِلتَّغْلِيبِ الشَّائِعِ لُغَةً وَاسْتِعْمَالًا، وَإِرَادَةُ الشَّخْصِ فِي نَحْوِ حَنِيفًا مُحَافَظَةً عَلَى لَفْظِ الْوَارِدِ، فَانْدَفَعَ بِذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّ الْقِيَاسَ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَوْ اشْتَغَلَ بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ لَا يُدْرِكُ رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ، لَكِنَّ هَذَا الْإِشْكَالَ فِيهِ بِالنَّظَرِ لِمَا فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ الْمَذْكُورِ قَبْلُ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِ الشَّارِحِ وَقَدْ شَرَعَ فِيهَا وَفِي وَقْتِهَا مَا يَسَعُ جَمِيعَهَا إلَخْ فَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ حَيْثُ شُرِعَ فِيهَا وَقَدْ بَقِيَ مَا يَسَعُهَا كَامِلَةً لَا يَتَأَتَّى أَنَّ دُعَاءَ الِافْتِتَاحِ يُفَوِّتُ عَلَيْهِ الْأَدَاءَ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: قَدْ يُشْرَعُ فِيهَا وَبَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُهَا لِلْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ وَلَا يَسَعُ إلَّا رَكْعَةً بِالنِّسْبَةِ لَهُ وَكَانَ اشْتِغَالُهُ بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ يَمْنَعُهُ مِنْ إدْرَاكِ رَكْعَةٍ مَعَ الْإِمَامِ وَقَوْلُهُ أَيْضًا أَوْ الْأَدَاءُ: أَيْ بِأَنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ اشْتَغَلَ بِهِ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ، وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ أَمْنِ الْفَوَاتِ لَيْسَ مُعْتَبَرًا فِي مَنْعِ الْمَأْمُومِ بَلْ مُعْتَبَرٌ لِأَصْلِ اسْتِحْبَابِ دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَتَعَوَّذْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ اشْتَغَلَ بِأَذْكَارٍ غَيْرِ مَشْرُوعَةٍ، وَنَظَرَ فِيهِ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَخْذًا مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ وَنَحْوِهَا عَدَمُ الْفَوَاتِ (قَوْلُهُ: أَوْ يُدْرِكُ إمَامُهُ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ بِأَنْ أَدْرَكَ إمَامَهُ فِي الْقِيَامِ فَهُوَ تَصْرِيحٌ بِالْمَفْهُومِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَمِنَ لِتَأْمِينِهِ) أَيْ بِأَنْ فَرَغَ الْإِمَامُ عَقِبَ التَّحَرُّمِ فَأَمِنَ الْمَأْمُومُ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مَانِعًا مِنْ الْإِتْيَانِ بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَوَّلُ مُسْلِمِي هَذِهِ الْأُمَّةِ) أَيْ فِي الْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ مُطْلَقًا كَمَا فِي حَجّ لِتَقَدُّمِ خَلْقِ ذَاتِهِ وَإِفْرَاغِ النُّبُوَّةِ عَلَيْهِ قَبْلَ خَلْقِ جَمِيعِ الْمَوْجُودَاتِ (قَوْلُهُ فَلَا يَقُولُهَا غَيْرُهُ) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذِكْرُهُ إلَّا إنْ قَصَدَ لَفْظَ الْآيَةِ اهـ حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: ظَاهِرُهُ الْحُرْمَةُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَقَدْ تَقْتَضِي الْحُرْمَةُ الْبُطْلَانَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ مُخَالِفٌ لِلْوَارِدِ فِي حَقِّ هَذَا الْقَائِلِ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي كُلٍّ مِنْ الْحُرْمَةِ وَالْبُطْلَانِ لِأَنَّهُ لَفْظُ قُرْآنٍ، وَلَا صَارِفَ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ قَرِينَةَ الِافْتِتَاحِ صَارِفَةٌ وَفِيهِ مَا فِيهِ وَيَبْقَى مَا لَوْ أَتَى بِمَعْنَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَقَوْلِهِ وَأَنَا مُسْلِمٌ، أَوْ وَأَنَا ثَانِي الْمُسْلِمِينَ فِي حَقِّ الصِّدِّيقِ اهـ. أَقُولُ وَالظَّاهِرُ الِاكْتِفَاءُ بِهِ لِأَنَّهُ مُسَاوٍ لِلْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ وَإِرَادَةُ الشَّخْصِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا تَقُولُهُ، وَيَحْصُلُ ذَلِكَ مِنْهَا عَلَى إرَادَةِ الشَّخْصِ لَا أَنَّ مَشْرُوعِيَّتَهُ فِي حَقِّهَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِرَادَةِ (قَوْلُهُ: فَانْدَفَعَ بِذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ إلَخْ) قَائِلُ ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَبِهِ يُرَدُّ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ: الْقِيَاسُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَمْنِهِ فَوْتَ الصَّلَاةِ مِنْ أَصْلِهَا كَمَا مَرَّ تَمْثِيلُهُ، وَفَوْتِ الْأَدَاءِ كَأَنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْوَقْتِ إلَّا مَا يَسَعُ رَكْعَةً، وَفَوْتُ وَقْتِ الصَّلَاةِ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْوَقْتِ إلَّا مَا يَسَعُ الصَّلَاةَ، لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ هَذَا يُغْنِي عَمَّا قَبْلَهُ وَفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ الْجَوَابُ عَنْ هَذَا بِمَا لَا يَشْفِي (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي بِهِ سِرًّا) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: أَوْ يُدْرِكُ إمَامَهُ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ بِأَنْ يُدْرِكَ إمَامَهُ فِي الْقِيَامِ، وَمَا ذَكَرَهُ عَقِبَهُ قَاصِرٌ كَمَا مَرَّ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ، وَنَبَّهَ الشِّهَابُ حَجّ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ هَذَا إذَا لَمْ يُسَلِّمْ الْإِمَامُ قَبْلَ جُلُوسِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ مَائِلًا عَنْ كُلِّ الْأَدْيَانِ إلَخْ) عِبَارَةُ الشِّهَابِ عَمِيرَةَ، وَالْحَنِيفُ يُطْلَقُ عَلَى الْمَائِلِ، وَالْمُسْتَقِيمِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ الْمُرَادُ الْمَائِلُ إلَى الْحَقِّ، وَالْحَنِيفُ أَيْضًا عِنْدَ الْعَرَبِ: مَنْ كَانَ عَلَى مِلَّةِ إبْرَاهِيمَ

مُرَاعَاةُ صِيغَةِ التَّأْنِيثِ. وَيُسَنُّ لِلْمَأْمُومِ الْإِسْرَاعُ بِهِ إذَا كَانَ يَسْمَعُ قِرَاءَةَ إمَامِهِ، وَلِلْإِمَامِ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ إلَّا إنْ كَانَ إمَامَ جَمِيعٍ مَحْصُورِينَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِعَيْنِهِمْ حَقٌّ بِأَنْ لَمْ يَكُونُوا مَمْلُوكِينَ وَلَا مُسْتَأْجَرِينَ إجَارَةَ عَيْنٍ عَلَى عَمَلٍ نَاجِزٍ وَلَا نِسَاءٍ مُتَزَوِّجَاتٍ وَرَضُوا بِالتَّطْوِيلِ وَلَمْ يَطْرَأْ غَيْرُهُمْ وَقَلَّ حُضُورُهُ وَلَمْ يَكُنْ الْمَسْجِدُ مَطْرُوقًا فَيَزِيدُ كَالْمُنْفَرِدِ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ إلَى آخِرِهِ وَهُوَ مَشْهُورٌ، وَصَحَّ فِيهِ أَخْبَارٌ أُخَرُ: مِنْهَا: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ. وَمِنْهَا اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا. وَمِنْهَا: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ إلَى آخِرِهِ، وَبِأَيِّهَا افْتَتَحَ حَصَلَ أَصْلُ السُّنَّةِ، وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ أَفْضَلُهَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَظَاهِرُهُ اسْتِحْبَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ جَمِيعِ ذَلِكَ لِمُنْفَرِدٍ وَإِمَامِ مَنْ ذُكِرَ وَهُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ. (ثُمَّ) يُسَنُّ لَمُتَمَكِّنٍ بَعْدَ الِافْتِتَاحِ وَتَكْبِيرِ صَلَاةِ الْعِيدِ (التَّعَوُّذُ) ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُشْرِكَاتُ الْمُسْلِمَاتُ، وَقَوْلُ غَيْرِهِ: الْقِيَاسُ حَنِيفَةٌ مُسْلِمَةٌ اهـ. وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ أَتَتْ بِهِ حَصَلَتْ السُّنَّةُ. (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ لِلْمَأْمُومِ الْإِسْرَاعُ بِهِ إذَا كَانَ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يَقْرَؤُهُ وَإِنْ سَمِعَ قِرَاءَةَ إمَامِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قِرَاءَةِ السُّورَةِ أَنَّ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ تُعَدُّ قِرَاءَةً لِلْمَأْمُومِ فَأَغْنَتْ عَنْ قِرَاءَتِهِ وَسُنَّ اسْتِمَاعُهُ لَهَا، وَلَا كَذَلِكَ الِافْتِتَاحُ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الدُّعَاءُ لِلْإِمَامِ وَدُعَاءُ الشَّخْصِ لِنَفْسِهِ لَا يُعَدُّ دُعَاءً لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلِلْإِمَامِ) أَيْ يُسَنُّ لَهُ، قَوْلُهُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ: أَيْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ (قَوْلُهُ: وَقَلَّ حُضُورُهُ) عِبَارَةُ حَجّ: وَإِنْ قَلَّ حُضُورُهُ اهـ. وَهِيَ تُفِيدُ التَّعْمِيمَ فِي الْغَيْرِ وَكَلَامُ الشَّارِحِ يُفِيدُ التَّقْيِيدَ بِقِلَّةِ حُضُورِهِ (قَوْلُهُ: إلَى آخِرِهِ) وَهُوَ مَشْهُورٌ تَتِمَّتُهُ: «سُبْحَانَك وَبِحَمْدِك أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُك ظَلَمْت نَفْسِي وَاعْتَرَفْت بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا إنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ وَالشَّرُّ لَيْسَ إلَيْك، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ أَسْتَغْفِرُك وَأَتُوبُ إلَيْكَ» اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا إلَخْ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ أَسْقَطَ اللَّهُ أَكْبَرُ وَوَصَلَ كَبِيرًا بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ حَيْثُ أَطْلَقَ فَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ التَّحَرُّمَ وَلَا الِافْتِتَاحَ مَعَ كَوْنِهِ قَاصِدًا لِلْفِعْلِ مَعَ التَّبْيِينِ وَنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ، وَلَا يُشْكِلُ هَذَا بِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمَسْبُوقَ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى تَكْبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَطْلَقَ لَا تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ لِتَعَارُضِ قَرِينَتَيْ الِافْتِتَاحِ وَالْهَوِيِّ لِجَوَازِ أَنْ يُقَالَ: إنَّ تَكْبِيرَ الْهَوِيِّ ثُمَّ مَطْلُوبٌ بِخُصُوصِهِ فَصَلَحَ مُعَارِضًا لِلتَّحَرُّمِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ الْمَطْلُوبَ فِيهِ الِافْتِتَاحُ، وَهُوَ كَمَا يَحْصُلُ بِقَوْلِهِ: اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا يَحْصُلُ بِغَيْرِهِ، بَلْ وَجَّهْت أَوْلَى مِنْهُ فَانْحَطَّتْ رُتْبَتُهُ عَنْ تَكْبِيرِ الرُّكُوعِ فَلَمْ يَصْلُحْ مُعَارِضًا، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا قَالَهُ سم عَلَى حَجّ مِنْ قَوْلِهِ: فَرْعٌ: نَوَى مَعَ اللَّهُ أَكْبَرُ مِنْ قَوْلِهِ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا إلَخْ فَهَلْ تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ وَلَا يَضُرُّ مَا وَصَلَهُ بِالتَّكْبِيرِ وَمِنْ قَوْلِهِ كَبِيرًا إلَخْ؟ الْوَجْهُ نَعَمْ م ر اهـ (قَوْلُهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: رَوَاهُ مُسْلِمٌ (قَوْلُهُ: «اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ» إلَخْ) تَتِمَّةٌ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ «كَمَا بَاعَدْت بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ اهـ، وَالْمُرَادُ الْمَغْفِرَةُ لَا الْغُسْلُ الْحَقِيقِيُّ بِهَا. (قَوْلُهُ: ثُمَّ التَّعَوُّذُ) نُقِلَ عَنْ خَصَائِصِ الشَّامِيِّ أَنَّ مِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وُجُوبَ التَّعَوُّذِ لِقِرَاءَتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - اهـ وَنُقِلَ عَنْ الْخَصَائِصِ الصُّغْرَى لِلسُّيُوطِيِّ: وَظَاهِرُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَطْرَأْ غَيْرُهُمْ) أَيْ الْجَمْعُ (قَوْلُهُ: وَقَلَّ حُضُورُهُ) عِبَارَةُ الْإِمْدَادِ الَّتِي هِيَ أَصْلُ هَذِهِ: وَإِنْ قَلَّ حُضُورُهُ انْتَهَتْ فَلَعَلَّ لَفْظَ إنْ سَقَطَ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ

وَلَوْ فِي جِنَازَةٍ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الِافْتِتَاحِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي بَعْضِهَا، وَيُقَاسُ بِهِ الْبَاقِي مَا عَدَا الْجُلُوسَ مَعَهُ لِأَنَّهُ مُفَوِّتٌ، ثُمَّ لِفَوَاتِ الِافْتِتَاحِ بِهِ لَا هُنَا لِأَنَّهُ لِقِرَاءَةٍ لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا، وَإِتْيَانُهُ بِثُمَّ لِنَدْبِ تَرْتِيبِهِ إذَا أَرَادَهُمَا لَا لِنَفْيِ سُنِّيَّةِ التَّعَوُّذِ لَوْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ، وَيَفُوتُ بِالشُّرُوعِ فِي الْقِرَاءَةِ وَلَوْ سَهْوًا (وَيُسِرُّهُمَا) أَيْ الِافْتِتَاحَ وَالتَّعَوُّذَ اسْتِحْبَابًا فِي الْجَهْرِيَّةِ وَالسِّرِّيَّةِ كَسَائِرِ الْأَذْكَارِ الْمُسْتَحَبَّةِ بِحَيْثُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ لَوْ كَانَ سَمِيعًا، وَيَحْصُلُ بِكُلِّ مَا اشْتَمَلَ عَلَى التَّعَوُّذِ مِنْ الشَّيْطَانِ وَأَفْضَلُهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ: أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، وَيُفَارِقُ ذَلِكَ التَّأْمِينُ بِأَنَّ تَبَعِيَّتَهُ أَوْضَحُ لِوُرُودِهِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ عَقِبَ الْجَهْرِ بِخِلَافِهِمَا، وَبِأَنَّ التَّأْمِينَ تُسْتَحَبُّ فِيهِ مُقَارَنَةُ مَا يَأْتِي بِهِ الْإِمَامُ لِمَا يَأْتِي بِهِ الْمَأْمُومُ، فَسُنَّ فِيهِ الْجَهْرُ لِأَنَّهُ أَعْوَنُ فِي الْإِتْيَانِ بِالِاقْتِرَانِ بِخِلَافِهِ فِيهِمَا (وَيَتَعَوَّذُ كُلَّ رَكْعَةٍ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَلَوْ لِلْقِيَامِ الثَّانِي مِنْ صَلَاةِ الْخُسُوفِ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ لِلْقِرَاءَةِ، وَقَدْ حَصَلَ الْفَصْلُ بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ بِالرُّكُوعِ وَغَيْرِهِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ} [النحل: 98] أَيْ أَرَدْت قِرَاءَتَهُ {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: 98] حَتَّى لَوْ قَرَأَ خَارِجَ الصَّلَاةِ اُسْتُحِبَّ لَهُ الِابْتِدَاءُ بِالتَّعَوُّذِ وَالتَّسْمِيَةِ، سَوَاءٌ افْتَتَحَ مِنْ أَوَّلِ سُورَةٍ أَمْ مِنْ أَثْنَائِهَا، كَذَا رَأَيْته فِي زِيَادَاتِ أَبِي عَاصِمٍ الْعَبَّادِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَخَارِجِهَا (قَوْلُهُ: فِي الِافْتِتَاحِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ: وَأَمِنَ فَوَاتَ الصَّلَاةِ أَوْ الْأَدَاءِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَا عَدَا الْجُلُوسَ) أَيْ أَمَّا لَوْ أَدْرَكَهُ فِيهِ فَإِنَّهُ يَجْلِسُ مِنْهُ، ثُمَّ إذَا قَامَ تَعَوَّذَ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الِافْتِتَاحِ فَإِنَّهُ حَيْثُ أَدْرَكَهُ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ لَا يَأْتِي بِالِافْتِتَاحِ كَمَا تَقَدَّمَ. أَقُولُ: وَلَمْ يَتَقَدَّمْ لِلْجُلُوسِ مَعَهُ ذَكَرَ فِي كَلَامِهِ فَلَعَلَّهُ مَذْكُورٌ فِي الشُّرُوطِ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ، وَمِثْلُ الْجُلُوسِ مَا لَوْ أَدْرَكَهُ فِي غَيْرِهِ مِمَّا لَا يَقْرَأُ فِيهِ عَقِبَ إحْرَامِهِ كَالِاعْتِدَالِ وَتَابَعَهُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَيَفُوتُ) أَيْ التَّعَوُّذُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَهْوًا) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ سَبَقَ لِسَانُهُ فَلَا يَفُوتُ، وَكَذَا يَطْلُبُ إذَا تَعَوَّذَ قَاصِدًا الْقِرَاءَةَ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا بِسَمَاعِ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ حَيْثُ طَالَ الْفَصْلُ بِاسْتِمَاعِهِ لِقِرَاءَةِ إمَامِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَصُرَ الْفَصْلُ فَلَا يَأْتِي بِهِ، وَكَذَا لَا يُعِيدُهُ لَوْ سَجَدَ مَعَ إمَامِهِ لِلتِّلَاوَةِ. قَالَ حَجّ: لِقِصَرِ الْفَصْلِ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ طَالَ الْفَصْلُ بِالسُّجُودِ أَعَادَ التَّعَوُّذَ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي عَنْ سم (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَسْمَعُ نَفْسَهُ) أَيْ فَلَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ، وَظَاهِرٌ وَلَوْ قَصَدَ تَعْلِيمَ الْمَأْمُومِينَ لِلتَّعَوُّذِ وَالِافْتِتَاحِ لِإِمْكَانِ ذَلِكَ إمَّا قَبْلَ الصَّلَاةِ وَإِمَّا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: وَيُفَارِقُ ذَلِكَ التَّأْمِينُ) أَيْ حَيْثُ يَجْهَرُ بِهِ الْمَأْمُومُ فِي الْجَهْرِيَّةِ تَبَعًا لِإِمَامِهِ (قَوْلُهُ: بِالتَّعَوُّذِ وَالتَّسْمِيَةِ) وَهُمَا تَابِعَانِ لِلْقِرَاءَةِ إنْ سِرًّا فَسِرٌّ وَإِنْ جَهْرًا فَجَهْرٌ، لَكِنْ اسْتَثْنَى ابْنُ الْجَزَرِيِّ فِي النَّشْرِ مِنْ الْجَهْرِ بِالتَّعَوُّذِ غَيْرَ الْأَوَّلِ فِي قِرَاءَةِ الْإِدَارَةِ الْمَعْرُوفَةِ الْآنَ بِالْمُدَارَسَةِ فَقَالَ: يُسْتَحَبُّ مِنْهُ الْإِسْرَارُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ جَعْلُ الْقِرَاءَتَيْنِ فِي حُكْمِ الْقِرَاءَةِ الْوَاحِدَةِ اهـ. وَيَنْبَغِي جَرَيَانُ مِثْلِهِ فِي التَّسْمِيَةِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَمْ مِنْ أَثْنَائِهَا) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ خَارِجُ الصَّلَاةِ، وَفِي كَلَامِ حَجّ: أَنَّ السُّنَّةَ لِمَنْ ابْتَدَأَ مِنْ أَثْنَاءِ السُّورَةِ أَنْ يُبَسْمِلَ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: لَكِنْ خَصَّهُ م ر بِخَارِجِهَا فَلْيُحَرَّرْ. أَقُولُ: وَيُوَجَّهُ مَا خَصَّهُ م ر بِأَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ) يَعْنِي: فِي قَوْلِهِ تَمَكَّنَ مِنْهُ بِأَنْ أَدْرَكَ إمَامَهُ إلَخْ، وَيُغْنِي عَنْ هَذَا قَوْلُهُ: قَبِيلَهُ لِمُتَمَكِّنٍ إذْ الشُّرُوطُ بَيَانٌ لِلتَّمَكُّنِ كَمَا أَسْلَفَهُ، عَلَى أَنَّ الشِّهَابَ ابْنَ حَجَرٍ تَرَكَ هَذَا كُلَّهُ هُنَا كَأَنَّهُ لِقِصَرِ زَمَنِ التَّعَوُّذِ (قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرُوهُ فِي بَعْضِهَا) حَقُّ الْعِبَارَةِ كَمَا ذَكَرُوا بَعْضَهَا فِيهِ (قَوْلُهُ: مَا عَدَا الْجُلُوسَ مَعَهُ) أَيْ الْإِمَامِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَذْكُورًا اتِّكَالًا عَلَى فَهْمِ الْمُرَادِ، نَعَمْ حَقُّ الِاسْتِثْنَاءِ مِمَّا مَرَّ أَنْ يَقُولَ إلَّا فِيمَا إذَا أَدْرَكَهُ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ (قَوْلُهُ: وَأَفْضَلُ صِيغَةٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْقِرَاءَةِ: أَيْ: أَوْ مُطْلَقًا، وَإِلَّا، فَلَا خَفَاءَ أَنَّ التَّعَوُّذَ الْوَارِدَ لِدُخُولِ الْمَسْجِدِ أَوْ الْخُرُوجِ مِنْهُ أَوْ لِدُخُولِ الْخَلَاءِ الْأَفْضَلِ الْمُحَافَظَةُ فِيهِ عَلَى لَفْظِ الْوَارِدِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِلْقِيَامِ الثَّانِي) لَا مَوْقِعَ لِهَذِهِ الْغَايَةِ فِي الْمَتْنِ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُمَهِّدَ بِقَوْلِهِ لِلْقِرَاءَةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: اُسْتُحِبَّ لَهُ الِابْتِدَاءُ) يُؤْخَذُ مِنْهُ مَعَ قَوْلِهِ سَوَاءٌ افْتَتَحَ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ التَّعَوُّذُ لِغَيْرِ الِابْتِدَاءِ، وَالِافْتِتَاحُ

نَقْلًا عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَالنَّقْلُ فِي التَّسْمِيَةِ غَرِيبٌ فَتَفَطَّنْ لَهُ (وَالْأُولَى آكَدُ) مِمَّا بَعْدَهَا لِلِاتِّفَاقِ عَلَيْهَا، وَلَا تُسْتَحَبُّ إعَادَتُهُ بَعْدَ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ، وَيُسْتَحَبُّ لِعَاجِزٍ أَتَى بِذِكْرٍ بَدَلَ الْقِرَاءَةِ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِصَاحِبِ الْمُهِمَّاتِ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا هَذَا. وَالثَّانِي يَتَعَوَّذُ فِي الْأُولَى فَقَطْ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي الصَّلَاةِ وَاحِدَةٌ، وَلَوْ أَمْكَنَهُ بَعْضُ الِافْتِتَاحِ أَوْ التَّعَوُّذَ أَتَى بِهِ مُحَافَظَةً عَلَى الْمَأْمُورِ بِهِ مَا أَمْكَنَ، وَعَلِمَ عَدَمَ نَدْبِهِمَا لِغَيْرِ الْمُتَمَكِّنِ بِأَنْ اخْتَلَّ فِيهِ شَرْطٌ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ، بَلْ قَدْ يَحْرُمَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا عِنْدَ خَوْفِ ضِيقِ الْوَقْتِ. (وَتَتَعَيَّنُ الْفَاتِحَةُ) فِي السِّرِّيَّةِ وَالْجَهْرِيَّةِ حِفْظًا أَوْ تَلْقِينًا أَوْ نَظَرًا فِي مُصْحَفٍ (فِي كُلِّ رَكْعَةٍ) فِي قِيَامِهَا، وَمِنْهُ الْقِيَامُ الثَّانِي مِنْ رَكْعَتَيْ صَلَاةِ الْخُسُوفِ، أَوْ بَدَلَهُ لِلْمُنْفَرِدِ وَغَيْرِهِ فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا، لِخَبَرِ «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» وَيَدُلُّ عَلَى دُخُولِ الْمَأْمُومِينَ فِي الْعُمُومِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا أَتَى بِهِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ مِنْ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاتِهِ يُعَدُّ مَعَ الْفَاتِحَةِ كَأَنَّهُ قِرَاءَةٌ وَاحِدَةٌ، وَالْقِرَاءَةُ الْوَاحِدَةُ لَا يُطْلَبُ التَّعَوُّذُ وَلَا التَّسْمِيَةُ فِي أَثْنَائِهَا. نَعَمْ لَوْ عَرَضَ لَلْمُصَلَّيْ مَا مَنَعَهُ مِنْ الْقِرَاءَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ ثُمَّ زَالَ وَأَرَادَ الْقِرَاءَةَ بَعْدُ سُنَّ لَهُ الْإِتْيَانُ بِالْبَسْمَلَةِ لِأَنَّ مَا يَفْعَلُهُ ابْتِدَاءً قِرَاءَةٌ الْآنَ (قَوْلُهُ: وَالْأُولَى آكَدُ) لَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ التَّعَوُّذُ وَدُعَاءُ الِافْتِتَاحِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ إلَّا أَحَدُهُمَا دُونَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فَهَلْ يُرَاعَى الِافْتِتَاحُ لِسَبَقِهِ أَوْ التَّعَوُّذِ لِأَنَّهُ لِلْقِرَاءَةِ الْأَفْضَلُ وَالْوَاجِبَةُ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ الْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ التَّحَفُّظُ مِنْ الشَّيْطَانِ، وَأَيْضًا فَهُوَ مَطْلُوبٌ لِكُلِّ قِرَاءَةٍ، وَفِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ لِوَالِدِ الشَّارِحِ: لَوْ أَمْكَنَهُ الْإِتْيَانُ بِبَعْضِ التَّعَوُّذِ أَتَى بِهِ. أَقُولُ: وَهُوَ صَادِقٌ بِأَنْ يَأْتِيَ بِالشَّيْطَانِ أَوْ بِالرَّجِيمِ فَقَطْ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَأَنَّ الْمُرَادَ الْإِتْيَانُ بِأَعُوذُ بِاَللَّهِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ) أَيْ لِقُرْبِ الْفَصْلِ اهـ حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَطَالَهُ أَعَادَ التَّعَوُّذَ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، وَقِيَاسُهُ إعَادَةُ الْبَسْمَلَةِ اهـ. قَالَ حَجّ: وَكَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ كُلُّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْقِرَاءَةِ اهـ: أَيْ كَتَسْبِيحِ مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ، وَقَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ: أَيْ التَّعَوُّذُ (قَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا هَذَا) أَيْ أَنَّهُ يَتَعَوَّذُ كُلَّ رَكْعَةٍ (قَوْلُهُ: الِافْتِتَاحُ أَوْ التَّعَوُّذُ) أَيْ بِأَنْ خَافَ مِنْ الْإِتْيَانِ بِهِمَا رُكُوعَ الْإِمَامِ وَهُوَ فِي أَثْنَاءِ الْفَاتِحَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَحَدُهُمَا عِنْدَ خَوْفِ ضِيقِ الْوَقْتِ) أَيْ بِأَنْ أَحْرَمَ بِهَا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا لَا يَسَعُهَا، وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يَأْتِي بِالسُّنَنِ إذَا أَحْرَمَ فِي وَقْتٍ يَسَعُهَا وَإِنْ لَزِمَ صَيْرُورَتُهَا قَضَاءً، لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ بِأَنْ خَافَ خُرُوجَ بَعْضِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضِ السَّابِقِ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إذَا شَرَعَ فِيهَا فِي وَقْتٍ يَسَعُهَا كَامِلَةً بِدُونِ دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ، وَيَخْرُجُ بَعْضُهَا بِتَقْدِيرِ الْإِتْيَانِ بِهِ تَرَكَهُ وَصَرَّحَ بِمِثْلِهِ حَجّ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ سم فِي شَرْحِ الْغَايَةِ: يُسْتَثْنَى مِنْ السُّنَنِ دُعَاءُ الِافْتِتَاحِ فَلَا يَأْتِي بِهِ إلَّا حَيْثُ لَمْ يَخَفْ خُرُوجَ شَيْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا اهـ. وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَقِيَّةِ السُّنَنِ بِأَنَّهُ عَهِدَ طَلَبَ تَرْكِ دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ فِي الْجِنَازَةِ، وَفِيمَا لَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي رُكُوعٍ أَوْ اعْتِدَالٍ فَانْحَطَّتْ رُتْبَتُهُ عَنْ بَقِيَّةِ السُّنَنِ، أَوْ بِأَنَّ السُّنَنَ شُرِعَتْ مُسْتَقِلَّةً وَلَيْسَتْ مُقَدِّمَةً لِشَيْءٍ، بِخِلَافِ دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ فَإِنَّهُ شُرِعَ مُقَدِّمَةً لِغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَتَتَعَيَّنُ الْفَاتِحَةُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ) . [فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ انْبَهَمَتْ عَلَيْهِ الْفَاتِحَةُ فِي الْقُرْآنِ بِأَنْ كَانَ يَحْفَظُ السُّوَرَ وَلَا يَعْرِفُ أَسْمَاءَهَا، وَأُعْلِمَ بِأَنَّ الصَّلَاةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ وَأَنَّهَا لَا تَصِحُّ بِدُونِ الْفَاتِحَةِ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُوقِفُهُ عَلَيْهَا فَهَلْ يَجْتَهِدُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْأَقْرَبَ أَنْ يَجْتَهِدَ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ دَلِيلٌ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ إلَّا بِقِرَاءَةِ جَمِيعِ الْقُرْآنِ لِيَتَحَقَّقَ بِقِرَاءَتِهِ أَنَّهُ أَتَى بِالْوَاجِبِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ اشْتَغَلَتْ ذِمَّتُهُ بِمَنْذُورٍ وَانْبَهَمَ عَلَيْهِ هَلْ هُوَ عِتْقٌ أَوْ صَلَاةٌ أَوْ زَكَاةٌ فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَأَنْ شَرَعَ فِي قِرَاءَةٍ بَعْدَ أَنْ كَانَ فِي قِرَاءَةٍ أُخْرَى، وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: بَعْضَ الِافْتِتَاحِ) أَيْ إنْ أَتَى

مَا صَحَّ عَنْ عُبَادَةَ «كُنَّا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ فَثَقُلَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: لَعَلَّكُمْ تَقْرَءُونَ خَلْفِي؟ قُلْنَا نَعَمْ، قَالَ: لَا تَفْعَلُوا إلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَإِنَّهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا» وَخَبَرُ «مَنْ صَلَّى خَلْفَ إمَامٍ فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ» ضَعِيفٌ عِنْدَ الْحُفَّاظِ كَمَا بَيَّنَهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيْرُهُ، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} [المزمل: 20] فَوَارِدٌ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ أَوْ مَحْمُولٌ كَخَبَرِ «ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ» عَلَى الْفَاتِحَةِ لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِلْمُسِيءِ صَلَاتَهُ «كَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ» أَوْ عَلَى الْعَاجِزِ عَنْهَا جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ، وَخَبَرِ مُسْلِمٍ «وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا» مَحْمُولٌ عَلَى السُّورَةِ لِحَدِيثِ عُبَادَةَ وَغَيْرِهِ، وَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَحَلَّهَا الْقِيَامُ فَلَا تُجْزِئُ فِي نَحْوِ الرُّكُوعِ مَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنِّي نُهِيت أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا» وَلِشَرَفِ الْفَاتِحَةِ عَلَى غَيْرِهَا كَثُرَتْ أَسْمَاؤُهَا، فَقَدْ ذَكَرْت لَهَا فِي شَرْحِ شُرُوطِ الْإِمَامَةِ ثَلَاثِينَ اسْمًا (إلَّا رَكْعَةَ مَسْبُوقٍ) بِهَا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَلَا تَتَعَيَّنُ فِيهَا بَلْ يَتَحَمَّلُهَا عَنْهُ إمَامُهُ، إذْ الْأَصَحُّ أَنَّهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ فَيُدْرِكُ الرَّكْعَةَ بِإِدْرَاكِهِ مَعَهُ رُكُوعَهُ الْمَحْسُوبَ لَهُ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ مَعَ ذِكْرِ مَنْ فِي مَعْنَاهُ مِنْ كُلِّ مُتَخَلِّفٍ بِعُذْرٍ كَزَحْمَةٍ وَنِسْيَانٍ لِلصَّلَاةِ لَا لِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSإلَّا بِالْإِتْيَانِ بِالْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: فَثَقُلَتْ عَلَيْهِ) أَيْ شَقَّتْ عَلَيْهِ لِكَثْرَةِ الْأَصْوَاتِ خَلْفَهُ، وَقَوْلُهُ «لَعَلَّكُمْ تَقْرَءُونَ خَلْفِي» ، وَإِنَّمَا لَمْ يَنْهَهُمْ مِنْ الْقِرَاءَةِ خَلْفَهُ ابْتِدَاءً مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ سَمِعَ قِرَاءَتَهُمْ تَلَطُّفًا بِهِمْ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَهُمْ فِي تَعْلِيمِهِمْ الْأَحْكَامَ (قَوْلُهُ: لَمَّا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ) أَيْ فِي رِوَايَةِ غَيْرِ الشَّيْخَيْنِ لِمَا مَرَّ لَهُ مِنْ أَنَّ رِوَايَتَهُمَا: ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ ذَكَرْت لَهَا فِي شَرْحِ شُرُوطِ الْإِمَامَةِ) عِبَارَتُهُ ثُمَّ وَالْفَاتِحَةُ لَهَا ثَلَاثُونَ اسْمًا: أَشْهَرُهَا الْفَاتِحَةُ، الثَّانِي: الْحَمْدُ لِلَّهِ، الثَّالِثُ: أُمُّ الْكِتَابِ، الرَّابِعُ: أُمُّ الْقُرْآنِ، الْخَامِسُ: الشِّفَاءُ، السَّادِسُ: الشَّافِيَةُ، السَّابِعُ: تَعْلِيمُ الْمَسْأَلَةِ، الثَّامِنُ الْوَاقِيَةُ، التَّاسِعُ سُورَةُ الْوَفَاءِ، الْعَاشِرُ: الْكَافِيَةُ، الْحَادِيَ عَشَرَ: سُورَةُ الْكَافِيَةِ، الثَّانِي عَشَرَ: الرُّقْيَةُ، الثَّالِثَ عَشَرَ: الْأَسَاسُ، الرَّابِعَ عَشَرَ: الصَّلَاةُ، الْخَامِسَ عَشَرَ: سُورَةُ الصَّلَاةِ، السَّادِسَ عَشَرَ: سُورَةُ الْكَنْزِ، السَّابِعَ عَشَرَ: سُورَةُ الثَّنَاءِ، الثَّامِنَ عَشَرَ: سُورَةُ التَّفْوِيضِ، التَّاسِعَ عَشَرَ: الْمَثَانِي، الْعِشْرُونَ: الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ، الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ: الْمُجْزِئَةُ، الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ: سُورَةُ الْإِجْزَاءِ، الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ: الْمُنَجِّيَةُ، الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: النَّجَاةُ، الْخَامِس وَالْعِشْرُونَ: سُورَةُ الرَّحْمَةِ، السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ: سُورَةُ النِّعْمَةِ، السَّابِع وَالْعِشْرُونَ: سُورَةُ الِاسْتِعَانَةِ، الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ: سُورَةُ الْهِدَايَةِ، التَّاسِع وَالْعِشْرُونَ: سُورَةُ الْجَزَاءِ، الثَّلَاثُونَ: سُورَةُ الشُّكْرِ اهـ. وَعَلَيْهِ فَلَوْ نَذَرَ قِرَاءَةَ سُورَةِ الشُّكْرِ مَثَلًا انْصَرَفَ إلَى الْفَاتِحَةِ (قَوْلُهُ: حَقِيقَةً) أَيْ كَأَنْ وَجَدَهُ رَاكِعًا وَقَوْلُهُ أَوْ حُكْمًا: أَيْ كَأَنْ زَحَمَ عَنْ السُّجُودِ (قَوْلُهُ فَيُدْرِكُ الرَّكْعَةَ بِإِدْرَاكِهِ) أَيْ وَهَلْ يُثَابُ عَلَى الْقِرَاءَةِ الَّتِي فَاتَتْهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ الثَّوَابَ عَلَى الْفِعْلِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا يَتَحَمَّلُ عَنْهُ الْقِرَاءَةَ، وَالتَّحَمُّلُ عِبَارَةٌ عَنْ عَدَمِ الْمُؤَاخَذَةِ بِتَرْكِهِ وَصِحَّةِ الصَّلَاةِ بِدُونِ الْقِرَاءَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ مُتَخَلِّفٍ بِعُذْرٍ إلَخْ) الْأَوْلَى إدْرَاجُ هَذَا فِي الْمَسْبُوقِ حُكْمًا كَأَنْ يَقُولَ: وَسَيَأْتِي أَنَّ مِنْ الْمَسْبُوقِ حُكْمًا كُلُّ مُتَخَلِّفٍ بِعُذْرٍ، أَوْ يَجْعَلُهُ مَثَلًا لِقَوْلِهِ أَوْ حُكْمًا فَيَقُولُ كَمُتَخَلِّفٍ بِعُذْرٍ (قَوْلُهُ: لَا لِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ) مُحْتَرَزٌ لِلصَّلَاةِ: أَيْ فَلَا يَكُونُ مُتَخَلِّفًا بِعُذْرٍ، بَلْ إذَا تَذَكَّرَ الْفَاتِحَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِهِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَثَقُلَتْ عَلَيْهِ) أَيْ شَقَّتْ لِكَثْرَةِ الْأَصْوَاتِ خَلْفَهُ، قَالَهُ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ، وَلَا يُنَافِيهِ التَّرَجِّي فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَعَلَّكُمْ تَقْرَءُونَ خَلْفِي» لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ الْأَصْوَاتِ وَلَا يُمَيِّزُ مَا يَقُولُونَ (قَوْلُهُ: فَلَا تَتَعَيَّنُ) أَشَارَ بِهِ إلَى دَفْعِ مَا قِيلَ إنَّ ظَاهِرَ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ بِالْكُلِّيَّةِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ أَيْ الْمَسْبُوقُ الْحَقِيقِيُّ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ مَعَ مَنْ فِي مَعْنَاهُ، فَفِي عِبَارَتِهِ مُسَامَحَةٌ؛ لِأَنَّهَا تُوهِمُ أَنَّ الْمَسْبُوقَ الْحُكْمِيَّ غَيْرُ مَنْ فِي مَعْنَى الْمَسْبُوقِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ هُوَ (قَوْلُهُ: لَا لِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ) يُخَالِفُ مَا يَأْتِي لَهُ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ، وَهُوَ سَاقِطٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ

وَبُطْءِ حَرَكَةٍ وَشَكٍّ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ بَعْدَ رُكُوعِ إمَامِهِ فَلَمْ يَزُلْ عُذْرُهُ حَتَّى سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ وَزَالَ عُذْرُهُ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ أَوْ هَاوٍ لِلرُّكُوعِ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُتَصَوَّرُ سُقُوطُ الْفَاتِحَةِ فِي سَائِرِ الرَّكَعَاتِ، وَمَا قَرَرْنَاهُ هُنَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ، وَإِنْ وَقَعَ فِي عِبَارَةِ الشَّيْخِ مَا يُخَالِفُهُ، وَلَوْ نَوَى مُفَارَقَةَ إمَامِهِ بَعْدَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى ثُمَّ اقْتَدَى بِإِمَامٍ رَاكِعٍ وَقَصَدَ بِذَلِكَ إسْقَاطَ الْفَاتِحَةِ عَنْهُ صَحَّتْ فِي أَوْجُهٍ احْتِمَالَيْنِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَاسْتَقَرَّ رَأْيُهُ عَلَيْهِ آخِرًا. (وَالْبَسْمَلَةُ آيَةٌ) كَامِلَةٌ (مِنْهَا) أَيْ الْفَاتِحَةِ عَمَلًا لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا قَرَأْتُمْ بِالْفَاتِحَةِ فَاقْرَءُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَإِنَّهَا أُمُّ الْقُرْآنِ وَالسَّبْعُ الْمَثَانِي، وَبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إحْدَى آيَاتِهَا» وَيُجْهَرُ بِهَا حَيْثُ يُجْهَرُ بِالْفَاتِحَةِ لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ صَحَابِيًّا بِطُرُقٍ ثَابِتَةٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَقَوْلُ أَنَسٍ: ـــــــــــــــــــــــــــــSوَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَخَلَّفَ وَيَقْرَأَهَا، فَإِنْ فَرَغَ مِنْهَا قَبْلَ تَمَامِ رُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ مِنْ الْإِمَامِ فَذَاكَ وَإِلَّا وَجَبَتْ الْمُفَارَقَةُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى هَوَى الْإِمَامُ لِلسُّجُودِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا هُوَ شَأْنُ كُلِّ مُتَخَلِّفٍ بِغَيْرِ عُذْرٍ، لَكِنْ نُقِلَ عَنْ الزِّيَادِيِّ أَنَّ نِسْيَانَ الْقِرَاءَةِ كَنِسْيَانِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ إطْلَاقِ غَيْرِ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَتَخَلَّفُ لِقِرَاءَتِهَا وَيُغْتَفَرُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُ الشَّارِحِ فِي فَصْلٍ تَجِبُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ كَانَ عُذْرٌ إلَخْ، أَوْ سَهَا عَنْهَا: أَيْ الْقِرَاءَةُ حَتَّى رَكَعَ إمَامُهُ اهـ. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا هُنَا. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ إسْقَاطُ لَا لِقِرَاءَةٍ وَعَلَيْهَا فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ كَلَامَيْهِ وَعَلَى تَسْلِيمِهَا يُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ نِسْيَانَ الصَّلَاةِ يَكْثُرُ بِخِلَافِ نِسْيَانِ الْقِرَاءَةِ فَإِنَّهُ يُعَدُّ مُقَصِّرًا فِيهِ (قَوْلُهُ: وَبُطْءِ حَرَكَةٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَزَحْمَةٍ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَزُلْ عُذْرُهُ) أَيْ وَهُوَ مَا اشْتَغَلَ بِهِ مِنْ الْقِرَاءَةِ أَوْ فِعْلِ الْأَرْكَانِ فِيمَا لَوْ كَانَ بَطِيءَ الْحَرَكَةِ (قَوْلُهُ أَوْ هَاوٍ) أَيْ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مَثَلًا، وَقَوْلُهُ فَلَمْ يَزُلْ عُذْره، قَضِيَّتُهُ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا زَحَمَ عَنْ السُّجُودِ فَانْتَظَرَ زَوَالَ الزَّحْمَةِ أَوْ شَكَّ فِي الْقِرَاءَةِ فَشَرَعَ فِيهَا فَلَمْ تَزُلْ الزَّحْمَةُ وَلَا فَرَغَ مِنْ الْقِرَاءَةِ حَتَّى سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ صَارَ مَسْبُوقًا، وَالْمُطَابِقُ لِمَا يَأْتِي فِي مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ تَصْوِيرُ ذَلِكَ بِمَا إذَا زَالَتْ الزَّحْمَةُ أَوْ فَرَغَ مِنْ الْقِرَاءَةِ قَبْلَ أَنْ يَسْبِقَهُ الْإِمَامُ بِمَا ذُكِرَ فَسَعَى عَلَى نَظْمِ صَلَاةِ نَفْسِهِ حَتَّى فَرَغَ الْمَأْمُومُ مِنْ السُّجُودِ فَقَامَ وَجَدَ الْإِمَامَ رَاكِعًا فَيَرْكَعُ مَعَهُ، وَمِنْ ثَمَّ صَوَّرَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ كَوْنَهُ يَصِيرُ مَسْبُوقًا بِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: فَقَدْ يُتَصَوَّرُ سُقُوطُ الْفَاتِحَةِ) أَيْ بِأَسْبَابٍ مُخْتَلِفَةٍ بِأَنْ أَدْرَكَهُ فِي رُكُوعِ الْأُولَى فَسَقَطَتْ عَنْهُ الْفَاتِحَةُ لِكَوْنِهِ مَسْبُوقًا، ثُمَّ حَصَلَ لَهُ زَحْمَةٌ عَنْ السُّجُودِ فِيهَا فَتَمَكَّنَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ الْإِمَامُ فِي الثَّانِيَةِ فَأَتَى بِهِ، ثُمَّ قَامَ مِنْ السُّجُودِ وَجَدَهُ رَاكِعًا فِي الثَّانِيَةِ وَهَكَذَا تَأَمَّلْ اهـ زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَقَعَ فِي عِبَارَةِ الشَّيْخِ) لَعَلَّهُ فِي غَيْرِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ اقْتَدَى بِإِمَامٍ رَاكِعٍ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ الرَّكَعَاتِ. (قَوْلُهُ: وَالسَّبْعُ الْمَثَانِي) أَيْ لِأَنَّهَا تُثْنَى فِي الصَّلَاةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَلَمْ يَزَلْ عُذْرُهُ) يَعْنِي: لَمْ يَفْرُغْ مِنْ قِرَاءَتِهِ فِي مَسْأَلَتَيْ الشَّكِّ وَالنِّسْيَانِ وَلَمْ تَزَلْ الزَّحْمَةُ مِنْ مَسْأَلَتِهَا وَلَمْ تَتِمَّ الْأَرْكَانُ فِي مَسْأَلَةِ الْبُطْءِ (قَوْلُهُ: حَتَّى سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ إلَخْ) يَعْنِي: أَنَّهُ فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ قَبْلَ انْفِصَالِ الْإِمَامِ عَنْ السُّجُودِ الثَّانِي وَاشْتَغَلَ بِالرُّكُوعِ وَبِمَا بَعْدَهُ فَلَمْ يَفْرُغْ مِنْ ذَلِكَ إلَّا وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ فِي مَسَائِلِ الشَّكِّ وَالنِّسْيَانِ (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُتَصَوَّرُ) سُقُوطُ الْفَاتِحَةِ فِي سَائِرِ الرَّكَعَاتِ هُوَ ظَاهِرٌ فِي مَسْأَلَتَيْ الزَّحْمَةِ وَبُطْءِ الْحَرَكَةِ لَا فِي مَسْأَلَتَيْ الشَّكِّ وَالنِّسْيَانِ، إذْ يُتَصَوَّرُ فِي الْأُولَيَيْنِ أَنْ يَكُونَ مَسْبُوقًا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَسَقَطَتْ عَنْهُ الْفَاتِحَةُ، ثُمَّ حَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ فِي غَيْرِهَا فَسَقَطَتْ عَنْهُ الْفَاتِحَةُ أَيْضًا، بِخِلَافِ الْأُخْرَيَيْنِ إذْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ عِنْدَ التَّذَكُّرِ كَمَا يَأْتِي

«كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - يَفْتَتِحُونَ الصَّلَاةَ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ: أَيْ بِسُورَةِ الْحَمْدِ لِمَا صَحَّ أَنَّهُ كَانَ يَجْهَرُ بِالْبَسْمَلَةِ، وَقَالَ: لَا آلُو أَنْ أَقْتَدِيَ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» . وَقَوْلُهُ صَلَّيْت مَعَ هَؤُلَاءِ وَعُثْمَانَ فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، رِوَايَةٌ لِلَّفْظِ الْأَوَّلِ بِالْمَعْنَى الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ الرَّاوِي بِمَا ذُكِرَ بِحَسَبِ مَا فَهِمَ، وَأَيْضًا فَهُوَ مُعَارَضٌ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَفْتِحُ الصَّلَاةَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» ، وَبِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الصَّحَابَةِ الْمَذْكُورِينَ، عَلَى أَنَّ ابْنَ عَبْدِ الْبَرِّ قَالَ: لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ لِتَلَوُّنِهِ وَاضْطِرَابِهِ فَإِنَّهُ صَحَّ عَنْهُ بِعِبَارَاتٍ مُخْتَلِفَةِ الْمَعَانِي، مِنْهَا أَنَّهُ قَالَ: كَبَّرْتُ وَنَسِيتُ، وَأَنَّهُ سُئِلَ أَكَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَسْتَفْتِحُ بِالْحَمْدَلَةِ أَمْ بِالْبَسْمَلَةِ؟ فَقَالَ وَإِنَّك لَتَسْأَلُنِي عَنْ شَيْءٍ لَا أَحْفَظُهُ، وَمَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ قَبْلَك، فَجَزَمَ تَارَةً بِالْإِثْبَاتِ، وَتَارَةً بِالنَّفْيِ، وَتَارَةً تَوَقَّفَ وَكُلُّهَا صَحِيحَةٌ، فَلَمَّا اضْطَرَبَتْ وَتَعَارَضَتْ سَقَطَتْ وَرَجَّحْنَا الْإِثْبَاتَ لِلْقَاعِدَةِ وَالْجَهْرَ، لِأَنَّ رُوَاتَهُ أَكْثَرُ وَتَرْكُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِلْجَهْرِ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ لِبَيَانِ الْجَوَازِ. وَالْبَسْمَلَةُ آيَةٌ أَوَّلُ كُلِّ سُورَةٍ سِوَى بَرَاءَةَ لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ فَقَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1] إلَى آخِرِهَا» وَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ أَجْمَعُوا عَلَى إثْبَاتِهَا فِي الْمُصْحَفِ بِخَطِّهِ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ سِوَى بَرَاءَةَ دُونَ الْأَعْشَارِ وَتَرَاجِمِ السُّوَرِ وَالتَّعَوُّذِ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ قُرْآنًا لَمَا أَجَازُوا ذَلِكَ لِكَوْنِهِ يُحْمَلُ عَلَى اعْتِقَادِ مَا لَيْسَ بِقُرْآنٍ قُرْآنًا، وَلَوْ كَانَتْ لِلْفَصْلِ لَأُثْبِتَتْ أَوَّلَ بَرَاءَةَ وَلَمْ تَثْبُتْ أَوَّلَ الْفَاتِحَةِ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الْقُرْآنَ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالتَّوَاتُرِ رُدَّ بِأَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا يَثْبُتُ قُرْآنًا قَطْعًا، أَمَّا مَا يَثْبُتُ قُرْآنًا حُكْمًا فَيَكْفِي فِيهِ الظَّنُّ كَمَا يَكْفِي فِي كُلِّ ظَنِّيٍّ عَلَى أَنَّ إثْبَاتَهَا فِي الْمُصْحَفِ بِخَطِّهِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فِي مَعْنَى التَّوَاتُرِ، وَأَيْضًا فَقَدْ يَثْبُتُ التَّوَاتُرُ عِنْدَ قَوْمٍ دُونَ غَيْرِهِمْ. لَا يُقَالُ: ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَيْ سُورَةُ الْحَمْدِ) خَبَرٌ لِقَوْلِهِ وَقَوْلُ أَنَسٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا آلُو) أَيْ لَا أُقَصِّرُ بَلْ أَجْتَهِدُ حَدَّ الِاجْتِهَادِ فِي الِاقْتِدَاءِ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ الْمَمْدُودَةِ وَضَمِّ اللَّامِ (قَوْلُهُ: لِتَلَوُّنِهِ) أَيْ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ: وَاضْطِرَابِهِ) تَفْسِيرٌ (قَوْلُهُ: عَنْهُ) أَيْ أَنَسٍ (قَوْلُهُ فَقَالَ) أَيْ لِلسَّائِلِ (قَوْلُهُ: وَالْبَسْمَلَةُ آيَةٌ أَوَّلُ كُلِّ سُورَةٍ) وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي التِّبْيَانِ مَا حَاصِلُهُ: وَعَلَى هَذَا لَوْ أَسْقَطَ الْقَارِئُ الْبَسْمَلَةَ فِي قِرَاءَةِ الْأَسْبَاعِ أَوْ الْأَجْزَاءِ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْمَعْلُومِ الَّذِي شَرَطَهُ الْوَاقِفُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْوَاقِفَ إنَّمَا شَرَطَ لِمَنْ يَقْرَأُ سُورَةَ يس مَثَلًا، وَمَنْ تَرَكَ الْبَسْمَلَةَ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَقْرَأْ السُّورَةَ، الْمَشْرُوطَةَ وَقِيَاسُ مَا فِي الْإِجَارَةِ مِنْ أَنَّ مَنْ اُسْتُؤْجِرَ لِعَمَلٍ فَيَأْتِي بِبَعْضِهِ وَوَقَعَ مُسَلِّمًا لِلْمُسْتَأْجَرِ اسْتَحَقَّ الْقِسْطَ مِنْ الْمُسَمَّى أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مَدَارَ الِاسْتِحْقَاقِ هُنَا عَلَى مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ وَهُوَ لَمْ يُوجَدْ فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا (قَوْلُهُ: سِوَى بَرَاءَةَ) أَيْ فَلَوْ أَتَى بِهَا فِي أَوَّلِهَا كَانَ مَكْرُوهًا خِلَافًا لحج حَيْثُ قَالَ بِالْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ بِخَطِّهِ) أَيْ الْمُصْحَفِ فِي الْكَيْفِيَّةِ وَاللَّوْنِ لَا مُتَمَيِّزَةً عَنْهُ بِلَوْنٍ أَوْ كَيْفِيَّةٍ (قَوْلُهُ: وَتَرَاجِمِ السُّوَرِ) وَإِثْبَاتِ نَحْوَ أَسْمَاءِ السُّوَرِ وَالْأَعْشَارِ مِنْ بِدَعِ الْحَجَّاجِ اهـ حَجّ. وَمُرَادُهُ بِذَلِكَ إثْبَاتُهَا فِي الْمَصَاحِفِ لَا أَنَّهُ اخْتَرَعَ أَسْمَاءَهَا لِمَا صَحَّ أَنَّهَا كُلَّهَا تَوْقِيفِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَتْ لِلْفَصْلِ) أَيْ كَمَا يَقُولُهُ الْحَنَفِيَّةُ (قَوْلُهُ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالتَّوَاتُرِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْبَحْرِ: قَالَ سُلَيْمٌ الرَّازِيّ فِي التَّقْرِيبِ: لَا يُشْتَرَطُ فِي وُقُوعِ الْعِلْمِ بِالتَّوَاتُرِ صِفَاتِ الْمُحَدِّثِينَ، بَلْ يَقَعُ ذَلِكَ بِأَخْبَارِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ وَالْعُدُولِ وَالْفُسَّاقِ وَالْأَحْرَارِ وَالْعَبِيدِ وَالْكِبَارِ وَالصِّغَارِ إذَا اجْتَمَعَتْ الشُّرُوطُ اهـ. وَعِبَارَةُ سم فِي شَرْحِ الْوَرَقَاتِ الصَّغِيرِ وَهُوَ: أَيْ التَّوَاتُرُ أَنْ يَرْوِيَ جَمَاعَةٌ يَزِيدُونَ عَلَى الْأَرْبَعَةِ كَمَا اعْتَمَدَهُ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ حَيْثُ قَالَ: وَلَا تَكْفِي الْأَرْبَعَةُ وِفَاقًا لِلْقَاضِي أَيْ الْحُسَيْنُ، إذْ هُوَ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا صَالِحٌ اهـ وَلَوْ فُسَّاقًا وَكُفَّارًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِتَلَوُّنِهِ وَاضْطِرَابِهِ) أَيْ الْخَبَرِ

لَوْ كَانَتْ قُرْآنًا لَكَفَرَ جَاحِدُهَا. لِأَنَّا نَقُولُ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ قُرْآنًا لَكَفَرَ مُثْبِتُهَا، وَأَيْضًا فَالتَّكْفِيرُ لَا يَكُونُ بِالظَّنِّيَّاتِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ تُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا، لَا لِخَلَلٍ فِي الصِّحَّةِ وَإِنَّمَا هِيَ لِحِيَازَةِ فَضِيلَةٍ، كَأَنْ صَلَّى الْمَرِيضُ قَاعِدًا ثُمَّ وَجَدَ خِفَّةً بَعْدَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ لِيَرْكَعَ، وَإِذَا قَامَ اُسْتُحِبَّ لَهُ إعَادَةُ الْفَاتِحَةِ لِتَقَعَ فِي حَالِ الْكَمَالِ: كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، قَالَ: وَهَكَذَا كُلُّ مَوْضِعٍ انْتَقَلَ إلَى مَا هُوَ أَعْلَى مِنْهُ كَمَا لَوْ صَلَّى مُضْطَجِعًا ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْقُعُودِ، وَحِينَئِذٍ إذَا قَرَأَهَا ثَانِيًا قَاعِدًا ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ لِوُجُودِ مَنْ يُمْسِكُهُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَيَجِبُ أَنْ يَقُومَ وَتُسْتَحَبُّ لَهُ إعَادَتُهَا، وَإِنْ ضَمَمْت إلَى ذَلِكَ قُدْرَتَهُ عَلَى الْقِيَامِ إلَى حَدِّ الرَّاكِعِينَ قَبْلَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ فَيَزِيدُ أَيْضًا اسْتِحْبَابُهَا وَيَنْتَظِمُ مِنْهُ مَا قَدَّمْنَاهُ، وَأَبْلَغُ مِمَّا سَبَقَ وُجُوبُ تَكْرِيرِ الْفَاتِحَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَأَكْثَرَ، كَأَنْ نَدَرَ أَنْ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ كُلَّمَا عَطَسَ فَعَطَسَ فِي صَلَاتِهِ: فَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ وَجَبَ عَلَيْهِ. أَنْ يَقْرَأَ إذَا فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْقِيَامِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ حَالًا لِأَنَّ تَكْرِيرَ الْفَاتِحَةِ لَا يَضُرُّ، كَذَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ مِنْ فَتَاوِيهِ (وَتَشْدِيدَاتُهَا) مِنْهَا بِمَعْنَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ رِعَايَتُهَا فَلَا يُخِلُّ بِشَيْءٍ مِنْهَا حَيْثُ كَانَ قَدْرًا لِأَنَّهَا هَيْئَاتٌ لِحُرُوفِهَا، وَالْحَرْفُ الْمُشَدَّدُ بِحَرْفَيْنِ، وَهِيَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ شَدَّةً مِنْهَا ثَلَاثٌ فِي الْبَسْمَلَةِ، فَلَوْ خَفَّفَ مِنْهَا تَشْدِيدَةً لَمْ تَصِحَّ قِرَاءَةُ تِلْكَ الْكَلِمَةِ لِتَغْيِيرِهِ نَظْمَهَا، بَلْ تَرْكُهُ التَّشْدِيدَ مِنْ إيَّاكَ نَعْبُدُ مُتَعَمِّدًا عَارِفًا مَعْنَاهُ يَكْفُرُ بِهِ كَمَا قَالَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَأَرِقَّاءَ وَإِنَاثًا، وَشَمَلَتْ الْعِبَارَةُ الصِّبْيَانَ الْمُمَيَّزِينَ (قَوْلُهُ: فَالتَّكْفِيرُ لَا يَكُونُ بِالظَّنِّيَّاتِ) قَالَ حَجّ: وَلَا بِيَقِينِيٍّ لَمْ يَصْحَبْهُ تَوَاتُرٌ وَإِنْ أَجْمَعَ عَلَيْهِ كَإِنْكَارِ أَنَّ لِبِنْتِ الِابْنِ السُّدُسَ مَعَ بِنْتِ الصُّلْبِ اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَالِمِ بِهِ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: فَعَطَسَ فِي صَلَاتِهِ) أَوْرَدَ عَلَيْهِ م ر أَنَّ شَرْطَ نَذْرِ التَّبَزُّرِ أَنْ يَكُونَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ مَرْغُوبًا فِيهِ وَالْعُطَاسُ لَيْسَ مَرْغُوبًا فِيهِ، فَقَالَ بَلْ مَرْغُوبٌ فِيهِ لِأَنَّ فِيهِ رَاحَةً لِلْبَدَنِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ م ر (قَوْلُهُ أَنْ يَقْرَأَ إذَا فَرَغَ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ يُعْذَرُ فِي التَّأْخِيرِ إلَى فَرَاغِ الصَّلَاةِ وَلَا يُكَلَّفُ الْقِرَاءَةَ فِي الرُّكُوعِ وَنَحْوِهِ، فَلَوْ خَالَفَ وَقَرَأَ فِي الرُّكُوعِ أَوْ غَيْرِهِ اعْتَدَّ بِقِرَاءَتِهِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي الْمَأْمُومِ مَا لَمْ يُعَارِضْهُ رُكُوعُ الْإِمَامِ، فَإِنْ عَارَضَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُتَابِعَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ وَيَتَدَارَكَ بَعْدُ، ثُمَّ قَوْلُهُ حَالًا ظَاهِرٌ إنْ عَطَسَ بَعْدَ فَرَاغِ الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يُكْمِلَ الْفَاتِحَةَ عَنْ الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ ثُمَّ يَأْتِيَ بِهَا عَنْ النَّذْرِ إنْ أَمِنَ رُكُوعَ الْإِمَامِ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِلَّا أَخَّرَهَا إلَى تَمَامِ الصَّلَاةِ. وَبَقِيَ مَا لَوْ عَرَضَ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ جُنُبٌ، هَلْ يَقْرَأُ وَهُوَ جُنُبٌ أَوْ يُؤَخِّرُ الْقِرَاءَةَ إلَى أَنْ يَغْتَسِلَ وَيَكُونَ ذَلِكَ عُذْرًا فِي التَّأْخِيرِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ الْمَنْذُورَةَ لَيْسَ لَهَا وَقْتٌ مَحْدُودٌ تَفُوتُ بِسَبَبِهِ فَهِيَ مِنْ النَّذْرِ الْمُطْلَقِ، وَلَا يَجِبُ فِيهِ فَوْرٌ حَتَّى لَوْ نَذَرَ أَنْ يَقْرَأَ عَقِبَ الْعُطَاسِ كَانَ مَحْمُولًا عَلَى عَدَمِ الْمَانِعِ وَهَذَا عُذْرٌ فِي التَّأْخِيرِ، وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ عَطَسَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْقِرَاءَةِ فَهَلْ يُشْتَرَطُ لِوُقُوعِ الْقِرَاءَةِ عَنْ الْوَاجِبِ الْقَصْدِ لِأَنَّ طَلَبَهَا لِلْعُطَاسِ صَارِفٌ عَنْ وُقُوعِهَا عَنْ الْوَاجِبِ أَمْ لَا؟ فَإِذَا قَرَأَهَا مَرَّتَيْنِ وَقَعَتْ إحْدَاهُمَا عَنْ الرُّكْنِ وَالْأُخْرَى عَنْ النَّذْرِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ مَا لِكُلٍّ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ وَقَعَتْ الْقِرَاءَةُ لَغْوًا، وَأَمَّا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَرَكَعَ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ فَإِنَّهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ: وَالْحَرْفُ الْمُشَدَّدُ بِحَرْفَيْنِ) لِأَنَّهُ حَرْفَانِ أَوَّلُهُمَا سَاكِنٌ لَا عَكْسُهُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: لَمْ تَصِحَّ قِرَاءَةُ تِلْكَ الْكَلِمَةِ) أَيْ فَيُعِيدُهَا عَلَى الصَّوَابِ وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَإِنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا حَيْثُ لَمْ يُغَيِّرْ الْمَعْنَى وَمِنْ تَخْفِيفِ الْمُشَدَّدِ مَا لَوْ قَرَأَ الرَّحْمَنَ بِفَكِّ الْإِدْغَامِ، وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ أَلْ لَمَّا ظَهَرَتْ خَلَفَتْ الشَّدَّةَ فَلَمْ يَحْذِفْ شَيْئًا لِأَنَّ ظُهُورَهَا لَحْنٌ وَلَمْ يُمْكِنْ قِيَامُهُ مَقَامَهُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ لِتَغْيِيرِهِ نَظْمَهَا) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ لَحَنَ لَحْنًا لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى كَفَتْحِ النُّونِ مِنْ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ فَإِذَا كَانَ عَامِدًا عَالِمًا حَرُمَ وَلَمْ تَبْطُلْ بِهِ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا حُرْمَةَ وَلَا بُطْلَانَ، وَمِثْلُهُ فَتْحُ دَالِ نَعْبُدُ، وَلَا تَضُرُّ زِيَادَةُ يَاءٍ بَعْدَ كَافِ مَالِكِ لِأَنَّ كَثِيرًا مَا تَتَوَلَّدُ حُرُوفُ الْإِشْبَاعِ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فِي الْحَاوِي وَالْبَحْرِ، لِأَنَّ الْإِيَا ضَوْءُ الشَّمْسِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: نَعْبُدُ ضَوْأَهَا، فَإِنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا سَجَدَ لِلسَّهْوِ، وَلَوْ شَدَّدَ مُخَفَّفًا أَسَاءَ وَأَجْزَأَهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ (وَلَوْ أَبْدَلَ ضَادًا) مِنْهَا أَيْ أَتَى بَدَلَهَا (بِظَاءٍ لَمْ تَصِحَّ) قِرَاءَتُهُ لِتِلْكَ الْكَلِمَةِ (فِي الْأَصَحِّ) لِتَغْيِيرِهِ النَّظْمَ مَعَ اخْتِلَافِ الْمَعْنَى، إذْ الضَّادُ مِنْ الضَّلَال وَالظَّاءُ مِنْ ظَلَّ يَفْعَلُ كَذَا ظُلُولًا إذَا فَعَلَهُ نَهَارًا وَقِيَاسًا عَلَى بَاقِي الْحُرُوفِ، وَالثَّانِي يَصِحُّ لِقُرْبِ الْمَخْرَجِ وَعُسْرِ التَّمْيِيزِ بَيْنَهُمَا، وَالْخِلَافُ خَاصٌّ بِقَادِرٍ لَمْ يَتَعَمَّدْ أَوْ عَاجِزٍ أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ فَلَمْ يَفْعَلْ، أَمَّا الْعَاجِزُ عَنْ التَّعَلُّمِ فَيُجْزِيهِ قَطْعًا وَهُوَ أُمِّيٌّ، وَالْقَادِرُ عَلَى التَّعَلُّمِ لَا يُجْزِيهِ قَطْعًا، وَلَوْ أَبْدَلَ الضَّادَ بِغَيْرِ الظَّاءِ لَمْ تَصِحَّ قِرَاءَةٌ قَطْعًا أَوْ ذَالًا مُعْجَمَةً بِمُهْمَلَةٍ فِي الَّذِينَ لَمْ تَصِحَّ أَيْضًا كَمَا اقْتَضَى إطْلَاقُ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرُهُ الْجَزْمَ بِهِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَلَوْ نَطَقَ بِالْقَافِ مُتَرَدِّدَةً بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْكَافِ كَمَا يَنْطِقُ بِهَا بَعْضُ الْعَرَبِ صَحَّ مَعَ الْكَرَاهَةِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ نَصْرُ الْمَقْدِسِيَّ وَالرُّويَانِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةِ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ فِي الْمَجْمُوعِ، وَإِدْخَالُ الْمُصَنِّفِ الْبَاءَ عَلَى الْمَأْتِيِّ بِهِ صَحِيحٌ كَمَا تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي خُطْبَةِ الْكِتَابِ (وَيَجِبُ تَرْتِيبُهَا) بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا عَلَى نَظْمِهَا الْمَعْهُودِ (الْفَاتِحَة) لِأَنَّهُ مَنَاطُ الْبَلَاغَةِ وَالْإِعْجَازِ، فَإِنْ تَعَمَّدَ تَرْكَهُ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَعْنَى اسْتَأْنَفَ الْقِرَاءَةَ، وَيُفَارِقُ نَحْوَ الْوُضُوءِ وَالْأَذَانِ وَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ بِأَنَّ التَّرْتِيبَ هُنَا لَمَّا كَانَ مَنَاطَ الْبَلَاغَةِ وَالْإِعْجَازِ كَانَ الِاعْتِنَاءُ بِهِ أَكْثَرَ، فَجُعِلَ قَصْدُ التَّكْمِيلِ بِالْمُرَتَّبِ صَارِفًا عَنْ صِحَّةِ الْبِنَاءِ، بِخِلَافِ تِلْكَ الصُّوَرِ، وَمَنْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ يَبْنِي هُنَا مُرَادُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْحَرَكَاتِ وَلَا يَتَغَيَّرُ بِهَا الْمَعْنَى. وَفِي حَجّ: أَنَّ مِمَّا لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى قِرَاءَةُ الْعَالَمِينَ بِالْوَاوِ: أَيْ بَدَلَ الْيَاءِ اهـ. أَقُولُ: وَيَنْبَغِي بُطْلَانُ صَلَاتِهِ إذَا كَانَ عَامِدًا عَالِمًا لِأَنَّهُ أَبْدَلَ حَرْفًا بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِيَا) أَيْ بِالْقَصْرِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا سَجَدَ لِلسَّهْوِ) أَيْ فِي تَخْفِيفِ إيَّاكَ وَمِثْلُهُ كُلُّ مَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ، وَمِنْهُ كَسْرُ كَافِ إيَّاكَ نَعْبُدُ لَا ضَمُّهَا لِأَنَّ الْكَسْرَ يُغَيِّرُ الْمَعْنَى، وَمَتَى بَطَلَ أَصْلُ الْمَعْنَى أَوْ اسْتَحَالَ إلَى مَعْنًى آخَرَ كَانَ مُبْطِلًا مَعَ التَّعَمُّدِ، وَهَذَا السُّجُودُ لِلْخَلَلِ الْحَاصِلِ بِمَا فَعَلَهُ وَلَيْسَ إرَادَتُهُ لِلسُّجُودِ مُغَنِّيَةً عَنْ إعَادَتِهِ عَلَى الصَّوَابِ (قَوْلُهُ: أَسَاءَ) أَيْ أَتَى بِسَيِّئَةٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَبْدَلَ ضَادًا بِظَاءٍ لَمْ تَصِحَّ قِرَاءَتُهُ) . [فَرْعٌ] حَيْثُ بَطَلَتْ الْقِرَاءَةُ دُونَ الصَّلَاةِ فَمَتَى رَكَعَ عَمْدًا قَبْلَ إعَادَةِ الْقِرَاءَةِ عَلَى الصَّوَابِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسًا عَلَى بَاقِي الْحُرُوفِ) وَمِنْهَا كَمَا قَالَهُ حَجّ: إبْدَالُ حَاءِ الْحَمْدِ هَاءً فَتَبْطُلُ بِهِ، خِلَافًا لِلْقَاضِي حُسَيْنٍ فِي قَوْلِهِ لَا تَبْطُلُ بِهِ لِأَنَّهُ مِنْ اللَّحْنِ الَّذِي لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ: وَالْقَادِرُ عَلَى التَّعَلُّمِ لَا يُجْزِيهِ قَطْعًا) بَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إنْ تَعَمَّدَ وَعَلِمَ اهـ حَجّ. وَنَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ م ر عَدَمَ الْبُطْلَانِ، وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ: إذْ الضَّادُ مِنْ الضَّلَالِ إلَخْ الْبُطْلَانُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَغْيِيرِ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ: أَوْ ذَالًا مُعْجَمَةً بِمُهْمَلَةٍ) أَيْ أَوْ بِزَايٍ، وَقَوْلُهُ لَمْ تَصِحَّ: أَيْ قِرَاءَتُهُ: أَيْ الْغَيْرِ الْعَاجِزِ عَنْ التَّعَلُّمِ (قَوْلُهُ: كَمَا يَنْطِقُ بِهَا بَعْضُ الْعَرَبِ صَحَّ) أَيْ خِلَافًا لحج، قَالَ: وَالْمُرَادُ بِالْعَرَبِ الْمَنْسُوبَةُ إلَيْهِمْ أَخْلَاطُهُمْ الَّذِينَ لَا يُعْتَدُّ بِهِمْ، وَلِذَا نَسَبَهَا بَعْضُ الْأَئِمَّةِ لِأَهْلِ الْغَرْبِ وَصَعِيدِ مِصْرَ اهـ. وَالْمُرَادُ بِالصِّحَّةِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ الصِّحَّةُ مَعَ الْكَرَاهَةِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مَنَاطُ الْبَلَاغَةِ) أَيْ مَرْجِعٌ وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ نَاطَهُ نَوْطًا مِنْ بَابِ قَالَ عَلَّقَهُ، وَاسْمُ مَوْضِعِ التَّعْلِيقِ مَنَاطٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَقَوْلُهُ وَالْإِعْجَازِ عَطْفٌ مُغَايِرٌ لِأَنَّ الْبَلَاغَةَ مُطَابَقَةُ الْكَلَامِ لِمُقْتَضَى الْحَالِ مَعَ بَلَاغَتِهِ وَالْإِعْجَازُ مُسَبَّبٌ عَنْهَا (قَوْلُهُ فَإِنْ تَعَمَّدَ تَرْكَهُ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مَتَى قَصَدَ التَّكْمِيلَ بِمَا أَخَّرَهُ لَا يُعْتَدُّ بِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَيُفَارِقُ نَحْوَ الْوُضُوءِ) أَيْ حَيْثُ يُبْنَى عَلَى الْمُنْتَظِمِ وَإِنْ قُصِدَ بِهِ تَكْمِيلُ غَيْرِ الْمُنْتَظِمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَمَّدَ تَرْكَهُ) لَيْسَ بِقَيْدٍ، فَإِنَّ الِاسْتِئْنَافَ لَا بُدَّ مِنْهُ بِكُلِّ حَالٍ حَيْثُ قَصَدَ التَّكْمِيلَ الَّذِي هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، وَأَمَّا أَخْذُ الشَّارِحِ مَفْهُومُهُ فِيمَا يَأْتِي، فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا زَادَهُ مِنْ الْقَيْدِ الْآتِي وَسَتَعْلَمُ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: وَالطَّوَافِ)

مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ التَّكْمِيلَ بِالْمُرَتَّبِ وَلَمْ يَطُلْ غَيْرُ الْمُرَتَّبِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي، أَمَّا إذَا غَيَّرَ الْمَعْنَى فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَأَمَّا إذَا سَهَا بِتَرْكِهِ فَإِنْ طَالَ غَيْرُ الْمُرَتَّبِ اسْتَأْنَفَ وَإِلَّا بَنَى. (وَ) تَجِبُ (مُوَالَاتُهَا) بِأَنْ يَصِلَ بَعْضَ كَلِمَاتِهَا بِبَعْضٍ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ إلَّا بِقَدْرِ تَنَفُّسٍ وَعَيَّ فَلَا يَضُرُّ وَإِنْ طَالَ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ، وَإِنْ أَشْعَرَ كَلَامُ الرَّوْضَةِ بِخِلَافِهِ لِلِاتِّبَاعِ مَعَ خَبَرِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» فَلَوْ أَخَلَّ بِهَا سَاهِيًا لَمْ يَضُرَّ كَمَا لَوْ طَوَّلَ رُكْنًا قَصِيرًا سَاهِيًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ سَهْوًا فَإِنَّهُ يَضُرُّ لِأَنَّ الْمُوَالَاةَ صِفَةٌ وَالْقِرَاءَةَ أَصْلٌ، وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ نِسْيَانُ التَّرْتِيبِ حَيْثُ كَانَ ضَارًّا، لِأَنَّ أَمْرَ الْمُوَالَاةِ أَيْسَرُ مِنْ التَّرْتِيبِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ تَطْوِيلَ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ لَا يَضُرُّ، بِخِلَافِ التَّرْتِيبِ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِالْمُقَدَّمِ مِنْ سُجُودٍ عَلَى رُكُوعٍ مَثَلًا، وَلَوْ شَكَّ هَلْ تَرَكَ حَرْفًا فَأَكْثَرَ مِنْ الْفَاتِحَةِ بَعْدَ تَمَامِهَا لَمْ يُؤَثِّرْ لِأَنَّ الظَّاهِرَ حِينَئِذٍ مُضِيُّهَا تَامَّةً، وَلِأَنَّ الشَّكَّ فِي حُرُوفِهَا يَكْثُرُ لِكَثْرَتِهَا، فَعَفَا عَنْهُ لِلْمَشَقَّةِ فَاكْتَفَى فِيهَا بِغَلَبَةِ الظَّنِّ، بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ، أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ قَبْلَ تَمَامِهَا أَوْ هَلْ قَرَأَهَا أَوْ لَا اسْتَأْنَفَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ قِرَاءَتِهَا، وَالْأَوْجَهُ إلْحَاقُ التَّشَهُّدِ بِهَا فِيمَا ذُكِرَ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ لَا سَائِرُ الْأَرْكَانِ فِيمَا يَظْهَرُ (فَإِنْ تَخَلَّلَ ذِكْرٌ) أَجْنَبِيٌّ غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِالصَّلَاةِ (قَطَعَ الْمُوَالَاةَ) وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا كَحَمْدِ عَاطِسٍ وَإِنْ سُنَّ خَارِجَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَمِنْ النَّحْوِ رَمْيُ الْجِمَارِ. (قَوْلُهُ: إلَّا بِقَدْرِ تَنَفُّسٍ) أَيْ وَغَلَبَةِ سُعَالٍ وَعُطَاسٍ، وَقَوْلُهُ فَلَا يَضُرُّ وَإِنْ طَالَ وَمِنْهُ التَّثَاؤُبُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ سَهْوًا فَإِنَّهُ يَضُرُّ) أَيْ يَضُرُّ فِي عَدَمِ حُسْبَانِ مَا فَعَلَهُ سَهْوًا قَبْلَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فَلَا يُحْسَبُ رُكُوعُهُ الَّذِي أَتَى بِهِ قَبْلَ الْفَاتِحَةِ لِسَهْوِهِ عَنْهَا. [فَرْعٌ] لَوْ سَكَتَ فِي أَثْنَاءِ الْفَاتِحَةِ عَمْدًا بِقَصْدِ أَنْ يُطِيلَ السُّكُوتَ هَلْ تَنْقَطِعُ الْمُوَالَاةُ بِمُجَرَّدِ شُرُوعِهِ فِي السُّكُوتِ كَمَا لَوْ قَصَدَ أَنْ يَأْتِيَ بِثَلَاثِ خُطُوَاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِمُجَرَّدِ شُرُوعِهِ فِي الْخُطْوَةِ الْأُولَى أَوْ لَا تَنْقَطِعُ إلَّا إنْ حَصَلَ الطُّولُ بِالْفِعْلِ حَتَّى لَوْ عَرَضَ وَلَمْ يُطِلْ لَمْ تَنْقَطِعْ، وَيُفَارِقُ مَا ذُكِرَ بِأَنَّ ذَاكَ إنَّمَا ضَرَّ لِأَنَّهُ يُنَافِي اشْتِرَاطَ دَوَامِ نِيَّةِ الصَّلَاةِ حُكْمًا، لِأَنَّ قَصْدَ الْمُبْطِلِ يُنَافِي الدَّوَامَ، وَلَا كَذَلِكَ هُنَا لِأَنَّ الْمُضِرَّ وُجُودُ مَا يَقْطَعُ أَوْ السُّكُوتُ بِقَصْدِ الْقَطْعِ وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَمُجَرَّدُ الشُّرُوعِ فِي السُّكُوتِ بِقَصْدِ إطَالَتِهِ لَا يَسْتَلْزِمُ وُجُودَهُ لِجَوَازِ الْإِعْرَاضِ عَنْهُ، فِيهِ نَظَرٌ، وَيُتَّجَهُ الْآنَ الثَّانِي وَالْفَرْقُ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَدْ يُقَالُ: يُتَّجَهُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ السُّكُوتَ بِقَصْدِ الْإِطَالَةِ مُسْتَلْزِمٌ لِقَصْدِ الْقَطْعِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ سَكَتَ يَسِيرًا بِقَصْدِ قَطْعِ الْقِرَاءَةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ) أَيْ فَيَضُرُّ الشَّكُّ فِي صِفَتِهَا بَعْدَ قِرَاءَتِهَا، وَمِنْهَا التَّشَهُّدُ فَيَضُرُّ الشَّكُّ فِي بَعْضِهِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهُ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ هُنَا، لَكِنْ سَيَأْتِي لَهُ أَنَّ الْأَوْجَهَ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: اسْتَأْنَفَ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: لَا سَائِرَ الْأَرْكَانِ) أَيْ فَإِنَّهُ إذَا شَكَّ فِيهَا أَوْ فِي صِفَتِهَا وَجَبَ إعَادَتُهَا مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ فَوْرًا، وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ شَكَّ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَعْضَاءِ السَّبْعَةِ هَلْ وَضَعَهُ أَوْ لَا، فَيُعِيدُ السُّجُودَ وَإِنْ كَانَ الشَّكُّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ، هَذَا إنْ كَانَ إمَامًا أَوْ مُنْفَرِدًا، أَوْ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ إنْ كَانَ مَأْمُومًا: أَيْ حَيْثُ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ إلَيْهِ بِأَنْ تَلَبَّسَ مَعَ الْإِمَامِ بِمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ سُنَّ خَارِجَهَا) أَيْ خَارِجَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ لَا خَارِجَ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَمْ تَظْهَرْ صُورَةُ التَّرْتِيبِ الْحَقِيقِيِّ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُطِلْ غَيْرَ الْمُرَتَّبِ) هَذَا قَيْدٌ زَادَهُ تَبَعًا لِلْإِمْدَادِ عَلَى مَا فِي كَلَامِهِمْ، وَهُوَ يَخْرُجُ عَنْ صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ إذْ صُورَتُهَا كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ أَتَى بِنِصْفِ الْفَاتِحَةِ الثَّانِي مَثَلًا أَوَّلًا ثُمَّ أَتَى بِالنِّصْفِ الْأَوَّلِ، وَأَصْلُ هَذِهِ السِّوَادَةِ لِلرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَلَيْسَ فِيهِمَا هَذَا الْقَيْدُ، وَهُوَ إنَّمَا يُنَاسِبُ مَسَائِلَ قَطْعِ الْمُوَالَاةِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ طَالَ غَيْرُ الْمُرَتَّبِ) مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَيْدِ الَّذِي زَادَهُ وَمَرَّ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِالصَّلَاةِ) بَيَانٌ لِلْمُرَادِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ، وَسَيَأْتِي مَا يُوَضِّحُ مَعْنَى تَعَلُّقِهِ بِالصَّلَاةِ فِي قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِهَا لِمَصْلَحَتِهَا، إذْ يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْمُتَعَلِّقَ بِهَا مَا كَانَ مُخْتَصًّا بِهَا لِمَصْلَحَتِهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ سُنَّ) أَيْ حَمْدُ الْعَاطِسُ وَقَوْلُهُ خَارِجَهَا: أَيْ الْفَاتِحَةِ

وَكَإِجَابَةِ مُؤَذِّنٍ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِهَا لِمَصْلَحَتِهَا، فَكَانَ مُشْعِرًا بِالْإِعْرَاضِ وَلِتَغْيِيرِهِ النَّظْمَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، بِخِلَافِهِ مَعَ النِّسْيَانِ فَلَا يَقْطَعُهَا بَلْ يَبْنِي. وَالذِّكْرُ بِكَسْرِ الذَّالِ بِاللِّسَانِ ضِدُّ الْإِنْصَاتِ وَبِالضَّمِّ بِالْقَلْبِ ضِدُّ النِّسْيَانِ قَالَهُ الْكِسَائِيُّ، وَقَالَ غَيْرُهُ إنَّهُمَا لُغَتَانِ بِمَعْنًى (فَإِنْ تَعَلَّقَ بِالصَّلَاةِ كَتَأْمِينِهِ لِقِرَاءَةِ إمَامِهِ وَفَتْحِهِ عَلَيْهِ) عِنْدَ تَوَقُّفِهِ وَسُكُوتِهِ إذْ الْفَتْحُ تَلْقِينُ الْآيَةِ فَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا دَامَ يُرَدِّدُهَا، وَكَسُجُودِهِ لِتِلَاوَةِ إمَامِهِ مَعَهُ وَسُؤَالِ رَحْمَةٍ وَاسْتِعَاذَةٍ مِنْ عَذَابٍ عِنْدَ قِرَاءَةِ آيَتِهِمَا (فَلَا) يَقْطَعُ الْمُوَالَاةَ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ مِنْ مَصْلَحَتِهَا فَلَا يَجِبُ اسْتِئْنَافُهَا، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْأَوْلَى كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ قَطَعَ الْمُوَالَاةَ بِهِ، وَكَأَنَّهُمْ إنَّمَا لَمْ يُبَالُوا بِالْقَوْلِ بِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِالتَّكْرِيرِ حِينَئِذٍ إنْ كَانَ بَعْدَ فَرَاغِ الْفَاتِحَةِ لِأَنَّ مُدْرِكَهُ أَضْعَفُ مِنْ مُدْرِكِ الْخِلَافِ الْأَوَّلِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ خِلَافَانِ يُقَدَّمُ أَقْوَاهُمَا وَهِيَ مَسْأَلَةٌ نَفِيسَةٌ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ أَنَّهُ عِنْدَ التَّعَارُضِ يَتْرُكُ رِعَايَةَ الْقَوْلَيْنِ مَعًا، وَأَفَادَ أَيْضًا أَنَّ مَحَلَّ مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ إمْكَانُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَذْهَبَيْنِ وَإِلَّا قَدَّمَ مَذْهَبَهُ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَقْطَعُهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَنْدُوبٍ كَالْحَمْدِ عِنْدَ الْعُطَاسِ وَغَيْرِهِ وَرُدَّ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ مَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ. (وَيَقْطَعُ) الْمُوَالَاةَ (السُّكُوتُ) ـــــــــــــــــــــــــــــSالصَّلَاةِ، فَلَا يُنَافِي مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْعُبَابِ مِنْ أَنَّهُ إذَا عَطَسَ فِي الصَّلَاةِ سُنَّ لَهُ الْحَمْدُ، وَقَالَ فِي بَيَانِهِ سم: لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ وَإِلَّا فَكَيْفَ يُسَنُّ لَهُ فِيهَا مَا يَقْطَعُ مُوَالَاتِهَا (قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِهِ مَعَ النِّسْيَانِ) أَيْ فَلَا يَقْطَعُهَا: أَيْ وَإِنْ طَالَ مَا أَتَى بِهِ جَهْلًا أَوْ نِسْيَانًا حَجّ (قَوْلُهُ: وَفَتَحَهُ عَلَيْهِ عِنْدَ تَوَقُّفِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ التَّوَقُّفُ فِي قِرَاءَةِ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إعَانَةً لِلْإِمَامِ عَلَى الْقِرَاءَةِ الْمَطْلُوبَةِ قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: هَذَا التَّوَقُّفُ تَقُولُ الْعَرَبُ فِيهِ اُرْتُجَّ عَلَيْهِ مُخَفَّفًا مَبْنِيًّا لِلْمَجْهُولِ إرْتَاجًا مِنْ أَرْتَجْتُ الْبَابَ أَغْلَقْته، وَلَا يَجُوزُ ارْتَجَّ عَلَيْهِ بِالتَّشْدِيدِ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَلَا بُدَّ فِي الْفَتْحِ عَلَيْهِ مِنْ قَصْدِ الْقِرَاءَةِ وَلَوْ مَعَ الْفَتْحِ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ زِيَادِيٌّ. وَعَلَيْهِ فَلَوْ فَتَحَ عَلَيْهِ وَشَكَّ بَعْدَ الْفَتْحِ هَلْ قَصَدَ الْقِرَاءَةَ أَمْ لَا هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ لِأَنَّ الْأَصْلَ دَوَامُ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ) أَيْ لَا يُسَنُّ فَإِنْ فَتَحَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ انْقَطَعَتْ الْمُوَالَاةُ تَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ وَاسْتِعَاذَةٍ مِنْ عَذَابٍ) وَمِنْهُ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ قِرَاءَةِ مَا فِيهِ اسْمُهُ فِيمَا يَظْهَرُ بِنَاءً عَلَى اسْتِحْبَابِ ذَلِكَ، وَهُوَ مَا نَقَلَ سم اعْتِمَادُهُ عَنْ الشَّارِحِ، وَسَيَأْتِي فِيهِ كَلَامٌ لِلشَّارِحِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَالصَّحِيحُ سَنُّ الصَّلَاةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: عِنْدَ قِرَاءَةِ آيَتِهِمَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمَأْمُومَ إذَا سَمِعَ سُؤَالَ الْإِمَامِ الرَّحْمَةَ وَالِاسْتِعَاذَةَ مِنْ النَّارِ أَمَّنَ وَلَا يُشَارِكُهُ فِي الدُّعَاءِ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الْقُنُوتِ إنْ كَانَ الْإِمَامُ أَتَى بِهِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَقْطَعُ الْمُوَالَاةَ فِي الْأَصَحِّ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ عَدَمُ الْقَطْعِ وَلَوْ طَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ عَمِيرَةُ، وَمُقْتَضَى النَّظَرِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: بِالتَّكْرِيرِ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ كَرَّرَهَا لِإِتْيَانِهِ بِالذِّكْرِ الْمَارِّ، وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ بَعْدَ فَرَاغِ الْفَاتِحَةِ، قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَرَّرَ آيَةً مِنْ الْفَاتِحَةِ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْهَا أَوْ قَرَأَ بَعْضَهَا بَعْدَ إتْمَامِهَا لَمْ تَبْطُلْ قَطْعًا، وَلَكِنَّ قَوْلَهُ وَكَأَنَّهُمْ إنَّمَا لَمْ يُبَالُوا إلَخْ، لَا يَظْهَرُ وَجْهُهُ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِيمَا لَوْ فَتَحَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي أَثْنَاءِ الْقِرَاءَةِ (قَوْلُهُ: وَأَفَادَ أَيْضًا) أَيْ الزَّرْكَشِيُّ (قَوْلُهُ: وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَقْطَعُهَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الذِّكْرِ الْمُتَعَلِّقِ بِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: كَالْحَمْدِ عِنْدَ الْعُطَاسِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ الْمُوَالَاةَ (قَوْلُهُ لَيْسَ مِنْ مَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ) قَضِيَّةُ الِاقْتِصَارِ فِي الرَّدِّ عَلَى مَا ذُكِرَ تَسْلِيمُ أَنَّ مَا تَعَلَّقَ بِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ مِنْ التَّأْمِينِ وَالْفَتْحِ لَيْسَ بِمَنْدُوبٍ، وَلَيْسَ مُرَادًا لِمَا يَأْتِي فِي الْمَتْنِ مِنْ أَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يُؤَمِّنَ مَعَ إمَامِهِ، وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: يَرِدُ عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ رَدَّ حِينَئِذٍ انْقَطَعَتْ الْمُوَالَاةُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ بَعْدَ فَرَاغِ الْفَاتِحَةِ) أَيْ الصَّادِقِ بِهِ أَوْلَوِيَّةُ الِاسْتِئْنَافِ إذْ هُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ تَمَّمَ الْفَاتِحَةَ أَوْ لَا، لَكِنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا اسْتَأْنَفَهَا بَعْدَ تَمَامِهَا كَمَا نَبَّهَ

الْعَمْدُ (الطَّوِيلُ) بِأَنْ زَادَ عَلَى سَكْتَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَالْإِعْيَاءِ لِإِشْعَارِهِ بِالْإِعْرَاضِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ قَطْعَهَا، أَمَّا النَّاسِي فَلَا يَقْطَعُ عَلَى الصَّحِيحِ (وَكَذَا) يَقْطَعُهَا (يَسِيرٌ قُصِدَ بِهِ قَطْعُ الْقِرَاءَةِ فِي الْأَصَحِّ) لِاقْتِرَانِ الْفِعْلِ بِنِيَّةِ الْقَطْعِ كَمَا لَوْ نَقَلَ الْوَدِيعَةَ نَاوِيًا التَّعَدِّيَ فِيهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَنْوِ الْقَطْعَ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِنَحْوِ تَنَفُّسٍ أَوْ عَيٍّ كَنَقْلِ الْوَدِيعَةِ بِلَا نِيَّةِ تَعَدٍّ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَاهُ بِلَا سُكُوتٍ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ بِاللِّسَانِ وَلَمْ يَقْطَعْهَا، وَيُخَالِفُ ذَلِكَ نِيَّةَ الْقَطْعِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ النِّيَّةَ رُكْنٌ فِيهَا تَجِبُ إدَامَتُهَا حُكْمًا، وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ مَعَ نِيَّةِ الْقَطْعِ وَقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ لَا تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ خَاصَّةٍ فَلَا تَتَأَثَّرُ بِنِيَّةِ الْقَطْعِ، قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ نِيَّةَ قَطْعِ الرُّكُوعِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَرْكَانِ لَا تُؤَثِّرُ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ مُهِمَّةٌ، وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ وَالرَّدُّ عَلَيْهِ مَرْدُودٌ. وَالثَّانِي لَا يَقْطَعُ لِأَنَّ قَصْدَ الْقَطْعِ وَحْدَهُ لَا يُؤَثِّرُ وَالسُّكُوتُ الْيَسِيرُ وَحْدَهُ لَا يُؤَثِّرُ فَاجْتِمَاعُهُمَا كَذَلِكَ وَرُدَّ بِالْمَنْعِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ كُلٍّ مِنْ الضَّابِطَيْنِ مَا لَوْ نَسِيَ آيَةً فَسَكَتَ طَوِيلًا لِتَذَكُّرِهَا فَإِنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ التَّذَكُّرَ مِنْ مَصَالِحِهَا، وَلَوْ كَرَّرَ آيَةً مِنْهَا لِلشَّكِّ أَوْ التَّفَكُّرِ أَوْ لَا لِسَبَبٍ عَمْدًا فَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَمْعٍ أَنَّهُ يَعْنِي، وَعَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّهُ يَسْتَأْنِفُ، وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ وَصَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى تَفْصِيلِ الْمُتَوَلِّي وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَرَّرَ مَا هُوَ فِيهِ أَوْ مَا قَبْلَهُ وَاسْتُصْحِبَ بَنَى وَإِلَّا كَأَنْ وَصَلَ إلَى أَنْعَمَتْ عَلَيْهِمْ فَقَرَأَ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ فَقَطْ فَلَا يَبْنِي إنْ كَانَ عَالِمًا مُتَعَمِّدًا لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْهُودٍ فِي التِّلَاوَةِ، وَاعْتَمَدَهُ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ. وَعَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ إنْ كَرَّرَ آيَةً مِنْهَا يُؤَثِّرُ، وَإِنْ قَرَأَ نِصْفَهَا ثُمَّ شَكَّ، هَلْ بَسْمَلَ فَأَتَمَّهَا ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ بَسْمَلَ أَعَادَ مَا قَرَأَهُ بَعْدَ الشَّكِّ فَقَطْ. وَاعْتَمَدَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ الثَّالِثَ وَحَمَلَ إطْلَاقَ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ، وَالْأَوْجَهُ فِي صُورَةِ الْبَغَوِيّ أَنْ يُعِيدَهَا كُلَّهَا، وَيُسْتَحَبُّ لَهُ وَصْلُ أَنْعَمَتْ بِمَا بَعْدَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَقْفٍ وَلَا مُنْتَهَى آيَةٍ. (فَإِنْ) (جَهِلَ الْفَاتِحَةَ) وَلَمْ يُمْكِنْهُ تَعَلُّمُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSفَلَا يَقْطَعُ الْمُوَالَاةَ فِي الْأَصَحِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مَنْدُوبٌ، وَقِيلَ لَيْسَ بِمَنْدُوبٍ فَيَقْطَعُهَا. (قَوْلُهُ: عَلَى سَكْتَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَالْإِعْيَاءِ) أَيْ الْغَالِبُ كُلٌّ مِنْهُمَا فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا سَكَتَ لِلتَّنَفُّسِ أَوْ الْعِيِّ لَا يَضُرُّ وَإِنْ طَالَ لِحَمْلِ مَا مَرَّ عَلَى حُصُولِ التَّعَبِ بِالْفِعْلِ فَسَكَتَ لِيَزُولَ بِخِلَافِ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ كُلٍّ مِنْ الضَّابِطَيْنِ) هُمَا قَوْلُهُ لِإِشْعَارِهِ بِالْإِعْرَاضِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِنَحْوِ تَنَفُّسٍ إلَخْ، وَمِثْلُهُ فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ وَعِبَارَتُهُ: وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ نَسِيَ آيَةً فَسَكَتَ طَوِيلًا لِتَذَكُّرِهَا فَإِنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ انْتَهَى. وَاعْتَمَدَهُ م ر حَيْثُ قَالَ: لَمْ أَرَ مَا يُخَالِفُهُ، ثُمَّ وَجَّهَهُ بِأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوهُ لِمَصْلَحَةِ الْقِرَاءَةِ انْتَهَى. وَفِي قَوْلِهِ حَيْثُ قَالَ لَمْ أَرَ مَا يُخَالِفُهُ إشْعَارٌ بِتَرَدُّدِهِ فِي اعْتِمَادِهِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا فُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ هُنَا مِنْ الْجَزْمِ بِهِ، وَإِنَّمَا تَرَدَّدَ فِي التَّعْلِيلِ حَيْثُ قَالَ: وَلَعَلَّ وَجْهَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ) أَيْ فِي الْمُوَالَاةِ (قَوْلُهُ: أَوْ التَّفَكُّرِ) أَيْ فِي مَعْنَاهُ، أَوْ لِيَتَذَكَّرَ مَا بَعْدَهُ عَلَى مَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَتِهِ (قَوْلُهُ: الثَّالِثُ) هُوَ تَفْصِيلُ الْمُتَوَلِّي (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ فِي صُورَةِ الْبَغَوِيّ) وَهِيَ قَوْلُهُ وَإِنْ قَرَأَ نِصْفَهَا ثُمَّ إلَخْ (قَوْلُهُ لَيْسَ بِوَقْفٍ وَلَا مُنْتَهَى آيَةٍ) فَلَوْ وَقَفَ عَلَيْهِ لَمْ يَضُرَّ فِي صَلَاتِهِ، وَالْأَوْلَى عَدَمُ إعَادَةِ مَا وَقَفَ عَلَيْهِ وَالِابْتِدَاءُ بِمَا بَعْدَهُ، لِأَنَّ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَحْسُنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهِ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ كُلٍّ مِنْ الضَّابِطَيْنِ إلَخْ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ لِشَرْحِ الرَّوْضِ، لَكِنَّ ذَاكَ تَقَدَّمَ لَهُ فِي الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ مَا يُصَحِّحُ لَهُ الْإِتْيَانَ بِاللَّامِ الْعَهْدِيَّةِ، بِخِلَافِ الشَّارِحِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ إلَّا الْإِشَارَةُ إلَى ضَابِطٍ وَاحِدٍ فِيمَا يَقْطَعُ الْمُوَالَاةَ وَمَا لَا يَقْطَعُهَا، وَهُوَ قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ إلَّا بِعُذْرِ تَنَفُّسٍ وَعَيٍّ إلَخْ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ: فَإِنْ سَكَتَ يَسِيرًا مَعَ نِيَّةِ قَطْعِهَا: أَيْ الْقِرَاءَةِ، أَوْ طَوِيلًا عَمْدًا بِحَيْثُ يَزِيدُ عَلَى سَكْتَةِ الِاسْتِرَاحَةِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْقَطْعَ اسْتَأْنَفَ الْقِرَاءَةَ، إلَى أَنْ قَالَ الشَّارِحُ، وَمَا ضَبَطَ بِهِ الْمُصَنِّفُ الطُّولَ أَخَذَهُ مِنْ الْمَجْمُوعِ وَعَدَلَ إلَيْهِ عَنْ ضَبْطِ الْأَصْلِ لَهُ بِمَا أَشْعَرَ بِقَطْعِ الْقِرَاءَةِ، أَوْ إعْرَاضِهِ عَنْهَا مُخْتَارًا، أَوْ لِعَائِقٍ لِيُفِيدَ أَنَّ السُّكُوتَ لِلْإِعْيَاءِ لَا يُؤَثِّرُ وَإِنْ

لِضِيقِ وَقْتٍ أَوْ بَلَادَةٍ وَلَا قِرَاءَتُهَا فِي نَحْوِ مُصْحَفٍ وَلَا التَّسَبُّبُ إلَى حُصُولِهِ بِنَحْوِ شِرَاءٍ لَوْ وَجَدَ مَا يُحَصِّلُهُ بِهِ فَاضِلًا عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي الْفِطْرَةِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ بِالْبَلَدِ إلَّا مُصْحَفٌ وَاحِدٌ وَلَمْ يُمْكِنُ التَّعَلُّمُ إلَّا مِنْهُ لَمْ يَلْزَمْ مَالِكَهُ إعَارَتُهُ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ بِالْبَلَدِ إلَّا مُعَلِّمٌ وَاحِدٌ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّعْلِيمُ بِلَا أُجْرَةٍ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، كَمَا لَوْ احْتَاجَ إلَى السُّتْرَةِ أَوْ الْوُضُوءِ وَمَعَ غَيْرِهِ ثَوْبٌ أَوْ مَاءٌ فَيَنْتَقِلُ إلَى الْبَدَلِ (فَسَبْعُ آيَاتٍ) عَدَدُ آيَاتِهَا لِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِهَا، وَاسْتَحْسَنَ الشَّافِعِيُّ قِرَاءَةَ ثَمَانِ آيَاتٍ لِتَكُونَ الثَّامِنَةُ بَدَلًا عَنْ السُّورَةِ، أَمَّا دُونَ السَّبْعِ فَلَا يُجْزِئُهُ وَإِنْ طَالَ لِرِعَايَةِ الْعَدَدِ فِيهَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي} [الحجر: 87] وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي» وَفِي اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْبَدَلِ مُشْتَمِلًا عَلَى ثَنَاءٍ وَدُعَاءٍ كَالْفَاتِحَةِ وَجْهَانِ لِلطَّبَرِيِّ أَوْجَهُهُمَا عَدَمُهُ، وَمَتَى أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ وَلَوْ بِالسَّفَرِ لَزِمَهُ وَلَا يَكْتَفِي عَنْهَا بِالتَّرْجَمَةِ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [يوسف: 2] فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْعَجَمِيَّ لَيْسَ بِقُرْآنٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا عَجَزَ عَنْ التَّكْبِيرِ أَوْ الْخُطْبَةِ أَوْ الْإِتْيَانِ بِالشَّهَادَتَيْنِ فَإِنَّهُ تُجْزِئُهُ التَّرْجَمَةُ عَنْهَا لِأَنَّ نَظْمَ الْقُرْآنِ مُعْجِزٌ، كَمَا مَرَّ بَعْضُ ذَلِكَ (مُتَوَالِيَةً فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ الْمُتَوَالِيَةِ (فَمُتَفَرِّقَةً) لِأَنَّهُ مَقْدُورُهُ (قُلْت: الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ جَوَازُ الْمُتَفَرِّقَةِ) مِنْ سُورَةٍ أَوْ سُوَرٍ (مَعَ حِفْظِهِ مُتَوَالِيَةً، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَمَا فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ، وَسَوَاءٌ أَفَادَتْ الْمُتَفَرِّقَةُ مَعْنًى مَنْظُومًا أَمْ لَا كَمَا اخْتَارَهُ فِي الْمَجْمُوعِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي عُرْفِ الْقُرَّاءِ إلَّا أَنَّ تَرْكَهُ يُؤَدِّي إلَى تَكْرِيرِ بَعْضِ الرُّكْنِ الْقَوْلِيِّ، وَهُوَ مُبْطِلٌ فِي قَوْلٍ فَتَرْكُهُ أَوْلَى خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا نَصُّهُ، بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَا مُنْتَهَى آيَةٍ: فَإِنْ وَقَفَ عَلَى هَذَا لَمْ تُسَنَّ لَهُ الْإِعَادَةُ مِنْ أَوَّلِ الْآيَةِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا قُلْته. (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْ مَالِكَهُ إعَارَتُهُ) وَلَا إجَارَتُهُ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَعِبَارَتُهُ قَالَ م ر: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ التَّعْلِيمُ بِالْأُجْرَةِ وَلَا يَلْزَمُهُ بِدُونِهَا، بِخِلَافِ مُصْحَفٍ لَا يَلْزَمُهُ إعَارَتُهُ وَلَا إجَارَتُهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَدَنَ مَحَلُّ التَّكْلِيفِ، وَلَمْ يُعْهَدْ وُجُوبُ بَذْلِ مَالِ الْإِنْسَانِ لِغَيْرِهِ وَلَوْ بِعِوَضٍ إلَّا فِي الْمُضْطَرِّ انْتَهَى بِحُرُوفِهِ. وَمَحَلُّ عَدَمِ وُجُوبِ الْإِعَارَةِ وَالْإِجَارَةِ مَا لَمْ تَتَوَقَّفْ صِحَّةُ صَلَاةِ الْمَالِكِ عَلَى ذَلِكَ، وَإِلَّا وَجَبَ كَأَنْ تَوَقَّفَتْ صِحَّةُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ عَلَى ذَلِكَ لِكَوْنِ مَنْ لَمْ يَحْفَظْهَا مِنْ الْأَرْبَعِينَ (قَوْلُهُ: فَيَنْتَقِلُ إلَى الْبَدَلِ) هَذَا مَعَ قَوْلِ الْمَتْنِ فَسَبْعُ آيَاتٍ لَا رَابِطَةَ بَيْنَهُمَا، وَيُقَدِّرُ لَهُ ذَلِكَ فَيُقَالُ: فَيَنْتَقِلُ إلَى الْبَدَلِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ فَسَبْعُ آيَاتٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَدَدُ آيَاتِهَا) أَيْ الَّتِي هِيَ سَبْعٌ الْأُولَى {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] . الثَّانِيَةُ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] . الثَّالِثَةُ {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] . الرَّابِعَةُ {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 4] . الْخَامِسَةُ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] . السَّادِسَةُ {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6] . السَّابِعَةُ {صِرَاطَ الَّذِينَ} [الفاتحة: 7] إلَى آخِرِ السُّورَةِ. وَيَنْبَغِي لِلْقَارِئِ مُرَاعَاةُ ذَلِكَ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا عَدَمُهُ) أَيْ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِالسَّفَرِ لَزِمَهُ) أَيْ وَإِنْ طَالَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ وَلَا يَكْتَفِي عَنْهَا بِالتَّرْجَمَةِ) أَيْ بَلْ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْقُرْآنَ مُعْجِزٌ وَالتَّرْجَمَةُ تُخِلُّ بِإِعْجَازِهِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لحج بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَتَرْجَمَ عَاجِزٌ لَا بِقُرْآنٍ: أَيْ فِيهِ فَلَا تَجُوزُ التَّرْجَمَةُ عَنْهُ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْإِعْجَازَ مُخْتَصٌّ بِنَظْمِهِ الْعَرَبِيِّ دُونَ مَعْنَاهُ انْتَهَى. وَعَلَيْهِ فَلَوْ تَرْجَمَ عَامِدًا عَالِمًا عَنْهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ أَجْنَبِيٌّ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ تُجْزِئُهُ التَّرْجَمَةُ) أَيْ بَلْ تَجِبُ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: أَمْ لَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQطَالَ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ. وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ ثُمَّ قَالَ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ كُلٍّ مِنْ الضَّابِطَيْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا التَّسَبُّبُ إلَى حُصُولِهِ) أَيْ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ حَاصِلًا، وَيُقَدَّرُ نَقِيضُهُ فِي قَوْلِهِ: وَلَا قِرَاءَتَهَا فِي نَحْوِ مُصْحَفٍ أَيْ: إذَا كَانَ حَاصِلًا، وَالْمُرَادُ بِالْمُصْحَفِ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ التَّسَبُّبُ فِي حُصُولِهِ مَا فِيهِ الْفَاتِحَةُ فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) لَا مَوْقِعَ لِلتَّعْبِيرِ بِالْغَايَةِ هُنَا (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْ مَالِكَهُ إعَارَتُهُ) أَيْ: وَلَا إجَارَتُهُ كَمَا فِي حَوَاشِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وُجُوبِ التَّعْلِيمِ بِالْأُجْرَةِ الَّذِي أَفْهَمَهُ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: فَيَنْتَقِلُ إلَى الْبَدَلِ) لَا يَنْسَجِمُ مَعَ الْمَتْنِ بَعْدَهُ، وَلَعَلَّ فَاءَ فَيَنْتَقِلُ هِيَ فَاءُ الْمَتْنِ فَتُكْتَبُ بِالْأَحْمَرِ فَتَكُونُ الْفَاءُ الْمُتَّصِلَةُ بِسَبْعٍ زَادَهَا النُّسَّاخُ، لَكِنْ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ قَبْلَ الْمَتْنِ

وَاقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْجُمْهُورِ لِإِطْلَاقِ الْأَخْبَارِ وَهُوَ قِيَاسُ حُرْمَةِ قِرَاءَتِهَا عَلَى الْجُنُبِ، وَيَلْزَمُ الْقَائِلَ بِالْمَنْعِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَحْفَظُ أَوَائِلَ السُّوَرِ خَاصَّةً كَالِمْ ~ والر ~ وَالمر ~ وَطسم ~ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قِرَاءَتُهَا عِنْدَ مَنْ يَجْعَلُهَا أَسْمَاءً لِلسُّوَرِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّا مُتَعَبَّدُونَ بِقِرَاءَتِهَا وَهِيَ قُرْآنٌ مُتَوَاتَرٌ. وَادَّعَى الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ الْمُخْتَارَ مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ، وَأَنَّ إطْلَاقَهُمْ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ، وَمَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ إنَّمَا يَنْقَدِحُ إذَا لَمْ يُحْسِنْ غَيْرَ ذَلِكَ، أَمَّا مَعَ حِفْظِهِ مُتَوَالِيَةً أَوْ مُتَفَرِّقَةً مُنْتَظِمَةَ الْمَعْنَى فَلَا وَجْهَ لَهُ وَإِنْ شَمَلَهُ إطْلَاقُهُمْ انْتَهَى. وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ مُطْلَقًا. وَلَوْ عَرَفَ بَعْضَ الْفَاتِحَةِ فَقَطْ وَعَرَفَ لِبَعْضِهَا الْآخَرَ بَدَلًا أَتَى بِبَدَلِ الْبَعْضِ الْآخَرِ مَوْضِعَهُ مَعَ رِعَايَةِ التَّرْتِيبِ بَيْنَ مَا يَعْرِفُهُ مِنْهَا وَالْبَدَلُ حَتَّى يُقَدِّمَ بَدَلَ النِّصْفِ الْأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي، فَإِنْ كَانَ وَسَطَهَا أَتَى بِبَدَلِ الْأَوَّلِ ثُمَّ قَرَأَ مَا فِي الْوَسَطِ ثُمَّ أَتَى بِبَدَلِ الْآخَرِ، وَلَا يَكْفِيهِ أَنْ يُكَرِّرَ مَا يُحْسِنُهُ مِنْهَا بِقَدْرِهَا إذْ لَا يَكُونُ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ أَصْلًا وَبَدَلًا بِلَا ضَرُورَةٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ. لَا يُقَالُ: كَيْفَ يَجِبُ تَرْتِيبُ ذَلِكَ، «وَقَدْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ لَمْ يُحْسِنْ الْفَاتِحَةَ بِأَنْ يَقُولَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ» ، وَمِنْ جُمْلَتِهَا الْحَمْدُ لِلَّهِ وَهُوَ مِنْ الْفَاتِحَةِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِتَقْدِيمِ قَدْرِ الْبَسْمَلَةِ عَلَيْهِ، عَلَى أَنَّ مَنْ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى حِفْظِ هَذِهِ الْأَذْكَارِ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى حِفْظِ الْبَسْمَلَةِ بَلْ الْغَالِبُ حِفْظُهُ لَهَا وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِهَا فَضْلًا عَنْ تَقْدِيمِهَا. لِأَنَّا نَقُولُ: الْخَبَرُ ضَعِيفٌ، وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَكِنْ يُتَّجَهُ فِي هَذَا أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَ بِهِ الْقِرَاءَةَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَنْصَرِفُ لِلْقُرْآنِ بِمُجَرَّدِ التَّلَفُّظِ بِهِ انْتَهَى حَجّ. وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَطْلَقَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ. [فَائِدَةٌ] لَوْ لَمْ يَحْفَظْ غَيْرَ التَّعَوُّذِ هَلْ يُكَرِّرُهُ بِقَدْرِ الْفَاتِحَةِ وَهَلْ يَطْلُبُ مِنْهُ الْإِتْيَانَ بِهِ أَوَّلًا بِقَصْدِ التَّعَوُّذِ الْمَطْلُوبِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ فِيهِمَا نَعَمْ (قَوْلُهُ: بَعِيدٌ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إنَّ الْمُخْتَارَ مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ) لَمْ يَتَقَدَّمْ هُنَا شَيْءٌ عَنْ الْإِمَامِ، لَكِنَّ قَوْلَهُ وَاقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْجُمْهُورِ مُشْعِرٌ بِوُجُودِ خِلَافٍ، فَلَعَلَّ الْإِمَامَ مِنْ غَيْرِ الْجُمْهُورِ فَيَقُولُ بِعَدَمِ إجْزَاءِ الْمُتَفَرِّقَةِ حَيْثُ لَمْ تُفِدْ مَعْنًى مَنْظُومًا وَيُحْمَلُ إطْلَاقُهُمْ عَلَى الْغَالِبِ، ثُمَّ رَأَيْت شَارِحَ الرَّوْضِ صَرَّحَ بِذَلِكَ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ إنْ أَفَادَتْ مَعْنًى مَنْظُومًا، وَنَصُّهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تُفِدْ مَعْنًى كَثَمَّ نَظَرٌ كَذَا شَرَطَهُ الْإِمَامُ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ: وَالْمُخْتَارُ مَا أَطْلَقَهُ الْجُمْهُورُ لِإِطْلَاقِ الْأَخْبَارِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَمَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ مِنْ إجْزَاءِ الْمُتَفَرِّقَةِ وَإِنْ لَمْ تُفِدْ مَعْنًى مَنْظُومًا (قَوْلُهُ إنَّمَا يَنْقَدِحُ) أَيْ يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَفَادَتْ الْمُتَفَرِّقَةُ مَعْنًى مَنْظُومًا إلَخْ حَفِظَ غَيْرَهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَعَرَفَ لِبَعْضِهَا الْآخَرِ بَدَلًا) شَامِلٌ لِلْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْقُرْآنِ، وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الصَّغِيرِ: فَلَوْ حَفِظَ أَوَّلَهَا فَقَطْ أَخَّرَ الذِّكْرَ عَنْهُ أَوْ آخِرَهَا فَقَطْ قَدَّمَ الذِّكْرَ انْتَهَى فَتَقْيِيدُ حَجّ الْبَدَلَ مِنْ كَوْنِهِ مِنْ الْقُرْآنِ لَعَلَّهُ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْدُ: فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ بَدَلًا كَرَّرَ مَا يَحْفَظُهُ مِنْهَا وَلَمْ يَقُلْ فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ قُرْآنًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ) أَيْ مَا يَعْرِفُهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ) أَيْ بَدَلُ الْبَعْضِ الْآخَرِ فَإِنَّهُ يُكَرِّرُ مَا يَحْفَظُهُ مِنْ الْفَاتِحَةِ حَتَّى يَبْلُغَ عَدَدَ حُرُوفِهَا (قَوْلُهُ: وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ) زَادَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: الْعَلِيَّ الْعَظِيمَ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، كَذَا وَرَدَ انْتَهَى. وَفِي حَجّ مِثْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ، ثُمَّ قَالَ: أَشَارَ فِيهِ إلَى السَّبْعَةِ: أَيْ الْأَنْوَاعِ السَّبْعَةِ بِذِكْرِ خَمْسَةٍ مِنْهَا، وَلَعَلَّهُ لَمْ يَذْكُرْ لَهُ الْآخَرَيْنِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ حِفْظُهُ لِلْبَسْمَلَةِ وَشَيْءٍ مِنْ الدُّعَاءِ انْتَهَى ـــــــــــــــــــــــــــــQبِلَفْظٍ، وَهُوَ لِئَلَّا يَتَغَيَّرَ إعْرَابُهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدْ جَعَلَهُ جَوَابًا لِشَرْطٍ مَحْذُوفٍ (قَوْلُهُ: مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ) يَعْنِي: الْمُقَابِلَ مَا اخْتَارَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَهُوَ وُجُوبُ إفَادَتِهَا مَعْنًى مَنْظُومًا وَإِنْ لَمْ ي صَرِّحْ بِهِ (قَوْلُهُ: وَمَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ) يَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ قَبْلَهُ لَفْظَ قَالَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِتَقْدِيمِ قَدْرِ الْبَسْمَلَةِ) أَيْ بَلْ إنَّمَا أَمَرَهُ بِسُبْحَانَ اللَّهِ، وَهُوَ أَقَلُّ مِنْ الْبَسْمَلَةِ

فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَأْمُورَ كَانَ عَالِمًا بِالْحُكْمِ عَلَى أَنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ بَعْضُ آيَةٍ، فَإِنْ عَرَفَ مَعَ الذِّكْرِ آيَةً مِنْ غَيْرِهَا وَلَمْ يَعْرِفْ شَيْئًا مِنْهَا أَتَى بِهَا، ثُمَّ بِالذِّكْرِ تَقْدِيمًا لِلْجِنْسِ عَلَى غَيْرِهِ، وَلَوْ عَرَفَ بَعْضَ آيَةٍ لَزِمَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ فِي تِلْكَ دُونَ هَذِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ، وَخَالَفَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَجَزَمَ بِعَدَمِ لُزُومِهِ فِيهِمَا قَالَ: لِأَنَّهُ لَا إعْجَازَ فِيهِ: أَيْ مَعَ كَوْنِهِ بَعْضَ آيَةٍ، وَإِلَّا فَالْآيَةُ وَالْآيَتَانِ بَلْ وَالثَّلَاثُ الْمُتَفَرِّقَةُ لَا إعْجَازَ فِيهَا مَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْإِتْيَانُ بِهَا، هَذَا وَلَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالدَّمِيرِيُّ وَفِيمَا زَعَمَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ مِنْ أَحْسَنِ مُعْظَمِ آيَةِ الدِّينِ أَوْ آيَةِ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قِرَاءَتُهُ وَهُوَ بَعِيدٌ بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الْآيَاتِ الْقِصَارِ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ لِمَا لَا يُحْسِنُهُ مِنْهَا بَدَلًا كَرَّرَهُ لِيَبْلُغَ سَبْعًا، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي أَثْنَاءِ الْبَدَلِ أَوْ قَبْلَهُ لَمْ يُجْزِهِ الْبَدَلُ وَأَتَى بِهَا أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الرُّكُوعِ أَجْزَأَهُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ قُدْرَتُهُ عَلَى الذِّكْرِ قَبْلَ أَنْ تَمْضِيَ وَقْفَةٌ بِقَدْرِ الْفَاتِحَةِ فَيَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ بِهِ وَهَذَا غَيْرُ خَاصٍّ بِالْفَاتِحَةِ، بَلْ يَطَّرِدُ فِي التَّكْبِيرِ وَالتَّشَهُّدِ، وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالْمُتَوَالِيَةِ التَّوَالِي عَلَى تَرْتِيبِ الْمُصْحَفِ فَيُسْتَفَادُ التَّرْتِيبُ مَعَ التَّوَالِي جَمِيعًا بِخِلَافِ مَا لَوْ عَبَّرَ بِالْمُرَتَّبَةِ لَمْ يُسْتَفَدْ مِنْهَا التَّوَالِي. (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ الْقُرْآنِ (أَتَى بِذِكْرٍ) كَتَسْبِيحٍ وَتَهْلِيلٍ وَنَحْوِهِ، أَوْ دُعَاءٍ أُخْرَوِيٍّ كَمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ بَعْضُ آيَةٍ) هَذَا إنَّمَا يَتِمُّ عَلَى الْقَوْلِ: إنَّ بَعْضَ الْآيَةِ لَا يَجِبُ قِرَاءَتُهُ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ وَلَوْ عَرَفَ بَعْضَ آيَةٍ لَزِمَهُ) وَعَلَيْهِ فَيُشْكِلُ قَوْلُهُ قَبْلُ عَلَى أَنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ بَعْضُ آيَةٍ (قَوْلُهُ: فِي تِلْكَ) وَهِيَ مَا لَوْ عَرَفَ بَعْضَ الْفَاتِحَةِ وَعَرَفَ لِبَعْضِهَا الْآخَرِ بَدَلًا، وَقَوْلُهُ دُونَ هَذِهِ: أَيْ قَوْلُهُ فَإِنْ عَرَفَ مَعَ الذِّكْرِ آيَةً إلَخْ (قَوْلُهُ: هَذَا وَلَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) هَذَا الِاسْتِدْرَاكُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْعُبَابِ مِنْ أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ كَلَامًا وَتَعَقَّبَهُ بِمَا يُخَالِفُهُ كَانَ الثَّانِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ مَنْ أَحْسَنَ إلَخْ) أَيْ وَحَيْثُ لَمْ يُحْسِنْ إلَّا ذَلِكَ قَرَأَهُ، فَإِنْ بَلَغَ عَدَدَ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ فَذَاكَ وَإِلَّا كَرَّرَهُ بِعَدَدِ حُرُوفِهَا (قَوْلُهُ: كَرَّرَهُ لِيَبْلُغَ سَبْعًا) وَانْظُرْ لَوْ عَرَفَ بَدَلَ بَعْضِ مَا لَا يُحْسِنُهُ مِنْهَا كَأَنْ عَرَفَ مِنْهَا آيَتَيْنِ وَقَدَرَ عَلَى ثَلَاثٍ مِنْ الْبَدَلِ أَوْ عَكْسِهِ، فَهَلْ الَّذِي يُكَرِّرُهُ مِمَّا يُحْسِنُهُ مِنْهَا أَوْ مِنْ الْبَدَلِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الَّذِي يُكَرِّرُهُ مِنْ الْبَدَلِ أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِهِ السَّابِقِ بِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يَكُونُ أَصْلًا وَبَدَلًا بِلَا ضَرُورَةٍ، وَهُنَا لَا ضَرُورَةَ إلَى تَكْرِيرِ الْفَاتِحَةِ الَّتِي هِيَ أَصْلٌ حَقِيقَةً، وَيُحْتَمَلُ التَّخْيِيرُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْبَدَلَ حِينَئِذٍ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْأَصْلِ فِي وُجُوبِ الْإِتْيَانِ بِهِ عَيْنًا (قَوْلُهُ: وَقَبْلَ الرُّكُوعِ) أَيْ وَلَوْ قَبْلَ الرُّكُوعِ كَمَا صَرَّحَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ أَنْ تَمْضِيَ وَقْفَةٌ إلَخْ) بِخِلَافِ مَا لَوْ قَدَرَ عَلَيْهِ بَعْدَ وَقْفَةٍ تَسَعُهَا فَلَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّ الْوُقُوفَ بَدَلٌ وَقَدْ تَمَّ، لَكِنْ يَرُدُّ عَلَى جَعْلِ الْوُقُوفِ بَدَلًا مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ فِي نَفْسِهِ فَلَا يَسْقُطُ بِسُقُوطِ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ كَتَسْبِيحٍ وَتَهْلِيلٍ وَنَحْوِهِ) أَيْ وَلَا يَجِبُ فِيهِ التَّرْتِيبُ كَتَرْتِيبِ الْفَاتِحَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ دُعَاءٍ) عَطْفُ الدُّعَاءِ عَلَى الذِّكْرِ يَقْتَضِي تَغَايُرَهُمَا، فَالذِّكْرُ مَا دَلَّ عَلَى ثَنَاءٍ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالدُّعَاءُ مَا دَلَّ عَلَى طَلَبٍ، ثُمَّ إنْ كَانَ الْمَطْلُوبُ ثَوَابَ الْآخِرَةِ فَهُوَ أُخْرَوِيٌّ، وَإِنْ كَانَ نَفْعًا دُنْيَوِيًّا فَهُوَ دُنْيَوِيٌّ، لَكِنْ فِي حَجّ فِي الْخُطْبَةِ مَا نَصُّهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَمَا وَجَدْته ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَأْمُورَ كَانَ عَالِمًا بِالْحُكْمِ) أَيْ: الَّذِي هُوَ تَقْدِيمُ الْبَسْمَلَةِ، لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ تَقْدِيمُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَلَى الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالْقُرْآنُ يَجِبُ تَقْدِيمُهُ. وَلَا يُقَالُ: سَيَأْتِي أَنَّهُ بَعْضُ آيَةٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: هَذَا جَوَابٌ آخَرُ، وَالْكَلَامُ فِي هَذَا الْجَوَابِ عَلَى حِدَتِهِ عَلَى أَنَّ ذَاكَ مَبْنِيٌّ عَلَى كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ الْآتِي، وَهُوَ خِلَافُ الرَّاجِحِ (قَوْلُهُ: فِي تِلْكَ) يَعْنِي: فِيمَا إذَا كَانَ الْمَحْفُوظُ مِنْ الْفَاتِحَةِ وَقَوْلُهُ دُونَ هَذِهِ: يَعْنِي: فِيمَا إذَا كَانَ الْمَحْفُوظُ مِنْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ مَحَلُّ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَغَيْرِهِ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: دُونَ هَذِهِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْبَعْضُ مُعْظَمَ آيَةِ الدَّيْنِ أَوْ نَحْوَهَا، وَإِنْ اسْتَبْعَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالدَّمِيرِيُّ كَمَا يَأْتِي كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ سِيَاقِ

فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ الدَّالِ عَلَى ذَلِكَ، وَيُعْتَبَرُ سَبْعَةُ أَنْوَاعٍ مِنْ الذِّكْرِ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ، وَالْحَدِيثُ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ وُجُوبُ ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ. نَعَمْ حَدِيثُ «سُبْحَانَ اللَّهِ» إلَى آخِرِهِ أَقْرَبُ فِي الدَّلَالَةِ لِكَلَامِ الْبَغَوِيّ. قَالَ الْإِمَامُ: وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ غَيْرَ الدُّعَاءِ الْمُتَعَلِّقِ بِالدُّنْيَا أَتَى بِهِ وَأَجْزَأَهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ بِالْإِدْغَامِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنْ يُجْعَلَ الْمُدْغَمَ مُشَدَّدًا وَهُوَ حَرْفَانِ مِنْ الْفَاتِحَةِ وَالْبَدَلِ، وَمِنْهَا الْبَسْمَلَةُ وَالتَّشْدِيدَاتُ الْأَرْبَعَةَ عَشْرَ، وَجُمْلَةُ الْحُرُوفِ مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَخَمْسُونَ حَرْفًا بِقِرَاءَةِ مَالِكٍ، وَالْمُرَادُ أَنَّ الْمَجْمُوعَ لَا يَنْقُصُ عَنْ الْمَجْمُوعِ وَإِنْ تَفَاوَتَتْ الْآيَاتُ، وَيُحْسَبُ الْمُشَدَّدُ بِحَرْفَيْنِ مِنْ الْفَاتِحَةِ وَالْبَدَلِ. وَالثَّانِي يَجُوزُ سَبْعُ آيَاتٍ أَوْ سَبْعَةُ أَذْكَارٍ مِنْ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ، لَا يَجُوزُ صَوْمُ يَوْمٍ قَصِيرٍ قَضَاءً عَنْ صَوْمِ يَوْمٍ طَوِيلٍ، وَرُدَّ بِأَنَّ الصَّوْمَ يَخْتَلِفُ زَمَانُهُ طُولًا وَقِصَرًا فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِي قَضَائِهِ مُسَاوَاةً، بِخِلَافِ الْفَاتِحَةِ لَا تَخْتَلِفُ فَاعْتُبِرَ فِي بَدَلِهَا الْمُسَاوَاةُ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْبَدَلِ قَصْدُ الْبَدَلِيَّةِ بَلْ الشَّرْطُ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِهِ غَيْرَهَا فَقَطْ (فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ شَيْئًا) مِمَّا تَقَدَّمَ (وَقَفَ) وُجُوبًا (قَدْرَ الْفَاتِحَةِ) فِي ظَنِّهِ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ فِي نَفْسِهِ فَلَا يَسْقُطُ بِسُقُوطِ غَيْرِهِ. وَيُسَنُّ أَنْ يَقِفَ بَعْدَ ذَلِكَ زَمَنًا يَسَعُ قِرَاءَةَ السُّورَةِ فِي مَحَلِّ طَلَبِهَا، وَلِلْفَاتِحَةِ سُنَّتَانِ سَابِقَتَانِ وَهُمَا الِافْتِتَاحُ وَالتَّعَوُّذُ. وَسُنَّتَانِ لَاحِقَتَانِ وَهُمَا التَّأْمِينُ وَالسُّورَةُ وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ ذِكْرِ السَّابِقَتَيْنِ شَرَعَ فِي اللَّاحِقَتَيْنِ فَقَالَ (وَيُسَنُّ عَقِبَ الْفَاتِحَةِ) بَعْدَ سَكْتَةٍ لَطِيفَةٍ أَوْ بَدَلَهَا إنْ تَضَمَّنَ دُعَاءً فِيمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ الْأَذْكَارِ إلَخْ وَهُوَ: أَيْ الذِّكْرُ لُغَةً: كُلُّ مَذْكُورٍ، وَشَرْعًا: قَوْلٌ سِيقَ لِثَنَاءٍ أَوْ دُعَاءٍ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ شَرْعًا أَيْضًا لِكُلِّ قَوْلٍ يُثَابُ قَائِلُهُ انْتَهَى. وَعَلَيْهِ فَالذِّكْرُ شَامِلٌ لِلدُّعَاءِ (قَوْلُهُ: لِلْخَبَرِ الْمَارِّ) اُنْظُرْ فِي أَيِّ مَحَلٍّ مَرَّ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَمَرَ مَنْ لَمْ يُحْسِنْ الْفَاتِحَةَ بِأَنْ يَقُولَ سُبْحَانَ اللَّهِ» إلَخْ، وَقَدْ جَزَمَ حَجّ بِالِاسْتِدْلَالِ بِهِ هُنَا عَلَى مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ نَقْصُ حُرُوفِ الْبَدَلِ) هَلْ يَكْتَفِي بِظَنِّهِ فِي كَوْنِ مَا أَتَى بِهِ قَدْرَ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ كَمَا اكْتَفَى بِهِ فِي كَوْنِ وُقُوفِهِ بِقَدْرِهَا كَمَا سَيَأْتِي انْتَهَى سم عَلَى حَجّ. وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ لِمَشَقَّةِ عَدِّ مَا يَأْتِي بِهِ مِنْ الْحُرُوفِ بَلْ قَدْ يَتَعَذَّرُ ذَلِكَ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ (قَوْلُهُ: بِقِرَاءَةِ مَالِكٍ) أَيْ بِالْأَلِفِ (قَوْلُهُ: وَالْبَدَلُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ تَزِدْ التَّشْدِيدَاتُ فِي الْبَدَلِ عَلَى تَشْدِيدَاتِ الْفَاتِحَةِ وَإِلَّا حُسِبَ حَرْفًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ: أَوْ تَعَوَّذَ بِقَصْدِ السُّنِّيَّةِ وَالْبَدَلِ لَمْ يَكْفِ) يَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ قَرَأَ آيَةً تَشْتَمِلُ عَلَى دُعَاءٍ فَقَصَدَ بِهَا الدُّعَاءَ لِنَفْسِهِ وَالْقُرْآنَ، فَلَا تَكْفِي فِي أَدَاءِ الْوَاجِبِ إنْ كَانَتْ بَدَلًا، وَلَا فِي أَدَاءِ السُّورَةِ إنْ لَمْ تَكُنْ لِأَنَّهُ لَمَّا نَوَى بِذَلِكَ الْقُرْآنَ وَالدُّعَاءَ أَخْرَجَهُمَا بِالْقَصْدِ عَنْ كَوْنِهَا قُرْآنًا حُكْمًا فَلَا يُعْتَدُّ بِهَا فِيمَا يَتَوَقَّفُ حُصُولُهُ عَلَى الْقُرْآنِ. (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ عَقِبَ الْفَاتِحَةِ) أَيْ لِقَارِئِهَا مَحَلِّيٌّ (قَوْلُهُ: إنْ تَضَمَّنَ دُعَاءً) ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَالْحَدِيثُ لَا حُجَّةَ فِيهِ) مُرَادُهُ بِهِ حَدِيثُ التِّرْمِذِيِّ «إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ فَتَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَك اللَّهُ، ثُمَّ تَشَهَّدْ وَأَقِمْ ثُمَّ كَبِّرْ، فَإِنْ كَانَ مَعَك قُرْآنٌ فَاقْرَأْ، وَإِلَّا فَاحْمَدْ اللَّهَ وَهَلِّلْهُ وَكَبِّرْهُ» فَكَأَنَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ، وَقَدْ سَاقَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ الْحَدِيثَ الْمُتَقَدِّمَ فِي السُّؤَالِ، وَالْجَوَابِ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: نَعَمْ حَدِيثُ سُبْحَانَ إلَخْ، وَيَدُلُّ لِمَا ذَكَرْته قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ وُجُوبُ ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِيهِ خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ (قَوْلُهُ: بِقَصْدِ السُّنِّيَّةِ، وَالْبَدَلِ لَمْ يَكْفِ) بَحَثَ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّ مِثْلَهُ مَا إذَا شَرَّكَ فِي آيَةٍ تَتَضَمَّنُ الدُّعَاءَ بَيْنَ الْقُرْآنِيَّةِ وَالدُّعَاءِ لِنَفْسِهِ، وَفِيهِ وَقْفَةٌ لِلْفَرْقِ الظَّاهِرِ، إذْ هُوَ هُنَا شَرَّكَ بَيْنَ مَقْصُودَيْنِ لِذَاتِهِمَا لِلصَّلَاةِ هُمَا السُّنِّيَّةُ، وَالْفَرْضِيَّةُ فَإِذَا قَصَدَ

يَظْهَرُ مُحَاكَاةً لِلْمُبْدَلِ (آمِينَ) سَوَاءٌ أَكَانَ فِي صَلَاةٍ أَمْ لَا، لَكِنَّهُ فِيهَا أَشَدُّ اسْتِحْبَابًا لِخَبَرِ " أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ رَفَعَ صَوْتَهُ فَقَالَ آمِينَ يَمُدُّ بِهَا صَوْتَهُ " وَمُرَادُهُ بِالْعَقِبِ أَنْ لَا يَتَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا لَفْظٌ، إذْ تَعْقِيبُ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسْبِهِ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ مِنْ سَنِّ السَّكْتَةِ اللَّطِيفَةِ بَيْنَهُمَا، إذْ لَا يَفُوتُ إلَّا بِالشُّرُوعِ فِي غَيْرِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ: أَيْ وَلَوْ سَهْوًا فِيمَا يَظْهَرُ، وَاخْتَصَّ بِالْفَاتِحَةِ لِشَرَفِهَا وَاشْتِمَالِهَا عَلَى دُعَاءٍ فَنَاسَبَ أَنْ يَسْأَلَ اللَّه تَعَالَى إجَابَتَهُ، وَيَجُوزُ فِي عَقِبَ ضَمُّ الْعَيْنِ وَإِسْكَانُ الْقَافِ، وَقَوْلُ كَثِيرٍ بِيَاءٍ بَعْدَ الْقَافِ لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ، وَآمِينَ اسْمٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ مِثْلَ أَيْنَ وَكَيْفَ بِمَعْنَى اسْتَجِبْ (خَفِيفَةَ الْمِيمِ بِالْمَدِّ) هُوَ الْأَفْصَحُ الْأَشْهَرُ (وَيَجُوزُ الْقَصْرُ) لِعَدَمِ إخْلَالِهِ بِالْمَعْنَى، وَحُكِيَ مَعَ الْمَدِّ لُغَةٌ ثَالِثَةٌ وَهِيَ الْإِمَالَةُ، وَحُكِيَ التَّشْدِيدُ مَعَ الْقَصْرِ وَالْمَدِّ: أَيْ قَاصِدِينَ إلَيْك وَأَنْتَ أَكْرَمُ أَنْ تُخَيِّبَ مَنْ قَصَدَك، وَهُوَ لَحْنٌ بَلْ قِيلَ شَاذٌّ مُنْكَرٌ، لَكِنْ لَا تَبْطُلُ بِهِ صَلَاةٌ لِقَصْدِهِ الدُّعَاءَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ خِلَافًا لِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَقَدُّمِ الدُّعَاءِ وَتَأَخُّرِهِ، لَكِنْ فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ: قَالَ م ر: لَوْ أَتَى بِبَدَلِ الْفَاتِحَةِ فَإِنْ خَتَمَ بِدُعَاءٍ أَمَّنَ عَقِبَهُ انْتَهَى. وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُؤَمِّنُ حَيْثُ قَدَّمَ الدُّعَاءَ، وَقَدْ يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ مُحَاكَاةً لِلْمُبْدَلِ (قَوْلُهُ: فَقَالَ آمِينَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُهَا مَرَّةً وَاحِدَةً، لَكِنْ قَالَ فِي الْإِيعَابِ مَا نَصُّهُ: وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ وَائِلِ بْنِ حَجَرٍ أَنَّهُ قَالَ «رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ قَالَ آمِينَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يُنْدَبُ تَكْرِيرُ آمِينَ ثَلَاثًا حَتَّى فِي الصَّلَاةِ، وَلَمْ أَرَ أَحَدًا صَرَّحَ بِذَلِكَ انْتَهَى. أَقُولُ: وَمُجَرَّدُ أَخْذِهِ مِنْ الْحَدِيثِ لَا يَقْتَضِي أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ بِهِ لِجَوَازِ أَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَظَهَرَ لَهُ فِيهِ مَا يَمْنَعُ مِنْ الْأَخْذِ بِهِ، وَقَوْلُهُ إذَا صَحَّ الْحَدِيثُ فَهُوَ مَذْهَبِي لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ اعْتَرَتْهُ أُمُورٌ ذَكَرَهَا حَجّ فِي الْإِيعَابِ فِي الْكَلَامِ عَلَى وَقْتِ الْمَغْرِبِ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَتَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا لَفْظٌ) نَعَمْ يَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ نَحْوِ رَبِّ اغْفِرْ لِي لِلْخَبَرِ الْحَسَنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ عَقِبَ وَلَا الضَّالِّينَ: رَبِّ اغْفِرْ لِي آمِينَ» حَجّ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ وَلِوَالِدَيَّ وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَضُرَّ أَيْضًا (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَفُوتُ) أَيْ التَّأْمِينُ، وَقَوْلُهُ إلَّا بِالشُّرُوعِ فِيهِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَفُوتُ بِالسُّكُوتِ وَإِنْ طَالَ، وَلَا يُنَافِيهِ تَعْبِيرُهُ بِالْعَقِبِ لِجَوَازِ حَمْلِهِ عَلَى أَنَّ الْأَوْلَى الْمُبَادَرَةُ إلَيْهِ لَا أَنَّهَا شَرْطٌ، لَكِنْ قَالَ حَجّ: إنَّهُ يَفُوتُ بِالسُّكُوتِ إذَا طَالَ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْمُوَالَاةِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ فِي عَقِبَ ضَمُّ الْعَيْنِ إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ لِعَقِبَ ضَبْطًا لِعَيْنِهِ حَتَّى يَكُونَ مَا ذَكَرَهُ مُقَابِلًا لَهُ، وَفِي الْمُخْتَارِ: الْعَقِبُ بِكَسْرِ الْقَاقِ مُؤَخَّرُ الْقَدَمِ، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ مَا نَصُّهُ: قُلْت: قَالَ الْأَزْهَرِيُّ فِي آخِرِ عَقِبَ: قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: فُلَانٌ يَبْقَى عَقِبَ آلِ فُلَانٍ: أَيْ بَعْدَهُمْ، وَلَمْ أَجِدْ فِي الصِّحَاحِ وَلَا فِي التَّهْذِيبِ حُجَّةً عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ النَّاسِ جَاءَ فُلَانٌ عَقِبَ فُلَانٍ: أَيْ بَعْدَهُ إلَّا هَذَا، وَأَمَّا قَوْلُهُمْ جَاءَ عَقِيبَهُ بِمَعْنَى بَعْدَهُ فَلَيْسَ فِي الْكِتَابَيْنِ جَوَازُهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ لَحْنٌ) بَلْ قِيلَ شَاذٌّ مُنْكَرٌ: أَيْ التَّشْدِيدُ مَعَ الْمَدِّ وَالْقَصْرِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: أَيْ قَاصِدِينَ) تَفْسِيرَ الْمَدِّ (قَوْلُهُ: لِقَصْدِهِ الدُّعَاءَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدَهُمَا فَاتَ الْآخَرُ، بِخِلَافِهِ فِي تِلْكَ مَعَ أَنَّ مَوْضُوعَ اللَّفْظِ فِيهِمَا الدُّعَاءُ (قَوْلُهُ: إلَّا بِالشُّرُوعِ فِي غَيْرِهِ) أَيْ أَوْ يَطُولُ الْفَصْلُ بِحَيْثُ تَنْقَطِعُ نِسْبَتُهُ عَنْ الْفَاتِحَةِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ الْقَصْرُ) أَيْ، فَهُوَ لُغَةٌ وَإِنْ أَوْهَمَ التَّعْلِيلُ خِلَافَهُ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: بَعْدُ وَحَكَى مَعَ الْمَدِّ لُغَةً ثَالِثَةً وَهِيَ الْإِمَالَةُ (قَوْلُهُ: أَيْ قَاصِدِينَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِلتَّشْدِيدِ بِقِسْمَيْهِ الْقَصْرِ، وَالْمَدِّ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْإِمْدَادِ، لَكِنْ فِي التُّحْفَةِ وَشَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِلْمُدُودِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: أَنْ تَخِيبَ) لَعَلَّهُ سَقَطَ قَبْلَهُ بِلَفْظِ مِنْ وَهِيَ كَذَلِكَ فِي عِبَارَةِ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ لَحْنٌ بَلْ قِيلَ شَاذٌّ مُنْكَرٌ) صَوَابُهُ، وَهُوَ شَاذٌّ مُنْكَرٌ بَلْ قِيلَ لَحْنٌ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الشُّذُوذَ أَوْ اللَّحْنَ إنَّمَا هُوَ إذَا جَعَلْنَاهَا لُغَةً فِي آمِينَ بِمَعْنَى اسْمِ الْفِعْلِ لَا اسْمِ فَاعِلٍ بِمَعْنَى قَاصِدِينَ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ كَلَامُ الشَّارِحِ أَوَّلًا وَآخِرًا (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ) لَيْسَ مِنْ مَقُولِ الْقِيلِ

فِي الْأَنْوَارِ وَغَيْرِهِ، وَلَوْ زَادَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ أَوْ غَيْره مِنْ الذِّكْرِ فَحَسَنٌ. (وَيُؤَمِّنُ مَعَ تَأْمِينِ إمَامِهِ) لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ، وَشَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ وَصَلَ التَّأْمِينَ بِالْفَاتِحَةِ بِلَا فَصْلٍ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَيْسَ فِي الصَّلَاةِ مَا تُسَنُّ مُقَارَنَتُهُ فِيهِ غَيْرَهُ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ «إذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» وَخَبَرُ «إذَا قَالَ أَحَدُكُمْ آمِينَ وَقَالَتْ الْمَلَائِكَةُ فِي السَّمَاءِ آمِينَ فَوَافَقَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ، وَالْمُرَادُ الصَّغَائِرُ فَقَطْ، وَإِنْ قَالَ ابْنُ السُّبْكِيّ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ إنَّهُ يَشْمَلُ الصَّغَائِرَ وَالْكَبَائِرَ، وَلَفْظُ مُسْلِمٍ «إذَا قَالَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ آمِينَ» فَظَاهِرُهُمَا الْأَمْرُ بِالْمُقَارَنَةِ بِأَنْ يَقَعَ تَأْمِينُ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَالْمَلَائِكَةِ دَفْعَةً وَاحِدَةً، وَلِأَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يُؤَمِّنُ لِتَأْمِينِ إمَامِهِ بَلْ لِقِرَاءَتِهِ وَقَدْ فَرَغَتْ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ إذَا أَمَّنَ: إذَا أَرَادَ التَّأْمِينَ، وَيُوَضِّحُهُ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا قَالَ الْإِمَامُ غَيْرَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ فَقُولُوا آمِينَ» قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَمَعْنَى مُوَافَقَتِهِ لِلْمَلَائِكَةِ أَنَّهُ وَافَقَهُمْ فِي الزَّمَنِ، وَقِيلَ فِي الصِّفَاتِ مِنْ الْإِخْلَاصِ وَغَيْرِهِ. قَالَ: وَهَؤُلَاءِ الْمَلَائِكَةُ قِيلَ هُمْ الْحَفَظَةُ، وَقِيلَ غَيْرُهُمْ لِخَبَرِ «فَوَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ أَهْلِ السَّمَاءِ» وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ إذَا قَالَهَا الْحَفَظَةُ قَالَهَا مَنْ فَوْقَهُمْ حَتَّى تَنْتَهِيَ إلَى السَّمَاءِ، وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّهُمْ الْحَفَظَةُ وَسَائِرُ الْمَلَائِكَةِ لَكَانَ أَقْرَبَ، فَإِنْ فَاتَهُ قَرْنُ تَأْمِينِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَقْصِدْ بِهِ الدُّعَاءَ بَطَلَتْ، وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ حَيْثُ قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ مَا لَمْ يَرِدْ قَاصِدِينَ إلَيْك انْتَهَى. وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ زَادَ) أَيْ بَعْدَ آمِينَ. (قَوْلُهُ: مَعَ تَأْمِينِ إمَامِهِ) يَخْرُجُ مَا لَوْ كَانَ خَارِجَ الصَّلَاةِ فَسَمِعَ قِرَاءَةَ غَيْرِهِ مِنْ إمَامٍ أَوْ مَأْمُومٍ فَلَا يُسَنُّ لَهُ التَّأْمِينُ، وَفِيهِ كَلَامٌ فِي حَجّ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ) قَالَ الْمَحَلِّيُّ: فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ ذَلِكَ أَمَّنَ عَقِبَ تَأْمِينِهِ (قَوْلُهُ: تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ) أَيْ وَهُمْ يُؤَمِّنُونَ مَعَ تَأْمِينِ الْإِمَامِ. قَالَ الْعَلْقَمِيُّ عَلَى الْجَامِعِ: الْمُرَادُ بِتَأْمِينِ الْمَلَائِكَةِ اسْتِغْفَارُهُمْ انْتَهَى. أَقُولُ: فِيهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَأْخَذُهُ قَوْلَهُمْ: إنَّ الصَّلَاةَ مِنْ الْمَلَائِكَةِ الِاسْتِغْفَارُ بِمَعْنَى أَنَّهُ مَتَى ذُكِرَ عَنْ الْمَلَائِكَةِ شَيْءٌ مِنْ أَنْوَاعِ الدُّعَاءِ يَكُونُ مَحْمُولًا عَلَى الِاسْتِغْفَارِ، فَفِيهِ أَنَّهُمْ إنَّمَا جَعَلُوا ذَلِكَ تَفْسِيرًا لِصَلَاةِ الْمَلَائِكَةِ: أَيْ دُعَائِهِمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ أَسْنَدَ إلَيْهِمْ الدُّعَاءَ بِغَيْرِ لَفْظٍ مَخْصُوصٍ، أَمَّا إذَا أَسْنَدَ إلَيْهِمْ كَذَلِكَ كَمَا هُنَا وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ حَتَّى يُوجَدَ صَارِفٌ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَعْنَى تَأْمِينِ الْمَلَائِكَةِ قَوْلُهُمْ آمِينَ، وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ: وَقَالَتْ الْمَلَائِكَةُ فِي السَّمَاءِ آمِينَ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَنَدُهُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ وَرَدَ أَنَّ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ اسْتِغْفَارُهُمْ لَا قَوْلُهُمْ آمِينَ فَمُسَلَّمٌ لَكِنْ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْقُلَهُ (قَوْلُهُ وَيُوضِحُهُ) هُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الضَّادِ مُخَفَّفَةٌ مِنْ أَوْضَحَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ زَادَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) هُوَ تَابِعٌ فِيهِ لِلْإِمْدَادِ، لَكِنَّ الَّذِي فِي كَلَامِ غَيْرِهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ وَأَصْلُ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْأُمِّ: لَوْ قَالَ آمِينَ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَغَيْرِهِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى كَانَ حَسَنًا (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ إلَخْ) وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّ قَوْلَهُ: فَإِنَّهُ «مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ» إلَخْ يَدُلُّ دَلَالَةَ إيمَاءٍ عَلَى أَنَّ عِلَّةَ طَلَبِ مُوَافَقَةِ الْإِمَامِ فِي التَّأْمِينِ هِيَ مُوَافَقَةُ تَأْمِينِ الْمَلَائِكَةِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِذِكْرِهِ فَائِدَةٌ، فَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ تَأْمِينَ الْإِمَامِ يُوَافِقُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ (قَوْلُهُ: فَظَاهِرُهُمَا الْأَمْرُ) أَيْ بِاللَّازِمِ وَضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ لِلْخَبَرَيْنِ الْمَارَّيْنِ اللَّذَيْنِ لَفْظُ مُسْلِمٍ عِبَارَةٌ عَنْ ثَانِيهِمَا، وَلَك أَنْ تَمْنَعَ كَوْنَ ظَاهِرِهِمَا ذَلِكَ وَتَدَّعِيَ أَنَّ ظَاهِرَهُمَا طَلَبُ التَّأَخُّرِ، وَلِهَذَا قَالَ هُوَ فِيمَا يَأْتِي وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ إذَا أَمَّنَ إذَا أَرَادَ إلَخْ، فَلَوْ كَانَ ظَاهِرُهُمَا مَا ذَكَرَهُ هُنَا لَمْ يَحْتَجْ لِبَيَانِ الْمُرَادِ، إذْ هُوَ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا أُرِيدَ بِهِ غَيْرُ ظَاهِرِهِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ التَّأْمِينَ) دَلِيلٌ ثَانٍ لِطَلَبِ الْمُقَارَنَةِ فِي التَّأْمِينِ، فَهُوَ مَعْطُوفٌ فِي الْمَعْنَى عَلَى قَوْلِهِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ إذَا قَالَهَا، وَالْحَفَظَةُ قَالَهَا مِنْ فَوْقِهِمْ إلَخْ) هَذَا فِي الْحَقِيقَةِ جَمْعٌ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فَيَنْتَفِي بِهِ كَوْنُ الْمُوَافِقِ خُصُوصَ الْحَفَظَةِ. فَإِنْ قُلْت: وَجْهُ تَخْصِيصِهِمْ بِالْمُوَافَقَةِ أَنَّ تَأْمِينَ غَيْرِهِمْ إنَّمَا يَقَعُ تَبَعًا لَهُمْ فَيَلْزَمُ تَأَخُّرُهُ. قُلْت:

بِتَأْمِينِهِ أَتَى بِهِ عَقِبَهُ. وَإِنْ شَرَعَ الْإِمَامُ فِي السُّورَةِ فِيمَا يَظْهَرُ وَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْ الزَّمَنِ الْمَسْنُونِ أَمَّنَ قَبْلَهُ وَلَمْ يَنْتَظِرْهُ اعْتِبَارًا بِالْمَشْرُوعِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي فِي جَهْرِ الْإِمَامِ أَوْ إسْرَارِهِ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِيهِمَا بِفِعْلِهِ لَا بِالْمَشْرُوعِ لِأَنَّ السَّبَبَ لِلتَّأْمِينِ وَهُوَ انْقِضَاءُ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ وُجِدَ فَلَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ، وَالسَّبَبُ فِي قِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ لِلسُّورَةِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى فِعْلِ الْإِمَامِ فَاعْتُبِرَ فِعْلُهُ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَوْ قَرَأَ مَعَهُ وَفَرَغَا مَعًا كَفَى تَأْمِينٌ وَاحِدٌ أَوْ فَرَغَ قَبْلَهُ، قَالَ الْبَغَوِيّ: يَنْتَظِرُهُ، وَالْمُخْتَارُ أَوْ الصَّوَابُ أَنَّهُ يُؤَمِّنُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ لِلْمُتَابَعَةِ. (وَيَجْهَرُ بِهِ) الْمَأْمُومُ فِي الْجَهْرِيَّةِ (فِي الْأَظْهَرِ) تَبَعًا لِإِمَامِهِ وَالثَّانِي يُسِرُّ كَسَائِرِ أَذْكَارِهِ، وَقِيلَ إنْ كَثُرَ الْجَمْعُ جَهَرَ وَإِلَّا فَلَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَلِّيَ مَأْمُومًا أَوْ غَيْرَهُ يَجْهَرُ بِهِ إنْ طَلَب مِنْهُ الْجَهْرَ وَيُسِرُّ بِهِ إنْ طَلَبَ مِنْهُ الْإِسْرَارَ، أَمَّا الْإِمَامُ فَلِمَا مَرَّ وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَلِمَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: أَدْرَكْت مِائَتَيْنِ مِنْ الصَّحَابَةِ إذَا قَالَ الْإِمَامُ وَلَا الضَّالِّينَ رَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِآمِينَ. وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ أَمَّنَ مَنْ وَرَاءَهُ حَتَّى إنَّ لِلْمَسْجِدِ لَلُجَّةً، وَأَمَّا الْمُنْفَرِدُ فَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْمَأْمُومِ وَجَهْرُ الْأُنْثَى وَالْخُنَثِي بِهِ كَجَهْرِهِمَا بِالْقِرَاءَةِ وَسَيَأْتِي، وَالْأَمَاكِنُ الَّتِي يَجْهَرُ فِيهَا الْمَأْمُومُ خَلْفَ إمَامِهِ خَمْسَةٌ: تَأْمِينُهُ مَعَ إمَامِهِ، وَفِي دُعَائِهِ فِي قُنُوتِ الصُّبْحِ، وَفِي قُنُوتِ الْوِتْرِ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ، وَفِي قُنُوتِ النَّازِلَةِ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَإِذَا فَتَحَ عَلَيْهِ. (وَيُسَنُّ) لِإِمَامٍ وَمُنْفَرِدٍ (سُورَةٌ) يَقْرَؤُهَا فِي صَلَاتِهِ (بَعْدَ الْفَاتِحَةِ) مَكْتُوبَةً وَلَوْ مَنْذُورَةً خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ، أَوْ نَافِلَةً: أَيْ قِرَاءَةُ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ آيَةٍ فَأَكْثَرَ، وَالْأَكْمَلُ ثَلَاثٌ، وَالْأَوْجَهُ حُصُولُ أَصْلِ السُّنَّةِ بِمَا دُونَ آيَةٍ إنْ أَفَادَ، وَأَنَّهُ لَوْ قَرَأَ الْبَسْمَلَةَ لَا بِقَصْدِ أَنَّهَا الَّتِي أَوَّلُ الْفَاتِحَةِ حَصَلَ أَصْلُ السُّنَّةِ لِأَنَّهَا آيَةٌ مِنْ كُلِّ سُورَةٍ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ أَنَّهُ لَوْ قَدَّمَهَا عَلَيْهَا لَمْ تُحْسَبْ كَمَا لَوْ كَرَّرَ الْفَاتِحَةَ إلَّا إذَا لَمْ يَحْفَظْ غَيْرَهَا فِيمَا يَظْهَرُ، وَدَلِيلُنَا مَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أُمُّ الْقُرْآنِ ـــــــــــــــــــــــــــــSإذَا بَيَّنَ قَالَهُ فِي الْمُخْتَارِ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَخَّرَهُ) أَيْ الْإِمَامُ عَنْ الزَّمَنِ أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُؤَخِّرْهُ بِأَنْ قَصُرَ الزَّمَنُ بَعْدَ فَرَاغِ الْقِرَاءَةِ لَا يُؤَمِّنُ حِينَئِذٍ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَسْرَعَ بِالتَّأْمِينِ قَبْلَ إمَامِهِ فَهَلْ يُعْتَدُّ بِهِ فِي أَصْلِ السُّنَّةِ أَوْ لَا فَيَحْتَاجُ فِي أَدَائِهَا إلَى إعَادَتِهِ مَعَ الْإِمَامِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِحُصُولِ مَا يَقْتَضِي التَّأْمِينَ وَهُوَ قِرَاءَةُ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ كَفَى تَأْمِينٌ وَاحِدٌ) أَشْعَرَ بِأَنَّ تَكْرِيرَ التَّأْمِينِ أَوْلَى وَيُقَدَّمُ تَأْمِينُ قِرَاءَتِهِ. (قَوْلُهُ: تَبَعًا لِإِمَامِهِ) أَيْ جَهْرًا مُتَوَسِّطًا وَتُكْرَهُ الْمُبَالَغَةُ فِيهِ (قَوْلُهُ عَنْ عَطَاءٍ) عِبَارَةُ حَجّ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ أَدْرَكَ مِائَتَيْ صَحَابِيٍّ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إذَا قَالَ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَنْ وَرَاءَهُ) فَاعِلُ أَمَّنَ (قَوْلُهُ: لِلَّجَّةِ) هِيَ بِالْفَتْحِ وَالتَّشْدِيدِ اخْتِلَاطُ الْأَصْوَاتِ حَجّ. (قَوْلُهُ سُورَةٌ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: يَجُوزُ الْهَمْزُ وَتَرْكُهُ وَهُوَ أَشْهَرُ وَبِهِ جَاءَ الْقُرْآنُ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: مَكْتُوبَةً) حَالٌ مِنْ قَوْلِهِ فِي صَلَاتِهِ (قَوْلُهُ: آيَةً فَأَكْثَرَ) مَفْهُومُهُ أَنَّ مَا دُونَ الْآيَةِ لَا يُجْزِي فِي أَدَاءِ السُّنَّةِ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ وَالْأَوْجَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا بِقَصْدِ أَنَّهَا الَّتِي أَوَّلُ الْفَاتِحَةِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ بِقَصْدِ ذَلِكَ لَمْ تَحْصُلْ بِهِ السُّنَّةُ بَلْ تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ إنْ قُلْنَا بِأَنَّ تَكْرِيرَ بَعْضِ الرُّكْنِ الْقَوْلِيِّ مُبْطِلٌ (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا لَمْ يَحْفَظْ غَيْرَهَا فِيمَا يَظْهَرُ) أَيْ فَيُكَرِّرُهَا بِتَمَامِهَا إنْ أَرَادَ تَحْصِيلَ سُنَّةِ السُّورَةِ الْكَامِلَةِ أَوْ بَعْضِهَا وَإِنْ قَلَّ إنْ أَرَادَ أَنَّ أَصْلَ السُّنَّةِ هَذَا. وَقَدْ يُقَالُ الْأَوْلَى عَدَمُ تَكْرِيرِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ عَلَى قَوْلٍ، إلَّا أَنْ يُقَالَ مَحَلُّ جَرَيَانِ الْقَوْلِ بِالْبُطْلَانِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ (قَوْلُهُ: وَدَلِيلُنَا) أَيْ لِسَنِّ السُّورَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ، وَعِبَارَةُ حَجّ وَلَمْ تَجِبْ: أَيْ السُّورَةُ. لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «أُمُّ الْقُرْآنِ عِوَضٌ عَنْ غَيْرِهَا وَلَيْسَ غَيْرُهَا عِوَضًا مِنْهَا» انْتَهَى وَهِيَ بِالْمِيمِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَالشَّارِحُ ـــــــــــــــــــــــــــــQيُنَافِيهِ نَصُّ الْخَبَرِ الَّذِي اسْتَنَدَ إلَيْهِ الْقَوْلُ الثَّانِي الْمَنْصُوصُ فِيهِ عَلَى مُوَافَقَتِهِمْ. فَإِنْ قُلْت يُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ تَأْمِينُ أَهْلِ السَّمَاءِ مُقَارِنًا وَإِنْ كَانَ تَابِعًا لِتَأْمِينِ الْحَفَظَةِ خَرْقًا لِلْعَادَةِ. قُلْت: فَلَا مَعْنَى لِتَخْصِيصِ الْحَفَظَةِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: فَاعْتُبِرَ فِعْلُهُ) ظَاهِرُ هَذَا الْفَرْقِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ التَّأْمِينُ لِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ إذَا جَهَرَ فِي السِّرِّيَّةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْإِمَامُ فَلِمَا مَرَّ) أَيْ فِي خَبَرِ «كَانَ إذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ رَفَعَ صَوْتَهُ فَقَالَ آمِينَ يَمُدُّ بِهَا صَوْتَهُ» (قَوْلُهُ: لِلَّجَّةِ) بِالْفَتْحِ فَالتَّشْدِيدِ وَهِيَ اخْتِلَاطُ

عِوَضٌ عَنْ غَيْرِهَا وَلَيْسَ غَيْرُهَا عِوَضًا عَنْهَا» وَتَقَدَّمَ فِي التَّيَمُّمِ حُرْمَةُ مَا زَادَ عَلَى الْفَاتِحَةِ عَلَى الْجُنُبِ إذَا فَقَدَ الطَّهُورَيْنِ وَسُورَةٌ كَامِلَةٌ أَفْضَلُ مِنْ قَدْرِهَا مِنْ طَوِيلَةٍ لَا أَطْوَلَ مِنْهَا لِأَنَّ الِابْتِدَاءَ بِهَا وَالْوَقْفَ عَلَى آخِرِهَا صَحِيحَانِ بِالْقَطْعِ بِخِلَافِهِمَا فِي بَعْضِ الصُّورَةِ فَإِنَّهُمَا قَدْ يَخْفَيَانِ، ثُمَّ مَحَلُّ أَفْضَلِيَّتِهَا فِي غَيْرِ التَّرَاوِيحِ، أَمَّا فِيهَا فَقِرَاءَةُ بَعْضِ الطَّوِيلَةِ أَفْضَلُ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ السُّنَّةَ فِيهَا الْقِيَامُ بِجَمِيعِ الْقُرْآنِ، وَعَلَيْهِ لَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالتَّرَاوِيحِ بَلْ كُلُّ مَحَلٍّ وَرَدَ فِيهِ الْأَمْرُ بِالْبَعْضِ، فَالِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ أَفْضَلُ كَقِرَاءَةِ آيَتَيْ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ فِي الْفَجْرِ، وَلَوْ كَرَّرَ سُورَةً فِي الرَّكْعَتَيْنِ حَصَلَ أَصْلُ سُنَّةِ الْقِرَاءَةِ (إلَّا فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ) مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ وَالثَّالِثَةِ مِنْ الْمَغْرِبِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِلِاتِّبَاعِ فِي الشِّقَّيْنِ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ دَلِيلُهُ الِاتِّبَاعُ فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ وَالِاتِّبَاعَانِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَيُقَاسُ عَلَيْهِمَا غَيْرُهُمَا، وَيُسَنُّ تَطْوِيلُ قِرَاءَةِ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ فِي الْأَصَحِّ، وَكَذَا الثَّالِثَةُ عَلَى الرَّابِعَةِ عَلَى الثَّانِي، ثُمَّ فِي تَرْجِيحِهِمْ الْأَوَّلَ تَقْدِيمٌ لِدَلِيلِهِ النَّافِي عَلَى دَلِيلِ الثَّانِي الْمُثْبِتِ عَكْسُ الرَّاجِحِ فِي الْأُصُولِ لِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ، كَذَا قَالَهُ الشَّارِحُ. قُلْت: هُوَ أَنَّ مِنْ طُرُقِ التَّرْجِيحِ اتِّفَاقَ الشَّيْخَيْنِ وَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَرَوَاهَا مُسْلِمٌ فَقَطْ، فَقُدِّمَتْ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ لِأَنَّهَا أَقْوَى وَأَنَّهُمْ إنَّمَا قَدَّمُوا النَّافِيَ خَشْيَةً مِنْ حُصُولِ الْمَلَلِ عَلَى الْمُصَلِّي وَلِهَذَا سُنَّ تَطْوِيلُ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ، وَلَيْسَتْ عِلَّتُهُ فِيمَا يَظْهَرُ سِوَى النَّشَاطِ وَكَوْنِ الْفَرَاغِ فِيهَا أَكْثَرَ، وَحِينَئِذٍ فَقِرَاءَتُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي غَيْرِ الْأُولَيَيْنِ لِبَيَانِ الْجَوَازِ، أَوْ لِأَنَّهُ كُلَّمَا طَالَتْ صَلَاتُهُ زَادَتْ قُرَّةُ عَيْنِهِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَهَذَا نَظِيرُ قَوْلِهِمْ: يَجُوزُ أَنْ يَسْتَنْبِطَ مِنْ النَّصِّ مَعْنًى يُخَصِّصُهُ، وَشَمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ نَوَى الرُّبَاعِيَّةَ لِتَشَهُّدٍ وَاحِدٍ خِلَافًا لِقَضِيَّةِ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ فِي بَابِ التَّطَوُّعِ (قُلْت: فَإِنْ سَبَقَ بِهِمَا) أَيْ بِالثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ مِنْ صَلَاةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSذَكَرَهَا بِالْعَيْنِ فِيهِمَا وَلَعَلَّهُمَا رِوَايَتَانِ (قَوْلُهُ: عِوَضٌ عَنْ غَيْرِهَا) يُتَأَمَّلُ مَعْنَى قَوْلِهِ عِوَضٌ عَنْ غَيْرِهَا فَإِنَّهَا حَيْثُ وَجَبَتْ كَانَ وُجُوبُهَا أَصْلِيًّا وَلَيْسَتْ عِوَضًا عَنْ شَيْءٍ، وَفِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّعْوِيضِ أَنَّهُ كَانَ ثَمَّ وَاجِبٌ وَعُوِّضَتْ هَذِهِ عَنْهُ، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهَا اشْتَمَلَتْ عَلَى مَا فُصِّلَ فِي غَيْرِهَا مِنْ الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ وَالثَّنَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَقَامَتْ مَقَامَ غَيْرِهَا فِي إفَادَةِ الْمَعْنَى الَّذِي اشْتَمَلَ عَلَيْهِ غَيْرُهَا وَلَيْسَ غَيْرُهَا مُشْتَمِلًا عَلَى مَا فِيهَا حَتَّى يَقُومَ مَقَامَهَا (قَوْلُهُ وَسُورَةٌ كَامِلَةٌ أَفْضَلُ مِنْ قَدْرِهَا مِنْ طَوِيلَةٍ) أَيْ وَمَعَ كَوْنِ السُّورَةِ الْكَامِلَةِ أَفْضَلَ مِنْ الْبَعْضِ لَوْ نَذَرَ بَعْضًا مُعَيَّنًا مِنْ سُورَةٍ وَجَبَ عَلَيْهِ قِرَاءَتُهُ، وَلَا تَقُومُ السُّورَةُ مَقَامَهُ وَإِنْ كَانَتْ السُّورَةُ أَطْوَلَ وَأَفْضَلَ، كَمَا لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِقَدْرٍ مِنْ الْفِضَّةِ وَتَصَدَّقَ بَدَلَهُ بِذَهَبٍ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِيهِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا مُعَيَّنًا مَا لَوْ نَذَرَ بَعْضًا مُبْهَمًا مِنْ سُورَةٍ بِأَنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَقْرَأَ بَعْضَ سُورَةٍ، فَيَبْرَأُ مِنْ عُهْدَةِ النَّذْرِ بِقِرَاءَةِ بَعْضٍ مِنْ أَيِّ سُورَةٍ، وَبِقِرَاءَةِ السُّورَةِ الْكَامِلَةِ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى مَنْ قَرَأَ سُورَةً كَامِلَةً أَنَّهُ قَرَأَ بَعْضَهَا لِدُخُولِ الْجُزْءِ فِي ضِمْنِ الْكُلِّ (قَوْلُهُ: وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ السُّنَّةَ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الْبَعْضِ أَفْضَلَ إذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ بِجَمِيعِ الْقُرْآنِ فِيهَا، فَإِنْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ فَالسُّورَةُ أَفْضَلُ. ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى مَنْهَجِ التَّصْرِيحِ بِذَلِكَ، وَعِبَارَتُهُ وَافَقَ م ر عَلَى أَنَّ مَحَلَّ تَفْصِيلِ قِرَاءَةِ بَعْضِ الطَّوِيلَةِ فِي التَّرَاوِيحِ إذَا قَصَدَ الْقِيَامَ بِجَمِيعِ الْقُرْآنِ فِي رَمَضَانَ، فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ فَهُوَ كَغَيْرِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: فِي الشِّقَّيْنِ) هُمَا قَوْلُهُ وَيُسَنُّ سُورَةٌ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ وَقَوْلُهُ إلَّا فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ (قَوْلُهُ: قُلْت: هُوَ) أَيْ الَّذِي قَامَ عِنْدَهُمْ (قَوْلُهُ: زَادَتْ قُرَّةُ عَيْنِهِ) وَأَصْحَابُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لَا يَعْرِضُ لَهُمْ مِنْ الْكَسَلِ خَلْفَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَا يَحْصُلُ لِغَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ نَوَى الرُّبَاعِيَّةَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَصْوَاتِ (قَوْلُهُ:: وَعَلَّلُوهُ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ مَحَلَّ الْأَفْضَلِيَّةِ إذَا قَصَدَ الْقِيَامَ بِالْقُرْآنِ، وَذَكَرَ الشِّهَابُ سم أَنَّ الشَّارِحَ قَدْ وَافَقَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ نَوَى الرُّبَاعِيَّةَ) يَعْنِي: فَعَلَهَا كَذَلِكَ إذْ الْكَلَامُ فِي الْفَرْضِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي لَهُ

نَفْسِهِ بِأَنْ لَمْ يُدْرِكْهُمَا مَعَ إمَامِهِ كَمَا أَوْضَحَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَتَاوِيهِ أَتَمَّ إيضَاحٍ (قَرَأَهَا فِيهِمَا) حِينَ تَدَارَكَهُمَا (عَلَى النَّصِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِئَلَّا تَخْلُوَ صَلَاتُهُ عَنْهَا، وَقِيلَ لَا كَمَا لَا يَجْهَرُ فِيهِمَا، وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِاسْتِحْبَابِ الْإِسْرَارِ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ، بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ فَإِنَّهُ لَا يُقَالُ يُسْتَحَبُّ تَرْكُهَا بَلْ لَا يُسْتَحَبُّ فِعْلُهَا، وَأَيْضًا فَالْقِرَاءَةُ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَالْجَهْرُ صِفَةٌ لِلْقِرَاءَةِ فَكَانَتْ أَخَفَّ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ حَيْثُ لَمْ يَقْرَأْهَا فِي أُولَيَيْهِ، فَإِنْ قَرَأَهَا فِيهِمَا لِسُرْعَةِ قِرَاءَتِهِ وَبُطْءِ قِرَاءَةِ إمَامِهِ أَوْ لِكَوْنِ الْإِمَامِ قَرَأَهَا فِيهِمَا لَمْ يُسْتَحَبَّ لَهُ قِرَاءَتُهَا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ، وَلَوْ سَقَطَتْ قِرَاءَتُهَا عَنْهُ لِكَوْنِهِ مَسْبُوقًا أَوْ بَطِيءَ الْحَرَكَةِ لَمْ يَقْرَأْهَا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ (وَلَا سُورَةَ لِلْمَأْمُومِ) فِي جَهْرِيَّةٍ (بَلْ يَسْتَمِعُ) وَتُكْرَهُ لَهُ قِرَاءَتُهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْ قِرَاءَتِهَا خَلْفَهُ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204] وَالِاسْتِمَاعُ مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ السُّنَّةَ فِي حَقِّهِ تَأْخِيرُ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ إلَى مَا بَعْدَ فَاتِحَةِ إمَامِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ لِبُعْدٍ أَوْ غَيْرِهِ فَقَدْ قَالَ الْمُتَوَلِّي: يُقَدِّرُ ذَلِكَ بِالظَّنِّ، وَلَمْ يَذْكُرُوا مَا يَقُولُهُ غَيْرُ السَّامِعِ فِي زَمَنِ سُكُوتِهِ، وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ يُطِيلُ دُعَاءَ الِافْتِتَاحِ الْوَارِدِ فِي الْأَحَادِيثِ أَوْ يَأْتِي بِذِكْرٍ آخَرَ، أَمَّا السُّكُوتُ الْمَحْضُ فَبَعِيدٌ، وَكَذَا قِرَاءَةُ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ فَيَتَعَيَّنُ اسْتِحْبَابُ أَحَدِ هَذَيْنِ (فَإِنْ) لَمْ يَسْتَمِعْ قِرَاءَتَهُ كَأَنْ (بَعُدَ) عَنْ إمَامِهِ أَوْ كَانَ أَصَمَّ أَوْ سَمِعَ صَوْتًا لَمْ يَفْهَمْهُ (أَوْ كَانَتْ) صَلَاتُهُ (سِرِّيَّةً) وَأَسَرَّ فِيهَا إمَامُهُ أَوْ جَهْرِيَّةً وَلَمْ يَجْهَرْ فِيهَا كَمَا مَرَّ (قَرَأَ) الْمَأْمُومُ السُّورَةَ (فِي الْأَصَحِّ) إذْ سُكُوتُهُ لَا مَعْنَى لَهُ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يَقْرَأُ مُطْلَقًا لِإِطْلَاقِ النَّهْيِ، وَيُسَنُّ لِكُلٍّ مِنْ إمَامٍ وَمُنْفَرِدٍ جَهْرٌ فِي صُبْحٍ وَأُولَيَيْ مَغْرِبٍ وَعِشَاءٍ وَإِمَامٌ فِي جُمُعَةٍ لِلِاتِّبَاعِ، وَالْإِجْمَاعُ فِي الْإِمَامِ، وَقِيسَ عَلَيْهِ الْمُنْفَرِدُ، وَيُسِرُّ كُلٌّ مِنْهُمْ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ، ثُمَّ مَا تَقَرَّرَ فِي الْمُؤَدَّاةِ أَمَّا الْفَائِتَةُ فَالْعِبْرَةُ فِيهَا بِوَقْتِ الْقَضَاءِ فَيَجْهَرُ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ إلَى طُلُوعِهَا وَيُسِرُّ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصُّبْحِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ثُمَّ طَلَعَتْ أَسَرَّ فِي الثَّانِيَةِ وَإِنْ كَانَتْ أَدَاءً وَهُوَ الْأَوْجَهُ. نَعَمْ يُسْتَثْنَى صَلَاةُ الْعِيدِ فَيَجْهَرُ فِي قَضَائِهَا كَالْأَدَاءِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، هَذَا كُلُّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلذَّكَرِ، أَمَّا الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى فَيَجْهَرَانِ إنْ لَمْ يَسْمَعْهُمَا أَجْنَبِيٌّ وَيَكُونُ جَهْرُهُمَا دُونَ جَهْرِ الذَّكَرِ، فَإِنْ كَانَ ثَمَّ أَجْنَبِيٌّ يَسْمَعُهُمَا كُرِهَ بَلْ يُسِرَّانِ، فَإِنْ جَهَرَا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُمَا. وَوَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقِ أَنَّ الْخُنْثَى يُسِرُّ بِحَضْرَةِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَرَدَّهُ فِي الْمُهِمَّاتِ لِأَنَّهُ بِحَضْرَةِ النِّسَاءِ إمَّا ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى، وَيُسْتَحَبُّ لَهُ الْجَهْرُ فِي الْحَالَتَيْنِ، وَيَجُوزُ حَمْلُ كَلَامِهِمَا عَلَى إسْرَارِهِ حَالَ اجْتِمَاعِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَيَجْهَرُ فِي نَحْوِ عِيدٍ وَخُسُوفِ قَمَرٍ وَاسْتِسْقَاءٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَخَرَجَ بِهَا مَا لَوْ فَعَلَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ مِنْ النَّفْلِ بِتَشَهُّدٍ وَاحِدٍ كَمَا يَأْتِي قَبْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْخَامِسُ الرُّكُوعُ (قَوْلُهُ: بَلْ لَا يُسْتَحَبُّ فِعْلُهَا) أَيْ وَفَرْقٌ بَيْنَ قَوْلِهِمْ لَا يُسَنُّ فِعْلُ كَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِمْ يُسَنُّ أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا، فَإِنَّ الْأَوَّلَ صَادِقٌ بِكَوْنِ الْفِعْلِ مُبَاحًا وَالثَّانِيَ مُحْتَمَلٌ لِكَوْنِهِ مَكْرُوهًا أَوْ خِلَافَ الْأَوْلَى. (قَوْلُهُ وَبُطْءِ قِرَاءَةِ إمَامِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ تَمَكَّنَ مِنْ قِرَاءَتِهَا فِيهِمَا وَلَمْ يَفْعَلْ قَرَأَهَا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ، وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالَ: وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ التَّبْصِرَةِ مَتَى أَمْكَنَ الْمَسْبُوقَ قِرَاءَةُ السُّورَةِ فِي أُولَتَيْهِ لِنَحْوِ بُطْءِ قِرَاءَةِ إمَامِهِ قَرَأَهَا الْمَأْمُومُ مَعَهُ وَلَا يُعِيدُهَا فِي آخِرَتَيْهِ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْهَا مَعَهُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَمَّا تَمَكَّنَ فَتَرَكَ عُدَّ مُقَصِّرًا فَلَمْ يُشْرَعْ لَهُ تَدَارُكٌ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَقَطَتْ قِرَاءَتُهَا عَنْهُ) أَيْ الْمَأْمُومِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا قِرَاءَةُ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ) أَيْ بَعِيدٌ، وَعِبَارَةُ حَجّ اسْتِحْبَابُ قِرَاءَةِ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ بَعِيدٌ وَالظَّاهِرُ كَرَاهَتُهُ (قَوْلُهُ: أَحَدُ هَذَيْنِ) هُمَا قَوْلُهُ يُطِيلُ دُعَاءَ الِافْتِتَاحِ، وَقَوْلُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِذِكْرٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: فَيَجْهَرَانِ إنْ لَمْ يَسْمَعْهُمَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQقُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْخَامِسُ الرُّكُوعُ، وَالْفَرْضُ لَا دَخْلَ لِنِيَّةِ ذَلِكَ، وَعَدَمِ نِيَّتِهِ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَقَطَتْ قِرَاءَتُهَا عَنْهُ إلَخْ)

وَتَرَاوِيحَ وَوِتْرٍ فِي رَمَضَانَ وَرَكْعَتَيْ طَوَافٍ وَقْتَ جَهْرٍ، فَإِنْ كَانَتْ مُطْلَقَةً وَفَعَلَهَا لَيْلًا سُنَّ لَهُ تَوَسُّطٌ بَيْنَ جَهْرٍ وَإِسْرَارٍ وَإِنْ لَمْ يَخَفْ رِيَاءً أَوْ تَشْوِيشًا عَلَى مُصَلٍّ أَوْ نَائِمٍ، وَإِلَّا سُنَّ لَهُ الْإِسْرَارُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. وَيُقَاسُ عَلَى مَا ذُكِرَ مَنْ يَجْهَرُ بِذِكْرٍ أَوْ قِرَاءَةٍ بِحَضْرَةِ مَنْ يَشْتَغِلُ بِمُطَالَعَةٍ أَوْ تَدْرِيسٍ أَوْ تَصْنِيفٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، قَالَ: وَلَا خَفَاءَ أَنَّ الْحُكْمَ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْجَهْرِ وَالْإِسْرَارِ بِكَوْنِهِ سُنَّةً مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ، وَالْمُرَادُ بِالتَّوَسُّطِ أَنْ يَزِيدَ عَلَى أَدْنَى مَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَبْلُغَ الزِّيَادَةُ إلَى سَمَاعِ مَنْ يَلِيهِ وَفِيهِ عُسْرٌ، وَلَعَلَّهُ مَلْحَظُ قَوْلِ بَعْضِهِمْ لَا يَكَادُ يَتَحَرَّرُ، وَفَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنْ يَجْهَرَ تَارَةً وَيُسِرَّ أُخْرَى كَمَا وَرَدَ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَاسْتَحْسَنَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ: وَلَا يَسْتَقِيمُ تَفْسِيرُهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ عَدَمِ تَعَقُّلِ وَاسِطَةٍ بَيْنَهُمَا وَقَدْ عُلِمَ تَعَقُّلُهَا، وَيُسْتَحَبُّ سُكُوتُ الْإِمَامِ بَعْدَ تَأْمِينِهِ فِي الْجَهْرِيَّةِ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ الْمَأْمُومُ الْفَاتِحَةَ، وَيَشْتَغِلُ حِينَئِذٍ بِدُعَاءٍ أَوْ ذِكْرٍ أَوْ قِرَاءَةٍ سِرًّا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالْقِرَاءَةُ أَوْلَى وَالسَّكَتَاتُ الْمُسْتَحَبَّةُ فِي الصَّلَاةِ أَرْبَعٌ عَلَى الْمَشْهُورِ: سَكْتَةٌ بَعْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ يَفْتَتِحُ فِيهَا، وَثَانِيَةٌ بَيْنَ وَلَا الضَّالِّينَ وَآمِينَ، وَثَالِثَةٌ لِلْإِمَامِ بَيْنَ التَّأْمِينِ فِي الْجَهْرِيَّةِ وَقِرَاءَةِ السُّورَةِ بِقَدْرِ قِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ الْفَاتِحَةَ، وَرَابِعَةٌ قَبْلَ تَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ. وَتَسْمِيَةُ كُلٍّ مِنْ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ سَكْتَةٌ مَجَازٌ فَإِنَّهُ لَا يَسْكُتُ حَقِيقَةً لِمَا تَقَرَّرَ فِيهِمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَعَدَّهَا الزَّرْكَشِيُّ خَمْسَةً الثَّلَاثَةَ الْأَخِيرَةَ وَسَكْتَةً بَيْنَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَالِافْتِتَاحِ وَسَكْتَةً بَيْنَ الِافْتِتَاحِ وَالْقِرَاءَةِ، وَعَلَيْهِ لَا مَجَازَ إلَّا فِي سَكْتَةِ الْإِمَامِ بَعْدَ التَّأْمِينِ (وَيُسَنُّ) لِمُنْفَرِدٍ وَإِمَامِ مَحْصُورِينَ مُتَّصِفِينَ بِمَا مَرَّ رَضُوا بِالتَّطْوِيلِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فِي مَحَلِّ الْجَهْرِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الصَّلَاةُ الَّتِي يُصَلِّيهَا نَافِلَةً مُطْلَقَةً، وَهُوَ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَالْجَهْرُ فِي نَحْوِ عِيدٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: سُنَّ لَهُ تَوَسُّطٌ) قَضِيَّةُ تَخْصِيصِ ذَلِكَ بِالنَّفْلِ الْمُطْلَقِ أَنَّ مَا طُلِبَ فِيهِ الْجَهْرُ كَالْعِشَاءِ وَالتَّرَاوِيحِ لَا يَتْرُكُهُ لِمَا ذُكِرَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ لِذَاتِهِ فَلَا يُتْرَكُ لِهَذَا الْعَارِضِ، وَخَرَجَ بِالنَّفْلِ الْمُطْلَقِ رَوَاتِبُ الْفَرَائِضِ فَيُسِرُّ فِيهَا، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ أَنَّهَا لَمَّا شُرِعَتْ مَحْصُورَةً فِي عَدَدٍ مُعَيَّنٍ أَشْبَهَتْ الْفَرَائِضَ فَلَمْ تُغَيَّرْ عَمَّا وَرَدَ فِيهَا عَنْ الشَّارِعِ وَالنَّوَافِلُ الْمُطْلَقَةُ لَا حَصْرَ لَهَا فَهِيَ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ الْعِقَابِ عَلَيْهَا أَشْبَهَتْ الرَّوَاتِبَ، وَمِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُكَلَّفَ يُنْشِئُهَا بِاخْتِيَارِهِ وَأَنَّهَا لَا حَصْرَ لَهَا كَانَتْ وَاسِطَةً بَيْنَ الرَّوَاتِبِ وَالْفَرَائِضِ وَلَمْ يَرِدْ فِيهَا شَيْءٌ بِخُصُوصِهَا فَطُلِبَ فِيهَا التَّوَسُّطُ لِتَكُونَ آخِذَةً طَرَفًا مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَخَصَّ التَّوَسُّطَ فِيهَا بِنَفْلِ اللَّيْلِ لِأَنَّ اللَّيْلَ مَحَلُّ الْجَهْرِ وَالتَّوَسُّطُ قَرِيبٌ مِنْهُ. وَبَقِيَ حِكْمَةُ الْجَهْرِ فِي مَحَلِّ الْجَهْرِ مَا هِيَ، وَلَعَلَّهَا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ اللَّيْلُ مَحَلَّ الْخَلْوَةِ وَيَطِيبُ فِيهِ السَّمَرُ شُرِعَ الْجَهْرُ فِيهِ إظْهَارًا لِلَّذَّةِ مُنَاجَاةِ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ، وَخُصَّ بِالْأَوَّلِيَّيْنِ لِنَشَاطِ الْمُصَلِّي فِيهِمَا وَالنَّهَارُ لَمَّا كَانَ مَحَلَّ الشَّوَاغِلِ وَالِاخْتِلَاطِ بِالنَّاسِ طُلِبَ فِيهِ الْإِسْرَارُ لِعَدَمِ صَلَاحِيَّتِهِ لِلتَّفَرُّغِ لِلْمُنَاجَاةِ. وَأُلْحِقَ الصُّبْحُ بِالصَّلَاةِ اللَّيْلِيَّةِ لِأَنَّ وَقْتَهُ لَيْسَ مَحَلًّا لِلشَّوَاغِلِ عَادَةً كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ (بِكَوْنِهِ سُنَّةً) مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ وَإِلَّا فَقَدْ يَعْرِضُ لَهُ مَا يَقْتَضِي كَرَاهَتَهُ أَوْ وُجُوبَهُ كَرُؤْيَةِ مُشْرِفٍ عَلَى هَلَاكٍ وَأَمْكَنَ مَنْعُهُ بِالْجَهْرِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ عَلِمَ تَعَقُّلَهَا) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ: وَالْمُرَادُ بِالتَّوَسُّطِ أَنْ يَزِيدَ عَلَى أَدْنَى إلَخْ. أَقُولُ: وَأَوْلَى مِنْهُ أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالتَّوَسُّطِ أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ بِهَا رَفْعًا لَا يَقْصِدُ بِهِ سَمَاعَ مَنْ عِنْدَهُ وَإِنْ سَمِعَهُ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَالْقِرَاءَةُ أَوْلَى) أَيْ فَيَقْرَأُ مَثَلًا بَعْضَ السُّورَةِ الَّتِي يُرِيدُ قِرَاءَتَهَا سِرًّا فِي زَمَنِ قِرَاءَةِ الْمَأْمُومِينَ ثُمَّ يُكْمِلُهَا جَهْرًا، وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ يَقْرَأُ مِمَّا يَلِي السُّورَةَ الَّتِي قَرَأَهَا فِي الْأُولَى سِرًّا قَدْرَ زَمَنِ قِرَاءَةِ الْمَأْمُومِينَ ثُمَّ يُكْمِلُهَا جَهْرًا، وَقَوْلُهُ بِقَدْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQاُنْظُرْ هَلْ هَذَا فِي الْمُوَافِقِ، أَوْ فِي الْمَسْبُوقِ، أَوْ فِيمَا هُوَ أَعَمُّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ مُطْلَقَةً) أَيْ الصَّلَاةُ الْمَفْهُومَةُ مِنْ الْمَقَامِ (قَوْلُهُ: وَيُقَاسُ عَلَى مَا ذُكِرَ مَنْ يَجْهَرُ إلَخْ) أَيْ فَيُطْلَبُ مِنْهُ الْإِسْرَارُ فِي الْحَالَاتِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَخَفْ إلَخْ) هَذَا لَا يَتَأَتَّى عَلَى مَا اخْتَارَهُ فِيمَا يَأْتِي فِي تَفْسِيرِ الْوَاسِطَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا خَفَاءَ أَنَّ الْحُكْمَ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْجَهْرِ إلَخْ) أَيْ الْوَاقِعُ ذَلِكَ فِي كَلَامِهِمْ: أَيْ فَلَا يُنَافِي طَلَبَ الْإِسْرَارِ فِيمَا ذُكِرَ لِهَذَا الْعَارِضِ (قَوْلُهُ: لِمُنْفَرِدٍ، وَإِمَامِ مَحْصُورَيْنِ إلَخْ) هَذَا بِالنَّظَرِ

(لِلصُّبْحِ وَالظُّهْرِ طِوَالُ الْمُفَصَّلِ) بِكَسْرِ الطَّاءِ جَمْعٌ وَالْمُفْرَدُ طَوِيلٌ (وَلِلْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ أَوْسَاطُهُ وَلِلْمَغْرِبِ قِصَارُهُ) وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ فِي الظُّهْرِ بِقَرِيبٍ مِنْ الطِّوَالِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ، وَالْحِكْمَةُ فِيمَا ذُكِرَ أَنَّ وَقْتَ الصُّبْحِ طَوِيلٌ وَصَلَاتَهُ رَكْعَتَانِ فَنَاسَبَ تَطْوِيلُهُمَا، وَوَقْتُ الْمَغْرِبِ ضَيِّقٌ فَنَاسَبَ فِيهِ الْقِصَارُ، وَأَوْقَاتُ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ طَوِيلَةٌ، وَلَكِنَّ الصَّلَوَاتِ طَوِيلَةٌ أَيْضًا، فَلَمَّا تَعَارَضَ ذَلِكَ رُتِّبَ عَلَيْهِ التَّوَسُّطُ فِي غَيْرِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ مِنْ الطِّوَالِ، وَيُسْتَثْنَى كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي مُخْتَصَرِهِ وَالْغَزَالِيُّ فِي عُقُودِ الْمُخْتَصَرِ وَإِحْيَائِهِ صَلَاةُ الصُّبْحِ لِلْمُسَافِرِ فَإِنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْأُولَى مِنْهَا قُلْ يَأَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَالثَّانِيَةُ الْإِخْلَاصُ وَأَوَّلُ الْمُفَصَّلِ الْحُجُرَاتُ عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ عَشَرَةِ أَقْوَالٍ، وَطِوَالُهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ كَقَافٍ وَالْمُرْسَلَاتِ وَأَوْسَاطُهُ كَالْجُمُعَةِ وَقِصَارُهُ كَالْعَصْرِ وَالْإِخْلَاصِ وَالْمُفَصَّلُ: الْمُبَيَّنُ قَالَ تَعَالَى {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ} [فصلت: 3] أَيْ جُعِلَتْ تَفَاصِيلَ فِي مَعَانٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَسُنَّ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ عَلَى تَرْتِيبِ الْمُصْحَفِ، لِأَنَّهُ إنْ كَانَ تَوْقِيفِيًّا وَهُوَ مَا عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ فَوَاضِحٌ. أَوْ اجْتِهَادِيًّا وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ فَقَدْ وَقَعَ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَيْهِ، وَقِرَاءَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خِلَافُ ذَلِكَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ، أَمَّا تَرْتِيبُ كُلِّ سُورَةٍ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ الْآنَ فِي الْمُصْحَفِ فَتَوْقِيفِيٌّ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى بِلَا خِلَافٍ، وَخَصَّهُ الْأَذْرَعِيُّ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ التَّالِيَةُ لَهَا أَطْوَلَ كَالْأَنْفَالِ وَبَرَاءَةَ لِئَلَّا تَطُولَ الثَّانِيَةُ عَلَى الْأُولَى، وَهُوَ خِلَافُ السُّنَّةِ. وَقَدْ يُقَالُ لَا يَرِدُ ذَلِكَ عَلَى كَلَامِهِمْ لِأَنَّ طُولَ الثَّانِيَةِ لَا يُنَافِي تَرْتِيبَ الْمُصْحَفِ وَيَقْتَصِرُ عَلَى بَعْضِهَا حِينَئِذٍ فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ تَرْتِيبِهِ وَطُولِ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ (وَلِصُبْحِ الْجُمُعَةِ) فِي الْأُولَى (الم تَنْزِيلُ وَفِي الثَّانِيَةِ هَلْ أَتَى) بِكَمَالِهِمَا لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَيُسَنُّ الْمُدَاوَمَةُ عَلَيْهِمَا وَلَا نَظَرَ إلَى كَوْنِ الْعَامَّةِ قَدْ تَعْتَقِدُ وُجُوبَهُمَا خِلَافًا لِمَنْ نَظَرَ إلَى ذَلِكَ وَشَمَلَ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَ إمَامًا لِغَيْرِ مَحْصُورِينَ وَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ قِرَاءَةِ جَمِيعِهَا قَرَأَ مَا أَمْكَنَ مِنْهَا وَلَوْ آيَةَ السَّجْدَةِ، وَكَذَا فِي الْأُخْرَى يَقْرَأُ مَا أَمْكَنَهُ مِنْ هَلْ أَتَى، فَإِنْ قَرَأَ غَيْرَ ذَلِكَ كَانَ تَارِكًا لَلسُّنَّةِ قَالَهُ الْفَارِقِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ، وَلَوْ اقْتَصَرَ الْمُتَنَفِّلُ عَلَى تَشَهُّدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSقِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ الْفَاتِحَةَ: أَيْ بِاعْتِبَارِ الْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ (قَوْلُهُ طِوَالُ الْمُفَصَّلِ) فَإِنْ قُلْت: طَلَبُ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ فِي الصُّبْحِ يُنَافِي مَا قِيلَ فِي حِكْمَةِ مَشْرُوعِيَّتِهَا رَكْعَتَيْنِ مِنْ كَوْنِهَا عَقِبَ نَوْمٍ وَفُتُورٍ، قُلْت: كَوْنُهَا عَقِبَ نَوْمٍ وَفُتُورٍ نَاسَبَهُ التَّخْفِيفُ فِيهَا فَجُعِلَتْ رَكْعَتَيْنِ، وَجُبِرَ ذَلِكَ بِسَنِّ التَّطْوِيلِ فِيهَا، وَوُكِّلَ إلَى خِيرَةِ الْمُصَلِّي حَيْثُ لَمْ يُحَتِّمْ عَلَيْهِ، فَإِنْ حَصَلَ لَهُ نَشَاطٌ أَتَى بِهِ وَإِلَّا اقْتَصَرَ عَلَى مَا يُجْزِي (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الطَّاءِ) وَكَذَا بِالضَّمِّ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَقْرَأَ فِي الْأُولَى مِنْهَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لِاشْتِغَالِهِ بِأَمْرِ السَّفَرِ طُلِبَ مِنْهُ التَّخْفِيفُ، ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ شَامِلٌ لِمَا لَوْ كَانَ سَائِرًا أَوْ نَازِلًا لَيْسَ مُتَهَيِّئًا فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ لِلسَّيْرِ وَلَا مُتَوَقِّعًا لَهُ، وَلَوْ قِيلَ إذَا كَانَ نَازِلًا كَمَا ذُكِرَ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ خُصُوصُ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ لِاطْمِئْنَانِهِ فِي نَفْسِهِ لَمْ يَبْعُدْ. ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا نَصُّهُ: وَأَمَّا الْمُسَافِرُ فَيُسَنُّ لَهُ فِي صُبْحِهِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا الْكَافِرُونَ ثُمَّ الْإِخْلَاصُ لِحَدِيثٍ فِيهِ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا، وَوَرَدَ أَيْضًا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي صُبْحِ السَّفَرِ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ» وَعَلَيْهِ فَيَصِيرُ الْمُسَافِرُ مُخَيَّرًا بَيْنَ مَا فِي الْحَدِيثَيْنِ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ كَوْنِ الْحَدِيثِ الثَّانِي أَقْوَى سَنَدًا وَإِيثَارُهُمْ التَّخْفِيفَ لِلْمُسَافِرِ فِي سَائِرِ قِرَاءَتِهِ أَنَّ الْمُعَوِّذَتَيْنِ أَوْلَى. (قَوْلُهُ: وَسُنَّ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ عَلَى تَرْتِيبِ الْمُصْحَفِ) أَيْ وَأَنْ يُوَالِيَ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ، فَلَوْ تَرَكَهُ كَأَنْ قَرَأَ فِي الْأُولَى الْهُمَزَةَ وَالثَّانِيَةِ لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ كَانَ خِلَافَ الْأَوْلَى مَعَ أَنَّهُ عَلَى تَرْتِيبِ الْمُصْحَفِ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ مَا يُفْعَلُ الْآنَ فِي صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ مِنْ قِرَاءَةِ أَلْهَاكُمْ ثُمَّ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ إلَخْ خِلَافُ الْأَوْلَى أَيْضًا لِتَرْكِ الْمُوَالَاةِ وَتَكْرِيرِ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ (قَوْلُهُ: تَوْقِيفِيًّا وَهُوَ مَا عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: عَنْ قِرَاءَةِ جَمِيعِهَا) الْأَوْلَى جَمِيعُهُمَا لَكِنَّهُ رَجَّعَهُ هُنَا لِلسَّجْدَةِ لِقَوْلِهِ بَعْدُ وَلَوْ آيَةً إلَخْ، ثُمَّ ذَكَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْمَجْمُوعِ، وَإِلَّا، فَلَا يَفْتَرِقُ الْحَالُ فِي الْقَصَّارِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَغْرِبِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ) لَعَلَّ وَجْهَ الْمُنَازَعَةِ

سُنَّتْ لَهُ السُّورَةُ فِي الْكُلِّ أَوْ أَكْثَرَ سُنَّتْ فِيمَا قَبْلَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ. (الْخَامِسُ) مِنْ أَرْكَانِهَا (الرُّكُوعُ) لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ؟ (وَأَقَلُّهُ) فِي حَقِّ الْقَائِمِ الْمُعْتَدِلِ الْخِلْقَةِ (أَنْ يَنْحَنِيَ) انْحِنَاءً خَالِصًا لَا انْخِنَاسَ فِيهِ (قَدْرَ بُلُوغِ رَاحَتَيْهِ رُكْبَتَيْهِ) لَوْ أَرَادَ وَضْعَهُمَا عَلَيْهِمَا فَلَا يَحْصُلُ بِانْخِنَاسٍ وَلَا بِهِ مَعَ انْحِنَاءٍ، أَمَّا رُكُوعُ الْقَاعِدَةِ فَتَقَدَّمَ، وَلَوْ طَالَتْ يَدَاهُ أَوْ قَصُرَتَا أَوْ قُطِعَ شَيْءٌ مِنْهُمَا لَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ وَلَوْ عَجَزَ عَنْهُ إلَّا بِمُعِينٍ أَوْ اعْتِمَادِهِ عَلَى شَيْءٍ أَوْ انْحِنَاءٍ عَلَى شِقِّهِ لَزِمَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــSالسُّورَةَ الْأُخْرَى (قَوْله سُنَّتْ لَهُ السُّورَةُ فِي الْكُلِّ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَصَدَ الْإِتْيَانَ بِتَشَهُّدَيْنِ ثُمَّ عَنَّ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى تَشَهُّدٍ وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي النَّفْلِ مِنْ أَنَّهُ إذَا اقْتَصَرَ عَلَى تَشَهُّدٍ بَعْدَ أَنْ قَصَدَ الْإِتْيَانَ بِتَشَهُّدَيْنِ سُنَّ لَهُ سُجُودُ السَّهْوِ أَنْ يَتْرُكَ هُنَا السُّورَةَ فِيمَا بَعْدَ مَحَلِّ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ بِقَصْدِهِ كَأَنَّهُ الْتَزَمَهُ فَأُلْحِقَ بِالْفَرْضِ. (قَوْلُهُ: الْخَامِسُ الرُّكُوعُ) وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَأَوَّلُ صَلَاةٍ رَكَعَ فِيهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَاةُ الْعَصْرِ صَبِيحَةَ الْإِسْرَاءِ انْتَهَى مَوَاهِبُ بِالْمَعْنَى. وَاسْتَدَلَّ السُّيُوطِيّ لِذَلِكَ بِأَنَّهُ ثَبَتَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَلَّى الظُّهْرَ صَبِيحَتَهَا بِلَا رُكُوعٍ، وَأَنَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ كَانَ يُصَلِّي صَلَاةَ اللَّيْلِ كَذَلِكَ» ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الرُّكُوعُ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ هَذِهِ الْأُمَّةِ لَفَعَلَهُ فِيمَا كَانَ يَفْعَلُهُ قَبْلَ الْإِسْرَاءِ وَفِي ظُهْرِ صَبِيحَتِهَا، وَنَظَرَ بَعْضُهُمْ فِي دَلَالَةِ مَا ذُكِرَ عَلَى كَوْنِهِ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَذَا بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ وَجْهَ النَّظَرِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَرْكِهِ الرُّكُوعَ أَنْ لَا يَكُونَ مَشْرُوعًا لِأَحَدٍ مِنْ الْأُمَمِ، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَشْرُوعًا لِبَعْضِ الْأُمَمِ، وَلَكِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ بَعْدَ هَذَا. وَفِي الْبَيْضَاوِيِّ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى {وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} [آل عمران: 43] مَا نَصُّهُ: وَقَدَّمَ السُّجُودَ عَلَى الرُّكُوعِ إمَّا لِكَوْنِهِ كَذَلِكَ فِي شَرِيعَتِهِمْ أَوْ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ الْوَاوَ لَا تُوجِبُ التَّرْتِيبَ أَوْ لِيَقْتَرِنَ ارْكَعِي بِالرَّاكِعِينَ لِلْإِيذَانِ بِأَنَّ مَنْ لَيْسَ فِي صَلَاتِهِمْ رُكُوعٌ لَيْسُوا مُصَلِّينَ انْتَهَى. وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الرُّكُوعَ لَيْسَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِنَا (قَوْلُهُ: وَأَقَلُّهُ فِي حَقِّ الْقَائِمِ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: لَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بِمُعِينٍ أَوْ بِمَيْلٍ إلَى جَانِبِ لَزِمَهُ ذَلِكَ انْتَهَى. وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ: وَأَقَلُّهُ انْحِنَاءٌ مَحْضٍ وَلَوْ بِمُعِينٍ أَوْ مَيْلٍ لِشِقِّهِ أَوْ اعْتِمَادٍ عَلَى عَصًا إلَخْ، فَهَلْ شَرْطُ الْمِيلِ لِشِقِّهِ أَنْ لَا يَخْرُجَ بِهِ عَنْ الِاسْتِقْبَالِ الْوَاجِبِ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: الظَّاهِرُ نَعَمْ لِأَنَّ اعْتِنَاءَ الشَّارِعِ بِهِ أَقْوَى بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ عَجَزَ عَنْ الرُّكُوعِ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ إذَا قَدَرَ، بِخِلَافِ الِاسْتِقْبَالِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ الِاسْتِقْبَالُ وَالْقِيَامُ قُدِّمَ الِاسْتِقْبَالُ (قَوْلُهُ: أَنْ يَنْحَنِيَ) هَذِهِ لَمْ تُوجَدْ فِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ، وَإِنَّمَا هِيَ مُلْحَقَةٌ لِبَعْضِ تَلَامِذَةِ الشَّيْخِ تَصْحِيحًا لِلَفْظِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَلَا بِهِ مَعَ انْحِنَاءٍ) ظَاهِرُهُ كَشَيْخِ الْإِسْلَامِ بِأَنَّهُ إذَا أَعَادَهُ عَلَى الصَّوَابِ بِأَنْ اسْتَوَى وَرَكَعَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ كَمَا لَوْ أَخَلَّ بِحَرْفٍ مِنْ الْفَاتِحَةِ ثُمَّ أَعَادَهُ عَلَى الصَّوَابِ. وَقَضِيَّةُ حَجّ الْبُطْلَانُ بِمُجَرَّدِ مَا ذُكِرَ حَيْثُ قَالَ: انْحِنَاءً خَالِصًا لَا مَشُوبًا بِانْخِنَاسٍ وَإِلَّا بَطَلَتْ انْتَهَى. وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بَعْدَ فَرْضِهِ فِي الْعَامِدِ الْعَالِمِ بِأَنَّ مَا فِعْلَهُ بِالِانْخِنَاسِ زِيَادَةُ فِعْلٍ غَيْرُ مَطْلُوبٍ فَهِيَ تَلَاعُبٌ أَوْ تُشْبِهُهُ، لَكِنَّ الْأَقْرَبَ لِإِطْلَاقِهِمْ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ كَالشَّيْخِ وَحَمْلُ كَلَامِ حَجّ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُعِدْهُ عَلَى الصَّوَابِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَجَزَ عَنْهُ إلَّا بِمُعِينٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَحْتَاجَهُ فِي الِابْتِدَاءِ أَوْ الدَّوَامِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّ فِيهِ مُنَافَاةً لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَعَارَضَ إيقَاعُ جَمِيعِ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ بِالِاقْتِصَارِ عَلَى وَاجِبَاتِهَا مَعَ فِعْلِ سُنَنِهَا يَلْزَمُ الَّذِي عَلَيْهِ إخْرَاجُ بَعْضِهَا عَنْ الْوَقْتِ أَنَّهُ يَأْتِي بِالسُّنَنِ وَإِنْ خَرَجَ بَعْضُهَا عَنْ الْوَقْتِ، لَكِنَّ الْفَرْقَ لَائِحٌ بَيْنَ ذَاكَ وَبَيْنَ مَا هُنَا؛ لِأَنَّ التَّعَارُضَ هُنَاكَ حَاصِلٌ بَيْنَ فِعْلِ أَصْلِ السُّنَنِ وَبَيْنَ فِعْلِ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ الْمُسْتَلْزِمِ لِتَرْكِ جَمِيعِ السُّنَنِ كَمَا هُوَ فَرْضُ مَا تَقَدَّمَ، بِخِلَافِ مَا هُنَا، فَإِنَّهُ إنْ حَافَظَ عَلَى إيقَاعِهَا فِي الْوَقْتِ أَتَى بِأَصْلِ السُّنَّةِ، وَالْفَائِتُ لَهُ إنَّمَا هُوَ كَمَالُهَا، وَهُوَ الْإِتْيَانُ بِالسُّورَتَيْنِ بِتَمَامِهِمَا، فَالتَّعَارُضُ إنَّمَا حَصَلَ بَيْنَ فِعْلِ بَعْضِ السُّنَّةِ وَبَيْنَ إكْمَالِهَا، وَقَدَّمُوا الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّ فِيهِ إحْرَازَ فَضِيلَةِ

[الخامس من أركان الصلاة الركوع]

وَالْعَاجِزُ يَنْحَنِي قَدْرَ إمْكَانِهِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الِانْحِنَاءِ أَصْلًا أَوْمَأَ بِرَأْسِهِ ثُمَّ بِطَرَفِهِ، وَلَوْ شَكَّ هَلْ انْحَنَى قَدْرًا تَصِلُ بِهِ رَاحَتَاهُ رُكْبَتَيْهِ لَزِمَهُ إعَادَةُ الرُّكُوعِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ. وَالرَّاحَةُ بَطْنُ الْكَفِّ وَتَعْبِيرُهُ بِهَا يُشْعِرُ بِعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالْأَصَابِعِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ. وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: إنَّهُ الصَّوَابُ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ التَّنْبِيهِ الِاكْتِفَاءَ بِهَا، وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الرُّكُوعِ كَوْنُهُ (بِطُمَأْنِينَةٍ) لِخَبَرِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ الْمَارِّ، وَأَقَلُّهَا أَنْ تَسْتَقِرَّ أَعْضَاؤُهُ رَاكِعًا (بِحَيْثُ يَنْفَصِلُ رَفْعُهُ) مِنْ رُكُوعِهِ (عَنْ هَوْيِهِ) بِفَتْحِ الْهَاءِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا: أَيْ سُقُوطِهِ، فَزِيَادَةُ الْهَوْيِ لَا تَقُومُ مَقَامَ الطُّمَأْنِينَةِ (وَلَا يُقْصَدُ بِهِ) أَيْ بِالْهُوِيِّ (غَيْرُهُ) أَيْ الرُّكُوعِ سَوَاءٌ أَقَصَدَهُ أَمْ لَا كَسَائِرِ الْأَرْكَانِ لِانْسِحَابِ نِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى ذَلِكَ (فَلَوْ هَوَى لِتِلَاوَةٍ فَجَعَلَهُ رُكُوعًا لَمْ يَكْفِ) لِوُجُودِ الصَّارِفِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَنْتَصِبَ لِيَرْكَعَ، فَلَوْ قَرَأَ إمَامُهُ آيَةَ سَجْدَةٍ ثُمَّ رَكَعَ عَقِبَهَا فَظَنَّ الْمَأْمُومُ أَنَّهُ هَوَى لِسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ فَهَوَى لِذَلِكَ مَعَهُ فَرَآهُ لَمْ يَسْجُدْ فَوَقَفَ عَنْ السُّجُودِ هَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي الْقِيَامِ إذَا عَجَزَ عَنْهُ إلَّا بِمُعِينٍ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْقِيَامِ إلَّا مُتَّكِئًا عَلَى شَيْءٍ أَوْ إلَّا عَلَى رُكْبَتَيْهِ، أَوْ لَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى النُّهُوضِ إلَّا بِمُعِينٍ وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ وَجَدَهَا فَاضِلَةً عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ فِيمَا يَظْهَرُ فِي يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ لَزِمَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مَقْدُورُهُ انْتَهَى. وَمُخَالِفًا لِمَا نَقَلَهُ سم عَنْهُ. ثُمَّ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يَحْتَاجَ إلَيْهِ فِي الِابْتِدَاءِ. فَيَلْزَمُهُ أَوْ فِي الدَّوَامِ فَلَا يَلْزَمُهُ، وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ زَمَنُ الرُّكُوعِ أَقْصَرَ مِنْ زَمَنِ الْقِيَامِ لَزِمَهُ حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ بِالْمُعِينِ مُطْلَقًا، بِخِلَافِ الْقِيَامِ فَإِنَّ زَمَنَهُ أَطْوَلُ فَلَمْ يَلْزَمْهُ حَيْثُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى دَوَامِهِ إلَّا بِمُعِينٍ (قَوْلُهُ: وَالرَّاحَةُ بَطْنُ الْكَفِّ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَالرَّاحَتَانِ مَا عَدَا الْأَصَابِعَ مِنْ الْكَفَّيْنِ انْتَهَى، وَهِيَ أَوْلَى لِإِخْرَاجِهَا الْأَصَابِعَ صَرِيحًا وَبِخِلَافِ مَا عَبَّرَ بِهِ الشَّارِحُ فَإِنَّ إخْرَاجَهَا إنَّمَا يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ وَتَعْبِيرُهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا) هَذَا مَذْهَبُ الْخَلِيلِ، وَفِي الْمِصْبَاحِ هَوِيَ يَهْوِي مِنْ بَابِ ضَرَبَ هَوِيًّا بِضَمِّ الْهَاءِ وَفَتْحِهَا، وَزَادَ ابْنُ الْقُوطِيَّةِ هَوَاءً بِالْمَدِّ سَقَطَ مِنْ أَعْلَى إلَى أَسْفَلَ، قَالَهُ أَبُو زَيْدٍ وَغَيْرُهُ، وَهَوَى يَهْوِي أَيْضًا هُوِيًّا بِالضَّمِّ لَا غَيْرُ إذَا ارْتَفَعَ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْهُوِيَّ بِالضَّمِّ يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى السُّقُوطِ وَالرَّفْعِ، وَبِالْفَتْحِ بِمَعْنَى السُّقُوطِ لَا غَيْرُ، وَفِي الْقَامُوسِ مَا يُصَرِّحُ بِأَنَّ ثَمَّ لُغَةً هِيَ أَنَّ الْهَوِيَّ بِالْفَتْحِ السُّقُوطُ وَبِالضَّمِّ الِارْتِفَاعُ (قَوْلُهُ: أَمْ لَا) أَيْ بِأَنْ أَطْلَقَ أَوْ قَصَدَهُ وَغَيْرَهُ فَلَوْ هَوِيَ بِقَصْدِ الرُّكُوعِ وَقَتَلَ الْعَقْرَبَ مَثَلًا لَمْ يَضُرَّ، هَلْ يُغْتَفَرُ لَهُ الْأَفْعَالُ الْكَثِيرَةُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ مَطْلُوبٌ مِنْهُ، لَكِنْ نَقَلَ عَنْ فَتَاوَى الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ يَضُرُّ كَمَا لَوْ تَكَرَّرَ دَفْعُ الْمَارِّ بِأَفْعَالٍ مُتَوَالِيَةٍ فَإِنَّهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَإِنْ كَانَ أَصْلُ الدَّفْعِ مَطْلُوبًا انْتَهَى. أَقُولُ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ دَفْعِ الْمَارِّ بِأَنَّ الدَّفْعَ شُرِعَ لِدَفْعِ النَّقْصِ الْحَاصِلِ بِالْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي وَالْإِكْثَارُ مِنْهُ يُذْهِبُ الْخُشُوعَ، فَرُبَّمَا فَاتَ بِهِ مَا شُرِعَ لِأَجْلِهِ مِنْ كَمَالِ صَلَاتِهِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ قَتْلَ الْحَيَّةِ مَطْلُوبٌ لِدَفْعِ ضَرَرِهَا فَأَشْبَهَ دَفْعَ الْعَدُوِّ وَالْأَفْعَالُ الْكَثِيرَةُ فِي دَفْعِهِ لَا تَضُرُّ (قَوْلُهُ: فَلَوْ هَوَى لِتِلَاوَةٍ) قَالَ حَجّ: أَوْ قَتَلَ نَحْوَ حَيَّةٍ (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ أَنْ يَنْتَصِبَ لِيَرْكَعَ قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ أَيْضًا انْتَهَى، أَقُولُ: بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ) لِأَنَّ هَوِيَّهُ لِلتِّلَاوَةِ كَانَ مَشْرُوعًا وَعَوْدَهُ لِيَرْكَعَ وَاجِبٌ فَلَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا يَبْطُلُ عَمْدُهُ، وَمُجَرَّدُ جَعْلِهِ رُكُوعًا بَعْدَ هَوِيِّهِ بِقَصْدِ التِّلَاوَةِ لَيْسَ فِعْلًا لِمَا يَبْطُلُ عَمْدُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: قَطْعُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ جَائِزٌ حَيْثُ قَطَعَهُ لِيَعُودَ إلَى الْقِيَامِ، وَإِرَادَةُ جَعْلِهِ لِلرُّكُوعِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ فِعْلٍ يَبْطُلُ عَمْدُهُ وَفِيهِ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ فَرَآهُ لَمْ يَسْجُدْ فَوَقَفَ عَنْ السُّجُودِ) فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِوُقُوفِ الْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ إلَّا بَعْدَ أَنْ وَصَلَ لِلسُّجُودِ فَهَلْ يَقُومُ مُنْحَنِيًا حَتَّى لَوْ قَامَ مُنْتَصِبًا ثُمَّ رَكَعَ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِزِيَادَتِهِ رُكُوعًا لِلِاعْتِدَادِ بِهَوِيِّهِ الْقِيَاسُ. نَعَمْ بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ الْمَذْكُورِ وِفَاقًا لَمْ ر ـــــــــــــــــــــــــــــQفِعْلِ الصَّلَاةِ جَمِيعِهَا فِي الْوَقْتِ مَعَ الْإِتْيَانِ بِأَصْلِ السُّنَّةِ فَتَأَمَّلْ [الْخَامِسُ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاة الرُّكُوعُ] (قَوْلُهُ: وَالرَّاحَةُ بَطْنُ الْكَفِّ) أَيْ مِنْ غَيْرِ الْأَصَابِعِ بِقَرِينَةِ

يُحْسَبُ لَهُ هَذَا عَنْ الرُّكُوعِ؟ الْأَقْرَبُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. نَعَمْ وَيُغْتَفَرُ ذَلِكَ لِلْمُتَابَعَةِ فَقَدْ جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَفِي الرَّوْضَةِ مَا يَشْهَدُ لَهُ فَقَالَ: لَوْ قَامَ الْإِمَامُ إلَى خَامِسَةٍ سَهْوًا وَكَانَ قَدْ أَتَى بِالتَّشَهُّدِ فِي الرَّابِعَةِ عَلَى نِيَّةِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إعَادَتِهِ عَلَى الصَّحِيحِ انْتَهَى. وَهَذَا أَوْلَى لِأَنَّهُ إذَا قَامَ الْمُسْتَحَبُّ مَقَامَ الْوَاجِبِ فَلَأَنْ يَقُومَ الْوَاجِبُ عَنْ غَيْرِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَقَوْلُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ: الْأَقْرَبُ عِنْدِي أَنَّهُ يَعُودُ لِلْقِيَامِ ثُمَّ يَرْكَعُ لَا وَجْهَ لَهُ لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ، وَلَوْ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ وَقَصَدَ أَنْ لَا يَسْجُدَ وَيَرْكَعَ فَلَمَّا هَوَى عَنَّ لَهُ أَنْ يَسْجُدَ لِلتِّلَاوَةِ فَإِنْ كَانَ قَدْ انْتَهَى إلَى حَدِّ الرَّاكِعِينَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا جَازَ (وَأَكْمَلُهُ) أَيْ: الرُّكُوعِ (تَسْوِيَةُ ظَهْرِهِ وَعُنُقِهِ) كَالصَّفِيحَةِ لِلْإِتْبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (وَنَصْبُ سَاقَيْهِ) وَفَخِذَيْهِ لِأَنَّهُ أَعْوَنُ وَلَا يُثْنِي رُكْبَتَيْهِ وَالسَّاقُ مُؤَنَّثَةٌ (وَأَخْذُ رُكْبَتَيْهِ بِيَدَيْهِ) أَيْ بِكَفَّيْهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَتَفْرِيقُ أَصَابِعِهِ) تَفْرِيقًا وَسَطًا لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْوَسَطِ (لِلْقِبْلَةِ) أَيْ لِجِهَتِهَا لِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْجِهَاتِ، وَاحْتُرِزَ بِذَلِكَ عَنْ أَنْ يُوَجِّهَ أَصَابِعَهُ إلَى غَيْرِ جِهَتِهَا مِنْ يَمْنَةٍ أَوْ يَسْرَةٍ، قَالَهُ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ. وَفِيهِ إشَارَةٌ لِلْجَوَابِ عَنْ قَوْلِ ابْنِ النَّقِيبِ لَمْ أَفْهَمْ مَعْنَاهُ وَلَوْ تَعَذَّرَ وَضْعُ يَدَيْهِ أَوْ إحْدَاهُمَا فَعَلَ الْمُمْكِنَ (وَيُكَبِّرُ فِي ابْتِدَاءِ هَوِيِّهِ) لِلرُّكُوعِ (وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ كَإِحْرَامِهِ) وَقَدْ تَقَدَّمَ لِلْإِتْبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ لَكِنْ يُسَنُّ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءُ الرَّفْعِ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى الْفَوْرِ، وَيُحْتَمَلُ جَوَازُ الْقِيَامِ مُنْتَصِبًا لِأَنَّ لَهُمْ تَرَدُّدًا فِي إجْزَاءِ الْهَوِيِّ وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ، فَفِي الْعَوْدِ التَّخَلُّصُ مِنْ شُبْهَةِ التَّرَدُّدِ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْعَامِدِ الْعَامِّ (قَوْلُهُ الْأَقْرَبُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ نَعَمْ) أَيْ خِلَافًا لحج كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَهَذَا أَوْلَى) قَدْ تُمْنَعُ الْأَوْلَوِيَّةُ بِأَنَّ الْمُسْتَحَبَّ ثَمَّ إنَّمَا قَامَ مَقَامَ الْوَاجِبِ لِأَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ شَمَلَتْهُ، كَمَا يَأْتِي فِي قِيَامِ جُلُوسِ الِاسْتِرَاحَةِ مَقَامَ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَهَوِيَّهُ لِلتِّلَاوَةِ لَمْ يَشْمَلْهُ نِيَّةُ الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا لِلْمُتَابَعَةِ، فَحَقُّهُ أَنْ لَا يَكْفِيَ كَمَا لَا تَكْفِي السَّجْدَةُ لِلتِّلَاوَةِ عَنْ سُجُودِ الصَّلَاةِ لَوْ نَسِيَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إذَا قَامَ الْمُسْتَحَبُّ) أَيْ وَهُوَ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ فِي ظَنِّهِ، وَقَوْلُهُ مَقَامَ الْوَاجِبِ: أَيْ وَهُوَ التَّشَهُّدُ الْأَخِيرُ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) مُرَادُهُ حَجّ (قَوْلُهُ: وَقَصَدَ أَنْ لَا يَسْجُدَ وَيَرْكَعَ) مَعْنَاهُ وَقَصَدَ الرُّكُوعَ فَلَيْسَ عَطْفًا عَلَى الْمَنْفِيِّ (قَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ) دَخَلَ فِيهِ مَا لَوْ خَرَجَ بِهَوِيِّهِ عَنْ حَدِّ الْقِيَامِ بِأَنْ صَارَ إلَى الرُّكُوعِ أَقْرَبَ مِنْهُ إلَى الْقِيَامِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ) أَيْ تَرْكُ الْأَكْمَلِ (قَوْلُهُ: وَالسَّاقُ مُؤَنَّثَةٌ) وَهِيَ مَا بَيْنَ الْقَدَمِ وَالرُّكْبَةِ وَجَمْعُهَا أَسْوُقٌ وَسِيقَانٌ وَسُوقٌ انْتَهَى عَمِيرَةٌ وسم عَلَى مَنْهَجٍ وَمِثْلُهُ فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ تَفْرِيقًا وَسَطًا لِلِاتِّبَاعِ) وَاعْتُبِرَ فِي التَّفْرِيقِ كَوْنُهُ وَسَطًا لِئَلَّا يَخْرُجَ بَعْضُ الْأَصَابِعِ عَنْ الْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ لَمْ أَفْهَمْ مَعْنَاهُ) أَيْ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَفْرِقَةُ أَصَابِعِهِ لِلْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ: فَعَلَ الْمُمْكِنَ) وَلَوْ قَطَعَ مِنْ الزِّنْدِيقِ لَا يَبْلُغُ بِهِمَا الرُّكْبَتَيْنِ إذْ بِهِ يَفُوتُ اسْتِوَاءُ الظَّهْرِ انْتَهَى شَرْحُ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَفُتْ اسْتِوَاءُ الظَّهْرِ نُدِبَ أَنْ يَبْلُغَ بِهِمَا الرُّكْبَتَيْنِ، وَقَوْلُهُ الزَّنْدَيْنِ بِفَتْحِ الزَّايِ وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: الزَّنْدُ مَا انْحَسَرَ عَنْهُ اللَّحْمُ مِنْ الذِّرَاعِ وَهُوَ مُذَكَّرٌ وَالْجَمْعُ زُنُودٌ مِثْلَ فِلْسٍ وَفُلُوسٍ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَيُكَبِّرُ فِي ابْتِدَاءِ هَوِيِّهِ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: قُلْت يَجُوزُ قِرَاءَةُ يُكَبِّرُ بِنَصَبِ الرَّاءِ عَطْفًا عَلَى تَسْوِيَةٍ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ أَكْمَلَهُ أَنْ يُسَوِّيَ وَأَنْ يُكَبِّرَ انْتَهَى. أَقُولُ: وَيَجُوزُ رَفْعُهُ إذْ هُوَ الْأَصْلُ، وَلَعَلَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِالنَّصْبِ لِأَنَّهُ لَيْسَ قَبْلَهُ نَاصِبٌ صَرِيحًا (قَوْلُهُ: وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ) قَدْ صَنَّفَ الْبُخَارِيُّ فِي ذَلِكَ تَصْنِيفًا رَدَّ فِيهِ عَلَى مُنْكَرِي الرَّفْعِ وَقَالَ: إنَّهُ رَوَاهُ سَبْعَةَ عَشَرَ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَأَنَّ عَدَمَ الرَّفْعِ لَمْ يَثْبُتْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ بِرّ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ. قَالَ حَجّ: وَنَقَلَهُ غَيْرُهُ: أَيْ غَيْرُ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَضْعَافِ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ إذَا قَامَ الْمُسْتَحَبُّ إلَخْ) الْفَرْقُ أَنَّ ذَاكَ شَمِلَتْهُ نِيَّةُ الصَّلَاةِ الَّذِي هُوَ شَرْطُ وُقُوعِ الْفِعْلِ أَوْ الْقَوْلِ مِنْ الصَّلَاةِ عَنْ نَظِيرِهِ بِخِلَافِ هَذَا، عَلَى أَنَّا نَمْنَعُ فِي صُورَةِ الرَّوْضَةِ قِيَامَ مُسْتَحَبٍّ مَقَامَ وَاجِبٍ كَمَا يُعْلَمُ بِالتَّأَمُّلِ

وَهُوَ قَائِمٌ مَعَ ابْتِدَاءِ تَكْبِيرِهِ، فَإِذَا حَاذَى كَفَّاهُ مَنْكِبَيْهِ انْحَنَى قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ، وَفِي الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ نَحْوُهُ وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ. قَالَ فِي الْإِقْلِيدِ: لِأَنَّ الرَّفْعَ حَالَ الِانْحِنَاءِ مُتَعَذِّرٌ أَوْ مُتَعَسِّرٌ انْتَهَى. وَيَكُونُ التَّشْبِيهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالنَّظَرِ لِلرَّفْعِ إذْ لَا يَلْزَمُ أَنْ يُعْطَى الْمُشَبَّهُ حُكْمَ الْمُشَبَّهِ بِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَسَقَطَ مَا قِيلَ إنَّ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ الْهَوِيَّ يُقَارِنُ الرَّفْعَ ضَعِيفٌ. (وَيَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ) لِلِاتِّبَاعِ، فَقَدْ وَرَدَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّهُ قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: 74] قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ، وَلَمَّا نَزَلَتْ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: 1] قَالَ: اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ» وَوَجْهُ التَّخْصِيصِ أَنَّ الْأَعْلَى أَبْلَغُ مِنْ الْعَظِيمِ، فَجُعِلَ الْأَبْلَغُ فِي التَّوَاضُعِ لِلْأَفْضَلِ وَهُوَ السُّجُودُ، وَأَيْضًا فَقَدْ وَرَدَ «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ» فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ قُرْبُ مَسَافَةٍ فَسُنَّ سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى: أَيْ عَنْ قُرْبِ الْمَسَافَاتِ، زَادَ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ وَبِحَمْدِهِ (ثَلَاثًا) لِلِاتِّبَاعِ وَيَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ بِمَرَّةٍ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ، وَأَدْنَى الْكَمَالِ ثَلَاثٌ ثُمَّ خَمْسٌ ثُمَّ سَبْعٌ ثُمَّ تِسْعٌ ثُمَّ إحْدَى عَشْرَةَ وَهُوَ الْأَكْمَلُ وَهَذَا لِلْمُنْفَرِدِ وَإِمَامُ مَنْ مَرَّ أَمَّا غَيْرُهُ فَيَقْتَصِرُ عَلَى الثَّلَاثِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَلَا يَزِيدُ الْإِمَامُ) عَلَى الثَّلَاثِ: أَيْ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ لِلتَّخْفِيفِ عَلَى الْمُقْتَدِينَ (وَيَزِيدُ الْمُنْفَرِدُ) وَإِمَامُ مَنْ مَرَّ عَلَى ذَلِكَ «اللَّهُمَّ لَك رَكَعْت وَبِك آمَنْت وَلَك أَسْلَمْت، خَشَعَ لَك سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعَظْمِي وَعَصَبِي» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، زَادَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ «وَمَا اسْتَقَلَّتْ بِهِ قَدَمِي» بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: مَعَ ابْتِدَاءِ تَكْبِيرِهِ) أَيْ وَيَمُدُّهُ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ، وَكَذَا فِي سَائِرِ الِانْتِقَالَاتِ حَتَّى فِي جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ فَيَمُدُّهُ عَلَى الْأَلْفِ الَّتِي بَيْنَ اللَّامِ وَالْهَاءِ لَكِنْ بِحَيْثُ لَا تُجَاوِزُ سَبْعَ أَلِفَاتٍ لِأَنَّهَا غَايَةُ هَذَا الْمَدِّ وَمِنْ ابْتِدَاءِ رَفْعِ رَأْسِهِ إلَى تَمَامِ قِيَامِهِ انْتَهَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَيَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ) الْعُمْدَةُ فِي عَدَمِ وُجُوبِ هَذِهِ الْأَذْكَارِ وَنَحْوِهَا مَعَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» عَدَمُ ذِكْرِهَا لِلْمُسِيءِ صَلَاتَهُ، وَلَك أَنْ تَقُولَ: يُحْتَمَلُ أَنَّ تَرْكَهَا لِلْعِلْمِ بِهَا كَمَا اعْتَذَرَ بِهِ أَئِمَّتُنَا عَنْ تَرْكِ التَّشَهُّدِ وَالسَّلَامِ وَغَيْرِهِمَا، وَلَك أَنْ تَقُولَ: عَدَمُ الذِّكْرِ فِي خَبَرِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ فَنَأْخُذُ بِهِ مَا لَمْ يَدُلَّ عَلَى الْوُجُوبِ، وَقَدْ دَلَّ فِي التَّشَهُّدِ وَنَحْوِهِ دُونَ هَذِهِ الْأَذْكَارِ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لِلْأَفْضَلِ) وَهُوَ السُّجُودُ يُفِيدُ أَنَّ السُّجُودَ أَفْضَلُ مِنْ الرُّكُوعِ وَإِنْ كَانَ الرُّكُوعُ مِنْ خَصَائِصِنَا، ثُمَّ رَأَيْت ع نَقَلَهُ فِيمَا يَأْتِي فِي السُّجُودِ عَنْ الرَّوْضَةِ، وَعِبَارَتُهُ: فَرْعٌ: جَزَمَ فِي الرَّوْضَةِ بِأَنَّ الْقِيَامَ أَفْضَلُ ثُمَّ السُّجُودَ ثُمَّ الرُّكُوعَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ سَاجِدٌ) عِبَارَةُ حَجّ: إذَا كَانَ سَاجِدًا (قَوْلُهُ: زَادَ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ وَبِحَمْدِهِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: بِمَرَّةٍ) أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: أَمَّا غَيْرُهُ فَيُقْتَصَرُ) أَيْ نَدْبًا (قَوْلُهُ: لِلتَّخْفِيفِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَلَا يَزِيدُ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ: وَلَك أَسْلَمْت) إنَّمَا قَدَّمَ الظَّرْفَ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ لِأَنَّ فِيهَا رَدًّا عَلَى الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ كَانُوا يَعْبُدُونَ مَعَهُ تَعَالَى غَيْرَهُ فَقَصَدَ الرَّدَّ عَلَيْهِمْ عَلَى طَرِيقَةِ الِاخْتِصَاصِ، وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ لِلرَّدِّ عَلَى مُعْتَقِدِ الشَّرِكَةِ أَوْ الْعَكْسِ: أَيْ أَوْ مُعْتَقِدِ الْعَكْسِ، وَأَخَّرَهُ عَنْ قَوْلِهِ خَشَعَ لِأَنَّ الْخُشُوعَ لَيْسَ مِنْ الْعِبَادَاتِ الَّتِي يَنْسُبُونَهَا إلَى غَيْرِهِ حَتَّى يَرُدَّ عَلَيْهِمْ فِيهَا (قَوْلُهُ: خَشَعَ لَك سَمْعِي) يَقُولُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَّصِفًا بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مُتَعَبَّدٌ بِهِ وِفَاقًا لَمْ ر وَخِلَافًا لِبَعْضِ النَّاسِ. وَقَالَ حَجّ: يَنْبَغِي أَنْ يَتَحَرَّى الْخُشُوعَ عِنْدَ ذَلِكَ وَإِلَّا يَكُنْ كَاذِبًا مَا لَمْ يُرِدْ أَنَّهُ بِصُورَةِ مَنْ هُوَ كَذَلِكَ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَمَا اسْتَقَلَّتْ بِهِ قَدَمِي) قَالَ حَجّ: وَيُسَنُّ فِيهِ: أَيْ كَالسُّجُودِ سُبْحَانَك اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِك اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي انْتَهَى. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَكُونُ التَّشْبِيهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالنَّظَرِ لِلرَّفْعِ) إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ حَاصِلَ هَذَا أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَإِحْرَامِهِ رَاجِعٌ إلَى مَجْمُوعِ قَوْلِهِ وَيُكَبِّرُ فِي ابْتِدَاءِ هَوِيِّهِ، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ. إلَّا أَنَّهُ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ فَقَطْ، فَهُوَ تَشْبِيهٌ نَاقِصٌ وَلَك أَنْ تَقُولَ: مَا الدَّاعِي إلَى هَذَا التَّكَلُّفِ وَمَا الْمَانِعُ مِنْ جَعْلِهِ قَصْرًا وَمِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ عَلَى قَوْلِهِ، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ فَيَكُونُ التَّشْبِيهُ تَامًّا

[السادس من أركان الصلاة الاعتدال]

الْيَاءِ، وَلَفْظَةُ مُخِّي مَزِيدَةٌ عَلَى الْمُحَرَّرِ وَهِيَ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ، وَفِيهِمَا وَفِي الْمُحَرَّرِ: «وَشَعْرِي وَبَشَرِي بَعْدَ عَصَبِي» وَفِي آخِرِهِ «لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَهَذَا مَعَ الثَّلَاثِ أَفْضَلُ مِنْ مُجَرَّدِ أَكْمَلِ التَّسْبِيحِ، وَتُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ فِي الرُّكُوعِ وَغَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ غَيْرِ الْقِيَامِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. (السَّادِسُ) مِنْ أَرْكَانِهَا (الِاعْتِدَالُ) وَلَوْ فِي نَفْلٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، كَمَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ لِخَبَرِ الْمُسِيءِ صَلَاتُهُ، إذْ فِيهِ «ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ» (قَائِمًا مُطْمَئِنًّا) لِمَا مَرَّ وَيَتَحَقَّقُ بِعَوْدِهِ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَهُ مِنْ قِيَامٍ أَوْ قُعُودٍ فَلَوْ رَكَعَ عَنْ قِيَامٍ فَسَقَطَ عَنْهُ قَبْلَ الطُّمَأْنِينَةِ وَجَبَ الْعَوْدُ إلَى مَا سَقَطَ عَنْهُ وَاطْمَأَنَّ ثُمَّ اعْتَدَلَ، أَوْ أُسْقِطَ عَنْهُ بَعْدَهَا نَهَضَ مُعْتَدِلًا ثُمَّ سَجَدَ، وَإِنْ سَجَدَ وَشَكَّ هَلْ أَتَمَّ اعْتِدَالَهُ اعْتَدَلَ وُجُوبًا ثُمَّ سَجَدَ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّعَاءِ لِأَنَّهُ أَنْسَبُ بِالتَّسْبِيحِ، وَأَنْ يَقُولَهُ ثَلَاثًا (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَعَ الثَّلَاثِ) أَيْ قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ لَك رَكَعْت إلَخْ (قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ فِي الرُّكُوعِ وَغَيْرِهِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمَحَلُّ كَرَاهَتِهَا إذَا قَصَدَ بِهَا الْقِرَاءَةَ فَإِنْ قَصَدَ بِهَا الدُّعَاءَ وَالثَّنَاءَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَمَا لَوْ قَنَتَ بِآيَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ شَرْحُ رَوْضٍ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ قَصْدِ الْقِرَاءَةِ مَا لَوْ أَطْلَقَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَسَيَأْتِي مَا يُوَافِقُهُ فِي الْقُنُوتِ. وَقَوْلُهُ بِآيَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ: أَيْ فَلَا يَكُونُ مَكْرُوهًا. [السَّادِسُ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاة الِاعْتِدَالُ] (قَوْلُهُ: الِاعْتِدَالُ) أَيْ وَلَوْ فِي نَفْلٍ، وَكَالِاعْتِدَالِ فِيمَا ذُكِرَ فِيهِ الْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فِي أَنَّهُ رُكْنٌ وَلَوْ فِي نَفْلٍ وَأَخْذُ النَّفْلِ غَايَةٌ لِلرَّدِّ عَلَى مَا فَهِمَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ كَلَامِ النَّوَوِيِّ، وَقَدْ جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الِاعْتِدَالِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فِي النَّفْلِ، وَعَلَى مَا قَالَهُ فَهَلْ يَخِرُّ سَاجِدًا مِنْ رُكُوعِهِ بَعْدَ الطُّمَأْنِينَةِ أَوْ يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَلِيلًا أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ عِنْدَهُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: كَمَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ) أَيْ وَغَيْرِهِ فَاقْتِضَاءُ بَعْضِ كُتُبِهِ عَدَمُ وُجُوبِ ذَيْنِك: أَيْ الِاعْتِدَالُ وَالْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَضْلًا عَنْ طُمَأْنِينَتِهِمَا غَيْرُ مُرَادٍ، أَوْ ضَعِيفٌ خِلَافًا لِجَزْمِ الْأَنْوَارِ وَمَنْ تَبِعَهُ بِذَلِكَ الِاقْتِضَاءِ غَفْلَةٌ عَنْ الصَّرِيحِ الْمَذْكُورِ فِي التَّحْقِيقِ كَمَا تَقَرَّرَ انْتَهَى حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: الْجَزْمُ بِالْغَفْلَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ غَفْلَةً، فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا اخْتَارُوا الِاقْتِضَاءَ عَلَى الصَّرِيحِ مَعَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ لِنَحْوِ ظُهُورِ الِاقْتِضَاءِ عِنْدَهُمْ، وَقَدْ قُدِّمَ الِاقْتِضَاءُ عَلَى الصَّرِيحِ فِي مَوَاضِعَ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: «حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا مُطْمَئِنًّا» ) قَالَ حَجّ: وَتَعْبِيرُهُ بِطُمَأْنِينَةٍ: أَيْ فِي الرُّكُوعِ ثُمَّ مُطْمَئِنًّا هُنَا تَفَنُّنٌ كَقَوْلِهِ فِي السُّجُودِ وَيَجِبُ أَنْ يَطْمَئِنَّ وَفِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ مُطْمَئِنًّا. نَعَمْ لَوْ قِيلَ عَبَّرَ هُنَا كَالِاعْتِدَالِ بِمُطْمَئِنًّا دُونَ الْآخَرَيْنِ إشَارَةً لِمُخَالَفَتِهِمَا لَهُمَا فِي الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ لَمْ يَبْعُدْ انْتَهَى (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي خَبَرِ الْمُسَيِّئِ صَلَاتَهُ (قَوْلُهُ: مِنْ قِيَامٍ أَوْ قُعُودٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ يُصَلِّي مِنْ اضْطِجَاعٍ لَا يَعُودُ لَهُ وَهُوَ وَاضِحٌ فِي الْفَرْضِ، لِأَنَّهُ مَتَى قَدَرَ فِيهِ عَلَى حَالَةٍ لَا يُجْزِي مَا دُونَهَا، فَمَتَى قَدَرَ عَلَى الْعُقُودِ لَا يُجْزِي مَا دُونَهُ، وَأَمَّا فِي النَّفْلِ فَلَا مَانِعَ مِنْ عَوْدِهِ لِلِاضْطِجَاعِ لِجَوَازِ التَّنَفُّلِ مَعَهُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ، ثُمَّ الْمُرَادُ مِنْ عَوْدِهِ إلَى الْقُعُودِ أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ مَا فَوْقَهُ فِي النَّافِلَةِ وَلَا يُمْتَنَعُ قِيَامُهُ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ مِنْ الْقُعُودِ. وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ قُبَيْلَ الرَّابِعِ: وَيَقْعُدُ أَيْ الْمُضْطَجِعُ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ انْتَهَى. وَهِيَ تُفِيدُ جَوَازَ الْعَوْدِ إلَيْهِ وَإِنْ صَلَّى مُضْطَجِعًا أَوْ مُسْتَلْقِيًا (قَوْلُهُ: نَهَضَ مُعْتَدِلًا) وَلَهُ أَنْ يَرْتَفِعَ إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ وَيُطِيلُهُ إنْ شَاءَ ثُمَّ يَرْتَفِعَ قَائِمًا (قَوْلُهُ: اعْتَدَلَ وُجُوبًا ثُمَّ سَجَدَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَأْمُومًا، وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ شَكَّ فِي الْفَاتِحَةِ بَعْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِخَبَرِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ إذْ فِيهِ ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا لِمَا مَرَّ) اعْلَمْ أَنَّ لَفْظَ قَائِمًا فِيمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَتِمَّةِ الْحَدِيثِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَحَقُّهَا أَنْ تُكْتَبَ بِالْأَسْوَدِ، وَالْمَوْجُودُ فِي نُسَخِ الشَّارِحِ كَتْبُهَا بِالْأَحْمَرِ، وَسَبَبُهُ أَنَّ فِي نُسَخِهِ الَّتِي رَأَيْتهَا سَقْطًا فِي هَذَا الْمَحَلِّ، إذْ لَفْظُ الْمَتْنِ: السَّادِسُ الِاعْتِدَالُ قَائِمًا مُطْمَئِنًّا، فَلَفْظُ مُطْمَئِنًّا لَا وُجُودَ لَهَا فِي النُّسَخِ كَلَفْظِ قَائِمًا، وَكَأَنَّ الْكَتَبَةَ ظَنُّوا أَنَّ قَائِمًا الَّتِي فِي الْمَتْنِ هِيَ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا فِي الْحَدِيثِ فَكَتَبُوهَا بِالْأَحْمَرِ فَلْتُرَاجَعْ نُسْخَةٌ صَحِيحَةٌ (قَوْلُهُ: اعْتَدَلَ وُجُوبًا ثُمَّ سَجَدَ) أَيْ إذَا كَانَ غَيْرَ مَأْمُومٍ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الزِّيَادِيِّ.

(وَلَا يَقْصِدُ غَيْرَهُ، فَلَوْ رَفَعَ فَزَعًا) بِفَتْحِ الزَّايِ: أَيْ خَوْفًا عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ، وَيَجُوزُ كَسْرُهَا عَلَى أَنَّهُ اسْمُ فَاعِلٍ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ: أَيْ خَائِفًا (مِنْ شَيْءٍ) كَعَقْرَبٍ (لَمْ يَكْفِ) رَفْعُهُ لِذَلِكَ عَنْ رَفْعِ صَلَاتِهِ لِوُجُودِ الصَّارِفِ (وَيُسَنُّ رَفْعُ يَدَيْهِ) كَمَا مَرَّ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (مَعَ ابْتِدَاءِ رَفْعِ رَأْسِهِ) مِنْ رُكُوعِهِ مُبْتَدِئًا رَفْعَهُمَا مَعَ ابْتِدَاءِ رَفْعِهِ وَيَسْتَمِرُّ إلَى انْتِهَائِهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (قَائِلًا) فِي رَفْعِهِ إلَى الِاعْتِدَالِ (سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ) أَيْ تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنْهُ حَمْدَهُ، وَيَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ بِقَوْلِهِ مَنْ حَمِدَ اللَّهَ سَمِعَ لَهُ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَالْمُنْفَرِدِ وَخَبَرُ «إذَا قَالَ الْإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ أَوْ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ» أَيْ مَعَ مَا عَلِمْتُمُوهُ مِنْ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ لِأَنَّهُ كَانَ يَجْهَرُ بِسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَتَتَبَّعَهُ النَّاسُ، وَكَانَ يُسِرُّ بِرَبَّنَا لَك الْحَمْدُ فَلَا يَسْمَعُونَهُ غَالِبًا فَنَبَّهَهُمْ عَلَيْهِ، فَيَجْهَرُ الْإِمَامُ وَالْمُبَلِّغُ بِكَلِمَةِ التَّسْمِيعِ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ، وَلَا اعْتِبَارَ بِمَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ كَثِيرٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَالْمُؤَذِّنِينَ بِالْجَهْرِ بِهِ دُونَ الْجَهْرِ بِهِ دُونَ الْجَهْرِ بِالتَّسْمِيعِ، وَقَدْ أَشَارَ لِلْجَمْعِ بَيْنَهُمَا بِقَوْلِهِ (فَإِذَا انْتَصَبَ) أَرْسَلَ يَدَيْهِ وَ (قَالَ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ) أَيْ رَبَّنَا اسْتَجِبْ لَنَا وَلَك الْحَمْدُ عَلَى هِدَايَتِك إيَّانَا، زَادَ فِي تَحْقِيقِهِ بَعْدَهُ: ـــــــــــــــــــــــــــــSالرُّكُوعِ مَعَ الْإِمَامِ حَيْثُ يُوَافِقُ الْإِمَامَ فِيمَا هُوَ فِيهِ ثُمَّ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِهِ أَنَّ مَا هُنَا قَلِيلٌ بِخِلَافِهِ ثُمَّ حَيْثُ يَحْتَاجُ فِيهِ لِلْقِرَاءَةِ، لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مَا نَصُّهُ: وَلَوْ شَكَّ فِي إتْمَامِهِ عَادَ إلَيْهِ غَيْرَ الْمَأْمُومِ فَوْرًا وُجُوبًا وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَالْمَأْمُومُ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ انْتَهَى، وَعَلَيْهِ فَمَا هُنَا مُسَاوٍ لِمَا لَوْ شَكَّ فِي الْفَاتِحَةِ بَعْدَ الرُّكُوعِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ اعْتِدَالٌ إلَخْ مُصَوَّرٌ بِغَيْرِ الْمَأْمُومِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ رَفَعَ فَزَعًا) . [تَنْبِيهٌ] ضَبَطَ شَارِحٌ فَزَعًا بِفَتْحِ الزَّايِ وَكَسْرِهَا: أَيْ لِأَجْلِ الْفَزَعِ أَوْ حَالَتَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَتَعَيَّنُ الْفَتْحُ فَإِنَّ الْمُضِرَّ الرَّفْعُ لِأَجْلِ الْفَزَعِ وَحْدَهُ لَا الرَّفْعُ الْمُقَارِنُ لِلْفَزَعِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ الرَّفْعِ لِأَجْلِهِ فَتَأَمَّلْهُ انْتَهَى حَجّ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ الشَّارِحِ بِأَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِالْمُشْتَقِّ يُؤْذِنُ بِعَلِيَّةِ مَا مِنْهُ الِاشْتِقَاقُ فَكَسْرُ الزَّايِ بِهَذَا الْمَعْنَى مُسَاوٍ لِلْفَتْحِ، وَكَأَنَّهُ قِيلَ: فَلَوْ رَفَعَ حَالَ كَوْنِهِ فَزَعًا لِأَجْلِ الْفَزَعِ (قَوْلُهُ لَمْ يَكْفِ رَفْعُهُ) بَقِيَ مَا لَوْ رَفَعَ ثُمَّ شَكَّ هَلْ كَانَ رَفْعُهُ لِأَجْلِهِ أَمْ لِغَيْرِهِ هَلْ يُعْتَدُّ بِهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ تَرَدُّدَهُ فِي ذَلِكَ شَكٌّ فِي الرَّفْعِ وَالشَّكُّ مُؤَثِّرٌ فِي جَمِيعِ الْأَفْعَالِ (قَوْلُهُ: أَيْ مَعَ مَا عَلِمْتُمُوهُ) خَبَرٌ عَنْ قَوْلِهِ وَخَبَرُ إذَا قَالَ إلَخْ (قَوْلُهُ: إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْإِمَامِ وَالْمُبَلِّغِ، فَالْجَهْرُ بِهِ حَيْثُ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ مَكْرُوهٌ، وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُ الضَّمِيرِ إلَى الْجَهْرِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا انْتَصَبَ أَرْسَلَ يَدَيْهِ) قَالَ حَجّ: وَمَا قِيلَ يَجْعَلُهُمَا تَحْتَ صَدْرِهِ كَالْقِيَامِ يَأْتِي قَرِيبًا رَدُّهُ اهـ. وَأَرَادَ بِهِ مَا ذُكِرَ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ بِقَوْلِهِ وَفَارَقَ دُعَاءَ الِافْتِتَاحِ وَالتَّشَهُّدَ بِأَنَّ لِيَدَيْهِ وَظِيفَةً ثَمَّ لَا هُنَا، وَمِنْهُ يُعْلَمُ رَدُّ مَا قِيلَ: السُّنَّةُ فِي الِاعْتِدَالِ جَعْلُ يَدَيْهِ تَحْتَ صَدْرِهِ كَالْقِيَامِ (قَوْلُهُ: رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ) عِبَارَةُ حَجّ: رَبَّنَا أَوْ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَك أَوْ وَلَك الْحَمْدُ أَوْ وَلَك الْحَمْدُ رَبَّنَا أَوْ الْحَمْدُ لِرَبِّنَا وَأَفْضَلُهَا رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ، أَوْ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ كَمَا فِي الْأُمِّ وَوُجِّهَ بِتَضَمُّنِهِ جُمْلَتَيْنِ اهـ: أَيْ فَإِنَّ لَك الْحَمْدَ مِنْ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ جُمْلَةٌ وَاحِدَةٌ، بِخِلَافِ وَلَك الْحَمْدُ فَإِنَّ الْوَاوَ تَدُلُّ عَلَى مَحْذُوفٍ وَالْمُقَدَّرُ كَالْمَلْفُوظِ، فَرَبَّنَا لَك الْحَمْدُ جُمْلَتَانِ وَرَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ ثَلَاثُ جُمَلٍ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْعَاطِفُ، وَبِهَذَا يُجَابُ عَنْ تَنْظِيرِ سم فِيهِ (قَوْلُهُ أَيْ رَبَّنَا اسْتَجِبْ لَنَا إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ عَلَى زِيَادَةِ الْوَاوِ قَبْلَ لَك فَيَحْتَاجُ إلَى تَقْدِيرِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِفَتْحِ الزَّايِ) ذَكَرَ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ أَنَّهُ مُتَعَيَّنٌ، فَإِنَّ الْمُضِرَّ الرَّفْعُ لِأَجْلِ الْفَزَعِ وَحْدَهُ لَا الرَّفْعِ الْمُقَارِنِ لِلْفَزَعِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ الرَّفْعِ لِأَجْلِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ رَبّنَا اسْتَجِبْ لَنَا وَلَك الْحَمْدُ إلَخْ) هَذَا التَّقْدِيرُ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ عَلَى رِوَايَةِ وَلَك الْحَمْدُ بِالْعَطْفِ، وَلَعَلَّ الشَّارِحَ زَادَهَا وَأَسْقَطَهَا الْكَتَبَةَ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ رَبّنَا لَك الْحَمْدُ أَوْ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ، إلَى أَنْ قَالَا: وَالْأُولَى أَوْلَى لِوُرُودِ السُّنَّةِ بِهِ، لَكِنْ قَالَ فِي الْأُمِّ: الثَّانِي أَحَبُّ إلَيَّ، وَوُجِّهَ بِأَنَّهُ يَجْمَعَ مَعْنَيَيْنِ الدُّعَاءَ وَالِاعْتِرَافَ: أَيْ رَبَّنَا اسْتَجِبْ لَنَا إلَخْ

حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْجُمْهُورُ، وَأَغْرَبَ فِي مَجْمُوعِهِ فَقَالَ: لَا يَزِيدُ الْإِمَامُ عَلَى رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ إلَّا بِرِضَا الْمَأْمُومِينَ. وَقَوْلُ ابْنِ الْمُنْذِرِ إنَّ الشَّافِعِيَّ خَرَقَ الْإِجْمَاعَ فِي جَمْعِ الْمَأْمُومِ بَيْنَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَرَبَّنَا لَك الْحَمْدُ مَرْدُودٌ، إذْ قَالَ بِقَوْلِهِ عَطَاءٌ وَابْنُ سِيرِينَ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو بُرْدَةَ وَدَاوُد وَغَيْرُهُمْ (مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْت مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ) أَيْ بَعْدَهُمَا كَالْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ، وَيَجُوزُ فِي مِلْءِ رَفْعُهُ عَلَى الصِّفَةِ وَنَصْبُهُ عَلَى الْحَالِ: أَيْ مَالِئًا لَوْ كَانَ جِسْمًا (وَيَزِيدُ الْمُنْفَرِدُ) وَإِمَامُ قَوْمٍ مَحْصُورِينَ مُتَّصِفِينَ بِمَا مَرَّ سِرًّا (أَهْلُ الثَّنَاءِ) أَيْ الْمَدْحِ (وَالْمَجْدِ) أَيْ الْعَظَمَةِ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْكَرَمُ (أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ (وَكُلُّنَا لَك عَبْدٌ) اعْتِرَاضٌ، وَقَوْلُهُ (لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْت وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْت وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ) بِفَتْحِ الْجِيمِ: أَيْ الْغِنَى (مِنْك) أَيْ عِنْدَك (الْجَدُّ) وَيُرْوَى بِالْكَسْرِ وَهُوَ الِاجْتِهَادُ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ: أَيْ لَا يَنْفَعُ ذَا الْحَظِّ فِي الدُّنْيَا حَظُّهُ فِي الْأُخْرَى وَإِنَّمَا يَنْفَعُهُ طَاعَتُك، وَيُحْتَمَلُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ كَوْنُ أَحَقَّ خَبَرًا لِمَا قَبْلَهُ وَهُوَ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ: أَيْ هَذَا الْكَلَامُ أَحَقُّ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ الِاتِّبَاعُ كَمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ إلَى لَك الْحَمْدُ وَمُسْلِمٌ إلَى آخِرِهِ، وَإِثْبَاتُ أَلْفِ أَحَقُّ وَاوُ وَكُلُّنَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَإِنْ وَقَعَ فِي كُتُبِ الْفُقَهَاءِ حَذْفُهُمَا فَالصَّوَابُ إثْبَاتُهُمَا كَمَا مَرَّ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَسَائِرُ الْمُحَدِّثِينَ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ. وَتَعَقَّبَ بِأَنَّ النَّسَائِيّ رَوَى حَذْفَهُمَا. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ رَوَى عَنْهُ إثْبَاتُهُمَا أَيْضًا، وَلَمْ يَقُلْ عَبِيدٌ مَعَ أَنَّهُ الْقِيَاسُ لِأَنَّ الْقَصْدَ أَنْ يَكُونَ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ بِمَنْزِلَةِ عَبْدٍ وَاحِدٍ وَقَلْبِ وَاحِدٍ. (وَيُسَنُّ الْقُنُوتُ فِي اعْتِدَالِ ثَانِيَةِ الصُّبْحِ) بَعْدَ إتْيَانِهِ بِالذِّكْرِ الرَّاتِبِ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَنَقَلَهُ عَنْ النَّصِّ، وَفِي الْعُدَّةِ نَحْوُهُ خِلَافًا لِمَا فِي الْإِقْلِيدِ. وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى الْمُنْفَرِدِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَمَّا بِدُونِهَا فَلَا حَاجَةَ إلَى مَا ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: مُبَارَكًا فِيهِ) قَالَ حَجّ: وَصَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى بِضْعًا وَثَلَاثِينَ مَلَكًا يَسْتَبِقُونَ إلَى هَذِهِ أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُ» وَعِبَارَةُ حَجّ فِي الْمُشْكَاةِ فِي بَابِ الرُّكُوعِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ: وَعَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ قَالَ «كُنَّا نُصَلِّي وَرَاءَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرَّكَعَاتِ قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقَالَ رَجُلٌ وَرَاءَهُ: رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: مَنْ الْمُتَكَلِّمُ آنِفًا؟ قَالَ: أَنَا، قَالَ: رَأَيْت بِضْعَةً وَثَلَاثِينَ مَلِكًا يَبْتَدِرُونَهَا أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ اهـ. وَقَالَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ فِي عُقُودِ الزَّبَرْجَدِ: قَالَ السُّهَيْلِيُّ: رُوِيَ أَوَّلُ بِالضَّمِّ عَلَى الْبِنَاءِ لِأَنَّهُ ظَرْفٌ قُطِعَ عَنْ الْإِضَافَةِ كَقَبْلُ وَبَعْدَ: أَيْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُ مِنْ غَيْرِهِ، وَبِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ. وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ: يَعْنِي فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ: أَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّمِّ بِأَنْ حُذِفَ مِنْهُ الْمُضَافُ وَتَقْدِيرُهُ أَوَّلُهُمْ: يَعْنِي كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يُسْرِعُ لِيَكْتُبَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ قَبْلَ الْآخَرِ وَيَصْعَدَ بِهَا إلَى حَضْرَةِ اللَّهِ لِعِظَمِ قَدْرِهَا، وَفِي بَعْضِهَا: أَوَّلُ بِالْفَتْحِ (قَوْلُهُ: وَيَزِيدُ الْمُنْفَرِدُ) أَفْهَمَ أَنَّ مَا قَبْلَهُ يَقُولُهُ الْإِمَامُ مُطْلَقًا، وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ حَيْثُ قَالَ: وَيُسَنُّ هَذَا حَتَّى لِلْإِمَامِ مُطْلَقًا خِلَافًا لِلْمَجْمُوعِ أَنَّهُ إنَّمَا يُسَنُّ لَهُ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَإِمَامُ قَوْمٍ مَحْصُورِينَ) أَيْ فَيُكْرَهُ تَرْكُهُ عُبَابٌ. قَالَ الرَّمْلِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ: وَهُوَ كَمَا قَالَ (قَوْلُهُ: سِرًّا) قَضِيَّةُ أَنَّهُ يَقُولُ مَا قَبْلَهُ جَهْرًا وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ قَبْلُ وَكَانَ يُسِرُّ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ إلَخْ خِلَافًا (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْكَرَمُ) أَيْ فَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَيُرْوَى بِالْكَسْرِ) أَيْ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: حَظُّهُ فِي الْأُخْرَى) الضَّمِيرُ لِذَا الْمُتَقَدِّمِ، فَالْمَعْنَى: لَا يَنْفَعُ صَاحِبُ الْجَدِّ فِي الدُّنْيَا ذَلِكَ الْجَدَّ فِي الْآخِرَةِ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ: الْجَدُّ النَّافِعُ فِي الدُّنْيَا لَا يَنْفَعُ فِي الْآخِرَةِ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا فِي الْإِقْلِيدِ) هُوَ لِابْنِ الْفِرْكَاحِ فَإِنَّهُ يَقُولُ لَا يَأْتِي بِالذِّكْرِ (قَوْلُهُ: حَمْلُ الْأَوَّلِ) هُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ النَّصِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: سِرًّا) لَيْسَ بِقَيْدٍ هُنَا، فَكَذَلِكَ مَا مَرَّ يَأْتِي بِهِ سِرًّا إلَّا التَّسْمِيعَ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِمَامِ، وَالْمُبَلِّغِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: فِي الْأُخْرَى) مُتَعَلِّقٌ بِيَنْفَعُ لَا بِحَظِّهِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ إتْيَانِهِ بِالذِّكْرِ الرَّاتِبِ) ، وَهُوَ إلَى قَوْلِهِ وَمَهْمَا شِئْت مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ، وَمِنْهُ مَعَ مَا بَعْدَهُ يُعْلَمُ أَنَّهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى عَدَمِ سَنِّ مَا زَادَ عَلَيْهِ لِكُلِّ أَحَدٍ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا فِي الْإِقْلِيدِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ إنَّهُ

وَإِمَامِ مَنْ مَرَّ وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا ثَبَتَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ يَقْنُتُ فِي الصُّبْحِ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا» وَلَا يُجْزِي الْقُنُوتُ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَإِنْ صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَنَتَ قَبْلَهُ أَيْضًا، لِأَنَّ رُوَاةَ الْقُنُوتِ بَعْدَهُ أَكْثَرُ وَأَحْفَظُ فَهُوَ أَوْلَى، وَعَلَيْهِ دَرَجَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُمْ وَأَكْثَرِهَا، وَشَمَلَ كَلَامُهُ الْأَدَاءَ وَالْقَضَاءَ، وَخَالَفَتْ الصُّبْحُ غَيْرَهَا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لِشَرَفِهَا، وَلِأَنَّهُ يُؤَذَّنُ لَهَا قَبْلَ وَقْتِهَا وَبِالتَّثْوِيبِ وَهِيَ أَقْصَرُ الْفَرَائِضِ فَكَانَتْ الزِّيَادَةُ أَلْيَقَ «وَهُوَ اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْت إلَى آخِرِهِ» كَذَا فِي الْمُحَرَّرِ وَتَتِمَّتِهِ كَمَا فِي الشَّرْحِ «وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْت، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْت، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْت، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْت فَإِنَّك تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْك، إنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْت، تَبَارَكْت رَبَّنَا وَتَعَالَيْت» قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَزَادَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ: «وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْت قَبْلَ تَبَارَكْت وَتَعَالَيْت» . قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَقَدْ جَاءَتْ فِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ وَبَعْدَهُ: «فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا قَضَيْت أَسْتَغْفِرُك وَأَتُوبُ إلَيْك» . زَادَ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا: لَا بَأْسَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ، وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَآخَرُونَ مُسْتَحَبَّةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَإِمَامِ مَنْ مَرَّ) أَيْ مِنْ الْمَحْصُورِينَ الرَّاضِينَ بِالتَّطْوِيلِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي) هُوَ مَا فِي الْإِقْلِيدِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُجْزِي الْقُنُوتُ قَبْلَ الرُّكُوعِ) أَيْ فَيَقْنُتُ بَعْدَهُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ إنْ نَوَى بِالْأَوَّلِ الْقُنُوتَ، وَكَذَا لَوْ قَنَتَ فِي الْأُولَى بِنِيَّتِهِ أَوْ ابْتَدَأَهُ فِيهَا فَقَالَ: اللَّهُمَّ اهْدِنِي ثُمَّ تَذَكَّرَ عُبَابٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَسَيَأْتِي مَا يُفِيدُهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي سُجُودِ السَّهْوِ: وَلَوْ نَقَلَ رُكْنًا قَوْلِيًّا إلَخْ (قَوْلُهُ فَهُوَ أَوْلَى) أَيْ فَالْأَخْذُ بِهِ أَوْلَى (قَوْلُهُ: فَإِنَّك تَقْضِي) لَيْسَتْ الْفَاءُ فِيمَا ذَكَرَهُ الْمَحَلِّيُّ عَنْ الشَّرْحِ بَلْ فِيهِ مَا يَقْتَضِي عَدَمَ ثُبُوتِهَا فِيهِ حَيْثُ قَالَ فِيمَا رَوَاهُ عَنْ النَّسَائِيّ فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ: أَيْ فِي قُنُوتِ الصُّبْحِ مَعَ زِيَادَةِ فَاءٍ فِي إنَّك وَوَاوٍ فِي إنَّهُ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسَخٍ مُتَعَدِّدَةٍ إنَّك بِحَذْفِ الْفَاءِ وَهِيَ تُوَافِقُ مَا ذَكَرَهُ الْمَحَلِّيُّ (قَوْلُهُ: وَلَا يَعِزُّ) هُوَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَنَظَمَ ذَلِكَ السُّيُوطِيّ مَعَ بَقِيَّةِ مَعَانِي عَزَّ فَقَالَ: عَزَّ الْمُضَاعَفُ يَأْتِي فِي مُضَارِعِهِ ... تَثْلِيثُ عَيْنٍ بِفَرْقٍ جَاءَ مَشْهُورَا فَمَا كَقَلَّ وَضِدُّ الذُّلِّ مَعْ عِظَمٍ ... كَذَا كُرِّمْتَ عَلَيْنَا جَاءَ مَكْسُورَا وَمَا كَعَزَّ عَلَيْنَا الْحَالُ أَيْ صَعُبَتْ ... فَافْتَحْ مُضَارِعَهُ إنْ كُنْتَ نِحْرِيرَا وَهَذِهِ الْخَمْسَةُ الْأَفْعَالُ لَازِمَةٌ ... وَاضْمُمْ مُضَارِعَ فِعْلٍ لَيْسَ مَقْصُورَا عَزَزْت زَيْدًا بِمَعْنَى قَدْ غَلَبْت كَذَا ... أَعَنْته فَكِلَا ذَا جَاءَ مَأْثُورَا وَقُلْ إذَا كُنْت فِي ذِكْرِ الْقُنُوتِ وَلَا ... يَعِزُّ يَا رَبُّ مَنْ عَادَيْت مَكْسُورَا وَقَوْلُهُ عَزَزْت بَيَّنَ بِهِ الْمُتَعَدِّيَ الَّذِي تُضَمُّ عَيْنُهُ (قَوْلُهُ: وَبَعْدَهُ فَلَكَ الْحَمْدُ) هُوَ شَامِلٌ لِلْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَعَلَيْهِ فَقَدْ يُقَالُ: كَيْفَ حَمِدَ عَلَى قَضَاءِ الشَّرِّ وَقَدْ طَلَبَ رَفْعَهُ فِيمَا سَبَقَ بِقَوْلِهِ وَقِنِي إلَخْ؟ وَالْجَوَابُ أَنَّ الَّذِي طَلَبَ رَفْعَهُ فِيمَا مَضَى هُوَ الْمَقْضِيُّ مِنْ الْمَرَضِ وَغَيْرِهِ مِمَّا تَكْرَهُهُ النَّفْسُ، وَالْمَحْمُودُ عَلَيْهِ هُنَا هُوَ الْقَضَاءُ الَّذِي هُوَ صِفَتُهُ تَعَالَى وَكُلُّهَا جَمِيلَةٌ يُطْلَبُ الثَّنَاءُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ) هِيَ قَوْلُهُ فَلَكَ الْحَمْدُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَآخَرُونَ مُسْتَحَبَّةٌ) قَالَ حَجّ: بَلْ قَالَ جَمْعٌ إنَّهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يَزِيدُ عَلَى رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا بَعْدَهُ، وَعَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْأَذْرَعِيُّ، وَنُقِلَ عَنْ النَّصِّ أَيْضًا، وَمُخْتَارُ الشَّارِحِ هُوَ الْأَوَّلُ، وَهُوَ طَلَبُ الرَّاتِبِ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ كَمَا هُوَ نَصُّ عِبَارَتِهِ، وَلَا يَقْدَحُ فِي اخْتِيَارِهِ لَهُ قَوْلُهُ: عَقِبَهُ وَيُمْكِنُ إلَخْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: لِشَرَفِهَا) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ، فَلَا يَقْتَضِي أَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَأَنَّهُ جَعَلَ الْحِكْمَةَ مَجْمُوعَ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَبِالتَّثْوِيبِ) مُتَعَلِّقٌ بِيُؤَذِّنُ كَالظَّرْفِ قَبْلَهُ

وَعَبَّرَ عَنْهُ فِي تَحْقِيقِهِ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ (وَالْإِمَامُ) يُسَنُّ لَهُ فِي قُنُوتِهِ أَنْ يَأْتِيَ (بِلَفْظِ الْجَمْعِ) لِمَا رُوِيَ عَنْ الْبَيْهَقِيّ فِي إحْدَى رِوَايَتَيْهِ، وَحُمِلَ عَلَى الْإِمَامِ وَعَلَّلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي أَذْكَارِهِ بِأَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَخُصَّ نَفْسَهُ بِالدُّعَاءِ لِخَبَرِ «لَا يَؤُمَّ عَبْدٌ قَوْمًا فَيَخُصُّ نَفْسَهُ بِدَعْوَةٍ دُونَهُمْ، فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ خَانَهُمْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ. نَعَمْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا وَرَدَ النَّصُّ بِهِ لِخَبَرِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا كَبَّرَ فِي الصَّلَاةِ: يَقُولُ: اللَّهُمَّ نَقِّنِي اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي» الدُّعَاءُ الْمَعْرُوفُ، وَثَبَتَ أَنَّ دُعَاءَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَفِي التَّشَهُّدِ بِلَفْظِ الْإِفْرَادِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْجُمْهُورُ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ إلَّا فِي الْقُنُوتِ، فَلِيَكُنْ الصَّحِيحُ اخْتِصَاصَ التَّفْرِقَةِ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ أَدْعِيَةِ الصَّلَاةِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الْهَدْيِ: إنَّ أَدْعِيَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلَّهَا بِلَفْظِ الْإِفْرَادِ انْتَهَى، فَقَوْلُ الْغَزَالِيِّ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَدْعُوَ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَفِي السُّجُودِ وَالرُّكُوعِ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ كَمَا يُسْتَحَبُّ فِي الْقُنُوتِ مَرْدُودٌ، وَكَأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْقُنُوتِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْجَمِيعَ مَأْمُورُونَ بِالدُّعَاءِ، بِخِلَافِ الْقُنُوتِ فَإِنَّ الْمَأْمُومَ يُؤَمِّنُ فَقَطْ، وَلَا تَتَعَيَّنُ هَذِهِ الْكَلِمَاتُ لِلْقُنُوتِ، بِخِلَافِ التَّشَهُّدِ لِأَنَّهُ فَرْضٌ أَوْ مِنْ جِنْسِهِ، فَلَوْ قَنَتَ بِالْمَرْوِيِّ عَنْ عُمَرَ كَانَ حَسَنًا لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَحْسَنُ، وَيُسَنُّ لِمُنْفَرِدٍ وَإِمَامِ مَنْ مَرَّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَيُؤَخِّرُهُ حِينَئِذٍ عَنْ الْأَوَّلِ، وَلَوْ قُلْت بِآيَةٍ نَوَاهُ بِهَا وَتَضَمَّنَتْ دُعَاءً أَوْ نَحْوَهُ كَآخِرِ الْبَقَرَةِ أَجْزَأَتْهُ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَتَضَمَّنْ ذَلِكَ كَتَبَّتْ يَدَا، أَوْ لَمْ يَقْصِدْهُ بِهَا لَمْ يُجْزِهِ لِمَا مَرَّ مِنْ كَرَاهَةِ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ، وَيُشْتَرَطُ فِي بَدَلِهِ أَنْ يَكُونَ دُعَاءً وَثَنَاءً كَمَا قَالَهُ الْبُرْهَانُ الْبَيْجُورِيُّ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَتُكْرَهُ إطَالَةُ الْقُنُوتِ كَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ بِتَطْوِيلِهِ بِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ، وَلَا يُقَالُ: قِيَاسُ امْتِنَاعِ تَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ عَمْدًا ـــــــــــــــــــــــــــــSمُسْتَحَبَّةٌ لِوُرُودِهَا فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ انْتَهَى. فَسَاقَهَا مَسَاقَ الْجَزْمِ وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهَا بِرِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ (قَوْلُهُ: «فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ خَانَهُمْ» ) أَيْ بِتَفْوِيتِهِ مَا طَلَبَ لَهُمْ فَكُرِهَ لَهُ ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الْقُنُوتِ فَهَلْ يَطْلُبُ مِنْ الْمَأْمُومِينَ التَّأْمِينَ حِينَئِذٍ أَوْ الْقُنُوتَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ الْوَارِدُ وَإِنْ قَصَرَ الْإِمَامُ بِتَخْصِيصِهِ، وَلَا مَانِعَ مِنْ أَنَّ اللَّهَ يُثِيبُ الْمُؤْمِنَ بِمَا يَزِيدُ عَلَى مَا يَصِلُ إلَيْهِ مِنْ دُعَاءِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: فَلْيَكُنْ الصَّحِيحُ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لحج وَعِبَارَتُهُ: وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ وَيُجْمَعُ بِهِ كَلَامُهُمْ وَالْخَبَرُ أَنَّهُ حَيْثُ اخْتَرَعَ دَعْوَةً كُرِهَ لَهُ الْإِفْرَادُ وَهَذَا هُوَ مَحْمَلُ النَّهْيِ، وَحَيْثُ أَتَى بِمَأْثُورٍ اتَّبَعَ لَفْظَهُ (قَوْلُهُ: اخْتِصَاصُ التَّفْرِقَةِ بِهِ) أَيْ الْقُنُوتِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ قَنَتَ بِالْمَرْوِيِّ عَنْ عُمَرَ) أَيْ وَهُوَ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك إلَخْ (قَوْلُهُ: إمَامُ مَنْ مَرَّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا) أَيْ فِي قُنُوتِ الصُّبْحِ وَالْوِتْرِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَقْصِدْهُ) شَامِلٌ لِحَالَةِ الْإِطْلَاقِ (قَوْله تُكْرَهُ إطَالَةُ الْقُنُوتِ) التَّعْبِيرُ بِالْإِطَالَةِ دُونَ قَوْلِهِ تُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْقُنُوتِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِطَالَةِ الزِّيَادَةُ الَّتِي يَظْهَرُ بِهَا طُولٌ فِي الْعُرْفِ لَا مُجَرَّدُ الزِّيَادَةِ وَإِنْ قَلَّتْ. وَعِبَارَةُ الْخَطِيبِ: كَانَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ يَقُولُ فِي قُنُوتِ الصُّبْحِ: اللَّهُمَّ لَا تَعُقْنَا عَنْ الْعِلْمِ بِعَائِقٍ وَلَا تَمْنَعْنَا عَنْهُ بِمَانِعٍ انْتَهَى. وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا قُلْنَاهُ، وَقَوْلُهُ لَا تَعُقْنَا بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الْعَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مِنْ أَدْعِيَةِ الصَّلَاةِ) هَلْ الْمُرَادُ بِهَا الْمَطْلُوبَةُ فِي الصَّلَاةِ: أَيْ الْمَأْثُورَةِ أَوْ الْمُرَادِ مَا يَأْتِي بِهِ مِنْهَا فِي الصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَأْثُورَةً ظَاهِرُ السِّيَاقِ وَإِضَافَتُهَا إلَى الصَّلَاةِ الْأَوَّلِ، وَعَلَيْهِ، فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشِّهَابُ حَجّ مِنْ أَنَّ الْوَارِدَ يَتْبَعُ لَفْظَهُ مِنْ جَمْعٍ أَوْ إفْرَادٍ، وَغَيْرُ الْوَارِدِ يَأْتِي فِيهِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَهُ) مِثْلُهُ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا، وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِنَحْوِ الدُّعَاءِ فَإِنْ كَانَ الثَّنَاءُ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ الْعَطْفَ بِالْوَاوِ دُونَ أَوْ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الدُّعَاءِ وَالثَّنَاءِ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَمْنَعُ كَوْنَ الثَّنَاءِ نَحْوَ الدُّعَاءِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ بِتَطْوِيلِهِ بِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْبُطْلَانِ إذَا أَطَالَهُ بِخُصُوصِ الْقُنُوتِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَطَالَهُ بِغَيْرِهِ، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الْآتِي خِلَافُهُ، وَيُوَافِقُ مَا اقْتَضَاهُ التَّعْلِيلُ

بُطْلَانُهَا لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ مَحَلِّ الْقُنُوتِ مِمَّا لَمْ يُرِدْ الشَّرْعُ بِتَطْوِيلِهِ، إذْ الْبَغَوِيّ نَفْسُهُ الْقَائِلُ بِكَرَاهَةِ الْإِطَالَةِ قَائِلٌ بِأَنَّ تَطْوِيلَ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ يُبْطِلُ عَمْدُهُ (وَالصَّحِيحُ سَنُّ الصَّلَاةِ) وَالسَّلَامِ كَمَا فِي الْأَذْكَارِ (عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي آخِرِهِ) لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ، وَتُسَنُّ الصَّلَاةُ عَلَى الْآلِ وَالْأَصْحَابِ أَيْضًا قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ خِلَافًا لِمَنْ نَفَى سُنِّيَّةَ ذَلِكَ، وَقَدْ اسْتَشْهَدَ الْإِسْنَوِيُّ لِسَنِّ الصَّلَاةِ بِالْآيَةِ وَالزَّرْكَشِيُّ لِسَنِّ الْآلِ بِخَبَرِ «كَيْفُ نُصَلِّي عَلَيْك» وَلَا يُنَافِي ذِكْرُ الصَّحْبِ هُنَا إطْبَاقُهُمْ عَلَى عَدَمِ ذِكْرِهَا فِي صَلَاةِ التَّشَهُّدِ، لِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّهُمْ ثَمَّ اقْتَصَرُوا عَلَى الْوَارِدِ هُنَا وَلَمْ يَقْتَصِرُوا عَلَيْهِ، بَلْ زَادُوا ذِكْرَ الْآلِ بَحْثًا فَقِسْنَا بِهِمْ الْأَصْحَابَ لِمَا عَلِمْت، وَكَأَنَّ الْفَرْقَ أَنَّ مُقَابَلَةَ الْآلِ بِآلِ إبْرَاهِيمَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ ثَمَّ تَقْتَضِي عَدَمَ التَّعَرُّضِ لِغَيْرِهِمْ وَهُنَا لَا مُقْتَضَى لِذَلِكَ، وَالثَّانِي لَا تُسَنُّ بَلْ لَا تَجُوزُ حَتَّى تَبْطُلَ الصَّلَاةُ بِفِعْلِهَا عَلَى وَجْهٍ لِأَنَّهُ نَقَلَ رُكْنًا قَوْلِيًّا إلَى غَيْرِ مَوْضِعِهِ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ فِي آخِرِهِ عَنْ عَدَمِ اسْتِحْبَابِهَا فِيمَا عَدَاهُ وَإِنْ قَالَ فِي الْعُدَّةِ لَا بَأْسَ بِهَا أَوَّلُهُ وَآخِرُهُ لِوُرُودِ أَثَرٍ فِيهِ وَمَا ذَكَرَهُ الْعِجْلِيّ فِي شَرْحِهِ مِنْ اسْتِحْبَابِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ لِمَنْ قَرَأَ فِيهَا آيَةً مُتَضَمِّنَةً اسْمَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْتَى الْمُصَنِّفُ بِخِلَافِهِ. (وَ) يُسَنُّ (رَفْعُ يَدَيْهِ) فِيهِ وَفِي سَائِرِ الْأَدْعِيَةِ اتِّبَاعًا كَمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِيهِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَفِي سَائِرِ الْأَدْعِيَةِ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا. وَحَاصِلُ مَا تَضَمَّنَهُ كَلَامُ الشَّارِحِ هُنَا أَنَّ لِلْأَوَّلِ دَلِيلَيْنِ: فَإِنَّهُ اسْتَدَلَّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الرَّفْعَ سُنَّةٌ لِلِاتِّبَاعِ، وَأَنَّ الْقَائِلَ بِعَدَمِ سُنِّيَّتِهِ اسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِالْقِيَاسِ عَلَى غَيْرِ الْقُنُوتِ مِنْ أَدْعِيَةِ الصَّلَاةِ كَدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ وَالتَّشَهُّدِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ. وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ كَمَا قِيسَ الرَّفْعُ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ عَاقَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بِعَائِقٍ إذْ لَوْ كَانَ مِنْ أَعَاقَ لَقَالَ بِمُعِيقٍ أَوْ مَعُوقٍ (قَوْلُهُ فَقِسْنَا بِهِمْ الْأَصْحَابَ لَمَّا عُلِمَتْ) لَمْ يَتَقَدَّمْ هُنَا مَا يُعْلَمُ مِنْهُ سَبَبُ قِيَاسِ الصَّحْبِ عَلَى الْآلِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا نَصُّهُ: وَيُسَنُّ أَيْضًا السَّلَامُ وَذِكْرُ الْآلِ، وَيَظْهَرُ أَنْ يُقَاسَ بِهِمْ الصَّحْبُ لِقَوْلِهِمْ يُسْتَفَادُ سَنُّ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ مِنْ سَنِّهَا عَلَى الْآلِ، لِأَنَّهَا إذَا سُنَّتْ عَلَيْهِمْ وَفِيهِمْ مَنْ لَيْسُوا أَصْحَابَهُ فَعَلَى الصَّحَابَةِ أَوْلَى ثُمَّ رَأَيْت شَارِحًا صَرَّحَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَفْتَى الْمُصَنِّفُ) ظَاهِرُهُ اعْتِمَادُ مَا أَفْتَى بِهِ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الِاسْتِحْبَابِ بَيْنَ كَوْنِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ بِالِاسْمِ الظَّاهِرِ أَوْ الضَّمِيرِ، لَكِنْ حَمَلَهُ حَجّ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الصَّلَاةُ بِالِاسْمِ الظَّاهِرِ دُونَ مَا لَوْ كَانَتْ بِالضَّمِيرِ، وَقَوْلُهُ بِخِلَافِهِ نَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الشَّارِحِ طَلَبَهَا. (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ رَفْعُ يَدَيْهِ) الْأَوْلَى وَسُنَّ لِيُفِيدَ أَنَّهُ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ، وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: وَالصَّحِيحُ سَنُّ رَفْعِ يَدَيْهِ، وَقَوْلُهُ فِيهِ ظَاهِرُهُ كَالْمَحَلِّيِّ أَنَّهُ يَرْفَعُ فِي جَمِيعِهِ حَتَّى فِي الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ رَأَيْته فِي حَجّ وَعِبَارَتُهُ: وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي جَمِيعِ الْقُنُوتِ وَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ بَعْدَهُ لِلِاتِّبَاعِ وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَفِي سَائِرِ الْأَدْعِيَةِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي: وَأَنَّ الْقَائِلَ بِعَدَمِ سَنِّهِ اسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِالْقِيَاسِ عَلَى غَيْرِ الْقُنُوتِ مِنْ أَدْعِيَةِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ أَنَّ لِلْأَوَّلِ) أَيْ الْقَائِلِ يُسَنُّ الرَّفْعُ (قَوْلُهُ: كَمَا قِيسَ الرَّفْعُ إلَخْ) مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا سَيَأْتِي فِي سُجُودِ السَّهْوِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ) يَعْنِي: الصَّلَاةَ عَلَى الْآلِ، فَالْمَقِيسُ سَنُّ الصَّلَاةِ عَلَى الْأَصْحَابِ، وَالْمَقِيسُ عَلَيْهِ سَنُّهَا عَلَى الْآلِ، وَهُوَ الْوَاقِعُ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ: الْآتِي قَرِيبًا: بَلْ زَادُوا ذِكْرَ الْآلِ بَحْثًا فَقِسْنَا بِهِمْ الْأَصْحَابَ لِمَا عَلِمْت وَإِلَّا، فَهُوَ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ قَوْلَهُ مَا تَقَدَّمَ عِبَارَةٌ عَنْ قَوْلِ غَيْرِهِ الْآلِ، وَيَكُونُ نَظَرُهُ سَبَقَ إلَى أَنَّهَا الْأَوَّلُ بِزِيَادَةِ الْوَاوِ فَعَبَّرَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: عَنْ عَدَمِ اسْتِحْبَابِهَا) لَا مَحَلَّ لِقَوْلِهِ عَدَمِ فَيَجِبُ حَذْفُهُ (قَوْلُهُ: وَفِي سَائِرِ الْأَدْعِيَةِ) أَيْ: خَارِجَ الصَّلَاةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: أَنَّ لِلْأَوَّلِ دَلِيلَيْنِ) يَعْنِي: الِاتِّبَاعَ الَّذِي ذَكَرَهُ عَقِبَ هَذَا وَالْقِيَاسَ الْآتِي فِي قَوْلِهِ: وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ كَمَا قِيسَ الرَّفْعُ فِيهِ إلَخْ، لَكِنْ فِي سِيَاقِهِ قَلَاقَةٌ، وَانْظُرْ مَا مَعْنَى الْقِيَاسِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ الْجَلَالِ، فَإِنَّ الَّذِي جَعَلَهُ مُسْتَنَدَ الْقِيَاسِ، وَهُوَ حَدِيثُ الْبَيْهَقِيّ كَافٍ فِي الِاتِّبَاعِ، فَإِنَّهُ

فِيهِ إلَى آخِرِهِ أَنَّ الْقَائِلَ بِالْأَوَّلِ اسْتَدَلَّ أَيْضًا بِالْقِيَاسِ الْمَذْكُورِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ عَدَمُ رَفْعِهِ فِي الْقُنُوتِ لِأَنَّهُ دُعَاءُ صَلَاةٍ فَلَا يُسْتَحَبُّ الرَّفْعُ فِيهِ قِيَاسًا عَلَى دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ وَالتَّشَهُّدِ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ لِيَدَيْهِ فِيهِ وَظِيفَةً وَلَا وَظِيفَةَ لَهُمَا هُنَا، وَتَحْصُلُ السُّنَّةُ بِرَفْعِهِمَا سَوَاءً أَكَانَتَا مُتَفَرِّقَتَيْنِ أَمْ مُلْتَصِقَتَيْنِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ الْأَصَابِعُ وَالرَّاحَةُ مُسْتَوِيَتَيْنِ أَمْ الْأَصَابِعُ أَعْلَى مِنْهَا، وَالضَّابِطُ أَنْ يَجْعَلَ بُطُونَهَا إلَى السَّمَاءِ وَظُهُورَهَا إلَى الْأَرْضِ، كَذَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَخَبَرُ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ الدُّعَاءِ إلَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ» نَفْيٌ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى رَفْعٍ خَاصٍّ وَهُوَ لِلْمُبَالَغَةِ فِيهِ، وَيُجْعَلُ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ ظَهْرَ كَفَّيْهِ إلَى السَّمَاءِ إنْ دَعَا لِرَفْعِ بَلَاءٍ وَنَحْوِهِ، وَعَكْسُهُ إنْ دَعَا لِتَحْصِيلِ شَيْءٍ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي فِي الِاسْتِسْقَاءِ، وَلَا يُعْتَرَضُ بِأَنَّ فِيهِ حَرَكَةً وَهِيَ غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ فِي الصَّلَاةِ إذْ مَحَلُّهُ فِيمَا لَمْ يَرِدْ، وَلَا يَرِدُ ذَلِكَ عَلَى الْإِطْلَاقِ مَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - آنِفًا إذْ كَلَامُهُ مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ تِلْكَ الْحَالَةِ الَّتِي تُقْلَبُ الْيَدُ فِيهَا، وَسَوَاءٌ فِيمَنْ دَعَا لِرَفْعِ بَلَاءٍ فِي سَنِّ مَا ذُكِرَ أَكَانَ ذَلِكَ الْبَلَاءُ وَاقِعًا أَمْ لَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَاسْتَحَبَّ الْخَطَّابِيُّ كَشْفَهُمَا فِي سَائِرِ الْأَدْعِيَةِ. وَيُكْرَهُ لِلْخَطِيبِ رَفْعُ يَدَيْهِ حَالَ الْخُطْبَةِ قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ لِحَدِيثٍ فِيهِ فِي مُسْلِمٍ، وَيُكْرَهُ خَارِجَ الصَّلَاةِ رَفْعُ الْيَدِ الْمُتَنَجِّسَةِ وَلَوْ بِحَائِلٍ فِيمَا يَظْهَرُ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ غَايَةَ الرَّفْعِ إلَى الْمَنْكِبِ إلَّا إنْ اشْتَدَّ الْأَمْرُ وَلَا يَرْفَعُ بَصَرَهُ إلَى السَّمَاءِ قَالَهُ الْغَزَالِيُّ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الْأَوْلَى رَفْعُهُ إلَيْهَا: أَيْ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَرَجَّحَهُ ابْنُ الْعِمَادِ (وَ) الصَّحِيحُ (أَنَّهُ لَا يَمْسَحُ) بِهِمَا (وَجْهَهُ) أَيْ لَا يُسَنُّ ذَلِكَ لِعَدَمِ ثُبُوتِ شَيْءٍ فِيهِ، وَالْأَوْلَى عَدَمُ فِعْلِهِ، وَرُوِيَ فِيهِ خَبَرٌ ضَعِيفٌ مُسْتَعْمَلٌ عِنْدَ بَعْضِهِمْ خَارِجَ الصَّلَاةِ وَبِاسْتِحْبَابِهِ خَارِجَهَا جَزَمَ فِي التَّحْقِيقِ، وَأَمَّا مَسْحُ غَيْرِ الْوَجْهِ كَالصَّدْرِ فَفِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا عَدَمُ اسْتِحْبَابِهِ قَطْعًا، بَلْ نَصَّ جَمَاعَةٌ عَلَى كَرَاهَتِهِ، وَالثَّانِي يُسَنُّ لِخَبَرِ «فَامْسَحُوا بِهَا وُجُوهَكُمْ» وَرُدَّ بِكَوْنِ طُرُقِهِ وَاهِيَةً (وَ) الصَّحِيحُ (أَنَّ الْإِمَامَ يَجْهَرُ بِهِ) اسْتِحْبَابًا فِي السِّرِّيَّةِ كَأَنْ قَضَى صُبْحًا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلِهِ كَمَا قِيسَ الرَّفْعُ فِيهِ عَلَى «رَفْعِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدَيْهِ كُلَّمَا صَلَّى الْغَدَاةَ يَدْعُو عَلَى الَّذِينَ قَتَلُوا أَصْحَابَهُ الْقُرَّاءَ بِبِئْرِ مَعُونَةَ» ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ انْتَهَى. وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ قَوْلِهِ قَنَتَ شَهْرًا مُتَتَابِعًا فِي الْخَمْسِ إلَخْ، لِاحْتِمَالِ اخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ، وَعَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ يُحْمَلُ مَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ الْأُجْهُورِيِّ فِي شَرْحِ الْأَلْفِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ قَنَتَ عَقِبَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ (قَوْلُهُ: وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ) الَّذِي فِي الْمَتْنِ التَّعْبِيرُ بِالصَّحِيحِ (قَوْلُهُ: نَفْيٌ) أَيْ وَمَا هُنَا إثْبَاتٌ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّفْيِ (قَوْلُهُ لِرَفْعِ بَلَاءٍ وَنَحْوِهِ) أَيْ مِنْ الْمَشَاقِّ الَّتِي تَحْصُلُ مِنْ غَيْرِ قِيَامٍ بِالْبَدَنِ، وَسَكَتَ عَنْ الثَّنَاءِ وَهُوَ مِنْ فَإِنَّك تَقْضِي إلَخْ، وَفِي حَوَاشِي الْبَهْجَةِ لِلشَّيْخِ عَمِيرَةَ: قَوْلُهُ وَيُسَنُّ جَعْلُ ظَهْرِهِمَا لِلسَّمَاءِ إلَخْ: أَيْ حَتَّى مِنْ أَوَّلِ الْقُنُوتِ إلَخْ هَذَا مُرَادُهُمْ فِيمَا يَظْهَرُ شَوْبَرِيُّ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ (قَوْلُهُ: وَعَكْسُهُ إنْ دَعَا لِتَحْصِيلِ شَيْءٍ) أَيْ فَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ الطَّلَبِ وَالرَّفْعِ بِصِيغَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا لَوْ دَعَا شَخْصٌ لِتَحْصِيلِ شَيْءٍ وَرَفْعِ آخَرَ، أَوْ دَعَا اثْنَانِ أَحَدُهُمَا بِطَلَبِ خَيْرٍ وَالْآخَرُ بِرَفْعِ شَرٍّ فَقَالَ آخَرُ: اللَّهُمَّ افْعَلْ لِي ذَلِكَ فَهَلْ يَفْعَلُ قَائِلُ ذَلِكَ بِبُطُونِ الْأَكُفِّ أَمْ بِظُهُورِهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. قِيلَ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ مَقْرُونًا بِبُطُونِ الْأَكُفِّ تَغْلِيبًا لِلْمَطْلُوبِ عَلَى غَيْرِهِ لِشَرَفِهِ اهـ. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ بِظُهُورِ الْأَكُفِّ لِأَنَّ دَرْءَ الْمَفَاسِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ الْمَصَالِحِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّ غَايَةَ الرَّفْعِ إلَى الْمَنْكِبِ) أَيْ إلَى مُحَاذَاةِ الْمَنْكِبِ مَعَ بَقَاءِ الْكَفَّيْنِ عَلَى بَسْطِهِمَا (قَوْلُهُ: رَفْعُهُ) أَيْ الْبَصَرِ (قَوْلُهُ: أَيْ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَهُ ابْنُ الْعِمَادِ) قَالَ سم عَلَى بَهْجَةٍ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: وَتُسَنُّ الْإِشَارَةُ بِسَبَّابَتِهِ الْيُمْنَى وَتُكْرَهُ بِأُصْبُعَيْنِ حَجّ اهـ (قَوْلُهُ: عَدَمُ اسْتِحْبَابِهِ قَطْعًا) خَارِجُهَا: أَيْ وَأَمَّا مَا يَفْعَلُهُ الْعَامَّةُ مِنْ تَقْبِيلِ الْيَدِ بَعْدَ الدُّعَاءِ فَلَا أَصْلَ لَهُ (قَوْلُهُ: كَأَنْ قَضَى صُبْحًا) وَإِنَّمَا طَلَبَ مِنْ الْإِمَامِ الْجَهْرَ بِالْقُنُوتِ فِي السِّرِّيَّة مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مَحَلَّ الْجَهْرِ، وَمِنْ ثَمَّ طُلِبَ الْإِسْرَارُ بِالْقِرَاءَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي خُصُوصِ الْقُنُوتِ وَالدُّعَاءُ جُزْءٌ مِنْهُ، فَمَا مَعْنَى قِيَاسِ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ، وَغَيْرُ الشَّارِحِ الْجَلَالِ جَعَلَ خَبَرَ الْبَيْهَقِيّ مُسْتَنَدَ الِاتِّبَاعِ، وَهُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِ الشَّارِحِ هُنَا فِيمَا مَرَّ اتِّبَاعًا كَمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ (قَوْلُهُ: وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ) صَوَابُهُ الصَّحِيحُ

أَوْ وِتْرًا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَالْجَهْرِ بِهِ لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلِيَكُنْ جَهْرُهُ بِهِ دُونَ جَهْرِهِ بِالْقِرَاءَةِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَاسْتَحْسَنَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ. وَيُمْكِنُ تَنْزِيلُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَسَرَّ بِهِ حَصَلَتْ سُنَّةُ الْقُنُوتِ وَفَاتَتْهُ سُنَّةُ الْجَهْرِ، خِلَافًا لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ مِنْ فَوَاتِهِمَا، وَالثَّانِي لَا كَسَائِرِ الْأَدْعِيَةِ الْمَشْرُوعَةِ فِي الصَّلَاةِ وَخَرَجَ الْمُنْفَرِدُ فَيُسِرُّ بِهِ قَطْعًا. (وَ) الصَّحِيحُ (أَنَّهُ) (يُؤَمِّنُ الْمَأْمُومُ لِلدُّعَاءِ) جَهْرًا كَمَا فِي الْكَافِي، وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ التَّهْذِيبِ إذَا جَهَرَ إمَامُهُ، وَمِنْهُ الصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيُؤَمِّنُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، خِلَافًا لِلْغَزِّيِّ وَالْجَوْجَرِيِّ، وَلَا يُعَارِضُهُ خَبَرُ «رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْت عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ» لِأَنَّ طَلَبَ اسْتِجَابَةِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ بِآمِينَ فِي مَعْنَى الصَّلَاةِ عَلَيْهِ (وَ) أَنَّهُ (يَقُولُ الثَّنَاءَ) سِرًّا وَهُوَ مِنْ فَإِنَّك تَقْضِي إلَى آخِرِهِ، أَوْ يَسْتَمِعُ لَهُ لِأَنَّهُ ثَنَاءٌ وَذِكْرٌ لَا يَلِيقُ بِهِ التَّأْمِينُ وَالْمُشَارَكَةُ أَوْلَى كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَالثَّانِي يُؤَمِّنُ فِيهِ أَيْضًا، وَإِذَا قُلْنَا بِمُشَارَكَتِهِ فِيهِ فَفِي جَهْرِ الْإِمَامِ بِهِ نَظَرٌ، يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: يُسِرُّ بِهِ كَمَا فِي غَيْرِهِ مِمَّا يَشْتَرِكَانِ فِيهِ، وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ الْجَهْرُ بِهِ كَمَا إذَا سَأَلَ الرَّحْمَةَ أَوْ اسْتَعَاذَ مِنْ النَّارِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ الْإِمَامَ يَجْهَرُ بِهِ وَيُوَافِقُهُ فِيهِ الْمَأْمُومُ وَلَا يُؤَمِّنُ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ وَتَبِعَهُ الْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُ: أَوْ يَقُولُ أَشْهَدُ أَوْ صَدَقْت وَبَرَرْت أَوْ بَلَى وَأَنَا عَلَى ذَلِكَ مِنْ الشَّاهِدِينَ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ اهـ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ بُطْلَانِهَا بِصَدَقْتَ وَبَرَرْت فِي إجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ وَعَدَمِهِ هُنَا أَنَّ هَذَا مُتَضَمِّنٌ لِلثَّنَاءِ فَهُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ بِطَرِيقِ الذَّاتِ بِخِلَافِهِ ثُمَّ فَلَيْسَ مُتَضَمِّنًا لَهُ إذْ هُوَ بِمَعْنَى: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ وَهَذَا مُبْطِلٌ، وَمَا هُنَا بِمَعْنَى فَإِنَّك تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْك مَثَلًا وَهُوَ لَيْسَ بِمُبْطِلٍ، وَلَا أَثَرَ لِلْخِطَابِ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الثَّنَاءِ أَيْضًا، وَعَلَيْهِ فَيُفَارِقُ نَحْوَ الْفَتْحِ بِقَصْدِهِ حَيْثُ أُثِرَ بِأَنَّ إعَادَتَهُ بِلَفْظِهِ صَيَّرَتْهُ كَالْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ، وَالْأَصْلُ فِي مَحَلِّ الْقِرَاءَةِ عَدَمُ تَكْرِيرِهَا وَلَا كَذَلِكَ الثَّنَاءُ وَنَحْوُهُ، وَفَرَّقَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَيْنَ مَا هُنَا وَالْأَذَانِ أَيْضًا بِأَنَّ إجَابَةَ الْمُصَلِّي لِلْمُؤَذِّنِ مَكْرُوهَةٌ، بِخِلَافِ مُشَارَكَةِ الْمَأْمُومِ فِي الْقُنُوتِ بِإِتْيَانِهِ بِالثَّنَاءِ أَوْ مَا أُلْحِقَ بِهِ فَإِنَّهُ سُنَّةٌ فَحَسُنَ الْبُطْلَانُ بِالْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي هَذَا كُلُّهُ إنْ سَمِعَهُ (فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ) لِصَمَمِهِ أَوْ بُعْدِهِ عَنْهُ أَوْ عَدَمِ جَهْرِهِ بِهِ أَوْ سَمِعَ صَوْتًا لَا يَفْهَمُهُ (قَنَتَ) اسْتِحْبَابًا سِرًّا مُوَافَقَةً لَهُ كَمَا يُشَارِكُهُ فِي الدَّعَوَاتِ وَالْأَذْكَارِ السِّرِّيَّةِ. (وَيُشْرَعُ) ـــــــــــــــــــــــــــــSفِيهَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْقُنُوتِ الدُّعَاءُ وَتَأْمِينُ الْقَوْمِ عَلَيْهِ فَطُلِبَ الْجَهْرُ لِيَسْمَعُوا فَيُؤَمِّنُوا (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) أَيْ وَإِنْ أَدَّى ذَلِكَ إلَى عَدَمِ سَمَاعِ بَعْضِ الْمَأْمُومِينَ لِبُعْدِهِمْ أَوْ اشْتِغَالِهِمْ بِالْقُنُوتِ لِأَنْفُسِهِمْ وَرَفْعِ أَصْوَاتِهِمْ بِهِ، إمَّا لِعَدَمِ عِلْمِهِمْ بِاسْتِحْبَابِ الْإِنْصَاتِ أَوْ لِغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُعَارِضُهُ خَبَرُ رَغِمَ أَنْفُ إلَخْ) وَجْهُ الْمُعَارَضَةِ أَنَّ الْخَبَرَ يَدُلُّ عَلَى طَلَبِ الصَّلَاةِ مِنْ الْمَأْمُومِ عِنْدَ إتْيَانِ الْإِمَامِ بِهَا، وَالتَّأْمِينُ لَيْسَ صَلَاةً. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَلَاةً لَكِنَّهُ فِي مَعْنَاهَا، لِأَنَّ قَوْلَهُ آمِينَ عِنْدَ صَلَاةِ الْإِمَامِ عَلَيْهِ فِي قُوَّةِ أَنْ يَقُولَ: اسْتَجِبْ يَا رَبِّ صَلَاةَ الْإِمَامِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ طَلَبَ اسْتِجَابَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: رَغِمَ أَنْفُ) أَيْ لَصِقَ أَنْفُهُ بِالرَّغَامِ بِالْفَتْحِ وَهُوَ التُّرَابُ اهـ مُخْتَارٌ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ) يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا سِرًّا فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّهُ الْمَنْقُولُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسَخٍ بَعْدَ قَوْلِهِ وَالثَّانِي يُؤَمِّنُ فِيهِ أَيْضًا: وَإِذَا سَأَلَ الرَّحْمَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهَا) أَيْ النَّارِ (قَوْلُهُ: فِي إجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ وَعَدَمِهِ هُنَا) اعْتَمَدَ حَجّ هُنَا الْبُطْلَانَ (قَوْلُهُ بِقَصْدِهِ) أَيْ الْفَتْحِ بِأَنَّ إعَادَتَهُ بِلَفْظِهِ يُتَأَمَّلُ هَذَا فَإِنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ هُنَا مَا يَتَضَمَّنُ إعَادَةَ شَيْءٍ بِلَفْظِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ) قَالَ فِي الْعُبَابِ: سَمَاعًا مُحَقَّقًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: كَمَا يُشَارِكُهُ إلَخْ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الثَّنَاءِ) أَيْ مَعَ كَوْنِهِ مُتَعَلِّقًا بِالصَّلَاةِ وَإِلَّا، فَلَا قَائِلَ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ بِمَعْنَى الثَّنَاءِ لَا يَبْطُلُ وَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالصَّلَاةِ كَأَنْ أَجَابَ بِهِ ثَنَاءُ غَيْرِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ إعَادَتَهُ بِلَفْظِهِ صَيَّرَتْهُ كَالْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَاهُ، وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُ الضَّمِيرِ فِيهِ لِلْإِمَامِ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ مَنَاطَ الْبُطْلَانِ إعَادَةُ الْإِمَامِ فَإِذَا لَمْ يُعِدْهُ بِلَفْظِهِ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ وَلَا قَائِلَ بِهِ

أَيْ يُسْتَحَبُّ (الْقُنُوتُ) مَعَ مَا مَرَّ أَيْضًا (فِي سَائِرِ الْمَكْتُوبَاتِ) أَيْ بَاقِيهَا مِنْ الْخَمْسِ فِي اعْتِدَالِ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ (لِلنَّازِلَةِ) إذَا نَزَلَتْ بِأَنْ نَزَلَتْ بِالْمُسْلِمِينَ وَلَوْ وَاحِدًا عَلَى مَا بَحَثَهُ جَمْعٌ، لَكِنْ اشْتَرَطَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ تَعَدِّي نَفْعَهُ كَأَسْرِ الْعَالِمِ وَالشُّجَاعِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَذَلِكَ لِمَا صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَنَتَ شَهْرًا مُتَتَابِعًا فِي الْخَمْسِ فِي اعْتِدَالِ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ يَدْعُو عَلَى قَاتِلِ أَصْحَابِهِ بِبِئْرِ مَعُونَةَ وَيُؤَمِّنُ مَنْ خَلْفَهُ» وَالدُّعَاءُ كَانَ لِدَفْعِ تَمَرُّدِهِمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لَا بِالنَّظَرِ لِلْمَقْتُولَيْنِ لِانْقِضَاءِ أَمْرِهِمْ وَعَدَمِ إمْكَانِ تَدَارُكِهِمْ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ اسْتِحْبَابُ تَعَرُّضِهِ فِي هَذَا الْقُنُوتِ بِالدُّعَاءِ لِرَفْعِ تِلْكَ النَّازِلَةِ، وَسَوَاءٌ فِيهَا الْخَوْفُ مِنْ نَحْوِ عَدُوٍّ وَلَوْ مُسْلِمِينَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَالْقَحْطُ وَالْجَرَادُ وَنَحْوُهَا كَالْوَبَاءِ وَكَذَا الطَّاعُونُ كَمَا يَمِيلُ إلَيْهِ كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ أَخْذًا مِنْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعَا بِصَرْفِهِ عَنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ» ، وَبِهِ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبَعًا لِبَعْضِهِمْ، وَأَشَارَ لِرَدِّ قَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ الْمُتَّجَهُ عِنْدِي الْمَنْعُ لِوُقُوعِهِ فِي زَمَنِ عُمَرَ وَلَمْ يَقْنُتُوا لَهُ حَيْثُ قَالَ: لَا رَيْبَ أَنَّهُ مِنْ النَّوَازِلِ الْعِظَامِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَوْتِ غَالِبِ الْمُسْلِمِينَ وَتَعَطُّلِ كَثِيرٍ مِنْ مَعَايِشِهِمْ، وَشَهَادَةُ مَنْ مَاتَ بِهِ لَا تَمْنَعُ كَوْنَهُ نَازِلَةً، كَمَا أَنَّا نَقْنُتُ عِنْدَ نَازِلَةِ الْعَدُوِّ وَإِنْ حَصَلَتْ الشَّهَادَةُ لِمَنْ قُتِلَ مِنْهُ، وَعَدَمُ نَقْلِهِ عَنْ السَّلَفِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ الْوُقُوعِ وَعَلَى تَسْلِيمِهِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ تَرَكُوهُ إيثَارًا لِطَلَبِ الشَّهَادَةِ، ثُمَّ قَالَ: بَلْ يُسَنُّ لِمَنْ لَمْ يَنْزِلْ بِهِمْ الدُّعَاءُ لِمَنْ نَزَلَ بِهِمْ اهـ. وَيُسْتَحَبُّ مُرَاجَعَةُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَوْ نَائِبُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْجَوَامِعِ فَإِنْ أَمَرَ بِهِ وَجَبَ، وَيُسَنُّ الْجَهْرُ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَدْعُو بِمَا يُحِبُّ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِيمَا يَأْتِيَانِ بِهِ. (قَوْلُهُ: مَعَ مَا مَرَّ أَيْضًا) أَيْ مِنْ الذِّكْرِ الْمَطْلُوبِ فِي الِاعْتِدَالِ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَهُوَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ إلَخْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ مَتْنُ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ وَلَوْ وَاحِدًا) خَرَجَ بِهِ الِاثْنَانِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَقْنُتُ لَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا نَفْعٌ مُتَعَدٍّ (قَوْلُهُ عَلَى قَاتِلِي أَصْحَابِهِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ: كَانَ الْحَامِلُ لَهُ عَلَى الْقُنُوتِ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ دَفْعَ تَمَرُّدِ الْقَاتِلِينَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ الْآتِيَ وَالدُّعَاءُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِرَفْعِ تِلْكَ النَّازِلَةِ) أَيْ فَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى قُنُوتِ الصُّبْحِ فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَبَتَ عَنْهُ الدُّعَاءُ عَلَى قَاتِلِي أَصْحَابِهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ أَلْفَاظِ الْقُنُوتِ الْوَارِدَةِ، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قُنُوتِ الصُّبْحِ فِي النَّازِلَةِ اكْتَفَى بِهِ عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لِوُقُوعِهِ) أَيْ الطَّاعُونِ (قَوْلُهُ: فِي زَمَنِ عُمَرَ) ظَاهِرُهُ أَنَّ أَوَّلَ وُقُوعِهِ فِي زَمَنِهِ فَلْيُرَاجَعْ، وَهُوَ طَاعُونُ عَمَوَاسَ بِالْعَيْنِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَتَيْنِ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: عَمَوَاسُ بِالْفَتْحِ بَلْدَةٌ بِالشَّامِ بِقُرْبِ الْقُدْسِ وَكَانَتْ قَدِيمًا مَدِينَةً عَظِيمَةً وَطَاعُونُ عَمَوَاسَ كَانَ فِي أَيَّامِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - اهـ. وَلَعَلَّ نِسْبَةَ الطَّاعُونِ لَهَا لِابْتِدَاءِ ظُهُورِهِ فِيهَا (وَقَوْلُهُ وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ) أَيْ فِي أَنَّهُ (قَوْلُهُ: وَعَلَى تَسْلِيمِهِ فَيُحْتَمَلُ) أَيْ فَلَا يَرِدُ عَدَمُ إجَابَةِ مُعَاذٍ لَهُمْ فِي الدُّعَاءِ بِرَفْعِهِ حِينَ سَأَلُوهُ لِمَا ذُكِرَ عَلَى أَنَّ طَلَبَهُمْ مِنْهُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ، إذْ لَوْ كَانَ مُمْتَنِعًا لَمَا سَأَلُوهُ مَعَ أَنَّ فِيهِمْ جَمَاعَةً مِنْ أَكَابِرِهِمْ الْمَعْرُوفِينَ بِالْعِلْمِ الْمَشْهُورِينَ بِهِ، بَلْ عَدَمُ نَهْيِ مُعَاذٍ لَهُمْ عَنْ سُؤَالِهِمْ مَعَ مَا قِيلَ فِي حَقِّهِ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَنَّهُ أَعْلَمُ النَّاسِ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِهِ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَا يُقِرُّ عَلَى مُنْكَرٍ، فَلَوْ كَانَ مُمْتَنِعًا عِنْدَهُ لَبَيَّنَ لَهُمْ حُكْمَهُ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ مُرَاجَعَةُ الْإِمَامِ) أَيْ مِنْ الْأَئِمَّةِ لِلْمَسَاجِدِ، وَأَمَّا مَا يَطْرَأُ مِنْ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ صَلَاةِ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ فَلَا يُسْتَحَبُّ مُرَاجَعَتُهُ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ الْجَهْرُ بِهِ) وَلَعَلَّهُ إنَّمَا طَلَبَ الْجَهْرَ مِنْ الْمُنْفَرِدِ هُنَا، بِخِلَافِ قُنُوتِ الصُّبْحِ لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ لِرَفْعِ الْبَلَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَعِبَارَةُ الْإِمْدَادِ وَلَا نَظَرَ؛ لِأَنَّ الْمَلْفُوظَ بِهِ نَظْمُ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّ الْقَرِينَةَ صَرَفَتْهُ عَنْهُ وَصَيَّرَتْهُ كَاللَّفْظِ الْأَجْنَبِيِّ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَالدُّعَاءُ كَانَ لِدَفْعِ تَمَرُّدِهِمْ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: إنَّ قُنُوتَ النَّازِلَةِ إنَّمَا شُرِعَ لِدَفْعِ أَمْرٍ نَزَلَ بِالْمُسْلِمِينَ، فَلَا شَاهِدَ فِي الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ فِي أَمْرٍ انْقَضَى، وَعَمَّا يُقَالُ: إنَّ وَسِيلَتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَقْطُوعٌ بِقَبُولِهَا فَكَيْفَ دَعَا عَلَيْهِمْ هَذِهِ الْمُدَّةَ وَلَمْ يَسْتَجِبْ لَهُ

[السابع من أركان الصلاة السجود مرتين في كل ركعة]

مُطْلَقًا لِلْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ وَلَوْ سِرِّيَّةً كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (لَا مُطْلَقًا عَلَى الْمَشْهُورِ) لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يَقْنُتْ إلَّا عِنْدَ النَّازِلَةِ، وَالثَّانِي يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْقُنُوتِ وَتَرْكِهِ، وَخَرَجَ بِالْمَكْتُوبَةِ النَّفَلُ وَلَوْ عِيدًا أَوْ اسْتِسْقَاءً وَالْمَنْذُورَةِ فَلَا يُسَنُّ فِيهَا، وَيَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ كَرَاهَتَهُ مُطْلَقًا فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ لِبِنَائِهَا عَلَى التَّخْفِيفِ. (السَّابِعُ) مِنْ أَرْكَانِهَا (السُّجُودُ) مَرَّتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ، وَإِنَّمَا عُدَّا رُكْنًا وَاحِدًا لِكَوْنِهِمَا مُتَّحِدَيْنِ كَمَا عَدَّ بَعْضُهُمْ الطُّمَأْنِينَةَ فِي مَحَلِّهَا الْأَرْبَعَةِ رُكْنًا وَاحِدًا لِذَلِكَ، وَهُوَ فِي اللُّغَةِ التَّطَامُنُ وَالْمَيْلُ، وَقِيلَ التَّذَلُّلُ وَالْخُضُوعُ (وَ) أَمَّا فِي الشَّرْعِ فَ (أَقَلُّهُ مُبَاشَرَةُ بَعْضِ جَبْهَتِهِ مُصَلَّاهُ) أَيْ مَا يُصَلِّي عَلَيْهِ مِنْ أَرْضٍ أَوْ غَيْرِهَا بِكَشْفٍ إنْ أَمْكَنَ لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا سَجَدْت فَمَكِّنْ جَبْهَتَك وَلَا تَنْقُرْ نَقْرًا» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ. وَلِخَبَرِ خَبَّابُ بْنِ الْأَرَتِّ «شَكَوْنَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَرَّ الرَّمْضَاءِ فِي جِبَاهِنَا وَأَكُفِّنَا فَلَمْ يُشْكِنَا» أَيْ لَمْ يُزِلْ شَكْوَانَا وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ بِغَيْرِ جِبَاهِنَا وَأَكُفِّنَا، فَلَوْ لَمْ تَجِبْ مُبَاشَرَةُ الْمُصَلِّي بِالْجَبْهَةِ لَأَرْشَدَهُمْ إلَى سِتْرِهَا وَاعْتَبَرَ كَشْفَهَا دُونَ بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ لِسُهُولَتِهِ فِيهَا وَلِحُصُولِ مَقْصُودِ السُّجُودِ وَهُوَ غَايَةُ التَّوَاضُعِ وَالْخُضُوعِ لِمُبَاشَرَتِهِ أَشْرَفَ مَا فِي الْإِنْسَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْحَاصِلِ فَطَلَبُ الْجَهْرِ إظْهَارًا لِتِلْكَ الشِّدَّةِ (قَوْلُهُ: وَالْمَنْذُورَةُ فَلَا يُسَنُّ فِيهَا) قَالَ حَجّ: أَمَّا غَيْرُ الْمَكْتُوبَاتِ فَالْجِنَازَةُ يُكْرَهُ فِيهَا مُطْلَقًا، وَالْمَنْذُورَةُ وَالنَّافِلَةُ الَّتِي تُسَنُّ فِيهَا الْجَمَاعَةُ وَغَيْرُهَا لَا تُسَنُّ فِيهَا، ثُمَّ إنْ قَنَتَ فِيهَا لِلنَّازِلَةِ لَمْ يُكْرَهْ وَإِلَّا كُرِهَ اهـ. وَهُوَ مُسَاوٍ لِقَوْلِ الشَّارِحِ: فَلَا يُسَنُّ، إذْ نَفْيُ السُّنِّيَّةِ عِبَارَةٌ عَنْ نَفْيِ الطَّلَبِ لَا طَلَبِ الْعَدَمِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُسَنُّ فِيهَا) لَمْ يَقُلْ فِيهِمَا نَظَرًا لِلنَّفْلِ وَالْمَنْذُورَةِ بَلْ رَاعَى كَثْرَةَ الْأَفْرَادِ الَّتِي شَمَلَهَا النَّفَلُ. (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِمَا مُتَّحِدَيْنِ) فَإِنْ قُلْت: يُخَالِفُ هَذَا عَدُّهُمَا فِي شُرُوطِ الْقُدْوَةِ رُكْنَيْنِ فِي مَسْأَلَةِ الزَّحْمَةِ وَمَسْأَلَةِ التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ. قُلْت: لَا مُخَالَفَةَ لِأَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى مَا يَظْهَرُ بِهِ فُحْشُ الْمُخَالَفَةِ، وَهِيَ تَظْهَرُ بِنَحْوِ الْجُلُوسِ وَسَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ فَعُدَّا رُكْنَيْنِ ثَمَّ وَالْمَدَارُ هُنَا عَلَى الِاتِّحَادِ فِي الصُّورَةِ فَعُدَّا رُكْنًا وَاحِدًا ثُمَّ مَا ذُكِرَ تَوْجِيهٌ لِلرَّاجِحِ، وَإِلَّا فَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ قَوْلُ حَجّ، وَجَعَلَ الْمُصَنِّفُ السَّجْدَتَيْنِ رُكْنًا وَاحِدًا هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الْبَيَانِ وَالْمُوَافِقِ لِمَا يَأْتِي فِي مَبْحَثِ التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ أَنَّهُمَا رُكْنَانِ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الْبَسِيطِ اهـ (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ لِاتِّحَادِهِمَا (قَوْلُهُ: التَّضَامُنُ وَالْمَيْلُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَالرُّكُوعُ لُغَةً قَرِيبٌ مِنْهُ لِأَنَّهُمْ فَسَّرُوهُ كَمَا ذَكَرَهُ حَجّ بِالِانْحِنَاءِ فَيُشَارِكُ السُّجُودَ فِي حُصُولِ الْمَيْلِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ التَّذَلُّلُ وَالْخُضُوعُ) عَطْفُ الْخُضُوعِ عَلَى التَّذَلُّلِ عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ سَجَدَ سُجُودًا تَطَامَنَ وَكُلُّ شَيْءٍ ذَلَّ فَقَدْ سَجَدَ اهـ. وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ مَا حَكَاهُ الشَّارِحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ لَيْسَ مُرَادًا بَلْ هُمَا قَوْلٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ أَنَّ السُّجُودَ وَمَعْنَاهُ لُغَةً التَّطَامُنُ حِسِّيًّا كَانَ أَوْ مَعْنَوِيًّا، فَإِنَّ قَوْلَهُ وَكُلُّ شَيْءٍ ذَلَّ يُفْهَمُ أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي مَعْنَى مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: مُبَاشَرَةُ بَعْضِ جَبْهَتِهِ) وَيُتَصَوَّرُ السُّجُودُ عَلَى الْبَعْضِ بِأَنْ يَكُونَ السُّجُودُ عَلَى عُودٍ مَثَلًا، أَوْ يَكُونَ بَعْضُهَا مَسْتُورًا فَيَسْجُدَ عَلَيْهِ مَعَ الْمَكْشُوفِ مِنْهَا (قَوْلُهُ: بِكَشْفٍ إنْ أَمْكَنَ) أَيْ سَهُلَ بِحَيْثُ لَا يَنَالُهُ بِهِ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَا تُنْقَرُ نَقْرًا) عِبَارَةُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ: «إذَا سَجَدْت فَمَكِّنْ جَبْهَتَك مِنْ الْأَرْضِ وَلَا تَنْقُرْ نَقْرَ الْغُرَابِ» اهـ فَلَعَلَّهُمَا رِوَايَتَانِ. وَقَوْلُهُ نَقْرًا مَصْدَرٌ مُؤَكَّدٌ لِأَنَّ الْمَصَادِرَ ثَلَاثَةٌ: إمَّا مَصْدَرٌ مُؤَكَّدٌ لِفِعْلِهِ كَهَذَا، أَوْ مُبَيِّنٌ لِنَوْعِهِ كَضَرَبْتُهُ ضَرْبَ الْأَمِيرِ، أَوْ مُبَيِّنٌ لِعَدَدِهِ كَضَرَبْتُهُ ضَرْبَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا (قَوْلُهُ: حَرَّ الرَّمْضَاءِ) الرَّمَضُ بِفَتْحَتَيْنِ شِدَّةُ وَقْعِ الشَّمْسِ عَلَى الرَّمَلِ وَغَيْرِهِ، وَالْأَرْضُ رَمْضَاءُ بِوَزْنِ حَمْرَاءُ، وَقَدْ رَمِضَ يَوْمُنَا اشْتَدَّ حَرُّهُ وَبَابُهُ طَرِبَ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: أَيْ لَمْ يُزِلْ شَكَوَانَا) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [السَّابِعُ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاة السُّجُودُ مَرَّتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ] (قَوْلُهُ: مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا سَجَدْت فَمَكِّنْ جَبْهَتَك» ) هَذَا الدَّلِيلُ أَخَصُّ مِنْ الْمُدَّعِي كَمَا لَا يَخْفَى، فَالْمُنَاسِبُ ذِكْرُهُ بَعْدَ ذِكْرِ الطُّمَأْنِينَةِ الْآتِي

لِمَوَاطِئِ الْأَقْدَامِ وَالنِّعَالِ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ وَاكْتَفَى بِبَعْضِهَا وَإِنْ كَرِهَ لَصَدَقَ اسْمُ السُّجُودِ بِذَلِكَ وَخَرَجَ بِهَا نَحْوُ الْجَبِينِ وَهُوَ جَانِبُهَا وَالْخَدُّ وَالْأَنْفُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِي مَعْنَاهَا. أَمَّا إذَا اضْطَرَّ لِسِتْرِهَا بِأَنْ يَكُونَ بِهَا نَحْوُ جُرْحٍ بِهِ عِصَابَةٌ تَشُقُّ إزَالَتُهَا عَلَيْهِ مَشَقَّةً شَدِيدَةً وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا مَرَّ فِي الْعَجْزِ عَنْ الْقِيَامِ فَيَصِحُّ السُّجُودُ عَلَيْهَا وَلَا تَلْزَمُهُ إعَادَةٌ إلَّا إنْ كَانَ تَحْتَهَا نَجَسٌ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهُ، وَلَوْ سَجَدَ عَلَى شَعْرٍ نَبَتَ بِجَبْهَتِهِ أَوْ بَعْضِهَا جَازَ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ الْمَنْقُولُ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّ مَا نَبَتَ عَلَيْهَا بِمَنْزِلَةِ بَشَرَتِهِ. (فَإِنْ سَجَدَ عَلَى مُتَّصِلٍ بِهِ) كَطَرَفِ كُمِّهِ الطَّوِيلِ أَوْ عِمَامَتِهِ (جَازَ إنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ) لِأَنَّهُ كَالْمُنْفَصِلِ وَإِنَّمَا ضَرَّ مُلَاقَاتُهُ لِلنَّجَاسَةِ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ ثَمَّ أَنْ لَا يَكُونَ شَيْءٌ مِمَّا يُنْسَبُ إلَيْهِ مُلَاقِيًا لَهَا وَهَذَا مَنْسُوبٌ إلَيْهِ مُلَاقٍ لَهَا، وَالْمُعْتَبَرُ هُنَا وَضْعُ جَبْهَتِهِ عَلَى قَرَارٍ لِلْأَمْرِ بِتَمْكِينِهَا وَبِالْحَرَكَةِ يَخْرُجُ الْقَرَارُ، فَإِنْ تَحَرَّكَ بِحَرَكَتِهِ فِي قِيَامِهِ أَوْ قُعُودِهِ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهُ، فَلَوْ سَجَدَ عَلَيْهِ عَامِدًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا أَعَادَ السُّجُودَ وَخَرَجَ بِمُتَّصِلٍ بِهِ مَا لَوْ سَجَدَ عَلَى نَحْوِ سَرِيرٍ يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ، وَيَصِحُّ السُّجُودُ عَلَى نَحْوِ عُودٍ أَوْ مِنْدِيلٍ بِيَدِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ بِأَنَّ اتِّصَالَ الثِّيَابِ بِهِ نِسْبَتُهَا إلَيْهِ أَكْثَرُ لِاسْتِقْرَارِهَا وَطُولِ مُدَّتِهَا بِخِلَافِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَشْكَى وَالْهَمْزَةُ فِيهِ لِلسَّلْبِ. قَالَ فِي الْمُخْتَارِ وَأَشْكَاهُ أَيْضًا أَعْتَبَهُ مِنْ شَكْوَاهُ وَنَزَعَ عَنْ شِكَايَتِهِ وَأَزَالَهُ عَمَّا يَشْكُوهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كُرِهَ) أَيْ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْبَعْضِ (قَوْلُهُ وَهُوَ جَانِبُهَا) وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يَنْحَدِرُ عَنْ سَطْحِ الْجَبْهَةِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ حَجّ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا اُضْطُرَّ لِسِتْرِهَا) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ بِكَشْفٍ إنْ أَمْكَنَ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تُبَحْ التَّيَمُّمُ فِيمَا يَظْهَرُ) خِلَافًا لحج وَنَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لحج مَا يُوَافِقُ كَلَامَ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ كَانَ تَحْتَهَا نَجَسٌ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهُ) فَتَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ لَكِنَّهَا لَيْسَتْ لِمُجَرَّدِ السِّتْرِ بَلْ لِلنَّجَاسَةِ فَلَا حَاجَةَ لِلِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ: بِجَبْهَتِهِ أَوْ بَعْضِهَا) أَيْ وَإِنْ طَالَ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: جَازَ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَمْكَنَ السُّجُودُ عَلَى الْخَالِي مِنْهُ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ طَالَ أَوْ قَصُرَ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ) وَخَرَجَ بِهِ الشَّعْرُ النَّازِلُ مِنْ الرَّأْسِ فَلَا يَكْفِي السُّجُودُ عَلَيْهِ، وَمِثْلُهُ شَعْرُ اللِّحْيَةِ وَالْيَدَيْنِ تَحَرَّكَ بِحَرَكَتِهِ أَمْ لَا مَا عَدَا شَعْرَ الْجَبْهَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ سَجَدَ عَلَى مُتَّصِلٍ بِهِ) تَفْرِيعٌ يُعْلَمُ مِنْهُ تَقْيِيدُ الْمُصَلِّي بِكَوْنِهِ غَيْرَ مُتَّصِلٍ بِهِ أَوْ لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ. قَالَ سم: وَمِثْلُ هَذَا يَقَعُ لِلْأَمَةِ كَثِيرًا، وَهُوَ أَنَّهُمْ يَحْذِفُونَ الْقَيْدَ مِنْ الْكَلَامِ ثُمَّ يُفَرِّعُونَ عَلَيْهِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ تَقْيِيدَ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا ضَرَّ مُلَاقَاتُهُ) أَيْ مُلَاقَاةُ مَا لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ مِنْ الْمُتَّصِلِ بِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهُ) أَيْ وَكُلُّ مَا كَانَ كَذَلِكَ ضَرَّ، وَيَدْخُلُ فِيهِ السِّلْعَةُ النَّاتِئَةُ فِي الْبَدَنِ فَلَا يُجْزِئُ السُّجُودُ عَلَيْهَا، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَوْ نَبَتَتْ فِي الْجَبْهَةِ لَا يُعْتَدُّ بِالسُّجُودِ عَلَيْهَا، وَقِيَاسُ الِاكْتِفَاءِ بِالسُّجُودِ عَلَى الشَّعْرِ النَّابِتِ بِالْجَبْهَةِ وَإِنْ طَالَ الِاكْتِفَاءُ بِهِ هُنَا بِالْأُولَى كَمَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُمْ لِذَلِكَ بِتَبَعِيَّتِهِ لِلْجَبْهَةِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ الِاكْتِفَاءِ بِالسُّجُودِ عَلَيْهَا مَا لَمْ تُجَاوِزْ مَحَلَّهَا، فَإِنْ جَاوَزَتْهُ كَأَنْ وَصَلَتْ إلَى صَدْرِهِ مَثَلًا فَلَا يُجْزِئُ السُّجُودُ عَلَى مَا جَاوَزَ مِنْهَا الْجَبْهَةَ (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) لَا يَبْعُدُ أَنْ يَخْتَصَّ الْبُطْلَانُ بِمَا إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ إزَالَةِ مَا يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ مِنْ تَحْتِ جَبْهَتِهِ حَتَّى لَوْ أَزَالَهُ ثُمَّ رَفَعَ بَعْدَ الطُّمَأْنِينَةِ لَمْ تَبْطُلْ وَحَصَلَ السُّجُودُ فَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَقْصِدْ ابْتِدَاءً أَنَّهُ يَسْجُدُ عَلَيْهِ وَلَا يَرْفَعُهُ. فَإِنْ قَصَدَ ذَلِكَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِمُجَرَّدِ هَوِيِّهِ لِلسُّجُودِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ عَزَمَ أَنْ يَأْتِيَ بِثَلَاثِ خُطُوَاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ ثُمَّ شَرَعَ فِيهَا فَإِنَّهَا تَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ شُرُوعٌ فِي الْمُبْطِلِ، وَنَقَلَ بِالدَّرْسِ عَنْ الشَّيْخِ حَمْدَان مَا يُوَافِقُ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا أَعَادَ السُّجُودَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ بَعِيدَ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ وَنَشَأَ بَيْنَ أَظْهُرِ الْعُلَمَاءِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَخْفَى عَلَى الْعَامَّةِ فَيُعْذَرُ فِيهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يَخْفَى، حَتَّى لَوْ نُبِّهَ بَعْدَ الْقِيَامِ عَامِدًا فَأَرَادَ السُّجُودَ لَمْ يَجُزْ لِبُطْلَانِهَا بِمُجَرَّدِ قِيَامِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْدِيلٍ بِيَدِهِ) الظَّاهِرُ مِنْهُ أَنَّهُ يُمْسِكُهُ بِيَدِهِ فَيَخْرُجُ مَا لَوْ رَبَطَهُ بِهَا فَيَضُرُّ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ بِأَنَّ اتِّصَالَ الثِّيَابِ إلَخْ خِلَافُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَلَا يَضُرُّ سُجُودُهُ عَلَيْهِ رَبَطَهُ بِيَدِهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَطُولِ مُدَّتِهَا) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

هَذَا وَلَيْسَ مِثْلُهُ الْمِنْدِيلَ الَّذِي عَلَى عِمَامَتِهِ وَالْمُلْقَى عَلَى عَاتِقِهِ لِأَنَّهُ مَلْبُوسٌ لَهُ، بِخِلَافِ مَا فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ كَالْمُنْفَصِلِ، وَلَوْ سَجَدَ عَلَى شَيْءٍ فَالْتَصَقَ بِجَبْهَتِهِ وَارْتَفَعَ مَعَهُ وَسَجَدَ عَلَيْهِ ثَانِيًا ضَرَّ، وَإِنْ نَحَّاهُ ثُمَّ سَجَدَ لَمْ يَضُرَّ، وَلَوْ صَلَّى قَاعِدًا وَسَجَدَ عَلَى مُتَّصِلٍ بِهِ لَا يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ إلَّا إذَا صَلَّى قَائِمًا لَمْ يُجْزِهِ السُّجُودُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (وَلَا يَجِبُ) (وَضْعُ يَدَيْهِ) أَيْ بَطْنِهِمَا، (وَرُكْبَتَيْهِ وَقَدَمَيْهِ) فِي سُجُودِهِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [الفتح: 29] وَلِلْخَبَرِ الْمُتَقَدِّمِ «إذَا سَجَدْت فَمَكِّنْ جَبْهَتَك» فَإِفْرَادُهَا بِالذِّكْرِ دَلِيلٌ عَلَى مُخَالَفَتِهَا، وَلِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ وَضْعُهَا لَوَجَبَ الْإِيمَاءُ بِهَا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ وَضْعِهَا وَالْإِيمَاءُ بِهَا غَيْرُ وَاجِبٍ فَلَمْ يَجِبْ وَضْعُهَا، وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ وَضْعُ أَشْرَفِ الْأَعْضَاءِ عَلَى مَوَاطِئِ الْأَقْدَامِ وَهُوَ خِصِّيصٌ بِالْجَبْهَةِ، وَيُتَصَوَّرُ رَفْعُ جَمِيعِهَا كَأَنْ يُصَلِّي عَلَى حَجَرَيْنِ بَيْنَهُمَا حَائِطٌ قَصِيرٌ يَنْبَطِحُ عَلَيْهِ عِنْدَ سُجُودِهِ وَيَرْفَعُهَا (قُلْت: الْأَظْهَرُ وُجُوبُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَإِنْ كَانَتْ مَسْتُورَةً لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ عَلَى الْجَبْهَةِ وَالْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ» وَلِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَجَدَ وَاسْتَقْبَلَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ الْقِبْلَةَ» وَمَنْ لَازِمِ ذَلِكَ اعْتِمَادُهُ عَلَى بُطُونِهَا، وَمُرَادُهُ بِالْيَدَيْنِ بَطْنُ الْكَفِّ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي الْجُمْلَةِ فَلَا يُشْكِلُ بِمَا لَوْ سَجَدَ عَلَى طَرْفِ رِدَاءٍ عَلَى كَتِفَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِثْلُهُ) أَيْ فِي صِحَّةِ السُّجُودِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَالْتَصَقَ بِجَبْهَتِهِ) وَمِنْهُ التُّرَابُ حَيْثُ مَنَعَ مُبَاشَرَةَ جَمِيعِ الْجَبْهَةِ مَحَلَّ السُّجُودِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَحَّاهُ ثُمَّ سَجَدَ لَمْ يَضُرَّ) فَلَوْ رَآهُ مُلْتَصِقًا بِجَبْهَتِهِ وَلَمْ يَدْرِ فِي أَيِّ السَّجَدَاتِ الْتَصَقَ، فَعَنْ الْقَاضِي أَنَّهُ إنْ رَآهُ بَعْدَ السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ وَجَوَّزَ أَنَّ الْتِصَاقَهُ فِيمَا قَبْلَهَا أَخَذَ بِالْأَسْوَإِ، فَإِنْ جُوِّزَ أَنَّهُ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى قَدْرٌ أَنَّهُ فِيهَا لِيَكُونَ الْحَاصِلُ لَهُ رَكْعَةً إلَّا سَجْدَةً أَوْ فِيمَا قَبْلَهَا قَدْرُهُ فِيهِ لِيَكُونَ الْحَاصِلُ لَهُ رَكْعَةً بِغَيْرِ سُجُودٍ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِ الصَّلَاةِ، فَإِنْ احْتَمَلَ طُرُوُّهُ بَعْدَهُ فَالْأَصْلُ مُضِيُّهَا عَلَى الصِّحَّةِ وَإِلَّا فَإِنْ قَرُبَ الْفَصْلُ بَنَى وَأَخَذَ بِالْأَسْوَإِ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِلَّا اسْتَأْنَفَ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ وَإِنْ احْتَمَلَ أَنَّهُ الْتَصَقَ فِي السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ لَمْ يَعُدْ شَيْئًا (قَوْلُهُ وَلَوْ صَلَّى قَاعِدًا) فَرْضًا أَوْ نَفْلًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يُجْزِهِ السُّجُودُ عَلَيْهِ) خِلَافًا لحج وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي فَتَاوِيهِ. (قَوْلُهُ: وَرُكْبَتَيْهِ) قَالَ حَجّ: تَنْبِيهٌ: لَمْ أَرَ لِأَحَدٍ مِنْ أَئِمَّتِنَا تَحْدِيدَ الرُّكْبَةِ، وَعَرَّفَهَا فِي الْقَامُوسِ بِأَنَّهَا مِفْصَلُ مَا بَيْنَ أَسَافِلِ أَطْرَافِ الْفَخِذِ وَأَعَالِي السَّاقِ اهـ. وَصَرِيحٌ مَا يَأْتِي فِي الثَّامِنِ وَمَا بَعْدَهُ أَنَّهَا مِنْ أَوَّلِ الْمُنْحَدِرِ عَنْ آخِرِ الْفَخِذِ إلَى أَوَّلِ أَعْلَى السَّاقِ، وَعَلَيْهِ فَكَأَنَّهُمْ اعْتَمَدُوا فِي ذَلِكَ الْعُرْفَ لِبُعْدِ تَقْيِيدِ الْأَحْكَامِ بِحَدِّهَا اللُّغَوِيِّ لِقِلَّتِهِ جِدًّا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَرَادُوا بِالْمِفْصَلِ مَا قَرَّرْنَاهُ وَهُوَ قَرِيبٌ، ثُمَّ رَأَيْت الصِّحَاحَ قَالَ: وَالرُّكْبَةُ مَعْرُوفَةٌ فَبَيَّنَ أَنَّ الْمَدَارَ فِيهَا عَلَى الْعُرْفِ وَالْكَلَامُ فِي الشَّرْعِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَامُوسَ إنْ لَمْ تُحْمَلْ عِبَارَتُهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ اعْتَمَدَ فِي حَدِّهِ لَهَا بِذَلِكَ عَلَيْهِ، وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ لَهُ الْخُرُوجُ عَنْ اللُّغَةِ إلَى غَيْرِهَا كَمَا يَأْتِي أَوَّلَ التَّعْزِيرِ اهـ (قَوْلُهُ وَهُوَ خِصِّيصٌ) أَيْ مَخْصُوصٌ (قَوْلُهُ: وَيُتَصَوَّرُ) أَيْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْجَبْهَةِ وَالْيَدَيْنِ) فِي الْمَحَلِّيِّ إسْقَاطُ عَلَى مِنْ قَوْلِهِ عَلَى الْجَبْهَةِ إلَخْ، وَلَعَلَّ فِي الْحَدِيثِ رِوَايَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَالرُّكْبَتَيْنِ) أَيْ فَلَوْ مَنَعَ مِنْ السُّجُودِ عَلَيْهِمَا مَانِعٌ كَأَنْ جُمِعَتْ ثِيَابُهُ تَحْتَ رُكْبَتَيْهِ فَمَنَعَتْ مِنْ وُصُولِ الرُّكْبَةِ لِمَحَلِّ السُّجُودِ وَصَارَ الِاعْتِمَادُ عَلَى أَعْلَى السَّاقِ لَمْ يَكْفِ (قَوْلُهُ: بَطْنُ الْكَفِّ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا) وَانْظُرْ لَوْ خُلِقَ كَفُّهُ مَقْلُوبًا هَلْ يَجِبُ وَضْعُ ظَهْرِ الْكَفِّ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الظَّهْرَ فِي حَقِّهِ بِمَنْزِلَةِ الْبَطْنِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، وَبَقِيَ مَا لَوْ عَرَضَ لَهُ الِانْقِلَابُ هَلْ يَجِبُ وَضْعُ الْبَطْنِ وَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ وَلَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: لَا يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ إلَّا إذَا صَلَّى قَائِمًا) ظَاهِرُهُ إنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ الْقِيَامِ فَلْيُرَاجَعْ

وَالرَّاحَةُ وَبُطُونُ الْأَصَابِعِ دُونَ ظَهْرِهِ وَحَرْفِهِ وَرُءُوسِهَا. وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ ضَبْطُ الْبَاطِنِ بِمَا يَنْقُضُ مِنْهُ الذِّكْرُ، وَاكْتَفَى بِبَعْضِ كُلٍّ وَإِنْ كُرِهَ قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ لِمَا سَبَقَ فِي الْجَبْهَةِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ وُجُوبِ وَضْعِ الْأَنْفِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي، وَالْمُرَادُ بِالْقَدَمَيْنِ بُطُونُ أَصَابِعِهِمَا، فَلَوْ تَعَذَّرَ وَضْعُ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ سَقَطَ الْفَرْضُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ، فَلَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ مِنْ الزَّنْدِ لَمْ يَجِبْ وَضْعُهُ وَلَا وَضْعُ رِجْلٍ قُطِعَتْ أَصَابِعُهَا لِفَوَاتِ مَحَلِّ الْفَرْضِ، وَلَوْ خُلِقَ لَهُ رَأْسَانِ وَأَرْبَعُ أَيْدٍ وَأَرْبَعُ أَرْجُلٍ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ وَضْعُ بَعْضِ كُلٍّ مِنْ الْجَبْهَتَيْنِ وَمَا بَعْدَهُمَا مُطْلَقًا، أَوْ يَفْصِلُ بَيْنَ كَوْنِ الْبَعْضِ زَائِدًا أَوْ لَا؟ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهُ إنْ عَرَفَ الزَّائِدَ فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ، وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الزَّائِدَ بِأَنْ عَلِمَ أَصَالَتَهَا كَفَى فِي الْخُرُوجِ عَنْ عُهْدَةِ الْوُجُوبِ سَبْعَةُ أَعْضَاءٍ مِنْهَا: أَيْ إحْدَى الْجَبْهَتَيْنِ وَيَدَيْنِ وَرُكْبَتَيْنِ وَأَصَابِعِ رِجْلَيْنِ لِلْحَدِيثِ. (وَيَجِبُ أَنْ يَطْمَئِنَّ) لِخَبَرِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ: أَيْ بِجَمِيعِ الْأَعْضَاءِ الَّتِي يَجِبُ وَضْعُهَا فِيهِ قِيَاسًا عَلَى الْجَبْهَةِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَضَعَهَا حَالَةَ وَضْعِ الْجَبْهَةِ حَتَّى لَوْ وَضَعَهَا ثُمَّ رَفَعَهَا ثُمَّ وَضَعَ الْجَبْهَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِمُعِينٍ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا. قَالَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ: وَانْظُرْ لَوْ خُلِقَ بِلَا كَفٍّ وَبِلَا أَصَابِعَ هَلْ يُقَدِّرُ لَهُمَا مِقْدَارَهُمَا وَيَجِبُ وَضْعُ ذَلِكَ أَوْ لَا؟ أَقُولُ: قِيَاسُ النَّظَائِرِ تَقْدِيرُ مَا ذُكِرَ كَمَا لَوْ خُلِقَتْ يَدُهُ بِلَا مِرْفَقٍ وَذَكَرَهُ بِلَا حَشَفَةٍ مِنْ أَنَّهُ يُقَدِّرُ لَهُمَا مِنْ مُعْتَدِلِهِمَا عَادَةً (قَوْلُهُ: دُونَ ظَهْرِهِ) أَيْ الْكَفِّ، وَالْأَوْلَى ظَهْرُهَا لِأَنَّ الْكَفَّ مُؤَنَّثَةٌ فِي الْأَكْثَرِ (قَوْلُهُ: وَاكْتَفَى بِبَعْضِ كُلٍّ) فَائِدَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ (قَوْلُهُ: قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِبَعْضِ الْجَبْهَةِ (قَوْلُهُ: لِمَا سَبَقَ فِي الْجَبْهَةِ) مِنْ قَوْلِهِ لَصَدَقَ اسْمُ السُّجُودِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ مِنْ الزَّنْدِ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: الزَّنْدُ مَوْصِلُ طَرَفِ الذِّرَاعِ فِي الْكَفِّ، وَهُمَا زَنْدَانِ الْكُوعُ وَالْكُرْسُوعُ. ثُمَّ قَالَ: وَالْجَمْعُ زِنَادٌ بِالْكَسْرِ وَأَزْنُدُ وَأَزْنَادٌ اهـ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ) وَهَلْ يُسْتَحَبُّ كَمَا يُسْتَحَبُّ غُسْلُ مَا فَوْقَ مَا يَجِبُ غُسْلُهُ فِي الضَّوْءِ إذَا قُطِعَ مِنْ فَوْقِهِ أَوْ لَا؟ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ ذَاكَ يُسْتَحَبُّ غُسْلُهُ لَوْ كَانَ الْعُضْوُ سَلِيمًا فَبَقِيَ الِاسْتِحْبَابُ بِحَالِهِ بَعْدَ الْقَطْعِ، وَلَا يُسْتَحَبُّ وَضْعُ مَا فَوْقَ الْكَفَّيْنِ هُنَا وَمَوْضِعُ الْفَرْضِ قَدْ فَاتَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ حَتَّى لَا يَخْلُوَ عَنْ وَضْعِ الْيَدِ، كَمَا قِيلَ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ لَا شَعْرَ بِرَأْسِهِ إمْرَارُ الْمُوسَى تَشْبِيهًا بِالْحَالِقِ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ صَرَّحَ بِمَا ذُكِرَ حَيْثُ قَالَ: وَهَلْ يُسَنُّ فِيهِ نَظَرٌ؟ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُسَنَّ (قَوْلُهُ: فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى سَنَنِ الْأَصْلِيِّ. وَقِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ النَّقْضِ بِمَسِّ الزَّائِدِ إذَا كَانَ عَلَى سَنَنِ الْأَصْلِيِّ أَنْ يُعَامَلَ هُنَا مُعَامَلَةَ الْأَصْلِيِّ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ النَّقْضَ ثَمَّ بِالزَّائِدِ الْمُسَامِتِ لِكَوْنِهِ مَظِنَّةَ الشَّهْوَةِ فَاحْتِيطَ فِيهِ، وَالْمَطْلُوبُ هُنَا وَضْعُ جُزْءٍ مِنْ الْأَعْضَاءِ الْمَذْكُورَةِ، وَالزَّائِدُ لَا يُسَمَّى بِوَاحِدٍ مِنْهَا فَلَمْ يَكْتَفِ بِوَضْعِهِ وَلَا يُعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ (قَوْلُهُ: بِأَنْ عَلِمَ) فَإِنْ اشْتَبَهَ الْأَصْلِيُّ بِالزَّائِدِ فَالْقِيَاسُ وُجُوبُ وَضْعِ جُزْءٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهَا، وَيُشْتَرَطُ اجْتِمَاعُهَا فِي آنٍ وَاحِدٍ لِيَتَحَقَّقَ اجْتِمَاعُ الْأَعْضَاءِ الْأَصْلِيَّةِ. ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ صَرَّحَ بِذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: وَإِنْ اشْتَبَهَ الزَّائِدُ بِالْأَصْلِيِّ وَجَبَ السُّجُودُ عَلَى الْجَمِيعِ بِأَنْ يَسْجُدَ عَلَى بَعْضِ كُلٍّ مِنْ الْجَمِيعِ إذْ لَا يَتَحَقَّقُ الْخُرُوجُ عَنْ الْعُهْدَةِ إلَّا بِذَلِكَ م ر اهـ (قَوْلُهُ: وَيَدَيْنِ) أَيْ مِنْ الْجِهَتَيْنِ، وَلَا يَكْفِي وَضْعُهُمَا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّهَا كَيَدٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ لَا تَكْفِي. (قَوْلُهُ: حَالَةَ وَضْعِ الْجَبْهَةِ) أَيْ بِأَنْ تَصِيرَ السَّبْعَةُ مُجْتَمِعَةً فِي الْوَضْعِ فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. ثُمَّ لَوْ رُفِعَ بَعْضُهَا بَعْدَ صَيْرُورَتِهَا كَذَلِكَ قَبْلَ رَفْعِ الْبَعْضِ الْآخَرِ لَا يَضُرُّ. وَفِي فَتَاوَى الرَّمْلِيِّ الْكَبِيرِ مَا نَصُّهُ: سُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ مُصَلٍّ حَصَلَ أَصْلُ السُّجُودِ ثُمَّ طَوَّلَهُ تَطْوِيلًا كَثِيرًا مَعَ رَفْعِ بَعْضِ أَعْضَاءِ السُّجُودِ كَيَدٍ أَوْ رِجْلٍ مُتَعَمِّدًا هَلْ تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ لِكَوْنِهِ تَعَمَّدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَالرَّاحَةُ وَبُطُونُ الْأَصَابِعِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ؛ لِأَنَّ هَذَيْنِ هُمَا مُسَمَّى بَطْنِ الْكَفِّ (قَوْلُهُ: قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ: الْجَبْهَةِ، وَقَوْلُهُ لِمَا سَبَقَ: أَيْ فِيهَا مِنْ صِدْقِ الِاسْمِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِأَنْ عَلِمَ أَصَالَتَهَا) سَكَتَ عَمَّا لَوْ اشْتَبَهَ الزَّائِدُ بِالْأَصْلِيِّ

أَوْ عَكَسَ لَمْ يَكْفِ لِأَنَّهَا أَعْضَاءٌ تَابِعَةٌ لِلْجَبْهَةِ، أَمَّا خَبَرُ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «إنَّ الْيَدَيْنِ تَسْجُدَانِ كَمَا تَسْجُدُ الْجَبْهَةُ، فَإِذَا سَجَدْتُمْ فَضَعُوهُمَا وَإِذَا رَفَعْتُمْ فَارْفَعُوهُمَا» فَبَيَانٌ لِلْأَفْضَلِ (وَيَنَالُ مَسْجِدُهُ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا مَحَلُّ سُجُودِهِ (ثِقَلُ رَأْسِهِ) لِلْخَبَرِ الْمَارِّ وَثِقَلُ فَاعِلٌ، وَمَعْنَى الثِّقَلِ أَنْ يَكُونَ يَتَحَامَلُ بِحَيْثُ لَوْ فَرَضَ أَنَّهُ سَجَدَ عَلَى قُطْنٍ أَوْ نَحْوِهِ لَانْدَكَّ لِمَا مَرَّ مِنْ الْأَمْرِ بِتَمْكِينِ الْجَبْهَةِ وَلَا يَكْتَفِي بِإِرْخَاءِ رَأْسِهِ خِلَافًا لِلْإِمَامِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَوْ كَانَ لَوْ أُعِينَ لَأَمْكَنَهُ وَضْعُ الْجَبْهَةِ عَلَى الْأَرْضِ وَنَحْوِهَا، هَلْ يَجِيءُ مَا سَبَقَ فِي إعَانَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ؟ لَمْ أَرَ لَهُ ذِكْرًا وَالظَّاهِرُ مَجِيئُهُ انْتَهَى. وَمَحَلُّ وُجُوبِ التَّحَامُلِ فِي الْجَبْهَةِ فَقَطْ فَلَا يَجِبُ بِغَيْرِهَا مِنْ بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا وَاعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِلشَّيْخِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ تَبَعًا لِابْنِ الْعِمَادِ (وَأَنْ لَا يَهْوِيَ لِغَيْرِهِ) أَيْ السُّجُودِ بِأَنْ يَهْوِيَ بِقَصْدِهِ أَوْ لَا بِقَصْدِ شَيْءٍ (فَلَوْ سَقَطَ لِوَجْهِهِ) أَيْ عَلَيْهِ مِنْ اعْتِدَالِهِ (وَجَبَ الْعَوْدُ إلَى الِاعْتِدَالِ) لِيَهْوِيَ مِنْهُ لِانْتِفَاءِ الْهَوِيِّ فِي السُّقُوطِ، فَإِنْ سَقَطَ مِنْ هَوِيِّهِ لَمْ يُكَلَّفْ الْعَوْدَ بَلْ يُحْسَبُ لَهُ ذَلِكَ سُجُودًا ـــــــــــــــــــــــــــــSفِعْلَ شَيْءٍ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ غَيْرُ مَحْسُوبٍ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ طَوَّلَهُ عَامِدًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا تَبْطُلُ اهـ. وَفِيهِ وَقْفَةٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ لِأَنَّ هَذَا اسْتِصْحَابٌ لِمَا طُلِبَ فِعْلُهُ (قَوْلُهُ فَإِذَا سَجَدْتُمْ فَضَعُوهُمَا) لَا يَظْهَرُ إيرَادُ هَذَا الْحَدِيثِ مُعَارِضًا لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ اعْتِبَارِ وَضْعِهِمَا حَالَةَ وَضْعِ الْجَبْهَةِ، بَلْ الظَّاهِرُ إيرَادُهُ فِي اسْتِحْبَابِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عَنْ الْأَرْضِ حَالَةَ جُلُوسِهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ. وَقَدْ يُقَالُ: أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْأَفْضَلَ الْمُبَادَرَةُ بِوَضْعِ بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ عِنْدَ وَضْعِ الْجَبْهَةِ، فَلَوْ تَرَاخَى وَضْعُ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ عَنْ بَعْضٍ اكْتَفَى بِهِ حَيْثُ اجْتَمَعَتْ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَاطْمَأَنَّ بِهَا مُجْتَمِعَةً (قَوْلُهُ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ) أَيْ قَوْلُهُ إذَا سَجَدْت فَمَكِّنْ، وَقَوْلُهُ فَاعِلٌ: أَيْ قَوْلُهُ ثِقَلٌ فَاعِلٌ، وَفِي نُسْخَةٍ وَثِقَلٌ فَاعِلٌ (قَوْلُهُ: عَلَى قُطْنٍ أَوْ نَحْوِهِ لَانْدَكَّ) وَالْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنْ يَنْدَكَّ مِنْ الْقُطْنِ مَا يَلِي جَبْهَتَهُ عُرْفًا، وَإِلَّا فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ مَثَلًا عِدْلٌ مِنْ الْقُطْنِ لَا يُمْكِنُ انْكِبَاسُ جَمِيعِهِ بِمُجَرَّدِ وَضْعِ الرَّأْسِ وَإِنْ تَحَامَلَ عَلَيْهِ فَتَنَبَّهْ لَهُ (قَوْلُهُ: هَلْ يَجِيءُ مَا سَبَقَ) أَيْ مِنْ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ مَجِيئُهُ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَفِي مَجِيئِهِ مَا مَرَّ فِي الرُّكُوعِ مِنْ أَنَّ مُقْتَضَاهُ وُجُوبُ الِاسْتِعَانَةِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا حَيْثُ أَمْكَنَ وَأَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِيَامِ عَلَى مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ) أَيْ حَيْثُ قَالَ بِوُجُوبِ التَّحَامُلِ فِي الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا بِقَصْدِ شَيْءٍ) أَيْ أَوْ بِقَصْدِهِمَا مَعًا، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ بَعْدَ قَوْلِهِ بِقَصْدِهِ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ سَقَطَ لِوَجْهِهِ) أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: مِنْ اعْتِدَالِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْهَوِيَّ وَهُوَ فِي الِاعْتِدَالِ فَسَقَطَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَوْدُ لِلِاعْتِدَالِ، وَلَكِنْ قَالَ ع: قَوْلُ الشَّارِحِ وَلَوْ هَوَى لِيَسْجُدَ إلَخْ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ قَصَدَ الْهَوِيَّ، ثُمَّ عَرَضَ لَهُ السُّقُوطُ قَبْلَ فِعْلِ الْهَوِيِّ. كَذَا رَأَيْته فِي ابْنِ شُهْبَةَ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ مُوَافِقٌ لِلنَّظَرِ لِأَنَّ قَوْلَهُ مِنْ اعْتِدَالِهِ صَادِقٌ بِمَا لَوْ تَقَدَّمَ عَلَى السُّقُوطِ إرَادَةُ السُّجُودِ، وَهُوَ وَاضِحٌ لِأَنَّ الْهَوِيَّ لَمْ يَحْصُلْ بِفِعْلِهِ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الْهَوِيِّ) أَشَارَ بِهِ إلَى دَفْعِ مَا قَدْ يُقَالُ إنَّهُ إذَا سَقَطَ مِنْ الِاعْتِدَالِ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِفِعْلِهِ غَيْرَ السُّجُودِ، وَعَلَيْهِ فَمُقْتَضَى مَا قَدَّمَهُ الصِّحَّةُ لَا عَدَمُهَا. وَحَاصِلُ الدَّفْعِ أَنَّ عِلَّةَ الْبُطْلَانِ انْتِفَاءُ الْفِعْلِ مِنْهُ وَهُوَ لَا بُدَّ مِنْهُ مَعَ عَدَمِ قَصْدِ الْغَيْرِ، وَعِبَارَةُ حَجّ جَوَابًا عَنْ هَذَا الْإِيرَادِ. قُلْت: يُوَجَّهُ بِأَنَّ الْهَوِيَّ لِلْغَيْرِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْمَتْنِ أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَعَنْ الزِّيَادِيِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وَضْعِ الْجَمِيعِ، لَكِنَّهُ جَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ مَا إذَا عُلِمَتْ أَصَالَةُ الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: فَبَيَانٌ لِلْأَفْضَلِ) سَقَطَ قَبْلَهُ كَلَامٌ مِنْ النُّسَخِ، فَإِنَّهُ جَوَابٌ عَنْ حُكْمٍ جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْعِمَادِ فِي التَّعَقُّبَاتِ الَّتِي مَا مَرَّ فِي الشَّرْحِ عِبَارَتُهَا، وَإِلَّا أَنَّهُ أَسْقَطَ مِنْهَا الَّذِي هَذَا مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ، وَلَفْظُهُ بَعْدَ مَا مَرَّ فِي الشَّرْحِ: وَإِذَا رَفَعَ الْجَبْهَةَ مِنْ السَّجْدَةِ الْأُولَى وَجَبَ عَلَيْهِ رَفْعُ الْكَفَّيْنِ أَيْضًا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَإِنَّ الْيَدَيْنِ تَسْجُدَانِ» الْحَدِيثَ الَّذِي أَجَابَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِأَنَّهُ بَيَانٌ

نَعَمْ إنْ سَقَطَ عَلَى جَبْهَتِهِ وَقَصَدَ الِاعْتِمَادَ عَلَيْهَا أَوْ لِجَنْبِهِ فَانْقَلَبَ بِنِيَّةِ الِاسْتِقَامَةِ فَقَطْ لَمْ يُجْزِهِ السُّجُودُ فِيهِمَا فَيُعِيدُهُ بَعْدَ الْجُلُوسِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَا يَقُومُ، فَإِنْ قَامَ عَالِمًا عَامِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، فَإِنْ انْقَلَبَ بِنِيَّةِ السُّجُودِ أَوْ لَا بِنِيَّةِ شَيْءٍ أَوْ بِنِيَّتِهِ وَنِيَّةِ الِاسْتِقَامَةِ أَجْزَأَهُ عَلَى الصَّحِيحِ حَتَّى فِي الْأَخِيرَةِ خِلَافًا لِابْنِ الْعِمَادِ، وَإِنْ نَوَى صَرْفَهُ عَنْ السُّجُودِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ أَيْضًا لِزِيَادَتِهِ فَضْلًا فِيهَا عَامِدًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، وَإِنَّمَا لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاةُ مَنْ قَصَدَ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ الِافْتِتَاحَ وَالْهَوِيَّ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ وَلِكَوْنِ الْأَصْلِ عَدَمُ دُخُولِهِ فِيهَا ثَمَّ، وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ فِيهَا هُنَا فَلَا يُخْرِجُهُ عَنْهَا عَدَمُ قَصْدِهِ رُكْنَهَا وَلَا تَشْرِيكُهُ مَعَ غَيْرِهِ. (وَأَنْ تَرْتَفِعَ أَسَافِلُهُ) أَيْ عَجِيزَتُهُ وَمَا حَوْلَهَا (عَلَى أَعَالِيهِ) مِنْ رَأْسِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا صَحَّ «عَنْ الْبَرَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْعَلُ» ، فَلَوْ انْعَكَسَ أَوْ تَسَاوَيَا لَمْ يُجْزِهِ، نَعَمْ لَوْ كَانَ فِي سَفِينَةٍ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ارْتِفَاعِ ذَلِكَ لِمَيْلِهَا صَلَّى عَلَى حَسَبِ حَالِهِ وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ لِنُدْرَتِهِ، وَالثَّانِي وَنُقِلَ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ يَجُوزُ مُسَاوَاتُهُمَا لِحُصُولِ اسْمِ السُّجُودِ، فَلَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِهِ صَادِقٌ بِمَسْأَلَةِ السُّقُوطِ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهَا أَنَّهُ وَقَعَ هَوِيُّهُ لِلْغَيْرِ وَهُوَ الْإِلْجَاءُ (قَوْلُهُ: أَوْ لِجَنْبِهِ) اُنْظُرْ قَوْلَهُمْ لَوْ سَقَطَ لِجَنْبِهِ هَلْ الْجَنْبُ مِثَالٌ؟ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِثَالٌ، فَلَوْ سَقَطَ عَلَى ظَهْرِهِ وَقَفَاهُ جَرَى فِيهِ التَّفَاصِيلُ الْمَذْكُورَةُ فِي مَسْأَلَةِ السُّقُوطِ عَلَى الْجَنْبِ، وَيُغْتَفَرُ عَدَمُ الِاسْتِقْبَالِ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ لِلضَّرُورَةِ مَعَ قِصَرِ الزَّمَنِ فَلْيُرَاجَعْ وَلِيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ لَمْ يُجْزِهِ السُّجُودُ فِيهِمَا) عَلَّلَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِقَوْلِهِ لِوُجُودِ الصَّارِفِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْجُلُوسِ فِي الثَّانِيَةِ) قَالَ حَجّ: وَبَعْدَ أَدْنَى رُفِعَ فِي الْأُولَى (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَوَى صَرْفَهُ) أَيْ الِانْقِلَابِ (قَوْلُهُ: لِزِيَادَتِهِ فِعْلًا) نَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجِ هَذَا التَّعْلِيلِ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ مَعَ تَعْلِيلِ أَنَّ نِيَّتَهُ الِاسْتِقَامَةُ فَقَطْ لَا يُجْزِيهِ مَعَهَا السُّجُودُ وَهُوَ قَوْلُهُ لِوُجُودِ الصَّارِفِ ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ تُسْتَشْكَلُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى، لِأَنَّهُ إذَا كَانَ فِي نِيَّةِ الِاسْتِقَامَةِ صَرْفٌ عَنْ السُّجُودِ فَقَدْ زَادَ فِعْلًا لَا يُزَادُ مِثْلُهُ فِي الصَّلَاةِ فَقَطْ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ لِلِاسْتِقَامَةِ فَيُعْذَرُ فِي قَصْدِهَا وَبِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَى السُّجُودِ فَاغْتُفِرَ قَصْدُهَا، بِخِلَافِ قَصْدِ الصَّرْفِ عَنْ السُّجُودِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. وَقَدْ يُشِيرُ إلَى الْجَوَابِ الْأَوَّلِ قَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاةُ مَنْ قَصَدَ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ الِافْتِتَاحَ إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يَضُرَّ هُنَا تَشْرِيكُهُ بَيْنَ الِاسْتِقَامَةِ وَالسُّجُودِ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ تَرْتَفِعَ أَسَافِلُهُ) أَيْ يَقِينًا، فَلَوْ شَكَّ فِي ارْتِفَاعِهَا وَعَدَمِهِ لَمْ يَكْفِ حَتَّى لَوْ كَانَ بَعْدَ الرَّفْعِ مِنْ السُّجُودِ وَجَبَتْ إعَادَتُهُ أَخْذًا مِمَّا قَدَّمَهُ أَنَّ الشَّكَّ فِي جَمِيعِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ مُؤَثِّرٌ إلَّا بَعْضَ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ وَالتَّشَهُّدُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: أَيْ عَجِيزَتُهُ) فِي التَّعْبِيرِ بِهَا تَغْلِيبٌ. فَفِي الْمُخْتَارِ الْعَجُزُ بِضَمِّ الْجِيمِ مُؤَخَّرُ الشَّيْءِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ: أَيْ بِاعْتِبَارِ عَوْدِ الضَّمِيرِ فَيُقَالُ عَجُزُهُ كَبِيرٌ أَوْ كَبِيرَةٌ، وَلَا يُقَالُ عَجُزَتُهُ، وَهُوَ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ جَمِيعًا وَجَمْعُهُ أَعْجَازٌ، وَالْعَجِيزَةُ لِلْمَرْأَةِ خَاصَّةً (قَوْلُهُ: مِنْ رَأْسِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ارْتِفَاعُ الْأَسَافِلِ عَلَى الْيَدَيْنِ، لَكِنْ فِي حَجّ تَنْبِيهٌ: الْيَدَانِ مِنْ الْأَعَالِي كَمَا عُلِمَ مِنْ حَدِّ الْأَسَافِلِ، وَحِينَئِذٍ فَيَجِبُ رَفْعُهَا عَلَى الْيَدَيْنِ أَيْضًا اهـ. قَالَ سم عَلَيْهِ: لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِمَا الْكَفَّانِ، وَنَقَلَ هُوَ عَنْهُ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمَنْهَجِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَعَالِي الرَّأْسُ وَالْمَنْكِبَانِ اهـ. وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ قَوْلُهُ عَلَى أَعَالِيهِ وَمِنْهَا الْيَدَانِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَسَاوَيَا لَمْ يُجْزِهِ) أَيْ فِي الِانْعِكَاسِ قَطْعًا وَفِي الْمُسَاوَاةِ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: لِمَيْلِهَا) أَيْ أَوْ غَيْرِهِ كَزَحْمَةٍ (قَوْلُهُ: صَلَّى عَلَى حَسَبِ حَالِهِ) يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ أَوْ لَمْ يَضِقْ، وَلَكِنْ لَمْ يُرْجَ التَّمَكُّنُ مِنْ السُّجُودِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُجْزِي قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ كَمَا لَوْ فَقَدَ الْمَاءَ وَالتُّرَابَ، فَإِنْ رَجَا ذَلِكَ وَجَبَ التَّأْخِيرُ إلَى التَّمَكُّنِ أَوْ ضِيقِ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: لِنُدْرَتِهِ) وَبِهِ فَارَقَ مَا لَوْ تَعَذَّرَ وَضْعُ جَبْهَتِهِ أَوْ كَشْفُهَا لِنَحْوِ جِرَاحَةٍ لِأَنَّ الْجِرَاحَةَ يَكْثُرُ وُقُوعُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْأَفْضَلِ (قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ الِاسْتِقَامَةِ فَقَطْ) أَيْ وَلَمْ يَقْصِدْ صَرْفَهُ عَنْ السُّجُودِ وَإِلَّا بَطَلَتْ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ حَجّ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْجُلُوسِ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ وَبَعْدَ أَدْنَى رَفْعٍ فِي الْأُولَى

ارْتَفَعَتْ الْأَعَالِي لَمْ يَجُزْ جَزْمًا كَمَا لَوْ أُكِبَّ عَلَى وَجْهِهِ وَمَدَّ رِجْلَيْهِ. نَعَمْ لَوْ كَانَ بِهِ عِلَّةٌ لَا يُمْكِنُهُ السُّجُودُ مَعَهَا إلَّا كَذَلِكَ أَجْزَأَهُ وَلَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ إلَّا بِوَضْعِ نَحْوِ وِسَادَةٍ وَجَبَ، أَنْ حَصَلَ مِنْهُ التَّنْكِيسُ وَإِلَّا سُنَّ، وَلَا يَجِبُ لِعَدَمِ حُصُولِ مَقْصُودِ السُّجُودِ حِينَئِذٍ خِلَافًا لِمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ مِنْ الْوُجُوبِ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا وَجَبَ الِاعْتِمَادُ الْمُتَوَقِّفُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ لِأَنَّهُ يَأْتِي مَعَهُ بِهَيْئَةِ الْقِيَامِ. بِخِلَافِ هُنَا فَلَا يَأْتِي بِهَيْئَةِ السُّجُودِ فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ. (وَأَكْمَلُهُ) أَيْ السُّجُودِ (يُكَبِّرُ) الْمُصَلِّي (لِهَوِيِّهِ) لِثُبُوتِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ (بِلَا رَفْعٍ) لِيَدَيْهِ لِوُرُودِ عَدَمِهِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَيَضَعُ رُكْبَتَيْهِ) وَقَدَمَيْهِ (ثُمَّ يَدَيْهِ) أَيْ كَفَّيْهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (ثُمَّ) يَضَعُ (جَبْهَتَهُ وَأَنْفَهُ) مَكْشُوفًا لِلِاتِّبَاعِ أَيْضًا أَبُو دَاوُد، وَيُكْرَهُ مُخَالَفَةُ التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ وَعَدَمُ وَضْعِ الْأَنْفِ وَيَضَعُ الْجَبْهَةَ وَالْأَنْفَ مَعًا كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرِهِ، لَكِنْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّهُمَا كَعُضْوٍ وَاحِدٍ يُقَدِّمُ أَيَّهمَا شَاءَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ وَضْعُ الْأَنْفِ كَالْجَبْهَةِ مَعَ أَنَّ خَبَرَ «أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ» ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ الْمُقْتَصِرَةِ عَلَى الْجَبْهَةِ. قَالُوا: وَتُحْمَلُ أَخْبَارُ الْأَنْفِ عَلَى النَّدْبِ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ ضَعْفٌ لِأَنَّ رِوَايَاتِ الْأَنْفِ زِيَادَةُ ثِقَةٍ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا انْتَهَى. وَيُجَابُ عَنْهُ بِمَنْعِ عَدَمِ الْمُنَافَاةِ إذَا لَوْ وَجَبَ وَضْعُهُ لَكَانَتْ الْأَعْظُمُ ثَمَانِيَةً فَيُنَافِي تَفْصِيلُ الْعَدَدِ مُجْمَلَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ سَبْعَةُ أَعْظُمٍ (وَيَقُولُ) بَعْدَ ذَلِكَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ: (سُبْحَانَ رَبَّى الْأَعْلَى ثَلَاثًا) لِلِاتِّبَاعِ (وَلَا يَزِيدُ الْإِمَامُ) عَلَى ذَلِكَ تَخْفِيفًا عَلَى الْمُقْتَدِينَ (وَيَزِيدُ الْمُنْفَرِدُ) وَإِمَامُ مَنْ مَرَّ «اللَّهُمَّ لَك سَجَدْت، وَبِك آمَنْت، وَلَك أَسْلَمْت، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ» لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، زَادَ فِي الرَّوْضَةِ قَبْلَ تَبَارَكَ: بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ، قَالَ فِيهَا: وَيُسْتَحَبُّ فِيهِ سُبُّوحٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَانَ بِهِ عِلَّةٌ) اسْتِدْرَاكٌ يُفِيدُ تَقْيِيدَ الْمَتْنِ بِالْقَادِرِ (قَوْلُهُ: إلَّا كَذَلِكَ أَجْزَأَهُ) أَيْ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ شَفَى بَعْدَ ذَلِكَ وَيَنْبَغِي أَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْعِصَابَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِوَضْعِ نَحْوِ وِسَادَةٍ) الْوِسَادُ وَالْوِسَادَةُ بِكَسْرِ الْوَاوِ فِيهِمَا الْمِخَدَّةُ وَالْجَمْعُ وَسَائِدُ وَوَسَّدَ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: إنْ حَصَلَ مِنْهُ التَّنْكِيسُ) قَالَ حَجّ: وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلُهُمْ لَوْ عَجَزَ إلَّا أَنْ يَسْجُدَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ أَوْ صُدْغِهِ وَكَانَ بِهِ أَقْرَبَ إلَى الْأَرْضِ، وَجَبَ لِأَنَّهُ مَيْسُورُهُ اهـ لِأَنَّهُ هُنَا قَدَرَ عَلَى زِيَادَةِ الْقُرْبِ، وَثُمَّ الْمَقْدُورُ عَلَيْهِ وَضْعُ الْوِسَادَةِ لَا الْقُرْبُ فَلَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا مَعَ حُصُولِ التَّنْكِيسِ لِوُجُودِ حَقِيقَةِ السُّجُودِ حِينَئِذٍ اهـ. [فَرْعٌ] لَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ التَّنْكِيسُ وَوَضْعُ الْأَعْضَاءِ فَهَلْ يُرَاعَى الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُرَاعَى التَّنْكِيسُ لِلِاتِّفَاقِ عَلَيْهِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ، بِخِلَافِ وَضْعِ الْأَعْضَاءِ فَإِنَّ فِيهِ خِلَافًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا سُنَّ) هَذَا كَالصَّرِيحِ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ إذَا تَمَكَّنَ مِنْهُ بَعْدُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ مَا عَجَزَ عَنْهُ مِنْ الْأَرْكَانِ يَأْتِي فِيهِ بِمَا يُمْكِنُهُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَلَوْ قَصُرَ زَمَنُهُ لِأَنَّ الْمَرَضَ مِنْ الْأَعْذَارِ الْعَامَّةِ (قَوْلُهُ مِنْ الْوُجُوبِ مُطْلَقًا) أَيْ حَصَلَ تَنْكِيسٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا وَجَبَ) وَارِدٌ عَلَى قَوْلِهِ وَإِلَّا سُنَّ وَلَا يَجِبُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَقَدَمَيْهِ) أَيْ أَطْرَافَهُمَا (قَوْلُهُ: ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ) أَيْ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ أَشَارَ عِنْدَ ذِكْرِ الْجَبْهَةِ إلَى أَنْفِهِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَوَضْعُهُ الْقَدَمَ إلَخْ نَصُّهَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ عَلَى الْجَبْهَةِ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى أَنْفِهِ» اهـ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ مِثْلُهُ فَاسْتِفَادَةُ وُجُوبِ وَضْعِ الْأَنْفِ بِوَاسِطَةِ إشَارَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَيْهِ لَا مِنْ اللَّفْظِ الْمُجَرَّدِ (قَوْلُهُ: سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى) زَادَ حَجّ وَبِحَمْدِهِ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ فِيهِ سُبُّوحٌ) أَيْ أَنْتَ مُنَزَّهٌ عَنْ سَائِرِ النَّقَائِصِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ خَبَرَ «أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ» ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ) أَيْ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ الْمَذْكُورِ فِيهَا الْأَنْفُ بِدَلِيلِ

قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَكَذَا «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ دِقَّهُ وَجُلَّهُ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ وَعَلَانِيَتَهُ وَسِرَّهُ، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِرِضَاك مِنْ سَخَطِك وَبِعَفْوِك مِنْ عُقُوبَتِك وَأَعُوذُ بِك مِنْك لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسِك» . وَيَأْتِي الْمَأْمُومُ بِمَا يُمْكِنُهُ مِنْ غَيْرِ تَخَلُّفٍ، وَخَصَّ الْوَجْهَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ أَكْرَمُ جَوَارِحِ الْإِنْسَانِ وَفِيهِ بَهَاؤُهُ وَتَعْظِيمُهُ، فَإِذَا خَضَعَ وَجْهُهُ لِشَيْءٍ خَضَعَ لَهُ سَائِرُ جَوَارِحِهِ، وَلَوْ قَالَ سَجَدْت لِلَّهِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، وَيُكْثِرُ كُلٌّ مِنْ الْمُنْفَرِدِ وَإِمَامِ مَنْ مَرَّ الدُّعَاءَ فِيهِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا فِيهِ الدُّعَاءَ» وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا ذُكِرَ، وَيُسَنُّ لِلْمَأْمُومِ إذَا أَطَالَ إمَامُهُ سُجُودَهُ، وَتَخْصِيصُ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ الدُّعَاءَ بِالسُّجُودِ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ فِي الرُّكُوعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ فِي السُّجُودِ آكَدُ (وَيَضَعُ يَدَيْهِ) فِي سُجُودِهِ (حَذْوَ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ (مَنْكِبَيْهِ) أَيْ مُقَابِلَهُمَا لِلِاتِّبَاعِ فِي ذَلِكَ (وَيَنْشُرُ أَصَابِعَهُ مَضْمُومَةً) وَمَكْشُوفَةً (لِلْقِبْلَةِ) لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ فِي النَّشْرِ الْبُخَارِيُّ، وَانْضَمَّ ابْنُ حِبَّانَ، وَكَوْنُهُمَا إلَى الْقِبْلَةِ الْبَيْهَقِيُّ، وَيُسَنُّ رَفْعُ ذِرَاعَيْهِ عَنْ الْأَرْضِ مُعْتَمِدًا عَلَى رَاحَتَيْهِ لِلْأَمْرِ بِهِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ، وَيُكْرَهُ بَسْطُهُمَا لِلنَّهْيِ عَنْهُ. نَعَمْ لَوْ طَالَ سُجُودُهُ وَشَقَّ عَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ عَلَى كَفَّيْهِ وَضَعَ سَاعِدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ لِحَدِيثٍ فِيهِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَيُفَرِّقُ) الذَّكَرُ (رُكْبَتَيْهِ) وَيَكُونُ بَيْنَ قَدَمَيْهِ قَدْرُ شِبْرٍ (وَيَرْفَعُ بَطْنَهُ عَنْ فَخِذَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ) لِلِاتِّبَاعِ إلَّا فِي رَفْعِ الْبَطْنِ عَنْ الْفَخِذَيْنِ، وَإِلَّا فِي تَفْرِيقِ رُكْبَتَيْهِ فِي الرُّكُوعِ فَبِالْقِيَاسِ، وَقَوْلُهُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ عَائِدٌ لِلْجَمِيعِ (وَتَضُمُّ الْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى) وَلَوْ غَيْرَ بَالِغَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSأَبْلَغَ تَنْزِيهٍ وَمُتَطَهِّرٌ مِنْهَا أَبْلَغَ تَطْهِيرٍ، وَلَعَلَّهُ يَأْتِي بِهِ قَبْلَ الدُّعَاءِ لِأَنَّهُ أَنْسَبُ بِالتَّسْبِيحِ بَلْ هُوَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ) وَالْمُرَادُ بِهِ: أَيْ الرُّوحِ جِبْرِيلُ، وَقِيلَ مَلَكٌ لَهُ أَلْفُ رَأْسٍ لِكُلِّ رَأْسٍ مِائَةُ أَلْفِ وَجْهٍ فِي كُلِّ وَجْهٍ مِائَةُ أَلْفِ فَمٍ فِي كُلِّ فَمٍ مِائَةُ أَلْفِ لِسَانٍ تُسَبِّحُ اللَّهَ تَعَالَى بِلُغَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ. وَقِيلَ خَلْقٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ وَلَا تَرَاهُمْ، فَهُمْ لِلْمَلَائِكَةِ كَالْمَلَائِكَةِ لِبَنِي آدَمَ اهـ دَمِيرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَكَذَا اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي) وَيَقُولُ بَعْدَ قَوْلِهِ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (قَوْلُهُ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ) كَالتَّأْكِيدِ لِمَا قَبْلَهُ وَإِلَّا فَقَوْلُهُ كُلُّهُ يَشْمَلُ جَمِيعَ الْأَجْزَاءِ (قَوْلُهُ: وَأَعُوذُ بِك مِنْك) مَعْنَاهُ أَسْتَعِينُ بِك عَلَى رَفْعِ غَضَبِك (قَوْلُهُ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسِك) تَقَدَّمَ عَنْ حَجّ فِي أَذْكَارِ الرُّكُوعِ أَنَّهُ يَزِيدُ فِيهِ كَالسُّجُودِ: سُبْحَانَك اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِك اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ قَبْلَ قَوْلِهِ اللَّهُمَّ لَك سَجَدْت (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَخَلُّفٍ) أَيْ بِقَدْرِ رُكْنٍ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَتَعْظِيمُهُ) تَفْسِيرِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ سَجَدْت لِلَّهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الدُّعَاءَ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا قَصَدَ بِهِ الدُّعَاءَ فَلْيُرَاجَعْ. وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ بِالدَّرْسِ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ سَجَدَ الْفَانِي لِلْبَاقِي. أَقُولُ: وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ إخْبَارٌ مَحْضٌ، وَلَيْسَ الْفَانِي مَخْصُوصًا بِالْوَجْهِ حَتَّى يَكُونَ لَفْظُهُ مُسَاوِيًا لِلْوَارِدِ وَهُوَ سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ إلَخْ كَمَا قِيلَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ سَاجِدٌ) عِبَارَةُ حَجّ: إذَا كَانَ سَاجِدًا فَلَعَلَّهُمَا رِوَايَتَانِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الْمُنْفَرِدِ وَإِمَامِ مَنْ مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ لِلْمَأْمُومِ) أَيْ الدُّعَاءُ (قَوْلُهُ: حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ) عَبَّرَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي النِّهَايَةِ عَنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ بِقَوْلِهِ: وَيَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى مَوْضِعِهِمَا فِي رَفْعِهِمَا (قَوْلُهُ: قَدْرَ شِبْرٍ) أَيْ فَيُقَاسُ بِهِ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الرُّكْبَتَيْنِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَالْمُرَادُ بِالشِّبْرِ الشِّبْرُ الْوَسَطُ الْمُعْتَدِلُ (قَوْلُهُ: فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ) قَالَ فِي الْعُبَابِ وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ وَكَذَا تَطْبِيقُ كَفِّهِ وَجَعْلُهُمَا بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ أَوْ فَخِذَيْهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ فِي الْكَلَامِ عَلَى الرُّكُوعِ (قَوْلُهُ: فِي الرُّكُوعِ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا فِي رَفْعِ الْبَطْنِ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فِي تَفْرِيقٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَوْ غَيْرَ بَالِغَيْنِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: بَيْنَ قَدَمَيْهِ قَدْرُ شِبْرٍ) إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْقَدَمَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا مَوْرِدُ النَّصِّ وَغَيْرُهُ قَاسَ عَلَيْهِمَا الرُّكْبَتَيْنِ

[الثامن من أركان الصلاة الجلوس بين السجدتين]

فَيَضُمُّ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَى بَعْضٍ وَلَوْ فِي خَلْوَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ لِمَا فِي تَفْرِيقِهِمَا بَعْضَهُ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالرِّجَالِ، وَيَظْهَرُ أَنَّ الْأَفْضَلَ لِلْعُرَاةِ الضَّمُّ وَعَدَمُ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَإِنْ كَانَ خَالِيًا، وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ فِيمَا تَقَدَّمَ فِي الْقِيَامِ وُجُوبُ الضَّمِّ عَلَى سَلَسِ نَحْوِ الْبَوْلِ إذَا اسْتَمْسَكَ حَدَثُهُ بِالضَّمِّ وَإِنْ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ تَرْكِهِ. (الثَّامِنُ) مِنْ أَرْكَانِهَا (الْجُلُوسُ بَيْنَ سَجْدَتَيْهِ مُطْمَئِنًّا) وَلَوْ فِي نَفْلٍ نَظِيرَ مَا مَرَّ (وَيَجِبُ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِرَفْعِهِ غَيْرَهُ) أَيْ الْجُلُوسِ لِمَا مَرَّ فِي الرُّكُوعِ، فَلَوْ رَفَعَ فَزَعًا مِنْ شَيْءٍ لَمْ يَكْفِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ عَوْدُهُ إلَى سُجُودِهِ (وَأَنْ لَا يُطَوِّلَهُ وَلَا الِاعْتِدَالُ) لِكَوْنِهِمَا رُكْنَيْنِ قَصِيرَيْنِ غَيْرَ مَقْصُودَيْنِ لِذَاتِهِمَا بَلْ لِلْفَصْلِ، وَسَيَأْتِي حُكْمُ تَطْوِيلِهِمَا فِي سُجُودِ السَّهْوِ (وَأَكْمَلُهُ يُكَبِّرُ) مِنْ غَيْرِ رَفْعِ يَدٍ مَعَ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ سُجُودِهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَيَجْلِسُ مُفْتَرِشًا) فِيهِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ لِأَنَّهُ جُلُوسٌ يَعْقُبُهُ حَرَكَةٌ فَكَانَ الِافْتِرَاشُ فِيهِ أَوْلَى. وَرُوِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَجْلِسُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَيَكُونُ صُدُورُ قَدَمَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ، وَهَذَا نَوْعٌ مِنْ الْإِقْعَاءِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ هُنَا وَالِافْتِرَاشُ أَكْمَلُ مِنْهُ (وَاضِعًا يَدَيْهِ) أَيْ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ (قَرِيبًا مِنْ رُكْبَتَيْهِ) بِحَيْثُ تَسَامَتْ رُءُوسهمَا الرُّكْبَةَ لِلِاتِّبَاعِ، وَلَا يَضُرُّ: أَيْ فِي أَصْلِ السُّنَّةِ فِيمَا يَظْهَرُ انْعِطَافُ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ، وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ مَنْعُ يَدَيْهِ مِنْ الْعَبَثِ، وَأَنَّ هَذِهِ الْهَيْئَةَ أَقْرَبُ إلَى التَّوَاضُعِ، وَعُلِمَ مِنْ ذِكْرِ الْوَاوِ أَنَّ كُلًّا سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ (وَيَنْشُرُ أَصَابِعَهُ مَضْمُومَةً لِلْقِبْلَةِ) كَمَا فِي السُّجُودِ أَخْذًا مِنْ الرَّوْضَةِ (قَائِلًا: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَأَجْبُرنِي وَارْفَعْنِي وَارْزُقْنِي وَاهْدِنِي وَعَافَنِي) لِلِاتِّبَاعِ رَوَى بَعْضَهُ أَبُو دَاوُد وَبَاقِيهِ ابْنُ مَاجَهْ. وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: يُسْتَحَبُّ لِلْمُنْفَرِدِ: أَيْ وَإِمَامِ مَنْ مَرَّ أَنْ يَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ رَبِّ هَبْ لِي قَلْبًا تَقِيًّا نَقِيًّا مِنْ الشِّرْكِ بَرِّيًّا لَا كَافِرًا وَلَا شَقِيًّا وَارْفَعْنِي وَارْحَمْنِي مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الْمُحَرَّرِ، وَأَسْقَطَ مِنْ الرَّوْضَةِ ذِكْرَ ارْحَمْنِي وَزَادَ فِي الْإِحْيَاءِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَعَافَنِي وَاعْفُ عَنِّي وَفِي تَحْرِيرِ الْجُرْجَانِيُّ يَقُولُ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمُ إنَّك أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ (ثُمَّ يَسْجُدُ) السَّجْدَةَ (الثَّانِيَةَ كَالْأُولَى) فِي أَقَلِّهَا وَأَكْمَلِهَا، وَإِنَّمَا شُرِعَ تَكْرَارُ السُّجُودِ دُونَ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي التَّوَاضُعِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَخَذَهُمَا غَايَةً لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْمَرْأَةِ الْبُلُوغُ (قَوْلُهُ لِمَا فِي تَفْرِيقِهِمَا) فِي نُسْخَةِ تَخْوِيتِهِمَا وَهِيَ التَّفْرِيقُ فَهُمَا مُتَسَاوِيَتَانِ (قَوْلُهُ: مِنْ التَّشَبُّهِ بِالرِّجَالِ) جَمْعُ رَجُلٍ وَهُوَ كَمَا فِي الْقَامُوسِ بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونُهُ مَعْرُوفٌ، وَإِنَّمَا هُوَ إذَا احْتَلَمَ وَشَبَّ أَوْ هُوَ رَجُلٌ سَاعَةَ مَوْلِدِهِ اهـ أَيْ مِنْ سَاعَةِ مَوْلِدِهِ وَيَسْتَمِرُّ ذَلِكَ الِاسْمُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ أَفْضَلُ) يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الِاسْتِمْسَاكُ يَقِلُّ مَعَ الضَّمِّ، وَمَا تَقَدَّمَ فِي الْقِيَامِ عَلَى مَا إذَا انْقَطَعَ بِالْكُلِّيَّةِ. (قَوْلُهُ: نَظِيرِ مَا مَرَّ) أَيْ فِي الِاعْتِدَالِ مِنْ كَوْنِهِ رُكْنًا وَلَوْ فِي النَّافِلَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ: أَيْ فَكَذَا هُنَا (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ فِي الرُّكُوعِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَا يَقْصِدُ بِهِ غَيْرَهُ: أَيْ يَجِبُ أَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ) قَالَ حَجّ هُنَا: فَإِنَّ طُولَ أَحَدِهِمَا فَوْقَ ذَكَرِهِ الْمَشْرُوعِ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ فِي الِاعْتِدَالِ وَأَقَلُّ التَّشَهُّدِ فِي الْجُلُوسِ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ: صُدُورُ قَدَمَيْهِ) الْمُرَادُ بِصُدُورِهِمَا أَطْرَافُ الْأَصَابِعِ كَمَا تَقَدَّمَ التَّعْبِيرُ بِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُكْرَهُ الْإِقْعَاءُ مِنْ قَوْلِهِ وَقَدْ يُسَنُّ الْإِقْعَاءُ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِأَنْ يَضَعَ أَطْرَافَ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ وَأَلْيَيْهِ عَلَى عَقِبَيْهِ اهـ (قَوْلُهُ: وَاضِعًا يَدَيْهِ) أَيْ نَدْبًا فَلَا يَضُرُّ إدَامَةُ وَضْعِهِمَا عَلَى الْأَرْضِ إلَى السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ اتِّفَاقًا خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ اهـ حَجّ: أَيْ فَقَالَ إنَّ إدَامَتَهُمَا عَلَى الْأَرْضِ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ ذِكْرِ الْوَاوِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَيَنْشُرُ وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَفِي تَحْرِيرِ الْجُرْجَانِيِّ يَقُولُ رَبِّ اغْفِرْ) أَيْ زِيَادَةً عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ تَقْدِيمِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الثَّامِنُ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاة الْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ] قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ ذِكْرِ الْوَاوِ) يَعْنِي: فِي قَوْلِهِ، وَيَنْشُرُ الْآتِي وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَنْهُ

وَأَنَّهُ لَمَّا تَرَقَّى فَقَامَ ثُمَّ رَكَعَ ثُمَّ سَجَدَ وَأَتَى بِنِهَايَةِ الْخِدْمَةِ أَذِنَ لَهُ فِي الْجُلُوسِ فَسَجَدَ ثَانِيًا شُكْرًا لِلَّهِ عَلَى اسْتِخْلَاصِهِ إيَّاهُ وَلِأَنَّ الشَّارِعَ لَمَّا أَمَرَ بِالدُّعَاءِ فِيهِ وَأَخْبَرَ بِأَنَّهُ حَقِيقٌ بِالْإِجَابَةِ سَجَدَ ثَانِيًا شُكْرًا لِلَّهِ عَلَى إجَابَتِنَا لِمَا طَلَبْنَاهُ، كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ فِيمَنْ سَأَلَ مَلِكًا شَيْئًا فَأَجَابَهُ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا عُرِجَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى السَّمَاءِ فَمَنْ كَانَ مِنْ الْمَلَائِكَةِ قَائِمًا سَلَّمَ عَلَيْهِ كَذَلِكَ ثُمَّ سَجَدُوا شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى رُؤْيَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَمَنْ كَانَ رَاكِعًا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ سَلَّمُوا عَلَيْهِ ثُمَّ سَجَدُوا شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى رُؤْيَتِهِ، فَلَمْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ لِلْمَلَائِكَةِ حَالٌ إلَّا وَجَعَلَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ حَالًا هُوَ مِثْلُ حَالِهِمْ، وَلِأَنَّ فِيهِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ خُلِقَ مِنْ الْأَرْضِ وَسَيَعُودُ إلَيْهَا (وَالْمَشْهُورُ سَنُّ) (جِلْسَةٍ خَفِيفَةٍ) لِلِاسْتِرَاحَةِ (بَعْدَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ يَقُومُ عَنْهَا) بَعْدَ سُجُودٍ لِغَيْرِ تِلَاوَةٍ وَقَبْلَ قِيَامٍ بِقَدْرِ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ فِي عَشَرَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَأَمَّا خَبَرُ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ اسْتَوَى قَائِمًا» فَغَرِيبٌ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ. وَالثَّانِي لَا تُسَنُّ لِخَبَرِ وَائِلِ بْنِ حَجَرٍ الْآتِي، وَلَا يَضُرُّ تَخَلُّفُ الْمَأْمُومِ لِأَجْلِهَا وَإِنْ كُرِهَ لِأَنَّهُ يَسِيرٌ، بَلْ إتْيَانُهُ بِهَا حِينَئِذٍ سُنَّةٌ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ النَّقِيبِ وَغَيْرُهُ، وَبِهِ فَارَقَ مَا لَوْ تَخَلَّفَ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ. نَعَمْ لَوْ كَانَ بَطِيءَ النَّهْضَةِ وَالْإِمَامُ سَرِيعُهَا وَسَرِيعَ الْقِرَاءَةِ بِحَيْثُ يَفُوتُهُ بَعْضُ الْفَاتِحَةِ لَوْ تَأَخَّرَ لَهَا حَرُمَ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ، وَلَا تُسَنُّ لِلْقَاعِدِ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ يَقُومُ عَنْهَا وَيَظْهَرُ سَنُّهَا فِي مَحَلِّ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ عِنْدَ تَرْكِهِ، وَفِي غَيْرِ الْعَاشِرَةِ لِمَنْ صَلَّى عَشْرَ رَكَعَاتٍ مَثَلًا بِتَشَهُّدٍ، وَيُكْرَهُ تَطْوِيلُهَا عَلَى الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ كَمَا فِي التَّتِمَّةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى قَوْلِ رَبِّ هَبْ لِي قَلْبًا إلَخْ وَبَيْنَ تَأْخِيرِهِ عَنْهُ: أَيْ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُؤَخَّرٌ عَنْ قَوْلِهِ وَاعْفُ عَنِّي (قَوْلُهُ: شُكْرًا لِلَّهِ عَلَى اسْتِخْلَاصِهِ) أَيْ إخْرَاجِهِ مِنْ الْخِدْمَةِ الَّتِي طَلَبَهَا مِنْهُ بِأَنْ أَعَانَهُ عَلَى وَفَائِهَا وَالْفَرَاغِ مِنْهَا. (قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ سَنُّ جِلْسَةٍ) لَمْ يُبَيِّنْ كحج مَاذَا يَفْعَلُهُ فِي يَدَيْهِ حَالَةَ الْإِتْيَانِ بِهَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَضَعَهُمَا قَرِيبًا مِنْ رُكْبَتَيْهِ وَيَنْشُرَ أَصَابِعَهُ مَضْمُومَةً لِلْقِبْلَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بِقَدْرِ الْجُلُوسِ) ضَبْطٌ لِلْجِلْسَةِ الْخَفِيفَةِ، وَالْمُرَادُ أَصْلُ الْجُلُوسِ لَا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُطَوِّلَهَا بِقَدْرِ الْجُلُوسِ الْمَطْلُوبِ بِالذِّكْرِ الْوَارِدِ فِيهِ (قَوْلُهُ: فِي عَشَرَةٍ) أَيْ مَعَ عَشَرَةٍ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْعَشَرَةِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ} [الأعراف: 38] أَيْ مَعَ أُمَمٍ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ وَائِلِ بْنِ حَجَرٍ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ فِي أَوَّلِهِ وَإِسْكَانِ الْجِيمِ فِي آخِرِهِ رَاءٌ مُهْمَلَةٌ، وَمَا وَقَعَ فِي شَرْحِ الْمُنَاوِيِّ عَلَى الْجَامِعِ أَنَّهُ بِجِيمٍ ثُمَّ حَاءٍ لَعَلَّهُ تَحْرِيفٌ أَوْ سَبْقُ قَلَمٍ، ثُمَّ رَأَيْتُ الْبَكْرِيَّ ذَكَرَ مَا قُلْتُهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَسِيرٌ) قَدْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ طَوَّلَهَا ضَرَّ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ كَمَا قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَالْأَوْجَهُ (قَوْلُهُ: بَلْ إتْيَانُهُ إلَخْ) يُخَالِفُ قَوْلَهُ قَبْلُ وَإِنْ كُرِهَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ تَخَلُّفُ الْمَأْمُومِ وَإِنْ طَوَّلَهُ لِمَا يَأْتِي أَنَّ التَّطْوِيلَ مَكْرُوهٌ لَا حَرَامٌ، فَيَكُونُ أَصْلُ التَّخَلُّفِ سُنَّةً وَلَا يَضُرُّ تَطْوِيلُهُ لَهُ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ، أَوْ يُقَالُ الْمَعْنَى وَإِنْ كُرِهَ التَّخَلُّفُ عَنْ الْإِمَامِ مِنْ حَيْثُ هُوَ، ثُمَّ رَأَيْت فِي بَعْضِ النُّسَخِ إسْقَاطَ قَوْلِهِ وَإِنْ كُرِهَ وَعَلَيْهَا فَلَا إشْكَالَ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ إذَا قَامَ لَا يَكُونُ مُتَخَلِّفًا بِعُذْرٍ بَلْ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَيَأْتِي فِيهِ مَا قِيلَ فِي الْمَسْبُوقِ إذَا اشْتَغَلَ بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ. (قَوْلُهُ: عَدَمُ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِهِ) أَيْ بِالتَّطْوِيلِ وَظَاهِرُهُ إنْ طَالَ جِدًّا (قَوْلُهُ: لَمْ يُكْرَهْ) أَيْ التَّطْوِيلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ لَمَّا عُرِجَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ) عِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ: وَرَوَى أَنَّهُ لَمَّا عُرِجَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَنْ كَانَ مِنْ الْمَلَائِكَةِ قَائِمًا سَلَّمُوا عَلَيْهِ قِيَامًا ثُمَّ رَكَعُوا شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى رُؤْيَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ رَاكِعًا رَفَعُوا رُءُوسَهُمْ مِنْ الرُّكُوعِ وَسَلَّمُوا عَلَيْهِ ثُمَّ سَجَدُوا شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى رُؤْيَتِهِ وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ سَاجِدًا رَفَعُوا رُءُوسَهُمْ وَسَلَّمُوا عَلَيْهِ ثُمَّ سَجَدُوا شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى عَنْ رُؤْيَتِهِ، فَلِذَلِكَ صَارَ السُّجُودُ مَثْنَى مَثْنَى فَلَمْ يُرِدْ اللَّهُ إلَخْ، وَنَقَلَهُ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْقُرْطُبِيِّ

[التاسع والعاشر والحادي عشر من أركان الصلاة التشهد وقعوده والصلاة على النبي]

وَهُوَ الْمُرَادُ بِمَا فِي الْبَحْرِ وَالرَّوْنَقِ أَنَّهَا بِقَدْرِ مَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، إذْ لَوْ اقْتَضَى تَطْوِيلُهَا بُطْلَانَ الصَّلَاةِ لَمْ تَكُنْ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ إلَّا حَرَامًا، وَلِقَوْلِهِمْ تَطْوِيلُ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ يُبْطِلُ عَمْدُهُ فِي الْأَصَحِّ فَإِنَّهُ مُخَرَّجٌ لِتَطْوِيلِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَتَطْوِيلِ جُلُوسِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ: أَيْ فَلَا يُبْطِلُ عَمْدُهُمَا الصَّلَاةَ، وَإِنَّمَا أَبْطَلَهَا تَعَمُّدُ تَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ لِأَنَّهُ تَغْيِيرٌ لِمَوْضُوعِ جُزْئِهَا الْحَقِيقِيِّ الَّذِي تَنْتَفِي مَاهِيَتُهَا بِانْتِفَائِهِ فَأَشْبَهَ نَقْصَ الْأَرْكَانِ الطَّوِيلَةِ بِنُقْصَانِ بَعْضِهَا، وَلِأَنَّهُ يُخِلُّ بِالْمُوَالَاةِ وَلِأَنَّ مَحَلَّهُ لَا يَتَمَيَّزُ كَوْنُهُ عِبَادَةً عَنْ الْعَادَةِ فَطُلِبَ فِيهِ ذِكْرٌ لِيَتَمَيَّزَ كَمَا فِي الْقِرَاءَةِ بِخِلَافِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ اهـ. وَإِفْتَاءُ الْبُلْقِينِيِّ بِبُطْلَانِهَا بِهِ وَدَعْوَى أَنَّ كَلَامَ التَّتِمَّةِ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ مَمْنُوعٌ، وَهِيَ فَاصِلَةٌ وَقِيلَ مِنْ الْأُولَى وَقِيلَ مِنْ الثَّانِيَةِ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَمُدَّ التَّكْبِيرَ مِنْ رَفْعِهِ مِنْ السُّجُودِ إلَى قِيَامِهِ لَا أَنَّهُ يُكَبِّرُ تَكْبِيرَتَيْنِ. (التَّاسِعُ وَالْعَاشِرُ وَالْحَادِي عَشَرَ) مِنْ أَرْكَانِهَا (التَّشَهُّدُ) سُمِّيَ بِهِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الشَّهَادَتَيْنِ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِاسْمِ جُزْئِهِ (وَقُعُودُهُ) إذْ كُلُّ مَنْ أَوْجَبَهُ أَوْجَبَ الْقُعُودَ لَهُ (وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) فِي آخِرِهِ وَالْقُعُودُ لَهَا (فَالتَّشَهُّدُ وَقُعُودُهُ إنْ عَقِبَهُمَا سَلَامٌ) فَهُمَا (رُكْنَانِ) فَشَمَلَ نَحْوَ الصُّبْحِ. وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِ التَّشَهُّدِ مَا صَحَّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَقِيلَ مِنْ الْأُولَى) وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ ذَلِكَ فِي التَّعَالِيقِ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَمُدَّ التَّكْبِيرَ) وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَمُدَّهُ فَوْقَ سَبْعِ أَلِفَاتٍ وَإِلَّا بَطَلَتْ إنْ عَلِمَ وَتَعَمَّدَ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: لَا أَنَّهُ لَا يُكَبِّرُ تَكْبِيرَتَيْنِ) الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَتْرُكُ الْمَدَّ وَيُكَرِّرُ التَّكْبِيرَ، بَلْ أَنَّهُ حَيْثُ أَمْكَنَهُ الْمَدُّ أَتَى بِهِ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ بَطِيءَ النَّهْضَةِ أَوْ أَطَالَ الْجُلُوسَ وَكَانَ لَوْ اشْتَغَلَ بِالْمَدِّ إلَى الِانْتِصَابِ زَادَ فِيهِ عَلَى سَبْعِ أَلِفَاتٍ امْتَنَعَ الْمَدُّ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَغِلَ بَعْدَ فَرَاغِ التَّكْبِيرِ الْمَشْرُوعِ بِذِكْرٍ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى الْقِيَامِ، وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنْ لَا يَشْتَغِلَ فِيهِ بِتَكْرِيرِ التَّكْبِيرِ لِأَنَّهُ رُكْنٌ قَوْلِيٌّ وَهُوَ مُبْطِلٌ عَلَى قَوْلٍ. (قَوْلُهُ: إذْ كُلُّ مَنْ أَوْجَبَهُ) أَيْ التَّشَهُّدَ (قَوْلُهُ: عَقِبَهُمَا) بَابُهُ قَتَلَ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ: فَهُمَا رُكْنَانِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي كِتَابِ الزَّاهِرِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُرَادُ) لَمْ يَتَقَدَّمْ مَا يَحْسُنُ مَرْجِعًا لِلضَّمِيرِ، وَعِبَارَةُ الْفَتَاوَى: الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ بُطْلَانِ صَلَاتِهِ لِقَوْلِ الْمُتَوَلِّي يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ قُعُودُهُ فِيهَا بِقَدْرِ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ انْتَهَى. وَهُوَ الْمُرَادُ بِمَا فِي الْبَحْرِ وَالرَّوْنَقِ أَنَّهَا بِقَدْرِ مَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ انْتَهَى الْمُرَادُ مِنْهَا. فَمَرْجِعُ الضَّمِيرِ فِيهَا الِاسْتِحْبَابُ: أَيْ فَتَقْدِيرُ الْبَحْرِ وَالرَّوْنَقِ بِمَا ذُكِرَ إنَّمَا هُوَ لِلِاسْتِحْبَابِ لَا لِلْوُجُوبِ بِدَلِيلِ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي (قَوْلُهُ إذْ لَوْ اقْتَضَى تَطْوِيلَهَا إلَخْ) عِلَّةٌ لِأَخْذِ عَدَمِ الْبُطْلَانِ مِنْ كَلَامِ التَّتِمَّةِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ مَحَلَّهُ لَا يَتَمَيَّزُ) هَذَا لَا مَوْقِعَ لَهُ هُنَا، وَإِنَّمَا سَاقَهُ وَالِدُهُ فِي الْفَتَاوَى نَقْلًا عَنْ الْبُلْقِينِيِّ الْقَائِلِ بِالْبُطْلَانِ بِتَطْوِيلِ جُلُوسِ الِاسْتِرَاحَةِ فِي مَقَامِ الرَّدِّ عَلَيْهِ، فَهُوَ دَلِيلٌ لِنَقِيضِ الْمَطْلُوبِ، وَعِبَارَةُ الْفَتَاوَى بَعْدَ الِاسْتِدْلَالِ لِعَدَمِ الْبُطْلَانِ بِمَا مَرَّ نَصُّهَا: وَبِمَا ذَكَرْته عُلِمَ رَدُّ مَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ فِي التَّعَقُّبَاتِ إلَى أَنْ قَالَ: وَرَدَ مَا سَيَأْتِي عَنْ الْبُلْقِينِيِّ فَقَدْ سُئِلَ عَمَّا إذَا طَوَّلَ جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ تَطْوِيلًا زَائِدًا عَلَى الْقَدْرِ الْمُسْتَحَبِّ، هَلْ نَقُولُ بِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ جَزْمًا أَوْ يُجْرَى فِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ بِتَعَمُّدِ مَا ذُكِرَ مِنْ تَطْوِيلِ جُلُوسِ الِاسْتِرَاحَةِ، وَلَا يَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ فِي تَطْوِيلِ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لِأَمْرَيْنِ: أَحَدِهِمَا أَنَّ الْجُلُوسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ. الثَّانِي أَنَّ لَهُ ذِكْرًا يَخُصُّهُ، وَهُوَ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ عَلَى الْأَصَحِّ لَا أَنَّهُ شُرِعَ لِلْفَصْلِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَهُوَ بِخِلَافِ جُلُوسِ الِاسْتِرَاحَةِ، فَإِنَّهُ شُرِعَ لِمَعْنًى يُقْتَصَرُ فِيهِ عَلَى مُسَمَّى الِاسْتِرَاحَةِ، فَإِذَا طَوَّلَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ كَانَ ذَلِكَ فِعْلًا غَيْرَ مَشْرُوعٍ لَهُ حَصَلَ لَهُ تِلْكَ الزِّيَادَةُ فَتَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ جَزْمًا انْتَهَى [التَّاسِعُ وَالْعَاشِرُ وَالْحَادِي عَشَرَ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاة التَّشَهُّدُ وَقُعُودُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ] (قَوْلُهُ فَهُمَا) لَا يَخْفَى أَنَّ تَقْدِيرَ هَذَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ رُكْنَانِ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وَالْجُمْلَةُ

«كُنَّا نَقُولُ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْنَا التَّشَهُّدُ: السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ قَبْلَ عِبَادِهِ، السَّلَامُ عَلَى جِبْرِيلَ، السَّلَامُ عَلَى مِيكَائِيلَ، السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا تَقُولُوا السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ، وَلَكِنْ قُولُوا التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ» إلَى آخِرِهِ فَالتَّعْبِيرُ بِالْفَرْضِ وَالْأَمْرِ ظَاهِرَانِ فِي الْوُجُوبِ، وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْجُلُوسُ لَهَا فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِمَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْقُبْهُمَا سَلَامٌ (فَسُنَّتَانِ) لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ، وَالصَّارِفُ عَنْ وُجُوبِهِمَا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَامَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ وَلَمْ يَجْلِسْ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ كَبَّرَ وَهُوَ جَالِسٌ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ السَّلَامِ ثُمَّ سَلَّمَ» فَدَلَّ عَدَمُ تَدَارُكِهِمَا عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِمَا (وَكَيْفَ قَعَدَ) فِي جِلْسَاتِ صَلَاتِهِ (جَازَ) وَلَكِنْ (يُسَنُّ فِي) جُلُوسِ تَشَهُّدِهِ (الْأَوَّلِ الِافْتِرَاشُ فَيَجْلِسُ عَلَى كَعْبِ يُسْرَاهُ) بِحَيْثُ يَلِي ظَهْرُهَا الْأَرْضَ (وَيَنْصِبُ يُمْنَاهُ) أَيْ قَدَمَهَا (وَيَضَعُ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ) أَيْ بُطُونَهَا عَلَى الْأَرْضِ وَرُءُوسُهَا (لِلْقِبْلَةِ) لِمَا صَحَّ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَرَبُّعِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَيَانٌ لِلْجَوَازِ. (وَ) يُسَنُّ (فِي) التَّشَهُّدِ (الْأَخِيرِ) وَمَا انْضَمَّ إلَيْهِ (التَّوَرُّكُ وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــSحَذْفَ الْفَاءِ مِنْ جَوَابِ الشَّرْطِ الْأَسْمَى وَهُوَ قَلِيلٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأُشْمُونِيُّ عَنْ ابْنِ النَّاظِمِ وَبِأَنَّ الْمُبَرِّدَ أَجَازَهُ فِي الِاخْتِيَارِ. وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا. وَالْأَصْلُ فَالتَّشَهُّدُ وَقُعُودُهُ رُكْنَانِ إنْ عَقِبَهُمَا سَلَامٌ وَعَلَى هَذَا لَا تَجُوزُ الْفَاءُ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فَرُكْنَانِ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ: كُنَّا نَقُولُ) اُنْظُرْ هَلْ كَانُوا يَقُولُونَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ أَوْ الْوُجُوبِ، وَهَلْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّبَرُّعِ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ أَوْ بِأَمْرٍ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهَلْ الْجُلُوسُ الَّذِي كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِي الْآخِرِ وَاجِبٌ أَوْ مَنْدُوبٌ (قَوْلُهُ: قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْنَا) اُسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّ فَرْضَ التَّشَهُّدِ مُتَأَخِّرًا عَنْ فَرْضِ الصَّلَاةِ، وَحِينَئِذٍ فَصَلَاةُ جِبْرِيلَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ الْجُلُوسُ فِيهَا مُسْتَحَبًّا أَوْ وَاجِبًا بِغَيْرِ ذِكْرٍ رَمْلِيٌّ اهـ زِيَادِيٌّ. وَانْظُرْ فِي أَيِّ سَنَةٍ فُرِضَ. ثُمَّ رَأَيْت فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ شِهَابِ الدِّينِ الْقَلْيُوبِيِّ عَنْ الْمَحَلِّيِّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ كُنَّا نَقُولُ قَبْلَ إلَخْ: أَيْ قَبْلَ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ فِي الْجُلُوسِ الْأَخِيرِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ أَوْ الْمُتَعَيِّنُ اهـ. أَقُولُ: وَهَذَا بَحْثٌ مِنْهُ وَلَا دَخْلَ لِلْبَحْثِ فِي مِثْلِهِ، وَقَوْلُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ بِغَيْرِ ذِكْرٍ قَدْ يُقَالُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ ذِكْرٍ أَلْبَتَّةَ، وَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ خُصُوصِ التَّشَهُّدِ وَهُوَ لَا يُنَافِي أَنَّ ثَمَّ ذِكْرًا غَيْرَهُ وَاجِبًا (قَوْلُهُ قَبْلَ عِبَادِهِ) اُنْظُرْ هَلْ كَانَتْ مِنْ جُمُعَةِ صِيغَتِهِمْ الَّتِي يَأْتُونَ بِهَا أَوْ الْمُرَادُ مِنْهَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ فَقَطْ ثُمَّ يُسَلِّمُونَ عَلَى غَيْرِهِ، وَالْأَقْرَبُ هُوَ الثَّانِي (قَوْلُهُ: فَالتَّعْبِيرُ بِالْفَرْضِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ وَالْأَمْرُ فِي قَوْلِهِ وَلَكِنْ قُولُوا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْجُلُوسُ لَهَا) لَمْ يَجْعَلْ الْمُصَنِّفُ لِجُلُوسِ الصَّلَاةِ حُكْمًا مُسْتَقِلًّا، فَلَعَلَّهُ أَدْرَجَهُ فِي قُعُودِ التَّشَهُّدِ لِعَدَمِ تَمَيُّزِهِ عَنْهُ خَارِجًا وَلِاتِّصَالِهِ بِهِ (قَوْلُهُ: فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ) أَيْ فَرَغَ مِمَّا يُطْلَبُ قَبْلَ السَّلَامِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ قَبْلَ السَّلَامِ (قَوْلُهُ: وَكَيْفَ قَعَدَ جَازَ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ بِالْإِجْمَاعِ (قَوْلُهُ فَيَجْلِسُ) الْفَاءُ لِلتَّفْسِيرِ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يَقُولَ بِأَنْ يَجْلِسَ عَلَى إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَضَعُ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ) هَذِهِ الْمَسْنُونَاتُ هَلْ تُسَنُّ لِمَنْ لَا يُحْسِنُ التَّشَهُّدَ أَيْضًا؟ الْوَجْهُ نَعَمْ، وَهَلْ تُسَنُّ لِلْمُصَلِّي مُضْطَجِعًا إنْ أَمْكَنَ؟ الْوَجْهُ نَعَمْ أَيْضًا لِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ وَلِلتَّشَبُّهِ بِالْقَادِرِينَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَفِيهِ عَلَى حَجّ: هَلْ يَطْلُبُ مَا يُمْكِنُ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ فِي حَقِّ مَنْ صَلَّى مُضْطَجِعًا أَوْ مُسْتَلْقِيًا أَوْ أَجْرَى الْأَرْكَانَ عَلَى قَلْبِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْمُتَّجَهُ طَلَبُ ذَلِكَ وَالْمُتَّجَهُ أَيْضًا طَلَبُ وَضْعِ يَمِينِهِ عَلَى يَسَارِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْهُمَا جَوَابُ الشَّرْطِ، وَهُوَ وَجَوَابُهُ خَبَرُ قَوْلِهِ وَالتَّشَهُّدُ وَقُعُودُهُ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ بَلْ الْمُتَبَادَرُ أَنَّ قَوْلَهُ رُكْنَانِ هُوَ خَبَرُ قَوْلِهِ وَالتَّشَهُّدُ وَقُعُودُهُ وَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ الْخَبَرُ (قَوْلُهُ: وَالْأَمْرُ) بِالرَّفْعِ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ وَالتَّعْبِيرُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّثْنِيَةُ فِي قَوْلِهِ ظَاهِرَانِ، وَأَيْضًا، فَإِنَّهُ لَمْ يَقَعْ التَّعْبِيرُ فِي الْخَبَرِ بِمَادَّةِ الْأَمْرِ

كَالِافْتِرَاشِ لَكِنْ يُخْرِجُ يُسْرَاهُ مِنْ جِهَةِ يَمِينِهِ وَيُلْصِقُ وَرِكَهُ بِالْأَرْضِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَالْحِكْمَةُ فِي الْمُخَالَفَةِ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالْأَخِيرِ أَنَّهَا أَقْرَبُ لِعَدَمِ اشْتِبَاهِ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ، وَلِأَنَّ الْمَسْبُوقَ إذَا رَآهُ عَلِمَ فِي أَيِّ التَّشَهُّدَيْنِ هُوَ، وَفِي التَّخْصِيصِ أَنَّ الْمُصَلِّيَ مُسْتَوْفِزٌ فِي غَيْرِ الْأَخِيرِ وَالْحَرَكَةُ عَنْ الِافْتِرَاشِ أَهْوَنُ (وَالْأَصَحُّ يَفْتَرِشُ الْمَسْبُوقُ) فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ لِإِمَامِهِ لِاسْتِيفَازِهِ لِلْقِيَامِ (وَالسَّاهِي) فِي تَشَهُّدِهِ الْأَخِيرِ لِاحْتِيَاجِ الْأَوَّلِ لِلْقِيَامِ وَالثَّانِي لِسُجُودِ السَّهْوِ بِأَنْ أَرَادَهُ أَوْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا أَوَّلَ جُلُوسِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا، خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ كَالْجَوْجَرِيِّ وَصَاحِبِ الْإِسْعَادِ نَظَرًا لِلْغَالِبِ مِنْ السُّجُودِ مَعَ قِيَامِ سَبَبِهِ. وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا قَاسَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَأَقَرَّهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَنَّ مَنْ طَافَ لِلْقُدُومِ لَا يُسَنُّ لَهُ الرَّمَلُ وَالِاضْطِبَاعُ، إلَّا إنْ قَصَدَ بَعْدَهُ بِأَنَّ سَبَبَ السُّجُودِ هُنَا قَائِمٌ وَلَمْ يَقْصِدْ مُخَالَفَتَهُ فُرُوعِي بِخِلَافِهِ ثَمَّ، فَإِنَّ سَبَبَ الرَّمَلِ وَنَحْوِهِ قَصْدُ السَّعْيِ لَا غَيْرُ فَانْتَفَى السَّبَبُ عِنْدَ إطْلَاقِهِ أَمَّا إذَا قَصَدَ عَدَمَ السُّجُودِ فَيَتَوَرَّكُ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَتَوَرَّكَانِ: الْأَوَّلُ مُتَابَعَةً لِإِمَامِهِ، وَالثَّانِي لِأَنَّهُ قُعُودٌ لِآخِرِ الصَّلَاةِ (وَيَضَعُ فِيهِمَا) أَيْ فِي التَّشَهُّدَيْنِ وَمَا مَعَهُمَا (يُسْرَاهُ عَلَى طَرَفِ رُكْبَتَيْهِ) الْيُسْرَى بِحَيْثُ تَسَامَتْ رُءُوسُهَا الرُّكْبَةَ (مَنْشُورَةَ الْأَصَابِعِ) فِي صَوْبِ الْقِبْلَةِ لِلِاتِّبَاعِ (بِلَا ضَمٍّ) بَلْ يُفَرِّجُهَا تَفْرِيجًا وَسَطًا، وَلَا يَضُرُّ فِي أَصْلِ السُّنَّةِ فِيمَا يَظْهَرُ انْعِطَافُ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ عَنْ الرُّكْبَتَيْنِ. وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ مَنْعُ يَدَيْهِ عَنْ الْعَبَثِ مَعَ كَوْنِ هَذِهِ الْهَيْئَةِ أَقْرَبَ إلَى التَّوَاضُعِ (قُلْت: الْأَصَحُّ الضَّمُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِتَتَوَجَّهَ جَمِيعُهَا إلَى الْقِبْلَةِ إذْ تَفْرِيجُهَا يُزِيلُ الْإِبْهَامَ عَنْ الْقِبْلَةِ، وَمَا تَقَرَّرَ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ حَتَّى لَوْ صَلَّى دَاخِلَ الْبَيْتِ ضَمَّ جَمِيعَهَا مَعَ تَوَجُّهِ الْكُلِّ لِلْقِبْلَةِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَنْ لَا يُحْسِنُ التَّشَهُّدَ أَوْ صَلَّى مُضْطَجِعًا أَوْ مُسْتَلْقِيًا حَيْثُ جَازَ لَهُ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ (وَيَقْبِضُ مِنْ يُمْنَاهُ) بَعْدَ وَضْعِهَا عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى (الْخِنْصَرِ وَالْبِنْصِرِ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSتَحْتَ صَدْرِهِ حَالَ قِرَاءَتِهِ فِي حَالَتَيْ الِاضْطِجَاعِ وَالِاسْتِلْقَاءِ أَيْضًا اهـ. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ هَذِهِ الْمَسْنُونَاتُ مَا يَشْمَلُ مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَيَقْبِضُ مِنْ يُسْرَاهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَالْحِكْمَةُ فِي الْمُخَالَفَةِ) ع قِيلَ يُسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الْخَلِيفَةِ الْمَسْبُوقُ فَإِنَّهُ يَجْلِسُ مُتَوَرِّكًا مُحَاكَاةً لَفِعْلِ أَصْلِهِ اهـ. وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ: وَالسُّنَّةُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ التَّوَرُّكُ إلَّا لِمَسْبُوقٍ تَابَعَ إمَامَهُ أَوْ اسْتَخْلَفَهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَعِبَارَةُ حَجّ قُبَيْلَ بَابِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ نَصُّهَا: نَعَمْ لَوْ قَامَ الْإِمَامُ مِنْهُ: أَيْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَخَلْفَهُ مَسْبُوقٌ لَيْسَ مَحَلُّ تَشَهُّدِهِ الْأَوَّلِ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَرْفَعُ تَبَعًا لَهُ، وَقَوْلُهُ يَرْفَعُ: أَيْ يَدَيْهِ عِنْدَ الْقِيَامِ. وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فَرْقِ مُتَابَعَتِهِ فِي التَّوَرُّكِ بِأَنَّ حِكْمَةَ الِافْتِرَاشِ مِنْ سُهُولَةِ الْقِيَامِ عَنْهُ مَوْجُودَةٌ فِيهِ فَقُدِّمَتْ رِعَايَتُهَا عَلَى الْمُتَابَعَةِ بِخِلَافِهِ هُنَا (قَوْلُهُ: وَفِي التَّخْصِيصِ) أَيْ تَخْصِيصِ الْأَوَّلِ بِالِافْتِرَاشِ وَالْأَخِيرِ بِالتَّوَرُّكِ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ يَفْتَرِشُ الْمَسْبُوقُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ خَلِيفَةً وَمَرَّ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ) أَيْ فِيمَا إذَا لَمْ يُرِدْ شَيْئًا (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا قَصَدَ عَدَمَ السُّجُودِ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ لِتَمَكُّنِهِمَا مِنْ تَرْكِ السُّجُودِ، أَمَّا الْمَأْمُومُ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ ذَلِكَ لِوُجُوبِ مُتَابَعَتِهِ لِإِمَامِهِ، فَحَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ مِنْ حَالِ إمَامِهِ شَيْئًا افْتَرَشَ لِأَنَّ الظَّاهِرَ إتْيَانُ الْإِمَامِ بِهِ (قَوْلُهُ فَيَتَوَرَّكُ) أَيْ فَلَوْ عَنَّ لَهُ إرَادَةُ السُّجُودِ افْتَرَشَ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ وَإِنْ أَدَّى ذَلِكَ إلَى انْحِنَاءٍ يَصِلُ بِهِ إلَى رُكُوعِ الْقَاعِدِ لِتَوَلُّدِهِ مِنْ مَأْمُورٍ بِهِ (قَوْلُهُ: وَمَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ أَنَّ التَّفْرِيجَ يُزِيلُ الْإِبْهَامَ عَنْ الْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ) أَيْ مِثْلُ مَنْ تَشَهَّدَ جَالِسًا فِي وَضْعِ يَدَيْهِ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ صَلَّى مُضْطَجِعًا) أَيْ فَيَضَعُهَا مَضْمُومَةً عَلَى فَخِذَيْهِ حَالَ اضْطِجَاعِهِ وَاسْتِلْقَائِهِ (قَوْلُهُ: جَازَ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ بِأَنْ كَانَ فِي النَّفْلِ وَصَلَّى مُضْطَجِعًا وَلَوْ قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ، أَوْ فِي الْفَرْضِ أَوْ النَّفْلِ مُسْتَلْقِيًا وَهُوَ عَاجِزٌ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: بَعْدَ وَضْعِهَا) أَيْ مَنْشُورَةَ الْأَصَابِعِ (قَوْلُهُ: الْخِنْصَرُ) قَالَ الْفَارِسِيُّ: الْفَصِيحُ فَتْحُ صَادِّ الْخِنْصَرِ اهـ عَمِيرَةُ وَلَعَلَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِاحْتِيَاجِ الْأَوَّلِ لِلْقِيَامِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ لِاسْتِيفَازِهِ لِلْقِيَامِ

وَثَالِثِهِمَا (وَكَذَا الْوُسْطَى فِي الْأَظْهَرِ) لِلِاتِّبَاعِ، وَالثَّانِي يُحَلِّقُ بَيْنَ الْوُسْطَى وَالْإِبْهَامِ (وَيُرْسِلُ الْمُسَبِّحَةَ) بِكَسْرِ الْبَاءِ وَهِيَ الَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُشَارُ بِهَا إلَى التَّوْحِيدِ وَالتَّنْزِيهِ وَتُسَمَّى أَيْضًا السَّبَّابَةَ لِكَوْنِهِ يُشَارُ بِهَا عِنْدَ الْمُخَاصَمَةِ وَالسَّبِّ (وَيَرْفَعُهَا) أَيْ مَعَ إمَالَتِهَا قَلِيلًا كَمَا قَالَهُ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ (عِنْدَ قَوْلِهِ إلَّا اللَّهُ) بِأَنْ يَبْتَدِئَ بِهِ عِنْدَ الْهَمْزَةِ لِلِاتِّبَاعِ فِي ذَلِكَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَيَقْصِدُ أَنَّ الْمَعْبُودَ وَاحِدٌ لِيَجْمَعَ فِي اعْتِقَادِهِ وَقَوْلِهِ فِعْلَهُ، وَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَ رَفْعُهَا لِلْقِبْلَةِ وَأَنْ يَنْوِيَ بِهِ الْإِخْلَاصَ فِي التَّوْحِيدِ وَأَنْ يُقِيمَهَا وَلَا يَضَعَهَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ صَرِيحٌ فِي بَقَائِهَا مَرْفُوعَةً إلَى الْقِيَامِ أَوْ السَّلَامِ، وَمَا بَحَثَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ مِنْ إعَادَتِهَا مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ وَخُصَّتْ الْمُسَبِّحَةُ بِذَلِكَ لِأَنَّ لَهَا اتِّصَالًا بِنِيَاطِ الْقَلْبِ فَكَأَنَّهَا سَبَبٌ لِحُضُورِهِ (وَلَا يُحَرِّكُهَا) أَيْ لَا يُسْتَحَبُّ بَلْ يُكْرَهُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ حَرَّمَهُ وَأَبْطَلَ بِهِ، وَقِيلَ يُسَنُّ لِلِاتِّبَاعِ فِيهِمَا وَالْحَدِيثَانِ صَحِيحَانِ. قَالَ الشَّارِحُ: وَتَقَدَّمَ الْأَوَّلُ النَّافِي عَلَى الثَّانِي الْمُثْبِتِ لِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ انْتَهَى وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْإِثْبَاتِ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ، وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى ذَلِكَ، وَأَيْضًا فَتَقْدِيمُهُمْ النَّافِي لِمُوَافَقَتِهِ الْأَصْلَ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSاقْتِصَارَ الشَّارِحِ عَلَى مَا ذُكِرَ إشَارَةٌ إلَى ضَعْفِ مَا قَالَهُ الْفَارِسِيُّ. وَفِي الْقَامُوسِ: الْخِنْصَرُ وَتُفْتَحُ الصَّادُ الْأُصْبُعُ الصُّغْرَى أَوْ الْوُسْطَى مُؤَنَّثٌ اهـ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ إلَى التَّوْحِيدِ وَالتَّنْزِيهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُطْلَبُ الْإِشَارَةُ بِهَا عِنْدَ التَّسْبِيحِ وَعِنْدَ التَّوْحِيدِ الْمَأْتِيِّ بِهِ فِي غَيْرِ التَّشَهُّدِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَيْ مَعَ إمَالَتِهَا) أَيْ لِجِهَةِ الْقِبْلَةِ فِي حَالَةِ الرَّفْعِ قَلِيلًا (قَوْلُهُ بِأَنْ يَبْتَدِئَ بِهِ) أَيْ الرَّفْعِ عِنْدَ الْهَمْزَةِ أَيْ هَمْزَةِ إلَّا اللَّهَ اهـ حَجّ. وَسُئِلَ شَيْخُنَا الْمُؤَلِّفُ عَمَّنْ خُلِقَ لَهُ سَبَّابَتَانِ وَاشْتَبَهَتْ الزَّائِدَةُ بِالْأَصْلِيَّةِ هَلْ يُشِيرُ بِهِمَا؟ فَأَجَابَ الْقِيَاسُ الْإِشَارَةُ بِهِمَا فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ اهـ كَذَا بِهَامِشٍ وَهُوَ قَرِيبٌ. أَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَتَا أَصْلِيَّتَيْنِ فَيُشِيرُ بِهِمَا، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ خُلِقَ لَهُ رَأْسَانِ أَصْلِيَّانِ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِمَسْحِ بَعْضِ أَحَدِهِمَا بِأَنَّ السَّبَّابَتَيْنِ لَمَّا نَزَلَتَا مَنْزِلَةَ سَبَّابَةٍ وَاحِدَةٍ لَمْ يُكْتَفَ بِإِحْدَاهُمَا، بِخِلَافِ الرَّأْسَيْنِ فَإِنَّهُمَا وَإِنْ نَزَلَا مَنْزِلَةَ رَأْسٍ وَاحِدٍ لَكِنَّ الرَّأْسَ يُكْتَفَى بِمَسْحِ بَعْضِهِ (قَوْلُهُ: لِيَجْمَعَ فِي اعْتِقَادِهِ) عِبَارَةُ حَجّ: لِيَجْمَعَ فِي تَوْحِيدِهِ بَيْنَ اعْتِقَادِهِ إلَخْ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ: مَرْفُوعَةً إلَى الْقِيَامِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَوْ السَّلَامُ) هَلْ الْمُرَادُ بِهِ تَمَامُ التَّسْلِيمَتَيْنِ أَوْ تَمَامُ التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى لِأَنَّهُ يَخْرُجُ بِهَا مِنْ الصَّلَاةِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ مِنْ تَوَابِعِ الصَّلَاةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَحْدَثَ بَعْدَ الْأُولَى حَرُمَ الْإِتْيَانُ بِالثَّانِيَةِ، لَكِنْ فِي حَجّ مَا نَصُّهُ: وَلَا يَضَعُهَا إلَى آخِرِ التَّشَهُّدِ اهـ. وَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِي أَنَّهُ يَضَعُهَا حَيْثُ تَمَّ التَّشَهُّدُ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى. وَيُمْكِنُ رَدُّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ إلَى مَا قَالَهُ حَجّ يُجْعَلُ السَّلَامُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ خَارِجًا بِنَاءً عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ أَنَّ الْغَايَةَ غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي الْمُغَيَّا (قَوْلُهُ: مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ) أَيْ الْمَذْكُورِ لِقَوْلِهِ وَأَنْ يُقِيمَهَا وَلَا يَضَعَهَا، وَهُوَ إنْ لَمْ يَنْقُلْهُ عَنْ أَحَدٍ لَكِنَّ سِيَاقَهُ يَقْتَضِي أَنَّ مَنْقُولَ الْأَصْحَابِ. وَعِبَارَةُ حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ نَصُّهَا: وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ نَصْرٍ وَسُنَّ أَنْ يُقِيمَهَا وَلَا يَضَعَهَا وَظَاهِرُهَا بَقَاؤُهَا مَرْفُوعَةً إلَخْ اهـ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ يُشِيرُ إلَى أَنَّ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ دَوَامِ الرَّفْعِ هُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخِ نَصْرٍ الْمَقْدِسِيَّ فَكَأَنَّهُ مَنْقُولٌ (قَوْلُهُ: اتِّصَالًا بِنِيَاطِ الْقَلْبِ) أَيْ عِرْقِهِ: وَفِي الْمِصْبَاحِ: وَالنِّيَاطُ بِالْكَسْرِ عِرْقٌ مُتَّصِلٌ بِالْقَلْبِ اهـ (قَوْلُهُ: لِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ) مِنْهُ أَنَّ التَّحْرِيكَ يُذْهِبُ الْخُشُوعَ كَذَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ بِرّ. وَقَوْلُهُ وَقِيلَ يُحَرِّكُهَا لِلِاتِّبَاعِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالتَّحْرِيكِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ هُوَ الرَّفْعُ بِرّ. أَقُولُ: لَمَّا كَانَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ وَالْعَمَلُ بِهِمَا أَوْلَى مِنْ تَقْدِيمِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ حَمَلْنَا التَّحْرِيكَ عَلَى الرَّفْعِ جَمْعًا بَيْنَهُمَا، وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْحَمْلَ أَنَّ تَرْكَ التَّحْرِيكِ أَنْسَبُ بِالْخُشُوعِ الْمَطْلُوبِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ أَيْ لَكِنَّهُ يُحِيلُ الْخِلَافَ (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى ذَلِكَ) أَيْ إجْمَالًا فِي قَوْلِهِ لِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ وَإِلَّا، فَهُوَ لَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ

السُّكُونِ فِي الصَّلَاةِ وَعَدَمِ الْحَرَكَةِ لِكَوْنِهَا تُذْهِبُ الْخُشُوعَ وَلِأَنَّهُ نَوْعُ عَبَثٍ وَالصَّلَاةُ مَصُونَةٌ عَنْهُ مَا أَمْكَنَ، وَلَوْ قُطِعَتْ يُمْنَاهُ كُرِهَتْ إشَارَتُهُ بِيُسْرَاهُ لِفَوَاتِ سُنَّةِ بَسْطِهَا لِأَنَّ فِيهِ تَرْكَ سُنَّةٍ فِي مَحَلِّهَا لِأَجْلِ سُنَّةٍ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا كَمَنْ تَرَكَ الرَّمَلَ فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ لَا يَأْتِي بِهِ فِي الْأَخِيرَةِ (وَالْأَظْهَرُ ضَمُّ الْإِبْهَامِ إلَيْهَا) أَيْ الْمُسَبِّحَةِ (كَعَاقِدٍ ثَلَاثَةً وَخَمْسِينَ) بِأَنْ يَضَعَهَا تَحْتَهَا عَلَى طَرَفِ رَاحَتِهِ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَكَوْنُ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ ثَلَاثَةً وَخَمْسِينَ طَرِيقَةٌ لِبَعْضِ الْحُسَّابِ، وَأَكْثَرُهُمْ يُسَمُّونَهَا تِسْعَةً وَخَمْسِينَ، وَآثَرَ الْفُقَهَاءُ الْأَوَّلَ تَبَعًا لِلَّفْظِ الْخَبَرِ، وَلَوْ أَرْسَلَ الْإِبْهَامَ وَالسَّبَّابَةَ مَعًا أَوْ قَبَضَهَا فَوْقَ الْوُسْطَى أَوْ حَلَّقَ بَيْنَهُمَا بِرَأْسَيْهِمَا أَوْ بِوَضْعِ أُنْمُلَةِ الْوُسْطَى بَيْنَ عُقْدَتَيْ الْإِبْهَامِ أَتَى بِالسُّنَّةِ وَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ، فَعُلِمَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْأَفْضَلِ فَقَطْ لِوُرُودِ الْجَمِيعِ لَكِنَّ رُوَاةَ الْأَوَّلِ أَفْقَهُ (وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرْضٌ فِي التَّشَهُّدِ الْآخَرِ) وَهُوَ الَّذِي يَعْقُبُهُ سَلَامٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِصَلَاتِهِ سِوَى وَاحِدٍ كَالصُّبْحِ وَالْجُمُعَةِ فَالتَّعْبِيرُ بِالْآخَرِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {صَلُّوا عَلَيْهِ} [الأحزاب: 56] وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَتَعَيَّنَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ إجْمَالًا لِقَوْلِهِ لَمَّا قَامَ عِنْدَهُمْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قُطِعَتْ يُمْنَاهُ) أَيْ أَوْ سَبَّابَتُهُ اهـ حَجّ. وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ لِفَوَاتٍ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ خُلِقَ لَهُ سَبَّابَتَانِ إحْدَاهُمَا أَصْلِيَّةٌ ثُمَّ قُطِعَتْ وَبَقِيَتْ الزَّائِدَةُ أَنَّهُ لَا يُشِيرُ بِهَا، لِأَنَّ الظَّاهِرَ سَنُّ قَبْضِهَا مَعَ بَقِيَّةِ الْأَصَابِعِ مَعَ وُجُودِ الْأَصْلِيَّةِ فَتُسَنُّ إدَامَةُ مَا ثَبَتَ لَهَا قَبْلَ قَطْعِ الْأَصْلِيَّةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُشِيرَ بِهَا لِكَوْنِهَا عَلَى صُورَةِ الْأَصْلِيَّةِ فَتَنْزِلُ مَنْزِلَتُهَا وَلِاتِّصَالِهَا بِالْأَصْلِيَّةِ نَزَلَتْ مَنْزِلَةَ الْجُزْءِ مِنْهَا عِنْدَ فَقْدِهَا (قَوْلُهُ: عَلَى طَرَفِ رَاحَتِهِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لحج بِأَنْ يَضَعَ رَأْسَ الْإِبْهَامِ عِنْدَ أَسْفَلِهَا عَلَى حَرْفِ الرَّاحَةِ اهـ. فَيُقَدَّرُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مُضَافٌ بِأَنْ يَضَعَ رَأْسَهَا إلَخْ، وَعِبَارَتُهُ هُنَا بِأَنْ يَجْعَلَ رَأْسَ الْإِبْهَامِ عِنْدَ أَسْفَلِهَا عَلَى طَرَفِ رَاحَتِهِ لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَقِيلَ بِأَنْ يَجْعَلَهُ مَقْبُوضَةً تَحْتَ الْمُسْبَحَةِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَأَكْثَرُهُمْ يُسَمُّونَهَا إلَخْ) عِبَارَةُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ نَقْلًا عَنْ الْإِسْنَوِيِّ عَنْ صَاحِبِ الْإِقْلِيدِ أَنَّهُ أَجَابَ بِأَنَّ اشْتِرَاطَ وَضْعِ الْخِنْصَرِ عَلَى الْبِنْصِرِ فِي عَقْدِ ثَلَاثَةٍ وَخَمْسِينَ طَرِيقَةُ أَقْبَاطِ مِصْرَ، وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَلَا يَشْتَرِطُونَ فِيهَا ذَلِكَ اهـ. أَقُولُ: وَلَا يُنَافِيهِ كَلَامُ الشَّارِحِ لِجَوَازِ أَنَّهُ أَرَادَ بِبَعْضِ الْحِسَابِ أَقْبَاطَ مِصْرَ، لَكِنَّ قَوْلَهُ فَلَا يَشْتَرِطُونَ فِيهَا ذَلِكَ صَادِقٌ بِمَا إذَا وَضَعَهَا كَذَلِكَ، وَمَا إذَا لَمْ يَضَعْهَا فَيُنَافِي قَوْلَهُ وَأَكْثَرُهُمْ يُسَمُّونَهَا تِسْعَةً وَخَمْسِينَ وَيَشْتَرِطُونَ فِي الثَّلَاثَةِ وَالْخَمْسِينَ أَنْ يَضَعَ الْخِنْصَرَ عَلَى الْبِنْصِرِ. ثُمَّ أَجَابَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِقَوْلِهِ: وَعَلَيْهِ يَكُونُ لِتِسْعَةٍ وَخَمْسِينَ هَيْئَةٌ أُخْرَى، أَوْ تَكُونُ الْهَيْئَةُ الْوَاحِدَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ عَدَدَيْنِ فَتَحْتَاجُ إلَى قَرِينَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَرْسَلَ الْإِبْهَامَ) هَذِهِ الْأَحْوَالُ هِيَ مُقَابِلُ الْأَظْهَرِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ فَعُلِمَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْأَفْضَلِ، وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ فِي بَيَانِ مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ وَالثَّانِي يَضَعُ الْإِبْهَامَ عَلَى الْوُسْطَى الْمَقْبُوضَةِ كَعَاقِدٍ ثَلَاثَةً وَعِشْرِينَ لِلِاتِّبَاعِ اهـ (قَوْلُهُ: أَتَى بِالسُّنَّةِ) وَلَمْ يُبَيِّنْ أَيَّهَا أَفْضَلَ بَعْدَ الْأُولَى، وَقَدْ اقْتَصَرَ فِي مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ السَّابِقِ عَلَى التَّحْلِيقِ فَلَعَلَّهُ أَفْضَلُ (قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ) قَالَ حَجّ فِي شَرْحِ الْحَضْرَمِيَّةِ تَوْجِيهًا لِحُصُولِ السُّنَّةِ بِكُلِّ ذَلِكَ لِوُرُودِ جَمِيعِ ذَلِكَ، لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَفْضَلُ لِأَنَّ رُوَاتَهُ أَفْقَهُ اهـ. وَمِثْلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: طَرِيقَةٌ لِبَعْضِ الْحِسَابِ إلَخْ) نَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْإِقْلِيدِ أَنَّ اشْتِرَاطَ وَضْعِ الْخِنْصَرِ عَلَى الْبِنْصِرِ فِي تَحَقُّقِ كَيْفِيَّةِ عَقْدِ ثَلَاثَةٍ وَخَمْسِينَ إنَّمَا هُوَ طَرِيقَةُ أَقْبَاطِ مِصْرَ، وَأَمَّا غَيْرُهُمْ، فَلَا يَشْتَرِطُونَ فِيهَا ذَلِكَ انْتَهَى. وَاعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى تَسْلِيمِ الِاعْتِرَاضِ. وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ التَّشْبِيهَ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ إنَّمَا وَقَعَ فِي مُجَرَّدِ ضَمِّ الْإِبْهَامِ إلَى الْمُسَبِّحَةِ كَأَنَّهُ قَالَ: ضَمُّ الْإِبْهَامِ إلَيْهَا كَمَا يَضُمُّهَا إلَيْهَا عَاقِدُ ثَلَاثَةٍ وَخَمْسِينَ، فَلَيْسَ فِي عِبَارَتِهِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ يَأْتِي بِجَمِيعِ الْهَيْئَةِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: جَرَى عَلَى الْغَالِبِ) يُقَالُ: عَلَيْهِ إذَا كَانَ الْمُرَادُ بِالْآخِرِ مَا ذَكَرَهُ لَا يَكُونُ التَّعْبِيرُ بِهِ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ، فَكَانَ الْأَوْلَى إبْدَالَ الْفَاءِ

وُجُوبُهَا فِيهَا وَالْقَائِلُ بِوُجُوبِهَا مَرَّةً فِي غَيْرِهَا مَحْجُوجٌ بِإِجْمَاعِ مَنْ قَبْلَهُ، وَالْقَائِلُ بِذَلِكَ لَمْ يَنْظُرْ لِقَوْلِ الْحَلِيمِيِّ وَجَمَعَ بِهِ، وَمَعَ تَسْلِيمِ صِحَّتِهِ فَلَا مَانِعَ مِنْ وُجُوبِهَا فِيهَا لِدَلِيلَيْنِ، وَصَحَّ «أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْك، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْك إذَا نَحْنُ صَلَّيْنَا عَلَيْك فِي صَلَاتِنَا؟ فَقَالَ: قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ» إلَى آخِرِهِ، خَرَجَ الزَّائِدُ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَيْهِ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي بِالْإِجْمَاعِ فَبَقِيَ وُجُوبُهَا، وَصَحَّ «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِحَمْدِ رَبِّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَلْيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلْيَدْعُ بِمَا شَاءَ مِنْ الدُّعَاءِ» وَصَحَّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا «يَتَشَهَّدُ الرَّجُلُ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يَدْعُو لِنَفْسِهِ بَعْدُ» فَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى وُجُوبِهَا وَمَحَلِّهَا. وَرَوَى أَبُو عَوَانَةَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ فَعَلَهَا فِي تَشَهُّدِهِ الْأَخِيرِ وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ تَرَكَهَا فِيهِ، فَمَنْ ادَّعَى أَنَّ الشَّافِعِيَّ شَذَّ حَيْثُ أَوْجَبَهَا وَلَا سَلَفَ لَهُ فِي سُنَّةٍ فِي ذَلِكَ يَتَّبِعُهَا فَقَدْ غَلِطَ، إذَا إيجَابُهَا لَمْ يُخَالِفْ نَصًّا وَلَا إجْمَاعًا وَلَا قِيَاسًا وَلَا مَصْلَحَةً رَاجِحَةً، بَلْ وَافَقَهُ عَلَى قَوْلِهِ عِدَّةٌ مِنْ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ كَعُمَرَ وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَكَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيّ وَالشَّعْبِيِّ وَمُقَاتِلٍ مِنْ التَّابِعِينَ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ الْأَخِيرُ وَإِسْحَاقَ وَقَوْلٌ لِمَالِكٍ، وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي مُخْتَصَرِهِ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي سِرَاجِ الْمَرِيدِينَ، فَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ يُوجِبُونَهَا فِي التَّشَهُّدِ حَتَّى قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ: ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ. (قَوْلُهُ: وَالْقَائِلُ بِذَلِكَ) أَيْ بِأَنَّهُ مَحْجُوجٌ (قَوْلُهُ وَجَمَعَ بِهِ) أَيْ أَنَّهُ تَجِبُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلَّمَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ: فَلَا مَانِعَ مِنْ وُجُوبِهَا) وَهَلْ الْقَائِلُ بِوُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فِي الْعُمْرِ مَرَّةً أَوْ كُلَّمَا ذَكَرَ يُجْرِيهِ فِي السَّلَامِ أَيْضًا بِدَلِيلِ كَرَاهَةِ إفْرَادِهِ فِيهَا أَوَّلًا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الثَّانِي لِقِيَامِ الدَّلِيلِ عِنْدَهُ فِي وُجُوبِهَا دُونَ السَّلَامِ (قَوْلُهُ: لِدَلِيلَيْنِ) هُمَا قَوْلُهُ صَلُّوا عَلَيْهِ عَلَى مَا بَيَّنَ بِهِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ الْحَلِيمِيُّ كَغَيْرِهِ عَلَى وُجُوبِهَا مُطْلَقًا، أَوْ قَوْلُهُ وَصَحَّ أَمَرَنَا اللَّهُ إلَخْ وَلَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ: فَلْيَبْدَأْ بِحَمْدِ رَبِّهِ) أَيْ وَهُوَ حَاصِلٌ بِالْقِرَاءَةِ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَمْدِ الثَّنَاءُ الَّذِي هُوَ مَعْنَاهُ لُغَةً، فَقَوْلُهُ بَعْدَهُ وَالثَّنَاءُ عَطْفُ تَفْسِيرٍ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ الْعَلْقَمِيُّ قَوْلَهُ «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ» : أَيْ فِي تَشَهُّدِهِ إذَا جَلَسَ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا مَا فِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ «كُنْت أُصَلِّي وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ مَعَهُ، فَلَمَّا جَلَسْت بَدَأْت بِالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ ثُمَّ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ دَعَوْت لِنَفْسِي فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: سَلْ تُعْطَهُ» اهـ. وَيُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ الْعَلْقَمِيُّ قَوْلُهُ وَصَحَّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: يُوجِبُونَهَا فِي التَّشَهُّدِ) قَالَ الزِّيَادِيُّ: بَلْ لَمْ يُحْفَظْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ غَيْرُ النَّخَعِيّ تَصْرِيحٌ بِعَدَمِ وُجُوبِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQبِأَوْ لِيَكُونَ جَوَابًا ثَانِيًا (قَوْلُهُ: وَالْقَائِلُ بِذَلِكَ) يَعْنِي: بِأَنَّهُ مَحْجُوجٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَالضَّمِيرُ فِي لِوُجُوبِهَا مَرَّةً: أَيْ، وَالْقَائِلُ بِأَنَّ الْقَائِلَ بِوُجُوبِهَا مَرَّةً مَحْجُوجٌ بِالْإِجْمَاعِ لَا يَنْظُرُ إلَى قَوْلِ الْحَلِيمِيِّ، وَالْجَمْعُ الْمَذْكُورُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ مَحْجُوجُونَ بِالْإِجْمَاعِ وَمُرَادُهُ بِذَلِكَ الرَّدُّ عَلَى الشِّهَابِ حَجّ فِي الْإِمْدَادِ حَيْثُ نَظَرَ فِي كَوْنِ الْقَائِلِ بِذَلِكَ مَحْجُوجًا بِالْإِجْمَاعِ بِأَنَّهُ قَالَ بِهِ الْحَلِيمِيُّ وَجَمْعٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمَذَاهِبِ الثَّلَاثَةِ وَعِبَارَتُهُ، وَالْقَائِلُ بِوُجُوبِهَا مَرَّةً فِي غَيْرِهَا مَحْجُوجٌ بِإِجْمَاعِ مَنْ قَبْلَهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ قَالَ بِهِ الْحَلِيمِيُّ وَجَمْعٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمَذَاهِبِ الثَّلَاثَةِ، ثُمَّ قَالَ عَقِبَهُ: وَعَلَى تَسْلِيمِ صِحَّتِهِ، فَلَا مَانِعَ مِنْ وُجُوبِهَا خَارِجَهَا وَفِيهَا لِدَلِيلَيْنِ انْتَهَى. وَظَاهِرٌ أَنَّ إيرَادَهُ هَذَا عَقِبَ النَّظَرِ إنَّمَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ تَقْوِيَةٌ لَهُ كَمَا هُوَ حَقُّ السِّيَاقِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ، وَعَلَى تَسْلِيمِ صِحَّتِهِ وَأَنَّهُ لَا نَظَرَ فِيهِ، فَلَا مَانِعَ إلَخْ، فَهُوَ بِخِلَافِ مَا يُفْهِمُهُ سِيَاقُ الشَّارِحِ، فَلْيُنْظَرْ مَا مُرَادُهُمَا بِهَذَا وَمَا مُرَادُهُمَا بِالدَّلِيلَيْنِ. وَفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ هُنَا مَا لَا يُشْفَى، إذْ حَاصِلُهُ مُحَاوَلَةُ تَحْصِيلِ دَلِيلَيْنِ يَنْزِلُ عَلَيْهِمَا كَلَامُهُمَا مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ ارْتِبَاطِ الْكَلَامِ بِبَعْضِهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَصَحَّ: إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِحَمْدِ رَبِّهِ إلَخْ) أَعْقَبَ هَذَا فِي الْإِمْدَادِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي هَذِهِ السِّوَادَةِ عِبَارَتُهُ بِمَا لَا يَتِمُّ الدَّلِيلُ إلَّا بِهِ، وَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ ذِكْرُهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ ذَاتُ الْأَرْكَانِ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ الْبَغَوِيّ فِي الْمَصَابِيحِ «إذَا صَلَّيْت فَقَعَدْت فَاحْمَدْ اللَّهَ

لَوْ سَلَّمَ تَفَرُّدُهُ بِذَلِكَ لَكَانَ حَبَّذَا التَّفَرُّدُ (وَالْأَظْهَرُ سَنُّهَا فِي الْأَوَّلِ) بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا فِيهِ بَعْدَهُ تَبَعًا لَهُ لِكَوْنِهِ ذِكْرًا يَجِبُ فِي الْآخَرِ فَاسْتُحِبَّ فِي الْأَوَّلِ كَالتَّشَهُّدِ وَالثَّانِي لَا تُسَنُّ فِيهِ لِبِنَائِهِ عَلَى التَّخْفِيفِ (وَلَا تُسَنُّ) الصَّلَاةُ (عَلَى الْآلِ فِي) التَّشَهُّدِ (الْأَوَّلِ عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْفِيفِ. وَالثَّانِي تُسَنُّ فِيهِ كَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ إذْ لَا تَطْوِيلَ فِي ذَلِكَ. وَسَيَأْتِي تَعْرِيفُ الْآلِ فِي كِتَابِ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. (وَتُسَنُّ فِي) التَّشَهُّدِ (الْآخَرِ) لِمَا صَحَّ مِنْ الْأَمْرِ بِهَا فِيهِ (وَقِيلَ تَجِبُ) فِيهِ عَمَلًا بِظَاهِرِ الْأَمْرِ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى إبْرَاهِيمَ كَمَا حَكَاهُ فِي الْبَيَانِ عَنْ صَاحِبِ الْفُرُوعِ (وَأَكْمَلُ التَّشَهُّدِ مَشْهُورٌ) وَرَدَ فِيهِ أَخْبَار صَحِيحَةٌ اخْتَارَ الشَّافِعِيُّ مِنْهَا خَبَرَ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ فَكَانَ يَقُولُ: التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ تَفَرُّدُهُ) أَيْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (قَوْلُهُ: لَكَانَ حَبَّذَا التَّفَرُّدُ) أَيْ لَكَانَ هَذَا التَّفَرُّدُ مَحْمُودًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْفِيفِ) فِي أَبِي دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَجْلِسُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ كَأَنَّهُ يَجْلِسُ عَلَى الرَّضْفِ حَتَّى يَقُومَ» وَالرَّضْفُ: الْحِجَارَةُ الْمُحْمَاةُ عَمِيرَةُ، وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ فِي فَصْلِ الرَّاءِ مَعَ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ: الرَّضْفُ الْحِجَارَةُ الْمُحْمَاةُ الْوَاحِدَةُ رَضْفَةٌ مِثْلُ تَمْرٍ وَتَمْرَةٍ وَبَابُهُ ضَرَبَ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْأَفْضَلَ تَشَهُّدُ ابْنِ عَبَّاسٍ) اُنْظُرْ وَجْهَ الْأَفْضَلِيَّةِ مَعَ كَوْنِ الْأَوَّلِ أَصَحَّ، وَلَعَلَّ وَجْهَهَا اشْتِمَالُهُ عَلَى زِيَادَةِ الْمُبَارَكَاتِ ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ. قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: قَالَ النَّوَوِيُّ: وَكُلُّهَا مُجْزِئَةٌ يَتَأَدَّى بِهَا الْكَمَالُ وَأَصَحُّهَا خَبَرُ ابْنِ مَسْعُودٍ ثُمَّ خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ، لَكِنَّ الْأَفْضَلَ تَشَهُّدُ ابْنِ عَبَّاسٍ لِزِيَادَةِ لَفْظِ الْمُبَارَكَاتِ فِيهِ وَلِمُوَافَقَتِهِ قَوْله تَعَالَى {تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً} [النور: 61] وَلِتَأَخُّرِهِ عَنْ تَشَهُّدِ ابْنِ مَسْعُودٍ شَرْحُ الرَّوْضِ اهـ بِحُرُوفِهِ، وَبِهَامِشِهِ عَنْ الدَّمِيرِيِّ عَلَى قَوْلِهِ وَلِتَأَخُّرِهِ عَنْ تَشَهُّدِ ابْنِ مَسْعُودٍ، لِأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ مِنْ مُتَقَدِّمِي الصَّحَابَةِ وَابْنَ عَبَّاسٍ مِنْ مُتَأَخِّرِيهِمْ وَالْمُتَأَخِّرُ يَقْضِي عَلَى الْمُتَقَدِّمِ. [فَرْعٌ] لَوْ عَجَزَ عَنْ التَّشَهُّدِ إلَّا إذَا كَانَ قَائِمًا كَأَنْ كَانَ مَكْتُوبًا بِنَحْوِ جِدَارٍ وَأَمْكَنَهُ قِرَاءَتُهُ، وَإِذَا جَلَسَ لَمْ يَرَهُ وَلَمْ تُمْكِنْهُ قِرَاءَتُهُ فَهَلْ يَسْقُطُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَيَجْلِسُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ تَشَهُّدٍ، أَوْ يَجِبُ الْقِيَامُ وَقِرَاءَتُهُ قَائِمًا ثُمَّ يَجْلِسُ لِلسَّلَامِ وَنَحْوِهِ فَيَسْقُطُ جُلُوسُ التَّشَهُّدِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُحَافَظَةً عَلَى الْإِتْيَانِ بِالتَّشَهُّدِ لِأَنَّهُ آكَدُ مِنْ الْجُلُوسِ لَهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْ مُصَلِّي النَّفْلِ كَمَا قُلْنَا فِيمَا سَبَقَ بَحْثًا أَنَّ مَنْ عَجَزَ فِي الْفَرِيضَةِ عَنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ إلَّا مِنْ جُلُوسٍ لِكَوْنِهَا مَنْقُوشَةً بِمَكَانٍ لَا يَرَاهُ إلَّا جَالِسًا أَنَّهُ يَجْلِسُ لِقِرَاءَتِهَا وَيَسْقُطُ الْقِيَامُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي قِيَاسًا عَلَى مَا ذُكِرَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُهُ وَلَا يَبْعُدُ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي: أَيْ فَيَأْتِي بِالتَّشَهُّدِ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمَطْلُوبَةِ بَعْدَهُ، وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْوَاجِبِ فَقَطْ فِيمَا يَظْهَرُ بَلْ لَوْ قَدَرَ عَلَى التَّشَهُّدِ جَالِسًا وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمَنْدُوبَةِ إلَّا قَائِمًا فَيُقَاسُ مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ بِمَا لَوْ عَجَزَ عَنْ السُّورَةِ مِنْ أَنَّهُ يَجْلِسُ. لِقِرَاءَتِهَا ثُمَّ يَقُومُ لِلرُّكُوعِ أَنْ يَقُومَ هُنَا بَعْدَ التَّشَهُّدِ لِلْأَدْعِيَةِ الْمَطْلُوبَةِ ثُمَّ يَجْلِسَ لِلسَّلَامِ. وَبَقِيَ مَا لَوْ عَجَزَ عَنْ الْقُعُودِ وَقَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ وَالِاضْطِجَاعِ فَهَلْ يُقَدَّمُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ تَقْدِيمُ الْقِيَامِ لِأَنَّ فِيهِ قُعُودًا وَزِيَادَةً قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ عَجَزَ عَنْ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَقَدَرَ عَلَى مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: أَيُّهَا النَّبِيُّ) وَلَا يَضُرُّ زِيَادَةُ يَا قَبْلَ أَيُّهَا كَمَا ذَكَرَهُ حَجّ فِي فَصْلٍ: تَبْطُلُ بِالنُّطْقِ بِحَرْفَيْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQبِمَا هُوَ أَهْلُهُ، وَصَلِّ عَلَيَّ ثُمَّ اُدْعُهُ» وَتَقْدِيرُ فَفَرَغْت قَبْلَ فَقَعَدْت لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ انْتَهَى. وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَمْدِ فِي الْأَحَادِيثِ الثَّنَاءُ، إذْ لَا حَمْدَ حَقِيقِيٌّ فِي الْقُعُودِ لِلصَّلَاةِ، فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مُطْلَقُ الثَّنَاءِ، وَهُوَ لَفْظُ التَّحِيَّاتُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْأَفْضَلَ تَشَهُّدُ ابْنِ عَبَّاسٍ) قَالَ الْمُصَنِّفُ: لِزِيَادَةِ لَفْظِ الْمُبَارَكَاتِ فِيهِ وَلِمُوَافَقَتِهِ قَوْله تَعَالَى

اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَكُلُّهَا مُجْزِئَةٌ يَتَأَدَّى بِهَا الْكَمَالُ، وَأَصَحُّهَا خَبَرُ ابْنِ مَسْعُودٍ ثُمَّ خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ، لَكِنَّ الْأَفْضَلَ تَشَهُّدُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرِوَايَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ «التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ» (وَأَقَلُّهُ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، سَلَامٌ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، وَسَلَامٌ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ) لِوُرُودِ إسْقَاطِ الْمُبَارَكَاتِ وَمَا يَلِيهَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ إسْقَاطَ الْمُبَارَكَاتِ مُسَلَّمٌ لِثُبُوتِ الْإِسْقَاطِ فِي رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ. وَأَمَّا الصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ فَلَمْ يَرِدْ إسْقَاطُهُمَا فِي شَيْءٍ مِنْ التَّشَهُّدَاتِ الَّتِي ذَكَرَهَا، وَصَرَّحَ الرَّافِعِيُّ بِعَدَمِ وُرُودِ حَذْفِهِمَا، وَعَلَّلَ الْجَوَازَ بِتَبَعِيَّتِهِمَا لِلتَّحِيَّاتِ وَجَعَلَ ضَابِطَ جَوَازِ الْحَذْفِ أَحَدَ أَمْرَيْنِ: إمَّا الْإِسْقَاطُ فِي رِوَايَةٍ، وَإِمَّا التَّبَعِيَّةُ، يُرَدُّ بِاحْتِمَالِ سُقُوطِهَا فِي غَيْرِ الرِّوَايَاتِ الَّتِي ذَكَرَهَا، وَبِأَنَّ الرَّافِعِيَّ نَافٍ وَالْمُصَنِّفَ مُثْبِتٌ، وَالثَّانِي مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَوَّلِ، وَتَعْرِيفُ السَّلَامِ أَفْضَلُ مِنْ تَنْكِيرِهِ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ لِكَثْرَتِهِ فِي الْأَخْبَارِ وَكَلَامِ الشَّافِعِيِّ، وَلِزِيَادَتِهِ وَمُوَافَقَتِهِ التَّحَلُّلَ، وَلَا تُسْتَحَبُّ التَّسْمِيَةُ أَوَّلَ التَّشَهُّدِ فِي الْأَصَحِّ، وَالْحَدِيثُ فِيهِ ضَعِيفٌ، وَالتَّحِيَّاتُ جَمْعُ تَحِيَّةٍ: مَا يُحَيَّى بِهِ مِنْ سَلَامٍ وَغَيْرِهِ، وَالْقَصْدُ بِذَلِكَ الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِأَنَّهُ مَالِكٌ لِجَمِيعِ التَّحِيَّاتِ مِنْ خَلْقِهِ، وَجُمِعَتْ لِأَنَّ كُلَّ مَلِكٍ كَانَ لَهُ تَحِيَّةً مَعْرُوفَةً يُحَيَّى بِهَا، وَمَعْنَى الْمُبَارَكَاتِ النَّامِيَاتُ، وَالصَّلَوَاتُ: الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَالسَّلَامُ قِيلَ مَعْنَاهُ اسْمُ السَّلَامِ: ـــــــــــــــــــــــــــــSوَعِبَارَتُهُ: وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِإِبْطَالِ زِيَادَةِ يَا قَبْلَ أَيُّهَا النَّبِيُّ فِي التَّشَهُّدِ أَخْذًا بِظَاهِرِ كَلَامِهِمْ هُنَا، لَكِنَّهُ بَعِيدٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَجْنَبِيًّا عَنْ الذِّكْرِ بَلْ يُعَدُّ مِنْهُ، وَمِنْ ثَمَّ أَفْتَى شَيْخُنَا بِأَنَّهُ لَا بُطْلَانَ بِهِ اهـ. وَأَقَرَّهُ سم عَلَيْهِ (وَقَوْلُهُ لَا بُطْلَانَ) : أَيْ وَإِنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا (قَوْلُهُ: وَالْمُصَنِّفُ مُثْبِتٌ) ظَاهِرُهُ فِي الْكُلِّ، وَعِبَارَةُ حَجّ: قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلِوُرُودِ إسْقَاطِ الصَّلَوَاتِ قَالَ غَيْرُهُ وَالطَّيِّبَاتُ اهـ. وَظَاهِرٌ أَنَّ النَّوَوِيَّ لَمْ يَنْقُلْ إسْقَاطَ الطَّيِّبَاتِ (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْ تَنْكِيرِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ اللَّامَ وَالتَّنْوِينَ مَعًا ضَرَّ، وَفِي حَجّ مَا نَصُّهُ: إذَا تَرَكَ تَشْدِيدَ النَّبِيِّ ضَرَّ، بِخِلَافِ حَذْفِ تَنْوِينِ سَلَامٍ فَإِنَّهُ مُجَرَّدُ لَحْنٍ غَيْرُ مُغَيِّرٍ لِلْمَعْنَى اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ لَيْسَ مِنْ اللَّحْنِ بَلْ هُوَ مِنْ حَذْفِ بَعْضِ الْحُرُوفِ، وَذَلِكَ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْمُغَيِّرِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ التَّنْوِينَ حَرْفٌ فِي الْكَلِمَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَالْعِبْرَةُ بِاللَّفْظِ بِمِثْلِ ذَلِكَ ثُمَّ الْخَطُّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَ التَّنْوِينَ وَيَحْتَاجُ لِتَوْجِيهٍ وَاضِحٍ اهـ سم. فِي شَرْحِ الْغَايَةِ بِالْمَعْنَى، وَنَقَلَ بِالدَّرْسِ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ الْجَزْمَ بِالْبُطْلَانِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَلْيُرَاجَعْ. وَيُؤْخَذُ مِنْ عُمُومِ حَاشِيَتِهِ حَيْثُ قَالَ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَنْوَارِ أَنْ يُرَاعِيَ هُنَا التَّشْدِيدَ وَعَدَمَ الْإِبْدَالِ وَغَيْرَهُمَا نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْفَاتِحَةِ. أَقُولُ: وَقَدْ يُوَجَّهُ مَا قَالَهُ حَجّ مِنْ جَوَازِ حَذْفِ التَّنْوِينِ بِأَنَّ التَّنْوِينَ وَإِنْ كَانَ ثَابِتًا فِي الْوَصْلِ لَكِنَّهُ يَسْقُطُ وَقْفًا، وَوَصْلُ بَعْضِ الْكَلِمَاتِ بِبَعْضٍ لَا يَجِبُ فَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِهِ، فَإِسْقَاطُهُ فِي الْوَصْلِ لَيْسَ بِلَحْنٍ مُغَيِّرٍ لِلْمَعْنَى، وَلَا فِيهِ إسْقَاطُ حَرْفٍ لَازِمٍ فِي الْحَالَيْنِ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي عَنْ سم عَلَى مَنْهَجٍ فِي الثَّانِي عَشَرَ وَمِنْ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ اللَّامِ وَالتَّنْوِينِ وَلَا يَضُرُّ فِي سَلَامِ التَّحَلُّلِ عَدَمُ الضَّرَرِ هُنَا أَيْضًا بِالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ: وَلَا تُسْتَحَبُّ التَّسْمِيَةُ أَوَّلَ التَّشَهُّدِ) عِبَارَةُ حَجّ: وَلَا يُسَنُّ أَوَّلُهُ بِسْمِ اللَّهِ وَبِاَللَّهِ قَبْلُ وَالْخَبَرُ فِيهِ ضَعِيفٌ اهـ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ مَالِكٌ لِجَمِيعِ التَّحِيَّاتِ مِنْ خَلْقِهِ) أَيْ مِمَّا فِيهِ تَعْظِيمٌ شَرْعًا لِيَخْرُجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ اعْتَادُوا نَوْعًا مَنْهِيًّا عَنْهُ فِي الشَّرْعِ كَكَشْفِ الْعَوْرَةِ وَالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ عُرْيَانَا (قَوْلُهُ: الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ) أَيْ هِيَ الصَّلَوَاتُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ) مِنْهُ كُلُّ صَلَاةٍ، وَقِيلَ الرَّحْمَةُ، وَقِيلَ الدُّعَاءُ، وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهَا الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ لِلثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ {تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً} [النور: 61] وَلِتَأَخُّرِهِ عَنْ تَشَهُّدِ ابْنِ مَسْعُودٍ (قَوْلُهُ: لِوُرُودِ إسْقَاطِ الْمُبَارَكَاتِ إلَخْ) أَيْ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَهُوَ مَرْجِعٌ لِلضَّمَائِرِ الْآتِيَةِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَإِنْ لَمْ يُقَدِّمْ ذِكْرَهُ (قَوْلُهُ: وَالْحَدِيثُ فِيهِ ضَعِيفٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ ضَعْفَهُ لَا يَمْنَعُ الْعَمَلَ بِهِ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فَلَعَلَّهُ شَدِيدُ الضَّعْفِ (قَوْلُهُ: الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ) هَذَا التَّفْسِيرُ ظَاهِرٌ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ الَّتِي فِيهَا الْعَطْفُ. أَمَّا عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَلَا إلَّا أَنْ يَكُونَ

أَيْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْك، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَعَلَيْنَا: أَيْ الْحَاضِرِينَ مِنْ إمَامٍ وَمُقْتَدٍ وَمَلَائِكَةٍ وَغَيْرِهِمْ، وَالْعِبَادُ جَمْعُ عَبْدٍ وَالصَّالِحِينَ جَمْعُ صَالِحٍ وَهُوَ الْقَائِمُ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُقُوقِ عِبَادِهِ، وَالرَّسُولُ مُبَلِّغٌ خَبَرَ مُرْسِلِهِ. وَلَا يُشْتَرَطُ تَرْتِيبُ التَّشَهُّدِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ لَمْ يُغَيِّرْ مَعْنَاهُ، فَإِنْ غَيَّرَ لَمْ يَصِحَّ وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ إنْ تَعَمَّدَ. أَمَّا مُوَالَاتُهُ فَشَرْطٌ كَمَا فِي التَّتِمَّةِ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّهُ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَقِيلَ يُحْذَفُ وَبَرَكَاتُهُ) لِلْغِنَى عَنْهُ بِرَحْمَةِ اللَّهِ (وَقِيلَ) يُحْذَفُ (الصَّالِحِينَ) لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِإِضَافَةِ الْعِبَادِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى لِانْصِرَافِهِ لِلصَّالِحَيْنِ، وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ مَا صَحَّحَهُ هُنَا فِي أَقَلِّ التَّشَهُّدِ مِنْ لَفْظَةِ وَبَرَكَاتُهُ يُخَالِفُ قَوْلَهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَشَهَّدَ بِتَشَهُّدِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَوْ غَيْرِهِ جَازَ، إذْ لَيْسَ فِي تَشَهُّدِ عُمَرَ وَبَرَكَاتُهُ رُدَّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّهُ لَوْ تَشَهَّدَ بِتَشَهُّدِ عُمَرَ بِكَمَالِهِ أَجْزَأَهُ، فَأَمَّا كَوْنُهُ يُحْذَفُ بَعْضُ تَشَهُّدِ عُمَرَ اعْتِمَادًا عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي تَشَهُّدِ غَيْرِهِ وَيُحْذَفُ وَبَرَكَاتُهُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي تَشَهُّدِ عُمَرَ فَقَدْ لَا يَكْفِي لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالتَّشَهُّدِ عَلَى حَالَةٍ مِنْ الْكَيْفِيَّاتِ الْمَرْوِيَّةِ (وَ) قِيلَ (يَقُولُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُهُ) بَدَلَ وَأَشْهَدُ إلَخْ، لِأَنَّهُ يُؤَدِّي مَعْنَاهُ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِرَدِّ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ بِإِسْقَاطِ أَشْهَدُ الثَّانِيَةُ ضَعِيفٌ لِكَوْنِهَا ثَابِتَةً فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ بِقَوْلِهِ (قُلْت: الْأَصَحُّ) يَقُولُ (وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَقَوْلُ الشَّارِحِ لَكِنْ بِلَفْظِ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فَالْمُرَادُ إسْقَاطُ أَشْهَدُ أَشَارَ بِهِ إلَى رَدِّ اعْتِرَاضِ الْإِسْنَوِيِّ مِنْ أَنَّ الثَّابِتَ فِي ذَلِكَ ثَلَاثُ كَيْفِيَّاتٍ: إحْدَاهَا وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ الثَّانِيَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــSتَعَالَى اهـ عَمِيرَةُ (قَوْله أَيْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْك) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْبَرَكَةُ وَالرَّحْمَةُ فَكَأَنَّهُ قِيلَ: بَرَكَةُ هَذَا الِاسْمِ مُحِيطَةٌ بِك (قَوْلُهُ: وَحُقُوقُ عِبَادِهِ إلَخْ) أَيْ فَمَنْ تَرَكَ صَلَاةً وَاحِدَةً فَقَدْ ظَلَمَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَمِيعَ عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ بِمَنْعِ مَا وَجَبَ لَهُمْ مِنْ السَّلَامِ عَلَيْهِمْ، وَبِبَعْضِ الْهَوَامِشِ: أَنَّ هَذَا مَعْنًى خَاصٌّ لَهُ، وَمَعْنَاهُ الْعَامُّ الْمُسَلَّمُ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا اهـ. وَقَدْ يُقَالُ بَلْ الظَّاهِرُ مَا فِي الْأَصْلِ لِأَنَّهُ إذَا أُرِيدَ عُمُومُ الْمُسْلِمِينَ يَقْتَضِي طَلَبُ الدُّعَاءِ لِلْعُصَاةِ وَهُوَ غَيْرُ لَائِقٍ فِي مَقَامِ طَلَبِ الدُّعَاءِ (قَوْلُهُ: وَالرَّسُولُ مُبَلِّغٌ خَبَرَ مُرْسِلِهِ) قَضِيَّتُهُ بَعْدَ الْأَمْرِ وَقَبْلَ التَّبْلِيغِ لَيْسَ رَسُولًا، وَتَعْرِيفُهُمْ الرَّسُولَ بِأَنَّهُ إنْسَانٌ أُوحِيَ إلَيْهِ بِشَرْعٍ وَأُمِرَ بِتَبْلِيغِهِ يَقْتَضِي خِلَافَهُ، إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ قَوْلُهُ مُبَلِّغٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ شَأْنِهِ التَّبْلِيغُ أَوْ بِأَنَّ ذَاكَ تَفْسِيرٌ لِلرَّسُولِ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ: الثَّابِتُ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي تَشَهُّدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: ثَلَاثُ كَيْفِيَّاتٍ) أَيْ فِي تَشَهُّدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَانْظُرْ مَا كَانَ يَقُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّشَهُّدِ إذَا صَلَّى ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى حَذْفِ الْعَاطِفِ، إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ وَصْفًا لِلتَّحِيَّاتِ لِكَوْنِهِ أَخَصَّ، وَلَا بَدَلَ بَعْضٍ؛ لِأَنَّهُ عَلَى نِيَّةِ طَرْحِ الْمُبْدَلِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ) لَعَلَّهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ أَوْ فِيهِ حَيْثُ لَمْ يَشْتَرِطْهُ فِيهِ مَعَ اشْتِرَاطِهِ لَهُ فِي الْفَاتِحَةِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَحْذِفُ الصَّالِحِينَ) الْمَوْجُودُ فِي نُسَخِ الشَّارِحِ إثْبَاتُ وَاوِ الصَّالِحِينَ بِالْحُمْرَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ، وَقِيلَ يُحْذَفُ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ صَاحِبَ هَذَا الْقِيلِ يَقُولُ بِحَذْفِ وَبَرَكَاتُهُ أَيْضًا، وَهُوَ خِلَافُ مَا يُفِيدُهُ حَلُّ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ وَالشِّهَابِ حَجّ حَيْثُ أَدْخَلَا وَاوَ الْمَتْنِ عَلَى قَوْلِهِمَا قِيلَ (قَوْلُهُ: رُدَّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الرَّدِّ لِمَنْ تَأَمَّلَ كَلَامَهُمْ فِي هَذَا الْمَقَامِ، فَإِنَّ أَحَدًا لَمْ يَذْهَبْ إلَى وُجُوبِ الْتِزَامِ رِوَايَةٍ بِخُصُوصِهَا وَكَلَامُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ يَجُوزُ بَعْضُ إسْقَاطِ مَا وَرَدَ إسْقَاطُهُ فِي الرِّوَايَاتِ مُطْلَقًا، ثُمَّ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا تَشَهَّدَ بِالتَّشَهُّدِ الَّذِي وَرَدَ فِيهِ إسْقَاطُ وَبَرَكَاتُهُ يَكْفِيهِ، وَهُوَ خِلَافُ الْمَذْهَبِ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، عَلَى أَنَّ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ تَشَهُّدَ عُمَرَ فِيهِ وَبَرَكَاتُهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَيَقُولُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُهُ) سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ اعْتِمَادُهُ قَرِيبًا تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الشَّارِحِ إلَخْ) يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الشَّارِحَ جَعَلَ اسْتِدْرَاكَ الْمُصَنِّفِ رَاجِعًا لِمَا مَرَّ فِي أَقَلِّ التَّشَهُّدِ تَبَعًا لِلشَّارِحِ الْجَلَالِ، بِخِلَافِ الشِّهَابِ حَجّ، فَإِنَّهُ جَعَلَهُ رَاجِعًا إلَى الْقِيلِ قَبْلَهُ

وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ. الثَّالِثَةُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ بِإِسْقَاطِ أَشْهَدُ أَيْضًا كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي مُوسَى، فَلَيْسَ مَا قَالَهُ وَاحِدًا مِنْ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّ الْإِسْقَاطَ إنَّمَا وَرَدَ مَعَ زِيَادَةِ الْعَبْدِ انْتَهَى. وَأَفَادَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ الصَّوَابَ إجْزَاءُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُهُ لِثُبُوتِهِ فِي تَشَهُّدِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِلَفْظِ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ، وَقَدْ حَكَوْا الْإِجْمَاعَ عَلَى جَوَازِ التَّشَهُّدِ بِالرِّوَايَاتِ كُلِّهَا، وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا اشْتَرَطَ لَفْظَةَ عَبْدِهِ انْتَهَى. وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِمَا ذُكِرَ، وَاسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْأَفْضَلَ تَعْرِيفُ السَّلَامِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إبْدَالُ لَفْظٍ مِنْ هَذَا الْأَقَلِّ وَلَوْ بِمُرَادِفِهِ كَالنَّبِيِّ بِالرَّسُولِ وَعَكْسِهِ وَمُحَمَّدٍ بِأَحْمَدَ أَوْ غَيْرِهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَا يَأْتِي فِي مُحَمَّدٍ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ بِأَنَّ أَلْفَاظَهَا الْوَارِدَةَ كَثُرَ فِيهَا اخْتِلَافُ الرِّوَايَاتِ، فَدَلَّ عَلَى عَدَمِ التَّقْيِيدِ بِلَفْظِ مُحَمَّدٍ فِيهَا، بِخِلَافِ لَفْظِ الصَّلَاةِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْخُصُوصِيَّةِ الَّتِي لَا تُوجَدُ فِي مُرَادِفِهَا، وَمِنْ ثَمَّ اخْتَصَّ بِهَا الْأَنْبِيَاءُ صَلَّى اللَّه وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ. (وَأَقَلُّ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ -) حَيْثُ قِيلَ بِوُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ فِي التَّشَهُّدِ الْآخَرِ أَوْ بِاسْتِحْبَابِهَا فِي الْأَوَّلِ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ فِيهِمَا، أَوْ بِاسْتِحْبَابِهَا فِي الْآخَرِ عَلَى الرَّاجِحِ (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ) لَا يُقَالُ: لَمْ يَأْتِ بِمَا فِي آيَةِ {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56] إذْ فِيهَا السَّلَامُ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ. لِأَنَّا نَقُولُ: قَدْ حَصَلَ بِقَوْلِهِ السَّلَامُ عَلَيْك إلَى آخِرِهِ، وَلَا يَتَعَيَّنُ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى نَفْسِهِ. ثُمَّ رَأَيْت فِي تَخْرِيجِ الْعَزِيزِ لِلْحَافِظِ الْعَسْقَلَانِيِّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ يَعْنِي الْعَزِيزَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ فِي تَشَهُّدِهِ: أَشْهَدُ أَنَّى رَسُولُ اللَّهِ» : كَذَا قَالَ، وَلَا أَصْلَ لِذَلِكَ بَلْ أَلْفَاظُ التَّشَهُّدِ مُتَوَاتِرَةٌ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَوْ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ» اهـ. وَعِبَارَةُ حَجّ فِي الْأَذَانِ نَصُّهَا: وَنُقِلَ عَنْهُ فِي تَشَهُّدِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ كَانَ يَأْتِي بِأَحَدِهِمَا تَارَةً وَبِالْآخَرِ أُخْرَى عَلَى مَا يَأْتِي ثَمَّ اهـ. وَعِبَارَتُهُ هُنَا: وَوَقَعَ فِي الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ فِي تَشَهُّدِهِ: «وَأَشْهَدُ أَنَّى رَسُولُ اللَّهِ» ، وَرَدُّوهُ بِأَنَّ الْأَصَحَّ خِلَافُهُ اهـ. وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ صَحَّحَ خِلَافَ مَا نُقِلَ فِي الْأَذَانِ، بَلْ أَشَارَ إلَى التَّوَقُّفِ فِيمَا نَقَلَهُ فِي الْأَذَانِ بِقَوْلِهِ عَلَى مَا يَأْتِي ثَمَّ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ مَا قَالَهُ) أَيْ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ مَا أَفَادَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ أَنَّ الصَّوَابَ إجْزَاءُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُهُ. وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا مَعَ قَوْلِ الْمَتْنِ قُلْت: الْأَصَحُّ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ إلَخْ وَمَعَ مَا نَقَلَهُ مِنْ رِوَايَةِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي مُوسَى مِنْ إجْزَاءِ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَنَّ الصِّيَغَ الْمُجْزِئَةَ بِدُونِ أَشْهَدُ ثَلَاثٌ، وَيُسْتَفَادُ إجْزَاؤُهَا مَعَ أَشْهَدُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى فَتَصِيرُ الصُّوَرُ الْمُجْزِئَةُ سِتًّا. وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَكْفِي وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُهُ عَلَى مَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَذِكْرُ الْوَاوِ بَيْنَ الشَّهَادَتَيْنِ لَا بُدَّ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَاسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ) أَيْ حَيْثُ جَعَلَ سَلَامٌ مِنْ الْأَقَلِّ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْأَفْضَلَ تَعْرِيفُ السَّلَامِ) تَقَدَّمَ لَهُ التَّصْرِيحُ بِهِ قَرِيبًا وَذَكَرَهُ هُنَا لِبَيَانِ أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ التَّشَهُّدِ وَسَلَامِ التَّحَلُّلِ (قَوْلُهُ: فَدَلَّ عَلَى عَدَمِ التَّقْيِيدِ بِلَفْظِ مُحَمَّدٍ) أَيْ بَلْ يَتَجَاوَزُهُ إلَى غَيْرِهِ مِمَّا سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ عَلَى رَسُولِهِ أَوْ عَلَى النَّبِيِّ لَا مُطْلَقًا خِلَافًا لِمَا قَدْ تُوهِمُهُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ. (قَوْلُهُ: قَدْ حَصَلَ بِقَوْلِهِ السَّلَامُ عَلَيْك) عِبَارَةُ الْمُنَاوِيِّ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ عَلَى الْجَامِعِ عِنْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَيُّمَا رَجُلٍ كَسَبَ مَالًا مِنْ حَلَالٍ فَأَطْعَمَ نَفْسَهُ وَكَسَاهَا فَمَنْ دُونَهُ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ فَإِنَّهَا لَهُ زَكَاةٌ، وَأَيُّمَا رَجُلٍ مُسْلِمٍ لَمْ تَكُنْ لَهُ صَدَقَةٌ فَلْيَقُلْ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِك وَرَسُولِك وَصَلِّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ فَإِنَّهَا لَهُ زَكَاةٌ» مَا نَصُّهُ: وَاقْتِصَارُهُ عَلَى الصَّلَاةِ يُؤْذِنُ بِأَنَّهُ لَا يَضُمُّ إلَيْهِ السَّلَامَ فَيُعَكِّرُ عَلَى مَنْ كَرِهَ الْإِفْرَادَ، وَنَعَمْ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْبَعْضُ مِنْ تَخْصِيصِ الْكَرَاهَةِ بِغَيْرِ مَا وَرَدَ فِيهِ الْإِفْرَادُ بِخُصُوصِهِ كَمَا هُنَا فَلَا نَزِيدُ فِيهِ بَلْ نَقْتَصِرُ عَلَى الْوَارِدِ اهـ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ سَنِّ السَّلَامِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ لِعَدَمِ وُرُودِهِ اهـ. وَقَوْلُهُ لَمْ تَكُنْ لَهُ صَدَقَةٌ لَعَلَّ الْمُرَادَ لَمْ تُوجَدْ لَهُ صَدَقَةٌ لِعَدَمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مَا تَقَرَّرَ فَيَكْفِي صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ أَوْ عَلَى رَسُولِهِ أَوْ عَلَى النَّبِيِّ دُونَ أَحْمَدَ أَوْ عَلَيْهِ، أَمَّا الْخُطْبَةُ فَيُجْزِئُهُ فِيهَا وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى الرَّسُولِ أَوْ الْمَاحِي أَوْ الْحَاشِرِ أَوْ الْعَاقِبِ أَوْ الْبَشِيرِ أَوْ النَّذِيرِ، وَلَا يُجْزِئُ ذَلِكَ هُنَا كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُمْ إنَّهُ لَا يَكْفِي أَحْمَدُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْخُطْبَةِ بِأَنَّهُ يُطْلَبُ فِيهَا مَزِيدُ الِاحْتِيَاطِ فَلَمْ يُغْتَفَرْ هُنَا مَا فِيهِ نَوْعُ إبْهَامٍ، بِخِلَافِ الْخُطْبَةِ فَإِنَّهَا أَوْسَعُ مِنْ الصَّلَاةِ وَشُرُوطُهَا شُرُوطُ التَّشَهُّدِ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ، وَقَضِيَّتُهُ وُجُوبُ مُرَاعَاةِ التَّشْدِيدِ هُنَا وَعَدَمُ الْإِبْدَالِ وَغَيْرُهُمَا نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْفَاتِحَةِ. نَعَمْ فِي النَّبِيِّ لُغَتَانِ الْهَمْزَةُ وَالتَّشْدِيدُ فَيَجُوزُ كُلٌّ مِنْهُمَا لَا تَرَكَهُمَا مَعًا، وَيُؤْخَذُ ـــــــــــــــــــــــــــــSتَيَسُّرِهَا لَهُ حَتَّى تَكُونَ صَلَاتُهُ زَكَاةً: أَيْ طَهَارَةً وَمَدْحًا لَهُ. نَعَمْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَخْلُو فَاعِلُهَا مِنْ الثَّوَابِ (قَوْلُهُ: فَيَكْفِي صلى الله على محمد) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِذَلِكَ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَيْ لِأَنَّهَا مَصْرُوفَةٌ لَهُ، لَكِنْ فِي شَرْحِ حَجّ عَلَى الْإِرْشَادِ لَوْ قَالَ الصَّلَاةُ عَلَى مُحَمَّدٍ يُجْزِئُ إنْ نَوَى بِهِ الدُّعَاءَ اهـ. وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ) صلى الله على محمد) وَرَدَتْ لِلْإِنْشَاءِ فِي كَلَامِ الشَّارِعِ فِي الْقُنُوتِ، وَكَثُرَ اسْتِعْمَالُهَا فِي الْإِنْشَاءِ فِي لِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرْعِ فِي التَّشَهُّدِ وَغَيْرِهِ، وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى مُحَمَّدٍ فَهِيَ خَبَرِيَّةٌ لَفْظًا وَلَمْ يَكْثُرْ اسْتِعْمَالُهَا فِي الشَّرْعِ فِي غَيْرِهِ فَاحْتِيجَ فِي الِاكْتِفَاءِ بِهَا إلَى قَصْدِ الدُّعَاءِ، وَقِيَاسُهُ إجْزَاءُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ وَعَلَى رَسُولِهِ حَيْثُ قَصَدَ بِهِمَا الدُّعَاءَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي أُصَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ، وَلَوْ قِيلَ بِالِاكْتِفَاءِ بِهِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى رَسُولِهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُجْزِئَ هَذَا اللَّفْظُ، وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ عَلَى الرَّسُولِ لَمْ يَكْفِ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى هَذِهِ الْأَحْرُفِ بِأَيِّ صِيغَةٍ اتَّفَقَتْ، لَكِنْ قَدْ يُفْهَمُ قَوْلُ الشَّارِحِ أَمَّا الْخُطْبَةُ فَيُجْزِئُهُ فِيهَا وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى الرَّسُولِ إلَى أَنْ قَالَ: وَلَا يُجْزِئُ ذَلِكَ هُنَا أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالضَّمِيرِ قَيْدٌ هُنَا، بِخِلَافِ الرَّسُولِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ إنْ قَالَ عَلَى الرَّسُولِ كَالْمُرْسِلِ لَا يَكْفِي (قَوْلُهُ: وَشُرُوطُهَا) أَيْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ شُرُوطُ التَّشَهُّدِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ عَكَسَ التَّرْتِيبَ كَأَنْ قَالَ عَلَى مُحَمَّدٍ اللَّهُمَّ صَلِّ لَمْ يَضُرَّ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ الْإِبْدَالِ وَغَيْرُهُمَا) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ كَوْنِ مَا ذُكِرَ قَضِيَّتُهُ، فَإِنَّ الْمُسْتَفَادَ مِنْهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ مَا يُعْتَبَرُ فِي التَّشَهُّدِ، وَلَا يَلْزَمُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ التَّشَهُّدَ كَالْفَاتِحَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا نَصُّهُ: وَفِي الْأَنْوَارِ وَشُرُوطُ التَّشَهُّدِ رِعَايَةُ الْكَلِمَاتِ وَالْحُرُوفِ وَالتَّشْدِيدَاتِ وَالْإِعْرَابِ الْمُخِلِّ: أَيْ تَرْكُهُ وَالْمُوَالَاةُ وَالْأَلْفَاظُ الْمَخْصُوصَةُ وَإِسْمَاعُ النَّفْسِ كَالْفَاتِحَةِ اهـ. وَعَلَيْهِ فَكَانَ حَقُّ الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ قَوْلِهِ شُرُوطُهَا شُرُوطُ التَّشَهُّدِ وَقَدْ قَالَ فِي التَّشَهُّدِ يُشْتَرَطُ مُرَاعَاةُ تَشْدِيدَاتِهِ وَقَضِيَّتُهُ إلَخْ، وَإِسْقَاطُ قَوْلِهِ نَظِيرُ مَا مَرَّ إلَخْ وَيُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَعَدَمُ الْإِبْدَالِ أَنَّهُ لَوْ أَبْدَلَ " نَا " مِنْ قَوْلِهِ السَّلَامُ عَلَيْنَا أَوْ الْكَافَ مِنْ قَوْلِهِ السَّلَامُ عَلَيْك بِالِاسْمِ الظَّاهِرِ كَأَنْ قَالَ السَّلَامُ عَلَى مُحَمَّدٍ أَوْ أَبْدَلَ الْأَلْفَ مِنْ عَلَيْنَا بِالْهَاءِ كَمَا يَقَعُ مِنْ بَعْضِ الْعَوَامّ بِلَفْظِ السَّلَامُ عَلَيْهِ لَمْ يَكْفِ وَإِنْ كَانَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ، ثُمَّ إنْ أَعَادَهَا عَلَى الصَّوَابِ اسْتَمَرَّتْ صَلَاتُهُ عَلَى الصِّحَّةِ وَإِنْ لَمْ يَتَدَارَكْ حَتَّى سَلَّمَ وَطَالَ الْفَصْلُ وَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ (قَوْلُهُ لَا تَرَكَهُمَا مَعَهَا) وَمِنْهُ السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ بِسُكُونِ الْيَاءِ مُخَفَّفَةً وَصَلَ أَوْ وَقَفَ فَيَضُرُّ عَامِّيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، ثُمَّ إنْ أَعَادَهُ عَلَى الصَّوَابِ اكْتَفَى بِهِ، وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِالسَّلَامِ إنْ تَعَمَّدَ أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: نَعَمْ فِي النَّبِيِّ لُغَتَانِ إلَخْ) هَذَا مِنْ مَبَاحِثِ التَّشَهُّدِ لَا مِنْ مَبَاحِثِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُوَ تَابِعٌ فِي هَذِهِ السِّوَادَةِ لِلشِّهَابِ حَجّ فِي التُّحْفَةِ، لَكِنَّ ذَاكَ إنَّمَا ذَكَرَهَا هُنَاكَ فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَهَا أَيْضًا هُنَاكَ ثُمَّ يُحِيلَ عَلَيْهَا هُنَا، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْأَنْوَارِ وَعِبَارَتُهُ فِي التَّشَهُّدِ نَصُّهَا: وَشَرْطُ التَّشَهُّدِ رِعَايَةُ الْكَلِمَاتِ، وَالْحُرُوفِ وَالتَّشْدِيدَاتِ، وَالْإِعْرَابِ الْمُخِلِّ، وَالْمُوَالَاةِ، وَالْأَلْفَاظِ الْمَخْصُوصَةِ وَإِسْمَاعِ النَّفْسِ كَالْفَاتِحَةِ، ثُمَّ قَالَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ

مِمَّا تَقَرَّرَ فِي التَّشْدِيدِ أَنَّهُ لَوْ أَظْهَرَ النُّونَ الْمُدْغَمَةَ فِي اللَّامِ فِي أَنْ لَا إلَهَ أَبْطَلَ لِتَرْكِهِ شَدَّةً مِنْهُ نَظِيرَ مَا يُقَالُ فِي أَلْ رَحْمَنَ بِإِظْهَارِ أَلْ، فَزَعَمَ عَدَمُ إبْطَالِهِ لِأَنَّهُ لَحْنٌ غَيْرُ مُغَيِّرٍ لِلْمَعْنَى لَيْسَ بِصَحِيحٍ، إذْ مَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَرْكُ حَرْفٍ وَالشَّدَّةُ بِمَنْزِلَةِ الْحَرْفِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ. نَعَمْ لَا يَبْعُدُ عُذْرُ الْجَاهِلِ بِذَلِكَ لِخَفَائِهِ كَثِيرًا، وَقَوْلُ ابْنُ كَبْنٍ: إنَّ فَتْحَةَ لَامَ رَسُول اللَّهِ مِنْ عَارِفٍ مُتَعَمِّدٍ حَرَامٌ مُبْطِلٌ وَمِنْ جَاهِلٍ حَرَامٌ غَيْرُ مُبْطِلٍ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ التَّعَلُّمُ وَإِلَّا أَبْطَلَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ إذْ لَيْسَ فِيهِ تَغْيِيرٌ لِلْمَعْنَى فَلَا حُرْمَةَ وَلَوْ مَعَ الْعَمْدِ وَالْعِلْمِ نَعَمْ لَوْ نَوَى الْعَالِمُ الْوَصْفِيَّةَ وَلَمْ يُضْمَرْ خَبَرًا أَبْطَلَ لِفَسَادِ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ (وَالزِّيَادَةُ) عَلَى مَا ذُكِرَ (إلَى حَمِيدٍ مَجِيدٍ) كَمَا فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِلْوَارِدِ وَهِيَ «وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ» . وَالْأَفْضَلُ الْإِتْيَانُ بِلَفْظِ السِّيَادَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ ظَهِيرَةَ وَصَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ وَبِهِ أَفْتَى الشَّارِحُ لِأَنَّ فِيهِ الْإِتْيَانَ بِمَا أُمِرْنَا بِهِ وَزِيَادَةُ الْأَخْبَارِ بِالْوَاقِعِ الَّذِي هُوَ أَدَبٌ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ تَرْكِهِ وَإِنْ تَرَدَّدَ فِي أَفْضَلِيَّتِهِ الْإِسْنَوِيُّ، وَأَمَّا حَدِيثُ «لَا تُسَيِّدُونِي فِي الصَّلَاةِ» فَبَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي الْحُفَّاظِ، وَقَوْلُ الطُّوسِيِّ: إنَّهَا مُبْطِلَةٌ غَلَطٌ. وَآلُ إبْرَاهِيمَ إسْمَاعِيلُ وَإِسْحَاقُ وَأَوْلَادُهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSسَلَّمَ نَاسِيًا وَطَالَ الْفَصْلُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ أَظْهَرَ النُّونَ إلَخْ) قِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ أَظْهَرَ التَّنْوِينَ الْمُدْغَمَ فِي الرَّاءِ فِي وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَبْطَلَ، فَإِنَّ الْإِدْغَامَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا فِي كَلِمَتَيْنِ، هَذَا وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ لِأَنَّ الْإِظْهَارَ لَا يَزِيدُ عَلَى اللَّحْنِ الَّذِي لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى خُصُوصًا، وَقَدْ جَوَّزَ بَعْضُ الْقُرَّاءِ الْإِظْهَارَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ الْجَزَرِيِّ فِي بَابِ أَحْكَامِ النُّونِ السَّاكِنَةِ وَالتَّنْوِينِ مَا نَصُّهُ: وَخَيَّرَ الْبِزِّيُّ بَيْنَ الْإِدْغَامِ وَالْإِظْهَارِ فِيهَا: أَيْ النُّونِ وَالتَّنْوِينِ عِنْدَهُمَا: أَيْ عِنْدَ اللَّامِ وَالرَّاءِ إلَخْ اهـ. وَأَمَّا قَوْلُهُ لِأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إلَخْ فَجَوَابُهُ أَنَّهُ لَمْ يُتْرَكْ هُنَا حَرْفٌ. فَإِنْ قُلْت: فَاتَتْ صِفَةٌ. قُلْنَا: وَفَاتَتْ فِي اللَّحْنِ الَّذِي لَا يُغَيِّرُ مَعَ أَنَّ هُنَا رُجُوعًا لِلْأَصْلِ وَفِيهِ اسْتِقْلَالُ الْحَرْفَيْنِ فَهُوَ مُقَابِلُ فَوَاتِ تِلْكَ الصِّفَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لَا يَبْعُدُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ إذْ لَيْسَ فِيهِ تَغْيِيرٌ لِلْمَعْنَى) وَلَا يَحْرُمُ إلَّا مَا يُغَيِّرُهُ وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَتَى بِيَاءٍ فِي اللَّهُمَّ صَلِّ بِسَبَبِ الْإِشْبَاعِ لِلْحَرَكَةِ لَمْ يَحْرُمْ وَلَمْ يَبْطُلْ لِعَدَمِ تَغْيِيرِهِ الْمَعْنَى، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ بَلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُطْلَقِ الْقُرْآنِ حَيْثُ حَرُمَ فِيهِ اللَّحْنُ مُطْلَقًا بِأَنَّا تَعَبَّدْنَا بِأَلْفَاظِ الْقُرْآنِ خَارِجَ الصَّلَاةِ فَوَجَبَ التَّعَبُّدُ فِيهِ بِخُصُوصِ مَا نَزَلَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ هَذَا (قَوْلُهُ: إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ مَا نَصُّهُ: وَفِي الْأَذْكَارِ وَغَيْرِهِ الْأَفْضَلُ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِك وَرَسُولِك النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِيهِ الْإِتْيَانَ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا سَنُّ الْإِتْيَانِ بِلَفْظِ السِّيَادَةِ فِي الْأَذَانِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَعْظِيمُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِوَصْفِ السِّيَادَةِ حَيْثُ ذُكِرَ. لَا يُقَالُ: لَمْ يَرِدْ وَصْفُهُ بِالسِّيَادَةِ فِي الْأَذَانِ. لِأَنَّا نَقُولُ: كَذَلِكَ هُنَا وَإِنَّمَا طَلَبَ وَصْفَهُ بِهَا لِلتَّشْرِيفِ وَهُوَ يَقْتَضِي الْعُمُومَ فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (قَوْلُهُ: إسْمَاعِيلُ وَإِسْحَاقُ وَأَوْلَادُهُمَا) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَوْلَادُهُمَا بِلَا وَاسِطَةٍ أَوْ ذُرِّيَّتُهُمَا مُطْلَقًا لَكِنْ بِالْحَمْلِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُمْ، ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لِإِبْرَاهِيمَ مِنْ الْأَوْلَادِ إلَّا إسْمَاعِيلُ وَإِسْحَاق، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَهُ أَوْلَادٌ عِدَّةٌ، فَفِي شَرْحِ الْمُنَاوِيِّ عَلَى الْجَامِعِ عِنْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ» إلَخْ مَا نَصُّهُ: وَفِي الرَّوْضِ الْأُنُفِ كَانَ لِإِبْرَاهِيمَ سِتَّةُ أَوْلَادٍ سِوَى إسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ، ثُمَّ قَالَ: وَكَانُوا أَيْ أَوْلَادُ إبْرَاهِيمَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ اهـ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَشُرُوطُهَا شُرُوطُ التَّشَهُّدِ (قَوْلُهُ: لِتَرْكِهِ شِدَّةً إلَخْ) نَازَعَ فِيهِ الشِّهَابُ سم فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ) لَيْسَ هَذَا مِنْ الزِّيَادَةِ وَإِنَّمَا الزِّيَادَةُ مَا بَعْدَهُ. نَعَمْ الْإِتْيَانُ بِهِ بَدَلَ وَآلِهِ أَكْمَلُ

كَمَا قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيّ، وَخَصَّ إبْرَاهِيمَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ مِنْ اللَّهِ هِيَ الرَّحْمَةُ، وَلَمْ تُجْمَعْ الرَّحْمَةُ وَالْبَرَكَةُ لِنَبِيٍّ غَيْرَهُ، قَالَ تَعَالَى {رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ} [هود: 73] فَسَأَلَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إعْطَاءَ مَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ مِمَّا سَبَقَ إعْطَاؤُهُ لِإِبْرَاهِيمَ، أَوْ لِيَطْلُبَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَآلِهِ وَلَيْسُوا بِأَنْبِيَاءِ مَنَازِلَ إبْرَاهِيمَ وَآلِهِ الْأَنْبِيَاءِ، أَوْ التَّشْبِيهُ عَائِدٌ لِقَوْلِهِ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ فَقَطْ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى الْأَخِيرَيْنِ أَنَّ غَيْرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا يُسَاوِيهِمْ مُطْلَقًا لِأَنَّا نَقُولُ: مُرَادُنَا بِالْمُسَاوَاةِ عَلَى الْقَوْلِ بِحُصُولِهَا. بِالنَّسِيَةِ لِهَذَا الْفَرْدِ بِخُصُوصِهِ إنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ فِي الْأَذْكَارِ تَبَعًا لِلصَّيْدَلَانِيِّ: وَزِيَادَةُ وَارْحَمْ مُحَمَّدًا وَآلَ مُحَمَّدٍ كَمَا رَحِمْت عَلَى إبْرَاهِيمَ بِدْعَةٌ، وَاعْتَرَضَ بِوُرُودِهَا فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ صَحَّحَ الْحَاكِمُ بَعْضَهَا مِنْهَا وَتَرَحَّمَ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَرَدَّهُ بَعْضُ مُحَقِّقِي أَهْلِ الْحَدِيثِ بِأَنَّ مَا وَقَعَ. لِلْحَاكِمِ وَهْمٌ وَبِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ ضَعِيفَةً لَكِنَّهَا شَدِيدَةُ الضَّعْفِ فَلَا يُعْمَلُ بِهَا، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ أَبِي زُرْعَةَ وَهُوَ مِنْ أَئِمَّةِ الْفَنِّ بَعْدَ أَنْ سَاقَ تِلْكَ الْأَحَادِيثَ وَبَيَّنَ ضَعْفَهَا، وَلَعَلَّ الْمَنْعَ أَرْجَحُ لِضَعْفِ الْأَحَادِيثِ فِي ذَلِكَ: أَيْ لِشِدَّةِ ضَعْفِهَا، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ سَبَبَ الْإِنْكَارِ كَوْنُ الدُّعَاءِ بِالرَّحْمَةِ لَمْ يُرَدْ هُنَا مِنْ طَرِيقٍ يَعْتَدُّ بِهِ، وَالْبَابُ بَابُ اتِّبَاعٍ، لَا مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يُدْعَى لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَفْظِ الرَّحْمَةِ، فَإِنْ أَرَادَ النَّافِي امْتِنَاعَ ذَلِكَ مُطْلَقًا فَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ صَرِيحَةٌ فِي رَدِّهِ، فَقَدْ صَحَّ فِي سَائِرِ أَوْقَاتِ التَّشَهُّدِ: السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، وَصَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَرَّ مَنْ قَالَ: ارْحَمْنِي وَارْحَمْ مُحَمَّدًا، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ سِوَى قَوْلِهِ: وَلَا تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا، وَلَا يُتَوَهَّمُ مِنْ كَوْنِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَيَّنَ الرَّحْمَةَ فَكَيْفَ يُدْعَى لَهُ بِهَا، لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَعَلَيْهِ فَيَكُونُ مِنْهُمْ ثَمَانِيَةٌ ذُكُورٌ السِّتَّةُ الْمَذْكُورُونَ وَإِسْمَاعِيلُ وَإِسْحَاقُ وَخَمْسُ إنَاثٍ، لَكِنَّ عِبَارَةَ تَارِيخِ ابْنِ كَثِيرٍ ذَكَرَ أَوْلَادَ إبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ: أَوَّلُ مَنْ وُلِدَ لَهُ إسْمَاعِيلُ مِنْ هَاجَرَ الْقِبْطِيَّةِ الْمِصْرِيَّةِ، ثُمَّ وُلِدَ لَهُ إِسْحَاقُ مِنْ سَارَةُ بِنْتِ عَمِّهِ، ثُمَّ تَزَوَّجَ بَعْدَهَا قَنْطُورَا بِنْتَ يَقْطُنَ الْكَنْعَانِيَّةَ فَوَلَدَتْ لَهُ سِتَّةَ أَوْلَادٍ وَهُمْ مِدْيَانُ وَزَمَرَانُ وَسَرْجٌ بِالْجِيمِ وَنَقْشَانُ وَنَسَقٌ وَلَمْ يُسَمِّ السَّادِسَ، ثُمَّ تَزَوَّجَ بَعْدَهَا حَجُونَ بِنْتَ أُهِينَ فَوَلَدَتْ لَهُ خَمْسَةً: كَيْسَانَ وَسَوْرَجَ وَأُمَيْمَ وَلُوطَانَ وَيَافِثَ، هَكَذَا ذَكَرَهُ السُّهَيْلِيُّ فِي التَّعْرِيفِ وَالْأَعْلَامِ اهـ. وَفِي الْقَامُوسِ: وَفَرُّوخُ كَتَنُّورٍ أَخُو إسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقُ أَبُو الْعَجَمِ الَّذِينَ فِي وَسَطِ الْبِلَادِ اهـ. وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ نَحْوُهُ اهـ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ أَوْلَادَهُ كُلَّهُمْ ذُكُورٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَجْمَعْ الرَّحْمَةُ) أَيْ فِي اللَّفْظِ (قَوْلُهُ: عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إلَخْ) وَيَدُلُّ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى أَنَّ الْإِشَارَةَ لِهَذِهِ الْآيَةِ اتِّفَاقُ آخِرِهَا مَعَ آخِرِ التَّشَهُّدِ فِي قَوْلِهِ حَمِيدٌ مَجِيدٌ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَخِيرَيْنِ) هُمَا قَوْلُهُ أَوْ لِيَطْلُبْ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ وَقَوْلُهُ أَوْ التَّشْبِيهُ عَائِدٌ لِقَوْلِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا رَحِمْت) عِبَارَةُ حَجّ كَمَا تَرَحَّمْت وَمِثْلُهُ فِي الْخَطِيبِ (قَوْلُهُ: أَوْقَاتُ التَّشَهُّدِ) أَيْ أَزْمِنَتُهُ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ عُمُومَهَا فِي جَمِيعِ مَوَاضِعِهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا) أَيْ الرَّحْمَةِ الْمَطْلُوبَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: أَوْ لِيَطْلُبَ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ مِنْ اللَّهِ هِيَ الرَّحْمَةُ إلَخْ، وَحِينَئِذٍ فَالْأَقْعَدُ بِنَاءً يُطْلَبُ لِلْمَجْهُولِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَقُولُ مُرَادُنَا بِالْمُسَاوَاةِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِمْدَادِ الَّتِي هِيَ أَصْلُ هَذِهِ السِّوَادَةِ: وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَى الْأَخِيرَيْنِ أَنَّ غَيْرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا يُسَاوِيهِمْ مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُسَاوَاةَ فِي هَذَا الْفَرْدِ بِخُصُوصِهِ إنْ سَلَّمَ أَنَّ التَّشْبِيهَ يُفِيدُهَا إنَّمَا هِيَ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَا يُتَوَهَّمُ مِنْ كَوْنِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِمْدَادِ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ لَا مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الَّذِي مَرَّ فِي الشَّارِحِ نَصُّهَا: وَلَا مَا تَوَهَّمَ مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَيْنُ الرَّحْمَةِ، فَلَا يَدَّعِي لَهُ بِهَا،؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّحْمَةِ فِي حَقِّهِ تَعَالَى غَايَتُهَا الْمَارَّةُ أَوَّلَ الْكِتَابِ، وَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجْزَلُ الْخَلْقِ حَظًّا مِنْهَا وَحُصُولُهَا لَهُ لَا يَمْنَعُ طَلَبَهَا لَهُ إلَخْ.

فِي حَقِّهِ تَعَالَى غَايَتُهَا الْمَارَّةُ أَوَّلَ الْكِتَابِ، وَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجْزَلُ الْخَلْقِ حَظًّا مِنْهَا، وَحُصُولُهُ لَا يَمْنَعُ طَلَبَهَا لَهُ كَالصَّلَاةِ وَالْوَسِيلَةِ وَالْمَقَامِ الْمَحْمُودِ نَظَرًا لِمَا فِيهِ مِنْ عَوْدِ الْفَائِدَةِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِزِيَادَةِ تَرِقِّيهِ الَّتِي لَا نِهَايَةَ لَهَا وَالدَّاعِي بِزِيَادَةِ ثَوَابِهِ عَلَى ذَلِكَ (سُنَّةٌ فِي) التَّشَهُّدِ (الْآخَرِ) بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَلَا تُسَنُّ فِيهِ كَمَا لَا تُسَنُّ فِيهِ الصَّلَاةُ عَلَى الْآلِ لِبِنَائِهِ عَلَى التَّخْفِيفِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمُنْفَرِدُ وَالْإِمَامُ وَلَوْ لِمَحْصُورِينَ لَمْ يَرْضَوْا بِالتَّطْوِيلِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ. (وَكَذَا) يُسَنُّ (الدُّعَاءُ بَعْدَهُ) أَيْ التَّشَهُّدِ الْآخَرِ بِمَا شَاءَ مِنْ دِينِيٍّ أَوْ دُنْيَوِيٍّ كَاَللَّهُمِ اُرْزُقْنِي جَارِيَةً حَسْنَاءَ لِخَبَرِ «إذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَقُلْ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ إلَى آخِرِهَا، ثُمَّ لْيَتَخَيَّرْ مِنْ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ أَوْ مَا أَحَبَّ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَرَوَى الْبُخَارِيُّ «ثُمَّ لْيَتَخَيَّرْ مِنْ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إلَيْهِ فَيَدْعُوَ بِهِ» بَلْ نُقِلَ عَنْ مُقْتَضَى النَّصِّ كَرَاهَةُ تَرْكِهِ، وَلَوْ دَعَا بِدُعَاءٍ مَحْظُورٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا فِي الشَّامِلِ، ثُمَّ مَحَلُّ طَلَبِ مَا زَادَ عَلَى الْوَاجِبِ مَا لَمْ يَضِقْ وَقْتُ الْجُمُعَةِ فَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: الْمَارَّةَ أَوَّلَ الْكِتَابِ) أَيْ وَهِيَ الْإِنْعَامُ أَوْ إرَادَتُهُ (قَوْلُهُ: وَالدَّاعِي) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا يُسَنُّ الدُّعَاءُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ لِإِمَامِ غَيْرِ مَحْصُورِينَ: أَوْ مَحْصُورِينَ لَمْ يَرْضَوْا بِالتَّطْوِيلِ، وَيُصَرِّحُ بِهِ مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ أَنْ لَا يَزِيدَ إمَامُ مَنْ مَرَّ عَلَى التَّشَهُّدِ فَإِنَّهُ جَعَلَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ الزِّيَادَةَ عَلَى التَّشَهُّدِ، فَأَفَادَ أَنَّ الدُّعَاءَ بِقَدْرِ التَّشَهُّدِ لِلْإِمَامِ لَيْسَ مَنْهِيًّا عَنْهُ بَلْ هُوَ سُنَّةٌ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ عَلَى الْإِرْشَادِ مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ، وَعِبَارَتُهُ: وَيُسَنُّ الْجَمْعُ بَيْنَهَا: أَيْ الْأَذْكَارِ وَالْأَدْعِيَةِ هُنَا وَفِي غَيْرِهَا. نَعَمْ يُسَنُّ لِغَيْرِ الْمُنْفَرِدِ أَنْ يَكُونَ الدُّعَاءُ هُنَا أَقَلَّ مِنْ أَقَلِّ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ اهـ (قَوْلُهُ كَاَللَّهُمِ اُرْزُقْنِي جَارِيَةً حَسْنَاءَ) زَادَ حَجّ: وَقَالَ جَمْعٌ إنَّهُ بِالْأَوَّلِ سُنَّةٌ وَبِالثَّانِي مُبَاحٌ اهـ. وَخَصَّ الْجَارِيَةَ الْحَسْنَاءَ بِالذِّكْرِ رَدًّا عَلَى مَنْ قَالَ إنَّ طَلَبَهَا مُبْطِلٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ دَعَا بِدُعَاءٍ مَحْظُورٍ) وَلَيْسَ مِنْ الدُّعَاءِ الْمَحْظُورِ مَا يَقَعُ مِنْ الْأَئِمَّةِ فِي الْقُنُوتِ مِنْ قَوْلِهِمْ أَهْلِكْ اللَّهُمَّ مَنْ بَغَى عَلَيْنَا وَاعْتَدَى وَنَحْوِ ذَلِكَ، أَمَّا أَوَّلًا فَلِعَدَمِ تَعْيِينِ الْمَدْعُوِّ عَلَيْهِ. فَأَشْبَهَ لَعْنَ الْفَاسِقِينَ وَالظَّالِمِينَ وَقَدْ صَرَّحُوا بِجَوَازِهِ فَهَذَا أَوْلَى مِنْهُ لِأَنَّ الدُّعَاءَ بِهِ دُونَ اللَّعْنَةِ، وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ الظَّالِمَ الْمُعْتَدِيَ يَجُوزُ الدُّعَاءُ عَلَيْهِ وَلَوْ بِسُوءِ الْخَاتِمَةِ. [فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ شَخْصٍ خَيَّلَتْ لَهُ نَفْسُهُ الْقَاصِرَةُ انْعِكَاسَ الزَّمَنِ، وَأَنَّ مِنْ أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى شَخْصٍ يَدْعُو لَهُ لِيَنْعَكِسَ الْحَالُ وَيَحْصُلَ مَقْصُودُهُ مِنْ إيصَالِ الضَّرَرِ لِلْمَدْعُوِّ لَهُ، وَفَعَلَ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ مُعْتَقِدًا لَهُ وَقَاصِدًا لَهُ هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ الْبُطْلَانُ بِهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ دُعَاءٌ بِمُحَرَّمٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَ اللَّفْظَ الدَّالَ عَلَى طَلَبِ شَيْءٍ فِي طَلَبِ ضِدِّهِ وَهُوَ مِنْ الْمَجَازِ كَإِطْلَاقِ السَّمَاءِ عَلَى الْأَرْضِ، فَإِذَا قَالَ هُنَا: اللَّهُمَّ ارْحَمْ فُلَانًا قَاصِدًا مَا تَقَدَّمَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ اللَّهُمَّ لَا تَرْحَمْهُ، فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ قَلَّ أَنْ يُوجَدَ. وَقَالَ سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ قُبَيْلَ كِتَابِ الطَّهَارَةِ: فَائِدَةٌ: وَقَدْ يَكُونُ أَيْ الدُّعَاءُ حَرَامًا، وَمِنْهُ طَلَبُ مُسْتَحِيلٍ عَقْلًا أَوْ عَادَةً إلَّا لِنَحْوِ وَلِيٍّ، وَطَلَبُ نَفْيِ مَا دَلَّ الشَّرْعُ عَلَى ثُبُوتِهِ أَوْ ثُبُوتِ مَا دَلَّ عَلَى نَفْيِهِ وَمِنْ ذَلِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ جَمِيعَ ذُنُوبِهِمْ، لِدَلَالَةِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْذِيبِ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ، بِخِلَافِ نَحْوِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ أَوْ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ ذُنُوبَهُمْ عَلَى الْأَوْجَهِ لِصِدْقِهِ بِغُفْرَانِ بَعْضِ الذُّنُوبِ لِلْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ، فَلَا مُنَافَاةَ فِيهِ لِلنُّصُوصِ وَتَوَقَّفَ بَعْضُهُمْ فِي جَوَازِ الدُّعَاءِ عَلَى الظَّالِمِ بِالْفِتْنَةِ فِي دِينِهِ وَسُوءِ الْخَاتِمَةِ، وَنَصَّ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الظَّالِمِ الْمُتَمَرِّدِ، أَمَّا هُوَ فَيَجُوزُ. وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ سُؤَالِ الْعِصْمَةَ وَالْوَجْهُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ إنْ قَصَدَ التَّوَقِّيَ عَنْ جَمِيعِ الْمَعَاصِي وَالرَّذَائِلِ فِي جَمِيعِ الْأَقْوَالِ امْتَنَعَ، لِأَنَّهُ سُؤَالُ مَقَامِ النُّبُوَّةِ أَوْ التَّحَفُّظِ مِنْ الشَّيْطَانِ وَالتَّخَلُّصِ مِنْ أَفْعَالِ السُّوءِ فَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ، وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِي حَالِ الْإِطْلَاقِ وَالْمُتَّجَهُ عِنْدِي الْجَوَازُ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ لِلْمَحْذُورِ وَاحْتِمَالِهِ الْوَجْهَ الْجَائِزَ، وَقَدْ يَكُونُ كُفْرًا كَالدُّعَاءِ بِالْمَغْفِرَةِ لِمَنْ مَاتَ كَافِرًا، وَقَدْ يَكُونُ مَكْرُوهًا وَمِنْهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الدُّعَاءُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ضَاقَ عَنْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْإِتْيَانِ بِهَا. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَفِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ احْتِمَالٌ اهـ. وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَأْتِي بِهَا بِدَلِيلِ مِمَّا مَرَّ فِي الْمَدِّ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بَعْدَهُ عَنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ فَيُكْرَهُ الدُّعَاءُ فِيهِ لِبِنَائِهِ عَلَى التَّخْفِيفِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ، أَمَّا الْمَسْبُوقُ إذَا أَدْرَكَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ فَإِنَّهُ يَتَشَهَّدُ مَعَ الْإِمَامِ تَشَهُّدَهُ الْأَخِيرَ وَهُوَ أَوَّلُ لِلْمَأْمُومِ فَلَا يُكْرَهُ الدُّعَاءُ لَهُ فِيهِ بَلْ يُسْتَحَبُّ، وَالْأَشْبَهُ فِي الْمُوَافِقِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْإِمَامُ يُطِيلُ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ إمَّا لِثِقَلِ لِسَانِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَأَتَمَّهُ الْمَأْمُومُ سَرِيعًا أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لَهُ الدُّعَاءُ أَيْضًا بَلْ يُسْتَحَبُّ إلَى أَنْ يَقُومَ إمَامُهُ (وَمَأْثُورُهُ) بِالْمُثَلَّثَةِ وَهُوَ الْمَنْقُولُ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (أَفْضَلُ) مِنْ غَيْرِهِ لِتَنْصِيصِ الشَّارِعِ عَلَيْهِ (وَمِنْهُ) أَيْ الْمَأْثُورِ «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْت وَمَا أَخَّرْت» إلَى آخِرِهِ) وَهُوَ «وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَسْرَفْت وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَالْمُرَادُ بِالتَّأْخِيرِ إنَّمَا هُوَ بِالنَّسِيَةِ إلَى مَا وَقَعَ لِأَنَّ الِاسْتِغْفَارَ قَبْلَ الذَّنْبِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي كَنِيسَةٍ وَحَمَّامٍ وَمَحَلِّ نَجَاسَةٍ وَقَذَرٍ وَلَعِبٍ وَمَعْصِيَةٍ كَالْأَسْوَاقِ الَّتِي يَغْلِبُ وُقُوعُ الْعُقُودِ وَالْأَيْمَانِ الْفَاسِدَةِ فِيهَا، وَالدُّعَاءِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ خَادِمِهِ، وَفِي إطْلَاقِ عَدَمِ جَوَازِ الدُّعَاءِ عَلَى الْوَلَدِ وَالْخَادِمِ نَظَرٌ، وَيَجُوزُ الدُّعَاءُ لِلْكَافِرِ بِنَحْوِ صِحَّةِ الْبَدَنِ وَالْهِدَايَةِ، وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ التَّأْمِينِ عَلَى دُعَائِهِ، وَيَحْرُمُ لَعْنُ الْمُسْلِمِ الْمُتَصَوِّلِ، وَيَجُوزُ لَعْنُ أَصْحَابِ الْأَوْصَافِ الْمَذْمُومَةِ كَالْفَاسِقِينَ وَالْمُصَوِّرِينَ، وَأَمَّا لَعْنُ الْمُعِينِ مِنْ كَافِرٍ أَوْ فَاسِقٍ قَضِيَّةُ ظَوَاهِرِ الْأَحَادِيثِ الْجَوَازُ. وَأَشَارَ الْغَزَالِيُّ إلَى تَحْرِيمِهِ إلَّا مَنْ عُلِمَ مَوْتُهُ عَلَى الْكُفْرِ، وَكَالْإِنْسَانِ فِي تَحْرِيمِ لَعْنِهِ بَقِيَّةَ الْحَيَوَانَاتِ وَخَرَجَ بِالدُّعَاءِ الْمَحْظُورِ الْمَكْرُوهُ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ سم. وَقَوْلُهُ وَقَدْ يَكُونُ يَنْبَغِي أَنْ يُتَأَمَّلَ كَوْنُهُ كُفْرًا بَلْ مُجَرَّدُ كَوْنِهِ حَرَامًا فَإِنَّهُ قَالَ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ عَلَى الْوَرَقَاتِ: يَجُوزُ مَغْفِرَةُ مَا عَدَا الشِّرْكَ لِلْكَافِرِ. نَعَمْ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ فِي الْجَنَائِزِ حُرْمَةُ الدُّعَاءِ لِلْكَافِرِ بِالْمَغْفِرَةِ. وَقَوْلُهُ وَحَمَّامٌ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ تَوَضَّأَ أَوْ اغْتَسَلَ فِي الْحَمَّامِ كُرِهَ لَهُ أَدْعِيَةُ الْوُضُوءِ. وَقَوْلُهُ وَمَحَلٌّ قَذَرٌ يُشْكِلُ عَلَيْهِ طَلَبُ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْخُبْثِ إلَخْ عِنْدَ دُخُولِ الْخَلَاءِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا وَنَحْوُهُ مُسْتَثْنًى فَلْيُرَاجَعْ. وَأَنَّ قَوْلَهُ وَقَدْ يَكُونُ كُفْرًا مَحْمُولٌ عَلَى طَلَبِ مَغْفِرَةِ الشِّرْكِ الْمَمْنُوعَةِ بِنَصِّ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: 48] وَمَعَ ذَلِكَ فِي كَوْنِ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِهِ كُفْرًا شَيْءٌ، وَقَوْلُهُ وَفِي إطْلَاقِ عَدَمِ جَوَازِ الدُّعَاءِ عَلَى الْوَلَدِ إلَخْ الْمُرَادُ جَوَازًا مُسْتَوَى الطَّرَفَيْنِ وَهُوَ الْإِبَاحَةُ، فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ لَا حَرَامٌ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا قَصَدَ بِذَلِكَ تَأْدِيبَهُ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إفَادَتُهُ جَازَ كَضَرْبِهِ بَلْ أَوْلَى وَإِلَّا كُرِهَ. وَقَوْلُهُ وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ التَّأْمِينِ عَلَى دُعَائِهِ، وَيَنْبَغِي حُرْمَتُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْظِيمِهِ وَتَخْيِيلِ أَنَّ دُعَاءَهُ مُسْتَجَابٌ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْإِتْيَانِ بِهَا) وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ ضَاقَتْ مُدَّةُ الْخُفِّ عَمَّا يَسَعُ الزِّيَادَةَ لَمْ يَأْتِ بِهَا وَهُوَ وَاضِحٌ فِي الْفَرْضِ، أَمَّا فِي النَّفْلِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ قَصَدَ بِالزِّيَادَةِ إبْطَالَهُ وَعَدَمَ الْبَقَاءِ فِيهِ لَمْ يَحْرُمْ، لِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ النَّفْلِ جَائِزٌ، وَإِلَّا حَرُمَ لِاشْتِغَالِهِ فِيهِ بِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَأْتِي بِهَا) أَيْ بِالزِّيَادَةِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُكْرَهُ الدُّعَاءُ لَهُ فِيهِ) وَالْمُرَادُ بِالدُّعَاءِ الصَّلَاةُ عَلَى الْآلِ وَمَا بَعْدَهَا كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ مَا يَأْتِي عَنْ سم (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لَهُ الدُّعَاءُ) وَمِنْهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْآلِ كَمَا نَقَلَهُ سم عَنْ حَجّ عَنْ إفْتَاءِ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ، وَعِبَارَةٌ: لَوْ فَرَغَ الْمَأْمُومُ مِنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ سُنَّ لَهُ الْإِتْيَانُ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ وَتَوَابِعِهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ اهـ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَنْقُولُ عَنْهُ) عِبَارَةُ حَجّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْإِتْيَانِ بِهَا) أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ:، وَالْأَشْبَهُ فِي الْمُوَافِقِ) صَرِيحُ هَذَا الصَّنِيعِ أَنَّ الْمُوَافِقَ الَّذِي أَطَالَ إمَامُهُ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ لَا يَأْتِي بِبَقِيَّةِ التَّشَهُّدِ الْأَكْمَلِ بَلْ يَسْتَقِلُّ بِالدُّعَاءِ، وَإِلَّا لَمْ يَحْسُنْ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ فِي الْعِبَارَةِ، لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى وَالِدِ الشَّارِحِ أَنَّهُ مِثْلُهُ، فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ مَذْهَبُ

مُحَالٌ. قَالَهُ النَّيْسَابُورِيُّ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْمُحَالَ إنَّمَا هُوَ طَلَبُ مَغْفِرَتِهِ قَبْلَ وُقُوعِهِ. أَمَّا الطَّلَبُ قَبْلَ وُقُوعِهِ أَنْ يُغْفَرَ إذَا وَقَعَ فَلَا اسْتِحَالَةَ فِيهِ، وَمِنْهُ أَيْضًا: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ: أَيْ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ عَلَى الْمَعْرُوفِ الدَّجَّالِ، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ، اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْت نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِك إنَّك أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. (وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَزِيدَ) إمَامُ مَنْ مَرَّ (عَلَى قَدْرِ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ عَدَمُ طَلَبِ تَرْكِ الْمُسَاوَاةِ، وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَهُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ أَنَّ الْأَفْضَلَ كَوْنُهُ أَقَلَّ مِنْهُمَا، فَإِنْ زَادَ عَلَيْهِمَا لَمْ يَضُرَّ، لَكِنْ يُكْرَهُ التَّطْوِيلُ بِغَيْرِ رِضَا مَنْ مَرَّ وَخَرَجَ بِالْإِمَامِ غَيْرُهُ فَلَهُ أَنْ يُطِيلَ مَا شَاءَ مَا لَمْ يَخَفْ وُقُوعَهُ فِي سَهْوِ، وَلَمْ يُصَرِّحْ الْمُعْظَمُ بِالْمُرَادِ هُنَا بِقَدْرِ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ هُوَ أَقَلُّهُمَا أَوْ أَكْمَلُهُمَا وَالْأَشْبَهُ أَنَّ الْمُرَادَ أَقَلُّ مَا يَأْتِي بِهِ مِنْهُمَا، فَإِنْ أَطَالَهُمَا أَطَالَهُ وَإِنْ خَفَّفَهُمَا خَفَّفَهُ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُمَا (وَمَنْ عَجَزَ عَنْهُمَا) أَيْ الْوَاجِبِ فِي التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَيْ عَنْ النُّطْقِ بِهِمَا بِالْعَرَبِيَّةِ (تَرْجَمَ) عَنْهُمَا وُجُوبًا بِأَيِّ لُغَةٍ شَاءَ إذْ لَا إعْجَازَ فِيهِمَا وَعَلَيْهِ التَّعَلُّمُ كَمَا مَرَّ. لَكِنْ إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ تَعَلُّمِ التَّشَهُّدِ وَأَحْسَنَ ذِكْرًا آخَرَ أَتَى بِهِ وَإِلَّا تَرْجَمَهُ أَمَّا الْقَادِرُ فَيُمْتَنَعُ عَلَيْهِ التَّرْجَمَةُ وَتَبْطُلُ بِهَا صَلَاتُهُ (وَيُتَرْجِمُ لِلدُّعَاءِ) الْمَنْدُوبِ (وَالذِّكْرُ الْمَنْدُوبِ) نَدْبًا كَقُنُوتٍ وَتَكْبِيرِ انْتِقَالٍ وَتَسْبِيحِ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ (الْعَاجِزُ) لِكَوْنِهِ مَعْذُورًا (لَا الْقَادِرُ) ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَنْقُولُ مِنْهُ هُنَا عَنْهُ إلَخْ (قَوْلُهُ «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: قَالَ فِي الْقُوتِ: هَذَا مُتَأَكِّدٌ فَقَدْ صَحَّ الْأَمْرُ بِهِ وَأَوْجَبَهُ قَوْمٌ، وَأَمَرَ طَاوُسٌ ابْنَهُ بِالْإِعَادَةِ لِتَرْكِهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَخْتِمَ بِهِ دُعَاءَهُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقُولُ» اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: «وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ» ) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِفِتْنَةِ الْمَمَاتِ: الْفِتْنَةُ الَّتِي تَحْصُلُ عِنْدَ الِاحْتِضَارِ، وَأَضَافَهَا لِلْمَمَاتِ لِاتِّصَالِهَا بِهِ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا مَا يَحْصُلُ بَعْدَ الْمَوْتِ كَالْفِتْنَةِ الَّتِي تَحْصُلُ عِنْدَ سُؤَالِ الْمَلَكَيْنِ، وَهَذَا أَظْهَرُ لِأَنَّ مَا يَحْصُلُ عِنْدَ الْمَوْتِ شَمَلَتْهُ فِتْنَةُ الْمَحْيَا اهـ عَلْقَمِيٌّ عِنْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ» إلَخْ بِتَصَرُّفٍ قَلِيلٍ (قَوْلُهُ: وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ) وَاسْمُهُ صَافِ بْنِ صَيَّادٍ وَكُنْيَتُهُ أَبُو يُوسُفَ وَهُوَ يَهُودِيٌّ اهـ مُنَاوِيٌّ كَذَا بِهَامِشٍ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ: وَالْمَغْرَمِ) أَيْ تَرْكِ الطَّاعَةِ. (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَزِيدَ إمَامُ مَنْ مَرَّ) أَيْ أَنْ لَا يَزِيدَ الدُّعَاءُ (قَوْلُهُ: كَوْنُهُ) أَيْ الدُّعَاءِ، وَقَوْلُهُ أَقَلَّ مِنْهُمَا قَالَ حَجّ: فَإِنْ سَاوَاهُمَا كُرِهَ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَخَفْ وُقُوعَهُ فِي سَهْوٍ) وَمِثْلُهُ إمَامُ مَنْ مَرَّ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَنْ لَمْ يُسَنَّ لَهُ انْتِظَارُ نَحْوِ دَاخِلٍ حَجّ (قَوْلُهُ: أَقَلُّ مَا يَأْتِي بِهِ) الْأَوْلَى قَدْرُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ إسْقَاطَ لَفْظِ أَقَلَّ وَهِيَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَأَحْسَنَ ذِكْرًا آخَرَ أَتَى بِهِ) أَيْ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْهُ التَّعَلُّمَ قَبْلُ وَإِلَّا قَضَى لِتَقْصِيرِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا تَرْجَمَهُ) أَيْ التَّشَهُّدَ عَنْ الْإِتْيَانِ بِهِ بِالْعَرَبِيَّةِ (قَوْلُهُ وَيُتَرْجِمُ لِلدُّعَاءِ) الْمَأْثُورِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَحَلٍّ مِنْ الصَّلَاةِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: الْعَاجِزِ) فَلَوْ عَجَزَ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّارِحِ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: إمَامُ مَنْ مَرَّ) يُعْلَمُ مِنْ صَنِيعِهِ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عِنْدَهُ ثَلَاثَةٌ: فَإِمَامُ مَنْ مَرَّ يُسَنُّ فِي حَقِّهِ أَنْ لَا يَزِيدَ، فَإِنْ زَادَ كَانَ مُخَالِفًا لِلسُّنَّةِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي نَزَلَ عَلَيْهِ مَسْأَلَةُ الْمَتْنِ، وَإِمَامُ غَيْرِ مَنْ مَرَّ تُكْرَهُ فِي حَقِّهِ الزِّيَادَةُ، وَالْمُنْفَرِدُ يُطِيلُ مَا شَاءَ: أَيْ وَلَا يَكُونُ بِذَلِكَ مُخَالِفًا لِلسُّنَّةِ كَمَا يَقْتَضِيهِ التَّقْسِيمُ. وَسَكَتَ عَنْ الْمَأْمُومِ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْإِمَامِ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِلشِّهَابِ حَجّ وَمُوَافِقٌ لِمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ، فَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ تَنْزِيلِ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى كَلَامِ الشِّهَابِ الْمَذْكُورِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ تَعَلُّمِ التَّشَهُّدِ وَأَحْسَنُ ذِكْرٍ آخَرَ أَتَى بِهِ وَإِلَّا تَرْجَمَهُ) صَرِيحٌ فِي تَأَخُّرِ التَّرْجَمَةِ عَنْ الذِّكْرِ الَّذِي أَتَى بِهِ بَدَلًا عَنْ التَّشَهُّدِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ

[الثاني عشر من أركان الصلاة السلام]

لِانْتِفَاءِ عُذْرِهِ (فِي الْأَصَحِّ) فِيهِمَا حِرْصًا عَلَى حِيَازَةِ الْفَضِيلَةِ كَمَا فِي الْوَاجِبِ، وَالثَّانِي يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْقَادِرِ أَيْضًا لِقِيَامِ غَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ مَقَامَهَا فِي أَدَاءِ الْمَعْنَى، وَمُرَادُهُ بِالْمَنْدُوبِ الْمَزِيدُ عَلَى الْمُحَرَّرِ الْمَأْثُورِ إذْ الْخِلَافُ فِيهِ، أَمَّا غَيْرُ الْمَأْثُورِ بِأَنْ اخْتَرَعَ دُعَاءً أَوْ ذِكْرًا ثُمَّ تَرْجَمَ عَنْهُمَا بِالْعَجَمِيَّةِ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ وَتَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ. (الثَّانِيَ عَشَرَ) مِنْ أَرْكَانِهَا (السَّلَامُ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ» (وَأَقَلُّهُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ) مِنْ قُعُودٍ أَوْ بَدَلِهِ وَصَدْرُهُ لِلْقِبْلَةِ لِلِاتِّبَاعِ مَعَ خَبَرِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» وَكُرِهَ عَكْسُهُ وَيُجْزِئُ لِتَأْدِيَتِهِ مَعْنَاهُ، وَلَا يَقْدَحُ فِي إجْزَائِهِ عَدَمُ وُرُودِهِ هَكَذَا لِمَا عَلَّلْنَا بِهِ وَلِوُجُودِ الصِّيغَةِ وَإِنَّمَا هِيَ مَقْلُوبَةٌ، وَالْمُوَالَاةُ بَيْنَ السَّلَامِ وَعَلَيْكُمْ شَرْطٌ كَالِاحْتِرَازِ عَنْ زِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ يُغَيِّرُ الْمَعْنَى، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ، وَسَيَأْتِي فِي سُجُودِ السَّهْوِ أَنَّهُ لَوْ قَامَ لِخَامِسَةٍ بَعْدَ تَشَهُّدِهِ فِي الرَّابِعَةِ ثُمَّ تَذَكَّرَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالتَّرْجَمَةِ هَلْ يَسْكُتُ بِقَدْرِ الْأَدْعِيَةِ الْمَطْلُوبَةِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَسَيَأْتِي فِي الْأَبْعَاضِ أَنَّهُ إذَا عَجَزَ عَنْهَا وَقَفَ بِقَدْرِهَا فِي الْقُنُوتِ وَجَلَسَ بِقَدْرِهَا فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَقِيَاسُهُ أَنَّ أَدْعِيَةَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ كَذَلِكَ، وَأَنَّهُ إذَا عَجَزَ عَنْ تَرْجَمَةِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَقَفَ بِقَدْرِهِ إنْ لَمْ يُحْسِنْ ذِكْرًا، وَلَا أَتَى بِهِ: أَيْ الذِّكْرِ بَدَلَهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ، لَكِنْ إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ تَعَلُّمِ التَّشَهُّدِ وَأَحْسَنَ ذِكْرًا أَتَى بِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ الْمَزِيدُ عَلَى الْمُحَرَّرِ الْمَأْثُورِ) أَيْ الْمَنْقُولِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْدُوبًا لِخُصُوصِ هَذَا الْمُصَلِّي كَأَدْعِيَةِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لِإِمَامِ غَيْرِ الْمَحْصُورِينَ فَإِنَّهَا مَأْثُورَةٌ فِي الْجُمْلَةِ وَلَيْسَتْ مَنْدُوبَةً. (قَوْلُهُ: مِنْ أَرْكَانِهَا السَّلَامُ) قَالَ الْقَفَّالُ فِي الْمَحَاسِنِ: فِي السَّلَامِ مَعْنًى وَهُوَ أَنَّهُ كَانَ مَشْغُولًا عَنْ النَّاسِ وَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ اهـ ثُمَّ رَأَيْت كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يُفْهِمُ أَنَّ الْوَاجِبَ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ عَمِيرَةُ. وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ بَعْدُ وَأَكْمَلُهُ إلَخْ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ رُكْنٌ لَا شَرْطٌ كَوْنُهُ جُزْءًا مِنْهَا لَا شَرْطًا، إذَا الشَّرْطُ مَا كَانَ خَارِجًا عَنْ الْمَاهِيَّةِ وَقَارَنَ كُلَّ مُعْتَبَرٍ سِوَاهُ كَالِاسْتِقْبَالِ وَالطَّهَارَةِ بِخِلَافِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ (قَوْلُهُ: وَتَحْلِيلُهَا) أَيْ تَحْلِيلُ مَا حَرُمَ بِهَا وَيُبَاحُ فِي غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ) أَيْ وَلَوْ سَكَّنَ الْمِيمَ (قَوْلُهُ: مِنْ قُعُودٍ) أَيْ فِي قُعُودٍ (قَوْلُهُ: وَصَدْرُهُ لِلْقِبْلَةِ) أَيْ فَلَوْ انْحَرَفَ بِهِ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، أَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَهَلْ يَعْتَدُّ بِسَلَامِهِ حِينَئِذٍ لِعُذْرِهِ أَوَّلًا، وَيَجِبُ إعَادَتُهُ لِإِتْيَانِهِ بِهِ بَعْدَ الِانْحِرَافِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّا حَيْثُ اغْتَفَرْنَاهُ لَهُ وَعُذِرَ فِيهِ اُعْتُدَّ بِهِ فِيهِ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ لِانْتِهَاءِ صَلَاتِهِ، وَعَلَى الثَّانِي يَسْجُدُ ثُمَّ يُعِيدُ سَلَامَهُ (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ عَكْسُهُ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ (قَوْلُهُ: لِمَا عَلَّلْنَا بِهِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِتَأْدِيَتِهِ مَعْنَاهُ (قَوْلُهُ: وَالْمُوَالَاةُ) يَنْبَغِي اعْتِبَارُهَا بِمَا سَبَقَ فِي الْفَاتِحَةِ (قَوْلُهُ: كَالِاحْتِرَازِ) يَعْنِي أَنَّ الِاحْتِرَازَ عَنْ زِيَادَةٍ إلَخْ شَرْطٌ كَمَا أَنَّ الْمُوَالَاةَ شَرْطٌ (قَوْلُهُ: يُغَيِّرُ الْمَعْنَى) قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ جَمَعَ بَيْنَ أَلْ وَالتَّنْوِينِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَوْ قَالَ وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ بِزِيَادَةِ وَاوٍ فِي أَوَّلِهِ لَمْ يَضُرَّ لِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لَا تُغَيِّرُ الْمَعْنَى، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وِفَاقًا لمر، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ كِفَايَةِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ بِزِيَادَةِ الْوَاوِ بِأَنَّ السَّلَامَ أَوْسَعُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ وَلِأَنَّ التَّحَرُّمَ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ مَا يَصْلُحُ لِعِطْفِهِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ السَّلَامِ. (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ) أَيْ فَلَوْ هَمَسَ بِهِ بِحَيْثُ لَمْ يَسْمَعْهُ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ فَتَجِبُ إعَادَتُهُ، وَإِنْ نَوَى الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَذَلِكَ، وَلْيُنْظَرْ مَا مَوْقِعُ هَذَا الِاسْتِدْرَاكِ بَعْدَ الْمَتْنِ [الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ السَّلَامُ] (قَوْلُهُ: مِنْ قُعُودٍ أَوْ بَدَلِهِ) شَمِلَ الِاسْتِلْقَاءَ، وَقَوْلُهُ وَصَدْرُهُ لِلْقِبْلَةِ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ؛ لِأَنَّ اسْتِقْبَالَهُ إنَّمَا هُوَ بِوَجْهِهِ، وَقَوْلُهُ وَصَدْرُهُ لِلْقِبْلَةِ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَعْنَى أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ، وَهُوَ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ مَوْجُودًا إلَى تَمَامِ الصَّلَاةِ كَمَا هُوَ شَأْنُ سَائِرِ الشُّرُوطِ، وَحِينَئِذٍ فَالْمُسْتَلْقِي يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الِالْتِفَاتُ؛ لِأَنَّهُ مَتَى الْتَفَتَ لِلْإِتْيَانِ بِسُنَّةِ الِالْتِفَاتِ خَرَجَ عَنْ الِاسْتِقْبَالِ الْمُشْتَرَطِ حِينَئِذٍ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الِالْتِفَاتُ، وَيَكُونُ مُسْتَثْنًى، هَكَذَا ظَهَرَ وَبِهِ يُلْغَزُ فَيُقَالُ: لَنَا مُصَلٍّ مَتَى الْتَفَتَ لِلسَّلَامِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ الْمَعْنَى) رَاجِعٌ لِلزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ، وَخَرَجَ بِهِ مَا إذَا

عَادَ وَأَجْزَأَهُ تَشَهُّدُهُ فَيَأْتِي بِالسَّلَامِ مِنْ غَيْرِ إعَادَتِهِ، خِلَافًا لِلْقَاضِي حَيْثُ اشْتَرَطَ إعَادَتَهُ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ لِيَكُونَ السَّلَامُ عَقِبَ التَّشَهُّدِ الَّذِي هُوَ رُكْنٌ (وَالْأَصَحُّ جَوَازُ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ) بِالتَّنْوِينِ كَمَا فِي التَّشَهُّدِ إقَامَةً لِلتَّنْوِينِ مَقَامَ الْأَلْفِ وَاللَّامِ (قُلْت: الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ لَا يُجْزِيهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِعَدَمِ وُرُودِهِ هُنَا مَعَ صِحَّةِ الْأَحَادِيثِ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، وَإِنَّمَا أَجْزَأَ فِي التَّشَهُّدِ لِوُرُودِهِ فِيهِ، وَالتَّنْوِينُ لَا يَقُومُ مَقَامَ أَلْ فِي الْعُمُومِ وَالتَّعْرِيفِ وَغَيْرِهِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ بِهِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ بَعْضُهُمْ، وَلَكِنْ يَظْهَرُ تَقْيِيدُهُ بِغَيْرِ الْجَاهِلِ الْمَعْذُورِ، وَمِثْلُهُ السِّلْمُ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ لِأَنَّهُ يَأْتِي بِمَعْنَى الصُّلْحِ كَمَا اسْتَوْجَهَهُ الشَّيْخُ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ، نَعَمْ إنْ نَوَى بِهِ السَّلَامَ اتَّجَهَ إجْزَاؤُهُ لِأَنَّهُ يَأْتِي بِمَعْنَاهُ وَقَدْ نَوَى ذَلِكَ، وَتَبْطُلُ أَيْضًا بِتَعَمُّدِ سَلَامِي أَوْ سَلَامُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ أَوْ عَلَيْك أَوْ عَلَيْكُمَا لَا مَعَ ضَمِيرِ الْغَيْبَةِ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ لَا خِطَابَ فِيهِ وَلَا يُجْزِئُهُ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَا تَجِبُ نِيَّةُ الْخُرُوجِ) مِنْ الصَّلَاةِ قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الْعِبَادَاتِ، بَلْ تُسْتَحَبُّ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْأُولَى رِعَايَةً لِلْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا، فَإِنْ نَوَى قَبْلَ الْأُولَى بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، أَوْ مَعَ الثَّانِيَةِ أَوْ أَثْنَاءَ الْأُولَى فَاتَتْهُ السُّنَّةُ وَلَا يَضُرُّ تَعْيِينُ غَيْرِ صَلَاتِهِ خَطَأً، بِخِلَافِهِ عَمْدًا خِلَافًا لِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSبِمَا فَعَلَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ نَوَى الْخُرُوجَ قَبْلَ السَّلَامِ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ إعَادَتِهِ) أَيْ التَّشَهُّدِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ اشْتَرَطَ إعَادَتَهُ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى الظُّهْرَ أَرْبَعًا وَتَشَهَّدَ ثُمَّ فَعَلَ سُنَّتَهُ سَهْوًا ثُمَّ تَذَكَّرَ أَعَادَ التَّشَهُّدَ ثُمَّ سَلَّمَ، وَمِنْ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ فِي أَنَّهُ سَجَدَ أَوَّلًا وَتَشَهَّدَ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَعَادَ التَّشَهُّدَ وَسَلَّمَ، كَذَا يُسْتَفَادُ مِنْ شَرْحِ الْعُبَابِ: وَعِبَارَتُهُ: قَالَ الْقَاضِي وَأَنْ يَصْدُرَ عَقِبَ التَّشَهُّدِ الَّذِي هُوَ رُكْنٌ، فَلَوْ صَلَّى الظُّهْرَ أَرْبَعًا ثُمَّ تَشَهَّدَ ثُمَّ شَرَعَ فِي السُّنَّةِ سَهْوًا ثُمَّ تَذَكَّرَ بَعْدَ فَرَاغِهَا تَشَهَّدَ ثُمَّ سَجَدَ لِلسَّهْوِ ثُمَّ سَلَّمَ، وَكَذَا لَوْ شَكَّ فِي سَجْدَتَيْ الْأَخِيرَةِ فَأَتَى بِهِمَا ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ كَانَ فَعَلَهَا فَلْيَسْتَأْنِفْ التَّشَهُّدَ، وَأَنَّهُ لَوْ قَامَ لِخَامِسَةٍ بَعْدَ تَشَهُّدِهِ فِي الرَّابِعَةِ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَعَادَ وَأَجْزَأَهُ تَشَهُّدُهُ اهـ مِنْ نُسْخَةٍ سَقِيمَةٍ. وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِي الرَّوْضَةِ فِي سُجُودِ السَّهْوِ بِمَا يَرُدُّ مَا قَالَهُ الْقَاضِي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اهـ سم عَلَى حَجّ. [فَرْعٌ] ظَنَّ مُصَلِّي فَرْضٍ أَنَّهُ فِي نَفْلٍ فَكَمَّلَ عَلَيْهِ لَمْ يُؤَثِّرْ: أَيْ فِي الِاعْتِدَادِ بِمَا فَعَلَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي وُضُوءِ الِاحْتِيَاطِ بِأَنَّ النِّيَّةَ هُنَا بُنِيَتْ ابْتِدَاءً عَلَى يَقِينٍ بِخِلَافِهَا ثَمَّ، وَلَيْسَ قِيَامُ النَّفْلِ مَقَامَ الْفَرْضِ مُنْحَصِرًا فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَ التَّنْقِيحِ ضَابِطٌ مَا يَتَأَدَّى بِهِ الْفَرْضُ بِنِيَّةِ النَّفْلِ أَنْ تَسْبِقَ نِيَّةٌ تَشْمَلُهُمَا، ثُمَّ يَأْتِي بِشَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْعِبَادَةِ يَنْوِي بِهِ النَّفَلَ وَيُصَادِفُ بَقَاءَ الْفَرْضِ عَلَيْهِ، لِأَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ الشُّمُولِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ النَّفَلُ دَاخِلًا كَالْفَرْضِ فِي مُسَمًّى مُطْلَقِ الصَّلَاةِ، بِخِلَافِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالسَّهْوِ كَمَا يَأْتِي اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَالتَّعْرِيفُ وَغَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ مَا ذُكِرَ، وَعِبَارَةُ حَجّ وَغَيْرُهُمَا: وَقَالَ سم عَلَيْهِ: يُتَأَمَّلُ مِثَالُهُ، وَأَمَّا تَسْوِيغُ نَحْوِ الِابْتِدَاءِ وَمَجِيءِ الْحَالِ فَمِنْ فُرُوعِ التَّعْرِيفِ اهـ: أَيْ وَكَذَا الْعَهْدُ وَالْجِنْسُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ) أَيْ الْبُطْلَانِ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ الْجَاهِلِ الْمَعْذُورِ) وَالْمُرَادُ بِالْمَعْذُورِ هُنَا مَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ بَعِيدَ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ نَوَى بِهِ السَّلَامَ) أَخْرَجَ الْإِطْلَاقَ اهـ سم حَجّ. وَكَذَا لَوْ شَرَّكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَلَا يَضُرُّ فِيمَا يَظْهَرُ. وَقَوْلُهُ اتَّجَهَ إجْزَاؤُهُ وَمِثْلُهُ السَّلَمُ بِفَتْحِ السِّينِ وَاللَّامِ اهـ مُؤَلِّفٌ وحج، وَمِثْلُهُ السَّلْمُ بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ اللَّامِ (قَوْلُهُ: لَا مَعَ ضَمِيرِ الْغَيْبَةِ) أَيْ كَالسَّلَامِ عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهِمَا أَوْ عَلَيْهِمْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ أَيْ أَوْ عَلَيْهِنَّ (قَوْلُهُ بَلْ تُسْتَحَبُّ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْأُولَى) أَيْ وَإِنْ عَزَبَتْ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَوَى قَبْلَ الْأُولَى) أَيْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا، وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ قَصَدَ فِي أَثْنَاءِ التَّشَهُّدِ أَنْ يَنْوِيَ الْخُرُوجَ عِنْدَ ابْتِدَاءِ السَّلَامِ لِأَنَّهُ نَوَى فِعْلَ مَا يُطْلَبُ مِنْهُ، وَقِيَاسُ عَدَمِ الْبُطْلَانِ بِنِيَّةِ فِعْلِ مَا يَبْطُلُ قَبْلَ الشُّرُوعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَمْ يُغَيِّرْ الْمَعْنَى، وَمِثَالُهُ فِي النَّقْصِ. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ الْآتِي (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ لَا خِطَابَ فِيهِ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ

فِي الْمُهِمَّاتِ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ مَا هُوَ فِيهِ بِنِيَّةِ الْخُرُوجِ عَنْ غَيْرِهِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ تَجِبُ مَعَ السَّلَامِ لِيَكُونَ الْخُرُوجُ كَالدُّخُولِ فِيهِ. وَذَكَرَ الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ وَقَالَ: إنَّهَا دَقِيقَةٌ، وَهِيَ أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ الْمُتَطَوِّعُ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ قَصْدًا: فَإِنْ قَصَدَ التَّحَلُّلَ فَقَدْ قَصَدَ الِاقْتِصَارَ عَلَى بَعْضِ مَا نَوَى، وَإِنْ سَلَّمَ عَمْدًا وَلَمْ يَقْصِدْ التَّحَلُّلَ فَقَدْ حَمَلَهُ الْأَئِمَّةُ عَلَى كَلَامٍ عَمْدٍ يَبْطُلُ فَكَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ التَّحَلُّلِ فِي حَقِّ الْمُتَنَفِّلِ الَّذِي يُرِيدُ الِاقْتِصَارَ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ، فَإِنَّ الْمُتَنَفِّلَ الْمُسَلِّمَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ يَأْتِي بِمَا لَمْ تَشْتَمِلْ عَلَيْهِ نِيَّةُ عَقْدِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ نِيَّةٍ فَافْهَمْهُ. (وَأَكْمَلُهُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ) لِلِاتِّبَاعِ، وَلَا يُسَنُّ وَبَرَكَاتُهُ عَلَى الْمَنْصُوصِ الْمَنْقُولِ لَكِنَّهَا ثَبَتَتْ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ وَمِنْ ثَمَّ اخْتَارَ كَثِيرٌ نَدْبَهَا (مَرَّتَيْنِ) وَإِنْ تَرَكَهُ إمَامُهُ كَمَا سَيَأْتِي لِلِاتِّبَاعِ، وَأَخْبَارُ التَّسْلِيمَةِ الْوَاحِدَةِ ضَعِيفَةٌ أَوْ مَحْمُولَةٌ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ وَقَدْ يَحْرُمُ السَّلَامُ الثَّانِي عِنْدَ عُرُوضِ مُنَافٍ عَقِبَ الْأُولَى كَحَدَثٍ وَخُرُوجِ وَقْتِ جُمُعَةٍ وَتَخَرُّقِ خُفٍّ وَنِيَّةِ إقَامَةٍ وَانْكِشَافِ عَوْرَةٍ وَسُقُوطِ نَجَاسَةٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهَا عَلَيْهِ، وَهِيَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ جُزْءًا مِنْ الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّهَا مِنْ تَوَابِعِهَا وَمُكَمِّلَاتِهَا، وَمِنْ ثَمَّ وَقَعَ لَهُمَا مَرَّةً أَنَّهَا مِنْهَا وَأُخْرَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْهَا، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فَلَا تَنَاقَضَ وَيُسَنُّ عِنْدَ إتْيَانِهِ بِهِمَا أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْعَبَّادِيِّ فِي طَبَقَاتِهِ عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَصَرَّحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ وَلَوْ سَلَّمَ الثَّانِيَةَ عَلَى اعْتِقَادِهِ أَنَّهُ أَتَى بِالْأُولَى وَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ لَمْ تُحْسَبْ وَيُسَلِّمُ التَّسْلِيمَتَيْنِ كَمَا أَفْتَى بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِيهِ لَوْ نَوَتْ فِي ابْتِدَاءِ التَّشَهُّدِ مَثَلًا أَنَّهُ بَعْدَ فَرَاغِ التَّشَهُّدِ يَنْوِي الْخُرُوجَ قَبْلَ السَّلَامِ عَدَمَ الْبُطْلَانِ هُنَا لِأَنَّهُ لَمْ يَشْرَعْ فِي الْمُبْطِلِ (قَوْلُهُ مِنْ هَذَا) الْإِشَارَةُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا تَجِبُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ) أَيْ كَأَنْ نَوَى عَشْرًا وَسَلَّمَ قَبْلَ الْعَاشِرَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى بَعْضِ مَا نَوَى) أَيْ وَذَلِكَ مُتَضَمِّنٌ لِنِيَّةِ النَّقْصِ عَمَّا نَوَاهُ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ) أَيْ بَيِّنٌ عَدَمُ نِيَّةِ الْخُرُوجِ هُنَا وَاعْتِبَارُهَا فِي صَلَاةِ النَّفْلِ الَّتِي اقْتَصَرَ فِيهَا عَلَى بَعْضِ مَا نَوَاهُ حَيْثُ فَصَلَ فِيهَا بَيْنَ قَصْدِ التَّحَلُّلِ وَعَدَمِهِ، ثُمَّ قَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ اعْتِمَادُ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ. وَفِي حَجّ مَا نَصُّهُ: وَفِيهِ أَيْ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ نَظَرٌ، وَمِمَّا يَدْفَعُهُ: أَيْ كَلَامُ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ النَّقْصُ إلَّا بِنِيَّتِهِ إيَّاهُ قَبْلَ فِعْلِهِ، وَحِينَئِذٍ تَبْطُلُ عِلَّتُهُ الْمَذْكُورَةُ لِأَنَّ نِيَّتَهُ لِلنَّقْصِ مُتَضَمِّنَةٌ لِسَلَامِهِ الَّذِي أَرَادَهُ فَلَمْ يَحْتَجْ لِنِيَّةٍ أُخْرَى، وَلَعَلَّ مَقَالَةَ الْإِمَامِ هَذِهِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ نِيَّةُ النَّقْصِ قَبْلَ فِعْلِهِ اهـ. (قَوْلُهُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ) أَيْ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَقْصِدَ بِذَلِكَ الذِّكْرَ، أَوْ الذِّكْرَ وَالْإِعْلَامَ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ اهـ سم عَلَى حَجّ فِي فَصْلٍ تَبْطُلُ بِالنُّطْقِ إلَى آخِرِهِ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَلَا يُسَنُّ وَبَرَكَاتُهُ) قَالَ حَجّ: إلَّا فِي الْجِنَازَةِ. وَقَالَ سم عَلَيْهِ: كَذَا قِيلَ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْجَنَائِزِ كَغَيْرِهَا عَدَمُ زِيَادَةِ وَبَرَكَاتُهُ فِيهَا أَيْضًا اهـ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَنْصُوصِ الْمَنْقُولِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَرَكَهُ إمَامُهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ فِعْلِ السَّلَامِ مَرَّتَيْنِ بِأَنْ اقْتَصَرَ عَلَى وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: كَمَا سَيَأْتِي) أَيْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قُبَيْلَ الْبَابِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَحْرُمُ السَّلَامُ) أَيْ مَعَ صِحَّةِ الصَّلَاةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ (قَوْلُهُ عِنْدَ عُرُوضِ مُنَافٍ) أَيْ لِلصَّلَاةِ وَمِنْهُ تَحْوِيلُ صَدْرِهِ عَنْ الْقِبْلَةِ بَيْنَ التَّسْلِيمَتَيْنِ عَلَى مَا يُفِيدُهُ هَذَا الْكَلَامُ، وَقَوْلُهُ قَبْلُ وَصَدْرُهُ لِلْقِبْلَةِ إذْ لَمْ يَعْتَبِرْهُ فِي غَيْرِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: كَحَدَثٍ) أَقُولُ: وَجْهُ الْحُرْمَةِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ صَارَ إلَى حَالَةٍ لَا تَقْبَلُ هَذِهِ الصَّلَاةَ الْمَخْصُوصَةَ فَلَا تَقْبَلُ تَوَابِعَهَا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَانْكِشَافُ عَوْرَةٍ) أَيْ انْكِشَافًا مُبْطِلًا لِلصَّلَاةِ بِأَنْ طَالَ الزَّمَنُ مَثَلًا (قَوْلُهُ: أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا) أَيْ بِسَكْتَةٍ (قَوْلُهُ وَيُسَلِّمُ التَّسْلِيمَتَيْنِ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدَ لِلسَّهْوِ، لِأَنَّ مَا فَعَلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّحَلُّلَ (قَوْلُهُ: كَالدُّخُولِ فِيهِ) كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ وَلَا مَرْجِعَ لِلضَّمِيرِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ مِنْ الْكَتَبَةِ عَنْ قَوْلِ الْجَلَالِ، فَإِنَّ هَذِهِ عِبَارَتَهُ (قَوْلُهُ: وَهِيَ أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ الْمُتَطَوِّعُ) أَيْ الَّذِي نَوَى عَدَدًا وَاقْتَصَرَ عَلَى بَعْضِهِ (قَوْلُهُ:، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ)

الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ فِي فَتَاوِيهِ، وَيُفَارِقُ ذَلِكَ حُسْبَانُ جُلُوسِهِ بِنِيَّةِ الِاسْتِرَاحَةِ عَنْ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِأَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ لَمْ تَشْمَلْ التَّسْلِيمَةَ الثَّانِيَةَ لِأَنَّهَا مِنْ لَوَاحِقِهَا لَا مِنْ نَفْسِهَا، وَلِهَذَا لَوْ أَحْدَثَ بَيْنَهُمَا لَمْ تَبْطُلْ فَصَارَ كَمَنْ نَسِيَ سَجْدَةً مِنْ صَلَاتِهِ ثُمَّ سَجَدَ لِتِلَاوَةٍ أَوْ سَهْوٍ فَإِنَّهَا لَا تَقُومُ مَقَامَ تِلْكَ السَّجْدَةِ، بِخِلَافِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ فَإِنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ شَامِلَةٌ لَهَا وَأَنْ تَكُونَ الْأُولَى (يَمِينًا وَ) الْأُخْرَى (شِمَالًا) لِلِاتِّبَاعِ (مُلْتَفِتًا) فِي التَّسْلِيمَةِ (الْأُولَى حَتَّى يَرَى خَدَّهُ الْأَيْمَنَ) فَقَطْ لَا خَدَّاهُ (وَفِي) التَّسْلِيمَةِ (الثَّانِيَةِ) حَتَّى يَرَى خَدَّهُ (الْأَيْسَرَ) كَذَلِكَ، وَيُسَنُّ أَنْ يَبْتَدِئَ بِهِ وَهُوَ مُسْتَقْبِلٌ بِوَجْهِهِ. أَمَّا بِصَدْرِهِ فَوَاجِبٌ (نَاوِيًا السَّلَامَ) بِمَرَّةِ الْيَمِينِ الْأُولَى (عَلَى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ وَ) بِمَرَّةٍ الْيَسَارَ عَلَى مَنْ عَنْ (يَسَارِهِ) وَبِأَيِّهِمَا شَاءَ عَلَى مُحَاذِيهِ (مِنْ مَلَائِكَةٍ وَمُؤْمِنِي إنْسٍ وَجِنٍّ) سَوَاءٌ أَكَانَ مَأْمُومًا أَمْ إمَامًا. أَمَّا الْمُنْفَرِدُ فَيَنْوِي بِهِمَا عَلَى الْمَلَائِكَةِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَعَلَى مُؤْمِنِي الْإِنْسِ وَالْجِنِّ (وَيَنْوِي الْإِمَامُ) زِيَادَةً عَلَى مَا تَقَدَّمَ ـــــــــــــــــــــــــــــSيُبْطِلُ عَمْدُهُ، فَإِنْ قَصَدَ الثَّانِيَةَ قَبْلَ الْأُولَى يُعَدُّ أَجْنَبِيًّا، وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ لَمْ يُحْسَبْ مَا نَصُّهُ: سَلَامُهُ عَنْ فَرْضِهِ لِأَنَّهُ أَتَى بِهِ عَلَى اعْتِقَادِ النَّفْلِ فَلْيَسْجُدْ لِلسَّهْوِ ثُمَّ يُسَلِّمْ اهـ (قَوْلُهُ: يَمِينًا وَشِمَالًا) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: بِخِلَافِ مَا لَوْ سَلَّمَهُمَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ تَارِكًا لَلسُّنَّةِ، وَلَا يُكْرَهُ إلَّا عَلَى مَا يَأْتِي عَنْ الْمَجْمُوعِ اهـ، وَبَقِيَ مَا لَوْ سَلَّمَ الْأَوَّلُ عَنْ الْيَسَارِ فَهَلْ يُسَنُّ حِينَئِذٍ جَعْلُ الثَّانِي عَنْ الْيَمِينِ؟ يَنْبَغِي نَعَمْ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ وَالْأُولَى خِلَافُهُ فَيَأْتِي بِالثَّانِيَةِ عَنْ يَسَارِهِ أَيْضًا لِأَنَّهَا هَيْئَتُهَا الْمَشْرُوعَةُ لَهَا فَفِعْلُهَا عَنْ يَمِينِهِ تَغْيِيرٌ لِلسُّنَّةِ الْمَطْلُوبَةِ فِيهَا كَمَا لَوْ قُطِعَتْ سَبَّابَتُهُ الْيُمْنَى لَا يُشِيرُ بِغَيْرِهَا لِأَنَّ لَهُ هَيْئَةً مَطْلُوبَةً، فَالْإِشَارَةُ بِهِ تَفُوتُ مَا طُلِبَ لَهُ مِنْ قَبْضِهَا إنْ كَانَتْ مِنْ الْيَمِينِ، وَنَشْرُهَا عَلَى الْفَخِذَيْنِ إنْ كَانَتْ مِنْ الْيُسْرَى. وَقَوْلُ سم: وَلَا يُكْرَهُ إلَّا عَلَى مَا يَأْتِي عَنْ الْمَجْمُوعِ: أَيْ فِي كَلَامِ حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَعِنْدِي لَا يُكْرَهُ إلَى آخِرِهِ مِنْ قَوْلِهِ تَنْبِيهٌ: قَدْ يُنَافِي سَلْبُهُ الْكَرَاهَةَ مَا نُقِلَ عَنْ مَجْمُوعِهِ أَنَّهُ يُكْرَهُ تَرْكُ سُنَّةٍ مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ، إلَّا أَنْ يَجْمَعَ بِأَنَّهُ أَطْلَقَ الْكَرَاهَةَ عَلَى خِلَافِ الْأَوْلَى، أَوْ مُرَادُهُ السُّنَنُ الْمُتَأَكِّدَةُ لِنَحْوِ جَرَيَانِ خِلَافٍ فِي وُجُوبِهَا كَمَا يَأْتِي أَوَاخِرَ الْمُبْطِلَاتِ بِزِيَادَةٍ اهـ وَقَوْلُ الْمَجْمُوعِ: يُكْرَهُ تَرْكُ سُنَّةٍ مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ مِثْلُهُ مَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى وَاحِدَةِ إمَامِهِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ وَالْأَوْلَى جَعْلُهَا عَنْ يَمِينِهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا بِصَدْرِهِ فَوَاجِبٌ) وَهَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ: وَصَدْرُهُ لِلْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ نَاوِيًا السَّلَامَ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ يُشْتَرَطُ مَعَ نِيَّةِ السَّلَامِ عَلَى مَنْ ذُكِرَ، أَوْ الرَّدُّ نِيَّةُ سَلَامِ الصَّلَاةِ حَتَّى لَوْ نَوَى مُجَرَّدَ السَّلَامِ عَلَى مَنْ ذُكِرَ، أَوْ الرَّدُّ رَدٌّ لِلصَّارِفِ: وَقَدْ قَالُوا: يُشْتَرَطُ فَقْدُ الصَّارِفِ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ فَيَكُونُ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ اشْتِرَاطِ فَقْدِ الصَّارِفِ لِوُرُودِهِ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْقَلْبُ إلَى الِاشْتِرَاطِ أَمْيَلُ وَهُوَ الْوَجْهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، ثُمَّ قَالَ فِي قَوْلَةٍ أُخْرَى بَعْدُ: وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِنَا أَنَّهُ يَنْبَغِي إذَا قَصَدَ بِالسَّلَامِ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ أَنْ يَقْصِدَ مَعَ ذَلِكَ سَلَامَ الصَّلَاةِ وَإِلَّا كَانَ مَصْرُوفًا، إلَخْ ذَكَرْته لمر فَمَالَ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ: أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّ هَذَا مَأْمُورٌ بِهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. قَوْلُهُ وَهُوَ الْوَجْهُ نَقَلَ مِثْلَهُ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى حَجّ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَالْأَقْرَبُ مَا مَال إلَيْهِ م ر مِنْ عَدَمِ الِاشْتِرَاطِ، وَيُوَجَّهُ بِمَا قَالَهُ حَجّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ مَنْ عَنْ يَمِينِهِ بِسَلَامِهِ عَلَيْهِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الرَّدُّ لِأَنَّهُ لِكَوْنِهِ مَشْرُوعًا لِلتَّحَلُّلِ لَمْ يَصْلُحْ لِلْأَمَانِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ سَلَامٌ مِنْهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَحَيْثُ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَصْلُحْ صَارِفًا (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ عَلَى يَمِينِهِ) أَيْ وَلَوْ غَيْرَ مُصَلٍّ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَى غَيْرِ الْمُصَلِّي الرَّدُّ عَلَيْهِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ قَصَدَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ بَيْنَ هَذِهِ الصُّورَةِ الْمُسْتَثْنَاةِ وَبَقِيَّةِ الصُّوَرِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُنْفَرِدُ) لَا وَجْهَ لِقَطْعِهِ عَمَّا قَبْلَهُ مَعَ اتِّحَادِهِ مَعَهُ فِي الْحُكْمِ، وَهُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ لِلشَّارِحِ الْجَلَالِ، لَكِنَّ ذَاكَ لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ وَعَلَى مُؤْمِنِي الْإِنْسِ، وَالْجِنِّ (قَوْلُهُ: زِيَادَةً عَلَى مَا تَقَدَّمَ) فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، فَإِنَّهُ عَيَّنَهُ بِاعْتِبَارِ مَا حَلَّهُ هُوَ بِهِ، وَالشَّارِحُ الْجَلَالُ لَمْ يَذْكُرَ قَوْلَ الشَّارِحِ هُنَا فِيمَا مَرَّ: وَبِأَيِّهِمَا شَاءَ

(السَّلَامَ عَلَى الْمُقْتَدِينَ) مَنْ عَنْ يَمِينِهِ بِالْأُولَى، وَمَنْ عَنْ يَسَارِهِ بِالثَّانِيَةِ، وَعَلَى مَنْ خَلْفَهُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ (وَهُمْ الرَّدَّ عَلَيْهِ) وَعَلَى مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْمَأْمُومِينَ فَيَنْوِيهِ مَنْ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ بِالثَّانِيَةِ وَمَنْ عَنْ يَسَارِهِ بِالْأُولَى، فَإِنْ حَاذَاهُ فَبِالْأُولَى أَوْلَى، لِأَنَّهُ قَدْ اخْتَلَفَ فِي التَّرْجِيحِ فِي الثَّانِيَةِ هَلْ هِيَ مِنْ الصَّلَاةِ أَمْ لَا كَمَا مَرَّ، وَاسْتَشْكَلَ كَوْنُ الَّذِي عَنْ يَسَارِهِ يَنْوِي الرَّدَّ عَلَيْهِ بِالْأُولَى لِأَنَّ الرَّدَّ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ السَّلَامِ، وَالْإِمَامُ إنَّمَا يَنْوِي السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ بِالثَّانِيَةِ فَكَيْفَ يَرُدُّ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ إنَّمَا يُسَلِّمُ الْأُولَى مَعَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ التَّسْلِيمَتَيْنِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالتَّحْقِيقِ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ الْبَرَاءِ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نُسَلِّمَ عَلَى أَئِمَّتِنَا وَأَنْ يُسَلِّمَ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فِي الصَّلَاةِ» وَاسْتَشْكَلَ أَيْضًا قَوْلُهُمْ يَنْوِي السَّلَامَ عَلَى الْمُقْتَدِينَ بِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلنِّيَّةِ، فَإِنَّ الْخِطَابَ كَافٍ فِي الصَّرْفِ إلَيْهِمْ، فَأَيُّ مَعْنًى لِلنِّيَّةِ وَالصَّرِيحُ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا كَمَا لَا يَحْتَاجُ الْمُسْلِمُ خَارِجَ الصَّلَاةِ إذَا سَلَّمَ عَلَى قَوْمٍ إلَى نِيَّةٍ فِي أَدَاءِ السُّنَّةِ. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَمَّا عَارَضَ ذَلِكَ تَحَلُّلَ الصَّلَاةِ احْتَاجَ إلَى نِيَّةٍ بِخِلَافِ خَارِجِهَا. (الثَّالِثَ عَشَرَ) مِنْ أَرْكَانِهَا (تَرْتِيبُ الْأَرْكَانِ) كَمَا ذَكَرْنَا فِي عَدِّهَا الْمُشْتَمِلِ عَلَى قَرْنِ النِّيَّةِ بِالتَّكْبِيرِ وَجَعْلِهِمَا مَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِالسَّلَامِ، ثُمَّ رَأَيْت حَجّ قَالَ مَا نَصُّهُ: وَلَوْ كَانَ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ غَيْرُ مُصَلٍّ لَمْ يَلْزَمْهُ الرَّدُّ لِانْصِرَافِهِ لِلتَّحَلُّلِ دُونَ التَّأْمِينِ الْمَقْصُودِ مِنْ السَّلَامِ الْوَاجِبِ رَدُّهُ، وَلِأَنَّ الْمُصَلِّيَ غَيْرُ مُتَأَهِّلٍ لِلْخِطَابِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ سَلَّمَ عَلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُ الرَّدُّ بَلْ يُسَنُّ: أَيْ بَعْدَ فَرَاغِ الصَّلَاةِ كَمَا يَأْتِي وَقِيَاسُهُ نَدْبُهُ هُنَا أَيْضًا اهـ: أَيْ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ كَأَنْ عَلِمَهُ مِنْ عَادَتِهِ بِإِخْبَارِهِ لَهُ سَابِقًا. لَا يُقَالُ: يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ مَا قَالُوهُ فِي الْأَيْمَانِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَلَوْ مِنْ الصَّلَاةِ حَنِثَ. لِأَنَّا نَقُولُ: ذَاكَ مَحَلُّهُ إذَا قَصَدَهُ بِخُصُوصِهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا، وَلَا يَخْتَصُّ السَّلَامُ بِالْحَاضِرِينَ بَلْ يَعُمُّ كُلَّ مَنْ فِي جِهَةِ يَمِينِهِ وَإِنْ بَعُدُوا إلَى آخِرِ الدُّنْيَا، وَإِنْ اقْتَضَى قَوْلُ الْبَهْجَةِ وَنِيَّةُ الْحُضَّارِ بِالتَّسْلِيمِ تَخْصِيصَهُ بِهِمْ. [فَرْعٌ اسْتِطْرَادِيٌّ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَنْ شَخْصَيْنِ تَلَاقَيَا مَعَ شَخْصٍ وَاحِدٍ فَسَلَّمَ أَحَدُهُمَا عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيْهِ نَاوِيًا بِهِ الرَّدَّ عَلَى مَنْ سَلَّمَ وَالِابْتِدَاءُ عَلَى مَنْ يُسَلِّمُ، فَهَلْ تَكْفِي هَذِهِ الصِّيغَةُ عَنْهُمَا أَوْ لَا، لِأَنَّ فِيهَا تَشْرِيكًا بَيْنَ فَرْضٍ وَهُوَ الرَّدُّ وَسُنَّةٍ وَهُوَ الِابْتِدَاءُ؟ فِيهِ نَظَرٌ. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ وَلَا يَضُرُّ التَّشْرِيكُ الْمَذْكُورُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ فِي الْمَأْمُومِينَ إذَا تَأَخَّرَ سَلَامُ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ، فَكُلٌّ يَنْوِي بِكُلِّ تَسْلِيمَةٍ السَّلَامَ عَلَى مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ وَالرَّدَّ عَلَى مَنْ سَلَّمَ (قَوْلُهُ: وَعَلَى مَنْ خَلْفَهُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ) لَا يَأْتِي إذَا تَوَسَّطَتْ تَسْلِيمَتَاهُ بَيْنَ تَسْلِيمَتَيْ الْمُسَلِّمِ وَقَدْ سَلَّمَ عَلَيْهِ الْمُسَلِّمُ بِثَانِيَتِهِ مَثَلًا اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ فَيَنْوِي حِينَئِذٍ الرَّدَّ لَا السَّلَامَ (قَوْلُهُ: وَهَمَ الرَّدُّ عَلَيْهِ) وَبَقِيَ رَدُّ مُنْفَرِدٍ عَلَى مُنْفَرِدٍ أَوْ إمَامٍ، وَرَدُّ إمَامٍ أَوْ مُنْفَرِدٍ أَوْ مُقْتَدِينَ بِغَيْرِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يُتَصَوَّرُ غَيْرُ مَا ذَكَرَهُ، فَحَرَّرَهُ وَانْظُرْ لِمَ تَرَكَهُ وَمَا حُكْمُهُ وَعِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَشَرْحُهُ لِشَيْخِنَا: وَسُنَّ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَنْوِيَ بِسَلَامِهِ إمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا أَوْ مُنْفَرِدًا مَنْ حَضَرَ مِنْ مَلَائِكَةٍ وَمُؤْمِنِي إنْسٍ وَجِنٍّ ابْتِدَاءً فِي الثَّلَاثَةِ، خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْإِسْعَادِ وَرَدًّا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَأْمُومِ فَيَنْوِيهِ عَلَى الْإِمَامِ بِأَيِّ سَلَامِهِ شَاءَ إنْ كَانَ خَلْفَهُ، وَبِالثَّانِيَةِ إنْ كَانَ عَنْ يَمِينِهِ، وَبِالْأُولَى إنْ كَانَ عَنْ يَسَارِهِ، وَلِلْأَمَامِ إذَا لَمْ يَفْعَلْ مَنْ عَنْ يَسَارِهِ السُّنَّةَ بِأَنْ سَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ الْإِمَامُ الثَّانِيَةَ وَلَمْ يَصْبِرْ إلَى فَرَاغِهِ مِنْهَا، فَيُسَنُّ لَهُ أَنْ يَنْوِيَ الرَّدَّ عَلَيْهِ بِالثَّانِيَةِ، خِلَافًا لِمَا فِي أَصْلِهِ مِنْ اخْتِصَاصِ الرَّدِّ بِالْمَأْمُومِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ وَعِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَشَرْحُهُ تُفِيدُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ وَالْمَأْمُومِ يُسَلِّمُونَ عَلَى مَنْ حَضَرَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُصَلِّيًا، وَأَنَّ الْمَأْمُومَ وَالْإِمَامَ يَرُدَّانِ عَلَى مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِمَا مِنْ الْمُصَلِّينَ بِخِلَافِ الْمُنْفَرِدِ فَلَا يُسَنُّ لَهُ الرَّدُّ عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَاذَاهُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ خَلْفَهُ. (قَوْلُهُ: الثَّالِثَ عَشَرَ إلَخْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى مُحَاذِيهِ، وَاقْتَصَرَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَيَنْوِي الْإِمَامُ السَّلَامَ عَلَى الْمُقْتَدِينَ، عَلَى قَوْلِهِ هَذَا يَزِيدُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بِالْمُقْتَدِينَ خَلْفَهُ انْتَهَى. وَهُوَ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ مَا صَنَعَهُ الشَّارِحُ هُنَا (قَوْلُهُ: وَمَنْ عَنْ يَسَارِهِ بِالْأَوْلَى) هَذَا ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ

[الثالث عشر من أركان الصلاة ترتيب الأركان]

الْقِرَاءَةِ فِي الْقِيَامِ وَجَعْلِ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ فِي الْقُعُودِ، فَالتَّرْتِيبُ عِنْدَ مَنْ أَطْلَقَهُ مُرَادٌ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: بَيْنَ النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ وَالْقِيَامِ وَالْقِرَاءَةِ وَالْجُلُوسِ لِلتَّشَهُّدِ تَرْتِيبٌ، لَكِنْ بِاعْتِبَارِ الِابْتِدَاءِ لَا بِاعْتِبَارِ الِانْتِهَاءِ، لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِ الْقِيَامِ عَلَى الْقِرَاءَةِ وَالْجُلُوسِ عَلَى التَّشَهُّدِ وَاسْتِحْضَارِ النِّيَّةِ مَعَ التَّكْبِيرِ، عَلَى أَنَّ تَقْدِيمَ الِانْتِصَابِ عَلَى ابْتِدَاءِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَاسْتِحْضَارُ النِّيَّةِ مَعَ التَّكْبِيرِ شَرْطٌ لَهَا لَا رُكْنٌ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْمَاهِيَةِ وَمِنْهُ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ بَعْدَ التَّشَهُّدِ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الْمُسْنَدِ، وَدَلِيلُ وُجُوبِهِ الِاتِّبَاعُ وَالْإِجْمَاعُ فَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِلْأَعْرَابِيِّ «إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ ثُمَّ كَذَا» فَذَكَرَهَا بِالْفَاءِ أَوَّلًا ثُمَّ بِثُمَّ وَهُمَا لِلتَّرْتِيبِ، وَعَدُّهُ مِنْ الْأَرْكَانِ بِمَعْنَى الْفُرُوضِ صَحِيحٌ وَبِمَعْنَى الْإِجْزَاءِ فِيهِ تَغْلِيبٌ وَخَرَجَ بِالْأَرْكَانِ السُّنَنُ، فَالتَّرْتِيبُ بَيْنَهَا كَالْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ وَالتَّشَهُّدِ وَالدُّعَاءِ لَيْسَ بِرُكْنٍ فِي الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ لِلِاعْتِدَادِ بِسُنَّتَيْهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يُعَدَّ الْوَلَاءُ رُكْنًا وَإِنْ حَكَاهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ شَرْطٌ إذْ هُوَ بِالتَّرْكِ أَشْبَهُ، وَصَوَّرَهُ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا لِلْإِمَامِ بَعْدَ تَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ وَابْنُ الصَّلَاحِ بِعَدَمِ طُولِ الْفَصْلِ بَعْدَ سَلَامِهِ نَاسِيًا، وَبَعْضُهُمْ بِعَدَمِ طُولِ الْفَصْلِ بَعْدَ شَكِّهِ فِي نِيَّةِ صَلَاتِهِ. (فَإِنْ تَرَكَهُ) أَيْ تَرْتِيبَ الْأَرْكَانِ (عَمْدًا) كَأَنْ قَدَّمَ رُكْنًا فِعْلِيًّا وَمِنْ صُوَرِهِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (بِأَنْ سَجَدَ قَبْلَ رُكُوعِهِ) أَوْ رَكَعَ قَبْلَ قِرَاءَتِهِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا قَدَّمَ رُكْنًا قَوْلِيًّا يَضُرُّ نَقْلُهُ كَسَلَامِهِ قَبْلَ تَشَهُّدِهِ (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) بِالْإِجْمَاعِ لِكَوْنِهِ مُتَلَاعِبًا، فَإِنْ قَدَّمَ رُكْنًا قَوْلِيًّا غَيْرَ سَلَامٍ كَتَشَهُّدٍ عَلَى سُجُودِ، أَوْ قَوْلِيًّا عَلَى قَوْلِيٍّ كَالصَّلَاةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَالَ الدَّمَامِينِيُّ: فِي مِثْلِهِ فِي عِبَارَةِ الْمُغْنِي هُوَ بِفَتْحِ الثَّاءِ عَلَى أَنَّهُ مُرَكَّبٌ مَعَ عَشْرٍ وَكَذَا الرَّابِعُ وَنَحْوُهُ، وَلَا يَجُوزُ فِيهِ الضَّمُّ عَلَى الْإِعْرَابِ وَأَطَالَ فِي بَيَانِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ تَقْدِيمَ الِانْتِصَابِ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ هَذَا فَإِنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ جَوَابٌ عَنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ التَّرْتِيبِ بَيْنَ النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ وَلَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْقِيَامِ، وَكَأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ الرَّدُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ التَّرْتِيبَ الَّذِي هُوَ رُكْنٌ حَاصِلٌ بَيْنَ النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ وَبَيْنَ الْقِيَامِ لِتَقَدُّمِهِ عَلَى ابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ التَّقَدُّمَ لِلْقِيَامِ عَلَى ابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا لَكِنَّهُ شَرْطٌ لَا رُكْنٌ (قَوْلُهُ وَعَدُّهُ) أَيْ التَّرْتِيبِ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى الْفُرُوضِ صَحِيحٌ) أَيْ عَلَى وَجْهِ الْحَقِيقَةِ، وَإِلَّا فَمُطْلَقُ الصِّحَّةِ ثَابِتٌ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهَا بِمَعْنَى الْإِجْزَاءِ تَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَيُصَرَّحُ بِالصِّحَّةِ الَّتِي ذَكَرَهَا قَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدُ: وَبِمَعْنَى الْإِجْزَاءِ فِيهِ تَغْلِيبٌ: فَإِنَّ التَّغْلِيبَ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَجَازِ (قَوْلُهُ: فِيهِ تَغْلِيبٌ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: أَقُولُ: فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ أَنَّ صُورَةَ الْمُرَكَّبِ جُزْءٌ مِنْهُ، فَمَا الْمَانِعُ أَنْ يَكُونَ التَّرْتِيبُ بِمَعْنَى الْحَاصِلِ بِالْمَصْدَرِ إشَارَةً إلَى صُورَةِ الصَّلَاةِ وَأَنَّهَا جُزْءٌ لَهَا حَقِيقَةً فَلَا تَغْلِيبَ فَتَأَمَّلْ اهـ. أَقُولُ: لَكِنْ حَجّ كَشَيْخِهِ وَالْمَحَلِّيِّ إنَّمَا بَنَوْا ذَلِكَ عَلَى الظَّاهِرِ مِنْ كَوْنِهِ جُزْءًا مَحْسُوسًا فِي الظَّاهِرِ فَاحْتَاجُوا لِلْجَوَابِ بِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَصَوَّرَهُ الرَّافِعِيُّ) أَيْ صَوَّرَ الْوَلَاءَ الْمُخْتَلَفَ فِي كَوْنِهِ رُكْنًا أَوْ شَرْطًا (قَوْلُهُ: وَبَعْضُهُمْ بِعَدَمِ طُولِ الْفَصْلِ) أَيْ أَوْ مَضَى رُكْنٌ اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: وَمِنْ صُوَرِهِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْحَصْرَ فِيمَا ذَكَرَهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَأَنَّ الْبَاءَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَى ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلرَّدِّ عَلَى الْإِمَامِ دُونَ غَيْرِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ [الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاة تَرْتِيبُ الْأَرْكَانِ] (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ تَقْدِيمَ الِانْتِصَابِ إلَخْ) هَذَا يُنْتَجُ نَقِيضُ مَطْلُوبِهِ، وَالشِّهَابُ حَجّ ذَكَرَهُ فِي مَقَامِ الرَّدِّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَيُمْكِنُ إلَخْ، وَعِبَارَتُهُ: وَدَعْوَى أَنَّ بَيْنَ مَا ذُكِرَ تَرْتِيبًا بِاعْتِبَارِ الِابْتِدَاءِ، إذْ لَا بُدَّ مِنْ تَقَدُّمِ الْقِيَامِ عَلَى النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ، وَالْقِرَاءَةِ، وَالْجُلُوسِ عَلَى التَّشَهُّدِ وَاسْتِحْضَارِ النِّيَّةِ عَلَى التَّكْبِيرِ، وَهُوَ تَرْتِيبٌ حِسِّيٌّ، وَشَرْعِيٌّ لَا يُفِيدُ لِمَا مَرَّ مِمَّا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ ذَلِكَ التَّقْدِيمَ شَرْطٌ لِحُسْبَانِ ذَلِكَ لَا رُكْنٌ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) يَعْنِي: مِنْ التَّرْتِيبِ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى الْفُرُوضِ صَحِيحٌ) أَيْ عَلَى وَجْهِ الْحَقِيقَةِ وَإِلَّا فَالصِّحَّةُ ثَابِتَةٌ وَإِنْ قُلْنَا بِالتَّغْلِيبِ (قَوْلُهُ: فَالتَّرْتِيبُ بَيْنَهَا) حَقُّ الْعِبَارَةِ فَالتَّرْتِيبُ فِيهَا حَتَّى يُلَاقِيَ التَّمْثِيلَ، إذْ التَّرْتِيبُ فِيهِ إنَّمَا هُوَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْفَرْضِ (قَوْلُهُ: كَسَلَامِهِ قَبْلَ تَشَهُّدِهِ) الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَدَّمَ رُكْنًا قَوْلِيًّا) أَيْ عَلَى رُكْنٍ فِعْلِيٍّ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ

عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى التَّشَهُّدِ لَمْ تَبْطُلْ، لَكِنْ لَا يُعْتَدُّ بِمَا قَدَّمَهُ بَلْ عَلَيْهِ إعَادَتُهُ فِي مَحَلِّهِ، وَكَثِيرًا مَا يُعَبِّرُ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ غَيْرَ مُرِيدٍ بِهَا الْحَصْرَ، بَلْ بِمَعْنَى كَأَنْ (وَإِنْ سَهَا) أَيْ تَرَكَ ذَلِكَ سَهْوًا (فَمَا) فَعَلَهُ (بَعْدَ الْمَتْرُوكِ لَغْوٌ) لِوُقُوعِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ (فَإِنْ تَذَكَّرَهُ) أَيْ الْمَتْرُوكَ (قَبْلَ بُلُوغِ) فِعْلٍ (مِثْلِهِ) مِنْ رَكْعَةٍ أُخْرَى (فَعَلَهُ) بَعْدَ تَذَكُّرِهِ فَوْرًا وُجُوبًا، فَإِنْ تَأَخَّرَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَالتَّذَكُّرُ فِي كَلَامِهِ مِثَالٌ فَلَوْ شَكَّ فِي رُكُوعِهِ هَلْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ أَوْ فِي سُجُودِهِ هَلْ رَكَعَ أَمْ لَا لَزِمَهُ الْقِيَامُ حَالًا فَإِنْ مَكَثَ قَلِيلًا لِيَتَذَكَّرَ بَطَلَتْ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ فِي قِيَامِهِ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فَسَكَتَ لِيَتَذَكَّرَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ فَعَلَهُ مَا لَوْ تَذَكَّرَ فِي سُجُودِهِ أَنَّهُ تَرَكَ الرُّكُوعَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْكَافِ وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ بَلْ عَلَيْهِ إعَادَتُهُ فِي مَحَلِّهِ) أَيْ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ عَلَى مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ نَقَلَ مَطْلُوبًا قَوْلِيًّا (قَوْلُهُ: بِأَنَّ غَيْرَ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِبَأَنَّ، فَالْبَاءُ الْأُولَى لِتَعْدِيَةِ الْفِعْلِ وَالثَّانِيَةُ جُزْءُ الْكَلِمَةِ الَّتِي عَبَّرَ بِهَا، فَلَعَلَّهُ ضَمَّنَ يُعَبِّرُ مَعْنَى يَذْكُرُ (قَوْلُهُ: أَيْ الْمَتْرُوكَ) زَادَ حَجّ: غَيْرُ الْمَأْمُومِ. أَقُولُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ مَتَى انْتَقَلَ عَنْهُ إلَى رُكْنٍ آخَرَ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْعَوْدُ لِمَا فِيهِ مِنْ مُخَالَفَةِ الْإِمَامِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ تَذَكَّرَ الْمَأْمُومُ فِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ تَرَكَ الطُّمَأْنِينَةَ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لَمْ يَعُدْ لَهُ، بَلْ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ. وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ انْتَقَلَ مَعَهُ لِلتَّشَهُّدِ قَبْلَ الطُّمَأْنِينَةِ فِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ لَمْ يَعُدْ لَهَا، لَكِنْ سَيَأْتِي مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَسْجُدُ وَيَلْحَقُ إمَامَهُ، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّهُ لَمَّا تَمَّتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَلَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ مَا يَشْتَغِلُ بِهِ غَيْرَ التَّشَهُّدِ اغْتَفَرَ لِلْمَأْمُومِ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ حَجّ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ: أَنَّ مَحَلَّ امْتِنَاعِ الْعَوْدِ إذَا فَحَشَتْ الْمُخَالَفَةُ أَنَّهُ يَعُودُ لِلْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ إذَا تَذَكَّرَ فِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ تَرْكَ الطُّمَأْنِينَةِ فِيهِ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ فِيهِ أَنَّهُ إذَا تَذَكَّرَ قَبْلَ الْقِيَامِ أَنَّهُ لَمْ يَجْلِسْ أَوْ شَكَّ فِيهِ عَادَ لِلْجُلُوسِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ الِانْتِقَالُ عَنْهُ عَدَمُ عَوْدِهِ هُنَا (قَوْلُهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّ التَّأَخُّرُ وَسَيَأْتِي فِي فَصْلِ الْمُتَابَعَةِ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ الْقِيَامُ حَالًا) أَيْ حَيْثُ كَانَ إمَامًا أَوْ مُنْفَرِدًا لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمَأْمُومَ لَوْ عَلِمَ فِي رُكُوعِهِ أَنَّهُ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ أَوْ شَكَّ لَمْ يَعُدْ إلَيْهَا بَلْ يُصَلِّي رَكْعَةً بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ الشَّاكُّ إمَامًا فَعَادَ بَعْدَ رُكُوعِ الْمَأْمُومِينَ مَعَهُ أَوْ سُجُودِهِمْ فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ فِي الرُّكْنِ الَّذِي عَادَ مِنْهُ الْإِمَامُ وَإِنْ كَانَ قَصِيرًا كَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، أَوْ يَعُودُونَ مَعَهُ حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ تَذَكَّرَ أَنَّهُ لَمْ يَقْرَأْ الْفَاتِحَةَ، أَوْ تَتَعَيَّنُ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ حَمْلًا لَهُ عَلَى أَنَّهُ عَادَ سَاهِيًا لَكِنْ يَنْبَغِي إذَا عَادَ وَالْمَأْمُومُ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ أَنْ يَسْجُدَ وَيَنْتَظِرَهُ فِي السُّجُودِ حَذَرًا مِنْ تَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ تَذَكَّرَ فِي سُجُودِهِ أَنَّهُ تَرَكَ الرُّكُوعَ) وَكَذَا لَوْ شَكَّ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا لَوْ شَكَّ غَيْرُ مَأْمُومٍ بَعْدَ تَمَامِ رُكُوعِهِ فِي الْفَاتِحَةِ فَعَادَ لِلْقِيَامِ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ قَرَأَ فَيُحْسَبُ لَهُ انْتِصَابُهُ عَنْ الِاعْتِدَالِ بِأَنَّهُ لَمْ يَصْرِفْ الرُّكْنَ الْأَجْنَبِيَّ عَنْهُ فَإِنَّ الْقِيَامَ وَاحِدٌ، وَإِنَّمَا ظَنَّ صِفَةً أُخْرَى لَمْ تُوجَدْ فَلَمْ يَنْظُرْ لِظَنِّهِ، بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَةِ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ بِقَصْدِهِ الْإِشَارَةَ لِلسُّجُودِ لَمْ يَتَضَمَّنْ ذَلِكَ قَصْدَ الرُّكُوعِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الِانْتِقَالَ إلَى السُّجُودِ لَا يَسْتَلْزِمُهُ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ قَائِمًا فِي رُكُوعِهِ فَرَكَعَ ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ سَهَا مِنْ اعْتِدَالِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْعَوْدُ لِلْقِيَامِ بَلْ لَهُ الْهَوِيُّ مِنْ رُكُوعِهِ لِأَنَّ هَوِيَّ الرُّكُوعِ بَعْضُ هَوِيِّ السُّجُودِ فَلَمْ يَقْصِدْ أَصْلِيًّا كَمَا تَقَرَّرَ، وَبِهِ يَتَّضِحُ أَنَّ قَوْلَ الزَّرْكَشِيّ: لَوْ هَوَى إمَامُهُ فَظَنَّهُ يَسْجُدُ لِلتِّلَاوَةِ فَتَابَعَهُ فَبَانَ أَنَّهُ رَكَعَ حُسِبَ لَهُ وَاغْتُفِرَ لَهُ ذَلِكَ لِلْمُتَابَعَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى نِزَاعِهِ فِي مَسْأَلَةِ الرَّوْضَةِ، أَمَّا عَلَى مَا فِيهَا فَلَا يُحْسَبُ لِأَنَّهُ قَصَدَ أَصْلِيًّا، وَظَنُّ الْمُتَابَعَةِ لَا يُفِيدُ كَظَنِّ وُجُوبِ السُّجُودِ فِي مَسْأَلَةِ الرَّوْضَةِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَقُومَ ثُمَّ يَرْكَعَ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: لَوْ ظَنَّ أَنَّ إمَامَهُ هَوَى لِلسُّجُودِ الرُّكْنِيِّ فَبَانَ أَنَّ هَوِيَّهُ لِلرُّكُوعِ أَجْزَأَهُ هَوِيُّهُ عَنْ الرُّكُوعِ لِوُجُودِ الْمُتَابَعَةِ الْوَاجِبَةِ لَا يَأْتِي عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ، وَإِشَارَتُهُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ مَا ذَكَرَهُ وَمَسْأَلَةُ الزَّرْكَشِيّ مِمَّا يُتَعَجَّبُ مِنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَيْ الْمَتْرُوكِ) لَا حَاجَةَ إلَى لَفْظِ أَيْ

فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الْقِيَامِ لِيَرْكَعَ مِنْهُ وَلَا يَكْفِيهِ أَنْ يَقُومَ رَاكِعًا، لِأَنَّ الِانْحِنَاءَ غَيْرُ مُعْتَدٍ بِهِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ زِيَادَةٌ عَلَى الْمَتْرُوكِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ، حَتَّى بَلَغَ مِثْلَهُ (تَمَّتْ بِهِ رَكْعَتُهُ) لِوُقُوعِهِ عَنْ مَتْرُوكِهِ (وَتَدَارَكَ الْبَاقِي) مِنْ صَلَاتِهِ لِإِلْغَاءِ مَا بَيْنَهُمَا. نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمِثْلُ مِنْ الصَّلَاةِ كَسُجُودِ تِلَاوَةٍ لَمْ يُجْزِهِ لِعَدَمِ شُمُولِ نِيَّةِ الصَّلَاةِ لَهَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ، هَذَا إنْ عَرَفَ عَيْنَ الْمَتْرُوكِ وَمَحَلَّهُ، وَإِلَّا أَخَذَ بِالْمُتَيَقَّنِ وَأَتَى بِالْبَاقِي، وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ، ثُمَّ مَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ مَا لَمْ يُوجِبْ الشَّكَّ اسْتِئْنَافُهَا فَإِنْ أَوْجَبَهُ كَشَكِّهِ فِي النِّيَّةِ أَوْ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فَلَا يُجْزِئُهُ ذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِئْنَافِهَا وَلَا سُجُودَ لِلسَّهْوِ، وَلَوْ كَانَ الْمَتْرُوكُ السَّلَامَ وَتَذَكَّرهُ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ أَتَى بِهِ وَلَا سُجُودَ وَكَذَا بَعْدَ طُولِهِ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُ سُكُوتٌ طَوِيلٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSاهـ حَجّ الْمَعْنَى. هَذَا وَقَدْ اعْتَمَدَ م ر فِيمَا سَبَقَ فِي الرُّكُوعِ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ الْهَوِيُّ حَيْثُ وَقَفَ إمَامُهُ فِي حَدِّ الرُّكُوعِ وَإِنْ قَصَدَ سُجُودَ التِّلَاوَةِ فِي الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الْقِيَامِ لِيَرْكَعَ مِنْهُ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الرُّكُوعُ فَوْرًا، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ هَوَى لِيَسْجُدَ فَتَذَكَّرَ تَرْكَ الرُّكُوعِ فَعَادَ لِلْقِيَامِ فَلَا يَجِبُ الرُّكُوعُ فَوْرًا لِأَنَّهُ بِتَذَكُّرِهِ عَادَ لِمَا كَانَ فِيهِ وَهَذَا ظَاهِرٌ وَإِنْ أَوْهَمَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ تَذَكَّرَهُ قَبْلَ بُلُوغٍ إلَخْ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ حَتَّى بَلَغَ مِثْلَهُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمِثْلُ يَأْتِي بِهِ لِلْمُتَابَعَةِ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا وَصَلَّى رَكْعَةً وَنَسِيَ مِنْهَا سَجْدَةً ثُمَّ قَامَ فَوَجَدَ مُصَلِّيًا فِي السُّجُودِ أَوْ الِاعْتِدَالِ فَاقْتَدَى بِهِ وَسَجَدَ مَعَهُ لِلْمُتَابَعَةِ فَيُجْزِئُهُ ذَلِكَ وَتَكْمُلُ بِهِ رَكْعَةٌ، كَذَا نُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ خَطِّ شَيْخِنَا الْعَلَامَةِ الشَّوْبَرِيِّ. أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ بِعَدَمِ إجْزَائِهِ كَمَا لَوْ أَتَى إمَامُهُ بِسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ أَوْ سَهْوٍ فَتَابَعَهُ وَعَلَيْهِ سَجْدَةٌ مِنْ صَلَاتِهِ فَإِنَّهَا لَمْ تُحْسَبْ لَهُ لِعَدَمِ شُمُولِ نِيَّتِهِ لَهَا (قَوْلُهُ: كَسُجُودِ تِلَاوَةٍ) أَيْ وَلَوْ لِقِرَاءَةِ آيَةٍ بَدَلًا عَنْ الْفَاتِحَةِ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ حَجّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: هَذَا إنْ عَرَفَ إلَخْ) الْإِشَارَةُ إلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ تَمَّتْ بِهِ رَكْعَتُهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا أَخَذَ بِالْمُتَيَقَّنِ) أَيْ فَمَا تَيَقَّنَ فِعْلَهُ حُسِبَ لَهُ وَمَا لَمْ يَتَيَقَّنْهُ فَلَغْوٌ (قَوْلُهُ: وَأَتَى بِالْبَاقِي) قَالَ حَجّ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: نَعَمْ مَتَى جَوَّزَ أَنَّ الْمَتْرُوكَ النِّيَّةُ أَوْ تَكْبِيرَةَ التَّحَرُّمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ هُنَا طُولٌ وَلَا مُضِيُّ رُكْنٍ لِأَنَّ هُنَا تَيَقُّنُ تَرْكٍ انْضَمَّ لِتَجْوِيزِ مَا ذُكِرَ وَهُوَ أَقْوَى مِنْ مُجَرَّدِ الشَّكِّ فِي ذَلِكَ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: قَوْلَهُ وَلَمْ يُشْتَرَطْ إلَخْ هَذَا يُقَيِّدُ الْبُطْلَانَ، وَإِنْ تَذَكَّرَ فِي الْحَالِ أَنَّ الْمَتْرُوكَ غَيْرُهُمَا فَلِتُرَاجَعْ الْمَسْأَلَةُ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ هَذَا مَمْنُوعٌ، بَلْ يُشْتَرَطُ الطُّولُ أَوْ مُضِيُّ رُكْنٍ أَيْضًا، وَقَدْ ذَكَرْت مَا قَالَهُ لَمْ ر فَأَنْكَرَهُ اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. أَقُولُ: وَمَا قَالَهُ م ر هُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ تَيَقَّنَ تَرْكَ رُكْنٍ مِنْ صَلَاتِهِ وَتَرَدَّدَ فِيهِ فَإِنَّهُ مَعَ ذَلِكَ التَّذَكُّرِ لَا يَخْرُجُ مِنْ كَوْنِهِ شَاكًّا فِي عَيْنِ الْمَتْرُوكِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ) هَذَا قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ تَمَّتْ بِهِ رَكْعَتُهُ إلَخْ، إذْ مَنْ نَسِيَ النِّيَّةَ أَوْ شَكَّ فِيهَا لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَتِمُّ رَكْعَتُهُ بِالنِّيَّةِ (قَوْلُهُ وَكَذَا بَعْدَ طُولِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الِانْحِنَاءَ) حَقُّ التَّعْبِيرِ؛ لِأَنَّ الْهُوِيَّ (قَوْلُهُ: حَتَّى بَلَغَ مِثْلَهُ) أَيْ وَلَوْ لِمَحْضِ الْمُتَابَعَةِ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا وَصَلَّى رَكْعَةً وَنَسِيَ مِنْهَا سَجْدَةً ثُمَّ قَامَ فَوَجَدَ مُصَلِّيًا فِي السُّجُودِ أَوْ الِاعْتِدَالِ، فَاقْتَدَى بِهِ، وَسَجَدَ مَعَهُ لِلْمُتَابَعَةِ فَيُجْزِئُهُ ذَلِكَ وَتَكْمُلُ بِهِ رَكْعَتُهُ كَمَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الشَّمْسِ الشَّوْبَرِيِّ سَقَى اللَّهُ عَهْدَهُ، وَمُنَازَعَةُ شَيْخِنَا الشبراملسي فِيهِ بِأَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ لَمْ تَشْمَلْهُ مَدْفُوعَةً بِمَا نَقَلَهُ هُوَ قَبْلَ هَذَا فِي الْحَاشِيَةِ مِنْ الشِّهَابِ حَجّ مِنْ قَوْلِهِ: وَمَعْنَى ذَلِكَ الشُّمُولِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ النَّفَلُ: أَيْ وَمِثْلُهُ الْفَرْضُ بِالْأَوْلَى دَاخِلًا كَالْفَرْضِ فِي مُسَمَّى مُطْلَقِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ سُجُودِ السَّهْوِ وَالتِّلَاوَةِ انْتَهَى. إذْ لَا خَفَاءَ فِي شُمُولِ نِيَّةِ الصَّلَاةِ لِمَا ذُكِرَ بِهَذَا الْمَعْنَى (قَوْلُهُ: بَلْ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِئْنَافِهَا) قَالَهُ الشِّهَابُ حَجّ، وَلَمْ يُشْتَرَطْ هُنَا طُولٌ وَلَا مُضِيُّ رُكْنٍ؛ لِأَنَّ هُنَا تَيَقَّنَ تَرْكَ انْضَمَّ لِتَجْوِيزِ مَا ذُكِرَ، وَهُوَ أَقْوَى مِنْ مُجَرَّدِ الشَّكِّ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُ سُكُوتٌ طَوِيلٌ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِمُنَافٍ غَيْرِ ذَلِكَ

وَتَعَمُّدُهُ غَيْرُ مُبْطِلٍ فَلَا يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ (فَلَوْ) (تَيَقَّنَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ) أَوْ بَعْدَ سَلَامِهِ، وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ عُرْفًا وَلَمْ يَطَأْ نَجَاسَةً (تَرَكَ سَجْدَةً) (مِنْ) الرَّكْعَةِ (الْأَخِيرَةِ سَجَدَهَا وَأَعَادَ تَشَهُّدَهُ) لِوُقُوعِ تَشَهُّدِهِ قَبْلَ مَحَلِّهِ (أَوْ مِنْ غَيْرِهَا) أَيْ الْأَخِيرَةِ (لَزِمَهُ رَكْعَةٌ) لِأَنَّ النَّاقِصَةَ كَمُلَتْ بِسَجْدَةٍ مِنْ الَّتِي بَعْدَهَا وَأَلْغَى بَاقِيَهَا (وَكَذَا إنْ شَكَّ فِيهَا) أَيْ هَلْ تَرَكَ السَّجْدَةَ مِنْ الْأَخِيرَةِ أَوْ غَيْرِهَا جَعَلَهُ مِنْ غَيْرِهَا أَخْذًا بِالْأَحْوَطِ وَلَزِمَهُ رَكْعَةٌ أُخْرَى (وَإِنْ عَلِمَ فِي قِيَامِ ثَانِيَةٍ) مَثَلًا (تَرْكَ سَجْدَةٍ) مِنْ الْأُولَى (فَإِنْ كَانَ جَلَسَ بَعْدَ سَجْدَتِهِ) الَّتِي قَامَ عَنْهَا (سَجَدَ) مِنْ قِيَامِهِ اكْتِفَاءً بِجُلُوسِهِ إنْ نَوَى بِهِ الِاسْتِرَاحَةَ، وَلَوْ كَانَ يُصَلِّي جَالِسًا فَجَلَسَ يَقْصِدُ الْقِيَامَ ثُمَّ تَذَكَّرَ فَالْقِيَاسُ أَنَّ هَذَا الْجُلُوسَ يُجْزِئُهُ (وَقِيلَ إنْ جَلَسَ بِنِيَّةِ الِاسْتِرَاحَةِ لَمْ يَكْفِهِ) بِقَصْدِهِ سُنَّةً، وَقَدْ قَدَّمْنَا الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ حَيْثُ لَمْ تَكْفِ عَنْ السُّجُودِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَلَسَ بَعْدَ سَجْدَتِهِ (فَلْيَجْلِسْ مُطْمَئِنًّا) لِيَأْتِيَ بِالرُّكْنِ بِهَيْئَتِهِ (ثُمَّ يَسْجُدْ) وَمِثْلُ ذَلِكَ يَأْتِي فِي تَرْكِ سَجْدَتَيْنِ فَأَكْثَرَ تَذَكَّرَ مَكَانَهُمَا أَوْ مَكَانَهَا، فَإِنْ سَبَقَ لَهُ جُلُوسٌ فِيمَا فَعَلَهُ مِنْ الرَّكَعَاتِ تَمَّتْ رَكْعَتُهُ السَّابِقَةُ بِالسَّجْدَةِ الْأُولَى وَإِلَّا فَبِالثَّانِيَةِ (وَقِيلَ يَسْجُدُ فَقَطْ) اكْتِفَاءً بِقِيَامِهِ عَنْ جُلُوسِهِ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهِ الْفَصْلُ وَهُوَ حَاصِلٌ بِالْقِيَامِ (وَإِنْ عَلِمَ فِي آخِرِ رُبَاعِيَّةٍ تَرْكَ سَجْدَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ جَهِلَ مَوْضِعَهَا) أَيْ الْخَمْسِ فِيهِمَا (وَجَبَ رَكْعَتَانِ) أَخْذًا بِالْأَسْوَدِ، وَهُوَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى تَرْكُ سَجْدَةٍ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَسَجْدَةٍ مِنْ الثَّالِثَةِ فَتَنْجَبِرَانِ بِالثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ وَيَلْغُو بَاقِيهِمَا، وَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ تَرَكَ ذَلِكَ وَسَجْدَةً مِنْ رَكْعَةٍ أُخْرَى (أَوْ) عَلِمَ تَرْكَ (أَرْبَعٍ) مِنْ رُبَاعِيَّةٍ (فَسَجْدَةٌ ثُمَّ رَكْعَتَانِ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ تَرَكَ سَجْدَتَيْنِ مِنْ رَكْعَةٍ وَثِنْتَيْنِ مِنْ رَكْعَتَيْنِ غَيْرَ مُتَوَالِيَتَيْنِ لَمْ تَتَّصِلَا بِهَا كَتَرْكِ وَاحِدَةٍ مِنْ الْأُولَى وَثِنْتَيْنِ مِنْ الثَّانِيَةِ وَوَاحِدَةٍ مِنْ الرَّابِعَةِ. فَالْحَاصِلُ رَكْعَتَانِ إلَّا سَجْدَةً، إذْ الْأُولَى تَمَّتْ بِالثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةُ نَاقِصَةٌ سَجْدَةً فَيُتِمُّهَا وَيَأْتِي بِرَكْعَتَيْنِ، بِخِلَافِ مَا إذَا اتَّصَلَتَا بِهَا كَتَرْكِ وَاحِدَةٍ مِنْ الْأُولَى وَثِنْتَيْنِ مِنْ الثَّانِيَةِ وَوَاحِدَةٍ مِنْ الثَّالِثَةِ فَلَا يَلْزَمُ فِيهَا سِوَى رَكْعَتَيْنِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ حَيْثُ لَمْ يَأْتِ بِمَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ كَفِعْلِ كَثِيرٍ (قَوْلُهُ: فَلَوْ تَيَقَّنَ) أَيْ إمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا أَوْ مُنْفَرِدًا (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ سَلَامِهِ وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ) فَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ وَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَتْرُوكُ السَّلَامَ وَتَذَكَّرَهُ بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ أَتَى بِهِ وَلَا سُجُودَ إلَخْ فَإِنَّ الْحَاصِلَ هُنَا سُكُوتٌ طَوِيلٌ مَعَ خُرُوجِهِ مِنْ الصَّلَاةِ ظَاهِرًا بِالتَّسْلِيمِ فَوَجَبَ مَعَهُ الِاسْتِئْنَافُ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ فَإِنَّ الْحَاصِلَ مَعَهُ مُجَرَّدُ سُكُوتٍ وَهُوَ لَا يَضُرُّ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ الْكَلَامُ الْكَثِيرُ وَلَا الْأَفْعَالُ الْكَثِيرَةُ وَذَلِكَ غَيْرُ مُرَادٍ، وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّ الِانْحِرَافَ عَنْ الْقِبْلَةِ بَعْدَ السَّلَامِ لَا يَضُرُّ وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ تَذَكَّرَ فَوْرًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ جَلَسَ) أَيْ جُلُوسًا مُعْتَدًّا بِهِ بِأَنْ اطْمَأَنَّ (قَوْلُهُ وَإِنْ نَوَى بِهِ إلَخْ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَذَكَّرَ) أَيْ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ قِيَامٌ (قَوْلُهُ: فَالْقِيَاسُ أَنَّ هَذَا الْجُلُوسَ يُجْزِيهِ) أَيْ بَلْ الِاكْتِفَاءُ بِهِ أَوْلَى مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِجُلُوسِ الِاسْتِرَاحَةِ لِقَصْدِهِ الْفَرْضَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ قَدَّمْنَا الْفَرْقَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِعَدَمِ شُمُولِ نِيَّةِ الصَّلَاةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي آخِرِ رُبَاعِيَّةٍ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: نِسْبَةٌ إلَى رُبَاعَ الْمَعْدُولِ عَنْ أَرْبَعٍ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ الرُّبَاعِيَّةَ لِيَتَأَتَّى جَمِيعُ مَا ذَكَرَهُ، أَمَّا غَيْرُ الرُّبَاعِيَّةِ فَلَا يَتَأَتَّى جَمِيعُ ذَلِكَ فِيهِ، وَطَرِيقُهُ أَنْ يَفْعَلَ فِي كُلِّ مَتْرُوكٍ تَحَقَّقَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ مَا هُوَ الْأَسْوَأُ (قَوْلُهُ: مِنْ رَكْعَةٍ أُخْرَى) أَيْ الثَّانِيَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا اتَّصَلَتَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَمْ يَطَأَ نَجَاسَةً) أَيْ وَإِنْ مَشَى خُطُوَاتٍ وَتَحَوَّلَ عَنْ الْقِبْلَةِ وَكَذَا فِيمَا يَأْتِي، وَتَعْبِيرُهُ بِيَطَأُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَالْمُرَادُ تَنَجُّسُهُ بِغَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ، وَانْظُرْ هَلْ كَشْفُ الْعَوْرَةِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَمْ تَتَّصِلَا بِهَا) أَيْ مَجْمُوعُهُمَا وَإِلَّا، فَلَا بُدَّ مِنْ اتِّصَالِ إحْدَاهُمَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التَّصْوِيرِ، وَمِنْ قَوْلِهِ فِي الضَّابِطِ غَيْرِ مُتَوَالِيَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الشَّارِحِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الشَّارِحَ لَمْ يُصَوِّرْ بِاَلَّذِي صَوَّرَ بِهِ الشَّارِحُ هُنَا. وَإِنَّمَا صَوَّرَ بِتَصْوِيرٍ آخَرَ مِنْ بَعْضِ مَاصَدَقَاتِ الضَّابِطِ الْمَارِّ، وَهُوَ تَرْكُ سَجْدَتَيْنِ مِنْ

هُنَا: فَتَلْغُو الْأُولَى وَتَكْمُلُ الثَّانِيَةُ بِالثَّالِثَةِ، فِيهِ تَسَمُّحٌ، وَتَحْرِيرُهُ أَنَّهَا تَكْمُلُ بِسَجْدَةٍ مِنْ الثَّانِيَةِ وَسَجْدَةٍ مِنْ الثَّالِثَةِ وَيَلْغُو بَاقِيهِمَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، إذْ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ وَلِمَا قَرَّرَهُ قَبْلَهُ، وَيُمْكِنُ الِاعْتِنَاءُ بِكَلَامِهِ لِيُوَافِقَ كَلَامَهُمْ وَكَلَامَهُ الْمُتَقَدِّمَ فَيُقَالُ قَوْلُهُ فَتَلْغُو الْأُولَى: يُعْنَى سَجْدَتَهَا لِعَدَمِ إتْيَانِهِ بِمَا، وَقَوْلُهُ وَتَكْمُلُ الثَّانِيَةُ: أَيْ السَّجْدَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى بِالثَّالِثَةِ يَعْنِي بِسَجْدَةٍ مِنْهَا فَيَحْصُلُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَةٌ وَهِيَ الْأُولَى، وَلَا يَظْهَرُ بَيْن التَّقْرِيرَيْنِ خِلَافٌ مَعْنَوِيٌّ، وَقَوْلُهُ جَهِلَ مَوْضِعَهَا بَيَانٌ لِصُورَتِهَا الَّتِي يَسْلُكُ بِهَا أَسْوَأَ التَّقَارِيرِ، أَمَّا إذَا عَلِمَ مَوْضِعَهَا فَيُرَتِّبُ عَلَيْهِ مُقْتَضَاهُ وَلَيْسَتْ حِينَئِذٍ مِنْ مَسَائِلِ تَرْكِ السَّجَدَاتِ الَّتِي رَتَّبُوا الْحُكْمَ فِيهَا عَلَى أَسْوَأِ التَّقَارِيرِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ الْمَتْرُوكُ آخِرُهَا وَاضِحٌ لِشُمُولِهِ بِالْمَتْرُوكِ حِسًّا وَهُوَ رُكُوعُهَا وَاعْتِدَالُهَا، وَالْمَتْرُوكُ شَرْعًا وَهُوَ سَجْدَتَاهَا وَالْجُلُوسُ بَيْنَهُمَا (أَوْ) عَلِمَ تَرْكَ (خَمْسٍ أَوْ سِتٍّ) جَهِلَ مَوْضِعَهَا (فَثَلَاثٌ) أَيْ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ فِي الْخَمْسِ تَرَكَ سَجْدَتَيْنِ مِنْ الْأُولَى وَسَجْدَتَيْنِ مِنْ الثَّانِيَةِ وَسَجْدَةً مِنْ الثَّالِثَةِ، فَتَمَّ الْأُولَى بِسَجْدَتَيْنِ مِنْ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ، وَأَنَّهُ فِي السِّتِّ تَرَكَ سَجْدَتَيْنِ مِنْ كُلٍّ مِنْ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ. وَقَوْلُ الشَّارِحِ هُنَا أَيْضًا: فَتَكْمُلُ بِالرَّابِعَةِ فِيهِ التَّسَمُّحُ الْمَارُّ (أَوْ) عَلِمَ تَرْكَ (سَبْعٍ) جَهِلَ مَوْضِعَهَا (فَسَجْدَةٌ ثُمَّ ثَلَاثٌ) أَيْ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ لِأَنَّ الْحَاصِلَ لَهُ رَكْعَةٌ إلَّا سَجْدَةً، وَفِي ثَمَانِ سَجَدَاتٍ يَجِبُ سَجْدَتَانِ وَثَلَاثُ ـــــــــــــــــــــــــــــSهُوَ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ لَمْ تَتَّصِلَا بِهَا (قَوْلُهُ: وَتَحْرِيرُهُ) أَيْ ذَكَرَهُ عَلَى وَجْهٍ لَا مُسَامَحَةَ فِيهِ عَلَى خِلَافِ كَلَامِ الْمَحَلِّيِّ وَقَوْلُهُ بِسَجْدَةٍ مِنْ الثَّانِيَةِ: أَيْ فَيُحْسَبُ لَهُ مِنْ الْأُولَى الْقِيَامُ وَالْقِرَاءَةُ وَالرُّكُوعُ وَالِاعْتِدَالُ (قَوْلُهُ: وَيَلْغُو بَاقِيهِمَا) أَيْ الثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ (قَوْلُهُ: يَعْنِي سَجْدَتَهَا) أَيْ جِنْسَهَا وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ سَجْدَتَيْهَا (قَوْلُهُ وَمَعْنَى قَوْلِهِ) أَيْ الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ فِي السِّتِّ تَرَكَ سَجْدَتَيْنِ) أَيْ وَلِاحْتِمَالِ أَنَّهُ فِي السِّتِّ إلَخْ. فَإِنْ قُلْت: هَلْ وَرَاءَ هَذَا الِاحْتِمَالِ احْتِمَالٌ آخَرُ يُخَالِفُهُ فِي الْحُكْمِ؟ قُلْت: نَعَمْ وَهُوَ احْتِمَالُ تَرْكِ سَجْدَتَيْنِ فِي كُلٍّ مِنْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَسَجْدَتَيْنِ مِنْ الرَّابِعَةِ، إذْ قَضِيَّةُ هَذَا الِاحْتِمَالِ وُجُوبُ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، فَالْأَحْوَطُ الِاحْتِمَالُ الَّذِي ذَكَرَهُ تَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ وَفِي ثَمَانِ سَجَدَاتٍ إلَخْ) لَمْ يَقُلْ هُنَا جَهِلَ مَوْضِعَهَا كَأَنَّهُ لِأَنَّ الثَّمَانِ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ مَحَلُّهَا مَعْلُومٌ وَالْمُرَادُ غَالِبًا، وَإِلَّا فَقَدْ لَا يُعْلَمُ كَأَنْ اقْتَدَى مَسْبُوقٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأُولَى وَسَجْدَةٍ مِنْ الثَّانِيَةِ وَسَجْدَةٍ مِنْ الرَّابِعَةِ، فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَنْقُلَهُ لِيَتَنَزَّلَ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ، وَإِلَّا فَالْمُتَبَادَرُ مِنْ سِيَاقِهِ أَنَّهُ مُوَافِقٌ لَهُ فِي التَّصْوِيرِ خُصُوصًا مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي وَيُمْكِنُ الِاعْتِنَاءُ بِكَلَامِهِ إلَخْ، فَإِنَّهُ لَا يَتَنَزَّلُ إلَّا عَلَى مَا صَوَّرَ هَوِيَّهُ بِبَادِئِ الرَّأْيِ، وَلَا يُمْكِنُ تَنْزِيلُهُ عَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ الْجَلَالِ إلَّا بِتَكَلُّفٍ بِأَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ: يَعْنِي: سَجَدْتهَا مُرَادُهُ بِهِ الْجِنْسُ: أَيْ سَجْدَتَيْهَا، وَقَوْلُهُ أَيْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى بِالثَّالِثَةِ: أَيْ وَأَمَّا الْأُولَى مِنْهَا فَقَدْ كَمُلَتْ بِسَجْدَةِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ: أَيْ وَسَكَتَ عَنْهُ لِوُضُوحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَظْهَرُ بَيْنَ التَّقْرِيرَيْنِ خِلَافٌ مَعْنَوِيٌّ) يُقَالُ: بَلْ فِيهِ خِلَافٌ مَعْنَوِيٌّ، وَذَلِكَ فِيمَا إذَا تَذَكَّرَ بَعْدَ تَمَامِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ تَرَكَ قِرَاءَتَهَا مَثَلًا فَإِنْ قُلْنَا: إنَّ الْأُولَى غَيْرُ لَاغِيَةٍ. تَقُولُ: تَمَّتْ لَهُ رَكْعَةٌ مُلَفَّقَةٌ مِنْ قِرَاءَةِ الْأُولَى وَرُكُوعِهَا وَاعْتِدَالِهَا وَسُجُودِ الثَّانِيَةِ، وَإِنْ قُلْنَا لَاغِيَةٌ لَا يَحْصُلُ مَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ: وَمَعْنَى قَوْلِهِ) أَيْ الشَّارِحِ: أَيْ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا مَرَّ: فَإِنْ تَذَكَّرَ قَبْلَ بُلُوغِ مِثْلِهِ فَعَلَهُ وَإِلَّا تَمَّتْ بِهِ رَكْعَتُهُ، فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَ هَذَا هُنَاكَ، إذْ لَا وَجْهَ لِتَأْخِيرِهِ إلَى هُنَا مَعَ إيهَامِ أَنَّ الضَّمِيرَ فِيهِ لِلْمُصَنِّفِ الَّذِي عَادَ إلَيْهِ الضَّمِيرُ السَّابِقُ فِي قَوْلِهِ وَقَوْلُهُ: جَهِلَ مَوْضِعَهَا إلَخْ اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ شُمُولِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ الْجَلَالِ لِلْمَتْرُوكِ حِسًّا، وَهُوَ الرُّكُوعُ فِي حَيِّزِ الْمَنْعِ، أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّهُ يُنَافِيهِ وَصْفُهُ بِالْآخِرِ، وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِقَوْلِهِ عَقِبَهُ لِوُقُوعِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ إذْ الْوَاقِعُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ هُوَ السُّجُودُ فَتَعَيَّنَتْ إرَادَتُهُ، وَأَمَّا الرُّكُوعُ فَلَمْ يَقَعْ أَصْلًا حَتَّى يُوصَفَ بِأَنَّهُ فِي مَحَلِّهِ أَوْ غَيْرِ مَحَلِّهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الشَّارِحِ هُنَا أَيْضًا) يَعْنِي: فِي صُورَةِ تَرْكِ الْخَمْسِ

رَكَعَاتٍ، وَيُتَصَوَّرُ بِتَرْكِ طُمَأْنِينَةٍ أَوْ سُجُودٍ عَلَى عِمَامَةٍ وَكَالْعِلْمِ بِتَرْكِ ذَلِكَ الشَّكِّ فِيهِ، ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلْجُمْهُورِ قَدْ اعْتَرَضَهُ جَمْعٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ كَالْأُصْفُونِيِّ وَالْإِسْنَوِيِّ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ بِتَرْكِ ثَلَاثِ سَجَدَاتٍ سَجْدَةٌ وَرَكْعَتَانِ، لِأَنَّ أَسْوَأَ الْأَحْوَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَتْرُوكُ السَّجْدَةَ الْأُولَى مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ مِنْ الثَّانِيَةِ فَيَحْصُلُ مِنْ الثَّانِيَةِ جَبْرُ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لَا جَبْرُ السُّجُودِ، إذْ لَا جُلُوسَ مَحْسُوبٌ فِي الْأُولَى، فَتَكْمُلُ الرَّكْعَةُ الْأُولَى بِالسَّجْدَةِ الْأُولَى مِنْ الثَّالِثَةِ وَتَفْسُدُ الثَّانِيَةُ وَتُجْعَلُ السَّجْدَةُ الثَّالِثَةُ مَتْرُوكَةً مِنْ الرَّابِعَةِ فَيَلْزَمُهُ سَجْدَةٌ وَرَكْعَتَانِ، وَيَلْزَمُهُ بِتَرْكِ أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ تَرَكَ السَّجْدَةَ الْأُولَى مِنْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ مِنْ الثَّانِيَةِ فَيَحْصُلُ لَهُ مِنْهُمَا رَكْعَةٌ إلَّا سَجْدَةٌ وَأَنَّهُ تَرَكَ ثِنْتَيْنِ مِنْ الثَّالِثَةِ فَلَا تَتِمُّ الرَّكْعَةُ إلَّا بِسَجْدَةٍ مِنْ الرَّابِعَةِ وَيَلْغُو مَا سِوَاهَا، وَيَلْزَمُهُ فِي تَرْكِ السِّتِّ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ وَسَجْدَةٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ تَرَكَ السَّجْدَةَ مِنْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ مِنْ الثَّانِيَةِ وَثِنْتَيْنِ مِنْ الثَّالِثَةِ وَثِنْتَيْنِ مِنْ الرَّابِعَةِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ خِلَافُ فَرْضِ الْأَصْحَابِ فَإِنَّهُمْ فَرَضُوا ذَلِكَ فِيمَا إذَا أَتَى بِالْجَلَسَاتِ الْمَحْسُوبَاتِ، بَلْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّمَا ذَكَرْت هَذَا الِاعْتِرَاضَ وَإِنْ كَانَ وَاضِحَ الْبُطْلَانُ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْتَلِجُ فِي صَدْرِ مَنْ لَا حَاصِلَ لَهُ، وَإِلَّا فَمِنْ حَقِّ هَذَا السُّؤَالِ السَّخِيفِ أَنْ لَا يُدَوَّنَ فِي تَصْنِيفٍ. وَحَكَى ابْنُ السُّبْكِيّ فِي التَّوْشِيحِ أَنَّ وَالِدَهُ وَقَفَ عَلَى رَجَزٍ لَهُ فِي الْفِقْهِ وَفِيهِ اعْتِمَادُ هَذَا الِاعْتِرَاضِ فَكَتَبَ عَلَى الْحَاشِيَةِ مِنْ رَأْسِ الْقَلَمِ: لَكِنَّهُ مَعَ حُسْنِهِ لَا يَرِدُ ... إذْ الْكَلَامُ فِي الَّذِي لَا يَفْقِدُ إلَّا السُّجُودَ فَإِذَا مَا انْضَمَّ لَهُ ... تَرْكُ الْجُلُوسِ فَلِيُعَامَلْ عَمَلَهُ وَإِنَّمَا السَّجْدَةُ لِلْجُلُوسِ ... وَذَاكَ مِثْلُ الْوَاضِحِ الْمَحْسُوسِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي الِاعْتِدَالِ فَأَتَى مَعَ الْإِمَامِ بِسَجْدَتَيْنِ وَسَجَدَ إمَامُهُ لِلسَّهْوِ سَجْدَتَيْنِ وَقَرَأَ إمَامُهُ آيَةَ سَجْدَةٍ فِي ثَانِيَةٍ مَثَلًا وَسَجَدَ هُوَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ لِسَهْوِ إمَامِهِ وَقَرَأَ فِي رَكْعَتِهِ الَّتِي انْفَرَدَ بِهَا آيَةَ سَجْدَةٍ ثُمَّ شَكَّ بَعْدَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ تَرَكَ ثَمَانِ سَجَدَاتٍ لِكَوْنِهَا عَلَى عِمَامَتِهِ فِي أَنَّهَا سَجَدَاتُ صَلَاتِهِ أَوْ مَا أَتَى بِهِ لِلسَّهْوِ وَالتِّلَاوَةِ وَالْمُتَابَعَةِ أَوْ أَنَّ بَعْضَهُ مِنْ أَرْكَانِ صَلَاتِهِ وَبَعْضَهُ مِنْ غَيْرِهَا فَتُحْمَلُ الْمَتْرُوكَةُ عَلَى أَنَّهَا سَجَدَاتُ صَلَاتِهِ وَغَيْرُهَا بِتَقْدِيرِ الْإِتْيَانِ بِهِ لَا يَقُومُ مَقَامَ سُجُودِ صَلَاتِهِ لِعَدَمِ شُمُولِ النِّيَّةِ لَهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ مِنْ وُجُوبِ رَكْعَتَيْنِ أَخْذًا بِالْأَسْوَدِ (قَوْلُهُ: عَلَى رَجَزٍ لَهُ) نَصُّهُ: وَتَارِكٌ ثَلَاثَ سَجْدَاتٍ ذَكَرْ ... وَسْطَ الصَّلَاةِ تَرْكَهُ فَقَدْ أُمِرْ بِحَمْلِهَا عَلَى خِلَافِ الثَّانِي ... عَلَيْهِ سَجْدَةٌ وَرَكْعَتَانِ وَأَهْمَلَ الْأَصْحَابُ تَرْكَ السَّجْدَة ... وَأَنْتَ فَانْظُرْ تَلْقَ ذَاكَ عُمْدَهْ وَقَوْلُهُ: ذَكَرَ: أَيْ تَذَكَّرَ، وَقَوْلُهُ فَقَدْ أُمِرَ: أَيْ أَمَرَهُ الْأَصْحَابُ (قَوْلُهُ: مِنْ رَأْسِ الْقَلَمِ) أَيْ مُبَادَرَةٌ مِنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بَلْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْإِسْنَوِيَّ كَرَّ عَلَى اعْتِرَاضِهِ بِالْإِبْطَالِ، وَالْوَاقِعُ فِي كَلَامِهِ وَكَلَامِ النَّاقِلِينَ عَنْهُ كَالشِّهَابِ حَجّ وَغَيْرِهِ خِلَافُهُ، وَأَنَّهُ إنَّمَا قَالَ هَذَا الْكَلَامَ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ أَوْرَدَهُ مِنْ جَانِبِ الْأَصْحَابِ عَلَى اعْتِرَاضِهِ، وَعِبَارَتُهُ فِي الْمُهِمَّاتِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ مَا مَرَّ عَنْهُ فِي الشَّارِحِ: فَإِنْ قِيلَ إذَا قَدَّرْنَا أَنَّ الْمَتْرُوكَ هُوَ السَّجْدَةُ الْأُولَى وَأَنَّهُ يَلْزَمُ بُطْلَانُ الْجُلُوسِ الَّذِي بَعْدَهَا كَمَا قُلْتُمْ فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ الْمَتْرُوكُ ثَلَاثَ سَجَدَاتٍ فَقَطْ. قُلْنَا هَذَا خَيَالٌ بَاطِلٌ، فَإِنَّ الْمَعْدُودَ تَرْكُهُ إنَّمَا هُوَ الْمَتْرُوكُ حِسًّا، وَمَا الْمَأْتِيُّ بِهِ فِي الْحِسِّ وَلَكِنْ بَطَلَ شَرْعًا لِبُطْلَانِ مَا قُلْنَا وَلُزُومُهُ مِنْ سُلُوكِ أَسْوَأِ التَّقَادِيرِ، فَلَا يُحْسَبُ فِي تَرْجَمَةِ الْمَسْأَلَةِ إذْ لَوْ قُلْنَا بِهَذَا الْمَكَانِ يَلْزَمُ فِي كُلِّ صُورَةٍ، وَحِينَئِذٍ فَيَسْتَحِيلُ قَوْلُنَا تَرْكُ ثَلَاثِ سَجَدَاتٍ فَقَطْ أَوْ أَرْبَعٍ، إلَى أَنْ قَالَ: وَإِنَّمَا ذَكَرْت هَذَا الْخَيَالَ الْبَاطِلَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْتَلِجُ فِي صَدْرِ بَعْضِ الطَّلَبَةِ، وَإِلَّا فَمِنْ حَقِّهِ أَنْ لَا يُدَوَّنَ انْتَهَتْ

وَفِي الْحَقِيقَةِ لَا اسْتِدْرَاكَ عَلَى الْأَصْحَابِ لِكَوْنِهِمْ فَرَضُوا كَلَامَهُمْ فِيمَا إذَا أَتَى بِالرَّكَعَاتِ بِجُلُوسٍ مَحْسُوبٍ وَأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ سِوَى السَّجْدَةِ وَبَنَوْا عَلَيْهِ مَا مَرَّ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الدَّارِمِيُّ خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِي ذَلِكَ فَإِنْ فُرِضَ خِلَافُ ذَلِكَ أُدِيرَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ، فَالِاعْتِرَاضُ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي حَدِّ ذَاتِهِ غَيْرُ مُتَوَجِّهٍ عَلَى كَلَامِهِمْ. (قُلْت: يُسَنُّ) (إدَامَةُ نَظَرِهِ) أَيْ الْمُصَلِّي (إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ) فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ وَلَوْ بِحَضْرَةِ الْكَعْبَةِ وَإِنْ كَانَ أَعْمَى أَوْ فِي ظُلْمَةٍ بِأَنْ تَكُونَ حَالَتُهُ حَالَةَ النَّاظِرِ لِمَحَلِّ سُجُودِهِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِلْخُشُوعِ. نَعَمْ يُسَنُّ فِي التَّشَهُّدِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنْ لَا يُجَاوِزَ بَصَرُهُ إشَارَتَهُ لِحَدِيثٍ صَحِيحٍ فِيهِ، وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا دَامَتْ مُرْتَفِعَةً وَإِلَّا نُدِبَ نَظَرُ مَحَلِّ السُّجُودِ، وَيُسَنُّ أَيْضًا لِمَنْ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَالْعَدُوُّ أَمَامَهُ نَظَرُهُ إلَى جِهَتِهِ لِئَلَّا يَبْغَتَهُمْ، وَلِمَنْ صَلَّى عَلَى نَحْوِ بِسَاطٍ مُصَوَّرٍ عَمَّ التَّصْوِيرُ مَكَانَ سُجُودِهِ أَنْ لَا يَنْظُرَ إلَيْهِ، وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ أَيْضًا مَا لَوْ صَلَّى خَلْفَ ظَهْرِ نَبِيٍّ فَنَظَرُهُ إلَى ظَهْرِهِ أَوْلَى مِنْ نَظَرِهِ لِمَوْضِعِ سُجُودِهِ، وَمَا لَوْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إلَى الْمَيِّتِ، وَلَعَلَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ لَوْ صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ نَظَرَ إلَيْهَا (قِيلَ يُكْرَهُ تَغْمِيضُ عَيْنَيْهِ) قَالَهُ الْعَبْدَرِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا تَبَعًا لِبَعْضِ التَّابِعِينَ لِأَنَّ الْيَهُودَ تَفْعَلُهُ، وَلَمْ يُنْقَلْ فِعْلُهُ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - (وَعِنْدِي لَا يُكْرَهُ) وَعَبَّرَ عَنْهُ فِي الرَّوْضَةِ بِالْمُخْتَارِ (إنْ لَمْ يَخَفْ) مِنْهُ (ضَرَرًا) وَالنَّهْيُ عَنْهُ إنْ صَحَّ يُحْمَلُ عَلَى مَنْ خَافَهُ، وَقَدْ يَجِبُ إذَا كَانَ الْعَرَايَا صُفُوفًا، وَقَدْ يُسَنُّ كَأَنْ صَلَّى لِحَائِطٍ مُزَوَّقٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُشَوِّشُ فِكْرَهُ، قَالَهُ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. وَيُسَنُّ فَتْحُ عَيْنَيْهِ فِي السُّجُودِ لِيَسْجُدَ الْبَصَرُ، قَالَهُ صَاحِبُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِيهِ لِوُضُوحِهِ. (قَوْلُهُ: يُسَنُّ إدَامَةُ نَظَرِهِ) أَيْ بِأَنْ يَبْتَدِئَ النَّظَرَ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ مِنْ ابْتِدَاءِ التَّحَرُّمِ وَيُدِيمَهُ إلَى آخِرِ صَلَاتِهِ إلَّا فِيمَا يُسْتَثْنَى وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ النَّظَرَ عَلَى ابْتِدَاءِ التَّحَرُّمِ لِيَتَأَتَّى لَهُ تَحَقُّقُ النَّظَرِ مِنْ ابْتِدَاءِ التَّحَرُّمِ (قَوْلُهُ: أَيْ الْمُصَلِّي) إشَارَةٌ إلَى عَوْدِ الضَّمِيرِ عَلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ أَوْ عَلَى مَذْكُورٍ بِالْقُوَّةِ بَكْرِيٌّ (قَوْلُهُ: أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَادَامَ مُرْتَفِعَةً) وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ قُطِعْت سَبَّابَتُهُ لَا يَنْظُرُ إلَى مَوْضِعِهَا بَلْ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ، ثُمَّ رَأَيْت بِهَامِشٍ عَنْ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ أَفْتَى بِمَا قُلْنَاهُ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَنْظُرَ إلَيْهِ) أَنْ فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِتَغْمِيضِ عَيْنَيْهِ فَعَلَهُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ الْآتِي: وَقَدْ يُسَنُّ كَأَنْ صَلَّى بِحَائِطٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَنَظَرُهُ إلَى ظَهْرِهِ أَوْلَى) ضَعِيفٌ، وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إلَى الْمَيِّتِ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ وَلَعَلَّهُ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءَ، وَقَوْلُهُ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ: أَيْ وَهُوَ مَرْجُوحٌ كَمَا تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ بِحَضْرَةِ الْكَعْبَةِ (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْعَبْدَرِيُّ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالدَّالِ وَرَاءٍ إلَى عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ اهـ أَنْسَابٌ (قَوْلُهُ: وَعِنْدِي لَا يُكْرَهُ) أَيْ وَلَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ) أَيْ كَالْبِسَاطِ الَّذِي فِيهِ صُوَرٌ. (قَوْلُهُ: لِيَسْجُدَ الْبَصَرُ) أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ قِيَاسُهُ سُنَّ فَتْحُهُمَا فِي الرُّكُوعِ لِيَرْكَعَ الْبَصَرُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَمَا ذُكِرَ ظَاهِرٌ فِي الْبَصِيرِ. أَمَّا الْأَعْمَى فَيَنْبَغِي عَدَمُ سَنِّ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَصْوِيرِهِ بِصُورَةِ الْبَصِيرِ فِي النَّظَرِ لِمَوْضِعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَنْ لَا يُجَاوِزَ بَصَرُهُ إشَارَتَهُ) عِبَارَةُ الشِّهَابِ حَجّ أَنْ يَقْصُرَ نَظَرَهُ عَلَى مُسَبِّحَتِهِ (قَوْلُهُ: الْقَائِلُ بِأَنَّهُ لَوْ صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ) كَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ: وَإِلَّا فَمَتَى صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ وَنَظَرَ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ، فَهُوَ نَاظِرٌ إلَى جُزْءِ الْكَعْبَةِ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ فَتْحُ عَيْنَيْهِ فِي السُّجُودِ لِيَسْجُدَ الْبَصَرُ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِالْبَصَرِ مَحَلُّهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَحَلِّ السُّجُودِ حَيْلُولَةٌ بِالْجَفْنِ، وَإِلَّا فَالْبَصَرُ مَعْنًى مِنْ الْمَعَانِي لَا يَتَّصِفُ بِالسُّجُودِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْأَعْمَى، وَالْبَصِيرِ، بَلْ إلْحَاقُ الْأَعْمَى بِالْبَصِيرِ هُنَا أَوْلَى مِنْ إلْحَاقِهِ بِهِ فِي النَّظَرِ إلَى مَحَلِّ السُّجُودِ فِي الْقِيَامِ وَنَحْوِهِ، إذْ الْحِكْمَةُ فِي نَظَرِ مَحَلِّ السُّجُودِ كَمَا قَالُوهُ مَنْعُ الْبَصَرِ مِنْ الِانْتِشَارِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي الْأَعْمَى، فَإِذَا أَلْحَقُوهُ بِهِ

الْعَوَارِفِ وَأَقَرَّهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ (وَ) يُسَنُّ (الْخُشُوعُ) قَالَ تَعَالَى {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1] {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: 2] فَيُسْتَحَبُّ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ بِقَلْبِهِ بِأَنْ لَا يَحْضُرَ فِيهِ غَيْرُ مَا هُوَ فِيهِ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِالْآخِرَةِ وَبِجَوَارِحِهِ بِأَنْ لَا يَعْبَثَ بِأَحَدِهَا، وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا مُرَادُهُ لِأَنَّهُ سَيَذْكُرُ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ: وَفَرَاغُ قَلْبٍ، وَفِي الْآيَةِ الْمُرَادُ كُلٌّ مِنْهُمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَيْضًا، وَذَلِكَ لِثَنَاءِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى فَاعِلِيهِ وَلِانْتِفَاءِ ثَوَابِ الصَّلَاةِ بِانْتِفَائِهِ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ، وَلِأَنَّ لَنَا وَجْهًا اخْتَارَهُ جَمْعٌ أَنَّهُ شَرْطٌ لِلصِّحَّةِ لَكِنْ فِي الْبَعْضِ. وَقَدْ اخْتَلَفُوا هَلْ الْخُشُوعُ مِنْ أَعْمَالِ الْجَوَارِحِ كَالسُّكُونِ؟ أَوْ مِنْ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ كَالْخَوْفِ؟ أَوْ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْمَجْمُوعِ عَلَى أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ. وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا مِنْ عَبْدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ ثُمَّ يَقُومُ فَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ يُقْبِلُ عَلَيْهَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ إلَّا وَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ الْجَنَّةَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد «وَرَأَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا يَعْبَثُ بِلِحْيَتِهِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ: لَوْ خَشَعَ قَلْبُ هَذَا لَخَشَعَتْ جَوَارِحُهُ» فَلَوْ سَقَطَ نَحْوُ رِدَائِهِ أَوْ طَرْفُ عِمَامَتِهِ كُرِهَ لَهُ تَسْوِيَتُهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ. (وَ) يُسَنُّ (تَدَبُّرُ الْقِرَاءَةِ) أَيْ تَأَمُّلُهَا بِحُصُولِ الْخُشُوعِ وَالْأَدَبِ بِهِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ، وَبِهِ تَنْشَرِحُ الصُّدُورُ وَتَسْتَنِيرُ الْقُلُوبُ قَالَ تَعَالَى {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} [ص: 29] وَقَالَ {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} [النساء: 82] وَيُسَنُّ تَرْتِيلُهَا وَهُوَ التَّأَنِّي فِيهَا فَإِفْرَاطُ الْإِسْرَاعِ مَكْرُوهٌ، وَحَرْفُ التَّفْضِيلِ أَفْضَلُ مِنْ حَرْفَيْ غَيْرِهِ، وَيُسَنُّ لِلْقَارِئِ مُصَلِّيًا أَمْ غَيْرَهُ أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ الرَّحْمَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالسُّجُودِ بِأَنَّ ذَلِكَ أَقْرَبُ لِلْخُشُوعِ، لِأَنَّهُ إذَا صَوَّرَ نَفْسَهُ بِصُورَةِ مَنْ يَنْظُرُ لِمَوْضِعِ سُجُودِهِ كَانَ أَدْعَى لِقِلَّةِ الْحَرَكَةِ فِي حَقِّهِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ تَصْوِيرَهُ بِصُورَةِ الْبَصِيرِ يَسْتَدْعِي تَحْرِيكَ الْأَجْفَانِ لِيَحْصُلَ فَتْحُ عَيْنَيْهِ وَالِاشْتِغَالُ بِهِ مُنَافٍ لِلْخُشُوعِ (قَوْلُهُ: غَيْرَ مَا هُوَ فِيهِ) أَيْ وَهُوَ الصَّلَاةُ (قَوْلُهُ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِالْآخِرَةِ) هَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ اسْتِحْبَابُ كَثْرَةِ الدُّعَاءِ فِي السُّجُودِ وَالرُّكُوعِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَطَلَبِ الرَّحْمَةِ إذَا مَرَّ بِآيَةِ اسْتِغْفَارٍ أَوْ رَحْمَةٍ، وَالِاسْتِجَارَةِ مِنْ الْعَذَابِ إذَا مَرَّ بِآيَةِ عَذَابٍ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُحْمَلُ عَلَى طَلَبِ الدُّعَاءِ فِي صَلَاتِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ قَرَعَ عَنْ التَّفَكُّرِ فِي غَيْرِ مَا هُوَ فِيهِ، وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الدُّعَاءُ بِطَلَبِ أَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ هَذَا نَشَأَ مِنْ التَّسْبِيحِ وَالدُّعَاءِ الْمَطْلُوبَيْنِ فِي صَلَاتِهِ أَوْ الْقِرَاءَةِ فَلَيْسَ أَجْنَبِيًّا عَمَّا هُوَ فِيهِ (قَوْلُهُ: عَلَى فَاعِلِيهِ) أَيْ الْخُشُوعِ (قَوْلُهُ: كَالسُّكُونِ) أَفَادَ أَنَّهُ مِنْ أَعْمَالِ الْجَوَارِحِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ السُّكُونَ الَّذِي يُخَاطَبُ بِهِ هُوَ الْكَفُّ عَنْ الْحَرَكَةِ وَالْكَفُّ لَا شَكَّ أَنَّهُ فِعْلٌ (قَوْلُهُ: أَوْ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْمَجْمُوعِ) الَّذِي قَدَّمَهُ هُوَ الثَّالِثُ فَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ وَوَجْهِهِ) أَيْ جُمْلَتِهِ بِأَنْ لَا يَشْغَلَ شَيْئًا مِنْ جَوَارِحِهِ بِغَيْرِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ فِي صَلَاتِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا وَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ الْجَنَّةَ) أَيْ أَثْبَتَهَا لَهُ، وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَفِيهِ أَيْضًا فِي آخِرِ حَدِيثٍ «إنْ قَامَ فَصَلَّى فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَمَجَّدَهُ بِاَلَّذِي هُوَ أَهْلٌ لَهُ وَفَرَّغَ قَلْبَهُ لِلَّهِ إلَّا انْصَرَفَ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» اهـ (قَوْلُهُ: إلَّا لِضَرُورَةٍ) وَمِنْهَا خَوْفُ الِاسْتِهْزَاءِ بِهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ تَأَمَّلَهَا) عِبَارَةُ حَجّ: أَيْ تَأَمَّلَ مَعَانِيهَا: أَيْ إجْمَالًا لَا تَفْصِيلًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ يَشْغَلُهُ عَمَّا هُوَ بِصَدَدِهِ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ تَرْتِيلُهَا) أَيْ الْقِرَاءَةِ، وَمَحَلُّهُ حَيْثُ أَحْرَمَ بِهَا فِي وَقْتٍ يَسَعُهَا كَامِلَةً وَإِلَّا وَجَبَ الْإِسْرَاعُ لِأَنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى أَخَفِّ مَا يُمْكِنُ (قَوْلُهُ وَحَرْفُ التَّرْتِيلِ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQثَمَّ فَهُنَا أَوْلَى فَمَا فِي الْحَاشِيَةِ لِلشَّيْخِ مِنْ نَفْيِ إلْحَاقِهِ بِهِ هُنَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ (قَوْلُهُ: أَنَّ هَذَا) أَيْ خُشُوعَ الْجَوَارِحِ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ لِثَنَاءِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى فَاعِلِيهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ الْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَلَيْسَ دَلِيلًا مُسْتَقِلًّا وَإِنْ أَوْهَمَهُ سِيَاقُهُ، فَقَوْلُهُ وَلِانْتِفَاءِ كَمَالِ ثَوَابِ الصَّلَاةِ بِانْتِفَائِهِ مَعْطُوفٌ فِي الْمَعْنَى عَلَى قَوْلِهِ قَالَ تَعَالَى إلَخْ لَا عَلَى قَوْلِهِ، وَذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فِي الْبَعْضِ) أَيْ بَعْضِ الصَّلَاةِ، فَيُشْتَرَطُ فِي هَذَا الْوَجْهِ حُصُولُهُ فِي بَعْضِهَا فَقَطْ وَإِنْ انْتَفَى فِي الْبَاقِي

إذَا مَرَّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ وَيَسْتَعِيذَ مِنْ الْعَذَابِ إذَا مَرَّ بِآيَةِ عَذَابٍ فَإِنْ مَرَّ بِآيَةِ تَسْبِيحٍ سَبَّحَ، أَوْ بِآيَةٍ مِثْلَ تَفَكَّرَ، وَإِذَا قَرَأَ {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} [التين: 8] سُنَّ لَهُ أَنْ يَقُولَ: بَلَى وَأَنَا عَلَى ذَلِكَ مِنْ الشَّاهِدِينَ، وَإِذَا قَرَأَ {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: 185] يَقُولُ آمَنْت بِاَللَّهِ، وَإِذَا قَرَأَ {فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ} [الملك: 30] يَقُولُ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ. (وَ) يُسَنُّ تَدَبُّرُ (الذِّكْرِ) قِيَاسًا عَلَى الْقِرَاءَةِ فَلَوْ اشْتَغَلَ بِذِكْرِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْأَحْوَالِ السَّنِيَّةِ الَّتِي لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِذَلِكَ الْمَقَامِ كَانَ مِنْ حَدِيثِ النَّفْسِ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَتَفَكَّرَ فِي صَلَاتِهِ فِي أَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ أَوْ فِي مَسْأَلَةٍ فِقْهِيَّةٍ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ (وَ) يُسَنُّ (دُخُولُهُ الصَّلَاةَ بِنَشَاطٍ) لِأَنَّ اللَّهَ ذَمَّ تَارِكَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى} [النساء: 142] وَالْكَسَلُ، الْفُتُورُ عَنْ الشَّيْءِ، وَالْتَوَانِي فِيهِ وَهُوَ ضِدُّ النَّشَاطِ (وَفَرَاغِ قَلْبٍ) عَنْ الشَّوَاغِلِ الدُّنْيَوِيَّةِ لِأَنَّ ذَلِكَ أَدْعَى لِتَحْصِيلِ الْغَرَضِ، فَإِذَا كَانَتْ صَلَاتُهُ كَذَلِكَ انْفَتَحَ لَهُ فِيهَا مِنْ الْمَعَارِفِ مَا يَقْصُرُ عَنْهُ فَهْمُ كُلِّ عَارِفٍ وَلِذَلِكَ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ» وَمِثْلُ هَذِهِ هِيَ الَّتِي تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ. (وَ) يُسَنُّ (جَعْلُ يَدَيْهِ تَحْتَ صَدْرِهِ) وَفَوْقَ سُرَّتِهِ فِي قِيَامِهِ أَوْ بَدَلَهُ لِمَا صَحَّ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَحِكْمَةُ جَعْلِهِمَا تَحْتَ صَدْرِهِ أَنْ يَكُونَ فَوْقَ أَشْرَفِ الْأَعْضَاءِ وَهُوَ الْقَلْبُ فَإِنَّهُ تَحْتَ الصَّدْرِ مِمَّا يَلِي الْجَانِبَ الْأَيْسَرَ، وَالْعَادَةُ أَنَّ مَنْ احْتَفَظَ عَلَى شَيْءٍ جَعَلَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ (آخِذًا بِيَمِينِهِ يَسَارَهُ) بِأَنْ يَقْبِضَ يَمِينَهُ كُوعَ يَسَارِهِ وَبَعْضَ مَا عَدَاهَا وَرُسْغِهَا، رَوَى بَعْضَهُ مُسْلِمٌ وَبَعْضَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْبَاقِي أَبُو دَاوُد، وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ بَسْطِ أَصَابِعِ الْيُمْنَى فِي عَرْضِ الْمِفْصَلِ وَبَيْنَ نَشْرِهَا صَوْبَ السَّاعِدِ، وَكَلَامُ الرَّوْضَةِ قَدْ يُوهِمُ اعْتِمَادَهُ وَمِنْ ثَمَّ اغْتَرَّ بِهِ الشَّارِحُ تَبَعًا لِغَيْرِهِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ، وَيُفَرِّجُ أَصَابِعَ يُسْرَاهُ وَسَطًا كَمَا هُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالتَّأَنِّي فِي إخْرَاجِ الْحُرُوفِ، وَقَوْلُهُ أَفْضَلُ مِنْ حَرْفَيْ غَيْرِهِ: أَيْ فَنِصْفُ السُّورَةِ مَثَلًا مَعَ التَّرْتِيلِ أَفْضَلُ مِنْ تَمَامِهَا بِدُونِهِ، وَلَعَلَّ هَذَا فِي غَيْرِ مَا طُلِبَ بِخُصُوصِهِ كَقِرَاءَةِ الْكَهْفِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَإِنَّ إتْمَامَهَا مَعَ الْإِسْرَاعِ لِتَحْصِيلِهِ سُنِّيَّةِ قِرَاءَتِهَا أَفْضَلُ مِنْ أَكْثَرِهَا مَعَ التَّأَنِّي فِي الْقِرَاءَةِ (قَوْلُهُ: إذَا مَرَّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ) أَيْ وَلَا يَنْقُصُ بِذَلِكَ ثَوَابُ قِرَاءَتِهِ بَلْ يَجْمَعُ بِهِ بَيْنَ ثَوَابِ الدُّعَاءِ وَالْقِرَاءَةِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ اسْتِحْبَابِ الدُّعَاءِ إذَا لَمْ تَكُنْ آيَةَ الرَّحْمَةِ وَالْعَذَابِ فِي شَيْءٍ قَرَأَهُ بَدَلَ الْفَاتِحَةِ، وَإِلَّا فَلَا يَأْتِي بِهِ لِئَلَّا يَقْطَعَ الْمُوَالَاةَ (قَوْلُهُ سُنَّ لَهُ أَنْ يَقُولَ بَلَى) أَيْ يَقُولُهَا الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ سِرًّا كَالتَّسْبِيحِ وَأَدْعِيَةِ الصَّلَاةِ الْآتِيَةِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ مَرَّ الْإِمَامُ بِآيَةِ رَحْمَةٍ أَوْ عَذَابٍ فَإِنَّهُ يَجْهَرُ بِالسُّؤَالِ، وَيُوَافِقُهُ الْمَأْمُومُ وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ وَيَقُولُ الثَّنَاءُ إلَخْ، وَإِذَا سَأَلَ أَيْ الْإِمَامُ الرَّحْمَةَ أَوْ اسْتَعَاذَ مِنْ النَّارِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ الْإِمَامَ يَجْهَرُ بِهِ وَيُوَافِقُهُ فِيهِ الْمَأْمُومُ اهـ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يُؤَمِّنُ عَلَى دُعَائِهِ وَإِنْ أَتَى بِهِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ. (قَوْلُهُ: قِيَاسًا عَلَى الْقِرَاءَةِ) قَالَ حَجّ: قَضِيَّتُهُ حُصُولُ ثَوَابِهِ وَإِنْ جَهِلَ مَعْنَاهُ، وَنَظَرَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ، وَلَا يَأْتِي هَذَا فِي الْقُرْآنِ الْمُتَعَبَّدِ بِلَفْظِهِ فَأُثِيبَ قَارِئُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ، بِخِلَافِ الذِّكْرِ لَا بُدَّ أَنْ يَعْرِفَهُ وَلَوْ بِوَجْهٍ، وَمِنْ الْوَجْهِ الْكَافِي أَنْ يَتَصَوَّرَ أَنَّ فِي التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَنَحْوَهُمَا تَعْظِيمًا لِلَّهِ وَثَنَاءً عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ اشْتَغَلَ بِذِكْرِ الْجَنَّةِ) كَانَ الْأَوْلَى لَهُ ذِكْرَهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ وَالْخُشُوعُ مُتَّصِلًا بِقَوْلِهِ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِالْآخِرَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَحْوَالِ السَّنِيَّةِ) أَيْ الشَّرِيفَةِ (قَوْلُهُ: كَانَ مِنْ حَدِيثِ النَّفْسِ) أَيْ وَهُوَ مَكْرُوهٌ. (قَوْلُهُ: رَوَى بَعْضَهُ مُسْلِمٌ إلَخْ) لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ انْفَرَدَ بِرِوَايَةِ جُزْءٍ، فَفِي الْمَحَلِّيِّ: وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ وَائِلِ بْنِ حَجَرٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَفَعَ يَدَيْهِ حِينَ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى» زَادَ ابْنُ خُزَيْمَةَ " عَلَى صَدْرِهِ " أَيْ آخِرِهِ فَيَكُونُ آخَرُ الْيَدِ تَحْتَهُ. وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُسْرَى وَالرُّسْغِ وَالسَّاعِدِ. وَعِبَارَةُ حَجّ لِلْإِتْبَاعِ الثَّابِتِ مِنْ مَجْمُوعِ رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: صَوْبَ السَّاعِدِ) قَالَ حَجّ: وَقِيلَ يَقْبِضُ كُوعَهُ بِإِبْهَامِهِ وَكُرْسُوعِهِ بِخِنْصَرِهِ وَيُرْسِلُ الْبَاقِيَ صَوْبَ السَّاعِدِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ بِأَنْ يَقْبِضَ بِيَمِينِهِ كُوعَ يَسَارِهِ (قَوْلُهُ: وَيُفَرِّجَ أَصَابِعَ يُسْرَاهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَضُمُّ أَصَابِعَ الْيُمْنَى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ وَيَحُطُّ يَدَيْهِ بَعْدَ التَّكْبِيرِ تَحْتَ صَدْرِهِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَالْقَصْدُ مِنْ الْقَبْضِ الْمَذْكُورِ تَسْكِينُ الْيَدَيْنِ فَإِنْ أَرْسَلَهُمَا وَلَمْ يَعْبَثْ بِهِمَا فَلَا بَأْسَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالْكُوعُ: هُوَ الْعَظْمُ الَّذِي يَلِي إبْهَامَ الْيَدِ، وَالرُّسْغُ: الْمِفْصَلُ بَيْنَ الْكَفِّ وَالسَّاعِدِ وَأَمَّا الْبُوعُ: فَهُوَ الْعَظْمُ الَّذِي يَلِيَ إبْهَامَ الرِّجْلِ. (وَ) يُسَنُّ لِغَيْرِ مَنْ مَرَّ (الدُّعَاءُ فِي سُجُودِهِ) لِخَبَرِ «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ» وَفِي لَفْظٍ «فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ. وَرَوَى الْحَاكِمُ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الدُّعَاءُ سِلَاحُ الْمُؤْمِنِ وَعِمَادُ الدِّينِ وَنُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ» وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّ الْبَلَاءَ لَيَنْزِلُ فَيَتَلَقَّاهُ الدُّعَاءُ فَيَعْتَلِجَانِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «مَنْ لَمْ يَسْأَلْ اللَّهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ» وَمَأْثُورُ الدُّعَاءِ أَفْضَلُ وَمِنْهُ «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ دِقَّهُ وَجُلَّهُ، أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، سِرَّهُ وَعَلَانِيَتَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. (وَ) يُسَنُّ (أَنْ يَعْتَمِدَ) فِي قِيَامِهِ مِنْ السُّجُودِ وَالْقُعُودِ (عَلَى يَدَيْهِ) أَيْ بَطْنِهِمَا مَبْسُوطَتَيْنِ عَلَى الْأَرْضِ لِلِاتِّبَاعِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ قَوِيًّا أَوْ ضِدَّهُمَا وَلَا يُتَوَهَّمُ خِلَافُ ذَلِكَ مِنْ تَعْبِيرِ الرَّافِعِيِّ بِأَنَّهُ يَقُومُ كَالْعَاجِنِ بِالنُّونِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ التَّشْبِيهُ بِهِ فِي شِدَّةِ الِاعْتِمَادِ عِنْدَ وَضْعِ يَدَيْهِ لَا فِي كَيْفِيَّةِ ضَمَّ أَصَابِعِهِمَا، وَحَدِيثُ «كَانَ يَضَعُ يَدَيْهِ كَمَا يَضَعُ الْعَاجِنُ» ضَعِيفٌ أَوْ بَاطِلٌ، وَلَوْ صَحَّ كَانَ مَعْنَاهُ مَا مَرَّ، قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَالْخَبَرُ الصَّحِيحُ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا نَهَضَ رَفَعَ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ» ـــــــــــــــــــــــــــــSحَالَةَ قَبْضِهِ بِهَا الْيُسْرَى (قَوْلُهُ: وَيَحُطُّ يَدَيْهِ) أَيْ مِنْ الرَّفْعِ الْمُتَقَدِّمِ كَبَقِيَّتِهِ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ تَحْتَ صَدْرِهِ: أَيْ فِي جَمْعِ الْقِيَامِ إلَى الرُّكُوعِ خَرَجَ بِهِ زَمَنُ الِاعْتِدَالِ فَلَا يَجْعَلُهُمَا تَحْتَ صَدْرِهِ بَلْ يُرْسِلُهُمَا سَوَاءٌ كَانَ فِي ذِكْرِ الِاعْتِدَالِ أَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْقُنُوتِ كَمَا تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي الِاعْتِدَالِ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ فَإِذَا انْتَصَبَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا بَأْسَ) أَيْ لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَالسُّنَّةُ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَالرُّسْغُ) وَالسِّينُ فِي الرُّسْغِ أَفْصَحُ مَحَلِّيٌّ، وَيُسَمَّى الزَّنْدَ أَيْضًا. قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: الزَّنْدُ مُوصِلُ طَرَفِ الذِّرَاعِ فِي الْكَفِّ، وَهُمَا زَنْدَانِ الْكُوعِ وَالْكُرْسُوعِ: أَيْ وَيُقَالُ لِلْكُوعِ زَنْدٌ وَالْكُرْسُوعُ زَنْدٌ. وَفِي الْمِصْبَاحِ: وَالزَّنْدُ مَا انْحَسَرَ عَنْهُ اللَّحْمُ مِنْ الذِّرَاعِ وَهُوَ يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمُخْتَارِ مِفْصَلُ طَرَفِ الذِّرَاعِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْبُوعُ: فَهُوَ الْعَظْمُ الَّذِي يَلِي إبْهَامَ الرِّجْلِ) وَالْكُرْسُوعُ: الَّذِي يَلِي خِنْصَرَ الْيَدِ، وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: وَعَظْمٌ يَلِي الْإِبْهَامَ كُوعٌ وَمَا يَلِي ... لِخِنْصَرِهِ الْكُرْسُوعُ وَالرُّسْغُ وَمَا وَسَطَ وَعَظْمٌ يَلِي إبْهَامَ رِجْلٍ مُلَقَّبٌ ... بِبُوعٍ فَخُذْ بِالْعِلْمِ وَاحْذَرْ مِنْ الْغَلَطِ (قَوْلُهُ: وَالدُّعَاءُ فِي سُجُودِهِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مُصِرًّا عَلَى الْكَبَائِرِ لِمَا فِي الدُّعَاءِ مِنْ إخْلَاصِ تَوْحِيدِهِ لِأَنَّ الدَّاعِيَ حِينَ يَدْعُو كَأَنَّهُ يَقُولُ: لَا يُحَصِّلُ مَطْلُوبِي أَحَدٌ سِوَاك يَا اللَّهُ (قَوْلُهُ: فَيَتَلَقَّاهُ الدُّعَاءُ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ الدُّعَاءُ الْمُتَضَمِّنُ لِرَفْعِ ذَلِكَ الْبَلَاءِ لَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِيَتَلَقَّاهُ وَبِيَعْتَلِجَانِ: أَيْ وَهَذَا الْأَمْرُ مُسْتَمِرٌّ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ الْمَأْثُورِ (قَوْلُهُ: أَوَّلُهُ وَآخِرُهُ) تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ فِي بَحْثِ السُّجُودِ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ: تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ، رِوَايَةُ هَذَا الْحَدِيثِ بِلَفْظٍ: وَأَوَّلُهُ وَآخِرُهُ وَعَلَانِيَتُهُ وَسِرُّهُ (قَوْلُهُ: كَانَ مَعْنَاهُ مَا مَرَّ) أَيْ أَنَّ مَعْنَاهُ التَّشْبِيهُ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَالْقَصْدُ مِنْ الْقَبْضِ الْمَذْكُورِ إلَخْ) لَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ حِكْمَةِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّسْكِينَ يَحْصُلُ بِغَيْرِ الْوَضْعِ الْمَذْكُورِ فَحِكْمَتُهُ مَا مَرَّ، (قَوْلُهُ: كَالْعَاجِنِ) الْمُرَادُ بِهِ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ؛ لِأَنَّهُ يُسَمَّى بِذَلِكَ لُغَةً، لَكِنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ الْآتِي كَالصَّرِيحِ فِي إرَادَةِ عَاجِنِ الْعَجِينِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَمِنْ إطْلَاقِهِ عَلَى الشَّيْخِ الْكَبِيرِ قَوْلُ الشَّاعِرِ: فَأَصْبَحْت كُنْتِيًّا وَأَصْبَحْت عَاجِنًا ... وَسِرُّ خِصَالِ الْمَرْءِ كُنْت وَعَاجِنُ

وَفِي رِوَايَةٍ «نَهَضَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَاعْتَمَدَ عَلَى فَخِذَيْهِ» مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَأْتِ الْمُصَلِّي بِسُنَّةِ الِاعْتِمَادِ الْمَارِّ فَحِينَئِذٍ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُقَدِّمَ رَفْعَ يَدَيْهِ وَيَعْتَمِدَ بِهِمَا عَلَى فَخُذِيهِ لِيَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى النُّهُوضِ، وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ أَيْضًا إطْلَاقُ ابْنِ الصَّبَّاغِ اسْتِحْبَابَ رَفْعِ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ. (وَ) يُسَنُّ (تَطْوِيلُ قِرَاءَةِ) رَكْعَتِهِ (الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ) (فِي الْأَصَحِّ) لِلِاتِّبَاعِ وَلِأَنَّ النَّشَاطَ فِيهَا أَكْثَرُ فَخُفِّفَ فِي غَيْرِهَا حَذَرًا مِنْ الْمَلَلِ. وَالثَّانِي أَنَّهُمَا سَوَاءٌ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَصٌّ أَوْ لَمْ تَقْتَضِ الْمَصْلَحَةُ خِلَافَهُ، أَمَّا مَا فِيهِ نَصٌّ بِتَطْوِيلِ الْأُولَى كَصَلَاةِ الْكُسُوفِ وَالْقِرَاءَةِ بِالسَّجْدَةِ وَهَلْ أَتَى فِي صُبْحِ الْجُمُعَةِ، أَوْ بِتَطْوِيلِ الثَّانِيَةِ كَسَبَّحَ، وَهَلْ أَتَاك فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ فَيُتَّبَعُ، أَوْ الْمَصْلَحَةُ فِي خِلَافِهِ كَصَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ لِلْإِمَامِ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ التَّخْفِيفُ فِي الْأُولَى وَالتَّطْوِيلُ فِي الثَّانِيَةِ حَتَّى تَأَتَّى الْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ، وَيُسْتَحَبُّ لِلطَّائِفَتَيْنِ التَّخْفِيفُ فِي الثَّانِيَةِ لِئَلَّا يَطُولَ بِالِانْتِظَارِ. (وَ) يُسَنُّ (الذِّكْرُ) وَالدُّعَاءُ (بَعْدَهَا) أَيْ الصَّلَاةِ وَالْإِكْثَارُ مِنْ ذَلِكَ، فَقَدْ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا سَلَّمَ مِنْهَا قَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: مَحَلُّهُ) خَبَرُ قَوْلِهِ وَالْخَبَرُ الصَّحِيحُ. (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ الذِّكْرُ وَالدُّعَاءُ) هَذَا الْكَلَامُ يُفِيدُ مُغَايَرَةَ الدُّعَاءِ لِلذِّكْرِ. وَفِي حَجّ فِي شَرْحِ الْخُطْبَةِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَا وَجَدْته مِنْ الْأَذْكَارِ مَا نَصُّهُ: وَهُوَ أَيْ الذِّكْرُ لُغَةً: كُلُّ مَذْكُورٍ، وَشَرْعًا: قَوْلٌ سَبَقَ لِثَنَاءٍ أَوْ دُعَاءٍ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ شَرْعًا أَيْضًا لِكُلِّ قَوْلٍ يُثَابُ قَائِلُهُ، وَعَلَيْهِ فَالذِّكْرُ شَامِلٌ لِلدُّعَاءِ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَالدُّعَاءُ مِنْ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِ إيضَاحًا. وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَالسُّنَّةُ أَنْ يَكُونَ الذِّكْرُ وَالدُّعَاءُ قَبْلَ الْإِتْيَانِ بِالنَّوَافِلِ بَعْدَهَا رَاتِبَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا شَرْحُ رَوْضٍ: أَيْ فَلَوْ أَتَى بِهِ بَعْدَ الرَّاتِبَةِ فَهَلْ يَحْصُلُ أَوْ لَا فِيهِ تَرَدُّدٌ نَقَلَهُ الزِّيَادِيُّ. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِطُولِ الْفَصْلِ، وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ عَنْ سم (قَوْلُهُ: وَبَعْدَهَا) قَالَ الْبَكْرِيُّ فِي الْكَنْزِ: وَيُنْدَبُ عَقِبَ السَّلَامِ مِنْ الصَّلَاةِ أَنْ يَبْدَأَ بِاسْتِغْفَارٍ ثَلَاثًا ثُمَّ قَوْلُهُ اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ إلَخْ، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْت، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْت، وَلَا رَادَّ لِمَا قَضَيْت، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْك الْجَدُّ، وَيَخْتِمُ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَا وَرَدَ مِنْ التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ الْمُشَارِ إلَيْهِ ثُمَّ يَدْعُو. فُهِمَ ذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا التَّرْتِيبُ مُسْتَحَبٌّ وَإِنْ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ اهـ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ التَّسْبِيحُ وَصَلَاةُ الظُّهْرِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ فِي جَمَاعَةٍ تَقْدِيمَ الظُّهْرِ وَإِنْ فَاتَهُ التَّسْبِيحُ، وَيَنْبَغِي أَيْضًا تَقْدِيمُ آيَةِ الْكُرْسِيِّ عَلَى التَّسْبِيحِ فَيَقْرَؤُهَا بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْك الْجَدُّ. وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنْ يُقَدِّمَ السَّبْعِيَّاتِ لِحَثِّ الشَّارِعِ عَلَى طَلَبِ الْفَوْرِ فِيهَا، وَلَكِنْ فِي ظَنِّي أَنَّ فِي شَرْحِ الْمُنَاوِيِّ عَلَى الْأَرْبَعِينَ أَنَّهُ يُقَدِّمُ التَّسْبِيحَ وَمَا مَعَهُ عَلَيْهَا، وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنْ يُقَدِّمَ السَّبْعِيَّاتِ وَهُمْ الْقَلَاقِلُ عَلَى تَكْبِيرِ الْعِيدِ أَيْضًا لِمَا مَرَّ مِنْ الْحَثِّ عَلَى فَوْرِيَّتِهَا، وَالتَّكْبِيرُ لَا يَفُوتُ بِطُولِ الزَّمَنِ (قَوْلُهُ: قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَأَنَّهُ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ. وَفِي سم عَلَى حَجّ: «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا صَلَّى الصُّبْحَ جَلَسَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ» ، وَاسْتَدَلَّ فِي الْخَادِمِ بِخَبَرِ مَنْ قَالَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَهُوَ ثَانٍ رِجْلَهُ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ الْحَدِيثُ إلَخْ، ثُمَّ قَالَ: وَيَأْتِي مِثْلَهُ فِي الْمَغْرِبِ وَالْعَصْرِ لِوُرُودِ ذَلِكَ فِيهِمَا: وَفِي مَتْنِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مَا نَصُّهُ «إذَا صَلَّيْتُمْ صَلَاةَ الْفَرْضِ فَقُولُوا عَقِبَ كُلِّ صَلَاةٍ عَشْرَ مَرَّاتٍ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» إلَى آخِرِ الْحَدِيثِ، وَأَقَرَّهُ الْمُنَاوِيُّ، وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي تَقْدِيمُهَا عَلَى التَّسْبِيحَاتِ لِحَثِّ الشَّارِعِ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ وَهُوَ ثَانٍ رِجْلَهُ إلَخْ. وَوَرَدَ أَيْضًا «أَنَّ مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ مِائَةَ مَرَّةٍ عَقِبَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ غُفِرَ لَهُ» وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ سم فِي بَابِ الْجِهَادِ سُؤَالًا حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ شَخْصٌ وَهُوَ مَشْغُولٌ بِقِرَاءَتِهَا هَلْ يَرُدُّ عَلَيْهِ السَّلَامَ وَلَا يَكُونُ مُفَوِّتًا لِلثَّوَابِ الْمَوْعُودِ بِهِ لِاشْتِغَالِهِ بِأَمْرٍ وَاجِبٍ، أَوْ يُؤَخِّرُ إلَى الْفَرَاغِ وَيَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا فِي التَّأْخِيرِ؟ ثُمَّ قَالَ فِيهِ نَظَرٌ وَلَمْ يُرَجِّحْ شَيْئًا. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَحَمَلَ الْكُلُّ الْكَلَامَ عَلَى أَجْنَبِيٍّ لَا عُذْرَ لَهُ فِي الْإِتْيَانِ بِهِ وَعَلَى مَا ذُكِرَ إذَا سَلَّمَ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْت وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْت، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْك الْجَدُّ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ سَبَّحَ اللَّهَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَحَمِدَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكَبَّرَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، ثُمَّ قَالَ تَمَامَ الْمِائَةِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، إلَى قَوْلِهِ: قَدِيرٌ، غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ» ، وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ ثَلَاثًا، وَقَالَ اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْك السَّلَامُ تَبَارَكْت يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ «وَسُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيُّ الدُّعَاءِ أَسْمَعُ أَيْ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ قَالَ جَوْفَ اللَّيْلِ وَدُبُرَ كُلِّ صَلَاةِ الْمَكْتُوبَاتِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا سِرًّا لَكِنْ يَجْهَرُ بِهِمَا إمَامٌ يُرِيدُ تَعْلِيمَ مَأْمُومِينَ فَإِذَا تَعَلَّمُوا أَسَرَّ. (وَ) يُسَنُّ (أَنْ يَنْتَقِلَ لِلنَّفْلِ) أَوْ الْفَرْضِ (مِنْ مَوْضِعِ فَرْضِهِ) أَوْ نَفْلِهِ إلَى غَيْرِهِ تَكْثِيرًا لِمَوَاضِعِ السُّجُودِ ـــــــــــــــــــــــــــــSصَلَاةِ الصُّبْحِ وَأَرَادَ الْإِتْيَانَ بِالذِّكْرِ الَّذِي هُوَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ إلَخْ، وَقِرَاءَةُ السُّورَةِ هَلْ الْأَوْلَى تَقْدِيمُ الذِّكْرِ أَوْ السُّورَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ تَقْدِيمُ الذِّكْرِ لِحَثِّ الشَّارِعِ الْمُبَادَرَةَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَهُوَ ثَانٍ رِجْلَهُ، وَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ مِنْ الْكَلَامِ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَجْنَبِيًّا عَمَّا يُطْلَبُ بَعْدَ الصَّلَاةِ. قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: وَمِنْ الدُّعَاءِ الْوَارِدِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ: «اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِك» الْحَدِيثُ. وَمِنْهُ مَا سَلَفَ اسْتِحْبَابُهُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَمِنْهُ: «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْجُبْنِ وَأَعُوذُ بِك أَنْ أُرَدَّ إلَى أَرْذَلِ الْعُمْرِ وَأَعُوذُ بِك مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا وَأَعُوذُ بِك مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: مِنْ سَبِّحْ اللَّهَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ) أَيْ بَعْدَ كُلِّ صَلَاةٍ مِنْ الْفَرَائِضِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ شَامِلٌ لِلنَّافِلَةِ أَيْضًا، ثُمَّ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِتْيَانِ بِهَا عَلَى الْفَوْرِ وَالتَّرَاخِي، لَكِنْ قَالَ حَجّ: إنَّهُ لَا يَضُرُّ الْفَصْلُ الْيَسِيرُ كَالِاشْتِغَالِ بِالذِّكْرِ الْمَطْلُوبِ بَعْدَ الصَّلَاةِ كَآيَةِ الْكُرْسِيِّ وَالرَّاتِبَةِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ. وَقَالَ سم عَلَيْهِ: مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَنْبَغِي فِي اغْتِفَارِ الرَّاتِبَةِ أَنْ لَا يُفْحِشَ الطُّولُ بِحَيْثُ لَا يُعَدُّ التَّسْبِيحُ مِنْ تَوَابِعِ الصَّلَاةِ عُرْفًا اهـ. ثُمَّ عَلَى هَذَا لَوْ وَالَى بَيْنَ صَلَاتَيْ الْجَمْعِ أَخَّرَ التَّسْبِيحَ عَنْ الثَّانِيَةِ، وَهَلْ يَسْقُطُ تَسْبِيحُ الْأُولَى حِينَئِذٍ أَوْ يَكْفِي لَهُمَا ذِكْرٌ وَاحِدٌ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرٍ لِكُلٍّ مِنْ الصَّلَاتَيْنِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ الْأَوْلَى إفْرَادُ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِالْعَدَدِ الْمَطْلُوبِ لَهَا، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ كَفَى فِي أَصْلِ السُّنَّةِ كَمَا لَوْ قَرَأَ آيَاتِ سَجَدَاتٍ مُتَوَالِيَةً حَيْثُ قَالُوا يَكْفِي لَهَا سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ، وَالْأَوْلَى إفْرَادُ كُلِّ آيَةٍ بِسُجُودٍ إذَا كَانَ خَارِجَ الصَّلَاةِ، أَمَّا إذَا كَانَ فِيهَا فَيَسْجُدُ مَرَّةً وَاحِدَةً فَرَاجِعْهُ فِي الْمِنْهَاجِ وَشُرُوحِهِ (قَوْلُهُ: وَكَبِّرْ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ) الْوَجْهُ الَّذِي اعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مِنْ شُيُوخِنَا كَشَيْخِنَا الْإِمَامِ الْبُرُلُّسِيِّ وَشَيْخِنَا الْإِمَامِ الْخَطِيبِ حُصُولُ هَذَا الثَّوَابِ إذَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ وَالثَّلَاثِينَ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ، فَيَكُونُ الشَّرْطُ فِي حُصُولِهِ عَدَمَ النَّقْصِ عَنْ ذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ خَالَفَ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ بَعْدَ سَوْقِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْأَذْكَارِ وَغَيْرِهَا: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ مِنْ هَذِهِ الْأَذْكَارِ بِالِاسْتِغْفَارِ الْمُتَقَدِّمِ كَمَا قَالَهُ أَبُو الطَّيِّبِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَفِي حَجّ فِي ذَلِكَ كَلَامٌ طَوِيلٌ فَرَاجِعْهُ، وَمِنْهُ أَنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّهُ إنْ زَادَ لِنَحْوِ شَكِّ عُذْرٍ أَوْ لِتَعَبُّدٍ: أَيْ عَلَى وَجْهِ أَنَّهُ مَطْلُوبٌ مِنَّا فِي هَذَا الْوَقْتِ فَلَا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُسْتَدْرَكٌ عَلَى الشَّارِعِ (قَوْلُهُ: إذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ) أَيْ خَرَجَ مِنْهَا بِأَنْ سَلَّمَ (قَوْلُهُ: اسْتَغْفِرْ اللَّهَ ثَلَاثًا) لَمْ يُبَيِّنْ صِيغَتَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ (قَوْلُهُ: جَوْفُ اللَّيْلِ) يَجُوزُ نَصْبُهُ عَلَى أَنَّهُ ظَرْفٌ لِمُقَدَّرٍ: أَيْ أَسْمَعُهُ الدُّعَاءُ جَوْفَ اللَّيْلِ: أَيْ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، وَرَفْعُهُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ لِمُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ: أَيْ أَيُّ الْأَزْمِنَةِ الدُّعَاءُ فِيهِ أَسْمَعُ: أَيْ أَقْرَبُ لِلْإِجَابَةِ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ: الزَّمَنُ الَّذِي يَكُونُ الدُّعَاءُ فِيهِ أَسْمَعَ هُوَ جَوْفُ اللَّيْلِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يَجْهَرُ بِهِمَا) أَيْ بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ الْوَارِدَيْنِ هُنَا، وَيَنْبَغِي جَرَيَانُ ذَلِكَ فِي كُلِّ دُعَاءٍ وَذِكْرٍ فُهِمَ مِنْ غَيْرِهِ أَنَّهُ يُرِيدُ تَعَلُّمَهُمَا مَأْمُومًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الْأَدْعِيَةِ الْوَارِدَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَلَوْ دُنْيَوِيًّا. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَنْتَقِلَ لِلنَّفْلِ) إمَامًا أَوْ غَيْرَهُ، وَلَوْ خَالَفَ ذَلِكَ فَأَحْرَمَ بِالثَّانِيَةِ فِي مَحَلِّ الْأُولَى فَهَلْ يُطْلَبُ مِنْهُ الِانْتِقَالُ بِفِعْلٍ غَيْرِ مُبْطِلٍ فِي أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ يُتَّجَهُ أَنْ يُطْلَبَ سَوَاءٌ خَالَفَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا، لَا يُقَالُ: الْفِعْلُ لَا يُنَاسِبُ الصَّلَاة بَلْ يُطْلَبُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَإِنَّهَا تَشْهَدُ لَهُ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ إحْيَاءِ الْبِقَاعِ بِالْعِبَادَةِ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ فَصَلَ بِكَلَامِ إنْسَانٍ، وَاسْتَثْنَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بَحْثًا مِنْ انْتِقَالِهِ مَا إذَا قَعَدَ مَكَانَهُ يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ إلَى أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ لِأَنَّ ذَلِكَ كَحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ تَامَّةٍ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَنَسٍ، أَمَّا إذَا كَانَ خَلْفَهُ نِسَاءٌ فَسَيَأْتِي (وَأَفْضَلُهُ) أَيْ الِانْتِقَالِ لِلنَّفْلِ مِنْ مَوْضِعِ صَلَاتِهِ (إلَى بَيْتِهِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «صَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ فَإِنَّ أَفْضَلَ الصَّلَاةِ صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ وَالْأَقْصَى وَالْمَهْجُورِ وَغَيْرِهَا، وَلَا بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ، وَلِكَوْنِهِ أَبْعَدَ عَنْ الرِّيَاءِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَثْرَةِ الثَّوَابِ التَّفْضِيلُ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا قَضَى أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ فِي مَسْجِدِهِ فَلْيَجْعَلْ لِبَيْتِهِ مِنْ صَلَاتِهِ فَإِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ فِي بَيْتِهِ مِنْ صَلَاتِهِ خَيْرًا» وَمُقْتَضَى إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ النَّافِلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَالْمُتَأَخِّرَةِ، وَلَكِنَّ الْمُتَّجَهَ فِي الْمُهِمَّاتِ فِي النَّافِلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ مَا أَشْعَرَ بِهِ كَلَامُهُمْ مِنْ عَدَمِ الِانْتِقَالِ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ مَأْمُورٌ بِالْمُبَادَرَةِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ، وَفِي الِانْتِقَالِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الصُّفُوفِ مَشَقَّةٌ خُصُوصًا مَعَ كَثْرَةِ الْمُصَلِّينَ كَالْجُمُعَةِ اهـ فَعُلِمَ أَنَّ مَحَلَّ اسْتِحْبَابِ الِانْتِقَالِ مَا لَمْ يُعَارِضْهُ شَيْءٌ آخَرُ. وَلِهَذَا اسْتَثْنَى مِنْهُ صُوَرٌ فِعْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ ـــــــــــــــــــــــــــــSتَرْكُهُ فِيهَا: لِأَنَّا نَقُولُ: لَيْسَ هَذَا عَلَى الْإِطْلَاقِ، أَلَا يَرَى أَنَّهُ يَطْلُبُ مِنْهُ دَفْعُ الْمَارِّ وَقَتْلُ نَحْوِ الْحَيَّةِ الَّتِي مَرَّتْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَإِنْ أَدَّى لِفِعْلٍ خَفِيفٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي مَحَلِّهِ، وَكَذَا السِّوَاكُ بِفِعْلٍ خَفِيفٍ إذَا أَهْمَلَهُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ اهـ عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فَصَلَ بِكَلَامِ إنْسَانٍ إلَخْ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ فَفِي مُسْلِمٍ النَّهْيُ عَنْ وَصْلِ صَلَاةٍ بِصَلَاةٍ إلَّا بَعْدَ كَلَامٍ أَوْ خُرُوجٍ اهـ وَقَوْلُهُ أَوْ خُرُوجٌ: أَيْ مِنْ مَحَلِّ صَلَاتِهِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ) يُتَأَمَّلُ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ فَإِنَّهُ لَيْسَ هُنَا نَفْلٌ فَعَلَهُ بَعْدَ الصُّبْحِ فَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ الِانْتِقَالِ مِنْ صَلَاةٍ إلَى أُخْرَى، فَإِنْ فَرَضَ أَنَّهُ أَرَادَ فِعْلَ مَقْضِيَّةٍ بَعْدَ الصُّبْحِ أَوْ سُنَّتِهِ لَمْ يَكُنْ مِمَّا الْكَلَامُ فِيهِ مِنْ الْجُلُوسِ لِلذِّكْرِ: ثُمَّ رَأَيْت فِي الدَّمِيرِيِّ مَا يَقْتَضِي تَخْصِيصَ الِاسْتِثْنَاءِ بِالْإِمَامِ حَيْثُ قَالَ مَا مَعْنَاهُ: يُسْتَحَبُّ لِلْأَمَامِ الْقِيَامُ مِنْ مَوْضِعِ صَلَاتِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ وَوَجْهُ تَخْصِيصِ الْإِمَامِ أَنَّ الدَّاخِلَ رُبَّمَا تَوَهَّمَ أَنَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ بَاقِيَةٌ، فَإِذَا انْتَقَلَ فَهِمَ ذَلِكَ الدَّاخِلُ تَمَامَهَا اهـ (قَوْلُهُ كَحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ تَامَّةٍ) إنَّمَا قَالَ تَامَّةٍ فِي الْعُمْرَةِ دُونَ الْحَجِّ، لِأَنَّ الْعُمْرَةَ يَخْتَلِفُ فَضْلُهَا بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ الَّتِي تُفْعَلُ فِيهَا، وَلَا كَذَلِكَ بِالْحَجِّ إذَا لَيْسَ إلَّا وَقْتٌ وَاحِدٌ، فَوَصْفُهَا بِالتَّمَامِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ كَامِلَةٌ فِي الْفَضْلِ. (قَوْلُهُ: إلَى بَيْتِهِ) أَيْ مَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ شَكٌّ فِي الْقِبْلَةِ فِيهِ فَيَكُونُ (قَوْلُهُ: فَيُجْعَلُ مِنْ صَلَاتِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ) هُوَ الدَّمِيرِيِّ لَكِنَّهُ إنَّمَا اسْتَثْنَاهُ مِنْ اسْتِحْبَابِ قِيَامِ الْإِمَامِ مِنْ مُصَلَّاهُ عَقِبَ سَلَامِهِ، لَا مِنْ الِانْتِقَالِ بِالصَّلَاةِ إلَى آخَرَ كَمَا صَنَعَهُ الشَّارِحُ إذْ لَا مَعْنَى لَهُ، وَعِبَارَتُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ نِسَاءٌ فَالْمُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقُومَ مِنْ مُصَلَّاهُ عَقِيبَ صَلَاتِهِ لِئَلَّا يَشُكَّ هُوَ وَمَنْ خَلْفَهُ هَلْ سَلَّمَ أَوَّلًا، وَلِئَلَّا يَدْخُلَ غَرِيبٌ فَيَظُنَّهُ فِي الصَّلَاةِ فَيَقْتَدِيَ بِهِ إلَى أَنْ قَالَ: قُلْت يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا قَعَدَ مَكَانَهُ يَذْكُرُ اللَّهَ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ خَلْفَهُ نِسَاءٌ فَسَيَأْتِي) مَبْنِيٌّ عَلَى مَا مَرَّ فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَقَدْ مَرَّ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ عَدَمَ الْفَرْقِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ، إذْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَفْرُوضٌ فِي الِانْتِقَالِ عَنْ مَحَلٍّ صَلَّى فِيهِ إلَى آخَرَ، فَلَا يَشْمَلُ النَّافِلَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا اسْتَثْنَى مِنْهُ) لَمْ يَتَقَدَّمْ مَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَرْجِعًا لِلضَّمِيرِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي سَنِّ الِانْتِقَالِ، وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ فِي أَفْضَلِيَّةِ فِعْلِ النَّافِلَةِ فِي الْمَسْجِدِ لَا يُقَيِّدُ الِانْتِقَالَ، فَلَا يَتَنَزَّلُ عَلَى مَا الْكَلَامُ فِيهِ

أَفْضَلُ كَنَافِلَةِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ لِلتَّكْبِيرِ وَرَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ بِمِيقَاتٍ فِيهِ مَسْجِدٌ، وَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ فِيهِ، وَكُلُّ مَا تُشْرَعُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ مِنْ النَّوَافِلِ وَمَا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ أَوْ خَشِيَ مِنْ التَّكَاسُلِ أَوْ كَانَ مُعْتَكِفًا أَوْ كَانَ يَمْكُثُ بَعْدَ الصَّلَاةِ لِتَعَلُّمٍ أَوْ تَعْلِيمٍ وَلَوْ ذَهَبَ إلَى بَيْتِهِ لَفَاتَهُ ذَلِكَ (وَإِذَا صَلَّى وَرَاءَهُ نِسَاءٌ مَكَثُوا) أَيْ مَكَثَ الْإِمَامُ بَعْدَ سَلَامِهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الرِّجَالِ يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعَالَى (حَتَّى يَنْصَرِفْنَ) وَيُسَنُّ لَهُنَّ الِانْصِرَافُ عَقِبَ سَلَامِهِ لِلِاتِّبَاعِ، وَلِأَنَّ الِاخْتِلَاطَ بِهِنَّ مَظِنَّةُ الْفَسَادِ، وَالْقِيَاسُ مُكْثُ الْخَنَاثَى حَتَّى يَنْصَرِفْنَ وَانْصِرَافُهُمْ بَعْدَهُنَّ فُرَادَى (وَأَنْ يَنْصَرِفَ) الْمُصَلِّي بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ صَلَاتِهِ (فِي جِهَةِ حَاجَتِهِ) أَيَّ جِهَةٍ كَانَتْ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَاجَةٌ أَوْ كَانَتْ لَا فِي جِهَةٍ مُعَيَّنَةٍ (فَيَمِينُهُ) لِأَنَّ جِهَتَهُمَا أَفْضَلُ وَالتَّيَامُنُ مَطْلُوبٌ مَحْبُوبٌ، وَسَيَأْتِي فِي الْعِيدِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي سَائِرِ الْعِبَادَاتِ أَنْ يَذْهَبَ مِنْ طَرِيقٍ وَيَرْجِعَ مِنْ أُخْرَى، وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ لِإِمْكَانِ حَمْلِ قَوْلِهِمْ إنَّهُ يَرْجِعُ فِي جِهَةِ يَمِينِهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُرِدْ أَنْ يَرْجِعَ فِي طَرِيقٍ آخَرَ أَوْ وَافَقَتْ جِهَةُ يَمِينِهِ، وَإِلَّا فَالطَّرِيقُ الْآخَرُ أَوْلَى لِتَشْهَدَ لَهُ الطَّرِيقَانِ. وَلَا يُكْرَهُ أَنْ يُقَالَ انْصَرَفْنَا مِنْ الصَّلَاةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ (وَتَنْقَضِي الْقُدْوَةُ بِسَلَامِ الْإِمَامِ) التَّسْلِيمَةَ الْأُولَى لِخُرُوجِهِ مِنْ الصَّلَاةِ بِهَا، فَلَوْ سَلَّمَ الْمَأْمُومُ قَبْلَهَا عَامِدًا عَالِمًا مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ مُفَارَقَةٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَلَوْ قَارَنَهُ فِيهِ لَمْ يَضُرَّ كَبَقِيَّةِ الْأَذْكَارِ، بِخِلَافِ مُقَارَنَتِهِ لَهُ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُصَلِّيًا حَتَّى يُتِمَّهَا فَلَا يَرْبِطُ صَلَاتَهُ بِمَنْ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ (فَلِلْمَأْمُومِ) إذَا كَانَ مُوَافِقًا (أَنْ يَشْتَغِلَ بِدُعَاءٍ وَنَحْوِهِ) لِانْفِرَادِهِ وَعَدَمِ تَحَمُّلِ الْإِمَامِ عَنْهُ سَهْوَهُ حِينَئِذٍ لَوْ سَهَا (ثُمَّ يُسَلِّمُ) ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ نَصِيبًا (قَوْلُهُ: كَنَافِلَةِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) وَقَدْ نَظَمَهُ الشَّيْخُ مَنْصُورُ الطَّبَلَاوِيُّ فِي ضِمْنِ أَبْيَاتٍ فَقَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: صَلَاةُ نَفْلٍ بِالْبُيُوتِ أَفْضَلُ ... إلَّا الَّتِي جَمَاعَةً تَحْصُلُ وَسُنَّةُ الْإِحْرَامِ وَالطَّوَافِ ... وَنَفْلُ جَالِسٍ لِلِاعْتِكَافِ وَنَحْوِ عِلْمِهِ لِإِحْيَا الْبُقْعَةِ ... كَذَا الضُّحَى وَنَفْلُ الْجُمُعَةَ وَخَائِفُ الْفَوَاتِ بِالتَّأَخُّرِ ... وَقَادِمٌ وَمُنْشِئٌ لِلسَّفَرِ وَالِاسْتِخَارَةُ وللقبلية ... لِمَغْرِبٍ وَلَا كَذَا الْبَعْدِيَّهْ (قَوْلُهُ: لِلتَّبْكِيرِ) يُفِيدُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي السُّنَّةِ الْقَبْلِيَّةَ وَأَنَّ فِعْلَ الْبَعْدِيَّةِ فِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُهُ فِي النَّظْمِ: وَنَفْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُكْرَهُ أَنْ يُقَالَ انْصَرَفْنَا مِنْ الصَّلَاةِ) أَيْ وَلَا أَنْ يُقَالَ جَوَابًا لِمَنْ قَالَ أَصْلَيْت صَلَّيْت (قَوْلُهُ: أَنْ يَشْتَغِلَ بِدُعَاءٍ وَنَحْوِهِ) سُئِلَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ: هَلْ يُكْرَهُ أَنْ يُسْأَلَ اللَّهُ بِعَظِيمٍ مِنْ خَلْقِهِ كَالْمَلَكِ وَالنَّبِيِّ وَالْوَلِيِّ؟ أَجَابَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَنَّهُ جَاءَ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ عَلَّمَ بَعْضَ النَّاسِ اللَّهُمَّ إنِّي أُقْسِمُ عَلَيْك بِنَبِيِّك مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ» إلَخْ، فَإِنْ صَحَّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَقْصُورًا عَلَيْهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِأَنَّهُ سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ، وَلَا يُقْسِمُ عَلَى اللَّهِ بِغَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا فِي دَرَجَتِهِ، وَيَكُونُ هَذَا مِنْ خَوَاصِّهِ، وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: صَحِيحٌ غَرِيبٌ اهـ دَمِيرِيٌّ. أَقُولُ: فَإِنْ قُلْت: هَذَا قَدْ يُعَارِضُ مَا فِي الْبَهْجَةِ وَشَرْحِهَا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ مِنْ قَوْلِهِ وَالْأَفْضَلُ اسْتِسْقَاؤُهُمْ بِالْأَتْقِيَاءِ لِأَنَّ دُعَاءَهُمْ أَرْجَى لِلْإِجَابَةِ، وَكَمَا اسْتَسْقَى مُعَاوِيَةُ بِيَزِيدَ الْأَسْوَدِ لَا سِيَّمَا إنْ كَانُوا مِنْ آلِ خَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كَمَا اسْتَسْقَى عُمَرُ بِالْعَبَّاسِ عَمِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ اهـ قُلْت: لَا تَعَارُضَ لِجَوَازِ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْعِزُّ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ سَأَلَ بِذَلِكَ عَلَى صُورَةِ الْإِلْزَامِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ اللَّهُمَّ إنِّي أُقْسِمُ عَلَيْك إلَخْ، وَمَا فِي الْبَهْجَةِ وَشَرْحِهَا مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا وَرَدَ عَلَى صُورَةِ الِاسْتِشْفَاعِ وَالسُّؤَالِ مِثْلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَلَهُ أَنْ يُسَلِّمَ عَقِبَهُ، أَمَّا الْمَسْبُوقُ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَقُومَ عَقِبَ، تَسْلِيمَتَيْهِ فَوْرًا إنْ لَمْ يَكُنْ جُلُوسُهُ مَعَ الْإِمَامِ مَحَلَّ تَشَهُّدِهِ، فَإِنْ مَكَثَ عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ أَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا فَلَا، فَإِنْ كَانَ مَحَلُّ تَشَهُّدِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ لَكِنْ يُكْرَهُ تَطْوِيلُهُ كَمَا مَرَّ (وَلَوْ اقْتَصَرَ إمَامُهُ عَلَى تَسْلِيمَةٍ سَلَّمَ) هُوَ (ثِنْتَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) إحْرَازًا لِفَضِيلَةِ الثَّانِيَةِ وَلِخُرُوجِهِ عَنْ مُتَابَعَتِهِ بِالْأُولَى، بِخِلَافِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ لَوْ تَرَكَهُ إمَامُهُ لَا يَأْتِي بِهِ لِوُجُوبِ مُتَابَعَتِهِ قَبْلَ السَّلَامِ، وَلَوْ مَكَثَ الْإِمَامُ بَعْدَ الصَّلَاةِ لِذِكْرٍ أَوْ دُعَاءٍ فَالْأَفْضَلُ جَعْلُ يَمِينِهِ إلَيْهِمْ وَيَسَارُهُ إلَى الْمِحْرَابِ لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقِيلَ عَكْسُهُ، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ تَرْجِيحُهُ فِي مِحْرَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ إنْ فَعَلَ الصِّفَةَ الْأُولَى يَصِيرُ مُسْتَدْبِرًا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ قَبْلَهُ آدَم فَمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSأَسْأَلُك بِبَرَكَةِ فُلَانٍ أَوْ بِحُرْمَتِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يُسَلِّمَ عَقِبَهُ) وَيَنْبَغِي أَنَّ تَسْلِيمَهُ عَقِبَهُ أَوْلَى حَيْثُ أَتَى بِالذِّكْرِ الْمَطْلُوبِ، وَإِلَّا بِأَنْ أَسْرَعَ الْإِمَامُ سُنَّ لِلْمَأْمُومِ الْإِتْيَانُ بِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ) وَفِي نُسْخَةٍ طُمَأْنِينَةُ الصَّلَاةِ، وَهَذِهِ هِيَ الْمُعْتَمَدَةُ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ النُّسْخَةِ الْأُخْرَى عَلَيْهَا بِأَنْ يُرَادَ بِجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ أَقَلُّ مَا يُجْزِئُ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ (قَوْلُهُ: أَوْ جَاهِلًا فَلَا) أَيْ وَلَكِنْ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا يُبْطِلُ عَمْدَهُ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمَتْنِ وَالزِّيَادَةُ إلَى حَمِيدٍ مَجِيدٍ سُنَّةٌ فِي الْآخِرِ، وَكَذَا الدُّعَاءُ بَعْدَهُ حَيْثُ قَالَ: وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بَعْدَهُ عَنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ فَيُكْرَهُ الدُّعَاءُ فِيهِ لِبِنَائِهِ عَلَى التَّخْفِيفِ اهـ (قَوْلُهُ: تَرْجِيحُهُ) أَيْ تَرْجِيحُ قَوْلِهِ وَقِيلَ عَكْسُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَهُوَ قِبْلَةُ آدَمَ فَمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمْ يَتَوَسَّلُ بِهِ إلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

[باب يشتمل على شروط الصلاة وموانعها]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بَابٌ بِالتَّنْوِينِ يَشْتَمِلُ عَلَى شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَمَوَانِعِهَا، وَقَدْ شَرَعَ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فَقَالَ (شُرُوطُ الصَّلَاةِ) الشُّرُوطُ جَمْعُ شَرْطٍ بِسُكُونِ الرَّاءِ، وَهُوَ لُغَةً: الْعَلَامَةُ، وَمِنْهُ أَشْرَاطُ السَّاعَةِ: أَيْ عَلَامَاتُهَا، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَإِنْ قَالَ الشَّيْخُ: الشَّرْطُ بِالسُّكُونِ إلْزَامُ الشَّيْءِ وَالْتِزَامُهُ لَا الْعَلَامَةُ، وَإِنْ عَبَّرَ بِهَا بَعْضُهُمْ فَإِنَّهَا إنَّمَا هِيَ مَعْنَى الشَّرَطِ بِالْفَتْحِ. اهـ. وَقَدْ صُرِّحَ بِذَلِكَ فِي الْمُحْكَمِ وَالْعُبَابِ وَالْوَاعِي وَالصِّحَاحِ وَالْقَامُوسِ وَالْمُجْمَلِ وَدِيوَانِ الْأَدَبِ وَغَيْرِهَا. وَاصْطِلَاحًا مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ لِذَاتِهِ فَخَرَجَ بِالْقَيْدِ الْأَوَّلِ الْمَانِعُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ شَيْءٌ، وَبِالثَّانِي السَّبَبُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ، وَبِالثَّالِثِ اقْتِرَانُ الشَّرْطِ بِالسَّبَبِ كَوُجُودِ الْحَوْلِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ مَعَ النِّصَابِ الَّذِي هُوَ سَبَبٌ لِلْوُجُوبِ أَوْ بِالْمَانِعِ كَالدَّيْنِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مَانِعٌ لِوُجُوبِهَا، وَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSبَابٌ عَلَى شُرُوطِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: عَلَى شُرُوطِ الصَّلَاةِ) لَعَلَّ الْحِكْمَةَ فِي تَعْقِيبِ هَذَا الْبَابِ لِمَا قَبْلَهُ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِتِلْكَ الْأَرْكَانِ بِدُونِ شُرُوطِهَا حَتَّى لَوْ انْتَفَى شَرْطٌ مِنْهَا فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ بَطَلَتْ، وَقَدْ يُؤْخَذُ هَذَا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي: لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا اشْتَمَلَ عَلَى مَوَانِعِهَا إلَخْ؛ لِأَنَّ انْتِفَاءَ الشَّرْطِ بَعْدَ انْعِقَادِهَا مَانِعٌ مِنْ دَوَامِ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: وَمَوَانِعُهَا) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ: كَتَسْبِيحِ مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ، وَسَنُّ الصَّلَاةِ لِلسُّتْرَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ) أَيْ عَلَى الْأَلْسِنَةِ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّهُ يُقَابِلُهُ قَوْلٌ غَرِيبٌ لُغَةً لِقَوْلِهِ: وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ الشَّيْخُ إلَخْ) أَيْ فِي غَيْرِ شَرْحِ مَنْهَجِهِ تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ اهـ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ. وَقَوْلُهُ أَيْ فِي غَيْرِ إلَخْ وَمِنْ الْغَيْرِ شَرْحُ الرَّوْضِ وَشَرْحُ الْبَهْجَةِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ) أَيْ بِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَخَرَجَ بِالْقَيْدِ الْأَوَّلِ) أَيْ مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَبِالثَّانِي) أَيْ قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ) أَيْ وَمِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ (قَوْلُهُ: وَبِالثَّالِثِ) هُوَ قَوْلُهُ: لِذَاتِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ مَانِعٌ لِوُجُوبِهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَابٌ يَشْتَمِلُ عَلَى شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَمَوَانِعِهَا] فَصْلٌ (شُرُوطُ الصَّلَاةِ خَمْسَةٌ) (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ الشَّيْخُ) أَيْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ) يَعْنِي بِمَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ إذْ عِبَارَةُ الصِّحَاحِ وَالشَّرَطُ بِالتَّحْرِيكِ الْعَلَامَةُ، وَأَشْرَاطُ السَّاعَةِ عَلَامَاتُهَا انْتَهَى. فَقَوْلُ الشَّارِحِ فِيمَا مَرَّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ شُهْرَتُهُ عَلَى الْأَلْسِنَةِ عَلَى مَا فِيهِ

لَزِمَ الْوُجُودُ فِي الْأَوَّلِ وَالْعَدَمُ فِي الثَّانِي لَكِنْ لِوُجُودِ السَّبَبِ وَالْمَانِعِ لَا لِذَاتِ الشَّرْطِ. لَا يُقَالُ الشَّرْطُ يَتَقَدَّمُ عَلَى الصَّلَاةِ وَيَجِبُ اسْتِمْرَارُهُ فِيهَا، فَكَانَ الْمُنَاسِبُ تَقْدِيمَ هَذَا عَلَى الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا اشْتَمَلَ عَلَى مَوَانِعِهَا وَلَا تَكُونُ إلَّا بَعْدَ انْعِقَادِهَا حَسُنَ تَأْخِيرُهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُعَدَّ مِنْ شُرُوطِهَا أَيْضًا الْإِسْلَامُ وَالتَّمْيِيزُ وَالْعِلْمُ بِفَرْضِيَّتِهَا وَبِكَيْفِيَّتِهَا وَتَمْيِيزُ فَرَائِضِهَا مِنْ سُنَنِهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُخْتَصَّةٍ بِالصَّلَاةِ. فَلَوْ جَهِلَ كَوْنَ أَصْلِ الصَّلَاةِ أَوْ صَلَاتِهِ الَّتِي شَرَعَ فِيهَا أَوْ الْوُضُوءِ أَوْ الطَّوَافِ أَوْ الصَّوْمِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَرْضًا، أَوْ عَلِمَ أَنَّ فِيهَا فَرَائِضَ وَسُنَنًا وَلَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَهُمَا لَمْ يَصِحَّ مَا فَعَلَهُ لِتَرْكِهِ مَعْرِفَةَ التَّمْيِيزِ الْمُخَاطَبَ بِهَا. وَأَفْتَى حُجَّةُ الْإِسْلَامِ الْغَزَالِيُّ بِأَنَّ مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ مِنْ الْعَامَّةِ فَرْضَ الصَّلَاةِ مِنْ سُنَنِهَا صَحَّتْ صَلَاتُهُ أَيْ وَسَائِرُ عِبَادَاتِهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِفَرْضٍ نَفْلًا، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي مَجْمُوعِهِ يُشْعِرُ بِرُجْحَانِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْعَامِّيِّ مَنْ لَمْ يُحَصِّلْ مِنْ الْفِقْهِ شَيْئًا يَهْتَدِي بِهِ إلَى الْبَاقِي، وَيُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ فَرَائِضَ صَلَاتِهِ مِنْ سُنَنِهَا، وَأَنَّ الْعَالِمَ مَنْ يُمَيِّزُ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَا يُغْتَفَرُ فِي حَقِّهِ مَا يُغْتَفَرُ فِي حَقِّ الْعَامِّيِّ؛ وَقَدْ عُلِمَ أَيْضًا أَنَّ مَنْ اعْتَقَدَ فَرْضِيَّةَ جَمِيعِ أَفْعَالِهَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ أَدَائِهِ سُنَّةً بِاعْتِقَادِ الْفَرْضِ وَهُوَ غَيْرُ ضَارٍ. (خَمْسَةٌ) أَوَّلُهَا (مَعْرِفَةُ) ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ وَهُوَ مَرْجُوحٌ فِي بَابِ زَكَاةِ الْمَالِ وَبَابِ زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَإِنْ مَشَى فِي الْبَهْجَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ فِي زَكَاةِ الْمَالِ وَيُمْنَعُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ. (قَوْلُهُ: وَبِكَيْفِيَّتِهَا) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِهَا وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِهَا تَمْيِيزَ فَرَائِضِهَا مِنْ سُنَنِهَا وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ عَطْفُهُ عَلَيْهِ عَطْفَ تَفْسِيرٍ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ عَدَمُ ذِكْرِهِ فِي الْمُحْتَرَزَاتِ، وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ كَلَامُ حَجّ وَكَلَامُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهَا الصُّورَةَ الَّتِي تَكُونُ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا خَارِجًا (قَوْلُهُ: غَيْرَ مُخْتَصَّةٍ بِالصَّلَاةِ) أَيْ بَلْ تَأْتِي فِي كُلِّ عِبَادَةٍ (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى حُجَّةُ الْإِسْلَامِ) أَيْ فَهُوَ تَخْصِيصٌ لِكَلَامِهِمْ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يُمَيِّزْ مِنْ الْعَامَّةِ) أَيْ مِنْ الْعَوَامّ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَالْمُرَادُ بِالْعَامِّيِّ مَنْ لَمْ يَحْصُلْ إلَخْ، وَقَالَ حَجّ إنَّ الْعَالِمَ كَالْعَامِّيِّ عَلَى الْأَوْجَهِ، ثُمَّ قَالَ: لَوْ اعْتَقَدَ أَنَّ الْبَعْضَ فَرْضٌ وَالْبَعْضَ سُنَّةٌ صَحَّ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِفَرْضٍ مُعَيَّنٍ النَّفْلِيَّةَ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ: أَوْ الْبَعْضَ فَرْضٌ وَالْبَعْضَ إلَخْ صَنِيعُهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ الْعَامِّيِّ وَالْعَالِمِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ خَاصٌّ بِالْعَامِّيِّ كَمَا يُعْلَمُ بِالْمُرَاجَعَةِ (قَوْلُهُ: يُشْعِرُ بِرُجْحَانِهِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: مَنْ لَمْ يُحَصِّلْ مِنْ الْفِقْهِ شَيْئًا إلَخْ) أَيْ مَنْ لَمْ يُحَصِّلْ قَدْرًا يَتَمَكَّنُ بِهِ مِنْ تَمْيِيزِ فَرَائِضِهَا مِنْ سُنَنِهَا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْعَالِمِ مَنْ مَيَّزَ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: مِنْ كَلَامِهِ) أَيْ الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا) أَيْ وَأَمَّا فِي غَيْرِ مَا هُنَا فَالْمُرَادُ بِهِ غَيْرُ الْمُجْتَهِدِ، وَيَقْرُبُ مِنْهُ قَوْلُهُ: هُنَا مَنْ لَمْ يُحَصِّلْ مِنْ الْفِقْهِ شَيْئًا يَهْتَدِي بِهِ لِبَاقِيهِ (قَوْلُهُ: مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ كَانَ بَيْنَ أَظْهُرِ الْعُلَمَاءِ (قَوْلُهُ: فَرْضِيَّةُ جَمِيعِ أَفْعَالِهَا) أَيْ وَمِنْهَا الْقَوْلِيَّةُ وَالِاعْتِقَادِيَّة (قَوْلُهُ: أَوَّلُهَا) وَقَعَ مِثْلُهُ فِي الْمَحَلِّيِّ. أَقُولُ: تَعْبِيرُهُ بِالْأَوَّلِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ لِمَعْرِفَةِ الْوَقْتِ تَمَيُّزٌ عَلَى غَيْرِهَا مِنْ الشُّرُوطِ بِحَيْثُ يَسْتَحِقُّ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَرْتَبَةِ الْأُولَى وَضْعًا، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الصَّلَاةَ لَوْ وَقَعَتْ قَبْلَ وَقْتِهَا لَا يَصِحُّ وَلَا تَبْرَأُ بِهَا ذِمَّتُهُ مُطْلَقًا، بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنْ الشُّرُوطِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ، وَأَيْضًا الْخِطَابُ بِالصَّلَاةِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَهُمَا لَمْ يَصِحَّ مَا فَعَلَهُ) أَيْ إنْ كَانَ غَيْرَ عَامِّيٍّ بِالْمَعْنَى الْآتِي (قَوْلُهُ: أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا) أَيْ أَمَّا فِي غَيْرِ مَا هُنَا فَهُوَ مَا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ وَالْمُرَادُ بِالْعَامِّيِّ وَهَذَا عُرْفُ الْفُقَهَاءِ، أَمَّا قَوْلُ الشَّيْخِ فِي الْحَاشِيَةِ: إنَّ الْمُرَادَ بِهِ غَيْرُ الْمُجْتَهِدِ، فَهُوَ جَارٍ عَلَى اصْطِلَاحِ الْأُصُولِيِّينَ وَلَا يُنَاسِبُهُ السِّيَاقُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْعَالِمَ مَنْ يُمَيِّزُ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَا يُغْتَفَرُ فِي حَقِّهِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ الَّذِي يُمَيِّزُ مَا ذُكِرَ بِالْفِعْلِ كَيْفَ يَتَأَتَّى جَهْلُهُ بِهِ حَتَّى يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ الِاغْتِفَارُ أَوْ عَدَمُهُ.

[من شروط الصلاة ستر العورة]

دُخُولِ (الْوَقْتِ) يَقِينًا أَوْ ظَنًّا بِالِاجْتِهَادِ، فَمَنْ صَلَّى بِدُونِهَا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، وَإِنْ صَادَفَتْ الْوَقْتَ كَمَا مَرَّ (وَ) ثَانِيهَا (الِاسْتِقْبَالُ) كَمَا مَرَّ أَيْضًا. (وَ) ثَالِثُهَا (سَتْرُ الْعَوْرَةِ) عَنْ الْعُيُونِ مِنْ إنْسٍ وَجِنٍّ وَمَلَكٍ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَلَوْ خَالِيًا أَوْ فِي ظُلْمَةٍ لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى الْأَمْرِ بِهِ فِيهَا، وَالْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ، وَهُوَ هُنَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْمُرَادُ بِهِ الثِّيَابُ فِي الصَّلَاةِ، وَفِي الْأَوَّلِ إطْلَاقُ اسْمِ الْحَالِ عَلَى الْمَحَلِّ، وَفِي الثَّانِي إطْلَاقُ اسْمِ الْمَحَلِّ عَلَى الْحَالِ لِوُجُودِ الِاتِّصَالِ الذَّاتِيِّ بَيْنَ الْحَالِ وَالْمَحَلِّ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ أَخْذَ الزِّينَةِ وَهِيَ عَرَضٌ مُحَالٌ فَأُرِيدَ مَحَلُّهَا وَهُوَ الثَّوْبُ مَجَازًا، وَلِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ» أَيْ بَالِغَةً " إلَّا بِخِمَارٍ " إذْ الْحَائِضُ زَمَنَ حَيْضِهَا لَا تَصِحُّ صَلَاتُهَا بِخِمَارٍ وَلَا غَيْرِهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ غَيْرَ الْبَالِغَةِ كَالْبَالِغَةِ لَكِنَّهُ قَيَّدَ بِهَا جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ صَلَّى عَارِيًّا وَأَتَمَّ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ. وَحِكْمَةُ وُجُوبِ السَّتْرِ فِيهَا مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ مُرِيدِ التَّمَثُّلِ بَيْنَ يَدِي كَبِيرٍ مِنْ التَّجَمُّلِ بِالسَّتْرِ وَالتَّطْهِيرِ، وَالْمُصَلِّي يُرِيدُ التَّمَثُّلَ بَيْنَ يَدَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــSتَتَمَيَّزُ عَنْ غَيْرِهَا، وَيُمْكِنُ أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ مُجَرَّدَ التَّقَدُّمِ الذِّكْرِيِّ فَهُوَ بِمَعْنَى أَحَدِهَا وَبِهِ عَبَّرَ حَجّ. (قَوْلُهُ: بِالِاجْتِهَادِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ ظَنًّا فَقَطْ أَوْ مَا فِي مَعْنَى الِاجْتِهَادِ كَإِخْبَارِ الثِّقَةِ. وَالْمُرَادُ بِالْمَعْرِفَةِ هُنَا مُطْلَقُ الْإِدْرَاكِ مَجَازًا وَإِلَّا فَحَقِيقَةُ الْمَعْرِفَةِ لَا تَشْمَلُ الظَّنَّ؛ لِأَنَّهَا حُكْمُ الذِّهْنِ الْجَازِمُ الْمُطَابِقُ لِمُوجِبٍ بِكَسْرِ الْجِيمِ: أَيْ لِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ (قَوْلُهُ: لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ) أَيْ لَا فَرْضًا وَلَا نَفْلًا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ صَادَفَتْ الْوَقْتَ) فَرْعٌ اسْتِطْرَادِيٌّ وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ الْإِنْسَانَ يَسْأَلُ عَنْ مَسْأَلَةٍ عِلْمِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا كَدُخُولِ الْوَقْتِ مَثَلًا فَيُجِيبُ الْمَسْئُولُ بِقَوْلِهِ الظَّاهِرِ كَذَا هَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَأَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ: إنْ ظَهَرَ لَهُ أَمَارَةٌ تُرَجِّحُ عِنْدَهُ مَا أَجَابَ بِهِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِلَّا امْتَنَعَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ حِينَئِذٍ الظَّاهِرَ يُفِيدُ السَّائِلَ أَنَّ هَذَا رَاجِحٌ عِنْدَ الْمُجِيبِ، وَالْوَاقِعُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ، وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ، وَإِنْ وَافَقَ الْوَاقِعَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ. (قَوْلُهُ: مِنْ إنْسٍ وَجِنٍّ وَمَلَكٍ) يُفِيدُ أَنَّ الثَّوْبَ يَمْنَعُ مِنْ رُؤْيَةِ الْجِنِّ وَالْمَلَكِ فَلْيُرَاجَعْ، وَقَدْ يُؤَيِّدُ عَدَمَ رُؤْيَةِ الْمَلَكِ مَعَ الثَّوْبِ قِصَّةُ خَدِيجَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - عَنْهَا حِينَ أَلْقَتْ الْخِمَارَ عَنْ رَأْسِهَا لِتَخْتَبِرَ حَالَ جِبْرِيلَ لَمَّا كَانَ يَأْتِي النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوَّلَ الْمَبْعَثِ هَلْ هُوَ مَلَكٌ أَوْ لَا، فَإِنَّ الْمَلَكَ لَا يُرَى لِلْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ مَعَ عَدَمِ السِّتْرِ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ صَاحِبُ الْهَمْزِيَّةِ بِقَوْلِهِ: فَأَمَاطَتْ عَنْهَا الْخِمَارَ لِتَدْرِي ... أَهُوَ الْوَحْيُ أَمْ هُوَ الْإِغْمَاءُ فَاخْتَفَى عِنْدَ كَشْفِهَا الرَّأْسَ جِبْرِي ... لَ فَمَا عَادَ أَوْ أُعِيدَ الْغِطَاءُ (قَوْلُهُ: وَفِي الْأَوَّلِ) أَيْ إطْلَاقُ الزِّينَةِ عَلَى الثِّيَابِ: وَقَوْلُهُ الثَّانِي أَيْ إطْلَاقُ الْمَسْجِدِ عَلَى الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ الْحَمْلُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الثَّوْبُ مَجَازًا) عِبَارَةُ الْقَامُوسِ الزِّينَةُ بِالْكَسْرِ مَا يُتَزَيَّنُ بِهِ. اهـ. وَعَلَيْهِ فَلَا مَجَازَ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ مَا فِي الْقَامُوسِ مَجَازٌ، وَهُوَ كَثِيرًا مَا يَرْتَكِبُهُ فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ) أَيْ مِنْ أَنَّ الصَّلَاةَ مِنْ النِّسَاءِ لَا تَكُونُ غَالِبًا إلَّا مِنْ الْبَالِغَاتِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَجِدْ مَا يَسْتَتِرُ بِهِ، وَلَمْ يُنْسَبْ إلَى تَقْصِيرٍ لِمَا يَأْتِي لَهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ اشْتَبَهَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ اجْتَهَدَ فِي الثَّوْبَيْنِ وَنَحْوِهِمَا فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ إلَخْ، وَقَوْلُهُ عَنْ ذَلِكَ: أَيْ السِّتْرِ (قَوْلُهُ: صَلَّى عَارِيًّا) أَيْ الْفَرَائِضَ وَالسُّنَنَ عَلَى مَا مَرَّ لَهُ فِي التَّيَمُّمِ مِنْ اعْتِمَادِهِ، وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ رُؤْيَةُ عَوْرَتِهِ فِي هَذِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مِنْ شُرُوط الصَّلَاة سَتْرُ الْعَوْرَةِ] قَوْلُهُ: عَنْ الْعُيُونِ) أَيْ بِفَرْضِ وُجُودِهَا (قَوْلُهُ: وَالْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ هُنَا وَهُوَ تَابِعٌ فِيهِ لِلشِّهَابِ حَجّ فِي الْإِمْدَادِ، لَكِنَّ ذَاكَ إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِأَنَّ الْإِرْشَادَ إنَّمَا تَكَلَّمَ عَلَى السَّتْرِ مِنْ حَيْثُ إنَّ عَدَمَهُ مُبْطِلٌ حَيْثُ قَالَ وَبِعَدَمِ سَتْرٍ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ بِحَدَثٍ مِنْ قَوْلِهِ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِحَدَثٍ، فَاحْتَاجَ فِي الشَّرْحِ إلَى مَا ذُكِرَ لِيَتِمَّ الدَّلِيلُ عَلَى

مَلِكِ الْمُلُوكِ وَالتَّجَمُّلُ لَهُ بِذَلِكَ أَوْلَى. وَيَجِبُ سَتْرُهَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ أَيْضًا، لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَمْشُوا عُرَاةً» وَقَوْلِهِ «اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يَسْتَحْيَا مِنْهُ» قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْعَوْرَةُ الَّتِي يَجِبُ سَتْرُهَا فِي الْخَلْوَةِ السَّوْأَتَانِ فَقَطْ مِنْ الرَّجُلِ وَمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مِنْ الْمَرْأَةِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ، وَإِطْلَاقُهُمْ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ. اهـ. وَظَاهِرٌ أَنَّ الْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ وَفَائِدَةُ السَّتْرِ فِي الْخَلْوَةِ مَعَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَحْجُبُهُ شَيْءٌ فَيَرَى الْمَسْتُورَ كَمَا يَرَى الْمَكْشُوفَ أَنَّهُ يَرَى الْأَوَّلَ مُتَأَدِّبًا وَالثَّانِي تَارِكًا لِلْأَدَبِ، فَإِنْ دَعَتْ حَاجَةٌ إلَى كَشْفِهَا لِاغْتِسَالٍ أَوْ نَحْوِهِ جَازَ بَلْ صَرَّحَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ بِجَوَازِ كَشْفِهَا فِي الْخَلْوَةِ لِأَدْنَى غَرَضٍ وَلَا يُشْتَرَطُ حُصُولُ الْحَاجَةِ، وَعُدَّ مِنْ الْأَغْرَاضِ كَشْفُهَا لِتَبْرِيدٍ، وَصِيَانَةِ الثَّوْبِ عَنْ الْأَدْنَاسِ وَالْغُبَارِ عِنْدَ كَنْسِ الْبَيْتِ وَنَحْوِهِ. نَعَمْ لَا يَجِبُ سَتْرُهَا عَنْ نَفْسِهِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا يُكْرَهُ نَظَرُهُ إلَيْهَا مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، أَمَّا فِيهَا فَوَاجِبٌ. فَلَوْ رَأَى عَوْرَةَ نَفْسِهِ فِي صَلَاتِهِ بَطَلَتْ كَمَا فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ الْغَرِيبَةِ. وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَالْعَوْرَةُ لُغَةً النُّقْصَانُ وَالشَّيْءُ الْمُسْتَقْبَحُ، وَسُمِّيَ الْمِقْدَارُ الْآتِي بَيَانُهُ بِهَا لِقُبْحِ ظُهُورِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSالْحَالَةِ فَلَا يُكَلَّفُ غَضَّ الْبَصَرِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) بَيَّنَ بِهِ أَنَّ الْعَوْرَةَ الَّتِي يَجِبُ سِتْرُهَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ لَيْسَتْ عَوْرَةَ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَالرُّكْبَةُ مِنْ الْمَرْأَةِ) شَمَلَ الْأَمَةَ لَكِنْ جَعَلَهَا حَجّ كَالرَّجُلِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم الْمُتَّجَهُ الْأَمَةُ كَالْحُرَّةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ مَرَّ (قَوْلُهُ: يَرَى الْأَوَّلَ) أَيْ يَعْلَمُهُ. (قَوْلُهُ: بَلْ صَرَّحَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: بِجَوَازِ كَشْفِهَا فِي الْخَلْوَةِ لِأَدْنَى غَرَضٍ) أَيْ بِلَا كَرَاهَةٍ أَيْضًا، وَلَيْسَ مِنْ الْغَرَضِ حَاجَةُ الْجِمَاعِ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِيهِ أَنْ يَكُونَا مُسْتَتِرَيْنِ، وَقَوْلُهُ بِلَا كَرَاهَةٍ بِجَرِّ كَرَاهَةٍ مُنَوَّنَةٍ؛ لِأَنَّ لَا زَائِدَةٌ. فَإِنْ قُلْت: لَا زِيَادَةَ إذْ الزَّائِدُ دُخُولُهُ فِي الْكَلَامِ كَخُرُوجِهِ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهُ إذْ هِيَ تُفِيدُ النَّفْيَ. قُلْنَا: هَذِهِ زَائِدَةٌ لَفْظًا فَتَخَطَّاهَا الْعَامِلُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَصِيَانَةِ الثَّوْبِ) قَيَّدَهُ حَجّ بِثَوْبِ التَّجَمُّلِ. أَقُولُ: وَلَهُ وَجْهٌ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَلَوْ رَأَى عَوْرَةَ نَفْسِهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ طَوْقُهُ ضَيِّقًا جِدًّا، وَهُوَ ظَاهِرٌ، لَكِنَّ عِبَارَتَهُ فِيمَا يَأْتِي تُفِيدُ التَّقْيِيدَ بِالْوَاسِعِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ ذَاكَ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ. وَمَا ذَكَرَ فِي الضِّيقِ ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ الْأَعْمَى، أَمَّا هُوَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَبْطُلَ صَلَاتُهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِيمَا لَوْ تَبَيَّنَ أَنَّ بِبَدَنِ إمَامِهِ أَوْ ثِيَابِهِ نَجَاسَةً مِنْ فَرْضِ الْبَعِيدِ قَرِيبًا وَالْأَعْمَى بَصِيرًا إلَخْ وَإِنَّمَا قُلْنَا بِعَدَمِ بُطْلَانِ صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّ سُتْرَتَهُ شَرْعِيَّةٌ وَالنَّظَرُ مِنْهُ مُسْتَحِيلٌ وَلَا قُوَّةَ فِيهِ وَلَا فِعْلَ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ) أَيْ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ النَّظَرُ حَرَامًا. اهـ رَمْلِيٌّ عَلَى شَرْحِ الرَّوْضِ. وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ فَرْضًا، وَكَذَا النَّفَلُ إنْ لَمْ يَقْصِدْ قَطْعَهُ بِالنَّظَرِ، وَإِلَّا فَلَا حُرْمَةَ لِجَوَازِ الْخُرُوجِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَالشَّيْءُ الْمُسْتَقْبَحُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُدَّعَى مِنْ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ مَا هُنَا. (قَوْلُهُ: لِأَدْنَى غَرَضٍ) وَمِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ غَرَضُ الْجِمَاعِ وَسَنُّ السَّتْرِ عِنْدَهُ لَا يَقْتَضِي حُرْمَةَ الْكَشْفِ كَمَا لَا يَخْفَى خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ، وَإِلَّا لَكَانَ السَّتْرُ عِنْدَهُ وَاجِبًا لَا مَسْنُونًا، وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَقُولَ بِمِثْلِهِ فِي الْكَشْفِ لِلْبَوْلِ أَوْ الْغَائِطِ؛ لِأَنَّ السَّتْرَ عِنْدَهُمَا مَسْنُونٌ وَلَا قَائِلَ بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا فِيهَا فَوَاجِبٌ) أَيْ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ كَمَا بَيَّنَهُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ فَلَوْ رَأَى عَوْرَةَ نَفْسِهِ إلَخْ فَلَا يَقْتَضِي مَا ذَكَرَ حُرْمَةَ رُؤْيَةِ الْإِنْسَانِ عَوْرَةَ نَفْسِهِ فِي الصَّلَاةِ وَوَجْهُهُ فِي النَّفْلِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ لَهُ قَطْعَهُ مَتَى شَاءَ، وَكَذَا فِي الْفَرْضِ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ إنَّمَا هِيَ مِنْ جِهَةِ قَطْعِهِ لَا مِنْ جِهَةِ خُصُوصِ النَّظَرِ، فَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ عَنْ حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ مِنْ أَخْذِ حُرْمَةِ النَّظَرِ إلَى الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ مِمَّا ذَكَرَ مَحَلُّ وَقْفَةٍ، عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالرُّؤْيَةِ الَّتِي تَبْطُلُ بِهَا الصَّلَاةُ الرُّؤْيَةَ بِالْفِعْلِ حَتَّى يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْحُرْمَةُ أَوْ عَدَمُهَا، بَلْ الْمُرَادُ الرُّؤْيَةُ بِالْقُوَّةِ نَظِيرَ مَا يَأْتِي. وَفِي عِبَارَةِ الشِّهَابِ سم فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ إشَارَةٌ إلَيْهِ، وَعِبَارَتُهُ بَعْدَ كَلَامٍ سَاقَهُ عَنْ الرَّوْضَةِ نَصُّهَا: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ سَتْرُهَا عَنْ نَفْسِهِ فِي الصَّلَاةِ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا م ر وُجُوبُ سَتْرِهَا عَنْ نَفْسِهِ فِي الصَّلَاةِ، حَتَّى لَوْ لَبِسَ غِرَارَةً وَصَارَ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ رُؤْيَةُ عَوْرَتِهِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ

[عورة الرجل]

وَتُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى مَا يَجِبُ سَتْرُهُ فِي الصَّلَاةِ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَعَلَى مَا يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهِ وَسَيَأْتِي فِي النِّكَاحِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. (وَعَوْرَةُ الرَّجُلِ) أَيْ الذَّكَرِ وَلَوْ كَافِرًا أَوْ عَبْدًا أَوْ صَبِيًّا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُمَيِّزًا وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِي طَوَافِهِ إذَا أَحْرَمَ عَنْهُ وَلِيُّهُ (مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ) لِمَا رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «عَوْرَةُ الْمُؤْمِنِ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ» وَلِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ «إذَا زَوَّجَ أَحَدُكُمْ أَمَتَهُ عَبْدَهُ أَوْ أَجِيرَهُ فَلَا تَنْظُرْ الْأَمَةُ إلَى عَوْرَتِهِ، وَالْعَوْرَةُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ» (وَكَذَا الْأَمَةُ) مُدَبَّرَةً أَوْ مُكَاتَبَةً أَوْ مُبَعَّضَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ فَعَوْرَتُهَا فِيهَا مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا (فِي الْأَصَحِّ) إلْحَاقًا لَهَا بِالرَّجُلِ بِجَامِعِ أَنَّ رَأْسِ كُلٍّ مِنْهُمَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ، أَمَّا نَفْسُ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَلَيْسَتَا مِنْهَا لَكِنْ يَجِبُ سَتْرُ بَعْضِهِمَا؛ لِيَحْصُلَ سَتْرُهَا. وَالثَّانِي عَوْرَتُهَا كَالْحُرَّةِ إلَّا رَأْسَهَا: أَيْ عَوْرَتُهَا مَا عَدَا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا وَرَأْسَهَا. (وَ) عَوْرَةُ (الْحُرَّةِ) (مَا سِوَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ) ـــــــــــــــــــــــــــــSعَطْفٌ مُغَايِرٌ (قَوْلُهُ: وَتُطْلَقُ) أَيْ شَرْعًا وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَوْلَى. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَافِرًا) أَيْ فَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ أَنْ يَنْظُرَ مِنْهُ إلَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَكَانَ الْأَوْلَى عَدَمَ ذِكْرِهِ هُنَا كَمَا فَعَلَ حَجّ (قَوْلُهُ: عَوْرَةُ الْمُؤْمِنِ إلَخْ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُمْتَثِلُ لِلْأَوَامِرِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ أَوَّلًا وَلَوْ كَافِرًا (قَوْلُهُ: فَلَا تَنْظُرُ الْأَمَةُ إلَى عَوْرَتِهِ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ فَلَا تَنْظُرُ إلَى عَوْرَتِهِ، وَعَلَيْهِ فَالْأَمَةُ لَيْسَتْ مِنْ الْحَدِيثِ، فَكَانَ يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ: أَيْ الْأَمَةُ إلَّا أَنْ تَكُونَ هَذِهِ رِوَايَةً أُخْرَى، وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ مِثْلُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ م ر (قَوْلُهُ: إلَى عَوْرَتِهِ) أَيْ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَالْعَوْرَةُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ) مِنْ تَتِمَّةِ الْحَدِيثِ، وَهُوَ مَحَلُّ الِاسْتِدْلَالِ. [فَرْعٌ] تَعَلَّقَتْ جِلْدَةٌ مِنْ فَوْقِ الْعَوْرَةِ إلَيْهَا أَوْ بِالْعَكْسِ مَعَ الْتِصَاقٍ أَوْ دُونَهُ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجْرِيَ فِي وُجُوبِ سِتْرِهَا وَعَدَمِهِ مَا ذَكَرُوهُ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ وَعَدَمِهِ فِيمَا لَوْ تَعَلَّقَتْ جِلْدَةٌ مِنْ مَحِلِّ الْفَرْضِ فِي الْيَدَيْنِ إلَى غَيْرِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ. [فَرْعٌ آخَرُ] فَقَدَ الْمُحْرِمُ السُّتْرَةَ إلَّا عَلَى وَجْهٍ يُوجِبُ الْفِدْيَةَ بِأَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا قَمِيصًا لَا يَتَأَتَّى الِائْتِزَارُ بِهِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ فِيهِ وَيَفْدِي أَوْ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَلَكِنْ يَجُوزُ لَهُ أَوْ يُفَصِّلُ، فَإِنْ زَادَتْ الْفِدْيَةُ عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِ ثَوْبٍ يُسْتَأْجَرُ أَوْ ثَمَنِ مِثْلِ ثَوْبٍ يُبَاعُ لَمْ يَلْزَمْهُ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِئْجَارُ لَا الشِّرَاءُ حِينَئِذٍ وَإِلَّا لَزِمَهُ فِيهِ نَظَرٌ، وَالثَّالِثُ قَرِيبٌ. [فَرْعٌ] لَوْ طَالَ ذَكَرَهُ بِحَيْثُ جَاوَزَ نُزُولُهُ الرُّكْبَتَيْنِ فَالْوَجْهُ وُجُوبُ سَتْرِ جَمِيعِهِ، وَلَا يَجِبُ سَتْرُ مَا يُحَاذِيهِ مِنْ الرُّكْبَتَيْنِ وَمَا نَزَلَ عَنْهُمَا مِنْ السَّاقَيْنِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي سِلْعَةٍ أَصْلُهَا فِي الْعَوْرَةِ وَتَدَلَّتْ حَتَّى جَاوَزَتْ الرُّكْبَتَيْنِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي شَعْرِ الْعَانَةِ إذَا طَالَ وَتَدَلَّى وَجَاوَزَ الرُّكْبَتَيْنِ اهـ سم عَلَى حَجّ. لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ الشَّوْبَرِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ بَعْدَ قَوْلِ سم الْمُتَقَدِّمِ آخِرِ الْفَرْعِ الْأَوَّلِ أَوْ بِالْعَكْسِ مَا نَصُّهُ: قُلْت وَيَحْتَمِلُ، وَهُوَ الْوَجْهُ عَدَمُ وُجُوبِ السَّتْرِ فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَجْزَاءِ الْعَوْرَةِ، وَوُجُوبُهُ فِي الثَّانِيَةِ اعْتِبَارًا بِالْأَصْلِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ أَجْزَاءَ الْعَوْرَةِ لَهَا حُكْمُهَا مِنْ حُرْمَةِ نَظَرِهِ وَإِنْ انْفَصَلَ مِنْ الْبَدَنِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَلَا كَذَلِكَ الْمُنْفَصِلُ عَنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ، وَيُؤَيِّدُ الْفَرْقَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ سَتْرُ مَا يُحَاذِي مَحَلَّ الْعَوْرَةِ مِمَّا نَبَتَ فِي غَيْرِهَا، وَيَجِبُ غَسْلُ مَحَاذِي مَحَلِّ الْفَرْضِ فَالْوَجْهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ وَالْمَصِيرُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ بِحُرُوفِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مُبَعَّضَةً) فِي إدْخَالِهَا فِي الْأَمَةِ تَجُوزُ وَلِهَذَا فَصَّلَهَا الشَّارِحُ الْمَحَلِّيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِكَذَا. (قَوْلُهُ: مَا سِوَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ الثَّوْبُ سَاتِرًا لِجَمِيعِ الْقَدَمَيْنِ وَلَيْسَ مُمَاسًّا لِبَاطِنِ الْقَدَمِ، فَيَكْفِي السَّتْرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَتُطْلَقُ أَيْضًا) أَيْ شَرْعًا وَإِنْ أَفْهَمَ كَلَامُهُ خِلَافَهُ. [عَوْرَةُ الرَّجُلِ] (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَافِرًا) إنَّمَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ حَمَلَ كَلَامَ الْمَتْنِ عَلَى مُطْلَقِ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا لِيَكُونَ أَفْيَدَ، إذْ لَا يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِحَالَةِ الصَّلَاةِ، بِخِلَافِ مَا يَأْتِي فِي عَوْرَةِ الْأَمَةِ وَالْحُرَّةِ حَيْثُ قَيَّدَهُ بِهَا لِاخْتِلَافِ الْحُكْمِ فِيهِمَا فِي الصَّلَاةِ وَحَارِجَهَا وَبِدَلِيلِ اسْتِدْلَالِهِ الْآتِي

فِيهَا ظَهْرًا وَبَطْنًا إلَى الْكُوعَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ: هُوَ الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ وَلِأَنَّهُمَا لَوْ كَانَا عَوْرَةً فِي الْعِبَادَاتِ لَمَا وَجَبَ كَشْفُهُمَا فِي الْإِحْرَامِ، وَالْخُنْثَى كَالْأُنْثَى رِقًّا وَحُرِّيَّةً، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى سَتْرِ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ وَالْأَفْقَهُ فِي الْمَجْمُوعِ لِلشَّكِّ فِي السَّتْرِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ صَحَّحَ فِي التَّحْقِيقِ الصِّحَّةَ، وَنَقَلَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَكَثِيرٍ الْقَطْعَ بِهِ لِلشَّكِّ فِي عَوْرَتِهِ، وَادَّعَى الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ يَجِبُ الْقَضَاءُ، وَإِنْ بَانَ ذَكَرًا لِلشَّكِّ حَالَ الصَّلَاةِ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ شَغْلُ ذِمَّتِهِ بِهَا فَلَا تَبْرَأُ إلَّا بِيَقِينٍ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُحْرِمَ بِهَا مُقْتَصِرًا عَلَى مَا ذُكِرَ أَوْ يَطْرَأَ الِاقْتِصَارُ عَلَى ذَلِكَ فِي الْأَثْنَاءِ، وَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْجُمُعَةِ مِنْ أَنَّ الْعَدَدَ لَوْ كَمُلَ بِخُنْثَى لَا تَنْعَقِدُ لِلشَّكِّ، وَإِنْ انْعَقَدَتْ بِالْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ وَثَمَّ خُنْثَى زَائِدٌ عَلَيْهِ ثَمَّ بَطَلَتْ صَلَاةُ وَاحِدٍ وَكَمُلَ الْعَدَدُ بِالْخُنْثَى لَمْ تَبْطُلْ الصَّلَاةُ؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا الِانْعِقَادَ، وَشَكُّنَا فِي الْبُطْلَانِ غَيْرُ وَارِدٍ هُنَا؛ لِأَنَّ الشَّكَّ هُنَا فِي شَرْطٍ رَاجِعٍ فِي ذَاتِ الْمُصَلِّي، وَهُوَ السَّتْرُ، وَمَا سَيَأْتِي ثَمَّ شَكٌّ فِي شَرْطٍ رَاجِعٍ لِغَيْرِهِ وَيُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الذَّاتِ. (وَشَرْطُهُ) أَيْ السَّاتِرِ (مَا) أَيْ جِرْمٌ (مَنَعَ إدْرَاكَ لَوْنِ الْبَشَرَةِ) ، وَإِنْ حَكَى حَجْمَهَا كَسِرْوَالٍ ضَيِّقٍ لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ لِلْمَرْأَةِ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى فِيمَا يَظْهَرُ، وَخِلَافُ الْأَوْلَى لِلرَّجُلِ فَلَا يَكْفِي مَا يَحْكِي لَوْنَهَا بِأَنْ يَعْرِفَ مَعَهُ نَحْوَ بَيَاضِهَا مِنْ سَوَادِهَا كَزُجَاجٍ وَقَفَ فِيهِ وَمُهَلْهَلٍ اسْتَتَرَ بِهِ، وَهُوَ لَا يَمْنَعُ اللَّوْنَ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ السَّتْرِ لَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ فَالْأَصْبَاغُ الَّتِي لَا جِرْمَ لَهَا مِنْ نَحْوِ حُمْرَةٍ وَصُفْرَةٍ فَإِنَّ الْوَجْهَ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِهَا، وَإِنْ سَتَرَتْ اللَّوْنَ؛ لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ سَاتِرًا، وَالْكَلَامُ فِي السَّاتِرِ مِنْ الْأَجْرَامِ وَمِثْلُ الْأَصْبَاغِ الَّتِي لَا جِرْمَ لَهَا وُقُوفُهُ فِي ظُلْمَةٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، ـــــــــــــــــــــــــــــSبِهِ لِكَوْنِهِ يَمْنَعُ إدْرَاكَ بَاطِنِ الْقَدَمِ فَلَا تُكَلَّفَ لُبْسَ نَحْوِ خُفٍّ خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ ضَعَفَةِ الطَّلَبَةِ، لَكِنْ يَجِبُ تَحَرُّزُهَا فِي سُجُودِهَا عَنْ ارْتِفَاعِ الثَّوْبِ عَنْ بَاطِنِ الْقَدَمِ فَإِنَّهُ مُبْطِلٌ فَتَنَبَّهْ لَهُ (قَوْلُهُ: فِيهَا ظَهْرًا) أَيْ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: هُوَ الْوَجْهُ) أَيْ مَا ظَهَرَ (قَوْلُهُ: وَكَثِيرٍ الْقَطْعَ بِهِ) أَيْ بِهَذَا الْحُكْمِ، وَهُوَ الصِّحَّةُ وَمَشَى عَلَيْهِ الْخَطِيبُ (قَوْلُهُ: فَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ، وَهُوَ عَدَمُ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْأَصْلَ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ هَذَا التَّعْلِيلِ؛ لِأَنَّهُ بِتَبَيُّنِ الذُّكُورَةِ تَيَقَّنَّا عَدَمَ وُجُوبِ سَتْرِ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مِنْهُ وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ وُجُوبِ الْقَضَاءِ، وَلَكِنْ يَجِبُ الْقَضَاءُ لِلشَّكِّ الْحَاصِلِ فِي صَلَاتِهِ الْمُؤَدِّي لِلتَّرَدُّدِ فِي النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ فِي ذَاتِ الْمُصَلِّي) الْأَوْلَى إلَى ذَاتِ الْمُصَلِّي، وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدَّرَ رَاجِعٌ إلَى مَعْنَى كَائِنٌ فِي ذَاتِ الْمُصَلِّي. (قَوْلُهُ: مَا مَنَعَ إدْرَاكَ لَوْنِ الْبَشَرَةِ) أَيْ لِمُعْتَدِلِ الْبَصَرِ عَادَةً كَمَا فِي نَظَائِرِهِ كَذَا نُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ فَتَاوَى الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: كَسِرْوَالٍ) أَيْ لِبَاسٍ (قَوْلُهُ: وَخِلَافُ الْأَوْلَى لِلرَّجُلِ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: وَفِيهِ وَجْهٌ بِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَعَلَيْهِ فَكَانَ الظَّاهِرُ الْكَرَاهَةَ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذَا الْقَوْلَ شَاذٌّ، وَلَيْسَ كُلُّ خِلَافٍ يُرَاعَى (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَعْرِفَ مَعَهُ) أَيْ السَّاتِرِ (قَوْلُهُ: مِنْ سَوَادِهَا) أَيْ فِي مَجْلِسِ التَّخَاطُبِ كَذَا ضَبَطَهُ بِهِ ابْنُ عُجَيْلٍ نَاشِرِيّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ مَا مُنِعَ فِي مَجْلِسِ التَّخَاطُبِ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ تَأَمَّلَ النَّاظِرُ فِيهِ مَعَ زِيَادَةِ الْقُرْبِ لِلْمُصَلِّي جِدًّا لَأَدْرَكَ لَوْنَ بَشْرَتِهِ لَا يَضُرُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ قَرِيبٌ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ ذَلِكَ فِي عَدَمِ الضَّرَرِ مَا لَوْ كَانَتْ تُرَى الْبَشَرَةُ بِوَاسِطَةِ شَمْسٍ أَوْ نَارٍ وَلَا تُرَى عِنْدَ عَدَمِهِ. وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ فَتَاوَى الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ وَفِيهِ وَقْفَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَسْأَلَةِ الشَّمْسِ، وَيُقَالُ يَنْبَغِي أَنَّ الرُّؤْيَةَ بِوَاسِطَةِ الشَّمْسِ لَا تَضُرُّ؛ لِأَنَّ هَذَا يُعَدُّ سَاتِرًا فِي الْعُرْفِ، وَمَحَلُّ هَذَا التَّوَقُّفِ إنْ كَانَ الشَّارِحُ فِي الْفَتَاوَى سَوَّى بَيْنَ الشَّمْسِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ لَا يَمْنَعُ اللَّوْنَ) أَقُولُ: يَنْبَغِي تَعَيُّنُ ذَلِكَ عِنْدَ فَقْدِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتُرُ بَعْضَ الْعَوْرَةِ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَهُوَ ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُهَلْهَلِ لِسَتْرِهِ بَعْضَ أَجْزَائِهَا، أَمَّا الزُّجَاجُ فَإِنْ حَصَلَ بِهِ سَتْرُ شَيْءٍ مِنْهَا فَكَذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا عِبْرَةَ بِهِ (قَوْلُهُ: كَالْأَصْبَاغِ الَّتِي لَا جِرْمَ لَهَا) وَمِنْهُ النِّيلَةُ: إذَا زَالَ جِرْمُهَا، وَبَقِيَ مُجَرَّدُ اللَّوْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[عورة الحرة]

وَلَا تَكْفِي الْخَيْمَةُ الضَّيِّقَةُ وَنَحْوُهَا (وَلَوْ) هُوَ (طِينٌ) أَوْ حَشِيشٌ أَوْ وَرَقٌ (وَمَاءٌ كَدِرٌ) أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ كَمَاءٍ صَافٍ مُتَرَاكِمٍ بِخُضْرَةٍ بِحَيْثُ يَمْنَعُ الرُّؤْيَةَ، وَكَوُقُوفِهِ فِي حُفْرَةٍ أَوْ خَابِئَةٍ ضَيِّقِي الرَّأْسِ يَسْتُرَانِ مِنْ أَعْلَاهُمَا، وَتُفْرَضُ الصَّلَاةُ فِي الْمَاءِ فِيمَنْ يُمْكِنُهُ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ فِيهِ وَفِي صَلَاةِ الْعَاجِزِ عَنْهُمَا وَالصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ، وَلَوْ قَدَرَ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ وَيَسْجُدَ عَلَى الشَّطِّ لَمْ يَلْزَمْهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الدَّارِمِيِّ. وَوَجْهُهُ مَا فِيهِ مِنْ الْحَرَجِ فَانْدَفَعَ النَّظَرُ لِقَاعِدَةِ: الْمَيْسُورُ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ لَزِمَهُ، وَبِهِ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ يُجْمَعُ بَيْنَ إطْلَاقِ الدَّارِمِيِّ عَدَمَ اللُّزُومِ وَبَحْثِ بَعْضِهِمْ اللُّزُومَ مُطْلَقًا (وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ التَّطَيُّنِ عَلَى فَاقِدِ الثَّوْبِ) وَنَحْوُهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْمَقْصُودِ، وَكَالطِّينِ الْمَاءُ الْكَدِرُ وَلَوْ خَارِجَ الصَّلَاةِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَيَكْفِي السَّتْرُ بِلِحَافٍ الْتَحَفَ بِهِ امْرَأَتَانِ أَوْ رَجُلَانِ، وَإِنْ حَصَلَتْ مُمَاسَّةٌ مُحَرَّمَةٌ فِي الْأَوْجَهِ كَمَا لَوْ كَانَ بِإِزَارِهِ ثُقْبَةٌ فَوَضَعَ غَيْرُهُ يَدَهُ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَالْخُوَارِزْمِيّ وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا لِلْمَشَقَّةِ وَالتَّلْوِيثِ (وَيَجِبُ سَتْرُ أَعْلَاهُ) أَيْ السَّاتِرِ (وَجَوَانِبِهِ) لِلْعَوْرَةِ (لَا أَسْفَلِهِ) لَهَا وَلَوْ كَانَ الْمُصَلِّي امْرَأَةً أَوْ خُنْثَى لِعَدَمِ اعْتِيَادِهِ. فَلَوْ رُئِيَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلَا تَكْفِي الْخَيْمَةُ الضَّيِّقَةُ وَنَحْوُهَا) قَالَ حَجّ: وَمِنْهُ قَمِيصٌ جُعِلَ جَيْبُهُ بِأَعْلَى رَأْسِهِ وَزِرُّهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مِثْلُهَا. اهـ. وَنَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ ذَلِكَ عَنْ طب وَالشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ وَوَلَدِهِ. وَفِي حَجّ بَعْدَمَا ذَكَرَ: وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ مُشْتَمِلَةً عَلَى الْمَسْتُورِ بِخِلَافِهِ ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ مَا يَدُلُّ لِهَذَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ هُوَ طِينٌ) قَضِيَّتُهُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ مَعَ وُجُودِ الثَّوْبِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَعِبَارَتُهُ قَوْلُهُ: وَلَوْ بِطِينٍ إلَخْ أَيْ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الثَّوْبِ. أَقُولُ: وَقَدْ يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْمَحَلِّيِّ وَالْأَصَحُّ عَلَى الْأَوَّلِ وُجُوبُ التَّطَيُّنِ عَلَى فَاقِدِ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ اهـ. فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي جَوَازِ ذَلِكَ عِنْدَ الْقُدْرَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ خَابِئَةٍ) بِالْهَمْزِ وَيُبْدَلُ يَاءً الْحُبُّ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، وَهُوَ هُنَا الزِّيرُ الْكَبِيرُ، وَقَالَ فِيهِ أَيْضًا: الْحِبُّ الْجَرَّةُ أَوْ الضَّخْمَةُ مِنْهَا جَمْعُهُ أَحْبَابٌ وَحِبَبَةٌ وَحِبَابٌ بِالْكَسْرِ. اهـ. وَفِي الْمِصْبَاحِ: وَالْحُبُّ بِالضَّمِّ الْخَابِيَةُ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ) وَحَاصِلُ مَسْأَلَةِ الصَّلَاةِ فِي الْمَاءِ الْمَذْكُورِ كَمَا وَافَقَ عَلَيْهِ م ر أَنَّهُ إنْ قَدَرَ عَلَى الصَّلَاةِ فِيهِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فِيهِ بِلَا مَشَقَّةٍ وَجَبَ ذَلِكَ أَوْ عَلَى الصَّلَاةِ فِيهِ ثُمَّ الْخُرُوجِ إلَى الشَّطِّ عِنْد الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لِيَأْتِيَ بِهِمَا فِيهِ بِلَا مَشَقَّةٍ وَجَبَ ذَلِكَ، وَإِنْ نَالَهُ بِالْخُرُوجِ مَشَقَّةٌ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ صَلَّى عَارِيًّا عَلَى الشَّطِّ وَلَا إعَادَةَ، وَإِنْ شَاءَ وَقَفَ فِي الْمَاءِ، وَعِنْدَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ يَخْرُجُ إلَى الشَّطِّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَهَلْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ صَلَاتِهِ أَنْ لَا يَأْتِيَ فِي خُرُوجِهِ مِنْ الْمَاءِ وَعَوْدِهِ بِأَفْعَالٍ كَثِيرَةٍ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ أَخْذًا بِإِطْلَاقِهِمْ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ: وَوَجْهُهُ مَا فِيهِ مِنْ الْحَرَجِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ) أَيْ مَشَقَّةً شَدِيدَةً اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: عَلَى فَاقِدِ الثَّوْبِ) فِي الْعُبَابِ مَا نَصُّهُ: فَرْعٌ: لَوْ لَمْ يَجِدْ الرَّجُلُ إلَّا ثَوْبَ حَرِيرٍ، وَلَزِمَتْهُ الصَّلَاةُ فِيهِ وَكَذَا التَّسَتُّرُ بِهِ حَتَّى يَجِدَ غَيْرَهُ، وَلَوْ مُتَنَجِّسًا اهـ. وَقَوْلُهُ لَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا ثَوْبَ حَرِيرٍ يُفِيدُ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ نَحْوَ الطِّينِ، وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَهُ لَمْ يُصَلِّ فِي الْحَرِيرِ، وَبِهِ أَجَابَ م ر سَائِلُهُ عَنْهُ وَيَنْبَغِي كَمَا وَافَقَ عَلَيْهِ جَوَازُ الصَّلَاةِ فِي الْحَرِيرِ مَعَ وُجُودِ نَحْوِ الطِّينِ إذَا أَخَلَّ بِمُرُوءَتِهِ وَحِشْمَتِهِ فَلْيُرَاجَعْ كُلُّ ذَلِكَ وَلْيُحْرَرْ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ نَحْوِ الطِّينِ الْحَشِيشُ وَالْوَرَقُ حَيْثُ أَخَلَّ فَيَجُوزُ لَهُ لُبْسُ الْحَرِيرِ. أَمَّا لَوْ لَمْ يَجِدْ مَا يَسْتَتِرُ بِهِ إلَّا نَحْوَ الطِّينِ وَكَانَ يُخِلُّ بِمُرُوءَتِهِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ، وَأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ (قَوْلُهُ: امْرَأَتَانِ أَوْ رَجُلَانِ) أَيْ، وَإِنْ صَارَ عَلَى صُورَةِ الْقَمِيصِ لَهُمَا: أَيْ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ بَيْنَهُمَا مَحْرَمِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ فِي الِاكْتِفَاءِ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [عَوْرَةُ الْحُرَّةِ] (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) أَيْ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الصَّلَاةِ عَارِيًّا عَلَى الشَّطِّ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ فِي الْمَاءِ وَالسُّجُودِ عَلَى الشَّطِّ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ لَزِمَهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ أَفْعَالٌ كَثِيرَةٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُرَاجَعْ.

عَوْرَتُهُ مِنْهُ كَأَنْ صَلَّى بِمَكَانٍ عَالٍ لَمْ يُؤَثِّرْ، وَسَتْرُ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ لِدَلَالَةِ تَذْكِيرِ الضَّمِيرِ فِي أَعْلَاهُ وَجَوَانِبِهِ وَأَسْفَلِهِ وَلَوْ كَانَ مُضَافًا لِمَفْعُولِهِ لَقَالَ سَتَرَ أَعْلَاهَا إلَخْ مُؤَنَّثَا (فَلَوْ رُئِيَتْ عَوْرَتُهُ) أَيْ الْمُصَلِّ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الرَّائِي لَهَا كَمَا مَرَّ (مِنْ جَيْبِهِ) أَيْ طَوْقِ قَمِيصِهِ لِسَعَتِهِ (فِي رُكُوعٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَكْفِ) السَّتْرُ بِذَلِكَ (فَلْيَزُرَّهُ) بِإِسْكَانِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا وَبِضَمِّ الرَّاءِ فِي الْأَحْسَنِ لِتُنَاسِبَ الْوَاوَ الْمُتَوَلِّدَةَ لَفْظًا مِنْ إشْبَاعِ ضَمَّةِ الْهَاءِ الْمُقَدَّرَةِ الْحَذْفِ لِخَفَائِهَا وَكَأَنَّ الْوَاوَ وَلِيَتْ الرَّاءَ، وَقِيلَ لَا يَجِبُ ضَمُّهَا فِي الْأَفْصَحِ بَلْ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ قَدْ يَكُونُ قَبْلَهَا مَا لَا يُنَاسِبُهَا، وَيَجُوزُ فِي دَالِ يَشُدُّ الضَّمُّ إتْبَاعًا لِعَيْنِهِ وَالْفَتْحُ لِلْخِفَّةِ، قِيلَ وَالْكَسْرُ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجَارْبُرْدِيِّ كَابْنِ الْحَاجِبِ اسْتِوَاءُ الْأَوَّلَيْنِ، وَقَوْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ إنَّ الْفَتْحَ أَفْصَحُ يُنَازَعُ فِيهِ؛ لِأَنَّ نَظَرَهُمْ إلَى إيثَارِ الْأَخْفِيَةِ أَكْثَرُ مِنْ نَظَرِهِمْ إلَى الِاتِّبَاعِ؛ لِأَنَّهَا أَنْسَبُ بِالْفَصَاحَةِ، وَأَلْيَقُ بِالْبَلَاغَةِ (أَوْ يَشُدُّ وَسَطَهُ) بِفَتْحِ السِّينِ فِي الْأَفْصَحِ، وَيَجُوزُ إسْكَانُهَا حَتَّى لَا تُرَى عَوْرَتُهُ مِنْهُ، وَيَكْفِي سَتْرُ ذَلِكَ بِنَحْوِ لِحْيَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتُرْهُ بِشَيْءٍ صَحَّ إحْرَامُهُ ثَمَّ عِنْدَ الرُّكُوعِ إنْ سَتَرَهُ اسْتَمَرَّتْ الصِّحَّةُ، وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عِنْدَ وُجُودِ الْمُنَافِي، وَفَائِدَتُهُ فِي الِاقْتِدَاءِ بِهِ وَفِيمَا إذَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ بَعْدَ إحْرَامِهِ، وَالْمُرَادُ بِرُؤْيَةِ الْعَوْرَةِ أَنْ تَكُونَ بِحَيْثُ تُرَى، وَإِنْ لَمْ تُرَ بِالْفِعْلِ (وَلَهُ سَتْرُ بَعْضِهَا) أَيْ عَوْرَتِهِ مِنْ غَيْرِ السَّوْأَةِ أَوْ مِنْهَا بِلَا مَسٍّ نَاقِضٍ (بِيَدِهِ فِي الْأَصَحِّ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ، وَالثَّانِي لَا؛ لِأَنَّ السَّاتِرَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ الْمَسْتُورِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَعْضَهُ وَرُدَّ بِمَنْعِ ذَلِكَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَعَدَمِ حُرْمَةِ سَتْرِ الْمُحْرِمِ بِيَدِهِ أَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى مَا فِيهِ تَرَفُّهٌ وَلَا تَرَفُّهَ فِي السَّتْرِ بِيَدِهِ، وَهُنَا عَلَى مَا يَسْتُرُ لَوْنَ الْبَشَرَةِ، وَهُوَ حَاصِلٌ بِالْيَدِ. أَمَّا سَتْرُهَا هُنَا بِيَدِ غَيْرِهِ فَيَكْفِي قَطْعًا كَمَا فِي الْكِفَايَةِ وَكَمَا لَوْ اسْتَتَرَ بِقِطْعَةِ حَرِيرٍ، وَكَذَا لَوْ جَمَعَ الْمُخَرَّقَ مِنْ سُتْرَتِهِ وَأَمْسَكَهُ بِيَدِهِ. وَلَوْ وَجَدَ الْمُصَلِّي سُتْرَةً نَجِسَةً وَلَمْ يَجِدْ مَا يُطَهِّرُهَا بِهِ أَوْ وَجَدَهُ وَفَقَدَ مَنْ يُطَهِّرُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: بِمَكَانٍ عَالٍ) لَيْسَ بِقَيْدٍ (قَوْلُهُ: مُؤَنَّثًا) يُمْكِنُ جَعْلُهُ مُضَافًا إلَيْهِ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ: أَيْ سَتَرَ أَعْلَاهُ: أَيْ الْمُصَلِّي: أَيْ عَوْرَتَهُ، وَفِي حَجّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مِنْ جَيْبِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهَا لَوْ رُئِيَتْ مِنْ أَسْفَلَ، وَإِنْ كَانَ الْمُصَلِّي هُوَ الرَّائِي لَهَا لَمْ يَضُرَّ، لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ الرَّوْضِ لِوَالِدِ الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ: فِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ الْغَرِيبَةِ أَنَّ الْمُصَلِّي إذَا رَأَى فَرْجَ نَفْسِهِ فِي صَلَاتِهِ بَطَلَتْ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ النَّظَرُ ثَمَّ حَرَامًا. اهـ. أَيْ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَرَاهَا مِنْ أَعْلَى أَوْ أَسْفَلَ (قَوْلُهُ: أَيْ طَوْقِ قَمِيصِهِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُ مَا لَوْ رُئِيَتْ عَوْرَتُهُ مِنْ كُمِّهِ (قَوْلُهُ: بِإِسْكَانِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا) قَالَ الشَّيْخُ سَعْدُ الدِّينِ فِي شَرْحِ التَّصْرِيفِ وَفَتْحِهَا (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يَجِبُ ضَمُّهَا) لَمْ يَظْهَرْ لَهُ وَجْهٌ يُخَالِفُ قَوْلَهُ بِضَمِّ الرَّاءِ فِي الْأَحْسَنِ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى كَوْنِ الضَّمِّ الْأَحْسَنَ جَوَازُ تَرْكِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِالْأَحْسَنِ الْوَاجِبَ (قَوْلُهُ: يُنَازِعُ) بِكَسْرِ الزَّايِ فِيهِ: أَيْ فِي كَلَامِ الْجَارْبُرْدِيِّ: أَيْ الْقَائِلُ بِاسْتِوَاءِ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ: وَأَلْيَقُ) فِي نُسْخَةٍ وَأَلْصَقُ، وَلَهَا وَجْهٌ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهَا أَمَسُّ وَأَدْخَلُ فِي الْبَلَاغَةِ (قَوْلُهُ: وَفَائِدَتُهُ فِي الِاقْتِدَاءِ) أَيْ تَظْهَرُ فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ سِتْرُ بَعْضِهَا) بَلْ عَلَيْهِ إذَا كَانَ فِي سَاتِرِ عَوْرَتِهِ خَرْقٌ لَمْ يَجِدْ مَا يَسُدُّهُ غَيْرَ يَدِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: فَيَكْفِي قَطْعًا) أَيْ، وَإِنْ حَرُمَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَأَمْسَكَهُ بِيَدِهِ) وَالْوَجْهُ كَمَا قَالَهُ م ر أَنَّهُ إذَا احْتَاجَ لِوَضْعِ يَدِهِ لِلسُّجُودِ عَلَيْهَا وَضَعَهَا وَتَرَكَ السَّتْرَ بِهَا؛ لِأَنَّ السُّجُودَ آكَدُ؛ لِأَنَّهُ عَهِدَ جَوَازَ الصَّلَاةِ عَارِيًّا مِنْ غَيْرِ بَدَلٍ بِخِلَافِ السُّجُودِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَدْ يُتَوَقَّفُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فِي الْأَحْسَنِ) عِبَارَةُ الشِّهَابِ حَجّ: يَجِبُ فِي يَزُرْ ضَمُّ الرَّاءِ عَلَى الْأَفْصَحِ، ثُمَّ قَابَلَهُ بِقَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي وَقِيلَ لَا يَجِبُ ضَمُّهَا فِي الْأَفْصَحِ (قَوْلُهُ: الْمُقَدَّرَةِ الْحَذْفِ) يَعْنِي الَّتِي هِيَ كَالْمَحْذُوفَةِ لِخَفَائِهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْحُرُوفِ الْمَهْمُوسَةِ فَلَمْ تُعَدَّ فَاصِلًا (قَوْلُهُ: يُنَازِعُ فِيهِ) بِبِنَاءِ يُنَازِعُ لِلْفَاعِلِ وَرُجُوعِ ضَمِيرٍ فِيهِ لِكَلَامِ الْجَارْبُرْدِيِّ وَابْنِ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ: وَكَمَا لَوْ اسْتَتَرَ بِقِطْعَةِ حَرِيرٍ) لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِهِ مَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَيْهِ، وَلَعَلَّ فِي الْعِبَارَةِ سَقَطًا، وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ حَجّ

وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ فِعْلِ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ أَوْ وَجَدَهُ وَلَمْ يَرْضَ إلَّا بِالْأُجْرَةِ وَلَمْ يَجِدْهَا أَوْ وَجَدَهَا وَلَمْ يَرْضَ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ أَوْ حُبِسَ عَلَى نَجَاسَةٍ وَاحْتَاجَ إلَى فَرْشِ السُّتْرَةِ عَلَيْهَا صَلَّى عَارِيًّا وَأَتَمَّ الْأَرْكَانَ كَمَا مَرَّ. وَلَوْ وَجَدَ الْمُصَلِّي بَعْضَ السُّتْرَةِ لَزِمَهُ الِاسْتِتَارُ بِهِ قَطْعًا، وَلَا يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ وَجَدَ بَعْضَ مَا يَتَطَهَّرُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الطَّهَارَةِ رَفْعُ الْحَدَثِ، وَهُوَ لَا يَتَجَزَّأُ، وَالْمَقْصُودُ هُنَا السَّتْرُ، وَهُوَ مِمَّا يَتَجَزَّأُ (فَإِنْ وَجَدَ كَافِي سَوْأَتَيْهِ) أَيْ قُبُلِهِ وَدُبُرِهِ (تَعَيَّنَ لَهُمَا) لِلِاتِّفَاقِ عَلَى كَوْنِهِمَا عَوْرَةً وَلِأَنَّهُمَا أَفْحَشُ مِنْ غَيْرِهِمَا، وَسُمِّيَا سَوْأَتَيْنِ؛ لِأَنَّ كَشْفَهُمَا يَسُوءُ صَاحِبَهُمَا (أَوْ) كَافِي (أَحَدِهِمَا فَقُبُلُهُ) وُجُوبًا ذَكَرًا أَوْ غَيْرَهُ يُقَدِّمُهُ عَلَى الدُّبُرِ؛ لِأَنَّهُ يَتَوَجَّهُ بِالْقُبُلِ لِلْقِبْلَةِ فَسَتْرُهُ أَهَمُّ تَعْظِيمًا لَهَا وَلِسَتْرِ الدُّبُرِ غَالِبًا بِالْأَلْيَيْنِ بِخِلَافِ الْقُبُلِ، وَالْمُرَادُ بِالْقُبُلِ وَالدُّبُرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَا يَنْقُضُ مَسَّهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ بَقِيَّةَ الْعَوْرَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِيمَا ذَكَرَ بِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ أَنَّ الصَّلَاةَ تَجُوزُ مَعَ الْعُرْيِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ السُّتْرَةِ، فَكَذَلِكَ السُّجُودُ يَجُوزُ بِدُونِ وَضْعِ الْيَدِ عِنْدَ الْعَجْزِ، وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ عَهِدَ الصَّلَاةَ مَعَ الْعُرْيِ لِلْقَادِرِ فَفِي أَيِّ مَحِلٍّ ذَلِكَ، عَلَى أَنَّ الرَّافِعِيَّ جَرَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَضْعُ الْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ كَمَا مَرَّ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِعَدَمِ وُجُوبِ السَّتْرِ مَعَ الْقُدْرَةِ، وَمِنْ ثَمَّ جَرَى الشِّهَابُ الْبُلْقِينِيُّ عَلَى مُرَاعَاةِ السُّتْرَةِ وَلَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ، وَاسْتَوْجَهُ حَجّ التَّخْيِيرَ، وَوَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ الْقِيَامُ وَالسَّتْرُ هَلْ يُقَدِّمُ الْأَوَّلَ أَوْ الثَّانِيَ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ مُرَاعَاةُ السَّتْرِ، وَنُقِلَ عَنْ فَتَاوَى الشَّارِحِ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ الْقِيَامُ وَالِاسْتِقْبَالُ قُدِّمَ الِاسْتِقْبَالُ، قَالَ: لِأَنَّهُ لَمْ يَسْقُطْ فِي الصَّلَاةِ بِحَالٍ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْقِيَامِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ فِي النَّافِلَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ، وَهَذَا مِثْلُهُ فَإِنَّ السَّتْرَ لَا يَسْقُطُ مَعَ الْقُدْرَةِ بِحَالٍ بِخِلَافِ الْقِيَامِ، وَقَوْلُ سم: وَضَعَهَا وَتَرَكَ السَّتْرَ: أَيْ وَعَلَيْهِ فَهَلْ لَهُ الْإِتْيَانُ بِالْأَكْمَلِ فِي سُجُودِهِ، وَيُغْتَفَرُ لَهُ كَشْفُ الْعَوْرَةِ حِينَئِذٍ أَمْ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى قَدْرِ الطُّمَأْنِينَةِ؛ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا وَلَا ضَرُورَةَ لِكَشْفِهَا زِيَادَةً عَلَى مَا يُصَحِّحُ صَلَاتَهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَظَاهِرُ قَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ صَلَّى عَارِيًّا وَأَتَمَّ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ الْأَوَّلَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: بِنَفْسِهِ) أَيْ وَلَوْ شَرِيفًا (قَوْلُهُ: وَأَتَمَّ الْأَرْكَانَ كَمَا مَرَّ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: وَلَا إعَادَةَ فِي أَظْهَرِ الْقَوْلَيْنِ: أَيْ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا عَلَى مَا شَمَلَهُ كَلَامُهُ، وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ عِنْدَ فَقْدِ مَا يَغْسِلُ بِهِ لَمْ يَبْعُدْ لِنُدْرَةِ ذَلِكَ كَمَا قِيلَ بِهِ فِيمَا لَوْ فَقَدَ مَا يُسَخِّنُ بِهِ الْمَاءَ وَتَيَمَّمَ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الِاسْتِتَارُ بِهِ قَطْعًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِيَدِهِ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِ حَجّ السَّابِقُ بَلْ عَلَيْهِ إذَا كَانَ فِي سَاتِرِ عَوْرَتِهِ خَرْقٌ إلَخْ خِلَافُهُ، وَكَتَبَ سم عَلَيْهِ قَوْلُهُ: بَلْ عَلَيْهِ إلَخْ قَدْ يُقَالُ لَوْ صَحَّ هَذَا لَوَجَبَ عَلَى الْعَارِي الْعَاجِزِ عَنْ السَّتْرِ مُطْلَقًا وَضْعُ يَدَيْهِ عَلَى بَعْضِ عَوْرَتِهِ؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى بَعْضِ السُّتْرَةِ كَالْقُدْرَةِ عَلَى كُلِّهَا فِي الْوُجُوبِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِطْلَاقُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي خِلَافِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ: أَيْ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ السَّتْرُ بِهِمَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَجَدَ كَافِي سَوْأَتَيْهِ) تَفْرِيعٌ عَلَى وُجُوبِ سَتْرِ الْبَعْضِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِالْوَاوِ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ لَا يُعْلَمُ مِمَّا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ لَهُمَا) ظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ عَدَمُ الْفَرْقِ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَقُبُلُهُ) وَلَوْ خَارِجَ الصَّلَاةِ اهـ حَجّ. وَكَتَبَ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَقُبُلُهُ ظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَكْفِيهِ وَيَكْفِي الدُّبُرُ فَلْيُتَأَمَّلْ، فَقُبُلُهُ مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ يَسْتُرُ، وَمَشَى عَلَيْهِ الْمَحَلِّيُّ، وَيَجُوزُ رَفْعُهُ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ يَسْتُرُهُ، وَيَجُوزُ جَرُّهُ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ حَذْفِ الْعَامِلِ، وَإِبْقَاءِ عَمَلِهِ، وَالتَّقْدِيرُ فَيَتَعَيَّنُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيَكْفِي بِيَدِ غَيْرِهِ قَطْعًا وَإِنْ حَرُمَ كَمَا لَوْ سَتَرَهَا بِحَرِيرٍ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْقُبُلِ) فِيهِ مَنْعٌ ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُنْثَى بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَقِبَهُ: وَالْمُرَادُ بِالْقُبُلِ وَالدُّبُرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَا يَنْقُضُ مَسُّهُ، إذْ الَّذِي يَنْقُضُ مَسُّهُ مِنْ قُبُلِ الْأُنْثَى هُوَ مُلْتَقَى الشُّفْرَيْنِ

سَوَاءٌ، وَإِنْ كَانَ مَا قَرُبَ إلَيْهِمَا أَفْحَشَ لَكِنَّ تَقْدِيمَهُ أَوْلَى، وَالْخُنْثَى يَسْتُرُ قُبُلَيْهِ، فَإِنْ وَجَدَ كَافِي أَحَدِهِمَا فَقَطْ تَخَيَّرَ، وَالْأَوْلَى كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ سَتْرُ آلَةِ الرَّجُلِ إنْ كَانَ ثَمَّ أُنْثَى، وَآلَةِ النِّسَاءِ إنْ كَانَ ثَمَّ رَجُلٌ، وَيَنْبَغِي سَتْرُ أَيِّهِمَا شَاءَ عِنْدَ الْخُنْثَى أَوْ الْفَرِيقَيْنِ أَخْذًا مِنْ التَّخْيِيرِ الْمَارِّ (وَقِيلَ) يَسْتُرُ (دُبُرَهُ) وُجُوبًا؛ لِأَنَّهُ أَفْحَشُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ (وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ) بَيْنَهُمَا لِتَعَارُضِ الْمَعْنَيَيْنِ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً. وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ فَقَدَ السُّتْرَةَ فِي الصَّلَاةِ غَصْبُهَا مِنْ مَالِكِهَا، بِخِلَافِ الطَّعَامِ فِي الْمَخْمَصَةِ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ صَلَاتِهِ عَارِيًّا مِنْ غَيْرِ إعَادَةٍ. نَعَمْ إنْ احْتَاجَ لِذَلِكَ لِنَحْوِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ جَازَ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ قَبُولُ عَارِيَّتِهِ وَطَلَبُهَا عِنْدَ ظَنِّ إجَابَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُعِيرِ غَيْرُهُ وَقَبُولُ هِبَةِ الطِّينِ، بِخِلَافِ قَبُولِ هِبَةِ الثَّوْبِ وَاقْتِرَاضُهُ لِلْمِنَّةِ، وَيَجِبُ شِرَاؤُهُ وَاسْتِئْجَارُهُ بِبَدَلِ مِثْلِهِ، وَلَوْ وَجَدَ ثَمَنَ الثَّوْبِ أَوْ الْمَاءِ قَدَّمَ الثَّوْبَ حَتْمًا لِدَوَامِ النَّفْعِ بِهِ وَلَا بَدَلَ لَهُ بِخِلَافِ مَاءِ الطَّهَارَةِ، وَلَوْ أَوْصَى بِصَرْفِ ثَوْبٍ لِأَوْلَى النَّاسِ بِهِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ أَوْ وَقَفَهُ عَلَيْهِ أَوْ وَكَّلَ فِي إعْطَائِهِ قَدَّمَ الْمَرْأَةَ حَتْمًا؛ لِأَنَّ عَوْرَتَهَا أَفْحَشُ، ثُمَّ الْخُنْثَى لِاحْتِمَالِ أُنُوثَتِهِ ثُمَّ الرَّجُلِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ مُسَاوَاةُ الْأَمْرَدِ لِلرَّجُلِ لَكِنَّ بَحْثَ بَعْضِهِمْ تَقْدِيمُ الْأَمْرَدِ عَلَيْهِ، وَلَا بُعْدَ فِيهِ. وَالْأَمَةُ وَالْحُرَّةُ هُنَا يَسْتَوِيَانِ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ عَوْرَةَ الْحُرَّةِ أَوْسَعُ فَيَنْبَغِي تَقْدِيمُهَا رُدَّ بِأَنَّ الْمَوْجُودَ إنْ كَفَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَقَطْ فَهُمَا فِيهِ سَوَاءٌ، وَإِنْ زَادَ فَلَا تَعَارُضَ فِي الزَّائِدِ إذْ لَا عَوْرَةَ لِلْأَمَةِ حِينَئِذٍ، وَالْخُنْثَيَانِ يَسْتَوِيَانِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا رِقًّا وَحُرِّيَّةً، وَتُقَدَّمُ الْأَمَةُ عَلَى الْخُنْثَى الْحُرِّ، وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ صَاحِبُ الْإِسْعَادِ لِتَحَقُّقِ أُنُوثَتِهَا وَفُحْشِ عَوْرَتِهَا بِخِلَافِهِ، وَلَوْ كَفَى سَوْأَتَيْ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى قُدِّمَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى الرَّجُلِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَإِنْ كَانَ يَسْتُرُ جَمِيعَ عَوْرَتِهِ؛ لِأَنَّ عَوْرَتَهُمَا أَقْبَحُ، وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ خِلَافًا لِلشَّيْخِ حَيْثُ سَوَّى بَيْنَهُمَا. وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ دَفْعُ سُتْرَتِهِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا لِأَدَاءِ فَرْضِهِ وَيُصَلِّي عَارِيًّا، بَلْ يَفْعَلُهَا فِيهَا وُجُوبًا وَيُعِيرُهَا لِلْمُحْتَاجِ اسْتِحْبَابًا، وَلَوْ وَجَدَ ثَوْبَ حَرِيرٍ فَقَطْ لَزِمَهُ السَّتْرُ بِهِ لِجَوَازِ لُبْسِهِ لِلْحَاجَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSلِقُبُلِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مَا قَرُبَ إلَيْهِمَا) أَيْ السَّوْأَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَطَلَبُهَا عِنْدَ ظَنِّ إجَابَتِهِ) هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ حُصُولُهَا نَزَلَتْ مَنْزِلَةَ مَا بِيَدِهِ. وَالشُّرُوطُ الْمَقْدُورُ عَلَيْهَا لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا رِعَايَةَ الْوَقْتِ فَيُكَلَّفُ الْوُضُوءَ، وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ فَكَذَا السَّتْرُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُعِيرِ غَيْرُهُ) أَيْ وَيَحْرُمُ عَلَى الْمَالِكِ إعَارَتُهَا إنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ كَشْفُ مُحَرَّمٍ (قَوْلُهُ: بِبَدَلِ مِثْلِهِ) أَيْ مِنْ ثَمَنٍ أَوْ أُجْرَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَا بُعْدَ فِيهِ) اُنْظُرْ هَلْ يُقَدَّمُ الْمَيِّتُ هُنَا عَلَى الْحَيِّ نَظِيرُ مَا لَوْ أَوْصَى بِمَاءٍ لِأَوْلَى النَّاسِ حَيْثُ يُقَدَّمُ طُهْرُ الْمَيِّتِ ثَمَّ عَلَى الْحَيِّ أَوَّلًا وَيُفَرَّقُ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ آخِرَةُ أَمْرِهِ، وَالسُّتْرَةُ تُتَوَقَّعُ لِلْحَيِّ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدَّمَ عَلَى الْمَيِّتِ مَنْ احْتَاجَ إلَيْهِ لِدَفْعِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ خِيفَ مِنْهُ مَحْذُورُ تَيَمُّمٍ. (قَوْلُهُ: وَالْأَمَةُ وَالْحُرَّةُ هُنَا يَسْتَوِيَانِ) أَيْ فَيُقَدِّمُ أَيَّهمَا شَاءَ عَلَى الْخُنْثَى، وَفِي نُسْخَةٍ مُسْتَوِيَانِ: أَيْ شَخْصَانِ مُسْتَوِيَانِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلشَّيْخِ حَيْثُ سَوَّى بَيْنَهُمَا) أَيْ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَمُقْتَضَى التَّسْوِيَةِ تَقْدِيمُ الرَّجُلِ هُنَا عَنْهُمَا حَيْثُ كَانَ يَسْتُرُ جَمِيعَ عَوْرَتِهِ دُونَهُمَا، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ: وَإِنْ أَوْصَى بِهِ: أَيْ بِالثَّوْبِ: أَيْ بِصَرْفِهِ لِلْأَوْلَى بِهِ قُدِّمَتْ الْمَرْأَةُ وُجُوبًا؛ لِأَنَّ عَوْرَتَهَا أَعْظَمُ، ثُمَّ الْخُنْثَى لِاحْتِمَالِ أُنُوثَتِهِ ثُمَّ الرَّجُلُ. وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ فِيمَا لَوْ أَوْصَى بِمَاءٍ لِلْأَوْلَى بِهِ أَنَّهُ لَوْ كَفَى الثَّوْبُ لِلْمُؤَخَّرِ دُونَ الْمُقَدَّمِ قُدِّمَ الْمُؤَخَّرُ. اهـ. (قَوْلُهُ: بَلْ يَفْعَلُهَا فِيهَا وُجُوبًا) أَيْ فَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ حَيْثُ قَدَرَ عَلَى انْتِزَاعِهَا مِمَّنْ دَفَعَهَا لَهُ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَقْدِرْ بِالنِّسْبَةِ لِلْفَرْضِ الَّذِي أَعَارَ فِي وَقْتِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي: وَإِتْلَافُ الثَّوْبِ وَبَيْعُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ السَّتْرُ بِهِ) وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي جَوَازِ السَّتْرِ بِهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُلَاقِيًا لِجَمِيعِ بَدَنِهِ أَوْ لِلْعَوْرَةِ فَقَطْ، فَلَا يُكَلَّفُ لُبْسَهُ فِيمَا لَاقَاهَا فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ اسْتَتَرَ بِهِ فِي مَحَلِّهَا فَقَدْ صَدَقَ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَقَطْ كَمَا مَرَّ فِي مَحَلِّهِ وَهُوَ مَسْتُورٌ فِي سَائِرِ أَفْعَالِ صَلَاتِهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَادَ فَلَا تَعَارُضَ فِي الزَّائِدِ) لَمْ يَظْهَرْ لِي الْمُرَادُ

وَمِنْهَا السَّتْرُ لِلصَّلَاةِ وَلَوْ كَانَ زَائِدًا عَلَى الْعَوْرَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ قَطْعُ مَا زَادَ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يُنْقِصْ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الثَّوْبِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَلِمَا فِي قَطْعِهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ لِمُسَامَحَتِهِمْ فِي الْأَعْذَارِ الْمُجَوِّزَةِ لِلُبْسِ الْحَرِيرِ وَمِثْلُهَا بَلْ أَوْلَى وُجُودُ نَقْصٍ، وَإِنْ قَلَّ، وَيَجِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْمُتَنَجِّسِ، وَيُقَدَّمُ الْمُتَنَجَّسُ عَلَيْهِ فِي الْخَلْوَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَهَارَةِ الثَّوْبِ. وَلَوْ صَلَّتْ أَمَةٌ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ فَعَتَقَتْ فِيهَا وَوَجَدَتْ خِمَارًا إنْ مَضَتْ إلَيْهِ احْتَاجَتْ أَفْعَالًا مُبْطِلَةً أَوْ انْتَظَرَتْ مَنْ يَأْتِي بِهِ لَهَا مَضَتْ مُدَّةٌ بَطَلَتْ صَلَاتُهَا، فَإِنْ لَمْ تَجِدْهُ بَنَتْ، وَكَذَا إنْ وَجَدَتْهُ قَرِيبًا فَتَنَاوَلَتْهُ وَلَمْ تَسْتَدْبِرْ وَسَتَرَتْ بِهِ رَأْسَهَا فَوْرًا كَعَارٍ وَجَدَ سُتْرَةً وَلَوْ لَمْ تَعْلَمْ بِالسُّتْرَةِ أَوْ بِالْعِتْقِ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُهَا فِيهِ السَّتْرُ لَوْ عَلِمَتْ بَطَلَتْ. وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: إنْ صَلَّيْت صَلَاةً صَحِيحَةً فَأَنْت حُرَّةٌ قَبْلَهَا فَصَلَّتْ بِلَا خِمَارٍ عَاجِزَةً عَتَقَتْ وَصَحَّتْ صَلَاتُهَا، أَوْ قَادِرَةً صَحَّتْ وَلَمْ تُعْتَقْ لِلدَّوْرِ. وَيُسْتَحَبُّ لِلذَّكَرِ أَنْ يَلْبَسَ لِصَلَاتِهِ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ وَيَتَقَمَّصَ وَيَتَعَمَّمَ وَيَتَطَيْلَسَ وَيَرْتَدِيَ وَيَتَّزِرُ أَوْ يَتَسَرْوَلَ، وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى ثَوْبَيْنِ فَقَمِيصٌ مَعَ رِدَاءٍ أَوْ إزَارٌ أَوْ سَرَاوِيلُ أَوْلَى مِنْ رِدَاءٍ مَعَ إزَارٍ أَوْ سَرَاوِيلَ وَمِنْ إزَارٍ مَعَ سَرَاوِيلَ. وَحَاصِلُهُ اسْتِحْبَابُ الصَّلَاةِ فِي ثَوْبَيْنِ لِلِاتِّبَاعِ، فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى وَاحِدٍ فَقَمِيصٌ فَإِزَارٌ فَسَرَاوِيلُ وَيَلْتَحِفُ بِالثَّوْبِ الْوَاحِدِ إنْ اتَّسَعَ، وَيُخَالِفُ بَيْنَ طَرَفَيْهِ فَإِنْ ضَاقَ اتَّزَرَ بِهِ وَجَعَلَ شَيْئًا مِنْهُ عَلَى عَاتِقِهِ، وَيُسَنُّ لِلْمَرْأَةِ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى فِي الصَّلَاةِ ثَوْبٌ سَابِغٌ لِجَمِيعِ بَدَنِهَا وَخِمَارٌ وَمِلْحَفَةٌ كَثِيفَةٌ، وَإِتْلَافُ الثَّوْبِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنَّهُ لَابِسٌ لَهُ خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ ضَعَفَةِ الطَّلَبَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ أَكْثَرُ مِنْ أُجْرَةِ الثَّوْبِ) عُمُومُ قَوْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ إلَخْ يَشْمَلُ مَا لَوْ لَمْ يَنْقُصْ بِالْقَطْعِ أَصْلًا؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ، وَإِنْ لَمْ إلَخْ سَوَاءٌ نَقَصَ بِالْقَطْعِ أَكْثَرُ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ أَوْ لَمْ يَنْقُصْ، وَهُوَ شَامِلٌ لِانْتِفَاءِ النَّقْصِ مِنْ أَصْلِهِ، لَكِنَّ عِبَارَةَ حَجّ وَالْأَوْجَهَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَطْعُ زَائِدٍ عَلَى الْعَوْرَةِ إنْ نَقَصَ بِهِ الْمَقْطُوعُ وَلَوْ يَسِيرًا. اهـ. وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْقُصْ بِالْقَطْعِ لَزِمَهُ، وَهُوَ قَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ وَلِمَا فِي قَطْعِهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: لِمُسَامَحَتِهِمْ فِي الْأَعْذَارِ) وَبِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا يَأْتِي فِي قَطْعِ الْمُتَنَجِّسِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْمُتَنَجِّسِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ فَقَدَهُ وَوَجَدَ مُتَنَجِّسًا اسْتَتَرَ بِهِ، وَلَيْسَ مُرَادًا لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يُصَلِّي عَارِيًّا وَلَا إعَادَةَ عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَيُقَدَّمُ الْمُتَنَجِّسُ عَلَيْهِ فِي الْخَلْوَةِ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ رَطْبًا وَيَغْسِلُ بَدَنَهُ حَيْثُ احْتَاجَ لِلْغُسْلِ. (قَوْلُهُ: لَوْ عَلِمَتْ بَطَلَتْ) أَيْ، وَإِنْ كَانَتْ السُّتْرَةُ بَعِيدَةً؛ لِأَنَّ الشُّرُوطَ لَا تَسْقُطُ بِالْجَهْلِ وَلَا النِّسْيَانِ (قَوْلُهُ: فَأَنْتِ حُرَّةٌ قَبْلَهَا) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ قَالَ سَيِّدُهَا مَتَى قُمْت لِلرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ مَثَلًا فَأَنْت حُرَّةٌ وَصَلَّتْ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ هَلْ تَنْعَقِدُ صَلَاتُهَا؛ لِأَنَّهَا بِسَبِيلٍ مِنْ أَنْ تَسْتُرَهَا قُبَيْلَ مَا عَلَّقَ بِهِ السَّيِّدُ أَمْ لَا تَنْعَقِدُ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَتْ السُّتْرَةُ قَرِيبَةً مِنْهَا بِحَيْثُ لَا تَحْتَاجُ فِي وَضْعِهَا لِأَفْعَالٍ كَثِيرَةٍ انْعَقَدَتْ صَلَاتُهَا وَعَتَقَتْ، وَإِلَّا فَلَا إنْ لَمْ يَحْتَمِلْ احْتِمَالًا قَرِيبًا وُجُودَ مَنْ يَأْتِي لَهَا بِهَا بِإِشَارَةٍ أَوْ نَحْوِهَا، فَإِنْ احْتَمَلَ ذَلِكَ انْعَقَدَتْ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: أَحْسَنَ ثِيَابِهِ) أَيْ وَيُحَافِظُ مَعَ ذَلِكَ عَلَى مَا يَتَجَمَّلُ بِهِ عَادَةً وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَتَسَرْوَلُ) فِي تَارِيخِ أَصْبَهَانَ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَتَاهِيَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّ الْأَرْضَ تَسْتَغْفِرُ لِلْمُصَلِّي بِالسَّرَاوِيلِ» . اهـ دَمِيرِي (قَوْلُهُ: وَمِنْ إزَارٍ مَعَ سَرَاوِيلَ) وَبَقِيَ كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَتَيْنِ بَعْضُهُ مَعَ بَعْضٍ فَانْظُرْ حُكْمَهُ، وَلَعَلَّ أَوْلَاهَا الْقَمِيصُ مَعَ السَّرَاوِيلِ ثُمَّ الْقَمِيصُ مَعَ الْإِزَارِ ثُمَّ مَعَ الرِّدَاءِ (قَوْلُهُ: فَإِزَارٌ فَسَرَاوِيلُ) لَعَلَّ وَجْهَ تَقْدِيمِ الْإِزَارِ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَحْكِي حَجْمَ الْعَوْرَةِ، وَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَقَدْ قِيلَ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْهُ، وَمِثْلُهُ فِي الْإِمْدَادِ وَالرَّدِّ الْمَذْكُورِ لَهُ (قَوْلُهُ: احْتَاجَتْ أَفْعَالًا مُبْطِلَةً) أَيْ وَمَضَتْ إلَيْهِ بِالْفِعْلِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ إلَّا بِالْمُضِيِّ أَوْ الِانْتِظَارِ بِالْفِعْلِ، لَكِنْ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ كَالْعُبَابِ مَا هُوَ كَالصَّرِيحِ فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِمُجَرَّدِ الْوُجُودِ لِلسَّاتِرِ الْبَعِيدِ وَإِنْ لَمْ تَمْضِ إلَيْهِ وَلَمْ تَنْتَظِرْ فَلْيُرَاجَعْ

[من شروط الصلاة الطهارة من الحدث الأصغر]

وَبَيْعُهُ فِي الْوَقْتِ كَالْمَاءِ، وَلَا يُبَاعُ لَهُ مَسْكَنٌ وَلَا خَادِمٌ كَمَا فِي الْكَفَّارَةِ. وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي ثَوْبٍ فِيهِ صُورَةٌ وَأَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ وَأَنْ يُصَلِّيَ مُضْطَبِعًا وَأَنْ يُغَطِّيَ فَاهُ، فَإِنْ تَثَاءَبَ غَطَّاهُ بِيَدِهِ نَدْبًا وَأَنْ يَشْتَمِلَ اشْتِمَالَ الصَّمَّاءِ وَالْيَهُودِ بِأَنْ يُخَلِّلَ فِي الْأَوَّلِ بَدَنَهُ بِالثَّوْبِ ثُمَّ يَرْفَعَ طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ، وَفِي الثَّانِي بِأَنْ يُخَلِّلَ بَدَنَهُ بِالثَّوْبِ بِدُونِ رَفْعِ طَرَفَيْهِ، وَأَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مُتَلَثِّمًا وَالْمَرْأَةُ مُتَنَقِّبَةً. (وَ) رَابِعُهَا (طَهَارَةُ الْحَدَثِ) الْأَصْغَرِ وَغَيْرُهُ عِنْدَ قُدْرَتِهِ فَإِنْ عَجَزَ فَقَدْ مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُتَطَهِّرًا عِنْدَ إحْرَامِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الطَّهَارَةِ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ أَحْرَمَ مُتَطَهِّرًا ثُمَّ أَحْدَثَ نَظَرَ (فَإِنْ سَبَقَهُ) حَدَثُهُ غَيْرُ الدَّائِمِ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ كَمَا لَوْ تَعَمَّدَ الْحَدَثَ لِبُطْلَانِهَا بِالْإِجْمَاعِ، وَشَمِلَ ذَلِكَ فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ إذَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ (وَفِي الْقَدِيمِ) وَنُسِبَ لِلْجَدِيدِ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بَلْ يَتَطَهَّرُ وَ (يَبْنِي) عَلَى صَلَاتِهِ لِعُذْرِهِ، وَإِنْ كَانَ حَدَثُهُ أَكْبَرَ لِحَدِيثٍ فِيهِ ضَعْفٌ بِاتِّفَاقِ الْمُحَدِّثِينَ، وَمَعْنَى الْبِنَاءِ أَنْ يَعُودَ إلَى الرُّكْنِ الَّذِي سَبَقَهُ الْحَدَثُ فِيهِ، وَيَجِبُ تَقْلِيلُ الزَّمَانِ وَالْأَفْعَالِ قَدْرَ الْإِمْكَانِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْبِدَارُ الْخَارِجُ عَنْ الْعَادَةِ، فَلَوْ كَانَ لِلْمَسْجِدِ بَابَانِ فَسَلَكَ الْأَبْعَدَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ طَهَارَتِهِ عَوْدٌ إلَى مَوْضِعِهِ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ مَا لَمْ يَكُنْ إمَامًا لَمْ يَسْتَخْلِفْ أَوْ مَأْمُومًا يَبْغِي فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ، كَذَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ التَّتِمَّةِ وَأَقَرَّهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، لَكِنْ فِي التَّحْقِيقِ أَنَّ الْجَمَاعَةَ عُذْرٌ مُطْلَقًا، فَيَدْخُلُ فِيهِ الْمُنْفَرِدُ وَالْإِمَامُ الْمُسْتَخْلِفُ. أَمَّا حَدَثُهُ الدَّائِمُ كَسَلَسِ بَوْلٍ فَغَيْرُ ضَارٍ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْحَيْضِ، وَإِنْ أَحْدَثَ مُخْتَارًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ قَطْعًا عَلِمَ كَوْنَهُ فِي الصَّلَاةِ أَمْ كَانَ نَاسِيًا. وَلَوْ نَسِيَ الْحَدَثَ فَصَلَّى أُثِيبَ عَلَى قَصْدِهِ دُونَ فِعْلِهِ إلَّا الْقِرَاءَةَ وَنَحْوَهَا مِمَّا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْوُضُوءِ فَيُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ أَيْضًا. قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَفِي إثَابَتِهِ عَلَى الْقِرَاءَةِ إذَا كَانَ جُنُبًا نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ عَدَمُ إثَابَتِهِ (وَيَجْرِيَانِ) أَيْ الْقَوْلَانِ (فِي كُلِّ مُنَاقِضٍ) أَيْ مُنَافٍ لِلصَّلَاةِ (عَرَضَ) فِيهَا (بِلَا تَقْصِيرٍ) مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِالْبُطْلَانِ (قَوْلُهُ: كَالْمَاءِ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَلَا نَحْوُهُ، وَيَجِبُ اسْتِرْدَادُهُ مَا دَامَ بَاقِيًا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ لِمَا صَلَّاهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِرْدَادِهِ، وَكَذَا مَعَ الْعَجْزِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ الَّتِي فَوَّتَهُ فِي وَقْتِهَا. (قَوْلُهُ: فِي ثَوْبٍ فِيهِ صُورَةٌ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ أَعْمَى أَوْ فِي ظُلْمَةٍ أَوْ كَانَتْ الصُّورَةُ خَلْفَ ظَهْرِهِ أَوْ مُلَاقِيَةً لِلْأَرْضِ بِحَيْثُ لَا يَرَاهَا إذَا صَلَّى عَلَيْهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ تَبَاعُدًا عَمَّا فِيهِ الصُّورَةُ الْمَنْهِيُّ عَنْهَا (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَنْ وَقْفِ هَذَا الثَّوْبِ هَلْ يَصِحُّ وَيُثَابُ عَلَى وَقْفِهِ. وَالْجَوَابُ أَنَّ الْوَقْفَ صَحِيحٌ لِكَوْنِهِ لَيْسَ عَلَى مَعْصِيَةٍ، وَلَوْ قِيلَ بِعَدَمِ ثَوَابِهِ بَلْ بِكَرَاهَتِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعْرِيضِ لِلصَّلَاةِ الْمَكْرُوهَةِ لَمْ يَبْعُدْ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ بِالْحُكْمِ لَا نَظَرَ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: غَطَّاهُ بِيَدِهِ) أَيْ الْيَسَارِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ بِظَهْرِهَا (قَوْلُهُ: عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ) عِبَارَةُ الْقَامُوسِ وَاشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ أَنْ يَرُدَّ الْكِسَاءَ مِنْ قِبَلِ يَمِينِهِ عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى وَعَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ، ثُمَّ يَرُدَّهُ ثَانِيَةً مِنْ خَلْفِهِ عَلَى يَدِهِ الْيُمْنَى وَعَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ فَيُغَطِّيهِمَا جَمِيعًا. [مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاة الطَّهَارَةُ مِنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ] (قَوْلُهُ: مَعَ قُدْرَتِهِ) خَرَجَ بِهِ فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَنْعَقِدُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ سَبَقَهُ) أَيْ الْمُصَلِّي لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مُتَطَهِّرًا، وَمِثْلُهُ: أَيْ مِثْلُ رُجُوعِ الضَّمِيرِ لِلْمُقَيَّدِ بِدُونِ قَيْدِهِ بِقَرِينَةٍ كَثِيرٌ فِي كَلَامِهِمْ إذَا قَامَتْ عَلَى ذَلِكَ قَرِينَةٌ، وَالْقَرِينَةُ هُنَا بُطْلَانُ صَلَاتِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ، فَصَحَّ قَوْلُ الشَّارِحِ وَشَمَلَ ذَلِكَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَشَمَلَ ذَلِكَ) فِي دَعْوَى الشُّمُولِ بَعْدَ تَقْيِيدِهِ الْإِحْرَامَ بِكَوْنِهِ مُتَطَهِّرًا نَظَرٌ، وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْأَوْلَى تَرْكَ التَّقْيِيدِ أَوْ يُقَيِّدُ ثُمَّ يَقُولُ وَلَوْ كَانَ فَاقِدًا إلَخْ (قَوْلُهُ: أَنْ يَعُودَ إلَى الرُّكْنِ الَّذِي سَبَقَهُ الْحَدَثُ فِيهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَحْدَثَ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ أَوْ جُلُوسِ الِاسْتِرَاحَةِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْعَوْدُ لَهُ، وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ وَأَنَّهُ يَجِبُ الْعَوْدُ إلَيْهِ لِيَقُومَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ قِيَامَهُ مَعَ الْحَدَثِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ، وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمَحَلِّيِّ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يَبْنِي بَعْدَ الطَّهَارَةِ عَلَى مَا فَعَلَهُ مِنْهَا يُشْعِرُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَيَّدْ بِرُكْنٍ وَلَا بِغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ لِلْمَسْجِدِ) لَوْ عَبَّرَ بِالْوَاوِ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَفَرَّعُ عَمَّا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ) مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ إثَابَتِهِ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: قَوْلُهُ: إلَّا مِنْ نَحْوِ جُنُبٍ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُثَابُ عَلَيْهَا بَلْ عَلَى قَصْدِهَا فَقَطْ. وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الْمُصَلِّي (وَتَعَذَّرَ دَفْعُهُ فِي الْحَالِ) كَمَا لَوْ تَنَجَّسَ بَدَنُهُ أَوْ ثَوْبُهُ وَاحْتَاجَ إلَى الْغُسْلِ أَوْ طَيَّرَتْ الرِّيحُ ثَوْبَهُ إلَى مَكَان بَعِيدٍ (فَإِنْ أَمْكَنَ) دَفَعَهُ فِي الْحَالِ (بِأَنْ كَشَفَتْهُ رِيحٌ فَسُتِرَ فِي الْحَالِ لَمْ تَبْطُلْ) صَلَاتُهُ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ، وَكَذَا لَوْ سَقَطَ عَلَى ثَوْبِهِ نَجَاسَةٌ رَطْبَةٌ فَأَلْقَى الثَّوْبَ حَالًا أَوْ يَابِسَةً فَسَقَطَتْ فِي الْحَالِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُنَحِّيَهَا بِيَدِهِ أَوْ كُمِّهِ أَوْ بِعُودٍ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، فَإِنْ فَعَلَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ (وَإِنْ قَصَّرَ) فِي دَفْعِهِ (بِأَنْ فَرَغَتْ مُدَّةٌ خَفَّ فِيهَا) أَيْ الصَّلَاةَ (بَطَلَتْ) قَطْعًا لِتَقْصِيرِهِ مَعَ احْتِيَاجِهِ إلَى غَسْلِ رِجْلَيْهِ أَوْ الْوُضُوءِ بِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ، حَتَّى لَوْ غَسَلَ فِي الْخُفِّ رِجْلَيْهِ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ لَمْ يُؤَثِّرْ، إذْ مَسْحُ الْخُفِّ يَرْفَعُ الْحَدَثَ فَلَا تَأْثِيرَ لِلْغَسْلِ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ، وَمِثْلُهُ غَسْلُهُمَا بَعْدَهَا لِمُضِيِّ مُدَّةٍ، وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ أَنَّ قِرَاءَةَ الْجُنُبِ لَا بِقَصْدِ الْقُرْآنِ يُثَابُ عَلَيْهَا ثَوَابَ الذِّكْرِ، وَهُوَ لَا يُنَافِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ هُنَا لَمْ يَصْرِفْهَا عَنْ الْقُرْآنِيَّةِ لِنِسْيَانِهِ الْجَنَابَةَ وَلَمْ يُوجَدْ شَرْطُ ثَوَابِهَا مِنْ الطَّهَارَةِ، وَهُنَاكَ انْصَرَفَتْ عَنْ الْقُرْآنِيَّةِ لِعَدَمِ قَصْدِهَا فَصَارَتْ ذِكْرًا فَأُثِيبَ عَلَى الذِّكْرِ. وَقَدْ يُقَالُ: نِسْيَانُهُ الْجَنَابَةَ لَا يَقْتَضِي قَصْدَ الْقُرْآنِيَّةِ فَيَنْبَغِي حِينَئِذٍ أَنْ يُثَابَ عَلَيْهَا ثَوَابَ الذِّكْرِ لِانْصِرَافِهَا عَنْ الْقُرْآنِيَّةِ بِسَبَبِ الْجَنَابَةِ، بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُثَابَ كَذَلِكَ، وَإِنْ قَصَدَهَا إلْغَاءً لِقَصْدِهَا لِعَدَمِ مُنَاسَبَتِهِ. اهـ (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَشَفَتْهُ رِيحٌ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: وَلَوْ تَكَرَّرَ كَشْفُ الرِّيحُ وَتَوَالَى بِحَيْثُ احْتَاجَ فِي السَّتْرِ إلَى حَرَكَاتٍ كَثِيرَةٍ مُتَوَالِيَةٍ فَالْمُتَّجَهُ الْبُطْلَانُ بِفِعْلِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ نَادِرٌ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ صَلَّتْ أَمَةٌ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ فَعَتَقَتْ فِي الصَّلَاةِ وَوَجَدَتْ خِمَارًا تَحْتَاجُ فِي مُضِيِّهَا إلَيْهِ إلَى أَفْعَالٍ كَثِيرَةٍ أَوْ طَالَتْ مُدَّةُ التَّكَشُّفِ مِنْ أَنَّ صَلَاتَهَا تَبْطُلُ. اهـ. وَرَأَيْت بِهَامِشٍ عَنْ سم مَا نَصُّهُ: وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الرِّيحِ الْآدَمِيِّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ وَالْبَهِيمَةِ وَلَوْ مُعَلَّمَةً. اهـ. وَقَوْلُهُ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ مَفْهُومُهُ أَنَّ الْمُمَيِّزَ يَضُرُّ، وَيُوَجَّهُ ذَلِكَ بِأَنَّ لَهُ قَصْدًا فَبَعُدَ إلْحَاقُهُ بِالرِّيحِ، بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ فَإِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ قَصْدٌ أَمْكَنَ إلْحَاقُهُ بِهِ هَذَا. وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ الضَّرَرُ فِي غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَعَلَّلَهُ بِنُدْرَتِهِ فِي الصَّلَاةِ فَلْيُرَاجَعْ. أَقُولُ: وَهُوَ قِيَاسُ مَا قَالُوهُ فِي الِانْحِرَافِ عَنْ الْقِبْلَةِ مُكْرَهًا فَإِنَّهُ يَضُرُّ، وَإِنْ عَادَ حَالًا، وَعَلَّلُوهُ بِنُدْرَةِ الْإِكْرَاهِ فِي الصَّلَاةِ فَاعْتَمِدْهُ. (قَوْلُهُ: نَجَاسَةٌ رَطْبَةٌ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: تَنْبِيهٌ: لَوْ دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ إلْقَاءِ النَّجَاسَةِ حَالًا لِتَصِحَّ صَلَاتُهُ لَكِنْ يَلْزَمُهُ إلْقَاؤُهَا فِي الْمَسْجِدِ لِكَوْنِهِ فِيهِ وَبَيْنَ عَدَمِ إلْقَائِهَا صَوْنًا لِلْمَسْجِدِ عَنْ التَّنْجِيسِ لَكِنْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، فَالْمُتَّجَهُ عِنْدِي مُرَاعَاةُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ، وَإِلْقَاءُ النَّجَاسَةِ حَالًا فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ إزَالَتُهَا فَوْرًا بَعْدَ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ الْجَمْعُ بَيْنَ صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَتَطْهِيرِ الْمَسْجِدَ، لَكِنْ يُغْتَفَرُ إلْقَاؤُهَا فِيهِ وَتَأْخِيرُ التَّطْهِيرِ إلَى فَرَاغِ الصَّلَاةِ لِلضَّرُورَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَقَوْلُنَا فَالْمُتَّجَهُ إلَخْ وَافَقَ عَلَيْهِ م ر فِي الْجَافَّةِ وَمَنَعَهُ فِي الرَّطْبَةِ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ. اهـ. وَفِيهِ أَيْضًا قَوْلُهُ: أَوْ نَقَضَهَا حَالًا يَنْبَغِي أَوْ غَسَلَهَا حَالًا كَأَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ نُقْطَةُ بَوْلٍ فَصَبَّ عَلَيْهَا حَالًا الْمَاءَ بِحَيْثُ طَهُرَ مَحِلُّهَا بِمُجَرَّدِ صَبِّهِ حَالًا، وَالْمُتَّجَهُ أَنَّ الْبَدَنَ كَالثَّوْبِ فِي ذَلِكَ بِجَامِعِ اشْتِرَاطِ طَهَارَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا، فَإِذَا وَقَعَ عَلَيْهِ نُقْطَةُ بَوْلٍ مَثَلًا فَصَبَّ فَوْرًا الْمَاءَ عَلَيْهَا إلَخْ بِحَيْثُ طَهُرَ الْمَحَلُّ بِمُجَرَّدِ الصَّبِّ حَالًا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، كَمَا لَوْ وَقَعَ عَلَيْهِ نَجَسٌ جَافٌّ فَأَلْقَاهُ عَنْهُ حَالًا بِنَحْوِ إمَالَتِهِ فَوْرًا حَتَّى سَقَطَ عَنْهُ النَّجَسُ، إذْ لَا فَرْقَ فِي الْمَعْنَى بَيْنَ إلْقَاءِ النَّجَسِ الْجَافِّ فَوْرًا وَصَبِّ الْمَاءِ عَلَى النَّجَسِ الرَّطْبِ فَوْرًا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت عَنْ الْفَتَى فِيمَا لَوْ أَصَابَهُ فِي الصَّلَاةِ نَجَاسَةٌ حُكْمِيَّةٌ فَغَسَلَهَا فَوْرًا أَنَّ أَوَّلَ كَلَامِ الرَّوْضَةِ يُفْهِمُ صِحَّةَ صَلَاتِهِ، وَآخِرَهُ يُفْهِمُ خِلَافَهُ. اهـ. وَقَوْلُهُ: يُفْهِمُ خِلَافَهُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ يُصَدَّقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ حَامِلٌ لِلنَّجَاسَةِ إلَى وَقْتِ الْغَسْلِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ حَمَلَ الثَّوْبَ الَّذِي وَقَعَتْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ. وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ الشَّوْبَرِيِّ: وَأَمَّا إلْقَاؤُهَا عَلَى نَحْوِ مُصْحَفٍ أَوْ فِي نَحْوِ جَوْفِ الْكَعْبَةِ فَالْوَجْهُ مُرَاعَاتُهُمَا وَلَوْ جَافَّةً لِعِظَمِ حُرْمَتِهِمَا فَلْيُحْرَرْ (قَوْلُهُ: فَسَقَطَتْ) أَيْ وَأَسْقَطَهَا عَلَى وَجْهٍ لَمْ يُعَدَّ حَامِلًا لَهَا (قَوْلُهُ: مَعَ احْتِيَاجِهِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ لِذَلِكَ كَأَنْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ دَاخِلَ الْخُفِّ، وَهُوَ مُحْدِثٌ ثُمَّ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْخُفِّ بَعْدَ ذَلِكَ، وَهُوَ يُصَلِّي لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ لِبَقَاءِ طَهَارَتِهِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ) أَيْ، وَهُوَ بِطَهَارَةِ الْمَسْحِ؛ لِأَنَّ هَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[من شروط الصلاة طهارة النجس في الثوب والبدن والمكان]

مُحْدِثٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ وَضَعَ فِي الْمَاءِ رِجْلَيْهِ قَبْلَ فَرَاغِهَا وَاسْتَمَرَّ إلَى انْقِضَائِهَا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَدَثٍ ثُمَّ يَرْتَفِعُ، وَأَيْضًا لَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ نِيَّةٍ؛ لِأَنَّهُ حَدَثٌ لَمْ تَشْمَلْهُ نِيَّةُ وُضُوئِهِ الْأَوَّلِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ دَخَلَ فِيهَا ظَانًّا الْبَقَاءَ، فَإِنْ قَطَعَ بِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فِيهَا اُتُّجِهَ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ عَدَمُ انْعِقَادِهَا، وَفَارَقَ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ كَانَتْ عَوْرَتُهُ تَنْكَشِفُ فِي رُكُوعِهِ حَيْثُ حُكِمَ بِانْعِقَادِهَا عَلَى الصَّحِيحِ بِعَدَمِ قَطْعِهِ ثَمَّ بِالْبُطْلَانِ، بَلْ صِحَّتُهَا مُمْكِنَةٌ بِأَنْ يَسْتُرَهَا بِشَيْءٍ عِنْدَ رُكُوعِهِ، بِخِلَافِهِ هُنَا إذْ كَيْفَ يُقَالُ بِانْعِقَادِهَا مَعَ الْقَطْعِ بِعَدَمِ اسْتِمْرَارِ صِحَّتِهَا وَكَيْفَ يَتَحَقَّقُ نِيَّتُهَا. نَعَمْ إنْ كَانَ فِي نَفْلٍ مُطْلَقٍ يُدْرِكُ مِنْهُ رَكْعَةً فَأَكْثَرَ انْعَقَدَتْ، وَلَوْ اُفْتُصِدَ مَثَلًا فَخَرَجَ دَمُهُ، وَلَمْ يُلَوِّثْ بَشَرَتَهُ أَوْ لَوَّثَهَا قَلِيلًا لَمْ تَبْطُلْ. وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَحْدَثَ فِي صَلَاتِهِ أَنْ يَأْخُذَ بِأَنْفِهِ ثُمَّ يَنْصَرِفَ مُوهِمًا أَنَّهُ رَعَفَ سَتْرًا عَلَى نَفْسِهِ لِئَلَّا يَخُوضَ النَّاسُ فِيهِ فَيَأْثَمُوا وَيَلْحَقُ بِهِ مَنْ أَحْدَثَ، وَهُوَ مُنْتَظِرٌ إقَامَتَهَا لَا سِيَّمَا مَعَ قُرْبِ الزَّمَانِ لِذَلِكَ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِكُلِّ مَنْ ارْتَكَبَ مَا يَدْعُو النَّاسَ إلَى الْوَقِيعَةِ فِيهِ أَنْ يَسْتُرَهُ لِذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْعِمَادِ لِحَدِيثٍ فِيهِ. (وَ) خَامِسُهَا (طَهَارَةُ النَّجَسِ) الَّذِي لَا يُعْفَى عَنْهُ (فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ) وَلَوْ دَاخِلَ فَمِهِ أَوْ أَنْفِهِ أَوْ عَيْنِهِ أَوْ أُذُنِهِ (وَالْمَكَانِ) أَيْ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ فَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ مَعَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِوُجُودِهِ أَوْ بِبُطْلَانِهَا بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4] وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْك الدَّمَ وَصَلِّي» ثَبَتَ الْأَمْرُ بِاجْتِنَابِ النَّجَسِ، وَهُوَ لَا يَجِبُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَيَجِبُ فِيهَا، وَالْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ، وَالنَّهْيُ فِي الْعِبَادَاتِ يَقْتَضِي فَسَادَهَا. نَعَمْ يَحْرُمُ التَّضَمُّخُ بِهِ خَارِجَهَا فِي الْبَدَنِ بِلَا حَاجَةٍ، وَكَذَا الثَّوْبُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَمَا فِي التَّحْقِيقِ مِنْ تَحْرِيمِهِ فِي الْبَدَنِ فَقَطْ مُرَادُهُ بِهِ مَا يَعُمُّ مَلَابِسَهُ لِيُوَافِقَ مَا قَبْلَهُ، وَلَوْ رَأَيْنَا فِي ثَوْبِ مَنْ يُرِيدُ الصَّلَاةَ نَجَاسَةً لَا يَعْلَمُ بِهَا وَجَبَ عَلَيْنَا إعْلَامُهُ بِهَا؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِصْيَانِ، قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَبِهِ أَفْتَى الْحَنَّاطِيُّ، كَمَا لَوْ رَأَيْنَا ـــــــــــــــــــــــــــــSالْغَسْلَ لَمْ يَرْفَعْ الْحَدَثَ (قَوْلُهُ: عَدَمُ انْعِقَادِهَا) مُعْتَمَدٌ خِلَافًا لحج حَيْثُ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ: يَقْتَضِي عَدَمَ الِانْعِقَادِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ انْعِقَادُهَا حَتَّى تَصِحَّ الْقُدْوَةُ بِهِ، وَفِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: انْعَقَدَتْ) أَيْ وَيَقْتَصِرُ عَلَى مَا أَمْكَنَهُ فِعْلُهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ لَوَّثَهَا قَلِيلًا) أَفْهَمَ أَنَّهُ إنْ لَوَّثَهَا كَثِيرًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْكَثِيرَ إذَا كَانَ بِفِعْلِهِ لَا يُعْفَى عَنْهُ وَاقْتِصَادُهُ مِنْ فِعْلِهِ، وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِيهِ دُمَّلٌ فَفَتَحَهُ فَخَرَجَ مِنْهُ دَمٌ كَثِيرٌ لَا يُعْفَى عَنْهُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْعَفْوِ عِنْدَ فَتْحِهِ إذَا خَرَجَ الدَّمُ مُتَّصِلًا بِالْفَتْحِ، فَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ عَقِبَ الْفَتْحِ لَكِنَّهُ تَحَلَّلَ وَخَرَجَ بَعْدَهُ بِمُدَّةٍ بِحَيْثُ لَا يُنْسَبُ خُرُوجُهُ لِلْفَتْحِ لَمْ يَضُرَّ. (قَوْلُهُ: مَنْ ارْتَكَبَ مَا يَدْعُو النَّاسَ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ عُقُوبَةُ الذَّنْبِ بَاقِيَةٌ فَيَسْتَحِقُّ بِهَا مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ وَقَدْ يَعْفُو سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَنْ يَسْتُرَهُ لِذَلِكَ) أَيْ لِئَلَّا يَخُوضَ النَّاسُ فِيهِ. . [مِنْ شُرُوطُ الصَّلَاةِ طَهَارَةُ النَّجَسِ فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَالْمَكَانِ] (قَوْلُهُ: وَالْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ) أَيْ يُفِيدُ النَّهْيَ عَنْ ضِدِّهِ، وَإِلَّا فَلَيْسَ الْأَمْرُ بِالشَّيْءِ عَيْنَ النَّهْيِ وَلَا يَسْتَلْزِمُهُ عَلَى الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ: لِيُوَافِقَ مَا قَبْلَهُ) قَضِيَّةُ هَذَا الْحَمْلِ عَدَمُ حُرْمَةِ تَنْجِيسِ ثَوْبٍ غَيْرِ مَلْبُوسٍ لَهُ، وَلَعَلَّ هَذِهِ الْقَضِيَّةَ غَيْرُ مُرَادَةٍ بَلْ الْمُرَادُ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُلَابِسَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لِيُوَافِقَ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَجَبَ عَلَيْنَا إعْلَامُهُ بِهَا) أَيْ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَتْ تَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ عِنْدَهُ وَعَلِمْنَا بِذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا لِجَوَازِ كَوْنِهِ صَلَّى مَعَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ لِعَدَمِ اعْتِقَادِهِ الْبُطْلَانَ مَعَهُ (قَوْلُهُ: وَبِهِ أَفْتَى الْحَنَّاطِيُّ) قَدْ يُشْعِرُ هَذَا بِأَنَّ الْحَنَّاطِيَّ كَانَ مُتَأَخِّرًا عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَأَفْتَى بِمَا قَالَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ كَانَ فِي نَفْلٍ مُطْلَقٍ) أَيْ وَلَمْ يَنْوِ عَدَدًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: ثَبَتَ الْأَمْرُ بِاجْتِنَابِ النَّجَسِ إلَخْ) هَذَا لَا يَظْهَرُ تَرَتُّبُهُ عَلَى الْآيَةِ وَالْخَبَرِ الْمَذْكُورَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ فِيهِمَا إنَّمَا هُوَ بِالتَّطْهِيرِ وَالْغُسْلِ لَا بِاجْتِنَابِ النَّجَسِ وَإِنْ اُسْتُفِيدَ مِنْهُمَا بِاللَّازِمِ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ فِي الْخَبَرِ مُقَيَّدٌ بِالصَّلَاةِ فَلَا يَتَأَتَّى قَوْلُهُ: وَهُوَ لَا يَجِبُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ إلَخْ، وَالشِّهَابُ حَجّ

صَبِيًّا يَزْنِي بِصَبِيَّةٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا الْمَنْعُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِصْيَانٌ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْمَكَانِ مَا لَوْ كَثُرَ ذَرْقُ الطُّيُورِ فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ فِي الْأَرْضِ، وَكَذَا الْفُرُشُ فِيمَا يَظْهَرُ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَسْجِدًا فِيمَا يَظْهَرُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَعَمَّدَ الْمَشْيَ عَلَيْهِ كَمَا قَيَّدَ الْعَفْوَ فِي ذَلِكَ فِي الْمَطْلَبِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ قَيْدٌ مُتَعَيَّنٌ، وَأَنْ لَا يَكُونَ رَطْبًا أَوْ رِجْلُهُ مُبْتَلَّةٌ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يُكَلَّفُ تَحَرِّيَ غَيْرِ مَحَلِّهِ. وَلَوْ تَنَجَّسَ ثَوْبُهُ بِغَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ وَلَمْ يَجِدْ مَا يُطَهِّرُهُ بِهِ وَجَبَ قَطْعُ مَحَلِّهِ إنْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ بِالْقَطْعِ فَوْقَ أُجْرَةِ سُتْرَةٍ يُصَلِّي بِهَا لَوْ اكْتَرَاهَا كَمَا قَالَاهُ تَبَعًا لِلْمُتَوَلِّي، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إنَّ الصَّوَابَ اعْتِبَارُ أَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْ ثَمَنِ الْمَاءِ لَوْ اشْتَرَاهُ مَعَ أُجْرَةِ غَسْلِهِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَوْ انْفَرَدَ وَجَبَ تَحْصِيلُهُ، وَأَنْكَرَ الشَّاشِيُّ كَلَامَ الْمُتَوَلِّي وَقَالَ: الْوَجْهُ أَنْ يَعْتَبِرَ ثَمَنَ الثَّوْبِ لَا أُجْرَتَهُ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ شِرَاؤُهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ، وَقَيَّدَا وُجُوبَ الْقَطْعِ أَيْضًا بِحُصُولِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ بِالطَّاهِرِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُتَوَلِّي، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بِنَاءٍ عَلَى أَنَّ مَنْ وَجَدَ مَا يَسْتُرُ بِهِ بَعْضَ الْعَوْرَةِ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ. (وَلَوْ) (اشْتَبَهَ) عَلَيْهِ (طَاهِرٌ وَنَجِسٌ) مِنْ ثَوْبَيْنِ أَوْ بَيْتَيْنِ (اجْتَهَدَ) فِيهِمَا لِلصَّلَاةِ قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ كَمَا فِي الْأَوَانِي وَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ الْكَلَامُ ثَمَّ، ـــــــــــــــــــــــــــــSوَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مُتَأَخِّرٌ عَنْهُ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ فِي طَبَقَاتِهِ فِي تَرْجَمَةِ الْحَنَّاطِيِّ: قَدِمَ بَغْدَادَ فِي أَيَّامِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ، وَقَالَ فِي تَرْجَمَةِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ: إنَّهُ مَاتَ سَنَةَ اثْنَيْنِ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَقَالَ فِي تَرْجَمَةِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: إنَّهُ مَاتَ سَنَةَ سِتِّينَ وَسِتِّمِائَةٍ، فَقَوْلُهُ هُنَا وَبِهِ أَفْتَى الْحَنَّاطِيُّ: مَعْنَاهُ أَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَهُ تَبَعًا لِلْحَنَّاطِيِّ، أَوْ قَالَهُ فَوَافَقَهُ قَوْلُ الْحَنَّاطِيِّ، وَقَوْلُهُ: الْحَنَّاطِيُّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي طَبَقَاتِهِ: هُوَ الْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدٌ الطَّبَرِيُّ، وَهُوَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ: مَعْنَاهُ الْحَنَّاطُ كَالْخَبَّازِ وَالْبَقَّالِ، وَلَكِنَّ الْعَجَمَ يَزِيدُونَ عَلَيْهِ يَاءَ النَّسَبِ أَيْضًا فَيُعَبِّرُونَ مَثَلًا عَنْ الَّذِي يُقَصِّرُ الثِّيَابَ بِالْقَصَّارِ مَرَّةً وَبِالْقَصَّارِي أُخْرَى. قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: لَعَلَّ أَنَّ بَعْضَ أَجْدَادِهِ كَانَ يَبِيعُ الْحِنْطَةَ. اهـ بِاخْتِصَارٍ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَكُونَ رَطْبًا) أَيْ فَمَعَ الرُّطُوبَةِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ لَا يُعْفَى عَنْهُ، وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ تَعَذَّرَ الْمَشْيُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَوْضِعِ طَهَارَتِهِ كَأَنْ تَوَضَّأَ مِنْ مَطْهَرَةٍ عَمَّ ذَرْقُ الطَّيْرِ الْمَذْكُورِ سَائِرَ أَجْزَاءِ الْمَحَلِّ الْمُتَّصِلِ بِهَا، وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ الْعَفْوُ. أَقُولُ: وَهُوَ قَرِيبٌ لِلْمَشَقَّةِ (قَوْلُهُ: وَمَعَ ذَلِكَ) أَيْ مَعَ اجْتِمَاعِ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: لَا يُكَلَّفُ تَحَرِّي غَيْرِ مَحَلِّهِ) أَيْ فَحَيْثُ كَثُرَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرِهِ بِحَيْثُ يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ لَا يُكَلَّفُ غَيْرَهُ حَتَّى لَوْ كَانَ بَعْضُ أَجْزَاءِ الْمَسْجِدِ خَالِيًا مِنْهُ وَيُمْكِنُهُ الصَّلَاةُ فِيهِ لَا يُكَلَّفُهُ بَلْ يُصَلِّي كَيْفَ اتَّفَقَ، وَإِنْ صَادَفَ مَحَلَّ ذَرْقِ الطَّيْرِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ عَمَّ الذَّرْقُ الْمَحَلَّ، فَلَوْ اشْتَمَلَ الْمَسْجِدُ مَثَلًا عَلَى جِهَتَيْنِ إحْدَاهُمَا خَالِيَةٌ مِنْ الذَّرْقِ وَالْأُخْرَى مُشْتَمِلَةٌ عَلَيْهِ وَجَبَ قَصْدُ الْخَالِيَةِ لِيُصَلِّيَ فِيهَا إذْ لَا مَشَقَّةَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا ذَكَرَهُ فِي الِاسْتِقْبَالِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: ثَمَنَ الثَّوْبِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ ثَمَنُ ثَوْبٍ يَشْتَرِيهِ مِمَّا يُمْكِنُ الِاسْتِتَارُ بِهِ، فَإِذَا فُرِضَ أَنَّ الثَّوْبَ الْمُتَنَجِّسَ إذَا قُطِعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQرَتَّبَ هَذَا عَلَى خَبَرِ «تَنَزَّهُوا مِنْ الْبَوْلِ» وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَعَمَّدَ الْمَشْيَ عَلَيْهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ اشْتِرَاطِ طَهَارَةِ مَكَانِهَا، وَأَيْضًا اشْتِرَاطُ عَدَمِ تَعَمُّدِ الْمَشْيِ عَلَيْهَا مَعَ الْجَفَافِ لَا مَعْنَى لَهُ إلَّا فِيهَا، وَحِينَئِذٍ لَا وَجْهَ لِلتَّعْبِيرِ بِالْمَشْيِ هُنَا إذْ لَا مَشْيَ فِي الصَّلَاةِ، وَلَا يَصِحُّ إرَادَةُ الْمَشْيِ إلَى مَحَلِّ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ إنْ كَانَتْ رَطْبَةً فَالْكَلَامُ عَلَيْهَا سَيَأْتِي، وَإِنْ كَانَتْ جَافَّةً فَإِنْ عَلِقَتْ بِرِجْلِهِ خَرَجَ عَنْ فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ نَجَاسَةِ الْمَحَلِّ إلَى نَجَاسَةِ الْبَدَنِ وَإِنْ لَمْ تَعْلَقْ بِرِجْلِهِ فَلَا تَضُرُّهُ فِي صَلَاةٍ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَعْفُوٍّ عَنْهَا. وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّارِحَ ذَكَرَ هَذِهِ الْعِبَارَةَ بِعَيْنِهَا فِي شَرْحِهِ لِإِيضَاحِ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَنَاسِكِ بِالنِّسْبَةِ لِلطَّوَافِ، فَلَعَلَّهُ نَقَلَ الْعِبَارَةَ بِرُمَّتِهَا إلَى هُنَا، وَلَمْ يُغَيِّرْ لَفْظَ الْمَشْيِ لِسَبْقِ الْقَلَمِ أَوْ نَحْوِهِ، وَسَتَأْتِي لَهُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ أَيْضًا فِي كِتَابِ الْحَجِّ مِنْ هَذَا الشَّرْحِ فِي الْكَلَامِ عَلَى

وَلَوْ صَلَّى فِيمَا ظَنَّهُ طَاهِرًا مِمَّا ذُكِرَ بِالِاجْتِهَادِ ثُمَّ حَضَرَتْ صَلَاةٌ أُخْرَى لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ تَجْدِيدُ الِاجْتِهَادِ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الْمِيَاهِ حَيْثُ يُجَدِّدُهُ فِيهَا لِكُلِّ فَرْضٍ، إذْ بَقَاءُ الثَّوْبِ وَالْمَكَانِ بِمَنْزِلَةِ بَقَائِهِ مُتَطَهِّرًا، فَلَوْ اجْتَهَدَ فَتَغَيَّرَ ظَنُّهُ عَمِلَ بِالثَّانِي فَيُصَلِّي فِي الْآخَرِ مِنْ غَيْرِ إعَادَةٍ كَمَا لَا تَجِبُ إعَادَةُ الْأُولَى، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ نَقْضُ اجْتِهَادٍ بِاجْتِهَادٍ بِخِلَافِ الْمِيَاهِ. وَلَوْ غَسَلَ أَحَدَ ثَوْبَيْنِ بِاجْتِهَادٍ صَحَّتْ صَلَاتُهُ فِيهِمَا وَلَوْ مَعَ جَمْعِهِمَا عَلَيْهِ، وَلَوْ اجْتَهَدَ فِي الثَّوْبَيْنِ وَنَحْوِهِمَا فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ صَلَّى عَارِيًّا وَفِي أَحَدِ الْبَيْتَيْنِ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَلَزِمَتْهُ الْإِعَادَةُ؛ لِكَوْنِهِ مُقَصِّرًا بِعَدَمِ إدْرَاكِ الْعَلَامَةِ؛ وَلِأَنَّ مَعَهُ ثَوْبًا وَمَكَانًا طَاهِرًا بِيَقِينٍ. وَلَوْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ اثْنَانِ تَنَجَّسَ بَدَنُ أَحَدِهِمَا وَأَرَادَ أَنْ يَقْتَدِيَ بِأَحَدِهِمَا اجْتَهَدَ بَيْنَهُمَا وَعَمِلَ بِمَا ظَهَرَ لَهُ، فَإِنْ صَلَّى خَلْفَ أَحَدِهِمَا ثُمَّ تَغَيَّرَ ظَنُّهُ إلَى الْآخَرِ جَازَ لَهُ الِاقْتِدَاءُ بِالْآخَرِ مِنْ غَيْرِ إعَادَةٍ، كَمَا لَوْ صَلَّى لِلْقِبْلَةِ بِاجْتِهَادٍ ثُمَّ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ لِجِهَةٍ أُخْرَى فَإِنْ تَحَيَّرَ صَلَّى مُنْفَرِدًا. (وَلَوْ) (نَجِسَ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا (بَعْضُ ثَوْبٍ أَوْ) بَعْضُ (بَدَنٍ) أَوْ مَكَان ضَيِّقٍ (وَجَهِلَ) ذَلِكَ الْبَعْضَ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ (وَجَبَ غَسْلُ كُلِّهِ) لِتَصِحَّ صَلَاتُهُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النَّجَاسَةِ مَا بَقِيَ جُزْءٌ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ غَسْلٍ، هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ انْحِصَارَهَا فِي وَاحِدٍ مِنْ مُنْحَصِرَيْنِ كَأَحَدِ كُمَّيْهِ أَوْ مَوْضِعٍ مِنْ مُقَدَّمِ الثَّوْبِ أَوْ مُؤَخَّرِهِ، فَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ غَسْلُ سِوَى مَا أَشْكَلَ، وَلَوْ أَصَابَ شَيْءٌ رَطْبٌ طَرَفًا مِنْ هَذَا الثَّوْبِ أَوْ الْبَدَنَ لَمْ يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ؛ لِأَنَّا لَا نَتَيَقَّنُ نَجَاسَةَ مَوْضِعِ الْإِصَابَةِ، وَلَوْ شَقَّ الثَّوْبَ الْمَذْكُورَ نِصْفَيْنِ لَمْ يَجُزْ الِاجْتِهَادُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَكُونُ الشَّقُّ فِي مَحَلِّ النَّجَاسَةِ فَيَكُونَانِ نَجِسَيْنِ، أَمَّا إذَا كَانَ الْمَكَانُ وَاسِعًا فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ، وَإِنَّمَا هُوَ سُنَّةٌ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِلَا اجْتِهَادٍ فِيهِ، وَالْأَحْسَنُ فِي ضَبْطِ الْوَاسِعِ وَالضَّيِّقِ بِالْعُرْفِ، وَإِنْ ادَّعَى ابْنُ الْعِمَادِ أَنَّ الْمُتَّجَهَ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إنْ بَلَغَتْ بِقَاعَ الْمَوْضِعِ لَوْ فُرِّقَتْ حَدَّ الْعَدَدِ غَيْرِ الْمُنْحَصِرِ فَوَاسِعٌ، وَإِلَّا فَضَيِّقٌ، وَتُقَدَّرُ كُلُّ بُقْعَةٍ بِمَا يَسَعُ الْمُصَلِّي. انْتَهَى. وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي: إذَا جَوَّزْنَا الصَّلَاةَ فِي الْمُتَّسَعِ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ إلَى أَنْ يَبْقَى ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُتَنَجِّسُ مِنْهُ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مَثَلًا وَزَادَتْ تِلْكَ الدَّرَاهِمُ عَلَى أُجْرَةِ السُّتْرَةِ وَعَلَى ثَمَنِ الْمَاءِ وَعَلَى أُجْرَةِ مَنْ يَغْسِلُ مِنْهَا لَمْ تَزِدْ عَلَى ثَمَنِ مَا يَسْتَتِرُ بِهِ وَجَبَ قَطْعُهُ، وَيُحْتَمَلُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ نَفْسُ الثَّوْبِ الَّذِي مَعَهُ، فَإِنْ نَقَصَ بِقَطْعِهِ فَوْقَ أُجْرَةِ الثَّوْبِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ، وَثَمَنِ الْمَاءِ الَّذِي يَغْسِلُهُ بِهِ، وَأُجْرَةِ مَنْ يَغْسِلُهُ لَمْ يَجِبْ قَطْعُهُ، وَإِلَّا وَجَبَ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَسَلَ أَحَدٌ ثَوْبَيْنِ بِاجْتِهَادٍ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ بِاجْتِهَادٍ مَا لَوْ هَجَمَ وَغَسَلَ أَحَدُهُمَا فَلَيْسَ لَهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ وَلَمْ يَفْعَلْهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَغَيَّرَ ظَنُّهُ) أَيْ وَلَوْ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: جَازَ لَهُ الِاقْتِدَاءُ بِالْآخَرِ) أَيْ بِأَنْ يُدْخِلَ نَفْسَهُ فِي الْقُدْوَةِ بِهِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ مَعَ بَقَائِهَا عَلَى الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ بِتَغَيُّرِ ظَنِّهِ صَارَ مُنْفَرِدًا بِاعْتِقَادِهِ بُطْلَانَ صَلَاةِ إمَامِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَحَيَّرَ صَلَّى مُنْفَرِدًا) أَيْ سَوَاءٌ حَصَلَ التَّحَيُّرُ ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ حُصُولِ الْقُدْوَةِ بِأَحَدِهِمَا بِالِاجْتِهَادِ، ثُمَّ طَرَأَ التَّحَيُّرُ بِأَنْ شَكَّ فِي إمَامِهِ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ طَهَارَةُ الثَّانِي وَحِينَئِذٍ يُكْمِلُ صَلَاتَهُ مُنْفَرِدًا. (قَوْلُهُ: وَكَسْرِهَا) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّا لَا نَتَيَقَّنُ نَجَاسَةَ مَوْضِعِ الْإِصَابَةِ) مِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ تَعَلَّقَ بِهِ صَبِيٌّ أَوْ هِرَّةٌ لَمْ يَعْلَمْ نَجَاسَةَ مَنْفَذِهِمَا لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا تَعَارَضَ فِيهِ الْأَصْلُ وَالْغَالِبُ إذْ الْأَصْلُ الطَّهَارَةُ وَالْغَالِبُ النَّجَاسَةُ، وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا لَمْ يَعْلَمْ نَجَاسَةَ مَنْفَذِهِمَا مَا لَوْ عَلِمَهُ ثُمَّ غَابَتْ الْهِرَّةُ وَالطِّفْلُ زَمَنًا يُمْكِنُ فِيهِ غَسْلُ مَنْفَذِهِمَا فَهُوَ بَاقٍ عَلَى نَجَاسَتِهِ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَعَلُّقِهِمَا بِالْمُصَلِّي وَلَا نَحْكُمُ بِنَجَاسَةِ مَا أَصَابَ مَنْفَذَهُمَا كَالْهِرَّةِ إذَا أَكَلَتْ فَأْرَةً ثُمَّ غَابَتْ غَيْبَةً يُمْكِنُ طُهْرُ فَمِهَا فِيهَا (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ الْمَكَانُ وَاسِعًا) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: أَوْ مَكَان ضَيِّقٍ (قَوْلُهُ: وَالضِّيقُ بِالْعُرْفِ) أَيْ ضَبَطَهُ بِالْعُرْفِ وَفِي نُسْخَةٍ أَنْ يُضْبَطَ بِالْعُرْفِ (قَوْلُهُ: إذَا جَوَّزْنَا الصَّلَاةَ) يُشْعِرُ بِأَنَّ فِي جَوَازِ الصَّلَاةِ فِيهِ خِلَافًا وَلَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــQالطَّوَافِ، وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ حَجّ هُنَا: وَلَمْ يَتَعَمَّدْ مُلَامَسَتَهُ (قَوْلُهُ: وَفِي أَحَدِ الْبَيْتَيْنِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ غَيْرُهُمَا بِأَنْ كَانَ مَحْبُوسًا. (قَوْلُهُ: أَوْ مَكَانٌ ضَيِّقٌ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ بِمِقْدَارِ مَا يَسَعُ الصَّلَاةَ فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

مَوْضِعٌ قَدْرَ النَّجَاسَةِ (فَلَوْ ظَنَّ) بِالِاجْتِهَادِ (طَرَفًا) مِنْ مَوْضِعَيْنِ مُتَمَيِّزَيْنِ فَأَكْثَرُ أَحَدِ طَرَفَيْ ثَوْبِهِ أَوْ كُمَّيْهِ أَوْ يَدَيْهِ أَوْ أَصَابِعِهِ (لَمْ يَكْفِ غَسْلُهُ عَلَى الصَّحِيحِ) إذْ الِاجْتِهَادُ إنَّمَا يَكُونُ فِي مُتَعَدِّدٍ وَمَا هُنَا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ، فَلَوْ فَصَلَ أَحَدَ كُمَّيْهِ ثُمَّ اجْتَهَدَ جَازَ لِلتَّعَدُّدِ حِينَئِذٍ، وَإِذَا ظَنَّ نَجَاسَةَ أَحَدِهِمَا وَغَسَلَهُ جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِمَا وَلَهُ جَمْعُهُمَا كَالثَّوْبَيْنِ. (وَلَوْ) (غَسَلَ) بَعْضَ شَيْءٍ مُتَنَجِّسٍ كَأَنْ غَسَلَ (نِصْفَ) ثَوْبٍ (نَجِسٍ ثُمَّ) غَسَلَ (بَاقِيه) (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ غَسَلَ مَعَ بَاقِيهِ مُجَاوِرَهُ) مِمَّا غَسَلَ أَوَّلًا (طَهُرَ كُلُّهُ، وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَغْسِلْ مَعَهُ مُجَاوِرَهُ (فَغَيْرُ الْمُنْتَصَفِ) بِفَتْحِ الصَّادِ يَطْهُرُ فَقَطْ، وَهُوَ طَرَفَاهُ وَيَبْقَى الْمُنْتَصَفُ نَجِسًا حَيْثُ كَانَتْ النَّجَاسَةُ مُحَقَّقَةً فَيَغْسِلُهُ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ رَطْبٌ لَاقَى نَجَسًا، وَلَوْ تَنَجَّسَ بَعْضُ ثَوْبِهِ وَجَهِلَ مَحَلَّ النَّجَاسَةِ اجْتَنَبَهُ؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا نَجَاسَتَهُ وَلَمْ نَتَيَقَّنْ طَهَارَتَهُ. وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ لَاقَى بَعْضُهُ رَطْبًا لَا يُنَجِّسُهُ عَمَلًا بِالْأَصْلِ إذْ لَا تَنَجُّسَ بِالشَّكِّ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يَطْهُرُ مُطْلَقًا حَتَّى يَغْسِلَهُ دَفْعَةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ الرُّطُوبَةَ تَسْرِي. وَرُدَّ بِأَنَّ نَجَاسَةَ الْمُجَاوِرِ لَا تَتَعَدَّى لِمَا بَعْدَهُ كَالسَّمْنِ الْجَامِدِ يُنَجِّسُ مَا حَوْلَ النَّجَاسَةِ فَقَطْ، ثُمَّ مَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَالتَّحْقِيقِ حَيْثُ غَسَلَهُ بِالصَّبِّ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ إنَاءٍ، فَإِنْ غَسَلَهُ فِي إنَاءٍ مِنْ نَحْوِ جَفْنَةٍ بِأَنْ وَضَعَ نِصْفَهُ ثُمَّ صَبَّ عَلَيْهِ مَا يَغْمُرُهُ لَمْ يَطْهُرْ حَتَّى يَغْسِلَ دَفْعَةً كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ فِي الْمَجْمُوعِ، إذْ كَلَامُهُ مُقَيِّدٌ لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ مَا فِي نَحْوِ الْجَفْنَةِ مُلَاقٍ لَهُ الثَّوْبَ الْمُتَنَجِّسَ، وَهُوَ وَارِدٌ عَلَى مَاءٍ قَلِيلٍ فَيُنَجِّسُهُ وَحَيْثُ تَنَجَّسَ الْمَاءُ لَمْ يَطْهُرْ الثَّوْبُ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ خِلَافًا لِلشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (وَلَا تَصِحُّ) (صَلَاةُ مُلَاقٍ بَعْضَ لِبَاسِهِ) أَوْ بَدَنِهِ أَوْ مَحْمُولِهِ (نَجَاسَةً) فِي جُزْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ (وَإِنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ) كَطَرَفِ ذَيْلِهِ أَوْ كُمِّهِ أَوْ عِمَامَتِهِ الطَّوِيلِ، وَكَذَا لَوْ فَرَشَ ثَوْبًا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ إذَا جَوَّزْنَا بِأَنْ حُكِمَ بِاتِّسَاعِهِ إمَّا عُرْفًا أَوْ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ، وَقَوْلُهُ إذَا جَوَّزْنَا مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَتْ النَّجَاسَةُ مُحَقَّقَةً) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ تَنَجَّسَ بَعْضُ الثَّوْبِ وَاشْتَبَهَ فَغَسَلَ نِصْفَهُ ثُمَّ بَاقِيهِ طَهُرَ كُلُّهُ، وَإِنْ لَمْ يَغْسِلْ الْمُنْتَصَفَ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ نَجَاسَةِ مُجَاوِرِ الْمَغْسُولِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا نُنَجِّسُ بِالشَّكِّ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: وَيُفَارِقُ مَا لَوْ صَلَّى عَلَيْهِ حَيْثُ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ، وَإِنْ احْتَمَلَ أَنَّ الْمَحَلَّ الَّذِي صَلَّى عَلَيْهِ طَاهِرٌ بِأَنَّ الشَّكَّ فِي النَّجَاسَةِ مُبْطِلٌ الصَّلَاةَ دُونَ الطَّهَارَةِ انْتَهَى. أَقُولُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَلَيْهِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ أَوْ مَسَّهُ فِيهَا بَطَلَتْ أَيْضًا. وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَمَّا أُعْطَى حُكْمَ الْمُتَنَجِّسِ جَمِيعُهُ وَجَبَ اجْتِنَابُهُ فِي الصَّلَاةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَنَجَّسْ مَا مَسَّهُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الِاجْتِنَابِ التَّنَجُّسُ كَمَا فِي النَّجَسِ الْجَافِّ، إلَّا أَنَّ ذَلِكَ مُشْكِلٌ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ بَعْدَ مَسِّهِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُنَجِّسُ مَا مَسَّهُ، وَحِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الشَّكَّ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ أَقْوَى مِنْهُ فِي الصَّلَاةِ مَعَ مَسِّهِ قَبْلَهَا أَوْ فِي أَثْنَائِهَا مَعَ مُفَارَقَتِهِ وَفِيهِ مَا فِيهِ. وَأَمَّا الْوُقُوفُ عَلَيْهِ فِي أَثْنَائِهَا مَعَ الِاسْتِمْرَارِ فَمَوْضِعُ نَظَرٍ، وَالْمُتَّجَهُ مَعْنًى أَنَّهُ حَيْثُ أَحْرَمَ خَارِجَهُ ثُمَّ مَسَّهُ أَوْ أَكْمَلَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ صِحَّتُهَا لِلشَّكِّ فِي الْمُبْطِلِ بَعْدَ الِانْعِقَادِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا فِي نَحْوِ الْجَفْنَةِ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ صَبَّ الْمَاءَ عَلَى مَوْضِعٍ مِنْ الثَّوْبِ مُرْتَفِعٍ عَنْ الْإِنَاءِ وَانْحَدَرَ عَنْهُ الْمَاءُ حَتَّى اجْتَمَعَ فِي الْجَفْنَةِ، وَلَمْ يَصِلْ الْمَاءُ إلَى مَا فَوْقَ الْمَغْسُولِ مِنْ الثَّوْبِ طَهُرَ، وَقَدْ نَقَلَ ذَلِكَ سم عَنْ الشَّارِحِ فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلشَّيْخِ) أَيْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ: وَلَوْ غَسَلَ نِصْفَهُ أَوْ نِصْفَ ثَوْبٍ نَجِسٍ ثُمَّ النِّصْفُ الثَّانِي بِمَا جَاوَرَهُ طَهُرَ مَا نَصُّهُ سَوَاءٌ غَسَلَهُ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ جَفْنَةٍ أَمْ فِيهَا. وَمَا وَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْأَوَّلِ مَرْدُودٌ كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَتْ النَّجَاسَةُ مُحَقَّقَةً) أَيْ فِي مَحَلِّ الْمُنْتَصَفِ، وَخَرَجَ بِهِ مَا إذَا جُهِلَتْ فَلَا يَكُونُ الْمُنْتَصَفُ نَجِسًا لَكِنَّهُ يُجْتَنَبُ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ: وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى النِّصْفَيْنِ فَقَطْ طَهُرَ الطَّرَفَانِ وَبَقِيَ الْمُنْتَصَفُ نَجِسًا فِي صُورَةِ الْيَقِينِ وَمُجْتَنَبًا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى: يَعْنِي صُورَةَ الِاشْتِبَاهِ، فَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِمَّا يُخَالِفُ هَذَا لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ.

مُهَلْهَلًا عَلَيْهِ وَمَاسَّهُ مِنْ الْفَرْجِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ فَرَشَهُ عَلَى حَرِيرٍ اُتُّجِهَ بَقَاءُ التَّحْرِيمِ وَفَارَقَ صِحَّةَ سُجُودِهِ عَلَى مَا لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ بِأَنَّ اجْتِنَابَ النَّجَاسَةِ فِيهَا شَرْعٌ لِلتَّعْظِيمِ، وَهَذَا يُنَافِيهِ، وَالْمَطْلُوبُ فِي السُّجُودِ الِاسْتِقْرَارُ عَلَى غَيْرِهِ وَالْمَقْصُودُ حَاصِلٌ بِذَلِكَ (وَلَا) تَصِحُّ صَلَاةُ نَحْوِ (قَابِضٍ طَرَفَ شَيْءٍ) كَحَبْلٍ طَرَفُهُ الْآخَرُ نَجِسٌ أَوْ مَوْضُوعٌ (عَلَى نَجِسٍ إنْ تَحَرَّكَ) ذَلِكَ (بِحَرَكَتِهِ وَكَذَا إنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ) بِهَا لِحَمْلِهِ مَا هُوَ مُتَّصِلٌ بِهَا (فِي الْأَصَحِّ) فَكَأَنَّهُ حَامِلٌ لَهَا، وَمِثْلُهُ قَابِضٌ عَلَى حَبْلٍ مُتَّصِلٍ بِمَيْتَةٍ أَوْ مَشْدُودٍ بِكَلْبٍ وَلَوْ بِسَاجُورِهِ أَوْ مَشْدُودٍ بِدَابَّةٍ أَوْ سَفِينَةٍ صَغِيرَةٍ بِحَيْثُ تَنْجَرُّ بِجَرِّهِ. وَالثَّانِي تَصِحُّ؛ لِأَنَّ الطَّرَفَ الْمُلَاقِيَ لِلنَّجَاسَةِ غَيْرُ مَحْمُولٍ لَهُ، بِخِلَافِ السَّفِينَةِ الْكَبِيرَةِ الَّتِي لَا تَنْجَرُّ بِجَرِّهِ فَإِنَّهَا كَالدَّارِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ فِي الْبَرِّ أَمْ فِي الْبَحْرِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ. وَلَوْ كَانَ الْحَبْلُ عَلَى مَوْضِعٍ طَاهِرٍ مِنْ نَحْوِ حِمَارٍ وَعَلَيْهِ نَجَاسَةٌ فِي مَحَلٍّ آخَرَ فَعَلَى الْخِلَافِ فِي السَّاجُورِ (فَلَوْ جَعَلَهُ) أَيْ طَرَفَ مَا تَنَجَّسَ طَرَفَهُ الْآخَرَ أَوْ الْكَائِنَ عَلَى نَجِسٍ (تَحْتَ رِجْلِهِ) مَثَلًا (صَحَّتْ) صَلَاتُهُ (مُطْلَقًا) ، وَإِنْ تَحَرَّكَ بِحَرَكَتِهِ لِعَدَمِ كَوْنِهِ لَابِسًا أَوْ حَامِلًا لَهُ فَأَشْبَهَ مَنْ صَلَّى عَلَى نَحْوِ بِسَاطٍ طَرَفُهُ نَجِسٌ أَوْ مَفْرُوشٌ عَلَى نَجِسٍ أَوْ عَلَى سَرِيرٍ تَحْتَ قَوَائِمِهِ أَوْ بِهَا نَجَسٌ، وَلَوْ حُبِسَ بِمَحَلٍّ نَجِسٍ صَلَّى وَتَجَافَى عَنْ النَّجَسِ قَدْرَ مَا يُمْكِنُهُ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ وَضْعُ جَبْهَتِهِ بِالْأَرْضِ بَلْ يَنْحَنِي لِلسُّجُودِ إلَى قَدْرٍ لَوْ زَادَ عَلَيْهِ لَاقَى النَّجَسَ ثُمَّ يُعِيدُ، قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ كَمَا مَرَّ. (وَلَا يَضُرُّ) فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ (نَجَسٌ يُحَاذِي صَدْرَهُ) مَثَلًا (فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ) أَوْ غَيْرِهِمَا (عَلَى الصَّحِيحِ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ حَامِلٍ وَلَا مُلَاقٍ لِذَلِكَ. نَعَمْ تُكْرَهُ الصَّلَاةُ مَعَ مُحَاذَاتِهِ كَاسْتِقْبَالِ مُتَنَجِّسٍ أَوْ نَجِسٍ. وَالثَّانِي يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ مَنْسُوبٌ لَهُ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ صَلَّى مَاشِيًا وَبَيْنَ خُطُوَاتِهِ نَجَاسَةٌ. قَالَ بَعْضُهُمْ: ـــــــــــــــــــــــــــــSشَرْحِ الْبَهْجَةِ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ قَابِضٌ عَلَى حَبْلٍ مُتَّصِلٍ بِمَيْتَةٍ) حُكْمُ هَذِهِ وَمَا بَعْدَهَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ وَلَا قَابِضِ طَرَفِ شَيْءٍ عَلَى نَجِسٍ إلَخْ، نَعَمْ مَسْأَلَةُ السَّاجُورِ لَمْ يُعْلَمْ حُكْمُهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِسَاجُورِهِ) ، وَهُوَ مَا يُجْعَلُ فِي رَقَبَةِ الْكَلْبِ مِنْ خَشَبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ مَشْدُودٌ بِدَابَّةٍ) أَيْ بَعْضُ بَدَنِهَا مُتَنَجِّسٌ وَلَوْ الْمَنْفَذَ (قَوْلُهُ: فَعَلَى الْخِلَافِ فِي السَّاجُورِ) وَالرَّاجِحُ مِنْهُ أَنَّهُ إنْ شَدَّ بِهِ ضَرَّ، وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ حُبِسَ بِمَحَلٍّ نَجِسٍ صَلَّى) أَيْ الْفَرْضَ فَقَطْ (قَوْلُهُ: لَوْ زَادَ عَلَيْهِ لَاقَى النَّجِسَ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَضَعُ رُكْبَتَيْهِ بِالْأَرْضِ وَلَا كَفَّيْهِ وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ فَتَاوَى الشَّارِحِ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: كَاسْتِقْبَالِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ قَابِضٌ عَلَى حَبْلٍ مُتَّصِلٍ بِمَيْتَةٍ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَمِنْهُ بَدَلَ وَمِثْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمَذْكُورَاتِ مِنْ أَفْرَادِ مَا ذَكَرَهُ قَبْلُ نَعَمْ مَسْأَلَةُ السَّاجُورِ لَيْسَتْ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِسَاجُورِهِ) اُنْظُرْ هَلْ السَّاجُورُ قَيْدٌ أَوْ لَا فَيَكُونُ مِثْلَهُ مَا لَوْ كَانَ مَشْدُودًا بِحَبْلٍ مَوْضُوعٍ عَلَى الْكَلْبِ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ قَابِضٌ عَلَى حَبْلٍ مَوْصُولٍ مَوْضُوعٍ عَلَى الْكَلْبِ إذْ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْحَبْلِ الْمَوْضُوعِ عَلَى النَّجَاسَةِ الَّذِي هُوَ قَابِضٌ لَهُ أَنْ يَكُونَ قِطْعَةً وَاحِدَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ السَّابِقِ أَوْ مَوْضُوعٌ عَلَى نَجِسٍ. وَاعْلَمْ أَنَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ هُنَا هِيَ عِبَارَةُ الرَّوْضِ. قَالَ شَارِحُهُ عَقِبَهُ: وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ مَشْدُودٌ بَلْ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ. اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ وَضَعَ حَبْلًا عَلَى سَاجُورِ الْكَلْبِ أَنَّهَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَشُدَّهُ بِهِ، لَكِنْ فِي شَرْحِ الشِّهَابِ حَجّ التَّصْرِيحُ بِخِلَافِهِ، وَلَعَلَّ الشَّارِحَ قَيَّدَ بِالشَّدِّ مَعَ اطِّلَاعِهِ عَلَى كَلَامِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ لِعَدَمِ اعْتِمَادِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَشْدُودٌ بِدَابَّةٍ أَوْ سَفِينَةٍ صَغِيرَةٍ) أَيْ يَحْمِلَانِ نَجِسًا، قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: أَوْ مُتَّصِلًا بِهِ اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى السَّفِينَةِ أَوْ الدَّابَّةِ طَرَفُ حَبْلٍ طَاهِرٍ وَطَرَفُهُ الْآخَرُ مَوْضُوعٌ عَلَى نَجَاسَةٍ بِالْأَرْضِ مَثَلًا وَقَبَضَ الْمُصَلِّ حَبْلًا آخَرَ طَاهِرًا مَشْدُودًا بِهَا بَلْ أَوْ مَوْضُوعًا عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ شَدٍّ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ أَنَّهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ فَلْيُرَاجَعْ

وَعُمُومُ كَلَامِهِمْ يَتَنَاوَلُ السَّقْفَ وَلَا قَائِلَ بِهِ. وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ تَارَةً يَقْرَبُ مِنْهُ بِحَيْثُ يُعَدُّ مُحَاذِيًا لَهُ عُرْفًا وَالْكَرَاهَةُ حِينَئِذٍ ظَاهِرَةٌ وَتَارَةً لَا فَلَا كَرَاهَةَ، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ كَرَاهَةُ صَلَاتِهِ بِإِزَاءِ مُتَنَجِّسٍ فِي إحْدَى جِهَاتِهِ إنْ قَرُبَ مِنْهُ بِحَيْثُ يُنْسَبُ إلَيْهِ لَا مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (وَلَوْ) (وَصَلَ عَظْمَهُ) أَيْ عِنْدَ احْتِيَاجِهِ لَهُ لِكَسْرٍ وَنَحْوِهِ (بِنَجِسٍ) مِنْ الْعَظْمِ وَلَوْ مُغَلَّظًا، وَمِثْلُ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى دَهْنُهُ بِمُغَلَّظٍ أَوْ رَبْطُهُ بِهِ (لِفَقْدِ الطَّاهِرِ) الصَّالِحِ لِذَلِكَ (فَمَعْذُورٌ) فِيهِ فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ مَعَهُ لِلضَّرُورَةِ وَلَا يَلْزَمُهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ نَزْعُهُ إذَا وَجَدَ الطَّاهِرَ: أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَخَفْ مِنْ نَزْعِهِ ضَرَرًا خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَلَوْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: إنَّ لَحْمَ الْآدَمِيِّ لَا يَنْجَبِرُ سَرِيعًا إلَّا بِعَظْمِ نَحْوِ كَلْبٍ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَيُتَّجَهُ أَنَّهُ عُذْرٌ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا ذَكَرُوهُ فِي التَّيَمُّمِ فِي بُطْءِ الْبُرْءِ انْتَهَى. وَمَا تَفَقَّهَهُ مَرْدُودٌ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ، وَعَظْمُ غَيْرِهِ مِنْ الْآدَمِيِّينَ فِي تَحْرِيمِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ حَيْثُ عُدَّ مُسْتَقْبِلًا لَهُ عُرْفًا أَخْذًا مِمَّا ذَكَرَهُ فِي السَّقْفِ وَمِنْ قَوْلِهِ وَعُلِمَ مِنْ إلَخْ (قَوْلُهُ: يَتَنَاوَلُ السَّقْفَ) أَيْ فَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ تَحْتَهُ إذَا كَانَ مُتَنَجِّسًا (قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ) أَيْ قَوْلُهُ: وَلَا قَائِلَ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَصَلَ عَظْمَهُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْوَاصِلُ غَيْرَ مَعْصُومٍ لَكِنْ قَيَّدَهُ حَجّ بِالْمَعْصُومِ، وَلَعَلَّ عَدَمَ تَقْيِيدِ الشَّارِحِ بِالْمَعْصُومِ جَرَى عَلَى مَا قَدَّمَهُ فِي التَّيَمُّمِ مِنْ أَنَّ الزَّانِيَ الْمُحْصَنَ وَنَحْوَهُ مَعْصُومٌ عَلَى نَفْسِهِ، وَتَقْيِيدُ حَجّ جَرْيٌ عَلَى مَا قَدَّمَهُ ثَمَّ مِنْ أَنَّهُ مُقَدَّرٌ (قَوْلُهُ: أَيْ عِنْدَ احْتِيَاجِهِ) أَيْ بِأَنْ خَشِيَ مُبِيحَ تَيَمُّمٍ لَوْ لَمْ يَصِلْ بِهِ انْتَهَى حَجّ. وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ النَّجَسُ صَالِحًا وَالظَّاهِرُ كَذَلِكَ، إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ صَلَاحُهُ يُعِيدُ الْعُضْوَ كَمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ شَيْنٍ فَاحِشٍ، وَالثَّانِي صَلَاحُهُ بِمَا ذُكِرَ فَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ الشَّيْنُ الْفَاحِشُ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ، وَإِلَّا فَلَا. وَقَوْلُ حَجّ: بِأَنْ خَشِيَ مُبِيحَ تَيَمُّمٍ وَمِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي التَّيَمُّمِ مَا يُخَافُ مِنْهُ شَيْنٌ فَاحِشٌ فِي عُضْوٍ ظَاهِرٍ. وَالشَّيْنُ: الْأَثَرُ الْمُسْتَكْرَهُ مِنْ تَغَيُّرِ لَوْنٍ أَوْ نُحُولٍ وَاسْتِحْشَافٍ وَثَغْرَةِ تَبْقَى وَلَحْمَةٍ تَزِيدُ، وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ إذَا خَشِيَ الشَّيْنَ فِي الْعُضْوِ الْبَاطِنِ كَأَنْ انْكَسَرَ ضِلْعُهُ مَثَلًا وَاحْتَاجَ لِوَصْلِهِ بِالنَّجِسِ أَوْ حَصَلَ لَهُ كِبَرٌ فِي الْأُنْثَيَيْنِ مَثَلًا وَاحْتَاجَ لِدَهْنِهِمَا بِالنَّجِسِ لَا يَجُوزُ لَهُ الْوَصْلُ فِي الْأَوَّلِ وَلَا الدَّهْنُ فِي الثَّانِي، وَلَوْ قِيلَ بِالْجَوَازِ فِيهِمَا لَمْ يَبْعُدْ بَلْ يَقْتَضِيهِ إطْلَاقُهُ فِيمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: فَإِنْ خَافَ ذَلِكَ وَلَوْ نَحْوَ شَيْنٍ أَوْ بُطْءِ بُرْءٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ الْعَظْمِ) وَلَوْ وَجَدَ عَظْمَ مَيْتَةٍ لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهَا وَعَظْمَ مُغَلَّظٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا صَالِحٌ وَجَبَ تَقْدِيمُ الْأَوَّلِ، وَلَوْ وَجَدَ عَظْمَ مَيْتَةِ مَا يُؤْكَلُ وَعَظْمَ مَيْتَةِ مَا لَا يُؤْكَلُ مِنْ غَيْرِ مُغَلِّظٍ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا صَالِحٌ تَخَيَّرَ فِي التَّقْدِيمِ؛ لِأَنَّهُمَا مُسْتَوِيَانِ فِي النَّجَاسَةِ فِيمَا يَظْهَرُ فِيهِمَا، وَكَذَا يَنْبَغِي تَقْدِيمُ عَظْمِ الْخِنْزِيرِ عَلَى الْكَلْبِ لِلْخِلَافِ عِنْدَنَا فِي الْخِنْزِيرِ دُونَ الْكَلْبِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى) لَعَلَّ وَجْهَهَا أَنَّ الْعَظْمَ يَدُومُ وَمَعَ ذَلِكَ عُفِيَ عَنْهُ وَالدُّهْنُ وَنَحْوُهُ مِمَّا لَا يَدُومُ فَهُوَ أَوْلَى بِالْعَفْوِ. (قَوْلُهُ: لِفَقْدِ الطَّاهِرِ) أَيْ بِمَحِلٍّ يَصِلُ إلَيْهِ قَبْلَ تَلَفِ الْعُضْوِ أَوْ زِيَادَةِ ضَرَرِهِ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِيمَنْ عَجَزَ عَنْ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَنَحْوِهَا حَيْثُ قَالُوا: يَجِبُ عَلَيْهِ السَّفَرُ لِلتَّعَلُّمِ، وَإِنْ طَالَ، وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يُطْلَبُ مِنْهُ الْمَاءُ قَبْلَ التَّيَمُّمِ بِمَشَقَّةِ تَكْرَارِ الطَّلَبِ لِلْمَاءِ بِخِلَافِهِ هُنَا. وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ قَوْلُهُ: لِفَقْدِ الطَّاهِرِ، لَمْ يُبَيِّنْ ضَابِطَ الْفَقْدِ وَلَا يَبْعُدُ ضَبْطُهُ بِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ بِلَا مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً. وَيَنْبَغِي وُجُوبُ الطَّلَبِ عِنْدَ احْتِمَالِ وُجُودِهِ لَكِنْ أَيُّ حَدٍّ يَجِبُ الطَّلَبُ مِنْهُ انْتَهَى. أَقُولُ: وَلَا نَظَرَ لِهَذَا التَّوَقُّفِ (قَوْلُهُ: فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ مَعَهُ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكْتَسِ لَحْمًا. وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: اُنْظُرْ قَبْلَ اسْتِتَارِهِ بِاللَّحْمِ لَوْ صَبَّ عَلَيْهِ مَاءً لِغَسْلِهِ فَجَرَى لِلْمَحَلِّ الطَّاهِرِ هَلْ يُطَهِّرُهُ وَيُغْتَفَرُ أَوْ لَا؟ الْوَجْهُ الِاغْتِفَارُ انْتَهَى. وَمِثْلُهُ غَيْرُهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي وَعُفِيَ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ وَلِغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: إذَا وَجَدَ الطَّاهِرَ) قَالَ حَجّ: وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ فِيهِ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً، وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ. اهـ أَيْ وَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِحَمْلِهِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) هُوَ السُّبْكِيُّ تَبَعًا لِلْإِمَامِ وَغَيْرِهِ. اهـ مَنْهَجٌ، وَنَقَلَهُ الْمَحَلِّيُّ عَنْ قَضِيَّةِ كَلَامِ التَّتِمَّةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ قِيَاسُ مَا ذَكَرُوهُ) جَرَى عَلَيْهِ حَجّ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ) لَعَلَّهُ غِلَظُ أَمْرِ النَّجَاسَةِ. (قَوْلُهُ: وَعَظْمُ غَيْرِهِ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الْوَصْلِ بِهِ وَوُجُوبِ نَزْعِهِ كَالْعَظْمِ النَّجِسِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْآدَمِيِّ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُحْتَرَمًا أَوْ لَا كَمُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، فَقَدْ نَصَّ فِي الْمُخْتَصَرِ بِقَوْلِهِ: وَلَا يَصِلُ إلَى مَا انْكَسَرَ مِنْ عَظْمِهِ إلَّا بِعَظْمِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ ذَكِيًّا، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَبْرُ بِعَظْمِ الْآدَمِيِّ مُطْلَقًا، فَلَوْ وَجَدَ نَجِسًا يَصْلُحُ وَعَظْمَ آدَمِيٍّ كَذَلِكَ وَجَبَ تَقْدِيمُ الْأَوَّلِ، وَخِيَاطَةُ الْجُرْحِ وَمُدَاوَاتُهُ بِالنَّجِسِ كَالْجَبْرِ فِي تَفْصِيلِهِ الْمَذْكُورِ. وَكَذَا الْوَشْمُ، وَهُوَ غَرْزُ الْجِلْدِ بِالْإِبْرَةِ حَتَّى يَخْرُجَ ـــــــــــــــــــــــــــــSغَيْرُ الْوَاصِلِ مِنْ الْآدَمِيِّينَ إلَخْ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّ عَظْمَ نَفْسِهِ لَا يَمْتَنِعُ وَصْلُهُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ مَحَلِّ الْوَصْلِ كَأَنْ وَصَلَ عَظْمَ يَدِهِ بِشَيْءٍ مِنْ عَظْمِ رِجْلِهِ مَثَلًا، وَنُقِلَ عَنْ حَجّ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ جَوَازُ ذَلِكَ نَقْلًا عَنْ الْبُلْقِينِيِّ وَغَيْرِهِ. وَعِبَارَةُ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ: وَعَظْمُ الْآدَمِيِّ وَلَوْ مِنْ نَفْسِهِ فِي تَحْرِيمِ الْوَصْلِ بِهِ وَوُجُوبِ نَزْعِهِ كَالنَّجَسِ انْتَهَى. وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ الِامْتِنَاعِ بِعَظْمِ نَفْسِهِ إذَا أَرَادَ نَقْلَهُ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ، أَمَّا إذَا وَصَلَ عَظْمَ يَدِهِ بِيَدِهِ مَثَلًا فِي الْمَحَلِّ الَّذِي أُبِينَ مِنْهُ فَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ؛ لِأَنَّهُ إصْلَاحٌ لِلْمُنْفَصِلِ مِنْهُ وَلِمَحَلِّهِ، وَيَكُونُ هَذَا مِثْلَ رَدِّ عَيْنِ قَتَادَةَ فِي أَنَّهُ قَصَدَ بِهِ إصْلَاحَ مَا خَرَجَ مِنْ عَيْنِ قَتَادَةَ بِرَدِّهِ إلَى مَحَلِّهِ، وَبِهَذَا فَارَقَ مَا لَوْ نَقَلَهُ إلَى غَيْرِ مَوْضِعِهِ، فَإِنَّهُ بِانْفِصَالِهِ حَصَلَ لَهُ احْتِرَامُ وَطَلَبُ مُوَارَاتِهِ، ثُمَّ ظَاهِرُ إطْلَاقِ جَوَازِ الْوَصْلِ لِعَظْمِ الْآدَمِيِّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِهِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، فَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ الْوَصْلُ بِعَظْمِ الْأُنْثَى وَعَكْسُهُ، ثُمَّ يَنْبَغِي إذَا مَسَّهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ، فَإِنْ اكْتَسَى لَحْمًا وَحَلَّتْهُ الْحَيَاةُ صَارَ حُكْمُهُ حُكْمَ بَقِيَّةِ أَجْزَاءِ الرَّجُلِ فَلَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ وَلَا وُضُوءُ غَيْرِهِ مِنْ الرِّجَالِ بِمَسِّهِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا مَكْشُوفًا وَلَمْ تَحِلَّهُ الْحَيَاةُ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى نِسْبَتِهِ لِلْأُنْثَى، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ وَوُضُوءُ غَيْرِهِ بِمَسِّهِ؛ لِأَنَّ الْعُضْوَ الْمُبَانَ لَا يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ بِمَسِّهِ إلَّا إذَا كَانَ مِنْ الْفَرْجِ وَأَطْلَقَ اسْمَهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) مُرَادُهُ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِلُ إلَى مَا انْكَسَرَ إلَخْ) ضَمَّنَهُ مَعْنَى يَضُمُّ فَعَدَاهُ بِإِلَى، وَفِي نُسْخَةٍ: أَيْ مَا انْكَسَرَ، وَهِيَ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إلَخْ) وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْوَصْلُ بِعَظْمِ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، وَلَعَلَّهُ مَنَعَ مِنْ الْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهُ دَلِيلٌ آخَرُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ حَيْثُ وَجَدَ مَا يَصْلُحُ لِلْجَبْرِ وَلَوْ نَجِسًا فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ بَعْدُ فَلَوْ وَجَدَ نَجِسًا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَوْ وَجَدَ نَجِسًا) وَلَوْ مُغَلَّظًا (قَوْلُهُ: وَجَبَ تَقْدِيمُ الْأَوَّلِ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ حَيًّا فَيَجُوزُ قَطْعُ عُضْوِهِ مَثَلًا لِيَصِلَ بِعَظْمِهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْعُدُولُ عَنْهُ إلَى عَظْمِ الْآدَمِيِّ الْمَيِّتِ لِحُرْمَتِهِ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إنَّمَا يَقْطَعُهُ بَعْدَ إزْهَاقِ رُوحِهِ حَيْثُ كَانَ فِي قَطْعِ الْعُضْوِ زِيَادَةُ تَعْذِيبٍ. وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا قَالُوهُ فِي السِّيَرِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ قَتْلُ مَا لَا يُؤْكَلُ لِاِتِّخَاذِ جِلْدِهِ سِقَاءً، وَإِنْ احْتَاجَ إلَيْهِ لِإِمْكَانِ حَمْلِ ذَاكَ عَلَى مُجَرَّدِ الْحَاجَةِ وَمَا هُنَا ضَرُورَةٌ، ثُمَّ قَوْلُهُ: وَجَبَ تَقْدِيمُ الْأَوَّلِ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا عَظْمَ آدَمِيٍّ وَصَلَ بِهِ،، وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا لَوْ وَجَدَ الْمُضْطَرُّ لَحْمَ آدَمِيٍّ، وَيَنْبَغِي تَقَدُّمُ عَظْمِ الْكَافِرِ عَلَى غَيْرِهِ، وَأَنَّ الْعَالِمَ وَغَيْرَهُ سَوَاءٌ وَأَنَّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ النَّبِيِّ (قَوْلُهُ: وَمُدَاوَاتُهُ) وَمِنْهَا دَهْنُهُ وَرَبْطُهُ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْوَشْمُ) أَيْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْجَبْرِ بِالنَّجِسِ فِي تَفْصِيلِهِ الْمَذْكُورِ. قَالَ فِي الذَّخَائِرِ فِي الْعَظْمِ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: هَذَا الْكَلَامُ فِيهِ إذَا فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ فُعِلَ بِهِ بِاخْتِيَارِهِ، فَإِنْ فُعِلَ بِهِ مُكْرَهًا لَمْ تَلْزَمْهُ إزَالَتُهُ قَوْلًا وَاحِدًا. قُلْت: وَفِي مَعْنَاهُ الصَّبِيُّ إذَا وَشَمَتْهُ أُمُّهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ فَبَلَغَ. وَأَمَّا الْكَافِرُ إذَا وَشَمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَبْرُ بِعَظْمِ الْآدَمِيِّ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ الْمُحْتَرَمُ وَغَيْرُهُ، وَأَمَّا مَا اقْتَضَاهُ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ وَإِنْ تَعَيَّنَ فَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْعَظْمِ النَّجِسِ كَمَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ، كَمَا أَنَّ مَا اقْتَضَاهُ أَيْضًا مِنْ مَنْعِ الْجَبْرِ بِغَيْرِ عَظْمِ الْمُزَكَّى لَيْسَ مُرَادًا أَيْضًا. وَفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ أَنَّهُ لَوْ وَصَلَ عَظْمَهُ بِعَظْمِ أُنْثَى يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ وَوُضُوءُ غَيْرِهِ بِمَسِّهِ مَا دَامَ لَمْ تَحُلَّهُ الْحَيَاةُ وَلَمْ يَكْتَسِ بِاللَّحْمِ، وَهُوَ سَهْوٌ لِمَا مَرَّ فِي بَابِ الْحَدَثِ مِنْ أَنَّ الْعُضْوَ الْمَفْصُولَ لَا يَنْقُضُ مَسُّهُ وَلَوْ سَلَّمْنَاهُ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: لَا يَصِحُّ لَهُ وُضُوءٌ مَا دَامَ الْعَظْمُ الْمَذْكُورُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَاسٌّ لَهُ دَائِمًا.

الدَّمُ ثُمَّ يَذْرُ نَحْوَ نِيلَةٍ لِيَزْرَقَّ بِهِ أَوْ يَخْضَرَّ فَفِيهِ تَفْصِيلُ الْجَبْرِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّ بَابَهُ أَوْسَعُ، فَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ فَعَلَ الْوَشْمَ بِرِضَاهُ فِي حَالَةِ تَكْلِيفِهِ وَلَمْ يَخَفْ مِنْ إزَالَتِهِ ضَرَرًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ مَنَعَ ارْتِفَاعَ الْحَدَثِ عَنْ مَحَلِّهِ لِتَنَجُّسِهِ، وَإِلَّا عُذِرَ فِي بَقَائِهِ وَعُفِيَ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ وَلِغَيْرِهِ وَصَحَّتْ طَهَارَتُهُ، وَإِمَامَتُهُ وَحَيْثُ لَمْ يُعْذَرْ فِيهِ وَلَا فِي مَاءٍ قَلِيلًا أَوْ مَائِعًا أَوْ رَطْبًا نَجَّسَهُ كَذَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ وَصَلَهُ بِهِ مَعَ وُجُودِ صَالِحٍ طَاهِرٍ أَوْ مَعَ عَدَمِ الْحَاجَةِ أَصْلًا حَرُمَ عَلَيْهِ لِلتَّعَدِّي وَ (وَجَبَ) عَلَيْهِ (نَزْعُهُ) وَيُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ (إنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا ظَاهِرًا) يُبِيحُ التَّيَمُّمَ، وَإِنْ اكْتَسَى لَحْمًا كَمَا لَوْ حَمَلَ نَجَاسَةً تَعَدَّى بِحَمْلِهَا مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ إزَالَتِهَا، وَكَوَصْلِ الْمَرْأَةِ شَعْرَهَا بِشَعْرٍ نَجِسٍ، فَإِنْ امْتَنَعَ لَزِمَ الْحَاكِمَ نَزْعُهُ لِدُخُولِ النِّيَابَةِ فِيهِ كَرَدِّ الْمَغْصُوبِ، وَلَا اعْتِبَارَ بِأَلَمِهِ حَالًا إنْ أَمِنَ مَآلًا، وَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ حِينَئِذٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSنَفْسَهُ فِي الشِّرْكِ ثُمَّ أَسْلَمَ فَالْمُتَّجَهُ وُجُوبُ الْكَشْطِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ لِتَعَدِّيهِ؛ وَلِأَنَّهُ كَانَ عَاصِيًا بِالْفِعْلِ بِخِلَافِ الْمُكْرَهِ وَالصَّبِيِّ، وَلَوْ وُشِمَ بِاخْتِيَارِهِ، وَهُوَ كَافِرٌ ثُمَّ أَسْلَمَ فَالظَّاهِرُ وُجُوبُهُ لِتَعَدِّيهِ إذْ هُوَ مُكَلَّفٌ انْتَهَى فَلْيُحَرَّرْ سم عَلَى مَنْهَجٍ. [حَادِثَةٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا بِمَا صُورَتُهُ: مَا قَوْلُكُمْ فِي كَيٍّ يَتَعَاطَوْنَهُ بِدِمَشْقَ الشَّامِ يُسَمُّونَهُ بِكَيِّ الْحِمَّصَةِ. وَكَيْفِيَّتُهُ أَنْ يُكْوَى مَوْضِعُ الْأَلَمِ ثُمَّ يُعَفَّنُ مُدَّةً بِمُخِّ الْغَنَمِ ثُمَّ يُجْعَلُ فِيهِ حِمَّصَةٌ تُوضَعُ فِيهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً ثُمَّ تُلْقَى مِنْهُ وَقَدْ عَظُمَتْ الْبَلِيَّةُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَإِذًا حُكْمُ الصَّلَاةِ فِيهَا هَلْ تَكُونُ كَاللُّصُوقِ وَالْمَرْهَمِ فَلَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ لِلصَّلَاةِ زَمَنَ مُكْثِهَا فِي الْمَحَلِّ الْمَكْوِيِّ أَوْ لَا؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ. وَأَقُولُ: يُجَابُ عَنْهُ قِيَاسًا عَلَى مَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّ خِيَاطَةَ الْجُرْحِ وَمُدَاوَاتَهُ بِالنَّجَاسَةِ كَالْجَبْرِ: أَيْ فِي أَنَّهُ إنْ لَمْ يَقُمْ غَيْرُ مَا دَهَنَهُ بِهِ مِنْ النَّجَسِ مَقَامَهُ عُفِيَ عَنْهُ وَلَا يُنَجَّسُ مَا أَصَابَهُ وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ مَعَهُ، إنَّ مَا ذُكِرَ فِي الْحِمَّصَةِ مِثْلُهُ فَإِنْ قَامَ غَيْرُهَا مَقَامَهَا فِي مُدَاوَاةِ الْجُرْحِ لَمْ يُعْفَ عَنْهَا فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ مَعَ حَمْلِهَا، وَإِنْ لَمْ يَقُمْ غَيْرُهَا مَقَامَهَا صَحَّتْ الصَّلَاةُ وَلَا يَضُرُّ انْتِفَاخُهَا وَعِظَمُهَا فِي الْمَحَلِّ مَا دَامَتْ الْحَاجَةُ قَائِمَةً، وَبَعْدَ انْتِهَاءِ الْحَاجَةِ يَجِبُ نَزْعُهَا، فَإِنَّ تَرْكَهُ بِلَا عُذْرٍ ضُرٌّ وَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ، فَقَدْ صَرَّحَ الشَّارِحُ هُنَا بِأَنَّهُ حَيْثُ عُذِرَ فِي الْوَشْمِ لَا يَضُرُّ فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ، وَلَا فِي غَيْرِهَا وُجُودُ النَّجَاسَةِ مَعَ حُصُولِهَا بِفِعْلِهِ لَا فِي حَقِّهِ وَلَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ مَعَ أَنَّ أَثَرَ الْوَشْمِ يَدُومُ أَوْ تَطُولُ مُدَّتُهُ إلَى حَدٍّ يَزِيدُ عَلَى مَا يَحْصُلُ لِمَنْ يَفْعَلُ الْحِمَّصَةَ الْمَذْكُورَةَ وَلَا يَضُرُّ إخْرَاجُهَا وَعَوْدُ بَدَلِهَا كَمَا لَا يَضُرُّ تَغْيِيرُ اللُّصُوقِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ، وَإِنْ بَقِيَ أَثَرُ النَّجَاسَةِ مِنْ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّ بَابَهُ) أَيْ الْوَشْمِ (قَوْلُهُ: فِي حَالَةِ تَكْلِيفِهِ) أَيْ بِلَا حَاجَةٍ لَهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا عُذِرَ فِي بَقَائِهِ) أَيْ بِأَنْ فُعِلَ بِهِ قَبْلَ تَكْلِيفِهِ أَوْ فَعَلَهُ بَعْدَهُ وَخَافَ مِنْ إزَالَتِهِ ضَرَرًا يُبِيحُ إلَخْ، أَوْ فُعِلَ بِهِ بَعْدَ تَكْلِيفِهِ بِغَيْرِ رِضًا مِنْهُ. هَذَا وَفِي حَجّ مَا نَصُّهُ: عَطْفًا عَلَى مَا يُكَلَّفُ إزَالَتَهُ وَفِي الْوَشْمِ، وَإِنْ فَعَلَ بِهِ صَغِيرًا عَلَى الْأَوْجَهِ وَتُوُهِّمَ فَرْقٌ إنَّمَا يَتَأَتَّى مِنْ حَيْثُ الْإِثْمُ وَعَدَمُهُ، فَمَتَى أَمْكَنَهُ إزَالَتُهُ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ فِيمَا لَمْ يَتَعَدَّ بِهِ، وَخَوْفُ مُبِيحِ تَيَمُّمٍ فِيمَا تَعَدَّى بِهِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْوَصْلِ لَزِمَتْهُ وَلَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، وَتَقَدَّمَ أَيْضًا عَنْ سم عَلَى مَنْهَجٍ قَرِيبًا خِلَافُهُ. (قَوْلُهُ: وَعُفِيَ عَنْهُ) وَهَلْ مِنْ الْوَشْمِ الَّذِي لَا تَعَدِّيَ بِهِ مَا لَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ، وَكَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ؟ لَا يَبْعُدُ نَعَمْ وِفَاقًا لَمْ ر، وَمَشَى أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ لَوْ جُبِّرَ بِعَظْمٍ نَجِسٍ حَيْثُ يَجُوزُ وَلَمْ يَسْتَتِرْ بِاللَّحْمِ لَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ وَلَا يُنَجَّسُ مَاءُ طَهَارَتِهِ وَنَحْوُهَا إذَا مَرَّ عَلَيْهِ قَبْلَ اسْتِتَارِهِ بِاللَّحْمِ وَلَا الرَّطْبُ إذَا لَاقَاهُ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: مَعَ وُجُودِ صَالِحٍ) أَيْ أَوْ بِمُغَلَّظٍ مَعَ وُجُودِ نَجَسٍ صَالِحٍ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا ظَاهِرًا) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُهُ إذَا كَانَ الْمَقْلُوعُ مِنْهُ مِمَّنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ كَمَا لَوْ وَصَلَهُ ثُمَّ جُنَّ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَلْعِهِ إلَّا إذَا أَفَاقَ أَوْ حَاضَتْ لَمْ يُجْبَرْ إلَّا بَعْدَ الطُّهْرِ، وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ مَا سَيَأْتِي فِي عَدَمِ النَّزْعِ إذَا مَاتَ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ انْتَهَى حَاشِيَةُ الرَّمْلِيِّ عَلَى شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا لَاقَى مَانِعًا أَوْ مَاءً قَلِيلًا نَجَّسَهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا سَقَطَ وُجُوبُ النَّزْعِ لِعَدَمِ مُخَاطَبَتِهِ بِالصَّلَاةِ. هَذَا وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِ النَّزْعِ عَلَى وَلِيِّهِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا؛ لِأَنَّهُ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَتَهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ مُرَاعَاةُ الْأَصْلَحِ فِي حَقِّهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لِحَمْلِهِ نَجَاسَةً فِي غَيْرِ مَعْدِنِهَا مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ إزَالَتِهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرِبَ خَمْرًا وَطَهَّرَ فَمَهُ حَيْثُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَقَيَّأْ مَا شَرِبَهُ مُتَعَدِّيًا لِحُصُولِهِ فِي مَعِدَتِهَا، فَإِنْ خَافَ ذَلِكَ وَلَوْ نَحْوَ شَيْنٍ أَوْ بُطْءِ بُرْءٍ لَمْ يَلْزَمْهُ نَزْعُهُ لِعُذْرِهِ بَلْ يَحْرُمُ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ مَعَهُ بِلَا إعَادَةٍ (قِيلَ) يَجِبُ نَزْعُهُ أَيْضًا (وَإِنْ خَافَ) ضَرَرًا ظَاهِرًا لِتَعَدِّيهِ، إذْ لَوْ لَمْ يَنْزِعْهُ لَكَانَ مُصَلِّيًا فِي عُمُرِهِ كُلِّهِ بِنَجَاسَةٍ فَرَّطَ بِحَمْلِهَا وَنَحْنُ نَقْتُلُهُ بِصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ وَالْأَصَحُّ لَا (فَإِنْ مَاتَ) مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ النَّزْعُ قَبْلَهُ (لَمْ يُنْزَعْ عَلَى الصَّحِيحِ) لِهَتْكِ حُرْمَتِهِ وَلِسُقُوطِ التَّعَبُّدِ عَنْهُ، وَيَحْرُمُ نَزْعُهُ كَمَا فِي الْبَيَانِ عَنْ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ مَعَ التَّعْلِيلِ بِالْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ، وَالثَّانِي يُنْزَعُ لِئَلَّا يَلْقَى اللَّهَ تَعَالَى حَامِلًا نَجَاسَةً تَعَدَّى بِحَمْلِهَا، وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا صَرَّحَ بِهِ أَهْلُ السُّنَّةِ مِنْ أَنَّ الْمُعَادَ لِلْمَيِّتِ أَجْزَاؤُهُ الْأَصْلِيَّةُ كَمَا كَانَتْ، وَإِنْ احْتَرَقَتْ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِلِقَائِهِ نُزُولُهُ الْقَبْرَ فَإِنَّهُ فِي مَعْنَى لِقَاءِ اللَّهِ إذْ هُوَ أَوَّلُ مَنْزِلٍ مِنْ الْآخِرَةِ، وَقِيلَ إنَّ الْمُعَادَ مِنْ أَجْزَائِهِ مَا مَاتَ عَلَيْهَا، وَالْأَوْلَى تَعْلِيلُهُ بِوُجُوبِ غُسْلِ الْمَيِّتِ طَلَبًا لِلطَّهَارَةِ لِئَلَّا يَبْقَى عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ، وَهَذَا نَجِسٌ فَتَجِبُ إزَالَتُهُ. وَيَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَصْلُ شَعْرِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ مَاتَ بِأَنَّ فِي نَزْعِهِ مِنْ الْمَيِّتِ هَتْكًا لِحُرْمَتِهِ، بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ فَإِنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً لَهُ، وَهِيَ دَفْعُ النَّجَاسَةِ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ أَيْضًا فِي عَدَمِ وُجُوبِ النَّزْعِ عَنْ الْحَائِضِ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي وُجُوبِ النَّزْعِ حَمْلُهُ لِنَجَاسَةٍ تَعَدَّى بِهَا، وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ مِنْهُ الصَّلَاةُ لِمَانِعٍ مِنْ وُجُوبِهَا قَامَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَتَقَيَّأْ) فِي الْمُخْتَارِ قَاءَ مِنْ بَابِ بَاعَ وَاسْتَقَاءَ بِالْمَدِّ وَتَقَيَّأَ: تَكَلَّفَ الْقَيْءَ انْتَهَى. وَمِثْلُهُ فِي الْقَامُوسِ وَالْمِصْبَاحِ، وَلَيْسَ فِي وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ تَقَيَّأَ بِهَذَا اللَّفْظِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: وَلَوْ وَصَلَ جَوْفَهُ مُحَرَّمٌ نَجِسٌ أَوْ غَيْرُهُ وَلَوْ مُكْرَهًا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَقَيَّأَهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ خَافَ ذَلِكَ) أَيْ ضَرَرًا ظَاهِرًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَحْوَ شَيْنٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ فِي عُضْوٍ بَاطِنٍ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ نَزْعُهُ) وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ اسْتِعْمَالِ النَّجَسِ حَيْثُ كَانَ أَسْرَعَ انْجِبَارًا بِأَنَّ مَا هُنَا دَوَامُ وَيُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ، وَهَلْ يَتَعَدَّى حُكْمُهُ إلَى غَيْرِهِ فَلَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَةِ يَدِ مَنْ مَسَّهُ مَعَ الرُّطُوبَةِ. قَالَ سم عَلَى حَجّ: فِيهِ نَظَرٌ. وَقَدْ يُؤَيِّدُ عَدَمَ تَعَدِّيهِ أَنَّ مِنْ الظَّاهِرِ أَنَّهُ لَوْ مَسَّ مَعَ الرُّطُوبَةِ نَجَاسَةً مَعْفُوَّةً عَلَى غَيْرِهِ تَنَجَّسَ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الِاحْتِيَاجَ إلَى الْبَقَاءِ هُنَا أَتَمُّ، بَلْ هُنَا قَدْ تَتَعَذَّرُ الْإِزَالَةُ أَوْ تَمْتَنِعُ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى. وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ فِيمَا مَرَّ وَعُفِيَ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ وَلِغَيْرِهِ أَنَّ غَيْرَهُ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ لَا) مُقَابِلَ قَوْلِهِ قَبْلُ، وَإِنْ خَافَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَاسَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُعَدُّ مُتَهَاوِنًا بِالدِّينِ حَيْثُ تَرَكَ الصَّلَاةَ بِلَا عُذْرٍ، بِخِلَافِهِ هُنَا حَيْثُ كَانَ بَقَاؤُهُ لِمَحْذُورِ التَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: عَنْ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ) وَقَضِيَّةُ عَدَمِ الْوُجُوبِ صِحَّةُ غَسْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَتِرَ الْعَظْمُ النَّجِسُ بِاللَّحْمِ، مَعَ أَنَّهُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ لَا يَصِحُّ غَسْلُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْغَسْلِ مَعَ قِيَامِ النَّجَاسَةِ فَكَأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا ذَلِكَ لِضَرُورَةِ هَتْكِ حُرْمَتِهِ. انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: بِالْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ) هِيَ قَوْلُهُ: وَلِسُقُوطِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَلْقَى اللَّهَ) أَيْ مَلَائِكَتَهُ فِي الْقَبْرِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ) أَيْ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى تَعْلِيلُهُ) أَيْ الْقَوْلِ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ) خَرَجَ بِالْمَرْأَةِ غَيْرُهَا مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى صَغِيرَيْنِ فَيَجُوزُ حَيْثُ كَانَ مِنْ طَاهِرٍ غَيْرِ آدَمِيٍّ، أَمَّا إذَا كَانَ مِنْ نَجِسٍ أَوْ آدَمِيٍّ فَيَحْرُمُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَصْلُ شَعْرِهَا إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ شَعْرَ نَفْسِهَا الَّذِي انْفَصَلَ مِنْهَا أَوَّلًا، وَلَيْسَ بَعِيدًا؛ لِأَنَّهُ بِانْفِصَالِهِ عَنْهَا صَارَ مُحْتَرَمًا وَيُوَافِقُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ م ر. [فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَقَدْ أُزِيلَ بَعْضُ شَعْرِ رَأْسِهَا قَبْلَ تَزَوُّجِهِ بِهَا هَلْ يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهِ الْآنَ، وَهَلْ إذَا انْفَصَلَ مِنْهَا شَعْرٌ، وَهِيَ فِي نِكَاحِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا هَلْ يَجُوزُ النَّظَرُ إلَيْهِ بَعْدَ الطَّلَاقِ لِانْفِصَالِهِ فِي وَقْتٍ كَانَ يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهِ فِيهِ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ الْحُرْمَةُ فِي كُلٍّ مِنْ الصُّورَتَيْنِ، أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ الْعَقْدَ إنَّمَا يَشْمَلُ الْأَجْزَاءَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بِشَعْرٍ طَاهِرٍ مِنْ غَيْرِ آدَمِيٍّ، وَلَمْ يَأْذَنْهَا فِيهِ زَوْجٌ أَوْ سَيِّدٌ، وَيَجُوزُ رَبْطُ الشَّعْرِ بِخُيُوطِ الْحَرِيرِ الْمُلَوَّنَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا يُشْبِهُ الشَّعْرَ. وَيَحْرُمُ أَيْضًا تَجْعِيدُ شَعْرِهَا، وَوَشْرُ أَسْنَانِهَا، وَهُوَ تَحْدِيدُهَا وَتَرْقِيقُهَا، وَالْخِضَابُ بِالسَّوَادِ وَتَحْمِيرُ الْوَجْنَةِ بِالْحِنَّاءِ وَنَحْوُهُ، وَتَطْرِيفُ الْأَصَابِعِ مَعَ السَّوَادِ، وَالتَّنْمِيصُ، وَهُوَ الْأَخْذُ مِنْ شَعْرِ الْوَجْهِ وَالْحَاجِبِ الْمُحَسِّنِ، فَإِنْ أَذِنَ لَهَا زَوْجُهَا أَوْ سَيِّدُهَا فِي ذَلِكَ جَازَ؛ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي تَزْيِينِهَا لَهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا، وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَإِنْ جَرَى فِي التَّحْقِيقِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ فِي الْوَصْلِ وَالْوَشْرِ فَأَلْحَقَهُمَا بِالْوَشْمِ فِي الْمَنْعِ مُطْلَقًا. وَيُكْرَهُ أَنْ يُنْتَفَ الشَّيْبُ مِنْ الْمَحَلِّ الَّذِي لَا يُطْلَبُ مِنْهُ إزَالَةُ شَعْرِهِ، وَيُسَنُّ خَضْبُهُ بِالْحِنَّاءِ وَنَحْوِهِ. وَيُسَنُّ لِلْمَرْأَةِ الْمُزَوَّجَةِ أَوْ الْمَمْلُوكَةِ خَضْبُ كَفِّهَا وَقَدَمِهَا بِذَلِكَ تَعْمِيمًا؛ لِأَنَّهُ زِينَةٌ، وَهِيَ مَطْلُوبَةٌ مِنْهَا لِحَلِيلِهَا، أَمَّا النَّقْشُ وَالتَّطْرِيفُ فَلَا، وَخَرَجَ بِالْمُزَوَّجَةِ وَالْمَمْلُوكَةِ غَيْرُهُمَا فَيُكْرَهُ لَهُ، وَبِالْمَرْأَةِ الرَّجُلُ وَالْخُنْثَى فَيَحْرُمُ الْخِضَابُ عَلَيْهِمَا إلَّا لِعُذْرٍ. (وَيُعْفَى عَنْ) أَثَرِ (مَحَلِّ اسْتِجْمَارِهِ) لِجَوَازِ اقْتِصَارِهِ عَلَى الْحَجَرِ، وَإِنْ عَرِقَ مَحَلُّ الْأَثَرِ، وَتَلَوَّثَ بِالْأَثَرِ غَيْرُهُ لِعُسْرِ تَجَنُّبِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَوْجُودَةَ وَقْتَهُ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّهَا صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً عَنْهُ فَلَا نَظَرَ لِانْفِصَالِهِ فِي وَقْتٍ كَانَ يَجُوزُ لَهُ فِيهِ النَّظَرُ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ آدَمِيٍّ) أَيْ أَمَّا الْآدَمِيُّ فَيَحْرُمُ مُطْلَقًا أَذِنَ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِشَيْءٍ مِنْهُ لِكَرَامَتِهِ، وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ م ر أَنَّهُ يَحْرُمُ ذَلِكَ عَلَى الْآدَمِيِّ وَلَوْ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ صَارَ مُحْتَرَمًا، وَتُطْلَبُ مُوَارَاتُهُ بِانْفِصَالِهِ أَوَّلًا، وَعَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ كَبَقِيَّةِ شُعُورِ الْبَدَنِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ سَيِّدٌ) أَيْ أَوْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى الْإِذْنِ (قَوْلُهُ: رَبْطُ الشَّعْرِ بِالْخُيُوطِ الْحَرِيرِ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الزَّوْجُ أَوْ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ: مِمَّا لَا يُشْبِهُ الشَّعْرَ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا أَشْبَهَ الشَّعْرَ لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: مَعَ السَّوَادِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ التَّطْرِيفَ بِنَحْوِ الْحِنَّاءِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِذْنِ (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) أَيْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: وَيَحْرُمُ تَجْعِيدُ شَعْرِهَا وَوَشْرُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا يُطْلَبُ مِنْهُ إزَالَةُ شَعْرِهِ) كَاللِّحْيَةِ وَالرَّأْسِ لِخَبَرِ «لَا تَنْتِفُوا الشَّيْبَ فَإِنَّهُ نُورُ الْمُسْلِمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَوْ قِيلَ بِتَحْرِيمِهِ لَمْ يَبْعُدْ. وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَحْرِيمَهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ: وَالنَّتْفُ لِلِحْيَةِ الْمَرْأَةِ وَشَارِبِهَا مُسْتَحَبٌّ: أَيْ وَلَوْ خَلِيَّةً؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُثْلَةٌ فِي حَقِّهَا اهـ شَرْحُ رَوْضِ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ خَضْبُهُ) أَيْ الشَّيْبِ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ لِلْمَرْأَةِ الْمُزَوَّجَةِ) أَيْ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا النَّقْشُ وَالتَّطْرِيفُ فَلَا) أَيْ فَلَا يُسَنُّ بَلْ يَحْرُمُ بِدُونِ الْإِذْنِ إنْ كَانَ بِسَوَادٍ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فَيُكْرَهُ لَهُ) أَيْ خَضْبُ كَفِّهَا وَقَدَمِهَا بِذَلِكَ، وَبَقِيَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْوَصْلِ وَالتَّجْعِيدِ وَغَيْرِهِمَا يُكْرَهُ فِي غَيْرِ الْمُزَوَّجَةِ أَوْ يَحْرُمُ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ فَإِنْ أَذِنَ لَهَا زَوْجُهَا أَوْ سَيِّدُهَا فِي ذَلِكَ جَازَ الثَّانِي لِتَخْصِيصِ الْجَوَازِ بِحَالَةِ الْإِذْنِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا وَلِأَنَّهَا تَجُرُّ بِهِ الرِّيبَةُ إلَى نَفْسِهَا (قَوْلُهُ: وَبِالْمَرْأَةِ الرَّجُلُ) أَيْ الْبَالِغُ، أَمَّا الصَّبِيُّ وَلَوْ مُرَاهِقًا فَلَا يَحْرُمُ عَلَى وَلِيِّهِ فِعْلُ ذَلِكَ بِهِ وَلَا تَمْكِينُهُ مِنْهُ، كَمَا لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ إلْبَاسُهُ الْحَرِيرَ، نَعَمْ إنْ خِيفَ مِنْ ذَلِكَ رِيبَةٌ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ فَلَا تَبْعُدُ الْحُرْمَةُ عَلَى الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ: الرَّجُلُ وَالْخُنْثَى فَيَحْرُمُ الْخِضَابُ عَلَيْهِمَا) أَيْ: الْحِنَّاءُ تَعْمِيمًا (قَوْلُهُ: إلَّا) أَيْ بِأَنْ لَا يَقُومَ غَيْرُهُ فِي مُدَاوَاةِ جُرْحِهِ مَثَلًا مَقَامَهُ (قَوْلُهُ: لِعُذْرٍ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُبَحْ التَّيَمُّمُ. (قَوْلُهُ: وَيُعْفَى عَنْ مَحَلِّ اسْتِجْمَارِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ اسْتِنْجَاؤُهُ مَعَ كَوْنِهِ بِشَاطِئِ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَرِقَ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: عَرِقَ عَرَقًا مِنْ بَابِ تَعِبَ فَهُوَ عَرْقَانُ. قَالَ ابْنُ فَارِسٍ: وَلَمْ يُسْمَعْ لِلْعَرَقِ جَمْعٌ انْتَهَى. وَفِي الْقَامُوسِ: الْعَرَقُ مُحَرَّكَةٌ وَسَخُ جِلْدِ الْحَيَوَانِ وَيُسْتَعَارُ لِغَيْرِهِ: أَيْ مَجَازًا عَلَاقَتُهُ الْمُشَابَهَةُ (قَوْلُهُ: غَيْرُهُ) أَيْ الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ: لِعُسْرِ تَجَنُّبِهِ) قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْسُرْ تَجَنُّبُهُ كَالْكُمِّ وَالذَّيْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: بِشَعْرٍ طَاهِرٍ مِنْ غَيْرِ آدَمِيٍّ) أَيْ أَمَّا مِنْ الْآدَمِيِّ فَيَحْرُمُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَذِنَ فِيهِ الزَّوْجُ وَالسَّيِّدُ أَمْ لَا وَلَوْ مِنْ شَعْرِهَا كَمَا نَقَلَهُ الشِّهَابُ سم عَنْ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: وَتَلَوَّثَ بِالْأَثَرِ) إنَّمَا لَمْ يُضْمِرْ وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَقَامَ لِلْإِضْمَارِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ رُجُوعُ الضَّمِيرِ إلَى الْعِرْقِ الْمَفْهُومِ مِنْ عِرْقٍ، وَهُوَ لَا يُفِيدُ صَرِيحًا أَنَّ التَّلَوُّثَ بِالْأَثَرِ الْمُحَقَّقِ لَا يَضُرُّ بِخِلَافِ مَا ذَكَرَهُ

وَالْمَجْمُوعِ هُنَا، وَقَالَ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ فِي بَابِ الِاسْتِنْجَاءِ: إذَا اسْتَنْجَى بِالْأَحْجَارِ وَعَرِقَ مَحَلُّهُ وَسَالَ الْعَرَقُ مِنْهُ وَجَاوَزَهُ وَجَبَ غَسْلُ مَا سَالَ إلَيْهِ وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا، إذْ الْأَوَّلُ فِيمَا لَمْ يُجَاوِزْ الصَّفْحَةَ وَالْحَشَفَةَ. وَالثَّانِي فِيمَا جَاوَزَهُمَا ثُمَّ مَحَلُّ الْعَفْوِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ) (حَمَلَ) فِي صَلَاتِهِ (مُسْتَجْمِرًا) أَوْ مَنْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ مَعْفُوٌّ عَنْهَا كَثَوْبٍ بِهِ دَمُ بَرَاغِيثَ عَلَى مَا سَيَأْتِي، أَوْ حَيَوَانًا تَنَجَّسَ مَنْفَذُهُ بِخُرُوجِ الْخَارِجِ مِنْهُ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ (فِي الْأَصَحِّ) إذْ الْعَفْوُ لِلْحَاجَةِ وَلَا حَاجَةَ إلَى حَمْلِهِ فِيهَا، بِخِلَافِ حَمْلِ طَاهِرِ الْمَنْفَذِ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ وَلَا نَظَرٍ لِلْخَبَثِ بِبَاطِنِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْدِنِهِ الْخِلْقِيِّ مَعَ وُجُودِ الْحَيَاةِ الْمُؤَثِّرَةِ فِي دَفْعِهِ كَمَا فِي جَوْفِ الْمُصَلِّي لِحَمْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَامَةَ فِي صَلَاتِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSمَثَلًا لَا يُعْفَى عَمَّا لَاقَاهُ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَمَلَ فِي صَلَاتِهِ مُسْتَجْمَرًا) وَمِثْلُ الْحَمْلِ مَا لَوْ تَعَلَّقَ الْمُسْتَجْمِرُ بِالْمُصَلِّي أَوْ الْمُصَلِّي بِالْمُسْتَجْمِرِ فَإِنَّهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ وَيُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ إلَخْ، وَوَجْهُ الْبُطْلَانِ فِيهِمَا اتِّصَالُ الْمُصَلِّي بِمَا هُوَ مُتَّصِلٌ بِالنَّجَاسَةِ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُسْتَنْجِي بِالْمَاءِ إذَا أَمْسَكَ مُصَلِّيًا مُسْتَجْمِرًا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْمُسْتَجْمِرِ؛ لِأَنَّ بَعْضَ بَدَنِهِ مُتَّصِلٌ بِيَدِ الْمُسْتَنْجِي بِالْمَاءِ، وَيَدُهُ مُتَّصِلَةٌ بِبَدَنِ الْمُصَلِّي الْمُسْتَجْمِرِ بِالْحَجَرِ فَصَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُتَّصِلٌ بِمُتَّصِلٍ يُنَجِّسُ، وَهُوَ نَفْسُهُ لَا ضَرُورَةَ لِاتِّصَالِهِ بِهِ. وَفِي حَجّ: لَوْ غَرَزَ إبْرَةً مَثَلًا بِبَدَنِهِ أَوْ انْغَرَزَتْ فَغَابَتْ أَوْ وَصَلَتْ لِدَمٍ قَلِيلٍ لَمْ يَضُرَّ، أَوْ لِدَمٍ كَثِيرٍ أَوْ لِجَوْفٍ لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ لِاتِّصَالِهَا بِنَجِسٍ انْتَهَى. وَقَالَ سم عَلَيْهِ: وَمَحَلُّ عَدَمِ الصِّحَّةِ حَيْثُ كَانَ طَرَفُهَا بَائِنًا ظَاهِرًا انْتَهَى. أَقُولُ: وَمَا قَيَّدَ بِهِ قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فَغَابَتْ. أَمَّا إذَا غَرَزَهَا عَبَثًا فَتَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ التَّضَمُّخِ بِالنَّجَاسَةِ عَمْدًا، وَهُوَ يَضُرُّ (قَوْلُهُ: بِهِ دَمُ بَرَاغِيثَ) وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ حَمْلَ مَنْ جُبِّرَ عَظْمُهُ بِنَجِسٍ حَيْثُ لَمْ يَجِبْ نَزْعُهُ وَلَمْ يَسْتَتِرْ بِلَحْمٍ وَجِلْدٍ طَاهِرٍ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ نَجَسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ كَذَلِكَ، إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّ هَذَا صَارَ فِي حُكْمِ الْجُزْءِ فَلَا يَضُرُّ الْحَمْلُ مَعَهُ. انْتَهَى سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: تَنَجَّسَ مَنْفَذُهُ) أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: إذْ الْعَفْوُ لِلْحَاجَةِ) قَالَ حَجّ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَا يَتَخَلَّلُ خِيَاطَةَ الثَّوْبِ مِنْ نَحْوِ الصِّئْبَانِ، وَهُوَ بَيْضُ الْقَمْلِ يُعْفَى عَنْهُ، وَإِنْ فُرِضَتْ حَيَاتُهُ ثُمَّ مَوْتُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِعُمُومِ الِابْتِلَاءِ بِهِ مَعَ مَشَقَّةِ فَتْقِ الْخِيَاطَةِ لِإِخْرَاجِهِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِي مَعْدِنِهِ الْخِلْقِيِّ) أَيْ وَمَا دَامَ كَذَلِكَ لَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ، وَإِنْ كَانَ نَجِسًا فِي ذَاتِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي جَوْفِ الْمُصَلِّي) قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مَا فِي جَوْفِ الْمُصَلِّي حَمْلُهُ ضَرُورِيٌّ لَهُ، وَلَا كَذَلِكَ حَمْلُ مَا فِي بَاطِنِ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ حَيًّا (قَوْلُهُ: لِحَمْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَامَةَ فِي صَلَاتِهِ) قَالَ حَجّ فِي شَرْحِ الشَّمَائِلِ فِي آخِرِ بَابِ بُكَائِهِ: وَكَانَتْ صَلَاةَ الصُّبْحِ وَعِبَارَتُهُ نَصُّهَا: وَأُمَامَةُ هِيَ الَّتِي حَمَلَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ عَلَى عَاتِقِهِ، وَكَانَ إذَا رَكَعَ وَضَعَهَا، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ أَعَادَهَا انْتَهَى. وَسَيَأْتِي لحج نَفْسِهِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِلَّا فَتَبْطُلُ بِكَثِيرِهِ لَا قَلِيلِهِ مَا نَصُّهُ: لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ كَحَمْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَامَةَ بِنْتِ زَيْنَبَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - عِنْدَ قِيَامِهِ وَوَضْعِهَا عِنْدَ سُجُودِهِ انْتَهَى. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الشَّمَائِلِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: هُمَا رِوَايَتَانِ، وَأَنَّ الْوَاقِعَةَ مُتَعَدِّدَةٌ، فَوَضَعَهَا تَارَةً عِنْدَ إرَادَةِ الرُّكُوعِ وَتَارَةً عِنْدَ إرَادَةِ السُّجُودِ، عَلَى أَنَّ الرُّكُوعَ لَمْ يُشْرَعْ إلَّا بَعْدَ تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ، فَيَجُوزُ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ مَشْرُوعِيَّةِ الرُّكُوعِ يَضَعُهَا عِنْدَ إرَادَةِ السُّجُودِ وَبَعْدَ مَشْرُوعِيَّةِ الرُّكُوعِ صَارَ يَضَعُهَا عِنْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فِيمَا لَمْ يُجَاوِزْ الصَّفْحَةَ وَالْحَشَفَةَ) الْمُرَادُ أَنَّ الَّذِي لَمْ يُجَاوِزْ الصَّفْحَةَ وَالْحَشَفَةَ يُعْفَى عَمَّا لَاقَى الثَّوْبَ وَالْبَدَنَ مِنْهُ، بِخِلَافِ مَا جَاوَزَهُمَا لِعَدَمِ إجْزَاءِ الْحَجَرِ فِيهِ.

وَلِهَذَا فَارَقَ حَمْلُ الْمَذْبُوحِ وَالْمَيِّتِ الطَّاهِرِ الَّذِي لَمْ يَطْهُرْ بَاطِنُهُ وَلَوْ سَمَكًا أَوْ جَرَادًا، وَالثَّانِي لَا تَبْطُلُ فِي حَقِّهِ كَالْمَحْمُولِ لِلْعَفْوِ عَنْ مَحَلِّ الِاسْتِجْمَارِ، وَيَلْحَقُ بِحَمْلِ مَا ذُكِرَ حَمْلُ حَامِلِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَالْقِيَاسُ بُطْلَانُهَا أَيْضًا بِحَمْلِهِ مَاءً قَلِيلًا أَوْ مَائِعًا فِيهِ مَيْتَةٌ لَا نَفْسَ لَهَا سَائِلَةً، وَقُلْنَا لَا يُنَجَّسُ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ. وَلَوْ حَمَلَ الْمُصَلِّي بَيْضَةً اسْتَحَالَتْ دَمًا وَحُكِمَ بِنَجَاسَتِهَا أَوْ عُنْقُودًا اسْتَحَالَ خَمْرًا أَوْ قَارُورَةً مُصَمَّمَةَ الرَّأْسِ بِرَصَاصٍ وَنَحْوِهِ فِيهَا نَجَسٌ بَطَلَتْ. وَيُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ فِي قَبْضِ طَرَفِ شَيْءٍ مُتَنَجِّسٍ فِيهَا أَنَّهُ لَوْ أَمْسَكَ الْمُصَلِّي بَدَنَ مُسْتَجْمِرٍ أَوْ ثَوْبَهُ أَوْ أَمْسَكَ الْمُسْتَجْمِرُ الْمُصَلِّي أَوْ مَلْبُوسَهُ أَنَّهُ يَضُرُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَوْ سَقَطَ طَائِرٌ عَلَى مَنْفَذِهِ نَجَاسَةٌ فِي نَحْوِ مَائِعٍ لَمْ يُنَجِّسْهُ لِعُسْرِ صَوْنِهِ عَنْهُ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْمُسْتَجْمَعِ فَإِنَّهُ يُنَجِّسُهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِتَضَمُّخِهِ بِالنَّجَاسَةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ حُرْمَةُ مُجَامَعَةِ زَوْجَتِهِ قَبْلَ اسْتِنْجَائِهِ بِالْمَاءِ، وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا حِينَئِذٍ تَمْكِينُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (وَطِينُ الشَّارِعِ) أَيْ مَحَلُّ الْمُرُورِ ـــــــــــــــــــــــــــــSإرَادَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْمَيِّتُ) قَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِالْمَيِّتِ أَنَّ السَّمَكَ إذَا كَانَ حَيًّا لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِحَمْلِهِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ بِأَنَّ حَرَكَتَهُ حَرَكَةُ مَذْبُوحٍ وَذَلِكَ يُلْحِقُهُ بِالْمَيْتَةِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَحَلُّ إلْحَاقِ مَا ذُكِرَ إذَا كَانَ وُصُولُهُ لِتِلْكَ الْحَالَةِ بِجِنَايَةٍ، أَوْ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُقْطَعْ بِمَوْتِهِ لِإِمْكَانِ عَوْدِهِ لِلْمَاءِ فَتَدُومُ حَيَاتُهُ لَمْ يُلْحِقُوهُ بِالْمَيْتَةِ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَيُلْحَقُ بِحَمْلِ مَا ذُكِرَ) هَلْ يُلْحَقُ بِذَلِكَ مَنْ وَصَلَ عَظْمَهُ بِنَجِسٍ مَعْذُورٌ فِيهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الضَّرَرِ. انْتَهَى سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: وَحُكِمَ بِنَجَاسَتِهَا) أَيْ بِأَنْ فَسَدَتْ وَأَيِسَ مِنْ مَجِيءِ فَرْخٍ مِنْهَا. اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ) أَيْ حَالًا فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَمْسَكَ الْمُسْتَجْمِرُ الْمُصَلِّي) أَيْ وَلَمْ يُتَّجَهْ حَالًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَقَطَ طَائِرٌ) أَيْ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْفَذِهِ نَجَاسَةٌ مُحَقَّقَةٌ) أَيْ أَوْ مِنْقَارِهِ أَوْ رِجْلِهِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ اسْتِنْجَائِهِ) أَيْ أَوْ اسْتِنْجَائِهَا (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا حِينَئِذٍ تَمْكِينُهُ) أَيْ بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهَا ذَلِكَ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَخْشَ الزِّنَا، وَإِلَّا فَيَجُوزُ كَمَا فِي وَطْءِ الْحَائِضِ عِنْدَ خَوْفِ مَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ: وَطِينُ الشَّارِعِ) خَرَجَ بِهِ عَيْنُ النَّجَاسَةِ كَالْبَوْلِ الَّذِي بِالشَّوَارِعِ فَلَا يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ نَزَلَ كَلْبٌ فِي حَوْضٍ مَثَلًا ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ وَانْتَفَضَ وَأَصَابَ الْمَارِّينَ شَيْءٌ مِنْهُ فَلَا يُعْفَى عَنْهُ، وَيُحْتَمَلُ الْعَفْوُ إلْحَاقًا لَهُ بِطِينِ الشَّوَارِعِ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْ ذَلِكَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الِابْتِلَاءُ بِمِثْلِ هَذَا لَيْسَ كَالِابْتِلَاءِ بِطِينِ الشَّوَارِعِ. وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ شَيْخِنَا الشَّيْخِ سَالِمٍ الشَّبْشِيرِيِّ الْعَفْوُ عَمَّا تَطَايَرَ مِنْ طِينِ الشَّوَارِعِ عَنْ ظَهْرِ الْكَلْبِ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ أَمْسَكَ الْمُصَلِّي بَدَنَ مُسْتَجْمِرٍ أَوْ ثَوْبَهُ أَوْ أَمْسَكَ الْمُسْتَجْمِرُ الْمُصَلِّيَ إلَخْ) فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ أَمْسَكَ الْمُسْتَنْجِي بِالْمَاءِ مُصَلِّيًا مُسْتَجْمِرًا بِالْأَحْجَارِ فَتَبْطُلُ صَلَاةُ الْمُصَلِّي الْمُسْتَجْمِرِ بِالْأَحْجَارِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ أَنَّ مَنْ اتَّصَلَ بِطَاهِرٍ مُتَّصِلٍ بِنَجِسٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ: أَيْ وَقَدْ صَدَقَ عَلَى هَذَا الْمُسْتَنْجِي بِالْمَاءِ الْمُمْسِكِ لِلْمُصَلِّي الْمَذْكُورِ أَنَّهُ طَاهِرٌ مُتَّصِلٌ بِنَجِسٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ وَهُوَ بَدَنُ الْمُصَلِّي الْمَذْكُورِ،؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ، وَقَدْ اتَّصَلَ بِالْمُصَلِّي وَهُوَ فِي غَايَةِ السُّقُوطِ كَمَا لَا يَخْفَى إذْ هُوَ مُغَالَطَةٌ، إذْ لَا خَفَاءَ أَنَّ مَعْنَى كَوْنِ الطَّاهِرِ الْمُتَّصِلِ بِالْمُصَلِّي مُتَّصِلًا بِنَجِسٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ أَنَّهُ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُصَلِّي، وَهَذَا النَّجِسُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ فَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَعْفُوٍّ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُمْسِكِ الَّذِي هُوَ مَنْشَأُ التَّوَهُّمِ، وَلِأَنَّا إذَا عَفَوْنَا عَنْ مَحَلِّ الِاسْتِجْمَارِ بِالنِّسْبَةِ لِهَذَا الْمُصَلِّي فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَّصِلَ بِهِ بِالْوَاسِطَةِ أَوْ بِغَيْرِ الْوَاسِطَةِ، وَعَدَمُ الْعَفْوِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِخُصُوصِ الْغَيْرِ بَلْ هُوَ بِالْوَاسِطَةِ أَوْلَى بِالْعَفْوِ مِنْهُ بِعَدَمِهَا الَّذِي هُوَ مَحَلُّ وِفَاقٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَيَلْزَمُ عَلَى مَا قَالَهُ أَنْ تَبْطُلَ صَلَاتُهُ بِحَمْلِهِ لِثِيَابِهِ الَّتِي لَا يَحْتَاجُ إلَى حَمْلِهَا لِصِدْقِ مَا مَرَّ عَلَيْهَا وَلَا أَحْسَبُ أَحَدًا يُوَافِقُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَقَطَ طَائِرٌ) أَيْ مَثَلًا وَقَدْ مَرَّ فِي الطَّهَارَةِ. (قَوْلُهُ: أَيْ مَحَلِّ الْمُرُورِ) أَيْ الْمُعَدِّ لِذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَارِعًا (الْمُتَيَقِّنُ نَجَاسَتَهُ) وَلَوْ بِإِخْبَارِ عَدْلٍ رِوَايَةً فِيمَا يَظْهَرُ، فَالْمُرَادُ بِالْيَقِينِ مَا يُفِيدُ ثُبُوتَ النَّجَاسَةِ (يُعْفَى مِنْهُ عَمَّا يَتَعَذَّرُ) أَيْ يَتَعَسَّرُ (الِاحْتِرَازُ عَنْهُ غَالِبًا) ، وَإِنْ اخْتَلَطَ بِمُغَلَّظٍ كَمَا رَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ، وَفَارَقَ دَمُهُ بِالْمَشَقَّةِ أَوْ كَثْرَتِهَا فِي هَذَا دُونَ ذَاكَ، وَلِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ الِانْتِشَارِ فِي حَوَائِجِهِمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ لَا يَجِدُ إلَّا ثَوْبًا وَاحِدًا، فَلَوْ أُمِرُوا بِالْغُسْلِ كُلَّمَا أَصَابَهُمْ ذَلِكَ لَعَظُمَتْ الْمَشَقَّةُ، وَاحْتَرَزَ بِالْمُتَيَقِّنِ النَّجَاسَةَ عَمَّا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ اخْتِلَاطُهُ بِهَا كَغَالِبِ الشَّوَارِعِ فَفِيهِ قَوْلَا الْأَصْلِ وَالْغَالِبِ وَقَدْ مَرَّ. وَمِنْ ذَلِكَ مَاءُ الْمَيَازِيبِ الْمَشْكُوكِ فِيهَا، بَلْ اخْتَارَ الْمُصَنِّفُ الْجَزْمَ بِطَهَارَتِهِ، وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِطَهَارَةِ الْأَوْرَاقِ الَّتِي تُعْمَلُ وَتُبْسَطُ، وَهِيَ رَطْبَةٌ عَلَى الْحِيطَانِ الْمَعْمُولَةِ بِرَمَادٍ نَجِسٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَنْهُ وَفِيهِ وَقْفَةٌ، وَمِثْلُهُ فِي عَدَمِ الْعَفْوِ مَا يَتَطَايَرُ مِنْهُ فِي زَمَنِ الْأَمْطَارِ؛ لِأَنَّهُ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالتَّحَفُّظِ مِنْهُ، وَمِثْلُهُ أَيْضًا مَا جَرَتْ عَادَةُ الْكِلَابِ بِهِ مِنْ طُلُوعِهِمْ عَلَى الْأَسْبِلَةِ وَرُقَادِهِمْ فِي مَحَلِّ وَضْعِ الْكِيزَانِ، وَهُنَاكَ رُطُوبَةٌ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَلَا يُعْفَى عَنْهُ. وَمِمَّا شَمِلَهُ أَيْضًا طِينُ الشَّارِعِ بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَ لَهُ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ أَنَّهُ يَحْصُلُ مَطَرٌ بِحَيْثُ يَعُمُّ الطُّرُقَاتِ، وَمَا يَقَعُ مِنْ الرَّشِّ فِي الشَّوَارِعِ وَتَمُرُّ فِيهِ الْكِلَابُ وَتَرْقُدُ فِيهِ بِحَيْثُ تُتَيَقَّنُ نَجَاسَتُهُ، بَلْ وَكَذَا لَوْ بَالَتْ فِيهِ وَاخْتَلَطَ بَوْلُهَا بِطِينِهِ أَوْ مَائِهِ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ لِلنَّجَاسَةِ عَيْنٌ مُتَمَيِّزَةٌ فَيُعْفَى مِنْهُ عَمَّا يَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَلَا يُكَلَّفُ غَسْلَ رِجْلَيْهِ مِنْهُ خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ ضَعَفَةِ الطَّلَبَةِ. وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْعَفْوِ عَنْهُ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ فِي الدَّرْسِ عَنْ مَمْشَاةٍ لِمَسْجِدٍ بِرَشِيدَ مُتَّصِلَةٍ بِالْبَحْرِ وَبِالْمَسْجِدِ وَطُولُهَا نَحْوُ مِائَةِ ذِرَاعٍ، ثُمَّ إنَّ الْكِلَابَ تَرْقُدُ، وَهِيَ رَطْبَةٌ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْ ذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ الْعَفْوِ فِيمَا لَوْ مَشَى عَلَى مَحَلٍّ تَيَقَّنَ نَجَاسَتَهُ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ طِينِ الشَّارِعِ بِعُمُومِ الْبَلْوَى فِي طِينِ الشَّارِعِ دُونَ هَذَا إذْ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْ الْمَشْيِ عَلَيْهَا دُونَ الشَّارِعِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَارِعًا) أَيْ الْمَحَلُّ الَّذِي عَمَّتْ الْبَلْوَى بِاخْتِلَاطِهِ بِالنَّجَاسَةِ كَدِهْلِيزِ الْحَمَّامِ وَحَوْلَ الْفَسَاقِي مِمَّا لَا يُعْتَادُ تَطْهِيرُهُ إذَا تَنَجَّسَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ عَمَّا يَتَعَذَّرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ غَالِبًا. أَمَّا مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِحِفْظِهِ وَتَطْهِيرِهِ إذَا أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُرَادًا مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ، بَلْ مَتَى تُيُقِّنَتْ نَجَاسَتُهُ وَجَبَ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَلَا يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ، وَمِنْهُ مَمْشَاةُ الْفَسَاقِي فَتَنَبَّهْ لَهُ وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا يُخَالِفُهُ. (قَوْلُهُ: يُعْفَى مِنْهُ عَمَّا يَتَعَذَّرُ) أَيْ فَإِنْ صَلَّى فِي الشَّارِعِ الْمَذْكُورِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ حَيْثُ لَا حَائِلَ لِمُلَاقَاتِهِ النَّجَسَ وَلَا ضَرُورَةَ لِلصَّلَاةِ فِيهِ حَتَّى يُعْذَرَ، بِخِلَافِ مَا يُصِيبُ بَدَنَهُ أَوْ ثَوْبَهُ فَيُعْفَى عَنْهُ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَيْ يَتَعَسَّرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ) أَيْ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَسْتَعْمِلَ لِبَاسَ الشِّتَاءِ فِي زَمَنِهِ أَوْ زَمَنِ الصَّيْفِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ غَسْلَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَطَ بِمُغَلَّظٍ) أَيْ وَلَوْ دَمَ كَلْبٍ، وَإِنْ لَمْ يُعْفَ عَنْ الْمَحْضِ مِنْهُ، وَإِنْ قَلَّ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ دَمُهُ) أَيْ حَيْثُ لَا يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ (قَوْلُهُ: فِي هَذَا) أَيْ طِينِ الشَّارِعِ (قَوْلُهُ: دُونَ ذَاكَ) أَيْ دَمِ الْكَلْبِ الْغَيْرِ الْمُخْتَلِطِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ مَرَّ) أَيْ أَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ وَيَحْتَمِلُ النَّجَاسَةَ إلَّا أَنَّا نُقَدِّمُ الْأَصْلَ عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: الْمَعْمُولَةِ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ بِإِخْبَارِ عَدْلٍ) إنَّمَا احْتَاجَ إلَى هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِمَفْهُومِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يُعْفَى مِنْهُ عَمَّا تَعَذَّرَ إلَخْ لَا لِمَنْطُوقِهِ،؛ لِأَنَّهُ إذَا عُفِيَ عَنْ الْمُتَيَقَّنِ النَّجَاسَةِ فِي ذَلِكَ فَمَظْنُونُهَا أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ دَمُهُ) أَيْ الَّذِي أَصَابَهُ مِنْ غَيْرِ الشَّارِعِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِلنَّاسِ إلَخْ) الْأَوْلَى حَذْفُ الْوَاوِ؛ لِأَنَّهُ عِلَّةٌ لِأَصْلِ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: الْجَزْمُ بِطَهَارَتِهِ) أَيْ وَلَيْسَ فِيهِ قَوْلَا الْأَصْلُ وَالْغَالِبُ (قَوْلُهُ: بِطَهَارَةِ الْأَوْرَاقِ) أَيْ إذَا لَمْ تَتَحَقَّقْ نَجَاسَةُ الرَّمَادِ، وَلَكِنَّ الْغَالِبَ فِيهِ النَّجَاسَةُ أَخْذًا مِمَّا عَلَّلَ بِهِ، أَمَّا إذَا تَحَقَّقَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ بِطَاهِرٍ لَكِنْ يُعْفَى عَنْ الْأَوْرَاقِ الْمَوْضُوعَةِ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ فِي مَعْفُوَّاتِهِ: وَالنَّسْخُ فِي وَرَقٍ آجُرَّهُ عَجَنُوا ... بِهِ النَّجَاسَةَ عَفْوٌ حَالَ كَتْبَتِهِ مَا نَجَّسُوا قَلَمًا مِنْهُ وَمَا مَنَعُوا ... مِنْ كَاتِبٍ مُصْحَفًا مِنْ حِبْرِ لِيقَتِهِ

عَمَلًا بِالْأَصْلِ. نَعَمْ إنْ وُجِدَ سَبَبٌ يُحَالُ عَلَيْهِ كَمَسْأَلَةِ بَوْلِ الظَّبْيَةِ عُمِلَ بِالظَّنِّ كَمَا تَقَدَّمَ (وَيَخْتَلِفُ) الْمَعْفُوُّ عَنْهُ (بِالْوَقْتِ وَمَوْضِعِهِ مِنْ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ) فَيُعْفَى فِي الذَّيْلِ وَالرِّجْلِ عَمَّا لَا يُعْفَى عَنْهُ فِي الْكُمِّ وَالْيَدِ، وَبَحْثُ الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرِهِ الْعَفْوُ عَنْ قَلِيلٍ مِنْهُ تَعَلَّقَ بِالْخُفِّ، وَإِنْ مَشَى فِيهِ بِلَا نَعْلٍ، وَخَرَجَ بِالطِّينِ عَيْنُ النَّجَاسَةِ إذَا بَقِيَتْ فِي الطَّرِيقِ فَلَا يُعْفَى عَنْهَا. نَعَمْ إنْ عَمَّتْهَا فَلِلزَّرْكَشِيِّ احْتِمَالٌ بِالْعَفْوِ، وَمَيْلُ كَلَامِهِ إلَى اعْتِمَادِهِ كَمَا لَوْ عَمَّ الْجَرَادُ أَرْضَ الْحَرَمِ، وَخَرَجَ بِالْقَلِيلِ الْكَثِيرُ فَلَا يُعْفَى عَنْهُ لِعَدَمِ عُسْرِ اجْتِنَابِهِ، وَضَابِطُ الْقَلِيلِ هُنَا مَا لَا يُنْسَبُ صَاحِبُهُ لِسَقْطَةٍ عَلَى شَيْءٍ أَوْ كَبْوَةٍ عَلَى وَجْهِهِ أَوْ قِلَّةِ تَحَفُّظٍ، وَتَضْعِيفُ الزَّرْكَشِيّ لَهُ بِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْعُرْفِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ هَذَا ضَبْطُ الْعُرْفِ الْمُطَّرِدِ. (وَيُعْفَى) فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ (عَنْ قَلِيلِ دَمِ الْبَرَاغِيثِ) وَالْقَمْلِ وَالْبَقِّ (وَوَنِيمِ الذُّبَابِ) وَكُلِّ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً وَعَنْ قَلِيلِ بَوْلِ الْخُفَّاشِ. وَالْقِيَاسُ أَنَّ رَوَثَهُ وَبَوْلَ الذُّبَابِ كَذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، إذْ كُلُّ ذَلِكَ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَيَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ. وَالْبَقُّ هُوَ الْبَعُوضُ قَالَهُ فِي الصِّحَاحِ، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ شُمُولُهُ لِلْبَقِّ الْمَعْرُوفِ بِبِلَادِنَا (وَالْأَصَحُّ) أَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالَّتِي جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ تُعْمَلَ بِالرَّمَادِ. أَمَّا مَا شُوهِدَ بِنَاؤُهُ بِالرَّمَادِ النَّجِسِ فَإِنَّهُ يُنَجِّسُ مَا أَصَابَهُ إذْ لَا أَصْلَ لِلطَّهَارَةِ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: عَمَلًا بِالْأَصْلِ) وَعَلَيْهِ فَلَا تُنَجَّسُ الثِّيَابُ الرَّطْبَةُ الَّتِي تُنْشَرُ عَلَى الْحِيطَانِ الْمَعْمُولَةِ بِالرَّمَادِ عَادَةً لِهَذِهِ الْعِلَّةِ، وَكَذَا الْيَدُ الرَّطْبَةُ إذَا مَسَّ بِهَا الْحِيطَانَ الْمَذْكُورَةَ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ وُجِدَ سَبَبٌ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ عَمَّا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ اخْتِلَاطُهُ (قَوْلُهُ: الْعَفْوُ عَنْ قَلِيلٍ مِنْهُ) أَيْ طِينِ الشَّارِعِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَإِنْ كَثُرَ كَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الصَّغِيرِ لَا يَبْعُدُ أَنْ يُعَدَّ الْمُلَوَّثُ فِي جَمِيعِ أَسْفَلِ الْخُفِّ وَأَطْرَافِهِ قَلِيلًا خِلَافَ مِثْلِهِ فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ انْتَهَى: أَيْ أَنَّ زِيَادَةَ الْمَشَقَّةِ تُوجِبُ عَدَّ ذَلِكَ قَلِيلًا، وَإِنْ كَثُرَ عُرْفًا، فَمَا زَادَ عَلَى الْحَاجَةِ هُنَا هُوَ الضَّارُّ وَمَا لَا فَلَا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِكَثْرَةٍ وَلَا قِلَّةٍ، وَإِلَّا لَعَظُمَتْ الْمَشَقَّةُ جِدًّا، فَمَنْ عَبَّرَ بِالْقَلِيلِ كَالرَّوْضَةِ أَرَادَ مَا ذَكَرْنَاهُ انْتَهَى. وَعَلَيْهِ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِ الشَّارِحِ عَنْ قَلِيلٍ إلَخْ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِالْقَلِيلِ مَا فِي تَجَنُّبِهِ زِيَادَةُ الْمَشَقَّةِ. (قَوْلُهُ: بِلَا نَعْلٍ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْمَشْيِ حَافِيًا ثُمَّ رَأَيْته فِي سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: عَيْنُ النَّجَاسَةِ) وَمِنْهُ تُرَابُ الْمَقَابِرِ الْمَنْبُوشَةِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ عَمَّتْهَا) أَيْ بِحَيْثُ يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَلَى الْمَشْيِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا (قَوْلُهُ: بِالْعَفْوِ) أَيْ عَمَّا يَتَعَذَّرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ غَالِبًا (قَوْلُهُ: وَمَيْلُ كَلَامِهِ إلَى اعْتِمَادِهِ) مُعْتَمَدٌ. وَعِبَارَتُهُ عَلَى الْعُبَابِ: أَمَّا لَوْ عَمَّتْ جَمِيعَ الطَّرِيقِ فَالْأَوْجَهُ الْعَفْوُ عَنْهَا، وَقَدْ خَالَفَ فِيهِ حَجّ (قَوْلُهُ: لِسَقْطَةٍ) أَيْ وَلَوْ بِسُقُوطِ مَرْكُوبِهِ وَقَوْلُهُ عَلَى شَيْءٍ فِي نُسْخَةٍ: عَلَى شِقِّهِ، وَمَا فِي الْأَصْلِ أَوْلَى. (قَوْلُهُ: وَوَنِيمِ الذُّبَابِ) أَيْ رَوَثُهُ. انْتَهَى مَنْهَجٌ. [فَرْعٌ] قَرَّرَ م ر أَنَّهُ لَوْ غَسَلَ ثَوْبًا فِيهِ دَمُ بَرَاغِيثَ لِأَجْلِ تَنْظِيفِهِ مِنْ الْأَوْسَاخِ: أَيْ وَلَوْ نَجَّسَهُ لَمْ يَضُرَّ بَقَاءُ الدَّمِ فِيهِ وَيُعْفَى عَنْ إصَابَةِ هَذَا الْمَاءِ لَهَا فَلْيُتَأَمَّلْ. انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَيْ أَمَّا إنْ قَصَدَ غَسْلَ النَّجَاسَةِ الَّتِي هِيَ دَمُ الْبَرَاغِيثِ فَلَا بُدَّ مِنْ إزَالَةِ أَثَرِ الدَّمِ مَا لَمْ يَعْسُرْ فَيُعْفَى عَنْ اللَّوْنِ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) رَطْبًا كَانَ أَوْ يَابِسًا فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَالْمَكَانِ عَلَى الْأَوْجَهِ، خِلَافًا لِمَنْ خَصَّ الْمَكَانَ بِالْجَافِّ وَعَمَّمَ فِي الْأَوَّلَيْنِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَيَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ) بَلْ بَحْثُ الْعَفْوِ عَنْ وَنِيمٍ بِرَأْسِ كُوزٍ يَمُرُّ عَلَيْهِ مَاءٌ قَلِيلٌ فَلَا يَتَنَجَّسُ بِهِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى. اهـ حَجّ. وَسُئِلَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ عَمَّا يَعْتَادُهُ النَّاسُ كَثِيرًا مِنْ تَسْخِينِ الْخُبْزِ فِي الرَّمَادِ النَّجِسِ ثُمَّ إنَّهُمْ يَفُتُّونَهُ فِي اللَّبَنِ وَنَحْوِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَيُعْفَى فِي الذَّيْلِ وَالرِّجْلِ) هَذَا تَصْوِيرٌ لِلْمَوْضِعِ وَسَكَتَ عَنْ تَصْوِيرِ الْوَقْتِ. قَالَ غَيْرُهُ: وَيُعْفَى فِي زَمَنِ الشِّتَاءِ مَا لَا يُعْفَى عَنْهُ فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْقَلِيلِ الْكَثِيرُ) لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِهِ وَلَا كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ذِكْرُ الْقَلِيلِ حَتَّى يَأْخُذَ هَذَا مُحْتَرَزَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى شَيْءٍ) يَعْنِي مِنْ بَدَنِهِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: عَلَى أَيِّ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ.

(لَا يُعْفَى عَنْ كَثِيرِهِ) لِنُدْرَتِهِ وَعَدَمِ مَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ (وَلَا) عَنْ (قَلِيلٍ انْتَشَرَ بِعَرَقٍ) لِمُجَاوَزَتِهِ مَحَلَّهُ. (وَتُعْرَفُ الْكَثْرَةُ) وَضِدُّهَا (بِالْعَادَةِ الْغَالِبَةِ) فَمَا يَغْلِبُ عَادَةً التَّلَطُّخُ بِهِ، وَيَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ عَادَةً قَلِيلٌ، وَمَا زَادَ عَلَيْهِ كَثِيرٌ، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ وَالْبِلَادِ، وَلَا يَبْعُدُ جَرَيَانُ ضَابِطِ طِينِ الشَّارِعِ هُنَا، وَلَوْ شَكَّ فِي شَيْءٍ أَقَلِيلٌ هُوَ أَمْ كَثِيرٌ فَلَهُ حُكْمُ الْقَلِيلِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي هَذِهِ النَّجَاسَاتِ الْآتِيَةِ الْعَفْوُ إلَّا إذَا تَيَقَّنَّا الْكَثْرَةَ، وَالثَّانِي الْعَفْوُ عَنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي هَذَا الْجِنْسِ عُسْرُ الِاحْتِرَازِ فَيَلْحَقُ غَيْرُ الْغَالِبِ مِنْهُ بِالْغَالِبِ، كَالْمُسَافِرِ يَتَرَخَّصُ، وَإِنْ لَمْ تَنَلْهُ مَشَقَّةٌ لَا سِيَّمَا وَالتَّمْيِيزُ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ كَمَا يُوجِبُ الْمَشَقَّةَ لِكَثْرَةِ الْبَلْوَى بِهِ وَلِهَذَا رَجَّحَهُ فَقَالَ (قُلْت: الْأَصَحُّ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ الْعَفْوُ مُطْلَقًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) قَلِيلًا أَمْ كَثِيرًا انْتَشَرَ بِعَرَقٍ أَمْ لَا تَفَاحَشَ، وَغَلَبَ عَلَى الثَّوْبِ أَمْ لَا خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ. وَسَوَاءٌ أَقَصُرَ كُمَّهُ أَمْ زَادَ عَلَى الْأَصَابِعِ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ. وَالْأَوْجَهُ أَنَّ دَمَ الْبَرَاغِيثِ الْحَاصِلَ عَلَى حُصْرِ نَحْوِ الْمَسْجِدِ مِمَّنْ يُنَامُ عَلَيْهَا كَذَرْقِ الطُّيُورِ خِلَافًا لِابْنِ الْعِمَادِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي ثَوْبٍ مَلْبُوسٍ أَصَابَهُ الدَّمُ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ، فَلَوْ كَانَتْ الْإِصَابَةُ بِفِعْلِهِ قَصْدًا كَأَنْ قَتَلَهَا فِي ثَوْبِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَأَجَابَ بِأَنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ حَتَّى مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى تَسْخِينِهِ فِي الطَّاهِرِ، وَلَوْ أَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ نَحْوِ ذَلِكَ اللَّبَنِ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ انْتَهَى. كَذَا بِهَامِشٍ، وَهُوَ وَجِيهٌ مَرْضِيٌّ، بَلْ يُعْفَى عَنْ ذَلِكَ، وَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الرَّمَادِ، وَصَارَ مُشَاهَدًا سَوَاءٌ ظَاهِرُهُ وَبَاطِنُهُ بِأَنْ انْفَتَحَ بَعْضُهُ وَدَخَلَ فِيهِ ذَلِكَ كَدُودِ الْفَاكِهَةِ وَالْجُبْنِ، وَمِثْلُهُ الْفَطِيرُ الَّذِي يُدْفَنُ فِي النَّارِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ النَّجِسِ (قَوْلُهُ: قَلِيلًا أَمْ كَثِيرًا إلَخْ) هَلْ هَذَا خَاصٌّ بِمَا ذَكَرَهُ الْمَتْنُ مِنْ دَمِ الْبَرَاغِيثِ وَنَحْوِهِ أَوْ عَامٌّ فِيهِ وَفِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ بَوْلِ الْخُفَّاشِ وَرَوَثِهِ، وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ تَقْيِيدُ الشَّارِحِ لَهُ بِالْقَلِيلِ بِنَاءً عَلَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَيُوَجَّهُ بِعُمُومِ الِابْتِلَاءِ بِهِ، وَقَدْ يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْمَنْهَجِ وَوَنِيمِ ذُبَابٍ بِجَعْلِ الْمَعْنَى فِيهِ وَنَحْوِ وَنِيمِ ذُبَابٍ مِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى. وَفِي سم عَلَيْهِ فَرْعٌ: وَقَعَ مِنْ م ر أَنَّهُ وَافَقَ بَعْضَ السَّائِلِينَ عَلَى أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ الْعَفْوِ مَعَ الِاخْتِلَاطِ بِمَاءِ الْأَكْلِ أَنْ تَكُونَ بِأَصَابِعِهِ أَوْ كَفِّهِ نَجَاسَةٌ مَعْفُوٌّ عَنْهَا فَيَأْكُلُ بِأَصَابِعِهِ أَوْ كَفِّهِ مِنْ إنَاءٍ فِيهِ مَائِعٌ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّهُ مُشْكِلٌ، وَلَمْ يُوَافِقْ عَلَى جَوَازِ وَضْعِ يَدِهِ فِي نَحْوِ إنَاءٍ لِإِخْرَاجِ مَا فِيهِ مِنْ الْمَأْكُولِ لِيُؤْكَلَ خَارِجَهُ كَإِخْرَاجِ الْإِدَامِ مِنْ إنَائِهِ فِي إنَاءٍ آخَرَ ثُمَّ أَكْلِهِ فَلْيُحْرَرْ. انْتَهَى. وَكَتَبَ عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ: لَمْ يَحْتَجْ لِمُمَاسَّتِهِ لَهُ إلَخْ أَخْرَجَ الْمُحْتَاجَ لِمُمَاسَّتِهِ، فَيُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي إنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ أَوْ مَائِعٌ أَوْ رَطْبٌ لِإِخْرَاجِ مَا يَحْتَاجُ لِإِخْرَاجِهِ لَمْ يُنَجَّسْ انْتَهَى. وَمِنْ ذَلِكَ مَاءُ الْمَرَاحِيضِ، وَإِخْرَاجُ الْمَاءِ مِنْ زِيرِ الْمَاءِ مَثَلًا فَتَنَبَّهْ لَهُ (قَوْلُهُ: وَغَابَ عَلَى الثَّوْبِ) أَيْ بِأَنْ عَمَّهُ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ) أَيْ حَيْثُ قَيَّدَ بِمَاءٍ لَمْ يَعُمَّ الثَّوْبَ (قَوْلُهُ: كَذَرْقِ الطُّيُورِ) أَيْ فَيُعْفَى عَنْهُ حَيْثُ لَمْ يَتَعَمَّدْ الْمَشْيَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّ رُطُوبَةٌ لَهُ أَوْ لِمَا يُلَاقِيهِ، وَعَمَّ الْمَحَلِّ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ) أَيْ الْعَفْوِ عَنْ الْكَثِيرِ (قَوْلُهُ: فِي ثَوْبٍ مَلْبُوسٍ) أَيْ وَلَوْ لَبِسَهُ لِلتَّجَمُّلِ وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ غَيْرُهُ خَالِيًا مِنْ ذَلِكَ لَا يُكَلَّفُ لُبْسَهُ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمَّا عَفَا عَمَّا فِيهِ مِنْ الدَّمِ صَارَ كَالطَّاهِرِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ قَتَلَهَا فِي ثَوْبِهِ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ كَأَنْ قَتَلَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وَاجْتَمَعَ مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ دَمٌ فِي أَظْفَارِهِ فَيُعْفَى عَنْ الْقَلِيلِ، لَكِنْ سَيَأْتِي بَعْدُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ فَعَلَ فِي صَلَاتِهِ غَيْرَهَا بَطَلَتْ إلَخْ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ قَتْلُهُ لِنَحْوِ قَمْلَةٍ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَحْمِلْ جِلْدَهَا وَلَا مَسَّهُ، وَهِيَ مَيِّتَةٌ، وَإِنْ أَصَابَهُ قَلِيلٌ مِنْ دَمِهَا فَيَتَقَيَّدُ مَا هُنَا بِذَلِكَ فَيُقَالُ مَحَلُّ الْعَفْوِ عَنْ قَلِيلِ دَمِ نَحْوِ الْبَرَاغِيثِ مَا لَمْ يَمَسَّ جِلْدَهَا، وَهِيَ مَيِّتَةٌ: يَعْنِي مَعَ الرُّطُوبَةِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ، وَمِنْ الرُّطُوبَةِ مَا يَعْلَقُ مِنْ دَمِهَا بِأُصْبُعِهِ مَثَلًا، وَمِنْ هُنَا يَتَعَذَّرُ الْعَفْوُ عَنْ الْقَلِيلِ الْحَاصِلِ بِقَتْلِهِ، إذْ لَا يُمْكِنُ عَادَةً قَتْلُ قَمْلَةٍ بِيَدِهِ مِنْ غَيْرِ مُمَاسَّةٍ لِجِلْدِهَا. وَفِي حَجّ: وَلَوْ حَمَلَ مَيْتَةً لَا دَمَ لَهَا سَائِلَ فِي بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ كَقَمْلٍ قَتَلَهُ فَتَعَلَّقَ جِلْدُهُ بِظُفُرِهِ أَوْ ثَوْبِهِ، فَمَنْ أَطْلَقَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِقَتْلِهِ فِي الصَّلَاةِ يَتَعَيَّنُ أَنَّ مُرَادَهُ مَا لَمْ يَحْمِلْ جِلْدَهُ. انْتَهَى. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مُجَرَّدَ مَسِّهِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ لَا يَضُرُّ فِي الْعَفْوِ عَنْ دَمِهِ، وَهُوَ قَرِيبٌ؛ لِأَنَّ مَنْشَأَ الْعَفْوِ الْمَشَقَّةُ، وَهِيَ حَاصِلَةٌ فِيمَا لَوْ اشْتَرَطَ فِي الْعَفْوِ عَنْ الدَّمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أَوْ بَدَنِهِ أَوْ حَمَلَ ثَوْبٌ نَحْوَ بَرَاغِيثَ وَصَلَّى فِيهِ أَوْ فَرَشَهُ وَصَلَّى عَلَيْهِ أَوْ كَانَ زَائِدًا عَلَى مَلْبُوسِهِ لَا لِغَرَضٍ مِنْ تَجَمُّلٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يُعْفَ إلَّا عَنْ الْقَلِيلِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَالْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِمَا. وَلَوْ نَامَ فِي ثَوْبِهِ فَكَثُرَ فِيهِ دَمُ الْبَرَاغِيثِ الْتَحَقَ بِمَا يَقْتُلُهُ مِنْهَا عَمْدًا لِمُخَالَفَتِهِ السُّنَّةَ مِنْ الْعُرْيِ عِنْدَ النَّوْمِ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بَحْثًا، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ احْتِيَاجِهِ لِلنَّوْمِ فِيهِ، وَإِلَّا عُفِيَ عَنْهُ، ثُمَّ مَحَلُّ الْعَفْوِ هُنَا، وَفِي نَظَائِرِهِ الْآتِيَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ. فَلَوْ وَقَعَ الْمُتَلَوِّثُ بِذَلِكَ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ نَجَّسَهُ، وَلَا فَرْقَ فِي الْعَفْوِ بَيْنَ الْبَدَنِ الْجَافِّ وَالرَّطْبِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلرُّطُوبَةِ الْحَاصِلَةِ مِنْ عَرَقٍ وَنَحْوِ مَاءِ وُضُوءٍ وَغَسْلٍ وَحَلْقٍ أَوْ مَا يَتَسَاقَطُ مِنْ الْمَاءِ حَالَ شُرْبِهِ أَوْ مِنْ الطَّعَامِ حَالَ أَكْلِهِ أَوْ بُصَاقٍ فِي ثَوْبِهِ أَوْ مُمَاسِّ آلَةٍ نَحْوِ فَصَادٍ مِنْ رِيقٍ أَوْ دُهْنٍ وَسَائِرِ مَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ، وَلَا يُكَلَّفُ تَنْشِيفَ الْبَدَنِ لِعُسْرِهِ خِلَافًا لِابْنِ الْعِمَادِ (وَدَمُ الْبَثَرَاتِ) بِالْمُثَلَّثَةِ خُرَّاجٌ صَغِيرٌ (كَالْبَرَاغِيثِ) فَيُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ، وَإِنْ كَثُرَ وَانْتَشَرَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ مَا يَتَعَذَّرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَأُلْحِقَ نَادِرُهُ بِغَالِبِهِ كَمَا مَرَّ مَا لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهِ، وَإِلَّا فَالْعَفْوُ خَاصٌّ حِينَئِذٍ بِالْقَلِيلِ (وَقِيلَ إنْ عَصَرَهُ فَلَا يُعْفَى عَنْهُ) لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ وَحُصُولِهِ بِفِعْلِهِ، وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْأَصَحَّ الْعَفْوُ عَنْهُ مَعَ الْعَصْرِ وَلَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْقَلِيلِ عَدَمَ الْمَسِّ بَلْ مَعَهُ لَا تَكَادُ تُوجَدُ صُورَةٌ لِلْعَفْوِ. وَفِي فَتَاوَى الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ: سُئِلَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ رَجُلٍ يَقْصَعُ الْقَمْلَ عَلَى ظُفُرِهِ بِفِعْلِهِ فَهَلْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ يُعْفَى عَنْ دَمِهِ لَوْ كَثُرَ كَخَمْسَةٍ إلَى عِشْرِينَ وَالْحَالُ إذَا خَالَطَ الدَّمُ مَعَ الْجِلْدِ وَلَوْ كَانَ قَلِيلًا هَلْ يُعْفَى عَنْهُ؟ فَأَجَابَ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِ دَمٍ فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ لَا كَثِيرِهِ لِكَوْنِهِ بِفِعْلِهِ وَمُمَاسَّةِ الدَّمِ لِلْجِلْدِ لَا تُؤَثِّرُ. انْتَهَى. وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِيمَا إذَا مَرَّتْ الْقَمْلَةُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ هَلْ يُعْفَى عَنْهُ أَوْ لَا؟ وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْعَفْوِ؛ لِكَثْرَةِ مُخَالَطَةِ الدَّمِ لِلْجِلْدِ (قَوْلُهُ: أَوْ حَمَلَ نَحْوَ بَرَاغِيثَ) أَيْ لَيْسَ مِنْ لِبَاسِهِ وَلَوْ لِلتَّجَمُّلِ، وَإِنْ كَانَ حَمْلُهُ لِغَرَضٍ كَالْخَوْفِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ احْتِيَاجِهِ) وَمِنْ الْحَاجَةِ أَنْ يَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ الضَّرَرَ إذَا نَامَ عُرْيَانًا وَلَا يُكَلَّفُ إعْدَادَ ثَوْبٍ لِيَنَامَ فِيهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَرَجِ (قَوْلُهُ: فِي مَاءٍ قَلِيلٍ نَجَّسَهُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَجْ لِذَلِكَ، فَلَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ لِإِخْرَاجِ مَا فِي الْإِنَاءِ أَوْ الْأَكْلِ مِنْهُ، وَهِيَ مُتَلَوِّثَةٌ بِدَمِ الْبَرَاغِيثِ لَمْ يَضُرَّ كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ سم (قَوْلُهُ: وَغَسْلٍ) وَلَوْ لِلتَّبَرُّدِ (قَوْلُهُ: وَحَلْقٍ) أَيْ وَمَاءِ حَلْقٍ وَلَا يَضُرُّ لُبْسُهُ لِلثَّوْبِ الَّذِي فِيهِ دَمُ بَرَاغِيثَ بَعْدَ غُسْلِ التَّبَرُّدِ (قَوْلُهُ: وَسَائِرِ مَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ) مِنْهُ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ سم عَلَى حَجّ. وَمِنْهُ أَيْضًا مَا لَوْ مَسَحَ وَجْهَهُ الْمُبْتَلَّ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ وَلَوْ كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ، وَلَيْسَ مِنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ مَاءُ الْوَرْدِ، وَمَاءُ الزَّهْرِ فَلَا يُعْفَى عَنْهُ إذَا رَشَّ عَلَى ثِيَابِهِ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ حَاجَةٌ، وَاَلَّذِي يَرُشُّ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِسَبِيلِ مَنْ مَنَعَ مَنْ يُرِيدُ الرَّشَّ مِنْهُ عَلَيْهِ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ لِمُدَاوَاةِ عَيْنِهِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَلَا يُكَلَّفُ تَنْشِيفَ الْبَدَنِ) أَيْ وَلَوْ مِنْ غُسْلٍ قَصَدَ بِهِ مُجَرَّدَ التَّبَرُّدِ أَوْ التَّنَظُّفِ وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ عَرِقَ بَدَنُهُ فَمَسَحَهُ بِيَدِهِ الْمُبْتَلَّةِ (قَوْلُهُ: خَرَاجٌ) بِالتَّخْفِيفِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ إنْ عَصَرَهُ فَلَا) وَكَالْعَصْرِ مَا لَوْ بِجَرِّهِ أَوْ وَضَعَ عَلَيْهِ لُصُوقًا؛ لِيُخْرِجَ مَا فِيهِ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَمْ يُعْفَ إلَّا عَنْ الْقَلِيلِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ قَدْ حَصَلَ مِنْهُ مَسٌّ لِجِلْدِ الْقَمْلَةِ عِنْدَ قَتْلِهَا فِي مَسْأَلَتِهَا كَمَا يَصْدُقُ بِهِ كَلَامُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي لَهُ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَلَوْ فَعَلَ فِي صَلَاتِهِ غَيْرَهَا إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهَا بَطَلَتْ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا قَتَلَهُ لِنَحْوِ قَمْلَةٍ لَمْ يَحْمِلْ جِلْدَهَا وَلَا مَسَّهُ وَهِيَ مَيِّتَةٌ وَإِنْ أَصَابَهُ قَلِيلٌ مِنْ دَمِهَا، إذْ الْكَلَامُ ثَمَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إنَّمَا هُوَ فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ وَعَدَمِهِ لَا فِي الْعَفْوِ وَعَدَمِهِ، وَالْمَلْحَظُ فِي الْبُطْلَانِ مُمَاسَّةُ النَّجَاسَةِ الَّتِي لَا يُعْفَى عَنْهَا فِي الصَّلَاةِ، وَمِنْهُ جِلْدُ الْقَمْلَةِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُ مَاءِ وُضُوءٍ إلَخْ) مِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَاءُ الطِّيبِ كَمَاءِ الْوَرْدِ؛ لِأَنَّ الطِّيبَ مَقْصُودٌ شَرْعًا خُصُوصًا فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي هُوَ مَطْلُوبٌ فِيهَا كَالْعِيدَيْنِ وَالْجُمُعَةِ، بَلْ هُوَ أَوْلَى بِالْعَفْوِ مِنْ كَثِيرٍ مِمَّا ذَكَرُوهُ هُنَا خِلَافًا لِمَا فِي الْحَاشِيَةِ (قَوْلُهُ: وَحَلْقٌ) صُورَتُهُ أَنَّ بَلَلَ الرَّأْسِ نَزَلَ عَلَى دَمِ الْبَرَاغِيثِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ، فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي مِنْ عَدَمِ الْعَفْوِ فِي اخْتِلَاطِ دَمِ جُرْحِ الرَّأْسِ بِبَلَلِ الْحَلْقِ

كَانَ كَثِيرًا، وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ. (وَالدَّمَامِيلُ وَالْقُرُوحُ وَمَوْضِعُ الْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ قِيلَ كَالْبَثَرَاتِ) فَيُعْفَى عَنْ دَمِهَا، وَإِنْ كَثُرَ عَلَى مَا مَرَّ؛ لِأَنَّهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ غَالِبَةً لَيْسَتْ نَادِرَةً (وَالْأَصَحُّ) عِنْدَ الرَّافِعِيِّ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِثْلَهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَكْثُرُ كَثْرَتَهَا بَلْ يُقَالُ فِي جُزْئِيَّاتِ دَمِهَا (إنْ كَانَ مِثْلُهُ يَدُومُ غَالِبًا فَكَالِاسْتِحَاضَةِ) أَيْ كَدَمِهَا فَيَلْزَمُهُ الِاحْتِيَاطُ حَسَبِ الْإِمْكَانِ بِأَنْ يُزِيلَ مَا أَصَابَهُ مِنْهُ وَيَعْصِبَ مَحَلَّ خُرُوجِهِ عِنْدَ إرَادَتِهِ الصَّلَاةَ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ، وَيُعْفَى بَعْدَ الِاحْتِيَاطِ عَمَّا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَلَوْ مِنْ دَمِ اسْتِحَاضَةٍ، وَإِنْ لَمْ يُعْفَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ دَمِ الْمَنَافِذِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ مِثْلُهُ لَا يَدُومُ غَالِبًا (فَكَدَمِ الْأَجْنَبِيِّ) يُصِيبُهُ (فَلَا يُعْفَى) عَنْهُ أَيْ عَنْ شَيْءٍ مِنْ الْمُشَبَّهِ وَالْمُشَبَّهِ بِهِ، وَجَعَلَهُ بَعْضُ الشُّرُوحِ رَاجِعًا لِلْأَوَّلِ وَحْدَهُ وَبَعْضُهُمْ لِلثَّانِي وَحْدَهُ وَمَا قُلْنَاهُ أَفْيَدُ. (وَقِيلَ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ) كَمَا قِيلَ بِهِ فِي دَمِ الْأَجْنَبِيِّ (قُلْت: الْأَصَحُّ أَنَّهَا) أَيْ دَمُ الدَّمَامِيلِ وَالْقُرُوحِ وَمَوْضِعِ الْفَصْدِ وَالْحَجَّامَةِ (كَالْبَثَرَاتِ) فَعُفِيَ عَنْ قَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا مَا لَمْ يَكُنْ بِفِعْلٍ أَوْ يُجَاوِزُ مَحَلَّهُ. وَحَاصِلُ مَا فِي الدِّمَاءِ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهَا وَلَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ غَيْرِ نَحْوِ كَلْبٍ، وَكَثِيرِهَا مِنْ نَفْسِهِ مَا لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهِ أَوْ يُجَاوِزُ مَحَلَّهُ فَيُعْفَى حِينَئِذٍ عَنْ قَلِيلِهَا فَقَطْ. وَمَا وَقَعَ فِي التَّحْقِيقِ وَالْمَجْمُوعِ فِي دَمِ الْبَثَرَاتِ وَنَحْوِهَا مِنْ كَوْنِهِ كَدَمِ الْأَجْنَبِيِّ مَحْمُولٌ عَلَى مَا حَصَلَ بِفِعْلِهِ أَوْ انْتَقَلَ عَنْ مَحَلِّهِ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الرَّوْضَةِ لَوْ خَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ دَمٌ مُتَدَفِّقٌ، وَلَمْ يُلَوِّثْ بَشَرَتَهُ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ أَنَّهُ إذَا لَوَّثَ أَبْطَلَ: أَيْ إنْ كَثُرَ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْمُتَوَلِّي: أَيْ وَجَاوَزَ مَحَلَّهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ (وَالْأَظْهَرُ الْعَفْوُ عَنْ قَلِيلِ) دَمِ (الْأَجْنَبِيِّ) ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمِدَّةِ وَانْفَتَحَ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَكَدَمِ الْأَجْنَبِيِّ فَلَا يُعْفَى إلَخْ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: اعْلَمْ أَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُتَبَادَرُ أَنَّ نَائِبَ فَاعِلِ يُعْفَى ضَمِيرُ الْمُشَبَّهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُوَافِقُ لِكَوْنِ الْمَقْصُودِ بِالتَّشْبِيهِ بَيَانَ حُكْمِ الْمُشَبَّهِ لِكَوْنِهِ مَجْهُولًا، وَكَوْنُ حُكْمِ الْمُشَبَّهِ بِهِ مَعْلُومًا مُسْتَقِرًّا، إلَّا إنْ كَانَ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مَانِعٌ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ فِي قَوْلِهِ فَلَا يُعْفَى. وَقِيلَ يُعْفَى عَنْ قَلِيلٍ إنَّمَا هُوَ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَصَالَةً فِي دَمِ الْأَجْنَبِيِّ الَّذِي هُوَ الْمُشَبَّهُ بِهِ، وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ اسْتِدْرَاكُ الْمُصَنِّفِ عَلَى تَرْجِيحِ الْمُحَرَّرِ أَنَّهُ لَا يُعْفَى بِقَوْلِهِ وَالْأَظْهَرُ الْعَفْوُ عَنْ قَلِيلِ الْأَجْنَبِيِّ، فَإِنَّ هَذَا رَدٌّ عَلَى قَوْلِ الْمُحَرَّرِ لَا يُعْفَى، فَهُوَ مُصَرِّحٌ بِأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي دَمِ الْأَجْنَبِيِّ فَتَعَيَّنَ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي يُعْفَى لِلْمُشَبَّهِ بِهِ، وَهُوَ دَمُ الْأَجْنَبِيِّ وَامْتَنَعَ كَوْنُهُ لِلْمُشَبِّهِ أَوْ لَهُمَا. فَإِنْ قُلْت: التَّشْبِيهُ لَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ بَيَانُ حُكْمِ الْمُشَبَّهِ بِهِ. قُلْت: الْفَاءُ لِمُجَرَّدِ الْعَطْفِ لَا لِلتَّفْرِيعِ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ: وَإِلَّا فَكَدَمِ الْأَجْنَبِيِّ وَدَمُ الْأَجْنَبِيِّ لَا يُعْفَى عَنْهُ. وَقِيلَ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ فَيَجْرِي ذَلِكَ فِيمَا ذَكَرُوا. إذَا عَلِمْت ذَلِكَ عَلِمْت أَنَّ الصَّوَابَ رُجُوعُ الضَّمِيرِ لِلْمُشَبَّهِ بِهِ كَمَا فَعَلَهُ بِهِ الْمُحَقِّقُ الْمَحَلِّيُّ فَلِلَّهِ دَرُّهُ، وَأَنَّ الشَّارِحَ لَمْ يُصِبْ فِيمَا فَعَلَ وَلَا فِي قَوْلِهِ، وَهَذَا أَوْلَى إلَخْ، وَأَنَّ ذَلِكَ نَشَأَ عَنْ عَدَمِ تَأَمُّلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَسِيَاقِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مِنْ الْمُشَبَّهِ) هُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَالدَّمَامِيلُ وَالْقُرُوحُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَالْمُشَبَّهُ بِهِ هُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَكَدَمِ الْأَجْنَبِيِّ. (قَوْلُهُ: غَيْرَ نَحْوِ كَلْبٍ) أَيْ مَا لَمْ يَخْتَلِطْ بِأَجْنَبِيٍّ لَمْ تَمَسَّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهِ) وَمِنْهُ مَا يَقَعُ مِنْ وَضْعِ لَصُوقٍ عَلَى الدُّمَّلِ لِيَكُونَ سَبَبًا فِي فَتْحِهِ، وَإِخْرَاجِ مَا فِيهِ فَيُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ دُونَ كَثِيرِهِ، وَأَمَّا مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ أَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَفْتَحُ رَأْسَ الدُّمَّلِ بِآلَةٍ قَبْلَ انْتِهَاءِ الْمِدَّةِ فِيهِ مَعَ صَلَابَةِ الْمَحَلِّ ثُمَّ تَنْتَهِي مِدَّتُهُ بَعْدُ فَيَخْرُجُ مِنْ الْمَحَلِّ الْمُنْفَتِحِ دَمٌ كَثِيرٌ، أَوْ نَحْوُ قَيْحٍ فَهَلْ يُعْفَى عَنْ ذَلِكَ، وَلَا يَكُونُ بِفِعْلِهِ لِتَأَخُّرِ خُرُوجِهِ عَنْ وَقْتِ الْفَتْحِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ خُرُوجَهُ مُتَرَتِّبٌ عَلَى الْفَتْحِ السَّابِقِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِمَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ: أَيْ إنْ كَثُرَ) يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ قَبْلُ وَكَثِيرُهَا مِنْ نَفْسِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا هُنَا مَفْرُوضٌ فِيمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَيْ إنْ كَثُرَ) أَيْ بِقَيْدِهِ الْآتِي عَلَى الْأَثَرِ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا مَرَّ قَرِيبًا لَا مُخَالِفٌ لَهُ وَإِنْ أَشَارَ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ إلَى الْمُخَالَفَةِ

مِنْ غَيْرِ نَحْوِ كَلْبٍ وَلَوْ مِنْ نَفْسِهِ بِأَنْ عَادَ إلَيْهِ بَعْدَ انْفِصَالِهِ عَنْهُ كَمَا أَفَادَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِوُقُوعِ الْقَلِيلِ فِي مَحَلِّ الْمُسَامَحَةِ إذْ جِنْسُ الدَّمِ مِمَّا يَتَطَرَّقُ لَهُ الْعَفْوُ، وَالْقَلِيلُ كَمَا فِي الْأُمِّ مَا تَعَافَاهُ النَّاسُ: أَيْ عَدُّوهُ عَفْوًا. وَالثَّانِي لَا يُعْفَى عَنْهُ مُطْلَقًا لِسُهُولَةِ التَّحَرُّزِ عَنْهُ، وَشَمِلَ قَوْلُهُ: قَلِيلُ دَمِ الْأَجْنَبِيِّ مَا لَوْ كَانَ الْقَلِيلُ مُتَفَرِّقًا وَلَوْ جُمِعَ لَكَثُرَ، وَهُوَ الرَّاجِحُ: أَمَّا دَمُ الْمُغَلَّظِ مِنْ نَحْوِ كَلْبٍ فَلَا يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ لِغِلَظِهِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَيَانِ وَأَقَرَّهُ، بَلْ نُقِلَ عَنْ نَصِّ الْإِمَامِ أَيْضًا وَلَوْ لَطَّخَ نَفْسَهُ بِدَمِ أَجْنَبِيٍّ عَبَثًا لَمْ يُعْفَ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ لِارْتِكَابِهِ مُحَرَّمًا فَلَا يُنَاسِبُهُ الْعَفْوُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (وَالْقَيْحُ وَالصَّدِيدُ) وَتَقَدَّمَ فِي النَّجَاسَةِ الْكَلَامُ عَلَيْهِمَا (كَالدَّمِ) فِيمَا ذُكِرَ لِكَوْنِهِمَا دَمًا مُسْتَحِيلًا إلَى نَتِنٍ وَفَسَادٍ (وَكَذَا مَاءُ الْقُرُوحِ وَالْمُتَنَفِّطِ الَّذِي لَهُ رِيحٌ) وَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ قِيَاسًا عَلَى الْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ (وَكَذَا بِلَا رِيحٍ) وَلَا تَغَيُّرِ لَوْنٍ (فِي الْأَظْهَرِ) قِيَاسًا عَلَى الصَّدِيدِ الَّذِي لَا رَائِحَةَ لَهُ، وَالثَّانِي أَنَّهُ طَاهِرٌ كَالْعَرَقِ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى تَرْجِيحِهِ بِقَوْلِهِ (قُلْت: الْمَذْهَبُ طَهَارَتُهُ) قَطْعًا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِمَا مَرَّ ثُمَّ مَحَلُّ الْعَفْوِ عَنْ سَائِرِ مَا تَقَدَّمَ مِمَّا يُعْفَى عَنْهُ مَا لَمْ يَخْتَلِطْ بِأَجْنَبِيٍّ. فَإِنْ اخْتَلَطَ بِهِ وَلَوْ دَمَ نَفْسِهِ كَالْخَارِجِ مِنْ عَيْنِهِ أَوْ لِثَتِهِ أَوْ أَنْفِهِ أَوْ قُبُلِهِ أَوْ دُبُرِهِ لَمْ يُعْفَ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ. وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ مَا لَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ فَجُرِحَ حَالَ حَلْقِهِ وَاخْتَلَطَ دَمُهُ بِبَلِّ الشَّعْرِ أَوْ حَكَّ نَحْوَ دُمَّلٍ حَتَّى أَدْمَاهُ لِيَسْتَمْسِكَ عَلَيْهِ الدَّوَاءَ ثُمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَوْ كَانَ تَدَفُّقُهُ بِفِعْلِهِ بِأَنْ فَتَحَ الدُّمَّلَ فَخَرَجَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ جُمِعَ لَكَثُرَ) لَا يُقَالُ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ: أَيْ بَعْدَ ذِكْرِ الْقُلَّتَيْنِ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ: وَكَذَا فِي قَوْلٍ نَجِسٌ لَا يُدْرِكُهُ طَرْفٌ فِيمَا لَا يُدْرِكُهُ الطَّرْفُ مِنْ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ فِي مَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ جُمِعَ أَدْرَكَهُ الطَّرْفُ عُفِيَ عَنْهُ إنْ كَانَ يَسِيرًا عُرْفًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَثُرَ لِإِمْكَانِ مَحَلِّ مَا سَبَقَ عَلَى غَيْرِ الدَّمِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ جِنْسَ الدَّمِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ فِي الْجُمْلَةِ بِلَا ضَرُورَةٍ، وَلَا كَذَلِكَ نَحْوُ الْبَوْلِ: أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا، بِخِلَافِ الدَّمِ فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ، وَلَوْ كَانَ إذَا جُمِعَ كَثُرَ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الرَّاجِحُ) أَيْ فَيُعْفَى عَنْهُ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ لِغِلَظِهِ) أَيْ مَا لَمْ يَتَنَاهَ فِي الْقِلَّةِ إلَى حَدٍّ لَا يُدْرِكُهُ الْبَصَرُ الْمُعْتَدِلُ بِنَاءً عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ فِيمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ مَا لَا يُدْرِكُهُ الطَّرْفُ لَا يُنَجَّسُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ مُغَلَّظٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَطَّخَ نَفْسَهُ) بِأَنْ مَسَّ شَيْئًا مِنْ بَدَنِهِ بِذَلِكَ. وَفِي الْمِصْبَاحِ: لَطَّخَ ثَوْبَهُ بِالْمِدَادِ وَغَيْرِهِ لَطْخًا مِنْ بَابِ نَفَعَ وَالتَّشْدِيدُ مُبَالَغَةٌ. انْتَهَى. (قَوْلُهُ: وَالصَّدِيدُ) قَالَ فِي مُخْتَارِ الصِّحَاحِ: صَدِيدُ الْجُرْحِ: مَاؤُهُ الرَّقِيقُ الْمُخْتَلِطُ بِالدَّمِ قَبْلَ أَنْ تَغْلُظَ الْمِدَّةُ. انْتَهَى. وَالْمِدَّةُ بِكَسْرِ الْمِيمِ (قَوْلُهُ: كَالدَّمِ) أَيْ الْخَارِجِ مِنْ الدَّمَامِيلِ وَالْقُرُوحِ وَالْبَثَرَاتِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَخْتَلِطْ بِأَجْنَبِيٍّ) خِلَافًا لحج: أَيْ غَيْرُ ضَرُورِيِّ الْحُصُولِ؛ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ مَاءَ الْوُضُوءِ وَنَحْوَهُ لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ) أَيْ فِي عَدَمِ الْعَفْوِ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ مِنْ الْعَفْوِ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ وَنَحْوِ مَاءِ وُضُوءٍ وَغَسْلٍ وَحَلْقٍ، وَمِنْهُ ثُمَّ وُجِدَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَنَّهُ ضَرْبٌ عَلَى قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَحَلْقٍ، وَعَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهَا فَقَدْ يُحْمَلُ مَا مَرَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَنْفِيَ عَنْ مَاءِ الْحَلْقِ إذَا أَصَابَ مَا فِي بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ أَوْ رَأْسِهِ مِنْ دَمِ الْبَرَاغِيثِ وَنَحْوِهَا قَبْلَ الْحَلْقِ، وَمَا هُنَا مَفْرُوضٌ فِي دَمِ الْجِرَاحَةِ الْحَاصِلَةِ بِسَبَبِ الْحَلْقِ فَلَا تَخَالُفَ، وَالْأَقْرَبُ الْعَفْوُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الدَّمُ مِنْ الْجُرْحِ أَوْ الْبَرَاغِيثِ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ، بَلْ الْعَفْوُ عَنْ هَذَا أَوْلَى مِنْ الْعَفْوِ عَنْ الْبُصَاقِ فِي كُمِّهِ الَّذِي فِيهِ دَمُ الْبَرَاغِيثِ (قَوْلُهُ: حَتَّى أَدْمَاهُ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ وَضَعَ عَلَيْهِ لُصُوقًا مِنْ غَيْرِ حَكٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَمَا أَفَادَهُ الْأَذْرَعِيُّ) عِبَارَتُهُ وَمَا انْفَصَلَ مِنْ بَدَنِهِ ثُمَّ أَصَابَهُ فَأَجْنَبِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي لَا يُعْفَى عَنْهُ مُطْلَقًا) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ فَكَدَمَ الْأَجْنَبِيَّ، فَلَا يُعْفَى بِنَاءً عَلَى مَا سَلَكَهُ هُوَ فِي تَقْرِيرِهِ مِنْ جَعْلِهِ قَوْلَهُ فَلَا يُعْفَى رَاجِعًا إلَى الْمُشَبَّهِ وَالْمُشَبَّهِ بِهِ جَمِيعًا، وَكَذَا إنْ جَعَلْنَاهُ رَاجِعًا لِلْمُشَبَّهِ بِهِ كَمَا سَلَكَهُ الْجَلَالُ، وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ إنْ جَعَلْنَاهُ رَاجِعًا لِلْمُشَبَّهِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى تَرْجِيحِهِ) فِيهِ مُسَامَحَةٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ إنَّمَا هُوَ طَرِيقَةُ الْقَطْعِ كَمَا أَشَارَ هُوَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ قَطْعًا وَإِنْ كَانَتْ مُوَافَقَةً لِلْقَوْلِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَخْتَلِطْ بِأَجْنَبِيٍّ) أَيْ

ذَرَّهُ عَلَيْهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (وَلَوْ) (صَلَّى بِنَجَسٍ) غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ فِي ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ أَوْ مَكَانِهِ (لَمْ يَعْلَمْهُ) حَالَ ابْتِدَائِهِ لَهَا ثُمَّ عَلِمَ كَوْنَهُ فِيهَا (وَجَبَ الْقَضَاءُ فِي الْجَدِيدِ) ؛ لِأَنَّهَا طَهَارَةٌ وَاجِبَةٌ فَلَا تَسْقُطُ بِالْجَهْلِ كَطَهَارَةِ الْحَدَثِ وَالْقَدِيمُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ، وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لِمَا رَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ إذْ خَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ، فَلَمَّا رَأَى الْقَوْمُ ذَلِكَ أَلْقَوْا نِعَالَهُمْ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ: مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إلْقَاءِ نِعَالِكُمْ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْنَاك أَلْقَيْت نَعْلَيْك فَأَلْقَيْنَا نِعَالَنَا، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا» . وَفِي رِوَايَةٍ: خَبَثًا، وَفِي أُخْرَى: قَذَرًا وَأَذًى، وَفِي أُخْرَى: دَمَ حَلَمَةٍ " وَجْهُ الدَّلَالَةِ عَدَمُ اسْتِئْنَافِهِ لِلصَّلَاةِ، وَأَجَابُوا بِأَنَّ الْقَذَرَ هُوَ الشَّيْءُ الْمُسْتَقْذَرُ نَجِسًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ كَالْمُخَاطِ وَالْبُصَاقِ، وَأَيْضًا فَقَدْ يَكُونُ الدَّمُ يَسِيرًا، وَإِنَّمَا فَعَلَهُ تَنْزِيهًا. وَقِيلَ إنَّ اجْتِنَابَ النَّجَاسَةِ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا أَوَّلَ الْإِسْلَامِ وَمِنْ حِينَئِذٍ وَجَبَ، وَيَدُلُّ لَهُ حَدِيثُ «سَلَا الْجَزُورِ عَلَى ظَهْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُوَ يُصَلِّي بِمَكَّةَ وَلَمْ يَقْطَعْهَا» (وَإِنْ عَلِمَ) بِالنَّجَسِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا (ثُمَّ نَسِيَ) فَصَلَّى ثُمَّ تَذَكَّرَ فِي وَقْتِهَا أَعَادَهَا فِيهِ أَوْ بَعْدَهُ (وَجَبَ الْقَضَاءُ عَلَى الْمَذْهَبِ) بِتَفْرِيطِهِ بِتَرْكِهَا لَمَّا عَلِمَ بِهَا. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِي وُجُوبِهِ الْقَوْلَانِ لِعُذْرِهِ بِالنِّسْيَانِ وَحَيْثُ لَزِمَهُ الْإِعَادَةُ أَعَادَ حَتْمًا كُلَّ صَلَاةٍ تَيَقَّنَ فِعْلَهَا مَعَ النَّجَاسَةِ، فَإِنْ احْتَمَلَ وُجُودَهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَلَا إذْ الْأَصْلُ فِي كُلِّ حَادِثٍ تَقْدِيرُهُ بِأَقْرَبِ زَمَنٍ وَالْأَصْلُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَاخْتَلَطَ مَا عَلَى اللُّصُوقِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْ الدُّمَّلِ وَنَحْوِهِ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّ اخْتِلَاطَهُ ضَرُورِيٌّ لِلْعِلَاجِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَلِمَ كَوْنَهُ) أَيْ وُجُودَهُ (قَوْلُهُ: وَجَبَ الْقَضَاءُ) قَالَ الْمَحَلِّيُّ: وَالْمُرَادُ بِالْقَضَاءِ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ انْتَهَى. أَقُولُ: فِي إطْلَاقِ الْإِعَادَةِ عَلَى مَا بَعْدَ الْوَقْتِ تَغْلِيبٌ، إذْ الْإِعَادَةُ فِعْلُ الْعِبَادَةِ ثَانِيًا فِي الْوَقْتِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ حَجّ: الْمُرَادُ بِالْقَضَاءِ مَا يَشْمَلُ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ. وَقَالَ سم عَلَيْهِ: وَظَاهِرٌ أَنَّ الْقَضَاءَ فِي الصُّورَتَيْنِ يَعْنِي هَذِهِ، وَمَا بَعْدَهَا عَلَى التَّرَاخِي انْتَهَى. وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَالُوهُ فِي الصَّوْمِ مِنْ أَنَّ مَنْ نَسِيَ النِّيَّةَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَوْرًا. وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ لَمْ يَرَ الْهِلَالَ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ الشَّهْرِ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِيهِ الْقَضَاءُ عَلَى الْفَوْرِ بِأَنَّهُ فِي تِلْكَ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّحَرِّي إمَّا بِإِمْعَانِ النَّظَرِ أَوْ بِالْبَحْثِ عَنْهُ، فَإِذَا لَمْ يَرَهُ وَلَا أُخْبِرَ بِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مِنْ الشَّهْرِ نُسِبَ إلَى تَقْصِيرٍ فِي الْجُمْلَةِ، وَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ لَمْ يُنْسَبْ إلَى تَقْصِيرٍ؛ لِأَنَّهُ مَعَ النِّسْيَانِ وَعَدَمِ الْعِلْمِ بِالنَّجَاسَةِ مَعْذُورٌ، إذْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْبَحْثُ عَنْ ثِيَابِهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ فِيهَا بَلْ يُعْمَلُ بِمَا هُوَ الْأَصْلُ فِيهَا مِنْ الطَّهَارَةِ (قَوْلُهُ: حَدِيثُ سَلَا إلَخْ) أَيْ حَدِيثُ وَضْعِ سَلَا الْجَزُورِ عَلَى ظَهْرِهِ إلَخْ، وَهُوَ اسْمٌ لِمَا فِي الْكَرِشِ مِنْ الْقَذَرِ، لَكِنْ فِي الصِّحَاحِ: السَّلَا بِالْفَتْحِ مَقْصُورًا: الْجِلْدَةُ الرَّقِيقَةُ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الْوَلَدُ مِنْ الْمَوَاشِي (قَوْلُهُ: كُلُّ صَلَاةٍ تَيَقَّنَ فِعْلَهَا مَعَ النَّجَاسَةِ) أَيْ فَلَوْ فَتَّشَ عِمَامَتَهُ فَوَجَدَ فِيهَا قِشْرُ قَمْلٍ وَجَبَ عَلَيْهِ إعَادَةُ مَا تَيَقَّنَ إصَابَتَهُ فِيهَا. اهـ. شَيْخُنَا زِيَادِيُّ بِهَامِشٍ. وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ الْعِمَادِ الْعَفْوُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُؤْمَرُ بِتَفْتِيشِهَا. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ لِمَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ الْعَفْوِ عَنْ قَلِيلِ النَّجَاسَةِ الَّذِي يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ كَيَسِيرِ دُخَانِ النَّجَاسَةِ وَغُبَارِ السِّرْجِينِ وَشَعْرِ نَحْوِ الْحِمَارِ فَقِيَاسُ ذَلِكَ الْعَفْوُ عَنْهُ وَلَوْ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي عُلِمَ وُجُودُهُ فِيهَا، بَلْ الِاحْتِرَازُ فِي هَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQغَيْرِ مَا مَرَّ اسْتِثْنَاؤُهُ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَجْنَبِيِّ غَيْرُ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ فَمَا مَرَّ غَيْرُ أَجْنَبِيٍّ. (قَوْلُهُ: حَالَ ابْتِدَائِهِ) لَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ التَّقْيِيدِ بِالِابْتِدَاءِ وَهَلَّا أَبْدَلَهُ بِقَوْلِهِ فِيهَا أَوْ نَحْوِهِ لِيَصْدُقَ بِمَا إذَا عَلِمَ فِي الْأَثْنَاءِ (قَوْلُهُ: فِي وَقْتِهَا أَوْ قَبْلَهُ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ أَوْ قَبْلَهُ وَمَا صُورَتُهُ

[فصل في مبطلات الصلاة وسننها ومكروهاتها]

عَدَمُ وُجُودِهِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَفَضْلُ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ لَا يُؤَاخِذَهُ مَعَ وَعْدِهِ بِرَفْعِ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ عَنْ الْأُمَّةِ، نَصَّ عَلَيْهِ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ، وَفِي الْأَنْوَارِ وَنَحْوِهِ. وَيَلْزَمُهُ تَعْلِيمُ مَنْ رَآهُ يُخِلُّ بِوَاجِبِ عِبَادَةٍ فِي رَأْيِ مُقَلِّدِهِ كِفَايَةً إنْ كَانَ ثَمَّ غَيْرُهُ، وَإِلَّا فَعَيْنًا. نَعَمْ إنْ قُوبِلَ ذَلِكَ بِأُجْرَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا بِهَا فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ رِوَايَةً بِنَحْوِ نَجَسٍ أَوْ كَشْفِ عَوْرَةٍ مُبْطِلٍ لَزِمَهُ قَبُولٌ، أَوْ بِنَحْوِ كَلَامٍ مُبْطِلٍ فَلَا كَمَا يَدُلُّ كَلَامُهُمْ عَلَيْهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ فِعْلَ نَفْسِهِ لَا مَرْجِعَ فِيهِ لِغَيْرِهِ، وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا لَا يُبْطِلُ سَهْوَهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ مَا وَقَعَ مِنْهُ سَهْوًا مَا هُوَ كَالْفِعْلِ أَوْ الْكَلَامِ الْكَثِيرِ فَيَنْبَغِي قَبُولُهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالنَّجِسِ. وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى نَاسِيًا لِلطَّهَارَةِ أُثِيبَ عَلَى قَصْدِهِ دُونَ فِعْلِهِ وَيَجْرِي ذَلِكَ هُنَا. فَصْلٌ فِي ذِكْرِ بَعْضِ مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ وَسُنَنِهَا وَمَكْرُوهَاتِهَا (تَبْطُلُ) الصَّلَاةُ (بِالنُّطْقِ) عَمْدًا بِكَلَامِ مَخْلُوقٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِلُغَةِ الْعَرَبِ (بِحَرْفَيْنِ) وَلَوْ مِنْ حَدِيثٍ قُدْسِيٍّ إنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَشَقُّ مِنْ الِاحْتِرَازِ عَنْ دُخَانِ النَّجَاسَةِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الْقَضَاءِ) أَيْ قَبْلَ الْعِلْمِ بِهِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقُلْنَا بِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى التَّرَاخِي كَمَا مَرَّ عَنْ سم (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ ثَمَّ غَيْرُهُ) أَيْ وَلَمْ يَعْلَمْ: أَيْ الرَّائِي مِنْهُ: أَيْ مِنْ الْغَيْرِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ وَلَا يُرْشِدُهُ لِلصَّوَابِ، وَإِلَّا فَيَصِيرُ فِي حَقِّهِ عَيْنًا؛ لِأَنَّ وُجُودَ مَنْ ذُكِرَ وَعَدَمَهُ سَوَاءٌ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ قَبُولُهُ) وَلَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ عُدُولٌ فِي أَنَّهُ كُشِفَتْ عَوْرَتُهُ أَوْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ فَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْمُخْبِرِ بِوُقُوعِ النَّجَاسَةِ أَوْ انْكِشَافِ الْعَوْرَةِ؛ لِأَنَّهُ مُثْبِتٌ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي، وَإِنْ كَثُرَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالنَّجَسِ) هَذَا لَا يُنَاسِبُ فَرْقَهُ السَّابِقَ بِأَنَّ فِعْلَ نَفْسِهِ لَا يَرْجِعُ فِيهِ لِغَيْرِهِ. وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي أَسْبَابِ الْحَدَثِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِخُرُوجِ شَيْءٍ مِنْهُ، وَهُوَ مُتَوَضِّئٌ لَا يُنْتَقَضُ طُهْرُهُ؛ لِأَنَّ الْيَقِينَ لَا يُرْفَعُ بِالشَّكِّ. (فَصْلٌ) فِي ذِكْرِ بَعْضِ مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ حِكْمَةُ ذِكْرِ هَذَا الْفَصْلِ فِي بَابِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهَا أَنَّهُ إذَا طَرَأَ عَلَيْهَا بَعْدَ اسْتِكْمَالِ الشُّرُوطِ أَبْطَلَهَا (قَوْلُهُ: وَسُنَنِهَا) أَيْ وَبَعْضِ سُنَنِهَا: أَيْ مَا يُسَنُّ فِعْلُهُ فِيهَا أَوَّلُهَا وَلَيْسَ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَمَكْرُوهَاتِهَا) مَعْطُوفٌ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ عَلَى مُبْطِلَاتِ (قَوْلُهُ: بِالنُّطْقِ) أَيْ مِنْ الْجَارِحَةِ الْمَخْصُوصَةِ دُونَ غَيْرِهَا كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ مَثَلًا، فَلَا تَبْطُلُ بِالنُّطْقِ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ. وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعَصْرِ الْبُطْلَانُ بِذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ، وَيُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ قَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ أَنْفٍ أَوْ فَمٍ. وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ خَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ عَنْ م ر أَنَّهُ إذَا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى فِي بَعْضِ أَعْضَائِهِ قُوَّةَ النُّطْقِ وَصَارَ يَتَمَكَّنُ صَاحِبُهَا مِنْ النُّطْقِ بِهَا اخْتِيَارًا مَتَى أَرَادَ وَيَتْرُكُ ذَلِكَ مَتَى أَرَادَ كَانَ ذَلِكَ كَنُطْقِ اللِّسَانِ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِنُطْقِهِ بِذَلِكَ بِحَرْفَيْنِ. انْتَهَى. وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ أَنْ يَثْبُتَ لِلْعُضْوِ الَّذِي ثَبَتَ لَهُ تِلْكَ الْقُوَّةُ جَمِيعَ أَحْكَامِ اللِّسَانِ حَتَّى لَوْ قَرَأَ بِهِ الْفَاتِحَةَ فِي الصَّلَاةِ كَفَى، وَكَذَا لَوْ تَعَاطَى بِهِ عَقْدًا أَوْ حَلًّا، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعَقْدِ وَالْحَلِّ لَا يَتَقَاعَدُ عَنْ الْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ، وَهِيَ صَرِيحَةٌ مِنْ الْأَخْرَسِ إنْ فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ حَدِيثٍ) إنَّمَا أَخْذُهُ غَايَةٌ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَدَمُ الْبُطْلَانِ بِهِ؛ لِكَوْنِهِ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى لَكِنْ يَبْقَى النَّظَرُ فِي وَجْهِ دُخُولِهِ فِي كَلَامِ الْمَخْلُوقِينَ، وَلَعَلَّهُ أَنَّهُ أَرَادَ بِكَلَامِ الْمَخْلُوقِينَ مَا لَيْسَ بِقُرْآنٍ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْقُدْسِيُّ، وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِكَلَامِ الْمَخْلُوقِينَ مَا شَأْنُهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ الْمَخْلُوقُ، وَالْقُرْآنُ لَمَّا كَانَ مُعْجِزًا خَارِجًا عَنْ طَوْقِ الْبَشَرِ خُصَّ بِكَوْنِهِ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ شَارَكَهُ فِيهِ الْحَدِيثُ الْقُدْسِيُّ فِي أَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ وَسُنَنِهَا وَمَكْرُوهَاتِهَا] [تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِالنُّطْقِ عَمْدًا بِكَلَامِ مَخْلُوقٍ] فَصْلٌ

تَوَالَيَا فِيمَا يَظْهَرُ قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْأَفْعَالِ أَفْهَمَا أَوْ لَا، وَإِنْ كَانَ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ، إذْ أَقَلُّ مَا يُبْنَى مِنْهُ الْكَلَامُ حَرْفَانِ، وَتَخْصِيصُهُ بِمُفْهِمٍ اصْطِلَاحٌ حَادِثٌ لِلنُّحَاةِ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ مُسْلِمٍ «كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى نَزَلَتْ {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ وَنُهِينَا عَنْ الْكَلَامِ» وَرُوِيَ أَيْضًا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِمَنْ قَالَ لِعَاطِسٍ يَرْحَمُك اللَّهُ: إنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ» (أَوْ حَرْفٌ مُفْهِمٌ) كَقِ مِنْ الْوِقَايَةِ، وَعِ مِنْ الْوَعْيِ، وَفِ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَالَ حَجّ: وَكَالْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ مَا نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ اهـ. وَتَبْطُلُ أَيْضًا بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، وَإِنْ عُلِمَ عَدَمُ تَبَدُّلِهِمَا كَمَا شَمِلَهُ قَوْلُهُ: م بِحَرْفَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ. (قَوْلُهُ: أَفْهَمَا أَوْ لَا) أَيْ وَلَوْ كَانَا غَيْر مُسْتَعْمَلَيْنِ كَأَوَعَ. انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَالْأَوْلَى التَّمْثِيلُ بِنَحْوِ رَذْ مَقْلُوبُ ذَرْ مِنْ الْمُهْمَلَاتِ، وَإِلَّا فَأَوْ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي كَلَامِهِمْ (قَوْلُهُ: إذْ أَقَلُّ مَا يُبْنَى مِنْهُ الْكَلَامُ حَرْفَانِ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: وَالْكَلَامُ يَقَعُ عَلَى الْمُفْهِمِ وَغَيْرِهِ الَّذِي هُوَ حَرْفَانِ انْتَهَى. أَقُولُ: قَوْلُهُ: الَّذِي هُوَ حَرْفَانِ: أَيْ بِنَاءً عَلَى مَا اشْتَهَرَ فِي اللُّغَةِ، وَإِلَّا فَفِي الرِّضَى مَا نَصُّهُ: الْكَلَامُ مَوْضُوعٌ لِجِنْسِ مَا كُرِهْت بِهِ سَوَاءٌ كَانَ كَلِمَةً عَلَى حَرْفٍ كَوَاوِ الْعَطْفِ أَوْ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ كَلِمَةٍ سَوَاءٌ كَانَ مُهْمَلًا أَمْ لَا، ثُمَّ قَالَ: وَاشْتَهَرَ الْكَلَامُ لُغَةً فِي الْمُرَكَّبِ مِنْ حَرْفَيْنِ فَصَاعِدًا انْتَهَى. (قَوْلُهُ: فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ مَعْنَى الْقُنُوتِ السُّكُوتُ، وَفِي الْمِصْبَاحِ مَا يُصَرِّحُ بِهِ وَعِبَارَتُهُ: الْقُنُوتُ مَصْدَرُ قَنَتَ مِنْ بَابِ قَعَدَ الدُّعَاءُ، وَيُطْلَقُ عَلَى الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ وَدُعَاءُ الْقُنُوتِ» أَيْ دُعَاءُ الْقِيَامِ، وَيُسَمَّى السُّكُوتُ فِي الصَّلَاةِ قُنُوتًا وَمِنْهُ {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] . انْتَهَى. وَفِي الْبَيْضَاوِيِّ {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] أَيْ ذَاكِرِينَ انْتَهَى. فَقَوْلُهُ فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ: أَيْ عَنْ كَلَامِ الْمَخْلُوقِينَ (قَوْلُهُ: وَرُوِيَ أَيْضًا إلَخْ) أَتَى بِهِ لِبَيَانِ الْمُرَادِ مِنْ الْكَلَامِ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: لِمَنْ قَالَ لِعَاطِسٍ) وَاسْمُ الْقَائِلِ مُعَاوِيَةُ بْنُ الْحَكَمِ انْتَهَى شَرْحُ رَوْضٍ (قَوْلُهُ: أَوْ حَرْفٌ مُفْهِمٌ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ أُطْلِقَ فَلَمْ يُقْصَدْ الْمَعْنَى الَّذِي بِاعْتِبَارِهِ صَارَ مُفْهِمًا وَلَا غَيْرَهُ وَقَدْ يُقَالُ: قَصْدُ ذَلِكَ الْمَعْنَى لَازِمٌ لِشَرْطِ الْبُطْلَانِ، وَهُوَ التَّعَمُّدُ، وَعِلْمِ التَّحْرِيمِ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ مِنْ الْوِقَايَةِ عَدَمُ الضَّرَرِ حَالَةَ الْإِطْلَاقِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ تُحْمَلُ عَلَى كَوْنِهَا مِنْ الْوِقَايَةِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْقَافَ الْمُفْرَدَةَ وُضِعَتْ لِلطَّلَبِ، وَالْأَلْفَاظُ الْمَوْضُوعَةُ إذَا أُطْلِقَتْ حُمِلَتْ عَلَى مَعَانِيهَا وَلَا تُحْمَلُ عَلَى غَيْرِهَا إلَّا بِقَرِينَةٍ، وَالْقَافُ مِنْ الْفَلَقِ وَنَحْوِهِ جُزْءُ كَلِمَةٍ لَا مَعْنَى لَهَا، فَإِذَا نَوَاهَا عَمِلَ بِنِيَّتِهِ، وَإِذَا لَمْ يَنْوِهَا حُمِلَتْ عَلَى مَعْنَاهَا الْوَضْعِيِّ. قَالَ حَجّ: وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِإِبْطَالِ زِيَادَةِ يَا قَبْلَ أَيُّهَا النَّبِيُّ فِي التَّشَهُّدِ أَخْذًا بِظَاهِرِ كَلَامِهِمْ هُنَا، لَكِنَّهُ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَجْنَبِيًّا عَنْ الذِّكْرِ بَلْ يُعَدُّ مِنْهُ، وَمِنْ ثَمَّ أَفْتَى شَيْخُنَا بِأَنَّهُ لَا بُطْلَانَ بِهِ. انْتَهَى حَجّ، وَأَقَرَّهُ سم. وَقَوْلُهُ لَا بُطْلَانَ بِهِ: أَيْ، وَإِنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا (قَوْلُهُ: كَقِ مِنْ الْوِقَايَةِ) لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِهَا؛ لِأَنَّ الْفَتْحَ لَحْنٌ، وَهُوَ لَا يَضُرُّ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مَا لَمْ يُؤَدِّ بِهِ مَا لَا يُفْهَمُ عَلَى مَا يَأْتِي، وَلَوْ قَصَدَ بِالْمُفْهِمِ مَا لَا يُفْهَمُ كَأَنْ قَصَدَ بِقَوْلِهِ: ق الْقَافَ مِنْ الْعَلَقِ أَوْ الْفَلَقِ مَثَلًا قَالَ شَيْخُنَا طب إلَّا أَنَّهُ لَا يَضُرُّ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ نَطَقَ بف قَاصِدًا بِهِ أَوَّلَ حَرْفٍ فِي لَفْظَةِ فِي فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ. انْتَهَى سم عَلَى حَجّ. وَلَوْ أَتَى بِحَرْفٍ لَا يُفْهَمُ قَاصِدًا بِهِ مَعْنَى الْمُفْهِمِ هَلْ يَضُرُّ فِيهِ نَظَرٌ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَاَلَّذِي يَنْبَغِي عَدَمُ الضَّرَرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَوْضُوعًا لِلْإِفْهَامِ، وَنُقِلَ فِي الدَّرْسِ بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ عَنْ م ر مَا يُوَافِقُ ذَلِكَ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. وَقَدْ يُقَالُ بِالضَّرَرِ؛ لِأَنَّ قَصْدَ مَا يُفْهَمُ يَتَضَمَّنُ قَطْعَ النِّيَّةِ، وَكَأَنَّهُ لَمَّا اسْتَعْمَلَ مَا لَا يُفْهَمُ فِي مَعْنَى مَا يُفْهَمُ صَارَ كَالْكَلِمَةِ الْمَجَازِيَّةِ الْمُسْتَعْمَلَةِ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَتْ لَهُ، وَلَعَلَّ هَذَا أَقْرَبُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَضَمُّنِهِ قَطْعَ النِّيَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إذْ أَقَلُّ مَا يُبْنَى مِنْهُ الْكَلَامُ حَرْفَانِ) أَيْ غَالِبًا كَمَا قَالَ الشِّهَابُ حَجّ احْتِرَازًا عَمَّا وُضِعَ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ

الْوَفَاءِ، وَشِ مِنْ الْوَشْيِ (وَكَذَا مَدَّةٌ بَعْدَ حَرْفٍ فِي الْأَصَحِّ) ، وَإِنْ لَمْ يُفْهَمْ إذْ الْمَدُّ أَلِفٌ أَوْ وَاوٌ أَوْ يَاءٌ فَالْمَمْدُودُ فِي الْحَقِيقَةِ حَرْفَانِ. وَالثَّانِي لَا تَبْطُلُ؛ لِأَنَّ الْمَدَّةَ قَدْ تَتَّفِقُ لِإِشْبَاعِ الْحَرَكَةِ وَلَا تُعَدُّ حَرْفَيْنِ، وَفِي الْأَنْوَارِ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِالْبَصْقِ إلَّا أَنْ يَتَكَرَّرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ: أَيْ مَعَ حَرَكَةِ عُضْوٍ يَبْطُلُ تَحْرِيكُهُ ثَلَاثًا كَلِحَى لَا شَفَةَ كَمَا لَا يَخْفَى (وَالْأَصَحُّ أَنَّ التَّنَحْنُحَ وَالضَّحِكَ وَالْبُكَاءَ) ، وَإِنْ كَانَ مِنْ خَوْفِ الْآخِرَةِ (وَالْأَنِينَ) وَالتَّأَوُّهَ (وَالنَّفْخَ) مِنْ أَنْفٍ أَوْ فَمٍ (إنْ ظَهَرَ بِهِ) أَيْ بِوَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ (حَرْفَانِ بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ لِوُجُودِ مُنَافِيهَا (وَإِلَّا فَلَا) تَبْطُلُ لِمَا مَرَّ. وَالثَّانِي لَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ مُطْلَقًا؛ لِكَوْنِهِ لَا يُسَمَّى فِي اللُّغَةِ كَلَامًا، وَلَا يَتَبَيَّنُ مِنْهُ حَرْفٌ مُحَقَّقٌ فَكَانَ شَبِيهًا بِالصَّوْتِ الْغُفْلِ، وَخَرَجَ بِالضَّحِكِ التَّبَسُّمُ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ لِثُبُوتِهِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهَا (وَيُعْذَرُ فِي يَسِيرِ الْكَلَامِ) عُرْفًا كَمَا يَرْجِعُ إلَيْهِ فِي ضَبْطِ الْكَلِمَةِ لَا مَا ضَبَطَهَا بِهِ النُّحَاةُ وَاللُّغَوِيُّونَ. (إنْ سَبَقَ لِسَانُهُ) إلَيْهِ لِعُذْرِهِ بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ النَّاسِي لِعَدَمِ قَصْدِهِ (أَوْ نَسِيَ الصَّلَاةَ) لِعُذْرِهِ أَيْضًا، بِخِلَافِ نِسْيَانِ تَحْرِيمِهِ فِيهَا فَإِنَّهُ كَنِسْيَانِ نَجَاسَةِ نَحْوِ ثَوْبِهِ. وَلَوْ ظَنَّ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ بِكَلَامِهِ سَاهِيًا ثُمَّ تَكَلَّمَ يَسِيرًا عَمْدًا لَمْ تَبْطُلْ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـــــــــــــــــــــــــــــS [تَنْبِيهٌ] هَلْ يُضْبَطُ النُّطْقُ هُنَا بِمَا مَرَّ فِي نَحْوِ قِرَاءَةِ الْجُنُبِ وَالْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مَا هُنَا أَضْيَقُ فَيَضُرُّ سَمَاعُ حَدِيدِ السَّمْعِ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ الْمُعْتَدِلُ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ. اهـ حَجّ. أَقُولُ: الْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى النُّطْقِ وَقَدْ وُجِدَ (قَوْلُهُ: وَكَذَا كَرُهَتْ بَعْدَ حَرْفٍ) أَيْ بِأَنْ أَتَى بِحَرْفٍ مَمْدُودٍ مِنْ غَيْرِ الْقُرْآنِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ زَادَ كَرُهَتْ عَلَى حَرْفٍ قُرْآنِيٍّ وَلَمْ يُغَيِّرْ الْمَعْنَى فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُفْهَمْ) أَيْ الْحَرْفُ (قَوْلُهُ: لَا تَبْطُلُ بِالْبَصْقِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ بِهِ حَرْفَانِ أَوْ حَرْفٌ مُفْهِمٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: أَيْ بِوَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ بِالضَّحِكِ حَرْفٌ وَبِالْبُكَاءِ مَثَلًا حَرْفٌ آخَرُ لَا يَضُرُّ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ الْأَقْرَبُ الضَّرَرُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسَيْنِ؛ لِأَنَّ مَجْمُوعَهُمَا كَلَامٌ، وَإِنْ اخْتَلَفَ سَبَبُ التَّلَفُّظِ بِهِ كَمَا لَوْ نَطَقَ بِحَرْفَيْنِ لِغَرَضَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْأَوْلَى فِي حَلِّ الْمَتْنِ أَنْ يَقُولَ: أَيْ بِمَا ذُكِرَ؛ لِيَشْمَلَ مَا لَوْ كَانَ الْحَرْفَانِ بِسَبَبَيْنِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِدُونِ حَرْفَيْنِ أَوْ حَرْفٍ مُفْهِمٍ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) ظَهَرَ حَرْفَانِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: الْغُفْلُ) هُوَ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ الْمَضْمُومَةِ وَالْفَاءِ السَّاكِنَةِ كَقُفْلٍ الْمُرَادُ بِهِ الصَّوْتُ الَّذِي لَا يُفْهَمُ مِنْهُ حُرُوفٌ كَصَوْتِ الْبَهَائِمِ وَصَوْتِ الْمِزْمَارِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَبْطُلُ بِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَشْتَمِلُ عَلَى حُرُوفٍ (قَوْلُهُ: كَمَا يَرْجِعُ إلَيْهِ) أَيْ الْعُرْفِ (قَوْلُهُ: وَالنُّحَاةُ وَاللُّغَوِيُّونَ) مِنْ أَنَّهَا لَفْظٌ وُضِعَ لِمَعْنًى مُفْرَدٍ، وَعَلَى عَدَمِ الضَّبْطِ بِمَا ذُكِرَ يَدْخُلُ اللَّفْظُ الْمُهْمَلُ إذَا تَرَكَّبَ مِنْ حَرْفَيْنِ أَوْ كَانَ مَجْمُوعُهُمَا جُزْءَ كَلِمَةٍ. (قَوْلُهُ: لَمْ تَبْطُلْ) ، وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ مَجْمُوعِهِمَا كَلَامٌ كَثِيرٌ مُتَوَالٍ، وَإِلَّا بَطَلَتْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَقَاعَدُ عَنْ الْكَثِيرِ سَهْوًا، وَهُوَ مُبْطِلٌ، ثُمَّ عَدَمُ الْبُطْلَانِ هُنَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا قَالُوهُ فِي الصَّوْمِ مِنْ الْبُطْلَانِ فِيمَا لَوْ أَكَلَ نَاسِيًا فَظَنَّ الْبُطْلَانَ فَأَكَلَ عَامِدًا. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَنْ ظَنَّ بُطْلَانَ صَوْمِهِ قَدْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ فَأَكْلُهُ بَعْدَ وُجُوبِ الْإِمْسَاكِ عَلَيْهِ لِتَحْرِيمِهِ يَدُلُّ عَلَى تَهَاوُنِهِ فَأَبْطَلَ وَلَا كَذَلِكَ الصَّلَاةُ، وَفَرْقٌ أَيْضًا بِأَنَّ جِنْسَ الْكَلَامِ الْعَمْدِ كَالْحَرْفِ الَّذِي لَا يُفْهَمُ مُغْتَفَرٌ فِي الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْأَكْلِ عَمْدًا فَإِنَّهُ غَيْرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَالضَّمَائِرِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْأَنْوَارِ) عِبَارَتُهُ وَلَوْ بَصَقَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ صَدَرَ صَوْتٌ بِلَا هِجَاءٍ لَمْ تَبْطُلْ، لَكِنْ لَوْ صَدَرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ بَطَلَتْ انْتَهَتْ. وَإِنَّمَا حَمَلَهُ الشَّارِحُ عَلَى مَا إذَا كَانَ مَعَهُ نَحْوُ حَرَكَةِ عُضْوٍ يَبْطُلُ تَحْرِيكُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يُنَاسِبُ إلَّا بَحْثَ الْأَفْعَالِ الْآتِي لِأَجْلِ تَقْيِيدِهِ بِثَلَاثِ مَرَّاتٍ (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ ظَهَرَ بِهِ حَرْفَانِ) أَيْ أَوْ حَرْفٌ مُفْهِمٌ أَوْ مَمْدُودٌ كَمَا يُفِيدُهُ صَنِيعُ غَيْرِهِ كَالْبَهْجَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا يُرْجَعُ إلَيْهِ فِي ضَبْطِ الْكَلِمَةِ) فَإِنَّهَا فِيهِ تَشْمَلُ نَحْوَ ضَرَبْتُك

الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، فَسَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَتَى خَشَبَةً بِالْمَسْجِدِ وَاتَّكَأَ عَلَيْهَا كَأَنَّهُ غَضْبَانُ، فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ: أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: أَحَقٌّ مَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ؟ قَالُوا نَعَمْ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ» . وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ تَكَلَّمَ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ، وَهُمْ تَكَلَّمُوا مُجَوِّزِينَ النَّسْخَ ثُمَّ بَنَى هُوَ، وَهُمْ فِيهَا، وَأَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ كَانَ جَاهِلًا بِتَحْرِيمِ الْكَلَامِ، أَوْ أَنَّ كَلَامَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانَ عَلَى حُكْمِ الْغَلَبَةِ لِوُجُوبِ الْإِجَابَةِ عَلَيْهِمَا (أَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ) أَيْ الْكَلَامِ فِيهَا (إنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ) ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSمُغْتَفَرٍ. (قَوْلُهُ: وَالْعَصْرَ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ أَوْ الْعَصْرَ. اهـ. وَعَلَيْهِ فَالْوَاوُ هُنَا بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَتَى خَشَبَةً) يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ قَرِيبَةً مِنْهُ فَوَصَلَ إلَيْهَا بِمَا دُونَ الثَّلَاثِ، وَأَنْ تَكُونَ بَعِيدَةً لَكِنَّهُ لَمْ يُوَالِ بَيْنَ الْخُطُوَاتِ (قَوْلُهُ: فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ) اسْمُهُ الْخِرْبَاقُ، وَلَيْسَ هُوَ ذَا الشِّمَالَيْنِ، وَسُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ يَدَيْهِ كَانَ بِهِمَا طُولٌ. وَفِي الْمِصْبَاحِ: وَذُو الْيَدَيْنِ لَقَبُ رَجُلٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَاسْمُهُ الْخِرْبَاقُ بْنُ عَمْرٍو السُّلَمِيُّ بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ يَاءٍ مُوَحَّدَةٍ وَأَلِفٍ وَقَافٍ، لُقِّبَ بِذَلِكَ لِطُولِهِمَا. (قَوْلُهُ: قَالُوا نَعَمْ) أَيْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ أَنَّ كَلَامَ إلَخْ، وَلَعَلَّ تَعْبِيرَهُ بِالْجَمْعِ؛ لِكَوْنِ الْمَنْسُوبِ إلَى بَعْضِهِمْ كَالْمَنْسُوبِ إلَى الْكُلِّ (قَوْلُهُ: وَجْهُ الدَّلَالَةِ) قَالَ سم: وَقَدْ اشْتَمَلَتْ قِصَّةُ ذِي الْيَدَيْنِ عَلَى إتْيَانِهِ بِسِتِّ كَلِمَاتٍ فَيَضْبِطُ بِهَا الْكَلَامَ الْيَسِيرَ. اهـ. وَلَعَلَّهُ عَدَّ أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ كَلِمَتَيْنِ وَأَمْ نَسِيتَ كَذَلِكَ وَيَا رَسُولَ اللَّهِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ) أَيْ مَا أَتَى بِهِ فِيهَا، وَإِنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ جِنْسِهِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى صِحَّةُ صَلَاةِ نَحْوِ الْمُبَلِّغِ وَالْفَاتِحِ بِقَصْدِ التَّبْلِيغِ أَوْ الْفَتْحِ فَقَطْ، الْجَاهِلِ بِامْتِنَاعِ ذَلِكَ، وَإِنْ عَلِمَ امْتِنَاعَ جِنْسِ الْكَلَامِ فَتَأَمَّلْ. اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُهُ بِقَصْدِ التَّبْلِيغِ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ بِأَنْ سَمِعَ الْمَأْمُومُونَ صَوْتَ الْإِمَامِ، وَلَا يُقَالُ: إنَّهُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ حِينَئِذٍ فَيَضُرُّ، وَقَوْلُهُ نَحْوُ الْمُبَلِّغِ: أَيْ كَالْإِمَامِ الَّذِي يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ لِإِعْلَامِ الْمَأْمُومِينَ (قَوْلُهُ: أَيْ الْكَلَامَ فِيهَا) عِبَارَةُ حَجّ: أَيْ مَا أَتَى بِهِ فِيهَا، وَإِنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ جِنْسِهِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ. اهـ. وَهِيَ تُفِيدُ أَنَّ مَنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ الْكَلَامِ دُونَ مَا أَتَى بِهِ فِيهَا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، بِخِلَافِ إطْلَاقِ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ) وَيَظْهَرُ ضَبْطُ الْبُعْدِ بِمَا لَا يَجِدُ مُؤْنَةً يَجِبُ بَذْلُهَا فِي الْحَجِّ تُوَصِّلُهُ إلَيْهِ: أَيْ إلَى مَنْ يَعْرِفُ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ مَا هُنَا أَضْيَقُ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ فَوْرِيٌّ أَصَالَةً، بِخِلَافِ الْحَجِّ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَمْنَعُ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ إلَّا الْأَمْرَ الضَّرُورِيَّ لَا غَيْرُ فَيَلْزَمُهُ مَشْيٌ أَطَاقَهُ، وَإِنْ بَعُدَ، وَلَا يَكُونُ نَحْوُ دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ عُذْرًا لَهُ، وَيُكَلَّفُ بِبَيْعِ نَحْوِ قِنِّهِ الَّذِي لَا يَضْطَرُّ إلَيْهِ. اهـ حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ ضَبْطُ إلَخْ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُضْبَطُ بِمَا لَا حَرَجَ فِيهِ: أَيْ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً م ر اهـ. وَيَنْبَغِي أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ عَلِمَ بِوُجُوبِ شَيْءٍ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ بِالسَّفَرِ. أَمَّا مَنْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ، وَرَأَى أَهْلَهُ عَلَى حَالَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ أَنَّ كَلَامَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ إلَخْ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُجِيبَ هُمَا فَقَطْ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ لَفْظُهَا «فَقَالَ ذُو الْيَدَيْنِ أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيت يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ وَفِي الْقَوْمِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَلَمَّا قَالَا كَمَا قَالَ ذُو الْيَدَيْنِ قَامَ وَأَتَمَّ الصَّلَاةَ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ» انْتَهَتْ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ ظَاهِرُهَا أَنَّهُمَا قَالَا مِثْلَ قَوْلِ ذِي الْيَدَيْنِ: أَيْ أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيت، وَهُوَ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَ الشَّارِحِ، وَأَنَّ كَلَامَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانَ عَلَى حُكْمِ الْغَلَبَةِ لِوُجُوبِ الْإِجَابَةِ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُمَا أَجَابَاهُ بِقَوْلِهِمَا نَعَمْ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ قَوْلَهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مِثْلَ مَا قَالَ ذُو الْيَدَيْنِ مَقُولُ قَوْلِهِمَا: أَيْ إنَّهُمَا قَالَا هَذَا اللَّفْظُ: أَيْ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ ذُو الْيَدَيْنِ فَلَا يُنَافِي جَوَابَ الشَّارِحِ الْمَذْكُورِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَيْ الْكَلَامُ فِيهَا) عِبَارَةُ الشِّهَابِ حَجّ كَشَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: أَيْ مَا أَتَى

عَمَّنْ يَعْرِفُ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ أَيْضًا لِلْخَبَرِ الْمَارِّ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الضَّابِطَ لِذَلِكَ أَنَّ مَا عُذِرَ الشَّخْصُ لِجَهْلِهِ بِهِ وَخَفَائِهِ عَلَى غَالِبِهِمْ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ تَصْرِيحُهُمْ بِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْنَا إنَّمَا هُوَ تَعَلُّمُ الظَّوَاهِرِ لَا غَيْرُ، وَخَرَجَ بِجَهِلَ تَحْرِيمِهِ مَا لَوْ عَلِمَهُ، وَجَهِلَ كَوْنَهُ مُبْطِلًا فَتَبْطُلُ بِهِ كَمَا لَوْ عَلِمَ تَحْرِيمَ شُرْبِ الْخَمْرِ دُونَ إيجَابِهِ الْحَدَّ فَإِنَّهُ يُحَدُّ، إذْ حَقُّهُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ الْكَفُّ. وَلَوْ سَلَّمَ إمَامُهُ فَسَلَّمَ مَعَهُ ثُمَّ سَلَّمَ الْإِمَامُ ثَانِيًا فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُومُ قَدْ سَلَّمْت قَبْلَ هَذَا فَقَالَ كُنْت نَاسِيًا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاةُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَيُسَلِّمُ الْمَأْمُومُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ؛ لِوُجُودِ الْكَلَامِ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ. وَلَوْ سَلَّمَ مِنْ ثِنْتَيْنِ ظَانًّا تَمَامَ صَلَاتِهِ فَكَالْجَاهِلِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الصَّوْمِ (لَا) فِي (كَثِيرِهِ) فَلَا يُعْذَرُ فِيهِ فِيمَا مَرَّ (فِي الْأَصَحِّ) وَتَبْطُلُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ نَظْمَهَا، وَهَيْئَتَهَا؛ وَلِأَنَّ السَّبْقَ وَالنِّسْيَانَ فِي الْكَثِيرِ نَادِرٌ. وَالثَّانِي يُسَوِّي بَيْنَهُمَا فِي الْعُذْرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أُبْطِلَ كَثِيرُهُ لَأُبْطِلَ قَلِيلُهُ كَالْعَمْدِ وَيُرْجَعُ فِي الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ لِلْعُرْفِ. (وَ) يُعْذَرُ (فِي) الْيَسِيرِ عُرْفًا مِنْ (التَّنَحْنُحِ وَنَحْوِهِ) مِمَّا مَرَّ كَسُعَالٍ وَعُطَاسٍ، وَإِنْ ظَهَرَ بِهِ حَرْفَانِ، وَلَوْ مِنْ كُلِّ نَحْوِ نَفْخَةٍ (لِلْغَلَبَةِ) لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ، وَهِيَ رَاجِعَةٌ لِلْجَمِيعِ (وَتَعَذُّرُ الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ) وَمِثْلُهَا غَيْرُهَا مِنْ الْأَرْكَانِ الْقَوْلِيَّةِ الْوَاجِبَةِ لِلضَّرُورَةِ، وَهَذَا رَاجِعٌ لِلتَّنَحْنُحِ، فَإِنْ كَثُرَ فِي التَّنَحْنُحِ وَنَحْوِهِ لِلْغَلَبَةِ وَظَهَرَ بِهِ حَرْفَانِ فَأَكْثَرُ وَكَثُرَ عُرْفًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا قَالَاهُ فِي الضَّحِكِ وَالسُّعَالِ وَالْبَاقِي فِي مَعْنَاهُمَا لِقَطْعِ ذَلِكَ نَظْمَ الصَّلَاةِ، وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةٍ لَمْ يَصِرْ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ مَرَضًا مُزْمِنًا، فَإِنْ صَارَ كَذَلِكَ بِحَيْثُ لَمْ يَخْلُ زَمَنٌ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSظَنَّ مِنْهَا أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ إلَّا مَا تَعَلَّمَهُ مِنْهُمْ وَكَانَ فِي الْوَاقِعِ مَا تَعَلَّمَهُ غَيْرُ كَافٍ فَمَعْذُورٌ، وَإِنْ تَرَكَ السَّفَرَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِلْخَبَرِ الْمَارِّ) أَيْ، وَهُوَ قَوْلُهُ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الظُّهْرَ إلَخْ، بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ احْتِمَالِ أَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ كَانَ جَاهِلًا بِالتَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إلَخْ) لَكِنَّ هَذَا الْمَأْخُوذَ لَا يَتَقَيَّدُ بِكَوْنِهِ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ، وَلَا كَوْنِهِ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ أَنَّ هَذَا مِنْ الظَّوَاهِرِ فَلَا يُعْذَرُ بَعِيدُ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِجَهْلِ تَحْرِيمِهِ مَا لَوْ عَلِمَهُ) وَلَا يُشْكِلُ هَذَا بِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ بُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ تَكَلَّمَ سَاهِيًا فَظَنَّ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ حِينَ تَكَلَّمَ ثَمَّ عَامِدًا ظَنَّ أَنَّهُ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ فَعُذِرَ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّهُ حَيْثُ عَلِمَ تَحْرِيمَ الْكَلَامِ فَحَقُّهُ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ فَلَمْ يُعْذَرْ (قَوْلُهُ: كُنْت نَاسِيًا) أَيْ نَاسِيًا لِشَيْءٍ مِنْ صَلَاتِي كَبَعْضِ التَّشَهُّدِ مَثَلًا فَتَدَارَكْته وَسَلَّمْت ثَانِيًا (قَوْلُهُ: وَيُسَلِّمُ الْمَأْمُومُ) أَيْ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ، وَإِلَّا فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: فَكَالْجَاهِلِ) أَيْ فَيُعْذَرُ فِي يَسِيرِهِ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَقَيَّدَ ذَلِكَ بِمَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ لِإِمَامِهِ قَدْ سَلَّمْت (قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ) أَيْ فِيمَا لَوْ سَبَقَ لِسَانَهُ أَوْ نَسِيَ أَوْ جَهِلَهُ. (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ يَتَنَحْنَحُ فَوْرًا وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ انْتِظَارُ زَوَالِهِ بِنَفْسِهِ، وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إنْ صَبَرَ قَلِيلًا زَالَ عَنْهُ ذَلِكَ الْعَارِضُ بِنَفْسِهِ، وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ فِي السُّعَالِ مِنْ وُجُوبِ الِانْتِظَارِ حَيْثُ رَجَى زَوَالُهُ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ الْأَوْلَى، وَلَا تَنْقَطِعُ بِهِ الْمُوَالَاةُ (قَوْلُهُ: الْوَاجِبَةِ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُمَا لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا بِقَوْلِهِ مِنْ الْأَرْكَانِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَرْكَانِ الْقَوْلِيَّةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُعْذَرُ بِغَيْرِ الرُّكْنِ، وَإِنْ نَذَرَهُ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ بَعْدُ إذْ هُوَ سُنَّةٌ فَلَا ضَرُورَةَ إلَخْ خِلَافُهُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالْوَاجِبِ هُنَا مَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّةُ صَلَاتِهِ، وَالسُّورَةُ وَلَوْ نَذَرَهَا لَا تَتَوَقَّفُ الصِّحَّةُ عَلَيْهَا حَتَّى لَوْ تَرَكَهَا عَامِدًا مَعَ عِلْمِهِ بِهَا لَمْ تَبْطُلْ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَثُرَ فِي التَّنَحْنُحِ) الْأَوْلَى حَذْفُ فِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْبُطْلَانُ (قَوْلُهُ: مُزْمَنًا) بِصِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ صِفَةٌ لِلْمَرَضِ: أَيْ يَدُومُ زَمَانًا طَوِيلًا. وَفِي الْمِصْبَاحِ: زَمِنَ الشَّخْصُ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِهِ فِيهَا وَإِنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ جِنْسِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَلَّمَ مِنْ ثِنْتَيْنِ) أَيْ وَتَكَلَّمَ يَسِيرًا عَمْدًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: فِي الْيَسِيرِ عُرْفًا) أَيْ فِي الْغَلَبَةِ بِخِلَافِ تَعَذُّرِ الْقِرَاءَةِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَكَثُرَ عُرْفًا) أَيْ مَا ظَهَرَ مِنْ الْحُرُوفِ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَمْ يَخْلُ زَمَنٌ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ خُلُوُّهُ عَنْ ذَلِكَ فِي الْوَقْتِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التَّشْبِيهِ الْآتِي

الْوَقْتِ يَسَعُ الصَّلَاةَ بِلَا نَحْوِ سُعَالٍ مُبْطِلٍ لَمْ تَبْطُلْ كَسَلَسِ الْحَدَثِ، وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَلَوْ شُفِيَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْإِسْنَوِيِّ. نَعَمْ التَّنَحْنُحُ لِلْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ لَا يُبْطِلُهَا، وَإِنْ كَثُرَ، وَلَوْ ظَهَرَ مِنْ إمَامِهِ حَرْفَانِ بِتَنَحْنُحٍ لَمْ يَلْزَمْهُ مُفَارَقَتُهُ حَمْلًا لَهُ عَلَى الْعُذْرِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ تَحَرُّزُهُ عَنْ الْمُبْطِلِ. نَعَمْ قَالَ السُّبْكِيُّ: قَدْ تَدُلُّ قَرِينَةُ حَالِهِ عَلَى عَدَمِ عُذْرِهِ فَتَجِبُ مُفَارَقَتُهُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَوْ لَحَنَ فِي الْفَاتِحَةِ لَحْنًا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى وَجَبَتْ مُفَارَقَتُهُ كَمَا لَوْ تَرَكَ وَاجِبًا. اهـ. وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَثُرَ مَا قَرَأَهُ عُرْفًا فَيَصِيرُ كَلَامًا أَجْنَبِيًّا مُبْطِلًا، وَإِنْ كَانَ سَاهِيًا. وَالْأَوْجَهُ: أَيْ حَيْثُ لَمْ تَبْطُلْ أَنَّهُ لَا يُفَارِقُهُ حَتَّى يَرْكَعَ بَلْ بَحْثُ بَعْضِهِمْ عَدَمُ اللُّزُومِ بَعْدَ رُكُوعِهِ أَيْضًا لِجَوَازِ سَهْوِهِ كَمَا لَوْ قَامَ لِخَامِسَةٍ أَوْ سَجَدَ قَبْلَ رُكُوعِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSزَمَنًا وَزَمَانَةً فَهُوَ زَمِنٌ مِنْ بَابِ تَعِبَ، وَهُوَ مَرَضٌ يَدُومُ زَمَانًا طَوِيلًا وَالْقَوْمُ زَمْنَى، مِثْلُ مَرْضَى أَزْمَنَهُ اللَّهُ فَهُوَ مُزْمَنٌ. (قَوْلُهُ: يَسَعُ الصَّلَاةَ) هَذَا ظَاهِرٌ إنْ عَلِمَ الِانْقِطَاعَ فِي وَقْتٍ يَسَعُ الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّهُ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي انْتِظَارِهِ، وَإِلَّا فَمُرَاقَبَةُ مَا يَزُولُ الْمَانِعُ فِيهِ غَايَةٌ مِنْ الْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ (قَوْلُهُ: لَمْ تَبْطُلْ) فَإِنْ خَلَا مِنْ الْوَقْتِ زَمَنًا يَسَعُهَا بَطَلَتْ بِعُرُوضِ السُّعَالِ الْكَثِيرِ فِيهَا، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ إنْ خَلَا مِنْ السُّعَالِ أَوَّلَ الْوَقْتِ، وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ حُصُولُهُ فِي بَقِيَّتِهِ بِحَيْثُ لَا يَخْلُو مِنْهُ مَا يَسَعُ الصَّلَاةَ وَجَبَتْ الْمُبَادَرَةُ لِلْفِعْلِ، وَأَنَّهُ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ السَّلَامَةُ مِنْهُ فِي وَقْتٍ يَسَعُ الصَّلَاةَ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا وَجَبَ انْتِظَارُهُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ السُّعَالِ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ مَنْ حَصَلَ لَهُ سَبَبٌ كَسُعَالٍ أَوْ نَحْوِهِ يَحْصُلُ مِنْهُ حَرَكَاتٌ مُتَوَالِيَةٌ كَارْتِعَاشِ يَدٍ أَوْ رَأْسٍ، وَلَوْ صَلَّى خَلْفَ إمَامٍ فَوَجَدَهُ يُحَرِّكُ رَأْسَهُ مَثَلًا فِي صَلَاةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ لَمْ تُوجَدْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لِمَرَضٍ مُزْمِنٍ صَحَّتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ حَمْلًا، عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لِمَرَضٍ مُزْمِنٍ، وَإِلَّا بَطَلَتْ. وَوَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ كَانَ السُّعَالُ مُزْمِنًا وَلَكِنْ عُلِمَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّ الْحَمَّامَ يُسْكِنُ عَنْهُ السُّعَالَ مُدَّةً تَسَعُ الصَّلَاةَ هَلْ يُكَلَّفُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَأَجَبْتُ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ الْأَوَّلُ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ مِنْ وُجُوبِ تَسْخِينِ الْمَاءِ حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ إذَا تَوَقَّفَ الْوُضُوءُ بِهِ عَلَى تَسْخِينِهِ حَيْثُ وَجَدَ أُجْرَةَ الْحَمَّامِ فَاضِلَةً عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي الْفِطْرَةِ، وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ فَوَاتُ الْجَمَاعَةِ وَأَوَّلِ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ظَهَرَ مِنْ إمَامِهِ) أَيْ وَلَوْ مُخَالِفًا؛ لِأَنَّهُ إمَّا نَاسٍ، وَهُوَ مِنْهُ لَا يَضُرُّ أَوْ عَامِدٌ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْمُخَالِفِ الَّذِي لَا يُبْطِلُ فِي اعْتِقَادِهِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ السَّهْوِ (قَوْلُهُ: يُغَيِّرُ الْمَعْنَى) كَضَمِّ تَاءِ أَنْعَمْت أَوْ كَسْرِهَا (قَوْلُهُ: أَيْ حَيْثُ لَمْ تَبْطُلْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ قَلِيلًا (قَوْلُهُ: بَعْدَ رُكُوعِهِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ: أَيْ وَيَنْتَظِرُهُ الْمَأْمُومُ فِي الْقِيَامِ فَإِذَا قَامَ مِنْ السُّجُودِ، وَقَرَأَ عَلَى الصَّوَابِ وَافَقَهُ وَأَتَى بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ إنْ لَمْ يَتَنَبَّهْ، وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ عَلَى الصَّوَابِ اسْتَمَرَّ الْمَأْمُومُ فِي الْقِيَامِ وَيَفْعَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَلَوْ إلَى آخِرِ الصَّلَاةِ، وَسَيَأْتِي هُنَا مَا يُوَافِقُ هَذَا الْبَحْثِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: قَبْلُ وَالْأَوْجَهُ إلَخْ، لِجَوَازِ أَنَّهُ قَصَدَ بِهِ الرَّدَّ عَلَى مَنْ قَالَ يُفَارِقُهُ حَالًا ثُمَّ تَرَقَّى بِمَا أَوْرَدَهُ مِنْ الْبَحْثِ إلَى أَنَّهُ لَا يُفَارِقُهُ مُطْلَقًا. هَذَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ مَنْ كَانَ مَذْهَبُهُ عَدَمَ الْبُطْلَانِ بِاللَّحْنِ الْمَذْكُورِ فَتَجِبُ مُفَارَقَتُهُ عِنْدَ الرُّكُوعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَى الْعَوْدَ لِمَا فَوَّتَهُ، وَبَيْنَ مَنْ مَذْهَبُهُ الْبُطْلَانُ إذَا لَمْ يَعُدْ فَإِنَّهُ إذَا تَذَكَّرَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَوْدُ. (قَوْلُهُ: أَوْ سَجَدَ قَبْلَ رُكُوعِهِ) وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا قِيلَ فِي الْمُخَالِفِ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَخَلَّ بِرُكْنٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَسَلَسِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ انْتِظَارُ الْوَقْتِ الَّذِي يَخْلُو فِيهِ مِنْ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَوْ أَوْقَع الصَّلَاةَ فِي غَيْرِهِ لَمْ تَصِحَّ (قَوْلُهُ: وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْإِسْنَوِيِّ) أَيْ الْقَائِلِ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ فِي الْغَلَبَةِ مُطْلَقًا، وَالضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِ لِلْحَمْلِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ وَهَذَا مَحْمُولٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَوْ لَحَنَ فِي الْفَاتِحَةِ لَحْنًا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى وَجَبَ مُفَارَقَتُهُ كَمَا لَوْ تَرَكَ وَاجِبًا) تَتِمَّتُهُ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: لَكِنْ هَلْ يُفَارِقُهُ فِي الْحَالِ أَوْ حَتَّى يَرْكَعَ لِجَوَازِ أَنَّهُ لَحَنَ سَاهِيًا وَقَدْ يَتَذَكَّرُ فَيُعِيدُ الْفَاتِحَةَ، الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَابِعُهُ فِي فِعْلِ السَّهْوِ انْتَهَى. وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْحَمْلَ الَّذِي حَمَلَهُ عَلَيْهِ الشَّارِحُ لَا يُلَاقِيهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يُفَارِقُهُ حَتَّى يَرْكَعَ) أَيْ خِلَافًا لِمَا اسْتَقَرَّ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ كَمَا مَرَّ: أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّ مَا أَتَى بِهِ لَمْ يَكْثُرْ عُرْفًا بِحَيْثُ يَصِيرُ كَلَامًا

وَلَوْ نَزَلَتْ نُخَامَةٌ مِنْ دِمَاغِهِ إلَى ظَاهِرِ الْفَمِ، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَابْتَلَعَهَا بَطَلَتْ، فَلَوْ تَشَعَّبَتْ فِي حَلْقِهِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ إخْرَاجُهَا إلَّا بِالتَّنَحْنُحِ وَظُهُورِ حَرْفَيْنِ وَمَتَى تَرَكَهَا نَزَلَتْ إلَى بَاطِنِهِ، وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَنَحْنَحَ وَيُخْرِجَهَا، وَإِنْ ظَهَرَ حَرْفَانِ قَالَهُ فِي رِسَالَةِ النُّورِ. وَالْأَوْجَهُ شُمُولُ ذَلِكَ لِلصَّائِمِ أَيْضًا نَفْلًا كَانَ أَوْ فَرْضًا (لَا) تَعَذُّرَ (الْجَهْرَ) فَلَا يُعْذَرُ فِي التَّنَحْنُحِ وَلَوْ يَسِيرًا مِنْ أَجْلِهِ (فِي الْأَصَحِّ) إذْ هُوَ سُنَّةٌ فَلَا ضَرُورَةَ لِارْتِكَابِ التَّنَحْنُحِ لَهُ، وَفِي مَعْنَى الْجَهْرِ سَائِرُ السُّنَنِ كَقِرَاءَةِ سُورَةٍ وَقُنُوتٍ وَتَكْبِيرِ انْتِقَالٍ، وَلَوْ مِنْ مُبَلِّغٍ مُحْتَاجٍ لِإِسْمَاعِ الْمَأْمُومِينَ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهُ عُذْرُ إقَامَةٍ لِشِعَارِ الْجَهْرِ، وَلَوْ جَهِلَ بُطْلَانَهَا بِالتَّنَحْنُحِ مَعَ عِلْمِهِ بِتَحْرِيمِ الْكَلَامِ عُذِرَ لِخَفَائِهِ عَلَى الْعَوَامّ. (وَلَوْ) (أُكْرِهَ) الْمُصَلِّي (عَلَى الْكَلَامِ) فِي صَلَاتِهِ وَلَوْ يَسِيرًا (بَطَلَتْ فِي الْأَظْهَرِ) لِنُدْرَتِهِ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى الْحَدَثِ. وَالثَّانِي ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي اعْتِقَادِ الْمُقْتَدِي دُونَ الْإِمَامِ تَجِبُ مُفَارَقَتُهُ عِنْدَ انْتِقَالِهِ إلَى مَا بَعْدَهُ بِأَنَّ الْمُخَالِفَ الْغَالِبُ أَوْ الْمُحَقَّقُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ لِمَا انْتَقَلَ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ عَنْ اعْتِقَادٍ، وَالْمُوَافِقُ مَتَى تَذَكَّرَ رَجَعَ فَجَازَ انْتِظَارُهُ، وَإِنْ طَالَ جِدًّا لِاحْتِمَالِ عَوْدِهِ بِتَقْدِيرِ تَذَكَّرَهُ احْتِمَالًا قَرِيبًا (قَوْلُهُ: وَجَبَ عَلَيْهِ التَّنَحْنُحُ) أَيْ وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ظَهَرَ حَرْفَانِ) أَيْ أَوْ أَكْثَرُ بَلْ قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ اغْتِفَارِ التَّنَحْنُحِ الْكَثِيرِ لِتَعَذُّرِ الْقِرَاءَةِ عَدَمُ الضَّرَرِ هُنَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: قَالَهُ فِي رِسَالَةِ النُّورِ) هِيَ اسْمُ كِتَابٍ لِلشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ شُمُولُ ذَلِكَ) أَيْ وُجُوبُ التَّنَحْنُحِ وَالْإِخْرَاجِ (قَوْلُهُ: نَفْلًا كَانَ أَوْ فَرْضًا) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُرِدْ بِبَلْعِهَا قَطْعَ النَّفْلِ مِنْ صَلَاةٍ أَوْ صَوْمٍ فَلَا يُعْذَرُ فِي التَّنَحْنُحِ. أَيْ وَلَوْ كَانَ نَذَرَ الْقِرَاءَةَ جَهْرًا؛ لِأَنَّهَا صِفَةٌ تَابِعَةٌ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْمَنْهَجِ وَتَعَذُّرُ رُكْنٍ قَوْلِيٍّ (قَوْلُهُ: لِإِسْمَاعِ الْمَأْمُومِينَ) أَيْ أَوْ إمَامِ جُمُعَةٍ. م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ نَعَمْ إنْ تَوَقَّفَ عَلَى جَهْرِهِ سَمَاعُ الْمَأْمُومِينَ بِهِ عُذِرَ، ثُمَّ رَأَيْته قَالَ عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: وَعَلَيْهِ يَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ الْجُمُعَةِ إذَا تَوَقَّفَتْ مُتَابَعَةُ الْأَرْبَعِينَ عَلَى الْجَهْرِ الْمَذْكُورِ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى لِتَوَقُّفِ صِحَّةِ صَلَاتِهِ عَلَى مُتَابَعَتِهِمْ الْمُتَابَعَةَ الْوَاجِبَةَ لِاشْتِرَاطِ الْجَمَاعَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى لِصِحَّتِهَا، لَكِنْ لَوْ كَانَ لَوْ اسْتَمَرُّوا فِي الرُّكُوعِ إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ الْجُمُعَةَ زَالَ الْمَانِعُ وَاسْتَغْنَى عَنْ التَّنَحْنُحِ فَهَلْ يَجِبُ ذَلِكَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَكَذَا يَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ غَيْرِ الْجُمُعَةِ إذَا تَوَقَّفَ حُصُولُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ لِهَذِهِ الْجَمَاعَةِ عَلَى ذَلِكَ اهـ. وَقَوْلُهُ يَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ الْجُمُعَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِهَا إمَامُ الْمُعَادَةِ وَالْمَجْمُوعَةِ جَمْعَ تَقْدِيمٍ بِالْمَطَرِ وَالْمَنْذُورِ فِعْلُهَا جَمَاعَةً، وَيَكْفِي فِي الثَّلَاثِ إسْمَاعُ وَاحِدٍ، فَمَتَى أَمْكَنَهُ إسْمَاعُهُ وَزَادَ فِي التَّنَحْنُحِ لِأَجْلِ إسْمَاعِ غَيْرِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهَا. وَقَوْلُهُ: فِيهِ نَظَرٌ الْأَقْرَبُ عَدَمُ وُجُوبِ الِانْتِظَارِ، بِخِلَافِ الْمُبَلِّغِ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ صَلَاتِهِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى مُشَارَكَتِهِ لِغَيْرِ الْإِمَامِ فَلَا يُعْذَرُ فِي إسْمَاعِهِمْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أُكْرِهَ الْمُصَلِّي عَلَى الْكَلَامِ) قَالَ حَجّ: عَلَى نَحْوِ الْكَلَامِ اهـ. وَوَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ جَاءَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ، وَهُوَ يُصَلِّي وَطَلَبَ مِنْهُ تَلْقِينَ الشَّهَادَتَيْنِ عَلَى وَجْهٍ يُؤَدِّي إلَى بُطْلَانِ صَلَاتِهِ هَلْ يُجِيبُهُ أَوْ لَا؟ قُلْت: الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ إنْ خَشِيَ فَوَاتَ إسْلَامِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّلْقِينُ وَتَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَخْشَ فَوَاتَ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ وَيُغْتَفَرُ التَّأْخِيرُ لِلْعُذْرِ بِتَلَبُّسِهِ بِالْفَرْضِ فَلَا يُقَالُ فِيهِ رِضَاهُ بِالْكُفْرِ، وَعَلَى هَذَا يَخُصُّ قَوْلُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ فِي الرِّدَّةِ أَنَّ مِنْهَا مَا لَوْ قَالَ لِمَنْ طَلَبَ مِنْهُ تَلْقِينَ الْإِسْلَامِ اصْبِرْ سَاعَةً بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ فِي التَّأْخِيرِ كَمَا هُنَا (قَوْلُهُ: لِنُدْرَتِهِ) يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَجْنَبِيًّا عُرْفًا يَبْطُلُ سَهْوُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ شُمُولُ ذَلِكَ لِلصَّائِمِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ مَا الْحَاجَةُ إلَى هَذَا، وَكَانَ اللَّائِقُ أَنْ يَقُولَ: وَالْأَوْجَهُ شُمُولُهُ لِلْمُفْطِرِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُمْكِنُ التَّوَقُّفُ فِيهِ، وَأَمَّا إذَا أَثْبَتْنَا الْوُجُوبَ فِي حَقِّ الْمُفْطِرِ فَلَا يَتَوَقَّفُ فِيهِ حَقُّ الصَّائِمِ؛ لِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّةُ صَلَاتِهِ وَصَوْمِهِ، وَعِبَارَةُ الْإِمْدَادِ وَالزَّرْكَشِيِّ جَوَازُهُ: أَيْ وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ جَوَازَ التَّنَحْنُحِ لِلصَّائِمِ لِإِخْرَاجِ نُخَامَةٍ تُبْطِلُ صَوْمَهُ، وَالْأَقْرَبُ جَوَازُهُ لِغَيْرِ الصَّائِمِ أَيْضًا لِإِخْرَاجِ نُخَامَةٍ تُبْطِلُ صَلَاتَهُ بِأَنْ نَزَلَتْ لِحَدِّ الظَّاهِرِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ إخْرَاجُهَا إلَّا بِهِ انْتَهَتْ. وَالْوُجُوبُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّفْلِ

لَا تَبْطُلُ كَالنَّاسِي. أَمَّا الْكَثِيرُ فَتَبْطُلُ بِهِ جَزْمًا وَلَيْسَ مِنْهُ غَصْبُ السُّتْرَةِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ نَادِرٍ وَفِيهِ غَرَضٌ. (وَلَوْ) (نَطَقَ بِنَظْمِ الْقُرْآنِ) أَوْ بِذِكْرٍ آخَرَ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُ كَثِيرٍ (بِقَصْدِ التَّفْهِيمِ كَ {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ} [مريم: 12] مُفْهِمًا بِهِ مَنْ يَسْتَأْذِنُهُ فِي أَخْذِ مَا يُرِيدُ أَخْذَهُ وَكَقَوْلِهِ لِمَنْ اسْتَأْذَنَهُ فِي الدُّخُولِ عَلَيْهِ {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ} [الحجر: 46] أَوْ لِمَنْ يَنْهَاهُ عَنْ فِعْلِ شَيْءٍ {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} [يوسف: 29] (إنْ قَصَدَ مَعَهُ) أَيْ التَّفْهِيمَ (قِرَاءَةً لَمْ تَبْطُلْ) ؛ لِأَنَّهُ قُرْآنٌ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَصَدَ بِهِ الْقُرْآنَ وَحْدَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَصَدَ التَّفْهِيمَ فَقَطْ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا (بَطَلَتْ) ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ لَا يَكُونُ قُرْآنًا إلَّا بِالْقَصْدِ. وَمَا تَقَرَّرَ فِي صُورَةِ الْإِطْلَاقِ هُنَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّ الْقَرِينَةَ مَتَى وُجِدَتْ صَرَفَتْهُ إلَيْهَا مَا لَمْ يَنْوِ صَرْفَهُ عَنْهَا، وَفِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَأَثَّرَتْ، وَادَّعَى الْمُصَنِّفُ فِي دَقَائِقِهِ دُخُولَ هَذِهِ الصُّورَةِ فِي قَوْلِهِ، وَإِلَّا نُوزِعَ فِي الدُّخُولِ؛ لِأَنَّ مَوْرِدَ التَّقْسِيمِ وَقَعَ فِيمَا قَصَدَ بِهِ التَّفْهِيمَ فَلَا يَشْمَلُ قَصْدَ الْقِرَاءَةِ وَحْدَهَا وَلَا الْإِطْلَاقَ. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ إذَا عَرَفَ أَنَّ قَصْدَهُ مَعَ الْقِرَاءَةِ لَا يَضُرُّ فَقَصْدُهَا وَحْدَهَا أَوْلَى، وَبِأَنَّ إلَّا تَشْمَلُ نَفْيَ كُلٍّ مِنْ الْمُقَسِّمِ وَقَيْدَ الْمُقَسِّمَ، وَلَعَلَّهُ مَلْحَظُ الْمُصَنِّفِ فِي تَصْرِيحِهِ بِشُمُولِ الْمَتْنِ لِلصُّوَرِ الْأَرْبَعِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ انْتَهَى فِي قِرَاءَتِهِ إلَى تِلْكَ الْآيَةِ أَمْ أَنْشَأَهَا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ التَّحْقِيقِ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ؛ لِوُجُودِ الْقَرِينَةِ الصَّارِفَةِ عَنْ الْقِرَاءَةِ فِي مَحَلِّهَا، وَإِنْ بَحَثَ فِي الْمَجْمُوعِ الْفَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَدْ انْتَهَى فِي قِرَاءَتِهِ إلَيْهَا فَلَا يَضُرُّ، وَإِلَّا فَيَضُرُّ، وَسَوَاءٌ مَا يَصِحُّ لِلتَّخَاطُبِ وَمَا لَا يَصِحُّ لَهُ خِلَافًا لِجَمْعٍ مُتَقَدِّمِينَ. وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ الْفَتْحَ عَلَى الْإِمَامِ بِالْقُرْآنِ أَوْ بِالذِّكْرِ كَانَ ارْتَجَّ عَلَيْهِ كَلِمَةٌ فِي نَحْوِ التَّشَهُّدِ فَقَالَهَا الْمَأْمُومُ، وَالْجَهْرُ بِتَكْبِيرِ الِانْتِقَالَاتِ مِنْ الْإِمَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنَّ مِثْلَ الْكَلَامِ مَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الِاسْتِدْبَارِ لِلْقِبْلَةِ أَوْ عَلَى الْأَكْلِ، وَجَعَلَهُ سم مُفَادًا لِقَوْلِ حَجّ وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى نَحْوِ الْكَلَامِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِنْهُ) أَيْ مِمَّا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ (قَوْلُهُ: غَصْبُ السُّتْرَةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَهَا الْغَاصِبُ بِلَا فِعْلٍ مِنْ الْمُصَلِّي كَأَنْ تَكُونَ السُّتْرَةُ مَعْقُودَةً عَلَى الْمُصَلِّي فَيَكْفِهَا الْغَاصِبُ قَهْرًا عَلَيْهِ، أَوْ يُكْرِهُهُ عَلَى أَنْ يَنْزِعَهَا وَيُسَلِّمَهَا لَهُ. وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى كَثْرَةِ وُقُوعِ الْعُذْرِ، وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ نَادِرٍ إلَى ذَلِكَ لَكِنَّ قِيَاسَ مَا فِي الْوَدِيعَةِ مِنْ ضَمَانِ الْوَدِيعِ إذَا أَكْرَهَهُ الْغَاصِبُ حَتَّى سَلَّمَهُ الْوَدِيعَةَ الْبُطْلَانُ فِيمَا لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى نَزْعِ السُّتْرَةِ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ غَرَضٌ) أَيْ لِلْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا) يَنْبَغِي أَوْ قَصَدَ وَاحِدًا لَا بِعَيْنِهِ بِأَنْ قَصَدَ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ التَّفْهِيمِ وَالْقِرَاءَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِالْقَصْدِ) أَيْ مَعَ وُجُودِ الصَّارِفِ كَمَا هُنَا (قَوْلُهُ: فَأَثَّرَتْ) أَيْ الْقَرِينَةُ (قَوْلُهُ: نَفْيَ كُلٍّ مِنْ الْمُقْسِمِ) ، وَهُوَ قَوْلُهُ: بِقَصْدِ التَّفْهِيمِ وَقَوْلُهُ وَقَيْدِ الْمُقْسِمِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: إنْ قَصَدَ مَعَهُ قِرَاءَةً (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَحَثَ فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ) أَيْ فِي التَّفْصِيلِ الْمَارِّ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِجَمْعٍ مُتَقَدِّمِينَ) أَيْ فَإِنَّهُمْ يَخُصُّونَ التَّفْصِيلَ بِمَا يَصْلُحُ لِلْمُخَاطَبَةِ كَمَا ذَكَرَهُ سم عَلَى الْعُبَابِ. وَعِبَارَتُهُ قَوْلُهُ: وَلَوْ أَعْلَمَ بِنَظْمِ الْقُرْآنِ إلَخْ، ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ لَا فَرْقَ فِي نَظْمِ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ مِمَّا ذُكِرَ فِي التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ بَيْنَ مَا يَصْلُحُ لِمُخَاطَبَةِ النَّاسِ وَمَا لَا يَصْلُحُ، لَكِنْ نَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ وَقَالَ إنَّهُ الْمُتَّجَهُ تَخْصِيصُ التَّفْضِيلِ بِمَا يَصْلُحُ لِلْمُخَاطَبَةِ، بِخِلَافِ مَا لَا يَصْلُحُ، وَإِنْ تَجَرَّدَ لِقَصْدِ الْإِفْهَامِ، وَقَدْ سَبَقَ نَظِيرُ الْمَسْأَلَةِ فِي بَابِ الْغُسْلِ. اهـ (قَوْلُهُ: أُرْتِجَ عَلَيْهِ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: أُرْتِجَ عَلَى الْقَارِئِ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقِرَاءَةِ، إلَى أَنْ قَالَ: وَلَا تَقُلْ ارْتَجَّ عَلَيْهِ بِالتَّشْدِيدِ (قَوْلُهُ: بِتَكْبِيرِ الِانْتِقَالَاتِ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَعْنَاهُ الْوُجُوبُ لِأَجْلِ الصِّحَّةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَفِيهِ غَرَضٌ) أَيْ لِلْغَاصِبِ. (قَوْلُهُ: وَادَّعَى الْمُصَنِّفُ فِي دَقَائِقِهِ دُخُولَ هَذِهِ الصُّورَةِ) أَيْ كَمَا ادَّعَى دُخُولَ صُورَةِ قَصْدِ الْقِرَاءَةِ فَقَطْ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي وَلَعَلَّهُ مَلْحَظُ الْمُصَنِّفِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا يَشْمَلُ قَصْدَ الْقِرَاءَةِ) حَقُّ الْعِبَارَةِ فَلَا يَشْمَلُ الْإِطْلَاقَ كَمَا لَا يَشْمَلُ قَصْدَ الْقِرَاءَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّهُ) أَيْ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ لَا خُصُوصَ قَوْلِهِ وَبِأَنْ لَا إلَخْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا قَبْلَ وَإِلَّا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُ صُورَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا بِالْمَنْطُوقِ وَهِيَ مَا إذَا قَصَدَ التَّفْهِيمَ وَالْقِرَاءَةَ، وَالْأُخْرَى بِمَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ الْأَوْلَى وَهِيَ

أَوْ الْمُبَلِّغِ فَيَأْتِي فِيهِمَا التَّفْصِيلُ مِنْ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَخَرَجَ بِنَظْمِ الْقُرْآنِ مَا لَوْ غَيَّرَ نَظْمَهُ بِقَوْلِهِ يَا إبْرَاهِيمُ سَلَامٌ كُنْ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ مُطْلَقًا. نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِكُلِّ الْقِرَاءَةِ بِمُفْرَدِهَا لَمْ تَبْطُلْ، وَإِنْ أَتَى بِهَا مَجْمُوعَةً فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ فِي الْغَرَرِ؛ وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْعَبَّادِيِّ: لَوْ قَالَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ تَعَمَّدَ، وَإِلَّا فَلَا وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ: إنْ قَالَ ذَلِكَ مُتَعَمِّدًا مُعْتَقِدًا كَفَرَ. وَيَأْتِي مِثْلُ مَا تَقَرَّرَ فِيمَا لَوْ وَقَفَ {عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا} [البقرة: 102] ثُمَّ سَكَتَ طَوِيلًا: أَيْ زَائِدًا عَلَى سَكْتَةِ تَنَفُّسٍ، وَعَيٍّ فِيمَا يَظْهَرُ، وَابْتَدَأَ بِمَا بَعْدَهَا؛ وَلَوْ قَالَ قَالَ اللَّهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ تِلَاوَتِهِ أَوْ النَّبِيُّ كَذَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي، وَتَبْطُلُ بِمَا نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ، وَإِنْ بَقِيَ حُكْمُهُ دُونَ عَكْسِهِ. وَلَوْ قَرَأَ الْإِمَامُ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] فَقَالَ الْمَأْمُومُ مِثْلَهُ، أَوْ اسْتَعَنَّا بِاَللَّهِ أَوْ نَسْتَعِينُ بِاَللَّهِ، فَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ: إنْ كَانَ غَيْرَ قَاصِدٍ لِلتِّلَاوَةِ بَطَلَتْ: أَيْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الدُّعَاءَ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ. وَحَاصِلُ مَا أَجَابَ بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمَّا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ أَنَّهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِذَلِكَ إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ تِلَاوَةً وَلَا دُعَاءً، وَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الدُّعَاءَ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَلِهَذَا اعْتَرَضَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إطْلَاقَ مَا نَقَلَهُ فِيهِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ بِقَوْلِهِ: وَلَا يُوَافَقُ عَلَيْهِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: ـــــــــــــــــــــــــــــSأَوْ التَّحَرُّمُ (قَوْلُهُ: مِنْ الصُّوَرِ) بَيَانٌ لِلتَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ قَصَدَ الْقُرْآنَ أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فِي الْغَرَرِ) أَيْ شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ بِأُولَئِكَ إلَخْ الْقِرَاءَةَ مِنْ آيَةٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ: وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ) أَيْ الْمَرْوَزِيِّ، وَقَوْلُهُ إلَى أَنْ قَالَ ذَلِكَ إلَخْ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي مِثْلُ مَا تَقَرَّرَ) هُوَ قَوْلُهُ: إنْ قَالَ ذَلِكَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) أَفْهَمَ أَنَّ قَدْرَ سَكْتَةِ التَّنَفُّسِ وَالْعَيِّ لَا يَضُرُّ مَعَهَا الِابْتِدَاءُ بِمَا بَعْدَهَا مُطْلَقًا. وَلَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّهُ مَعَ قَصْرِ الزَّمَنِ لَا تُعَدُّ الْكَلِمَاتُ مُنْفَصِلًا بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ نَطَقَ بِقَوْلِهِ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ بِلَا سُكُوتٍ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَحَلِّ تِلَاوَتِهِ) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ قَالَهُ مِنْ تِلَاوَةِ قَوْله تَعَالَى {قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} [المائدة: 119] (قَوْلُهُ: وَتَبْطُلُ بِمَا نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ) وَمِثْلُهُ مُتَعَلِّقَاتُ الْقُرْآنِ الْمَحْذُوفَةُ: أَيْ كَقَوْلِهِ الْحَمْدُ كَائِنٌ لِلَّهِ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا مِنْهُ فَتَبْطُلُ بِالنُّطْقِ بِهَا عَمْدًا، وَإِنْ قَصَدَ أَنَّهَا مُتَعَلِّقُ اللَّفْظِ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الدُّعَاءَ) أَيْ فَتَبْطُلُ مَعَ الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ تِلَاوَةً وَلَا دُعَاءً) أَيْ بِأَنْ أَطْلَقَ أَوْ قَصَدَ الْإِخْبَارَ الْمُجَرَّدَ. [فَرْعٌ] لَوْ قَالَ صَدَقَ اللَّهُ الْعَظِيمُ عِنْدَ قِرَاءَةِ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ قَالَ م ر يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضُرَّ، وَكَذَا لَوْ قَالَ آمَنْت بِاَللَّهِ عِنْدَ قِرَاءَةِ مَا يُنَاسِبُهُ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَبَقِيَ مَا لَوْ قَالَ اللَّهُ فَقَطْ فَهَلْ يَضُرُّ ذَلِكَ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ بِهِ التَّعَجُّبَ ضَرَّ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ بِأَنْ قَصَدَ الثَّنَاءَ لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ أَطْلَقَ، فَإِنْ كَانَ ثَمَّ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى التَّعَجُّبِ كَأَنْ سَمِعَ أَمْرًا غَرِيبًا فِي الْقُرْآنِ فَقَالَ عِنْدَ سَمَاعِهِ ذَلِكَ ضَرَّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَرِينَةٌ لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَائِهِ لَا اشْتِرَاكَ فِيهِ. وَوَقَعَ السُّؤَالُ بِالدَّرْسِ عَنْ شَخْصٍ يُصَلِّي فَوَضَعَ آخَرُ يَدَهُ عَلَيْهِ، وَهُوَ غَافِلٌ فَانْزَعَجَ لِذَلِكَ وَقَالَ اللَّهُ. فَأَجَبْت عَنْهُ بِأَنَّ الْأَقْرَبَ فِيهِ الضَّرَرُ إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الثَّنَاءَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، لَكِنْ سَيَأْتِي لَهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ السَّلَامُ قَاصِدًا اسْمَ اللَّهِ أَوْ الْقُرْآنَ لَمْ تَبْطُلْ. اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَطْلَقَ بَطَلَتْ. وَقِيَاسُهُ أَنَّ اللَّهَ مِثْلُهُ. وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ ضَرَبَتْهُ عَقْرَبٌ فِي الصَّلَاةِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ ضَرَبَتْهُ حَيَّةٌ بَطَلَتْ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعَقْرَبَ تُدْخِلُ سُمَّهَا إلَى دَاخِلِ الْبَدَنِ؛ لِأَنَّهَا تَغْرِزُ إبْرَتَهَا فِي دَاخِلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا إذَا قَصَدَ الْقِرَاءَةَ فَقَطْ، وَمَا بَعْدَ وَإِلَّا يَشْمَلُ صُورَتَيْنِ بِاعْتِبَارِ شُمُولِهَا لِنَفْيِ الْقَسَمِ وَالْمُقْسَمِ. قَرَأَ الْإِمَامُ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] فَقَالَ الْمَأْمُومُ مِثْلَهُ أَوَاسْتَعَنَّا بِاَللَّهِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ غَيْرَ قَاصِدٍ لِلتِّلَاوَةِ) هَذَا خَاصٌّ بِإِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ عِبَارَةِ الْبَيَانِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ تِلَاوَةً وَلَا دُعَاءً)

[لا تبطل الصلاة بالذكر والدعاء]

فَرْعٌ: قَدْ اعْتَادَ كَثِيرٌ مِنْ الْعَوَامّ أَنَّهُمْ إذَا سَمِعُوا قِرَاءَةَ الْإِمَامِ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] قَالُوا {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] وَهَذَا بِدْعَةٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، فَأَمَّا بُطْلَانُ الصَّلَاةِ بِهَا فَقَدْ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ: إنْ كَانَ غَيْرَ قَاصِدٍ التِّلَاوَةَ أَوْ قَالَ اسْتَعَنَّا بِاَللَّهِ أَوْ نَسْتَعِينُ بِاَللَّهِ بَطَلَتْ انْتَهَى. وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِالْقَوْلِ الْمَذْكُورِ إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ شَيْئًا وَكَذَا إذَا قَصَدَ بِقَوْلِهِ اسْتَعَنَّا بِاَللَّهِ الثَّنَاءَ أَوْ الذِّكْرَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّحْقِيقِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِمَا، إذْ لَا عِبْرَةَ بِقَصْدِ مَا لَمْ يُفِدْهُ اللَّفْظُ، وَإِنْ قَالَ الطَّبَرِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ: الظَّاهِرُ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّهُ ثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ: أَيْ بِاللَّازِمِ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ الْحَقُّ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ فِي قُنُوتِ رَمَضَانَ: اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ انْتَهَى. وَحِينَئِذٍ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ فِي نَظَائِرِ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ أَطْلُبُ زَوْجَةً أَوْ وَلَدًا أَوْ مَالًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ قَرَأَ {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا} [نوح: 1] الْآيَةَ أَوْ نَحْوَهَا مِنْ أَخْبَارِ الْقُرْآنِ وَمَوَاعِظِهِ وَأَحْكَامِهِ حَيْثُ قَصَدَ بِهِ الثَّنَاءَ، وَالْمُرَادُ بِالذِّكْرِ الَّذِي لَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ مَا كَانَ مَدْلُولُهُ الثَّنَاءَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى كَقَوْلِ الْمُصَلِّي سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْك السَّلَامُ إلَى آخِرِهِ. وَالْأَوْجَهُ أَنْ يَعْتَبِرَ فِي نَحْوِ يَا يَحْيَى مُقَارَنَةَ قَصْدِ نَحْوِ الْقِرَاءَةِ، وَلَوْ مَعَ التَّفْهِيمِ لِجَمِيعِ اللَّفْظِ، إذْ عُرُوُّهُ عَنْ بَعْضِهِ يُصَيِّرُ اللَّفْظَ أَجْنَبِيًّا مُنَافِيًا لِلصَّلَاةِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ قَصَدَ مَعَهُ قِرَاءَةً، وَإِنْ كَانَ الْمُرَجَّحُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْكِنَايَةِ الِاكْتِفَاءَ بِاقْتِرَانِ النِّيَّةِ بِبَعْضِهَا. (وَلَا تَبْطُلُ) الصَّلَاةُ (بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ) ، وَإِنْ لَمْ يُنْدَبَا حَيْثُ كَانَا جَائِزَيْنِ وَلَا بِالنَّذْرِ؛ لِأَنَّهُ مُنَاجَاةٌ لِلَّهِ فَهُوَ مِنْ جِنْسِ الدُّعَاءِ، إلَّا مَا عُلِّقَ مِنْهُ كَاَللَّهُمِ اغْفِرْ لِي إنْ أَرَدْت أَوْ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ أَوْ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَعَلَيَّ كَذَا فَتَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ بَحْثًا فِي النَّذْرِ، وَأُلْحِقَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ، وَبَحْثُ الْإِسْنَوِيِّ إلْحَاقُ الْوَصِيَّةِ وَالْعِتْقِ وَالصَّدَقَةِ وَسَائِرِ الْقُرَبِ الْمُنَجَّزَةِ بِالنَّذْرِ، لَكِنْ رَدَّهُ جَمْعٌ بِأَنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى لَفْظٍ، فَالتَّلَفُّظُ بِهَا فِي الصَّلَاةِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ لَهُ بَلْ وَلَا تَحْصُلُ بِهِ، إذْ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْقَبْضِ وَبِأَنَّ النَّذْرَ بِنَحْوِ لِلَّهِ مُنَاجَاةٌ لِتَضَمُّنِهِ ذِكْرًا، بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ بِنَحْوِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْبَدَنِ، وَتُفْرِغُ فِيهَا السُّمَّ إلَى دَاخِلِهِ، وَالسُّمُّ، وَإِنْ كَانَ نَجِسًا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِيلٌ فَهُوَ جُزْءٌ مِمَّا مَيْتَتُهُ نَجِسَةٌ، لَكِنَّ حُصُولَ النَّجَاسَةِ فِي دَاخِلِ الْبَدَنِ لَا يُبْطِلُ، وَالْحَيَّةُ تُلْقِي سُمَّهَا عَلَى ظَاهِرِ الْبَدَنِ، وَهُوَ نَجِسٌ وَتَنَجُّسُ ظَاهِرِ الْبَدَنِ مُبْطِلٌ، هَكَذَا ذَكَرُوهُ وَاعْتَمِدْهُ. م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: لِجَمِيعِ اللَّفْظِ) وَيُحْتَمَلُ الِاكْتِفَاءُ بِالْمُقَارَنَةِ لِأَوَّلِهِ إذَا قَصَدَ حِينَئِذٍ الْإِتْيَانَ بِالْجَمِيعِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ. هَذَا مِنْ الْعَالِمِ لِمَا مَرَّ عَنْهُ مِنْ أَنَّ الْجَاهِلَ يُعْذَرُ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَا جَائِزَيْنِ) يُتَأَمَّلُ التَّقْيِيدُ بِالْجَوَازِ فِي الذِّكْرِ بَعْدَ تَفْسِيرِهِ بِأَنَّهُ مَا دَلَّ عَلَى الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ يُقَالُ: يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالذِّكْرِ الْمُحَرَّمِ مَا لَوْ اخْتَرَعَ ذِكْرًا غَيْرَ وَارِدٍ فِي مَحَلٍّ مِنْ الصَّلَاةِ وَتَرْجَمَ عَنْهُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ، كَمَا قِيلَ بِهِ فِيمَا لَوْ اخْتَرَعَ دُعَاءً بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ، وَانْظُرْ هَلْ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ أَثْنَى عَلَى اللَّهِ فِي مُقَابَلَةِ مَعْصِيَةٍ ارْتَكَبَهَا كَأَنْ طَلَبَ تَحْصِيلَ امْرَأَةٍ لِيَزْنِيَ بِهَا فَلَمَّا حَصَلَتْ أَثْنَى عَلَى اللَّهِ لِذَلِكَ. وَأَقُولُ: الْأَقْرَبُ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ مِنْهُ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا مَا عُلِّقَ مِنْهُ) الْأَوْلَى مِنْهُمَا: أَيْ النَّذْرُ وَالدُّعَاءُ لِيُلَاقِيَ قَوْلَهُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إلَخْ، وَعَلَيْهِ فَالضَّمِيرُ فِي مِنْهُ رَاجِعٌ لِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بِهِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَسَائِرِ الْقُرَبِ الْمُنْجَزَةِ) مِنْهَا الْوَقْفُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ رَدَّهُ جَمْعٌ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا: أَيْ وَصَلَحَ لِذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. [لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ] (قَوْلُهُ: إلَّا مَا عَلِقَ مِنْهُ) أَيْ مِمَّا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ) أَيْ مِنْ تَعْلِيقِ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ النَّذْرَ بِنَحْوِ لِلَّهِ مُنَاجَاةٌ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ لِلَّهِ أَبْطَلَ، وَأَنَّهُ لَوْ أَتَى بِلَفْظِ لِلَّهِ فِي نَحْوِ الْعِتْقِ لَا يَبْطُلُ كَأَنْ قَالَ عَبْدِي حُرٌّ لِلَّهِ ثُمَّ رَأَيْته فِي الْإِمْدَادِ قَالَ عَقِبَ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ هُنَا مَا لَفْظُهُ: وَقَدْ يُرَدُّ بِأَنَّ قَوْلَهُ لِلَّهِ لَيْسَ بِشَرْطٍ، فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ عَلَيَّ كَذَا وَنَحْوِ عَبْدِي حُرٌّ وَلِفُلَانٍ كَذَا

عَبْدِي حُرٌّ، وَالْإِيصَاءُ بِنَحْوِ لِفُلَانٍ كَذَا بَعْدَ مَوْتِي. وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّذْرَ إنَّمَا يَكُونُ فِي قُرْبَةٍ فَنَذْرُ اللَّجَاجِ مُبْطَلٌ لِكَرَاهَتِهِ، وَأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا أَتَى بِهِ قَاصِدًا لِلْإِنْشَاءِ لَا الْإِخْبَارِ، وَإِلَّا كَانَ غَيْرَ قُرْبَةٍ فَتَبْطُلُ بِهِ، أَمَّا لَوْ كَانَ الدُّعَاءُ وَنَحْوُهُ مُحَرَّمًا فَإِنَّهَا تَبْطُلُ بِهِ أَوْ كَانَ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ الْمُتَرْجَمُ عَنْهُ وَارِدًا أَوْ وَرَدَ، وَهُوَ يُحْسِنُهَا كَمَا مَرَّ ذَلِكَ قُبَيْلَ الرُّكْنِ الثَّانِي عَشَرَ، وَيُتَّجَهُ إلْحَاقُ النَّذْرِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ بِهِمَا فِي ذَلِكَ، وَأَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ السَّلَامُ قَاصِدًا اسْمَ اللَّهِ وَالْقُرْآنَ لَمْ تَبْطُلْ، وَإِلَّا بَطَلَتْ، وَمِثْلُهُ الْغَافِرُ وَكَذَا النِّعْمَةُ وَالْعَافِيَةُ بِقَصْدِ الدُّعَاءِ، وَيُشْتَرَطُ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ أَنْ لَا يَتَضَمَّنَ مَا أَتَى بِهِ خِطَابُ مَخْلُوقٍ غَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ إنْسٍ وَجِنٍّ وَمَلِكٍ وَنَبِيٍّ غَيْرِ نَبِيِّنَا كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يُخَاطَبَ) بِهِ (كَقَوْلِهِ لِعَاطِسٍ رَحِمَك اللَّهُ) أَوْ لِغَيْرِهِ نَذَرْت لَك بِكَذَا، أَوْ لِعَبْدِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتِقَك فَتَبْطُلُ بِهِ، وَشَمِلَ ذَلِكَ خِطَابَ مَا لَا يَعْقِلُ كَرَبِّي وَرَبُّك اللَّهُ، أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شَرِّك وَشَرِّ مَا فِيك وَشَرِّ مَا دَبَّ عَلَيْك لِلْأَرْضِ، أَوْ آمَنْت بِاَلَّذِي خَلَقَك لِلْهِلَالِ، أَوْ أَلْعَنُك بِلَعْنَةِ اللَّهِ، أَوْ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْك لِلشَّيْطَانِ إذَا أَحَسَّ بِهِ، وَرَحِمَك اللَّهُ لِمَيِّتٍ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ كَمَا اعْتَمَدَ ذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَدَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ حَيْثُ قَالَ: قُلْت: قَالَ أَصْحَابُنَا إنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِالدُّعَاءِ لِغَيْرِهِ بِصِيغَةِ الْمُخَاطَبَةِ كَقَوْلِهِ لِلْعَاطِسِ رَحِمَك اللَّهُ أَوْ يَرْحَمُك اللَّهُ، وَلِمَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَيْك السَّلَامُ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: فَنَذْرُ اللَّجَاجِ) كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ لَا أُكَلِّمَ زَيْدًا (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تَبْطُلُ بِهِ) وَمِنْ ذَلِكَ الدُّعَاءُ الْمَنْظُومُ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اهـ حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم الْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ. اهـ. أَيْ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِالدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ الْمَكْرُوهَيْنِ، وَعَلَيْهِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّذْرِ الْمَكْرُوهِ حَيْثُ بَطَلَتْ بِهِ ثُمَّ ظَفِرْتُ بِفَرْقٍ لِلشَّيْخِ حَمْدَانَ فِي مُلْتَقَى الْبَحْرَيْنِ بَيْنَ بُطْلَانِهَا بِالنَّذْرِ الْمَكْرُوهِ وَعَدَمِهِ بِالْقِرَاءَةِ فِي نَحْوِ الرُّكُوعِ مَعَ كَرَاهَتِهَا فِيهِ وَنَصُّهُ: وَلَك أَنْ تَقُولَ هَذَا لَمَّا انْتَفَتْ فِيهِ الْقُرْبَةُ مِنْ حَيْثُ لَفْظُهُ أَشْبَهَ كَلَامَ الْآدَمِيِّينَ فَأُبْطِلَ، بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ فِيمَا ذُكِرَ بِقَصْدِهَا، وَإِنْ انْتَفَتْ فِيهَا لِلْقُرْبَةِ مِنْ حَيْثُ وَضْعُهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا لَمْ تُخْرِجْ الْقُرْآنَ إلَى شِبْهِ كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ. اهـ. فَيُمْكِنُ مَجِيئُهُ هُنَا، وَيُقَالُ عُرُوضُ الْكَرَاهَةِ لِلذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ لَا يُخْرِجُهُمَا عَنْ كَوْنِهِمَا ذِكْرًا وَدُعَاءً كَالْقِرَاءَةِ (قَوْلُهُ: وَارِدًا) أَيْ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ الْغَافِرُ) أَيْ فِي عَدَمِ الضَّرَرِ إنْ قَصَدَ الدُّعَاءَ بِهِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQبَعْدَ مَوْتِي (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ كَانَ الدُّعَاءُ وَنَحْوُهُ) أَيْ الذِّكْرُ وَصُورَةُ الذِّكْرِ الْحَرَامِ أَنْ يَشْتَمِلَ عَلَى أَلْفَاظٍ لَا يُعْرَفُ مَدْلُولُهَا كَمَا يَأْتِي بِهِ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ أَيْ فَتَضُرُّ التَّرْجَمَةُ عَنْهَا (بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ) بَيَانٌ لِمَا أَرَادَهُ مِنْ الْإِشَارَةِ بِقَوْلِهِ فِي ذَلِكَ وَإِلَّا فَهِيَ تَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ مُحَرَّمًا (قَوْلُهُ: وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِلْإِمْدَادِ، وَمُرَادُهُ بِهِ الْوَصِيَّةُ وَالْعِتْقُ وَالصَّدَقَةُ وَسَائِرُ الْقُرَبِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ الْبُطْلَانِ بِهَا، لَكِنَّ ذَاكَ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَمِيلُ إلَى عَدَمِ الْبُطْلَانِ بِهَا، فَكَانَ يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ أَنْ لَا يُعَبِّرَ بِهِ بِنَاءً عَلَى مَا قَدَّمَهُ (قَوْلُهُ: بِهِمَا) أَيْ بِالدُّعَاءِ وَنَحْوِهِ وَهُوَ الذِّكْرُ (قَوْلُهُ: وَالْقُرْآنُ) أَيْ قَاصِدًا كَوْنَهُ مِنْ الْقُرْآنِ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى اسْمِ لَا عَلَى مَا أُضِيفَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: مِنْ إنْسٍ وَجِنٍّ وَمَلَكٍ وَنَبِيٍّ) أَيْ أَوْ غَيْرِهِمْ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: لِلشَّيْطَانِ إذَا أَحَسَّ بِهِ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَعْقِلُ، وَمِثْلُهُ فِي الْإِمْدَادِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَاسْتَثْنَى الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ مَسَائِلَ: إحْدَاهَا دُعَاءٌ فِيهِ خِطَابٌ لِمَا لَا يَعْقِلُ وَمَثَّلَ لَهُ بِالْأَرْضِ وَالْهِلَالِ. ثُمَّ قَالَ: ثَانِيَتُهَا إذَا أَحَسَّ بِالشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُخَاطِبَهُ بِقَوْلِهِ أَلْعَنُك بِلَعْنَةِ اللَّهِ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْك؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَدَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِخِطَابِ

وَأَشْبَاهُهُ. وَالْأَحَادِيثُ السَّابِقَةُ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ فِي السَّلَامِ عَلَى الْمُصَلِّي تُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا، فَيُؤَوَّلُ الْحَدِيثُ: أَيْ الْوَارِدُ بِمُخَاطَبَةِ الشَّيْطَانِ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. اهـ. أَيْ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ خُصُوصِيَّةً لَهُ أَوْ أَنَّ قَوْلَهُ ذَلِكَ كَانَ نَفْسِيًّا لَا لَفْظِيًّا، وَإِنْ جَرَى جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ عَلَى اسْتِثْنَاءِ هَذِهِ الصُّوَرِ مِنْ الْبُطْلَانِ، أَمَّا خِطَابُ الْخَالِقِ كَإِيَّاكَ نَعْبُدُ وَخِطَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ فِي غَيْرِ التَّشَهُّدِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ حَتَّى لَوْ دَعَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي عَصْرِهِ مُصَلِّيًا وَجَبَتْ عَلَيْهِ إجَابَتُهُ وَلَا تَبْطُلُ بِهَا صَلَاتُهُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَلِيلِ الْإِجَابَةِ وَكَثِيرِهَا بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ. وَلَا تَجِبُ إجَابَةُ الْأَبَوَيْنِ فِي الصَّلَاةِ بَلْ تَحْرُمُ فِي الْفَرْضِ وَتَبْطُلُ بِهَا، وَتَجُوزُ فِي النَّفْلِ مَعَ بُطْلَانِهَا بِهَا، وَالْأَوْلَى الْإِجَابَةُ فِيهِ إنْ شَقَّ عَلَيْهِمَا عَدَمُهَا كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَلَوْ رَأَى مُشْرِفًا عَلَى هَلَاكٍ كَأَعْمَى أَشْرَفَ عَلَى وُقُوعِهِ فِي نَحْوِ بِئْرٍ وَلَمْ يَحْصُلْ إنْذَارُهُ إلَّا بِالْكَلَامِ وَجَبَ وَتَبْطُلُ بِهِ، خِلَافًا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: خُصُوصِيَّةً لَهُ) أَيْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: كَإِيَّاكَ نَعْبُدُ) أَيْ حَيْثُ قَصَدَ بِهِ الدُّعَاءَ أَوْ الْقِرَاءَةَ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَخِطَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَمَّا خِطَابُ غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فَتَبْطُلُ بِهِ وَتَجِبُ إجَابَتُهُ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ تُسَنَّ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. وَنُقِلَ فِي الدَّرْسِ عَنْ الْخَطِيبِ أَنَّهُ تَجِبُ الْإِجَابَةُ وَتَبْطُلُ بِهَا الصَّلَاةُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَلَا تَبْطُلُ بِهِ) أَيْ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْمُبْتَدِئُ بِالْخِطَابِ هُوَ الْمُصَلِّي حَيْثُ كَانَ الْخِطَابُ فِي دُعَاءٍ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ أَمَّا بِغَيْرِ الدُّعَاءِ كَأَنْ سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ عَنْ شَيْءٍ فَتَبْطُلُ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، فَإِنْ ابْتَدَأَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَضُرَّ الْخِطَابُ فِي جَوَابِهِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ دَعَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ قَالَ لَهُ شَخْصٌ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدْعُوك، وَهُوَ فِي مَحَلِّ كَذَا فَذَهَبَ إلَيْهِ هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُ الْمُخْبِرِ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِالذَّهَابِ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَرَهُ ثَمَّ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِهِ فِي حَيَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ بَعْدَ وَفَاتِهِ (قَوْلُهُ: فِي عَصْرِهِ) هَذَا جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ سم (قَوْلُهُ: وَلَا تَبْطُلُ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا تَقْطَعُ الْمُوَالَاةَ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ مَصَالِحِ الصَّلَاةِ، بِخِلَافِ التَّأْمِينِ وَنَحْوِهِ. وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: قَالَ م ر: وَكَذَا الِاسْتِدْبَارُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي إجَابَتِهِ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَبْطُلَ بِهِ، قَالَ: وَإِذَا انْتَهَى غَرَضُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَمَّ الصَّلَاةَ فِيمَا وَصَلَ إلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعُودَ إلَى مَكَانِهِ الْأَوَّلِ، فَلَوْ كَانَ إمَامًا وَقَدْ تَأَخَّرَ عَنْ الْقَوْمِ بِسَبَبِ الْإِجَابَةِ هَلْ لَهُ أَنْ يَعُودَ لِمَكَانِهِ الْأَوَّلِ؟ قَالَ م ر: يَنْبَغِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَأَنْ يَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ مُفَارَقَتُهُ. أَقُولُ: قِيَاسُ ذَلِكَ أَنْ تَتَعَيَّنَ الْمُفَارَقَةُ بِمُجَرَّدِ تَأَخُّرِهِ عَنْهُمْ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَأْمُرَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِالْعَوْدِ لِمَكَانِهِ الْأَوَّلِ فَلَهُمْ الصَّبْرُ إلَى تَبَيُّنِ الْحَالِ، وَانْظُرْ لَوْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِمْ بِأَزْيَدَ مِنْ ثَلَثمِائَةِ ذِرَاعٍ بِوَاسِطَةِ الْإِجَابَةِ عَلَى قِيَاسِ امْتِنَاعِ عَوْدِهِ لَوْ تَأَخَّرَ أَنْ تَجِبَ مُفَارَقَتُهُ أَوْ يَجُوزُ الْبَقَاءُ وَتُغْتَفَرُ الزِّيَادَةُ هُنَا؛ لِأَنَّهَا فِي الدَّوَامِ وَيُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ كَمَا لَوْ زَالَتْ الرَّابِطَةُ فِي الدَّوَامِ، فِيهِ نَظَرٌ، وَخَرَجَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيْرُهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ حَتَّى السَّيِّدُ عِيسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، قَالَهُ م ر. وَالْكَلَامُ فِي إجَابَتِهِ فِي حَيَاتِهِ وَكَذَا بَعْدَ مَوْتِهِ لِمَنْ تَيَسَّرَ لَهُ اجْتِمَاعُهُ بِهِ. اهـ. أَقُولُ: قَوْلُهُ: فِي قِيَاسِ مَا قَدَّمَهُ الضَّرَرُ لَكِنَّ الْأَقْرَبَ عَدَمُ الضَّرَرِ كَمَا لَوْ زَادَتْ الصُّفُوفُ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ فَزَادَتْ الْمَسَافَةُ عَلَى الثَّلَثِمِائَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَلِيلِ الْإِجَابَةِ) فِي التَّعْبِيرِ بِالْإِجَابَةِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ زَادَ فِي الْجَوَابِ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ مِنْ غَيْرِ أَمْرٍ لَهُ بِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى الْإِجَابَةُ فِيهِ) أَيْ فِي النَّفْلِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَلَا تَجِبُ فِي فَرْضٍ مُطْلَقًا بَلْ فِي نَفْلٍ إنْ تَأَذَّيَا بِعَدَمِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّيْطَانِ كَمَا مَرَّ، وَعِبَارَةُ الْإِمْدَادِ بَعْدَ ذِكْرِهِ نَحْوُ مَا مَرَّ فِي الشَّارِحِ لَفْظُهَا فَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ، وَالْحَدِيثُ الْمُحْتَجُّ بِهِ فِي بَعْضِ ذَلِكَ مَنْسُوخٌ أَوْ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْكَلَامِ، قَالَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ انْتَهَتْ.

[رد السلام في الصلاة]

لِمَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ. وَلَوْ أَشَارَ الْأَخْرَسُ فِي صَلَاتِهِ بِكَلَامٍ لَمْ تَبْطُلْ، وَإِنْ انْعَقَدَ بِهَا نَحْوُ بَيْعِهِ. وَيُسَنُّ رَدُّ السَّلَامِ بِهَا وَلَوْ مِنْ نَاطِقٍ، وَيَجُوزُ الرَّدُّ بِقَوْلِهِ وَعَلَيْهِ وَالتَّشْمِيتُ بِقَوْلِهِ يَرْحَمُهُ اللَّهُ لِانْتِفَاءِ الْخِطَابِ، وَيُسَنُّ لِمَنْ عَطَسَ أَنْ يَحْمَدَهُ وَيُسْمِعَ نَفْسَهُ خِلَافًا لِمَا فِي الْإِحْيَاءِ وَغَيْرِهِ. وَلَوْ قَالَ الْمُصَلِّي قَاف أَوْ صَاد أَوْ نُون وَقَصَدَ بِهِ كَلَامَ الْآدَمِيِّينَ بَطَلَتْ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا نَظِيرَ مَا مَرَّ وَبَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ هُنَا أَوْ الْقُرْآنَ لَمْ تَبْطُلْ، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَرْفِ غَيْرِ الْمُفْهِمِ الَّذِي لَا تَبْطُلُ بِهِ هُوَ مُسَمَّى الْحَرْفِ لَا اسْمُهُ (وَلَوْ سَكَتَ طَوِيلًا) وَلَوْ بِنَوْمٍ مُمْكِنٌ مَقْعَدُهُ فِي غَيْرِ رُكْنٍ قَصِيرٍ (بِلَا غَرَضٍ لَمْ تَبْطُلْ) صَلَاتُهُ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُخِلٍّ بِهَيْئَتِهَا. وَالثَّانِي تَبْطُلُ لِإِشْعَارِهِ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهَا، أَمَّا تَطْوِيلُ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ فَتَبْطُلُ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْبَابِ الْآتِي، وَاحْتُرِزَ بِالطَّوِيلِ عَنْ الْقَصِيرِ فَلَا يَضُرُّ جَزْمًا وَبِلَا غَرَضٍ عَنْ السُّكُوتِ لِتَذَكُّرِ شَيْءٍ نَسِيَهُ. (وَيُسَنُّ لِمَنْ) (نَابَهُ شَيْءٌ) فِي صَلَاتِهِ (كَتَنْبِيهِ إمَامِهِ) لِنَحْوِ سَهْوٍ (وَإِذْنِهِ لِدَاخِلٍ) أَيْ مُرِيدِ دُخُولٍ اسْتَأْذَنَهُ فِي الدُّخُولِ عَلَيْهِ (وَإِنْذَارِهِ أَعْمَى) أَوْ نَحْوِهِ كَغَافِلٍ وَغَيْرِ مُمَيِّزٍ خَافَ مِنْ وُقُوعِهِ فِي مَحْذُورٍ (أَنْ يُسَبِّحَ) الذَّكَرُ بِقَصْدِ الذِّكْرِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْإِعْلَامِ (وَتُصَفِّقُ الْمَرْأَةُ) أَيْ الْأُنْثَى وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى (بِضَرْبِ) بَطْنِ (الْيُمْنَى عَلَى ظَهْرِ الْيَسَارِ) أَوْ عَكْسِهِ أَوْ بِظَهْرِ الْيَمِينِ عَلَى بَطْنِ الْيَسَارِ أَوْ عَكْسِهِ لَا بَطْنٍ عَلَى بَطْنٍ، فَإِنْ صَفَّقَتْ وَلَوْ بِغَيْرِ بَطْنٍ عَلَى بَطْنٍ قَاصِدَةً اللَّعِبَ بِهِ عَامِدَةً عَالِمَةً بَطَلَتْ صَلَاتُهَا، وَاقْتِصَارُ كَثِيرٍ عَلَى ذِكْرِ ذَلِكَ فِي الْبَطْنِ عَلَى الْبَطْنِ لَيْسَ لِإِخْرَاجِ غَيْرِهَا، وَإِنَّمَا هُوَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَظِنَّةُ اللَّعِبِ؛ لِأَنَّهُ مُنَافٍ لِلصَّلَاةِ، وَلِهَذَا أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِبُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ أَقَامَ لِشَخْصٍ أُصْبُعَهُ الْوُسْطَى لَاعِبًا مَعَهُ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ «مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ، ـــــــــــــــــــــــــــــSتَأَذِّيًا لَيْسَ بِالْهَيِّنِ [رَدُّ السَّلَامِ فِي الصَّلَاة] (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ رَدُّ السَّلَامِ) أَيْ يُسَنُّ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَرُدَّ السَّلَامَ بِالْإِشَارَةِ عَلَى مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ سَلَامُهُ غَيْرَ مَنْدُوبٍ. (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ الرَّدُّ بِقَوْلِهِ وَعَلَيْهِ) أَيْ وَلَا تَبْطُلُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ لَا خِطَابَ فِيهِ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَصْدُ الدُّعَاءِ، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اسْتَعَنَّا بِاَللَّهِ بِأَنَّ نَحْوَ عَلَيْهِ نَقَلَهُ الشَّارِعُ لِلدُّعَاءِ بِدَلِيلِ الِاكْتِفَاءِ بِنَحْوِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ بِلَا قَصْدٍ. (قَوْلُهُ: عَطَسَ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ، وَفِي لُغَةٍ مِنْ بَابِ قَتَلَ اهـ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ: أَنْ يَحْمَدَهُ) لَكِنْ إذَا وَقَعَ ذَلِكَ فِي الْفَاتِحَةِ قَطَعَ الْمُوَالَاةَ (قَوْلُهُ: نَسِيَهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا. (قَوْلُهُ: عَلَى ظَهْرِ الْيَسَارِ) وَأَمَّا لَوْ ضَرَبَ بَطْنًا عَلَى بَطْنٍ خَارِجَ الصَّلَاةِ كَالْفُقَرَاءِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فِيهِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا، وَرُجِّحَ مِنْهُمَا التَّحْرِيمُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خُصُوصًا إذَا كَانَ فِي الْمَسَاجِدِ كَمَا يُفْعَلُ الْآنَ مِنْ جَهَلَةِ النَّاسِ كَذَا بِهَامِشٍ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ كَمَا يَقَعُ الْآنَ مِمَّنْ يُرِيدُ أَنْ يُنَادِيَ إنْسَانًا بَعِيدًا عَنْهُ، وَنُقِلَ فِي الدَّرْسِ عَنْ م ر - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا يُوَافِقُ ذَلِكَ. وَفِي فَتَاوَى م ر سُئِلَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ إنَّ التَّصْفِيقَ بِالْيَدِ لِلرِّجَالِ لِلَّهْوِ حَرَامٌ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالنِّسَاءِ هَلْ هُوَ مُسَلَّمٌ أَمْ لَا، وَهَلْ الْحُرْمَةُ مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا قُصِدَ التَّشَبُّهُ أَوْ يُقَالُ مَا اخْتَصَّ بِهِ النِّسَاءُ يَحْرُمُ عَلَى الرِّجَالِ فِعْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ التَّشَبُّهُ بِالنِّسَاءِ. فَأَجَابَ هُوَ مُسَلَّمٌ حَيْثُ كَانَ لِلَّهْوِ، وَإِنْ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ التَّشَبُّهُ بِالنِّسَاءِ. وَسُئِلَ عَنْ التَّصْفِيقِ خَارِجَ الصَّلَاةِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ هَلْ هُوَ حَرَامٌ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ إنْ قَصَدَ الرَّجُلُ بِذَلِكَ التَّشَبُّهَ بِالنِّسَاءِ حَرُمَ، وَإِلَّا كُرِهَ. اهـ. وَعِبَارَةُ حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَيُكْرَهُ عَلَى الْأَصَحِّ الضَّرْبُ بِالْقَضِيبِ عَلَى الْوَسَائِدِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ حِلُّ ضَرْبِ إحْدَى الرَّاحَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى وَلَوْ بِقَصْدِ اللَّعِبِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَوْعُ طَرِبٍ، ثُمَّ رَأَيْت الْمَاوَرْدِيَّ وَالشَّاشِيَّ وَصَاحِبَيْ الِاسْتِقْصَاءِ وَالْكَافِي أَلْحَقُوهُ بِمَا قَبْلَهُ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْته وَأَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ خِلَافُ الْقَضِيبِ، وَالْأَصَحُّ مِنْهُ الْحِلُّ فَيَكُونُ هَذَا كَذَلِكَ اهـ. وَرَأَيْت بِهَامِشِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ مَا نَصُّهُ: وَأَفْتَى شَيْخُنَا ابْنُ الرَّمْلِيِّ بِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ حَيْثُ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ اهـ. أَقُولُ: وَقَوْلُهُ فِي صَدْرِ هَذِهِ الْقَوْلَةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ظَاهِرُهُ، وَإِنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ لِتَحْسِينِ صِنَاعَةٍ مِنْ إنْشَادٍ وَنَحْوِهِ وَمِنْهُ مَا يَفْعَلُهُ النِّسَاءُ عِنْدَ مُلَاعَبَةِ أَوْلَادِهِنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَإِنَّهُ إذَا سَبَّحَ اُلْتُفِتَ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ» فَلَوْ صَفَّقَ هُوَ وَسَبَّحَتْ هِيَ فَخِلَافُ السُّنَّةِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ بِحَضْرَةِ النِّسَاءِ أَوْ فِي الْخَلْوَةِ أَوْ بِحَضْرَةِ الْمَحَارِمِ أَوْ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ فَتُصَفِّقُ؛ لِأَنَّهُ وَظِيفَتُهَا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ، خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ فِي حَالَةِ خُلُوِّهَا عَنْ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ، وَمَا لَوْ كَثُرَ مِنْهَا وَتَوَالَى وَزَادَ عَلَى الثَّلَاثِ عِنْدَ حَاجَتِهَا فَلَا تَبْطُلُ بِهِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ دَفْعِ الْمَارِّ، وَإِنْقَاذِ نَحْوِ الْغَرِيقِ بِأَنَّ الْفِعْلَ فِيهَا خَفِيفٌ، فَأَشْبَهَ تَحْرِيكَ الْأَصَابِعِ فِي سُبْحَةٍ أَوْ حَكٍّ إنْ كَانَتْ كَفُّهُ قَارَّةً كَمَا سَيَأْتِي، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ قَارَّةٌ أَشْبَهَ تَحْرِيكَهَا لِلْجَرَبِ بِخِلَافِهِ فِي ذَيْنِك، وَقَدْ «أَكْثَرَ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - التَّصْفِيقَ حِينَ جَاءَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُصَلِّي بِهِمْ وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْإِعَادَةِ» . وَقَوْلُ الْجِيلِيِّ يُعْتَبَرُ فِي التَّصْفِيقِ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى مَرَّتَيْنِ إنْ حُمِلَ عَلَى مَا إذَا حَصَلَ بِهِمَا الْإِعْلَامُ فَظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَهُوَ ضَعِيفٌ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمُلَقِّنِ: لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ، ثُمَّ التَّنْبِيهُ فِيمَا ذُكِرَ مَنْدُوبٌ لِمَنْدُوبٍ، كَتَنْبِيهِ الْإِمَامِ عَلَى سَهْوِهِ، وَمُبَاحٌ لِمُبَاحٍ كَإِذْنِهِ لِدَاخِلٍ، وَوَاجِبٌ لِوَاجِبٍ كَإِنْذَارِهِ أَعْمَى إنْ تَعَيَّنَ، وَأَشَارَ بِالْأَمْثِلَةِ الثَّلَاثَةِ إلَى أَحْكَامِهِ الْمَذْكُورَةِ. (وَلَوْ) (فَعَلَ فِي صَلَاتِهِ غَيْرَهَا) أَيْ غَيْرَ أَفْعَالِهَا (إنْ كَانَ) الْمَفْعُولُ (مِنْ جِنْسِهَا) أَيْ جِنْسِ أَفْعَالِهَا كَزِيَادَةِ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ لِغَيْرِ مُتَابَعَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ لِتَلَاعُبِهِ. نَعَمْ لَا يَضُرُّ تَعَمُّدُ جُلُوسِهِ قَلِيلًا بِأَنْ جَلَسَ مِنْ اعْتِدَالِهِ قَدْرَ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ الْمَطْلُوبَةِ بِالْأَصَالَةِ ثُمَّ سَجَدَ، أَوْ جَلَسَ مِنْ سُجُودِ التِّلَاوَةِ لِلِاسْتِرَاحَةِ قَبْلَ قِيَامِهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْجِلْسَةَ عُهِدَتْ فِي الصَّلَاةِ غَيْرَ رُكْنٍ، بِخِلَافِ نَحْوِ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ فِيهَا إلَّا رُكْنًا فَكَانَ تَأْثِيرُهُ فِي نَظْمِهَا أَشَدَّ. وَلَوْ انْتَهَى مِنْ قِيَامِهِ إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ لِقَتْلِ نَحْوِ حَيَّةٍ لَمْ يَضُرَّ كَمَا قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ، وَلَا فِعْلِهِ الْكَثِيرِ لَوْ صَالَتْ عَلَيْهِ وَتَوَقَّفَ دَفْعُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَإِنَّهُ إذَا سَبَّحَ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ فَلْيُسَبِّحْ، وَإِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ (قَوْلُهُ: فَخِلَافُ السُّنَّةِ) أَيْ وَلَيْسَ مَكْرُوهًا (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ كَثُرَ مِنْهَا) وَكَذَا مِنْ الرَّجُلِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ اسْتِدْلَالُهُ الْآتِي اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَقَدْ أَكْثَرَ الصَّحَابَةُ (قَوْلُهُ: وَزَادَ عَلَى الثَّلَاثِ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَ بِضَرْبِ بَطْنٍ عَلَى بَطْنٍ لَكِنْ فِي سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: بَقِيَ مَا لَوْ ضَرَبَ بَطْنًا عَلَى بَطْنٍ لَا بِقَصْدِ خِلَافٍ لَكِنَّهُ كَثُرَ وَتَوَالَى فَيَحْتَمِلُ الْبُطْلَانَ أَنَّهُ فِعْلٌ كَثِيرٌ غَيْرُ مَطْلُوبٍ وَيَحْتَمِلُ عَدَمَهُ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ الْمَطْلُوبِ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْفِعْلَ فِيهَا) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ التَّصْفِيقِ (قَوْلُهُ: فِي سُبْحَةٍ) عِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: وَالسُّبْحَةُ جَمْعُهَا سُبَحٍ كَغُرْفَةٍ وَغُرَفٍ (قَوْلُهُ: يُعْتَبَرُ فِي التَّصْفِيقِ) عِبَارَةُ الْمُنَاوِيِّ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ لِلْجَامِعِ الصَّغِيرِ عِنْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ» نَصُّهَا: وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ بَدَلُ التَّصْفِيقِ التَّصْفِيحُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: بِالْحَاءِ وَبِالْقَافِ فِي آخِرِهِ سَوَاءٌ، يُقَالُ صَفَّقَ بِيَدِهِ وَصَفَّحَ إذَا ضَرَبَ بِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، وَقِيلَ بِالْحَاءِ الضَّرْبُ بِظَاهِرِ إحْدَاهُمَا عَلَى بَاطِنِ الْأُخْرَى، وَقِيلَ بَلْ بِأُصْبُعَيْنِ مِنْ إحْدَاهُمَا عَلَى صَفْحَةِ الْأُخْرَى لِلْإِنْذَارِ وَالتَّنْبِيهِ وَبِالْقَافِ الضَّرْبُ بِجَمِيعِ إحْدَى الصَّفْحَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى لِلَّهْوِ وَاللَّعِبِ. اهـ. وَعَلَيْهِ فَلَا دَلِيلَ فِي الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُمْ لَمْ يَكُنْ لِلَّهْوِ وَاللَّعِبِ (قَوْلُهُ: فَظَاهِرٌ) قَدْ يُشْكِلُ بِأَنَّ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ سُنَّةٌ فَلَا دَخْلَ لَهُمَا فِي الْإِبْطَالِ، وَالثَّالِثَةَ فِعْلَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ لَا تَضُرُّ، فَالْقِيَاسُ أَنَّهَا لَا تُبْطِلُ إلَّا بِثَلَاثٍ بَعْدَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: إنْ تَعَيَّنَ) أَيْ وَحَرَامٌ لِحَرَامٍ كَالتَّنْبِيهِ لِشَخْصٍ يُرِيدُ قَتْلَ غَيْرِهِ عُدْوَانًا، وَمَكْرُوهٌ لِمَكْرُوهٍ كَالتَّنْبِيهِ لِلنَّظَرِ لِمَكْرُوهٍ. (قَوْلُهُ: كَزِيَادَةِ رُكُوعٍ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ انْحَنَى إلَى حَدٍّ لَا تُجْزِئُهُ فِيهِ الْقِرَاءَةُ بِأَنْ صَارَ إلَى الرُّكُوعِ أَقْرَبَ مِنْهُ لِلْقِيَامِ عَدَمُ الْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى رُكُوعًا وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَأَنَّهُ مَتَى انْحَنَى حَتَّى خَرَجَ مِنْ حَدِّ الْقِيَامِ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ لَمْ يَصِلْ إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ لِتَلَاعُبِهِ، وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي السُّجُودِ (قَوْلُهُ: مِنْ اعْتِدَالِهِ) أَيْ أَوْ عَقِبَ سَلَامِ إمَامٍ فِي غَيْرِ مَحَلِّ جُلُوسِهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: الْمَطْلُوبَةِ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: تَقَدَّمَ آخِرَ الْبَابِ السَّابِقِ عَنْ م ر أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْبُطْلَانُ بِزِيَادَةِ هَذَا الْجُلُوسِ عَلَى قَدْرِ طُمَأْنِينَةِ الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ انْتَهَى مِنْ قِيَامِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[لا تجب إجابة الأبوين في الصلاة]

عَلَيْهِ، وَلَا قَتْلِهِ لِنَحْوِ قَمْلَةٍ لَمْ يَحْمِلْ جِلْدَهَا، وَلَا مَسَّهُ، وَهِيَ مَيِّتَةٌ، وَإِنْ أَصَابَهُ قَلِيلٌ مِنْ دَمِهَا. وَيَخْرُجُ مِنْ كَلَامِهِ مَسْأَلَةٌ حَسَنَةٌ، وَهِيَ: مَسْبُوقُ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى مِنْ صُلْبِ صَلَاتِهِ فَسَجَدَ مَعَهُ ثُمَّ رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ فَأَحْدَثَ وَانْصَرَفَ، قَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنُ كَجٍّ: عَلَى الْمَسْبُوقِ أَنْ يَأْتِيَ بِالسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ فِي حُكْمِ مَنْ لَزِمَهُ السَّجْدَتَانِ. وَنُقِلَ عَنْ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ عَنْ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ؛ لِأَنَّهُ بِحَدَثِ الْإِمَامِ انْفَرَدَ، فَهِيَ زِيَادَةٌ مَحْضَةٌ بِغَيْرِ مُتَابَعَةٍ، فَكَانَتْ مُبْطِلَةً. اهـ. وَالثَّانِي أَصَحُّ وَخَرَجَ بِفِعْلِ زِيَادَةِ رُكْنٍ قَوْلِيٍّ غَيْرُ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامُ (إلَّا أَنْ يَنْسَى) ؛ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا وَلَمْ يُعِدْ صَلَاتَهُ بَلْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ» ، وَلَوْ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ فِي صَلَاتِهِ فَهَوَى لِلسُّجُودِ فَلَمَّا وَصَلَ لِحَدِّ الرُّكُوعِ بَدَا لَهُ تَرْكُهُ جَازَ كَقِرَاءَةِ بَعْضِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ. وَلَوْ سَجَدَ عَلَى خَشِنٍ فَرَفَعَ رَأْسَهُ خَوْفًا مِنْ جَرْحِ جَبْهَتِهِ ثُمَّ سَجَدَ ثَانِيًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ كَانَ قَدْ تَحَامَلَ عَلَى الْخَشِنِ بِثِقَلِ رَأْسِهِ فِي أَقْرَبِ احْتِمَالَيْنِ حَكَاهُمَا الْقَاضِي الْحُسَيْنُ. ثَانِيهِمَا تَبْطُلُ مُطْلَقًا، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ سَجَدَ عَلَى شَيْءٍ فَانْتَقَلَ عَنْهُ لِغَيْرِهِ بَعْدَ تَحَامُلِهِ عَلَيْهِ وَرَفَعَ رَأْسَهُ عَنْهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ فَعَلَ قَبْلَ سُجُودٍ مَحْسُوبٍ لَهُ كَأَنْ سَجَدَ عَلَى نَحْوِ يَدِهِ ثُمَّ رَفَعَهَا وَسَجَدَ عَلَى الْأَرْضِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ أَفْعَالِهَا كَضَرْبٍ وَمَشْيٍ (فَتَبْطُلُ) صَلَاتُهُ (بِكَثِيرِهِ) فِي غَيْرِ نَفْلِ السَّفَرِ وَشِدَّةِ الْخَوْفِ؛ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ نَظْمَهَا، وَلَا تَدْعُو الْحَاجَةُ لَهُ غَالِبًا (لَا قَلِيلُهُ) إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ لَعِبًا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَعَلَ الْقَلِيلَ وَأَذِنَ فِيهِ، فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ وَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ، وَغَمَزَ رِجْلَ عَائِشَةَ فِي السُّجُودِ، وَأَشَارَ بِرَدِّ السَّلَامِ، وَأَمَرَ بِقَتْلِ الْأَسْوَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ، وَأَمَرَ بِدَفْعِ الْمَارِّ وَأَذِنَ فِي تَسْوِيَةِ الْحَصَى، وَلِأَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فِي هَوِيِّهِ مِنْ قِيَامِهِ، وَقَوْلُهُ لَمْ يَضُرَّ: أَيْ وَقَدْ عَادَ مِنْ هَوِيِّهِ إلَى الْقِيَامِ لِيَرْكَعَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَا مَسُّهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ يَضُرُّ الْحَمْلُ وَالْمَسُّ، وَإِنْ قَصُرَ الزَّمَنُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ تَعَمُّدَ مُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ مُضِرٌّ، وَإِنْ قَصُرَ، وَلَكِنْ اعْتَبَرَ سم فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى حَجّ الطُّولَ. (قَوْلُهُ: وَيَخْرُجُ مِنْ كَلَامِهِ) أَيْ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَنْسَى) وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ سَمِعَ الْمَأْمُومُ، وَهُوَ قَائِمٌ تَكْبِيرًا فَظَنَّ أَنَّهُ إمَامُهُ فَرَفَعَ يَدَيْهِ لِلْهَوِيِّ وَحَرَّكَ رَأْسَهُ لِلرُّكُوعِ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ الصَّوَابُ فَكَفَّ عَنْ الرُّكُوعِ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي حُكْمِ النِّسْيَانِ، وَبِذَلِكَ يَسْقُطُ مَا نَظَرَ بِهِ سم فِيهِ فِي حَوَاشِي الْبَهْجَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ تَعَدَّدَتْ الْأَئِمَّةُ بِالْمَسْجِدِ فَسَمِعَ الْمَأْمُومُ تَكْبِيرًا فَظَنَّهُ تَكْبِيرَ إمَامِهِ فَتَابَعَهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ خِلَافُهُ فَيَرْجِعُ إلَى إمَامِهِ وَلَا يَضُرُّهُ مَا فَعَلَهُ لِلْمُتَابَعَةِ لِعُذْرِهِ فِيهِ، وَإِنْ كَثُرَ (قَوْلُهُ: جَازَ) أَيْ وَعَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ لِلْقِيَامِ ثُمَّ يَرْكَعَ ثَانِيًا، وَلَا يَقُومُ مَا أَتَى بِهِ عَنْ هَوِيِّ الرُّكُوعِ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي مَبْحَثِ التَّرْتِيبِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَسِيَ الرُّكُوعَ فَهَوَى لِلسُّجُودِ ثُمَّ تَذَكَّرَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِهَوِيِّهِ وَعَلَيْهِ الْعَوْدُ لِلْقِيَامِ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ قَدْ تَحَامَلَ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ فَعَلَ قَبْلَ سُجُودٍ مَحْسُوبٍ لَهُ خِلَافُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ تُمْكِنْهُ الطُّمَأْنِينَةُ بِمَحَلِّهِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ فَعَلَ) أَيْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَسَجَدَ عَلَى الْأَرْضِ) أَيْ فَلَا تَبْطُلُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ ابْتِدَاءً هَذَا الْفِعْلَ، فَإِنْ قَصَدَهُ بَطَلَتْ لِتَلَاعُبِهِ بِمُجَرَّدِ شُرُوعِهِ فِي الْهَوِيِّ (قَوْلُهُ: وَأَمَرَ بِقَتْلِ الْأَسْوَدَيْنِ) أَيْ كَأَنْ قَالَ خَارِجَ الصَّلَاةِ اُقْتُلُوا الْأَسْوَدَيْنِ فِي صَلَاتِكُمْ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ، وَهُوَ يُصَلِّي (قَوْلُهُ: فِي تَسْوِيَةِ الْحَصَى) هُوَ بِالْقَصْرِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْمَأْذُونَ فِيهِ مُجَرَّدُ التَّسْوِيَةِ دُونَ الْمَسْحِ وَلَوْ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَسَيَأْتِي مَا يُفِيدُ أَنَّ كَرَاهَةَ مَسْحِ الْحَصَى مَخْصُوصَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [لَا تَجِبُ إجَابَةُ الْأَبَوَيْنِ فِي الصَّلَاةِ] (قَوْلُهُ: قَلِيلٌ مِنْ دَمِهَا) يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مِنْ بَيَانِيَّةً لَا تَبْعِيضِيَّةً إذْ دَمُهَا كُلُّهُ قَلِيلٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَيَخْرُجُ مِنْ كَلَامِهِ) أَيْ عَنْهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْهُ (قَوْلُهُ: جَازَ) أَيْ فَيَعُودُ لِلْقِيَامِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ جَعْلُهُ عَنْ الرُّكُوعِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ قَدْ تَحَامَلَ)

الْمُصَلِّيَ يَعْسُرُ عَلَيْهِ السُّكُونُ عَلَى هَيْئَةٍ وَاحِدَةٍ فِي زَمَانٍ طَوِيلٍ، وَلَا بُدَّ مِنْ رِعَايَةِ التَّعْظِيمِ فَعُفِيَ عَنْ الْقَلِيلِ الَّذِي لَا يُخِلُّ بِهِ دُونَ الْكَثِيرِ (وَالْكَثْرَةُ) وَالْقِلَّةُ (بِالْعُرْفِ) فَمَا يَعُدُّهُ لِلنَّاسِ قَلِيلًا كَنَزْعِ خُفٍّ وَلُبْسِ ثَوْبٍ فَغَيْرُ ضَارٍّ وَيَحْرُمُ إلْقَاءُ نَحْوِ قَمْلَةٍ فِي الْمَسْجِدِ، وَإِنْ كَانَتْ حَيَّةً وَلَا يَحْرُمُ إلْقَاؤُهَا خَارِجَهُ (فَالْخُطْوَتَانِ) ، وَإِنْ اتَّسَعَتَا حَيْثُ لَا وَثْبَةَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِلْإِمَامِ (أَوْ الضَّرْبَتَانِ قَلِيلٌ) لِمَا مَرَّ (وَالثَّلَاثُ كَثِيرٌ) مِنْ ذَلِكَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ (إنْ تَوَالَتْ) ، وَإِنْ كَانَتْ بِقَدْرِ خُطْوَةٍ وَاحِدَةٍ مُغْتَفَرَةً، وَاضْطَرَبَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي تَعْرِيفِ الْخُطْوَةِ، وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهَا عِبَارَةٌ عَنْ نَقْلِ رِجْلٍ وَاحِدَةٍ إلَى أَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ، فَإِنْ نَقَلَ الْأُخْرَى عُدَّتْ ثَانِيَةً سَوَاءٌ أَسَاوَى بِهَا الْأُولَى أَمْ قَدَّمَهَا عَلَيْهَا أَمْ أَخَّرَهَا عَنْهَا، إذْ الْمُعْتَبَرُ تَعَدُّدُ الْفِعْلِ، وَخَرَجَ بِأَنْ تَوَالَتْ مَا لَوْ تَفَرَّقَتْ بِحَيْثُ تُعَدُّ الثَّانِيَةُ مَثَلًا مُنْقَطِعَةً عَنْ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةُ مُنْقَطِعَةً عَنْ الثَّالِثَةِ فَلَا يَضُرُّ، وَلَوْ فَعَلَ وَاحِدَةً نَاوِيًا الثَّلَاثَ الْمُتَوَالِيَةَ بَطَلَتْ كَمَا قَالَهُ الْعِمْرَانِيُّ، وَقِيَاسُهُ الْبُطْلَانُ بِحَرْفٍ وَاحِدٍ إذَا أَتَى بِهِ عَلَى قَصْدِ إتْيَانِهِ بِحَرْفَيْنِ، وَلَوْ شَكَّ فِي كَثْرَةِ فِعْلِهِ لَمْ تَبْطُلْ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُهُ. (وَتَبْطُلُ) (بِالْوَثْبَةِ الْفَاحِشَةِ) هُوَ بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ إذْ الْوَثْبَةُ لَا تَكُونُ إلَّا فَاحِشَةً لِمُنَافَاتِهَا الصَّلَاةَ، وَيَلْحَقُ بِهَا مَا فِي مَعْنَاهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSبِكَوْنِهِ فِي الصَّلَاةِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ إلْقَاءُ نَحْوِ قَمْلَةٍ فِي الْمَسْجِدِ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَ تُرَابِيًّا وَمِنْ النَّحْوِ الْبُرْغُوثُ وَالْبَقُّ، وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ مَنْشَؤُهُ مِنْ الْمَسْجِدِ فَيَحْرُمُ عَلَى مَنْ وَصَلَ إلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ هَوَامِّ الْمَسْجِدِ إعَادَتُهُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ حَيَّةً) أَيْ؛ لِأَنَّهَا إمَّا أَنْ تَمُوتَ فِيهِ أَوْ تُؤْذِي مَنْ بِهِ، بِخِلَافِ إلْقَائِهَا خَارِجَهُ بِلَا أَذًى لِغَيْرِهَا، وَمِثْلُ إلْقَائِهَا مَا لَوْ وَضَعَهَا فِي نَعْلِهِ مَثَلًا وَقَدْ عَلِمَ خُرُوجَهَا مِنْهُ إلَى الْمَسْجِدِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْرُمُ إلْقَاؤُهَا) عِبَارَةُ حَجّ: وَأَمَّا إلْقَاؤُهَا أَوْ دَفْنُهَا فِيهِ حَيَّةً فَظَاهِرُ فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ حِلُّهُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا جَاءَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَمُجَاهِدٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتْفُلُونَ فِي الْمَسْجِدِ وَيَدْفِنُونَ الْقَمْلَ فِي حَصَاهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْجَوَاهِرِ تَحْرِيمُهُ، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ يُونُسَ، وَيُؤَيِّدُهُ الْخَبَرُ الصَّحِيحُ «إذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ الْقَمْلَةَ فِي الْمَسْجِدِ فَلْيَصُرَّهَا فِي ثَوْبِهِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ» وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ مَدْرَكًا؛ لِأَنَّ مَوْتَهَا فِيهِ، وَإِيذَاءَهَا غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ بَلْ وَلَا غَالِبٍ، وَلَا يُقَالُ رَمْيُهَا فِيهِ تَعْذِيبٌ لَهَا؛ لِأَنَّهَا تَعِيشُ بِالتُّرَابِ، مَعَ أَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً كَدَفْنِهَا، وَهُوَ الْأَمْنُ مِنْ تَوَقُّعِ إيذَائِهَا لَوْ تُرِكَتْ بِلَا رَمْيٍ أَوْ بِلَا دَفْنٍ. اهـ (قَوْلُهُ: وَاضْطَرَبَ الْمُتَأَخِّرُونَ إلَخْ) عِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: قَالَ فِي الْعُبَابِ: ثُمَّ إمْرَارُ الْيَدِ وَرَدُّهَا بِالْحَكِّ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَكَذَا رَفْعُهَا عَنْ صَدْرِهِ وَوَضْعُهَا عَلَى مَوْضِعِ الْحَكِّ. اهـ. ثُمَّ قَالَ: وَالْفَرْقُ أَنَّ شَأْنَ الرِّجْلِ إذَا وُضِعَتْ أَنْ تَبْقَى بِخِلَافِ الْيَدِ، قَالَ م ر وَقَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقِ أَنَّ رَفْعَ الرِّجْلِ عَنْ الْأَرْضِ ثُمَّ وَضْعَهَا عَلَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَا مَانِعَ. (قَوْلُهُ: وَتَبْطُلُ بِالْوَثْبَةِ الْفَاحِشَةِ) أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِأَنَّ حَرَكَةَ جَمِيعِ الْبَدَنِ كَالْوَثْبَةِ الْفَاحِشَةِ فَتَبْطُلُ بِهَا اهـ سم عَلَى حَجّ. وَلَيْسَ مِنْ حَرَكَةِ جَمِيعِ الْبَدَنِ مَا لَوْ مَشَى خُطْوَتَيْنِ. اهـ. قَالَ م ر فِي فَتَاوِيهِ مَا حَاصِلُهُ: وَلَيْسَ مِنْ الْوَثْبَةِ مَا لَوْ حَمَلَهُ إنْسَانٌ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِذَلِكَ. اهـ. وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ طَالَ حَمْلُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ اسْتَمَرَّتْ الشُّرُوطُ مَوْجُودَةً مِنْ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَيْسَ مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ تَعَلَّقَ بِحَبْلٍ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِذَلِكَ، أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ مَسْأَلَةَ التَّعَلُّقِ إنَّمَا ذَكَرُوهَا فِيمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ عِوَضًا عَنْ الْقِيَامِ عَلَى قَدَمَيْهِ، وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ تَعَلُّقَهُ يُنْسَبُ إلَيْهِ فَهُوَ مِنْ فِعْلِهِ. [فَرْعٌ] فَعَلَ مُبْطِلًا كَوَثْبَةٍ قَبْلَ تَمَامِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ يَنْبَغِي الْبُطْلَانُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ بِتَمَامِ التَّكْبِيرَةِ يَتَبَيَّنُ دُخُولُ الصَّلَاةِ مِنْ أَوَّلِ التَّكْبِيرِ وِفَاقًا لَمْ ر، وَخِلَافًا لِمَا رَأَيْت فِي فَتْوَى عَنْ الْخَطِيبِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَجُوزَ كَشْفُ عَوْرَتِهِ فِي أَثْنَاءِ التَّكْبِيرَةِ، وَأَنْ يَجُوزَ مُصَاحَبَةُ النَّجَاسَةِ فِي أَثْنَائِهَا. وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الضَّرَرُ، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَزَعًا مِنْ حَيَّةٍ مَثَلًا، وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ، وَأَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِهَا صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ فِيهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَاطْمَأَنَّ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: فَالْخُطْوَتَانِ أَوْ الضَّرْبَتَانِ) أَيْ أَوْ نَحْوُهُمَا وَإِنْ أَوْهَمَ صَنِيعُ الشَّارِحِ خِلَافَهُ

[بطلان الصلاة بالوثبة الفاحشة]

كَالضَّرْبَةِ الْمُفْرِطَةِ (لَا) الْفِعْلِ الْمُلْحَقِ بِالْقَلِيلِ نَحْوَ (الْحَرَكَاتِ الْخَفِيفَةِ الْمُتَوَالِيَةِ كَتَحْرِيكِ أَصَابِعِهِ فِي) نَحْوِ (سُبْحَةٍ أَوْ حَكٍّ فِي الْأَصَحِّ) مَعَ قَرَارِ كَفِّهِ وَنَحْوِ حَلٍّ وَعَقْدٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِغَرَضٍ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ لِمَا مَرَّ، وَلَا تَبْطُلُ أَيْضًا بِتَحْرِيكِ جُفُونِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ، وَلَا بِإِخْرَاجِ لِسَانِهِ كَذَلِكَ، خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ خَفِيفٌ. وَلَوْ نَهَقَ نَهِيقَ الْحِمَارِ أَوْ صَهَلَ كَالْفَرَسِ أَوْ حَاكَى شَيْئًا مِنْ الْحَيَوَانِ مِنْ الطَّيْرِ وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْ ذَلِكَ حَرْفٌ مُفْهَمٌ أَوْ حَرْفَانِ لَمْ تَبْطُلْ، وَإِلَّا بَطَلَتْ، أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرُهُ، وَمَحَلُّ جَمِيعِ ذَلِكَ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِمَا فَعَلَهُ لَعِبًا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ، وَخَرَجَ بِالْأَصَابِعِ تَحْرِيكُ الْيَدِ فَيُبْطِلُهَا إنْ كَانَ ثَلَاثًا مُتَوَالِيًا إلَّا أَنْ يَكُونَ بِهِ جَرَبٌ لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى عَدَمِ الْحَكِّ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ اُبْتُلِيَ بِحَرَكَةٍ اضْطِرَارِيَّةٍ يَنْشَأُ عَنْهَا عَمَلٌ كَثِيرٌ سُومِحَ بِهِ، وَذَهَابُ الْيَدِ وَعَوْدُهَا: أَيْ عَلَى التَّوَالِي مَرَّةً وَاحِدَةً فِيمَا يَظْهَرُ، وَكَذَا رَفْعُهَا ثُمَّ وَضْعُهَا عَلَى مَحَلِّ الْحَكِّ، وَالْأَوْلَى فِي حَقِّهِ التَّحَرُّزُ عَنْ الْأَفْعَالِ الْقَلِيلَةِ الْمُتَوَالِيَةِ، وَيُسْتَحَبُّ الْفِعْلُ الْقَلِيلُ لِقَتْلِ نَحْوِ عَقْرَبٍ، وَيُكْرَهُ لِغَيْرِ ذَلِكَ؛ وَلَوْ فَتَحَ كِتَابًا وَفَهِمَ مَا فِيهِ أَوْ قَرَأَ فِي مُصْحَفٍ، وَإِنْ قَلَّبَ أَوْرَاقَهُ أَحْيَانَا لَمْ تَبْطُلْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَسِيرٌ وَغَيْرُ مُتَوَالٍ وَلَا يُشْعِرُ بِالْإِعْرَاضِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا أَفْعَالٌ كَثِيرَةٌ مُتَوَالِيَةٌ فَأَشْبَهَتْ الْخُطُوَاتِ. (وَسَهْوُ الْفِعْلِ) الْمُبْطِلُ (كَعَمْدِهِ) فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِهِ (فِي الْأَصَحِّ) فَيَبْطُلُ كَثِيرُهُ وَفَاحِشُهُ لِنُدُورِهِ فِيهَا وَلِقَطْعِهِ نَظْمَهَا بِخِلَافِ الْقَوْلِ، وَلِهَذَا فَرَّقَ بَيْنَ عَمْدِهِ وَسَهْوِهِ وَمَشْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ يُحْتَمَلُ التَّوَالِي وَعَدَمُهُ فَهِيَ وَاقِعَةُ حَالٍ فِعْلِيَّةٍ. وَالثَّانِي وَاخْتَارَهُ فِي التَّحْقِيقِ أَنَّهُ كَعَمْدِ قَلِيلِهِ، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بِتَحْرِيكِ جُفُونِهِ) وَكَذَا الْآذَانُ إنْ تُصَوِّرَ. قَالَ م ر: وَلَا يَضُرُّ تَحْرِيكُ الذِّكْرِ، وَإِنْ كَثُرَ مُتَوَالِيًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: مِنْ الطَّيْرِ) حَالٌ مِنْ الْحَيَوَانِ (قَوْلُهُ: أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ) لَا يَخْفَى إشْكَالُ مَا أَفْتَى بِهِ بِالنِّسْبَةِ لِصَوْتٍ طَالَ وَاشْتَدَّ ارْتِفَاعُهُ وَاعْوِجَاجُهُ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ الْبُطْلَانَ حِينَئِذٍ. اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ بِهِ جَرَبٌ) قَدْ يُشْكِلُ هَذَا الْمَفْرُوضُ مَعَ الْكَثْرَةِ وَالتَّوَالِي بِالْبُطْلَانِ فِي سُعَالِ الْمَغْلُوبِ إذَا كَثُرَ وَتَوَالَى كَمَا تَقَدَّمَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ الْفِعْلُ أَوْسَعُ مِنْ اللَّفْظِ، أَوْ يُقَالَ إنَّمَا نَظِيرُ مَا هُنَا الْمُبْتَلَى بِالسُّعَالِ الْمَارُّ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُهُ، وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ اسْتِوَاءَ مَا هُنَا وَمَا هُنَاكَ فِي أَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ حَالٌ يَخْلُو مِنْهَا عَنْ ذَلِكَ مُدَّةً تَسَعُ الصَّلَاةَ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ أَنَّهُ يَنْبَغِي وُجُوبُ انْتِظَارِهَا. اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُهُ: اسْتِوَاءَ مَا هُنَا وَمَا هُنَاكَ: أَيْ بِأَنْ يُحْمَلَ هَذَا عَلَى مَا إذَا صَارَ عِلَّةً مُزْمِنَةً وَذَاكَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَصْرِفْهُمَا سَوَاءٌ. اهـ سم عَلَى الْعُبَابِ (قَوْلُهُ: سُومِحَ بِهِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَخْلُ مِنْهُ زَمَنًا يَسَعُ الصَّلَاةَ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي السُّعَالِ (قَوْلُهُ: التَّحَرُّزُ عَنْ الْأَفْعَالِ الْقَلِيلَةِ) وَكَذَا الْكَثِيرَةِ الْمُتَوَالِيَةِ إذَا كَانَتْ خَفِيفَةً. وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ نَصُّهَا: قَوْلُهُ: نَحْوَ الْحَرَكَاتِ إلَخْ، قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ: أَيْ تَرْكُ مَا ذُكِرَ مِنْ الْفِعْلَاتِ الْخَفِيفَةِ، قَالَ فِي شَرْحِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَا يُقَالُ مَكْرُوهٌ لَكِنْ جَزَمَ فِي التَّحْقِيقِ بِكَرَاهَتِهِ، وَهُوَ غَرِيبٌ. اهـ. أَقُولُ: لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ غَرِيبٌ نَقْلًا، وَإِلَّا فَالْكَرَاهَةُ فِيهِ هِيَ الْقِيَاسُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ. (قَوْلُهُ: فِعْلِيَّةٌ) أَيْ وَالِاحْتِمَالُ يُبْطِلُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بُطْلَانُ الصَّلَاة بِالْوَثْبَةِ الْفَاحِشَةِ] قَوْلُهُ: يُحْتَمَلُ التَّوَالِي وَعَدَمُهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ التَّوَالِيَ مُبْطِلٌ فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ، وَهُوَ خِلَافُ صَرِيحِ كَلَامِهِمْ، فَإِنَّهُمْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ مَنْ تَيَقَّنَ بَعْدَ سَلَامِهِ تَرْكَ شَيْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ يَعُودُ إلَيْهَا وَيَفْعَلُهُ. مَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ وَإِنْ تَكَلَّمَ بَعْدَ السَّلَامِ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ أَوْ اسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ، فَقَوْلُهُمْ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ بِفِعْلٍ كَثِيرٍ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ، بَلْ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَسْجِدِ لَا يَتَأَتَّى بِدُونِ ذَلِكَ غَالِبًا، خُصُوصًا وَلَمْ يُقَيِّدُوا ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ بِقُرْبِ بَابِ الْمَسْجِدِ. وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ: وَإِنْ مَشَى قَلِيلًا. لَا يُقَالُ: الْمُرَادُ بِالْقَلِيلِ مَا لَا يَضُرُّ فِي الصَّلَاةِ كَالْخُطْوَةِ وَالْخُطْوَتَيْنِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: يُنَافِيهِ أَخْذُهُمْ لَهُ غَايَةً، إذْ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ مَا ذُكِرَ لَمْ يَحْتَجَّ لِلنَّصِّ عَلَيْهِ فَضْلًا عَنْ أَخْذِهِ غَايَةً إذْ الْغَايَةُ إنَّمَا يُؤْتَى بِهَا فِي أَمْرٍ

[بطلان الصلاة بقليل الأكل]

وَغَيْرُهُ، وَجَهْلُ التَّحْرِيمِ كَالسَّهْوِ. (وَتَبْطُلُ) (بِقَلِيلِ الْأَكْلِ) أَيْ الْمَأْكُولِ عُرْفًا، وَلَا يَتَقَيَّدُ بِنَحْوِ السِّمْسِمَةِ: أَيْ بِوُصُولِهِ إلَى جَوْفِهِ، وَإِنْ كَانَ مُكْرَهًا عَلَيْهِ لِشِدَّةِ مُنَافَاتِهِ لَهَا مَعَ نُدْرَتِهِ، وَمِثْلُهُ لَوْ وَصَلَ مُفْطِرٌ جَوْفَهُ كَبَاطِنِ أُذُنٍ، وَإِنْ قَلَّ، أَمَّا الْمَضْغُ نَفْسُهُ فَلَا تَبْطُلُ بِقَلِيلِهِ كَبَقِيَّةِ الْأَفْعَالِ (قُلْت: إلَّا أَنْ يَكُونَ نَاسِيًا) لِلصَّلَاةِ (أَوْ جَاهِلًا) تَحْرِيمَهُ وَعُذِرَ مَعَهُ فَلَا تَبْطُلُ بِقَلِيلِهِ قَطْعًا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَكَذَا لَوْ جَرَى رِيقُهُ بِبَاقِي طَعَامٍ بَيْنَ أَسْنَانِهِ وَعَجَزَ عَنْ تَمْيِيزِهِ وَمَجِّهِ كَمَا فِي الصَّوْمِ، أَوْ نَزَلَتْ نُخَامَةٌ وَلَمْ يُمْكِنْهُ إمْسَاكُهَا، بِخِلَافِ كَثِيرِهِ عُرْفًا وَلَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا، وَإِنَّمَا لَمْ يُفْطِرْ بِهِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ ذَاتُ أَفْعَالٍ مَنْظُومَةٍ، وَالْكَثِيرُ يَقْطَعُ نَظْمَهَا، وَالصَّوْمُ كَفٌّ وَلِتَلَبُّسِ الْمُصَلِّي بِهَيْئَةٍ يَبْعُدُ مَعَهَا النِّسْيَانُ بِخِلَافِ الصَّوْمِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِعْلٌ مَعَ وُصُولِ الْمُفْطِرِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (فَلَوْ) (كَانَ بِفَمِهِ سُكَّرَةٌ) فَذَابَتْ (فَبَلِعَ) بِكَسْرِ اللَّامِ وَحُكِيَ فَتْحُهَا (ذَوْبَهَا) مَعَ عَمْدِهِ وَعِلْمِهِ بِتَحْرِيمِهِ أَوْ تَقْصِيرِهِ فِي التَّعَلُّمِ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا مَرَّ، وَتَعْبِيرُهُ بِبَلَعَ الْمُشْعِرُ بِقَصْدِهِ وَتَعَمُّدِهِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِيَسُوغُ وَيَذُوبُ: أَيْ يَنْزِلُ لِجَوْفِهِ بِلَا فِعْلٍ لِإِيهَامِهِ الْبُطْلَانَ، وَلَوْ مَعَ نَحْوِ النِّسْيَانِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا تَبْطُلُ لِعَدَمِ الْمَضْغِ. (وَيُسَنُّ) (لِلْمُصَلِّي) أَنْ يَتَوَجَّهَ (إلَى جِدَارٍ أَوْ سَارِيَةٍ) أَيْ عَمُودٍ (أَوْ عَصَا مَغْرُوزَةٍ) أَوْ هُنَا لِلتَّرْتِيبِ وَفِيمَا قَبْلَهَا لِلتَّخْيِيرِ، فَيُقَدَّمُ الْجِدَارُ أَوَّلًا، وَفِي مَعْنَاهُ السَّارِيَةُ وَنَحْوُهَا ثُمَّ الْعَصَا ثُمَّ الْخَطُّ، فَلَوْ عَدَلَ إلَى مَرْتَبَةٍ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى مَا قَبْلَهَا لَمْ تَحْصُلْ سُنَّةُ الِاسْتِتَارِ، وَيَظْهَرُ أَنَّ عُسْرَ مَا قَبْلَهَا عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ عَجْزِهِ عَنْهَا (أَوْ بَسَطَ مُصَلِّي) عِنْدَ عَجْزِهِ عَمَّا قَبْلَهُ كَسَجَّادَةِ (أَوْ خَطَّ قُبَالَتَهُ) عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْمَرْتَبَةِ قَبْلَهَا وَيَكُونُ طُولًا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَيَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ بِجَعْلِهِ عَرْضًا لِخَبَرِ «اسْتَتِرُوا فِي صَلَاتِكُمْ وَلَوْ بِسَهْمٍ» وَخَبَرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: كَالسَّهْوِ) أَيْ فَتَبْطُلُ بِالْكَثِيرِ مَعَهُ فِي الْأَصَحِّ وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَ قَرِيبَ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ، وَغَيْرَ مُخَالِطٍ لِلْعُلَمَاءِ. (قَوْلُهُ: فَلَا تَبْطُلُ بِقَلِيلِهِ قَطْعًا) قِيَاسُ مَا فِي الصَّوْمِ الَّذِي تَقَدَّمَ قَرِيبًا نَقْلُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْ نَسِيَ الصَّلَاةَ إلَخْ بِنَاءً عَلَى مَا فَرَّقْنَا بِهِ ثَانِيًا مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَكَلَ هُنَا نَاسِيًا ثُمَّ تَذَكَّرَ وَظَنَّ أَنَّ صَلَاتَهُ بَطَلَتْ بِمَا فَعَلَهُ فَبَلَعَ بَقِيَّةَ الْمَأْكُولِ عَامِدًا الْبُطْلَانُ، وَمُقْتَضَى مَا فَرَّقْنَا بِهِ أَوَّلًا عَدَمُهُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: وَعَجَزَ عَنْ تَمْيِيزِهِ) أَيْ أَمَّا مُجَرَّدُ الطَّعْمِ الْبَاقِي مِنْ أَثَرِ الطَّعَامِ فَلَا أَثَرَ لَهُ لِانْتِفَاءِ وُصُولِ الْعَيْنِ إلَى جَوْفِهِ، وَلَيْسَ مِثْلُ ذَلِكَ الْأَثَرِ الْبَاقِي بَعْدَ شُرْبِ الْقَهْوَةِ مِمَّا يُغَيَّرُ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ فَيَضُرُّ ابْتِلَاعُهُ؛ لِأَنَّ تَغَيُّرَ لَوْنِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ بِهِ عَيْنًا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ بِعَدَمِ الضَّرَرِ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ اللَّوْنِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اكْتَسَبَهُ الرِّيقُ مِنْ مُجَاوَرَتِهِ لِلْأَسْوَدِ مَثَلًا. وَهَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي طَهَارَةِ الْمَاءِ إذَا تَغَيَّرَ بِمُجَاوِرٍ (قَوْلُهُ: أَوْ نَزَلَتْ نُخَامَةٌ وَلَمْ يُمْكِنْهُ إمْسَاكُهَا) أَيْ أَوْ أَمْكَنَهُ وَنَسِيَ كَوْنَهُ فِي صَلَاةٍ أَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَ ابْتِلَاعِهَا. (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ لِلْمُصَلِّي) أَيْ لِمُرِيدِ الصَّلَاةِ وَلَوْ صَلَاةَ جِنَازَةٍ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَدَّ النَّعْشُ سَاتِرًا إنْ قَرُبَ مِنْهُ، فَإِنْ بَعُدَ مِنْهُ اُعْتُبِرَ لِحُرْمَةِ الْمُرُورِ أَمَامَهُ سُتْرَةً بِالشُّرُوطِ. وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنَّ فِي مَعْنَى الصَّلَاةِ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ، وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مِثْلُ ذَلِكَ، وَأَنَّ مَرْتَبَةَ النَّعْشِ بَعْدَ الْعَصَا (قَوْلُهُ: أَوْ عَصَا) يُرْسَمُ بِالْأَلِفِ؛ لِأَنَّهُ وَاوِيٌّ. قَالَ الْفَرَّاءُ: أَوَّلُ لَحْنٍ سُمِعَ. قَالَ الْغَزِّيِّ: أَيْ بِالْعِرَاقِ هَذِهِ عَصَاتِي، وَإِنَّمَا هِيَ كَمَا قَالَ تَعَالَى عَصَايَ. اهـ عَمِيرَةُ. (قَوْلُهُ: وَنَحْوهَا) أَيْ مِمَّا لَهُ ثَبَاتٌ وَظُهُورٌ كَظُهُورِ السَّارِيَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْخَطُّ) أَيْ بَعْدَ السَّجَّادَةِ لِمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: كَسَجَّادَةِ) أَيْ بِفَتْحِ السِّينِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَالْمَحَلِّيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQمُسْتَغْرَبٍ أَوْ لِإِشَارَةٍ إلَى خِلَافٍ، وَالْقَلِيلُ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ لَا غَرَابَةَ فِيهِ إذْ لَا يَضُرُّ فِي صُلْبِ الصَّلَاةِ، وَأَيْضًا فَقَدْ قَرَنُوهُ فِي الْغَايَةِ مَعَ أُمُورٍ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهَا وَتُغْتَفَرُ فِيمَا مَرَّ وَهِيَ اسْتِدْبَارُ الْقِبْلَةِ وَالْكَلَامُ فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ [بُطْلَانُ الصَّلَاة بِقَلِيلِ الْأَكْلِ] (قَوْلُهُ: أَنْ يَتَوَجَّهَ) أَرَادَ أَنْ يُفِيدَ بِهِ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى مُفَادِ الْمَتْنِ وَهُوَ سَنُّ التَّوَجُّهِ إلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْخَطُّ) أَيْ بَعْدَ الْمُصَلِّي

«إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ أَمَامَ وَجْهِهِ شَيْئًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَنْصِبْ عَصًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَصًا فَلْيَخُطَّ خَطًّا ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ مَا مَرَّ أَمَامَهُ» وَقِيسَ بِالْخَطِّ الْمُصَلِّي، وَقُدِّمَ عَلَى الْخَطِّ؛ لِأَنَّهُ أَظْهَرُ فِي الْمُرَادِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَا اسْتَتَرَ بِهِ مِقْدَارَ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ فَأَكْثَرَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَرْضٌ كَسَهْمٍ، وَأَنْ لَا يَبْعُدَ عَنْ قَدَمَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ بِذِرَاعِ الْيَدِ، وَهَلْ تُحْسَبُ الثَّلَاثَةُ مِنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ أَوْ مِنْ الْعَقِبِ فِيهِ احْتِمَالٌ، وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ. وَيُسَنُّ لَهُ أَنْ يُمِيلَ السُّتْرَةَ عَنْ وَجْهِهِ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً وَلَا يَجْعَلُهَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَإِذَا صَلَّى إلَى سُتْرَةٍ عَلَى الْحُكْمِ الْمَارِّ سُنَّ لَهُ وَكَذَا لِغَيْرِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ تَفَقُّهًا. (دَفْعُ الْمَارِّ) بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، وَتَعْبِيرُهُمْ بِالْمُصَلِّي جَرْيٌ عَلَى الْغَالِب، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ) أَيْ فِي كَمَالِ ثَوَابِهِ (قَوْلُهُ: ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ فَأَكْثَرَ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ ارْتِفَاعُ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ قَدْرَ ذَلِكَ، وَامْتِدَادُ الْأَخِيرَيْنِ كَذَلِكَ، لَكِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ حَجّ لِقَدْرِ الْمُصَلِّي وَالْخَطِّ، بَلْ قَضِيَّةُ عِبَارَتِهِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ شَيْءٍ فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُ قَالَ: وَكَانَ ارْتِفَاعُ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ بِذَلِكَ فَأَكْثَرَ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَبْعُدَ عَنْ قَدَمَيْهِ) أَيْ رُءُوسِ أَصَابِعِهِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ) وَجَزَمَ حَجّ بِالثَّانِي، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُصَلِّي قَائِمًا. أَمَّا الْمُصَلِّي جَالِسًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ الْأَلْيَتَيْنِ، وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ مُصَرِّحَةٌ بِذَلِكَ وَبِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْمُسْتَلْقِي بِرَأْسِهِ. اهـ. وَفِيهِ وَقْفَةٌ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِيهِ بِبُطُونِ الْقَدَمَيْنِ. ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ عَبْدِ الْحَقِّ صَرَّحَ بِذَلِكَ وَبِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْجَالِسِ بِالرُّكْبَتَيْنِ. وَيَنْبَغِي أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْمُضْطَجِعِ بِالْجُزْءِ الَّذِي يَلِي الْقِبْلَةَ مِنْ مُقَدَّمِ بَدَنِهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ لَهُ جُزْءٌ مُعَيَّنٌ فَيُعْتَدُّ بِوَضْعِهَا فِي مُقَابَلَةِ أَيِّ جُزْءٍ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: يَمْنَةً) ، وَهِيَ الْأَوْلَى، لَكِنْ نُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ الْإِيعَابِ لحج أَنَّ الْأَوْلَى جَعْلُهَا يَسْرَةً، وَفِيهِ وَقْفَةٌ. وَأَقُولُ: يَنْبَغِي أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ يَمْنَةً لِشَرَفِ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَسْرَةً) أَيْ إمَالَةً قَلِيلَةً بِحَيْثُ تَسَامَتْ بَعْضُ بَدَنِهِ. اهـ حَجّ، وَلَا يُبَالِغُ فِي الْإِمَالَةِ بِحَيْثُ يَخْرُجُ بِهَا عَنْ كَوْنِهَا سُتْرَةً لَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجْعَلُهَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ) وَلَيْسَ مِنْ السُّتْرَةِ الشَّرْعِيَّةِ مَا لَوْ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَاسْتَنَدَ فِي وُقُوفِهِ إلَى جِدَارٍ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ سُتْرَةً عُرْفًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا لِغَيْرِهِ) أَيْ الَّذِي لَيْسَ فِي صَلَاةٍ. اهـ حَجّ. وَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَنْ فِي صَلَاةٍ لَا يُسَنُّ لَهُ ذَلِكَ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ الشَّارِحِ فِي كَفِّ الشَّعْرِ وَغَيْرِهِ، وَيُسَنُّ لِمَنْ رَآهُ كَذَلِكَ وَلَوْ مُصَلِّيًا آخَرَ إلَخْ خِلَافُهُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ دَفْعَ الْمَارِّ فِيهِ حَرَكَاتٌ فَرُبَّمَا يُشَوِّشُ خُشُوعَهُ، بِخِلَافِ حَلِّ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ. . (قَوْلُهُ: دَفْعُ الْمَارِّ) قَالَ م ر لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَهِيمَةِ وَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَغَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ دَفْعِ الصَّائِلِ، وَالصَّائِلُ يُدْفَعُ مُطْلَقًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: قَوْلُهُ: مُطْلَقًا: أَيْ وَلَوْ رَقِيقًا. وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ. فَرْعٌ: حَيْثُ سَاغَ الدَّفْعُ فَتَلِفَ الْمَدْفُوعُ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي يَدِهِ بِمُجَرَّدِ الدَّفْعِ، فَلَوْ تَوَقَّفَ دَفْعُهُ عَلَى دُخُولِهِ فِي يَدِهِ بِأَنْ لَمْ يَنْدَفِعْ إلَّا بِقَبْضِهِ عَلَيْهِ وَتَحْوِيلِهِ فِي مَكَان إلَى آخَرَ فَهَلْ لَهُ الدَّفْعُ، وَيَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ أَوْ لَا؟ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ حَيْثُ عُدَّ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهِ ضَمِنَهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْجَرِّ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ. اهـ. وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي الضَّمَانِ حَيْثُ عُدَّ مِنْ دَفْعِ الصَّائِلِ، فَإِنَّ دَفْعَهُ يَكُونُ بِمَا يُمْكِنُهُ، وَإِنْ أَدَّى إلَى اسْتِيلَاءٍ عَلَيْهِ حَيْثُ تَعَيَّنَ طَرِيقًا فِي الدَّفْعِ. وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْجَرِّ فَإِنَّ الْجَرَّ لِنَفْعِ الْجَارِّ لَا لِدَفْعِ ضَرَرِ الْمَجْرُورِ (قَوْلُهُ: جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ) شَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ الدَّافِعُ مُصَلِّيًا وَأَرَادَ دَفْعَ مَنْ يَمُرُّ بَيْنَ يَدِي غَيْرِهِ؛ وَمِنْهُ مَا لَوْ اقْتَدَى شَخْصٌ بِإِمَامٍ اسْتَتَرَ بِمَا لَا يَكُونُ سُتْرَةً لِلْمَأْمُومِ كَعَصَا مَغْرُوزَةٍ بَيْنَ يَدِي الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومُ لَا يُحَاذِي بَدَنَهُ شَيْءٌ مِنْهَا فَلَهُ دَفْعُ مَنْ أَرَادَ الْمُرُورَ بَيْنَ يَدِي إمَامِهِ، وَلَيْسَ لَهُ دَفْعُ مَنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ دُونَ إمَامِهِ لِكَوْنِهِ لَمْ يُصَلِّ إلَى سُتْرَةٍ، وَإِنْ كَانَ إمَامُهُ مُصَلِّيًا إلَيْهَا، وَتَقَدَّمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَالْمُرَادُ بِالْمُصَلِّي وَالْخَطِّ مِنْهُمَا أَعْلَاهُمَا، وَيَدْفَعُ بِالتَّدْرِيجِ كَالصَّائِلِ، وَإِنْ أَدَّى دَفْعُهُ إلَى قَتْلِهِ، وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَأْتِ بِأَفْعَالٍ كَثِيرَةٍ مُتَوَالِيَةٍ، وَإِلَّا بَطَلَتْ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُهُمْ وَلَا يَحِلُّ الْمَشْيُ إلَيْهِ لِدَفْعِهِ لِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ، وَإِنْ كَانَ مِنْ بَابِ النَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ؛ لِأَنَّ الْمُرُورَ مُخْتَلَفٌ فِي تَحْرِيمِهِ وَلَا يُنْكَرُ إلَّا مَا أُجْمِعَ عَلَى تَحْرِيمِهِ، وَأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ الْإِنْكَارُ حَيْثُ لَمْ يُؤَدِّ إلَى فَوَاتِ مَصْلَحَةٍ أُخْرَى، فَإِنْ أَدَّى إلَى فَوَاتِهَا أَوْ الْوُقُوعِ فِي مَفْسَدَةٍ أُخْرَى لَمْ يَجِبْ كَمَا قَرَّرُوهُ فِي مَحَلِّهِ، وَهُنَا لَوْ اشْتَغَلَ بِالدَّفْعِ لَفَاتَتْ مَصْلَحَةٌ أُخْرَى، وَهِيَ الْخُشُوعُ فِي الصَّلَاةِ وَتَرْكُ الْعَبَثِ فِيهَا، وَأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ النَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ بِالْأَسْهَلِ فَالْأَسْهَلِ، وَالْأَسْهَلُ هُوَ الْكَلَامُ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ، فَلَمَّا انْتَفَى سَقَطَ وَلَمْ يَجِبْ بِالْفِعْلِ، وَأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ إنَّمَا يَجِبُ عِنْدَ تَحَقُّقِ ارْتِكَابِ الْمَفْسَدَةِ لَا الْإِثْمِ، وَهَهُنَا لَمْ يَتَحَقَّقْ ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ سَاهِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ غَافِلًا أَوْ أَعْمَى، وَلِأَنَّ إزَالَةَ الْمُنْكَرِ إنَّمَا تَجِبُ إذَا كَانَ لَا يَزُولُ إلَّا بِالنَّهْيِ، وَالْمُنْكَرُ هُنَا يَزُولُ بِانْقِضَاءِ مُرُورِهِ (وَالصَّحِيحُ تَحْرِيمُ الْمُرُورِ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُتْرَتِهِ حِينَئِذٍ: أَيْ عِنْدَ سَنِّ دَفْعِهِ، وَهُوَ فِي صَلَاةٍ صَحِيحَةٍ فِي اعْتِقَادِ الْمُصَلِّي فِيمَا يَظْهَرُ فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا. ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنَّ حَجّ قَيَّدَ الْغَيْرَ بِغَيْرِ الْمُصَلِّي. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْمُصَلِّي وَالْخَطِّ مِنْهُمَا أَعْلَاهُمَا) أَيْ وَعَلَى هَذَا لَوْ صَلَّى عَلَى فَرْوَةٍ مَثَلًا وَكَانَ إذَا سَجَدَ يَسْجُدُ عَلَى مَا وَرَاءَهَا مِنْ الْأَرْضِ لَا يَحْرُمُ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ تَقْدِيمِ الْفَرْوَةِ الْمَذْكُورَةِ إلَى مَوْضِعِ جَبْهَتِهِ وَيَحْرُمُ الْمُرُورُ عَلَى الْفَرْوَةِ فَقَطْ، وَقَوْلُهُ أَعْلَاهُمَا كَذَا فِي الْمَحَلِّيِّ وَغَيْرِهِ، وَقَضِيَّةُ أَنَّهُ لَوْ طَالَ الْمُصَلِّي أَوْ الْخَطُّ فَكَانَ بَيْنَ قَدَمِ الْمُصَلِّي وَأَعْلَاهُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ لَمْ تَكُنْ سُتْرَةً مُعْتَبَرَةً حَتَّى لَا يَحْرُمَ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإِنَّهُ لَا يُقَالُ يُعْتَبَرُ مِنْهَا مِقْدَارُ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ إلَى قَدَمِهِ وَيَجْعَلُهُ سُتْرَةً وَيَلْغَى حُكْمُ الزَّائِدِ، وَقَدْ تَوَقَّفَ م ر فِيهِ، وَمَالَ بِالْفَهْمِ إلَى أَنَّهُ يُقَالُ مَا ذُكِرَ، لَكِنَّ ظَاهِرَ الْمُتَقَوَّلِ الْأَوَّلُ فَلْيُحْرَرْ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّرَدُّدِ ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ بَسَطَ نَحْوَ بِسَاطٍ طَوِيلٍ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ. أَمَّا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الْحُصْرِ الْمَفْرُوشَةِ فِي الْمَسَاجِدِ فَيَنْبَغِي الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ شَيْءٌ مِنْهَا سُتْرَةً حَتَّى لَوْ وَقَفَ فِي وَسَطِ حَصِيرٍ وَكَانَ الَّذِي أَمَامَهُ مِنْهَا ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ لَمْ يَكْفِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ السُّتْرَةِ تَنْبِيهُ الْمَارِّ عَلَى احْتِرَامِ الْمَحَلِّ بِوَضْعِهَا، وَهَذِهِ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِدَوَامِ فَرْشِهَا فِي الْمَحَلِّ لَمْ يَحْصُلْ بِهَا التَّنْبِيهُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: إلَّا مَا أُجْمِعَ عَلَى تَحْرِيمِهِ) فِيهِ نَظَرٌ لِمَا فِي السِّيَرِ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ إنْكَارُ مَا أُجْمِعَ عَلَى تَحْرِيمِهِ أَوْ يَرَى الْفَاعِلُ تَحْرِيمَهُ وَالْمَارُّ هُنَا يَرَى حُرْمَةَ الْمُرُورِ. (قَوْلُهُ: يَزُولُ بِانْقِضَاءِ مُرُورِهِ) يُتَأَمَّلُ مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ فَإِنَّهُ قَدْ يُقَالُ: هَذَا جَارٍ فِي غَيْرِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ، فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ ضَرْبَ غَيْرِهِ ضَرْبَةً تَعَدِّيًا الْمُنْكَرُ يَزُولُ بِالْفَرَاغِ مِنْ تِلْكَ الضَّرْبَةِ، كَمَا أَنَّ الْحُرْمَةَ هُنَا تَزُولُ بِانْتِهَاءِ الْمُرُورِ، وَقَدْ يُقَالُ: الضَّرْبُ وَنَحْوُهُ مِنْ الْمَعَاصِي لَا يَكْتَفِي فَاعِلُهُ بِمَرَّةٍ كَالسَّيِّدِ إذَا ضَرَبَ عَبْدَهُ عَلَى فِعْلٍ خَالَفَ غَرَضَهُ فِيهِ لَا يَكْتَفِي بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ بَلْ وَلَا ثِنْتَيْنِ وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ الْمَعَاصِي، بِخِلَافِ الْمَارِّ بَيْنَ يَدِي الْمُصَلِّي فَإِنَّهُ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِأَنَّهُ يَتَكَرَّرُ مَعَهُ الْمُرُورُ وَبِالنَّظَرِ لِذَلِكَ، فَالْمَعَاصِي كُلُّهَا كَأَنَّهَا لَا تَنْقَضِي بِفَعْلَةٍ وَاحِدَةٍ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمَعْصِيَةَ مِنْ شَأْنِهَا أَنَّ الْفَاعِلَ لَهَا لَا يَقْتَصِرُ عَلَى مَرَّةٍ، فَالْمُرُورُ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَتَكَرَّرَ مِنْ فَاعِلِهِ، بِخِلَافِ فَاعِلِ الضَّرْبَةِ الْوَاحِدَةِ فَإِنَّهُ لَا يُكَرِّرُهَا وَقَدْ يَتَعَدَّى فَيَزِيدُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَالصَّحِيحُ تَحْرِيمُ الْمُرُورِ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: وَيَلْحَقُ بِالْمُرُورِ جُلُوسُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَمَدُّهُ رِجْلَيْهِ وَاضْطِجَاعُهُ. اهـ بِالْمَعْنَى. وَقَوْلُهُ وَمَدُّهُ رِجْلَيْهِ وَمِثْلُهُ مَدُّ يَدِهِ لِيَأْخُذَ مِنْ خِزَانَتِهِ مَتَاعًا؛ لِأَنَّهُ يَشْغَلُهُ وَرُبَّمَا شَوَّشَ عَلَيْهِ فِي صَلَاتِهِ (قَوْلُهُ: فِي اعْتِقَادِ الْمُصَلِّي) سَيَأْتِي لَهُ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَ اعْتِقَادُ الْمُصَلِّي وَالْمَارِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْمُصَلِّي وَالْخَطُّ مِنْهُمَا أَعْلَاهُمَا) لَعَلَّ الْبَاءَ فِيهِ بِمَعْنَى فِي لِيَتَأَتَّى قَوْلُهُ مِنْهُمَا وَيَكُونُ فِي الْكَلَامِ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ وَالْمُرَادُ فِي مَسْأَلَتَيْ الْمُصَلِّي وَالْخَطِّ إلَخْ، وَيَنْحَلُّ الْكَلَامُ إلَى قَوْلِنَا وَالْمُرَادُ مِنْ الْمُصَلِّي وَالْخَطِّ فِي مَسْأَلَتَيْهِمَا أَعْلَاهُمَا (قَوْلُهُ: فِي اعْتِقَادِ الْمُصَلِّي) هُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُصَلِّي غَيْرَ شَافِعِيٍّ وَالْمَارُّ شَافِعِيٌّ، كَأَنْ كَانَ الْمُصَلِّي حَنَفِيًّا مَسَّ امْرَأَةً مَثَلًا وَصَلَّى فَيَحْرُمُ عَلَى الشَّافِعِيِّ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ حَيْثُ كَانَ لَهُ سُتْرَةٌ، بِخِلَافِ عَكْسِهِ كَأَنْ

وَلَوْ كَانَتْ السُّتْرَةُ آدَمِيًّا أَوْ بَهِيمَةً أَوْ امْرَأَةً وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ الِاشْتِغَالِ مَا يُنَافِي خُشُوعَهُ فَقِيلَ يَكْفِي، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ نُفُورًا أَوْ امْرَأَةً يَشْتَغِلُ قَلْبُهُ بِهَا لَمْ يُعْتَدَّ بِتِلْكَ السُّتْرَةِ عَلَى مَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ لِكَرَاهَةِ الصَّلَاةِ إلَيْهَا حِينَئِذٍ. قَالَ: وَمِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ أَيْضًا مَا لَوْ صَلَّى بَصِيرٌ إلَى شَاخِصٍ مُزَوَّقٍ، هَذَا وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِالسُّتْرَةِ بِالْآدَمِيِّ وَنَحْوِهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي أَنَّ بَعْضَ الصُّفُوفِ لَا يَكُونُ سُتْرَةً لِبَعْضٍ آخَرَ. وَالثَّانِي لَا يَحْرُمُ بَلْ يُكْرَهُ. وَلَوْ اسْتَتَرَ بِسُتْرَةٍ فِي مَكَان مَغْصُوبٍ لَمْ يَحْرُمْ الْمُرُورُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَلَمْ يُكْرَهْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَسَوَاءٌ فِي حُرْمَةِ الْمُرُورِ مَعَ السُّتْرَةِ أَوَجَدَ الْمَارُّ سَبِيلًا غَيْرَهُ أَمْ لَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ. نَعَمْ قَدْ يُضْطَرُّ الْمَارُّ إلَى الْمُرُورِ بِحَيْثُ يَلْزَمُهُ الْمُبَادَرَةُ لِأَسْبَابٍ لَا تَخْفَى ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي السُّتْرَةِ أَنَّهُ لَوْ قِيلَ بِاعْتِقَادِ الْمُصَلِّي فِي جَوَازِ الدَّفْعِ وَفِي تَحْرِيمِ الْمُرُورِ بِاعْتِقَادِ الْمَارِّ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا فَهَلَّا قَالَ بِمِثْلِهِ هُنَا. (قَوْلُهُ: أَوْ امْرَأَةً) ذَكَرَهَا بَعْدَ الْآدَمِيِّ مِنْ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ، وَالنُّكْتَةُ فِي ذِكْرِهَا أَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ مَظِنَّةً لِلِاشْتِغَالِ بِهَا رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِهَا مُطْلَقًا عَلَى هَذَا (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ) أَيْ فِي عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِهِ (قَوْلُهُ: يَظْهَرُ أَيْضًا إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إلَى شَاخِصٍ مُزَوَّقٍ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَ الشَّاخِصُ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَسْجِدِ وَخَلَا مِنْ أَسْفَلِ الشَّاخِصِ عَنْ التَّزْوِيقِ مَا يُسَاوِي السُّتْرَةَ وَيَزِيدُ عَلَيْهَا فَيَنْتَقِلُ عَنْهُ وَلَوْ إلَى الْخَطِّ حَيْثُ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ، فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ بِمِصْرِنَا فِي مَسَاجِدِهَا كَثِيرًا (قَوْلُهُ: بِالْآدَمِيِّ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالْآدَمِيِّ بَيْنَ كَوْنِ ظَهْرِهِ لِلْمُصَلِّي أَوْ لَا كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِالصُّفُوفِ فَإِنَّ ظُهُورَهُمْ إلَيْهِ، وَلَكِنْ قَالَ حَجّ عَطْفًا عَلَى مَا لَا يَكْفِي فِي السُّتْرَةِ: أَوْ بِرَجُلٍ اسْتَقْبَلَهُ بِوَجْهِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ سُتْرَةٌ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ) أَيْ مَا فِي مَعْنَاهُ كَالدَّابَّةِ، وَلَيْسَ مِنْهُ مَا فِيهِ صُوَرٌ، وَإِنْ كُرِهَتْ الصَّلَاةُ لَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَعِبَارَتُهُ: فَرْعٌ: رَضِيَ عَلَى أَنَّهُ لَوْ اسْتَتَرَ بِجِدَارٍ عَلَيْهِ تَصَاوِيرُ اُعْتُدَّ بِهِ وَحَرُمَ الْمُرُورُ وَجَازَ الدَّفْعُ وَإِنْ كُرِهَ اسْتِقْبَالُهُ لِمَعْنًى آخَرَ، وَكَذَا لَوْ اسْتَتَرَ بِآدَمِيٍّ مُسْتَقْبِلٍ لَهُ، وَإِنْ كُرِهَ لِمَعْنًى آخَرَ. اهـ. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ إلَى شَاخِصٍ مُزَوَّقٍ وَلِمَا اسْتَوْجَبَهُ مِنْ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالسَّتْرِ بِالْآدَمِيِّ (قَوْلُهُ: لَا يَكُونُ سُتْرَةً) لِبَعْضٍ آخَرَ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ حَجّ فَاكْتَفَى بِالصُّفُوفِ. (قَوْلُهُ: فِي مَكَان مَغْصُوبٍ) أَيْ، وَإِنْ وَقَفَ فِي مَكَان مَمْلُوكٍ لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ، وَلَوْ قِيلَ بِحُرْمَةِ الْمُرُورِ لَمْ يَبْعُدْ لِكَوْنِ الْمَكَانِ مُسْتَحِقًّا لِلْوَاقِفِ. وَالتَّعَدِّي إنَّمَا هُوَ بِمُجَرَّدِ وَضْعِ السُّتْرَةِ وَقَوْلُهُ فِي مَكَان مَغْصُوبٍ صِفَةٌ لِلسُّتْرَةِ؛ وَكَذَا لَوْ صَلَّى إلَى سُتْرَةٍ مَغْصُوبَةٍ. اهـ حَجّ، وَأَقَرَّهُ سم عَلَيْهِ وَبَالَغَ فِي اعْتِمَادِهِ، وَهُوَ قَرِيبٌ، وَقَوْلُ حَجّ مَغْصُوبَةٍ: أَيْ فَلَا يَحْرُمُ الْمُرُورُ لَكِنْ عِبَارَتُهُ عَلَى مَنْهَجٍ نَصُّهَا: قَوْلُهُ: وَحَرُمَ مُرُورٌ: أَيْ، وَإِنْ كَانَتْ السُّتْرَةُ مَغْصُوبَةً؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ م ر فَحَرِّرْ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ فِي الْمَكَانِ الْمَغْصُوبِ مَعَ السُّتْرَةِ اهـ. أَقُولُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْحَقَّ الْمُتَعَلِّقَ بِالْمَكَانِ أَقْوَى مِنْ الْحَقِّ الْمُتَعَلِّقِ بِالسُّتْرَةِ، فَإِنَّ الْمُصَلِّيَ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْمَكَانِ الْمَغْصُوبِ حَتَّى تَكُونَ السُّتْرَةُ مَانِعَةً لِغَيْرِهِ مِنْ الْمُرُورِ فِيهِ، فَاعْتِبَارُهَا يَقْطَعُ حَقَّ الْمَالِكِ مِنْ مَكَانِهِ، بِخِلَافِ السُّتْرَةِ الْمَغْصُوبَةِ فَإِنَّ الْحَقَّ لِمَالِكِهَا إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِعَيْنِهَا فَأَمْكَنَ اعْتِبَارُهَا عَلَامَةً عَلَى كَوْنِ مَحَلِّهَا مُعْتَبَرًا مِنْ حَرِيمِ الْمُصَلِّي، وَبَقِيَ مَا لَوْ صَلَّى فِي مَكَان مَغْصُوبٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَ الْمُصَلِّي شَافِعِيًّا افْتَصَدَ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْحَنَفِيِّ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ إلَّا إنْ كَانَتْ الْحُرْمَةُ مَذْهَبَهُ؛ لِأَنَّا لَا نَحْكُمُ عَلَيْهِ بِحُرْمَةٍ لَمْ يَرَهَا مُقَلَّدُهُ، ثُمَّ رَأَيْت الشِّهَابَ حَجّ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَقِيَاسُهُ أَنَّ مَنْ اسْتَتَرَ بِسُتْرَةٍ يَرَاهَا مُقَلَّدُهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ) هُوَ الشِّهَابُ حَجّ فِي الْإِمْدَادِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ السُّتْرَةِ بِالْآدَمِيِّ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْتَقْبِلْهُ كَمَا شَمِلَهُ الْإِطْلَاقُ، فَإِنْ اسْتَقْبَلَهُ كَانَ مَكْرُوهًا كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: فِي مَكَان مَغْصُوبٍ) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ اسْتَتَرَ كَمَا هُوَ صَرِيحُ فَتَاوَى وَالِدِهِ، خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ جَعْلِهِ صِفَةً لِلسُّتْرَةِ. وَعِبَارَةُ الْفَتَاوَى: سُئِلَ عَمَّنْ صَلَّى بِمَكَانٍ مَغْصُوبٍ إلَى سُتْرَةٍ هَلْ يَحْرُمُ الْمُرُورُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ الْمُرُورُ بَلْ وَلَا يُكْرَهُ انْتَهَتْ. وَهُوَ

كَإِنْذَارِ نَحْوِ مُشْرِفٍ عَلَى الْهَلَاكِ تَعَيَّنَ الْمُرُورُ طَرِيقًا لِإِنْقَاذِهِ؛ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ» ، وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِالِاسْتِتَارِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْأَخْبَارِ السَّابِقَةِ. وَإِنَّمَا يَحْرُمُ الْمُرُورُ مَعَ السُّتْرَةِ الْمُقَرَّرَةِ. بِخِلَافِ مَا إذَا فُقِدَتْ أَوْ كَانَتْ وَتَبَاعَدَ عَنْهَا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ أَوْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِهَا؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ السُّتْرَةِ أَنْ يَظْهَرَ لِصَلَاتِهِ حَرِيمٌ يَضْطَرِبُ فِيهِ فِي حَرَكَاتِهِ وَانْتِقَالَاتِهِ فَإِذَا لَمْ يَسْتَتِرْ فَهُوَ الْمُهْدِرُ لِحُرْمَةِ نَفْسِهِ، وَكَذَا لَوْ قَصَّرَ الْمُصَلِّي بِأَنْ وَقَفَ فِي قَارِعَةِ الطَّرِيقِ أَوْ بِشَارِعٍ أَوْ دَرْبٍ ضَيِّقٍ أَوْ نَحْوِ بَابِ مَسْجِدٍ كَالْمَحَلِّ الَّذِي يَغْلِبُ مُرُورُ النَّاسِ بِهِ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ، وَلَوْ فِي الْمَسْجِدِ كَالْمَطَافِ وَكَأَنْ تَرَكَ فُرْجَةً فِي صَفٍّ أَمَامَهُ فَاحْتِيجَ لِلْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ لِفُرْجَةِ قَبْلَهُ فَلَا يَحْرُمُ الْمُرُورُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَلَوْ فِي حَرِيمِ الْمُصَلِّي، وَهُوَ قَدْرُ إمْكَانِ سُجُودِهِ خِلَافًا لِلْخُوَارِزْمِيِّ، بَلْ وَلَا يُكْرَهُ عِنْدَ التَّقْصِيرِ. وَلَا يَجُوزُ الدَّفْعُ، وَإِنْ تَعَدَّدَتْ الصُّفُوفُ، وَوَهِمَ مَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَوَضَعَ السُّتْرَةَ فِي غَيْرِهِ وَيَنْبَغِي فِيهِ جَوَازُ الدَّفْعِ اعْتِبَارًا بِالسُّتْرَةِ (قَوْلُهُ: لِإِنْقَاذِهِ) أَيْ أَوْ خَطْفُ نَحْوِ عِمَامَتِهِ وَتَوَقُّفُ إنْقَاذِهَا مِنْ السَّارِقِ عَلَى الْمُرُورِ فَلَا يَحْرُمُ الْمُرُورُ، بَلْ يَجِبُ فِي إنْقَاذِ نَحْوِ الْمُشْرِفِ وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُصَلِّي الدَّفْعُ إنْ عَلِمَ بِحَالِهِ. [فَائِدَةٌ] قَالَ حَجّ: وَيُسَنُّ وَضْعُ السُّتْرَةِ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ وَلَا يَسْتَقْبِلُهَا بِوَجْهِهِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ، وَمَعَ ذَلِكَ هِيَ سُتْرَةٌ مُحْتَرَمَةٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلَهُ: وَيُسَنُّ وَضْعُ إلَخْ لَا يَتَأَتَّى فِي الْجِدَارِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، وَقَدْ يَتَأَتَّى فِيهِ بِأَنْ يَنْفَصِلَ طَرَفُهُ عَنْ غَيْرِهِ، وَحِينَئِذٍ فَهَلْ السُّنَّةُ وُقُوفُهُ عِنْدَ طَرَفِهِ بِحَيْثُ يَكُونُ عَنْ يَمِينِهِ وَيَشْمَلُ الْمُصَلِّي فَهَلْ السُّنَّةُ وَضْعُهَا عَنْ يَمِينِهِ وَعَدَمُ الْوُقُوفِ عَلَيْهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَحْتَمِلُ عَلَى هَذَا أَنْ يَكْفِيَ كَوْنُ بَعْضِهَا عَنْ يَمِينِهِ، وَإِنْ وَقَفَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ قَصَّرَ الْمُصَلِّي إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِدْ مَحَلًّا يَقِفُ فِيهِ إلَّا بَابَ الْمَسْجِدِ لِكَثْرَةِ الْمُصَلِّينَ كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ مَثَلًا حَرُمَ الْمُرُورُ سُنَّ لَهُ الدَّفْعُ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ حُرْمَةِ الْمُرُورِ لِعُذْرِ كُلٍّ مِنْ الْمَارِّ وَالْمُصَلِّي. أَمَّا الْمُصَلِّي فَلِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ. وَأَمَّا الْمَارُّ فَلِاسْتِحْقَاقِهِ الْمُرُورَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ بِتَقْصِيرِ الْمُصَلِّي حَيْثُ لَمْ يُبَادِرْ لِلْمَسْجِدِ بِحَيْثُ يَتَيَسَّرُ لَهُ الْجُلُوسُ فِي غَيْرِ الْمَمَرِّ وَلَعَلَّ هَذَا أَقْرَبُ (قَوْلُهُ: الَّذِي يَغْلِبُ مُرُورُ النَّاسِ بِهِ) وَلَيْسَ مِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الصَّلَاةِ بِدَاخِلِ رِوَاقِ ابْنِ الْمُعَمِّرِ بِالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ مَحَلًّا لِلْمُرُورِ غَالِبًا. نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْهُ مَا لَوْ وَقَفَ فِي مُقَابَلَةِ الْبَابِ (قَوْلُهُ: وَكَأَنْ تَرَكَ فُرْجَةً) يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالتَّرْكِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمَأْمُومِينَ تَقْصِيرٌ كَأَنْ كَمُلَتْ الصُّفُوفُ فِي ابْتِدَاءِ الصَّلَاةِ ثُمَّ بَطَلَتْ صَلَاةُ بَعْضٍ مِنْ نَحْوِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُسْقِطًا لِحُرْمَةِ الْمُرُورِ وَلَا لِسَنِّ الدَّفْعِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ تَحَقُّقِ عُرُوضِ الْفُرْجَةِ وَالشَّكِّ فِيهِ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ تَسْوِيَةُ الصُّفُوفِ وَسَنُّ الدَّفْعِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ مَا يَمْنَعُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يُكْرَهُ عِنْدَ التَّقْصِيرِ) أَيْ أَمَّا مَعَ انْتِفَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQشَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَتْ السُّتْرَةُ فِي غَيْرِ الْمَغْصُوبِ (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَحْرُمُ إلَخْ) تَقَدَّمَ مَا يُغْنِي عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِهَا) مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَ بَابِ مَسْجِدِ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ مَا لَمْ يُضْطَرَّ إلَى الْوُقُوفِ فِيهِ بِأَنْ امْتَلَأَ الْمَسْجِدُ بِالصُّفُوفِ، ثُمَّ رَأَيْت الشَّيْخَ فِي الْحَاشِيَةِ ذَكَرَ ذَلِكَ احْتِمَالًا ثُمَّ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ حُرْمَةِ الْمُرُورِ لِعُذْرِ كُلٍّ مِنْ الْمَارِّ وَالْمُصَلِّي. أَمَّا الْمُصَلِّي فَلِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ، وَأَمَّا الْمَارُّ فَلِاسْتِحْقَاقِهِ الْمُرُورَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ بِتَقْصِيرِ الْمُصَلِّي حَيْثُ لَمْ يُبَادِرْ لِلْمَسْجِدِ بِحَيْثُ يَتَيَسَّرُ لَهُ الْجُلُوسُ فِي غَيْرِ الْمَمَرِّ، وَلَعَلَّ هَذَا أَقْرَبُ انْتَهَى. وَقَدْ يُقَالُ عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ الصُّورَةُ أَنَّ الْمَسْجِدَ مُمْتَلِئٌ بِالصُّفُوفِ فَأَيْنَ يَذْهَبُ الْمَارُّ وَالْمَسْجِدُ لَيْسَ مَحَلًّا لِلْمُرُورِ، وَقَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ بِتَقْصِيرِ الْمُصَلِّي إلَخْ فِيهِ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَتْ الصُّورَةُ مَا ذَكَرَ فَلَا بُدَّ مِنْ وُقُوفِ بَعْضِ الْمُصَلِّينَ بِالْبَابِ بِالضَّرُورَةِ فَلَا تَقْصِيرَ

ظَنَّ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ كَمَسْأَلَةِ التَّخَطِّي يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَيَّدَهَا بِصَفَّيْنِ، وَلَوْ أُزِيلَتْ سُتْرَتُهُ حَرُمَ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِهَا الْمُرُورُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ، وَقِيَاسُهُ أَنَّ مَنْ اسْتَتَرَ بِسُتْرَةٍ يَرَاهَا مُقَلِّدُهُ وَلَا يَرَاهَا مُقَلِّدُ الْمَارِّ تَحْرِيمُ الْمُرُورِ، وَلَوْ قِيلَ بِاعْتِقَادِ الْمُصَلِّي فِي جَوَازِ الدَّفْعِ وَفِي عَدَمِ تَحْرِيمِ الْمُرُورِ بِاعْتِقَادِ الْمَارِّ لَمْ يَبْعُدْ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ مَذْهَبَ الْمُصَلِّي، وَلَوْ عَجَزَ عَنْ سَتْرِهِ حَتَّى عَنْ الْخَطِّ لَمْ يَكُنْ لَهُ الدَّفْعُ كَمَا رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ، وَلَوْ صَلَّى بِلَا سُتْرَةٍ فَوَضَعَهَا غَيْرُهُ بِلَا إذْنِهِ اعْتَدَّ بِهَا كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ، وَيُكْرَهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنْ يُصَلِّيَ وَبَيْنَ يَدَيْهِ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ يَسْتَقْبِلُهُ وَيَرَاهُ. اهـ. وَلَوْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ شَيْءٌ كَامْرَأَةٍ وَحِمَارٍ وَكَلْبٍ لَمْ تَبْطُلْ. وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْمَرْأَةُ وَالْكَلْبُ وَالْحِمَارُ» فَالْمُرَادُ بِهِ قَطْعُ الْخُشُوعِ لِلشُّغْلِ بِهَا. وَالْأَوْجَهُ أَنَّ بَعْضَ الصُّفُوفِ لَا يَكُونُ سُتْرَةً لِبَعْضِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ. (قُلْت: يُكْرَهُ) (الِالْتِفَاتُ) فِي الصَّلَاةِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُصَلِّي ذَكَرًا أَمْ أُنْثَى فِي جُزْءٍ مِنْهَا بِوَجْهِهِ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ «إنَّهُ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ» وَوَرَدَ «لَا يَزَالُ اللَّهُ مُقْبِلًا عَلَى الْعَبْدِ فِي صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ، فَإِذَا الْتَفَتَ انْصَرَفَ عَنْهُ» وَلَوْ حَوَّلَ صَدْرَهُ عَنْ الْقِبْلَةِ بَطَلَتْ، كَمَا لَوْ قَصَدَ بِهِ اللَّعِبَ لَا لِحَاجَةٍ فَلَا يُكْرَهُ، كَمَا لَا يُكْرَهُ مُجَرَّدُ لَمْحِ الْعَيْنِ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ فِي سَفَرٍ فَأَرْسَلَ فَارِسًا فِي الشِّعْبِ مِنْ أَجْلِ الْحَرَسِ، فَجَعَلَ يُصَلِّي، وَهُوَ يَلْتَفِتُ إلَى الشِّعْبِ» (وَرَفَعَ بَصَرَهُ إلَى السَّمَاءِ) لِخَبَرِ «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إلَى السَّمَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالتَّقْصِيرِ بِأَنْ لَمْ يَقِفْ فِي مَوْضِعِ مُرُورِ النَّاسِ مَثَلًا فَخِلَافُ الْأَوْلَى. قَالَ حَجّ: وَهُوَ مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بِالْكَرَاهَةِ فِيهِ، وَلَعَلَّهُمْ لَمْ يَنْظُرُوا لِخِلَافِ الْخُوَارِزْمِيَّ فَيَقُولُونَ بِالْكَرَاهَةِ خُرُوجًا مِنْهُ لِشِدَّةِ ضَعْفِهِ عِنْدَهُمْ لِمُخَالَفَتِهِ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ. (قَوْلُهُ: حَرُمَ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِهَا) أَيْ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ، لَكِنْ لِلْمُصَلِّي دَفْعُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَقَاعَدُ عَنْ الصَّبِيِّ وَالْبَهِيمَةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَبْعُدْ) ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا جَزَمَ بِهِ سم عَلَى حَجّ. وَعَلَيْهِ فَلَوْ دَفَعَ الْمُصَلِّي الْمُعْتَقِدُ تَحْرِيمَ الْمُرُورِ مَارًّا لَمْ يَعْتَقِدْهُ فَمَاتَ الْمَدْفُوعُ لَمْ يَضْمَنْهُ الدَّافِعُ لِجَوَازِ مَا فَعَلَهُ بَلْ سُنَّةٌ فِي اعْتِقَادِهِ، لَكِنْ لَوْ تَرَافَعَ الدَّافِعُ، وَوَلَّى الْمَدْفُوعَ إلَى حَاكِمٍ فَالْعِبْرَةُ بِعَقِيدَتِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: بِلَا إذْنِهِ اُعْتُدَّ بِهَا) أَيْ فَيَنْبَغِي لَهُ وَضْعُهَا حَيْثُ كَانَ لِلْمُصَلِّي عُذْرٌ فِي عَدَمِ الْوَضْعِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُسَنَّ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ فِيهِ إعَانَةً عَلَى خَيْرٍ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَهَلْ يَضْمَنُ الْمُصَلِّي السُّتْرَةَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إذَا تَلِفَتْ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا وَدَلَّتْ قَرِينَةٌ مِنْ الْمَالِكِ، وَلَوْ بِإِشَارَةٍ مِنْهُ عَلَى وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا فَهِيَ عَارِيَّةٌ، فَإِنْ تَلِفَتْ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ فَلَا ضَمَانَ، وَإِلَّا ضَمِنَ وَلَوْ بِلَا تَقْصِيرٍ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فِي وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا فَلَا ضَمَانَ مَا لَمْ يُعَدَّ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهَا لِتَعَدِّيهِ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا بِلَا إذْنٍ، وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَتْ السُّتْرَةُ مِلْكًا لِلْمُصَلِّي وَلَمْ يَضَعْهَا ثُمَّ أَخَذَهَا غَيْرُهُ وَوَضَعَهَا وَتَلِفَتْ هَلْ يَضْمَنُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِتَعَدِّيهِ بِوَضْعِ يَدِهِ بِلَا إذْنٍ، وَإِنْ قَصَدَ بِذَلِكَ مَصْلَحَةً تَعُودُ عَلَى الْمُصَلِّي مَا لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ مِنْ الْمُصَلِّي عَلَى الرِّضَا بِذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ. (قَوْلُهُ: يَسْتَقْبِلُهُ وَيَرَاهُ) أَيْ وَلَوْ بِحَائِلٍ وَلَوْ كَانَ مَيِّتًا أَيْضًا وَلَا يُعَدُّ سُتْرَةً لَهُ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: فِي جُزْءٍ مِنْهَا) بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: لَا يَزَالُ اللَّهُ مُقْبِلًا) أَيْ بِرَحْمَتِهِ وَرِضَاهُ. اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ قَصَدَ بِهِ) أَيْ بِالِالْتِفَاتِ بِالْوَجْهِ (قَوْلُهُ: فِي الشِّعْبِ مِنْ أَجْلِ الْحَرَسِ) عِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: الشِّعْبُ بِالْكَسْرِ الطَّرِيقُ، وَقِيلَ الطَّرِيقُ فِي الْجَبَلِ اهـ (قَوْلُهُ: فَجَعَلَ) أَيْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: مَا بَالُ أَقْوَامٍ إلَخْ) أَيْ مَا حَالُهُمْ وَأَبْهَمَ الرَّافِعَ لِئَلَّا يَنْكَسِرَ خَاطِرُهُ؛ لِأَنَّ النَّصِيحَةَ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ فَضِيحَةٌ، وَقَوْلُهُ لَيَنْتَهُنَّ جَوَابُ قَسَمٍ مَحْذُوفٌ، وَالْأَصْلُ لَيَنْتَهُونَنَّ، وَقَوْلُهُ عَنْ ذَلِكَ أَيْ عَنْ رَفْعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقِيَاسُهُ أَنَّ مَنْ اسْتَتَرَ إلَخْ) أَيْ بِجَامِعِ عَدَمِ التَّقْصِيرِ، إذْ مَنْ أَتَى بِالسُّتْرَةِ الَّتِي كَلَّفَهُ بِهَا مُقَلَّدُهُ لَا يُعَدُّ مُقَصِّرًا (قَوْلُهُ: يَسْتَقْبِلُهُ) الضَّمِيرُ الْمَرْفُوعُ فِيهِ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَالْمَنْصُوبُ لِلْمُصَلِّي كَمَا تُصَرِّحُ بِهِ عِبَارَةُ الشِّهَابِ حَجّ، وَيَظْهَرُ أَنَّ الضَّمِيرَ الْمَرْفُوعَ فِي يَرَاهُ لِلْمُصَلِّي فَلْيُرَاجَعْ.

[الالتفات في الصلاة]

فِي صَلَاتِهِمْ لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ» وَيُكْرَهُ نَظَرُ مَا يُلْهِي عَنْهَا كَثَوْبٍ لَهُ أَعْلَامٌ لِخَبَرِ عَائِشَةَ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي وَعَلَيْهِ خَمِيصَةٌ ذَاتُ أَعْلَامٍ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: أَلْهَتْنِي أَعْلَامُ هَذِهِ، اذْهَبُوا بِهَا إلَى أَبِي جَهْمٍ وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّتِهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. (وَ) يُكْرَهُ (كَفُّ شَعْرِهِ أَوْ ثَوْبِهِ) لِخَبَرِ «أُمِرْت أَنْ لَا أَكْفِتَ الشَّعْرَ أَوْ الثِّيَابَ» وَالْكَفْتُ بِمُثَنَّاةٍ فِي آخِرِهِ هُوَ الْجَمْعُ قَالَ تَعَالَى {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا} [المرسلات: 25] {أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا} [المرسلات: 26] أَيْ جَامِعَةً لَهُمْ، وَمِنْهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنْ يُصَلِّيَ وَشَعْرُهُ مَعْقُوصٌ أَوْ مَرْدُودٌ تَحْتَ عِمَامَتِهِ أَوْ ثَوْبُهُ أَوْ كُمُّهُ مُشَمَّرٌ، وَمِنْهُ شَدُّ الْوَسَطِ وَغَرْزُ الْعَذَبَةِ، وَالْمَعْنَى فِي النَّهْيِ عَنْ كَفِّ ذَلِكَ أَنَّهُ يَسْجُدُ مَعَهُ: أَيْ غَالِبًا، وَلِهَذَا نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ وَفِي إبْهَامِهِ الْجِلْدَةُ الَّتِي يَجُرُّ بِهَا الْقَوْسَ، قَالَ: لِأَنِّي آمُرُهُ أَنْ يُفْضِيَ بُطُونَ كَفَّيْهِ إلَى الْأَرْضِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ جَارٍ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَإِنْ اقْتَضَى تَعْلِيلُهُمْ خِلَافَهُ، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَخْصِيصُهُ فِي الشَّعْرِ بِالرَّجُلِ، أَمَّا الْمَرْأَةُ فَفِي الْأَمْرِ بِنَقْضِهَا الضَّفَائِرَ مَشَقَّةٌ وَتَغْيِيرٌ لِهَيْئَتِهَا الْمُنَافِيَةِ لِلتَّجَمُّلِ، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ فِي الْإِحْيَاءِ، وَيَنْبَغِي إلْحَاقُ الْخُنْثَى بِهَا، وَيُسَنُّ لِمَنْ رَآهُ كَذَلِكَ، وَلَوْ مُصَلِّيًا آخَرَ أَنْ يَحِلَّهُ حَيْثُ لَا فِتْنَةً. نَعَمْ لَوْ بَادَرَ شَخْصٌ وَحَلَّ كُمَّهُ الْمُشَمَّرَ وَكَانَ فِيهِ مَالٌ وَتَلِفَ كَانَ ضَامِنًا لَهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَسَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي جَرٍّ آخَرَ مِنْ الصَّفِّ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ رَقِيقٌ. (وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى فِيهِ) لِثُبُوتِ النَّهْيِ عَنْهُ وَلِمُنَافَاتِهِ هَيْئَةَ الْخُشُوعِ (بِلَا حَاجَةٍ) هُوَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَهُ أَيْضًا فَعِنْدَهَا لَا كَرَاهَةَ كَأَنْ تَثَاءَبَ، بَلْ يُسْتَحَبُّ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْبَصَرِ إلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ، وَقَوْلُهُ لَتُخَطَّفَنَّ أَبْصَارُهُمْ بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ وَأَوْ لِلتَّخَيُّرِ تَهْدِيدًا، وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى الْأَمْرِ. وَالْمَعْنَى: لَيَكُونَنَّ مِنْكُمْ الِانْتِهَاءُ عَنْ رَفْعِ الْبَصَرِ إلَى السَّمَاءِ أَوْ خَطْفُ الْأَبْصَارِ عِنْدَ رَفْعِهَا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، أَمَّا رَفْعُ الْبَصَرِ إلَى السَّمَاءِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ لِدُعَاءٍ وَنَحْوِهِ فَجَوَّزَهُ الْأَكْثَرُونَ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ؛ لِأَنَّ السَّمَاءَ قِبْلَةُ الدُّعَاءِ كَالْكَعْبَةِ قِبْلَةُ الصَّلَاةِ وَكَرِهَهُ آخَرُونَ. اهـ شَرْحُ الْبُخَارِيِّ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ اهـ زِيَادِيُّ. وَفِي الشَّيْخِ عَمِيرَةَ فَائِدَةٌ: نَقَلَ الدَّمِيرِيِّ عَنْ الْغَزَالِيِّ فِي الْإِحْيَاءِ أَنَّهُ قَالَ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَرْمُقَ بِبَصَرِهِ إلَى السَّمَاءِ فِي الدُّعَاءِ بَعْدَ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: فِي صَلَاتِهِمْ) فَاشْتَدَّ: أَيْ قَوِيَ قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ حَتَّى قَالَ لَيَنْتَهُنَّ. اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: قَالَ أَلْهَتْنِي إلَخْ) إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ بَيَانًا لِلْغَيْرِ، وَإِلَّا فَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُشْغِلُهُ شَيْءٌ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ: إلَى أَبِي جَهْمٍ) هُوَ مُسْلِمٌ صَحَابِيٌّ إنَّمَا أَمَرَ بِدَفْعِهَا لَهُ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ مِنْ عِنْدِهِ: أَيْ وَدَفَعَهَا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَإِنَّمَا طَلَبَ الْأَنبَجانِيَّةَ جَبْرًا لِخَاطِرِهِ لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ بِدَفْعِهَا لَهُ رَدَّ هَدِيَّتِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بأَنبَجانيَّتِهِ) هِيَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا وَبِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا أَيْضًا كَمَا قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ وَنُقِلَ عَنْ النَّوَوِيِّ. وَأَغْرَبَ ابْنُ قُتَيْبَةَ وَقَالَ: إنَّمَا هِيَ مَنْبِجَانِيَّةٌ نِسْبَةٌ إلَى مَنْبِجٍ بَلَدٍ مَعْرُوفٍ بِالشَّامِ، وَمَنْ قَالَهَا بِهَمْزَةٍ أَوَّلِهِ فَقَدْ غَيَّرَ، وَنَقَلَ ذَلِكَ ابْنُ قُتَيْبَةَ عَنْ الْأَصْمَعِيِّ. (قَوْلُهُ: أَنْ لَا أَكْفِتُ) بَابُهُ ضَرَبَ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ شَدُّ الْوَسَطِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ عَلَى الْجِلْدِ وَلَا يُنَافِيهِ الْعِلَّةُ لِجَوَازِ أَنَّهَا بِالنَّظَرِ لِلْغَالِبِ (قَوْلُهُ: أَيْ غَالِبًا) خَرَجَتْ بِهِ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ فَإِنَّهُ لَا سُجُودَ فِيهَا، وَمَعَ ذَلِكَ يُكْرَهُ كَفُّ الشَّعْرِ فِيهَا، لَكِنَّ مُقْتَضَى جَزْمِهِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْغَلَبَةِ مَنْقُولٌ وَعَلَيْهِ فَلَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ: الْآتِي وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ جَارٍ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنِّي آمُرُهُ أَنْ يُفْضِيَ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي كَرَاهَةَ الصَّلَاةِ وَفِي يَدِهِ خَاتَمٌ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ مُبَاشَرَةِ جُزْءٍ مِنْ يَدِهِ لِلْأَرْضِ، وَلَوْ قِيلَ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ فِيهِ لَمْ يَبْعُدْ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ فِي أَنَّ مَنْ لَبِسَهُ لَا يَنْزِعُهُ نَوْمًا وَلَا يَقَظَةً، فَفِي تَكْلِيفِهِ قَلْعَهُ كُلَّ صَلَاةٍ نَوْعُ مَشَقَّةٍ، وَكَذَلِكَ الْجِلْدَةُ فَإِنَّهَا إنَّمَا تُلْبَسُ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ) ، وَهَلْ يَجْرِي فِي الطَّوَافِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ لِلْكَفِّ فِي الطَّوَافِ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ فِيهِ، وَهِيَ السُّجُودُ مَعَهُ، وَيُحْتَمَلُ الْكَرَاهَةُ أَخْذًا بِعُمُومِ حَدِيثِ. «الصَّلَاةُ بِمَنْزِلَةِ الطَّوَافِ إلَّا أَنَّ اللَّهَ أَحَلَّ فِيهِ النُّطْقَ» . (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ لِمَنْ رَآهُ إلَخْ) مِنْهُ يُؤْخَذُ سَنُّ الْأَمْرِ بِفِعْلِ السُّنَنِ وَسَنُّ النَّهْيِ عَنْ مُخَالَفَتِهَا، وَإِنْ كَانَ الْآمِرُ وَالنَّاهِي مِنْ الْآحَادِ. (قَوْلُهُ: لَا كَرَاهَةَ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الِالْتِفَاتُ فِي الصَّلَاةِ] (قَوْلُهُ: وَفِي إبْهَامِهِ الْجِلْدَةُ) بَحَثَ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّ مِثْلَهَا الْخَاتَمُ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ التَّخَتُّمَ مَطْلُوبٌ فِي الْجُمْلَةِ حَتَّى

وَضْعُ يَدِهِ عَلَى فِيهِ وَيُسَنُّ الْيُسْرَى وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْغَرَضُ حَبْسَ الشَّيْطَانِ نَاسَبَ أَنْ يَكُونَ لِاسْتِقْذَارِهِ. نَعَمْ الْأَوْجَهُ حُصُولُ السُّنَّةِ بِغَيْرِهَا أَيْضًا إذْ لَيْسَ فِيهَا أَذًى حِسِّيٌّ وَالْمَدَارُ فِيمَا يُفْعَلُ بِالْيَمِينِ وَالْيَسَارِ عَلَيْهِ وُجُودًا وَعَدَمًا دُونَ الْمَعْنَوِيِّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ لِتَنْحِيَةِ أَذًى مَعْنَوِيٍّ أَيْضًا بَلْ لِرَدِّ الشَّيْطَانِ كَمَا فِي الْخَبَرِ، فَهُوَ إذَا رَآهَا لَا يَقْرُبُهُ فَأَيُّ وَاحِدَةٍ نَحَّى بِهَا كَفَتْ، لَكِنْ يُوَجَّهُ مَا قَالُوهُ بِأَنَّ مَا كَانَ سَبَبًا لِدَفْعِ مُسْتَقْذَرٍ يُنَاسِبُهُ الْيَسَارُ فَكَانَتْ أَوْلَى، وَتَحْصُلُ السُّنَّةُ بِوَضْعِ يَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى ذَلِكَ سَوَاءٌ أَوَضَعَ ظَهْرَهَا أَوْ بَطْنَهَا، وَيُكْرَهُ التَّثَاؤُبُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إذَا قَالَ هَا هَا ضَحِكَ الشَّيْطَانُ مِنْهُ» وَلَا تَخْتَصُّ الْكَرَاهَةُ بِالصَّلَاةِ بَلْ خَارِجِهَا كَذَلِكَ، وَيُكْرَهُ النَّفْخُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ عَبَثٌ، وَمَسْحُ نَحْوِ الْحَصَى بِسُجُودِهِ عَلَيْهِ لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ وَلِمُخَالَفَتِهِ التَّوَاضُعَ وَالْخُشُوعَ (وَ) يُكْرَهُ (الْقِيَامُ عَلَى رِجْلٍ) وَاحِدَةٍ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ لِمُنَافَاتِهِ الْخُشُوعَ فَإِنْ كَانَ بِهِ عُذْرٌ كَوَجَعِ الْأُخْرَى لَمْ تُكْرَهْ. (وَ) تُكْرَهُ (الصَّلَاةُ حَاقِنًا) بِالنُّونِ أَيْ بِالْبَوْلِ (أَوْ حَاقِبًا) بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ: أَيْ بِالْغَائِطِ بِأَنْ يُدَافِعَ ذَلِكَ، أَوْ حَازِقًا بِالْقَافِ: أَيْ مُدَافِعًا لِلرِّيحِ، أَوْ حَاقِمًا بِهِمَا بَلْ السُّنَّةُ تَفْرِيغُ نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِالْخُشُوعِ، وَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ حَيْثُ كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا، ـــــــــــــــــــــــــــــSوَلَا نَظَرَ إلَى كَوْنِ الْيَدِ لَهَا هَيْئَةٌ مَطْلُوبَةٌ فِي الصَّلَاةِ كَوَضْعِهَا تَحْتَ صَدْرِهِ فِي الْقِيَامِ، وَعَلَى الرُّكْبَةِ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَالتَّشَهُّدِ؛ لِأَنَّ هَذَا زَمَنُهُ قَلِيلٌ فَاغْتُفِرَ؛ وَلِأَنَّ هَذَا يُشْبِهُ دَفْعَ الصَّائِلِ، وَهُوَ عُذْرٌ فِي ارْتِكَابِ مَا لَا يُعْذَرُ فِي فِعْلِهِ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ الْيُسْرَى) وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ بِظَهْرِهَا؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى فِي الدَّفْعِ عَادَةً كَذَا قِيلَ، لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ: وَتَحْصُلُ السُّنَّةُ بِوَضْعِ يَدِهِ الْيُسْرَى إلَخْ، قَدْ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ الْأَوْجَهُ حُصُولُ السُّنَّةِ بِغَيْرِهَا) أَيْ بِغَيْرِ الْيَسَارِ، وَعِبَارَةُ الْمُنَاوِيِّ عَلَى الْجَامِعِ عِنْدَ قَوْلِهِ «إذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَضَعْ يَدَهُ عَلَى فِيهِ» نَصُّهَا: أَيْ ظَهْرَ كَفِّ يُسْرَاهُ كَمَا ذَكَرَهُ جَمْعٌ، وَيُتَّجَهُ أَنَّهُ الْأَكْمَلُ، وَأَنَّ أَصْلَ السُّنَّةِ يَحْصُلُ بِوَضْعِ الْيَمِينِ، قِيلَ لَكِنَّهُ يَجْعَلُ بَطْنَهُ عَلَى فِيهِ عَكْسِ الْيُسْرَى، ثُمَّ قَالَ: تَنْبِيهٌ: قَالَ الْحَافِظُ الْعِرَاقِيُّ: الْأَمْرُ بِوَضْعِ الْيَدِ عَلَى فَمِهِ هَلْ الْمُرَادُ بِهِ وَضْعُهَا عَلَيْهِ إذَا انْفَتَحَ بِالتَّثَاؤُبِ أَوْ وَضْعُهَا عَلَى الْفَمِ الْمُنْطَبِقِ حِفْظًا لَهُ عَنْ الِانْفِتَاحِ بِسَبَبِ ذَلِكَ؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ. أَقُولُ: قَضِيَّةُ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي مَنْعِهِ مِنْ الدُّخُولِ، أَمَّا لَوْ رَدَّهُ فَارْتَدَّ فَلَا حَاجَةَ لِلِاسْتِعَانَةِ بِالْيَدِ مَعَ انْتِفَائِهِ بِدُونِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَهُوَ إذَا رَآهَا) أَيْ يَدَهُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُوَجَّهُ مَا قَالُوهُ) أَيْ مِنْ سَنِّ الْيَسَارِ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ التَّثَاؤُبُ) أَيْ حَيْثُ أَمْكَنَهُ دَفْعُهُ، وَعِبَارَةُ الْمُنَاوِيِّ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ لِلْجَامِعِ عِنْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «التَّثَاؤُبُ مِنْ الشَّيْطَانِ» نَصُّهَا: وَفِيهِ كَرَاهَةُ التَّثَاؤُبِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا، وَبِهِ صَرَّحَ فِي التَّحْقِيقِ لِلشَّافِعِيَّةِ. قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ مَكْرُوهًا أَنْ يَجْرِيَ مَعَهُ، وَإِلَّا فَدَفْعُهُ وَرَدُّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ لَهُ، وَإِنَّمَا خَصَّ الصَّلَاةَ فِي الرِّوَايَاتِ؛ لِأَنَّهَا أَوْلَى الْأَحْوَالِ بِهِ. اهـ. قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: وَتَثَاءَبْت بِالْمَدِّ وَالْهَمْزِ وَلَا تَقُلْ تَثَاوَبْت انْتَهَى. أَيْ فَإِنَّهُ عَامِّيٌّ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ: وَمَسْحُ نَحْوِ الْحَصَى) ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَلِمُخَالَفَتِهِ التَّوَاضُعَ وَالْخُشُوعَ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ كَرَاهَةِ ذَلِكَ مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ تَشْوِيهٌ كَانَ كَأَنْ يَعْلَقَ مِنْ الْمَوْضِعِ تُرَابٌ بِجَبْهَتِهِ أَوْ عِمَامَتِهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ بِضِيقِ الْخُفِّ) عِبَارَةُ حَجّ: أَيْ بِالرِّيحِ، وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِمَا فِي الشَّارِحِ وَمَا فِي الْقَامُوسِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: أَوْ حَاقِمًا) أَيْ أَوْ صَافِنًا، وَهُوَ الْوُقُوفُ عَلَى رَجُلٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَوْ صَافِدًا، وَهُوَ الْوُقُوفُ لَاصِقًا لِلْقَدَمَيْنِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسَعًا) أَيْ فَإِنْ ضَاقَ وَجَبَتْ الصَّلَاةُ مَعَ ذَلِكَ إلَّا إنْ خَافَ ضَرَرًا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً، ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي حَالِ الصَّلَاةِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الَّذِي يَسْتُرُهُ الْخَاتَمُ مِنْ الْيَدِ قَلِيلٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا تَسْتُرُهُ الْجِلْدَةُ. (قَوْلُهُ: فَأَيُّ وَاحِدَةٍ نَحَّى بِهَا) الْأَوْلَى فِي التَّعْبِيرِ أَنْ يُقَالَ: رَدَّ بِهَا أَوْ وَضَعَهَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ إذْ لَا تَنْحِيَةَ كَمَا قَرَّرَهُ (قَوْلُهُ: لِدَفْعِ مُسْتَقْذَرٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَنْحِيَةً.

[الصلاة حاقنا بالبول أو حاقبا بالغائط أو حازقا للريح]

وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْ الْفَرْضِ بِطُرُوِّ ذَلِكَ لَهُ فِيهِ إلَّا إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ حُصُولُ ضَرَرٍ بِكَتْمِهِ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ فَلَهُ حِينَئِذٍ الْخُرُوجُ مِنْهُ وَتَأْخِيرُهُ عَنْ الْوَقْتِ، وَالْعِبْرَةُ فِي كَرَاهَةِ ذَلِكَ بِوُجُودِهِ عِنْدَ التَّحَرُّمِ، وَيَلْحَقُ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ مَا لَوْ عَرَضَ لَهُ قَبْلَ التَّحَرُّمِ، وَعُلِمَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ يَعُودُ لَهُ فِي أَثْنَائِهَا (أَوْ بِحَضْرَةِ) بِتَثْلِيثِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ (طَعَامٍ) مَأْكُولٍ أَوْ مَشْرُوبٍ (يَتُوقُ) بِالْمُثَنَّاةِ أَيْ يَشْتَاقُ (إلَيْهِ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ " لَا صَلَاةَ " أَيْ كَامِلَةً " بِحَضْرَةِ طَعَامٍ وَلَا، وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ " بِالْمُثَلَّثَةِ: أَيْ الْبَوْلُ وَالْغَائِطُ وَتَوَقَانُ النَّفْسِ فِي غَيْبَةِ الطَّعَامِ بِمَنْزِلَةِ حُضُورِهِ إنْ رَجَى حُضُورَهُ عَنْ قُرْبٍ كَمَا قَيَّدَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ ابْنِ دَقِيقٍ الْعِيدِ، وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالتَّوْقِ يُفْهِمُ أَنَّهُ يَأْكُلُ مَا يَزُولُ بِهِ ذَلِكَ، لَكِنَّ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي الْأَعْذَارِ الْمُرَخِّصَةِ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ أَنَّهُ يَأْكُلُ حَاجَتَهُ بِكَمَالِهَا، وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا. (وَ) يُكْرَهُ (أَنْ) (يَبْصُقَ) فِي صَلَاتِهِ أَوْ خَارِجَهَا، وَهُوَ بِالصَّادِ وَالزَّايِ وَالسِّينِ (قِبَلَ وَجْهِهِ) لَكِنْ حَيْثُ كَانَ مَنْ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ مُسْتَقْبِلًا كَمَا بَحَثَ بَعْضُهُمْ تَقْيِيدَ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ مُتَّجِهًا لِلْقِبْلَةِ إكْرَامًا لَهَا (أَوْ عَنْ يَمِينِهِ) لِصِحَّةِ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ بَلْ يَبْصُقُ عَنْ يَسَارِهِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي غَيْرِ مَسْجِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَمَّا فِيهِ فَبُصَاقُهُ عَنْ يَمِينِهِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ يَسَارِهِ، وَإِنَّمَا كُرِهَ الْبُصَاقُ عَنْ الْيَمِينِ ـــــــــــــــــــــــــــــSإلَّا أَنَّ قَوْلَهُ الْآتِي يُبِيحُ التَّيَمُّمَ قَدْ يَقْتَضِي خِلَافَهُ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيمَا يُؤَدِّي إلَى خُرُوجِ الْوَقْتِ بَيْنَ حُصُولِهِ فِيهَا أَوْ لَا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْ الْفَرْضِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْ الْفَرْضِ) خَرَجَ بِهِ النَّفَلُ فَلَا يَحْرُمُ الْخُرُوجُ مِنْهُ، وَإِنْ نَذَرَ إتْمَامَ كُلِّ نَفْلٍ دَخَلَ فِيهِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْإِتْمَامِ لَا يُلْحِقُهُ بِالْفَرْضِ، وَيَنْبَغِي كَرَاهَتُهُ عِنْدَ طُرُوُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: مَا لَوْ عَرَضَ لَهُ قَبْلَ التَّحَرُّمِ) أَيْ فَرَدَّهُ وَعَلِمَ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِالْمُثَنَّاةِ) أَيْ تَحْتَ وَفَوْقَ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: وَالنَّفْسُ أُنْثَى إنْ أُرِيدَ بِهَا الرُّوحُ قَالَ تَعَالَى {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [النساء: 1] ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الشَّخْصُ فَمُذَكَّرٌ، وَجَمْعُ النَّفْسِ أَنْفُسٌ وَنُفُوسٌ مِثْلُ فَلْسٍ وَأَفْلُسٍ وَفُلُوسٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْ يَشْتَاقُ إلَيْهِ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَدَّ جُوعُهُ وَلَا عَطَشُهُ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي الْفَاكِهَةِ، وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعَصْرِ التَّقْيِيدُ بِالشَّدِيدَيْنِ فَاحْذَرْهُ. وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ قَوْلُهُ: تَتُوقُ شَامِلٌ لِمَنْ لَيْسَ بِهِ جُوعٌ وَعَطَشٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْفَوَاكِهِ وَالْمَشَارِبِ اللَّذِيذَةِ قَدْ تَتُوقُ النَّفْسُ إلَيْهَا مِنْ غَيْرِ جُوعٍ وَلَا عَطَشٍ، بَلْ لَوْ لَمْ يَحْضُرْ ذَلِكَ وَحَصَلَ التَّوَقَانُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَيْ كَامِلَةَ) يَجُوزُ نَصْبُهُ صِفَةً لِصَلَاةَ وَرَفْعُهُ صِفَةً لَهَا بِالنَّظَرِ لِلْمَحَلِّ، وَقَوْلُهُ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ خَبَرٌ، وَقَوْلُهُ: وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ فِيهِ أَنَّ الْوَاوَ لَا تَدْخُلُ عَلَى الْخَبَرِ، وَلَا عَلَى الصِّفَةِ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ عِنْدَهُمْ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ جُمْلَةً، وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ حَالًا وَيُقَدَّرُ الْخَبَرُ كَامِلَةً: أَيْ لَا صَلَاةَ كَامِلَةَ حَالَ مُدَافَعَةِ الْأَخْبَثَيْنِ. (قَوْلُهُ: إنْ رَجَى حُضُورَهُ عَنْ قُرْبٍ) أَيْ بِحَيْثُ لَا يَفْحُشُ مَعَهُ التَّأْخِيرُ، وَإِنْ كَانَ تَهَيُّؤُهُ لِلْأَكْلِ إنَّمَا يَتَأَتَّى بَعْدَ مُدَّةٍ قَلِيلَةٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ) قَالَ ع بَعْدَ مِثْلِ مَا ذُكِرَ: وَأَمَّا مَا تَأَوَّلَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ مِنْ أَنَّهُ يَأْكُلُ لُقَمًا يَكْسِرُ بِهَا سَوْرَةَ الْجُوعِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: كَلَامُهُ هَذَا يُخَالِفُ الْأَصْحَابَ، وَجَعَلَ الْعُذْرَ قَائِمًا إلَى الشِّبَعِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بَقَاءُ الْكَرَاهَةِ فِي مَسْأَلَتِنَا إلَى الشِّبَعِ: يَعْنِي مَسْأَلَةَ الْكِتَابِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا. وَوَجْهُ عَدَمِ اللُّزُومِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَنْقَطِعَ الْكَرَاهَةُ بَعْدَ تَنَاوُلِ مَا يَكْسِرُ سَوْرَةَ الْجُوعِ، وَإِنْ طَلَبَ مِنْهُ اسْتِيفَاءَ الشِّبَعِ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ طَلَبِ اسْتِيفَائِهِ اسْتِمْرَارُ الْكَرَاهَةِ بَعْدَ أَكْلِ اللُّقَمِ. انْتَهَى. (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا) أَيْ بِأَنْ يَسَعَهَا كُلَّهَا أَدَاءً بَعْدَ فَرَاغِ الْأَكْلِ. (قَوْلُهُ: مَنْ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ) مُسْتَقْبِلًا: أَيْ خِلَافًا لحج - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: عَنْ يَمِينِهِ أَوْلَى) أَيْ فِي كُمِّهِ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ حُرْمَةِ الْبُصَاقِ فِي الْمَسْجِدِ. لَا يُقَالُ: لِمَ قَدَّمَ الْيَمِينَ عَلَى جِهَةِ الْوَجْهِ فِي هَذِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الصَّلَاةُ حَاقِنًا بِالْبَوْلِ أَوْ حَاقِبًا بِالْغَائِطِ أَوْ حَازِقًا لِلرِّيحِ] (قَوْلُهُ: أَيْ يَشْتَاقُ) تَفْسِيرٌ مُرَادٌ مِنْ التَّوْقِ وَإِلَّا فَهُوَ شِدَّةُ الشَّوْقِ. [كَرَاهَة البصق فِي الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجَهَا قِبَلَ وَجْهِهِ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ] (قَوْلُهُ: لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ يَسَارِهِ)

إكْرَامًا لِلْمَلَكِ وَلَمْ يُرَاعَ مَلَكُ الْيَسَارِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ أُمُّ الْحَسَنَاتِ الْبَدَنِيَّةِ، فَإِذَا دَخَلَ فِيهَا تَنَحَّى عَنْهُ مَلَكُ الْيَسَارِ إلَى فَرَاغِهِ مِنْهَا إلَى مَحَلٍّ لَا يُصِيبُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَالْبُصَاقُ حِينَئِذٍ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى الْقَرِينِ، وَهُوَ الشَّيْطَانُ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ بَصَقَ فِي ثَوْبِهِ فِي الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ وَحَكَّ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ وَلَا يَبْصُقُ فِيهِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقِ لِخَبَرِ «الْبُصَاقُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا» . وَيَجِبُ الْإِنْكَارُ عَلَى فَاعِلِهِ، وَيَحْصُلُ الْغَرَضُ وَلَوْ بِدَفْنِهَا فِي تُرَابِهِ أَوْ رَمْلِهِ، بِخِلَافِ الْمِيَاهِ فَدَلْكُهَا فِيهِ لَيْسَ بِدَفْنٍ بَلْ زِيَادَةٌ فِي تَقْذِيرِهِ، وَيُسَنُّ تَطْيِيبُ مَحَلِّهِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ إزَالَتُهُ مِنْهُ مِنْ كَوْنِ الْبَصْقِ مُحَرَّمًا فِيهِ لِلِاخْتِلَافِ فِي تَحْرِيمِهِ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي دَفْعِ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي كَمَا مَرَّ، وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ جَوَازَ الدَّلْكِ إذَا لَمْ يَبْقَ لَهُ أَثَرٌ أَصْلًا، وَالْمُرَادُ أَنَّ ذَلِكَ يَقْطَعُ الْحُرْمَةَ حِينَئِذٍ، وَإِنَّمَا يَحْرُمُ فِيهِ إنْ بَقِيَ جُرْمُهُ لَا إنْ اسْتَهْلَكَ فِي نَحْوِ مَاءِ مَضْمَضَةٍ وَأَصَابَ جُزْءًا مِنْ أَجْزَائِهِ دُونَ هَوَائِهِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْفَاعِلُ دَاخِلَهُ أَمْ خَارِجَهُ؛ لِأَنَّ الْمَلْحَظَ التَّقْذِيرُ، وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي ذَلِكَ كَالْفَصْدِ فِي إنَاءٍ أَوْ عَلَى قُمَامَةٍ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ حَاجَةٌ وَمَا زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ حُرْمَتِهِ فِي هَوَائِهِ، وَإِنْ لَمْ يُصِبْ شَيْئًا مِنْ أَجْزَائِهِ، وَأَنَّ الْفَصْدَ مُقَيَّدٌ بِالْحَاجَةِ إلَيْهِ فِيهِ مَرْدُودٌ وَيَجِبُ إخْرَاجُ نَجِسٍ مِنْهُ فَوْرًا عَيْنًا عَلَى مَنْ عَلِمَ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالصُّورَةِ. لِأَنَّا نَقُولُ: جِهَةُ الْقِبْلَةِ أَعْظَمُ مِنْ غَيْرِهَا فَرُوعِيَتْ (قَوْلُهُ: إكْرَامًا لِلْمَلَكِ) هَذِهِ الْحِكْمَةُ لَا تَظْهَرُ فِي الْبُصَاقِ خَارِجَهَا (قَوْلُهُ: إنَّمَا يَقَعُ عَلَى الْقَرِينِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الشَّيْطَانَ لَا يُفَارِقُهُ فِي الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ: وَحَكَّ بَعْضَهُ) أَيْ لِتَزُولَ صُورَتُهُ وَلَا يَسْقُطُ مِنْهُ شَيْءٌ فِي الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: وَكَفَّارَتُهَا) أَيْ فَهِيَ دَافِعَةٌ لِابْتِدَاءِ الْإِثْمِ وَدَوَامِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ اهـ زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: وَيَحْصُلُ الْغَرَضُ) أَيْ، وَهُوَ كَفَّارَتُهَا (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ تَطْيِيبُ مَحَلِّهِ) أَيْ بِنَحْوِ مِسْكٍ أَوْ زَبَادٍ أَوْ بَخُورٍ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ دَفْعُ السَّيِّئَةِ بِفِعْلِ حَسَنَةٍ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ إزَالَتُهُ مِنْهُ) أَيْ وَاكْتَفَى بِالدَّفْنِ لِلِاخْتِلَافِ إلَخْ مَحَلُّ عَدَمِ الْوُجُوبِ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ بِبَقَائِهِ تَقْدِيرٌ لِلْمَسْجِدِ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَلَكِنْ تَجِبُ إزَالَتُهُ: أَيْ الْبُصَاقِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَقْذَرٌ م ر (قَوْلُهُ: لِلِاخْتِلَافِ فِي تَحْرِيمِهِ) فِيهِ مَا مَرَّ وَمَعَ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ لِلِاخْتِلَافِ إلَخْ يَقْتَضِي عَدَمَ وُجُوبِ الْإِنْكَارِ عَلَى فَاعِلِهِ وَقَدْ صَرَّحَ بِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: يَقْطَعُ الْحُرْمَةَ) وَيُحْتَمَلُ انْقِطَاعُهَا مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ حُكْمٌ بِالْخَطِيئَةِ عَلَى نَفْسِ الْفِعْلِ، فَقَوْلُهُ فِيهِ وَكَفَّارَتُهَا: أَيْ الْخَطِيئَةِ دَفْنُهَا صَرِيحٌ فِي تَكْفِيرِ الْخَطِيئَةِ عَلَى الْفِعْلِ فَتُرْفَعُ الْحُرْمَةُ مُطْلَقًا. اهـ سم عَلَى حَجّ. [فَرْعٌ] قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَكَذَا يُكْرَهُ عَمَلُ صِنَاعَةٍ فِيهِ: أَيْ فِي الْمَسْجِدِ إنْ كَثُرَ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الِاعْتِكَافِ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ خَسِيسَةً تُزْرِي بِالْمَسْجِدِ وَلَمْ يَتَّخِذْ حَانُوتًا يَقْصِدُ فِيهِ بِالْعَمَلِ، وَإِلَّا فَيَحْرُمُ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي فَتَاوِيهِ. اهـ. وَقَيَّدَ م ر قَوْلَهُ: وَلَمْ يَتَّخِذْهُ حَانُوتًا بِمَا إذَا صَارَ ذَلِكَ الِاتِّخَاذُ مُزْرِيًا بِهِ، قَالَ: وَلَا يُنَافِيهِ مُقَابَلَتُهُ بِمَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْإِزْرَاءَ فِي الْأَوَّلِ مِنْ ذَاتِ الصَّنْعَةِ بِخِلَافِ الثَّانِي. [فَرْعٌ] سُئِلَ م ر عَنْ الْوُضُوءِ عَلَى حُصْرِ الْمَسْجِدِ أَيَحْرُمُ؟ فَقَالَ يَحْرُمُ؛ لِأَنَّ فِيهِ إزْرَاءً بِهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَأَصَابَ جُزْءًا) عَطْفٌ عَلَى بَقِيَ لَا عَلَى اسْتَهْلَكَ كَمَا يُتَوَهَّمُ (قَوْلُهُ: فَوْرًا عَيْنًا عَلَى مَنْ عَلِمَ بِهِ) أَيْ فَإِنْ أَخَّرَ حَرُمَ عَلَيْهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ عَنْ يَمِينِ الْحُجْرَةِ الشَّرِيفَةِ وَهُوَ مُسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ: إكْرَامًا لِلْمَلَكِ) إنَّمَا يَظْهَرُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُصَلِّي عَلَى أَنَّ فِي هَذِهِ الْحِكْمَةِ وَقْفَةً إنْ لَمْ تَكُنْ عَنْ تَوْقِيفٍ، وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ حَجّ: وَلَا بُعْدَ فِي مُرَاعَاةِ مِلْكِ الْيَمِينِ دُونَ مِلْكِ الْيَسَارِ إظْهَارًا لِشَرَفِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ الْإِنْكَارُ عَلَى فَاعِلِهِ) أَيْ بِشَرْطِهِ، وَهُوَ كَوْنُ الْفَاعِلِ

[الفرقعة في الصلاة أو تشبيك الأصابع]

وَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّ بِهِ وَاضِعَهُ. وَلَا يَحْرُمُ الْبَصْقُ عَلَى حَصِيرِ الْمَسْجِدِ إنْ أَمِنَ وُصُولَ شَيْءٍ مِنْهُ لَهُ مِنْ حَيْثُ الْبُصَاقُ فِي الْمَسْجِدِ. (وَ) يُكْرَهُ (وَضْعُ يَدِهِ) أَيْ الْمُصَلِّي ذَكَرًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (عَلَى خَاصِرَتِهِ) مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْ الِاخْتِصَارِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلُ الْكُفَّارِ أَوْ الْمُتَكَبِّرِينَ، وَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ رَاحَةُ أَهْلِ النَّارِ فِيهَا؛ وَلِأَنَّ إبْلِيسَ أُهْبِطَ مِنْ الْجَنَّةِ كَذَلِكَ. وَيُكْرَهُ أَنْ يُرَوِّحَ عَلَى نَفْسِهِ فِي الصَّلَاةِ وَأَنْ يُفَرْقِعَ أَصَابِعَهُ أَوْ يُشَبِّكَهَا؛ لِأَنَّهُ عَبَثٌ، وَأَنْ يَمْسَحَ وَجْهَهُ فِيهَا وَقَبْلَ انْصِرَافِهِ مِمَّا يَعْلَقُ بِهِ مِنْ نَحْوِ غُبَارٍ (وَ) تُكْرَهُ (الْمُبَالَغَةُ فِي خَفْضِ الرَّأْسِ) عَنْ الظَّهْرِ (فِي رُكُوعِهِ) وَكَذَا خَفْضُهُ عَنْ أَكْمَلِ الرُّكُوعِ، وَإِنْ لَمْ يُبَالِغْ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ. (وَ) تُكْرَهُ (الصَّلَاةُ فِي الْحَمَّامِ) وَلَوْ فِي مَسْلَخِهِ لِخَبَرِ «الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ إلَّا الْمَقْبَرَةَ وَالْحَمَّامَ» وَلِأَنَّهُ مَأْوَى الشَّيَاطِينِ عَلَى أَصَحِّ الْعِلَلِ، وَخَرَجَ بِالْحَمَّامِ سَطْحُهَا فَلَا تُكْرَهُ فِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِهِ عَنْ الزَّبَدِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَلَوْ عَلِمَ بِهِ غَيْرُهُ بَعْدُ صَارَتْ فَرْضَ كِفَايَةٍ عَلَيْهِمَا ثُمَّ إنْ أَزَالَهَا الْأَوَّلُ سَقَطَ الْحَرَجُ، وَيَنْبَغِي دَفْعُ الْإِثْمِ عَنْهُ مِنْ أَصْلِهِ عَلَى نَظِيرِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْبُصَاقِ أَوْ الثَّانِي سَقَطَ الْحَرَجُ، وَلَمْ تَنْقَطِعْ حُرْمَةُ التَّأْخِيرِ عَنْ الْأَوَّلِ إذْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ مَا يُكَفِّرُهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّ بِهِ وَاضِعُهُ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَنْ هُوَ مُعَدٌّ لِذَلِكَ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ الْبُصَاقُ) أَيْ، وَإِنْ حَرُمَ مِنْ حَيْثُ إنَّ فِيهِ تَقْدِيرَ حَقِّ الْغَيْرِ، وَهُوَ الْمَالِكُ إنْ وَضَعَهَا فِي الْمَسْجِدِ لِمَنْ يُصَلِّي عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ وَقْفٍ وَمَنْ يَنْتَفِعُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ مَوْقُوفَةً لِلصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ وَضْعُ يَدِهِ) أَيْ جِنْسُهَا الصَّادِقُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: أَنَّهُ رَاحَةُ أَهْلِ النَّارِ فِيهَا) وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا نَصُّهُ: ع رَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ «الِاخْتِصَارُ فِي الصَّلَاةِ رَاحَةٌ لِأَهْلِ النَّارِ» قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَعْنِي فِعْلَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَهُمْ أَهْلُ النَّارِ. اهـ. وَفِي نُسَخٍ مُتَعَدِّدَةٍ إسْقَاطُ لَفْظَةٍ فِيهَا وَعَلَيْهِ فَلَا مُعَارَضَةَ. (قَوْلُهُ: أَوْ يُشَبِّكَهَا) أَيْ فِي الصَّلَاةِ وَكَذَا خَارِجَهَا إنْ كَانَ مُنْتَظِرًا لَهَا أَوْ مُتَوَجِّهًا إلَيْهَا فِي الطَّرِيقِ كَمَا يَأْتِي فِي غُسْلِ الْجُمُعَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. (قَوْلُهُ: وَقَبْلَ انْصِرَافِهِ) أَيْ مِنْ مَحَلِّ صَلَاتِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَاقْتَصَرَ حَجّ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْ بَعْضِ الْحُفَّاظِ عَلَى كَوْنِهِ فِي الصَّلَاةِ. وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي الْحَمَّامِ وَتُنْدَبُ إعَادَتُهَا وَلَوْ مُنْفَرِدًا لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَكَذَا كُلُّ صَلَاةٍ اُخْتُلِفَ فِي صِحَّتِهَا يُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا عَلَى وَجْهٍ يَخْرُجُ بِهِ مِنْ الْخِلَافِ وَلَوْ مُنْفَرِدًا وَخَارِجَ الْوَقْتِ وَمِرَارًا (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْحَمَّامِ سَطْحُهَا) أَنَّثَهُ بِاعْتِبَارِ الْبُقْعَةِ، وَإِلَّا فَالْحَمَّامُ مُذَكَّرٌ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ) هِيَ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَرَى حُرْمَتَهُ، وَيُحْتَمَلُ وُجُوبُهُ هُنَا مُطْلَقًا لِتَعَدِّي ضَرَرِهِ إلَى الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ الْبُصَاقُ فِي الْمَسْجِدِ) أَيْ أَمَّا مِنْ حَيْثُ التَّقْدِيرُ مِمَّا لَا يَمْلِكُهُ فَالْحُرْمَةُ ثَابِتَةٌ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ فِعْلُ الْكُفَّارِ أَوْ الْمُتَكَبِّرِينَ إلَخْ) عِبَارَةُ الشِّهَابِ حَجّ فِي التُّحْفَةِ: وَعِلَّتُهُ أَنَّهُ فِعْلُ الْكُفَّارِ أَوْ الْمُتَكَبِّرِينَ لِمَا صَحَّ أَنَّهُ رَاحَةُ أَهْلِ النَّارِ أَوْ الشَّيْطَانِ لِمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: أَنَّ إبْلِيسَ هَبَطَ مِنْ الْجَنَّةِ كَذَلِكَ انْتَهَتْ. وَقَوْلُهُ: لِمَا صَحَّ أَنَّهُ رَاحَةُ أَهْلِ النَّارِ دَلِيلٌ لِكَوْنِهِ فِعْلَ الْكُفَّارِ أَوْ الْمُتَكَبِّرِينَ اللَّذَيْنِ قَالَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا قَائِلٌ، إذْ أَهْلُ النَّارِ هُمْ الْكُفَّارُ وَالْمُتَكَبِّرُونَ، وَالْمُرَادُ أَنَّ هَذَا فِعْلُهُمْ فِي صَلَاتِهِمْ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ رِوَايَةُ ابْنِ حِبَّانَ «الِاخْتِصَارُ فِي الصَّلَاةِ رَاحَةُ أَهْلِ النَّارِ» وَقَوْلُهُ: أَوْ الشَّيْطَانِ مَعْطُوفٌ عَلَى الْكُفَّارِ وَدَلِيلُهُ مَا بَعْدَهُ، وَفِي نُسَخٍ مِنْ الشَّارِحِ لَفْظُ فِيهَا عَقِبَ قَوْلِهِ رَاحَةُ أَهْلِ النَّارِ وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ لِمَا عَلِمْت. [الْفَرْقَعَةُ فِي الصَّلَاة أَوْ تَشْبِيكُ الْأَصَابِع] (قَوْلُهُ: وَكَذَا خَفْضُهُ) أَيْ الرَّأْسَ، وَقَوْلُهُ: عَنْ أَكْمَلِ الرُّكُوعِ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِالْخَفْضِ فِي أَقَلِّ الرُّكُوعِ لَا يُكْرَهُ، وَكَأَنَّهُ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ كَالشِّهَابِ حَجّ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ وَإِلَّا فَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ الَّذِي نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ مُعْتَرِضًا بِهِ تَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ بِالْمُبَالَغَةِ، بَلْ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ سِيَاقُهُ لَيْسَ فِيهِ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِأَكْمَلِ الرُّكُوعِ، وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ فِي الْقُوتِ: قُلْت فَأَفْهَمَ: أَيْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْخَفْضَ بِدُونِ الْمُبَالَغَةِ لَا يُكْرَهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ. قَالَ فِي الْأُمِّ: فَإِنْ رَفَعَ رَأْسَهُ عَنْ ظَهْرِهِ أَوْ ظَهْرَهُ عَنْ رَأْسِهِ أَوْ جَافَى ظَهْرَهُ حَتَّى يَكُونَ كَالْمُحْدَوْدَبِ كَرِهْت ذَلِكَ لَهُ انْتَهَى. وَلَا شَكَّ أَنَّ ذَلِكَ خِلَافُ السُّنَّةِ كَمَا سَبَقَ فِي فَصْلِ الرُّكُوعِ، وَالْمُبَالَغَةُ أَشَدُّ كَرَاهَةً، إلَى أَنْ قَالَ: فَتَقْيِيدُهُ بِالْمُبَالَغَةِ خِلَافُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ.

[الصلاة في الكنيسة والبيعة]

فِي الْحَمَّامِ الْجَدِيدِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِانْتِقَاءِ الْعِلَّةِ فِيهَا مَعَ انْتِفَاءِ مَا عَلَّلَ بِهِ أَيْضًا مِنْ كَشْفِ الْعَوْرَاتِ فِيهَا وَاشْتِغَالِ الْقَلْبِ بِمُرُورِ النَّاسِ وَغَلَبَةِ النَّجَاسَةِ فِيهِ إذْ لَا يَصِيرُ مَأْوَى الشَّيَاطِينِ إلَّا بِكَشْفِ الْعَوْرَةِ فِيهِ، وَمِثْلُ الْحَمَّامِ كُلُّ مَحَلِّ مَعْصِيَةٍ (وَ) فِي (الطَّرِيقِ) وَالْبُنْيَانِ وَقْتَ مُرُورِ النَّاسِ بِهِ كَالْمَطَافِ؛ لِأَنَّهُ يَشْغَلُهُ بِخِلَافِ الصَّحْرَاءِ الْخَالِي عَنْ النَّاسِ كَمَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَقِيلَ لِغَلَبَةِ النَّجَاسَةِ لِلنَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ فِي قَارِعَةِ الطَّرِيقِ، وَهِيَ أَعْلَاهُ، وَقِيلَ صَدْرُهُ وَقِيلَ مَا بَرَزَ مِنْهُ، وَالْجَمِيعُ مُتَقَارِبٌ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فَلَا يَنْتَفِي الْحُكْمُ بِانْتِفَاءِ بَعْضِهَا. وَتُكْرَهُ فِي الْأَسْوَاقِ وَالرِّحَابِ الْخَارِجَةِ عَنْ الْمَسْجِدِ كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ (وَ) فِي (الْمَزْبَلَةِ) أَيْ مَحَلِّ الزِّبْلِ وَنَحْوِهِ، وَهِيَ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا وَالْمَجْزَرَةِ وَمِثْلُهُ كُلُّ نَجَاسَةٍ مُتَيَقَّنَةٍ وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا إذَا فَرَشَ عَلَيْهِ طَاهِرًا وَصَلَّى، وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ لِمُلَاقَاتِهِ نَجَسًا فِيهَا، وَإِنَّمَا تُكْرَهُ عَلَى الْحَائِلِ إذَا كَانَتْ النَّجَاسَةُ مُحَقَّقَةً وَحَاذَاهَا فَإِنْ بَسَطَهُ عَلَى مَا غَلَبَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ لَمْ تُكْرَهْ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ لِضَعْفِ ذَلِكَ بِالْحَائِلِ. (وَ) فِي (الْكَنِيسَةِ) ، وَهِيَ بِفَتْحِ الْكَافِ مُتَعَبَّدُ الْيَهُودِ، وَالْبِيعَةِ، وَهِيَ بِكَسْرِ الْبَاءِ مُتَعَبَّدُ النَّصَارَى وَنَحْوِهِمَا مِنْ أَمَاكِنِ الْكُفْرِ؛ لِأَنَّهَا مَأْوَى الشَّيَاطِينِ، وَيَمْتَنِعُ عَلَيْنَا دُخُولُهَا عِنْدَ مَنْعِهِمْ لَنَا مِنْهُ، وَكَذَا إنْ كَانَ فِيهَا صُوَرٌ مُعَظَّمَةٌ كَمَا سَيَأْتِي. (وَ) فِي (عَطَنِ الْإِبِلِ) وَلَوْ طَاهِرًا، وَهِيَ مَا تَنَحَّى إلَيْهِ إذَا شَرِبَتْ لِيَشْرَبَ غَيْرُهَا، فَإِذَا اجْتَمَعَتْ سِيقَتْ مِنْهُ لِلْمَرْعَى لِخَبَرِ «صَلَّوْا فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ» أَيْ فِي مَرَاقِدِهَا «وَلَا تُصَلُّوا فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ فَإِنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ الشَّيَاطِينِ» الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ أَنَّ الْإِبِلَ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ يَشْتَدَّ نِفَارُهَا فَيُشَوِّشُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ مَأْوَى الشَّيَاطِينِ (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ) أَيْ خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: كُلُّ مَحَلِّ مَعْصِيَةٍ) كَالصَّاغَةِ وَمَحَلِّ الْمَكْسِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْمَعْصِيَةُ مَوْجُودَةً حِينَ صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّ مَا هُوَ كَذَلِكَ مَأْوًى لِلشَّيَاطِينِ (قَوْلُهُ: وَالْبُنْيَانِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الطَّرِيقُ فِي الْبُنْيَانِ كَمَا يَدُلُّ لَهُ كَلَامُ حَجّ وَعِبَارَتُهُ: وَالطَّرِيقُ فِي صَحْرَاءَ أَوْ بُنْيَانٍ وَقْتَ مُرُورِ النَّاسِ بِهِ كَالْمَطَافِ؛ لِأَنَّهُ يَشْغَلُهُ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ اسْتِقْبَالُهُ كَالْوُقُوفِ بِهِ. اهـ. وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ: وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ أَنَّ حُكْمَ اسْتِقْبَالِ الطَّرِيقِ كَالْوُقُوفِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ الْكَرَاهَةِ فِي ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ ثَمَّ مَنْ يَشْغَلُهُ وَلَوْ احْتِمَالًا، أَمَّا إذَا قُطِعَ بِانْتِفَاءِ ذَلِكَ كَكَوْنِهِ فِي رَحْبَةٍ خَالِيَةٍ لَيْلًا فَلَا كَرَاهَةَ، وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الْأَسْوَاقِ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ مَحَلَّ مَعْصِيَةٍ [الصَّلَاةُ فِي الْكَنِيسَةِ وَالْبِيعَةِ] (قَوْلُهُ: وَفِي الْكَنِيسَةِ) وَلَوْ جَدِيدَةً فِيمَا يَظْهَرُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْحَمَّامِ الْجَدِيدِ بِغِلَظِ أَمْرِهَا لِكَوْنِهَا مُعَدَّةً لِلْعِبَادَةِ الْفَاسِدَةِ فَأَشْبَهَتْ الْخَلَاءَ الْجَدِيدَ بَلْ أَوْلَى مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِمَا) أَيْ مِنْ كُلِّ مَا يُعَظِّمُونَهُ لَهُ (قَوْلُهُ: صُوَرٌ مُعَظَّمَةٌ) أَيْ لَهُمْ. [الصَّلَاةُ فِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ] (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ الشَّيَاطِينِ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الصَّلَاةُ فِي الْحَمَّامِ] قَوْلُهُ: كَمَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ) يَعْنِي تَقْيِيدَ الْكَرَاهَةِ بِالْبُنْيَانِ وَنَفْيَهَا فِي الصَّحْرَاءِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِلْبُنْيَانِ وَقْتَ مُرُورِ النَّاسِ بِهِ وَبِالنِّسْبَةِ لِلصَّحْرَاءِ الْخَالِي عَنْ النَّاسِ فَلَيْسَ مِنْ كَلَامِ التَّحْقِيقِ وَإِنَّمَا هُوَ حَمْلٌ مِنْهُ لِكَلَامِ التَّحْقِيقِ وَإِنْ أَوْهَمَ سِيَاقُهُ خِلَافَهُ، وَعِبَارَةُ التَّحْقِيقِ: وَقَارِعَةُ الطَّرِيقِ فِي الْبُنْيَانِ، قِيلَ وَفِي الْبَرِّيَّةِ انْتَهَتْ. فَحَمَلَهَا الشَّارِحُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ الْغَالِبَ فِي الطَّرِيقِ فِي الْبُنْيَانِ مُرُورُ النَّاسِ بِخِلَافِهِ فِي الصَّحْرَاءِ، فَتَلَخَّصَ أَنَّ الْمَدَارَ فِي الْكَرَاهَةِ عَلَى كَثْرَةِ مُرُورِ النَّاسِ وَفِي عَدَمِهَا عَلَى عَدَمِهِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى خُصُوصِ الْبُنْيَانِ وَالصَّحْرَاءِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لِغَلَبَةِ النَّجَاسَةِ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ يَشْغَلُهُ، وَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهُ عَقِبَهُ أَوْ تَغْيِيرَ هَذَا الصَّنِيعِ (قَوْلُهُ: لِلنَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ فِي قَارِعَةِ الطَّرِيقِ) تَعْلِيلٌ لِأَصْلِ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ) أَيْ مِنْ الْعِلَّتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ فِي قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ يَشْغَلُهُ وَفِي قَوْلِهِ وَقِيلَ لِغَلَبَةِ النَّجَاسَةِ، وَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَ هَذَا عَقِبَهُمَا، عَلَى أَنَّهُ لَا يُلَائِمُ مَا مَرَّ لَهُ مِنْ تَعْوِيلِهِ فِي الْحُكْمِ عَلَى أَوَّلِيهِمَا وَحِكَايَةِ ثَانِيَتِهِمَا بِقِيلَ. وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ ثُمَّ قِيلَ الْكَرَاهَةُ لِمُرُورِ النَّاسِ وَقِيلَ لِلنَّجَاسَةِ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ إلَخْ، وَبِالْجُمْلَةِ فَكَلَامُهُ فِي هَذِهِ السِّوَادَةِ فِي غَايَةِ الْقَلَاقَةِ

[الصلاة في المقبرة الطاهرة]

الْخُشُوعَ، وَلَا كَذَلِكَ الْغَنَمُ، وَلَا تَخْتَصُّ الْكَرَاهَةُ بِعَطَنِهَا بَلْ مَأْوَاهَا وَمَقِيلِهَا وَمَبَارِكِهَا بَلْ وَسَائِرِ مَوَاضِعِهَا كَذَلِكَ، وَالْكَرَاهَةُ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْعَطَنِ أَشَدُّ مِنْ مَأْوَاهَا إذْ نِفَارُهَا فِي الْعَطَنِ أَكْثَرُ. نَعَمْ لَا كَرَاهَةَ فِي عَطَنِهَا الطَّاهِرُ حَالَ غَيْبَتِهَا عَنْهُ، وَالْبَقَرُ كَالْغَنَمِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ، وَمَتَى كَانَ بِمَحَلِّ الْحَيَوَانِ نَجَاسَةٌ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِبِلِ وَغَيْرِهَا، لَكِنَّ الْكَرَاهَةَ فِيهَا حِينَئِذٍ لِعِلَّتَيْنِ، وَفِي غَيْرِهَا لِعِلَّةٍ وَاحِدَةٍ. (وَ) فِي (الْمَقْبَرَةِ) بِتَثْلِيثِ الْمُوَحَّدَةِ (الطَّاهِرَةِ) ، وَهِيَ الَّتِي لَمْ تُنْبَشْ أَوْ نُبِشَتْ وَفُرِشَ عَلَيْهَا طَاهِرٌ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ مَعَ خَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ» أَيْ أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ، وَخَبَرِ «لَا تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ وَلَا تُصَلُّوا إلَيْهَا» وَعِلَّتُهُ مُحَاذَاتُهُ لِلنَّجَاسَةِ سَوَاءٌ مَا تَحْتَهُ أَوْ أَمَامَهُ أَوْ بِجَانِبِهِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ تَفْتَرِقْ الْكَرَاهَةُ بَيْنَ الْمَنْبُوشَةِ بِحَائِلٍ وَغَيْرِهَا، وَلَا بَيْنَ الْمَقْبَرَةِ الْقَدِيمَةِ وَالْجَدِيدَةِ بِأَنْ دُفِنَ بِهَا أَوَّلُ مَيِّتٍ بَلْ لَوْ دُفِنَ مَيِّتٌ بِمَسْجِدٍ كَانَ كَذَلِكَ، وَتَنْتَفِي الْكَرَاهَةُ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْمُحَاذَاةِ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا لِبُعْدِ الْمَوْتَى عَنْهُ عُرْفًا، وَيُسْتَثْنَى كَمَا قَالَهُ فِي التَّوْشِيحِ مَقَابِرُ الْأَنْبِيَاءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ أَيْ إذَا كَانَتْ لَيْسَ فِيهَا مَدْفُونٌ سِوَى نَبِيٍّ أَوْ أَنْبِيَاءَ فَلَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ كُلَّ أَجْسَادِهِمْ وَلِأَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ فِي قُبُورِهِمْ يُصَلُّونَ، وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مَقَابِرُ شُهَدَاءِ الْمَعْرَكَةِ؛ لِأَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ، وَاعْتِرَاضُ الزَّرْكَشِيّ كَلَامَ التَّوْشِيحِ بِأَنَّ تَجْوِيزَ الصَّلَاةِ فِي مَقْبَرَةِ الْأَنْبِيَاءِ ذَرِيعَةٌ إلَى اتِّخَاذِهَا مَسْجِدًا، وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ اتِّخَاذِ مَقَابِرِهِمْ مَسْجِدًا وَسَدُّ الذَّرَائِعِ مَطْلُوبٌ لَا سِيَّمَا تَحْرِيمُ اسْتِقْبَالِ رَأْسِ قُبُورِهِمْ غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ هُنَا قَصْدُ اسْتِقْبَالِهَا لِتَبَرُّكٍ أَوْ نَحْوِهِ. وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الصَّلَاةِ إلَيْهَا اسْتِقْبَالُ رَأْسِهِ وَلَا اتِّخَاذُهُ مَسْجِدًا، عَلَى أَنَّ اسْتِقْبَالَ قَبْرِ غَيْرِهِمْ مَكْرُوهٌ أَيْضًا كَمَا أَفَادَهُ خَبَرُ «وَلَا تُصَلُّوا إلَيْهَا» فَحِينَئِذٍ الْكَرَاهَةُ لِشَيْئَيْنِ: اسْتِقْبَالُ الْقَبْرِ، وَمُحَاذَاةُ النَّجَاسَةِ. وَالثَّانِي ـــــــــــــــــــــــــــــSخُلِقَتْ عَلَى صِفَةٍ تُشْبِهُ الشَّيَاطِينَ مِنْ النُّفُورِ وَالْإِيذَاءِ. وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ: فَإِنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ الشَّيَاطِينِ، وَفِي رِوَايَةٍ: إنَّهَا جِنٌّ خُلِقَتْ، وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْإِبِلَ خُلِقَتْ مِنْ الشَّيَاطِينِ، بَلْ فِي حَدِيثٍ «إنَّ عَلَى سَنَامِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا شَيْطَانَيْنِ» وَالصَّلَاةُ تُكْرَهُ فِي مَأْوَى الشَّيَاطِينِ. اهـ. وَقَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ بَعْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ الشَّيَاطِينِ، زَادَ فِي رِوَايَةٍ: أَلَا تَرَى أَنَّهَا إذَا نَفَرَتْ كَيْفَ تَشْمَخُ بِأَنْفِهَا؟ قَالَ الْقَاضِي: الْمَرَابِضُ جَمْعُ مَرْبِضٍ، وَهُوَ مَأْوَى الْغَنَمِ، وَالْأَعْطَانُ الْمَبَارِكُ، وَالْفَارِقُ أَنَّ الْإِبِلَ كَثِيرَةُ النِّفَارِ فَلَا يَأْمَنُ الْمُصَلِّي فِي أَعْطَانِهَا أَنْ تَنْفِرَ وَتَقْطَعَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ إلَى آخِرِ مَا ذُكِرَ، ثُمَّ قَالَ: وَاسْتُشْكِلَ التَّعْلِيلُ بِكَوْنِهَا خُلِقَتْ مِنْ الشَّيَاطِينِ بِمَا ثَبَتَ أَنَّ الْمُصْطَفَى كَانَ يُصَلِّي النَّافِلَةَ عَلَى بَعِيرِهِ، وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْوَاحِدِ وَبَيْنَ كَوْنِهَا مُجْتَمِعَةً بِمَا طُبِعَتْ عَلَيْهِ مِنْ النِّفَارِ الْمُفْضِي إلَى تَشْوِيشِ الْقَلْبِ، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَرْكُوبِ مِنْهَا. اهـ. وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَعْنَى خَلْقِهَا مِنْ الشَّيَاطِينِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَسَائِرِ مَوَاضِعِهَا كَذَلِكَ) أَيْ، وَإِنْ كَانَتْ مَرْبُوطَةً رَبْطًا وَثِيقًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَحْصُلَ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ مِمَّا يُذْهِبُ الْخُشُوعَ. [الصَّلَاةُ فِي الْمَقْبَرَةِ الطَّاهِرَةِ] (قَوْلُهُ: وَفُرُشٌ عَلَيْهَا طَاهِرٌ) أَيْ أَوْ نَبَتَ عَلَيْهَا حَشِيشٌ غَطَّاهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِطَهَارَتِهِ (قَوْلُهُ: سِوَى نَبِيٍّ أَوْ أَنْبِيَاءَ) أَيْ وَأَمَّا إذَا دُفِنَ مَعَ الْأَنْبِيَاءِ فِيهَا غَيْرُهُمْ فَإِنْ حَاذَى غَيْرَ الْأَنْبِيَاءِ فِي صَلَاتِهِ كُرِهَ، وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: فَلَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: يُصَلُّونَ) الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ صَلَاةً بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ كَمَا يُفْعَلُ فِي الدُّنْيَا وَلَا مَانِعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ أُمُورَ الْآخِرَةِ لَا يُقَاسُ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: ذَرِيعَةً) أَيْ وَسِيلَةً مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ: الذَّرَائِعُ) أَيْ الْوَسَائِلُ الَّتِي تُؤَدِّي إلَى مُحَرَّمٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ هُنَا) أَيْ لِلتَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ اسْتِقْبَالَ قَبْرِ غَيْرِهِمْ) أَيْ الْأَنْبِيَاءِ وَشُهَدَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ هُنَا) أَيْ يَشْتَرِط فِي تَحْقِيق الْحُرْمَةِ

[باب في بيان سبب سجود السهو وأحكامه]

مُنْتَفٍ عَنْ الْأَنْبِيَاءِ، وَالْأَوَّلُ يَقْتَضِي الْحُرْمَةَ بِالْقَيْدِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ لِإِفْضَائِهِ إلَى الشِّرْكِ، وَتُكْرَهُ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ؛ لِبُعْدِهِ عَنْ الْأَدَبِ، وَفِي الْوَادِي الَّذِي نَامَ فِيهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّ فِيهِ شَيْطَانًا، بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْأَوْدِيَةِ، وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ مَا لَمْ يُعَارِضْهَا خَشْيَةَ خُرُوجِ وَقْتٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقْتَضِ النَّهْيُ هُنَا الْفَسَادَ عِنْدَنَا، بِخِلَافِ كَرَاهَةِ الزَّمَانِ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الصَّلَاةِ بِالْأَوْقَاتِ أَشَدُّ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ لَهَا أَوْقَاتًا مَخْصُوصَةً لَا تَصِحُّ فِي غَيْرِهَا فَكَانَ الْخَلَلُ فِيهَا أَشَدَّ، بِخِلَافِ الْأَمْكِنَةِ تَصِحُّ فِي كُلِّهَا وَلَوْ كَانَ الْمَحَلُّ مَغْصُوبًا؛ لِأَنَّ النَّهْيَ فِيهِ كَالْحَرِيرِ لِأَمْرٍ خَارِجٍ مُنْفَكٍّ عَنْ الْعِبَادَةِ فَلَمْ يَقْتَضِ فَسَادَهَا، وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِالطَّاهِرَةِ عَنْ النَّجِسَةِ فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهَا كَمَا مَرَّ. (بَابٌ) بِالتَّنْوِينِ فِي بَيَانِ سَبَبِ سُجُودِ السَّهْوِ وَأَحْكَامِهِ وَقَدَّمَهُ عَلَى مَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفْعَلُ إلَّا فِي الصَّلَاةِ، بِخِلَافِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ لِأَنَّهَا تَكُونُ فِيهَا وَخَارِجَهَا، وَأَخَّرَ الْكَلَامَ عَلَى سَجْدَةِ الشُّكْرِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا خَارِجَهَا. وَشُرِعَ سُجُودُ السَّهْوِ لِجَبْرِ السَّهْوِ تَارَةً وَإِرْغَامًا لِلشَّيْطَانِ أُخْرَى: أَيْ يَكُونُ الْقَصْدُ بِهِ أَحَدَ هَذَيْنِ بِالذَّاتِ، وَإِنْ لَزِمَهُ الْآخَرُ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ إطْلَاقُ مَنْ أَطْلَقَ أَنَّهُ لِلْأَوَّلِ، وَإِطْلَاقُ مَنْ أَطْلَقَ أَنَّهُ لِلثَّانِي ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَعْرَكَةِ (قَوْلُهُ: بِالْقَيْدِ) أَيْ، وَهُوَ اسْتِقْبَالُهَا لِلتَّبَرُّكِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: خَشْيَةَ خُرُوجِ وَقْتٍ) أَيْ أَوْ فَوْتِ جَمَاعَةٍ. اهـ حَجّ. وَلَعَلَّ الْمُرَادَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ حَاقِبًا أَوْ نَحْوَهُ لِمَا مَرَّ مِنْ كَرَاهَةِ ذَلِكَ، وَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهَا) أَيْ إلَّا بِحَائِلٍ كَمَا مَرَّ. بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ (قَوْلُهُ: سُجُودُ السَّهْوِ) الْمُرَادُ بِسُجُودِ السَّهْوِ مَا يُفْعَلُ لِجَبْرِ الْخَلَلِ وَإِنْ تَعَمَّدَ سَبَبَهُ كَتَرْكِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ أَوْ الْقُنُوتِ عَمْدًا، وَالْمُرَادُ بِأَحْكَامِهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا (قَوْلُهُ: لِجَبْرِ السَّهْوِ تَارَةً) كَأَنْ سَهَا بِتَرْكِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ أَوْ نَحْوِهِ، وَإِرْغَامًا كَانَ تَرَكَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ مَثَلًا عَمْدًا (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ إطْلَاقُ مَنْ أَطْلَقَ أَنَّهُ لِلثَّانِي) فِيهِ أَنَّ إرْغَامَ الشَّيْطَانِ قَدْ يَكُونُ لِتَرْكِ بَعْضٍ عَمْدًا فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ جَبْرُ السَّهْوِ دَائِمًا إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِالسَّهْوِ الْخَلَلَ، وَلَوْ بِفِعْلِ مَا يَنْقُصُ ثَوَابُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ (بِالْقَيْدِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ) أَيّ قَصْدُ اسْتِقْبَالَهَا لِتَبَرُّكِ أَوْ نَحْوُهُ. [بَابٌ فِي بَيَانِ سَبَبِ سُجُودِ السَّهْوِ وَأَحْكَامِهِ] بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ سُنَّة (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يُفْعَلُ إلَّا فِي الصَّلَاةِ) أَيْ أَوْ مَا فِي حُكْمِهَا وَهُوَ سُجُودُ التِّلَاوَةِ أَوْ الشُّكْرِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَيْ يَكُونُ الْقَصْدُ بِهِ أَحَدَ هَذَيْنِ إلَخْ) أَيْ مِنْ الشَّارِعِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ قَبْلُ وَشُرِعَ وَبِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ أَيْضًا وَبِهَذَا يَلْتَئِمُ الْكَلَامُ، وَإِنَّمَا قَالَ لِجَبْرِ السَّهْوِ فَقَيَّدَ بِالسَّهْوِ مَعَ أَنَّهُ يَكُونُ فِي التَّرْكِ عَمْدًا أَيْضًا كَمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمَشْرُوعِيَّةِ، وَهُوَ إنَّمَا شُرِعَ لِلسَّهْوِ، وَنَدْبُهُ فِي الْعَمْدِ إنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ الشَّيْخِ فِي الْحَاشِيَةِ فِيهِ: إنَّ إرْغَامَ الشَّيْطَانِ قَدْ يَكُونُ لِتَرْكِ بَعْضٍ عَمْدًا فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ جَبْرُ السَّهْوِ دَائِمًا إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ، وَكَذَا تَصْوِيرُهُ السُّجُودَ لِإِرْغَامِ الشَّيْطَانِ بِمَا إذَا تَرَكَ بَعْضًا عَمْدًا، وَكَأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ: أَيْ يَكُونُ الْقَصْدُ بِهِ إلَخْ: أَيْ مِنْ الْمُصَلِّي وَقَدْ

وَالسَّهْوُ لُغَةً: نِسْيَانُ الشَّيْءِ وَالْغَفْلَةُ عَنْهُ، وَالْمُرَادُ هُنَا الْغَفْلَةُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ (سُجُودُ السَّهْوِ) الْآتِي (سُنَّةٌ) مُؤَكَّدَةٌ، وَلَوْ فِي نَافِلَةٍ سِوَى صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ سَهَا فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ خَارِجَ الصَّلَاةِ فَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، وَلَا مَانِعَ مِنْ جُبْرَانِ الشَّيْءِ بِأَكْثَرَ مِنْهُ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَمِثْلُهَا سَجْدَةُ الشُّكْرِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ؛ لِأَنَّهُ يَنُوبُ عَنْ الْمَسْنُونِ دُونَ الْمَفْرُوضِ، وَالْبَدَلُ إمَّا كَمُبْدَلِهِ أَوْ أَخَفَّ مِنْهُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» فَمَصْرُوفٌ عَنْ الْوُجُوبِ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ الْآتِي، وَإِنَّمَا وَجَبَ جُبْرَانُ الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ وَاجِبٍ فَكَانَ وَاجِبًا، وَإِنَّمَا يُسَنُّ (عِنْدَ تَرْكِ مَأْمُورٍ بِهِ) مِنْ الصَّلَاةِ، وَلَوْ احْتِمَالًا كَأَنْ شَكَّ هَلْ فَعَلَهُ أَمْ لَا (أَوْ فِعْلٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ) فِيهَا وَلَوْ بِالشَّكِّ كَمَا سَيَأْتِي. وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ مَا لَوْ شَكَّ أَصَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا، فَإِنَّ سُجُودَهُ بِفَرْضِ عَدَمِ الزِّيَادَةِ لِتَرْكِهِ التَّحَفُّظَ الْمَأْمُورَ بِهِ، وَبِفَرْضِهَا لِفِعْلِهِ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ فِيهَا فَهُوَ لَمْ يَخْرُجْ عَنْهُمَا (فَالْأَوَّلُ) مِنْهُمَا وَهُوَ الْمَأْمُورُ بِهِ الْمَتْرُوكُ (إنْ كَانَ رُكْنًا وَجَبَ تَدَارُكُهُ) بِفِعْلِهِ، وَلَا يُغْنِي عَنْهُ سُجُودُ السَّهْوِ لِتَوَقُّفِ وُجُودِ الْمَاهِيَّةِ عَلَيْهِ (وَقَدْ يُشْرَعُ) (السُّجُودُ) لِلسَّهْوِ مَعَ تَدَارُكِهِ (كَزِيَادَةٍ) بِالْكَافِ (حَصَلَتْ بِتَدَارُكِ رُكْنٍ كَمَا سَبَقَ) بَيَانُ ذَلِكَ (فِي) رُكْنِ (التَّرْتِيبِ) وَقَدْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: عَنْ شَيْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ) أَيْ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي (قَوْلُهُ: سُجُودُ السَّهْوِ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: هُوَ أَعْنِي السَّهْوَ جَائِزٌ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ، بِخِلَافِ النِّسْيَانِ لِأَنَّهُ نَقْصٌ، وَمَا فِي الْأَخْبَارِ مِنْ نِسْبَةِ النِّسْيَانِ إلَيْهِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ فَالْمُرَادُ بِالنِّسْيَانِ فِيهِ السَّهْوُ. وَفِي شَرْحِ الْمَوَاقِفِ الْفَرْقُ بَيْنَ السَّهْوِ وَالنِّسْيَانِ: بِأَنَّ الْأَوَّلَ زَوَالُ الصُّورَةِ عَنْ الْمُدْرِكَةِ مَعَ بَقَائِهَا فِي الْحَافِظَةِ. وَالنِّسْيَانُ زَوَالُهَا عَنْهُمَا مَعًا فَيَحْتَاجُ فِي حُصُولِهَا إلَى سَبَبٍ جَدِيدٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: سِوَى صَلَاةِ الْجِنَازَةِ) فَإِنَّهُ لَا يُسَنُّ فِيهَا بَلْ إنْ فَعَلَهُ فِيهَا عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ: وَشَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ سَهَا إلَخْ) فِي دَعْوَى الشُّمُولِ مُسَامَحَةً؛ لِأَنَّ سُجُودَ التِّلَاوَةِ لَيْسَ مِنْ الصَّلَاةِ لَكِنَّهُ مُلْحَقٌ بِهَا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ) أَيْ سُجُودُ السَّهْوِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَنُوبُ عَنْ الْمَسْنُونِ) أَيْ قَدْ يَنُوبُ إلَخْ وَقَدْ لَا يَنُوبُ كَأَذْكَارِ الرُّكُوعِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا وَجَبَ) هَذَا عِلْمٌ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَالْبَدَلُ إمَّا كَمُبْدَلِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: عِنْدَ تَرْكِ مَأْمُورٍ بِهِ) أَيْ سَوَاءٌ تَرَكَهُ عَمْدًا لِيَسْجُدَ أَمْ لَا كَمَا شَمَلَهُ كَلَامُهُمْ. اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ. وَنُقِلَ عَنْ إفْتَاءِ الشَّارِحِ أَنَّهُ إذَا تَرَكَهُ بِقَصْدِ السُّجُودِ ثُمَّ سَجَدَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، كَمَا لَوْ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ بِقَصْدِ السُّجُودِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ بِسُجُودِهِ. أَقُولُ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ بِتَرْكِ التَّشَهُّدِ حَصَلَ خَلَلٌ فِي صَلَاتِهِ يَقْتَضِي الْجَبْرَ. وَبِقِرَاءَةِ الْآيَةِ لَمْ يَحْصُلْ مَا يَقْتَضِي السُّجُودَ إلَّا نَفْسَ الْقِرَاءَةِ وَهِيَ مَنْهِيٌّ عَنْهَا، وَتَرْكُ التَّشَهُّدِ، وَإِنْ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْهَا لَكِنْ حَصَلَ بِهِ خَلَلٌ بَاقٍ يَحْتَاجُ إلَى الْجَبْرِ (قَوْلُهُ: مِنْ الصَّلَاةِ) خَرَجَ بِهِ قُنُوتُ النَّازِلَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ احْتِمَالًا الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّهُ لَوْ نَسِيَ بَعْضًا مُعَيَّنًا سَجَدَ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَإِنَّ سُجُودَهُ) الْفَاءُ فِيهِ لِلتَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: بِالْكَافِ) اُحْتُرِزَ عَمَّا لَوْ قَرَأَ بِاللَّامِ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الزِّيَادَةَ تَارَةً يُشْرَعُ مَعَهَا السُّجُودُ وَتَارَةً لَا، مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادًا ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلِمْت مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: وَالسَّهْوُ لُغَةً: نِسْيَانُ الشَّيْءِ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِهِ فِي عُرْفِ الْأُصُولِيِّينَ، فَإِنَّ السَّهْوَ الْغَفْلَةُ عَنْ الشَّيْءِ مَعَ بَقَائِهِ فِي الْحَافِظَةِ فَيُتَنَبَّهُ لَهُ بِأَدْنَى تَنْبِيهٍ. وَالنِّسْيَانُ زَوَالُ الشَّيْءِ عَنْ الْحَافِظَةِ فَيَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ تَحْصِيلٍ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ هُنَا الْغَفْلَةُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ) أَيْ أَوْ مَا فِي حُكْمِهَا (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ ذَلِكَ) أَيْ مَا فِي الْمَتْنِ مَعَ مَا أَعْقَبَهُ بِهِ حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِالصَّلَاةِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَنُوبُ عَنْ الْمَسْنُونِ) فِيهِ قُصُورٌ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَمْ يَجِبْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنُبْ عَنْ وَاجِبٍ بِخِلَافِ الْحَجِّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِالشَّكِّ كَمَا سَيَأْتِي) أَيْ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ عَقِبَهُ، وَلَا يَرِدُ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ مَا لَوْ شَكَّ إلَخْ، وَإِذَا كَانَ الْمُرَادُ بِفِعْلِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ مَا ذُكِرَ فَهُوَ كَافٍ فِي دَفْعِ هَذَا الْإِيرَادِ فَلَا حَاجَةَ إلَى جَوَابٍ آخَرَ غَيْرِهِ، عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي جَوَابِهِ الْآتِي فَإِنَّ سُجُودَهُ بِفَرْضِ عَدَمِ الزِّيَادَةِ لِتَرْكِهِ التَّحَفُّظَ الْمَأْمُورَ بِهِ يُقَالُ عَلَيْهِ إنَّ

لَا يُشْرَعُ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَتْرُوكُ السَّلَامَ، فَإِذَا ذَكَرَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ، وَلَمْ يَأْتِ بِمُبْطِلٍ أَتَى بِهِ وَلَوْ بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ وَلَا يَسْجُدُ أَوْ النِّيَّةِ أَوْ التَّحَرُّمِ، فَإِذَا ذَكَرَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ اسْتَأْنَفَ الصَّلَاةَ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ كَزِيَادَةٍ إلَى آخِرِهِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ فِعْلٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ رُدَّ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ مَا لَيْسَ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ مِنْ أَفْعَالِهَا لَكِنْ لَا يُعْتَدُّ بِهَا لِعَدَمِ التَّرْتِيبِ، وَقَدْ يُنَازَعُ فِي الرَّدِّ لِمَا مَرَّ مِنْ شُمُولِ كَلَامِهِ لِمَسْأَلَةِ الشَّكِّ فَيَكُونُ ذِكْرُهُ إيضَاحًا (أَوْ) كَانَ الْمَتْرُوكُ (بَعْضًا) فَيَسْجُدُ بِتَرْكِ وَاحِدٍ مِمَّا يَأْتِي إذْ الْأَبْعَاضُ مِنْ الشَّعَائِرِ الظَّاهِرَةِ الْمُخْتَصِّ طَلَبُهَا بِالصَّلَاةِ (وَهُوَ الْقُنُوتُ) الرَّاتِبُ وَهُوَ قُنُوتُ الصُّبْحِ وَالْوِتْرِ فِي نِصْفِ رَمَضَانَ الثَّانِي دُونَ قُنُوتِ النَّازِلَةِ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ عَارِضَةٌ فِي الصَّلَاةِ يَزُولُ بِزَوَالِهَا فَلَمْ يَتَأَكَّدْ شَأْنُهُ بِالْجَبْرِ، وَتَرْكِ بَعْضِ الْقُنُوتِ، وَلَوْ كَلِمَةً كَكُلِّهِ، وَإِنْ قُلْنَا بِعَدَمِ تَعَيُّنِ كَلِمَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ بِشُرُوعِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبَلْ الزِّيَادَةُ مُقْتَضِيَةٌ لِلسُّجُودِ أَبَدًا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَأْتِ بِمُبْطِلٍ) أَيْ أَمَّا لَوْ أَتَى بِهِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُبْطِلُ عَمْدُهُ وَسَهْوُهُ كَالْفِعْلِ الْكَثِيرِ وَالْكَلَامِ الْكَثِيرِ اسْتَأْنَفَ الصَّلَاةَ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُبْطِلُ عَمْدُهُ دُونَ سَهْوِهِ كَكَلَامٍ قَلِيلٍ أَتَى بِهِ لِظَنِّ خُرُوجِهِ مِنْ الصَّلَاةِ سَجَدَ لِلسَّهْوِ ثُمَّ سَلَّمَ، وَسُجُودُهُ لَيْسَ لِلتَّدَارُكِ بَلْ لِفِعْلِ مَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ شَكَّ فِيهِ) أَيْ وَطَالَ تَرَدُّدُهُ بِقَدْرِ مُضِيِّ رُكْنٍ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: إذْ الْأَبْعَاضُ إلَخْ) عَدَلَ إلَى هَذَا التَّعْلِيلِ عَنْ تَعْلِيلِ الْمَحَلِّيِّ بِأَنَّهُ ذِكْرٌ مَقْصُودٌ فِي مَحَلٍّ مَخْصُوصٍ لَمَّا أَوْرَدَ عَلَيْهِ مِنْ شُمُولِهِ لِأَذْكَارِ الرُّكُوعِ وَنَحْوِهِ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ الْمَحَلِّيِّ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْمَقْصُودِ مَا لَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ، وَبِالْمَحَلِّ الْمَخْصُوصِ أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ فَيَخْرُجُ بِالْمَقْصُودِ السُّورَةُ، فَإِنَّ الْمَطْلُوبَ فِيهَا لَيْسَ مُعَيَّنًا فِي سُورَةٍ دُونَ غَيْرِهَا وَلَا تُشْرَعُ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ وَالتَّسْبِيحَاتُ لَيْسَتْ مَخْصُوصَةً بِلَفْظٍ لَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ وَلَكِنَّهَا تُفْعَلُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، بِخِلَافِ الْقُنُوتِ فَإِنَّهُ لَا يُشْرَعُ فِي غَيْرِ الِاعْتِدَالِ وَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ تَكَرَّرَ بِفِعْلِ الْأَخِيرِ لَكِنْ لَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَلِمَةً) أَيْ وَمِنْهَا الْفَاءُ فَإِنَّك تَقْضِي، وَالْوَاوُ فِي وَإِنَّهُ، وَقَوْلُهُ وَتَرَكَ: أَيْ وَإِنْ أَتَى بَدَلُ الْمَتْرُوكِ بِمَا يُرَادِفُهُ كَمَعَ بَدَلِ فِيمَنْ هَدَيْت. وَالْقِيَاسُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ: فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا قَضَيْتَ أَسْتَغْفِرُك وَأَتُوبُ إلَيْك أَوْ شَيْئًا مِنْهُمَا لِمَا مَرَّ عَنْ الرَّوْضَةِ مِنْ اسْتِحْبَابِ ذَلِكَ فِي الْقُنُوتِ وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ السُّجُودِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الِاسْتِحْبَابِ الْوُرُودُ، وَقَوْلُهُ مِنْ اسْتِحْبَابِ ذَلِكَ إلَخْ عِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ قَبْلُ فِي الْقُنُوتِ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ، وَهُوَ: اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْت إلَخْ نَصُّهَا: وَزَادَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ بَعْدَ وَالَيْت: وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْت، وَإِنْكَارُهُ مَرْدُودٌ لِوُرُودِهِ فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: 98] وَبَعْدَ تَعَالَيْت: فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا قَضَيْت أَسْتَغْفِرُك وَأَتُوبُ إلَيْك. وَلَا بَأْسَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ بَلْ قَالَ جَمْعٌ: إنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ لِوُرُودِهَا فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ، وَذَكَرَ نَحْوَهُ م ر فِي شَرْحِهِ (قَوْلُهُ: كَكُلِّهِ) أَيْ مَا لَمْ يَقْطَعْهُ وَيَعْدِلُ إلَى آيَةٍ تَتَضَمَّنُ ثَنَاءً وَدُعَاءً فَلَا سُجُودَ مِنْ جِهَةِ تَرْكِ الْقُنُوتِ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَطَعَهُ وَاقْتَصَرَ عَلَى مَا أَتَى بِهِ مِنْهُ، وَلَوْ اقْتَصَرَ ابْتِدَاءً عَلَى قُنُوتِ عُمَرَ فَلَا سُجُودَ لِإِتْيَانِهِ بِقُنُوتٍ كَامِلٍ، أَوْ أَتَى بِبَعْضِهِ وَبَعْضِ الْقُنُوتِ الْآخَرِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدَ لِعَدَمِ إتْيَانِهِ بِوَاحِدٍ كَامِلٍ مِنْهُمَا. اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِبَعْضِ أَحَدِهِمَا مَعَ كَمَالِ الْآخَرِ لَا يَسْجُدُ، وَفِي حَاشِيَتِهِ عَلَى مَنْهَجٍ فَرْعٍ جَمْعٌ بَيْنَ قُنُوتِ الصُّبْحِ وَقُنُوتِ سَيِّدِنَا عُمَرَ فِيهِ فَتَرْكُ بَعْضِ قُنُوتِ عُمَرَ قَدْ يَتَّجِهُ السُّجُودُ. لَا يُقَالُ: بَلْ عَدَمُ السُّجُودِ؛ لِأَنَّ تَرْكَ بَعْضِ قُنُوتِ عُمَرَ لَا يَزِيدُ عَلَى تَرْكِهِ بِجُمْلَتِهِ، وَهُوَ حِينَئِذٍ لَا سُجُودَ لَهُ. لِأَنَّا نَقُولُ: لَوْ صَحَّ هَذَا التَّمَسُّكُ لَزِمَ عَدَمُ السُّجُودِ بِتَرْكِ بَعْضِ قُنُوتِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْآتِيَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إنَّمَا هُوَ فِي تَرْكِ فِعْلٍ حَقِيقِيٍّ وَهُوَ تَرْكُ الرُّكْنِ عَلَى مَا يَأْتِي فِيهِ وَتَرْكُ بَعْضٍ (قَوْلُهُ: فَإِذَا ذَكَرَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ اسْتَأْنَفَ الصَّلَاةَ) أَيْ وَقَدْ صَدَقَ أَنَّهُ لَا سُجُودَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ فِعْلٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ) أَيْ فَهُوَ مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي لَا الْأَوَّلِ، وَحِينَئِذٍ فَكَانَ اللَّائِقُ فِي الْإِيرَادِ أَنْ يُقَالَ: السُّجُودُ فِي هَذِهِ لَيْسَ لِتَرْكِ الْمَأْمُورِ بَلْ لِفِعْلِ الْمَنْهِيِّ،

فِيهِ يَتَعَيَّنُ لِأَدَاءِ السُّنَّةِ مَا لَمْ يَعْدِلْ إلَى بَدَلِهِ؛ وَلِأَنَّ ذِكْرَ الْوَارِدِ عَلَى نَوْعٍ مِنْ الْخَلَلِ يَحْتَاجُ إلَى الْجَبْرِ، بِخِلَافِ مَا يَأْتِي بِهِ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ فَإِنَّ قَلِيلَهُ كَكَثِيرِهِ. وَالْمُرَادُ بِالْقُنُوتِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فِي حُصُولِهِ، بِخِلَافِ تَرْكِ أَحَدِ الْقُنُوتَيْنِ كَأَنْ تَرَكَ قُنُوتَ سَيِّدِنَا عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِقُنُوتٍ تَامٍّ، وَكَذَا لَوْ وَقَفَ وَقْفَةً لَا تَسَعُ الْقُنُوتَ إذَا كَانَ لَا يُحْسِنُهُ لِإِتْيَانِهِ بِأَصْلِ الْقِيَامِ عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ الْوَالِدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. نَعَمْ يُمْكِنُ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْوَقْفَةُ لَا تَسَعُ الْقُنُوتَ الْمَعْهُودَ وَتَسَعُ قُنُوتًا مَا مُجْزِئًا أَمَّا لَوْ كَانَتْ لَا تَسَعُ قُنُوتًا مُجْزِئًا أَصْلًا فَالْأَوْجَهُ السُّجُودُ (أَوْ قِيَامُهُ) أَيْ الْقُنُوتُ الرَّاتِبُ، وَإِنْ اسْتَلْزَمَ تَرْكُهُ تَرْكَ الْقُنُوتِ بِأَنْ لَمْ يُحْسِنْهُ فَإِنَّهُ يُسَنُّ لَهُ الْقِيَامُ بِقَدْرِهِ زِيَادَةً عَلَى ذِكْرِ الِاعْتِدَالِ. فَإِذَا تَرَكَهُ سَجَدَ لَهُ، وَبِمَا تَقَرَّرَ انْدَفَعَ مَا قِيلَ إنَّ قِيَامَهُ مَشْرُوعٌ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ ذِكْرُ الِاعْتِدَالِ فَكَيْفَ يَسْجُدُ لِتَرْكِهِ، وَلَوْ تَرَكَهُ تَبَعًا لِإِمَامِهِ الْحَنَفِيِّ سَجَدَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَقَوْلُ الْقَفَّالِ لَا يَسْجُدُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ، وَهُوَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الْإِمَامِ، وَلَوْ اقْتَدَى فِي الصُّبْحِ بِمُصَلِّي سُنَّتِهَا سَجَدَ فِيمَا يَظْهَرُ إنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْقُنُوتِ خَلْفَهُ، فَإِنْ فَعَلَهُ فَلَا، وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالصُّبْحِ الْمَخْصُوصِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ بِجُمْلَتِهِ وَعَدَلَ إلَى دُعَاءٍ آخَرَ لَمْ يَسْجُدْ فَتَأَمَّلْ ثُمَّ وَافَقَ م ر عَلَى مَا قُلْنَاهُ اهـ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ عَدَلَ إلَى آيَةٍ تَتَضَمَّنُ دُعَاءً وَثَنَاءً أَنَّ الْآيَةَ لَمَّا لَمْ تَطْلُبْ بِخُصُوصِهَا كَانَتْ قُنُوتًا مُسْتَقِلًّا فَأَسْقَطَ الْعُدُولُ إلَيْهَا حُكْمَ الْقُنُوتِ الَّذِي شَرَعَ فِيهِ، بِخِلَافِ كُلٍّ مِنْ قُنُوتِ عُمَرَ وَقُنُوتِ الصُّبْحِ فَإِنَّهُ وَرَدَ بِخُصُوصِهِ فَكَانَا كَقُنُوتٍ وَاحِدٍ، وَالْقُنُوتُ الْوَاحِدُ يُسْجَدُ لِتَرْكِ بَعْضِهِ وَلَوْ كَلِمَةً عَلَى مَا مَرَّ، وَبَقِيَ مَا لَوْ عَزَمَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِمَا ثُمَّ تَرَكَ أَحَدَهُمَا هَلْ يَسْجُدُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ السُّنَنَ لَا تَلْزَمُ إلَّا بِالشُّرُوعِ فِيهَا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَعْدِلْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا عَدَلَ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ وَقَفَ) أَيْ فَلَا يَسْجُدُ (قَوْلُهُ: يُمْكِنُ حَمْلُ ذَلِكَ) أَيْ لِيُوَافِقَ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ قِيَامَ الْقُنُوتِ مِنْ الْأَبْعَاضِ (قَوْلُهُ: عَلَى ذِكْرِ الِاعْتِدَالِ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ وَقَفَ وَقْفَةً تَسَعُ الْقُنُوتَ وَقَدْ تَرَكَ ذِكْرَ الِاعْتِدَالِ فَالظَّاهِرُ صَرْفُ تِلْكَ الْوَقْفَةِ لِلْقُنُوتِ، فَإِنَّ تَرْكَهُ ذِكْرَ الِاعْتِدَالِ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْهُ فَلَا تَكُونُ الْوَقْفَةُ عِنْدَ عَدَمِ ذِكْرِ الِاعْتِدَالِ إلَّا لِلْقُنُوتِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا تَرَكَهُ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَأْتِ بِقِيَامٍ يَسَعُ قُنُوتًا مُجْزِئًا لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ لَهُ (قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْقِيَامَ بَعْضٌ مُسْتَقِلٌّ (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ) أَيْ وَلَوْ أَتَى بِهِ الْمَأْمُومُ مُؤَلَّفٌ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَلَوْ اقْتَدَى شَافِعِيٌّ بِحَنَفِيٍّ فِي الصُّبْحِ وَأَمْكَنَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ وَيَلْحَقُهُ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى فَعَلَ وَإِلَّا فَلَا، وَعَلَى كُلٍّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، وَعَلَى الْمَنْقُولِ الْمُعْتَمَدِ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ؛ لِأَنَّهُ بِتَرْكِهِ لَهُ لَحِقَهُ سَهْوُهُ فِي اعْتِقَادِهِ، بِخِلَافِهِ فِي نَحْوِ سُنَّةِ الصُّبْحِ إذْ لَا قُنُوتَ يَتَوَجَّهُ عَلَى الْإِمَامِ فِي اعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ فَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ مَا يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ السَّهْوِ. اهـ. أَيْ فَلَا يُطْلَبُ مِنْ الْمَأْمُومِ سُجُودٌ لِتَرْكِ إمَامِهِ الْقُنُوتَ لِعَدَمِ طَلَبِهِ مِنْ الْإِمَامِ بَلْ هُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَمَحَلُّ السُّجُودِ أَيْضًا مَا لَمْ يَأْتِ بِهِ إمَامُهُ الْحَنَفِيُّ، فَإِنْ أَتَى بِهِ فَلَا سُجُودَ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الْمَأْمُومِ، وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ مَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ اقْتَصَدَ إمَامُهُ الْحَنَفِيُّ وَصَلَّى خَلْفَهُ حَيْثُ قَالُوا بِصِحَّةِ صَلَاتِهِ خَلْفَهُ اعْتِبَارًا بِعَقِيدَةِ الْمَأْمُومِ لَا بِعَقِيدَةِ الْإِمَامِ. وَبَقِيَ مَا لَوْ وَقَفَ إمَامُهُ الْحَنَفِيُّ وَقْفَةً تَسَعُ ذَلِكَ وَلَمْ يَجْهَرْ بِهِ هَلْ يَسْجُدُ الْمَأْمُومُ حَمْلًا لَهُ عَلَى عَدَمِ الْإِتْيَانِ بِهِ أَوْ لَا قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ سَكَتَ سَكْتَةً تَسَعُ الْبَسْمَلَةَ مِنْ أَنَّا نَحْمِلُهُ عَلَى الْكَمَالِ مِنْ الْإِتْيَانِ بِهَا حَتَّى لَا يَلْزَمُ الشَّافِعِيَّ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْبَسْمَلَةَ لَمَّا كَانَتْ مَطْلُوبَةً مِنْهُ حُمِلَ عَلَى الْكَمَالِ بِخِلَافِ الْقُنُوتِ (قَوْلُهُ: بِمُصَلِّي سُنَّتِهَا) وَمِثْلُهَا كُلُّ صَلَاةٍ لَا قُنُوتَ فِيهَا عَلَى الرَّاجِحِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQفَذَكَرَهُ فِي الْأَوَّلِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَعْدِلْ إلَى بَدَلِهِ) صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ الْبَدَلُ وَارِدًا وَبِمَا إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ الْوَارِدِ، وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشِّهَابِ سم فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ لَكِنْ صَرَّحَ بِخِلَافِهِ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ، وَذَكَرَ أَنَّ الشَّارِحَ وَافَقَهُ عَلَيْهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَرَكَهُ تَبَعًا إلَخْ) وَكَذَا لَوْ أَتَى بِهِ خَلْفَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشِّهَابُ حَجّ

الزَّرْكَشِيُّ فِي خَادِمِهِ تَبَعًا لِلْقَمُولِيِّ. (أَوْ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ) وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْوَاجِبُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ أَوْ بَعْضِهِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَرَكَهُ نَاسِيًا وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ. وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ نَوَى أَرْبَعًا وَأَطْلَقَ، أَوْ قَصَدَ أَنْ يَأْتِيَ بِتَشَهُّدَيْنِ فَلَا يَسْجُدُ لِتَرْكِ أَوَّلِهِمَا عَلَى مَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ، وَعَزْمُهُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ لَا يُلْحِقْهُ بِتَشَهُّدِ الظُّهْرِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ تَشَهُّدَيْنِ وَثَلَاثٍ وَتَشَهُّدٍ وَاحِدٍ، فَهُوَ غَيْرُ سُنَّةٍ مَطْلُوبَةٍ لِذَاتِهِ فِي مَحَلٍّ مَخْصُوصٍ، لَكِنَّ الَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ أَنَّهُ يَسْجُدُ فِي صُورَةِ الْقَصْدِ إنْ تَرَكَهُ سَهْوًا: أَيْ أَوْ عَمْدًا: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (أَوْ قُعُودُهُ) قِيَاسًا عَلَيْهِ، وَإِنْ اسْتَلْزَمَ تَرْكُهُ تَرْكَ التَّشَهُّدِ؛ لِأَنَّ السُّجُودَ إذَا شُرِعَ لِتَرْكِ التَّشَهُّدِ شُرِعَ لِتَرْكِ جُلُوسِهِ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ لَهُ. وَصُورَةُ تَرْكِهِ وَحْدَهُ أَنْ لَا يُحْسِنَهُ فَإِنَّهُ يُسَنُّ لَهُ حِينَئِذٍ الْجُلُوسُ بِقَدْرِهِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْقُنُوتِ (وَكَذَا الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ) أَيْ بَعْدَهُ (فِي الْأَظْهَرِ) وَالْمُرَادُ الْوَاجِبُ مِنْهَا فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ يَجِبُ الْإِتْيَانُ بِهِ فِي الْأَخِيرِ فَيَسْجُدُ لِتَرْكِهِ فِي الْأَوَّلِ، وَقِيسَ بِهِ الْقُنُوتُ فَيَسْجُدُ لِتَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْفِرْكَاحِ، وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ، وَالْجُلُوسُ لَهَا فِي الْأَوَّلِ، وَالْقِيَامُ لَهَا فِي الثَّانِي كَالْقُعُودِ لِلتَّشَهُّدِ وَالْقِيَامِ لِلْقُنُوتِ فَيَكُونَانِ مِنْ الْأَبْعَاضِ، وَعَلَى ذَلِكَ فَالْأَبْعَاضُ اثْنَا عَشْرَ، وَقَوْلُهُ: (سَجَدَ) رَاجِعٌ لِلصُّوَرِ كُلِّهَا، وَيَصِحُّ عَوْدٌ فِيهِ لِكُلِّ مَا ذُكِرَ، وَالْقُنُوتُ وَقَصْرُ رُجُوعِهِ عَلَى التَّشَهُّدِ وَزَعْمُ فَرْقٍ بَيْنَهُمَا غَيْرُ حَسَنٍ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ فَإِفْرَادُهُ لِذَلِكَ لَا لِاخْتِصَاصِهِ بِالتَّشَهُّدِ، وَوُجُوبُهَا فِي التَّشَهُّدِ فِي الْجُمْلَةِ لَا يَصْلُحُ مَانِعًا لِإِلْحَاقِهَا مِنْ الْقُنُوتِ بِهَا مِنْ التَّشَهُّدِ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِلسُّجُودِ لَيْسَ هُوَ الْوُجُوبُ فِي الْجُمْلَةِ لِقُصُورِهِ وَلِئَلَّا يَلْزَمَ عَلَيْهِ إخْرَاجُ الْقُنُوتِ مِنْ أَصْلِهِ، بَلْ كَوْنُ الْمَتْرُوكِ مِنْ الشِّعَارِ الظَّاهِرَةِ الْمَخْصُوصَةِ بِمَحَلٍّ مِنْهَا اسْتِقْلَالًا تَبَعًا كَمَا يَأْتِي مَعَ اسْتِوَائِهِمَا فِي ذَلِكَ. وَالثَّانِي لَا يَسْجُدُ لِتَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنَاءً عَلَى عَدَمِ اسْتِحْبَابِهِ فِيهِ، وَسَوَاءٌ أَتَرَكَ مَا مَرَّ عَمْدًا أَمْ سَهْوًا بِجَامِعِ الْخَلَلِ بَلْ خَلَلُ الْعَمْدِ أَكْثَرُ فَكَانَ لِلْجَبْرِ أَحْوَجَ (وَقِيلَ إنْ تَرَكَ عَمْدًا فَلَا) يَسْجُدُ لِتَرْكِهِ لِكَوْنِهِ مُقَصِّرًا بِتَفْوِيتِ السُّنَّةِ عَلَى نَفْسِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَوْ بَعْضِهِ) وَمِنْهُ الْوَاوُ فِي وَأَشْهَدُ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ نَوَى أَرْبَعًا) أَيْ مِنْ النَّفْلِ رَاتِبًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَسْجُدُ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ نَقْلِهِ الْأَوَّلَ عَنْ حَجّ: وَالثَّانِي عَنْ م ر. وَأَقُولُ: إنْ الْتَزَمَ اسْتِحْبَابَ تَشَهُّدٍ أَوَّلٍ لِمَنْ أَرَادَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ تَطَوُّعًا لَمْ يُتَّجَهْ إلَّا السُّجُودُ حَتَّى وَإِنْ أُطْلِقَ، وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ عَزْمٌ عَلَى الْإِتْيَانِ بِالِاثْنَيْنِ، وَإِنْ الْتَزَمَ عَدَمَ اسْتِحْبَابِهِ فَالْوَجْهُ عَدَمُ السُّجُودِ وَإِنْ عَزَمَ؛ لِأَنَّ غَايَةَ الْأَمْرِ أَنَّهُ قَصَدَ الْإِتْيَانَ بِشَيْءٍ لَا يُسْتَحَبُّ الْإِتْيَانُ بِهِ وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي السُّجُودَ بِتَرْكِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ أَمْرًا مُسْتَحَبًّا وَلَمْ يُوجَدْ فِي الصَّلَاةِ ذَلِكَ فَلْيُحْرَرْ الِاسْتِحْبَابُ وَعَدَمُهُ. أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ لَمَّا قَصَدَ الْإِتْيَانَ بِالتَّشَهُّدَيْنِ الْتَحَقَ مِنْ حَيْثُ الْفِعْلُ الْمَنْوِيُّ بِالرُّبَاعِيَّةِ فَصَارَ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ مَطْلُوبًا فَجُبِرَ تَرْكُهُ بِالسُّجُودِ. (قَوْلُهُ: فَالْأَبْعَاضُ اثْنَا عَشَرَ) أَيْ بِزِيَادَةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ وَالْقُنُوتِ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ (قَوْلُهُ: مِنْ الْقُنُوتِ) حَالٌ، وَقَوْلُهُ مِنْ التَّشَهُّدِ حَالٌ أَيْضًا: أَيْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى عَدَمِ اسْتِحْبَابِهِ) أَيْ هَذَا الذِّكْرِ، وَهُوَ الصَّلَاةُ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQ؛ لِأَنَّهُ بِتَرْكِ الْإِمَامِ لَهُ لَحِقَهُ سَهْوُهُ فِي اعْتِقَادِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَسْجُدْ لِتَحَمُّلِ الْإِمَامِ ذَلِكَ) اعْتَمَدَهُ الزِّيَادِيُّ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ أَنَّهُ يَسْجُدُ. (قَوْلُهُ: اثْنَا عَشَرَ) أَيْ بِمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ عَوْدٌ فِيهِ لِكُلٍّ مِمَّا ذُكِرَ إلَخْ) يَمْنَعُ مِنْهُ أَنَّ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي سَنِّ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ أَقْوَالٌ كَمَا مَرَّ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ هُنَا. وَأَمَّا الْخِلَافُ فِي سَنِّهِ فِي الْقُنُوتِ فَهُوَ أَوْجَهُ كَمَا مَرَّ ثَمَّ، أَيْضًا وَلَا يَتَأَتَّى تَرْتِيبُ الْأَقْوَالِ عَلَى الْأَوْجَهِ فَتَعَيَّنَ رُجُوعُ الضَّمِيرِ إلَى التَّشَهُّدِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَزُعِمَ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ التَّشَهُّدِ وَالْقُنُوتِ (قَوْلُهُ: مَعَ اسْتِوَائِهِمَا) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَهُمَا مُسْتَوِيَانِ فِي ذَلِكَ.

وَرُدَّ بِمَا مَرَّ (قُلْت: وَكَذَا الصَّلَاةُ عَلَى الْآلِ حَيْثُ سَنَنَّاهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَذَلِكَ بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَبَعْدَ الْأَوَّلِ عَلَى وَجْهٍ، وَالْجُلُوسُ كَالْقِيَامِ لَهَا فِي الْقُنُوتِ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا مَرَّ. وَصُورَةُ السُّجُودِ لِتَرْكِ الْآلِ أَنْ يَتَيَقَّنَ تَرْكَ إمَامِهِ لَهَا بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ وَقَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ هُوَ أَوْ بَعْدَهُ إنْ سَلَّمَ وَقَصَرَ الْفَصْلُ، فَانْدَفَعَ اسْتِشْكَالُهُ بِأَنَّهُ إنْ عَلِمَ تَرْكَهَا قَبْلَ سَلَامِهِ أَتَى بِهَا أَوْ بَعْدَهُ فَاتَ مَحَلُّ السُّجُودِ، وَسُمِّيَتْ هَذِهِ السُّنَنُ أَبْعَاضًا لِتَأَكُّدِ شَأْنِهَا بِالْجَبْرِ تَشْبِيهًا بِالْبَعْضِ حَقِيقَةً. (وَلَا تُجْبَرُ سَائِرُ السُّنَنِ) أَيْ بَاقِيهَا بِالسُّجُودِ كَأَذْكَارِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ عَلَى الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي مَعْنَى الْوَارِدِ، فَإِنْ سَجَدَ لِشَيْءٍ مِنْهَا عَامِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، إلَّا أَنْ يُعْذَرَ لِجَهْلِهِ. وَمَا اُسْتُشْكِلَ بِهِ مِنْ أَنَّ الْجَاهِلَ لَا يَعْرِفُ مَشْرُوعِيَّةَ سُجُودِ السَّهْوِ، وَمَنْ عَرَفَهُ عَرَفَ مَحَلَّهُ رُدَّ بِمَنْعِ هَذَا التَّلَازُمِ؛ لِأَنَّ الْجَاهِلَ قَدْ يَسْمَعُ مَشْرُوعِيَّةَ سُجُودِ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ لَا غَيْرُ فَيَظُنُّ عُمُومَهُ لِكُلِّ سُنَّةٍ، وَعَدَمُ اخْتِصَاصِهِ بِمَحِلِّهِ الْمَشْرُوعِ. (وَالثَّانِي) أَيْ فَعَلَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ (إنْ لَمْ يُبْطِلْ عَمْدُهُ) الصَّلَاةَ (كَالِالْتِفَاتِ وَالْخُطْوَتَيْنِ لَمْ يَسْجُدْ لِسَهْوِهِ) كَعَمْدِهِ غَالِبًا لِمَا يَأْتِي فِي الْمُسْتَثْنَيَاتِ لِعَدَمِ وُرُودِ السُّجُودِ لَهُ؛ وَلِأَنَّهُ إذَا كَانَ عَمْدُهُ فِي مَحَلِّ الْعَفْوِ فَسَهْوُهُ أَوْلَى (وَإِلَّا) بِأَنْ أَبْطَلَ عَمْدُهُ كَرَكْعَةٍ زَائِدَةٍ أَوْ رُكُوعٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ فَكَانَ لِلْجَبْرِ أَحْوَجُ (قَوْلُهُ: بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ وَبَعْدَ الْقُنُوتِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ، وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: وَذَلِكَ فِي الْقُنُوتِ وَمِثْلُهَا قِيَامُهَا، وَفِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ إلَخْ اهـ. وَبِهِ يَتَّضِحُ عَدُّهُ السَّابِقَ لِلْأَبْعَاضِ اثْنَا عَشَرَ (قَوْلُهُ: وَصُورَةُ السُّجُودِ لِتَرْكِ الْآلِ) وَجْهُ تَصْوِيرِهِ بِذَلِكَ كَمَا وَافَقَ عَلَيْهِ م ر أَنَّهُ إنْ تَرَكَهُ هُوَ، فَإِنْ كَانَ عَمْدًا أَتَى بِهِ وَلَا سُجُودَ، أَوْ سَهْوًا فَإِنْ تَذَكَّرَهُ قَبْلَ السَّلَامِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ سَلَّمَ قَبْلَ تَذَكُّرِهِ فَلَا جَائِزَ أَنْ يَعُودَ إلَيْهِ. لِأَنَّا لَمْ نَرَهُمْ جَوَّزُوا الْعَوْدَ لِسُنَّةٍ غَيْرِ سُجُودِ السَّهْوِ، وَلَا أَنْ يَعُودَ إلَى سُجُودِ السَّهْوِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَادَ صَارَ فِي الصَّلَاةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ بِالْمَتْرُوكِ وَلَا يَتَأَتَّى السُّجُودُ لِتَرْكِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: تَشْبِيهًا بِالْبَعْضِ) أَيْ حَيْثُ تَأَكَّدَ شَأْنُهُ بِحَيْثُ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ كُلًّا يُجْبَرُ بِالسُّجُودِ، فَإِنَّهُ لَوْ تَرَكَ رُكْنًا سَهْوًا يَجِبُ فِعْلُهُ، وَالسُّجُودُ إنَّمَا هُوَ لِلزِّيَادَةِ الْحَاصِلَةِ بِتَدَارُكِهِ إنْ وُجِدَتْ. (قَوْلُهُ: كَأَذْكَارِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ) أَيْ وَدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ وَالسُّورَةِ، وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ الْقُنُوتِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ الْآلِ بِأَنَّ الِاعْتِدَالَ عَلَى صُورَةٍ الْقِيَامِ الْمُعْتَادِ فَطُلِبَ فِيهِ ذِكْرٌ يُمَيِّزُهُ عَنْهُ فَكَانَ مَقْصُودًا بِالطَّلَبِ لَا تَابِعًا، وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ لَمَّا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَيْسَ عَلَى صُورَةِ الْفِعْلِ الْمُعْتَادِ كَانَا عَادَتَيْنِ مُسْتَقِلَّتَيْنِ وَالذِّكْرُ فِيهِمَا تَابِعٌ لِلْمَحَلِّ فَضَعُفَتْ رُتْبَتُهُ عَنْ الْقُنُوتِ فَلَمْ يُطْلَبْ لَهُ السُّجُودُ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُعْذَرَ لِجَهْلِهِ) أَيْ أَوْ سَهْوِهِ اهـ حَجّ. وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْجَهْلِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَرِيبِ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ وَغَيْرِهِ، وَقَيَّدَهُ الشَّوْبَرِيُّ نَقْلًا عَنْ الْبَغَوِيّ بِقَرِيبِ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ وَعَبَّرَ بِهِ فِي الْعُبَابِ أَيْضًا، لَكِنْ لَمْ يَنْقُلْهُ عَنْ أَحَدٍ، وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا مِمَّا يَخْفَى فَلَا يُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ قَرِيبِ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ وَغَيْرِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ عَادَ لَهُ: أَيْ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ جَاهِلًا، فَكَذَا مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ مُخَالِطًا لَنَا؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَخْفَى عَلَى الْعَوَامّ (قَوْلُهُ: عَرَفَ مَحَلَّهُ) أَيْ مُقْتَضِيَهُ اهـ حَجّ. ثُمَّ قَالَ: وَأَوَّلْت مَحَلَّهُ بِمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ وَإِلَّا لَمْ يَبْقَ لِلْإِشْكَالِ وَجْهٌ أَصْلًا، ثُمَّ رَأَيْت ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُعْذَرَ لِجَهْلِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ قَرِيبَ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ،؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ مُرَادُهُمْ بِالْجَاهِلِ الْمَعْذُورِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: عُرِفَ مَحَلُّهُ) أَيْ مُقْتَضِيهِ كَمَا قَالَهُ الشِّهَابُ حَجّ، قَالَ: وَأَوَّلْت مَحَلَّهُ بِمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ وَإِلَّا لَمْ يَبْقَ لِلْإِشْكَالِ وَجْهٌ أَصْلًا، ثُمَّ قَالَ: ثُمَّ رَأَيْت شَارِحًا فَهِمَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَجَابَ عَنْهُ بِمَا لَا يُلَاقِي مَا نَحْنُ فِيهِ، إذْ الْكَلَامُ لَيْسَ فِي سُجُودِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَهُوَ قُبَيْلَ السَّلَامِ بَلْ فِي سُجُودِهِ فِي مَحَلِّهِ، لَكِنْ لِنَحْوِ تَسْبِيحِ

أَوْ سُجُودٍ (سَجَدَ) لِسَهْوِهِ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، هَذَا (إنْ لَمْ تَبْطُلْ) الصَّلَاةُ (بِسَهْوِهِ) فَإِنْ بَطَلَتْ بِسَهْوِهِ (كَكَلَامٍ كَثِيرٍ) فَإِنَّهُ يُبْطِلُهَا (فِي الْأَصَحِّ) كَمَا مَرَّ فَلَا يَسْجُدُ لِعَدَمِ كَوْنِهِ فِي صَلَاةٍ فَفِي الْأَصَحِّ رَاجِعٌ لِلْمِثَالِ، وَهُوَ الْكَلَامُ الْكَثِيرُ لَا الْحُكْمُ، وَهُوَ قَوْلُهُ سَجَدَ، فَلَوْ سَكَتَ عَنْ الْمِثَالِ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَبْعَدَ عَنْ الْإِيهَامِ إذْ لَا سُجُودَ مَعَ الْحُكْمِ بِالْبُطْلَانِ. وَاسْتُثْنِيَ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَا لَوْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ ثُمَّ سَهَا قَبْلَ سَلَامِهِ فَإِنَّهُ لَا يَسْجُدُ فِي الْأَصَحِّ، فَلَوْ سَجَدَ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ أَوْ سَهْوًا فَلَا، وَمَا لَوْ حَوَّلَ الْمُتَنَفِّلُ دَابَّتَهُ عَنْ صَوْبِ مَقْصِدِهِ سَهْوًا ثُمَّ عَادَ فَوْرًا فَإِنَّهُ لَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ عَلَى مَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ. وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا مَرَّ فِي فَصْلِ الِاسْتِقْبَالِ أَنَّهُ يَسْجُدُ لَهُ، وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحِهِ الصَّغِيرِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّهُ الْقِيَاسُ، وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (وَتَطْوِيلُ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ) عَمْدًا بِسُكُوتٍ أَوْ ذِكْرٍ أَوْ قُرْآنٍ لَمْ يُشْرَعْ فِيهِ (يُبْطِلُ عَمْدُهُ) الصَّلَاةَ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ تَطْوِيلَهُ تَغْيِيرٌ لِمَوْضُوعِهِ كَمَا لَوْ قَصَرَ الطَّوِيلَ بِعَدَمِ إتْمَامِ الْوَاجِبِ؛ وَلِأَنَّ تَطْوِيلَهُ يُخِلُّ بِالْمُوَالَاةِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ (فَيَسْجُدُ لِسَهْوِهِ) وَالثَّانِي لَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ لِحَدِيثٍ وَرَدَ فِيهِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَمِقْدَارُ التَّطْوِيلِ الْمُبْطِلِ كَمَا نَقَلَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ عَنْ الْأَصْحَابِ. وَكَلَامُ الشَّيْخَيْنِ قَدْ يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنْ يُلْحَقَ الِاعْتِدَالُ بِالْقِيَامِ، وَالْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِالْجُلُوسِ لِلتَّشَهُّدِ، وَمُرَادُهُ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ قِرَاءَةُ الْوَاجِبِ وَهُوَ الْفَاتِحَةُ، وَأَقَلُّ التَّشَهُّدِ: أَيْ بَعْدَ مُضِيِّ قَدِّ ذِكْرِ كُلِّ ـــــــــــــــــــــــــــــSشَارِحًا فَهِمَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَأَجَابَ عَنْهُ بِمَا لَا يُلَاقِي مَا نَحْنُ فِيهِ اهـ. (قَوْلُهُ: سَجَدَ) أَيْ غَالِبًا أَيْضًا لِمَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ سَهَا فِي سُجُودِ السَّهْوِ أَوْ نَفْلِ السَّفَرِ (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ) وَهِيَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَالثَّانِي إنْ لَمْ يَبْطُلْ إلَخْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ سَهَا) أَيْ بِأَنْ تَكَلَّمَ نَاسِيًا مَثَلًا (قَوْلُهُ: قَبْلَ سَلَامِهِ) أَيْ أَوْ فِي السُّجُودِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا مَرَّ فِي فَصْلِ الِاسْتِقْبَالِ) خِلَافًا لحج حَيْثُ قَالَ: وَاسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَا لَوْ حَوَّلَ الْمُتَنَفِّلُ دَابَّتَهُ عَنْ صَوْبِ مَقْصِدِهِ سَهْوًا ثُمَّ عَادَ فَوْرًا فَإِنَّهُ لَا يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مَعَ أَنَّ عَمْدَهُ مُبْطِلٌ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُجُودِهِ لِجُمُوحِهَا وَعَوْدِهَا فَوْرًا بِأَنَّهُ هُنَا مُقَصِّرٌ لِرُكُوبِهِ الْجَمُوحَ أَوْ بِعَدَمِ ضَبْطِهَا، بِخِلَافِ النَّاسِي فَخَفَّفَ عَنْهُ مَشَقَّةَ السَّفَرِ، وَإِنْ قَصَرَ انْتَهَى. وَقَضِيَّةُ تَخْصِيصِ الْخِلَافِ بِهَذِهِ الصُّورَةِ وَأَنَّ السُّجُودَ لِجِمَاحِ الدَّابَّةِ لَا خِلَافَ فِيهِ وَهُوَ مُنَافٍ لِقَوْلِ الْبَهْجَةِ: أَوْ بِانْحِرَافٍ لَا إلَيْهَا نَاسِيًا ... أَوْ خَطَأً أَوْ لِجِمَاحِهَا سَجَدْ سَهْوًا عَلَى الْأَصَحِّ إنْ قَلَّ الْأَمَدْ اهـ. وَقَرَّرَهُ شَارِحُهُ بِمَا يُفِيدُ جَرَيَانَ الْخِلَافِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ: وَصَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ فِي الْجِمَاحِ، لَكِنَّهُ قَالَ بَعْدُ: وَقَالَ الْبَغَوِيّ: يَسْجُدُ فِي النِّسْيَانِ وَالْخَطَأِ دُونَ الْجِمَاحِ. اهـ. فَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ حَجّ أَوْ عَلَى هَذَا الْأَخِيرِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَشْرَعْ فِيهِ) قَيَّدَ فِي الذِّكْرِ فَقَطْ، فَلَوْ قَدَّمَ قَوْلَهُ: لَمْ يَشْرَعْ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ قُرْآنٍ أَوْ أَخَّرَ الذِّكْرَ عَنْهُ كَانَ أَوْلَى، وَلَكِنَّهُ أَخَّرَهُ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ تَطْوِيلَ الْقِيَامِ الثَّانِي مِنْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ لَا يَضُرُّ لِكَوْنِ الْقِرَاءَةِ مَشْرُوعَةً فِيهِ. وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْقِيَامَ الثَّانِيَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ لَيْسَ اعْتِدَالًا بَلْ هُوَ سُنَّةٌ فِيهَا مُسْتَقِلَّةٌ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: قِرَاءَةِ الْوَاجِبِ) أَيْ فِيهِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالرُّكُوعِ فَتَعَيَّنَ مَا ذَكَرْته. اهـ. (قَوْلُهُ: وَاسْتُثْنِيَ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ) يَعْنِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا سَجَدَ فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الْمَفْهُومِ وَأَمَّا مَا يُسْتَثْنَى مِنْ الْمَنْطُوقِ وَهُوَ قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُبْطِلْ عَمْدُهُ لَمْ يَسْجُدْ لِسَهْوِهِ فَسَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ مَعَ مَا زَادَهُ الشَّارِحُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَشْرَعْ فِيهِ) رَاجِعٌ لِلذِّكْرِ وَالْقُرْآنِ كَمَا سَيَأْتِي مُحْتَرَزُهُ فِي قَوْلِهِ وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا لَمْ يَشْرَعْ إلَخْ، خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ

الْمَشْرُوعِ كَالْقُنُوتِ فِي مَحَلِّهِ بِالْقِرَاءَةِ الْمُعْتَدِلَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعْتَبَرَ أَقَلُّ زَمَنٍ يَسَعُ ذَلِكَ لَا قِرَاءَتَهُ مَعَ الْمَنْدُوبِ، وَجَرَى عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ الْقِيَاسُ اتِّبَاعُ الْعُرْفِ، يُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا بَيَانٌ لِلْعُرْفِ هُنَا. وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالزِّيَادَةِ عَلَى قَدْرِ الذِّكْرِ الْمَشْرُوعِ فِيهِ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ لَهَا لَا لِحَالِ الْمُصَلِّي، وَقَوْلُنَا فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا أَوْ مِنْ حَيْثُ الْحَالَةُ الرَّاهِنَةُ، فَلَوْ كَانَ إمَامًا لَا تُسَنُّ لَهُ الْأَذْكَارُ الْمَسْنُونَةُ لِلْمُنْفَرِدِ اُعْتُبِرَ التَّطْوِيلُ فِي حَقِّهِ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ مُنْفَرِدًا عَلَى الْأَوَّلِ، وَبِالنَّظَرِ لِمَا يُشْرَعُ لَهُ الْآنَ مِنْ الذِّكْرِ عَلَى الثَّانِي وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِكَلَامِهِمْ، وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا لَمْ يُشْرَعْ تَطْوِيلُهُ مَا شُرِعَ تَطْوِيلُهُ بِقَدْرِ الْقُنُوتِ فِي مَحَلِّهِ أَوْ التَّسْبِيحِ فِي صَلَاتِهِ أَوْ الْقِرَاءَةِ فِي الْكُسُوفِ فَلَا يُؤَثِّرُ، وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ دَلِيلَا جَوَازِ تَطْوِيلِ الِاعْتِدَالِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لِوُرُودِ أَحَادِيثَ صَحِيحَةٍ فِيهِ، وَلِهَذَا جَرَى عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ، وَصَحَّحَهُ فِي مَوْضِعٍ مِنْ التَّحْقِيقِ. وَقَدْ يُمْنَعُ الِاسْتِدْلَال بِمَا وَرَدَ مِنْ الْأَخْبَارِ بِأَنَّهَا وَقَائِعُ فِعْلِيَّةٌ طُرُقُهَا الِاحْتِمَالُ (فَالِاعْتِدَالُ قَصِيرٌ) ؛ لِأَنَّهُ لِلْفَصْلِ بَيْنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ (وَكَذَا الْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ) قَصِيرٌ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ لِلْفَصْلِ بَيْنَهُمَا فَهُوَ كَالِاعْتِدَالِ، بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الذِّكْرَ الْمَشْرُوعَ فِيهِ أَقْصَرُ مِمَّا شُرِعَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: كَالْقُنُوتِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ زَادَ عَلَى قَدْرِ الْقُنُوتِ مَا يَسَعُ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ فِي ثَانِيَةِ الصُّبْحِ بَطَلَتْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ لَهُ خِلَافٌ مَعَ تَوْجِيهِهِ بِأَنَّهُ مَشْرُوعٌ لَهُ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِلْوَسَطِ) خَبَرُ أَنَّ: أَيْ أَنَّ الْمُرَادَ اعْتِبَارُهَا بِالنِّسْبَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ مُنْفَرِدًا عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ قَوْلُهُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ مِنْ حَيْثُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ عَلَى الثَّانِي: أَيْ قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ حَيْثُ الْحَالَةِ الرَّاهِنَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَمْ يُشْرَعْ تَطْوِيلُهُ) فِي نُسْخَةٍ تَطْوِيلُهُ مَرَّتَيْنِ، وَمَا فِي الْأَصْلِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ عَدَمِ ذِكْرِهِ تَطْوِيلَهُ. (قَوْلُهُ: فِي مَحَلِّهِ) أَيْ وَهُوَ اعْتِدَالُ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ فِي الصُّبْحِ أَوْ الْوِتْرِ فِي رَمَضَانَ، أَمَّا الِاعْتِدَالُ فِي غَيْرِهِمَا فَيَضُرُّ تَطْوِيلُهُ، وَلَوْ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ إلَّا إذَا طَوَّلَهُ بِالْقُنُوتِ لِلنَّازِلَةِ. وَأَفْتَى ابْنُ حَجَرٍ بِأَنَّ تَطْوِيلَ الِاعْتِدَالِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ عُهِدَ تَطْوِيلُهُ فِي الْجُمْلَةِ، وَنُقِلَ عَنْ الزِّيَادِيِّ اعْتِمَادُ هَذَا (قَوْلُهُ: لِوُرُودِ أَحَادِيثَ صَحِيحَةٍ فِيهِ) أَيْ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ دُونَ الِاعْتِدَالِ فَإِنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ ذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُ الضَّمِيرِ لِلتَّطْوِيلِ، وَفِيهِ كَلَامٌ فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَمِنْهُ أَنَّ حَدِيثَ أَنَسٍ وَرَدَ فِي مُسْلِمٍ بِتَطْوِيلِ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ أَيْضًا أَيْ كَمَا وَرَدَ تَطْوِيلُ الِاعْتِدَالِ فَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ اخْتِيَارُهُ وَلَعَلَّهُ لَمْ يَسْتَحْضِرْهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لِلْفَصْلِ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ أَوْرَدَ أَنَّ اشْتِرَاطَ الطُّمَأْنِينَةِ يُنَافِي ذَلِكَ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا اُشْتُرِطَتْ؛ لِيَتَأَتَّى الْخُشُوعُ، وَيَكُونَ عَلَى سَكِينَةٍ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّيْخِ (قَوْلُهُ: كَالْقُنُوتِ) أَيْ الْمَشْرُوعِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ قَبْلَهُ: قَدْرِ ذِكْرِ كُلِّ الْمَشْرُوعِ فِيهِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ الْقُنُوتُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ عَلَيْهِ مِنْ الْأَذْكَارِ الْمَشْرُوعَةِ فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ إنَّ قَضِيَّةَ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ زَادَ عَلَى قَدْرِ الْمَشْرُوعِ بِقَدْرِ الْفَاتِحَةِ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَلَا يُنَافِيهِ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مَا قَدَّمَهُ فِي رُكْنِ الِاعْتِدَالِ مِنْ عَدَمِ الْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِيمَا إذَا كَانَ التَّطْوِيلُ بِنَفْسِ الْقُنُوتِ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَتِهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: فِي مَحَلِّهِ) أَيْ الْمَشْرُوعِ هُوَ فِيهِ بِالْأَصَالَةِ وَهُوَ ثَانِيَةُ الصُّبْحِ وَأَخِيرَةُ الْوِتْرِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ وَأَخِيرَةُ سَائِرِ الْمَكْتُوبَاتِ فِي النَّازِلَةِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُ الشَّارِحِ عَقِبَ الِاسْتِثْنَاءِ الْآتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَقِبَ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ الْآتِي. وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَطُلْ بِهِ الِاعْتِدَالُ وَإِلَّا بَطَلَتْ، فَالشَّارِحُ مُخَالِفٌ لِمَا أَفْتَى بِهِ الشِّهَابُ حَجّ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِمَحَلِّهِ اعْتِدَالُ أَخِيرَةِ سَائِرِ الْمَكْتُوبَاتِ قَالَ؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّهُ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعْتَبَرَ أَقَلُّ زَمَنٍ يَسَعُ ذَلِكَ) أَيْ الْوَاجِبَ، وَقَوْلُهُ: لَا قِرَاءَتُهُ مَعَ الْمَنْدُوبِ مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ وَمُرَادُهُ كَمَا قَالَ جَمْعٌ قِرَاءَةُ الْوَاجِبِ (قَوْلُهُ: وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) كَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُهُ عَنْ الْمَتْنِ بَعْدَهُ.

فِي الِاعْتِدَالِ. وَالثَّانِي أَنَّهُ طَوِيلٌ لِمَا مَرَّ. (وَلَوْ) (نَقَلَ رُكْنًا قَوْلِيًّا) غَيْرَ مُبْطِلٍ فَخَرَجَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَتَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ بِأَنْ كَبَّرَ بِقَصْدِهِ (كَفَاتِحَةٍ فِي رُكُوعٍ أَوْ) جُلُوسِ (تَشَهُّدٍ) آخَرَ أَوْ أَوَّلَ، وَقَوْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ أَوْ تَشَهُّدٍ آخَرَ لَيْسَ بِقَيْدٍ، أَوْ نَقْلِ تَشَهُّدٍ أَوْ بَعْضِ ذَلِكَ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ، أَوْ نَقْلِ قِرَاءَةٍ مَنْدُوبَةٍ كَسُورَةٍ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهَا (لَمْ تَبْطُلْ بِعَمْدِهِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُخِلٍّ بِصُورَتِهَا بِخِلَافِ الْفِعْلِيِّ (وَ) عَلَى الْأَصَحِّ (يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ) وَلِعَمْدِهِ أَيْضًا (فِي الْأَصَحِّ) لِتَرْكِهِ التَّحَفُّظَ الْمَأْمُورَ بِهِ فِي الصَّلَاةِ فَرْضِهَا وَنَفْلِهَا أَمْرًا مُؤَكَّدًا كَتَأَكُّدِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ. نَعَمْ لَوْ قَرَأَ السُّورَةَ قَبْلَ الْفَاتِحَةِ لَمْ يَسْجُدْ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ مَحَلُّهَا فِي الْجُمْلَةِ، وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ التَّشَهُّدِ لَمْ يَسْجُدْ؛ لِأَنَّ الْقُعُودَ مَحَلُّهَا فِي الْجُمْلَةِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَقِيَاسُهُ السُّجُودُ لِلتَّسْبِيحِ فِي الْقِيَامِ، وَهُوَ مُقْتَضَى مَا فِي شَرَائِطِ الْأَحْكَامِ لِابْنِ عَبْدَانَ. اهـ. وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَدَمُ السُّجُودِ، وَالثَّانِي لَا كَغَيْرِهِ مِمَّا لَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ (وَعَلَى هَذَا) أَيْ الْأَصَحِّ (تُسْتَثْنَى هَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ قَوْلِنَا) الْمُتَقَدِّمِ (مَا لَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ لَا سُجُودَ لِسَهْوِهِ) وَاسْتُثْنِيَ مَعَهَا أَيْضًا مَا لَوْ أَتَى بِالْقُنُوتِ أَوْ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ بِنِيَّتِهِ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَهُ. فِي الْوِتْرِ فِي غَيْرِ نِصْفِ رَمَضَانَ الثَّانِي فَإِنَّهُ يَسْجُدُ وَلَوْ تَعَمَّدَهُ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ، ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَطُلْ بِهِ الِاعْتِدَالُ وَإِلَّا بَطَلَتْ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ. وَمَا لَوْ قَرَأَ غَيْرَ الْفَاتِحَةِ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ، وَمَا لَوْ فَرَّقَهُمْ فِي الْخَوْفِ أَرْبَعَ فِرَقٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِوُرُودِ أَحَادِيثَ صَحِيحَةٍ فِيهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَقَلَ رُكْنًا قَوْلِيًّا) قَضِيَّةُ مَا ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ لِتَكْرِيرِ الْفَاتِحَةِ أَوْ التَّشَهُّدِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْهُ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ، لَكِنَّ عِبَارَةَ حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَيُضَمُّ إلَى هَذِهِ: أَيْ نَقْلِ الرُّكْنِ الْقَوْلِيِّ الْقُنُوتُ فِي وِتْرٍ لَا يُشْرَعُ فِيهِ، وَتَكْرِيرُ الْفَاتِحَةِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ اهـ. وَخَرَجَ بِتَكْرِيرِ الْفَاتِحَةِ تَكْرِيرُ السُّورَةِ فَلَا يَسْجُدُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ كُلُّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قُرْآنٌ مَطْلُوبٌ، وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ فِي تَكْرِيرِ الْفَاتِحَةِ أَنَّهُ يَسْجُدُ بِتَكْرِيرِ التَّشَهُّدِ إلَّا أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَدَّمَ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ لَا يَسْجُدُ؛ لِأَنَّ الْقُعُودَ مَحَلُّهَا فِي الْجُمْلَةِ يَقْتَضِي عَدَمَ السُّجُودِ بِتَكْرِيرِ الرُّكْنِ الْقَوْلِيِّ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: التَّكْرِيرُ عِبَادَةٌ عَنْ ذِكْرِهِ بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِهِ، وَمُجَرَّدُ تَقْدِيمِهِ لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْقَوْلَ بِإِبْطَالِ تَكْرِيرِهِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِهِ عَلَى وَجْهٍ يُعْتَدُّ بِهِ (قَوْلُهُ: فَخَرَجَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخِطَابِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَبَّرَ بِقَصْدِهِ) أَيْ الْإِحْرَامَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْفِعْلِيِّ) أَشَارَ بِهِ إلَى رَدِّ تَوْجِيهِ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ الْمَحَلِّيُّ بِقَوْلِهِ: وَالثَّانِي تَبْطُلُ كَنَقْلِ الرُّكْنِ الْفِعْلِيِّ. اهـ. وَكَانَ يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ ذِكْرُ الْمُقَابِلِ وَفَاءً بِشَرْحِ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ السُّجُودِ) أَيْ يَنْقُلُ التَّسْبِيحَ إلَى الْقِيَامِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا تُسْتَثْنَى هَذِهِ الصُّورَةُ) أَيْ وَهِيَ قَوْلُهُ: وَلَوْ نَقَلَ رُكْنًا قَوْلِيًّا، وَقَوْلُهُ عَنْ قَوْلِنَا مُتَعَلِّقٌ بِيُسْتَثْنَى وَعَدَّاهُ بِعَنْ دُونَ مِنْ لِتَضْمِينِهِ مَعْنَى تَمَيَّزَ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الرُّكُوعِ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ فَعَلَهُ إمَامُهُ الْحَنَفِيُّ قَبْلَ الرُّكُوعِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ عَنْ اعْتِقَادٍ يُنَزَّلُ عِنْدَنَا مَنْزِلَةَ السَّهْوِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بَطَلَتْ) هَذَا يُخَالِفُ مِنْ حَيْثُ شُمُولُهُ لِلرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ حَجّ مِنْ عَدَمِ الْبُطْلَانِ بِتَطْوِيلِ اعْتِدَالِ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ كَمَا تَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ قَرَأَ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ أَوْ نَقَلَ قِرَاءَةً مَنْدُوبَةً إلَخْ، فَلَعَلَّهُ ذَكَرَهُ لِلتَّصْرِيحِ بِالِاسْتِثْنَاءِ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِغَيْرِ الْفَاتِحَةِ؛ لِيَكُونَ مِثَالًا لِنَقْلِ غَيْرِ الرُّكْنِ وَإِلَّا فَنَقْلُ الْفَاتِحَةِ عُلِمَ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَوْ نَقَلَ رُكْنًا قَوْلِيًّا (قَوْلُهُ: غَيْرَ الْفَاتِحَةِ) أَيْ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ غَيْرَ إلَخْ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا قَرَأَ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ لَا يُشْتَرَطُ لِلسُّجُودِ نِيَّةُ الْقِرَاءَةِ وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقُنُوتِ بِأَنَّ الْقُنُوتَ دُعَاءٌ وَهُوَ مَشْرُوعٌ فِي الصَّلَاةِ مُطْلَقًا فَاشْتُرِطَ فِيهِ نِيَّةُ الْقُنُوتِ؛ لِيَتَحَقَّقَ كَوْنُهُ مِنْ الْأَبْعَاضِ، وَالْقِرَاءَةُ صُورَتُهَا لَيْسَ لَهَا حَالَتَانِ فَكَانَ مُجَرَّدُ نَقْلِهَا مُقْتَضِيًا لِتَحَقُّقِ نَقْلِ الْمَطْلُوبِ، لَكِنَّ فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ خِلَافَهُ حَيْثُ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فِي الْوِتْرِ فِي غَيْرِ نِصْفِ رَمَضَانَ) أَيْ مَثَلًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ قَرَأَ غَيْرَ الْفَاتِحَةِ) هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ أَوْ نَقْلُ

وَصَلَّى بِكُلٍّ رَكْعَةً أَوْ فِرْقَتَيْنِ وَصَلَّى بِوَاحِدَةٍ ثَلَاثًا فَإِنَّهُ يَسْجُدُ لِمُخَالَفَتِهِ بِالِانْتِظَارِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ الْوَارِدِ فِيهِ، وَلَيْسَ مِنْهَا زِيَادَةُ الْقَاصِرِ أَوْ مُصَلٍّ نَفْلًا مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ سَهْوٍ؛ لِأَنَّ عَمْدَ ذَلِكَ مُبْطِلٌ فَهُوَ مِنْ الْقَاعِدَةِ، وَلَوْ صَلَّى عَلَى الْآلِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ أَوْ بَسْمَلَ أَوَّلَ تَشَهُّدِهِ لَمْ يُسَنَّ لَهُ سُجُودُ السَّهْوِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ عَمَلًا بِقَاعِدَتِهِمْ مَا لَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ لَا سُجُودَ لِسَهْوِهِ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ مِنْهَا، وَالِاسْتِثْنَاءُ: مِعْيَارُ الْعُمُومِ بَلْ قِيلَ إنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْآلِ فِي الْأَوَّلِ سُنَّةٌ، وَكَذَا الْإِتْيَانُ بِبِسْمِ اللَّهِ قَبْلَ التَّشَهُّدِ. وَأَمَّا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ وَأَفْتَى بِهِ مِنْ السُّجُودِ لَهُ فَإِنَّمَا يُتَّجَهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا رُكْنٌ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ، كَذَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَتَاوِيهِ وَدَعْوَى صِحَّتِهِ بَعِيدَةٌ (وَلَوْ) (نَسِيَ) الْإِمَامُ أَوْ الْمُنْفَرِدُ (التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ) وَحْدَهُ أَوْ مَعَهَا قُعُودَهُ (فَذَكَرَهُ بَعْدَ انْتِصَابِهِ) أَيْ وُصُولِهِ لِحَدٍّ يُجْزِئُهُ فِي قِيَامِهِ (لَمْ يَعُدْ لَهُ) أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ؛ لِمَا صَحَّ مِنْ الْأَخْبَارِ؛ وَلِتَلَبُّسِهِ بِفَرْضٍ فِعْلِيٍّ فَلَا يَقْطَعُهُ لِسُنَّةٍ (فَإِنْ عَادَ) عَامِدًا (عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ زَادَ قُعُودًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، وَهُوَ مُخِلٌّ بِهَيْئَةِ الصَّلَاةِ، بِخِلَافِ قَطْعِ الْقَوْلِيِّ لِنَفْلٍ كَالْفَاتِحَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَقُنُوتٌ بِنِيَّتِهِ، وَكَذَلِكَ التَّشَهُّدُ وَالْقِرَاءَةُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّتِهِمَا قِيَاسًا عَلَى الْقُنُوتِ. اهـ. وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ مِنْ أَنَّ التَّشَهُّدَ وَالْقِرَاءَةَ لَا يُشْتَرَطُ لَهُمَا نِيَّةٌ فِي اقْتِضَاءِ السُّجُودِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ وَأَلْفَاظَ التَّشَهُّدِ كِلَاهُمَا مُتَعَيَّنٌ مَطْلُوبٌ فِي مَحَلٍّ مَخْصُوصٍ، بِخِلَافِ الْقُنُوتِ فَإِنَّ أَلْفَاظَهُ تُسْتَعْمَلُ لِلدُّعَاءِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، وَيَقُومُ غَيْرُهَا فِي الصَّلَاةِ مِنْ كُلِّ مَا تَضَمَّنَ دُعَاءً وَثَنَاءً مَقَامَهَا فَاحْتِيجَ فِي اقْتِضَائِهَا السُّجُودَ لِلنِّيَّةِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَسْجُدُ لِمُخَالَفَتِهِ) يَنْبَغِي أَنَّ غَيْرَ الْفِرْقَةِ الْأُولَى مِثْلُهُ لِاقْتِدَائِهِمْ بِمَنْ حَصَلَ مِنْهُ مُقْتَضَى السُّجُودِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ) أَيْ وَهُوَ انْتِظَارُهُ فِي قِيَامِ الثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَسْمَلَ أَوَّلَ تَشَهُّدِهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ، وَإِنْ قَصَدَ أَنَّهَا مِنْ الْفَاتِحَةِ، لَكِنَّ عِبَارَةَ حَجّ: وَأَنَّهُ لَوْ بَسْمَلَ أَوَّلَ التَّشَهُّدِ أَوْ صَلَّى عَلَى الْآلِ بِنِيَّةِ أَنَّهُ ذَكَرَ التَّشَهُّدَ الْأَخِيرَ سَجَدَ إلَخْ. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ هُنَا لَمَّا عَلَّلَ بِهِ مِنْ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِعْيَارُ الْعُمُومِ سِيَّمَا وَالتَّشَهُّدُ مَحَلُّ الصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ فِي الْجُمْلَةِ، لَكِنْ مَا عَلَّلَ بِهِ عَدَمَ السُّجُودِ لِقِرَاءَةِ الْبَسْمَلَةِ أَوَّلَ التَّشَهُّدِ يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ هَذَا مَطْلُوبٌ قَوْلِيٌّ نَقَلَهُ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ: فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ مَتَى نَقَلَ مَطْلُوبًا قَوْلِيًّا سَجَدَ لِلسَّهْوِ فَإِنَّهُ صُدِّقَ عَلَى مَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ قُعُودِهِ) أَيْ أَوْ قُعُودِهِ وَحْدَهُ بِأَنْ لَمْ يُحْسِنْهُ (قَوْلُهُ: لِحَدٍّ يُجْزِئُهُ فِي قِيَامِهِ) . أَيْ بِأَنْ صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ مِنْهُ إلَى الرُّكُوعِ أَوْ إلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَعُدْ لَهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ نَذَرَهُ كُلٌّ مِنْ الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْفَرْضِ الْأَصْلِيِّ وَهَذَا فَرْضِيَّتُهُ عَارِضَةٌ، وَلِهَذَا لَوْ تَرَكَهُ عَمْدًا بَعْدَ نَذْرِهِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ. (قَوْلُهُ: وَلِتَلَبُّسِهِ بِفَرْضٍ فِعْلِيٍّ) أَيْ أَمَّا الْقَوْلِيُّ فَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ: عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ بَطَلَتْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ، كَأَنْ أَحْرَمَ بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ نَفْلًا بِتَشَهُّدَيْنِ وَتَرَكَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ وَتَلَبَّسَ بِالْقِيَامِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْعَوْدُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِتَلَبُّسِهِ بِالْقِيَامِ الَّذِي هُوَ فَرْضٌ. لَا يُقَالُ: إنَّ لَهُ تَرْكَ الْقِيَامِ وَالْجُلُوسَ لِلْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْجُلُوسُ الَّذِي يَأْتِي بِهِ لِلْقِرَاءَةِ وَلَوْ بَعْدَ تَلَبُّسِهِ بِالْقِرَاءَةِ رُكْنٌ فَعَوْدُهُ عَنْهُ إلَى التَّشَهُّدِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَطَعَ الْفَرْضَ لِلنَّفْلِ، وَأَمَّا إذَا تَذَكَّرَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ قَبْلَ تَلَبُّسِهِ بِالْفَرْضِ فَهَلْ يَعُودُ؛ لِأَنَّهُ بِقَصْدِ الْإِتْيَانِ بِهِ صَارَ بَعْضًا أَوَّلًا؛ لِأَنَّ النَّفَلَ لَمْ يُشْرَعْ فِيهِ تَشَهُّدٌ أَوَّلٌ فِي حَدِّ ذَاتِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَنْبَنِي عَلَى أَنَّهُ إذَا قَصَدَ الْإِتْيَانَ بِهِ ثُمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقِرَاءَةٍ مَنْدُوبَةٍ كَسُورَةٍ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهَا (قَوْلُهُ: فَإِنَّمَا يَتَّجِهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا رُكْنٌ) يُقَالُ عَلَيْهِ الشَّيْخُ جَارٍ فِي ذَلِكَ عَلَى طَرِيقَتِهِ مِنْ أَنَّ نَقْلَ الْمَطْلُوبِ الْقَوْلِيِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رُكْنًا يُنْدَبُ لَهُ السُّجُودُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْحَمْلِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهَا) أَيْ الصَّلَاةَ عَلَى الْآلِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُخِلٌّ بِهَيْئَةِ الصَّلَاةِ) يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ حَالِيَّةً لِتَكُونَ قَيْدًا فِيمَا قَبْلَهَا: أَيْ هَذَا الْقُعُودُ الْخَاصُّ مُخِلٌّ بِهَيْئَةِ الصَّلَاةِ، وَإِلَّا فَالْقُعُودُ لَيْسَ مُخِلًّا بِهَيْئَةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ بِدَلِيلِ مَا قَدَّمَهُ فِيمَا لَوْ زَادَ

لِلتَّعَوُّذِ أَوْ الِافْتِتَاحِ فَلَا يَحْرُمُ (أَوْ) عَادَ لَهُ (نَاسِيًا) كَوْنُهُ فِي صَلَاةٍ أَوْ حُرْمَةِ عَوْدِهِ (فَلَا) تَبْطُلُ لِعُذْرِهِ؛ وَرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُ. نَعَمْ يَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَ تَذَكُّرِهِ النُّهُوضُ فَوْرًا وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ هُنَا مِنْ عَدَمِ بُطْلَانِهَا بِعَوْدِهِ نَاسِيًا حُرْمَتَهُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ يَسِيرٍ نَاسِيًا حُرْمَةَ الْكَلَامِ ضَرَّ؛ لِأَنَّ الْعَوْدَ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ فَكَانَ بَابُهُ أَوْسَعَ، بِخِلَافِ الْكَلَامِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِهَا وَلَا مِنْهَا (وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ) لِإِبْطَالِ تَعَمُّدِ ذَلِكَ (أَوْ) عَادَ لَهُ (جَاهِلًا) تَحْرِيمَهُ، وَإِنْ كَانَ مُخَالِطًا لَنَا؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يَخْفَى عَلَى الْعَوَامّ (فَكَذَا) لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا ذُكِرَ، وَيَقُومُ فَوْرًا عِنْدَ تَعَلُّمِهِ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. وَالثَّانِي تَبْطُلُ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ التَّعَلُّمِ، أَمَّا الْمَأْمُومُ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ التَّخَلُّفُ عَنْ إمَامِهِ لِلتَّشَهُّدِ، فَإِنْ تَخَلَّفَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِفُحْشِ الْمُخَالَفَةِ. لَا يُقَالُ: صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَ إمَامُهُ الْقُنُوتَ فَلَهُ أَنْ يَتَخَلَّفَ لِيَقْنُتَ إذَا لَحِقَهُ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى. لِأَنَّا نَقُولُ: لَمْ يُحْدِثْ فِي تَخَلُّفِهِ فِي تِلْكَ وُقُوفًا وَهُنَا أَحْدَثَ فِيهِ جُلُوسَ تَشَهُّدِهِ، فَقَوْلُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ: لَوْ جَلَسَ إمَامُهُ لِلِاسْتِرَاحَةِ فَالْأَوْجَهُ أَنَّ لَهُ التَّخَلُّفَ؛ لِيَتَشَهَّدَ إذَا لَحِقَهُ فِي قِيَامِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يُحْدِثْ جُلُوسًا، فَمَحَلُّ بُطْلَانِهَا إذَا لَمْ يَجْلِسْ إمَامُهُ مَمْنُوعٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذْ جُلُوسُهُ لِلِاسْتِرَاحَةِ هُنَا لَيْسَ بِمَطْلُوبٍ، وَلَوْ انْتَصَبَ مَعَهُ فَعَادَ لَهُ لَمْ يَعُدْ إذْ هُوَ إمَّا مُتَعَمِّدٌ فَصَلَاتُهُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ أَوْ سَاهٍ أَوْ جَاهِلٌ فَلَا يُوَافِقُهُ فِي ذَلِكَ بَلْ يَنْتَظِرُهُ قَائِمًا حَمْلًا لَهُ عَلَى أَنَّهُ عَادَ سَاهِيًا أَوْ يَنْوِي مُفَارَقَتَهُ، وَهُوَ الْأَوْلَى، وَلَوْ قَعَدَ فَانْتَصَبَ إمَامُهُ ثُمَّ عَادَ لَزِمَ الْمَأْمُومَ الْقِيَامُ فَوْرًا؛ لِأَنَّهُ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ بِانْتِصَابِ إمَامِهِ وَفِرَاقُهُ هُنَا أَوْلَى أَيْضًا (وَلِلْمَأْمُومِ) إذَا انْتَصَبَ وَحْدَهُ نَاسِيًا (الْعَوْدُ لِمُتَابَعَةِ إمَامِهِ فِي الْأَصَحِّ) ـــــــــــــــــــــــــــــSتَرَكَهُ هَلْ يَسْجُدُ أَوْ لَا؟ . إنْ قُلْنَا بِمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ مِنْ السُّجُودِ وَاعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ عَادَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ حُكْمَ الْبَعْضِ بِقَصْدِهِ، وَإِنْ قُلْنَا بِكَلَامِ غَيْرِهِمَا مِنْ عَدَمِ السُّجُودِ لَمْ يُعِدْ (قَوْلُهُ: أَوْ الِافْتِتَاحِ فَلَا يَحْرُمُ) نَعَمْ لَا يَبْعُدُ كَرَاهَتُهُ. اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: أَوْ حُرْمَةِ عَوْدِهِ) أَيْ أَوْ نَاسِيًا حُرْمَةَ عَوْدِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ إلَخْ) هُوَ قَوْلُهُ: أَوْ حُرْمَةِ عَوْدِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ عَادَ لَهُ جَاهِلًا) قَالَ فِي الْخَادِمِ: أَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّ الْقُعُودَ غَيْرُ جَائِزٍ، وَلَكِنْ جَهِلَ أَنَّهُ يُبْطِلُ فَقِيَاسُ مَا سَبَقَ فِي الْكَلَامِ وَنَظَائِرِ الْبُطْلَانِ لِعَوْدِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِتَحْرِيمِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي الْفُرُوقِ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمَأْمُومُ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ التَّخَلُّفُ) لَمْ يَتَقَدَّمْ مَا يَصْلُحُ كَوْنَ هَذَا مُحْتَرَزًا لَهُ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ ذِكْرِهِ مُجَرَّدُ إفَادَةِ الْحُكْمِ، وَقَدْ يُقَالُ هُوَ مُحْتَرَزُ مَا جَعَلَهُ مَرْجِعًا لِلضَّمِيرِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَلَوْ نَسِيَ مِنْ قَوْلِهِ الْإِمَامِ أَوْ الْمُنْفَرِدِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَخَلَّفَ) أَيْ عَامِدًا عَالِمًا (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) أَيْ وَإِنْ قَلَّ التَّخَلُّفُ حَيْثُ قَصَدَهُ (قَوْلُهُ: إذَا لَحِقَهُ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى) أَيْ فَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يُدْرِكُهُ فِي الْأُولَى لَا يُسَنُّ لَهُ الْقُنُوتُ، وَمَعَ ذَلِكَ إنْ تَخَلَّفَ لِيَقْنُتَ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إلَّا إنْ سَبَقَهُ بِرُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ بِأَنْ هَوَى الْإِمَامُ لِلسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ وَالْمَأْمُومُ فِي الْقِيَامِ لِلِاعْتِدَالِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ نَعَمْ يَجُوزُ لِلْمَأْمُومِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَقَوْلُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) هُوَ ابْنُ حَجَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: إذْ جُلُوسُهُ) أَيْ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ بِمَطْلُوبٍ) هَلْ الْمُرَادُ لَيْسَ بِمَطْلُوبٍ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ، وَإِلَّا فَجُلُوسُ الِاسْتِرَاحَةِ سُنَّةٌ فِي حَقِّهِ إذَا قَصَدَ: تَرْكَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ انْتَصَبَ) أَيْ الْمَأْمُومُ مَعَهُ: أَيْ مَعَ إمَامِهِ (قَوْلُهُ: وَفِرَاقُهُ هُنَا أَوْلَى) أَيْ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الِانْتِظَارِ فِي الْقِيَامِ وَالْمُفَارَقَةِ، وَهِيَ أَوْلَى كَاَلَّتِي قَبْلَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقُعُودًا عَقِبَ سُجُودِ التِّلَاوَةِ أَوْ عَقِبَ الْهَوِيِّ لِلسُّجُودِ (قَوْلُهُ: كَوْنُهُ فِي صَلَاةٍ) قَدْ لَا يُتَصَوَّرُ عَوْدُهُ لِأَجْلِ التَّشَهُّدِ مَعَ نِسْيَانِهِ أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ إذْ التَّشَهُّدُ لَيْسَ إلَّا فِيهَا، فَلَعَلَّ اللَّامَ فِي لَهُ بِمَعْنَى إلَى أَيْ عَادَ إلَى التَّشَهُّدِ بِمَعْنَى مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعَوْدَ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ) يَعْنِي مَا عَادَ إلَيْهِ وَإِلَّا فَنَفْسُ الْعَوْدِ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ، وَفَرَّقَ الشِّهَابُ حَجّ بِأَنَّ حُرْمَةَ الْكَلَامِ أَشْهَرُ فَنِسْيَانُهَا نَادِرٌ فَأُبْطِلَ كَالْإِكْرَاهِ عَلَيْهِ وَلَا كَذَلِكَ هَذَا (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمَأْمُومُ) لَا وَجْهَ لِلتَّعْبِيرِ هُنَا بِأَمَّا (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ) يَعْنِي بِمَا اقْتَضَاهُ الْمَنْعُ مِنْ الْبُطْلَانِ (قَوْلُهُ: إذْ جُلُوسُهُ لِلِاسْتِرَاحَةِ هُنَا لَيْسَ بِمَطْلُوبٍ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ

لِعُذْرِهِ إذْ الْمُتَابَعَةُ فَرْضٌ فَرُجُوعُهُ إلَى فَرْضٍ لَا إلَى سُنَّةٍ. وَالثَّانِي لَيْسَ لَهُ الْعَوْدُ بَلْ يَنْتَظِرُ إمَامَهُ قَائِمًا لِتَلَبُّسِهِ بِفَرْضٍ وَلَيْسَ فِيمَا فَعَلَهُ إلَّا التَّقَدُّمُ عَلَى الْإِمَامِ بِرُكْنٍ (قُلْت: الْأَصَحُّ وُجُوبُهُ) أَيْ الْعَوْدِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ؛ لِأَنَّ مُتَابَعَةَ الْإِمَامِ وَاجِبَةٌ وَهِيَ آكَدُ مِمَّا ذَكَرُوهُ مِنْ تَلَبُّسِهِ بِفَرْضٍ، فَإِنْ لَمْ يَعُدْ، وَلَمْ يَنْوِ الْمُفَارَقَةَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ يَجْرِي فِيمَا لَوْ سَبَقَ إمَامَهُ إلَى السُّجُودِ وَتَرَكَ الْقُنُوتَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَدْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَتَرْكُ الْقُنُوتِ يُقَاسُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي التَّشَهُّدِ، وَفِي التَّحْقِيقِ وَالْأَنْوَارِ وَالْجَوَاهِرِ نَحْوُهُ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمَأْمُومَ إنْ تَرَكَ الْقُنُوتَ نَاسِيًا وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَوْدُ لِمُتَابَعَةِ إمَامِهِ أَوْ عَامِدًا نُدِبَ. وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ مَا لَوْ ظَنَّ الْمَسْبُوقُ سَلَامَ إمَامِهِ فَقَامَ حَيْثُ لَزِمَ الْعَوْدُ، وَامْتَنَعَ عَلَيْهِ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُومَ هُنَا فَعَلَ فِعْلًا لِلْإِمَامِ أَنْ يَفْعَلَهُ، وَلَا كَذَلِكَ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ فَرَاغِ الصَّلَاةِ فَجَازَ لَهُ الْمُفَارَقَةُ هُنَا لِذَلِكَ، أَمَّا إذَا تَعَمَّدَ التَّرْكَ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ بَلْ يُسَنُّ لَهُ كَمَا لَوْ رَكَعَ مَثَلًا قَبْلَ إمَامِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ قَصْدًا صَحِيحًا بِانْتِقَالِهِ مِنْ وَاجِبٍ لِمِثْلِهِ فَاعْتُدَّ بِفِعْلِهِ، وَخُيِّرَ بَيْنَهُمَا، بِخِلَافِ السَّاهِي فَكَأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا وَلَزِمَهُ الْعَوْدُ لِيَعْظُمَ أَمْرُهُ. وَالْعَامِدُ كَالْمُفَوِّتِ عَلَى نَفْسِهِ تِلْكَ السُّنَّةَ بِتَعَمُّدِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ إلَيْهَا، وَإِنَّمَا تَخَيَّرَ مَنْ رَكَعَ مَثَلًا قَبْلَ إمَامِهِ سَهْوًا لِعَدَمِ فُحْشِ الْمُخَالَفَةِ فِيهِ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ السَّاهِي ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُعِدْ) أَيْ فَوْرًا (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ الْعَمْدِ) كَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَنْ قَوْلِهِ الْآتِي: أَمَّا إذَا تَعَمَّدَ التَّرْكَ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ) أَيْ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ لِإِمَامِهِ إنْ سَجَدَ قَبْلَهُ نَاسِيًا، فَإِنْ لَمْ يُعِدْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا، وَعَلَيْهِ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ الْآتِي: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إلَخْ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الْأَنْوَارِ وَالْجَوَاهِرِ فَكَأَنَّهُ بَيَانٌ لِسَنَدِ وَالِدِهِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَوْدُ) مَا أَفَادَهُ هَذَا الْكَلَامُ مِنْ وُجُوبِ الْعَوْدِ إذَا تَرَكَ الْإِمَامُ فِي الْقُنُوتِ وَخَرَّ سَاجِدًا سَهْوًا لَا يَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ، بَلْ يَجْرِي فِيمَا إذَا تَرَكَهُ فِي اعْتِدَالٍ لَا قُنُوتَ فِيهِ وَخَرَّ سَاجِدًا سَهْوًا كَمَا وَافَقَ عَلَى ذَلِكَ طب وم ر وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ فِيمَا لَوْ تَرَكَهُ فِي الْقُنُوتِ، وَالْإِمَامُ مَشْغُولٌ بِسُنَّةٍ تُطْلَبُ مُوَافَقَتُهُ فِيهَا، بِخِلَافِ الِاعْتِدَالِ الَّذِي لَا قُنُوتَ فِيهِ فَإِنَّ الْإِمَامَ لَيْسَ مَشْغُولًا فِيهِ بِمَا ذُكِرَ وَزَمَنُهُ قَصِيرٌ، فَسُجُودُ الْمَأْمُومِ قَبْلَهُ لَيْسَ فِيهِ فُحْشٌ كَسَبْقِهِ، وَهُوَ فِي الْقُنُوتِ غَايَتُهُ أَنَّهُ سَبَقَهُ بِبَعْضِ رُكْنٍ سَهْوًا. وَفِي حَجّ الْجَزْمُ بِمَا اسْتَظْهَرَهُ سم قَالَ: وَيَخُصُّ قَوْلُهُمْ السَّبْقَ بِرُكْنٍ سَهْوًا لَا يَضُرُّ بِالرُّكُوعِ اهـ. أَيْ بِخِلَافِ السُّجُودِ سَهْوًا فَيَجِبُ فِيهِ الْعَوْدُ (قَوْلُهُ: وَامْتَنَعَ عَلَيْهِ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ) أَيْ مَعَ اسْتِمْرَارِهِ فِي الْقِيَامِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى الْمُفَارَقَةَ وَعَادَ لِلْقُعُودِ فَإِنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ. وَعِبَارَةُ حَجّ: لَوْ قَامَ لَزِمَهُ الْجُلُوسُ لِيَقُومَ مِنْهُ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ، وَإِنْ جَازَتْ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا كَذَلِكَ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ) وَهِيَ مَا لَوْ ظَنَّ الْمَسْبُوقُ سَلَامَ إمَامِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَجَازَ لَهُ الْمُفَارَقَةُ هُنَا لِذَلِكَ) وَقَدْ يُقَالُ ظَنُّهُ سَلَامَ إمَامِهِ يُنَزِّلُ فِعْلَهُ مَنْزِلَةَ فِعْلِ السَّاهِي وَالْعَوْدُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ، فَالْمَسْأَلَتَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ إلَّا فِي نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ مَعَ اسْتِمْرَارِهِ فِي الْقِيَامِ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ رَكَعَ) أَيْ عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا لِعَدَمِ فُحْشِ الْمُخَالَفَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تَخَيَّرَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQلَوْ جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ فَعَنَّ لَهُ الْقِيَامُ أَنَّ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يَجْلِسَ وَيَأْتِيَ بِالتَّشَهُّدِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: إذْ الْمُتَابَعَةُ فَرْضٌ) أَيْ فِي حَدِّ ذَاتِهَا وَإِلَّا فَالْمُتَابَعَةُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ لَيْسَتْ بِفَرْضٍ عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ الَّتِي الْكَلَامُ فِي تَقْرِيرِهَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَنْوِ الْمُفَارَقَةَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ لَهُ نِيَّةَ الْمُفَارَقَةِ وَعَدَمِ الْعَوْدِ وَسَيَأْتِي مَا يُصَرِّحُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ التَّفْصِيلِ) يَعْنِي مَا أَشَرْنَا إلَيْهِ بِقَوْلِنَا نَاسِيًا، وَإِلَّا فَاَلَّذِي ذَكَرَهُ إنَّمَا هُوَ أَحَدُ شِقَّيْ التَّفْصِيلِ وَشِقُّهُ الْآخَرُ سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) فِي التَّعْبِيرِ بِهِ مُسَاهَلَةٌ، إذْ الْمَأْخُوذُ هُوَ مُفَادُ التَّشْبِيهِ قَبْلَهُ عَلَى أَنَّهُ سَيَأْتِي لَهُ قَرِيبًا فِي الْكَلَامِ عَلَى الْقُنُوتِ الْآتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا يُغْنِي عَنْ هَذَا وَذِكْرُهُ هُنَاكَ أَنْسَبُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْقُنُوتِ الْمُشَبَّهِ بِالتَّشَهُّدِ فَهُوَ مِثْلُهُ فِي الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: فَجَازَ لَهُ الْمُفَارَقَةُ) أَيْ هُنَا

حَتَّى قَامَ إمَامُهُ لَمْ يُعِدْ وَلَمْ يَحْسِبْ مَا قَرَأَهُ قَبْلَ قِيَامِهِ كَمَا لَوْ ظَنَّ مَسْبُوقٌ سَلَامَهُ فَقَامَ لِمَا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَلْغُو مَا فَعَلَهُ قَبْلَ سَلَامِهِ وَلَوْ ظَنَّ مُصَلٍّ قَاعِدًا أَنَّهُ تَشَهَّدَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ فَافْتَتَحَ الْقِرَاءَةَ لِلثَّالِثَةِ امْتَنَعَ عَوْدُهُ إلَى قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ، وَإِنْ سَبَقَهُ لِسَانُهُ بِالْقِرَاءَةِ، وَهُوَ ذَاكِرٌ أَنَّهُ لَمْ يَتَشَهَّدْ جَازَ لَهُ الْعَوْدُ إلَى قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ؛ لِأَنَّ تَعَمُّدَ الْقِرَاءَةِ كَتَعَمُّدِ الْقِيَامِ، وَسَبْقُ اللِّسَانِ إلَيْهَا غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ. (وَلَوْ) (تَذَكَّرَ) الْمُصَلِّي إمَامًا أَوْ مُنْفَرِدًا التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ (قَبْلَ انْتِصَابِهِ) أَيْ قَبْلَ اسْتِوَائِهِ مُعْتَدِلًا (عَادَ) نَدْبًا (لِلتَّشَهُّدِ) الَّذِي نَسِيَهُ؛ لِعَدَمِ تَلَبُّسِهِ بِفَرْضٍ (وَيَسْجُدُ) لِلسَّهْوِ (إنْ كَانَ صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ) مِنْهُ إلَى الْقُعُودِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ فِعْلًا تَبْطُلُ بِعَمْدِهِ وَعُلِمَ تَحْرِيمُهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ إلَى الْقُعُودِ أَقْرَبَ أَوْ عَلَى السَّوَاءِ فَلَا يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ لِقِلَّةِ مَا فَعَلَهُ حِينَئِذٍ، كَمَا صَحَّحَ ذَلِكَ فِي الشَّرْحَيْنِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ صَحَّحَ فِي التَّحْقِيقِ عَدَمَ السُّجُودِ مُطْلَقًا، وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إنَّهُ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَأَطْلَقَ فِي صَحِيحِ التَّنْبِيهِ تَصْحِيحَهُ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَبِهِ الْفَتْوَى، وَعَلَى الْأَوَّلِ السُّجُودُ لِلنُّهُوضِ مَعَ الْعَوْدِ؛ لِأَنَّ تَعَمُّدَهُمَا مُبْطِلٌ لَا لِلنُّهُوضِ فَقَطْ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ حَيْثُ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ لِلنُّهُوضِ لَا لِلْعَوْدِ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ. لَا يُقَالُ: لَوْ قَامَ إمَامُهُ إلَى خَامِسَةٍ نَاسِيًا فَفَارَقَهُ الْمَأْمُومُ بَعْدَ بُلُوغِهِ حَدَّ الرَّاكِعِينَ سَجَدَ مَعَ أَنَّ هَذَا قِيَامٌ لَا عَوْدَ فِيهِ. لِأَنَّا نَقُولُ: عَمْدُ هَذَا الْقِيَامِ وَحْدَهُ غَيْرُ مُبْطِلٍ بِخِلَافِ مَا قَالَاهُ فَإِنَّهُ وَحْدَهُ مُبْطِلٌ (وَلَوْ نَهَضَ) مَنْ ذُكِرَ عَنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ (عَمْدًا) أَيْ بِقَصْدِ تَرْكِهِ، وَهَذَا قَسِيمُ قَوْلِهِ أَوَّلًا: وَلَوْ نَسِيَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ (فَعَادَ) لَهُ عَمْدًا ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ بَيْنَ الْعَوْدِ وَالِانْتِظَارِ (قَوْلُهُ: حَتَّى قَامَ إمَامُهُ) أَيْ أَوْ سَجَدَ مِنْ الْقُنُوتِ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى سَجَدَ إمَامُهُ لَا يُعْتَدُّ بِطُمَأْنِينَتِهِ قَبْلَ سُجُودِ الْإِمَامِ كَمَا لَا يُعْتَدُّ بِقِرَاءَتِهِ، وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بِأَنَّ السُّجُودَ شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَالطُّمَأْنِينَةُ هَيْئَةٌ لَهُ بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ فَإِنَّهَا رُكْنٌ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ ظَنَّ مُصَلٍّ قَاعِدًا) أَيْ أَوْ مُضْطَجِعًا (قَوْلُهُ: فَافْتَتَحَ الْقِرَاءَةَ) أَيْ وَإِنْ قُلْت كَأَنْ نَطَقَ بِبِسْمٍ مِنْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ؛ لِأَنَّ افْتِتَاحَ الْقِرَاءَةِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْقِيَامِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِالتَّعَوُّذِ مُرِيدًا الْقِرَاءَةَ لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ (قَوْلُهُ: جَازَ لَهُ الْعَوْدُ) أَيْ وَجَازَ عَدَمُهُ، وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي إعَادَةُ مَا قَرَأَهُ لِسَبْقِ اللِّسَانِ عَلَى مَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: وَسَبَقَ إلَخْ وَأَنَّهُ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ سُجُودُ السَّهْوِ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ اسْتِوَائِهِ مُعْتَدِلًا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَصِلْ لِحَدٍّ تُجْزِئُهُ فِيهِ الْقِرَاءَةُ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: كَمَا صَحَّحَ ذَلِكَ فِي الشَّرْحَيْنِ) أَيْ ذَلِكَ التَّفْصِيلَ بَيْنَ أَنْ يَصِيرَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ وَبَيْنَ خِلَافِهِ. [فَرْعٌ] نَوَى رَكْعَتَيْنِ تَطَوُّعًا، أَوْ أَطْلَقَ فِي نِيَّةِ التَّطَوُّعِ فَصَلَّى رَكْعَةً ثُمَّ قَامَ إلَى الثَّانِيَةِ، فَلَمَّا صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ نَوَى الِاقْتِصَارَ عَلَى رَكْعَةٍ فَرَجَعَ إلَى الْقُعُودِ وَتَشَهَّدَ هَلْ يُسَنُّ لَهُ سُجُودُ السَّهْوِ؛ لِأَجْلِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ؟ الْوَجْهُ أَنَّهُ يُسَنُّ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لَوْ تَعَمَّدَهَا بِأَنْ أَرَادَ زِيَادَتَهَا فَقَطْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. وَقَالَ م ر بِالذِّهْنِ عَلَى الْبَدِيهَةِ جَوَابًا لِسَائِلِهِ عَنْ ذَلِكَ: لَا سُجُودَ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ م ر. وَوَجْهُهُ أَنَّ الزِّيَادَةَ حِينَ فَعَلَهَا كَانَتْ مَطْلُوبَةً مِنْهُ، وَالتَّرْكُ إنَّمَا عَرَضَ لَهُ بَعْدَ نِيَّةِ الِاقْتِصَارِ عَلَى رَكْعَةٍ، وَيَشْهَدُ لَهُ مَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَسُجُودِ السَّهْوِ إلَخْ مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَوَى السُّجُودَ ثُمَّ عَنَّ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى سَجْدَةٍ جَازَ وَلَا تَضُرُّهُ تِلْكَ السَّجْدَةُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدْهَا: يَعْنِي بَلْ كَانَتْ مَطْلُوبَةً مِنْهُ (قَوْلُهُ: إنَّهُ لِلنُّهُوضِ) وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ النُّهُوضَ وَحْدَهُ مِنْ غَيْرِ عَوْدِ الْبُطْلَانِ عَلَى مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ (قَوْلُهُ: أَيْ بِقَصْدِ تَرْكِهِ) خَرَجَ مَا لَوْ نَهَضَ لَا بِقَصْدِ ذَلِكَ بَلْ لِيَنْهَضَ قَلِيلًا وَيَعُودَ فَإِنَّهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِزِيَادَتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِأَنَّ تَعَمُّدَ الْقِرَاءَةِ إلَخْ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ امْتَنَعَ عَوْدُهُ، وَقَوْلُهُ: وَسَبْقُ اللِّسَانِ إلَى غَيْرِهَا غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ وَإِنْ سَبَقَهُ لِسَانُهُ إلَخْ، فَفِي كَلَامِهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ، وَالْعِبَارَةُ لِلرَّوْضِ وَشَرْحِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَقُولُ عَمْدُ هَذَا الْقِيَامِ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي نَقِيضَ الْمَطْلُوبِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِقَصْدِ تَرْكِهِ) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا تَعَمَّدَ زِيَادَةَ النُّهُوضِ لَا لِمَعْنًى فَإِنَّهَا لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِمُجَرَّدِ انْفِصَالِهِ عَنْ اسْمِ الْقُعُودِ لِشُرُوعِهِ فِي مُبْطِلٍ

(بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ بِتَعَمُّدِهِ ذَلِكَ كَمَا (إنْ كَانَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ) مِنْ الْقُعُودِ لِزِيَادَتِهِ مَا غَيَّرَ نَظْمَهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ إلَى الْقُعُودِ أَقْرَبَ أَوْ إلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَبْلَهُ فَعَلَى مُقَابِلِهِ الْمَذْكُورِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ لَا بُطْلَانَ مُطْلَقًا، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُهُ (وَلَوْ) (نَسِيَ) إمَامٌ أَوْ مُنْفَرِدٌ (قُنُوتًا فَذَكَرَهُ فِي سُجُودِهِ) (لَمْ يَعُدْ لَهُ) لِتَلَبُّسِهِ بِفَرْضٍ، فَإِنْ عَادَ لَهُ عَامِدًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ (أَوْ) ذَكَرَهُ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ تَمَامِ سُجُودِهِ بِأَنْ لَمْ يُكْمِلْ وَضْعَ أَعْضَائِهِ السَّبْعَةِ (عَادَ) أَيْ جَازَ لَهُ الْعَوْدُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَلَبَّسْ بِفَرْضٍ وَإِنْ دَلَّ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الرَّوْضِ عَلَى امْتِنَاعِ الْعَوْدِ بَعْدَ وَضْعِ الْجَبْهَةِ فَقَطْ (وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ إنْ بَلَغَ) هَوِيُّهُ (حَدَّ الرَّاكِعِ) أَيْ أَقَلَّهُ لِتَغْيِيرِهِ نَظْمَهَا بِزِيَادَةِ رُكُوعٍ سَهْوًا تَبْطُلُ بِتَعَمُّدِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَبْلُغْهُ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي التَّشَهُّدِ، وَيَجْرِي فِي الْمَأْمُومِ هُنَا جَمِيعُ مَا مَرَّ فِيهِ ثُمَّ بِتَفْصِيلِهِ حَرْفًا بِحَرْفٍ، وَكَذَا فِي غَيْرِهِ الْجَاهِلُ أَوْ النَّاسِي مَا مَرَّ ثُمَّ أَيْضًا. نَعَمْ يَجُوزُ لِلْمَأْمُومِ التَّخَلُّفُ هُنَا لِلْقُنُوتِ إنْ لَمْ يَسْبِقْ بِرَكْعَتَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ كَمَا سَيَأْتِي فِي فَصْلِ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ أَدَامَ مَا كَانَ فِيهِ فَلَمْ تَحْصُلْ مُخَالَفَةٌ فَاحِشَةٌ. وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ بَلَغَ قَيْدٌ فِي السُّجُودِ لِلسَّهْوِ خَاصَّةً لَا فِي الْعَوْدِ، وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَتُهُ قَدْ تُفْهِمُ عَوْدَهُ لَهَا (وَلَوْ شَكَّ) مُصَلٍّ (فِي تَرْكِ بَعْضٍ) مِنْ الْأَبْعَاضِ السَّابِقَةِ مُعَيَّنِ الْقُنُوتِ (سَجَدَ) إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ فِعْلِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ فِي تَرْكِ بَعْضٍ مُبْهَمٍ أَوْ فِي أَنَّهُ سَهَا أَمْ لَا أَوْ عَلِمَ تَرْكَ مَسْنُونٍ، وَاحْتُمِلَ كَوْنُهُ بَعْضًا لِعَدَمِ تَيَقُّنِ مُقْتَضِيهِ مَعَ ضَعْفِ الْمُبْهَمِ بِالْإِبْهَامِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ لِلتَّقْيِيدِ بِالْمُعَيَّنِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا لَيْسَ مِنْ أَفْعَالِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ إلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ) وَيَكْفِي فِي ذَلِكَ غَلَبَةُ الظَّنِّ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ لِقِلَّةِ مَا فَعَلَهُ (قَوْلُهُ: وَعَلَى مُقَابِلِهِ الْمَذْكُورِ عَنْ الْآخَرِينَ) هُوَ قَوْلُهُ: وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ قَبْلَهُ عَادَ) أَيْ سَوَاءٌ بَلَغَ حَدَّ الرَّاكِعِ أَوْ لَا كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَقَوْلِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَمْ يُكْمِلْ وَضْعَ أَعْضَائِهِ) شَمَلَ مَا لَوْ وَضَعَ جَبْهَتَهُ دُونَ يَدَيْهِ مَثَلًا فَيَعُودُ خِلَافًا لِمَا يَأْتِي عَنْ ظَاهِرِ عِبَارَةِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: أَيْ جَازَ لَهُ الْعَوْدُ) قَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِالْجَوَازِ عَدَمُ اسْتِحْبَابِهِ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ اسْتِحْبَابِ الْعَوْدِ لِلتَّشَهُّدِ حَيْثُ ذَكَرَهُ قَبْلَ انْتِصَابِهِ اسْتِحْبَابُهُ هُنَا بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا لَمْ يَتَلَبَّسْ بِفَرْضٍ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَبْلُغْهُ) إلَخْ أَيْ بِأَنْ انْحَنَى إلَى حَدٍّ لَا تَنَالُ رَاحَتَاهُ رُكْبَتَيْهِ وَإِنْ كَانَ إلَى الرُّكُوعِ أَقْرَبَ مِنْهُ إلَى الْقِيَامِ فَلَا يَسْجُدُ لِقِلَّةِ مَا فَعَلَهُ، وَإِنْ خَرَجَ بِهِ عَنْ مُسَمَّى الْقِيَامِ الَّذِي تُجْزِئُهُ فِيهِ الْقِرَاءَةُ (قَوْلُهُ: قَدْ تُفْهِمُ عَوْدَهُ) أَيْ التَّقْيِيدِ (قَوْلُهُ: مُعَيَّنٍ كَقُنُوتٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الشَّكَّ فِي بَعْضِهِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ لَا يَضُرُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ فِيهَا وَجَبَ إعَادَتُهَا أَوْ فِي بَعْضِهَا بَعْدَ فَرَاغِهَا لَمْ تَجِبْ لِكَثْرَةِ كَلِمَاتِهَا، وَهَذَا مَوْجُودٌ بِعَيْنِهِ فِي الْقُنُوتِ، وَيُؤَيِّدُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ فِي عَدِّ تَرْكِ الْمَأْمُورَاتِ ذَكَرَ أَنَّ تَرْكَ بَعْضِ الْقُنُوتِ وَلَوْ كَلِمَةً كَكُلِّهِ، وَاقْتَصَرَ هُنَا عَلَى الشَّكِّ فِي الْقُنُوتِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلشَّكِّ فِي بَعْضِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ فِي تَرْكِ بَعْضٍ مُبْهَمٍ) إنْ أَرَادَ بِالشَّكِّ فِي تَرْكِ بَعْضٍ مُبْهَمٍ أَنَّهُ تَرَدَّدَ هَلْ تَرَكَ بَعْضًا أَوْ مَنْدُوبًا فِي الْجُمْلَةِ فَعَدَمُ السُّجُودِ مُسَلَّمٌ، وَإِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُ تَرَدَّدَ هَلْ الْمَتْرُوكُ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ أَوْ عَلَى الْآلِ فِي الْقُنُوتِ مَثَلًا فَالْوَجْهُ السُّجُودُ وَسَيَأْتِي، وَكَذَا إنْ أَرَادَ أَنَّهُ تَرَدَّدَ أَتَرَكَ شَيْئًا مِنْ الْأَبْعَاضِ أَوْ لَا بَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَبْلَهُ) بِمَعْنَى أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْهُ وَمُسْتَخْرَجٌ مِنْ حُكْمِهِ، وَإِلَّا فَفِي الْحَقِيقَةِ أَنَّ ذَاكَ يَنْبَنِي عَلَى هَذَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِالْبِنَاءِ مَا مَرَّ؛ لِأَنَّ حُكْمَ السُّجُودِ وَعَدَمِهِ الْمَذْكُورَ فِي الْمَتْنِ طَرِيقَةُ الْقَفَّالِ وَأَتْبَاعِهِ تَوَسُّطًا بَيْنَ وَجْهَيْنِ مُطْلَقَيْنِ أَحَدُهُمَا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عَقِبَهُ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْقَفَّالُ لِحُكْمِ الْعَمْدِ عَلَى طَرِيقَتِهِ فَأَخَذَهُ تِلْمِيذُ تِلْمِيذِهِ الْبَغَوِيّ مِنْ كَلَامِهِ عَمَلًا بِقَاعِدَةِ أَنَّ مَا أَبْطَلَ عَمْدُهُ يُسْجَدُ لِسَهْوِهِ (قَوْلُهُ: الْمَذْكُورُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ) أَيْ الَّذِينَ عَبَّرَ هُوَ عَنْهُمْ فِيمَا مَرَّ بِالْجُمْهُورِ، وَعُلِمَ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ هُنَاكَ وَجْهًا بِالسُّجُودِ مُطْلَقًا فَيَنْبَنِي عَلَيْهِ هُنَا الْبُطْلَانُ مُطْلَقًا وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ فِي تَرْكِ بَعْضٍ مُبْهَمٍ) كَأَنْ شَكَّ هَلْ تَرَكَ وَاحِدًا مِنْ الْأَبْعَاضِ أَوْ أَتَى بِجَمِيعِهَا

مَعْنًى خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ خِلَافَهُ كَالزَّرْكَشِيِّ وَالْأَذْرَعِيِّ فَجَعَلَ الْمُبْهَمَ كَالْمُعَيَّنِ (أَوْ) فِي (ارْتِكَابِ نَهْيٍ) أَيْ مَنْهِيٍّ عَنْهُ يُجْبَرُ بِالسُّجُودِ (فَلَا) يَسْجُدُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ارْتِكَابِهِ، وَلَوْ عَلِمَ سَهْوًا وَشَكَّ أَنَّهُ بِالْأَوَّلِ أَوْ بِالثَّانِي سَجَدَ كَمَا لَوْ عَلِمَهُ وَشَكَّ أَمَتْرُوكُهُ الْقُنُوتُ أَمْ التَّشَهُّدُ. (وَلَوْ) (سَهَا) بِمَا يَقْتَضِي سُجُودَهُ (وَشَكَّ) أَيْ تَرَدَّدَ (هَلْ سَجَدَ) لِلسَّهْوِ أَوْ لَا أَوْ هَلْ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ أَوْ وَاحِدَةً (فَلْيَسْجُدْ) ثِنْتَيْنِ فِي الْأُولَى وَوَاحِدَةً فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ سُجُودِهِ، وَجَرْيًا عَلَى الْقَاعِدَةِ الْمَشْهُورَةِ أَنَّ الْمَشْكُوكَ فِيهِ كَالْمَعْدُومِ (وَلَوْ شَكَّ) أَيْ تَرَدَّدَ فِي رُبَاعِيَّةٍ (أَصَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا) (أَتَى بِرَكْعَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ إتْيَانِهِ بِهَا وَلَا يَرْجِعُ لِظَنِّهِ وَلَا لِقَوْلِ غَيْرِهِ أَوْ فِعْلِهِ، وَإِنْ كَانَ جَمْعًا كَثِيرًا، وَأَمَّا مُرَاجَعَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّحَابَةَ وَعَوْدُهُ لِلصَّلَاةِ فِي خَبَرِ ذِي الْيَدَيْنِ فَلَيْسَ مِنْ بَابِ الرُّجُوعِ إلَى قَوْلِ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى تَذَكُّرِهِ بَعْدَ مُرَاجَعَتِهِ أَوْ أَنَّهُمْ بَلَغُوا عَدَدَ التَّوَاتُرِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي، إذْ مَحَلُّ عَدَمِ الرُّجُوعِ إلَى قَوْلِ غَيْرِهِ مَا لَمْ يَبْلُغُوا عَدَدَ التَّوَاتُرِ، فَإِنْ بَلَغُوا عَدَدَهُ بِحَيْثُ يَحْصُلُ عِلْمُ الضَّرُورِيِّ بِأَنَّهُ فَعَلَهَا رَجَعَ لِقَوْلِهِمْ لِحُصُولِ الْيَقِينِ لَهُ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ بِخِلَافِ هَذَا الْعِلْمِ تَلَاعُبٌ كَمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSأَتَى بِجَمِيعِهَا فَالْوَجْهُ الَّذِي لَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ هُوَ السُّجُودُ، وَكَلَامُ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا ظَاهِرٌ فِيهِ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ. فَالْوَجْهُ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى الْأَوَّلِ لَكِنَّهُ حِينَئِذٍ رُبَّمَا يَتَّحِدُ مَعَ قَوْلِهِ بِخِلَافِ الشَّكِّ فِي تَرْكِ مَنْدُوبٍ فِي الْجُمْلَةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. لَكِنْ نُقِلَ عَنْ الشَّارِحِ عَدَمُ السُّجُودِ فِيمَا لَوْ شَكَّ هَلْ أَتَى بِجَمِيعِ الْأَبْعَاضِ أَوْ تَرَكَ مِنْهَا شَيْئًا، وَعِبَارَتُهُ قَوْلُهُ: فِي تَرْكِ بَعْضٍ مُبْهَمٍ إلَخْ كَأَنْ شَكَّ هَلْ أَتَى بِجَمِيعِ الْأَبْعَاضِ أَوْ لَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلِمَ تَرْكَ بَعْضٍ وَشَكَّ هَلْ هُوَ قُنُوتٌ مَثَلًا أَوْ تَشَهُّدٌ أَوَّلُ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ؛ لِأَنَّهُ حُكْمُ الْمُعَيَّنِ. اهـ. وَلَوْ مَعْنَى مَا سَيَأْتِي عَنْ سم فِي قَوْلِهِ صُورَةُ هَذَا أَنَّهُ إنْ تَحَقَّقَ إلَخْ، وَعَلَيْهِ فَالتَّقْيِيدُ بِالْمُعَيَّنِ فِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ خِلَافَهُ) هَذَا الزَّعْمُ هُوَ الْحَقُّ لِمَنْ أَحْسَنَ التَّأَمُّلَ وَرَاجَعَ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَجْهُهُ مَا ذَكَرَهُ قَبْلُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ فِي أَنَّهُ هَلْ أَتَى بِجَمِيعِ الْأَبْعَاضِ أَوْ تَرَكَ مِنْهَا شَيْئًا سَجَدَ، وَأَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ تَرَكَ بَعْضًا وَشَكَّ فِي أَنَّهُ قُنُوتٌ أَوْ غَيْرُهُ سَجَدَ (قَوْلُهُ: أَمَتْرُوكُهُ الْقُنُوتُ أَوْ التَّشَهُّدُ) صُورَةُ هَذَا أَنَّهُ تَحَقَّقَ تَرْكَهُ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ الْقُنُوتَ وَالتَّشَهُّدَ، وَلَا يَدْرِي عَيْنَ الْمَتْرُوكِ مِنْهُمَا، وَصُورَةُ مَا سَبَقَ فِي تَرْكِ الْبَعْضِ الْمُبْهَمِ أَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ التَّرْكُ، وَإِنَّمَا شَكَّ هَلْ أَتَى بِجَمِيعِ الْأَبْعَاضِ أَوْ تَرَكَ وَاحِدًا مُبْهَمًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ وَاضِحٌ لَكِنَّهُ قَدْ يُشْتَبَهُ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَأَقْرَبُ تَصَاوِيرِ صَلَاةٍ بِهَا قُنُوتٌ وَتَشَهُّدٌ أَنْ يُصَوَّرَ بِمَا لَوْ أَحْرَمَ بِالْوِتْرِ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ عَلَى نِيَّةِ أَنْ يَأْتِيَ بِتَشَهُّدَيْنِ ثُمَّ شَكَّ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ هَلْ مَتْرُوكُهُ الْقُنُوتُ أَوْ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ. وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ أَيْضًا بِمَا إذَا صَلَّى الصُّبْحَ خَلْفَ مُصَلِّي الظُّهْرِ وَأَدْرَكَ مَعَهُ رَكْعَةً ثُمَّ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ عَلِمَ أَنَّ عَلَيْهِ مُقْتَضَى السُّجُودِ، وَشَكَّ فِي هَلْ أَنَّهُ تَرَكَ الْقُنُوتَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ أَوْ أَنَّ إمَامَهُ تَرَكَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ مِنْ صَلَاةِ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ تَرَدَّدَ فِي رُبَاعِيَّةٍ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِذَلِكَ مَا لَوْ أَحْرَمَ بِأَرْبَعٍ نَفْلًا ثُمَّ شَكَّ، وَإِطْلَاقُ الْحَدِيثِ وَالْمِنْهَاجِ يَدُلَّانِ عَلَى ذَلِكَ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَيُمْكِنُ شُمُولُ الْمَتْنِ لَهُ بِأَنْ يُرَادَ بِالرُّبَاعِيَّةِ صَلَاةٌ هِيَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا. (قَوْلُهُ: عَدَدَ التَّوَاتُرِ) يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الَّذِي قَدَّمَهُ أَنَّ الْمُجِيبَ لَهُ سَيِّدُنَا أَبُو بَكْرٍ وَسَيِّدُنَا عُمَرَ وَهُمَا اثْنَانِ فَقَطْ، وَأَقَلُّ مَا قِيلَ فِيهِ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الْأَرْبَعِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا سَكَتَ بَقِيَّةُ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ نُسِبَ إلَيْهِمْ كُلِّهِمْ (قَوْلُهُ: رَجَعَ لِقَوْلِهِمْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْأَذْرَعِيُّ) فِي نِسْبَةِ هَذَا إلَى الْأَذْرَعِيِّ نَظَرٌ، فَإِنَّهُ إنَّمَا حَكَاهُ عَنْ غَيْرِهِ بِقَوْلِهِ قِيلَ الصَّرِيحُ فِي ضَعْفِهِ عِنْدَهُ، وَعِبَارَتُهُ فِي قَوْلِهِ مَعَ الْمَتْنِ، وَلَوْ شَكَّ فِي تَرْكِ بَعْضٍ أَيْ مُعَيَّنٍ سَجَدَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ فِعْلِهِ، قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَتَبِعَاهُ، قِيلَ وَلَا تَظْهَرُ لَهُ فَائِدَةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَشَكَّ أَمَتْرُوكُهُ الْقُنُوتُ إلَخْ) كَأَنْ نَوَى قُنُوتَ النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ بِتَشَهُّدَيْنِ فَشَكَّ هَلْ تَرَكَ أَحَدَهُمَا أَوْ الْقُنُوتَ، وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ تَصْوِيرِهِ أَيْضًا بِخِلَافٍ، هَذَا لَا يَتَأَتَّى

ذَكَرَ ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَيُلْحَقُ بِمَا ذُكِرَ مَا لَوْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ وَصَلُوا إلَى هَذَا الْحَدِّ فَيُكْتَفَى بِفِعْلِهِمْ فِيمَا يَظْهَرُ، لَكِنْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِخِلَافِهِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْفِعْلَ لَا يَدُلُّ بِوَضْعِهِ (وَسَجَدَ) لِلسَّهْوِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ أَصَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا فَلْيَطْرَحْ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعْنَ لَهُ صَلَاتَهُ، وَإِنْ كَانَ صَلَّى إتْمَامًا لِأَرْبَعٍ كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ» . وَمَعْنَى شَفَعْنَ لَهُ صَلَاتَهُ رَدَّتْهَا السَّجْدَتَيْنِ مَعَ الْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا لِأَرْبَعٍ لِجَبْرِهِمَا خَلَلَ الزِّيَادَةِ كَالنَّقْصِ لَا أَنَّهُمَا صَيَّرَاهَا سِتًّا، وَقَدْ أَشَارَ فِي الْخَبَرِ إلَى أَنَّ سَبَبَ السُّجُودِ هُنَا التَّرَدُّدُ فِي الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ وَاقِعَةً فَظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَوُجُودُ التَّرَدُّدِ يُضْعِفُ النِّيَّةَ وَيُحْوِجُ لِلْجَبْرِ وَلِهَذَا يَسْجُدُ وَإِنْ زَالَ تَرَدُّدُهُ قَبْلَ سَلَامِهِ كَمَا قَالَ (وَالْأَصَحُّ أَنْ يَسْجُدَ، وَإِنْ زَالَ شَكُّهُ قَبْلَ سَلَامِهِ) بِأَنْ تَذَكَّرَ أَنَّهَا رَابِعَةٌ لِفِعْلِهَا مَعَ التَّرَدُّدِ. وَالثَّانِي لَا يَسْجُدُ إذْ لَا عِبْرَةَ بِالتَّرَدُّدِ بَعْدَ زَوَالِهِ (وَكَذَا حُكْمُ مَا يُصَلِّيهِ مُتَرَدِّدًا وَاحْتَمَلَ كَوْنُهُ زَائِدًا) فَيَسْجُدُ؛ لِتَرَدُّدِهِ فِي زِيَادَتِهِ، وَإِنْ زَالَ شَكُّهُ قَبْلَ سَلَامِهِ. (وَلَا يَسْجُدُ لِمَا يَجِبُ بِكُلِّ حَالٍ إذَا زَالَ شَكُّهُ، مِثَالُهُ) (شَكَّ) فِي رُبَاعِيَّةٍ (فِي) الرَّكْعَةِ (الثَّالِثَةِ) فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ عِنْدَ الشَّكِّ جَاهِلٌ بِالثَّالِثَةِ (أَثَالِثَةٌ هِيَ أَمْ رَابِعَةٌ فَتَذَكَّرَ فِيهَا) أَيْ الثَّالِثَةِ قَبْلَ قِيَامِهِ لِلرَّابِعَةِ أَنَّهَا ثَالِثَةٌ (لَمْ يَسْجُدْ) ؛ لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ مَعَ الشَّكِّ لَازِمٌ بِكُلِّ تَقْدِيرٍ، وَبِمَا تَقَرَّرَ انْدَفَعَ قَوْلُ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَلَوْ شَكَّ فِي رَكْعَةٍ أَثَالِثَةٌ هِيَ وَإِلَّا فَقَدْ فَرَضَهَا ثَالِثَةً فَكَيْفَ يَشُكُّ أَثَالِثَةٌ هِيَ أَمْ رَابِعَةٌ، وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ لِرَدِّ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فِي الْوَاقِعِ فَمُؤَدَّى الْعِبَارَتَيْنِ شَيْءٌ وَاحِدٌ (أَوْ) تَذَكَّرَ (فِي) الرَّكْعَةِ (الرَّابِعَةِ) فِي نَفْسِ الْأَمْرِ الْمَأْتِيِّ بِهَا أَنَّ مَا قَبْلَهَا ثَالِثَةٌ مَعَ احْتِمَالِ أَنَّهَا خَامِسَةٌ ثُمَّ زَالَ تَرَدُّدُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: فَيُكْتَفَى بِفِعْلِهِمْ فِيمَا يَظْهَرُ) جَزَمَ بِهِ حَجّ فِي شَرْحِهِ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَنَقَلَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الشَّارِحِ. وَمَا نَقَلَهُ عَنْ وَالِدِهِ لَا يُنَافِي اعْتِمَادَهُ لِتَقْدِيمِهِ وَاسْتِظْهَارَهُ لَهُ (قَوْلُهُ: تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُقَالُ فِي فِعْلِهِ رُغِّمَ بِالتَّشْدِيدِ، وَفِي الْمِصْبَاحِ رَغَمَ أَنْفُهُ رَغْمًا مِنْ بَابِ قَتَلَ، وَرَغِمَ مِنْ بَابِ تَعِبَ لُغَةً كِنَايَةٌ عَنْ الذُّلِّ كَأَنَّهُ لَصِقَ بِالرَّغَامِ هَوَانًا، وَيَتَعَدَّى بِالْأَلِفِ فَيُقَالُ أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا تَرْغِيمٌ لَهُ: أَيْ إذْلَالٌ. اهـ. فَلَمْ يَذْكُرْ صِيغَةً مِنْ الْفِعْلِ الْمُضَاعَفِ مَعَ ذِكْرِهِ مَصْدَرَهُ، لَكِنْ فِي الْقَامُوسِ رَغَّمَهُ تَرْغِيمًا قَالَ لَهُ رُغْمًا. اهـ. وَعَلَيْهِ فَيُحْمَلُ مَا فِي الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّهُ لِمُخَالَفَتِهِ كَأَنَّهُ قَالَ رُغْمًا رُغْمًا (قَوْلُهُ: وَمَعْنَى شَفَعْنَ لَهُ صَلَاتُهُ) مِثْلُهُ فِي حَجّ وَأَشَارَا بِهِ إلَى دَفْعِ سُؤَالٍ تَقْدِيرُهُ كَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ شَفَعْنَا لَهُ صَلَاتَهُ؛ لِأَنَّ الْمُحَدَّثَ عَنْهُ السَّجْدَتَانِ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلسَّجْدَتَيْنِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا وَهِيَ جَمْعٌ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ قِيَامِهِ لِلرَّابِعَةِ) شَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ نَهَضَ عَنْ الْجُلُوسِ وَلَمْ يَصِلْ لِحَدٍّ تُجْزِئُ فِيهِ الْقِرَاءَةُ ثُمَّ تَذَكَّرَ فَإِنَّهُ لَا يَسْجُدُ، وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّ هَذِهِ رَابِعَةٌ وَفَعَلَ ذَلِكَ عَمْدًا بَطَلَتْ بِهِ صَلَاتُهُ، وَقَدْ يُقَالُ مُرَادُهُ بِقَبْلِ الْقِيَامِ مَا قَبْلَ شُرُوعِهِ فِيهِ بِأَنْ تَذَكَّرَ فِي السُّجُودِ أَوْ بَعْدَ رَفْعِهِ مِنْهُ وَقِيلَ النُّهُوضُ عَنْ الْجُلُوسِ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ الْآتِي وَمُقْتَضَى تَعْبِيرِهِمْ إلَخْ وَفِيهِ مِنْ الْإِشْكَالِ مَا عَلِمْت (قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ. (قَوْلُهُ: فَمُؤَدَّى الْعِبَارَتَيْنِ شَيْءٌ وَاحِدٌ) هُمَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ مِثَالُهُ شَكَّ فِي الثَّالِثَةِ إلَخْ، وَقَوْلُ الْمُعْتَرِضِ وَلَوْ شَكَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَعَ الضَّمِيرِ فِي مَتْرُوكِهِ. (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُلْحَقَ بِمَا ذَكَرَ إلَخْ) لَفْظُ يُحْتَمَلُ سَاقِطٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مَعَ زِيَادَةِ لَفْظٍ فِيمَا يَظْهَرُ قَبْلَ قَوْلِهِ لَكِنْ أَفْتَى الْوَالِدُ إلَخْ، وَظَاهِرُهُ اعْتِمَادُ خِلَافِ إفْتَاءِ وَالِدِهِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْجَمْعُ بَيْنَ يُحْتَمَلُ وَفِيمَا يَظْهَرُ وَفِيهِ تَدَافُعٌ (قَوْلُهُ: مَعَ الْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا) أَشَارَ بِهِ إلَى مَعْنَى ضَمِيرِ الْجَمْعِ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَفَعْنَ. (قَوْلُهُ: أَوْ فِي الرَّابِعَةِ) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّ الشَّكَّ إنَّمَا طَرَأَ عَلَيْهِ فِي الثَّالِثَةِ كَمَا هُوَ نَصُّ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: مَعَ احْتِمَالِ أَنَّهَا خَامِسَةٌ إلَخْ) لَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَعْنًى؛ لِأَنَّ الصُّورَةَ كَذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لِهَذِهِ الْمَعِيَّةِ، وَقَوْلُهُ: ثُمَّ زَالَ تَرَدُّدُهُ فِي الرَّابِعَةِ هُوَ عَيْنُ قَوْلِ الْمَتْنِ

فِي الرَّابِعَةِ أَنَّهَا رَابِعَةٌ (سَجَدَ) لِتَرَدُّدِهِ حَالَ الْقِيَامِ إلَيْهَا فِي زِيَادَتِهَا الْمُحْتَمَلَةِ فَقَدْ أَتَى بِزَائِدٍ عَلَى تَقْدِيرٍ دُونَ تَقْدِيرٍ، وَإِنَّمَا كَانَ التَّرَدُّدُ فِي زِيَادَتِهَا مُقْتَضِيًا لِلسُّجُودِ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ زَائِدَةً فَظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَتَرَدُّدُهُ أَضْعَفَ النِّيَّةَ وَأَحْوَجَ إلَى الْجَبْرِ. وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ مَا لَوْ شَكَّ فِي قَضَاءِ فَائِتَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ حَيْثُ نَأْمُرُهُ بِقَضَائِهَا، وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مُتَرَدِّدًا فِي أَنَّهَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ التَّرَدُّدَ ثَمَّ لَمْ يَقَعْ فِي بَاطِلٍ بِخِلَافِهِ هُنَا؛ وَلِأَنَّ السُّجُودَ إنَّمَا يَكُونُ لِلتَّرَدُّدِ الطَّارِئِ فِي الصَّلَاةِ لَا لِلسَّابِقِ عَلَيْهَا. وَمُقْتَضَى تَعْبِيرِهِمْ بِقَبْلِ الْقِيَامِ أَنَّهُ لَوْ زَالَ تَرَدُّدُهُ بَعْدَ نُهُوضِهِ وَقَبْلَ انْتِصَابِهِ لَمْ يَسْجُدْ، إذْ حَقِيقَةُ الْقِيَامِ الِانْتِصَابُ وَمَا قَبْلَهُ انْتِقَالٌ لَا قِيَامٌ. قَالَ الشَّيْخُ: فَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ: إنَّهُمْ أَهْمَلُوهُ مَرْدُودٌ، وَكَذَا قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ إنْ صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ سَجَدَ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ صَيْرُورَتَهُ إلَى مَا ذُكِرَ لَا تَقْتَضِي السُّجُودَ؛ لِأَنَّ عَمْدَهُ لَا يُبْطِلُ، وَإِنَّمَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ مَعَ عَوْدِهِ كَمَا مَرَّ، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ الْعِمَادِ اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ قَامَ لِخَامِسَةٍ نَاسِيًا فَفَارَقَهُ الْمَأْمُومُ بَعْدَ بُلُوغِ حَدِّ الرَّاكِعِينَ سَجَدَ لِلسَّهْوِ صَرِيحٌ أَوْ كَالصَّرِيحِ فِيمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ فِي الْقِيَامِ عَنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، فَلَوْ تَذَكَّرَ أَنَّهَا خَامِسَةٌ لَزِمَهُ أَنْ يَجْلِسَ حَالًا وَيَتَشَهَّدَ إنْ لَمْ يَكُنْ تَشَهَّدَ، وَإِلَّا فَلَا تَلْزَمُهُ إعَادَتُهُ ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. وَلَوْ شَكَّ فِي تَشَهُّدِهِ أَهُوَ الْأَوَّلُ أَمْ الثَّانِي فَإِنْ زَالَ شَكُّهُ فِيهِ لَمْ يَسْجُدْ؛ لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ بِكُلِّ تَقْدِيرٍ وَلَا نَظَرَ لِتَرَدُّدِهِ فِي كَوْنِهِ وَاجِبًا أَوْ نَفْلًا أَوْ بَعْدَهُ وَقَدْ قَامَ سَجَدَ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ زَائِدٌ بِتَقْدِيرٍ. (وَلَوْ) (شَكَّ بَعْدَ السَّلَامِ) الَّذِي لَا يَحْصُلُ بِهِ عَوْدٌ لِلصَّلَاةِ (فِي تَرْكِ فَرْضٍ) غَيْرِ النِّيَّةِ وَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (لَمْ يُؤَثِّرْ) وَإِنْ قَصَرَ الْفَصْلُ (عَلَى الْمَشْهُورِ) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مُضِيُّهَا عَلَى الصِّحَّةِ وَإِلَّا لَعَسُرَ عَلَى النَّاسِ خُصُوصًا عَلَى ذَوِي الْوَسْوَاسِ. وَالثَّانِي يُؤَثِّرُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ فِعْلِهِ فَيَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ وَيَسْجُدُ كَمَا فِي صُلْبِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي رَكْعَةٍ أَثَالِثَةٌ هِيَ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَقَعْ فِي بَاطِلٍ) أَيْ الْمُصَلِّي بِسَبَبِهِ، وَعِبَارَةُ حَجّ فِي مُبْطِلٍ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ مَا يَأْتِي بِهِ عِنْدَ الشَّكِّ فِي الْفَائِتَةِ لَيْسَ بَاطِلًا؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْفَائِتَةُ عَلَيْهِ فَظَاهِرٌ وَإِلَّا فَيَقَعُ لَهُ نَفْلًا مُطْلَقًا، وَأَيًّا مَا كَانَ فَمَا أَتَى بِهِ صَلَاةٌ صَحِيحَةٌ شَرْعًا. (قَوْلُهُ: وَقَبْلَ انْتِصَابِهِ) أَيْ وُصُولِهِ إلَى حَدٍّ تُجْزِئُهُ فِيهِ الْقِرَاءَةُ وَإِنْ صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ مِنْهُ إلَى الْقُعُودِ وَقَوْلُهُ لَمْ يَسْجُدْ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا قَوْلُهُ:) أَيْ الْإِسْنَوِيِّ: أَيْ مَرْدُودٌ (قَوْلُهُ: بَعْدَ بُلُوغِ حَدِّ الرَّاكِعِينَ) أَيْ مِنْ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: فِيمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ فَيَسْجُدُ إنْ صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ اعْتِمَادُهُ، لَكِنْ تَقَدَّمَ لَهُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مَا قَدْ يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْجُلُوسِ قَبْلَ هَوِيِّهِ لِلسُّجُودِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكْفِيَهُ نُزُولُهُ مِنْ الْقِيَامِ سَاجِدًا؛ لِأَنَّ التَّشَهُّدَ بِجُلُوسِهِ تَقَدَّمَ وَجُلُوسُهُ لِلسَّلَامِ يَأْتِي بِهِ بَعْدَ سُجُودِ السَّهْوِ فَلَا مَعْنَى لِتَعَيُّنِ جُلُوسِهِ قَبْلَ السُّجُودِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ وَقَدْ قَامَ سَجَدَ) أَيْ إنْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ قِيَامَهُ قَبْلَ التَّذَكُّرِ فِعْلٌ مُحْتَمِلٌ لِلزِّيَادَةِ، ثُمَّ بَعْدَ تَذَكُّرِهِ إنْ كَانَ الْأَوَّلُ وَجَبَ اسْتِمْرَارُهُ قَائِمًا، وَإِنْ كَانَ الْأَخِيرُ وَجَبَ الْجُلُوسُ فَوْرًا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ السَّلَامِ) خَرَجَ مَا لَوْ شَكَّ فِي السَّلَامِ نَفْسِهِ فَيَجِبُ تَدَارُكُهُ مَا لَمْ يَأْتِ بِمُبْطِلٍ وَلَوْ بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَقَدْ لَا يُشْرَعُ إلَخْ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقَدْ يُشْرَعُ السُّجُودُ كَزِيَادَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: الَّذِي لَا يَحْصُلُ بِهِ عَوْدٌ لِلصَّلَاةِ) أَيْ لَا يَحْصُلُ الْعَوْدُ مَعَهُ لِلصَّلَاةِ إنْ كَانَ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا وَلَمْ يَزِدْ السُّجُودَ، وَلَوْ قَالَ الَّذِي لَا يَحْصُلُ بَعْدَهُ عَوْدٌ إلَخْ كَانَ أَوْلَى، بِخِلَافِ مَا لَوْ سَلَّمَ نَاسِيًا أَنَّ عَلَيْهِ سُجُودَ السَّهْوِ فَعَادَ وَشَكَّ بَعْدَ عَوْدِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ شَكَّ قَبْلَ السَّلَامِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي يُؤَثِّرُ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ فِي الرَّابِعَةِ، وَقَوْلُهُ: إنَّهَا رَابِعَةٌ إنْ كَانَ مَعْمُولًا لِتَذَكُّرٍ فَهُوَ عَيْنُ قَوْلِهِ إنَّ مَا قَبْلَهَا ثَالِثَةٌ وَإِلَّا فَمَا مَوْقِعُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى تَعْبِيرِهِمْ بِقَبْلِ الْقِيَامِ) أَيْ فِيمَا لَوْ تَذَكَّرَ فِي الثَّالِثَةِ الَّذِي عَبَّرَ هُوَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ قَبْلَ قِيَامِهِ لِلرَّابِعَةِ (قَوْلُهُ: هُنَا وَفِيمَا مَرَّ) أَمَّا كَوْنُهُ صَرِيحًا أَوْ كَالصَّرِيحِ فِيمَا ذَكَرَهُ هُنَا فَسُلِّمَ، وَأَمَّا كَوْنُهُ كَذَلِكَ فِيمَا مَرَّ فَلَا لِمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ الْفَرْقِ بِأَنَّ عَمْدَ الْقِيَامِ هُنَا وَحْدَهُ مُبْطِلٌ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ، وَمُرَادُهُ بِمَا مَرَّ مَا قَدَّمَهُ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ قُبَيْلَ

الصَّلَاةِ إنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ، فَإِنْ طَالَ اسْتَأْنَفَ. أَمَّا الشَّكُّ فِي النِّيَّةِ وَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فَيُؤَثِّرُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَنْ أَطَالَ فِي عَدَمِ الْفَرْقِ لِشَكِّهِ فِي أَصْلِ الِانْعِقَادِ مِنْ غَيْرِ أَصْلٍ يَعْتَمِدُهُ. وَمِنْهُ مَا لَوْ شَكَّ أَنَوَى فَرْضًا أَمْ نَفْلًا لَا الشَّكُّ فِي نِيَّةِ الْقُدْوَةِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنَّمَا لَمْ يَضُرَّ الشَّكُّ بَعْدَ فَرَاغِ الصَّوْمِ فِي نِيَّتِهِ لِمَشَقَّةِ الْإِعَادَةِ فِيهِ؛ وَلِأَنَّهُ اُغْتُفِرَ فِيهَا فِيهِ مَا لَمْ يُغْتَفَرْ فِيهَا هُنَا، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ السَّلَامِ مَا قَبْلَهُ. وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي تَرْكِ رُكْنٍ أَتَى بِهِ إنْ بَقِيَ مَحَلُّهُ، وَإِلَّا فَبِرَكْعَةٍ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ فِيهِمَا لِاحْتِمَالِ الزِّيَادَةِ أَوْ لِضَعْفِ النِّيَّةِ بِالتَّرَدُّدِ فِي مُبْطِلٍ. وَلَوْ سَلَّمَ وَقَدْ نَسِيَ رُكْنًا فَأَحْرَمَ بِأُخْرَى فَوْرًا لَمْ تَنْعَقِدْ لِبَقَائِهِ فِي الْأُولَى، ثُمَّ إنْ ذَكَرَ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ بَيْنَ السَّلَامِ وَتَيَقَّنَ التَّرْكَ بَنَى عَلَى الْأُولَى وَلَا نَظَرَ لِتَحَرُّمِهِ هُنَا بِالثَّانِيَةِ، وَإِنْ تَخَلَّلَ كَلَامٌ يَسِيرٌ أَوْ اسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ أَوْ بَعْدَ طُولِهِ اسْتَأْنَفَهَا لِبُطْلَانِهَا بِهِ مَعَ السَّلَامِ بَيْنَهُمَا، وَمَتَى بَنَى لَمْ تُحْسَبْ قِرَاءَتُهُ إنْ كَانَ قَدْ شَرَعَ فِي نَفْلٍ فَإِنْ شَرَعَ فِي فَرْضٍ حُسِبَتْ لِاعْتِقَادِهِ فَرْضِيَّتَهَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ؛ ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا إذَا قُلْنَا: إنَّهُ إذَا تَذَكَّرَ لَا يَجِبُ الْقُعُودُ، وَإِلَّا فَلَا تُحْسَبُ، وَعِنْدِي لَا تُحْسَبُ. اهـ وَهُوَ الْأَوْجَهُ. وَخَرَجَ بِ (فَوْرًا) مَا لَوْ طَالَ الْفَصْلُ بَيْنَ السَّلَامِ وَتَحَرُّمِ الثَّانِيَةِ فَيَصِحُّ التَّحَرُّمُ بِهَا، وَقَوْلُ الْقَائِلِ هُنَا بَيْنَ السَّلَامِ وَتَيَقُّنِ التَّرْكِ وَهْمٌ. وَلَا يُشْكِلُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَوْ تَشَهَّدَ فِي الرَّابِعَةِ ثُمَّ قَامَ لِخَامِسَةٍ سَهْوًا كَفَاهُ بَعْدَ فَرَاغِهَا إنْ لَمْ يُسَلِّمْ، وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ لِكَوْنِهِ هُنَا فِي الصَّلَاةِ فَلَمْ تَضُرَّ زِيَادَةُ مَا هُوَ مِنْ أَفْعَالِهَا سَهْوًا وَثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا بِالسَّلَامِ فِي ظَنِّهِ، فَإِذَا انْضَمَّ إلَيْهَا طُولُ الْفَصْلِ صَارَ قَاطِعًا لَهَا عَمَّا يُرِيدُ إكْمَالَهَا بِهِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ فِي دَعْوَاهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا تُسَنُّ مُرَاعَاةُ هَذَا الْقَوْلِ؛ لِأَنَّهَا تُوقِعُ فِي بَاطِلٍ، وَهُوَ فِعْلُ مَا يَأْتِي بِهِ بَعْدَ السَّلَامِ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ زَائِدًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ. وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا لَوْ شَكَّ فِي قَضَاءِ فَائِتَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ حَيْثُ نَأْمُرُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَيُؤَثِّرُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ طُرُوُّ الشَّكِّ بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ مِنْ السَّلَامِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ مَا لَوْ شَكَّ) أَيْ مِنْ الشَّكِّ فِي النِّيَّةِ، وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ أَحْرَمَ بِفَرْضٍ ثُمَّ ظَنَّ أَنَّهُ فِي غَيْرِهِ فَكَمَّلَ عَلَيْهِ ثُمَّ عَلِمَ الْحَالَ لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ ظَنَّ أَنَّ مَا أَحْرَمَ بِهِ نَفْلٌ، وَعَلَيْهِ فَهَذَا مِمَّا يُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ الظَّنِّ وَالشَّكِّ. اهـ حَجّ بِالْمَعْنَى. (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ) يَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِهَا مَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ كَالْمُعَادَةِ وَالْمَجْمُوعَةِ جَمْعِ تَقْدِيمٍ بِالْمَطَرِ، بِخِلَافِ الْمَنْذُورِ فِعْلُهَا جَمَاعَةً؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا لِصِحَّتِهَا بَلْ وَاجِبَةٌ لِلْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ فَرَاغِ الصَّوْمِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا شَكَّ قَبْلَ فَرَاغِهِ ضَرَّ فَيَجِبُ الْإِمْسَاكُ وَقَضَاؤُهُ إنْ كَانَ فَرْضًا (قَوْلُهُ: لَمْ تَنْعَقِدْ) أَيْ ثَانِيَةً (قَوْلُهُ: قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ) أَيْ عُرْفًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَخَلَّلَهُ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ) أَيْ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ وَطِئَ نَجَاسَةً، وَيُفَارِقُ هَذِهِ الْأُمُورَ وَطْءُ النَّجَاسَةِ بِاحْتِمَالِهَا فِي الصَّلَاةِ فِي الْجُمْلَةِ. اهـ سم عَلَى حَجّ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ. وَقَوْلُهُ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ: أَيْ بِغَيْرِ فِعْلٍ كَثِيرٍ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِيمَا لَوْ سَلَّمَ نَاسِيًا ثُمَّ تَذَكَّرَ (قَوْلُهُ: وَعِنْدِي لَا تُحْسَبُ) أَيْ بَلْ يَجِبُ الْعَوْدُ لِلْقُعُودِ وَإِلْغَاءِ قِيَامِهِ (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ التَّحَرُّمُ بِهَا) أَيْ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: إذَا انْضَمَّ إلَيْهَا) أَيْ الزِّيَادَةِ لِلسَّلَامِ، وَعِبَارَةُ حَجّ إلَيْهِ: أَيْ الْخُرُوجِ وَهِيَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ) وَمِمَّا يُؤَيِّدُ إشْكَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ نَهَضَ عَمْدًا إلَخْ (قَوْلُهُ: إنْ بَقِيَ مَحَلُّهُ) يَعْنِي بِأَنْ لَمْ يَبْلُغْ مِثْلُهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَدَّمَهُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَبِرَكْعَةٍ: أَيْ؛ لِأَنَّ نَظِيرَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ وَيَلْغُو مَا بَيْنَهُمَا فَتَبْقَى عَلَيْهِ رَكْعَةٌ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَيْضًا (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ الزِّيَادَةِ) هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ شَكَّ عَقِبَ الرُّكْنِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ بِرُكْنٍ غَيْرِهِ وَإِلَّا فَالزِّيَادَةُ مُحَقَّقَةٌ، فَكَانَ يَنْبَغِي حَذْفُ لَفْظِ الِاحْتِمَالِ لِإِغْنَاءِ قَوْلِهِ أَوْ لِضَعْفِ النِّيَّةِ عَنْهُ وَمِثْلُهُ فِي التُّحْفَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَأَحْرَمَ بِأُخْرَى فَوْرًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ طُولِ فَصْلٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ وَمِنْ مُحْتَرَزِهِ الْآتِي فَلَيْسَ الْمُرَادُ الْفَوْرِيَّةَ الْحَقِيقِيَّةَ (قَوْلُهُ: وَعِنْدِي لَا تُحْسَبُ) أَيْ لِوُجُوبِ الْقُعُودِ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ السِّيَاقِ، وَانْظُرْ مَا وَجْهُهُ فِيمَا لَوْ كَانَ الرُّكْنُ الْمَشْكُوكُ فِيهِ مِنْ الْأَرْكَانِ الَّتِي لَا تَتَعَلَّقُ بِالْقُعُودِ كَالرُّكُوعِ مَثَلًا، وَهَلَّا كَانَ عَوْدُهُ لِلْقُعُودِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُبْطِلًا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ زِيَادَةُ رُكْنٍ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَكَانَ الْمُتَبَادَرُ عَوْدَهُ إلَى مَا شَكَّ

الْإِشْكَالَ. وَأَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ نَاسِيًا وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ نَفْلًا ثُمَّ تَذَكَّرَ بِوُجُوبِ اسْتِئْنَافهَا؛ لِأَنَّهُ إنْ أَحْرَمَ بِالنَّفْلِ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ فَتَحَرُّمُهُ بِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ، وَلَا يَنْبَنِي عَلَى الْأُولَى لِطُولِ الْفَصْلِ بِالرَّكْعَتَيْنِ أَوْ بَعْدَ طُولِهِ بَطَلَتْ وَخَرَجَ بِفَرْضٍ: أَيْ رُكْنُ الشَّرْطِ فَيُؤَثِّرُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي مَوْضِعٍ فِي الْمَجْمُوعِ فِي آخِرِ بَابِ الشَّكِّ فِي نَجَاسَةِ الْمَاءِ فَارِقًا بِأَنَّ الشَّكَّ فِي الرُّكْنِ يَكْثُرُ بِخِلَافِهِ فِي الطُّهْرِ، وَبِأَنَّ الشَّكَّ فِي الرُّكْنِ حَصَلَ بَعْدَ تَيَقُّنِ الِانْعِقَادِ، وَالْأَصْلُ الِاسْتِمْرَارُ عَلَى الصِّحَّةِ، بِخِلَافِهِ فِي الطُّهْرِ فَإِنَّهُ شَكَّ فِي الِانْعِقَادِ، الْأَصْلُ عَدَمُهُ. قَالَ: وَقَدْ صَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَحَامِلِيُّ وَسَائِرُ الْأَصْحَابِ بِمَعْنَى مَا قُلْتُهُ. فَقَالُوا إذَا جَدَّدَ الْوُضُوءَ ثُمَّ صَلَّى ثُمَّ تَيَقَّنَ أَنَّهُ تَرَكَ مَسْحَ رَأْسِهِ مِنْ أَحَدِ الْوُضُوءَيْنِ لَزِمَهُ إعَادَةُ الصَّلَاةِ لِجَوَازِ كَوْنِهِ تَرَكَ الْمَسْحَ مِنْ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَقُولُوا إنَّهُ شَكَّ بَعْدَ الصَّلَاةِ انْتَهَى. قَالَ الشَّيْخُ: وَمَا فَرَّقَ بِهِ مُنْقَدِحٌ، لَكِنْ مُقْتَضَى كَلَامِ كَثِيرٍ أَنَّ الشَّرْطَ كَالرُّكْنِ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى الْعِبَادَةَ فِي الظَّاهِرِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الشَّكُّ الطَّارِئُ بَعْدَ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِالنِّسْبَةِ لِلطُّهْرِ فِي بَابِ مَسْحِ الْخُفِّ عَنْ جَمْعٍ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا نَقَلَهُ هُوَ عَنْ الْقَائِلِينَ بِهِ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ بَعْدَ طَوَافِ نُسُكِهِ هَلْ طَافَ مُتَطَهِّرًا أَمْ لَا لَا تَلْزَمُهُ إعَادَةُ الطَّوَافِ. وَقَدْ نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ جَوَازُ دُخُولِ الصَّلَاةِ بِطُهْرٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ. وَظَاهِرٌ أَنَّ صُورَتَهُ أَنْ يَتَذَكَّرَ أَنَّهُ تَطَهَّرَ قَبْلَ شَكِّهِ، وَإِلَّا فَلَا تَنْعَقِدُ، وَدَعْوَى أَنَّ الشَّكَّ فِي الشَّرْطِ يَسْتَلْزِمُ الشَّكَّ فِي الِانْعِقَادِ يَرُدُّهَا كَلَامُهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSالزَّرْكَشِيّ أَنَّ سَلَامَهُ حَيْثُ سَهَا بِهِ لَغْوٌ فَلَمْ يَخْرُجْ بِهِ مِنْ الصَّلَاةِ، وَغَايَةُ مَا فَعَلَهُ بَعْدُ حَيْثُ لَمْ يَأْتِ بِمُبْطِلٍ أَنَّهُ كَالسُّكُوتِ الطَّوِيلِ، وَهِيَ لَا تَبْطُلُ بِهِ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: لِطُولِ الْفَصْلِ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ يَحْصُلُ بِهِمَا طُولُ الْفَصْلِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ ذَلِكَ بِالْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ؛ لِأَنَّهُ الْمَحْمُولُ عَلَيْهِ غَالِبًا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: كَمَا جَزَمَ بِهِ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَوَّلِ) أَيْ وَالْمَسْحُ فِي الْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْمَسْحِ فِي الْوُضُوءِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَمَا فَرَّقَ بِهِ مُنْقَدِحٌ) أَيْ قَوِيٌّ (قَوْلُهُ: أَنَّ الشَّرْطَ كَالرُّكْنِ) وَمِنْهُ مَا لَوْ شَكَّ بَعْدَ السَّلَامِ فِي نِيَّةِ الْوُضُوءِ فَلَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ، بِخِلَافِ شَكِّهِ فِي نِيَّةِ الطَّهَارَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يُؤَثِّرُ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ. اهـ زِيَادِيٌّ. وَبَقِيَ مَا لَوْ شَكَّ فِي نِيَّةِ الطَّهَارَةِ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ بَلْ أَوْ فِي الطَّهَارَةِ نَفْسِهَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بِالضَّرَرِ، فَيَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ إنْ طَالَ تَرَدُّدُهُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى بَهْجَةٍ التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ. وَعِبَارَتُهُ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ نَصُّهَا: وَأَقُولُ الشَّكُّ فِي الشَّرْطِ فِي الصَّلَاةِ مُبْطِلٌ إنْ طَالَ اهـ (قَوْلُهُ: فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الشَّكُّ الطَّارِئُ) شَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ شَكَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ صَلَاتِهِ فِي أَنَّ إمَامَهُ كَانَ مَأْمُومًا أَوْ إمَامًا فَلَا يَضُرُّ، وَفِي حَجّ مَا يُخَالِفُهُ. وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الشَّكَّ فِي ذَلِكَ يَرْجِعُ لِلشَّكِّ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ وَهُوَ مُوجِبٌ لِلِاسْتِئْنَافِ. وَعِبَارَةُ مَتْنِ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ فَمَنْ شَكَّ وَلَوْ بَعْدَ السَّلَامِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ إمَامٌ أَوْ مَأْمُومٌ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِشَكِّهِ فِي أَنَّهُ تَابِعٌ أَوْ مَتْبُوعٌ، فَلَوْ شَكَّ أَحَدُهُمَا وَظَنَّ الْآخَرُ صَحَّتْ لِلظَّانِّ أَنَّهُ إمَامٌ دُونَ الْآخَرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَهَذَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي فَرَّقُوا فِيهَا بَيْنَ الظَّنِّ وَالشَّكِّ. اهـ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَيْ قَوْلُهُ: إنَّ الشَّرْطَ كَالرُّكْنِ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيهِ، وَانْظُرْ مَا صُورَةُ حُسْبَانِ الْقِرَاءَةِ أَوْ عَدَمِ حُسْبَانِهَا فَإِنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ لِي (قَوْلُهُ: الْقَائِلِينَ بِهِ) يَعْنِي بِأَنَّ الشَّرْطَ كَالرُّكْنِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ صُورَتَهُ أَنْ يَتَذَكَّرَ أَنَّهُ تَطَهَّرَ قَبْلَ شَكِّهِ) يُقَالُ عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ هَذِهِ صُورَتُهُ خَرَجَ عَنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ فَلَمْ يَصِحَّ الِاسْتِظْهَارُ بِهِ عَلَى مَا نَحْنُ فِيهِ، وَأَيْضًا فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ بِالْقَوْلِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَنْقُولُ الْمَذْهَبِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّهُ بِذَلِكَ يَخْرُجُ عَنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ؛ لِأَنَّ صُورَتَهُ كَمَا حَرَّرَهُ الشِّهَابُ سم عَنْ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ مِنْ نَفْسِهِ سَبْقَ حَدَثٍ وَلَا طَهَارَةٍ وَدَخَلَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ فِي الطَّهَارَةِ مَثَلًا ثُمَّ لَمَّا فَرَغَ مِنْهَا عَرَضَ لَهُ الشَّكُّ فَلَا يَضُرُّ مَعَ أَنَّهُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ لَيْسَ لَهُ الدُّخُولُ فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ وُجُودَ الطَّهَارَةِ قَبْلَ الشُّرُوعِ وَلَا هُنَاكَ طَهَارَةٌ مُسْتَصْحَبَةٌ فَكَيْفَ تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ، وَمَعَ أَنَّهُ إذَا عَرَضَ لَهُ الشَّكُّ دَاخِلَ الصَّلَاةِ فِي الطَّهَارَةِ مَثَلًا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ

الْمَذْكُورُ؛ لِأَنَّهُمْ إذَا جَوَّزُوا لَهُ الدُّخُولَ فِيهَا مَعَ الشَّكِّ كَمَا عَلِمْت فَأَوْلَى أَنْ لَا يُؤَثِّرَ طُرُّوهُ عَلَى فَرَاغِهَا فَعُلِمَ أَنَّهُمْ لَا يَلْتَفُّونَ لِهَذَا الشَّكِّ عَمَلًا بِأَصْلِ الِاسْتِصْحَابِ، وَإِنَّمَا وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ فِيمَا لَوْ تَوَضَّأَ ثُمَّ جَدَّدَ ثُمَّ صَلَّى ثُمَّ تَيَقَّنَ تَرْكَ مَسْحٍ مِنْ أَحَدِ الْوُضُوءَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَيَقَّنْ صِحَّةَ وُضُوئِهِ الْأَوَّلِ حَتَّى يَسْتَصْحِبَ، فَالْإِعَادَةُ هُنَا مُسْتَنِدَةٌ لِتَيَقُّنِ تَرْكٍ لَا لِشَكٍّ فَلَيْسَتْ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ (وَسَهْوِهِ) أَيْ مُقْتَضَى سَهْوِ الْمَأْمُومِ (حَالَ قُدْوَتِهِ) وَلَوْ لِكَمِّيَّةٍ كَمَا يَأْتِي أَوَّلَ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَكَمَا فِي الْمَزْحُومِ (يَحْمِلُهُ إمَامُهُ) الْمُتَطَهِّرُ كَمَا يَتَحَمَّلُ عِنْدَ الْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا فَلَا يَحْمِلُ الْإِمَامُ الْمُحْدِثُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لِعَدَمِ صَلَاحِيَّتِهِ لِلتَّحَمُّلِ بِدَلِيلِ مَا لَوْ أَدْرَكَهُ رَاكِعًا فَإِنَّهُ لَا يُدْرِكُ الرَّكْعَةَ، وَإِنَّمَا أُثِيبَ الْمُصَلِّي خَلْفَهُ عَلَى الْجَمَاعَةِ؛ لِوُجُودِ صُورَتِهَا؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْفَضَائِلِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهَا؛ وَخَرَجَ بِحَالِ الْقُدْوَةِ بَعْدَهَا وَسَيَأْتِي وَسَهْوُهُ قَبْلَهَا كَمَا لَوْ سَهَا وَهُوَ مُنْفَرِدٌ ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ فَلَا يَتَحَمَّلُهُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُهُمَا فِي بَابِ صَلَاةِ الْخَوْفِ تَرْجِيحَ تَحَمُّلِهِ؛ لِعَدَمِ اقْتِدَائِهِ بِهِ حَالَ سَهْوِهِ، وَإِنَّمَا لَحِقَهُ سَهْوُ إمَامِهِ قَبْلَ اقْتِدَائِهِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ عُهِدَ تَعَدَّى الْخَلَلِ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ إلَى صَلَاةِ الْمَأْمُومِ دُونَ عَكْسِهِ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْإِمَامُ ضَامِنٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: يُرِيدُ بِالضَّمَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ يَتَحَمَّلُ سَهْوَ الْمَأْمُومِ، وَلِأَنَّ مُعَاوِيَةَ شَمَّتَ الْعَاطِسَ خَلْفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَسْجُدْ وَلَا أَمَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالسُّجُودِ (فَلَوْ) (ظَنَّ سَلَامَهُ) أَيْ الْإِمَامِ (فَسَلَّمَ) الْمَأْمُومُ (فَبَانَ خِلَافُهُ) أَيْ خِلَافُ مَا ظَنَّهُ (سَلَّمَ مَعَهُ) أَيْ بَعْدَهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ الْأَوْلَى إذْ سَلَامُهُ قَبْلَ سَلَامِ إمَامِهِ مُمْتَنِعٌ (وَلَا سُجُودَ) لِسَهْوِهِ حَالَ الْقُدْوَةِ فَيَتَحَمَّلُهُ الْإِمَامُ (وَلَوْ ذَكَرَ) الْمَأْمُومُ (فِي تَشَهُّدِهِ) أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ (تَرْكَ رُكْنٍ غَيْرِ) سَجْدَةٍ مِنْ الْأَخِيرَةِ كَمَا مَرَّ فِي التَّرْتِيبِ وَغَيْرِ (النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرَةِ) لِلتَّحَرُّمِ أَوْ شَكَّ فِيهِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ تَدَارُكُهُ مَعَ بَقَاءِ الْقُدْوَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ الْمُتَابَعَةِ الْوَاجِبَةِ وَ (قَامَ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ إلَى رَكْعَتِهِ) الْفَائِتَةِ بِفَوَاتِ الرُّكْنِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَلَا يَسْجُدُ) فِي التَّذَكُّرِ لِوُقُوعِ السَّهْوِ حَالَ الْقُدْوَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ فِي فِعْلِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْقُدْوَةِ فَيَتَدَارَكُ ذَلِكَ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ زَائِدًا عَلَى تَقْدِيرٍ وَلَا يَتَحَمَّلُهُ الْإِمَامُ كَمَا مَرَّ. وَلِهَذَا لَوْ شَكَّ فِي إدْرَاكِ رُكُوعٍ أَوْ فِي أَنَّهُ أَدْرَكَ مَعَهُ الصَّلَاةَ كَامِلَةً أَوْ نَاقِصَةً رَكْعَةً أَتَى بِرَكْعَةٍ وَسَجَدَ فِيهَا؛ لِوُجُودِ شَكِّهِ الْمُقْتَضِي لِلسُّجُودِ بَعْدَ الْقُدْوَةِ أَيْضًا. أَمَّا النِّيَّةُ وَتَكْبِيرَةُ التَّحَرُّمِ فَتَذَكُّرُ تَرْكِ أَحَدِهِمَا أَوْ شَكُّهُ فِيهِ أَوْ فِي شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهِ إذَا طَالَ أَوْ مَضَى مَعَهُ رُكْنٌ يَقْتَضِي إعَادَتَهَا كَمَا مَرَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: يَحْمِلُهُ إمَامُهُ) أَيْ فَيَصِيرُ الْمَأْمُومُ كَأَنَّهُ فَعَلَهُ حَتَّى لَا يُنْقَصُ شَيْءٌ مِنْ ثَوَابِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا أُثِيبَ الْمُصَلِّي خَلْفَهُ) أَيْ خَلْفَ الْإِمَامِ الْمُحْدِثِ الَّذِي لَمْ يَعْلَمْ بِحَدَثِهِ وَقْتَ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ مُعَاوِيَةَ) أَيْ ابْنَ الْحَكَمِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: شَمَّتَ الْعَاطِسَ) أَيْ جَاهِلًا بِالْحُكْمِ (قَوْلُهُ: إذْ سَلَامُهُ قَبْلَ سَلَامِ إمَامِهِ مُمْتَنِعٌ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ سَلَّمَ مَعَهُ لَا لِخُصُوصِ كَوْنِهِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: فَيَتَحَمَّلُهُ الْإِمَامُ) أَيْ وَإِنْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بَعْدَ سَهْوِ الْمَأْمُومِ. اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: مَعَ بَقَاءِ الْقُدْوَةِ) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ نَوَى مُفَارَقَتَهُ (قَوْلُهُ: أَتَى بِرَكْعَةٍ) أَيْ وُجُوبًا وَسَجَدَ: أَيْ نَدْبًا (قَوْلُهُ: أَوْ مَضَى مَعَهُ رُكْنٌ إلَخْ) هُوَ صَادِقٌ بِأَقَلِّ الْأَرْكَانِ نَحْوِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَكَالرُّكْنِ بَعْضِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَبَعْضُ الرُّكْنِ صَادِقٌ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، وَفِيهِ كَلَامٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ: أَعْنِي الشِّهَابَ الْمَذْكُورَ: أَمَّا إذَا عَلِمَ سَبْقَ حَدَثِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ طَهَارَةً بَعْدَهُ فَالْوَجْهُ بُطْلَانُ صَلَاتِهِ وَإِنْ عَرَضَ الشَّكُّ فِي الطَّهَارَةِ بَعْدَ السَّلَامِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَدَثِ، كَمَا أَنْ لَوْ تَيَقَّنَ طَهَارَةً لَمْ يَضُرَّ الشَّكُّ فِي الْحَدَثِ لَا قَبْلَ الصَّلَاةِ وَلَا فِيهَا وَلَا بَعْدَهَا اهـ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ إذَا جَوَّزُوا لَهُ الدُّخُولَ مَعَ الشَّكِّ) فِيهِ أَنَّ هَذَا الشَّكَّ لَا عِبْرَةَ بِهِ مَعَ يَقِينِ الطَّهَارَةِ، بِخِلَافِ الشَّكِّ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ كَمَا عَلِمْت فَالْأَوْلَوِيَّةُ بَلْ الْمُسَاوَاةُ مَمْنُوعَةٌ (قَوْلُهُ: فِي التَّذَكُّرِ) أَيْ بِخِلَافِهِ فِي صُورَةِ الشَّكِّ الَّتِي زَادَهَا هُوَ كَمَا يَأْتِي عَلَى الْأَثَرِ بِمَا فِيهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ بِخِلَافِ الشَّكِّ لِفِعْلِهِ

بَعْضُ ذَلِكَ (وَسَهْوُهُ) أَيْ الْمَأْمُومِ (بَعْدَ سَلَامِهِ) أَيْ الْإِمَامِ (لَا يَحْمِلُهُ) الْإِمَامُ لِانْقِضَاءِ الْقُدْوَةِ مَسْبُوقًا كَانَ أَوْ مُوَافِقًا (فَلَوْ سَلَّمَ الْمَسْبُوقُ بِسَلَامِ إمَامِهِ) أَيْ بَعْدَهُ ثُمَّ تَذَكَّرَ (بَنَى) عَلَى صَلَاتِهِ إنْ كَانَ الْفَصْلُ قَصِيرًا (وَسَجَدَ) لِوُقُوعِ سَهْوِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْقُدْوَةِ، أَمَّا لَوْ سَلَّمَ مَعَهُ فَلَا سُجُودَ عَلَى أَحَدِ احْتِمَالَيْنِ ذَكَرَهُمَا ابْنُ الْأُسْتَاذِ وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَأَوْجَهُهُمَا السُّجُودُ لِضَعْفِ الْقُدْوَةِ بِالشُّرُوعِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ تَنْقَطِعْ حَقِيقَتُهَا إلَّا بِتَمَامِ السَّلَامِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا سَيَأْتِي أَنَّهُ لَوْ اقْتَدَى بِهِ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي السَّلَامِ وَقَبْلَ عَلَيْكُمْ لَمْ تَصِحَّ الْقُدْوَةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَلَوْ نَطَقَ بِالسَّلَامِ فَقَطْ وَلَمْ يَنْوِ بِهِ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَقُلْ عَلَيْكُمْ فَلَا سُجُودَ لِعَدَمِ الْخِطَابِ وَالنِّيَّةِ، وَالسَّلَامُ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ نَوَى بِهِ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ عَلَيْكُمْ سَجَدَ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ الْقِيَاسُ، وَلَوْ ظَنَّ مَسْبُوقٌ بِرَكْعَةٍ سَلَامَ إمَامِهِ فَقَامَ وَأَتَى بِرَكْعَةٍ قَبْلَ سَلَامِ إمَامِهِ لَمْ يُعْتَدَّ بِمَا فَعَلَهُ لِوُقُوعِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، فَإِذَا سَلَّمَ إمَامُهُ أَعَادَهَا وَلَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ لِبَقَاءِ حُكْمِ الْقُدْوَةِ، وَلَوْ عَلِمَ فِي قِيَامِهِ أَنَّ إمَامَهُ لَمْ يُسَلِّمْ لَزِمَهُ الْجُلُوسُ إذْ قِيَامُهُ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ، فَإِذَا جَلَسَ وَوَجَدَهُ لَمْ يُسَلِّمْ فَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ سَلَامَهُ، وَإِنْ شَاءَ فَارَقَهُ، فَلَوْ أَتَمَّهَا جَاهِلًا بِالْحَالِ وَلَوْ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ لَمْ يُحْسَبْ فَيُعِيدُهَا لِمَا مَرَّ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ لِلزِّيَادَةِ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ (وَيَلْحَقُهُ) أَيْ الْمَأْمُومَ (سَهْوُ إمَامِهِ) الْمُتَطَهِّرِ دُونَ الْمُحْدِثِ حَالَ وُقُوعِ السَّهْوِ مِنْهُ، وَإِنْ أَحْدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ لِتَطَرُّقِ الْخَلَلِ مِنْ صَلَاةِ إمَامِهِ لِصَلَاتِهِ وَلِتَحَمُّلِ الْإِمَامِ عِنْدَ السَّهْوِ (فَإِنْ سَجَدَ) إمَامُهُ (لَزِمَهُ مُتَابَعَتُهُ) وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ أَنَّهُ سَهَا حَمْلًا لَهُ عَلَى السَّهْوِ، حَتَّى لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ سَجَدَ الْمَأْمُومُ أُخْرَى لِاحْتِمَالِ تَرْكِ الْإِمَامِ لَهَا سَهْوًا، ـــــــــــــــــــــــــــــSلحج فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: أَيْ بَعْدَهُ) أَيْ أَوْ مَعَهُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: بِالشُّرُوعِ فِيهِ) أَيْ السَّلَامِ (قَوْلُهُ: لَمْ تَصِحَّ الْقُدْوَةُ) أَيْ وَتَنْعَقِدُ فُرَادَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَطَقَ) أَيْ مَأْمُومٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَقُلْ عَلَيْكُمْ سَجَدَ) أَيْ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الْخُرُوجِ يُبْطِلُ عَمْدُهَا فَيَسْجُدُ لِسَهْوِهَا (قَوْلُهُ: فَإِذَا سَلَّمَ إمَامُهُ أَعَادَهَا) أَيْ الرَّكْعَةَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَاءَ فَارَقَهُ) قَضِيَّتُهُ امْتِنَاعُ الْمُفَارَقَةِ قَبْلَ الْجُلُوسِ وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ حَجّ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَتَمَّهَا) أَيْ الرَّكْعَةَ (قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُهُ سَهْوُ إمَامِهِ) ظَاهِرُهُ لَوْ اقْتَدَى بِهِ بَعْدَ فِعْلِ الْإِمَامِ لِلسُّجُودِ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ خَلَلٌ حِينَ اقْتَدَى بِهِ، لَكِنْ فِي فَتَاوَى الشَّارِحِ أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّا لَوْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ فَاقْتَدَى بِهِ شَخْصٌ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي السَّلَامِ مِنْ الصَّلَاةِ هَلْ يَسْجُدُ آخِرَ صَلَاةِ نَفْسِهِ لِلْخَلَلِ الْمُتَطَرِّقِ لَهُ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ أَنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ السُّجُودُ آخِرَ صَلَاتِهِ لِتَطَرُّقِ الْخَلَلِ مِنْ صَلَاةِ إمَامِهِ اهـ. وَيُتَأَمَّلُ قَوْلُهُ: لِتَطَرُّقِ الْخَلَلِ فَإِنَّ الْخَلَلَ انْجَبَرَ قَبْلَ اقْتِدَائِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَحْدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ) غَايَةٌ لِقَوْلِهِ الْمُتَطَهِّرِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ) غَايَةٌ (قَوْلِهِ سَجَدَ الْمَأْمُومُ أُخْرَى) أَيْ وَلَوْ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ بِتَقْدِيرِ أَنْ يَتَذَكَّرَ الْإِمَامُ أَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQزَائِدًا بِتَقْدِيرٍ انْتَهَتْ، وَمُرَادُهُ بِالشَّكِّ الشَّكُّ الْمُتَقَدِّمُ فِي كَلَامِهِ كَالشَّارِحِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَبِهَا يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فَإِنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ غَيْرُ الشَّكِّ الَّذِي قَدَّمَهُ فِي غُضُونِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَعَ أَنَّهُ هُوَ خُصُوصًا وَقَدْ زَادَ قَوْلَهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْقُدْوَةِ، وَحِينَئِذٍ لَا يَصِيرُ لِتَقْيِيدِهِ بِصُورَةِ التَّذَكُّرِ فَائِدَةٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ فِي صُلْبِ الصَّلَاةِ تَرْكَ رُكْنٍ غَيْرِ مَا مَرَّ تَدَارَكَهُ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ لِوُقُوعِ سَبَبِهِ الَّذِي هُوَ السَّهْوُ وَزَوَالِهِ حَالَ الْقُدْوَةِ بِالتَّذَكُّرِ فَيَتَحَمَّلُهُ الْإِمَامُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ وَاسْتَمَرَّ شَكُّهُ إلَى انْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ التَّدَارُكِ لِهَذَا الشَّكِّ الْمُسْتَمِرِّ مَعَهُ بَعْدَ الْقُدْرَةِ لِعَدَمِ تَحَمُّلِ الْإِمَامِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَحَمَّلُ الْوَاقِعَ حَالَ الْقُدْوَةِ، وَإِيضَاحُهُ أَنَّ أَوَّلَ الشَّكِّ الْوَاقِعِ حَالَ الْقُدْوَةِ تَحَمَّلَهُ الْإِمَامُ، وَالسُّجُودُ إنَّمَا هُوَ لِهَذِهِ الْحِصَّةِ الْوَاقِعَةِ مِنْهُ بَعْدَ الْقُدْوَةِ، وَإِنْ كَانَ ابْتِدَاؤُهَا وَقَعَ حَالَ الْقُدْوَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَطَقَ) أَيْ الْمُصَلِّي لَا يُقَيِّدُ. كَوْنَهُ مَأْمُومًا (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَتَمَّهَا جَاهِلًا بِالْحَالِ) يَعْنِي بِحَالِ الْحُكْمِ بِأَنْ جَهِلَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْجُلُوسُ إذْ الصُّورَةُ أَنَّهُ عَالِمٌ بِحَالِ الْإِمَامِ. وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ: وَلَوْ عَلِمَ فِي قِيَامِهِ أَنَّ

وَلَوْ تَرَكَ الْمَأْمُومُ مُتَابَعَتَهُ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِمُخَالَفَتِهِ حَالَ الْقُدْوَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَامَ الْإِمَامُ إلَى خَامِسَةٍ سَاهِيًا فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَى الْمَأْمُومِ مُتَابَعَتُهُ وَلَا اعْتِبَارَ بِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ قَدْ تَرَكَ رُكْنًا مِنْ رَكْعَةٍ وَلَوْ كَانَ مَسْبُوقًا؛ لِأَنَّ قِيَامَهُ لِخَامِسَةٍ غَيْرُ مَعْهُودٍ، بِخِلَافِ سُجُودِهِ فَإِنَّهُ مَعْهُودٌ لِسَهْوِ إمَامِهِ، وَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ مُفَارَقَتِهِ؛ لِيُسَلِّمَ وَحْدَهُ وَانْتِظَارِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِيُسَلِّمَ مَعَهُ، وَمَا وَرَدَ مِنْ مُتَابَعَةِ الصَّحَابَةِ الْمَأْمُومِينَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قِيَامِهِ لِلْخَامِسَةِ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ تَحَقُّقِ زِيَادَتِهَا؛ لِأَنَّ الزَّمَنَ كَانَ زَمَنَ وَحْيٍ يَحْتَمِلُ زِيَادَةَ الصَّلَاةِ وَنُقْصَانَهَا، وَلِهَذَا قَالُوا أَزِيدَ فِي الصَّلَاةِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. . وَلَا يَرُدُّ مَا سَيَأْتِي فِي الْجُمُعَةِ أَنَّ الْمَسْبُوقَ لَوْ رَأَى الْإِمَامَ يَتَشَهَّدُ نَوَى الْجُمُعَةَ لِاحْتِمَالِ نِسْيَانِهِ بَعْضَ أَرْكَانِهَا فَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُتَابِعُهُ فِيمَا يَأْتِي إذَا عَلِمَ ذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُنَا لَمْ يُعْلَمْ، وَمَحَلُّ لُزُومِ الْمُتَابَعَةِ فِيمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ غَلَطَهُ فِي سُجُودِهِ فَإِنْ تَيَقَّنَ ذَلِكَ لَمْ يُتَابِعْهُ كَأَنْ كَتَبَ أَوْ أَشَارَ أَوْ تَكَلَّمَ قَلِيلًا جَاهِلًا وَعُذِرَ أَوْ أَسْلَمَ عَقِبَ سُجُودِهِ فَرَآهُ هَاوِيًا لِلسُّجُودِ لِبُطْءِ حَرَكَتِهِ أَوْ لَمْ يَسْجُدْ لِجَهْلِهِ بِهِ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ سُجُودَهُ لِتَرْكِ الْجَهْرِ أَوْ السُّورَةِ فَلَا إشْكَالَ حِينَئِذٍ فِي تَصْوِيرِ ذَلِكَ. وَمَا اُسْتُشْكِلَ بِهِ حُكْمُهُ مِنْ أَنَّ مَنْ ظَنَّ سَهْوًا فَسَجَدَ فَبَانَ عَدَمُهُ يَسْجُدُ ثَانِيًا لِسَهْوِهِ بِالسُّجُودِ فَبِفَرْضِ عَدَمِ سَهْوِ الْإِمَامِ فَسُجُودُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْتَضِ مُوَافَقَةَ الْمَأْمُومِ يَقْتَضِي سُجُودَهُ. جَوَابُهُ أَنَّ الْكَلَامَ إنَّمَا هُوَ فِي أَنَّهُ لَا يُوَافِقُهُ فِي هَذَا السُّجُودِ؛ لِأَنَّهُ غَلَطٌ، وَأَمَّا كَوْنُهُ يَقْتَضِي سُجُودَهُ لِلسَّهْوِ بَعْدَ نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ أَوْ سَلَامِ الْإِمَامِ لِمُدْرَكٍ آخَرَ فَتِلْكَ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى لَيْسَ الْكَلَامُ فِيهَا مَعَ وُضُوحِ حُكْمِهَا، وَمَا اُسْتُشْكِلَ بِهِ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ أَنَّ هَذَا الْإِمَامَ لَمْ يَسْهُ فَكَيْفَ يُسْتَثْنَى مِنْ سَهْوِ الْإِمَامِ. جَوَابُهُ أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ صُورَةً (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ إمَامُهُ بِأَنْ تَرَكَهُ مُتَعَمِّدًا أَوْ سَاهِيًا أَوْ مُعْتَقِدًا كَوْنَهُ بَعْدَ سَلَامِهِ (فَيَسْجُدُ) الْمَأْمُومُ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ (عَلَى النَّصِّ) لِجَبْرِ الْخَلَلِ الْحَاصِلِ فِي صَلَاتِهِ مِنْ صَلَاةِ إمَامِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَرَكَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ أَوْ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ لَا يَأْتِي بِهِمَا الْمَأْمُومُ لِوُقُوعِهِمَا خِلَالَ الصَّلَاةِ، فَلَوْ انْفَرَدَ بِهِمَا لَخَالَفَ الْإِمَامَ، وَاخْتَلَّتْ الْمُتَابَعَةُ، وَمَا هُنَا إنَّمَا يَأْتِي بِهِ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَفِي قَوْلٍ مُخَرَّجٍ لَا يَسْجُدُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْهُ وَإِنَّمَا سَهَا الْإِمَامُ وَسُجُودُهُ مَعَهُ كَانَ لِلْمُتَابَعَةِ، فَإِذَا لَمْ يَسْجُدْ الْمَتْبُوعُ فَالتَّابِعُ أَوْلَى، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ بِفِعْلِ الْإِمَامِ لَهُ يَسْتَقِرُّ عَلَى الْمَأْمُومِ وَيَصِيرُ كَالرُّكْنِ، حَتَّى لَوْ سَلَّمَ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ سَاهِيًا عَنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَمْ يَسْجُدْ يَكُونُ سَبَقَهُ بِرُكْنٍ وَهُوَ لَا يَضُرُّ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِالثَّانِيَةِ إلَّا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَإِنْ أَدَّى إلَى تَطْوِيلِ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ حَمْلًا لِلْإِمَامِ أَنَّهُ قَطَعَ سُجُودَ السَّهْوِ وَهُوَ بِتَقْدِيرِ ذَلِكَ يَكُونُ سُجُودُ الْمَأْمُومِ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَرَكَ الْمَأْمُومُ مُتَابَعَتَهُ) أَيْ بِأَنْ اسْتَمَرَّ فِي جُلُوسِهِ حَتَّى هَوَى الْإِمَامُ لِلسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ. اهـ حَجّ بِالْمَعْنَى. وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ ابْتِدَاءَ عَدَمِ السُّجُودِ أَصْلًا وَإِلَّا فَتَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ هَوِيِّ الْإِمَامِ لِلسُّجُودِ لِشُرُوعِ الْمَأْمُومِ فِي الْمُبْطِلِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ قِيَامَهُ) أَيْ الْمَأْمُومِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ مُفَارَقَتِهِ لِيُسَلِّمَ وَحْدَهُ) وَهِيَ أَوْلَى قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ عَادَ الْإِمَامُ لِلْقُعُودِ بَعْدَ انْتِصَابِهِ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ) أَيْ الْمَأْمُومُ غَلَطَهُ: أَيْ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ كَتَبَ) أَيْ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ: فَلَا إشْكَالَ حِينَئِذٍ فِي تَصْوِيرِ ذَلِكَ) أَيْ تَيَقَّنَ غَلَطَ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: مَعَ وُضُوحِ حُكْمِهَا) مِنْ أَنَّهُ يَسْجُدُ لِسُجُودِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ مُعْتَقِدًا كَوْنَهُ بَعْدَ سَلَامِهِ) بِأَنْ كَانَ مُخَالِفًا (قَوْلُهُ: مَا لَوْ تَرَكَ) أَيْ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ: فَلَوْ انْفَرَدَ) أَيْ الْمَأْمُومُ (قَوْلُهُ: يَسْتَقِرُّ عَلَى الْمَأْمُومِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَسْبُوقًا. وَعِبَارَةُ حَجّ تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ بِفِعْلِ الْإِمَامِ لَهُ يَسْتَقِرُّ عَلَى الْمَأْمُومِ وَيَصِيرُ كَالرُّكْنِ حَتَّى لَوْ سَلَّمَ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ سَاهِيًا عَنْهُ لَزِمَهُ أَنْ يَعُودَ ـــــــــــــــــــــــــــــQإمَامَهُ لَمْ يُسَلِّمْ أَوْ سَلَّمَ فِي قِيَامِهِ لَزِمَهُ الْجُلُوسُ لِيَقُومَ مِنْهُ، وَلَا يَسْقُطُ بِنِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ وَإِنْ جَازَتْ وَلَوْ لَمْ يَجْلِسْ وَأَتَمَّ جَاهِلًا لَهَا فَيُعِيدُ وَيَسْجُدُ (قَوْلُهُ: سَاهِيًا) الْأَصْوَبُ حَذْفُهُ إذْ لَا يُلَائِمُهُ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ مَنْ قَامَ إمَامُهُ لِخَامِسَةٍ.

لَزِمَهُ أَنْ يَعُودَ إلَيْهِ إنْ قَرُبَ الْفَصْلُ، وَإِلَّا أَعَادَ صَلَاتَهُ كَمَا لَوْ تَرَكَ رُكْنًا مِنْهَا، وَلَوْ سَجَدَ الْإِمَامُ بَعْدَ فَرَاغِ الْمَأْمُومِ الْمُوَافِقِ أَقَلَّ التَّشَهُّدِ لَزِمَ الْمَأْمُومَ مُوَافَقَتُهُ فِي السُّجُودِ. وَيُنْدَبُ لَهُ مُوَافَقَتُهُ فِي السَّلَامِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ بَعْضِهِمْ لُزُومَهُ فِيهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ لِلْمَأْمُومِ التَّخَلُّفَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ أَوْ قَبْلَ أَقَلِّهِ تَابَعَهُ حَتْمًا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْخَادِمِ كَالْبَحْرِ ثُمَّ يُتِمُّ تَشَهُّدَهُ كَمَا لَوْ سَجَدَ لِلتِّلَاوَةِ وَهُوَ فِي الْفَاتِحَةِ، وَعَلَيْهِ فَهَلْ يُعِيدُ السُّجُودَ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ فِي خَادِمِهِ إعَادَتُهُ. وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ قِيَاسُ مَا تَقَرَّرَ فِي الْمَسْبُوقِ، وَقَدْ يُوَجَّهُ الْقَوْلُ بِعَدَمِ إعَادَتِهِ. وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْبُوقِ بِأَنَّ الْجُلُوسَ الْأَخِيرَ مَحَلُّ سُجُودِ السَّهْوِ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي السُّورَةِ قَبْلَ الْفَاتِحَةِ أَنْ لَا يَسْجُدَ لِنَقْلِهَا؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ مَحَلُّهَا فِي الْجُمْلَةِ. هَذَا وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إتْمَامُ كَلِمَاتِ التَّشَهُّدِ الْوَاجِبَةِ ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. وَلَوْ تَخَلَّفَ الْمَأْمُومُ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ لِيَسْجُدَ فَعَادَ الْإِمَامُ لِلسُّجُودِ لَمْ يُتَابِعْهُ سَوَاءٌ أَسَجَدَ قَبْلَ عَوْدِ إمَامِهِ أَمْ لَا لِقَطْعِهِ الْقُدْوَةَ بِسُجُودِهِ فِي الْأُولَى وَبِاسْتِمْرَارِهِ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ فِي الثَّانِيَةِ بَلْ يَسْجُدُ فِيهِمَا مُنْفَرِدًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَامَ الْمَسْبُوقُ لِيَأْتِيَ بِمَا عَلَيْهِ فَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ لُزُومُ الْعَوْدِ لِلْمُتَابَعَةِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ قِيَامَهُ لِذَلِكَ وَاجِبٌ وَتَخَلُّفُهُ لِيَسْجُدَ مُخَيَّرٌ فِيهِ وَقَدْ ـــــــــــــــــــــــــــــSإلَيْهِ إنْ قَرُبَ الْفَصْلُ، وَإِلَّا أَعَادَ صَلَاتَهُ كَمَا لَوْ تَرَكَ مِنْهَا رُكْنًا، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا يَأْتِي أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِسُجُودِ إمَامِهِ لِلتِّلَاوَةِ إلَّا وَقَدْ فَرَغَ مِنْهُ لَمْ يُتَابِعْهُ؛ لِأَنَّهُ ثَمَّ فَاتَ مَحَلُّهُ بِخِلَافِهِ هُنَا اهـ. أَقُولُ: قَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقِ أَنَّ الْمَسْبُوقَ لَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ بِفِعْلِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ مَحَلُّهُ بِفَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْهُ لِفَوَاتِ الْمُتَابَعَةِ كَمَا فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ صَرَّحَ بِهِ، وَقَوْلُهُ بِفِعْلِ الْإِمَامِ لَهُ يَسْتَقِرُّ عَلَى الْمَأْمُومِ هُوَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا سَجَدَ الْإِمَامُ قَبْلَ السَّلَامِ، فَلَوْ كَانَ حَنَفِيًّا مَثَلًا يَرَى السُّجُودَ بَعْدَ السَّلَامِ فَسَلَّمَ عَامِدًا ثُمَّ سَجَدَ هَلْ يَسْتَقِرُّ عَلَى الْمَأْمُومِ بِفِعْلِ الْإِمَامِ لَهُ أَوْ لَا لِانْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ بِالسَّلَامِ فَيَصِيرُ كَمَا لَوْ سَلَّمَ الْإِمَامُ وَلَمْ يَسْجُدْ فَيَسْجُدُ الْمَأْمُومُ نَدْبًا لِجَبْرِ الْخَلَلِ الْوَاقِعِ فِي صَلَاتِهِ. قَالَ سم عَلَى حَجّ: الْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيُعَلَّلُ بِمَا تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ بِأَنَّهُ بِسَلَامِ الْإِمَامِ انْقَطَعَتْ الْقُدْوَةُ وَصَارَ الْمَأْمُومُ مُنْفَرِدًا فَلَمْ يَبْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ ارْتِبَاطٌ حَتَّى يَسْتَقِرَّ عَلَيْهِ بِفِعْلِهِ، وَكَتَبَ عَلَى سم شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ: لَا وَجْهَ لِهَذَا التَّرَدُّدِ؛ لِأَنَّهُ بِسَلَامِ الْإِمَامِ انْقَطَعَتْ الْقُدْوَةُ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى سُنِّيَّتِهِ وَلَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ بِسُجُودِ الْإِمَامِ. [فَائِدَةٌ] لَوْ أَخَّرَ الْإِمَامُ السَّلَامَ بَعْدَ سُجُودِهِ وَقَدْ سَهَا الْمَأْمُومُ عَنْ سُجُودِهِ ثُمَّ تَذَكَّرَهُ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ يَسْجُدُ وَلَا يَنْتَظِرُ سَلَامَ الْإِمَامِ كَمَا لَوْ سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ لِسَهْوِهِ عَنْ مُتَابَعَتِهِ فَإِنَّهُ يَمْشِي عَلَى نَظْمِ صَلَاةِ نَفْسِهِ. اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ أَنْ يَعُودَ إلَيْهِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لِلْمَأْمُومِ التَّخَلُّفَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ) أَيْ فَلَا يَكُونُ سُجُودُهُ مَعَ الْإِمَامِ مَانِعًا لَهُ مِنْ الْأَذْكَارِ الْمَأْثُورَةِ أَوْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ فَهَلْ يُعِيدُ) أَيْ الْمَأْمُومُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ فَلَا يُتَابِعُ الْإِمَامَ فِي السُّجُودِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ) خِلَافًا لحج. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ حَجّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ فِي فِعْلِهِ فَلَا يَتْرُكُهَا إلَّا لِعَارِضٍ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ هَذَا كَبُطْءِ الْقِرَاءَةِ فَيُعْذَرُ فِي تَخَلُّفِهِ لِإِتْمَامِهِ كَمَا يُعْذَرُ ذَلِكَ فِي إتْمَامِ الْفَاتِحَةِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ) أَيْ نَاسِيًا أَنَّ عَلَيْهِ مَا يَقْتَضِي السُّجُودَ (قَوْلُهُ: بَلْ يَسْجُدُ فِيهِمَا مُنْفَرِدًا) أَيْ الْمَأْمُومُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ. أَمَّا فِي الْأُولَى فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُعْتَدُّ بِسُجُودِهِ مُنْفَرِدًا ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لِلْمَأْمُومِ التَّخَلُّفَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَأْتِي بِشَيْءٍ مِنْ أَذْكَارِ التَّشَهُّدِ وَلَا أَدْعِيَتِهِ؛ لِأَنَّ سُجُودَهُ وَقَعَ فِي مَحَلِّهِ وَلَيْسَ لِمَحْضِ الْمُتَابَعَةِ، وَسُجُودُ السَّهْوِ الْمَحْسُوبُ لَا يَعْقُبُهُ إلَّا السَّلَامُ كَمَا سَيَأْتِي مَا يُصَرِّحُ بِهِ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ اُغْتُفِرَ لَهُ التَّخَلُّفُ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: إنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إتْمَامُ كَلِمَاتِ التَّشَهُّدِ) أَيْ بِلَا مُتَابَعَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ السِّيَاقِ فَلْيُرَاجَعْ

[كيفية سجدتي السهو كسجود الصلاة]

اخْتَارَهُ فَانْقَطَعَتْ الْقُدْوَةُ، فَلَوْ سَلَّمَ الْمَأْمُومُ مَعَهُ نَاسِيًا فَعَادَ الْإِمَامُ لِلسُّجُودِ لَزِمَهُ مُوَافَقَتُهُ فِيهِ لِمُوَافَقَتِهِ لَهُ فِي السَّلَامِ نَاسِيًا، فَإِنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ مَا يُنَافِي السُّجُودَ، فَإِنْ وُجِدَ فَلَا كَحَدَثِهِ أَوْ نِيَّةِ إقَامَتِهِ وَهُوَ قَاصِرٌ أَوْ بُلُوغِ سَفِينَتِهِ دَارَ إقَامَتِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَإِنْ سَلَّمَ عَمْدًا فَعَادَ الْإِمَامُ لَمْ يُوَافِقْهُ لِقَطْعِهِ الْقُدْوَةَ بِسَلَامِهِ عَمْدًا. (وَلَوْ اقْتَدَى مَسْبُوقٌ بِمَنْ سَهَا بَعْدَ اقْتِدَائِهِ، وَكَذَا) لَوْ اقْتَدَى بِمَنْ سَهَا (قَبْلَهُ فِي الْأَصَحِّ) وَسَجَدَ الْإِمَامُ لِسَهْوِهِ (فَالصَّحِيحُ) فِيهِمَا (أَنَّهُ) أَيْ الْمَسْبُوقَ (يَسْجُدُ مَعَهُ) لِلْمُتَابَعَةِ وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّ مَوْضِعَهُ آخِرُ صَلَاتِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اقْتَصَرَ إمَامُهُ عَلَى سَجْدَةٍ لَمْ يَسْجُدْ أُخْرَى بِخِلَافِ الْمُوَافِقِ (ثُمَّ) يَسْجُدُ أَيْضًا (فِي آخِرِ صَلَاتِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ السَّهْوِ الَّذِي لَحِقَهُ، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ لَا يَسْجُدُ مَعَهُ نَظَرًا إلَى أَنَّ مَوْضِعَ السُّجُودِ آخِرُ الصَّلَاةِ، وَفِي قَوْلٍ فِي الْأُولَى وَوَجْهٌ فِي الثَّانِيَةِ يَسْجُدُ مَعَهُ مُتَابَعَةً وَلَا يَسْجُدُ فِي آخِرِ صَلَاةِ نَفْسِهِ، وَهُوَ الْمُخَرَّجُ السَّابِقُ، وَفِي وَجْهٍ فِي الثَّانِيَةِ هُوَ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ مَعَهُ وَلَا فِي آخِرِ صَلَاةِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْضُرْ السَّهْوَ (فَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ الْإِمَامُ) فِيهِمَا (سَجَدَ) نَدْبًا الْمَسْبُوقُ الْمُقْتَدِي (آخِرَ صَلَاةِ نَفْسِهِ) فِيهِمَا (عَلَى النَّصِّ) لِمَا مَرَّ فِي الْمُوَافِقِ، وَمُقَابِلُهُ الْقَوْلُ الْمُخَرَّجُ السَّابِقُ. (وَسُجُودُ السَّهْوِ وَإِنْ كَثُرَ) السَّهْوُ (سَجْدَتَانِ) يُفْصَلُ بَيْنَهُمَا بِجِلْسَةٍ لِاقْتِصَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِمَا فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ مَعَ تَعَدُّدِهِ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ سَلَّمَ مِنْ ثِنْتَيْنِ وَتَكَلَّمَ وَمَشَى، وَالْأَوْجَهُ جَبْرُهُ لِكُلِّ سَهْوٍ وَقَعَ مِنْهُ مَا لَمْ يَخُصَّهُ بِبَعْضِهِ فَيَحْصُلُ وَيَكُونُ تَارِكًا لِلْبَاقِي، وَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ مِنْ احْتِمَالِ بُطْلَانِهَا حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ الْآنَ مَدْفُوعٌ بِمَنْعِ مَا عُلِّلَ بِهِ، إذْ هُوَ مَشْرُوعٌ لِكُلٍّ عَلَى انْفِرَادِهِ وَإِنَّمَا غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهَا تَدَاخَلَتْ، فَإِذَا نَوَى بَعْضَهَا فَقَدْ أَتَى بِبَعْضِ الْمَشْرُوعِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ إنْ نَوَى الِاقْتِصَارَ عَلَيْهَا ابْتِدَاءً، فَإِنْ عَرَضَ بَعْدَ فِعْلِهَا لَمْ يُؤَثِّرْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُمَا نَفْلٌ؛ وَهُوَ لَا يَصِيرُ وَاجِبًا بِالشُّرُوعِ فِيهِ، وَكَوْنُهَا تَصِيرُ زِيَادَةً مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ، وَهِيَ مُبْطِلَةٌ مَحَلُّهُ عِنْدَ تَعَمُّدِهَا كَمَا مَرَّ وَهُنَا لَمْ يَتَعَمَّدْ كَمَا قَرَّرْنَاهُ، وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ يُحْمَلُ مَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ مِنْ إطْلَاقِ الْبُطْلَانِ وَعَنْ الْقَفَّالِ مِنْ إطْلَاقِ عَدَمِهِ، وَلَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا بِرُبَاعِيَّةٍ، وَأَتَى مِنْهَا بِرَكْعَةٍ وَسَهَا فِيهَا ثُمَّ اقْتَدَى بِمُسَافِرٍ قَاصِرٍ فَسَهَا إمَامُهُ وَلَمْ يَسْجُدْ ثُمَّ أَتَى هُوَ بِالرَّابِعَةِ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ فَسَهَا فِيهَا كَفَاهُ لِلْجَمِيعِ سَجْدَتَانِ. وَكَيْفِيَّتُهُمَا (كَسُجُودِ الصَّلَاةِ) فِي وَاجِبَاتِهِ وَمَنْدُوبَاتِهِ كَوَضْعِ الْجَبْهَةِ وَالطُّمَأْنِينَةِ وَالتَّحَامُلِ وَالتَّنْكِيسِ وَالِافْتِرَاشِ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا. قَالَ بَعْضُهُمْ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ فِيهِمَا: سُبْحَانَ مَنْ لَا يَنَامُ وَلَا يَسْهُو وَهُوَ لَائِقٌ بِالْحَالِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّمَا يُتِمُّ إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ مَا يَقْتَضِي السُّجُودَ، فَإِنْ تَعَمَّدَهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــSلِظُهُورِ أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ سُجُودٌ بَلْ لَا يَصِحُّ حَيْثُ سَجَدَ قَبْلَ عَوْدِ إمَامِهِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ) أَيْ مِنْ الْمَأْمُومِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وُجِدَ) أَيْ مِنْ الْمَأْمُومِ. (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اقْتَصَرَ إمَامُهُ) أَيْ الْمَسْبُوقُ وَقَوْلُهُ لَمْ يَسْجُدْ أُخْرَى: أَيْ؛ لِأَنَّ سُجُودَهُ هُنَا لِلْمُتَابَعَةِ وَقَدْ زَالَتْ. (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ تَارِكًا لِلْبَاقِي) أَيْ ثُمَّ لَوْ عَنَّ لَهُ السُّجُودُ لِلْبَاقِي لَمْ يَجُزْ، وَإِذَا فَعَلَهُ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ؛ لِفَوَاتِهِ بِتَخْصِيصِ السُّجُودِ الَّذِي فَعَلَهُ بِبَعْضِ الْمُقْتَضَيَاتِ، وَلَوْ نَوَى السُّجُودَ لِتَرْكِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ مَثَلًا وَتَرَكَ السُّورَةَ فَالظَّاهِرُ أَنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ؛ لِأَنَّ السُّجُودَ بِلَا سَبَبٍ مَمْنُوعٌ، وَبِنِيَّةِ مَا ذُكِرَ شَرِكَ بَيْنَ مَانِعٍ وَمُقْتَضٍ فَيُغَلَّبُ الْمَانِعُ. وَبَقِيَ مَا لَوْ قَصَدَ أَحَدَهُمَا لَا بِعَيْنِهِ هَلْ يَضُرُّ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا صَادِقٌ بِمَا يُشْرَعُ لَهُ السُّجُودُ وَمَا لَا يُشْرَعُ فَلَا يَصِحُّ لِتَرَدُّدِهِ فِي النِّيَّةِ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: مِنْ احْتِمَالِ بُطْلَانِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ، وَقَوْلُهُ حِينَئِذٍ: أَيْ حِينَ لَمْ يَخُصَّهُ بِبَعْضِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَصَرَ) أَيْ الْمُصَلِّي (قَوْلُهُ: كَمَا قَرَرْنَاهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ عَرَضَ بَعْدَ فِعْلِهَا لَمْ يُؤَثِّرْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا) هَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ جُمْلَةِ مَا دَخَلَ تَحْتَ قَوْلِهِ وَسُجُودُ السَّهْوِ، وَإِنْ كَثُرَ سَجْدَتَانِ. [كَيْفِيَّةُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ كَسُجُودِ الصَّلَاةِ] (قَوْلُهُ: وَمَنْدُوبَاتُهُ) كَالذِّكْرِ فِيهَا، وَقِيلَ يَقُولُ فِيهَا: سُبْحَانَ مَنْ لَا يَنَامُ وَلَا يَسْهُو وَهُوَ لَائِقٌ بِالْحَالِ لَكِنْ إنْ سَهَا لَا إنْ تَعَمَّدَ؛ لِأَنَّ اللَّائِقَ حِينَئِذٍ الِاسْتِغْفَارُ إلَخْ اهـ حَجّ. وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْأَوْجَهَ اسْتِحْبَابُ سَجَدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لَائِقًا بِالْحَالِ بَلْ اللَّائِقُ الِاسْتِغْفَارُ، وَسَكَتُوا عَنْ الذِّكْرِ بَيْنَهُمَا، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ كَالذِّكْرِ بَيْنَ سَجْدَتَيْ صُلْبِ الصَّلَاةِ. فَلَوْ أَخَلَّ بِشَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ السَّجْدَةِ أَوْ الْجُلُوسِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي السَّجْدَةِ مِنْ أَنَّهُ إنْ نَوَى الْإِخْلَالَ بِهِ قَبْلَ فِعْلِهِ أَوْ مَعَهُ وَفَعَلَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ طَرَأَ لَهُ أَثْنَاءَ فِعْلِهِ الْإِخْلَالَ بِهِ، وَأَنَّهُ يُتْرَكُ فَتَرَكَهُ فَوْرًا لَمْ تَبْطُلْ، وَعَلَى هَذَا الْأَخِيرِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْإِسْنَوِيِّ عَدَمَ الْبُطْلَانِ؛ وَنُوزِعَ فِيهِ بِمَا يَرُدُّهُ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ. وَقَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ عَدَمُ وُجُوبِ نِيَّةِ سُجُودِ السَّهْوِ، وَفِي نِزَاعٍ كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ فِي الصَّلَاةِ. وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وُجُوبُ النِّيَّةِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا: أَيْ عَلَى الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ فِيمَا يَظْهَرُ لَا عَلَى الْمَأْمُومِ وَهِيَ الْقَصْدُ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا تَكْبِيرَ فِيهَا لِلتَّحَرُّمِ حَتَّى يَجِبَ قَرْنُهَا بِهِ، وَوُجُوبُ نِيَّةِ سُجُودِ السَّهْوِ مَذْكُورٌ فِي كَلَامِهِمْ حَتَّى فِي مُخْتَصَرِ التَّبْرِيزِيِّ وَكَلَامُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي وُجُوبِ النِّيَّةِ فِيهِمَا حَتَّى فِي الْمُخْتَصَرَاتِ، إذْ قَوْلُهُمْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَسَجَدَ لِلتِّلَاوَةِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ كَوْنُ السُّجُودِ لِذَلِكَ إلَّا بِقَصْدِهِ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ لَا تَشْمَلُ سُجُودَ التِّلَاوَةِ، وَدَعْوَى تَصْرِيحِ الْأَصْحَابِ بِعَدَمِ وُجُوبِ نِيَّةِ سُجُودِ السَّهْوِ مَمْنُوعَةٌ. وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ أَنَّ نِيَّةَ سُجُودِ التِّلَاوَةِ فِي الصَّلَاةِ لَا تَجِبُ فَضَعِيفٌ، إلَّا أَنْ تُحْمَلَ النِّيَّةُ فِيهِ عَلَى التَّحَرُّمِ. وَمَنْ ادَّعَى أَنَّ مَعْنَى النِّيَّةِ الْمُثْبَتِ وُجُوبِهَا هُنَا قَصْدُ السُّجُودِ عَنْ خُصُوصِ السَّهْوِ، وَالْمَنْفِيَّ وُجُوبَهَا فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ قَصْدُهُ عَنْهَا فَمُطْلَقُ قَصْدِهِ يَكْفِي فِي هَذِهِ دُونَ تِلْكَ، وَأَنَّهُ يُرَدُّ بِهَذَا عَلَى مَنْ تَوَهَّمَ اتِّحَادَ النِّيَّةِ الَّتِي هِيَ مُطْلَقُ الْقَصْدِ فِي الْبَابَيْنِ، فَاعْتَرَضَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الصَّوَابَ وُجُوبُهَا فِيهِمَا إذْ لَا يُتَصَوَّرُ الِاعْتِدَادُ بِسُجُودِهِ بِلَا قَصْدٍ. قَالَ: وَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ لَا تَجِبُ نِيَّةُ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ ضَعِيفٌ، إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهَا تَحَرُّمٌ وَلَيْسَ كَمَا زَعَمَ بَلْ هُوَ صَحِيحٌ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ مَعْنَاهَا هُنَا الْمُفَارِقِ لِمَعْنَاهَا ثُمَّ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ فَهُوَ خَطَأٌ فَاحِشٌ. وَالْأَوْجَهُ بُطْلَانُهَا بِالتَّلَفُّظِ بِالنِّيَّةِ فِيهَا إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَى ذَلِكَ (وَالْجَدِيدُ أَنَّ مَحَلَّهُ) أَيْ سُجُودِ السَّهْوِ سَوَاءٌ أَكَانَ بِزِيَادَةٍ أَمْ نَقْصٍ أَمْ بِهِمَا (بَيْنَ تَشَهُّدِهِ) وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى آلِهِ وَمِنْ الْأَذْكَارِ بَعْدَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَجْهِي لِلَّذِي إلَخْ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَقُولُهُ فِيهِمَا، وَإِنْ تَعَمَّدَ التَّرْكَ وَاللَّائِقُ بِهِ حِينَئِذٍ اسْتِغْفَارٌ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لَا عَلَى الْمَأْمُومِ) أَيْ فِي سُجُودِ السَّهْوِ وَالتِّلَاوَةِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ نِيَّةُ سُجُودِ السَّهْوِ (قَوْلُهُ: التَّبْرِيزِيِّ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَالتَّحْتِيَّةِ وَزَايٍ نِسْبَةٌ إلَى تَبْرِيزَ بَلَدٌ بِأَذْرَبِيجَانَ. اهـ لب (قَوْلُهُ: وَمَنْ ادَّعَى أَنَّ مَعْنَى النِّيَّةِ) مُرَادُهُ حَجّ (قَوْلُهُ: يَكْفِي فِي هَذِهِ) أَيْ نِيَّةُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ (قَوْلُهُ: لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ مَعْنَاهَا) أَيْ النِّيَّةِ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ، وَقَوْلُهُ الْمُفَارِقِ لِمَعْنَاهَا ثُمَّ: أَيْ النِّيَّةُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ خَطَأٌ) جَوَابُ قَوْلِهِ وَمَنْ ادَّعَى إلَخْ أَيْ إذْ يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِخُصُوصِ السَّهْوِ وَالتِّلَاوَةِ وَلَا يَكْفِي مُطْلَقُ السُّجُودِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ بُطْلَانُهَا) تَوْجِيهٌ لِلْخَطَأِ، وَالْأَظْهَرُ أَنْ تَكُونَ مَسْأَلَةً مُسْتَقِلَّةً، وَالْأَوْلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْقَصْدُ) أَيْ قَصْدُ خُصُوصِ السَّهْوِ وَخُصُوصِ التِّلَاوَةِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي، فَمُرَادُهُ بِالْقَصْدِ مَا يَشْمَلُ التَّعْيِينَ (قَوْلُهُ: وَمَنْ ادَّعَى) مُرَادُهُ بِهِ الشِّهَابُ حَجّ إذْ مَا سَاقَهُ عِبَارَتُهُ إلَى قَوْلِهِ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ، لَكِنْ فِي سِيَاقِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ صُعُوبَةٌ مِنْ وُجُوهٍ تُدْرَكُ بِالتَّأَمُّلِ: مِنْهَا أَنَّ قَوْلَ الشِّهَابِ الْمَذْكُورَ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ الْمُثْبِتُ وُجُوبَهَا هُنَا وَقَوْلَهُ وَالْمَنْفِيُّ فِي وُجُوبِهَا فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ مُنَزَّلٌ عَلَى كَلَامٍ قَدَّمَهُ قَبْلَ هَذَا فِيهِ الْإِثْبَاتُ وَالنَّفْيُ الْمَذْكُورَانِ، فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَهُ قَبْلُ لِيَتَنَزَّلَ هَذَا عَلَيْهِ وَإِلَّا فَسِيَاقُهُ يُوهِمُ أَنَّ الْإِثْبَاتَ وَالنَّفْيَ الْمَذْكُورَيْنِ وَقَعَا فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَهُوَ خِلَافُ الْوَاقِعِ. وَمِنْهَا أَنَّ قَوْلَهُ الْآتِيَ قَالَ مِنْ كَلَامِ الشِّهَابِ الْمَذْكُورِ حِكَايَةً لِكَلَامِ الْمُتَوَهِّمِ الْمَذْكُورِ قَبْلَ قَوْلِهِ وَإِنَّهُ يُرَدُّ بِهَذَا عَلَى مَنْ تَوَهَّمَ، وَسِيَاقُ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مِنْ كَلَامِهِ هُوَ حِكَايَةٌ لِكَلَامِ الشِّهَابِ الْمَذْكُورِ. وَمِنْهَا غَيْرُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَهُوَ خَطَأٌ فَاحِشٌ) خَبَرُ قَوْلِهِ وَمَنْ ادَّعَى عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ فَدَعْوَاهُ غَلَطٌ فَاحِشٌ وَوَجْهُهُ مُخَالَفَتُهُ لِصَرِيحِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ الْمُتَقَدِّمِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ بُطْلَانُهَا بِالتَّلَفُّظِ بِالنِّيَّةِ إلَخْ)

(وَسَلَامِهِ) بِأَنْ لَا يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ مِنْ الصَّلَاةِ، وَهُوَ فَائِدَةُ تَعْبِيرِ كَثِيرٍ بِقُبَيْلَ، وَلَا يَضُرُّ طُولُ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا بِسُكُوتٍ طَوِيلٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِمَا مَرَّ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِهِ قَبْلَ السَّلَامِ مَعَ الزِّيَادَةِ لِقَوْلِهِ عَقِبَهُ فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا، وَلِمَا نُقِلَ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّ السُّجُودَ قَبْلَ السَّلَامِ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِأَنَّهُ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ فَكَانَ قَبْلَ السَّلَامِ كَمَا لَوْ نَسِيَ سَجْدَةً مِنْهَا، وَأَجَابُوا عَنْ سُجُودِهِ بَعْدَهُ فِي خَبَرِ ذِي الْيَدَيْنِ بِحَمْلِهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَنْ قَصْدٍ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ لِبَيَانِ حُكْمِ السُّجُودِ. وَالْخِلَافُ فِي الْجَوَازِ لَا فِي الْفَضِيلَةِ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ. وَمُقَابِلُ الْجَدِيدِ قَدِيمَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ إنْ سَهَا بِنَقْصٍ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بِزِيَادَةٍ فَبَعْدَهُ. وَالثَّانِي أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ لِثُبُوتِ الْأَمْرَيْنِ، وَسَيَأْتِي فِي الْجُمُعَةِ أَنَّ الْمُسْتَخْلَفَ لِمَنْ عَلَيْهِ سُجُودُ سَهْوٍ يَسْجُدُ هُوَ وَالْمَأْمُومُونَ آخِرَ صَلَاةِ الْإِمَامِ ثُمَّ يَقُومُ هُوَ لِمَا عَلَيْهِ وَيَسْجُدُ آخِرَ صَلَاةِ نَفْسِهِ أَيْضًا، وَلَا يَرِدُ هُنَا إذْ سُجُودُهُ فِي مَسْأَلَتِنَا لِمَحْضِ الْمُتَابَعَةِ كَمَا فِي الْمَسْبُوقِ، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ قَبْلَ صَلَاتِهِ عَلَى الْآلِ ثُمَّ أَتَى بِهَا وَبِالْمَأْثُورِ حَصَلَ أَصْلُ سُنَّةِ السُّجُودِ وَامْتَنَعَ عَلَيْهِ إعَادَتُهُ، وَلَوْ أَعَادَ التَّشَهُّدَ بَعْدَهُ فَهَلْ تَبْطُلُ لِإِحْدَاثِهِ جُلُوسًا لِانْقِطَاعِ جُلُوسِ تَشَهُّدِهِ بِسُجُودِهِ وَلَيْسَ فِي مَحَلِّهِ أَوْ لَا؟ الْأَوْجَهُ عَدَمُ بُطْلَانِهَا، وَمَا عُلِّلَ بِهِ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ عَدَمَ ذَلِكَ التَّخَلُّلِ إنَّمَا هُوَ مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَعَلَى الْجَدِيدِ (فَإِنْ سَلَّمَ عَمْدًا) بِأَنْ عَلِمَ حَالَ سَلَامِهِ أَنَّ عَلَيْهِ سُجُودَ سَهْوِ (فَاتَ) السُّجُودُ، وَإِنْ قَرُبَ الْفَصْلُ (فِي الْأَصَحِّ) لِقَطْعِهِ لَهُ بِسَلَامِهِ (أَوْ سَهْوًا) أَوْ جَهْلًا أَنَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ عَلِمَ فِيمَا يَظْهَرُ (وَطَالَ الْفَصْلُ) عُرْفًا (فَاتَ فِي الْجَدِيدِ) لِتَعَذُّرِ الْبِنَاءِ بِالطُّولِ كَمَا لَوْ مَشَى عَلَى نَجَاسَةٍ أَوْ أَتَى بِفِعْلٍ أَوْ كَلَامٍ كَثِيرٍ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا إنْ قَرُبَ الْفَصْلُ كَمَا لَوْ سَلَّمَ نَاسِيًا وَالْقَدِيمُ لَا يَفُوتُ؛ لِأَنَّهُ جُبْرَانُ عِبَادَةٍ فَيَجُوزُ أَنْ يَتَرَاخَى عَنْهَا كَجُبْرَانَاتِ الْحَجِّ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ (فَلَا) يَفُوتُ (عَلَى النَّصِّ) لِعُذْرِهِ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا فَقِيلَ لَهُ فَسَجَدَ لِلسَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقِيلَ يَفُوتُ؛ لِأَنَّ السَّلَامَ رُكْنٌ وَقَعَ فِي مَحَلِّهِ فَلَا يَعُودُ إلَى سُنَّةٍ شُرِعَتْ قَبْلَهُ، وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يَطْرَأْ مَانِعٌ بَعْدَ السَّلَامِ وَإِلَّا حَرُمَ، كَأَنْ خَرَجَ وَقْتُ الْجُمُعَةِ أَوْ عَرَضَ مُوجِبُ الْإِتْمَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــSحِينَئِذٍ أَنْ يَقُولَ لَا وَجْهَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ طُولُ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا) أَيْ السُّجُودِ وَالسَّلَامِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ) دَلِيلٌ لِكَوْنِ السُّجُودِ بَيْنَ التَّشَهُّدِ وَالسَّلَامِ (قَوْلُهُ: وَأَجَابُوا عَنْ سُجُودِهِ بَعْدَهُ) أَيْ السَّلَامِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَنْ قَصْدِ) أَيْ السَّلَامِ، وَعِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ تَأْخِيرَهُ كَانَ سَهْوًا لَا مَقْصُودًا: أَيْ وَأَعَادَ السَّلَامَ. اهـ. وَقَوْلُهُ مَعَ أَنَّهُ جَوَابٌ ثَانٍ (قَوْلُهُ: فِي مَسْأَلَتِنَا) هِيَ قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي فِي الْجُمُعَةِ أَنَّ الْمُسْتَخْلِفَ إلَخْ (قَوْلُهُ: قَبْلَ صَلَاتِهِ عَلَى الْآلِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ أَتَى بِهِ قَبْلَ التَّشَهُّدِ، وَفِيهِ تَفْصِيلٌ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِلَّا فَلَا تَبْطُلُ، وَإِنْ طَالَ سُجُودُهُ وَيُعِيدُهُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ (قَوْلُهُ: فَهَلْ تَبْطُلُ) أَيْ صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِي مَحَلِّهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ كَأَنْ جَلَسَ بَعْدَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَزِدْ جُلُوسُهُ عَلَى قَدْرِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَحْدَثَ جُلُوسَ تَشَهُّدٍ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُ حَجّ: إنَّهُ إنَّمَا يَضُرُّ التَّشَهُّدُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ إذَا طَالَ بِهِ الْجُلُوسُ لِجَوَازِ حَمْلِهِ عَلَى مَا لَوْ قَصَدَ بِجُلُوسِهِ الِاسْتِرَاحَةَ وَاتَّفَقَ أَنَّهُ أَتَى فِيهَا بِالتَّشَهُّدِ؛ لِأَنَّهُ الْآنَ لَمْ يُحْدِثْ جُلُوسَ تَشَهُّدٍ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا حَرُمَ) أَيْ فَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَصِرْ عَائِدًا بِهِ إلَى الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ خَرَجَ) مِثَالٌ لِقَوْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQحُكْمٌ مُقْتَضَبٌ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا قَبْلَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْمُسْتَخْلَفَ) أَيْ الْمَسْبُوقَ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ وَهُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ

أَوْ رَأَى مُتَيَمِّمٌ الْمَاءَ أَوْ انْتَهَتْ مُدَّةُ الْمَسْحِ أَوْ أَحْدَثَ وَتَطَهَّرَ عَلَى قُرْبٍ أَوْ شُفِيَ دَائِمُ الْحَدَثِ أَوْ تَخَرَّقَ الْخُفُّ، وَمَا ذَكَرَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ أَنَّ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ ضَاقَ وَقْتُهَا وَعَلَّلُوهُ بِإِخْرَاجِهِ بَعْضَهَا عَنْ وَقْتِهَا مَرْدُودٌ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ جَوَازِ الْمَدِّ حَيْثُ شُرِعَ فِيهَا وَفِي الْوَقْتِ مَا يَسَعُ جَمِيعَهَا وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ فِيهِ رَكْعَةً، وَلِهَذَا صَرَّحَ الْبَغَوِيّ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَرْكَانِ أَدْرَكَ، وَلَوْ أَتَى بِالسُّنَنِ خَرَجَ بَعْضُهَا أَتَى بِالسُّنَنِ، وَإِنْ لَمْ تُجْبَرْ بِالسُّجُودِ. نَعَمْ لِمُعْتَنٍ بِالْأَوَّلِ أَنْ يَقُولَ هَذِهِ حَصَلَ فِيهَا خُرُوجٌ بِالتَّحَلُّلِ صُورَةً وَلَا ضَرُورَةَ مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ إلَى الْعَوْدِ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ إنْشَاءَهَا، وَإِنْ كَانَ عَائِدًا بِالْإِرَادَةِ، وَلَا كَذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْمَدِّ لَمْ يَحْصُلْ فِيهَا صُورَةُ خُرُوجٍ بِحَالٍ، فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يُسَنُّ هَذَا مَعَ قَوْلِهِمْ الْمَدُّ خِلَافُ الْأَوْلَى؟ قُلْنَا: يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ هَذَا عَلَى مَا إذَا أَوْقَعَ رَكْعَةً وَذَاكَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُوقِعْهَا (وَإِذَا سَجَدَ) أَيْ أَرَادَ السُّجُودَ، وَإِنْ لَمْ يَشْرَعْ فِيهِ بِالْفِعْلِ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ كَلَامُ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (صَارَ عَائِدًا إلَى الصَّلَاةِ فِي الْأَصَحِّ) مِنْ غَيْرِ إحْرَامٍ لِتَبَيُّنِ عَدَمِ خُرُوجِهِ مِنْهَا وَلِهَذَا قَالَ فِي الْخَادِمِ: إنَّ الصَّوَابَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِمْ صَارَ عَائِدًا لِلصَّلَاةِ، أَنَّا نَتَبَيَّنُ بِعَوْدِهِ عَدَمَ خُرُوجِهِ مِنْهَا أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ حَقِيقَةُ الْخُرُوجِ مِنْهَا ثُمَّ الْعَوْدُ إلَيْهَا، وَأَنَّ سَلَامَهُ وَقَعَ لَغْوًا لِعُذْرِهِ بِكَوْنِهِ لَمْ يَأْتِ بِهِ إلَّا لِنِسْيَانِهِ مَا عَلَيْهِ مِنْ السَّهْوِ فَيُعِيدُهُ وُجُوبًا وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِنَحْوِ حَدَثِهِ، وَيَلْزَمُهُ الظُّهْرُ بِخُرُوجِ وَقْتِ الْجُمُعَةِ حَيْثُ خَرَجَ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ ثَانِيًا وَالْإِتْمَامِ بِحُدُوثِ مُوجِبِهِ. وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ وَإِنْ تَعَدَّدَ سَجْدَتَانِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَتَعَدَّدُ صُورَةً لَا حُكْمًا فِي صُوَرٍ مِنْهَا الْمَسْبُوقُ وَخَلِيفَةُ السَّاهِي وَقَدْ مَرَّ آنِفًا أَشَارَ إلَى بَعْضِ الصُّوَرِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ) (سَهَا إمَامُ الْجُمُعَةِ) أَوْ الْمَقْصُورَةِ (وَسَجَدُوا) لِلسَّهْوِ (فَبَانَ) بَعْدَ سُجُودِ السَّهْوِ (فَوْتُهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ أَوْ مُوجِبِ إتْمَامِ الْمَقْصُورَةِ (أَتَمُّوا ظُهْرًا وَسَجَدُوا) لِلسَّهْوِ ثَانِيًا آخِرَ صَلَاتِهِمْ لِبَيَانِ كَوْنِ الْأَوَّلِ لَيْسَ بِآخِرِ الصَّلَاةِ وَأَنَّهُ وَقَعَ لَغْوًا (وَلَوْ) (ظَنَّ سَهْوًا فَسَجَدَ فَبَانَ عَدَمُهُ) أَيْ السَّهْوِ (سَجَدَ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ زَادَ سَجْدَتَيْنِ سَهْوًا يُبْطِلُ عَمْدُهُمَا. وَلَوْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ ثُمَّ سَهَا بِنَحْوِ كَلَامٍ لَمْ يَسْجُدْ ثَانِيًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ وُقُوعَ مِثْلِهِ فَرُبَّمَا تَسَلْسَلَ أَوْ سَجَدَ لِمُقْتَضٍ فِي ظَنِّهِ فَبَانَ أَنَّ الْمُقْتَضِيَ غَيْرُهُ لَمْ يُعِدْهُ لِانْجِبَارِ الْخَلَلِ بِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ وَضَابِطُ هَذَا أَنَّ السَّهْوَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ لَا يَقْتَضِي السُّجُودَ كَمَا مَرَّ وَالسَّهْوُ بِهِ يَقْتَضِيهِ. وَالثَّانِي لَا؛ لِأَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ يَجْبُرُ كُلَّ خَلَلٍ فِي الصَّلَاةِ فَيُجْبِرُ نَفْسَهُ كَمَا يُجْبِرُهُ غَيْرُهُ. ثُمَّ لَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى سُجُودِ السَّهْوِ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى سُجُودِ التِّلَاوَةِ فَقَالَ: ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا لَمْ يَطْرَأْ الْمَانِعُ (قَوْلُهُ: أَنَّ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِمَّا حَرُمَ فِيهِ السُّجُودُ لِمَانِعٍ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لِمُعْتَنٍ بِالْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ: مَا لَوْ ضَاقَ وَقْتُهَا (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ الظُّهْرُ وَبِخُرُوجِ وَقْتِ الْجُمُعَةِ) أَيْ بَعْدَ الْعَوْدِ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ حُرْمَةِ السُّجُودِ وَعَدَمِ صَيْرُورَتِهِ عَائِدًا إلَى الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُعِدْهُ) أَيْ السُّجُودَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ هَذَا إلَخْ) كَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ مَحَلَّ قَوْلِهِمْ إنَّ الْمَدَّ خِلَافُ الْأَوْلَى فِيمَا إذَا لَمْ تَقَعْ رَكْعَةٌ فِي الْوَقْتِ وَهُنَا وَقَعَتْ رَكْعَةٌ بَلْ الصَّلَاةُ جَمِيعُهَا فِيهِ (قَوْلُهُ: أَتَمُّوا ظُهْرًا) أَيْ أَوْ الْمَقْصُورَةَ.

[باب في سجود التلاوة]

(بَابٌ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ) بِالتَّنْوِينِ (تُسَنُّ سَجَدَاتُ) بِفَتْحِ الْجِيمِ (التِّلَاوَةِ) لِلْإِجْمَاعِ عَلَى طَلَبِهَا وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي يَقُولُ: يَا وَيْلَتَا أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ فَعَصَيْتُ فَلِيَ النَّارُ» وَخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يَقْرَأُ عَلَيْنَا الْقُرْآنَ، فَإِذَا مَرَّ بِالسَّجْدَةِ كَبَّرَ وَسَجَدَ وَسَجَدْنَا مَعَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَرَكَهَا فِي سَجْدَةٍ وَالنَّجْمِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَصَحَّ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - التَّصْرِيحُ بِعَدَمِ وُجُوبِهَا عَلَى الْمِنْبَرِ، وَهَذَا مِنْهُ فِي هَذَا الْمَوْطِنِ الْعَظِيمِ مَعَ سُكُوتِ الصَّحَابَةِ دَلِيلُ إجْمَاعِهِمْ، وَأَمَّا ذَمُّهُ تَعَالَى مَنْ لَمْ يَسْجُدْ بِقَوْلِهِ {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ} [الانشقاق: 21] فَوَارِدٌ فِي الْكُفَّارِ بِدَلِيلِ مَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَمَا بَعْدَهُ. (وَهِيَ) أَيْ سَجَدَاتُ التِّلَاوَةِ (فِي الْجَدِيدِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ) سَجْدَةً (مِنْهَا سَجْدَتَا) سُورَةِ (الْحَجِّ) لِمَا رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ، وَإِسْلَامُهُ إنَّمَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ «أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَمْسَ عَشْرَةَ سَجْدَةً فِي الْقُرْآنِ مِنْهَا ثَلَاثٌ فِي الْمُفَصَّلِ وَفِي الْحَجِّ سَجْدَتَانِ» وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَإِسْلَامُهُ سَنَةَ سَبْعٍ «أَنَّهُ سَجَدَ مَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الِانْشِقَاقِ وَاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّك» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَسْجُدْ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمُفَصَّلِ مُنْذُ تَحَوَّلَ الْمَدِينَةَ أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ نَافٍ وَضَعِيفٌ، عَلَى أَنَّ التَّرْكَ إنَّمَا يُنَافِي الْوُجُوبَ لَا النَّدْبَ وَأُخِذَ بِظَاهِرِهِ الْقَدِيمِ، وَمَحَالُّ السَّجَدَاتِ مَعْرُوفَةٌ. نَعَمْ الْأَصَحُّ أَنَّ آخِرَ آيَتِهَا فِي النَّحْلِ يُؤْمَرُونَ وَفِي النَّمْلِ الْعَظِيمِ وَفِي فُصِّلَتْ يَسْأَمُونَ وَفِي الِانْشِقَاقِ يَسْجُدُونَ. وَنَصُّ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ عَلَى سَجْدَتَيْ الْحَجِّ لِخِلَافِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبَابٌ يُسَنُّ سَجَدَاتُ التِّلَاوَةِ (قَوْله بِفَتْحِ الْجِيمِ) أَيْ؛ لِأَنَّ السَّجْدَةَ عَلَى وَزْنِ فَعْلَةٍ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ مِنْ الْأَسْمَاءِ يُجْمَعُ عَلَى فَعَلَاتٍ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ مِنْ الصِّفَاتِ يُجْمَعُ عَلَى فَعْلَاتٍ بِالسُّكُونِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الْجَنَّةُ) أَيْ اسْتَحَقَّ دُخُولَهَا لِإِيمَانِهِ بِاَللَّهِ وَطَاعَتِهِ (قَوْلُهُ: كَانَ يَقْرَأُ عَلَيْنَا الْقُرْآنَ) أَيْ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قُلْت وَيُسَنُّ لِلسَّامِعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَانَ يَقْرَأُ عَلَيْنَا الْقُرْآنَ) أَيْ يَقْرَؤُهُ وَنَحْنُ نَسْمَعُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ) أَيْ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمِنْبَرِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ التَّصْرِيحُ، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ تَوْجِيهًا لِعَدَمِ وُجُوبِهَا عَطْفًا عَلَى قِصَّةِ زَيْدٍ، وَلِقَوْلِ عُمَرَ: «أُمِرْنَا بِالسُّجُودِ يَعْنِي لِلتِّلَاوَةِ، فَمَنْ سَجَدَ فَقَدْ أَصَابَ وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. اهـ. وَعَلَيْهِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَيَكُونُ مُرَادًا لِلشَّارِحِ وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمِنْبَرِ حِين قَالَهُ فَتَكُونُ رِوَايَةً أُخْرَى (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ مَا قَبْلَ ذَلِكَ وَمَا بَعْدَهُ) وَلَا يَقُومُ الرُّكُوعُ مَقَامَهَا كَذَا عَبَّرُوا بِهِ، وَظَاهِرُ جَوَازِهِ، وَهُوَ بَعِيدٌ وَالْقِيَاسُ حُرْمَتُهُ، وَقَوْلُ الْخَطَّابِيِّ مِنْ أَصْحَابِنَا يَقُومُ شَاذٌّ وَلَا اقْتِضَاءَ فِيهِ لِلْجَوَازِ عِنْدَ غَيْرِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: نَافٍ وَضَعِيفٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ: صَحِيحٌ وَمُثْبَتٌ. اهـ. وَقَوْلُهُ وَغَيْرُهُ بِالرَّفْعِ: أَيْ غَيْرُ الرَّاوِي لِهَذَا الْحَدِيثِ صَحِيحُ وَثَبْتٌ (قَوْلُهُ: يُؤْمَرُونَ) وَقِيلَ يَسْتَكْبِرُونَ وَفِي النَّمْلِ يُعْلِنُونَ، وَانْتَصَرَ لَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَرَدَّ قَوْلَ الْمَجْمُوعِ بِأَنَّهُ بَاطِلٌ، وَفِي ص وَأَنَابَ، وَقِيلَ مَآبٍ، وَفِي فُصِّلَتْ {يَسْأَمُونَ} [فصلت: 38] ، وَقِيلَ {تَعْبُدُونَ} [فصلت: 37] ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَابٌ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ] ِ وَالشُّكْرِ (قَوْلُهُ: عَلَى طَلَبِهَا) إنَّمَا لَمْ يَقُلْ عَلَى سَنِّهَا وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُنَاسِبَ فِي الدَّلِيلِ؛ لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يُوجِبُهُ وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَى رَدِّ دَلِيلِهِ. وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ أَصْلُ مَشْرُوعِيَّتِهَا ثَابِتٌ بِالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ.

[سجدات التلاوة في القرآن أربع عشرة سجدة]

أَبِي حَنِيفَةَ فِي الثَّانِيَةِ (لَا) سَجْدَةَ (ص) وَهِيَ عِنْدَ قَوْلِهِ {وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [ص: 24] فَلَيْسَتْ مِنْ سَجَدَاتِ التِّلَاوَةِ لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ " ص لَيْسَتْ مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ " أَيْ مِنْ مُتَأَكِّدَاتِهِ وَقَدْ تُكْتَبُ ثَلَاثَةَ أَحْرُفٍ إلَّا فِي الْمُصْحَفِ (بَلْ هِيَ) أَيْ سَجْدَةُ ص (سَجْدَةُ شُكْرٍ) لِلَّهِ تَعَالَى يَنْوِي بِهَا سُجُودَ الشُّكْرِ عَلَى تَوْبَةِ دَاوُد - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ خِلَافِ الْأَوْلَى الَّذِي ارْتَكَبَهُ مِمَّا لَا يَلِيقُ بِكَمَالِ شَأْنِهِ لِوُجُوبِ عِصْمَتِهِ كَسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ عَنْ وَصْمَةِ الذَّنْبِ مُطْلَقًا، وَإِنْ وَقَعَ فِي كَثِيرٍ مِنْ التَّفَاسِيرِ مَا يُوهِمُ خِلَافَ ذَلِكَ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ، بَلْ لَوْ صَحَّ كَانَ تَأْوِيلُهُ وَاجِبًا لِثُبُوتِ عِصْمَتِهِمْ وَوُجُوبِ اعْتِقَادِ نَزَاهَتِهِمْ عَنْ ذَلِكَ السَّفْسَافِ الَّذِي لَا يَقَعُ مِنْ أَقَلِّ صَالِحِي هَذِهِ الْأُمَّةِ، فَكَيْفَ بِمَنْ اصْطَفَاهُمْ اللَّهُ لِنُبُوَّتِهِ، وَأَهَّلَهُمْ لِرِسَالَتِهِ وَجَعَلَهُمْ الْوَاسِطَةَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ خَلْقِهِ، وَإِنَّمَا خُصَّ دَاوُد بِذَلِكَ مَعَ وُقُوعِ نَظِيرِهِ لِآدَمَ وَأَيُّوبَ وَغَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْكَ عَنْ غَيْرِهِ أَنَّهُ لَقِيَ مِمَّا ارْتَكَبَهُ مِنْ الْحُزْنِ وَالْبُكَاءِ حَتَّى نَبَتَ مِنْ دُمُوعِهِ الْعُشْبُ وَالْقَلِقِ الْمُزْعِجِ مَا لَقِيَهُ، فَجُوزِيَ بِأَمْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِمَعْرِفَةِ قَدْرِهِ وَعَلَى قُرْبِهِ وَأَنَّهُ أَنْعَمَ عَلَيْهِ نِعْمَةً تَسْتَوْجِبُ دَوَامَ الشُّكْرِ مِنْ الْعَالِمِ إلَى قِيَامِ السَّاعَةِ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمًا فَقَرَأَ ص، فَلَمَّا مَرَّ بِالسُّجُودِ نَشَزْنَا: أَيْ تَهَيَّأْنَا لِلسُّجُودِ، فَلَمَّا رَآنَا قَالَ: إنَّمَا هِيَ تَوْبَةُ نَبِيِّ اللَّهِ وَلَكِنْ قَدْ اسْتَعْدَدْتُمْ لِلسُّجُودِ فَنَزَلَ وَسَجَدَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْحِ الْبُخَارِيِّ. (تُسْتَحَبُّ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ) عِنْدَ تِلَاوَةِ آيَتِهَا لِلِاتِّبَاعِ كَمَا مَرَّ، وَلَا يُنَافِي قَوْلُنَا سَبَبُهَا الشُّكْرُ قَوْلَهُمْ سَبَبُهَا التِّلَاوَةُ؛ لِأَنَّهَا سَبَبٌ لِتَذَكُّرِ قَبُولِ تِلْكَ التَّوْبَةِ: أَيْ وَلِأَجْلِ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَفِي الِانْشِقَاقِ آخِرُهَا. اهـ حَجّ. أَقُولُ: وَالْأَوْلَى لَهُ فِي الِانْشِقَاقِ تَأْخِيرُ السُّجُودِ إلَى آخِرِهَا خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ، وَسُئِلَ السُّيُوطِيّ هَلْ يُسْتَحَبُّ عِنْدَ كُلِّ مَحَلٍّ سَجْدَةٌ عَمَلًا بِالْقَوْلَيْنِ. فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: لَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلٍ فِي الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ آتٍ بِسَجْدَةٍ لَمْ تُشْرَعْ. اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: لَا سَجْدَةَ ص) يَجُوزُ قِرَاءَةِ ص بِالْإِسْكَانِ وَبِالْفَتْحِ وَبِالْكَسْرِ بِلَا تَنْوِينٍ وَبِهِ مَعَ التَّنْوِينِ، وَإِذَا كُتِبَتْ فِي الْمُصْحَفِ كُتِبَتْ حَرْفًا وَاحِدًا، وَأَمَّا فِي غَيْرِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَكْتُبُهَا بِاعْتِبَارِ اسْمِهَا ثَلَاثَةَ أَحْرُفٍ اهـ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ، وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَوْلُهُ فَمِنْهُمْ مَنْ يَكْتُبُهَا إلَخْ: أَيْ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكْتُبُهَا حَرْفًا وَاحِدًا وَهُوَ الْمَوْجُودُ فِي نُسَخِ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: يَنْوِي بِهَا سُجُودَ الشُّكْرِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِصِحَّتِهَا مِنْ مُلَاحَظَةِ كَوْنِهَا عَلَى قَبُولِ تَوْبَةِ دَاوُد وَلَيْسَ مُرَادًا. ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ فِي أَثْنَاءِ عِبَارَتِهِ مَا نَصُّهُ: وَهَلْ يَتَعَرَّضُ لِكَوْنِهِ شُكْرًا لِقَبُولِ تَوْبَةِ دَاوُد - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَوْ يَكْفِي مُطْلَقُ نِيَّةِ الشُّكْرِ؟ ارْتَضَى الثَّانِي طب وم ر. اهـ. بَقِيَ مَا لَوْ قَالَ نَوَيْت السُّجُودَ لِقَبُولِ تَوْبَةِ دَاوُد هَلْ يَكْفِي أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِذِكْرِهِ السَّبَبَ. وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ نَوَى الشُّكْرَ وَالتِّلَاوَةَ أَيْضًا خَارِجَ الصَّلَاةِ، وَيَنْبَغِي فِيهِ الضَّرَرُ؛ لِأَنَّ سُجُودَ التِّلَاوَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ السَّجَدَاتِ الْمَشْرُوعَةِ كَانَ بَاطِلًا، فَإِذَا نَوَى التِّلَاوَةَ وَالشُّكْرَ فَقَدْ نَوَى مُبْطِلًا وَغَيْرَهُ فَيُغَلَّبُ الْمُبْطِلُ (قَوْلُهُ: مِنْ خِلَافِ الْأَوْلَى) مُتَعَلِّقٌ بِتَوْبَةٍ (قَوْلُهُ: الَّذِي ارْتَكَبَهُ) أَيْ مِنْ إضْمَارِهِ أَنَّ وَزِيرَهُ إنْ قُتِلَ تَزَوَّجَ بِزَوْجَتِهِ. اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: مَا يُوهِمُ خِلَافَ ذَلِكَ) أَيْ أَنَّهُ ارْتَكَبَ أَمْرًا مُحَرَّمًا وَهُوَ كَمَا فِي قَصَصِ الثَّعَالِبِيِّ أَمْرُهُ حِين أَرْسَلَ وَزِيرَهُ لِلْقِتَالِ يَتَقَدَّمُهُ أَمَامَ الْجَيْشِ لِيَقْتُلَ (قَوْلُهُ: السَّفْسَافِ) الرَّدِيءُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَالْأَمْرُ الْحَقِيرُ، وَفِي الْحَدِيثِ «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ مَعَالِيَ الْأُمُورِ وَيَكْرَهُ سَفْسَافَهَا» وَيَرْوِي " وَيَبْغَضُ ". اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: مَعَ وُقُوعِ نَظِيرِهِ) أَيْ مِنْ ارْتِكَابِ مَا يُنَافِي كَمَالِهِمْ فَنَدِمُوا فَقَبِلَ اللَّهُ تَعَالَى تَوْبَتَهُمْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يُحْكَ عَنْ غَيْرِهِ) أَيْ؛ وَلِأَنَّهُ وَقَعَ فِي قِصَّتِهِ التَّنْصِيصُ عَلَى سُجُودِهِ، بِخِلَافِ قَصَصِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فَإِنَّهُ لَمْ يَرِدْ عَنْهُمْ سُجُودٌ عِنْدَ حُصُولِ التَّوْبَةِ لَهُمْ (قَوْلُهُ: مَا لَقِيَهُ) إلَّا مَا جَاءَ عَنْ آدَمَ لَكِنَّهُ مَشُوبٌ بِالْحُزْنِ عَلَى فِرَاقِ الْجَنَّةِ. اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: تَسْتَوْجِبُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ [سَجَدَاتُ التِّلَاوَةِ فِي الْقُرْآنِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَجْدَةً] (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَحْكِ عَنْ غَيْرِهِ إلَخْ) وَأَيْضًا فَلَمْ يَرِدْ عَنْ غَيْرِهِ أَنَّهُ سَجَدَ لِتَوْبَةٍ.

لَمْ يَنْظُرْ هُنَا لِمَا يَأْتِي فِي سُجُودِ الشُّكْرِ مِنْ هُجُومِ النِّعْمَةِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهَا مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَ سَجْدَةِ مَحْضِ التِّلَاوَةِ وَسَجْدَةِ مَحْضِ الشُّكْرِ (وَتَحْرُمُ فِيهَا) وَتُبْطِلُهَا (فِي الْأَصَحِّ) وَإِنْ انْضَمَّ لِقَصْدِ الشُّكْرِ قَصْدُ التِّلَاوَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ الْمُبْطِلُ وَغَيْرُهُ غُلِّبَ الْمُبْطِلُ وَشَمِلَ ذَلِكَ قَارِئَهَا وَسَامِعَهَا وَمُسْتَمِعَهَا، وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ الطَّوَافَ وَهُوَ مُتَّجَهٌ، وَإِلْحَاقُهُ بِالصَّلَاةِ إنَّمَا هُوَ فِي بَعْضِ أَحْكَامِهَا وَمَحَلُّ الْحُرْمَةِ وَالْبُطْلَانِ فِي حَقِّ الْعَامِدِ الْعَالِمِ فَإِنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا فَلَا وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، وَلَوْ سَجَدَهَا إمَامُهُ لِاعْتِقَادِهِ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لَهُ مُتَابَعَتُهُ بَلْ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ انْتِظَارِهِ وَمُفَارَقَتِهِ وَتَحْصُلُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَانْتِظَارُهُ أَفْضَلُ، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِاعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا لَا يَرَى الْمَأْمُومُ جِنْسَهُ فِي الصَّلَاةِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا: يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِحَنَفِيٍّ يَرَى الْقَصْرَ فِي إقَامَةٍ لَا نَرَاهَا نَحْنُ؛ لِأَنَّ جِنْسَ الْقَصْرِ جَائِزٌ عِنْدَنَا، وَبِهَذَا ظَهَرَ مَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْمُفَارَقَةِ، وَقَوْلُهَا إنَّهُ لَا يَسْجُدُ: أَيْ بِسَبَبِ انْتِظَارِ إمَامِهِ قَائِمًا وَإِنْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ لِاعْتِقَادِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ تَسْتَدْعِي ثُبُوتَ الشُّكْرِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: قَصْدُ التِّلَاوَةِ) أَيْ وَإِنَّمَا لَمْ يَضُرَّ قَصْدُ التَّفْهِيمِ مَعَ الْقِرَاءَةِ مَعَ أَنَّ فِيهِ جَمْعًا بَيْنَ الْمُبْطِلِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ جِنْسَ الْقِرَاءَةِ مَطْلُوبٌ وَقَصْدَ التَّفْهِيمِ طَارِئٌ، بِخِلَافِ السُّجُودِ بِلَا سَبَبٍ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَطْلُوبٍ أَصْلًا، وَهَذِهِ السَّجْدَةُ لَمَّا لَمْ تُسْتَحَبَّ فِي الصَّلَاةِ كَانَتْ كَاَلَّتِي بِلَا سَبَبٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ الْمُبْطِلُ) قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ التِّلَاوَةَ وَحْدَهَا لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَلَيْسَ مُرَادًا، فَإِنَّ قَصْدَ التِّلَاوَةِ إنَّمَا يَكُونُ مَانِعًا لِلْبُطْلَانِ حَيْثُ كَانَ مِنْ السَّجَدَاتِ الْمَشْرُوعَةِ، وَهُوَ هُنَا لَيْسَ مَشْرُوعًا، وَكُلُّ مَنْ قَصَدَ التِّلَاوَةَ وَالشُّكْرَ مُبْطِلٌ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَشَمَلَ ذَلِكَ) أَيْ اسْتِحْبَابَهَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَشَمَلَ إطْلَاقُهُ الطَّوَافَ) أَيْ فَيَسْجُدُ فِيهِ شُكْرًا، وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَحْرُمُ فِيهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا أَشْبَهَ الصَّلَاةَ وَبِمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ مِنْهَا فَأَخَّرَهُ؛ لِيَكُونَ كَالِاسْتِدْرَاكِ بِدَفْعِ مَا يُتَوَهَّمُ مِمَّا قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ) أَيْ خِلَافًا لحج حَيْثُ قَالَ مَا نَصُّهُ: وَيَأْتِي فِي الْحَجِّ أَنَّهَا لَا تُفْعَلُ فِي الطَّوَافِ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الصَّلَاةَ الْمُحَرَّمَةَ هِيَ فِيهَا فَلَمْ تُطْلَبْ فِيمَا يُشْبِهُهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ فِيهِ مِثْلُهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُلْحَقًا بِهَا فِي كُلِّ أَحْكَامِهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ نَاسِيًا) أَيْ أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ مَحَلِّيٌّ. أَقُولُ: وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ نَسِيَ حُرْمَةَ السُّجُودِ ضَرَّ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ مِنْ أَنَّ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ لِنِسْيَانِهِ حُرْمَةَ الْكَلَامِ فِيهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَقِيَاسُ عَدَمِ الضَّرَرِ فِيمَا لَوْ قَامَ عَنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ سَهْوًا وَعَادَ لِجَهْلِهِ حُرْمَةَ الْعَوْدِ أَوْ نِسْيَانِهِ الْحُكْمَ عَدَمُ الضَّرَرِ فَلْيَحْرُمْ (قَوْلُهُ: لِاعْتِقَادِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ حَنَفِيًّا (قَوْلُهُ: وَانْتِظَارُهُ أَفْضَلُ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ يَسْجُدُ الْمَأْمُومُ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ كَمَا يَأْتِي، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ نَسِيَ الْإِمَامُ التَّشَهُّدَ وَقَامَ وَانْتَصَبَ مَعَهُ الْمَأْمُومُ ثُمَّ عَادَ وَقَعَدَ الْمَأْمُومُ لِلتَّشَهُّدِ نَاسِيًا وَقَدْ قَامَ الْإِمَامُ ثُمَّ عَادَ حَيْثُ لَا يَجُوزُ لَهُ مُوَافَقَتُهُ وَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الِانْتِظَارِ وَالْمُفَارَقَةِ، وَهِيَ أَوْلَى أَنَّ هَذَا زَمَنُهُ قَصِيرٌ وَذَاكَ زَمَنُهُ طَوِيلٌ فَكَانَ انْتِظَارُهُ هُنَا أَوَّلًا تَنْزِيلًا لِزَمَنِ السُّجُودِ لِقِصَرِهِ مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ فَكَانَ لَا مُخَالَفَةَ، وَإِنْ فَعَلَ الْإِمَامُ هُنَا لِكَوْنِهِ عَنْ اعْتِقَادٍ لَا يَحْتَمِلُ الْإِبْطَالَ عِنْدَهُ بِخِلَافِهِ ثُمَّ فَإِنَّ الْعَوْدَ إنْ كَانَ عَمْدًا أَبْطَلَ حَتَّى عِنْدَ الْإِمَامِ فَكَانَتْ صَلَاتُهُ بَاطِلَةً عَلَى احْتِمَالٍ فَطَلَبَتْ الْمُفَارَقَةُ بِخِلَافِهِ هُنَا (قَوْلُهُ: أَيْ بِسَبَبِ) خَبَرٌ عَنْ قَوْلِهِ وَقَوْلُهَا وَالْغَرَضُ مِنْهُ الْجَوَابُ عَمَّا اُعْتُرِضَ بِهِ عَلَيْهَا مِنْ أَنَّ مَا فَعَلَهُ الْإِمَامُ يُبْطِلُ عَمْدُهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَيَسْجُدُ لِسَهْوِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ) بَقِيَ مَا لَوْ نَوَى الْمُفَارَقَةَ قَبْلَ سُجُودِ إمَامِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ الْمُبْطِلُ وَغَيْرُهُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ هَذِهِ السَّجْدَةَ تَصِحُّ بِنِيَّةِ التِّلَاوَةِ، وَيُنَافِيهِ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ فَلَيْسَتْ مِنْ سَجَدَاتِ التِّلَاوَةِ، وَفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ أَنَّ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ هُنَا غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ: فِي إقَامَةٍ لَا نَرَاهَا) أَيْ لَا نَرَى الْقَصْرَ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهَا إنَّهُ لَا يَسْجُدُ) .

أَنَّ إمَامَهُ زَادَ فِي صَلَاتِهِ مَا لَيْسَ مِنْهَا، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا تَحْرُمُ فِيهَا، وَلَا تُبْطِلُهَا؛ لِتَعَلُّقِهَا بِالتِّلَاوَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنْ سُجُودِ الشُّكْرِ. (وَيُسَنُّ) السُّجُودُ (لِلْقَارِئِ) حَيْثُ كَانَتْ قِرَاءَتُهُ مَشْرُوعَةً وَلَوْ صَبِيًّا: أَيْ مُمَيِّزًا فِيمَا يَظْهَرُ، أَوْ امْرَأَةً بِحَضْرَةِ رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ إذْ حُرْمَةُ رَفْعِ صَوْتِهَا بِهَا عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ إنَّمَا هُوَ لِعَارِضٍ لَا لِذَاتِ قِرَاءَتِهَا؛ لِأَنَّ قِرَاءَتَهَا مَشْرُوعَةٌ فِي الْجُمْلَةِ أَوْ خَطِيبًا أَمْكَنَهُ مِنْ غَيْرِ كُلْفَةٍ عَلَى مِنْبَرِهِ أَوْ أَسْفَلَهُ وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ أَوْ مُصَلِّيًا إنْ قَرَأَ فِي قِيَامٍ (وَالْمُسْتَمِعِ) وَهُوَ مَنْ قَصَدَ السَّمَاعَ، وَالْأَوْجَهُ فِي قَارِئٍ وَسَامِعٍ وَمُسْتَمِعٍ لَهَا قَبْلَ صَلَاتِهِ التَّحِيَّةَ أَنَّهُ يَسْجُدُ ثُمَّ يُصَلِّيهَا؛ لِأَنَّهُ جُلُوسٌ قَصِيرٌ لِعُذْرٍ فَلَا تَفُوتُ بِهِ فَإِنْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَالسُّجُودُ أَفْضَلُ لِلِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِهِ، وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ الْقَارِئُ كَافِرًا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ نَوَى الْمُفَارَقَةَ قَبْلَ خُرُوجِهِ عَنْ مُسَمَّى الْقِيَامِ لَمْ يَسْجُدْ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَفْعَلْ مَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ فِي زَمَنِ الْقُدْوَةِ، وَإِنْ نَوَاهَا بَعْدَ خُرُوجِهِ عَنْ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ إلَى الرُّكُوعِ أَقْرَبَ أَوْ بَلَغَ حَدَّ الرَّاكِعِينَ مِثْلًا سَجَدَ لِفِعْلِ الْإِمَامِ مَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ قَبْلَ الْمُفَارَقَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَبِيًّا) لَمْ يَقُلْ أَوْ كَافِرًا لِعَدَمِ تَأَتِّي السُّجُودِ مِنْهُ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ قَرَأَ وَهُوَ كَافِرٌ ثُمَّ أَسْلَمَ عَقِبَ قِرَاءَتِهِ وَتَطَهَّرَ فَوْرًا سُنَّ السُّجُودُ فِي حَقِّهِ (قَوْلُهُ: أَيْ مُمَيِّزًا) هَذَا تَقْيِيدٌ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي السُّجُودِ مِنْ غَيْرِ الْقَارِئِ، أَمَّا هُوَ فَمَعْلُومٌ أَنَّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ سُجُودٌ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ أَسْفَلَهُ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي النُّزُولِ كُلْفَةٌ وَإِلَّا سُنَّ تَرْكُهُ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَرَأَ فِي قِيَامٍ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَرَأَ فِي الرُّكُوعِ أَوْ نَحْوِهِ فَلَا يَسْجُدُ لِقِرَاءَتِهِ لِعَدَمِ مَشْرُوعِيَّتِهَا ثُمَّ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ لِلْقَارِئِ وَالْمُسْتَمِعِ) أَيْ وَلَوْ لِبَعْضِ الْآيَةِ كَأَنْ سَمِعَ بَعْضَهَا وَاشْتَغَلَ بِكَلَامٍ عَنْ اسْتِمَاعِ الْبَعْضِ الْآخَرِ وَلَكِنْ سَمِعَ الْبَاقِيَ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ السَّمَاعِ، وَبَقِيَ مَا لَوْ اخْتَلَفَ اعْتِقَادُ الْقَارِئِ وَالسَّامِعِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَعْمَلُ بِاعْتِقَادِ نَفْسِهِ إذْ لَا ارْتِبَاطَ بَيْنَهُمَا. [فَائِدَةٌ] . وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ قَرَأَ الْمَيِّتُ آيَةَ سَجْدَةٍ هَلْ يَسْجُدُ السَّامِعُ لَهُ أَمْ لَا؟ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ لَمْ تَنْقَطِعْ بِمَوْتِهِمْ، فَلَا مَانِعَ أَنْ يَقْرَأَ الْمَيِّتُ قِرَاءَةً تَامَّةً حَسَنَةً لِيَلْتَذَّ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا فَلَيْسَ هُوَ كَالسَّاهِي وَالْجَمَادِ وَنَحْوِهِمَا، وَأَمَّا لَوْ مُسِخَ وَقَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ الْحَاصِلُ مَسْخَ صِفَةٍ سُجِدَ لِقِرَاءَتِهِ؛ لِأَنَّهُ آدَمِيٌّ حَقِيقَةً، وَإِنْ كَانَ مَسْخَ ذَاتٍ فَلَا؛ لِأَنَّهُ إمَّا حَيَوَانٌ أَوْ جَمَادٌ وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا يُسْجَدُ لِقِرَاءَتِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ جُلُوسٌ قَصِيرٌ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ تَكَرَّرَ سَمَاعُهُ لِآيَةِ السَّجْدَةِ مِنْ قَارِئٍ أَوْ أَكْثَرَ احْتَمَلَ أَنْ يَسْجُدَ لِمَا لَا تَفُوتُ مَعَهُ التَّحِيَّةُ وَيَتْرُكُ لِمَا زَادَ، وَيُحْتَمَلُ تَقْدِيمُ السُّجُودِ، وَإِنْ فَاتَتْ بِهِ التَّحِيَّةُ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَالسُّجُودُ أَفْضَلُ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ الْقَارِئُ كَافِرًا) أَيْ وَلَوْ جُنُبًا مُعَانِدًا؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِالْفُرُوعِ وَلَا يَعْتَقِدُ حُرْمَةَ الْقِرَاءَةِ مَعَ مَا ذُكِرَ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ نَقْلًا عَنْ الشَّارِحِ. وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ الْجُنُبُ فَيَسْجُدُ لِقِرَاءَتِهِ، وَلَوْ كَانَ جُنُبًا؛ لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ حُرْمَةَ الْقِرَاءَةِ عَلَيْهِمْ مَعَ الْجَنَابَةِ وَبِتَقْدِيرِ أَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِهَا فَيَجُوزُ أَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا بِالْحُكْمِ فَلَا يَتَحَقَّقُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ: (قَوْلُهُ: مَشْرُوعَةً) يُؤْخَذُ مِنْ الْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْمُرَادَ بِمَشْرُوعِيَّتِهَا أَنْ تَكُونَ مَقْصُودَةً لِيَخْرُجَ قِرَاءَةُ الطُّيُورِ وَالسَّاهِي وَالسَّكْرَانِ وَنَحْوِهِمْ، وَأَنْ تَكُونَ مَأْذُونًا فِيهَا شَرْعًا لِيَخْرُجَ قِرَاءَةُ الْجُنُبِ وَنَحْوِهِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: كَافِرًا) وَإِنْ كَانَ مُعَانِدًا لَا يُرْجَى إسْلَامُهُ كَمَا نَقَلَهُ الشِّهَابُ سم عَنْ الشَّارِحِ

أَوْ مَلَكًا أَوْ جِنِّيًّا كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ، وَلَا سُجُودَ لِقِرَاءَةِ جُنُبٍ وَسَكْرَانَ وَسَاهٍ وَنَائِمٍ وَمَا عُلِمَ مِنْ الطُّيُورِ كُدْرَةٌ وَنَحْوُهَا وَلَا لِقِرَاءَةٍ فِي جِنَازَةٍ أَوْ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ أَوْ فِي نَحْوِ رُكُوعٍ؛ لِعَدَمِ مَشْرُوعِيَّتِهَا، وَسَوَاءٌ أَسَجَدَ الْقَارِئُ أَمْ لَا، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ قَرَأَ آيَةً بَيْنَ يَدَيْ مُدَرِّسٍ لِيُفَسِّرَ لَهُ مَعْنَاهَا فَيَسْجُدُ لِذَلِكَ كُلٌّ مِنْ الْقَارِئِ وَمَنْ سَمِعَهُ؛ لِأَنَّهَا قِرَاءَةٌ مَشْرُوعَةٌ بَلْ هِيَ أَوْلَى مِنْ قِرَاءَةِ الْكَافِرِ. لَا يُقَالُ: إنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ التِّلَاوَةَ فَلَا سُجُودَ لَهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: بَلْ قَصَدَ تِلَاوَتَهَا لِتَقْرِيرِ مَعْنَاهَا (وَتَتَأَكَّدُ لَهُ بِسُجُودِ الْقَارِئِ) لِلِاتِّفَاقِ عَلَى طَلَبِهَا مِنْهُ حِينَئِذٍ وَإِذَا سَجَدَ مَعَهُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَالْأَوْلَى لَهُ عَدَمُ الِاقْتِدَاءِ بِهِ، فَلَوْ فَعَلَ كَانَ جَائِزًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ. (قُلْت:) (وَيُسَنُّ لِلسَّامِعِ) لِجَمِيعِ الْآيَةِ مِنْ قِرَاءَةٍ مَشْرُوعَةٍ وَهُوَ مَنْ لَمْ يَقْصِدْ السَّمَاعَ وَتَتَأَكَّدُ لَهُ بِسُجُودِ الْقَارِئِ لَكِنْ دُونَ تَأَكُّدِهَا لِلْمُسْتَمِعِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِلْخَبَرِ الْمَارِّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ فَيَسْجُدُ وَيَسْجُدُونَ مَعَهُ حَتَّى مَا يَجِدُ بَعْضُهُمْ مَوْضِعًا لِجَبْهَتِهِ» . وَلَوْ قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ آيَةَ سَجْدَةٍ أَوْ سُورَتَهَا بِقَصْدِ السُّجُودِ فِي غَيْرِ {الم - تَنْزِيلُ} [السجدة: 1 - 2] فِي صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالنَّهْيُ فِي حَقِّهِمْ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ وَكَافِرٍ: أَيْ رُجِيَ إسْلَامُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَلَا سُجُودَ لِقِرَاءَةِ جُنُبٍ) أَيْ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ: أَيْ فَلَوْ فَعَلَهَا لَا تَنْعَقِدُ، أَمَّا الصَّبِيُّ فَيَسْجُدُ لِقِرَاءَتِهِ، وَلَوْ كَانَ جُنُبًا لِعَدَمِ نَهْيِهِ عَنْ الْقِرَاءَةِ لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَمْنَعْهُ وَلِيُّهُ مِنْهَا، فَلَوْ اغْتَسَلَ الْجُنُبُ غُسْلًا لَا يَقُولُ بِهِ السَّامِعُ أَوْ فَعَلَ مَا يَحْصُلُ الْجَنَابَةُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ دُونَ غَيْرِهِ فَهَلْ الْعِبْرَةُ بِعَقِيدَةِ السَّامِعِ فَلَا يَسْجُدُ حَيْثُ كَانَ شَافِعِيًّا يَرَى بَقَاءَ الْجَنَابَةِ أَوْ حُصُولَهَا أَوْ بِعَقِيدَةِ الْقَارِئِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الْقَارِئِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَى التَّحْرِيمَ، وَيُؤَيِّدُهُ السُّجُودُ لِقِرَاءَةِ الْكَافِرِ الْجُنُبِ حَيْثُ عَلَّلُوهُ بِأَنَّ قِرَاءَتَهُ مَشْرُوعَةٌ لِعَدَمِ اعْتِقَادِهِ حُرْمَتَهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَعْمَلُ بِعَقِيدَةِ نَفْسِهِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ: وَسَكْرَانَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّ. اهـ حَجّ، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ مَشْرُوعِيَّتِهَا) أَيْ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي نَحْوِ الرُّكُوعِ مَكْرُوهَةٌ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَرَأَ فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ؛ لِأَنَّ قِرَاءَتَهُ فِيهِمَا مَشْرُوعَةٌ لِعَدَمِ النَّهْيِ عَنْ الْقِرَاءَةِ فِيهِمَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَطْلُوبَةً، وَفَرَّقَ بَيْنَ عَدَمِ الطَّلَبِ وَطَلَبِ الْعَدَمِ، وَيُعَلَّلُ فِي السَّاهِي وَالنَّائِمِ إلَخْ بَعْدَهُ الْقَصْدُ (قَوْلُهُ: لِيُفَسِّرَ لَهُ مَعْنَاهَا) أَيْ وَالْقَارِئُ عَلَى الشَّيْخِ لِتَصْحِيحِ قِرَاءَتِهِ أَوْ لِلْأَخْذِ عَنْهُ حَجّ (قَوْلُهُ: فَيَسْجُدُ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: لِتَقْرِيرِ مَعْنَاهَا) وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ مِثْلَهُ الْمُسْتَدِلُّ بِالْآيَةِ فَيَسْجُدُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِوُجُودِ هَذِهِ الْعِلَّةِ فِي الْمُسْتَدِلِّ وَفِي كَلَامِ ابْنِ قَاسِمٍ عَلَى حَجّ خِلَافُهُ وَفِيهِ وَقْفَةٌ (قَوْلُهُ: وَتَتَأَكَّدُ) أَيْ السَّجْدَةُ، وَقَوْلُهُ لَهُ: أَيْ لِلْمُسْتَمِعِ قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى الْمَنْهَجِ وَيَنْبَغِي كَمَا بَحَثَهُ م ر أَنَّهُ لَوْ سَمِعَ قِرَاءَةً فِي السُّوقِ سَجَدَ وَإِنْ كُرِهَتْ بِأَنْ أُلْهِيَ الْقَارِئُ؛ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ لِخَارِجٍ لَا لِذَاتِ الْقِرَاءَةِ. وَسُئِلَ م ر هَلْ يَسْجُدُ لِسَمَاعِ الْقِرَاءَةِ فِي الْحَمَّامِ؟ قَالَ نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ لِعَارِضٍ، وَكَذَا لِسَمَاعِ الْقِرَاءَةِ فِي الْخَلَاءِ لِذَلِكَ انْتَهَى فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُحَرَّرْ. وَلَوْ قَرَأَ وَاحِدٌ بَعْضَ آيَةِ السَّجْدَةِ وَأَخَّرَ بَاقِيَهَا فَهَلْ يُسَنُّ السُّجُودُ لِلسَّامِعِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْمَيْلُ لِعَدَمِ السُّجُودِ أَكْثَرُ وِفَاقًا لِمَا مَالَ لَهُ م ر. وَقَوْلُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ لَعَلَّ وَجْهَ الْأَمْرِ بِالتَّأَمُّلِ أَنَّ السُّجُودَ لَمَّا ذُكِرَ يُشْكِلُ عَلَى الْمَنْعِ مِنْهُ لِلْقِرَاءَةِ فِي الرُّكُوعِ وَفِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، فَإِنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ ثُمَّ كَرَاهَةَ الْقِرَاءَةِ فِي نَحْوِ الرُّكُوعِ، وَهِيَ مَوْجُودَةٌ هُنَا (قَوْلُهُ: فَالْأَوْلَى لَهُ عَدَمُ الِاقْتِدَاءِ) وَهَلْ يَجُوزُ لِلْقَارِئِ أَنْ يَقْتَدِيَ فِيهَا بِالسَّامِعِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَظْهَرُ لِي الْجَوَازُ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَمَعَ ذَلِكَ فَالْأَوْلَى عَدَمُ الِاقْتِدَاءِ كَعَكْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا تُشْرَعُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ (قَوْلُهُ: مِنْ قِرَاءَةٍ مَشْرُوعَةٍ) أَيْ حَيْثُ اتَّحَدَ الْقَارِئُ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لِلْخَبَرِ الْمَارِّ) هُوَ قَوْلُهُ: كَانَ يَقْرَأُ عَلَيْنَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَوْ سُورَتَهَا إلَخْ) أَوْ اقْتَدَى بِالْإِمَامِ فِي صُبْحِ الْجُمُعَةِ لِغَرَضِ السُّجُودِ فَقَطْ أَوْ سَجَدَ الْمُصَلِّي لِغَيْرِ سَجْدَةِ إمَامِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَذْكُرُهُ حَرُمَ وَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: بِقَصْدِ السُّجُودِ) وَخَرَجَ بِقَصْدِ السُّجُودِ مَا لَوْ قَرَأَ بِقَصْدِ أَدَاءِ سُنَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَسَكْرَانَ) أَيْ لَا تَمْيِيزَ لَهُ

بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إنْ كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ فَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: لَوْ أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ آيَةً أَوْ آيَتَيْنِ فِيهِمَا سَجْدَةٌ لِيَسْجُدَ فَلَمْ أَرَ فِيهِ كَلَامًا لِأَصْحَابِنَا، وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ أَنَّهُمْ كَرِهُوهُ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَآخَرِينَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ. وَمُقْتَضَى مَذْهَبِنَا أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ الْمَنْهِيِّ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهِ وَفِي غَيْرِ الصَّلَاةِ لَمْ يُكْرَهْ، وَإِنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ فِي وَقْتِ كَرَاهَتِهَا فَفِيهِ الْوَجْهَانِ فِيمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ لَا لِغَرَضِ صَلَاةٍ سِوَى التَّحِيَّةِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ تُكْرَهُ لَهُ الصَّلَاةُ. اهـ. فَأَفَادَ كَلَامُهُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ لِلتَّحْرِيمِ وَأَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِهَا، وَبِهِ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبَعًا لِلشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ مَنْهِيٌّ عَنْ زِيَادَةِ سَجْدَةٍ فِيهَا إلَّا السُّجُودَ لِسَبَبٍ، كَمَا أَنَّ الْأَوْقَاتَ الْمَكْرُوهَةَ مَنْهِيٌّ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا إلَّا لِسَبَبٍ، فَالْقِرَاءَةُ بِقَصْدِ السُّجُودِ كَتَعَاطِي السَّبَبِ بِاخْتِيَارِهِ فِي أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ لِيَفْعَلَ الصَّلَاةَ وَقَدْ جَرَى عَلَى كَلَامِ النَّوَوِيِّ جَمَاعَاتٌ مِنْهُمْ مُخْتَصَرٌ وَكَلَامُهُ وَغَيْرُهُمْ، وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ: وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ آيَةً أَوْ سُورَةً تَتَضَمَّنُ سَجْدَةً لِيَسْجُدَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الصَّلَاةِ وَلَا فِي الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيَّةِ لَمْ يُكْرَهْ وَإِنْ كَانَ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا فَالْحُكْمُ كَمَا لَوْ دَخَلَ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيَّةِ الْمَسْجِد لَا لِغَرَضٍ سِوَى التَّحِيَّةِ، وَقَدْ سَبَقَ انْتَهَى. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ جَوَازُهُ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي قِرَاءَةِ غَيْرِ {الم} [السجدة: 1] فِي صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ: إنَّ مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ مَمْنُوعٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSالسُّورَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فَيَسْجُدُ وَإِنْ عَلِمَ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ أَنَّ فِيمَا يَقْرَؤُهُ آيَةَ سَجْدَةٍ وَأَنَّهُ يُطْلَبُ مِنْهُ السُّجُودُ إذَا قَرَأَهَا (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) أَيْ بِالسُّجُودِ لَا بِمُجَرَّدِ الْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّ الشُّرُوعَ فِيهَا لَيْسَ شُرُوعًا فِي الْمُبْطِلِ، كَمَا لَوْ عَزَمَ أَنْ يَأْتِيَ بِثَلَاثَةِ أَفْعَالٍ مُتَوَالِيَةٍ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إلَّا بِالشُّرُوعِ فِيهَا (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ) أَيْ أَمَّا الْجَاهِلُ وَالنَّاسِي فَلَا، وَمِنْهُ لَوْ أَخْطَأَ فَظَنَّ غَيْرَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ يَوْمَهَا فَقَرَأَ فِيهِ {الم} [السجدة: 1] بِقَصْدِ السُّجُودِ. [فَائِدَةٌ] . يُتَصَوَّرُ أَنْ يَسْجُدَ فِي الصَّلَاةِ الْوَاحِدَةِ بِسَبَبِ سَهْوٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَجْدَةً، وَذَلِكَ فِيمَنْ اقْتَدَى فِي رُبَاعِيَّةٍ بِأَرْبَعَةٍ بِأَنْ اقْتَدَى بِالْأَوَّلِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ ثُمَّ بِالْبَاقِينَ فِي الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ صَلَاتِهِمْ ثُمَّ صَلَّى الرَّابِعَةَ وَحْدَهُ وَسَهَا كُلُّ إمَامٍ مِنْهُمْ فَيَسْجُدُ مَعَهُ لِلسَّهْوِ، ثُمَّ أَنَّهُ سَهَا فِي رَكْعَتِهِ الرَّابِعَةِ فَيَسْجُدُ لِسَهْوِ كُلٍّ مِنْهُمْ خَلْفَهُ، ثُمَّ ظَنَّ أَنَّهُ سَهَا فِي رَكْعَتِهِ فَسَجَدَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَسْهُ فَسَجَدَ ثَانِيًا فَهَذِهِ ثَنَتَا عَشْرَةَ سَجْدَةً انْتَهَى حَوَاشِي الرَّمْلِيِّ الْكَبِيرِ (قَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِ الصَّلَاةِ لَمْ يُكْرَهْ) أَيْ بَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ تُكْرَهُ لَهُ الصَّلَاةُ) أَيْ وَلَا تَنْعَقِدُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ جَرَى عَلَى كَلَامِ النَّوَوِيِّ) أَيْ السَّابِقِ فِي قَوْلِهِ فَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ آيَةً إلَخْ مِنْ كَرَاهَتِهَا فِيمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَقَدْ سَبَقَ) أَيْ وَهُوَ أَنَّهُ لَا تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ، وَبَقِيَ مَا لَوْ قَرَأَهَا فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ لِيَسْجُدَ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ هَلْ يُسَنُّ لَهُ السُّجُودُ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ سُجُودًا غَيْرَ جَائِزٍ، وَقَدْ يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ: لَا لِغَرَضٍ سِوَى التَّحِيَّةِ فَإِنَّهُ حَصَرَ الْمَنْعَ فِيمَا لَوْ دَخَلَ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ لِخُصُوصِ التَّحِيَّةِ. [فَرْعٌ] . نَذَرَ سُجُودَ التِّلَاوَةِ وَطَالَ الْفَصْلُ بَيْنَ الْقِرَاءَةِ وَالسُّجُودِ هَلْ يَفُوتُ وَيَأْثَمُ أَوْ يَجِبُ قَضَاؤُهُ ظَهَرَ عَلَى الْفَوْرِ وَوَافَقَ م ر عَلَيْهِ أَنَّهُ يَجِبُ قَضَاؤُهُ فَلْيُرَاجَعْ ذَلِكَ مِنْ بَابِ النَّذْرِ، وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ نَذَرَ صَلَاةَ الْكُسُوفِ هَلْ يَجِبُ قَضَاؤُهُ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: قَوْلُهُ: هَلْ يَجِبُ إلَخْ الْقِيَاسُ كَذَلِكَ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ هَذَا السَّبَبَ إذَا فَاتَ لَا يُقْضَى، وَالْقَلْبُ إلَى الْفَرْقِ أَمْيَلُ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ مَا شُرِعَ لِسَبَبٍ إذَا فَاتَ لَا يُقْضَى وَهَذَا مِنْهُ. [فَرْعٌ] . لَوْ نَذَرَ أَنْ لَا يَقْرَأَ إلَّا مُتَطَهِّرًا فَهَلْ يَنْعَقِدُ ذَلِكَ النَّذْرُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الِانْعِقَادِ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ صِيغَتِهِ نَذْرُ عَدَمِ الْقِرَاءَةِ إذَا كَانَ مُحْدِثًا وَلَيْسَ عَدَمُهَا قُرْبَةً حَتَّى يَنْعَقِدَ نَذْرُهُ، وَبِقَدْرِ انْعِقَادِهِ فَهُوَ لَمْ يَلْتَزِمْ الْقِرَاءَةَ إذَا كَانَ مُتَطَهِّرًا، فَبِقِرَاءَتِهِ مَعَ الْحَدَثِ لَمْ يُفَوِّتْ شَيْئًا الْتَزَمَ فِعْلَهُ حَتَّى يَسْتَقِرَّ فِي ذِمَّتِهِ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ السُّجُودُ إذَا قَرَأَ آيَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَإِنَّ السُّنَّةَ الثَّابِتَةَ فِي أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي الصُّبْحِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى {الم - تَنْزِيلُ} [السجدة: 1 - 2] فَظَهَرَ مِنْهُ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَعَلَ ذَلِكَ عَنْ قَصْدٍ، وَلِذَلِكَ اسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ السُّورَةَ الْمَذْكُورَةَ، وَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ السُّنِّيَّةِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّهُ قَرَأَ السَّجْدَةَ لِيَسْجُدَ فِيهَا مَرْدُودٌ بِمَا مَرَّ مِنْ التَّعْلِيلِ وَبِوُجُودِ سَبَبِهَا، إذْ الْقَصْدُ فِيهَا اتِّبَاعُ السُّنَّةِ فِي قِرَاءَتِهَا فِي الصَّلَاةِ الْمَخْصُوصَةِ وَالسُّجُودِ فِيهَا، وَخَرَجَ بِالسَّامِعِ غَيْرُهُ، وَإِنْ عَلِمَ بِرُؤْيَةِ السُّجُودِ، وَمَنْ زَعَمَ دُخُولَهُ فِي قَوْلِهِ {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ} [الانشقاق: 21] مَرْدُودٌ بِمَا مَرَّ وَبِأَنَّهُ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قُرِئَ عَلَيْهِ إلَّا إنْ سَمِعَهُ (فَإِنْ قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ) فِي مَحَلِّ قِرَاءَتِهِ وَهُوَ الْقِيَامُ أَوْ بَدَلُهُ وَلَوْ قَبْلَ الْفَاتِحَةِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّهَا فِي الْجُمْلَةِ (سَجَدَ الْإِمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ بِدَلِيلِ إفْرَادِهِ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ لِقِرَاءَتِهِ، وَاخْتَارَ التَّعْبِيرَ بِهَا؛ لِأَنَّهَا فِي التَّقْسِيمِ كَمَا هُنَا أَجْوَدُ مِنْ أَوْ: أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا فَحِينَئِذٍ يَتَنَازَعُهُ كُلُّ مَنْ قَرَأَ وَسَجَدَ، فَالْفَرَّاءُ يُعْمِلْهُمَا فِيهِ، وَالْكِسَائِيُّ يَقُولُ حَذْفُ فَاعِلِ الْأَوَّلِ، وَالْبَصْرِيُّونَ يُضْمِرُونَهُ وَالْفَاعِلُ الْمُضْمَرُ عِنْدَهُمْ مُفْرَدٌ لَا مُثَنَّى؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ضَمِيرَ تَثْنِيَةٍ لَبَرَزَ عَلَى رَأْيِهِمْ فَيَصِيرُ، وَإِنْ قَرَآ ثُمَّ الْإِفْرَادُ مَعَ عَوْدِهِ عَلَى الِاثْنَيْنِ بِتَأْوِيلِ كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا تَقَدَّمَ، فَالتَّرْكِيبُ صَحِيحٌ عَلَى مَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمَذْهَبَيْنِ قَبْلَهُ، وَلَيْسَتْ صِحَّتُهُ خَاصَّةً بِالْمَذْهَبَيْنِ قَبْلَهُ نَظَرًا إلَى عَدَمِ تَثْنِيَةِ الضَّمِيرِ لِلتَّأْوِيلِ الْمَذْكُورِ (لِقِرَاءَتِهِ فَقَطْ) أَيْ كُلٍّ لِقِرَاءَةِ نَفْسِهِ دُونَ غَيْرِهِ. وَاسْتَثْنَى الْإِمَامُ مَنْ قَرَأَ بَدَلًا عَنْ الْفَاتِحَةِ لِعَجْزِهِ عَنْهَا آيَةَ سَجْدَةٍ فَلَا يُسَنُّ لَهُ السُّجُودُ، وَمِثْلُهُ الْجُنُبُ الْفَاقِدُ لِطَهُورَيْنِ الْعَاجِزُ عَنْ الْفَاتِحَةِ إذَا قَرَأَ بَدَلَهَا آيَةَ سَجْدَةٍ لِئَلَّا يَقْطَعَ الْقِيَامَ الْمَفْرُوضَ، وَاعْتَمَدَهُ التَّاجُ السُّبْكِيُّ، وَوَجْهُهُ بِأَنَّ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ لَا يُتْرَكُ إلَّا لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ اهـ. وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَتَأَتَّى فِي الْقَطْعِ لِأَجْنَبِيٍّ. أَمَّا هُوَ لِمَا هُوَ مِنْ مَصَالِحِ مَا هُوَ فِيهِ فَلَا مَحْذُورَ فِيهِ، عَلَى أَنَّهُ كَذَلِكَ لَا يُسَمَّى قَطْعًا، وَقَدْ يُوَجَّهُ أَيْضًا بِأَنَّ الْبَدَلَ يُعْطَى حُكْمَ مُبْدَلِهِ، فَكَمَا أَنَّ الْأَصْلَ لَا سُجُودَ فِيهِ فَبَدَلُهُ كَذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ لِقِرَاءَتِهِ فَقَطْ مَا لَوْ سَجَدَ لِقِرَاءَةِ غَيْرِهِ عَامِدًا عَالِمًا فَإِنَّهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــSالسَّجْدَةِ مُحْدِثًا، وَكَذَا تُسَنُّ لِمَنْ سَمِعَهُ (قَوْلُهُ: فِي أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) الْأَوْلَى حَذْفُ فِي (قَوْلُهُ: مِنْ التَّعْلِيلِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ مَنْهِيٌّ عَنْ زِيَادَةِ سَجْدَةٍ فِيهَا إلَّا السُّجُودَ لِسَبَبٍ إلَخْ، وَالسَّبَبُ هُوَ وُرُودُ السُّنَّةِ بِهَا عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُمْنَعُ قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ السُّنِّيَّةِ بِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْعِلْمِ بِسَنِّهَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْعِلْمِ بِذَلِكَ قَصْدُ الْأَدَاءِ عَنْ السُّنَّةِ (قَوْلُهُ: مَرْدُودٌ بِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ وَارِدٌ فِي الْكُفَّارِ (قَوْلُهُ: أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا) حَلُّ مَعْنَى لَا إعْرَابٍ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ جَعْلِ الْوَاوِ بِمَعْنَى أَوْ لَا يَحْتَاجُ إلَى التَّأْوِيلِ بِكُلٍّ (قَوْلُهُ: فَلَا يُسَنُّ لَهُ السُّجُودُ) أَيْ لِمَا يَأْتِي مِنْ التَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ لِئَلَّا يَقْطَعَ إلَخْ. وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: بِخِلَافِ مَا لَوْ كَرَّرَهُ بَدَلًا عَنْ السُّورَةِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ. اهـ (قَوْلُهُ: الْعَاجِزُ عَنْ الْفَاتِحَةِ) قَيَّدَ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ غَيْرَهَا (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُوَجَّهُ) أَيْ عَدَمُ اسْتِحْبَابِ السُّجُودِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ سَجَدَ لِقِرَاءَةِ غَيْرِهِ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: بِمَا مَرَّ مِنْ التَّعْلِيلِ) أَيْ فِي كَلَامِ الْبُلْقِينِيِّ نَفْسِهِ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنَّ السُّنَّةَ الثَّابِتَةَ إلَخْ وَهَذَا أَقْرَبُ مِمَّا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: بِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهَا فِي حَقِّ الْكَافِرِ (قَوْلُهُ: الْمُضْمَرُ) أَيْ بَدَلٌ مِنْ الْفَاعِلِ وَخَبَرُهُ مُفْرَدٌ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ الْجُنُبُ إلَخْ) هَذَا فِيهِ مَانِعَانِ: الْأَوَّلُ يَشْتَرِك فِيهِ مَعَ مَا قَبْلَهُ وَهُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ الْآتِي لِئَلَّا يَقْطَعَ الْقِيَامَ الْمَفْرُوضَ. الثَّانِي عَدَمُ جَوَازِ غَيْرِ الْأَرْكَانِ لَهُ فَلَا يَأْتِي بِشَيْءٍ مِنْ السُّنَنِ كَمَا مَرَّ إذْ صَلَاتُهُ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ كَمَا مَرَّ فَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَ هَذَا عَلَى مَا قَبْلَهُ، ثُمَّ يَقُولُ، وَمِثْلُهُ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ جُنُبًا فَاقِدًا لِمَا ذُكِرَ وَإِلَّا فَمَا قَبْلَهُ مُغْنٍ عَنْهُ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَقْطَعَ الْقِيَامَ الْمَفْرُوضَ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ قِيَامٌ لِمَفْرُوضٍ وَهُوَ بَدَلُ الْفَاتِحَةِ، وَخَرَجَ بِهِ الْقِيَامُ لِلسُّورَةِ، وَالْمُرَادُ قَطْعُ الْقِيَامِ الْمَفْرُوضِ لِمَفْرُوضٍ كَالسُّجُودِ

(وَ) سَجَدَ (الْمَأْمُومُ لِسَجْدَةِ إمَامِهِ) فَتَبْطُلُ بِسُجُودِهِ لِقِرَاءَةِ غَيْرِ إمَامِهِ مُطْلَقًا مِنْ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ، وَشَمِلَ مَا لَوْ تَبَيَّنَ لَهُ حَدَثُ إمَامِهِ عَقِبَ قِرَاءَتِهِ لَهَا (فَإِنْ) (سَجَدَ إمَامُهُ فَتَخَلَّفَ) عَنْهُ (أَوْ انْعَكَسَ) الْحَالُ بِأَنْ سَجَدَ هُوَ دُونَ إمَامِهِ (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) لِوُجُودِ الْمُخَالَفَةِ الْفَاحِشَةِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ انْتَظَرَهُ أَوْ قَبْلَهُ هَوَى، فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ سُجُودِهِ رَفَعَ مَعَهُ وَلَا يَسْجُدُ إلَّا إنْ نَوَى مُفَارَقَتَهُ، وَهِيَ مُفَارَقَةٌ بِعُذْرٍ. وَلَا يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ قِرَاءَةُ آيَةِ سَجْدَةٍ عَلَى مَا مَرَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَشَمِلَ مَا لَوْ تَبَيَّنَ لَهُ حَدَثُ إمَامِهِ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَسْجُدُ بَلْ، وَتَجِبُ عَلَيْهِ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ فَوْرًا. وَقَدْ سُئِلَ الْعَلَّامَةُ حَجّ عَنْ قَوْلِ الشَّخْصِ {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة: 285] عِنْدَ تَرْكِ السُّجُودِ لِآيَةِ السَّجْدَةِ لِحَدَثٍ أَوْ عَجْزٍ عَنْ السُّجُودِ كَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ عِنْدَنَا هَلْ يَقُومُ الْإِتْيَانُ بِهَا مَقَامَ السُّجُودِ كَمَا قَالُوا بِذَلِكَ فِي دَاخِلِ الْمَسْجِدِ بِغَيْرِ وُضُوءٍ أَنَّهُ يَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ إلَخْ فَإِنَّهَا تَعْدِلُ رَكْعَتَيْنِ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ زَكَرِيَّا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْإِحْيَاءِ؟ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: إنَّ ذَلِكَ لَا أَصْلَ لَهُ، فَلَا يَقُومُ مَقَامَ السَّجْدَةِ: بَلْ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ إنْ قَصَدَ الْقِرَاءَةَ وَلَا يَتَمَسَّكُ بِهَا فِي الْإِحْيَاءِ. أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ شَيْءٌ، وَإِنَّمَا قَالَ الْغَزَالِيُّ: إنَّهُ يُقَالُ إنَّ ذَلِكَ يَعْدِلُ رَكْعَتَيْنِ فِي الْفَضْلِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: إنَّ ذَلِكَ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ، وَمِثْلُ هَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ بِفَرْضِ صِحَّتِهِ فَكَيْفَ مَعَ عَدَمِ صِحَّتِهِ. وَأَمَّا ثَانِيًا فَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ صَحَّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ لِلْقِيَاسِ فِيهِ مَسَاغٌ؛ لِأَنَّ قِيَامَ لَفْظٍ مَفْضُولٍ مَقَامَ فِعْلٍ فَاضِلٍ مَحْضُ فَضْلٍ، فَإِذَا صَحَّ فِي صُورَةٍ لَمْ يَجُزْ قِيَاسُ غَيْرِهَا عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ. وَأَمَّا ثَالِثًا فَلِأَنَّ الْأَلْفَاظَ الَّتِي ذَكَرُوهَا فِي التَّحِيَّةِ فِيهَا فَضَائِلُ وَخُصُوصِيَّاتٌ لَا تُوجَدُ فِي غَيْرِهَا. اهـ. وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدَ لِلَّهِ إلَخْ لَا يَقُومُ مَقَامَ السُّجُودِ وَإِنْ قِيلَ بِهِ فِي التَّحِيَّةِ لَمَا ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ الْمَأْمُومُ، وَقَوْلُهُ حَتَّى رَفَعَ رَأْسَهُ: أَيْ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مُفَارَقَةٌ بِعُذْرٍ) الْمُتَبَادَرُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا قَرَأَ الْإِمَامُ آيَةَ السَّجْدَةِ وَسَجَدَ ثُمَّ قَامَ قَبْلَ سُجُودِ الْمَأْمُومِ مَعَهُ لِعُذْرٍ أَنَّهُ إذَا فَارَقَهُ بِالنِّيَّةِ سَجَدَ لِقِرَاءَةِ إمَامِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ بِنِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ صَارَ مُنْفَرِدًا، وَهُوَ لَا يَسْجُدُ لِغَيْرِ قِرَاءَةِ نَفْسِهِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمَأْمُومَ قَرَأَ آيَةً ثُمَّ فَارَقَ، أَوْ يُقَالُ: إنَّ قِرَاءَةَ إمَامِهِ نُزِّلَتْ مَنْزِلَةَ قِرَاءَتِهِ هُوَ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ صَرَّحَ بِالْجَوَابِ الثَّانِي حَيْثُ قَالَ: فَإِنْ قُلْت الْمَأْمُومُ بَعْدَ فِرَاقِهِ غَايَتُهُ أَنَّهُ مُنْفَرِدٌ وَالْمُنْفَرِدُ لَا يَسْجُدُ لِقِرَاءَةِ غَيْرِهِ. قُلْت: فَرَّقَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ تَتَعَلَّقُ بِالْمَأْمُومِ وَلِذَا يُطْلَبُ مِنْهُ الْإِصْغَاءُ لَهَا فَتَأَمَّلْهُ. [تَنْبِيهٌ] : إنْ قِيلَ: لِمَ اخْتَصَّتْ هَذِهِ الْأَرْبَعَ عَشْرَةَ بِالسُّجُودِ عِنْدَهَا مَعَ ذِكْرِ السُّجُودِ، وَالْأَمْرُ بِهِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي آيَاتٍ أُخَرَ كَآخِرِ الْحِجْرِ وَهَلْ أَتَى؟ قُلْنَا: لِأَنَّ تِلْكَ فِيهَا مَدْحُ السَّاجِدِينَ صَرِيحًا وَذَمُّ غَيْرِهِمْ تَلْوِيحًا أَوْ عَكْسُهُ فَيُشْرَعُ لَنَا السُّجُودُ حِينَئِذٍ لِغُنْمِ الْمَدْحِ تَارَةً وَالسَّلَامَةِ مِنْ الذَّمِّ أُخْرَى، وَأَمَّا مَا عَدَاهَا فَلَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ بَلْ نَحْوُ أَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُجَرَّدًا عَنْ غَيْرِهِ، وَهَذَا لَا دَخْلَ لَنَا فِيهِ فَلَمْ يُطْلَبْ مِنَّا سُجُودٌ عَنْهُ فَتَأَمَّلْهُ سَبْرًا وَفَهْمًا يَتَّضِحُ لَك ذَلِكَ. وَأَمَّا {يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ} [آل عمران: 113] فَهُوَ لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ ذِكْرِ فَضْلِ مَنْ آمَنَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: مِنْ السُّجُودِ) أَيْ مِنْ عَدَمِ قَصْدٍ وَذَلِكَ فِي غَيْرِ {الم - تَنْزِيلُ} [السجدة: 1 - 2] فِي صُبْحِ الْجُمُعَةِ دُونَ غَيْرِهَا، وَهَذِهِ سَاقِطَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِمُتَابَعَةِ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ) أَيْ قَوْلُهُ: لِقِرَاءَةِ غَيْرِ إمَامِهِ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ تَبَيَّنَ لَهُ حَدَثُ إمَامِهِ عَقِبَ قِرَاءَتِهِ لَهَا) أَيْ فَلَا يَسْجُدُ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِمَامٍ لَهُ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ عَقِبَ قِرَاءَةِ آيَةِ السَّجْدَةِ وَقَبْلَ السُّجُودِ أَوْ فَارَقَهُ الْمَأْمُومُ حِينَئِذٍ كَمَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُ: لِوُجُودِ الْمُخَالَفَةِ الْفَاحِشَةِ؛ لِأَنَّا إنَّمَا مَنَعْنَا الْقِرَاءَةَ بِالسُّجُودِ لِلْمُخَالَفَةِ الْفَاحِشَةِ وَقَدْ زَالَتْ، لَكِنْ قَالَ الشِّهَابُ سم: إنَّهُ مَحَلُّ نَظَرٍ اهـ. وَيُدْفَعُ النَّظَرُ بِمَا يَأْتِي فِي الْقَوْلَةِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ نَوَى مُفَارَقَتَهُ) أَيْ فَإِنْ فَارَقَهُ سَجَدَ جَوَازًا بَلْ نَدْبًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشِّهَابُ سم فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ. وَوَجْهُهُ أَنَّهُ وُجِدَ سَبَبُ السُّجُودِ

وَلَوْ فِي سِرِّيَّةٍ. نَعَمْ يُسْتَحَبُّ لَهُ تَأْخِيرُهَا فِي الصَّلَاةِ السِّرِّيَّةِ إلَى الْفَرَاغِ مِنْهَا لِئَلَّا يُشَوِّشَ عَلَى الْمَأْمُومِينَ، وَمَحَلُّهُ إنْ قَصَرَ الْفَصْلُ. وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ الْجَهْرِيَّةَ كَذَلِكَ إذَا بَعُدَ بَعْضُ الْمَأْمُومِينَ عَنْ إمَامِهِ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ قِرَاءَتَهُ وَلَا يُشَاهِدُ أَفْعَالَهُ أَوْ أَخْفَى جَهْرَهُ أَوْ وُجِدَ حَائِلٌ أَوْ صَمَمٌ أَوْ نَحْوُهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى، وَلَوْ تَرَكَهُ الْإِمَامُ سُنَّ لِلْمَأْمُومِ بَعْدَ السَّلَامِ إنْ قَصَرَ الْفَصْلُ لِمَا يَأْتِي مِنْ فَوَاتِهَا بِطُولِهِ، وَلَوْ مَعَ الْعُذْرِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُقْضَى عَلَى الْأَصَحِّ. وَمَا صَحَّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَنَّهُ سَجَدَ فِي الظُّهْرِ لِلتِّلَاوَةِ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُسْمِعُهُمْ الْآيَةَ أَحْيَانًا فَلَعَلَّهُ أَسْمَعَهُمْ آيَتَهَا مَعَ قِلَّتِهِمْ فَأَمِنَ عَلَيْهِمْ التَّشْوِيشَ أَوْ قَصَدَ بَيَانَ جَوَازِ ذَلِكَ، وَيُكْرَهُ لِلْمُنْفَرِدِ وَالْإِمَامِ إصْغَاءٌ لِقِرَاءَةِ غَيْرِهِمَا. (وَمَنْ سَجَدَ) أَيْ أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ (خَارِجَ الصَّلَاةِ نَوَى) سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ وُجُوبًا لِخَبَرِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» وَيُسْتَحَبُّ لَهُ التَّلَفُّظُ بِهَا (وَكَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ) كَالصَّلَاةِ (رَافِعًا يَدَيْهِ) كَرَفْعِهِ فِي تَحَرُّمِهِ بِالصَّلَاةِ، وَلَا يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَقُومَ لِيُكَبِّرَ مِنْ قِيَامٍ لِعَدَمِ ثُبُوتِ شَيْءٍ فِيهِ (ثُمَّ) كَبَّرَ نَدْبًا (لِلْهَوِيِّ) لِلسُّجُودِ (بِلَا رَفْعٍ) لِيَدَيْهِ، فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى تَكْبِيرَةٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ مَا لَمْ يَنْوِ التَّحَرُّمَ وَحْدَهُ نَظِيرُ مَا يَأْتِي (وَسَجَدَ) سَجْدَةً (كَسَجْدَةِ الصَّلَاةِ) فِي أَرْكَانِهَا وَشُرُوطِهَا وَسُنَنِهَا (وَرَفَعَ) رَأْسَهُ (مُكَبِّرًا) وَجَلَسَ (وَسَلَّمَ) مِنْ غَيْرِ تَشَهُّدٍ كَتَسْلِيمِ الصَّلَاةِ لِعَدَمِ اسْتِحْبَابِهِ (وَتَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ شَرْطٌ) فِيهَا (عَلَى الصَّحِيحِ) أَيْ لَا بُدَّ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا كَالنِّيَّةِ رُكْنٌ، وَكَثِيرًا مَا يُعَبِّرُ الْمُصَنِّفُ بِالشَّرْطِ وَيُرِيدُ بِهِ مَا قُلْنَاهُ. وَالثَّانِي أَنَّهَا سُنَّةٌ وَصَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ (وَكَذَا السَّلَامُ) لَا بُدَّ مِنْهُ فِيهَا (فِي الْأَظْهَرِ) قِيَاسًا عَلَى التَّحَرُّمِ. وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ إذَا سَجَدَ فِي الصَّلَاةِ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ لَا يُسَلِّمُ مِنْ قِيَامٍ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، إذْ لَيْسَ لَنَا سَلَامُ تَحَلُّلٍ مِنْ قِيَامٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ بَعْضِ النُّسَخِ. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ إذَا قَصَرَ الْفَصْلُ) أَيْ أَمَّا إذَا طَالَ فَلَا يُطْلَبُ تَأْخِيرُهَا بَلْ يَسْجُدُ، وَإِنْ أَدَّى إلَى التَّشْوِيشِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ) هُوَ قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُشَوِّشَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ) أَيْ فَلَوْ نَوَى السُّجُودَ وَأَطْلَقَ لَمْ يَصِحَّ (قَوْلُهُ: وَلَا يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَقُومَ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا قَامَ كَانَ مُبَاحًا عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ قَوْلُهُ: لَا يُسَنُّ دُونَ يُسَنُّ أَنْ لَا يَفْعَلَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى تَكْبِيرَةٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) أَيْ سَجْدَتُهُ وَعَبَّرَ عَنْهَا بِالصَّلَاةِ تَجَوُّزًا عَلَى مَا مَرَّ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الصَّلَاةِ، وَمَعْنَى بَطَلَتْ لَمْ تَنْعَقِدْ لَا أَنَّهَا انْعَقَدَتْ ثُمَّ بَطَلَتْ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَشَهُّدٍ) أَيْ لَا تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَى التَّشَهُّدِ وَهَذَا لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ سَنِّهِ، وَلِهَذَا قَالَ بَعْدُ: وَلَا يُسَنُّ تَشَهُّدٌ (قَوْلُهُ: مَا قُلْنَاهُ) أَيْ مِنْ أَنَّهَا لَا بُدَّ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا السَّلَامُ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ بَعْدَ جُلُوسِهِ: وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: هَلْ يَجِبُ هَذَا الْجُلُوسُ لِأَجْلِ السَّلَامِ أَوْ لَا حَتَّى لَوْ سَلَّمَ بَعْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ يَسِيرًا كَفَى؟ مَالَ م ر إلَى الْوُجُوبِ وطب إلَى خِلَافِهِ انْتَهَى. أَقُولُ الْمُتَبَادَرُ مَا قَالَهُ م ر (قَوْلُهُ: وَلَا يُسَنُّ تَشَهُّدٌ) أَيْ فَلَوْ أَتَى بِهِ لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ طَوَّلَ الْجُلُوسَ بَعْدَ الرَّفْعِ مِنْ السُّجُودِ وَمَا أَتَى بِهِ مِنْ التَّشَهُّدِ مُجَرَّدُ ذِكْرٍ وَهُوَ لَا يَضُرُّ بَلْ قَضِيَّةُ كَلَامِهِ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) أَيْ فَلَوْ خَالَفَهُ وَقَامَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ: مِنْ قِيَامٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي حَقِّهِ حَالَ الْقُدْوَةِ فَلْيَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ مُسَبَّبُهُ وَلَا يَضُرُّ فِي ذَلِكَ فِعْلُهُ بَعْدَ الِانْفِرَادِ قَالَ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ: وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ يَسْجُدُ الْمَأْمُومُ لِسُجُودِ إمَامِهِ لَا لِقِرَاءَتِهِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ مَعَ اسْتِمْرَارِ الْقُدْوَةِ وَلِأَنَّ الْمُنْفَرِدَ لَا يَسْجُدُ لِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَا عُلْقَةَ بَيْنَهُمَا وَالِانْفِرَادُ هُنَا عَارِضٌ. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ إنْ قَصُرَ الْفَصْلُ) ظَاهِرُ هَذَا التَّعْبِيرِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْصُرْ الْفَصْلُ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ التَّأْخِيرُ: أَيْ بَلْ يَسْجُدُ وَإِنْ شَوَّشَ عَلَى الْمَأْمُومِينَ، وَصَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ جَازِمًا بِهِ مِنْ غَيْرِ عَزْوٍ، لَكِنَّ عِبَارَةَ الْعُبَابِ: وَيُنْدَبُ لِلْإِمَامِ تَأْخِيرُ سُجُودِهِ فِي السِّرِّيَّةِ عَنْ السَّلَامِ وَفِعْلُهَا بَعْدَهُ إنْ قَرُبَ الْفَصْلُ انْتَهَتْ.

إلَّا فِي حَقِّ الْعَاجِزِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ. نَعَمْ يَظْهَرُ جَوَازُ سَلَامِهِ مِنْ اضْطِجَاعٍ قِيَاسًا عَلَى النَّافِلَةِ (وَتُشْتَرَطُ شُرُوطُ الصَّلَاةِ) كَاسْتِقْبَالٍ وَسَتْرٍ وَطَهَارَةٍ وَدُخُولِ وَقْتٍ وَيَحْصُلُ بِقِرَاءَةٍ أَوْ سَمَاعِ جَمِيعِ آيَتِهَا كَمَا مَرَّ فَلَوْ سَجَدَ قَبْلَ انْتِهَائِهِ بِحَرْفٍ وَاحِدٍ لَمْ يَصِحَّ، وَالْكَفُّ عَنْ مُفْسِدَاتِهَا كَأَكْلٍ وَكَلَامٍ وَفِعْلٍ مُبْطِلٍ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَطُولَ فَصْلٌ عُرْفًا بَيْنَ آخِرِ الْآيَةِ وَالسُّجُود " كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي. (وَمَنْ سَجَدَ) أَيْ أَرَادَ السُّجُودَ (فِيهَا) أَيْ الصَّلَاةِ (كَبَّرَ لِلْهَوِيِّ) إلَيْهَا (وَلِلرَّفْعِ) مِنْهَا نَدْبًا وَنَوَى سُجُودَ التِّلَاوَةِ حَتْمًا مِنْ غَيْرِ تَلَفُّظٍ وَلَا تَكْبِيرٍ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ لَمْ تَشْمَلْهَا، وَقَوْلُهُ وَلِلرَّفْعِ مَزِيدٌ عَلَى الْمُحَرَّرِ، وَصَرَّحَ بِهِ فِيهِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَنْتَصِبَ قَائِمًا مِنْهَا ثُمَّ يَرْكَعَ؛ لِأَنَّ الْهَوِيَّ مِنْ الْقِيَامِ وَاجِبٌ، وَيُسَنُّ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ قَبْلَ رُكُوعِهِ فِي قِيَامِهِ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ. وَلَوْ قَرَأَ آيَتَهَا فَرَكَعَ بِأَنْ بَلَغَ أَقَلَّ الرُّكُوعِ ثُمَّ بَدَا لَهُ السُّجُودُ لَمْ يَجُزْ لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ، أَوْ فَسَجَدَ ثُمَّ بَدَا لَهُ الْعَوْدُ قَبْلَ كَمَالِهِ جَازَ؛ لِأَنَّهَا نَفْلٌ فَلَمْ تَلْزَمْ بِالشُّرُوعِ (وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ) فِيهِمَا (قُلْت: وَلَا يَجْلِسُ) نَدْبًا بَعْدَهَا (لِلِاسْتِرَاحَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ؛ لِعَدَمِ وُرُودِهِ. (وَيَقُولُ) فِيهَا مُصَلِّيًا أَوَّلًا (سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ) فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ، وَهَذَا أَفْضَلُ مَا وَرَدَ فِيهَا وَالدُّعَاءُ فِيهَا بِمُنَاسِبِ الْآيَةِ حَسَنٌ (وَلَوْ كَرَّرَ آيَةً) فِيهَا سَجْدَةُ تِلَاوَةٍ خَارِجَ الصَّلَاةِ: أَيْ أَتَى بِهَا مَرَّتَيْنِ (فِي مَجْلِسَيْنِ سَجَدَ لِكُلٍّ) مِنْهُمَا عَقِبَهَا لِتَجَدُّدِ سَبَبِهِ بَعْدَ تَوْفِيَةِ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ (وَكَذَا الْمَجْلِسُ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي تَكْفِيهِ السَّجْدَةُ الْأُولَى عَنْ الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ كَمَا لَوْ كَرَّرَهَا قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ الْأُولَى، فَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ لِلْمَرَّةِ الْأُولَى كَفَاهُ عَنْهُمَا سَجْدَةٌ جَزْمًا، وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ إنْ قَصَرَ الْفَصْلُ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالسُّجُودِ وَاقْتَضَى تَعْبِيرُهُمْ بِكَفَاهُ جَوَازَ تَعَدُّدِهَا، وَقَوْلُ الْجَوْجَرِيِّ تَبَعًا لِأَبِي زُرْعَةَ لَا يَسْجُدُ إلَّا وَاحِدَةً يُرَدُّ بِقَوْلِهِمْ لَوْ طَافَ أَسَابِيعَ وَلَمْ يُصَلِّ عَقِبَ كُلِّ سُنَّةٍ سُنَّ فَضْلًا عَنْ الْجَوَازِ أَنْ يُوَالِيَ رَكَعَاتِهَا كَمَا وَالَاهَا فَيُقَالُ بِمِثْلِهِ هُنَا، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَدْ يَرُدُّ عَلَى مَا ذَكَرَ الْمُتَنَفِّلُ فِي السَّفَرِ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ مِنْ قِيَامٍ، إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُسَافِرُ رُخِّصَ لَهُ فِي جَوَازِ السَّلَامِ مِنْ الْقِيَامِ؛ لِأَنَّ الْجُلُوسَ يُفَوِّتُ عَلَيْهِ مَقْصُودَهُ مِنْ السَّفَرِ وَلَيْسَ لِلرَّاكِبِ أَنْ يَقُومَ لِيُسَلِّمَ (قَوْلُهُ: مِنْ اضْطِجَاعٍ) لَا يُنَافِي هَذَا مَا مَرَّ عَنْهُ مِنْ وُجُوبِ الْجُلُوسِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَوْرَدَهُ عَنْهُ فِي مُقَابَلَةِ الِاكْتِفَاءِ بِمُجَرَّدِ الرَّفْعِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: يَجِبُ الْجُلُوسُ أَوْ بَدَلُهُ مِمَّا يَجُوزُ فِي النَّافِلَةِ (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَطُولَ فَصْلٌ عُرْفًا) وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَأَفْتَى الْوَالِدُ فِيمَنْ سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ نَاسِيًا وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ نَفْلًا ثُمَّ تَذَكَّرَ بِوُجُوبِ اسْتِئْنَافِهَا إلَخْ، مِنْ أَنَّهُ يَحْصُلُ الطُّولُ بِقَدْرِ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: كَبَّرَ لِلْهَوِيِّ إلَيْهَا) أَيْ وَيَنْبَغِي لِلْقَارِئِ أَنْ يَقِفَ بَعْدَ آيَتِهَا وَقْفَةً لَطِيفَةً لِلْفَصْلِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ هَوِيِّ السُّجُودِ كَمَا قِيلَ بِهِ قَبْلَ هَوِيِّ الرُّكُوعِ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ قَبْلَ رُكُوعِهِ إلَخْ) أَيْ لِلْفَصْلِ بَيْنَ السَّجْدَةِ وَالرُّكُوعِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ بَلَغَ أَقَلَّ الرُّكُوعِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ أَقَلَّ الرُّكُوعِ جَازَ السُّجُودُ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ السَّجْدَةَ لَا تَفُوتُ بِقَصْدِ الْإِعْرَاضِ، وَظَاهِرُهُ جَوَازُ ذَلِكَ، وَإِنْ صَارَ إلَى الرُّكُوعِ أَقْرَبَ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّهُ خَرَجَ بِذَلِكَ عَنْ مُسَمَّى الْقِيَامِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ) أَيْ وَهُوَ هَوِيُّهُ مِنْ قِيَامٍ. (قَوْلُهُ: بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: الْحَوْلُ الْحِيلَةُ، وَهُوَ أَيْضًا الْقُوَّةُ. انْتَهَى. وَعَلَيْهِ فَعَطْفُ الْقُوَّةِ عَلَى الْحَوْلِ هُنَا عَطْفُ تَفْسِيرٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَصَوَّرَهُ بِقُوَّتِهِ (قَوْلُهُ: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 14] لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرُ الْفَاءِ فِي سُجُودِ الصَّلَاةِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ حَذْفَ الْفَاءِ، وَقَوْلُهُ الْخَالِقِينَ زَادَ حَجّ: رَوَاهُ جَمْعٌ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ إلَّا وَصَوَّرَهُ فَرَوَاهَا الْبَيْهَقِيُّ اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْ أَتَى بِهَا مَرَّتَيْنِ) أَيْ أَوْ أَكْثَرَ، وَحِكْمَةُ تَفْسِيرِهِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّ حَقِيقَةَ التَّكْرَارِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ إعَادَةُ الشَّيْءِ مِرَارًا، وَأَقَلُّ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ ذَلِكَ إعَادَةُ الشَّيْءِ بَعْدَ الْمَرَّةِ الْأُولَى مَرَّتَيْنِ بِنَاءً عَلَى أَقَلِّ الْجَمْعِ اثْنَانِ (قَوْلُهُ: إنْ قَصَرَ الْفَصْلُ) لَمْ يُبَيِّنْ مَا يَحْصُلُ بِهِ الطُّولُ هُنَا وَيُحْتَمَلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي حَقِّ الْعَاجِزِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ) أَيْ وَالْمَاشِي فِي نَافِلَةِ السَّفَرِ

[سجدة الشكر]

إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِالْمُسَامَحَةِ فِي سُنَّةِ الطَّوَافِ كَمَا اُغْتُفِرَ فِيهَا التَّأْخِيرُ الْكَثِيرُ بِخِلَافِ مَا هُنَا (وَرَكْعَةٌ كَمَجْلِسٍ) وَإِنْ طَالَتْ (وَرَكْعَتَانِ كَمَجْلِسَيْنِ) وَإِنْ قَصَرَتَا نَظَرًا لِلِاسْمِ فَيَسْجُدُ فِيهِمَا، وَلَوْ قَرَأَ آيَةً خَارِجَ الصَّلَاةِ وَسَجَدَ لَهَا ثُمَّ أَعَادَهَا فِي الصَّلَاةِ أَوْ عَكَسَ سَجَدَ ثَانِيًا (فَإِنْ) قَرَأَ الْآيَةَ أَوْ سَمِعَهَا وَ (لَمْ يَسْجُدْ وَطَالَ الْفَصْلُ) عُرْفًا بَيْنَ آخِرِهَا وَالسُّجُودِ (لَمْ يَسْجُدْ) وَإِنْ كَانَ مَعْذُورًا بِالتَّأْخِيرِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ تَوَابِعِ الْقِرَاءَةِ، وَلَا مَدْخَلَ لِلْقَضَاءِ فِيهَا كَمَا مَرَّ لِتَعَلُّقِهَا بِسَبَبٍ عَارِضٍ كَالْكُسُوفِ فَإِنْ لَمْ يَطُلْ أَتَى بِهَا، وَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا وَتَطَهَّرَ عَنْ قُرْبٍ. ثُمَّ شَرَعَ فِي السَّجْدَةِ الثَّالِثَةِ فَقَالَ (وَسَجْدَةُ الشُّكْرِ لَا تَدْخُلُ الصَّلَاةَ) ؛ لِأَنَّ سَبَبَهَا غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِهَا فَلَوْ سَجَدَهَا فِيهَا عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ (وَ) إنَّمَا (تُسَنُّ لِهُجُومِ نِعْمَةٍ) لَهُ أَوْ لِنَحْوِ وَلَدِهِ أَوْ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ ظَاهِرَةٌ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ كَوَلَدٍ أَوْ جَاهٍ أَوْ مَالٍ أَوْ نَصْرٍ عَلَى عَدُوٍّ أَوْ قُدُومِ غَائِبٍ أَوْ شِفَاءِ مَرِيضٍ بِشَرْطِ كَوْنِ ذَلِكَ حَلَالًا فِيمَا يَظْهَرُ، وَمِنْ حُدُوثِ الْمَالِ حُصُولُ وَظِيفَةٍ دِينِيَّةٍ: أَيْ وَهُوَ أَهْلٌ لَهَا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ، وَهَلْ الْهُجُومُ مُغْنٍ عَنْ الْقَيْدَيْنِ بَعْدَهُ أَوْ لَا؟ الْأَوْجَهُ الثَّانِي، وَلَا يُنَافِيهِ تَمْثِيلُهُمْ بِالْوَلَدِ كَمَا سَيَأْتِي إيضَاحُهُ (أَوْ انْدِفَاعِ نِقْمَةٍ) عَنْهُ أَوْ عَمَّنْ ذُكِرَ ظَاهِرَةٌ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ كَنَجَاةِ مَنْ غَرِقَ أَوْ حَرِيقٍ لِمَا صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا جَاءَهُ أَمْرٌ يُسَرُّ بِهِ خَرَّ سَاجِدًا» وَرَوَاهُ فِي دَفْعِ النِّقْمَةِ ابْنُ حِبَّانَ، وَلِمَا رُوِيَ أَنَّهُ قَالَ «سَأَلْت رَبِّي وَشَفَعْت لِأُمَّتِي فَأَعْطَانِي ثُلُثَ أُمَّتِي فَسَجَدْت شُكْرًا لِرَبِّي وَهَكَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» وَلَمَّا جَاءَهُ كِتَابُ عَلِيٍّ مِنْ الْيَمَنِ بِإِسْلَامِ هَمْدَانَ سَجَدَ لِلَّهِ تَعَالَى، وَلَمَّا أَخْبَرَهُ جِبْرِيلُ أَنَّ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا سَجَدَ أَيْضًا، وَخَرَجَ بِالظَّاهِرَتَيْنِ الْمَذْكُورُ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ جَمْعٌ، وَإِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ الظَّاهِرُ خِلَافُهُ، وَاغْتَرَّ بِهِ الْجَوْجَرِيُّ الْمَعْرِفَةُ وَسَتْرُ الْمُسَاوِي عَلَى مَا قَالَهُ الشَّيْخُ، وَنَظَرَ فِيهِ بِأَنَّ السُّجُودَ لِحُدُوثِ الْمَعْرِفَةِ وَانْدِفَاعِ الْمُسَاوِي ـــــــــــــــــــــــــــــSضَبْطُهُ بِقَدْرِ رَكْعَتَيْنِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ) أَيْ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْفَرْقِ فَيُقَالُ بِالسُّنِّيَّةِ هُنَا (قَوْلُهُ: سَجَدَ ثَانِيًا) أَيْ لِتَجَدُّدِ السَّبَبِ، وَمِنْ ذَلِكَ قِرَاءَتُهُ عَلَى الشَّيْخِ آيَتَهَا بِوُجُوهِ الْقِرَاءَاتِ، فَيُسْتَحَبُّ لِكُلٍّ مِنْ الْقَارِئِ وَالشَّيْخِ السُّجُودُ بِعَدَدِ الْمَرَّاتِ الَّتِي يُكَرِّرُ فِيهَا الْقَارِئُ الْآيَةَ بِكَمَالِهَا، ثُمَّ رَأَيْت حَجّ صَرَّحَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَطَالَ الْفَصْلُ) أَيْ يَقِينًا (قَوْلُهُ: وَتَطَهَّرَ عَنْ قُرْبٍ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ التَّطَهُّرِ أَوْ مِنْ فِعْلِهَا لِشُغْلٍ قَالَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، قِيَاسًا عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ سَنِّ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ لِحَدَثٍ أَوْ شُغْلٍ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي سَجْدَةِ الشُّكْرِ أَيْضًا وَقَدْ سُئِلَ الْعَلَّامَةُ حَجّ عَنْ قَوْلِ الشَّخْصِ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا عِنْدَ قَوْلِهِ: وَشَمِلَ مَا لَوْ تَبَيَّنَ لَهُ حَدَثُ إمَامِهِ إلَخْ. [سَجْدَةُ الشُّكْرِ] (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَتَوَقَّعُهَا وَحَصَلَتْ لَهُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَتَوَقَّعُهَا فِيهِ لَمْ يَسْجُدْ، وَفِي الزِّيَادِيِّ خِلَافُهُ وَعِبَارَتُهُ: سَوَاءٌ أَكَانَ يَتَوَقَّعُهَا قَبْلَ ذَلِكَ أَمْ لَا، وَيُصَرِّحُ بِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ قَوْلُهُ: الْآتِي، وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ أَيْ مِنْ حَيْثُ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَوَلَدٍ أَوْ جَاهٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مَيِّتًا؛ لِأَنَّهُ يَشْفَعُ لَهُ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُدُوثَ الْأَخِ وَنَحْوِهِ كَحُدُوثِ الْوَلَدِ اهـ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: بِشَرْطٍ) قَيْدٌ فِي الْمَالِ، وَقَوْلُهُ كَوْنُ ذَلِكَ: أَيْ الْمَالِ (قَوْلُهُ: مُغْنٍ عَنْ الْقَيْدَيْنِ) هُمَا ظَاهِرَةٌ وَمِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ (قَوْلُهُ: وَشَفَعْت لِأُمَّتِي) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: ثُلُثَ أُمَّتِي) أَيْ الشَّفَاعَةَ فِيهِمْ (قَوْلُهُ: وَهَكَذَا) أَيْ سَأَلْت ثَانِيًا فَأَعْطَانِي ثُلُثًا آخَرَ وَثَالِثًا فَأَعْطَانِي الثُّلُثَ الْآخَرَ (قَوْلُهُ: بِإِسْلَامِ هَمْدَانَ) اسْمٌ لِقَبِيلَةٍ وَهُوَ بِفَتْحِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ كَوْنِ ذَلِكَ) أَيْ جَمِيعِ مَا ذُكِرَ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ قَصْرِهِ عَلَى الْمِثَالِ، وَصُورَتُهُ فِي الْوَلَدِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ شُبْهَةٌ، وَفِي الْجَاهِ أَنْ يَكُونَ بِسَبَبِ مَنْصِبِ ظُلْمٍ، وَفِي النَّصْرِ عَلَى الْعَدُوِّ أَنْ يَكُونَ الْعَدُوُّ مُحِقًّا، وَفِي قُدُومِ الْغَائِبِ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يَتَرَتَّبُ عَلَى قُدُومِهِ مَفْسَدَةٌ، وَفِي شِفَاءِ الْمَرِيضِ أَنْ يَكُونَ نَحْوَ ظَالِمٍ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالظَّاهِرَتَيْنِ إلَى قَوْلِهِ الْمَعْرِفَةُ إلَخْ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالظَّاهِرَةِ مَا تَرَى فِي الْخَارِجِ

أَوْلَى مِنْ السُّجُودِ لِكَثِيرٍ مِنْ النِّعَمِ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ بِسُجُودِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِإِخْبَارِ جِبْرِيلَ، وَيُمْكِنُ مَنْعُ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى مُدَّعَاهُ بِأَنَّ أَخْبَارَ جِبْرِيلَ خَرَجَتْ عَنْ مَوْضُوعِ الْمَعْرِفَةِ إلَى نِعْمَةٍ حَدَثَتْ عَامَّةً لِلْمُسْلِمِينَ، هَذَا وَالْأَوْلَى أَنْ يُحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَا وَقَعَ لَهُ عَادَةٌ كَحُدُوثِ دِرْهَمٍ وَعَدَمِ رُؤْيَةِ عَدُوٍّ لَا ضَرَرَ فِيهَا وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ: اُشْتُرِطَ فِي النِّعْمَةِ أَنْ يَكُونَ لَهَا بَالٌ: أَيْ وَقْعٌ وَخَطَرٌ، وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ: أَيْ مِنْ حَيْثُ لَا يَدْرِي تَبَعًا لِمَا فِي الرَّوْضَةِ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ وَاغْتَرَّ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فَحَذَفَهُ مِنْ رَوْضِهِ، وَتَبِعَهُ عَلَى الْمُنَازَعَةِ الْجَوْجَرِيُّ مَا لَوْ تَسَبَّبَ فِيهِمَا تَسَبُّبًا تَقْضِي الْعَادَةُ بِحُصُولِهِمَا عَقِبَهُ وَنِسْبَتِهِمَا لَهُ، فَلَا سُجُودَ حِينَئِذٍ كَرِبْحٍ مُتَعَارَفٍ لِتَاجِرٍ يَحْصُلُ عَادَةً عَقِبَ أَسْبَابِهِ. وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ عَدَمُ اعْتِبَارِ تَسَبُّبِهِ فِي حُصُولِ الْوَلَدِ بِالْوَطْءِ وَالْعَافِيَةِ بِالدَّوَاءِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُنْسَبُ فِي الْعَادَةِ إلَى فِعْلِهِ وَيُعَدُّ فِيهَا نِعْمَةً ظَاهِرَةً، وَخَرَجَ بِالْحُدُوثِ اسْتِمْرَارُ النِّعَمِ وَانْدِفَاعُ النِّقَمِ كَالْعَافِيَةِ وَالْإِسْلَامِ وَالْغِنَى عَنْ النَّاسِ فَلَا سُجُودَ لَهَا؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى اسْتِغْرَاقِ الْعُمُرِ فِي السُّجُودِ، وَيُسْتَحَبُّ إظْهَارُ السُّجُودِ لِذَلِكَ إلَّا إنْ تَجَدَّدَتْ لَهُ ثَرْوَةٌ أَوْ جَاهٌ أَوْ وَلَدٌ مَثَلًا بِحَضْرَةِ مَنْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَعُلِمَ بِالْحَالِ فَيُخِيفُهُ لِئَلَّا يَنْكَسِرَ قَلْبُهُ، وَلَوْ ضَمَّ صَدَقَةً أَوْ صَلَاةً لِسُجُودِهِ فَهُوَ أَوْلَى، فَاَلَّذِي فَهِمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَلَامِ الْبَغَوِيّ الذَّاكِرِ لِسُنِّيَّةِ التَّصَدُّقِ أَوْ الصَّلَاةِ شُكْرًا أَنَّهُ يُسَنُّ فِعْلُ ذَلِكَ مَعَ السُّجُودِ، وَاَلَّذِي فَهِمَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ تِلْمِيذُ الْبَغَوِيّ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَهُ، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ. (أَوْ رُؤْيَةِ مُبْتَلًى) فِي نَحْوِ عَقْلِهِ أَوْ بَدَنِهِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَجَدَ مَرَّةً لِرُؤْيَةِ زَمِنٍ، وَأُخْرَى لِرُؤْيَةِ رَجُلٍ بِهِ قِصَرٌ بَالِغٌ وَضَعْفُ حَرَكَةٍ وَنَقْصُ خَلْقٍ أَوْ بَلَاءٌ وَاخْتِلَاطُ عَقْلٍ عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ، وَالْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا فَقَدْ اُعْتُضِدَ بِشَوَاهِدَ أَكَّدَتْهُ، وَالسُّجُودُ هُنَا عَلَى السَّلَامَةِ مِنْ ذَلِكَ (أَوْ) رُؤْيَةِ (عَاصٍ) مُتَجَاهِرٍ بِمَعْصِيَتِهِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْهَاءِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَبِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ. وَأَمَّا بِفَتْحِ الْمِيمِ وَبِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ فَاسْمٌ لِمَدِينَةٍ بِالْجِبَالِ كَمَا فِي اللُّبِّ (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ السُّجُودِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فَاسْتَدَلَّ) أَيْ الْمُنْظِرُ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى أَنْ يُحْتَرَزَ بِهِ) أَيْ بِهَذَا الْقَيْدِ وَهُوَ الظَّاهِرَتَيْنِ (قَوْلُهُ: كَحُدُوثِ دِرْهَمٍ) أَيْ لِغَيْرِ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَخَطَرَ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: كَرِيحٍ مُتَعَارَفٍ) أَيْ مُتَعَارَفٍ لَهُ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ: تُقْضَى الْعَادَةُ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَالْعَافِيَةِ) أَيْ لِلصَّحِيحِ (قَوْلُهُ: ثَرْوَةٌ) أَيْ غِنًى (قَوْلُهُ: أَوْ صَلَاةً لِسُجُودِهِ) أَيْ بِنِيَّةِ التَّطَوُّعِ لَا بِنِيَّةِ الشُّكْرِ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي الِاسْتِسْقَاءِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَنَا صَلَاةٌ سَبَبُهَا الشُّكْرُ (قَوْلُهُ: فَهُوَ أَوْلَى) أَيْ أَوْ أَقَامَهُمَا مَقَامَهُ فَهُوَ حَسَنٌ. اهـ حَجّ: وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ: وَتُسْتَحَبُّ أَيْضًا: أَيْ مَعَ سَجْدَةِ الشُّكْرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ الصَّدَقَةُ وَالصَّلَاةُ لِلشُّكْرِ، وَزَادَ لَفْظَهُ أَيْضًا لِيُفِيدَ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْمَجْمُوعِ، لَكِنَّ الْخُوَارِزْمِيَّ تِلْمِيذَ الْبَغَوِيّ الذَّاكِرَ لِاسْتِحْبَابِ مَا ذَكَرَ فَهِمَ مِنْ كَلَامِ شَيْخِهِ خِلَافَهُ، فَقَالَ: لَوْ أَقَامَ التَّصَدُّقَ أَوْ صَلَاةَ رَكْعَتَيْنِ مَقَامَ السُّجُودِ كَانَ حَسَنًا. اهـ، فَمَا قَالَهُ حَجّ اعْتَمَدَ فِيهِ كَلَامَ الْخُوَارِزْمِيَّ. (قَوْلُهُ: أَوْ رُؤْيَةِ مُبْتَلًى) ظَاهِرُهُ وَلَوْ غَيْرَ آدَمِيٍّ وَهُوَ قَرِيبٌ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ السَّلَامَةُ مِنْ تِلْكَ الْآفَةِ، لَكِنْ قَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِهَامِشٍ بِمَا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْآفَةُ مِمَّا يَعْرِضُ مِثْلُهَا لِلْآدَمِيِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ: أَيْ وَلَوْ غَيْرَ آدَمِيٍّ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيُحْتَمَلُ تَقْيِيدُ بَلَائِهِ حِينَئِذٍ بِمَا يُمْكِنُ أَنْ يَحْصُلَ لِلْآدَمِيِّ فِي الْعَادَةِ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِإِمْكَانِ حُصُولِهِ، وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ. اهـ. وَمُرَادُهُ بِالْأَوَّلِ قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ تَقْيِيدُ بَلَائِهِ إلَخْ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا رُؤْيَةَ مُرْتَكِبِ خَارِمِ الْمُرُوءَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَدَنِهِ) وَمِنْهُ مَا لَوْ رَأَى عَقِيمًا فِي غَيْرِ أَوَانِهِ فَيَسْجُدُ (قَوْلُهُ: مُتَجَاهِرٍ بِمَعْصِيَةٍ) وَمِنْ ذَلِكَ لُبْسُ الْقَوَاوِيقِ الْقَطِيفَةِ لِلرِّجَالِ لِحُرْمَةِ اسْتِعْمَالِهِمْ الْحَرِيرَ وَلِلنِّسَاءِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْبِيهِ بِالرِّجَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: هَذَا وَالْأَوْلَى أَنْ يُحْتَرَزَ إلَخْ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالظَّاهِرِ مَا لَهَا وَقْعٌ (قَوْلُهُ أَوْ عَاصٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَفْسُقْ كَمَا نَقَلُهُ الشِّهَاب سم عَنْ الشَّارِح

وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ، وَمِنْهُ الْكَافِرُ كَمَا فِي الْبَحْرِ، إذْ مُصِيبَةُ الدِّينِ أَعْظَمُ مِنْ مُصِيبَةِ الدُّنْيَا فَطُلِبَ مِنْهُ السُّجُودُ شُكْرًا عَلَى السَّلَامَةِ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَجَدَ لِرُؤْيَةِ الْمُبْتَلَى وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ أَنَّهُ لَوْ حَضَرَ الْمُبْتَلَى وَالْعَاصِي عِنْدَ أَعْمَى أَوْ سَمِعَ صَوْتَهُمَا سَامِعٌ وَلَمْ يَرَهُمَا سُنَّ لَهُ السُّجُودُ أَيْضًا فَالشَّرْطُ إمَّا الرُّؤْيَةُ وَلَوْ مِنْ بُعْدٍ، وَالتَّعْبِيرُ بِهَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ أَوْ حُضُورُهُمَا عِنْدَ الْأَعْمَى أَوْ سَمَاعُ صَوْتِهِمَا لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ، وَلَا يَلْزَمُ تَكَرُّرُ السُّجُودِ إلَى مَا لَا غَايَةَ لَهُ فِيمَنْ هُوَ سَاكِنٌ بِإِزَائِهِ مَثَلًا؛ لِأَنَّا لَا نَأْمُرُهُ بِهِ كَذَلِكَ إلَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ أَهَمُّ مِنْهُ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ (وَيُظْهِرُهَا) أَيْ السَّجْدَةَ (لِلْعَاصِي) بِقَيْدِهِ الْمَارِّ. وَلَا يُشْتَرَطُ فِي مَعْصِيَتِهِ الَّتِي يَتَجَاهَرُ بِهَا كَوْنُهَا كَبِيرَةً كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ لَمْ يَخَفْ مِنْهُ ضَرَرًا تَعْبِيرًا لَهُ لَعَلَّهُ يَتُوبُ، بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَتَجَاهَرْ بِمَعْصِيَتِهِ فَلَا يُسْجَدُ لِرُؤْيَتِهِ أَوْ خَافَ مِنْهُ ضَرَرًا فَلَا يُظْهِرُهَا بَلْ يُخْفِيهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (لَا لِلْمُبْتَلَى) لِئَلَّا يَتَأَذَّى بِالْإِظْهَارِ. نَعَمْ إنْ كَانَ غَيْرَ مَعْذُورٍ كَمَقْطُوعٍ فِي سَرِقَةٍ أَوْ مَجْلُودٍ فِي زِنًا، وَلَمْ يَعْلَمْ تَوْبَتَهُ أَظْهَرَهَا لَهُ وَإِلَّا فَيُسِرُّهَا. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْفَاسِقَ لَا يَسْجُدُ لِرُؤْيَةِ فَاسِقٍ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ بِهِ زَجْرَهُ سَجَدَ مُطْلَقًا أَوْ الشُّكْرِ عَلَى السَّلَامَةِ مِمَّا اُبْتُلِيَ بِهِ لَمْ يَسْجُدْ إنْ كَانَ مِثْلُهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَوْ فِسْقُ الرَّائِي أَقْبَحَ وَيَجْرِي هَذَا فِيمَا لَوْ شَارَكَهُ فِي ذَلِكَ الْبَلَاءِ وَالْعِصْيَانِ وَهَلْ يُظْهِرُهَا لِلْفَاسِقِ الْمُتَجَاهِرِ الْمُبْتَلَى فِي بَدَنِهِ بِمَا هُوَ مَعْذُورٌ فِيهِ يُحْتَمَلُ الْإِظْهَارَ؛ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِالزَّجْرِ وَالْإِخْفَاءِ لِئَلَّا يَفْهَمَ أَنَّهُ عَلَى الِابْتِلَاءِ فَيَنْكَسِرَ قَلْبُهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُظْهِرُهَا وَيُبَيِّنُ لَهُ السَّبَبَ وَهُوَ الْفِسْقُ، وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ وَبِهِ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَيَحْرُمُ التَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِسَجْدَةٍ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ وَلَوْ بَعْدَ الصَّلَاةِ كَمَا يَحْرُمُ بِرُكُوعٍ مُفْرَدٍ وَنَحْوِهِ (وَهِيَ) أَيْ سَجْدَةُ الشُّكْرِ (كَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ) خَارِجَ الصَّلَاةِ فِي كَيْفِيَّتِهَا وَشَرَائِطِهَا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَمَنْدُوبَاتِهَا (وَالْأَصَحُّ جَوَازُهُمَا) أَيْ السَّجْدَتَيْنِ خَارِجَ الصَّلَاةِ (عَلَى الرَّاحِلَةِ لِلْمُسَافِرِ) بِالْإِيمَاءِ؛ لِأَنَّهُمَا نَفْلٌ فَسُومِحَ فِيهِمَا لِمَشَقَّةِ النُّزُولِ، وَإِنْ أَذْهَبَ الْإِيمَاءُ أَظْهَرَ أَرْكَانِهَا مِنْ تَمْكِينِ الْجَبْهَةِ بِخِلَافِ الْجِنَازَةِ. وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ عَدَمُ الْجَوَازِ لِفَوَاتِ أَعْظَمِ أَرْكَانِهِمَا وَهُوَ إلْصَاقُ الْجَبْهَةِ مِنْ مَوْضِعِ السُّجُودِ، فَإِنْ كَانَ فِي مَرْقَدٍ، وَأَتَمَّ سُجُودَهُ جَازَ بِلَا خِلَافٍ. وَالْمَاشِي يَسْجُدُ عَلَى الْأَرْضِ (فَإِنْ سَجَدَ لِتِلَاوَةِ صَلَاةٍ جَازَ) الْإِيمَاءُ (عَلَيْهَا) أَيْ الرَّاحِلَةِ (قَطْعًا) تَبَعًا لِلنَّافِلَةِ كَسُجُودِ السَّهْوِ، وَخَرَجَ بِسُجُودِ التِّلَاوَةِ سَجْدَةُ الشُّكْرِ فَلَا تُفْعَلُ فِي الصَّلَاةِ كَمَا مَرَّ، وَتَفُوتُ سَجْدَةُ الشُّكْرِ بِطُولِ الْفَصْلِ عُرْفًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَبَبِهَا كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSفَائِدَةٌ] يَنْبَغِي فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَتْ عَقِيدَةُ الرَّائِي وَالْعَاصِي أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي اسْتِحْبَابِ السُّجُودِ بِعَقِيدَةِ الرَّائِي وَفِي إظْهَارِ السُّجُودِ لِلْعَاصِي بِعَقِيدَةِ الْمَرْئِيِّ، فَإِنَّ الْغَرَضَ مِنْ إظْهَارِ السُّجُودِ لَهُ زَجْرُهُ عَنْ الْمَعْصِيَةِ، وَلَا يَنْزَجِرُ بِذَلِكَ إلَّا حَيْثُ اعْتَقَدَ أَنَّ فِعْلَهُ مَعْصِيَةٌ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ الْكَافِرُ) أَيْ وَلَوْ تَكَرَّرَتْ رُؤْيَتُهُ. أَمَّا لَوْ رَأَى جُمْلَةً مِنْ الْكُفَّارِ دَفْعَةً فَيَكْفِي لِرُؤْيَتِهِمْ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ: سَجَدَ لِرُؤْيَةِ الْمُبْتَلَى) أَيْ وَالْعَاصِي أَوْلَى لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ مُصِيبَةَ الدِّينِ إلَخْ، فَلَيْسَ مَا ذُكِرَ تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ سَجَدَ مَرَّةً لِرُؤْيَةِ زَمِنٍ إلَخْ لِاخْتِلَافِ الْمَقْصُودِ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِقَيْدِهِ الْمَارَّ) هُوَ قَوْلُهُ: مُتَجَاهِرٍ (قَوْلُهُ: كَوْنُهَا كَبِيرَةً) أَيْ فَيَسْجُدُ لِلصَّغِيرَةِ، وَإِنْ لَمْ يُصِرَّ عَلَيْهَا، وَعِبَارَةُ حَجّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: أَوْ مُسْتَتِرٍ مُصِرٍّ وَلَوْ عَلَى صَغِيرَةٍ. اهـ (قَوْلُهُ: تَعْيِيرًا لَهُ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُظْهِرُهَا لِلْعَاصِي (قَوْلُهُ: لَا لِلْمُبْتَلَى) بِفَتْحِ اللَّامِ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ ابْتَلَى (قَوْلُهُ: سَجَدَ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِثْلَهُ أَوْ أَعْلَى أَوْ أَدْوَنَ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ الِاحْتِمَالُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: سَجَدَ لِرُؤْيَةِ الْمُبْتَلَى) أَيْ وَالْعَاصِي مُبْتَلَى كَمَا قَرَّرَهُ

[باب في صلاة النفل وهي قسمان]

(بَابٌ) بِالتَّنْوِينِ (فِي صَلَاةِ النَّفْلِ) هُوَ لُغَةً: الزِّيَادَةُ، وَاصْطِلَاحًا مَا عَدَا الْفَرَائِضِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى مَا فَرَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِالسُّنَّةِ وَالْمَنْدُوبِ وَالْحَسَنِ وَالْمُرَغَّبِ فِيهِ وَالْمُسْتَحَبِّ وَالتَّطَوُّعِ فَهِيَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ لِتَرَادُفِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَذَهَبَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ إلَى أَنَّ غَيْرَ الْفَرْضِ ثَلَاثَةٌ: تَطَوُّعٌ وَهُوَ مَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَقْلٌ بِخُصُوصِهِ بَلْ يُنْشِئُهُ الْإِنْسَانُ ابْتِدَاءً. وَسُنَّةٌ وَهِيَ مَا وَاظَبَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَمُسْتَحَبٌّ وَهُوَ مَا فَعَلَهُ أَحْيَانًا أَوْ أَمَرَ بِهِ وَلَمْ يَفْعَلْهُ، وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلْبَقِيَّةِ لِعُمُومِهَا الثَّلَاثَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي الْمَعْنَى فَإِنَّ بَعْضَ الْمَسْنُونَاتِ آكَدُ مِنْ بَعْضٍ قَطْعًا، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الِاسْمِ، وَالصَّلَاةُ أَفْضَلُ عِبَادَاتِ الْبَدَنِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا» لِأَنَّهَا تِلْوَ الْإِيمَانِ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ الْقُرَبِ وَأَشْبَهُ بِهِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى نُطْقٍ بِاللِّسَانِ، وَعَمَلٍ بِالْأَرْكَانِ وَاعْتِقَادٍ بِالْجَنَانِ، وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـــــــــــــــــــــــــــــSبَابُ صَلَاةِ النَّفْلِ (قَوْلُهُ: وَاصْطِلَاحًا) قَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِهِ أَنَّ تَسْمِيَةَ مَا ذُكِرَ نَفْلًا مِنْ وَضْعِ الْفُقَهَاءِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ مَا تَلَقَّى تَسْمِيَتُهُ مِنْ الشَّارِعِ يُقَالُ فِيهِ وَشَرْعًا (قَوْلُهُ: مَا عَدَا الْفَرَائِضَ) أَيْ مِنْ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا كَالصَّوْمِ وَالصَّدَقَةِ، وَهُوَ مَا طَلَبَهُ الشَّارِعُ طَلَبًا غَيْرَ جَازِمٍ فَمَا عِبَارَةٌ عَنْ مَطْلُوبٍ فَيَخْرُجُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ وَإِنْ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ غَيْرُ الْفَرَائِضِ (قَوْلُهُ: وَالتَّطَوُّعِ) زَادَ سم فِي شَرْحِهِ لِلْوَرَقَاتِ الْكَبِيرِ: وَالْإِحْسَانِ، وَزَادَ حَجّ: وَالْأَوْلَى: أَيْ الْأَوْلَى بِفِعْلِهِ مِنْ تَرْكِهِ (قَوْلُهُ: فَهِيَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ) فِيهِ بَحْثٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَسَنِ؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ لِشُمُولِهِ الْوَاجِبَ وَالْمُبَاحَ أَيْضًا كَمَا فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ الْحَسَنُ الْمَأْذُونُ فِيهِ وَاجِبًا وَمَنْدُوبًا وَمُبَاحًا انْتَهَى. إلَّا أَنْ يُرَادَ أَنَّ التَّرَادُفَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِ مَاصَدَقَاتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. أَوْ أَنَّ مُرَادَفَةَ الْحَسَنِ اصْطِلَاحٌ آخَرُ لِلْفُقَهَاءِ أَوْ لِغَيْرِهِمْ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَثَوَابُ الْفَرْضِ يَفْضُلُهُ بِسَبْعِينَ دَرَجَةً كَمَا فِي حَدِيثٍ صَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِالسَّبْعِينَ الْحَصْرَ. وَزَعْمُ أَنَّ الْمَنْدُوبَ قَدْ يَفْضُلُهُ كَإِبْرَاءِ الْمُعْسِرِ وَإِنْظَارِهِ وَابْتِدَاءِ سَلَامٍ وَرَدِّهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ سَبَبَ الْفَضْلِ فِي هَذَيْنِ اشْتِمَالُ الْمَنْدُوبِ عَلَى مَصْلَحَةِ الْوَاجِبِ وَزِيَادَةً، إذْ بِالْإِبْرَاءِ زَالَ الْإِنْظَارُ وَبِالِابْتِدَاءِ حَصَلَ أَمْنٌ أَكْثَرُ مِمَّا فِي الْجَوَابِ. اهـ حَجّ: أَيْ فَفَضْلُهُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ اشْتِمَالُهُ عَلَى مَصْلَحَةِ الْوَاجِبِ لَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ، وَلَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَنْدُوبًا (قَوْلُهُ: وَذَهَبَ الْقَاضِي) مُقَابِلُ قَوْلِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلْبَقِيَّةِ) وَهِيَ النَّفَلُ وَالْمَنْدُوبُ وَالْحَسَنُ وَالْمُرَغَّبُ فِيهِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْإِسْلَامِ) أَيْ أَمَّا هُوَ فَهُوَ أَفْضَلُ مُطْلَقًا، وَجَعَلَهُ مِنْ عِبَادَاتِ الْبَدَنِ حَيْثُ احْتَرَزَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُ عَمَلُ الْقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَهُمَا مِنْ الْبَدَنِ، لَكِنْ سَيَأْتِي قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِعِبَادَاتِ الْبَدَنِ عِبَادَاتُ الْقَلْبِ وَهُوَ يُفِيدُ تَخْصِيصَ الْبَدَنِ بِالْهَيْكَلِ الظَّاهِرِ، فَلَعَلَّهُ جَعَلَ الْإِسْلَامَ مِنْ عِبَادَاتِ الْبَدَنِ؛ لِأَنَّ أَحْكَامَهُ لَا تُعْتَبَرُ إلَّا بَعْدَ النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا تِلْوُ الْإِيمَانِ) أَيْ تَابِعَةٌ لَهُ فِي الشَّرَفِ وَالذِّكْرِ نَحْوَ {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ} [البقرة: 3] (قَوْلُهُ: وَعَمَلٍ بِالْأَرْكَانِ) هَذَا قَدْ يُوهِمُ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَابٌ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ وَهِيَ قِسْمَانِ] [قِسْمٌ لَا يُسَنُّ فِيهِ النَّفَلُ جَمَاعَةً] بَابٌ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْإِسْلَامِ) أَيْ النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ إذْ هَذَا حَقِيقَتُهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُعْتَبَرُ إلَّا مَعَ الْإِيمَانِ فَهُوَ مِنْ أَعْمَالِ الْبَدَنِ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ» إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا دَلِيلَ فِيهِ لِأَفْضَلِيَّةِ الصَّلَاةِ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا بَلْ بِقَيْدِ كَوْنِهَا فِي وَقْتِهَا، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهَا فِي غَيْرِ وَقْتِهَا لَيْسَتْ أَفْضَلَ (قَوْلُهُ: وَأَشْبَهُ بِهِ لِاشْتِمَالِهَا إلَخْ) لَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّ الْإِيمَانَ مَجْمُوعُ مَا ذُكِرَ، لَكِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْإِيمَانَ مُجَرَّدُ التَّصْدِيقِ

«اسْتَقِيمُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمْ الصَّلَاةُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَسَمَّاهَا اللَّهُ تَعَالَى إيمَانًا، فَقَالَ {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143] أَيْ صَلَاتَكُمْ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَلِأَنَّهَا تَجْمَعُ مِنْ الْقُرَبِ مَا تَفَرَّقَ فِي غَيْرِهَا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ وَالْقِرَاءَةِ وَالتَّسْبِيحِ وَاللُّبْثِ وَالِاسْتِقْبَالِ وَالطَّهَارَةِ وَالسُّتْرَةِ وَتَرْكِ الْأَكْلِ وَالْكَلَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مَعَ اخْتِصَاصِهَا بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَغَيْرِهِمَا، وَقِيلَ الصَّوْمُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» لِأَنَّهُ لَمْ يُتَقَرَّبْ إلَى أَحَدٍ بِالْجُوعِ وَالْعَطَشِ إلَّا لِلَّهِ تَعَالَى فَحَسُنَتْ هَذِهِ الْإِضَافَةُ لِلِاخْتِصَاصِ؛ وَلِأَنَّ خُلُوَّ الْجَوْفِ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ يَرْجِعُ إلَى الصَّمَدِيَّةِ، لِأَنَّ الصَّمَدَ هُوَ الَّذِي لَا جَوْفَ لَهُ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَاتِ، وَالصَّمَدِيَّةُ صِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى فَحَسُنَتْ الْإِضَافَةُ لِاخْتِصَاصِ الصَّوْمِ بِصِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى؛ وَلِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْإِخْلَاصِ لِخَفَائِهِ دُونَ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ فَإِنَّهَا أَعْمَالٌ ظَاهِرَةٌ يُطَّلَعُ عَلَيْهَا فَيَكُونُ الرِّيَاءُ فِيهَا أَغْلَبَ، فَحَسُنَتْ الْإِضَافَةُ لِلشَّرَفِ الَّذِي حَصَلَ لِلصَّوْمِ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَفْضَلُهَا الطَّوَافُ، وَرَجَّحَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ، وَقَالَ الْقَاضِي: الْحَجُّ أَفْضَلُ، وَقَالَ ابْنُ عَصْرُونٍ: الْجِهَادُ أَفْضَلُ. وَقَالَ فِي الْإِحْيَاءِ: الْعِبَادَاتُ تَخْتَلِفُ أَفْضَلِيَّتُهَا بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِهَا وَفَاعِلِيهَا، فَلَا يَصِحُّ إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِأَفْضَلِيَّةِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ كَمَا لَا يَصِحُّ إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْخُبْزَ أَفْضَلُ مِنْ الْمَاءِ فَإِنَّ ذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِالْجَائِعِ وَالْمَاءُ أَفْضَلُ لِلْعَطْشَانِ، فَإِنَّ اجْتَمَعَا نُظِرَ لِلْأَغْلَبِ فَتَصَدُّقُ الْغَنِيِّ الشَّدِيدِ الْبُخْلِ بِدِرْهَمٍ أَفْضَلُ مِنْ قِيَامِ لَيْلَةٍ وَصِيَامٍ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِمَا فِيهِ مِنْ دَفْعِ حُبِّ الدُّنْيَا، وَالصَّوْمُ لِمَنْ اسْتَحْوَذَتْ عَلَيْهِ شَهْوَتُهُ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ. وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ يَلِي الصَّلَاةَ الصَّوْمُ ثُمَّ الْحَجُّ ثُمَّ الزَّكَاةُ وَقِيلَ الزَّكَاةُ بَعْدَهَا. وَالْخِلَافُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فِي الْإِكْثَارِ مِنْ أَحَدِهِمَا مَعَ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْآكَدِ مِنْ الْآخَرِ، وَإِلَّا فَصَوْمُ يَوْمٍ أَفْضَلُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ بِلَا شَكٍّ، وَخَرَجَ بِعِبَادَاتِ الْبَدَنِ عِبَادَاتُ الْقَلْبِ: كَالْإِيمَانِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالتَّفَكُّرِ وَالتَّوَكُّلِ وَالصَّبْرِ وَالرِّضَا وَالْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ وَمَحَبَّةِ اللَّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْأَعْمَالَ جُزْءٌ مِنْ الْإِيمَانِ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا حَقِيقَتُهُ، وَالرَّاجِحُ أَنَّهَا مُكَمِّلَاتٌ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ الصَّوْمُ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ وَالصَّلَاةُ أَفْضَلُ عِبَادَاتِ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَاتِ) وَمِنْهَا أَنَّهُ الَّذِي يُقْصَدُ فِي الْحَوَائِجِ (قَوْلُهُ: وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ) مِنْ الْبَعْضِ حَجّ فَإِنَّهُ جَزَمَ بِهِ فِي شَرْحِهِ، وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ اعْتِمَادُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ الزَّكَاةُ بَعْدَهَا) أَيْ الصَّلَاةِ، وَقِيلَ هِيَ أَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ زِيَادِيٌّ: أَيْ وَعَلَيْهِ فَاَلَّذِي يَلِيهَا الصَّوْمُ ثُمَّ الْحَجُّ (قَوْلُهُ: مَعَ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْآكَدِ) وَمِنْهُ الرَّوَاتِبُ غَيْرُ الْمُؤَكَّدَةِ، وَمِنْ ثَمَّ عَبَّرَ بِالْآكَدِ دُونَ الْمُؤَكَّدِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: عِبَادَاتُ الْقَلْبِ) أَيْ فَإِنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَالتَّفَكُّرُ) أَيْ فِي مَصْنُوعَاتِ اللَّهِ الَّتِي يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى كَمَالِ قُدْرَتِهِ. قَالَ سم عَلَى حَجّ: ظَاهِرُهُ، وَإِنْ قَلَّ التَّفَكُّرُ سَاعَةً مَعَ صَلَاةِ أَلْفِ رَكْعَةٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَالتَّوَكُّلُ) أَيْ التَّفْوِيضُ إلَى اللَّهِ فِي الْأُمُورِ وَالْإِعْرَاضُ عَمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ مَعَ تَيَسُّرِ الْأَسْبَابِ (قَوْلُهُ: وَالصَّبْرُ) أَيْ وَهُوَ حَبْسُ النَّفْسِ عَلَى الطَّاعَةِ وَمَنْعُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْقَلْبِ وَمَا نُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَحْمُولٌ عَلَى الْإِيمَانِ الْكَامِلِ (قَوْلُهُ: وَالْخِلَافُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) عِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ: قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِمْ الصَّلَاةُ أَفْضَلُ مِنْ الصَّوْمِ أَنَّ صَلَاةَ رَكْعَتَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ أَيَّامٍ أَوْ يَوْمٍ فَإِنَّ صَوْمَ يَوْمٍ أَفْضَلُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ أَمْكَنَهُ الِاسْتِكْثَارَ مِنْ الصَّوْمِ وَمِنْ الصَّلَاةِ وَأَرَادَ أَنْ يَسْتَكْثِرَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَيَقْتَصِرَ مِنْ الْآخَرِ عَلَى الْمُتَأَكَّدِ مِنْهُ فَهَذَا مَحَلُّ الْخِلَافِ وَالصَّحِيحُ تَفْضِيلُ جِنْسِ الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِعِبَادَاتِ الْبَدَنِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَالصَّلَاةُ أَفْضَلُ عِبَادَاتِ الْبَدَنِ (قَوْلُهُ: عِبَادَاتُ الْقَلْبِ) أَيْ فَإِنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشِّهَابُ حَجّ. قَالَ الشِّهَابُ سم: وَظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّ كَتَفَكُّرِ سَاعَةٍ مَعَ صَلَاةِ أَلْفِ رَكْعَةٍ

تَعَالَى وَمَحَبَّةِ رَسُولِهِ وَالتَّوْبَةِ، وَالتَّطَهُّرِ مِنْ الرَّذَائِلِ، وَأَفْضَلُهَا الْإِيمَانُ، وَلَا يَكُونُ إلَّا وَاجِبًا وَقَدْ يَكُونُ تَطَوُّعًا بِالتَّجْدِيدِ، وَإِذَا كَانَتْ الصَّلَاةُ أَفْضَلَ الْعِبَادَاتِ كَمَا مَرَّ فَفَرْضُهَا أَفْضَلُ الْفُرُوضِ وَتَطَوُّعُهَا أَفْضَلُ التَّطَوُّعِ، وَلَا يَرِدُ طَلَبُ الْعِلْمِ وَحِفْظُ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ مِنْ الْقُرْآنِ لِأَنَّهُمَا مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ. وَيَنْقَسِمُ إلَى قِسْمَيْنِ كَمَا قَالَ (صَلَاةُ النَّفْلِ قِسْمَانِ: قِسْمٌ لَا يُسَنُّ جَمَاعَةً) بِنَصَبِهِ عَلَى التَّمْيِيزِ الْمُحَوَّلِ عَنْ نَائِبِ الْفَاعِلِ: أَيْ لَا تُسَنُّ فِيهِ الْجَمَاعَةُ، وَلَوْ صُلِّيَ جَمَاعَةً لَمْ يُكْرَهْ لَا عَلَى الْحَالِ لِفَسَادِ الْمَعْنَى، إذْ مُقْتَضَاهُ نَفْيُ السُّنِّيَّةِ حَالَ الْجَمَاعَةِ لَا الِانْفِرَادُ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ (فَمِنْهُ الرَّوَاتِبُ مَعَ الْفَرَائِضِ) وَهِيَ السُّنَنُ التَّابِعَةُ لَهَا. وَالْحِكْمَةُ فِيهَا أَنَّهَا تُكَمِّلُ مَا نَقَصَ مِنْ الْفَرَائِضِ بِنَقْصِ نَحْوِ خُشُوعٍ كَتَرْكِ تَدَبُّرِ قِرَاءَةٍ (وَهِيَ رَكْعَتَانِ قَبْلَ الصُّبْحِ) يُسْتَحَبُّ تَخْفِيفُهُمَا لِلِاتِّبَاعِ، وَأَنْ يَقْرَأَ فِيهِمَا بِآيَتَيْ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ أَوْ بِالْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصِ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَنْ الْمَعْصِيَةِ (قَوْلُهُ: وَالتَّطَهُّرُ مِنْ الرَّذَائِلِ) أَيْ أَنْ يُبْعِدَ نَفْسَهُ بَاطِنًا عَنْهَا (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَكُونُ تَطَوُّعًا بِالتَّجْدِيدِ) وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي التَّوْبَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَلَّى جَمَاعَةً لَمْ يُكْرَهْ) أَيْ وَيُثَابُ عَلَى ذَلِكَ. اهـ سم عَلَى حَجّ بِالْمَعْنَى. وَهَلْ الْأَوْلَى تَرْكُ الْجَمَاعَةِ فِيهِ كَمَا مَرَّ فِي اقْتِدَاءِ الْمُسْتَمِعِ بِالْقَارِئِ أَوْ لَا وَيُفَرَّقُ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْفَرْقِ فَيَكُونُ فِعْلُهَا فِي الْجَمَاعَةِ خِلَافَ الْأَوْلَى، وَقَدْ يُشْعِرُ بِهِ جَعْلُهَا كَذَلِكَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمَحَلِّيِّ فِي التَّرَاوِيحِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّ الِانْفِرَادَ بِهَا أَفْضَلُ كَغَيْرِهَا مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ لَكِنَّهُ يُشْكِلُ عَلَى كَوْنِهِ خِلَافَ الْأَوْلَى حُصُولُ الثَّوَابِ فِيهَا فَإِنَّ خِلَافَ الْأَوْلَى مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي عَدَمَ الثَّوَابِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمْ يُرِدْ بِكَوْنِهِ خِلَافَ الْأَوْلَى كَوْنَهُ مَنْهِيًّا عَنْهُ بَلْ إنَّهُ خِلَافُ الْأَفْضَلِ (قَوْلُهُ: فَمِنْهُ الرَّوَاتِبُ) وَانْظُرْ فِي أَيِّ وَقْتٍ طُلِبَتْ الرَّوَاتِبُ (قَوْلُهُ: وَالْحِكْمَةُ فِيهَا أَنَّهَا تُكَمِّلُ مَا نَقَصَ مِنْ الْفَرَائِضِ) وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْجَابِرَ لِلْفَرَائِضِ هُوَ الرَّوَاتِبُ دُونَ غَيْرِهَا وَلَوْ مِنْ جِنْسِ الْفَرَائِضِ كَصَلَاةِ اللَّيْلِ، وَفِي كَلَامِ سم عَلَى حَجّ تَبَعًا لِظَاهِرِ حَجّ مَا يَقْتَضِي التَّعْمِيمَ. وَعِبَارَتُهُ قَوْلُهُ: وَشُرِعَ لِتَكْمِيلِ إلَخْ، عِبَارَةُ الْعُبَابِ: وَإِذَا انْتَقَصَ فَرْضُهُ كُمِّلَ مِنْ نَفْلِهِ وَكَذَا بَاقِي الْأَعْمَالِ اهـ. وَقَوْلُهُ نَفْلُهُ قَدْ يَشْمَلُ غَيْرَ سُنَنِ ذَلِكَ الْفَرْضِ مِنْ النَّوَافِلِ، وَيُوَافِقُهُ مَا فِي الْحَدِيثِ «فَإِذَا انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْئًا قَالَ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ: اُنْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلَ بِهِ مَا انْتَقَصَ مِنْ الْفَرِيضَةِ» اهـ. بَلْ قَدْ يَشْمَلُ هَذَا تَطَوُّعًا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْفَرِيضَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَعِبَارَةُ الْمُنَاوِيِّ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ عَلَى الْجَامِعِ عِنْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَوَّلُ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أُمَّتِي الصَّلَاةَ» إلَخْ. نَصُّهَا: وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَقَّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَمْ يُوجِبْ شَيْئًا مِنْ الْفَرَائِضِ غَالِبًا إلَّا وَجَعَلَ لَهُ مِنْ جِنْسِهِ نَافِلَةً، حَتَّى إذَا قَامَ الْعَبْدُ بِذَلِكَ الْوَاجِبِ وَفِيهِ خَلَلٌ مَا يُجْبَرُ بِالنَّافِلَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ جِنْسِهِ، فَلِذَا أَمَرَ بِالنَّظَرِ فِي فَرِيضَةِ الْعَبْدِ، فَإِذَا أَقَامَ بِهَا كَمَا أَمَرَ اللَّهُ جُوزِيَ عَلَيْهَا وَأُثْبِتَتْ لَهُ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا خَلَلٌ كُمِّلَتْ مِنْ نَافِلَتِهِ حَتَّى قَالَ الْبَعْضُ: إنَّمَا ثَبَتَتْ لَك نَافِلَةٌ إذَا سَلِمَتْ لَك الْفَرِيضَةُ اهـ. وَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِي خِلَافِ مَا اسْتَظْهَرَهُ سم، بَلْ وَقَعَ فِي الْمُنَاوِيِّ أَيْضًا مَا يُصَرِّحُ بِتَخْصِيصِ الْجَبْرِ بِالرَّوَاتِبِ وَعِبَارَتُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فِي الْإِنْسَانِ سِتُّونَ وَثَلَاثُمِائَةٍ مَفْصِلٍ» إلَخْ مَا نَصَّهُ: وَخُصَّتْ الضُّحَى بِذَلِكَ لِتَمَحُّضِهَا لِلشُّكْرِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُشْرَعْ جَابِرَةً لِغَيْرِهَا بِخِلَافِ الرَّوَاتِبِ. اهـ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَال: أَرَادَ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِمَشْرُوعِيَّتِهَا الْجَبْرَ لِغَيْرِهَا، وَإِنْ اتَّفَقَ حُصُولُهُ بِهَا فَلَيْسَ أَصْلِيًّا فِي مَشْرُوعِيَّتِهَا هَذَا وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ نَوَى بِهَا ابْتِدَاءَ جَبْرِ الْخَلَلِ لَمْ تَنْعَقِدْ وَلَوْ عَلِمَ الْخَلَلَ كَتَرْكِهِ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ مَثَلًا (قَوْلُهُ: مَا نَقَصَ مِنْ الْفَرَائِضِ) بَلْ وَلِتَقُومَ فِي الْآخِرَةِ لَا الدُّنْيَا خِلَافًا لِبَعْضِ السَّلَفِ مَقَامَ مَا تَرَكَ مِنْهَا لِعُذْرٍ كَنِسْيَانٍ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ. اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: بِآيَتَيْ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ) وَهُمَا قَوْله تَعَالَى {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ} [البقرة: 136] إلَى قَوْلِهِ {مُسْلِمُونَ} [البقرة: 136] وَقَوْلُهُ {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ} [آل عمران: 64] إلَى قَوْلِهِ أَيْضًا {مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 64] (قَوْلُهُ: وَالْإِخْلَاصُ) قَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِأَوْ أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمَطْلُوبَ تَخْفِيفُ الرَّكْعَتَيْنِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهَا فِيهِ تَطْوِيلٌ. وَقَدْ يُقَالُ: إنْ ثَبَتَ وُرُودُ كُلٍّ فِي رِوَايَةٍ فَلَا مَانِعَ مِنْ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهَا أَفْضَلُ لِيَتَحَقَّقَ الْعَمَلُ بِجَمِيعِ الرِّوَايَاتِ، وَانْظُرْ لَوْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَأَنْ يَضْطَجِعَ وَالْأَوْلَى كَوْنُهُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ بَعْدَهُمَا وَلَعَلَّ مِنْ حِكْمَتِهِ أَنَّهُ يَتَذَكَّرُ بِذَلِكَ ضَجْعَةَ الْقَبْرِ حَتَّى يَسْتَفْرِغَ وُسْعَهُ فِي الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَيَتَهَيَّأَ لِذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ فَصَلَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْفَرْضِ بِنَحْوِ كَلَامٍ أَوْ تَحَوُّلٍ، وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي الْمَقْضِيَّةِ، وَفِيمَا لَوْ أَخَّرَ سُنَّةَ الصُّبْحِ عَنْهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِمَا صَحَّ مِنْ مُوَاظَبَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِمَا وَلِخَبَرِ «رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» وَلَهُ فِي نِيَّتِهَا كَيْفِيَّاتٌ: سُنَّةُ الصُّبْحِ، سُنَّةُ الْفَجْرِ، سُنَّةُ الْبَرْدِ، سُنَّةُ الْوُسْطَى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا الْوُسْطَى، سُنَّةُ الْغَدَاةِ، وَلَهُ أَنْ يَحْذِفَ لَفْظَ السُّنَّةِ وَيُضِيفَ فَيَقُولُ: رَكْعَتَيْ الصُّبْحِ، رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، رَكْعَتَيْ الْبَرْدِ، رَكْعَتَيْ الْوُسْطَى، رَكْعَتَيْ الْغَدَاةِ (وَرَكْعَتَانِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَكَذَا) رَكْعَتَانِ (بَعْدَهَا) (وَ) رَكْعَتَانِ (بَعْدَ الْمَغْرِبِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ» . وَذَكَرَ فِي الْكِفَايَةِ فِي رَكْعَتَيْ الْمَغْرِبِ بَعْدَهَا أَنَّهُ يُسَنُّ تَطْوِيلُهُمَا حَتَّى يَنْصَرِفَ أَهْلُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَحَدِهَا، فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ تَقْدِيمُ الْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصِ لِمَا وَرَدَ فِيهِمَا. ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ عَلَى الشَّمَائِلِ مَا نَصُّهُ قُبَيْلَ بَابِ صَلَاةِ الضُّحَى عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ رَكْعَتَيْنِ حِينَ يَطْلُعَ الْفَجْرُ إلَخْ: فَيُسَنُّ تَخْفِيفُهُمَا اقْتِدَاءً بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ قَالَ: وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا فِي مُسْلِمٍ: «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَثِيرًا مَا يَقْرَأُ فِي الْأُولَى {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} [البقرة: 136] آيَةَ الْبَقَرَةِ، وَفِي الثَّانِيَةِ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إلَى مُسْلِمُونَ» آيَةَ آلِ عِمْرَانَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِتَخْفِيفِهِمَا عَدَمُ تَطْوِيلِهِمَا عَلَى الْوَارِدِ فِيهِمَا مَعَ لَوْ قَرَأَ الشَّخْصُ فِي الْأُولَى آيَةَ الْبَقَرَةِ وَأَلَمْ نَشْرَحْ وَالْكَافِرُونَ وَفِي الثَّانِيَةِ آيَةَ آلِ عِمْرَانَ وَأَلَمْ تَرَ كَيْفَ وَالْإِخْلَاصَ لَمْ يَكُنْ مُطَوِّلًا لَهُمَا تَطْوِيلًا يَخْرُجُ بِهِ عَنْ حَدِّ السُّنَّةِ وَالِاتِّبَاعِ، رَوَى أَبُو دَاوُد «أَنَّهُ قَرَأَ فِي الثَّانِيَةِ {رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران: 53] وَ {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ} [البقرة: 119] » فَيُسَنُّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا لِيَتَحَقَّقَ الْإِتْيَانُ بِالْوَارِدِ أَخْذًا مِمَّا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي " إنِّي ظَلَمَتْ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا " وَالِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ فِي هَذَا رَدَدْته فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ فِي مَبْحَثِ الدُّعَاءِ يَوْمَ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَضْطَجِعَ) وَيَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ بِأَيِّ كَيْفِيَّةٍ فُعِلَتْ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ بِوَجْهِهِ وَمُقَدَّمِ بَدَنِهِ؛ لِأَنَّهَا الْهَيْئَةُ الَّتِي تَكُونُ فِي الْقَبْرِ فَهِيَ أَقْرَبُ لِتَذْكِيرِ أَحْوَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ تِلْكَ الْحَالَةَ فِي مَحَلِّهِ انْتَقَلَ إلَى غَيْرِهِ مِمَّا يَسْهُلُ فِعْلُهَا فِيهِ (قَوْلُهُ: فَصَلَ بَيْنَهُمَا) أَيْ الرَّكْعَتَيْنِ (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ كَلَامٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مِنْ الذِّكْرِ أَوْ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ تَمْيِيزُ الصَّلَاةِ الَّتِي فَرَغَ مِنْهَا مِنْ الصَّلَاةِ الَّتِي يَشْرَعُ فِيهَا، وَيَنْبَغِي أَنَّ اشْتِغَالَهُ بِنَحْوِ الْكَلَامِ لَا يُفَوِّتُ سَنَّ الِاضْطِجَاعِ حَتَّى لَوْ أَرَادَهُ بَعْدَ الْفَصْلِ الْمَذْكُورِ حَصَلَ بِهِ السُّنَّةُ (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي الْمَقْضِيَّةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا أَخَّرَ سُنَّةَ الصُّبْحِ عَنْهَا نُدِبَ لَهُ الِاضْطِجَاعُ بَعْدَ السُّنَّةِ لَا بَيْنَ الْفَرْضِ وَبَيْنَهَا. وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الِاضْطِجَاعِ الْفَصْلُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ فَصَلَ بَيْنَهُمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى الْقَوْلِ) أَيْ الْمَرْجُوحِ (قَوْلُهُ: وَيُضِيفَ) لَعَلَّ هَذَا مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ لِمَا مَرَّ أَنَّ ذِكْرَ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَيَكْفِي أَنْ يَقُولَ أُصَلِّي الْغَدَاةَ أَوْ الْفَجْرَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَيَقُولَ) هَذِهِ الْكَيْفِيَّاتُ مَا عَدَا رَكْعَتَيْ الْوُسْطَى، بَلْ قَدْ يُقَالُ حَتَّى هِيَ أَيْضًا بِجَعْلِ الْإِضَافَةِ بَيَانِيَّةً تَصْلُحُ لِلْفَرْضِ كَمَا تَصْلُحُ لَلسُّنَّةِ، وَلَعَلَّ الْمُمَيِّزَ بَيْنَهُمَا وُجُوبُ التَّعَرُّضِ لِلْفَرِيضَةِ فِي الْفَرْضِ وَوُجُوبُ عَدَمِهِ فِي السُّنَّةِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُسَنُّ تَطْوِيلُهُمَا) وَيَلْحَقُ بِهِمَا بَقِيَّةُ السُّنَنِ الْمُتَأَخِّرَةِ، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَيْهِمَا لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالِانْصِرَافِ عَقِبَ فِعْلِ الْمَغْرِبِ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَنْصَرِفَ) لَا أَنَّ تَطْوِيلَهُمَا سُنَّةٌ لِكُلِّ أَهْلِ الْمَسْجِدِ، فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُغْيَا بِانْصِرَافِ أَهْلِ الْمَسْجِدِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ سَنَّ ذَلِكَ لِكُلِّ أَحَدٍ حَتَّى يَنْصَرِفَ مَنْ يَنْصَرِفُ عَادَةً أَوْ مَنْ دَعَاهُ إلَى الِانْصِرَافِ أَمْرٌ عَرَضَ لَهُ. اهـ سم عَلَى حَجّ. وَالْكَلَامُ حَيْثُ فَعَلَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بَعْدَهُمَا) جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ تَقْدِيمِهِمَا عَلَى الْفَرْضِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ فَإِنْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ فَصَلَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْفَرْضِ إذْ يُعْلَمُ مِنْهُ

الْمَسْجِدِ، لَكِنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّهُ يُنْدَبُ فِيهِمَا الْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصُ خِلَافُهُ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ بَيَانٌ لِأَصْلِ السُّنَّةِ وَذَاكَ لِكَمَالِهَا (وَ) رَكْعَتَانِ بَعْدَ (الْعِشَاءِ) لِلْخَبَرِ الْمَارِّ وَشَمِلَ ذَلِكَ الْحَاجَّ بِمُزْدَلِفَةَ، وَإِنَّمَا سُنَّ لَهُ تَرْكُ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ لِيَسْتَرِيحَ، وَلِيَتَهَيَّأَ لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْأَعْمَالِ الشَّاقَّةِ يَوْمَ النَّحْرِ (وَقِيلَ لَا رَاتِبَةَ لِلْعِشَاءِ) ؛ لِأَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا يَجُوزُ كَوْنُهُمَا مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ، وَيُرَدُّ «بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُؤَخِّرُ صَلَاةَ اللَّيْلِ وَيَفْتَتِحُهَا بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ثُمَّ يُطَوِّلُهَا» فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ تَيْنِكَ لَيْسَتَا مِنْهَا، وَنَفَى الْوَجْهَ لِمَا ذَكَرَ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّأْكِيدِ لَا لِأَصْلِ السُّنِّيَّةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَإِنَّمَا الْخِلَافُ إلَى آخِرِهِ، وَمَعْنَى تَعْلِيلِهِ بِمَا ذَكَرَ أَنَّهُ إذَا جَازَ كَوْنُهُمَا مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ انْتَفَتْ الْمُوَاظَبَةُ الْمُقْتَضِيَةُ لِلتَّأْكِيدِ (وَقِيلَ أَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ) لِعَدَمِ تَرْكِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهَا كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَقِيلَ وَأَرْبَعٌ بَعْدَهَا) لِخَبَرِ «مَنْ حَافَظَ عَلَى أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» (وَقِيلَ وَأَرْبَعٌ قَبْلَ الْعَصْرِ) لِخَبَرِ «رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً صَلَّى قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا» (وَالْجَمِيعُ سُنَّةٌ) رَاتِبَةٌ قَطْعًا لِوُرُودِ ذَلِكَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ (وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الرَّاتِبِ الْمُؤَكَّدِ) مِنْ حَيْثُ التَّأْكِيدُ وَهُوَ الْعَشَرُ الْأُوَلُ فَقَطْ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاظَبَ عَلَيْهَا أَكْثَرُ مِنْ الثَّمَانِيَةِ الْبَاقِيَةِ وَكَانَ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ لَا تَقْتَضِي تَكْرَارًا كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ، ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي الْمَسْجِدِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ انْصِرَافَهُ لِيَفْعَلَهَا فِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ (قَوْلُهُ: الْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصُ) وَيُسَنُّ هَذَانِ أَيْضًا فِي سَائِرِ السُّنَنِ الَّتِي لَمْ تَرِدْ لَهَا قِرَاءَةٌ مَخْصُوصَةٌ كَمَا بَحَثَ حَجّ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ لِكَمَالِهَا) وَيَنْبَغِي حَيْثُ أَرَادَ الْأَكْمَلَ أَنْ يُقَدِّمَ الْكَافِرُونَ لِوُرُودِهَا بِخُصُوصِهَا ثُمَّ يَضُمَّ إلَيْهَا مَا شَاءَ، وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ أَنَّهُ يُقَدِّمُ الْإِخْلَاصَ إلَخْ. وَالْأَوْلَى فِيمَا يَضُمُّهُ رِعَايَةُ تَرْتِيبِ الْمُصْحَفِ، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ إذَا رَاعَى ذَلِكَ تَطْوِيلٌ ضَمَّ إلَى ذَلِكَ مَا شَاءَ، وَإِنْ خَالَفَ تَرْتِيبَ الْمُصْحَفِ (قَوْلُهُ: بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ) وَحِكْمَةُ تَخْفِيفِهِمَا الْمُبَادَرَةُ إلَى حِلِّ الْعُقْدَةِ الَّتِي تَبْقَى بَعْدَ حِلِّ الْعُقْدَتَيْنِ قَبْلَهَا، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ وَرَدَ أَنَّ الشَّيْطَانَ يَأْتِي الْإِنْسَانَ بَعْدَ نَوْمِهِ فَيَعْقِدُ عَلَيْهِ وَيَقُولُ لَهُ عَلَيْك لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ، فَإِذَا اسْتَيْقَظَ وَذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى انْحَلَّتْ وَاحِدَةٌ، وَإِذَا تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ الثَّانِيَةُ، وَإِذَا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ انْحَلَّتْ الثَّالِثَةُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُطَوِّلُهَا) أَيْ صَلَاةَ اللَّيْلِ (قَوْلُهُ: فَدَلَّ ذَلِكَ) مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ يُسَنُّ تَعْجِيلُ سُنَّةِ الْعِشَاءِ الْبَعْدِيَّةِ وَإِنْ كَانَ لَهُ تَهَجُّدٌ وَوَثِقَ بِالْيَقِظَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ تَيْنِكَ) أَيْ الرَّكْعَتَيْنِ الْخَفِيفَتَيْنِ (قَوْلُهُ: كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ يَشْكُلُ عَلَى هَذَا قَوْلُ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا إلَخْ. وَعِبَارَةُ ع: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَالْجَمِيعُ سُنَّةٌ إلَخْ، اُنْظُرْ هَلْ يَشْكُلُ عَلَى هَذَا قَوْلُ الشَّارِحِ فِي رَاتِبَةِ الْعِشَاءِ وَمَا ذَكَرَ بَعْدَهَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْإِشْكَالِ: فَالْوَجْهُ اسْتِثْنَاءُ هَذِهِ مِنْ الْقَطْعِ الْآتِي بِأَنَّ الْجَمِيعَ سُنَّةٌ، لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ كحج وَمَعْنَى تَعْلِيلِهِ بِمَا ذَكَرَ أَنَّهُ إلَخْ يَدُلُّ عَلَى جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِيهَا كَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: «حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» ) أَيْ مَنَعَهُ مِنْ دُخُولِهَا (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ رَحِمَ اللَّهُ إلَخْ) مُرَادُهُ الدُّعَاءُ (قَوْلُهُ: وَكَانَ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ) هُوَ قَوْلُهُ: «كَانَ يُؤَخِّرُ صَلَاةَ اللَّيْلِ» وَعِبَارَةُ حَجّ: وَكَانَ فِي الْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذِهِ الضَّجْعَةِ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْفَرْضِ فَإِذَا قَدَّمَ الْفَرْضَ فَعَلَهَا بَعْدَهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَنَفْيُ الْوَجْهِ) اللَّامُ فِيهِ لِلْعَهْدِ: أَيْ الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ) أَيْ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَمَعْنَى تَعْلِيلِهِ) أَيْ الْوَجْهِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي الْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذِهِ الْإِحَالَةِ لِلشِّهَابِ حَجّ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ قَدَّمَهُمَا، وَهُمَا فِي كَلَامِ الشِّهَابِ الْمَذْكُورِ قَدَّمَ أَحَدَهُمَا عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَقِيلَ أَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَهُوَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَا يَدَعُهَا، وَثَانِيهمَا عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقِيلَ وَأَرْبَعٌ قَبْلَ الْعَصْرِ، وَهُوَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي قَبْلَهَا أَرْبَعًا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِالتَّسْلِيمِ. ثُمَّ قَالَ: وَكَانَ فِي الْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ فِي أَرْبَعِ الظُّهْرِ وَأَرْبَعِ الْعَصْرِ لَا يَقْتَضِي تَكْرَارًا عَلَى

وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ مَثَلًا، وَلَمْ يَنْوِ الْمُؤَكَّدَ وَلَا غَيْرَهُ انْصَرَفَ لِلْمُؤَكَّدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ، وَالطَّلَبُ فِيهِ أَقْوَى (وَقِيلَ) مِنْ الرَّوَاتِبِ غَيْرِ الْمُؤَكَّدَةِ (رَكْعَتَانِ خَفِيفَتَانِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ) لِمَا يَأْتِي (قُلْت هُمَا سُنَّةٌ) غَيْرُ مُؤَكَّدَةٍ (عَلَى الصَّحِيحِ) (فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ الْأَمْرُ بِهِمَا) وَلَفْظُهُ «صَلُّوا قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ لِمَنْ شَاءَ» كَرَاهَةَ أَنْ يَتَّخِذَهُ النَّاسُ سُنَّةً: أَيْ طَرِيقَةً لَازِمَةً. وَصَحَّ أَنَّ كِبَارَ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - كَانُوا يَبْتَدِرُونَ السَّوَارِيَ لَهَا إذَا أَذَّنَ الْمَغْرِبُ حَتَّى إنَّ الرَّجُلَ الْغَرِيبَ لِيَدْخُلَ الْمَسْجِدَ فَيَحْسَبُ أَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ صُلِّيَتْ مِنْ كَثْرَةِ مَنْ يُصَلِّيهِمَا، وَقَوْلُ ابْنِ عُمَرَ: مَا رَأَيْت أَحَدًا يُصَلِّيهِمَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيْرُ قَادِحٍ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ نَفْيٌ غَيْرُ مَحْصُورٍ وَعَجِيبٌ مِمَّنْ زَعَمَ كَوْنَهُ مَحْصُورًا، إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْأَزْمِنَةِ فِي عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَحْضُرْهُ ابْنُ عُمَرَ وَلَا أَحَاطَ بِمَا يَقَعُ فِيهِ، عَلَى أَنَّهُ لَوْ فُرِضَ الْحَصْرُ فَالْمُثْبِتُ مَعَهُ زِيَادَةُ عِلْمٍ فَلْيُقَدَّمْ كَمَا قَدَّمُوا رِوَايَةَ مُثْبِتِ صَلَاتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الْكَعْبَةِ عَلَى رِوَايَةِ نَافِيهَا مَعَ اتِّفَاقِهِمَا، عَلَى أَنَّهُمَا كَانَا مَعَهُ فِيهَا. مَعَ أَنَّ مُدَّعَاهُ نَفْيُ الرُّؤْيَةِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ رُؤْيَتِهِ نَفْيُ رُؤْيَةِ غَيْرِهِ، وَبِفَرْضِ التَّسَاقُطِ يَبْقَى مَعْنَى «صَلُّوا قَبْلَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ» لِعَدَمِ الْمُعَارِضِ لَهُ وَالْخَبَرُ الصَّحِيحُ " بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ " أَيْ أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ " صَلَاةٌ " إذْ هُوَ يَشْمَلُهُمَا نَصًّا وَمِنْ ثَمَّ أَخَذُوا مِنْهُ اسْتِحْبَابَ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي أَرْبَعِ الظُّهْرِ وَأَرْبَعِ الْعَصْرِ إلَخْ، وَأَرَادَ بِأَرْبَعِ الظُّهْرِ وَأَرْبَعِ الْعَصْرِ مَا قَدَّمَهُ فِيهِمَا مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الظُّهْرِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَا يَدَعُهَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَوْلُهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْعَشْرِ لِلْخَبَرِ الْحَسَنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي قَبْلَهَا أَرْبَعًا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِالتَّسْلِيمِ» ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَكَانَ فِي الْخَبَرِ إلَخْ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ كَانَ الْوَارِدَةُ فِي هَذَا الْمَقَامِ، وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ لَهَا ذِكْرٌ فِي كَلَامِهِ، ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْخَبَرِ جِنْسَهُ فَيَشْمَلُ الْخَبَرَيْنِ مَعًا، وَأَنَّهُ أَرَادَ الْوَارِدَ فِي سُنَّةِ الْعَصْرِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ الْوَارِدَ فِي سُنَّةِ الظُّهْرِ اشْتَمَلَ عَلَى مَا يُفِيدُ الْمُوَاظَبَةَ وَهُوَ قَوْلُهُ: لَا يَدَعُهَا فَالتَّكْرَارُ مُسْتَفَادٌ مِنْ غَيْرِ كَانَ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى الْأَرْبَعَ الْقَبْلِيَّةَ وَفَصَلَ بَيْنَهَا بِالسَّلَامِ لَا يَتَعَيَّنُ صَرْفُ الْأُولَيَيْنِ لِلْمُؤَكَّدِ، بَلْ يَقَعُ ثِنْتَانِ مُؤَكَّدَتَانِ وَثِنْتَانِ غَيْرُ مُؤَكَّدَتَيْنِ بِلَا تَعْيِينٍ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ وَالطَّلَبُ فِيهِ أَقْوَى صَرْفُ الْأُولَيَيْنِ لِلْمُؤَكَّدَتَيْنِ مُطْلَقًا، وَهَلْ الْقَبْلِيَّةُ أَفْضَلُ مِنْ الْبَعْدِيَّةِ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ هُمَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ؟ قَالَ الَّذِي ذَكَرَهُ بَعْضُ مَنْ لَقِينَاهُ: إنَّ الْبَعْدِيَّةَ أَفْضَلُ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى فِعْلِ الْفَرِيضَةِ، هَكَذَا نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ حَمْدَانَ. اهـ أَقُولُ: الْأَقْرَبُ التَّسَاوِي كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ الْبَهْجَةِ حَيْثُ قَالَ مَا بِالْوَاوِ لَا تُرَتَّبُ. اهـ: أَيْ مَا ذَكَرْته مِنْ الرَّوَاتِبِ مَعْطُوفًا بِالْوَاوِ وَلَا تَرْتِيبَ فِيهِ وَهَاتَانِ الرَّكْعَتَانِ عَطَفَهُمَا بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَنْوِ الْمُؤَكَّدَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ فِي نِيَّتِهِ عَلَى غَيْرِ الْمُؤَكَّدِ اخْتَصَّ بِهِ، وَبَقِيَ مَا لَوْ أَطْلَقَ سُنَّةَ الظُّهْرِ القَبْلِيَّةَ أَوْ الْبَعْدِيَّةِ بِأَنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِعَدَدٍ هُوَ يَقْتَصِرُ عَلَى ثِنْتَيْنِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى ثِنْتَيْنِ. اهـ. وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ نَصُّهَا: فَرْعٌ: يَجُوزُ أَنْ يُطْلَقَ فِي نِيَّةِ سُنَّةِ الظُّهْرِ الْمُتَقَدِّمَةِ مَثَلًا وَيَتَخَيَّرَ بَيْنَ رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعٍ م ر اهـ. وَفِي كَلَامِهِ أَيْضًا عَلَى الْبَهْجَةِ: لَوْ أَطْلَقَ النِّيَّةَ فِي تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ أَوْ الضُّحَى حُمِلَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ فَلْيُرَاجِعْ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ الْفَرْقَ بَيْنَ الضُّحَى وَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَبَيْنَ الرَّوَاتِبِ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الثَّالِثَةِ) أَيْ فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ، وَقَوْلُهُ كَرَاهَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا: أَيْ قَالَ لِمَنْ شَاءَ كَرَاهَةً (قَوْلُهُ: مَعَ اتِّفَاقِهِمَا) أَيْ الْمُثْبِتِ وَالنَّافِي (قَوْلُهُ: وَالْخَبَرُ الصَّحِيحُ) أَيْ وَيَبْقَى مَعْنَى الْخَبَرِ الصَّحِيحِ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَصَحِّ عِنْدَ مُحَقِّقِي الْأُصُولِيِّينَ، وَمُبَادَرَتُهُ مِنْهَا أَمْرٌ عُرْفِيٌّ لَا وَضْعِيٌّ، لَكِنَّ هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ فِي الثَّانِيَةِ لَا الْأُولَى؛ لِأَنَّ التَّأْكِيدَ لَا يُؤْخَذُ فِيهَا مَنْ كَانَ بَلْ مَنْ لَا يَدَعُ، إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ لِلْأَغْلَبِ إلَى آخَرِ مَا ذَكَرَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

[من القسم الذي لا يسن جماعة الوتر]

رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْعِشَاءِ. وَيُسْتَحَبُّ فِعْلُهُمَا بَعْدَ إجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ، فَإِنْ تَعَارَضَتْ هِيَ وَفَضِيلَةُ التَّحَرُّمِ لِإِسْرَاعِ الْإِمَامِ بِالْفَرْضِ عَقِبَ الْأَذَانِ أَخَّرَهُمَا إلَى مَا بَعْدَهَا وَلَا يُقَدِّمُهُمَا عَلَى الْإِجَابَةِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ أَنَّهُمَا لَيْسَتَا بِسُنَّةٍ، وَاسْتَدَلَّ بِظَاهِرِ خَبَرِ ابْنِ عُمَرَ السَّابِقِ (وَبَعْدَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعٌ) لِمَا مَرَّ فِي الْخَبَرِ الصَّحِيحِ ثِنْتَانِ مِنْهَا مُؤَكَّدَتَانِ (وَقَبْلَهَا مَا قَبْلَ الظُّهْرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) أَيْ أَرْبَعٌ مِنْهَا ثِنْتَانِ مُؤَكَّدَتَانِ فَهِيَ كَالظُّهْرِ فِي الْمُؤَكَّدِ وَغَيْرِهِ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ، وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَتُهُ تُوهِمُ مُخَالَفَتَهَا لِلظُّهْرِ فِي سُنَّتِهَا لِلْمُتَأَخِّرَةِ، وَيَنْوِي بِالْقَبْلِيَّةِ سُنَّةَ الْجُمُعَةِ كَالْبَعْدِيَّةِ، وَلَا أَثَرَ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ وُقُوعِهَا خِلَافًا لِصَاحِبِ الْبَيَانِ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ كُلِّفَ بِالْإِحْرَامِ بِهَا، وَإِنْ شَكَّ فِي عَدَمِ إجْزَائِهَا، أَمَّا الْبَعْدِيَّةُ فَيَنْوِي بِهَا بَعْدَ فِعْلِ الظُّهْرِ بَعْدِيَّتَهُ لَا بَعْدِيَّةَ الْجُمُعَةِ. (وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا يُسَنُّ جَمَاعَةً (الْوِتْرُ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا لِخَبَرِ «هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: لَا إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» وَخَبَرِ «أَوْتِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ» وَلَفْظُ الْأَمْرِ لِلنَّدَبِ هُنَا لِإِرَادَةِ مَزِيدِ التَّأْكِيدِ، وَخَبَرِ «إنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْكُمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ» وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ كَمَا يَقُولُ بِوُجُوبِهِ أَبُو حَنِيفَةَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] إذْ لَوْ وَجَبَ لَمْ يَكُنْ لِلصَّلَوَاتِ وُسْطَى، وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا وَافَقَ أَبَا حَنِيفَةَ عَلَى وُجُوبِهِ حَتَّى صَاحِبَيْهِ، وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ فِعْلُهُمَا) أَيْ اللَّذَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ: أَيْ وَكَذَا سَائِرُ الرَّوَاتِبِ وَإِنَّمَا خَصَّ هَاتَيْنِ بِالذِّكْرِ لِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الْمُبَادَرَةِ بِفِعْلِ الْمَغْرِبِ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَاجِدِ مِنْ الْمُبَادَرَةِ لِصَلَاةِ الْفَرْضِ عِنْدَ شُرُوعِ الْمُؤَذِّنِ فِي الْأَذَانِ الْمُفَوِّتِ لِإِجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ وَلِفِعْلِ الرَّاتِبَةِ قَبْلَ الْفَرْضِ لَهَا لَا يَنْبَغِي، بَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَارَضَتْ هِيَ) أَيْ السُّنَّةُ الْقَبْلِيَّةَ (قَوْلُهُ: إلَى مَا بَعْدَهُمَا) أَيْ وَيَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا فِي التَّأْخِيرِ، وَلَا مَانِعَ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ مَعَ ذَلِكَ فَضْلٌ كَالْحَاصِلِ مَعَ تَقْدِيمِهَا، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ حُصُولَ جَمَاعَةٍ أُخْرَى يَتَمَكَّنُ مَعَهَا مِنْ فِعْلِ الرَّاتِبَةِ الْقَبْلِيَّةِ وَإِدْرَاكِ فَضِيلَةِ التَّحَرُّمِ مَعَ إمَامِ الثَّانِيَةِ سُنَّ تَقَدُّمُ الرَّاتِبَةِ وَتَرْكُ الْجَمَاعَةِ الْأُولَى مَا لَمْ يَكُنْ فِي الْأَوَّلِ زِيَادَةُ فَضْلٍ كَكَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ أَوْ فِقْهِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُقَدِّمُهُمَا عَلَى الْإِجَابَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا تَفُوتُ بِالتَّأْخِيرِ وَلِلْخِلَافِ فِي وُجُوبِهَا (قَوْلُهُ: كَالْبَعْدِيَّةِ) أَيْ؛ كَمَا أَنَّهُ يَنْوِي بِالسُّنَّةِ الْمُتَأَخِّرَةِ الْبَعْدِيَّةَ حَيْثُ عَلِمَ صِحَّةَ الْجُمُعَةِ أَوْ ظَنَّهَا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ ظَنَّ إلَخْ، وَإِلَّا صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ نَوَى بَعْدِيَّتَهُ كَمَا يَأْتِي عَلَى مَا ذَكَرْنَا. (قَوْلُهُ: عَدَمِ وُقُوعِهَا) أَيْ جُمُعَةٍ (قَوْلُهُ: إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ ظَنَّ وُقُوعَهَا) وَفِي نُسْخَةٍ: إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِالْإِحْرَامِ بِهَا وَإِنْ شَكَّ فِي عَدَمِ إجْزَائِهَا، أَمَّا الْبَعْدِيَّةُ فَيَنْوِي بِهَا بَعْدَ فِعْلِ الظُّهْرِ بَعْدِيَّتَهُ لَا بَعْدِيَّةَ الْجُمُعَةِ وَمِنْهُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ، وَإِنْ شَكَّ فِي عَدَمِ إلَخْ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: بَعْدُ وَخَرَجَ إلَخْ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ وَخَرَجَ إلَخْ مَضْرُوبًا عَلَيْهِ أَيْضًا وَعَلَيْهِ فَلَا إشْكَالَ، وَمَا فِي الْأَصْلِ كَانَ يَتْبَعُ فِيهِ حَجّ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ وَضَرَبَ عَلَيْهِ بِخَطِّهِ وَكَتَبَ بَدَلَهُ مَا فِي صَدْرِ الْقَوْلَةِ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَنْوِ) قَسْمَ قَوْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَتُهُ تُوهِمُ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ حَجّ: وَكَأَنَّ عُذْرَهُ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ النَّصُّ الصَّرِيحُ الْمُشْتَهِرُ إلَّا عَلَى هَذِهِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ وُقُوعِهَا) أَيْ بِإِخْلَالِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهَا. وَعِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ فِي تَعْلِيلِ كَلَامِ صَاحِبِ الْبَيَانِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى غَيْرِ ثِقَةٍ مِنْ اسْتِكْمَالِ شُرُوطِهَا. (قَوْلُهُ: أَمَّا الْبَعْدِيَّةُ فَيُنْوَى بِهَا بَعْدَ فِعْلِ الظُّهْرِ) أَيْ إنْ فَعَلَهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْبَابِ وَانْظُرْ مَا وَجْهُهُ حِينَئِذٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَفِي نُسَخِ الشَّارِحِ هُنَا زِيَادَةٌ فِيهَا اخْتِلَافٌ فِي النُّسَخِ، وَقَدْ بَيَّنَهُ الشَّيْخُ عَلَى النُّسْخَةِ الَّتِي رَجَعَ إلَيْهَا الْمُصَنِّفُ آخِرًا فِي الْحَاشِيَةِ. [مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا يُسَنُّ جَمَاعَةً الْوِتْرُ] (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238]

الْوِتْرَ لَيْسَ مِنْ الرَّوَاتِبِ صَحِيحٌ بِاعْتِبَارِ إطْلَاقِ الرَّاتِبَةِ عَلَى التَّابِعَةِ لِلْفَرَائِضِ. وَلِهَذَا لَوْ نَوَى بِهِ سُنَّةَ الْعِشَاءِ أَوْ رَاتِبَتَهَا لَمْ تَصِحَّ، وَمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّهُ مِنْهَا صَحِيحٌ أَيْضًا بِاعْتِبَارِ أَنَّ الرَّاتِبَةَ يُرَادُ بِهَا هُنَا السُّنَنُ الْمُؤَقَّتَةُ، وَقَدْ جَرَيَا عَلَيْهِ فِي مَوَاضِعَ. وَلَوْ صَلَّى مَا عَدَا أَخِيرَةِ الْوِتْرِ أُثِيبَ عَلَى مَا أَتَى بِهِ ثَوَابُ كَوْنِهِ مِنْ الْوِتْرِ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى مَجْمُوعِ الْإِحْدَى عَشْرَةَ، وَمِثْلُهُ مَنْ أَتَى بِبَعْضِ التَّرَاوِيحِ، وَلَيْسَ هَذَا كَمَنْ أَتَى بِبَعْضِ الْكَفَّارَةِ، وَإِنْ ادَّعَاهُ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّ خَصْلَةً مِنْ خِصَالِهَا لَيْسَ لَهُ أَبْعَاضٌ مُتَمَيِّزَةٌ بِنِيَّاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ بِخِلَافِ مَا هُنَا. (وَأَقَلُّهُ رَكْعَةٌ) لِخَبَرِ «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ فَلْيَفْعَلْ» وَصَحَّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ أَوْتَرَ بِوَاحِدَةٍ» ، وَقَوْلُ أَبِي الطَّيِّبِ: يُكْرَهُ الْإِيتَارُ بِهَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهَا خِلَافُ الْأَوْلَى، وَلَا يُنَافِيهِ الْخَبَرُ؛ لِأَنَّهُ لِبَيَانِ حُصُولِ أَصْلِ السُّنَّةِ بِهَا، وَأَدْنَى الْكَمَالِ ثَلَاثَةٌ وَأَكْمَلُ مِنْهُ خَمْسٌ ثُمَّ سَبْعٌ ثُمَّ تِسْعٌ (وَأَكْثَرُهُ إحْدَى عَشْرَةَ) رَكْعَةً لِخَبَرِ عَائِشَةَ «مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً» وَهِيَ أَعْلَمُ بِحَالِهِ مِنْ غَيْرِهَا فَلَا تَصِحُّ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا كَسَائِرِ الرَّوَاتِبِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSوَيَنْوِي إلَخْ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) أَيْ وَيَقَعُ لَهُ نَفْلًا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ بِسُنَّةِ الْجُمُعَةِ الْقَبْلِيَّةَ إذَا لَمْ تَقَعْ صَلَاتُهُ جُمُعَةً عَنْ سُنَّةِ الظُّهْرِ الْقَبْلِيَّةَ. (قَوْلُهُ: كَمَا يَجُوزُ بِنَاءُ الظُّهْرِ عَلَيْهَا) أَيْ إذَا خَرَجَ الْوَقْتُ وَهُمْ فِيهَا أَوْ مَنَعَ مَانِعٌ مِنْ إكْمَالِهَا جُمُعَةً كَانْفِضَاضِ بَعْضِ الْعَدَدِ. (قَوْلُهُ: فَلَمْ يُمْكِنْ الْبِنَاءُ) أَيْ فَيَأْتِي بِسُنَنِ الظُّهْرِ الْقَبْلِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ هَذَا كَمَنْ أَتَى بِبَعْضِ الْكَفَّارَةِ) أَيْ حَيْثُ لَا يُثَابُ عَلَيْهِ ثَوَابَ بَعْضِ الْكَفَّارَةِ، بَلْ إنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ لَمْ تَصِحَّ أَصْلًا، وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ لَكِنْ عَرَضَ لَهُ مَا يَمْنَعُ إكْمَالَهُ وَقَعَ لَهُ نَفْلًا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَأَدْنَى الْكَمَالِ ثَلَاثَةٌ) الْأَوْلَى حَذْفُ التَّاءِ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَخَمْسَةٍ؛ لِأَنَّ الْمَعْدُودَ مُؤَنَّثٌ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ أَشَارَ إلَى مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ أَنَّهُ إذَا حُذِفَ الْمَعْدُودُ جَازَ ثُبُوتُ التَّاءِ وَحَذْفُهَا فَأَثْبَتَهَا فِي الْبَعْضِ وَحَذَفَهَا فِي الْبَعْضِ (قَوْلُهُ: وَأَكْثَرُهُ إحْدَى عَشَرَةَ) أَيْ وَلَوْ مُفَرَّقَةً أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَشَمِلَ إلَخْ. [فَرْعٌ] . نَذَرَ أَنْ يُصَلَّى الْوِتْرَ لَزِمَهُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ؛ لِأَنَّ أَقَلَّهُ وَهُوَ وَاحِدَةٌ يُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا فَلَا يَتَنَاوَلُهُ النَّذْرُ، فَأَقَلُّ عَدَدٍ مِنْهُ مَطْلُوبٌ لَا كَرَاهَةَ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَيْهَا هُوَ الثَّلَاثُ فَيَنْحَطُّ النَّذْرُ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا إذَا قُلْنَا إذَا أَطْلَقَ نِيَّةَ الْوِتْرِ انْعَقَدَتْ عَلَى ثَلَاثٍ م ر. [فَرْعٌ] . لَوْ صَلَّى وَاحِدَةً بِنِيَّةِ الْوِتْرِ حَصَلَ الْوِتْرُ، وَلَا يَجُوزُ بَعْدَهَا أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا بِنِيَّةِ الْوِتْرِ لِحُصُولِهِ وَسُقُوطِهِ، فَإِنْ فَعَلَ عَمْدًا لَمْ يَنْعَقِدْ وَإِلَّا انْعَقَدَ نَفْلًا مُطْلَقًا، وَكَذَا لَوْ صَلَّى ثَلَاثًا بِنِيَّةِ الْوِتْرِ وَسَلَّمَ وَكَذَا نَقَلَ م ر عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ قَالَ: لِسُقُوطِ الطَّلَبِ فَلَا تُقْبَلُ الزِّيَادَةُ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَلْزَمَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ أَنْ يَأْتِيَ بِأَكْثَرِ الْوِتْرِ أَبَدًا فَنَوَى ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ مِنْهُ وَسَلَّمَ مِنْهَا فَاتَ الْعَمَلُ فَالْتَزَمَهُ، وَرَأَيْت شَيْخَنَا حَجّ أَفْتَى بِخِلَافِ ذَلِكَ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُ سم: وَرَأَيْت شَيْخَنَا حَجّ أَفْتَى بِخِلَافِ ذَلِكَ: أَيْ فَقَالَ إذَا صَلَّى رَكْعَةً مِنْ الْوِتْرِ أَوْ ثَلَاثَةً مَثَلًا جَازَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ بَاقِيَهُ. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ حَجّ وَقَدْ يُنَازَعُ فِي قَوْلِ الرَّمْلِيِّ لِسُقُوطِ الطَّلَبِ بِأَنَّ سُقُوطَ الطَّلَبِ لَا يَقْتَضِي مَنْعَ الْبَقِيَّةِ، أَلَا تَرَى أَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ يَسْقُطُ الطَّلَبُ فِيهِ بِفِعْلِ وَاحِدٍ وَلَوْ فَعَلَهُ غَيْرُهُ بَعْدَهُ أُثِيبَ عَلَيْهِ ثَوَابَ الْفَرْضِ، وَقَوْلُهُ لَزِمَهُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ هَلْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلَاثِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ نَذْرَ الثَّلَاثِ يُحْمَلُ مِنْهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْ الثَّلَاثِ، ثُمَّ إنْ أَحْرَمَ بِالثَّلَاثِ ابْتِدَاءً حَصَلَ بِهَا الْوِتْرُ وَبَرِئَ مِنْ النَّذْرِ، وَلَا يَجُوزُ الزِّيَادَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَلِلْخَبَرَيْنِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: أُثِيبَ عَلَى مَا أَتَى بِهِ) أَيْ وَإِنْ قَصَدَ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً

فَإِنْ أَحْرَمَ بِالْجَمِيعِ دَفْعَةً وَاحِدَةً لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ سَلَّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ صَحَّ مَا عَدَا الْإِحْرَامَ السَّادِسَ فَلَا يَصِحُّ وِتْرًا، ثُمَّ إنْ عَلِمَ الْمَنْعَ وَتَعَمَّدَ فَالْقِيَاسُ الْبُطْلَانُ، وَإِلَّا وَقَعَ نَفْلًا كَمَا لَوْ أَحْرَمَ بِصَلَاةٍ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا غَالِطًا، وَشَمَلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ أَتَى بِبَعْضِ الْوِتْرِ ثُمَّ تَنَفَّلَ ثُمَّ أَتَى بِبَاقِيهِ (وَقِيلَ) أَكْثَرُهُ (ثَلَاثَ عَشْرَةَ) رَكْعَةً لِأَخْبَارٍ صَحِيحَةٍ تَأَوَّلَهَا الْأَكْثَرُونَ بِأَنَّ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَيْنِ سُنَّةُ الْعِشَاءِ، وَقَدْ ادَّعَى الْمُصَنِّفُ ضَعْفَ التَّأْوِيلِ وَأَنَّهُ مُبَاعِدٌ لِلْأَخْبَارِ. وَقَالَ السُّبْكِيُّ: وَأَنَا أَقْطَعُ بِحِلِّ الْإِيتَارِ بِذَلِكَ وَصِحَّتِهِ، وَلَكِنْ أُحِبُّ الِاقْتِصَارَ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ فَأَقَلَّ؛ لِأَنَّهُ غَالِبُ أَحْوَالِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. وَيُسَنُّ لِمَنْ أَوْتَرَ بِثَلَاثٍ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْأُولَى بَعْدَ الْفَاتِحَةِ الْأَعْلَى، وَفِي الثَّانِيَةِ الْكَافِرُونَ، وَفِي الثَّالِثَةِ الْإِخْلَاصَ ثُمَّ الْفَلَقَ ثُمَّ النَّاسَ مَرَّةً مَرَّةً وَلَوْ أَوْتَرَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ قَرَأَ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ مَا ذَكَرَ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ. (وَلِمَنْ) (زَادَ عَلَى رَكْعَةٍ) فِي الْوِتْرِ (الْفَصْلُ) بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ بِالسَّلَامِ لِلِاتِّبَاعِ (وَهُوَ أَفْضَلُ) مِنْ الْوَصْلِ الْآتِي إنْ سَاوَاهُ عَدَدُ الْخَبَرِ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَفْرَغَ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إلَى الْفَجْرِ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً وَيُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ» وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ مُنْفَرِدًا أَوْ فِي جَمَاعَةٍ. وَقَوْل الْجَوْجَرِيُّ: إنَّ قَضِيَّةَ تَعْبِيرِهِمْ بِالسَّلَامِ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ أَنَّهُ لَوْ أَوْتَرَ بِإِحْدَى عَشْرَةَ سَلَّمَ سِتَّ تَسْلِيمَاتٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْقَصُ مِنْ ذَلِكَ كَأَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ وَسِتًّا بِتَسْلِمَةٍ ثُمَّ يُصَلِّيَ الرَّكْعَةَ، وَإِنْ وُجِدَ مُطْلَقُ الْفَصْلِ؛ لِأَنَّ الْمَرْجِعَ فِي ذَلِكَ الِاتِّبَاعُ وَلَمْ يَرِدْ إلَّا كَذَلِكَ. رَدَّهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُهَا بَلْ دَعْوَى أَنَّ ذَلِكَ قَضِيَّتُهُ مَمْنُوعٌ، وَإِنَّمَا قَضِيَّتُهُ أَنَّ ذَلِكَ خِلَافُ الْأَوْلَى. وَقِيلَ الْوَصْلُ أَفْضَلُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ لَا يُصَحِّحُ الْفَصْلَ، وَالْقَائِلُونَ بِالْأَوَّلِ مَنَعُوا ذَلِكَ بِأَنَّ الشَّافِعِيَّ إنَّمَا يُرَاعِي خِلَافَ غَيْرِهِ إذَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى مَحْظُورٍ أَوْ مَكْرُوهٍ، فَإِنَّ الْوَصْلَ بِثَلَاثٍ مَكْرُوهٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ خَيْرَانَ، بَلْ قَالَ الْقَفَّالُ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ وُجِدَ مُسَمَّى الْوِتْرِ امْتَنَعَتْ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ م ر، وَإِنْ أَحْرَمَ بِرَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ أَوْ بِالْإِحْدَى عَشَرَةَ دُفْعَةً وَاحِدَةً لَمْ يَمْتَنِعْ وَيَقَعُ بَعْضُ مَا أَتَى بِهِ وَاجِبًا وَبَعْضُهُ مَنْدُوبًا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَحْرَمَ بِالْجَمِيعِ) أَيْ بِالْإِحْدَى عَشَرَةَ مَعَ الزِّيَادَةِ كَأَنْ أَحْرَمَ بِاثْنَيْ عَشَرَ (قَوْلُهُ: مَرَّةً مَرَّةً) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْإِخْلَاصِ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ وَصَلَ وَإِنْ لَزِمَ تَطْوِيلُ الثَّالِثَةِ عَلَى الثَّانِيَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُقَالُ: هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَا تُسَنُّ سُورَةٌ بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: هَذَا مُخَصِّصٌ لَهُ لِتَعَلُّقِ الطَّلَبِ بِهِ بِخُصُوصِهِ. (قَوْلُهُ: بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ) أَيْ وَمَا بَعْدَهُمَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَفْضَلُ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا أَوْتَرَ بِثَلَاثٍ، فَإِنْ زَادَ فَالْفَصْلُ أَفْضَلُ بِلَا خِلَافٍ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالتَّحْقِيقِ. اهـ فِي أَثْنَاءِ كَلَامِهِمْ. أَقُولُ: وَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ قَدْ فُهِمَ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ إنْ سَاوَاهُ عَدَدًا. (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ) بِهِ يُدْفَعُ مَا يُقَالُ الْقِيَاسُ أَنْ يُقَالَ الْوَصْلُ أَفْضَلُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْوَصْلَ. وَوَجْهُ الدَّفْعِ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا يُرَاعَى إذَا لَمْ تُعَارِضْهُ سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ وَرَدَتْ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَقَدْ وَرَدَ عَنْهُ الْفَصْلُ (قَوْلُهُ: قَضِيَّتُهُ مَمْنُوعٌ) أَيْ قَوْلٌ مَمْنُوعٌ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مَمْنُوعَةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ مَكْرُوهٌ) أَيْ وَالرِّعَايَةُ هُنَا تُؤَدِّي إلَى مَكْرُوهٍ فَإِنَّ الْوَاصِلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَلْ قَالَ الْقَفَّالُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُهَا) أَيْ الْقَضِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا قَضِيَّتُهُ أَنَّ ذَلِكَ خِلَافُ الْأَوْلَى) عَلَّلَهُ فِي الْإِمْدَادِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي بَيَانِ كَوْنِ الْفَصْلِ أَفْضَلَ، فَصَوَّرُوهُ بِذَلِكَ لِيُفِيدَ أَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْعَلُهُ. (قَوْلُهُ: كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ خَيْرَانَ) أَيْ اسْتِنَادًا لِمَا فِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ «لَا تُشَبِّهُوا الْوِتْرَ بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ» فَهُوَ الَّذِي مَنَعَ الشَّافِعِيَّ مِنْ مُرَاعَاتِهِ لِمُخَالَفَتِهِ السُّنَّةَ الصَّحِيحَةَ الصَّرِيحَةَ، وَإِلَّا فَمَا ذُكِرَ مِنْ جَزْمِ ابْنِ خَيْرَانَ وَمَا بَعْدَهُ لَيْسَ مُسْتَنِدَ الشَّافِعِيِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنْ أَوْهَمَتْهُ الْعِبَارَةُ

لَا يَصِحُّ وَصْلُهَا وَبِهِ أَفْتَى الْقَاضِي حُسَيْنُ. (وَ) لَهُ (الْوَصْلُ بِتَشَهُّدٍ أَوْ تَشَهُّدَيْنِ فِي) الرَّكْعَتَيْنِ (الْأَخِيرَتَيْنِ) لِثُبُوتِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي مُسْلِمٍ عَنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيَمْتَنِعُ أَكْثَرُ مِنْ تَشَهُّدَيْنِ وَفِعْلُ أَوَّلِهِمَا قَبْلَ الْأَخِيرَتَيْنِ لِعَدَمِ وُرُودِ ذَلِكَ، وَالْوَصْلُ بِتَشَهُّدٍ أَفْضَلُ مِنْهُ بِتَشَهُّدَيْنِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ فَرْقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَلِلنَّهْيِ عَنْ تَشْبِيهِ الْوِتْرِ بِالْمَغْرِبِ. وَيُسَنُّ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ الْوِتْرِ ثَلَاثًا: سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ، ثُمَّ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِرِضَاك مِنْ سَخَطِك، وَبِمُعَافَاتِك مِنْ عُقُوبَتِك، وَبِك مِنْك، لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسِك. وَقَدْ مَرَّ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ تَمَامَ الْفَضِيلَةِ لِلْوِتْرِ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِفِعْلِ أَخِيرَتِهِ لَا أَصْلِهَا. (وَوَقْتُهُ) أَيْ الْوِتْرُ (بَيْنَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ) وَلَوْ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ (وَطُلُوعِ الْفَجْرِ) الصَّادِقِ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ فِي ذَلِكَ وَقْتُهُ الْمُخْتَارُ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يُرِدْ تَهَجُّدًا، وَلَمْ يَعْتَدْ الْيَقِظَةَ آخِرَ اللَّيْلِ، وَكَمَا يُشْتَرَطُ وُقُوعُهُ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ بَعْدَ فِعْلِهَا حَتَّى لَوْ خَرَجَ وَقْتُهَا، وَأَرَادَ فِعْلَهُ قَضَاءً قَبْلَ فِعْلِهَا كَانَ مُمْتَنِعًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَحْكِي الْأَدَاءَ. (وَقِيلَ) (شَرْطُ) جَوَازِ (الْإِيتَارِ بِرَكْعَةٍ) (سَبْقُ نَفْلٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ سُنَّتِهَا لِتَقَعَ هِيَ مُوتِرَةً لِذَلِكَ الْفِعْلِ. وَرُدَّ بِأَنَّهُ يَكْفِي كَوْنُهَا وِتْرًا فِي نَفْسِهَا أَوْ مُوتِرَةً لِمَا قَبْلَهَا وَلَوْ فَرْضًا (وَيُسَنُّ) لِمَنْ وَثِقَ بِيَقِظَتِهِ، وَأَرَادَ صَلَاةً بَعْدَ نَوْمِهِ (جَعْلُهُ) أَيْ جَمِيعُ وِتْرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَالْوَصْلُ بِتَشَهُّدِ أَفْضَلُ) أَيْ وَإِنْ أَحْرَمَ بِإِحْدَى عَشَرَةَ، وَلَعَلَّ وَجْهَ التَّشْبِيهِ بِالْمَغْرِبِ فِيمَا ذُكِرَ أَنَّ الْأَوَّلَ مِنْهُمَا بَعْدَ شَفْعٍ وَالثَّانِيَ بَعْدَ فَرْدٍ، ثُمَّ قَوْلُهُ: أَفْضَلُ يُفِيدُ أَنَّ الْوَصْلَ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِ بِتَشَهُّدَيْنِ لَيْسَ مَكْرُوهًا وَإِنَّمَا هُوَ خِلَافُ الْأَفْضَلِ. (قَوْلُهُ: وَلِلنَّهْيِ عَنْ تَشْبِيهِ الْوِتْرِ) أَيْ بِجَعْلِهِ مُشْتَمِلًا عَلَى تَشَهُّدَيْنِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَقُولَ: بَعْدَ الْوِتْرِ) أَيْ بَعْدَ فَرَاغِ الْوِتْرِ رَكْعَةً كَانَ أَوْ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ: وَبِك مِنْك) أَيْ أَسْتَجِيرُ بِك مِنْ غَضَبِك (قَوْلُهُ: وَقَدْ مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ صَلَّى مَا عَدَا أَخِيرَةِ الْوِتْرِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ صَارَ مُقِيمًا قَبْلَ فِعْلِهِ وَبَعْدَ فِعْلِ الْعِشَاءِ كَأَنْ وَصَلَتْ سَفِينَتُهُ دَارَ إقَامَتِهِ بَعْدَ فِعْلِ الْعِشَاءِ أَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ، لَكِنْ نُقِلَ عَنْ الْعُبَابِ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بَلْ يُؤَخِّرُهُ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُهُ الْحَقِيقِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ انْتَفَى بِالْإِقَامَةِ. (قَوْلُهُ: سَبْقُ نَفْلٍ) وَيَنْبَغِي تَصْوِيرُهُ بِرَكْعَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ حَيْثُ كَانَ شَفْعًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ لِتَقَعَ هِيَ مُوتِرَةً إلَخْ، وَإِلَّا فَالنَّفَلُ يَصْدُقُ بِرَكْعَةٍ وَلَا يَكُونُ الْإِيتَارُ بِرَكْعَةٍ شَفْعًا لَهُ (قَوْلُهُ: بِيَقَظَتِهِ) بِفَتْحِ الْقَافِ اهـ شَرْحَ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: جَعَلَهُ إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ لَوْ صَلَّى أَوَّلَ اللَّيْلِ صَلَّى إحْدَى عَشَرَةَ وَلَوْ صَلَّى آخِرَهُ صَلَّى ثَلَاثَةً، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِحْدَى عَشَرَةَ أَوْلَى مُحَافَظَةً عَلَى كَمَالِ الْعِبَادَةِ. وَوَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ فَاتَهُ الْوِتْرُ وَأَرَادَ صَلَاتَهُ هَلْ يُقَدِّمُهُ عَلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ أَوْ يُؤَخِّرُهُ عَنْهَا؟ وَإِذَا أَخَّرَهُ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ هَلْ فِعْلُهُ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ أَوْلَى أَوْ تَأْخِيرُهُ إلَى وَقْتِ الضُّحَى؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ مَا يَقْتَضِي أَنَّ تَأْخِيرَهُ إلَى وَقْتِ الضُّحَى أَوْلَى كَغَيْرِهِ مِنْ النَّوَافِلِ اللَّيْلِيَّةِ الَّتِي تَفُوتُهُ، وَمِنْهَا مَا لَوْ كَانَ لَهُ وِرْدٌ اعْتَادَهُ لَيْلًا وَلَمْ يَفْعَلْهُ. اهـ بِالْمَعْنَى. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّهُ إنْ فَعَلَهُ قَبْلَ الْفَرْضِ كَانَ مِنْ التَّنَفُّلِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَبْلَ فِعْلِ الْفَرْضِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ أَوْ بَعْدَهُ كَانَ مِنْ التَّنَفُّلِ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ، وَهُوَ لَا يَنْعَقِدُ عِنْدَ بَعْضِ الْمَذَاهِبِ فَطَلَبَ تَأْخِيرَهُ إلَى وَقْتٍ لَا يُكْرَهُ فِيهِ التَّنَفُّلُ اتِّفَاقًا وَهُوَ وَقْتُ الضُّحَى. [فَرْعٌ] قَالَ فِي الْإِيعَابِ مَا حَاصِلُهُ: لَوْ كَانَ لَوْ صَلَّى الْوِتْرَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ مَوْصُولَةٍ أَدْرَكَهَا جَمِيعَهَا فِي الْوَقْتِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَرَادَ صَلَاةً بَعْدَ نَوْمِهِ) قَالَ الشِّهَابُ سم: قَدْ يُقَالُ الْجَعْلُ الْمَذْكُورُ مَسْنُونٌ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ صَلَاةً بَعْدَ النَّوْمِ،؛ لِأَنَّ طَلَبَ الشَّيْءِ لَا يَسْقُطُ بِإِرَادَةِ الْخِلَافِ فَمَا وَجْهُ التَّقْيِيدِ؟ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ احْتِرَازٌ عَمَّا لَوْ عَزَمَ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ بَعْدَ النَّوْمِ؛ أَوْ لِأَنَّهُ لَا يُصَدِّقُ قَوْلَهُ جَعَلَهُ آخِرَ صَلَاةِ اللَّيْلِ. اهـ. .

(آخِرَ صَلَاةِ اللَّيْلِ) لِخَبَرِ «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ مِنْ اللَّيْلِ وِتْرًا» مَعَ خَبَرِ مُسْلِمٍ «مَنْ خَافَ أَنْ لَا يَقُومَ آخِرَ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ، وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ آخِرَ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ» ثُمَّ إنْ فَعَلَهُ بَعْدَ نَوْمٍ كَانَ وِتْرًا وَتَهَجُّدًا، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُهُمْ هُنَا، وَإِلَّا كَانَ وِتْرًا لَا تَهَجُّدًا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُهُمَا فِي النِّكَاحِ أَنَّهُمَا مُتَغَايِرَانِ، وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِي: أَيْ جَمِيعُهُ أَنَّ الْأَفْضَلَ تَأْخِيرُ كُلِّهِ، وَإِنْ صَلَّى بَعْضَهُ أَوَّلَ اللَّيْلِ فِي جَمَاعَةٍ وَكَانَ لَا يُدْرِكُهَا آخِرَ اللَّيْلِ وَلِهَذَا أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ يُصَلِّي بَعْضَ وِتْرِ رَمَضَانَ جَمَاعَةً وَيُكْمِلُهُ بَعْدَ تَهَجُّدِهِ بِأَنَّ الْأَفْضَلَ تَأْخِيرُ كُلِّهِ، فَقَدْ قَالُوا: إنَّ مَنْ لَهُ تَهَجُّدٌ لَمْ يُوتِرْ مَعَ الْجَمَاعَةِ بَلْ يُؤَخِّرُهُ إلَى اللَّيْلِ، فَإِنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ مَعَهُمْ صَلَّى نَافِلَةً مُطْلَقَةً وَأَوْتَرَ آخِرَ اللَّيْلِ (فَإِنْ أَوْتَرَ ثُمَّ تَهَجَّدَ أَوْ عَكَسَ) أَوْ لَمْ يَتَهَجَّدْ أَصْلًا (لَمْ يُعِدْهُ) أَيْ لَا تُطْلَبُ إعَادَتُهُ، فَإِنْ أَعَادَهُ بِنِيَّةِ الْوِتْرِ عَامِدًا عَالِمًا حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَلَمْ يَنْعَقِدْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِخَبَرِ «لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ» وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ. وَقَدْ قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ: صَحَّ النَّهْيُ عَنْ نَقْضِ الْوِتْرِ، وَلِأَنَّ حَقِيقَةَ النَّهْيِ التَّحْرِيمُ؛ وَلِأَنَّ مُطْلَقَ النَّهْيِ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ إنْ رَجَعَ إلَى عَيْنِهِ أَوْ جُزْئِهِ أَوْ لَازِمِهِ، وَالنَّهْيُ هُنَا رَاجِعٌ إلَى كَوْنِهِ وِتْرًا، وَلِلْقِيَاسِ عَلَى مَا لَوْ زَادَ فِي الْوِتْرِ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ كَمَا صَحَّ بِبُطْلَانِ الزِّيَادَةِ فِي الْعَزِيزِيِّ وَالْأَنْوَارِ نَعَمْ إنْ أَعَادَهُ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا وَقَعَ نَفْلًا مُطْلَقًا كَإِحْرَامِهِ بِالظُّهْرِ قَبْلَ الزَّوَالِ غَالِطًا. وَلَا يُكْرَهُ التَّهَجُّدُ بَعْدَ الْوِتْرِ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُؤَخِّرَهُ عَنْهُ قَلِيلًا (وَقِيلَ يَشْفَعُهُ بِرَكْعَةٍ) أَيْ يُصَلِّي رَكْعَةً لِيُصَيِّرَهُ شَفْعًا (ثُمَّ يُعِيدُهُ) لِيَقَعَ الْوِتْرُ آخِرَ صَلَاتِهِ كَمَا فَعَلَهُ جَمْعٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَيُسَمَّى نَقْضَ الْوِتْرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ صَحَّ النَّهْيُ عَنْهُ. (وَيُنْدَبُ الْقُنُوتُ آخِرَ وِتْرِهِ) أَيْ آخِرَ مَا يَقَعُ وِتْرًا، فَشَمِلَ ذَلِكَ مَنْ أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ (فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ) لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ قَنَتَ فِيهِ لَمَّا جَمَعَ عُمَرُ النَّاسَ عَلَيْهِ وَصَلَّى بِهِمْ: أَيْ صَلَاةَ التَّرَاوِيحِ (وَقِيلَ) يُسَنُّ فِي آخِرَةِ الْوِتْرِ (كُلُّ السُّنَّةِ) لِإِطْلَاقِ مَا مَرَّ فِي قُنُوتِ الصُّبْحِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ قَنَتَ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَوْ مَفْصُولَةٍ خَرَجَ بَعْضُهَا صَلَّاهَا مَوْصُولَةً. وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ لَوْ صَلَّى خَمْسًا أَوْ سَبْعًا أَوْ تِسْعًا أَدْرَكَهَا فِي الْوَقْتِ، وَإِذَا صَلَّى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ خَرَجَ بَعْضُهَا عَنْ الْوَقْتِ هَلْ الْأَفْضَلُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَقَلِّ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِتَبَعِيَّةِ مَا بَعْدَ الْوَقْتِ لِمَا وَقَعَ فِيهِ فَكَأَنَّهُ صَلَّاهَا كُلَّهَا فِي الْوَقْتِ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرَهُ سم عَلَى حَجّ فِي رَوَاتِبِ الظُّهْرِ الْقَبْلِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا نَوَى الْجَمِيعَ وَأَدْرَكَ بَعْضَهَا فِي الْوَقْتِ وَقَعَتْ كُلُّهَا أَدَاءً (قَوْلُهُ: آخِرِ صَلَاةِ اللَّيْلِ) يُؤْخَذُ مِنْ تَخْصِيصِ سَنِّ التَّأْخِيرِ بِالْوِتْرِ اسْتِحْبَابُ تَعْجِيلِ رَاتِبَةِ الْعِشَاءِ الْبَعْدِيَّةِ وَقَدْ قَدَّمْنَا مَا يَدُلُّ لَهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا كَانَ وِتْرًا) أَيْ بِأَنَّ فِعْلَهُ قَبْلَ النَّوْمِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْأَفْضَلَ تَأْخِيرُ كُلِّهِ) أَيْ مَا لَمْ يَخَفْ مِنْ تَأْخِيرِهِ فَوَاتُ بَعْضِهِ، وَإِلَّا صَلَّى مَا يَخَافُ فَوْتُهُ وَأَخَّرَ بَاقِيَهُ وَيَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا فِي التَّقْدِيمِ لِمَا صَلَّاهُ (قَوْلُهُ: إلَى اللَّيْلِ) أَيْ آخِرِ اللَّيْلِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ آخِرَ اللَّيْلِ (قَوْلُهُ: صَلَّى نَافِلَةً) أَيْ مُنْفَرِدًا كَانَ أَوْ إمَامًا. لَكِنْ لَوْ كَانَ إمَامًا وَصَلَّى وِتْرَ رَمَضَانَ بِنِيَّةِ النَّفْلِ كُرِهَ الْقُنُوتُ فِي حَقِّهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُعِدْهُ) أَيْ وَلَوْ فِي جَمَاعَةٍ، وَعَلَيْهِ فَيُسْتَثْنَى هُنَا لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ النَّفَلَ الَّذِي تُشْرَعُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ يُسَنُّ إعَادَتُهُ جَمَاعَةً، وَقَوْلُهُ أَيْ لَا تُطْلَبُ إعَادَتُهُ بَيَانٌ لِمَا فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ ثُمَّ عَقَّبَهُ بِمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ، فَلَا يُقَالُ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: أَيْ لَمْ تَجُزْ إعَادَتُهُ فَإِنْ أَعَادَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُؤَخِّرَهُ إلَخْ) لَعَلَّ حِكْمَتَهُ الْمُحَافَظَةُ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ عَلَى جَعْلِ الْوِتْرِ آخِرَ صَلَاةِ اللَّيْلِ صُورَةً، فَإِنَّهُ لَمَّا فَصَلَ بَيْنَ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ وَمَا بَعْدَهَا كَانَ ذَلِكَ كَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ لِفَصْلِهِ، وَبِتَقْدِيرِ أَنَّهُ مِنْهَا يَنْزِلُ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ مَنْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْوِتْرِ ثُمَّ عَرَضَ لَهُ مَا يَقْتَضِي التَّهَجُّدَ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ: فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ: لَوْ قَنَتَ فِيهِ) أَيْ الْوِتْرِ؛ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَنَتَ فِي غَيْرِ الصُّبْحِ، فَإِنْ طَالَ بِهِ الِاعْتِدَالُ وَلَوْ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ حَيْثُ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا وَإِلَّا فَلَا وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ، وَأَفْتَى حَجّ بِأَنَّ تَطْوِيلَ الِاعْتِدَالِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ عُهِدَ تَطْوِيلُهُ بِقُنُوتِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[من القسم الذي لا تسن له جماعة الضحى]

فِي غَيْرِ النِّصْفِ الْمَذْكُورِ وَلَمْ يُطِلْ بِهِ الِاعْتِدَالَ كُرِهَ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ، وَإِنْ طَالَ بِهِ، وَهُوَ عَامِدٌ عَالِمٌ بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِلَّا فَلَا وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ (وَهُوَ كَقُنُوتِ الصُّبْحِ) فِي لَفْظِهِ وَمَحَلِّهِ وَالْجَهْرِ بِهِ وَاقْتِضَاءِ السُّجُودِ بِتَرْكِهِ وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ فِيهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ ثُمَّ، وَيُسَنُّ لِمُنْفَرِدٍ، وَإِمَامِ غَيْرِ مَنْ مَرَّ زِيَادَةُ مَا سَيَأْتِي عَلَيْهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَيَقُولُ) نَدْبًا (قَبْلَهُ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك وَنَسْتَغْفِرُك إلَخْ) أَيْ نَسْتَهْدِيك وَنُؤْمِنُ بِك وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْك وَنُثْنِي عَلَيْك الْخَيْرَ كُلَّهُ، نَشْكُرُك وَلَا نَكْفُرُك وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ يَفْجُرُكَ. اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ وَلَك نُصَلِّي وَنَسْجُدُ، وَإِلَيْك نَسْعَى وَنَحْفِدُ بِدَالٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ نُسْرِعُ نَرْجُو رَحْمَتَك وَنَخْشَى عَذَابَك إنَّ عَذَابَك الْجِدَّ بِكَسْرِ الْجِيمِ بِالْكُفَّارِ مُلْحِقٌ، بِكَسْرِ الْحَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ: أَيْ لَاحِقٌ بِهِمْ: وَيَجُوزُ فَتْحُهَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَلْحَقَهُ بِهِمْ. اللَّهُمَّ عَذِّبْ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ يَصُدُّونَ: أَيْ يَمْنَعُونَ عَنْ سَبِيلِك، وَيُكَذِّبُونَ رُسُلَك وَيُقَاتِلُونَ أَوْلِيَاءَك: أَيْ أَنْصَارَك. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِهِمْ: أَيْ أُمُورَهُمْ وَمُوَاصَلَاتِهِمْ، وَأَلِّفْ: أَيْ اجْمَعْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَاجْعَلْ فِي قُلُوبِهِمْ الْإِيمَانَ وَالْحِكْمَةَ، وَهِيَ كُلُّ مَا مَنَعَ الْقَبِيحَ، وَثَبِّتْهُمْ عَلَى مِلَّةِ رَسُولِك، وَأَوْزِعْهُمْ: أَيْ أَلْهَمَهُمْ أَنْ يُوَفُّوا بِعَهْدِك الَّذِي عَاهَدْتهمْ عَلَيْهِ، وَانْصُرْهُمْ عَلَى عَدُوِّك وَعَدُوِّهِمْ إلَهَ الْحَقِّ وَاجْعَلْنَا مِنْهُمْ. وَلَا يُسَنُّ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إلَى آخِرِ السُّورَةِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لِكَرَاهَةِ الْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ (قُلْت: الْأَصَحُّ) أَنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ (بَعْدَهُ) ؛ لِأَنَّ قُنُوتَ الصُّبْحِ ثَابِتٌ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْوِتْرِ، وَالْآخَرُ لَمْ يَأْتِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْءٌ فِيهِ، وَإِنَّمَا اخْتَرَعَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَتَبِعُوهُ فَكَانَ تَقْدِيمُهُ أَوْلَى، فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَقُنُوتُ الصُّبْحِ أَفْضَلُ لِمَا ذُكِرَ (وَأَنَّ) (الْجَمَاعَةَ تُنْدَبُ فِي الْوِتْرِ) فِي رَمَضَانَ سَوَاءٌ أَكَانَ (عَقِبَ التَّرَاوِيحِ) أَمْ بَعْدَهَا أَمْ لَمْ يَفْعَلْهَا، وَسَوَاءٌ أَفُعِلَتْ التَّرَاوِيحُ (جَمَاعَةً) أَمْ لَا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) اقْتِدَاءً فِي ذَلِكَ بِالسَّلَفِ وَالْخَلَفِ. أَمَّا وِتْرُ غَيْرِ رَمَضَانَ فَلَا يُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ كَغَيْرِهِ. (وَمِنْهُ) أَيْ وَمِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا تُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ (الضُّحَى) لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِيهَا، وَمَنْ نَفَاهَا إنَّمَا أَرَادَ بِحَسَبِ عِلْمِهِ وَهِيَ صَلَاةُ الْإِشْرَاقِ كَمَا أَفْتَى بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالنَّازِلَةِ، وَعَلَيْهِ فَلَا سُجُودَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ مَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ. (قَوْلُهُ: وَنَحْفِدُ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: وَهُوَ مِنْ حَفَدَ وَأَحْفَدَ لُغَةٌ فِيهِ اهـ: أَيْ فَهُوَ بِفَتْحِ النُّونِ وَيَجُوزُ ضَمُّهَا (قَوْلُهُ: إنَّ عَذَابَك الْجِدُّ) يُقَالُ الْجِدُّ بِكَسْرِ الْجِيمِ الِاجْتِهَادُ فِي الْأَمْرِ وَالْمُرَادُ هُنَا لَازِمُهُ وَهُوَ شِدَّةُ الْعَذَابِ، فَإِنَّ مَنْ جَدَّ فِي أَمْرٍ حَصَّلَ غَايَتَهُ وَمُنْتَهَاهُ (قَوْلُهُ: أَيْ لَاحِقٌ بِهِمْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ أَلْحَقَ هُنَا بِمَعْنَى لَحِقَ، وَمِنْ ثَمَّ أَشْرَكَ بَيْنَ اسْمِ فَاعِلِ الصِّيغَتَيْنِ فِي لَفْظٍ وَاحِدٍ. وَفِي الْمِصْبَاحِ: لَحِقْته وَلَحِقْت بِهِ أَلْحَقُ مِنْ بَابِ تَعِبَ لَحَاقًا بِالْفَتْحِ أَدْرَكْته، وَأَلْحَقْته بِالْأَلِفِ مِثْلُهُ، وَأَلْحَقْت زَيْدًا بِعَمْرٍو أَتْبَعْته إيَّاهُ فَلَحِقَ هُوَ وَأَلْحَقَ أَيْضًا، وَفِي الدُّعَاءِ: إنَّ عَذَابَك بِالْكُفَّارِ مُلْحَقُ يَجُوزُ بِالْكَسْرِ اسْمِ فَاعِلٍ بِمَعْنَى لَاحِقٌ، وَيَجُوزُ بِالْفَتْحِ اسْمِ مَفْعُولٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ أَلْحَقَهُ بِالْكُفَّارِ: أَيْ يُنْزِلُهُ بِهِمْ اهـ (قَوْلُهُ: أَيْ أُمُورَهُمْ) تَفْسِيرٌ مُرَادِفٌ لِقَوْلِهِ: ذَاتَ بَيْنِهِمْ. وَفِي الْبَيْضَاوِيِّ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [الأنفال: 1] مَا نَصُّهُ: أَيْ أَصْلِحُوا الْحَالَ الَّتِي بَيْنَكُمْ بِالْمُوَاسَاةِ وَالْمُسَاعَدَةِ فِيمَا رَزَقَكُمْ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَتَسْلِيمِ أَمْرِهِ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ (قَوْلُهُ: وَمُوَاصَلَاتِهِمْ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ الْحِكْمَةُ (قَوْلُهُ: الَّذِي عَاهَدَتْهُمْ عَلَيْهِ) أَيْ فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الأعراف: 172] الْآيَةَ. (قَوْلُهُ: لِمَا ذُكِرَ) هُوَ قَوْلُهُ: لِأَنَّ قُنُوتَ الصُّبْحِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْجَمَاعَةَ تُنْدَبُ إلَخْ) لَعَلَّ حِكْمَةَ التَّعَرُّضِ لِهَذَا هُنَا مَعَ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا لَا تُشْرَعُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الْوِتْرَ لِكَوْنِهِ فِي أَكْثَرِ السُّنَّةِ لَا جَمَاعَةَ فِيهِ نَاسَبَ تَتْمِيمَ أَحْوَالِهِ بِذَكَرِ مَا يُفْعَلُ فِيهِ فِي بَعْضِ السُّنَّةِ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ صَلَاةُ الْإِشْرَاقِ) عِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ: الْمُعْتَمَدُ أَنَّ صَلَاةَ الْإِشْرَاقِ غَيْرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مَنْ مَرَّ) الصَّوَابُ إسْقَاطُ لَفْظِ غَيْرٍ [مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا تُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ الضُّحَى] (قَوْلُهُ: وَمَنْ نَفَاهَا) إنْ أَرَادَ بِالنَّافِي عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - كَانَ

الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ وَقَعَ فِي الْعُبَابِ أَنَّهَا غَيْرُهَا، وَعَلَى مَا فِيهِ يُنْدَبُ قَضَاؤُهَا إذَا فَاتَتْ؛ لِأَنَّهَا ذَاتُ وَقْتٍ (وَأَقَلُّهَا رَكْعَتَانِ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْصَى بِهِمَا أَبَا هُرَيْرَةَ وَأَنَّهُ لَا يَدَعْهُمَا، وَيُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَ فِيهِمَا الْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصَ وَهُمَا أَفْضَلُ فِي ذَلِكَ مِنْ الشَّمْسِ وَالضُّحَى، وَإِنْ وَرَدَتَا أَيْضًا إذْ الْإِخْلَاصُ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ وَالْكَافِرُونَ تَعْدِلُ رُبُعَهُ بِلَا مُضَاعَفَةٍ، وَأَدْنَى الْكَمَالِ أَرْبَعٌ وَأَكْمَلُ مِنْهُ سِتٌّ. وَاخْتَلَفَ فِي أَكْثَرِهَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَأَكْثَرُهَا ثِنْتَا عَشْرَةَ) لِخَبَرٍ فِيهِ ضَعِيفٍ، وَهَذَا مَا جَرَى عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَصَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَالْمَجْمُوعِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ أَكْثَرَهَا ثَمَانٍ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ زَادَ عَلَيْهَا لَمْ يَجُزْ وَلَمْ يَصِحَّ ضُحًى إنْ أَحْرَمَ بِالْجَمِيعِ دُفْعَةً وَاحِدَةً، فَإِنْ سَلَّمَ مِنْ كُلِّ ثِنْتَيْنِ صَحَّ إلَّا الْإِحْرَامَ الْخَامِسَ فَلَا يَصِحُّ ضُحًى، ثُمَّ إنْ عَلِمَ الْمَنْعَ وَتَعَمَّدَهُ لَمْ يَنْعَقِدْ، وَإِلَّا وَقَعَ نَفْلًا كَنَظِيرِهِ مِمَّا مَرَّ. وَيُسَنُّ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ كَبَقِيَّةِ الرَّوَاتِبِ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ جَمْعُ أَرْبَعٍ فِي التَّرَاوِيحِ؛ لِأَنَّهَا أَشْبَهَتْ الْفَرَائِضَ بِطَلَبِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا، وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ الْوِتْرُ فَإِنَّهُ، وَإِنْ جَازَ جَمْعُ أَرْبَعٍ مِنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSصَلَاةِ الضُّحَى م ر اهـ. وَفِي حَجّ مَا يُوَافِقُهُ وَعَلَيْهِ فَتَحْصُلُ بِرَكْعَتَيْنِ. وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِأَكْثَرَ انْعَقَدَتْ، وَأَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِرَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ بِصَلَاةٍ أُخْرَى يَنْوِي بِهَا ذَلِكَ لَمْ تَنْعَقِدْ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ حَصَلَتْ بِالْأُولَى وَالثَّانِيَةُ غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي فِي تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: الْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصَ) وَيَقْرَؤُهُمَا أَيْضًا فِيمَا لَوْ صَلَّى أَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا تَقَدَّمَ عَنْ حَجّ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ أَيْضًا مَا لَمْ يُصَلِّ أَرْبَعًا أَوْ سِتًّا بِإِحْرَامٍ فَلَا يُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ سُورَةٍ بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَمِثْلُهُ كُلُّ سُنَّةٍ تَشَهَّدَ فِيهَا بِتَشَهُّدَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَقْرَأُ السُّورَةَ فِيمَا بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: بِلَا مُضَاعَفَةٍ) غَرَضُهُ دَفْعُ مَا أُورِدَ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ كَيْفَ يُعْقَلُ أَنَّ الْإِخْلَاصَ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ مَعَ أَنَّهَا مِنْهُ وَبَاقِيهِ يَشْتَمِلُ عَلَى يس ~ وَتَبَارَكَ الْمُلْكُ وَنَحْوِهِمَا، وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا فِيهَا ثَوَابٌ مَخْصُوصٌ إذَا جُمِعَ زَادَ مَجْمُوعُهُ عَلَى ثُلُثَيْ الْقُرْآنِ كَثِيرًا (قَوْلُهُ: وَأَكْثَرُهَا ثِنْتَا عَشْرَةَ إلَخْ) . [فَائِدَةٌ] قَالَ حَجّ فِي شَرْحِ الشَّمَائِلِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ صَلَاةِ الضُّحَى قَالَ: مَا أَخْبَرَنِي أَحَدٌ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي الضُّحَى إلَّا أُمُّ هَانِئٍ، فَإِنَّهَا حَدَّثَتْ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ بَيْتَهَا يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ فَاغْتَسَلَ فَسَبَّحَ» : أَيْ صَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ إلَخْ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ: فَاغْتَسَلَ أَخَذَ مِنْهُ أَئِمَّتُنَا أَنَّهُ يُسَنُّ لِمَنْ دَخَلَ مَكَّةَ أَنْ يَغْتَسِلَ أَوَّلَ يَوْمٍ لِصَلَاةِ الضُّحَى اقْتِدَاءً بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ. ثُمَّ قَالَ أَيْضًا فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ: قِيلَ وَقَوْلُهَا: أَيْ عَائِشَةَ السَّابِقُ: مَا رَأَيْته يُصَلِّيهَا يُنَازِعُ مَنْ جَعَلَ مِنْ خَصَائِصِهِ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ، وَرِوَايَةُ الدَّارَقُطْنِيّ «أُمِرْت بِصَلَاةِ الضُّحَى وَلَمْ تُؤْمَرُوا بِهَا» ضَعِيفَةٌ وَيُرَدُّ بِأَنَّ الَّذِي مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وُجُوبُ أَصْلِ صَلَاتِهَا لَا تَكْرِيرُهَا. انْتَهَى. ثُمَّ قَالَ فِيهِ أَيْضًا: فَائِدَةٌ مِنْ فَوَائِدِ صَلَاةِ الضُّحَى أَنَّهَا تُجْزِئُ عَنْ الصَّدَقَةِ الَّتِي تُصْبَحُ عَلَى مَفَاصِلِ الْإِنْسَانِ الثَّلَاثِمِائَةِ وَسِتِّينَ مَفْصِلًا كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَفِيهِ: وَيُجْزِئُ عَنْ ذَلِكَ رَكْعَتَا الضُّحَى. وَحَكَى الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ الزَّيْنُ الْعِرَاقِيُّ أَنَّهُ اُشْتُهِرَ بَيْنَ الْعَوَامّ أَنَّهُ مَنْ قَطَعَهَا يُعْمَى فَصَارَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ يَتْرُكُهَا أَصْلًا لِذَلِكَ، وَلَيْسَ لِمَا قَالُوهُ أَصْلٌ، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِمَّا أَلْقَاهُ الشَّيْطَانُ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ لِيَحْرِمَهُمْ الْخَيْرَ الْكَثِيرَ لَا سِيَّمَا إجْزَاؤُهَا عَنْ تِلْكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: إنَّمَا أَرَادَ بِحَسَبِ رُؤْيَتِهِ بَدَلَ عِلْمِهِ؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ إنَّمَا قَالَتْ مَا رَأَيْته يُصَلِّيهَا (قَوْلُهُ: بِلَا مُضَاعَفَةٍ) أَيْ فِي الْقُرْآنِ فَهَذَا الثَّوَابُ بِالنَّظَرِ لِأَصْلِ ثَوَابِ الْقُرْآنِ، وَالْمُرَادُ أَيْضًا ثُلُثُ الْقُرْآنِ أَوْ رُبُعُهُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ الْإِخْلَاصُ بَلْ وَلَا الْكَافِرُونَ (قَوْلُهُ: كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ) فِيهِ أَنَّ الْمَتْنَ لَا إشَارَةَ فِيهِ لِلْخِلَافِ أَصْلًا

[من القسم الذي لا تسن له جماعة تحية المسجد]

مَثَلًا بِتَسْلِيمَةٍ مَعَ شِبْهِهِ لِمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ وَرَدَ الْفَصْلُ فِي جِنْسِهِ بِخِلَافِ التَّرَاوِيحِ. . وَوَقْتُهَا مِنْ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ كَرُمْحٍ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَالْمَجْمُوعِ، وَقَوْلُ الرَّوْضَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ مِنْ طُلُوعِهَا وَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا إلَى ارْتِفَاعِهَا رُدَّ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهُ غَرِيبٌ أَوْ سَبْقُ قَلَمٍ، وَلِهَذَا قَالَ الشَّارِحُ: كَأَنَّهُ سَقَطَ مِنْ الْقَلَمِ لَفْظَةُ بَعْضٍ قَبْلَ أَصْحَابِنَا، وَيَكُونُ الْمَقْصُودُ بِذَلِكَ حِكَايَةُ وَجْهٍ كَالْأَصَحِّ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَحْكِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَالْأَوَّلُ أَوْفَقُ لِمَعْنَى الضُّحَى، وَهُوَ كَمَا فِي الصِّحَاحِ حِينَ تُشْرِقَ الشَّمْسُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ، وَمِنْهُ قَالَ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَوَقْتُهَا إذَا أَشْرَقَتْ الشَّمْسُ إلَى الزَّوَالِ: أَيْ أَضَاءَتْ وَارْتَفَعَتْ، بِخِلَافِ شَرِقَتْ فَمَعْنَاهُ طَلَعَتْ. اهـ. وَوَقْتُهَا الْمُخْتَارُ إذَا مَضَى رُبُعُ النَّهَارِ لِيَكُونَ فِي كُلِّ رُبُعٍ مِنْهُ صَلَاةٌ، وَلِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ الْفِصَالُ» بِفَتْحِ الْمِيم: أَيْ تَبْرُكُ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ فِي خِفَافِهَا. (وَ) مِنْهُ (تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ) لِدَاخِلِ غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَشَمِلَ ذَلِكَ الْمَسَاجِدَ الْمُتَلَاصِقَةَ وَاَلَّذِي بَعْضُهُ مَسْجِدٌ وَبَعْضُهُ غَيْرُهُ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي بَابِ الْغُسْلِ، سَوَاءٌ أَكَانَ مُتَطَهِّرًا أَمْ مُحْدِثًا وَتَطَهَّرَ عَنْ قُرْبٍ قَبْلَ جُلُوسِهِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ لِدَاخِلِهِ عَلَى وُضُوءٍ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ مُرِيدًا لِلْجُلُوسِ أَمْ لَا، وَقَوْلُ الشَّيْخِ نَصْرٍ لِمُرِيدِ الْجُلُوسِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، إذْ الْأَمْرُ بِهَا مُعَلَّقٌ عَلَى مُطْلَقِ الدُّخُولِ تَعْظِيمًا لِلْبُقْعَةِ، وَإِقَامَةً لِلشِّعَارِ، كَمَا يُسَنُّ لِدَاخِلِ مَكَّةَ الْإِحْرَامُ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ الْإِقَامَةَ بِهَا، وَسَوَاءٌ أَكَانَ مُدَرِّسًا يَنْتَظِرُ كَمَا فِي مُقَدِّمَةِ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَمْ لَا، وَإِنْ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ بَعْضِ مَشَايِخِهِ خِلَافَهُ لِعَدَمِ اسْتِحْضَارِهِ ذَلِكَ، وَسَوَاءٌ أَدْخَلَ زَحْفًا أَمْ حَبْوًا أَمْ غَيْرَهُمَا. وَيُكْرَهُ تَرْكُهَا إلَّا إنْ قَرُبَ قِيَامُ مَكْتُوبَةٍ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ جُمُعَةً بِحَيْثُ لَوْ اشْتَغَلَ بِهَا فَاتَتْهُ فَضِيلَةُ التَّحَرُّمِ مَعَ إمَامِهِ وَكَانَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــSالصَّدَقَةِ. اهـ. أَقُولُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي الْبُطْلَانِ مَا اُشْتُهِرَ أَيْضًا فِيمَا بَيْنَهُمْ أَنَّ مَنْ صَلَّاهَا تَمُوتُ أَوْلَادُهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ وَرَدَ إلَخْ) أَيْ وَلِأَنَّهُ ضَعُفَتْ مُشَابَهَتُهُ لِلْفَرَائِضِ بِتَخْصِيصِ الْجَمَاعَةِ فِيهِ بِنِصْفِ رَمَضَانَ وَعَدَمِ مَشْرُوعِيَّتِهَا فِيمَا عَدَاهُ، بِخِلَافِ التَّرَاوِيحِ فَإِنَّهَا شُرِعَتْ فِيهِ جَمِيعِ الشَّهْرِ فَأَشْبَهَتْ الْفَرَائِضَ بِمَشْرُوعِيَّةِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا جَمِيعِ السَّنَةِ (قَوْلُهُ: الْفَصْلُ فِي جِنْسِهِ) الْأَوْلَى الْوَصْلُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ حَجّ. (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى وَهُوَ أَنْ تُشْرِقَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ مِنْ أَشْرَقَتْ (قَوْلُهُ: إذَا مَضَى رُبُعُ النَّهَارِ) أَيْ فَفِي الرُّبُعِ الْأَوَّلِ الصُّبْحُ، وَفِي الثَّانِي الضُّحَى، وَفِي الثَّالِثِ الظُّهْرُ، وَفِي الرَّابِعِ الْعَصْرُ (قَوْلُهُ: صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ) أَيْ صَلَاةُ الضُّحَى [مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا تُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ تَحِيَّةُ الْمَسْجِد] (قَوْلُهُ: لِدَاخِلِ غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) وَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ مَرِيدُ الطَّوَافِ وَأَرَادَ رَكْعَتَيْنِ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ قَبْلَ الطَّوَافِ فَهَلْ تَنْعَقِدُ؟ قَالَ الشَّيْخُ الرَّمْلِيُّ: يَنْبَغِي أَنَّهَا تَنْعَقِدُ، وَخَالَفَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَقَالَ بِعَدَمِ الِانْعِقَادِ. وَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ فَقَالَ بِالِانْعِقَادِ، وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ يُسَنُّ لِمُرِيدِ الطَّوَافِ أَنَّهُ يُؤَخِّرُ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ عَنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَدَّمَهَا عَلَيْهِ فَإِنَّهَا تَنْعَقِدُ، فَإِنْ لَمْ يُرِدْ الطَّوَافَ نُدِبَ فِي حَقِّهِ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ بِالصَّلَاةِ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ أَيْضًا. وَإِذَا صَلَّى بَعْدَ الطَّوَافِ لِلطَّوَافِ انْدَرَجَ فِي ذَلِكَ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ اهـ هَكَذَا بِهَامِشٍ بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ وَهُوَ كَذَلِكَ. وَالْمُرَادُ بِبَعْضِ الْفُضَلَاءِ هُوَ الدَّوَاخِلِيُّ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ فِيمَا نَنْقُلُهُ عَنْ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ. [فَرْعٌ] لَوْ وَقَفَ جُزْءَ شَائِعٍ مَسْجِدًا اُسْتُحِبَّ التَّحِيَّةُ: أَيْ فِيهِ وَلَمْ يَصِحَّ الِاعْتِكَافُ فِيهِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْغَرَضَ مِنْ التَّحِيَّةِ أَنْ لَا تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ الْمَسْجِدِ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ فِيهِ، فَاسْتُحِبَّ فِي الشَّائِعِ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُ مَسْجِدٌ بَلْ مَا مِنْ جُزْءٍ إلَّا وَفِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَرُدَّ الْفَصْلُ) صَوَابُهُ الْوَصْلُ (قَوْلُهُ: فِي جِنْسِهِ) كَأَنَّ الْمُرَادَ فِيهِ فَلَفْظُ جِنْسٍ مُقْحَمٌ (قَوْلُهُ: انْتَهَى) أَيْ كَلَامُ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: لِدَاخِلِ غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) أَمَّا هُوَ فَلَا تُسَنُّ لِدَاخِلِهِ بِالْقَيْدَيْنِ الْآتِيَيْنِ (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي بَعْضُهُ مَسْجِدٌ) أَيْ عَلَى الْإِشَاعَةِ

الْجَمَاعَةُ مَشْرُوعَةً لَهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ صَلَّاهَا جَمَاعَةً أَوْ فُرَادَى فِيمَا يَظْهَرُ، أَوْ كَانَ خَطِيبًا، وَدَخَلَ وَقْتُ الْخُطْبَةِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهَا، أَوْ دَخَلَ وَالْإِمَامُ فِي مَكْتُوبَةٍ، أَوْ خَافَ فَوْتَ سُنَّةٍ رَاتِبَةٍ كَمَا فِي الرَّوْنَقِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ يُؤَخِّرُ طَوَافَ الْقُدُومِ إذَا خَشَى فَوَاتَ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ، أَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ مُرِيدًا لِلطَّوَافِ، وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْهُ؛ لِحُصُولِهَا بِرَكْعَتَيْهِ، وَيَحْرُمُ الِاشْتِغَالُ بِهَا عَنْ فَرْضٍ ضَاقَ وَقْتُهُ، وَخَرَجَ بِالْمَسْجِدِ الرِّبَاطُ وَمُصَلَّى الْعِيدِ وَمَا بُنِيَ فِي أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ عَلَى صُورَةِ الْمَسْجِدِ، وَأَذِنَ بَانِيهِ فِي الصَّلَاةِ فِيهِ، وَهِيَ (رَكْعَتَانِ) لِلْحَدِيثِ: أَيْ أَفْضَلُهَا ذَلِكَ، وَإِلَّا فَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِمَا جَائِزَةٌ وَتَكُونُ كُلُّهَا تَحِيَّةٌ، فَإِنْ سَلَّمَ ثُمَّ أَتَى بِرَكْعَتَيْنِ لِلتَّحِيَّةِ لَمْ يَنْعَقِدْ إلَّا مِنْ جَاهِلٍ فَيَنْعَقِدُ لَهُ نَفْلًا مُطْلَقًا (وَتَحْصُلُ بِفَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ) نُوِيَتْ أَمْ لَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَهْجَةِ، وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ لِعَدَمِ انْتِهَاكِ حُرْمَةِ الْمَسْجِدِ الْمَقْصُودَةِ. نَعَمْ لَوْ نَوَى عَدَمَهَا لَمْ يَحْصُلْ فَضْلُهَا فِيمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSجِهَةُ مَسْجِدِيَّةٍ وَتَرْكُ الصَّلَاةِ يُخِلُّ بِتَعْظِيمِهِ، وَالِاعْتِكَافُ إنَّمَا هُوَ فِي مَسْجِدٍ، وَالشَّائِعُ بَعْضُهُ لَيْسَ بِمَسْجِدٍ فَالْمُكْثُ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ خَرَجَ بَعْضُهُ عَنْ الْمَسْجِدِ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِ. [فَرْعٌ] أَحْرَمَ بِالتَّحِيَّةِ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ خَرَجَ أَثْنَائِهَا مِنْ الْمَسْجِدِ هَلْ تَصِحُّ تَحِيَّتُهُ اكْتِفَاءً بِالشُّرُوعِ فِيهَا فِي الْمَسْجِدِ أَوْ لَا؟ وَلَا بُدَّ مِنْ إتْمَامِهَا فِي الْمَسْجِدِ، وَعَلَى الثَّانِي هَلْ تَبْطُلُ بِخُرُوجِهِ أَوْ تَنْقَلِبُ نَفْلًا مُطْلَقًا أَوْ يَفْصِلُ بَيْنَ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَتَوَقَّفَ م ر فِي ذَلِكَ، وَالْقَلْبُ إلَى اشْتِرَاطِ إيقَاعِهَا جَمِيعِهَا فِي الْمَسْجِدِ فِي كَوْنِهَا تَحِيَّةٍ أَمْيَلُ، وَأَنَّهُ إذَا خَرَجَ فِي الْأَثْنَاءِ فَصَلَ بَيْنَ الْعَالِمِ فَتَبْطُلُ وَغَيْرِهِ فَتَنْقَلِبُ نَفْلًا مُطْلَقًا. [فَرْعٌ] لَوْ أَحْرَمَ بِالتَّحِيَّةِ ثُمَّ رَأَى عَلَى بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ نَجَاسَةً فَذَهَبَ وَغَسَلَهَا يَنْبَغِي إنْ طَالَ الْفَصْلُ فَاتَتْ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ كَانَتْ رُؤْيَةُ النَّجَاسَةِ بَعْدَ أَنْ جَلَسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ أَوْ لِلِاسْتِرَاحَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْجُلُوسَ بِمَنْزِلَةِ الْجُلُوسِ سَهْوًا وَلَعَلَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى اعْتِمَادِ فَوَاتِهَا بِطُولِ الْفَصْلِ مِنْ غَيْرِ جُلُوسٍ وَإِنْ قُلْنَا لَا تَفُوتُ بِالْقِيَامِ وَإِنْ طَالَ لَمْ تَفُتْ هُنَا مُطْلَقًا. [فَرْعٌ] نَوَى قَلْبَ التَّحِيَّةِ أَوْ نَحْوِهَا نَفْلًا مُطْلَقًا، فِيهِ نَظَرٌ، وَتَوَقَّفَ فِيهِ م ر وَالْقَلْبُ إلَى الْبُطْلَانِ أَمْيَلُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ خَطِيبًا) أَيْ فَلَا يُكْرَهُ لَهُ التَّرْكُ بَلْ يُكْرَهُ لَهُ الْفِعْلُ كَمَا قَالَهُ حَجّ، وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إلَّا إنْ قَرُبَ (قَوْلُهُ: وَمَا بُنِيَ فِي أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ) وَمِثْلُهَا الْمُحْتَكَرَةُ وَالْأَرْضُ الَّتِي لَا تَجُوزُ عِمَارَتُهَا كَاَلَّتِي بِحَرِيمِ الْأَنْهَارِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ، أَمَّا مَا فِيهَا مِنْ الْبِنَاءِ وَمِنْهُ الْبَلَاطُ وَنَحْوُهُ فَيَصِحُّ وَقْفُهُ مَسْجِدًا حَيْثُ اسْتَحَقَّ إثْبَاتُهُ فِيهَا كَأَنْ اسْتَأْجَرَهَا لِمَنَافِعَ تَشْمَلُ الْبِنَاءَ وَنَحْوَهُ وَتَصِحُّ التَّحِيَّةُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَتَكُونُ كُلُّهَا تَحِيَّةً) وَذَلِكَ حَيْثُ نَوَى أَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ ابْتِدَاءً، فَلَوْ أَطْلَقَ فِي إحْرَامِهِ حُمِلَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالَهُ الزِّيَادِيُّ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا نَوَى سُنَّةَ الظُّهْرِ وَأَطْلَقَ حُمِلَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ وَتَقَدَّمَ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الرَّاتِبِ الْمُؤَكَّدِ عَنْ ابْنِ قَاسِمٍ عَلَى ابْنِ حَجَرٍ نَقْلًا عَنْ م ر أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعٍ (قَوْلُهُ: لَمْ يَنْعَقِدْ) أَيْ الْمَأْتِيُّ بِهِ ثَانِيًا (قَوْلُهُ: أَوْ نَفْلٍ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَنْذُرْهَا، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ فِعْلِهَا مُسْتَقِلَّةً؛ لِأَنَّهَا بِالنَّذْرِ صَارَتْ مَقْصُودَةً فَلَا يُجْمَعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ فَرْضٍ وَلَا نَفْلٍ وَلَا تَحْصُلُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ) مِمَّنْ نَازَعَهُ شَارِحُهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ لَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعِبَارَتُهُ وَلَفْظُ فَضْلٍ مِنْ زِيَادَتِهِ وَعِبَارَةِ أَصْلِهِ وَتَأَدَّتْ فَلَا تَحْصُلُ بَعْدَهُ. وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَفُوتَ بِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ التَّحِيَّةُ إنْ لَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهَا) أَيْ الْخُطْبَةِ وَكَأَنَّهُ احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهَا كَأَنْ لَمْ يَكْمُلْ الْعَدَدُ (قَوْلُهُ: فِي أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ لَمْ يَبْنِ فِي أَرْضِهِ نَحْوَ دَكَّةٍ، أَمَّا إذَا فَعَلَ ذَلِكَ وَوَقَفَ مَسْجِدًا فَإِنَّهُ تَصِحُّ فِيهِ التَّحِيَّةُ (قَوْلُهُ: نُوِيَتْ أَمْ لَا) الْمُرَادُ حُصُولُ فَضْلِهَا الْمَخْصُوصِ بِدَلِيلِ عَزْوِهِ لِلْبَهْجَةِ إذْ عِبَارَتُهَا وَفَضْلُهَا بِالنَّفْلِ وَالْفَرْضِ حَصَلَ إنْ نُوِيَتْ أَوْ لَا، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِطَرِيقَةِ الشِّهَابِ حَجّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْصُلْ فَضْلُهَا) ظَاهِرُ تَسْلِيطِ النَّفْيِ عَلَى فَضْلِهَا لَا عَلَى أَصْلِهَا أَنَّ أَصْلَ

يَظْهَرُ؛ لِوُجُودِ الصَّارِفِ أَخْذًا مِمَّا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ فِي سُنَّةِ الطَّوَافِ (لَا رَكْعَةَ) أَيْ لَا يَحْصُلُ بِهَا التَّحِيَّةُ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِخَبَرِ «إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسُ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ» . وَالثَّانِي نَعَمْ لِحُصُولِ الْإِكْرَامِ بِهَا الْمَقْصُودِ مِنْ الْخَبَرِ وَيَجْرِي فِيمَا بَعْدَهُ (قُلْت: وَكَذَا الْجِنَازَةُ وَسَجْدَةُ تِلَاوَةٍ وَ) سَجْدَةُ (شُكْرٍ) فَلَا تَحْصُلُ بِهَذِهِ، وَلَا بِبَعْضِهَا لِلْحَدِيثِ أَيْضًا. (وَتَتَكَرَّرُ) التَّحِيَّةُ: أَيْ طَلَبُهَا (بِتَكَرُّرِ الدُّخُولِ عَلَى قُرْبٍ فِي الْأَصَحِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ؛ لِتَجَدُّدِ سَبَبِهَا كَالْبُعْدِ وَالثَّانِي لَا لِلْمَشَقَّةِ وَتَفُوتُ بِجُلُوسِهِ قَبْلَ فِعْلِهَا، وَإِنْ قَصُرَ الْفَصْلُ إلَّا إنْ جَلَسَ سَهْوًا وَلَمْ يُطِلْ الْفَصْلَ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَيُطَوِّلُ الْوُقُوفَ أَيْضًا كَمَا أَفْتَى بِهَا الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قِيَاسًا عَلَى فَوَاتِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ بِطُولِ الْفَصْلِ بَعْدَ قِرَاءَتِهَا، وَكَمَا يَفُوتُ سُجُودُ السَّهْوِ بِطُولِ الْفَصْلِ بَعْدَ سَلَامِهِ، وَلَوْ سَهْوًا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا إنَّمَا يُفْعَلُ لِعَارِضٍ وَقَدْ زَالَ، وَقَوْلُهُمْ إنَّ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ تَفُوتُ بِجُلُوسِهِ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا قَبْلَ فِعْلِهَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ مِنْ حَالِ دَاخِلِ الْمَسْجِدِ. وَلَوْ أَحْرَمَ بِهَا قَائِمًا ثُمَّ أَرَادَ الْقُعُودَ لِإِتْمَامِهَا فَالْأَوْجَهُ الْجَوَازُ، وَلَوْ أَحْرَمَ بِهَا جَالِسًا فَالْأَوْجَهُ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - جَوَازُهُ حَيْثُ جَلَسَ لِيَأْتِيَ بِهَا إذْ لَيْسَ لَنَا نَافِلَةٌ يَجِبُ التَّحَرُّمُ بِهَا قَائِمًا، وَحَدِيثُهَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَلِهَذَا لَا تَفُوتُ بِجُلُوسٍ قَصِيرٍ نِسْيَانًا أَوْ جَهْلًا، وَإِنْ جَرَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى خِلَافِهِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ فَوَاتُهَا بِجُلُوسِهِ لِلشُّرْبِ عَمْدًا؛ لِأَنَّهُ إذَا قِيلَ بِفَوَاتِهَا بِجُلُوسِهِ مِنْ أَجْلِهَا فَفَوَاتُهَا بِهِ لِغَيْرِهَا أَوْلَى، وَمَرَّ أَيْضًا أَنَّ لَنَا قَوْلًا بِفَوَاتِهَا بِتَقْدِيمِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ عَلَيْهَا مَعَ اخْتِلَافِ الْأَئِمَّةِ فِي وُجُوبِهَا وَمَا نَحْنُ فِيهِ أَوْلَى، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فَوَاتُهَا أَيْضًا لِمَنْ دَخَلَ غَيْرَ قَائِمٍ وَطَالَ الْفَصْلُ قَبْلَ فِعْلِهَا. وَيُكْرَهُ كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ دُخُولُ الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ وُضُوءٍ، فَإِنْ دَخَلَ فَلْيَقُلْ أَرْبَعُ مَرَّاتٍ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ فَإِنَّهَا تَعْدِلُ رَكْعَتَيْنِ فِي الْفَضْلِ، زَادَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ، وَغَيْرُهُ زَادَ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ؛ لِأَنَّهَا الطَّيِّبَاتُ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ وَصَلَاةُ الْحَيَوَانَاتِ وَالْجَمَادَاتِ. وَفِي الْأَذْكَارِ عَنْ بَعْضِهِمْ: يُسَنُّ لِمَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهَا لِحَدَثٍ أَوْ شُغْلٍ أَوْ نَحْوِهِ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ أَرْبَعًا، قَالَ الْمُصَنِّفُ: إنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ التَّحِيَّاتِ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَطُلْ بِهَا فَصْلٌ (قَوْلُهُ: وَيُطَوِّلُ الْوُقُوفَ) أَيْ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَسَهْوِهِ إلَخْ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ ثُمَّ خَرَجَ بِطُولِ الْوُقُوفِ مَا لَوْ اتَّسَعَ الْمَسْجِدُ جِدًّا فَدَخَلَهُ وَلَمْ يَقِفْ فِيهِ بَلْ قَصَدَ الْمِحْرَابَ مَثَلًا وَزَادَ مَشْيُهُ إلَيْهِ عَلَى مِقْدَارِ رَكْعَتَيْنِ فَلَا تَفُوتُ التَّحِيَّةُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَهْوًا) الْأَوْلَى إسْقَاطُ قَوْلِهِ وَلَوْ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يَفُوتُ بِالسَّلَامِ: أَيْ سُجُودُ السَّهْوِ عَمْدًا مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: بِجُلُوسِهِ سَهْوًا) أَيْ حَيْثُ طَالَ الْفَصْلُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: حَيْثُ جَلَسَ لِيَأْتِيَ بِهَا) خَرَجَ صُورَةُ الْإِطْلَاقِ فَتَفُوتُ التَّحِيَّةُ بِالْجُلُوسِ، وَشَمِلَ ذَلِكَ قَوْلَهُ السَّابِقَ وَتَفُوتُ بِجُلُوسِهِ قَبْلَ فِعْلِهَا، وَإِنْ قَصُرَ الْفَصْلُ (قَوْلُهُ: بِجُلُوسِهِ لِلشُّرْبِ عَمْدًا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ بِهِ عَطَشٌ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَلَوْ دَخَلَ عَطْشَانَا لَمْ تَفُتْ بِشُرْبِهِ جَالِسًا عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّهُ لِعُذْرٍ: أَيْ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلشَّارِحِ كَمَا تَرَى، إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ حَجّ عَلَى مَا إذَا اشْتَدَّ الْعَطَشُ وَكَلَامُ الشَّارِحِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَشْتَدَّ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ أَنَّهُ يَشْرَبُ مِنْ وُقُوفٍ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ وَهُوَ قَرِيبٌ. (قَوْلُهُ: فَلْيَقُلْ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ سُبْحَانَ اللَّهِ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ الْوُضُوءُ فِيهِ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ وَإِلَّا فَلَا تَحْصُلُ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْوُضُوءِ مَعَ تَيَسُّرِهِ (قَوْلُهُ: وَصَلَاةُ الْحَيَوَانَاتِ) أَيْ دُعَاؤُهُمْ (قَوْلُهُ: أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ أَرْبَعًا) مُعْتَمَدٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالطَّلَبِ يَسْقُطُ وَفِيهِ بُعْدٌ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ سَلَامِهِ وَلَوْ سَهْوًا) كَذَا فِي نُسَخٍ وَلَا مَعْنَى لِلْغَايَةِ، وَفِي نُسْخَةٍ إسْقَاطُ لَفْظِ وَلَوْ وَهِيَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ أَيْضًا) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَأَيْضًا فَقَدْ مَرَّ إلَخْ.

مُتَعَدِّدَةٌ، تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ بِالصَّلَاةِ وَالْبَيْتِ بِالطَّوَافِ وَالْحَرَمِ بِالْإِحْرَامِ وَمِنًى بِالرَّمْيِ وَعَرَفَةَ بِالْوُقُوفِ وَلِقَاءِ الْمُسْلِمِ بِالسَّلَامِ، وَتَحِيَّةُ الْخَطِيبِ الْخُطْبَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. (وَيَدْخُلُ وَقْتُ الرَّوَاتِبِ) اللَّاتِي (قَبْلَ الْفَرْضِ) بِدُخُولِ وَقْتِ الْفَرْضِ (وَ) يَدْخُلُ وَقْتُ اللَّاتِي (بَعْدَهُ بِفِعْلِهِ) كَالْوِتْرِ (وَيَخْرُجُ النَّوْعَانِ) اللَّذَانِ قَبْلَ الْفَرْضِ وَبَعْدَهُ (بِخُرُوجِ وَقْتِ الْفَرْضِ) لِتَبَعِيَّتِهِمَا لَهُ، فَلَوْ فَعَلَ الْقَبْلِيَّةَ بَعْدَهُ كَانَتْ أَدَاءً. نَعَمْ يَفُوتُ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ لَهَا بِفِعْلِهِ وَتَصِيرُ الْبَعْدِيَّةُ قَضَاءً بِفَوْتِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهَا وَلَوْ فَعَلَهَا قَبْلَهُ لَمْ تَنْعَقِدْ، وَإِنْ كَانَ الْفَرْضُ قَضَاءً فِي أَرْجَحِ الْوَجْهَيْنِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَحْكِي الْأَدَاءَ، وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ وُقُوعِ الرَّاتِبَةِ بِقُرْبِ فِعْلِ الْفَرْضِ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِلشَّامِلِ، وَهَلْ تَفُوتُ سُنَّةُ الْوُضُوءِ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهَا كَمْ بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ وَفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الضُّحَى فَإِنَّهَا لَا يَفُوتُ طَلَبُهَا، وَإِنْ فَعَلَ بَعْضَهَا فِي الْوَقْتِ قَاصِدًا الْإِعْرَاضَ عَنْ بَاقِيهَا، بَلْ يُسْتَحَبُّ قَضَاؤُهُ، أَوْ بِالْحَدَثِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ، أَوْ بِطُولِ الْفَصْلِ عُرْفًا احْتِمَالَاتٌ أَوْجَهُهَا ثَالِثُهَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي رَوْضَتِهِ: وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ تَوَضَّأَ أَنْ يُصَلِّيَ عَقِبَهُ، وَقَوْلُهُ فِيهَا فِي مَبْحَثِ الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ وَمِنْهُ رَكْعَتَانِ عَقِبَ الْوُضُوءِ، وَإِطْلَاقُ الشَّيْخَيْنِ أَنَّ مَنْ تَوَضَّأَ فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ مَحْمُولٌ مَا إذَا كَانَ الزَّمَنُ قَصِيرًا، وَإِنْ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى حَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى نَدْبِ الْمُبَادَرَةِ وَهُنَا عَلَى امْتِدَادِ الْوَقْتِ مَا بَقِيَتْ الطَّهَارَةُ إذْ الْقَصْدُ بِهَا صِيَانَتُهَا عَنْ التَّعْطِيلِ، وَلَا فَرْقَ فِي اسْتِحْبَابِ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ بَيْنَ السَّفَرِ وَالْحَضَرِ سَوَاءٌ أَكَانَ قَصِيرًا أَمْ طَوِيلًا لَكِنَّهَا فِي الْحَضَرِ آكَدُ، وَسَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ رَدُّ شَهَادَةِ مَنْ وَاظَبَ عَلَى تَرْكِ الرَّاتِبَةِ. (وَلَوْ) (فَاتَ النَّفَلُ الْمُؤَقَّتُ) كَصَلَاةِ الْعِيدِ وَالضُّحَى وَالرَّوَاتِبِ (نُدِبَ قَضَاؤُهُ) أَبَدًا (فِي الْأَظْهَرِ) لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَتَحِيَّةُ الْخَطِيبِ الْخُطْبَةُ) أَيْ التَّحِيَّاتُ تُطْلَبُ مِنْهُ إذَا دَخَلَ هِيَ الْخُطْبَةُ (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي الْوِتْرِ (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهَا ثَالِثُهَا) . [فَرْعٌ] لَوْ تَوَضَّأَ وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ هَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ يَنْوِي بِهِمَا أَحَدَ السُّنَّتَيْنِ وَتَدْخُلُ الْأُخْرَى، أَوْ يُصَلِّي أَرْبَعًا بِأَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ وَثِنْتَيْنِ سُنَّةَ الْوُضُوءِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: إنْ اقْتَصَرَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ نَوَى بِهِمَا أَحَدَ السُّنَّتَيْنِ أَوْ هُمَا اكْتَفَى بِهِ فِي أَصْلِ السُّنَّةِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ فِي صَلَاتِهِ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ وَلَا تَفُوتُ بِهِمَا سُنَّةُ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ سُنَّةَ الْوُضُوءِ فِيهَا الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ، وَلَا كَذَلِكَ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ. (قَوْلُهُ: يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ) أَيْ وَلَا يَمْتَنِعُ ذَلِكَ مَعَ كَوْنِهِ وَقْتَ كَرَاهَةٍ لِكَوْنِهَا صَلَاةً لَهَا سَبَبٌ، وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ مَا لَمْ يَتَوَضَّأْ لِيُصَلِّيَهَا فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ كَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ بِقَصْدِ التَّحِيَّةِ فَقَطْ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ. (قَوْلُهُ: إلَى حَمْلِ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ تَوَضَّأَ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَنْ وَاظَبَ عَلَى تَرْكِ الرَّاتِبَةِ) أَيْ كُلِّهَا كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ وَاظَبَ عَلَى تَرْكِ بَعْضِهَا وَلَوْ غَيْرَ مُؤَكَّدٍ، وَهُوَ قَرِيبٌ لِإِشْعَارِ ذَلِكَ بِعَدَمِ اكْتِرَاثِهِ بِالْمَطْلُوبِ. (قَوْلُهُ: نُدِبَ قَضَاؤُهُ) اُنْظُرْ هَلْ يُقْضَى النَّفَلُ مِنْ الصَّوْمِ أَيْضًا إذَا فَاتَهُ كَيَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمِ عَاشُورَاءَ فِيهِ نَظَرٌ، يَنْبَغِي أَنْ يَنْدُبَ الْقَضَاءُ أَخْذًا مِنْ نَدْبِ قَضَاءِ النَّفْلِ الْمُوَقَّتِ هُنَا، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الشَّبْشِيرِيِّ خِلَافُهُ مُعَلَّلًا بِأَنَّ لَهُ مَعَانِيَ وَقَدْ فَاتَتْ. اهـ. وَفِيهِ وَقْفَةٌ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَصَوْمُهُ الْخَمِيسَ وَالِاثْنَيْنِ مَا نَصُّهُ: وَفِي فَتَاوَى الشَّارِحِ أَنَّهُ إذَا فَاتَهُ صَوْمٌ مُؤَقَّتٌ أَوْ اتَّخَذَهُ وِرْدًا سُنَّ لَهُ قَضَاؤُهُ. اهـ. وَهُوَ يُفِيدُ سَنَّ قَضَاءِ نَحْوِ الْخَمِيسِ وَالِاثْنَيْنِ وَسِتِّ شَوَّالٍ إذَا فَاتَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَبَدًا فِي الْأَظْهَرِ) أَيْ فَلَا يَتَقَيَّدُ قَضَاءُ فَائِتِ النَّهَارِ بِبَقِيَّتِهِ وَلَا فَائِتِ اللَّيْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْجَهُهَا ثَالِثُهَا) وَحِينَئِذٍ فَإِذَا أَحْدَثَ وَتَوَضَّأَ عَنْ قُرْبٍ لَا تَفُوتُهُ سُنَّةُ الْوُضُوءِ الْأَوَّلُ فَلَهُ أَنْ يَفْعَلَهَا، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَكْفِي عَنْ الْوُضُوءَيْنِ رَكْعَتَانِ لِتَدَاخُلِ سُنَّتِهِمَا وَهَلْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ لِكُلِّ رَكْعَتَيْنِ؟ يُرَاجَعُ.

[من القسم الذي لا تسن له جماعة ركعتان عند السفر]

فِي ذَلِكَ كَقَضَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُنَّةَ الصُّبْحِ فِي قِصَّةِ الْوَادِي بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَسُنَّةَ الظُّهْرِ الْبَعْدِيَّةِ بَعْدَ الْعَصْرِ لَمَّا اشْتَغَلَ عَنْهَا بِالْوَفْدِ؛ وَلِأَنَّهَا صَلَاةٌ مُؤَقَّتَةٌ فَقُضِيَتْ كَالْفَرَائِضِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي. وَالثَّانِي لَا يُقْضَى كَغَيْرِ الْمُؤَقَّتِ وَخَرَجَ بِالْمُؤَقَّتِ ذُو السَّبَبِ كَكُسُوفٍ وَاسْتِسْقَاءٍ وَتَحِيَّةٍ فَلَا مَدْخَلَ لِلْقَضَاءِ فِيهِ، وَالصَّلَاةُ بَعْدَ الِاسْتِسْقَاءِ شُكْرًا عَلَيْهِ لَا قَضَاءً نَعَمْ لَوْ قَطَعَ نَفْلًا مُطْلَقًا اُسْتُحِبَّ قَضَاؤُهُ، وَكَذَا لَوْ فَاتَهُ وِرْدُهُ مِنْ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. . وَمِمَّا لَا تُسَنُّ فِيهِ الْجَمَاعَةُ رَكْعَتَانِ عِنْدَ إرَادَةِ سَفَرِهِ بِمَنْزِلِهِ وَكُلَّمَا نَزَلَ، وَبِالْمَسْجِدِ عِنْدَ قُدُومِهِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ مَنْزِلَهُ وَيَكْتَفِي بِهِمَا عَنْ رَكْعَتَيْ دُخُولِهِ، وَعَقِبَ خُرُوجِهِ مِنْ الْحَمَّامِ وَعِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلسَّفَرِ، وَلِمَنْ زُفَّتْ إلَيْهِ امْرَأَةٌ قَبْلَ الْوِقَاعِ وَيُنْدَبَانِ لَهَا أَيْضًا، وَلِمَنْ دَخَلَ أَرْضًا لَا يُعْبَدُ اللَّهُ فِيهَا وَبَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ الْكَعْبَةِ مُسْتَقْبِلًا بِهِمَا وَجْهَهَا، وَقَبْلَ عَقْدِ النِّكَاحِ، وَعِنْدَ حِفْظِ الْقُرْآنِ، وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ الْوُضُوءِ. وَأَلْحَقَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ الْغُسْلَ وَالتَّيَمُّمَ يَنْوِي بِهِمَا سُنَّتَهُ، وَرَكْعَتَانِ لِلِاسْتِخَارَةِ، وَتَحْصُلُ السُّنَّتَانِ بِكُلِّ صَلَاةٍ كَالتَّحِيَّةِ وَلِلْحَاجَةِ لِحَدِيثٍ فِيهَا ضَعِيفٍ، وَفِي الْإِحْيَاءِ أَنَّهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ رَكْعَةً، وَلِلْقَتْلِ بِحَقٍّ أَوْ غَيْرِهِ، وَلِلتَّوْبَةِ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا وَلَوْ مِنْ صَغِيرَةٍ، وَصَلَاةُ الْأَوَّابِينَ وَهِيَ عِشْرُونَ رَكْعَةً بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وَرُوِيَتْ سِتًّا وَأَرْبَعًا ـــــــــــــــــــــــــــــSبِبَقِيَّتِهِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِهِ. اهـ مَحَلِّيٌّ بِالْمَعْنَى. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهَا صَلَاةٌ مُؤَقَّتَةٌ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِلْأَحَادِيثِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا مَدْخَلَ لِلْقَضَاءِ فِيهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ نَظَرَهُ وَهُوَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ مَا فَاتَ مِمَّا لَهُ سَبَبٌ لَا يُنْدَبُ قَضَاؤُهُ (قَوْلُهُ: شُكْرًا) أَيْ تَقَعُ شُكْرًا. [مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا تُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ رَكْعَتَانِ عِنْدَ السَّفَر] (قَوْلُهُ: وَكُلَّمَا نَزَلَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ بَيْنَ النُّزُولَيْنِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ مَنْزِلَهُ) أَيْ وَيَنْبَغِي لَهُ مُرَاعَاةُ أَقْرَبِ الْمَسَاجِدِ إلَى مَنْزِلِهِ وَأَنَّ السُّنَّةَ تَحْصُلُ بِغَيْرِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: عَنْ رَكْعَتَيْ دُخُولِهِ) أَيْ الْمَنْزِلِ (قَوْلُهُ: وَعَقِبَ خُرُوجِهِ مِنْ الْحَمَّامِ) وَيُكْرَهُ فِعْلُهُمَا فِي مَسْلَخَةٍ فَيَفْعَلُهُمَا فِي بَيْتِهِ أَوْ الْمَسْجِدِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ بِحَيْثُ تَنْقَطِعُ نِسْبَتُهُمَا عَنْ كَوْنِهِمَا لِلْخُرُوجِ مِنْ الْحَمَّامِ. (قَوْلُهُ: مِنْ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ) أَيْ إرَادَةِ الْخُرُوجِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَلِمَنْ دَخَلَ أَرْضًا لَا يُعْبَدُ اللَّهُ فِيهَا) وَمِنْهَا أَمَاكِنُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى الْمُخْتَصَّةُ بِهِمْ فَإِنَّ عِبَادَتَهُمْ فِيهَا بَاطِلَةٌ فَكَأَنْ لَا عِبَادَةَ (قَوْلُهُ: وَقَبْلَ عَقْدِ النِّكَاحِ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِلزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ لِتَعَاطِيهِمَا الْعَقْدِ دُونَ الزَّوْجَةِ، وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنَّ فِعْلَهُمَا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ قَبْلَ تَعَاطِيهِ (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ حِفْظِ الْقُرْآنِ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ نِسْيَانِهِ وَقَدْ صَلَّى لِلْحِفْظِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَأَلْحَقَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ الْغُسْلَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَنْدُوبًا (قَوْلُهُ: وَتَحْصُلُ السُّنَّتَانِ) أَيْ الْوُضُوءُ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ وَالِاسْتِخَارَةُ (قَوْلُهُ: وَلِلْحَاجَةِ) أَيْ الَّتِي يُهْتَمُّ بِهَا عَادَةً، وَيَنْبَغِي أَنَّ فِعْلَهَا عِنْدَ إرَادَةِ الشُّرُوعِ فِي طَلَبِهَا، حَتَّى لَوْ طَالَ الزَّمَنُ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالشُّرُوعِ فِي قَضَائِهَا لَمْ يَعْتَدَّ بِهَا وَتَقَعُ لَهُ نَفْلًا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَفِي الْإِحْيَاءِ أَنَّهَا) أَيْ صَلَاةَ الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ: وَلِلتَّوْبَةِ) أَيْ وَإِنْ تَكَرَّرَتْ وَلَوْ مِنْ صَغِيرَةٍ، وَيُسَنُّ فِي الْمَذْكُورَاتِ نِيَّةُ أَسْبَابِهَا كَأَنْ يَقُولَ سُنَّةَ الزِّفَافِ، فَلَوْ تَرَكَ ذِكْرَ السَّبَبِ صِحْت صَلَاتُهُ. وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَكُونُ نَفْلًا مُطْلَقًا حَصَلَ فِي ضِمْنِهِ ذَلِكَ الْمُقَيَّدُ (قَوْلُهُ: وَصَلَاةُ الْأَوَّابِينَ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ رَكْعَتَانِ عِنْدَ إرَادَةِ سَفَرٍ إلَخْ، وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ فَاعِلَهَا رَجَعَ إلَى اللَّهِ وَتَابَ مِمَّا فَعَلَهُ فِي نَهَارِهِ، فَإِذَا تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ دَلَّ عَلَى كَثْرَةِ رُجُوعِهِ إلَى اللَّهِ وَلَوْ لَمْ يُلَاحَظْ ذَلِكَ الْمَعْنَى وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ بِصَلَاةِ الْغَفْلَةِ. (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ) أَيْ بَيْنَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَحْصُلُ بِنَفْلٍ قَبْلَ فِعْلِ الْمَغْرِبِ وَبَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ نَوَاهَا لَمْ تَنْعَقِدْ؛ لِعَدَمِ دُخُولِ وَقْتِهَا كَرَوَاتِبِ الْفَرَائِضِ إذَا فُعِلَتْ قَبْلَ الْوَقْتِ، وَإِذَا فَاتَتْ سُنَّ قَضَاؤُهَا، وَكَذَا صَلَاةُ سُنَّةِ الزَّوَالِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُؤَقَّتٌ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي صَلَاةِ الْإِشْرَاقِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ الضُّحَى، وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ سَنِّ قَضَاءِ سُنَّةِ الزَّوَالِ لِتَصْرِيحِهِ بِأَنَّهَا ذَاتُ سَبَبٍ، فَإِذَا صَلَّى سُنَّةَ الظُّهْرِ حَصَلَ بِهَا سُنَّةُ الزَّوَالِ مَا لَمْ يَنْفِهَا قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ فِي تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَرَكْعَتَيْنِ فَهُمَا أَقَلُّهَا، وَصَلَاةُ الزَّوَالِ بَعْدَهُ وَهِيَ رَكْعَتَانِ أَوْ أَرْبَعٌ، وَصَلَاةُ التَّسْبِيحِ مَرَّةً كُلَّ يَوْمٍ، وَإِلَّا فَجُمُعَةٍ، وَإِلَّا فَشَهْرٍ، وَإِلَّا فَسَنَةٍ، وَإِلَّا فَمَرَّةٍ فِي الْعُمُرِ، وَهِيَ أَرْبَعٌ بِتَسْلِيمَةٍ وَهُوَ الْأَحْسَنُ نَهَارًا، أَوْ بِتَسْلِيمَتَيْنِ وَهُوَ الْأَحْسَنُ لَيْلًا كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ، يَقُولُ فِي كُلِّ رَكْعَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ اللَّهُ أَكْبَرُ، زَادَ فِي الْإِحْيَاءِ: وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً، وَفِي كُلٍّ مِنْ الرُّكُوعِ وَالِاعْتِدَالِ وَكُلٍّ مِنْ السَّجْدَتَيْنِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا وَالْجُلُوسِ بَعْدَ رَفْعِهِ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ عَشْرًا، فَذَاكَ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ مَرَّةً فِي كُلِّ رَكْعَةٍ عَلَّمَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعَبَّاسَ وَذَكَرَ لَهُ فِيهَا فَضْلًا عَظِيمًا، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ سُنِّيَّتِهَا هُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا وَجَرَى عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَعَلَيْهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا صَلَّى بَعْدَ الرَّاتِبَةِ سُنَّةَ الزَّوَالِ لَمْ تَنْعَقِدْ لِحُصُولِهَا بِالرَّاتِبَةِ (قَوْلُهُ: وَصَلَاةُ الزَّوَالِ بَعْدَهُ) أَيْ فَلَوْ قَدَّمَهَا عَلَيْهِ لَمْ تَنْعَقِدْ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الْمُنَاوِيِّ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَهِيَ رَكْعَتَانِ أَوْ أَرْبَعٌ) وَهِيَ غَيْرُ سُنَّةِ الظُّهْرِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ إفْرَادِهَا بِالذِّكْرِ بَعْدَ الرَّوَاتِبِ وَتَصِيرُ قَضَاءً بِطُولِ الزَّمَنِ عُرْفًا، وَعِبَارَةُ الْمُنَاوِيِّ عَلَى الْجَامِعِ فِي شَرْحِهِ الصَّغِيرِ عِنْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ إلَخْ نَصُّهَا: أَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ: أَيْ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ يُصَلِّيهِنَّ الْإِنْسَانُ قَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ أَوْ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهِ، وَهُوَ أَيْ وَقْتُهُ عِنْدَ الزَّوَالِ. قَالَ الْعَلْقَمِيُّ: هَذِهِ يُسَمُّونَهَا سُنَّةَ الزَّوَالِ، وَهِيَ غَيْرُ الْأَرْبَعِ الَّتِي هِيَ سُنَّةُ الظُّهْرِ. قَالَ شَيْخُنَا: قَالَ الْحَافِظُ الْعِرَاقِيُّ: وَمِمَّنْ نَصَّ عَلَى اسْتِحْبَابِهَا الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ فِي كِتَابِ الْأَوْرَادِ لَيْسَ فِيهِنَّ تَسْلِيمٌ: أَيْ لَيْسَ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنْهَا فَصْلٌ بِسَلَامٍ تُفْتَحُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لَهُنَّ أَبْوَابُ السَّمَاءِ كِنَايَةٌ عَنْ حُسْنِ الْقَبُولِ وَسُرْعَةِ الْوُصُولِ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ الشَّيْخُ حَدِيثٌ صَحِيحٌ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ أَرْبَعٌ بِتَسْلِيمَةٍ) أَيْ فَلَا تَصِحُّ الزِّيَادَةُ عَلَى الْأَرْبَعِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِتَسْلِيمَتَيْنِ) اُنْظُرْ وَجْهَ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَعَ أَنَّ الْفَصْلَ أَفْضَلُ مِنْ الْوَصْلِ مُطْلَقًا. وَلَعَلَّهُ أَنَّ الصَّلَاةَ بِاللَّيْلِ يَبْعُدُ عُرُوضُ مَا يَمْنَعُ مِنْ إتْمَامِهَا فَطَلَبَ فِيهَا الْفَصْلَ بِالسَّلَامِ لِزِيَادَةِ مَا يَفْعَلُهَا فِيهَا، وَبِالنَّهَارِ قَدْ يَعْرِضُ تَشَاغُلٌ يَمْنَعُ مِنْ إتْمَامِهَا فَطَلَبَ فِعْلَهَا بِسَلَامٍ وَاحِدٍ لِيَكُونَ التَّحَرُّمُ بِهَا مَانِعًا عَنْ الْإِعْرَاضِ عَنْ شَيْءٍ مِنْهَا، وَدَخَلَ فِيهِ مَا لَوْ فَرَّقَهَا فَفَعَلَ فِي لَيْلَةٍ رَكْعَتَيْنِ وَفِي لَيْلَةٍ أُخْرَى رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّ شَرْطَ حُصُولِ سُنَّتِهَا إذَا فَعَلَهَا مُتَوَالِيَةً حَتَّى تُعَدَّ صَلَاةً وَاحِدَةً، وَهُوَ أَقْرَبُ. (قَوْلُهُ: يَقُولُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ) قَالَ السُّيُوطِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابِ الْكَلِمِ الطَّيِّبِ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ مَا نَصُّهُ: كَيْفِيَّةُ صَلَاةِ التَّسْبِيحِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ يَقْرَأُ فِيهَا أَلْهَاكُمْ وَالْعَصْرَ وَالْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصَ، وَبَعْدَ ذَلِكَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةٍ فِي الْقِيَامِ وَعَشْرًا فِي الرُّكُوعِ وَالِاعْتِدَالِ وَالسَّجْدَتَيْنِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا وَالِاسْتِرَاحَةِ وَالتَّشَهُّدِ تِرْمِذِيٌّ، أَوْ يَضُمُّ إلَيْهَا لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ، وَبَعْدَهَا قَبْلَ السَّلَامِ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك تَوْفِيقَ أَهْلِ الْهُدَى وَأَعْمَالَ أَهْلِ الْيَقِينِ وَمُنَاصَحَةَ أَهْلِ التَّوْبَةِ وَعَزْمَ أَهْلِ الصَّبْرِ وَجَدَّ أَهْلِ الْخَشْيَةِ وَطَلَبَ أَهْلِ الرَّغْبَةِ وَتَعَبُّدَ أَهْلِ الْوَرَعِ وَعِرْفَانَ أَهْلِ الْعِلْمِ حَتَّى أَخَافَك، اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك مَخَافَةً تَحْجِزُنِي عَنْ مَعَاصِيك حَتَّى أَعْمَلَ بِطَاعَتِك عَمَلًا أَسْتَحِبُّ بِهِ رِضَاك وَحَتَّى أُنَاصِحَك بِالتَّوْبَةِ خَوْفًا مِنْك وَحَتَّى أَخْلُصَ لَك النَّصِيحَةَ حَيَاءً مِنْك وَحَتَّى أَتَوَكَّلَ عَلَيْك فِي الْأُمُورِ حُسْنُ ظَنِّيِّ بِك سُبْحَانَ خَالِقِ النَّارِ. اهـ. وَفِي رِوَايَةٍ النُّورِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُكَرِّرُ الدُّعَاءَ، وَلَوْ قِيلَ بِالتَّكْرَارِ لَكَانَ حَسَنًا، ثُمَّ قَوْلُهُ: وَبَعْدَهَا قَبْلَ السَّلَامِ إلَخْ يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ بِقَوْلِهِ مَرَّةً إنْ صَلَّاهَا بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ وَمَرَّتَيْنِ إنْ صَلَّى كُلَّ رَكْعَتَيْنِ بِإِحْرَامٍ (قَوْلُهُ: إلَّا بِاَللَّهِ) زَادَ حَجّ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ رَفْعِهِ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ) وَيَجُوزُ جَعْلُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَحِينَئِذٍ تَكُونُ عَشْرُ جِلْسَةِ الْأَخِيرَةِ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ. قَالَ الْبَغَوِيّ: وَلَوْ تَرَكَ تَسْبِيحَ الرُّكُوعِ لَمْ يَجُزْ الْعَوْدُ إلَيْهِ وَلَا فِعْلُهَا فِي الِاعْتِدَالِ بَلْ يَأْتِي بِهَا فِي السُّجُودِ. اهـ حَجّ. وَبَقِيَ مَا لَوْ تَرَكَ التَّسْبِيحَ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ وَلَمْ يَتَدَارَكْهُ هَلْ تَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ أَوْ لَا، وَإِذَا لَمْ تَبْطُلْ فَهَلْ يُثَابُ عَلَيْهَا ثَوَابَ صَلَاةِ التَّسْبِيحِ أَوْ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إنْ تَرَكَ بَعْضَ التَّسْبِيحِ حَصَلَ لَهُ أَصْلُ سُنَّتِهَا وَإِنْ تَرَكَ الْكُلَّ وَقَعَتْ لَهُ نَفْلًا مُطْلَقًا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[قسم من النفل يسن جماعة]

الْمُتَأَخِّرُونَ وَصَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَحَدِيثُهَا حَسَنٌ، وَكَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ فِي التَّهْذِيبِ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ جَرَى فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقِ عَلَى ضَعْفِ حَدِيثِهَا وَأَنَّ فِي نَدْبِهَا نَظَرًا، وَقَدْ رَدَّ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَا يَسْمَعُ بِعَظِيمِ فَضْلِهَا وَيَتْرُكُهَا إلَّا مُتَهَاوِنٌ بِالدِّينِ، وَالطَّعْنُ فِي نَدْبِهَا بِأَنَّ فِيهَا تَغْيِيرًا لِنَظْمِ الصَّلَاةِ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى ضَعْفِ حَدِيثِهَا، فَإِذَا ارْتَقَى إلَى دَرَجَةِ الْحَسَنِ أَثْبَتَهَا، وَإِنْ كَانَ فِيهَا ذَلِكَ، وَصَلَاةُ الرَّغَائِبِ أَوَّلَ جُمُعَةٍ مِنْ رَجَبٍ وَلَيْلَةَ نِصْفِ شَعْبَانَ بِدْعَتَانِ قَبِيحَتَانِ مَذْمُومَتَانِ وَحَدِيثُهُمَا بَاطِلٌ، وَقَدْ بَالَغَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي إنْكَارِهَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ صَلَاتِهَا جَمَاعَةً أَوْ فُرَادَى كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، وَمَنْ زَعَمَ عَدَمَ الْفَرْقِ فِي الْأُولَى وَأَنَّ الثَّانِيَةَ تُنْدَبُ فُرَادَى قَطْعًا فَقَدْ وَهَمَ، وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُمَا مَعَ أَنَّ الْمَلْحَظَ بُطْلَانُ حَدِيثِهِمَا، وَأَنَّ فِي نَدْبِهِمَا بِخُصُوصِهِمَا جَمَاعَةً أَوْ فُرَادَى إحْدَاثَ شِعَارٍ لَمْ يَصِحَّ وَهُوَ مَمْنُوعٌ فِي الصَّلَوَاتِ سِيَّمَا مَعَ تَوْقِيتِهِمَا بِوَقْتٍ مَخْصُوصٍ، وَأَفْضَلُ هَذَا الْقِسْمِ الْوِتْرُ ثُمَّ رَكْعَتَا فَجْرٍ وَهُمَا أَفْضَلُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، وَخَبَرُ «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ» مَحْمُولُ عَلَى النَّفْلِ الْمُطْلَقِ، ثُمَّ بَاقِي رَوَاتِبِ الْفَرَائِضِ ثُمَّ الضُّحَى ثُمَّ مَا تَعَلَّقَ بِفِعْلٍ غَيْرِ سُنَّةِ وُضُوءٍ كَرَكْعَتَيْ طَوَافٍ، وَإِحْرَامٍ وَتَحِيَّةٍ، وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ مُسْتَوِيَةٌ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ، ثُمَّ سُنَّةُ وُضُوءٍ ثُمَّ نَفْلٌ مُطْلَقٌ. وَالْمُرَادُ بِالتَّفْضِيلِ مُقَابَلَةُ جِنْسٍ بِجِنْسٍ، وَلَا مَانِعَ مِنْ جَعْلِ الشَّارِعِ الْعَدَدَ الْقَلِيلَ أَفْضَلَ مِنْ الْعَدَدِ الْكَثِيرِ مَعَ اتِّحَادِ النَّوْعِ بِدَلِيلِ الْقَصْرِ فِي السَّفَرِ فَمَعَ اخْتِلَافِهِ أَوْلَى قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ (وَقِسْمٌ) مِنْ النَّفْلِ (يُسَنُّ جَمَاعَةً) أَيْ تُسَنُّ فِيهِ الْجَمَاعَةُ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ مُسْتَحَبٌّ مُطْلَقًا صُلِّيَ جَمَاعَةً أَمْ لَا (كَالْعِيدِ وَالْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ) وَسَتَأْتِي فِي أَبْوَابِهَا وَأَفْضَلُهَا الْعِيدَانِ النَّحْرُ فَالْفِطْرُ خِلَافًا لِمَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فِي التَّهْذِيبِ) أَيْ تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ (قَوْلُهُ: وَصَلَاةُ الرَّغَائِبِ) لَمْ يُبَيِّنْ عَدَدَ رَكَعَاتِهَا فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: بِدْعَتَانِ قَبِيحَتَانِ) وَمَعَ ذَلِكَ فَالصَّلَاةُ نَفْسُهَا صَحِيحَةٌ إذْ غَايَتُهَا أَنَّهَا نَفْلٌ نُهِيَ عَنْهُ لِأَمْرٍ خَارِجٍ وَهُوَ مَا يُؤَدِّي فِعْلُهَا إلَيْهِ فِي هَذَا الْوَقْتِ مِنْ اعْتِقَادِ سُنِّيَّتِهَا بِخُصُوصِهَا. نَعَمْ إنْ نَوَى بِهَا سَبَبًا مُعَيَّنًا كَسُنَّةِ الرَّغَائِبِ فَيَنْبَغِي الْبُطْلَانُ. وَعِبَارَةُ حَجّ فِي رَدِّ كَلَامٍ لِلسُّهْرَوَرْدِيِ: وَمَنْ اسْتَحْضَرَ كَلَامَهُمْ فِي رَدِّ صَلَوَاتٍ ذُكِرَتْ فِي أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ عَلِمَ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ، وَلَا تَصِحُّ هَذِهِ الصَّلَوَاتُ بِتِلْكَ النِّيَّاتِ الَّتِي اسْتَحْسَنَهَا الصُّوفِيَّةُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرِدَ لَهَا أَصْلٌ فِي السُّنَّةِ. اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْنَا (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الثَّانِيَةَ) أَيْ صَلَاةَ لَيْلَةِ نِصْفِ شَعْبَانَ (قَوْلُهُ: وَأَفْضَلُ هَذَا الْقِسْمِ الْوِتْرُ) أَيْ وَلَوْ بِرَكْعَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ. وَإِنْ كَرِهَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا. وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَكْثَرُهَا ثِنْتَا عَشْرَةَ مَا نَصُّهُ: وَكَرَكْعَةِ الْوِتْرِ أَفْضَلُ مِنْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَا تَعَلَّقَ بِفِعْلٍ غَيْرِ سُنَّةِ وُضُوءٍ) وَمِنْهُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ سَنِّ رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ إرَادَةِ سَفَرٍ بِمَنْزِلِهِ إلَى آخِرِ مَا قَدَّمَهُ فَيَكُونُ بَعْدَ الضُّحَى وَقِيلَ سُنَّةُ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ مُسْتَوِيَةٌ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ) . اقْتِصَارُهُ عَلَى الْحُكْمِ بِاسْتِوَاءِ الثَّلَاثَةِ يُشْعِرُ بِأَنَّ غَيْرَهَا مِمَّا دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ لَيْسَ فِي رُتْبَتِهَا، وَإِنْ كَانَ مُقَدَّمًا عَلَى سُنَّةِ الْوُضُوءِ، وَمُرَادُهُ بِالثَّلَاثَةِ قَوْلُهُ: كَرَكْعَتَيْ طَوَافٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَالْكُسُوفِ) أَيْ وَكَوِتْرِ رَمَضَانَ وَالتَّرَاوِيحِ وَصَرَّحَ بِهَا بَعْدُ لِلْخِلَافِ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَأَفْضَلُهَا) أَيْ الصَّلَوَاتُ الَّتِي تُسَنُّ فِيهَا الْجَمَاعَةُ فَلَا يُقَالُ تَعْقِيدُ الِاسْتِسْقَاءِ بِالتَّرَاوِيحِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْوِتْرَ وَالرَّوَاتِبَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى التَّرَاوِيحِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ إنَّمَا يَرِدُ لَوْ قِيلَ أَفْضَلُ النَّفْلِ (قَوْلُهُ: لِمَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ) أَيْ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَهُمَا أَفْضَلُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ) لَا خُصُوصِيَّةَ لَهُمَا فِي الْأَفْضَلِيَّةِ عَلَى صَلَاةِ اللَّيْلِ بَلْ مِثْلُهُمَا فِي ذَلِكَ كُلُّ مَا يَأْتِي مِنْ ذَاتِ الْوَقْتِ، وَالسَّبَبُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ هَذَا عَنْهُ. [قِسْمٌ مِنْ النَّفْلِ يُسَنُّ جَمَاعَةً] (قَوْلُهُ: وَأَفْضَلُهَا الْعِيدَانِ) أَيْ صَلَاتُهُمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ السِّيَاقِ، لَكِنَّ دَلِيلَهُ الْآتِيَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ التَّفْضِيلُ فِي ذَاتِ الْأَيَّامِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ يَلْزَمُ مِنْ تَفْضِيلِ الْأَيَّامِ تَفْضِيلُ مَا يَقَعُ فِيهَا مِنْ الْعِبَادَاتِ فَالدَّلِيلُ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ التَّكْبِيرُ.

أَخْذًا مِنْ تَفْضِيلِهِمْ تَكْبِيرِ الْفِطْرِ عَلَى تَكْبِيرِ الْأَضْحَى لِلنَّصِّ عَلَيْهِ وَيُجَابُ بِعَدَمِ التَّلَازُمِ، وَيَدُلُّ لِمَا قُلْنَا مَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قِرْطٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ أَفْضَلَ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمُ النَّحْرِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَقَدْ رَجَّحَ فِي الْخَادِمِ مَا ذَكَرْنَاهُ فَقَالَ: إنَّهُ الْأَرْجَحُ فِي النَّظَرِ؛ لِأَنَّهُ فِي شَهْرٍ حَرَامٍ وَفِيهِ نُسُكَانِ الْحَجُّ وَالْأُضْحِيَّةُ، وَقِيلَ إنَّ عَشَرَةُ أَفْضَلُ مِنْ الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ ثُمَّ كُسُوفُ الشَّمْسِ ثُمَّ خُسُوفُ الْقَمَرِ ثُمَّ الِاسْتِسْقَاءُ ثُمَّ التَّرَاوِيحُ (وَهُوَ) أَيْ هَذَا الْقِسْمُ (أَفْضَلُ مِمَّا لَا يُسَنُّ جَمَاعَةً) لِتَأَكُّدِ أَمْرِهِ بِطَلَبِ الْجَمَاعَةِ فِيهِ فَأَشْبَهَ الْفَرَائِضَ، وَالْمُرَادُ تَفْضِيلُ الْجِنْسِ عَلَى الْجِنْسِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِعَدَدٍ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ. (لَكِنَّ الْأَصَحَّ) (تَفْضِيلُ الرَّاتِبَةِ) لِلْفَرَائِضِ (عَلَى التَّرَاوِيحِ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاظَبَ عَلَى تِلْكَ دُونَ هَذِهِ فَإِنَّهُ صَلَّاهَا ثَلَاثَ لَيَالٍ، فَلَمَّا كَثُرَ النَّاسُ فِي الثَّالِثَةِ تَرَكَهَا خَوْفًا مِنْ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْهِمْ. وَلَا يُشْكِلُ هَذَا بِحَدِيثِ الْإِسْرَاءِ «هِيَ خَمْسٌ وَهُنَّ خَمْسُونَ لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ» لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَخُوفُ افْتِرَاضَ قِيَامِ اللَّيْلِ بِمَعْنَى جَعْلِ التَّهَجُّدِ فِي الْمَسْجِدِ جَمَاعَةً شَرْطًا فِي صِحَّةِ النَّفْلِ فِي اللَّيْلِ وَيُومِئُ إلَيْهِ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ «خَشِيت أَنْ يُكْتَبَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ مَا قُمْتُمْ بِهِ، فَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ» فَمَنَعَهُمْ مِنْ التَّجْمِيعِ فِي الْمَسْجِدِ إشْفَاقًا عَلَيْهِمْ مِنْ اشْتِرَاطِهِ، وَأُمِنَ مَعَ إذْنِهِ فِي الْمُوَاظَبَةِ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSتَفْضِيلِ الْفِطْرِ عَلَى النَّحْرِ (قَوْلُهُ: عَلَى تَكْبِيرِ الْأَضْحَى) أَيْ عَلَى التَّكْبِيرِ الْمُرْسَلِ فِي الْأَضْحَى، أَمَّا الْمُقَيَّدُ فِيهِ فَأَفْضَلُ مِنْ تَكْبِيرِ الْفِطْرِ لِشَرَفِهِ بِتَبَعِيَّتِهِ لِلْفَرَائِضِ (قَوْلُهُ: يَوْمُ النَّحْرِ) أَيْ وَتَفْضِيلُ الْيَوْمِ يَقْتَضِي تَفْضِيلَ مَا وَقَعَ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ الْأَرْجَحُ فِي النَّظَرِ) أَيْ الْمُدْرَكِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ) أَيْ وَلِأَنَّهُ قِيلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِعَدَدٍ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَمَا تَقَدَّمَ عَنْ حَجّ مِنْ أَفْضَلِيَّةِ رَكْعَةِ الْوِتْرِ عَلَى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ سَبَبُهُ أَنَّ الْوِتْرَ مُقَدَّمٌ عَلَى الرَّوَاتِبِ ثُمَّ رَكْعَتَا الْفَجْرِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الرَّوَاتِبِ وَقَالَ سم عَلَى حَجّ: هَلْ الْمُرَادُ أَنَّ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ أَفْضَلُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الرَّوَاتِبِ أَوْ مِنْ الرَّوَاتِبِ كُلِّهَا أَوْ كَيْفَ الْحَالُ اهـ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُقَابِلُ بَيْنَ زَمَنَيْ الْعِبَادَتَيْنِ، فَمَا زَادَ زَمَنُهُ كَانَ ثَوَابُهُ أَكْثَرَ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِمَا مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ كَالْمُقَابَلَةِ بَيْنَ صَوْمِ يَوْمٍ وَصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا مَرَّ) هُوَ قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ مِنْ التَّفْضِيلِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: الْأَصَحُّ تَفْضِيلُ الرَّاتِبَةِ) أَيْ الْمُؤَكَّدَةِ وَغَيْرِهَا، وَيَلْزَمُهُ تَفْضِيلُ الْوِتْرِ عَلَى التَّرَاوِيحِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهَا، وَإِذَا اُعْتُبِرَ هَذَا مَعَ مَا مَرَّ مِنْ تَرْتِيبِ النَّفْلِ الَّذِي لَا تُشْرَعُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ عَلِمْت أَنَّ بَعْدَ الِاسْتِسْقَاءِ الْوِتْرَ ثُمَّ رَكْعَتَا الْفَجْرِ ثُمَّ بَاقِيَ الرَّوَاتِبِ ثُمَّ التَّرَاوِيحَ ثُمَّ الضُّحَى إلَى آخِرِ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ بِمَا ذَكَرَ أَنَّ الْأَفْضَلَ مِنْ التَّرَاوِيحِ هُوَ الرَّاتِبُ الْمُؤَكَّدُ. وَقَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُؤَكَّدِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ التَّابِعَ يَشْرُفُ بِشَرَفِ الْمَتْبُوعِ اهـ. وَقَالَ ع: ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُؤَكَّدَةِ وَغَيْرِهَا، وَيُحْتَمَلُ التَّخْصِيصُ بِالْمُؤَكَّدَةِ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ، وَعَدَمِ تَقْيِيدِ الشَّارِحِ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ يُوَافِقُهُ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَإِنْ اقْتَضَى تَعْلِيلُهُ بِالْمُوَاظَبَةِ خِلَافَهُ (قَوْلُهُ: ثَلَاثَةُ لَيَالٍ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: وَرَوَى ابْنُ خُزَيْمَةَ وَحِبَّانُ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي رَمَضَانَ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ أَوْتَرَ» اهـ. أَقُولُ: وَأَمَّا الْبَقِيَّةُ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَفْعَلُهُ فِي بَيْتِهِ قَبْلَ مَجِيئِهِ أَوْ بَعْدَهُ، وَانْظُرْ هَلْ الثَّلَاثُ كَانَتْ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ أَوْ وَسَطِهِ أَوْ آخِرِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ فَلْيُرَاجِعْ. وَبِبَعْضِ الْهَوَامِشِ قَوْلُهُ: ثَلَاثُ لَيَالٍ: أَيْ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ حِينَ بَقِيَ مِنْ رَمَضَانَ سَبْعُ لَيَالٍ لَكِنْ مُفَرَّقَةٌ، صَلَّاهَا لَيْلَةَ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ وَالْخَامِسَةِ وَالسَّابِعَةِ ثُمَّ انْتَظَرُوهُ فِي الثَّامِنَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ لَهُمْ وَقَالَ: خَشِيت إلَخْ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الْإِسْنَوِيِّ وَعِبَارَتُهُ: وَعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ «قُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ، ثُمَّ قُمْنَا مَعَهُ لَيْلَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ، ثُمَّ قُمْنَا مَعَهُ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ حَتَّى خَشِيَنَا أَنْ لَا نُدْرِكَ الْفَلَاحَ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَقَالَ: إنَّهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ (قَوْلُهُ: فَمَنَعَهُمْ مِنْ التَّجْمِيعِ إلَخْ) وَأَسْلَمُ الْأَجْوِبَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ذَلِكَ فِي بُيُوتِهِمْ مِنْ افْتِرَاضِهِ عَلَيْهِمْ، أَوْ يَكُونُ الْمَخُوفُ افْتِرَاضَ قِيَامِ اللَّيْلِ عَلَى الْكِفَايَةِ لَا عَلَى الْأَعْيَانِ، فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى الْخَمْسِ. أَوْ يَكُونُ الْمَخُوفُ افْتِرَاضَ قِيَامِ رَمَضَانَ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ ذَاكَ كَانَ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ وَقْتُ جَدٍّ وَتَشْمِيرٍ، وَقِيَامُ رَمَضَانَ غَيْرُ مُتَكَرِّرٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ فِي السَّنَةِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى الْخَمْسِ، أَوْ أَنَّهُ خَشَى أَنْ يَكُونَ افْتِرَاضُهَا قَدْ عُلِّقَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ عَلَى دَوَامِ إظْهَارِهَا جَمَاعَةً، وَلَمْ يَخْشَ ذَلِكَ فِي غَيْرِهَا لِعِلْمِهِ بِعَدَمِ التَّعْلِيقِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ تَفْضِيلُ التَّرَاوِيحِ عَلَى الرَّاتِبَةِ لِسَنِّ الْجَمَاعَةِ فِيهَا (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْجَمَاعَةَ تُسَنُّ فِي التَّرَاوِيحِ) لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّاهَا لَيَالِيَ وَأَجْمَعَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَوْ أَكْثَرُهُمْ. أَوْ أَصْلُ مَشْرُوعِيَّتِهَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَهِيَ عِشْرُونَ رَكْعَةً بِعَشْرِ تَسْلِيمَاتٍ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، لِمَا رُوِيَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُومُونَ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بِعِشْرِينَ رَكْعَةً. وَفِي رِوَايَةٍ لِمَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ بِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ. وَجَمَعَ الْبَيْهَقِيُّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُمْ كَانُوا يُوتِرُونَ بِثَلَاثٍ، وَقَدْ جَمَعَ النَّاسَ عَلَى قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ الرِّجَالُ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَالنِّسَاءَ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، وَقَدْ انْقَطَعَ النَّاسُ عَنْ فِعْلِهَا جَمَاعَةً فِي الْمَسْجِدِ إلَى ذَلِكَ، وَسُمِّيَتْ كُلُّ أَرْبَعٍ مِنْهَا تَرْوِيحَةٌ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَرَوَّحُونَ عَقِبَهَا: أَيْ يَسْتَرِيحُونَ. قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَالسِّرُّ فِي كَوْنِهَا عِشْرِينَ أَنَّ الرَّوَاتِبَ: أَيْ الْمُؤَكَّدَةَ فِي غَيْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا نَقَلَهُ ع عَنْ الْإِسْنَوِيِّ مِنْ خَشْيَةِ تَوَهُّمِ فَرْضِيَّتِهَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ وَقْتُ جَدٍّ وَتَشْمِيرٍ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ بِاعْتِبَارِ الْمُرَادِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ إلَخْ) وَالْوَجْهَانِ إذَا قُلْنَا بِاسْتِحْبَابِ الْجَمَاعَةِ فِي التَّرَاوِيحِ، فَإِنْ قُلْنَا بِعَدَمِ اسْتِحْبَابِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا فَالرَّوَاتِبُ أَفْضَلُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الْمَحَلِّيِّ وَيُشِيرُ إلَى ذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ: وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِعَشْرِ تَسْلِيمَاتٍ) اقْتَصَرَ عَلَى الْوَاجِبِ فَلَا يُقَالُ التَّسْلِيمَاتُ عِشْرُونَ (قَوْلُهُ: عَلَى عَهْدِ عُمَرَ إلَخْ) اُنْظُرْ فِي أَيِّ سَنَةٍ كَانَ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا بَعْدُ، وَقَدْ جَمَعَ إلَخْ اُنْظُرْ فِي أَيِّ سَنَةٍ كَانَ أَيْضًا. ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ التَّقْرِيبِ لِلْعِرَاقِيِّ أَنَّ جَمْعَ عُمَرُ إلَخْ كَانَ سَنَةَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ مِنْ الْهِجْرَةِ. وَقَالَ فِي جَامِعِ الْأُصُولِ: طَعَنَهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ غُلَامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ مَصْدَرَ الْحَاجِّ بِالْمَدِينَةِ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ لِأَرْبَعٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَدُفِنَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ غُرَّةُ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَلَهُ مِنْ الْعُمُرِ ثَلَاثٌ وَسِتُّونَ سَنَةً، وَقِيلَ تِسْعٌ وَخَمْسُونَ وَقِيلَ ثَمَانٍ وَقِيلَ سِتَّةٌ وَخَمْسُونَ وَقِيلَ إحْدَى وَسِتُّونَ، وَكَانَتْ خِلَافَتُهُ عَشْرَ سِنِينَ وَنِصْفًا، وَصَلَّى عَلَيْهِ صُهَيْبٌ وَدُفِنَ إلَى جَانِبِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ اهـ. وَفِيهِ: وَكَانَتْ وَفَاةُ أَبِي بَكْرٍ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ لِثَمَانٍ بَقِينَ مِنْ جُمَادَى الْأُخْرَى سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَلَهُ ثَلَاثٌ وَسِتُّونَ سَنَةً، وَكَانَتْ خِلَافَتُهُ سَنَتَيْنِ وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ اهـ. وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ عُمَرَ أَقَرَّ النَّاسَ عَلَى صَلَاتِهِمْ فُرَادَى رَمَضَانَا وَاحِدًا بَعْدَ مَوْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَفِي رَمَضَانَ الثَّانِي جَمَعَ النَّاسَ فِيهِ عَلَى مَنْ ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: وَالنِّسَاءُ عَلَى سُلَيْمَانَ) هُوَ بِزِيَادَةِ يَاءٍ قَبْلَ الْمِيمِ تَابِعِيٌّ لَهُ رِوَايَةٌ، وَوَالِدُهُ أَبُو حَثْمَةَ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَثَاءٍ مُثَلَّثَةٍ، لَهُ صُحْبَةٌ مِنْ مُسْلِمَةِ الْفَتْحِ كَذَا فِي الْإِصَابَةِ. اهـ وَهِيَ كَذَلِكَ فِي نُسَخٍ مُتَعَدِّدَةٍ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ سَلْمَانُ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِمَا عَلِمْت بَلْ هُوَ خَطَأٌ (قَوْلُهُ: وَقَدْ انْقَطَعَ النَّاسُ عَنْ فِعْلِهَا جَمَاعَةً) أَيْ وَصَارُوا يَفْعَلُونَهَا فِي بُيُوتِهِمْ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ: الْمُتَقَدِّمُ فَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ، وَلَعَلَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَفْعَلُهَا فِي بَيْتِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا نَقَلَهُ ع حَيْثُ قَالَ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الصَّحِيحَيْنِ إنَّهُ صَلَّاهَا فِي بَيْتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ افْتِرَاضُهَا إلَخْ) فِي دَفْعِ هَذَا الْإِشْكَالِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: إلَى ذَلِكَ) أَيْ جَمْعِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -

رَمَضَانَ عَشْرُ رَكَعَاتٍ فَضُوعِفَتْ فِيهِ؛ لِمَا مَرَّ، وَلِأَهْلِ الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ فِعْلُهَا سِتًّا وَثَلَاثِينَ؛ لِأَنَّ الْعِشْرِينَ خَمْسُ تَرْوِيحَاتٍ، فَكَانَ أَهْلُ مَكَّةَ يَطُوفُونَ بِكُلِّ تَرْوِيحَتَيْنِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ، فَجَعَلَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بَدَلَ كُلِّ أُسْبُوعٍ تَرْوِيحَةً لِيُسَاوُوهُمْ. قَالَا: وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ لَهُمْ شَرَفًا بِهِجْرَتِهِ، وَبِدَفْنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ خِلَافًا لِلْحَلِيمِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَفِعْلُهَا بِالْقُرْآنِ فِي جَمِيعِ الشَّهْرِ أَوْلَى وَأَفْضَلُ مِنْ تَكْرِيرِ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ وَوَقْتُهَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَلَوْ تَقْدِيمًا إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ، وَلَا تَصِحُّ بِنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ بَلْ يَنْوِي رَكْعَتَيْنِ مِنْ التَّرَاوِيحِ أَوْ مِنْ قِيَامِ رَمَضَانَ. وَلَوْ صَلَّى أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ لَمْ يَصِحَّ إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا، وَإِلَّا صَارَتْ نَفْلًا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَشْرُوعِ، بِخِلَافِ سُنَّةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ التَّرَاوِيحَ أَشْبَهَتْ الْفَرَائِضَ كَمَا مَرَّ، فَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــSبَقِيَّةَ الشَّهْرِ (قَوْلُهُ: فَضُوعِفَتْ) لَعَلَّ الْمَعْنَى فَزِيدَ قَدْرُهَا وَضِعْفُهُ لَا فَزِيدَ عَلَيْهَا قَدْرُهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ. اهـ سم عَلَى حَجّ. وَهَذَا كَمَا تَرَى مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ ضِعْفَ الشَّيْءِ مِثْلُهُ، أَمَّا إذَا قِيلَ إنَّ ضَعْفَهُ مِثْلَاهُ فَلَا تَأْوِيلَ، وَهَذَا الْأَخِيرُ هُوَ الْمَشْهُورُ. (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ وَقْتُ جِدٍّ وَتَشْمِيرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلِأَهْلِ الْمَدِينَةِ) أَيْ يَجُوزُ لَهُمْ وَإِنْ كَانَ اقْتِصَارُهُمْ عَلَى الْعِشْرِينَ أَفْضَلَ. اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: فَعَلَهَا سِتًّا) . [فَرْعٌ] قَالَ م ر فِي جَوَابِ سَائِلٍ: الْمُرَادُ بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ مَنْ بِهَا وَإِنْ كَانُوا غُرَبَاءَ لَا أَهْلِهَا بِغَيْرِهَا، وَأَظُنُّهُ قَالَ لِأَهْلِهَا حُكْمُهُمْ، وَإِنْ كَانُوا حَوْلَهَا فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلِهِ لِيُسَاوُوهُمْ) قَالَ حَجّ: وَابْتِدَاءُ حُدُوثِ ذَلِكَ كَانَ أَوَاخِرَ الْقَرْنِ الْأَوَّلِ ثُمَّ اُشْتُهِرَ وَلَمْ يُنْكَرْ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الْإِجْمَاعِ السُّكُوتِيِّ، وَلَمَّا كَانَ فِيهِ مَا فِيهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الْعِشْرُونَ لَهُمْ أَحَبُّ إلَيَّ. اهـ. وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: أَمَّا أَهْلُ الْمَدِينَةِ فَلَهُمْ سِتًّا وَثَلَاثِينَ، وَإِنْ كَانَ اقْتِصَارُهُمْ عَلَى الْعِشْرِينَ أَفْضَلَ. اهـ. وَعَلَيْهِ فَالْإِجْمَاعُ إنَّمَا هُوَ عَلَى جَوَازِ الزِّيَادَةِ لَا طَلَبِهَا، وَمَعَ ذَلِكَ إذَا فُعِلَتْ يُثَابُونَ عَلَيْهَا فَوْقَ ثَوَابِ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ وَيَنْوُونَ بِالْجَمِيعِ التَّرَاوِيحَ (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ) لَوْ فَاتَتْ وَاحِدًا مِنْ أَهْلِهَا وَأَرَادَ أَنْ يَقْضِيَهَا فِي غَيْرِهَا فَعَلَهَا سِتًّا وَثَلَاثِينَ وَعَكْسُهُ يَفْعَلُهَا عِشْرِينَ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَحْكِي الْأَدَاءَ. اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ بِهَامِشٍ هُوَ مِنْ خَطِّ الشَّيْخِ أَحْمَدَ الدَّوَاخِلِيِّ، وَمَا أَنْقُلُهُ دَائِمًا عَنْ هَامِشٍ يَكُونُ مُرَادِي بِهِ الشَّيْخَ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَهُوَ ظَاهِرٌ عَمَلًا بِمَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِهِمْ الْقَضَاءُ يَحْكِي الْأَدَاءَ. وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ الشَّوْبَرِيِّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى التَّحْرِيرِ قَوْلُهُ: عِشْرُونَ رَكْعَةً: أَيْ لِغَيْرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، أَمَّا أَهْلُ الْمَدِينَةِ فَسِتٌّ وَثَلَاثُونَ. وَسُئِلَ شَيْخُنَا: لَوْ أَرَادَ الْمَدَنِيُّ أَنْ يَقْضِيَ صَلَاةَ التَّرَاوِيحِ أَوْ غَيْرُهُ أَنْ يَقْضِيَهَا فِي الْمَدِينَةِ وَالْأَوَّلُ فِي غَيْرِهَا هَلْ يَقْضِيهَا سِتًّا وَثَلَاثِينَ؟ وَأَجَابَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اخْتِصَاصُ فِعْلِ التَّرَاوِيحِ سِتًّا وَثَلَاثِينَ بِمَنْ كَانَ بِالْمَدِينَةِ حَالَ طَلَبِهَا مِنْهُ ابْتِدَاءً وَفَعَلَهَا فِيهَا. اهـ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْحَلِيمِيِّ) أَيْ حَيْثُ قَالَ: وَمَنْ اقْتَدَى بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ فَقَامَ بِسِتٍّ وَثَلَاثِينَ فَحَسَنٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا أَرَادُوا بِمَا صَنَعُوا الِاقْتِدَاءَ بِأَهْلِ مَكَّةَ فِي الِاسْتِكْثَارِ مِنْ الْفَضْلِ لَا الْمُنَافِسَةَ كَمَا ظَنَّ بَعْضُهُمْ. اهـ شَرْحُ رَوْضِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَنْوِي رَكْعَتَيْنِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِعَدَدٍ بَلْ قَالَ أُصَلِّي قِيَامَ رَمَضَانَ أَوْ مِنْ قِيَامِ رَمَضَانَ لَمْ تَصِحَّ نِيَّتُهُ، وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ التَّعَرُّضَ لِلْعَدَدِ لَا يَجِبُ وَتُحْمَلُ نِيَّتُهُ عَلَى الْوَاجِبِ فِي التَّرَاوِيحِ، وَهُوَ رَكْعَتَانِ كَمَا لَوْ قَالَ أُصَلِّي الظُّهْرَ أَوْ الصُّبْحَ حَيْثُ قَالُوا فِيهِ بِالصِّحَّةِ وَيُحْتَمَلُ عَلَى مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ مِنْ الْعَدَدِ شَرْعًا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ سُنَّةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ) أَيْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَإِنَّهُ تَصِحُّ نِيَّةُ الْأَرْبَعِ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَضُوعِفَتْ) أَيْ وَجُعِلَتْ بِتَضْعِيفِهَا زِيَادَةً فِي رَمَضَانَ، وَإِلَّا فَالرَّوَاتِبُ مَطْلُوبَةٌ أَيْضًا فِي رَمَضَانَ أَوْ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ ضِعْفَ الشَّيْءِ مِثْلَاهُ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْحَلِيمِيِّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَمَنْ اقْتَدَى بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ فَقَامَ سِتًّا وَثَلَاثِينَ فَحَسَنٌ أَيْضًا

تُغَيَّرُ عَمَّا وَرَدَ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ سُنَّةَ الظُّهْرِ الَّتِي قَبْلَهَا وَصَلَّاهَا بَعْدَهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَجْمَعَهَا مَعَ سُنَّتِهِ الَّتِي بَعْدَهَا بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ يَجْمَعُ فِيهَا بَيْنَ الْقَبْلِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةِ. قَالَ: بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى سُنَّةَ عِيدِ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى حَيْثُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا قَدْ اشْتَمَلَتْ نِيَّتُهُ عَلَى صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ نِصْفُهَا مُؤَدَّى، وَنِصْفُهَا مَقْضِيٌّ وَلَا نَظِيرَ لَهُ فِي الْمَذْهَبِ؛ وَلِأَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ شَبِيهَةٌ بِالْفَرَائِضِ فَلَا تُغَيَّرُ عَمَّا وَرَدَ، نَظِيرُ مَا مَرَّ وَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ زِيَادَةِ الْوُقُودِ عِنْدَ فِعْلِ التَّرَاوِيحِ خُصُوصًا مَعَ تَنَافُسِ أَهْلِ الْإِسْبَاعِ فِي الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ جَائِزٌ إنْ كَانَ فِيهِ نَفْعٌ، وَإِلَّا حَرُمَ كَمَا فِيهِ نَفْعٌ وَهُوَ مِنْ مَالٍ مَحْجُورٍ أَوْ وَقْفٍ لَمْ يَشْتَرِطْهُ وَاقِفُهُ وَلَمْ تَطَّرِدْ الْعَادَةُ بِهِ فِي زَمَنِهِ وَعِلْمُهَا، وَلَوْ جَمَعَ فِي ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ سُنَّةَ الْعِشَاءِ ثِنْتَيْنِ مِنْهَا وَوَاحِدَةَ الْوِتْرِ لَمْ يَصِحَّ خِلَافًا لِصَاحِبِ الْبَيَانِ. (وَلَا حَصْرَ لِلنَّفْلِ الْمُطْلَقِ) وَهُوَ الَّذِي لَا يَتَقَيَّدُ بِوَقْتٍ وَلَا سَبَبٍ أَيْ لَا حَصْرَ لِعَدَدِهِ وَلَا لِعَدَدِ رَكَعَاتِهِ لِخَبَرِ «الصَّلَاةُ خَيْرُ مَوْضُوعٍ فَاسْتَكْثِرْ مِنْهَا أَوْ أَقِلَّ» فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مَا شَاءَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: بَيْنَ الْقَبْلِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةِ) أَيْ أَمَّا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ سُنَّةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِإِحْرَامٍ فَلَا لِاخْتِلَافِ النَّوْعِ. اهـ. وَقَوْلُهُ بَعْدُ؛ لِأَنَّهَا قَدْ اشْتَمَلَتْ إلَخْ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ تَقْدِيمًا أَوْ تَأْخِيرًا جَازَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ سُنَّتَيْهِمَا بَعْدَ فِعْلِهِمَا بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: الْآتِي وَلَوْ جَمَعَ فِي ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ سُنَّةً إلَخْ لِاخْتِلَافِ نَوْعِهِمَا مَعَ أَنَّ كُلًّا سُنَّةٌ مَقْصُودَةٌ فِي نَفْسِهَا، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى مَنْهَجٍ صَرَّحَ بِمَا قُلْنَاهُ حَيْثُ قَالَ: بِخِلَافِ مَا لَوْ جَمَعَ رَوَاتِبَ فَرْضَيْنِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُمَا نَوْعَانِ، وَلَمْ يُعْهَدْ أَنْ تَكُونَ صَلَاةُ بَعْضِهَا أَدَاءً وَبَعْضِهَا قَضَاءً م ر. وَأَظُنُّهُ نَقَلَهُ عَنْ فَتْوَى وَالِدِهِ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ سُنَّةِ الْعِشَاءِ وَالْوِتْرِ؛ لِأَنَّهُمَا نَوْعَانِ، وَانْظُرْ لَوْ جَمَعَ أَرْبَعَ الظُّهْرِ القَبْلِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةَ أَوْ جَمَعَ الثَّمَانِ لَكِنْ أَدْرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً فِي آخِرِ الْوَقْتِ وَوَقَعَ الْبَاقِي خَارِجَهُ هَلْ يَكُونُ الْأَرْبَعُ أَوْ الثَّمَانِ أَدَاءً أَوْ لَا بُدَّ فِي كَوْنِهَا أَدَاءً مِنْ وُقُوعِ رَكْعَةٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْوَقْتِ بِأَنْ يُدْرِكَ ثَلَاثًا فِي الْوَقْتِ فِي صُورَةِ الْأَرْبَعِ وَخَمْسًا فِي صُورَةِ الثَّمَانِ؟ . قَالَ م ر: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْكُلُّ أَدَاءً بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ؛ لِأَنَّ الْمَجْمُوعَ صَارَ فِي حُكْمِ الصَّلَاةِ الْوَاحِدَةِ، وَقَوْلُهُ بِأَنْ يُدْرِكَ ثَلَاثًا إلَخْ لَعَلَّ وَجْهَ اشْتِرَاطِ الثَّلَاثِ وَالْخَمْسِ أَنَّهُ يَجْعَلُ الْقَبْلِيَّةَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ أَوْ الْأَرْبَعِ مُسْتَقِلَّةً فَيُشْتَرَطُ وُقُوعُهَا كُلُّهَا فِي الْوَقْتِ، وَالْبَعْدِيَّةُ صَلَاةٌ أُخْرَى فَيُكْتَفَى مِنْهَا بِرَكْعَةٍ فِي الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: شَبِيهَةٌ بِالْفَرَائِضِ) وَعَلَى هَذَا لَوْ فَاتَهُ عِيدُ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ مَعَ انْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ إذَا كَانَ مُعَلَّلًا بَعْلَتَيْنِ يَبْقَى مَا بَقِيَتْ إحْدَاهُمَا، وَكَذَا لَوْ نَوَى بِرَكْعَتَيْنِ الْعِيدَ وَالضُّحَى فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُمَا سُنَّتَانِ مَقْصُودَتَانِ. (قَوْلُهُ: أَيْ لَا حَصْرَ لِعَدَدِهِ) أَيْ بِأَنْ يُقَالَ هُوَ مَحْصُورٌ فِي عِشْرِينَ مَثَلًا فَلَا يَزِيدُ عَلَيْهَا، وَقَوْلُهُ وَلَا لِعَدَدِ رَكَعَاتِهِ: أَيْ فَإِذَا أَحْرَمَ وَأَطْلَقَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ مَا شَاءَ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ بِعَدَدِ رَكَعَاتِهِ فَافْهَمْهُ. ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: خَيْرُ مَوْضُوعٍ) هُوَ بِالْإِضَافَةِ لِيَظْهَرَ بِهِ الِاسْتِدْلَال عَلَى فَضْلِ الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِهَا، وَأَمَّا تَرْكُ الْإِضَافَةِ، وَإِنْ صَحَّ فَلَا يَحْصُلُ مَعَهُ الْمَقْصُودُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي كُلِّ قَرْيَةٍ. [فَائِدَةٌ] قَالُوا طُولُ الْقِيَامِ أَفْضَلُ مِنْ كَثْرَةِ الْعَدَدِ، فَمَنْ صَلَّى أَرْبَعًا مَثَلًا وَطَوَّلَ الْقِيَامَ أَفْضَلُ مِمَّنْ صَلَّى ثَمَانِيًا وَلَمْ يُطَوِّلْهُ، وَهَلْ يُقَاسُ بِذَلِكَ مَا لَوْ صَلَّى قَاعِدًا رَكْعَتَيْنِ مَثَلًا وَطَوَّلَ فِيهِمَا وَصَلَّى آخَرُ أَرْبَعًا أَوْ سِتًّا وَلَمْ يُطَوِّلْ فِيهَا زِيَادَةٌ عَلَى قَدْرِ صَلَاةِ الرَّكْعَتَيْنِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّا إنَّمَا فَضَّلْنَا ذَاتَ الْقِيَامِ عَلَى غَيْرِهَا نَظَرًا لِلْمَشَقَّةِ الْحَاصِلَةِ بِطُولِ الْقِيَامِ وَمَا هُنَا لَا مَشَقَّةَ فِيهِ لِتَسَاوِيهِمَا فِي الْقُعُودِ الَّذِي لَا مَشَقَّةَ فِيهِ، وَحَيْثُ زَادَتْ كَثْرَةُ الْعَدَدِ بِالرُّكُوعَاتِ وَالسُّجُودَاتِ وَغَيْرِهَا كَانَتْ أَفْضَلَ (قَوْلُهُ: أَنْ يُصَلِّيَ مَا شَاءَ) أَيْ وَيُسَلِّمَ مَتَى شَاءَ مَعَ جَهْلِهِ كَمْ صَلَّى عُبَابُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: نِصْفُهَا مُؤَدًّى وَنِصْفُهَا مَقْضِيٌّ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا مَقْضِيَّيْنِ صَحَّ لَكِنَّ قَضِيَّةَ التَّعْلِيلِ الْآخَرِ خِلَافُهُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ جَمَعَ فِي ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ سُنَّةَ الْعِشَاءِ إلَخْ) فِي التَّعْبِيرِ قَلَاقَةٌ. (قَوْلُهُ: وَلَا حَصْرَ لِعَدَدِهِ وَلَا لِعَدَدِ رَكَعَاتِهِ) عِبَارَةُ

وَلَوْ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ عَدَدٍ، وَأَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى رَكْعَةٍ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ (فَإِنْ أَحْرَمَ بِأَكْثَرَ مِنْ رَكْعَةٍ فَلَهُ التَّشَهُّدُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ) وَفِي كُلِّ ثَلَاثٍ وَكُلِّ أَرْبَعٍ وَهَكَذَا؛ لِأَنَّهُ مَعْهُودٌ فِي الْفَرَائِضِ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا لَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى التَّشَهُّدِ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ كَالْفَرْضِ وَيَقْرَأُ السُّورَةَ فِي الْكُلِّ، وَإِلَّا فَفِيمَا قَبْلَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ كَمَا مَرَّ (فِي كُلِّ رَكْعَةٍ) لِجَوَازِ التَّطَوُّعِ بِهَا مَعَ التَّحَلُّلِ مِنْهَا فَيَجُوزُ لَهُ الْقِيَامُ حِينَئِذٍ لِأُخْرَى (قُلْت: الصَّحِيحُ مَعَهُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِمَا فِيهِ مِنْ اخْتِرَاعِ صُورَةٍ فِي الصَّلَاةِ لَمْ تُعْهَدْ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ مَنْعُهُ، وَإِنْ لَمْ يُطِلْ جَلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ لَا سِيَّمَا عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ الْبُطْلَانِ بِتَطْوِيلِهَا (وَإِذَا نَوَى عَدَدًا) وَمِنْهُ الرَّكْعَةُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، وَإِنْ كَانَ الْوَاحِدُ غَيْرَ عَدَدٍ عِنْدَ أَكْثَرِ الْحِسَابِ (فَلَهُ أَنْ يَزِيدَ) عَلَى مَا نَوَاهُ (وَ) أَنْ (يَنْقُصَ) عَنْهُ إنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ رَكْعَةٍ (بِشَرْطِ تَغْيِيرِ النِّيَّةِ قَبْلَهُمَا) أَيْ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا حَصْرَ لَهُ. نَعَمْ لَوْ رَأَى الْمُتَيَمِّمُ الْمَاءَ فِي أَثْنَاءِ عَدَدٍ نَوَاهُ لَيْسَ لَهُ زِيَادَةٌ عَلَيْهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِهِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُغَيِّرْ النِّيَّةَ قَبْلَهُمَا (فَتَبْطُلُ) صَلَاتُهُ بِذَلِكَ لِعَدَمِ شُمُولِ نِيَّتِهِ لِمَا أَحْدَثَهُ (فَلَوْ) (نَوَى رَكْعَتَيْنِ) مَثَلًا (ثُمَّ قَامَ إلَى) رَكْعَةٍ (ثَالِثَةٍ سَهْوًا) ثُمَّ تَذَكَّرَ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقْعُدُ) حَتْمًا (ثُمَّ يَقُومُ لِلزِّيَادَةِ إنْ شَاءَ) هَا ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ آخِرَ صَلَاتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَأَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى رَكْعَةٍ) أَيْ بِأَنْ يَنْوِيَهَا أَوْ يُطْلِقَ فِي نِيَّتِهِ ثُمَّ يُسَلِّمَ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَفِي كُلِّ ثَلَاثٍ) أَيْ بَعْدَ كُلِّ ثَلَاثٍ وَكُلِّ أَرْبَعٍ إلَخْ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِي الْأَعْدَادِ قَبْلَ كُلِّ تَشَهُّدٍ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وَيَتَشَهَّدَ ثُمَّ ثَلَاثًا وَيَتَشَهَّدَ ثُمَّ أَرْبَعًا وَهَكَذَا (قَوْلُهُ: وَهَكَذَا) يُفِيدُ جَوَازَ التَّشَهُّدِ فِي كُلِّ ثَلَاثٍ مَثَلًا وَيُفِيدُ جَوَازَهُ فِي كُلِّ خَمْسٍ. فَإِنْ قُلْت هَذَا اخْتِرَاعُ صُورَةٍ لَمْ تُعْهَدْ فِي الصَّلَاةِ فَلْتَمْتَنِعْ كَالتَّشَهُّدِ كُلِّ رَكْعَةٍ. قُلْت: التَّشَهُّدُ بَعْدَ كُلِّ عَدَدٍ مَعْهُودِ الْجِنْسِ بِخِلَافِهِ بَعْدَ كُلِّ رَكْعَةٍ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: وَيَقْرَأُ السُّورَةَ فِي الْكُلِّ وَإِلَّا فَفِيمَا قَبْلَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ) أَقُولُ: وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ تَرَكَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ لِلْفَرِيضَةِ حَيْثُ لَا يَأْتِي بِالسُّورَةِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ أَنَّ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ لَمَّا طُلِبَ لَهُ جَابِرٌ وَهُوَ السُّجُودُ كَانَ كَالْمَأْتِيِّ بِهِ بِخِلَافِ هَذَا (قَوْلُهُ: مَنَعَهُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا أَحْرَمَ بِعَشْرِ رَكَعَاتٍ إنَّمَا تَبْطُلُ إذَا تَشَهَّدَ عَشْرَ تَشَهُّدَاتٍ بِعَدَدِ الرَّكَعَاتِ وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ إذَا تَشَهَّدَ بَعْدَ رَكْعَةٍ مُنْفَرِدَةٍ وَلَوْ كَانَتْ هِيَ الَّتِي قُبَيْلَ الْأَخِيرَةِ بَطَلَتْ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ مَنْعُهُ) عِبَارَةُ ابْنُ حَجَرٍ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ امْتِنَاعُهُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَإِنْ لَمْ يُطَوِّلْ جَلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَشَهَّدَ فِي الْمَكْتُوبَةِ الرُّبَاعِيَّةِ مَثَلًا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَلَمْ يُطَوِّلْ جَلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ لَمْ يَضُرَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. فَإِمَّا أَنْ يَحْمِلَ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا طَوَّلَ بِالتَّشَهُّدِ جَلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ لِمَا مَرَّ أَنَّ تَطْوِيلَهَا مُبْطِلٌ، أَوْ يُفَرِّقَ بِأَنَّ كَيْفِيَّةَ الْفَرْضِ اسْتَقَرَّتْ فَلَمْ يَنْظُرْ لِإِحْدَاثِ مَا لَمْ يُعْهَدْ فِيهَا بِخِلَافِ النَّفْلِ. اهـ. هَذَا وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الشَّارِحِ أَنَّهُ مَتَى جَلَسَ فِي الثَّالِثَةِ بِقَصْدِ التَّشَهُّدِ بَطُلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَزِدْ مَا فَعَلَهُ عَلَى جَلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُطِلْ جَلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَزِدْ التَّشَهُّدَ عَلَيْهَا، وَفِي نُسْخَةٍ: وَإِنْ لَمْ يُطَوِّلْ جَلْسَةَ إلَخْ وَهِيَ أَوْضَحُ (قَوْلُهُ: لَا سِيَّمَا عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ) أَيْ سَوَاءٌ طَالَتْ أَوْ لَمْ تَطُلْ وَإِنْ قُلْنَا بِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ الْبُطْلَانِ بِتَطْوِيلِهَا. (قَوْلُهُ: عَدَمُ الْبُطْلَانِ بِتَطْوِيلِهَا) أَيْ الْخَالِي عَنْ التَّشَهُّدِ (قَوْلُهُ: إنْ شَاءَهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الزِّيَادَةَ وَهُوَ قَائِمٌ ثُمَّ قَعَدَ لَمْ يَجُزْ، وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ حَمْدَانَ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ: وَإِنْ زَادَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا ثُمَّ تَذَكَّرَ أَوْ عَلِمَ قَعَدَ حَتْمًا، وَإِنْ نَوَى الزِّيَادَةَ قَائِمًا؛ لِأَنَّ الْمَأْتِيَّ بِهِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ لَغْوٌ، وَهَلْ إذَا نَوَى الزِّيَادَةَ حَالَةَ قِيَامِهِ سَهْوًا، وَقَبْلَ قُعُودِهِ هَلْ يُكْتَفَى بِهَا أَوْ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّتِهِ الزِّيَادَةِ بَعْدَ قُعُودِهِ حَرَّرَهُ. وَمُقْتَضَى الشَّارِحِ ـــــــــــــــــــــــــــــQشَرْحِ الرَّوْضِ لَا حَصْرَ لِأَعْدَادِهَا وَلَا لِرَكَعَاتِ الْوَاحِدَةِ مِنْهَا (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ مَعْهُودٌ) أَيْ التَّشَهُّدُ فِي أَكْثَرِ مِنْ رَكْعَةٍ (قَوْلُهُ: لَا سِيَّمَا عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ لَا سِيَّمَا إنْ قُلْنَا بِالْإِبْطَالِ بِهَا (قَوْلُهُ: لِمَا أَحْدَثَهُ) أَيْ مِنْ الزِّيَادَةِ أَوْ الِاقْتِصَارِ، وَعِبَارَةُ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ: لِمُخَالَفَتِهِ لِمَا نَوَاهُ

إذْ تَعَمُّدُ قِيَامِهِ لِلثَّالِثَةِ مُبْطِلٌ، وَإِنْ لَمْ يَشَأْهَا قَعَدَ وَتَشَهَّدَ ثُمَّ سَجَدَ لِلسَّهْوِ ثُمَّ سَلَّمَ. وَالثَّانِي لَا يَحْتَاجُ إلَى الْقُعُودِ فِي إرَادَةِ الزِّيَادَةِ بَلْ يَمْضِي فِيهَا كَمَا لَوْ نَوَاهَا قَبْلَ الْقِيَامِ، أَمَّا النَّفَلُ غَيْرُ الْمُطْلَقِ كَالْوِتْرِ فَلَيْسَ لَهُ الزِّيَادَةُ وَالنَّقْصُ فِيهِ عَمَّا نَوَاهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الزِّيَادَةَ بَعْدَ تَذَكُّرِهِ وَلَمْ يَصِرْ لِلْقِيَامِ أَقْرَبَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَعُودَ لِلْقُعُودِ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِحَرَكَتِهِ فَيَمْتَنِعُ الْبِنَاءُ عَلَيْهَا، وَيُفَرَّقُ عَلَى هَذَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي سُجُودِ السَّهْوِ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لِلْقِيَامِ أَقْرَبَ وَأَنْ لَا بِأَنَّ الْمَلْحَظَ ثُمَّ مَا يُبْطِلُ تَعَمُّدُهُ حَتَّى يَحْتَاجَ لِجَبْرِهِ، وَهُنَا عَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِحَرَكَتِهِ حَتَّى لَا يَجُوزُ لَهُ الْبِنَاءُ عَلَيْهَا. (قُلْت) (نَفْلُ اللَّيْلِ) أَيْ صَلَاةُ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ فِيهِ (أَفْضَلُ) مِنْ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ نَهَارًا، لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ» وَحَمَلُوهُ عَلَى النَّفْلِ الْمُطْلَقِ كَمَا مَرَّ فِي غَيْرِهِ (وَأَوْسَطُهُ أَفْضَلُ) مِنْ طَرَفَيْهِ حَيْثُ قَسَّمَهُ أَثْلَاثًا؛ لِأَنَّ الْغَفْلَةَ فِيهِ أَكْثَرُ وَالْعِبَادَةَ فِيهِ أَثْقَلُ، وَأَفْضَلُ مِنْهُ السُّدُسُ الرَّابِعُ وَالْخَامِسُ لِلْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ «أَحَبُّ الصَّلَاةِ إلَى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُد، كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ» (ثُمَّ آخِرُهُ) أَفْضَلُ مِنْ أَوَّلِهِ إنْ قَسَمَهُ نِصْفَيْنِ لِخَبَرِ «يَنْزِلُ رَبُّنَا إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فِي كُلِّ لَيْلَةٍ حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَخِيرُ فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، وَمَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، وَمَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ» وَمَعْنَى يَنْزِلُ رَبُّنَا: أَيْ أَمْرُهُ (وَ) الْأَفْضَلُ لِلْمُتَنَفِّلِ لَيْلًا وَنَهَارًا (أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ) ـــــــــــــــــــــــــــــSكحج أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِتِلْكَ النِّيَّةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَةِ الشَّيْخِ حَمْدَانَ أَنَّ مَكْتُوبَتَهُ يُعْتَدُّ بِهَا وَهُوَ الْقِيَاسُ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ الزِّيَادَةُ وَالنَّقْصُ) خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ فِي الْوِتْرِ مِنْ أَنَّهُ إذَا نَوَى عَدَدًا فَلَهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ وَالنَّقْصُ مِنْهُ. اهـ حَجّ بِالْمَعْنَى عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ: وَقِيلَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَيَمْتَنِعُ الْبِنَاءُ عَلَيْهَا) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ عَلَى هَذَا إلَخْ) كَأَنَّ الْمُحْوِجَ إلَى هَذَا الْفَرْقِ أَنَّهُمْ حَيْثُ لَمْ يَأْمُرُوهُ بِالسُّجُودِ ثُمَّ عِنْدَ عَدَمِ قُرْبِهِ الْقِيَامِ أَلْحَقُوا الْحَرَكَةَ الْخَفِيفَةَ بِالْجُلُوسِ حَتَّى كَأَنَّهُ لَمْ يُفَارِقْهُ، وَفِيمَا لَوْ قَامَ لِلزِّيَادَةِ ثُمَّ تَذَكَّرَ مَعَ قُرْبِهِ مِنْ الْجُلُوسِ، وَأَلْغَوْا تِلْكَ الْحَرَكَةَ أَلْحَقُوهَا بِالْقِيَامِ، هَذَا وَظَاهِرُ قَوْلِ الشَّارِحِ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ إلَى الْقِيَامِ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ قَامَ لِخَامِسَةٍ سَهْوًا ثُمَّ تَذَكَّرَ وَعَادَ فَصَّلَ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِهِ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ وَأَنْ لَا، لَكِنْ تَقَدَّمَ لَهُ أَنَّ هَذَا مَا جَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ، وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ لَا سُجُودَ مُطْلَقًا حَيْثُ عَادَ قَبْلَ انْتِصَابِهِ فَلَعَلَّ مَا هُنَا فِيمَا لَوْ تَرَكَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ سَهْوًا، وَتَذَكَّرَ قَبْلَ انْتِصَابِهِ فَعَادَ: وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ. فَرْعٌ: لَوْ نَوَى عَدَدًا فَجَلَسَ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ مِنْ قِيَامٍ سَهْوًا ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُكْمِلَهُ مِنْ جُلُوسٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ يُطْلَبُ مِنْهُ سُجُودُ السَّهْوِ. انْتَهَى. أَقُولُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا بِالْأَوْلَى أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِبَعْضِ الرَّكْعَةِ مِنْ قِيَامٍ ثُمَّ أَرَادَ فِعْلَ بَاقِيهَا مِنْ الْجُلُوسِ لَمْ يَمْتَنِعْ، وَلَهُ أَنْ يَقْرَأَ فِي هَوِيِّهِ؛ لِأَنَّ مَا هُوَ فِيهِ حَالَةُ الْهَوِيِّ أَكْمَلُ مِمَّا هُوَ صَائِرٌ إلَيْهِ مِنْ الْجُلُوسِ (قَوْلُهُ: حَتَّى لَا يَجُوزُ لَهُ الْبِنَاءُ عَلَيْهَا) وَقَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقِ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ بِذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا مَرَّ. (قَوْلُهُ: أَيْ صَلَاةُ النَّفْلِ) وَبِهَذَا التَّفْسِيرِ انْدَفَعَ مَا أَوْرَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى الْمَتْنِ مِنْ اقْتِضَائِهِ أَنَّ رَاتِبَةَ الْعِشَاءِ أَفْضَلُ مِنْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ مَثَلًا مَعَ أَنَّهُمَا أَفْضَلُ مِنْهَا (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ فِي غَيْرِهِ) وَرَوَى أَيْضًا أَنَّ كُلَّ لَيْلَةٍ فِيهَا سَاعَةُ إجَابَةٍ. اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: إنْ قَسَمَهُ نِصْفَيْنِ) وَكَذَا لَوْ قَسَمَهُ أَثْلَاثًا أَوْ أَرْبَاعًا عَلَى نِيَّةِ أَنَّهُ يَقُومُ ثُلُثًا وَاحِدًا أَوْ رُبُعًا وَاحِدًا وَيَنَامُ الْبَاقِيَ فَالْأَوْلَى أَنْ يَجْعَلَ مَا يَقُومُهُ آخِرًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَسَمَهُ أَجْزَاءً يَنَامُ جُزْءًا وَيَقُومُ جُزْءًا ثُمَّ يَنَامُ الْآخِرُ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَجْعَلَ مَا يَقُومُهُ وَسَطًا، فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَقُومَ رُبُعًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُومَ الثَّالِثَ. (قَوْلُهُ: يَنْزِلُ رَبُّنَا) قَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي بِفَتْحِ الْيَاءِ: أَيْ أَمْرُهُ وَضَمِّهَا رِوَايَتَانِ، وَقَوْلُهُ وَضَمُّهَا: أَيْ مَلَائِكَتُهُ، وَنَقَلَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ يَحْتَاجُ لِتَقْدِيرٍ آخَرَ: أَيْ حَامِلُ أَمْرِ رَبِّنَا أَقُولُ: وَهَذَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِجَوَازِ أَنَّ الْمَعَانِيَ تُجَسَّمُ كَمَا فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ) قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ مَحَلِّ هَذَا النُّزُولِ آخِرُ الثُّلُثَيْنِ الْأَوْلَيَيْنِ لَا نَفْسُ الثُّلُثِ الثَّالِثِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ النُّزُولَ فِي هَذَا الْوَقْتِ ثُمَّ يَسْتَمِرُّ. اهـ عَمِيرَةُ. (قَوْلُهُ: يَنْزِلُ رَبُّنَا إلَخْ) عَمِيرَةُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ الْحَدِيثِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[حكم التهجد]

بِأَنْ يَنْوِيَهُمَا ابْتِدَاءً أَوْ يَقْتَصِرَ عَلَيْهِمَا فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ؛ لِخَبَرِ «صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى» وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ فِي الظُّهْرِ مَثَلًا مَثْنَى، أَمَّا التَّنَفُّلُ بِالْأَوْتَارِ فَغَيْرُ مُسْتَحَبٍّ. (وَيُسَنُّ) (التَّهَجُّدُ) بِالْإِجْمَاعِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء: 79] وَلِمُوَاظَبَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ التَّنَفُّلُ لَيْلًا بَعْدَ نَوْمٍ. وَيُسَنُّ لِلْمُتَهَجِّدِ نَوْمُ الْقَيْلُولَةِ وَهُوَ قُبَيْلَ الزَّوَالِ؛ لِأَنَّهُ كَالسُّحُورِ لِلصَّائِمِ (وَيُكْرَهُ قِيَامُ) أَيْ سَهَرُ (كُلُّ اللَّيْلِ) وَلَوْ فِي عِبَادَةٍ (دَائِمًا) لِلنَّهْيِ عَنْهُ وَلِضَرَرِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْخَبَرِ، وَالْمُرَادُ أَنَّ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ حَتَّى أَنَّهُ يُكْرَهُ قِيَامٌ مُضِرٌّ وَلَوْ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ، وَاحْتَرَزَ بِكُلِّ عَنْ قِيَامِ لَيَالٍ كَامِلَةٍ كَالْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ وَلَيْلَتَيْ الْعِيدِ فَيُسْتَحَبُّ إحْيَاؤُهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يُكْرَهْ صَوْمُ الدَّهْرِ بِقَيْدِهِ الْآتِي؛ لِأَنَّهُ يَسْتَوْفِي فِي اللَّيْلِ مَا فَاتَهُ، وَهُنَا لَا يُمْكِنُهُ نَوْمُ النَّهَارِ لِتَعَطُّلِ ضَرُورِيَّاتِهِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ. (وَ) يُكْرَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَجَلَّ يُمْهِلُ حَتَّى يَمْضِيَ شَطْرُ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ يَأْمُرُ مُنَادِيًا يُنَادِي فَيَقُولُ هَلْ مِنْ دَاعٍ. اهـ. وَقَوْلُهُ يَدُلُّ عَلَيْهِ: أَيْ عَلَى أَنَّ النُّزُولَ آخِرُ الثُّلُثَيْنِ الْأَوْلَيْنَ (قَوْلُهُ: أَوْ يَقْتَصِرُ عَلَيْهِمَا) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ نَوَى أَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ فَلَا يَبْعُدُ مِنْ تَرَدُّدِ أَنَّ الْأَفْضَلَ الْإِتْيَانُ بِمَا نَوَاهُ. اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: فَغَيْرُ مُسْتَحَبٍّ) أَيْ وَلَا مَكْرُوهٍ اهـ حَجّ وَلَوْ بِوَاحِدَةٍ كَمَا مَرَّ. [حُكْمُ التَّهَجُّد] (قَوْلُهُ: وَهُوَ التَّنَفُّلُ لَيْلًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِرَكْعَةٍ وَفِي سم عَلَى حَجّ ظَاهِرُهُ إخْرَاجُ فِعْلِ الْفَرَائِضِ بِأَنْ قَضَى فَوَائِتَ. اهـ. وَنَقَلَ عَنْ إفْتَاءِ الشَّارِحِ أَنَّ النَّفَلَ لَيْسَ بِقَيْدٍ. قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: ذَكَرَ أَبُو الْوَلِيدِ النَّيْسَابُورِيِّ أَنَّ الْمُتَهَجِّدَ يَشْفَعُ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ اسْتَنْبَطَهُ مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء: 79] الْآيَةَ. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَسْمَاءِ بِنْتِ يَزِيدَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ تَعَالَى يَحْشُرُ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُنَادِي مُنَادٍ أَيْنَ الَّذِينَ كَانَتْ تَتَجَافَى جَنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ فَيَقُومُونَ وَهُمْ قَلِيلٌ فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ ثُمَّ يُؤْمَرُ بِالنَّاسِ إلَى الْحِسَابِ» . وَرُئِيَ الْجُنَيْدُ فِي النَّوْمِ فَقِيلَ مَا فَعَلَ اللَّهُ بِك؟ قَالَ: طَاحَتْ تِلْكَ الْإِشَارَاتُ وَغَابَتْ تِلْكَ الْعِبَارَاتُ وَفَنِيَتْ تِلْكَ الْعُلُومُ وَنَفِدَتْ تِلْكَ الرُّسُومُ وَمَا نَفَعَنَا إلَّا رَكَعَاتٌ كُنَّا نَرْكَعُهَا عِنْدَ السَّحَرِ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُهُ اسْتَنْبَطَهُ لَعَلَّهُ مِنْ قَوْله تَعَالَى {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] فَإِنَّ كَوْنَهُ كَذَلِكَ يَقْتَضِي الشَّفَاعَةَ. [فَائِدَةٌ] قَالَ ابْنُ سُرَاقَةَ: مِنْ خَصَائِصِنَا الْجَمَاعَةُ وَالْجُمُعَةُ وَصَلَاةُ اللَّيْلِ وَالْعِيدَيْنِ وَالْكُسُوفَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَالْوِتْرِ اهـ مُنَاوِيٌّ عِنْدَ قَوْلِهِ: «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ» إلَخْ (قَوْلُهُ: بَعْدَ نَوْمٍ) أَيْ وَبَعْدَ فِعْلِ الْعِشَاءِ. ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا نَصُّهُ: فَرْعٌ: يَدْخُلُ وَقْتُ التَّهَجُّدِ بِدُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ وَفِعْلِهَا، وَلَا يَكْفِي دُخُولُ وَقْتِ الْعِشَاءِ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهَا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ بَعْدَ نَوْمٍ فَهُوَ كَالْوِتْرِ فِي تَوَقُّفِهِ عَلَى فِعْلِ الْعِشَاءِ وَلَوْ جَمْعَ تَقْدِيمٍ مَعَ الْمَغْرِبِ، وَيَزِيدُ عَلَيْهِ بِاشْتِرَاطِ كَوْنِهِ بَعْدَ نَوْمٍ م ر. وَمُقْتَضَى قَوْلِ شَيْخِنَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَهُوَ: أَيْ التَّهَجُّدُ الصَّلَاةُ بَعْدَ النَّوْمِ وَلَوْ فِي وَقْتٍ لَا يَكُونُ النَّاسُ فِيهِ نِيَامًا. اهـ. أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِدُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ فَلْيُرَاجِعْ. وَعِبَارَتُهُ عَلَى ابْنِ حَجَرٍ: وَهَلْ يَكْفِي النَّوْمُ عَقِبَ الْغُرُوبِ يَسِيرًا أَوْ إلَى دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ يُسْتَبْعَدُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ. اهـ. أَيْ فَلَا بُدَّ فِي كَوْنِ النَّوْمِ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ، وَلَوْ قَبْلَ فِعْلِهَا. اهـ. وَيُوَافِقُ هَذَا مَا نَقَلَ عَنْ حَاشِيَةِ الشِّهَابِ الرَّمْلِيُّ عَلَى الرَّوْضِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ: أَيْ النَّوْمُ وَقْتَ نَوْمٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ قُبَيْلُ الزَّوَالِ) قَالَ شَيْخُنَا: إنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ مَا تَرَكَ نَوْمَ الْقَيْلُولَةِ لَا صَيْفًا وَلَا شِتَاءً. وَيَنْبَغِي أَنَّ قَدْرَهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ عَادَةِ النَّاسِ فِيمَا يَسْتَعِينُونَ بِهِ عَلَى التَّهَجُّدِ (قَوْلُهُ: كُلُّ اللَّيْلِ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: حَتَّى إنَّهُ يُكْرَهُ قِيَامٌ مُضِرٌّ إلَخْ) لَا مَوْقِعَ لِهَذِهِ الْغَايَةِ هُنَا، وَكَانَ الْمُنَاسِبُ فِيهَا حَتَّى إنَّهُ يُكْرَهُ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّهُ.

(تَخْصِيصُ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ) أَيْ صَلَاةٍ لِخَبَرِ «لَا تَخُصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنَ اللَّيَالِيِ» وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ كَرَاهَةِ إحْيَائِهَا مَضْمُومَةً لِمَا قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا وَهُوَ نَظِيرُ مَا ذَكَرُوهُ فِي صَوْمِهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَتَخْصِيصُهُمْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِذَلِكَ مُشْعِرٌ بِعَدَمِ كَرَاهَةِ تَخْصِيصِ غَيْرِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِيهِ وَقْفَةٌ. أَمَّا إحْيَاؤُهَا بِغَيْرِ صَلَاةٍ فَغَيْرُ مَكْرُوهٍ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا سِيَّمَا بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّ ذَلِكَ مَطْلُوبٌ فِيهَا. (وَ) يُكْرَهُ (تَرْكُ تَهَجُّدٍ اعْتَادَهُ) مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِخَبَرِ «يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ ثُمَّ تَرَكَهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَيُسَنُّ أَنْ لَا يُخِلَّ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ، وَإِنْ قَلَّتْ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَأَنْ يُكْثِرَ فِيهِ مِنْ الدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَارِ، وَنِصْفُهُ الْأَخِيرُ آكَدُ وَأَفْضَلُهُ عِنْدَ السَّحَرِ، وَأَنْ يُوقِظَ مِنْ يَطْمَعُ فِي تَهَجُّدِهِ حَيْثُ لَا ضَرَرَ وَيُسَنُّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنْ يَنْوِيَ الشَّخْصُ الْقِيَامَ عِنْدَ النَّوْمِ، وَأَنْ يَمْسَحَ الْمُتَيَقِّظُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ، وَأَنْ يَنْظُرَ إلَى السَّمَاءِ وَأَنْ يَقْرَأَ {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [آل عمران: 190] إلَى آخِرِهَا. وَأَنْ يَفْتَتِحَ تَهَجُّدَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، وَإِطَالَةُ الْقِيَامِ أَفْضَلُ مِنْ تَكْثِيرِ الرَّكَعَاتِ، وَأَنْ يَنَامَ مَنْ نَعَسَ فِي صَلَاتِهِ حَتَّى يَذْهَبَ نَوْمُهُ وَلَا يَعْتَادُ مِنْهُ إلَّا مَا يَظُنُّ إدَامَتَهُ عَلَيْهِ، وَيَتَأَكَّدُ إكْثَارُ الدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَارِ فِي جَمِيعِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَنِصْفُ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ آكَدُ، وَعِنْدَ السَّحَرِ أَفْضَلُ. ـــــــــــــــــــــــــــــSكَأَنْ احْتَاجَ إلَيْهِ لِحِرَاسَةِ زَرْعِهِ أَوْ مَاشِيَتِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ لَا تَخُصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ) : قِيلَ: وَحِكْمَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَضْعُفُ عَنْ الْقِيَامِ بِوَظَائِفِ يَوْمِهَا، لَكِنْ هَذِهِ الْحِكْمَةُ تَقْتَضِي أَنَّ الْكَرَاهَةَ لَا تَخْتَصُّ بِالْقِيَامِ بَلْ تَجْرِي فِي إحْيَائِهَا بِغَيْرِهِ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ فِي الْقِيَامِ بِأَعْمَالٍ لِجَمِيعِ الْبَدَنِ عَلَى وَجْهٍ شَاقٍّ عَادَةً بِخِلَافِ غَيْرِهِ حَمْدَانُ (قَوْلُهُ: فَغَيْرُ مَكْرُوهٍ) اُنْظُرْ مَا حِكْمَةُ ذَلِكَ مَعَ أَنَّ الْعِلَّةَ مَوْجُودَةٌ. (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ يَا عَبْدَ اللَّهِ) الْخِطَابُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَقَوْلُهُ مِثْلَ فُلَانٍ أَرَادَ بِهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ أَنْ لَا يُخِلَّ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ) أَيْ أَنْ لَا يَتْرُكَهَا (قَوْلُهُ: أَنْ يَنْوِيَ الشَّخْصُ الْقِيَامَ) أَيْ لِلتَّهَجُّدِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ النَّوْمِ) أَيْ حَيْثُ جَوَّزَهُ، فَإِنْ قَطَعَ بِعَدَمِ قِيَامِهِ عَادَةً فَلَا مَعْنَى لِنِيَّتِهِ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَنْظُرَ إلَى السَّمَاءِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ أَعْمَى وَتَحْتَ سَقْفٍ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ إنْ صَحَّ أَنَّ فِي ذَلِكَ الْفِعْلِ مِنْ الْأَعْمَى وَنَحْوِهِ تَذَكُّرًا لِعَجَائِبِ السَّمَاءِ وَمَا فِيهَا فَيُدْفَعُ بِذَلِكَ الشَّيْطَانُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَقْرَأَ {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [آل عمران: 190] إلَخْ) أَيْ الْوَاقِعَةَ فِي آلِ عِمْرَانَ. وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْآخِرِ هَلْ هُوَ السُّورَةُ أَوْ الْآيَةُ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي، ثُمَّ رَأَيْت فِي التِّبْيَانِ لِلنَّوَوِيِّ وَمِثْلَهُ فِي الْأَذْكَارِ لِلنَّوَوِيِّ وَعِبَارَتُهُ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ إذَا اسْتَيْقَظَ مِنْ النَّوْمِ كُلَّ لَيْلَةٍ آخِرَ آلِ عِمْرَانَ مِنْ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [آل عمران: 190] إلَى آخِرِهَا، فَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ خَوَاتِيمَ آلِ عِمْرَانَ إذَا اسْتَيْقَظَ» . (قَوْلُهُ: وَإِطَالَةُ الْقِيَامِ فِيهَا) أَيْ صَلَاةِ اللَّيْلِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَنَامَ مَنْ نَعَسَ فِي صَلَاتِهِ) وَمِثْلُ الصَّلَاةِ غَيْرُهَا مِنْ الطَّاعَاتِ كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَنَحْوِهِ، وَقَوْلُهُ نَعَسَ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: بَابُهُ قَتَلَ وَالِاسْمُ النُّعَاسُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَمِنْ ثَمَّ كُرِهَ قِيَامٌ مُضِرٌّ وَلَوْ بَعْضَ اللَّيْلِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ كَرَاهَةِ إحْيَائِهَا) أَيْ بِالصَّلَاةِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي.

[كتاب صلاة الجماعة وأحكامها]

(كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ) وَأَحْكَامِهَا. وَهِيَ مَشْرُوعَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ} [النساء: 102] الْآيَةَ. أَمَرَ بِهَا فِي الْخَوْفِ، فَفِي الْأَمْنِ أَوْلَى وَلِلْأَخْبَارِ الْآتِيَةِ وَالْإِجْمَاعِ عَلَيْهَا. وَأَقَلُّهَا إمَامٌ وَمَأْمُومٌ لِخَبَرِ «الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ» (هِيَ) أَيْ الْجَمَاعَةُ (فِي الْفَرَائِضِ) أَيْ الْمَكْتُوبَاتِ (غَيْرَ) بِالنَّصْبِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ بِمَعْنَى إلَّا أُعْرِبَتْ إعْرَابَ الْمُسْتَثْنَى وَأُضِيفَتْ إلَيْهِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي فَنِّ النَّحْوِ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ الْجَرُّ؛ لِأَنَّهَا لَا تُعَرَّفُ بِالْإِضَافَةِ إلَّا إنْ وَقَعَتْ بَيْنَ ضِدَّيْنِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ اللَّامَ لِلْجِنْسِ فَلَا يَضُرُّ الْوَصْفُ بِالنَّكِرَةِ؛ لِأَنَّ الْمُعَرَّفَ بِهَا فِي الْمَعْنَى كَالنَّكِرَةِ، وَيَجُوزُ نَصْبُهَا عَلَى الْحَالِ (الْجُمُعَةُ) لِمَا يَأْتِي أَنَّهَا فَرْضُ عَيْنٍ فِيهَا، وَشَرْطٌ لِصِحَّتِهَا بِالِاتِّفَاقِ (سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ) لِخَبَرِ «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ» أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــS [كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَأَحْكَامِهَا] كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ. (قَوْلُهُ: كِتَابُ) كَأَنَّ حِكْمَةَ التَّرْجَمَةِ بِهِ دُونَ جَمِيعِ مَا ذَكَرَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ إلَى الْجَنَائِزِ أَنَّ الْجَمَاعَةَ صِفَةٌ زَائِدَةٌ عَلَى مَاهِيَّةِ الصَّلَاةِ، وَلَيْسَتْ فِعْلًا حَتَّى تَكُونَ مِنْ جِنْسِهَا فَكَانَتْ كَالْأَجْنَبِيَّةِ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ فَأَفْرَدَهَا بِكِتَابٍ، وَلَا كَالْأَجْنَبِيَّةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا صِفَةٌ تَابِعَةٌ لِلصَّلَاةِ فَوَسَّطَهَا بَيْنَ أَبْوَابِهَا، وَلَمَّا كَانَتْ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ مُغَايِرَةً لِمُطْلَقِ الصَّلَاةِ مُغَايِرَةً ظَاهِرَةً أَفْرَدَهَا بِكِتَابٍ مُتَأَخِّرٍ عَنْ جَمِيعِ أَبْوَابِ الصَّلَاةِ نَظَرًا لِتِلْكَ الْمُغَايَرَةِ. اهـ حَجّ. [فَائِدَةٌ] قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ عَنْ سُلَيْمَانَ الدَّارَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَفُوتُ أَحَدًا صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ إلَّا بِذَنْبٍ أَذَنْبَهُ. قَالَ: وَكَانَ السَّلَفُ يُعَزُّونَ أَنْفُسَهُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إذَا فَاتَتْهُمْ التَّكْبِيرَةُ الْأُولَى، وَسَبْعَةً إذَا فَاتَتْهُمْ الْجَمَاعَةُ (قَوْلُهُ: وَأَقَلُّهَا إمَامٌ وَمَأْمُومٌ) هَذَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ: لَا تَقُومُ فِيهِمْ الْجَمَاعَةُ وَلَوْ أَقَامَهَا إمَامٌ وَمَأْمُومٌ وَاحِدٌ فَقَطْ وَلَمْ يَنْوِ الْإِمَامُ الْإِمَامَةَ هَلْ يَجُوزُ؟ لِلْأَذْرَعِيِّ فِيهِ احْتِمَالٌ، وَلَعَلَّ الْوَجْهَ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ حُصُولُ الْجَمَاعَةِ وَقَدْ حَصَلَتْ بِوَاسِطَةِ نِيَّةِ الْمَأْمُومِ الِاقْتِدَاءَ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ حِينَئِذٍ جَمَاعَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامُ الْإِمَامَةَ فَقَدْ حَصَلَتْ الْجَمَاعَةُ بِذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُ سم فِيهِ احْتِمَالٌ: أَيْ بِعَدَمِ الْجَوَازِ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ وَقَعَتْ بَيْنَ ضِدَّيْنِ) وَمَثَلُوا ذَلِكَ بِقَوْلِهِمْ الْحَرَكَةُ غَيْرَ السُّكُونِ (قَوْلُهُ: إنَّ اللَّامَ لِلْجِنْسِ) أَيْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِلْجِنْسِ فَلَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهَا لِلْعَهْدِ الذِّكْرِيِّ. (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ نَصْبُهَا عَلَى الْحَالِ) يُتَأَمَّلُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَقَوْلِهِ أُعْرِبَتْ إعْرَابَ الْمُسْتَثْنَى فَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ أَيْضًا، وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ إنَّ غَيْرَ تُعْرِبُ إعْرَابَ الْمُسْتَثْنَى أَنَّهَا تُنْصَبُ إذَا كَانَتْ بَعْدَ كَلَامٍ تَامٍّ مُوجَبٍ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ التَّفْصِيلِ، وَقَدْ يُقَالُ: لَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّ هَذَا مُقَابِلٌ لِكَوْنِهَا أُعْرِبَتْ إعْرَابَ الْمُسْتَثْنَى، بَلْ مُرَادُهُ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَتْ اللَّامُ فِي الْفَرَائِضِ لِلْجِنْسِ جَازَ فِي غَيْرِ أَنْ تَكُونَ صِفَةً وَأَنْ تَكُونَ حَالًا؛ لِأَنَّ الْمُعَرَّفَ فَاللَّامُ الْجِنْسِ يُعَامَلُ مُعَامَلَةَ النَّكِرَاتِ وَالْمَعَارِفِ، لَكِنْ قَالَ عَمِيرَةُ: أَعْرَبَهُ الْإِسْنَوِيُّ حَالًا. وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَقْعَدُ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى مَا هُوَ الظَّاهِرُ وَأَمَّا جَعْلُهَا صِفَةً فَمُمْتَنِعٌ لِعَدَمِ كَوْنِهَا مَعْرِفَةً اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْحَالِيَّةَ إعْرَابُهَا غَيْرُ إعْرَابِ الْمُسْتَثْنَى فَلْيُتَأَمَّلْ ـــــــــــــــــــــــــــــQكِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ) أَيْ كَاَلَّذِي بَعْدَهُ إلَى قَوْلِهِ فَنِّ النَّحْوِ، إلَّا أَنَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ عِلْمِ النَّحْوِ وَإِنْ أَوْهَمَ صَنِيعُهُ خِلَافَهُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ إنَّ اللَّامَ لِلْجِنْسِ) أَيْ خِلَافُ مَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ أَنَّهَا لِلْعَهْدِ الذِّكْرِيِّ إلَّا أَنَّ جَعْلَهَا لِلْجِنْسِ

بِالْمُعْجَمَةِ «بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» فِي رِوَايَةٍ «بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» وَلَا مُنَافَاةَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ؛ لِأَنَّ الْقَلِيلَ لَا يَنْفِي الْكَثِيرَ، أَوْ أَنَّهُ أَخْبَرَ أَوَّلًا بِالْقَلِيلِ ثُمَّ أَعْلَمَهُ اللَّهُ بِزِيَادَةِ الْفَضْلِ فَأَخْبَرَ بِهَا، أَوْ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْمُصَلِّينَ، أَوْ أَنَّ الِاخْتِلَافَ بِحَسَبِ قُرْبِ الْمَسْجِدِ وَبُعْدِهِ، أَوْ أَنَّ الْأُولَى فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ وَالثَّانِيَةَ فِي السَّرِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا تَنْقُصُ عَنْ الْجَهْرِيَّةِ بِسَمَاعِ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ وَالتَّأْمِينِ لِتَأْمِينِهِ. وَمَكَثَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُدَّةَ مُقَامِهِ بِمَكَّةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً يُصَلِّي بِغَيْرِ جَمَاعَةٍ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كَانُوا مَقْهُورِينَ يُصَلُّونَ فِي بُيُوتِهِمْ، فَلَمَّا هَاجَرُوا إلَى الْمَدِينَةِ أَقَامَ الْجَمَاعَةَ وَوَاظَبَ عَلَيْهَا، وَحِكْمَةُ كَوْنِهَا بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ كَمَا أَفَادَهُ السَّرَّاجُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ الْجَمَاعَةَ ثَلَاثَةٌ وَالْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا فَقَدْ حَصَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَشْرَةٌ فَالْجُمْلَةُ ثَلَاثُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ رَأْسُ مَالِهِ وَاحِدٌ يَبْقَى تِسْعَةٌ تُضْرَبُ فِي ثَلَاثَةٍ بِسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ، وَرَبُّنَا جَلَّ وَعَلَا يُعْطِي كُلَّ إنْسَانٍ مَا لِلْجَمَاعَةِ فَصَارَ لِكُلٍّ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ، وَحِكْمَةُ أَنَّ أَقَلَّ الْجَمَاعَةِ اثْنَانِ كَمَا قَالَهُ أَنَّ رَبَّنَا جَلَّ وَعَلَا يُعْطِيهِمَا بِمَنِّهِ وَكَرْمِهِ مَا يُعْطِي الثَّلَاثَةَ، وَقَدْ أَوْضَحَ ذَلِكَ غَايَةَ الْإِيضَاحَ مَعَ زِيَادَةِ حِكَمٍ لِذَلِكَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ فِي الْأَمَالِي وَأَفْرَدَهُ فِي جُزْءٍ سَمَّاهُ [مَعْرِفَةُ الْخِصَالِ الْمُوَصِّلَةِ إلَى الظِّلَالِ] وَأَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: «بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» ) قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: الْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالدَّرَجَةِ الصَّلَاةُ؛ لِأَنَّهُ وَرَدَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ وَفِي بَعْضِهَا التَّعْبِيرُ بِالضَّعْفِ وَهُوَ مُشْعِرٌ بِذَلِكَ. اهـ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً) وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الْخَمْسَ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الصَّلَاةَ إنَّمَا فُرِضَتْ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ: يُصَلِّي بِغَيْرِ جَمَاعَةٍ) لَعَلَّ الْمُرَادَ: أَيْ مِنْ غَيْرِ مُوَاظَبَةٍ عَلَى الْجَمَاعَةِ، أَوْ مِنْ غَيْرِ وُجُوبِ الْجَمَاعَةِ، فَيَجُوزُ مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي جَمَاعَةً فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ صَلَاتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَبِيحَةَ الْإِسْرَاءِ جَمَاعَةً، وَقَوْلُ الْمَحَلِّيِّ: وَوَاظَبَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهَا كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ بَعْدَ الْهِجْرَةِ، فَإِنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُهَا قَبْلَ الْهِجْرَةِ لَكِنَّهُ لَمْ يُوَاظِبْ عَلَيْهَا، وَفِي كَلَامِ الشَّامِيِّ فِي مَرَاتِبِ الْوَحْيِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بِخَدِيجَةَ وَعَلِيٍّ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ وَهُوَ بِمَكَّةَ حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ» . اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ صَلَّى جَمَاعَةً قَبْلَ الْهِجْرَةِ إلَى الْمَدِينَةِ (قَوْلُهُ: إنَّ الْجَمَاعَةَ ثَلَاثَةٌ) أَيْ أَقَلُّهَا لُغَةً ثَلَاثَةٌ (قَوْلُهُ: إنَّ أَقَلَّ الْجَمَاعَةِ اثْنَانِ) أَيْ الَّتِي لَهَا ذَلِكَ الثَّوَابُ وَإِلَّا فَكَانَ مُقْتَضَى الْحِكْمَةِ السَّابِقَةِ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الِاثْنَيْنِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ. [فَرْعٌ] وَقَفَ شَافِعِيٌّ بَيْنَ حَنَفِيَّيْنِ وَاقْتَدَى بِشَافِعِيٍّ يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ الْجَمَاعَةِ وَالصَّفُّ فِيمَا يَظْهَرُ وَإِنْ تَحَقَّقَ مِنْ الْحَنَفِيِّ عَدَمُ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ. لَا يُقَالُ: حَيْثُ عَلِمَ تَرْكَ الْحَنَفِيِّ الْقِرَاءَةَ كَانَتْ صَلَاتُهُ بَاطِلَةً عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَيَصِيرُ فِي اعْتِقَادِهِمْ مُنْفَرِدًا. لِأَنَّا نَقُولُ: صَرَّحُوا بِأَنَّ فِعْلَ الْمُخَالِفِ لِكَوْنِهِ نَاشِئًا عَنْ اعْتِقَادٍ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ السَّهْوِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اقْتَدَى شَافِعِيٌّ بِحَنَفِيٍّ فَسَجَدَ لِتِلَاوَةِ سَجْدَةِ صَ ~ لَا تَبْطُلُ صَلَاةُ الشَّافِعِيِّ بِفِعْلِ الْحَنَفِيِّ، وَلَا تَبْطُلُ قُدْوَتُهُ بِهِ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ فَعَلَ مَا يَبْطُلُ عَمْدَهُ سَهْوًا فَلْيُتَأَمَّلْ. وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَوْ بَانَ إمَامُهُ مُحْدِثًا لَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ وَحَصَلَتْ لَهُ الْجَمَاعَةُ لِوُجُودِ صُورَتِهَا حَتَّى فِي الْجُمُعَةِ حَيْثُ كَانَ الْإِمَامُ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ. لَا يُقَالُ: يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَسَجْدَةِ صَ ~ بِأَنَّ الشَّافِعِيَّ يَرَى سُجُودَ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَلْزَمُهُ فَسَادٌ لَا يَخْفَى مَعَ أَنَّهُ يُنَافِيهِ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْهُ إذْ هُوَ آيَةُ الْعُمُومِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقَلِيلَ لَا يَنْفِي الْكَثِيرَ) مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعَدَدَ لَا مَفْهُومَ لَهُ وَهِيَ طَرِيقَةٌ مَرْجُوحَةٌ (قَوْلُهُ: يُصَلُّونَ فِي بُيُوتِهِمْ) صَرِيحُ هَذَا أَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كَانُوا يُصَلُّونَ الصَّلَاةَ الَّتِي كَانَ يُصَلِّيهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ فَرْضِ الْخَمْسِ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْجَمَاعَةَ ثَلَاثَةٌ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِأَصْلِ اللُّغَةِ، لَكِنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ الِاثْنَيْنِ بِمَنْزِلَتِهِمْ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَحِكْمَةُ أَنَّ أَقَلَّ الْجَمَاعَةِ اثْنَانِ) هَذَا مِنْ تَمَامِ الْجُمْلَةِ قَبْلَهُ، وَلَيْسَ حِكْمَةً مُسْتَقِلَّةً فَهُوَ جَوَابٌ عَمَّا قَبْلَهُ إذْ هَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى أَنَّ أَقَلَّ الْجَمَاعَةِ ثَلَاثَةٌ، وَهُوَ مَعْنًى لُغَوِيٌّ، وَالْجَمَاعَةُ

فِي الْفَرَائِضِ لِلْعَهْدِ الذِّكْرِيِّ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ أَوَّلُ كِتَابِ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَاتِ خَمْسٌ فَهُوَ مُسَاوٍ لِقَوْلِ أَصْلِهِ فِي الْخَمْسِ وَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ. وَخَرَجَتْ الْمَنْذُورَةُ الَّتِي لَا تُشْرَعُ فِيهَا جَمَاعَةً فَلَا تُسَنُّ الْجَمَاعَةُ فِيهَا لِاخْتِصَاصِهَا بِأَنَّهَا شِعَارُ الْمَكْتُوبَةِ كَالْأَذَانِ، وَفِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ هَيْئَةِ الْجَمَاعَةِ أَنَّ مَنْ صَلَّى فِي عَشَرَةِ آلَافٍ لَهُ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ، وَمَنْ صَلَّى مَعَ اثْنَيْنِ لَهُ ذَلِكَ لَكِنْ دَرَجَاتُ الْأَوَّلِ أَكْمَلُ (وَقِيلَ) هِيَ (فَرْضُ كِفَايَةٍ لِلرِّجَالِ) الْبَالِغِينَ الْعُقَلَاءِ الْأَحْرَارِ الْمَسْتُورِينَ الْمُقِيمِينَ فِي الْمُؤَدَّاةِ فَقَطْ لِخَبَرِ «مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ وَلَا بَدْوٍ لَا تُقَامُ فِيهِمْ الْجَمَاعَةُ إلَّا اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَانُ» أَيْ غَلَبَ، فَعَلَيْك بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ مِنْ الْغَنَمِ الْقَاصِيَةَ، وَخَرَجَ بِالرِّجَالِ غَيْرُهُمْ وَسَيَأْتِي، وَبِالْبَالِغِينَ: الصِّبْيَانُ، وَبِالْعُقَلَاءِ: أَضْدَادُهُمْ فَلَا تَصِحُّ مِنْهُمْ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ، وَبِالْأَحْرَارِ: مَنْ فِيهِ رِقٌّ وَلَوْ مُبَعَّضًا، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ، وَالتَّوْبَةُ لَهُ سَوَاءٌ انْفَرَدَ الْأَرِقَّاءُ بِبَلَدٍ أَمْ لَا خِلَافًا لِمَنْ رَجَّحَ خِلَافَ ذَلِكَ، وَسَيَأْتِي حُكْمُ الْأُجَرَاءِ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَبِالْمَسْتُورِينَ: الْعُرَاةُ فَلَا تَكُونُ فَرْضًا عَلَيْهِمْ بَلْ هِيَ وَالِانْفِرَادُ فِي حَقِّهِمْ سَوَاءٌ، إلَّا أَنْ يَكُونُوا عُمْيًا أَوْ فِي ظُلْمَةٍ فَتُسْتَحَبُّ لَهُمْ، وَبِالْمُقِيمِينَ: الْمُسَافِرُونَ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSالتِّلَاوَةِ فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: وَيَرَى سُقُوطَ الْفَاتِحَةِ عَنْ الْمَأْمُومِ فِي الْجُمْلَةِ أَيْضًا كَأَنْ يَكُونَ مَسْبُوقًا. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَتْ الْمَنْذُورَةُ) أَيْ بِقَوْلِهِ: أَيْ الْمَكْتُوبَاتُ (قَوْلُهُ: الَّتِي لَا تُشْرَعُ فِيهَا جَمَاعَةٌ) أَيْ قَبْلَ النَّذْرِ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ مَثَلًا بِخِلَافِ غَيْرِهَا كَالْعِيدِ فَتُشْرَعُ فِيهَا لَا مِنْ حَيْثُ النَّذْرُ (قَوْلُهُ: فَلَا تُسَنُّ الْجَمَاعَةُ فِيهَا) أَيْ وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَهَا جَمَاعَةً فَلَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ فِيهَا لَيْسَتْ قُرْبَةً، بِخِلَافِ مَا شُرِعَتْ فِيهَا الْجَمَاعَةُ لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَهَا جَمَاعَةً فَيَنْعَقِدُ نَذْرُهُ وَلَوْ صَلَّاهَا مُنْفَرِدًا صَحَّتْ، لَكِنْ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَتُهَا جَمَاعَةً لِلنَّذْرِ وَإِنْ خَرَجَ وَقْتُهَا أَوْ لَا؟ قَالَ سم: فِيهِ نَظَرٌ، وَفِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فِي بَابِ النَّذْرِ حِكَايَةُ خِلَافٍ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُ الْوُجُوبُ فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: وَمَنْ صَلَّى مَعَ اثْنَيْنِ) أَيْ أَوْ مَعَ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ) لَفْظَةُ مِنْ زَائِدَةٌ: أَيْ مَا ثَلَاثَةٌ فِي قَرْيَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي قَرْيَةٍ وَلَا بَدْوٍ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ: أَوْ بَدْوٍ، وَفِي الْمَحَلِّيِّ أَيْضًا بَدَلُ الْجَمَاعَةِ الصَّلَاةُ فَلْيُرَاجَعْ، وَلَعَلَّ فِي الْحَدِيثِ رِوَايَاتٌ. ثُمَّ رَأَيْت فِي شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَفِي رِوَايَةِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْغَنَمِ الْقَاصِيَةِ) أَيْ الْبَعِيدَةِ. وَاسْتَدَلَّ أَيْضًا بِأَنَّهُ يُقَالُ أَمَرَ بِالْجَمَاعَةِ حَالَ الْخَوْفِ، فَقِيَاسٌ عَلَيْهِ حَالُ الْأَمْنِ بِالْأَوْلَى. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ لَا دَلَالَةَ لِمَا ذَكَرَ عَلَى خُصُوصِ الْوُجُوبِ، وَمِنْ ثَمَّ جَعَلَهُ الشَّارِحُ فِي التَّرْجَمَةِ دَلِيلًا عَلَى الْمَشْرُوعِيَّةِ الصَّادِقَةِ بِالْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ الْأَمْرُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ فَيَتَمَسَّكُ بِهِ حَتَّى يُوجَدَ صَارِفٌ (قَوْلُهُ: وَبِالْبَالِغِينَ الصِّبْيَانِ) أَيْ فَلَوْ فَعَلَهَا الصِّبْيَانُ أَوْ الْخَنَاثَى ثُمَّ تَبَيَّنَ بُلُوغُ الصِّبْيَانِ وَاتِّضَاحُ الْخَنَاثَى بِالذُّكُورَةِ فَهَلْ يَسْقُطُ الطَّلَبُ عَنْ الْبَالِغِينَ بِذَلِكَ أَوْ لَا لِتَقْصِيرِهِمْ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ بَعْدَ الْفِعْلِ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الطَّلَبِ فَسَقَطَ الْوَاجِبُ بِفِعْلِهِمْ، وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ السُّقُوطِ لِنِسْبَةِ الْقَوْمِ إلَى التَّقْصِيرِ حَيْثُ لَمْ يَفْعَلُوهَا، وَفِي سم عَلَى الْعُبَابِ: لَوْ اتَّكَلُوا عَلَى فِعْلِ نَحْوِ الْخَنَاثَى ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّ بِفِعْلِهِمْ يَسْقُطُ الطَّلَبُ عَنْهُمْ هَلْ يُقَاتَلُوا مَعَ هَذَا الظَّنِّ أَمْ لَا. اهـ. وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُقَاتَلُوا لِلشُّبْهَةِ الظَّاهِرَةِ مِنْهُمْ فِي تَرْكِ ذَلِكَ سَوَاءٌ عُذِرُوا فِي هَذَا الظَّنِّ أَمْ لَا حَيْثُ حَصَلَ بِهِمْ الشِّعَارُ؛ وَلِأَنَّ الْقِتَالَ يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي حُكْمُ الْأُجَرَاءِ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ) عِبَارَتُهُ ثُمَّ. وَاعْلَمْ أَنَّ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الْإِجَارَةِ. نَعَمْ تَبْطُلُ بِاسْتِثْنَائِهَا مِنْ إجَارَةِ أَيَّامٍ مُعَيَّنَةٍ كَمَا فِي قَوَاعِدِ الزَّرْكَشِيّ لِلْجَهْلِ بِمِقْدَارِ الْوَقْتِ الْمُسْتَثْنَى مَعَ إخْرَاجِهِ عَنْ مُسَمَّى اللَّفْظِ، وَإِنْ وَافَقَ الِاسْتِثْنَاءَ الشَّرْعِيَّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَأَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اهـ (قَوْلُهُ: وَبِالْمُقِيمِينَ الْمُسَافِرُونَ) أَيْ وَإِنْ كَانُوا عَلَى غَايَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الشَّرْعِ اثْنَانِ (قَوْلُهُ: وَبِالْعُقَلَاءِ أَضْدَادُهُمْ) إنَّمَا عَبَّرَ بِهِ لِيَشْمَلَ نَحْوَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ

الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ، وَمَا نُقِلَ عَنْ ظَاهِرِ النَّصِّ الْمُقْتَضِي لِوُجُوبِهَا مَحْمُولٌ عَلَى نَحْوِ عَاصٍ بِسَفَرِهِ، وَبِالْمُؤَدَّاةِ الْمَقْضِيَّةُ فَلَا تَكُونُ فَرْضًا فِيهَا بَلْ هِيَ سُنَّةٌ إنْ كَانَتْ مِنْ نَوْعِهَا، فَإِنْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ نَوْعِهَا لَمْ تُسَنَّ أَيْضًا، وَمَتَى كَانَتْ فَرْضَ كِفَايَةٍ (فَتَجِبُ) إقَامَتُهَا (بِحَيْثُ يَظْهَرُ) بِهَا (الشِّعَارُ) أَيْ شِعَارُ الْجَمَاعَةِ فِي تِلْكَ الْمَحَلَّةِ بِإِقَامَتِهَا فِي كُلِّ مُؤَدَّاةٍ مِنْ الْخَمْسِ بِجَمَاعَةٍ ذُكُورٍ أَحْرَارٍ بَالِغِينَ فِيمَا يَظْهَرُ كَرَدِّ السَّلَامِ، بِخِلَافِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ فَإِنَّ مَقْصُودَهَا الدُّعَاءُ وَهُوَ مِنْ الصَّغِيرِ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا ذَنْبَ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً اُشْتُرِطَ تَعَدُّدُهَا فِيهَا بَادِيَةً أَوْ غَيْرَهَا، وَلَا يَكْفِي فِعْلُهَا فِي نَحْوِ مَحَلٍّ وَلَا فِي الْبُيُوتِ، وَإِنْ ظَهَرَتْ فِي الْأَسْوَاقِ؛ لِأَنَّ الشِّعَارَ لَا يَحْصُل بِذَلِكَ، وَمُقْتَضَى هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ بِهَا الشِّعَارُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا نَقَلَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، كَأَنْ فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا بِحَيْثُ لَا يَحْتَشِمُ كَبِيرٌ وَلَا صَغِيرٌ مِنْ دُخُولِهَا، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْأَوْجَهُ الِاكْتِفَاءَ بِإِقَامَتِهَا فِي الْأَسْوَاقِ إنْ كَانَتْ كَذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ لِأَكْثَرِ النَّاسِ مُرُوءَاتٍ تَأْبَى دُخُولُ بُيُوتِ النَّاسِ وَالْأَسْوَاقِ. وَلَا يُشْتَرَطُ إقَامَتُهَا بِجُمْهُورِهِمْ بَلْ تَسْقُطُ بِطَائِفَةٍ قَلِيلَةٍ ظَهَرَ الشِّعَارُ بِهِمْ، وَقَدْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي طَائِفَةِ مُسَافِرِينَ أَقَامُوا الْجَمَاعَةَ فِي بَلْدَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ الرَّاحَةِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ سَفَرَ نُزْهَةٍ، وَسَيَأْتِي عَنْ الزِّيَادِيِّ فِي الْأَعْذَارِ أَنَّ بَعْضَهُمْ تَوَقَّفَ فِي جَوَازِ تَرْكِ الْجَمَاعَةِ فِي السَّفَرِ عِنْد ارْتِحَالِ الرُّفْقَةِ. قَالَ: وَالتَّوَقُّفُ ظَاهِرٌ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي الْقَصْرِ لَوْ كَانَ الْحَامِلُ لَهُ عَلَى السَّفَرِ لِلنُّزْهَةِ فَقَطْ فَلَا تُرَخَّصُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ: الْمُقْتَضِي لِوُجُوبِهَا) أَيْ عَلَى الْمُسَافِرِينَ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ مِنْ نَوْعِهَا) أَيْ بِأَنْ اتَّفَقَا فِي عَيْنِ الْمَقْضِيَّةِ كَظُهْرَيْنِ أَوْ عَصْرَيْنِ، وَلَوْ مِنْ يَوْمَيْنِ، بِخِلَافِ ظُهْرٍ وَعَصْرٍ وَإِنْ اتَّفَقَا فِي كَوْنِهِمَا رُبَاعِيَّتَيْنِ، وَعِبَارَةُ ابْنُ حَجَرٍ وَلِمُصَلِّينَ مَقْضِيَّةٌ اتَّحَدَتْ (قَوْلُهُ: لَمْ تُسَنَّ أَيْضًا) أَيْ وَتَكُونُ خِلَافَ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَظْهَرُ بِهَا الشَّعَارُ) بِفَتْحِ الشِّينِ وَكَسْرِهَا لُغَةً الْعَلَامَةُ حَجّ، وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ جَمْعُ شَعِيرَةٍ، وَهِيَ الْعَلَامَةُ. اهـ. وَمَا قَالَهُ حَجّ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْمِصْبَاحِ حَيْثُ قَالَ: وَالشَّعَارُ أَيْضًا عَلَامَةُ الْقَوْمِ فِي الْحَرْبِ، وَهُوَ مَا يُنَادُونَ بِهِ لِيَعْرِفَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَالْعِيدُ شِعَارٌ مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ، وَالشَّعَائِرُ أَعْلَامُ الْحَجِّ وَأَفْعَالُهُ. الْوَاحِدَةُ شَعِيرَةٌ أَوْ شِعَارَةٌ بِالْكَسْرِ. اهـ. فَلَعَلَّ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ مِنْ أَنَّ الْعَلَامَةَ الشَّعِيرَةُ قَوْلٌ فِي اللُّغَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: ذُكُورٍ أَحْرَارٍ) بَالِغِينَ وَمُقِيمِينَ أَخْذٌ مِمَّا يَأْتِي، وَهَذَا السِّيَاقُ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْآدَمِيِّينَ؛ لِأَنَّهُمْ الَّذِينَ يُوصَفُونَ بِالْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ وَاَلَّذِينَ يَحْكُمُ لَهُمْ مِنَّا بِالْبُلُوغِ وَالصِّبَا فَيَخْرُجُ بِهِ الْجِنُّ فَلَا يَكْفِي إقَامَتُهَا بِهِمْ فِي بَلَدٍ وَإِنْ ظَهَرَ بِهِمْ الشَّعَارُ. وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْجَمَاعَةِ حَثُّ أَهْلِ الْبَلَدِ عَلَى التَّعَارُفِ بِإِقَامَتِهَا، وَبِحَثِّ بَعْضِهِمْ عَنْ أَحْوَالِ بَعْضٍ بِالِاجْتِمَاعِ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ وَتَسْهِيلُ الْجَمَاعَةِ عَلَى طَالِبِيهَا. وَمَنْ عَرَفَ أَنَّ الْمُقِيمِينَ مِنْ الْجِنِّ يَنْفِرُ مِنْهُمْ وَلَا يَحْضُرُ الْجَمَاعَةَ، سِيَّمَا مَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ كَمَالُ عَقْلٍ، وَقَدْ يُؤَيِّدُ هَذَا عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِإِقَامَةِ الْمُسَافِرِينَ مَعَ أَنَّهُمْ مِنْ أَمْثَالِ أَهْلِ مَحَلَّتِهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَاحْفَظْهُ وَارْفُضْ مَا عَدَاهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ إلَخْ) أَيْ وَبِخِلَافِ الْجِهَادِ فَإِنَّهُ إذَا قَامَ بِهِ الصِّبْيَانُ كَفَى، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ نِكَايَةُ الْكُفَّارِ، وَهِيَ إذَا حَصَلَتْ بِالصِّبْيَانِ كَانَتْ أَقْوَى فِي حُصُولِ الْمُرَادِ. ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى ابْنِ حَجَرٍ صَرَّحَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: فِي الْأَسْوَاقِ) أَيْ وَفِي الْمَحَلَّاتِ الْخَارِجَةِ عَنْ الصُّوَرِ أَيْضًا حَيْثُ ظَهَرَ مِنْهَا الشَّعَارُ. اهـ سم عَلَى ابْنِ حَجَرٍ بِالْمَعْنَى. (قَوْلُهُ: تَأْبَى) أَيْ تَمْنَعُ (قَوْلُهُ: الشَّعَارُ بِهِمْ) أَيْ وَمِثْلُهُمْ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ وَنَحْوُهُمْ اهـ زِيَادِيٌّ، وَمِنْ النَّحْوِ الْعُرَاةُ. اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ وَالْأَرِقَّاءُ أَيْضًا، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ جَمَاعَةٌ ذُكُورٌ إلَخْ مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ، وَقَوْلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنْ ظَهَرَتْ فِي الْأَسْوَاقِ) أَيْ ظُهُورًا لَا يَحْصُلُ بِهِ الشِّعَارُ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ

وَأَظْهَرُوهَا هَلْ يَحْصُلُ بِهِمْ وَيَسْقُطُ بِفِعْلِهِمْ الطَّلَبُ عَنْ الْمُقِيمِينَ بِعَدَمِ حُصُولِ الشِّعَارِ بِهِمْ وَأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِفِعْلِهِمْ الطَّلَبُ عَنْ الْمُقِيمِينَ، فَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: إذَا أَقَامَ الْجَمَاعَةَ طَائِفَةً يَسِيرَةٌ مِنْ أَهْلِ الْبَلْدَةِ وَلَمْ يَحْضُرْهَا جُمْهُورُ الْمُقِيمِينَ فِي الْبَلَدِ حَصَلَتْ الْجَمَاعَةُ، وَلَا إثْمَ عَلَى الْمُتَخَلِّفِينَ كَمَا لَوْ صَلَّى الْجِنَازَةَ طَائِفَةٌ يَسِيرَةٌ، هَكَذَا قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَأَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْضًا فِي أَهْلِ قَرْيَةٍ صَلَّوْا رَكْعَةً مِنْ فَرِيضَةٍ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ نَوَوْا قَطَعَ الْقُدْوَةِ وَأَتَمُّوهَا مُنْفَرِدِينَ بِأَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُمْ طَلَبُ الْجَمَاعَةِ لِتَأْدِي شِعَارِهَا بِصَلَاتِهِمْ، وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْفَرِيضَةُ الْجُمُعَةَ وَتَلْزَمُ أَهْلَ الْبَوَادِي السَّاكِنِينَ بِهَا. وَأَمَّا فِي الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ تَعَدُّدُهَا فِيهَا؛ لِحُصُولِ الْفَرْضِ بِدُونِهِ. وَضَبَطَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْقَرْيَةَ الصَّغِيرَةَ بِأَنْ يَكُونَ فِيهَا نَحْوَ ثَلَاثِينَ رَجُلًا. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَقْرِيبٌ، بَلْ لَوْ ضُبِطَ ذَلِكَ بِالْعُرْفِ لَكَانَ أَقْرَبَ إلَى الْمَعْنَى، وَكَلَامُهُمْ بِمَحَلٍّ فِي الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ وَفِي الْكَبِيرَةِ وَالْبَلَدِ بِمَحَلَّيْنِ مَثَلًا مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ كَانَ بِحَيْثُ يُمْكِنُ مَنْ يَقْصِدُهَا إدْرَاكَهَا مِنْ غَيْرِ كَبِيرِ مَشَقَّةٍ فِيهَا فِيمَا يَظْهَرُ، فَلَا يُشْتَرَطُ إقَامَتُهَا فِي كُلِّ مَحَلَّةٍ مِنْهَا خِلَافًا لِجَمْعٍ (فَإِنْ) (امْتَنَعُوا كُلُّهُمْ) مِنْ فِعْلِهَا بِأَنْ لَمْ يَفْعَلْهَا أَحَدٌ أَوْ فُعِلَتْ لَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ (قُوتِلُوا) أَيْ قَاتَلَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ الْمُمْتَنِعِينَ لِإِظْهَارِ هَذَا الشِّعَارِ الْعَظِيمِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالزِّيَادِيُّ أَيْضًا: وَلَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ بِمَنْ لَا يَتَوَجَّهُ الْفَرْضُ عَلَيْهِمْ كَالنِّسَاءِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِعَدَمِ حُصُولِ الشَّعَارِ) أَيْ وَعَلَى هَذَا فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّظْلِيلُ أَوْ الِاعْتِكَافُ فِي الْمَسْجِدِ حَيْثُ أَدَّى إلَى مَنْعِ أَهْلِ الْبَلَدِ مِنْ إقَامَتِهَا فِيهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ غَرَضِ الْوَاقِفِ مِنْ إحْيَاءِ الْبُقْعَةِ بِالصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ أَوْقَاتِهَا عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ. لَا يُقَالُ: الِاعْتِكَافُ أَيْضًا مِنْ مَقَاصِدِ الْوَاقِفِ؛ لِأَنَّ غَرَضَهُ مِنْ وَقْفِ الْمَسْجِدِ شَغْلُهُ بِقِرَاءَةٍ أَوْ ذِكْرٍ أَوْ اعْتِكَافٍ أَوْ غَيْرِهَا. لِأَنَّا نَقُولُ: الْغَرَضُ الْأَصْلِيُّ مِنْ وَقْفِ الْمَسَاجِدِ الصَّلَاةُ فِيهَا فَيُمْنَعُ مِنْ شَغْلِهَا بِمَا يُفَوِّتُ ذَلِكَ الْمَقْصُودَ؛ لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ بِذَلِكَ الْمَنْفَعَةَ عَلَى مُسْتَحَقِّيهَا، وَبَقِيَ مَا لَوْ نَذَرَ الْمُسَافِرُ اعْتِكَافًا مُتَتَابِعًا فِي الْمَسْجِدِ مُدَّةً تَقْطَعُ السَّفَرَ ثُمَّ نَوَى الِاعْتِكَافَ فِي مَسْجِدِ قَرْيَةٍ وَكَانَ اعْتِكَافُهُ فِيهِ يَمْنَعُ مِنْ إقَامَةِ الْجَمَاعَةِ فِيهِ لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ، فَهَلْ إذَا خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ مُدَّةَ صَلَاتِهِمْ يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ نَذَرَ مُدَّةً مُطْلَقَةً، وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّ إلَّا ذَلِكَ الْمَسْجِدُ فَهُوَ مُقَصِّرٌ بِاعْتِكَافِهِ فِيهِ فَيَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ، وَهُوَ بِسَبِيلٍ مِنْ تَأْخِيرِ الِاعْتِكَافِ حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنْ الِاعْتِكَافِ بِمَسْجِدٍ لَا يُعَارَضُ فِيهِ، وَإِنْ عَيَّنَ مُدَّةً اتَّفَقَ وُقُوعُهَا فِي سَفَرِهِ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ مَسْجِدٌ مَهْجُورٌ مَثَلًا أَوْ وَاسِعٌ لَا يُعَارِضُهُ فِيهِ أَحَدٌ إذَا اعْتَكَفَ فِيهِ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ انْقَطَعَ تُتَابِعُهُ بِإِخْرَاجِهِ لِتَقْصِيرِهِ بِاعْتِكَافِهِ فِيهِ مَعَ تَيَسُّرِ غَيْرِهِ، وَإِنْ تَعَيَّنَ ذَلِكَ الْمَسْجِدَ وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ لَا يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ بِإِخْرَاجِهِ مِنْهُ لِكَوْنِهِ مُكْرَهًا عَلَى الْخُرُوجِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ) عَطْفٌ عَلَى عَدَمِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ) غَرَضُهُ مِنْهُ الِاسْتِظْهَارُ عَلَى الْإِفْتَاءِ الْمَذْكُورِ، فَإِنَّ قَوْلَهُ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ يُفِيدُ بِطَرِيقِ الْمَفْهُومِ أَنَّ غَيْرَ أَهْلِ الْبَلَدِ لَا يَسْقُطُ بِفِعْلِهِ الطَّلَبُ عَنْ أَهْلِ الْبَلَدِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَتَلْزَمُ أَهْلَ الْبَوَادِي) أَيْ الْجَمَاعَةُ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي الْقَرْيَةِ) قَسِيمُ قَوْلِهِ فَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً إلَخْ (قَوْلُهُ: لَكَانَ أَقْرَبُ) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُمْ) أَيْ حَيْثُ اكْتَفَوْا بِمَحَلٍّ إلَخْ، وَلَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَاكْتِفَاؤُهُمْ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: الْمُمْتَنِعِينَ) أَشْعَرَ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَفْجَأَهُمْ بِالْقِتَالِ بِمُجَرَّدِ التَّرْكِ بَلْ حَتَّى يَأْمُرَهُمْ فَيَمْتَنِعُوا مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ. اهـ حَجّ: أَيْ فَهُوَ كَقِتَالِ الْبُغَاةِ، وَوَجْهُ الْإِشْعَارِ أَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِالْمُشْتَقِّ يُؤْذِنُ بِعَلِيَّةِ مَأْخَذِ الِاشْتِقَاقِ فَيُفِيدُ أَنَّ الْقِتَالَ لِامْتِنَاعِهِمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: فَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) مَحَلُّ هَذَا عَقِبَ قَوْلِهِ االْمَارِّ، وَلَا إقَامَتُهَا بِجُمْهُورِهِمْ إلَخْ إذْ هُوَ مِنْ تَعَلُّقِهِ، فَكَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمَهُ عَلَى قَوْلِهِ: وَقَدْ أَفْتَى الْوَالِدُ إلَخْ

وَلَا يُقَاتِلُهُمْ عَلَى تَرْكِ السُّنَّةِ (وَلَا يَتَأَكَّدُ النَّدْبُ لِلنِّسَاءِ تَأَكُّدُهُ لِلرِّجَالِ) لِمَزِيَّتِهِمْ عَلَيْهِنَّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ لَهُنَّ (فِي الْأَصَحِّ) لِخَشْيَةِ الْمَفْسَدَةِ فِيهِنَّ وَكَثْرَةِ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِنَّ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَأَتَّى غَالِبًا إلَّا بِالْخُرُوجِ إلَى الْمَسَاجِدِ فَيُكْرَهُ تَرْكُهَا لَهُمْ لَا لَهُنَّ، وَالْخَنَاثَى كَالنِّسَاءِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ نَعَمْ؛ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ (قُلْت: الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ أَنَّهَا) عِنْدَ وُجُودِ سَائِرِ شُرُوطِهَا الْمُتَقَدِّمَةِ (فَرْضُ كِفَايَةٍ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ فَلَيْسَتْ فَرْضَ عَيْنٍ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ الْمَارِّ فَإِنَّ الْمُفَاضَلَةَ تَقْتَضِي جَوَازَ الِانْفِرَادِ، وَذِكْرُ أَفْضَلَ فِي الْخَبَرِ قَبْلَهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا لِقِيَامِ غَيْرِهِ بِهَا أَوْ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ. أَمَّا إذَا اخْتَلَّ شَرْطٌ مِمَّا مَرَّ فَلَا تَجِبُ بَلْ تَارَةً تُسَنُّ وَتَارَةً لَا وَتُسَنُّ لِمُمَيِّزٍ. نَعَمْ يَلْزَمُ وَلِيُّهُ أَمْرَهُ بِهَا لِيَتَعَوَّدَهَا إذَا كَمُلَ (وَقِيلَ) هِيَ فَرْضُ (عَيْنٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِلْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ «لَقَدْ هَمَمْت أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلَا يُقَاتِلُهُمْ عَلَى تَرْكِ السُّنَّةِ) أَيْ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَقَدْ مَرَّ فِي بَابِ الْأَذَانِ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمَتْنِ فِي الْإِقَامَةِ، وَقِيلَ فَرْضُ كِفَايَةٍ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ كُلَّ سُنَّةٍ يَجْرِي فِي الْقِتَالِ عَلَى تَرْكِهَا الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ. اهـ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ. وَقَدْ صَرَّجَ الْمَحَلِّيُّ هُنَا بِحِكَايَةِ وَجْهٍ بِنَاءً عَلَى السُّنِّيَّةِ أَنَّهُمْ يُقَاتَلُونَ عَلَيْهِمْ حَذَرًا مِنْ إمَاتَتِهَا، وَقَدْ يُشْعِرُ بِأَنَّهُمْ لَا يُقَاتَلُونَ عَلَى السُّنِّيَّةِ فِي الْأَذَانِ وَنَحْوِهِ قَطْعًا وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ الْخِلَافُ جَارٍ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا فَلَعَلَّ اقْتِصَارَهُ عَلَى حِكَايَتِهِ فِي الْجَمَاعَةِ لِكَوْنِهِ أَشْهَرُ (قَوْلُهُ: لِمَزِيَّتِهِمْ) أَيْ شَرَفِهِمْ (قَوْلُهُ: لَا لَهُنَّ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ سَهُلَ عَلَيْهِنَّ تَحْصِيلُهَا إمَّا فِي بُيُوتِهِنَّ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ بِلَا مَشَقَّةٍ، وَمَعَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ لِكَوْنِهِنَّ غَيْرَ مُشْتَهَيَاتٍ. (قَوْلُهُ: لِلْخَبَرِ السَّابِقِ) هُوَ قَوْلُهُ: مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ الْمَارِّ) هُوَ قَوْلُهُ: «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ» إلَخْ، لَكِنَّ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ هِيَ فِيهِ لَمْ يَذْكُرْهُ عَنْ الشَّيْخَيْنِ وَعِبَارَةُ حَجّ لِلْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ. اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ مِنْ رِوَايَتِهِمَا (قَوْلُهُ: فِي الْخَبَرِ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ قَوْلِهِ مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ إلَخْ الَّذِي عَنَاهُ بِقَوْلِهِ الْخَبَرِ السَّابِقِ (قَوْلُهُ: بَلْ تَارَةً تُسَنُّ) وَهَلْ يَحْتَاجُ الْعَبْدُ إلَى إذْنِ السَّيِّدِ؟ قَالَ الْقَاضِي: إنْ زَادَ زَمَنُهَا عَلَى زَمَنِ الِانْفِرَادِ احْتَاجَ وَإِلَّا فَلَا. قَالَ: وَلَا يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بِهِ شَغْلٌ، وَاعْتَمَدَ م ر فِي الْعَبْدِ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ السَّيِّدِ إذَا كَانَ زَمَنُهَا عَلَى الْعَادَةِ وَإِنْ زَادَ عَلَى زَمَنِ الِانْفِرَادِ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: وَتُسَنُّ لِمُمَيِّزٍ) أَيْ يُكْتَبُ لَهُ ثَوَابُهَا دُونَ ثَوَابِ الْوَاجِبِ لَا أَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِهَا عَلَى سَبِيلِ السُّنِّيَّةِ فَإِنَّهُ لَا خِطَابَ يَتَعَلَّقُ بِفِعْلِ غَيْرِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ (قَوْلُهُ: لَقَدْ هَمَمْت أَنْ آمُرَ إلَخْ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ التَّقْرِيبِ: اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ وَالْعُلَمَاءُ فِي تَعْيِينِ الصَّلَاةِ الْمُتَوَعَّدِ عَلَى تَرْكِهَا بِالتَّحْرِيقِ هَلْ هِيَ الْعِشَاءُ أَوْ هِيَ الصُّبْحُ أَوْ الْجُمُعَةُ؟ وَظَاهِرُ رِوَايَةِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ الْمُرَادَ الْعِشَاءُ لِقَوْلِهِ فِي آخِرِهِ: لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَظْمًا سَمِينًا أَوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ. وَقِيلَ هِيَ الْعِشَاءُ وَالصُّبْحُ مَعًا، وَيَدُلُّ لَهُ مَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَفِي بَعْضِ طَرِيقِ هَذَا الْحَدِيثِ «إنَّ أَثْقَلَ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا وَلَقَدْ هَمَمْت» فَذَكَرَهُ. وَقِيلَ هِيَ الْجُمُعَةُ، وَيَدُلُّ لَهُ رِوَايَةُ الْبَيْهَقِيّ «فَأُحَرِّقَ عَلَى قَوْمٍ بُيُوتَهُمْ لَا يَشْهَدُونَ الْجُمُعَةَ» وَحَدِيثُ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِقَوْمٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنْ الْجُمُعَةِ لَقَدْ هَمَمْت» فَذَكَرَهُ، ثُمَّ قَالَ رِوَايَةُ الْبَيْهَقِيّ فِي كَوْنِهَا الْجُمُعَةَ، وَرِوَايَةُ كَوْنِهَا الْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ، وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي كَوْنِهَا الْجُمُعَةَ حَدِيثٌ آخَرُ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ، فَعَلَى هَذَا لَا يَقْدَحُ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَيَنْظُرُ فِي اخْتِلَافِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَدْ رَجَّحَ الْبَيْهَقِيُّ رِوَايَةَ الْجَمَاعَةِ فِيهِ عَلَى رِوَايَةِ الْجُمُعَةِ فَقَالَ: وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ سَائِرُ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ عَبَّرَ بِالْجُمُعَةِ عَنْ الْجَمَاعَةِ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ بَعْدَ كَلَامِ الْبَيْهَقِيّ: بَلْ هُمَا رِوَايَتَانِ رِوَايَةٌ فِي الْجُمُعَةِ وَرِوَايَةٌ فِي الْجَمَاعَةِ وَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ. اهـ مُلَخَّصًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَتَأَمَّلْهُ فَبِتَقْدِيرِ صِحَّةِ كُلٍّ مِنْ الرِّوَايَاتِ، يَحْتَمِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الصَّلَوَاتِ الْمَذْكُورَةِ كَانَ بَاعِثًا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى إرَادَةِ التَّحْرِيقِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[الجماعة في المسجد لغير المرأة والخنثى أفضل]

حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ» وَقَدْ أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ وَارِدٌ فِي قَوْمٍ مُنَافِقِينَ يَتَخَلَّفُونَ عَنْ الْجَمَاعَةِ وَلَا يُصَلُّونَ فُرَادَى، وَالسِّيَاقُ يُؤَيِّدُهُ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُحَرِّقْهُمْ، وَإِنَّمَا هَمَّ بِتَحْرِيقِهِمْ. لَا يُقَالُ: لَوْ لَمْ يَجُزْ تَحْرِيقُهُمْ لَمَا هَمَّ بِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَعَلَّهُ هَمَّ بِالِاجْتِهَادِ ثُمَّ نَزَلَ وَحْيٌ بِالْمَنْعِ أَوْ تَغَيَّرَ الِاجْتِهَادُ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ أَوْ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْمُثْلَةِ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا فَرْضُ عَيْنٍ فَلَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. (وَ) الْجَمَاعَةُ (فِي الْمَسْجِدِ لِغَيْرِ الْمَرْأَةِ) وَالْخُنْثَى (أَفْضَلُ) مِنْهَا خَارِجَةً لِخَبَرِ «أَفْضَلُ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» أَيْ فَهِيَ فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى الشَّرَفِ وَالطَّهَارَةِ، وَإِظْهَارُ الشِّعَارِ، وَكَثْرَةُ الْجَمَاعَةِ، وَشَمَلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ كَانَتْ جَمَاعَةُ الْمَسْجِدِ أَقَلَّ مِنْ جَمَاعَةِ غَيْرِهِ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِمْ إنَّ جَمَاعَةَ الْمَسْجِدِ، وَإِنْ قَلَّتْ أَفْضَلُ مِنْهَا خَارِجَهُ، وَإِنْ كَثُرَتْ، وَبِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَرْعٌ] إذَا عَلِمَ الْأَجِيرُ أَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ يَمْنَعُهُ مِنْ الْجَمَاعَةِ وَكَانَ الشَّعَارُ يَتَوَقَّفُ عَلَى حُضُورِهِ هَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ إيجَارُ نَفْسِهِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ؟ وَكَذَا إذَا عَلِمَ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الْجُمُعَةِ هَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ إيجَارُ نَفْسِهِ بَعْدَ الْفَجْرِ كَالسَّفَرِ الْمُفَوِّتِ؟ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَدْ يَفْصِلُ بَيْنَ أَنْ يَحْتَاجَ أَوْ يَضْطَرَّ لِذَلِكَ الْإِيجَارِ فَلْيُحَرَّرْ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْتَفَى هُنَا بِأَدْنَى حَاجَةٍ أَخْذًا مِنْ تَجْوِيزِهِمْ السَّفَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِمُجَرَّدِ الْوَحْشَةِ بِانْقِطَاعِهِ عَنْ الرُّفْقَةِ وَحَيْثُ لَا حَاجَةَ حَرُمَتْ الْإِجَارَةُ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ تَعَدَّى وَآجَرَ نَفْسَهُ هَلْ تَصِحُّ أَوْ لَا؟ نُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ سم الصِّحَّةُ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ وَقْتَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ انْتَهَى. وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْبَيْعَ وَقْتَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ مُشْتَمِلٌ عَلَى جَمِيعِ شُرُوطِ الْبَيْعِ، وَالْحُرْمَةُ فِيهِ لِأَمْرٍ خَارِجٍ، وَأَمَّا هُنَا فَالْمُؤَجِّرُ عَاجِزٌ عَنْ التَّسْلِيمِ شَرْعًا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَ الْمَاءَ الَّذِي يَحْتَاجُهُ لِطَهَارَتِهِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ إنْ قَدَرَ عَلَى اسْتِرْجَاعِهِ (قَوْلُهُ: فَأُحَرِّقُ) هُوَ بِالتَّشْدِيدِ، وَيُرْوَى فَأُحْرِقُ بِإِسْكَانِ الْحَاءِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ وَهُمَا لُغَتَانِ أَحْرَقْت وَحَرَقْت، وَالتَّشْدِيدُ أَبْلَغُ فِي الْمَعْنَى انْتَهَى شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: عَلَيْهِمْ) يُشْعِرُ بِأَنَّ الْعُقُوبَةَ لَيْسَتْ قَاصِرَةً عَلَى الْمَالِ، بَلْ الْمُرَادُ تَحْرِيقُ الْمَقْصُودَيْنِ وَالْبُيُوتُ تَبَعٌ لِلْقَاطِنَيْنِ بِهَا، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ «فَأُحَرِّقُ بُيُوتًا عَلَى مَنْ فِيهَا» . انْتَهَى فَتْحُ الْبَارِي لِلْحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ. (قَوْلُهُ: وَالسِّيَاقُ يُؤَيِّدُهُ) وَهُوَ قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَثْقَلُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَالْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا وَلَقَدْ هَمَمْت» إلَخْ. انْتَهَى شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ. (قَوْلُهُ: نَزَلَ وَحْيٌ بِالْمَنْعِ) أَيْ نَاسِخٌ لِمَا أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَيْهِ، وَإِلَّا فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ الْخَطَأُ مِنْهُ أَصْلًا خِلَافًا لِمَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ مِنْهُ لَكِنْ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ، بَلْ يُنَبَّهُ عَلَى الصَّوَابِ بِالْوَحْيِ حَالًا. (قَوْلُهُ: قَبْلَ تَحْرِيمِ الْمُثْلَةِ) أَيْ بِالْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ، وَفِي الْمِصْبَاحِ: وَمَثَلْت بِالْقَتِيلِ مَثْلًا مِنْ بَابَيْ قَتَلَ وَضَرَبَ: إذَا جَدَعْته وَظَهَرَ آثَارُ فِعْلِك عَلَيْهِ تَنْكِيلًا، وَالتَّشْدِيدُ مُبَالَغَةٌ وَالِاسْمُ الْمُثْلَةُ وِزَانُ غُرْفَةٍ، وَالْمَثُلَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّ الثَّاءِ الْعُقُوبَةُ. اهـ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ «أَفْضَلُ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ» ) أَيْ صَلَاتُهُ فِي بَيْتِهِ (قَوْلُهُ: فَهِيَ فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ) أَيْ إلَّا إذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْمُثْلَةِ) هَذَا لَا يَدْفَعَ الْإِيرَادَ وَإِنَّمَا يَحْسُنُ جَوَابًا عَمَّا يُقَالُ كَيْفَ يَجُوزُ التَّحْرِيقُ، وَإِنْ قُلْنَا فَرْضُ عَيْنٍ، مَعَ أَنَّ الْمُثْلَةَ حَرَامٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشِّهَابُ حَجّ. [الْجَمَاعَةُ فِي الْمَسْجِدِ لِغَيْرِ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى أَفْضَلُ] (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِمْ إلَخْ) فِيهِ أُمُورٌ: مِنْهَا أَنَّ الْمُقْتَضِيَ بِالْكَسْرِ وَالْمُقْتَضَى بِالْفَتْحِ هُنَا مُتَّحِدَانِ وَلَا بُدَّ مِنْ اخْتِلَافِهِمَا كَمَا هُوَ وَاضِحٌ. وَمِنْهَا أَنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُمْ مُصَرِّحُونَ بِمَا ذُكِرَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَذْكُرُهُ عَنْ فَتَاوَى وَالِدِهِ الَّتِي تَصَرَّفَ فِيهَا هَذَا التَّصَرُّفَ. وَمِنْهَا أَنَّ قَوْلَهُ وَيَدُلُّ لَهُ إلَخْ بَعْدَ نَقْلِ مَا ذُكِرَ عَنْ إفْتَاءِ وَالِدِهِ يُوهِمُ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَعِبَارَةُ الْفَتَاوَى سُئِلَ هَلْ الْأَفْضَلُ الْجَمَاعَةُ الْقَلِيلَةُ فِي الْمَسْجِدِ أَمْ الْكَثِيرَةُ فِي غَيْرِهِ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ أَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي الْمَسْجِدِ وَإِنْ قَلَّتْ أَفْضَلُ مِنْهَا خَارِجَهُ وَإِنْ كَثُرَتْ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيَدُلُّ لَهُ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «فَإِنَّ أَفْضَلَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» وَهُوَ

صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَيَدُلُّ لَهُ الْخَبَرُ الْمَارُّ وَهُوَ مُخَصِّصٌ لِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ وَغَيْرِهِ، وَمَا كَانَ أَكْثَرَ فَهُوَ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ عَكَسَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَرَجَّحَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِأَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى الْفَضِيلَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْعِبَادَةِ أَوْلَى مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْفَضِيلَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَكَانِهَا. وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْفَضِيلَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْعِبَادَةِ وَهِيَ الْجَمَاعَةُ مَوْجُودَةٌ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، أَمَّا الْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى فَجَمَاعَتُهُمَا فِي بُيُوتِهِمَا أَفْضَلُ لِخَبَرِ «لَا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمْ الْمَسَاجِدَ وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ» وَيُكْرَهُ لَهَا حُضُورُ جَمَاعَةِ الْمَسْجِدِ إنْ كَانَتْ مُشْتَهَاةً وَلَوْ فِي ثِيَابِ مِهْنَةٍ، أَوْ غَيْرَ مُشْتَهَاةٍ وَبِهَا شَيْءٌ مِنْ الزِّينَةِ أَوْ الرِّيحِ الطَّيِّبِ، وَلِلْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ مَنْعُهُنَّ حِينَئِذٍ كَمَا لَهُ مَنْعُ مَنْ تَنَاوَلَ ذَا رِيحٍ كَرِيهٍ مِنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِنَّ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيٍّ أَوْ حَلِيلٍ أَوْ سَيِّدٍ أَوْ هُمَا فِي أَمَةٍ مُتَزَوِّجَةٍ وَمَعَ خَشْيَةِ فِتْنَةٍ مِنْهَا أَوْ عَلَيْهَا، وَلِلْآذِنِ لَهَا فِي الْخُرُوجِ حُكْمُهَا، وَفِيمَا بَحَثَ مِنْ إطْلَاقِ إلْحَاقِ الْأَمْرَدِ الْجَمِيلِ بِهَا فِي ذَلِكَ أَيْضًا نَظَرٌ ظَاهِرٌ. وَتَحْصُلُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ لِلشَّخْصِ بِصَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ بِزَوْجَةٍ أَوْ وَلَدٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ غَيْرِهِمْ، بَلْ بَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ أَنَّ ذَهَابَهُ إلَى الْمَسْجِدِ لَوْ فَوَّتَهَا عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ مَفْضُولٌ وَأَنَّ إقَامَتَهَا لَهُمْ أَفْضَلُ، وَنَظَرَ فِيهِ بِأَنَّ فِيهِ إيثَارًا بِقُرْبَةٍ مَعَ إمْكَانِ تَحْصِيلِهَا بِإِعَادَتِهَا مَعَهُمْ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSحَصَلَتْ الْجَمَاعَةُ فِي الْبَيْتِ دُونَ الْمَسْجِدِ فَهِيَ فِيهِ أَفْضَلُ. اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَيَدُلُّ لَهُ الْخَبَرُ الْمَارُّ) هُوَ قَوْلُهُ: أَفْضَلُ صَلَاةِ الْمَرْءِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَا كَانَ أَكْثَرُ) صَدْرُ الْحَدِيثِ مَا ذَكَرَهُ الدَّمِيرِيِّ وَغَيْرُهُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ حِبَّانَ الْمَذْكُورَةِ «صَلَاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ وَحْدَهُ، وَصَلَاتُهُ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ مَعَ الرَّجُلِ وَمَا كَانَ» إلَخْ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ) مُتَعَلِّقٌ بِرَجَّحَهُ (قَوْلُهُ: مَوْجُودَةٌ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا) يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْفَضِيلَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْعِبَادَةِ، وَهِيَ كَمَالُ دَرَجَاتِ الْجَمْعِ الْكَثِيرِ عَلَى الْقَلِيلِ غَيْرُ مَوْجُودَةٍ فِيهِمَا وَيَكُونُ هَذَا مُرَادُ الْقَاضِي. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ بِالْمَعْنَى. (قَوْلُهُ: وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ) فَإِنْ قُلْت: إذَا كَانَتْ خَيْرًا لَهُنَّ فَمَا وَجْهُ النَّهْيِ عَنْ مَنْعِهِنَّ الْمُسْتَلْزِمِ لِذَلِكَ الْخَبَرِ؟ قُلْت: أَمَّا النَّهْيُ فَهُوَ لِلتَّنْزِيهِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ سِيَاقُ هَذَا الْحَدِيثِ، ثُمَّ الْوَجْهُ حَمْلُهُ عَلَى زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ عَلَى غَيْرِ الْمُشْتَهَيَاتِ إذَا كُنَّ مُبْتَذَلَاتٍ. اهـ ابْنُ حَجَرٍ. ثُمَّ قَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ جَمَاعَةَ النِّسَاءِ فِي بُيُوتِهِنَّ أَفْضَلُ وَإِنْ كُنَّ مُبْتَذِلَاتٍ غَيْرَ مُشْتَهَيَاتٍ، وَلَكِنْ لَوْ حَضَرْنَ لَا يُكْرَهُ لَهُنَّ الْحُضُورُ. وَقَوْلُهُ مُبْتَذَلَاتٌ يَحْتَمِلُ قِرَاءَتَهُ بِسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ ثُمَّ بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ، وَيَحْتَمِلُ تَقْدِيمَ التَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ عَلَى الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ ثُمَّ تَشْدِيدُ الذَّالِ الْمَكْسُورَةِ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: ابْتَذَلْت الشَّيْءَ امْتَهَنْته، ثُمَّ قَالَ: وَالتَّبَذُّلُ خِلَافُ التَّصَاوُنِ: أَيْ الصِّيَانَةِ. انْتَهَى (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ مُشْتَهَاةً) وَمِنْ الْمُشْتَهَيَاتِ الشَّابَّةُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ذَاتَ رِيحٍ؛ لِأَنَّ هَيْئَتَهَا تُعْلَمُ وَعِبَارَةُ الْبَهْجَةِ: وَتَحْضُرُ الْعَجُوزُ، قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: إنْ أَذِنَ لَهَا زَوْجُهَا إنْ كَانَ وَلَمْ تَتَزَيَّنْ وَلَمْ تَتَطَيَّبْ، ثُمَّ قَالَ: وَخَرَجَ بِالْعَجُوزِ: أَيْ غَيْرِ الْمُشْتَهَاةِ الشَّابَّةُ وَالْمُشْتَهَاةُ فَيُكْرَهُ لَهُمَا الْحُضُورُ كَمَا مَرَّ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلِلْإِمَامِ إلَخْ) أَيْ يَجُوزُ لَهُ عَلَى مَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ: وَلِلْإِمَامِ إلَخْ، وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ حَيْثُ رَآهُ مَصْلَحَةً لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ رِعَايَةُ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ عَلَيْهِنَّ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيٍّ) أَيْ فِي الْخَلِيَّةِ، وَقَوْلُهُ أَوْ حَلِيلٍ: أَيْ فِي الْمُتَزَوِّجَةِ، ثُمَّ قَضِيَّةُ الْعَطْفِ بِأَوْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الْخُرُوجِ إذْنُهُمَا، وَيَنْبَغِي اشْتِرَاطُ اجْتِمَاعِهِمَا فِي الْإِذْنِ حَيْثُ كَانَ ثَمَّ رِيبَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ قَدْ تَظْهَرُ لِلْوَلِيِّ دُونَ الْحَلِيلِ أَوْ عَكْسِهِ. (قَوْلُهُ: وَمَعَ خَشْيَةِ فِتْنَةٍ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيٍّ فَلَا يَتَوَقَّفُ حُرْمَةُ الْحُضُورِ عَلَى عَدَمِ الْإِذْنِ. (قَوْلُهُ: حُكْمُهَا) أَيْ حُكْمُهَا فِي الْخُرُوجِ لِلْجَمَاعَةِ فَيُكْرَهُ لَهُ الْإِذْنُ حَيْثُ كُرِهَ حُضُورُهَا إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: نَظَرٌ ظَاهِرٌ) قَدْ يُمْنَعُ مَا ذُكِرَ مِنْ النَّظَرِ، وَيُوَجَّهُ الْبَحْثُ بِأَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQمُخَصَّصٌ إلَى قَوْلِهِ مَوْجُودَةٌ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: مَوْجُودَةٌ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ وَفَضِيلَةُ الْمَكَانِ سَالِمَةٌ مِنْ الْمُعَارِضِ (قَوْلُهُ: وَفِيمَا بَحَثَ مِنْ إطْلَاقِ إلْحَاقِ الْأَمْرَدِ الْجَمِيلِ بِهَا) فِي ذَلِكَ نَظَرٌ ظَاهِرٌ: أَيْ بَلْ إنَّمَا يُلْحَقُ بِهَا فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ لَا عَلَى

[أفضل الجماعة بعد الجمعة]

الْفَرْضَ فَوَاتُهَا لَوْ ذَهَبَ لِلْمَسْجِدِ، وَذَلِكَ إيثَارٌ فِيهِ؛ لِأَنَّ حُصُولَهَا لَهُمْ بِسَبَبِهِ رُبَّمَا عَادَلَ فَضْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ فَهُوَ كَمُسَاعَدَةِ الْمَجْرُورِ مِنْ الصَّفِّ. وَتُكْرَهُ إقَامَةُ جَمَاعَةٍ بِمَسْجِدٍ غَيْرِ مَطْرُوقٍ لَهُ إمَامٌ رَاتِبٌ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ، فَإِنْ غَابَ الرَّاتِبُ سُنَّ انْتِظَارُهُ، ثُمَّ إنْ أَرَادُوا فَضْلَ أَوَّلِ الْوَقْتِ أَمَّ غَيْرُهُ، وَإِلَّا فَلَا إلَّا إنْ خَافُوا فَوْتَ كُلِّ الْوَقْتِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَا فِتْنَةَ، وَإِلَّا صَلُّوا فُرَادَى مُطْلَقًا، أَمَّا الْمَسْجِدُ الْمَطْرُوقُ فَلَا يُكْرَهُ فِيهِ تَعَدُّدُ الْجَمَاعَاتِ وَلَوْ كَانَ لَهُ إمَامٌ رَاتِبٌ وَوَقَعَ فِيهِ جَمَاعَتَانِ مَعًا كَمَا أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ مَفْهُومٌ بِالْأَوْلَى مِنْ نَفْيِهِمْ كَرَاهَةَ إقَامَةِ جَمَاعَةٍ فِيهِ قَبْلَ إمَامِهِ، وَشَمِلَ ذَلِكَ قَوْلَ التَّحْقِيقِ لَوْ كَانَ لِلْمَسْجِدِ إمَامٌ رَاتِبٌ وَلَيْسَ مَطْرُوقًا كُرِهَ لِغَيْرِ إمَامٍ إقَامَةُ الْجَمَاعَةِ فِيهِ، وَيُقَالُ إلَّا إنْ أُقِيمَتْ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ، وَإِلَّا فَلَا، وَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّتِمَّةِ مِنْ كَرَاهَةِ عَقْدِ جَمَاعَتَيْنِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْمَطْرُوقِ، فَإِنَّ أَكْثَرَهُمْ صَرَّحَ بِكَرَاهَةِ الْقَبْلِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةِ وَسَكَتَ عَنْ الْمُقَارَنَةِ. . وَأَفْضَلُ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ صُبْحُهَا، ثُمَّ صُبْحُ غَيْرِهَا ثُمَّ الْعِشَاءُ ثُمَّ الْعَصْرُ، وَلَا يُنَافِيهِ كَوْنُ الْعَصْرِ الْوُسْطَى؛ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ فِي ذَيْنِك أَعْظَمُ، وَالْأَوْجَهُ تَفْضِيلُ الظُّهْرِ ذَاتًا وَجَمَاعَةً عَلَى الْمَغْرِبِ؛ لِأَنَّهَا اخْتَصَّتْ مِنْ بَيْنَ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ بِبَدَلٍ وَهُوَ الْجُمُعَةُ: أَيْ بِصَلَاةٍ تُفْعَلُ فِي وَقْتِهَا وَبِالْإِيرَادِ. (وَمَا كَثُرَ جَمْعُهُ) مِنْ الْمَسَاجِدِ (أَفْضَلُ) مِمَّا قَلَّ جَمْعُهُ مِنْهَا، وَكَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــSالِافْتِنَانَ بِالْأَمْرَدِ أَغْلِبُ مِنْهُ بِالْمَرْأَةِ لِمُخَالَطَةِ الْأَمْرَدِ لِلرِّجَالِ إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ عَلَى وَجْهٍ يُؤَدِّي إلَى ذَلِكَ، وَلَعَلَّ هَذَا وَجْهُ تَعْبِيرِهِ بِقَوْلِهِ وَفِيمَا بَحَثَ مِنْ إطْلَاقِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ حَاضِرًا (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ) قَدْ يُشْكِلُ خُصُوصًا إذَا حَصَلَ لِلْجَائِينَ بَعْدَ الْجَمَاعَةِ الْأُولَى عُذْرٌ اقْتَضَى التَّأْخِيرَ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُكْرَهُ تَحَرِّي إيقَاعِ الْجَمَاعَةِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَفْهُومٌ بِالْأَوْلَى) قَدْ تُمْنَعُ الْأَوْلَوِيَّةُ بِأَنَّ فِعْلَهَا قَبْلَهُ قَدْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ لِعُذْرٍ يَمْنَعُ مِنْ انْتِظَارِهِ، بِخِلَافِ الْمَعِيَّةِ فَإِنَّهَا قَدْ تُحْمَلُ عَلَى أَنَّ تَرْكَ صَلَاتِهِ مَعَ الْإِمَامِ إنَّمَا هُوَ لِخَلَلٍ فِيهِ، إلَّا أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ: وَوَقَعَ جَمَاعَتَانِ مَعًا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ إمَامُ إحْدَاهُمَا الرَّاتِبَ (قَوْلُهُ: وَسَكَتَ عَنْ الْمُقَارَنَةِ) أَيْ وَهِيَ مَفْهُومَةٌ بِالْأَوْلَى. (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْعَصْرُ) زَادَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: ثُمَّ الظُّهْرُ ثُمَّ الْمَغْرِبُ، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ كُلًّا مِنْ عِشَاءِ الْجُمُعَةِ وَمَغْرِبِهَا وَعَصْرِهَا آكَدُ مِنْ عِشَاءِ وَمَغْرِبِ وَعَصْرِ غَيْرِهَا عَلَى قِيَاسِ مَا قِيلَ فِي صُبْحِهَا مَعَ صُبْحِ غَيْرِهَا. انْتَهَى. وَأَمَّا أَفْضَلُ الصَّلَوَاتِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ مَا نَصُّهُ: أَفْضَلُهَا الْعَصْرُ وَيَلِيهَا الصُّبْحُ ثُمَّ الْعِشَاءُ ثُمَّ الظُّهْرُ ثُمَّ الْمَغْرِبُ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ الْأَدِلَّةِ، وَإِنَّمَا فَضَّلُوا جَمَاعَةَ الصُّبْحِ وَالْعِشَاءِ؛ لِأَنَّهَا فِيهِمَا أَشَقُّ. انْتَهَى. وَظَاهِرُهُ التَّسْوِيَةُ فِي الْفَضْلِ بَيْنَ صُبْحِ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا، وَقِيَاسُ مَا ذُكِرَ فِي الْجَمَاعَةِ أَنَّ صُبْحَ الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صُبْحِ غَيْرِهَا: بَلْ وَقِيَاسُ مَا ذُكِرَ عَنْ سم أَنَّ بَقِيَّةَ صَلَوَاتِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَوَاتِ غَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِمَّا قَلَّ جَمْعُهُ) بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّ الْإِمَامَ أَكْثَرُ ثَوَابًا مِنْ الْمَأْمُومِ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ مِنْ الْمُفَاضَلَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَذَانِ عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ لَوْ تَعَارَضَ كَوْنُهُ إمَامًا مَعَ جَمْعٍ قَلِيلٍ وَمَأْمُومًا مَعَ جَمْعٍ كَثِيرٍ فَهَلْ يَسْتَوِي الْفَضِيلَتَانِ وَتُجْبَرُ فَضْلُ الْكَثْرَةِ الْإِمَامَةَ فَيُصَلِّي إمَامًا أَوْ لَا فَيُصَلِّي مَأْمُومًا؟ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِطْلَاقِ، وَلَعَلَّهُ إذَا خَشِيَ بِهِ الِافْتِتَانَ وَأَفْصَحَ بِهِ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ. (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ ذَلِكَ قَوْلَ التَّحْقِيقِ) لَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ الشُّمُولِ وَلَمْ يُعَبِّرْ بِهِ وَالِدُهُ فِي الْفَتَاوَى الَّتِي مَا هُنَا عِبَارَتُهَا مَعَ التَّصَرُّفِ بِلَفْظِ الشُّمُولِ وَإِنْ أَوْهَمَ سِيَاقُهُ خِلَافَ ذَلِكَ. وَلَفْظُ الْفَتَاوَى: سُئِلَ هَلْ تُكْرَهُ إقَامَةُ جَمَاعَتَيْنِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ فِي مَسْجِدٍ مَطْرُوقٍ إذَا كَانَ لَهُ إمَامٌ رَاتِبٌ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا تُكْرَهُ، وَهُوَ مَفْهُومٌ بِالْأَوْلَى مِنْ نَفْيِهِمْ كَرَاهَةَ إقَامَةِ جَمَاعَةٍ فِيهِ قَبْلَ إمَامِهِ. وَعِبَارَةُ التَّحْقِيقِ: لَوْ كَانَ لِلْمَسْجِدِ إمَامٌ رَاتِبٌ إلَخْ، وَانْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ بِالْجَمَاعَتَيْنِ جَمَاعَتَانِ غَيْرُ جَمَاعَةِ الرَّاتِبِ أَوْ جَمَاعَةُ الرَّاتِبِ وَجَمَاعَةٌ أُخْرَى، وَعَلَى كُلٍّ فَفِي فَهْمِ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ هُنَا مِنْ نَفْيِهِمْ كَرَاهَةَ إقَامَةِ جَمَاعَةٍ فِيهِ قَبْلَ إمَامِهِ بِالْأَوْلَى بَلْ بِالْمُسَاوَاةِ مَنْعٌ ظَاهِرٌ. [أَفْضَلُ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ] (قَوْلُهُ: أَيْ بِصَلَاةٍ تُفْعَلُ فِي وَقْتِهَا) تَفْسِيرٌ لِلْمُرَادِ مِنْ الْبَدَلِيَّةِ هُنَا وَإِلَّا فَلَا بَدَلِيَّةَ هُنَا حَقِيقَةً.

مَا كَثُرَ جَمْعُهُ مِنْ الْبُيُوتِ أَفْضَلُ مِمَّا قَلَّ جَمْعُهُ مِنْهَا لِلْخَبَرِ الْمَارِّ. نَعَمْ الْجَمَاعَةُ فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ، وَإِنْ قَلَّتْ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهَا، وَإِنْ كَثُرَتْ، بَلْ قَالَ الْمُتَوَلِّي: إنَّ الِانْفِرَادَ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْ الْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِهَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ كَوْنِ الْقَاعِدَةِ السَّابِقَةِ تُنَازِعُ فِيهِ يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّهَا أَغْلَبِيَّةٌ، عَلَى أَنَّ الْمَسَاجِدَ الثَّلَاثَةَ اخْتَصَّتْ بِخَصَائِصَ دُونَ سَائِرِ الْمَسَاجِدِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا. وَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَوْ صَلَّى مُنْفَرِدًا خَشَعَ: أَيْ فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ، وَلَوْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ لَمْ يَخْشَعْ فَالِانْفِرَادُ أَفْضَلُ، وَتَبِعَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ: وَالْمُخْتَارُ بَلْ الصَّوَابُ خِلَافُ مَا قَالَاهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِمَا مَرَّ مِنْ الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْجَمَاعَةَ فَرْضُ عَيْنٍ، وَهُوَ أَقْوَى مِنْ الْخِلَافِ فِي كَوْنِ الْخُشُوعِ شَرْطًا فِيهَا، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الرَّاجِحُ أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَأَنَّهُ سُنَّةٌ (إلَّا لِبِدْعَةِ إمَامِهِ) الَّتِي لَا يَكْفُرُ بِهَا كَمُعْتَزِلِيِّ وَرَافِضِيِّ وَقَدَرِيِّ وَمِثْلُهُ الْفَاسِقُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَالْمُتَّهَمُ بِذَلِكَ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ وَكُلُّ مَنْ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ كَمَا فِي التَّوَسُّطِ وَالْخَادِمِ، أَوْ لِكَوْنِ الْإِمَامِ لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ بَعْضِ الْأَرْكَانِ أَوْ الشُّرُوطِ كَحَنَفِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنْ أَتَى بِهَا لِقَصْدِهِ بِهَا النَّفْلِيَّةَ وَهُوَ مُبْطِلٌ عِنْدَنَا وَلِهَذَا مَنَعَ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِهِ مُطْلَقًا بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَتَجْوِيزُ الْأَكْثَرِ لَهُ؛ لِمُرَاعَاةِ مَصْلَحَةِ الْجَمَاعَةِ وَاكْتِفَاءً بِوُجُودِ صُورَتِهَا، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ اقْتِدَاءٌ بِمُخَالِفٍ وَتَعَطَّلَتْ الْجَمَاعَاتُ فَالْأَقَلُّ جَمَاعَةً أَفْضَلُ. وَلَوْ تَعَذَّرَتْ الْجَمَاعَةُ إلَّا خَلْفَ مَنْ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ لَمْ تَنْتَفِ الْكَرَاهَةُ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ، وَلَا نَظَرَ لِإِدَامَةِ تَعْطِيلِهَا لِسُقُوطِ فَرْضِهَا حِينَئِذٍ (أَوْ تَعَطُّلِ مَسْجِدٍ قَرِيبٍ) أَوْ بَعِيدٍ عَنْ الْجَمَاعَةِ (لِغَيْبَتِهِ) عَنْهُ لِكَوْنِهِ إمَامَهُ أَوْ يَحْضُرُ النَّاسُ بِحُضُورِهِ، فَقَلِيلُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِمَا فِي الْإِمَامَةِ مِنْ تَحْصِيلِ الْجَمَاعَةِ لِغَيْرِهِ، بِخِلَافِ الْمَأْمُومِ فَإِنَّ الْجَمَاعَةَ حَاصِلَةٌ بِغَيْرِهِ، فَالْمَنْفَعَةُ فِي قُدْوَتِهِ عَائِدَةٌ عَلَيْهِ وَحْدَهُ. (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْ الْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِهَا) قِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهَا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مُنْفَرِدًا أَفْضَلُ مِنْ الْجَمَاعَةِ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، وَفِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ. أَقُولُ: وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي أَفْضَلِيَّةِ الِانْفِرَادِ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ عَلَى الْجَمَاعَةِ فِي الْأَقْصَى؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَفِي الْمَدِينَةِ بِصَلَاتَيْنِ فِي الْأَقْصَى، فَالْجَمَاعَةُ فِي الْأَقْصَى تَزِيدُ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ عَلَى مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الصَّلَوَاتِ الَّتِي ضُوعِفَتْ بِهَا الصَّلَوَاتُ فِي الْأَقْصَى مِنْ الصَّلَوَاتِ بِغَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّهُ فِيهِ بُعْدُ شَيْءٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: الْقَاعِدَةُ السَّابِقَةُ) وَهِيَ الْمُحَافَظَةُ عَلَى الْفَضِيلَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْعِبَادَةِ أَوْلَى مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْفَضِيلَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَكَانِهَا، (قَوْلُهُ: خِلَافُ مَا قَالَاهُ) أَيْ الْغَزَالِيُّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) مِنْ م ر (قَوْلُهُ: إنَّ الْجَمَاعَةَ فَرْضُ عَيْنٍ) عِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ: وَلَوْ تَعَارَضَ الْخُشُوعُ وَالْجَمَاعَةُ فَهِيَ أَوْلَى كَمَا أَطْبَقُوا عَلَيْهِ حَيْثُ قَالُوا: إنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ أَفْضَلُ مِنْ السُّنَّةِ، وَأَيْضًا فَالْخِلَافُ فِي كَوْنِهَا فَرْضَ عَيْنٍ وَكَوْنِهَا شَرْطًا لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ أَقْوَى مِنْهُ فِي شَرْطِيَّةِ الْخُشُوعِ. وَقَضِيَّتُهَا جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي كَوْنِ الْجَمَاعَةِ شَرْطًا لِلصِّحَّةِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ مِنْ أَنَّهَا لَيْسَتْ شَرْطًا قَطْعًا، وَيُصَرَّحُ بِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ ابْنِ حَجَرٍ قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ فِي الْقُوتِ مَا نَصُّهُ: وَحَكَى الْإِمَامُ عَنْ ابْنِ خُزَيْمَةَ أَنَّهُ جَعَلَهَا شَرْطًا فِي الصِّحَّةِ. وَفِي الْبَحْرِ: وَقِيلَ إنَّهَا شَرْطٌ فِي الصِّحَّةِ: أَيْ لِغَيْرِ الْمَعْذُورِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ ابْنِ كَجٍّ وَالدَّارِمِيِّ أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهَا فَرْضُ عَيْنٍ لَيْسَ بِوَجْهٍ لَنَا أَلْبَتَّةَ انْتَهَى، وَمِثْلُهُ فِي الْإِسْنَوِيِّ (قَوْلُهُ: وَالْمُتَّهَمُ بِذَلِكَ) أَيْ تُهْمَةٌ قَوِيَّةٌ (قَوْلُهُ: كَمَا شَمَلَهُ كَلَامُهُمْ) هَذِهِ مَقَالَةٌ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ: ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ لِكَوْنِ الْإِمَامِ لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ بَعْضٍ بِالْأَرْكَانِ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَا فِي الْمَتْنِ، وَالِاقْتِدَاءُ بِهِ مَكْرُوهٌ أَيْضًا وَإِنْ أَوْهَمَ سِيَاقُهُ خِلَافَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَتَى بِهَا لِقَصْدِهِ بِهَا النَّفْلِيَّةَ) يُوهِمُ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ بِهِ إذَا لَمْ يَأْتِ بِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالتَّعْبِيرُ بِالْغَايَةِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ

الْجَمْعِ أَفْضَلُ مِنْ كَثِيرِهِ فِي ذَلِكَ، وَمُقْتَضَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِإِمَامِ الْجَمْعِ الْقَلِيلِ أَفْضَلُ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِإِمَامِ الْجَمْعِ الْكَثِيرِ إذَا كَانَ مُخَالِفًا فِيمَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ حُصُولُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ خَلْفَ هَؤُلَاءِ، وَأَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ. قَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّ كَلَامَهُمْ يُشْعِرُ بِهِ وَجَزَمَ بِهِ الدَّمِيرِيِّ. وَقَالَ الْكَمَالُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ: لَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَبِهِ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَمَا قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ مِنْ عَدَمِ حُصُولِهَا وَجْهٌ ضَعِيفٌ وَقَدْ نَظَرَ فِيهِ الطَّبَرِيُّ، بَلْ نُقِلَ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَمُقْتَضَى قَوْلُ الْأَصْحَابِ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِإِمَامِ الْجَمْعِ الْقَلِيلِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ) وَلَا فَرْقَ فِي أَفْضَلِيَّتِهَا بَيْنَ وُجُودِ غَيْرِهَا وَعَدَمِهِ. وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّ الْإِعَادَةَ مَعَ هَؤُلَاءِ أَفْضَلُ مِنْ عَدَمِهَا بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ. اهـ سم عَلَى ابْنِ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) قَدْ يُشْكِلُ اعْتِمَادُ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِهِمْ أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَعَطَّلَتْ الْجَمَاعَةُ إلَّا خَلْفَ مِنْ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ لَمْ تَنْتَفِ الْكَرَاهَةُ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ هَذَا مُقَابِلٌ لِمَا مَرَّ مِنْ بَقَاءِ الْكَرَاهَةِ، وَعَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَلَوْ تَعَطَّلَتْ الْجَمَاعَةُ إلَّا خَلْفَ هَؤُلَاءِ لَمْ تَزُلْ الْكَرَاهَةُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ. وَقَالَ السُّبْكِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُ بِزَوَالِهَا وَحُصُولِ الْفَضِيلَةِ، وَعَلَيْهِ فَلَا تَنَافِيَ وَلَا إشْكَالَ، وَيُصَرَّحُ بِهَذَا مَا قَالَهُ سم عَلَى ابْنِ حَجَرٍ مِنْ انْتِفَاءِ الْكَرَاهَةِ، وَأَنَّهُ بَحَثَ مَعَ م ر فَوَافَقَ عَلَيْهِ [فَرْعٌ] إذَا كَانَ عَلَيْهِ الْإِمَامَةُ فِي مَسْجِدٍ فَلَمْ يَحْضُرْ مَعَهُ أَحَدٌ يُصَلِّي مَعَهُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ فِيهِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ شَيْئَيْنِ: الصَّلَاةُ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ، وَالْإِمَامَةُ فِيهِ، فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا لَا يَسْقُطُ الْآخَرُ، بِخِلَافِ مَنْ عَلَيْهِ التَّدْرِيسُ إذَا لَمْ يَحْضُرْ أَحَدٌ مِنْ الطَّلَبَةِ لَا يَجِبُ أَنْ يُدَرِّسَ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْمُدَرِّسِ التَّعْلِيمُ وَلَا يُتَصَوَّرُ بِدُونِ مُتَعَلِّمٍ، بِخِلَافِ الْإِمَامِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ أَمْرَانِ كَمَا تَقَدَّمَ. م ر اهـ سم مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَقَوْلُهُ لَا يَجِبُ أَنْ يُدَرَّسَ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالطَّلَبَةِ الْمُقَرَّرِينَ فِي الْوَظَائِفِ بَلْ حَيْثُ كَانَ إذَا حَضَرَ يَحْضُرُ عِنْدَهُ مَنْ يَسْمَعُهُ وَجَبَتْ الْقِرَاءَةُ عَلَيْهِ، ثُمَّ إنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ الْإِثْمَ بِالتَّرْكِ مِنْ حَيْثُ هُوَ تَرْكٌ لِلْإِمَامَةِ أَوْ التَّدْرِيسِ بَلْ الْمُرَادُ وُجُوبُ ذَلِكَ لِاسْتِحْقَاقِهِ الْمَعْلُومِ. [فَائِدَةٌ] كَانَ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ يَقُولُ: إذَا حَضَرَ الْمُدَرِّسُ وَحَضَرَ عِنْدَهُ مَنْ يَسْمَعُهُ يَقْرَأُ لَهُمْ مَا يَسْتَفِيدُونَهُ كَالتَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ وَحِكَايَاتِ الصَّالِحِينَ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا عَيَّنَ الْوَاقِفُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ. وَمِنْهُ مَا لَوْ عَيَّنَ تَفْسِيرًا مَثَلًا وَلَمْ يَحْضُرْ عِنْدَهُ مَنْ يَفْهَمُهُ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ وَيَسْتَحِقُّ الْمَعْلُومَ. وَلَا يُقَالُ: يَقْرَأُ مَا يُمْكِنهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: حُصُولُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ خَلْفَ هَؤُلَاءِ) أَيْ الْمُبْتَدِعِ وَمَنْ بَعْدَهُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ صَنِيعُ التُّحْفَةِ وَفِي حُصُولِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ مَعَ كَرَاهَةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِمْ الْمُصَرَّحِ بِهَا فِيمَا مَرَّ حَتَّى فِيمَا لَوْ تَعَذَّرَتْ الْجَمَاعَةُ إلَّا خَلْفَهُمْ وَقْفَةٌ ظَاهِرَةٌ سِيَّمَا وَالْكَرَاهَةُ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ أَنَّ الْكَرَاهَةَ إذَا كَانَتْ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ تَفُوتُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ. لَا جَرَمَ اخْتَارَ الشِّهَابُ حَجّ مَقَالَةَ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ الْآتِيَةَ، وَشَيْخُنَا جَعَلَ فِي حَاشِيَتِهِ فِي قَوْلِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ: وَمُقْتَضَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ إلَخْ، مُقَابِلًا لِقَوْلِهِ الْمَارِّ: وَلَوْ تَعَذَّرَتْ الْجَمَاعَةُ إلَّا خَلْفَ مَنْ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ إلَخْ، ثُمَّ اسْتَشْكَلَهُ مَعَهُ فِي قَوْلَةٍ أُخْرَى. وَأَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ هَذَا مُقَابِلُ ذَاكَ، قَالَ: فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَلَوْ تَعَطَّلَتْ الْجَمَاعَةُ إلَّا خَلْفَ هَؤُلَاءِ لَمْ تَزُلْ الْكَرَاهَةُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُ بِزَوَالِهَا وَحُصُولِ الْفَضِيلَةِ. اهـ. وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَمُقْتَضَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ إلَخْ، مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا تَعَذَّرَتْ الْجَمَاعَةُ إلَّا خَلَفَ هَؤُلَاءِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ غَيْرِهِ، فَالْإِشْكَالُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ بَاقٍ بِحَالِهِ، وَلَا وَجْهَ لِمَا فَهِمَهُ الشَّيْخُ مِنْ هَذَا الْقَصْرِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: بَلْ نُقِلَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ، وَالْإِضْرَابُ رَاجِعٌ لِكَلَامِ أَبِي إِسْحَاقَ لَا لِنَظَرِ الطَّبَرِيِّ وَإِنْ أَوْهَمَتْهُ الْعِبَارَةُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّقْلَ الْمُحَقَّقَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ هُوَ مَا مَرَّ وَنَظَرَ فِيهِ الطَّبَرِيُّ، وَمِنْهُمْ مَنْ نَقَلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَيْضًا عَدَمَ صِحَّةِ

عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِالْمُخَالِفِ غَيْرُ صَحِيحٍ. وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَوْنِ كَثِيرِ الْجَمْعِ أَفْضَلَ مِنْ قَلِيلِهِ صُوَرٌ أَيْضًا: مِنْهَا مَا لَوْ كَانَ قَلِيلُ الْجَمْعِ يُبَادِرُ إمَامَهُ فِي الْوَقْتِ الْمَحْبُوبِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَعَهُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَوْلَى كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. وَمِنْهَا مَا لَوْ كَانَ إمَامُ الْجَمْعِ الْكَثِيرِ سَرِيعَ الْقِرَاءَةِ وَالْمَأْمُومُ بَطِيئُهَا لَا يُدْرِكُ مَعَهُ الْفَاتِحَةَ وَيُدْرِكُهَا مَعَ إمَامِ الْجَمْعِ الْقَلِيلِ قَالَهُ الْفُورَانِيُّ. وَمِنْهَا مَا لَوْ كَانَ قَلِيلُ الْجَمْعِ لَيْسَ فِي أَرْضِهِ شُبْهَةٌ وَكَثِيرُ الْجَمْعِ بِخِلَافِهِ لِاسْتِيلَاءِ ظَالِمٍ عَلَيْهِ، فَالسَّالِمُ مِنْ ذَلِكَ أَوْلَى، وَلَوْ اسْتَوَى مَسْجِدًا جَمَاعَةً قُدِّمَ الْأَقْرَبُ مَسَافَةً لِحُرْمَةِ الْجِوَارِ، ثُمَّ مَا انْتَفَتْ الشُّبْهَةُ فِيهِ عَنْ مَالِ بَانِيهِ أَوْ وَاقِفِهِ ثُمَّ يَتَخَيَّرُ. نَعَمْ إنْ سَمِعَ النِّدَاءَ مُرَتَّبًا فَذَهَابُهُ إلَى الْأَوَّلِ أَفْضَلُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ؛ لِأَنَّ مُؤَذِّنَهُ دَعَاهُ أَوَّلًا. (وَإِدْرَاكُ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ) مَعَ الْإِمَامِ (فَضِيلَةٌ) مَأْمُورٌ بِهَا لِكَوْنِهَا صَفْوَةَ الصَّلَاةِ، وَالْخَبَرُ «مَنْ صَلَّى لِلَّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي جَمَاعَةٍ يُدْرِكُ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى كُتِبَ لَهُ بَرَاءَتَانِ: بَرَاءَةٌ مِنْ النَّارِ، وَبَرَاءَةٌ مِنْ النِّفَاقِ» وَهَذَا الْحَدِيثُ مُنْقَطِعٌ غَيْرَ أَنَّهُ مِنْ الْفَضَائِلِ الَّتِي يَتَسَامَحُ فِيهَا (وَإِنَّمَا تَحْصُلُ بِالِاشْتِغَالِ بِالتَّحْرِيمِ عَقِبَ تَحَرُّمِ إمَامِهِ) مَعَ حُضُورِهِ تَكْبِيرَةَ إحْرَامِهِ لِخَبَرِ «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا» وَالْفَاءُ لِلتَّعْقِيبِ، فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْهُ أَوْ تَرَاخَى عَنْهُ فَاتَتْهُ. لَكِنْ تُغْتَفَرُ الْوَسْوَسَةُ الْخَفِيفَةُ، وَلَا يُشْكِلُ ذَلِكَ بِعَدَمِ اغْتِفَارِهِمْ الْوَسْوَسَةَ فِي التَّخَلُّفِ عَنْ الْإِمَامِ بِتَمَامِ رَكْعَتَيْنِ فِعْلِيَّتَيْنِ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ لَا تَكُونُ إلَّا ظَاهِرَةً فَلَا تَنَافِيَ حِينَئِذٍ (وَقِيلَ) تَحْصُلُ (بِإِدْرَاكِ بَعْضِ الْقِيَامِ) ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ التَّحَرُّمِ (وَقِيلَ بِ) إدْرَاكِ (أَوَّلِ رُكُوعٍ) أَيْ بِالرُّكُوعِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ قِيَامِهَا. وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَ مِنْ الْوَجْهَيْنِ فِيمَنْ لَمْ يَحْضُرْ إحْرَامَ الْإِمَامِ، وَإِلَّا بِأَنْ حَضَرَهُ وَأَخَّرَ فَاتَتْهُ عَلَيْهِمَا أَيْضًا، وَإِنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً كَمَا حَكَاهُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَسِيطِ وَأَقَرَّهُ، وَلَوْ خَافَ فَوْتَ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَهْمَهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: هَذَا خِلَافُ مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ؛ لِأَنَّ غَرَضَهُ قِرَاءَةُ هَذَا بِخُصُوصِهِ دُونَ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: فِي الْوَقْتِ الْمَحْبُوبِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّانِي يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِ الْفَضِيلَةِ، وَعَلَيْهِ فَالصَّلَاةُ خَلْفَ إمَامِ الطَّيْبَرِسِيَّةِ مَثَلًا لَيْسَتْ أَفْضَلَ مِنْ الصَّلَاةِ خَلْفَ إمَامِ الْأَزْهَرِ لِوُقُوعِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي وَقْتِ الْفَضِيلَةِ، وَمَا فِي سم عَلَى ابْنِ حَجَرٍ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ لَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ زَمَانِهِ مِنْ أَنَّ إمَامَ الْأَزْهَرِ كَانَ يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِ الْفَضِيلَةِ. (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا مَا لَوْ كَانَ إمَامُ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى أَيْضًا مَا لَوْ كَانَ إمَامُ الْجَمْعِ الْقَلِيلِ أَفْضَلَ مِنْ إمَامِ الْجَمْعِ الْكَثِيرِ لِفِسْقِهِ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يَأْتِي فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَتَخَيَّرُ) أَيْ حَيْثُ اسْتَوَيَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَقَوْلُهُ نَعَمْ إنْ إلَخْ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ. (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهَا صَفْوَةَ الصَّلَاةِ) أَيْ خَالِصَهَا: أَيْ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الِانْعِقَادَ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا كَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى النِّيَّةِ، فَأُعْطِيَتْ حُكْمُهَا مِنْ اخْتِيَارِهَا عَلَى سَائِرِ الْأَرْكَانِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ إذَا شَكَّ فِيهَا لَمْ تَنْعَقِدْ، وَقَوْلُهُ صَفْوَةُ الصَّلَاةِ إلَخْ: أَيْ كَمَا رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَلَفْظُهُ كَمَا فِي الشَّيْخِ حَمْدَانَ «لِكُلِّ شَيْءٍ صَفْوَةٌ، وَصَفْوَةُ الصَّلَاةِ التَّكْبِيرَةُ الْأُولَى فَحَافِظُوا عَلَيْهَا» (قَوْلُهُ: أَرْبَعِينَ يَوْمًا) أَيْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ (قَوْلُهُ: لَكِنْ تُغْتَفَرُ الْوَسْوَسَةُ الْخَفِيفَةُ) وَهِيَ الَّتِي لَا يُؤَدِّي الِاشْتِغَالُ بِهَا إلَى فَوَاتِ رُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: وَلَا يَشْكُلُ إلَخْ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ الْمُرَادُ مَا لَا يَطُولُ بِهَا زَمَانٌ عُرْفًا حَتَّى لَوْ أَدَّتْ وَسْوَسَةٌ إلَى فَوَاتِ الْقِيَامِ أَوْ مُعْظَمِهِ فَاتَتْ بِهَا فَضِيلَةُ التَّحَرُّمُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً) وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا الْأُولَى، ـــــــــــــــــــــــــــــQالِاقْتِدَاءِ بِالْمُخَالِفِ، ثُمَّ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ مِنْ عَدَمِ حُصُولِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ هُوَ نَقْلٌ بِاللَّازِمِ، وَإِلَّا فَاَلَّذِي نَقَلَهُ عَنْهُ غَيْرُ الشَّارِحِ أَخَصُّ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّ الِانْفِرَادَ حِينَئِذٍ أَفْضَلُ. وَعِبَارَةُ فَتَاوَى وَالِدِ الشَّارِحِ: وَالْوَجْهُ الثَّانِي قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ أَنَّ الِانْفِرَادَ أَفْضَلُ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِهِ. قَالَ الطَّبَرِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ نُقِلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِمُخَالِفٍ لَا يَصِحُّ. انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهَا صَفْوَةَ الصَّلَاةِ) أَيْ كَمَا فِي حَدِيثِ الْبَزَّارِ

التَّكْبِيرَةِ لَوْ لَمْ يُسْرِعْ لَمْ يُسَنُّ لَهُ الْإِسْرَاعُ بَلْ يَمْشِي بِسَكِينَةٍ كَمَا لَوْ أَمِنَ فَوْتَهَا لِخَبَرِ «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا تَأْتُوهَا تَسْعَوْنَ وَأْتُوهَا تَمْشُونَ وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَخَشِيَ فَوَاتَهُ إلَّا بِهِ أَسْرَعَ كَمَا لَوْ خَشِيَ فَوْتَ الْجُمُعَةِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَوْ امْتَدَّ الْوَقْتُ وَكَانَتْ لَا تَقُومُ إلَّا بِهِ وَلَوْ لَمْ يُسْرِعْ لَتَعَطَّلَتْ أَسْرَعَ أَيْضًا، أَمَّا لَوْ خَافَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ فَالْمَنْقُولُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ عَدَمُ الْإِسْرَاعِ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ خِلَافَهُ (وَالصَّحِيحُ) إدْرَاكُ) فَضِيلَةِ (الْجَمَاعَةِ) فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ (مَا لَمْ يُسَلِّمْ) الْإِمَامُ، وَإِنْ لَمْ يَجْلِسْ مَعَهُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تُدْرَكُ إلَّا بِرَكْعَةٍ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ كُلَّهَا رَكْعَةٌ مُكَرَّرَةٌ، فَلَوْ أَتَى بِالنِّيَّةِ وَالتَّحَرُّمِ عَقِبَ شُرُوعِ الْإِمَامِ فِي التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى وَقَبْلَ تَمَامِهَا فَهَلْ يَكُونُ مُحَصِّلًا لِلْجَمَاعَةِ نَظَرًا إلَى إدْرَاكِ جُزْءٍ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ أَوْ لَا نَظَرًا إلَى أَنَّهُ إنَّمَا عَقَدَ النِّيَّةَ وَالْإِمَامُ فِي التَّحَلُّلِ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ جَزَمَ الْإِسْنَوِيُّ بِالْأَوَّلِ، وَقَالَ: إنَّهُ مُصَرَّحٌ بِهِ، وَأَبُو زُرْعَةَ فِي تَحْرِيرِهِ بِالثَّانِي. قَالَ الْكَمَالُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ وَهُوَ الْأَقْرَبُ الْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ، وَيُفْهِمُهُ قَوْلُ ابْنِ النَّقِيبِ فِي التَّهْذِيبِ أَخْذًا مِنْ التَّنْبِيهِ: وَتُدْرَكُ بِمَا قَبْلَ السَّلَامِ انْتَهَى. وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، أَمَّا الْجُمُعَةُ فَلَا تُدْرَكُ إلَّا بِرَكْعَةٍ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِهَا وَنَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ هُنَا، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَنْ أَدْرَكَ جُزْءًا مِنْ أَوَّلِهَا ثُمَّ فَارَقَ بِعُذْرٍ أَوْ خَرَجَ الْإِمَامُ بِنَحْوِ حَدَثٍ، وَمَعْنَى إدْرَاكِهَا حُصُولُ أَصْلِ ثَوَابِهَا، وَأَمَّا كَمَالُهُ فَإِنَّمَا يَحْصُلُ بِإِدْرَاكِهَا مَعَ الْإِمَامِ مِنْ أَوَّلِهَا إلَى آخِرِهَا، وَلِهَذَا قَالُوا: لَوْ أَمْكَنَهُ إدْرَاكُ بَعْضِ جَمَاعَةٍ وَرَجَا إقَامَةَ جَمَاعَةٍ أُخْرَى فَانْتِظَارُهَا أَفْضَلُ لِيَحْصُلَ لَهُ كَمَالُ فَضِيلَتِهَا تَامَّةً، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَ أَمْنِ فَوْتِ فَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ أَوْ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ، وَلَوْ فِي حَالَةِ التَّيَقُّنِ، وَإِلَّا فَعَلَهَا مَعَهُمْ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ فِي مُنْفَرِدٍ رَجَا الْجَمَاعَةَ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَوْ قَصَدَهَا فَلَمْ يُدْرِكْهَا كُتِبَ لَهُ أَجْرُهَا لِحَدِيثٍ فِيهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ دَلِيلًا لَا نَقْلًا. (وَلْيُخَفِّفْ الْإِمَامُ) اسْتِحْبَابًا (مَعَ فِعْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَلَوْ قَالَ الرَّكْعَةُ كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: بَلْ يَمْشِي بِسَكِينَةٍ) أَيْ وَفِي فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى حَيْثُ قَصَدَ امْتِثَالَ أَمْرِ الشَّارِعِ بِالتَّأَنِّي أَنْ يُثِيبَهُ عَلَى ذَلِكَ قَدْرَ فَضِيلَةِ التَّحَرُّمِ أَوْ فَوْقَهَا (قَوْلُهُ: أَسْرَعَ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: وَكَانَتْ) أَيْ الصَّلَوَاتُ (قَوْلُهُ: أَسْرَعَ أَيْضًا) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: عَدَمُ الْإِسْرَاعِ) أَيْ نُدِبَ عَدَمُ الْإِسْرَاعِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَجْلِسْ) أَيْ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْجُلُوسُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لِلْمُتَابَعَةِ، وَقَدْ فَاتَتْ بِسَلَامِ الْإِمَامِ، فَإِنْ جَلَسَ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا لَمْ تَبْطُلْ، وَيَجِبُ الْقِيَامُ فَوْرًا إذَا عَلِمَ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَا) أَيْ أَوْ لَا تَنْعَقِدُ جَمَاعَةً بَلْ فُرَادَى كَمَا يُفِيدُهُ التَّرْدِيدُ بَيْنَ حُصُولِ الْجَمَاعَةِ وَعَدَمِ حُصُولِهَا، وَلَوْ أَرَادَ عَدَمَ انْعِقَادِهَا أَصْلًا لَقَالَ هَلْ تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ أَوْ لَا. هَذَا وَقَدْ نُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ ذَكَرَ أَوَّلًا أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ أَصْلًا ثُمَّ رَجَعَ وَاعْتَمَدَ انْعِقَادَهَا فُرَادَى، قَالَ الْخَطِيبُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي انْعِقَادِهَا فُرَادَى مَا لَوْ تَقَارَنَا (قَوْلُهُ: فَلَا تُدْرَكُ إلَّا بِرَكْعَةٍ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ بَعْدَ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ صَحَّتْ قُدْوَتُهُ، وَحَصَلَتْ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ، وَإِنْ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ وَصَلَّى ظُهْرًا، فَقَوْلُهُ أَوَّلًا فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ لَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تُدْرَكُ بِمَا ذَكَرَ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِهِ قُبَيْلَ السَّلَامِ، لَا أَنَّ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ لَا تَحْصُلُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ هُوَ الظَّاهِرَ مِنْ عِبَارَتِهِ (قَوْلُهُ: لَوْ أَمْكَنَهُ إدْرَاكُ بَعْضِ جَمَاعَةٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ إدْرَاكِ إمَامِ الْأُولَى بَعْدَ رُكُوعِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَبَيْنَ إدْرَاكِهِ قَبْلَهُ كَأَنْ أَدْرَكَهُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْجَمَاعَةِ الْأُولَى أَكْثَرَ أَوْ لَا. وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: وَيُسَنُّ لِجَمْعٍ حَضَرُوا وَالْإِمَامُ قَدْ فَرَغَ مِنْ الرُّكُوعِ الْأَخِيرِ أَنْ يَصْبِرُوا إلَى أَنْ يُسَلِّمَ الْإِمَامُ ثُمَّ يَحْرُمُوا مَا لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ، وَإِنْ خَرَجَ بِالتَّأْخِيرِ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ عَلَى الْأَوْجَهِ، وَكَذَا لَوْ سَبَقَ بِبَعْضِ الصَّلَاةِ وَرَجَا جَمَاعَةً يُدْرِكُ مَعَهُمْ الْكُلَّ: أَيْ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ وُجُودُهُمْ وَكَانُوا مُسَاوِينَ لِهَذِهِ الْجَمَاعَةِ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ، فَمَتَى كَانَ فِي هَذِهِ شَيْءٌ مِمَّا يُقَدَّمُ بِهِ الْجَمْعُ الْقَلِيلُ كَانَتْ أَوْلَى (قَوْلُهُ: لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا) أَيْ وَهُوَ أَنَّهُ فِيمَا نَحْنُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الْأَبْعَاضِ وَالْهَيْئَاتِ) أَيْ بَقِيَّةِ السُّنَنِ جَمِيعُ مَا يَفْعَلُهُ مِنْ وَاجِبٍ وَمُسْتَحَبٍّ بِحَيْثُ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْأَقَلِّ وَلَا يَسْتَوْفِي الْأَكْمَلَ السَّابِقَ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ، وَإِلَّا كُرِهَ بَلْ يَأْتِي بِأَدْنَى الْكَمَالِ لِخَبَرِ «إذَا أَمَّ أَحَدُكُمْ النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ فِيهِمْ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَذَا الْحَاجَةِ، وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطِلْ مَا شَاءَ» (إلَّا أَنْ يَرْضَى) جَمِيعُهُمْ (بِتَطْوِيلِهِ) لَفْظًا أَوْ سُكُوتًا مَعَ عِلْمِهِ بِرِضَاهُمْ فِيمَا يَظْهَرُ وَهُمْ (مَحْصُورُونَ) لَا يُصَلِّي وَرَاءَهُ غَيْرُهُمْ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِعَيْنِهِمْ حَقٌّ كَأُجَرَاءِ عَيْنٍ عَلَى عَمَلٍ نَاجِزٍ وَأَرِقَّاءَ وَمُتَزَوِّجَاتٍ كَمَا مَرَّ وَهُوَ بِمَسْجِدٍ غَيْرِ مَطْرُوقٍ وَلَمْ يَطْرَأْ غَيْرُهُمْ فَيُسَنُّ لَهُ التَّطْوِيلُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ تَطْوِيلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ، فَإِنْ انْتَفَى شَرْطٌ مِمَّا ذُكِرَ كُرِهَ لَهُ التَّطْوِيلُ فَإِنْ جَهِلَ حَالَهُمْ أَوْ اخْتَلَفُوا لَمْ يُطَوِّلْ إلَّا إنْ قَلَّ مَنْ لَمْ يَرْضَ وَكَانَ مُلَازِمًا فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَلَا يَفُوتُ حَقُّ الرَّاضِينَ لِهَذَا الْفَرْدِ الْمُلَازِمِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَرَّةً أَوْ نَحْوَهَا خَفَّفَ لِأَجْلِهِ، كَذَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَهُوَ حَسَنٌ مُتَعَيَّنٌ. وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَفَّفَ لِبُكَاءِ الصَّغِيرِ وَشَدَّدَ النَّكِيرَ عَلَى مُعَاذٍ فِي تَطْوِيلِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِفْصَالٍ، وَمِنْ أَنَّ مَفْسَدَةَ تَنْفِيرِ غَيْرِ الرَّاضِي لَا تُسَاوِي مَصْلَحَتَهُ، رُدَّ بِأَنَّ قِصَّةَ بُكَاءِ الصَّبِيِّ وَمُعَاذٍ لَا كَثْرَةَ فِيهِمَا فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ. أَمَّا الْأَرِقَّاءُ وَالْأُجَرَاءُ الْمَذْكُورُونَ فَلَا يُعْتَبَرُ رِضَاهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ التَّطْوِيلُ عَلَى مِقْدَارِ صَلَاتِهِمْ عَلَى الِانْفِرَادِ بِغَيْرِ إذْنِ مَنْ لَهُ الْحَقُّ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ. (وَيُكْرَهُ) لِلْإِمَامِ (التَّطْوِيلُ لِيَلْحَقَ آخَرُونَ) لِمَا فِيهِ مِنْ ضَرَرِ الْحَاضِرِينَ مَعَ تَقْصِيرِ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ بِعَدَمِ الْمُبَادَرَةِ، لَا سِيَّمَا وَفِي عَدَمِ انْتِظَارِهِمْ حَثٌّ عَلَى مُبَادَرَتِهِمْ لَهَا وَسَوَاءٌ أَجَرَتْ عَادَتُهُمْ بِالْحُضُورِ أَمْ لَا، وَمَا وَرَدَ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثِ صَحِيحَةٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُطِيلُ الْأُولَى لِيُدْرِكَهَا النَّاسُ فَيَكُونُ مُسْتَثْنًى مِنْ إطْلَاقِهِمْ مَا لَمْ يُبَالِغْ فِي تَطْوِيلِهَا غَيْرُ مُنَافٍ لِمَا تَقَرَّرَ، إذْ تَطْوِيلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَهَا عَلَى الثَّانِيَةِ لَيْسَ لِهَذَا الْقَصْدِ، وَإِنَّمَا هُوَ لِكَوْنِ النَّشَاطِ فِيهَا أَكْثَرَ وَالْوَسْوَسَةِ أَقَلَّ، وَمَنْ صَرَّحَ بِأَنَّ حِكْمَتَهُ إدْرَاكُ قَاصِدِ الْجَمَاعَةِ لَهَا مُرَادُهُ بِهِ أَنَّهُ مِنْ فَوَائِدِهَا لَا أَنَّهُ يَقْصِدُ تَطْوِيلَهَا لِذَلِكَ. وَقَوْلُ الرَّاوِي كَيْ يُدْرِكَهَا النَّاسُ تَعْبِيرٌ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ لَا أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَصَدَ ذَلِكَ، فَالْحَقُّ مَا قَالُوهُ مِنْ تَطْوِيلِ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ وَأَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ، وَأَيْضًا ـــــــــــــــــــــــــــــSفِيهِ أَدْرَكَ الْجَمَاعَةَ فِي الصَّلَاتَيْنِ غَايَتُهُ أَنَّهَا فِي الثَّانِيَةِ أَكْمَلُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَسْتَوْفِي الْأَكْمَلَ) عَمِيرَةُ اُنْظُرْ اسْتِيفَاءَهُ الم ~ وَهَلْ أَتَى يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَالْوَجْهُ اسْتِثْنَاءُ ذَلِكَ وَنَحْوِهِ مِمَّا وَرَدَ بِخُصُوصِهِ، ثُمَّ رَأَيْت م ر جَزَمَ بِذَلِكَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُهُ وَلَا يَسْتَوْفِي الْأَكْمَلَ لَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَبْعَاضِ فَإِنَّهُ لَا يَتْرُكُ شَيْئًا مِنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَلَا مِنْ الْقُنُوتِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَأْتِي بِأَدْنَى الْكَمَالِ) وَمِنْهُ الدُّعَاءُ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَيَأْتِي بِهِ الْإِمَامُ وَلَوْ لِغَيْرِ مَحْصُورِينَ لِقِلَّتِهِ. (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ «إذَا أَمَّ أَحَدُكُمْ» إلَخْ) عَمِيرَةُ. وَلَهُمَا أَيْضًا عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «مَا صَلَّيْت خَلْفَ أَحَدٍ قَطُّ أَخَفَّ صَلَاةً وَلَا أَتَمَّ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» . اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: الضَّعِيفُ وَالسَّقِيمُ) يَجُوزُ أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ أَحَدِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ عَلَى الْآخَرِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّقِيمِ مَنْ بِهِ مَرَضٌ عُرْفًا، وَبِالضَّعِيفِ مَنْ بِهِ ضَعْفٌ بِنْيَةٍ كَنَحَافَةٍ وَنَحْوِهَا وَلَيْسَ فِيهِ مَرَضٌ مِنْ الْأَمْرَاضِ الْمُتَعَارَفَةِ (قَوْلُهُ: فَلْيُطِلْ مَا شَاءَ) مِنْ تَتِمَّةِ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ: حَسَنٌ مُتَعَيَّنٌ) قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: وَخَالَفَهُمَا أَيْ ابْنُ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيُّ السُّبْكِيُّ انْتَهَى. وَعَدَمُ تَعَرُّضِ الشَّارِحِ لِمَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ ظَاهِرٌ فِي اعْتِمَادِ كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ (قَوْلُهُ: عَلَى الِانْفِرَادِ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا سَبَقَ عَنْ الشَّارِحِ فِي كَلَامِ سم مَنْهَجٍ فَلْيُتَأَمَّلْ. إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ صَلَاتِهِمْ مَعَ الِانْفِرَادِ حَيْثُ أَتَوْا فِيهَا بِأَدْنَى الْكَمَالِ مِمَّا يُطْلَبُ لَا يَنْقُصُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: لَا تُسَاوِي مَصْلَحَتَهُ) أَيْ الرَّاضِي. (قَوْلُهُ: لَيْسَ لِهَذَا الْقَصْدِ) يُنَاقِضُهُ مَا قَرَّرَهُ قَبْلُ أَنَّهُ بِهَذَا الْقَصْدِ، وَكَأَنَّ مَا مَرَّ نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالنَّقْلِ، وَقَصَدَ بِقَوْلِهِ غَيْرَ مَنَافٍ إلَخْ الرَّدَّ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ تَفِ بِهِ الْعِبَارَةُ ثُمَّ رَأَيْته

فَالْكَرَاهَةُ هُنَا فِي تَطْوِيلٍ زَائِدٍ عَلَى هَيْئَاتِ الصَّلَاةِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ تَطْوِيلَ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ مِنْ هَيْئَاتِهَا، وَجَزْمُهُمْ بِالْكَرَاهَةِ هُنَا وَحِكَايَتُهُمْ لِلْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ عَقِبَهَا ظَاهِرٌ لِتَأَكُّدِ حَقِّ الدَّاخِلِ ثُمَّ بِلُحُوقِهِ فِيمَا يَتَوَقَّفُ انْتِظَارُهُ فِيهِ عَلَى إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ أَوْ الْجَمَاعَةِ فَعُذِرَ بِانْتِظَارِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا؛ وَلِأَنَّ تِلْكَ فِيمَنْ دَخَلَ وَأَحَسَّ بِهِ الْإِمَامُ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَلَوْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ كُرِهَ الِانْتِظَارُ أَيْضًا. وَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ: وَلَوْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ لَمْ يَحِلَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْتَظِرَ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِيهِ مَعْنَاهُ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَحِلُّ حِلًّا مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ، فَيُكْرَهُ تَنْزِيهًا، وَإِنْ جَزَمَ فِي الْعُبَابِ بِالْحُرْمَةِ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ. (وَلَوْ) (أَحَسَّ) الْإِمَامُ (فِي الرُّكُوعِ) الَّذِي تُدْرَكُ بِهِ الرَّكْعَةُ (أَوْ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ بِدَاخِلٍ) مَحَلَّ الصَّلَاةِ لِيَأْتَمَّ بِهِ (لَمْ يُكْرَهْ انْتِظَارُهُ) (فِي الْأَظْهَرِ) مِنْ أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ مُلَفَّقَةٍ مِنْ طُرُقٍ ثَمَانِيَةٍ؛ لِعُذْرِهِ بِإِدْرَاكِهِ الرَّكْعَةَ أَوْ الْجَمَاعَةَ (إنْ لَمْ يُبَالِغْ فِيهِ) أَيْ التَّطْوِيلِ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ لَوْ وَزَّعَ عَلَى جَمِيعِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ لَظَهَرَ لَهُ أَثَرٌ مَحْسُوسٌ فِي كُلٍّ عَلَى انْفِرَادِهِ كُرِهَ لَوْ لَحِقَ آخَرُ، وَكَانَ انْتِظَارُهُ وَحْدَهُ لَا يُؤَدِّي إلَى الْمُبَالَغَةِ وَلَكِنْ يُؤَدِّي إلَيْهَا مَعَ ضَمِيمَتِهِ إلَى الْأَوَّلِ كَانَ مَكْرُوهًا بِلَا شَكٍّ قَالَهُ الْإِمَامُ (وَلَمْ يَفْرُقْ) بِضَمِّ الرَّاءِ (بَيْنَ الدَّاخِلِينَ) بِانْتِظَارِ بَعْضِهِمْ لِنَحْوِ دِينٍ أَوْ صَدَاقَةٍ أَوْ مُلَازَمَةٍ دُونَ بَعْضٍ، بَلْ يُسَوِّي بَيْنَهُمْ فِي الِانْتِظَارِ لِلَّهِ تَعَالَى، فَإِنْ مَيَّزَ بَيْنَهُمْ وَلَوْ لِنَحْوِ شَرَفٍ أَوْ عِلْمٍ أَوْ قَرَابَةٍ أَوْ انْتَظَرَهُمْ لَا لِلَّهِ تَعَالَى بَلْ لِلتَّوَدُّدِ إلَيْهِمْ كَانَ مَكْرُوهًا، وَإِنْ ذَهَبَ الْفُورَانِيُّ إلَى حُرْمَتِهِ عِنْدَ قَصْدِ التَّوَدُّدِ، وَقَوْلُ الْكِفَايَةِ: إنْ قَصَدَ بِانْتِظَارِهِ غَيْرَ وَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنْ كَانَ يُمَيِّزُ فِي انْتِظَارِهِ بَيْنَ دَاخِلٍ وَدَاخِلٍ لَمْ يَصِحَّ قَوْلًا وَاحِدًا مَرْدُودٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ مِنْ لَمْ يَسْتَحِبَّ إلَى لَمْ يَصِحَّ بِدَلِيلِ حِكَايَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْبُطْلَانِ قَوْلَيْنِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بِدَاخِلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي الْغَالِبِ عَنْ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ. (قَوْلُهُ: بِالْحُرْمَةِ) لَعَلَّ وَجْهَ الْحُرْمَةِ أَنَّ فِيهِ إيهَامًا لِعَدَمِ تَعْظِيمِ الصَّلَاةِ وَالتَّشَاغُلِ عَنْهَا لِأَغْرَاضٍ دُنْيَوِيَّةٍ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَحَسَّ الْإِمَامُ) وَفِي نُسْخَةٍ أَوْ الْمُصَلِّي، وَالْأَوْلَى إسْقَاطُهَا إذْ الْمُنْفَرِدُ إذَا أَحَسَّ بِدَاخِلٍ يُرِيدُ الِاقْتِدَاءَ بِهِ يَنْتَظِرُهُ، وَلَوْ مَعَ نَحْوِ تَطْوِيلٍ إلَخْ. وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ أَوْ الْمُصَلِّي الْإِشَارَةَ إلَى مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَرْجِعَ الضَّمِيرُ إلَى الْمُصَلِّي أَوْ الْإِمَامِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ. وَقَوْلُهُ وَخَرَجَ إلَخْ بِالنَّظَرِ إلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ فَيَكُونُ تَفْصِيلًا بَعْدَ إجْمَالٍ (قَوْلُهُ: الَّذِي تُدْرَكُ بِهِ الرَّكْعَةُ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الرُّكُوعِ الثَّانِي مِنْ رُكُوعَيْ الْكُسُوفِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ) الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمَحَلِّيِّ ثَلَاثَةٌ فَقَطْ وَعِبَارَتُهُ يُكْرَهُ يُسْتَحَبُّ لَا يُكْرَهُ وَلَا يُسْتَحَبُّ، لَكِنْ عِبَارَةُ الْخَطِيبِ: وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ إنَّهُ مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: لِعُذْرِهِ) أَيْ الْإِمَامِ بِقَصْدِ إدْرَاكِ الْمَأْمُومِ الرَّكْعَةَ إلَخْ، وَلَوْ قَالَ لِعُذْرِهِ بِتَحْصِيلِ الرَّكْعَةِ أَوْ الْجَمَاعَةِ لِلدَّاخِلِ كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: مَعَ ضَمِيمَتِهِ إلَى الْأَوَّلِ) وَسَوَاءٌ كَانَ دُخُولُ الْآخَرِ فِي الرُّكُوعِ الَّذِي انْتَظَرَ فِيهِ الْأَوَّلُ أَوْ فِي رُكُوعٍ آخَرَ انْتَهَى ابْنُ حَجَرٍ بِالْمَعْنَى. وَقِيَاسُهُ أَنَّ الْآخَرَ إذَا دَخَلَ فِي التَّشَهُّدِ كَانَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُفَرَّقْ بِضَمِّ الرَّاءِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: فَرَّقْت بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ فَرْقًا مِنْ بَابِ قَتَلَ: فَصَلْت أَبْعَاضَهُ، وَفَرَّقَتْ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ: فَصَلْت أَيْضًا هَذِهِ اللُّغَةُ الْعَالِيَةُ وَبِهَا قَرَأَ السَّبْعَةُ فِي قَوْلِهِ {فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [المائدة: 25] وَفِي لُغَةٍ مِنْ بَابِ ضَرَبَ، وَقَرَأَ بِهَا بَعْضُ التَّابِعِينَ. وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: فَرَقْت بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ فَافْتَرَقَا مُخَفَّفٌ، وَفَرَّقْت بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ فَتَفَرَّقَا مُثَقَّلٌ، فَجَعَلَ الْمُخَفَّفَ فِي الْمَعَانِي وَالْمُثَقَّلَ فِي الْأَعْيَانِ، وَاَلَّذِي حَكَاهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَذَلِكَ فِي عِبَارَةِ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَأَحَسَّ بِهِ الْإِمَامُ بِخِلَافِهِ هُنَا) اسْتَبْعَدَهُ الشِّهَابُ حَجّ فِي تُحْفَتِهِ وَبَيَّنَ وَجْهَ بُعْدِهِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: الْإِمَامُ) أَيْ عَلَى الْمَرَضِيِّ عِنْدَهُ إذْ هُوَ مَحَلُّ التَّفْصِيلِ وَالْخِلَافِ الْآتِي كَمَا أَفْصَحَ بِهِ الشِّهَابُ حَجّ. وَقَوْلُهُ: أَيْ أَوْ الْمُصَلِّي غَرَضُهُ مِنْهُ إبْدَاءُ مُجَرَّدِ تَجَوُّزِهِ فِي الْعِبَارَةِ فِي تَرْجِيعِ الضَّمِيرِ، لَكِنَّهُ غَيْرُ مَرَضِيٍّ لَهُ بِدَلِيلِ تَصْدِيرِهِ بِالْأَوَّلِ وَإِتْيَانِهِ فِي الثَّانِي بِحَرْفِ التَّفْسِيرِ فَلَا تُنَافِي كَلَامَهُ (قَوْلُهُ: مِنْ أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ) بَلْ سِتَّةٌ كَمَا بَيَّنَهَا الْكَمَالُ الدَّمِيرِيِّ

مَنْ أَحَسَّ بِهِ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الدُّخُولِ فَلَا يَنْتَظِرُهُ لِعَدَمِ ثُبُوتِ حَقٍّ لَهُ إلَى الْآنَ. وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا اُسْتُشْكِلَ بِهِ بِأَنَّ الْعِلَّةَ إنْ كَانَتْ التَّطْوِيلُ انْتَقَضَ بِخَارِجٍ قَرِيبٍ مَعَ صِغَرِ الْمَسْجِدِ وَدَاخِلٍ بَعِيدٍ مَعَ سِعَتِهِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا الْإِمَامُ الْمُنْفَرِدُ إذَا أَحَسَّ بِدَاخِلِ يُرِيدُ الِاقْتِدَاءَ بِهِ، فَقِيلَ إنَّهُ يَنْتَظِرُهُ وَلَوْ مَعَ نَحْوِ تَطْوِيلٍ طَوِيلٍ لِفَقْدِ مَنْ يَتَضَرَّرُ بِهِ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ إمَامَ الرَّاضِينَ بِشُرُوطِهِمْ الْمُتَقَدِّمَةِ كَذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ، لَكِنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ الِانْتِظَارِ مُطْلَقًا كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَإِنْ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ إنَّهُ لَمْ يَقِفْ فِيهِ عَلَى نَقْلٍ صَرِيحٍ لَا سِيَّمَا إنْ رَجَعَ الضَّمِيرُ فِي أَحَسَّ لِلْمُصَلِّي لَا لِلْإِمَامِ (قُلْت: الْمَذْهَبُ اسْتِحْبَابُ انْتِظَارِهِ) بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَنْتَظِرُ مَا دَامَ يَسْمَعُ وَقْعَ نَعْلٍ» وَلِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى خَيْرٍ مِنْ إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ أَوْ الْجَمَاعَةِ، وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ غَيْرَ مُغْنِيَةٍ عَنْ الْقَضَاءِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ. نَعَمْ لَوْ كَانَ الدَّاخِلُ يَعْتَادُ الْبُطْءَ وَتَأْخِيرَ الْإِحْرَامِ لِلرُّكُوعِ سُنَّ عَدَمُهُ زَجْرًا لَهُ، أَوْ خَشِيَ فَوْتَ الْوَقْتِ بِانْتِظَارِهِ حَرُمَ فِي الْجُمُعَةِ، وَفِي غَيْرِهَا حَيْثُ امْتَنَعَ الْمَدُّ بِأَنْ شَرَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــSغَيْرُهُ أَنَّهُمَا بِمَعْنَى، وَالتَّثْقِيلُ مُبَالَغَةً. اهـ. (قَوْلُهُ: وَبِهِ يَنْدَفِعُ) أَيْ وَبِهَذَا التَّوْجِيهِ وَهُوَ قَوْلُهُ: لِعَدَمِ ثُبُوتِ حَقٍّ لَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ نَحْوِ تَطْوِيلٍ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ يُرَخِّصُ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ كَالْخَوْفِ عَلَى مَالِهِ لَوْ انْتَظَرَ (قَوْلُهُ: عَدَمُ الِانْتِظَارِ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا: أَيْ إمَامًا أَوْ غَيْرَهُ رَضِيَ الْمَأْمُومُونَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) قَضِيَّةُ مَا نَقَلَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الشَّارِحِ اعْتِمَادُ هَذَا، وَعِبَارَتُهُ قَوْلُهُ: فِي رُكُوعٍ أَوَّلٍ إلَخْ. قَرَّرَ م ر أَنَّ الِانْتِظَارَ فِي ذَلِكَ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُونُوا غَيْرَ مَحْصُورِينَ وَلَمْ يَرْضَوْا بِالتَّطْوِيلِ، ثُمَّ قَالَ: يُسَنُّ الِانْتِظَارُ وَإِنْ كَانُوا غَيْرَ مَحْصُورِينَ وَلَمْ يَرْضَوْا. وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ قَوْلِهِ أَوَّلًا إذَا لَمْ يَكُونُوا غَيْرَ مَحْصُورِينَ، وَقَوْلِهِ ثَانِيًا وَإِنْ كَانُوا غَيْرَ مَحْصُورِينَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالِانْتِظَارِ فِي الْأَوَّلِ مَا فُقِدَتْ فِيهِ الشُّرُوطُ، وَبِالثَّانِي مَا اجْتَمَعَتْ فِيهِ الشُّرُوطُ، وَقَوْلُهُ لَا سِيَّمَا مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لَكِنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إلَخْ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُغْنِيَةٍ) كَالْمُتَيَمِّمِ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: سُنَّ عَدَمُهُ زَجْرًا لَهُ) وَيَنْبَغِي أَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إلَى قَوْلِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ) مِنْ تَمَامِ الْقِيلِ وَقَائِلُهُ الشِّهَابُ حَجّ إلَّا أَنَّهُ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ بَدَلَ قَوْلِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَالشَّارِحُ كَأَنَّهُ تَبِعَهُ أَوَّلًا كَمَا فِي نُسَخٍ، ثُمَّ رَجَعَ فَأَلْحَقَ فِي نُسَخٍ لَفْظَ فَقِيلَ عَقِبَ قَوْلِهِ يُرِيدُ الِاقْتِدَاءَ بِهِ، ثُمَّ أَعْقَبَهُ بِقَوْلِهِ لَكِنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إلَخْ، كَمَا أَلْحَقَ فِي هَذِهِ النُّسَخِ لَفْظَ أَيْ أَوْ الْمُصَلِّي فِيمَا مَرَّ فِي حَلِّ الْمَتْنِ بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ الِانْتِظَارِ) يَعْنِي الْمُشْتَمِلَ عَلَى مُبَالَغَةٍ، وَقَوْلُهُ: مُطْلَقًا: أَيْ سَوَاءٌ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ. وَعِبَارَتُهُ: مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي الْمُنْفَرِدِ وَالْإِمَامِ إنْ لَمْ يَجْعَلْ الضَّمِيرَ فِي أَحَسَّ عَائِدًا إلَى الْإِمَامِ بَلْ إلَى الْمُصَلِّي وَهُوَ الْمُتَّجِهُ اهـ. لَكِنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ فِيمَا فَرَضَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ كَلَامَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ كَلَامَ الْكِفَايَةِ مَفْرُوضٌ فِي إمَامِ الرَّاضِينَ خَاصَّةً. وَعِبَارَتُهُ: فَائِدَةٌ: هَلْ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الِاسْتِحْبَابِ وَغَيْرِهِ مَخْصُوصٌ بِمَا إذَا لَمْ يُؤْثِرْ الْمَأْمُومُونَ التَّطْوِيلَ أَوْ يَشْمَلُ الْحَالَيْنِ؟ هَذَا لَمْ أَقِفْ فِيهِ عَلَى نَقْلٍ، وَلَكِنَّ كَلَامَ بَعْضِهِمْ يُفْهِمُ أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِمَا إذَا لَمْ يُؤْثِرْهُ وَإِلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ، عَلَى أَنَّ كَلَامَ الْكِفَايَةِ مِنْ عَدَمِ وُقُوفِهِ عَلَى نَقْلٍ صَرِيحٍ فِي الْمَسْأَلَةِ لَا يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِفَرْضِ أَنَّ فَرْضَ كَلَامِهِمَا وَاحِدٌ حَتَّى يَسُوغَ لِلشَّارِحِ أَخْذُهُ غَايَةً لَهُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ إلَخْ، ثُمَّ قَوْلُهُ: لَا سِيَّمَا إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي مَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ سَوَاءٌ أَجَعَلَ الضَّمِيرَ فِيهِ رَاجِعًا إلَى الْمُصَلِّي كَمَا مَرَّ فِي كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ

فِيهَا وَلَمْ يَبْقَ مِنْ وَقْتِهَا مَا يَسَعُ جَمِيعُهَا، أَوْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَرَى إدْرَاكَ الرَّكْعَةِ بِالرُّكُوعِ أَوْ الْجَمَاعَةِ بِالتَّشَهُّدِ كُرِهَ كَالِانْتِظَارِ فِي غَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّ مَصْلَحَةَ الِانْتِظَارِ لِلْمُقْتَدِي وَلَا مَصْلَحَةَ لَهُ هُنَا كَمَا لَوْ أَدْرَكَهُ فِي الرُّكُوعِ الثَّانِي مِنْ صَلَاةِ الْخُسُوفِ (وَلَا يَنْتَظِرُ فِي غَيْرِهِمَا) أَيْ الرُّكُوعِ وَالتَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ مِنْ قِيَامٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيُكْرَهُ إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ، وَقَدْ يُسَنُّ الِانْتِظَارُ كَمَا فِي الْمُوَافِقِ الْمُتَخَلِّفِ بِإِتْمَامِ الْفَاتِحَةِ فِي السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ؛ لِفَوَاتِ رَكْعَتِهِ بِقِيَامِهِ مِنْهَا قَبْلَ رُكُوعِهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ اسْتِحْبَابِ انْتِظَارِ بَطِيءِ الْقِرَاءَةِ أَوْ النَّهْضَةِ مَحَلُّ نَظَرٍ. وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ إنْ تَرَتَّبَ عَلَى انْتِظَارِهِمَا إدْرَاكٌ سُنَّ بِشَرْطِهِ، وَإِلَّا فَلَا، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ كَرَاهَةِ الِانْتِظَارِ عَنْ فَقْدِ شَرْطٍ مِنْ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ وَلَوْ عَلَى تَصْحِيحِ الْمُصَنِّفِ النَّدْبُ هُنَا هُوَ مَا فِي التَّحْقِيقِ وَالْمَجْمُوعِ، وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ تَبَعًا لِصَاحِبِ الرَّوْضِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْكَرَاهَةِ عَلَى الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ، وَمِنْ عَدَمِ اسْتِحْبَابِهِ: أَيْ إبَاحَتِهِ عَلَى الثَّانِي. وَلَوْ رَأَى مُصَلٍّ نَحْوَ حَرِيقٍ خَفَّفَ، وَهَلْ يَلْزَمُهُ الْقَطْعُ؟ وَجْهَانِ. أَوْجَهُهُمَا لُزُومُهُ لِإِنْقَاذِ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ وَيَجُوزُ لَهُ لِإِنْقَاذِ نَحْوِ مَالٍ كَذَلِكَ، وَقَوْلُهُ أَحَسَّ هِيَ اللُّغَةُ الْمَشْهُورَةُ، قَالَ تَعَالَى {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ} [مريم: 98] وَفِي لُغَةٍ غَرِيبَةٍ بِلَا هَمْزٍ. (وَيُسَنُّ لِلْمُصَلِّي) مَكْتُوبَةً وَلَوْ مَغْرِبًا عَلَى الْجَدِيدِ؛ لِأَنَّ وَقْتَهَا عَلَيْهِ يَسَعُ تَكَرُّرُهَا مَرَّتَيْنِ بَلْ أَكْثَرَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِيهِ مُؤَدَّاهُ (وَحْدَهُ وَكَذَا جَمَاعَةً فِي الْأَصَحِّ إعَادَتُهَا) بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ لَا الِاصْطِلَاحِيِّ مَرَّةً فَقَطْ (مَعَ جَمَاعَةٍ يُدْرِكُهَا) فِي الْوَقْتِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ مِثْلَ جَمَاعَةِ الْأُولَى أَمْ أَقَلَّ مِنْهَا أَمْ أَكْثَرَ كَمَا سَيَأْتِي،، وَإِنْ زَادَتْ الْأُولَى بِفَضِيلَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَوْ لَمْ يَفْدِ ذَلِكَ مَعَهُ لَا يَنْتَظِرُهُ أَيْضًا لِئَلَّا يَكُونَ انْتِظَارُهُ سَبَبًا لِتَهَاوُنِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْجَمَاعَةُ بِالتَّشَهُّدِ) أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يَضُمَّ إلَى ذَلِكَ أَيْضًا مَا لَوْ أَحَسَّ بِدَاخِلٍ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ تُقَامُ جَمَاعَةٌ بَعْدَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَفْضَلَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ التَّأْخِيرُ لِلِاقْتِدَاءِ بِهِمْ تَأَمَّلْ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ عَلِمَ الْإِمَامُ مِنْ الْمَأْمُومِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُدْرِكْ الصَّلَاةَ انْتَظَرَ الْجَمَاعَةَ الَّتِي تُقَامُ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ) نَعَمْ إنْ حَصَلَتْ فَائِدَةٌ كَأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَوْ رَكَعَ قَبْلَ إحْرَامِ الْمَسْبُوقِ أَحْرَمَ هَاوِيًا سُنَّ انْتِظَارُهُ قَائِمًا. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ وَإِنْ حَصَلَ بِذَلِكَ تَطْوِيلُ الثَّانِيَةِ مَثَلًا عَلَى مَا قَبْلَهَا. (قَوْلُهُ: نَحْوَ حَرِيقٍ خَفَّفَ) أَيْ نَدْبًا (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا لُزُومُهُ) هَلْ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ إنْقَاذَهُ إذَا صَلَّى كَشِدَّةِ الْخَوْفِ أَوْ يَجِبُ الْقَطْعُ إنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالُوهُ فِيمَنْ خُطِفَ نَعْلَهُ فِي الصَّلَاةِ. وَقَوْلُهُ وَيَجُوزُ لَهُ إلَخْ وَقَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِالْجَوَازِ عَدَمُ سَنِّهِ، وَالْأَقْرَبُ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ لَهُ لِإِنْقَاذِ نَحْوِ مَالٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ لِيَتِيمٍ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ (قَوْلُهُ: وَفِي لُغَةٍ غَرِيبَةٍ) أَيْ وَاللُّغَتَانِ فِيمَا إذَا كَانَ أَحَسَّ بِمَعْنَى أَدْرَكَ فَلَا يَرِدُ قَوْله تَعَالَى {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} [آل عمران: 152] الْآيَةَ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِهَذَا الْمَعْنَى، وَفِي الْمُخْتَارِ: وَحَسُّوهُمْ اسْتَأْصَلُوهُمْ قَتْلًا وَبَابُهُ رَدَّ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} [آل عمران: 152] وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: أَيْ تَقْتُلُونَهُمْ، مِنْ حَسَّهُ إذَا أَبْطَلَ حَسَّهُ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا جَمَاعَةٌ فِي الْأَصَحِّ) عَمِيرَةُ مِنْ الْأَدِلَّةِ الْبَيِّنَةِ فِي ذَلِكَ «فِي صَلَاةِ مُعَاذٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ فَعَلَهَا إمَامًا بِقَوْمِهِ» أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ) وَهُوَ فِعْلُهَا ثَانِيًا مُطْلَقًا، بِخِلَافِ الِاصْطِلَاحِيِّ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ لِخَلَلٍ فِي الْأُولَى عَلَى مَا قِيلَ، وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ بَلْ يَكْفِي مُجَرَّدُ الْعُذْرِ فِي فِعْلِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ خَلَلٌ فِي الْأُولَى، وَمِنْ الْعُذْرِ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ وَعَلَيْهِ فَهَذِهِ الْإِعَادَةُ اصْطِلَاحِيَّةٌ أَيْضًا، وَيُصَرَّحُ بِذَلِكَ قَوْلُ حَجّ مَا نَصُّهُ: قِيلَ الْمُرَادُ هُنَا مَعْنَاهَا اللُّغَوِيُّ لَا الْأُصُولِيُّ: أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا عِنْدَهُمْ مَا فُعِلَ لِخَلَلٍ فِي الْأُولَى مِنْ فَقْدِ رُكْنٍ أَوْ شَرْطٍ، أَمَّا إذَا قُلْنَا إنَّهَا مَا فُعِلَ لِخَلَلٍ أَوْ عُذْرٍ كَالثَّوَابِ فَيَصِحُّ إرَادَةُ مَعْنَاهَا الْأُصُولِيِّ إذْ هُوَ حِينَئِذٍ فَعَلَهَا ثَانِيًا رَجَاءَ الثَّوَابِ (قَوْلُهُ: مَعَ جَمَاعَةٍ) أَيْ مِنْ أَوَّلِهَا إلَى آخِرِهَا (قَوْلُهُ: يُدْرِكُهَا فِي الْوَقْتِ) أَيْ بِأَنْ يُدْرِكَ فِيهِ رَكْعَةً م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا مُؤَدَّاةٌ إذْ الْأَدَاءُ لَا يَكُونُ بِدُونِ الرَّكْعَةِ نَازَعَ فِيهِ حَجّ، وَنَقَلَ الِاكْتِفَاءَ بِالتَّحَرُّمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

كَكَوْنِ إمَامِهَا أَعْلَمَ أَوْ أَوْرَعَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَقْصُرُهُ عَلَى الِانْفِرَادِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ فِي جَمَاعَةٍ حَصَّلَ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ فَلَا مَعْنَى لِلْإِعَادَةِ بِخِلَافِ الْمُنْفَرِدِ وَرُدَّ بِمَنْعِ ذَلِكَ وَشَمِلَ ذَلِكَ جَمَاعَةَ الْأُولَى بِعَيْنِهِمْ. وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ مَعَهُمْ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّ تَصْوِيرَهُمْ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْإِعَادَةَ إنَّمَا تُسْتَحَبُّ إذَا حَضَرَ فِي الثَّانِيَةِ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ فِي الْأُولَى وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَإِلَّا لَزِمَ اسْتِغْرَاقُ ذَلِكَ الْوَقْتِ، إذْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ اللَّازِمِ مَمْنُوعٌ، وَعَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِهِ إنَّمَا يَأْتِي إذَا قُلْنَا إنَّ الْإِعَادَةَ لَا تَتَقَيَّدُ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَالرَّاجِحُ تَقْيِيدُهَا بِهَا خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَتَصْوِيرُهُمْ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَيُعْمَلُ بِإِطْلَاقِهِمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنَّمَا تُطْلَبُ الْإِعَادَةُ لِمَنْ الْجَمَاعَةُ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْعَارِي فِي الْوَقْتِ كَمَا فِي الْمُعَيَّنِ وَأَقَرُّوهُ وَذَلِكَ لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِاثْنَيْنِ رَآهُمَا لَمْ يُصَلِّيَاهَا مَعَهُ وَذَكَرَا أَنَّهُمَا صَلَّيَاهَا فِي رِحَالِهِمَا «إذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَاهَا مَعَهُمْ فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ» . دَلَّ بِتَرْكِهِ الاستفصال مَعَ إطْلَاقِ قَوْلِهِ إذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ صَلَّى جَمَاعَةً أَوْ مُنْفَرِدًا وَلَا بَيْنَ اخْتِصَاصِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ بِفَضْلٍ أَوْ لَا، وَصَحَّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ قَالَ لَمَّا جَاءَ رَجُلٌ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ: مَنْ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّيَ مَعَهُ،؟ فَصَلَّى مَعَهُ رَجُلٌ» وَمِنْ ثَمَّ سُنَّتْ الْإِعَادَةُ وَلَوْ مَعَ وَاحِدٍ، وَإِنْ كَانَ صَلَّى أَوَّلًا مَعَ جَمَاعَةِ كَثِيرِينَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ هَذَا الْخَبَرُ، وَدَلَّ أَيْضًا عَلَى اسْتِحْبَابِ الشَّفَاعَةِ إلَى مَنْ يُصَلِّي مَعَ الْحَاضِرِ مِمَّنْ لَهُ عُذْرٌ فِي عَدَمِ الصَّلَاةِ مَعَهُ، وَأَنَّ الْجَمَاعَةَ تَحْصُلُ بِإِمَامٍ وَمَأْمُومٍ كَمَا مَرَّ، وَأَنَّ الْمَسْجِدَ الْمَطْرُوقَ لَا تُكْرَهُ فِيهِ جَمَاعَةٌ بَعْدَ جَمَاعَةٍ، وَقَدْ مَرَّ أَيْضًا، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِعَادَةِ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَغَيْرِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي الْوَقْتِ مِنْ حَيْثُ حُصُولُ الْجَمَاعَةِ حَتَّى لَوْ أَخْرَجَ نَفْسَهُ مِنْ الْجَمَاعَةِ عَقِبَ التَّحَرُّمِ كَفَى، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ: إنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِ رَكْعَةٍ فِي الْوَقْتِ لِتَكُونَ أَدَاءً، وَعِبَارَتُهُ: فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ الْآنَ اشْتِرَاطُ رَكْعَةٍ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الْمَجْمُوعِ يُؤَيِّدُ اشْتِرَاطَ الْكُلِّ اهـ. وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ: لَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ قَبْلَ إدْرَاكِ رَكْعَةٍ مِنْهَا يَنْبَغِي أَنْ تَنْقَلِبَ نَفْلًا مُطْلَقًا. اهـ. وَقَوْلُهُ يُدْرِكُهَا فِي الْوَقْتِ أَيْضًا قَالَ عَمِيرَةُ: اقْتَضَى هَذَا أَنَّ مَنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا فِي الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ لَا يَنْدُبُ لَهُ إعَادَتُهَا فِي غَيْرِ الْوَقْتِ فِي جَمَاعَةٍ، وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ بِمَا سَلَفَ مِنْ أَنَّ الْجَمَاعَةَ تُسَنُّ فِي الْقَضَاءِ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ، إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْجَمَاعَةُ مُخْتَلِفًا فِيهَا فِي الْقَضَاءِ وَانْضَمَّ إلَى ذَلِكَ أَنَّ الْمُعَادَةَ تَقَعُ نَفْلًا امْتَنَعُوا مِنْ نَدْبِ ذَلِكَ هُنَا وَاقْتَصَرُوا عَلَى الْوَارِدِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: وَرَدَ بِمَنْعِ ذَلِكَ) وَيُؤَيِّدُ الْمَنْعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ صَلَاةِ مُعَاذٍ بِقَوْمِهِ بَعْدَ صَلَاتِهِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: إذْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ اللَّازِمِ) هُوَ قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَزِمَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ تَقْيِيدُهَا) فَلَوْ زَادَ بِالْقِيَاسِ عَدَمُ الِانْعِقَادِ مِنْ الْعَالِمِ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ وَأَمَّا الْجَاهِلُ فَتَقَعُ لَهُ نَفْلًا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَحْوِ الْعَارِي) أَيْ فَلَا تُسَنُّ الْإِعَادَةُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي حَقِّهِ لَيْسَتْ أَفْضَلَ مِنْ الِانْفِرَادِ، وَقَضِيَّةُ مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا عُمْيًا أَوْ فِي ظُلْمَةٍ اُسْتُحِبَّتْ الْجَمَاعَةُ لَهُمْ تَقْيِيدُ مَا هُنَا مِنْ عَدَمِ سَنِّ الْإِعَادَةِ بِمَا لَوْ كَانَ الْعُرَاةُ بُصَرَاءَ فِي ضَوْءٍ، وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ الْآتِي: أَوْ الْعُرَاةُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ نَدْبِهَا لَهُمْ لَمْ تَنْعَقِدْ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمُعَيَّنِ) أَيْ لِلْيُمْنَى (قَوْلُهُ: رَآهُمَا لَمْ يُصَلِّيَاهَا مَعَهُ) وَكَانَ ذَلِكَ صَلَاةُ الصُّبْحِ بِمَسْجِدِ الْخَيْفِ. اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ) أَيْ مَحَلًّا تُقَامُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَسْجِدًا (قَوْلُهُ: فَيُصَلِّيَ مَعَهُ) هُوَ بِالنَّصْبِ فِي جَوَابِ الِاسْتِفْهَامِ (قَوْلُهُ: فَصَلَّى مَعَهُ رَجُلٌ) هُوَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اهـ حَجٍ (قَوْلُهُ: مِمَّنْ لَهُ عُذْرٌ فِي عَدَمِ الصَّلَاةِ) أَيْ وَكَذَا غَيْرُهُ حَيْثُ لَمْ يَرِدْ الصَّلَاةَ مَعَهُ. اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: جَمَاعَةٌ بَعْدَ جَمَاعَةٍ) كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْجَمَاعَةُ الثَّانِيَةُ هُنَا بِإِذْنِ الْإِمَامِ. اهـ حَجّ. وَأَقَرَّهُ سم عَلَيْهِ. وَالْإِمَامُ فِي كَلَامِ حَجّ هُوَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَمَحَلُّ الْقَوْلِ بِكَرَاهَةِ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ صَرِيحًا أَوْ مَا فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَمَحَلُّ نَدْبِ الْإِعَادَةِ لِمَنْ صَلَّى جَمَاعَةً إذَا كَانَ مِمَّنْ يَرَى جَوَازَ الْإِعَادَةِ، وَإِلَّا فَلَا يُعِيدُ، وَأَنَّهُ لَوْ أَعَادَهَا مُنْفَرِدًا لَمْ تَنْعَقِدْ إلَّا لِسَبَبٍ كَأَنْ كَانَ فِي صَلَاتِهِ الْأُولَى خَلَلٌ. وَمِنْهُ جَرَيَانُ خِلَافٍ فِي بُطْلَانِهَا كَأَنْ شَكَّ فِي طُهْرٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَأَنَّهُ تَجِبُ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ فِيهَا، وَإِلَّا صَارَ مُنْفَرِدًا وَهُوَ مُمْتَنِعٌ، وَقَوْلُ الشَّيْخِ فِيمَنْ صَلَّيَا فَرِيضَةً مُنْفَرِدَيْنِ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَقْتَدِيَ بِالْآخَرِ فِي إعَادَتِهِمَا فَلَا تُسَنُّ الْإِعَادَةُ، وَإِنْ شَمِلَهُ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ لِقَوْلِهِمْ إنَّمَا تُسَنُّ الْإِعَادَةُ لِغَيْرِ مَنْ الِانْفِرَادُ لَهُ أَفْضَلُ، فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، بَلْ الِاقْتِدَاءُ هُوَ الْأَفْضَلُ لِتَحْصِيلِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فِي فَرْضِ كُلٍّ، وَقَوْلُهُمْ الْمَذْكُورُ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَعْنَاهُ كَأَنْ سَكَتَ وَعَلِمَ رِضَاهُ. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ نَدْبِ الْإِعَادَةِ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ مَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ إذَا أَرَادَ الْإِعَادَةَ لِتَحْصِيلِ الْفَضِيلَةِ لِمَنْ لَمْ يُدْرِكْ الْجَمَاعَةَ الْأُولَى اشْتَرَطَ فِي اسْتِحْبَابِ الْإِعَادَةِ لَهُ أَنْ يَكُونَ الْآتِي مِمَّنْ يَرَى جَوَازَ الْإِعَادَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ مَالِكِيًّا مَثَلًا لَا يَرَى جَوَازَ الْإِعَادَةِ لِمَنْ ذَكَرَ، فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ يَرَى لِلْمُصَلَّى مَعَهُ. وَعِبَارَةُ حَجّ: وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّ نَدْبِهَا مَعَ الْمُنْفَرِدِ إنْ اعْتَقَدَ جَوَازَهَا أَوْ نَدْبَهُ، وَإِلَّا لَمْ تَنْعَقِدْ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لَهَا تَعُودُ عَلَيْهِ: أَيْ وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ كَانَ الْمُخَالِفُ إمَامًا. أَمَّا لَوْ كَانَ مَأْمُومًا فَلَا مَانِعَ مِنْ حُصُولِ الْفَضِيلَةِ لِلشَّافِعِيِّ اعْتِبَارًا بِعَقِيدَتِهِ (قَوْلُهُ: لِمَنْ صَلَّى جَمَاعَةً) أَيْ وَأَرَادَ إعَادَتَهَا لِتَحْصِيلِ الْفَضِيلَةِ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا يُعِيدُ) أَيْ فَلَوْ أَعَادَ لَمْ تَنْعَقِدْ وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ الشَّافِعِيُّ إمَامًا؛ لِأَنَّ الْمَالِكِيَّ يَرَى بُطْلَانَ الصَّلَاةِ فَلَا قُدْوَةَ (قَوْلُهُ: كَأَنْ كَانَ فِي صَلَاتِهِ الْأُولَى خَلَلٌ) [فَرْعٌ] أَعَادَ الصَّلَاةَ مُنْفَرِدًا لِهَذَا الْخَلَلِ الْمُبْطِلِ عَلَى قَوْلٍ هَلْ تُسَنُّ إعَادَتُهَا ثَالِثًا جَمَاعَةً؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَمَالَ م ر لِلْمَنْعِ؛ لِأَنَّ الثَّالِثَةَ مَمْنُوعَةٌ. اهـ تَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: الْأَقْرَبُ الِاسْتِحْبَابُ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ الَّتِي فَعَلَهَا بِالنَّظَرِ لِلْخِلَافِ تُعَدُّ أُولَى. (قَوْلُهُ: كَأَنْ شَكَّ فِي طُهْرٍ أَوْ نَحْوِهِ) وَيَنْبَغِي وِفَاقًا م ر أَنْ يُشْتَرَطَ قُوَّةُ مُدْرِكِ ذَلِكَ الْقَوْلِ، فَهَلْ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ مَسَحَ الشَّافِعِيُّ بَعْضَ رَأْسِهِ وَصَلَّى يُسْتَحَبُّ لَهُ الْوُضُوءُ بِمَسْحِ جَمِيعِ الرَّأْسِ وَالْإِعَادَةُ مُرَاعَاةً لِخِلَافِ مَالِكٍ يَتَّجِهُ نَعَمْ فَلْيُتَأَمَّلْ وَهَلْ مِنْ ذَلِكَ الصَّلَاةُ فِي الْحَمَّامِ لِقَوْلِ أَحْمَدَ بِبُطْلَانِهَا لَا يَبْعُدُ؟ نَعَمْ إنْ قَوِيَ دَلِيلُهُ عَلَى ذَلِكَ فَلْيُنْظَرْ دَلِيلُهُ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَهَلْ مِمَّا قَوِيَ مُدْرَكُهُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ مِنْ أَنَّ الصَّلَاةَ خَلْفَ الْمُخَالِفِ لَا فَضِيلَةَ فِيهَا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا تُسَنُّ الْإِعَادَةُ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الشَّيْخِ) أَيْ فِي غَيْرِ شَرْحِ مَنْهَجِهِ (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ مَنْ الِانْفِرَادُ لَهُ أَفْضَلُ) أَيْ وَمَا هُنَا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الِانْفِرَادَ أَفْضَلُ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِالْمُعِيدِ؛ لِأَنَّهُ صَلَاةُ فَرْضٍ خَلْفَ نَفْلٍ، وَلَيْسَ مِمَّا يَكُونُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمَحَلُّ نَدْبِ الْإِعَادَةِ لِمَنْ صَلَّى جَمَاعَةً إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّ نَدْبِهَا مَعَ الْمُنْفَرِدِ إنْ اعْتَقَدَ جَوَازَهَا أَوْ نَدْبَهَا وَإِلَّا لَمْ تَنْعَقِدْ؛ لِأَنَّهَا لَا فَائِدَةَ لَهَا تَعُودُ عَلَيْهِ انْتَهَتْ. وَعِبَارَةُ الْإِمْدَادِ مَحَلُّ نَدْبِ الْإِعَادَةِ لِمَنْ صَلَّى جَمَاعَةً مَعَ الْمُنْفَرِدِ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَرَى جَوَازَ الْإِعَادَةِ وَلَا يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ، وَإِلَّا لَمْ تَجُزْ مَعَهُ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى الَّذِي يُعِيدُ لِأَجْلِهِ وَهُوَ الْفَضِيلَةُ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَوْ أَعَادَهَا مُنْفَرِدًا إلَخْ) ظَاهِرُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّ هَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ الْخَبَرِ أَيْضًا، وَفِي أَخْذِ جَمِيعِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مِنْهُ نَظَرٌ ظَاهِرٌ كَأَخْذِ قَوْلِهِ الْآتِي: وَأَنَّهُ لَوْ أَعَادَهَا بَعْدَ الْوَقْتِ أَوْ الْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ نَدْبِهَا إلَخْ، وَعُذْرُهُ أَنَّهُ تَابِعٌ فِي غَالِبِ مَا عَبَّرَ بِهِ هُنَا لِعِبَارَةِ الْإِمْدَادِ مِنْ غَيْرِ تَصَرُّفٍ، فَأَوْهَمَ أَنَّ جَمِيعَ مَا ذَكَرَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْخَبَرِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَعِبَارَةُ الْإِمْدَادِ مُصَدَّرَةٌ بِمَا يُصَحِّحُ الْعَطْفَ فِي الْمَذْكُورَاتِ، بِخِلَافِ عِبَارَةِ الشَّارِحِ، وَعِبَارَتُهُ أَعَنَى الْإِمْدَادَ: وَوَجْهُ سَنِّ الْإِعَادَةِ فِيمَنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا تَحْصِيلُ الْجَمَاعَةِ فِي فَرِيضَةِ الْوَقْتِ حَتَّى كَأَنَّهَا فُعِلَتْ كَذَلِكَ، وَجَمَاعَةً احْتِمَالُ اشْتِمَالِ الثَّانِيَةِ عَلَى فَضِيلَةٍ وَإِنْ كَانَتْ الْأُولَى أَكْمَلَ مِنْهَا ظَاهِرًا. وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا مَسَائِلُ أَبْدَيْتهَا فِي بُشْرَى الْكَرِيمِ فَرَاجِعْهَا فَإِنَّهَا مُهِمَّةٌ مَعَ أَنَّ أَكْثَرَهَا لَا نَقْلَ فِيهِ، وَمِنْهَا أَنَّ مَحَلَّ نَدْبِ الْإِعَادَةِ لِمَنْ صَلَّى جَمَاعَةً مَعَ الْمُنْفَرِدِ وَانْدَفَعَ فِي بَيَانِهَا بِمَا فِي الشَّرْحِ مَعَ زِيَادَةٍ فَجَمِيعُ مَا فِي الشَّارِحِ مِنْ الْمَعْطُوفَاتِ بَعْدَ هَذَا بِقَوْلِهِ وَإِنَّهُ مِنْ مَدْخُولِ هَذَا تَبَعًا لِلْعِبَارَةِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ حَذْفِ صَدْرِهَا الْمُصَحِّحِ لِذَلِكَ

لَا يَشْمَلُ هَذِهِ الصُّورَةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. وَأَنَّهُ لَوْ أَعَادَهَا بَعْدَ الْوَقْتِ أَوْ الْعُرَاةُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ نَدْبِهَا لَهُمْ لَمْ تَنْعَقِدْ. وَلَوْ أَخْرَجَ نَفْسَهُ الْمُعِيدُ مِنْ الْجَمَاعَةِ كَأَنْ نَوَى قَطْعَ الْقُدْوَةِ فِي أَثْنَائِهَا بَطَلَتْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، إذْ الْمَشْرُوطُ يَنْتَفِي بِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ، وَشَرْطُ صِحَّتِهَا الْجَمَاعَةُ، إذْ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ لَا مُسَوِّغَ لِإِعَادَتِهَا إلَّا هِيَ. وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ الْجُمُعَةُ حَيْثُ جَازَ لَهُ فِيهَا الِانْفِرَادُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِيهَا فِي الْأُولَى فَقَطْ دُونَ الثَّانِيَةِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا ـــــــــــــــــــــــــــــSالِانْفِرَادُ فِيهِ أَفْضَلَ الْقُدْوَةِ بِالْمُخَالِفِ لِمَا مَرَّ مِنْ حُصُولِ الْفَضِيلَةِ مَعَهُ، وَأَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ تَعَطُّلُ مَسْجِدٍ قَرِيبٍ لِغِيبَتِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ سم عَلَى حَجّ أَنَّ الْقِيَاسَ أَنَّ الْجَمَاعَةَ خَلْفَ الْفَاسِقِ وَالْمُبْتَدِعِ أَفْضَلُ مِنْ عَدَمِهَا: أَيْ فَتَجُوزُ الْإِعَادَةُ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمْ. وَقَوْلُهُ أَفْضَلُ: أَيْ وَكَذَا مِنْ الِانْفِرَادِ لَهُ مُسَاوٍ لَهُ فِي الْجَمَاعَةِ لِمَا مَرَّ فِي الْعُرَاةِ (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الْكَرَاهَةِ فِي فَرْضٍ خَلْفَ نَفْلٍ مَحْضٍ، وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ صَلَاةَ كُلٍّ مِنْهُمَا نَفْلٌ، عَلَى أَنَّ مَحَلَّ كَرَاهَةِ الْفَرْضِ خَلْفَ النَّفْلِ فِي غَيْرِ الْمُعَادَةِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَوْ أَعَادَهَا بَعْدَ الْوَقْتِ إلَخْ) أَيْ أَوْ فِيهِ وَلَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَحَلِّ نَدْبِهَا لَهُمْ) بِأَنْ كَانُوا بُصَرَاءَ فِي ضَوْءٍ (قَوْلُهُ: كَأَنْ نَوَى قَطْعَ الْقُدْوَةِ فِي أَثْنَائِهَا بَطَلَتْ إلَخْ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ انْتَقَلَ لِجَمَاعَةٍ أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ انْفَرَدَ فِي صَلَاتِهِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ خَرَجَ لِعُذْرٍ كَأَنْ رُعِفَ إمَامُهُ مَثَلًا وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَعَلَيْهِ فَيَشْكُلُ هَذَا بِمَا قَالَهُ سم مِنْ سُجُودِهِ لِسَهْوِ إمَامِهِ بَعْدَ سَلَامِهِ فَإِنَّهُ يُعَدُّ مُنْفَرِدًا حَالَ سُجُودِهِ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ زَمَانَهُ لَمَّا عُدَّ مِنْ تَوَابِعِ الصَّلَاةِ وَكَانَ الْإِمَامُ وَاحِدًا لَمْ يَضُرَّ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَنْفَرِدْ، بِخِلَافِ هَذَا فَيَضُرُّ الِانْفِرَادُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَإِنْ قَلَّ جِدًّا. وَبَقِيَ مَا لَوْ فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ الْأُولَى مَعَ الْإِمَامِ وَاقْتَدَى بِهِ فِي الثَّانِيَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَسْهُوَ الْإِمَامُ بِرُكْنٍ وَيَأْتِيَ بِرَكْعَةٍ خَامِسَةٍ فَيُدْرِكُهَا جَمِيعَهَا مَعَ الْإِمَامِ هَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ نَظَرًا لِذَلِكَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ كَانَ لَابِسَ الْخُفِّ وَعَلِمَ أَنَّ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ لَا يَسَعُ الصَّلَاةَ كَامِلَةً حَيْثُ قَالَ الشَّارِحُ بِبُطْلَانِهَا مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ أَدْرَكَ إمَامَ الْجُمُعَةِ فِي اعْتِدَالِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَمَا بَعْدَهُ حَيْثُ يَنْوِي فِي اقْتِدَائِهِ الْجُمُعَةَ لَا الظُّهْرَ؛ لِاحْتِمَالِ أَنَّ إمَامَ الْجُمُعَةِ يَتَذَكَّرُ أَنَّهُ تَرَكَ رُكْنًا مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَيَتَدَارَكُهُ بِرَكْعَةٍ كَامِلَةٍ بَعْدَ اقْتِدَاءِ الْمَسْبُوقِ فَتَحْصُلُ لَهُ الْجُمُعَةُ بِأَنَّهُ فِي الْجُمُعَةِ تَرَدَّدَ فِي كَوْنِهَا تَكُونُ جُمُعَةً أَوْ ظُهْرًا مَعَ جَزْمِهِ بِالنِّيَّةِ، وَمَا هُنَا تَرَدُّدٌ فِي أَنَّهَا مُنْعَقِدَةٌ أَوْ بَاطِلَةٌ فَضَرَّ. وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ قَارَنَ الْمَأْمُومُ الْإِمَامَ فِي بَعْضِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ أَوْ كُلِّهَا هَلْ يَضُرُّ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي الْكُلِّ حَاصِلَةٌ حَقِيقَةً وَفَضْلُهَا حَاصِلٌ فِي الصَّلَاةِ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ وَإِنْ فَاتَتْهُ الْفَضِيلَةُ فِيمَا قَارَنَ فِيهِ فَقَطْ. وَعِبَارَةُ حَجّ: لَكِنْ يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ عَنْ الزَّرْكَشِيّ فِي مَسْأَلَةِ الْمُفَارَقَةِ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي ذَلِكَ بِتَحَرُّمِهَا وَإِنْ انْتَفَى الثَّوَابُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ لِنَحْوِ انْفِرَادٍ عَنْ الصَّفِّ أَوْ مُقَارَنَةِ أَفْعَالِ الْإِمَامِ. اهـ. وَسُئِلْت أَيْضًا عَمَّا لَوْ أَحْرَمَ خَلْفَ الْإِمَامِ بَعِيدًا عَنْ الصَّفِّ فَهَلْ تُسَنُّ لَهُ الْإِعَادَةُ مُنْفَرِدًا لِكَرَاهَةِ فِعْلِ ذَلِكَ؟ فَأَجَبْت عَنْ ذَلِكَ: بِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلْإِعَادَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ صَلَاةٍ مَكْرُوهَةٍ تُطْلَبُ إعَادَتُهَا، وَإِعَادَةُ الصَّلَاةِ فِي الْحَمَّامِ إنَّمَا هُوَ لِقَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بِبُطْلَانِهَا لَا لِمُجَرَّدِ كَوْنِهَا مَكْرُوهَةً. وَأَمَّا لَوْ أَحْرَمَ مَرِيدُ الْإِعَادَةِ مُنْفَرِدًا عَنْ الصَّفِّ ابْتِدَاءً، وَاسْتَمَرَّ إلَى آخِرِهَا وَقُلْنَا بِأَنَّ ذَلِكَ مَانِعٌ مِنْ حُصُولِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فَهَلْ تَصِحُّ الْإِعَادَةُ أَوْ لَا وَيَكْفِي مُجَرَّدُ حُصُولِ الْجَمَاعَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الصِّحَّةِ لِانْتِفَاءِ الْفَضِيلَةِ فِيهَا. وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا ذُكِرَ عَنْ حَجّ بِأَنَّ تِلْكَ حَصَلَ فِيهَا فَضِيلَةُ التَّحَرُّمِ وَعَرَضَتْ الْكَرَاهَةُ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَسْقَطَتْ الْفَضِيلَةَ فِي بَعْضِهَا وَهَذِهِ لَمْ يَحْصُلْ فِيهَا فَضِيلَةٌ أَصْلًا. وَفِي كَلَامِ سم عَلَى حَجّ: أَنَّ قَضِيَّةَ اشْتِرَاطِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا إلَى آخِرِهَا أَنَّهُ لَوْ وَافَقَ الْإِمَامَ مِنْ أَوَّلِهَا لَكِنْ تَأَخَّرَ سَلَامُهُ عَنْ سَلَامِ الْإِمَامِ بِحَيْثُ عُدَّ مُنْقَطِعًا عَنْهُ بَطَلَتْ، وَأَنَّهُ لَوْ رَأَى جَمَاعَةً ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَإِنَّهَا فِيهَا بِمَنْزِلَةِ الطَّهَارَةِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا مَكْتُوبَةً: أَيْ عَلَى الْأَعْيَانِ الْمَنْذُورَةِ فَلَا تُسَنُّ إعَادَتُهَا بَلْ لَا تَنْعَقِدُ، وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا يُتَنَفَّلُ بِهَا كَمَا يَأْتِي، فَإِنْ أَعَادَهَا صَحَّتْ وَوَقَعَتْ نَفْلًا، وَهَذِهِ خَرَجَتْ عَنْ سُنَنِ الْقِيَاسِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا، لَكِنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّ مَا تُسْتَحَبُّ فِيهِ الْجَمَاعَةُ مِنْ النَّفْلِ كَالْفَرْضِ فِي سَنِّ الْإِعَادَةِ وَدَخَلَ فِي الْمَكْتُوبَةِ الْجُمُعَةُ فَتُسَنُّ إعَادَتُهَا عِنْدَ جَوَازِ تَعَدُّدِهَا أَوْ سَفَرِهِ لِبَلَدٍ أُخْرَى رَآهُمْ لَمْ يُصَلُّوهَا خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَ ذَلِكَ كَالْأَذْرَعِيِّ، وَلَوْ صَلَّى مَعْذُورٌ الظُّهْرَ ثُمَّ أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ أَوْ مَعْذُورِينَ يُصَلُّونَ الظُّهْرَ سُنَّ لَهُ الْإِعَادَةُ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ قَصَرَ مُسَافِرٌ ثُمَّ أَقَامَ وَوَجَدَ جَمَاعَةً فِي تِلْكَ الْمَقْصُورَةِ اُسْتُحِبَّ لَهُ إعَادَتُهَا مَعَهُمْ، وَإِنْ كَانَ يُتِمُّ، وَمَحَلُّ سَنِّ الْإِعَادَةِ لِمَنْ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَوَّلِ أَجْزَأَتْهُ، فَلَوْ تَيَمَّمَ لِنَحْوِ بَرْدٍ لَمْ تُسَنَّ لَهُ الْإِعَادَةُ كَذَا قِيلَ. وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ لِجَوَازِ تَنَفُّلِهِ، وَقَدْ تُسْتَحَبُّ الْإِعَادَةُ مُنْفَرِدًا زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ تَلَبَّسَ بِفَرْضِ الْوَقْتِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ عَلَيْهِ فَائِتَةً فَإِنَّهُ يُتِمُّ صَلَاتَهُ ثُمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَشَكَّ هَلْ هُمْ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ فِيمَا بَعْدَهَا امْتَنَعَتْ الْإِعَادَةُ مَعَهُمْ م ر (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَعْيَانِ) وَكَذَا لَوْ نَذَرَ صَلَاةَ الضُّحَى مَثَلًا (قَوْلُهُ: بَلْ لَا تَنْعَقِدُ) أَيْ مِنْ الْعَالِمِ سم. وَعِبَارَةُ حِجْ: وَيُسَنُّ لِلْمُصَلِّي فَرْضًا مُؤَدَّاةُ غَيْرِ الْمَنْذُورَةِ لِمَا مَرَّ فِيهَا وَغَيْرِ صَلَاةِ الْخَوْفِ أَوْ شِدَّتِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّهُ احْتَمَلَ الْمُبْطِلَ فِيهَا لِلْحَاجَةِ فَلَا يُكَرَّرُ، فَجَعَلَ الْمَنْذُورَةَ وَمَا بَعْدَهَا مُسْتَثْنَاةً مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ لَمَّا عَبَّرَ بِالْمَكْتُوبَةِ جَعَلَ الْمَنْذُورَةَ فِيهَا خَارِجَةً (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَعَادَهَا صَحَّتْ) أَيْ وَلَوْ مَرَّاتٍ كَثِيرَةً. وَعِبَارَةُ حَجّ: وَكَأَنَّ وَجْهَ خُرُوجِهَا عَنْ نَظَائِرِهَا أَنَّ الْعِبَادَةَ إذَا لَمْ تُطْلَبْ لَا تَنْعَقِدُ التَّوَسُّعَةُ فِي حُصُولِ نَفْعِ الْمَيِّتِ لِاحْتِيَاجِهِ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَنَّ مَا تُسْتَحَبُّ فِيهِ الْجَمَاعَةُ مِنْ النَّفْلِ كَالْفَرْضِ) اعْتَمَدَهُ حَجّ، وَقَدْ يَدْخُلُ فِيهِ وِتْرُ رَمَضَانَ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُمْ لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةِ مَحَلِّهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ. لَكِنْ قَالَ م ر: لَا تُعَادُ لِحَدِيثِ «لَا وِتْرَانِ» وَهُوَ خَاصٌّ فَيُقَدَّمُ عَلَى عُمُومِ خَبَرِ الْإِعَادَةِ. اهـ. وَأَقُولُ: بَلْ بَيْنَهُمَا عُمُومٌ مِنْ وَجْهٍ وَتَعَارُضٌ فِي إعَادَةِ الْوِتْرِ فَتَأَمَّلْهُ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ جَوَازِ تَعَدُّدِهَا) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ لَمْ تَتَعَدَّدْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ إلَّا جُمُعَةٌ وَاحِدَةٌ فَلَا تَصِحُّ إعَادَتُهَا لَا ظُهْرًا وَلَا جُمُعَةً حَيْثُ صَحَّتْ الْأُولَى، بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَمَلَتْ عَلَى خَلَلٍ يَقْتَضِي فَسَادَهَا وَتَعَذَّرَتْ إعَادَتُهَا جُمُعَةً فَيَجِبُ فِعْلُ الظُّهْرِ وَلَيْسَ بِإِعَادَةِ الْمَعْنَى الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ، وَمَحَلُّ كَوْنِهَا لَا تُعَادُ جُمُعَةً إذَا لَمْ يَنْتَقِلْ لِمَحَلٍّ آخَرَ وَأَدْرَكَ الْجُمُعَةَ تُقَامُ فِيهِ. أَمَّا كَوْنُهَا لَا تُعَادُ ظُهْرًا فَهُوَ عَلَى إطْلَاقِهِ، كَمَا يُصَرِّحُ بِمَا ذُكِرَ قَوْلُ شَارِحِ الْإِرْشَادِ، وَدَخَلَ فِي الْمَكْتُوبَةِ الْجُمُعَةُ فَتُسَنُّ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ إعَادَتُهَا عِنْدَ جَوَازِ التَّعَدُّدِ أَوْ سَفَرِهِ لِبَلَدٍ آخَرَ رَآهُمْ يُصَلُّونَهَا، وَلَوْ صَلَّى مَعْذُورٌ الظُّهْرَ ثُمَّ أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ أَوْ مَعْذُورِينَ يُصَلُّونَ الظُّهْرَ سُنَّتْ الْإِعَادَةُ فِيهِمَا وَلَا تَجُوزُ إعَادَةُ الْجُمُعَةِ ظُهْرًا وَكَذَا عَكْسُهُ لِغَيْرِ الْمَعْذُورِ انْتَهَى - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَالَ فِي فَتَاوِيهِ الْكُبْرَى: وَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّ الْإِعَادَةَ إنَّمَا نُدِبَتْ لِتَحْصِيلِ كَمَالٍ فِي فَرِيضَةِ الْوَقْتِ يَقِينًا إنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا، أَوْ ظَنًّا أَوْ رَجَاءً إنْ صَلَّاهَا جَمَاعَةً، وَلَوْ بِجَمَاعَةٍ أَكْمَلَ ظُهْرًا، وَمَنْ صَلَّى الْجُمُعَةَ كَانَتْ هِيَ فَرْضَ وَقْتِهِ فَإِعَادَتُهُ الظُّهْرَ لَا تَرْجِعُ بِكَمَالٍ عَلَى الْجُمُعَةِ الَّتِي هِيَ فَرْضُ وَقْتِهِ أَصْلًا، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي إعَادَةِ الظُّهْرِ كَمَالٌ يَرْجِعُ بِفَرْضِ الْوَقْتِ امْتَنَعَتْ إعَادَةُ الظُّهْرِ؛ لِأَنَّهَا عَبَثٌ، وَالْعِبَادَاتُ يَقْتَصِرُ فِيهَا عَلَى مَحَلِّ وُرُودِهَا أَوْ مَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ) أَيْ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَصَرَ مُسَافِرٌ ثُمَّ أَقَامَ) وَكَذَا لَوْ لَمْ يَقُمْ فَتَجُوزُ إعَادَتُهَا مَعَهُمْ تَامَّةً لِوُجُوبِ الْإِتْمَامِ عَلَيْهِ حَيْثُ اقْتَدَى بِمُتِمٍّ (قَوْلُهُ: وَوَجَدَ جَمَاعَةً فِي تِلْكَ الْمَقْصُورَةِ) أَيْ يُرِيدُونَ فِعْلَهَا تَامَّةً مِثْلَهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ يُتِمُّ إلَخْ) وَفِي نُسْخَةٍ بَعْدَ قَوْلِهِ مَعَهُمْ إنْ قُلْنَا بِأَنَّ الْجَمَاعَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي جَمِيعِهَا وَإِلَّا امْتَنَعَ فِعْلُهَا مَعَهُمْ اهـ. وَقَوْلُهُ وَإِلَّا امْتَنَعَ إلَخْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ لِجَوَازِ أَنْ يَفْعَلَهَا بَعْدَ الْإِقَامَةِ خَلْفَ مُتِمٍّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ تُسْتَحَبُّ الْإِعَادَةُ إلَخْ) هَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ عُمُومِ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَمِنْهُ جَرَيَانُ خِلَافٍ فِي بُطْلَانِهَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ ذَكَرَ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا تُسَنُّ لَهُ الْإِعَادَةُ إذَا أَحْرَمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقَدْ تُسْتَحَبُّ الْإِعَادَةُ مُنْفَرِدًا زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ) لَيْسَ هَذَا مَأْخُوذًا مِنْ قَوْلِهِ الْمَارِّ، وَإِنَّهُ لَوْ أَعَادَهَا مُنْفَرِدًا

يُصَلِّي الْفَائِتَةَ، وَيُسْتَحَبُّ إعَادَةُ الْحَاضِرَةِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ (وَفَرْضُهُ) فِي الصُّورَتَيْنِ (الْأُولَى فِي الْجَدِيدِ) لِلْخَبَرِ الْمَارِّ «فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ» وَلِسُقُوطِ الْخِطَابِ بِهَا، فَلَوْ تَذَكَّرَ خَلَلًا فِي الْأُولَى لَمْ تَكْفِهِ الثَّانِيَةُ. نَعَمْ لَوْ نَسِيَ أَنَّهُ صَلَّى الْأُولَى فَصَلَّاهَا مَعَ جَمَاعَةٍ فَبَانَ فَسَادُ الْأُولَى أَجْزَأَتْهُ الثَّانِيَةُ؛ لِأَنَّهُ نَوَى الْفَرْضَ حَقِيقَةً بِخِلَافِهِ ثَمَّ وَالْقَدِيمِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْإِمْلَاءِ أَيْضًا أَنَّ الْفَرْضَ إحْدَاهُمَا يَحْتَسِبُ اللَّهُ تَعَالَى مَا شَاءَ مِنْهُمَا، وَقِيلَ الْفَرْضُ كِلَاهُمَا، وَالْأُولَى مُسْقِطَةٌ لِلْحَرَجِ لَا مَانِعَةٌ مِنْ وُقُوعِ الثَّانِيَةِ فَرْضًا كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ لَوْ صَلَّاهَا جَمْعٌ مَثَلًا سَقَطَ الْحَرَجُ عَنْ الْبَاقِينَ فَلَوْ صَلَّاهَا طَائِفَةٌ أُخْرَى وَقَعَتْ الثَّانِيَةُ فَرْضًا، وَهَكَذَا فُرُوضُ الْكِفَايَاتِ كُلِّهَا. وَقِيلَ الْفَرْضُ أَكْمَلُهُمَا وَمَحَلُّ كَوْنِ فَرْضِهِ الْأُولَى حَيْثُ أَغْنَتْ عَنْ الْقَضَاءِ، وَإِلَّا فَفَرْضُهُ الثَّانِيَةُ الْمُغْنِيَةُ عَنْهُ عَلَى الْمَذْهَبِ (وَالْأَصَحُّ) عَلَى الْجَدِيدِ (أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِالْحَاضِرَةِ عَالِمًا بِأَنَّ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، بَلْ اسْتِحْبَابُ الْإِعَادَةِ فِي هَذِهِ أَوْلَى مِنْ تِلْكَ لِتَقْصِيرِهِ بِتَقْدِيمِ الْحَاضِرَةِ (قَوْلُهُ: وَفَرْضُهُ الْأُولَى فِي الْجَدِيدِ) وَقِيلَ فَرْضُهُ فِي حَقِّ الْمُنْفَرِدِ الثَّانِيَةُ. اهـ إسْنَوِيٌّ، وَلَعَلَّ حِكْمَةَ تَرْكِ الشَّارِحِ لِهَذَا الْوَجْهِ أَنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ وَقِيلَ الْفَرْضُ كِلَاهُمَا (قَوْلُهُ: إنَّ الْفَرْضَ إحْدَاهُمَا) يُؤْخَذُ مِنْهُ اسْتِحْبَابُ إعَادَةِ الرَّوَاتِبِ الْبَعْدِيَّةِ؛ لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا تَكُونَ الْأُولَى فَرْضًا. وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ نَصُّهَا: فَرْعٌ: هَلْ تُسَنُّ إعَادَةُ الرَّوَاتِبِ: أَيْ فُرَادَى. أَمَّا الْقَبْلِيَّةَ فَلَا يَتَّجِهُ إلَّا عَدَمُ إعَادَتِهَا؛ لِأَنَّهَا وَاقِعَةٌ فِي مَحَلِّهَا سَوَاءٌ قُلْنَا الْفَرْضُ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةُ أَوْ إحْدَاهُمَا لَا بِعَيْنِهَا يَحْتَسِبُ اللَّهُ مَا شَاءَ مِنْهَا. وَأَمَّا الْبَعْدِيَّةُ فَيَحْتَمِلُ سَنَّ إعَادَتِهَا مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ الثَّالِثِ لِجَوَازِ أَنْ يَحْتَسِبَ اللَّهُ لَهُ الثَّانِيَةَ فَيَكُونُ مَا فَعَلَهُ بَعْدَ الْأُولَى وَاقِعًا قَبْلَ الثَّانِيَةِ فَلَا تَكُونُ بَعْدِيَّةً لَهَا. اهـ. وَعِبَارَتُهُ عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ: الظَّاهِرُ وِفَاقًا م ر أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ إعَادَةُ رَوَاتِبِ الْمُعَادَةِ مَعَهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تُطْلَبُ الْجَمَاعَةُ فِي الرَّوَاتِبِ وَإِنَّمَا يُعَادُ مَا تُطْلَبُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ فَلْيُتَأَمَّلْ: أَيْ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ. اهـ. وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ عَلَى حَجّ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ كَانَتْ الْإِعَادَةُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الثَّانِيَةَ فَرْضُهُ كَانَ وَجْهُ الْإِعَادَةِ احْتِمَالَ كَوْنِ الْأُولَى وَقَعَتْ نَفْلًا مُطْلَقًا لِفِعْلِهَا قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا. [تَنْبِيهٌ] أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْمُعَادَةِ وُقُوعُهَا فِي جَمَاعَةٍ مِنْ أَوَّلِهَا إلَى آخِرِهَا: أَيْ بِأَنْ يُدْرِكَ رُكُوعَ الْأُولَى، وَإِنْ تَبَاطَأَ قَصْدًا فَلَا يَكْفِي وُقُوعُ بَعْضِهَا فِي جَمَاعَةٍ حَتَّى لَوْ أَخْرَجَ نَفْسَهُ فِيهَا مِنْ الْقُدْوَةِ أَوْ سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِبَعْضِ الرَّكَعَاتِ لَمْ تَصِحَّ. وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ وَافَقَ الْإِمَامَ مِنْ أَوَّلِهَا لَكِنْ تَأَخَّرَ سَلَامُهُ عَنْ سَلَامِ الْإِمَامِ بِحَيْثُ عُدَّ مُنْقَطِعًا عَنْهُ بَطَلَتْ، وَأَنَّهُ لَوْ رَأَى جَمَاعَةً وَشَكَّ هَلْ هُمْ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ فِيمَا بَعْدَهَا امْتَنَعَتْ الْإِعَادَةُ مَعَهُمْ م ر. وَكَلَامُ الشَّارِحِ مُصَرِّحٌ بِخِلَافِ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَعَلَيْهِ غَيْرُهُ مِنْ مَشَايِخِنَا أَيْضًا، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَلَوْ لَحِقَ الْإِمَامَ سَهْوٌ فَسَلَّمَ وَلَمْ يَسْجُدْ فَيَتَّجِهُ أَنَّ لِلْمَأْمُومِ الْمُعِيدِ أَنْ يَسْجُدَ إذَا لَمْ يَتَأَخَّرْ كَثِيرًا بِحَيْثُ يُعَدُّ مُنْقَطِعًا عَنْهُ م ر، وَلَوْ شَكَّ الْمُعِيدُ فِي تَرْكِ رُكْنٍ فَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِمُجَرَّدِ الشَّكِّ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ لِلِانْفِرَادِ بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَالِانْفِرَادُ فِي الْمُعَادَةِ مُمْتَنِعٌ أَوْ لَا تَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَتَذَكَّرَ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ عَدَمَ تَرْكِ شَيْءٍ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالثَّانِي أَقْرَبُ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُهُ امْتَنَعَتْ الْإِعَادَةُ مَعَهُمْ: أَيْ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى. وَقَوْلُهُ إنَّ لِلْمَأْمُومِ إلَخْ قَدْ يُخَالِفُهُ ظَاهِرُ قَوْلِ الشَّارِحِ هُنَا إنَّ الْجَمَاعَةَ فِي الْمُعَادَةِ كَالطَّهَارَةِ فَإِنَّ قَضِيَّةَ التَّشْبِيهِ أَنَّ الِانْفِرَادَ فِي أَيِّ جُزْءٍ وَإِنْ قَلَّ يَضُرُّ، كَمَا أَنَّ الْحَدَثَ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ، وَإِنْ قَلَّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُمْكِنُ الْفَرْقُ أَنَّ زَمَانَهُ لَمَّا عُدَّ مِنْ تَوَابِعِ الصَّلَاةِ لَمْ يَضُرَّ (قَوْلُهُ: يَحْتَسِبُ اللَّهُ تَعَالَى مَا شَاءَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQلَمْ تَنْعَقِدْ إلَّا لِسَبَبٍ كَأَنْ كَانَ فِي صَلَاتِهِ الْأُولَى خَلَلٌ، وَمِنْهُ جَرَيَانُ خِلَافِ إلَخْ، خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي الِانْعِقَادِ وَعَدَمِهِ وَهَذَا فِي السَّنِّ وَعَدَمِهِ.

[أعذار ترك صلاة الجماعة]

يَنْوِيَ بِالثَّانِيَةِ الْفَرْضَ) صُورَةً حَتَّى لَا تَكُونَ نَفْلًا مُبْتَدَأً، أَوْ مَا هُوَ صُورَةُ فَرْضٍ عَلَى الْمُكَلَّفِ فِي الْجُمْلَةِ لَا عَلَيْهِ هُوَ، فَإِنَّهُ إنَّمَا طُلِبَ مِنْهُ إعَادَتُهَا لِيَحْصُلَ لَهُ ثَوَابُ الْجَمَاعَةِ فِي فَرْضِهِ وَلَا يَحْصُلُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الْفَرْضِ؛ وَلِأَنَّ حَقِيقَةَ الْإِعَادَةِ إيجَادُ الشَّيْءِ ثَانِيًا بِصِفَتِهِ الْأُولَى، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ وُجُوبِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَإِنْ رَجَّحَ فِي الرَّوْضَةِ مَا اخْتَارَهُ الْإِمَامُ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِهَا وَأَنَّهُ تَكْفِي نِيَّةُ الظُّهْرِ مَثَلًا، عَلَى أَنَّهُ اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَيْسَ وَجْهًا فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ مُعْتَمَدًا. أَمَّا إذَا نَوَى حَقِيقَةَ الْفَرْضِ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِتَلَاعُبِهِ، وَيَجِبُ فِي هَذِهِ الْمُعَادَةِ الْقِيَامُ، وَيَحْرُمُ قَطْعُهَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ؛ لِأَنَّهُمْ أَثْبَتُوا لَهَا أَحْكَامَ الْفَرْضِ لِكَوْنِهَا عَلَى صُورَتِهِ. (وَلَا رُخْصَةَ فِي) (تَرْكِهَا) أَيْ الْجَمَاعَةِ (وَإِنْ قُلْنَا) إنَّهَا (سُنَّةٌ) لِتَأَكُّدِهَا (إلَّا لِعُذْرٍ) فَلَا تُرَدُّ شَهَادَةُ الْمُدَاوِمِ عَلَى تَرْكِهَا لِعُذْرٍ بِخِلَافِ الْمُدَاوِمِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ عُذْرٍ، وَإِذَا أَمَرَ الْإِمَامُ النَّاسَ بِالْجَمَاعَةِ وَجَبَتْ إلَّا عِنْدَ قِيَامِ الرُّخْصَةِ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ طَاعَتُهُ؛ لِقِيَامِ الْعُذْرِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ لَا صَلَاةَ لَهُ» أَيْ كَامِلَةً إلَّا مِنْ عُذْرٍ. وَالرُّخْصَةُ بِسُكُونِ الْخَاءِ وَيَجُوزُ ضَمُّهَا لُغَةً: التَّيْسِيرُ وَالتَّسْهِيلُ، وَاصْطِلَاحًا: الْحُكْمُ الثَّابِتُ عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ لِعُذْرٍ (عَامٍّ كَمَطَرٍ) وَثَلْجٍ وَبَرْدٍ يَبُلُّ كُلٌّ مِنْهَا ثَوْبَهُ، أَوْ كَانَ نَحْوَ الْبَرْدِ كِبَارًا يُؤْذِي لَيْلًا وَنَهَارًا لِمَا صَحَّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ لَمَّا مُطِرُوا فِي سَفَرٍ: «لِيُصَلِّ مَنْ شَاءَ فِي رَحْلِهِ» وَلِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ النَّجَاسَةُ أَوْ الْقَذَارَةُ. أَمَّا إذَا لَمْ يَتَأَذَّ بِذَلِكَ لِقِلَّتِهِ أَوْ كِنٍّ، وَلَمْ يَخَفْ تَقْطِيرًا مِنْ سُقُوفِهِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهَا النَّجَاسَةُ فَلَا يَكُونُ عُذْرًا. (أَوْ رِيحٍ عَاصِفٍ) أَيْ شَدِيدٍ أَوْ رِيحٍ بَارِدٍ أَوْ ظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ (بِاللَّيْلِ) أَوْ وَقْتِ الصُّبْحِ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ؛ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ فِيهِ أَشَدُّ مِنْهَا فِي الْمَغْرِبِ، بِخِلَافِ النَّهَارِ وَالرِّيحُ مُؤَنَّثَةٌ. (وَكَذَا وَحَلٌ) ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ يَقْبَلُ مَا شَاءَ إلَخْ (قَوْلُهُ: صُورَةٌ) أَيْ لَا الْحَقِيقِيُّ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا نَوَى حَقِيقَةَ الْفَرْضِ) أَيْ أَوْ أَطْلَقَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ قَبْلَ صُورَةٍ أَوْ مَا هُوَ فَرْضٌ عَلَى إلَخْ، لَكِنْ فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا نَصُّهُ: فَرْعٌ: الْمُتَّجَهُ وِفَاقًا لِشَيْخِنَا طب وَم ر أَنَّهُ إذَا أَطْلَقَ نِيَّةَ الْفَرْضِيَّةِ فِي الْمُعَادَةِ لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْ كَوْنَهَا فَرْضًا عَلَى الْمُكَلَّفِ أَوْ فَرْضًا فِي الْجُمْلَةِ. (قَوْلُهُ: فَلَا تُرَدُّ شَهَادَةُ الْمُدَاوِمِ عَلَى تَرْكِهَا) الْمُتَبَادَرُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ الْمُوَاظَبَةُ عَلَى تَرْكِهَا فِي جَمِيعِ الْفَرَائِضِ، فَلَا تُرَدُّ بِالْمُوَاظَبَةِ عَلَى تَرْكِهَا فِي الْبَعْضِ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ؛ لِأَنَّ فِي تَرْكِهِ لِلْبَعْضِ تَهَاوُنًا بِالْمَطْلُوبِ مِنْهُ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ الْمُوَاظَبَةِ عَدَمُهَا عُرْفًا بِحَيْثُ يُعَدُّ غَيْرَ مُعْتَنٍ بِالْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: لِقِيَامِ الْعُذْرِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ عَلِمَ بِهِ وَأَمَرَهُمْ بِالْحُضُورِ مَعَهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِالْجَمَاعَةِ أَمْرًا مُطْلَقًا ثُمَّ عَرَضَ لَهُمْ الْعُذْرُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ الْحُضُورُ لِحَمْلِ أَمْرِهِ عَلَى غَيْرِ أَوْقَاتِ الْعُذْرِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ ضَمُّهَا) زَادَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: وَأَمَّا بِالْفَتْحِ فَهُوَ الشَّخْصُ الْمُتَرَخِّصُ كَثِيرًا كَمَا فِي ضَحْكَةٍ فَإِنَّهُ الَّذِي يَضْحَكُ كَثِيرًا (قَوْلُهُ: وَالتَّسْهِيلُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: وَاصْطِلَاحًا) وَيُعَبِّرُ عَنْهَا أَيْضًا بِأَنَّهَا هِيَ الْحُكْمُ الْمُتَغَيِّرُ إلَيْهِ السَّهْلُ لِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ لِلْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ (قَوْلُهُ: عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ) دَخَلَ فِيهِ مَا لَمْ يَسْبِقْ امْتِنَاعُهُ بَلْ وَرَدَ ابْتِدَاءً عَلَى خِلَافِ مَا يَقْتَضِيهِ الدَّلِيلُ كَالسَّلَمِ، فَإِنَّ مُقْتَضَى اشْتِمَالِهِ عَلَى الْغَرَرِ عَدَمُ جَوَازِهِ فَجَوَازُهُ عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ (قَوْلُهُ: لَيْلًا وَنَهَارًا) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَمَطَرٍ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: قَالَ لَمَّا مُطِرُوا إلَخْ) فِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ شَيْءٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْجَمَاعَةَ لَا تَجِبُ عَلَى الْمُسَافِرِينَ لَكِنَّهَا تُسَنُّ، فَلَعَلَّ الِاسْتِدْلَالَ بِهِ عَلَى كَوْنِهِ عُذْرًا فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ النَّجَاسَةُ) أَيْ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهٍ يُؤَدِّي إلَى اخْتِلَاطِهِ بِنَجِسٍ (قَوْلُهُ: فَلَا يَكُونُ عُذْرًا) جَوَابُ أَمَّا، وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ النَّجَاسَةُ عِلَّةٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ، وَلَمْ يَخَفْ تَقْطِيرًا وَكَأَنَّهُ قَالَ: أَمَّا إذَا خَافَ تَقْطِيرًا فَهُوَ عُذْرٌ. (قَوْلُهُ: وَالرِّيحُ مُؤَنَّثَةٌ) قَضِيَّةُ تَعْبِيرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [أَعْذَارُ تَرْكُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ] (قَوْلُهُ: الْحُكْمُ الثَّابِتُ عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ لِعُذْرٍ) يَرِدُ عَلَيْهِ أُمُورٌ لَا تَخْفَى تُعْلَمُ مِنْ عَرْضِهِ عَلَى حَدِّ الرُّخْصَةِ الْمَشْهُورِ وَهُوَ قَوْلُ جَمْعِ الْجَوَامِعِ: وَالْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ إنْ تَغَيَّرَ لِسُهُولَةٍ لِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ لِلْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ فَرُخْصَةٌ لَا نُطِيلُ بِذِكْرِهَا

بِفَتْحِ الْحَاءِ، وَإِسْكَانُهَا لُغَةٌ رَدِيئَةٌ (شَدِيدٌ عَلَى الصَّحِيحِ) لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا كَالْمَطَرِ بَلْ هُوَ أَشُقُّ غَالِبًا بِخِلَافِ الْخَفِيفِ مِنْهُ. وَالثَّانِي لَا لِإِمْكَانِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ بِالنِّعَالِ وَنَحْوِهَا. وَالشَّدِيدُ: مَا لَا يُؤْمَنُ مَعَهُ التَّلْوِيثُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ، وَإِنْ يَكُنْ الْوَحَلُ مُتَفَاحِشًا كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ، وَقَدْ حُذِفَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. وَالتَّحْقِيقُ: التَّقْيِيدُ بِالشَّدِيدِ وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَفِيفِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَالْأَحَادِيثُ دَالَّةٌ عَلَيْهِ، وَجَرَى ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ تَبَعًا لِأَصْلِهِ عَلَى التَّقْيِيدِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ. وَمِثْلُ الْوَحَلِ فِيمَا ذَكَرَ كَثْرَةُ وُقُوعِ الْبَرْدِ أَوْ الثَّلْجِ عَلَى الْأَرْضِ بِحَيْثُ يَشُقُّ الْمَشْيُ عَلَى ذَلِكَ كَمَشَقَّتِهِ فِي الْوَحَلِ. وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ حِبَّانَ «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَصَابَهُمْ مَطَرٌ لَمْ يَبُلَّ أَسْفَلَ نِعَالِهِمْ أَنْ يُنَادَى بِصَلَاتِهِمْ فِي رِحَالِهِمْ» فَمَفْرُوضٌ فِي الْمَطَرِ وَكَلَامُنَا هُنَا فِي وَحَلٍ مِنْ غَيْرِ مَطَرٍ. (أَوْ خَاصٌّ كَمَرَضٍ) مَشَقَّتُهُ كَمَشَقَّةِ الْمَطَرِ بَلْ يُشْغِلُهُ عَنْ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ حَدًّا يُسْقِطُ الْقِيَامَ فِي الْفَرْضِ لِلْحَرَجِ وَقِيَاسًا عَلَى الْمَطَرِ. أَمَّا الْخَفِيفُ كَصُدَاعٍ يَسِيرٍ وَحُمَّى خَفِيفَةٍ فَلَيْسَ بِعُذْرٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى مَرَضًا. (وَحَرٌّ) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ الظُّهْرِ كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُ تَبَعًا لِأَصْلِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي التَّحْقِيقِ، وَتَقْيِيدُهُ بِوَقْتِ الظُّهْرِ فِي الْمَجْمُوعِ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَجِدَ ظِلًّا يَمْشِي فِيهِ أَوْ لَا، وَبِهِ فَارَقَ مَسْأَلَةَ الْإِبْرَادِ الْمُتَقَدِّمَةِ خِلَافًا ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُصَنِّفِ بِعَاصِفٍ جَوَازُ التَّذْكِيرِ أَيْضًا وَيَدُلُّ لَهُ قَوْله تَعَالَى {جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ} [يونس: 22] وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: بَعْدَ رِيحٍ شَدِيدَةٍ قَالَ عَمِيرَةُ: أَفَادَ بِقَوْلِهِ شَدِيدَةٍ أَنَّ الرِّيحَ مُؤَنَّثَةٌ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا قَالَ عَاصِفٌ نَظَرًا لِلَّفْظِ اهـ. وَفِي الْمِصْبَاحِ: وَالرِّيحُ مُؤَنَّثَةٌ عَلَى الْأَكْثَرِ فَيُقَالُ هِيَ الرِّيحُ، وَقَدْ تَذَّكَّرُ عَلَى مَعْنَى الْهَوَاءِ فَيُقَالُ هُوَ الرِّيحُ وَهَبَّ الرِّيحُ نَقَلَهُ أَبُو زَيْدٍ اهـ. (قَوْلُهُ: وَالشَّدِيدُ مَا لَا يُؤْمَنُ مَعَهُ التَّلْوِيثُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ) أَيْ لِأَسْفَلِ الرِّجْلِ، بِخِلَافِ الْخَفِيفِ، وَهُوَ مَا لَا يُلَوِّثُ ذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا فَقَلَّ أَنْ تُوجَدَ صُورَةٌ لَا يَكُونُ الْوَحْلُ فِيهَا شَدِيدًا (قَوْلُهُ: التَّقْيِيدُ) أَيْ بِالتَّشْدِيدِ. (قَوْلُهُ: يَسْقُطُ الْقِيَامُ) تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ أَنَّ مَا أَذْهَبَ الْخُشُوعَ مُسْقِطٌ لِوُجُوبِ الْقِيَامِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا ذَكَرَهُ هُنَاكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَشَقَّةٍ قَوِيَّةٍ لَا يَحْصُلُ مَعَهَا شَيْءٌ مِنْ الْخُشُوعِ أَصْلًا وَمَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا يُذْهِبُ كَمَالَ الْخُشُوعِ فَإِنَّهُ لَا يُسْقِطُ الْجَمَاعَةَ (قَوْلُهُ: تَبَعًا لِأَصْلِهِ) أَيْ الْمُحَرَّرِ (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَجِدَ ظِلًّا يَمْشِي فِيهِ أَوْ لَا) عِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ قَوْلُهُ: وَشِدَّةُ حَرٍّ: أَيْ وَلَمْ يَجِدْ كِنًّا يَمْشِي فِيهِ يَقِيهِ الْحَرَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. وَقَدْ يُقَالُ: لَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِحَمْلِ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى ظِلٍّ لَا يَمْنَعُ مِنْ إدْرَاكِ أَثَرِ الْحَرِّ، وَكَلَامُ سم عَلَى خِلَافِهِ، وَعِبَارَتُهُ عَلَى حَجّ: قَوْلُهُ: وَإِنْ وَجَدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: التَّلْوِيثُ) أَيْ لِنَحْوِ مَلْبُوسِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لَا لِنَحْوِ أَسْفَلِ الرِّجْلِ وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ تَفْسِيرِهِ بِذَلِكَ لَا يَخْفَى بُعْدُهُ خُصُوصًا مَعَ وَصْفِهِ بِالشِّدَّةِ وَمُقَابَلَتِهِ بِالتَّفَاحُشِ، عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَتَحَقَّقَ خَفِيفٌ إذْ كُلُّ وَحْلٍ يُلَوِّثُ أَسْفَلَ الرِّجْلِ. (قَوْلُهُ: مَشَقَّتُهُ كَمَشَقَّةِ الْمَطَرِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ مَشَقَّتُهُ كَمَشَقَّةِ الْمَشْيِ فِي الْمَطَرِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَشْغَلُهُ عَنْ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ) لَمْ يَتَقَدَّمْ مِثْلُهُ فِي الْمَطَرِ الْمُشَبَّهِ بِهِ حَتَّى تَتَأَتَّى هَذِهِ الْإِحَالَةُ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمَرَضِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَالشَّاقُّ إنَّمَا هُوَ الْمَشْيُ مَعَهُ لِمَحَلِّ الْجَمَاعَةِ كَنَظَائِرِهِ لَا فِي الصَّلَاةِ مَعَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: هَذَا ضَابِطٌ لِلْمَرَضِ الَّذِي يَسْقُطُ عَنْهُ الْمَشْيُ لِمَحَلِّ الْجَمَاعَةِ بِأَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ صَلَّى مَعَهُ شَغَلَهُ عَنْ الْخُشُوعِ، لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ حِينَئِذٍ يُسْقِطُ الْقِيَامَ فِي الصَّلَاةِ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ إلَخْ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الَّذِي يَشْغَلُ عَنْ الْخُشُوعِ غَيْرُ الَّذِي يُذْهِبُ الْخُشُوعَ، وَالْمُسْقِطُ لِلْقِيَامِ إنَّمَا هُوَ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ. وَقَدْ يُجَابُ عَنْ أَصْلِ الْعِبَارَةِ بِأَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ يَبْقَى مَعَهُ أَثَرُ الْمَشْيِ فِي هَذَا إلَى أَنْ يَشْغَلَهُ عَنْ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ، وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ إلَخْ بِالنَّظَرِ لِذَاتِهِ قَبْلَ الْمَشْيِ، وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ عِبَارَةُ الْإِمْدَادِ. (قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ مَسْأَلَةَ الْإِبْرَادِ) مُرَادُهُ أَنَّهُ عُلِمَ بِمَا ذُكِرَ أَنَّ حُكْمَ

لِجَمْعٍ تَوَهَّمُوا اتِّحَادَهُمَا (وَبَرْدٌ) لَيْلًا وَنَهَارًا (شَدِيدَانِ) بِخِلَافِ الْخَفِيفِ مِنْهُمَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَا مَأْلُوفَيْنِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ أَوْ لَا خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ، إذْ الْمَدَارُ عَلَى مَا يَحْصُلُ بِهِ التَّأَذِّي وَالْمَشَقَّةُ فَحَيْثُ وُجِدَ كَانَ عُذْرًا، وَإِلَّا فَلَا، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا مِنْ كَوْنِهِمَا مِنْ الْخَاصِّ تَبِعَ فِيهِ الْمُحَرَّرَ وَعَدَّهُمَا فِي الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحِ مِنْ الْعَامِّ، وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ، فَالْأَوَّلُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَحَسَّ بِهِمَا ضَعِيفُ الْخِلْقَةِ دُونَ قَوِيِّهَا فَيَكُونَانِ مِنْ الْخَاصِّ، وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا أَحَسَّ بِهِمَا قَوِيُّهَا فَيَحُسُّ بِهِمَا ضَعِيفُهَا مِنْ بَابِ أَوْلَى فَيَكُونَانِ مِنْ الْعَامِّ. (وَجُوعٌ وَعَطَشٌ ظَاهِرَانِ) أَيْ شَدِيدَانِ وَالْمَأْكُولُ وَالْمَشْرُوبُ حَاضِرَا، وَقَرُبَ حُضُورُهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَبَعًا لِابْنِ يُونُسَ وَكَانَ تَائِقًا لِذَلِكَ، وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ فِي الْمُهِمَّاتِ: الظَّاهِرُ الِاكْتِفَاءُ بِالتَّوَقَانِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ جُوعٌ وَلَا عَطَشٌ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْفَوَاكِهِ وَالْمَشَارِبِ اللَّذِيذَةِ تَتُوقُ النَّفْسُ إلَيْهَا عِنْدَ حُضُورِهَا بِلَا جُوعٍ وَلَا عَطَشٍ مَرْدُودٌ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ بِأَنَّهُ يَبْعُدُ مُفَارَقَتُهُمَا لِلتَّوَقَانِ، إذْ التَّوَقَانُ إلَى الشَّيْءِ الِاشْتِيَاقُ لَهُ لَا الشَّوْقُ، فَشَهْوَةُ النَّفْسِ لِهَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ بِدُونِهِمَا لَا تُسَمَّى تَوَقَانًا، وَإِنَّمَا تُسَمَّاهُ إذَا كَانَتْ بِهِمَا بَلْ لِشِدَّتِهِمَا، وَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَنَّ شِدَّةَ أَحَدِهِمَا كَافِيَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ ذَلِكَ وَلَا قَرُبَ حُضُورُهُ رُدَّ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْأَخْبَارِ كَخَبَرِ «إذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ» وَخَبَرِ «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ» وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ هَؤُلَاءِ عَلَى مَا إذَا اخْتَلَّ أَصْلُ خُشُوعِهِ لِشِدَّةِ جُوعِهِ أَوْ عَطَشِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ شَبِيهٌ بِمُدَافَعَةِ الْحَدَثِ، بَلْ أَوْلَى مِنْ الْمَطَرِ وَنَحْوِهِ مِمَّا مَرَّ، إذْ مَشَقَّةُ هَذَا أَكْثَرُ وَلِأَنَّهَا مُلَازِمَةٌ فِي الصَّلَاةِ بِخِلَافِ ذَلِكَ. وَحَمْلُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ عَلَى عَدَمِ اخْتِلَالِ خُشُوعِهِ إلَّا بِحَضْرَةِ ذَلِكَ أَوْ قُرْبِ حُضُورِهِ، فَيَبْدَأُ حِينَئِذٍ بِمَا يَكْسِرُ شَهْوَتَهُ مِنْ أَكْلِ لُقَمٍ فِي الْجُوعِ، وَتَصْوِيبُ الْمُصَنِّفِ الشِّبَعَ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى إلَّا أَنَّ الْأَصْحَابَ عَلَى خِلَافِهِ. نَعَمْ يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِمْ عَلَى مَا إذَا وَثِقَ مِنْ نَفْسِهِ بِعَدَمِ التَّطَلُّعِ بَعْدَ أَكْلِ مَا ذُكِرَ، وَكَلَامُهُ عَلَى خِلَافِهِ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSظِلًّا يَمْشِي فِيهِ. أَقُولُ: لَا يَخْفَى عَلَى مُتَأَمِّلٍ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ مِمَّا لَا وَجْهَ لَهُ، وَذَلِكَ أَنَّ مِنْ الْبَدِيهِيِّ أَنَّ الْحَرَّ إنَّمَا يَكُونُ عُذْرًا إذَا حَصَلَ بِهِ التَّأَذِّي، فَإِذَا وَجَدَ ظِلًّا يَمْشِي فِيهِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الظِّلُّ دَافِعًا لِلتَّأَذِّي بِالْحَرِّ فَلَا وَجْهَ حِينَئِذٍ لِكَوْنِ الْحَرِّ عُذْرًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَافِعًا لِذَلِكَ كَانَ مُقْتَضِيًا لِلْإِبْرَادِ أَيْضًا، وَلَا يَصِحُّ الْفَرْقُ حِينَئِذٍ بَيْنَ الْبَابَيْنِ، إذْ لَيْسَ الْمَدَارُ فِيهِمَا إلَّا عَلَى حُصُولِ التَّأَذِّي بِالْحَرِّ. وَإِنَّمَا الْوَجْهُ فِي مُفَارَقَةِ مَا هُنَا لِلْإِبْرَادِ أَنَّ مَا هُنَا مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا تَرَكَ الْإِمَامُ الْإِبْرَادَ، وَأَقَامَ الْجَمَاعَةَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ فَيَعْذُرُ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ لِعُذْرِ الْحَرِّ. فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُطْلَبُ الْإِبْرَادُ بِالظُّهْرِ فِي الْحَرِّ بِشَرْطِهِ، فَإِنْ خَالَفُوا وَأَقَامُوا الْجَمَاعَةَ أَوَّلَ الْوَقْتِ عُذِرَ مَنْ تَخَلَّفَ لِعُذْرِ الْحَرِّ فَتَأَمَّلْهُ. اهـ. لَكِنْ هَذَا قَدْ يُخَالِفُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَقْتُ الظُّهْرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْمَشَقَّةُ) عَطْفُ سَبَبٍ عَلَى مُسَبَّبٍ. (قَوْلُهُ: وَالْمَشْرُوبُ حَاضِرٌ) أَيْ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ حَلَالًا، فَلَوْ كَانَ حَرَامًا حَرُمَ عَلَيْهِ تَنَاوُلُهُ، وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ يَتَرَقَّبُ حَلَالًا، فَلَوْ لَمْ يَتَرَقَّبْهُ كَانَ كَالْمُضْطَرِّ (قَوْلُهُ: يَبْعُدُ مُفَارَقَتُهُمَا) أَيْ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ (قَوْلُهُ: الِاشْتِيَاقُ لَهُ لَا الشَّوْقُ) الَّذِي فِي الْمُخْتَارِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الشَّوْقِ وَالِاشْتِيَاقِ. قَالَ: الشَّوْقُ وَالِاشْتِيَاقُ نِزَاعُ النَّفْسِ إلَى الشَّيْءِ. اهـ. إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ النِّزَاعَ مَقُولٌ بِالتَّشْكِيكِ، فَهُوَ إذَا عُبِّرَ عَنْهُ بِالِاشْتِيَاقِ أَقْوَى مِنْهُ إذَا عُبِّرَ عَنْهُ بِالشَّوْقِ وَعَلَيْهِ فَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا بِالنَّظَرِ لِأَصْلِ الْمَعْنَى لَا الْمُرَادِ مِنْهُمَا، وَعِبَارَةُ حَجّ عَبَّرَ آخَرُونَ بِالتَّوَقَانِ إلَيْهِ، وَلَا تَنَافِيَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ شِدَّةُ الشَّوْقِ لَا أَصْلُهُ وَهُوَ مُسَاوٍ لِشِدَّةِ أَحَدِ ذَيْنِك. اهـ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ الْأَصْحَابَ عَلَى خِلَافِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا هُنَا مُغَايِرٌ لِحُكْمِ الْإِبْرَادِ، إلَّا أَنَّ مَا ذُكِرَ وَجْهُ الْمُفَارَقَةِ، وَإِنْ أَوْهَمَتْهُ الْعِبَارَةُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَكَانَ تَائِقًا لِذَلِكَ) كَأَنَّهُ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ طَعَامٍ لَمْ تَتُقْ نَفْسُهُ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ بِهِ شِدَّةُ الْجُوعِ كَأَنْ تَكُونَ نَفْسُهُ تَنْفِرُ مِنْهُ فَلَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِوَصْفِ الْجُوعِ بِالشِّدَّةِ (قَوْلُهُ: وَثِقَ مِنْ نَفْسِهِ بِعَدَمِ التَّطَلُّعِ) أَيْ الَّذِي مَعَهُ تَوَقَانٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي، وَأَفْهَمَ تَعْبِيرُهُ بِالشِّدَّةِ إلَخْ

تَكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي كُلِّ حَالَةٍ تُنَافِي خُشُوعَهُ. فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى لَمْ تُطْلَبْ الصَّلَاةُ فَالْجَمَاعَةُ أَوْلَى، وَيَأْتِي عَلَى الْمَشْرُوبِ كَاللَّبَنِ لِكَوْنِهِ مِمَّا يُؤْتَى عَلَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَأَفْهَمَ تَعْبِيرُهُ بِالشِّدَّةِ أَنَّ السُّقُوطَ بِهِمَا وَبِمَا قَبْلَهُمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى زَوَالِهِ بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ يَكْفِي أَنْ يَصْبِرَ إلَى حَالَةٍ لَا يَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا فِي الِابْتِدَاءِ كَأَنْ يَخِفَّ. (وَمُدَافَعَةُ حَدَثٍ) مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ رِيحٍ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ تَفْرِيغِ نَفْسِهِ وَالتَّطَهُّرِ قَبْلَ فَوْتِ الْجَمَاعَةِ لِكَوْنِ الصَّلَاةِ حِينَئِذٍ مَكْرُوهَةً. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ مُسْلِمٍ «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ وَلَا هُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ» وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ عِنْدَ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ، فَإِنْ خَشِيَ بِتَخَلُّفِهِ لَمَّا ذَكَرَ فَوْتَ الْوَقْتِ وَلَمْ يَخْشَ مِنْ كَتْمِ حَدَثِهِ وَنَحْوِهِ ضَرَرًا كَمَا بَحْثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مُتَّجِهٌ صَلَّى وُجُوبًا مَعَ مُدَافَعَةِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ مُحَافَظَةً عَلَى حُرْمَةِ الْوَقْتِ. وَالسُّنَّةُ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنْ الْجَمَاعَةِ؛ لِيُفَرِّغَ نَفْسَهُ لِمَا مَرَّ مِنْ كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ مَعَ ذَلِكَ، وَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ لَوْ فَرَّغَ نَفْسَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ. وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ حَدَثَ لَهُ الْحَقْنُ فِي صَلَاتِهِ حَرُمَ عَلَيْهِ قَطْعُهَا إنْ كَانَ فَرْضًا إلَّا إنْ اشْتَدَّ الْحَالُ وَخَافَ ضَرَرًا. (وَخَوْفُ ظَالِمٍ) مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ (عَلَى) مَعْصُومٍ مِنْ (نَفْسٍ) أَوْ عُضْوٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ (أَوْ مَالٍ) أَوْ عِرْضٍ أَوْ حَقٍّ لَهُ وَلَوْ اخْتِصَاصًا فِيمَا يَظْهَرُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ الذَّبُّ عَنْهُ فِي الْأَوْجَهِ خِلَافًا لِمَنْ قُيِّدَ بِهِ وَذِكْرُ ظَالِمٍ مِثَالٌ لَا قَيْدٌ. إذْ الْخَوْفُ عَلَى نَحْوِ خُبْزِهِ فِي تَنُّورٍ عُذْرٌ أَيْضًا، وَمَحَلُّ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ إسْقَاطَ الْجَمَاعَةِ، وَإِلَّا فَلَا تَكُونُ عُذْرًا. نَعَمْ إنْ خَافَ تَلَفَهُ سَقَطَتْ عَنْهُ حِينَئِذٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِلنَّهْيِ عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ، وَكَذَا فِي أَكْلِ مَالَهُ رِيحٌ كَرِيهٌ بِقَصْدِ الْإِسْقَاطِ فَيَأْثَمُ بِعَدَمِ حُضُورِ الْجُمُعَةِ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَلَوْ مَعَ رِيحِ الْمُنْتِنِ، لَكِنْ يُنْدَبُ لَهُ السَّعْيُ فِي إزَالَتِهِ عِنْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَأَفْتَى أَيْضًا بِأَنَّهُ تَسْقُطُ الْجُمُعَةُ عَنْ أَهْلِ مَحَلٍّ عَمَّهُمْ عُذْرٌ كَمَطَرٍ. أَمَّا خَوْفُ غَيْرِ ظَالِمٍ كَذِي حَقٍّ وَجَبَ عَلَيْهِ دَفْعُهُ فَوْرًا فَيَلْزَمُهُ الْحُضُورُ وَتَوْفِيَتُهُ. وَمِثْلُ خَوْفِهِ عَلَى نَحْوِ خُبْزِهِ خَوْفُهُ عَدَمَ نَبَاتِ بَذْرِهِ أَوْ ضَعْفِهِ أَوْ أَكْلِ نَحْوَ جَرَادٍ لَهُ أَوْ اشْتَغَلَ بِالْجَمَاعَةِ، وَلَوْ خَافَ مِنْ حُضُورِهَا فَوَاتَ تَحْصِيلِ تَمَلُّكِ مَالٍ فَالْأَوْجَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSهَذَا مُعْتَمَدٌ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: يُنَافِي خُشُوعَهُ) وَمِنْهُ مَا لَوْ تَاقَتْ نَفْسُهُ لِلْجِمَاعِ بِحَيْثُ يَذْهَبُ خُشُوعُهُ لَوْ صَلَّى بِدُونِهِ. (قَوْلُهُ: ضَرَرًا) أَيْ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ (قَوْلُهُ: وَخَافَ ضَرَرًا) أَيْ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ أَيْضًا فَلَهُ الْقَطْعُ بَلْ قَدْ يَجِبُ (قَوْلُهُ: إذْ الْخَوْفُ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ خَافَ تَلَفًا أَوْ عَيْبًا فِيهِ فَلَا يُنَافِي الِاسْتِدْرَاكَ الْآتِيَ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ فِي الْخَبْزِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُنْدَبُ لَهُ السَّعْيُ) ظَاهِرُهُ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَإِنْ عَلِمَ تَأَذِّي النَّاسِ بِهِ. اهـ سم عَلَى ابْنِ حَجَرٍ، وَهُوَ قَرِيبٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا اُعْتِيدَ وَمِمَّا يُحْتَمَلُ أَذَاهُ عَادَةً (قَوْلُهُ: أَوْ أَكْلِ نَحْوِ جَرَادٍ) مِنْ النَّحْوِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى لَمْ تُطْلَبْ الصَّلَاةُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَعْنَى عَدَمِ طَلَبِ الصَّلَاةِ لِأَجْلِ الْجُوعِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ يُقَدِّمُ الْأَكْلَ ثُمَّ يُصَلِّي، وَالصُّورَةُ أَنَّ الْوَقْتَ بَاقٍ فَلَا مَحْذُورَ فِي التَّأْخِيرِ هَذَا الزَّمَنِ الْقَصِيرِ، وَهَذَا بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ مَعَ زِيَادَةِ فَوْتِ الْجَمَاعَةِ فَأَيْنَ الْأَوْلَوِيَّةُ بَلْ أَيْنَ الْمُسَاوَاةُ (قَوْلُهُ: أَنَّ السُّقُوطَ بِهِمَا وَبِمَا قَبْلَهُمَا إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ قَلْبٌ وَهِيَ عِبَارَةُ الْإِمْدَادِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْهَا أَنَّ زَوَالَ الْعُذْرِ بِهِمَا وَبِمَا قَبْلَهُمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى زَوَالِهِ بِالْكُلِّيَّةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِثَالٌ لَا قَيْدٌ) أَيْ وَإِنْ خَرَجَ بِهِ مَا يَأْتِي فَهُوَ مِثَالٌ بِاعْتِبَارٍ قَيْدٌ بِاعْتِبَارٍ (قَوْلُهُ: إذْ الْخَوْفُ عَلَى نَحْوِ خُبْزِهِ) أَيْ وَلَوْ نَحْوَ تَعَيُّبٍ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي فِي التَّعَدِّي نَعَمْ إنْ خَافَ تَلَفَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَيَأْثَمُ بِعَدَمِ حُضُورِ الْجُمُعَةِ) أَيْ وَكَذَا الْجَمَاعَةُ وَإِنْ تَوَقَّفَتْ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنَّمَا فَرْضُهُ فِي الْجُمُعَةِ لِتَأَتِّي ذَلِكَ فِيهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَقَدْ يُسْتَفَادُ مِنْ جَعْلِهِ الْإِثْمَ بِعَدَمِ الْحُضُورِ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ بِالْأَكْلِ. وَفِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ لِلشِّهَابِ سم نَقْلًا عَنْ الشَّارِحِ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ فَقَالَ: إنَّهُ يُكْرَهُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ أَكْلًا، وَإِنَّمَا يَحْرُمُ الْقَصْدُ. وَعَنْ الشِّهَابِ حَجّ أَنَّ الْأَكْلَ حَرَامٌ (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ) يَعْنِي بِنَدْبِ السَّعْيِ فِي إزَالَتِهِ، وَإِلَّا فَفَرْضُ فُتْيَاهُ فِيمَا لَوْ أَكَلَ مَا ذُكِرَ جَاهِلًا بِأَنَّهُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا وَقْفَةٌ تُعْلَمُ

أَنَّهُ إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ حَالًّا كَانَ عُذْرًا، وَإِلَّا فَلَا (وَ) خَوْفُ (مُلَازَمَةِ) أَوْ حَبْسِ (غَرِيمٍ مُعْسِرٍ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ فَلَا يُنَوَّنُ غَرِيمُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ الدَّائِنُ وَمِثْلُهُ وَكِيلُهُ، أَوْ لِمَفْعُولِهِ فَيُنَوَّنُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ الْمَدِينُ وَمَحَلُّهُ إذَا عَسِرَ عَلَيْهِ إثْبَاتُ إعْسَارِهِ بِخِلَافِ الْمُوسِرِ بِمَا عَلَيْهِ، وَالْمُعْسِرِ الْقَادِرِ عَلَى الْإِثْبَاتِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ يَمِينٍ، وَلَوْ كَانَ الْحَاكِمُ لَا يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ إلَّا بَعْدَ حَبْسِهِ فَهِيَ كَالْعَدَمِ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ (وَ) خَوْفُ (عُقُوبَةٍ) تَقْبَلُ الْعَفْوَ عَنْهَا كَحَدِّ قَذْفٍ وَقَوَدٍ وَتَعْذِيرٍ لِلَّهِ أَوْ لِآدَمِيٍّ، وَ (يُرْجَى تَرْكُهَا) وَلَوْ عَلَى بُعْدٍ وَلَوْ بِبَذْلِ مَالٍ (إنْ تَغَيَّبَ أَيَّامًا) يَعْنِي زَمَنًا يَسْكُنُ فِيهِ غَضَبُ الْمُسْتَحِقِّ، أَمَّا حَدُّ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالشُّرْبِ وَنَحْوِهَا مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَعْذُرُ بِالْخَوْفِ مِنْهَا إذَا بَلَغَتْ الْإِمَامَ: أَيْ وَثَبَتَتْ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرْجُو الْعَفْوَ عَنْ ذَلِكَ فَلَا رُخْصَةَ بِهِ بَلْ يَحْرُمُ التَّغَيُّبُ عَنْهُ لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ، وَلَهُ التَّغَيُّبُ عَنْ الشُّهُودِ لِئَلَّا يَرْفَعُوا أَمَرَهُ إلَى الْإِمَامِ، وَإِنَّمَا جَازَ تَغَيُّبُ مَنْ عَلَيْهِ قَوَدٌ أَنَّ مُوجِبَهُ كَبِيرَةٌ، وَالتَّخْفِيفُ يُنَافِيهِ؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ وَالتَّغَيُّبَ طَرِيقُهُ، وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِأَيَّامًا مَا دَامَ يَرْجُو الْعَفْوَ وَلَوْ عَلَى بُعْدِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْقِصَاصُ لِصَبِيٍّ وَحَصَلَ رَجَاؤُهُ لِقُرْبِ بُلُوغِهِ مَثَلًا فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ، فَقَدْ يُرْفَعُ أَمْرُهُ لِمَنْ يَرَى الِاخْتِصَاصَ لِلْوَلِيِّ أَوْ لِمَنْ يَحْبِسُهُ خَشْيَةً مِنْ هَرَبِهِ إلَى الْبُلُوغِ فَلَا يُمْكِنُهُ التَّغَيُّبُ. (وَعُرْيٌ) بِأَنْ لَمْ يَجِدْ مَا يَلِيقُ بِهِ لُبْسُهُ، وَإِنْ وَجَدَ سَاتِرَ عَوْرَتِهِ كَفَقْدِ عِمَامَةٍ أَوْ قَبَاءٍ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ مَشَقَّةً فِي خُرُوجِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْحَمَامِ وَالْعَصَافِيرِ وَنَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ: كَحَدِّ قَذْفٍ إلَخْ) أَيْ كَأَنْ رَأَى الْإِمَامُ الْمَصْلَحَةَ فِي تَرْكِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْعَفْوُ عَنْهُ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ: لِقُرْبِ بُلُوغِهِ) اُنْظُرْ مَا ضَابِطُ الْقُرْبِ، بَلْ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَلَوْ عَلَى بُعْدِ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْقُرْبِ. (قَوْلُهُ: وَعَرِيٌّ) يُقَالُ فَرَسٌ عَرِيٌّ: أَيْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَيُقَالُ أَيْضًا عَرِيَ مِنْ ثِيَابِهِ إذَا تَعَرَّى كَعَمِيَ يَعْرَى عُرِيًّا بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَيَجُوزُ قِرَاءَةُ الْكِتَابِ بِالْوَجْهَيْنِ انْتَهَى عَمِيرَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْوُقُوفِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَالْمُعْسِرُ الْقَادِرُ) الْمُنَاسِبُ وَالْمُعْسِرُ الَّذِي لَا يَتَعَسَّرُ عَلَيْهِ الْإِثْبَاتُ (قَوْلُهُ: أَيْ وَثَبَتَتْ عِنْدَهُ) أَيْ وَطَلَبَ الْمُسْتَحِقُّ بِالنِّسْبَةِ لِلسَّرِقَةِ (قَوْلُهُ: أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ) بَدَلٌ مِنْ مَا وَنَائِبُ فَاعِلِ عُلِمَ قَوْلُهُ: لَوْ كَانَ الْقِصَاصُ إلَخْ، لَكِنْ فِي كَوْنِ هَذَا هُوَ الَّذِي قَرَّرَهُ نَظَرٌ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَلَوْ عَلَى بُعْدٍ أَنَّ رَجَاءَ تَرْكِ الْمُسْتَحَقِّ مُسْتَبْعَدٌ لِضَنِّهِ بِهِ وَعَدَمِ سَمَاحِهِ بِهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْبُعْدُ فِي الزَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ قَدَّمَهُ عَلَيْهِ، فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ مُرَادَهُ بِأَيَّامًا مُطْلَقُ الزَّمَانِ الصَّادِقِ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، ثُمَّ إنَّ الَّذِي عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ كَمَا عَرَفْت عَدَمُ الْفَرْقِ فِي الرَّجَاءِ بَيْنَ طَوِيلِ الزَّمَانِ وَقَصِيرِهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا مَعْنَى لِلتَّقْلِيدِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِقَوْلِهِ لِقُرْبِ بُلُوغِهِ لَا يُقَالُ: هُوَ وَإِنْ قَيَّدَ بِهِ لَكِنْ لَمْ يُرِدْ حَقِيقَةَ التَّقْيِيدِ حَيْثُ أَعْقَبَهُ بِقَوْلِهِ مَثَلًا لِيَدْخُلَ مَا إذَا لَمْ يَقْرُبْ بُلُوغُهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: فَأَيُّ مَعْنًى لِذِكْرِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِقَوْلِهِ لِقُرْبِ بُلُوغِهِ لِإِدْخَالِ مَا ذَكَرَ، إذْ لَا يُقَاسُ الْبَعِيدُ بِالْقَرِيبِ لِعَدَمِ الْجَامِعِ، وَإِنَّمَا هُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لِصَبِيٍّ لِيَدْخُلْ مَنْ فِي مَعْنَاهُ كَالْمَجْنُونِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ: يُسْتَفَادُ مِنْ تَقْيِيدِ الشَّيْخَيْنِ بِأَيَّامًا أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْقَوَدُ لِصَبِيٍّ لَمْ يَجُزْ التَّغْيِيبُ لِتَوَقُّفِ الْعَفْوِ عَلَى الْبُلُوغِ فَيُؤَدِّي إلَى تَرْكِ الْجُمُعَةِ سِنِينَ، فَزَيَّفَهُ عَلَيْهِ الشِّهَابُ حَجّ فِي إمْدَادِهِ بِأَنَّهُ لَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُمَا أَنَّهُ يَغِيبُ مَا دَامَ يَرْجُو الْعَفْوَ وَلَوْ عَلَى بُعْدٍ: أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ ظَاهِرَ مَا اقْتَضَاهُ التَّعْبِيرُ بِأَيَّامًا، وَعِبَارَتُهُ أَعَنَى الْإِمْدَادَ. وَقَيَّدَ الشَّيْخَانِ رَجَاءَ الْعَفْوِ بِتَغْيِيبِهِ أَيَّامًا وَلَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ أَنَّ الْقَوَدَ لَوْ كَانَ لِصَبِيٍّ لَمْ يَجُزْ التَّغْيِيبُ لِتَوَقُّفِ الْعَفْوِ عَلَى الْبُلُوغِ فَيُؤَدِّي إلَى تَرْكِ الْجُمُعَةِ سِنِينَ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَغِيبُ مَا دَامَ يَرْجُو الْعَفْوَ وَلَوْ عَلَى بُعْدٍ، فَقَدْ يُرْفَعُ لِمَنْ يَرَى الِاخْتِصَاصَ لِلْوَلِيِّ، وَالشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَصَرَّفَ فِيهَا بِمَا تَرَى مَعَ زِيَادَةِ قَوْلِهِ لِقُرْبِ بُلُوغِهِ إشَارَةً إلَى أَنَّ مَا اُسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ مُرَادًا لَهُمَا، لَكِنْ بِمَا لَا يُلَائِمُهُ مَا قَبْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ إنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِأَيَّامًا إلَخْ، وَلَا مَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ فَقَدْ يُرْفَعُ إلَخْ

كَذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا إذَا وَجَدَ لَائِقًا بِهِ بِأَنْ اعْتَادَهُ بِحَيْثُ لَا يَخْتَلُّ بِهِ مُرُوءَتُهُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ فَقْدَ مَا يَرْكَبُهُ لِمَنْ لَا يَلِيقُ بِهِ الْمَشْيُ كَالْعَجْزِ عَنْ لِبَاسٍ لَائِقٍ (وَتَأَهُّبٍ لِسَفَرٍ) مُبَاحٍ يُرِيدُهُ (مَعَ رُفْقَةٍ تَرْحَلُ) قَبْلَ الْجَمَاعَةِ، وَيَخَافُ مِنْ التَّخَلُّفِ لَهَا عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ كَانَ يَسْتَوْحِشُ فَقَطْ لِلْمَشَقَّةِ فِي تَخَلُّفِهِ عَنْهُمْ. (وَأَكْلُ ذِي رِيحٍ كَرِيهٍ) كَبَصَلٍ أَوْ ثُومٍ أَوْ كُرَّاثٍ أَوْ فُجْلٍ نِيءٌ، وَمِثْلُهُ الْمَطْبُوخُ الْبَاقِي لَهُ رِيحٌ قُنَّا وَلَوْ قَلَّ فِيمَا يَظْهَرُ، وَإِنْ كَانَ خِلَافُ الْغَالِبِ، وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ: يُحْتَمَلُ الرِّيحُ الْبَاقِي بَعْدَ الطَّبْخِ مَحْمُولٌ عَلَى رِيحٍ يَسِيرٍ لَا يَحْصُلُ مِنْهُ أَذًى، وَذَلِكَ لِمَا وَرَدَّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَكَلَ بَصَلًا أَوْ ثُومًا أَوْ كُرَّاثًا فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا» وَفِي رِوَايَةٍ «الْمَسَاجِدَ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ» كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. قَالَ جَابِرٌ: يَعْنِي مَا أَرَاهُ إلَّا نَيِّئَهُ، وَزَادَ الطَّبَرِيُّ: أَوْ فُجْلًا. وَمِثْلُ ذَلِكَ مَنْ بِثِيَابِهِ أَوْ بَدَنِهِ رِيحٌ كَرِيهَةٌ كَدَمِ فَصْدٍ وَقَصَّابٍ وَأَرْبَابِ الْحِرَفِ الْخَبِيثَةِ وَذِي الْبَخَرِ وَالصُّنَانِ الْمُسْتَحْكَمِ وَالْجِرَاحَاتِ الْمُنْتِنَةِ وَالْمَجْذُومِ وَالْأَبْرَصِ وَمَنْ دَاوَى جُرْحَهُ بِنَحْوِ ثُومٍ؛ لِأَنَّ التَّأَذِّي بِذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْهُ بِأَكْلِ نَحْوِ الثُّومِ، وَمِنْ ثَمَّ نَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ الْعُلَمَاءِ مَنْعَ الْأَجْذَمِ وَالْأَبْرَصِ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَمِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، وَمِنْ اخْتِلَاطِهِمَا بِالنَّاسِ. وَمَحَلُّ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّ فَقْدَ مَا يَرْكَبُهُ إلَخْ) وَمِثْلُ فَقْدِهِ فَقْدُ مَا يَلِيقُ بِهِ رُكُوبُهُ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ قَرُبَتْ الْمَسَافَةُ جِدًّا وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ عُدَّ إزْرَاءً بِهِ (قَوْلُهُ: لِسَفَرٍ مُبَاحٍ) أَيْ وَلَوْ سَفَرَ نُزْهَةٍ سم عَلَى ابْنِ حَجَرٍ، وَنَقَلَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ التَّوَقُّفَ فِيهِ عَنْ بَعْضِهِمْ وَاسْتَظْهَرَهُ، وَتَقَدَّمَ نَقْلُ عِبَارَتِهِ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ. (قَوْلُهُ: رِيحٍ كَرِيهٍ) قَالَ حَجّ لِمَنْ يَظْهَرُ مِنْهُ رِيحُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ فُجْلٍ) أَيْ لِمَنْ يَتَجَشَّى مِنْهُ لَا مُطْلَقًا صَرَّحَ بِذَلِكَ النَّوَوِيُّ تَبَعًا لِلْقَاضِي اهـ سم عَلَى عُبَابٍ، قَالَ الشَّيْخُ حَمْدَانُ بَعُدَ مِثْلُ مَا ذَكَرَ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا كَرَاهَةَ لِرِيحِهِ إلَّا حِينَئِذٍ. اهـ (قَوْلُهُ: فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ مُحْتَاجًا لِأَكْلِهِ لِلْجُوعِ أَوْ غَيْرِهِ. وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مَا نَصُّهُ: بَابُ مَا جَاءَ فِي الثُّومِ النِّيءِ وَالْبَصَلِ وَالْكُرَّاثِ، وَقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَمَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ وَالثُّومَ مِنْ الْجُوعِ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا» عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرٍ «مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ: يَعْنِي الثُّومَ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا» إلَى أَنْ قَالَ: زَعَمَ عَطَاءٌ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ زَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلًا فَلْيَعْتَزِلْنَا» ، أَوْ قَالَ: «فَلْيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا، أَوْ لِيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ» انْتَهَى عَمِيرَةُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مُقْتَضَى الْحَدِيثِ التَّحْرِيمُ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ انْتَهَى. قَالَ الدَّمِيرِيِّ: وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ حَدِيثُ «كُلْهُ فَإِنَّى أُنَاجِي مَنْ لَا تُنَاجِي» . اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: «فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى» إلَخْ) قَدْ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ غَيْرُ الْكَاتِبِينَ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُفَارِقُونَهُ. بَقِيَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ مَوْجُودُونَ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ أَيْضًا فَمَا وَجْهُ التَّقْيِيدِ بِالْمَسْجِدِ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ غَيْرِ الْمَسْجِدِ تَضْيِيقٌ لَا يُحْتَمَلُ وَمَا مِنْ مَحَلٍّ إلَّا وَتُوجَدُ الْمَلَائِكَةُ فِيهِ، وَأَيْضًا يُمْكِنُ الْمَلَائِكَةُ الْبُعْدَ عَنْهُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ، بِخِلَافِ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُمْ يُحِبُّونَ مُلَازَمَتَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. نَعَمْ مَوْضِعُ الْجَمَاعَةِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ يَنْبَغِي أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: أَوْ لِشَرَفِ مَلَائِكَةِ الْمَسْجِدِ عَلَى غَيْرِهِمْ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي حِكْمَةِ الْبَصْقِ عَلَى الْيَسَارِ أَنَّ ذَلِكَ تَعْظِيمُ مَلَكِ الْيَمِينِ لِكِتَابَتِهِ الْحَسَنَاتِ (قَوْلُهُ: رِيحٌ كَرِيهَةٌ إلَخْ) وَمِنْ الرِّيحِ الْكَرِيهَةِ رِيحُ الدُّخَانِ الْمَشْهُورِ الْآنَ جَعَلَ اللَّهُ عَاقِبَتَهُ كَأَنَّهُ مَا كَانَ. (قَوْلُهُ: وَالصُّنَانِ) بِكَسْرِ الصَّادِ. وَعِبَارَةُ الْقَامُوسِ: الصِّنُ بِالْكَسْرِ بَوْلُ الْإِبِلِ وَأَوَّلُ أَيَّامِ الْعَجُوزِ وَشِبْهُ السَّلَّةِ الْمُطْبَقَةِ يُجْعَلُ فِيهَا الْخُبْزُ، وَبِهَا ذَفَرُ الْإِبْطِ كَالصُّنَانِ انْتَهَى. وَهِيَ تَقْتَضِي أَنَّ الصُّنَانَ يَجُوزُ فِيهِ الْكَسْرُ وَهُوَ الْأَصْلُ، وَالضَّمُّ عَلَى مَا هُوَ مَضْبُوطٌ بِالْقَلَمِ بِهِ فِي الْقَامُوسِ وَالْمِصْبَاحِ وَالصِّحَاحِ وَنِهَايَةِ ابْنِ الْأَثِيرِ (قَوْلُهُ: مَنْعَ الْأَجْذَمِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ التَّعْبِيرِ بِالْأَجْذَمِ عَنْ صَاحِبِ الْمَرَضِ الْمَخْصُوصِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْقَامُوسِ، لَكِنْ فِي الصِّحَاحِ أَنَّهُ يُقَالُ لِمَنْ بِهِ الْمَرَضُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

كَوْنِ أَكْلِ مَا مَرَّ عُذْرًا عِنْدَ عُسْرِ زَوَالِ رِيحِهِ بِغُسْلٍ أَوْ مُعَالَجَةٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا سَهُلَ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ فَلَا يَكُونُ عُذْرًا. وَلَا يُكْرَهُ لِلْمَعْذُورِ دُخُولُ الْمَسْجِدِ وَلَوْ مَعَ الرِّيحِ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ حِبَّانَ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ فِي حَقِّهِ كَمَا فِي آخِرِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ مِنْ الرَّوْضَةِ خِلَافًا لِمَنْ صَرَّحَ بِحُرْمَتِهِ، هَذَا وَالْأَوْجَهُ كَمَا يَقْتَضِيهِ إطْلَاقُهُمْ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَعْذُورِ وَغَيْرِهِ؛ لِوُجُودِ الْمَعْنَى، وَهُوَ التَّأَذِّي، وَلَا فَرْقَ فِي ثُبُوتِ الْكَرَاهَةِ بَيْنَ كَوْنِ الْمَسْجِدِ خَالِيًا أَوْ لَا، وَهَلْ يُكْرَهُ أَكْلُهُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ أَوْ لَا؟ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِكَرَاهَتِهِ نِيئًا كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ بَلْ جَعَلَهُ أَصْلًا مَقِيسًا عَلَيْهِ حَيْثُ قَالَ: وَكَرِهَ لَهُ يَعْنِي النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكْلَ الثُّومِ وَالْبَصَلِ وَالْكُرَّاثِ، وَإِنْ كَانَ مَطْبُوخًا كَمَا كَرِهَ لَنَا نِيئًا. انْتَهَى. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَنْقُولُ الْمَذْهَبِ إذْ عَادَتُهُ غَالِبًا فِي غَيْرِ ذَلِكَ عَزَوْهُ إلَى قَائِلِهِ، وَإِنْ اُعْتُمِدَ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ شَرْطَ إسْقَاطِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِأَكْلِهِ الْإِسْقَاطَ، وَإِنْ تَعَسَّرَ إزَالَتُهُ. (وَحُضُورُ) نَحْوِ (قَرِيبٍ) وَصَدِيقٍ وَزَوْجَةٍ وَصِهْرٍ وَمَمْلُوكٍ وَأُسْتَاذٍ وَعَتِيقٍ وَمُعْتِقٍ (وَأَبٍ) أَيْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مُتَعَهِّدٌ لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ تَرَكَ الْجُمُعَةَ وَحَضَرَ عِنْدَ قَرِيبِهِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ أَحَدِ الْعَشَرَةِ لَمَّا أُخْبِرَ أَنَّ الْمَوْتَ نَزَلَ؛ لِأَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِ فِرَاقُهُ وَيَتَأَلَّمُ لِغَيْبَتِهِ (أَوْ) حُضُورِ (مَرِيضٍ بِلَا مُتَعَهِّدٍ) لَهُ قَرِيبًا كَانَ أَوْ أَجْنَبِيًّا لِئَلَّا يَضِيعَ حَيْثُ خَافَ عَلَيْهِ ضَرَرًا، أَوْ لَهُ مُتَعَهِّدٌ مَشْغُولٌ بِشِرَاءِ الْأَدْوِيَةِ مَثَلًا فَيَكُونُ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُتَعَهِّدٌ (أَوْ) حُضُورُ نَحْوِ قَرِيبٍ مِمَّنْ لَهُ مُتَعَهِّدٍ لَكِنَّهُ (يَأْنَسُ بِهِ) أَيْ بِالْحَاضِرِ؛ لِأَنَّ تَأْنِيسَهُ أَهَمُّ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ أَوَّلَ الْأَعْذَارِ بِالْكَافِ فِي كَمَطَرٍ إلَى عَدَمِ انْحِصَارِهَا فِيمَا ذَكَرَهُ، فَمِنْهَا أَيْضًا نَحْوُ زَلْزَلَةٍ وَغَلَبَةِ نُعَاسٍ وَسِمَنٍ مُفْرِطٍ وَسَعَى فِي اسْتِرْدَادِ مَالٍ يَرْجُو حُصُولَهُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ. وَأَعْمَى حَيْثُ لَا يَجِدُ قَائِدًا وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ قَدَرَ عَلَيْهَا فَاضِلَةٍ عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي الْفِطْرَةِ وَلَا أَثَرَ لِإِحْسَانِهِ الْمَشْيَ بِالْعَصَا إذْ قَدْ تَحْدُثُ لَهُ وَهْدَةٌ يَقَعُ فِيهَا وَكَوْنُهُ مِنْهُمَا: أَيْ بِحَيْثُ يَمْنَعُهُ الْهَمُّ مِنْ الْخُشُوعِ وَالِاشْتِغَالِ بِتَجْهِيزِ مَيِّتٍ وَحَمْلِهِ وَدَفْنِهِ وَوُجُودِ مَنْ يُؤْذِيهِ فِي طَرِيقِهِ وَلَوْ بِنَحْوِ شَتْمٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَجْذُومٌ، وَلَا يُقَالُ أَجْذَمُ، فَإِنَّ الْأَجْذَمَ إنَّمَا يُقَالُ لِمَنْ قُطِعْت يَدُهُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَكُونُ عُذْرًا) أَيْ فَيُنْدَبُ الْحُضُورُ: أَيْ إنْ قُلْنَا إنَّ حُضُورَ الْجَمَاعَةِ سُنَّةٌ أَوْ يَجِبُ: أَيْ إنْ قُلْنَا إنَّ حُضُورَهَا فَرْضٌ وَتُسَنُّ إزَالَتُهُ (قَوْلُهُ: بِكَرَاهَتِهِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ الْكَرَاهَةِ مَا لَمْ يَحْتَجْ لِأَكْلِهِ كَفَقْدِ مَا يَأْتَدِمُ بِهِ أَوْ تَوَقَانِ نَفْسِهِ إلَيْهِ، وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كُلْهُ فَإِنَّى أُنَاجِي مَنْ لَا تُنَاجِي» . (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مَطْبُوخًا) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إذْ عَادَتُهُ) أَيْ صَاحِبِ الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَقْصِدَ بِأَكْلِهِ الْإِسْقَاطَ) فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، وَمَرَّ آنِفًا أَنَّ مَنْ أَكَلَهُ بِقَصْدِ الْإِسْقَاطِ كُرِهَ لَهُ وَحُرُمُ عَلَيْهِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَلَمْ تَسْقُطْ. انْتَهَى. وَيَنْبَغِي حُرْمَتُهُ هُنَا أَيْضًا إذَا تَوَقَّفَتْ الْجَمَاعَةُ الْمُجْزِئَةُ عَلَيْهِ. انْتَهَى. وَقَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِ بِالْقَصْدِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْصِدْ الْإِسْقَاطَ لَمْ يَأْثَمْ وَتَسْقُطُ عَنْهُ وَإِنْ تَعَمَّدَ أَكْلَهُ وَعَلِمَ أَنَّ النَّاسَ يَتَضَرَّرُونَ بِهِ. وَقَوْلُهُ وَلَمْ تَسْقُطْ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْحُضُورِ وَإِنْ تَأَذَّى بِهِ الْحَاضِرُونَ. بَقِيَ أَنَّ مِثْلَ أَكْلِ مَا ذُكِرَ بِقَصْدِ الْإِسْقَاطِ وَضْعُ قِدْرِهِ فِي الْفُرْنِ بِقَصْدِ ذَلِكَ، لَكِنْ لَا يَجِبُ الْحُضُورُ مَعَ تَأْدِيَتِهِ لِتَلَفِهِ. اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: وَحُضُورُ قَرِيبٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ كَزَانٍ مُحْصَنٍ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ، وَنَقَلَ ذَلِكَ بِالدَّرْسِ عَنْ فَتَاوَى الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِ فِرَاقُهُ) أَيْ الْمَرِيضِ وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ لِمَنْ حَضَرَ، قَالَ: لِأَنَّ الْمُحْتَضَرَ لَا يَتَأَذَّى بِغَيْبَةِ أَحَدٍ عَنْهُ لِعَدَمِ تَمْيِيزِهِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، وَقَدْ يُمْنَعُ بِأَنَّهُ مَا دَامَتْ الرُّوحُ بَاقِيَةً كَانَ لَهُ شُعُورٌ وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ النُّطْقِ بِمَا يُرِيدُ. (قَوْلُهُ: وَيَتَأَلَّمُ لِغَيْبَتِهِ) عَمِيرَةُ، أَحْسَنُ مِنْ هَذَا قَوْلُ غَيْرِهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ شَغْلِ الْقَلْبِ السَّالِبِ لِلْخُشُوعِ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: وَهْدَةٌ يَقَعُ فِيهَا) أَيْ أَوْ غَيْرِهَا مِمَّا يَتَضَرَّرُ بِالتَّعَثُّرِ بِهِ كَأَثْقَالٍ تُوضَعُ فِي طَرِيقِهِ وَدَوَابَّ تُوقَفُ فِيهَا. اهـ سم عَلَى ابْنِ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَحَمْلِهِ وَدَفْنِهِ) أَيْ حَيْثُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ حُضُورُ مَرِيضٍ بِلَا مُتَعَهِّدٍ) إنَّمَا قَدَّرَ الشَّارِحُ لَفْظَ حُضُورٍ دُونَ لَفْظِ قَرِيبٍ لِكَوْنِهِ أَفْيَدَ وَإِنْ كَانَ الْمَتْنُ لَا يَقْبَلُهُ فَهُوَ حَلُّ مَعْنًى وَإِلَّا فَالْمَتْنُ مَفْرُوضٌ فِي الْقَرِيبِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ لِيَتَأَتَّى لَهُ الْعَطْفُ فِي الثَّالِثَةِ (قَوْلُهُ: لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ)

[فصل في صفة الأئمة ومتعلقاتها]

مَا لَمْ يُمْكِنْ دَفْعُهُ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ، وَنَحْوِ النِّسْيَانِ وَالْإِكْرَاهِ وَتَطْوِيلِ الْإِمَامِ عَلَى الْمَشْرُوعِ وَتَرْكِهِ سُنَّةً مَقْصُودَةً؛ لِأَنَّهُ إذَا عُذِرَ بِهِمَا فِي الْخُرُوجِ مِنْ الْجَمَاعَةِ فَفِي إسْقَاطِهَا ابْتِدَاءً أَوْلَى قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَكَوْنُهُ سَرِيعَ الْقِرَاءَةِ، وَالْمَأْمُومِ بَطِيئَهَا، أَوْ مِمَّنْ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَالِاشْتِغَالُ بِالْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاضَلَةِ وَكَوْنُهُ يَخْشَى الِافْتِتَانَ بِهِ لِفَرْطِ جَمَالِهِ وَهُوَ أَمْرَدُ، وَقِيَاسُهُ أَنْ يَخْشَى هُوَ افْتِتَانًا مِمَّنْ هُوَ كَذَلِكَ، ثُمَّ هَذِهِ الْأَعْذَارُ تَمْنَعُ الْإِثْمَ وَالْكَرَاهَةَ كَمَا مَرَّ، وَلَا تَحْصُلُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. وَاخْتَارَ غَيْرُهُ مَا عَلَيْهِ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ مِنْ حُصُولِهَا إنْ قَصْدَهَا لَوْلَا الْعُذْرُ، وَالسُّبْكِيُّ حُصُولَهَا لِمَنْ كَانَ مُلَازِمًا لَهَا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ خَبَرُ الْبُخَارِيِّ، وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ أَيْضًا كَلَامَ الْمَجْمُوعِ عَلَى مُتَعَاطِي السَّبَبِ كَأَكْلِ بَصَلٍ أَوْ ثُومٍ وَكَوْنِ خُبْزِهِ فِي الْفُرْنِ، وَكَلَامُ هَؤُلَاءِ عَلَى غَيْرِهِ كَمَطَرٍ وَمَرَضٍ، وَجَعْلُ حُصُولِهَا لَهُ كَحُصُولِهَا لِمَنْ حَضَرَهَا لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ فِي أَصْلِهَا لِئَلَّا يُنَافِيَهُ خَبَرُ الْأَعْمَى وَهُوَ جَمْعٌ لَا بَأْسَ بِهِ، ثُمَّ هِيَ إنَّمَا تَمْنَعُ ذَلِكَ فِيمَنْ لَا يَتَأَتَّى لَهُ إقَامَةُ الْجَمَاعَةِ فِي بَيْتِهِ، وَإِلَّا فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ طَلَبُهَا لِكَرَاهَةِ انْفِرَادِهِ، وَإِنْ حَصَلَ بِغَيْرِهِ شِعَارُهَا. . فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ وَمُتَعَلِّقَاتِهَا وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِمَامَ تُطْلَبُ فِيهِ صِفَاتٌ بَعْضُهَا وَاجِبٌ وَبَعْضُهَا مُسْتَحَبٌّ، كَمَا سَيَأْتِي أَنَّ الْوَاجِبَ أَنْ تَكُونَ صَلَاتُهُ صَحِيحَةً عِنْدَ الْمُقْتَدِي مُغْنِيَةً عَنْ الْقَضَاءِ، وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ الْقُدْوَةُ. وَقَدْ شَرَعَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ فَقَالَ: (فَصْلٌ) فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ وَمُتَعَلِّقَاتِهَا (لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِمَنْ يَعْلَمُ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ) كَعِلْمِهِ بِكُفْرِهِ أَوْ حَدَثِهِ لِتَلَاعُبِهِ (أَوْ يَعْتَقِدُهُ) أَيْ الْبُطْلَانَ بِأَنْ يَظُنَّهُ ظَنًّا غَالِبًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ الْأُصُولِيُّونَ، وَهُوَ الْجَازِمُ الْمُطَابِقُ لِدَلِيلٍ (كَمُجْتَهِدَيْنِ اخْتَلَفَا فِي الْقِبْلَةِ) ـــــــــــــــــــــــــــــSلَمْ تَقُمْ مَقَامُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ مِمَّنْ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ) تَقَدَّمَ أَنَّ الْجَمَاعَةَ خَلْفَ مَنْ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ عُذْرًا (قَوْلُهُ: وَلَا تَحْصُلُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ) مُعْتَمَدٌ. (فَصْلٌ) فِي صِفَاتِ الْأَئِمَّةِ (قَوْلُهُ: فِي صِفَاتِ الْأَئِمَّةِ) قَدْ يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ الْإِنْسَانُ إمَامًا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَأْمُومًا كَالْأَصَمِّ الْأَعْمَى الَّذِي لَا يُمْكِنُهُ الْعِلْمُ بِانْتِقَالَاتِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ إمَامًا وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَأْمُومًا م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: وَمُتَعَلِّقَاتِهَا) أَيْ مُتَعَلِّقَاتِ الصِّفَاتِ كَوُجُوبِ الْإِعَادَةِ وَمَسْأَلَةِ الْأَوَانِي (قَوْلُهُ: أَوْ حَدَثِهِ) أَيْ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ أَمَّا الْمُخْتَلِفِ فِيهِ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ اقْتَدَى إلَخْ (قَوْلُهُ: ظَنًّا غَالِبًا) كَانَ التَّقْيِيدُ بِالْغَالِبِ لِيَكُونَ اعْتِقَادًا: أَيْ بِالْمَعْنَى الْآتِي وَهُوَ الظَّنُّ الْقَوِيُّ لَكِنْ لَا يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ بِأَصْلِ الظَّنِّ، بَلْ الْوَجْهُ أَنْ يُرَادَ بِالِاعْتِقَادِ هُنَا مَا يَشْمَلُ أَصْلَ الظَّنِّ بِدَلِيلِ الْمِثَالِ فَإِنَّ الِاجْتِهَادَ الْمَذْكُورَ غَالِبًا أَوْ كَثِيرًا إنَّمَا يَحْصُلُ أَصْلُ الظَّنِّ. اهـ سم عَلَى ابْنِ حَجَرٍ. وَقَوْلُهُ لِيَكُونَ اعْتِقَادًا فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّهُ وَإِنْ أُرِيدَ الظَّنُّ الْغَالِبُ لَا يَكُونُ اعْتِقَادًا لِأَخْذِهِمْ فِي مَفْهُومِ الِاعْتِقَادِ الْجَزْمَ، فَلَوْ قَالَ قُيِّدَ بِهِ لِيَكُونَ بَيَانًا لِلْمُرَادِ بِالِاعْتِقَادِ هُنَا كَانَ أَوْلَى. وَقَوْلُ سم: لَا يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ بِأَصْلِ الظَّنِّ: أَيْ حَيْثُ كَانَ مُسْتَنَدَ الدَّلِيلِ، بِخِلَافِ ظَنِّ مَنْشَؤُهُ غَلَبَةُ النَّجَاسَةِ مَثَلًا الْمُعَارَضَةُ بِأَصْلِ الطَّهَارَةِ كَأَنْ تَوَضَّأَ إمَامُهُ مِنْ مَاءٍ قَلِيلٍ يَغْلِبُ وُلُوغُ الْكِلَابِ مِنْ مِثْلِهِ فَلَا الْتِفَاتَ لِهَذَا الظَّنِّ اسْتِصْحَابًا لِأَصْلِ الطَّهَارَةِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْجَازِمُ) أَيْ التَّصْدِيقُ الْجَازِمُ (قَوْلُهُ: الْمُطَابِقُ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِيَكُونَ اعْتِقَادًا صَحِيحًا، وَإِلَّا فَغَيْرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَصْفٌ لِمَالٍ [فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ ومتعلقاتها] (قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِمَامَ تُطْلَبُ فِيهِ صِفَاتٌ إلَى قَوْلِهِ إنَّ الْوَاجِبَ إلَى آخِرِهِ) كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ، وَلَعَلَّ قَوْلَهُ إنَّ الْوَاجِبَ حَرَّفَهُ النُّسَّاخُ مِنْ قَوْلِهِ فَمِنْ الْوَاجِبِ، وَإِلَّا فَأَصْلُ الْعِبَارَةِ لِلْإِمْدَادِ وَهِيَ كَمَا ذَكَرْت (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَظُنَّهُ ظَنًّا غَالِبًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ إلَخْ) يُنَافِيهِ مَا سَيَأْتِي لَهُ فِي قَوْلِهِ وَشَمِلَ قَوْلُهُ: يَعْتَقِدُهُ الِاعْتِقَادَ الْجَازِمَ لِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ إلَخْ، فَقَوْلُهُ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ الْأُصُولِيُّونَ: أَيْ فَقَطْ، بَلْ الْمُرَادُ هُوَ وَالظَّنُّ الْمَذْكُورُ فَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ، لَكِنْ يُنَافَى هَذَا الْحَمْلَ الْحَصْرُ فِي قَوْلِهِ بِأَنْ يَظُنَّهُ إلَخْ فَكَانَ الْأَصْوَبُ خِلَافَ هَذَا التَّعْبِيرِ (قَوْلُهُ: الْمُطَابِقُ)

اجْتِهَادًا وَلَوْ مَعَ التَّيَامُنِ وَالتَّيَاسُرِ، وَإِنْ اتَّحَدَتْ الْجِهَةُ (أَوْ) فِي (إنَاءَيْنِ) كَمَاءٍ طَاهِرٍ وَنَجَسٍ، وَأَدَّى اجْتِهَادُ كُلٍّ لِغَيْرِ مَا أَدَّى إلَيْهِ اجْتِهَادُ صَاحِبِهِ فَصَلَّى كُلٌّ لِجِهَةٍ، أَوْ تَوَضَّأَ مِنْ إنَاءٍ فَيَمْتَنِعُ عَلَى أَحَدِهِمَا أَنْ يَقْتَدِيَ بِالْآخَرِ لِاعْتِقَادِهِ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ (فَإِنْ تَعَدَّدَ الطَّاهِرُ) مِنْ الْآنِيَةِ كَالْمِثَالِ الْآتِي وَلَمْ يَظُنَّ مِنْ حَالِ غَيْرِهِ شَيْئًا (فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ) أَيْ صِحَّةُ اقْتِدَاءِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ (مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ إنَاءُ الْإِمَامِ لِلنَّجَاسَةِ) لِمَا يَأْتِي. (فَإِنَّ) (ظَنَّ) بِالِاجْتِهَادِ (طَهَارَةَ إنَاءِ غَيْرِهِ) كَإِنَائِهِ (اقْتَدَى بِهِ قَطْعًا) جَوَازًا لِعَدَمِ تَرَدُّدِهِ أَوْ نَجَاسَتِهِ لَمْ يَقْتَدِ بِهِ قَطْعًا كَمَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ (فَلَوْ) (اشْتَبَهَ خَمْسَةٌ) مِنْ الْآنِيَةِ (فِيهَا) إنَاءٌ (نَجِسٌ عَلَى خَمْسَةٍ) مِنْ النَّاسِ وَاجْتَهَدَ كُلٌّ مِنْهُمْ (فَظَنَّ كُلٌّ طَهَارَةَ إنَائِهِ) وَالْإِضَافَةُ هُنَا لَيْسَتْ لِلْمِلْكِ، إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُجْتَهَدِ فِيهِ كَوْنُهُ مَمْلُوكًا لَهُ، وَإِنَّمَا هِيَ لِلِاخْتِصَاصِ (فَتَوَضَّأَ بِهِ) وَلَمْ يَظُنَّ شَيْئًا مِنْ أَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِيَةِ (وَأَمَّ كُلٌّ مِنْهُمْ) الْبَاقِينَ (فِي صَلَاةٍ) مِنْ الْخَمْسِ مُبْتَدَئِينَ بِالصُّبْحِ (فَفِي الْأَصَحِّ) السَّابِقِ فِيمَا قَبْلَهَا (يُعِيدُونَ الْعِشَاءَ) لِتَعَيُّنِ النَّجَاسَةِ فِي إمَامِهَا بِزَعْمِهِمْ، وَإِنَّمَا عَوَّلُوا عَلَى التَّعْيِينِ بِالزَّعْمِ هُنَا مَعَ كَوْنِ الْأَمْرِ مَنُوطًا بِظَنِّ الْمُبْطِلِ الْمُعَيَّنِ وَلَمْ يُوجَدْ، بِخِلَافِ الْمُبْهَمِ لِمَا مَرَّ مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ بِالِاجْتِهَادِ إلَى جِهَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْأَصْلُ فِي فِعْلِ الْمُكَلَّفِ صَوْنُهُ عَنْ الْإِبْطَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُطَابِقِ اعْتِقَادٌ فَاسِدٌ، وَمَحَلُّ تَسْمِيَتِهِ اعْتِقَادًا حَيْثُ قَبِلَ التَّغْيِيرَ وَإِلَّا فَهُوَ عِلْمٌ (قَوْلُهُ: اجْتِهَادًا) أَيْ اخْتَلَفَ اجْتِهَادُهُمَا فَهُوَ تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْفَاعِلِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَوَضَّأَ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: مِنْ الْآنِيَةِ) جَمْعُ إنَاءٍ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْإِنَاءُ وَالْآنِيَةُ الْوِعَاءُ وَالْأَوْعِيَةُ وَزْنًا وَمَعْنًى. اهـ. وَهُوَ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ، فَالْإِنَاء مُفْرَدُ كَالْوِعَاءِ، وَالْآنِيَةُ جَمْعٌ كَالْأَوْعِيَةِ، وَأَصْلُ آنِيَةٍ أَأْنِيَةٌ قُلِبَتْ الثَّانِيَةُ أَلْفًا؛ لِأَنَّهُ مَتَى اجْتَمَعَ هَمْزَتَانِ ثَانِيَتُهُمَا سَاكِنَةٌ وَجَبَ إبْدَالُهَا مِنْ جِنْسِ حَرَكَةِ مَا قَبْلَهَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَظُنَّ مِنْ حَالِ غَيْرِهِ) تَقْيِيدٌ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ كَمَا سَيَأْتِي وَلِقَوْلِهِ الْآتِي إلَّا إمَامُهَا فَيُعِيدُ الْمَغْرِبَ (قَوْلُهُ: مِنْ الْآنِيَةِ) جَمْعُ إنَاءٍ وَجَمْعُهَا أَوَانٍ كَمَا فِي مُخْتَارِ الصِّحَاحِ (قَوْلُهُ: كَوْنُهُ مَمْلُوكًا لَهُ) ثُمَّ رَأَيْت أَكْثَرَ النُّسَخِ إنَاءٌ وَحِينَئِذٍ لَا إشْكَالَ. اهـ ابْنُ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا هِيَ لِلِاخْتِصَاصِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الِاسْتِعْمَالُ وَهُوَ مِنْ إفْرَادِ الْإِضَافَةِ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ وَهِيَ مِنْ الْمَجَازِ الْحُكْمِيِّ كَمَا نُقِلَ عَنْ السَّعْدِ وَأَيَّدَهُ الْعِصَامُ فَرَاجِعْ الْأَطْوَلَ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَظُنَّ شَيْئًا مِنْ أَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ زَادَتْ الْأَوَانِي عَلَى عَدَدِ الْمُجْتَهِدِينَ كَثَلَاثِ أَوَانٍ مَعَ مُجْتَهِدِينَ كَانَ فِيهَا نَجَسٌ بِيَقِينٍ، وَاجْتَهَدَ أَحَدُ الْمُجْتَهِدِينَ فِي أَحَدِهَا فَظَنَّ طَهَارَتَهُ وَلَمْ يَظُنَّ شَيْئًا فِي الْبَاقِي وَاجْتَهَدَ الْآخَرُ فِي الْإِنَاءَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ فَظَنَّ طَهَارَةَ أَحَدِهِمَا صَحَّ اقْتِدَاءُ الْأَوَّلِ بِالثَّانِي لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ صَادَفَ الطَّاهِرَ. وَعَلَيْهِ فَلَوْ جَاءَ آخَرُ وَاجْتَهَدَ وَأَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ لِطَهَارَةِ الثَّالِثِ بَعْدَ اقْتِدَائِهِ بِالْأَوَّلِ فَلَيْسَ لِأَحَدِ الْمُجْتَهِدِينَ الْمَذْكُورِينَ أَنْ يَقْتَدِيَ بِالثَّالِثِ لِانْحِصَارِ النَّجَاسَةِ فِي إنَائِهِ، وَلَوْ كَانُوا خَمْسَةً وَالْأَوَانِي سِتَّةً كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، فَلِكُلٍّ مِنْ الْخَمْسَةِ أَنْ يَقْتَدِيَ بِالْبَقِيَّةِ وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَقْتَدِيَ بِمَنْ تَطَهَّرَ مِنْ السَّادِسِ لِمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: مُبْتَدَئِينَ بِالصُّبْحِ) قُيِّدَ بِهِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ يُعِيدُونَ الْعِشَاءَ (قَوْلُهُ: فَفِي الْأَصَحِّ) عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ: فَعَلَى الْأَصَحِّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَتَبِعَهُ ابْنُ النَّقِيبِ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ مُرَادَ الْمُحَرَّرِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عُدُولُهُ إلَى الْفَاءِ إشَارَةً إلَى أَنَّ هَذَا خِلَافٌ فِي قَدْرِ الْمَقْضِيِّ مُفَرَّعٌ عَلَى الْأَصَحِّ السَّابِقِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيُرْشِدُ إلَى الثَّانِي إتْيَانُهُ بِالْفَاءِ فِي قَوْلِهِ فَلَوْ اشْتَبَهَ إلَخْ. انْتَهَى فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى. عَمِيرَةُ وَقَوْلُهُ عُدُولُهُ إلَى الْفَاءِ أَوْلَى مِنْهُ عُدُولُهُ إلَى فِي؛ لِأَنَّهَا الَّتِي عُدِلَ إلَيْهَا وَهِيَ مُرَكَّبَةٌ مِنْ حَرْفَيْنِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ يُعَبَّرُ بِلَفْظِهِ عَلَى أَنَّ الْفَاءَ إنَّمَا يُعَبَّرُ بِهَا عَنْ الْفَاءِ الَّتِي هِيَ اسْمٌ لِحَرْفِ التَّهَجِّي (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُبْهَمِ) أَيْ فَلَيْسَ الْأَمْرُ مَنُوطًا بِهِ. وَقَوْلُهُ لِمَا مَرَّ عِلَّةٌ لِكَوْنِ الْأَمْرِ لَيْسَ مَنُوطًا بِالْمُبْطِلِ الْمُبْهَمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQإنَّمَا هُوَ قَيْدٌ فِي الِاعْتِقَادِ الصَّحِيحِ وَإِلَّا فَالِاعْتِقَادُ أَعَمُّ مِنْ الْمُطَابِقِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ) أَيْ كَمَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ طَهَارَةً وَنَجَاسَةً فِي حَقِّ نَفْسِهِ: أَيْ فَيَتَطَهَّرُ بِالْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي فَهُوَ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ: فِعْلُ الْمُكَلَّفِ) وَهُوَ هُنَا

مَا أَمْكَنَ اُضْطُرِرْنَا؛ لِأَجْلِ ذَلِكَ إلَى اعْتِبَارِهِ، وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ اعْتِرَافَهُ بِبُطْلَانِ صَلَاةِ الْأَخِيرِ فَكَانَ مُؤَاخَذًا بِهِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ ثَمَّ، فَإِنَّ كُلَّ اجْتِهَادٍ وَقَعَ صَحِيحًا فَلَزِمَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِمُقْتَضَاهُ وَلَا مُبَالَاةَ بِوُقُوعِ مُبْطِلٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ (إلَّا إمَامَهَا فَيُعِيدُ الْمَغْرِبَ) لِتَعَيُّنِ النَّجَاسَةِ فِي حَقِّهِ، وَمُرَادُهُمْ بِتَعَيُّنِ النَّجَاسَةِ عَدَمُ احْتِمَالِ بَقَاءِ وُجُودِهَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ. وَضَابِطُ ذَلِكَ أَنَّ كُلًّا يُعِيدُ مَا صَلَّاهُ مَأْمُومًا آخَرَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُعِيدُ كُلٌّ مِنْهُمْ مَا صَلَّاهُ مَأْمُومًا وَهُوَ أَرْبَعُ صَلَوَاتٍ؛ لِعَدَمِ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَوْ كَانَ فِي الْخَمْسَةِ نَجَسَانِ صَحَّتْ صَلَاةُ كُلٍّ خَلْفَ اثْنَيْنِ فَقَطْ، أَوْ النَّجَسُ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ فَبِوَاحِدٍ فَقَطْ. وَيُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ فِي الضَّابِطِ أَنَّ مَنْ تَأَخَّرَ مِنْهُمْ تَعَيَّنَ الِاقْتِدَاءُ بِهِ لِلْبُطْلَانِ، وَلَوْ كَانَ النَّجَسُ أَرْبَعَةً ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: إلَى اعْتِبَارِهِ) أَيْ اعْتِبَارِ التَّعْيِينِ بِالزَّعْمِ هُنَا مَعَ كَوْنِ الْأَمْرِ مَنُوطًا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ اعْتِبَارُهُ (قَوْلُهُ: إلَّا إمَامَهَا) أَيْ الْعِشَاءُ (قَوْلُهُ: فَيُعِيدُ الْمَغْرِبَ) وَيُتَصَوَّرُ اقْتِدَاءُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ بِأَنْ يَكُونُوا جَاهِلِينَ أَوْ نَاسِينَ وَإِلَّا فَمَتَى تَعَيَّنَ إنَاءُ مَنْ يُرِيدُ الْإِمَامَةَ لِلنَّجَاسَةِ حَرُمَ الِاقْتِدَاءُ بِهِ. ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ حَجَرٍ صَرَّحَ بِالْحُرْمَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَلَا يَرِدُ ذَلِكَ عَلَى الْمَتْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِحُكْمِ الِاقْتِدَاءِ (قَوْلُهُ: فِي حَقِّ غَيْرِهِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُقْتَدِي (قَوْلُهُ: كَمَا تَقَدَّمَ) الَّذِي هُوَ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ السَّابِقِ فِي قَوْلِهِ فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ، وَبَقِيَ مَا لَوْ صَلَّى بِهِمْ وَاحِدٌ إمَامًا فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الصِّحَّةُ وَلَا إعَادَةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ جَازِمٌ بِطَهَارَةِ إنَائِهِ الَّذِي تَوَضَّأَ مِنْهُ وَلَمْ تَنْحَصِرْ النَّجَاسَةُ فِي وَاحِدٍ. [فَرْعٌ] رَأَى إنْسَانًا تَوَضَّأَ وَأَغْفَلَ لُمْعَةً فَهَلْ يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ هَذَا الْوُضُوءَ تَجْدِيدٌ أَوْ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ عَنْ حَدَثٍ؟ فِيهِ تَرَدُّدٌ. قَالَ م ر: الْأَصَحُّ مِنْهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ. [فَرْعٌ] لَوْ اقْتَدَى مَنْ يَرَى الِاعْتِدَالَ قَصِيرًا بِمَنْ يَرَاهُ طَوِيلًا فَأَطَالَهُ، أَوْ اقْتَدَى شَافِعِيٌّ بِمِثْلِهِ فَقَرَأَ الْإِمَامُ الْفَاتِحَةَ وَرَكَعَ وَاعْتَدَلَ ثُمًّ شَرَعَ فِي الْفَاتِحَةِ لَمْ يُوَافِقْهُ بَلْ يَسْجُدُ وَيَنْتَظِرُهُ سَاجِدًا، ذَكَرَ ذَلِكَ الْقَاضِي وَكَلَامُ الْبَغَوِيّ يَقْتَضِيهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ وَاضِحٌ، وَاعْتَمَدَهُ م ر وَإِنْ كَانَ كَلَامُ الْقَاضِي يَقْتَضِي أَنْ يَنْتَظِرَهُ فِي الِاعْتِدَالِ وَيُحْتَمَلُ تَطْوِيلُ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ فِي ذَلِكَ. قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَالْمُخْتَارُ جَوَازُ كُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ، وَقَدْ أَفْتَيْت بِهِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ انْتَهَى. وَقَالَ م ر: الْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ. وَانْظُرْ هَلْ يُخَالِفُ الْأَوَّلُ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي الرَّحْمَةِ أَنَّهُ جَوَّزَ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ لِلْمُنْفَرِدِ أَنْ يَقْتَدِيَ فِي اعْتِدَالِهِ بِغَيْرِهِ قَبْلَ رُكُوعِهِ وَيُتَابِعَهُ أَوْ يُفَرَّقَ. [فَرْعٌ] قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَلَوْ تَرَكَ شَافِعِيٌّ الْقُنُوتَ وَخَلْفُهُ حَنَفِيٌّ فَسَجَدَ الشَّافِعِيُّ لِلسَّهْوِ تَابَعَهُ الْحَنَفِيُّ، وَلَوْ تَرَكَ السُّجُودَ لَمْ يَسْجُدْ اعْتِبَارًا بِاعْتِقَادِهِ، وَفِيهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمَدَارُ عَلَى اعْتِقَادِ الْإِمَامِ فَكَانَ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إذَا تَرَكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQاقْتِدَاؤُهُ بِهِمْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ) عِبَارَةُ الشِّهَابِ حَجّ وَهُوَ لِاخْتِيَارِهِ لَهُ بِالتَّشَهِّي يَسْتَلْزِمُ إلَخْ، وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا الَّذِي حَذَفَهُ الشَّارِحُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ مَحَلُّ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ النُّسَّاخِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ كُلَّ اجْتِهَادٍ وَقَعَ صَحِيحًا) أَيْ كُلُّ اجْتِهَادٍ صَادِرٍ مِنْهُ وَبِهِ فَارَقَ مَسْأَلَةَ الْمِيَاهِ، إذْ الِاجْتِهَادُ وَقَعَ فِيهَا مِنْ غَيْرِهِ وَكَانَ الْأَوْلَى فِي التَّعْبِيرِ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ لِكُلِّ جِهَةٍ وَقَعَتْ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ: لِمَا تَقَدَّمَ) لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ مَا يُصَحِّحُ هَذِهِ الْإِحَالَةَ وَهُوَ تَابِعٌ فِيهَا لِلْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ، لَكِنَّ ذَلِكَ ذُكِرَ أَوَّلًا مُقَابِلَ الْأَصَحِّ السَّابِقِ بِقَوْلِهِ: وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ، وَعَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ لِتَرَدُّدِ كُلٍّ مِنْهُمْ فِي اسْتِعْمَالِ غَيْرِهِ لِلنَّجِسِ فَسَاغَتْ لَهُ هَذِهِ الْإِحَالَةُ، بِخِلَافِ الشَّارِحِ وَكَأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّهُ قَدَّمَ مُقَدِّمَةَ الْجَلَالِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ) فِي التَّعْبِيرِ بِالْأَخْذِ هُنَا مُسَامَحَةٌ إذْ مَا هُنَا مِنْ أَفْرَادِ الضَّابِطِ، وَكَانَ غَرَضُهُ مَا ذَكَرَهُ الشِّهَابُ حَجّ بِقَوْلِهِ: تَنْبِيهٌ: يُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ مِنْ لُزُومِ الْإِعَادَةِ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ فِعْلُ الْعِشَاءِ وَعَلَى الْإِمَامِ فِعْلُ الْمَغْرِبِ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ

لَمْ يَقْتَدِ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِأَحَدٍ، وَلَوْ سَمِعَ صَوْتَ حَدَثٍ أَوْ شَمَّهُ بَيْنَ خَمْسَةٍ وَتَنَاكَرُوهُ، وَأَمَّ كُلٌّ فِي صَلَاةٍ فَكَمَا ذَكَرَ فِي الْأَوَانِي (وَ) شَمَلَ قَوْلُهُ يَعْتَقِدُهُ الِاعْتِقَادَ الْجَازِمَ لِدَلِيلٍ نَشَأَ عَنْ اجْتِهَادٍ فِي الْفُرُوعِ فَعَلَيْهِ (لَوْ) (اقْتَدَى شَافِعِيٌّ بِحَنَفِيٍّ) مَثَلًا ارْتَكَبَ مُبْطِلًا فِي اعْتِقَادِنَا أَوْ اعْتِقَادِهِ كَأَنْ (مَسَّ فَرْجَهُ أَوْ افْتَصَدَ) (فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ فِي الْفَصْدِ دُونَ الْمَسِّ اعْتِبَارًا) فِيهِمَا (بِنِيَّةِ الْمُقْتَدِي) هُوَ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الْمُحَرَّرِ، وَمُرَادُهُ بِالنِّيَّةِ الِاعْتِقَادُ؛ لِأَنَّهُ مُحْدِثٌ عِنْدَهُ بِالْمَسِّ دُونَ الْفَصْدِ، وَقَدْ صَوَّرَهَا صَاحِبُ الْخَوَاطِرِ السَّرِيعَةِ بِمَا إذَا نَسِيَ الْإِمَامُ كَوْنَهُ مُفْتَصِدًا لِتَكُونَ نِيَّتُهُ جَازِمَةً فِي اعْتِقَادِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَلَاعِبٌ عِنْدَنَا أَيْضًا لِعِلْمِنَا بِعَدَمِ جَزْمِهِ بِالنِّيَّةِ، قِيلَ وَيَرُدُّهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ فَإِنَّهُمْ عَلَّلُوا الْوَجْهَ الْقَائِلَ بِاعْتِبَارِ عَقِيدَةِ الْإِمَامِ بِأَنَّهُ يَرَى أَنَّهُ مُتَلَاعِبٌ فِي الْفَصْدِ وَنَحْوِهِ فَلَا تَقَعُ مِنْهُ نِيَّةٌ صَحِيحَةٌ، فَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ عِلْمِهِ حَالَ النِّيَّةِ بِفَصْدِهِ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّلَاعُبِ فِي تَعْلِيلِ مَا ذُكِرَ بِالنَّظَرِ لِلْمَأْمُومِ دُونَ الْإِمَامِ، إذْ غَايَةُ أَمْرِهِ أَنَّهُ عَالِمٌ حَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالسُّجُودَ سَجَدَ الْحَنَفِيُّ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى اعْتِقَادِ الْإِمَامِ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا تَرَكَ سُجُودَ السَّهْوِ سُنَّ لِلْمَأْمُومِ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ الْإِتْيَانُ بِهِ. وَيَرِدُ أَيْضًا أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْحُكْمُ عِنْدَ الْحَنَفِيِّ بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ، فَكَيْفَ يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِاعْتِقَادِهِ وَهُوَ لَا يَلْزَمُهُ الْعَمَلُ بِمَا يَعْتَقِدُهُ فَلْيُحَرَّرْ. وَإِنْ كَانَ الْمَدَارُ عَلَى اعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ فَكَانَ مُقْتَضَاهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى مَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ عِنْدَهُمْ مَا ذَكَرَ فَوَاضِحٌ، وَإِلَّا فَكَيْفَ يَحْكُمُ عَلَيْهِمْ بِمَا يَعْتَقِدُونَ خِلَافَهُ؟ فَلْيُرَاجَعْ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُهُ فِي الْفَرْعِ الْأَوَّلِ: فَهَلْ يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ إلَخْ؟ بَقِيَ مَا لَوْ رَآهُ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَيْنِ وَأَغْفَلَ اللُّمْعَةَ الْمَذْكُورَةَ فَهَلْ يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ تَجْدِيدٌ أَوْ لَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْدَثَ بَيْنَ الْوُضُوءَيْنِ، أَوْ يُفَرِّقُ بَيْنَ أَنْ يَعْتَادَ التَّجْدِيدَ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي نَظَرًا إلَى ذَلِكَ الِاحْتِمَالِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَرَدُّدِ الْمُقْتَدِي فِي النِّيَّةِ وَقَوْلُهُ فِي الْفَرْعِ الثَّانِي: وَقَالَ م ر: الْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ هُوَ قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ وَاضِحٌ إلَخْ، وَقَوْلُهُ أَوْ يُفَرِّقُ. أَقُولُ: الظَّاهِرُ الْفَرْقُ؛ لِأَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الِاقْتِدَاءِ يَنْقَطِعُ اعْتِدَالُهُ بِقَصْدِ الْمُتَابَعَةِ فَلَا يُعَدُّ فِعْلُهُ تَطْوِيلًا لِلرُّكْنِ الْقَصِيرِ بِخِلَافِ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: لَمْ يَقْتَدِ أَحَدٌ مِنْهُمْ) أَيْ لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فَكَمَا ذَكَرَ فِي الْأَوَانِي) لَكِنْ لَوْ تَعَدَّدَ الصَّوْتُ الْمَسْمُوعُ لَمْ يُعَدُّ كُلٌّ إلَّا صَلَاةً وَاحِدَةً لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْكُلَّ مِنْ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: اعْتِبَارًا بِنِيَّةِ الْمُقْتَدِي) قَضِيَّةُ الصِّحَّةِ وَاعْتِبَارُ اعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ أَنَّ هَذَا الْإِمَامَ يَتَحَمَّلُ عَنْ الْمَأْمُومِ كَغَيْرِهِ وَتُدْرَكُ الرَّكْعَةُ بِإِدْرَاكِهِ رَاكِعًا فَلْيُحَرَّرْ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ اعْتِقَادَهُ صِحَّةَ صَلَاتِهِ صَيَّرَهُ مِنْ أَهْلِ التَّحَمُّلِ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: هُوَ مِنْ زِيَادَتِهِ) أَيْ قَوْلُهُ: اعْتِبَارًا بِنِيَّةِ الْمُقْتَدِي (قَوْلُهُ: مُحْدِثٌ عِنْدَهُ) أَيْ الْمُقْتَدِي (قَوْلُهُ: بِمَا إذَا نَسِيَ الْإِمَامُ كَوْنَهُ مُفْتَصِدًا) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: اعْتَمَدَ هَذَا التَّصْوِيرَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَشَيْخُنَا طب وم ر اهـ. وَكَلَامُ الشَّارِحِ هُنَا صَرِيحٌ فِي اعْتِمَادِهِ حَيْثُ حَكَى رَدَّهُ بِقِيلِ ثُمَّ أَجَابَ عَنْهُ تَبَعًا لحج (قَوْلُهُ: قِيلَ) قَائِلُهُ ابْنُ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَيَرُدُّهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ) أَيْ يَرُدُّ تَصْوِيرَ صَاحِبِ الْخَوَاطِرِ السَّرِيعَةِ وَقَوْلُهُ بَعْدُ وَيُجَابُ: أَيْ عَنْ هَذَا الرَّدِّ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ عِنْدَهُ بَيْنَ كَوْنِ الْإِمَامِ نَاسِيًا أَوْ عَالِمًا (قَوْلُهُ: إذْ غَايَةُ أَمْرِهِ) أَيْ الْمَأْمُومِ، وَقَوْلُهُ عِنْدَهُ: أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَعَيُّنِ النَّجَاسَةِ فِي كُلٍّ. اهـ. وَإِنْ كَانَتْ الْعِبَارَةُ قَاصِرَةً عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ) عَنْ هَذَا الرَّدِّ الَّذِي حَكَاهُ بِقِيلَ وَقَائِلُهُ الشِّهَابُ حَجّ. فَتَلَخَّصَ أَنَّ الشَّارِحَ يَخْتَارُ تَصْوِيرَ صَاحِبِ الْخَوَاطِرِ السَّرِيعَةِ مُخَالِفًا لِلشِّهَابِ الْمَذْكُورِ، وَإِنَّمَا عَبَّرُوا فِيهِ بِالتَّلَاعُبِ بِالنَّظَرِ لِلْمَأْمُومِ؛ لِأَنَّهُ يَرَى الْإِمَامَ حِينَئِذٍ مُتَلَاعِبًا: أَيْ صُورَةً، وَإِلَّا فَلَا تَلَاعُبَ مَعَ النِّسْيَانِ، لَكِنَّ قَوْلَهُ: إذْ غَايَةُ الْأَمْرِ لَا يَتَنَزَّلُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لَهُ هُنَا، وَإِنْ أَوَّلَهُ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ بِمَا لَا تَقْبَلُهُ الْعِبَارَةُ مَعَ عَدَمِ صِحَّتِهِ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَتِهَا، وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنَّ الشِّهَابَ الْمَذْكُورَ لَمَّا رَدَّ التَّصْوِيرَ الْمُتَقَدِّمَ بِكَلَامِ الْأَصْحَابِ الْمَذْكُورِ وَاخْتَارَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُصَوَّرَةٌ بِالْعَمْدِ اسْتَشْعَرَ سُؤَالًا صُورَتُهُ: أَنَّهُ كَيْفَ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ حِينَئِذٍ وَهُوَ مُتَلَاعِبٌ؟ فَأَوْرَدَهُ وَأَجَابَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: قُلْت كَوْنُهُ مُتَلَاعِبًا عِنْدَنَا مَمْنُوعٌ، إذْ غَايَةُ أَمْرِهِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. وَالشَّارِحُ رَتَّبَ هَذَا عَلَى جَوَابِهِ

النِّيَّةِ بِمُبْطِلٍ عِنْدَهُ، وَعِلْمُهُ بِهِ مُؤَثِّرٌ فِي جَزْمِهِ عِنْدَهُ لَا عِنْدَنَا، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الْإِمَامِ لِمَا مَرَّ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ حُكْمُنَا بِاسْتِعْمَالِ مَائِهِ وَعَدَمِ مُفَارَقَتِهِ عِنْدَ سُجُودِهِ لِ {ص} . وَلَا قَوْلُهُمْ لَوْ نَوَى مُسَافِرَانِ شَافِعِيٌّ وَحَنَفِيٌّ إقَامَةَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ بِمَوْضِعٍ انْقَطَعَ بِوُصُولِهِمَا سَفَرُ الشَّافِعِيِّ فَقَطْ وَجَازَ لَهُ الِاقْتِدَاءُ بِالْحَنَفِيِّ مَعَ اعْتِقَادِهِ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُمْ هُنَا فِي تَرْكِ وَاجِبٍ لَا يُجَوِّزُهُ الشَّافِعِيُّ مُطْلَقًا بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْقَصْرُ فِي الْجُمْلَةِ، وَسَيَأْتِي فِيهِ زِيَادَةٌ فِي بَابِهِ، وَأَيْضًا فَالْمُبْطِلُ هُنَا وَفِيمَا لَوْ سَجَدَ لِ {ص} أَوْ تَنَحْنَحَ عَمْدًا عُهِدَ اغْتِفَارُ نَظِيرِهِ فِي اعْتِقَادِ الشَّافِعِيِّ لَوْ وَقَعَ مِنْ جَاهِلٍ، وَالْحَنَفِيُّ مِثْلُهُ فَلَا يُنَافِي اعْتِقَادَ كُلٍّ جَوَازَ مَا أَقْدَمَ عَلَيْهِ فَاغْتُفِرَ لَهُ قِيَاسًا عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ مَعَ نَحْوِ الْمَسِّ فَإِنَّهُ يَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْجَاهِلُ وَغَيْرُهُ. وَلَوْ شَكَّ شَافِعِيٌّ فِي إتْيَانِ الْمُخَالِفِ بِالْوَاجِبَاتِ عِنْدَ الْمَأْمُومِ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ تَحْسِينًا لِلظَّنِّ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْإِمَامِ، وَقَوْلُهُ وَعِلْمُهُ: أَيْ الْمَأْمُومِ، وَقَوْلُهُ عِنْدَهُ: أَيْ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِتَكُونَ نِيَّتُهُ جَازِمَةً (قَوْلُهُ: عِنْدَ سُجُودِهِ لِ {ص ~} ) أَيْ لِآيَةِ {ص ~} إلَخْ (قَوْلُهُ: مَعَ اعْتِقَادِهِ) أَيْ الشَّافِعِيِّ، وَقَوْلُهُ: بُطْلَانِ صَلَاتِهِ أَيْ الْحَنَفِيِّ (قَوْلُهُ: لَوْ وَقَعَ مِنْ جَاهِلٍ) وَحُكِمَ بِاسْتِعْمَالِ مَائِهِ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى بِهِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَهُوَ تَرْكُ الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ مِنْ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يُنْكِرُ عَلَى مُجْتَهِدٍ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِمَذْهَبِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُؤَثِّرْ) بَقِيَ أَنْ يُقَالَ: سَلَّمْنَا أَنَّهُ أَتَى بِهِ لَكِنْ عَلَى اعْتِقَادِ السُّنِّيَّةِ، وَمَنْ اعْتَقَدَ بِفَرْضٍ مُعَيَّنٍ نَفْلًا كَانَ ضَارًّا: أَيْ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالشَّارِحُ: أَيْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ السَّابِقِ أَشَارَ إلَى دَفْعِهِ بِقَوْلِهِ: وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ اعْتِقَادِهِ الْوُجُوبَ إلَخْ، وَكَانَ حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَمَّا أَتَى بِهِ وَكَانَ اعْتِقَادُهُ عَدَمِ الْوُجُوبِ مَذْهَبًا لَهُ غَيْرَ مُبْطِلٍ عِنْدَهُ اكْتَفَيْنَا مِنْهُ بِذَلِكَ، بِخِلَافِ الْمُوَافِقِ فَإِنَّ اعْتِقَادَهُ عَدَمَ الْوُجُوبِ لَيْسَ مَذْهَبًا لَهُ وَمُبْطِلٌ عِنْدَهُ فَلَمْ يَكْتَفِ مِنْهُ بِذَلِكَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ اعْتِقَادَ عَدَمِ الْوُجُوبِ إنَّمَا يُؤَثِّرُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَذْهَبًا لِلْمُعْتَقِدِ، وَإِلَّا لَمْ يُؤَثِّرْ، وَيَكْتَفِي مِنْهُ بِمُجَرَّدِ الْإِتْيَانِ، وَأَمَّا مَا دَفَعَ بِهِ م ر أَيْضًا ذَلِكَ مِنْ اعْتِقَادِهِ عَدَمِ الْوُجُوبِ كَإِتْيَانِ مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ أَتَى بِالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِالْجُلُوسِ بِقَصْدِ الِاسْتِرَاحَةِ مَعَ أَنَّهُ يَقَعُ عَنْ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ اعْتِقَادُ فَرْضٍ مُعَيَّنٍ نَفْلًا غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ أَتَى بِالْفَرْضِ يَظُنُّهُ نَفْلًا بِنَاءً عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ أَتَى بِالْفَرْضِ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَوْنِ الشَّكِّ فِي أَنَّ الْحَنَفِيَّ تَرَكَ الْوَاجِبَاتِ لَا يَضُرُّ أَنَّ الشَّافِعِيَّ كَذَلِكَ، إذْ لَا فَرْقَ بَلْ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَضُرَّ الشَّكُّ فِي الْمُخَالِفِ الَّذِي لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ بَعْضِ الْوَاجِبَاتِ فَفِي الْمُوَافِقِ أَوْلَى، وَمِنْ ذَلِكَ مَا إذَا شَكَّ فِي طَهَارَةِ الْإِمَامِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَغَيْرِهِ فِيمَا إذَا أَسَرَّ الْإِمَامُ فِي الْجَهْرِيَّةِ أَنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ) أَيْ فَلَوْ أَخْبَرَهُ بَعْدُ بِتَرْكِ شَيْءٍ مِنْ الْوَاجِبَاتِ فَهَلْ يُؤَثِّرُ لِذَلِكَ، وَتَجِبُ الْإِعَادَةُ أَوْ لَا لِلْحُكْمِ بِمُضِيِّ صَلَاتِهِ عَلَى الصِّحَّةِ، فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ إمَامُهُ تَارِكًا لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ؛ لِأَنَّ التَّحَرُّمَ مِمَّا لَا يَخْفَى إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّ التَّحَرُّمَ مِنْ شَأْنِهِ جَهْرُ الْإِمَامِ بِهِ: أَيْ فَيُنْسَبُ الْمَأْمُومُ لِتَقْصِيرٍ فِي عَدَمِ الْعِلْمِ بِالْإِتْيَانِ بِهِ مِنْ الْإِمَامِ، وَلَوْ كَانَ بَعِيدًا، وَلَا كَذَلِكَ غَيْرُهُ مِنْ الْوَاجِبَاتِ، وَيُؤَيِّدُ الْفَرْقَ مَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ شَكَّ بَعْدَ إحْرَامِ الْمَأْمُومِ فَاسْتَأْنَفَ النِّيَّةَ وَكَبَّرَ ثَانِيًا لَا يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ إعَادَةُ الصَّلَاةِ إذَا عَلِمَ بِحَالِ الْإِمَامِ مَعَ أَنَّهُ بِذَلِكَ يَتَبَيَّنُ تَقَدُّمُ إحْرَامِهِ عَلَى إحْرَامِ إمَامِهِ، وَعَلَّلُوا ذَلِكَ بِمَشَقَّةِ الِاطِّلَاعِ عَلَى حَالِ الْإِمَامِ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَأَمُّلُ حَالِهِ فِي بَقِيَّةِ صَلَاتِهِ، وَسَيَأْتِي عَنْ الشَّارِحِ فِي كَلَامِ سم مَا يَقْتَضِي وُجُوبَ الْإِعَادَةِ. (قَوْلُهُ: تَحْسِينًا لِلظَّنِّ بِهِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَذْكُورِ فَلَمْ يَلْتَئِمْ مَعَهُ، وَبَعْضُهُمْ أَجَابَ عَمَّا أَجَابَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِحَمْلِ التَّلَاعُبِ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي عَلَى مَا هُوَ فِي حُكْمِ التَّلَاعُبِ وَذَلِكَ فِي النَّاسِي لَا فِي التَّلَاعُبِ حَقِيقَةً، وَبِالْفِعْلِ كَمَا فِي الْعَامِدِ، وَهُوَ يَرْجِعُ فِي التَّحْقِيقِ إلَى جَوَابِ الشَّارِحِ بِحَسَبِ مَا قَرَّرْنَاهُ بِهِ.

فِي تَوَقِّي الْخِلَافِ، وَلَوْ تَرَكَ الْإِمَامُ الْبَسْمَلَةَ لَمْ تَصِحَّ قُدْوَةُ الشَّافِعِيِّ بِهِ وَلَوْ كَانَ الْمُقْتَدَى بِهِ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ أَوْ نَائِبُهُ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ تَصْحِيحِ الْأَكْثَرِينَ وَقَطَعَ جَمَاعَةٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ نَقَلَا عَنْ الْحَلِيمِيِّ وَالْأَوْدَنِيِّ الصِّحَّةَ خَلْفَهُ وَاسْتَحْسَنَاهُ. وَتَعْلِيلُ الْجَوَازِ بِخَوْفِ الْفِتْنَةِ مَمْنُوعٌ، فَقَدْ لَا يَعْلَمُ الْإِمَامُ بِعَدَمِ اقْتِدَائِهِ أَوْ مُفَارَقَتِهِ كَأَنْ يَكُونَ فِي الصَّفِّ الْأَخِيرِ مَثَلًا أَوْ يُتَابِعَهُ فِي أَفْعَالِهَا مِنْ غَيْرِ رَبْطٍ وَانْتِظَارٍ كَثِيرٍ فَيَنْتَفِي خَوْفُ الْفِتْنَةِ. (وَلَا تَصِحُّ قُدْوَةٌ بِمُقْتَدٍ) حَالَ قُدْوَتِهِ لِكَوْنِهِ تَابِعًا لِغَيْرِهِ بِلَحْقِهِ سَهْوَهُ، وَمِنْ شَأْنِ الْإِمَامِ الِاسْتِقْلَالُ وَأَنْ يَتَحَمَّلَ هُوَ سَهْوَ غَيْرِهِ فَلَا يَجْتَمِعَانِ، وَأَمَّا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ النَّاسَ اقْتَدَوْا بِأَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - خَلْفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا مُقْتَدِينَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُهُمْ التَّكْبِيرَ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا. وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي مَرَضِ مَوْتِهِ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ» . قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إنْ صَحَّ هَذَا كَانَ مَرَّتَيْنِ كَمَا أَجَابَ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ. وَلَوْ تَوَهَّمَ أَوْ ظَنَّ كَوْنَهُ مَأْمُومًا لَمْ يَصِحَّ اقْتِدَاؤُهُ أَيْضًا بِهِ، وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ عِنْدَ هُجُومِهِ فَإِنْ اجْتَهَدَ فِي أَيِّهِمَا الْإِمَامُ، وَاقْتَدَى بِمَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ الْإِمَامُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ كَمَا يُصَلِّي بِالِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ وَالثَّوْبِ وَالْأَوَانِي. انْتَهَى. وَمَعْلُومٌ أَنَّ اجْتِهَادَهُ بِسَبَبِ قَرَائِنَ تَدُلُّهُ عَلَى غَرَضِهِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلنِّيَّةِ لِعَدَمِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهَا، فَسَقَطَ الْقَوْلُ بِأَنَّ شَرْطَ الِاجْتِهَادِ أَنْ يَكُونَ لِلْعَلَامَةِ فِيهِ مَجَالٌ، وَلَا مَجَالَ لَهَا هُنَا؛ لِأَنَّ مَدَارَ الْمَأْمُومِيَّةِ عَلَى النِّيَّةِ لَا غَيْرُ، وَهِيَ لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهَا. وَإِنْ اعْتَقَدَ كُلٌّ مِنْ اثْنَيْنِ أَنَّهُ إمَامٌ صَحَّتْ صَلَاتُهُمَا لِعَدَمِ مُقْتَضَى بُطْلَانِهَا أَوْ أَنَّهُ مَأْمُومٌ فَلَا. وَكَذَا لَوْ شَكَّ فِي أَنَّهُ إمَامٌ أَوْ مَأْمُومٌ وَلَوْ بَعْدَ السَّلَامِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لِشَكِّهِ فِي أَنَّهُ تَابِعٌ أَوْ مَتْبُوعٌ، فَلَوْ شَكَّ أَحَدُهُمَا وَظَنَّ الْآخَرُ صَحَّتْ لِلظَّانِّ أَنَّهُ إمَامٌ دُونَ الْآخَرِ وَهَذَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي فَرَّقَ الْأَصْحَابُ فِيهَا بَيْنَ الظَّنِّ وَالشَّكِّ، قَالَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَمُحَافَظَةً عَلَى الْكَمَالِ عِنْدَهُ. اهـ. وَقَدْ يُعْتَرَضُ عَلَى كِلَا التَّعْلِيلَيْنِ بِأَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ الْمَتْرُوكُ عِنْدَهُ مِنْ الْكَمَالِ وَلَا مِمَّا يُطْلَبُ الْخُرُوجُ مِنْ الْخِلَافِ فِيهِ عِنْدَهُ فَلَا يَكُونُ الظَّاهِرُ الْإِتْيَانَ بِجَمِيعِ الْوَاجِبَاتِ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَرَكَ الْإِمَامُ الْبَسْمَلَةَ) كَأَنْ سَمِعَهُ يَصِلُ تَكْبِيرَةَ التَّحَرُّمِ أَوْ الْقِيَامِ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ (قَوْلُهُ: لَمْ تَصِحَّ) أَيْ فَتَجِبُ عَلَيْهِ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ عِنْدَ إرَادَتِهِ الرُّكُوعَ؛ لِأَنَّ قَبْلَهُ بِسَبِيلٍ مِنْ أَنْ يُعِيدَهَا عَلَى الصَّوَابِ (قَوْلُهُ: الْأَوْدَنِيُّ) قَالَ فِي اللُّبِّ: الْأَوْدَنِيُّ بِالضَّمِّ وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ إلَى أُودَنَةَ مِنْ قُرَى بُخَارَى. قُلْت: وَبِالْفَتْحِ إلَى أَوْدَنَ مِنْهَا أَيْضًا، قَالَ يَاقُوتُ: وَأَظُنُّهُمَا وَاحِدًا، وَاخْتُلِفَ فِي الْهَمْزَةِ. انْتَهَى. وَفِي طَبَقَاتِ الْإِسْنَوِيِّ: هُوَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ بَصِيرٍ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، تُوُفِّيَ بِبُخَارَى سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ وَثَلَثِمِائَةٍ، وَأَوْدَنَةُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ عَنْ الْإِكْمَالِ لِابْنِ مَاكُولَا وَعَنْ خَطِّ ابْنِ السَّمْعَانِيِّ فِي الْأَنْسَابِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَذَكَرَ ابْنُ خِلِّكَانَ أَنَّ ابْنَ السَّمْعَانِيِّ قَالَ: إنَّهُ بِالضَّمِّ وَأَنَّ الْفَتْحَ مِنْ خَطَأِ الْفُقَهَاءِ وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُ أَعَنَى ابْنَ خِلِّكَانَ (قَوْلُهُ: خَلْفَهُ) أَيْ الْإِمَامِ، وَقَوْلُهُ كَأَنْ يَكُونَ: أَيْ الْمَأْمُومُ (قَوْلُهُ: وَانْتِظَارٍ كَثِيرٍ) أَيْ عُرْفًا م ر فِيمَا يَأْتِي فِي فَصْلِ شَرْطِ الْقُدْوَةِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلَا تَصِحُّ قُدْوَةٌ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْقُدْوَةُ اسْمٌ مِنْ اقْتَدَى بِهِ إذَا فَعَلَ مِثْلَ فِعْلِهِ تَأَسِّيًا، وَفُلَانٌ قُدْوَةٌ: أَيْ يُقْتَدَى بِهِ، وَالضَّمُّ أَكْثَرُ مِنْ الْكَسْرِ قَالَ ابْنُ فَارِسٍ: وَيُقَالُ إنَّ الْقُدْوَةَ الْأَصْلُ الَّذِي يَتَشَعَّبُ مِنْهُ الْفُرُوعُ. انْتَهَى. وَفِي الْقَامُوسِ: الْقُدْوَةُ مُثَلَّثَةٌ وَكَعِدَّةِ مَا تَسَنَّنْت بِهِ وَاقْتَدَيْت بِهِ (قَوْلُهُ: إنَّ النَّاسَ اقْتَدَوْا بِأَبِي بَكْرٍ) أَيْ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ السَّلَامِ وَإِنْ بَانَ إمَامًا. اهـ ابْنُ حَجَرٍ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم بِأَنْ شَكَّ بَعْدَ السَّلَامِ فِي كَوْنِ إمَامِهِ مَأْمُومًا إلَّا أَنَّ مَحَلَّ هَذَا مَا لَمْ يَبْنِ إمَامًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا يُنَافِيهِ، وَإِنْ بَانَ إمَامًا؛ لِجَوَازِ تَخْصِيصِهِ بِغَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ بَلْ يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ. اهـ. وَكَتَبَ سم أَيْضًا: قَوْلَهُ: وَإِنْ بَانَ إمَامًا: أَيْ إنْ طَالَ زَمَنُ التَّرَدُّدِ أَوْ مَضَى رُكْنٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ) أَيْ فَلَوْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ فَهَلْ يَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ أَوْ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: أَنَّهُ إمَامٌ) أَيْ بِصَاحِبِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ مَرَّ) أَيْ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا طَالَ التَّرَدُّدُ أَوْ مَضَى رُكْنٌ ضُرَّ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ طَرِيقُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ابْنُ الرِّفْعَةِ، أَوْ الْبُطْلَانُ بِمُجَرَّدِ الشَّكِّ مَبْنِيٌّ عَلَى طَرِيقِ الْعِرَاقِيِّينَ، أَمَّا عَلَى طَرِيقِ الْمَرَاوِزَةِ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ فِي الشَّكِّ فِي النِّيَّةِ وَقَدْ مَرَّ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَخَرَجَ بِمُقْتَدٍ مَا لَوْ انْقَطَعَتْ الْقُدْوَةُ كَأَنْ سَلَّمَ الْإِمَامُ فَقَامَ مَسْبُوقٌ فَاقْتَدَى بِهِ آخَرُ أَوْ مَسْبُوقُونَ فَاقْتَدَى بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ فَتَصِحُّ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ عَلَى الْأَصَحِّ لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ. (وَلَا بِمَنْ تَلْزَمُهُ إعَادَةٌ) ، وَإِنْ كَانَ الْمُقْتَدِي مِثْلَهُ (كَمُقِيمٍ تَيَمَّمَ) بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ وَمُحْدِثٍ صَلَّى عَلَى حَسَبِ حَالِهِ لِإِكْرَاهٍ أَوْ لِكَوْنِهِ فَقَدَ الطَّهُورَيْنِ؛ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِصَلَاتِهِ فَكَانَتْ كَالْفَاسِدَةِ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ، وَإِنْ صَحَّتْ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَأَمَّا عَدَمُ أَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ صَلَّى خَلْفَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِالْإِعَادَةِ فَغَيْرُ مُسْتَلْزِمٍ عَدَمَهَا؛ لِأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي وَتَأْخِيرُ الْبَيَانِ إلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ جَائِزٌ، وَلِجَوَازِ كَوْنِهِمْ كَانُوا عَالَمِينَ وَقَضَوْا مَا عَلَيْهِمْ. (وَلَا قَارِئٍ بِأُمِّيٍّ فِي الْجَدِيدِ) ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَرَاوِزَةِ. (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ) أَيْ أَمَّا فِيهَا فَلَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ فِيهِ إنْشَاءَ جُمُعَةٍ بَعْدَ أُخْرَى (قَوْلُهُ: لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ) ظَاهِرٌ فِي الصُّورَتَيْنِ وَعَلَيْهِ فَلَا ثَوَابَ فِيهَا مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ. وَفِي ابْنِ حَجَرٍ التَّصْرِيحُ بِرُجُوعِهِ لِلثَّانِيَةِ فَقَطْ، وَالْكَرَاهَةُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَبْطَلَهَا، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمَحَلِّيِّ قُبَيْلَ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ مَا يُصَرِّحُ بِتَخْصِيصِ الْخِلَافِ بِالثَّانِيَةِ، هَذَا وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ صِحَّةِ الْقُدْوَةِ مَا لَمْ يَتَذَكَّرْ الْإِمَامُ تَرْكَ رُكْنٍ مِنْ صَلَاتِهِ وَيَعُودُ لِتَدَارُكِهِ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ، فَإِنْ عَادَ لَمْ تَصِحَّ قُدْوَةُ الْمُقْتَدِي بِالْإِمَامِ الثَّانِي لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ مُقْتَدٍ بِمُقْتَدٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ. (قَوْلُهُ: كَمُقِيمٍ تَيَمَّمَ) هَلْ شَرْطُ هَذَا عِلْمُ الْمَأْمُومِ بِحَالِهِ حَالَ الِاقْتِدَاءِ أَوْ قَبْلَهُ وَنَسِيَ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مُطْلَقًا إلَّا بَعْدَ الصَّلَاةِ صَحَّتْ، وَلَا قَضَاءَ؛ لِأَنَّ هَذَا الْإِمَامَ مُحْدِثٌ، وَتَبَيُّنُ حَدَثِ الْإِمَامِ بَعْدَ الصَّلَاةِ لَا يَضُرُّ وَلَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ كَمَا سَيَأْتِي، أَوْ لَا فَرْقَ هُنَا وَيَخُصُّ مَا سَيَأْتِي بِغَيْرِ ذَلِكَ وَيُفَرَّقُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالتَّسْوِيَةُ قَرِيبَةٌ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ فَرْقٌ وَاضِحٌ. فَإِنْ قِيلَ عَلَى التَّسْوِيَةِ: هَلْ اكْتَفَى عَنْ هَذَا الْمِثَالِ بِمَسْأَلَةِ الْحَدَثِ الْآتِيَةِ؟ قُلْنَا: يَفُوتُ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ الْمُسَافِرَ الْمُتَيَمَّمَ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَإِنْ كَانَ حَدَثُهُ بَاقِيًا تَأَمَّلْ. اهـ سم عَلَى ابْنِ حَجَرٍ. وَقَوْلُهُ: وَالتَّسْوِيَةُ قَرِيبَةٌ: أَيْ فَلَا قَضَاءَ كَمَا لَوْ بَانَ حَدَثُ إمَامِهِ. وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ فَرْقٌ وَاضِحٌ. أَقُولُ: قَدْ يُقَالُ الْفَرْقُ أَنَّ الْحَدَثَ مِنْ شَأْنِهِ أَنَّهُ يَخْفَى فَلَا يُنْسَبُ الْمَأْمُومُ مَعَهُ إلَى تَقْصِيرٍ فِي عَدَمِ الْعِلْمِ بِهِ، وَأَمَّا التَّيَمُّمُ فَهُوَ مِمَّا يَغْلِبُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ سِيَّمَا فِي حَقِّ الْمُسَافِرِينَ فَيُنْسَبُ الْمَأْمُومُ إلَى تَقْصِيرٍ فِي عَدَمِ الْعِلْمِ بِحَالِ الْإِمَامِ، هَذَا وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ مَا يُصَرِّحُ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُحْدِثِ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَمَنْ تَيَمَّمَ لِبَرْدٍ قَضَى فِي الْأَظْهَرِ. وَأُجِيبَ عَنْ الْخَبَرِ: أَيْ خَبَرِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ حَيْثُ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ وَقَدْ تَيَمَّمَ لِلْبَرْدِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ وَلَا أَصْحَابَهُ بِالْقَضَاءِ بِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إنَّمَا لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِعَادَةِ؛ لِأَنَّهَا عَلَى التَّرَاخِي، وَتَأْخِيرُ الْبَيَانِ إلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ جَائِزٌ، وَبِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِوُجُوبِ الْقَضَاءِ، وَأَمَّا أَصْحَابُهُ فَيُحْتَمَلُ عَدَمُ مَعْرِفَتِهِمْ الْحُكْمَ أَوْ جَهْلُهُمْ بِحَالِهِ وَقْتَ الْقُدْوَةِ بِهِ. (قَوْلُهُ: مَنْ صَلَّى خَلْفَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ) أَيْ لَمَّا تَيَمَّمَ لِلْبَرْدِ وَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ عَلَى مَا مَرَّ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: وَلِجَوَازِ كَوْنِهِمْ كَانُوا عَالِمِينَ) أَيْ بِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَى مَنْ اقْتَدَى بِمَنْ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ، وَاقْتِدَاؤُهُمْ بِعَمْرٍو إنَّمَا هُوَ لِعَدَمِ عِلْمِهِمْ حَالَ الِاقْتِدَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَا قَارِئٌ بِأُمِّيٍّ إلَخْ) . [فَرْعٌ] عَلِمَ أُمِّيَّتَهُ وَغَابَ غَيْبَةً يُمْكِنُهُ التَّعَلُّمُ فِيهَا فَهَلْ يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْأُمِّيَّةِ. وَنُقِلَ عَنْ فَتَاوَى الشَّارِحِ أَنَّهُ لَوْ ظَنَّ أَنَّهُ تَعَلَّمَ فِي غَيْبَتِهِ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ وَيُعَلَّلُ بِمَا قَدَّمْنَاهُ. لَا يُقَالُ: يُشْكِلُ عَلَى مَا ذَكَرَ مَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ عَلِمَ حَدَثَهُ ثُمَّ فَارَقَهُ مُدَّةً يُمْكِنُ فِيهَا طُهْرُهُ مِنْ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي إلَخْ) هَذِهِ الْأَجْوِبَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى لُزُومِ الْإِعَادَةِ لَهُمْ خِلَافَ مَا قَدَّمَهُ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلِجَوَازِ كَوْنِهِمْ كَانُوا عَالِمِينَ) أَيْ حِينَ بَلَغَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ طَرَأَ لَهُمْ الْعِلْمُ بَعْدَ الِاقْتِدَاءِ، وَإِلَّا فَكَيْفَ

وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ التَّعَلُّمِ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُقْتَدِي بِحَالِهِ؛ لِعَدَمِ صَلَاحِيَّتِهِ لِتَحَمُّلِ الْقِرَاءَةِ عَنْهُ لَوْ أَدْرَكَهُ رَاكِعًا مَثَلًا وَمِنْ شَأْنِ الْإِمَامِ التَّحَمُّلُ كَمَا مَرَّ، وَالْقَدِيمُ يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ فِي السَّرِيَّةِ دُونَ الْجَهْرِيَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَقْرَأُ فِي الْجَهْرِيَّةِ بَلْ يَتَحَمَّلُ الْإِمَامُ عَنْهُ فِيهَا، وَهُوَ الْقَوْلُ الْقَدِيمُ أَيْضًا، وَالْأُمِّيُّ مَنْسُوبٌ لِلْأُمِّ كَأَنَّهُ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي وَلَدَتْهُ عَلَيْهَا، وَأَصْلُهُ لُغَةً لِمَنْ لَا يَكْتُبُ، وَاسْتَعْمَلَهُ الْفُقَهَاءُ فِيمَا ذُكِرَ مَجَازًا. وَقَوْلُهُ فِي الْجَدِيدِ رَاجِعٌ إلَى اقْتِدَاءِ الْقَارِئِ بِالْأُمِّيِّ لَا إلَى مَا قَبْلَهُ (وَهُوَ مَنْ يُخِلُّ بِحَرْفٍ) بِأَنْ عَجَزَ عَنْ إخْرَاجِهِ مِنْ مَخْرَجِهِ (أَوْ تَشْدِيدَةِ مِنْ الْفَاتِحَةِ) ؛ لِرَخَاوَةٍ فِي لِسَانِهِ، وَمَنْ يُحْسِنُ سَبْعَ آيَاتٍ مَعَ مَنْ لَا يُحْسِنُ إلَّا الذِّكْرَ، وَحَافِظِ نِصْفِ الْفَاتِحَةِ الْأَوَّلِ بِحَافِظِ نِصْفِهَا الثَّانِي مَثَلًا كَقَارِئٍ مَعَ أُمِّيٍّ، وَنَبَّهَ بِمَا ذَكَرَهُ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يُحْسِنْهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. وَلَوْ أَحْسَنَ أَصْلَ التَّشْدِيدِ وَتَعَذَّرَتْ عَلَيْهِ الْمُبَالَغَةُ صَحَّتْ الْقُدْوَةُ بِهِ مَعَ الْكَرَاهَةِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْقَاضِي (وَمِنْهُ أَرَتٌّ) بِمُثَنَّاةٍ مُشَدَّدَةٍ (يُدْغَمُ) بِإِبْدَالٍ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ (فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ) أَيْ الْإِدْغَامِ الْمَفْهُومِ مِنْ يُدْغِمُ فَلَا يَضُرُّ إدْغَامٌ فَقَطْ كَتَشْدِيدِ لَامِ أَوْ كَافِ مَالِكٍ (وَ) مِنْهُ (أَلْثَغُ) بِمُثَلَّثَةٍ (يُبْدِلُ حَرْفًا بِحَرْفٍ) كِرَاءٍ بِغَيْنٍ وَسِينٍ بِثَاءٍ، نَعَمْ لَوْ كَانَتْ اللُّثْغَةُ يَسِيرَةً بِأَنْ لَمْ تَمْنَعْ أَصْلَ مَخْرَجِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ صَافٍ لَمْ تُؤَثِّرْ، وَالْإِدْغَامُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ الْمُبْطِلِ مُسْتَلْزِمٌ لِلْإِبْدَالِ إلَّا أَنَّهُ إبْدَالُ خَاصٍّ، فَكُلُّ أَرَتَّ أَلْثَغَ وَلَا عَكَسَ. (وَتَصِحُّ) قُدْوَةُ أُمِّيٍّ وَلَوْ فِي الْجُمُعَةِ عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا (بِمِثْلِهِ) فِي الْحَرْفِ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ فِي الْإِبْدَالِ كَمَا لَوْ عَجَزَا عَنْ الرَّاءِ وَأَبْدَلَهَا أَحَدُهُمَا غَيْنًا وَالْآخَرُ لَامًا، بِخِلَافِ عَاجِزٍ عَنْ رَاءٍ بِعَاجِزٍ عَنْ سِينٍ، وَإِنْ اتَّفَقَا فِي الْبَدَلِ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSحَمْلًا عَلَى أَنَّهُ تَطَهَّرَ فِي غَيْبَتِهِ. لِأَنَّا نَقُولُ: الظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْمُصَلِّي أَنَّهُ تَطَهَّرَ بَعْدَ حَدَثِهِ لِتَصِحَّ صَلَاتُهُ، وَلَيْسَ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْأُمِّيِّ ذَلِكَ فَإِنَّ الْأُمِّيَّةَ عِلَّةٌ مُزْمِنَةٌ وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهَا. وَقَدْ يُجَابُ عَنْ التَّوَقُّفِ فِيمَا مَرَّ بِأَنَّ ذَاكَ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ اسْتَوَى عِنْدَهُ الِاحْتِمَالَانِ، وَمَا نَقَلَ الْفَتَاوَى مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا تَرَجَّحَ عِنْدَهُ أَحَدُ الِاحْتِمَالَيْنِ بِقَرِينَةٍ إفَادَتِهِ الظَّنَّ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ فَلَا تَنْعَقِدُ لِلْجَاهِلِ بِحَالِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَبْنِ الْحَالُ إلَّا بَعْدُ. اهـ سم عَلَى ابْنِ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: فِيمَا ذُكِرَ مَجَازًا) أَيْ ثُمَّ صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً (قَوْلُهُ: لَا إلَى مَا قَبْلَهُ) وَيَدُلُّ لِذَلِكَ إعَادَةُ لَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَنْ يُخِلُّ بِحَرْفٍ إلَخْ) عَمِيرَةُ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَا يَمْتَنِعُ الِاقْتِدَاءُ إلَّا بَعْدَ الْإِخْلَالِ الْمَذْكُورِ فَتَفَطَّنْ لَهُ انْتَهَى. أَقُولُ: الْوَجْهُ الَّذِي لَا يَتَّجِهُ غَيْرُهُ وِفَاقًا لِشَيْخِنَا طب - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ الِانْعِقَادِ؛ لِأَنَّ الْخَلَلَ هُوَ نَقْصُهُ بِالْأُمِّيَّةِ كَالْأُنُوثَةِ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ قَبْلَ الْإِخْلَالِ تَأَمَّلْ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: كَقَارِئٍ مَعَ أُمِّيٍّ) هَذَا وَاضِحٌ فِيمَنْ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ مَعَ مَنْ يَحْفَظُ الذِّكْرَ، أَمَّا مَنْ يَحْفَظُ نِصْفَ الْفَاتِحَةِ الْأَوَّلِ مَعَ مَنْ يَحْفَظُ الثَّانِيَ فَكَأُمِّيَّيْنِ اخْتَلَفَا فِي الْمَعْجُوزِ عَنْهُ فَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ وَكَأَنَّهُ أَدْخَلَهُ فِي الْقَارِئِ مَعَ الْأُمِّيِّ بِالنَّظَرِ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ صَاحِبِهِ فِي النِّصْفِ الَّذِي يَحْفَظُ دُونَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ تُؤَثِّرْ) عَمِيرَةُ عَنْ أَبِي غَانِمٍ ملقى ابْنِ سُرَيْجٍ قَالَ: انْتَهَى سُرَيْجٌ إلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَكَانَتْ لُثْغَتُهُ يَسِيرَةً، وَفِي مِثْلِهَا: فَقُلْت لَهُ هَلْ تَصِحُّ إمَامَتِي؟ فَقَالَ: نَعَمْ وَإِمَامَتِي أَيْضًا. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ قُدْوَةُ أُمِّيٍّ) ظَاهِرُهُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا) مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مُكَلَّفًا حُرًّا ذَكَرًا، وَلَا تَنْعَقِدُ بِأَرْبَعِينَ وَفِيهِمْ أُمِّيٌّ لِارْتِبَاطِ صِحَّةِ صَلَاةِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ، فَصَارَ كَاقْتِدَاءِ الْقَارِئِ بِالْأُمِّيِّ كَمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا قَصَّرَ الْأُمِّيُّ فِي التَّعَلُّمِ وَإِلَّا فَتَصِحُّ الْجُمُعَةُ إنْ كَانَ الْإِمَامُ قَارِئًا إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ: فِي الْحَرْفِ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ) لَوْ اسْتَوَيَا فِي الْإِخْلَالِ بِحَرْفٍ مُعَيَّنٍ وَزَادَ أَحَدُهُمَا بِالْإِخْلَالِ بِشَيْءٍ آخَرَ فَيَنْبَغِي صِحَّةُ اقْتِدَاءِ ذِي الزِّيَادَةِ بِالْآخَرِ دُونَ الْعَكْسِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: وَأَبْدَلَهَا أَحَدُهُمَا غَيْنًا وَالْآخَرُ لَامًا) قَالَ عَمِيرَةُ: وَمِثْلُهُ أَيْ فِي الصِّحَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَقْتَدُونَ مَعَ عِلْمِهِمْ بِعَدَمِ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ صَلَاحِيَّتِهِ لِتَحَمُّلِ الْقِرَاءَةِ عَنْهُ إلَخْ) لَا يَرِدُ عَلَيْهِ الْإِمَامُ الْمُحْدِثُ؛ لِأَنَّهُ أَهْلٌ فِي الْجُمْلَةِ لَوْ كَانَ مُتَطَهِّرًا (قَوْلُهُ: وَنَبَّهَ بِمَا ذَكَرَهُ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يُحْسِنْهَا إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنَّ مَا فَسَّرَ بِهِ الْأُمِّيُّ قَاصِرٌ

يُحْسِنُ مَا لَا يُحْسِنُهُ صَاحِبُهُ، وَعُلِمَ مِنْهُ عَدَمُ صِحَّةِ اقْتِدَاءِ أَخْرَسَ بِأَخْرَسَ، وَلَوْ عَجَزَ إمَامُهُ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ عَنْ الْقِرَاءَةِ لِخَرَسٍ لَزِمَهُ مُفَارَقَتُهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ؛ لِأَنَّ اقْتِدَاءَ الْقَائِمِ بِالْقَاعِدِ صَحِيحٌ، وَلَا كَذَلِكَ الْقَارِئُ بِالْأَخْرَسِ، قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ. فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِخَرَسِهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ أَعَادَ؛ لِأَنَّ حُدُوثَ الْخَرَسِ نَادِرٌ، بِخِلَافِ طُرُوُّ الْحَدَثِ. وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ صِحَّةَ اقْتِدَاءِ مَنْ يُحْسِنُ نَحْوَ التَّكْبِيرِ أَوْ التَّشَهُّدِ أَوْ السَّلَامِ بِالْعَرَبِيَّةِ بِمَنْ لَا يُحْسِنُهَا بِهَا. وَوَجَّهَهُ أَنَّ هَذِهِ لَا مَدْخَلَ لِتَحَمُّلِ الْإِمَامِ فِيهَا فَلَمْ يَنْظُرْ لِعَجْزِهِ عَنْهَا، وَتَصِحُّ الْقُدْوَةُ بِمَنْ جُهِلَ إسْلَامُهُ أَوْ قِرَاءَتُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِسْلَامُ، وَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْمُسْلِمِ الْمُصَلِّي أَنَّهُ يُحْسِنُ الْقِرَاءَةَ، فَإِنْ أَسَرَّ هَذَا فِي جَهْرِيَّةٍ أَعَادَ الْمَأْمُومُ صَلَاتَهُ، إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ قَارِئًا لَجَهَرَ، وَيَلْزَمُهُ كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ أَئِمَّتِنَا الْبَحْثُ عَنْ حَالِهِ، أَمَّا فِي السَّرِيَّةِ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ وَلَا يَلْزَمُهُ الْبَحْثُ عَنْ حَالِهِ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ الْبَحْثُ عَنْ طَهَارَةِ الْإِمَامِ. نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ، لَا إنْ قَالَ بَعْدَ سَلَامِهِ مِنْ الْجَهْرِيَّةِ: نَسِيت الْجَهْرَ أَوْ أَسْرَرْت لِكَوْنِهِ جَائِزًا وَصَدَّقَهُ الْمَأْمُومُ فَلَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ، بَلْ تُسْتَحَبُّ، وَإِنْ لَمْ يَجْهَلْ الْمَأْمُومُ وُجُوبَ الْإِعَادَةِ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ، إذْ مُتَابَعَةُ الْمَأْمُومِ لِإِمَامِهِ بَعْدَ إسْرَارِهِ لَا تَبْطُلُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِيمَا يَظْهَرُ لَوْ كَانَ يُسْقِطُ الْحَرْفَ الْأَخِيرَ وَالْآخَرُ يُبْدِلُهُ. انْتَهَى. أَقُولُ: قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ اتَّفَقَا فِي الْمَعْجُوزِ عَنْهُ، لَكِنَّ الْآتِيَ بِالْبَدَلِ قِرَاءَتُهُ أَكْمَلُ وَأَتَمُّ مِمَّا لَمْ يَأْتِ لَهَا بِبَدَلٍ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَسْقَطَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ الْحَرْفِ الْأَصْلِيِّ. (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا يُحْسِنُ مَا لَا يُحْسِنُهُ صَاحِبُهُ (قَوْلُهُ: أَخْرَسُ بِأَخْرَسَ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ وَوَجَّهَ أَيْ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ ذَلِكَ بِمَا حَاصِلُهُ الْجَهْلُ بِتَمَاثُلِهِمَا لِجَوَازِ أَنْ يُحْسِنَ أَحَدُهُمَا مَا لَا يُحْسِنُهُ الْآخَرُ كَمَا لَوْ كَانَا نَاطِقَيْنِ اهـ. وَهُوَ وَاضِحٌ فِي الْخَرَسِ الطَّارِئِ، وَيُوَجَّهُ فِي الْأَصْلِيِّ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِأَحَدِهِمَا قُوَّةٌ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ نَاطِقًا أَحْسَنَ مَا لَا يُحْسِنُهُ الْآخَرُ. اهـ سم عَلَى حَجّ. وَلَمْ يَرِدْ فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ عَلَى التَّوْجِيهِ فِي الْخِلْقِيِّ (قَوْلُهُ: أَعَادَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الصَّلَاةُ سَرِيَّةً أَوْ جَهْرِيَّةً. (قَوْلُهُ: بِمَنْ لَا يُحْسِنُهَا بِهَا) صَادِقٌ بِمَنْ لَا يُحْسِنُهَا بِلُغَةٍ أَصْلًا وَالتَّعْلِيلُ يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِسْلَامُ) وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ اقْتِدَاءِ الْأَخْرَسِ بِمِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ مِنْ حَالِ أَحَدِهِمَا شَيْءٌ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ مِنْ مُمَاثَلَةٍ وَعَدَمِهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَسَرَّ هَذَا) أَيْ مَنْ جُهِلَتْ قِرَاءَتُهُ فَلَا يَكْفِيهِ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ (قَوْلُهُ: أَعَادَ الْمَأْمُومُ إلَخْ) أَيْ إذَا لَمْ يُخْبِرْهُ بَعْدَ السَّلَامِ بِأَنَّهُ أَسَرَّ نَاسِيًا مَثَلًا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ إلَخْ) أَيْ بَعْدَ السَّلَامِ فَلَهُ إدَامَةُ الْقُدْوَةِ مَعَهُ إلَى السَّلَامِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: الْبَحْثُ عَنْ حَالِهِ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَبْحَثْ عَنْ حَالِهِ حَتَّى حَضَرَتْ صَلَاةٌ أُخْرَى فَيَنْبَغِي عَدَمُ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ لِعَدَمِ جَزْمِهِ بِالنِّيَّةِ (قَوْلُهُ: أَمَّا فِي السَّرِيَّةِ) أَيْ بِأَنْ قَرَأَ فِيهَا عَلَى وَجْهٍ لَمْ يَسْمَعْهُ الْمَأْمُومُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَجْهَلْ) هِيَ غَايَةٌ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ) أَيْ حَيْثُ قَالَ بِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ لِتَرَدُّدِ الْمَأْمُومِ فِي صِحَّةِ قُدْوَتِهِ بِإِسْرَارِ الْإِمَامِ، وَقَوْلُهُ عَمَلًا إلَخْ قَدْ يُمْنَعُ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّعْلِيلِ يُفِيدُ ذَلِكَ، بَلْ قَوْلُهُ: إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ قَارِئًا لَجَهَرَ يُؤَيِّدُ كَلَامَ السُّبْكِيّ، إلَّا أَنْ يُرِيدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْهُ عَدَمُ صِحَّةِ اقْتِدَاءِ أَخْرَسَ بِأَخْرَسَ) وَجْهُ عِلْمِهِ مِنْهُ مَا يُؤْخَذُ مِمَّا وَجَّهُوا بِهِ الْحُكْمَ مِنْ عَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةِ لِجَوَازِ أَنْ يُحْسِنَ أَحَدُهُمَا مَا لَمْ يُحْسِنْهُ الْآخَرُ، فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ مِنْهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَصِحُّ بِمِثْلِهِ: أَيْ الَّذِي مُمَاثَلَتُهُ لَهُ مُحَقَّقَةٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَخَرَجَ بِهِ الْأَخْرَسُ مَعَ الْأَخْرَسِ لِلتَّوْجِيهِ الَّذِي ذَكَرْنَا فَلَا تَتَحَقَّقُ الْمُمَاثَلَةُ، وَالشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ جَعَلَ الضَّمِيرَ رَاجِعًا إلَى قَوْلِ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا يُحْسِنُ مَا لَمْ يُحْسِنْهُ صَاحِبُهُ، وَهُوَ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْإِحْسَانِ فِيهِ مُحَقَّقٌ فَلَا يَدُلُّ عَلَى الْمُحْتَمَلِ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ) فِي قَوْلِهِ بِلُزُومِ الْإِعَادَةِ إذَا لَمْ يَجْهَلْ الْمَأْمُومُ وُجُوبَهَا

عَمَلًا بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّعْلِيلِ. وَهَذَا، وَإِنْ عَارَضَهُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ قَارِئًا لَجَهَرَ تَرَجَّحَ عَلَيْهِ بِاحْتِمَالِ أَنْ يُخْبِرَ إمَامُهُ بَعْدَ سَلَامِهِ بِأَنَّهُ أَسَرَّ نَاسِيًا أَوْ لِكَوْنِهِ جَائِزًا فَسَوَّغَ بَقَاءَ الْمُتَابَعَةِ، ثُمَّ بَعْدَ السَّلَامِ إنْ وَجَدَ الْإِخْبَارَ الْمَذْكُورَ عَمِلَ بِالْأَوَّلِ، وَإِلَّا فَبِالثَّانِي، وَيُحْمَلُ سُكُوتُهُ عَنْ الْقِرَاءَةِ جَهْرًا عَلَى الْقِرَاءَةِ سِرًّا حَتَّى تَجُوزُ لَهُ مُتَابَعَتُهُ. وَجَوَازُ الِاقْتِدَاءِ لَا يُنَافِي وُجُوبَ الْقَضَاءِ، كَمَا لَوْ اقْتَدَى بِمَنْ اجْتَهَدَ فِي الْقِبْلَةِ ثُمَّ ظَهَرَ الْخَطَأُ فَإِنَّهُ فِي حَالِ الصَّلَاةِ مُتَرَدِّدٌ فِي صِحَّةِ الْقُدْوَةِ، كَذَا أَفَادَنِيهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَمْ أَرَ مَنْ حَقَّقَهُ سِوَاهُ. وَمَنْ جَهِلَ حَالَ إمَامِهِ الَّذِي لَهُ حَالَتَا جُنُونٍ، وَإِفَاقَةٍ، وَإِسْلَامٍ وَرِدَّةٍ فَلَمْ يَدْرِ هُوَ فِي أَيِّهِمَا لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِعَادَةُ بَلْ تُسَنُّ. (وَتُكْرَهُ) الْقُدْوَةُ (بِالتَّمْتَامِ) وَهُوَ مَنْ يُكَرِّرُ التَّاءَ وَالْقِيَاسُ كَمَا فِي الصِّحَاحِ وَغَيْرِهِ التَّأْتَأَةُ (وَالْفَأْفَاءِ) وَهُوَ بِهَمْزَتَيْنِ وَمَدٍّ فِي آخِرِهِ مَنْ يُكَرِّرُ الْفَاءَ وَالْوَأْوَاءِ وَهُوَ مَنْ يُكَرِّرُ الْوَاوَ، وَكَذَا سَائِرِ الْحُرُوفِ لِزِيَادَتِهِ، وَنُفْرَةِ الطَّبْعِ عَنْ سَمَاعِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الْفَاتِحَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَلَا فَاءَ فِيهَا، وَجَازَ الِاقْتِدَاءُ بِهِمْ مَعَ زِيَادَتِهِمْ؛ لِعُذْرِهِمْ فِيهَا (وَاللَّاحِنِ) لَحْنًا غَيْرَ مُغَيِّرِ الْمَعْنَى كَفَتْحِ دَالِ نَعْبُدُ وَكَسْرِ بَائِهَا وَنُونِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSبِالتَّعْلِيلِ قَوْلَهُ قَبْلُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِسْلَامُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّعْلِيلِ) هُوَ قَوْلُهُ: عَمَلًا بِالظَّاهِرِ. [فَرْعٌ] لَوْ بَانَ الْإِمَامُ تَارِكًا لِلْفَاتِحَةِ أَوْ التَّشَهُّدِ هَلْ يَجِبُ الْقَضَاءُ مُطْلَقًا أَوْ لَا مُطْلَقًا، أَوْ لَا يَجِبُ فِي السَّرِيَّةِ وَيَجِبُ فِي الْجَهْرِيَّةِ؟ مَالَ م ر إلَى الْوُجُوبِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْقِرَاءَةِ الِاطِّلَاعَ عَلَيْهَا. اهـ. وَأَقُولُ: الْوُجُوبُ لَا يُمْكِنُ خِلَافُهُ فِي الْفَاتِحَةِ فِي الْجَهْرِيَّةِ أَخْذًا مِمَّا قُرِّرَ فِي الْفَرْعِ السَّابِقِ؛ لِأَنَّ مِنْ لَازِمِ ثُبُوتِ التَّرْكِ أَنَّهُ أَسَرَّ فِي الْجَهْرِيَّةِ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ إحْسَانُ الْقِرَاءَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا بَانَ قَارِئًا لَكِنَّهُ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فَهَذَا شَيْءٌ آخَرُ غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ صَرَّحَ الْإِمَامُ النَّوَوِيُّ بِالْبُطْلَانِ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ تَرَكَ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّهُ يُطَّلَعُ عَلَيْهَا، فَقَدْ يُقَاسُ بِذَلِكَ تَرْكُ الْفَاتِحَةِ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْإِمَامِ الْجَهْرَ بِالتَّكْبِيرِ دُونَ الْفَاتِحَةِ فِي السَّرِيَّةِ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْفَاتِحَةِ فِي السَّرِيَّةِ يَأْتِي مِثْلُهُ فِي التَّشَهُّدِ (قَوْلُهُ: عُمِلَ بِالْأَوَّلِ) هُوَ عَدَمُ الْإِعَادَةِ وَالثَّانِي الْإِعَادَةُ (قَوْلُهُ: وَيُحْمَلُ سُكُوتُهُ إلَى آخِرِهِ) مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ أَوْ لِكَوْنِهِ جَائِزًا فَسَوَّغَ بَقَاءُ الْمُتَابَعَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ فِي حَالِ الصَّلَاةِ مُتَرَدِّدٌ) تَرَدُّدُهُ فِي هَذِهِ لَيْسَ لِخَلَلٍ مُتَعَلِّقٍ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ وَحْدَهُ، بَلْ تَرَدُّدُهُ فِي صِحَّةِ اجْتِهَادِ الْإِمَامِ يُورِثُ تَرَدُّدًا فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ نَفْسِهِ بِتَقْدِيرِ الِانْفِرَادِ لِاتِّحَادِ الْجِهَةِ الَّتِي اسْتَقْبَلَاهَا. (قَوْلُهُ: وَمَنْ جَهِلَ حَالَ إمَامِهِ) شَامِلٌ لِمَا لَوْ عَلِمَ بِهِ قَبْلَ الِاقْتِدَاءِ وَتَرَدَّدَ فِي أَنَّهُ الْآنَ فِي حَالَةِ الْجُنُونِ أَوْ الْإِفَاقَةِ، وَلِمَا لَوْ اقْتَدَى بِهِ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ فُلَانٌ ثُمَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ عَلِمَ بِهِ، وَعَدَمُ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ فِي الثَّانِيَةِ ظَاهِرٌ لِجَزْمِهِ بِالنِّيَّةِ حَالَ الْقُدْوَةِ، وَأَمَّا فِي الْأُولَى فَقَدْ يُقَالُ بِعَدَمِ انْعِقَادِ صَلَاتِهِ لِتَرَدُّدِهِ فِي النِّيَّةِ حَالَةَ التَّحَرُّمِ، وَيَنْبَغِي لَهُ الِاسْتِئْنَافُ أَيْضًا فِيمَا لَوْ شَكَّ فِي الْأَثْنَاءِ، وَلَا تَكْفِيهِ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ (قَوْلُهُ: بَلْ تُسَنُّ) أَيْ وَلَوْ مُنْفَرِدًا؛ لِأَنَّ إعَادَتَهُ لَيْسَتْ لِمُجَرَّدِ طَلَبِ الْفَضِيلَةِ بَلْ لِاحْتِمَالِ بُطْلَانِ صَلَاةِ إمَامِهِ. (قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ الْقُدْوَةُ بِالتِّمْتَامِ) قَالَ عَمِيرَةُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الِاخْتِيَارُ: أَيْ الْأَوْلَى فِي الْإِمَامِ أَنْ يَكُونَ فَصِيحَ اللِّسَانِ حَسَنَ الثِّيَابِ مُرَتِّلًا لِلْقُرْآنِ. انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَنْ يُكَرِّرُ التَّاءَ) هَلْ وَلَوْ عَمْدًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُكَرَّرَ حَرْفٌ قُرْآنِيٌّ لَا كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ أَوْ لَا، أَوْ يَفْصِلُ بَيْنَ كَثْرَةِ الْمُكَرَّرِ وَعَدَمِهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُحَرَّرْ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: الْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَمْدِ وَغَيْرِهِ لِمَا عَلَّلَ بِهِ مِنْ أَنَّ الْمُكَرَّرَ حَرْفٌ قُرْآنِيٌّ كَثُرَ أَوْ قَلَّ (قَوْلُهُ: لِعُذْرِهِمْ فِيهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُمْ لَوْ تَعَمَّدُوا ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهِمْ، وَالْأَقْرَبُ خِلَافُهُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ مَا يُكَرِّرُهُ حَرْفٌ قُرْآنِيٌّ (قَوْلُهُ: وَاللَّاحِنُ) عَمِيرَةُ اللَّحْنُ بِالسُّكُونِ الْخَطَأُ فِي الْإِعْرَابِ وَبِالْفَتْحِ الْفَطِنَةُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ: «فَلَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَلْحَنُ بِالْحُجَّةِ» . اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ اللَّحَنِ بِالْفَتْحِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQبِأَنْ كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ حَقِّهِ عَدَمُ الْمُتَابَعَةِ فَمُتَابَعَتُهُ مُبْطِلَةٌ لِصَلَاتِهِ (قَوْلُهُ: عَمَلًا بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّعْلِيلِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْمُسْلِمِ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ

لِبَقَاءِ الْمَعْنَى، وَإِنْ كَانَ الْمُتَعَمِّدُ لِذَلِكَ آثِمًا، وَضَمِّ صَادِ الصِّرَاطِ وَهَمْزَةِ اهْدِنَا وَنَحْوِهِ كَاللَّحْنِ الَّذِي لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى، وَإِنْ لَمْ تُسَمِّهِ النُّحَاةُ لَحْنًا (فَإِنْ) لَحَنَ لَحْنًا (غَيَّرَ مَعْنًى كَ أَنْعَمْت بِضَمٍّ أَوْ كَسْرٍ) أَوْ أَبْطَلَهُ كَالْمُسْتَقِينَ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَحَذَفَهُ مِنْهُ لِفَهْمِهِ بِالْأَوْلَى، أَوْ؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِي الْأَلْثَغِ، وَمُرَادُهُ بِاللَّحْنِ هُنَا مَا يَشْمَلُ الْإِبْدَالَ. (أَبْطَلَ) (صَلَاةَ مَنْ أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمَ) وَلَمْ يَتَعَلَّمْ لِعَدَمِ كَوْنِهِ قُرْآنًا، وَلَوْ تَفَطَّنَ لِلصَّوَابِ قَبْلَ السَّلَامِ أَعَادَ وَلَمْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ صَلَّى لِحُرْمَتِهِ وَأَعَادَ لِتَقْصِيرِهِ، وَحَذَفَ هَذَا مِنْ الْمُحَرَّرِ لِكَوْنِهِ مَعْلُومًا وَالِاقْتِدَاءُ مُمْتَنِعٌ بِهِ فِي الْحَالَيْنِ (فَإِنْ عَجَزَ لِسَانُهُ أَوْ لَمْ يَمْضِ زَمَنُ إمْكَانِ تَعَلُّمِهِ) مِنْ وَقْتِ إسْلَامِهِ فِيمَنْ طَرَأَ إسْلَامُهُ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ، وَمِنْ التَّمْيِيزِ فِي غَيْرِهِ عَلَى مَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ، إذْ كُلٌّ مِنْ الْأَرْكَانِ وَالشُّرُوطِ لَا يَفْتَرِقُ الْحَالُ فِيهَا بَيْنَ الْبَالِغِ وَغَيْرِهِ. هَذَا وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ تَكْلِيفِهِ بِهَا قَبْلَ بُلُوغِهِ وَالْخِطَابُ فِي ذَلِكَ مُتَوَجِّهٌ لِوَلِيِّهِ دُونَهُ (فَإِنْ كَانَ فِي الْفَاتِحَةِ) أَوْ بَدَلِهَا (فَكَأُمِّيٍّ) وَتَقَدَّمَ حُكْمُهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ فِي غَيْرِهَا وَغَيْرِ بَدَلِهَا (فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ وَالْقُدْوَةُ بِهِ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ جَاهِلًا تَحْرِيمَهُ وَعُذِرَ بِهِ أَوْ نَاسِيًا أَنَّهُ لَحْنٌ أَوْ كَوْنُهُ فِي صَلَاةٍ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ الْيَسِيرَ بِهَذَا الشَّرْطِ مُغْتَفَرٌ لَا يُبْطِلُهَا، وَعُلِمَ بِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ شَرْطَ بُطْلَانِهَا بِالتَّغْيِيرِ فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَالِمًا مُتَعَمِّدًا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ، وَشَرْطُ إبْطَالِهِ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا فِي ـــــــــــــــــــــــــــــSوَمَعْنَاهُ أَشَدُّ لَحْنًا مِنْ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَضَمُّ صَادِ الصِّرَاطِ) أَيْ أَوْ فَتْحِهَا (قَوْلُهُ: كَالْمُسْتَقِينَ) التَّمْثِيلُ بِهِ لَا يُظْهِرُ مَعْنَاهُ نَظَرًا إلَى أَنَّ هَذَا الْمُرَكَّبَ مِنْ الْمَوْصُوفِ وَصِفَتِهِ لَفْظٌ لَا مَعْنًى لَهُ، بِخِلَافِ {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 7] فَإِنَّهُ فِي نَفْسِهِ لَهُ مَعْنًى لَكِنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ فِي الْآيَةِ فَلَا يُقَالُ الْمُسْتَقِينَ جَمْعَ مُسْتَقْنٍ. فَالْحَاصِلُ فِيهِ تَغَيُّرُ الْمَعْنَى لَا إبْطَالُهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ إبْطَالُهُ إزَالَةُ مَعْنَاهُ الْأَصْلِيِّ، وَإِنْ حَدَثَ لَهُ مَعْنًى آخَرُ فَالْمُسْتَقِينَ بِالنُّونِ وَإِنْ حَصَلَ لَهُ مَعْنًى آخَرُ لَكِنْ بَطَلَ مَعَهُ مَعْنَى الْمُسْتَقِيمِ بِالْكُلِّيَّةِ، بِخِلَافِ أَنْعَمْت بِضَمٍّ أَوْ كَسْرٍ فَإِنَّ كَوْنَ التَّاءِ ضَمِيرًا لَمْ يُزَلْ عَنْ الْكَلِمَةِ، وَإِنْ تَغَيَّرَ مِنْ خِطَابِ الْمُذَكَّرِ إلَى غَيْرِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. [فَرْعٌ] لَوْ سَهَّلَ هَمْزَةَ أَنْعَمْت أَثِمَ، وَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ تَغْيِيرُ صِفَةٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْقَطَ هَمْزَةَ أَنْعَمْت فَإِنَّهُ مُبْطِلٌ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطُ حَرْفٍ، وَالتَّسْهِيلُ قُرِئَ بِنَظِيرِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ} [البقرة: 220] بِتَسْهِيلِ هَمْزَةِ أَعْنَتَكُمْ غَايَتُهُ أَنَّ الصَّلَاةَ مَكْرُوهَةٌ فِي تَسْهِيلِ هَمْزَةِ أَنْعَمْت. (قَوْلُهُ: قَبْلَ السَّلَامِ) أَيْ أَوْ بَعْدَهُ وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي مَا دَامَ الْوَقْتُ وَاسِعًا، وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ أَيِسَ مِمَّنْ يَعْلَمُهُ، وَقِيَاسُ مَا فِي التَّيَمُّمِ مِنْ أَنَّ فَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ إنْ لَمْ يَرْجُ الْمَاءَ صَلَّى فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّ فَقْدَ الطَّهُورَيْنِ مِنْ أَصْلِهِ لَا اخْتِيَارَ لِلْمُكَلَّفِ فِيهِ، بِخِلَافِ تَرْكِ التَّعَلُّمِ فَإِنَّ الْمُكَلَّفَ مَنْسُوبٌ فِيهِ إلَى تَقْصِيرٍ لِحُصُولِ التَّفْوِيتِ مِنْ جِهَتِهِ (قَوْلُهُ: وَحَذَفَ هَذَا) هُوَ قَوْلُهُ: فَإِنْ ضَاقَ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) أَيْ فَيَكُونُ مِنْ الْبُلُوغِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ إلَخْ) أَفَادَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَاللَّحْنِ الَّذِي لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى) كَذَا فِي النُّسَخِ، وَفِيهِ اتِّحَادُ الْمُشَبَّهِ وَالْمُشَبَّهِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَحَذَفَهُ مِنْهُ لِفَهْمِهِ بِالْأَوْلَى) أَيْ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ اللَّحْنِ حَقِيقَةً وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُمْ هُنَا مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْإِبْدَالِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بَعْدُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَتَجَوَّزَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ فَعَدَّوْا مِنْ اللَّحْنِ الْمُبْطِلِ لِلْمَعْنَى قَوْلُهُ: الْمُسْتَقِينَ، وَلَيْسَ بِلَحْنٍ بَلْ إبْدَالُ حَرْفٍ بِحَرْفٍ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَفَطَّنَ لِلصَّوَابِ قَبْلَ السَّلَامِ أَعَادَ) لَا مَحَلَّ لَهُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ هُنَا بِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ بِمُجَرَّدِ إتْيَانِهِ بِمَا ذَكَرَ، وَالشِّهَابُ حَجّ إنَّمَا ذَكَرَهُ عَقِبَ قَوْلِهِ الْآتِي الَّذِي تَبِعَهُ فِيهِ الشَّارِحُ بِخِلَافِ مَا فِي الْفَاتِحَةِ أَوْ بَدَلِهَا فَإِنَّهُ رُكْنٌ، وَهُوَ لَا يَسْقُطُ بِنَحْوِ جَهْلٍ أَوْ نِسْيَانٍ فَعَبَّرَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ نِعْمَ لَوْ تَفَطَّنَ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ كَوْنُهُ فِي صَلَاةٍ) فِيهِ وَقْفَةٌ، وَالْقِيَاسُ الْبُطْلَانُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ حَقِّهِ الْكَفُّ عَنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ) أَيْ أَمَّا فِي الْفَاتِحَةِ فَيَبْطُلُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَامِدًا عَالِمًا لَكِنْ بِشَرْطِ عَدَمِ التَّدَارُكِ قَبْلَ السَّلَامِ لَا لِكَوْنِهِ لَحْنًا بَلْ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بَعْدُ

الْفَاتِحَةِ فَإِنَّهُ رُكْنٌ، وَهُوَ لَا يَسْقُطُ بِنَحْوِ نِسْيَانٍ أَوْ جَهْلٍ، وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ مُقْتَضَى قَوْلِ الْإِمَامِ لَيْسَ هَذَا اللَّاحِنُ قِرَاءَةَ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ؛ لِأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ بِمَا لَيْسَ بِقُرْآنٍ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ مِنْ بُطْلَانِهَا مُطْلَقًا قَادِرًا أَمْ عَاجِزًا. (وَلَا تَصِحُّ قُدْوَةُ رَجُلٍ) أَيْ ذَكَرٍ، وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا (وَلَا خُنْثَى) مُشَكَّلٍ (بِامْرَأَةٍ) أَيْ أُنْثَى، وَإِنْ كَانَتْ صَبِيَّةً (وَلَا خُنْثَى) مُشَكَّلٍ بِالْإِجْمَاعِ فِي الرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ إلَّا مَنْ شَذَّ كَالْمُزَنِيِّ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً» وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ نَاقِصَةٌ عَنْ الرَّجُلِ وَقَدْ يَكُونُ فِي إمَامَتِهَا افْتِتَانٌ بِهَا، وَالْخُنْثَى الْمُقْتَدَى بِهَا يَجُوزُ كَوْنُهُ ذَكَرًا وَالْمُقْتَدَى بِهِ الذَّكَرُ يُحْتَمَلُ كَوْنُهُ أُنْثَى، وَفِي اقْتِدَاءِ الْخُنْثَى بِالْخُنْثَى يُحْتَمَلُ أَنَّ الْإِمَامَ أُنْثَى وَالْمَأْمُومَ ذَكَرٌ. أَمَّا اقْتِدَاءُ الْمَرْأَةِ بِالْمَرْأَةِ وَبِالْخُنْثَى أَوْ بِالرَّجُلِ وَاقْتِدَاءُ الْخُنْثَى وَالرَّجُلِ بِالرَّجُلِ فَصَحِيحٌ لِعَدَمِ الْمَحْذُورِ. وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الصُّوَرَ تِسْعٌ: خَمْسَةٌ صَحِيحَةٌ، وَأَرْبَعَةٌ بَاطِلَةٌ. وَيُكْرَهُ اقْتِدَاءُ خُنْثَى بَانَتْ أُنُوثَتُهُ بِعَلَامَةٍ غَيْرِ قَطْعِيَّةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بِامْرَأَةٍ وَرَجُلٍ بِخُنْثَى بَانَتْ ذُكُورَتُهُ. (وَتَصِحُّ) الْقُدْوَةُ (لِلْمُتَوَضِّئِ بِالْمُتَيَمِّمِ) الَّذِي لَا تَلْزَمُهُ إعَادَةٌ لِكَمَالِ حَالِهِ (وَ) لِلْمُتَوَضِّئِ (بِمَاسِحِ الْخُفِّ) إذْ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ لِارْتِفَاعِ حَدَثِهِ. (وَالْقَائِمُ بِالْقَاعِدِ وَالْمُضْطَجِعُ) وَالْمُسْتَلْقِي وَلَوْ مُومِيًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي، وَلِأَحَدِهِمْ بِالْآخَرِ كَذَلِكَ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي مَرَضِ مَوْتِهِ قَاعِدًا وَأَبُو بَكْرٍ وَالنَّاسُ قِيَامًا» قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَ السَّبْتِ أَوْ الْأَحَدِ. وَتُوُفِّيَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَحْوَةَ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ فَكَانَ نَاسِخًا لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» إلَى أَنْ قَالَ «، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ» لَا يُقَالُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ نَسْخِ وُجُوبِ الْقُعُودِ وُجُوبُ الْقِيَامِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْأَصْلُ الْقِيَامُ، وَإِنَّمَا وَجَبَ الْقُعُودُ لِمُتَابَعَةِ الْإِمَامِ فَلَمَّا نُسِخَ ذَلِكَ زَالَ اعْتِبَارُ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ فَلَزِمَ وُجُوبُ الْقِيَامِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ. (وَالْكَامِلُ) أَيْ الْبَالِغُ الْحُرُّ (بِالصَّبِيِّ) الْمُمَيِّزِ وَلَوْ كَانَتْ الصَّلَاةُ فَرْضًا لِلِاعْتِدَادِ بِصَلَاتِهِ، «؛ لِأَنَّ عَمْرَو بْنَ سَلِمَةَ بِكَسْرِ اللَّامِ كَانَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSضَعْفَ مَا سَيَأْتِي عَنْ الْإِمَامِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ (قَوْلُهُ: وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: لَيْسَ لِهَذَا اللَّاحِنِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَالَ الْإِمَامُ: وَلَوْ قِيلَ لَيْسَ لِهَذَا اللَّاحِنِ قِرَاءَةُ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا؛ لِأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ إلَخْ، فَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ جَزْمٌ بِالْمَنْعِ مِنْ الْقِرَاءَةِ، وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: مِنْ بُطْلَانِهَا) بَيَانٌ لِقَوْلِهِ قَبْلَ مُقْتَضَى قَوْلِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَيْ ذَكَرٌ إلَخْ) أَرَادَ بِهِ إدْخَالَ الصَّبِيّ فَقَطْ (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ) وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ «لَا تَؤُمَّنَّ امْرَأَةٌ رَجُلًا» اهـ عَمِيرَةُ. [فَرْعٌ] هَلْ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِالْمَلَكِ؟ الْوَجْهُ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأُنْثَى وَإِنْ كَانَ لَا يُوصَفُ بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ. [فَرْعٌ] هَلْ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِالْجِنِّيِّ؟ الْوَجْهُ الصِّحَّةُ إذَا عَلِمَ ذُكُورَتَهُ فَهَلْ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَإِنْ تَصَوَّرَ فِي صُورَةِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ وَالْجِنِّيِّ كَصُورَةِ حِمَارٍ أَوْ كَلْبٍ؟ يُحْتَمَلُ أَنْ يَصِحَّ أَيْضًا، إلَّا أَنَّهُ نُقِلَ عَنْ الْقَمُولِيِّ اشْتِرَاطُ أَنْ لَا يَتَطَوَّرَ بِمَا ذُكِرَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَقْصُودُهُ اشْتِرَاطَ ذَلِكَ؛ لِيَعْلَمَ أَنَّهُ جِنِّيٌّ ذَكَرٌ، فَحَيْثُ عَلِمَ لَمْ يَضُرَّ التَّطَوُّرُ بِمَا ذُكِرَ فَلْيُحَرَّرْ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: بَانَتْ ذُكُورَتُهُ) أَيْ بِعَلَامَةٍ غَيْرِ قَطْعِيَّةٍ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُومِيًا) أَيْ حَيْثُ عَلِمَ بِانْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ وَلَوْ بِطَرِيقِ الْكَشْفِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى عِلْمِهِ بِذَلِكَ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِيهِ، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لَهُ. أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ كَمَا لَوْ كَانَ رَابِطَةً فَلَا يُعَوَّلُ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا اعْتِبَارَ بِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُمُورِ الشَّرْعِيَّةِ، وَإِنَّمَا اُغْتُفِرَ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ لِعِلْمِهِ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ، وَمَحَلِّ كَوْنِ الْخَوَارِقِ لَا يُعْتَدُّ بِهَا قَبْلَ وُقُوعِهَا، أَمَّا بَعْدَ وُقُوعِهَا فَيُعْتَدُّ بِهَا فِي حَقِّ مَنْ قَامَتْ بِهِ فَمَنْ ذَهَبَ مِنْ مَحَلٍّ بَعِيدٍ إلَى عَرَفَةَ وَقْتَ الْوُقُوفِ بِهَا وَأَدَّى أَعْمَالَ الْحَجِّ تَمَّ حَجُّهُ وَيَسْقُطُ الْفَرْضُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي) اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَأْمُونٍ، قَالَ ابْنُ خِلِّكَانَ: وَلَمْ أَقِفْ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ سُمِّيَ بِالْمُتَوَلِّي. اهـ طَبَقَاتُ الْإِسْنَوِيِّ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ مُومِيًا (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ) زَادَ الدَّمِيرِيِّ وَمُسْلِمٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَ السَّبْتِ) أَيْ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ. اهـ دَمِيرِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِالصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ) أَيْ وَلَوْ قَبْلَ بُلُوغِهِ سَبْعَ سِنِينَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي؛ لِأَنَّ عَمْرَو بْنَ سَلَمَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ ابْنُ سِتِّ أَوْ سَبْعِ سِنِينَ» كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. نَعَمْ الْبَالِغُ أَوْلَى مِنْ الصَّبِيِّ، وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ أَقْرَأَ أَوْ أَفْقَهَ لِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ بِالْإِجْمَاعِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ، وَلِهَذَا نَصَّ فِي الْبُوَيْطِيِّ عَلَى كَرَاهَةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ. (وَالْعَبْدُ) ، وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ مُعْتَدٌّ بِهَا، وَلِأَنَّ ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ كَانَ يَؤُمُّهَا، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. نَعَمْ الْحُرُّ أَوْلَى مِنْهُ، وَإِنْ قَلَّ مَا فِيهِ مِنْ الرِّقِّ، إلَّا إنْ تَمَيَّزَ بِنَحْوِ فِقْهٍ كَمَا سَيَأْتِي وَالْحُرُّ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَوْلَى مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ دُعَاءَهُ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ، وَالظَّاهِرُ تَقْدِيمُ الْمُبَعَّضِ عَلَى كَامِلِ الرِّقِّ وَمَنْ زَادَتْ حُرِّيَّتُهُ عَلَى مَنْ نَقَصَتْ مِنْهُ، وَتَكْرَهُ إمَامَةُ الْأَقْلَفِ، وَإِنْ كَانَ بَالِغًا كَمَا ذَكَرَهُ شُرَيْحٌ فِي رَوْضِهِ. (وَالْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ) فِي الْإِمَامَةِ (سَوَاءٌ) (عَلَى النَّصِّ) لِتَعَارُضِ فَضِيلَتِهِمَا؛ لِأَنَّ الْأَعْمَى لَا يَنْظُرُ مَا يُشْغِلُهُ فَهُوَ أَخْشَعُ، وَالْبَصِيرُ يَنْظُرُ الْخُبْثَ فَهُوَ أَحْفَظُ لِتَجَنُّبِهِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ فِي الْكَلَامِ حَالَةَ اسْتِوَائِهِمَا فِي سَائِرِ الصِّفَاتِ، وَإِلَّا فَالْمُقَدَّمُ مَنْ تَرَجَّحَ بِصِفَةٍ مِنْ الصِّفَاتِ الْآتِيَةِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ: الْحُرُّ الْأَعْمَى أَوْلَى مِنْ الْعَبْدِ الْبَصِيرِ. وَمِثْلُهُ فِيمَا ذُكِرَ السَّمِيعُ مَعَ الْأَصَمِّ وَالْفَحْلُ مَعَ الْخَصِيِّ وَالْمَجْبُوبِ وَالْأَبُ مَعَ وَلَدِهِ وَالْقَرَوِيُّ مَعَ الْبَدْوِيِّ. وَقِيلَ الْأَعْمَى أَوْلَى مُرَاعَاةً لِلْمَعْنَى الْأَوَّلِ، وَقِيلَ الْبَصِيرُ أَوْلَى مُرَاعَاةً لِلْمَعْنَى الثَّانِي. وَنَقَلَ ابْنُ كَجٍّ عَنْ النَّصِّ بِصِيغَةِ، قِيلَ وَاسْتَظْهَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ: أَنَّ الْأَعْمَى لَوْ كَانَ مُبْتَذَلًا لَا يَصُونُ نَفْسَهُ عَنْ الْمُسْتَقْذَرَاتِ كَأَنْ لَبِسَ ثِيَابَ الْبِذْلَةِ فَالْبَصِيرُ أَوْلَى مِنْهُ، وَتَبِعَهُ ابْنُ الْمُقْرِي عَلَى ذَلِكَ. وَرَدَّهُ الشَّيْخُ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ ذِكْرُهُ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِمَّا يَأْتِي فِي نَظَافَةِ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ. وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْأَعْمَى بَلْ لَوْ تَبَذَّلَ الْبَصِيرُ كَانَ الْأَعْمَى أَوْلَى مِنْهُ. (وَالْأَصَحُّ صِحَّةُ) (قُدْوَةِ) نَحْوِ (السَّلِيمِ بِالسَّلِسِ) بِكَسْرِ اللَّامِ: أَيْ سَلَسِ الْبَوْلِ وَنَحْوِهِ مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ إعَادَةٌ (وَالطَّاهِرَةِ بِالْمُسْتَحَاضَةِ غَيْرِ الْمُتَحَيِّرَةِ) وَالْمَسْتُورِ بِالْعَارِي وَالْمُسْتَنْجِي بِالْمُسْتَجْمِرِ وَالصَّحِيحِ بِمَنْ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSإلَخْ. وَأَمَّا أَمْرُهُ بِهَا فَيَتَوَقَّفُ عَلَى بُلُوغِهِ ذَلِكَ فَتَنَبَّهْ لَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى كَرَاهَةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ) مُعْتَمَدٌ: أَيْ وَحَيْثُ كَانَتْ مَكْرُوهَةً لَا ثَوَابَ فِيهَا. هَذَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُتَأَمَّلَ وَجْهُ الْكَرَاهَةِ مَعَ إقْرَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمْرَو بْنَ سَلَمَةَ إلَخْ وَاطْمِئْنَانُ نُفُوسِ قَوْمِهِ لِلِاقْتِدَاءِ بِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: وَجْهُ الْكَرَاهَةِ الْخُرُوجُ مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَ الِاقْتِدَاءَ بِهِ وَهَذَا لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا فِي عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَعُرُوضُ الْخِلَافِ بَعْدَهُ لَا يَضُرُّ لِاحْتِمَالِ النَّسْخِ عِنْدَ الْمُخَالِفِ. (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ تَمَيَّزَ) أَيْ الْعَبْدُ بِأَنْ كَانَ الْعَبْدُ فَقِيهًا وَالْحُرُّ غَيْرَ فَقِيهٍ أَلْبَتَّةَ (قَوْلُهُ: أَوْلَى مُطْلَقًا) أَيْ تَمَيَّزَ الْعَبْدُ بِنَحْوِ فِقْهٍ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ إمَامَةُ الْأَقْلَفِ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْقُلْفَةَ رُبَّمَا مَنَعَتْ وُصُولَ الْمَاءِ إلَى مَا تَحْتَهَا، وَاحْتِمَالُ النَّجَاسَةِ كَافٍ فِي الْكَرَاهَةِ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ فِيمَا ذَكَرَ السَّمِيعُ) أَيْ مِنْ الِاسْتِوَاءِ (قَوْلُهُ: لِلْمَعْنَى الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَعْمَى لَا يَنْظُرُ مَا يُشْغِلُهُ وَقَوْلُهُ لِلْمَعْنَى الثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ: لِتَجَنُّبِهِ. (قَوْلُهُ: نَحْوَ السَّلِيمِ إلَخْ) قَرَّرَ م ر أَنَّهُ لَوْ بَانَ الْإِمَامُ مُسْتَحَاضَةً وَجَبَ الْقَضَاءُ. اهـ فَرَاجِعْهُ، فَإِنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ الْمَأْمُومَ رَجُلٌ فَالْقَضَاءُ وَاضِحٌ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِتَبَيُّنِ الِاسْتِحَاضَةِ بَلْ مُجَرَّدُ الْأُنُوثَةِ مُقْتَضٍ لِلْقَضَاءِ، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَلَيْسَ بِوَاضِحٍ، وَقَدْ قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ: وَتَصِحُّ قُدْوَةُ السَّلِيمِ إلَخْ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِفَرْضِ الْكَلَامِ فِي الْمَأْمُومِ الْأُنْثَى وَحَمْلِ الْكَلَامِ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ عَلَى الْمُتَحَيِّرَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ سَلَسُ الْبَوْلِ وَنَحْوُهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: كَانْ يَؤُمَّهَا) أَيْ فِي حَالِ رِقِّهِ قَبْلَ صَيْرُورَتِهِ مَوْلًى حَتَّى يَتِمَّ الدَّلِيلُ إذْ الْمَوْلَى الْعَتِيقُ (قَوْلُهُ: نَحْوَ) الَّذِي زَادَهُ فِي غُضُونِ الْمَتْنِ رَاجِعٌ لِمَجْمُوعِ الصُّورَتَيْنِ بَعْدَهُ لَا لِخُصُوصِ لَفْظِ السَّلِيمِ وَإِنْ تَوَهَّمَ لِيُدْخِلَ الصُّوَرَ الَّتِي زَادَهَا بَعْدَ الْمَتْنِ كَأَنَّهُ قَالَ نَحْوُ قُدْوَةِ السَّلِيمِ بِالسَّلِسِ وَالطَّاهِرِ بِالْمُسْتَحَاضَةِ كَالْمَسْتُورِ بِالْعَارِي إلَخْ، فَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَى لَفْظِ قُدْوَةٍ لَارْتَفَعَ هَذَا التَّوَهُّمُ (قَوْلُهُ: أَيْ سَلَسُ الْبَوْلِ وَنَحْوُهُ) اقْتَصَرَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ عَلَى التَّفْسِيرِ بِسَلَسِ الْبَوْلِ كَالرَّوْضَةِ كَأَنَّهُ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ هَذَا الْخِلَافِ، فَغَيْرُهُ تَصِحُّ الْقُدْوَةُ بِهِ جَزْمًا، أَوْ فِيهِ خِلَافٌ غَيْرُ هَذَا، وَعَلَيْهِ فَزِيَادَةُ الشَّارِحِ لَهُ كَقَوْلِهِ وَالْمَسْتُورُ بِالْعَارِي إلَخْ مُرَادُهُ بِهِ تَتْمِيمُ الْفَائِدَةِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِلْخِلَافِ

جُرْحٌ سَائِلٌ أَوْ عَلَى ثَوْبِهِ نَجَاسَةٌ مَعْفُوٌّ عَنْهَا لِصِحَّةِ صَلَاتِهِمْ مِنْ غَيْرِ إعَادَةٍ. وَالثَّانِي لَا تَصِحُّ لِوُجُودِ النَّجَاسَةِ، وَإِنَّمَا صَحَّحَنَا صَلَاتَهُمْ لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ لِلِاقْتِدَاءِ بِهِمْ، أَمَّا قُدْوَةُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِمِثْلِهِ فَصَحِيحَةٌ جَزْمًا، وَأَمَّا الْمُتَحَيِّرَةُ فَلَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهَا وَلَوْ لِمِثْلِهَا لِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَرَجَّحَاهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَا نَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ. وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إنَّهُ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ نَصَّ عَلَى وُجُوبِ قَضَاءِ الصَّوْمِ دُونَ الصَّلَاةِ. قَالَ: وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَجُمْهُورُ الْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرُهُمْ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ حَائِضًا فَلَا صَلَاةَ عَلَيْهَا أَوْ طَاهِرًا فَقَدْ صَلَّتْ. وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إنَّهُ الْمُفْتَى بِهِ أَجَابَ عَنْهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى النَّصِّ الَّذِي اخْتَارَهُ الْمُزَنِيّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ أَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ وَجَبَ فِعْلُهَا فِي الْوَقْتِ مَعَ خَلَلٍ لَمْ يَجِبْ قَضَاؤُهَا، وَهُوَ مَرْجُوحٌ وَلِهَذَا قَالَ الشَّيْخُ: إنَّ الْأَوَّلَ أَفْقَهُ وَأَحْوَطُ، وَمَا قِيلَ فِي التَّعْلِيلِ مِنْ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ حَائِضًا فَلَا صَلَاةَ عَلَيْهَا مَمْنُوعٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا تَطْهُرُ بَعْدَ صَلَاتِهَا فَتَجِبُ عَلَيْهَا. (وَلَوْ) (بَانَ إمَامُهُ) بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَى خِلَافِ ظَنِّهِ (امْرَأَةً) أَوْ خُنْثَى أَوْ مَجْنُونًا (أَوْ كَافِرًا مُعْلِنًا) كُفْرَهُ كَذِمِّيٍّ (قِيلَ أَوْ) بَانَ كَافِرًا (مُخْفِيًا) كُفْرَهُ كَزِنْدِيقٍ (وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ) ؛ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِتَرْكِ الْبَحْثِ إذْ أَمَارَةُ الْمُبْطِلِ مِنْ أُنُوثَةٍ أَوْ كُفْرٍ ظَاهِرَةٌ لَا تَخْفَى، وَالْخُنْثَى يَنْتَشِرُ أَمْرُهُ غَالِبًا، بِخِلَافِ الْمَخْفِيِّ فَإِنَّهُ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ فَلَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ فِيهِ. وَسَيَأْتِي تَرْجِيحُ عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ ـــــــــــــــــــــــــــــSزَادَهُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَمْ يَظْهَرْ لِحَمْلِ الْمَحَلِّيِّ السَّلَسَ عَلَى سَلَسِ الْبَوْلِ حِكْمَةٌ فَلْتُرَاجَعْ، وَقَدْ يُقَالُ الْحَامِلُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ الْغَالِبُ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَالطَّاهِرِ بِالْمُسْتَحَاضَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِوُجُودِ النَّجَاسَةِ) مُقْتَضَاهُ أَنَّ السَّلَسَ بِالرِّيحِ أَوْ الْمَنِيِّ تَصِحُّ إمَامَتُهُ بِلَا خِلَافٍ لِانْتِفَاءِ النَّجَاسَةِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ) أَيْ عَلَى الْمُتَحَيِّرَةِ (قَوْلُهُ: إنَّ الْأَوَّلَ) هُوَ قَوْلُهُ: لِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِمَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَانَ إمَامُهُ إلَخْ) ذَكَرَ السُّيُوطِيّ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ بَانَ مِنْ أَخَوَاتِ كَانَ، وَرَدَّهُ. وَعِبَارَتُهُ فِي دُرِّ التَّاجِ فِي إعْرَابِ مُشْكِلِ الْمِنْهَاجِ: وَقَعَ السُّؤَالُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ عَنْ وَجْهِ نَصْبِ امْرَأَةٍ، فَذَكَرَ السَّائِلُ أَنَّ مُدَرِّسِي الْعَصْرِ اخْتَلَفُوا، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إنَّهُ حَالٌ، وَمِنْهُمْ مِنْ قَالَ إنَّهُ خَبَرُ بَانَ عَلَى أَنَّهَا مِنْ أَخَوَاتِ كَانَ. فَقُلْت: لَا يَصِحُّ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ فِعْلَهُ لَازِمٌ لَا يَنْصِبُ الْمَفْعُولَ بِهِ، قَالَ فِي الصِّحَاحِ: بَانَ الشَّيْءُ وَتَبَيَّنَ اتَّضَحَ وَظَهَرَ وَأَبَنْته أَنَا وَبَيَّنْته أَظْهَرْته. وَأَمَّا الثَّالِثُ فَبَاطِلٌ قَطْعًا؛ لِأَنَّ أَخَوَاتِ كَانَ مَحْصُورَةٌ مَعْدُودَةٌ قَدْ اسْتَوْفَاهَا أَبُو حَيَّانَ فِي شَرْحِ التَّسْهِيلِ وَالِارْتِشَافِ، وَذَكَرَ كُلَّ فِعْلٍ عَدَّهُ قَوْمٌ مِنْهَا وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّ أَحَدًا عَدَّ مِنْهَا بَانَ. وَأَمَّا الثَّانِي فَيَكَادُ يَكُونُ قَرِيبًا، لَكِنْ يُبْعِدُهُ أَنَّ امْرَأَةً لَيْسَ بِمُشْتَقٍّ وَلَا مُنْتَقِلٍ، وَشَرْطُ الْحَالِ أَنْ يَكُونَ مُشْتَقًّا مُنْتَقِلًا، وَيُبْطِلُهُ أَنَّ الْحَالَ قَيْدٌ لِلْعَامِلِ، وَأَنَّهُ بِمَعْنًى فِي حَالٍ، وَهُوَ غَيْرُ مُتَّجَهٍ هُنَا إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى بَانَ فِي حَالِ كَوْنِهِ امْرَأَةً، وَإِنَّمَا الْمَعْنَى بَانَ أَنَّهُ أَمَّهُ امْرَأَةٌ، وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: أَوْ كَافِرًا فَإِنَّهُ لَيْسَ الْمَعْنَى بَانَ فِي حَالِ كُفْرِهِ، فَقَدْ يَكُونُ إنَّمَا بَانَ بَعْدَ إسْلَامِهِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بَانَ أَنَّهُ أَمَّهُ كَافِرٌ، وَإِذَا بَطَلَ ذَلِكَ فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْفَاعِلِ كَطَابَ زَيْدٌ نَفْسًا، وَالتَّقْدِيرُ بَانَ مِنْ جُمْلَةِ أَحْوَالِهِ كَوْنُهُ امْرَأَةً: أَيْ بَانَتْ أُنُوثَةُ إمَامِهِ، فَإِنْ قُلْت: فَمَاذَا تَصْنَعُ بِقَوْلِهِ بَعْدُ أَوْ كَافِرًا فَإِنَّهُ مُشْتَقٌّ وَمُنْتَقِلٌ؟ قُلْت: هُوَ كَفَارِسًا فِي قَوْلِهِمْ لِلَّهِ دَرُّهُ فَارِسًا فَإِنَّهُمْ أَعْرِبُوهُ تَمْيِيزًا لِلْجِهَةِ وَمَنَعُوا كَوْنَهُ حَالًا. اهـ (قَوْلُهُ: عَلَى خِلَافِ ظَنِّهِ) أَرَادَ بِالظَّنِّ مَا قَابِلَ الْعِلْمَ فَيَدْخُلُ فِيهِ مَنْ جُهِلَ إسْلَامُهُ أَوْ قِرَاءَتُهُ فَتَصِحُّ الْقُدْوَةُ بِهِ حَيْثُ لَمْ يَتَبَيَّنْ بِهِ نَقْصٌ يُوجِبُ الْإِعَادَةَ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ إنَّ قَوْلَهُ عَلَى خِلَافِ ظَنِّهِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَظُنَّ ذُكُورَتَهُ وَلَا إسْلَامَهُ لَمْ تَصِحَّ الْقُدْوَةُ بِهِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ جَهْلُ الْإِسْلَامِ يُفِيدُ الظَّنَّ بِالنَّظَرِ لِلْغَالِبِ عَلَى مَنْ يُصَلِّي أَنَّهُ مُسْلِمٌ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي عِبَارَتِهِ (قَوْلُهُ: كَزِنْدِيقٍ) هُوَ يُطْلَقُ عَلَى مَنْ يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ وَيُخْفِي الْكُفْرَ وَعَلَى مَنْ لَا يَنْتَحِلُ دِينًا وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَوَّلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الْمَخْفِيِّ وَغَيْرِهِ فِي كَلَامِهِ، وَالْأَوْجَهُ قَبُولُ قَوْلِهِ فِي كُفْرِهِ مَا لَمْ يُسْلِمْ ثُمَّ يُقْتَدَى بِهِ ثُمَّ يَقُولُ بَعْدَ فَرَاغِهِ لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ حَقِيقَةً أَوْ ارْتَدَدْتُ؛ لِكُفْرِهِ بِذَلِكَ فَلَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ، وَبِخِلَافِهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ إخْبَارَهُ عَنْ فِعْلِ نَفْسِهِ مَقْبُولٌ. وَلَوْ بَانَ أَنَّ إمَامَهُ لَمْ يُكَبِّرْ لِلْإِحْرَامِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْفَى غَالِبًا، أَوْ كَبَّرَ وَلَمْ يَنْوِ فَلَا، قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. قَالَ الْحَنَّاطِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَوْ أَحْرَمَ بِإِحْرَامِهِ ثُمَّ كَبَّرَ ثَانِيًا بِنِيَّةٍ ثَانِيَةٍ سِرًّا بِحَيْثُ لَمْ يَسْمَعْ الْمَأْمُومُ لَمْ يَضُرَّ فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ، وَإِنْ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ: أَيْ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَخْفَى، وَلَا أَمَارَةَ عَلَيْهِ، وَلَوْ بَانَ إمَامُهُ قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ فَكَمَا لَوْ بَانَ أُمِّيًّا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي هُنَا فِي رَوْضِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَلَا يُخَالِفُهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ أَنَّهُ لَوْ خَطَبَ جَالِسًا وَبَانَ قَادِرًا فَكَمَنْ بَانَ جُنُبًا؛ لِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْقِيَامَ هُنَا رُكْنٌ وَثَمَّ شَرْطٌ، وَيُغْتَفَرُ فِي الشَّرْطِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الرُّكْنِ (لَا) إنْ بَانَ إمَامُهُ (جُنُبًا) أَوْ مُحْدِثًا (أَوْ ذَا نَجَاسَةٍ خَفِيَّةٍ) فِي بَدَنِهِ أَوْ مَلَاقِيهِ أَوْ ثَوْبِهِ وَلَوْ فِي جُمُعَةٍ إنْ كَانَ زَائِدًا عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَوْ ارْتَدَّتْ لِكُفْرِهِ بِذَلِكَ) هَذِهِ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الصُّورَةَ الْأُولَى اُسْتُصْحِبَ فِيهَا مَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ بَقَاءِ الْكُفْرِ فَوَجَبَتْ الْإِعَادَةُ، وَالصُّورَةَ الثَّانِيَةَ قُصِدَ إبْطَالُ مَا حُكِمَ لَهُ بِهِ مِنْ الْإِسْلَامِ فَأَلْغَى وَاسْتَصْحَبَ الْأَصْلَ فَلَمْ تَجِبْ الْإِعَادَةُ وَلَكِنْ يُحْكَمُ بِرِدَّتِهِ بِقَوْلِهِ لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْت إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ (قَوْلُهُ: مَقْبُولٌ) أَيْ وُجُوبًا حَيْثُ بَيَّنَ السَّبَبَ. اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) أَيْ تَبَيَّنَ عَدَمُ انْعِقَادِهَا لَا أَنَّهَا كَانَتْ انْعَقَدَتْ ثُمَّ بَطَلَتْ فَتَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَا تَخْفَى غَالِبًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ بَعِيدًا عَنْهُ فَإِنَّهُ يُفْرَضُ قَرِيبًا مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ كَبَّرَ وَلَمْ يَنْوِ فَلَا) أَيْ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ مَحَلُّهَا الْقَلْبُ، وَمَا فِيهِ لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ كَبَّرَ ثَانِيًا) أَيْ الْإِمَامُ فَتَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَضُرَّ فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ) أَيْ وَلَوْ فِي الْجُمُعَةِ حَيْثُ كَانَ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ كَمَا لَوْ بَانَ إمَامُهَا مُحْدِثًا، وَأَمَّا الْإِمَامُ فَإِنَّهُ لَمْ يَنْوِ قَطْعَ الْأُولَى مَثَلًا بَيْنَ التَّكْبِيرَتَيْنِ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ لِخُرُوجِهِ بِالثَّانِيَةِ، وَإِلَّا فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ فُرَادَى لِعَدَمِ تَجْدِيدِ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ مِنْ الْقَوْمِ، فَلَوْ حَضَرَ بَعْدَ نِيَّتِهِ مَنْ اقْتَدَى بِهِ وَنَوَى الْإِمَامَةَ حَصَلَتْ لَهُ الْجَمَاعَةُ، وَعَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ فِي الْجُمُعَةِ لَا تَنْعَقِدُ لَهُ لِفَوَاتِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ بِالْأَوْتَارِ وَيَخْرُجُ بِالْأَشْفَاعِ وَهَذِهِ مِنْهَا، وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ لِلثَّانِيَةِ إذَا لَمْ يُوجَدْ بَيْنَهُمَا مُبْطِلٌ لِلْأُولَى كَنِيَّتِهِ قَطْعِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَانَ إمَامُهُ) أَيْ إمَامُهُ الْمُصَلِّي قَاعِدًا، وَقَوْلُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ: أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي الْعُبَابِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا) قَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقِ أَنَّهُ لَوْ تَبَيَّنَ قُدْرَةُ الْإِمَامِ الْمُصَلِّي عَارِيًّا عَلَى السُّتْرَةِ عَدَمُ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ حَجّ وَأَقَرَّهُ، لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيِّ عَنْ وَالِدِ الشَّارِحِ خِلَافُهُ، وَعِبَارَتُهُ: وَتَبَيَّنَ كَوْنُ الْإِمَامِ الْمُصَلِّي قَاعِدًا أَوْ عَارِيًّا قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ فِي الْأَوَّلِ أَوْ السُّتْرَةِ فِي الثَّانِي كَتَبَيُّنِ حَدَثِهِ. اهـ عُبَابُ. وَالْمُعْتَمَدُ وُجُوبُ الْإِعَادَةِ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضَةِ رَمْلِيٍّ. اهـ. أَقُولُ: وَقَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ وُجُوبُ الْإِعَادَةِ: أَيْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ، لَكِنَّ الَّذِي رَأَيْته فِي مَتْنِ الرَّوْضِ مَسْأَلَةَ الْقِيَامِ فَقَطْ دُونَ مَسْأَلَةِ السُّتْرَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُحْدِثًا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِحَدَثِ نَفْسِهِ عِنْدَ الصَّلَاةِ وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِكُفْرِهِ بِذَلِكَ) أَيْ بِذَلِكَ الْقَوْلِ فَامْتَنَعَ قَبُولُهُ فِيهِ، وَلَفْظُ بِذَلِكَ سَقَطَ مِنْ نُسْخَةِ الشَّيْخِ الَّتِي كَتَبَ عَلَيْهَا فَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ مَا فِي حَاشِيَتِهِ (قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ فِي غَيْرِ مَا إذَا أَسْلَمَ ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ ثُمَّ قَالَ لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْت إلَخْ، فَمُرَادُهُ بِالْغَيْرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إخْبَارُهُ عَنْ كُفْرِهِ الَّذِي اُسْتُثْنِيَتْ مِنْهُ هَذِهِ الصُّورَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلِهِ قَبْلُ وَالْأَوْجَهُ قَبُولُهُ فِي كُفْرِهِ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ إخْبَارَهُ عَنْ فِعْلِ نَفْسِهِ مَقْبُولٌ تَعْلِيلٌ لَهُ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مُطْلَقَ غَيْرٍ وَإِنْ فَهِمَهُ كَذَلِكَ الشِّهَابُ سم فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى التُّحْفَةِ الْمُوَافِقَةِ عِبَارَتُهَا لِعِبَارَةِ الشَّارِحِ فَاحْتَاجَ إلَى تَقْيِيدِ التَّعْلِيلِ بِمَا هُوَ مَسْطُورٌ فِيهَا.

الْأَرْبَعِينَ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِعَدَمِ الْأَمَارَةِ عَلَى ذَلِكَ فَلَا تَقْصِيرَ، وَلِهَذَا لَوْ عَلِمَ بِذَلِكَ ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ نَاسِيًا وَلَمْ يَحْتَمِلْ تَطْهِيرَهُ لَزِمَتْهُ الْإِعَادَةُ وَخَرَجَ بِالْخَفِيَّةِ الظَّاهِرَةُ فَتَلْزَمُهُ مَعَهَا الْإِعَادَةُ؛ لِتَقْصِيرِهِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ، حَمَلَ الْمُصَنِّفُ فِي تَصْحِيحِهِ كَلَامَ التَّنْبِيهِ عَلَيْهِ. وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إنَّهُ أَقْوَى، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ صَحَّحَ فِي تَحْقِيقِهِ عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ الظَّاهِرَةِ وَالْخَفِيَّةِ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّهُ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ. وَالْخَفِيَّةُ هِيَ الَّتِي بِبَاطِنِ الثَّوْبِ، وَالظَّاهِرَةُ مَا تَكُونُ بِظَاهِرِهِ. نَعَمْ لَوْ كَانَتْ بِعِمَامَتِهِ وَأَمْكَنَهُ رُؤْيَتَهَا إذَا قَامَ غَيْرَ أَنَّهُ صَلَّى جَالِسًا لِعَجْزِهِ فَلَمْ يُمْكِنْهُ رُؤْيَتَهَا لَمْ يَقْضِ؛ لِأَنَّ فَرْضَهُ الْجُلُوسُ فَلَا تَفْرِيطَ مِنْهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ ظَاهِرَةً وَاشْتَغَلَ عَنْهَا بِالصَّلَاةِ أَوْ لَمْ يَرَهَا لِبُعْدِهِ عَنْ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ تَجِبُ الْإِعَادَةُ، ذَكَرَ ذَلِكَ الرُّويَانِيُّ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: وَمُقْتَضَى ذَلِكَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُقْتَضَى الْأَعْمَى وَالْبَصِيرِ: أَيْ حَتَّى لَا يَجِبَ الْقَضَاءُ عَلَى الْأَعْمَى مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ بِعَدَمِ الْمُشَاهَدَةِ وَهُوَ كَمَا قَالَ: الْأَوْلَى الضَّبْطُ بِمَا فِي الْأَنْوَارِ أَنَّ الظَّاهِرَةَ مَا تَكُونُ بِحَيْثُ لَوْ تَأَمَّلَهَا الْمَأْمُومُ أَبْصَرَهَا وَالْخَفِيَّةَ بِخِلَافِهَا، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ يُصَلِّي قَائِمًا أَوْ جَالِسًا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلَمْ يَحْتَمِلْ تَطْهِيرَهُ) أَيْ عِنْدَ الْمَأْمُومِ بِأَنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْمَحَلِّيُّ (قَوْلُهُ: لَزِمَتْهُ الْإِعَادَةُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا مَضَى زَمَنٌ يُحْتَمَلُ فِيهِ الطَّهَارَةُ لَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ عَلَى مَنْ اقْتَدَى بِهِ، وَإِنْ تَبَيَّنَ حَدَثُهُ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ. وَنُقِلَ عَنْ الزِّيَادِيِّ بِهَامِشٍ أَنَّهُ أَفْتَى بِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ فِي هَذِهِ، قَالَ: إذْ لَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ. اهـ. وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ نَظَرَ إلَى مِثْلِهِ لَزِمَ وُجُوبُ الْإِعَادَةِ بِتَبَيُّنِ الْحَدَثِ مُطْلَقًا، إذْ لَا يَكَادُ يُوجَدُ إمَامٌ لَمْ يُعْلَمْ عَدَمُ حَدَثِهِ؛ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ أَنْ يَرَاهُ يَتَطَهَّرُ ثُمَّ صَلَّى عَقِبَ طُهْرِهِ إمَامًا يُحْتَمَلُ خُرُوجُ حَدَثٍ مِنْهُ لَمْ يَشْعُرْ بِهِ الْمَأْمُومُ. (قَوْلُهُ: فِي تَصْحِيحِهِ) أَيْ حَاشِيَتِهِ عَلَى التَّنْبِيهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَانَتْ بِعِمَامَتِهِ) أَيْ الْإِمَامِ وَأَمْكَنَهُ: أَيْ الْمَأْمُومُ. (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى ذَلِكَ) أَيْ مَا ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَمَا قَالَ) أَيْ مِنْ اقْتِضَائِهِ الْفَرْقَ مَعَ أَنَّ كَلَامَ الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا قَالَهُ مِنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَالْأَوْلَى إلَخْ. وَعَلَيْهِ فَالْمُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِهِ حِينَئِذٍ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْأَعْمَى وَالْبَصِيرِ، وَنَقَلَهُ سم عَلَى حَجّ عَنْهُ، لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ أَنَّ الْمُتَّجَهَ عَدَمُ الْقَضَاءِ عَلَى الْأَعْمَى مُطْلَقًا، وَنَقَلَ مِثْلَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ حَجّ وَعِبَارَتُهُ: قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَى الْأَعْمَى مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ يَعْنِي الْخُبْثَ ظَاهِرًا لِعُذْرِهِ. وَقَالَ م ر: الْمُرَادُ مَا يَكُونُ مِنْ شَأْنِهَا ذَلِكَ فَيَدْخُلُ فِيهَا: أَيْ الطَّاهِرَةِ نَجَاسَةٌ بِظَهْرِ الْإِمَامِ فِي حَقِّ الْأَعْمَى وَالْبَعِيدِ عَنْهُ فَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِي حَقِّهَا. وَقَوْلُهُ بِظَهْرِ الْإِمَامِ قَضِيَّتُهُ أَنَّ مَا فِي بَاطِنِ الثَّوْبِ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ مَعَهُ وَهُوَ قَضِيَّةُ مَا فِي الشَّرْحِ أَيْضًا حَيْثُ قَالَ: وَالْخَفِيَّةُ هِيَ الَّتِي بِبَاطِنِ الثَّوْبِ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْلَى الضَّبْطُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لَوْ تَأَمَّلَهَا الْمَأْمُومُ أَبْصَرَهَا) عِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: قَوْلُهُ: رَآهَا مِثَالٌ لَا قَيْدٌ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِدْرَاكِ بِالْبَصَرِ وَغَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْحَوَاسِّ (قَوْلُهُ: وَالْخَفِيَّةُ بِخِلَافِهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَانَتْ بِعِمَامَتِهِ) أَيْ أَوْ نَحْوَ صَدْرِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: ذَكَرَ ذَلِكَ الرُّويَانِيُّ) أَيْ قَوْلَهُ وَالْخَفِيَّةُ هِيَ الَّتِي بِبَاطِنِ الثَّوْبُ إلَخْ، فَالْإِشَارَةُ رَاجِعَةٌ إلَى الِاسْتِدْرَاكِ وَالْمُسْتَدْرَكِ عَلَيْهِ فَإِنَّ أَصْلَ الضَّابِطِ لِلرُّويَانِيِّ (قَوْلُهُ: فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ يُصَلِّي قَائِمًا وَجَالِسًا) فِيهِ مُنَافَاةٌ مَعَ الَّذِي قَبْلَهُ، وَهُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِلشِّهَابِ حَجّ فِي تُحْفَتِهِ بَعْدَ أَنْ تَبِعَ شَرْحَ الرَّوْضِ فِي جَمِيعِ الْمَذْكُورِ قَبْلَهُ فَإِنَّهُ مِنْهُ حَرْفًا بِحَرْفٍ، لَكِنَّ الشِّهَابَ الْمَذْكُورَ إنَّمَا عَقَّبَ ضَابِطَ الْأَنْوَارِ بِذَلِكَ بِنَاءً عَلَى مَا فَهِمَهُ مِنْهُ مِنْ أَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ بِحَيْثُ لَوْ تَأَمَّلَهَا الْمَأْمُومُ: أَيْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا مِنْ جُلُوسِهِ وَقِيَامِ الْإِمَامُ مَثَلًا، أَمْ عَلَى غَيْرِهَا بِأَنْ نَفْرِضَهُ قَائِمًا إذَا كَانَ جَالِسًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ حَتَّى تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ وَإِنْ كَانَتْ بِنَحْوِ عِمَامَتِهِ وَهُوَ قَائِمٌ وَالْمَأْمُومُ جَالِسٌ لِعَجْزِهِ؛ لِأَنَّا لَوْ فَرَضْنَا قِيَامَهُ وَتَأَمَّلَهَا لَرَآهَا، وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَهِمَ مِنْهُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُومُ بِحَيْثُ لَوْ تَأَمَّلَهَا عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا لَرَآهَا فَلَا يُفْرَضُ عَلَى حَالَةٍ

وَأَخَذَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ النَّجَاسَةِ الْخَفِيَّةِ وَالظَّاهِرَةِ قِيَاسًا أَنَّهُ لَوْ سَجَدَ عَلَى كُمِّهِ الَّذِي يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ لَزِمَ الْمَأْمُومَ الْإِعَادَةُ إنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ تَأَمَّلَ إمَامَهُ أَبْصَرَ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا تَلْزَمُهُ (قُلْت: الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ، وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ إنَّ مُخْفِيَ الْكُفْرِ هُنَا كَمُعْلِنِهِ) ، وَإِنْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إنَّ الْأَقْوَى دَلِيلًا عَدَمُ وُجُوبِ الْقَضَاءِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ـــــــــــــــــــــــــــــSيَدْخُلُ فِيهِ مَا فِي بَاطِنِ الثَّوْبِ فَلَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَدَّمَهُ فِي ضَبْطِ الْخَفِيَّةِ، لَكِنْ قِيَاسُ فَرْضِ الْبَعِيدِ قَرِيبًا وَالْأَعْمَى بَصِيرًا أَنْ يُفْرَضَ الْبَاطِنُ ظَاهِرًا فَتَجِبُ الْإِعَادَةُ. وَعَلَيْهِ فَيَصِيرُ الْحَاصِلُ أَنَّ الظَّاهِرَةَ هِيَ الْعَيْنِيَّةُ، وَالْخَفِيَّةَ هِيَ الْحُكْمِيَّةُ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ وَلَا بَيْنَ الْقَائِمِ وَالْقَاعِدِ وَلَا بَيْنَ الْأَعْمَى وَالْبَصِيرِ وَلَا بَيْنَ بَاطِنِ الثَّوْبِ وَظَاهِرِهِ، لَكِنْ يُنَافِي ضَبْطَ الظَّاهِرَةَ وَالْخَفِيَّةِ بِمَا ذُكِرَ قَوْلُ حَجّ فِي الْإِيعَابِ، وَوَاضِحٌ أَنَّ التَّفْصِيلَ إنَّمَا هُوَ فِي الْخُبْثِ الْعَيْنِيِّ دُونَ الْحُكْمِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَى فَلَا تَقْصِيرَ فِيهِ مُطْلَقًا انْتَهَى - رَحِمَهُ اللَّهُ -. [فَائِدَةٌ] يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ إذَا كَانَتْ النَّجَاسَةُ ظَاهِرَةً إخْبَارُ الْمَأْمُومِ بِذَلِكَ الْبَعِيدِ صَلَاتِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَوْ رَأَى عَلَى ثَوْبِ مُصَلٍّ نَجَاسَةً وَجَبَ إخْبَارُهُ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ آثِمًا. وَمِنْ قَوْلِهِمْ لَوْ رَأَى صَبِيًّا يَزْنِي بِصَبِيَّةٍ وَجَبَ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى عِلْمِ مِنْ أُرِيدَ نَهْيُهُ (قَوْلُهُ: لَزِمَ الْمَأْمُومَ الْإِعَادَةُ إنْ كَانَ إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ تَأَمَّلَهَا لَمْ يَرَهَا لِبُعْدِهِ عَدَمُ وُجُوبِ الْقَضَاءِ، وَفِيهِ نَظَرٌ بِنَاءً عَلَى فَرْضِ الْأَعْمَى بَصِيرًا وَفَرْضِ الْبَعِيدِ قَرِيبًا؛ لِأَنَّ هَذَا لَوْ فُرِضَ قُرْبُهُ مِنْ الْإِمَامِ وَتَأَمَّلَ رَأَى فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: قُلْت الْأَصَحُّ) أَيْ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: إنَّ مُخْفِيَ الْكُفْرِ هُنَا إلَخْ) إنَّمَا قَيَّدَ بِهُنَا؛ لِأَنَّهُمْ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ فَرَّقُوا بَيْنَ مُخْفِي الْكُفْرِ وَمُعْلِنِهِ، وَمِنْهُ مَا قَالُوهُ فِي الشَّهَادَاتِ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ حَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــQغَيْرِهَا حَتَّى لَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ فِي نَحْوِ الصُّورَةِ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا، فَمُؤَدَّى ضَابِطِ الْأَنْوَارِ وَضَابِطِ الرُّويَانِيِّ عِنْدَهُ وَاحِدٌ بِنَاءً عَلَى فَهْمِهِ الْمَذْكُورِ، وَمِنْ ثَمَّ فَرَّعَ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ بِالْفَاءِ مُعَبِّرًا عَنْهُ بِقَوْلِهِ الْأَوْلَى وَلَمْ يَقُلْ الْأَصَحَّ أَوْ نَحْوَهُ، وَإِنَّمَا كَانَ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِثْنَاءِ شَيْءٍ مِنْهُ مِمَّا اُسْتُثْنِيَ مِنْ ضَابِطِ الرُّويَانِيِّ فَهُوَ أَضْبَطُ. وَالشِّهَابُ الْمَذْكُورُ لَمَّا فَهِمَ الْمُغَايَرَةَ بَيْنَ الضَّابِطَيْنِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ عَبَّرَ عَنْ ضَابِطِ الْأَنْوَارِ بِقَوْلِهِ وَالْأَوْجَهُ فِي ضَبْطِ الظَّاهِرَةِ أَنْ تَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ تَأَمَّلَهَا الْمَأْمُومُ لَرَآهَا، وَلَمْ يَقُلْ الْأَوْلَى كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، ثُمَّ قَالَ: وَفَرَّقَ الرُّويَانِيُّ بَيْنَ مَنْ لَمْ يَرَهَا لِبُعْدِهِ أَوْ اشْتِغَالِهِ بِصَلَاتِهِ فَيُعِيدُ وَمَنْ لَمْ يَرَهَا لِكَوْنِهَا بِعِمَامَتِهِ وَيُمْكِنُهُ رُؤْيَتُهَا إذَا قَامَ فَجَلَسَ عَجَزَ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، لَكِنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْ عُمُومِ ذَلِكَ الْأَعْمَى، قَالَ: لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ بِوَجْهٍ، وَالشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبِعَ شَرْحَ الرَّوْضِ أَوَّلًا كَمَا عَرَفْت، ثُمَّ خَتَمَهُ بِقَوْلِ الشِّهَابِ الْمَذْكُورِ فَلَا فَرْقَ إلَخْ فَنَافَاهُ. وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِأَنَّ مُؤَدَّى الضَّابِطَيْنِ وَاحِدٌ وَالِدُ الشَّارِحِ فِي فَتَاوِيهِ، لَكِنْ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ هُمَا اسْتَثْنَاهُ الرُّويَانِيُّ مِنْ ضَابِطِهِ لِضَعْفِهِ عِنْدَهُ، فَمُسَاوَاتُهُ لَهُ عِنْدَهُ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ لِأَصْلِ الضَّابِطِ، فَهُوَ مُوَافِقٌ لِلشِّهَابِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَعْنَى وَالْحُكْمِ وَإِنْ خَالَفَهُ فِي الصَّنِيعِ، وَمُوَافِقٌ لِمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي الصَّنِيعِ وَمُخَالِفٌ لَهُ فِي الْحُكْمِ، كَمَا يُعْلَمُ بِسَوْقِ عِبَارَةِ فَتَاوِيهِ وَنَصُّهَا: سُئِلَ عَنْ مُصَلٍّ فِي ظَاهِرِ ثَوْبِهِ أَوْ عَلَى صَدْرِهِ أَوْ ثَوْبِهِ مِنْ قُدَّامِهِ نَجَاسَةٌ أَوْ كَانَ الْمَأْمُومُ بَعِيدًا عَنْ إمَامِهِ هَلْ حُكْمُهَا حُكْمُ النَّجَاسَةِ الْخَفِيَّةِ حَتَّى لَا يَلْزَمُ الْمَأْمُومَ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ الْمَذْكُورَةَ مِمَّا تَخْفَى عَنْ الْمَأْمُومِ خُصُوصًا إنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ بَعْدَ تَحَرُّمِهِ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ النَّجَاسَةَ الْمَذْكُورَةَ ظَاهِرَةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ إذْ لَا يَخْلُو عَنْ تَقْصِيرٍ، وَالنَّجَاسَةُ الظَّاهِرَةُ أَنْ تَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ تَأَمَّلَهَا أَبْصَرَهَا بِأَنْ كَانَتْ فِي ظَاهِرِ الثَّوْبِ وَالْخَفِيَّةُ بِخِلَافِهَا انْتَهَتْ. فَقَدْ صَرَّحَ بِرُجُوعِ كُلٍّ مِنْ الضَّابِطِينَ إلَى الْآخَرِ، لَكِنْ فِي عَزْوِهِ مَا صَدَّرَ بِهِ الْجَوَابَ لِتَصْرِيحِ الرُّويَانِيِّ نَظَرٌ ظَاهِرٌ كَمَا مَرَّ مِنْ اسْتِثْنَائِهِ الْمَذْكُورِ. وَبِالْجُمْلَةِ فَالشَّارِحُ لَمْ يَظْهَرْ مِنْ كَلَامِهِ هُنَا مَا هُوَ مُعْتَمَدٌ عِنْدَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ، لَكِنْ نَقَلَ عَنْهُ الشِّهَابُ سم مَا يُوَافِقُ مَا فِي فَتَاوَى وَالِدِهِ الْمُوَافِقِ

لِأَنَّ الْكَافِرَ غَيْرُ أَهْلٍ لِلصَّلَاةِ بِحَالٍ بِخِلَافِ غَيْرِهِ. (وَالْأُمِّيُّ كَالْمَرْأَةِ فِي الْأَصَحِّ) فَعَلَى الْقَارِئِ الْمُؤْتَمِّ بِهِ الْإِعَادَةُ بِجَامِعِ النَّقْصِ، وَإِنْ بَانَ ذَلِكَ أَوْ شَيْءٌ مِمَّا مَرَّ غَيْرُ نَحْوِ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ فِي أَثْنَائِهَا اسْتَأْنَفَهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ بَانَ حَدَثُهُ أَوْ خَبَثُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مُفَارَقَتُهُ وَيَبْنِي، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْوُقُوفَ عَلَى نَحْوِ قِرَاءَتِهِ أَيْسَرُ مِنْهُ عَلَى طُهْرِهِ إذْ هُوَ، وَإِنْ شُوهِدَ فَحُدُوثُ الْحَدَثِ بَعْدَهُ قَرِيبٌ بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهُ كَالْجُنُبِ بِجَامِعِ الْخَفَاءِ فَلَا يُعِيدُ الْمُؤْتَمُّ بِهِ. (وَلَوْ) (اقْتَدَى) رَجُلٌ (بِخُنْثَى) فِي ظَنِّهِ (فَبَانَ رَجُلًا) أَوْ خُنْثَى بِامْرَأَةٍ فَبَانَ أُنْثَى، أَوْ خُنْثَى بِخُنْثَى فَبَانَا مُسْتَوِيَيْنِ مَثَلًا (لَمْ يَسْقُطْ الْقَضَاءُ فِي الْأَظْهَرِ) لِعَدَمِ انْعِقَادِ صَلَاتِهِ بِعَدَمِ جَزْمِهِ بِنِيَّتِهِ. وَالثَّانِي يَسْقُطُ اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَسَوَاءٌ أَبَانَ فِي الصَّلَاةِ أَمْ بَعْدَهَا. وَصَوَّرَهَا الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِحَالِهِ ثُمَّ عَلِمَ بَعْدَ الصَّلَاةِ خُنُوثَتَهُ ثُمَّ بَانَ رَجُلًا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا أَصَحُّ، وَالْوَجْهُ الْجَزْمُ بِالْقَضَاءِ عَلَى الْعَالِمِ بِخُنُوثَتِهِ؛ لِعَدَمِ انْعِقَادِ الصَّلَاةِ ظَاهِرًا وَاسْتِحَالَةِ جَزْمِ النِّيَّةِ اهـ. وَالْوَجْهُ الْجَزْمُ بِعَدَمِ الْقَضَاءِ إذَا بَانَ رَجُلًا فِي تَصْوِيرِ الْمَاوَرْدِيِّ لَا سِيَّمَا إذَا لَمْ يَمْضِ قَبْلَ تَبَيُّنِ الرُّجُولِيَّةِ زَمَنٌ طَوِيلٌ، وَأَنَّهُ لَوْ ظَنَّهُ رَجُلًا ثُمَّ بَانَ فِي أَثْنَائِهَا خُنُوثَتُهُ فَالْأَقْرَبُ وُجُوبُ اسْتِئْنَافِهَا. نَعَمْ لَوْ ظَنَّهُ فِي الِابْتِدَاءِ رَجُلًا ثُمَّ لَمْ يَعْلَمْ بِحَالِهِ حَتَّى بَانَ رَجُلًا فَلَا قَضَاءَ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي النِّيَّةِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي الِابْتِدَاءِ أَوْ الدَّوَامِ لَكِنْ فِي الِابْتِدَاءِ يَضُرُّ مُطْلَقًا وَفِي الْأَثْنَاءِ إنْ طَالَ الزَّمَنُ أَوْ مَضَى رُكْنٌ عَلَى ذَلِكَ ضَرَّ، وَإِلَّا فَلَا. (وَالْعَدْلُ) وَلَوْ قِنًّا مَفْضُولًا (أَوْلَى) بِالْإِمَامَةِ (مِنْ الْفَاسِقِ) ، وَإِنْ كَانَ حُرًّا فَاضِلًا لِعَدَمِ الْوُثُوقِ بِهِ فِي الْمُحَافَظَةِ عَلَى الشُّرُوطِ وَلِخَبَرِ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ «إنْ سَرَّكُمْ أَنْ تُقْبَلَ صَلَاتُكُمْ فَلْيَؤُمَّكُمْ خِيَارُكُمْ، فَإِنَّهُمْ وَفْدُكُمْ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ» ، وَإِنَّمَا صَحَّتْ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــSكُفْرِهِ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ ثُمَّ أَسْلَمَ فَأَعَادَهَا فَإِنْ كَانَ ظَاهِرَ الْكُفْرِ قُبِلَتْ الْإِعَادَةُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ مُخْفِيًا لَهُ فَلَا يُقْبَلُ لِاتِّهَامِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْخُبْثِ) أَيْ الْخَفِيِّ، وَالضَّابِطُ أَنَّ كُلَّ مَا لَوْ تَبَيَّنَ بَعْدَ الْفَرَاغِ تَجِبُ مَعَهُ الْإِعَادَةُ إذَا بَانَ فِي الْأَثْنَاءِ يَجِبُ بِهِ الِاسْتِئْنَافُ وَمَا لَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ مَعَهُ مِمَّا تَمْتَنِعُ الْقُدْوَةُ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ إذَا بَانَ فِي الْأَثْنَاءِ وَجَبَتْ بِهِ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ، وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ غَيْرُ نَحْوِ الْحَدَثِ مَا لَوْ تَبَيَّنَ قُدْرَةُ الْمُصَلِّي عَارِيًّا عَلَى السُّتْرَةِ أَوْ الْقِيَامِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ الظَّاهِرَةِ وَالْخَفِيَّةِ، وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ إلَخْ: أَيْ حَيْثُ تَبَيَّنَ حَدَثُهُ أَوْ نَجَاسَتُهُ الْخَفِيَّةُ بِخِلَافِ الظَّاهِرَةِ (قَوْلُهُ: وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ إلَخْ) مَا عَلَّلَ بِهِ الثَّانِيَ لَا يَأْتِي فِي الْجَهْرِيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَصَوَّرَهَا الْمَاوَرْدِيُّ) أَيْ مَسْأَلَةَ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: حَتَّى بَانَ رَجُلًا) فَلَا قَضَاءَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ صَلَّى خُنْثَى خَلْفَ امْرَأَةٍ ظَانًّا أَنَّهَا رَجُلٌ ثُمَّ تَبَيَّنَ أُنُوثَةُ الْخُنْثَى كَمَا صَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ؛ لِأَنَّ لِلْمَرْأَةِ عَلَامَاتٍ ظَاهِرَةً غَالِبًا تُعْرَفُ بِهَا فَهُوَ هُنَا مُقَصِّرٌ وَإِنْ جَزَمَ بِالنِّيَّةِ. اهـ حَجّ. لَكِنْ نَقَلَ سم عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ لَهُ خِلَافَهُ وَهُوَ قَرِيبٌ. وَوَجْهُهُ أَنَّ الْخُنْثَى جَازِمٌ بِالنِّيَّةِ وَبَانَتْ مُسَاوَاتُهُ لِإِمَامِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَلَا وَجْهَ لِلُّزُومِ الْإِعَادَةِ وَلَا لِكَوْنِ الْمَرْأَةِ لَهَا عَلَامَاتٌ تَدُلُّ عَلَيْهَا، وَفِي سم عَلَى الْغَايَةِ الْجَزْمُ بِمَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي النِّيَّةِ إلَخْ) أَيْ فِي نَفْسِ النِّيَّةِ كَأَنْ تَرَدَّدَ فِي ذُكُورَةِ إمَامِهِ بِأَنْ عَلِمَهُ خُنْثَى وَتَرَدَّدَ فِي أَنَّهُ ذَكَرٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَوْ أُنْثَى، وَأَمَّا التَّرَدُّدُ فِي النِّيَّةِ عَلَى وَجْهِ أَنَّهُ هَلْ يَبْقَى فِي الصَّلَاةِ أَوْ يَخْرُجُ مِنْهَا فَيَضُرُّ مُطْلَقًا طَالَ زَمَنُ التَّرَدُّدِ أَوْ قَصُرَ. (قَوْلُهُ: إنْ سَرَّكُمْ) أَيْ أَرَدْتُمْ مَا يَسُرُّكُمْ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُمْ وَفْدُكُمْ) أَيْ الْوَاسِطَةُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ. وَفِي الْمَوَاهِبِ قَالَ النَّوَوِيُّ: الْوَفْدُ الْجَمَاعَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلشِّهَابِ حَجّ، وَهُوَ الَّذِي انْحَطَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ هُنَا آخِرًا وَإِنْ لَمْ يُلَائِمْ مَا قَبْلَهُ كَمَا عَرَفْت، وَإِنَّمَا أَطَلْت الْكَلَامَ هُنَا لِمَحَلِّ الْحَاجَةِ مَعَ اشْتِبَاهِ هَذَا الْمَقَامِ عَلَى كَثِيرٍ وَعَدَمِ وُقُوفِي عَلَى مَنْ حَقَّقَهُ حَقَّهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَانَ ذَلِكَ أَوْ شَيْءٌ مِمَّا مَرَّ إلَخْ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ الْمَارُّ فِي حَلِّ الْمَتْنِ بَعْدَ الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ ظَنَّهُ فِي الِابْتِدَاءِ رَجُلًا إلَخْ) مَعْلُومٌ بِالْأَوْلَى مِمَّا رَجَّحَهُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ.

يُصَلِّي خَلْفَ الْحَجَّاجِ، قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ: وَكَفَى بِهِ فَاسِقًا. وَتُكْرَهُ خَلْفَهُ وَخَلْفَ مُبْتَدِعٍ لَا يَكْفُرُ بِبِدْعَتِهِ، وَإِمَامَةُ مَنْ يَكْرَهُهُ أَكْثَرُ الْقَوْمِ لِمَذْمُومٍ فِيهِ شَرْعًا. وَيَحْرُمُ عَلَى الْإِمَامِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ نَصْبُ الْفَاسِقِ إمَامًا فِي الصَّلَوَاتِ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِمُرَاعَاةِ الْمَصَالِحِ وَلَيْسَ مِنْهَا أَنْ يُوقِعَ النَّاسَ فِي صَلَاةٍ مَكْرُوهَةٍ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ حُرْمَةُ نَصْبِ كُلِّ مَنْ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ وَنَاظِرُ الْمَسْجِدِ كَالْوَالِي فِي تَحْرِيمِ ذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى. (وَالْأَصَحُّ أَنَّ) (الْأَفْقَهَ) فِي بَابِ الصَّلَاةِ، وَإِنْ لَمْ يَحْفَظْ مِنْ الْقُرْآنِ إلَّا الْفَاتِحَةَ (أَوْلَى مِنْ الْأَقْرَإِ) ، وَإِنْ حَفِظَ جَمِيعَ الْقُرْآنِ إذْ الْحَاجَةُ إلَى الْفِقْهِ أَهَمُّ لِعَدَمِ انْحِصَارِ مَا يَطْرَأُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ الْحَوَادِثِ «وَلِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ عَلَى مَنْ هُوَ أَقْرَأُ مِنْهُ» ، فَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ «أَنَّهُ لَمْ يَجْمَعْ الْقُرْآنَ فِي حَيَاتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُخْتَارَةُ لِلتَّقَدُّمِ فِي لُقِيِّ الْعُظَمَاءِ وَاحِدُهُمْ وَافِدٌ. انْتَهَى. وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ فِي حُصُولِ ثَوَابِ الْجَمَاعَةِ لِلْمَأْمُومَيْنِ، وَهَذَا يَتَفَاوَتُ بِتَفَاوُتِ أَحْوَالِ الْأَئِمَّةِ. وَفِي ابْنِ حَجَرٍ وَفِي مُرْسَلٍ «صَلُّوا خَلْفَ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ» وَيَعْضُدُهُ مَا صَحَّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَتَكْرَهُ خَلْفَهُ) أَيْ الْفَاسِقِ، وَإِذَا لَمْ تَحْصُلُ الْجَمَاعَةُ إلَّا بِالْفَاسِقِ وَالْمُبْتَدِعِ لَمْ يُكْرَهُ الِائْتِمَامُ طب م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: وَإِمَامَةُ مَنْ يَكْرَهُهُ أَكْثَرُ الْقَوْمِ إلَخْ) أَيْ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ لِيُصَلِّيَ إمَامًا، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ حَيْثُ كَانَ عَدْلًا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ارْتِكَابِهِ الْمَذْمُومَ نَفْيُ الْعَدَالَةِ. ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْمُنَاوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عِنْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَيُّمَا رَجُلٍ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ» إذْ فِيهِ مَا نَصُّهُ: أَيْ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَؤُمَّهُمْ إنْ اتَّصَفَ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَوْصَافِ: أَيْ بِأَنْ كَانَ فِيهِ أَمْرٌ مَذْمُومٌ شَرْعًا كَوَالٍ ظَالِمٍ، وَمَنْ تَغَلَّبَ عَلَى إمَامَةِ الصَّلَاةِ وَلَا يَسْتَحِقُّهَا، أَوْ لَا يَتَحَرَّزُ عَنْ النَّجَاسَةِ، أَوْ يَمْحُو هَيْئَاتِ الصَّلَاةِ، أَوْ يَتَعَاطَى مَعِيشَةً ذَمِيمَةً، أَوْ يُعَاشِرُ الْفُسَّاقَ وَنَحْوَهُمْ. وَكَرِهَهُ الْكُلُّ لِذَلِكَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، فَإِنْ كَرِهَهُ أَكْثَرُهُمْ كُرِهَ لَهُ. وَعُلِمَ مِنْ هَذَا التَّقْرِيرِ أَنَّ الْحُرْمَةَ أَوْ الْكَرَاهَةَ إنَّمَا هِيَ فِي حَقِّهِ، أَمَّا الْمُقْتَدُونَ الَّذِينَ يَكْرَهُونَهُ فَلَا تُكْرَهُ لَهُمْ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ. وَظَنُّ بَعْضِ أَعَاظِمِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاحِدَةٌ وَهْمٌ. اهـ. وَنُقِلَ عَنْ حَوَاشِي الرَّوْضِ لِوَالِدِ الشَّارِحِ التَّصْرِيحُ بِالْحُرْمَةِ عَلَى الْإِمَامِ فِيمَا لَوْ كَرِهَهُ كُلُّ الْقَوْمِ وَعِبَارَتُهُ نَصُّهَا: هَذِهِ الْكَرَاهَةُ لِلتَّنْزِيهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَرِهَهُ كُلُّهُمْ فَإِنَّهَا لِلتَّحْرِيمِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الشَّهَادَاتِ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فَقَالَ: وَلَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَؤُمَّ قَوْمًا وَهُمْ يَكْرَهُونَهُ، وَالْإِسْنَوِيُّ ظَنَّ أَنَّ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاحِدَةٌ فَقَالَ: وَهَذِهِ الْكَرَاهَةُ لِلتَّحْرِيمِ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّهَادَاتِ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ. وَنَقَلَهُ فِي الْحَاوِي عَنْ الشَّافِعِيِّ وَذَكَرَ لَفْظَهُ الْمُتَقَدِّمَ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ. اهـ بِحُرُوفِهِ. أَقُولُ: وَالْحُرْمَةُ مَفْهُومُ تَقْيِيدِ الشَّارِحِ الْكَرَاهَةَ بِكَوْنِهَا مِنْ أَكْثَرِ الْقَوْمِ (قَوْلُهُ: أَكْثَرُ الْقَوْمِ) مَفْهُومُهُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ، وَقَوْلُهُ لِمَذْمُومٍ فِيهِ شَرْعًا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مُرْتَكِبَ خَارِمِ الْمُرُوءَةِ لَا يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَلَا تُكْرَهُ لَهُ الْإِمَامَةُ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي أَخْذِ ذَلِكَ مِمَّا ذُكِرَ بَلْ الْقِيَاسُ الْكَرَاهَةُ، بَلْ قَدْ يُقَالُ: إنَّ خَارِمَ الْمُرُوءَةِ مَذْمُومٌ شَرْعًا، وَمِنْ ثَمَّ حَرُمَ عَلَى مَنْ كَانَ مُحْتَمِلًا لِشَهَادَةِ ارْتِكَابِ مَا يُخِلُّ بِمُرُوءَتِهِ لِئَلَّا تُرَدَّ شَهَادَتُهُ (قَوْلُهُ: لِمَذْمُومٍ فِيهِ شَرْعًا) أَمَّا لَوْ كَرِهُوهُ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا كَرَاهَةَ فِي حَقِّهِ بَلْ اللَّوْمُ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ حُرْمَةُ نَصْبِ إلَخْ) أَيْ وَلَا تَصِحُّ تَوْلِيَتُهُ كَمَا قَالَهُ حَجّ وَعِبَارَتُهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَحُسْنُ الصَّوْتِ إلَخْ: وَالرَّاتِبُ مَنْ وَلَّاهُ النَّاظِرُ وِلَايَةً صَحِيحَةً بِأَنْ لَمْ يُكْرَهْ الِاقْتِدَاءُ بِهِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ الْمُقْتَضَى عَدَمُ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ فِيهِ مِنْ حَيْثُ التَّوْلِيَةُ. اهـ. وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ تَصِحَّ تَوْلِيَتُهُ لَا يَسْتَحِقُّ مَا رَتَّبَ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ: وَنَاظِرُ الْمَسْجِدِ) أَيْ إذَا كَانَتْ التَّوْلِيَةُ لَهُ. (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ الْأَقْرَإِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ عَارِيًّا وَغَيْرُهُ مَسْتُورٌ، وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْعَارِي (قَوْلُهُ: فَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ «أَنَّهُ لَمْ يَجْمَعْ الْقُرْآنَ» إلَخْ) قَالَ الْجَعْبَرِيُّ فِي شَرْحِ الرَّائِيَّةِ: وَالصَّحَابَةُ الَّذِينَ حَفِظُوا الْقُرْآنَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَثِيرُونَ. فَمِنْ الْمُهَاجِرِينَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سِوَى أَرْبَعَةِ أَنْفَارٍ: زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ» ، وَأَبُو زَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. وَأَمَّا خَبَرُ «أَحَقُّهُمْ بِالْإِمَامَةِ أَقْرَؤُهُمْ» فَمَحْمُولٌ عَلَى عُرِفَهُمْ الْغَالِبِ أَنَّ الْأَقْرَأَ أَفْقَهُ؛ لِكَوْنِهِمْ يَضُمُّونَ لِلْحِفْظِ مَعْرِفَةَ فِقْهِ الْآيَةِ وَعُلُومِهَا. وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْأَقْرَإِ الْأَصَحُّ قِرَاءَةً، فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي ذَلِكَ فَالْأَكْثَرُ قِرَاءَةً. وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ الْمُتَمَيِّزَ بِقِرَاءَةِ السَّبْعِ وَبَعْضِهَا مِنْ ذَلِكَ وَتَرَدَّدَ فِي قِرَاءَةٍ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى لَحْنٍ، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِهَا، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ هُمَا سَوَاءٌ لِتَقَابُلِ الْفَضِيلَتَيْنِ. وَفِي الْمَجْمُوعِ اسْتِوَاءُ قِنٍّ فَقِيهٍ وَحُرٍّ غَيْرِ فَقِيهٍ، وَحَمَلَهُ السُّبْكِيُّ عَلَى قِنٍّ أَفْقَهُ وَحُرٍّ فَقِيهٍ؛ لِأَنَّ مُقَابَلَةَ الْحُرِّيَّةِ بِزِيَادَةِ الْفِقْهِ لَا بُعْدَ فِيهَا، بِخِلَافِ مُقَابَلَتِهَا بِأَصْلِ الْفِقْهِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْهَا؛ لِتَوَقُّفِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ دُونَهَا. (وَ) الْأَصَحُّ أَنَّ الْأَفْقَهَ أَوْلَى مِنْ (الْأَوْرَعِ) أَيْ الْأَكْثَرِ وَرَعًا، إذْ حَاجَةُ الصَّلَاةِ لِلْفِقْهِ أَهَمُّ مِنْهُ كَمَا مَرَّ، وَيُقَدَّمُ الْأَقْرَأُ أَيْضًا عَلَى الْأَوْرَعِ، وَفَسَّرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقِ بِأَنَّهُ اجْتِنَابُ الشُّبُهَاتِ خَوْفًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ بِأَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى الْعَدَالَةِ مِنْ حُسْنِ السِّيرَةِ وَالْعِفَّةِ. وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ تَقْدِيمُ الْأَوْرَعِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الصَّلَاةِ الْخُشُوعُ وَرَجَاءُ إجَابَةِ الدُّعَاءِ، وَالْأَوْرَعُ أَقْرَبُ لِذَلِكَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] وَفِي السُّنَّةِ «مِلَاكُ الدِّينِ الْوَرَعُ» وَمَا مَا يَخَافُ مِنْ حُدُوثِهِ فِي الصَّلَاةِ فَأَمْرٌ نَادِرٌ فَلَا يَفُوتُ الْمُحَقَّقُ لِلْمُتَوَهَّمِ. وَأَمَّا الزُّهْدُ فَتَرْكُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَابْنُ عَبَّاسٍ وَحُذَيْفَةُ وَسَالِمٌ وَابْنُ السَّائِبِ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَمِنْ الْأَنْصَارِ أُبَيٌّ وَزَيْدٌ وَمُعَاذٌ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ وَأَبُو زَيْدٍ وَمُجَمِّعٌ. فَمَعْنَى قَوْلِ أَنَسٍ: جُمِعَ الْقُرْآنُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ لَمْ يَجْمَعْهُ إلَّا أَرْبَعَةٌ: أُبَيٌّ وَزَيْدٌ وَمُعَاذٌ وَأَبُو زَيْدٍ أَنَّهُمْ الَّذِينَ تَلَقَّوْهُ مُشَافَهَةً عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ الَّذِينَ جَمَعُوهُ بِوُجُوهِ قِرَاءَاتِهِ. اهـ. وَقَوْلُهُ مُشَافَهَةً إلَخْ هَذَانِ الْجَوَابَانِ لَا يَخْلُوَانِ عَنْ بُعْدٍ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ الصَّحَابَةِ مِثْلُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَغَيْرِهِمَا تُحِيلُ الْعَادَةُ أَنَّ غَيْرَهُمْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مُشَافَهَةً أَوْ بِالْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُونَهُمْ، هَكَذَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعَصْرِ. أَقُولُ: وَمَعَ كَوْنِهِ لَا يَخْلُو عَنْ بُعْدٍ هُوَ كَافٍ فِي الْجَوَابِ، عَلَى أَنَّ هَذَا الِاسْتِبْعَادَ إنَّمَا بَنَاهُ عَلَى مُجَرَّدِ الْعَادَةِ فِي مِثْلِهِ، وَهُوَ غَيْرُ مُعَارِضٍ لِمَا ذَكَرَهُ لِجَوَازِ اهْتِمَامِهِمْ فِي أَوْقَاتِ اجْتِمَاعِهِمْ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِغَيْرِ تَلَقِّي الْقُرْآنِ مِنْهُ حِفْظًا لِاسْتِغْنَائِهِمْ بِأَخْذِهِ عَنْ غَيْرِهِ، وَقَدْ كَانَ مِنْ عَادَةِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - الِاكْتِفَاءُ بِسَمَاعِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ مَعَ إمْكَانِ مُرَاجَعَةِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا سَمِعُوهُ مِنْ غَيْرِهِ. وَفِي حَوَاشِي الرَّوْضِ لِوَالِدِ الشَّارِحِ أَنَّ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ (قَوْلُهُ: سِوَى أَرْبَعَةِ أَنْفَارٍ إلَخْ) أَيْ مِنْ الْأَنْصَارِ وَكَانُوا خَزْرَجِيِّينَ كَمَا فِي حَجّ (قَوْلُهُ: الْأَصَحُّ قِرَاءَةً) أَيْ لِمَا يَحْفَظُهُ وَإِنْ قَلَّ فَيُقَدِّمُ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ يَحْفَظُ أَكْثَرَ مِنْهُ، لَكِنْ بَقِيَ مَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَحْفَظُ نِصْفَ الْقُرْآنِ بِكَمَالِهِ مَثَلًا، وَيَصِحُّ آيَاتٍ قَلِيلَةً كَأَوَاخِرِ السُّوَرِ اطَّرَدَتْ عَادَتُهُ بِالْإِمَامَةِ بِهَا، وَالْآخَرُ يَحْفَظُ نِصْفَ الْقُرْآنِ مَثَلًا وَيُصَحِّحُهُ بِتَمَامِهِ، فَهَلْ يُقَدَّمُ عَلَى مَنْ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ بِكَمَالِهِ لِكَثْرَةِ مَا يُصَحِّحُهُ، أَوْ يُقَدَّمُ الْآخَرُ عَلَيْهِ لِكَثْرَةِ حِفْظِهِ مَعَ صِحَّةِ مَا يُصَلِّي بِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَإِطْلَاقُهُمْ قَدْ يَقْتَضِي تَقْدِيمَ مَنْ يَحْفَظُ النِّصْفَ، وَلَوْ قِيلَ بِتَقْدِيمِ مَنْ يَحْفَظُ الْكُلَّ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى صِحَّةِ مَا يُصَلِّي بِهِ لَمْ يَبْعُدْ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الْأَصَحِّ قِرَاءَةً (قَوْلُهُ: مُشْتَمِلَةٍ عَلَى لَحْنٍ) قَالَ حَجّ: لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ: لَا عِبْرَةَ بِهَا) أَيْ فَلَا يُقَدَّمُ صَاحِبُهَا عَلَى غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَفَسَّرَهُ) أَيْ الْوَرَعَ (قَوْلُهُ: الشُّبُهَاتِ) بِضَمِّ الْبَاءِ (قَوْلُهُ: مِنْ حُسْنِ السِّيرَةِ) الْأَوْلَى بِحُسْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِلَاكُ الدِّينِ) أَيْ أَصْلُهُ، قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: مِلَاكُ الْأَمْرِ بِالْكَسْرِ قِوَامُهُ، وَالْقَلْبُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى الْعَدَالَةِ مِنْ حُسْنِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ: وَأَمَّا الْوَرَعُ فَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ مُجَرَّدَ الْعَدَالَةِ بَلْ مَا يَزِيدُ

مَا زَادَ عَلَى الْحَاجَةِ وَهُوَ أَعْلَى مِنْ الْوَرَعِ إذْ هُوَ الْحَلَالُ وَالْوَرَعُ فِي الشُّبْهَةِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي مُهِمَّاتِهِ: وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمُرَجَّحَاتِ وَاعْتِبَارُهُ ظَاهِرٌ حَتَّى إذَا اشْتَرَكَا فِي الْوَرَعِ، وَامْتَازَ أَحَدُهُمَا بِالزُّهْدِ قَدَّمْنَاهُ. اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ، إذْ بَعْضُ الْأَفْرَادِ لِلشَّيْءِ قَدْ يَفْضُلُ بَاقِيَهُ. نَعَمْ عِبَارَتُهُ تُوهِمُ أَنَّ الزُّهْدَ قَسِيمٌ لِلْوَرَعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ قِسْمٌ مِنْهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَرَعَ مَقُولٌ بِالتَّشْكِيكِ كَالْعَدَالَةِ، وَلَوْ تَمَيَّزَ الْمَفْضُولُ مِمَّنْ ذَكَرَ بِبُلُوغٍ أَوْ إتْمَامٍ أَوْ عَدَالَةٍ أَوْ مَعْرِفَةِ نَسَبٍ كَانَ أَوْلَى. (وَيُقَدَّمُ الْأَفْقَهُ وَالْأَقْرَأُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا وَكَذَا الْأَوْرَعُ (عَلَى الْأَسَنِّ وَالنَّسِيبِ) فَعَلَى أَحَدِهِمَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْفَضِيلَةَ كُلٌّ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ لَهَا تَعَلُّقٌ تَامٌّ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ أَوْ كَمَالِهَا بِخِلَافِ الْأَخِيرَيْنِ. وَلَوْ كَانَ الْأَفْقَهُ أَوْ الْأَقْرَأُ أَوْ الْأَوْرَعُ صَبِيًّا أَوْ قَاصِرًا فِي سَفَرِهِ أَوْ فَاسِقًا أَوْ وَلَدَ زِنًا أَوْ مَجْهُولَ الْأَبِ فَضِدُّهُ أَوْلَى كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَى بَعْضِ ذَلِكَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُسَافِرُ السُّلْطَانَ أَوْ نَائِبَهُ فَهُوَ أَحَقُّ، وَأَطْلَقَ جَمْعٌ كَرَاهَةَ إمَامَةِ وَلَدِ الزِّنَا وَمَنْ لَا يُعْرَفُ أَبُوهُ وَهِيَ مُصَوَّرَةٌ بِكَوْنِ ذَلِكَ فِي ابْتِدَاءِ الصَّلَاةِ وَلَمْ يُسَاوِهِ الْمَأْمُومُ، فَإِنْ سَاوَاهُ أَوْ وَجَدَهُ قَدْ أَحْرَمَ وَاقْتَدَى بِهِ فَلَا بَأْسَ (وَالْجَدِيدُ تَقْدِيمُ الْأَسَنِّ) فِي الْإِسْلَامِ (عَلَى النَّسِيبِ) لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «لِيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ» وَلِأَنَّ فَضِيلَةَ الْأَسَنِّ فِي ذَاتِهِ وَالنَّسِيبِ فِي آبَائِهِ، وَفَضِيلَةُ الذَّاتِ أَوْلَى. وَعَكَسَهُ الْقَدِيمُ لِخَبَرِ «قَدِّمُوا قُرَيْشًا وَلَا تَقَدَّمُوهَا» وَعُلِمَ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِسِنٍّ فِي غَيْرِ الْإِسْلَامِ، فَيُقَدَّمُ شَابٌّ أَسْلَمَ أَمْسِ عَلَى شَيْخٍ أَسْلَمَ الْيَوْمَ، فَإِنْ أَسْلَمَا مَعًا قُدِّمَ الشَّيْخُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْخَبَرُ، وَبَحَثَهُ الطَّبَرِيُّ وَيُقَدَّمُ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِلَاكُ الْجَسَدِ. اهـ (قَوْلُهُ: عَلَى الْحَاجَةِ) أَيْ النَّاجِزَةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَذْكُرْهُ) أَيْ الزُّهْدَ (قَوْلُهُ: مَقُولٌ بِالتَّشْكِيكِ) أَيْ يَشُكُّ النَّاظِرُ فِي الْفَرْدَيْنِ الْمُتَفَاوِتَيْنِ فِيهِ بِأَشِدِّيَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا أَحَقِّيَّتُهُمَا وَاحِدَةٌ فَيَكُونَانِ مِنْ الْمُتَوَاطِئِ، أَوْ مُخْتَلِفَةٌ فَيَكُونَانِ مِنْ الْمُشْتَرَكِ (قَوْلُهُ: أَوْ إتْمَامٍ) أَيْ بِأَنْ لَا يَكُونَ مُسَافِرًا قَاصِرًا (قَوْلُهُ: أَوْ عَدَالَةٍ) أَيْ زِيَادَتِهَا أَوْ أَصْلِهَا بِأَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا عَدْلًا وَالْآخَرُ فَاسِقًا (قَوْلُهُ: كَانَ أَوْلَى) وَتَقَدَّمَ عَنْ الْبُوَيْطِيِّ كَرَاهَةُ الِاقْتِدَاءِ بِالصَّبِيِّ لِلْخِلَافِ فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ. وَأَمَّا الثَّلَاثَةُ الْبَاقِيَةُ هُنَا فَالْفَاسِقُ وَمَجْهُولُ النَّسَبِ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِمَا، وَيَنْبَغِي أَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِالْقَاصِرِ خِلَافُ الْأَوْلَى. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأَخِيرَيْنِ) أَيْ الْأَسَنِّ وَالنَّسِيبِ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ تَمَيَّزَ الْمَفْضُولُ مِمَّنْ ذَكَرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَنْ لَا يُعْرَفُ) أَيْ كَاللَّقِيطِ، وَمِثْلُ إمَامَتِهِ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فَيُكْرَهُ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مُصَوَّرَةٌ) أَيْ كَرَاهَةُ إمَامَةِ وَلَدُ الزِّنَا وَمَنْ لَا يُعْرَفُ أَبُوهُ (قَوْلُهُ: فَلَا بَأْسَ) أَيْ فَلَا لَوْمَ فِي الِاقْتِدَاءِ، وَمَعْلُومٌ مِنْهُ نَفْيُ الْكَرَاهَةِ. [فَائِدَةٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ أَسْلَمَ شَخْصٌ وَمَكَثَ مُدَّةً كَذَلِكَ ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ شَخْصٌ آخَرُ ثُمَّ جَدَّدَ الْمُرْتَدُّ إسْلَامَهُ وَاجْتَمَعَا، فَهَلْ يُقَدَّمُ الْأَوَّلُ لِكَوْنِهِ أَسَنُّ فِي الْإِسْلَامِ أَوْ يُقَدَّمُ الثَّانِي؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ تَقْدِيمُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الرِّدَّةَ أَبْطَلَتْ شَرَفَ الْإِسْلَامِ الْأَوَّلِ، وَمِنْ ثَمَّ لَا ثَوَابَ لَهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْأَعْمَالِ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهِ، وَأَمَّا لَوْ أَسْلَمَا مَعًا فَهُمَا مُسْتَوِيَانِ (قَوْلُهُ: قُدِّمَ الشَّيْخُ) لَا يُنَافِي هَذَا مَا قَبْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِسِنٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهِ مِنْ حُسْنِ السِّيرَةِ وَالْعِفَّةِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ عِبَارَتُهُ تُوهِمُ إلَخْ) يَعْنِي لَفْظَ عِبَارَتِهِ فِي مُهِمَّاتِهِ، وَإِلَّا فَمَا هُوَ مَذْكُورٌ هُنَا لَا إبْهَامَ فِيهِ وَهُوَ مَنْقُولٌ بِالْمَعْنَى. (قَوْلُهُ: أَوْ قَاصِرًا فِي سَفَرِهِ) أَيْ وَالْمَأْمُومُونَ مُتِمُّونَ، وَعَلَّلَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِالِاخْتِلَافِ بَيْنَ صَلَاتِهِمَا. أَقُولُ: وَلِوُقُوعِ بَعْضِ صَلَاتِهِمْ مِنْ غَيْرِ جَمَاعَةٍ بِخِلَافِهَا خَلْفَ الْمُتِمِّ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَى بَعْضِ ذَلِكَ) مَا ذَكَرَهُ هُنَا هُوَ جَمِيعُ مَفْهُومِ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَلَوْ تَمَيَّزَ الْمَفْضُولُ مِمَّنْ ذُكِرَ بِبُلُوغِ إلَخْ، فَالصَّوَابُ إسْقَاطُ لَفْظِ بَعْضٍ (قَوْلُهُ: أَوْ وَجَدَهُ قَدْ أَحْرَمَ) أَيْ فَالْكَرَاهَةُ إنَّمَا هِيَ فِي تَقَدُّمِهِ عَلَى غَيْرِهِ الَّذِي لَيْسَ مِثْلَهُ مَعَ حُضُورِهِ وَلَيْسَتْ رَاجِعَةً إلَى نَفْسِ إمَامَتِهِ. (قَوْلُهُ: فِي الْإِسْلَامِ) سَيَأْتِي أَنَّهُ يُقَدَّمُ بِكِبَرِ السِّنِّ أَخْذًا مِنْ الْخَبَرِ الْآتِي، فَلَعَلَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ مَحَلَّ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ» أَيْ بِالنَّظَرِ لِكَوْنِهِ مُسْتَعْمَلًا فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ

مَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ بِتَبَعِيَّتِهِ لِغَيْرِهِ، وَإِنْ تَأَخَّرَ إسْلَامُهُ؛ لِأَنَّ فَضِيلَتَهُ فِي ذَاتِهِ، قَالَهُ الْبَغَوِيّ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا كَانَ إسْلَامُهُ قَبْلَ بُلُوغِ مَنْ أَسْلَمَ تَبَعًا، أَمَّا بَعْدَهُ فَيَظْهَرُ تَقْدِيمُ التَّابِعِ. وَالْمُرَادُ بِالنَّسِيبِ مَنْ يُنْسَبُ إلَى قُرَيْشٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ فِي الْكَفَاءَةِ كَالْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ فَيُقَدَّمُ الْهَاشِمِيُّ وَالْمُطَّلِبِيُّ ثُمَّ سَائِرُ قُرَيْشٍ ثُمَّ الْعَرَبِيُّ ثُمَّ الْعَجَمِيُّ، وَيُقَدَّمُ ابْنُ الْعَالِمِ أَوْ الصَّالِحِ عَلَى ابْنِ غَيْرِهِ. وَتُعْتَبَرُ الْهِجْرَةُ أَيْضًا فَيُقَدَّمُ أَفْقَهُ فَأَقْرَأُ فَأَرْوَعُ فَأَقْدَمُ هِجْرَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِآبَائِهِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِالنِّسْبَةِ لِنَفْسِهِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَأَسَنُّ فَأَنْسَبُ، فَعُلِمَ أَنَّ الْمُنْتَسِبَ لِلْأَقْدَمِ هِجْرَةً مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُنْتَسِبِ لِقُرَيْشٍ مَثَلًا، وَأَنَّ ذِكْرَ النَّسَبِ لَا يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ الْأَقْدَمِ هِجْرَةً. (فَإِنْ) (اسْتَوَيَا) فِي جَمِيعِ الصِّفَاتِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا (فَنَظَافَةُ) الذِّكْرِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ: أَيْ حُسْنُهُ، ثُمَّ نَظَافَةُ (الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ) عَنْ الْأَوْسَاخِ (وَحُسْنُ الصَّوْتِ وَطِيبُ الصَّنْعَةِ وَنَحْوِهَا) لِإِفْضَاءِ النَّظَافَةِ إلَى اسْتِمَالَةِ الْقُلُوبِ وَكَثْرَةِ الْجَمْعِ، وَالْكَسْبِ كَالنَّظَافَةِ، فَمَنْ كَانَ كَسْبُهُ أَفْضَلَ أَوْ أَنْظَفَ قُدِّمَ بِهِ، وَلَوْ تَعَارَضَتْ الصِّفَاتُ بَعْدَ حُسْنِ الذِّكْرِ قُدِّمَ الْأَنْظَفُ ثَوْبًا ثُمَّ بَدَنًا ثُمَّ صَنْعَةً ثُمَّ الْأَحْسَنُ صَوْتًا فَصُورَةً، فَإِنْ اسْتَوَيَا وَتَشَاحَّا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا، وَمَحَلُّ ذَلِكَ عِنْدَ فَقْدِ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ أَوْ إسْقَاطِ حَقِّهِ لَلْأَوْلَى، وَإِلَّا قُدِّمَ الرَّاتِبُ عَلَى الْجَمِيعِ، وَهُوَ مَنْ وَلَّاهُ النَّاظِرُ أَوْ كَانَ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ. (وَمُسْتَحِقُّ الْمَنْفَعَةِ) يَعْنِي مَنْ جَازَ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِمَحَلٍّ كَمَا أَشَارَتْ إلَيْهِ عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ (بِمِلْكٍ) لَهُ (وَنَحْوِهِ) كَإِجَارَةٍ، وَإِعَارَةٍ وَوَقْفٍ وَوَصِيَّةٍ، وَإِذْنِ سَيِّدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي غَيْرِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ مَحَلُّهُ فِيمَا لَوْ عَارَضَتْهُ صِفَةٌ مِنْ الْمُرَجِّحَاتِ، وَمَا هُنَا مَفْرُوضٌ فِي اسْتِوَائِهِمَا فِي الصِّفَاتِ كُلِّهَا، فَالشَّيْخُوخَةُ مِنْ حَيْثُ هِيَ مُقْتَضِيَةٌ لِلتَّرْجِيحِ (قَوْلُهُ: إلَى قُرَيْشٍ أَوْ غَيْرُهُ) أَيْ قُرَيْشٌ، وَأَفْرَدَ الصَّمِيرَ لِكَوْنِ قُرَيْشٍ اسْمًا لِلْجَدِّ الَّذِي تُنْسَبُ إلَيْهِ الْقَبِيلَةُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْعَرَبِيُّ) أَيْ ثُمَّ بَاقِي الْعَرَبِ (قَوْلُهُ: وَيُقَدَّمُ ابْنُ الْعَالِمِ) أَيْ بَعْدَ الِاسْتِوَاءِ فِيمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: فَنَظَافَةُ الذِّكْرِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَصِفْهُ مِنْ لَمْ يَعْلَمْ مِنْهُ عَدَاوَتَهُ بِنَقْصٍ يُسْقِطُ الْعَدَالَةَ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ حَجّ. فَيَدْخُلُ فِيهِ مَنْ لَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ، وَمَنْ وُصِفَ بِخَارِمِ الْمُرُوءَةِ (قَوْلُهُ: وَحُسْنُ الصَّوْتِ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الصَّلَاةُ سَرِيَّةً كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُ، وَالْمُرَادُ هُنَا بَيَانُ الصِّفَاتِ الْفَاضِلَةِ وَأَمَّا التَّرْتِيبُ بَيْنَهَا فَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ: قُدِّمَ الْأَنْظَفُ ثَوْبًا) زَادَ حَجّ فَوَجْهًا (قَوْلُهُ: فَصُورَةُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالصُّورَةِ سَلَامَتُهُ فِي بَدَنِهِ مِنْ آفَةٍ تَنْقُصُهُ كَعَرَجٍ وَشَلَلٍ لِبَعْضِ أَعْضَائِهِ. وَفِي الْمِصْبَاحِ: عَرَجَ فِي مَشْيِهِ عَرَجًا مِنْ بَابِ تَعِبَ إذَا كَانَ مِنْ عِلَّةٍ لَازِمَةٍ فَهُوَ أَعْرُجُ، وَالْمَرْأَةُ عَرْجَاءُ، فَإِنْ كَانَ مِنْ عِلَّةٍ غَيْرِ لَازِمَةٍ بَلْ مِنْ شَيْءٍ أَصَابَهُ حَتَّى غَمَزَ فِي مَشْيِهِ قِيلَ عَرَجَ يَعْرُجُ مِنْ بَابِ قَتَلَ يَقْتُلُ فَهُوَ عَارِجٌ. (قَوْلُهُ: أَقُرِعَ بَيْنَهُمَا) أَيْ حَيْثُ اجْتَمَعَا فِي مَحَلٍّ مُبَاحٍ أَوْ كَانَا مُشْتَرَكَيْنِ فِي الْإِمَامَةِ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي مَمْلُوكٍ وَتَنَازَعَا لَا يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا بَلْ يُصَلِّي كُلٌّ مُنْفَرِدًا (قَوْلُهُ: أَوْ إسْقَاطِ حَقِّهِ لِلْأَوْلَى) أَيْ فَلَوْ عَنَّ لَهُ الرُّجُوعُ رَجَعَ قَبْلَ دُخُولِ مَنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ لَهُ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا قُدِّمَ الرَّاتِبُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مَفْضُولًا فِي جَمِيعِ الصِّفَاتِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ عَيَّنَ شَخْصًا بَدَلَهُ لِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَتَهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَنْ وَلَّاهُ النَّاظِرُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ اتِّفَاقِ أَهْلِ مَحَلَّةٍ عَلَى إمَامٍ يُصَلِّي بِهِمْ مِنْ غَيْرِ نَصْبِ النَّاظِرِ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي ذَلِكَ فَيُقَدَّمُ غَيْرُهُ عَلَيْهِ، لَكِنْ فِي الْإِيعَابِ خِلَافُهُ. وَعِبَارَتُهُ: فَرْعٌ: فِي الْكِفَايَةِ وَالْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهِمَا تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ مَا حَاصِلُهُ تَحْصُلُ وَظِيفَةُ إمَامِ غَيْرِ الْجَامِعِ مِنْ مَسَاجِدِ الْمَحَالِّ وَالْعَشَائِرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِآبَائِهِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِهِجْرَةِ آبَائِهِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: أَوْ صُورَةً) فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ فَصُورَةٌ وَهِيَ الْمُوَافَقَةُ لِمَا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: مَنْ وَلَّاهُ النَّاظِرُ) أَيْ وَلَوْ عَامًّا كَالْحَاكِمِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي مَنْ جَازَ لَهُ الِانْتِفَاعُ) إنَّمَا حُمِلَ الْمَتْنُ عَلَى هَذَا الْمَحْمَلِ الْمُحْوِجِ إلَى قَوْلِهِ الْآتِي فِي تَفْسِيرِ ضَمِيرِ يَكُنْ بِالْمُسْتَحِقِّ لِلْمَنْفَعَةِ حَقِيقَةً، وَلَمْ يَبْقَ الْمَتْنُ عَلَى ظَاهِرِهِ لِيُسْتَغْنَى عَمَّا يَأْتِي لِتَرْجِعَ

(أَوْلَى) بِالْإِمَامَةِ فِيمَا سَكَنَهُ بِحَقٍّ مِنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ تَمَيَّزَ بِسَائِرِ مَا مَرَّ فَيَؤُمُّهُمْ إنْ كَانَ أَهْلًا (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) الْمُسْتَحِقُّ لِلْمَنْفَعَةِ حَقِيقَةً، وَهُوَ مَا سِوَى الْمُسْتَعِيرِ لِعَدَمِ جَوَازِ الْإِنَابَةِ إلَّا لِمَنْ لَهُ الْإِعَارَةُ، وَالْمُسْتَعِيرُ مِنْ الْمَالِكِ لَا يُعِيرُ، وَكَذَا الْقِنُّ الْمَذْكُورُ سَوَاءٌ أَكَانَ السَّيِّدُ وَالْمُعِيرُ حَاضِرًا أَمْ غَائِبًا (أَهْلًا) لِلْإِمَامَةِ كَمَا مَرَّ كَامْرَأَةٍ لِرِجَالٍ أَوْ لِلصَّلَاةِ كَكَافِرٍ، وَإِنْ تَمَيَّزَ سَائِرُ مَا مَرَّ (فَلَهُ) اسْتِحْبَابًا حَيْثُ كَانَ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ (التَّقْدِيمُ) لِأَهْلٍ يَؤُمُّهُمْ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ» وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد «فِي بَيْتِهِ وَلَا فِي سُلْطَانِهِ» . أَمَّا الْمَحْجُورُ عِنْدَ دُخُولِهِمْ مَنْزِلَهُ لِمَصْلَحَتِهِ، وَكَانَ زَمَنُهَا بِقَدْرِ زَمَنِ الْجَمَاعَةِ فَالْمَرْجِعُ لِإِذْنِ وَلِيِّهِ، فَإِنْ أَذِنَ لِوَاحِدٍ تَقَدَّمَ، وَإِلَّا صَلُّوا فُرَادَى. (وَيُقَدَّمُ) السَّيِّدُ (عَلَى عَبْدِهِ السَّاكِنِ) بِمِلْكِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُمَا مِلْكُهُ أَوْ مِلْكُ غَيْرِهِ، إذْ الْمُسْتَعِيرُ السَّيِّدُ حَقِيقَةً (لَا) عَلَى (مُكَاتَبِهِ فِي مِلْكِهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ: يَعْنِي فِيمَا اُسْتُحِقَّ مَنْفَعَتُهُ وَلَوْ بِنَحْوِ إجَازَةٍ أَوْ إعَارَةٍ مِنْ غَيْرِ السَّيِّدِ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ فَلَا يُقَدَّمُ سَيِّدُهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْهُ، وَيُؤْخَذُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالْأَسْوَاقِ بِنَصْبِ الْإِمَامِ شَخْصًا أَوْ بِنَصْبِ شَخْصٍ نَفْسَهُ لَهَا بِرِضَا جَمَاعَتِهِ بِأَنْ يَتَقَدَّمَ بِغَيْرِ إذْنٍ لِلْإِمَامِ وَيَؤُمَّ بِهِمْ، فَإِذَا عَرَفَ بِهِ وَرَضِيَتْ جَمَاعَةُ ذَلِكَ الْمَحَلِّ بِإِمَامَتِهِ فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ التَّقَدُّمُ عَلَيْهِ إلَّا بِإِذْنِهِ، وَتَحْصُلُ فِي الْجَامِعِ وَالْمَسْجِدِ الْكَبِيرِ أَوْ الَّذِي فِي الشَّارِعِ بِتَوْلِيَةِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْأُمُورِ الْعِظَامِ فَاخْتَصَّتْ بِنَظَرِهِ، فَإِنْ فُقِدَ فَمَنْ رَضِيَهُ أَهْلُ الْبَلَدِ: أَيْ أَكْثَرُهُمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا سِوَى الْمُسْتَعِيرِ) أَيْ فَإِنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَا يَمْلِكُ الْمَنْفَعَةَ وَلَا يَسْتَحِقُّهَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: بَلْ وَلَا الِانْتِفَاعَ حَقِيقَةً. اهـ. وَأَمَّا الْعَبْدُ فَظَاهِرٌ. أَقُولُ: لَوْ قُرِئَ وَنَحْوُهُ بِالرَّفْعِ اتَّضَحَ شُمُولُ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ لِذَلِكَ وَاسْتَغْنَى عَنْ الْمِثَالِ الَّذِي تَكَلَّفَهُ الْإِسْنَوِيُّ اهـ عَمِيرَةُ. وَالْمِثَالُ الْمَذْكُورُ هُوَ قَوْلُهُ: مَثَّلَ لَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِالْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُسْتَعِيرُ مِنْ الْمَالِكِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَمَيَّزَ) أَيْ مَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا (قَوْلُهُ: فَلَهُ التَّقْدِيمُ) أَيْ فَلَوْ تَقَدَّمَ وَاحِدٌ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ وَلَا ظَنِّ رِضَاهُ حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَعَلَّقُ غَرَضُهُ بِوَاحِدٍ بِخُصُوصِهِ فَلَوْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى عَدَمِ تَعَلُّقِ غَرَضِ صَاحِبِ الْمَنْزِلِ بِوَاحِدٍ مِنْهُمْ بَلْ أَرَادَ الصَّلَاةَ، وَأَنَّهُمْ يُقَدِّمُونَ بِأَنْفُسِهِمْ مِنْ شَاءُوا فَلَا حُرْمَةَ (قَوْلُهُ: لِأَهْلٍ يَؤُمُّهُمْ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مَفْضُولًا، وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ لِجَمْعٍ لِيَتَقَدَّمَ وَاحِدٌ مِنْكُمْ فَهَلْ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ أَوْ يُقَدَّمُ أَفْضَلُهُمْ أَوْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ وَإِنْ كَانَ مَفْضُولًا لِعُمُومِ الْإِذْنِ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَلَعَلَّ الثَّانِيَ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ إذْنَهُ لِوَاحِدٍ مُبْهَمٌ تَضَمَّنَ إسْقَاطَ حَقِّهِ، وَحَيْثُ سَقَطَ حَقُّهُ كَانَ الْأَفْضَلُ أَوْلَى، فَلَوْ تَقَدَّمَ غَيْرُهُ لَمْ يَحْرُمْ مَا لَمْ تَدُلَّ الْقَرِينَةُ عَلَى طَلَبٍ وَاحِدٍ عَلَى مَا مَرَّ فَتَنَبَّهْ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا صَلُّوا فُرَادَى) أَيْ ثُمَّ إنْ كَانُوا قَاصِدِينَ أَنَّهُمْ لَوْ تَمَكَّنُوا مِنْ الْجَمَاعَةِ فَعَلُوهَا كُتِبَ لَهُمْ ثَوَابُ الْقَصْدِ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا صَلُّوا فُرَادَى) قَالَ حَجّ: قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالصَّيْمَرِيُّ وَنَظَرَ فِيهِ الْقَمُولِيُّ وَكَأَنَّهُ لَمَحَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ حَقًّا مَالِيًّا حَتَّى يَنُوبَ الْوَلِيُّ عَنْهُ فِيهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ سَبَبَهُ الْمِلْكُ فَهُوَ تَابِعُ حُقُوقِهِ، وَلِلْوَلِيِّ دَخْلٌ فِيهَا. (قَوْلُهُ: لَا مُكَاتَبِهِ) أَيْ كِتَابَةً صَحِيحَةً؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَسْتَقْبِلُ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQعِبَارَتُهُ إلَى عِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ لِئَلَّا يَلْزَمَ عَلَيْهِ إهْمَالُ شَيْءٍ مِنْ أَحْكَامِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا سِوَى الْمُسْتَعِيرِ) أَيْ أَمَّا الْمُسْتَعِيرُ فَلَيْسَ لَهُ التَّقْدِيمُ: أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ غَيْرُ أَهْلٍ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَتْنِ، وَسَكَتَ عَمَّا إذَا كَانَ أَهْلًا وَالْعِلَّةُ تَقْتَضِي الْعُمُومَ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْتَعِيرِ الْأَهْلِ وَغَيْرِ الْأَهْلِ فِي عَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ التَّقْدِيمَ، لَكِنْ يُنَافِيهِ مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الشَّرِيكَيْنِ إلَخْ مِنْ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ مِنْ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ مَعَ الشَّرِيكِ الْآخَرِ عِنْدَ غَيْبَةِ مُعِيرِهِ، فَلَعَلَّ مَا اقْتَضَاهُ التَّعْلِيلُ هُنَا غَيْرُ مُرَادٍ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَكَانَ زَمَنُهَا بِقَدْرِ زَمَنِ الْجَمَاعَةِ) فِيهِ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُمْ إذَا صَرَفُوا هَذَا الزَّمَنَ لِلْجَمَاعَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ الْمُكْثُ بَعْدُ لِلْمَصْلَحَةِ لِمُضِيِّ زَمَنِهَا وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ تَعْطِيلُهَا

مِنْهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى عَدَمُ تَقْدِيمِهِ عَلَى قِنِّهِ الْمُبَعَّضِ فِيمَا مَلَكَهُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ. (وَالْأَصَحُّ تَقْدِيمُ الْمُكْتَرِي عَلَى الْمُكْرِي) ؛ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ لِمَنْفَعَتِهِ، وَتَقْيِيدُ بَعْضِهِمْ الْمُكْرِي بِالْمَالِكِ مُرَادُهُ مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ عَلَى أَنَّهُ مُرَادُهُمْ أَيْضًا، إذْ لَا يُكْرِي إلَّا مَالِكٌ لَهَا فَهُوَ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ لَا لِلِاحْتِرَازِ. وَالثَّانِي يُقَدَّمُ الْمُكْرِي؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِلرَّقَبَةِ، وَمِلْكُ الرَّقَبَةِ أَوْلَى مِنْ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ. (وَ) يُقَدَّمُ (الْمُعِيرُ) الْمَالِكُ (عَلَى الْمُسْتَعِيرِ) لِمِلْكِهِ الْمَنْفَعَةَ وَالرُّجُوعَ فِيهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَالثَّانِي يُقَدَّمُ الْمُسْتَعِيرُ؛ لِأَنَّ السَّكَنَ لَهُ فِي الْحَالِ، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ لِشُمُولٍ فِي بَيْتِهِ الْمَارِّ فِي الْخَبَرِ لَهُ، وَإِلَّا لَزِمَ تَقْدِيمُ نَحْوِ الْمُؤَجِّرِ أَيْضًا. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْإِضَافَةَ لِلْمِلْكِ أَوْ الِاخْتِصَاصِ وَكِلَاهُمَا مُتَحَقِّقٌ فِي مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ، فَدَخَلَ الْمُسْتَأْجِرُ وَخَرَجَ الْمُسْتَعِيرُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ لَهَا، وَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الشَّرِيكَيْنِ لِغَيْرِهِمَا فِي تَقَدُّمِهِ، وَمَنْ أَذِنَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ فَإِنْ حَضَرَا أَوْ أَحَدُهُمَا وَالْمُسْتَعِيرُ مِنْ الْآخَرِ لَمْ يَتَقَدَّمْ غَيْرُهُمَا إلَّا بِإِذْنِهِمَا وَلَا أَحَدُهُمَا إلَّا بِإِذْنِ الْآخَرِ، وَالْحَاضِرُ مِنْهُمَا أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهِ حَيْثُ يَجُوزُ انْتِفَاعُهُ بِالْجَمِيعِ، وَالْمُسْتَعِيرَانِ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ كَالشَّرِيكَيْنِ فَإِنْ حَضَرَ الْأَرْبَعَةُ كَفَى إذْنُ الشَّرِيكَيْنِ. (وَالْوَالِي فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ أَوْلَى مِنْ الْأَفْقَهِ وَالْمَالِكِ) الْآذِنِ فِي الصَّلَاةِ فِي مِلْكِهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فِي الْجَمَاعَةِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا تُقَامُ فِي مِلْكِهِ إلَّا ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ عَدَمِ تَقْدِيمِ السَّيِّدِ عَلَى مُكَاتَبِهِ (قَوْلُهُ: فِيمَا مَلَكَهُ بِبَعْضِهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ، وَوَقَعَ ذَلِكَ فِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فَيُقَدَّمُ عَلَى سَيِّدِهِ لِمِلْكِهِ الرَّقَبَةَ وَالْمَنْفَعَةَ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ) أَيْ وَلِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ لِمَالِكِ الْعَيْنِ، لَكِنْ قَوْلُهُ: فِي تَعْلِيلِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِلرَّقَبَةِ إلَخْ يَقْتَضِي تَخْصِيصَ الْمُكْرِي بِمَالِك الْعَيْنِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُكْرِي قَدْ يَكُونُ مَالِكًا لِلْمَنْفَعَةِ فَقَطْ، كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا ثُمَّ أَكْرَاهَا لِغَيْرِهِ وَاجْتَمَعَ كُلٌّ مِنْ الْمُكْرِي وَالْمُكْتَرَى فَالْمُكْتَرَى مُقَدَّمٌ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِلْمَنْفَعَةِ الْآنَ. (قَوْلُهُ: وَيُقَدَّمُ إلَخْ) الْأَوْلَى وَتَقْدِيمٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ، وَبِهِ عَبَّرَ الْمَحَلِّيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمَا فِيهِ مِنْ عَدَمِ تَقْدِيرِ الْعَامِلِ، فَإِنَّهُ إذَا قُرِئَ بِالْجَرِّ لَمْ يَكُنْ عَامِلٌ مُقَدَّرٌ، إذْ الْعَامِلُ فِي الْمَعْطُوفِ هُوَ الْعَامِلُ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُسْتَعِيرِ) قَالَ فِي الْإِيعَابِ: لَوْ أَعَارَ الْمُسْتَعِيرُ وَجَوَّزْنَاهُ لِلْعِلْمِ بِالرِّضَا بِهِ، وَحَضَرَا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ الْأَوَّلَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ فَرْعُهُ، وَيُحْتَمَلُ اسْتِوَاؤُهُمَا؛ لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ عَنْ الْمَالِكِ فِي الْإِعَارَةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَعَارَهُ بِإِذْنٍ اسْتَوَيَا فِيمَا يَظْهَرُ. اهـ. أَقُولُ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ إعَارَتُهُ لِلثَّانِي بِإِذْنٍ مِنْ الْمَالِكِ انْعَزَلَ الْمُسْتَعِيرُ الْأَوَّلُ بِإِعَارَةِ الثَّانِي فَسَقَطَ حَقُّ الْمُسْتَعِيرِ الْأَوَّلِ حَتَّى لَوْ رَجَعَ فِي الْإِعَارَةِ لَمْ يَصِحَّ رُجُوعُهُ، وَإِنْ كَانَ بِإِذْنٍ فِي أَصْلِ الْإِعَارَةِ بِدُونِ تَعْيِينٍ كَانَ كَمَا لَوْ أَعَارَ بِعِلْمِهِ بِرِضَا الْمَالِكِ، وَقَدْ قُدِّمَ فِيهِ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ الْأَوَّلَ أَحَقُّ: أَيْ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الرُّجُوعِ مَتَى شَاءَ، وَهَذَا بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ فِيمَا لَوْ أُذِنَ لَهُ فِي الْإِعَارَةِ بِلَا تَعْيِينٍ لِأَحَدٍ فَلَا وَجْهَ لِلتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا فِيهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ بِعِلْمِ الرِّضَا يَكُونُ الْحَقُّ لِلْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: مُتَحَقِّقٌ) أَيْ ثَابِتٌ (قَوْلُهُ: وَمَنْ أَذِنَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ) فَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ صَلَّى كُلٌّ مُنْفَرِدًا، وَلَا دَخَلَ لِلْقُرْعَةِ هُنَا إذْ لَا تَأْثِيرَ لَهَا فِي مِلْكِ الْغَيْرِ، وَكَالْمُشْتَرَكِينَ فِي الْمَنْفَعَةِ الْمُشْتَرِكَانِ فِي إمَامَةِ مَسْجِدٍ، فَلَيْسَ لِثَالِثٍ أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَّا بِإِذْنِهِمَا وَلَا لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَّا بِإِذْنِ الْآخَرِ أَوْ ظَنِّ رِضَاهُ، وَالْقِيَاسُ حُرْمَةُ ذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ الْإِذْنِ وَالرِّضَا وَلَوْ كَانَ الْآخَرُ مَفْضُولًا (قَوْلُهُ: حَيْثُ يَجُوزُ انْتِفَاعُهُ) أَيْ بِأَنْ أَذِنَ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَتَقْيِيدُ بَعْضِهِمْ) هُوَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ تَعْلِيلِ الْمُقَابِلِ الْآتِي فَلَا يَتَوَجَّهُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ كَابْنِ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ مُرَادَهُمْ) كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ وَهُوَ مُحَرَّفٌ عَنْ قَوْلِهِ عَلَى أَنَّهُ مُوهِمٌ وَالْعِبَارَةُ لِلشِّهَابِ حَجّ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُكْرِي إلَّا مَالِكٌ لَهَا) يَرِدُ عَلَيْهِ نَحْوُ النَّاظِرِ وَالْوَالِي. (قَوْلُهُ: الْمَالِكُ) أَيْ لِلْمَنْفَعَةِ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: كَفَى إذْنُ الشَّرِيكَيْنِ) أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ ضَمُّ إذْنِ الْمُسْتَعِيرَيْنِ إلَيْهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَكْفِي إذْنُهُمَا كَمَا يَكْفِي إذْنُ الْمُسْتَعِيرَيْنِ وَإِنْ تُوُهِّمَ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْوَالِي، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ انْتَهَتْ: أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِذْنِ فِي خُصُوصِ الْجَمَاعَةِ، وَلَا يَكْفِي عَنْهُ الْإِذْنُ فِي مُطْلَقِ الصَّلَاةِ فَهُوَ رَاجِعٌ إلَى الْغَايَةِ فَقَطْ

[فصل في بعض شروط القدوة وكثير من آدابها وبعض مكروهاتها]

بِإِذْنِهِ فِيهَا يَلْزَمُ تَقَدُّمُ غَيْرِهِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ الْأَوَّلِ عِنْدَ عَدَمِ زِيَادَةِ زَمَنِ الْجَمَاعَةِ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ فِيهَا. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ الْخَبَرُ الْمَارُّ وَلِعُمُومِ سَلْطَنَتِهِ مَعَ أَنَّ تَقَدُّمَ غَيْرِهِ بِحَضْرَتِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ لَا يَلِيقُ بِبَذْلِ الطَّاعَةِ، وَيُرَاعَى فِي الْوُلَاةِ تَفَاوُتُ دَرَجَتِهِمْ فَيُقَدَّمُ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ ثُمَّ بَقِيَّةُ مَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى حَتَّى عَلَى الْإِمَامِ الرَّاتِبِ. نَعَمْ لَوْ وَلَّى الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ الرَّاتِبَ قُدِّمَ عَلَى وَالِي الْبَلَدِ وَقَاضِيهِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ، بَلْ الْأَوْجَهُ تَقْدِيمُهُ عَلَى مَنْ سِوَى الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ مِنْ الْوُلَاةِ. فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ وَكَثِيرٍ مِنْ آدَابِهَا وَبَعْضِ مَكْرُوهَاتِهَا (لَا يَتَقَدَّمُ) الْمَأْمُومُ (عَلَى إمَامِهِ فِي الْمَوْقِفِ) يَعْنِي الْمَكَانَ لَا بِقَيْدِ الْوُقُوفِ، فَالتَّقْيِيدُ بِهِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ وَلِخَبَرِ «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» وَالِائْتِمَامُ الِاتِّبَاعُ، وَالْمُتَقَدِّمُ غَيْرُ تَابِعٍ (فَإِنْ تَقَدَّمَ) عَلَيْهِ يَقِينًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِمًا فِي غَيْرِ شِدَّةِ الْخَوْفِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ، وَقَالَ: إنَّ الْجَمَاعَةَ أَفْضَلُ وَإِنْ تَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ خَالَفَهُ كَلَامُ الْجُمْهُورِ (بَطَلَتْ) إنْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي أَثْنَائِهَا أَمَّا فِي ابْتِدَائِهَا فَلَا تَنْعَقِدُ، وَتَسْمِيَةُ مَا فِي الِابْتِدَاءِ بُطْلَانًا تَغْلِيبٌ (فِي الْجَدِيدِ) لِكَوْنِهِ أَفْحَشَ مِنْ مُخَالَفَتِهِ فِي الْأَفْعَالِ الْمُبْطِلَةِ كَمَا سَيَأْتِي، فَإِنْ شَكَّ فِي تَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ لَمْ تَبْطُلْ ـــــــــــــــــــــــــــــSشَرِيكُهُ فِي السُّكْنَى مَثَلًا. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ الْأَوَّلِ) أَيْ الْإِذْنِ فِي الصَّلَاةِ فِي مِلْكِهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فِي الْجَمَاعَةِ. فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ (قَوْلُهُ: فَالتَّقْيِيدُ بِهِ) أَيْ الْمَوْقِفِ لِأَنَّهُ: أَيْ التَّقَدُّمَ لَمْ يُنْقَلْ: أَيْ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا فُعِلَ فِي زَمَنِهِ وَأَقَرَّ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَقَدَّمَ إلَخْ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ وَالنَّاسِي. وَفِي الْإِيعَابِ: نَعَمْ بَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْجَاهِلَ يُغْتَفَرُ لَهُ التَّقَدُّمُ لِأَنَّهُ عُذِرَ بِأَعْظَمَ مِنْ هَذَا، وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ فِي مَعْذُورٍ لِبُعْدِ مَحَلِّهِ أَوْ قُرْبِ إسْلَامِهِ، وَعَلَيْهِ فَالنَّاسِي مِثْلُهُ اهـ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ النَّاسِيَ يُنْسَبُ لِتَقْصِيرٍ لِغَفْلَتِهِ بِإِهْمَالِهِ حَتَّى نَسِيَ الْحُكْمَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ خَالَفَهُ كَلَامُ الْجُمْهُورِ) أَيْ فَقَالُوا: إنَّ الِانْفِرَادَ أَفْضَلُ. (قَوْلُهُ: لَمْ تَبْطُلْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الشَّكُّ حَالَ النِّيَّةِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ كَمَا لَوْ شَكَّ عِنْدَ النِّيَّةِ فِي انْتِقَاضِ طُهْرِهِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ وَيُقَالُ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ الشَّكُّ حَالَ النِّيَّةِ مُغْتَفَرًا فَلَا تَنْعَقِدُ حِينَئِذٍ لِلتَّرَدُّدِ فِي الْمُبْطِلِ، وَالتَّرَدُّدُ يُؤَثِّرُ فِيهَا، وَعَرَضْته عَلَى شَيْخِنَا طب فَارْتَضَاهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهَا وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ الْأَوَّلِ) أَيْ مَسْأَلَةَ الْوَالِي الْمَذْكُورَةَ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ) عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ: وَيُقَدَّمُ الْوَالِي عَلَى إمَامِ الْمَسْجِدِ. قُلْت: وَهَذَا فِي غَيْرِ مَنْ وَلَّاهُ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ وَنُوَّابُهُ، أَمَّا مَنْ وَلَّاهُ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ وَنَحْوُهُ فِي جَامِعٍ أَوْ مَسْجِدٍ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ وَالِي الْبَلَدِ وَقَاضِيهِ بِلَا شَكٍّ انْتَهَتْ. فَمُرَادُهُ بِنُوَّابِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وُزَرَاؤُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي الْمَفْهُومِ: أَمَّا مَنْ وَلَّاهُ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ وَنَحْوُهُ، وَلَا بِدَعَ فِي تَقْدِيمِ هَذَا عَلَى وَالِي الْبَلَدِ وَقَاضِيهِ، أَمَّا مَنْ وَلَّاهُ قَاضِي الْبَلَدِ فَلَا شَكَّ فِي تَقْدِيمِ الْقَاضِي عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُوَلِّيهِ، وَعَلَى قِيَاسِ هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الشَّارِحِ بَلْ الْأَوْجَهُ إلَخْ مَفْرُوضًا فِيمَنْ وَلَّاهُ نَفْسُ الْإِمَامِ فَتَأَمَّلْ. [فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ وَكَثِيرٍ مِنْ آدَابِهَا وَبَعْضِ مَكْرُوهَاتِهَا] (فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ) (قَوْلُهُ: وَتَسْمِيَةُ مَا فِي الِابْتِدَاءِ إلَخْ) هَذَا جَوَابٌ ثَانٍ فَالْمُنَاسِبُ فِيهِ الْعَطْفُ بِأَوْ

وَإِنْ جَاءَ مِنْ أَمَامِهِ، إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الْمُبْطِلِ فَكَانَ مُقَدَّمًا عَلَى أَصْلِ بَقَاءِ التَّقَدُّمِ، وَالْقَدِيمُ لَا تَبْطُلُ مَعَ الْكَرَاهَةِ كَمَا لَوْ وَقَفَ خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ (وَلَا تَضُرُّ) (مُسَاوَاتُهُ) لِإِمَامِهِ لِعَدَمِ الْمُخَالَفَةِ لَكِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ تُفَوِّتُ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ وَإِنْ كَانَتْ صُورَتُهَا مُعْتَدًّا بِهَا فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا حَتَّى يَسْقُطَ فَرْضُهَا فَلَا تَنَافِيَ وَإِنْ ظَنَّهُ بَعْضُهُمْ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي كُلِّ مَكْرُوهٍ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ الْمَطْلُوبَةُ. (وَيُنْدَبُ) لِلْمَأْمُومِ (تَخَلُّفُهُ) عَنْ إمَامِهِ (قَلِيلًا) عُرْفًا فِيمَا يَظْهَرُ اسْتِعْمَالًا لِلْأَدَبِ وَإِظْهَارًا لِرُتْبَةِ الْإِمَامِ عَلَيْهِ وَلَا يَزِيدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ، وَقَدْ تُسَنُّ الْمُسَاوَاةُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْعُرَاةِ وَالتَّأَخُّرُ كَثِيرًا كَمَا فِي امْرَأَةٍ خَلْفَ رَجُلٍ (وَالِاعْتِبَارُ) فِي تَقَدُّمِهِ وَتَأَخُّرِهِ وَمُسَاوَاتِهِ فِي الْقِيَامِ وَمِثْلُهُ الرُّكُوعُ فِيمَا يَظْهَرُ (بِالْعَقِبِ) وَهُوَ مُؤَخَّرُ الْقَدَمِ لَا الْكَعْبِ وَأَصَابِعِ الرِّجْلِ، إذْ فُحْشُ التَّقَدُّمِ إنَّمَا يَظْهَرُ بِهِ فَلَا اعْتِبَارَ بِتَقَدُّمِ أَصَابِعِ الْمَأْمُومِ مَعَ تَأَخُّرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَوْ كَانَ مُجَرَّدُ الشَّكِّ فِي النِّيَّةِ مَانِعًا مِنْ الِانْعِقَادِ لَامْتَنَعَتْ الْقُدْوَةُ لِمَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ، كَمَا أَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الطَّهَارَةِ، وَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ الْمُخَالِفِ لِلْأَصْلِ. (قَوْلُهُ: إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الْمُبْطِلِ) أَيْ وَيَنْبَغِي حُصُولُ الْفَضِيلَةِ حِينَئِذٍ وَيُقَالُ عَلَيْهِ مَا وَجْهُ تَقْدِيمِ كَوْنِ الْأَصْلِ عَدَمَ الْبُطْلَانِ عَلَى كَوْنِ الْأَصْلِ بَقَاءَ التَّقَدُّمِ مَعَ أَنَّ بَقَاءَ التَّقَدُّمِ يُؤَدِّي إلَى عَدَمِ الِانْعِقَادِ خُصُوصًا وَقَدْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي كِفَايَتِهِ إنَّهُ الْأَوْجُهُ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ: تَفُوتُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ) أَيْ فِيمَا سَاوَى فِيهِ لَا مُطْلَقًا اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: فِي الْجُمُعَةِ غَيْرَهَا) أَيْ مِنْ حُصُولِ الشِّعَارِ فَيَسْقُطُ بِهَا فَرْضُ الْكِفَايَةِ وَيَتَحَمَّلُ الْإِمَامُ عَنْهُ الْقِرَاءَةَ وَالسَّهْوَ وَيَلْحَقُهُ سَهْوُ إمَامِهِ وَيَضُرُّ التَّقَدُّمُ عَلَيْهِ بِرُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ كَمَا يَأْتِي وَغَيْرِ ذَلِكَ . (قَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ تَخَلُّفُهُ قَلِيلًا عُرْفًا) وَلَا يَتَوَقَّفُ حُصُولُ السُّنَّةِ عَلَى زِيَادَةِ الْقُرْبِ بِحَيْثُ يُحَاذِي بَعْضُ بَدَنِ الْمَأْمُومِ بَعْضَ بَدَنِ الْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي امْرَأَةٍ خَلْفَ رَجُلٍ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَزِيدَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ عَلَى مَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ الْآتِي: وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا كَمَا بَيْنَ كُلِّ صَفَّيْنِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ وَالتَّأَخُّرُ كَثِيرًا: أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَوْقِفِ الرَّجُلِ لَكِنْ رَأَيْت بِهَامِشٍ عَنْ فَتَاوَى حَجّ مَا نَصُّهُ: سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِمْ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِينَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ، فَلَوْ تَرَكَ هَذَا الْمُسْتَحَبَّ هَلْ يَكُونُ مَكْرُوهًا بِنَصِّ أَئِمَّتِنَا، وَكَذَلِكَ لَوْ صَفَّ صَفًّا ثَانِيًا قَبْلَ إكْمَالِ الْأَوَّلِ هَلْ يَكُونُ كَذَلِكَ؟ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ كُلُّ مَا ذُكِرَ مَكْرُوهٌ مُفَوِّتٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ، فَقَدْ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ: السُّنَّةُ أَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَ الْإِمَامِ وَمَنْ خَلْفَهُ مِنْ الرِّجَالِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ تَقْرِيبًا كَمَا بَيْنَ كُلِّ صَفَّيْنِ، أَمَّا النِّسَاءُ فَيُسَنُّ لَهُنَّ التَّخَلُّفُ كَثِيرًا، وَفِي الْمَجْمُوعِ اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْأَوَّلِ وَالْحَثِّ عَلَيْهِ اهـ. (قَوْلُهُ: بِالْعَقِبِ) أَيْ بِكُلِّهِ فَلَا يَضُرُّ التَّقَدُّمُ بِبَعْضِهِ اهـ حَجّ. وَقَالَ عَمِيرَةُ: وَلَوْ تَقَدَّمَ بِبَعْضِ الْعَقِبِ فَفِيهِ خِلَافٌ حَكَاهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ، وَعَلَّلَ الصِّحَّةَ بِأَنَّهَا مُخَالَفَةٌ لَا تَظْهَرُ فَأَشْبَهَتْ الْمُخَالَفَةَ الْيَسِيرَةَ، وَمَالَ م ر إلَى الصِّحَّةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلِهِ وَهُوَ مُؤَخَّرُ الْقَدَمِ) أَيْ مَا يُصِيبُ الْأَرْضَ مِنْهُ اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: فَلَا اعْتِبَارَ بِتَقَدُّمِ أَصَابِعِ الْمَأْمُومِ) ع: يَنْبَغِي أَنْ يَضُرَّ ذَلِكَ عِنْدَ الِاعْتِمَادِ عَلَيْهَا كَمَا حَاوَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ. وَفِي النَّاشِرِيِّ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: فَلَوْ لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ رِجْلَيْهِ مَعًا عَلَى الْأَرْضِ وَتَأَخَّرَ الْعَقِبُ وَتَقَدَّمَتْ رُءُوسُ الْأَصَابِعِ فَإِنْ اعْتَمَدَ عَلَى الْعَقِبِ صَحَّ أَوْ عَلَى رُءُوسِ الْأَصَابِعِ فَلَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ رِجْلَيْهِ: أَيْ مِنْ بُطُونِهِمَا فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي كُلِّ مَكْرُوهٍ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ الْمَطْلُوبَةُ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ كَمُخَالَفَةِ السُّنَنِ الْآتِيَةِ فِي هَذَا الْفَصْلِ وَاَللَّذَيْنِ بَعْدَهُ الْمَطْلُوبَةُ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ اهـ وَكَأَنَّ هَذَا سَاقِطٌ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ مِنْ النُّسَّاخِ بَعْدَ إتْيَانِهِ بِدَلِيلِ لَفْظِ الْمَطْلُوبَةِ فَإِنَّهُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَزِيدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ) فَإِنْ زَادَ كُرِهَ وَكَانَ مُفَوِّتًا لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي

عَقِبِهِ، بِخِلَافِ عَكْسِهِ، وَفِي الْقُعُودِ بِالْأَلْيَةِ وَلَوْ فِي التَّشَهُّدِ وَإِنْ كَانَ رَاكِبًا، وَفِي الِاضْطِجَاعِ بِالْجَنْبِ وَفِي الِاسْتِلْقَاءِ احْتِمَالَانِ أَوْجَهُهُمَا بِرَأْسِهِ سَوَاءٌ فِيمَا ذَكَرَ اتَّحِدَا قِيَامًا مَثَلًا أَمْ لَا، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِي الْعَقِبِ وَمَا بَعْدَهُ إنْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِ، فَإِنْ اعْتَمَدَ عَلَى غَيْرِهِ وَحْدَهُ كَأَصَابِعِ الْقَائِمِ وَرُكْبَةِ الْجَالِسِ اُعْتُبِرَ مَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَوْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا صَحَّتْ الْقُدْوَةُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْبَغَوِيّ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَلَوْ صَلَّى قَائِمًا مُعْتَمِدًا عَلَى خَشَبَتَيْنِ تَحْتَ إبْطَيْهِ فَصَارَتْ رِجْلَاهُ مُعَلَّقَتَيْنِ فِي الْهَوَاءِ فَإِنْ لَمْ تُمْكِنُهُ غَيْرُ هَذِهِ الْهَيْئَةِ فَالْأَوْجُهُ اعْتِبَارُ الْخَشَبَتَيْنِ، أَمَّا إذَا تَمَكَّنَ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ فَصَلَاتُهُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ، وَلَوْ تَعَلَّقَ مُقْتَدٍ بِحَبْلٍ وَتَعَيَّنَ طَرِيقًا اُعْتُبِرَ مَنْكِبُهُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَبَحَثَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَصْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبَعْدُ وَإِنْ اعْتَمَدَ عَلَى الْعَقِبِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَفِي الْقُعُودِ بِالْأَلِيَّةِ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ بِأَلِيَّيْهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي التَّشَهُّدِ) ظَاهِرُ أَخْذِهِ غَايَةً أَنَّهُ إذَا كَانَ يُصَلِّي مِنْ قِيَامٍ اُعْتُبِرَ عَقِبُهُ فِي حَالِ قِيَامِهِ، وَإِذَا جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ اُعْتُبِرَتْ الْأَلِيَّةُ، وَإِذَا سَجَدَ اُعْتُبِرَ أَصَابِعُ قَدَمَيْهِ وَهَكَذَا، حَتَّى إذَا صَلَّى صَلَاةَ نَفْلٍ وَفَعَلَ بَعْضَهَا مِنْ قِيَامٍ وَبَعْضَهَا مِنْ قُعُودٍ وَبَعْضَهَا مِنْ اسْتِلْقَاءٍ اُعْتُبِرَ فِي التَّقَدُّمِ الْحَالَةُ الَّتِي انْتَقَلَ عَلَيْهَا، لِأَنَّ كُلَّ حَالَةٍ انْتَقَلَ إلَيْهَا يُقَالُ صَلَّى قَائِمًا قَاعِدًا إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَفِي الِاضْطِجَاعِ بِالْجَنْبِ) أَيْ فَيَضُرُّ التَّقَدُّمُ بِبَعْضِهِ إذَا كَانَ عَرِيضًا عَقِبَ الْإِمَامِ مَثَلًا. وَفِي حَجّ: الِاضْطِجَاعُ بِالْجَنْبِ: أَيْ جَمِيعِهِ، وَهُوَ مَا تَحْتَ عَظْمِ الْكَتِفِ إلَى الْخَاصِرَةِ فِيمَا يَظْهَرُ. وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِلْمُنَاوِيِّ: وَهَلْ الْعِبْرَةُ بِمُقَدَّمِ الْجَنْبِ أَوْ مُؤَخَّرِهِ أَوْ كُلِّهِ؟ احْتِمَالَاتٌ رَجَّحَ مِنْهَا الْهَيْتَمِيُّ فِي شَرْحِ الْكِتَابِ الثَّانِيَ وَفِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ الثَّالِثَ. (قَوْلُهُ: اتَّحِدَا) أَيْ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ. (قَوْلُهُ: كَأَصَابِع الْقَائِمِ) أَيْ أَوْ السَّاجِدِ كَمَا نَقَلَهُ سم عَنْ الشَّارِحِ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ. (قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ مَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ) يُؤْخَذُ مِنْهُ بِالْأُولَى أَنَّهُ لَوْ صَارَ قَائِمًا عَلَى أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ خِلْقَةً كَانَتْ الْعِبْرَةُ بِالْأَصَابِعِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَأَنَّهُ لَوْ انْقَلَبَتْ رِجْلُهُ كَانَتْ الْعِبْرَةُ بِمَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقُدِّمَ أَحَدُهُمَا. وَعِبَارَةُ حَجّ: وَالِاعْتِبَارُ بِالْعَقِبِ الَّذِي اعْتَمَدَ عَلَيْهِ وَإِنْ اعْتَمَدَ عَلَى الْمُتَأَخِّرَةِ أَيْضًا كَمَا هُوَ قِيَاسُ نَظَائِرِهِ خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ اهـ. وَكَتَبَ بِهَامِشِهِ الشِّهَابُ الْعَبَّادِيُّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ فِي الْقُوتِ عَنْ الْبَغَوِيّ: فَلَوْ تَقَدَّمَ بِأَحَدِ الْعَقِبَيْنِ، فَإِنْ اعْتَمَدَ عَلَى الْقَدَمِ بَطَلَتْ وَإِنْ لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَيْهِ لَمْ تَبْطُلْ وَكَذَا لَوْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا. قُلْت: وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ. وَبِالصِّحَّةِ فِيمَا إذَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ. وَفِي حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا تَضُرُّ مُسَاوَاتُهُ إلَخْ تَنْبِيهٌ مِنْ الْوَاضِحِ مِمَّا مَرَّ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ التَّحَرُّمَ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ حَصَّلَ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ وَهِيَ السَّبْعُ وَالْعِشْرُونَ، لَكِنَّهَا دُونَ مَنْ حَصَّلَهَا مِنْ أَوَّلِهَا بَلْ أَوْ فِي أَثْنَائِهَا قَبْلَ ذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَضِيلَةِ الْفَائِتَةِ هُنَا فِيمَا إذَا سَاوَاهُ فِي الْبَعْضِ السَّبْعَةُ وَالْعِشْرُونَ فِي ذَلِكَ الْجُزْءِ، وَمَا عَدَاهُ مِمَّا لَمْ يُسَاوِهِ فِيهِ يَحْصُلُ لَهُ السَّبْعُ وَالْعِشْرُونَ لَكِنَّهَا مُتَفَاوِتَةٌ كَمَا تَقَرَّرَ، وَكَذَا يُقَالُ فِي كُلِّ مَكْرُوهٍ هُنَا أَمْكَنَ تَبْعِيضُهُ اهـ. أَقُولُ: قَوْلُهُ السَّبْعَةُ وَالْعِشْرُونَ: أَيْ الَّتِي تَخُصُّ مَا قَارَنَ فِيهِ، وَإِيضَاحُهُ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي جَمَاعَةٍ تَزِيدُ عَلَى الِانْفِرَادِ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ صَلَاةً، فَالرُّكُوعُ فِي الْجَمَاعَةِ يَزِيدُ عَلَى الْمُنْفَرِدِ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ رُكُوعًا، وَإِذَا قَارَنَ فِيهِ دُونَ غَيْرِهِ فَاتَتْ الزِّيَادَةُ الْمُخْتَصَّةُ بِالرُّكُوعِ وَهِيَ السَّبْعُ وَالْعِشْرُونَ الَّتِي تَتَعَيَّنُ لَهُ فَقَطْ دُونَ السَّبْعِ وَالْعِشْرِينَ الَّتِي تَخُصُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ مَثَلًا فِي الْجَمَاعَةِ. (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا تَمَكَّنَ) أَيْ مِنْ الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ: وَتَعَيَّنَ طَرِيقًا) أَيْ بِأَنْ لَمْ تُمْكِنُهُ الصَّلَاةُ إلَّا عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ. (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَصْرِ) يُرِيدُ بِهِ حَجّ. وَعِبَارَتُهُ: وَلَمْ أَرَ لَهُمْ كَلَامًا فِي السَّاجِدِ، وَيَظْهَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا) لَمْ يَتَقَدَّمْ مَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَرْجِعًا لِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ وَلَعَلَّ فِي النُّسَخِ سَقْطًا، وَاَلَّذِي فِي فَتَاوَى وَالِدِهِ سُئِلَ عَمَّا إذَا قَدَّمَ الْإِمَامُ إحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى مُعْتَمِدًا عَلَيْهِمَا وَوَقَفَ الْمَأْمُومُ بَيْنَ رِجْلَيْهِ فَهَلْ تَصِحُّ قُدْوَتُهُ أَوْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ تَصِحُّ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ. انْتَهَى. (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَصْرِ) إنْ

أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي السَّاجِدِ بِأَصَابِعِ قَدَمَيْهِ وَلَا بُعْدَ فِيهِ غَيْرَ أَنَّ إطْلَاقَهُمْ يُخَالِفُهُ. (وَيَسْتَدِيرُونَ) أَيْ الْمَأْمُومُونَ اسْتِحْبَابًا إذَا صَلَّوْا (فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) (حَوْلَ الْكَعْبَةِ) وَإِنْ لَمْ يَضِقْ الْمَسْجِدُ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ كَمَا فَعَلَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَوَقَعَ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ إظْهَارِ تَمَيُّزِهَا عَلَى غَيْرِهَا وَتَعْظِيمِهَا وَالتَّسْوِيَةِ بَيْنِ الْجَمِيعِ فِي تَوَجُّهِهِمْ لَهَا، وَيُسَنُّ أَنْ يَقِفَ الْإِمَامُ خَلْفَ الْمَقَامِ لِلِاتِّبَاعِ، وَالصَّفُّ الْأَوَّلُ صَادِقٌ عَلَى الْمُسْتَدِيرِ حَوْلَ الْكَعْبَةِ الْمُتَّصِلِ بِمَا وَرَاءَ الْإِمَامِ وَعَلَى مَنْ فِي غَيْرِ جِهَتِهِ، وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْكَعْبَةِ مِنْهُ حَيْثُ لَمْ يَفْصِلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ صَفٌّ، فَقَدْ قَالُوا: إنَّ الصَّفَّ الْأَوَّلَ هُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــSاعْتِبَارُ أَصَابِعِ قَدَمَيْهِ إنْ اعْتَمَدَ عَلَيْهَا أَيْضًا، وَإِلَّا فَآخِرُ مَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ نَظِيرُ مَا مَرَّ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ بَحَثَ اعْتِبَارَ أَصَابِعِهِ وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا ذَكَرْته. (قَوْلُهُ: بِأَصَابِعِ قَدَمَيْهِ) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: وَلَا بُعْدَ فِيهِ) نَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الشَّارِحِ أَنَّهُ رَجَعَ إلَيْهِ آخِرًا. (قَوْلُهُ: غَيْرَ أَنَّ إطْلَاقَهُمْ يُخَالِفُهُ) أَيْ وَأَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْعَقِبُ بِأَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ وُضِعَ عَلَى الْأَرْضِ لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَى عَقِبِ الْإِمَامِ وَإِنْ كَانَ مُرْتَفِعًا بِالْفِعْلِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ وَيَسْتَدِيرُونَ) كَأَنَّهُ قَالَ: مَحَلُّ مَا سَلَفَ إذَا بَعُدُوا عَنْ الْكَعْبَةِ، وَإِلَّا فَحُكْمُهُمْ هَذَا اهـ عَمِيرَةُ: أَيْ وَعَلَيْهِ فَالِاسْتِدَارَةُ أَفْضَلُ مِنْ الصُّفُوفِ، وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ اسْتِحْبَابًا. (قَوْلُهُ: اسْتِحْبَابًا) أَيْ فَيُكْرَهُ فِي حَقِّ مَنْ هُوَ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْإِمَامِ عَدَمُ الِاسْتِدَارَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَضِقْ الْمَسْجِدُ) أَيْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ احْتَاجُوا لِلِاسْتِدَارَةِ أَمْ لَا خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ) زَادَ الْخَطِيبُ: لَكِنَّ الصُّفُوفَ أَفْضَلُ مِنْ الِاسْتِدَارَةِ اهـ. لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ اسْتِحْبَابًا يُشْعِرُ بِخِلَافِهِ. (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ أَنْ يَقِفَ خَلْفَ الْمَقَامِ) قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِخَلْفِهِ مَا يُسَمَّى خَلْفَهُ عُرْفًا وَأَنَّهُ كُلَّمَا قَرُبَ مِنْهُ كَانَ أَفْضَلَ اهـ حَجّ. أَقُولُ: أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى دَفْعِ مَا يُقَالُ: كَانَ الْمُنَاسِبُ فِي التَّعْبِيرِ أَنْ يَقُولَ أَمَامَ الْمَقَامِ، يَعْنِي بِأَنْ يَقِفَ قُبَالَةَ بَابِهِ، لِأَنَّهُ إذَا وَقَفَ خَلْفَ الْمَقَامِ وَاسْتَقْبَلَ الْكَعْبَةَ صَارَ الْمَقَامُ خَلْفَ ظَهْرِهِ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يُفْصَلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَرَادَ الشِّهَابُ حَجّ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ فَهُوَ لَمْ يُطْلِقْ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِأَصَابِعِ قَدَمَيْهِ فِيمَا ذُكِرَ، بَلْ قَيَّدَهُ بِحَالَةِ اعْتِمَادِهِ عَلَيْهَا. نِعْمَ نَقَلَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ بَحْثِ بَعْضِهِمْ هَذَا الْإِطْلَاقَ، إلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعَصْرِ. وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ الْمَذْكُورِ فِي تُحْفَتِهِ: وَلَمْ أَرَ لَهُمْ كَلَامًا فِي السَّاجِدِ، وَيَظْهَرُ اعْتِبَارُ أَصَابِعِ قَدَمَيْهِ إنْ اعْتَمَدَ عَلَيْهَا أَيْضًا وَإِلَّا فَآخِرُ مَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ نَظِيرُ مَا مَرَّ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ بَحَثَ اعْتِبَارَ أَصَابِعِهِ وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا ذَكَرْته. انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: غَيْرَ أَنَّ إطْلَاقَهُمْ يُخَالِفُهُ) اُنْظُرْ مُرَادَهُ أَيْ إطْلَاقَهُمْ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى مَنْ فِي غَيْرِ جِهَتِهِ إلَخْ) أَيْ فَكُلٌّ مِنْ الْمُتَّصِلِ بِمَا وَرَاءَ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ أَقْرَبُ مِنْهُ إلَى الْكَعْبَةِ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْإِمَامِ يُقَالُ لَهُ صَفٌّ أَوَّلُ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ صَادِقٌ بِمَا إذَا تَعَدَّتْ الصُّفُوفُ أَمَامَ الصَّفِّ الْمُتَّصِلِ بِصَفِّ الْإِمَامِ، لَكِنْ يُخَالِفُهُ التَّعْلِيلُ الْآتِي فِي قَوْلِهِ: وَمِمَّا عَلَّلْت بِهِ أَفْضَلِيَّتَهُ الْخُشُوعُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْكَعْبَةِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُسْتَدِيرِ أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ لَيْسَ أَقْرَبَ إلَيْهَا مِنْ الْإِمَامِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي عَقِبَ الْمَتْنِ عَلَى الْأَثَرِ: وَالْأَوْجَهُ فَوَاتُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ بِهَذِهِ الْأَقْرَبِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ إلَخْ، وَإِلَّا فَأَيُّ مَعْنًى لِعَدِّهِ صَفًّا أَوَّلَ مَعَ تَفْوِيتِهِ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَفْصِلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ صَفٌّ) قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ الْمُسْتَدِيرِ حَوْلَ الْكَعْبَةِ الْمُتَّصِلِ بِمَا وَرَاءَ الْإِمَامِ: أَيْ بِأَنْ كَانَ خَلْفَ الْإِمَامِ صَفٌّ أَمَامَ هَذَا غَيْرُ مُسْتَدِيرٍ، فَالصَّفُّ الْأَوَّلُ هُوَ هَذَا الْغَيْرُ الْمُسْتَدِيرُ الَّذِي يَلِي الْإِمَامَ، وَيَكُونُ الْمُسْتَدِيرُ صَفًّا ثَانِيًا، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ فِي جِهَةِ الْإِمَامِ، أَمَّا فِي غَيْرِ جِهَتِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمُسْتَدِيرُ صَفًّا أَوَّلَ إذَا قَرُبَ مِنْ الْكَعْبَةِ وَلَمْ يَكُنْ أَمَامَهُ غَيْرُهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَعَلَى مَنْ فِي غَيْرِ جِهَتِهِ بِالْأَوْلَى فَلْيُرَاجَعْ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةُ قَيْدًا فِي قَوْلِهِ وَعَلَى مَنْ فِي غَيْرِ جِهَتِهِ وَإِنْ كَانَ مُتَبَادَرًا مِنْ الْعِبَارَةِ لِعَدَمِ تَأَتِّيهِ. (قَوْلُهُ: فَقَدْ قَالُوا إنَّ الصَّفَّ الْأَوَّلَ هُوَ الَّذِي يَلِي الْإِمَامَ) دَلِيلٌ لِكَوْنِ الْمُسْتَدِيرِ الْمُتَّصِلِ بِمَا وَرَاءَ

الصَّفُّ الَّذِي يَلِي الْإِمَامَ سَوَاءٌ أَحَالَتْ مَقْصُورَةٌ وَأَعْمِدَةٌ أَمْ لَا. وَمِمَّا عُلِّلَتْ بِهِ أَفْضَلِيَّتُهُ الْخُشُوعُ لِعَدَمِ اشْتِغَالِهِ بِمَنْ أَمَامَهُ، كَذَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَمْنَعُ الصَّفَّ تَخَلُّلُ نَحْوِ مِنْبَرٍ. وَيُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي بَابِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ صَفٌّ طَوِيلٌ فِي أُخْرَيَاتِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاةُ مَنْ خَرَجَ عَنْ سَمْتِ الْكَعْبَةِ لَوْ قَرُبَ مِنْهَا كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، لَكِنْ جَزَمَا بِخِلَافِهِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ فِي فَصْلِ الِاسْتِقْبَالِ مِنْ الْبُطْلَانِ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْقُرْبِ مِنْ الْكَعْبَةِ وَهَذَا فِي حَالَةِ الْبُعْدِ عَنْهَا (وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ أَقْرَبَ إلَى الْكَعْبَةِ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْإِمَامِ فِي الْأَصَحِّ) لِعَدَمِ ظُهُورِ مُخَالَفَةٍ فَاحِشَةٍ بِهِ بِخِلَافِهِ فِي جِهَتِهِ، فَلَوْ تَوَجَّهَ الْإِمَامُ الرُّكْنَ الَّذِي فِيهِ الْحَجَرُ مَثَلًا فَجِهَتُهُ مَجْمُوعُ جِهَتَيْ جَانِبَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُتَبَادَرُ أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْكَعْبَةِ مِنْهُ، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ صَفٌّ خَلْفَ الْأَقْرَبِ وَكَانَ مُتَّصِلًا بِمَنْ وَقَفَ خَلْفَ الْإِمَامِ كَانَ الْأَوَّلُ الْمُتَّصِلَ بِالْإِمَامِ، لَكِنَّ فِي حَاشِيَةِ سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا يُخَالِفُهُ، وَعِبَارَتُهُ: فَرْعٌ: أَفْتَى شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَمَا نَقَلَهُ م ر بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الصَّفَّ الْأَوَّلَ فِي الْمُصَلِّينَ حَوْلَ الْكَعْبَةِ هُوَ الْمُتَقَدِّمُ وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ فِي غَيْرِ جِهَةٍ الْإِمَامِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ الصَّفُّ الْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي يَلِي الْإِمَامَ، لِأَنَّ مَعْنَاهُ: الَّذِي لَا وَاسِطَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ: أَيْ لَيْسَ قُدَّامَهُ صَفٌّ آخَرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ، وَعَلَى هَذَا فَإِذَا اتَّصَلَ الْمُصَلُّونَ بِمَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ الْوَاقِفِ خَلْفَ الْمَقَامِ وَامْتَدُّوا خَلْفَهُ فِي حَاشِيَةِ الْمَطَافِ وَوَقَفَ صَفٌّ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ قُدَّامَ مَنْ فِي الْحَاشِيَةِ مِنْ هَذِهِ الْحَلَقَةِ الْمُوَازِينَ لِمَنْ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ كَانَ الصَّفُّ الْأَوَّلُ مِنْ بَيْنِ الرُّكْنَيْنِ لَا الْمُوَازِينَ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ هَذِهِ الْحَلَقَةِ، فَيَكُونُ بَعْضُ الْحَلَقَةِ صَفًّا أَوَّلَ وَهُمْ مَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي جِهَتِهِ دُونَ بَقِيَّتِهَا فِي الْجِهَاتِ إذَا تَقَدَّمَ عَلَيْهِمْ غَيْرُهُمْ، وَفِي حِفْظِي أَنَّ الزَّرْكَشِيَّ ذَكَرَ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ اهـ. وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مَا نَصُّهُ: وَالصَّفُّ الْأَوَّلُ حِينَئِذٍ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْإِمَامِ مَا اتَّصَلَ بِالصَّفِّ الْأَوَّلِ الَّذِي وَرَاءَهُ مَا قَارَبَ الْكَعْبَةَ اهـ. وَهَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ الْمُوَافِقُ لِلْمُتَبَادَرِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَحَالَتْ مَقْصُورَةٌ إلَخْ) أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ الْإِمَامُ وَاقِفًا فِي الْمِحْرَابِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَمِمَّا عُلِّلَتْ بِهِ أَفْضَلِيَّتُهُ) أَيْ هَذَا الْحُكْمِ وَهُوَ الِاسْتِدَارَةُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَمْنَعُ الصَّفَّ تَخَلُّلُ نَحْوِ مِنْبَرٍ) أَيْ حَيْثُ كَانَ مَنْ بِجَانِبِ الْمِنْبَرِ مُحَاذِيًا لِمَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ بِحَيْثُ لَوْ أُزِيلَ الْمِنْبَرُ وَقَفَ مَوْضِعَهُ شَخْصٌ مَثَلًا صَارَ الْكُلُّ صَفًّا وَاحِدًا. (قَوْلُهُ: لَكِنْ جَزْمًا بِخِلَافِهِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ فِي جِهَتِهِ) قَالَ حَجّ: وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْخِلَافِ الْقَوِيِّ أَنَّ هَذِهِ الْأَقْرَبِيَّةَ مَكْرُوهَةٌ مُفَوِّتَةٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ بَلْ مُتَّجَهٌ إلَخْ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلَهُ: إنَّ هَذِهِ الْأَقْرَبِيَّةَ إلَخْ اُنْظُرْ الْمُسَاوَاةَ اهـ. أَقُولُ: يَحْتَمِلُ الْكَرَاهَةَ أَخْذًا مِنْ كَرَاهَةِ مُسَاوَاتِهِ لَهُ فِي الْقِيَامِ الْمُتَقَدِّمِ، وَيَحْتَمِلُ الْفَرْقَ بِأَنَّ سَبَبَ الْكَرَاهَةِ هُنَا الْخِلَافُ الْقَوِيُّ، وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي الْمُسَاوَاةِ وَلَمْ يَظْهَرْ بِهِ مُسَاوَاةٌ لِلْإِمَامِ فِي الرُّتْبَةِ حَيْثُ اخْتَلَفَتْ الْجِهَةُ، وَلَعَلَّ هَذَا أَقْرَبُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامِ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ الشَّوْبَرِيِّ عَلَى الْمَنْهَجِ مَا يُوَافِقُهُ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ تَوَجَّهَ الْإِمَامُ الرُّكْنَ إلَخْ) أَيْ أَمَّا لَوْ وَقَفَ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ فَجِهَتُهُ تِلْكَ وَالرُّكْنَانِ الْمُتَّصِلَانِ بِهَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَقَوْلُهُ فَجِهَتُهُ أَيْ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ: مَجْمُوعُ جِهَتَيْ جَانِبَيْهِ) اُنْظُرْ هَلْ مِنْ الْجِهَتَيْنِ الرُّكْنَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِمَامِ صَفًّا أَوَّلَ، وَقَوْلُهُ: وَمِمَّا عُلِّلَتْ بِهِ أَفْضَلِيَّتُهُ إلَخْ دَلِيلٌ لِكَوْنِ مَنْ فِي غَيْرِ جِهَتِهِ وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْكَعْبَةِ مِنْهُ صَفًّا أَوَّلَ أَيْضًا، فَفِي كَلَامِهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ، وَعُلِّلَتْ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ أَفْضَلِيَّتُهُ وَالضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِلصَّفِّ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ جَزَمَا بِخِلَافِهِ) أَيْ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ وَإِلَّا فَمَحَلُّ جَزْمِهِمَا فِي حَالَةِ الْبُعْدِ كَمَا سَيَأْتِي وَهُوَ غَيْرُ مَحَلِّ النِّزَاعِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ) أَيْ مَا جَزَمَا بِهِ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ فِي فَصْلِ الِاسْتِقْبَالِ مِنْ الْبُطْلَانِ) أَيْ الَّذِي تَقَدَّمَ التَّعْبِيرُ عَنْهُ فِي كَلَامِ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ بِقَوْلِهِ وَيُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ بَابُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ، وَيَعْنِي بِذَلِكَ الْبَعْضِ الشِّهَابَ حَجّ فَإِنَّ مَا مَرَّ كَلَامُهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّارِحَ مُعْتَمِدٌ لِمَا قَالَهُ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ تَعْبِيرُهُ بِقَوْلِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُ

فَلَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ الْمَأْمُومُ الْمُتَوَجِّهُ لَهُ وَلَا لِإِحْدَى جِهَتَيْهِ. وَالثَّانِي يَضُرُّ كَمَا لَوْ كَانَ فِي جِهَتِهِ، وَالْأَوْجَهُ فَوَاتُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ بِهَذِهِ الْأَقْرَبِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا لَوْ انْفَرَدَ عَنْ الصَّفِّ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قُوَّةُ الْخِلَافِ، إذْ الْخِلَافُ الْمَذْهَبِيُّ أَوْلَى بِالْمُرَاعَاةِ مِنْ غَيْرِهِ، وَقَدْ أَفْتَى بِفَوَاتِهَا الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَكَذَا) لَا يَضُرُّ (لَوْ وَقَفَا) أَيْ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ (فِي الْكَعْبَةِ) أَيْ دَاخِلَهَا (وَاخْتَلَفَتْ جِهَتَاهُمَا) بِأَنْ كَانَ وَجْهُهُ لِوَجْهِهِ أَوْ ظَهْرُهُ لِظَهْرِهِ أَوْ ظَهْرُ أَحَدِهِمَا إلَى جَنْبِهِ فَتَصِحُّ وَإِنْ كَانَ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، فَإِنْ كَانَ وَجْهُ الْإِمَامِ لِظَهْرِ الْمَأْمُومِ ضَرَّ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ مَعَ اتِّحَادِ جِهَتِهِمَا فَلَا تُرَدُّ عَلَى عِبَارَتِهِ. (وَيَقِفُ) نَدْبًا الْمُقْتَدِي وَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ وَفِيمَا سَيَأْتِي لِلْغَالِبِ، فَلَوْ لَمْ يُصَلِّ وَاقِفًا كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ (الذَّكَرُ) وَلَوْ صَبِيًّا إذَا لَمْ يَحْضُرْ غَيْرُهُ (عَنْ يَمِينِهِ) لِمَا صَحَّ عَنْ «ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ وَقَفَ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخَذَ بِرَأْسِهِ فَأَقَامَهُ عَنْ يَمِينِهِ» . وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ أَحَدٌ مِنْ الْمُقْتَدِينَ خِلَافَ السُّنَّةِ اُسْتُحِبَّ لِلْإِمَامِ إرْشَادُهُ إلَيْهَا بِيَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا إنْ وَثِقَ مِنْهُ بِالِامْتِثَالِ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُومُ فِي ذَلِكَ مِثْلَهُ فِي الْإِرْشَادِ الْمَذْكُورِ، وَيَكُونُ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ كَرَاهَةِ الْفِعْلِ الْقَلِيلِ بَلْ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ خَلْفَهُ نُدِبَ التَّحْوِيلُ إلَى الْيَمِينِ وَإِلَّا فَلْيُحَوِّلْهُ الْإِمَامُ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْجَاهِلِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الْمُهَذَّبِ اخْتِصَاصَهُ بِهِ (فَإِنْ حَضَرَ) ذَكَرٌ (آخَرُ أَحْرَمَ) نَدْبًا (عَنْ يَسَارِهِ) بِفَتْحِ الْيَاءِ عَلَى الْأَفْصَحِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِيَسَارِهِ مَحَلٌّ أَحْرَمَ خَلْفَهُ ثُمَّ تَأَخَّرَ إلَيْهِ مَنْ هُوَ عَلَى الْيَمِينِ، وَلَوْ خَالَفَ ذَلِكَ كُرِهَ وَفَاتَتْ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُحَاذِيَانِ لِلْجِهَتَيْنِ زِيَادَةً عَنْ الرُّكْنِ الَّذِي اسْتَقْبَلَهُ الْإِمَامُ أَوْ لَا حَتَّى لَا يَضُرَّ تَقَدُّمُ الْمُسْتَقْبِلِينَ لِذَيْنِك الرُّكْنَيْنِ عَلَى الْإِمَامِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الضَّرَرُ فَيَكُونُ جِهَةُ الْإِمَامِ ثَلَاثَةَ أَرْكَانٍ وَجِهَتَيْنِ مِنْ جِهَةِ الْكَعْبَةِ. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ انْفَرَدَ عَنْ الصَّفِّ) أَيْ فَإِنَّهُ قَدْ تَفُوتُهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: وَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ) أَيْ بِيَقِفُ. (قَوْلُهُ: عَنْ يَمِينِهِ) أَظُنُّ م ر قَرَّرَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَأْمُومُ إذَا وَقَفَ عَلَى يَمِينِ الْإِمَامِ لَا يَسْمَعُ قِرَاءَتَهُ وَلَا انْتِقَالَاتِهِ، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى الْيَسَارِ سَمِعَ ذَلِكَ وَقَفَ عَلَى الْيَسَارِ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ لَكِنْ سَيَأْتِي لَهُ فِي قَوْلِهِ وَأَفْضَلُ كُلِّ صَفٍّ إلَخْ مَا يُخَالِفُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَمُرَادُهُ بِعَدَمِ الْعِلْمِ بِانْتِقَالَاتِهِ عَدَمُ رُؤْيَةِ أَفْعَالِهِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: «أَنَّهُ وَقَفَ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» ) أَيْ وَكَانَ يُصَلِّي نَفْلًا لَا تُطْلَبُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ وَفَعَلَهُ بَيَانًا لِلْجَوَازِ. (قَوْلُهُ: فَأَخَذَ بِرَأْسِهِ) لَعَلَّهُ بِحَسَبِ مَا اتَّفَقَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَإِلَّا فَتَحْوِيلُ الْإِمَامِ لِلْمَأْمُومِ لَا يَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ بِدَلِيلِ الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ فَأَخَذَ بِأَيْدِينَا إلَخْ، أَوْ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ صَغِيرًا وَهُوَ يَلْزَمُ مِنْهُ قَصْرُهُ سَهُلَ عَلَيْهِ تَنَاوُلُ رَأْسِهِ دُونَ يَدِهِ مَثَلًا، أَوْ أَنَّ ذَلِكَ خُصُوصِيَّةٌ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ يَتَعَذَّرُ عَلَى غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ أَحَدٌ مِنْ الْمُقْتَدِينَ) أَيْ بِهِ بِالْفِعْلِ لِيُخْرِجَ مُرِيدَ الْقُدْوَةِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْل ذَلِكَ إرْشَادُ مُرِيدِ الْقُدْوَةِ كَمَا لَوْ أَرَادَ الدَّاخِلُ الْوُقُوفَ عَلَى يَسَارِ الْإِمَامِ وَأَمْكَنَهُ إرْشَادُهُ لِلْوُقُوفِ عَلَى يَمِينِهِ، أَوْ رَآهُ يُسْرِعُ فِي الْمَشْيِ فَيُشِيرُ إلَيْهِ لِيَمْشِيَ بِالتَّأَنِّي. (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُومُ فِي ذَلِكَ مِثْلَهُ) أَيْ مِثْلَ الْإِمَامِ فِي إرْشَادِ غَيْرِهِ وَلَوْ الْإِمَامَ. (قَوْلُهُ: اخْتِصَاصَهُ بِهِ) أَيْ بِالْجَاهِلِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَفْصَحِ) مُقَابِلُهُ الْكَسْرُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَالَفَ ذَلِكَ كُرِهَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُتَأَخِّرِينَ دُونَ أَنْ يَقُولَ عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ صِيَغِ التَّبَرِّي، وَأَمَّا قَوْلُهُ: لَكِنْ جَزَمَا بِخِلَافِهِ إلَخْ فَلَيْسَ مُرَادُهُ مِنْهُ تَضْعِيفَ كَلَامِ الشِّهَابِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَمَا بَيَّنَهُ بَعْدُ، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ بِهِ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كَلَامِ الشِّهَابِ الْمَذْكُورِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِجَزْمِهِمَا، لَكِنْ فِي سِيَاقِهِ قَلَاقَةٌ لَا تَخْفَى وَمُلَخَّصُهُ مَا ذَكَرْته (قَوْلُهُ: فَلَا تَرِدُ عَلَى عِبَارَتِهِ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ أَوْرَدَهَا. (قَوْلُهُ: بَلْ فِي الْمَجْمُوعِ) لَا مَعْنَى لِذِكْرِ بَلْ هُنَا وَعِبَارَةُ الْإِمْدَادِ بَعْدَ مَا مَرَّ: ثُمَّ رَأَيْت فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ خَالَفَ ذَلِكَ) أَيْ فَإِنْ خَالَفَ الْآخَرُ فَأَحْرَمَ عَنْ الْيَمِينِ أَيْضًا فَإِنَّ هَذَا

فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. نَعَمْ إنْ عَقَبَ تَحَرُّمَ الثَّانِي تَقَدُّمُ الْإِمَامِ أَوْ تَأَخُّرُهُمَا نَالَا فَضِيلَتَهَا، وَإِلَّا فَلَا تَحْصُلُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ (ثُمَّ) بَعْدَ إحْرَامِهِ لَا قَبْلَهُ (يَتَقَدَّمُ الْإِمَامُ أَوْ يَتَأَخَّرَانِ) فِي الْقِيَامِ وَيُلْحَقُ بِهِ الرُّكُوعُ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ (وَهُوَ) أَيْ تَأَخُّرُهُمَا (أَفْضَلُ) مِنْ تَقَدُّمِ إمَامِهِ عِنْدَ إمْكَانِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِأَنَّ الْإِمَامَ مَتْبُوعٌ فَلَا يُنَاسِبُهُ الِانْتِقَالُ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إلَّا أَحَدُهُمَا فَعَلَ الْمُمْكِنَ لِتَعَيُّنِهِ فِي أَدَاءِ السُّنَّةِ وَأَصْلُ ذَلِكَ خَبَرُ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «قُمْت عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَدَارَنِي عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ جَاءَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ فَقَامَ عَنْ يَسَارِهِ، فَأَخَذَ بِأَيْدِينَا جَمِيعًا فَدَفَعَنَا حَتَّى أَقَامَنَا خَلْفَهُ» أَمَّا فِي غَيْرِ الْقِيَامِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ وَلَوْ كَانَ تَشَهُّدًا آخِرًا فَلَا يُسَنُّ فِيهِ ذَلِكَ وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُ الرَّوْضَةِ خِلَافَهُ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى إلَّا بِعَمَلٍ كَثِيرٍ أَوْ يَشُقُّ غَالِبًا (وَلَوْ حَضَرَ) ابْتِدَاءً مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا (رَجُلَانِ) أَوْ صَبِيَّانِ (أَوْ رَجُلٌ وَصَبِيٌّ صُفَّا خَلْفَهُ) لِلِاتِّبَاعِ أَيْضًا، وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا كَمَا بَيْنَ كُلِّ صَفَّيْنِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ. (وَكَذَا لَوْ حَضَرَ امْرَأَةٌ) وَلَوْ مَحْرَمًا أَوْ زَوْجَةً (أَوْ نِسْوَةٌ) تَقُومُ أَوْ يَقُمْنَ خَلْفَهُ لِخَبَرِ أَنَسٍ السَّابِقِ، فَإِنْ حَضَرَ مَعَهُ ذَكَرٌ وَامْرَأَةٌ وَقَفَ الذَّكَرُ عَنْ يَمِينِهِ وَالْمَرْأَةُ خَلْفَ الذَّكَرِ، أَوْ امْرَأَةٌ وَذَكَرَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــSظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ. وَلَوْ قِيلَ بِاغْتِفَارِ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْجَاهِلِ وَإِنْ بَعُدَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ وَكَانَ مُخَالِطًا لِلْعُلَمَاءِ وَأَنَّهُ لَا تَفُوتُهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَخْفَى، وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْإِيعَابِ فِي التَّقَدُّمِ عَلَى الْإِمَامِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ فِي حَقِّ الْجَاهِلِ حَيْثُ عُذِرَ. (قَوْلُهُ: فِي الْقِيَامِ) وَمِنْهُ الِاعْتِدَالُ لِأَنَّهُ قِيَامٌ فِي الصُّورَةِ. (قَوْلُهُ: مِنْ تَقَدُّمِ إمَامِهِ) أَيْ الْمُقْتَدِي وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إمَامِهِمَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إلَّا أَحَدُهُمَا) أَيْ لِضِيقِ الْمَكَانِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ أَوْ نَحْوِهِ كَمَا لَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ تَقَدَّمَ الْإِمَامُ سَجَدَ عَلَى نَحْوِ تُرَابٍ يُشَوِّهُ خَلْقَهُ أَوْ يُفْسِدُ ثِيَابَهُ أَوْ يُضْحِكُ عَلَيْهِ النَّاسَ. (قَوْلُهُ: فَعَلَ الْمُمْكِنَ لِتَعَيُّنِهِ فِي أَدَاءِ السُّنَّةِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ التَّقَدُّمَ أَوْ التَّأَخُّرَ مَنْ أَمْكَنَهُ دُونَ الْآخَرِ فَهَلْ تَفُوتُ الْفَضِيلَةُ عَلَيْهِ دُونَ مَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ تَقَدُّمٌ وَلَا تَأَخُّرٌ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ أَوْ تَفُوتُهُمَا مَعًا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ تَقْصِيرِ مَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ. وَسُئِلَ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ عَمَّا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعَصْرِ أَنَّهُ إذَا وَقَفَ صَفٌّ قَبْلَ إتْمَامِ مَا أَمَامَهُ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ أَوْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا تَفُوتُهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ بِوُقُوفِهِ الْمَذْكُورِ. وَفِي ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ مَا يُوَافِقُهُ وَعِبَارَتُهُ: لَيْسَ مِنْهُ كَمَا يُتَوَهَّمُ صَلَاةُ صَفٍّ لَمْ يَتِمَّ مَا قَبْلَهُ مِنْ الصُّفُوفِ فَلَا تَفُوتُ بِذَلِكَ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ وَإِنْ فَاتَتْ فَضِيلَةُ الصَّفِّ انْتَهَى. وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ مُخَالَفَةُ السُّنَنِ الْمَطْلُوبَةِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ مَكْرُوهَةٌ مُفَوِّتَةٌ لِلْفَضِيلَةِ. (قَوْلُهُ: جَبَّارُ) هُوَ بِجِيمٍ وَمُوَحَّدَةٍ وَأَلْفٍ وَآخِرُهُ رَاءٌ مُهْمَلَةٌ اهـ بَكْرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَمَا أُلْحِقَ بِهِ) أَيْ وَهُوَ الرُّكُوعُ كَمَا قَدَّمَهُ. (قَوْلُهُ: صَفًّا خَلْفَهُ) أَيْ بِحَيْثُ يَكُونُ مُحَاذِيًا لِبَدَنِهِ. وَقَالَ الْمُحَقِّقُ الْمَحَلِّيُّ: أَيْ قَامَا صَفًّا اهـ. وَهَذَا الْحَلُّ مِنْهُ يَقْتَضِي أَنْ يُقْرَأَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ صَفًّا بِفَتْحِ الصَّادِ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ وَهُوَ جَائِزٌ كَبِنَائِهِ لِلْمَفْعُولِ، فَإِنَّ صَفَّ يُسْتَعْمَلُ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا فَيُقَالُ: صَفَفْت الْقَوْمَ فَاصْطَفُّوا وَصَفُّوا اهـ مِصْبَاح بِالْمَعْنَى. (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا) أَيْ مَا بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ أَوْ الرَّجُلِ وَالصَّبِيِّ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَضَرَ مَعَهُ ذَكَرٌ وَامْرَأَةٌ إلَخْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQهُوَ الَّذِي فِي فَتَاوَى وَالِدِهِ وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ: فَإِنْ خَالَفَ صَادِقًا بِغَيْرِ ذَلِكَ أَيْضًا وَالْحُكْمُ فِيهِ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إلَخْ) مِنْ جُمْلَةِ فَتْوَى وَالِدِهِ وَإِنْ أَوْهَمَ سِيَاقُهُ خِلَافَهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا تَحْصُلُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَيْ وَإِنْ حَصَلَ التَّقَدُّمُ أَوْ التَّأَخُّرُ بَعْدَ ذَلِكَ حَيْثُ انْتَفَتْ الْعَقِبِيَّةُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ تَنْتَفِي فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ وَإِنْ حَصَلَ التَّقَدُّمُ أَوْ التَّأَخُّرُ بَعْدُ وَهُوَ مُشْكِلٌ، وَفِي فَتَاوَى وَالِدِهِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ) فِي عِلْمِهِ مِنْهُ مَنْعٌ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا إلَخْ) أَيْ فَإِنْ زَادَ فَاتَتْ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ أَنَسٍ السَّابِقِ)

وَقَفَا خَلْفَهُ وَهِيَ خَلْفَهُمَا، أَوْ ذَكَرٌ وَامْرَأَةٌ وَخُنْثَى وَقَفَ الذَّكَرُ عَنْ يَمِينِهِ وَالْخُنْثَى خَلْفَهُمَا لِاحْتِمَالِ أُنُوثَتِهِ وَالْمَرْأَةُ خَلْفَهُ لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِ. (وَيَقِفُ خَلْفَهُ الرِّجَالُ ثُمَّ) إنْ تَمَّ صَفُّهُمْ وَقَفَ خَلْفَهُمْ (الصِّبْيَانُ) وَإِنْ كَانُوا أَفْضَلَ مِنْ الرِّجَالِ لِعِلْمٍ أَوْ نَحْوِهِ خِلَافًا لِلدِّارِمِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ، فَإِنْ لَمْ يَتِمَّ صَفُّ الرِّجَالِ كَمَّلَ بِالصِّبْيَانِ لِأَنَّهُمْ مِنْ الْجِنْسِ، أَمَّا إذَا كَانَ تَامًّا لَكِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ دَخَلَ الصِّبْيَانُ مَعَهُمْ فِيهِ لَوَسِعَهُمْ فَالْأَوْجُهُ تَأَخُّرُهُمْ عَنْهُمْ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ كَلَامَنَا الْأَوَّلَ غَيْرُ فَرْضِ الْأَذْرَعِيِّ، وَلَوْ حَضَرَ الصِّبْيَانُ أَوَّلًا لَمْ يُنَحُّوا لِلْبَالِغِينَ لِأَنَّهُمْ مِنْ الْجِنْسِ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ، ثُمَّ الْخَنَاثَى وَإِنْ لَمْ يَكْمُلْ صَفُّ مَنْ قَبْلَهُمْ (ثُمَّ النِّسَاءُ) كَذَلِكَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ " لِيَلِيَنِّي " بِتَشْدِيدِ النُّونِ بَعْدَ الْيَاءِ وَبِحَذْفِهَا وَتَخْفِيفِ النُّونِ «مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى» أَيْ الْبَالِغُونَ الْعُقَلَاءُ «ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثَلَاثًا» وَأَفْضَلُ صُفُوفِ الرِّجَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــSظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مَحْرَمًا لِلذَّكَرِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ مَحْرَمًا أَوْ زَوْجَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ. وَعِبَارَةُ عَمِيرَةَ: لَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مَحْرَمًا لِلرَّجُلِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا يُصَفَّانِ خَلْفَهُ. (قَوْلُهُ: وَالْخُنْثَى خَلْفَهُمَا) أَيْ بِحَيْثُ يُحَاذِيهِمَا، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ لِاحْتِمَالِ إلَخْ أَنَّ الْخُنْثَى يَقِفُ خَلْفَ الرَّجُلِ وَصَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ خَلْفَهُمَا (قَوْلُهُ: وَيَقِفُ خَلْفَهُ الرِّجَالُ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَلَوْ أَرِقَّاءً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ قَالَ: وَظَاهِرُ تَعْبِيرِهِمْ بِالرِّجَالِ تَقْدِيمُ الْفُسَّاقِ اهـ. وَقَالَ سم عَلَيْهِ: لَوْ اجْتَمَعَ الْأَحْرَارُ وَالْأَرِقَّاءُ وَلَمْ يَسَعْهُمْ صَفٌّ وَاحِدٌ فَيُتَّجَهُ تَقْدِيمُ الْأَحْرَارِ لِأَنَّهُمْ أَشْرَفُ. نَعَمْ لَوْ كَانَ الْأَرِقَّاءُ أَفْضَلَ بِنَحْوِ عِلْمٍ وَصَلَاحٍ فَفِيهِ نَظَرٌ، وَلَوْ حَضَرُوا قَبْلَ الْأَحْرَارِ فَهَلْ يُؤَخَّرُونَ لِلْأَحْرَارِ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ. وَقَوْلُهُ فَفِيهِ نَظَرٌ مُقْتَضَى مَا نُقِلَ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ لِابْنِ حَجَرٍ مِنْ أَنَّ الْقَوْمَ إذَا جَاءُوا مَعًا وَلَمْ يَسَعْهُمْ صَفٌّ وَاحِدٌ أَنْ يُقَدَّمَ هُنَا بِمَا يُقَدَّمُونَ بِهِ فِي الْإِمَامَةِ تَقْدِيمِ الْأَحْرَارِ مُطْلَقًا وَقَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ فِيهِ نَظَرٌ: أَيْ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُمْ لَا يُؤَخَّرُونَ كَمَا أَنَّ الصِّبْيَانَ لَا يُؤَخَّرُونَ لِلْبَالِغِينَ. (قَوْلُهُ: كُمِّلَ بِالصِّبْيَانِ) وَيَقِفُونَ عَلَى أَيِّ صِفَةٍ اتَّفَقَتْ لَهُمْ سَوَاءٌ كَانُوا فِي جَانِبٍ أَوْ اخْتَلَطُوا بِهِمْ. (قَوْلُهُ: أَنَّ كَلَامَنَا الْأَوَّلَ) هُوَ قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَتِمَّ صَفُّ الرِّجَالِ كُمِّلَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُنَحَّوْا لِلْبَالِغِينَ) نَدْبًا مَا لَمْ يُخَفْ مِنْ تَقَدُّمِهِمْ فِتْنَةٌ عَلَى مَنْ خَلْفَهُمْ وَإِلَّا أُخِّرُوا نَدْبًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِمَا فِيهِ مِنْ دَفْعِ الْمَفْسَدَةِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْخَنَاثَى) أَيْ وَيَقِفُونَ صَفًّا وَاحِدًا كَصُفُوفِ الرِّجَالِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكْمُلْ صَفُّ مَنْ قَبْلَهُمْ) وَهُمْ الصِّبْيَانُ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ النِّسَاءُ كَذَلِكَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكْمُلْ صَفُّ مَنْ قَبْلَهُمْ وَأَفْضَلُ صُفُوفِهِنَّ آخِرُهَا لِبُعْدِهِ عَنْ الرِّجَالِ. (قَوْلُهُ: «ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثَلَاثًا» ) أَيْ قَالَهَا ثَلَاثًا بِالْمَرَّةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: وَأَفْضَلُ صُفُوفِ الرِّجَالِ) أَيْ الْخُلَّصِ، وَخَرَجَ بِهِ الْخَنَاثَى وَالنِّسَاءُ فَأَفْضَلُ صُفُوفِهِمْ آخِرُهَا لِبُعْدِهِ عَنْ الرِّجَالِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ رَجُلٌ غَيْرَ الْإِمَامِ سَوَاءٌ كُنَّ إنَاثًا فَقَطْ أَوْ خَنَاثَى فَقَطْ أَوْ الْبَعْضُ مِنْ هَؤُلَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَمْ يَسْبِقْ لَهُ ذِكْرٌ فِي كَلَامِهِ، وَالْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ ذَكَرَهُ هُنَا لَكِنْ بَعْدَ ذِكْرِهِ مَا سَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ عَلَى الْأَثَرِ مِنْ قَوْلِهِ: فَإِنْ حَضَرَ ذَكَرٌ وَامْرَأَةٌ إلَخْ. وَلَفْظُ الْجَلَالِ رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «صَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَيْتِ أُمِّ سُلَيْمٍ، فَقُمْت أَنَا وَيَتِيمٌ خَلْفَهُ وَأُمُّ سُلَيْمٍ خَلْفَنَا» . (قَوْلُ الْمَتْنِ ثُمَّ النِّسَاءُ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْبَالِغَاتِ وَغَيْرَهُنَّ سَوَاءٌ، وَهَلَّا قِيلَ بِتَقْدِيمِ الْبَالِغَاتِ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي الرِّجَالِ، وَهَلَّا كَانَتْ غَيْرَ الْبَالِغَاتِ مِنْهُنَّ مَحْمَلُ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الثَّالِثَةِ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ إذْ لَمْ يَكُنْ فِي عَصْرِهِ عِنْدَهُ خَنَاثَى، بِدَلِيلِ أَنَّ أَحْكَامَهُمْ غَالِبًا مُسْتَنْبَطَةٌ وَلَوْ كَانُوا مَوْجُودِينَ ثَمَّ إذْ ذَاكَ لَنَصَّ عَلَى أَحْكَامِهِمْ. فَإِنْ قُلْت: الْعِلَّةُ فِي تَأْخِيرِ الصِّبْيَانِ عَنْ الرِّجَالِ خَشْيَةَ الِافْتِتَانِ بِهِمْ وَهَذَا مَنْفِيٌّ فِي النِّسَاءِ. قُلْت: يَنْقُضُ ذَلِكَ أَنَّ الْحُكْمَ الْمُتَقَدِّمَ فِي الرِّجَالِ وَالصِّبْيَانِ عَامٌّ حَتَّى فِي الْمَحَارِمِ وَمَنْ لَيْسَ مَظِنَّةً لِلْفِتْنَةِ

أَوَّلُهَا ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ وَهَكَذَا، وَأَفْضَلُ كُلِّ صَفٍّ يَمِينُهُ وَإِنْ كَانَ مَنْ بِالْيَسَارِ يَسْمَعُ الْإِمَامَ وَيَرَى أَفْعَالَهُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ حَيْثُ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ حِينَئِذٍ مِنْ الْيَمِينِ الْخَالِي مِنْ ذَلِكَ مُعَلِّلًا لَهُ بِأَنَّ الْفَضِيلَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِذَاتِ الْعِبَادَةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَكَانِهَا. وَيَرُدُّهُ أَنَّ فِي جِهَةِ الْيَمِينِ كَالْأَوَّلِ مِنْ صَلَاةِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَلَائِكَتِهِ عَلَى أَهْلِهِمَا مَا يَفُوقُ سَمَاعَ الْقِرَاءَةِ وَغَيْرَهُ، وَلِمَا فِي الْأَوَّلِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ مِنْ تَوْفِيرِ الْخُشُوعِ مَا لَيْسَ فِي الثَّانِي لِاشْتِغَالِهِمْ بِمَنْ أَمَامَهُمْ، وَالْخُشُوعُ رُوحُ الصَّلَاةِ فَيَفُوقُ سَمَاعَ الْقِرَاءَةِ وَغَيْرَهُ أَيْضًا فَمَا فِيهِ مُتَعَلِّقٌ بِذَاتِ الْعِبَادَةِ أَيْضًا. (وَتَقِفُ إمَامَتُهُنَّ) نَدْبًا (وَسْطَهُنَّ) بِسُكُونِ السِّينِ لِوُرُودِ ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، فَإِنْ أَمَّهُنَّ خُنْثَى تَقَدَّمَ كَالذَّكَرِ وَإِمَامُ عُرَاةٍ فِيهِمْ بَصِيرٌ وَلَا ظُلْمَةَ كَإِمَامَةِ النِّسَاءِ وَإِلَّا تَقَدَّمَ عَلَيْهِمْ، وَمُخَالَفَةُ مَا ذُكِرَ مَكْرُوهَةٌ تُفَوِّتُ فَضِيلَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالْبَعْضُ مِنْ هَؤُلَاءِ فَالْأَخِيرُ مِنْ الْخَنَاثَى أَفْضَلُهُمْ وَالْأَخِيرُ مِنْ النِّسَاءِ أَفْضَلُهُنَّ. (قَوْلُهُ: أَوَّلُهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ اخْتَصَّ غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الصُّفُوفِ بِفَضِيلَةٍ فِي الْمَكَانِ كَأَنْ كَانَ فِي أَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ وَالصَّفُّ الْأَوَّلُ فِي غَيْرِهَا، وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّ الِانْفِرَادَ فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ أَفْضَلُ مِنْ الْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِهِ، وَكَمَا لَوْ كَانَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ ارْتِفَاعٌ عَلَى الْإِمَامِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الَّذِي يَلِيهِ أَفْضَلُ أَيْضًا، بَلْ يَنْبَغِي أَنَّ الَّذِي يَلِيهِ هُوَ الْأَوَّلُ لِكَرَاهَةِ الْوُقُوفِ فِي مَوْضِعِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَالْحَالَةُ مَا ذَكَرَ. [فَرْعٌ] لَوْ لَمْ يَحْضُرْ مِنْ الرِّجَالِ حَتَّى اصْطَفَّ النِّسَاءُ خَلْفَ الْإِمَامِ وَأَحْرَمْنَ هَلْ يُؤَخَّرْنَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ لِيَتَقَدَّمَ الرِّجَالُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَظْهَرُ الثَّانِي وِفَاقًا لِ م ر، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِشَيْخِنَا عَنْ الْقَاضِي مَا يُفِيدُ خِلَافَهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى تَأَخُّرِهِنَّ أَفْعَالٌ مُبْطِلَةٌ. (قَوْلُهُ: وَأَفْضَلُ كُلِّ صَفٍّ يَمِينُهُ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ عَلَى يَسَارِ الْإِمَامِ، أَمَّا مَنْ خَلْفَهُ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْيَمِينِ كَمَا نُقِلَ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ لِابْنِ حَجَرٍ، لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الشَّارِحِ يُخَالِفُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَيَرُدُّهُ أَنَّ فِي جِهَةِ الْيَمِينِ إلَخْ) عِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ وَقَوْلُ جَمْعٍ مَنْ بِالثَّانِي أَوْ الْيَسَارِ يَسْمَعُ الْإِمَامَ وَيَرَى أَفْعَالَهُ أَفْضَلُ مِمَّنْ بِالْأَوَّلِ أَوْ الْيَمِينِ، لِأَنَّ الْفَضِيلَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِذَاتِ الْعِبَادَةِ أَفْضَلُ مِنْ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَكَانِهَا مَرْدُودٌ اهـ. وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ حَيْثُ اقْتَصَرَ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الْيَمِينِ وَتَرَكَ أَفْضَلِيَّةَ الْأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي وَذَكَرَ تَوْجِيهَ مَا فِيهِ الْأَفْضَلِيَّةُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ: كَالْأَوَّلِ) أَيْ كَالصَّفِّ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَهْلِهِمَا) أَيْ الْيَمِينِ وَالْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَتَقِفُ إمَامَتُهُنَّ وَسْطَهُنَّ) الْمُرَادُ أَنْ لَا تَتَقَدَّمَ عَلَيْهِنَّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ اسْتِوَاءَ مَنْ عَلَى يَمِينِهَا وَيَسَارِهَا فِي الْعَدَدِ خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ ضَعَفَةِ الطَّلَبَةِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ وَسْطَهُنَّ) قَرَّرَ م ر أَنَّهَا تَتَقَدَّمُ يَسِيرًا بِحَيْثُ تَمْتَازُ عَنْهُنَّ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلِمَا فِي الْأَوَّلِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ مِنْ تَوْفِيرِ الْخُشُوعِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْبَعْضَ الْمَذْكُورَ لَمْ يَدَّعِ تَفْضِيلَ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ بِحَسَبِ مَا نَقَلَهُ هُوَ عَنْهُ حَتَّى يُرَدَّ عَلَيْهِ بِمَا ذُكِرَ، لَكِنَّ عِبَارَةَ التُّحْفَةِ وَأَفْضَلُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا ثُمَّ مَا يَلِيهِ وَهَكَذَا، وَأَفْضَلُ كُلِّ صَفٍّ يَمِينُهُ؛ وَقَوْلُ جَمْعٍ مَنْ بِالثَّانِي أَوْ الْيَسَارِ لِيَسْمَعَ الْإِمَامَ وَيَرَى أَفْعَالَهُ أَفْضَلُ مِمَّنْ بِالْأَوَّلِ أَوْ بِالْيَمِينِ؛ لِأَنَّ الْفَضِيلَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِذَاتِ الْعِبَادَةِ أَفْضَلُ مِنْ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَكَانِهَا مَرْدُودٌ بِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ وَالْيَمِينِ مِنْ صَلَاةِ اللَّهِ تَعَالَى إلَخْ (قَوْلُهُ: بِسُكُونِ السِّينِ) أَيْ لِيَكُونَ ظَرْفًا إذْ هُوَ بِفَتْحِهَا اسْمٌ عَلَى الْمَشْهُورِ نَحْوُ ضَرَبْت وَسَطَهُ، لَكِنْ قَالَ الْفَرَّاءُ: إذَا حَسُنَتْ فِيهِ بَيْنَ كَانَ ظَرْفًا نَحْوَ قَعَدَ وَسْطَ الْقَوْمِ، وَإِنْ لَمْ يَحْسُنْ فَاسْمٌ نَحْوُ احْتَجِمْ وَسَطَ رَأْسِك. قَالَ: وَيَجُوزُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا التَّسْكِينُ وَالتَّحْرِيكُ، لَكِنَّ السُّكُونَ أَحْسَنُ فِي الظَّرْفِ وَالتَّحْرِيكَ أَحْسَنُ فِي الِاسْمِ: وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْكُوفِيِّينَ فَلَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا وَيَجْعَلُونَهُمَا ظَرْفَيْنِ، إلَّا أَنَّ ثَعْلَبًا قَالَ: يُقَالُ وَسْطًا بِالسُّكُونِ فِي الْمُتَفَرِّقِ الْأَجْزَاءِ نَحْوِ وَسْطِ الْقَوْمِ وَوَسَطٌ بِالتَّحْرِيكِ فِيمَا لَا تَتَفَرَّقُ أَجْزَاؤُهُ نَحْوِ وَسَطِ الرَّأْسِ.

الْجَمَاعَةِ كَمَا مَرَّ، ثُمَّ مَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي مَجْمُوعِهِ فِي بَابِ سِتْرِ الْعَوْرَةِ إذَا أَمْكَنَ وُقُوفُهُمْ صَفًّا وَإِلَّا وَقَفُوا صُفُوفًا مَعَ غَضِّ الْبَصَرِ. وَإِذَا اجْتَمَعَ الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ وَالْجَمِيعُ عُرَاةٌ لَا يَقِفْنَ مَعَهُمْ لَا فِي صَفٍّ وَلَا فِي صَفَّيْنِ بَلْ يَتَنَحَّيْنَ وَيَجْلِسْنَ خَلْفَهُمْ وَيَسْتَدْبِرْنَ الْقِبْلَةَ حَتَّى تُصَلِّيَ الرِّجَالُ وَكَذَا عَكْسُهُ، فَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ تَتَوَارَى كُلُّ طَائِفَةٍ بِمَكَانٍ حَتَّى تُصَلِّيَ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَهُوَ أَفْضَلُ كَمَا ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ. وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ تَسْتَوِي صُفُوفُهَا فِي الْفَضِيلَةِ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ لِاسْتِحْبَابِ تَعَدُّدِ الصُّفُوفِ فِيهَا. ، وَيُسَنُّ سَدُّ فُرَجِ الصُّفُوفِ، وَأَنْ لَا يُشْرَعَ فِي صَفٍّ حَتَّى يَتِمَّ الْأَوَّلُ، وَأَنْ يُفْسَحَ لِمَنْ يُرِيدُهُ وَجَمِيعُ ذَلِكَ سُنَّةٌ لَا شَرْطٌ، فَلَوْ خَالَفُوا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهَا وَسْطَهُنَّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ إلَّا امْرَأَةٌ فَقَطْ وَقَفَتْ عَنْ يَمِينِهَا أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الذُّكُورِ (قَوْلُهُ: لَا يَقِفْنَ مَعَهُمْ) اُنْظُرْ هَلْ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ أَوْ النَّدْبِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَيُؤْمَرُ كُلٌّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ بِغَضِّ الْبَصَرِ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ أَفْضَلُ) أَيْ مِنْ جُلُوسِهِنَّ خَلْفَ الرِّجَالِ وَاسْتِدْبَارِهِنَّ الْقِبْلَةَ (قَوْلُهُ: تَسْتَوِي صُفُوفُهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى ثَلَاثَةٍ فَلْيُرَاجَعْ مَا فِي الْجَنَائِزِ وَعِبَارَتُهُ: ثُمَّ بَعُدَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَسُنَّ جَعْلُ صُفُوفِهِنَّ ثَلَاثَةً فَأَكْثَرَ لِخَبَرِ «مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ صُفُوفٍ فَقَدْ أَوْجَبَ» أَيْ حَصَلَتْ لَهُ الْمَغْفِرَةُ، وَلِهَذَا كَانَتْ الثَّلَاثَةُ بِمَنْزِلَةِ الصَّفِّ الْوَاحِدِ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ. نَعَمْ يُتَّجَهُ أَنَّ الْأَوَّلَ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ آكَدُ لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلْ الْأَوَّلُ أَفْضَلَ مُحَافَظَةً عَلَى مَقْصُودِ الشَّارِعِ مِنْ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ سَدُّ فُرَجِ الصُّفُوفِ) وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَ كُلِّ صَفَّيْنِ وَالْأَوَّلِ وَالْإِمَامِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ، وَمَتَى كَانَ بَيْنَ صَفَّيْنِ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ كُرِهَ لِلدَّاخِلِينَ أَنْ يَصْطَفُّوا الْمُتَأَخِّرِينَ، فَإِنْ فَعَلُوا لَمْ يُحَصِّلُوا فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْقَاضِي لَوْ كَانَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَمَنْ خَلْفَهُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ فَقَدْ ضَيَّعُوا حُقُوقَهُمْ فَلِلدَّاخِلِينَ الِاصْطِفَافُ بَيْنَهُمَا وَإِلَّا كُرِهَ لَهُمْ اهـ ابْنُ حَجَرٍ، وَعِبَارَتُهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَإِلَّا فَلْيَجْرِ مَا نَصُّهُ: نَدْبًا لِخَبَرٍ يُعْمَلُ بِهِ فِي الْفَضَائِلِ وَهُوَ «أَيُّهَا الْمُصَلِّي هَلَّا دَخَلْت فِي الصَّفِّ أَوْ جَرَرْت رَجُلًا مِنْ الصَّفِّ فَيُصَلِّيَ مَعَك، أَعِدْ صَلَاتَك» وَيُؤْخَذُ مِنْ فَرْضِهِمْ ذَلِكَ فِيمَنْ لَمْ يَجِدْ فُرْجَةً حُرْمَتُهُ عَلَى مَنْ وَجَدَهَا لِتَفْوِيتِهِ الْفَضِيلَةَ عَلَى الْغَيْرِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ اهـ. وَكَتَبَ بَعْضُهُمْ عَلَى قَوْلِهِ وَإِلَّا كُرِهَ لَهُمْ: هَذَا يُنَافِي مَا يَأْتِي لَهُ مِنْ التَّصْرِيحِ بِالْحُرْمَةِ إلَّا أَنْ تُحْمَلَ الْكَرَاهَةُ هُنَا عَلَى كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ اهـ. وَقَضِيَّةُ مَا عَلَّلَ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ لِتَفْوِيتِهِ إلَخْ أَنَّ فَضِيلَةَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ تَفُوتُ عَلَى مَنْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِمْ قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُمْ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُمْ، فَالْقِيَاسُ أَنَّ التَّفْوِيتَ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْمُتَقَدِّمِ وَحْدَهُ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالْفَضِيلَةِ الَّتِي فَوَّتَهَا قُرْبُهُمْ مِنْ الْإِمَامِ وَسَمَاعُهُمْ لِقِرَاءَتِهِ مَثَلًا لَا ثَوَابُ الصَّفِّ، وَأَمَّا هُوَ فَلَا ثَوَابَ لَهُ لِأَنَّ فِعْلَهُ مَكْرُوهٌ أَوْ حَرَامٌ وَكِلَاهُمَا مُفَوِّتٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ. [فَرْعٌ] وَقَفَ شَافِعِيٌّ بَيْنَ حَنَفِيَّيْنِ مَسَّا فَرْجَهُمَا كُرِهَ وَلَمْ تَحْصُلْ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ لِاعْتِقَادِهِ فَسَادَ صَلَاتِهِمَا، قَالَهُ فِي الْخَادِمِ وَنَظَّرَ فِيهِ ابْنُ حَجَرٍ فَلْيُرَاجَعْ. وَيَنْبَغِي أَنْ لَيْسَ مِثْلُهُ مَا لَوْ عَلِمَ تَرْكَهُمَا قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ، لِأَنَّ فِعْلَ الْمُخَالِفِ لِكَوْنِهِ عَنْ تَقْلِيدٍ صَحِيحٍ يَنْزِلُ بِمَنْزِلَةِ السَّهْوِ، وَالشَّافِعِيُّ إذَا تَرَكَ الْفَاتِحَةَ سَهْوًا لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِمُجَرَّدِ التَّرْكِ وَإِنَّمَا تَبْطُلُ بِالسَّلَامِ وَعَدَمِ التَّدَارُكِ، وَحِينَئِذٍ فَالشَّافِعِيُّ يَرَى صِحَّةَ صَلَاةِ الْحَنَفِيِّ مَعَ تَرْكِهِ الْقِرَاءَةَ فَتَحْصُلُ لَهُ الْفَضِيلَةُ لِعَدَمِ اعْتِقَادِ مَا يُنَافِيهَا، بِخِلَافِهِ مَعَ الْمَسِّ فَإِنَّهُ وَإِنْ نَزَلَ مَنْزِلَةَ السَّهْوِ فَهُوَ مِمَّا يُبْطِلُ عَمْدُهُ وَسَهْوُهُ عِنْدَنَا فَكَانَ كَالْمُنْفَرِدِ. (قَوْلُهُ: حَتَّى يَتِمَّ الْأَوَّلُ) أَيْ وَإِذَا شَرَعُوا فِي الثَّانِي يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وُقُوفُهُمْ عَلَى هَيْئَةِ الْوُقُوفِ خَلْفَ الْإِمَامِ، فَإِذَا حَضَرَ وَاحِدٌ وَقَفَ خَلْفَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ بِحَيْثُ يَكُونُ مُحَاذِيًا لِيَمِينِ الْإِمَامِ، فَإِذَا حَضَرَ آخَرُ وَقَفَ فِي جِهَةِ يَسَارِهِ بِحَيْثُ يَكُونَانِ خَلْفَ مَنْ يَلِي الْإِمَامَ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ حَتَّى يَتِمَّ الْأَوَّلُ أَنَّ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الصَّلَاةِ فِي بَحْرَةِ رُوَاقِ ابْنِ مَعْمَرٍ بِالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ أَنَّ الصَّفَّ الْأَوَّلَ يُكَمَّلُ وَلَوْ بِالْوُقُوفِ فِي الصَّحْنِ وَدَاخِلِ الرُّوَاقِ، فَلَا يَشْرَعُونَ فِي الثَّانِي إلَّا بَعْدَ تَكْمِيلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

صَحَّتْ صَلَاتُهُمْ مَعَ الْكَرَاهَةِ كَمَا مَرَّ بَعْضُ ذَلِكَ ". وَتَأْنِيثُ إمَامَتِهِنَّ. قَالَ الرَّازِيّ: لِأَنَّهُ قِيَاسِيٌّ كَمَا أَنَّ رَجُلَةَ تَأْنِيثُ رَجُلٍ. وَقَالَ الْقُونَوِيُّ: بَلْ الْمَقِيسُ حَذْفُ التَّاءِ إذْ لَفْظُ إمَامٍ لَيْسَ صِفَةً قِيَاسِيَّةً بَلْ صِيغَةَ مَصْدَرٍ أُطْلِقَتْ عَلَى الْفَاعِلِ فَاسْتَوَى الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ فِيهَا وَعَلَيْهِ فَأَتَى بِالتَّاءِ لِئَلَّا يُوهِمَ أَنَّ إمَامَهُنَّ الذَّكَرُ كَذَلِكَ. (وَيُكْرَهُ) (وُقُوفُ الْمَأْمُومِ فَرْدًا) عَنْ صَفٍّ مِنْ جِنْسِهِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ، وَدَلِيلُ عَدَمِ الْبُطْلَانِ تَرْكُ أَمْرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِفَاعِلِهِ بِالْإِعَادَةِ، وَمَا وَرَدَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى مِنْ الْأَمْرِ بِهَا مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، لَا سِيَّمَا وَقَدْ اعْتَرَضَ تَحْسِينُ التِّرْمِذِيِّ وَتَصْحِيحُ ابْنِ حِبَّانَ لَهَا بِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ إنَّهُ مُضْطَرِبٌ، وَالْبَيْهَقِيِّ إنَّهُ ضَعِيفٌ، وَلِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَوْ ثَبَتَ قُلْت بِهِ. وَيُؤْخَذُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ مِنْ الْكَرَاهَةِ فَوَاتُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى قِيَاسِ مَا سَيَأْتِي فِي الْمُقَارَنَةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ هُنَا أَيْضًا أَنَّ الْأَمْرَ بِالْإِعَادَةِ لِلِاسْتِحْبَابِ أَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ وَقَعَ خِلَافٌ أَيْ لَيْسَ بِشَاذٍّ فِي صِحَّتِهَا تُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا وَلَوْ مُنْفَرِدًا، وَخَرَجَ بِالْجِنْسِ غَيْرُهُ كَامْرَأَةٍ وَلَا نِسَاءَ أَوْ خُنْثَى وَلَا خَنَاثَى فَلَا كَرَاهَةَ بَلْ يُنْدَبُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (بَلْ يَدْخُلُ الصَّفَّ إنْ وَجَدَ سَعَةً) بِفَتْحِ السِّينِ فِيهِ بِأَنْ كَانَ لَوْ دَخَلَ فِيهِ وَسِعَهُ وَإِنْ عُدِمَتْ فُرْجَةٌ وَلَوْ وَجَدَهَا وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهَا صُفُوفٌ كَثِيرَةٌ خَرَقَ جَمِيعَهَا لِيَدْخُلَ تِلْكَ الْفُرْجَةَ لِأَنَّهُمْ مُقَصِّرُونَ بِتَرْكِهَا، وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِصَفٍّ أَوْ صَفَّيْنِ كَمَا وَقَعَ لِلْإِسْنَوِيِّ، وَنَقَلَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ عَنْ جَمْعٍ كَثِيرٍ وَعَنْ نَصِّهِ فِي الْأُمِّ فَإِنَّهُ الْتَبَسَ عَلَيْهِ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى، فَإِنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي نَقَلَ عَنْهُمْ فِيهَا فِي التَّخَطِّي يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالتَّخَطِّي هُوَ الْمَشْيُ بَيْنَ الْقَاعِدِينَ، وَكَلَامُنَا هُنَا فِي شَقِّ الصُّفُوفِ وَهُمْ قَائِمُونَ، وَقَدْ صَرَّحَ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّهُمَا مَسْأَلَتَانِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ سَدَّ الْفُرْجَةِ الَّتِي فِي الصُّفُوفِ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ لَهُ وَلِلْقَوْمِ بِإِتْمَامِ صَلَاتِهِ وَصَلَاتِهِمْ. فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ، بِخِلَافِ تَرْكِ التَّخَطِّي فَإِنَّ الْإِمَامَ يُسَنُّ لَهُ عَدَمُ إحْرَامِهِ حَتَّى يُسَوِّيَ بَيْنَ صُفُوفِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــSالْأَوَّلِ وَإِنْ امْتَدَّ إلَى آخِرِ الْمَسْجِدِ مِنْ جِهَتَيْ الْإِمَامِ، وَقَدْ يُقَالُ: اخْتِيَارُ هَذَا الْمَوْضِعِ لِلصَّلَاةِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ مَسْجِدٍ مُسْتَقِلٍّ فَلَا يُعْتَبَرُ مَا اتَّصَلَ بِهِ مِنْ الصَّحْنِ وَلَا الرُّوَاقِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّهُمْ لَوْ وَقَفُوا فِي مَحَلٍّ وَاسِعٍ كَالْبَرِّيَّةِ اُعْتُبِرَ مِنْهَا مَا هَيَّئُوهُ لِصَلَاتِهِمْ دُونَ مَا زَادَ وَإِنْ كَانَ مُسَاوِيًا فِي الصَّلَاحِيَةِ لِمَا صَلَّوْا فِيهِ بَلْ أَوْ أَصْلَحَ (قَوْلُهُ: صَحَّتْ صَلَاتُهُمْ مَعَ الْكَرَاهَةِ) وَمُقْتَضَى الْكَرَاهَةِ فَوَاتُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ قَبْلُ: وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي كُلِّ مَكْرُوهٍ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ الْمَطْلُوبَةُ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ إلَخْ) هَذَا الصَّنِيعُ يَقْتَضِي أَنَّ الْوُقُوفَ مُنْفَرِدًا عَنْ الصَّفِّ فِي الصِّحَّةِ مَعَهُ خِلَافٌ، وَأَنَّ الْإِعَادَةَ تُسَنُّ لِلْخُرُوجِ مِنْهُ لَكِنْ لَمْ يُنَبَّهْ عَلَيْهِ فِيمَا مَرَّ فَلْيُرَاجَعْ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ الْآتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَلْيَجُرَّ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ إلَخْ ثُبُوتُ الْخِلَافِ فِيهِ وَقَدْ يُشْعِرُ قَوْلُهُ السَّابِقُ إذْ الْخِلَافُ الْمَذْهَبِيُّ أَوْلَى بِالْمُرَاعَاةِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الِانْفِرَادِ عَنْ الصَّفِّ لَيْسَ خِلَافًا فِي مَذْهَبِنَا وَيُشْعِرُ بِهِ قَوْلُ إمَامِنَا لَوْ ثَبَتَ قُلْت بِهِ. [فَرْعٌ] صَارَ وَحْدَهُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ يَنْبَغِي أَنْ يَجُرَّ شَخْصًا، فَإِنْ تَرَكَهُ مَعَ تَيَسُّرِهِ يَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهَ م ر - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ أَيْ وَتَفُوتُهُ الْفَضِيلَةُ مِنْ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُنْفَرِدًا) أَيْ وَبَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: بَلْ يُنْدَبُ) أَيْ الِانْفِرَادُ. (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ السِّينِ) أَيْ وَكَسْرِهَا وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الدَّنَوْشَرِيُّ، فَقَالَ: وَسَعَةٌ بِالْفَتْحِ فِي الْأَوْزَانِ ... وَالْكَسْرِ مَحْكِيٌّ عَنْ الصَّنْعَانِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ هُنَا أَيْضًا أَنَّ الْأَمْرَ بِالْإِعَادَةِ إلَخْ) فِي هَذَا الْأَخْذِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ إذْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ خِلَافٌ رَاعَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَمْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَجَدَهَا) أَيْ الْفُرْجَةَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: لِيَدْخُلَ تِلْكَ الْفُرْجَةَ إلَخْ، فَخَرَجَ مَا إذَا لَمْ تَكُنْ فُرْجَةٌ، لَكِنْ هُنَاكَ مَا لَوْ وَقَفَ فِيهِ لَوَسِعَهُ فَلَا يَتَخَطَّى لَهُ لِعَدَمِ التَّقْصِيرِ، وَهَذَا مَا اقْتَضَاهُ

نَعَمْ إنْ كَانَ تَأَخُّرُهُمْ عَنْ سَدِّ الْفُرْجَةِ لِعُذْرٍ كَوَقْتِ الْحَرِّ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لَمْ يُكْرَهْ لِعَدَمِ التَّقْصِيرِ، وَلَوْ كَانَ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ مَحَلٌّ يَسَعُهُ وَقَفَ فِيهِ وَلَمْ يَخْتَرِقْ، وَلَوْ عَرَضَتْ فُرْجَةٌ بَعْدَ كَمَالِ الصَّفِّ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَمُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمْ بِالتَّقْصِيرِ عَدَمُ الْخَرْقِ إلَيْهَا، وَيُحْتَمَلُ غَيْرُهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ سَعَةً (فَلْيَجُرَّ) نَدْبًا فِي الْقِيَامِ (شَخْصًا) مِنْ الصَّفِّ إلَيْهِ (بَعْدَ الْإِحْرَامِ) لِيَصْطَفَّ مَعَهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا جَوَّزَ مُوَافَقَتَهُ لَهُ وَإِلَّا فَلَا جَرَّ بَلْ يَمْتَنِعُ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ، وَأَنْ يَكُونَ حُرًّا لِئَلَّا يَدْخُلَ غَيْرُهُ فِي ضَمَانِهِ، حَتَّى لَوْ جَرَّهُ ظَانًّا حُرِّيَّتَهُ فَتَبَيَّنَ كَوْنُهُ رَقِيقًا دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ عَنْ إفْتَاءِ الْوَالِدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَأَنْ يَكُونَ الصَّفُّ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ لِئَلَّا يَصِيرَ الْآخَرُ مُنْفَرِدًا، فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْخَرْقُ لِيَصْطَفَّ مَعَ الْإِمَامِ أَوْ كَانَ مَكَانُهُ يَسَعُ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَخْرِقَ فِي الْأُولَى وَيَجُرَّهُمَا مَعًا فِي الثَّانِيَةِ، وَالْخَرْقُ فِي الْأُولَى أَفْضَلُ مِنْ الْجَرِّ (وَلْيُسَاعِدْهُ الْمَجْرُورُ) نَدْبًا لِيَنَالَ فَضْلَ الْمُعَاوَنَةِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَذَلِكَ يُعَادِلُ مَا فَاتَ عَلَيْهِ مِنْ الصَّفِّ. أَمَّا الْجَرُّ قَبْلَ الْإِحْرَامِ فَمَكْرُوهٌ لَا حَرَامٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَقَدْ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ التَّقْصِيرِ إلَخْ) أَيْ فَلَا تَفُوتُهُمْ الْفَضِيلَةُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَخْتَرِقْ) أَيْ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى فُرْجَةٍ فِي الصَّفِّ الثَّانِي مَثَلًا، وَيَنْبَغِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّهُ لَا تَفُوتُ الْفَضِيلَةُ عَلَى مَنْ خَلْفَهُ وَلَا عَلَى نَفْسِهِ لِعَدَمِ التَّقْصِيرِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ لَمْ يَجِدْ مَحَلًّا يَذْهَبُ مِنْهُ بِلَا خَرْقٍ لِلصُّفُوفِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَرَضَتْ فُرْجَةٌ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ عَلِمَ عُرُوضَهَا. أَمَّا لَوْ وَجَدَهَا وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ كَانَتْ مَوْجُودَةً قَبْلُ أَوْ طَرَأَتْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَخْرِقُ لِيَصِلَهَا، إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ سَدِّهَا، سِيَّمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَحْوَالِ الْمَأْمُومِينَ الْمُعْتَادَةِ لَهُمْ. [فَرْعٌ] لَوْ جَهِلَ هَذَا الْحُكْمَ لَمْ يَبْعُدْ أَنْ يُسَنَّ لِمَنْ عَلِمَ بِجَهْلِهِ مِنْ أَهْلِ الصَّفِّ التَّأَخُّرُ إلَيْهِ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَمَفْهُومُ تَقْيِيدِهِ بِالْجَهْلِ عَدَمُ سَنِّهِ مَعَ الْعِلْمِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ الَّذِي فَوَّتَ عَلَى نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: عَدَمُ الْخَرْقِ إلَيْهَا) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ) أَيْ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ خِطَابُ الْوَضْعِ لَا يَفْتَرِقُ الْحَالُ فِيهِ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ الضَّرَرُ هُنَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْخَرْقُ) أَيْ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الصَّفُّ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ فَالْجَرُّ أَوْلَى مِنْ الْخَرْقِ بِالشُّرُوطِ. (قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَخْرِقَ فِي الْأُولَى) أَيْ قَوْلُهُ فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْخَرْقُ وَالثَّانِيَةُ هِيَ قَوْلُهُ أَوْ كَانَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَالْخَرْقُ فِي الْأُولَى أَفْضَلُ مِنْ الْجَرِّ) أَيْ حَيْثُ أَمْكَنَهُ كُلٌّ مِنْ الْخَرْقِ وَالْجَرِّ. (قَوْلُهُ: وَلْيُسَاعِدْهُ الْمَجْرُورُ) يَنْبَغِي أَنْ يَحْصُلَ لِهَذَا الْمُسَاعِدِ فَضِيلَةُ الصَّفِّ الَّذِي كَانَ فِيهِ وَلَا يَضُرُّ تَأَخُّرُهُ عَنْهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ يُعَادِلُ إلَخْ) مُشْعِرٌ بِفَوَاتِ فَضِيلَةِ الصَّفِّ الَّذِي كَانَ فِيهِ، وَفِيهِ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ سم. (قَوْلُهُ: لَا حَرَامٌ) خِلَافًا لِظَاهِرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQظَاهِرُ التَّحْقِيقِ. وَسَوَّى الشِّهَابُ حَجّ بَيْنَهُمَا تَبَعًا لِلْمَجْمُوعِ فَلْيُتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ: لَمْ يُكْرَهْ لِعَدَمِ التَّقْصِيرِ) أَيْ فَلَيْسَ لِغَيْرِهِمْ خَرْقُ صُفُوفِهِمْ لِأَجْلِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ مَحَلٌّ يَسَعُهُ وَقَفَ فِيهِ) كَأَنَّ صُورَتَهُ فِيمَا لَوْ أَتَى مِنْ أَمَامِ الصُّفُوفِ وَكَانَ هُنَاكَ فُرْجَةٌ خَلْفَهُ فَلَا يَخْرِقُ الصُّفُوفَ الْمُتَقَدِّمَةَ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهَا، وَإِنَّمَا التَّقْصِيرُ مِنْ الصُّفُوفِ الْمُتَأَخِّرَةِ بِعَدَمِ سَدِّهَا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْخَرْقُ) أَيْ وَلَمْ يَكُنْ مَحَلُّهُ يَسَعُ اثْنَيْنِ بِقَرِينَةِ عَطْفِهِ عَلَيْهِ بِأَوْ الْمُقْتَضِيَةِ أَنْ يُقَدَّرَ فِيمَا قَبْلَهَا نَقِيضُ مَا بَعْدَهَا، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَالْخَرْقُ فِي الْأُولَى أَفْضَلُ مِنْ الْجَرِّ غَيْرُ مُتَأَتٍّ، إذْ الصُّورَةُ أَنَّهُ فِيهَا لَا يُمْكِنُ إلَّا الْخَرْقُ كَمَا عَرَفْت، وَهُوَ سَاقِطٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ الَّذِي هُوَ أَصْلُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ

قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِيمَا لَوْ وَقَفَ مَأْمُومٌ عَنْ يَمِينِ إمَامِهِ فَجَاءَ آخَرُ فَأَحْرَمَ عَنْ يَسَارِهِ: يُكْرَهُ لِلثَّانِي أَنْ يَجْذِبَ الَّذِي عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ قَبْلَ إحْرَامِهِ. قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ يَتَأَخَّرُ إلَى الثَّانِي قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ، وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ اهـ. بَلْ أَنْكَرَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ كَوْنَ الْجَذْبِ بَعْدَ التَّحَرُّمِ وَقَالَ: وَافَقَ الرَّافِعِيُّ عَلَى نَقْلِهِ الْفَارِقِيَّ فِي فَوَائِدِهِ، وَلَمْ أَرَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ بَعْدَ الْكَشْفِ إلَّا فِي الْحِلْيَةِ لِلرُّويَانِيِّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَإِطْلَاقِهِمْ أَنَّ الْجَذْبَ يَكُونُ قَبْلَ التَّحَرُّمِ، فَإِنَّ الْقَصْدَ الْخُرُوجُ مِنْ الْخِلَافِ كَمَا مَرَّ، وَمَتَى أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ عِنْدَ الْمُخَالِفِينَ، فَلَا فَائِدَةَ فِي الْجَذْبِ حِينَئِذٍ اهـ. وَقَدْ أَنْكَرَهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ أَيْضًا، فَقَوْلُ الْكِفَايَةِ لَا يَجُوزُ جَذْبُهُ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ مَحْمُولٌ عَلَى الْجَوَازِ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ فَلَا يُخَالِفُ مَا قَرَّرْنَاهُ. (وَيُشْتَرَطُ) (عِلْمُهُ) أَيْ الْمَأْمُومِ (بِانْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ) لِيَتَمَكَّنَ مِنْ مُتَابَعَتِهِ (بِأَنْ) كَانَ (يَرَاهُ أَوْ) يَرَى (بَعْضَ صَفٍّ) مِنْ الْمُقْتَدِينَ بِهِ أَوْ وَاحِدًا مِنْهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي صَفٍّ (أَوْ يَسْمَعُهُ أَوْ) يَسْمَعُ (مُبَلِّغًا) ثِقَةً وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُصَلِّيًا، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِالثِّقَةِ هُنَا عَدْلُ الرِّوَايَةِ، إذْ غَيْرُهُ لَا يُقْبَلُ إخْبَارُهُ، وَقَوْلُ الْمَجْمُوعِ يُقْبَلُ إخْبَارُ الصَّبِيِّ فِيمَا طَرِيقُهُ الْمُشَاهَدَةُ كَالْغُرُوبِ ضَعِيفٌ وَإِنْ نَقَلَهُ عَنْ الْجُمْهُورِ وَاعْتَمَدَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، أَوْ بِهِدَايَةِ ثِقَةٍ بِجَنْبِ أَعْمَى أَصَمَّ أَوْ بَصِيرٍ أَصَمَّ فِي نَحْوِ ظُلْمَةٍ، وَلَوْ ذَهَبَ الْمُبَلِّغُ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ لَزِمَتْهُ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ: أَيْ إنْ لَمْ يَرْجُ عَوْدَهُ قَبْلَ مُضِيِّ مَا يَسَعُ رُكْنَيْنِ فِي ظَنِّهِ فِيمَا يَظْهَرُ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ ثُمَّ ثِقَةٌ وَجَهِلَ الْمَأْمُومُ أَفْعَالَ إمَامِهِ الظَّاهِرَةَ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، فَيَقْضِي لِتَعَذُّرِ الْمُتَابَعَةِ حِينَئِذٍ. . وَمِنْ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ أَيْضًا: أَنْ يَجْمَعَهُمَا مَوْقِفٌ، إذْ مِنْ مَقَاصِدِ الِاقْتِدَاءِ اجْتِمَاعُ جَمْعٍ فِي مَكَان كَمَا عُهِدَ عَلَيْهِ الْجَمَاعَاتُ فِي الْأَعْصُرِ الْخَالِيَةِ، وَمَبْنَى الْعِبَادَاتِ عَلَى رِعَايَةِ الِاتِّبَاعِ، وَلِاجْتِمَاعِهِمَا أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ: إمَّا أَنْ يَكُونَا بِمَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ فَضَاءٍ أَوْ بِنَاءٍ، أَوْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا بِمَسْجِدٍ وَالْآخَرُ بِغَيْرِهِ، وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِ كُلٍّ، فَقَالَ (وَإِذَا جَمَعَهُمَا مَسْجِدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا يَأْتِي عَنْ الْكِفَايَةِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَجْذِبَ) هُوَ بِكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَبَابُهُ ضَرَبَ اهـ مِصْبَاح. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ) ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُخَالِفُ مَا قَرَّرْنَاهُ) أَيْ فِي أَنَّ الْجَرَّ قَبْلَ الْإِحْرَامِ مَكْرُوهٌ لَا حَرَامٌ (قَوْلُهُ: ضَعِيفٌ) أَيْ أَوْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ تُوجَدْ قَرِينَةٌ تُغَلِّبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقَهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِهِدَايَةِ ثِقَةٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِأَنْ كَانَ يَرَاهُ (قَوْلُهُ: لَزِمَتْهُ) أَيْ الْمَأْمُومَ (قَوْلُهُ: وَجَهِلَ الْمَأْمُومُ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ بِانْتِقَالَاتِهِ إلَّا بَعْدَ رُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ، كَذَا ذَكَرُوهُ هُنَا، وَسَيَأْتِي فِي فَصْلٍ تَجِبُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَلَوْ تَقَدَّمَ بِفِعْلٍ كَرُكُوعٍ إنْ كَانَ: أَيْ تَقَدَّمَهُ بِرُكْنَيْنِ بَطَلَتْ إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ سَاهِيًا أَوْ جَاهِلًا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ لَهُ بِهِمَا اهـ. وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِبُطْلَانِ الْقُدْوَةِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ هُنَا أَنَّهُ إذَا اقْتَدَى عَلَى وَجْهٍ لَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ فِيهِ الْعِلْمُ بِانْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا ظَنَّ ذَلِكَ وَعَرَضَ لَهُ مَا مَنَعَهُ عَنْ الْعِلْمِ بِالِانْتِقَالَاتِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ ذَهَبَ الْمُبَلِّغُ وَرَجَى عَوْدَهُ فَاتَّفَقَ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَعُدْ وَلَمْ يَعْلَمْ بِانْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ رُكْنَيْنِ فَيَنْبَغِي عَدَمُ الْبُطْلَانِ لِعُذْرِهِ كَالْجَاهِلِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَجْمَعَهُمَا مَوْقِفٌ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مَكَانٌ. (قَوْلُهُ: عَلَى رِعَايَةِ الِاتِّبَاعِ) أَيْ لَا الِابْتِدَاعِ، فَلَيْسَ لَنَا إحْدَاثُ صِفَةٍ لَمْ تُوجَدْ فِي عَهْدِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إلَّا بِدَلِيلٍ كَالْقِيَاسِ عَلَى مَا ثَبَتَ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: إمَّا أَنْ يَكُونَا إلَخْ) بَدَلٌ أَوْ خَبَرٌ لِمَحْذُوفٍ: أَيْ وَهِيَ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا بِمَسْجِدٍ إلَخْ) وَفِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَقَدْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ إلَى آخِرِ السِّوَادَةِ) هُوَ نَصُّ عِبَارَةِ فَتَاوَى وَالِدِهِ حَرْفًا بِحَرْفٍ وَإِنْ أَوْهَمَ سِيَاقُهُ خِلَافَهُ (قَوْلُهُ: فِيمَا لَوْ وَقَفَ مَأْمُومٌ عَنْ يَمِينِ إمَامِهِ) أَيْ وَأَحْرَمَ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: فَجَاءَ آخَرُ فَأَحْرَمَ) أَيْ أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ مُضِيِّ مَا يَسَعُ رُكْنَيْنِ) أَيْ فِعْلِيَّيْنِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُمَا هُمَا الَّذِي يَضُرُّ التَّأَخُّرُ

صَحَّ الِاقْتِدَاءُ وَإِنْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ) بَيْنَهُمَا فِيهِ (وَحَالَتْ أَبْنِيَةٌ) مُتَنَافِذَةٌ أَبْوَابُهَا إلَيْهِ أَوْ إلَى سَطْحِهِ كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُهُمَا خِلَافًا لِمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُ الْأَنْوَارِ وَلَوْ مُغْلَقَةً غَيْرَ مُسَمَّرَةٍ كَبِئْرٍ وَسَطْحٍ وَمَنَارَةٍ دَاخِلَةٍ فِيهِ لِأَنَّهُ كُلَّهُ مَبْنِيٌّ لِلصَّلَاةِ، فَالْمُجْتَمِعُونَ فِيهِ مُجْتَمِعُونَ لِإِقَامَةِ الْجَمَاعَةِ مُؤَدُّونَ لِشِعَارِهَا، وَالْمَسَاجِدُ الْمُتَنَافِذَةُ مِثْلُهُ فِي ذَلِكَ وَإِنْ انْفَرَدَ كُلٌّ مِنْهَا بِإِمَامٍ وَمُؤَذِّنٍ وَجَمَاعَةٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِي بِنَاءٍ غَيْرِ نَافِذٍ كَأَنْ سُمِّرَ بَابُهُ وَإِنْ كَانَ الِاسْتِطْرَاقُ يُمْكِنُ مِنْ فُرْجَةٍ مِنْ أَعْلَاهُ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الِاسْتِطْرَاقِ الْعَادِيِّ، وَكَسَطْحِهِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ مَرْقَى، أَوْ حَالَ بَيْنَ جَانِبَيْهِ أَوْ بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَرَحْبَتِهِ، أَوْ بَيْنَ الْمَسَاجِدِ الْمَذْكُورَةِ نَهْرٌ أَوْ طَرِيقٌ قَدِيمٌ بِأَنْ سَبَقَا وُجُودَهُ أَوْ وُجُودَهَا فَلَا يَكُونُ كَالْمَسْجِدِ بَلْ كَمَسْجِدٍ وَغَيْرِهِ وَسَيَأْتِي. عُلِمَ أَنَّهُ يَضُرُّ الشُّبَّاكُ، فَلَوْ وَقَفَ مِنْ وَرَائِهِ بِجِدَارِ الْمَسْجِدِ ضَرَّ كَمَا هُوَ الْمَنْقُولُ فِي الرَّافِعِيِّ أَخْذًا مِنْ شَرْطِهِ كَالرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِمَا تَنَافُذَ أَبْنِيَةِ الْمَسْجِدِ، فَقَوْلُ الْإِسْنَوِيُّ لَا يَضُرُّ سَهْوٌ كَمَا قَالَهُ الْحِصْنِيُّ. وَمِثْلُ الْمَسْجِدِ رَحْبَتُهُ، وَهُوَ مَا كَانَ خَارِجَهُ مَحُوطًا عَلَيْهِ لِأَجْلِهِ فِي الْأَصَحِّ وَلَمْ يُعْلَمْ كَوْنُهَا شَارِعًا قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ نَحْوَهُ سَوَاءٌ أَعَلِمَ وَقْفِيَّتَهَا مَسْجِدًا أَمْ جَهِلَ أَمْرَهَا عَمَلًا بِالظَّاهِرِ وَهُوَ التَّحْوِيطُ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ مُنْتَهَكَةً غَيْرَ مُحْتَرَمَةٍ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSصُورَتَانِ: وَذَلِكَ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْمَأْمُومُ خَارِجَهُ، أَوْ بِالْعَكْسِ. (قَوْلُهُ: مُتَنَافِذَةٌ أَبْوَابُهَا) قَالَ م ر: الْمُرَادُ نَافِذَةٌ نُفُوذًا يُمْكِنُ اسْتِطْرَاقُهُ عَادَةً فَلَا بُدَّ فِي كُلٍّ مِنْ الْبِئْرِ وَالسَّطْحِ مِنْ إمْكَانِ الْمُرُورِ مِنْهُمَا إلَى الْمَسْجِدِ عَادَةً بِأَنْ يَكُونَ لَهُمَا مَرْقًى إلَى الْمَسْجِدِ حَتَّى قَالَ فِي دِكَّةِ الْمُؤَذِّنِينَ فِي الْمَسْجِدِ: لَوْ رُفِعَ سُلَّمُهَا امْتَنَعَ اقْتِدَاءُ مَنْ بِهَا بِمَنْ فِي الْمَسْجِدِ لِعَدَمِ إمْكَانِ الْمُرُورِ عَادَةً انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلدِّكَّةِ بَابٌ مِنْ سَطْحِ الْمَسْجِدِ وَإِلَّا صَحَّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ فِي الشَّارِحِ مُتَنَافِذَةٌ أَبْوَابُهَا إلَيْهِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ يُمْكِنُ اسْتِطْرَاقُهُ عَادَةً يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ سَلَالِمَ الْآبَارِ الْمُعْتَادَةَ الْآنَ لِلنُّزُولِ مِنْهَا لِإِصْلَاحِ الْبِئْرِ وَمَا فِيهَا لَا يُكْتَفَى بِهَا، لِأَنَّهُ لَا يَسْتَطْرِقُ مِنْهَا إلَّا مَنْ لَهُ خِبْرَةٌ وَعَادَةٌ بِنُزُولِهَا، بِخِلَافِ غَالِبِ النَّاسِ فَتَنَبَّهْ لَهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ إلَى سَطْحِهِ) أَيْ وَإِنْ خَرَجَ بَعْضُ الْمَمَرِّ عَنْ الْمَسْجِدِ حَيْثُ كَانَ الْبَابُ فِي الْمَسْجِدِ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ وَلَمْ تَطُلْ الْمَسَافَةُ عُرْفًا فِيمَا يَظْهَرُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُغْلَقَةً) أَيْ وَإِنْ ضَاعَ مِفْتَاحُ الْغَلْقِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ فَتْحُهُ بِدُونِهِ، وَمِنْ الْغَلْقِ الْقَفْلُ فَلَا يَضُرُّ. [فَرْعٌ] سُئِلَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ عَمَّنْ يُصَلِّي عَلَى سُلَّمِ الْمَدْرَسَةِ الْغُورِيَّةِ خَلْفَ إمَامِهَا هَلْ يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ؟ فَأَفْتَى بِأَنَّهُ إنْ ثَبَتَ أَنَّ وَاقِفَهَا وَقَفَهَا مَسْجِدًا أَوْ جَامِعًا صَحَّ وَإِلَّا فَلَا م ر اهـ. وَيَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا مَا إذَا شَكَّ اهـ: أَيْ وَالْمَشْهُورُ الْآنَ فِيمَا بَيْنَهُمْ أَنَّ السُّلَّمَ مَعَ الْفُسْحَةِ الْمُلْتَصِقَةِ بِهِ عَنْ يَسَارِ الدَّاخِلِ لَيْسَتْ مَسْجِدًا. (قَوْلُهُ: غَيْرَ مُسَمَّرَةٍ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي الِابْتِدَاءِ أَوْ فِي الْأَثْنَاءِ، وَيَنْبَغِي عَدَمُ الضَّرَرِ فِيمَا لَوْ سُمِّرَتْ فِي الْأَثْنَاءِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِيمَا لَوْ بُنِيَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ حَائِلٌ مِنْ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ. (قَوْلُهُ: وَمَنَارَةٌ دَاخِلَةٌ فِيهِ) عِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ وَمَنَارَتُهُ الَّتِي بَابُهَا فِيهِ اهـ. وَقَضِيَّتُهَا أَنَّ مُجَرَّدَ كَوْنِ بَابِهَا فِيهِ كَافٍ فِي عَدِّهَا مِنْ الْمَسْجِدِ وَإِنْ لَمْ تَدْخُلْ فِي وَقْفِيَّتِهِ وَخَرَجَتْ عَنْ سَمْتِ بِنَائِهِ، وَمَا قُلْنَاهُ فِيمَا لَوْ خَرَجَ بَعْضُ الْمَمَرِّ عَنْ الْمَسْجِدِ مُوَافِقٌ لَهُ. (قَوْلُهُ: فَلَا وَقْفَ مِنْ وَرَائِهِ بِجِدَارِ الْمَسْجِدِ إلَخْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الشُّبَّاكَ مِنْ جُمْلَةِ الْجِدَارِ لِأَنَّ هَذَا مَحَلُّ خِلَافٍ. الْإِسْنَوِيُّ. (قَوْلُهُ: فَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ لَا يَضُرُّ) أَيْ الشُّبَّاكُ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْمَسْجِدِ رَحْبَتُهُ) أَيْ فِي صِحَّةِ اقْتِدَاءِ مَنْ فِيهَا بِإِمَامِ الْمَسْجِدِ وَإِنْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ وَحَالَتْ أَبْنِيَةٌ نَافِذَةٌ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا كَانَ خَارِجُهُ مُحَوَّطًا إلَخْ) وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ اهـ ابْنُ حَجَرٍ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الطَّرِيقَ إنْ كَانَ قَدِيمًا عَلَى الرَّحْبَةِ وَالْمَسْجِدِ كَانَا الْمَسْجِدُ وَغَيْرُهُ كَمَا مَرَّ وَإِلَّا فَلَا، وَذُكِرَ مُرَاعَاةً لِلْخَبَرِ أَوْ لِتَأْوِيلِ الرَّحْبَةِ بِالْمَكَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ التَّقَدُّمِ بِهِمَا كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: أَوْ إلَى سَطْحِهِ) أَيْ الَّذِي هُوَ مِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا يَأْتِي: أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّ السَّطْحَ نَافِذٌ إلَى الْمَسْجِدِ أَخْذًا مِنْ شَرْطِ التَّنَافُذِ الْآتِي فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: كَبِئْرٍ إلَخْ) مِثَالٌ لِلْأَبْنِيَةِ.

وَجَرَى عَلَيْهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَخَرَجَ بِالرَّحْبَةِ الْحَرِيمُ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الْمُتَّصِلُ بِهِ الْمُهَيَّأُ لِمَصْلَحَتِهِ كَانْصِبَابِ الْمَاءِ وَطَرْحِ الْقُمَامَاتِ فِيهِ فَلَيْسَ لَهُ حُكْمُهُ فِيمَا مَرَّ وَلَا فِي غَيْرِهِ، وَيَلْزَمُ الْوَاقِفَ تَمْيِيزُ الرَّحْبَةِ مِنْ الْحَرِيمِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ لِتُعْطَى حُكْمَ الْمَسْجِدِ، وَلَوْ حَالَ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْنِ أَوْ الْمَسَاجِدِ أَوْ الْمَسْجِدِ نَهْرٌ طَارِئٌ بِأَنْ حُفِرَ بَعْدَ حُدُوثِهَا لَمْ يُخْرِجْهَا عَنْ كَوْنِهَا كَمَسْجِدٍ وَاحِدٍ وَكَالنَّهْرِ فِيمَا ذُكِرَ الطَّرِيقُ. (وَلَوْ) (كَانَا) أَيْ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ (بِفَضَاءٍ) أَيْ مَكَان وَاسِعٍ كَصَحْرَاءَ أَوْ بَيْتٍ كَذَلِكَ وَكَمَا لَوْ وَقَفَ أَحَدُهُمَا بِسَطْحٍ وَالْآخَرُ بِسَطْحٍ وَإِنْ حَالَ بَيْنَهُمَا شَارِعٌ وَنَحْوُهُ (شَرَطَ أَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ) بِذِرَاعِ الْيَدِ الْمُعْتَدِلَةِ وَهُوَ شِبْرَانِ (تَقْرِيبًا) إذْ لَا ضَابِطَ لَهُ شَرْعًا وَلَا لُغَةً، فَلَا تَضُرُّ زِيَادَةٌ غَيْرُ مُتَفَاحِشَةٍ كَثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ وَنَحْوِهَا وَمَا قَارَبَهَا، لِأَنَّ الْعُرْفَ يَعُدُّهُمَا مُجْتَمِعِينَ فِي هَذَا دُونَ مَا زَادَ عَلَيْهِ (وَقِيلَ تَحْدِيدًا) فَتَضُرُّ أَيُّ زِيَادَةٍ كَانَتْ، وَغَلَّطَ الْمَاوَرْدِيُّ قَائِلَهُ وَكَأَنَّهُمْ إنَّمَا اغْتَفَرُوا الثَّلَاثَةَ هُنَا وَلَمْ يَغْتَفِرُوا فِي الْقُلَّتَيْنِ أَكْثَرَ مِنْ رِطْلَيْنِ عَلَى مَا مَرَّ، لِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى الْعُرْفِ، وَثُمَّ عَلَى قُوَّةِ الْمَاءِ وَعَدَمِهَا، وَلِأَنَّ الْوَزْنَ أَضْبَطُ مِنْ الذَّرْعِ فَضَايَقُوا ثُمَّ أَكْثَرَ مِمَّا ضَايَقُوا هُنَا لِأَنَّهُ اللَّائِقُ، وَهَذَا التَّقْدِيرُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْعُرْفِ (فَإِنْ تَلَاحَقَ) أَيْ وَقَفَ خَلْفَ الْإِمَامِ (شَخْصَانِ أَوْ صَفَّانِ) مُتَرَتِّبَانِ وَرَاءَهُ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ (اُعْتُبِرَتْ الْمَسَافَةُ) الْمَذْكُورَةُ (بَيْنَ) الصَّفِّ أَوْ الشَّخْصِ (الْأَخِيرِ وَ) الصَّفِّ أَوْ الشَّخْصِ (الْأَوَّلِ) لِأَنَّ الْأَوَّلَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَإِمَامِ الْأَخِيرِ، فَإِنْ تَعَدَّدَ الْأَشْخَاصُ أَوْ الصُّفُوفِ اُعْتُبِرَتْ بَيْنَ كُلِّ صَفَّيْنِ أَوْ شَخْصَيْنِ، وَإِنْ بَلَغَ مَا بَيْنَ الْأَخِيرِ وَالْإِمَامِ فَرَاسِخَ بِشَرْطِ إمْكَانِ مُتَابَعَتِهِ لَهُ (وَسَوَاءٌ) فِيمَا ذَكَرَ (الْفَضَاءُ الْمَمْلُوكُ وَالْوَقْفُ وَالْمُبَعَّضُ) أَيْ الَّذِي بَعْضُهُ وَقْفٌ وَبَعْضُهُ مِلْكٌ وَالْمَوَاتُ الْخَالِصُ وَالْمُبَعَّضُ أَيْ الَّذِي بَعْضُهُ مِلْكٌ وَبَعْضُهُ مَوَاتٌ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَيُمْكِنُ دُخُولُهُ تَحْتَ إطْلَاقِ الْمُبَعَّضِ مَعَ عَدَمِ رِعَايَةِ قِبَلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: نَهْرٌ طَارِئٌ) أَيْ تَيَقَّنَ طُرُوَّهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ فَلَا يَكُونَانِ كَالْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ، وَعَلَى هَذَا فَحُكْمُ الطَّرِيقِ يُخَالِفُ حُكْمَ الرَّحْبَةِ فِي صُورَةِ الشَّكِّ لِمَا مَرَّ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ سَوَاءٌ أَعَلِمَ وَقْفِيَّتَهَا مَسْجِدًا أَمْ جَهِلَ أَمْرَهَا عَمَلًا بِالظَّاهِرِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَيْتٌ كَذَلِكَ) أَيْ وَاسِعٌ. (قَوْلُهُ: وَالْآخَرُ بِسَطْحٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إمْكَانُ الْوُصُولِ مِنْ أَحَدِ السَّطْحَيْنِ إلَى الْآخَرِ عَادَةً، وَبِهِ صَرَّحَ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الشَّارِحِ أَوَّلًا، ثُمَّ قَالَ: لَكِنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ: إنَّ الْأَقْرَبَ أَنَّ شَرْطَ الصِّحَّةِ إمْكَانُ الْمُرُورِ مِنْ أَحَدِ السَّطْحَيْنِ إلَى الْآخَرِ عَلَى الْعَادَةِ اهـ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: كَثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ وَنَحْوِهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ سِتَّةُ أَذْرُعٍ لِأَنَّ نَحْوَ الثَّلَاثَةِ مِثْلُهَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مَا دُونَهَا لِئَلَّا يَتَّحِدَ مَعَ قَوْلِهِ وَمَا قَارَبَهَا، لَكِنَّ فِي كَلَامِ سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا سَيَأْتِي وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ وَمَا قَارَبَهَا عَطْفُ تَفْسِيرٍ لِلنَّحْوِ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا اغْتَفَرُوا الثَّلَاثَةَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَمَا قَارَبَهَا) أَيْ مِمَّا هُوَ دُونَ الثَّلَاثَةِ لَا مَا زَادَ، فَقَدْ نَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الشَّارِحِ أَنَّهُ يُعْتَمَدُ التَّقْيِيدُ بِالثَّلَاثَةِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ الْعُرْفَ عَمِيرَةُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلِأَنَّ صَوْتَ الْإِمَامِ عِنْدَ الْجَهْرِ الْمُعْتَادِ يَبْلُغُ الْمَأْمُومَ غَالِبًا فِي هَذِهِ الْمَسَافَةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ وَالِدِ الشَّارِحِ أَنَّهُ تَضُرُّ الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلَاثَةِ نَقْلًا عَنْ حَوَاشِي الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعُرْفَ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَجْتَمِعُ مَعَهُ فِي مَكَان وَاجْتَمَعَا فِي ذَلِكَ الْحِنْثُ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَأَنَّ الْعُرْفَ فِي الْأَيْمَانِ غَيْرُهُ هُنَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ فِي مَكَان، أَوْ لَا يَجْتَمِعُ عَلَيْهِ فِيهِ فَاجْتَمَعَ بِهِ فِي مَسْجِدٍ أَوْ نَحْوِهِ لَمْ يَحْنَثْ وَقَوْلُهُ وَنَحْوِهِ: أَيْ كَالْقَهْوَةِ وَالْحَمَّامِ وَالْوَلِيمَةِ. (قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَتْ) أَيْ الْمَسَافَةُ. (قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ) الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِ الْمَحَلِّيِّ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْمُحَرَّرِ هُوَ الْمَوَاتُ الْخَالِصُ. (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ دُخُولُهُ) أَيْ الْمُبَعَّضُ. (قَوْلُهُ: مَعَ عَدَمِ رِعَايَةِ مَا قَبْلَهُ) وَهُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: الْمَمْلُوكُ وَالْمَوْقُوفُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الَّذِي بَعْضُهُ مِلْكٌ وَبَعْضُهُ مَوَاتٌ) أَيْ مُعَيَّنَيْنِ إذْ لَا تُتَصَوَّرُ الْإِشَاعَةُ هُنَا كَمَا لَا يَخْفَى.

وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمُحَوَّطُ وَالْمُسَقَّفُ وَغَيْرُهُ (وَلَا يَضُرُّ) فِي الْحَيْلُولَةِ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ (الشَّارِعُ الْمَطْرُوقُ) بِالْفِعْلِ فَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ كُلَّ شَارِعٍ يَكُونُ مَطْرُوقًا، أَوْ الْمُرَادُ بِهِ كَثِيرُ الطُّرُوقِ لِكَوْنِهِ مَحَلُّ الْخِلَافِ عَلَى مُدَّعَى الْإِسْنَوِيِّ، وَرُدَّ بِأَنَّ ابْنَ الرِّفْعَةَ حَكَى الْخِلَافَ مَعَ عَدَمِ الطُّرُوقِ فِيمَا لَوْ وَقَفَ بِسَطْحِ بَيْتِهِ وَالْإِمَامُ بِسَطْحِ الْمَسْجِدِ وَبَيْنَهُمَا هَوَاءٌ، فَعَنْ الزَّجَّاجِيِّ الصِّحَّةُ وَهُوَ الْأَصَحُّ: أَيْ مَعَ إمْكَانِ التَّوَصُّلِ لَهُ عَادَةً، وَعَنْ غَيْرِهِ الْمَنْعُ (وَالنَّهْرُ الْمُحْوِجُ إلَى سِبَاحَةٍ) بِكَسْرِ السِّينِ: أَيْ عَوْمٍ (عَلَى الصَّحِيحِ) فِيهِمَا لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُعَدٍّ لِلْحَيْلُولَةِ عُرْفًا كَمَا لَوْ كَانَا فِي سَفِينَتَيْنِ مَكْشُوفَتَيْنِ فِي الْبَحْرِ. وَالثَّانِي يَضُرُّ ذَلِكَ. أَمَّا الشَّارِعُ فَقَدْ تَكْثُرُ فِيهِ الزَّحْمَةُ فَيَعْسُرُ الِاطِّلَاعُ عَلَى أَحْوَالِ الْإِمَامِ. وَأَمَّا النَّهْرُ فَقِيَاسًا عَلَى حَيْلُولَةِ الْجِدَارِ. وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِمَنْعِ الْعُسْرِ وَالْحَيْلُولَةِ الْمَذْكُورَيْنِ. أَمَّا الشَّارِعُ غَيْرُ الْمَطْرُوقِ وَالنَّهْرُ الَّذِي يُمْكِنُ الْعُبُورُ مِنْ أَحَدِ طَرَفَيْهِ مِنْ غَيْرِ سِبَاحَةٍ بِالْوُثُوبِ فَوْقَهُ أَوْ الْمَشْيِ فِيهِ أَوْ عَلَى جِسْرٍ مَمْدُودٍ عَلَى حَافَّتَيْهِ فَغَيْرُ مُضِرٍّ جَزْمًا. (فَإِنْ) (كَانَا) أَيْ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ (فِي بِنَاءَيْنِ) (كَصَحْنٍ وَصُفَّةٍ أَوْ) صَحْنٍ أَوْ صُفَّةٍ (وَبَيْتٍ) مِنْ مَكَان وَاحِدٍ كَمَدْرَسَةٍ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى ذَلِكَ أَوْ مَكَانَيْنِ وَقَدْ حَاذَى الْأَسْفَلُ الْأَعْلَى إنْ كَانَا عَلَى مَا يَأْتِي عَنْ الرَّافِعِيِّ (فَطَرِيقَانِ أَصَحُّهُمَا إنْ كَانَ بِنَاءُ الْمَأْمُومِ) أَيْ مَوْقِفُهُ (يَمِينًا) لِلْإِمَامِ (أَوْ شِمَالًا) لَهُ (وَجَبَ اتِّصَالُ صَفٍّ مِنْ أَحَدِ الْبِنَاءَيْنِ بِالْآخَرِ) إذْ اخْتِلَافُ الْأَبْنِيَةِ يُوجِبُ التَّفْرِيقَ، فَاشْتَرَطَ الِاتِّصَالَ لِيَحْصُلَ الرَّبْطُ بِالِاجْتِمَاعِ، وَمَا سِوَى هَذَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْبِنَاءَيْنِ لَا يَضُرُّ بُعْدُهُمْ عَنْهُمَا بِثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ فَمَا دُونَهَا، وَلَا يُكْتَفَى عَنْ ذَلِكَ بِوُقُوفٍ وَاحِدٍ طَرَفُهُ بِهَذَا الْبِنَاءِ وَطَرَفُهُ بِهَذَا الْبِنَاءِ لِكَوْنِهِ لَا يُسَمَّى صَفًّا فَيَنْبَغِي الِاتِّصَالُ (وَلَا تَضُرُّ فُرْجَةٌ) بَيْنَ الْمُتَّصِلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ (لَا تَسَعُ وَاقِفًا) أَوْ تَسَعُهُ مِنْ غَيْرِ إمْكَانِ الْوُقُوفِ فِيهَا كَعَتَبَةٍ (فِي الْأَصَحِّ) لِاتِّحَادِ الصَّفِّ مَعَهَا عُرْفًا. وَالثَّانِي تَضُرُّ نَظَرًا لِلْحَقِيقَةِ، فَإِنْ وَسِعَتْ وَاقِفًا فَأَكْثَرَ وَلَمْ يَتَعَذَّرْ الْوُقُوفُ عَلَيْهَا ضَرَّ (وَإِنْ كَانَ) الْوَاقِفُ (خَلْفَ بِنَاءِ الْإِمَامِ) (فَالصَّحِيحُ صِحَّةُ الْقُدْوَةِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ) أَوْ الشَّخْصَيْنِ الْوَاقِفَيْنِ بِطَرَفِي الْبِنَاءَيْنِ (أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ الْمُسَقَّفُ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا. (قَوْلُهُ: مَعَ إمْكَانِ التَّوَصُّلِ لَهُ عَادَةً) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ لِكُلٍّ مِنْ السَّطْحَيْنِ إلَى الشَّارِعِ الَّذِي بَيْنَهُمَا سُلَّمٌ يُسْلَكُ عَادَةً سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَعَنْ غَيْرِهِ الْمَنْعُ) أَقُولُ: يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ التَّوَصُّلُ مِنْهُ إلَيْهِ عَادَةً. (قَوْلُهُ: وَالنَّهْرُ الْمُحْوِجُ إلَى سِبَاحَةٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْهَا. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْحَضْرَمِيَّةِ: وَلَا يَضُرُّ تَخَلُّلُ الشَّارِعِ وَالنَّهْرِ الْكَبِيرِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ عُبُورُهُ وَالنَّارِ وَنَحْوِهَا، وَلَا يَضُرُّ تَخَلُّلُ الْبَحْرِ بَيْنَ السَّفِينَتَيْنِ لِأَنَّ هَذِهِ لَا تُعَدُّ لِلْحَيْلُولَةِ فَلَا يُسَمَّى وَاحِدٌ مِنْهَا حَائِلًا عُرْفًا. (قَوْلُهُ: لِلْحَيْلُولَةِ عُرْفًا) وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عَدَمِ زِيَادَةِ الْمَسَافَةِ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: مَكْشُوفَتَيْنِ) أَيْ أَمَّا الْمُسَقَّفَتَانِ فَكَالدَّارَيْنِ كَمَا يَأْتِي: أَيْ لِلشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ شُرِطَ مُحَاذَاةُ بَعْضِ بَدَنِهِ. (قَوْلُهُ: أَمَّا الشَّارِعُ إلَخْ) تَوْجِيهٌ لِلثَّانِي (قَوْلُهُ فَغَيْرُ مُضِرٍّ) هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلشَّارِعِ يُشْكِلُ بِمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ: أَيْ بِمُلَاحَظَةِ قَوْلِ الشَّارِحِ فِي بَيَانِهِ: أَيْ مَعَ إمْكَانِ التَّوَصُّلِ لَهُ عَادَةً إلَّا أَنْ يُرَادَ بِغَيْرِ الْمَطْرُوقِ فِي كَلَامِهِ مَطْرُوقٌ لَمْ يَكْثُرُ طُرُوقُهُ أَوْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِالْمُرُورِ فِيهِ أَصْلًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَا إلَخْ) قَسِيمُ قَوْلِهِ وَلَوْ كَانَا بِقَضَاءٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَطَرِيقَانِ أَصَحُّهُمَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ أَوْلَاهُمَا وَلَمْ يُصَرِّحْ فِي غَيْرِهِ بِتَرْجِيحٍ اهـ عَمِيرَةُ. لَكِنَّ التَّرْجِيحَ مُرَادٌ بِقَوْلِهِ أَوْلَاهُمَا، فَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ مُسَاوِيَةٌ لِأَصْلِهِ، وَقَوْلُهُ أَصَحُّهُمَا: أَيْ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ. (قَوْلُهُ: وَجَبَ اتِّصَالُ صَفٍّ إلَخْ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ لَوْ وَقَفَ الْإِمَامُ بِالصِّفَةِ وَالْمَأْمُومُ بِالصَّحْنِ كَفَى عَلَى هَذَا. (قَوْلُهُ: وَطَرَفُهُ بِهَذَا الْبِنَاءِ) أَيْ وَإِنْ اعْتَمَدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَقَوْلِهِ كَصَحْنٍ وَصِفَةٍ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ بَيْتَ فِي الْمَتْنِ يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ كَصَحْنٍ فَيُقَدَّرُ لَفْظُهُ بَعْدَ أَوْ وَيَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ صِفَةٍ فَيُقَدَّرُ لَفْظُهَا بَعْدَ أَوْ

أَذْرُعٍ) تَقْرِيبًا لِأَنَّ هَذَا الْمِقْدَارَ غَيْرُ مُخْلٍ بِالِاتِّصَالِ الْعُرْفِيِّ بِخِلَافِ مَا زَادَ عَلَيْهَا (وَالطَّرِيقُ الثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ إلَّا الْقُرْبُ) فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ الْمُتَقَدِّمَةِ بِأَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَثمِائَةِ ذِرَاعٍ (كَالْفَضَاءِ) أَيْ بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ، إذْ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْعُرْفُ وَهُوَ غَيْرُ مُخْتَلِفٍ، فَمَنْشَأُ الْخِلَافِ الْعُرْفُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَمَحَلُّ الِاكْتِفَاءِ بِالْقُرْبِ عَلَى هَذَا (إنْ لَمْ يَكُنْ حَائِلٌ) يَمْنَعُ الِاسْتِطْرَاقَ بِأَنْ كَانَ يَرَى إمَامَهُ أَوْ بَعْضَ مَنْ اقْتَدَى بِهِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ ذَهَابِهِ إلَيْهِ لَوْ قَصَدَهُ مِنْ غَيْرِ إخْلَالٍ بِالِاسْتِقْبَالِ وَغَيْرِ انْعِطَافٍ وَازْوِرَارٍ، بِالْقَيْدِ الْآتِي فِي أَبِي قُبَيْسٍ (أَوْ حَالَ) بَيْنَهُمَا حَائِلٌ فِيهِ (بَابٌ نَافِذٌ) كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ رَدًّا لِمَنْ اعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ النَّافِدَ لَيْسَ بِحَائِلٍ وَأَنَّ صَوَابَهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْبِنَاءَيْنِ حَائِلٌ أَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا بَابٌ نَافِذٌ وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَقِفَ بِحِذَائِهِ صَفٌّ أَوْ رَجُلٌ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَهَذَا الْوَاقِفُ بِإِزَاءِ الْمَنْفَذِ كَالْإِمَامِ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ خَلْفَهُ لَا يُحْرِمُونَ قَبْلَهُ وَلَا يَرْكَعُونَ قَبْلَ رُكُوعِهِ وَلَا يُسَلِّمُونَ قَبْلَ سَلَامِهِ وَلَا يَتَقَدَّمُ الْمُقْتَدِي عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مُتَأَخِّرًا عَنْ الْإِمَامِ وَيُؤْخَذُ مِنْ جَعْلِهِ كَالْإِمَامِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى الطَّرَفَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَازْوِرَارٍ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: بِالْقَيْدِ الْآتِي) أَيْ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا الْبَابُ الْمَرْدُودُ وَالشُّبَّاكُ فِي الْأَصَحِّ، فِي قَوْلِهِ: وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ صِحَّةُ صَلَاةِ الْوَاقِفِ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ بِمَنْ فِي الْمَسْجِدِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ) أَيْ قَالَ مَعْنَى: حَائِلٌ فِيهِ، وَإِلَّا فَعِبَارَتُهُ: أَوْ حَالَ مَا فِيهِ بَابٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ: كَالْإِمَامِ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ سَمِعَ قُنُوتَ الرَّابِطَةِ لَا يُؤَمِّنْ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي ذَلِكَ بِالْإِمَامِ الْأَصْلِيِّ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ تُكْرَهُ مُسَاوَاتُهُ، وَنَظَرَ فِيهِ سم عَلَى حَجّ وَاسْتَقْرَبَ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيُحْتَمَلُ الْكَرَاهَةُ لِتَنْزِيلِهِمْ الرَّابِطَةَ مَنْزِلَةَ الْإِمَامِ فِي عَدَمِ التَّقَدُّمِ عَلَيْهِ فِي الْأَفْعَالِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُسَلِّمُونَ قَبْلَ سَلَامِهِ) عُمُومُهُ شَامِلٌ لِمَا لَوْ بَقِيَ عَلَى الرَّابِطَةِ شَيْءٌ مِنْ صَلَاتِهِ كَأَنْ عَلِمَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ أَنَّهُ كَانَ يَسْجُدُ عَلَى كَوْرِ عِمَامَتِهِ مَثَلًا فَقَامَ لِيَأْتِيَ بِمَا عَلَيْهِ فَيَجِبُ عَلَى مَنْ خَلْفَهُ انْتِظَارُ سَلَامِهِ وَهُوَ بَعِيدٌ، بَلْ امْتِنَاعُ سَلَامِ مَنْ خَلْفَهُ قَبْلَ سَلَامِهِ مُشْكِلٌ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى حَجّ: قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: إنَّ بَعْضَهُمْ نَقَلَ عَنْ بَحْثِ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُمْ لَا يُسَلِّمُونَ قَبْلَهُ، ثُمَّ نَظَرَ فِيهِ أَيْضًا لِمَنْعِ سَلَامِهِمْ قَبْلَهُ لِانْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ بِسَلَامِ الْإِمَامِ، وَيَلْزَمُ مِنْ انْقِطَاعِهَا سُقُوطُ حُكْمِ الرَّابِطَةِ لِصَيْرُورَتِهِمْ مُنْفَرِدِينَ فَلَا مَحْذُورَ فِي سَلَامِهِمْ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَلَا يَتَقَدَّمُ الْمُقْتَدِي إلَخْ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: قَوْلُهُ دُونَ التَّقَدُّمِ بِالْأَفْعَالِ إلَخْ، وَعَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي، فَلَوْ تَعَارَضَ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ وَالرَّابِطَةِ بِأَنْ اخْتَلَفَ فِعْلَاهُمَا تَقَدُّمًا وَتَأَخُّرًا فَهَلْ يُرَاعِي الْإِمَامَ أَوْ الرَّابِطَةَ؟ فِيهِ نَظَرٌ. فَإِنْ قُلْنَا: يُرَاعِي الْإِمَامَ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى عَدَمِ ضَرَرِ التَّقَدُّمِ عَلَى الرَّابِطَةِ أَوْ يُرَاعِي الرَّابِطَةَ لَزِمَ عَدَمُ ضَرَرِ التَّقَدُّمِ عَلَى الْإِمَامِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ، أَوْ يُرَاعِيهِمَا إلَّا إذَا اخْتَلَفَا فَيُرَاعِي الْإِمَامَ، أَوْ إلَّا إذَا اخْتَلَفَا فَالْقِيَاسُ وُجُوبُ الْمُفَارَقَةِ فَلَا يَخْفَى عَدَمُ اتِّجَاهِهِ انْتَهَى. وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ تَوَقُّفِهِ فِي وُجُوبِ الْمُفَارَقَةِ وَجَوَازِ التَّأَخُّرِ عَنْ الْإِمَامِ دُونَ مَا عَدَاهُمَا أَنَّ الْأَقْرَبَ عِنْدَهُ مُرَاعَاةُ الْإِمَامِ فَيَتْبَعُهُ، وَلَا يَضُرُّ تَقَدُّمُهُ عَلَى الرَّابِطَةِ، وَرَأَيْت الْجَزْمَ بِهِ بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ، قَالَ: لِأَنَّ الْإِمَامَ هُوَ الْمُقْتَدَى بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. قَالَ سم عَلَى حَجّ أَيْضًا: وَلَوْ تَعَدَّدَتْ الرَّابِطَةُ وَقَصَدَ الِارْتِبَاطَ بِالْجَمِيعِ فَهَلْ يَمْتَنِعُ كَالْإِمَامِ؟ مَالَ م ر لِلْمَنْعِ وَيَظْهَرُ خِلَافُهُ، وَقَدْ يَدُلُّ قَوْلُهُ فَلَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ إلَخْ بَعْدَ قَوْلِهِ وَاحِدًا: أَيْ سَوَاءٌ كَانَ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ عَلَى امْتِنَاعِ تَقْدِيمِهِمْ فِيمَا ذُكِرَ عَلَى الْأَكْثَرِ، وَالظَّاهِرُ وَهُوَ الْوَجْهُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، بَلْ يَكْفِي انْتِفَاءُ التَّقَدُّمِ الْمَذْكُورِ بِالنِّسْبَةِ لِوَاحِدٍ مِنْ الْوَاقِفِينَ، لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُوجَدْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِالْقَيْدِ الْآتِي فِي أَبِي قُبَيْسٍ) أَيْ بِأَنْ يَبْقَى ظَهْرُهُ لِلْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ) أَيْ قَوْلُهُ: بَيْنَهُمَا حَائِلٌ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرْكَعُونَ قَبْلَ رُكُوعِهِ) شَمِلَ مَا إذَا كَانَ الرَّابِطَةُ مُتَخَلِّفًا بِثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ لِعُذْرٍ فَيُغْتَفَرُ لِهَذَا الْمَأْمُومِ مَا يُغْتَفَرُ لَهُ مِمَّا

فِيمَا يَظْهَرُ وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا، وَلَا يَضُرُّ زَوَالُ هَذَا الرَّابِطَةَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَيُتِمُّونَهَا خَلْفَ الْإِمَامِ حَيْثُ عَلِمُوا بِانْتِقَالَاتِهِ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ. قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ: وَلَوْ رَدَّ الرِّيحُ الْبَابَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ فَتْحِهِ فَعَلَ ذَلِكَ حَالًا وَدَامَ عَلَى مُتَابَعَتِهِ وَإِلَّا فَارَقَهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: انْقَطَعَتْ الْقُدْوَةُ كَمَا لَوْ أَحْدَثَ إمَامُهُ فَإِنْ تَابَعَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، كَذَا نَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ عَنْهَا ذَلِكَ، وَنَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْبَابُ مَفْتُوحًا وَقْتَ الْإِحْرَامِ فَرَدَّهُ الرِّيحُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ لَمْ يَضُرَّ انْتَهَى. وَلَعَلَّ إفْتَاءَ الْبَغَوِيّ تَعَدَّدَ وَالثَّانِي أَوْجَهُ كَنَظَائِرِهِ، وَلَمَّا كَانَ الْأَوَّلُ مُشْكِلًا قَالَ الشَّيْخُ: إنَّ صُورَتَهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ هُوَ وَحْدَهُ انْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ بَعْدَ رَدِّ الْبَابِ وَبِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ إحْكَامِهِ فَتْحَهُ بِخِلَافِ الْبَقِيَّةِ، وَبِأَنَّ الْحَائِلَ أَشَدُّ مِنْ الْبُعْدِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْحَائِلَ فِي الْمَسْجِدِ يَضُرُّ بِخِلَافِ الْبُعْدِ، وَلَوْ بُنِيَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ حَائِلٌ لَمْ يَضُرَّ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الْعِمَادِ وَالْأَذْرَعِيُّ آخِذًا بِعُمُومِ الْقَاعِدَةِ السَّابِقَةِ، وَظَاهِرُ ـــــــــــــــــــــــــــــSإلَّا هُوَ كَفَى مُرَاعَاتُهُ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعِبَارَتِهِ، وَمِنْ ثَمَّ اتَّجَهَ جَوَازُ كَوْنِهِ امْرَأَةً وَإِنْ كَانَ مَنْ خَلْفَهُ رِجَالًا اهـ. وَلَعَلَّ قَوْلَهُ وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا: أَنَّهُ لَمْ يَرَ فِيهِ نَقْلًا لِبَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَمَكَّنَ) أَيْ الْمُقْتَدِي. (قَوْلُهُ: انْقَطَعَتْ الْقُدْوَةُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ حَيْثُ قُلْنَا بِانْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ لَا تَجِبُ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ لَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَا فِي حَدَثِ الْإِمَامِ، وَسَيَأْتِي فِي فَصْلٍ خَرَجَ الْإِمَامُ مِنْ صَلَاتِهِ انْقَطَعَتْ الْقُدْوَةُ مَا نَصُّهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَوْ تَرَكَ سُنَّةً مَقْصُودَةً كَتَشَهُّدٍ: وَقَدْ تَجِبُ الْمُفَارَقَةُ كَأَنْ رَأَى إمَامَهُ مُتَلَبِّسًا بِمَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَلَمْ يَعْلَمْ الْإِمَامُ بِهِ كَأَنْ رَأَى عَلَى ثَوْبِهِ نَجَاسَةً غَيْرَ مَعْفُوٍّ عَنْهَا: أَيْ وَهِيَ خَفِيَّةٌ تَحْتَ ثَوْبِهِ وَكَشَفَهَا الرِّيحُ مَثَلًا، أَوْ رَأَى خُفَّهُ تُخْرَقُ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: عَنْهَا) أَيْ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ. (قَوْلُهُ: فَرَدَّهُ الرِّيحُ إلَخْ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ رَدَّهُ هُوَ فَيَضُرُّ. [فَرْعٌ] الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إذَا رَدَّ الْبَابَ فِي الْأَثْنَاءِ بِوَاسِطَةِ رِيحٍ أَوْ غَيْرِهِ امْتَنَعَ الِاقْتِدَاءُ وَإِنْ عَلِمَ انْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ إحْكَامِ فَتْحِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ زَالَتْ الرَّابِطَةُ فِي الْأَثْنَاءِ بِحَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ لَا يُمْنَعُ بَقَاءُ الِاقْتِدَاءِ بِشَرْطِ الْعِلْمِ بِالِانْتِقَالَاتِ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِ ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ عَاقِلًا وَهُوَ ظَاهِرٌ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا فِي الشَّارِحِ لِأَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ هُوَ وَغَيْرُهُ قَدَّمَ مَا فِيهِ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ فَتْحِهِ لِأَنَّ رَدَّ الْبَابِ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ. (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي) أَيْ عَدَمُ الضَّرَرِ أَوْجَهُ، وَمَحَلُّهُ حَيْثُ عَلِمَ بِانْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ (قَوْلِهِ كَنَظَائِرِهِ) وَمِنْهَا مَا لَوْ رَفَعَ السُّلَّمَ الَّذِي يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى الْإِمَامِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ، وَلَا نَظَرَ لِإِمْكَانِ الْفَرْقِ بَيْنَ رَدِّ الْبَابِ وَرَفْعِ السُّلَّمِ بِسُهُولَةِ التَّوَصُّلِ مِنْ الْبَابِ الْمَرْدُودِ دُونَ التَّوَصُّلِ مَعَ رَفْعِ السُّلَّمِ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ بُنِيَ بَيْنَهُمَا جِدَارٌ لَمْ يَضُرَّ (قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَ الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ قَالَ الْبَغَوِيّ إلَخْ (قَوْلُهُ وَبِأَنَّهُ) أَيْ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَضُرَّ) أَيْ وَإِنْ طَالَ الْجِدَارُ جِدًّا حَيْثُ عَلِمَ بِانْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ: أَخْذًا بِعُمُومِ الْقَاعِدَةِ السَّابِقَةِ) وَهِيَ قَوْلُهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ: أَيْ حَيْثُ لَا تَقْصِيرَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQسَيَأْتِي، وَهُوَ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَ الْأَوَّلُ مُشْكِلًا) أَيْ بِعَدَمِ وُجُوبِ مُفَارَقَةِ الْبَقِيَّةِ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَهُ حَتَّى يَعْلَمَ الْمُرَادَ مِنْ الْجَوَابِ (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ) لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِهِ مَا يَصِحُّ عَطْفُ هَذَا عَلَيْهِ وَهُوَ تَابِعٌ فِي التَّعْبِيرِ بِهِ لِلشَّيْخِ، لَكِنَّ ذَاكَ قَدَّمَ مَا يَصِحُّ لَهُ هَذَا الْعَطْفُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ سَوْقِ عِبَارَتِهِ وَنَصُّهَا، وَقَدْ يُشْكِلُ هَذَا: أَيْ مَا ذُكِرَ عَنْ الْبَغَوِيّ أَوَّلًا بِعَدَمِ وُجُوبِ مُفَارَقَةِ الْبَقِيَّةِ، وَيُجَابُ بِحَمْلِ الْكَلَامِ فِيهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ هُوَ وَحْدَهُ انْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ بَعْدَ رَدِّ الْبَابِ وَبِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ إحْكَامِهِ فَتْحَهُ بِخِلَافِ الْبَقِيَّةِ. انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ الْحَائِلَ إلَخْ) فِيهِ أُمُورٌ: مِنْهَا مَا مَرَّ فِي الَّذِي قَبْلَهُ، وَمِنْهَا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ صَنِيعُهُ، وَمِنْهَا أَنَّهُ لَا يُجْدِي؛ لِأَنَّ

مِمَّا مَرَّ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَكُنْ الْبِنَاءُ بِأَمْرِهِ (فَإِنْ حَالَ مَا) أَيْ بِنَاءٌ (يَمْنَعُ الْمُرُورَ لَا الرُّؤْيَةَ) كَشُبَّاكٍ وَبَابٍ مَرْدُودٍ وَكَصُفَّةٍ شَرْقِيَّةٍ أَوْ غَرْبِيَّةٍ مِنْ مَدْرَسَةٍ بِحَيْثُ لَا يَرَى الْوَاقِفُ مِنْ أَحَدِهِمَا الْإِمَامَ وَلَا أَحَدًا مِمَّنْ خَلْفَهُ (فَوَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ عَدَمُ صِحَّةِ الْقُدْوَةِ أَخْذًا مِنْ تَصْحِيحِهِ فِي الْمَسْجِدِ الْآتِي مَعَ الْمَوَاتِ، وَلِهَذَا تُرِكَ التَّصْحِيحُ هُنَا وَلَمْ يَقَعْ فِي هَذَا الْمَتْنِ ذِكْرُ خِلَافٍ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ سِوَى هَذَا، وَفِي النَّفَقَاتِ: وَلَا ثَالِثَ لَهُمَا إلَّا مَا كَانَ مُفَرَّعًا عَلَى مَرْجُوحٍ، كَالْأَقْوَالِ الْمُفَرَّعَةِ عَلَى الْبَيِّنَتَيْنِ الْمُتَعَارِضَتَيْنِ هَلْ يَقْرَعُ أَمْ يُوقَفُ أَمْ يُقْسَمُ (أَوْ) حَالَ (جِدَارٌ) أَوْ بَابٌ مُغْلَقٌ ابْتِدَاءً (بَطَلَتْ) أَيْ لَمْ تَنْعَقِدْ الْقُدْوَةُ (بِاتِّفَاقِ الطَّرِيقَيْنِ) لِأَنَّ الْجِدَارَ مُعَدٌّ لِلْفَصْلِ بَيْنَ الْأَمَاكِنِ فَإِذَا طَرَأَ ذَلِكَ فِي أَثْنَائِهَا وَعَلِمَ بِانْتِقَالَاتِ إمَامِهِ وَلَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهِ لَمْ يَضُرَّ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ (قُلْت: الطَّرِيقُ الثَّانِي أَصَحُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) إذْ الْمُشَاهَدَةُ تَقْضِي بِمُوَافَقَةِ الْعُرْفِ لَهَا، وَدَعْوَى أَهْلِ الْأَوَّلِ مُوَافِقَةٌ الْعُرْفَ قَوْلُهُمْ لَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ عُرْفِهِمْ الْخَاصِّ، وَلَا أَثَرَ لَهُ إذَا عَارَضَهُ الْعُرْفُ الْعَامُّ (وَإِذَا صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ فِي بِنَاءٍ آخَرَ) غَيْرِ بِنَاءِ الْإِمَامِ بِشَرْطِ الِاتِّصَالِ عَلَى الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي بِدُونِهِ (صَحَّ اقْتِدَاءُ مَنْ خَلْفَهُ) أَوْ بِجَنْبِهِ (وَإِنْ حَالَ جِدَارٌ) أَوْ جُدُرٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ اكْتِفَاءً بِهَذَا الرَّابِطِ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ. (وَ) عَلَى الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ (لَوْ) (وَقَفَ فِي عُلُوٍّ) مِنْ غَيْرِ مَسْجِدٍ كَصُفَّةٍ مُرْتَفِعَةٍ وَسَطَ دَارٍ مَثَلًا (وَإِمَامُهُ فِي سُفْلٍ) كَصَحْنِ تِلْكَ الدَّارِ (أَوْ عَكْسِهِ) أَيْ الْوُقُوفِ: أَيْ وُقُوفًا عَكْسَ الْوُقُوفِ الْمَذْكُورِ (شُرِطَ مُحَاذَاةُ بَعْضِ بَدَنِهِ) أَيْ الْمَأْمُومِ (بَعْضَ بَدَنِهِ) أَيْ الْإِمَامِ بِأَنْ يُحَاذِيَ رَأْسُ الْأَسْفَلِ قَدَمَ الْأَعْلَى مَعَ فَرْضِ اعْتِدَالِ إقَامَةِ الْأَسْفَلِ. أَمَّا عَلَى الطَّرِيقِ الثَّانِي وَهُوَ الصَّحِيحُ فَلَا يُشْتَرَطُ سِوَى الْقُرْبُ، وَلَوْ قُدِّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ الْأَوَّلِ لَسَلِمَ مِنْ الْإِيهَامِ. نَعَمْ إنْ كَانَ بِمَسْجِدٍ صَحَّ مُطْلَقًا بِاتِّفَاقِهِمَا، وَلَوْ كَانَا فِي سَفِينَتَيْنِ مَكْشُوفَتَيْنِ فِي الْبَحْرِ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ كَالْقَضَاءِ وَإِنْ لَمْ تُشَدَّ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى، فَإِنْ كَانَتَا مُسَقَّفَتَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا فَقَطْ فَكَاقْتِدَاءِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ فِي بَيْتَيْنِ، فَيُشْتَرَطُ فِيهِ مَعَ قُرْبِ الْمَسَافَةِ وَعَدَمِ الْحَائِلِ وُجُودُ الْوَاقِفِ بِالْمَنْفَذِ إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَنْفَذٌ، وَالسَّفِينَةُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى بُيُوتٍ كَالدَّارِ الَّتِي فِيهَا بُيُوتٌ وَالسُّرَادِقَاتِ بِالصَّحْرَاءِ وَهِيَ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ مَا يُدَارُ حَوْلَ الْخِبَاءِ كَسَفِينَةٍ مَكْشُوفَةٍ، وَالْخِيَامُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ الْبِنَاءُ بِأَمْرِهِ) أَيْ الْمَأْمُومِ. (قَوْلُهُ: وَبَابٍ مَرْدُودٍ) عَطْفٌ عَلَى شُبَّاكٍ، لَكِنَّ فِيهِ مُسَامَحَةً لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ مِمَّا يَمْنَعُ الْمُرُورَ لَا الرُّؤْيَةَ مَعَ كَوْنِهِ بِالْعَكْسِ، وَمِنْ ثَمَّ جَعَلَهُ الْمَحَلِّيُّ مُلْحَقًا بِهِ فِي الضَّرَرِ. (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يَرَى الْوَاقِفُ) هَذَا التَّقْيِيدُ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ وَكَصِفَّةٍ مِنْ الْمُلْحَقِ بِالْجِدَارِ لَا الشُّبَّاكِ الَّذِي لَا يَمْنَعُ الرُّؤْيَةَ وَهُوَ خِلَافُ الْمُتَبَادَرِ مِنْ عِبَارَتِهِ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْكَافَ لِلتَّنْظِيرِ، وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ حَالَ جِدَارٌ، وَمِنْهُ أَنْ يَقِفَ فِي صُفَّةٍ شَرْقِيَّةٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: كَالْأَقْوَالِ الْمُفَرَّعَةِ عَنْ الْبَيِّنَتَيْنِ الْمُتَعَارِضَتَيْنِ) أَيْ فَإِنَّ الرَّاجِحَ ثَمَّ تَسَاقُطُ الْبَيِّنَتَيْنِ وَالثَّانِي يُسْتَعْمَلَانِ، وَعَلَيْهِ جَرَتْ هَذِهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ. (قَوْلُهُ: وَدَعْوَى أَهْلِ الْأَوَّلِ) أَيْ الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ: أَيْ طَرِيقِ الْمَرَاوِزَةِ (قَوْلُهُ: مُوَافَقَةُ الْعُرْفِ قَوْلَهُمْ) فَاعِلٌ أَوْ مَفْعُولٌ لِمُوَافَقَةٍ، فَهُوَ بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ: أَيْ وَهُوَ الْأَوْلَى. [فَرْعٌ] إذَا وَقَفَ أَحَدُهُمَا فِي سَطْحٍ وَالْآخَرُ عَلَى الْأَرْضِ اُعْتُبِرَتْ الْمَسَافَةُ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ بَعْدَ بَسْطِ ارْتِفَاعِ السَّطْحِ مُنْبَسِطًا وَمُمْتَدًّا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. لَكِنَّ الَّذِي فِي الْجُمُعَةِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ نَقْلًا عَنْ وَالِدِهِ خِلَافُ ذَلِكَ وَعِبَارَتُهُ ثَمَّ وَهَلْ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ لَوْ كَانَ بِمُنْخَفَضٍ لَا يَسْمَعُ النِّدَاءَ وَلَوْ اسْتَوَتْ لِسَمِعَهُ لَزِمَتْهُ الْجُمُعَةُ أَنْ تُبْسَطَ هَذِهِ الْمَسَافَةُ أَوْ أَنْ يَطْلُعَ فَوْقَ الْأَرْضِ مُسَامِتًا لِمَا هُوَ فِيهِ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِمْ الْمَذْكُورِ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: أَوْ الثَّانِي بِدُونِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَائِلَ مَوْجُودٌ فِيهِ وَفِيهِمْ وَزَادُوا عَلَيْهِ بِالْبُعْدِ (قَوْلُهُ: وَبَابٌ مَرْدُودٌ) لَيْسَ مِثَالًا لِمَا يَمْنَعُ الْمُرُورَ لَا الرُّؤْيَةَ وَإِنْ أَوْهَمَهُ كَلَامُهُ إذْ هُوَ عَكْسُ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ مُلْحَقٌ بِهِ فِي الْحُكْمِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَيُلْحَقُ بِهِ الْبَابُ الْمَرْدُودُ كَمَا صَنَعَ الْجَلَالُ،

كَالْبُيُوتِ. (وَلَوْ) (وَقَفَ) الْمَأْمُومُ (فِي مَوَاتٍ) أَوْ شَارِعٍ (وَإِمَامُهُ فِي مَسْجِدٍ) مُتَّصِلٍ بِنَحْوِ الْمَوَاتِ أَوْ عَكْسِهِ (فَإِنْ لَمْ يَحُلْ شَيْءٌ) مِمَّا مَرَّ بَيْنَهُمَا (فَالشَّرْطُ التَّقَارُبُ) بِأَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى نَحْوِ ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ، وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ قَوْلَهُ وَلَمْ يَحُلْ شَيْءٌ بِأَنَّهُ مُتَعَقَّبٌ، إذْ لَوْ كَانَ فِي جِدَارِ الْمَسْجِدِ بَابٌ وَلَمْ يَقِفْ بِحِذَائِهِ أَحَدٌ لَمْ تَصِحَّ الْقُدْوَةُ، رُدَّ بِأَنَّ هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ، وَإِذَا صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ فِي بِنَاءٍ صَحَّ اقْتِدَاءُ مَنْ خَلْفَهُ (مُعْتَبَرًا مِنْ آخِرِ الْمَسْجِدِ) لِأَنَّ الْمَسْجِدَ كُلَّهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ لِأَنَّهُ مَحَلٌّ لِلصَّلَاةِ فَلَا يَدْخُلُ فِي الْحَدِّ الْفَاصِلِ (وَقِيلَ مِنْ آخِرِ صَفٍّ) فِيهِ لِأَنَّهُ الْمَتْبُوعُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إلَّا الْإِمَامُ فَمِنْ مَوْقِفِهِ. وَمَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا قَالَهُ الدَّارِمِيُّ إذَا لَمْ تَخْرُجْ الصُّفُوفُ عَنْ الْمَسْجِدِ فَإِنْ خَرَجَتْ عَنْهُ فَالْمُعْتَبَرُ مِنْ آخِرِ صَفٍّ خَارِجَ الْمَسْجِدِ قَطْعًا، فَلَوْ كَانَ الْمَأْمُومُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْإِمَامُ خَارِجَهُ اُعْتُبِرَتْ الْمَسَافَةُ مِنْ طَرَفِهِ الَّذِي يَلِي الْإِمَامَ (وَإِنْ حَالَ جِدَارٌ) لَا بَابَ فِيهِ (أَوْ بَابٌ مُغْلَقٌ مَنَعَ) الْقُدْوَةَ لِعَدَمِ الِاتِّصَالِ (وَكَذَا الْبَابُ الْمَرْدُودُ وَالشُّبَّاكُ) يَمْنَعُ (فِي الْأَصَحِّ) لِحُصُولِ الْحَائِلِ مِنْ وَجْهٍ، إذْ الْأَوَّلُ يَمْنَعُ الْمُشَاهَدَةَ وَالثَّانِي الِاسْتِطْرَاقَ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يُمْنَعُ لِحُصُولِ الِاتِّصَالِ مِنْ وَجْهٍ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ صِحَّةُ صَلَاةِ الْوَاقِفِ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ بِمَنْ فِي الْمَسْجِدِ، وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ، وَنَصُّهُ عَلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ مَحْمُولٌ عَلَى الْبُعْدِ أَوْ عَلَى مَا إذَا حَدَثَتْ أَبْنِيَةٌ بِحَيْثُ لَا يَصِلُ إلَى الْإِمَامِ لَوْ تَوَجَّهَ إلَيْهِ مِنْ جِهَةِ إمَامِهِ إلَّا بِازْوِرَارٍ وَانْعِطَافٍ بِأَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ ذَهَبَ إلَى الْإِمَامِ مِنْ مُصَلَّاهُ لَا يَلْتَفِتُ عَنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ بِحَيْثُ يَبْقَى ظَهْرُهُ إلَيْهَا (قُلْت: يُكْرَهُ ارْتِفَاعُ الْمَأْمُومِ عَلَى إمَامِهِ) حَيْثُ أَمْكَنَ وُقُوفُهُمَا بِمُسْتَوًى (وَعَكْسُهُ) سَوَاءٌ أَكَانَ فِي الْمَسْجِدِ أَمْ غَيْرِهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الِاتِّصَالِ (قَوْلُهُ: مِنْ طَرَفِهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ إلَخْ) تَصْوِيرٌ لِعَدَمِ الِازْوِرَارِ وَالِانْعِطَافِ (قَوْلُهُ: لَا يَلْتَفِتُ عَنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ إلَخْ) شَمِلَ مَا لَوْ احْتَاجَ فِي ذَهَابِهِ إلَى الْإِمَامِ إلَى أَنْ يَمْشِيَ الْقَهْقَرَى مَسَافَةً ثُمَّ يَنْحَرِفَ، وَهَذَا قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْإِسْنَوِيِّ الَّتِي حَكَمَ الْحِصْنِيُّ عَلَيْهِ بِالسَّهْوِ فِيهَا شَرْطُهَا أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ أَرَادَ الذَّهَابَ إلَى الْإِمَامِ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ احْتَاجَ إلَى اسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ، وَلَا يَضُرُّ احْتِيَاجُهُ إلَى التَّيَامُنِ وَالتَّيَاسُرِ فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ جِدًّا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ طَوِيلٍ. وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَضُرُّ احْتِيَاجُهُ إلَى التَّيَامُنِ وَالتَّيَاسُرِ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَى الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ اسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ لَكِنْ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى انْحِرَافٍ كَأَنْ احْتَاجَ فِي مُرُورِهِ لَتَعْدِيَةِ جِدَارٍ قَصِيرٍ كَالْعَتَبَةِ لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ أَنَّهُ اسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَوْ أَمْكَنَ وُقُوفُهُمَا بِمُسْتَوًى) أَيْ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ كَأَنْ وُضِعَ الْمَسْجِدُ مُشْتَمِلًا عَلَى ارْتِفَاعٍ وَانْخِفَاضٍ ابْتِدَاءً كَالْغُورِيَّةِ فَلَا كَرَاهَةَ، وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ كَذَا نَقَلَهُ الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ عَنْهُ، لَكِنَّ الَّذِي رَأَيْته فِي الشَّرْحِ الْمَذْكُورِ نَصُّهُ: وَأَمَّا اسْتِثْنَاءُ بَعْضِ مُحَقِّقِي الْمُتَأَخِّرِينَ لِلْمَسْجِدِ زَاعِمًا أَنَّ ذَلِكَ فِي الْأُمِّ فَلَيْسَ فِي مَحَلِّهِ، وَعِبَارَةُ الْأُمِّ لَا تَشْهَدُ لَهُ وَلَفْظُهَا: وَالِاخْتِيَارُ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ مُسَاوِيًا لِلنَّاسِ، وَلَوْ كَانَ أَرْفَعَ مِنْهُ أَوْ أَخْفَضَ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ وَلَا صَلَاتُهُمْ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَأْمُومُ مِنْ فَوْقِ الْمَسْجِدِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ فِي الْمَسْجِدِ إذَا كَانَ يَسْمَعُ صَوْتَهُ أَوْ يَرَى بَعْضَ مَنْ خَلْفَهُ، فَقَدْ رَأَيْت بَعْضَ الْمُؤَذِّنِينَ يُصَلِّي عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ، مِمَّا عَلِمْت أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَابَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَإِنْ كُنْت قَدْ عَلِمْت أَنَّ بَعْضَهُمْ أَحَبَّ ذَلِكَ لَهُمْ لَوْ أَنَّهُمْ هَبَطُوا إلَى الْمَسْجِدِ، ثُمَّ أَيَّدَ ذَلِكَ بِفِعْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَتَأَمَّلْهُ تَجِدُهُ إنَّمَا اسْتَدَلَّ عَلَى عَدَمِ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ: أَمَّا مَا يَمْنَعُ الْمُرُورَ وَالرُّؤْيَةَ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: أَوْ جِدَارٌ بَطَلَتْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: رُدَّ بِأَنَّ هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ إلَخْ) هَذَا الرَّدُّ لَا يُلَاقِي الِاعْتِرَاضَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَاَلَّذِي أَجَابَ بِهِ الشِّهَابُ حَجّ أَنَّ هُنَا حَائِلًا كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَوْ ذَهَبَ إلَى الْإِمَامِ مِنْ مُصَلَّاهُ لَا يَلْتَفِتُ) تَصْوِيرٌ لِلنَّصِّ الْأَوَّلِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ حَذَفَ لَفْظَ لَا مِنْ لَا يَلْتَفِتُ فَيَكُونُ تَصْوِيرًا لِلنَّصِّ الثَّانِي وَهُوَ الظَّاهِرُ.

الشَّافِعِيُّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْجَوَاهِرِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِمَنْ وُهِمَ فِيهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى ارْتِفَاعٍ يَظْهَرُ حِسًّا وَإِنْ قَلَّ حَيْثُ عَدَّهُ الْعُرْفُ ارْتِفَاعًا، وَمَا نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّ قِلَّةَ الِارْتِفَاعِ لَا تُؤَثِّرُ يَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ (إلَّا لِحَاجَةٍ) تَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ كَتَبْلِيغٍ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ إسْمَاعُ الْمَأْمُومِينَ وَكَتَعْلِيمِهِمْ صِفَةَ الصَّلَاةِ (فَيُسْتَحَبُّ) ارْتِفَاعُهُمَا لِذَلِكَ تَقْدِيمًا لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ، فَإِنْ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهَا كَأَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مَوْضِعًا عَالِيًا أُبِيحَ، وَلَوْ لَمْ يُمْكِنْ إلَّا ارْتِفَاعُ أَحَدِهِمَا فَلْيَكُنْ الْإِمَامُ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْقَاضِي وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ مَحَلُّ النَّهْيِ فَلْيَكُنْ الْمَأْمُومَ، لِأَنَّهُ مَقِيسٌ رُدَّ بِأَنَّ عِلَّةُ النَّهْيِ مِنْ مُخَالَفَةِ الْأَدَبِ مَعَ الْمَتْبُوعِ أَتَمُّ فِي الْمَقِيسِ فَكَانَ إيثَارُ الْإِمَامِ بِالْعُلُوِّ أَوْلَى (وَلَا يَقُومُ) نَدْبًا مَنْ أَرَادَ الِاقْتِدَاءَ وَإِنْ كَانَ شَيْخًا، وَمُرَادُهُ بِالْقِيَامِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ التَّوَجُّهُ لِيَشْمَلَ الْمُصَلِّيَ قَاعِدًا فَيَقْعُدَ أَوْ مُضْطَجِعًا فَيَضْطَجِعَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (حَتَّى يَفْرُغَ الْمُؤَذِّنُ) يَعْنِي الْمُقِيمُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُؤَذِّنٍ، وَتَعْبِيرُهُ بِالْمُؤَذِّنِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ (مِنْ الْإِقَامَةِ) أَيْ جَمِيعِهَا، لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَفْرُغْ مِنْهَا لَمْ يَحْضُرْ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَهُوَ مُشْتَغِلٌ بِالْإِجَابَةِ قَبْلَ تَمَامِهَا. أَمَّا الْمُقِيمُ فَيُقِيمُ قَائِمًا حَيْثُ كَانَ قَادِرًا إذْ الْقِيَامُ مِنْ سُنَنِهَا كَمَا مَرَّ، وَنَبَّهَ عَلَيْهِ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَهُوَ وَاضِحٌ. وَالْأَفْضَلُ لِلدَّاخِلِ عِنْدَهَا أَوْ وَقَدْ قَرُبَتْ اسْتِمْرَارُهُ قَائِمًا لِكَرَاهَةِ النَّفْلِ حِينَئِذٍ كَمَا قَالَ (وَلَا يَبْتَدِئُ نَفْلًا بَعْدَ شُرُوعِهِ) أَيْ الْمُقِيمِ (فِيهَا) أَوْ قُرْبَ شُرُوعِهِ فَيُكْرَهُ لِمَنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ مَعَهُمْ ذَلِكَ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ لِخَبَرِ «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» (فَإِنْ كَانَ فِيهِ) أَيْ النَّفْلِ (أَتَمَّهُ) اسْتِحْبَابًا (إنْ لَمْ يَخْشَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ) بِسَلَامِ الْإِمَامِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِإِحْرَازِهِ حِينَئِذٍ الْفَضِيلَتَيْنِ، فَإِنْ خَشِيَ فَوْتَهَا وَكَانَتْ مَشْرُوعَةً لَهُ إنْ أَتَمَّهُ بِأَنْ يُسَلِّمَ إمَامُهُ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْهُ قَطَعَهُ وَدَخَلَ فِيهَا مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ تَحْصِيلُ جَمَاعَةٍ أُخْرَى فَيُتِمُّهُ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ بِجَعْلِ أَلْ فِي الْجَمَاعَةِ لِلْجِنْسِ. وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ. أَمَّا فِيهَا فَقَطْعُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِالِارْتِفَاعِ لَا عَلَى أَنَّ نَفْيَ الْكَرَاهَةِ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ نَفْيٌ لِلْحُرْمَةِ لَا لِلْكَرَاهَةِ لِأَنَّهُ ذَكَرَهَا عَقِبَ قَوْلِهِ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ وَلَا صَلَاتُهُمْ، ثُمَّ رَأَيْت الْبُلْقِينِيَّ فَهِمَ مِنْ النَّصِّ مَا فَهِمْته مِنْهُ حَيْثُ سَاقَهُ اسْتِدْلَالًا عَلَى الصِّحَّةِ مَعَ الِارْتِفَاعِ، عَلَى أَنَّ لِلشَّافِعِيِّ نَصًّا آخَرَ صَرِيحًا فِي أَنَّ الْكَرَاهَةَ حَاصِلَةٌ حَتَّى فِي الْمَسْجِدِ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ فِي الْخُطْبَةِ انْتَهَى بِحُرُوفِهِ. وَبَقِيَ مَا لَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ مَكْرُوهَانِ كَالصَّلَاةِ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ مَعَ الِارْتِفَاعِ وَالصَّلَاةِ فِي غَيْرِهِ مَعَ تَقَطُّعِ الصُّفُوفِ، فَهَلْ يُرَاعَى الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ فِي الِارْتِفَاعِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَا هُوَ عَلَى صُورَةِ التَّفَاخُرِ وَالتَّعَاظُمِ، بِخِلَافِ عَدَمِ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ، فَإِنَّ الْكَرَاهَةَ فِيهِ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ لَا غَيْرُ. (قَوْلُهُ: كَتَبْلِيغٍ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ إسْمَاعُ الْمَأْمُومِينَ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَا يَفْعَلُهُ الْمُبَلِّغُونَ مِنْ ارْتِفَاعِهِمْ عَلَى الدِّكَّةِ فِي غَالِبِ الْمَسَاجِدِ وَقْتَ الصَّلَاةِ مَكْرُوهٌ مُفَوِّتٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ، لِأَنَّ تَبْلِيغَهُمْ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا فِي بَعْضِ الْمَسَاجِدِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ خَاصَّةً وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: كَأَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مَوْضِعًا) عِبَارَةُ حَجّ: وَلَمْ يَجِدْ وَهِيَ أَوْلَى لِأَنَّ هَذِهِ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ أَوَّلًا حَيْثُ أَمْكَنَ وُقُوفُهُمَا بِمُسْتَوٍ. (قَوْلُهُ: مَنْ أَرَادَ الِاقْتِدَاءَ) تَبِعَ فِيهِ حَجّ، وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: وَلَا يَقُومُ مُرِيدُ الصَّلَاةِ حَتَّى يَفْرُغَ الْمُؤَذِّنُ إلَخْ، وَظَاهِرٌ اسْتِوَاءِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَعَلَّ مَا ذَكَرَهُ حَجّ وَالشَّارِحُ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ لِأَنَّ الْمَأْمُومِينَ هُمْ الَّذِينَ يُبَادِرُونَ لِلْقِيَامِ عِنْدَ شُرُوعِ الْمُؤَذِّنِ فِي الْإِقَامَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ شَيْخًا) أَيْ وَلَا تَفُوتُهُ فَضِيلَةُ التَّحَرُّمِ. قَالَ حَجّ: وَلَوْ كَانَ بَطِيءَ النَّهْضَةِ بِحَيْثُ لَوْ أَخَّرَ إلَى فَرَاغِهَا فَاتَتْهُ فَضِيلَةُ التَّحَرُّمِ مَعَ الْإِمَامِ قَامَ فِي وَقْتٍ يَعْلَمُ بِهِ إدْرَاكَهُ التَّحَرُّمَ انْتَهَى. أَقُولُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ الْمَأْمُومُ بَعِيدًا وَأَرَادَ الصَّلَاةَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ مَثَلًا وَكَانَ لَوْ أَخَّرَ قِيَامَهُ إلَى فَرَاغِ الْمُؤَذِّنِ وَذَهَبَ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يُرِيدُ الصَّلَاةَ فِيهِ فَاتَتْهُ فَضِيلَةُ التَّحَرُّمِ (قَوْلُهُ: لِكَرَاهَةِ النَّفْلِ إلَخْ) وَكَرَاهَةِ الْجُلُوسِ مِنْ غَيْرِ صَلَاةٍ اهـ حَجّ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ جَالِسًا قَبْلُ ثُمَّ قَامَ لِيُصَلِّ رَاتِبَةً قَبْلِيَّةً مَثَلًا فَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ أَوْ قَرُبَ قِيَامُهَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ اسْتِمْرَارُ الْقِيَامِ أَفْضَلَ مِنْ الْقُعُودِ لِعَدَمِ كَرَاهَةِ الْقُعُودِ مِنْ غَيْرِ صَلَاةٍ فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ اسْتِمْرَارِ الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ، وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ لَمْ يُكْرَهْ الْجُلُوسُ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ تَحْصِيلُ جَمَاعَةٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَاجِبٌ لِإِدْرَاكِهَا بِإِدْرَاكِ رُكُوعِهَا الثَّانِي، وَلَوْ أُقِيمَتْ الْجَمَاعَةُ وَالْمُنْفَرِدُ يُصَلَّى حَاضِرَةً صُبْحًا أَوْ غَيْرَهَا وَقَدْ قَامَ فِي غَيْرِ الثُّنَائِيَّةِ إلَى ثَالِثَةٍ، سُنَّ لَهُ إتْمَامُ صَلَاتِهِ ثُمَّ يَدْخُلُ فِي الْجَمَاعَةِ وَإِنْ لَمْ يَقُمْ فِي غَيْرِ مَا مَرَّ إلَى الثَّالِثَةِ قَلَبَهَا نَفْلًا وَاقْتَصَرَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَدْخُلُ فِي الْجَمَاعَةِ، بَلْ لَوْ خَافَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ لَوْ تَمَّمَ رَكْعَتَيْنِ سُنَّ لَهُ قَطْعُ صَلَاتِهِ وَاسْتِئْنَافُهَا جَمَاعَةً كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ: لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلرَّكْعَةِ، وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ لِلْمُتَنَفِّلِ الِاقْتِصَارَ عَلَى رَكْعَةٍ فَهَلْ تَكُونُ الرَّكْعَةُ الْوَاحِدَةُ كَالرَّكْعَتَيْنِ؟ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ، وَيَظْهَرُ الْجَوَازُ إذْ لَا فَرْقَ اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ ظَاهِرٌ، وَإِنَّمَا ذَكَرُوا الْأَفْضَلَ. وَمَحَلُّهُ أَيْضًا كَمَا فِي التَّحْقِيقِ إذَا تَحَقَّقَ إتْمَامُهَا فِي الْوَقْتِ لَوْ سَلَّمَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ وَإِلَّا حُرِّمَ السَّلَامُ مِنْهُمَا. أَمَّا إذَا كَانَ فِي صَلَاةٍ فَائِتَةٍ فَلَا يَقْلِبُهَا نَفْلًا لِيُصَلِّيَهَا جَمَاعَةً فِي حَاضِرَةٍ أَوْ فَائِتَةٍ أُخْرَى. فَإِنْ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ فِي تِلْكَ الْفَائِتَةِ بِعَيْنِهَا وَلَمْ يَكُنْ قَضَاؤُهَا فَوْرِيًّا جَازَ لَهُ قَطْعُهَا مِنْ غَيْرِ نَدْبٍ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ قَلْبُ الْفَائِتَةِ نَفْلًا إنْ خَشِيَ فَوْتَ الْحَاضِرَةِ. . ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ وَلَوْ مَفْضُولَةً. (قَوْلُهُ: لِإِدْرَاكِهَا) صِلَةُ وَاجِبٌ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَجِبُ قَطْعُهَا إذَا كَانَ لَوْ أَتَمَّ النَّافِلَةَ فَاتَ الرُّكُوعُ الثَّانِي مَعَ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ قَامَ فِي غَيْرِ الثُّنَائِيَّةِ إلَخْ) وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي عَنْ الْبُلْقِينِيِّ أَنَّ هَذَا هُوَ الْأَفْضَلُ، وَيَجُوزُ قَلْبُهَا نَفْلًا وَيُسَلِّمُ مِنْ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ لَعَيْنِ مَا عَلَّلَ بِهِ مِنْ جَوَازِ التَّنَفُّلِ بِالْوَاحِدَةِ أَوْ الثَّلَاثِ مِثْلِهَا. (قَوْلُهُ: سُنَّ لَهُ إتْمَامُ صَلَاتِهِ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: قَوْلُهُ أَتَمَّهَا نَدْبًا، قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَدَخَلَ فِي الْجَمَاعَةِ اهـ. وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ: فَإِنْ كَانَ صُبْحًا أَتَمَّهَا وَأَدْرَكَ الْجَمَاعَةَ، وَكَذَا غَيْرُهَا بَعْدَ قِيَامِهِ لِلثَّالِثَةِ انْتَهَى. وَلَا يَخْفَى ظُهُورُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْمُعَادَةِ وُقُوعُ جَمِيعِهَا فِي الْجَمَاعَةِ بِالْفِعْلِ، لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ الَّتِي يَدْخُلُ فِيهَا هُنَا إعَادَةٌ، وَالْغَالِبُ أَنَّ مَنْ كَانَ فِي الثَّالِثَةِ لَا يُدْرِكُ بَعْدَ فَرَاغِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ وَالتَّشَهُّدِ وَالسَّلَامِ وَالرَّكْعَةِ الْأُولَى مَعَ الْجَمَاعَةِ، فَتَجْوِيزُهُمْ دُخُولَهُ فِي الْجَمَاعَةِ بَعْدَ فَرَاغِهِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ مَا ذَكَرَ، وَأَنَّهُ إذَا انْقَضَتْ الْجَمَاعَةُ الَّتِي دَخَلَ فِيهَا يَقُومُ هُوَ لِإِتْمَامِ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ. نَعَمْ يُمْكِنُ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا فَرَغَ وَأَدْرَكَ رُكُوعَ إمَامِ الْجَمَاعَةِ فِي رَكْعَتِهَا الْأُولَى لَكِنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى، وَقَدْ يُقَالُ: لَا بُعْدَ فِيهِ مَعَ مُلَاحَظَةِ مَا قَدَّمَهُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمُعَادَةِ بِتَمَامِهَا وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِمَا إذَا قَرَأَ الْإِمَامُ سُورَةً طَوِيلَةً بَلْ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى طُولِهَا لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ زَمَنَ دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ وَالْحَمْدِ وَسُورَةٍ بَعْدَهَا لَا يَنْدُرُ: أَيْ مَعَهُ تَكْمِيلُ الثَّالِثَةِ الَّتِي رَأَى الْجَمَاعَةَ تُقَامُ وَهُوَ فِيهَا وَالْإِتْيَانُ بِرَكْعَةٍ بَعْدَهَا. (قَوْلُهُ: سُنَّ لَهُ قَطْعُ صَلَاتِهِ) وَلَوْ بِلَا قَلْبٍ لِلنَّفْلِ، وَلَا يَتَقَيَّدُ جَوَازُ الْقَطْعِ بِخَوْفِ فَوْتِ الْجَمَاعَةِ. وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ فِي فَصْلِ خَرَجَ الْإِمَامُ مِنْ صَلَاتِهِ مَا نَصُّهُ: وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُتِمَّهَا رَكْعَتَيْنِ وَيُسَلِّمَ مِنْهَا فَتَكُونَ نَافِلَةً ثُمَّ يَدْخُلُ فِي الْجَمَاعَةِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَقْطَعَهَا وَيَفْعَلَهَا جَمَاعَةً اهـ. وَقَوْلُهُ أَيْضًا: سُنَّ لَهُ قَطْعُ صَلَاتِهِ وَيَكُونُ مُسْتَثْنًى مِنْ حُرْمَةِ قَطْعِ الْفَرْضِ وَمِنْ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِتَغْيِيرِ نِيَّتِهِ. (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ فِي صَلَاةٍ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ يُصَلِّي حَاضِرَةً. (قَوْلُهُ: فَلَا يَقْلِبُهَا نَفْلًا) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ عَلَيْهِ قَلْبُ الْفَائِتَةِ نَفْلًا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَطْعُهَا مِنْ غَيْرِ قَلْبٍ، وَقِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ سُنَّ لَهُ قَطْعُ صَلَاتِهِ وَاسْتِئْنَافُهَا إلَخْ خِلَافُهُ، بَلْ يَنْبَغِي أَنَّهُ إنْ لَمْ يُرِدْ قَلْبَهَا نَفْلًا وَجَبَ قَطْعُهَا لِئَلَّا تَفُوتَهُ الْحَاضِرَةُ (قَوْلُهُ إنْ خَشِيَ فَوْتَ الْحَاضِرَةِ) أَيْ وَلَوْ بِخُرُوجِ بَعْضِهَا فَقَطْ عَنْ الْوَقْتِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[فصل في بعض شروط القدوة أيضا]

فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ أَيْضًا (شَرْطُ) انْعِقَادِ (الْقُدْوَةِ) فِي الِابْتِدَاءِ كَمَا سَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّهُ لَوْ نَوَاهَا فِي خِلَالِ صَلَاتِهِ جَازَ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ (أَنْ يَنْوِيَ الْمَأْمُومُ مَعَ التَّكْبِيرِ) لِلْإِحْرَامِ (الِاقْتِدَاءَ) أَوْ الِائْتِمَامَ (أَوْ الْجَمَاعَةَ) بِالْإِمَامِ الْحَاضِرِ أَوْ مَأْمُومًا أَوْ مُؤْتَمًّا بِهِ، إذْ الْمُتَابَعَةُ عَمَلٌ فَيَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ، وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ صَلَاحِيَّةُ الْجَمَاعَةِ لِلْإِمَامِ أَيْضًا، لِأَنَّ اللَّفْظَ الْمُطْلَقَ يَنْزِلُ عَلَى الْمَعْهُودِ الشَّرْعِيِّ فَهِيَ مِنْ الْإِمَامِ غَيْرُهَا مِنْ الْمَأْمُومِ، فَنَزَلَتْ فِي كُلٍّ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ مَعَ تَعَيُّنِهَا بِالْقَرِينَةِ الْحَالِيَّةِ لِأَحَدِهِمَا، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ رَدُّ قَوْلِ جَمْعٍ لَا يَكْفِي نِيَّةُ نَحْوِ الْقُدْوَةِ أَوْ الْجَمَاعَةِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَسْتَحْضِرَ الِاقْتِدَاءَ بِالْحَاضِرِ وَإِلَّا لَمْ يَأْتِ إشْكَالُ الرَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِ فِي الْجَمَاعَةِ الَّذِي أَشَرْنَا لِلْجَوَابِ عَنْهُ. لَا يُقَالُ: لَا دَخْلَ لِلْقَرَائِنِ الْخَارِجَةِ فِي النِّيَّاتِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: صَحِيحٌ ذَلِكَ فِيمَا لَمْ يَقَعْ تَابِعًا، وَالنِّيَّةُ هُنَا تَابِعَةٌ لِأَنَّهَا غَيْرُ شَرْطٍ لِلِانْعِقَادِ، وَلِأَنَّهَا ـــــــــــــــــــــــــــــS [فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ أَيْضًا] فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَنْوِيَ الْمَأْمُومُ مَعَ التَّكْبِيرِ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ مَعَ آخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَانْظُرْ لَوْ نَوَى مَعَ آخِرِ جُزْءٍ مِنْ التَّحَرُّمِ يَنْبَغِي أَنَّهُ يَصِحُّ وَيَصِيرُ مَأْمُومًا مِنْ حِينَئِذٍ، وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ تَقَدُّمُهُ عَلَى الْإِمَامِ فِي الْمَوْقِفِ قَبْلَ ذَلِكَ انْتَهَى: أَيْ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَفُوتَهُ فِي هَذِهِ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ مِنْ أَوَّلِهَا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ نَوَى الْقُدْوَةَ فِي خِلَالِ صَلَاتِهِ حَيْثُ كَانَ فِعْلُهُ مَكْرُوهًا مُفَوِّتًا لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ بِأَنَّ فَوَاتَ الْفَضِيلَةِ ثَمَّ لِلْكَرَاهَةِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَبْطَلَ بِهِ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي: وَلَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا إلَخْ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ مَعَ آخِرِ التَّحَرُّمِ لَا خِلَافَ فِي صِحَّتِهِ، عَلَى أَنَّهُ قِيلَ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ فِي الِاقْتِرَانِ بِالنِّيَّةِ بِآخِرِ التَّحَرُّمِ، لِأَنَّ التَّكْبِيرَةَ كُلَّهَا رُكْنٌ وَاحِدٌ فَاكْتَفَى بِمُقَارَنَةِ بَعْضِهِ. يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ قَاسِمٍ: وَيَصِيرُ مَأْمُومًا مِنْ حِينَئِذٍ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْجُمُعَةِ مِنْ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ مِنْ أَوَّلِ الْهَمْزَةِ إلَى آخِرِ الرَّاءِ مِنْ أَكْبَرَ وَإِلَّا لَمْ تَنْعَقِدْ جُمُعَةٌ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْعُبَابِ وَعِبَارَتُهُ: الرَّابِعُ نِيَّةُ الْمَأْمُومِ الِاقْتِدَاءُ، ثُمَّ قَالَ: حَتَّى فِي الْجُمُعَةِ مُقَارَنَةً لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَإِلَّا لَمْ تَنْعَقِدْ لَهُ جَمَاعَةً وَتَنْعَقِدُ لَهُ مُنْفَرِدًا اهـ: أَيْ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ. (قَوْلُهُ: فَهِيَ) أَيْ الْجَمَاعَةُ. (قَوْلُهُ: بِالْإِمَامِ الْحَاضِرِ) أَيْ الْحَاضِرِ فِي الْوَاقِعِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُلَاحَظَةِ صِفَةِ الْحُضُورِ فِي النِّيَّةِ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَنَزَلَتْ فِي كُلٍّ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ) وَيَكْفِي مُجَرَّدُ تَقَدُّمِ إحْرَامِ أَحَدِهِمَا فِي الصَّرْفِ إلَى الْإِمَامَةِ وَتَأَخُّرِ الْأُخْرَى فِي الصَّرْفِ إلَى الْمَأْمُومِيَّةِ، فَإِنْ أَحْرَمَا مَعًا وَنَوَى كُلٌّ الْجَمَاعَةَ فَفِيهِ نَظَرٌ، وَيُحْتَمَلُ انْعِقَادُهَا فُرَادَى لِكُلٍّ فَتَلْغُو نِيَّتُهُمَا الْجَمَاعَةَ. نَعَمْ إنْ تَعَمَّدَ كُلٌّ مُقَارَنَةَ الْآخَرِ مَعَ الْعِلْمِ بِهِمَا فَلَا يَبْعُدُ الْبُطْلَانُ، وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ انْعِقَادِهَا مُطْلَقًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي: فَإِنْ قَارَنَهُ لَمْ يَضُرَّ إلَّا تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ، وَيُفَرَّقُ عَلَى الْأَوَّلِ بِأَنَّ نِيَّةَ الْجَمَاعَةِ لَمْ تَتَعَيَّنْ اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: بِالْقَرِينَةِ الْحَالِيَّةِ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ حَالِيَّةٌ وَجَبَ مُلَاحَظَةُ كَوْنِهِ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا وَإِلَّا لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ لِتَرَدُّدِ حَالِهِ بَيْنَ الصِّفَتَيْنِ وَلَا مُرَجِّحَ، وَالْحَمْلُ عَلَى أَحَدِهِمَا تَحَكُّمٌ. (قَوْلُهُ: الَّذِي أَشَرْنَا لِلْجَوَابِ عَنْهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ: فَنَزَلَ فِي كُلٍّ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ (قَوْله لِأَنَّا نَقُولُ إلَخْ) يَرُدُّ عَلَى هَذَا أَنَّهُمْ اكْتَفَوْا ـــــــــــــــــــــــــــــQ (فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ أَيْضًا) (قَوْلُهُ: أَوْ مَأْمُومًا أَوْ مُؤْتَمًّا) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: أَوْ كَوْنُهُ مَأْمُومًا أَوْ مُؤْتَمًّا، وَلَعَلَّ لَفْظَ كَوْنِهِ سَقَطَ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ مِنْ النُّسَّاخِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَأْتِ إشْكَالُ الرَّافِعِيِّ) مِنْ تَمَامِ الرَّدِّ لَا مِنْ تَتِمَّةِ الْمَرْدُودِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ جَمْعٍ لَا تَكْفِي نِيَّةُ نَحْوِ الْقُدْوَةِ أَوْ الْجَمَاعَةِ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَسْتَحْضِرَ الِاقْتِدَاءَ بِالْحَاضِرِ ضَعِيفٌ، وَإِلَّا لَمْ يَأْتِ إشْكَالُ الرَّافِعِيِّ

مُحَصِّلَةٌ لِصِفَةٍ تَابِعَةٍ فَاغْتُفِرَ فِيهَا مَا لَمْ يُغْتَفَرْ فِي غَيْرِهَا، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مَعَ التَّكْبِيرِ مَا لَوْ لَمْ يَنْوِ كَذَلِكَ فَتَنْعَقِدُ فُرَادَى ثُمَّ إنْ تَابَعَ فَسَيَأْتِي (وَالْجُمُعَةُ كَغَيْرِهَا) فِي اشْتِرَاطِ نِيَّتِهِ الْمَذْكُورَةِ (عَلَى الصَّحِيحِ) وَإِنْ افْتَرَقَا فِي عَدَمِ انْعِقَادِهَا عِنْدَ انْتِفَاءِ نِيَّةِ الْقُدْوَةِ مَعَ تَحَرُّمِهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا، وَلَا يُغْنِي تَوَقُّفُ صِحَّتِهَا عَلَى الْجَمَاعَةِ عَنْ وُجُوبِ نِيَّةِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا، وَتَقَدَّمَ فِي الْمُعَادَةِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ نِيَّةَ الِاقْتِدَاءِ عِنْدَ تَحَرُّمِهَا وَاجِبٌ فِي بَعْضِ صُوَرِهَا فَهِيَ كَالْجُمُعَةِ، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا مَا ذُكِرَ لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ بِدُونِ الْجَمَاعَةِ، فَكَانَ التَّصْرِيحُ بِنِيَّةِ الْجُمُعَةِ مُغْنِيًا عَنْ التَّصْرِيحِ بِنِيَّةِ الْجَمَاعَةِ (فَلَوْ تَرَكَ هَذِهِ النِّيَّةَ) أَوْ شَكَّ فِيهَا فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ (وَتَابَعَ) مُصَلِّيًا (فِي الْأَفْعَالِ) أَوْ فِي فِعْلٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي السَّلَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي الْغُسْلِ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ مَعَ كَوْنِهِ مُحْتَمِلًا لِلْأَصْغَرِ وَالْأَكْبَرِ اكْتِفَاءً بِالْقَرِينَةِ، مَعَ أَنَّ نِيَّةَ مَا ذَكَرَ لَيْسَتْ تَابِعَةً لِشَيْءٍ فَالْأَوْلَى أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ عَدَمَ التَّعْوِيلِ عَلَى الْقَرِينَةِ غَالِبٌ لَا لَازِمٌ. (قَوْلُهُ: فَتَنْعَقِدُ فُرَادَى) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ رَأَى شَخْصًا ظَنَّهُ مُصَلِّيًا فَنَوَى الِاقْتِدَاءَ بِهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُ مُصَلٍّ انْعَقَدَتْ فُرَادَى وَامْتَنَعَتْ مُتَابَعَتُهُ إلَّا بِنِيَّةٍ أُخْرَى، وَهَلْ نَقُولُ كَذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُسَاوَقَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ حَرِّرْهُ. ثُمَّ رَأَيْت أَنَّ هَذَا الْأَخْذَ خَطَأٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ مَعَ التَّحَرُّمِ أَنَّهُ قَبْلَ تَحَرُّمِ إمَامِهِ مَثَلًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَمْ تُقَارِنْ نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ تَحَرُّمَ نَفْسِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِالْبُطْلَانِ فِيمَا لَوْ عَيَّنَ رَجُلًا فَبَانَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ، وَعِبَارَتُهُ: وَإِنْ عَيَّنَ رَجُلًا كَزَيْدٍ وَاعْتَقَدَ أَنَّهُ الْإِمَامُ فَبَانَ مَأْمُومًا أَوْ غَيْرَ مُصَلٍّ أَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ زَيْدٌ فَبَانَ عُمَرًا وَهُوَ الَّذِي فِي الْأَصْلِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَفِي الْعُبَابِ وَشَرْحِهِ مَا نَصُّهُ: لَوْ نَوَى الْمَأْمُومُ الِاقْتِدَاءَ بِهِ فِي غَيْرِ تَسْبِيحِهِ: أَيْ الْإِمَامِ أَوْ فِي غَيْرِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ عَكْسِهِ: أَيْ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ أَوْ الثَّانِيَةِ فَلَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ. وَالظَّاهِرُ فِي مَسْأَلَةِ التَّسْبِيحَاتِ أَنَّهُ بَعْدَ تَسْبِيحِ أَوَّلِ رُكُوعٍ يَصِيرُ مُنْفَرِدًا فِي بَقِيَّةِ الصَّلَاةِ، إلَّا إنْ نَوَى اسْتِئْنَافَ الْقُدْوَةِ لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَصِيرَ فِي التَّسْبِيحَاتِ مُنْفَرِدًا وَبَعْدَهَا مَأْمُومًا وَيَصِيرَ مُنْفَرِدًا فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مَثَلًا، وَلَا يَعُودُ بَعْدَهَا لِلْقُدْوَةِ إلَّا بِنِيَّةٍ جَدِيدَةٍ انْتَهَى. أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يَصِيرَ مُنْفَرِدًا بِمُجَرَّدِ الشُّرُوعِ فِي التَّسْبِيحِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُغْنِي تَوَقُّفُ صِحَّتِهَا) هُوَ رَدٌّ لِتَعْلِيلِ مُقَابِلِ الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ: وَاجِبٌ فِي بَعْضِ صُوَرِهَا) وَذَلِكَ فِي الْمُعَادَةِ الَّتِي قَصَدَ بِفِعْلِهَا تَحْصِيلَ الْفَضِيلَةِ، بِخِلَافِ مَا قَصَدَ بِهَا جَبْرَ الْخَلَلِ فِي الْأُولَى كَالْمُعَادَةِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَبْطَلَهَا فَإِنَّ الْجَمَاعَةَ فِيهَا لَيْسَتْ شَرْطًا (قَوْلُهُ: أَوْ شَكَّ فِيهَا) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّكِّ مَا يَشْمَلُ الظَّنُّ وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ فِي أَبْوَابِ الْفِقْهِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُقَارَنَةِ لِإِحْرَامِ الْإِمَامِ، فَإِنَّهُ إذَا ظَنَّ عَدَمَهَا لَمْ يَضُرَّ إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ خِلَافُهُ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الشَّكَّ هُنَا فِي نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ وَالنِّيَّةُ يَضُرُّ مَعَهَا الِاحْتِمَالُ، وَهُنَاكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَذْكُورُ فِي الْجَمَاعَةِ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ اللَّفْظَ الْمُطْلَقَ إلَخْ انْتَهَتْ. وَوَجْهُ عِلْمِ ضَعْفِهِ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الرَّافِعِيَّ فَهِمَ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُمْ قَائِلُونَ بِالصِّحَّةِ فِي صُورَةِ نِيَّةِ الْجَمَاعَةِ وَإِنْ لَمْ يُسْتَحْضَرْ الِاقْتِدَاءُ بِالْحَاضِرِ حَتَّى رَتَّبَ عَلَيْهِ إشْكَالُهُ الَّذِي مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ بِالْجَوَابِ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَتْ الصُّورَةُ مَا ادَّعَاهُ هَذَا الْجَمْعُ لَمْ يَتَأَتَّ إشْكَالٌ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مَعَ التَّكْبِيرِ مَا لَوْ لَمْ يَنْوِ كَذَلِكَ) عَدَلَ إلَيْهِ عَنْ قَوْلِ التُّحْفَةِ: وَخَرَجَ بِمَنْعِ التَّكْبِيرِ تَأَخُّرُهَا عَنْهُ لِمَا أَوْرَدَهُ عَلَيْهِ الشِّهَابُ سم مِنْ أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ تَأَخُّرِهَا عَنْهُ وُجُودُهَا مَعَ تَأَخُّرِهَا عَنْهُ، قَالَ: وَلَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ فِي الْأَثْنَاءِ، فَيُشْكِلُ قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ تَابَعَ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ عِنْدَ تَرْكِ النِّيَّةِ رَأْسًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ افْتَرَقَا فِي عَدَمِ انْعِقَادِهَا عِنْدَ انْتِفَاءِ نِيَّةِ الْقُدْوَةِ) يُوهِمُ أَنَّ هَذَا الِافْتِرَاقَ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الصَّحِيحِ، وَمُقَابِلِهِ يَقُولُ بِهِ كُلٌّ مِنْهُمَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ) أَيْ أَمَّا فِيهَا فَتَبْطُلُ بِاتِّفَاقِ الْقَائِلِينَ بِالصَّحِيحِ الْمُتَقَدِّمِ الَّذِي الصَّحِيحُ وَمُقَابِلُهُ هُنَا مُفَرَّعَانِ عَلَيْهِ. .

بِأَنْ كَانَ قَاصِدًا لِذَلِكَ مَعَ عَدَمِ نِيَّةِ اقْتِدَائِهِ وَطَالَ انْتِظَارُهُ لَهُ عُرْفًا (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عَلَى الصَّحِيحِ) لِتَلَاعُبِهِ. أَمَّا لَوْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُ اتِّفَاقًا مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، أَوْ كَانَ الِانْتِظَارُ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا مِنْ غَيْرِ مُتَابَعَةٍ لَمْ تَبْطُلْ جَزْمًا، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ يَقُولُ الْمُرَادُ بِالْمُتَابَعَةِ هُنَا أَنْ يَأْتِيَ بِالْفِعْلِ بَعْدَ الْفِعْلِ لَا لِأَجْلِهِ وَإِنْ تَقَدَّمَهُ انْتِظَارٌ كَثِيرٌ لَهُ. قَالَ الشَّارِحُ: فَلَا نِزَاعَ فِي الْمَعْنَى وَمُرَادُهُ بِهِ أَنَّ الْخُلْفَ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَمُقَابِلِهِ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ لَفْظِيًّا، إذْ الْأَوَّلُ يُوَافِقُ الثَّانِي فِي أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِالْفِعْلِ بَعْدَ الْفِعْلِ لَا لِأَجْلِهِ لَمْ تَبْطُلْ، وَمَا قَرَّرْتُهُ فِي مَسْأَلَةِ الشَّكِّ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَأَمَّا مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُ الْعَزِيزِ وَغَيْرِهِ: إنَّ الشَّكَّ هُنَا كَهُوَ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ مِنْ الْبُطْلَانِ بِانْتِظَارٍ طَوِيلٍ وَإِنْ لَمْ يُتَابِعْ وَيَسِيرُ مَعَ الْمُتَابَعَةِ غَيْرُ مُرَادٍ بِدَلِيلِ قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ: إنَّهُ فِي حَالِ شَكِّهِ كَالْمُنْفَرِدِ، وَهَلْ الْبُطْلَانُ بِمَا مَرَّ عَامٌّ فِي الْعَالِمِ بِالْمَنْعِ وَالْجَاهِلِ أَمْ مُخْتَصٌّ بِالْعَالِمِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُعْذَرُ الْجَاهِلُ، لَكِنْ قَالَ فِي التَّوَسُّطِ: إنَّ الْأَشْبَهَ عَدَمُ الْفَرْقِ وَهُوَ الْأَوْجُهُ. (وَلَا يَجِبُ) (تَعْيِينُ الْإِمَامِ) عَلَى الْمَأْمُومِ فِي نِيَّتِهِ بِاسْمِهِ كَزَيْدٍ أَوْ وَصْفِهِ كَالْحَاضِرِ أَوْ الْإِشَارَةِ إلَيْهِ بَلْ يَكْفِي نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ وَلَوْ بِقَوْلِهِ عِنْدَ الْتِبَاسِهِ بِغَيْرِهِ: نَوَيْت الِاقْتِدَاءَ بِالْإِمَامِ مِنْهُمْ، إذْ مَقْصُودُ الْجَمَاعَةِ غَيْرُ مُخْتَلِفٍ. قَالَ الْإِمَامُ: بَلْ الْأَوْلَى عَدَمُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي الْمُقَارَنَةِ وَتَرْكُهَا شَرْطٌ لِصِحَّةِ النِّيَّةِ فَيَتَسَامَحُ فِيهَا وَيَكْتَفِي بِالظَّنِّ فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ، وَلَعَلَّ هَذَا فِي غَيْرِ حَالِ الْإِحْرَامِ وَإِلَّا فَيَضُرُّ التَّرَدُّدُ حِينَئِذٍ الْمَانِعُ مِنْ الِانْعِقَادِ فَلْيُحَرَّرْ، وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَقِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ فِيمَا لَوْ شَكَّ فِي التَّقَدُّمِ عَلَى الْإِمَامِ حَالَ الْإِحْرَامِ الضَّرَرُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ وَقَعَ الشَّكُّ فِي الْأَثْنَاءِ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ قَاصِدًا إلَخْ) تَصْوِيرٌ لِلْمُتَابَعَةِ. (قَوْلُهُ: وَطَالَ انْتِظَارُهُ) وَاعْتِبَارُ الِانْتِظَارِ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ. (قَوْلُهُ: عُرْفًا) يَحْتَمِلُ أَنْ يُفَسَّرَ بِمَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ أَحَسَّ فِي رُكُوعِهِ بِدَاخِلٍ يُرِيدُ الِاقْتِدَاءَ بِهِ مِنْ ضَبْطِ الِانْتِظَارِ بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي لَوْ وُزِّعَ عَلَى جَمِيعِ الصَّلَاةِ لَظَهَرَ أَثَرُهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَا هُنَا أَضْيَقُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى مَا يَظْهَرُ بِهِ كَوْنُهُ رَابِطًا صَلَاتَهُ بِصَلَاةِ إمَامِهِ وَهُوَ يَحْصُلُ بِمَا دُونَ ذَلِكَ. [فَرْعٌ] انْتَظَرَهُ لِلرُّكُوعِ وَالِاعْتِدَالِ وَالسُّجُودِ وَهُوَ قَلِيلٌ فِي كُلٍّ وَلَكِنَّهُ كَثِيرٌ بِاعْتِبَارِ الْجُمْلَةِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ الْكَثِيرِ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى. وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا طب أَنَّهُ قَلِيلٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ طب وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ تَعَدَّدَ الدَّاخِلُونَ وَطَالَ الِانْتِظَارُ بِأَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى ضَرَرِ الْمُقْتَدِينَ وَهُوَ حَاصِلٌ بِذَلِكَ، بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ الْمَدَارَ عَلَى مَا يَحْصُلُ بِهِ الرَّبْطُ الصُّورِيُّ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ بِكُلٍّ مِنْ الِانْتِظَارَاتِ الْيَسِيرَةِ وَإِنْ كَثُرَ مَجْمُوعُهَا، لِأَنَّ الْمَجْمُوعَ لَمَّا لَمْ يَجْتَمِعْ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ لَمْ يَظْهَرْ بِهِ الرَّبْطُ. (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ الِانْتِظَارُ يَسِيرًا) يَنْبَغِي أَوْ بَعْدَ انْتِظَارٍ كَثِيرٍ لَا لِأَجْلِ الْمُتَابَعَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ لِلْمُتَابَعَةِ تَأَمَّلْ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: فِي مَسْأَلَةِ الشَّكِّ) أَيْ مِنْ الضَّرَرِ حَيْثُ تَابَعَ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُرَادٍ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: فَغَيْرُ مُرَادٍ لِأَنَّهُ جَوَابُ أَمَّا. (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ فِي التَّوَسُّطِ) أَيْ الْأَذْرَعِيُّ، فَقَدْ اخْتَلَفَ كَلَامُهُ فِي التَّوَسُّطِ وَغَيْرِهِ، وَذَكَرَ فِي الْقُوتِ أَنَّ مِثْلَ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ الْعَامِدُ وَالنَّاسِي فَيَضُرُّ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجُهُ) مِنْ كَلَامِ م ر (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ تَعْيِينُ الْإِمَامِ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ تَرَكَ الِاقْتِدَاءَ أَوْ قَصَدَ أَنْ لَا يُتَابِعَ الْإِمَامَ لِغَرَضٍ مَا فَسَهَا عَنْ ذَلِكَ فَانْتَظَرَهُ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ مُقْتَدٍ بِهِ، فَهَلْ تَضُرُّ مُتَابَعَتُهُ حِينَئِذٍ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَلَا يَبْعُدُ عَدَمُ الضَّرَرِ، وَقَدْ يُشْعِرُ بِهِ تَعْبِيرُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ عَامٌّ فِي الْعَالِمِ بِالْمَنْعِ إلَخْ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ فِي الْعَالِمِ الْعَامِدِ، ثُمَّ رَأَيْته فِي الْفَوْتِ ذَكَرَ أَنَّ مِثْلَ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ الْعَامِدُ وَالنَّاسِي فَيَضُرُّ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: نَوَيْت الِاقْتِدَاءَ بِالْإِمَامِ) نَعَمْ لَوْ كَانَ هُنَاكَ إمَامَانِ لِجَمَاعَتَيْنِ لَمْ تَكْفِ هَذِهِ النِّيَّةُ، لِأَنَّهَا لَا تُمَيِّزُ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَمُتَابَعَةُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ تَحَكُّمٌ م ر. وَيَنْبَغِي اشْتِرَاطُ إمْكَانِ الْمُتَابَعَةِ الْوَاجِبَةِ لِكُلِّ مَنْ اُحْتُمِلَ أَنَّهُ الْإِمَامُ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ ثُمَّ إنْ ظَهَرَ لَهُ قَرِينَةٌ تُعَيِّنُ الْإِمَامَ فَذَاكَ وَإِلَّا لَاحَظَهُمَا فَلَا يَتَقَدَّمُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَكِنَّهُ يُوقِعُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

تَعْيِينِهِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا عَيَّنَهُ فَبَانَ خِلَافُهُ فَيَكُونُ ضَارًّا كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ عَيَّنَهُ) وَلَمْ يُشِرْ إلَيْهِ (وَأَخْطَأَ) فِيهِ كَأَنْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِزَيْدٍ فَبَانَ عَمْرًا (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) لِرَبْطِهِ صَلَاتَهُ بِمَنْ لَمْ يَنْوِ الِاقْتِدَاءَ بِهِ كَمَا لَوْ عَيَّنَ الْمَيِّتَ فِي صَلَاتِهِ أَوْ نَوَى الْعِتْقَ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ مَثَلًا وَأَخْطَأَ فِيهِمَا. وَبَحْثُ السُّبْكِيُّ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ جَمْعٌ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَبْطُلَ إلَّا نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ وَيَصِيرَ مُنْفَرِدًا، ثُمَّ إنْ تَابَعَهُ الْمُتَابَعَةَ الْمُبْطِلَةَ بَطَلَتْ وَإِلَّا فَلَا، رَدَّهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ فَسَادَ النِّيَّةِ مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ كَمَا لَوْ اقْتَدَى بِمَنْ شَكَّ فِي أَنَّهُ مَأْمُومٌ وَبِأَنَّ تَقْصِيرَهُ بِالتَّعْيِينِ الْفَاسِدِ صَيَّرَهُ فِي حُكْمِ الْمُتَلَاعِبِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ عَيَّنَهُ: أَيْ بِاسْمِهِ مَا لَوْ اقْتَدَى بِالْحَاضِرِ أَوْ بِهَذَا وَاعْتَقَدَهُ زَيْدًا مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِاسْمِهِ فَكَانَ عَمْرًا، فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْمُتَأَخِّرُونَ، إذْ لَا أَثَرَ لِلظَّنِّ مَعَ الرَّبْطِ بِالشَّخْصِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا قَبْلَهُ أَنَّهُ ثَمَّ تَصَوُّرٌ فِي ذِهْنِهِ شَخْصًا مُعَيَّنًا اسْمُهُ زَيْدٌ وَظَنَّ أَنَّهُ الْحَاضِرُ فَاقْتَدَى بِهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُهُ فَلَمْ تَصِحَّ لِعَدَمِ جَزْمِهِ بِإِمَامَةِ مَنْ هُوَ مُقْتَدٍ بِهِ وَهُنَا جَزَمَ بِإِمَامَةِ الْحَاضِرِ وَقَصَدَهُ بِعَيْنِهِ لَكِنْ أَخْطَأَ فِي اسْمِهِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ، إذْ لَا أَثَرَ لِلظَّنِّ مَعَ الرَّبْطِ بِالشَّخْصِ فَلَمْ يَقَعْ خَطَأٌ فِي الشَّخْصِ أَصْلًا، وَلَوْ قَالَ بِزَيْدٍ الْحَاضِرِ أَوْ بِزَيْدٍ هَذَا وَقَدْ أَخْطَرَ الشَّخْصَ بِذِهْنِهِ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَتَبْطُلُ، إذْ الْحَاضِرُ صِفَةٌ لِزَيْدٍ الَّذِي ظَنَّهُ وَأَخْطَأَ فِيهِ، وَيَلْزَمُ مِنْ الْخَطَأِ فِي الْمَوْصُوفِ الْخَطَأُ فِي الصِّفَةِ، وَأَيْضًا فَاسْمُ الْإِشَارَةِ وَقَعَ عَطْفَ بَيَانٍ لِزَيْدٍ وَزَيْدٌ لَمْ يُوجَدْ وَالْقَائِلُ بِالصِّحَّةِ فِيهِ مُعْرِبًا لَهُ بَدَلًا إذْ الْمُبْدَلُ مِنْهُ فِي نِيَّةِ الطَّرْحِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ أُصَلِّي خَلْفَ هَذَا، وَهُوَ صَحِيحٌ يُرَدُّ عَلَيْهِ بِأَنَّ كَوْنَهُ فِي نِيَّةِ الطَّرْحِ غَيْرَ مُنَافٍ لِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مِنْ جُمْلَةِ مَا قَصَدَهُ الْمُتَكَلِّمُ، وَلَوْ عَلَّقَ الْقُدْوَةَ بِجُزْئِهِ كَيَدِهِ مَثَلًا صَحَّتْ عَلَى مَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ، إذْ الْمُقْتَدِي بِالْبَعْضِ مُقْتَدٍ بِالْكُلِّ لِأَنَّ الرَّبْطَ لَا يَتَجَزَّأُ، وَعَلَّلَ بَعْضُهُمْ بُطْلَانَهَا بِتَلَاعُبِهِ، وَالْأَوْجُهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ لِأَنَّ الرَّبْطَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ عِنْدَ رَبْطِ فِعْلِهِ بِفِعْلِهِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِزَيْدٍ لَا بِنَحْوِ يَدِهِ. نَعَمْ إنْ نَوَى بِالْبَعْضِ الْكُلَّ صَحَّتْ. (وَلَا يُشْتَرَطُ لِلْإِمَامِ) فِي صِحَّةِ الْقُدْوَةِ بِهِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ (نِيَّةُ الْإِمَامَةِ) ـــــــــــــــــــــــــــــSرُكُوعَهُ بَعْدَهُمَا فَلَوْ تَعَارَضَا عَلَيْهِ تَعَيَّنَتْ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ. (قَوْلُهُ: وَأَخْطَأَ فِيهِمَا) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا نَوَى الْعِتْقَ عَنْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ فَبَانَ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ قَتْلٍ لَمْ يَقَعْ عَنْهَا وَهَلْ يَعْتِقُ مَجَّانًا أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ: وَمَا قَبْلَهُ) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ عَيَّنَهُ وَأَخْطَأَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَالْقَائِلُ بِالصِّحَّةِ فِيهِ) أَيْ فِيمَا لَوْ لَمْ يَحْضُرْ شَخْصُهُ فِي ذِهْنِهِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ قَبْلُ وَإِلَّا فَتَبْطُلُ (قَوْلُهُ: فِي صِحَّةِ الْقُدْوَةِ) كَلَامُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي حُصُولِ أَحْكَامِ الِاقْتِدَاءِ كَتَحَمُّلِ السَّهْوِ وَالْقِرَاءَةِ بِغَيْرِ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَفِيهِ وَقْفَةٌ وَالْمِيلُ إلَى خِلَافِهِ، وَوُجِّهَ بِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلُحُوقِ سَهْوِ الْإِمَامِ لَهُ مَعَ انْتِفَاءِ الْقُدْوَةِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَمَا لَوْ بَانَ الْإِمَامُ مُحْدِثًا، وَأَمَّا حُصُولُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فَلِوُجُودِ صُورَتِهَا، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْمُحْدِثِ بِأَنَّ الْمُحْدِثَ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ أَلْبَتَّةَ فَلَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلتَّحَمُّلِ وَلُحُوقِ السَّهْوِ، بِخِلَافِ هَذَا فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَتْ صَلَاتُهُ صَحِيحَةً وَكَانَ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الْإِمَامَةِ صَلَحَ لِثُبُوتِ أَحْكَامِ الْجَمَاعَةِ فِي حَقِّهِ وَحَقِّ مَنْ اقْتَدَى بِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَفِيهِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: نِيَّةُ الْإِمَامَةِ) لَوْ حَلَفَ لَا يَؤُمُّ فَأَمَّ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ لَمْ يَحْنَثْ كَمَا ذَكَرَهُ الْقَفَّالُ، وَقَالَ غَيْرُهُ بِالْحِنْثِ لِأَنَّ مَدَارَ الْأَيْمَانِ غَالِبًا عَلَى الْعُرْفِ وَأَهْلُهُ يَعُدُّونَهُ مَعَ عَدَمِ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ إمَامًا اهـ حَجّ فِي الْإِيهَابِ شَرْحِ الْعُبَابِ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ تَرْجِيحُ الثَّانِي حَيْثُ وَجَّهَهُ. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَيُعَلَّلُ بِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَحَيْثُ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ فَصَلَاتُهُ فُرَادَى أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ مَحَلَّ كَذَا فَحُمِلَ وَأُدْخِلَ حَيْثُ قَالُوا فِيهِ بِعَدَمِ الْحِنْثِ، وَمِنْهُ مَا لَوْ دَخَلَتْ بِهِ دَابَّتُهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ رَدُّهَا مَحَلًّا حَلَفَ لَا يَدْخُلُهُ، وَمِنْهُ أَيْضًا مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ مَحَلَّ كَذَا فَحَمَلَهُ ابْنُهُ لَا يَحْنَثُ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ التَّخَلُّصُ مِنْهُ بِأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُطِيعُهُ لَوْ أَمَرَهُ مَا لَمْ يَكُنْ أَذِنَهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ، وَبَقِيَ مَا لَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَيْضًا فَاسْمُ الْإِشَارَةِ) الْأَوْلَى حَذْفُ لَفْظِ أَيْضًا.

وَالْجَمَاعَةِ لِكَوْنِهِ مُسْتَقِلًّا بِخِلَافِ الْمُقْتَدِي لِتَبَعِيَّتِهِ لَهُ، أَمَّا فِي الْجُمُعَةِ فَتَلْزَمُهُ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ مَعَ التَّحَرُّمِ إنْ لَزِمَتْهُ الْجُمُعَةُ وَلَوْ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ وَإِلَّا فَلَا تَنْعَقِدُ لَهُ، فَإِنْ لَمْ تَلْزَمْهُ وَأَحْرَمَ بِهَا وَهُوَ زَائِدٌ عَلَيْهِمْ اُشْتُرِطَتْ أَيْضًا وَإِلَّا فَلَا، وَمَرَّ فِي الْمُعَادَةِ أَنَّهُ تَلْزَمُهُ فِيهَا نِيَّةُ الْإِمَامَةِ وَمِثْلُهَا فِي ذَلِكَ الْمَنْذُورَةُ جَمَاعَةً إذَا صَلَّى فِيهَا إمَامًا فَهِيَ كَالْجُمُعَةِ أَيْضًا (وَيُسْتَحَبُّ) لَهُ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ الْمُوجِبِ لَهَا وَلِيَحُوزَ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا وَلَوْ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِالْمُقْتَدِينَ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ، وَإِنْ حَصَلَتْ لَهُمْ بِسَبَبِهِ وَإِنْ نَوَاهَا فِي الْأَثْنَاءِ حَازَهَا مِنْ حِينِ نِيَّتِهِ، وَلَا تَنْعَطِفُ عَلَى مَا قَبْلَهَا وَفَارَقَ مَا لَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَانَتْ صِيغَةُ حَلِفِهِ لَا أُصَلِّي إمَامًا هَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ مَعْنَى لَا أُصَلِّي إمَامًا: لَا أُوجِدُ صَلَاةً حَالَةَ كَوْنِي إمَامًا، وَبَعْدَ اقْتِدَاءِ الْقَوْمِ بِهِ بَعْدَ إحْرَامِهِ مُنْفَرِدًا إنَّمَا يُوجَدُ مِنْهُ إتْمَامُ الصَّلَاةِ لَا إيجَادُهَا، بَلْ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ أَيْضًا لَوْ نَوَى الْإِمَامَةَ بَعْدَ اقْتِدَائِهِمْ بِهِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْحَاصِلَ مِنْهُ إتْمَامٌ لَا إيجَادٌ (قَوْلُهُ فَتَلْزَمُهُ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ مَعَ التَّحَرُّمِ) وَيَأْتِي فِيهَا مَا تَقَدَّمَ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ مِنْ اعْتِبَارِ الْمُقَارَنَةِ لِجَمِيعِ التَّكْبِيرِ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا فِي ذَلِكَ الْمَنْذُورَةُ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ لَمْ تَنْعَقِدْ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَوْ صَلَّاهَا مُنْفَرِدًا انْعَقَدَتْ وَأَثِمَ بِعَدَمِ فِعْلِ مَا الْتَزَمَهُ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَتُهَا بَعْدُ فِي جَمَاعَةٍ وَلَوْ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، وَيَكْتَفِي بِرَكْعَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ خُرُوجًا مِنْ عُهْدَةِ النَّذْرِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضِ وَشَرَحَهُ فِي بَابِ النَّذْرِ، وَالْقِيَاسُ انْعِقَادُهَا حَيْثُ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ فُرَادَى، لِأَنَّ تَرْكَ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ لَا يَزِيدُ عَلَى فِعْلِهَا مُنْفَرِدًا ابْتِدَاءً. (قَوْلُهُ: جَمَاعَةً) أَيْ وَالْمَجْمُوعَةُ جَمْعَ تَقْدِيمٍ بِالْمَطَرِ وَالْمُرَادُ الثَّانِيَةُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، لِأَنَّ الْأُولَى تَصِحُّ فُرَادَى. وَقَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا حَاصِلُهُ: أَنَّهُ لَا تَجِبُ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ فِي الْمَجْمُوعَةِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةِ الْإِمَامَةِ صِحَّةُ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا، وَمَسْأَلَةُ الْجَمْعِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ إلَى آخِر مَا ذَكَرَ، وَفِيهِ نَظَرٌ. وَعِبَارَتُهُ فِي بَابِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ عَلَى حَجّ: تَنْبِيهٌ يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِالْجَمَاعَةِ عِنْدَ انْعِقَادِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ انْفَرَدُوا قَبْلَ تَمَامِ رَكْعَتِهَا الْأُولَى، وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْإِمَامِ الْجَمَاعَةَ أَوْ الْإِمَامَةَ وَإِلَّا لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ. [فَرْعٌ] رَجُلٌ شُرِطَ عَلَيْهِ الْإِمَامَةُ بِمَوْضِعٍ هَلْ يُشْتَرَطُ نِيَّتُهُ الْإِمَامَةَ؟ يُحْتَمَلُ وِفَاقًا لِمَا أَجَابَ بِهِ م ر عَنْ ذَلِكَ حِينَ سُئِلَ عَنْهُ فِي دَرْسِهِ مُشَافَهَةً لَا تَجِبُ، لِأَنَّ الْإِمَامَةَ حَاصِلَةٌ: أَيْ لِأَنَّ الْإِمَامَةَ كَوْنُهُ مَتْبُوعًا لِلْغَيْرِ فِي الصَّلَاةِ مَرْبُوطًا صَلَاةُ الْغَيْرِ بِهِ، وَذَلِكَ حَاصِلٌ بِالْجَمَاعَةِ لِلْمَأْمُومِينَ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامُ الْإِمَامَةَ بِدَلِيلِ انْعِقَادِ الْجُمُعَةِ خَلْفَ مَنْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَنَوَى غَيْرَهَا، وَإِنَّمَا لَمْ تَحْصُلْ لَهُ الْجُمُعَةُ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِهَا وَلَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ، لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِي الْجُمُعَةِ فَلَا تَحْصُلُ إلَّا بِنِيَّتِهَا، وَفُرِّقَ بَيْنَ الْجَمَاعَةِ وَالْإِمَامَةِ تَأَمَّلْ سم عَلَى مَنْهَجٍ. [فَرْعٌ] الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَنْ نَوَى الْإِمَامَةَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ لَا أَحَدَ ثُمَّ يُرِيدُ الِاقْتِدَاءَ بِهِ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ لِتَلَاعُبِهِ وَأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِمُجَرَّدِ احْتِمَالِ اقْتِدَاءٍ جَنَى بِهِ. نَعَمْ إنْ ظَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَبْعُدْ جَوَازُ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ أَوْ طَلَبُهَا، ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ قَالَ: أَيْ الزَّرْكَشِيُّ: بَلْ يَنْبَغِي نِيَّةُ الْإِمَامَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَلْفَهُ أَحَدٌ إذَا وَثِقَ بِالْجَمَاعَةِ اهـ. وَقَدْ يُقَالُ: يُؤَخِّرُهَا لِحُضُورِ الْمُوثَقِ بِهِمْ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُهُ اقْتِدَاءٍ جَنَى أَيْ أَوْ مِلْكٍ. (قَوْلُهُ: حَازَهَا مِنْ حِينِ نِيَّتِهِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَحْرَمَ وَالْإِمَامُ فِي التَّشَهُّدِ فَإِنَّ جَمِيعَ صَلَاتِهِ جَمَاعَةً، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْجَمَاعَةَ وُجِدَتْ هُنَا فِي أَوَّلِ صَلَاتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا فِي ذَلِكَ الْمَنْذُورَةُ) أَيْ بِأَنْ نَذَرَ بِأَنْ يُصَلِّيَ كَذَا مِنْ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ جَمَاعَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ جَعْلِهَا كَالْجُمُعَةِ الَّتِي النِّيَّةُ الْمَذْكُورَةُ شَرْطٌ لِصِحَّتِهَا، وَفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ حَمَلَهَا عَلَى الْفَرِيضَةِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ إذْ لَيْسَتْ النِّيَّةُ شَرْطًا فِي انْعِقَادِهَا فَلَا تَكُونُ كَالْجُمُعَةِ، بِخِلَافِ النَّفْلِ الْمَنْذُورِ جَمَاعَةً فَإِنَّ شَرْطَ انْعِقَادِهِ بِمَعْنَى وُقُوعِهِ عَنْ النَّذْرِ مَا ذُكِرَ فَتَأَمَّلْ.

نَوَى صَوْمَ نَفْلٍ قَبْلَ الزَّوَالِ حَيْثُ أُثِيبَ عَلَى الصَّوْمِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ بِأَنَّ صَوْمَهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَبَعَّضَ صَوْمًا وَغَيْرَهُ، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ تَبْعِيضُهَا جَمَاعَةً وَغَيْرَهَا، وَإِنَّمَا اُعْتُدَّ بِنِيَّةِ الْإِمَامَةِ مَعَ التَّحَرُّمِ وَلَمْ يَدْخُلْ فِي الصَّلَاةِ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ إمَامًا لِأَنَّهُ سَيَصِيرُ إمَامًا، وَلِهَذَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ صِحَّتِهَا مَعَهُ غَرِيبٌ، وَيُبْطِلُهُ وُجُوبُهَا عَلَى إمَامِ الْجُمُعَةِ عِنْدَ التَّحَرُّمِ (فَإِنْ) (أَخْطَأَ) الْإِمَامُ (فِي تَعْيِينٍ تَابَعَهُ) وَلَمْ تَكُنْ صَلَاتُهُ جُمُعَةً أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا كَأَنْ نَوَى الْإِمَامَةَ بِزَيْدٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ عَمْرٌو (لَمْ يَضُرَّ) إذْ خَطَؤُهُ فِي النِّيَّةِ لَا يَزِيدُ عَلَى تَرْكِهَا وَهُوَ جَائِزٌ لَهُ، أَمَّا لَوْ نَوَى ذَلِكَ فِي الْجُمُعَةِ أَوْ مَا أُلْحِقَ بِهَا فَإِنَّهُ يَضُرُّ، لِأَنَّ مَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ جُمْلَةً أَوْ تَفْصِيلًا يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ كَمَا مَرَّ. (وَ) مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الْقُدْوَةِ تَوَافُقُ نَظْمِ صَلَاتَيْهِمَا فِي الْأَفْعَالِ الظَّاهِرَةِ فَحِينَئِذٍ (تَصِحُّ قُدْوَةُ الْمُؤَدِّي بِالْقَاضِي وَالْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ وَفِي الظُّهْرِ بِالْعَصْرِ وَبِالْعُكُوسِ) أَيْ الْقَاضِي بِالْمُؤَدِّي وَالْمُتَنَفِّلِ بِالْمُفْتَرِضِ وَفِي الْعَصْرِ بِالظُّهْرِ نَظَرًا لِاتِّفَاقِ الْفِعْلِ فِي الصَّلَاةِ وَإِنْ تَخَالَفَتْ النِّيَّةُ. وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى اقْتِدَاءِ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ بِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ مُعَاذًا كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِشَاءَ الْآخِرَةِ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى قَوْمِهِ فَيُصَلِّي بِهِمْ تِلْكَ الصَّلَاةَ» وَفِي رِوَايَةٍ لِلشَّافِعِيِّ «هِيَ لَهُ تَطَوُّعٌ وَلَهُمْ مَكْتُوبَةٌ» (وَكَذَا الظُّهْرُ) وَنَحْوُهُ كَالْعَصْرِ (بِالصُّبْحِ وَالْمَغْرِبِ وَهُوَ) أَيْ الْمُقْتَدِي حِينَئِذٍ (كَالْمَسْبُوقِ) فَيُتِمُّ صَلَاتَهُ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ. (وَلَا يَضُرُّ) (مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ فِي الْقُنُوتِ) فِي الصُّبْحِ (وَالْجُلُوسِ الْأَخِيرِ فِي الْمَغْرِبِ) ـــــــــــــــــــــــــــــSفَاسْتَصْحَبَ بِخِلَافِهِ هُنَاكَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ) وَلَوْ بَيَّتَ الصَّبِيُّ النِّيَّةَ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ بَلَغَ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ أُثِيبَ عَلَيْهِ جَمِيعِهِ ثَوَابَ الْفَرْضِ، كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الشَّيْخُ الشَّوْبَرِيُّ وَذَكَرَ أَنَّهُ مَنْقُولٌ، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ فِيمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا بَلَغَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ يُثَابُ عَلَى مَا بَعْدَ الْبُلُوغِ ثَوَابَ الْفَرْضِ وَمَا قَبْلَهُ ثَوَابَ النَّفْلِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ مِنْ حَيْثُ اشْتِمَالُهَا عَلَى رَكَعَاتٍ يُمْكِنُ وُقُوعُ بَعْضِهَا فِي حَدِّ ذَاتِهِ فَرْضًا وَبَعْضِهَا نَفْلًا فَجُعِلَ ثَوَابُهَا كَذَلِكَ، وَلَا كَذَلِكَ الصَّوْمُ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَجْزِئَةُ الْيَوْمِ بِحَيْثُ يَصُومُ بَعْضَهُ نَفْلًا مُتَمَيِّزًا عَنْ بَاقِيهِ، فَجُعِلَ ثَوَابُهُ بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ وَغَلَبَ جَانِبُ الْفَرْضِ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِهِ سُقُوطُ الطَّلَبِ عَنْهُ بَعْدَ تَكْلِيفِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَدْخُلْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَضُرُّ) وَمَحَلُّهُ فِي الْجُمُعَةِ حَيْثُ كَانَ مِنْ الْخَطَأِ فِيهِ مِنْ الْأَرْبَعِينَ (قَوْلُهُ فِي الْأَفْعَالِ) خَرَجَ بِهَا الْأَقْوَالُ وَبِالظَّاهِرَةِ الْبَاطِنَةِ كَالنِّيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَبِالْعُكُوسِ) قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَالشَّارِحِ أَنَّ هَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ، وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: وَالِانْفِرَادُ هُنَا أَفْضَلُ، وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ بِأَوْلَى خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ اهـ. فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ خِلَافٌ لِبَعْضِ الْأَئِمَّةِ وَأَنَّهُ خِلَافٌ مَذْهَبِيٌّ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ وَفِي حَجّ مَا نَصُّهُ بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ: عَلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِي هَذَا الِاقْتِدَاءِ ضَعِيفٌ جِدًّا اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْخِلَافَ مَذْهَبِيٌّ. [فَرْعٌ] نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا لَمْ يُرَاعِ الْخِلَافَ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَعْلُومَ، وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ أَتَى بِالتَّسْمِيَةِ جَهْرًا فِي الْفَاتِحَةِ، قَالَ: لِأَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَقْصِدْ تَحْصِيلَ الْجَمَاعَةِ لِبَعْضِ الْمُصَلِّينَ دُونَ بَعْضٍ بَلْ قَصَدَ حُصُولَهَا لِجَمِيعِ الْمُقْتَدِينَ، وَهُوَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِرِعَايَةِ الْخِلَافِ الْمَانِعَةِ مِنْ صِحَّةِ صَلَاةِ الْبَعْضِ أَوْ الْجَمَاعَةِ دُونَ الْبَعْضِ اهـ. وَهُوَ قَرِيبٌ حَيْثُ كَانَ إمَامُ الْمَسْجِدِ وَاحِدًا، بِخِلَافِ مَا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ أَئِمَّةً مُخْتَلِفِينَ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ اسْتِحْقَاقُ الْمَعْلُومِ عَلَى مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ، بَلْ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ شَرَطَ كَوْنَ الْإِمَامِ حَنَفِيًّا مَثَلًا فَلَا يَتَوَقَّفُ اسْتِحْقَاقُهُ الْمَعْلُومُ عَلَى مُرَاعَاةِ غَيْرِ مَذْهَبِهِ، أَوْ جَرَتْ عَادَةُ الْأَئِمَّةِ فِي تِلْكَ الْمَحَلَّةِ بِتَقْلِيدِ بَعْضِ الْمَذَاهِبِ وَعَلِمَ الْوَاقِفُ بِذَلِكَ فَيُحْمَلُ وَقْفُهُ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي زَمَنِهِ فَيُرَاعِيهِ دُونَ غَيْرِهِ. نَعَمْ لَوْ تَعَذَّرَتْ مُرَاعَاةُ الْخِلَافِ كَأَنْ اقْتَضَى بَعْضُ الْمَذَاهِبِ بُطْلَانَ الصَّلَاةِ بِشَيْءٍ وَبَعْضُهَا وُجُوبَهُ أَوْ بَعْضُهَا اسْتِحْبَابَ شَيْءٍ وَبَعْضُهَا كَرَاهَتَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاعِيَ الْإِمَامُ مَذْهَبَ مُقَلِّدِهِ وَيَسْتَحِقَّ مَعَ ذَلِكَ الْمَعْلُومَ (قَوْلُهُ: فِي الْقُنُوتِ) وَهَلْ مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ اقْتَدَى مُصَلِّي الْعِشَاءِ بِمُصَلِّي الْوِتْرِ فِي النِّصْفِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

كَالْمَسْبُوقِ (وَلَهُ فِرَاقُهُ) بِالنِّيَّةِ (إذَا اشْتَغَلَ بِهِمَا) أَيْ بِالْقُنُوتِ وَالْجُلُوسِ مُرَاعَاةً لِنَظْمِ صَلَاتِهِ وَمُتَابَعَتُهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَفْضَلُ مِنْ مُفَارَقَتِهِ وَالْمُفَارَقَةُ هُنَا مَعْذُورٌ فِيهَا فَلَا تَفُوتُ بِهَا فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ وَأَجْرَوْا ذَلِكَ فِي كُلِّ مُفَارَقَةٍ خُيِّرَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الِانْتِظَارِ كَمَا سَنُوَضِّحُهُ، وَمَا اسْتَشْكَلَ بِهِ جَوَازُ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ فِي الْقُنُوتِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ لِلْمُقْتَدِي، فَكَيْفَ يَجُوزُ لَهُ تَطْوِيلُ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ بِهِ؟ رُدَّ بِأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا لَهُ ذَلِكَ لِلْمُتَابَعَةِ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ اقْتَدَى بِمَنْ يَرَى تَطْوِيلَ الِاعْتِدَالِ لَيْسَ لَهُ مُتَابَعَتُهُ بَلْ يَسْجُدُ وَيَنْتَظِرُهُ أَوْ يُفَارِقُهُ، فَهَلَّا كَانَ هُنَا كَذَلِكَ لِأَنَّ تَطْوِيلَ الِاعْتِدَالِ هُنَا يَرَاهُ الْمَأْمُومُ فِي الْجُمْلَةِ وَهُنَاكَ لَا يَرَاهُ الْمَأْمُومُ أَصْلًا. (وَتَجُوزُ) (الصُّبْحُ خَلْفَ الظُّهْرِ) وَكَذَا كُلُّ صَلَاةٍ هِيَ أَقْصَرُ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِاتِّفَاقِ نَظْمِ الصَّلَاتَيْنِ وَقَطَعَ بِهِ كَعَكْسِهِ. وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى الْخُرُوجِ عَنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ قَبْلَ فَرَاغِهِ، وَفِي تَعْبِيرِهِ بِيَجُوزُ إيمَاءً إلَى أَنَّ تَرْكَهُ أَوْلَى وَلَوْ مَعَ الِانْفِرَادِ، لَكِنْ يَحْصُلُ بِذَلِكَ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ وَإِنْ فَارَقَ إمَامَهُ عِنْدَ قِيَامِهِ لِلثَّالِثَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِبَارَةُ ابْنِ الْعِمَادِ: فَإِنْ شَاءَ نَوَى مُفَارَقَتَهُ وَسَلَّمَ، وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَهُ لِيُسَلِّمَ مَعَهُ وَهُوَ الْأَفْضَلُ، فَإِنْ فَارَقَهُ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ وَلَمْ تَفُتْ بِهِ الْفَضِيلَةُ بِلَا خِلَافٍ اهـ. أَيْ عَلَى الْأَظْهَرِ الْقَائِلِ بِجَوَازِ الِاقْتِدَاءِ، وَعَلَّلُوا أَفْضَلِيَّةَ الِانْتِظَارِ بِأَنَّهُ يَجُوزُ بِهِ فَضْلُ أَدَاءِ السَّلَامِ مَعَ الْإِمَامِ، وَقَالُوا تَفْرِيعًا عَلَى صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِمُصَلِّي الْكُسُوفِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ مُفَارَقَتُهُ عِنْدَ الْقِيَامِ الثَّانِي مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَتَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ، لِأَنَّهُ فَارَقَ بِعُذْرٍ فَأَشْبَهَ مَا إذَا قَطَعَ الْإِمَامُ الْقُدْوَةَ، وَقَالُوا تَفْرِيعًا عَلَى صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِمُصَلِّي الْجِنَازَةِ أَنَّهُ لَا يُوَافِقُهُ فِي التَّكْبِيرَاتِ وَغَيْرِهَا، بَلْ فَائِدَتُهُ حُصُولُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ. وَقَالَ الشَّارِحُ: وَظَاهِرٌ أَنَّهَا: أَيْ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ لَا تَفُوتُ فِي الْمُفَارَقَةِ الْمُخَيَّرِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الِانْتِظَارِ، وَلِهَذَا قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي مَسْأَلَتِنَا: لَك أَنْ تَقُولَ إذَا كَانَ الْأَوْلَى الِانْفِرَادَ فَلِمَ حَصَلَتْ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ، فَيَكُونُ الْأَفْضَلُ مُتَابَعَتُهُ فِي الْقُنُوتِ أَوْ لَا كَمَا لَوْ اقْتَدَى بِمُصَلِّي التَّسْبِيحِ لِكَوْنِهِ مِثْلَهُ فِي النَّفْلِيَّةِ، فِيهِ نَظَرٌ. وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُقْتَدِي بِصَلَاةِ التَّسْبِيحِ مُشَابَهَةُ هَذَا لِلْفَرْضِ بِتَوْقِيتِهِ وَتَأَكُّدِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَا تَفُوتُ بِهِ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ) أَيْ فِيمَا أَدْرَكَهُ مَعَ الْإِمَامِ وَفِيمَا فَعَلَهُ بَعْدَهُ مُنْفَرِدًا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَطْوِيلَ الِاعْتِدَالِ هُنَا إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي لَهُ فِي صَلَاةِ التَّسْبِيحِ مِنْ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْمُفَارَقَةُ أَوْ الِانْتِظَارُ فِي السُّجُودِ، مَعَ أَنَّ الْمُقْتَدِيَ يَرَى تَطْوِيلَهُ فِي الْجُمْلَةِ فَإِنَّهُ يَقُولُ بِصِحَّةِ صَلَاةِ التَّسْبِيحِ فِي نَفْسِهَا عَلَى تِلْكَ الْهَيْئَةِ. إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهَا وَقْتٌ مُعَيَّنٌ وَكَانَ فِعْلُهَا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهَا نَادِرًا نَزَلَتْ مَنْزِلَةَ صَلَاةٍ لَا يَقُولُ بِتَطْوِيلِ الِاعْتِدَالِ فِيهَا: أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ فَالْإِشْكَالُ أَقْوَى (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُحَصِّلُ بِذَلِكَ إلَخْ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ صِحَّةُ الْمُعَادَةِ خَلْفَ الْمَقْضِيَّةِ لِحُصُولِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا، وَتَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ أَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِي الْمُعَادَةِ بِتَمَامِهَا. (قَوْلُهُ: وَقَالُوا تَفْرِيعًا إلَخْ) أَيْ وَهُوَ مَرْجُوحٌ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ وَقَالُوا تَفْرِيعًا الْآتِي (قَوْلُهُ: وَقَالَ الشَّارِحُ) أَيْ فِي فَصْلِ خَرَجَ الْإِمَامُ مِنْ صَلَاتِهِ إلَخْ الْآتِي. (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا قَالَ إلَخْ) أَيْ لِقَوْلِ الشَّارِحِ: إنَّ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ لَا تَفُوتُ فِي الْمُفَارَقَةِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فِي مَسْأَلَتِنَا) أَيْ وَهِيَ جَوَازُ الصُّبْحِ خَلْفَ الظُّهْرِ. (قَوْلُهُ: فَلِمَ حَصَلَتْ لَهُ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ عَلَى أَنَّ الِانْفِرَادَ أَفْضَلُ كَمَا فَرَضَهُ، وَأَشْعَرَ بِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ قَبْلُ، وَفِي تَعْبِيرِهِ بِيَجُوزُ إيمَاءٌ إلَخْ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَعِبَارَةُ ابْنِ الْعِمَادِ إلَى قَوْلِهِ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ مِنْ خَبَرِ مُعَاذٍ) مِنْ فَتَاوَى وَالِدِهِ حَرْفًا بِحَرْفٍ وَإِنْ أَوْهَمَ سِيَاقُهُ خِلَافَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا) أَيْ وَلِكَوْنِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ حَاصِلَةً مَعَ الْقَوْلِ بِأَنَّ الِانْفِرَادَ أَوْلَى الَّذِي فَهِمَهُ عَنْهُمْ، فَاسْتِشْكَالُ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى ذَلِكَ فَهُمْ مُوَافِقُونَ لَهُ فِيمَا فَهِمَهُ، وَاحْتَاجَ إلَى هَذَا؛ لِأَنَّ جَمِيعَ مَا قَدَّمَهُ مِنْ النُّقُولِ

لِأَنَّهَا خِلَافُ الْأُولَى اهـ. وَلَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرْته قَوْلُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ: إنَّ صَلَاةَ الْعُرَاةِ وَنَحْوِهِمْ جَمَاعَةً صَحِيحَةٌ وَلَا ثَوَابَ فِيهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ اهـ: أَيْ لِأَنَّ انْتِفَاءَ طَلَبِهَا مِنْهُمْ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمْ لَهَا بِسَبَبِ صِفَةٍ قَامَتْ بِهِمْ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا وَلَا قَوْلَ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا إنَّ الْأَوْلَى فِيهَا الِانْفِرَادُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى صِحَّتِهَا فِيهِ بِخِلَافِهَا فِي الْجَمَاعَةِ وَإِنْ نَالَ فَضْلَهَا فِي الْأَظْهَرِ بَلْ مَا ذَكَرْته أَوْلَى مِمَّا قَالُوهُ مِنْ أَنَّ مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ إعَادَتُهَا عَلَى الصَّحِيحِ، وَمِنْ مُقَابِلِهِ أَنَّهُ إنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا ثُمَّ وَجَدَ جَمَاعَةً اُسْتُحِبَّتْ لَهُ الْإِعَادَةُ مَعَهُمْ لِحِيَازَةِ فَضْلِهَا وَإِلَّا فَلَا، وَعَلَى الصَّحِيحِ لَوْ أَعَادَهَا صَحَّتْ نَفْلًا عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ فَرْضًا كَالطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ اهـ. وَالصَّلَاةُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَطْلُوبٌ تَرْكُهَا فَضْلًا عَنْ طَلَبِ تَرْكِ جَمَاعَتِهَا. وَالصَّلَاةُ فِي مَسْأَلَتِنَا وَاجِبٌ فِعْلُهَا وَإِنْ انْتَفَى طَلَبُ الْجَمَاعَةِ فِيهِ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ مِنْ خَبَرِ مُعَاذٍ الْمَارِّ حُصُولُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ خَلْفَ مُعِيدِ الْفَرِيضَةِ صُبْحًا كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا خَبَرُ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَغْرِبَ ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى قَوْمِهِ فَيَؤُمُّهُمْ» وَخَبَرُ أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الصُّبْحَ فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ، فَلَمَّا انْفَتَلَ مِنْ صَلَاتِهِ رَأَى فِي آخِرِ الْقَوْمِ رَجُلَيْنِ لَمْ يُصَلِّيَا مَعَهُ فَقَالَ: مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا؟ فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا، فَقَالَ: إذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَاهَا مَعَهُمْ فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ» وَهُوَ كَمَا مَرَّ يَدُلُّ بِالْعُمُومِ وَعَدَمِ الِاسْتِفْصَالِ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُصَلِّي مُنْفَرِدًا وَالْمُصَلِّي جَمَاعَةً إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا. وَقَدْ عَلَّلَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا الْوَجْهَ الْمَرْجُوحَ الْقَائِلَ بِأَنَّ صَلَاةَ بَطْنِ نَخْلٍ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ بِحُصُولِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى التَّمَامِ لِكُلِّ طَائِفَةٍ، وَمُرَادُهُمْ أَنَّ إيقَاعَ الصَّلَاةِ بِكَمَالِهَا خَلْفَ الْإِمَامِ أَكْمَلُ مِنْ إيقَاعِ الْبَعْضِ وَإِنْ حَصَلَتْ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ يُسَنُّ لِلْمُفْتَرِضِ أَنْ لَا يَقْتَدِيَ بِالْمُتَنَفِّلِ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ فَمَحَلُّهُ فِي النَّفْلِ الْمُتَمَحَّضِ، أَمَّا الصَّلَاةُ الْمُعَادَةُ فَلَا لِأَنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي فَرْضِيَّتِهَا إذْ قِيلَ: إنَّ الْفَرْضَ إحْدَاهُمَا يَحْتَسِبُ اللَّهُ مَا شَاءَ مِنْهُمَا، وَرُبَّمَا قِيلَ يَحْتَسِبُ أَكْمَلَهُمَا، لِأَنَّ الثَّانِيَةَ لَوْ تَعَيَّنَتْ لِلنَّفْلَةِ لَمْ يُسَنُّ فِعْلُهَا فِي جَمَاعَةٍ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ وَغَيْرِهَا. وَقِيلَ إنَّ مَنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا فَالْفَرْضُ الثَّانِيَةُ لِكَمَالِهَا، وَإِنْ صَلَّى فِي الْجَمَاعَةِ فَالْأُولَى. وَقِيلَ إنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فَرْضٌ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ مَأْمُورٌ بِهَا وَالْأُولَى مُسْقِطَةٌ لِلْحَرَجِ لَا مَانِعَةٌ مِنْ وُقُوعِ الثَّانِيَةِ فَرْضًا بِدَلِيلِ سَائِرِ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ كَالطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ الْمُصَلِّيَةِ عَلَى الْجِنَازَةِ وَغَيْرِهَا (فَإِذَا قَامَ) الْإِمَامُ (لِلثَّالِثَةِ إنْ شَاءَ) الْمَأْمُومُ (فَارَقَهُ) بِالنِّيَّةِ (وَسَلَّمَ) لِانْقِضَاءِ صَلَاتِهِ، وَلَا كَرَاهَةَ لِأَنَّهُ فِرَاقٌ بِعُذْرٍ كَمَا سَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ (وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَهُ لِيُسَلِّمَ مَعَهُ) لِيَحُوزَ أَدَاءَ السَّلَامِ مَعَ الْجَمَاعَةِ (قُلْت: انْتِظَارُهُ أَفْضَلُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِمَا مَرَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَمَّا إنْ قُلْنَا بِأَنَّ الْجَمَاعَةَ أَفْضَلُ فَلَا يُرَدُّ السُّؤَالُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) الْأَوْلَى مَعَ أَنَّهَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا) أَيْ فَإِنَّ أَهْلِيَّتَهُمْ لِلصَّلَاةِ حَاصِلَةٌ وَانْتِفَاءُ طَلَبِ الْجَمَاعَةِ مِنْهُمْ لِمُجَرَّدِ اخْتِلَافِ الصَّلَاتَيْنِ (قَوْلُهُ: بَلْ مَا ذَكَرْته إلَخْ) أَيْ تَوْجِيهًا لِحُصُولِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَعَلَّلُوا أَفْضَلِيَّةَ انْتِظَارِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَوْ أَعَادَهَا) أَيْ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ وَلَوْ مُنْفَرِدًا وَمِرَارًا. (قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ) أَيْ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ. (قَوْلُهُ: فَلَمَّا انْفَتَلَ) أَيْ الْتَفَتَ. (قَوْلُهُ: فَمَحَلُّهُ فِي النَّفْلِ الْمُتَمَحِّضِ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ اقْتَدَى هَلْ تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَتَقَدَّمَ عَنْ سم حُصُولُ الثَّوَابِ فِي النَّفْلِ الَّذِي لَا تُشْرَعُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ، وَقَضِيَّتُهُ حُصُولُ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ. (قَوْلُهُ: أَمَّا الصَّلَاةُ الْمُعَادَةُ فَلَا) أَيْ فَلَا يُسَنُّ لِلْمُصَلِّي الْفَرْضَ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَيْسَ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الِانْفِرَادَ أَوْلَى فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَا قَوْلُ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْفَتَاوَى: وَأَمَّا قَوْلُ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: صُبْحًا كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا) فِي عِلْمِ ذَلِكَ مِنْ خَبَرِ مُعَاذٍ نَظَرٌ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِي عِشَاءِ الْآخِرَةِ كَمَا مَرَّ

إنْ لَمْ يَخْشَ خُرُوجَ الْوَقْتِ قَبْلَ تَحَلُّلِهِ، وَعُلِمَ مِنْهُ حُصُولُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ كَمَا تَقَرَّرَ وَإِذَا انْتَظَرَهُ أَطَالَ الدُّعَاءَ بَعْدَ تَشَهُّدِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَخَرَجَ بِفَرْضِهِ الْكَلَامُ فِي الصُّبْحِ وَالْمَغْرِبِ خَلْفَ الظُّهْرِ مَثَلًا، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْتَظِرَهُ إذَا قَامَ لِلرَّابِعَةِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ، لِأَنَّهُ يُحْدِثُ جُلُوسَ تَشَهُّدٍ لَمْ يَفْعَلْهُ الْإِمَامُ، بِخِلَافِهِ فِي تِلْكَ فَإِنَّهُ وَافَقَهُ فِيهِ ثُمَّ اسْتَدَامَهُ، وَعُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ أَنَّهُ لَوْ جَلَسَ إمَامُهُ لِلِاسْتِرَاحَةِ فَقَطْ لَزِمَهُ مُفَارَقَتُهُ، وَأَنَّهُ لَا أَثَرَ أَيْضًا لِجُلُوسِهِ لِلتَّشَهُّدِ مِنْ غَيْرِ تَشَهُّدٍ فِي الصُّبْحِ بِالظُّهْرِ، إذْ جُلُوسُهُ مِنْ غَيْرِ تَشَهُّدٍ كَلَا جُلُوسٍ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لَهُ فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ بِدُونِهِ، وَهَذَا هُوَ مُرَادُ ابْنِ الْمُقْرِي بِقَوْلِهِ أَحْدَثَ جُلُوسًا، كَمَا أَنَّ مُرَادَ الشَّيْخَيْنِ بِقَوْلِهِمَا أَحْدَثَ تَشَهُّدًا جُلُوسُهُ. وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ إمَامُهُ الْجُلُوسَ وَالتَّشَهُّدَ لَزِمَهُ مُفَارَقَتُهُ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ حِينَئِذٍ أَفْحَشُ، وَيَجْرِي مَا ذَكَرَ فِيمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ خَلْفَ مُصَلِّي الظُّهْرِ وَتَرَكَ إمَامُهُ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ فَيَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ مُفَارَقَتُهُ عِنْدَ قِيَامِهِ لِلثَّالِثَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِهِمْ جَوَازَ انْتِظَارِ الْمَأْمُومِ إمَامَهُ فِيهَا بِأَنَّهُ وَافَقَهُ فِي جُلُوسِ تَشَهُّدِهِ ثُمَّ اسْتَدَامَهُ، وَتَعْلِيلُهُمْ لُزُومَ مُفَارَقَةِ مُصَلِّي الرُّبَاعِيَّةَ بِأَنَّهُ يُحْدِثُ جُلُوسَ تَشَهُّدٍ لَمْ يَفْعَلْهُ إمَامُهُ، وَيَصِحُّ اقْتِدَاءُ مَنْ فِي التَّشَهُّدِ بِالْقَائِمِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ مُتَابَعَتُهُ بَلْ يَنْتَظِرُهُ إلَى أَنْ يُسَلِّمَ وَهُوَ أَفْضَلُ، وَلَهُ مُفَارَقَتُهُ وَهُوَ فِرَاقٌ بِعُذْرٍ، وَلَا نَظَرَ هُنَا إلَى أَنَّهُ أَحْدَثَ جُلُوسًا ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنْ لَا يَقْتَدِيَ بِإِمَامِهَا بَلْ يُسَنُّ لَهُ الِاقْتِدَاءُ لِحُصُولِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَخْشَ خُرُوجَ الْوَقْتِ) أَيْ فَإِنْ خَشِيَهُ فَعَدَمُ الِانْتِظَارِ أَوْلَى، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ لِجَوَازِ الْمَدِّ فِي الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ: أَطَالَ الدُّعَاءَ) أَيْ نَدْبًا وَلَا يُكَرِّرُ التَّشَهُّدَ فَلَوْ لَمْ يَحْفَظْ إلَّا دُعَاءً قَصِيرًا كَرَّرَهُ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا سُكُوتَ فِيهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يُكَرِّرْ التَّشَهُّدَ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَبْطَلَ بِتَكْرِيرِ الرُّكْنِ الْقَوْلِيِّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُحْدِثُ جُلُوسَ تَشَهُّدٍ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الِاسْتِدْلَالِ أَنَّ لَهُ انْتِظَارَهُ فِي السُّجُودِ الثَّانِي فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَانْتِظَارُهُ أَفْضَلُ. (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِنَا: إنَّهُ يُحْدِثُ جُلُوسَ تَشَهُّدٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِلِاسْتِرَاحَةِ) أَيْ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِالْقَرِينَةِ كَمَا لَوْ صَلَّى الْمَغْرِبَ خَلْفَ رُبَاعِيَّةٍ. (قَوْلُهُ: لِجُلُوسِهِ) أَيْ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْجُلُوسَ تَابِعٌ لَهُ: أَيْ التَّشَهُّدِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ بِدُونِهِ) هُوَ ظَاهِرٌ إنْ عَلِمَ مِنْ حَالِ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَمْ يَتَشَهَّدْ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ بِأَنْ ظَنَّهُ وَتَبَيَّنَ خِلَافَهُ فَيَنْبَغِي عَدَمُ الضَّرَرِ لِأَنَّهُ كَالْجَاهِلِ، وَهُوَ يُغْتَفَرُ لَهُ مَا لَا يُغْتَفَرُ لِغَيْرِهِ لِعُذْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي مَا ذُكِرَ) قَدْ يُقَالُ: لَا حَاجَةَ لِهَذَا بَعْدَ قَوْلِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى إلَخْ، فَإِنَّ هَذَا الَّذِي جَعَلَهُ مَأْخُوذًا بِالْأَوْلَى هُوَ عَيْنُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: وَيَجْرِي مَا ذَكَرَ فِيمَنْ صَلَّى إلَخْ (قَوْلُهُ عِنْدَ قِيَامِهِ لِلثَّالِثَةِ) أَيْ حَيْثُ أَرَادَ الْجُلُوسَ لِلتَّشَهُّدِ، فَلَوْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ لَمْ يَبْعُدْ انْتِظَارُهُ فِي السُّجُودِ وَإِنْ طَالَ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ مُفَارَقَةٍ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ فِرَاقٌ بِعُذْرٍ) قَدْ يُشْعِرُ هَذَا بِحُصُولِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ لِمَنْ ذَكَرَ، لَكِنْ سَيَأْتِي فِيمَا لَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا ثُمَّ نَوَى الْقُدْوَةَ فِي خِلَالِ صَلَاتِهِ أَنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ مُفَوِّتٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ حَتَّى فِيمَا أَدْرَكَهُ مَعَ الْإِمَامِ اهـ. وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ حُصُولِ الْفَضِيلَةِ هُنَا، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ هُنَا وَهُوَ أَفْضَلُ إلَخْ حُصُولُ الْفَضِيلَةِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إذَا نَوَى الِاقْتِدَاءَ وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ مُرَادُ ابْنِ الْمُقْرِي) يَعْنِي قَوْلَهُ؛ لِأَنَّهُ يُحْدِثُ جُلُوسَ تَشَهُّدٍ لَمْ يَفْعَلْهُ الْإِمَامُ، فَالْكَلَامُ فِي الْمَغْرِبِ كَمَا يُعْلَمُ كَاَلَّذِي نَذْكُرُهُ بَعْدُ مِنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا أَنَّ مُرَادَ الشَّيْخَيْنِ بِقَوْلِهِمَا أَحْدَثَ تَشَهُّدًا جُلُوسُهُ) أَيْ مَعَهُ بِقَرِينَةِ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ إمَامُهُ الْجُلُوسَ وَالتَّشَهُّدَ) يَعْنِي فِي الصُّبْحِ بِالظُّهْرِ (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي مَا ذَكَرَ) أَيْ فِي الْمَغْرِبِ، وَقَوْلُهُ: فِيمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى إلَخْ (قَوْلُهُ: وَتَعْلِيلُهُمْ لُزُومَ مُفَارَقَةِ مُصَلِّي الرَّبَاعِيَةِ) كَذَا فِي: نُسَخِ الشَّارِحِ كَالْفَتَاوَى، وَكَانَ الْمَصْدَرُ مُضَافًا لِمَفْعُولٍ وَفَاعِلُهُ مَحْذُوفٌ لِعِلْمِهِ: أَيْ مُصَلِّي الْمَغْرِبِ (قَوْلُهُ: وَلَا نَظَرَ هُنَا إلَى أَنَّهُ أَحْدَثَ جُلُوسًا) فِيهِ مُسَامَحَةٌ إذْ لَا إحْدَاثَ هُنَا.

لَمْ يَفْعَلْهُ الْإِمَامُ لِأَنَّ الْمَحْذُورَ إحْدَاثُهُ بَعْدَ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ لَا دَوَامُهُ كَمَا هُنَا. . وَتَصِحُّ الْعِشَاءُ خَلْفَ التَّرَاوِيحِ كَمَا لَوْ اقْتَدَى فِي الظُّهْرِ بِالصُّبْحِ، فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ لِيُتِمَّ صَلَاتَهُ وَالْأَوْلَى لَهُ إتْمَامُهَا مُنْفَرِدًا، فَإِنْ اقْتَدَى بِهِ ثَانِيًا فِي رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ مِنْ التَّرَاوِيحِ جَازَ كَمُنْفَرِدٍ اقْتَدَى فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ بِغَيْرِهِ. وَتَصِحُّ الصُّبْحُ خَلْفَ الْعِيدِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَعَكْسُهُ لِتَوَافُقِ نَظْمِ أَفْعَالِهِمَا، وَالْأَوْلَى لَهُ أَنْ لَا يُوَافِقَهُ فِي التَّكْبِيرِ الزَّائِدِ إنْ صَلَّى الصُّبْحَ خَلْفَ الْعِيدِ أَوْ الِاسْتِسْقَاءِ، وَلَا فِي تَرْكِهِ أَيْضًا إنْ عَكَسَ اعْتِبَارًا بِصَلَاتِهِ، وَلَا تَضُرُّ مُوَافَقَتُهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْأَذْكَارَ لَا يَضُرُّ فِعْلُهَا وَإِنْ لَمْ تُنْدَبْ وَلَا تَرْكُهَا وَإِنْ نُدِبَتْ، وَلَيْسَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ اسْتِغْفَارٌ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِهِ فَمَنْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ لَا يُوَافِقُهُ فِي الِاسْتِغْفَارِ: أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ إنْ ثَبَتَ أَنَّ فِيهِ قَوْلًا وَإِلَّا فَهُوَ وَهْمٌ سَرَى لَهُ مِنْ الْخُطْبَةِ إلَى الصَّلَاةِ (وَإِنْ أَمْكَنَهُ) أَيْ مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ خَلْفَ غَيْرِهَا (الْقُنُوتُ فِي الثَّانِيَةِ) بِأَنْ وَقَفَ إمَامُهُ يَسِيرًا (قَنَتَ) اسْتِحْبَابًا تَحْصِيلًا لَلسُّنَّةِ مَعَ عَدَمِ الْمُخَالَفَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ (تَرَكَهُ) نَدْبًا خَوْفًا مِنْ التَّخَلُّفِ، لَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ لِتَحَمُّلِ الْإِمَامِ لَهُ عَنْهُ كَمَا هُوَ الْقِيَاسُ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ حَيْثُ زَعَمَ أَنَّ الْقِيَاسَ سُجُودُهُ (وَلَهُ فِرَاقُهُ) بِالنِّيَّةِ (لِيَقْنُتَ) تَحْصِيلًا لَلسُّنَّةِ وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ لِعُذْرِهِ كَمَا مَرَّ، فَلَوْ لَمْ يَنْوِ مُفَارَقَتَهُ وَتَخَلَّفَ لِلْقُنُوتِ أَدْرَكَهُ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى لَمْ يَضُرَّ، وَيُفَارِقُ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ بِأَنَّهُمَا هُنَا اشْتَرَكَا فِي الِاعْتِدَالِ فَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ الْمَأْمُومُ وَثَمَّ انْفَرَدَ بِالْجُلُوسِ، وَلَا يَرِدُ عَلَى الْفَرْقِ مَا لَوْ جَلَسَ إمَامُهُ لِلِاسْتِرَاحَةِ فِي ظَنِّهِ لِأَنَّ جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ هُنَا غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ فَلَا عِبْرَةَ بِوُجُودِهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا هُنَا وَأَدْرَكَهُ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُدْرِكْهُ فِيهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، غَيْرَ أَنَّهُ يُنَافِيهِ إطْلَاقُهُمْ الْآتِي أَنَّ التَّخَلُّفَ بِرُكْنٍ لَا يُبْطِلُ. لَا يُقَالُ: هَذَا فِيهِ مُخَالَفَةٌ فَاحِشَةٌ، وَقَدْ قَالُوا لَوْ خَالَفَهُ فِي سُنَّةٍ فِعْلًا أَوْ تَرْكًا وَفَحُشَتْ الْمُخَالَفَةُ كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَالتَّخَلُّفُ لِلْقُنُوتِ مِنْ هَذَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَوْ كَانَ مِنْ هَذَا لَقُلْنَا بِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ بِهُوِيِّ إمَامِهِ إلَى السُّجُودِ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ، وَقَدْ رَجَّحْنَا ـــــــــــــــــــــــــــــSلَكِنْ تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةٌ فِي الْجُمْلَةِ، فَإِذَا نَوَى الْمُفَارَقَةَ لِمُخَالَفَةِ الْإِمَامِ لَهُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ قَائِمًا وَهُوَ قَاعِدٌ مَثَلًا يَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا غَيْرَ مُفَوِّتٍ لِمَا حَصَلَ لَهُ مِنْ الْفَضِيلَةِ الْحَاصِلَةِ بِمُجَرَّدِ رَبْطِ صَلَاتِهِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ اقْتَدَى فِي الظُّهْرِ إلَخْ) هَذِهِ عُلِمَتْ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْمُفْتَرِضُ بِالْمُتَنَفِّلِ، لَكِنَّهُ ذَكَرَهَا تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ: وَالْأَوْلَى لَهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: اعْتِبَارًا بِصَلَاتِهِ) قَدْ يُشْكِلُ هَذَا عَلَى مَا فِي صَلَاةِ الْعِيدِ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ حَتَّى لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى سِتٍّ فِي الْأُولَى وَثَلَاثٍ فِي الثَّانِيَةِ تَابَعَهُ فِيهَا، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْإِمَامَ وَالْمَأْمُومَ اشْتَرَكَا ثَمَّ فِي أَصْلِ التَّكْبِيرِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا فِي صِفَتِهِ، فَلَمَّا طَلَبْت مُتَابَعَةَ الْمَأْمُومِ لِإِمَامِهِ فِي أَصْلِ التَّكْبِيرِ اسْتَصْحَبَ ذَلِكَ فَتَبِعَهُ فِي صِفَتِهِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا. (قَوْلُهُ: وَأَدْرَكَهُ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى) أَوْ الْجُلُوسِ بَيْنِ السَّجْدَتَيْنِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ غَيْرَ أَنَّهُ يُنَافِيهِ إطْلَاقُهُمْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَيُفَارِقُ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ) أَيْ حَيْثُ قُلْنَا بِالْبُطْلَانِ لِلتَّخَلُّفِ لَهُ (قَوْلُهُ: لِلِاسْتِرَاحَةِ فِي ظَنِّهِ) أَيْ الْمَأْمُومِ: أَيْ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمُفَارَقَةُ مَعَ مُشَارَكَتِهِ لَهُ فِي الْجُلُوسِ. (قَوْلُهُ: غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ) بَلْ وَلَوْ كَانَتْ مَطْلُوبَةً لَا يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ لِمَا مَرَّ فِيمَنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ خَلْفَ الْعِشَاءِ مَثَلًا مِنْ أَنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ وَإِنْ جَلَسَ إمَامُهُ لِلِاسْتِرَاحَةِ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ) أَيْ قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ. (قَوْلُهُ: غَيْرَ أَنَّهُ يُنَافِيهِ إطْلَاقُهُمْ) مُعْتَمَدٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِأَنْ وَقَفَ إمَامُهُ يَسِيرًا) هَذَا التَّصْوِيرُ لِنَدْبِ الْإِتْيَانِ بِالْقُنُوتِ (قَوْلُهُ: نَدْبًا) أَيْ وَلَهُ فِرَاقُهُ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: لَمْ يَضُرَّ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْكَرَاهَةِ كَمَا يَأْتِي وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَيَأْتِي (قَوْلُهُ: فِي ظَنِّهِ) أَيْ الْإِمَامِ إمَّا لِجَهْلِهِ بِالْحُكْمِ أَوْ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ الَّتِي يَقُومُ إلَيْهَا ثَانِيَةٌ مَثَلًا وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ رُجُوعِ الضَّمِيرِ لِلْمَأْمُومِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ: وَأَدْرَكَهُ) بَدَلٌ مِنْ كَلَامٍ أَوْ يُقَدَّرُ لَهُ قَوْلٌ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ) يُوهِمُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَطْلُوبَةً لَمْ يَضُرَّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ

خِلَافَهُ فَتَعَيَّنَ أَنَّ التَّخَلُّفَ لِلْقُنُوتِ لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُتَخَلِّفَ لِنَحْوِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ أَحْدَثَ سُنَّةً يَطُولُ زَمَنُهَا وَلَمْ يَفْعَلْهَا الْإِمَامُ أَصْلًا فَفَحُشَتْ الْمُخَالَفَةُ، وَأَمَّا تَطْوِيلُهُ لِلْقُنُوتِ فَلَيْسَ فِيهِ إحْدَاثُ شَيْءٍ لَمْ يَفْعَلْهُ إمَامُهُ فَلَمْ تَفْحُشْ الْمُخَالَفَةُ إلَّا بِالتَّخَلُّفِ بِتَمَامِ رُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ كَمَا أَطْلَقُوهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفُحْشَ فِي التَّخَلُّفِ لَلسُّنَّةِ غَيْرُهُ فِي التَّخَلُّفِ بِالرُّكْنِ، وَأَنَّ الْفَرْقَ أَنَّ إحْدَاثَ مَا لَمْ يَفْعَلْهُ إمَامُهُ مَعَ طُولِ زَمَنِهِ فُحْشٌ فِي ذَاتِهِ فَلَمْ يَحْتَجْ لِضَمِّ شَيْءٍ إلَيْهِ، بِخِلَافِ مُجَرَّدِ تَطْوِيلِ مَا فَعَلَهُ إمَامُهُ فَإِنَّهُ مُجَرَّدُ صِفَةٍ تَابِعَةٍ فَلَمْ يَحْصُلْ الْفُحْشُ بِهِ بَلْ بِتَكَرُّرِهِ، فَلَمْ يُؤَثِّرْ مِنْهُ إلَّا تَوَالِي رُكْنَيْنِ تَامَّيْنِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُمْ هُنَا إذَا لَحِقَهُ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى قُيِّدَ لِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ، فَلَا بُطْلَانَ حَتَّى يَهْوِيَ لِلسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ الزَّرْكَشِيّ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ إنَّ التَّخَلُّفَ لِلْقُنُوتِ مُبْطِلٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَقَدْ حَكَى الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ لَا خِلَافَ، بَلْ الْقَوْلُ بِالْبُطْلَانِ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا فَحُشَتْ الْمُخَالَفَةُ: أَيْ بِأَنْ تَأَخَّرَ بِرُكْنَيْنِ، وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ لَيْسَ مَفْرُوضًا فِيهِ وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ قَوْلُهُ: إذَا لَحِقَهُ عَلَى الْقُرْبِ (فَإِنْ اخْتَلَفَ فِعْلُهُمَا كَمَكْتُوبَةٍ وَكُسُوفٍ أَوْ جِنَازَةٍ) أَوْ سَجْدَةِ تِلَاوَةٍ أَوْ شُكْرٍ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ (لَمْ يَصِحَّ) الِاقْتِدَاءُ فِي ذَلِكَ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِمُخَالَفَتِهِ النَّظْمَ وَتَعَذُّرِ الْمُتَابَعَةِ مَعَهَا. نَعَمْ يَظْهَرُ صِحَّةُ الِاقْتِدَاءِ فِي الشُّكْرِ بِالتِّلَاوَةِ وَعَكْسِهِ. وَالثَّانِي يَصِحُّ لِإِمْكَانِهَا فِي الْبَعْضِ، وَعَلَيْهِ رِعَايَةُ تَرْتِيبِ نَفْسِهِ وَلَا يُتَابِعُهُ، فَفِي الْجِنَازَةِ إذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ الثَّانِيَةَ تَخَيَّرَ بَيْنَ مُفَارَقَتِهِ وَانْتِظَارِهِ سَلَامَهُ وَلَا يُتَابِعُهُ فِي التَّكْبِيرَاتِ وَفِي الْكُسُوفِ تَابَعَهُ فِي الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ يَرْفَعُ وَيُفَارِقُهُ أَوْ يَنْتَظِرُهُ رَاكِعًا إلَى أَنْ يَرْكَعَ ثَانِيًا وَيَعْتَدِلَ وَيَسْجُدَ مَعَهُ، وَلَا يَنْتَظِرُهُ بَعْدَ الرَّفْعِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ، وَلَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ نِيَّةَ الْإِمَامِ لَهَا أَوْ يَجْهَلَهَا وَإِنْ بَانَ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ التَّكْبِيرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ. نَعَمْ إنْ كَانَ الْإِمَامُ فِي الْقِيَامِ الثَّانِي فَمَا بَعْدَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ صَحَّتْ الْقُدْوَةُ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَتَبِعَهُ جَمْعٌ وَيَدُلُّ لَهُ تَعْلِيلُهُمْ عَدَمَ الصِّحَّةِ بِتَعَذُّرِ الْمُتَابَعَةِ وَلَا تَعَذُّرَ فِيهَا هُنَا، وَالْأَوْجُهُ اسْتِمْرَارُ الْمَنْعِ فِي الْجِنَازَةِ وَسَجْدَتَيْ الشُّكْرِ وَالتِّلَاوَةِ إلَى تَمَامِ السَّلَامِ، إذْ مَوْضُوعُ الْأُولَى عَلَى الْمُخَالَفَةِ إلَى الْفَرَاغِ مِنْهَا بِدَلِيلِ أَنَّ سَلَامَهَا مِنْ قِيَامٍ وَلَا كَذَلِكَ غَيْرُهَا، وَأَمَّا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ فَلِأَنَّهُمَا مُلْحَقَانِ بِالصَّلَاةِ وَلَيْسَتَا مِنْهَا مَعَ وُجُودِ الْمُخَالَفَةِ. لَا يُقَالُ: يَنْبَغِي صِحَّةُ الْقُدْوَةِ بِمُصَلِّي الْكُسُوفِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِهِ فِي الْقِيَامِ وَلَا مُخَالَفَةَ فِيهِ، ثُمَّ إذَا انْتَهَى إلَى الْأَفْعَالِ الْمُخَالِفَةِ فَإِنْ فَارَقَهُ اسْتَمَرَّتْ الصِّحَّةُ وَإِلَّا بَطَلَتْ، كَمَنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ تُرَى عَوْرَتُهُ مِنْهُ عِنْدَ رُكُوعِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَمَّا تَعَذَّرَ الرَّبْطُ بِتَخَالُفِ النَّظْمِ مَعَ انْعِقَادِهَا لِرَبْطِهِ صَلَاتَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَلَا بُطْلَانَ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا غَيْرَ أَنَّهُ يُنَافِيهِ إطْلَاقُهُمْ إلَخْ، وَلَعَلَّهُ ذَكَرَهُ لِأَجْلِ قَوْلِهِ قُيِّدَ لِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ فَفِي الْجِنَازَةِ) تَفْرِيعٌ عَلَى الثَّانِي. (قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ) قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: وَقَضِيَّتُهُ حُصُولُ الرَّكْعَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: وَلَا تُعْذَرُ فِيمَا هُنَا) وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ صِحَّةُ الِاقْتِدَاءِ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ أَوْ الشُّكْرِ بِمَنْ فِي السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْفَرْضِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا يُوَافِقُهُ وَعِبَارَتُهُ: وَمِثْلُهُمَا: أَيْ مِثْلُ ثَانِي قِيَامِ رَكْعَةِ الْكُسُوفِ الثَّانِيَةِ، وَآخِرُ تَكْبِيرَاتِ الْجِنَازَةِ فِي الصِّحَّةِ مَا بَعْدَ السُّجُودِ فِيمَا قَالَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَحْدَثَ سُنَّةً) وَهِيَ الْجُلُوسُ لِلتَّشَهُّدِ (قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفُحْشَ فِي التَّخَلُّفِ لِلسُّنَّةِ) أَيْ الْجُلُوسِ لِلتَّشَهُّدِ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ، وَإِلَّا فَهُوَ فِي مَسْأَلَةِ الْقُنُوتِ أَيْضًا مُتَخَلِّفٌ لِسُنَّةٍ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ هُنَا بِاللَّامِ وَفِيمَا بَعْدَهُ بِالْبَاءِ لِلْإِشَارَةِ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِمَا يُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرْته (قَوْلُهُ: بَلْ بِتَكَرُّرِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ بَلْ بِانْضِمَامِ رُكْنَيْنِ تَامَّيْنِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: قَيَّدَ لِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ) أَيْ وَلِنَدْبِ الْقُنُوتِ كَمَا قَالَهُ الشِّهَابُ سم (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا تَعَذَّرَ الرَّبْطُ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ يُرَدُّ بِأَنَّ الرَّبْطَ مَعَ تَخَالُفِ النَّظْمِ مُتَعَذِّرٌ فَمُنِعَ الِانْعِقَادُ (قَوْلُهُ: وَأَيْضًا فَقَدْ رَبَطَ إلَخْ) فِي نُسْخَةٍ لِرَبْطِهِ صَلَاتَهُ إلَخْ، وَهِيَ أَوْلَى وَأَقْرَبُ

بِصَلَاةٍ مُخَالِفَةٍ لَهَا فِي الْمَاهِيَّةِ فَكَانَ هَذَا الْقَصْدُ ضَارًّا، وَلَيْسَ كَمَسْأَلَةِ مَنْ تُرَى عَوْرَتُهُ إذَا رَكَعَ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الِاسْتِمْرَارُ بِوَضْعِ شَيْءٍ يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ فَافْتَرَقَا، أَمَّا لَوْ صَلَّى الْكُسُوفَ كَسُنَّةِ الصُّبْحِ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهَا مُطْلَقًا. وَلَوْ وَجَدَ مُصَلِّيًا جَالِسًا وَشَكَّ أَهُوَ فِي التَّشَهُّدِ أَوْ الْقِيَامِ لِعَجْزِهِ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ أَوْ لَا، وَكَذَا لَوْ رَآهُ فِي وَقْتِ الْكُسُوفِ وَشَكَّ فِي أَنَّهُ كُسُوفٌ أَوْ غَيْرُهُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ: الْمُتَّجَهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ، لِأَنَّ الْمَأْمُومَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ لَا يَعْلَمُ هَلْ وَاجِبُهُ الْجُلُوسُ أَوْ الْقِيَامُ، فَإِنْ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ أَحَدُ الِاحْتِمَالَيْنِ كَأَنْ رَآهُ يُصَلِّي مُفْتَرِشًا أَوْ مُتَوَرِّكًا فَلَهُ أَنْ يُحْرِمَ مَعَهُ وَيَجْلِسَ، هَذَا إنْ كَانَ فَقِيهًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَقِيهًا لَا يَعْرِفُ هَيْئَاتِ الْجِلْسَاتِ فَكَمَا لَوْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ شَيْءٌ وَيَصِحُّ الْفَرْضُ خَلْفَ صَلَاةِ التَّسْبِيحِ كَمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَنُقِلَ عَنْ الْكِفَايَةِ: وَلَا تَجِبُ الْمُفَارَقَةُ فِي الِاعْتِدَالِ بَلْ يَجِبُ انْتِظَارُهُ فِي السُّجُودِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ فِيمَا مَرَّ فِي سُجُودِ السَّهْوِ وَالتِّلَاوَةِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَيْضًا لِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ مُوَافَقَةُ الْإِمَامِ فِي سُنَنٍ تَفْحُشُ الْمُخَالَفَةُ فِيهَا فِعْلًا وَتَرْكًا كَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ وَسُجُودِ سَهْوٍ وَتَشَهُّدٍ أَوَّلٍ وَقِيَامٍ مِنْهُ، فَإِنْ خَالَفَهُ فِيهَا عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عَلَى مَا مَرَّ. نَعَمْ لَا يَضُرُّ تَخَلُّفٌ لِإِتْمَامِهِ بِشَرْطِهِ الْآتِي فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ بِخِلَافِ نَحْوِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSالْبُلْقِينِيُّ اهـ. لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ الشَّارِحِ بَعْدُ وَالْأَوْجُهُ إلَخْ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: صَحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهَا مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ غَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: الْمُتَّجَهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ أَنْ يُحْرِمَ مَعَهُ) أَيْ فَلَوْ تَبَيَّنَ خِلَافَ ظَنِّهِ فَالظَّاهِرُ تَبَيُّنُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ كَمَا فِي فَتَاوَى وَالِدِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ فَكَمَا لَوْ لَمْ يَغْلِبْ إلَخْ) أَيْ فَيَمْتَنِعُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَجِبُ انْتِظَارُهُ فِي السُّجُودِ) أَيْ إنْ لَمْ يَنْوِ الْمُفَارَقَةَ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِيمَا لَوْ اقْتَدِي بِمَنْ يَرَى تَطْوِيلَ الِاعْتِدَالِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إنْ لَزِمَ مِنْ مُوَافَقَتِهِ تَطْوِيلٌ لِاعْتِدَالِ الْمَأْمُومِ. أَمَّا لَوْ لَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَأَنْ اشْتَغَلَ الْإِمَامُ بِالتَّسْبِيحِ عَقِبَ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ وَلَمْ يَزِدْ زَمَنُهُ عَلَى زَمَنِ دُعَاءِ الْمَأْمُومِ فِي الِاعْتِدَالِ لَمْ تَضُرَّ مُوَافَقَتُهُ. . ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَى عِبَارَةِ التُّحْفَةِ الْمَارَّةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الِاسْتِمْرَارُ) هَذَا فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ مَحَلُّ الْفَرْقِ (قَوْلُهُ: يُصَلِّي مُفْتَرِشًا) الْأَصْوَبُ حَذْفُهُ (قَوْلُهُ: هَذَا إنْ كَانَ فَقِيهًا) أَيْ الْمَأْمُومُ كَمَا هُوَ مُتَبَادَرٌ وَيَصِحُّ رُجُوعُهُ إلَى الْإِمَامِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ هَذَا الْقَيْدِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، أَمَّا الْإِمَامُ فَلِأَنَّهُ لَا يُسْتَدَلُّ بِأَفْعَالِهِ إلَّا إذَا كَانَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَلِأَنَّهُ لَا يَسْتَدِلُّ بِمَا ذَكَرَ إلَّا إذَا كَانَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: بَلْ يَجِبُ انْتِظَارُهُ فِي السُّجُودِ) أَيْ إنْ أَرَادَ الِاسْتِمْرَارَ مَعَهُ وَإِلَّا فَمَعْلُومٌ أَنَّ لَهُ الْمُفَارَقَةَ (قَوْلُهُ: الْآتِي فِي شَرْحِ قَوْلِهِ إلَخْ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِلشِّهَابِ حَجّ لَكِنْ لَيْسَ فِي كَلَامِهِ ثَمَّ شَرْطٌ، وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ الْمَذْكُورُ هُنَاكَ: أَوْ لِإِتْمَامِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ إذَا قَامَ إمَامُهُ وَهُوَ فِي أَثْنَائِهِ انْتَهَتْ. وَمُرَادُهُ بِالشَّرْطِ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ هُوَ هُنَا بِالْقَيْدِ قَوْلُهُ: إذَا قَامَ إمَامُهُ وَهُوَ فِي أَثْنَائِهِ: أَيْ بَعْدَ أَنْ فَعَلَهُ الْإِمَامُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَأَفْصَحَ عَنْهُ الشِّهَابُ سم فِي حَاشِيَتِهِ عَلَيْهِ فِيمَا يَأْتِي، وَهَذَا التَّفْسِيرُ هُوَ الشَّرْطُ فِي الْحَقِيقَةِ، وَإِلَّا فَقَوْلُهُ: إذَا قَامَ إمَامُهُ وَهُوَ فِي أَثْنَائِهِ صَادِقٌ بِمَا إذَا لَمْ يَأْتِ بِهِ، مَعَ أَنَّهُ تَبْطُلُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ بِمُجَرَّدِ التَّخَلُّفِ حِينَئِذٍ كَمَا مَرَّ لِفُحْشِ الْمُخَالَفَةِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي كَوْنِ التَّخَلُّفِ حِينَئِذٍ مُبْطِلًا أَوْ غَيْرَ مُبْطِلٍ، وَلَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الشَّارِحِ وَالشِّهَابِ الْمَذْكُورِ، وَفِيمَا يَأْتِي فِي كَوْنِهِ: يُعْذَرُ بِهَذَا التَّخَلُّفِ حَتَّى يُغْتَفَرَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ أَوْ لَا يُعْذَرُ بِهِ، فَعِنْدَ الشَّارِحِ يُعْذَرُ كَمَا يَأْتِي وَعِنْدَ الشِّهَابِ الْمَذْكُورِ لَا فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَحْوِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ تَفْحُشُ الْمُخَالَفَةُ فِيهَا.

[فصل في بعض شروط القدوة أيضا]

فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ أَيْضًا (تَجِبُ) (مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ) دُونَ أَقْوَالِهَا لِخَبَرِ «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا» وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ عَدَمُ مُتَابَعَتِهِ فِي تَرْكِ فَرْضٍ مِنْ فُرُوضِهَا لِأَنَّهُ إنْ تَعَمَّدَ تَرْكَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا لَمْ يَعْتَدَّ بِفِعْلِهِ (بِأَنْ يَتَأَخَّرَ ابْتِدَاءُ فِعْلِهِ) أَيْ الْمَأْمُومِ (عَنْ ابْتِدَائِهِ) أَيْ فِعْلِ الْإِمَامِ (وَيَتَقَدَّمَ) انْتِهَاءُ فِعْلِ الْإِمَامِ (عَلَى فَرَاغِهِ) أَيْ الْمَأْمُومِ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ فِعْلِهِ، وَأَكْمَلُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَتَأَخَّرَ ابْتِدَاءُ فِعْلِ الْمَأْمُومِ عَنْ جَمِيعِ حَرَكَةِ الْإِمَامِ فَلَا يَشْرَعُ حَتَّى يَصِلَ الْإِمَامُ لِحَقِيقَةِ الْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ. وَالْمُتَابَعَةُ قِسْمَانِ: مُتَابَعَةٌ عَلَى وَجْهِ الْأَكْمَلِيَّةِ، وَأُخْرَى عَلَى وَجْهِ الْوُجُوبِ، فَالْأُولَى هِيَ الَّتِي ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ تَجِبُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ إلَخْ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ فَإِنْ قَارَنَهُ لَمْ يَضُرَّ. وَالثَّانِيَةُ فَصَّلَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَدْ أَشَارَ لِمَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَلَا يَجُوزُ التَّقَدُّمُ عَلَيْهِ وَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ إنَّمَا إلَخْ) أَيْ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: عَدَمُ مُتَابَعَتِهِ فِي تَرْكِ فَرْضٍ إلَخْ) أَيْ ثُمَّ إنْ كَانَ الْمَوْضُوعُ مَحَلَّ تَطْوِيلٍ كَأَنْ تَرَكَ الرُّكُوعَ انْتَظَرَهُ فِي الْقِيَامِ، وَإِلَّا كَأَنْ طَوَّلَ الْإِمَامُ الِاعْتِدَالَ انْتَظَرَهُ الْمَأْمُومُ فِيمَا بَعْدَهُ وَهُوَ السُّجُودُ هُنَا (قَوْلُهُ: انْتِهَاءُ فِعْلِ الْإِمَامِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَأْمُومُ سَرِيعَ الْحَرَكَةِ فَشَرَعَ فِي هُوِيِّ الرُّكُوعِ بَعْدَ الْإِمَامِ وَوَصَلَ إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ قَبْلَ الْإِمَامِ لَا يَكُونُ آتِيًا بِالْمُتَابَعَةِ الْوَاجِبَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ يُعْلَمُ مِنْ جَوَازِ الْمُقَارَنَةِ. (قَوْلُهُ: وَأَكْمَلَ مِنْ ذَلِكَ إلَخْ) قَالَ حَجّ: وَدَلَّ عَلَى أَنَّ هَذَا تَفْسِيرٌ لِكَمَالِ الْمُتَابَعَةِ كَمَا تَقَرَّرَ لَا بِقَيْدِ وُجُوبِهَا قَوْلُهُ فَإِنْ قَارَنَهُ إلَخْ اهـ. (قَوْلُهُ: حَتَّى يَصِلَ الْإِمَامُ لِحَقِيقَةِ الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَطْلُبُ مِنْ الْمَأْمُومِ أَنْ لَا يَخْرُجَ عَنْ الِاعْتِدَالِ حَتَّى يَتَلَبَّسَ الْإِمَامُ بِالسُّجُودِ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَوَجْهُ التَّوْقِيفِ أَنَّهُ رُبَّمَا أَسْرَعَ الْإِمَامُ فِي رَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ السُّجُودِ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَرَادَ الشَّارِحُ بِالْوُصُولِ لِلْحَقِيقَةِ أَنَّهُ وَصَلَ إلَى ابْتِدَاءِ مُسَمَّى الْحَقِيقَةِ، وَهُوَ يَحْصُلُ بِوَضْعِ الرُّكْبَتَيْنِ لِأَنَّهُمَا بَعْضُ أَعْضَاءِ السُّجُودِ (قَوْلُهُ: تَجِبُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ إلَخْ) فِيهِ مُسَامَحَةٌ فَإِنَّ التَّعْبِيرَ بِالْوُجُوبِ يَقْتَضِي حُرْمَةَ خِلَافِهِ فَلَا يَكُونُ بَيَانًا لِلْأَكْمَلِ، فَلَوْ قَالَ هِيَ الَّتِي ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ بِأَنْ يَتَأَخَّرَ ابْتِدَاءُ فِعْلِهِ إلَخْ كَانَ أَوْضَحَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ أَيْضًا] فَصْلٌ: تَجِبُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَيَتَقَدَّمُ انْتِهَاءُ فِعْلِ الْإِمَامِ عَلَى فَرَاغِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: وَيَتَقَدَّمُ ابْتِدَاءُ فِعْلِ الْمَأْمُومِ عَلَى فَرَاغِهِ مِنْهُ: أَيْ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ الْفِعْلِ انْتَهَى. قَالَ الشِّهَابُ سم: وَهِيَ أَقْرَبُ إلَى عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ انْتَهَى. وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَى وَجْهِ عُدُولِ الشَّارِحِ، كَالشِّهَابِ حَجّ عَنْ ذَلِكَ الْأَقْرَبِ. وَأَقُولُ: وَجْهُهُ لِيَتَأَتَّى لَهُ حَمْلُ مَا فِي الْمَتْنِ عَلَى الْأَكْمَلِيَّةِ الَّذِي سَيَذْكُرُهُ، وَإِلَّا فَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ بِاعْتِبَارِ حَلِّ الْجَلَالِ صَادِقَةٌ بِمَا إذَا أَخَّرَ ابْتِدَاءَ فِعْلِهِ عَنْ ابْتِدَاءِ فِعْلِ الْإِمَامِ، لَكِنَّهُ قَدَّمَ انْتِهَاءَهُ عَلَى انْتِهَائِهِ بِأَنْ كَانَ سَرِيعَ الْحَرَكَةِ وَالْإِمَامُ بَطِيئَهَا، وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْأَكْمَلِ (قَوْلُهُ: وَأُخْرَى عَلَى وَجْهِ الْوُجُوبِ) بِمَعْنَى أَنَّهُ يَتَأَدَّى بِهَا الْوُجُوبُ بِمَعْنَى الشَّرْطِيَّةِ لَا عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ، وَإِلَّا فَمَا تَتَأَدَّى بِهِ هَذِهِ مُكَرَّرَةٌ أَوْ حَرَامٌ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَالْأَوْلَى هِيَ الَّتِي ذَكَرهَا بِقَوْلِهِ تَجِبُ الْمُتَابَعَةُ إلَخْ) صَوَابُهُ هِيَ الَّتِي ذَكَرهَا بِقَوْلِهِ بِأَنْ يَتَأَخَّرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: فَإِنْ قَارَنَهُ لَمْ يَضُرَّ) أَيْ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِيَةُ فَصَّلَهَا بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بِقَوْلِهِ فَإِنْ قَارَنَهُ لَمْ يَضُرَّ، وَبِقَوْلِهِ وَإِنْ تَخَلَّفَ بِرُكْنٍ إلَى قَوْلِهِ لَمْ تَبْطُلْ فِي الْأَصَحِّ، وَبِقَوْلِهِ فِي آخِرِ الْفَصْلِ وَإِلَّا فَلَا مِنْ قَوْلِهِ

التَّخَلُّفُ عَنْهُ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَيْضًا: قَوْلُهُ بِأَنْ يَتَأَخَّرَ إلَخْ: أَيْ هَذَا هُوَ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَكْرُوهَ لَيْسَ مَأْمُورًا بِهِ، فَإِنْ قَارَنَ الْمَأْمُومُ إمَامَهُ كَانَ مُرْتَكِبًا لِلْمَكْرُوهِ وَيَكُونُ مُتَابِعًا، كَمَا أَنَّ الْمُصَلِّي مَأْمُورٌ بِالصَّلَاةِ لَا فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ، فَإِذَا أَوْقَعَهَا فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ فَقَدْ أَتَى بِالصَّلَاةِ لَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَهِيَ صَحِيحَةٌ فَتَكُونُ مَسْأَلَتُنَا كَذَلِكَ: أَيْ فَيَكُونُ مُتَابِعًا وَإِنْ ارْتَكَبَ الْمَكْرُوهَ، أَوْ يُقَالُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ وُجُوبِهَا بِاعْتِبَارِ الْجُمْلَةِ وَهُوَ الْحُكْمُ عَلَى الْمَجْمُوعِ مِنْ أَحْوَالِ الْمُتَابَعَةِ لَا حُكْمٌ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُتَابَعَةَ فِي كُلِّهَا وَاجِبَةٌ، وَالتَّقَدُّمَ بِجَمِيعِهَا يَبْطُلُ بِلَا خِلَافٍ، وَالْحُكْمُ ثَانِيًا بِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ إنَّمَا ذَكَرَهُ لِلْحُكْمِ مِنْ حَيْثُ الْأَفْرَادُ، وَالْحُكْمُ عَلَى الْكُلِّ غَيْرُ الْحُكْمِ عَلَى الْأَفْرَادِ، وَهَذَا كَقَوْلِ الشَّيْخِ فِي التَّنْبِيهِ مِنْ السُّنَنِ الطَّهَارَةُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، مَعَ أَنَّ الْأُولَى وَاجِبَةٌ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الْحُكْمَ عَلَى الْجُمْلَةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ أَوْ يَكُونُ مُرَادُهُ بِكَوْنِهَا وَاجِبَةً: أَيْ لِتَحْصِيلِ السُّنَّةِ، وَحَيْثُ أَمْكَنَ الْجَمْعُ وَلَوْ بِوَجْهٍ بَعِيدٍ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ التَّنَاقُضِ، وَاحْتَرَزَ بِالْأَفْعَالِ عَنْ الْأَقْوَالِ كَالْقِرَاءَةِ وَالتَّشَهُّدِ فَيَجُوزُ تَقَدُّمُهَا وَتَأَخُّرُهُ بِهَا إلَّا تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَإِلَّا فِي السَّلَامِ فَيَبْطُلُ تَقَدُّمُهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْمُفَارَقَةَ. (فَإِنْ قَارَنَهُ) فِي الْأَفْعَالِ بِدَلِيلِ قَرِينَةِ السِّيَاقِ وَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعًا وَعَدَمُ الْمَحْذُورِ فِي الْمُقَارَنَةِ فِي الْأَقْوَالِ يُعْلَمُ حِينَئِذٍ بِالْأَوْلَى، وَيَجُوزُ شُمُولُ كَلَامِهِ أَيْضًا لِلْأَقْوَالِ بِدَلِيلِ حَذْفِ الْمَعْمُولِ الْمُؤْذِنِ بِالْعُمُومِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ الْآتِي مُتَّصِلٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الِاتِّصَالُ (لَمْ يَضُرَّ) ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَيْ لِتَحْصِيلِ السُّنَّةِ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: فَيَبْطُلُ تَقَدُّمُهُ) أَيْ بِالْمِيمِ مِنْ عَلَيْكُمْ لَا مِنْ السَّلَامِ، وَقَوْلُهُ آخِرَ الْأُولَى: أَيْ التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى حَجّ اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ بَلْ بِالْهَمْزَةِ إنْ نَوَى عِنْدَهَا الْخُرُوجَ بِهَا مِنْ صَلَاتِهِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ السَّابِقِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا تَجِبُ نِيَّةُ الْخُرُوجِ إلَخْ، فَإِنْ نَوَى قَبْلَ الْأُولَى بَطَلَتْ صَلَاتُهُ اهـ. وَقَوْلُهُ قَبْلَ الْأُولَى: أَيْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا (قَوْلُهُ لِلْأَقْوَالِ) زَادَ حَجّ وَلَوْ السَّلَامَ بِدَلِيلِ إلَخْ اهـ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَضُرَّ) وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي عَدَمِ الضَّرَرِ مَا لَوْ عَزَمَ قَبْلَ الِاقْتِدَاءِ عَلَى الْمُقَارَنَةِ فِي الْأَفْعَالِ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَوْ تَقَدَّمَ بِفِعْلٍ كَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ إنْ كَانَ بِرُكْنَيْنِ بَطَلَتْ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَيْضًا قَوْلُهُ: بِأَنْ يَتَأَخَّرَ إلَخْ) حَاصِلُ هَذَا الْجَوَابِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ آخِرِهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ قَلَاقَةٌ أَنَّ عُمُومَ الْمُتَابَعَةِ يَتَأَدَّى بِوُجُوهٍ؛ مِنْهَا مَا هُوَ مَطْلُوبٌ لِخُصُوصِهِ، وَمِنْهَا مَا هُوَ مَكْرُوهٌ: أَيْ أَوْ حَرَامٌ لِخُصُوصِهِ وَإِنْ تَأَدَّى بِهِ عُمُومُ الْمُتَابَعَةِ، فَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ بِأَنْ يَتَأَخَّرَ إلَخْ، وَغَيْرُهُ مَذْكُورٌ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ الْآتِيَةِ، فَالْكُلُّ عَلَى هَذَا مِنْ مَدْخُولِ الْمُتَابَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي صَدْرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَهَذَا هُوَ مَحَلُّ الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا الْجَوَابِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ فِيهِ قَصْرُهَا عَلَى قَوْلِهِ بِأَنْ يَتَأَخَّرَ إلَخْ. وَعَلَى هَذَا الْجَوَابُ الثَّانِي إنَّمَا غَايَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْأُسْلُوبِ، وَلَمْ يَعْطِفْ حَالَةَ الْمُقَارَنَةِ عَلَى مَا قَبْلَهَا وَإِنْ كَانَ مِنْ مَدْخُولِ الْمُتَابَعَةِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا تَقَرَّرَ بِأَنْ يَقُولَ أَوْ يُقَارِنَ عَطْفًا عَلَى يَتَأَخَّرَ، لِمَا بَيْنَ الْوُجُوبِ وَالْكَرَاهَةِ أَوْ الْحُرْمَةِ اللَّذَيْنِ هُمَا حُكْمُ الْمُقَارَنَةِ وَمَا بَعْدَهَا مِنْ التَّنَافِي بِحَسَبِ الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَحْوَالِ الْمُتَابَعَةِ) أَيْ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي كَلَامِهِ أَوَّلًا وَآخِرًا (قَوْلُهُ: أَنَّ الْمُتَابَعَةَ فِي كُلِّهَا) أَيْ الْكُلِّ الْمَجْمُوعِيِّ لَا الْجَمِيعِيِّ بِقَرِينَةِ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَالتَّقَدُّمُ بِجَمِيعِهَا يُبْطِلُ) لَعَلَّ الْبَاءَ فِيهِ بِمَعْنَى عَلَى: أَيْ وَالتَّقَدُّمُ عَلَى جَمِيعِ صُوَرِ الْمُتَابَعَةِ الْأَرْبَعَةِ يُبْطِلُ بِأَنْ لَمْ يَتَأَخَّرْ ابْتِدَاءُ فِعْلِهِ عَنْ ابْتِدَاءِ فِعْلِ الْإِمَامِ وَلَمْ يُقَارِنْهُ وَلَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْهُ بِرُكْنٍ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهِ بِرُكْنٍ بِأَنْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ بِرُكْنَيْنِ فَأَكْثَرَ، وَكَانَ الْأَوْضَحُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَالْإِخْلَالُ بِجَمِيعِهَا مُبْطِلٌ لِشُمُولِهِ التَّخَلُّفَ بِرُكْنَيْنِ عَلَى مَا يَأْتِي، وَكَانَ مَوْقِعُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ بَعْدَ الَّتِي قَبْلَهَا التَّعْلِيلَ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُتَابَعَةَ فِي كُلِّهَا وَاجِبَةٌ؛ لِأَنَّ التَّقَدُّمَ بِجَمِيعِهَا يُبْطِلُ (قَوْلُهُ: وَالْحُكْمُ ثَانِيًا بِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ) صَوَابُهُ وَالْحُكْمُ ثَانِيًا بِأَنْ يَتَأَخَّرَ إلَخْ، إذْ الَّذِي حَصَلَ بِهِ الْحُكْمُ أَوَّلًا مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ هُوَ قَوْلُهُ: تَجِبُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ، وَقَوْلُهُ: بِأَنْ يَتَأَخَّرَ بَيَانٌ لِحُكْمِ أَفْرَادِ مَا تَحْصُلُ بِهِ الْمُتَابَعَةُ (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ قَرِينَةِ السِّيَاقِ) لَا حَاجَةَ لِلْجَمْعِ بَيْنَ دَلِيلٍ وَقَرِينَةٍ

لِكَوْنِ الْقُدْوَةِ مُنْتَظِمَةً مَعَ ذَلِكَ لَكِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ مُفَوِّتَةٌ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ فِيمَا قَارَنَ فِيهِ فَقَطْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ: إنَّهُ الْأَقْرَبُ وَقَوْلُهُمْ الْمَكْرُوهُ لَا ثَوَابَ فِيهِ هَلْ مُرَادُهُمْ بِهِ ثَوَابُ الْجَمَاعَةِ إذَا كَانَتْ الْكَرَاهَةُ لِلذَّاتِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ أَمْثِلَتُهُمْ حَتَّى لَا يَسْقُطَ ثَوَابُ الصَّلَاةِ بِفِعْلِهَا فِي الْحَمَّامِ وَنَحْوِهِ مِنْ أَمَاكِنِ النَّهْيِ أَمْ لَا؟ الْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ الْكَرَاهَةُ لِلذَّاتِ حَتَّى يُثَابَ عَلَى الصَّلَاةِ فِي الْأَمَاكِنِ الْمَكْرُوهَةِ لِرُجُوعِهَا إلَى أَمْرٍ خَارِجٍ عَنْهَا، بَلْ قَالُوا: إنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّهُ يُثَابُ عَلَيْهَا فِي الْمَغْصُوبِ مِنْ جِهَتِهَا، وَإِنْ عُوقِبَ مِنْ جِهَةِ الْغَصْبِ فَقَدْ يُعَاقَبُ بِغَيْرِ حِرْمَانِ الثَّوَابِ أَوْ بِحِرْمَانِ بَعْضِهِ، وَأَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ لَا يُثَابُ عَلَيْهَا عُقُوبَةٌ لَهُ تَقْرِيبٌ رَادِعٌ عَنْ إيقَاعِ الصَّلَاةِ فِي الْمَغْصُوبِ فَلَا خِلَافَ فِي الْمَعْنَى وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ إذَا كَانَتْ لِأَمْرٍ خَارِجٍ لَا تَمْنَعُ حُصُولَ الثَّوَابِ كَالزِّيَادَةِ فِي تَطْهِيرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ عَلَى الثَّلَاثِ (إلَّا) فِي (تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ) فَتَضُرُّ الْمُقَارَنَةُ فِيهَا أَوْ فِي بَعْضِهَا، حَتَّى إنَّهُ لَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ فِي أَثْنَائِهَا أَوْ بَعْدَهَا وَلَمْ يَتَذَكَّرْ عَنْ قُرْبٍ أَوْ ظَنَّ التَّأَخُّرَ فَبَانَ خِلَافُهُ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ. وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا نَوَى الِاقْتِدَاءَ مَعَ التَّكْبِيرِ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَخْبَارُ لِأَنَّهُ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِغَيْرِ مُصَلٍّ فَيُشْتَرَطُ تَأَخُّرُ جَمِيعِ تَكْبِيرَتِهِ عَنْ جَمِيعِ تَكْبِيرَةِ الْإِمَامِ، وَيُفَارِقُ ذَلِكَ بَقِيَّةَ الْأَرْكَانِ حَيْثُ لَمْ تَضُرَّ الْمُقَارَنَةُ فِيهَا لِبَقَاءِ نَظْمِ الْقُدْوَةِ فِيهَا لِكَوْنِ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ. فَلَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا ثُمَّ اقْتَدَى فِي خِلَالِ صَلَاتِهِ صَحَّتْ قُدْوَتُهُ كَمَا سَيَأْتِي، وَإِنْ كَانَتْ تَكْبِيرَةُ الْمَأْمُومِ مُتَقَدِّمَةً عَلَى تَكْبِيرَةِ الْإِمَامِ وَتَعْبِيرُهُ بِالْمُقَارَنَةِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْمُسَاوَقَةِ، لِأَنَّ الْمُسَاوَقَةَ لُغَةً مَجِيءُ وَاحِدٍ بَعْدَ وَاحِدٍ لَا مَعًا (وَإِنْ تَخَلَّفَ بِرُكْنٍ) فِعْلِيٍّ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَوْ مَعَ الْعِلْمِ وَالتَّعَمُّدِ وَطُولِ الرُّكْنِ (بِأَنْ فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْهُ وَهُوَ) أَيْ الْمَأْمُومُ (فِيمَا) أَيْ رُكْنٍ (قَبْلَهُ لَمْ تَبْطُلْ فِي الْأَصَحِّ) لِخَبَرِ «لَا تُبَادِرُونِي بِالرُّكُوعِ وَلَا بِالسُّجُودِ، فَمَهْمَا أَسْبِقُكُمْ بِهِ إذَا رَكَعْت تُدْرِكُونِي بِهِ إذَا رَفَعْت» وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ فَرَغَ أَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْخَارِجَةُ عَنْ الصَّلَاةِ قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِهَا لَا أَثَرَ لَهَا أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ عَزَمَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِالْمُبْطِلِ مِنْ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ (قَوْلُهُ: هَلْ مُرَادُهُمْ بِهِ إلَخْ) فِي التَّعْبِيرِ بِمَا ذَكَرَ مُسَامَحَةٌ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: هَلْ الْمُرَادُ بِهِ ثَوَابُ الصَّلَاةِ إذَا كَانَتْ الْكَرَاهَةُ لِلذَّاتِ إلَخْ. وَأَمَّا قَوْلُهُ مُرَادُهُمْ بِهِ ثَوَابُ الْجَمَاعَةِ فَلَا يَظْهَرُ مَعَ قَوْلِهِ كَالصَّلَاةِ فِي الْحَمَّامِ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّ الْفَائِتَ فِيهَا عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ عِبَارَتُهُمْ لَيْسَ ثَوَابَ الْجَمَاعَةِ بَلْ ثَوَابَ الصَّلَاةِ بِتَمَامِهَا عَلَى الْقَوْلِ بِهَا وَالرَّاجِحُ خِلَافُهُ. (قَوْلُهُ: حَتَّى إنَّهُ لَوْ شَكَّ فِي أَثْنَائِهَا) أَيْ أَثْنَاءِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، وَقَوْلُهُ أَوْ بَعْدَهَا: أَيْ بَعْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَقَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ، أَمَّا لَوْ عَرَضَ الشَّكَّ بَعْدَ فَرَاغِ الصَّلَاةِ ثُمَّ تَذَكَّرَ فَلَا يَضُرُّ مُطْلَقًا كَالشَّكِّ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَكِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ مُفَوِّتَةٌ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ) صَرِيحٌ بِالنَّظَرِ لِاحْتِمَالِ الثَّانِي الْمُتَقَدِّمِ فِي كَلَامِهِ فِي الْمَتْنِ فِي أَنَّ الْمُقَارَنَةَ فِي الْأَقْوَالِ تُفَوِّتُ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ خُصُوصًا فِيمَا لَمْ يُطْلَبْ فِيهِ عَدَمُ الْمُقَارَنَةِ كَالتَّشَهُّدِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُمْ الْمَكْرُوهُ لَا ثَوَابَ فِيهِ إلَخْ) هَذَا إلَى قَوْلِهِ وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ لَفْظُ سُؤَالٍ وَجَوَابٍ فِي فَتَاوَى وَالِدِهِ تَصَرَّفَ فِيهِ بِمَا تَرَى مِنْ غَيْرِ عَزْوِهِ إلَيْهِ وَانْظُرْ مَا مَوْقِعُهُ هُنَا، وَلَفْظُ الْفَتَاوَى: سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِمْ الْمَكْرُوهُ لَا ثَوَابَ فِيهِ هَلْ مُرَادُهُمْ ثَوَابُ الْجَمَاعَةِ إذَا كَانَتْ الْكَرَاهَةُ لِلذَّاتِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ أَمْثِلَتُهُمْ حَتَّى لَا يَسْقُطَ ثَوَابُ الصَّلَاةِ بِفِعْلِهَا فِي الْحَمَّامِ وَنَحْوِهِ مِنْ أَمَاكِنِ النَّهْيِ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْكَرَاهَةُ لِلذَّاتِ حَتَّى يُثَابَ عَلَى الصَّلَاةِ فِي الْأَمَاكِنِ الْمَكْرُوهَةِ إلَخْ، وَانْظُرْ مَا حَاصِلُ هَذَا السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ وَمَا مَوْقِعُ لَفْظِ الْجَمَاعَةِ فِي السُّؤَالِ (قَوْلُهُ: فَلَا خِلَافَ فِي الْمَعْنَى) أَيْ بَيْنَ مَنْ قَالَ بِحُصُولِ الثَّوَابِ فِي الْمَغْصُوبِ وَمَنْ قَالَ بِنَفْيِهِ (قَوْلُهُ: كَالزِّيَادَةِ فِي تَطْهِيرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ عَلَى الثَّلَاثِ) أَيْ فَلَا تَمْنَعُ هَذِهِ الزِّيَادَةُ الثَّوَابَ فِيمَا قَبْلَهَا وَإِلَّا فَنَفْسُ الزِّيَادَةِ لَا ثَوَابَ فِيهَا قَطْعًا (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ نَوَى الِاقْتِدَاءَ) الْأَوْلَى وَلِأَنَّهُ (قَوْلُهُ: كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَخْبَارُ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَمْ تَنْعَقِدْ كَمَا يُعْلَمْ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ، وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَى قَوْلِهِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ

لَوْ أَدْرَكَهُ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْهُ لَمْ تَبْطُلْ قَطْعًا، وَالثَّانِي تَبْطُلُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُخَالَفَةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، وَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمَأْمُومَ لَوْ طَوَّلَ الِاعْتِدَالَ بِمَا لَا يُبْطِلُهُ حَتَّى سَجَدَ الْإِمَامُ وَجَلَسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ ثُمَّ لَحِقَهُ لَا يَضُرُّ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا لَوْ سَجَدَ الْإِمَامُ لِلتِّلَاوَةِ وَفَرَغَ مِنْهُ وَالْمَأْمُومُ قَائِمٌ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُؤُ إنْ لَحِقَهُ لِأَنَّ الْقِيَامَ لَمَّا لَمْ يَفُتْ بِسُجُودِ التِّلَاوَةِ لِرُجُوعِهِمَا إلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لِلْمَأْمُومِ شُبْهَةٌ فِي التَّخَلُّفِ فَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِهِ، بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّ الرُّكْنَ يَفُوتُ بِانْتِقَالِ الْإِمَامِ عَنْهُ فَكَانَ لِلْمَأْمُومِ شُبْهَةٌ فِي التَّخَلُّفِ لِإِتْمَامِهِ فِي الْجُمْلَةِ فَلَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ بِذَلِكَ (أَوْ) تَخَلَّفَ (بِرُكْنَيْنِ) فِعْلِيَّيْنِ مُتَوَالِيَيْنِ (بِأَنْ فَرَغَ) الْإِمَامُ (مِنْهُمَا وَهُوَ فِيمَا قَبْلَهُمَا) بِأَنْ ابْتَدَأَ الْإِمَامُ هُوِيَّ السُّجُودِ: أَيْ وَزَالَ عَنْ حَدِّ الْقِيَامِ فِي الْأَوْجُهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لِلْقِيَامِ أَقْرَبَ مِنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ فِي الْقِيَامِ حِينَئِذٍ لَمْ يَخْرُجْ عَنْهُ فَلَا يَضُرُّ، وَقَدْ يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ هَوَى لِلسُّجُودِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ) بِأَنْ تَخَلَّفَ لِنَحْوِ قِرَاءَةِ السُّورَةِ أَوْ لِجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ لِفُحْشِ الْمُخَالَفَةِ وَلِتَقْصِيرِهِ بِهَذَا الْجُلُوسِ الَّذِي لَمْ يُطْلَبْ مِنْهُ، وَقَوْلُ جَمْعٍ إنَّ تَخَلُّفَهُ لِإِتْمَامِ التَّشَهُّدِ مَطْلُوبٌ فَيَكُونُ كَالْمُوَافِقِ: أَيْ الْمَعْذُورِ هُوَ الْأَوْجُهُ، وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ جَمْعٌ مِنْ أَنَّهُ كَالْمَسْبُوقِ مَمْنُوعٌ (وَإِنْ كَانَ) عُذْرٌ (بِأَنْ أَسْرَعَ) الْإِمَامُ (قِرَاءَتَهُ) وَالْمُقْتَدِي بَطِيءُ الْقِرَاءَةِ لِعَجْزٍ خِلْقِيٍّ لَا لِوَسْوَسَةٍ ظَاهِرَةٍ طَالَ زَمَنُهَا عُرْفًا أَوْ كَانَ مُنْتَظِرًا سَكْتَةَ إمَامِهِ لِيَقْرَأَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَسِيمُ قَوْلِهِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا نَوَى إلَخْ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ لَحِقَهُ لَا يَضُرُّ) أَيْ بِأَنْ هَوَى لِلسُّجُودِ الْأَوَّلِ قَبْلَ هُوِيِّ الْإِمَامِ لِلسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: وَالْمَأْمُومُ قَائِمٌ) أَيْ لَمْ يَسْجُدْ فَيَدْخُلُ فِيهِ مَا لَوْ كَانَ فِي هُوِيِّ السُّجُودِ مَعَ تَخَلُّفِهِ عَنْ السُّجُودِ عَمْدًا حَتَّى قَامَ الْإِمَامُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لِلْقِيَامِ أَقْرَبَ) أَيْ أَوْ إلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الزِّيَادِيُّ فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ السَّابِقِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَخَلَّفَ لِنَحْوِ قِرَاءَةٍ) مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ اشْتَغَلَ بِتَكْبِيرِ الْعِيدَيْنِ وَقَدْ تَرَكَهُ الْإِمَامُ فَلَا يَكُونُ مَعْذُورًا. (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ جَمْعٍ) وَفِي نُسْخَةٍ جَمَاعَةٍ. مِنْهُمْ السَّيِّدُ السَّمْهُودِيُّ، وَقَيَّدَ الطَّلَبَ بِمَا إذَا أَمْكَنَهُ إدْرَاكُ الْقِيَامِ مَعَ الْإِمَامِ كَمَا هُوَ مَنْقُولٌ عَنْهُ فِيمَا مَرَّ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا قَالُوهُ فِي التَّخَلُّفِ لِلْقُنُوتِ إذَا تَرَكَهُ الْإِمَامُ وَسَجَدَ، وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّقْيِيدِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الْإِدْرَاكُ الْمَذْكُورُ لَا يُطْلَبُ التَّخَلُّفُ وَلَكِنَّهُ يَجُوزُ إلَّا أَنَّهُ يَصِيرُ مُتَخَلِّفًا بِغَيْرِ عُذْرٍ فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ عَلَى التَّخَلُّفِ لِإِتْمَامِ التَّشَهُّدِ يُخَالِفُ عَدَمَ التَّخَلُّفِ لِإِتْمَامِ السُّورَةِ لِأَنَّ السُّورَةَ لَا ضَابِطَ لَهَا وَيَحْصُلُ الْمَقْصُودُ بِآيَةٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَالتَّشَهُّدُ مَضْبُوطٌ مَحْدُودٌ م ر اهـ سم عَلَى ابْنِ حَجَرٍ. (قَوْلُهُ: لِإِتْمَامِ التَّشَهُّدِ) أَيْ الْأَوَّلِ وَخَرَجَ بِالْإِتْمَامِ مَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ سَرِيعَ الْقِرَاءَةِ وَأَتَى بِهِ قَبْلَ رَفْعِ الْمَأْمُومِ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ وَقَامَ فَيَنْبَغِي لِلْمَأْمُومِ مُتَابَعَتُهُ وَعَدَمُ إتْيَانِهِ بِالتَّشَهُّدِ فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَوْ تَخَلَّفَ لِلتَّشَهُّدِ كَانَ كَالْمُتَخَلِّفِ بِغَيْرِ عُذْرٍ. (قَوْلُهُ: كَالْمُوَافِقِ) أَيْ فَتُغْتَفَرُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ. (قَوْلُهُ: مَمْنُوعٌ) وَكَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَفَرَغَ مِنْهُ وَالْمَأْمُومُ قَائِمٌ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ هَوَى لِلسُّجُودِ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْهُ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَإِنْ قَامَ الْإِمَامُ مِنْ السُّجُودِ قَبْلَ تَلَبُّسِ الْمَأْمُومِ بِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ مَعَ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَحِقَهُ) اُنْظُرْ مَا مَرْجِعُ الضَّمِيرِ الْمَرْفُوعِ وَالْمَنْصُوبِ (قَوْلُهُ: وَلِتَقْصِيرِهِ بِهَذَا الْجُلُوسِ الَّذِي لَمْ يُطْلَبْ مِنْهُ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ عَدَمِ طَلَبِهِ مِنْهُ، وَالشِّهَابُ حَجّ إنَّمَا جَعَلَهُ تَعْلِيلًا لِمَسْأَلَةِ إتْمَامِ التَّشَهُّدِ الْآتِيَةِ لِاخْتِيَارِهِ فِيهَا الْبُطْلَانَ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تَكُونَ الصُّورَةُ أَنَّهُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ التَّخَلُّفُ بِرُكْنَيْنِ بِسَبَبِ اشْتِغَالِهِ بِهَا، وَيَكُونُ الْبُطْلَانُ مُقَيَّدًا بِهَذِهِ الصُّورَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لِإِتْمَامِ التَّشَهُّدِ) أَيْ الَّذِي أَتَى بِهِ الْإِمَامُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ قُبَيْلَ الْفَصْلِ، وَقَوْلُهُ: مَطْلُوبٌ ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ إدْرَاكُ الْقِيَامِ مَعَ الْإِمَامِ لَكِنْ قَيَّدَهُ السَّيِّدُ السَّمْهُودِيُّ بِمَا إذَا أَمْكَنَهُ ذَلِكَ وَأَيَّدَهُ الشِّهَابُ سم (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ كَالْمُوَافِقِ) أَيْ الْمَعْذُورِ كَمَا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ، وَلَعَلَّ لَفْظَ الْمَعْذُورِ سَاقِطٌ مِنْ النُّسَخِ (قَوْلُهُ: ظَاهِرَةٌ طَالَ زَمَنُهَا عُرْفًا) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ إذْ التَّخَلُّفُ لَهَا إلَى تَمَامِ رُكْنَيْنِ يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ

الْفَاتِحَةَ فِيهَا فَرَكَعَ عَقِبَهَا، كَمَا قَالَ الشَّيْخُ إنَّهُ الْأَقْرَبُ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ فِي قَوْلِهِ بِسُقُوطِ الْفَاتِحَةِ عَنْهُ أَوْ سَهَا عَنْهَا حَتَّى رَكَعَ إمَامُهُ. أَمَّا الْمُتَخَلِّفُ لِوَسْوَسَةٍ ظَاهِرَةٍ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْهَا كَمُتَعَمِّدِ تَرْكِهَا فَلَهُ التَّخَلُّفُ لِإِتْمَامِهَا إلَى أَنْ يَقْرَبَ إمَامُهُ مِنْ فَرَاغِ الرُّكْنِ الثَّانِي فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ مُفَارَقَتُهُ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْهَا عَلَيْهِ لِإِتْمَامِهِ لِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ بِشُرُوعِ الْإِمَامِ فِيمَا بَعْدَهُ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ اسْتِمْرَارِ الْوَسْوَسَةِ بَعْدَ رُكُوعِ الْإِمَامِ أَوْ تَرْكِهِ لَهَا بَعْدَهُ، إذْ تَفْوِيتُ إكْمَالِهَا قَبْلَ رُكُوعِ إمَامِهِ نَشَأَ مِنْ تَقْصِيرِهِ بِتَرْدِيدِهِ الْكَلِمَاتِ مِنْ غَيْرِ بُطْءٍ خِلْقِيٍّ فِي لِسَانِهِ سَوَاءٌ أَنَشَأَ ذَلِكَ مِنْ تَقْصِيرِهِ فِي التَّعَلُّمِ، أَمْ مِنْ شَكِّهِ فِي إتْمَامِ الْحُرُوفِ أَيْ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا فَلَا يُفِيدُهُ تَرْكُهُ بَعْدَ رُكُوعِ إمَامِهِ رَفْعَ ذَلِكَ التَّقْصِيرِ، خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ حَيْثُ بَحَثَ الْفَرْقَ فِيمَا ذُكِرَ وَجَعَلَ مَحَلَّ مَا تَقَرَّرَ عِنْدَ اسْتِمْرَارِهَا بَعْدَ رُكُوعِ إمَامِهِ، فَإِنْ تَرَكَهَا بَعْدَهُ اُغْتُفِرَ لَهُ التَّخَلُّفُ بِإِكْمَالِهَا مَا لَمْ يَسْبِقْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ. إذْ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ الْآنَ. وَلَوْ نَامَ فِي تَشَهُّدِهِ الْأَوَّلِ مُتَمَكِّنًا ثُمَّ انْتَبَهَ فَوَجَدَ إمَامَهُ رَاكِعًا قَامَ وَقَرَأَ وَجَرَى عَلَى نَظْمِ صَلَاةِ نَفْسِهِ مَا لَمْ يَسْبِقْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ كَالنَّاسِي كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يُقَالُ: إنَّهُ يَرْكَعُ مَعَ الْإِمَامِ وَيَتَحَمَّلُ عَنْهُ الْفَاتِحَةَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَسْبُوقٍ وَلَا فِي حُكْمِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَزْحُومِ حَيْثُ يَرْكَعُ مَعَ إمَامِهِ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ فَوَجَدَهُ رَاكِعًا إلْزَامُهُ بِمَا فَاتَ بِهِ مَحَلُّ الْقِرَاءَةِ بِخِلَافِ هَذَا. وَقَدْ أَفْتَى جَمْعٌ فِيمَنْ سَمِعَ تَكْبِيرَ الرَّفْعِ مِنْ سَجْدَةِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَجَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ ظَانًّا أَنَّ الْإِمَامَ يَتَشَهَّدُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ أَنَّهُ كَمَنْ اشْتَغَلَ بِسُنَّةٍ بَعْدَ التَّحَرُّمِ. (قَوْلُهُ: أَوْ سَهَا عَنْهَا) أَيْ فَإِنْ تَرَكَ قِرَاءَتَهَا عَمْدًا حَتَّى رَكَعَ إمَامُهُ لَا يَكُونُ مَعْذُورًا. (قَوْلُهُ: لِوَسْوَسَةٍ ظَاهِرَةٍ) لَمْ يُبَيِّنْ ضَابِطَهَا، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ حَجَرٍ أَنَّ التَّخَلُّفَ لَهَا: أَيْ الْوَسْوَسَةِ إلَى تَمَامِ رُكْنَيْنِ يَسْتَلْزِمُ ظُهُورَهَا اهـ أَنَّ ضَابِطَ الْوَسْوَسَةِ مَا يُؤَدِّي إلَى التَّخَلُّفِ بِرُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ (قَوْلُهُ: مِنْ فَرَاغِ الرُّكْنِ الثَّانِي) بِأَنْ يَشْرَعَ فِي هُوِيِّ السُّجُودِ بِحَيْثُ يَخْرُجُ بِهِ عَنْ حَدِّ الْقِيَامِ. (قَوْلُهُ: أَيْ بَعْدَ فَرَاغِهِ) تَفْسِيرٌ لِلشَّكِّ فِي إتْمَامِ الْحُرُوفِ، وَقَوْلُهُ مِنْهَا: أَيْ مِنْ الْفَاتِحَةِ. أَمَّا لَوْ شَكَّ فِي تَرْكِ بَعْضِ الْحُرُوفِ قَبْلَ فَرَاغِ الْفَاتِحَةِ وَجَبَتْ إعَادَتُهُ وَهُوَ مَعْذُورٌ، وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَشُكَّ أَنَّهُ أَتَى بِجَمِيعِ الْكَلِمَاتِ أَوْ تَرَكَ بَعْضَهَا كَأَنْ شَكَّ قَبْلَ فَرَاغِ الْفَاتِحَةِ فِي الْبَسْمَلَةِ فَرَجَعَ إلَيْهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ بَعْدَ فَرَاغِ الْكَلِمَةِ فِي أَنَّهُ أَتَى بِحُرُوفِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَطْلُوبِ فِيهَا مِنْ نَحْوِ الْهَمْسِ وَالرَّخَاوَةِ فَأَعَادَهَا لِيَأْتِيَ بِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ فَإِنَّهُ مِنْ الْوَسْوَسَةِ فِيمَا يَظْهَرُ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ) أَيْ ابْنِ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: عِنْدَ اسْتِمْرَارِهَا) أَيْ الْوَسْوَسَةِ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ رُكُوعِ إمَامِهِ) مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الْبَعْضِ (قَوْلُهُ: إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ) أَيْ الْمَأْمُومُ، وَقَوْلُهُ فَوَجَدَهُ رَاكِعًا: أَيْ الْإِمَامَ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَفْتَى جَمْعٌ فِيمَنْ سَمِعَ تَكْبِيرَةَ الرَّفْعِ) بَقِيَ مَا لَوْ كَانَ مَعَ الْإِمَامِ جَمَاعَةٌ فَكَبَّرَ شَخْصٌ لِلْإِحْرَامِ فَظَنَّ أَحَدُ الْمَأْمُومِينَ أَنَّ الْإِمَامَ رَكَعَ فَرَكَعَ قَبْلَ تَمَامِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَرْكَعْ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ لِلْقِيَامِ، لَكِنْ هَلْ يُعَدُّ الرُّكُوعُ الْمَذْكُورُ قَاطِعًا لِلْمُوَالَاةِ فَيَسْتَأْنِفُ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ أَوْ لَا وَإِنْ طَالَ فَيُتِمُّ عَلَيْهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ رُكُوعَهُ مَعْذُورٌ فِيهِ فَأَشْبَهَ السُّكُوتَ الطَّوِيلَ سَهْوًا وَهُوَ لَا يَقْطَعُ الْمُوَالَاةَ، وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ كَانَ مَسْبُوقًا فَرَكَعَ وَالْحَالَةُ مَا ذَكَرَ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَرْكَعْ فَقَامَ ثُمَّ رَكَعَ الْإِمَامُ عَقِبَ قِيَامِهِ فَهَلْ يَرْكَعُ مَعَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQنَبَّهَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ حَجّ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُقَالُ إنَّهُ يَرْكَعُ مَعَ الْإِمَامِ) أَيْ الَّذِي قَالَ بِهِ الشِّهَابُ حَجّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَفْتَى جَمْعٌ إلَى قَوْلِهِ هَذَا وَالْأَوْجَهُ) تَبِعَ فِي هَذَا السِّيَاقِ الشِّهَابَ حَجّ إلَى قَوْلِهِ هَذَا وَالْأَوْجَهُ، لَكِنَّ ذَاكَ إنَّمَا أَوْرَدَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَارُ فِي مَسْأَلَةِ مَنْ نَامَ فِي تَشَهُّدِهِ أَنَّهُ كَالْمَزْحُومِ فَجَعَلَ هَذَا اسْتِظْهَارًا عَلَى اخْتِيَارِهِ لِذَلِكَ، وَالشَّارِحُ تَبِعَهُ فِي إيرَادِهِ عَلَى وَجْهِهِ مِنْ غَيْرِ تَصَرُّفٍ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ مَا مَرَّ مِمَّا يُخَالِفُ الشِّهَابَ الْمَذْكُورَ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَوْقِعٌ كَمَا يَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ وَإِنْ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ هَذَا وَالْأَوْجَهُ إلَخْ، وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَسْتَظْهِرَ عَلَى اخْتِيَارِهِ بِإِفْتَاءِ الْآخَرِينَ الْآتِي

فَإِذَا هُوَ فِي الثَّالِثَةِ فَكَبَّرَ لِلرُّكُوعِ فَظَنَّهُ لِقِيَامِهَا فَقَامَ فَوَجَدَهُ رَاكِعًا بِأَنَّهُ يَرْكَعُ مَعَهُ وَيَتَحَمَّلُ عَنْهُ الْفَاتِحَةَ لِعُذْرِهِ: أَيْ مَعَ عَدَمِ إدْرَاكِهِ شَيْئًا مِنْ الْقِيَامِ. وَيُعَارِضُهُ إفْتَاءُ آخَرِينَ بِأَنَّهُ كَالنَّاسِي لِلْقِرَاءَةِ، وَلِهَذَا لَوْ نَسِيَ كَوْنَهُ مُقْتَدِيًا وَهُوَ فِي سُجُودِهِ مَثَلًا ثُمَّ ذَكَرَ فَلَمْ يَقُمْ عَنْ سَجْدَتَيْهِ إلَّا وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ رَكَعَ مَعَهُ كَالْمَسْبُوقِ، فَفَرْقُهُمْ بَيْنَ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ يُصَرِّحُ بِالْفَرْقِ بَيْنَ مَنْ يُدْرِكُ قِيَامَ الْإِمَامِ وَمَنْ لَا يُدْرِكُهُ، هَذَا وَالْأَوْجُهُ الثَّانِي وَهُوَ كَوْنُهُ كَالنَّاسِي فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْقِرَاءَةُ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ فِي التَّعْلِيلِ: وَلِهَذَا لَوْ نَسِيَ كَوْنَهُ مُقْتَدِيًا إلَخْ فَلَعَلَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ سُقُوطِ الْفَاتِحَةِ عَنْ النَّاسِي، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْأَرْجَحَ خِلَافُهُ (وَرَكَعَ قَبْلَ إتْمَامِ الْمَأْمُومِ الْفَاتِحَةَ) وَلَوْ اشْتَغَلَ بِإِتْمَامِهَا لِاعْتِدَالِ الْإِمَامِ وَسَجَدَ قَبْلَهُ (فَقِيلَ يَتْبَعُهُ) لِتَعَذُّرِ الْمُوَافَقَةِ (وَتَسْقُطُ الْبَقِيَّةُ) لِعُذْرِهِ كَالْمَسْبُوقِ (وَالصَّحِيحُ) أَنَّهُ لَا يَتْبَعُهُ بَلْ (يُتِمُّهَا) حَتْمًا (وَيَسْعَى خَلْفَهُ) عَلَى تَرْتِيبِ صَلَاةِ نَفْسِهِ (مَا لَمْ يَسْبِقْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ مَقْصُودَةٍ) فِي نَفْسِهَا (وَهِيَ الطَّوِيلَةُ) فَلَا يَحْسِبُ الِاعْتِدَالَ وَلَا الْجُلُوسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لِأَنَّهُمَا قَصِيرَانِ، وَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ الْقَصِيرَ غَيْرُ مَقْصُودٍ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ إذْ هُوَ تَابِعٌ لِغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ مَقْصُودًا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَا يَقُومُ غَيْرُهُ عَنْهُ مَقَامَهُ. وَالْمُرَادُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ أَنْ يَكُونَ السَّبْقُ بِثَلَاثَةٍ وَالْإِمَامُ فِي الرَّابِعِ كَأَنْ تَخَلَّفَ بِالرُّكُوعِ وَالسَّجْدَتَيْنِ وَالْإِمَامُ ـــــــــــــــــــــــــــــSنَظَرًا لِكَوْنِهِ مَسْبُوقًا أَوَّلًا، بَلْ يَتَخَلَّفُ وَيَقْرَأُ مِنْ الْفَاتِحَةِ بِقَدْرِ مَا فَوَّتَهُ فِي رُكُوعِهِ لِتَقْصِيرِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي أَيْضًا لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَلِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُذْرِ بِمَا فِي الْوَاقِعِ لَا بِمَا فِي ظَنِّهِ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: فَكَبَّرَ) أَيْ الْإِمَامُ. (قَوْلُهُ: فَظَنَّهُ) أَيْ الْمَأْمُومُ. (قَوْلُهُ: رَكَعَ مَعَهُ) ضَعِيفٌ (قَوْله فَفَرَّقَهُمْ بَيْنَ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ) هُمَا قَوْلُهُ وَقَدْ أَفْتَى جَمْعٌ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَيُعَارِضُهُ إلَخْ هَذَا، وَأَصْلُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ فِي كَلَامِ ابْنِ حَجَرٍ تَوْجِيهًا لِمَا جَرَى عَلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَامَ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ ثُمَّ قَامَ فَوَجَدَ الْإِمَامَ رَاكِعًا أَنَّهُ يَرْكَعُ مَعَهُ وَهُوَ وَاضِحٌ. أَمَّا عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّهُ يَتَخَلَّفُ وَيَقْرَأُ فَلَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ وَجْهٌ لِقَوْلِهِ فَفَرَّقَهُمْ بَيْنَ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَوْنُهُ كَالنَّاسِي) أَيْ مَنْ جَلَسَ ظَانًّا جُلُوسَ الْإِمَامِ لِلتَّشَهُّدِ (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْأَرْجَحَ خِلَافُهُ) أَيْ فَيَتَخَلَّفُ لِلْقِرَاءَةِ وَيُغْتَفَرُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ. (قَوْلُهُ: وَالْإِمَامُ فِي الرَّابِعِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ فَرَغَ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَالْإِمَامُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ لَمْ يُوَافِقْهُ بَلْ يَسْعَى عَلَى نَظْمِ صَلَاةِ نَفْسِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيَجْعَلُهُ رَدًّا لِإِفْتَاءِ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِينَ عَكْسَ مَا صَنَعَ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا لَوْ نَسِيَ كَوْنَهُ مُقْتَدِيًا إلَخْ) صَرِيحُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّهُ تَأْيِيدٌ لِإِفْتَاءِ الْآخَرِينَ بِأَنَّهُ كَالنَّاسِي، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَا وَجْهَ لَهُ، وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ حَجّ: وَبِهِ: أَيْ بِإِفْتَاءِ الْجَمْعِ الْمُتَقَدِّمِ يُرَدُّ إفْتَاءُ آخَرِينَ بِأَنَّهُ كَالنَّاسِي لِلْقِرَاءَةِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ نَسِيَ الِاقْتِدَاءَ إلَخْ، فَقَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَلِهَذَا تَأْيِيدٌ لِلرَّدِّ عَلَى الْآخَرِينَ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ الْإِشَارَةُ لِمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ فِي التَّعْلِيلِ إلَخْ وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَتُهُ هُنَا قَلِقَةً كَمَا عَرَفْت (قَوْلُهُ: فَفَرَّقَهُمْ بَيْنَ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ) أَيْ صُورَتَيْ نِسْيَانِ الْقِرَاءَةِ وَنِسْيَانِ كَوْنِهِ مُقْتَدِيًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُمَا مَحَلُّ وِفَاقٍ، فَالضَّمِيرُ فِي فَفَرَّقَهُمْ لِلْأَصْحَابِ. وَأَمَّا قَوْلُ الشِّهَابِ سم فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ كَانَ مُرَادُهُ صُورَةَ مَنْ سَمِعَ تَكْبِيرَ الرَّفْعِ وَصُورَةُ النَّاسِي لِلْقِرَاءَةِ فَعَجِيبٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الضَّمِيرُ فِي فَفَرَّقَهُمْ لِلْأَصْحَابِ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ مَنْ سَمِعَ تَكْبِيرَ الرَّفْعِ لَيْسَتْ مَحَلَّ وِفَاقٍ حَتَّى تُسْنَدَ لِلْأَصْحَابِ وَيُنْسَبَ إلَيْهِمْ أَنَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ النَّاسِي لِلْقِرَاءَةِ وَإِنْ كَانَ الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعًا لِلْجَمْعِ الْمُفْتِينَ بِمَا مَرَّ، فَلَا يَصِحُّ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَتَعَرَّضُوا فِي إفْتَائِهِمْ لِفَرْقٍ كَمَا تَرَى بَلْ وَلَا لِمَسْأَلَةِ النِّسْيَانِ، وَإِنَّمَا أَيَّدَ بِهَا الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ إفْتَاءَهُمْ، وَأَعْجَبُ مِنْهُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ أَنَّ مُرَادَهُ بِالصُّورَتَيْنِ قَوْلُهُ: وَقَدْ أَفْتَى جَمْعٌ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: وَيُعَارِضُهُ إلَخْ إذْ لَيْسَ هَاتَانِ صُورَتَيْنِ وَإِنَّمَا هِيَ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ اخْتَلَفَ فِيهَا إفْتَاءَانِ وَبِتَسْلِيمِهِ فَمَا يَكُونُ مَرْجِعُ الضَّمِيرِ فِي فَفَرَّقَهُمْ وَمِنْ الْفَارِقِ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنَّهُ لَا مَعْنَى لَهُ عِنْدَ التَّأَمُّلِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا قَوْلُهُمْ فِي التَّعْلِيلِ) فِيهِ أَمْرَانِ: الْأَوَّلُ أَنَّ الْقَائِلَ لِهَذَا هُوَ

فِي الْقِيَامِ، فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ. فَلَوْ كَانَ السَّبْقُ بِأَرْبَعَةِ أَرْكَانٍ وَالْإِمَامُ فِي الْخَامِسِ كَأَنْ تَخَلَّفَ بِالرُّكُوعِ وَالسَّجْدَتَيْنِ وَالْقِيَامِ وَالْإِمَامُ حِينَئِذٍ فِي الرُّكُوعِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ (فَإِنْ سَبَقَ بِأَكْثَرَ) مِمَّا ذَكَرَ بِأَنْ انْتَهَى إلَى الرَّابِعِ كَأَنْ رَكَعَ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ فِي الِاعْتِدَالِ أَوْ قَامَ أَوْ قَعَدَ وَهُوَ فِي الْقِيَامِ (فَقِيلَ يُفَارِقُهُ) بِالنِّيَّةِ حَتْمًا لِتَعَذُّرِ الْمُوَافَقَةِ (وَالْأَصَحُّ) أَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ مُفَارَقَتُهُ بَلْ (يَتْبَعُهُ) حَتْمًا إنْ لَمْ يَنْوِ مُفَارَقَتَهُ (فِيمَا هُوَ فِيهِ) إذْ لَوْ سَعَى عَلَى تَرْتِيبِ نَفْسِهِ لَكَانَ فِيهِ مُخَالَفَةٌ فَاحِشَةٌ وَلِهَذَا تَبْطُلُ بِهِ مِنْ عَالِمٍ عَامِدٍ، وَإِذَا تَبِعَهُ فَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ الْفَاتِحَةَ تَخَلَّفَ لِإِتْمَامِهَا مَا لَمْ يَسْبِقْ بِأَكْثَرَ أَيْضًا (ثُمَّ يَتَدَارَكُ) مَا فَاتَهُ (بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ) كَالْمَسْبُوقِ (وَلَوْ لَمْ يُتِمَّ) الْمَأْمُومُ (الْفَاتِحَةَ لِشَغْلِهِ بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ) مَثَلًا وَقَدْ رَكَعَ إمَامُهُ (فَمَعْذُورٌ) فِي تَخَلُّفِهِ لِإِتْمَامِهَا كَبَطِيءِ الْقِرَاءَةِ فَيَأْتِي فِيمَا مَرَّ. وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِفَرَاغِهِ مِنْ الرُّكْنِ انْتِقَالُهُ عَنْهُ لَا الْإِتْيَانُ بِالْوَاجِبِ مِنْهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا عُذْرُهُ وَإِنْ لَمْ يُنْدَبْ فِي حَقِّهِ دُعَاءُ الِافْتِتَاحِ بِأَنْ ظَنَّ عَدَمَ إدْرَاكِ الْفَاتِحَةِ لَوْ اشْتَغَلَ بِهِ، لَكِنْ يُشْكِلُ حِينَئِذٍ بِمَا تَقَدَّمَ فِي تَارِكِ الْفَاتِحَةِ مُتَعَمِّدًا، إلَّا أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَكِنَّ عِبَارَةَ ابْنِ حَجَرٍ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: أَوْ مَا هُوَ عَلَى صُورَتِهِ انْتَهَى. وَهِيَ مُخْرِجَةٌ لِذَلِكَ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي أَوْ قَامَ أَوْ قَعَدَ (قَوْلُهُ: وَالْإِمَامُ حِينَئِذٍ فِي الرُّكُوعِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) أَيْ بِأَنْ تَخَلَّفَ لِلْقِرَاءَةِ فَلَمْ يُكْمِلْهَا حَتَّى قَامَ الْإِمَامُ عَنْ السُّجُودِ وَلَمْ يَقْصِدْ مُوَافَقَتَهُ فِي الْقِيَامِ حَتَّى رَكَعَ فَقَدْ تَحَقَّقَ سَبْقُهُ بِأَرْبَعَةِ أَرْكَانٍ، وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْصِدْ مُتَابَعَتَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ عَقِبَ الْقِيَامِ لَا يَضُرُّ. وَقَالَ عَمِيرَةُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يَتْبَعُهُ: أَيْ فَلَوْ تَخَلَّفَ أَدْنَى تَخَلُّفٍ بَطَلَتْ نَظَرًا لِمَا مَضَى مِنْ التَّخَلُّفِ وَإِنْ كَانَ مَعْذُورًا، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي مِنْ كَلَامِهِمْ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. وَهُوَ مُخَالِفٌ كَمَا تَرَى لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ، لَكِنَّهُ قَدْ يُوَافِقُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدُ: بِأَنْ انْتَهَى إلَى الرَّابِعِ كَأَنْ رَكَعَ وَالْمَأْمُومُ فِي الِاعْتِدَالِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَأَنْ رَكَعَ) أَيْ رُكُوعَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، وَكَتَبَ سم عَلَى حَجّ قَوْلَهُ كَأَنْ رَكَعَ إلَخْ. أَقُولُ: إذَا قَعَدَ وَهُوَ فِي الْقِيَامِ فَقَعَدَ مَعَهُ كَمَا هُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَامَ إلَى الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى فَهَلْ يَبْنِي عَلَى مَا قَرَأَهُ مِنْ الْفَاتِحَةِ فِي الرَّكْعَةِ السَّابِقَةِ؟ الْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْبِنَاءُ لِانْقِطَاعِ قِرَاءَتِهِ بِمُفَارَقَةِ ذَلِكَ الْقِيَامِ إلَى قِيَامٍ آخَرَ مِنْ رَكْعَةٍ أُخْرَى، بِخِلَافِ مَا لَوْ سَجَدَ لِتِلَاوَةٍ فِي أَثْنَاءِ الْفَاتِحَةِ كَأَنْ تَابَعَ إمَامَهُ فِيهَا بِرُجُوعِهِ بَعْدَ السُّجُودِ إلَى قِيَامِ تِلْكَ الرَّكْعَةِ بِعَيْنِهِ. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ مَا لَوْ قَامَ: أَيْ الْإِمَامُ، وَهُوَ: أَيْ الْمَأْمُومُ فِي الْقِيَامِ فَلَا يَبْعُدُ حِينَئِذٍ بِنَاؤُهُ عَلَى قِرَاءَتِهِ لِعَدَمِ مُفَارَقَتِهِ حِينَئِذٍ قِيَامَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. وَخَالَفَهُ فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَاعْتَمَدَ الْبِنَاءَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَنَقَلَهُ عَنْ ابْنِ الْعِمَادِ فِي الْقَوْلِ التَّامِّ فِي أَحْكَامِ الْمَأْمُومِ وَالْإِمَامِ. أَقُولُ: وَهَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ وَالْقَلْبُ إلَيْهِ أَمْيَلُ. (قَوْلُهُ: وَالْمَأْمُومُ فِي الِاعْتِدَالِ) أَيْ اعْتِدَالِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى مَثَلًا (قَوْلُهُ: أَوْ قَعَدَ) أَيْ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ اعْتِبَارِ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُنْدَبْ فِي حَقِّهِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُشْكِلُ حِينَئِذٍ بِمَا تَقَدَّمَ) أَيْ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ أَوْ سَهَا عَنْهَا حَتَّى إلَخْ كَمَا تَقَدَّمَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالشِّهَابُ حَجّ تَأْيِيدًا لِإِفْتَاءِ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِينَ كَمَا عَرَفْت فَلَا مَعْنَى لِضَمِيرِ الْجَمْعِ. الثَّانِي قَوْلُهُ: فِي التَّعْلِيلِ فِيهِ مُسَاهَلَةٌ إذْ لَمْ يُذْكَرْ عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيلِ بَلْ عَلَى وَجْهِ التَّأْيِيدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَفَرْقٌ مَا بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ السَّبْقُ بِأَرْبَعَةِ أَرْكَانٍ وَالْإِمَامُ فِي الْخَامِسِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ مُوَافَقَةَ الْإِمَامِ فِي الْقِيَامِ الَّذِي صَارَ إلَيْهِ فِيهِ، وَاسْتَمَرَّ عَلَى تَرْتِيبِ نَفْسِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ الْمُتَابَعَةِ، وَهُوَ أَحَدُ احْتِمَالَاتٍ ثَلَاثٍ أَبَدَاهَا الشِّهَابُ سم فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ. وَالثَّانِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَقْصِدَ الْبَقَاءَ عَلَى نَظْمِ نَفْسِهِ. وَالثَّالِثُ وَهُوَ الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بَلْ يَكْفِي وُجُوبُ التَّبَعِيَّةِ بِالْفِعْلِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي قَرِيبًا: وَإِذَا تَبِعَهُ فَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ الْفَاتِحَةَ تَخَلَّفَ لِإِتْمَامِهَا يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ لَا يَقْتَضِي وُجُوبَ الْقَصْدِ، وَإِنَّمَا غَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ كَانَ حُكْمُهُ مَا ذُكِرَ، وَمَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ قَاسِمٍ يَلْزَمُ مِنْهُ ضَعْفُ حُكْمِ الْبُلْقِينِيِّ بِالْبُطْلَانِ فِي الصُّورَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَإِذَا تَبِعَهُ) أَيْ بِالْقَصْدِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِفَرَاغِهِ) اُنْظُرْ مَا الدَّاعِي لِذِكْرِ هَذَا هُنَا

يُفَرَّقَ بِأَنَّ هَذَا شَائِبَةَ شُبْهَةٍ لِاشْتِغَالِهِ بِصُورَةِ سُنَّةٍ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ وَبِمَا يَأْتِي فِي الْمَسْبُوقِ أَنَّ سَبَبَ عَدَمِ عُذْرِهِ اشْتِغَالُهُ بِسُنَّةٍ عَنْ فَرْضٍ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْإِمَامَ يَتَحَمَّلُ عَنْ الْمَسْبُوقِ، فَاحْتِيطَ لَهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ صَرَفَ شَيْئًا لِغَيْرِ الْفَرْضِ. وَأَمَّا الْمُوَافِقُ فَلَا يَتَحَمَّلُ عَنْهُ فَعُذِرَ لِلتَّخَلُّفِ لِإِتْمَامِ الْفَاتِحَةِ وَإِنْ عُدَّ مُقَصِّرًا بِصَرْفِهِ بَعْضَ الزَّمَنِ لِغَيْرِهَا إذْ تَقْصِيرُهُ بِاعْتِبَارِ ظَنِّهِ دُونَ الْوَاقِعِ. وَالْحَاصِلُ مِمَّا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ إدَارَتُنَا الْأَمْرَ عَلَى الْوَاقِعِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعُذْرِ وَعَدَمِهِ وَعَلَى ظَنِّهِ بِالنِّسْبَةِ لِنَدْبِ الْإِتْيَانِ بِنَحْوِ التَّعَوُّذِ (هَذَا كُلُّهُ فِي) الْمَأْمُومِ (الْمُوَافِقِ) وَهُوَ مَنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ مَحَلَّ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ الْمُعْتَدِلَةِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِنَفْسِهِ وَلَا لِقِرَاءَةِ إمَامِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَإِنْ رَجَّحَ الزَّرْكَشِيُّ اعْتِبَارَ قِرَاءَةِ نَفْسِهِ، وَقَوْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ: هُوَ مَنْ أَحْرَمَ مَعَ الْإِمَامِ مَرْدُودٌ، إذْ أَحْكَامُ الْمُوَافِقِ وَالْمَسْبُوقِ جَارِيَةٌ فِي جَمِيعِ الرَّكَعَاتِ، بِدَلِيلِ أَنَّ السَّاعِيَ عَلَى تَرْتِيبِ نَفْسِهِ وَنَحْوِهِ كَبَطِيءِ النَّهْضَةِ إذَا فَرَغَ مِنْ سَعْيِهِ عَلَى تَرْتِيبِ نَفْسِهِ، فَإِنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ زَمَنًا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ كَانَ مُوَافِقًا وَإِلَّا فَمَسْبُوقٌ، وَهَلْ يَلْحَقُ بِهِ فِي سَائِرِ أَحْكَامِهِ مَنْ شَكَّ هَلْ أَدْرَكَ زَمَنًا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ حَتَّى يَتَحَقَّقَ مُسْقِطُهَا وَعَدَمُ تَحَمُّلِ الْإِمَامِ لِشَيْءٍ مِنْهَا، وَلِأَنَّ إدْرَاكَ الْمَسْبُوقِ الرَّكْعَةَ رُخْصَةٌ فَلَا تَحْصُلُ مَعَ الشَّكِّ فِي السَّبَبِ الْمُقْتَضِي لَهُ، وَلِأَنَّ التَّخَلُّفَ لِقِرَاءَتِهَا أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِيَاطِ مِنْ تَرْكِ كَمَالِهَا، وَحِينَئِذٍ فَيَتَأَخَّرُ وَيُتِمُّ الْفَاتِحَةَ وَيُدْرِكُ الرَّكْعَةَ مَا لَمْ يُسْبَقْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ، فَإِنْ سُبِقَ بِهِ تَابَعَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ ثُمَّ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِهِ، فِي ذَلِكَ تَرَدُّدٌ لِلْمُتَأَخِّرِينَ وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، نَعَمْ لِمَا مَرَّ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَكَانَ إحْرَامُهُ عَقِبَ إحْرَامِ إمَامِهِ أَمْ عَقِبَ قِيَامِهِ مِنْ رَكْعَتِهِ أَمْ لَا خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ. أَمَّا الْمَسْبُوقُ وَهُوَ بِخِلَافِهِ وَهُوَ مَا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (فَأَمَّا مَسْبُوقٌ رَكَعَ الْإِمَامُ فِي) أَثْنَاءِ قِرَاءَةِ (فَاتِحَتِهِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَشْتَغِلْ بِالِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ) بِأَنْ قَرَأَ عَقِبَ تَحَرُّمِهِ (تَرَكَ قِرَاءَتَهُ وَرَكَعَ) مَعَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ سِوَى مَا قَرَأَهُ (وَهُوَ) بِرُكُوعِهِ مَعَهُ وَإِنْ أَدْرَكَهُ قَبْلَ قِيَامِهِ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ (مُدْرِكٌ لِلرَّكْعَةِ) فَيَتَحَمَّلُ الْإِمَامُ عَنْهُ مَا بَقِيَ مِنْهَا كَمَا يَتَحَمَّلُ عَنْهُ جَمِيعَهَا لَوْ أَدْرَكَهُ رَاكِعًا أَوْ رَكَعَ عَقِبَ تَحَرُّمِهِ، فَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَقَوْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ هُوَ) أَيْ الْمُوَافِقُ. (قَوْلُهُ: إذْ أَحْكَامُ الْمُوَافِقِ إلَخْ) يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مَنْ عَبَّرَ بِذَلِكَ أَرَادَ الْمُوَافِقَ الْحَقِيقِيَّ، فَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ بَطِيءِ النَّهْضَةِ وَنَحْوِهِ مَسْبُوقٌ حُكْمًا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَمَسْبُوقٌ) أَيْ فَيَرْكَعُ مَعَهُ وَتُحْسَبُ لَهُ الرَّكْعَةُ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ لِكَثِيرٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُمْ يُسْرِعُونَ الْقِرَاءَةَ فَلَا يُمْكِنُ الْمَأْمُومَ بَعْدَ قِيَامِهِ مِنْ السُّجُودِ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ بِتَمَامِهَا قَبْلَ رُكُوعِ الْإِمَامِ فَيَرْكَعُ مَعَهُ وَتُحْسَبُ لَهُ الرَّكْعَةُ وَلَوْ وَقَعَ لَهُ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الرَّكَعَاتِ، فَلَوْ تَخَلَّفَ لِإِتْمَامِ الْفَاتِحَةِ حَتَّى رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ رَكَعَ مَعَهُ وَلَمْ يَطْمَئِنَّ قَبْلَ ارْتِفَاعِهِ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ فَيَتْبَعُ الْإِمَامَ فِيمَا هُوَ فِيهِ وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ: وَهَلْ يَلْحَقُ بِهِ) أَيْ الْمُوَافِقِ. (قَوْلُهُ نَعَمْ) أَيْ فَيَكُونُ كَالْمُوَافِقِ فَيُغْتَفَرُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ وَقَوْلُهُ لِمَا مَرَّ أَيْ مِنْ قَوْلِهِ فَيَتَأَخَّرُ إلَخْ (قَوْلُهُ تَرَكَ قِرَاءَتَهُ أَوْ رَكَعَ) أَيْ نَدْبًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَبِمَا يَأْتِي) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ ظَنِّهِ دُونَ الْوَاقِعِ) قَالَ الشِّهَابُ سم فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ: فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ إذْ لَا مَعْنَى لِلتَّقْصِيرِ فِي الْوَاقِعِ إلَّا كَوْنُ مُقْتَضَى الْوَاقِعِ أَنْ لَا يَشْتَغِلَ بِغَيْرِ الْفَاتِحَةِ، وَهُنَا كَذَلِكَ لِكَوْنِ مَا أَدْرَكَهُ لَا يَسَعُ فِي الْوَاقِعِ غَيْرَ الْفَاتِحَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: إذْ أَحْكَامُ الْمُوَافِقِ وَالْمَسْبُوقِ جَارِيَةٌ فِي جَمِيعِ الرَّكَعَاتِ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ جَرَيَانِ أَحْكَامِهِمَا فِي جَمِيعِ الرَّكَعَاتِ أَنَّهُمَا يُسَمَّيَانِ كَذَلِكَ حَقِيقَةً فِي غَيْرِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَدْرَكَهُ قَبْلَ قِيَامِهِ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ) أَيْ وَأَتَمَّ الرُّكُوعَ قَبْلَ انْفِصَالِ الْإِمَامِ عَنْ أَقَلِّهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَلَوْ حَذَفَ الْوَاوَ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ لَكَانَ أَوْضَحَ

تَخَلَّفَ بَعْدَ قِرَاءَةِ مَا أَدْرَكَهُ مِنْ الْفَاتِحَةِ لِإِتْمَامِهَا وَفَاتَهُ الرُّكُوعُ مَعَهُ وَأَدْرَكَهُ فِي الِاعْتِدَالِ بَطَلَتْ رَكْعَتُهُ لِعَدَمِ مُتَابَعَتِهِ فِي مُعْظَمِهَا وَكَانَ تَخَلُّفُهُ بِلَا عُذْرٍ فَيَكُونُ مَكْرُوهًا، وَلَوْ رَكَعَ الْإِمَامُ قَبْلَ فَاتِحَةِ الْمَسْبُوقِ فَحُكْمُهُ كَمَا لَوْ رَكَعَ فِيهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ اشْتَغَلَ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا أَوْ لَمْ يَشْتَغِلْ بِشَيْءٍ بِأَنْ سَكَتَ بَعْدَ تَحَرُّمِهِ زَمَنًا قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ الْفَاتِحَةَ وَاجِبَةٌ (لَزِمَهُ قِرَاءَةٌ) مِنْهَا (بِقَدْرِهِ) أَيْ بِقَدْرِ حُرُوفِهِ فِي ظَنِّهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، أَوْ بِقَدْرِ زَمَنِ سُكُوتِهِ لِأَنَّهُ بِالْعُدُولِ مِنْ الْفَرْضِ إلَى غَيْرِهِ مَنْسُوبٌ إلَى تَقْصِيرٍ فِي الْجُمْلَةِ، وَالثَّانِي يُوَافِقُهُ مُطْلَقًا وَيَسْقُطُ بَاقِيهَا لِخَبَرِ «إذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا» وَاخْتَارَهُ الْأَذْرَعِيُّ تَبَعًا لِتَرْجِيحِ جَمَاعَةٍ، وَالثَّالِثُ يُتِمُّ الْفَاتِحَةَ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ أَدْرَكَ الْقِيَامَ الَّذِي هُوَ مَحَلُّهَا فَلَزِمَتْهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ مَتَى رَكَعَ قَبْلَ وَفَاءِ مَا لَزِمَهُ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا لَمْ يُعْتَدَّ بِمَا فَعَلَهُ، وَمَتَى رَكَعَ إمَامُهُ وَهُوَ مُتَخَلِّفٌ لِمَا لَزِمَهُ وَقَامَ مِنْ رُكُوعِهِ فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مُتَخَلِّفٌ بِغَيْرِ عُذْرٍ، وَمَنْ عَبَّرَ بِعُذْرِهِ نُظِرَ إلَى أَنَّهُ مَلْزُومٌ بِالْقِرَاءَةِ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ، ثُمَّ إذَا فَرَغَ قَبْلَ هُوِيِّ إمَامِهِ لِسُجُودِهِ وَافَقَهُ وَلَا يَرْكَعُ وَإِلَّا بَطَلَتْ إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا، وَإِنْ فَاتَهُ لِلرُّكُوعِ وَلَمْ يَفْرُغْ وَقَدْ أَرَادَ الْإِمَامُ الْهُوِيَّ لِلسُّجُودِ فَقَدْ تَعَارَضَ فِي حَقِّهِ وُجُوبُ وَفَاءِ مَا لَزِمَهُ وَبُطْلَانُ صَلَاتِهِ بِهُوِيِّ الْإِمَامِ لِلسُّجُودِ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ كَوْنِهِ مُتَخَلِّفًا بِغَيْرِ عُذْرٍ، فَلَا مُخَلِّصَ لَهُ عَنْ هَذَيْنِ إلَّا نِيَّةَ الْمُفَارَقَةِ فَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ حَذَرًا مِنْ بُطْلَانِ صَلَاتِهِ عِنْدَ عَدَمِهَا بِكُلِّ تَقْدِيرٍ، وَيَشْهَدُ لَهُ مَا مَرَّ فِي مُتَعَمِّدِ تَرْكِ الْفَاتِحَةِ وَبَطِيءٍ لِوَسْوَسَةٍ ظَاهِرَةٍ، وَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ عَنْ التَّحْقِيقِ وَاعْتَمَدَهُ مِنْ لُزُومِ مُتَابَعَتِهِ فِي الْهُوِيِّ حِينَئِذٍ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَمَّا لَزِمَتْهُ مُتَابَعَتُهُ حِينَئِذٍ سَقَطَ مُوجِبُ تَقْصِيرِهِ مِنْ التَّخَلُّفِ لِقِرَاءَةِ قَدْرِ مَا لَحِقَهُ فَغَلَبَ وَاجِبُ الْمُتَابَعَةِ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُهُ مُفَارَقَتُهُ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ مِنْ كَلَامِهِ، وَإِلَّا فَعِبَارَتُهُ صَرِيحَةٌ فِي تَفْرِيعِهِ عَلَى الْمَرْجُوحِ، أَمَّا إذَا جَهِلَ أَنَّ وَاجِبَهُ ذَلِكَ فَهُوَ بِتَخَلُّفِهِ لِمَا لَزِمَهُ مُتَخَلِّفٌ بِعُذْرٍ قَالَهُ الْقَاضِي. قَالَ الْفَارِقِيُّ: وَصُورَةُ تَخَلُّفِهِ لِلْقِرَاءَةِ أَنْ يَظُنَّ أَنَّهُ يُدْرِكُ الْإِمَامَ قَبْلَ ـــــــــــــــــــــــــــــSلِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ التَّخَلُّفَ مَكْرُوهٌ. (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ رَكْعَتُهُ) أَيْ فَيُوَافِقُهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ بَعْدُ فَلَوْ رَكَعَ عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. (قَوْلُهُ: وَكَانَ تَخَلُّفُهُ بِلَا عُذْرٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَكَعَ الْإِمَامُ) هَذَا مُسَاوٍ لِقَوْلِهِ قَبْلُ أَوْ رَكَعَ عَقِبَ تَحَرُّمِهِ. (قَوْلُهُ: وَالثَّالِثُ يُتِمُّ الْفَاتِحَةَ مُطْلَقًا) أَيْ اشْتَغَلَ بِسُنَّةٍ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ عَامِدًا عَالِمًا، وَقَوْلُهُ لَمْ يُعْتَدَّ بِمَا فَعَلَهُ: أَيْ فَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ. (قَوْلُهُ: مُتَخَلِّفٌ بِغَيْرِ عُذْرٍ) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ الْهُوِيَّ لِلسُّجُودِ) أَيْ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا جَهِلَ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا. (قَوْلُهُ: فَهُوَ بِتَخَلُّفِهِ لِمَا لَزِمَهُ مُتَخَلِّفٌ بِعُذْرٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَحُكْمُهُ كَمَا لَوْ رَكَعَ فِيهَا) أَيْ فِي أَنَّهُ إنْ لَمْ يَشْتَغِلْ بِالِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ بِتَرْكِ قِرَاءَتِهِ وَيَرْكَعُ فَهُوَ تَتْمِيمٌ لِمَا فِي الْمَتْنِ، وَلَيْسَ مُسَاوِيًا لِقَوْلِهِ أَوْ رَكَعَ عَقِبَ تَحَرُّمِهِ كَمَا لَا يَخْفَى خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِقَدْرِ زَمَنِ سُكُوتِهِ) أَيْ مِنْ الْقِرَاءَةِ الْمُعْتَدِلَةِ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ لَهُ فِي ضَابِطِ الْمُوَافِقِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَعْتَدَّ بِمَا فَعَلَهُ) وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ لِتَتْمِيمِ الْفَائِدَةِ مَعَ نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ إذَا هَوَى الْإِمَامُ لِلسُّجُودِ إذَا عَلِمَ بِالْحَالِ إذْ حَرَكَتُهُ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهَا حِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِمُضِيِّهِ لِمَا هُوَ فِيهِ أَوْ لَا يَجِبُ؟ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بِكُلِّ تَقْدِيرٍ) أَيْ مِنْ تَقْدِيرَيْ التَّخَلُّفِ وَالسُّجُودِ مَعَ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ نَقَلَ الشَّيْخُ عَنْ التَّحْقِيقِ وَاعْتَمَدَهُ لُزُومَ مُتَابَعَتِهِ فِي الْهَوِيِّ) أَيْ مُخَالِفًا لِمَا مَرَّ مِنْ وُجُوبِ الْمُفَارَقَةِ فَهُوَ ضَعِيفٌ، وَقَدْ نَبَّهَ الشِّهَابُ سم عَلَى أَنَّ مَا نُسِبَ لِلتَّحْقِيقِ لَمْ يَذْكُرْهُ فِيهِ إلَّا عَلَى وَجْهٍ ضَعِيفٍ (قَوْلُهُ: وَيُوَجَّهُ أَنَّهُ لَمَّا لَزِمَتْهُ مُتَابَعَتُهُ حِينَئِذٍ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّهُ لَمَّا لَزِمَتْهُ الْمُتَابَعَةُ قَبْلَ الْمُعَارَضَةِ اُسْتُصْحِبَ وُجُوبُهَا وَسَقَطَ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا جَهِلَ أَنَّ وَاجِبَهُ ذَلِكَ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فِي حَلِّ الْمَتْنِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ الْفَاتِحَةَ وَاجِبَةٌ (قَوْلُهُ: فَهُوَ بِتَخَلُّفِهِ لِمَا لَزِمَهُ مُتَخَلِّفٌ بِعُذْرٍ) قَالَ الشِّهَابُ سم: قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ كَبَطِيءِ الْقِرَاءَةِ مَعَ أَنَّهُ فَرْضُهُ

سُجُودِهِ وَإِلَّا فَلْيُتَابِعْهُ قَطْعًا وَلَا يَقْرَأُ، وَذَكَرَ مِثْلَهُ الرُّويَانِيُّ فِي حِلْيَتِهِ وَالْغَزَالِيُّ فِي إحْيَائِهِ، لَكِنَّ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ أَنَّ صُورَتَهَا أَنْ يَظُنَّ أَنَّهُ يُدْرِكُهُ فِي رُكُوعِهِ، وَإِلَّا فَيُفَارِقُهُ وَيُتِمُّ صَلَاتَهُ، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، لَكِنْ يُتَّجَهُ لُزُومُ الْمُفَارَقَةِ لَهُ عِنْدَ عَدَمِ ظَنِّهِ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَثِمَ وَلَكِنْ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ حِينَ يَصِيرُ مُتَخَلِّفًا بِرُكْنَيْنِ. وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ بِمَا ذَكَرَ أَنَّهُ إذَا ظَنَّ إدْرَاكَهُ فِي رُكُوعِهِ فَأَتَى بِالِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ فَرَكَعَ إمَامُهُ عَلَى خِلَافِ عَادَتِهِ بِأَنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْفَاتِحَةِ وَأَعْرَضَ عَنْ السُّنَّةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَاَلَّتِي بَعْدَهَا يَرْكَعُ مَعَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَرَأَ مِنْ الْفَاتِحَةِ شَيْئًا، وَمُقْتَضَى إطْلَاقِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَدَمُ الْفَرْقِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ لِبَقَاءِ مَحَلِّ الْقِرَاءَةِ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ تَقْصِيرَهُ بِمَا ذَكَرَ مُنْتَفٍ فِي ذَلِكَ، إذْ لَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ. (وَلَا يَشْتَغِلُ الْمَسْبُوقُ) اسْتِحْبَابًا (بِسُنَّةٍ بَعْدَ التَّحَرُّمِ) كَدُعَاءِ افْتِتَاحٍ أَوْ تَعَوُّذٍ (بَلْ) يَشْتَغِلُ (بِالْفَاتِحَةِ) فَقَطْ إذْ الِاهْتِمَامُ بِشَأْنِ الْفَرْضِ أَوْلَى وَيُخَفِّفُهَا حَذَرًا مِنْ فَوَاتِهَا (إلَّا أَنْ يَعْلَمَ) أَيْ يَظُنَّ (إدْرَاكَهَا) مَعَ اشْتِغَالِهِ بِالسُّنَّةِ فَيَأْتِي بِهِ اسْتِحْبَابًا، بِخِلَافِ مَا إذَا جَهِلَ أَوْ ظَنَّ مِنْهُ الْإِسْرَاعَ وَأَنَّهُ لَا يُدْرِكُهَا مَعَهُ فَيَبْدَأُ بِالْفَاتِحَةِ (وَلَوْ) (عَلِمَ الْمَأْمُومُ فِي رُكُوعِهِ) أَيْ بَعْدَ وُجُودِ أَقَلِّهِ (أَنَّهُ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ أَوْ شَكَّ) فِي فِعْلِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ كَبَطِيءِ الْقِرَاءَةِ مَعَ أَنَّهُ فَرَضَهُ فِي الْمَسْبُوقِ وَالْمَسْبُوقُ لَا يُدْرِكُ رَكْعَةً إلَّا بِالرُّكُوعِ مَعَ الْإِمَامِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَهَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ قَبْلُ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ الْفَاتِحَةَ وَاجِبَةٌ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ اعْتِرَاضِ سم بِأَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِهِ مَعْذُورًا فِي التَّخَلُّفِ عَدَمُ بُطْلَانِ صَلَاتِهِ بِمَا فَعَلَهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ حُسْبَانُ الرَّكْعَةِ لَهُ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: حَتَّى يَصِيرَ مُتَخَلِّفًا بِرُكْنَيْنِ) أَيْ بِأَنْ هَوَى الْإِمَامُ لِلسُّجُودِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ بِمَا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ بِالْعُدُولِ مِنْ الْفَرْضِ إلَى غَيْرِهِ مَنْسُوبٌ إلَى تَقْصِيرٍ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ وَمُقْتَضَى إطْلَاقِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَدَمُ الْفَرْقِ) أَيْ بَيْنَ ظَنِّهِ إدْرَاكَ الْفَاتِحَةِ وَعَدَمَ إدْرَاكِهَا، وَعَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ أَدْرَكَ مَعَ إمَامِهِ زَمَنًا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ فَهُوَ كَبَطِيءِ الْقِرَاءَةِ وَإِلَّا فَيَقْرَأُ بِقَدْرِ مَا فَوَّتَهُ (قَوْلُهُ: فَيَبْدَأُ) أَيْ نَدْبًا (قَوْلُهُ: أَيْ بَعْدَ وُجُودِ أَقَلِّهِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلِمَ ذَلِكَ أَوْ شَكَّ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْمَسْبُوقِ وَالْمَسْبُوقُ لَا يُدْرِكُ رَكْعَةً إلَّا بِالرُّكُوعِ مَعَ الْإِمَامِ. أَقُولُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مُرَادَ الْقَاضِي فَيَكُونُ مُخَصِّصًا لِقَوْلِهِمْ إنَّ الْمَسْبُوقَ لَا يُدْرِكُ الرَّكْعَةَ إلَّا بِالرُّكُوعِ مَعَ الْإِمَامِ، فَيَكُونُ مَحَلُّهُ فِي الْعَالِمِ بِأَنَّ وَاجِبَهُ الْقِرَاءَةُ، وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّ مُرَادَ الْقَاضِي أَنَّ صَلَاتَهُ لَا تَبْطُلُ بِتَخَلُّفِهِ إلَى مَا ذُكِرَ، فَيَكُونُ مَحَلُّ بُطْلَانِهَا بِهَوِيِّ الْإِمَامِ لِلسُّجُودِ إذَا لَمْ يُفَارِقْهُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ لَكِنْ تَفُوتُهُ الرَّكْعَةُ، وَلَيْسَ مَعْنَى كَوْنِهِ مُتَخَلِّفًا بِعُذْرٍ أَنَّهُ يُعْطَى حُكْمَ الْمَعْذُورِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَلَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ وَإِنْ أَشَارَ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ إلَى إشْكَالِهِ بِمَا ذَكَرَهُ. أَلَا تَرَى أَنَّا إذَا لَمْ نَجْعَلْهُ مَعْذُورًا يَلْزَمُهُ التَّخَلُّفُ لِقِرَاءَةِ قَدْرِ مَا صَرَفَهُ لِلسُّنَّةِ مَعَ فَوَاتِ الرَّكْعَةِ وَلَا يُفِيدُهُ ذَلِكَ إدْرَاكَ الرَّكْعَةِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يَتَّجِهُ لُزُومُ الْمُفَارَقَةِ لَهُ إلَخْ) مُرَادُهُ بِهِ بَيَانُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِ الْأُمِّ وَإِلَّا فَيُفَارِقُهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَثِمَ وَلَكِنْ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ حَتَّى يَصِيرَ مُتَخَلِّفًا بِرُكْنَيْنِ فَمَا تَقَدَّمَ عَلَى إطْلَاقِهِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ) أَيْ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمُرَادُهُ تَعْلِيلُ الْمَتْنِ الَّذِي مَرَّ عَقِبَهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ) قَالَ الشِّهَابُ سم: وَأَقُولُ يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُقْتَضَى الْمَذْكُورِ: أَيْ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الزَّمَنُ الَّذِي أَدْرَكَهُ يَسَعُ جَمِيعَ الْفَاتِحَةِ تَخَلَّفَ لَهَا كَبَطِيءِ الْقِرَاءَةِ، أَوْ بَعْضَهَا لَزِمَهُ التَّخَلُّفُ لِقِرَاءَةِ قَدْرِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَا يَشْتَغِلُ الْمَسْبُوقُ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْمَسْبُوقِ هُنَا مَنْ لَمْ يُدْرِكْ تَحَرُّمَ الْإِمَامِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ زَمَنَ الْفَاتِحَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ إدْرَاكَهَا، نَبَّهَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ سم

(لَمْ يَعُدْ إلَيْهَا) أَيْ لِمَحَلِّهَا فَلَوْ عَادَ لَهُ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِفَوَاتِ مَحَلِّهَا (بَلْ يُصَلِّي رَكْعَةً بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ) تَدَارُكًا لِمَا فَاتَهُ كَالْمَسْبُوقِ (فَلَوْ عَلِمَ) تَرْكَهَا (أَوْ شَكَّ) فِيهِ (وَقَدْ رَكَعَ الْإِمَامُ وَلَمْ يَرْكَعْ هُوَ قَرَأَهَا) لِبَقَاءِ مَحَلِّهَا (وَهُوَ مُتَخَلِّفٌ بِعُذْرٍ) فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ (وَقِيلَ يَرْكَعُ وَيَتَدَارَكُ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ) مَا فَاتَهُ لِأَجْلِ الْمُتَابَعَةِ، وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كُلِّ رُكْنٍ عَلِمَ الْمَأْمُومُ تَرْكَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ بَعْدَ تَلَبُّسِهِ بِرُكْنٍ بَعْدَهُ يَقِينًا فَيُوَافِقُ إمَامَهُ وَيَأْتِي بَدَلَهُ بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ، وَظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ فِي جُلُوسِهِ لِلِاسْتِرَاحَةِ أَوْ فِي نُهُوضِهِ لِلْقِيَامِ فِي أَنَّهُ سَجَدَ عَادَ لَهُ وَإِنْ كَانَ إمَامُهُ قَائِمًا، وَيَظْهَرُ أَنَّ جُلُوسَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ كَجُلُوسِ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ لِكَوْنِهِ عَلَى صُورَتِهِ نَظِيرَ مَا مَرَّ آنِفًا. (وَلَوْ سَبَقَ إمَامَهُ بِالتَّحَرُّمِ لَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي الْهُوِيِّ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى أَقَلِّ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ كَمَا لَوْ كَانَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَعُدْ إلَيْهَا) فَلَوْ عَلِمَ الْإِمَامُ أَوْ الْمُصَلِّي مُنْفَرِدًا ذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِمَا الْعَوْدُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي رُكْنِ التَّرْتِيبِ، لَكِنْ إذَا عَادَ الْإِمَامُ فَهَلْ يَعُودُ الْمَأْمُومُونَ مَعَهُ أَوْ يَنْتَظِرُونَهُ أَوْ يُفَارِقُونَهُ بِالنِّيَّةِ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ. ثُمَّ رَأَيْت بِهَامِشٍ نَقْلًا عَنْ الرَّمْلِيِّ بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ مَا نَصُّهُ: أَمَّا إمَامٌ اعْتَدَلَ مِنْ الرُّكُوعِ فَشَكَّ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي الْقِيَامِ فَيَلْزَمُهُ الرُّكُوعُ إلَى الْقِيَامِ بِقَصْدِهِ لِأَجْلِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ. لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ قِرَاءَتِهَا، وَأَمَّا حُكْمُ الْمَأْمُومِينَ الَّذِينَ تَلَبَّسُوا بِالِاعْتِدَالِ مَعَ الْإِمَامِ فَهَلْ يَنْتَظِرُونَهُ فِي الِاعْتِدَالِ وَيُغْتَفَرُ تَطْوِيلُهُ لِلضَّرُورَةِ وَلَا يَرْكَعُونَ مَعَهُ إذَا رَكَعَ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ، أَمْ يُحْكَمُ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ فِي الْقِيَامِ مَعَهُ حَتَّى يَلْزَمَهُمْ أَنْ يَرْكَعُوا مَعَهُ إذَا رَكَعَهَا ثَانِيًا لِأَجْلِ الْمُتَابَعَةِ، أَمْ يَسْجُدُوا قَبْلَهُ وَيَنْتَظِرُونَهُ فِيهِ وَلَا يَضُرُّ سَبْقُهُمْ لَهُ بِرُكْنَيْنِ لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ، أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِالْأَوَّلِ، وَيُغْتَفَرُ التَّطْوِيلُ فِي الِاعْتِدَالِ لِلضَّرُورَةِ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ وَاعْتَمَدَ أَنَّهُمْ يَنْتَظِرُونَهُ فِي السُّجُودِ وَيُغْتَفَرُ سَبْقُهُمْ بِرُكْنَيْنِ لِلضَّرُورَةِ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّهُ رُكْنٌ طَوِيلٌ اهـ. أَقُولُ: وَهَذَا مَفْرُوضٌ كَمَا تَرَى فِيمَا إذَا لَمْ يَعْلَمُوا مِنْ حَالِ الْإِمَامِ شَيْئًا لِبُعْدِهِمْ عَنْهُ أَوْ لِكَوْنِهَا سِرِّيَّةً، أَمَّا لَوْ عَلِمُوا مِنْهُ تَرْكَ الْفَاتِحَةِ فَيَنْتَظِرُونَهُ فِي السُّجُودِ، ثُمَّ رَأَيْت مَا نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ الرَّمْلِيِّ فِي حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَصِحُّ قُدْوَةُ الْمُؤَدِّي بِالْقَاضِي إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِفَوَاتِ مَحَلِّهَا) أَيْ فَلَوْ اسْتَمَرَّ مُتَابِعًا لِلْإِمَامِ ثُمَّ تَذَكَّرَ بَعْدَ قِيَامِهِ لِلثَّانِيَةِ أَنَّهُ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ فِي الْأُولَى حُسِبَ سُجُودُهُ وَتَمَّتْ بِهِ رَكْعَتُهُ وَإِنْ كَانَ فَعَلَهُ عَلَى قَصْدِ الْمُتَابَعَةِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ الْإِمَامُ أَوْ الْمُنْفَرِدُ بَعْدَ الرُّكُوعِ وَلَمْ يَعُودَا لِلْقِيَامِ بَلْ سَعَيَا عَلَى نَظْمِ صَلَاةِ أَنْفُسِهِمَا فَإِنَّ صَلَاتَهُمَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ إنْ كَانَا عَالِمَيْنِ بِالْحُكْمِ، فَإِذَا تَذَكَّرَا الْقِرَاءَةَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَنْفَعُهُمَا التَّذَكُّرُ لِبُطْلَانِ صَلَاتِهِمَا بِفِعْلِهِمَا السَّابِقِ، فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا حُسِبَ وَتَمَّتْ صَلَاتُهُمَا بِذَلِكَ ثُمَّ رَأَيْته مُصَرِّحًا بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَرْكَعْ هُوَ) أَيْ أَوْ رَكَعَ وَكَانَ لِلْقِيَامِ أَقْرَبَ مِنْهُ إلَى الرُّكُوعِ أَوْ إلَى الرُّكُوعِ أَقْرَبَ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُ الشَّارِحِ: أَيْ بَعْدَ وُجُودِ أَقَلِّهِ. (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي بَدَلَهُ بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ) شَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ شَكَّ فِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ طُمَأْنِينَتِهَا، وَقَدْ جَلَسَ مَعَ الْإِمَامِ لِلتَّشَهُّدِ أَوْ شَكَّ فِي طُمَأْنِينَةِ السَّجْدَةِ الْأُولَى بَعْدَ جُلُوسِهِ مَعَهُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، فَيُوَافِقُ الْإِمَامَ فِيمَا هُوَ فِيهِ وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِهِ، وَأَظُنُّ أَنَّهُ مَرَّ لِلشَّارِحِ فِي رُكْنِ التَّرْتِيبِ مَا يُخَالِفُهُ فَلْيُرَاجَعْ. وَعِبَارَةُ حَجّ هُنَا بَعْدَ قَوْلِهِ يَقِينًا: أَيْ وَكَانَ فِي التَّخَلُّفِ لَهُ فُحْشُ مُخَالَفَةٍ، ثُمَّ مَثَّلَ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَمْثِلَةٍ إلَى أَنْ قَالَ: وَلَوْ كَانَ شَكُّهُ فِي السُّجُودِ فِي الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ فَهَلْ جُلُوسُهُ لِلتَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ كَقِيَامِهِ فِيمَا ذَكَرَ أَوْ بِفَرْقٍ بِأَنَّهُ فِي صُورَةِ الْقِيَامِ قَدْ تَلَبَّسَ بِرُكْنٍ يَقِينًا، إلَى أَنْ قَالَ: وَهَذَا أَيْ الْفَرْقُ أَقْرَبُ اهـ بِاخْتِصَارٍ. (قَوْلُهُ: فِي أَنَّهُ سَجَدَ) أَيْ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ إمَامُهُ قَائِمًا) أَيْ لِأَنَّ الْمَأْمُومَ لَمَّا لَمْ يَنْتَقِلْ إلَى رُكْنٍ آخَرَ عُدَّ كَأَنَّهُ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيَظْهَرُ أَنَّ جُلُوسَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ كَجُلُوسِ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ لِكَوْنِهِ عَلَى صُورَتِهِ نَظِيرَ مَا مَرَّ آنِفًا) اُنْظُرْ مَا مَوْقِعُ هَذَا هُنَا وَمَا الْمُرَادُ بِمَا مَرَّ آنِفًا، وَهُوَ سَاقِطٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَفِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ لِلشِّهَابِ حَجّ

تَنْعَقِدْ) صَلَاتُهُ بِالْأَوْلَى مِمَّا مَرَّ فِي مُقَارَنَتِهِ لَهُ فِيهَا وَذَكَرَهُ هُنَا تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ (أَوْ بِالْفَاتِحَةِ أَوْ التَّشَهُّدِ) بِأَنْ فَرَغَ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَشْرَعَ إمَامُهُ فِيهِ (لَمْ يَضُرَّ وَيُجْزِيهِ) لِأَنَّهُ أَتَى بِهِ فِي مَحَلِّهِ مِنْ غَيْرِ مُخَالَفَةٍ فَاحِشَةٍ (وَقِيلَ) لَا يُجْزِيهِ وَ (تَجِبُ إعَادَتُهُ) مَعَ فِعْلِ الْإِمَامِ أَوْ بَعْدَهُ وَهُوَ الْأَوْلَى، فَإِنْ لَمْ يُعِدْهُ بَطَلَتْ لِأَنَّ فِعْلَهُ مُتَرَتِّبٌ عَلَى فِعْلِهِ فَلَا يُعْتَدُّ بِمَا سَبَقَهُ، وَيُسْتَحَبُّ مُرَاعَاةُ هَذَا الْخِلَافِ، بَلْ يُسْتَحَبُّ وَلَوْ فِي سَرِيَّةٍ أَنْ يُؤَخِّرَ جَمِيعَ فَاتِحَتِهِ عَنْ فَاتِحَةِ إمَامِهِ إنْ ظَنَّ أَنْ يَقْرَأَ بَعْدَهَا، وَإِنَّمَا قَدَّمْنَا رِعَايَةَ هَذَا الْخِلَافِ عَلَى خِلَافِ الْبُطْلَانِ بِتَكْرِيرِ الرُّكْنِ الْقَوْلِيِّ لِقُوَّةِ هَذَا وَعَمَلًا بِالْقَاعِدَةِ، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ تَعَارَضَ خِلَافَانِ قُدِّمَ أَقْوَاهُمَا وَهَذَا مِنْ ذَلِكَ، وَحَدِيثُ «فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ» يُؤَيِّدُهُ، وَهَذَا الَّذِي قَرَّرْنَاهُ أَوْجَهُ مِمَّا فِي الْأَنْوَارِ فِي التَّقَدُّمِ بِقَوْلِي: إنَّهُ لَا تُسَنُّ إعَادَتُهُ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ لِوُقُوعِهِ فِي هَذَا الْخِلَافِ، وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّ إمَامَهُ يَقْتَصِرُ عَلَى الْفَاتِحَةِ أَوْ سُورَةٍ قَصِيرَةٍ وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إتْمَامِ الْفَاتِحَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ مَعَ قِرَاءَتِهِ، لَكِنَّ الَّذِي أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَدَمُ وُجُوبِ ذَلِكَ عَلَى الْمَأْمُومِ الْمُوَافِقِ فِيهَا فَقَدْ قَالَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ كَالشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا: وَالزِّحَامُ وَالنِّسْيَانُ وَالْبُطْءُ فِي الْقِرَاءَةِ وَاشْتِغَالُ الْمُوَافِقِ بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ أَعْذَارٌ، فَلَوْ رَكَعَ الْإِمَامُ وَلَمْ تَتِمَّ فَاتِحَةُ الْمَأْمُومِ لِلْبُطْءِ أَوْ الِاشْتِغَالِ، أَوْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ نَسِيَ أَوْ شَكَّ فِي فَوَاتِهَا قَبْلَ الرُّكُوعِ وَجَبَتْ الْقِرَاءَةُ وَالسَّعْيُ خَلْفَ الْإِمَامِ مَا لَمْ يَزِدْ التَّخَلُّفُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ اهـ. فَقَوْلُهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ مَعَهُ مُرَادُهُ بِهِ الِاسْتِحْبَابُ، فَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَحَلَّ اسْتِحْبَابِ تَأْخِيرِ فَاتِحَتِهِ إنْ رَجَا أَنَّ إمَامَهُ يَسْكُتُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالسُّجُودِ (قَوْلُهُ بِأَنْ فَرَغَ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَشْرَعَ إمَامُهُ فِيهِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ تَأَخَّرَ شُرُوعُهُ عَنْ شُرُوعِ الْإِمَامِ وَلَكِنْ فَرَغَ الْإِمَامُ قَبْلَهُ لَا يَأْتِي هَذَا الْخِلَافُ، وَكَذَا لَوْ سَبَقَهُ وَلَكِنْ لَمْ يَفْرُغْ قَبْلَ شُرُوعِهِ اهـ عَمِيرَةُ. (قَوْلُهُ: أَنْ يُؤَخِّرَ جَمِيعَ فَاتِحَتِهِ) أَيْ وَجَمِيعَ تَشَهُّدِهِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: عَنْ فَاتِحَةِ إمَامِهِ) أَيْ فَلَوْ قَارَنَهُ فَقَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ إنَّ تَرْكَ الْمُسْتَحَبَّ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةُ هَذَا، وَأَنَّهُ مُفَوِّتٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فِيمَا قَارَنَ فِيهِ، لَكِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ الْمُقَارَنَةَ فِي الْأَفْعَالِ مَكْرُوهَةٌ تُفَوِّتُ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ لِفُحْشِ الْمُخَالَفَةِ، بِخِلَافِ الْمُقَارَنَةِ فِي الْأَقْوَالِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُونَا طَوِيلَيْنِ) أَيْ بِأَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ: وَيَتَّجِهُ فِي جُلُوسِ التَّشَهُّدِ، كَذَا فِي شَرْحِ م ر، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ مَنْ شَكَّ فِي جُلُوسِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ أَوْ الْأَخِيرِ فِي السُّجُودِ لَمْ يَعُدْ لَهُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْحَاشِيَةِ عَنْ الرَّوْضِ انْتَهَى. وَمُرَادُهُ بِمَا مَرَّ فِي الْحَاشِيَةِ مَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ قَبْلَ هَذِهِ عَنْ الرَّوْضِ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ مُدْرِكُ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مَعَ الْإِمَامِ قَبْلَ السَّلَامِ هَلْ سَجَدَ مَعَ الْإِمَامِ سَجَدَ وَأَتَمَّهَا جُمُعَةً. انْتَهَى. لَكِنَّ الَّذِي كَتَبَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ مِنْ قَوْلِ التُّحْفَةِ: وَيَتَّجِهُ إلَخْ لَمْ أَرَهُ فِيهَا فَلَعَلَّهُ فِي بَعْضِ نُسَخِهَا، وَإِنَّمَا الَّذِي فِيهَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ شَكُّهُ فِي السُّجُودِ فِي الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ فَهَلْ جُلُوسُهُ لِلتَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ كَقِيَامِهِ: أَيْ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ لِلسُّجُودِ وَاسْتَقْرَبَ أَنَّهُ لَيْسَ كَقِيَامِهِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، فَلَعَلَّهُ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ قَوْلَهُ وَيَتَّجِهُ إلَخْ، لَكِنَّ الشَّارِحَ لَمْ يُقَدِّمْ ذَلِكَ فَلْتُرَاجِعْ نُسْخَةً صَحِيحَةً. (قَوْلُهُ: فَقَدْ قَالَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ) إنَّمَا لَمْ يُضْمِرْ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ رُجُوعُ الضَّمِيرِ إلَى الْوَالِدِ، وَانْظُرْ مَا وَجْهُ دَفْعِ هَذَا لِمَا اقْتَضَتْهُ عِبَارَةُ الْأَنْوَارِ مِنْ الْوُجُوبِ. وَفِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ لِلشِّهَابِ سم بَعْدَ أَنْ سَاقَ عِبَارَةَ الشَّارِحِ هَذِهِ بِرُمَّتِهَا مَا نَصُّهُ: وَسِيَاقُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ فِي صُورَةِ الْأَنْوَارِ: أَيْ الْأُولَى يَصِيرُ كَبَطِيءِ الْقِرَاءَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ مَعَ فَرْضِ أَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ إمَامَهُ يَقْتَصِرُ عَلَى الْفَاتِحَةِ،

قَدْرًا يَسَعُهَا أَوْ يَقْرَأُ سُورَةً تَسَعُهَا وَأَنَّ مَحَلَّ نَدْبِ سُكُوتِ الْإِمَامِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْمَأْمُومَ قَرَأَهَا مَعَهُ أَوْ لَا يَرَى قِرَاءَتَهَا (وَلَوْ تَقَدَّمَ) عَلَى إمَامِهِ (بِفِعْلٍ كَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ) ، (فَإِنْ كَانَ) ذَلِكَ (بِرُكْنَيْنِ) فِعْلِيَّيْنِ مُتَوَالِيَيْنِ سَوَاءٌ أَكَانَا طَوِيلَيْنِ أَمْ قَصِيرَيْنِ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ لِلْمُخَالَفَةِ الْفَاحِشَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ سَاهِيًا أَوْ جَاهِلًا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ لَهُ بِهِمَا، فَإِنْ لَمْ يَعُدْ لِلْإِتْيَانِ بِهِمَا مَعَ إمَامِهِ لِسَهْوِهِ أَوْ جَهْلِهِ أَتَى بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ بِرَكْعَةٍ وَإِلَّا أَعَادَهَا. قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ: وَلَا يَخْفَى بَيَانُ السَّبْقِ بِرُكْنَيْنِ مِنْ قِيَاسِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي التَّخَلُّفِ، وَلَكِنْ مَثَّلَهُ الْعِرَاقِيُّونَ بِأَنْ رَكَعَ قَبْلَهُ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ رَفَعَ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْفَعَ سَجَدَ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا سَبَقَ فِي التَّخَلُّفِ فَيَجُوزُ أَنْ يَسْتَوِيَا بِأَنْ يُقَدِّرَ مِثْلَ ذَلِكَ هُنَا أَوْ بِالْعَكْسِ وَأَنْ يَخْتَصَّ هَذَا بِالتَّقَدُّمِ لِفُحْشِهِ اهـ. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ التَّقَدُّمَ كَالتَّأَخُّرِ، وَذَكَرَ النَّسَائِيّ أَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ بِرُكْنَيْنِ وَكَانَ أَحَدُهُمَا فِعْلِيًّا وَالْآخَرُ قَوْلِيًّا أَنَّهُ لَا يَضُرُّ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَمَثَّلَهُ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ بِالْفَاتِحَةِ وَالرُّكُوعِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ التَّقَدُّمُ بِأَقَلَّ مِنْ رُكْنَيْنِ سَوَاءٌ أَكَانَ بِرُكْنٍ أَمْ بِأَقَلَّ أَمْ بِأَكْثَرَ (فَلَا) تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَإِنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا لِقِلَّةِ الْمُخَالَفَةِ، وَلَهُ انْتِظَارُهُ فِيمَا سَبَقَهُ بِهِ كَأَنْ رَكَعَ قَبْلَهُ، وَيُسَنُّ الرُّجُوعُ إلَيْهِ لِيَرْكَعَ مَعَهُ إنْ كَانَ مُتَعَمِّدًا لِلسَّبْقِ جَبْرًا لِمَا فَاتَهُ، فَإِنْ كَانَ سَاهِيًا بِهِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ انْتِظَارِهِ وَالْعَوْدِ وَالسَّبْقِ بِرُكْنٍ عَمْدًا كَأَنْ رَكَعَ وَرَفَعَ وَالْإِمَامُ قَائِمٌ حَرَامٌ لِخَبَرِ «أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَانَ أَحَدُهُمَا طَوِيلًا دُونَ الْآخَرِ كَأَنْ تَخَلَّفَ فِي الِاعْتِدَالِ حَتَّى هَوَى الْإِمَامُ بِالسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ التَّقَدُّمُ بِأَقَلَّ مِنْ رُكْنَيْنِ) أَيْ أَوْ بِرُكْنَيْنِ غَيْرِ مُتَوَالِيَيْنِ كَأَنْ رَكَعَ وَرَفَعَ قَبْلَ رُكُوعِ الْإِمَامِ وَاسْتَمَرَّ فِي اعْتِدَالِهِ حَتَّى لَحِقَهُ الْإِمَامُ فَسَجَدَ مَعَهُ ثُمَّ رَفَعَ قَبْلَهُ وَجَلَسَ ثُمَّ هَوَى لِلسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ لِعَدَمِ تَوَالِيهِمَا. (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ الرُّجُوعُ إلَيْهِ لِيَرْكَعَ مَعَهُ إلَخْ) وَإِذَا عَادَ فَهَلْ يُحْسَبُ لَهُ رُكُوعُهُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُحْسَبُ لَهُ رُكُوعُهُ الْأَوَّلُ إنْ اطْمَأَنَّ فِيهِ وَإِلَّا فَالثَّانِي، وَيَنْبَنِي عَلَى كَوْنِ الْمَحْسُوبِ الْأَوَّلَ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الطُّمَأْنِينَةَ فِي الثَّانِي لَمْ يَضُرَّ لِأَنَّهُ لِمَحْضِ الْمُتَابَعَةِ، ثُمَّ عَلَى حُسْبَانِ الْأَوَّلِ لَوْ لَمْ يَتَّفِقْ لَهُ بَعْدَ عَوْدِهِ رُكُوعٌ حَتَّى اعْتَدَلَ الْإِمَامُ فَهَلْ يَرْكَعُ إنْ كَانَ الْإِمَامُ فِي الِاعْتِدَالِ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ بِفِعْلِ الْإِمَامِ أَوْ لَا، لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ لِمَحْضِ الْمُتَابَعَةِ وَقَدْ فَاتَتْ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَتَّفِقْ لَهُ سُجُودُ التِّلَاوَةِ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى قَامَ؟ فِيهِ نَظَرٌ يُحْتَمَلُ الْأَوَّلُ، لَا لِاسْتِقْرَارِهِ عَلَيْهِ بِفِعْلِ الْإِمَامِ بَلْ لِأَنَّ رَفْعَهُ مِنْ الرُّكُوعِ لَمْ يَكُنْ بِقَصْدِ الِاعْتِدَالِ بَلْ لِمُتَابَعَةِ الْإِمَامِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ رَفَعَ فَزِعًا مِنْ شَيْءٍ بَعْدَ الطُّمَأْنِينَةِ فِي الرُّكُوعِ، وَيُحْتَمَلُ الثَّانِي وَهُوَ الْأَقْرَبُ فَيَسْجُدُ مَعَ الْإِمَامِ. [فَائِدَةٌ] قَالَ حَجّ فِي الزَّوَاجِرِ: تَنْبِيهٌ: عَدُّنَا هَذَا: أَيْ مُسَابَقَةَ الْإِمَامِ مِنْ الْكَبَائِرِ هُوَ صَرِيحُ مَا فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ، وَبِهِ جَزَمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَإِنَّمَا يَتَّضِحُ بِنَاءً عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَا صَلَاةَ لَهُ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَأَمَّا أَهْلُ الْعِلْمِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: قَدْ أَسَاءَ وَصَلَاتُهُ مُجْزِئَةٌ، غَيْرَ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَأْمُرُونَهُ أَنْ يَعُودَ إلَى السُّجُودِ وَيَمْكُثَ فِي سُجُودِهَا بَعْدَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ بِقَدْرِ مَا كَانَ نَزَلَ اهـ. وَمَذْهَبُنَا أَنَّ مُجَرَّدَ رَفْعِ الرَّأْسِ قَبْلَ الْإِمَامِ أَوْ الْقِيَامَ أَوْ الْهُوِيَّ قَبْلَهُ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ، وَأَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ الْعَوْدُ إلَى الْإِمَامِ إنْ كَانَ بَاقِيًا فِي ذَلِكَ الرُّكْنِ، فَإِنْ سَبَقَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ عَمْدًا حَتَّى رَكَعَ الْإِمَامُ بَلْ هُوَ مِنْ أَفْرَادِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. انْتَهَى. (قَوْلُهُ: وَأَنَّ مَحَلَّ نَدْبِ سُكُوتِ الْإِمَامِ إلَخْ) اُنْظُرْ مِنْ أَيْنَ يُعْلَمُ هَذَا (قَوْلُهُ: أَمْ قَصِيرَيْنِ) لَيْسَ لَنَا فِعْلَانِ قَصِيرَانِ مُتَوَالِيَانِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ سَاهِيًا بِهِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ) تَقَدَّمَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ انْتَصَبَ وَحْدَهُ سَاهِيًا لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ حَيْثُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَوْدُ بِفُحْشِ الْمُخَالَفَةِ فِي تِلْكَ دُونَ هَذِهِ

[فصل في زوال القدوة وإيجادها وإدراك المسبوق الركعة وما يتبع ذلك]

قَبْلَ رَأْسِ الْإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ» وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ السَّبْقَ بِبَعْضِ رُكْنٍ كَأَنْ رَكَعَ قَبْلَ الْإِمَامِ وَلَحِقَهُ الْإِمَامُ فِي الرُّكُوعِ أَنَّهُ كَالسَّبْقِ بِرُكْنٍ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ (وَقِيلَ تَبْطُلُ بِرُكْنٍ) تَامٍّ فِي الْعَمْدِ وَالْعِلْمِ لِمُنَاقَضَتِهِ الِاقْتِدَاءَ، بِخِلَافِ التَّخَلُّفِ إذْ لَا يَظْهَرُ فِيهِ فُحْشُ مُخَالَفَةٍ. فَصْلٌ فِي زَوَالِ الْقُدْوَةِ وَإِيجَادِهَا وَإِدْرَاكِ الْمَسْبُوقِ الرَّكْعَةَ وَأَوَّلِ صَلَاتِهِ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ إذَا (خَرَجَ الْإِمَامُ مِنْ صَلَاتِهِ) بِحَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ (انْقَطَعَتْ الْقُدْوَةُ) بِهِ لِزَوَالِ الرَّابِطَةِ فَيَسْجُدُ لِسَهْوِ نَفْسِهِ وَيَقْتَدِي بِغَيْرِهِ وَغَيْرُهُ بِهِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ تَأَخَّرَ الْإِمَامُ عَنْ بَعْضِ الْمَأْمُومِينَ تَأَخُّرًا غَيْرَ مُغْتَفَرٍ مَعَ الْقُدْوَةِ كَانَ قَاطِعًا لَهَا لِقِصَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِرُكْنٍ كَأَنْ رَكَعَ وَاعْتَدَلَ وَالْإِمَامُ قَائِمٌ لَمْ يَرْكَعْ حُرِّمَ عَلَيْهِ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُحْمَلَ الْحَدِيثُ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ وَتَكُونَ هَذِهِ الْمَعْصِيَةُ كَبِيرَةً أَوْ بِرُكْنَيْنِ، كَأَنْ هَوَى إلَى السُّجُودِ وَالْإِمَامُ لَمْ يَرْكَعْ وَكَأَنْ رَكَعَ وَاعْتَدَلَ وَالْإِمَامُ لَمْ يَرْكَعْ، فَلَمَّا أَرَادَ الْإِمَامُ الِاعْتِدَالَ هَوَى الْمَأْمُومُ لِلسُّجُودِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَيَكُونُ فِعْلُ ذَلِكَ وَتَسْمِيَتُهُ كَبِيرَةً ظَاهِرًا اهـ بِحُرُوفِهِ. أَقُولُ: وَقَوْلُهُ وَمَذْهَبُنَا أَنَّ مُجَرَّدَ رَفْعِ الرَّأْسِ إلَخْ لَا يُنَافَى كَوْنَ السَّبْقِ بِبَعْضِ الرُّكْنِ حَرَامًا، لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ السَّبْقُ بِبَعْضِ الرُّكْنِ إلَّا بِانْتِقَالِهِ مِنْ الْقِيَامِ مَثَلًا إلَى مُسَمَّى الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ، وَالْهُوِيُّ مِنْ الْقِيَامِ وَسِيلَةٌ إلَى الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ وَالرَّفْعُ مِنْ السُّجُودِ وَسِيلَةٌ إلَى الْقِيَامِ أَوْ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَلَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ أَنَّهُ سَبَقَ بِرُكْنٍ وَلَا بِبَعْضِهِ. فَصْلٌ فِي زَوَالِ الْقُدْوَةِ (قَوْلُهُ: وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ) أَيْ كَقِيَامِ الْمَسْبُوقِ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ مُكَبِّرًا أَوْ غَيْرَ مُكَبِّرٍ. (قَوْلُهُ: بِحَدَثٍ) وَمِنْهُ الْمَوْتُ. (قَوْلُهُ: انْقَطَعَتْ الْقُدْوَةُ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ تَجِبُ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ إزَالَةً لِلْقُدْوَةِ الصُّورِيَّةِ، وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ قَوْلُهُ إلَّا لِعُذْرٍ وَمِنْ الْعُذْرِ مَا يُوجِبُ الْمُفَارَقَةَ: أَيْ بِالنِّيَّةِ لِوُجُودِ الْمُتَابَعَةِ الصُّورِيَّةِ كَمَنْ وَقَعَ عَلَى ثَوْبِ إمَامِهِ نَجَسٌ لَا يُعْفَى عَنْهُ أَوْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْخُفِّ وَالْمُقْتَدَى يَعْلَمُ ذَلِكَ اهـ. وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ لِوُجُودِ الْمُتَابَعَةِ الصُّورِيَّةِ أَنَّ مَحَلَّ وُجُوبِ النِّيَّةِ حَيْثُ بَقِيَ الْإِمَامُ عَلَى صُورَةِ الْمُصَلِّينَ أَمَّا لَوْ تَرَكَ الصَّلَاةَ وَانْصَرَفَ أَوْ جَلَسَ مَثَلًا عَلَى غَيْرِ هَيْئَةِ الْمُصَلِّينَ لَمْ يَحْتَجْ لِنِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ حَيْثُ قَالَ: وَقَدْ تَجِبُ الْمُفَارَقَةُ إنْ عَرَضَ مُبْطِلٌ لِصَلَاةِ إمَامِهِ وَقَدْ عَلِمَهُ فَيَلْزَمُهُ نِيَّتُهَا فَوْرًا وَإِلَّا بَطَلَتْ وَإِنْ لَمْ يُتَابِعْهُ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمُتَابَعَةَ الصُّورِيَّةَ مَوْجُودَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ قَطْعِهَا وَهُوَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى نِيَّتِهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَوْ اسْتَدْبَرَ الْإِمَامُ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْ الْمَأْمُومِ اتَّجَهَ عَدَمُ وُجُوبِهَا لِزَوَالِ الصُّورَةِ اهـ. وَيُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي: وَقَدْ تَجِبُ الْمُفَارَقَةُ كَأَنْ رَأَى إمَامَهُ مُتَلَبِّسًا بِمَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ. وَكَتَبَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ انْقَطَعَتْ الْقُدْوَةُ: أَيْ وَلَا يُقَالُ إنَّ الْمَأْمُومَ بَاقٍ فِيهَا حُكْمًا فَلَهُ أَنْ يَقْتَدِيَ بِغَيْرِهِ وَيَقْتَدِيَ غَيْرُهُ بِهِ وَيَسْجُدَ لِسَهْوِهِ أَيْضًا كَذَا فِي الْإِسْنَوِيِّ، وَهَلْ يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ الْحَاصِلِ قَبْلَ خُرُوجِ الْإِمَامِ؟ الظَّاهِرُ خِلَافُهُ اهـ: أَيْ لِأَنَّ الْإِمَامَ تَحَمَّلَهُ عَنْهُ. وَأَمَّا لَوْ سَهَا الْإِمَامُ قَبْلَ اقْتِدَاءِ الْمَأْمُومِ بِهِ فَلَا يَسْقُطُ السُّجُودُ عَنْ الْمَأْمُومِ إذَا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ لِمَا لَحِقَ الْمَأْمُومَ مِنْ الْخَلَلِ بِمُجَرَّدِ اقْتِدَائِهِ بِالْإِمَامِ (قَوْلُهُ: تَأَخُّرًا غَيْرُ مُغْتَفِرٍ) أَيْ بِأَنْ تَأَخَّرَ عَقِبَ الْإِمَامِ عَنْ عَقِبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: (وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الْحَدِيثِ. [فَصْلٌ فِي زَوَالِ الْقُدْوَةِ وَإِيجَادِهَا وَإِدْرَاكِ الْمَسْبُوقِ الرَّكْعَةَ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ] فَصْلٌ فِي زَوَالِ الْقُدْوَةِ وَإِيجَادِهَا (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُغْتَفَرٍ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ تَأَخُّرَ الْإِمَامِ عَنْ الْمَأْمُومِ لَا يَكُونُ إلَّا غَيْرَ مُغْتَفَرٍ، وَقَدْ يُقَالُ احْتَرَزَ بِهِ

أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ لَا لِمَنْ لَمْ يَتَأَخَّرْ عَنْهُ (فَإِنْ) (لَمْ يَخْرُجْ) أَيْ الْإِمَامُ (وَقَطَعَهَا الْمَأْمُومُ) بِنِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ (جَازَ) مَعَ الْكَرَاهَةِ حَيْثُ لَا عُذْرَ لَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ مُفَارَقَةِ الْجَمَاعَةِ الْمَطْلُوبَةِ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا مُؤَكَّدًا، بِخِلَافِ مُفَارَقَتِهِ بِعُذْرٍ فَلَا تُكْرَهُ، وَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ فِي الْحَالَيْنِ؛ لِأَنَّهَا إمَّا سُنَّةٌ عَلَى قَوْلٍ وَالسُّنَنُ لَا تَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ فِيهَا إلَّا فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَوْ فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى الرَّاجِحِ، فَكَذَلِكَ إلَّا فِي الْجِهَادِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَلِأَنَّ الْفِرْقَةَ الْأُولَى فَارَقَتْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَاتِ الرِّقَاعِ كَمَا سَيَأْتِي وَلِخَبَرِ مُعَاذٍ «أَنَّهُ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ الْعِشَاءَ فَطَوَّلَ عَلَيْهِمْ، فَانْصَرَفَ رَجُلٌ فَصَلَّى ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ بِالْقِصَّةِ، فَغَضِبَ وَأَنْكَرَ عَلَى مُعَاذٍ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَى الرَّجُلِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِعَادَةِ» . قَالَ الْمُصَنِّفُ: كَذَا اسْتَدَلُّوا بِهِ وَهُوَ اسْتِدْلَالٌ ضَعِيفٌ، إذْ لَيْسَ فِي الْخَبَرِ أَنَّهُ فَارَقَهُ وَبَنَى بَلْ فِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ سَلَّمَ ثُمَّ اسْتَأْنَفَهَا، فَهُوَ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْإِبْطَالِ لِعُذْرٍ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْبَيْهَقِيَّ قَالَ: إنَّ هَذِهِ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ انْفَرَدَ بِهَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ عَنْ سُفْيَانَ وَلَمْ يَذْكُرْهَا أَكْثَرُ أَصْحَابِ سُفْيَانَ، وَبِتَقْدِيرِ عَدَمِ الشُّذُوذِ أُجِيبَ بِأَنَّ الْخَبَرَ يَدُلُّ عَلَى الْمُدَّعَى أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ إذَا دَلَّ عَلَى جَوَازِ إبْطَالِ أَصْلِ الْعِبَادَةِ فَعَلَى إبْطَالِ صِفَتِهَا أَوْلَى. وَاخْتُلِفَ فِي أَيِّ الصَّلَاةِ كَانَتْ هَذِهِ الْقَضِيَّةُ، فَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيّ وَأَبِي دَاوُد أَنَّهَا فِي الْمَغْرِبِ، وَفِي رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا " أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَأْمُومِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ) أَيْ حَجِّ الصَّبِيِّ وَالرَّقِيقِ فَإِنَّهُمَا مِنْهُمَا سُنَّةٌ لَا فَرْضُ كِفَايَةٍ وَمَعَ ذَلِكَ يَحْرُمُ قَطْعُهُمَا، بِمَعْنَى أَنَّ الْوَلِيَّ يَحْرُمُ عَلَيْهِ تَمْكِينُ الصَّبِيِّ مِنْ الْقَطْعِ. أَمَّا الرَّقِيقُ فَالْحُرْمَةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ نَفْسِهِ لِتَكْلِيفِهِ، وَظَاهِرُ اقْتِصَارِهِ عَلَى اسْتِثْنَاءِ هَذَيْنِ أَنَّ الصَّبِيَّ إذَا صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ أَوْ حَضَرَ الصَّفَّ كَانَ لَهُ قَطْعُهُمَا وَهُوَ ظَاهِرٌ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ. وَلَوْ قِيلَ يَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الصَّبِيِّ مَنْعُهُ مِنْ إبْطَالِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ لِسُقُوطِ الْفَرْضِ بِهِ كَالْبَالِغِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْإِزْرَاءِ بِالْمَيِّتِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا. (قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْجِهَادِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ) أَيْ وَإِنْ تَأَدَّى الْفَرْضُ بِغَيْرِهِ كَأَنْ صَلَّى عَلَيْهِ مَنْ يَسْقُطُ الْفَرْضُ بِهِ ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهِ غَيْرُهُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ قَطْعُهَا لِأَنَّهَا تَقَعُ فَرْضًا وَإِنْ تَعَدَّدَ الْفَاعِلُونَ وَتَرَتَّبُوا. وَأَمَّا لَوْ أَعَادَهَا شَخْصٌ بَعْدَ صَلَاتِهِ عَلَيْهِ أَوَّلًا فَيَقَعُ لَهُ نَفْلًا، وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ قَطْعُهَا قِيَاسًا عَلَى الْمَكْتُوبَةِ الْمُعَادَةِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَكْتُوبَةَ الْمُعَادَةَ قِيلَ إنَّهَا الْفَرْضُ، وَقِيلَ الْفَرْضُ وَاحِدَةٌ يَحْتَسِبُ اللَّهُ مَا شَاءَ مِنْهُمَا، وَقِيلَ الْفَرْضُ أَكْمَلُ الصَّلَاتَيْنِ بِخِلَافِ هَذِهِ، فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ فِي كَوْنِهَا نَفْلًا، عَلَى أَنَّ إعَادَةَ الْجِنَازَةِ غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ فَكَانَ الْقِيَاسُ عَدَمَ انْعِقَادِهَا، إلَّا أَنَّهُ جَوَّزَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الدُّعَاءُ، ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي حُرْمَةِ قَطْعِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بَيْنَ كَوْنِهَا عَلَى حَاضِرٍ أَوْ غَائِبٍ أَوْ قَبْرٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمَا فِي الْقَطْعِ مِنْ الْإِزْرَاءِ بِالْمَيِّتِ فِي الْجُمْلَةِ. [فَائِدَةٌ اسْتِطْرَادِيَّةٌ] قَالَ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ فِي الْجَنَائِزِ: قَوْلُهُ وَلَا عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ أَحْمَدَ إلَخْ، لَا يَبْعُدُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا دُفِنَ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَيَجُوزُ بَلْ يَجِبُ عَلَى الْقَبْرِ م ر اهـ. وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُصَلِّي مِنْ أَهْلِ الْفَرْضِ إذْ ذَاكَ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِفِعْلِهَا الْآنَ تَنْزِيلًا لِهَذِهِ الْحَالَةِ مَنْزِلَةَ مَا لَوْ كَانَ بَاقِيًا لَمْ يُدْفَنْ. (قَوْلُهُ: وَلِخَبَرِ مُعَاذٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِأَنَّهَا إمَّا سُنَّةٌ إلَخْ، وَقَوْلُهُ إنَّهُ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ الْعِشَاءَ هَذِهِ لِرِوَايَةِ أَحْمَدَ الْآتِيَةِ. (قَوْلُهُ: فَانْصَرَفَ) أَيْ فَارَقَ وَأَتَمَّ لِنَفْسِهِ لِقَوْلِهِ بَعْدُ: وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِعَادَةِ. (قَوْلُهُ: بَلْ فِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ سَلَّمَ) هَذِهِ الرِّوَايَةُ لَا تُوَافِقُ مَا هُوَ الْمُقَرَّرُ عِنْدَنَا مِنْ أَنَّ السَّلَامَ قَبْلَ فَرَاغِ الصَّلَاةِ مُمْتَنِعٌ، فَلَعَلَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهِ عَلَى قَصْدِ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ، بَلْ بَعْدَ أَنْ نَوَى الْخُرُوجَ سَلَّمَ عَلَى الْقَوْمِ لِانْصِرَافِهِ عَنْهُمْ. (قَوْلُهُ: وَاخْتُلِفَ فِي أَيِّ الصَّلَاةِ كَانَتْ) أَيُّ الِاسْتِفْهَامِيَّة إذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQعَمَّا لَوْ تَأَخَّرَ عَنْ أَصَابِعِ الْمَأْمُومِ دُونَ عَقِبِهِ بِأَنْ كَانَتْ قَدَمُهُ صَغِيرَةً دُونَ قَدَمِ الْمَأْمُومِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مُفَارَقَتِهِ بِعُذْرٍ) أَيْ مِنْ الْأَعْذَارِ الْمُشَارِ إلَيْهَا فِيمَا يَأْتِي فِي الْمَتْنِ وَإِنْ كَانَتْ مَذْكُورَةً فِيهِ فِي حَيِّزِ الْقَدِيمِ (قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا) الْمُنَاسِبُ تَأْخِيرُ هَذِهِ عَنْ رِوَايَةِ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّهُ بِصَدَدِ بَيَانِ الصَّلَاةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا مَا ذَكَرَ، وَرِوَايَةُ

مُعَاذًا افْتَتَحَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ " وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ أَنَّهَا فِي الْعِشَاءِ فَقَرَأَ {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} [القمر: 1] قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فَيُجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ بِحَمْلِ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُمَا قَضِيَّتَانِ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنَّ مُعَاذًا لَا يَفْعَلُهُ بَعْدَ النَّهْيِ وَيَبْعُدُ أَنَّهُ نَسِيَهُ، وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ رِوَايَتَيْ الْبَقَرَةِ وَاقْتَرَبَتْ بِأَنَّهُ قَرَأَ بِهَذِهِ فِي رَكْعَةٍ وَبِهَذِهِ فِي أُخْرَى. (وَفِي قَوْلٍ) قَدِيمٍ (لَا يَجُوزُ) إخْرَاجُ نَفْسِهِ مِنْ الْجَمَاعَةِ لِالْتِزَامِهِ الْقُدْوَةَ فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ وَفِيهِ إبْطَالٌ لِلْعَمَلِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] (إلَّا بِعُذْرٍ) فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِدُونِهِ، وَضَابِطُ الْعُذْرِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ مَا (يُرَخِّصُ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ) ابْتِدَاءً وَيَلْحَقُ بِهِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (وَمِنْ الْعُذْرِ تَطْوِيلُ الْإِمَامِ) الْقِرَاءَةَ أَوْ غَيْرَهَا كَمَا لَا يَخْفَى، وَتَعْبِيرُهُمْ بِالْقِرَاءَةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَصْبِرْ الْمَأْمُومُ عَلَيْهِ لِضَعْفٍ أَوْ شُغْلٍ وَإِنْ كَانَ خَفِيفًا بِأَنْ يَذْهَبَ خُشُوعُهُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ مَحْصُورِينَ رَضُوا بِالتَّطْوِيلِ وَلَوْ فِي مَسْجِدٍ غَيْرِ مَطْرُوقٍ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ ظَاهِرٌ عِنْدَ وُجُودِ الْمَشَقَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي قَطَعَ الْقُدْوَةَ فِي خَبَرِ مُعَاذٍ الْمَارِّ كَانَ شَكَا الْعَمَلَ فِي حَرْثِهِ الْمُوجِبَ لِضَعْفِهِ عَنْ احْتِمَالِ التَّطْوِيلِ، فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ لَيْسَ فِيهَا غَيْرُ مُجَرَّدِ التَّطْوِيلِ وَهُوَ غَيْرُ عُذْرٍ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ أَنَّهُمَا شَخْصَانِ وَأَنَّ فِي رِوَايَةٍ شِكَايَةُ مُجَرَّدِ التَّطْوِيلِ فَيَتَّضِحُ ذَلِكَ حِينَئِذٍ (أَوْ تَرْكُهُ سُنَّةً مَقْصُودَةً كَتَشَهُّدٍ) أَوَّلٍ أَوْ قُنُوتٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSدَخَلَتْ عَلَى مُعَرَّفٍ بِاللَّامِ أَوْ غَيْرِهَا، كَالْعَلَمِيَّةِ كَانَتْ اسْتِفْهَامًا عَنْ الْأَجْزَاءِ، وَإِذَا دَخَلَتْ عَلَى مُنْكَرٍ كَانَتْ اسْتِفْهَامًا عَنْ الْأَفْرَادِ، فَإِذَا قِيلَ: أَيٌّ زَيْدٍ أَوْ الرَّجُلِ أَحْسَنُ كَانَ الْجَوَابُ وَجْهُهُ مَثَلًا، وَإِذَا قِيلَ: أَيُّ رَجُلٍ مِنْ هَؤُلَاءِ أَحْسَنُ؟ قِيلَ زَيْدٌ أَوْ عَمْرٌو، فَقَوْلُهُ هُنَا فِي أَيِّ الصَّلَاةِ مَعْنَاهُ: فِي أَيِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ أَهُوَ الرُّكُوعُ أَوْ غَيْرُهُ؟ وَإِذَا قِيلَ فِي أَيِّ صَلَاةٍ كَانَ مَعْنَاهُ فِي الْمَغْرِبِ أَوْ غَيْرِهَا. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ فِي الْكَلَامِ مُضَافًا مَحْذُوفًا: أَيْ أَيُّ أَفْرَادِ الصَّلَاةِ، أَوْ أَنَّ أَلْ لِلْجِنْسِ وَهُوَ يُسَاوِقُ النَّكِرَةَ وَإِنْ اخْتَلَفَ مَفْهُومُهُمَا. (قَوْلُهُ: وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ رِوَايَتَيْ الْبَقَرَةِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا قَضِيَّةٌ وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ: يُرَخَّصُ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ ابْتِدَاءً) وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ مَا أُلْحِقَ هُنَا بِالْعُذْرِ كَالتَّطْوِيلِ وَتَرْكِ السُّنَّةِ الْمَقْصُودَةِ لَا يُرَخَّصُ فِي التَّرْكِ ابْتِدَاءً. قَالَ م ر: وَهُوَ الظَّاهِرُ فَيَدْخُلُ فِي الْجَمَاعَةِ، ثُمَّ إذَا حَصَلَ ذَلِكَ فَارَقَ إنْ أَرَادَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِ شَيْخِنَا الْحَلَبِيِّ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذُكِرَ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ التَّطْوِيلُ مِنْ الْمُرَخَّصِ ابْتِدَاءً حَيْثُ عُلِمَ مِنْهُ ذَلِكَ اهـ. وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ مِنْ عَادَةِ الْإِمَامِ التَّطْوِيلُ الْمُؤَدِّي لِذَلِكَ مَنَعَهُ الْإِمَامُ مِنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إضْرَارِ الْمُقْتَدِينَ بِهِ وَتَفْوِيتِ الْجَمَاعَةِ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الْمُرَخِّصَ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ ابْتِدَاءً يُرَخِّصُ فِي الْخُرُوجِ مِنْهَا يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ أَكَلَ ذَا رِيحٍ كَرِيهٍ ثُمَّ اقْتَدَى بِالْإِمَامِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ قَطْعُ الْقُدْوَةِ وَلَا تَفُوتُهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ، وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ هَذَا وَنَحْوَهُ إنْ حَصَلَ بِخُرُوجِهِمْ عَنْ الْجَمَاعَةِ دَفْعُ ضَرَرٍ عَنْ الْحَاضِرِينَ أَوْ عَنْ الْمُصَلِّي نَفْسِهِ كَأَنْ حَصَلَ لَهُ ضَرَرٌ بِشِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ وَكَانَ يَزُولُ بِخُرُوجِهِ مِنْ الْجَمَاعَةِ وَتَتْمِيمِهِ لِنَفْسِهِ قَبْلَ فَرَاغِ الْجَمَاعَةِ كَانَ ذَلِكَ عُذْرًا فِي حَقِّهِ وَإِلَّا فَلَا، إذْ لَا فَائِدَةَ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْجَمَاعَةِ إلَّا مُجَرَّدُ تَرْكِهَا. وَقَوْلُهُ وَيَلْحَقُ بِهِ: أَيْ فِي جَوَازِ الْقَطْعِ بِلَا كَرَاهَةٍ. (قَوْلُهُ: كَتَشَهُّدٍ أَوَّلٍ أَوْ قُنُوتٍ) قَالَ حَجّ: وَكَذَا سُورَةٌ، إذْ الَّذِي يَظْهَرُ فِي ضَبْطِ الْمَقْصُودِ أَنَّهَا مَا جُبِرَ بِسُجُودِ السَّهْوِ أَوْ قَوِيَ الْخِلَافُ فِي وُجُوبِهَا أَوْ وَرَدَتْ الْأَدِلَّةُ بِعَظِيمِ فَضْلِهَا اهـ. وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ تَرْكِ السُّورَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالصَّحِيحَيْنِ لَا تَعَرُّضَ فِيهَا لِذَلِكَ، ثُمَّ يَذْكُرُ رِوَايَةَ الصَّحِيحَيْنِ بَعْدُ لِمُخَالَفَتِهَا لِرِوَايَةِ أَحْمَدَ فِي الْمُقِرِّ ثُمَّ يَجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ. (قَوْلُهُ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ الرَّجُلَ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَاسْتِدْلَالُهُمْ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ لِلْمُفَارَقَةِ بِغَيْرِ عُذْرٍ عَجِيبٌ، مَعَ مَا فِي الْخَبَرِ أَنَّ الرَّجُلَ شَكَا الْعَمَلَ فِي حَرْثِهِ الْمُوجِبَ لِضَعْفِهِ عَنْ احْتِمَالِ التَّطْوِيلِ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ لَيْسَ فِيهَا غَيْرُ مُجَرَّدِ التَّطْوِيلِ وَهُوَ غَيْرُ عُذْرٍ. نَعَمْ إنْ قُلْنَا بِأَنَّهُمَا شَخْصَانِ وَثَبَتَ فِي رِوَايَةٍ شِكَايَةُ مُجَرَّدِ التَّطْوِيلِ اتَّضَحَ مَا قَالُوا

فَلَهُ مُفَارَقَتُهُ لِيَأْتِيَ بِتِلْكَ السُّنَّةِ. وَمَحَلُّ جَوَازِ الْقَطْعِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ. أَمَّا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْهَا فَمُمْتَنِعٌ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى شَرْطٌ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ فَيَجُوزُ الْخُرُوجُ فِيهَا، وَلَوْ تَرَتَّبَ عَلَى خُرُوجِهِ مِنْ الْجَمَاعَةِ تَعْطِيلُهَا وَقُلْنَا إنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ اتَّجَهَ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَدَمُ الْخُرُوجِ مِنْهَا؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ إذَا انْحَصَرَ فِي شَخْصٍ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ وَقَدْ تَجِبُ الْمُفَارَقَةُ كَأَنْ رَأَى إمَامَهُ مُتَلَبِّسًا بِمَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْإِمَامُ بِهِ كَأَنْ رَأَى عَلَى ثَوْبِهِ نَجَاسَةً غَيْرَ مَعْفُوٍّ عَنْهَا: أَيْ وَهِيَ خَفِيَّةٌ تَحْتَ ثَوْبِهِ وَكَشَفَهَا الرِّيحُ مَثَلًا أَوْ رَأَى خُفَّهُ تُخْرَقُ. (وَلَوْ) (أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا ثُمَّ نَوَى الْقُدْوَةَ فِي خِلَالِ) أَيْ أَثْنَاءِ (صَلَاتِهِ) قَبْلَ رُكُوعِهِ أَوْ بَعْدَهُ (جَازَ فِي الْأَظْهَرِ) وَلَمْ تَبْطُلْ بِهِ صَلَاتُهُ، لَكِنَّ كُلَّ مَنْ قَطَعَهَا بِغَيْرِ عُذْرٍ، وَإِدْخَالَهُ نَفْسَهُ فِيهَا فِي خِلَالِ صَلَاتِهِ مَكْرُوهٌ مُفَوِّتٌ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ حَتَّى فِيمَا أَدْرَكَهُ مَعَ الْإِمَامِ خِلَافًا ـــــــــــــــــــــــــــــSتَرْكُ التَّسْبِيحَاتِ لِلْخِلَافِ فِي وُجُوبِهَا، وَأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهَا تَكْبِيرَ الِانْتِقَالَاتِ وَجِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ وَرَفْعَ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الْقِيَامِ مِنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ لِعَدَمِ التَّفْوِيتِ فِيهِ عَلَى الْمَأْمُومِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْإِتْيَانُ بِهِ وَإِنْ تَرَكَهُ إمَامُهُ، بِخِلَافِ التَّسْبِيحَاتِ فَإِنَّ الْإِتْيَانَ بِهَا يُؤَدَّى لِتَأَخُّرِ الْمَأْمُومِ عَنْ إمَامِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ مُفَارَقَتُهُ) يُشْعِرُ بِأَنَّ الِاسْتِمْرَارَ مَعَهُ أَفْضَلُ. (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ) أَيْ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ مِنْ الْمُعَادَةِ وَالْمَنْذُورِ فِعْلُهَا جَمَاعَةً وَأَوْلَى الثَّانِيَةُ مِنْ الْمَجْمُوعَةِ تَقْدِيمًا بِالْمَطَرِ بِنَاءً عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ الشَّارِحِ مِنْ اشْتِرَاطِ الْجَمَاعَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى كُلِّهَا مِنْهَا، أَمَّا عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ سم عَلَى حَجّ فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ مِنْ أَنَّهُ يَكْفِي لِصِحَّةِ الثَّانِيَةِ عَقْدُهَا مَعَ الْإِمَامِ وَإِنْ فَارَقَهُ حَالًا فَلَا تَحْرُمُ الْمُفَارَقَةُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالنِّيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَقُلْنَا إنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ) أَيْ وَهُوَ الرَّاجِحُ. (قَوْلُهُ: اتَّجَهَ كَمَا قَالَهُ إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ امْتِنَاعُ الْمُفَارَقَةِ بِمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَلَا رُخْصَةَ فِي تَرْكِهَا مِنْ أَنَّ الْعُذْرَ يُجَوِّزُ التَّرْكَ وَإِنْ تَوَقَّفَ ظُهُورُ الشِّعَارِ عَلَى مَنْ قَامَ بِهِ، إلَّا أَنْ يَخُصَّ مَا هُنَا بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ. (قَوْلُهُ: عَدَمُ الْخُرُوجِ) أَيْ عَدَمُ جَوَازِهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ وَهِيَ خَفِيَّةٌ) أَمَّا الظَّاهِرَةُ فَالْوَاجِبُ فِيهَا الِاسْتِئْنَافُ لِعَدَمِ انْعِقَادِ الصَّلَاةِ كَمَا مَرَّ، لَكِنْ يَبْقَى الْكَلَامُ فِي كَوْنِ هَذِهِ خَفِيَّةً بِنَاءً عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ فَرْضِ مَا فِي بَاطِنِ الثَّوْبِ فِي ظَاهِرِهِ وَفَرْضِ الْبَعِيدِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: وَكَشَفَهَا الرِّيحُ مَثَلًا) أَيْ فَأَدْرَكَهَا لِكَشْفِ الرِّيحِ وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الظَّاهِرَةَ هِيَ الَّتِي لَوْ تَأَمَّلَهَا أَبْصَرَهَا بِأَنْ كَانَتْ بِظَهْرِ الْإِمَامِ مَثَلًا. أَمَّا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ مُقْتَضَى الضَّبْطِ بِمَا فِي الْأَنْوَارِ أَنْ يُفْرَضَ بَاطِنُ الثَّوْبِ ظَاهِرًا، وَمَا فِي الثَّوْبِ السَّافِلِ أَعْلَى وَأَنَّ الظَّاهِرَةَ هِيَ الْعَيْنِيَّةُ وَأَنَّ الْخَفِيَّةَ هِيَ الْحُكْمِيَّةُ فَقَطْ فَهَذِهِ مِنْ الظَّاهِرَةِ، وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ لَا الْمُفَارَقَةُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا) خَرَجَ بِهَذَا مَا لَوْ افْتَتَحَهَا فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ نَقَلَ نَفْسَهُ لِأُخْرَى فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَطْعًا كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ اهـ عَمِيرَةُ. وَقَوْلُهُ قَطْعًا: أَيْ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ إنْ كَانَ عُذْرٌ: أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ كُرِهَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ سم الْآتِي (قَوْلُهُ: جَازَ فِي الْأَظْهَرِ) وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُتِمَّهَا رَكْعَتَيْنِ: أَيْ بَعْدَ قَلْبِهَا نَفْلًا وَيُسَلِّمُ مِنْهَا فَتَكُونُ نَافِلَةً ثُمَّ يَدْخُلُ فِي الْجَمَاعَةِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَقْطَعَهَا وَيَفْعَلَهَا جَمَاعَةً اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُمْ قَطْعُ الْفَرْضِ حَرَامٌ مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ التَّوَصُّلُ بِالْقَطْعِ إلَى مَا هُوَ أَعْلَى مِمَّا كَانَ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَإِدْخَالُهُ نَفْسَهُ فِيهَا فِي خِلَالِ صَلَاتِهِ مَكْرُوهٌ) وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى الْإِمَامَةَ فِي الْأَثْنَاءِ فَإِنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَلَا فَوَاتَ فَضِيلَةٍ فِيهَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِالْغَيْرِ مَظِنَّةُ مُخَالَفَةِ نَظْمِ الصَّلَاةِ لِكَوْنِهِ يَتَّبِعُ الْإِمَامَ فِي نَظْمِ صَلَاتِهِ وَإِنْ خَالَفَ نَظْمَ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ، وَلَا كَذَلِكَ الْإِمَامُ لِأَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ لَا يَكُونُ تَابِعًا لِغَيْرِهِ، قَالَهُ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا وَمَا قَدَّمَهُ فِي الْمُتَابَعَةِ مِنْ فَوَاتِ الْفَضِيلَةِ فِيمَا قَارَنَ فِيهِ فَقَطْ أَنَّ الْمُتَابَعَةَ بَعْدَ الْمُقَارَنَةِ ثَمَّ مَطْلُوبَةٌ مِنْهُ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ الِاقْتِدَاءَ الْمُؤَدَّى لِلْمُتَابَعَةِ بَعْدَ الِانْفِرَادِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَذَلِكَ يُؤَدَّى إلَى النَّهْيِ عَنْ الْمُتَابَعَةِ بَعْدَ الِانْفِرَادِ، فَكَانَتْ الْكَرَاهَةُ فِيهِ مَانِعَةً مِنْ الْفَضِيلَةِ فِي جَمِيعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لِلزَّرْكَشِيِّ هُنَا وَظَاهِرٌ أَنَّهَا لَا تَفُوتُ حَيْثُ حَصَلَتْ ابْتِدَاءً فِي الْمُفَارَقَةِ الْمُخَيِّرَةِ كَمَا مَرَّ وَيَدُلُّ لِمَا تَقَرَّرَ فِعْلُ الصِّدِّيقِ لَمَّا جَاءَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ إمَامٌ فَتَأَخَّرَ وَاقْتَدَى بِهِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ فِي حُكْمِ الْمُنْفَرِدِ، وَصَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْرَمَ بِهِمْ ثُمَّ تَذَكَّرَ فِي صَلَاتِهِ أَنَّهُ جُنُبٌ فَذَهَبَ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ جَاءَ وَأَحْرَمَ بِهِمْ» ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ أَنْشَئُوا نِيَّةَ اقْتِدَائِهِمْ بِهِ وَهَلْ الْعُذْرُ هُنَا كَمَا فِي صُورَةِ الْخَبَرِ وَكَانَ اقْتَدَى لِيَتَحَمَّلَ عَنْهُ الْفَاتِحَةَ فَيُدْرِكَ الصَّلَاةَ كَامِلَةً فِي الْوَقْتِ مَانِعٌ لِلْكَرَاهَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا أَدْرَكَهُ بَعْدَ الِانْفِرَادِ. (قَوْلُهُ: وَصَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْرَمَ بِهِمْ) لَا يُقَالُ: كَيْفَ وَقَعَ السَّهْوُ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى أَحْرَمَ بِهِمْ مَعَ الْجِنَايَةِ مَعَ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ مَعْصُومُونَ عَنْ الْكَبَائِرِ وَالصَّغَائِرِ فَلَا تَقَعُ مِنْهُمْ لَا عَمْدًا وَلَا سَهْوًا. لِأَنَّا نَقُولُ: صَرَّحُوا بِجَوَازِ وُقُوعِ ذَلِكَ السَّهْوِ مِنْهُمْ حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ تَشْرِيعٌ وَكَانَ ذَلِكَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ كَمَا سَيَأْتِي. (قَوْلُهُ: وَأَحْرَمَ بِهِمْ) الَّذِي فِي الْبُخَارِيِّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَعِبَارَتُهُ فِي بَابِ هَلْ يَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ لِعِلَّةٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ وَقَدْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وَعُدِّلَتْ الصُّفُوفُ، حَتَّى إذَا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ انْتَظَرْنَا أَنْ يُكَبِّرَ انْصَرَفَ» قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْأَنْصَارِيُّ: أَيْ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْبُخَارِيِّ قَبْلَ إحْرَامِهِ: «وَقَالَ عَلَى مَكَانِكُمْ فَمَكَثْنَا عَلَى هَيْئَتِنَا حَتَّى خَرَجَ إلَيْنَا يَنْطِفُ رَأْسُهُ مَاءً وَقَدْ اغْتَسَلَ» : أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ اغْتَسَلَ اهـ. وَعَلَى هَذَا فَالْإِشْكَالُ فِي قَوْلِنَا لَا يُقَالُ: كَيْفَ وَقَعَ السَّهْوُ عَلَيْهِ غَيْرُ وَارِدٍ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي صَلَاةٍ هَذَا. وَفِي الْفَتْحِ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ حَتَّى إذَا قَامَ فِي الصَّلَاةِ زَادَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ: قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ فَانْصَرَفَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابٍ إذَا ذَكَر فِي الْمَسْجِدِ أَنَّهُ جُنُبٌ مِنْ أَبْوَابِ الْغُسْلِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ يُونُسَ بِلَفْظٍ: فَلَمَّا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ، فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ انْصَرَفَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ فِي الصَّلَاةِ، وَهُوَ مُعَارِضٌ لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ فَكَبَّرَ ثُمَّ أَوْمَأَ إلَيْهِمْ» . وَلِمَالِكٍ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ مُرْسَلًا: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَبَّرَ فِي مُصَلَّاهُ مِنْ الصَّلَوَاتِ ثُمَّ أَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ اُمْكُثُوا» ، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ قَوْلِهِ كَبَّرَ عَلَى إرَادَةِ أَنْ يُكَبِّرَ أَوْ بِأَنَّهُمَا وَاقِعَتَانِ. أَبْدَاهُ عِيَاضُ وَالْقُرْطُبِيُّ احْتِمَالًا، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: إنَّهُ الْأَظْهَرُ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ حِبَّانَ كَعَادَتِهِ، فَإِنْ ثَبَتَ وَإِلَّا فَمَا فِي الصَّحِيحِ أَصَحُّ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي صُورَةِ الْخَبَرِ) هُوَ قَوْلُهُ أَحْرَمَ بِهِمْ ثُمَّ تَذَكَّرَ. (قَوْلُهُ: وَكَأَنْ اقْتَدَى إلَخْ) فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْتَدِ خَرَجَ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا مَعَ وُقُوعِ بَاقِيهَا فِي الْوَقْتِ، وَحِينَئِذٍ فَيُخَالِفُ مَا يَأْتِي لَهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَأَمْكَنَهُ إدْرَاكُ رَكْعَةٍ بِإِدْرَاكِ رُكُوعِهَا لَزِمَهُ الِاقْتِدَاءُ إلَخْ، وَقُوَّةُ كَلَامِهِ هُنَا تُعْطِي أَنَّهُ حَيْثُ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ وَكَانَ اسْتِمْرَارُهُ مَعَهُ يُؤَدِّي إلَى خُرُوجِ بَعْضِهَا لَا يَلْزَمُهُ الِاقْتِدَاءُ بِغَيْرِهِ لِيَتَحَمَّلَ عَنْهُ وَيُوقِعَهَا كُلَّهَا فِي الْوَقْتِ وَإِنْ كَانَ ابْتِدَاءُ إحْرَامِهِ فِي وَقْتٍ لَا يَسَعُهَا كَامِلَةً، وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِ الِاقْتِدَاءِ فِي هَذِهِ لَمْ يَبْعُدْ، وَتُخَصُّ مَسْأَلَةُ الْجَوَازِ بِمَا إذَا أَحْرَمَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُهَا كَامِلَةً، لَكِنْ اتَّفَقَ عُرُوضُ مَانِعٍ كَالتَّطْوِيلِ الْمُؤَدِّي لِخُرُوجِ بَعْضِهَا، أَوْ يُخَصُّ مَا يَأْتِي مِنْ الْوُجُوبِ بِمَا إذَا لَمْ يُدْرِكْ مِنْهَا رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ وَمَا هُنَا بِمَا لَوْ أَدْرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ أَوْ أَكْثَرَ. (قَوْلُهُ: لِيَتَحَمَّلَ عَنْهُ) يُفِيدُ أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا جَازَ لَهُ قَبْلَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ: أَيْ فِي أَيِّ رَكْعَةٍ الِاقْتِدَاءُ بِمَنْ فِي الرُّكُوعِ فَتَسْقُطُ عَنْهُ، لَكِنَّ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا اقْتَدَى عَقِبَ إحْرَامِهِ، أَمَّا لَوْ مَضَى بَعْدَهُ مَا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ أَوْ بَعْضَهَا مِنْ غَيْرِ قِرَاءَةٍ فَهَلْ تَسْقُطُ عَنْهُ أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ قِرَاءَتُهَا فِي الْأَوَّلِ وَبَعْضِهَا فِي الثَّانِي، وَعَلَى هَذَا هَلْ هُوَ فِي الْأَوَّلِ كَالْمُوَافِقِ وَفِي الثَّانِي كَالْمَسْبُوقِ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّهَا لَا تَفُوتُ حَيْثُ حَصَلَتْ ابْتِدَاءً إلَخْ) أَيْ فَتَحْصُلُ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ نَظِيرَ مَنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ بَعْضَ الصَّلَاةِ وَأَتَمَّهَا لِنَفْسِهِ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: ابْتِدَاءً) أَيْ فِي ابْتِدَاءِ صَلَاتِهِ (قَوْلُهُ: لِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ جَوَازِ

نَظِيرُ مَا مَرَّ أَمْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ مَعَ الْعُذْرِ، ثُمَّ لَا خِلَافَ فِيهِ بِخِلَافِهِ هُنَا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ مَحَلُّ نَظَرٍ وَاحْتِمَالٍ وَهُوَ إلَى الثَّانِي أَقْرَبُ. قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ: لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلْإِمَامِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَقْتَدِيَ بِآخَرَ وَيُعْرِضَ عَنْ الْإِمَامَةِ، وَهَذِهِ وَقَعَتْ لِلصِّدِّيقِ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا ذَهَبَ لِلصُّلْحِ بَيْنَ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ وَفِي مَرَضِ مَوْتِهِ ثُمَّ جَاءَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، فَأَخْرَجَ نَفْسَهُ مِنْ الْإِمَامَةِ وَاقْتَدَى بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالصَّحَابَةُ أَخْرَجُوا أَنْفُسَهُمْ عَنْ الِاقْتِدَاءِ بِهِ وَاقْتَدَوْا بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَضِيَّةُ اسْتِدْلَالِهِمْ بِالْأَوَّلِ لِلْأَظْهَرِ كَمَا مَرَّ جَوَازُ ذَلِكَ بَلْ الِاتِّفَاقُ عَلَيْهِ، وَالثَّانِي ظَاهِرٌ اهـ مُلَخَّصًا. وَنُظِرَ فِيهِ لِمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ اسْتَخْلَفَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ تَحْتَجْ الصَّحَابَةُ لِنِيَّةٍ، لَكِنْ بِفَرْضِ ذَلِكَ يَحْصُلُ مَا قَالَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ فِي الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ الِاسْتِخْلَافِ فَيَنْتِجُ أَنَّهُ أَخْرَجَ نَفْسَهُ مِنْ الْإِمَامَةِ ثُمَّ نَوَى الِاقْتِدَاءَ، وَمِمَّا يُؤَيِّدُ كَلَامَ الْجَلَالِ مَا سَيَأْتِي فِي الِاسْتِخْلَافِ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الْقَفَّالِ: لَوْ اقْتَدَى الْإِمَامُ بِآخَرَ فَفِي بُطْلَانِ صَلَاتِهِ قَوْلَانِ، كَمَا لَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا ـــــــــــــــــــــــــــــSحَجّ. أَقُولُ: الْأَقْرَبُ أَنَّهُ كَالْمَسْبُوقِ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ بَعْدَ اقْتِدَائِهِ مَا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ وَلَا نَظَرَ لِمَا مَضَى قَبْلَ الِاقْتِدَاءِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ لِأَنَّهُ كَانَ مُنْفَرِدًا فِيهِ حَقِيقَةً، وَقَدْ يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ، وَالْحَاصِلُ مِمَّا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ إدَارَتُنَا الْأَمْرَ عَلَى الْوَاقِعِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعُذْرِ وَعَدَمِهِ، وَعَلَى ظَنِّهِ بِالنِّسْبَةِ لِنَدْبِ الْإِتْيَانِ بِنَحْوِ التَّعَوُّذِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا فِي صُورَةِ الْخَبَرِ. (قَوْلُهُ: أَمْ يُفَرَّقُ إلَخْ) أَيْ فَلَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ مَعَهُ وَلَا تَبْطُلُ قَطْعًا، وَأَمَّا هَهُنَا فَالْعُذْرُ وَإِنْ اعْتَبَرْنَاهُ هُنَا فَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ لَا يُكْتَفَى بِذَلِكَ، بَلْ يَقُولُ بِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ لِتَقَدُّمِ إحْرَامِ الْمَأْمُومِ عَلَى إحْرَامِ الْإِمَامِ فَاقْتَضَتْ مُرَاعَاةُ ذَلِكَ بَقَاءَ الْكَرَاهَةِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ هُنَا) يُخَالِفُهُ مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَقَيَّدَ الْمُصَنِّفُ الْمَسْأَلَةَ بِإِحْرَامِهِ مُنْفَرِدًا إلَخْ، وَقَدْ يُقَالُ: لَا مُخَالَفَةَ، لِأَنَّهُ بِتَبَيُّنِ حَالِ الْإِمَامِ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ مُنْفَرِدٌ حَقِيقَةً وَإِنْ كَانَ فِي صُورَةِ الْجَمَاعَةِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ إلَى الثَّانِي أَقْرَبُ) هُوَ قَوْلُهُ أَمْ يُفَرَّقُ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ اسْتِدْلَالِهِمْ بِالْأَوَّلِ) وَهُوَ اقْتِدَاءُ الصِّدِّيقِ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَيَدُلُّ لِمَا تَقَرَّرَ فِعْلُ الصِّدِّيقِ، وَقَوْلُهُ جَوَازُ ذَلِكَ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي ظَاهِرٌ) هُوَ اقْتِدَاءُ الصَّحَابَةِ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالْأَوَّلُ هُوَ قَوْلُهُ فَأَخْرَجَ نَفْسَهُ مِنْ الْإِمَامَةِ، وَقَوْلُهُ ظَاهِرٌ: أَيْ فِي نَفْسِهِ لِوُضُوحِ أَنَّهُمَا لَا يُتَابِعُونَ غَيْرَ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ بِدُونِ نِيَّةِ اقْتِدَاءٍ، وَقَوْلُهُ بِفَرْضِ ذَلِكَ: أَيْ بِفَرْضِ عَدَمِ احْتِيَاجِهِمْ لِنِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ. (قَوْلُهُ: مَا قَالَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ فِي الْأَوَّلِ) أَيْ مِنْ جَوَازِ اقْتِدَاءِ الْإِمَامِ بِغَيْرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQنِيَّةِ الْقُدْوَةِ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ: اسْتِدْلَالُهُمْ بِالْأَوَّلِ) أَيْ إخْرَاجُ الصِّدِّيقِ نَفْسِهِ مِنْ الْإِمَامَةِ، وَقَوْلُهُ: وَالثَّانِي ظَاهِرٌ: أَيْ إخْرَاجُ الْمَأْمُومِينَ أَنْفُسَهُمْ مِنْ الِاقْتِدَاءِ وَالِاقْتِدَاءُ بِآخَرَ (قَوْلُهُ: وَنَظَرَ فِيهِ) يَعْنِي فِي الثَّانِي بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ فَلَمْ يَحْتَجْ الصَّحَابَةُ إلَى نِيَّةٍ، وَالْمُنَظِّرُ فِيهِ هُوَ الشِّهَابُ حَجّ، لَكِنَّهُ إنَّمَا عَزَا كَوْنَ الصِّدِّيقِ اسْتَخْلَفَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الصَّحِيحَيْنِ لَا إلَى الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ بِفَرْضِ ذَلِكَ يَحْصُلُ مَا قَالَهُ الْجَلَالُ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فَإِنَّ الْأَوَّلَ لَا نِزَاعَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَمِمَّا يُؤَيِّدُ كَلَامَ الْجَلَالِ) يَعْنِي مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ الْقِصَّةَ لَا اسْتِخْلَافَ فِيهَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بَاقِي كَلَامِهِ: أَيْ خِلَافًا لِلْمُنَظِّرِ الْمُدَّعِي لِذَلِكَ. وَوَجْهُ تَأْيِيدِ ذَلِكَ لِكَلَامِ الْجَلَالِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَا فَعَلَهُ الصِّدِّيقُ مِنْ بَابِ الِاسْتِخْلَافِ لَكَانَ أَخْرَجَ نَفْسَهُ مِنْ الصَّلَاةِ قَبْلَ تَأَخُّرِهِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهُ شَرْطُ الِاسْتِخْلَافِ: أَيْ وَالْوَاقِعُ فِي الْقِصَّةِ خِلَافُ ذَلِكَ، لَكِنْ لَك أَنْ تَقُولَ: إذَا كَانَ الِاسْتِخْلَافُ فِيهَا ثَابِتًا فِي الصَّحِيحَيْنِ لَا يَسُوغُ إنْكَارُهُ، وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ مِنْ جَوَابٍ عَنْ فِعْلِ الصِّدِّيقِ لِيُوَافِقَ مَا قَالَهُ. وَأَجَابَ عَنْهُ الشِّهَابُ سم بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالِاسْتِخْلَافِ فِي الْقِصَّةِ الِاسْتِخْلَافَ الشَّرْعِيَّ، وَبِأَنَّ الْوَجْهَ اسْتِثْنَاءُ فِعْلِ الصِّدِّيقِ فِيهَا بِكُلِّ حَالٍ، إذْ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْحُرْمَةِ

ثُمَّ نَوَى جَمَاعَةً مُوَافَقَةُ مَا قَالَهُ الْجَلَالُ مِنْ الْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الرَّاجِحُ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَبَنَى الْقَفَّالُ عَلَى الْجَوَازِ تَصْيِيرَ الْمُقْتَدِينَ بِهِ مُنْفَرِدِينَ وَأَنَّ لَهُمْ الِاقْتِدَاءَ بِمَنْ اقْتَدَى بِهِ مُسْتَدِلًّا بِقِصَّةِ أَبِي بَكْرٍ، وَفِي ذَلِكَ تَصْرِيحٌ مِنْهُ بِمَا مَرَّ عَنْ الْجَلَالِ مِنْ أَنَّهَا مِنْ قَبِيلِ إنْشَاءِ الْقُدْوَةِ لَا الِاسْتِخْلَافِ، وَفِي الْخَادِمِ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ. وَمَعْنَى رِوَايَةٍ: وَالنَّاسُ يَقْتَدُونَ بِأَبِي بَكْرٍ: أَنَّهُ كَانَ يُسْمِعُهُمْ تَبْلِيغَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إذْ الْقُدْوَةُ بِالْمَأْمُومِ مُمْتَنِعَةٌ بِالِاتِّفَاقِ، وَبِمَا مَرَّ فِي تَأَخُّرِ الْإِمَامِ يُعْلَمُ أَنَّ مَحَلَّ جَمِيعِ مَا ذُكِرَ إنَّمَا يَجِيءُ حَيْثُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ تَخَلَّفَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ اقْتِدَائِهِ بِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ بِتَأَخُّرِهِ تَنْقَطِعُ إمَامَتُهُ وَلَمْ يَكُنْ مُسْتَخْلَفًا وَلَا قَاطِعًا لِلْإِمَامَةِ بِنِيَّةِ اقْتِدَاءٍ بِالْغَيْرِ، وَإِنَّمَا قَاطِعُهَا حِينَئِذٍ تَأَخُّرُهُ، ثُمَّ لَمَّا تَقَدَّمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نَوَى أَبُو بَكْرٍ الِاقْتِدَاءَ بِهِ لِصَيْرُورَتِهِ مُنْفَرِدًا بِتَأَخُّرِهِ، وَحِينَئِذٍ بَطَلَتْ إمَامَتُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّحَابَةِ لِنِيَّةِ الِائْتِمَامِ بِغَيْرِهِ فَنَوَوْا الِاقْتِدَاءَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَمَنْ تَأَمَّلَ ذَلِكَ عَلِمَ مَا فِي كَلَامِ الْجَلَالِ وَغَيْرِهِ مِمَّا تَقَرَّرَ، كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ تَأَخَّرَ عَنْ جَمِيعِ الْقَوْمِ، فَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ الْجَلَالُ مِنْ أَنَّهُ أَخْرَجَ نَفْسَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: تَصْيِيرُ الْمُقْتَدِينَ بِهِ مُنْفَرِدِينَ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُقْتَدُونَ بِاقْتِدَاءِ الْإِمَامِ بِغَيْرِهِ وَتَابَعُوهُ فَهَلْ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ صَلَاتِهِمْ لِاقْتِدَائِهِمْ بِمُقْتَدٍ أَوْ لَا لِعُذْرِهِمْ كَمَا لَوْ كَبَّرَ الْإِمَامُ لِلْإِحْرَامِ فَاقْتَدَوْا بِهِ ثُمَّ كَبَّرَ ثَانِيًا وَلَمْ يَعْلَمُوا بِتَكْبِيرِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِعُذْرِهِمْ، وَلَا تَفُوتُهُمْ الْفَضِيلَةُ لِوُجُودِ الْجَمَاعَةِ صُورَةً اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: تَكْبِيرُ الْإِمَامِ ثَانِيًا مِمَّا يَخْفَى عَلَى الْمُقْتَدِينَ، بِخِلَافِ اقْتِدَائِهِ بِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ قَدْ يَظْهَرُ لَهُمْ بِقَرِينَةِ تَأَخُّرِهِ عَنْ الْإِمَامِ فِي الْمَوْقِفِ وَالْأَفْعَالِ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ كَانَ يُسْمِعُهُمْ تَبْلِيغَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) عِبَارَةُ حَجّ تَكْبِيرَهُ وَهِيَ أَوْلَى، فَإِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ يُحْوِجُ إلَى تَأْوِيلِ قَوْلِهِ بِتَبْلِيغِ رَسُولِ اللَّهِ بِمُبَلِّغِهِمْ: أَيْ مَا يُبَلِّغُهُ أَبُو بَكْرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (قَوْلُهُ: لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ تَخَلَّفَ عَنْهُ) الْمُنَاسِبُ لِمَا مَرَّ حَيْثُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ تَأَخَّرَ عَنْ الْمُقْتَدِينَ بِهِ قَبْلَ اقْتِدَائِهِ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (قَوْلُهُ: لِصَيْرُورَتِهِ مُنْفَرِدًا بِتَأَخُّرِهِ) أَيْ عَنْ الْمُقْتَدِينَ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ) أَيْ الصَّدِيقُ، وَقَوْلُهُ تَأَخَّرَ عَنْ جَمِيعِ الْقَوْمِ: أَيْ بَلْ وَلَا عَنْ بَعْضِهِمْ. وَعِبَارَةُ حَجّ فِي شَرْحِ الشَّمَائِلِ فِي بَابِ وَفَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَأَوْمَأَ إلَيْهِ: أَيْ إلَى أَبِي بَكْرٍ أَنْ يَثْبُتَ مَكَانَهُ نَصُّهَا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اقْتَدَى بِهِ، وَاَلَّذِي رَوَاهُ الشَّيْخَانِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَاءَ حَتَّى جَلَسَ عَنْ يَسَارِهِ فَكَانَ يُصَلِّي قَاعِدًا وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمًا يَقْتَدِي أَبُو بَكْرٍ بِصَلَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالنَّاسُ يَقْتَدُونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ» . وَجَاءَ فِي رِوَايَةٍ: مَا يَقْتَضِي كِلَا الْأَمْرَيْنِ اهـ. قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ الشَّمَائِلِ بَعْدَ ذَلِكَ: وَجَمَعَ بَيْنه ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْإِجْلَالِ وَلِلصَّلَاةِ خَلْفَهُ مِنْ الْفَضْلِ وَالْكَمَالِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: مُوَافَقَةَ مَا قَالَهُ الْجَلَالُ) أَيْ فِي الْأَوَّلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، لَكِنَّهُ لَيْسَ مَحَلَّ النِّزَاعِ كَمَا مَرَّ، وَوَجْهُ مُوَافَقَتِهِ لِكَلَامِ الْجَلَالِ أَنَّهُ بَنَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَا لَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا ثُمَّ نَوَى جَمَاعَةً، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْأَظْهَرَ فِيهِ الصِّحَّةُ فَيَكُونُ الْمَبْنِيُّ عَلَيْهِ كَذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ فَالْمَسْأَلَةُ مَنْقُولَةٌ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ، فَقَوْلُ الْجَلَالِ لَمْ يَتَعَرَّضُوا، إمَّا لِعَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَى هَذَا النَّقْلِ، أَوْ لِعَدَمِ تَذَكُّرِهِ إيَّاهُ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّهَا مِنْ قَبِيلِ إنْشَاءِ الْقُدْوَةِ لَا الِاسْتِخْلَافِ) أَيْ وَلَا يُعَارِضُهُ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ: بَعْدَ اقْتِدَائِهِ بِهِ) أَيْ بَعْدَ «اقْتِدَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -» (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهُوَ بِتَأَخُّرِهِ تَنْقَطِعُ إمَامَتُهُ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاصَّةً دُونَ الْقَوْمِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ: ثُمَّ لَمَّا تَقَدَّمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نَوَى أَبُو بَكْرٍ الِاقْتِدَاءَ لِصَيْرُورَتِهِ مُنْفَرِدًا بِتَأَخُّرِهِ، وَحِينَئِذٍ بَطَلَتْ إمَامَتُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّحَابَةِ إلَخْ. وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ تَنْظِيرَ الشَّارِحِ الْآتِي لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ: وَكَأَنَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّ قَوْلَ هَذَا الْقَائِلِ تَنْقَطِعُ إمَامَتُهُ: أَيْ مُطْلَقًا حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لِلْقَوْمِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَيْسَ

بِالنِّيَّةِ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ لَا يَجُوزُ وَتَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ، وَقَيَّدَ الْمُصَنِّفُ الْمَسْأَلَةَ بِإِحْرَامِهِ مُنْفَرِدًا؛ لِأَنَّهُ إذَا افْتَتَحَهَا فِي جَمَاعَةٍ جَازَ بِلَا خِلَافٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. وَلَوْ قَامَ الْمَسْبُوقُونَ أَوْ الْمُقِيمُونَ خَلْفَ مُسَافِرٍ امْتَنَعَ اقْتِدَاءُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ اسْتِخْلَافِ الْمَأْمُومِينَ فِي الْجُمُعَةِ إذَا تَمَّتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ دُونَهُمْ، وَكَذَا غَيْرُهَا فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ حَصَلَتْ، فَإِذَا أَتَمُّوهَا فُرَادَى نَالُوا فَضْلَهَا، لَكِنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ أَصْلِهَا هُنَا الْجَوَازُ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا سَيَأْتِي مَبْسُوطًا فِي بَابِ الْجُمُعَةِ (وَإِنْ كَانَ فِي رَكْعَةٍ أُخْرَى) غَيْرِ رَكْعَةِ الْإِمَامِ سَوَاءٌ أَكَانَ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِ فِي أَفْعَالِهِ أَمْ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ لِعَدَمِ تَرْتِيبٍ مَحْذُورٍ عَلَيْهِ، إذْ اللَّازِمُ لَهُ أَنْ يَتَّبِعَ إمَامَهُ وَيُلْغِي نَظْمَ صَلَاةِ نَفْسِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ) بَعْدَ اقْتِدَائِهِ بِهِ (يَتْبَعُهُ) فِيمَا هُوَ فِيهِ حَتْمًا (قَائِمًا كَانَ أَوْ قَاعِدًا) أَوْ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا رِعَايَةً لِلْمُتَابَعَةِ (فَإِنْ فَرَغَ الْإِمَامُ أَوَّلًا فَهُوَ كَمَسْبُوقٍ،) فَيُتِمُّ صَلَاتَهُ (أَوْ) فَرَغَ (هُوَ) أَيْ الْمَأْمُومُ أَوَّلًا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَبَيْنَ الرِّوَايَةِ الْأُولَى «بِأَنَّهُ أَوَّلًا اقْتَدَى بِأَبِي بَكْرٍ ثُمَّ تَأَخَّرَ أَبُو بَكْرٍ وَاقْتَدَى بِهِ» اهـ. (قَوْلُهُ: وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ لَا يَجُوزُ وَتَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ) قَالَ الْمَحَلِّيُّ: لِأَنَّ الْجَوَازَ يُؤَدِّي إلَى تَحَرُّمِ الْمَأْمُومِ قَبْلَ الْإِمَامِ اهـ. وَمُرَادُهُ أَنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي إلَى ذَلِكَ، وَإِلَّا فَيَجُوزُ أَنْ يُحْرِمَ الْمَأْمُومُ بَعْدَ إحْرَامِ الْإِمَامِ ثُمَّ يَقْتَدِي بِهِ فَلَا يَكُونُ إحْرَامُ الْمَأْمُومِ مُتَقَدِّمًا عَلَى إحْرَامِ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ: جَازَ بِلَا خِلَافٍ) فَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ حِكَايَةُ الْخِلَافِ فِي اقْتِدَاءِ بَعْضِ الْمَسْبُوقِينَ بِبَعْضٍ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُحْرِمُوا أَوَّلًا مُنْفَرِدِينَ بَلْ فِي جَمَاعَةٍ، وَمُقْتَضَى مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ مَتَى أَحْرَمَ بِالْأُولَى فِي جَمَاعَةٍ لَمْ يُكْرَهْ الِاقْتِدَاءُ الثَّانِي. نَعَمْ عَلَى مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ حَجّ مِنْ تَخْصِيصِ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا تَبَيَّنَ خَلَلٌ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ لَا إشْكَالَ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ) لَكِنْ لَيْسَ ذَلِكَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ صُورَتُهُ أَنْ يُحْرِمَ خَلْفَ جُنُبٍ أَوْ مُحْدِثٍ ثُمَّ يَبِينُ الْحَالُ لَهُمَا فَيَذْهَبُ الْإِمَامُ فَيَتَطَهَّرُ وَيَأْتِي لِإِكْمَالِ صَلَاتِهِ فَيُكْمِلُهَا الْمَأْمُومُ مَعَهُ أَوْ يَرْبِطُ الْمَأْمُومُ صَلَاتَهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ الْإِمَامِ اهـ. قَالَ حَجّ: فَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ نَقْصٌ فِي صَلَاةِ إمَامِهِ بَلْ نَقَلَ نَفْسَهُ لِجَمَاعَةٍ أُخْرَى بِلَا سَبَبٍ كَانَ ذَلِكَ مَكْرُوهًا وَفَاتَتْ بِهِ الْفَضِيلَةُ، بَلْ لَوْ أَخْرَجَ نَفْسَهُ بِعُذْرٍ أَتَمَّ صَلَاتَهُ مُنْفَرِدًا وَكُرِهَ لَهُ الِاقْتِدَاءُ اهـ سم بِتَصَرُّفٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ فِي رَكْعَةٍ) هُوَ غَايَةٌ. (قَوْلُهُ: يَتْبَعُهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ) الْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَتَبِعَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ نَظْمِ صَلَاتِهِ شَامِلٌ لِمَا إذَا اقْتَدَى مَنْ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى بِمَنْ فِي الْقِيَامِ فَيَقُومُ إلَيْهِ وَيَتْرُكُ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ، وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ وِفَاقًا لِشَيْخِنَا طب رَحِمَهُ اللَّهُ، وَعَلَى هَذَا فَهَلْ يُعْتَدُّ لَهُ بِمَا فَعَلَهُ حَتَّى إذَا قَامَ مَعَ الْإِمَامِ لَا تَلْزَمُهُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ، وَإِذَا وَصَلَ مَعَهُ إلَى مَا بَعْدَ السَّجْدَةِ الْأُولَى كَمُلَتْ بِهِ رَكْعَتُهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَظْهَرُ الْآنَ الْأَوَّلُ: أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ فِي الْقِيَامِ أَوْ الرُّكُوعِ وَجَبَ عَلَى الْمَأْمُومِ الْجُلُوسُ فَوْرًا بِقَصْدِ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ ثُمَّ يَأْتِي بِالسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ، لِأَنَّ قِيَامَهُ كَانَ لِمَحْضِ الْمُتَابَعَةِ وَقَدْ زَالَتْ، وَكَمَا إذَا اقْتَدَى مَنْ فِي الِاعْتِدَالِ بِمَنْ فِي الْقِيَامِ، وَلَا مَانِعَ أَيْضًا. وَلَا يُقَالُ: يَلْزَمُ تَطْوِيلُ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: اقْتِدَاؤُهُ بِهِ فِي هَذِهِ إعْرَاضٌ عَنْ الِاعْتِدَالِ إلَى الْقِيَامِ، فَهُوَ حِينَئِذٍ يَصِيرُ قَائِمًا لَا مُعْتَدِلًا، ثُمَّ التَّبَعِيَّةُ فِيمَا هُوَ فِيهِ يَنْبَغِي مَا لَمْ يُتِمَّ صَلَاتَهُ، فَلَوْ اقْتَدَى مَنْ فِي تَشَهُّدِهِ الْآخِرِ بِمَنْ فِي تَشَهُّدِهِ الْأَوَّلِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ إذَا قَامَ الْإِمَامُ لِبَقِيَّةِ صَلَاتِهِ عَدَمُ جَوَازِ تَبَعِيَّةِ الْمَأْمُومِ لَهُ، بَلْ إنْ شَاءَ فَارَقَهُ وَسَلَّمَ وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَهُ لِيُسَلِّمَ مَعَهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَبَقِيَ مَا لَوْ اقْتَدَى مَنْ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِمَنْ فِي التَّشَهُّدِ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ لِعَدَمِ فُحْشِ الْمُخَالَفَةِ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ شَكَّ فِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ جُلُوسِهِ مَعَ الْإِمَامِ لِلتَّشَهُّدِ مِنْ أَنَّهُ يَأْتِي بِهَا لِعَدَمِ فُحْشِ الْمُخَالَفَةِ أَمْ لَا، فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ بَلْ الْمُتَعَيَّنُ الثَّانِي؛ لِأَنَّا إنَّمَا أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ السُّجُودَ ثَمَّ لِلشَّكِّ فِي الرُّكْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَامَ الْمَسْبُوقُونَ أَوْ الْمُقِيمُونَ) أَيْ لِتَتْمِيمِ صَلَاتِهِمْ

(فَإِنْ شَاءَ فَارَقَهُ) بِالنِّيَّةِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ؛ لِأَنَّهُ فِرَاقٌ بِعُذْرٍ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَهُ) بِالْقَيْدِ الْمَارِّ فِي فَصْلِ نِيَّةِ الْقُدْوَةِ (لِيُسَلِّمَ مَعَهُ) وَهُوَ الْأَفْضَلُ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ (وَمَا أَدْرَكَهُ الْمَسْبُوقُ) مَعَ إمَامِهِ مِمَّا يُعْتَدُّ لَهُ بِهِ لَا كَاعْتِدَالٍ وَمَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لِمَحْضِ الْمُتَابَعَةِ فَلَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ فِي شَيْءٍ (فَأَوَّلُ صَلَاتِهِ) ، وَمَا يَفْعَلُهُ بَعْدَ سَلَامِهِ آخِرُهَا لِخَبَرِ «مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَإِتْمَامُ الشَّيْءِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ أَوَّلِهِ، وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «وَاقْضِ مَا سَبَقَك» فَمَحْمُولٌ عَنْ الْقَضَاءِ اللُّغَوِيِّ؛ لِأَنَّهُ مَجَازٌ مَشْهُورٌ مَعَ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ لِاسْتِحَالَةِ حَقِيقَةِ الْقَضَاءِ شَرْعًا هُنَا (فَيُعِيدُ فِي الْبَاقِي) مِنْ الصُّبْحِ (الْقُنُوتَ) فِي مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ أَوَّلًا لِمَحْضِ الْمُتَابَعَةِ لِإِمَامِهِ. (وَلَوْ) (أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْمَغْرِبِ) مَعَ الْإِمَامِ (تَشَهَّدَ فِي ثَانِيَتِهِ) اسْتِحْبَابًا؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ تَشَهُّدِهِ الْأَوَّلِ، وَمَا فَعَلَهُ مَعَ الْإِمَامِ كَانَ لِلْمُتَابَعَةِ، وَهَذَا إجْمَاعٌ مِنَّا وَمِنْ الْمُخَالِفِ وَحَجَّةٌ لَنَا عَلَى أَنَّ مَا يُدْرِكُهُ مَعَهُ أَوَّلُ صَلَاتِهِ، وَمَرَّ أَنَّهُ لَوْ أَدْرَكَهُ فِي أَخِيرَتَيْ رُبَاعِيَّتِهِ مَثَلًا فَإِنْ أَمْكَنَهُ فِيهِمَا قِرَاءَةُ السُّورَةِ مَعَهُ قَرَأَهَا وَإِلَّا أَتَى بِهَا فِي أَخِيرَتَيْ نَفْسِهِ تَدَارُكًا لَهَا لِعُذْرِهِ (وَإِنْ أَدْرَكَهُ) أَيْ الْمَأْمُومُ الْإِمَامَ (رَاكِعًا) (أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ) أَيْ مَا فَاتَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالَّذِي كَانَ فِيهِ مَعَ الْإِمَامِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَسَبْقُ الْإِمَامِ بِرُكْنٍ لَا يَضُرُّ، فَكَانَ السُّجُودُ وَاجِبًا بِمُقْتَضَى الْقُدْوَةِ لِعَدَمِ السَّبْقِ بِرُكْنَيْنِ، وَمَا هُنَا لَيْسَ فِيهِ اقْتِدَاءٌ قَبْلُ حَتَّى يَعْمَلَ بِمُقْتَضَاهُ، فَرُوعِيَ حَالُ مَنْ اقْتَضَى فِي الْأَثْنَاءِ وَهُوَ وُجُوبُ تَبَعِيَّةِ الْإِمَامِ فِيمَا هُوَ فِيهِ، ثُمَّ إنْ كَانَ الِاقْتِدَاءُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَافَقَ الْإِمَامَ فِيمَا هُوَ فِيهِ وَأَتَى بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ وَإِنْ كَانَ فِي الْأَخِيرِ وَافَقَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ، ثُمَّ أَتَى بِسَجْدَةٍ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ وَإِنْ طَالَ مَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ بِالِاقْتِدَاءِ أَعْرَضَ عَنْ الْجُلُوسِ وَصَارَ مَا هُوَ فِيهِ لِلْمُتَابَعَةِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الِاقْتِدَاءِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ مَا لَوْ اقْتَدَى بِهِ فِي السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ صَلَاتِهِ بَعْدَ الطُّمَأْنِينَةِ فَيَنْتَظِرُهُ فِي السُّجُودِ وَلَا يَتْبَعُهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ، وَأَمَّا قَبْلَ الطُّمَأْنِينَةِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَذَلِكَ لِتَمَامِ صَلَاتِهِ ظَاهِرًا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَتْبَعُهُ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّ صَلَاتَهُ لَمْ تَتِمَّ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ شَاءَ فَارَقَهُ بِالنِّيَّةِ) . [فَرْعٌ] لَوْ تَلَفَّظَ بِنِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وِفَاقًا لِمَا جَزَمَ بِهِ م ر وَخِلَافًا لِمَنْ خَالَفَ عَلَى مَا نَسَبَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَهَلْ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِأَنَّ الْقُدْوَةَ اخْتَلَتْ بِالتَّلَفُّظِ بِنِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ. (قَوْلُهُ: بِالْقَيْدِ الْمَارِّ) أَيْ بِأَنْ لَا يُحْدِثَ جُلُوسَ تَشَهُّدٍ لَمْ يُحْدِثْهُ إمَامُهُ. (قَوْلُهُ: لِيُسَلِّمَ مَعَهُ وَهُوَ الْأَفْضَلُ) قَدْ يُقَالُ كَيْفَ يَكُونُ أَفْضَلَ مَعَ حُكْمِهِ بِكَرَاهَةِ الِاقْتِدَاءِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ سَبَبَ ذَلِكَ مَا فِي الْمُفَارَقَةِ مِنْ قَطْعِ الْعَمَلِ وَذَلِكَ لَا يُنَافِي الْكَرَاهَةَ وَفَوَاتَ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ بِاعْتِبَارِ مَعْنًى آخَرَ اهـ عَمِيرَةُ. (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ) أَيْ حَمْلُهُ عَلَى الْقَضَاءِ اللُّغَوِيِّ. (قَوْلُهُ: لِاسْتِحَالَةِ حَقِيقَةِ الْقَضَاءِ إلَخْ) قَدْ تُمْنَعُ دَلَالَةُ هَذِهِ الِاسْتِحَالَةِ عَلَى التَّعَيُّنِ لِجَوَازِ أَنَّ لِلْقَضَاءِ شَرْعًا مَعْنًى آخَرَ كَوُقُوعِ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَإِنْ كَانَ فِي وَقْتِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ. (قَوْلُهُ: فِي أَخِيرَتَيْ نَفْسِهِ) قَالَ عَمِيرَةُ: لَا يُقَالُ فَهَلَّا قَضَى الْجَهْرَ أَيْضًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: هُوَ صِفَةٌ تَابِعَةٌ وَالسُّورَةُ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَمِثْلُهُ فِي حَجّ. (قَوْلُهُ: أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ) أَيْ مَا فَاتَهُ مِنْ قِيَامِهَا: أَيْ وَلَا ثَوَابَ لَهُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ، وَغَايَةُ هَذَا أَنَّ الْإِمَامَ تَحَمَّلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَفْضَلُ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ) اُنْظُرْ مَا فَائِدَةُ هَذِهِ الْأَفْضَلِيَّةِ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ فِي الْأَثْنَاءِ مَكْرُوهٌ مُفَوِّتٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ. ثُمَّ رَأَيْت الشِّهَابَ سم نَقَلَ فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ الْجَوَابَ عَنْ ذَلِكَ عَنْ شَيْخِهِ الْبُرُلُّسِيِّ بِأَنَّ سَبَبَ ذَلِكَ مَا فِي الْمُفَارَقَةِ مِنْ قَطْعِ الْعَمَلِ، وَذَلِكَ لَا يُنَافِي الْكَرَاهَةَ وَفَوَاتُ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ بِاعْتِبَارِ مَعْنًى آخَرَ (قَوْلُهُ: فَمَحْمُولٌ عَلَى الْقَضَاءِ اللُّغَوِيِّ) أَيْ إذْ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ هُوَ وَإِنْ حَمَلْنَاهُ عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ فَلَفْظُ مَا سَبَقَك يُشْعِرُ بِمَا فَرَّ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: تَدَارُكًا لَهَا) أَيْ مِنْ الْقِرَاءَةِ لِعُذْرِهِ لِئَلَّا تَخْلُوَ صَلَاتُهُ عَنْ قِرَاءَةِ السُّورَةِ حَيْثُ لَمْ يَفْعَلْهَا وَلَمْ يُدْرِكْهَا مَعَ الْإِمَامِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ التَّدَارُكَ بِمَعْنَى

مِنْ قِيَامِهَا وَقِرَاءَتِهَا وَلَوْ قَصَّرَ بِتَأْخِيرِ تَحَرُّمِهِ إلَى رُكُوعِ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لِخَبَرِ «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ يُقِيمَ الْإِمَامُ صُلْبَهُ فَقَدْ أَدْرَكَهَا» وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي إدْرَاكِهَا بِذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يُتِمَّ الْإِمَامُ الرَّكْعَةَ وَيُتِمَّهَا مَعَهُ أَوَّلًا، كَأَنْ أَحْدَثَ فِي اعْتِدَالِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَأَمْكَنَهُ إدْرَاكُ رَكْعَةٍ بِإِدْرَاكِ رُكُوعِهَا مَعَ مَنْ يَتَحَمَّلُ عَنْهُ الْفَاتِحَةَ لَزِمَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قُلْت) إنَّمَا يُدْرِكُهَا (بِشَرْطِ أَنْ) يَكُونَ ذَلِكَ الرُّكُوعُ مَحْسُوبًا لِلْإِمَامِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِهِ فِي الْجُمُعَةِ بِأَنْ لَا يَكُونَ مُحْدَثًا عِنْدَهُ فَلَا يَضُرُّ طُرُوُّ حُدُوثِهِ بَعْدَ إدْرَاكِ الْمَأْمُومِ لَهُ مَعَهُ وَلَا فِي رُكُوعٍ زَائِدٍ سَهَا بِهِ، وَسَيَأْتِي فِي الْكُسُوفِ أَنَّ رُكُوعَ صَلَاتِهِ الثَّانِي لَا تُدْرَكُ بِهِ الرَّكْعَةُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مَحْسُوبًا لَهُ بِمَنْزِلَةِ الِاعْتِدَالِ. نَعَمْ لَوْ اقْتَدَى بِهِ فِيهِ غَيْرُ مُصَلِّيهَا أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ مَعَهُ رُكُوعًا مَحْسُوبًا وَأَنْ (يَطْمَئِنَّ) بِالْفِعْلِ لَا بِالْإِمْكَانِ يَقِينًا (قَبْلَ ارْتِفَاعِ الْإِمَامِ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) . وَلَوْ أَتَى الْمَأْمُومُ مَعَ الْإِمَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَنْهُ لِعُذْرِهِ هَذَا، وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ عَلَى الْمَنْهَجِ قَوْلُهُ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ وَثَوَابَهَا كَمَا فِي الْمَحَلِّيِّ فِي كِتَابِ الصَّوْمِ حَتَّى ثَوَابَ جَمِيعِهَا كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، وَإِنْ قَصَرَ فَلَا يُحْرِمُ حَتَّى رَكَعَ إمَامُهُ اهـ إيعَابٌ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ أَحْدَثَ فِي اعْتِدَالِهِ) أَيْ أَوْ فِي رُكُوعِهِ بَعْدَ طُمَأْنِينَةِ الْمَسْبُوقِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ) أَيْ عَمَّا يَسَعُ رَكْعَةً كَامِلَةً. (قَوْلُهُ: أَنَّ رُكُوعَ صَلَاتِهِ الثَّانِي) أَيْ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ الْأُولَى إذَا كَانَ الْمَأْمُومُ مُوَافِقًا لِلْإِمَامِ فِي صَلَاتِهِ لِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ نَحْوِ الْمَكْتُوبَةِ بِمُصَلَّى الْكُسُوفِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مُطْلَقًا (قَوْلُهُ لَا بِالْإِمْكَانِ) وَصُورَةُ الْإِمْكَانِ كَأَنْ زَادَ فِي انْحِنَائِهِ عَلَى أَقَلِّ الرُّكُوعِ قَدْرًا لَوْ تَرَكَهُ لَاطْمَأَنَّ، وَقَوْلُهُ يَقِينًا مُتَعَلِّقٌ بِيَطْمَئِنُّ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ ارْتِفَاعِ الْإِمَامِ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ) دَخَلَ فِيهِ، مَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ أَتَى بِأَكْمَلِ الرُّكُوعِ أَوْ زَادَ فِي الِانْحِنَاءِ ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ الْمَأْمُومُ فَشَرَعَ الْإِمَامُ فِي الرَّفْعِ وَالْمَأْمُومُ فِي الْهُوِيِّ وَاطْمَأَنَّ يَقِينًا قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْإِمَامِ فِي ارْتِفَاعِهِ لِأَقَلِّ الرُّكُوعِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ، وَبَقِيَ مَا لَوْ لَمْ يَطْمَئِنَّ مَعَ الْإِمَامِ قَبْلَ ارْتِفَاعِهِ لَكِنْ لَمَّا قَامَ الْإِمَامُ شَكَّ فِي رُكُوعِهِ فَأَعَادَهُ فَهَلْ يَعُودُ الْمَأْمُومُ مَعَهُ لِلرُّكُوعِ وَيُدْرِكُ بِهِ الرَّكْعَةَ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ أَنَّ عَوْدَهُ لِلشَّكِّ كَأَنْ كَتَبَ لَهُ بِذَلِكَ وَجَبَ الْعَوْدُ مَعَهُ لِتَبَيُّنِ وُجُوبِ الرُّكُوعِ عَلَى الْإِمَامِ وَإِلَّا فَلَا يَعُودُ بَلْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ وَاطْمَأَنَّ مَعَهُ يَقِينًا ثُمَّ لَمَّا رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ شَرَعَ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فَشَكَّ الْمَأْمُومُ فِي حَالِ إمَامِهِ هَلْ هُوَ سَاهٍ أَوْ عَامِدٌ أَوْ جَاهِلٌ هَلْ يُحْسَبُ لَهُ رُكُوعُهُ الْأَوَّلُ مَعَهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ حُسْبَانِهِ؛ لِأَنَّ التَّحَمُّلَ عَنْهُ رُخْصَةٌ وَهِيَ لَا يُصَارُ إلَيْهَا إلَّا بِيَقِينٍ، فَبِتَقْدِيرِ أَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَقْرَأْ الْفَاتِحَةَ قَبْلَ رُكُوعِهِ الْأَوَّلِ لَا يَكُونُ رُكُوعُهُ الْأَوَّلُ مُعْتَدًّا بِهِ فَلَا يَصْلُحُ لِلتَّحَمُّلِ عَنْ الْمَأْمُومِ؛ لِأَنَّ رُكُوعَهُ هَذَا كَالرُّكُوعِ الزَّائِدِ، وَحَيْثُ كَانَ كَذَلِكَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ إلَى مَحَلِّ الْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي حَالِ إمَامِهِ يُؤَدَّى إلَى الشَّكِّ فِي انْتِقَالِهِ عَنْ الْقِيَامِ الَّذِي كَانَ فِيهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَنْتَظِرَ فِي السُّجُودِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ وَالْغَالِبَ فِي رُكُوعِ الْإِمَامِ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ الْمُعْتَدِّ بِهَا، وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ، وَإِنْ عَادَ مَعَ الْإِمَامِ وَقَرَأَ الْفَاتِحَةَ وَرَكَعَ مَعَهُ فَيَنْبَغِي الِاعْتِدَادُ بِرَكْعَتِهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْإِمَامُ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ قَبْلَ رُكُوعِهِ الْأَوَّلِ اعْتَدَّ بِرُكُوعِ الْمَأْمُومِ الْأَوَّلِ وَحُسِبَتْ لَهُ الرَّكْعَةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ وَعَادَ مَعَهُ الْمَأْمُومُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَضَاءِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَدْرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي أَخِيرَتَيْ الْإِمَامِ فَعَلَهَا وَلَا تَدَارُكَ (قَوْلُهُ: كَأَنْ أَحْدَثَ فِي اعْتِدَالِهِ) أَيْ أَوْ فِي رُكُوعِهِ بَعْدَ مَا اطْمَأَنَّ مَعَهُ، وَيَشْمَلُ هَذَا قَوْلَهُ الْآتِيَ قَرِيبًا فَلَا يَضُرُّ طُرُوُّ حَدَثِهِ بَعْدَ إدْرَاكِ الْمَأْمُومِ لَهُ مَعَهُ وَصَرَّحَ بِهِ الشِّهَابُ حَجّ نَقْلًا عَنْ الْقَاضِي فِي شَرْحِ الْعُبَابِ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ) قَالَ الشِّهَابُ سم: ظَاهِرُهُ وَإِنْ عُذِرَ بِالتَّأْخِيرِ وَفِيهِ وَقْفَةٌ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُصَلِّيهَا) أَيْ أَوْ مُصَلِّيهَا كَسُنَّةِ الظُّهْرِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَهَذَا الِاسْتِدْرَاكُ قَدْ تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ.

الَّذِي لَمْ يُحْسَبْ رُكُوعُهُ بِالرَّكْعَةِ كَامِلَةً بِأَنْ أَدْرَكَ مَعَهُ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ حُسِبَتْ لَهُ الرَّكْعَةُ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَتَحَمَّلْ عَنْهُ شَيْئًا. نَعَمْ إنْ عَلِمَ سَهْوَهُ أَوْ حَدَثَهُ ثُمَّ نَسِيَ لَزِمَتْهُ الْإِعَادَةُ لِتَقْصِيرِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَلَوْ) (شَكَّ فِي إدْرَاكِ حَدِّ الْإِجْزَاءِ) بِأَنْ تَرَدَّدَ فِي طُمَأْنِينَتِهِ قَبْلَ ارْتِفَاعِ إمَامِهِ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ (لَمْ تُحْسَبْ رَكْعَتُهُ فِي الْأَظْهَرِ) وَمِثْلُهُ إذَا ظَنَّ إدْرَاكَ ذَلِكَ بَلْ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ لِمُجَامَعَتِهِ لِلشَّكِّ بِالْفِعْلِ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ؛ لِأَنَّ هَذَا رُخْصَةٌ وَهِيَ لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ سَبَبِهَا فَلَمْ يُنْظَرْ لِأَصْلِ بَقَاءِ الْإِمَامِ فِيهِ، وَيَسْجُدُ الشَّاكُّ لِلسَّهْوِ؛ لِأَنَّهُ شَاكٌّ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ فِي عَدَدِ رَكَعَاتِهِ فَلَمْ يَتَحَمَّلْهُ عَنْهُ. وَالثَّانِي يُحْسَبُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْإِمَامِ فِيهِ. (وَيُكَبِّرُ) الْمَسْبُوقُ (لِلْإِحْرَامِ) وُجُوبًا كَغَيْرِهِ فِي الْقِيَامِ أَوْ بَدَلِهِ، فَإِنْ وَقَعَ بَعْضُهُ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا (ثُمَّ لِلرُّكُوعِ) نَدْبًا؛ لِأَنَّهُ مَحْسُوبٌ لَهُ فَنُدِبَ لَهُ التَّكْبِيرُ (فَإِنْ نَوَاهُمَا) أَيْ الْإِحْرَامَ وَالرُّكُوعَ (بِتَكْبِيرَةٍ) وَاحِدَةٍ مُقْتَصِرًا عَلَيْهَا لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِتَشْرِيكِهِ بَيْنَ فَرْضٍ وَسُنَّةٍ مَقْصُودَةٍ فَأَشْبَهَ نِيَّةَ الظُّهْرِ وَسُنَّتَهُ لَا الظُّهْرَ وَالتَّحِيَّةَ، وَادَّعَى الْإِمَامُ الْإِجْمَاعَ فِيهِ (وَقِيلَ تَنْعَقِدُ) لَهُ (نَفْلًا) كَمَا لَوْ أَخْرَجَ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ مَثَلًا وَنَوَى بِهَا الْفَرْضَ وَالتَّطَوُّعَ فَإِنَّهَا تَقَعُ لَهُ تَطَوُّعًا، وَيُفَرَّقُ عَلَى الْأَوَّلِ بِأَنَّ النِّيَّةَ لَمْ يُغْتَفَرْ فِيهَا مَا لَا يُغْتَفَرُ هُنَا، وَلِهَذَا قَالَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنَّ الْقِيَاسَ مَدْفُوعٌ وَلَيْسَ فِيهِ جَامِعٌ مُعْتَبَرٌ؛ لِأَنَّ صَدَقَةَ الْفَرْضِ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّةِ صَدَقَةِ النَّفْلِ، فَإِذَا بَطَل الْفَرْضُ صَحَّ النَّفَلُ، بِخِلَافِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فَإِنَّهَا شَرْطٌ فِي صِحَّةِ تَكْبِيرَةِ الِانْتِقَالِ فَلَا جَامِعَ بَيْنَهُمَا، وَأَيْضًا فَالنَّقْلُ ثَمَّ لَمْ يَحْتَجْ لِنِيَّةٍ أَصْلًا فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ فَسَادُ النِّيَّةِ بِالتَّشْرِيكِ، وَهُنَا انْعِقَادُهَا مُتَوَقِّفٌ عَلَى النِّيَّةِ فَأَثَّرَ فِيهِ اقْتِرَانُهَا بِمُفْسِدٍ وَهُوَ التَّشْرِيكُ الْمَذْكُورُ. فَإِنْ نَوَى بِهَا التَّحَرُّمَ فَقَطْ وَأَتَمَّهَا وَهُوَ إلَى الْقِيَامِ مَثَلًا أَقْرَبُ مِنْهُ إلَى أَقَلِّ الرُّكُوعِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَعَوْدُهُ فِي مَحَلِّهِ وَيُعْتَدُّ بِقِرَاءَتِهِ وَرُكُوعِهِ فَيُحْكَمُ لَهُ بِإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ إمَّا بِرُكُوعِهِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي (قَوْلُهُ: الَّذِي لَمْ يُحْسَبْ رُكُوعُهُ) أَيْ كَأَنْ كَانَ مُحْدِثًا. (قَوْلُهُ: حُسِبَتْ لَهُ) أَيْ الْمَأْمُومِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَقَعَ بَعْضُهُ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ فِي مَحَلٍّ لَا تُجْزِئُ فِيهِ الْقِرَاءَةُ كَمَا يَأْتِي لَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (قَوْلُهُ: لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا) كَذَا فِي نُسْخَةٍ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ، لَكِنَّهُ قَالَ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ قُبَيْلَ الرُّكْنِ الثَّانِي مَا نَصُّهُ: أَوْ رَكَعَ مَسْبُوقٌ قَبْلَ تَمَامِ التَّكْبِيرَةِ جَاهِلًا انْقَلَبَتْ نَفْلًا لِعُذْرِهِ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ الْخُصُوصِ بُطْلَانُ الْعُمُومِ. اهـ وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَيُكَبِّرُ لِلْإِحْرَامِ إلَخْ لَوْ وَقَعَ بَعْضُ التَّكْبِيرَةِ رَاكِعًا لَمْ تَنْعَقِدْ فَرْضًا قَطْعًا وَلَا نَفْلًا عَلَى الْأَصَحِّ اهـ. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ انْعِقَادُهَا نَفْلًا مِنْ الْجَاهِلِ كَمَا عَلَّلَ بِهِ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ الْخُصُوصِ إلَخْ، وَأَيْضًا فَالْمُتَنَفِّلُ يَجُوزُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ جُلُوسٍ وَمَا هُنَا أَبْلَغُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَوَاهُمَا بِتَكْبِيرَةٍ لَمْ تَنْعَقِدْ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ الْإِطْلَاقُ فِيمَا لَوْ أَتَى بِتَكْبِيرَتَيْنِ لِصَرْفِ الْأُولَى لِلتَّحَرُّمِ مَعَ عَدَمِ الْمُعَارِضِ وَالثَّانِيَةِ لِلرُّكُوعِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَفِي فَتَاوَى الشَّارِحِ مَا يُوَافِقُهُ، وَبِهَذَا يَسْقُطُ مَا نَظَرَ بِهِ سم عَلَى حَجّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَنَصُّ الْفَتَاوَى: سُئِلَ عَمَّا لَوْ وَجَدَ الْإِمَامَ رَاكِعًا فَكَبَّرَ وَأَطْلَقَ ثُمَّ كَبَّرَ أُخْرَى بِقَصْدِ الِانْتِقَالِ فَهَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ؟ فَأَجَابَ: تَصِحُّ صَلَاتُهُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ. (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا قَالَ الْوَالِدُ) فِي نُسْخَةٍ إسْقَاطُ وَلِهَذَا قَالَ الْوَالِدُ وَبَدَّلَهَا بَعْدَ قَوْلِهِ هُنَا عَلَى أَنَّ الْقِيَاسَ إلَخْ، وَهِيَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ عَلَى أَنَّ الْقِيَاسَ فِي كَلَامِ غَيْرِ وَالِدِهِ. (قَوْلُهُ: أَقْرَبُ مِنْهُ إلَى أَقَلِّ الرُّكُوعِ) أَخْرَجَ مَا لَوْ كَانَ إلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ فَيَضُرُّ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: لِمُجَامَعَتِهِ لِلشَّكِّ) فِيهِ أَنَّ الظَّنَّ لَا يُمْكِنُ مُجَامَعَتُهُ لِلشَّكِّ؛ لِأَنَّهُمَا حَقِيقَتَانِ مُتَبَايِنَتَانِ إذَا وُجِدَتْ إحْدَاهُمَا انْتَفَتْ الْأُخْرَى إذْ الظَّنُّ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا مَعَ الرُّجْحَانِ وَالشَّكُّ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا مَعَ التَّسَاوِي وَهُمَا ضِدَّانِ. (قَوْلُهُ: لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ) فَرْضًا وَلَا نَفْلًا ظَاهِرُهُ وَلَوْ جَاهِلًا، وَيُوَافِقُهُ مَا نُقِلَ عَنْهُ فِي شَرْحِ هَدِيَّةِ النَّاصِحِ، لَكِنْ يُخَالِفُهُ مَا قَدَّمَهُ فِي هَذَا الشَّرْحِ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ قُبَيْلَ الرُّكْنِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَهُنَا انْعِقَادُهَا) أَيْ نَفْلًا الَّذِي قَالَ بِهِ الْمُقَابِلُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ إلَى الْقِيَامِ مَثَلًا) أَيْ إنْ كَانَ فَرْضُهُ الْقِيَامَ.

انْعَقَدَتْ صَلَاتُهُ (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِهَا شَيْئًا لَمْ تَنْعَقِدْ) صَلَاتُهُ (عَلَى الصَّحِيحِ) إذْ قَرِينَةُ الِافْتِتَاحِ تَصْرِفُهَا إلَيْهِ، وَقَرِينَةُ الْهَوَى تَصْرِفُهَا إلَيْهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدٍ صَارِفٍ عَنْهُمَا وَهُوَ نِيَّةُ التَّحَرُّمِ فَقَطْ لِتَعَارُضِهِمَا، وَمَا اسْتَشْكَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّ قَصْدَ الرُّكْنِ غَيْرُ مُشْتَرَطٍ مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الصَّارِفِ وَهُنَا صَارِفٌ كَمَا عَلِمْت، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ مَا بِأَصْلِهِ أَنَّ نِيَّةَ الرُّكُوعِ فَقَطْ كَذَلِكَ لِعَدَمِ التَّحَرُّمِ وَمِثْلُهُ نِيَّةُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْإِبْهَامِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعَارُضِ هُنَا أَيْضًا، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ تَنْعَقِدُ فَرْضًا؛ لِأَنَّ قَرِينَةَ الِافْتِتَاحِ تَصْرِفُهَا إلَيْهِ. (وَلَوْ أَدْرَكَهُ) أَيْ الْإِمَامَ (فِي اعْتِدَالِهِ فَمَا بَعْدَهُ انْتَقَلَ مَعَهُ مُكَبِّرًا) اسْتِحْبَابًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَحْسُوبًا لَهُ مُوَافَقَةً لِإِمَامِهِ فِي تَكْبِيرِهِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُوَافِقُهُ) اسْتِحْبَابًا أَيْضًا فِي أَذْكَارِ مَا أَدْرَكَهُ مَعَهُ وَإِنْ لَمْ يُحْسَبْ لَهُ كَالتَّحْمِيدِ وَالدُّعَاءِ (فِي التَّشَهُّدِ وَالتَّسْبِيحَاتِ) وَيُوَافِقُهُ فِي إكْمَالِ التَّشَهُّدِ أَيْضًا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُوَافِقُهُ حَتَّى فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ تَشَهُّدِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَالثَّانِي لَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَحْسُوبٍ لَهُ، وَقِيلَ تَجِبُ مُوَافَقَتُهُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِحْرَامِ لَزِمَهُ اتِّبَاعُهُ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ) (مَنْ أَدْرَكَهُ) أَيْ الْإِمَامَ (فِي سَجْدَةٍ) أُولَى أَوْ ثَانِيَةٍ وَمِثْلُهَا كُلُّ مَا لَا يُحْسَبُ لَهُ (لَمْ يُكَبِّرْ لِلِانْتِقَالِ إلَيْهَا) لِعَدَمِ مُتَابَعَتِهِ فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ مَحْسُوبًا لَهُ، بِخِلَافِ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ مَحْسُوبٌ لَهُ، وَبِخِلَافِ مَا إذَا انْتَقَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مَعَ الْإِمَامِ مِنْ السُّجُودِ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ مُوَافَقَةً لِإِمَامِهِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يُكَبِّرُ كَالرُّكُوعِ وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ، وَخَرَجَ بِأُولَى أَوْ ثَانِيَةٍ مَا لَوْ أَدْرَكَهُ فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: ـــــــــــــــــــــــــــــSوَتَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مَا يَقْتَضِي عَدَمَ الضَّرَرِ. (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدٍ صَارِفٍ) عِبَارَةُ الْإِيعَابِ: وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ عَجَزَ عَنْ الْقِرَاءَةِ فَأَتَى بِالِافْتِتَاحِ أَوْ التَّعَوُّذِ لَا بِقَصْدِ بَدَلِيَّةٍ وَلَا بِغَيْرِهَا بَلْ أَطْلَقَ حَيْثُ اعْتَدَّ بِهِ مَعَ وُجُودِ الْقَرِينَةِ الصَّارِفَةِ، وَيُجَابُ بِمَنْعِ أَنَّ وُجُودَهَا صَارِفٌ، ثُمَّ إنَّ عَجْزَهُ اقْتَضَى أَنْ لَا افْتِتَاحَ وَلَا تَعَوُّذَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمَا مُقَدِّمَتَانِ لِلْقِرَاءَةِ وَهِيَ مَقْصُودَةٌ، فَإِذَا أَتَى أَحَدٌ بِهَا لَا بِقَصْدٍ انْصَرَفَ لِلْوَاجِبِ اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: انْتَقَلَ مَعَهُ) أَيْ وُجُوبًا اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: فِي أَذْكَارِ مَا أَدْرَكَهُ) هَذَا قَدْ يُخْرِجُ رَفْعَ الْيَدَيْنِ عِنْدَ قِيَامِ الْإِمَامِ مِنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ أَوَّلًا لِلْمَأْمُومِ، وَيَظْهَرُ الْآنَ أَنَّهُ يَأْتِي بِهِ مُتَابَعَةً لِإِمَامِهِ، وَنُقِلَ مِثْلُهُ فِي الدَّرْسِ عَنْ حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَلْيُرَاجَعْ، وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ يَأْتِي بِهِ وَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِهِ إمَامُهُ. (قَوْلُهُ: كَالتَّحْمِيدِ وَالدُّعَاءِ) حَتَّى عَقِبَ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا اعْتَمَدَ ذَلِكَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَوَجَّهَهُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا سُكُوتَ فِيهَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَحَلِّ تَشَهُّدِهِ) عِبَارَةُ حَجّ: وَلَوْ فِي تَشَهُّدِ الْمَأْمُومِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ بِمَحْسُوبٍ لَهُ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَضْعُ الْأَعْضَاءِ السَّبْعَةِ وَلَا الطُّمَأْنِينَةُ فِي هَذَا السُّجُودِ؛ لِأَنَّهُ لِمَحْضِ الْمُتَابَعَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ) أَيْ فَيُكَبِّرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: انْتَقَلَ مَعَهُ مُكَبِّرًا) أَيْ بِخِلَافِ انْتِقَالِهِ إلَيْهِ فَلَا يُكَبِّرُ لَهُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَحَلِّ تَشَهُّدِهِ) خَرَجَ مَا إذَا كَانَ مَحَلُّ تَشَهُّدِهِ بِأَنْ كَانَ تَشَهُّدًا أَوَّلَ لَهُ فَلَا يَأْتِي بِالصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ وَلَا يُكْمِلُ التَّشَهُّدَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِإِخْرَاجِهِ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ عَمَّا طُلِبَ فِيهِ، وَلَيْسَ هُوَ حِينَئِذٍ لِمُجَرَّدِ الْمُتَابَعَةِ، وَأَظُنُّهُ قَدْ تَقَدَّمَ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ فِي الشَّرْحِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا ذَكَرْته، لَكِنَّ الشِّهَابَ حَجّ يُخَالِفُ فِي ذَلِكَ وَكَأَنَّ الشَّارِحَ أَشَارَ بِمَا ذُكِرَ إلَى مُخَالَفَتِهِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ بِمَحْسُوبٍ لَهُ) قَالَ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ: يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَضْعُ الْأَعْضَاءِ السَّبْعَةِ فِي هَذَا السُّجُودِ، وَفِي هَذَا الْأَخْذِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ إذْ لَمْ تُوجَدْ حَقِيقَةُ السُّجُودِ حِينَئِذٍ فَلَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَابَعَهُ فِي السُّجُودِ، عَلَى أَنَّ هَذَا الْأَخْذَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي لَيْسَ لِلسُّجُودِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ كَالْإِشَارَةِ الَّتِي قَبْلَهُ لِلِانْتِقَالِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَتْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. وَحَاصِلُ التَّعْلِيلِ الَّذِي فِي الشَّارِحِ أَنَّ التَّكْبِيرَ إنَّمَا يَكُونُ إمَّا لِلْمُتَابَعَةِ أَوْ لِلْمَحْسُوبِ، وَالِانْتِقَالُ الْمَذْكُورُ لَيْسَ وَاحِدًا مِنْهُمَا

وَاَلَّذِي يَنْقَدِحُ أَنَّهُ يُكَبِّرُ لِلْمُتَابَعَةِ فَإِنَّهَا مَحْسُوبَةٌ لَهُ، قَالَ: وَأَمَّا سَجْدَتَا السَّهْوِ فَيَنْقَدِحُ فِي التَّكْبِيرِ لَهُمَا خِلَافٌ مِنْ الْخِلَافِ فِي أَنَّهُ يُعِيدُهُمَا آخِرَ صَلَاتِهِ أَوَّلًا إنْ قُلْنَا الْأَكْبَرُ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى. وَفِي كَوْنِ الثَّلَاثَةِ مَحْسُوبَةً لَهُ نَظَرٌ لَا يَخْفَى، إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ فِعْلَهُ كَذَلِكَ إنَّمَا كَانَ لِلْمُتَابَعَةِ، وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ تَكْبِيرِهِ لِلِانْتِقَالِ إلَيْهَا (وَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ) يَعْنِي انْتَقَلَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِمًا كَمُصَلٍّ مِنْ نَحْوِ جُلُوسٍ (الْمَسْبُوقُ مُكَبِّرًا إنْ كَانَ جُلُوسُهُ) مَعَ الْإِمَامِ (مَوْضِعَ جُلُوسِهِ) لَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا كَأَنْ أَدْرَكَهُ فِي ثَانِيَةِ الْمَغْرِبِ أَوْ ثَالِثَةِ الرُّبَاعِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ يُكَبِّرُ لَهُ الْمُنْفَرِدُ وَغَيْرُهُ بِلَا خِلَافٍ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يَقُومُ قَبْلَ سَلَامِ إمَامِهِ، فَإِنْ تَعَمَّدَهُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ مُفَارَقَةٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ كَانَ سَاهِيًا أَوْ جَاهِلًا لَمْ يُعْتَدَّ بِجَمِيعِ مَا أَتَى بِهِ حَتَّى يَجْلِسَ ثُمَّ يَقُومَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ، وَمَتَى عَلِمَ وَلَمْ يَجْلِسْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَيُفَارِقُ مَنْ قَامَ عَنْ إمَامِهِ عَامِدًا فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ حَيْثُ اعْتَدَّ بِقِرَاءَتِهِ قَبْلَ قِيَامِ إمَامِهِ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ لَهُ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَوْضِعَ جُلُوسِهِ لَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا كَأَنْ أَدْرَكَهُ فِي ثَانِيَةٍ أَوْ رَابِعَةِ رُبَاعِيَّةٍ أَوْ ثَالِثَةِ ثُلَاثِيَّةٍ (فَلَا) يُكَبِّرُ عِنْدَ قِيَامِهِ أَوْ مَا قَامَ مَقَامَهُ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَحَلِّ تَكْبِيرِهِ وَلَيْسَ فِيهِ مُوَافَقَةٌ لِإِمَامِهِ وَالثَّانِي يُكَبِّرُ لِئَلَّا يَخْلُوَ الِانْتِقَالُ عَنْ ذِكْرٍ. وَالسُّنَّةُ أَنْ لَا يَقُومَ الْمَسْبُوقُ إلَّا بَعْدَ تَسْلِيمَتَيْ إمَامِهِ وَيَجُوزُ بَعْدَ الْأُولَى، فَإِنْ مَكَثَ فِي مَحَلِّ جُلُوسِهِ لَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا جَازَ وَإِنْ طَالَ، أَوْ فِي غَيْرِهِ عَامِدًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إذَا زَادَ عَلَى جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ، وَيَلْحَقُ بِهَا الْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، أَمَّا قَدْرُهَا فَمُغْتَفَرٌ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يَنْقَدِحُ) أَيْ يَظْهَرُ ظُهُورًا وَاضِحًا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَهُوَ الرَّاجِحُ. (قَوْلُهُ: وَفِي كَوْنِ الثَّلَاثَةِ مَحْسُوبَةً) أَيْ سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَسَجْدَتَيْ السَّهْوِ، وَفِي نُسْخَةٍ التِّلَاوَةُ وَهِيَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ لَمْ يُنْقَلْ فِيهِمَا عَنْ أَحَدٍ أَنَّهَا مَحْسُوبَتَانِ لَهُ، وَإِنَّمَا هُمَا لِمَحْضِ الْمُتَابَعَةِ بِخِلَافِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ. (قَوْلُهُ: إلَيْهَا) أَيْ إلَى السَّجَدَاتِ الثَّلَاثِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَمَّدَهُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ مُفَارَقَةٍ بَطَلَتْ) وَلَا يُقَالُ غَايَتُهُ أَنَّهُ سَبَقَ بِرُكْنٍ، وَهُوَ لَا يَبْطُلُ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ قَدْ تَمَّتْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَقَوْلُهُ وَهُوَ أَيْ السَّبَقُ بِرُكْنٍ. (قَوْلُهُ: حَتَّى يَجْلِسَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ سَلَّمَ. (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) أَيْ لِعَدَمِ الْإِتْيَانِ بِالْجُلُوسِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ بَعْدَ الْأُولَى) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مَعَهَا، وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ حَيْثُ قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَقُومَ عَقِبَ الْأُولَى، فَإِنْ قَامَ قَبْلَ تَمَامِهَا عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ عَامِّيًّا، وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ حَيْثُ جَهِلَ التَّحْرِيمَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَامَ قَبْلَ سَلَامِ إمَامِهِ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، لَكِنْ لَا يُعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ فَيَجْلِسُ وُجُوبًا ثُمَّ يَقُومُ. (قَوْلُهُ: أَوْ فِي غَيْرِهِ عَامِدًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) قَدْ يُشْكِلُ الْبُطْلَانُ بِمَا مَرَّ لَهُ مِنْ عَدَمِهِ بِتَطْوِيلِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ هَذِهِ لَمَّا لَمْ تَكُنْ مَطْلُوبَةً مِنْهُ فَهِيَ زَائِدَةٌ فَيُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى قَدْرِ الضَّرُورَةِ. (قَوْلُهُ: عَلَى جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ) أَيْ عَلَى قَدْرِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَفِي كَوْنِ الثَّلَاثَةِ مَحْسُوبَةً لَهُ نَظَرٌ لَا يَخْفَى) كَانَ الْمُنَاسِبُ وَفِي كَوْنِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ مَحْسُوبًا، وَإِلَّا فَالْأَذْرَعِيُّ لَمْ يَدَّعِ حُسْبَانَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ لَهُ وَإِنَّمَا بَنَى التَّكْبِيرَ وَعَدَمَهُ فِيهِمَا عَلَى الْخِلَافِ الْمُقَرَّرِ فِيهِمَا، عَلَى أَنَّ مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ كَوْنِ سَجْدَتَيْ التِّلَاوَةِ وَسَجْدَتَيْ السَّهْوِ إنْ قُلْنَا بِعَدَمِ إعَادَتِهِمَا مِنْ الْمَحْسُوبِ لَا مَحِيصَ عَنْهُ وَمَا ادَّعَاهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ فِعْلَهُمَا لِمُجَرَّدِ الْمُتَابَعَةِ مَمْنُوعٌ كَمَا يَعْلَمُ ذَلِكَ مَنْ تَأَمَّلَ مَعْنَى كَلَامِهِمْ فِي الْمَحْسُوبِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَجْلِسَ ثُمَّ يَقُومَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ) أَيْ إنْ حَصَلَ جُلُوسُهُ قَبْلَ سَلَامِهِ، وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ جُلُوسُهُ ثُمَّ قِيَامُهُ فَوْرًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَقَدْ تَصْدُقُ بِهِ عِبَارَتُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي غَيْرِهِ عَامِدًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) لَا يُشْكِلُ بِمَا مَرَّ لَهُ مِنْ عَدَمِ الْبُطْلَانِ بِتَطْوِيلِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ إذْ لَا جَامِعَ وَفَرْقٌ بَيْنَ جُلُوسٍ مَطْلُوبٍ فِي أَصْلِهِ وَجُلُوسٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْمُتَابَعَةِ (قَوْلُهُ: وَيُلْحَقُ بِهَا) أَيْ فِي الْعِبَارَةِ وَكَانَ الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ: وَيُرَادِفُ ذَلِكَ قَوْلَنَا عَلَى

[باب كيفية صلاة المسافر]

لِأَقَلِّ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ فَهُوَ مُسَاوٍ لِعِبَارَةِ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ قَدْرُ طُمَأْنِينَةِ الصَّلَاةِ دُونَ مَا زَادَ عَلَيْهَا، وَقَدْ جَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي بِمَا يُوَافِقُ كَلَامَ الْأَذْرَعِيِّ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فِي الشَّرْطِ السَّادِسِ: أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِزِيَادَةِ جِلْسَةٍ يَسِيرَةٍ كَجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا، فَإِنْ كَانَ سَاهِيًا أَوْ جَاهِلًا لَمْ تَبْطُلْ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. (بَابُ) كَيْفِيَّةِ (صَلَاةِ الْمُسَافِرِ) مِنْ حَيْثُ الْقَصْرُ وَيَتْبَعُهُ الْكَلَامُ فِي قَصْرِ فَوَائِتِ الْحَضَرِ، وَالْجَمْعُ وَيَتْبَعُهُ الْجَمْعُ بِالْمَطَرِ فَانْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ بِأَنَّ التَّرْجَمَةَ نَاقِصَةٌ، عَلَى أَنَّ الْمَعِيبَ أَنْ يُتَرْجِمَ لِشَيْءٍ وَيَذْكُرَ أَنْقَصَ مِنْهُ، أَمَّا ذِكْرُ زَائِدٍ عَلَى الْبَابِ عَنْ التَّرْجَمَةِ فَلَا، وَقَدْ وَقَعَ مِثْلُ ذَلِكَ لِلْبُخَارِيِّ كَثِيرًا. وَالْأَصْلُ فِي الْقَصْرِ قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ} [النساء: 101] الْآيَةَ وَهِيَ مُقَيَّدَةٌ بِالْخَوْفِ لَكِنْ صَحَّ جَوَازُهُ فِي الْأَمْنِ لِخَبَرِ «لَمَّا سَأَلَ عُمَرُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ صَدَقَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا بَأْسَ) أَيْ لَا ضَرَرَ. بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ (قَوْلُهُ: صَلَاةُ الْمُسَافِرِ) اُنْظُرْ مَشْرُوعِيَّةَ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ فِي أَيِّ سَنَةٍ كَانَتْ. وَفِي حَاشِيَةِ الْعَلَّامَةِ الْقَلْيُوبِيِّ: وَشُرِعَتْ فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ قَالَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ، وَقِيلَ فِي رَبِيعِ الْآخَرِ مِنْ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ، قَالَهُ الدُّولَابِيُّ وَقِيلَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَأَوَّلُ الْجَمْعِ كَانَ فِي سَفَرِ غَزْوَةِ تَبُوكَ سَنَةَ تِسْعٍ مِنْ الْهِجْرَةِ. (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ الْقَصْرُ) أَيْ لَا مِنْ حَيْثُ الْأَرْكَانِ وَالشُّرُوطِ. (قَوْلُهُ: وَيَتْبَعُهُ الْكَلَامُ فِي قَصْرِ فَوَائِتِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذِهِ دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِهِ مِنْ حَيْثُ الْقَصْرِ إذْ هُوَ شَامِلٌ لِمَا يُفْعَلُ فِي السَّفَرِ فَإِنَّهُ فِي الْحَضَرِ أَوْلَى، وَقَوْلُهُ وَالْجَمْعُ عَطْفٌ عَلَى الْقَصْرِ. [فَائِدَةٌ] قَالَ ع: رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالطَّبَرَانِيُّ «خِيَارُ أُمَّتِي مَنْ يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَاَلَّذِينَ إذَا أَحْسَنُوا اسْتَبْشَرُوا وَإِذَا أَسَاءُوا اسْتَغْفَرُوا وَإِذَا سَافَرُوا قَصَرُوا وَأَفْطَرُوا» اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: لَمَّا سَأَلَ عُمَرُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) رَوَى ذَلِكَ عَنْهُ يَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ حَيْثُ قَالَ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. «قُلْت: لِعُمَرَ إنَّمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنْ خِفْتُمْ} [النساء: 101] ـــــــــــــــــــــــــــــQالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَإِلَّا فَأَصْلُ كُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَكُونَ بِقَدْرِ الطُّمَأْنِينَةِ فَهُمَا مُسْتَوِيَتَانِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَرْجِعَ الْعِبَارَاتِ الثَّلَاثِ وَاحِدٌ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ: لِأَقَلِّ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ) لَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِهِ الْقَصِيرِ إلَّا أَنَّهُ نَظَرَ فِيهِ لِمَا مَثَّلَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ جَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي) إنْ أَرَادَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَمَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فَلَعَلَّهُ سَبْقُ نَظَرٍ مِمَّا فِي الشَّرْحِ إلَى مَا فِي الْمَتْنِ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَيَحْرُمُ مُكْثُهُ، قَالَ الشَّارِحُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُغْتَفَرَ قَدْرُ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ، ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ أَشَارَ إلَيْهِ. انْتَهَى. وَإِنْ أَرَادَ فِي الشَّرْطِ السَّادِسِ فَسَتَعْلَمُ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ) يُوهِمُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ عَنْهَا عِبَارَةٌ عَمَّا تَقَدَّمَ كَمَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ مِثْلِ هَذَا التَّعْبِيرِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ عِبَارَتَهَا قَدْ تَشْمَلُ مَا نَحْنُ فِيهِ، عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ لَيْسَ عِبَارَةَ الرَّوْضَةِ بِالْحَرْفِ وَإِنَّمَا عِبَارَتُهَا: وَإِنْ تَرَكَ سُنَّةً وَكَانَ فِي الِاشْتِغَالِ بِهَا تَخَلُّفٌ فَاحِشٌ كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ لَمْ يَأْتِ بِهَا الْمَأْمُومُ فَإِنْ فَعَلَهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا إذَا كَانَ التَّخَلُّفُ لَهَا يَسِيرًا كَجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ فَلَا بَأْسَ كَمَا لَا بَأْسَ بِزِيَادَتِهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا انْتَهَتْ. [بَابُ كَيْفِيَّةِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ] بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ

تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ» وَيَجُوزُ فِيهِ الْإِتْمَامُ كَمَا صَحَّ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ " يَا رَسُولَ اللَّهِ قَصَرْتَ وَأَتْمَمْتُ وَأَفْطَرْتَ وَصُمْتُ ": أَيْ بِفَتْحِ التَّاءِ الْأُولَى وَضَمَّ الثَّانِيَةِ فِيهِمَا وَيَجُوزُ عَكْسُهُ، فَقَالَ: " أَحْسَنْت يَا عَائِشَةَ " وَأَمَّا خَبَرُ «فُرِضَتْ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ» أَيْ فِي السَّفَرِ فَمَعْنَاهُ لِمَنْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِمَا جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ، وَسَيَأْتِي مَا يَدُلُّ عَلَى الْجَمْعِ. . وَلَمَّا كَانَ الْقَصْرُ أَهَمَّ هَذِهِ الْأُمُورِ بَدَأَ الْمُصَنِّفُ بِهِ فَقَالَ (إنَّمَا) (تُقْصَرُ رُبَاعِيَّةٌ) لَا صُبْحٌ وَمَغْرِبٌ بِالْإِجْمَاعِ وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «فُرِضَتْ الصَّلَاةُ فِي الْخَوْفِ رَكْعَةً» فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ يُصَلِّيهَا فِيهِ مَعَ الْإِمَامِ وَيَنْفَرِدُ بِالْأُخْرَى، إذْ الصُّبْحُ لَوْ قَصُرَتْ لَمْ تَكُنْ شَفْعًا وَخَرَجَتْ عَنْ مَوْضُوعِهَا، وَالْمَغْرِبُ لَا يُمْكِنُ قَصْرُهَا إلَى رَكْعَتَيْنِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا وِتْرًا وَلَا إلَى رَكْعَةٍ لِخُرُوجِهَا بِذَلِكَ عَنْ بَاقِي الصَّلَوَاتِ. وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الرُّبَاعِيَّةُ مَكْتُوبَةً مِنْ الْخَمْسِ فَلَا تُقْصَرُ مَنْذُورَةٌ وَلَا نَافِلَةٌ لِعَدَمِ وُرُودِهِ (مُؤَدَّاةٌ) وَفَائِتَةُ السَّفَرِ الْآتِيَةِ مُلْحَقَةٌ بِهَا فَلَا يُنَافِي الْحَضَرَ، أَوْ أَنَّهُ إضَافِيٌّ لَا سِيَّمَا وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا تُقْصَرُ فَائِتَةُ الْحَضَرِ فِي السَّفَرِ كَمَا سَيَأْتِي (فِي السَّفَرِ الطَّوِيلِ) اتِّفَاقًا فِي الْأَمْنِ وَعَلَى الْأَظْهَرِ فِي الْخَوْفِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَقَدْ أَمِنَ النَّاسُ فَقَالَ: عَجِبْت مِمَّا عَجِبْت مِنْهُ، فَسَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: صَدَقَةٌ» إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ عَكْسُهُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْعَرَبِيَّةُ، وَإِلَّا فَهَذَا إخْبَارٌ عَنْ قَضِيَّةٍ وَقَعَتْ وَلَيْسَتْ هِيَ مُحْتَمِلَةٌ لِلْأَمْرَيْنِ حَتَّى يَجُوزَ كُلٌّ، فَإِنْ كَانَ الْقَاصِرُ وَالْمُفْطِرُ هُوَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَعَيَّنَ فَتْحُ التَّاءِ فِي الْأَوَّلَيْنِ مِنْهُمَا أَوْ عَائِشَةُ تَعَيَّنَ الْعَكْسُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْقَصْرَ وَالْإِتْمَامَ وَقَعَا فِي يَوْمَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ. وَعِبَارَةُ الْبَيْضَاوِيِّ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ وَيُؤَيِّدُهُ: أَيْ جَوَازُ الْقَصْرِ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَتَمَّ فِي السَّفَرِ» ، «وَأَنَّ عَائِشَةَ اعْتَمَرَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَصَرْتَ وَأَتْمَمْتُ وَصُمْتَ وَأَفْطَرْتُ، فَقَالَ: أَحْسَنْتِ يَا عَائِشَةُ» . (قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَ الْقَصْرُ أَهَمَّ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّ فِيهِ تَرْكَ بَعْضِ الصَّلَاةِ وَلِكَوْنِهِ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْحَنَفِيَّةِ (قَوْلُهُ: لَا صُبْحَ وَمَغْرِبَ بِالْإِجْمَاعِ) نَعَمْ حُكِيَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا جَوَازُ قَصْرِ الصُّبْحِ فِي الْخَوْفِ إلَى رَكْعَةٍ اهـ حَجّ. وَكَأَنَّهُ لِشُذُوذِهِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ فِي مُخَالَفَةِ الْإِجْمَاعِ، وَفِي حَجَرٍ أَيْضًا: وَعَمَّمَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَمَنْ تَبِعَهُ الْقَصْرَ إلَى رَكْعَةٍ فِي الْخَوْفِ فِي الصُّبْحِ وَغَيْرِهَا لِعُمُومِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الرَّبَاعِيَةُ مَكْتُوبَةً) الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجُوزُ قَصْرُ الْمُعَادَةِ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ شَرْطُ الْقَصْرِ الْمَكْتُوبَةُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْمَكْتُوبَةُ وَلَوْ أَصَالَةً، وَلِهَذَا يَجُوزُ لِلصَّبِيِّ الْقَصْرُ مَعَ أَنَّهَا غَيْرُ مَكْتُوبَةٍ فِي حَقِّهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قِيلَ إنَّ الْفَرْضَ إحْدَاهُمَا، وَمِنْ ثَمَّ وَجَبَتْ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ فَلَيْسَتْ نَفْلًا مَحْضًا مُبْتَدَأً حَتَّى يَمْتَنِعَ الْقَصْرُ، وَلَهُ إعَادَتُهَا تَامَّةً: أَيْ إنْ صَلَّاهَا مَقْصُورَةً، وَلَوْ صَلَّاهَا تَامَّةً يَنْبَغِي أَنْ يَمْتَنِعَ إعَادَتُهَا مَقْصُورَةً م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِتْمَامَ هُوَ الْأَصْلُ، وَالْإِعَادَةَ فِعْلُ الشَّيْءِ ثَانِيًا بِصِفَتِهِ الْأُولَى، وَكَانَ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إذَا قَصَرَ الْأُولَى لَا يُعِيدُهَا إلَّا مَقْصُورَةً، لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْإِتْمَامُ هُوَ الْأَصْلُ جَازَ إعَادَتُهَا تَامَّةً، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يُعِدْهَا لِخَلَلٍ فِي الْأُولَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَجُوزُ عَكْسُهُ) يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِهَذَا التَّجْوِيزِ مَعَ أَنَّ الضَّبْطَ تَابِعٌ لِلْوَاقِعِ، فَإِنْ كَانَ الْوَاقِعُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَصَرَ وَأَتَمَّتْ وَأَفْطَرَ وَصَامَتْ تَعَيَّنَ فَتْحُ الْأَوَّلَيْنِ مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ تَعَيَّنَ ضَمُّهُمَا. وَأَجَابَ عَنْهُ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ بِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ لِمُجَرَّدِ الْإِعْرَابِ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ، إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ التَّاءَ قَابِلَةٌ فِي حَدِّ ذَاتِهَا لِلْفَتْحِ وَالضَّمِّ، وَالْأَوْلَى فِي الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ: السَّفَرُ الَّذِي سَأَلَتْ فِيهِ عَائِشَةُ وَقَعَ فِيهِ الْأَمْرَانِ جَمِيعًا، فَتَارَةً صَامَتْ وَأَفْطَرَ وَأَتَمَّتْ وَقَصَرَ وَتَارَةً بِالْعَكْسِ، فَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا سَأَلَتْ مَرَّتَيْنِ فِي كُلِّ مُرَّةٍ عَنْ حَالَةٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا سَأَلَتْ مَرَّةً وَاحِدَةً عَنْ إحْدَاهُمَا فَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِيمَا سَأَلَتْ عَنْهُ مِنْ الْحَالَتَيْنِ لِوُقُوعِهِمَا إنْ كَانَ هُنَاكَ رِوَايَاتٌ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّهُ إضَافِيٌّ) أَيْ لَا فَائِتَةُ الْحَضَرِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَظْهَرِ فِي الْخَوْفِ) لَعَلَّ مُقَابِلَ الْأَظْهَرِ

(الْمُبَاحِ) أَيْ الْجَائِزِ سَوَاءٌ كَانَ وَاجِبًا أَمْ مَنْدُوبًا مُبَاحًا أَمْ مَكْرُوهًا، وَمِنْهُ أَنْ يُسَافِرَ وَحْدَهُ مُنْفَرِدًا لَا سِيَّمَا فِي اللَّيْلِ لِخَبَرِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ «كَرِهَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْوَحْدَةَ فِي السَّفَرِ وَلَعَنَ رَاكِبَ الْفَلَاةِ وَحْدَهُ» أَيْ إنْ ظَنَّ لُحُوقَ ضَرَرٍ بِهِ وَقَالَ «الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ وَالرَّاكِبَانِ شَيْطَانَانِ وَالثَّلَاثَةُ رَكْبٌ» فَيُكْرَهُ أَيْضًا اثْنَانِ فَقَطْ لَكِنَّ الْكَرَاهَةَ فِيهِمَا أَخَفُّ، وَصَحَّ خَبَرُ «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا أَعْلَمُ فِي الْوَحْدَةِ مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ» نَعَمْ مَنْ كَانَ أُنْسُهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى بِحَيْثُ صَارَ أُنْسُهُ مَعَ الْوَحْدَةِ كَأُنْسِ غَيْرِهِ مَعَ الرُّفْقَةِ لَمْ يُكْرَهْ فِي حَقِّهِ مَا ذُكِرَ فِيمَا يَظْهَرُ، كَمَا لَوْ دَعَتْ حَاجَةٌ إلَى الِانْفِرَادِ وَالْبَعْدِ عَنْ الرُّفْقَةِ إلَى حَدٍّ لَا يَلْحَقُهُ غَوْثُهُمْ فَلَا يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْوَحْدَةِ كَمَا لَا يَخْفَى، فَلَا قَصْرَ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ كَمَا سَيَأْتِي، وَلَوْ خَرَجَ لِجِهَةٍ مُعَيَّنَةٍ تَبَعًا لِشَخْصٍ لَا يَعْلَمُ سَبَبَ سَفَرِهِ أَوْ لِتَنْفِيذِ كِتَابٍ لَا يَعْلَمُ مَا فِيهِ " فَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ إلْحَاقُهُ بِالْمُبَاحِ. (لَا فَائِتَةُ الْحَضَرِ) وَلَوْ عَلَى احْتِمَالٍ، وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي سَفَرٌ يَمْتَنِعُ الْقَصْرُ فِيهِ فَلَا يَقْصُرُهَا وَإِنْ قَضَاهَا فِي السَّفَرِ بِالْإِجْمَاعِ وَلِأَنَّهَا ثَبَتَتْ فِي ذِمَّتِهِ تَامَّةً فَلَا يَبْرَأُ مِنْهَا إلَّا بِفِعْلِهَا كَذَلِكَ، وَلَوْ سَافَرَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا لَا يَسَعُهَا فَإِنْ كَانَتْ قَضَاءً لَمْ تُقْصَرْ وَإِلَّا قَصَرَهَا. قِيلَ وَعُلِمَ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ إنْ فَعَلَ فِي السَّفَرِ رَكْعَةً فَأَكْثَرَ قَصْرَهَا وَإِلَّا فَلَا وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ. (وَلَوْ قَضَى) (فَائِتَةَ السَّفَرِ) الْمُبِيحِ لِلْقَصْرِ (فَالْأَظْهَرُ قَصْرُهُ فِي السَّفَرِ) الَّذِي هُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَوْ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ وَإِلَّا جَازَ لَهُ قَصْرُ الثَّانِيَةِ وَإِتْمَامُهَا حَيْثُ كَانَ يَقُولُ بِهِ الْمُخَالِفُ، وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ أَنَّ الْأَوْجَهَ إعَادَتُهَا مَقْصُورَةً بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَلَوْ اقْتَدَى بِمُتِمٍّ لَحْظَةً لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ. (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَكْرُوهِ، وَقَوْلُهُ أَنْ يُسَافِرَ وَحْدَهُ وَلَوْ قَصُرَ السَّفَرُ، وَقَوْلُهُ مُنْفَرِدًا فِي حَجّ إسْقَاطُ مُنْفَرِدًا وَهُوَ أَوْلَى لِلْعِلْمِ بِالِانْفِرَادِ عَنْ قَوْلِهِ وَحْدَهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا تَأْكِيدٌ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ «الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ» ) أَيْ كَالشَّيْطَانِ فِي أَنَّهُ يَبْعُدُ عَنْ النَّاسِ لِئَلَّا يُطَّلَعَ عَلَى أَفْعَالِهِ الْقَبِيحَةِ، وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْكَرَاهَةَ فِيهِمَا أَخَفُّ) أَيْ مِنْ الْوَاحِدِ. (قَوْلُهُ: مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ) خَصَّ الرَّاكِبَ وَاللَّيْلَ؛ لِأَنَّهُمَا مَظِنَّةُ الْخَوْفِ أَكْثَرُ، وَإِلَّا فَمِثْلُ الرَّاكِبِ الْمَاشِي وَمِثْلُ اللَّيْلِ النَّهَارُ. (قَوْلُهُ: تَبَعًا لِشَخْصٍ لَا يَعْلَمُ سَبَبَ سَفَرِهِ) دَخَلَ فِيهِ مَا لَوْ لَمْ يَظُنَّ مِنْ حَالِ مَتْبُوعِهِ شَيْئًا، وَقَوْلُهُ سَبَبُ سَفَرِهِ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّ مَتْبُوعَهُ مُسَافِرٌ لِمَعْصِيَةٍ لَا يَجُوزُ لَهُ السَّفَرُ مَعَهُ وَلَا التَّرَخُّصُ بِتَقْدِيرِ سَفَرِهِ لِعِصْيَانِهِ بِهِ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ إذَا كَانَ التَّابِعُ لَا يُشَارِكُهُ فِي الْمَعْصِيَةِ الَّتِي سَافَرَ لِأَجْلِهَا، ثُمَّ رَأَيْت مَا سَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ الْآتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَعْلَمُ مَوْضِعَهُ وَإِنْ امْتَنَعَ عَلَى الْمَتْبُوعِ الْقَصْرُ فِيمَا يَظْهَرُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى إيصَالِهِ وَعَلِمَ أَنَّ فِيهِ مَعْصِيَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ إيصَالِهِ وُقُوعُ الْمَعْصِيَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَى احْتِمَالٍ) بِأَنْ شَكَّ. (قَوْلُهُ: إلَّا بِفِعْلِهَا كَذَلِكَ) أَيْ تَامَّةً. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ قَضَاءً) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ وَقْتِهَا مَا يَسَعُ رَكْعَةً كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمُقْتَضَى إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ) أَيْ قَوْلِهِ فَإِنْ كَانَتْ قَضَاءً إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ) وَوُجِدَ بِبَعْضِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يُشْتَرَطُ الطُّولُ فِي الْخَوْفِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَيْ إنْ ظَنَّ لُحُوقَ ضَرَرٍ بِهِ) هَذَا إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَدِيثِ الثَّانِي،؛ لِأَنَّ اللَّعْنَ فِيهِ يُؤْذِنُ بِالْحُرْمَةِ فَهُوَ قَاصِرٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: تَبَعًا لِشَخْصٍ لَا يَعْلَمُ سَبَبَ سَفَرِهِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ إذَا عَلِمَهُ وَأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ لَا يَقْصُرُ، وَأَشَارَ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ إلَى أَنَّ هَذَا الْمَفْهُومَ غَيْرُ مُرَادٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا يُعْلَمُ مَوْضِعُهُ، وَإِنْ امْتَنَعَ عَلَى الْمَتْبُوعِ الْقَصْرُ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَقَدْ يَمْنَعُ هَذَا الْأَخْذَ بِعُمُومِهِ؛ لِأَنَّ مَا يَأْتِي مَفْرُوضٌ فِي الْأَسِيرِ فَهُوَ مَقْهُورٌ فَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ سَبَبٌ فِي مَعْصِيَةٍ أَصْلًا فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ حُكْمُ عُمُومِ التَّابِعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَقْهُورًا فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ قَضَاءً) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَقَعْ جَمِيعُهَا فِي الْوَقْتِ عَلَى الْمَرْجُوحِ، أَوْ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ قَدْرُ رَكْعَةٍ مِنْ الْوَقْتِ عَلَى الرَّاجِحِ (قَوْلُهُ: قِيلَ وَعُلِمَ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ إنْ فَعَلَ إلَخْ) لَفْظُ قِيلَ أَلْحَقَهُ الشَّارِحُ فِي النُّسَخِ

كَانَ سَفَرًا آخَرَ وَتَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا إقَامَةٌ طَوِيلَةٌ لِوُجُودِ سَبَبِ الْقَصْرِ فِي قَضَائِهَا كَأَدَائِهَا، وَبِهِ فَارَقَ عَدَمَ قَضَاءِ الْجُمُعَةِ جُمُعَةً وَمَا قَرَّرْنَاهُ فِي السَّفَرِ الْآخَرِ غَيْرُ وَارِدٍ عَلَى الْمُصَنَّفِ، وَلَوْ قُلْنَا بِالْمَشْهُورِ أَنَّ الْمَعْرِفَةَ إذَا أُعِيدَتْ تَكُونُ عَيْنَ الْأَوْلَى، إذْ قَوْلُهُ دُونَ الْحَضَرِ يُبَيِّنُ عَدَمَ الْفَرْقِ، وَمَحَلُّ تِلْكَ الْقَاعِدَةِ عَلَى مَا فِيهَا مِنْ نِزَاعٍ عِنْدَ عَدَمِ قَرِينَةٍ تَصْرِفُ الثَّانِيَةَ لِغَيْرِ الْأُولَى أَوْ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْهَا، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرُ يَقْصُرُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ فِي الْقَضَاءِ مَا كَانَ يَلْزَمُهُ فِي الْأَدَاءِ، وَفِي قَوْلِ يُتِمُّ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ رُدَّتْ إلَى رَكْعَتَيْنِ، فَإِذَا فَاتَتْ أَتَى بِالْأَرْبَعِ كَالْجُمُعَةِ، وَفِي قَوْلٍ أَيْضًا: إنْ قَضَاهَا فِي ذَلِكَ السَّفَرِ قَصَرَ وَإِلَّا فَلَا (دُونَ الْحَضَرِ) وَمَا أُلْحِقَ بِهِ لِفَقْدِ سَبَبِ الْقَصْرِ حَالَ فِعْلِهَا. (وَمَنْ) (سَافَرَ مِنْ بَلْدَةٍ) لَهَا سُورٌ (فَأَوَّلُ سَفَرِهِ مُجَاوَزَةُ سُورِهَا) الْمُخْتَصِّ بِهَا وَلَوْ مُتَعَدِّدًا كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَوْ كَانَ دَاخِلَهُ مَزَارِعُ وَخَرَابٌ، إذْ مَا فِي دَاخِلِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالنُّسَخِ بِإِصْلَاحِ الْمُؤَلِّفِ بَدَلَ قَوْلِهِ وَمُقْتَضَى إلَخْ، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجَرٍ قَوْلُهُ: وَلَوْ سَافَرَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ إلَخْ، هَلْ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ شَرَعَ فِيهَا وَأَدْرَكَ فِي الْوَقْتِ رَكْعَةً حَتَّى لَوْ لَمْ يَشْرَعْ بَلْ أَخَّرَهَا عَنْ الْوَقْتِ امْتَنَعَ قَصْرُهَا إذْ مُجَرَّدُ بَقَاءِ قَدْرِ رَكْعَةٍ مِنْ الْوَقْتِ بَعْدَ السَّفَرِ مُجَوِّزٌ لِقَصْرِهَا وَإِنْ أَخْرَجَهَا عَنْ الْوَقْتِ، وَكَلَامُ الشَّارِحِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ كَالصَّرِيحِ فِي الثَّانِي وَكَأَنَّ وَجْهَهُ أَنَّهَا حِينَئِذٍ فَائِتَةُ سَفَرٍ، وَقَوْلُ الْبَهْجَةِ: وَلَوْ أَخَّرَ وَقْتَ فَرْضِهِ وَقَدْ بَقِيَ قَدْرُ رَكْعَةٍ إلَخْ دَالٌّ عَلَى الثَّانِي دَلَالَةً لَا خَفَاءَ مَعَهَا بَلْ لَا تَكَادُ تَحْتَمِلُ غَيْرَهُ، لَكِنْ نُقِلَ عَنْ فَتَاوَى شَيْخِنَا الشِّهَابِ أَحْمَدَ الرَّمْلِيِّ الْأَوَّلُ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَوْلُهُ خِلَافُهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ: أَيْ فَيَقْصِرُهَا إذَا سَافَرَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ رَكْعَةً سَوَاءٌ شَرَعَ فِيهِ فِي الْوَقْتِ أَمْ لَا، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الزِّيَادِيُّ اهـ. وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَجِبُ كَوْنُ التَّأْخِيرِ بِنِيَّةِ الْجَمْعِ مَا يُوَافِقُهُ، حَيْثُ قَالَ ثَمَّ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَوَازِ الْقَصْرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ عَدَمِ قَضَاءِ الْجُمُعَةِ جُمُعَةً) أَيْ لِانْتِفَاءِ سَبَبِ كَوْنِهَا جُمُعَةً وَهُوَ الْوَقْتُ. (قَوْلُهُ: وَمَا قَرَّرْنَاهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ الَّذِي هُوَ كَذَلِكَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِالْمَشْهُورِ أَنَّ الْمَعْرِفَةَ) هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ بَدَلٌ مِنْ الْمَشْهُورِ، وَالْبَدَلُ عَلَى نِيَّةِ تَكْرَارِ الْعَامِلِ فَالْبَاءُ مُقَدَّرَةٌ فِيهِ. (قَوْلُهُ: يُبَيِّنُ عَدَمَ الْفَرْقِ) أَيْ بَيْنَ قَضَائِهَا فِي السَّفَرِ الَّذِي فَاتَتْ فِيهِ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ عَدَمِ قَرِينَةٍ) أَيْ وَقَدْ وُجِدَتْ هُنَا، وَهِيَ قَوْلُهُ دُونَ الْحَضَرِ. (قَوْلُهُ: وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ يَقْصِرُ فِيهِمَا) أَيْ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، وَلَوْ أَخَّرَ هَذَا عَنْ قَوْلِهِ الْآتِي دُونَ الْحَضَرِ كَانَ أَوْلَى. (قَوْلُهُ: وَمَا أُلْحِقَ بِهِ) أَيْ كَسَفَرِ الْمَعْصِيَةِ. (قَوْلُهُ: مُجَاوَزَةُ سُورِهَا) هُوَ بِالْهَمْزِ الْبَقِيَّةُ وَبِعَدَمِهِ الْمُحِيطُ بِالْبَلَدِ اهـ عَمِيرَةَ. وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: اعْلَمْ أَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ بَابَ السُّورِ لَهُ كَتِفَانِ خَارِجَانِ عَنْ مُحَاذَاةِ عَتَبَتِهِ بِحَيْثُ إنَّ الْخَارِجَ يُجَاوِزُ الْعَتَبَةَ، وَهُوَ فِي الْمُحَاذَاةِ الْكَتِفَيْنِ، فَهَلْ يَتَوَقَّفُ جَوَازُ الْقَصْرِ عَلَى مُجَاوَزَةِ مُحَاذَاتِهِ الْكَتِفَيْنِ فَلَيْسَ لَهُ الْقَصْرُ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ ذَلِكَ وَإِنْ انْفَصَلَ عَنْ الْعَتَبَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَمَالَ م ر لِلتَّوَقُّفِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ. أَقُولُ: وَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ لِلتَّوَقُّفِ التَّوَقُّفُ عَلَى مُجَاوَزَةِ السُّورِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَا يُعَدُّ مُجَاوِزًا لِلسُّورِ إلَّا بِمُجَاوَزَةِ جَمِيعِ أَجْزَائِهِ، وَمِنْهَا الْكَتِفَانِ. ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَشْتَرِطُ فِي الْقَرْيَةِ أَيْضًا مُجَاوَزَةُ مَطْرَحِ الرَّمَادِ وَمَلْعَبِ الصِّبْيَانِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ، وَوَافَقَ عَلَيْهِ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَبِبَعْضِ الْهَوَامِشِ نَقْلًا عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعَصْرِ بَعْدَ مَا ذَكَرَهُ سم هَذِهِ طَرِيقَةٌ. وَاَلَّذِي مَشَى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ وَهُوَ أَظْهَرُ. وَوَجْهُهُ أَنَّا إذَا لَمْ نَعْتَبِرْ الْبَسَاتِينَ وَإِنْ كَانَتْ تُسْكَنُ فِي بَعْضِ فُصُولِ السَّنَةِ فَلَا يُعْتَبَرُ مَا ذَكَرَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى اهـ. أَقُولُ: وَقَدْ تُمْنَعُ الْأَوْلَوِيَّةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَكَذَا قَوْلُهُ: آخِرَ السِّوَادَةِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ، وَكَأَنَّهُ مَشَى أَوَّلًا عَلَى مَا نَقَلَ عَنْ فَتَاوَى وَالِدِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ فِعْلِ رَكْعَةٍ فِي الْوَقْتِ بِالْفِعْلِ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ فَالْحَقُّ مَا ذَكَرَ، فَالشَّرْطُ حِينَئِذٍ أَنْ يُسَافِرَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ قَدْرُ رَكْعَةٍ سَوَاءٌ أَشَرَعَ فِيهَا أَمْ لَا إذْ يَصْدُقُ عَلَيْهَا أَنَّهَا فَائِتَةُ سَفَرٍ وَمَا نَقَلَ عَنْ فَتَاوَى وَالِدِهِ لَيْسَ مَوْجُودًا فِيهَا

السُّورِ مَعْدُودٌ مِنْ نَفْسِ الْبَلَدِ مَحْسُوبٌ مِنْ مَوْضِعِ الْإِقَامَةِ، وَإِنْ كَانَ لَهَا بَعْضُ سُورٍ وَهُوَ صَوْبُ مَقْصِدِهِ اُشْتُرِطَ مُجَاوَزَتُهُ، وَلَوْ كَانَ السُّورُ مُتَهَدِّمًا وَبَقِيَتْ لَهُ بَقَايَا اُشْتُرِطَ مُجَاوَزَتُهُ وَإِلَّا فَلَا، وَيُحْمَلُ الْكَلَامَانِ عَلَى هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ وَالْخَنْدَقُ فِيمَا لَا سُورَ لَهَا كَالسُّورِ، وَبَعْضُهُ كَبَعْضِهِ وَإِنْ خَلَا عَنْ الْمَاءِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ مَعَ وُجُودِ السُّورِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَوْ أُنْشِئَتْ إلَى جَانِبِ جَبَلٍ لِيَكُونَ كَالسُّورِ لَهَا اُشْتُرِطَ فِي حَقِّ مَنْ يُسَافِرُ إلَى جِهَتِهِ أَنْ يَقْطَعَهُ إذَا كَانَ أَرْتِفَاعُهُ مُقْتَصَدًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُقْتَصَدًا اُشْتُرِطَ مُجَاوَزَةُ مَا يُنْسَبُ إلَيْهِ عُرْفًا كَمَا قَالُوا فِي النَّازِلِ إلَى وَهْدَةٍ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَصْعَدَ عِنْدَ الِاعْتِدَالِ وَلَا نَقْلَ عِنْدِي، وَيَلْحَقُ بِالسُّورِ تَحْوِيطُ أَهْلِ الْقُرَى عَلَيْهَا بِتُرَابٍ أَوْ نَحْوِهِ (فَإِنْ كَانَ وَرَاءَهُ عِمَارَةٌ) كَدُورٍ مُلَاصِقَةٍ لَهُ عُرْفًا (اُشْتُرِطَ مُجَاوَزَتُهَا) أَيْضًا (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِدَاخِلِهِ فَيَثْبُتُ لَهَا حُكْمُهُ (قُلْت: الْأَصَحُّ لَا يُشْتَرَطُ) مُجَاوَزَتُهَا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِعَدَمِ عَدِّهَا مِنْ الْبَلَدِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُقَالُ سَكَنَ فُلَانٌ خَارِجَ الْبَلَدِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ: لَا يَجُوزُ لِمَنْ فِي الْبَلَدِ أَنْ يَدْفَعَ زَكَاتَهُ لِمَنْ هُوَ خَارِجُ السُّورِ؛ لِأَنَّهُ نَقْلٌ لِلزَّكَاةِ، وَلَا يُنَافِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبَلْ وَالْمُسَاوَاةُ. وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْبَسَاتِينِ وَمَرَافِقِ الْقَرْيَةِ بِأَنَّ الْبَسَاتِينَ لَا تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهَا إلَّا نَادِرًا، بِخِلَافِ مَرَافِقِ الْقَرْيَةِ مِنْ نَحْوِ مَطْرَحِ الرَّمَادِ وَمَلْعَبِ الصِّبْيَانِ فَإِنَّ الْحَاجَةَ الْمُؤَكَّدَةَ بَلْ الضَّرُورَةَ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْقَرْيَةِ لَا يَسْتَغْنُونَ عَنْهَا فَاشْتُرِطَتْ مُجَاوَزَتُهَا. وَقَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ اشْتِرَاطَ مُجَاوَزَةِ الْمَقَابِرِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْقَرْيَةِ الَّتِي لَا سُوَرَ لَهَا اهـ. وَبَقِيَ مَا لَوْ هُجِرَتْ الْمَقْبَرَةُ الْمَذْكُورَةُ وَاُتُّخِذَ غَيْرُهَا، هَلْ يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهَا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِنِسْبَتِهَا لَهُمْ وَاحْتِرَامِهَا. نَعَمْ لَوْ انْدَرَسَتْ وَانْقَطَعَتْ نِسْبَتُهَا لَهُمْ فَلَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهَا، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا نُقِلَ عَنْ م ر مِنْ اشْتِرَاطِ مُجَاوَزَتِهَا. (قَوْلُهُ: اشْتَرَطَ مُجَاوَزَتَهُ) أَيْ السُّورِ الَّذِي بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ) أَيْ الْخَنْدَقِ (قَوْلُهُ: مَعَ وُجُودِ السُّورِ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَوْ كَانَ عَلَى بَابِ الْبَلَدِ قَنْطَرَةٌ اُشْتُرِطَ مُجَاوَزَتُهَا قَالَهُ فِي التَّتِمَّةِ اهـ. عِبَارَةُ الْعُبَابِ وَالْخَنْدَقِ كَالسُّورِ، وَكَذَا قَنْطَرَةُ الْبَابِ اهـ. وَلَوْ كَانَتْ الْقَنْطَرَةُ عَلَى بَابِ السُّورِ فَيَتَّجِهُ اشْتِرَاطُ مُجَاوَزَتِهَا، وَلَا يَكْفِي مُجَاوَزَةُ السُّورِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سُوَرٌ اُشْتُرِطَ. ثُمَّ رَأَيْت م ر قَالَ: لَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ الْخَنْدَقِ أَوْ الْقَنْطَرَةِ سَوَاءٌ السُّورُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سُوَرٌ اُشْتُرِطَ اهـ. وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ خَنْدَقٌ وَقَنْطَرَةٌ وَلَا سُوَرَ هُنَاكَ فَهَلْ يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهُمَا مَعًا أَوْ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِاَلَّذِي يَمُرُّ عَلَيْهِ أَوَّلًا مِنْهُمَا. وَنُقِلَ عَنْ سم بِهَامِشِ الْعُبَابِ مَا يُوَافِقُهُ، وَانْظُرْ مَا سُورَةُ الْقَنْطَرَةِ الَّتِي يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهَا مَعَ أَنَّ الَّذِي نَعْرِفُهُ فِي الْقَنَاطِرِ إنَّمَا هُوَ جَعْلُهَا لِلْمُرُورِ عَلَيْهَا لَا لِحِفْظِ الْبَلَدِ. (قَوْلُهُ: لَوْ أُنْشِئَتْ) أَيْ قَرْيَةٌ، وَقَوْلُهُ إلَى جَانِبِ جَبَلٍ لِيَكُونَ كَالسُّورِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَقْصِدُوا كَوْنَهُ كَالسُّورِ بَلْ حَصَلَ ذَلِكَ بِحَسَبِ مَا اُتُّفِقَ عِنْدَ إرَادَةِ الْبِنَاءِ لِعَدَمِ صَلَاحِيَةِ غَيْرِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مَثَلًا لَمْ يُشْتَرَطْ مُجَاوَزَتُهُ، وَأَسْقَطَ هَذَا التَّعْلِيلَ حَجَرٌ فَاقْتَضَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ حَصَلَ بِهِ مَنْفَعَةٌ لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ. (قَوْلُهُ: مُقْتَصِدًا) أَيْ مُتَوَسِّطًا. (قَوْلُهُ: اُشْتُرِطَ مُجَاوَزَةُ مَا يُنْسَبُ إلَيْهِ) أَيْ الْمَنْشَأُ بِجَانِبِ الْبَلَدِ. (قَوْلُهُ: كَمَا قَالُوا فِي النَّازِلِ) أَيْ الْمُقِيمِ فِي وَهْدَةٍ فَإِلَى فِيهِ بِمَعْنَى فِي. (قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ بِالسُّورِ تَحْوِيطُ أَهْلِ الْقُرَى عَلَيْهَا) أَيْ لِإِرَادَةِ حِفْظِهَا مِنْ الْمَاءِ مَثَلًا. أَمَّا مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ إلْقَاءِ الرَّمَادِ وَنَحْوِهِ حَوْلَ الْبَلَدِ فَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ فَلَا يَكُونُ كَالسُّورِ لَكِنَّهُ يُعَدُّ مِنْ مَرَافِقِهَا عَلَى مَا مَرَّ فِي كَلَامِ سم نَقْلًا عَنْ م ر. (قَوْلُهُ: مَنْ هُوَ خَارِجَ السُّورِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْآخِرُ مِنْ الَّذِينَ بُيُوتُهُمْ دَاخِلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: الْكَلَامَانِ) أَيْ كَلَامُ مَنْ أَطْلَقَ اشْتِرَاطَ مُجَاوَزَةِ السُّورِ الْمَهْدُومِ وَكَلَامُ مَنْ أَطْلَقَ عَدَمَ اشْتِرَاطِهِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَقْطَعَهُ) أَيْ يَصْعَدَهُ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ. وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَأَلْحَقَ الْأَذْرَعِيُّ بِهِ قَرْيَةً أُنْشِئَتْ بِجَانِبِ جَبَلٍ يُشْتَرَطُ فِيمَنْ سَافَرَ

مَا يَأْتِي أَنَّهُ لَوْ اتَّصَلَ بِنَاءُ قَرْيَةٍ بِأُخْرَى اُشْتُرِطَتْ مُجَاوَزَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا السُّورَ فَاصِلًا بَيْنَهُمَا، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ مَنْ بِالْعُمْرَانِ الَّذِي إذَا أَرَادَ أَنْ يُسَافِرَ مِنْ جِهَةِ السُّورِ لَمْ يُشْتَرَطْ مُجَاوَزَةُ السُّورِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ خَارِجِهِ كَبَلْدَةٍ مُنْفَصِلَةٍ عَنْ أُخْرَى، وَلَا مَا أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ فِيمَنْ سَافَرَ قَبْلَ فَجْرِ رَمَضَانَ مِنْ اعْتِبَارِ الْعُمْرَانِ؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى سَفَرِهِ مِنْ بَلْدَةٍ لَا سُورَ لَهَا لِيُوَافِقَ مَا هُنَا (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا سُورٌ) أَصْلًا أَوْ فِي جِهَةِ مَقْصِدِهِ أَوْ كَانَ لَهَا سُورٌ غَيْرُ خَاصٍّ بِهَا كَقُرًى مُتَفَاصِلَةٍ جَمَعَهَا سُورٌ وَلَوْ مَعَ التَّقَارُبِ (فَأَوَّلُهُ) أَيْ سَفَرِهِ (مُجَاوَزَةُ الْعُمْرَانِ) وَإِنْ تَخَلَّلَهُ خَرَابٌ لَا أُصُولُ أَبْنِيَةٍ بِهِ أَوْ نَهْرٌ وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا أَوْ مَيْدَانًا لِكَوْنِهِ مَحَلَّ الْإِقَامَةِ (لَا) مُجَاوَزَةُ (الْخَرَابِ) الَّذِي لَمْ يَبْقَ أُصُولُهُ أَوْ هَجَرُوهُ بِالتَّحْوِيطِ عَلَيْهِ أَوْ اتَّخَذُوهُ مَزَارِعَ فَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ اشْتِرَاطِ مُجَاوَزَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ مَا قُلْنَاهُ (وَ) لَا (الْبَسَاتِينِ) وَالْمَزَارِعِ كَمَا عَلِمْت بِالْأَوْلَى، وَلِهَذَا أَسْقَطَهَا مِنْ الْمُحَرَّرِ وَإِنْ اتَّصَلَتَا بِمَا سَافَرَ مِنْهُ أَوْ كَانَتَا مُحَوَّطَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُتَّخَذَانِ لِلْإِقَامَةِ، وَلَا فَرْقَ كَمَا شَمَلَهُ كَلَامُهُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِهَا قُصُورٌ أَوْ دُورٌ تُسْكَنُ فِي بَعْضِ فُصُولِ السَّنَةِ أَوْ لَا، وَقَدْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إنَّهُ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْبَلَدِ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْمُهِمَّاتِ: إنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ اشْتَرَطَ فِي الرَّوْضَةِ مُجَاوَزَتَهَا (وَالْقَرْيَةُ) كَبَلْدَةٍ فِيمَا تَقَرَّرَ وَالْقَرْيَتَانِ الْمُتَّصِلَتَانِ عُرْفًا (كَبَلْدَةٍ) وَاحِدَةٍ وَإِنْ اخْتَلَفَ اسْمُهُمَا وَإِلَّا اُكْتُفِيَ بِمُجَاوَزَةِ قَرْيَةِ الْمُسَافِرِ، وَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ: يَكْفِي فِي الِانْفِصَالِ ذِرَاعٌ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْعُرْفُ. (وَأَوَّلُ) (سَفَرِ سَاكِنِ الْخِيَامِ) كَالْأَعْرَابِ (مُجَاوَزَةُ الْحِلَّةِ) فَقَطْ وَهِيَ بِكَسْرِ الْحَاءِ بُيُوتٌ مُجْتَمِعَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSالسُّورِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ بِمِصْرِنَا كَثِيرًا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا السُّورَ فَاصِلًا) أَيْ فَارِقًا بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ بَيْنَ الْمُتَّصِلَتَيْنِ سُوَرًا. (قَوْلُهُ: مُجَاوَزَةُ الْعُمْرَانِ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَمِنْهُ الْمَقَابِرُ الْمُتَّصِلَةُ وَمَطْرَحُ الرَّمَادِ وَمَلْعَبُ الصِّبْيَانِ وَنَحْوُ ذَلِكَ عَلَى مَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَبَيَّنْت مَا فِيهِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَأَنَّ كَلَامَ صَاحِبِ الْمُعْتَمَدِ وَالسُّبْكِيِّ مُصَرِّحٌ بِخِلَافِهِ، فَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ الْحَالَةِ الْآتِيَةِ وَاضِحٌ اهـ حَجَرٌ. وَقَوْلُهُ مُصَرِّحٌ بِخِلَافِهِ تَقَدَّمَ عَنْ الشَّارِحِ مَا فِيهِ. (قَوْلُهُ: لَا أُصُولَ أَبْنِيَةٍ) صِفَةٌ لِخَرَابٍ. وَالْمَعْنَى أَنَّ الْخَرَابَ الْمُتَخَلِّلَ بَيْنَ الْعُمْرَانِ إذَا صَارَ أَرْضًا مَحْضَةً لَا أَثَرَ لِلْبِنَاءِ فِيهِ يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهُ. (قَوْلُهُ: لَا مُجَاوَزَةُ الْخَرَابِ) قَالَ وَالِدُ الشَّارِحِ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الْجُوَيْنِيُّ: لَوْ سَوَّرُوا عَلَى الْعَامِرِ سُوَرًا وَعَلَى الْخَرَابِ سُوَرًا فَلَا بُدَّ مِنْ مُجَاوَزَةِ السُّورَيْنِ اهـ. أَقُولُ: وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ، وَيُقَالُ الْأَقْرَبُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ مُجَاوَزَةِ السُّورِ الثَّانِي إذْ لَا عِبْرَةَ بِهِ مَعَ وُجُودِ التَّحْوِيطِ عَلَى الْعَامِرِ (قَوْلُهُ: كَمَا عَلِمْت) أَيْ الْمُزَارِعُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اتَّصَلَتَا) أَيْ الْبَسَاتِينُ وَالْمَزَارِعُ وَهُوَ غَايَةٌ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا اكْتَفَى) أَيْ إلَّا يَتَّصِلَا (قَوْلُهُ: سَاكِنُ الْخِيَامِ) [فَائِدَةٌ] الْخَيْمَةُ أَرْبَعَةُ أَعْوَادٍ، وَتُنْصَبُ وَتُسْقَفُ بِشَيْءٍ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ، وَجَمْعُهَا خَيْمٌ بِحَذْفِ الْهَاءِ كَتَمْرَةٍ وَتَمْرٍ ثُمَّ تُجْمَعُ عَلَى خِيَامٍ كَكَلْبٍ وَكِلَابٍ فَالْخِيَامُ جَمْعُ الْجَمْعِ. وَأَمَّا الْمُتَّخَذُ مِنْ ثِيَابٍ أَوْ شَعْرٍ أَوْ صُوفٍ أَوْ وَبَرٍ فَلَا يُقَالُ لَهُ خَيْمَةٌ بَلْ خِبَاءٌ وَقَدْ يَتَجَوَّزُونَ فَيُطْلِقُونَهُ عَلَيْهِ انْتَهَى أَسَنَوِيٌّ. وَقَوْلُهُ وَتُسْقَفُ بِتَخْفِيفِ الْقَافِ الْمَفْتُوحَةِ وَقَدْ تُشَدَّدُ. وَفِي الْمِصْبَاحِ: سَقَفْت الْبَيْتَ سَقْفًا مِنْ بَابِ قَتَلَ عَمِلْت لَهُ سَقْفًا، وَأَسْقَفْتُهُ بِالْأَلِفِ كَذَلِكَ، وَسَقَّفْتُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي صَوْبِهِ قَطْعُ ارْتِفَاعِهِ إنْ اعْتَدَلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا أُصُولُ أَبْنِيَةٍ بِهِ) أَيْ فَمَا بِهِ ذَلِكَ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: لَا مُجَاوَزَةُ الْخَرَابِ) أَيْ خَارِجَ الْعُمْرَانِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: بِالتَّحْوِيطِ عَلَيْهِ) يَعْنِي عَلَى الْعُمْرَانِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ اتَّخَذُوهُ أَيْ الْخَرَابَ فَفِيهِ تَشْتِيتُ الضَّمَائِرِ (قَوْلُهُ: جَرَى عَلَى الْغَالِبِ) يُتَأَمَّلُ.

أَوْ مُتَفَرِّقَةٌ بِحَيْثُ يَجْتَمِعُ أَهْلُهَا لِلسَّمَرِ فِي نَادٍ وَاحِدٍ وَيَسْتَعِيرُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَلَا بُدَّ مِنْ مُجَاوَزَةِ مَرَافِقِهَا أَيْضًا كَمَلْعَبِ صِبْيَانٍ وَنَادٍ وَمَطْرَحِ رَمَادٍ وَمَعْطِنِ إبِلٍ، وَكَذَا مَاءٌ وَحَطَبٌ اخْتَصَّا بِهَا، وَقَدْ تَشْمَلُ الْحِلَّةُ جَمِيعَ ذَلِكَ فَلَا تُرَدُّ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ ذَلِكَ لِأَنَّهَا مَعْدُودَةٌ مِنْ مَحَلِّ إقَامَتِهِمْ. وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ حَيْثُ كَانَتْ بِمُسْتَوٍ، فَإِنْ كَانَتْ بِوَادٍ وَسَافَرَ فِي عَرْضِهِ أَوْ بِرَبْوَةٍ أَوْ وَهْدَةٍ اُشْتُرِطَ مُجَاوَزَةُ الْعَرْضِ وَمَحَلِّ الصُّعُودِ وَالْهُبُوطِ إنْ كَانَتْ الثَّلَاثَةُ مُعْتَدِلَةً، وَإِلَّا بِأَنْ أَفْرَطَتْ سَعَتُهَا أَوْ كَانَتْ بِبَعْضِ الْعَرْضِ اُكْتُفِيَ بِمُجَاوَزَةِ الْحِلَّةِ وَمَرَافِقِهَا عُرْفًا، وَلَوْ نَزَلَ بِمَحَلٍّ مِنْ بَادِيَةٍ وَحْدَهُ اُشْتُرِطَ مُفَارَقَتُهُ وَمَا يُنْسَبُ إلَيْهِ عُرْفًا فِيمَا يَظْهَرُ، وَهُوَ مَحْمَلُ مَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّ رَحْلَهُ كَالْحِلَّةِ فِيمَا ذُكِرَ. وَيُعْتَبَرُ فِي سَفَرِ الْبَحْرِ الْمُتَّصِلِ سَاحِلُهُ بِالْبَلَدِ جَرْيُ السَّفِينَةِ أَوْ الزَّوْرَقِ إلَيْهَا، قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ، وَظَاهِرُهُ مَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِالتَّشْدِيدِ مُبَالَغَةٌ. (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَجْتَمِعُ أَهْلُهَا لِلسَّمَرِ) وَهُوَ الْحَدِيثُ لَيْلًا، وَقَوْلُهُ فِي نَادٍ. النَّادِي مُجْتَمَعُ الْقَوْمِ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: نَدَا الْقَوْمُ نَدْوًا مِنْ بَابِ قَتَلَ: اجْتَمَعُوا، وَمِنْهُ النَّادِي وَهُوَ مَجْلِسُ الْقَوْمِ وَمُتَحَدَّثَهُمْ اهـ. وَقَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ مُجَاوَزَةِ مَرَافِقِهَا قَضِيَّةُ اعْتِبَارِ مَا ذُكِرَ فِي الْحِلَّةِ وَعَدَمِ التَّعَرُّضِ لَهُ فِي الْقَرْيَةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهُ فِيهَا وَعَلَيْهِ جَرَى حَجَرٌ وَتَقَدَّمَ عَنْ سم عَنْ الشَّارِحِ مَا يُخَالِفُهُ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَاءٌ وَحَطَبٌ اخْتَصَّا بِهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ بَعِدَا وَلَوْ قِيلَ بِاشْتِرَاطِ نِسْبَتِهِمَا إلَيْهَا عُرْفًا لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا. (قَوْلُهُ: اُشْتُرِطَ مُجَاوَزَةُ الْعَرْضِ) كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُجَاوَزَةِ الْعَرْضِ وَالْمَهْبِطِ وَالْمِصْعَدِ فِيمَا ذَكَرَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْحِلَّةُ عَامَّةً لَهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا يُفِيدُ كَلَامُ الْأَئِمَّةِ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، فَإِذَا كَانَتْ الْحِلَّةُ بِمَرَافِقِهَا فِي أَثْنَاءِ الْوَادِي وَأَرَادَ السَّفَرَ إلَى جِهَةِ الْعَرْضِ لَا تَكْفِي مُجَاوَزَةُ الْحِلَّةِ بِمَرَافِقِهَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مُجَاوَزَةِ الْعَرْضِ أَيْضًا فَتَأَمَّلْهُ، ثُمَّ جَزَمَ م ر بِخِلَافِهِ فَقَالَ: بَلْ يَكْفِي كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الصُّعُودِ وَالْهُبُوطِ) أَيْ إنْ اسْتَوْعَبَتْهُ الْبُيُوتُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ كَانَتْ بِبَعْضِ الْعَرْضِ إلَخْ. هَذَا وَيُقَالُ عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ مُصَوَّرَةً بِمَا ذُكِرَ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ عَرْضِ الْوَادِي إذْ الْبُيُوتُ الْمُسْتَوْعِبَةُ الْعَرْضَ دَاخِلَةٌ فِي الْحِلَّةِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ اشْتَرَطَ مُجَاوَزَةَ الْعَرْضِ لَا يَشْتَرِطُ اسْتِيعَابَ الْبُيُوتِ لَهُ، وَمَنْ اشْتَرَطَ اسْتِيعَابَ الْبُيُوتِ لِلْعَرْضِ لَمْ يَذْكُرْهُ بَعْدَ الْحِلَّةِ، وَلَعَلَّهُمَا طَرِيقَتَانِ: إحْدَاهُمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجُمْهُورُ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ مَعَ مُجَاوَزَةِ الْحِلَّةِ عَرْضُ الْوَادِي حَيْثُ كَانَتْ الْحِلَّةُ بِبَعْضِ عَرْضِ الْوَادِي لَا جَمِيعِهِ. وَالثَّانِيَةُ مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ مِنْ أَنَّ الْحِلَّةَ بِجَمِيعِ الْوَادِي فَيُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهَا وَإِنْ كَانَتْ بِبَعْضِهِ اُشْتُرِطَ مُجَاوَزَةُ الْحِلَّةِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَزَلَ بِمَحَلٍّ) أَيْ سَكَنٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ الزَّوْرَقِ إلَيْهَا) أَيْ آخِرًا (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّهُ) قَالَ فِي ابْنِ حَجَرٍ: وَإِنْ كَانَ فِي هَوَاءِ الْعُمْرَانِ كَمَا اقْتَضَاهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ بِوَادٍ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى كَوْنِ الْوَادِي الْمَذْكُورِ مِنْ جُمْلَةِ مَفْهُومِ الْمُسْتَوِي. لَا يُقَالُ: مُرَادُهُ بِالْمُسْتَوِي بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ الْمُعْتَدِلُ فَقَدْ اسْتَعْمَلَ لَفْظَ الْمُسْتَوِي فِي حَقِيقَتِهِ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ صُعُودٌ وَلَا هُبُوطٌ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّبْوَةِ وَالْوَهْدَةِ وَفِي مَجَازِهِ بِمَعْنَى الْمُعْتَدِلِ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَادِي. لِأَنَّا نَقُولُ: يُنَافَى هَذَا قَوْلُهُ بَعْدُ: إنْ كَانَتْ الثَّلَاثَةُ مُعْتَدِلَةً فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَسَافَرَ فِي عَرْضِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِجَمِيعِ الْعَرْضِ، لَكِنْ يُنَافِيهِ أَخْذُهُ مَفْهُومَ هَذَا بِقَوْلِهِ بَعْدُ أَوْ كَانَتْ بِبَعْضِ الْعَرْضِ، وَهُوَ فِي الْإِطْلَاقِ هُنَا مُوَافِقٌ لِمَا نَقَلَهُ الشِّهَابُ سم عَنْ اعْتِمَادِ وَالِدِهِ، وَمُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ عَنْهُ نَفْسُهُ وَفِي أَخْذِهِ الْمَفْهُومَ الْآتِيَ بِالْعَكْسِ فَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَهُ لِمُوَافَقَتِهِ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ خُصُوصًا وَهُوَ مَنْطُوقٌ فِي كَلَامِهِ هُنَا، بِخِلَافِ عَدَمِ التَّقْيِيدِ فَهُوَ مَفْهُومٌ وَالْمَنْطُوقُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَفْهُومِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِأَنْ أَفْرَطَتْ سِعَتُهَا إلَيْهِ قَوْلُهُ: اُكْتُفِيَ بِمُجَاوَزَةِ الْحِلَّةِ) مُرَادُهُ بِالْحِلَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا إذَا أَفْرَطَتْ السَّعَةُ مَا بَعُدَ مِنْ مَنْزِلِهِ أَوْ مِنْ حِلَّةٍ هُوَ فِيهَا، كَمَا لَوْ سَافَرَ فِي طُولِ الْوَادِي كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: جَرَى السَّفِينَةُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ فِي عَرْضِ الْبَلَدِ " لَكِنْ نَقَلَ عَنْ الشِّهَابِ ابْنِ قَاسِمٍ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي عَرْضِ الْبَلَدِ، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي حَاشِيَةِ الزِّيَادِيِّ

مَا نَقَلَهُ عَنْ الْبَغَوِيّ نَفْسِهِ فِي الْخَرَابِ أَنَّ سَيْرَ الْبَحْرِ يُخَالِفُ سَيْرَ الْبَرِّ، وَكَأَنَّهُ لِأَنَّ الْعُرْفَ لَا يَعُدُّ الْمُسَافِرَ فِيهِ مُسَافِرًا إلَّا بَعْدَ رُكُوبِ السَّفِينَةِ أَوْ الزَّوْرَقِ، بِخِلَافِهِ فِي الْبَرِّ فَإِنَّهُ بِمُجَرَّدِ مُجَاوَزَةِ الْعُمْرَانِ وَإِنْ أَلْصَقَ ظَهْرَهُ بِهِ يُعَدُّ مُسَافِرًا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ كَلَامَ الْبَغَوِيّ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَا سُورَ لَهُ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِمُجَرَّدِ نِيَّةِ السَّفَرِ لِتَعَلُّقِ الْقَصْرِ فِي الْآيَةِ بِالضَّرْبِ وَيُخَالِفُ نِيَّةَ الْإِقَامَةِ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّ الْإِقَامَةَ كَالْقُنْيَةِ فِي مَالِ التِّجَارَةِ، كَذَا فَرَّقَ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا لِبَعْضِ الْمَرَاوِزَةِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي نِيَّةِ الْإِقَامَةِ الْمُكْثُ، وَلَيْسَ مُرَادًا كَمَا سَيَأْتِي فَالْمَسْأَلَتَانِ كَمَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ مُسْتَوِيَتَانِ فِي أَنَّ مُجَرَّدَ النِّيَّةِ لَا يَكْفِي فَلَا حَاجَةَ لِفَارِقٍ، وَيَنْتَهِي السَّفَرُ بِبُلُوغِ مَا شُرِطَ مُجَاوَزَتُهُ ابْتِدَاءً مِمَّا مَرَّ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ مِنْ أَوَّلِ دُخُولِهِ إلَيْهِ أَمْ لَا بِأَنْ رَجَعَ مِنْ سَفَرِهِ كَمَا قَالَ. (وَإِذَا رَجَعَ) إلَى مَا شُرِطَ مُجَاوَزَتُهُ مِنْ دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ لِحَاجَةٍ كَتَطَهُّرٍ وَأَخْذِ مَتَاعٍ، أَوْ نَوَى الرُّجُوعَ لَهُ وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ مَاكِثٌ وَإِنْ كَانَ بِمَكَانٍ غَيْرِ صَالِحٍ لِلْإِقَامَةِ، فَإِنْ كَانَ وَطَنُهُ صَارَ مُقِيمًا بِابْتِدَاءِ رُجُوعِهِ أَوْ بِنِيَّتِهِ وَلَا يَتَرَخَّصُ فِي إقَامَتِهِ وَلَا رُجُوعِهِ إلَى مُفَارَقَةِ وَطَنِهِ تَغْلِيبًا لِلْوَطَنِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَطَنَهُ تَرَخَّصَ، وَإِنْ دَخَلَهَا وَلَوْ كَانَ دَارَ إقَامَتِهِ لِانْتِفَاءِ الْوَطَنِ فَكَانَتْ كَسَائِرِ الْمَنَازِلِ، فَإِنْ رَجَعَ مِنْ سَفَرِهِ الطَّوِيلِ (انْتَهَى سَفَرُهُ بِبُلُوغِهِ مَا شُرِطَ مُجَاوَزَتُهُ ابْتِدَاءً) مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSإطْلَاقُهُمْ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ رُكُوبِ السَّفِينَةِ) هَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ نُزُولِ السَّفِينَةِ وَإِنْ لَمْ تَسِرْ أَوْ الزَّوْرَقِ يَقْصُرُ وَمُدَّعَاهُ خِلَافُهُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ بِرُكُوبِ السَّفِينَةِ نُزُولُهُ فِيهَا مَعَ سَيْرِهَا بِقَرِينَةِ مَا قَدَّمَهُ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا فِي حَقِّ أَهْلِ الْبَلَدِ الْمُجَاوِرَةِ لِلنَّهْرِ. أَمَّا غَيْرُهُمْ مِمَّنْ يَأْتِي إلَيْهِمْ بِقَصْدِ نُزُولِ السَّفِينَةِ فَلَا يَتَوَقَّفُ قَصْرُهُمْ عَلَى سَيْرِ السَّفِينَةِ؛ لِأَنَّهُمْ يَقْصُرُونَ بِمُجَاوَزَةِ عُمْرَانِ بَلَدِهِمْ أَوْ سُوَرِهَا. قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: بَقِيَ أَنَّ م ر قَالَ: إذَا جَرَتْ السَّفِينَةُ فِي طُولِ الْبَلَدِ لَا يُعَدُّ مُسَافِرًا حَتَّى يُجَاوِزَهَا، وَهَذَا قَالَهُ بِحَسَبِ مَا ظَهَرَ لَهُ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا سَارَتْ عَلَى مُحَاذَاةِ الْمِقْدَارِ الَّذِي كَانَتْ وَاقِفَةً فِيهِ بِحَيْثُ لَوْ كَانَتْ ابْتِدَاءً فِي مَحَلِّ السَّيْرِ وَاحْتِيجَ فِي السَّفَرِ إلَى جَرْيِهَا عَنْهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا بَعُدَتْ عَنْ الشَّطِّ وَصَارَتْ فِي جِهَةِ طُولِ الْبُعْدِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَيْ الْفَرْقُ بَيْنَ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ. (قَوْلُهُ: فَلَا حَاجَةَ لِفَارِقٍ) أَيْ بَيْنَ نِيَّةِ السَّفَرِ وَنِيَّةِ الْإِقَامَةِ. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ مِنْ أَوَّلِ دُخُولِهِ إلَيْهِ) عِبَارَةُ حَجَرٍ: سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ دُخُولِهِ إلَخْ وَهِيَ أَوْلَى. (قَوْلُهُ: وَلَا رُجُوعِهِ إلَى مُفَارَقَةِ) أَيْ لَا يَتَرَخَّصُ حَتَّى يُفَارِقَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ جَمْعٌ) مُرَادُهُ حَجَرٌ تَبَعًا لِغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: انْتَهَى سَفَرُهُ بِبُلُوغِهِ مَا شَرَطَ مُجَاوَزَتَهُ ابْتِدَاءً) أَيْ وَلَوْ مُكْرَهًا أَوْ نَاسِيًا فِيمَا يَظْهَرُ. وَعِبَارَةُ وَالِدِ الشَّارِحِ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَصُّهَا: قَوْلُهُ وَيَنْتَهِي سَفَرُهُ بِبُلُوغِهِ مَبْدَأَ سَفَرِهِ هَذِهِ عِبَارَةٌ غَيْرُ مُسْتَقِيمَةٍ؛ لِأَنَّ مَبْدَأَ سَفَرِهِ يَجُوزُ فِيهِ الْقَصْرُ فِي الِابْتِدَاءِ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلَ سَفَرِهِ، فَهُوَ بِبُلُوغِهِ فِي الرُّجُوعِ مُسَافِرٌ لَا مُقِيمٌ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا لَهُ سُوَرٌ خَارِجَ السُّورِ بِشَيْءٍ يَسِيرٍ فَلَا يَكْفِي الِانْتِهَاءُ بِبُلُوغِهِ بَلْ بِبُلُوغِ نَفْسِ السُّورِ بِأَنْ لَا يَبْقَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ شَيْءٌ، فَالْعِبَارَةُ الصَّحِيحَةُ أَنْ يُقَالَ: يَنْتَهِي سَفَرُهُ بِمُجَاوَزَتِهِ مَبْدَأِ سَفَرِهِ إلَخْ انْتَهَى. وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي سَفَرِ الْبَحْرِ أَنَّ مَنْ بِالسَّفِينَةِ يَتَرَخَّصُ إلَى إرْسَائِهَا بِالسَّاحِلِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْرَقٌ، وَإِلَى مُفَارَقَةِ الزَّوْرَقِ لَهَا آخِرًا إنْ كَانَ لَهَا زَوْرَقٌ حَيْثُ أَتَى مَحَلَّ إقَامَتِهِ فِي عَرْضِ الْبَحْرِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَتَى فِي طُولِهِ فَيَنْقَطِعُ تَرَخُّصُهُ بِمُحَاذَاتِهِ أَوَّلَ عُمْرَانِ بَلَدِهِ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ سم نَقْلًا عَنْ الشَّارِحِ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: قَالَ شَيْخُنَا بِرّ: أَقُولُ لَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَ الرُّجُوعِ مِنْ السَّفَرِ الطَّوِيلِ، وَيَنْبَغِي أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِنْ خَالَفَ فِيهِ الشِّهَابُ حَجّ (قَوْلُهُ: مَا نَقَلَ عَنْ الْبَغَوِيّ نَفْسِهِ فِي الْخَرَابِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ إنَّهُ لَا تُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ انْدَرَسَ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ بَقِيَ فِيهِ بَقَايَا حِيطَانٍ وَاِتَّخَذُوهُ مَزَارِعَ أَوْ هَجَرُوهُ بِالتَّحْوِيطِ عَلَى الْعَامِرِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ رُكُوبِ السَّفِينَةِ) أَيْ مَعَ الْجَرْيِ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ

سُورٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْهُ فَيَتَرَخَّصُ إلَى وُصُولِهِ. لِذَلِكَ لَا يُقَالُ: الْقِيَاسُ عَدَمُ انْتِهَاءِ سَفَرِهِ إلَّا بِدُخُولِهِ الْعُمْرَانَ أَوْ السُّورَ كَمَا لَا يَصِيرُ مُسَافِرًا إلَّا بِخُرُوجِهِ مِنْهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْمَنْقُولُ الْأَوَّلُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَصْلَ الْإِقَامَةُ فَلَا تَنْقَطِعُ إلَّا بِتَحَقُّقِ السَّفَرِ وَتَحَقُّقُهُ بِخُرُوجِهِ مِنْ ذَلِكَ، وَأَمَّا السَّفَرُ فَعَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَانْقَطَعَ بِمُجَرَّدِ وُصُولِهِ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ، فَعُلِمَ أَنَّهُ يَنْتَهِي بِمُجَرَّدِ بُلُوغِهِ مَبْدَأَ سَفَرِهِ مِنْ وَطَنِهِ وَلَوْ مَارًّا بِهِ فِي سَفَرٍ كَأَنْ خَرَجَ مِنْهُ ثُمَّ رَجَعَ مِنْ بَعِيدٍ قَاصِدًا مُرُورَهُ بِهِ مِنْ غَيْرِ إقَامَةٍ لَا مِنْ بَلَدِ مَقْصِدِهِ وَلَا بَلَدَ لَهُ فِيهَا أَهْلٌ وَعَشِيرَةٌ وَلَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا يَنْتَهِي سَفَرُهُ بِوُصُولِهِ إلَيْهِمَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ بِهِمَا فَإِنَّهُ يَنْتَهِي سَفَرُهُ بِذَلِكَ كَمَا يَنْتَهِي فِيمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ نَوَى) الْمُسَافِرُ الْمُسْتَقِلُّ وَإِنْ كَانَ مُحَارِبًا (إقَامَةَ) مُدَّةٍ مُطْلَقَةٍ أَوْ (أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) مَعَ لَيَالِيِهَا (بِمَوْضِعٍ) عَيَّنَهُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ (انْقَطَعَ سَفَرُهُ بِوُصُولِهِ) أَيْ بِوُصُولِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَالِحًا لِلْإِقَامَةِ، فَإِنْ نَوَاهَا وَقَدْ وَصَلَ لَهُ أَوْ بَعْدَهُ انْقَطَعَ سَفَرُهُ بِمُجَرَّدِ نِيَّتِهِ وَخَرَجَ مَا دُونَ الْأَرْبَعَةِ فَلَا يُؤَثِّرُ، وَلَوْ أَقَامَهَا مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ انْقَطَعَ سَفَرُهُ بِتَمَامِهَا أَوْ نَوَى إقَامَةً وَهُوَ سَائِرٌ فَلَا يُؤَثِّرُ أَيْضًا، وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ الْقَصْرَ بِشَرْطِ الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ: أَيْ السَّفَرِ، وَبَيَّنَتْ السُّنَّةُ أَنَّ إقَامَةَ مَا دُونَ الْأَرْبَعِ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَاحَ لِلْمُهَاجِرِ إقَامَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِمَكَّةَ مَعَ حُرْمَةِ الْمُقَامِ بِهَا عَلَيْهِ وَأَلْحَقَ بِإِقَامَتِهَا نِيَّةَ إقَامَتِهَا» ، وَشَمِلَ قَوْلُهُ بِوُصُولِهِ مَنْ خَرَجَ نَاوِيًا سَفَرًا طَوِيلًا ثُمَّ عَنَّ لَهُ الْإِقَامَةُ بِبَلَدٍ قَرِيبٍ مِنْهُ فَلَهُ الْقَصْرُ مَا لَمْ يَصِلْهُ لِانْعِقَادِ سَبَبِ الرُّخْصَةِ فِي حَقِّهِ فَلَا يَنْقَطِعُ إلَّا بِوُصُولِ مَا غَيَّرَ النِّيَّةَ إلَيْهِ، وَمَا يَقَعُ كَثِيرًا فِي زَمَنِنَا مِنْ دُخُولِ بَعْضِ الْحُجَّاجِ مَكَّةَ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِنَحْوِ يَوْمٍ مَعَ عَزْمِهِمْ عَلَى الْإِقَامَةِ بِمَكَّةَ بَعْدَ رُجُوعِهِمْ مِنْ مِنًى أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ، هَلْ يَنْقَطِعُ سَفَرُهُمْ بِمُجَرَّدِ وُصُولِهِمْ لِمَكَّةَ نَظَرًا لِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ بِهَا وَلَوْ فِي الْأَثْنَاءِ، أَوْ يَسْتَمِرُّ سَفَرُهُمْ إلَى رُجُوعِهِمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSيُقَالَ: إنْ كَانَ لِحَاجَةٍ فِي غَيْرِ وَطَنِهِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى الْقَصْرِ وَلَا تُؤَثِّرُ النِّيَّةُ، وَإِنْ كَانَ لِوَطَنِهِ فَيَنْقَطِعُ التَّرَخُّصُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الرُّجُوعِ وَبَعْدَهُ سَفَرٌ جَدِيدٌ فَيَقْصُرُ حِينَئِذٍ. وَأَقُولُ: مَا بَحَثَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ خِلَافُهُ، ثُمَّ قَالَ: وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ طب وم ر بَعْدَ الْمُبَاحَثَةِ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ إنْ نَوَى الرُّجُوعَ لِوَطَنِهِ لَمْ يَتَرَخَّصْ قَبْلَ ارْتِحَالِهِ انْتَهَى. ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الْآتِي: وَمَنْ قَصَدَ سَفَرًا طَوِيلًا إلَخْ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرَ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ مَارًّا بِهِ) يَصْدُقُ بِمَا لَوْ حَاذَاهُ لَكِنْ مَعَ بُعْدِ الْمَسَافَةِ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ بُولَاقَ وَكَانَ فِي رُجُوعِهِ مُتَّصِلًا بِبِرِّ أنبابة أَوْ مُتَّصِلًا بِبُولَاقَ وَسَكَنُهُ بِالْقَاهِرَةِ، وَفِيهِ بُعْدٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي انْقِطَاعِ التَّرَخُّصِ بِالْمُحَاذَاةِ مِنْ قُرْبِهِ مِنْهَا عُرْفًا، ثُمَّ يَكُونُ مَا بَعْدَ وَطَنِهِ سَفَرًا مُبْتَدَأً، فَإِنْ وُجِدَتْ الشُّرُوطُ تَرَخَّصَ وَإِلَّا فَلَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ خَرَجَ مِنْهُ ثُمَّ رَجَعَ) أَيْ يَكُونُ مَا بَعْدَهُ سَفَرًا مُبْتَدَأً، فَإِنْ وُجِدَتْ الشُّرُوطُ تَرَخَّصَ وَإِلَّا فَلَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَالِحًا) أَيْ عَمَلًا بِنِيَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ التَّخَلُّفُ مِنْ الْقَافِلَةِ عَادَةً، ثُمَّ إنْ اتَّفَقَتْ لَهُ الْإِقَامَةُ فَذَاكَ وَإِلَّا فَيَكُونُ مُسَافِرًا جَدِيدًا بِمُجَاوَزَةِ مَا نَوَى الْإِقَامَةَ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ مَا دُونَ الْأَرْبَعَةِ) أَيْ وَيُتَصَوَّرُ بِالنِّيَّةِ لِوُضُوحِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُتَصَوَّرُ بِالْإِقَامَةِ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: مَعَ حُرْمَةِ الْمُقَامِ بِهَا لَا عَلَيْهِ) زَادَ الْإِسْنَوِيُّ قَبْلَ الْفَتْحِ انْتَهَى. عَمِيرَةُ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ الْقَصْرُ) أَيْ وَكَذَا غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الرُّخَصِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَيُتَرَخَّصُ إلَى وُصُولِهِ لِذَلِكَ) أَيْ إنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ لِلرُّجُوعِ وَهُوَ غَيْرُ مَاكِثٍ، فَإِنْ كَانَ مَاكِثًا انْقَطَعَ تَرَخُّصُهُ بِمُجَرَّدِ نِيَّةِ الْعَوْدِ فَلَيْسَ لَهُ التَّرَخُّصُ مَا دَامَ مَاكِثًا حَتَّى يَشْرَعَ فِي الْعَوْدِ فَهُوَ حِينَئِذٍ سَفَرٌ جَدِيدٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي: وَمَنْ قَصْد سَفَرًا طَوِيلًا فَصَارَ ثُمَّ نَوَى رُجُوعًا انْقَطَعَ، فَإِنْ سَافَرَ فَسَفَرٌ جَدِيدٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَارًّا بِهِ) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ وَصَلَ لِمَبْدَإِ سَفَرِهِ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ، فَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ صِدْقِ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ الْمُرُورُ مِنْ بَعِيدٍ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ

إلَيْهَا مِنْ مِنًى؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَقْصِدِهِمْ؟ فَلَا تَأْثِيرَ لِنِيَّتِهِمْ الْإِقَامَةَ الْقَصِيرَةَ قَبْلَهَا وَلَا الطَّوِيلَةَ إلَّا عِنْدَ الشُّرُوعِ فِيهَا، وَهِيَ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ رُجُوعِهِمْ مِنْ مِنًى وَدُخُولِهِمْ مَكَّةَ. لِلنَّظَرِ فِي ذَلِكَ مَجَالٌ وَكَلَامُهُمْ مُحْتَمَلٌ، وَالثَّانِي كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعَصْرِ أَقْرَبُ (وَلَا يُحْسَبُ مِنْهَا) أَيْ الْأَرْبَعَةِ (يَوْمَا) أَوْ لَيْلَتَا (دُخُولِهِ وَخُرُوجِهِ عَلَى الصَّحِيحِ) إذْ فِي الْأَوَّلِ الْحَطُّ وَفِي الثَّانِي الرَّحِيلُ، وَهُمَا مِنْ مُهِمَّاتِ أَشْغَالِ السَّفَرِ الْمُقْتَضِي لِتَرَخُّصِهِ، وَبِهِ فَارَقَ حُسْبَانُهُمَا مِنْ مُدَّةِ مَسْحِ الْخُفِّ، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ: لَوْ دَخَلَ لَيْلًا لَمْ يُحْسَبْ الْيَوْمُ الَّذِي يَلِيهَا مَرْدُودٌ، وَالثَّانِي يُحْسَبَانِ كَمَا يُحْسَبُ فِي مُدَّةِ الْخُفِّ يَوْمَ الْحَدَثِ وَيَوْمَ النَّزْعِ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمُسَافِرَ لَا يَسْتَوْعِبُ النَّهَارَ بِسَيْرِهِ وَإِنَّمَا يَسِيرُ فِي بَعْضِهِ وَهُوَ فِي يَوْمَيْ دُخُولِهِ وَخُرُوجِهِ سَائِرٌ فِي بَعْضِ النَّهَارِ، بِخِلَافِ اللَّبْسِ فَإِنَّهُ مُسْتَوْعِبٌ لِلْمُدَّةِ، وَخَرَجَ غَيْرُ الْمُسْتَقِلِّ كَقِنٍّ وَزَوْجَةٍ فَلَا أَثَرَ لِنِيَّتِهِ الْمُخَالِفَةِ لِنِيَّةِ مَتْبُوعِهِ. (وَلَوْ) (أَقَامَ بِبَلَدٍ) مَثَلًا (بِنِيَّةِ أَنْ يَرْحَلَ إذَا حَصَلَتْ حَاجَةٌ يَتَوَقَّعُهَا كُلَّ وَقْتٍ) أَوْ بَعْدَ زَمَنٍ لَا يَبْلُغُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ صِحَاحٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ بَعْدُ: وَلَوْ عَلِمَ بَقَاءَهَا إلَى آخِرِهِ، وَمِنْ ذَلِكَ انْتِظَارُ الرِّيحِ لِمُسَافِرٍ بِالْبَحْرِ وَخُرُوجُ الرُّفْقَةِ لِمَنْ يُرِيدُ السَّفَرَ مَعَهُمْ إنْ خَرَجُوا وَإِلَّا فَوَحْدَهُ (قَصَرَ) يَعْنِي تَرَخَّصَ إذْ لَهُ سَائِرُ رُخَصِ السَّفَرِ، وَمَا اسْتَثْنَاهُ بَعْضُهُمْ مِنْ سُقُوطِ الْفَرْضِ بِالتَّيَمُّمِ وَصَلَاةِ النَّافِلَةِ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ يُرَدُّ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ، إذْ الْمَدَارُ فِي الْأُولَى عَلَى غَلَبَةِ الْمَاءِ وَفَقْدِهِ، وَالْأَمْرُ فِي الثَّانِيَةِ مَنُوطٌ بِالسَّيْرِ وَهُوَ مَفْقُودٌ هُنَا (ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا) كَامِلَةً لَا يُحْسَبُ مِنْهَا يَوْمَا دُخُولِهِ وَخُرُوجِهِ لِخَبَرٍ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَامَهَا بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ لِحَرْبِ هُوَازِنَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ» وَلَا نَظَرَ لِابْنِ جُدْعَانَ أَحَدِ رُوَاتِهِ وَإِنْ ضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ لِاعْتِضَادِهِ بِشَوَاهِدَ جَبَرَتْهُ وَصَحَّتْ رِوَايَةُ عِشْرِينَ وَتِسْعَةَ عَشَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِكَوْنِ الْكَلَامِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعَصْرِ) مُرَادُهُ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: الدَّارَكِيُّ) قَالَ فِي الْأَنْسَابِ بِفَتْحِ الرَّاءِ: دَارَكُ قَرْيَةٌ بِأَصْبَهَانَ انْتَهَى سُيُوطِيّ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُحْسَبُ مِنْهَا يَوْمَا دُخُولِهِ وَخُرُوجِهِ) أَيْ وَتُحْسَبُ اللَّيْلَةُ الَّتِي تَلِي يَوْمَ الدُّخُولِ، وَكَذَا الْيَوْمُ الَّذِي يَلِي لَيْلَةَ الدُّخُولِ، وَبِهِ يَظْهَرُ رَدُّ مَا قَالَهُ الدَّارَكِيُّ. (قَوْلُهُ: مِنْ مُدَّةِ مَسْحِ الْخُفِّ) أَيْ حَيْثُ اُعْتُبِرَتْ الْمُدَّةُ مِنْ آخِرِ الْحَدَثِ وَإِنْ كَانَ فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ (قَوْلُهُ: فَلَا أَثَرَ لِنِيَّتِهِ) قَالَ سم عَلَى حَجَرٍ: قَوْلُهُ فَلَا أَثَرَ لِنِيَّتِهِ إلَخْ: أَيْ كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَكَذَا لَا أَثَرَ لِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ لَوْ نَوَاهَا غَيْرُ الْمُسْتَقِلِّ كَالْعَبْدِ وَلَوْ مَاكِثًا كَمَا سَيَأْتِي: أَيْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ انْتَهَى. لَكِنْ لَا يَبْعُدُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ مَاكِثًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْمُخَالَفَةِ وَصَمَّمَ عَلَى قَصْدِ الْمُخَالَفَةِ أَثَّرَتْ نِيَّتُهُ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ وَلَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ: أَيْ كُلٌّ مِنْ الْقِنِّ وَالزَّوْجَةِ، وَقَوْلُهُ وَهُوَ قَادِرٌ: أَيْ كَنِسَاءِ أَهْلِ مِصْرَ. . (قَوْلُهُ: كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ) فِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَا دَلَالَةَ فِي هَذَا عَلَى مَا ادَّعَاهُ؛ لِأَنَّ هَذَا يُخْرِجُ مَا لَوْ شَكَّ هَلْ تَنْقَضِي حَاجَتُهُ قَبْلَ الْأَرْبَعِ أَوْ بَعْدَهَا فَيَشْمَلُهُ الْكَلَامُ الْأَوَّلُ اهـ سم عَلَى حَجَرٍ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَوَحْدَهُ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَزَمَ عَلَى أَنَّهُ إلَخْ إذَا لَمْ يَخْرُجْ الرُّفْقَةُ رَجَعَ فَلَا يَقْصُرُ انْتَهَى سم عَلَى حَجَرٍ، وَسَيَأْتِي لَهُ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَلَا نَظَرَ لِابْنِ جُدْعَانَ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُجِزْ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ، وَجُدْعَانُ بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ كَمَا فِي جَامِعِ الْأُصُولِ، وَعِبَارَتُهُ: هُوَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ الْقُرَشِيُّ الْبَصْرِيُّ التَّيْمِيُّ، يُعَدُّ فِي تَابِعِي الْبَصْرِيِّينَ، وَهُوَ مَكِّيٌّ نَزَلَ الْبَصْرَةَ، سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَأَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ رَوَى عَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، مَاتَ سَنَةَ ثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ. جُدْعَانُ بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْضًا، وَالنَّهْدِيُّ بِفَتْحِ النُّونِ انْتَهَى بِحُرُوفِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ ضَعَّفَهُ) أَيْ ابْنُ جُدْعَانُ. (قَوْلُهُ: وَصَحَّتْ رِوَايَةُ عِشْرِينَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَلَا نَظَرَ لِابْنِ جُدْعَانَ إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ قَلَاقَةٌ، وَمِنْ ثَمَّ فَهِمَ مِنْهَا الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ خِلَافَ الْمُرَادِ، وَحَقُّ الْعِبَارَةِ: وَلَا يَقْدَحُ فِي حُسْنِهِ أَنَّ ابْنَ جُدْعَانَ أَحَدُ رُوَاتِهِ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ، وَقَوْلُهُ: لِاعْتِضَادِهِ بِشَوَاهِدَ إلَخْ: أَيْ فَهُوَ حَسَنٌ بِالْغَيْرِ لَا بِالذَّاتِ (قَوْلُهُ: وَصَحَّتْ) بِالتَّاءِ الْمَجْرُورَةِ كَمَا هُوَ الْمَوْجُودُ فِي النُّسَخِ فَهُوَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ، وَجَعَلَهُ

وَسَبْعَةَ عَشَرَ، وَيُجْمَعُ بَيْنَهَا بِحَمْلِ عِشْرِينَ عَلَى عَدِّهِ يَوْمَيْ دُخُولِهِ وَخُرُوجِهِ وَتِسْعَةَ عَشَرَ عَلَى عَدِّهِ أَحَدَهُمَا وَسَبْعَةَ عَشَرَ وَخَمْسَةَ عَشَرَ الْوَارِدَةِ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى وَإِنْ كَانَتْ ضَعِيفَةً عَلَى أَنَّ الرَّاوِيَ حَسَبَ بَعْضَ الْمُدَّةِ بِحَسَبِ مَا وَصَلَ لِعِلْمِهِ، وَذِكْرُ الْأَقَلِّ لَا يَنْفِي الْأَكْثَرَ لَا سِيَّمَا وَغَيْرُهُ زَادَ عَلَيْهِ، وَزِيَادَةُ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ إذْ لَا مُعَارَضَةَ فِيهَا (وَقِيلَ) يَقْصُرُ (أَرْبَعَةً) غَيْرَ كَامِلَةٍ لِمَا مَرَّ أَنَّ نِيَّةَ إقَامَتِهَا تَمْنَعُ التَّرَخُّصَ فَإِقَامَتُهَا أَوْلَى إذْ الْفِعْلُ أَبْلَغُ مِنْ النِّيَّةِ (وَفِي قَوْلِ) يَقْصُرُ (أَبَدًا) إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ دَامَتْ الْحَاجَةُ لَدَامَ الْقَصْرُ (وَقِيلَ الْخِلَافُ) فِيمَا فَوْقَ الْأَرْبَعَةِ (فِي خَائِفِ الْقِتَالِ إلَّا التَّاجِرَ وَنَحْوَهُ) كَالْمُتَفَقِّهَةِ فَلَا يَقْصُرَانِ فِيمَا فَوْقَهَا؛ لِأَنَّ الْوَارِدَ إنَّمَا كَانَ فِي الْقِتَالِ وَالْمُقَاتِلُ أَحْوَجُ لِلتَّرَخُّصِ، وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمُرَخِّصَ إنَّمَا هُوَ وَصْفُ السَّفَرِ وَالْمُقَاتِلُ وَغَيْرُهُ فِيهِ سَوَاءٌ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ فَارَقَ مَكَانَهُ ثُمَّ رَدَّتْهُ الرِّيحُ إلَيْهِ فَأَقَامَ فِيهِ اسْتَأْنَفَ الْمُدَّةَ؛ لِأَنَّ إقَامَتَهُ فِيهِ إقَامَةٌ جَدِيدَةٌ فَلَا تُضَمُّ إلَى الْأُولَى بَلْ تُعْتَبَرُ مُدَّتُهَا وَحْدَهَا، ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. وَفِيهِ أَيْضًا: لَوْ خَرَجُوا وَأَقَامُوا بِمَكَانٍ يَنْتَظِرُونَ رُفْقَتَهُمْ فَإِنْ نَوَوْا أَنَّهُمْ إنْ أَتَوْا سَافَرُوا أَجْمَعِينَ وَإِلَّا رَجَعُوا لَمْ يَقْصُرُوا لِعَدَمِ جَزْمِهِمْ بِالسَّفَرِ وَإِنْ نَوَوْا أَنَّهُمْ إنْ لَمْ يَأْتُوا سَافَرُوا قَصَرُوا لِجَزْمِهِمْ بِالسَّفَرِ وَقَدْ مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَى بَعْضِ ذَلِكَ. (وَلَوْ عَلِمَ بَقَاءَهَا) أَيْ حَاجَتِهِ (مُدَّةً طَوِيلَةً) وَهِيَ الْأَرْبَعَةُ فَمَا فَوْقَهَا، وَمِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ مَا لَوْ أُكْرِهَ وَعَلِمَ بَقَاءَ إكْرَاهِهِ تِلْكَ الْمُدَّةَ، وَمَنْ بَحَثَ جَوَازَ التَّرَخُّصِ لَهُ مُطْلَقًا فَقَدْ أَبْعَدَ أَوْ سَهَا (فَلَا قَصْرَ لَهُ) أَيْ لَا تَرَخُّصَ (عَلَى الْمَذْهَبِ) ؛ لِأَنَّهُ بَعِيدٌ عَنْ هَيْئَةِ الْمُسَافِرِينَ، وَضَمِيرُ عَلِمَ رَاجِعٌ لِخَائِفِ الْقِتَالِ لَا لَهُ وَلِغَيْرِهِ، كَمَا ذُكِرَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ رُجُوعَهُ لِغَيْرِهِ غَلَطٌ، بَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــSهُوَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ الْمَاضِي وَتَاؤُهُ عَلَامَةُ التَّأْنِيثِ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِابْنِ جُدْعَانَ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَيُجْمَعُ عَطْفُ عِلَّةٍ عَلَى مَعْلُولٍ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ أَرْبَعَةٌ غَيْرُ كَامِلَةٍ) وَفِي نُسْخَةٍ فَقَطْ أَيْ غَيْرُ كَامِلَةٍ؛ لِأَنَّ الْقَصْرَ يَمْتَنِعُ بِنِيَّةِ إقَامَةِ الْأَرْبَعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فَبِفِعْلِهَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ النِّيَّةِ وَالنُّسْخَتَانِ مُتَسَاوِيَتَانِ. (قَوْلُهُ: كَالْمُتَفَقِّهَةِ) أَيْ مَرِيدِ الْفِقْهِ بِأَنْ يَأْتِيَ بِقَصْدِ السُّؤَالِ عَنْ حُكْمٍ فِي مَسْأَلَةٍ أَوْ مَسَائِلَ مُعَيَّنَةٍ مَثَلًا وَأَنَّهُ إذَا تَعَلَّمَهَا رَجَعَ إلَى وَطَنِهِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: وَفِيهِ) أَيْ الْمَجْمُوعِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَقْصُرُوا) أَيْ ثُمَّ إذَا جَاءَتْ الرُّفْقَةُ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ يَقْصُرُونَ بِمُجَرَّدِ مَجِيئِهِمْ وَإِنْ لَمْ يُفَارِقُوا مَوْضِعَهُمْ؛ لِأَنَّ أَصْلَ سَفَرِهِمْ حَصَلَ بِمُجَاوَزَةِ الْبِلَادِ لَكِنَّهُمْ مُتَرَدِّدُونَ فِيهِ، وَبِمَجِيءِ الرُّفْقَةِ انْتَفَى التَّرَدُّدُ، وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ الْقَصْرِ إلَّا بَعْدَ مُفَارَقَةِ مَحَلِّهِمْ، وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُمْ مَحْكُومٌ بِإِقَامَتِهِمْ مَا دَامُوا بِمَحَلَّتِهِمْ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَى بَعْضِ ذَلِكَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَخُرُوجُ الرُّفْقَةِ. (قَوْلُهُ: وَمَنْ بَحَثَ جَوَازَ التَّرَخُّصِ لَهُ مُطْلَقًا) أَيْ عَلِمَ بَقَاءَ الْإِكْرَاهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ. (قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ رُجُوعَهُ لِغَيْرِهِ) قَالَ سم عَلَى حَجَرٍ: قَوْلُهُ فَيَتَعَيَّنُ رُجُوعُ ضَمِيرِ عَلِمَ إلَخْ قَدْ يُمْنَعُ التَّعَيُّنُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَكْفِي لِصِحَّةِ التَّعْبِيرِ بِالْمَذْهَبِ حِكَايَةُ طَرِيقَيْنِ فِي الْمَذْهَبِ وَإِنْ غَلِطَتْ حِكَايَةُ إحْدَاهُمَا، وَلِهَذَا عَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ فِي غَيْرِ الْمُحَارِبِ بِالْمَذْهَبِ مَعَ تَغْلِيظِهِ حِكَايَةَ الْقَوْلَيْنِ حَيْثُ قَالَ: وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحَارِبٍ كَالْمُتَفَقِّهِ وَالتَّاجِرِ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَتَرَخَّصُ أَبَدًا، وَقِيلَ هُوَ كَالْمُحَارِبِ وَهُوَ غَلَطٌ انْتَهَى. فَلَوْلَا أَنَّهُ يَكْفِي لِصِحَّةِ التَّعْبِيرِ بِالْمَذْهَبِ مَا ذَكَرَ مَا عَبَّرَ بِهِ مَعَ تَصْرِيحِهِ بِالتَّغْلِيظِ الْمَذْكُورِ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ هُنَا فِي الْمَذْهَبِ مَا نَصُّهُ: وَقَدْ عُلِمَ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْمَذْهَبِ الْإِشَارَةُ إلَى طَرِيقَيْنِ، فَأَمَّا الْمُحَارِبُ فَحَكَاهُمَا فِيهِ الرَّافِعِيُّ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحِ إحْدَاهُمَا قَاطِعَةٌ بِالْمَنْعِ، وَالثَّانِيَةِ بِالتَّخْرِيجِ عَلَى الْكَلَامِ فِي الْمُتَوَقَّعِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُحَارِبِ فَالْمَعْرُوفُ فِيهِ الْجَزْمُ بِالْمَنْعِ وَالتَّخْرِيجُ عَلَى التَّوَقُّعِ شَاذٌّ وَغَلَطٌ كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ انْتَهَى. وَلَوْ سُلِّمَ فَيَجُوزُ تَعْمِيمُ الضَّمِيرِ؛ لِأَنَّهُ الْأَفْيَدُ، وَلَا يُنَافِيهِ التَّعْبِيرُ بِالْمَذْهَبِ بِنَاءً عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ بِصِيغَةِ الِاسْمِ مَعْطُوفًا عَلَى ابْنِ جُدْعَانَ: أَيْ وَلَا نَظَرَ لِصِحَّةِ إلَخْ بِنَاءً عَلَى مَا فَهِمَهُ فِي قَوْلِهِ، وَلَا نَظَرَ لِابْنِ جُدْعَانَ إلَخْ، وَهُوَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ كَمَا عَلِمْت وَهُوَ يُوجِبُ أَنْ لَا تَكُونَ التَّاءُ مَجْرُورَةً (قَوْلُهُ: وَيُجْمَعُ بَيْنَهَا) جَعَلَهُ الشَّيْخُ مَعْطُوفًا عَلَى وَصِحَّةِ مِنْ عَطْفِ الْعِلَّةِ عَلَى الْمَعْلُولِ بِنَاءً عَلَى مَا فَهِمَهُ. .

[فصل في شروط القصر وتوابعها]

الْمَعْرُوفُ الْجَزْمُ بِالْمَنْعِ فِي غَيْرِهِ. فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْقَصْرِ وَتَوَابِعِهَا وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ: أَحَدُهَا سَفَرٌ طَوِيلٌ وَ (طَوِيلُ السَّفَرِ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا) ذَهَابًا فَقَطْ تَحْدِيدًا لَا تَقْرِيبًا، وَيَكْفِي الظَّنُّ عَمَلًا بِقَوْلِهِمْ لَوْ شَكَّ فِي الْمَسَافَةِ اجْتَهَدَ، وَفَارَقَتْ الْمَسَافَةُ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ بِأَنَّ الْقَصْرَ وَقَعَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَأَشْبَهَ الِاحْتِيَاطَ وَالْقُلَّتَيْنِ بِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ بَيَانٌ لِلْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فِيهِمَا مِنْ الصَّحَابَةِ بِخِلَافِ مَا هُنَا (هَاشِمِيَّةً) ؛ لِأَنَّ ابْنَيْ عُمَرَ وَعَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كَانَا يَقْصُرَانِ وَيُفْطِرَانِ فِي أَرْبَعَةِ بُرْدٍ وَلَا يُعْرَفُ مُخَالِفٌ لَهُمَا، وَمِثْلُهُ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ تَوْقِيفٍ، وَالْبَرِيدُ: أَرْبَعُ فَرَاسِخَ، وَالْفَرْسَخُ: ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ، وَالْمِيلُ: أَرْبَعَةُ آلَافِ خُطْوَةٍ، وَالْخُطْوَةُ: ثَلَاثَةُ أَقْدَامٍ، فَهُوَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفِ قَدَمٍ، وَبِالذِّرَاعِ سِتَّةُ آلَافِ ذِرَاعٍ، وَالذِّرَاعُ: أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ أُصْبُعًا مُعْتَرِضَاتٍ، وَالْأُصْبُعُ: سِتُّ شُعَيْرَاتٍ مُعْتَدِلَاتٍ مُعْتَرِضَاتٍ، وَالشُّعَيْرَةُ: سِتُّ شَعَرَاتٍ مِنْ شَعْرِ الْبِرْذَوْنِ، فَمَسَافَةُ الْقَصْرِ بِالْأَقْدَامِ خَمْسُمِائَةِ أَلْفٍ وَسِتَّةٌ وَسَبْعُونَ أَلْفًا، وَبِالْأَذْرُعِ مِائَتَا أَلْفٍ وَثَمَانِيَةٌ وَثَمَانُونَ أَلْفًا، وَبِالْأَصَابِعِ سِتَّةُ آلَافِ أَلْفٍ وَتِسْعُمِائَةِ أَلْفٍ وَاثْنَا عَشَرَ أَلْفًا، وَبِالشُّعَيْرَاتِ أَحَدٌ وَأَرْبَعُونَ أَلْفَ أَلْفٍ وَأَرْبَعُمِائَةِ أَلْفٍ وَاثْنَانِ وَسَبْعُونَ أَلْفًا، وَبِالشَّعَرَاتِ مِائَتَا ـــــــــــــــــــــــــــــSالتَّغْلِيبِ وَكَوْنُهُ فِي مَجْمُوعِ الْأَمْرِ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: الْجَزْمُ بِالْمَنْعِ فِي غَيْرِهِ) أَيْ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ أَقَامَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ صِحَاحٍ انْقَطَعَ تَرَخُّصُهُ بِإِقَامَتِهِ أَوْ الْعِلْمِ بِعَدَمِ انْقِضَاءِ حَاجَتِهِ قَبْلَهَا. فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْقَصْرِ وَتَوَابِعِهَا. (قَوْلُهُ: سَفَرٌ طَوِيلٌ) أَيْ وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهِ الْمَتْنُ لِتَقَدُّمِ التَّصْرِيحِ بِهِ فِي قَوْلِهِ السَّفَرُ الطَّوِيلُ الْمُبَاحُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي الظَّنُّ عَمَلًا) أَيْ النَّاشِئُ عَنْ قَرِينَةٍ قَوِيَّةٍ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ قَوْلُهُ عَمَلًا بِقَوْلِهِمْ لَوْ شَكَّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَفَارَقَتْ الْمَسَافَةُ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ) أَيْ حَيْثُ قَالُوا فِيهَا تَقْرِيبًا. (قَوْلُهُ: بَيَانٌ لِلْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فِيهِمَا) أَيْ الْقُلَّتَيْنِ، وَكَذَا لَمْ يَرِدْ بَيَانُ الْمَسَافَةِ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَإِنْ أَوْهَمَتْ عِبَارَتُهُ خِلَافَهُ. نَعَمْ وَرَدَ التَّقْدِيرُ بِالْقُلَّتَيْنِ عَنْ الشَّارِعِ وَلَمْ يَرِدْ فِي مِقْدَارِ الْقُلَّةِ شَيْءٌ عَنْهُ وَلَا عَنْ الصَّحَابَةِ، بِخِلَافِ الْمَسَافَةِ فَإِنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهَا شَيْءٌ عَنْ الشَّارِعِ صَرِيحًا، وَإِنْ وَرَدَ مَا يَقْتَضِيهِ لِكَوْنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ كَانَا يَقْصُرَانِ وَيُفْطِرَانِ فِي أَرْبَعَةِ بُرُدٍ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ السِّرُّ فِي التَّفْرِقَةِ فِي كَلَامِهِ بَيْنَ الْمَسَافَةِ وَالْقُلَّتَيْنِ وَبِإِفْرَادِ الْأُولَى بِفَرْقٍ، إلَّا أَنَّهُ يُعَارِضُهُ مَا يَأْتِي عَنْ ابْنِ خُزَيْمَةَ. (قَوْلُهُ: هَاشِمِيَّةٌ) هُوَ بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ. (قَوْلُهُ: فِي أَرْبَعَةِ بُرُدٍ) عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ بِصِيغَةِ الْجَزْمِ، وَأَسْنَدَهُ الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، وَمِثْلُهُ إنَّمَا يُفْعَلُ عَنْ تَوْقِيفٍ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ. وَقَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: زَادَ غَيْرُهُ أَنَّ الْقَاضِيَ أَبَا الطَّيِّبِ نَقَلَ أَنَّ ابْنَ خُزَيْمَةَ رَوَاهُ فِي صَحِيحِهِ مَرْفُوعًا اهـ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: وَالْبَرِيدُ أَرْبَعُ فَرَاسِخَ) الْأَوْلَى أَرْبَعَةٌ؛ لِأَنَّ الْفَرْسَخَ مُذَكَّرٌ. (قَوْلُهُ: أَرْبَعَةُ آلَافِ خُطْوَةٍ) بِضَمِّ الْخَاءِ اسْمٌ لِمَا بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ. وَنَقَلَ عَنْ مِرْآةِ الزَّمَانِ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ مَا نَصُّهُ: وَالْخُطْوَةُ ثَلَاثَةُ أَقْدَامٍ: أَيْ بِقَدَمِ الْبَعِيرِ اهـ. أَقُولُ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْبَعِيرَ لَا قَدَمَ لَهُ، فَإِنْ كَانَ خُفُّهُ يُسَمَّى قَدَمًا فَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ، وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ صَرِيحِ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّ الْمُرَادَ قَدَمُ الْآدَمِيِّ حَيْثُ قَدَّرُوهُ بِالْأَصَابِعِ ثُمَّ الشُّعَيْرَاتِ ثُمَّ الشَّعَرَاتِ ثُمَّ رَأَيْت عَنْ مِرْآةِ الزَّمَانِ مَا نَصُّهُ: فَائِدَةٌ عَرْضُ الدُّنْيَا ثَلَثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ دَرَجَةً، وَالدَّرَجَةُ خَمْسَةُ وَعِشْرُونَ فَرْسَخًا، وَالْفَرْسَخُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ ذِرَاعٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْقَصْرِ وَتَوَابِعِهَا] فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْقَصْرِ

أَلْفِ أَلْفٍ وَثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ أَلْفَ أَلْفٍ وَثَمَانِمِائَةِ أَلْفٍ وَاثْنَانِ وَثَلَاثُونَ أَلْفًا. وَالْهَاشِمِيَّةُ نِسْبَةٌ لِبَنِي هَاشِمٍ لِتَقْدِيرِهِمْ لَهَا وَقْتَ خِلَافَتِهِمْ بَعْدَ تَقْدِيرِ بَنِي أُمَيَّةَ لَهَا لَا إلَى هَاشِمٍ جَدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَخَرَجَ بِالْهَاشِمِيَّةِ الْأُمَوِيَّةُ، وَهِيَ الْمَنْسُوبَةُ لِبَنِي أُمَيَّةَ، فَالْمَسَافَةُ عِنْدَهُمْ أَرْبَعُونَ مِيلًا، إذْ كُلُّ خَمْسَةٍ مِنْهَا قَدْرُ سِتَّةٍ هَاشِمِيَّةٍ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ كَوْنِهَا ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ مِيلًا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَالْمَنْصُوصُ وَمَا نُصَّ عَلَيْهِ أَيْضًا مِنْ كَوْنِهَا سِتَّةً وَأَرْبَعِينَ، وَمِنْ كَوْنِهَا أَرْبَعِينَ غَيْرُ مُنَافٍ لِذَلِكَ لِإِرَادَتِهِ بِالْأَوَّلِ الْجَمِيعَ وَبِالثَّانِي غَيْرَ الْأَوَّلِ وَبِالْآخِرِ وَبِالثَّالِثِ الْأُمَوِيَّةَ. قُلْت: كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ وَمُرَادُ الشَّارِحِ حَيْثُ قَالَ ذَلِكَ إفَادَةُ الْوَاقِفِ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ النَّوَوِيُّ، وَأَنَّ الرَّافِعِيَّ مُوَافِقٌ لَهُ عَلَيْهِ أَيْضًا (وَهُوَ) أَيْ السَّفَرُ الطَّوِيلُ (مَرْحَلَتَانِ) وَهُمَا سَيْرُ يَوْمَيْنِ مِنْ غَيْرِ لَيْلَةٍ عَلَى الِاعْتِدَالِ أَوْ لَيْلَتَيْنِ بِلَا يَوْمٍ كَذَلِكَ أَوْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مَعَ النُّزُولِ الْمُعْتَادِ لِنَحْوِ اسْتِرَاحَةٍ وَأَكْلٍ وَصَلَاةٍ (بِسَيْرِ الْأَثْقَالِ) أَيْ الْحَيَوَانَاتِ الْمُثْقَلَةِ بِالْأَحْمَالِ وَدَبِيبُ الْأَقْدَامِ عَلَى الْحُكْمِ الْمَارِّ (وَالْبَحْرُ كَالْبَرِّ) فِي اشْتِرَاطِ الْمَسَافَةِ الْمَذْكُورَةِ (فَلَوْ قَطَعَ الْأَمْيَالَ فِيهِ فِي سَاعَةٍ مَثَلًا) لِشِدَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَهُوَ أَرْبَعَةُ آلَافِ خُطْوَةٍ بِخُطْوَةِ الْبَعِيرِ، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْدَامٍ؛ إلَى أَنْ قَالَ: وَهَذَا الذِّرَاعُ قَدْرُهُ الْمَأْمُونُ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْمُهَنْدِسِينَ، وَهُوَ بَيْنَ الطَّوِيلِ وَالْقَصِيرِ دُونَ ذِرَاعِ النَّجَّارِ وَالذِّرَاعِ الْهَاشِمِيِّ اهـ. وَلَيْسَ فِيهَا تَقْدِيرُ الْقَدَمِ بِكَوْنِهِ قَدَمَ الْبَعِيرِ. (قَوْلُهُ: لِبَنِي هَاشِمٍ) وَهُمْ الْعَبَّاسِيُّونَ اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: لَا إلَى هَاشِمٍ جَدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ كَمَا وَقَعَ لِلرَّافِعِيِّ اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: الْأُمَوِيَّةُ) هُوَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ. قَالَ السُّيُوطِيّ فِي الْأَنْسَابِ: الْأُمَوِيُّ بِالْفَتْحِ إلَى أَمَةَ بْنِ بَجَالَةَ ابْنِ زَمَانِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، وَالْأُمَوِيُّ بِالضَّمِّ إلَى بَنِي أُمَيَّةَ انْتَهَى. قَالَ فِي جَامِعِ الْأُصُولِ بَعْدَ ذِكْرِ الْفَتْحِ وَالضَّمِّ: وَالْفَتْحُ قَلِيلٌ انْتَهَى. وَلَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّ الْمَنْسُوبِينَ إلَى أَمَةَ قَلِيلٌ وَالْكَثِيرُ هُمْ الْمَنْسُوبُونَ إلَى بَنِي أُمَيَّةَ، لَا أَنَّ فِي هَذِهِ النِّسْبَةِ لُغَتَيْنِ مُطْلَقًا فَمَا هُنَا بِالضَّمِّ لَا غَيْرُ. (قَوْلُهُ: وَبِالثَّانِي) أَيْ كَوْنِهَا سِتَّةً وَأَرْبَعِينَ، وَقَوْلُهُ غَيْرَ الْأَوَّلِ: أَيْ الْمِيلِ الْأَوَّلِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: قَالَ ذَلِكَ) أَيْ قَالَ كَمَا قَالَ إلَخْ، وَقَوْلُهُ بِالثَّالِثِ هُوَ كَوْنُهَا ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ. (قَوْلُهُ: مَعَ النُّزُولِ الْمُعْتَادِ) وَوَصَفَ الْيَوْمَيْنِ وَاللَّيْلَتَيْنِ بِالِاعْتِدَالِ، وَأَطْلَقَ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ يَوْمًا وَلَيْلَةً مُتَّصِلَتَيْنِ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَهُمَا قَدْرُ الْيَوْمَيْنِ أَوْ اللَّيْلَتَيْنِ الْمُعْتَدِلَتَيْنِ وَقَدْرُ ذَلِكَ ثَلَثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ دَرَجَةً انْتَهَى حَجّ. (قَوْلُهُ: أَيْ الْحَيَوَانَاتُ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ الْجِمَالُ وَالْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ، وَلَكِنْ بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَثْقَالِ الْجِمَالُ وَيَلْحَقُ بِهَا الْبِغَالُ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: وَدَبِيبِ الْأَقْدَامِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِسَيْرِ الْأَثْقَالِ، وَقَوْلُهُ عَلَى الْحُكْمِ الْمَارِّ الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِهِ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ مَعَ النُّزُولِ الْمُعْتَادِ، لَكِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ؛ لِأَنَّهُ قَيَّدَ بِهِ أَصْلَ الْمَسْأَلَةِ. وَفِي كَلَامِ حَجّ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي السَّيْرِ كَوْنُهُ عَلَى الْعَادَةِ: يَعْنِي فِي صِفَتِهِ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ بِالتَّأَنِّي وَلَا الْإِسْرَاعِ وَهُوَ غَيْرُ وَقْتِ النُّزُولِ لِلِاسْتِرَاحَةِ فَهُمَا قَيْدَانِ مُخْتَلِفَانِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ قَطَعَ الْأَمْيَالَ فِيهِ فِي سَاعَةٍ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت: إذَا قَطَعَ الْمَسَافَةَ فِي لَحْظَةٍ صَارَ مُقِيمًا، فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ تَرَخُّصُهُ فِيهَا، قُلْنَا: لَا يَلْزَمُ مِنْ وُصُولِ الْمَقْصِدِ انْتِهَاءُ الرُّخْصَةِ لِكَوْنِهِ نَوَى فِيهِ إقَامَةً لَا تَقْطَعُ السَّفَرَ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِاللَّحْظَةِ الْقِطْعَةُ مِنْ الزَّمَنِ الَّتِي تَسَعُ التَّرَخُّصَ اهـ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ. أَقُولُ: وَالْجَوَابُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ يَقْتَضِي أَنَّ الْقَصْرَ بَعْدَ قَطْعِ الْمَسَافَةِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ بَعْدَ قَطْعِهَا لَا يَتَأَتَّى تَرَخُّصٌ، وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ أَنَّهُ يُحْرِمُ فِي ابْتِدَاءِ سَيْرِ السَّفِينَةِ وَيُتِمُّ صَلَاتَهُ ثُمَّ يَصِلُ إلَى مَقْصِدِهِ فِي زَمَنٍ قَلِيلٍ، فَلَوْ اعْتَبَرْنَا قَطْعَ الْمَسَافَةِ بِالْفِعْلِ فِي يَوْمَيْنِ لَزِمَ أَنَّهُ بِهَذِهِ الْإِقَامَةِ يَتَبَيَّنُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَنَّ الرَّافِعِيَّ مُوَافِقٌ لَهُ عَلَيْهِ) أَيْ فَيَكُونُ مِمَّا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ، فَيُقَدَّمُ عَلَى مَا انْفَرَدَ بِهِ أَحَدُهُمَا عِنْدَ التَّعَارُضِ (قَوْلُهُ: عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى الِاعْتِدَالِ (قَوْلُهُ: وَدَبِيبِ الْأَقْدَامِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِسَيْرٍ

جَرْيِ السَّفِينَةِ بِالْهَوَاءِ وَنَحْوِهِ (قَصَرَ) فِيهَا لِوُجُودِ الْمَسَافَةِ الصَّالِحَةِ لَهُ، وَلَا يَضُرُّ قَطْعُهَا فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَمَا لَوْ قَطَعَهَا فِي الْبَرِّ فِي بَعْضِ يَوْمٍ عَلَى مَرْكُوبٍ جَوَادٍ، وَلَعَلَّ وَجْهَ هَذَا التَّفْرِيعِ بَيَانُ أَنَّ اعْتِبَارَ قَطْعِ هَذِهِ الْمَسَافَةِ فِي الْبَحْرِ فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فِي لُحُوقِهِ بِالْبَرِّ فِي اعْتِبَارِهَا مُطْلَقًا، فَانْدَفَعَ مَا قَدْ يُقَالُ قَطْعُ الْمَسَافَةِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ حَتَّى يُحْتَاجَ لِذَكَرِ ذَلِكَ بَلْ الْعِبْرَةُ بِقَصْدِ مَوْضِعٍ عَلَيْهَا بِدَلِيلِ قَصْرِهِ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ قَبْلَ قَطْعِ شَيْءٍ مِنْهَا. (وَ) ثَانِيهَا عِلْمُ مَقْصِدِهِ فَحِينَئِذٍ (يُشْتَرَطُ قَصْدُ مَوْضِعٍ) مَعْلُومٍ وَلَوْ غَيْرَ (مُعَيَّنٍ) وَقَدْ يُرَادُ بِالْمُعَيَّنِ الْمَعْلُومُ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ (أَوَّلًا) أَيْ أَوَّلَ سَفَرِهِ لِيَعْلَمَ أَنَّهُ طَوِيلٌ فَيَتَرَخَّصَ فِيهِ، أَوْ لَا فَلَا. نَعَمْ لَوْ سَافَرَ مُتَبَرِّعٌ وَمَعَهُ تَابِعُهُ كَأَسِيرٍ وَقِنٍّ وَزَوْجَةٍ وَجَيْشٍ وَلَمْ يَعْرِفْ مَقْصِدَهُ قَصَرَ بَعْدَ الْمَرْحَلَتَيْنِ لِتَحَقُّقِ كَوْنِ السَّفَرِ طَوِيلًا، وَقَدْ تَشْمَلُ عِبَارَتُهُ مَا لَوْ قَصَدَ كَافِرٌ مَرْحَلَتَيْنِ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي أَثْنَائِهِمَا فَإِنَّهُ يَقْصُرُ فِيمَا بَقِيَ لِقَصْدِهِ أَوَّلًا مَا يَجُوزُ لَهُ فِيهِ الْقَصْرُ لَوْ كَانَ مُتَأَهِّلًا لَهُ كَمَا سَيَأْتِي (فَلَا قَصْرَ لِلْهَائِمِ) وَهُوَ مَنْ لَا يَدْرِي أَيْنَ يَتَوَجَّهُ سَوَاءٌ أَسَلَكَ طَرِيقًا أَمْ لَا، وَيُسَمَّى أَيْضًا رَاكِبَ التَّعَاسِيفِ وَلِهَذَا قَالَ أَبُو الْفُتُوحِ الْعِجْلِيّ: هُمَا عِبَارَةٌ عَنْ شَيْءٍ وَاحِدٍ. وَخَالَفَهُ الدَّمِيرِيِّ، فَقَالَ: الْهَائِمُ هُوَ خَارِجٌ عَلَى وَجْهِهِ لَا يَدْرِي أَيْنَ يَتَوَجَّهُ وَإِنْ سَلَكَ طَرِيقًا مَسْلُوكًا وَرَاكِبُ التَّعَاسِيفِ لَا يَسْلُكُ طَرِيقًا وَهُمَا مُشْتَرِكَانِ فِي أَنَّهُمَا لَا يَقْصِدَانِ مَوْضِعًا مَعْلُومًا وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِيمَا ذَكَرْنَاهُ انْتَهَى. وَيَدُلُّ لَهُ جَمْعُ الْغَزَالِيِّ بَيْنَهُمَا (وَإِنْ طَالَ تَرَدُّدُهُ) وَبَلَغَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ لِانْتِفَاءِ عِلْمِهِ بِطُولِهِ أَوَّلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَصْرُ سَفَرِهِ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ، لَكِنَّا لَا نَقُولُ بِذَلِكَ لِحُكْمِنَا بِأَنَّ السَّفَرَ طَوِيلٌ وَلَا نَظَرَ لِقَطْعِهِ فِي الزَّمَنِ الْيَسِيرِ (قَوْلُهُ: لِشِدَّةِ جَرْيِ السَّفِينَةِ بِالْهَوَاءِ وَنَحْوِهِ) وَمِنْ النَّحْوِ مَا لَوْ كَانَ وَلْيًا (قَوْلُهُ: يُشْتَرَطُ قَصْدُ مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ) أَيْ بِالْمَسَافَةِ فَلَا يُنَافِي كَوْنَهُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ. (قَوْلُهُ: قَصَرَ بَعْدَ الْمَرْحَلَتَيْنِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مَقْصِدَ مَتْبُوعِهِ أَوْ عَلِمَهُ وَكَانَ الْبَاقِي دُونَهُمَا. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَقْصُرُ فِيمَا بَقِيَ) أَيْ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ مَرْحَلَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: كَمَا سَيَأْتِي) أَيْ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ أَنْشَأَهُ عَاصِيًا إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ نَوَى الْكَافِرُ أَوْ الصَّبِيُّ سَفَرَ قَصْرٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَلَا قَصْرَ لِلْهَائِمِ) اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ هَامَ عَلَى وَجْهِهِ مِنْ بَابِ بَاعَ وَهَيَمَانًا أَيْضًا بِفَتْحَتَيْنِ ذَهَبَ مِنْ الْعِشْقِ أَوْ غَيْرِهِ اهـ مُخْتَارٌ. (قَوْلُهُ: وَيُسَمَّى أَيْضًا) أَيْ الْهَائِمُ فَهُمَا عَلَى هَذَا مُتَسَاوِيَانِ. (قَوْلُهُ: فِي أَنَّهُمَا لَا يَقْصِدَانِ مَوْضِعًا) أَيْ وَعَلَى هَذَا فَبَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقٌ يَجْتَمِعَانِ فِيمَنْ لَمْ يَسْلُكْ طَرِيقًا وَلَمْ يَقْصِدْ مَحَلًّا مَعْلُومًا، وَيَنْفَرِدُ الْهَائِمُ فِيمَنْ لَمْ يَقْصِدْ مَحَلًّا وَسَلَكَ طَرِيقًا، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ بَيْنَهُمَا عُمُومٌ مِنْ وَجْهٍ وَهُوَ مُقْتَضَى اللُّغَةِ، فَيُفَسَّرُ رَاكِبُ التَّعَاسِيفِ بِمَنْ لَمْ يَسْلُكْ طَرِيقًا وَإِنْ قَصَدَ مَحَلًّا مَعْلُومًا، وَالْهَائِمُ بِمَنْ لَمْ يَدْرِ أَيْنَ يَتَوَجَّهُ سَلَكَ طَرِيقًا أَوْ لَا فَيَجْتَمِعَانِ فِيمَنْ لَمْ يَسْلُكْ طَرِيقًا وَلَمْ يَقْصِدْ مَحَلًّا، وَيَنْفَرِدُ الْهَائِمُ فِيمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا وَلَمْ يَقْصِدْ مَحَلًّا مَعْلُومًا، وَرَاكِبُ التَّعَاسِيفِ فِيمَنْ لَمْ يَسْلُكْ طَرِيقًا وَقَصَدَ مَحَلًّا مَعْلُومًا. (قَوْلُهُ: وَيَدُلُّ لَهُ) أَيْ لِمَا قَالَهُ الدَّمِيرِيِّ، وَقَوْلُهُ جَمَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَانْدَفَعَ مَا قَدْ يُقَالُ إلَخْ) فِي انْدِفَاعِهِ بِمَا ذَكَرَ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، إذْ حَاصِلُهُ الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ عِبَارَتَهُ فِي هَذَا التَّفْرِيعِ تُوهِمُ أَنَّهُ لَا يَقْصُرُ فِي الْبَحْرِ إلَّا إذَا قَطَعَ الْمَسَافَةَ بِالْفِعْلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ لِمَا ذَكَرَهُ، وَهُوَ لَا يَنْدَفِعُ بِمَا ذَكَرَ وَإِنَّمَا يَنْدَفِعُ بِهِ مَا قَدْ يُقَالُ: لَا وَجْهَ لِإِلْحَاقِ الْبَحْرِ بِالْبَرِّ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ قَطْعُ الْمَسَافَةِ فِيهِ فِي سَاعَةٍ، فَيَنْبَغِي فِي تَقْدِيرِهِ بِمَسَافَةٍ أَوْسَعَ مِنْ مَسَافَةِ الْبَرِّ، فَفَرَّعَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مَا ذَكَرَهُ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِذَلِكَ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: مَعْلُومٌ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمَسَافَةُ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ صَمَّمَ الْهَائِمُ عَلَى سَيْرِ مَرْحَلَتَيْنِ فَأَكْثَرَ مِنْ أَوَّلِ سَفَرِهِ لَكِنْ لَمْ يُعَيِّنْهَا فِي جِهَةٍ كَأَنْ قَالَ إنْ سَافَرْت لِجِهَةِ الشَّرْقِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَطْعِ مَرْحَلَتَيْنِ أَوْ لِجِهَةِ الْغَرْبِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يَقْصُرُ، وَهُوَ وَاضِحٌ بِقَيْدِهِ الْآتِي فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لِتَحَقُّقِ كَوْنِ السَّفَرِ طَوِيلًا) أَيْ مَعَ الْعُذْرِ الْقَائِمِ لِيُفَارِقَ الْهَائِمَ الْآتِيَ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ عِلْمِهِ بِطُولِهِ أَوَّلَهُ) يَأْتِي مِثْلُهُ فِي نَحْوِ الْأَسِيرِ وَكَأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا عُذْرُ هَذَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَيَكُونُ

فَيَكُونُ عَابِثًا لَا يَلِيقُ بِهِ التَّرَخُّصُ، وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي حُرْمَةُ ذَلِكَ فِي بَعْضِ أَفْرَادِهِ، وَهُوَ مَحْمَلٌ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ حُرْمَتَهُ، وَمَا أَوْهَمَهُ كَلَامُ بَعْضِهِمْ مِنْ حُرْمَتِهِ مُطْلَقًا مَمْنُوعٌ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ الْآتِي لَوْ قَصَدَ مَرْحَلَتَيْنِ أَوَّلًا قَصَرَ فِيهِمَا (وَلَا طَالِبِ غَرِيمٍ وَ) لَا طَالِبِ (آبِقٍ) عِنْدَ سَفَرٍ بِنِيَّةِ أَنَّهُ (يَرْجِعُ مَتَى وَجَدَهُ) أَيْ مَطْلُوبَهُ مِنْهُمَا (وَلَا يَعْلَمُ مَوْضِعَهُ) وَلَوْ طَالَ سَفَرُهُ لِعَدَمِ عَزْمِهِ عَلَى سَفَرٍ طَوِيلٍ. نَعَمْ لَوْ قَصَدَ مَرْحَلَتَيْنِ أَوَّلًا كَأَنْ عَلِمَ عَدَمَ وُجُودِ مَطْلُوبِهِ قَبْلَهُمَا قَصَرَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَمِثْلُهُ الْهَائِمُ فِي ذَلِكَ كَمَا شَمَلَتْهُ عِبَارَةُ الْمُحَرِّرُ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الرَّوْضَةِ اسْتِمْرَارُ التَّرَخُّصِ وَلَوْ فِيمَا زَادَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ، وَلَوْ عَلِمَ الْأَسِيرُ طُولَ سَفَرِهِ وَنَوَى الْهَرَبَ إنْ تَمَكَّنَ مِنْهُ لَمْ يَقْصُرْ قَبْلَ مَرْحَلَتَيْنِ، وَلَهُ الْقَصْرُ بَعْدَهُمَا، وَإِنْ امْتَنَعَ عَلَى الْمَتْبُوعِ الْقَصْرُ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ وَلَا أَثَرَ لِلنِّيَّةِ لِقَطْعِهِ مَسَافَةَ الْقَصْرِ وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ، وَمِثْلُ ذَلِكَ يَأْتِي فِي الزَّوْجَةِ وَالْعَبْدِ إذَا نَوَتْ أَنَّهَا تَرْجِعُ مَتَى تَخَلَّصَتْ، وَأَنَّهُ مَتَى عَتَقَ رَجَعَ فَلَا تَرَخُّصَ لَهُمَا قَبْلَ مَرْحَلَتَيْنِ، وَأُلْحِقَ بِالزَّوْجَةِ وَالْعَبْدِ الْجُنْدِيُّ، وَبِالْفِرَاقِ النُّشُوزُ، وَبِالْعِتْقِ الْإِبَاقُ بِأَنْ نَوَى أَنَّهُ مَتَى أَمْكَنَهُ الْإِبَاقُ أَبَقَ، وَلَوْ جَاوَزَ مَرْحَلَتَيْنِ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْقَصْرُ قَبْلَهُمَا قَضَى مَا فَاتَهُ قَبْلَهُمَا مَقْصُورًا فِي السَّفَرِ؛ لِأَنَّهَا فَائِتَةُ سَفَرٍ طَوِيلٍ كَمَا شَمَلَ ذَلِكَ كَلَامُهُمْ أَوَّلَ الْبَابِ، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ الْمَارِّ أَوَّلًا عَمَّا لَوْ نَوَى مَسَافَةَ قَصْرٍ ثُمَّ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْمَحَلِّ الَّذِي يَصِيرُ بِهِ مُسَافِرًا نَوَى أَنَّهُ يَرْجِعُ إنْ وَجَدَ غَرَضَهُ أَوْ يُقِيمُ فِي طَرِيقِهِ وَلَوْ بِمَحَلٍّ قَرِيبٍ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فَإِنَّهُ يَتَرَخَّصُ إلَى وُجُودِ غَرَضِهِ، أَوْ دُخُولِهِ ذَلِكَ الْمَحَلَّ لِانْعِقَادِ سَبَبِ الرُّخْصَةِ فِي حَقِّهِ فَيَكُونُ حُكْمُهُ مُسْتَمِرًّا إلَى وُجُودِ مَا غَيَّرَ النِّيَّةَ إلَيْهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ عَرَضَ ذَلِكَ لَهُ قَبْلَ مُفَارَقَةِ مَا ذَكَرْنَاهُ. لَا يُقَالُ: قِيَاسُ مَنْعِهِمْ تَرَخُّصَ مَنْ نَقَلَ سَفَرَهُ الْمُبَاحَ إلَى مَعْصِيَةٍ مَنْعُهُ فِيمَا لَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْغَزَالِيُّ بَيْنَهُمَا: أَيْ وَالْأَصْلُ فِي الْعَطْفِ الْمُغَايِرَةُ. (قَوْلُهُ: وَسَيُعْلَمُ بِمَا يَأْتِي حُرْمَةُ ذَلِكَ) أَيْ سَفَرِ الْهَائِمِ، وَقَوْلُهُ فِي بَعْضِ أَفْرَادِهِ: أَيْ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ غَرَضٌ فِي إتْعَابِ نَفْسِهِ وَدَابَّتِهِ. (قَوْلُهُ: مِنْ حُرْمَتِهِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ خُرُوجُهُ لِغَرَضٍ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ الْمَنْعَ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ قَصَدَ إلَخْ) يُمْكِنُ جَعْلُ هَذَا مُحْتَرَزَ قَوْلِهِ عِنْدَ سَفَرِهِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ ابْتِدَاؤُهُ، وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: أَمَّا لَوْ قَصَدَ مَرْحَلَتَيْنِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ الْهَائِمُ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي أَنَّهُ إذَا قَصَدَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ قَبْلَ مَرْحَلَتَيْنِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إنَّمَا يَقْصُرُ إذَا كَانَ سَفَرُهُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ، وَمِنْ الْغَرَضِ مَا لَوْ خَرَجَ خَوْفًا مِنْ ظَالِمٍ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ) تَبِعَهُ حَجّ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَقْصُرْ قَبْلَ مَرْحَلَتَيْنِ) أَيْ وَيَقْصُرُ بَعْدَهُمَا وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ وَهُوَ كَذَلِكَ وِفَاقًا لِلرَّمْلِيِّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ امْتَنَعَ عَلَى الْمَتْبُوعِ) أَيْ وَهُوَ الْآسِرُ لِكَوْنِهِ عَاصِيًا بِالسَّفَرِ أَوْ كَافِرًا. (قَوْلُهُ: فَلَا تَرَخُّصَ لَهُمَا قَبْلَ مَرْحَلَتَيْنِ) أَيْ وَلَهُمَا التَّرَخُّصُ بَعْدَهُمَا وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي دُونَهُمَا. (قَوْلُهُ: مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْقَصْرُ) أَيْ كَالْأَسِيرِ وَالزَّوْجَةِ وَالْعَبْدِ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ مُفَارَقَةِ مَا ذَكَرْنَاهُ) أَيْ الْمَحَلِّ الَّذِي يَصِيرُ بِهِ إلَخْ، قَالَهُ سم ـــــــــــــــــــــــــــــQعَابِثًا (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ الْهَائِمُ فِي ذَلِكَ) حَتَّى لَوْ قَصَدَ مَرْحَلَتَيْنِ تَرَخَّصَ: أَيْ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ حَتَّى لَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ فِيهِ. قَالَهُ الزِّيَادِيُّ، وَمِنْ صُوَرِ الْغَرَضِ فِيهِ أَنْ يَكُونَ فَارًّا مِنْ نَحْوِ ظَالِمٍ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ (قَوْلُهُ: بَعْدَ مَرْحَلَتَيْنِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْقَصْرِ (قَوْلُهُ: وَبِالْفِرَاقِ النُّشُوزُ وَبِالْعِتْقِ الْإِبَاقُ) أَيْ وَلَا أَثَرَ لِهَذِهِ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ السَّفَرَ إلَى الْآنَ بَاقٍ عَلَى إبَاحَتِهِ حَتَّى يَحْصُلَ النُّشُوزُ أَوْ الْإِبَاقُ بِالْفِعْلِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ الْمَارُّ أَوَّلًا إلَخْ) فِي هَذَا السِّيَاقِ نَوْعُ خَفَاءٍ، وَكَانَ الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ: وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِاشْتِرَاطِ مَا ذَكَرَ أَوَّلًا عَنْ الدَّوَامِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ حَتَّى لَوْ نَوَى مَسَافَةَ قَصْرٍ إلَخْ.

نَوَى إقَامَةً بِمَحَلٍّ قَرِيبٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: النَّقْلُ لِمَعْصِيَةٍ يُنَافِي التَّرَخُّصَ بِالْكُلِّيَّةِ، بِخِلَافِ هَذَا، وَلَوْ سَافَرَ سَفَرًا قَصِيرًا ثُمَّ نَوَى زِيَادَةَ الْمَسَافَةِ فِيهِ إلَى صَيْرُورَتِهِ طَوِيلًا فَلَا تَرَخُّصَ لَهُ مَا لَمْ يَكُنْ مِنْ مَحَلِّ نِيَّتِهِ إلَى مَقْصِدِهِ مَسَافَةَ قَصْرٍ وَيُفَارِقُ مَحَلَّهُ لِانْقِطَاعِ سَفَرِهِ بِالنِّيَّةِ وَيَصِيرُ بِالْمُفَارَقَةِ مُنْشِئَ سَفَرٍ جَدِيدٍ، وَلَوْ نَوَى قَبْلَ خُرُوجِهِ إلَى سَفَرِ قَصْرٍ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فِي كُلِّ مَرْحَلَةٍ فَلَا قَصْرَ لَهُ لِانْقِطَاعِ كُلِّ سَفْرَةٍ عَنْ الْأُخْرَى. (وَلَوْ) (كَانَ لِمَقْصِدِهِ) بِكَسْرِ الصَّادِ بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ (طَرِيقَانِ) طَرِيقٌ (طَوِيلٌ) أَيْ مَرْحَلَتَانِ (وَ) طَرِيقٌ (قَصِيرٌ) لَا يَبْلُغُهُمَا (فَسَلَكَ الطَّوِيلَ لِغَرَضٍ) دِينِيٍّ أَوْ دُنْيَوِيٍّ وَلَوْ مَعَ قَصْدِ إبَاحَةِ الْقَصْرِ (كَسُهُولَةٍ) لِلطَّرِيقِ، أَوْ رُخْصِ سِعْرِ بِضَاعَةٍ، أَوْ زِيَارَةٍ، أَوْ عِيَادَةٍ (أَوْ أَمْنٍ) كَفِرَارٍ مِنْ الْمَكَّاسِينَ (قَصَرَ) لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَهُوَ السَّفَرُ الطَّوِيلُ الْمُبَاحُ، وَشَمَلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ كَانَ الْغَرَضُ تَنَزُّهًا؛ لِأَنَّهُ غَرَضٌ صَحِيحٌ انْضَمَّ لَهُ مَا ذُكِرَ، وَلِهَذَا قَالَ الشَّيْخُ: إنَّ الْوَجْهَ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ التَّنَزُّهَ هُنَا لَيْسَ هُوَ الْحَامِلُ عَلَى السَّفَرِ بَلْ الْحَامِلُ عَلَيْهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ كَسَفَرِ التِّجَارَةِ، وَلَكِنَّهُ سَلَكَ أَبْعَدَ الطَّرِيقَيْنِ لِلتَّنَزُّهِ فِيهِ، بِخِلَافِ مُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الْبِلَادِ فِيمَا يَأْتِي فَإِنَّهُ الْحَامِلُ عَلَى السَّفَرِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الْحَامِلُ عَلَيْهِ كَانَ كَالتَّنَزُّهِ هُنَا، أَوْ كَانَ التَّنَزُّهُ هُوَ الْحَامِلُ عَلَيْهِ كَانَ كَمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الْبِلَادِ فِي تِلْكَ انْتَهَى. وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ التَّنَزُّهَ لِإِزَالَةِ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ كَانَ غَرَضًا صَحِيحًا دَاخِلًا فِيمَا قَدَّمَهُ فَلَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ بِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ سَلَكَهُ لِمُجَرَّدِ الْقَصْرِ أَوْ بِلَا قَصْدِ شَيْءٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (فَلَا) يَقْصُرُ (فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهُ طَوَّلَهُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ غَرَضٍ فَكَانَ شَبِيهًا بِمَنْ سَلَكَ قَصِيرًا وَطَوَّلَهُ عَلَى نَفْسِهِ لِتَرَدُّدِهِ فِيهِ حَتَّى بَلَغَ مَرْحَلَتَيْنِ. وَالثَّانِي يَقْصُرُ؛ لِأَنَّهُ طَوِيلٌ مُبَاحٌ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ طَوِيلٌ وَقَصِيرٌ مَا لَوْ كَانَا طَوِيلَيْنِ فَسَلَكَ أَطْوَلَهُمَا وَلَوْ لِغَرَضِ الْقَصْرِ فَقَطْ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ فِيهِ جَزْمًا، وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ فِيمَا إذَا سَلَكَ الْأَطْوَلَ لِغَيْرِ الْقَصْرِ فَقَطْ بِأَنَّ إتْعَابَ النَّفْسِ مِنْ غَيْرِ غَرَضٍ حَرَامٌ يُمْكِنُ رَدُّهُ بِأَنَّ الْحُرْمَةَ هُنَا عَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِهَا لِأَمْرٍ خَارِجٍ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِي الْقَصْرِ لِبَقَاءِ أَصْلِ السَّفَرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ هَذَا) أَيْ فَإِنَّهُ وَإِنْ غَيَّرَ النِّيَّةَ فِيهِ إلَى مَسَافَةٍ يَمْتَنِعُ مَعَهَا الْقَصْرُ لَوْ كَانَتْ مَقْصُودَةً ابْتِدَاءً لَكِنَّهَا لَا تُنَافِي التَّرَخُّصَ مُطْلَقًا بِدَلِيلِ سُقُوطِ الْجُمُعَةِ عَنْ قَاصِدِهَا، وَكَذَا سُقُوطُ الْقَضَاءِ مَعَ التَّيَمُّمِ فِيهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ) عَوَّلَ عَلَى خَطِّهِ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ الْفَتْحُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ فِيهِ لُغَةً أُخْرَى (قَوْلُهُ مَا لَوْ كَانَ الْغَرَضُ تَنَزُّهًا) وَهُوَ إزَالَةُ الْكُدُورَةِ النَّفْسِيَّةِ بِرُؤْيَةِ مُسْتَحْسَنٍ يَشْغَلُهَا عَنْهَا اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ) أَيْ التَّنَزُّهُ. (قَوْلُهُ: انْضَمَّ لَهُ مَا ذَكَرَ) أَيْ وُجُودُ الشَّرْطِ. (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا قَالَ الشَّيْخُ) أَيْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: إنَّ الْوَجْهَ أَنْ يُفَرَّقَ) أَيْ بَيْنَ التَّنَزُّهِ هُنَا وَبَيْنَ التَّنَقُّلِ الْآتِي. (قَوْلُهُ: كَالتَّنَزُّهِ هُنَا) أَيْ فَيَقْصُرُ. (قَوْلُهُ: لِإِزَالَةِ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يُخْبِرْهُ بِذَلِكَ طَبِيبٌ. (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ الْقَصْرِ فَقَطْ) وَفِي نُسْخَةٍ لِغَرَضِ الْقَصْرِ، وَمَا فِي الْأَصْلِ هُوَ الْأَوْلَى وَالْأَوْفَقُ بِقَوْلِهِ بِأَنَّ إتْعَابَ النَّفْسِ مِنْ غَيْرِ غَرَضٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِبَقَاءِ أَصْلِ السَّفَرِ) هَذَا قَدْ يُشْكِلُ بِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ يَلْحَقُ بِسَفَرِ الْمَعْصِيَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ غَرَضٌ صَحِيحٌ) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ التَّنَزُّهَ بِذَاتِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ وَإِنْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِمَقْصُودٍ آخَرَ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ التَّنَزُّهَ لِإِزَالَةِ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ خِلَافُهُ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا الثَّانِي مَا ذَكَرَ مِنْ فَرْقِ الشَّيْخِ، ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ قَاسِمٍ نَقَلَ عَنْ الشَّيْخِ اعْتِمَادَ الْأَوَّلِ قَالَ؛ لِأَنَّهُ سَفَرٌ مُبَاحٌ وَقَدْ أَنَاطُوا التَّرَخُّصَ بِالسَّفَرِ الْمُبَاحِ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا قَالَ الشَّيْخُ إنَّ الْوَجْهَ أَنْ يُفَرَّقَ) أَيْ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ سَافَرَ لِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الْبِلَادِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ بَاقِي كَلَامِهِ، وَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَ قَبْلَ هَذَا مَا هُوَ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ فِي عِبَارَةِ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: سَلَكَ أَبْعَدَ الطَّرِيقَيْنِ لِيُبِيحَ لَهُ الْقَصْرَ فَقَطْ لَمْ يَقْصُرْ، وَيَقْصُرُ إنْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ صَحِيحٌ وَلَوْ تَنَزُّهًا. قَالَ الشَّارِحُ: بِخِلَافِ سَفَرِهِ لِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الْبِلَادِ كَمَا سَيَأْتِي، وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْقَاصِدَ فِي هَذَا غَيْرُ جَازِمٍ بِمَقْصِدٍ مَعْلُومٍ؛ لِأَنَّ الْقَاصِدَ فِيهِ كَالْهَائِمِ بِخِلَافِهِ فِي التَّنَزُّهِ وَالْوَجْهُ أَنْ يُفَرَّقَ إلَخْ.

عَلَى إبَاحَتِهِ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا عَلَّلَ بِهِ الْأَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي الْمُتَعَمِّدِ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْغَالِطِ وَالْجَاهِلِ بِالْأَقْرَبِ فَإِنَّ الْأَوْجَهَ قَصْرُهُمَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا غَرَضٌ فِي سُلُوكِهِ. (وَلَوْ) (تَبِعَ الْعَبْدُ أَوْ الزَّوْجَةُ أَوْ الْجُنْدِيُّ) أَوْ الْأَسِيرُ (مَالِكَ أَمْرِهِ) وَهُوَ السَّيِّدُ وَالزَّوْجُ وَالْأَمِيرُ وَالْآسِرُ (فِي السَّفَرِ وَلَا يَعْرِفُ كُلٌّ) مِنْهُمْ (مَقْصِدَهُ فَلَا قَصْرَ) لَهُمْ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ شَرْطِهِ، وَهَذَا قَبْلَ بُلُوغِهِمْ مَرْحَلَتَيْنِ كَمَا مَرَّ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ رُؤْيَةَ قَصْرِ مَتْبُوعِهِ الْعَالِمِ بِشُرُوطِ الْقَصْرِ بِمُجَرَّدِ مُفَارَقَتِهِ لِمَحَلِّهِ كَعِلْمِ مَقْصِدِهِ، بِخِلَافِ إعْدَادِهِ عُدَّةً كَثِيرَةً لَا تَكُونُ إلَّا لِلسَّفَرِ الطَّوِيلِ عَادَةً فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُوجِبُ تَيَقُّنَ سَفَرٍ طَوِيلٍ لِاحْتِمَالِهِ مَعَ ذَلِكَ لِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ بِمَفَازَةٍ قَرِيبَةٍ زَمَنًا طَوِيلًا (فَلَوْ نَوَوْا مَسَافَةَ الْقَصْرِ) وَحْدَهُمْ دُونَ مَتْبُوعِهِمْ أَوْ جَهِلُوا (قَصَرَ الْجُنْدِيُّ دُونَهُمَا) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ تَحْتَ قَهْرِ الْأَمِيرِ بِخِلَافِهِمَا فَنِيَّتُهُمَا كَالْعَدَمِ وَالْجَيْشُ تَحْتَ قَهْرِ الْأَمِيرِ فَنِيَّتُهُ كَالْعَدَمِ أَيْضًا، وَلَا تَنَاقُضَ بَيْنَ هَذَا وَمَا تَقَرَّرَ فِي الْجُنْدِيِّ، إذْ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ هُنَا فِيمَا إذَا كَانَ الْجَيْشُ تَحْتَ أَمْرِ الْأَمِيرِ وَطَاعَتِهِ فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الْجَيْشَ إذَا بَعَثَهُ الْإِمَامُ وَأَمَّرَ أَمِيرًا عَلَيْهِ وَجَبَتْ طَاعَتُهُ شَرْعًا كَانَ يَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ طَاعَةُ سَيِّدِهِ. وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْجُنْدِيِّ أَنْ لَا يَكُونَ مُسْتَأْجَرًا وَلَا مُؤَمَّرًا عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ مُسْتَأْجَرًا فَلَهُ حُكْمُ الْعَبْدِ، وَلَا يَسْتَقِيمُ حَمْلُهُ عَلَى مُسْتَأْجَرٍ أَوْ مُؤَمَّرٍ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا خَالَفَ أَمْرَ الْأَمِيرِ وَسَافَرَ يَكُونُ سَفَرُهُ مَعْصِيَةً فَلَا يَقْصُرُ أَصْلًا، أَوْ يُقَالُ الْكَلَامُ فِي مَسْأَلَتِنَا فِيمَا إذَا نَوَى جَمِيعُ الْجَيْشِ فَنِيَّتُهُمْ كَالْعَدَمِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُمْكِنُهُمْ التَّخَلُّفُ عَنْ الْأَمِيرِ، وَالْكَلَامُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ فِي الْجُنْدِيِّ الْوَاحِدِ مِنْ الْجَيْشِ؛ لِأَنَّ مُفَارَقَتَهُ الْجَيْشَ مُمْكِنَةٌ فَاعْتُبِرَتْ نِيَّتُهُ وَلِذَلِكَ عَبَّرَ هُنَا بِالْجَيْشِ، وَقَدْ أَشَارَ لِهَذَا الْأَخِيرِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: وَقَوْلُهُ مَالِكَ أَمْرِهِ لَا يُنَافِيهِ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ فِي الْجُنْدِيِّ؛ لِأَنَّ الْأَمِيرَ الْمَالِكَ لِأَمْرِهِ لَا يُبَالِي بِانْفِرَادِهِ عَنْهُ وَمُخَالَفَتِهِ لَهُ، بِخِلَافِ مُخَالَفَةِ الْجَيْشِ إذْ يَخْتَلُّ بِهَا نِظَامُهُ وَهَذَا أَوْجَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنْ يُتْعِبَ نَفْسَهُ وَدَابَّتَهُ بِالرَّكْضِ مِنْ غَيْرِ غَرَضٍ، وَوَجْهُ الْإِشْكَالِ أَنَّ السَّفَرَ بَاقٍ عَلَى إبَاحَتِهِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا فَلْيُتَأَمَّلْ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقْتَصِرَ هُنَا عَلَى مَنْعِ تَسْلِيمِ الْحُرْمَةِ، فَإِنَّ الْعُدُولَ بِمُجَرَّدِهِ لَا يَسْتَلْزِمُ إتْعَابَ النَّفْسِ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ الْمَشَقَّةُ الْحَاصِلَةُ فِي الطَّرِيقِ الْأَطْوَلِ قَرِيبَةً مِنْ الْمَشَقَّةِ الْحَاصِلَةِ فِي الطَّرِيقِ الْآخَرِ مَعَ اشْتِرَاكِهِمَا فِي الْوُصُولِ إلَى الْمَقْصِدِ، وَلَا كَذَلِكَ الرَّكْضُ الْآتِي فَإِنَّهُ مَحْضُ عَبَثٍ، وَالتَّعَبُ مَعَهُ مُحَقَّقٌ أَوْ غَالِبٌ، أَوْ تُسَلَّمُ الْحُرْمَةُ وَيُحْمَلُ مَا يَأْتِي عَلَى مَا إذَا كَانَ الرَّكْضُ هُوَ الْحَامِلُ عَلَى السَّفَرِ وَمُقَارِنًا لِأَوَّلِ الْمُدَّةِ، لَكِنَّ هَذَا خِلَافُ الظَّاهِرِ فَالْأَوْلَى الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَبِعَ الْعَبْدُ أَوْ الزَّوْجَةُ) أَيْ وَالْمُبَعَّضُ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ كَالْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ فَفِي نَوْبَتِهِ كَالْحُرِّ وَفِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ كَالْعَبْدِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ فِي نَوْبَتِهِ ثُمَّ دَخَلَتْ نَوْبَةُ السَّيِّدِ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ أَمْكَنَهُ الرُّجُوعُ وَجَبَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ أَقَامَ فِي مَحَلِّهِ إنْ أَمْكَنَ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا سَافَرَ وَتُرُخِّصَ لِعَدَمِ عِصْيَانِهِ بِالسَّفَرِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ سَافَرَتْ الْمَرْأَةُ بِإِذْنِ زَوْجِهَا ثُمَّ لَزِمَتْهَا الْعِدَّةُ فِي الطَّرِيقِ فَإِنَّهَا يَلْزَمُهَا الْعَوْدُ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي سَافَرَتْ مِنْهُ أَوْ الْإِقَامَةُ بِمَحَلِّهَا إنْ لَمْ يَتَّفِقْ عَوْدُهَا وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَتَمَّتْ السَّفَرَ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فِيهِ. (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِهِ مَعَ ذَلِكَ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَقَدْ يُقَالُ جَوَّزُوا الِاجْتِهَادَ فِي الطَّوِيلِ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِمْ قَصْدُ الْمَتْبُوعِ مَرْحَلَتَيْنِ بِقَرِينَةِ كَثْرَةِ الزَّادِ فَيَنْبَغِي جَوَازُ اعْتِمَادِ ذَلِكَ كَسَائِرِ الْقَرَائِنِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا لَمْ يَكُونُوا مُسْتَقِلَّتَيْنِ لَمْ يُعْتَبَرْ مِثْلُ ذَلِكَ فِي حَقِّهِمْ تَأَمَّلْ. وَقَدْ يُقَالُ: مَا وُجِّهَ بِهِ مِنْ عَدَمِ الِاسْتِقْلَالِ لَا دَخْلَ لَهُ فِي الْعِلْمِ بِالْمَسَافَةِ وَقَدْ أُطْلِقَ جَوَازُ الِاجْتِهَادِ فِي مَعْرِفَةِ طُولِ السَّفَرِ فِي الِابْتِدَاءِ فَشَمِلَ الْمُسْتَقِلَّ وَغَيْرَهُ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِمَا فَنِيَّتُهُمَا كَالْعَدَمِ) لَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ مَا لَوْ نَوَى الْأَسِيرُ مَسَافَةً غَيْرَ مَسَافَةِ آسِرِهِ لَعَلَّهُ؛ لِأَنَّ نِيَّتَهُ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ الِانْفِرَادِ لَغْوٌ. نَعَمْ إنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ أَنَّهُ مَتَى قَدَرَ عَلَى الْهَرَبِ هَرَبَ فَهَذِهِ تَقَدَّمَتْ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ عَلِمَ الْأَسِيرُ طُولَ سَفَرِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَجَبَتْ طَاعَتُهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُمْ لَوْ أَمَّرُوا أَمِيرًا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ طَاعَتُهُ لَكِنَّ الْمُصَرَّحَ بِهِ فِي السِّيَرِ خِلَافُهُ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا أَوْجَهٌ) لَكِنْ يُحْتَاجُ عَلَيْهِ لِلْجَوَابِ عَمَّا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مُسْتَأْجَرًا) أَيْ أَوْ مُؤَجَّرًا عَلَيْهِ.

وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْوَاحِدَ وَالْجَيْشَ مِثَالٌ، وَإِلَّا فَالْمَدَارُ عَلَى مَا يَخْتَلُّ بِهِ نِظَامُهُ لَوْ خَالَفَ وَمَا لَا يَخْتَلُّ بِذَلِكَ. (وَمَنْ) (قَصَدَ سَفَرًا طَوِيلًا فَسَارَ ثُمَّ نَوَى) وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ مَاكِثٌ (رُجُوعًا) عَنْ مَقْصِدِهِ إلَى وَطَنِهِ مُطْلَقًا أَوْ غَيْرِهِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ (انْقَطَعَ) سَفَرُهُ بِمُجَرَّدِ نِيَّتِهِ حَيْثُ كَانَ نَازِلًا لَا سَائِرًا لِجِهَةِ مَقْصِدِهِ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الْإِقَامَةِ مَعَ السَّيْرِ غَيْرُ مُؤَثِّرَةٍ فَنِيَّةُ الرُّجُوعِ مَعَهُ كَذَلِكَ، وَمَتَى قِيلَ بِانْتِهَاءِ سَفَرِهِ امْتَنَعَ قَصْرُهُ مَا دَامَ فِي ذَلِكَ الْمَنْزِلِ كَمَا جَزَمُوا بِهِ وَمَا أَفْهَمُهُ كَلَامُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أَنَّهُ يَقْصُرُ فَغَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ لِمُخَالَفَتِهِ الْمَنْقُولَ (فَإِنْ سَارَ) لِمَقْصِدِهِ الْأَوَّلِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ لِمَا خَرَجَ مِنْهُ (فَسَفَرٌ جَدِيدٍ) فَإِنْ كَانَ مَا أَمَامَهُ سَفَرُ قَصْرٍ تَرَخَّصَ بِمُفَارَقَةِ مَا تُشْتَرَطُ مُفَارَقَتُهُ وَإِلَّا فَلَا. أَمَّا إذَا نَوَاهُ إلَى غَيْرِ وَطَنِهِ لِحَاجَةٍ فَلَا يَنْتَهِي سَفَرُهُ بِذَلِكَ، وَكُنْيَةُ الرُّجُوعِ فِيمَا ذُكِرَ التَّرَدُّدُ فِيهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَغَوِيّ. (وَ) ثَالِثُهَا جَوَازُ سَفَرِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَصْرِ وَجَمِيعِ الرُّخَصِ إلَّا التَّيَمُّمَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ، لَكِنْ مَعَ إعَادَةِ الصَّلَاةِ بِهِ كَمَا مَرَّ فَحِينَئِذٍ (لَا يَتَرَخَّصُ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ كَآبِقٍ وَنَاشِزَةٍ) وَقَاطِعِ طَرِيقٍ وَمُسَافِرٍ بِلَا إذْنٍ أَصْلًا يَجِبُ اسْتِئْذَانُهُ فِيهِ وَمُسَافِرٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ حَالٌّ قَادِرٌ عَلَى وَفَائِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ غَرِيمِهِ، إذْ مَشْرُوعِيَّةُ التَّرَخُّصِ فِي السَّفَرِ لِلْإِعَانَةِ وَالْعَاصِي لَا يُعَانُ؛ لِأَنَّ الرُّخَصَ لَا تُنَاطُ بِالْمَعَاصِي، وَيَلْحَقُ بِمَنْ ذُكِرَ أَنْ يُتْعِبَ نَفْسَهُ وَدَابَّتَهُ بِالرَّكْضِ مِنْ غَيْرِ غَرَضٍ أَوْ يُسَافِرَ لِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الْبِلَادِ وَالنَّظَرِ إلَيْهَا مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ صَحِيحٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSمُسْتَأْجَرًا أَوْ مُؤَمَّرًا عَلَيْهِ وَخَالَفَ الْأَمِيرَ يَكُونُ سَفَرُهُ مَعْصِيَةً وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَا هُنَا فِيمَا إذَا نَوَى السَّفَرَ وَلَمْ يَتَّفِقْ لَهُ ذَلِكَ بِأَنْ بَقِيَ مَعَ الْأَمِيرِ وَمَا تَقَدَّمَ فِيمَا إذَا سَافَرَ فَلَا تَنَافِيَ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرَ هَذَا فِي مُقَابَلَةِ مَا حَكَاهُ قَبْلُ بِقِيلَ وَمِنْ ثَمَّ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ: أَوْ يُقَالُ الْكَلَامُ فِي مَسْأَلَتِنَا إلَخْ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ لِحَاجَةٍ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: لَا سَائِرًا لِجِهَةِ مَقْصِدِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا نَوَى الرُّجُوعَ وَهُوَ سَائِرٌ لِغَيْرِ مَقْصِدِهِ الْأَوَّلِ لَا يَنْقَطِعُ تَرَخُّصُهُ، وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ سَارَ فَسَفَرٌ جَدِيدٌ. (قَوْلُهُ: التَّرَدُّدُ فِيهِ) أَيْ وَإِنْ قَلَّ التَّرَدُّدُ (قَوْلُهُ: يَجِبُ اسْتِئْذَانُهُ فِيهِ) أَيْ فِي ذَلِكَ السَّفَرِ بِأَنْ أَرَادَ السَّفَرَ لِلْجِهَادِ وَأَصْلُهُ مُسَلَّمٌ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِئْذَانِهِ. (قَوْلُهُ: وَمُسَافِرٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ حَالٌّ) أَيْ وَإِنْ قَلَّ. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ إذْنِ غَرِيمِهِ) أَيْ أَوْ ظَنِّ رِضَاهُ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي الْجِهَادِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الرُّخَصَ لَا تُنَاطُ بِالْمُعَاصَى) ظَاهِرُهُ وَإِنْ بَعُدَ عَنْ مَحَلِّ رَبِّ الدَّيْنِ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْعَوْدُ أَوْ التَّوْكِيلُ فِي الْوَفَاءِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يَعْزِمْ عَلَى تَوْفِيَتِهِ إذَا قَدَرَ بِالتَّوْكِيلِ أَوْ نَحْوِهِ وَنَدِمَ عَلَى خُرُوجِهِ بِلَا إذْنٍ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ عَجَزَ عَنْ رَدِّ الْمَظَالِمِ وَعَزَمَ عَلَى رَدِّهَا إذَا قَدَرَ كَمَا اقْتَضَى كَلَامُ الشَّارِحِ فِي أَوَّلِ الْجَنَائِزِ فِيهِ قَبُولُ تَوْبَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ بِمَنْ ذُكِرَ أَنْ يُتْعِبَ نَفْسَهُ إلَخْ) هَذَا سَفَرُ مَعْصِيَةٍ فَمَا وَجْهُ الْإِلْحَاقِ، انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ، إلَّا أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ نَازِلًا) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ مَاكِثٌ وَخَرَجَ بِهِمَا مَا إذَا كَانَ سَائِرًا إلَى مَقْصِدِهِ أَوْ غَيْرِهِ، فَقَوْلُهُ: لَا سَائِرًا لِجِهَةِ مَقْصِدِهِ فِيهِ قُصُورٌ مَعَ أَنَّهُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِمَا يَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ سَارَ، وَلَفْظُ مَاكِثٍ سَاقِطٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ. (قَوْلُهُ: وَيُلْحَقُ بِمَنْ ذَكَرَ أَنْ يُتْعِبَ نَفْسَهُ وَدَابَّتَهُ بِالرَّكْضِ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي سَفَرِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ، فَإِنَّ سَفَرَهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ فِيهِ إلَّا إتْعَابُ نَفْسِهِ وَدَابَّتِهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ خِلَافًا لِمَنْ ادَّعَاهُ أَنَّ الْبَاعِثَ لَهُ غَرَضٌ صَحِيحٌ لَكِنَّهُ أَتْعَبَ نَفْسَهُ وَدَابَّتَهُ، فَالْحُرْمَةُ إنَّمَا جَاءَتْ مِنْ إتْعَابِ النَّفْسِ وَالدَّابَّةِ بِأَنْ أَسْرَعَ فِي الْمَشْيِ وَرَكْضِ الدَّابَّةِ فَوْقَ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ لَا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ فِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ هَذَا ظَاهِرَ تَعْبِيرِ الشَّارِحِ بِيُلْحَقُ وَبِالرَّكْضِ، وَيَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْته أَنَّ الثَّانِيَ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ قَرِيبًا وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ فِيمَا إذَا سَلَكَ الْأَطْوَلَ لِغَرَضِ الْقَصْرِ فَقَطْ بِأَنَّ إتْعَابَ النَّفْسِ مِنْ غَيْرِ غَرَضٍ حَرَامٌ يُمْكِنُ رَدُّهُ إلَخْ، فَقَوْلُهُ: فِي الرَّدِّ لِبَقَاءِ أَصْلِ السَّفَرِ عَلَى إبَاحَتِهِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ السَّفَرَ إذَا كَانَ الْبَاعِثُ عَلَيْهِ غَرَضًا صَحِيحًا لَا يَضُرُّ فِي إبَاحَتِهِ إتْعَابُ النَّفْسِ وَالدَّابَّةِ، فَتَعَيَّنَ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ هُنَا مَا ذَكَرَتْهُ. نَعَمْ قَوْلُهُ: ثُمَّ بِتَقْدِيرِ تَسْلِيمِهَا يُؤْذِنُ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُسَلَّمٍ حُرْمَةُ إتْعَابِ النَّفْسِ وَالدَّابَّةِ لِغَيْرِ غَرَضٍ،

كَمَا نَقَلَاهُ وَأَقَرَّاهُ، وَإِنْ قَالَ مُحَلَّيْ فِي الْأَكْلِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ الْحِلُّ وَفِي الثَّانِي أَنَّهُ مُبَاحٌ، وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ الرُّخَصُ ـــــــــــــــــــــــــــــSيُقَالَ: الْمُرَادُ بِسَفَرِ الْمَعْصِيَةِ أَنْ يَكُونَ الْحَامِلُ عَلَى السَّفَرِ نَفْسَ الْمَعْصِيَةِ كَقَطْعِ الطَّرِيقِ، وَمَا هُنَا الْحَامِلُ عَلَيْهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ كَالتِّجَارَةِ، لَكِنَّهُ أَتْعَبَ نَفْسَهُ بِالرَّكْضِ فِي سَيْرِهِ لِذَلِكَ الْغَرَضِ فَكَانَ فِعْلُهُ هَذَا كَفِعْلِ الْعَاصِي فِي السَّفَرِ، لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ عَاصِيًا بِنَفْسِ الرَّكْضِ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ قَطْعُ الْمَسَافَةِ أُلْحِقَ بِالْعَاصِي بِالسَّفَرِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ مُجَلَّيْ فِي الْأَوَّلِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ مُنَاقِضٌ لِمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ: الْآتِي وَإِنْ قَالَ مُجَلِّي إلَخْ، الصَّرِيحُ فِي أَنَّهُ قَائِلٌ بِالْحُرْمَةِ فِيمَا ذُكِرَ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: لَا تَنَاقُضَ إذَا مَا مَرَّ ثُمَّ أَصْلُ السَّفَرِ فِيهِ لِبَاعِثٍ صَحِيحٍ وَمَا ذَكَرَ وَقَعَ بَعْدَ عَقْدِ السَّفَرِ الْمُبَاحِ فَلَمْ يَكُنْ حَرَامًا لِوُقُوعِهِ تَابِعًا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ، وَمِمَّا يُوَضِّحُ مَا ذَكَرْته أَوَّلًا مِنْ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ هُنَا أَنَّهُ لَا بَاعِثَ لَهُ عَلَى السَّفَرِ سَوْقُ عِبَارَةِ مُجَلِّي الْمُخَالِفِ فِي حُكْمِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، وَنَصُّهَا حَسَبَ مَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ: فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ فِي سَفَرِهِ قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ: يَكُونُ عَاصِيًا، وَكَذَا كُلُّ مَنْ أَتْعَبَ نَفْسَهُ لِغَيْرِ غَرَضٍ كَرَكْضِ دَابَّتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُبَاحٌ، وَكَذَلِكَ السَّفَرُ لِرُؤْيَةِ الْبِلَادِ وَالتَّنَزُّهِ فِيهَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ مُبَاحٌ. وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: مِنْ الْأَغْرَاضِ الْفَاسِدَةِ السَّفَرُ لِيَرَى الْبِلَادَ وَلَا أَرَبَ لَهُ سِوَاهُ. اهـ كَلَامُ مُجَلِّي. فَقَوْلُهُ: وَكَذَا كُلُّ مَنْ أَتْعَبَ نَفْسَهُ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ فِي سَفَرِهِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ فِي سَفَرِهِ، يَكُونُ عَاصِيًا؛ لِأَنَّهُ مُتْعِبٌ نَفْسَهُ وَدَابَّتَهُ لِغَيْرِ غَرَضٍ، وَكَذَا حُكْمُ كُلِّ مَنْ أَتْعَبَهُمَا لِغَيْرِ غَرَضٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي سَفَرِهِ وَتَعْبِيرُهُ بِهَذِهِ الْكُلِّيَّةِ ظَاهِرٌ فِيمَا قُلْنَاهُ فَإِنَّهَا الْمَعْرُوفَةُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ، وَيُصَرِّحُ بِهِ أَنَّ الشَّارِحَ اقْتَصَرَ فِي كَلَامِهِ عَلَى مَعْنَى هَذِهِ الْكُلِّيَّةِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا عُطِفَتْ عَلَيْهِ اكْتِفَاءً بِهَا لِعُمُومِهَا، ثُمَّ صَرَّحَ بِأَنَّ مُجَلِّيًا خَالَفَ فِي حُكْمِهَا مَعَ أَنَّ خِلَافَ مُجَلِّي مَعَ غَيْرِهِ إنَّمَا وَقَعَ أَصَالَةً فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي سَفَرِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ كَمَا عَرَفْت مِنْ عِبَارَتِهِ، فَهَذَا التَّصَرُّفُ مِنْ الشَّارِحِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْته مِنْ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ السَّفَرَ لَيْسَ فِيهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الشَّارِحِ كَمُجَلِّي أَوْ يُسَافِرُ لِرُؤْيَةِ الْبِلَادِ بَعْدَ قَوْلِهِ أَنْ يُتْعِبَ نَفْسَهُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ مَا لَا غَرَضَ فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، بَلْ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُمَا مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ، لَكِنْ يَتَعَيَّنُ أَنَّ مُرَادَهُ مَا ذَكَرْته لِلْقَطْعِ بِأَنَّ الْأَوَّلَ أَعَمُّ مِنْ الثَّانِي، وَعِبَارَتُهُ أَعَنَى الْأَذْرَعِيَّ بَعْدَ قَوْلِ الرَّوْضَةِ وَمِمَّا أُلْحِقَ بِسَفَرِ الْمَعْصِيَةِ إتْعَابُ نَفْسِهِ وَتَعْذِيبُهُ دَابَّتَهُ بِالرَّكْضِ لَا لِغَرَضٍ ذَكَرَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ يَنْتَقِلُ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ لِغَيْرِ غَرَضٍ صَحِيحٍ لَمْ يَتَرَخَّصْ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: السَّفَرُ لِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الْبِلَادِ وَالنَّظَرِ إلَيْهَا لَيْسَ مِنْ الْأَغْرَاضِ الصَّحِيحَةِ. اهـ. نَصُّهَا: أَعَنَى عِبَارَةَ الْأَذْرَعِيِّ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ: أَيْ النَّوَوِيِّ نَقَلَ ثَلَاثَ صُوَرٍ وَالْمُوَافَقَةُ عَلَيْهَا، وَعَزَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الْأُولَةَ: أَيْ إتْعَابَ النَّفْسِ وَالدَّابَّةِ إلَى الْأَصْحَابِ مُطْلَقًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا وَاَلَّتِي بَعْدَهَا: أَيْ مَسْأَلَةَ الِانْتِقَالِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ وَالسَّفَرِ لِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الْبِلَادِ مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ انْتَهَتْ، فَجَعَلَ مُؤَدَّى الصُّوَرِ الثَّلَاثِ وَاحِدًا وَفِيهِ مَا قَدَّمْته، ثُمَّ اسْتَشْهَدَ الْأَذْرَعِيُّ عَلَى مَا بَحَثَهُ بِكَلَامِ الْغَزَالِيِّ وَإِمَامِهِ. فَإِنْ قُلْت: قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ عِنْدَ الشَّارِحِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَإِنْ قَالَ مُجَلِّي إلَخْ وَمِنْ ثَمَّ عَبَّرَ عَنْهُ الشِّهَابُ حَجّ بِقَوْلِهِ وَمِنْ سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ أَنْ يُتْعِبَ نَفْسَهُ إلَخْ، فَمَا وَجْهُ تَعْبِيرِ الشَّارِحِ فِيهِ كَالرَّوْضَةِ بِقَوْلِهِمَا وَيُلْحَقُ؟ قُلْت: وَجْهُهُ أَنَّ صُورَةَ السَّفَرِ فِيهِ لَيْسَتْ مَعْصِيَةً؛ لِأَنَّ الْبَاعِثَ عَلَيْهِ لَيْسَ إتْعَابَ نَفْسِهِ وَدَابَّتِهِ، وَإِنَّمَا نَشَأَ مِنْ انْتِفَاءِ الْغَرَضِ فِي السَّفَرِ فَكَانَ السَّفَرُ حَيْثُ لَا غَرَضَ فِيهِ صَحِيحًا مَقْصُودُهُ إتْعَابُ النَّفْسِ وَالدَّابَّةِ وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْ الْمُسَافِرُ ذَلِكَ، بِخِلَافِ السَّفَرِ لِنَحْوِ السَّرِقَةِ فَإِنَّهَا الْبَاعِثَةُ عَلَيْهِ، فَكَانَ السَّفَرُ لَهَا سَفَرَ مَعْصِيَةٍ فِي الْحَقِيقَةِ، وَالصُّورَةُ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا، فَإِنْ فُرِضَ أَنَّ الْبَاعِثَ فِيهَا إتْعَابُ النَّفْسِ وَالدَّابَّةِ بِأَنْ لَاحَظَ الْمُسَافِرُ ذَلِكَ عِنْدَ سَفَرِهِ كَانَ السَّفَرُ كَسَفَرِ نَحْوِ السَّرِقَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَكَانَ أَوْلَى بِالْحُكْمِ، وَبِمَا قَرَّرْته فِي هَذَا الْجَوَابِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ الشِّهَابِ سم هَذَا سَفَرُ مَعْصِيَةٍ، فَمَا وَجْهُ الْإِلْحَاقِ. اهـ. وَقَدْ اتَّضَحَ وَجْهُهُ بِمَا ذَكَرْته وَلِلَّهِ الْحَمْدُ لَا بِمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ مِمَّا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْبَاعِثَ عَلَى السَّفَرِ فِي مَسْأَلَتِنَا غَرَضٌ صَحِيحٌ وَلَكِنَّهُ أَتْعَبَ فِيهِ نَفْسَهُ وَدَابَّتَهُ فَتَأَمَّلْهُ.

لَا تُنَاطُ بِالْمَعَاصِي أَنَّ فِعْلَ الرُّخْصَةِ مَتَى تَوَقَّفَ عَلَى وُجُودِ شَيْءٍ، فَإِنْ كَانَ تَعَاطِيهِ فِي نَفْسِهِ حَرَامًا امْتَنَعَ مَعَهُ فِعْلُ الرُّخْصَةِ وَإِلَّا فَلَا. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْآبِقَ وَنَحْوَهُ مِمَّنْ لَمْ يَبْلُغْ كَالْبَالِغِ وَإِنْ لَمْ يَلْحَقْهُ الْإِثْمُ وَخَرَجَ بِالْعَاصِي بِسَفَرِهِ الْعَاصِي فِيهِ وَهُوَ مَنْ يَقْصِدُ سَفَرًا مُبَاحًا فَتَعْرِضُ لَهُ فِيهِ مَعْصِيَةٌ فَيَرْتَكِبُهَا فَلَهُ التَّرَخُّصُ؛ لِأَنَّ سَبَبَ تَرَخُّصِهِ مُبَاحٌ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا (فَلَوْ) (أَنْشَأَ) سَفَرًا (مُبَاحًا ثُمَّ جَعَلَهُ مَعْصِيَةً فَلَا تَرَخُّصَ) لَهُ (فِي الْأَصَحِّ) مِنْ حِينِ جَعْلِهِ كَمَا لَوْ أَنْشَأَهُ بِهَذِهِ النِّيَّةِ. وَالثَّانِي يَتَرَخَّصُ اكْتِفَاءً بِكَوْنِ السَّفَرِ مُبَاحًا فِي ابْتِدَائِهِ، فَإِنْ تَابَ تَرَخَّصَ جَزْمًا كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ اللُّقَطَةِ أَيْ وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي أَقَلَّ مِنْ مَرْحَلَتَيْنِ نَظَرًا لِأَوَّلِهِ وَآخِرِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ مِمَّا يُوهَمُ خِلَافَهُ مُؤَوَّلٌ (وَلَوْ أَنْشَأَهُ عَاصِيًا) بِهِ (ثُمَّ تَابَ) تَوْبَةً صَحِيحَةً (فَمَنْشَأُ السَّفَرِ مِنْ حِينِ التَّوْبَةِ) فَإِنْ كَانَ بَيْنَ مَحَلِّهَا وَمَقْصِدِهِ مَرْحَلَتَانِ قَصَرَ وَإِلَّا فَلَا. وَفَارَقَ مَا مَرَّ بِتَقْصِيرِهِ بِإِنْشَائِهِ عَاصِيًا فَلَا يُنَاسِبُهُ التَّخْفِيفُ، وَمَا لَا يُشْتَرَطُ لِلتَّرَخُّصِ طُولُهُ كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ يَسْتَبِيحُهُ مِنْ حِينِ التَّوْبَةِ مُطْلَقًا، وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا صَحِيحَةً مَا لَوْ عَصَى بِسَفَرِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ تَابَ فَإِنَّهُ لَا يَتَرَخَّصُ مِنْ حِينِ التَّوْبَةِ بَلْ حَتَّى تَفُوتَ الْجُمُعَةُ، وَمِنْ وَقْتِ فَوَاتِهَا يَكُونُ ابْتِدَاءُ سَفَرِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَوْ نَوَى الْكَافِرُ أَوْ الصَّبِيُّ سَفَرَ قَصْرٍ ثُمَّ أَسْلَمَ أَوْ بَلَغَ فِي الطَّرِيقِ قَصَرَ فِي بَقِيَّتِهِ كَمَا فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ قَصْرِ الصَّبِيِّ دُونَ مَنْ أَسْلَمَ. (وَ) رَابِعُهَا عَدَمُ اقْتِدَائِهِ بِمُتِمٍّ (وَلَوْ) احْتِمَالًا، فَمَتَى (اقْتَدَى بِمُتِمٍّ) وَلَوْ مُسَافِرًا (لَحْظَةً) كَأَنْ أَدْرَكَهُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ وَلَوْ تَامَّةً فِي نَفْسِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSهُوَ قَوْلُهُ أَنْ يُتْعِبَ نَفْسَهُ وَقَوْلُهُ وَفِي الثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ رُؤْيَةُ الْبِلَادِ. (قَوْلُهُ: كَالْبَالِغِ وَإِنْ لَمْ يَلْحَقْهُ الْإِثْمُ) أَيْ فَإِذَا سَافَرَ الصَّبِيُّ بِلَا إذْنٍ مِنْ وَلِيِّهِ لَمْ يَقْصُرْ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَبِهِ صَرَّحَ سم، وَكَذَا النَّاشِزَةُ الصَّغِيرَةُ؛ وَيُنْظَرُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ بَعْدَ الْبُلُوغِ، فَإِنْ بَلَغَ مَرْحَلَتَيْنِ قَصَرَ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا عُصَاةً حَالَ السَّفَرِ لَهُمْ حُكْمُ الْعُصَاةِ. وَقَالَ حَجّ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الصَّبِيَّ يَقْصُرُ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَبَعْدَهُ وَإِنْ سَافَرَ بِلَا إذْنٍ مِنْ وَلِيِّهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَاصٍ، وَامْتِنَاعُ الْقَصْرِ فِي حَقِّهِ يَتَوَقَّفُ عَلَى نَقْلٍ بِخُصُوصِهِ فَإِنَّ مَنْ فَعَلَ مَا هُوَ بِصُورَةِ الْمَعْصِيَةِ وَلَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ لَهُ حُكْمُ الْعَاصِي وَأَنَّى بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا) أَيِّ، وَكَذَا فِيهَا كَأَنْ سَارَ لِمَقَاصِدِهِ وَهُوَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ فَالسَّيْرُ مُبَاحٌ مَعَ إثْمِهِ بِالشُّرْبِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَنْشَأَ سَفَرًا مُبَاحًا) أَيْ شَرَعَ فِيهِ (قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ إلَخْ) وَعِبَارَتُهُ: فَإِنْ تَابَ فَأَوَّلُهُ مَحَلُّ تَوْبَتِهِ انْتَهَى. وَتَأْوِيلُهَا كَأَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ مَحَلُّ تَوْبَتِهِ: أَيْ حَيْثُ ابْتَدَأَ سَفَرَهُ مَعْصِيَةً، فَإِنْ ابْتَدَأَهُ مُبَاحًا ثُمَّ جَعَلَهُ مَعْصِيَةً ثُمَّ تَابَ تُرُخِّصَ وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: فَمَنْشَأُ السَّفَرِ) هُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالشِّينِ: أَيْ فَمَوْضِعُ إنْشَاءِ السَّفَرِ يُعْتَبَرُ مِنْ حِينِ إلَخْ. هَذَا وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ فَمُنْشِئُ السَّفَرِ بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الشِّينِ انْتَهَى. وَهِيَ تُفِيدُ أَنَّهُ اسْمٌ لِذَاتِ الْمُسَافِرِ لَا لِمَكَانِ السَّفَرِ وَمَآلُهَا وَاحِدٌ. (قَوْلُهُ: وَفَارِقُ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَنْشَأَهُ مُبَاحًا ثُمَّ جَعَلَهُ مَعْصِيَةً ثُمَّ تَابَ يَتَرَخَّصُ وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: مِنْ حِينِ التَّوْبَةِ مُطْلَقًا) بَقِيَ مَرْحَلَتَانِ أَمْ لَا؟ (قَوْلُهُ: حَتَّى تَفُوتَ الْجُمُعَةُ) أَيْ بِسَلَامِ الْإِمَامِ مِنْهَا بِاعْتِبَارِ غَلَبَةِ ظَنِّهِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ لَا يَتَرَخَّصُ وَإِنْ بَعُدَ عَنْ مَحَلِّ الْجُمُعَةِ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ إدْرَاكُهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ الصَّبِيُّ) أَيْ وَلَمْ يَكُنْ سَفَرُهُ بِصُورَةِ الْمَعْصِيَةِ بِأَنْ كَانَ آبِقًا أَوْ نَاشِزَةً أَوْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ عَلَى مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْآبِقَ وَنَحْوَهُ مِمَّنْ لَمْ يَبْلُغْ كَالْبَالِغِ وَإِنْ لَمْ يَلْحَقْهُ الْإِثْمُ. (قَوْلُهُ: قَصَرَ فِي بَقِيَّتِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْقَصْرُ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَلَيْسَ مُرَادًا؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ مُسَافِرٌ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ فَلَا مَعْصِيَةَ، فَلَعَلَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ بِمَا ذَكَرَ لِلرَّدِّ عَلَى الْبَغَوِيّ (قَوْلُهُ: قَصَرَ فِي بَقِيَّتِهِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُسَافِرًا لَحْظَةً) وَلَوْ دُونَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ حَجّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ احْتِمَالًا) قَدْ يُقَالُ يُنَافِيهِ مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ عَلِمَهُ مُسَافِرًا وَشَكَّ فِي نِيَّتِهِ قَصَرَ.

كَصُبْحٍ أَوْ جُمُعَةٍ أَوْ مَغْرِبٍ أَوْ نَحْوِ عِيدٍ أَوْ رَاتِبَةٍ وَلَا يَرُدُّ ذَلِكَ عَلَى الْمُصَنِّفِ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهَا تَامَّةٌ فِي نَفْسِهَا (لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ) لِمَا صَحَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ أَنَّهُ السُّنَّةُ، وَالْأَوْجَهُ جَوَازُ قَصْرِ مُعَادَةٍ صَلَّاهَا أَوَّلًا مَقْصُورَةً وَفَعَلَهَا ثَانِيًا إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا بِقَاصِرٍ، وَلَوْ لَزِمَ الْإِمَامَ الْإِتْمَامُ بَعْدَ إخْرَاجِ الْمَأْمُومِ نَفْسَهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْإِتْمَامُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِمَامٍ لَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، إذْ مُتِمٌّ اسْمُ فَاعِلٍ وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي حَالِ التَّلَبُّسِ فَيُفِيدُ أَنَّ الْإِتْمَامَ حَالَ الِاقْتِدَاءِ فَلَا يَرُدُّ ذَلِكَ عَلَى الْمُصَنِّفِ، وَتَنْعَقِدُ صَلَاةُ الْقَاصِرِ خَلْفَ مُتِمٍّ جَهِلَ الْمَأْمُومُ وَتَلْغُو نِيَّةُ الْقَصْرِ، بِخِلَافِ الْمُقِيمِ لَوْ نَوَى الْقَصْرَ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقَصْرِ وَالْمُسَافِرُ مِنْ أَهْلِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ بِنِيَّةِ الْقَصْرِ ثُمَّ نَوَى الْإِتْمَامَ أَوْ صَارَ مُقِيمًا. (وَلَوْ رَعَفَ) بِتَثْلِيثِ عَيْنِهِ وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ، وَهُوَ مِثَالٌ لَا قَيْدٌ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى بُطْلَانِ الصَّلَاةِ (الْإِمَامُ الْمُسَافِرُ) الْقَاصِرُ (وَاسْتَخْلَفَ) لِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ بِرُعَافِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ سَوَاءٌ أَكَانَ قَلِيلًا أَمْ كَثِيرًا لِاخْتِلَاطِهِ بِغَيْرِهِ مِنْ الْفَضَلَاتِ مَعَ نُدْرَتِهِ فَلَا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ، وَهَذَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ. وَقَالَ الْقَمُولِيُّ فِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْمَحَامِلِيِّ رَدًّ اعَلَى أَبِي غَانِمٍ صَاحِبِ ابْنِ سُرَيْجٍ فِي تَأْوِيلِ نَصِّ الْمُخْتَصَرِ. وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الِاسْتِخْلَافِ بِعُذْرٍ وَهَذَا اسْتِخْلَافٌ قَبْلَ وُجُودِ الدَّمِ لِتَكْثِيرِ الْمُبْطِلِ لِلصَّلَاةِ فَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْقَلِيلَ مِنْ الرُّعَافِ لَا يُبْطِلُ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِتَرْجِيحِ الرَّافِعِيِّ، لَكِنَّ النَّوَوِيَّ رَجَّحَ الْعَفْوَ عَنْ الْكَثِيرِ أَيْضًا. وَفِي الْمَجْمُوعِ حِكَايَةُ مَا ذَكَرَهُ الْقَمُولِيُّ، قَالَ الْبَكْرِيُّ: وَمَا يُتَخَيَّلُ أَنَّ فِي دَمِ الرُّعَافِ غَيْرَهُ مِنْ الْفَضَلَاتِ خَيَالٌ لَا طَائِلَ تَحْتَهُ اهـ. وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ (مُتِمًّا) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُقْتَدِيًا بِهِ (أَتَمَّ الْمُقْتَدُونَ) الْمُسَافِرُونَ وَلَوْ لَمْ يَنْوُوا الِاقْتِدَاءَ بِهِ لِصَيْرُورَتِهِمْ مُقْتَدِينَ بِهِ حُكْمًا بِمُجَرَّدِ الِاسْتِخْلَافِ وَمِنْ ثَمَّ لَحِقَهُمْ سَهْوُهُ وَتَحَمَّلَ سَهْوَهُمْ. نَعَمْ لَوْ نَوَوْا فِرَاقَهُ عِنْدَ إحْسَاسِهِ بِأَوَّلِ رُعَافِهِ أَوْ حَدَثِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: صَلَّاهَا أَوَّلًا مَقْصُورَةً) وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ فِي الْأُولَى كَوْنُهَا مَقْصُورَةً؛ لِأَنَّ الْإِعَادَةَ فِعْلُ الشَّيْءِ ثَانِيًا بِصِفَتِهِ الْأُولَى. لَا يُقَالُ: عَلَى هَذَا لَا تَجُوزُ إعَادَتُهَا تَامَّةً؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَمَّا كَانَ التَّمَامُ هُوَ الْأَصْلُ وَلَا يَتَوَقَّفُ وُجُوبُهُ عَلَى نِيَّتِهِ يَمْتَنِعُ؛ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ لِلْأَصْلِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَأْمُومِ. (قَوْلُهُ: وَتَنْعَقِدُ صَلَاةُ الْقَاصِرِ) أَيْ تَامَّةً، فَالْمُرَادُ مَنْ نَوَى الْقَصْرَ خَلْفَ إلَخْ لَا أَنَّهُ مُتَلَبِّسٌ بِالْقَصْرِ حَقِيقَةً لِاسْتِحَالَتِهِ مَعَ كَوْنِهِ انْعَقَدَتْ صَلَاتُهُ تَامَّةً (قَوْلُهُ: وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ) قَالَ ع: وَالضَّمُّ ضَعِيفٌ وَالْكَسْرُ أَضْعَفُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْقَمُولِيُّ فِي الْبَحْرِ) أَيْ وَهُوَ شَرْحُ الْوَسِيطِ لَهُ وَاخْتَصَرَ مِنْهُ الْجَوَاهِرَ (قَوْلُهُ: قَالَ الْبَكْرِيُّ) أَيْ الشَّيْخُ جَلَالُ الدِّينِ لَا الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ. (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ) أَيْ وَهُوَ عَدَمُ الْعَفْوِ عَنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْقَمُولِيُّ إلَخْ) أَيْ مُخَالِفًا لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ مَنْ ذَكَرَ، فَغَرَضُ الشَّارِحِ مِنْ ذِكْرِهِ بَيَانُ خِلَافِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا قَالَ الْخِلَافُ) مَقُولُ قَوْلِ الْقَمُولِيِّ (قَوْلُهُ: فَقَدْ صَرَّحَ) أَيْ الْقَمُولِيُّ، وَهَذَا أَوَّلُ كَلَامِ الشَّارِحِ بَعْدَ كَلَامِ الْقَمُولِيِّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُوَافِقٌ لِتَرْجِيحِ الرَّافِعِيِّ) أَيْ فِي أَصْلِ مَسْأَلَةِ الدَّمِ الْخَارِجِ مِنْ الْإِنْسَانِ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ لَا فِي خُصُوصِ مَسْأَلَةِ الرُّعَافِ وَإِنْ تُوُهِّمَ، وَإِلَّا لَنَافَى قَوْلَهُ وَهَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ، وَقَوْلُهُ: لَكِنَّ النَّوَوِيَّ رَجَّحَ الْعَفْوَ عَلَى الْكَثِيرِ أَيْضًا: أَيْ فِي مُطْلَقِ دَمِ الْإِنْسَانِ كَمَا عَرَفْت: أَيْ وَالرُّعَافُ مُسْتَثْنًى لِمَا مَرَّ مِنْ الْعِلَّةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ غَرَضَ الشَّارِحِ وَإِنْ كَانَ فِي عِبَارَتِهِ قَلَاقَةٌ، وَمِنْ ثَمَّ فُهِمَتْ عَلَى غَيْرِ الْمُرَادِ أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ بَيَّنَ مُخْتَارَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ طِبْقَ مَا مَرَّ لَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ تَبَعًا لِوَالِدِهِ أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ كَلَامَ الْقَمُولِيِّ فِي خُصُوصِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْمُخَالِفِ لِاخْتِيَارِهِ، وَقَوْلُهُ: فِيهِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِتَرْجِيحِ الرَّافِعِيِّ لَكِنَّ النَّوَوِيَّ رَجَّحَ إلَخْ مِنْ بَابِ التَّنَزُّلِ مَعَ الْقَمُولِيِّ كَأَنَّهُ يَقُولُ حَيْثُ لَمْ يَسْتَثْنِ نَحْوَ الرُّعَافِ لِمَا مَرَّ مِنْ الْعِلَّةِ مِنْ مُطْلَقِ دَمِ الْإِنْسَانِ، فَتَقْيِيدُهُ بِالْكَثِيرِ فِي قَوْلِهِ قَبْلَ وُجُودِ الدَّمِ الْكَثِيرِ الْمُبْطِلِ لِلصَّلَاةِ جَرَى عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ الْمَارَّةِ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ، وَإِلَّا فَالنَّوَوِيُّ رَجَّحَ الْعَفْوَ فِي دَمِ الْإِنْسَانِ مُطْلَقًا: أَيْ بِشَرْطِهِ،

قَبْلَ تَمَامِ اسْتِخْلَافِهِ قَصَرُوا اكَمَا لَمْ يَسْتَخْلِفْهُ هُوَ وَلَا الْمَأْمُومُ أَوْ اسْتَخْلَفَ قَاصِرًا (وَكَذَا لَوْ عَادَ الْإِمَامُ وَاقْتَدَى بِهِ) يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ لِاقْتِدَائِهِ بِمُتِمٍّ فِي جُزْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ وَاسْتَخْلَفَ مُتِمًّا عَمَّا لَوْ اسْتَخْلَفَ قَاصِرًا أَوْ اسْتَخْلَفُوهُ أَوْ لَمْ يَسْتَخْلِفُوا أَحَدًا فَإِنَّهُمْ يَقْصُرُونَ، وَلَوْ اسْتَخْلَفَ الْمُتِمُّونَ مُتِمًّا وَالْقَاصِرُونَ قَاصِرًا فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ (وَلَوْ لَزِمَ الْإِتْمَامُ مُقْتَدِيًا فَفَسَدَتْ) بَعْدَ ذَلِكَ (صَلَاتُهُ أَوْ صَلَاةُ إمَامِهِ أَوْ بَانَ إمَامُهُ مُحْدِثًا) أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ كَوْنِهِ ذَا نَجَاسَةٍ خَفِيَّةٍ لِمَا مَرَّ مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ خَلْفَ هَؤُلَاءِ وَحُصُولِ الْجَمَاعَةِ بِهِمْ (أَتَمَّ) ؛ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ وَجَبَ عَلَيْهِ إتْمَامُهَا فَامْتَنَعَ عَلَيْهِ قَصْرُهَا كَفَائِتَةِ الْحَضَرِ، وَخَرَجَ " بِفَسَدَتْ " صَلَاتُهُ مَا لَوْ بَانَ عَدَمُ انْعِقَادِهَا فَلَهُ قَصْرُهَا، وَالضَّابِطُ كَمَا أَفَادَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ كُلَّ مَا عَرَضَ بَعْدَ مُوجِبِ الْإِتْمَامِ فَسَادَهُ يَجِبُ إتْمَامُهُ وَمَا لَا فَلَا، وَلَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا وَلَمْ يَنْوِ الْقَصْرَ ثُمَّ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ لَزِمَهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ الْإِتْمَامُ، وَلَوْ فَقَدَ الطَّهُورَيْنِ فَشَرَعَ بِنِيَّةِ الْإِتْمَامِ فِيهَا ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الطَّهَارَةِ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ: قَصَرَ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ لَيْسَ بِحَقِيقَةِ صَلَاةٍ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَعَلَّ مَا قَالُوهُ بِنَاءٌ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِصَلَاةٍ شَرْعِيَّةٍ بَلْ تُشْبِهُهَا، وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ اهـ. وَالْأَوْجَهُ الْأُوَلُ؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ صَلَاةً شَرْعِيَّةً لَمْ يَسْقُطْ بِهَا طَلَبُ فِعْلِهَا وَإِنَّمَا أَسْقَطَ حُرْمَةَ الْوَقْتِ فَقَطْ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَنْ صَلَّى بِتَيَمُّمٍ بِمَنْ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ بِنِيَّةِ الْإِتْمَامِ ثُمَّ أَعَادَهَا. (وَلَوْ) (اقْتَدَى بِمَنْ ظَنَّهُ مُسَافِرًا) فَنَوَى الْقَصْرَ الَّذِي هُوَ ظَاهِرُ ـــــــــــــــــــــــــــــSمُطْلَقًا، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ خِلَافًا لحج حَيْثُ قَالَ بِالْعَفْوِ عَنْ قَلِيلِ دَمِ الْمَنَافِذِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ تَمَامِ اسْتِخْلَافِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الِاسْتِخْلَافِ أَوْ مَعَهُ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ عَادَ الْإِمَامُ) حُكْمُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَلَوْ اقْتَدَى بِمُتِمٍّ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ شَامِلٌ لِهَذِهِ، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا أَعَادَ ذَلِكَ هُنَا دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِي الْأَصْلِ مَتْبُوعًا لَا يَصِيرُ تَابِعًا لِخَلِيفَتِهِ فَلَا يَسْرِي عَلَيْهِ حُكْمُهُ. (قَوْلُهُ: وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ وَاسْتَخْلَفَ مُتِمًّا) بَيَّنَ بِهِ كَوْنَهُ مُحْتَرَزَ الْمَتْنِ، وَإِلَّا فَهَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ كَمَا لَوْ لَمْ يَسْتَخْلِفْهُ هُوَ وَلَا الْمَأْمُومُونَ أَوْ اسْتَخْلَفَ قَاصِرًا (قَوْلُهُ: أَوْ بَانَ إمَامُهُ مُحْدِثًا) أَيْ بَعْدَ لُزُومِ الْإِتْمَامِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ بَانَ الْحَدَثُ قَبْلَ لُزُومِ الْإِتْمَامِ أَوْ مَعَهُ فَإِنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ الْقَصْرُ؛ لِأَنَّهُ اقْتَدَى بِمُسَافِرٍ قَاصِرٍ فِي ظَنِّهِ. (قَوْلُهُ: مَا لَوْ بَانَ عَدَمُ انْعِقَادِهَا) أَيْ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ بِأَنْ بَانَ لَهُ حَدَثُ نَفْسِهِ أَوْ نَجَاسَةٌ فِي نَحْوِ بَدَنِهِ أَوْ لِكَوْنِ إمَامِهِ ذَا نَجَاسَةٍ ظَاهِرَةٍ أَوْ أُمِّيًّا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ الْإِتْمَامُ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا انْعَقَدَتْ تَامَّةً بِإِحْرَامِهِ مُنْفَرِدًا لِعَدَمِ نِيَّتِهِ الْقَصْرَ وَنَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ مُقْتَدِيًا لَيْسَ بِقَيْدٍ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الطَّهَارَةِ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ بَعْدَهَا فِي الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ. وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ فَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ وَنَحْوَهُ لَيْسَ لَهُ صَلَاةٌ إلَّا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ الصَّلَاةِ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِدُ مَاءً فِي الْوَقْتِ أَوْ ظَنَّ عَدَمَ وِجْدَانِهِ وَأَنَّهُ مَا دَامَ يَرْجُو الْمَاءَ لَا يَصِحُّ إحْرَامُهُ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَحْرَمَ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ فَقَدْ تَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّهُ بَنَى صَلَاتَهُ عَلَى ظَنٍّ بَانَ خَطَؤُهُ فَتَبَيَّنَ عَدَمُ انْعِقَادِ صَلَاتِهِ فَيُعِيدُهَا مَقْصُورَةً وَلَا يَكُونُ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ. (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّ مَا قَالُوهُ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرَهُ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الْأُوَلُ) أَيْ جَوَازُ الْقَصْرِ وَهَلْ لَهُ الْجَمْعُ أَيْضًا؟ فِيهِ تَرَدُّدٌ، وَسَيَأْتِي عَنْ الشَّارِحِ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ الْآتِي مَا يُفِيدُ أَنَّهُ كَالْمُتَحَيِّرَةِ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْجَمْعُ تَقْدِيمًا لَا تَأْخِيرًا فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَسْقُطْ بِهَا طَلَبُ فِعْلِهَا) فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّهَا حَيْثُ وُصِفَتْ بِالصِّحَّةِ سَقَطَ بِهَا طَلَبُ الْفِعْلِ وَوُجُوبُ الْقَضَاءِ حَيْثُ كَانَ فَبِأَمْرٍ جَدِيدٍ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ: إنَّ الصِّحَّةَ إسْقَاطُ الطَّلَبِ. وَقِيلَ فِي الْعِبَادَةِ إسْقَاطُ الْقَضَاءِ، فَلَعَلَّ الشَّارِحَ جَرَى عَلَى الثَّانِي أَوْ أَرَادَ بِطَلَبِ الْفِعْلِ الْقَضَاءَ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا يُقَالُ فِيمَنْ صَلَّى بِتَيَمُّمٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلَوْ جَرَى الْقَمُولِيُّ عَلَى طَرِيقَتِهِ لَمْ يُقَيِّدْ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالضَّابِطُ) هُوَ قَاصِرٌ عَلَى مَا إذَا فَسَدَتْ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا إلَخْ) هَذَا مِنْ أَفْرَادِ الضَّابِطِ. (قَوْلُهُ: هُوَ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ إنَّهُ نَوَاهُ

حَالِ الْمُسَافِرِ أَنَّهُ نَوَاهُ (فَبَانَ مُقِيمًا) يَعْنِي مُتِمًّا وَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا أَتَمَّ حَتْمًا، أَمَّا لَوْ بَانَ مُحْدِثًا ثُمَّ مُقِيمًا أَوْ بَانَا مَعًا لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِتْمَامُ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ حَقِيقَةً بَاطِنًا لِحَدَثِهِ (أَوْ) اقْتَدَى نَاوِيًا الْقَصْرَ (بِمَنْ جَهِلَ سَفَرَهُ) بِأَنْ تَرَدَّدَ فِيهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ مِنْ حَالِهِ شَيْئًا (أَتَمَّ) لُزُومًا وَإِنْ بَانَ مُسَافِرًا قَاصِرًا لِظُهُورِ شِعَارِ الْمُسَافِرِ غَالِبًا وَالْأَصْلُ الْإِتْمَامُ، وَلَوْ صَحَّتْ الْقُدْوَةُ بِأَنْ اقْتَدَى بِمَنْ ظَنَّهُ مُسَافِرًا ثُمَّ أَحْدَثَ ثُمَّ بَانَ مُقِيمًا أَتَمَّ وَإِنْ عَلِمَ حَدَثَهُ أَوَّلًا، وَإِنَّمَا صَحَّتْ الْجُمُعَةُ مَعَ تَبَيُّنِ حَدَثِ إمَامِهَا الزَّائِدِ عَلَى الْأَرْبَعِينَ لِلِاكْتِفَاءِ فِيهَا بِصُورَةِ الْجَمَاعَةِ، بَلْ حَقِيقَتِهَا لِقَوْلِهِمْ إنَّ الصَّلَاةَ خَلْفَهُ جَمَاعَةً كَامِلَةٌ كَمَا مَرَّ، وَلَمْ يُكْتَفَ بِذَلِكَ فِي إدْرَاكِ الْمَسْبُوقِ الرَّكْعَةَ خَلْفَ الْمُحْدِثِ؛ لِأَنَّ تَحَمُّلَهُ عَنْهُ رُخْصَةٌ وَالْمُحْدِثُ لَا يَصْلُحُ لَهُ فَانْدَفَعَ مَا لِلْإِسْنَوِيِّ هُنَا (وَلَوْ عَلِمَهُ) أَوْ ظَنَّهُ؛ لِأَنَّهُمْ يُطْلِقُونَ الْعِلْمَ كَثِيرًا وَيُرِيدُونَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ (مُسَافِرًا وَشَكَّ) أَيْ تَرَدَّدَ (فِي نِيَّتِهِ) الْقَصْرَ لِكَوْنِهِ غَيْرَ حَنَفِيٍّ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِ مَرَاحِلَ فَجَزَمَ هُوَ بِنِيَّتِهِ الْقَصْرَ (قَصَرَ) إذَا بَانَ قَاصِرًا؛ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ وَلَا تَقْصِيرَ فَإِنْ بَانَ مُتِمًّا أَتَمَّ. وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ وَشَكَّ فِي نِيَّتِهِ عَمَّا لَوْ عَلِمَهُ مُسَافِرًا وَلَمْ يَشُكَّ كَأَنْ كَانَ الْإِمَامُ حَنَفِيًّا فِي دُونِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فَلَهُ قَصْرُهَا (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ بَانَ مُحْدِثًا) أَيْ مِنْ ابْتِدَائِهِ الصَّلَاةَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ مُتَطَهِّرًا ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ الْحَدَثُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ صَحَّتْ الْقُدْوَةُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَانَ) غَايَةُ (قَوْلِهِ ثُمَّ أَحْدَثَ) أَيْ الْإِمَامُ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَانَ مُقِيمًا) أَتَمَّ أَيْ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ اقْتَدَى قَبْلَ الْحَدَثِ بِمُتِمٍّ (قَوْلُهُ: بَلْ حَقِيقَتُهَا) أَيْ بَلْ بِوُجُودِ حَقِيقَتِهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ ظَنَّهُ) الْأَوْلَى: أَيْ ظَنَّهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ بِالْعِلْمِ هُنَا وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُمْ يُطْلِقُونَ الْعِلْمَ كَثِيرًا إلَخْ انْتَهَى. وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ أَوْ ظَنَّهُ: بَلْ كَثِيرًا مَا يُرِيدُونَ بِالْعِلْمِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ انْتَهَى. فَلَمْ يُجْعَلُ ذَلِكَ تَعْلِيلًا لِعَطْفِ الظَّنِّ، بَلْ أَفَادَ بِهِ أَنَّ الظَّنَّ دَاخِلٌ فِي عِبَارَتِهِ. (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ غَيْرَ حَنَفِيٍّ) وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ حَنَفِيًّا وَاقْتَدَى بِهِ مَنْ عَلِمَهُ مُسَافِرًا بَعْدَ ثَلَاثِ مَرَاحِلَ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ نَوَى الْإِتْمَامَ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ لِإِتْمَامِ إمَامِهِ وَيُحْمَلُ عَلَى السَّهْوِ أَوْ لَا، كَمَا لَوْ تَبَيَّنَ لَهُ حَدَثُهُ ثُمَّ إقَامَتُهُ لِعَدَمِ الْقُدْوَةِ حَقِيقَةً؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي. وَلَا يُقَالُ: يُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ فِي تَبَيُّنِ الْحَدَثِ تَبَيَّنَ لَهُ عَدَمُ حَقِيقَةِ الْقُدْوَةِ وَهُنَا الْقُدْوَةُ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الْمَأْمُومِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: مَحَلُّ كَوْنِ الْعِبْرَةِ بِعَقِيدَةِ الْمَأْمُومِ إذَا كَانَ الْإِمَامُ نَاسِيًا كَمَا مَرَّ عَنْ صَاحِبِ الْخَوَاطِرِ السَّرِيعَةِ وَهُنَا لَمْ يُعْلَمْ نِسْيَانُهُ أَوْ تَعَمُّدُهُ عَلَى أَنَّهُ بِتَقْدِيرِ نِسْيَانِهِ هُنَا بَعْدَ نِيَّةِ الْقَصْرِ مِنْهُ مَا فَعَلَهُ يَكُونُ لَغْوًا حَتَّى عِنْدَنَا. (قَوْلُهُ: فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِ مَرَاحِلَ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يُجَوِّزُ الْقَصْرَ فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ فِي قَوْلِهِ خُرُوجًا مِنْ إيجَابِ أَبِي حَنِيفَةَ الْقَصْرَ فِي الْأَوَّلِ وَالْإِتْمَامَ فِي الثَّانِي انْتَهَى. وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مَنْشَأَ الشَّكِّ هُنَا تَجْوِيزُ أَنَّ إمَامَهُ قَلَّدَ الشَّافِعِيَّ مَثَلًا. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ حَنَفِيًّا وَعَلَيْهَا فَلَا يُرَدُّ مَا ذَكَرَ. (قَوْلُهُ: قَصَرَ) لَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهَا أَنَّهُ ثَمَّ لَمَّا جَهِلَ سَفَرَ الْإِمَامِ كَانَ الْحَاصِلُ عِنْدَهُ مَحْضَ التَّرَدُّدِ فِي النِّيَّةِ فَامْتَنَعَ عَلَيْهِ الْقَصْرُ وَإِنْ عَلِمَ سَفَرَ إمَامِهِ، وَهُنَا لَمَّا عَلِمَ سَفَرَهُ أَوْ ظَنَّهُ وَكَانَ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْمُسَافِرِ نِيَّةَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: حَقِيقَةً بَاطِنًا) الْأَوْلَى بَلْ الصَّوَابُ حَذْفُهُمَا (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَعْلَمْ مِنْ حَالِهِ شَيْئًا) كَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ ذَاهِلٌ عِنْدَ النِّيَّةِ عَنْ حَالَةِ الْإِمَامِ لَمْ تَخْطِرْ بِبَالِهِ لَكِنَّهُ نَوَى الْقَصْرَ اعْتِبَاطًا (قَوْلُهُ: لِظُهُورِ شِعَارِ الْمُسَافِرِ غَالِبًا) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: لِقَصِيرِهِ بِشُرُوعِهِ مُتَرَدِّدًا فِيمَا يَسْهُلُ كَشْفُهُ لِظُهُورِ شِعَارِ الْمُسَافِرِ غَالِبًا، فَلَعَلَّ صَدْرَ الْعِبَارَةِ أَسْقَطَهُ النُّسَّاخُ مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: بَلْ حَقِيقَتُهَا) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِلِاكْتِفَاءِ لَا عَلَى مَدْخُولِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ يُطْلِقُونَ الْعِلْمَ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ لَا يُنَاسِبُ الْعَطْفَ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: أَوْ ظَنَّهُ بَلْ كَثِيرًا مَا يُرِيدُونَ بِالْعِلْمِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ، فَأَشَارَ إلَى جَوَابَيْنِ (قَوْلُهُ: غَيْرَ حَنَفِيٍّ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِ مَرَاحِلَ) إنَّمَا قَيَّدَ بِالْحَنَفِيِّ؛ لِأَنَّ الْحَنَفِيَّ فِي أَقَلِّ مِنْ الثَّلَاثِ مُتَيَقِّنُ الْإِتْمَامِ وَفِيمَا فَوْقَهَا مُتَيَقِّنُ الْقَصْرِ فَلَا تُتَصَوَّرُ فِيهِ الْمَسْأَلَةُ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ غَيْرَ الْحَنَفِيِّ بِمَا إذَا كَانَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ لِيَبْقَى الشَّكُّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَبِالْأَوْلَى إذَا كَانَ فَوْقَ الثَّلَاثِ، لَكِنَّ الْمَوْجُودَ حِينَئِذٍ ظَنٌّ لَا شَكٌّ، إذْ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ حِينَئِذٍ الْقَصْرُ حُمِدَ لَهُ عَلَى الْكَمَالِ مِنْ الْعَمَلِ بِالسُّنَّةِ

ثَلَاثِ مَرَاحِلَ فَإِنَّهُ يُتِمُّ لِامْتِنَاعِ الْقَصْرِ عِنْدَهُ فِي هَذِهِ الْمَسَافَةِ، وَيَتَّجِهُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ مَا إذَا أَخْبَرَ الْإِمَامُ قَبْلَ إحْرَامِهِ بِأَنَّ عَزْمَهُ الْإِتْمَامُ. (وَلَوْ) (شَكَّ فِيهَا) أَيْ فِي نِيَّةِ إمَامِهِ (فَقَالَ) مُعَلِّقًا عَلَيْهَا فِي نِيَّتِهِ (إنْ قَصَرَ قَصُرَتْ وَإِلَّا) بِأَنْ أَتَمَّ (أَتْمَمْت) (قَصَرَ فِي الْأَصَحِّ) إنْ قَصْر وَلَا يَضُرُّ تَعْلِيقُهَا عَمَلًا بِالْقَاعِدَةِ أَنَّ مَحَلَّ اخْتِلَالِ النِّيَّةِ بِالتَّعْلِيقِ مَا لَمْ يَكُنْ تَصْرِيحًا بِمُقْتَضَى الْحَالِ وَإِلَّا فَلَا يَضُرُّ. وَالثَّانِي لَا يَقْصُرُ لِلتَّرَدُّدِ فِي النِّيَّةِ، أَمَّا لَوْ بَانَ إمَامُهُ مُتِمًّا لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ قَالَ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ الصَّلَاةِ كُنْت نَوَيْت الْإِتْمَامَ لَزِمَ الْمَأْمُومَ الْإِتْمَامُ أَوْ نَوَيْت الْقَصْرَ جَازَ لَهُ الْقَصْرُ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لِلْمَأْمُومِ مَا نَوَاهُ الْإِمَامُ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ احْتِيَاطًا. (وَ) خَامِسُهَا نِيَّةُ الْقَصْرِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ كَصَلَاةِ السَّفَرِ أَوْ الظُّهْرِ مَثَلًا رَكْعَتَيْنِ وَلَوْ لَمْ يَنْوِ تَرَخُّصًا وَإِنَّمَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ (يُشْتَرَطُ لِلْقَصْرِ نِيَّتُهُ) لِكَوْنِهِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَاحْتَاجَ لِصَارِفٍ عَنْهُ، بِخِلَافِ الْإِتْمَامِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ تُوجَدَ بِنِيَّةٍ (فِي الْإِحْرَامِ) كَبَقِيَّةِ النِّيَّاتِ بِخِلَافِ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ طُرُوُّ الْجَمَاعَةِ عَلَى الِانْفِرَادِ كَعَكْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا أَصْلَ هُنَا يُرْجَعُ إلَيْهِ، بِخِلَافِ الْقَصْرِ لَا يُمْكِنُ طُرُوُّهُ عَلَى الْإِتْمَامِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ كَمَا تَقَرَّرَ. (وَ) سَادِسُهَا (التَّحَرُّرُ عَنْ مُنَافِيهَا) أَيْ نِيَّةِ الْقَصْرِ (دَوَامًا) أَيْ فِي دَوَامِ الصَّلَاةِ بِأَنْ لَا يَتَرَدَّدَ فِي الْإِتْمَامِ فَضْلًا عَنْ الْجَزْمِ بِهِ كَمَا قَالَ (وَلَوْ أَحْرَمَ قَاصِرًا ثُمَّ تَرَدَّدَ فِي أَنَّهُ يَقْصُرُ أَمْ يُتِمُّ) أَتَمَّ (أَوْ) تَرَدَّدَ أَيْ شَكَّ (فِي أَنَّهُ نَوَى الْقَصْرَ أَمْ لَا) (أَتَمَّ) وَلَوْ تَذَكَّرَ حَالًا أَنَّهُ نَوَاهُ لِتَأْدِيَتِهِ جُزْءًا مِنْ صَلَاتِهِ حَالَ تَرَدُّدِهِ عَلَى التَّمَامِ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ هَذَا التَّرْكِيبَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّهُ قَسِيمٌ لِمَنْ أَحْرَمَ قَاصِرًا لَا قَسْمَ مِنْهُ رُدَّ بِأَنَّ كَوْنَهُ قَاصِرًا فِي أَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ الْمَشْكُوكِ فِيهِمَا لَا يُسَوِّغُ جَعْلَهُ قِسْمًا وَهَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ مِنْ الْمُحْتَرَزِ عَنْهُ وَلَمْ يُصَدِّرْهُمَا بِالْفَاءِ. قَالَ الشَّارِحُ لِضَمِّهِ إلَيْهِمَا فِي الْجَوَابِ مَا لَيْسَ مِنْ الْمُحْتَرَزِ عَنْهُ اخْتِصَارًا فَقَالَ (أَوْ) (قَامَ) عَطْفٌ عَلَى أَحْرَمَ (إمَامُهُ لِثَالِثَةٍ فَشَكَّ) أَيْ تَرَدَّدَ (هَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْقَصْرِ كَانَتْ نِيَّتُهُ مَبْنِيَّةً عَلَى أَصْلٍ رَاجِحٍ وَهُوَ نِيَّةُ الْقَصْرِ فَاكْتُفِيَ بِهِ وَصَارَ الْحُكْمُ مُعَلَّقًا عَلَى قَصْرِ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ إحْرَامِهِ) أَيْ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ عَزْمَهُ الْإِتْمَامُ) أَيْ فَيَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ الْإِتْمَامُ وَإِنْ قَصَرَ إمَامُهُ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ تَنْعَقِدُ تَامَّةً لِظَنِّهِ إتْمَامَ إمَامِهِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ قَالَ) أَيْ وَلَوْ فَاسِقًا؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ فِعْلِ نَفْسِهِ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ الصَّلَاةِ: أَيْ بِحَدَثٍ مَثَلًا، ثُمَّ إنْ قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ فَرَاغِ الْمَأْمُومِ مِنْ صَلَاتِهِ فَظَاهِرٌ وَإِنْ أَخْبَرَ بِذَلِكَ بَعْدَ سَلَامِ الْمَأْمُومِ مِنْ رَكْعَتَيْنِ لِنِيَّةِ الْقَصْرِ أَوَّلًا، فَإِنَّ قِصَرَ الْفَصْلِ بَيْنَ السَّلَامِ وَالْإِخْبَارَ بُنِيَ عَلَى مَا فَعَلَهُ، وَإِنْ طَالَ وَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لِلْمَأْمُومِ مَا نَوَاهُ) أَيْ كَأَنْ اقْتَدَى بِهِ وَلَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ الْإِحْرَامَ وَشَكَّ فِي نِيَّتِهِ الْقَصْرَ وَسَلَّمَ الْإِمَامُ وَذَهَبَ إلَى سَبِيلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمَأْمُومُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَا أَصْلَ هُنَا) غَيْرُ الِانْفِرَادِ يُرْجَعُ إلَيْهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَنْوِ الْقَصْرَ فِي النِّيَّةِ فَيَرْجِعُ إلَى الْإِتْمَامِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ. وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ بِخِلَافِ الْإِتْمَامِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فَيَلْزَمُهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ انْتَهَى وَهِيَ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ لحج (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَذَكَّرَ) غَايَةُ (قَوْلِهِ لِتَأْدِيَتِهِ جُزْءًا مِنْ صَلَاتِهِ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ الْأُولَى لَيْسَ فِيهَا شَكٌّ فِي النِّيَّةِ، لَكِنَّ تَرَدُّدَهُ بَيْنَ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ مُنَافٍ لِلْجَزْمِ بِنِيَّةِ الْقَصْرِ. (قَوْلُهُ: وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ هَذَا التَّرْكِيبَ) هُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ تَرَدُّدٌ فِي أَنَّهُ نَوَى الْقَصْرَ. (قَوْلُهُ: عَطْفٌ عَلَى أَحْرَمَ) الْأَوْلَى عَطَفَهُ عَلَى تَرَدَّدَ؛ لِأَنَّ عَطْفَهُ عَلَى أَحْرَمَ يُصَيِّرُ التَّقْدِيرَ أَوْ لَمْ يُحْرِمْ قَاصِرًا بَلْ أَحْرَمَ مُتِمًّا وَقَامَ إمَامُهُ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ مَعَ الْمَعْطُوفِ بِأَوْ نَقِيضُ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ صُورَتُهُ أَنَّهُ أَحْرَمَ قَاصِرًا ثُمَّ قَامَ إمَامُهُ لِثَالِثَةٍ فَتَرَدَّدَ فِي أَنَّهُ نَوَى إلَى آخِرِهِ، وَعَلَى هَذَا يُشْكِلُ جَعْلُ هَذِهِ زِيَادَةً عَلَى الْمُحْتَرَزِ عَنْهُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ الْجَوَابَ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِضَمِّهِ إلَيْهَا فِي الْجَوَابِ مَا لَيْسَ مِنْ الْمُحْتَرَزِ عَنْهُ) فِي كَوْنِ مَا ذُكِرَ لَيْسَ مِنْ الْمُحْتَرَزِ عَنْهُ وَقْفَةٌ، فَإِنَّ التَّرَدُّدَ قَائِمٌ فِيهِ بِالْمُقْتَدِي وَهُوَ مُنَافٍ لِنِيَّةِ الْقَصْرِ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ التَّرَدُّدَ هُنَا فِي فِعْلِ الْإِمَامِ وَهُوَ لَا يَمْنَعُ كَوْنَ التَّرَدُّدِ قَائِمًا بِالْمُقْتَدِي، وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ هَذَا وَالْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ، وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ مِنْ تَوْجِيهِ كَلَامِ

هُوَ مُتِمٌّ أَوْ سَاهٍ) (أَتَمَّ) ، وَلَوْ تَبَيَّنَ لَهُ كَوْنُهُ سَاهِيًا كَمَا لَوْ شَكَّ فِي نِيَّةِ نَفْسِهِ وَفَارَقَ هَذَا مَا مَرَّ مِنْ نَظِيرِهِ فِي الشَّكِّ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ حَيْثُ لَا يَضُرُّ لَوْ تَذَكَّرَ عَنْ قُرْبٍ بِأَنَّ زَمَنَهُ غَيْرُ مَحْسُوبٍ، وَإِنَّمَا عُفِيَ عَنْهُ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ مَعَ قُرْبِ زَوَالِهِ غَالِبًا، بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ الْمَوْجُودَ حَالَ الشَّكِّ مَحْسُوبٌ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، سَوَاءٌ أَكَانَ نَوَى الْقَصْرَ أَمْ الْإِتْمَامَ لِوُجُودِ أَصْلِ النِّيَّةِ، فَصَارَ مُؤَدِّيًا جُزْءًا مِنْ صَلَاتِهِ عَلَى التَّمَامِ كَمَا مَرَّ فَلَزِمَهُ الْإِتْمَامُ، وَفَارَقَ أَيْضًا مَا مَرَّ فِي شَكِّهِ فِي نِيَّةِ الْإِمَامِ الْمُسَافِرِ ابْتِدَاءً بِأَنْ ثَمَّ قَرِينَةٌ عَلَى الْقَصْرِ وَهُنَا الْقَرِينَةُ ظَاهِرَةٌ فِي الْإِتْمَامِ وَهُوَ قِيَامُهُ لِلثَّالِثَةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ إمَامُهُ يُوجِبُ الْقَصْرَ بَعْدَ ثَلَاثِ مَرَاحِلَ كَحَنَفِيٍّ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِتْمَامُ حَمْلًا لِقِيَامِهِ عَلَى أَنَّهُ سَاهٍ. (وَلَوْ) (قَامَ الْقَاصِرُ لِثَالِثَةٍ عَمْدًا بِلَا مُوجِبٍ لِلْإِتْمَامِ) (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) كَمَا لَوْ قَامَ الْمُتِمُّ لِرَكْعَةٍ زَائِدَةٍ (وَإِنْ كَانَ) قِيَامُهُ لَهَا (سَهْوًا) ثُمَّ تَذَكَّرَ أَوْ جَهْلًا فَعَلِمَ (عَادَ) حَتْمًا (وَسَجَدَ لَهُ) أَيْ لِهَذَا السَّهْوِ نَدْبًا كَغَيْرِهِ مِمَّا يُبْطِلُ عَمْدُهُ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ صَارَ لِلْقِيَامِ أَقْرَبَ لِمَا مَرَّ فِي سُجُودِ السَّهْوِ لَكِنَّهُ لَا يَرُدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ فَرَضَ كَلَامَهُ فِيمَنْ قَامَ (وَسَلَّمَ فَإِنْ أَرَادَ) حَالَةَ تَذَكُّرِهِ وَهُوَ قَائِمٌ (أَنْ يُتِمَّ عَادَ) لِلْجُلُوسِ حَتْمًا (ثُمَّ نَهَضَ مُتِمًّا) أَيْ نَاوِيًا الْإِتْمَامَ لِإِلْغَاءِ نُهُوضِهِ لِسَهْوِهِ فَوَجَبَتْ إعَادَتُهُ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِتْمَامَ سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَهُوَ قَاصِرٌ. (وَ) سَابِعُهَا دَوَامُ سَفَرِهِ فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ كَمَا قَالَ وَ (يُشْتَرَطُ) لِلْقَصْرِ (أَيْضًا كَوْنُهُ) أَيْ النَّاوِي لَهُ (مُسَافِرًا فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ) (فَلَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ) الْقَاطِعَةَ لِلتَّرَخُّصِ (فِيهَا) أَوْ شَكَّ فِي نِيَّتِهَا (أَوْ بَلَغَتْ سَفِينَتُهُ) فِيهَا (دَارَ إقَامَةٍ) أَوْ شَكَّ هَلْ بَلَغَتْهَا أَوْ لَا (أَتَمَّ) لِزَوَالِ تَحَقُّقِ سَبَبِ الرُّخْصَةِ. (وَ) ثَامِنُهَا الْعِلْمُ بِجَوَازِ الْقَصْرِ فَلَوْ قَصَرَ جَاهِلًا بِهِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ لِتَلَاعُبِهِ كَمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُحْتَرَزِ بِأَنَّ الشَّكَّ فِي حَالِ الْإِمَامِ إنَّمَا يُنَافِي الْقَصْرَ لَا النِّيَّةَ انْتَهَى. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ مَسْأَلَةِ الْعَطْفِ بِأَنَّ كَوْنَ الْمَعْطُوفِ يُقَدَّرُ مَعَهُ نَقِيضُ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ أَمْرٌ غَالِبِيٌّ، فَيَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ التَّقْدِيرُ هُنَا: وَلَوْ أَقَامَ الْإِمَامُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَتَمَّ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَنْتَظِرُهُ فِي التَّشَهُّدِ إنْ جَلَسَ إمَامُهُ لَهُ حَمْلًا لَهُ عَلَى أَنَّهُ قَامَ سَاهِيًا، أَوْ تَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، كَمَا لَوْ رَأَى مُرِيدُ الِاقْتِدَاءِ الْإِمَامَ جَالِسًا وَتَرَدَّدَ فِي حَالِهِ هَلْ جُلُوسُهُ لِعَجْزِهِ أَمْ لَا مِنْ أَنَّهُ يُمْنَعُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ، فَكَمَا امْتَنَعَ الِاقْتِدَاءُ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِمَا يَفْعَلُهُ قُلْنَا هُنَا بِوُجُوبِ نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِمَا يَجُوزُ لَهُ فِعْلُهُ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَبَيَّنَ لَهُ كَوْنُهُ سَاهِيًا) أَيْ لَمَضَى جُزْءٌ مِنْ صَلَاتِهِ عَلَى التَّمَامِ. (قَوْلُهُ: حَمْلًا لِقِيَامِهِ عَلَى أَنَّهُ سَاهٍ) أَيْ وَيُخَيَّرُ بَيْنَ انْتِظَارِهِ فِي التَّشَهُّدِ وَنِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ مَا لَوْ صَارَ لِلْقِيَامِ أَقْرَبَ) قَالَ حَجّ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذَكَرَ: بَلْ وَإِنْ لَمْ يَصِرْ إلَيْهِ أَقْرَبَ لِمَا مَرَّ، ثُمَّ عَنْ الْمَجْمُوعِ أَنْ تَعَمُّدَ الْخُرُوجَ عَنْ حَدِّ الْجُلُوسِ مُبْطِلٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فَرَضَ كَلَامَهُ فِيمَنْ قَامَ) وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقُمْ لَمْ يَسْجُدْ لَكِنْ عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ، وَحَيْثُ كَانَ فِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ لَا يُعْتَرَضُ بِهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ نَاوِيًا الْإِتْمَامَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا تَكْفِيه نِيَّةُ الْإِرَادَةِ السَّابِقَةِ عَنْ هَذِهِ النِّيَّةِ، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ قَامَ مُسْتَصْحِبًا لِلْأُولَى. وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ قَوْلُهُ نَاوِيًا الْإِتْمَامَ قَدْ يُشْكِلُ اعْتِبَارُ نِيَّةِ الْإِتْمَامِ مَعَ قَوْلِهِ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ، فَإِنَّ إرَادَتَهُ الْإِتْمَامَ لَا تَنْقُصُ عَنْ التَّرَدُّدِ فِي أَنَّهُ يُتِمُّ بَلْ تَزِيدُ مَعَ أَنَّهُ مُوجِبٌ لِلْإِتْمَامِ، فَأَيُّ حَاجَةٍ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى نِيَّةِ الْإِتْمَامِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ اعْتِبَارَ نِيَّةٍ جَدِيدَةٍ لِلْإِتْمَامِ بَلْ مَا يَشْمَلُ نِيَّتَهُ الْحَاصِلَةَ بِإِرَادَةِ الْإِتْمَامِ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ صَرَفَ الْقِيَامَ لِغَيْرِ الْإِتْمَامِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ) أَيْ وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إلَّا بِالْإِتْيَانِ بِالْمِيمِ مِنْ عَلَيْكُمْ. (قَوْلُهُ: أَوْ شَكَّ فِي نِيَّتِهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّارِحِ لَا يُجْدِي كَمَا يُعْلَمُ بِتَأَمُّلِهِ (قَوْلُهُ: مَحْسُوبٌ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ) أَيْ بِخِلَافِ الشَّكِّ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ حَاصِلَهُ أَنَّهُ مُتَرَدِّدٌ فِي أَنَّهُ نَوَى فَهُوَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ لَا فَلَا، فَهُوَ بِأَحَدِ التَّقْدِيرَيْنِ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فَرْضُ كَلَامِهِ فِيمَنْ قَامَ) أَيْ وَأَمَّا إذَا صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ فَمَسْأَلَةٌ أُخْرَى سَكَتَ عَنْهَا وَإِنْ كَانَتْ تُشَارِكُ هَذِهِ فِي الْحُكْمِ، وَالنَّصُّ عَلَى الشَّيْءِ لَا يَنْفِي مَا عَدَاهُ. (قَوْلُهُ: الْقَاطِعَةُ لِلتَّرَخُّصِ) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ نَوَى إقَامَةَ دُونِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَوْ نَوَاهَا وَهُوَ سَائِرُ.

فِي الرَّوْضَةِ. قَالَ الشَّارِحُ: وَكَأَنَّهُ: تَرَكَهُ لِبُعْدٍ أَنْ يَقْصُرَ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ جَوَازَهُ وَ (الْقَصْرُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِتْمَامِ عَلَى الْمَشْهُورِ إذَا بَلَغَ) سَفَرُهُ الْمُبِيحُ لِلْقَصْرِ (ثَلَاثَ مَرَاحِلَ) وَإِلَّا فَالْإِتْمَامُ أَفْضَلُ خُرُوجًا مِنْ إيجَابِ أَبِي حَنِيفَةَ الْقَصْرَ فِي الْأَوَّلِ وَالْإِتْمَامَ فِي الثَّانِي، وَلَا يُكْرَهُ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَمَا نُقِلَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ عَنْ الشَّافِعِيِّ مِنْ كَرَاهَةِ الْقَصْرِ مَحْمُولٌ عَلَى كَرَاهَةٍ غَيْرِ شَدِيدَةٍ فَهِيَ بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى، وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ أَنَّ الْإِتْمَامَ أَفْضَلُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَأَكْثَرُ عَمَلًا، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ دَائِمُ الْحَدَثِ إذَا كَانَ لَوْ قَصَرَ لَخَلَا زَمَنُ صَلَاتِهِ عَنْ جَرَيَانِ حَدَثِهِ وَلَوْ أَتَمَّ لَجَرَى حَدَثُهُ فِيهَا فَيَكُونُ الْقَصْرُ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ مُطْلَقًا، وَكَذَا لَوْ أَقَامَ زِيَادَةً عَلَى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ لِحَاجَةٍ يَتَوَقَّعُهَا كُلَّ وَقْتٍ أَوْ كَانَ يَجِدُ فِي نَفْسِهِ كَرَاهَةَ الْقَصْرِ أَوْ الشَّكَّ فِيهِ بِأَنْ لَمْ تَطْمَئِنَّ نَفْسُهُ لِذَلِكَ أَوْ كَانَ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ بِحَضْرَةِ النَّاسِ بَلْ يُكْرَهُ لَهُ الْإِتْمَامُ، أَمَّا الْمَلَّاحُ الَّذِي مَعَهُ أَهْلُهُ فَإِتْمَامُهُ أَفْضَلُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ وَطَنُهُ وَخُرُوجًا مِنْ مَنْعِ أَحْمَدَ الْقَصْرَ لَهُ، وَمِثْلُهُ مَنْ لَا وَطَنَ لَهُ وَأَدَامَ السَّفَرَ بَرًّا وَقُدِّمَ عَلَى خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ لِاعْتِضَادِهِ بِالْأَصْلِ. وَقَدْ يَكُونُ الْقَصْرُ وَاجِبًا كَأَنْ أَخَّرَ الظُّهْرَ لِيَجْمَعَ تَأْخِيرًا إلَى أَنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ إلَّا مَا يَسَعُ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فَيَلْزَمُهُ قَصْرُ الظُّهْرِ لِيُدْرِكَ الْعَصْرَ ثُمَّ قَصَرَ الْعَصْرَ لِتَقَعَ كُلُّهَا فِي الْوَقْتِ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ ابْنِ الرِّفْعَةِ: لَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَأَرْهَقَهُ الْحَدَثُ بِحَيْثُ لَوْ قَصَرَ مَعَ مُدَافَعَتِهِ أَدْرَكَهَا فِي الْوَقْتِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ، وَلَوْ أَحْدَثَ وَتَوَضَّأَ لَمْ يُدْرِكْهَا فِيهِ لَزِمَهُ الْقَصْرُ. وَيَأْتِي مَا ذُكِرَ فِي الْعِشَاءِ أَيْضًا إذَا أَخَّرَ الْمَغْرِبَ لِيَجْمَعَهَا مَعَهَا، وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ ضَاقَ وَقْتُهَا عَنْ إتْمَامِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الْإِقَامَةِ (قَوْلُهُ: وَالْقَصْرُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِتْمَامِ) فَلَوْ نَذَرَ الْإِتْمَامَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْعَقِدَ نَذْرُهُ لِكَوْنِ الْمَنْذُورِ لَيْسَ قُرْبَةً، وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِيمَا لَوْ نَذَرَ الْقَصْرَ وَسَفَرُهُ دُونَ الثَّلَاثِ لِانْتِفَاءِ كَوْنِهِ قُرْبَةً فِيمَا دُونَهَا. (قَوْلُهُ: إذَا بَلَغَ ثَلَاثَ مَرَاحِلَ) أَيْ إذَا كَانَ يَبْلُغُ ثَلَاثَ إلَخْ فَيَقْصُرُ مِنْ أَوَّلِ سَفَرِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُكْرَهُ) أَيْ الْقَصْرُ. (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ بَلَغَ سَفَرُهُ ثَلَاثَ مَرَاحِلَ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْقَصْرُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِتْمَامِ (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ الْقَصْرُ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ مُطْلَقًا) أَمَّا لَوْ كَانَ لَوْ قَصَرَ خَلَا زَمَنُ وُضُوئِهِ وَصَلَاتِهِ عَنْهُ فَيَجِبُ الْقَصْرُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ انْتَهَى حَجّ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ أَقَامَ زِيَادَةً عَلَى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ لِحَاجَةٍ) أَيْ فَيَكُونُ الْقَصْرُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِتْمَامِ. وَفِي كَوْنِ الْقَصْرِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَفْضَلَ نَظَرٌ لِجَرَيَانِ الْخِلَافِ فِيهَا الْمُتَقَدِّمِ قُبَيْلَ الْفَصْلِ بَلْ الْقِيَاسُ أَفْضَلِيَّةُ الْإِتْمَامِ لِمَا ذُكِرَ. وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ، وَنَبَّهَ أَيْضًا: أَيْ الْأَذْرَعِيُّ عَلَى أَنَّ الْإِتْمَامَ أَفْضَلُ فِي حَقِّ مَنْ أَقَامَ يَنْتَظِرُ حَاجَةً وَزَادَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ انْتَهَى. وَيُمْكِنُ أَنَّ هَذِهِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ قَوْلِهِ وَالْقَصْرُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِتْمَامِ، فَيَكُونُ مُوَافِقًا لِمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَإِنْ كَانَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِهِ وَكَذَا إلَخْ خِلَافَهُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ أَوْ كَأَنْ يَجِدَ فِي نَفْسِهِ إلَخْ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ كَوْنِ الْإِتْمَامِ أَفْضَلَ مِنْ الْقَصْرِ. (قَوْلُهُ: الَّذِي مَعَهُ أَهْلُهُ) أَيْ إنْ كَانَ لَهُ أَهْلٌ وَأَوْلَادٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْهُمَا كَانَ كَمَنْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَهُمْ مَعَهُ فَيَكُونُ إتْمَامُهُ أَفْضَلَ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ بَلَغَ سَفَرُهُ ثَلَاثَ مَرَاحِلَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: لَوْ ضَاقَ وَقْتُهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَيَكُونُ الْقَصْرُ فِي حَقِّهِ أَفْضَلَ) قَالَ الشِّهَابُ حَجّ: أَمَّا لَوْ كَانَ لَوْ قَصَرَ خَلَا زَمَنُ وُضُوئِهِ وَصَلَاتِهِ عَنْهُ فَيَجِبُ الْقَصْرُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ مُطْلَقًا: أَيْ سَوَاءٌ بَلَغَ سَفَرُهُ ثَلَاثَ مَرَاحِلَ أَمْ لَا هُوَ مَحَلُّ الِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ أَقَامَ زِيَادَةً عَلَى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) أَيْ فَالْإِتْمَامُ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ وَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ كَوْنِ الْقَصْرِ فِيمَا فَوْقَ الثَّلَاثِ مَرَاحِلَ أَفْضَلَ وَإِنْ أَوْهَمَ عَطْفُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَعَطْفُ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ خِلَافَهُ. وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ: وَأَمَّا إذَا أَقَامَ لِتَنَجُّزِ حَاجَةِ إقَامَةٍ تَزِيدُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ قُلْنَا يَقْصُرُ فَالْإِتْمَامُ لَهُ أَفْضَلُ. قَالَ: وَأُلْحِقَ بِهِمَا: أَيْ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَسْأَلَةِ مُدِيمِ السَّفَرِ كُلُّ صُورَةٍ اخْتَلَفَ فِي جَوَازِ الْقَصْرِ فِيهَا.

[فصل في الجمع بين الصلاتين]

كَانَ الْقَصْرُ وَاجِبًا، وَأَنَّهُ لَوْ ضَاقَ وَقْتُ الْأُولَى عَنْ الطَّهَارَةِ وَالْقَصْرِ لَزِمَهُ أَنْ يَنْوِيَ تَأْخِيرَهَا إلَى الثَّانِيَةِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى إيقَاعِهَا بِهِ أَدَاءً (وَالصَّوْمُ) فِي رَمَضَانَ وَيَلْحَقُ بِهِ كُلُّ صَوْمٍ وَاجِبٍ بِنَحْوِ نَذْرٍ أَوْ قَضَاءٍ أَوْ كَفَّارَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ حَيْثُ كَانَ السَّفَرُ سَفَرَ قَصْرٍ (أَفْضَلُ مِنْ الْقَصْرِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُسَارَعَةِ إلَى تَبْرِئَةِ الذِّمَّةِ وَعَدَمِ إخْلَاءِ الْوَقْتِ عَنْ الْعِبَادَةِ وَلِأَنَّهُ الْأَكْثَرُ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 184] هَذَا (إنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ) فَإِنْ تَضَرَّرَ بِهِ لِنَحْوِ أَلَمٍ يَشُقُّ احْتِمَالُهُ عَادَةً فَالْفِطْرُ أَفْضَلُ لِخَبَرِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَجُلًا صَائِمًا فِي السَّفَرِ قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ فَقَالَ: لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ أَنْ تَصُومُوا فِي السَّفَرِ» نَعَمْ لَوْ خَشِيَ مِنْهُ تَلَفَ شَيْءٍ مُحْتَرَمٍ نَحْوِ مَنْفَعَةِ عُضْوٍ وَجَبَ الْفِطْرُ، فَإِنْ صَامَ كَانَ عَاصِيًا وَأَجْزَأَهُ، وَلَوْ خَشِيَ ضَعْفًا مَآلًا لَا حَالًا فَالْفِطْرُ أَفْضَلُ فِي سَفَرِ حَجٍّ أَوْ غَزْوٍ، وَهُوَ أَفْضَلُ مُطْلَقًا لِمَنْ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ كَرَاهَةَ التَّرَخُّصِ، أَوْ كَانَ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ بِحَضْرَةِ النَّاسِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ إطْلَاقَ الْأَذْرَعِيِّ وَكَذَا سَائِرُ الرُّخْصِ نَظِيرُ مَا مَرَّ. (فَصْلٌ) فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ (يَجُوزُ) (الْجَمْعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ تَقْدِيمًا) فِي وَقْتِ الْأُولَى لِغَيْرِ الْمُتَحَيِّرَةِ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ شَرْطَهُ ظَنُّ صِحَّةِ الْأُولَى ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الْعِشَاءِ. (قَوْلُهُ: كَانَ الْقَصْرُ وَاجِبًا) نَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الشَّارِحِ خِلَافَهُ حَيْثُ قَالَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ: وَسُئِلَ عَمَّنْ أَخَّرَ ذَلِكَ: أَعْنِي الظُّهْرَ مَثَلًا حَتَّى بَقِيَ مَا يَسَعُ رَكْعَتَيْنِ بِلَا قَصْدٍ هَلْ يَجِبُ الْقَصْرُ؟ فَأَجَابَ لَا، قَالَ: لِأَنَّهُ إذَا أَخَّرَ بِعُذْرٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي إخْرَاجِ بَعْضِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا أَوْ بِلَا عُذْرٍ فَقَدْ أَثِمَ، وَالْقَصْرُ بَعْدُ لَا يَدْفَعُ عَنْهُ إثْمَ التَّأْخِيرِ انْتَهَى. أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ إنَّ كَلَامَهُ هُنَا فِي الْعِشَاءِ وَبِفِعْلِهَا مَقْصُورَةً تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يُؤَخِّرْهَا إلَى وَقْتٍ لَا يَسَعُهَا بِخِلَافِ الظُّهْرِ فَإِنَّهُ إذَا أَخَّرَهَا حَتَّى بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ رَكْعَةً تَحَقَّقَتْ مَعْصِيَتُهُ وَإِنْ قَصَرَ. (قَوْلُهُ: لِقُدْرَتِهِ عَلَى إيقَاعِهَا بِهِ أَدَاءً) هَذَا قَدْ يُخَالِفُ مَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ إذَا تَأَخَّرَ وَلَمْ يَنْوِ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا لَا يَسَعُهَا كَامِلَةً عَصَى وَكَانَتْ قَضَاءً، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ مَا هُنَا مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا كَانَ الزَّمَنُ الْبَاقِي لَا يَسَعُ الطَّهَارَةَ وَالصَّلَاةُ مَقْصُورَةٌ، لَكِنَّهُ لَوْ تَرَكَ الطَّهَارَةَ وَصَلَّى أَمْكَنَهُ وُقُوعُهَا كُلِّهَا فِي الْوَقْتِ، وَعَلَى هَذَا لَا يَتَوَجَّهُ الِاعْتِرَاضُ عَلَى الشَّارِحِ. ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ ذَكَرَ مِثْلَ ذَلِكَ وَعِبَارَتُهُ قَوْلُهُ وَعَنْ الطَّهَارَةِ وَالْقَصْرِ إنْ كَانَ الْمُرَادُ قَصْرَ الْأُولَى، فَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَنْ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَكْفِي نِيَّةُ التَّأْخِيرِ إذَا بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ رَكْعَةً؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ ضِيقُهُ عَنْ الْقَصْرِ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ مَا يَسَعُ رَكْعَتَيْنِ مَعَ الطَّهَارَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ قَصْرَ الصَّلَاتَيْنِ، وَلُزُومُ نِيَّةِ التَّأْخِيرِ بِعَيْنِهَا مَمْنُوعٌ بَلْ هِيَ أَوْ فِعْلُ الْأُولَى وَحْدَهَا فِي وَقْتِهَا. وَقَدْ يُجَابُ بِاخْتِيَارِ الْأَوَّلِ وَمَنْعِ قَوْلِهِ فَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي إلَخْ؛ لِأَنَّ ضِيقَهُ عَنْ الطَّهَارَةِ وَالْقَصْرِ صَادِقٌ بِعَدَمِ ضِيقِهِ عَنْ الْقَصْرِ وَحْدَهُ، وَنِيَّةُ التَّأْخِيرِ حِينَئِذٍ كَافِيَةٌ لِمَنْ عَزَمَ عَلَى الْقَصْرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ نِيَّةِ التَّأْخِيرِ فِي وَقْتٍ يَسَعُهَا مَعَ طَهَارَتِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِمْ الْآتِيَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ بِهِ كُلُّ صَوْمٍ وَاجِبٍ) قَالَ حَجّ: ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ نَقَلَ عَنْهُمْ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ يَجْرِي فِي الْوَاجِبِ وَغَيْرِهِ لِمُسَافِرٍ سَفَرَ قَصْرٍ. (قَوْلُهُ: عَادَةً) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُبَحْ التَّيَمُّمُ. (قَوْلُهُ: فَالْفِطْرُ أَفْضَلُ فِي سَفَرِ حَجٍّ أَوْ غَزْوٍ) مَفْهُومُهُ أَنَّ الصَّوْمَ فِي غَيْرِهِمَا أَفْضَلُ مَعَ خَوْفِ الضَّعْفِ مَآلًا. (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْفِطْرُ. (قَوْلُهُ: مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ) أَيْ فَيُفْطِرُ الْقَدْرَ الَّذِي يَحْمِلُ النَّاسَ عَلَى الْعَمَلِ بِالرُّخْصَةِ فَصْلٌ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ (قَوْلُهُ: فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ) أَيْ لِلسَّفَرِ أَيْ نَحْوِ الْمَطَرِ. (قَوْلُهُ: تَقْدِيمًا فِي وَقْتِ الْأُولَى) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ فِعْلِهِمَا بِتَمَامِهِمَا فِي الْوَقْتِ فَلَا يَكْفِي إدْرَاكُ رَكْعَةٍ مِنْ الثَّانِيَةِ فِيهِ، وَتَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ سم عَلَى حَجّ، وَنَقَلَ عَنْ الشَّارِحِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ]

وَهُوَ مُنْتَفٍ فِيهَا، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ وَمِثْلُهَا فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ وَكُلُّ مَنْ لَمْ تَسْقُطْ صَلَاتُهُ بِالتَّيَمُّمِ مَحَلُّ وَقْفَةٍ، إذْ الشَّرْطُ ظَنُّ صِحَّةِ الْأُولَى وَهُوَ مَوْجُودٌ هُنَا وَلَوْ حُذِفَ بِالتَّيَمُّمِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ كَانَ أَوْلَى، وَكَالظُّهْرِ الْجُمُعَةُ فِي هَذَا كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَاعْتَمَدَهُ وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ، وَيَمْتَنِعُ جَمْعُهَا تَأْخِيرًا؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ لَا يَتَأَتَّى تَأْخِيرُهَا عَنْ وَقْتِهَا (وَتَأْخِيرًا) فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ (وَ) بَيْنَ (الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ) (كَذَلِكَ) أَيْ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا (فِي السَّفَرِ الطَّوِيلِ) الْمُبَاحِ إذْ هُوَ الْمُجَوِّزُ لِلْقَصْرِ لِثُبُوتِ جَمْعِ التَّأْخِيرِ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَجَمْعِ التَّقْدِيمِ فِي الْبَيْهَقِيّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ فَيَمْتَنِعُ جَمْعُ الْعَصْرِ مَعَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ مَعَ الصُّبْحِ وَهِيَ مَعَ الظُّهْرِ وُقُوفًا مَعَ الْوَارِدِ. وَيَمْتَنِعُ فِي الْحَضَرِ أَيْضًا أَوْ فِي سَفَرٍ قَصِيرٍ وَلَوْ مَكِّيًّا وَفِي سَفَرِ مَعْصِيَةٍ (وَكَذَا الْقَصِيرُ فِي قَوْلٍ) قَدِيمٍ كَالتَّنَفُّلِ عَلَى الرَّاحِلَةِ، وَفِي تَعْبِيرِهِ بِيَجُوزُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ تَرْكَهُ أَفْضَلُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَهُ، وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُمْ إنَّ الْخِلَافَ لَا يُرَاعَى ـــــــــــــــــــــــــــــSعَنْ الْمَنْهَجِ مَا فِي الْفَرْعِ الْآتِي بِالصَّفْحَةِ الْأُخْرَى، وَدُفِعَ بِقَوْلِهِ كَالْمَحَلِّيِّ فِي وَقْتِ الْأُولَى مَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ قَوْلِهِ تَقْدِيمًا بِأَنَّهُ صَادِقٌ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ وَوَسَطِهِ وَآخِرِهِ، بَلْ وَبِمَا قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ بِالْمَرَّةِ. (قَوْلُهُ: مَحَلُّ وَقْفَةِ) نَقَلَ سم عَلَى حَجّ عَنْ الشَّارِحِ اعْتِمَادَ هَذَا، وَنَقَلَ عَنْهُ عَلَى مَنْهَجٍ اعْتِمَادَ مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَعِبَارَتُهُ قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى إلَخْ عَمِيرَةُ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: مِثْلُهَا فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ وَكُلُّ مَنْ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ انْتَهَى. وَاعْتَمَدَهُ م ر، قَالَ: لِأَنَّ صَلَاتَهُ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَلَا تَجْزِيهِ، فَفِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ تَقْدِيمٌ لَهَا عَلَى وَقْتِهَا بِلَا ضَرُورَةٍ، وَفِي التَّأْخِيرِ تَوَقُّعُ زَوَالِ الْمَانِعِ تَأَمَّلْ انْتَهَى. أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ يُؤَيِّدُهُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الشَّارِحِ مِنْ أَنَّ فَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ وَنَحْوِهِ لَوْ شَرَعَ فِيهَا تَامَّةً أَعَادَهَا وَلَوْ مَقْصُورَةً؛ لِأَنَّ الْأُولَى لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ فَكَأَنَّهَا لَمْ تُفْعَلْ. (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ) أَيْ فِي غَيْرِ شَرْحِ مَنْهَجِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ) لَعَلَّ وَجْهَ الْمُنَازَعَةِ أَنَّ الْمُتَحَيِّرَةَ إنَّمَا امْتَنَعَ جَمْعُ التَّقْدِيمِ فِي حَقِّهَا لِفَقْدِ شَرْطِهِ وَهُوَ ظَنُّ صِحَّةِ الْأُولَى، وَأَمَّا فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ وَنَحْوِهِ فَصَلَاتُهُمْ صَحِيحَةٌ مُسْقِطَةٌ لِلطَّلَبِ، وَوُجُوبُ الْقَضَاءِ فِي حَقِّهِمْ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ، وَيُمْكِنُ دَفْعُهَا بِأَنَّهَا وَإِنْ أَسْقَطَتْ الطَّلَبَ فَفِعْلُهَا لَمَّا كَانَ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ نَزَلَ فِعْلُهَا مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ وَهُوَ يَنْفِي شَرْطَ الْجَمْعِ. (قَوْلُهُ: لَا يَتَأَتَّى تَأْخِيرُهَا عَنْ وَقْتِهَا) أَيْ الْأَصْلِيِّ، هَذَا وَلَوْ قِيلَ بِجَوَازِ جَمْعِهَا تَأْخِيرًا أَمْكَنَ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ الْعُذْرَ صَيَّرَ الْوَقْتَيْنِ وَاحِدًا فَكَأَنَّهُ فَعَلَهَا فِي وَقْتِهَا، وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ فِعْلَهَا إلَّا فِي وَقْتِ الظُّهْرِ الْأَصْلِيِّ م ر انْتَهَى. (قَوْلُهُ: فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ) شَمَلَ الْمُتَحَيِّرَةَ وَفَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ وَنَحْوَهُمَا، وَعَلَيْهِ فَالْفَرْقُ بَيْنَ الْجَمْعَيْنِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِجَمْعِ التَّقْدِيمِ ظَنُّ صِحَّةِ الْأُولَى وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي الْمُتَحَيِّرَةِ، بِخِلَافِ التَّأْخِيرِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ظَنُّهُ ذَلِكَ فَجَازَ وَإِنْ أَمْكَنَ وُقُوعُ الْأُولَى مَعَ التَّأْخِيرِ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ تَقَعَ فِي الطُّهْرِ لَوْ فَعَلَتْهَا فِي وَقْتِهَا. (قَوْلُهُ: لِثُبُوتِ جَمْعِ التَّأْخِيرِ) أَيْ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي سَفَرٍ قَصِيرٍ وَلَوْ مَكِّيًّا) أَشَارَ بِهِ إلَى رَدِّ قَوْلِ الْحَنَفِيَّةِ إنَّ الْمَكِّيَّ يَجْمَعُ بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ عِنْدَهُمْ لِلنُّسُكِ لَا لِلسَّفَرِ فَجَازَ وَلَوْ قَصِيرًا، وَعَلَيْهِ فَالْجَمْعُ عِنْدَهُمْ لَا يَجُوزُ لِلسَّفَرِ مُطْلَقًا طَالَ أَوْ قَصُرَ، فَالْإِشَارَةُ لِلرَّدِّ إنَّمَا هِيَ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ دُونَ نَفْسِ الْأَمْرِ، فَإِنَّهُمْ وَإِنْ جَوَّزُوا الْجَمْعَ بِعَرَفَةَ لَا يَقُولُونَ إنَّهُ لِلسَّفَرِ بَلْ لِلنُّسُكِ. (قَوْلُهُ: إلَى أَنَّ تَرْكَهُ) أَيْ الْجَمْعِ أَفْضَلُ: أَيْ فَيَكُونُ الْجَمْعُ خِلَافَ الْأَوْلَى، لَكِنْ فِي حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ الْآتِي وَإِنْ كَانَ سَائِرًا وَقْتَ الْأُولَى وَأَرَادَ الْجَمْعَ وَعَدِمَ إلَخْ مَا نَصَّهُ: وَبِقَوْلِي وَأَرَادَ الْجَمْعَ إلَخْ، انْدَفَعَ مَا يُقَالُ مِنْ أَنَّ تَرْكَ الْجَمْعِ أَفْضَلُ: أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إذْ هُوَ) الْأَوْلَى حَذْفُهُمَا، بَلْ وَلَفْظُ الْمُبَاحِ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى قَوْلِهِ الْمُجَوِّزُ لِلْقَصْرِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ: وَيَمْتَنِعُ فِي الْحَضَرِ) أَيْ إلَّا بِالْمَطَرِ كَمَا يَأْتِي وَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَكِّيًّا) أَشَارَ إلَى مَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ فِي كَوْنِهِ يَجْمَعُ بَيْنَ السَّفَرِ الْقَصِيرِ لِعَرَفَةَ: أَيْ بِسَبَبِ السَّفَرِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الرَّوْضَةِ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ

إذَا خَالَفَ سُنَّةً صَحِيحَةً؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: إنَّ تَأْوِيلَهُمْ لَهَا فِي جَمْعِ التَّأْخِيرِ لَهُ نَوْعُ تَمَاسُكٍ وَطَعْنُهُمْ فِي صِحَّتِهَا فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ مُحْتَمَلٌ مَعَ اعْتِضَادِهِمْ الْأَصْلَ فَرُوعِيَ، وَيُسْتَثْنَى الْجَمْعُ بِعَرَفَةَ فِي الْحَجِّ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَبِمُزْدَلِفَةَ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ، فَإِنَّ الْجَمْعَ فِيهِمَا أَفْضَلُ مُطْلَقًا فَإِنَّهُ مُسْتَحَبٌّ لِلِاتِّبَاعِ وَسَبَبُهُ السَّفَرُ لَا النُّسُكُ فِي الْأَظْهَرِ، وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا الشَّاكُّ فِيهِ وَالرَّاغِبُ عَنْ الرُّخْصَةِ اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ وَغَيْرِهِ، وَمَنْ إذَا جَمَعَ صَلَّى جَمَاعَةً أَوْ خَلَا عَنْ حَدَثِهِ الدَّائِمِ أَوْ كَشَفَ عَوْرَتَهُ فَالْجَمْعُ أَفْضَلُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَكَذَا مَنْ خَافَ فَوْتَ عَرَفَةَ أَوْ عَدَمَ إدْرَاكِ الْعَدُوِّ لِاسْتِنْقَاذِ أَسِيرٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ بَلْ قَدْ يَجِبُ فِي هَذَيْنِ (فَإِنْ كَانَ سَائِرًا فِي وَقْتِ الْأُولَى) وَأَرَادَ الْجَمْعَ وَعَدَمَ مُرَاعَاةِ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْحَالُ أَنَّهُ نَازِلٌ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ (فَتَأْخِيرُهَا أَفْضَلُ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ سَائِرًا وَقْتَ الْأُولَى بِأَنْ كَانَ نَازِلًا فِيهِ سَائِرًا وَقْتَ الثَّانِيَةِ (فَعَكْسُهُ) لِلِاتِّبَاعِ وَلِكَوْنِهِ أَرْفَقَ لِلْمُسَافِرِ، فَإِنْ كَانَ سَائِرًا أَوْ نَازِلًا فِيهِمَا فَجَمْعُ التَّأْخِيرِ أَفْضَلُ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ وَلِظَاهِرِ الْأَخْبَارِ السَّابِقَةِ وَلِانْتِفَاءِ سُهُولَةِ جَمْعِ التَّقْدِيمِ مَعَ الْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَهُ وَلِأَنَّ وَقْتَ الثَّانِيَةِ وَقْتٌ لِلْأُولَى حَقِيقَةً بِخِلَافِ الْعَكْسِ. (وَشُرُوطُ) جَمْعِ (التَّقْدِيمِ) (ثَلَاثًا) بَلْ أَرْبَعَةٌ: أَحَدُهَا (الْبُدَاءَةُ بِالْأُولَى) ـــــــــــــــــــــــــــــSفَهُوَ مُبَاحٌ فَكَيْفَ يَكُونُ أَفْضَلَ فِيمَا ذُكِرَ انْتَهَى. أَقُولُ: وَقَدْ يُمْنَعُ كَوْنُهُ مُبَاحًا بِأَنَّ خِلَافَ الْأَفْضَلِ كَخِلَافِ الْأَوْلَى يَكُونُ مَكْرُوهًا كَرَاهَةً خَفِيفَةً يُعَبَّرُ عَنْهَا بِخِلَافِ الْأَوْلَى. (قَوْلُهُ: إذَا خَالَفَ سُنَّةً صَحِيحَةً) أَيْ وَهُوَ ثُبُوتُ الْجَمْعِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالسُّنَّةِ كَوْنَ الْحُكْمِ مُسْتَحَبًّا عِنْدَنَا، وَرِعَايَةُ الْخِلَافِ تُفَوِّتُ ذَلِكَ الْمُسْتَحَبَّ، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ مَتَى ثَبَتَ الْحُكْمُ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ بَعْضُ الْمَذَاهِبِ يُخَالِفُ ذَلِكَ الثَّابِتَ لَا تُسْتَحَبُّ مُرَاعَاتُهُ. (قَوْلُهُ: نَوْعُ تَمَاسُكٍ) أَيْ قُوَّةٍ. (قَوْلُهُ: وَطَعْنُهُمْ فِي صِحَّتِهَا) أَيْ السُّنَّةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ خَلَا عَنْ حَدَثِهِ الدَّائِمِ) قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْقَصْرِ عَنْ حَجّ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَوْ جَمَعَ خَلَا عَنْ حَدَثِهِ الدَّائِمِ فِي وُضُوئِهِ وَصَلَاتِهِ وَجَبَ الْجَمْعُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا تَقَدَّمَ بِأَنَّهُ إنَّمَا وَجَبَ الْقَصْرُ ثَمَّ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى جَوَازِهِ سِيَّمَا إذَا زَادَ سَفَرُهُ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاحِلَ حَيْثُ أَوْجَبَهُ الْحَنَفِيَّةُ فَنُظِرَ إلَى قُوَّةِ الْخِلَافِ ثَمَّ وَمَنَعُوا الْجَمْعَ هُنَا إلَّا فِي عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ لِلنُّسُكِ. وَهَذَا الْجَوَابُ أَوْلَى مِمَّا أَجَابَ بِهِ سم فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: قَوْلُهُ فَيَجِبُ الْقَصْرُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. فَإِنْ قُلْت: هَلَّا وَجَبَ الْجَمْعُ فِي نَظِيرِهِ مَعَ أَنَّهُ أَفْضَلُ فَقَطْ كَمَا سَيَأْتِي أَوَّلَ الْفَصْلِ؟ قُلْت: يُفَرَّقُ بِلُزُومِ إخْرَاجِ إحْدَى الصَّلَاتَيْنِ عَنْ وَقْتِهَا فَلَمْ يَجِبْ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى. وَوَجْهُ أَوْلَوِيَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّهُ قَدْ يَمْنَعُ أَنَّ فِي التَّأْخِيرِ إخْرَاجَ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا؛ لِأَنَّ الْعُذْرَ صَيَّرَ وَقْتَ الصَّلَاتَيْنِ وَاحِدًا عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ قَوْلِهِ بِلُزُومِ إخْرَاجِ إلَخْ لَا يَشْمَلُ جَمْعَ التَّقْدِيمِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِالْإِخْرَاجِ فِعْلَهَا فِي غَيْرِ وَقْتِهَا. (قَوْلُهُ: فَالْجَمْعُ أَفْضَلُ) [فَرْعٌ] إذَا تَوَقَّفَ إدْرَاكُ الْوُقُوفِ عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَجَبَ، وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَوَقَّفَ إدْرَاكُ الْوُقُوفِ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ: أَيْ وَلَوْ تَعَدَّدَتْ تَرَكَهَا؛ لِأَنَّ ذَاكَ إذَا لَمْ يُدْرِكْهُ إلَّا بِتَرْكِهَا مُطْلَقًا وَهُنَا يُدْرِكُهُ مَعَ فِعْلِهَا بِالْجَمْعِ دُونَ غَيْرِهِ م ر انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: بَلْ قَدْ يَجِبُ فِي هَذَيْنِ) هُمَا خَوْفُ فَوْتِ عَرَفَةَ وَعَدَمِ إدْرَاكِ الْعَدُوِّ إلَخْ، وَأَفَادَ كَلَامُهُ كحج أَنَّ الْأَصْلَ فِيهِمَا أَفْضَلِيَّةُ الْجَمْعِ وَأَنَّهُ قَدْ يَجِبُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِصُورَةِ الْوُجُوبِ مَا لَوْ تَحَقَّقَ فَوْتُ عَرَفَةَ أَوْ إنْقَاذُ الْأَسِيرِ بِتَرْكِ الْجَمْعِ فَيُنْقِذُ الْأَسِيرَ وَيُدْرِكُ عَرَفَةَ ثُمَّ يَجْمَعُ الصَّلَاتَيْنِ تَأْخِيرًا، ثُمَّ رَأَيْته فِي سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ) فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ وَقْتَ الثَّانِيَةِ وَقْتٌ لِلْأُولَى حَقِيقَةً) يَعْنِي أَنَّهُ يَصِحُّ فِعْلُ الْأُولَى فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ فَنَزَلَ مَنْزِلَةَ الْوَقْتِ الْحَقِيقِيِّ، وَإِلَّا فَوَقْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقَّتَ لِلْأُولَى حَقِيقَةً) فِيهِ مُسَامَحَةٌ. وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَصِحُّ فِعْلُهَا فِيهِ مُطْلَقًا وَلَوْ بِغَيْرِ جَمْعٍ

[شروط جمع التقديم]

لِأَنَّهَا صَاحِبَةُ الْوَقْتِ. وَالثَّانِيَةُ تَبَعٌ لَهَا وَالتَّابِعُ يَمْتَنِعُ تَقْدِيمُهُ عَلَى مَتْبُوعِهِ فَلَوْ صَلَّى الْعَصْرَ قَبْلَ الظُّهْرِ لَمْ تَصِحَّ وَلَهُ إعَادَتُهَا بَعْدَ الظُّهْرِ إنْ أَرَادَ الْجَمْعَ، وَكَذَا لَوْ صَلَّى الْعِشَاءَ قَبْلَ الْمَغْرِبِ (فَلَوْ صَلَّاهُمَا) مُبْتَدِئًا بِالْأُولَى (فَبَانَ فَسَادُهَا) لِفَوَاتِ رُكْنٍ أَوْ شَرْطٍ (فَسَدَتْ الثَّانِيَةُ) أَيْضًا: أَيْ لَمْ تَقَعْ عَنْ فَرْضِهِ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ مِنْ الْبُدَاءَةِ بِالْأُولَى، وَتَقَعُ نَفْلًا كَمَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْبَحْرِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَحْرَمَ بِالْفَرْضِ قَبْلَ وَقْتِهِ جَاهِلًا بِالْحَالِ. (وَ) ثَانِيهَا (نِيَّةُ الْجَمْعِ) لِيَتَمَيَّزَ التَّقْدِيمُ الْمَشْرُوعُ عَنْ التَّقْدِيمِ عَبَثًا أَوْ سَهْوًا (وَمَحَلُّهَا) الْأَصْلِيُّ وَلِهَذَا كَانَ هُوَ الْمَطْلُوبُ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ الْفَاضِلُ لَا سِيَّمَا مَعَ وُجُودِ الْخِلَافِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِي أَثْنَائِهَا فَانْتَفَى الْفَضْلُ فِيهِ (أَوَّلَ الْأُولَى) كَسَائِرِ الْمَنْوِيَّاتِ فَلَا يَكْفِي تَقْدِيمُهَا عَلَيْهِ بِالِاتِّفَاقِ (وَتَجُوزُ فِي أَثْنَائِهَا) وَلَوْ مَعَ تَحَلُّلِهَا، إذْ لَا يَتِمُّ خُرُوجُهُ مِنْهَا حَقِيقَةً إلَّا بِتَمَامِ تَسْلِيمِهِ وَلِحُصُولِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ (فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ ضَمُّ الثَّانِيَةِ لِلْأُولَى فَمَا لَمْ تَفْرُغْ الْأُولَى فَوَقْتُ ذَلِكَ الضَّمِّ بَاقٍ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فِي الْقَصْرِ لِتَأَدِّي جُزْءٍ عَلَى التَّمَامِ وَيَسْتَحِيلُ بَعْدَهُ الْقَصْرُ كَمَا مَرَّ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ ثُمَّ أَرَادَهُ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ جَازَ، كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الدَّارِمِيِّ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الْجَمْعَ أَوَّلَ الْأُولَى ثُمَّ نَوَى تَرْكَهُ ثُمَّ قَصَدَ فِعْلَهُ فَفِيهِ الْقَوْلَانِ فِي نِيَّةِ الْجَمْعِ فِي أَثْنَائِهِ وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ لَا يَجُوزُ قِيَاسًا عَلَى نِيَّةِ الْقَصْرِ بِجَامِعِ أَنَّهُمَا رُخْصَتَا سَفَرٍ، وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِمَا مَرَّ، وَلَوْ شَرَعَ فِي الظُّهْرِ أَوْ الْمَغْرِبِ بِالْبَلَدِ فِي سَفِينَةٍ فَسَارَتْ فَنَوَى الْجَمْعَ، ـــــــــــــــــــــــــــــSالْأُولَى الْحَقِيقِيُّ يَخْرُجُ، بِخُرُوجِ وَقْتِهَا (قَوْلُهُ: فَلَوْ صَلَّى الْعَصْرَ قَبْلَ الظُّهْرِ لَمْ تَصِحَّ) يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ ذَلِكَ بِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَيْ لَمْ تَقَعْ عَنْ فَرْضٍ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ. (قَوْلُهُ: جَاهِلًا بِالْحَالِ) وَمَحَلُّ ذَلِكَ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ لَهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فَرْضٌ مِثْلُهُ وَإِلَّا وَقَعَ عَنْهُ، وَمَحَلُّ وُقُوعِهِ نَفْلًا أَيْضًا حَيْثُ اسْتَمَرَّ جَهْلُهُ إلَى الْفَرَاغِ مِنْهَا وَإِلَّا بَطَلَتْ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَلِحُصُولِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ) وَهُوَ تَمْيِيزُ التَّقْدِيمِ الْمَشْرُوعِ عَنْ التَّقْدِيمِ عَبَثًا أَوْ سَهْوًا، وَفِيهِ أَنَّ هَذَا الْغَرَضَ يَحْصُلُ بِنِيَّةِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَمَعَ التَّحَرُّمِ بِالثَّانِيَةِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَ الْجَمْعُ يُصَيِّرُ وَقْتَ الصَّلَاتَيْنِ وَاحِدًا أَشْبَهَا صَلَاةً وَاحِدَةً وَيُشِيرُ إلَى هَذَا قَوْلُهُ لِأَنَّ الْجَمْعَ ضَمُّ الثَّانِيَةِ لِلْأُولَى إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ) أَيْ الْجَمْعَ بِأَنْ نَوَى عَدَمَهُ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَرَادَهُ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ) أَيْ يَقِينًا فَلَوْ شَكَّ فِيهِ امْتَنَعَ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ شَكَّ فِي الْمُوَالَاةِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ أَيْضًا مَا لَمْ يَتَذَكَّرْ عَنْ قُرْبٍ. (قَوْلُهُ: مِمَّا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الدَّارِمِيِّ) قَدْ يَمْنَعُ الْأَخْذَ مِنْ ذَلِكَ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ مَحَلَّ النِّيَّةِ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْ الدَّارِمِيِّ بَاقٍ إلَى الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ، فَرَفْضُ النِّيَّةِ فِي أَثْنَائِهَا يُنَزِّلُ الْأُولَى مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ، وَيَجْعَلُ الثَّانِيَةَ نِيَّةً مُبْتَدَأَةً، وَلَا كَذَلِكَ مَا لَوْ تَرَكَ النِّيَّةَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْأُولَى فَإِنَّهُ قَدْ يُقَالُ: رَفْضُ النِّيَّةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ أَبْطَلَ النِّيَّةَ الْأُولَى وَتَعَذَّرَتْ نِيَّةُ الْجَمْعِ لِفَوَاتِ مَحَلِّهَا ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ذَلِكَ وَعِبَارَتُهُ: وَلَوْ نَوَى تَرْكَهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ أَرَادَهُ وَلَوْ فَوْرًا لَمْ يَجُزْ كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، وَمِنْهُ أَنَّ وَقْتَ النِّيَّةِ انْقَضَى فَلَمْ يُفِدْ الْعَوْدَةُ إلَيْهَا شَيْئًا، وَإِلَّا لَزِمَ إجْزَاؤُهَا بَعْدَ تَحَلُّلِ الْأُولَى، وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَالرِّدَّةِ إذْ الْقَطْعُ فِيهَا ضِمْنِيٌّ وَهُنَا صَرِيحٌ، وَيُغْتَفَرُ فِي الضِّمْنِيِّ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الصَّرِيحِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: فَفِيهِ الْقَوْلَانِ) وَالرَّاجِحُ مِنْهُمَا الْجَوَازُ. (قَوْلُهُ: وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِمَا مَرَّ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ [شُرُوطُ جَمْعِ التَّقْدِيمِ] قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ) أَيْ بَعْدَ نِيَّتِهِ فِي الْأُولَى أَيْ رَفْضِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الدَّارِمِيِّ) قَدْ يَمْنَعُ هَذَا الْأَخْذَ بِمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشِّهَابُ حَجّ فِي تُحْفَتِهِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَمَا ذَكَرَهُ الدَّارِمِيُّ وَعِبَارَتُهُ وَلَوْ نَوَى تَرْكَهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ أَرَادَهُ وَلَوْ فَوْرًا لَمْ يَجُزْ كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، وَفِيهِ أَنَّ وَقْتَ النِّيَّةِ انْقَضَى فَلَمْ يُفِدْ الْعَوْدَ إلَيْهَا شَيْئًا، وَإِلَّا لَزِمَ إجْزَاؤُهَا بَعْدَ تَحَلُّلِ الْأُولَى انْتَهَتْ. فَأَشَارَ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَمَسْأَلَةِ الدَّارِمِيِّ بِأَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الدَّارِمِيِّ عَادَ إلَى

فَإِنْ لَمْ تُشْتَرَطْ النِّيَّةُ مَعَ التَّحَرُّمِ صَحَّ لِوُجُودِ السَّفَرِ وَقْتَهَا وَإِلَّا فَلَا، قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الْمُتَوَلِّي، وَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حُدُوثِ الْمَطَرِ فِي أَثْنَاءِ الْأُولَى حَيْثُ لَا يُجْمَعُ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي بِأَنَّ السَّفَرَ بِاخْتِيَارِهِ، فَنَزَلَ اخْتِيَارُهُ لَهُ فِي ذَلِكَ مَنْزِلَتَهُ بِخِلَافِ الْمَطَرِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ بِاخْتِيَارِهِ، فَالْوَجْهُ امْتِنَاعُ الْجَمْعِ هُنَا يُرَدُّ بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ السَّفَرِ وَالْمَطَرِ بِأَنَّ الْمَطَرَ أَضْعَفُ لِلْخِلَافِ فِيهِ، وَلِأَنَّ فِيهِ طَرِيقًا بِاشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْجَمْعِ فِي الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الْمَطَرِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِلْجَمْعِ فَلَمْ تَكُنْ مَحَلًّا لِلنِّيَّةِ، وَفِي السَّفَرِ تَجُوزُ النِّيَّةُ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْأُولَى؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَتَهُ شَرْطٌ فَكَانَتْ مَحَلًّا لِلنِّيَّةِ، فَإِذًا لَا فَرْقَ فِي الْمُسَافِرِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ السَّفَرُ بِاخْتِيَارِهِ أَوْ لَا كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَدْ يُحْمَلُ الْقَوْلُ بِأَنَّ السَّفَرَ بِاخْتِيَارِهِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ وَلَا كَذَلِكَ الْمَطَرُ فَلَا إيرَادَ. (وَ) ثَالِثُهَا (الْمُوَالَاةُ بِأَنْ لَا يَطُولَ بَيْنَهُمَا فَصْلٌ) إذْ الْجَمْعُ يَجْعَلُهُمَا كَصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ، فَوَجَبَ الْوَلَاءُ كَرَكَعَاتِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ وَالتَّابِعُ لَا يُفْصَلُ عَنْ مَتْبُوعِهِ وَلِهَذَا تُرِكَتْ الرَّوَاتِبُ بَيْنَهُمَا. وَكَيْفِيَّةُ صَلَاتِهَا أَنَّهُ إذَا جَمَعَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ قَدَّمَ سُنَّةَ الظُّهْرِ الْقَبْلِيَّةَ وَلَهُ تَأْخِيرُهَا سَوَاءٌ أَجَمَعَ تَقْدِيمًا أَمْ تَأْخِيرًا، وَتَوْسِيطُهَا إنْ جَمَعَ تَأْخِيرًا سَوَاءٌ أَقَدَّمَ الظُّهْرَ أَمْ الْعَصْرَ وَأَخَّرَ سُنَّتَهَا الَّتِي بَعْدَهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِتَأَدِّي جُزْءٍ مِنْهَا عَلَى التَّمَامِ وَيَسْتَحِيلُ بَعْدَهُ الْقَصْرُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تُشْتَرَطْ النِّيَّةُ) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ. (قَوْلُهُ: صَحَّ) أَيْ مَا نَوَاهُ وَجَازَ لَهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ. (قَوْلُهُ: لِوُجُودِ السَّفَرِ فِي وَقْتِهَا) أَيْ النِّيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ) هُوَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: مَنْزِلَتَهُ) أَيْ مَنْزِلَةَ السَّفَرِ (قَوْلُهُ: وَثَالِثُهَا الْمُوَالَاةُ) . [فَرْعٌ] لَوْ شَكَّ هَلْ طَالَ الْفَصْلُ أَوْ لَا يَنْبَغِي امْتِنَاعُ الْجَمْعِ: أَيْ مَا لَمْ يَتَذَكَّرْ عَنْ قُرْبٍ كَمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّهُ رُخْصَةٌ فَلَا يُصَارُ إلَيْهَا إلَّا بِيَقِينٍ م ر انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَفِيهِ فَرْعٌ فِي التَّجْرِيدِ عَنْ حِكَايَةِ الرُّويَانِيِّ عَنْ وَالِدِهِ مِنْ جُمْلَةِ كَلَامٍ طَوِيلٍ، وَإِنْ كَانَ قَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ: أَيْ وَقْتِ الْمَغْرِبِ مَا يَسَعُ الْمَغْرِبَ وَدُونَ رَكْعَةٍ مِنْ الْعِشَاءِ، يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: لَا يُصَلِّي الْعِشَاءَ؛ لِأَنَّ مَا دُونَ رَكْعَةٍ يَجْعَلُهَا قَضَاءً. قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَعِنْدِي أَنَّهُ يَجُوزُ الْجَمْعُ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ يَمْتَدُّ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ عِنْدَ الْعُذْرِ إلَخْ انْتَهَى. وَوَافَقَ م ر عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي جَوَازُ الْجَمْعِ أَيْضًا انْتَهَى أَقُولُ: وَيُؤَيِّدُ الْجَوَازَ مَا يَأْتِي مِنْ الِاكْتِفَاءِ فِي جَوَازِ الْجَمْعِ لِوُقُوعِ تَحَرُّمِ الثَّانِيَةِ فِي السَّفَرِ وَإِنْ أَقَامَ بَعْدَهُ، فَكَمَا اُكْتُفِيَ بِعَقْدِ الثَّانِيَةِ فِي السَّفَرِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُكْتَفَى بِذَلِكَ فِي الْوَقْتِ. (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا تُرِكَتْ) أَيْ وُجُوبًا لِصِحَّةِ الْجَمْعِ (قَوْلُهُ: وَكَيْفِيَّةُ صَلَاتِهَا) أَيْ الرَّوَاتِبِ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ تَأْخِيرُهَا) أَيْ عَنْ الصَّلَاتَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَأَخَّرَ سُنَّتَهَا الَّتِي بَعْدَهَا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ قَدَّمَ سُنَّةَ الظُّهْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالنِّيَّةِ فِي مَحَلِّ النِّيَّةِ فَأَجْزَأَتْ لِوُقُوعِهَا فِي مَحَلِّهَا وَقَطَعْنَا النَّظَرَ عَمَّا وَقَعَ قَبْلَ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: يُرَدُّ إلَخْ) هَذَا الرَّدُّ مُتَوَجِّهٌ إلَى قَوْلِ هَذَا الْبَعْضِ وَهُوَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ بِاخْتِيَارِهِ، فَالْأَوْجَهُ امْتِنَاعُ الْجَمْعِ هُنَا فَحَاصِلُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الِاخْتِيَارِ وَعَدَمِهِ فِي جَوَازِ الْجَمْعِ بِالسَّفَرِ فِيمَا ذُكِرَ لَكِنْ فِي هَذَا السِّيَاقِ صُعُوبَةٌ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي) أَيْ مِنْ حَيْثُ إطْلَاقُهُ الْمُتَنَاوِلُ لِمَا إذَا كَانَ السَّفَرُ بِاخْتِيَارِهِ وَغَيْرِهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ السَّفَرِ وَالْمَطَرِ: أَيْ بَدَلُ مَا فَرَّقَ بِهِ الْبَعْضُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: لِلْخِلَافِ فِيهِ) أَيْ الْخِلَافِ الْمَذْهَبِيِّ فَإِنَّ الْمُزَنِيّ يَمْنَعُهُ مُطْلَقًا. وَلَنَا قَوْلٌ شَاذٌّ بِجَوَازِهِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ دُونَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَإِلَّا فَخِلَافُ الْعُلَمَاءِ ثَابِتٌ حَتَّى فِي الْجَمْعِ بِالسَّفَرِ (قَوْلُهُ: وَفِي السَّفَرِ تَجُوزُ) أَيْ الطَّرِيقُ فَتَجُوزُ بِالْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ (قَوْلُهُ: وَكَانَتْ) الْأَوْلَى فَكَانَ أَيْ الْأَثْنَاءُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُحْمَلُ إلَخْ) هَذَا الْحَمْلُ لَا يَتَأَتَّى مَعَ قَوْلِ الْبَعْضِ الْمَذْكُورِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ بِاخْتِيَارِهِ إلَخْ، إذْ كَيْفَ يُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى

وَلَهُ تَوْسِيطُهَا إنْ جَمَعَ تَأْخِيرًا وَقَدَّمَ الظُّهْرَ وَأَخَّرَ عَنْهُمَا سُنَّةَ الْعَصْرِ، وَلَهُ تَوْسِيطُهَا وَتَقْدِيمُهَا إنْ جَمَعَ تَأْخِيرًا سَوَاءٌ أَقَدَّمَ الظُّهْرَ أَمْ الْعَصْرَ وَإِذَا جَمَعَ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ أَخَّرَ سُنَّتَيْهِمَا، وَلَهُ تَوْسِيطُ سُنَّةِ الْمَغْرِبِ إنْ جَمَعَ تَأْخِيرًا وَقَدَّمَ الْمَغْرِبَ، وَتَوْسِيطُ سُنَّةِ الْعِشَاءِ إنْ جَمَعَ تَأْخِيرًا وَقَدَّمَ الْعِشَاءَ وَمَا سِوَى ذَلِكَ مَمْنُوعٌ، وَعَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ لِلْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ سُنَّةً مُتَقَدِّمَةً فَلَا يَخْفَى الْحُكْمُ مِمَّا تَقَرَّرَ فِي جَمْعَيْ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ كَذَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (فَإِنْ طَالَ) الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا (وَلَوْ بِعُذْرٍ) كَجُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ سَهْوٍ (وَجَبَ تَأْخِيرُ الثَّانِيَةِ إلَى وَقْتِهَا) لِفَوَاتِ شَرْطِ الْجَمْعِ (وَلَا يَضُرُّ فَصْلٌ يَسِيرٌ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أُسَامَةَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا جَمَعَ بِنَمِرَةَ أَقَامَ لِلصَّلَاةِ بَيْنَهُمَا» وَشَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ حَصَلَ الْفَصْلُ الْيَسِيرُ بِنَحْوِ جُنُونٍ أَوْ رِدَّةٍ وَعَادَ لِلْإِسْلَامِ عَنْ قُرْبٍ بَيْنَ سَلَامِهِ مِنْ الْأُولَى وَتَحَرُّمِهِ بِالثَّانِيَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، أَوْ تَرَدَّدَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي أَنَّهُ نَوَى الْجَمْعَ فِي الْأُولَى ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ نَوَاهُ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ مُخَالِفًا فِي ذَلِكَ لِوَالِدِهِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ الْوَجْهُ بِالْقَيْدِ الْمَارِّ فَلَا يَضُرُّ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا (وَيُعْرَفُ طُولُهُ) وَقِصَرُهُ (بِالْعُرْفِ) إذْ لَا ضَابِطَ لَهُ فِي الشَّرْعِ وَلَا فِي اللُّغَةِ فَرَجَعَ إلَيْهِ فِيهِ كَالْحِرْزِ وَالْقَبْضِ وَمِنْ الطَّوِيلِ قَدْرُ صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ وَلَوْ بِأَخَفِّ مُمْكِنٍ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ. (وَلِلْمُتَيَمِّمِ) بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ (الْجَمْعُ) (عَلَى الصَّحِيحِ) كَالْمُتَوَضِّئِ (وَلَا يَضُرُّ تَخَلُّلُ طَلَبٍ خَفِيفٍ) كَالْإِقَامَةِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ دُونَهَا فَكَانَ مِنْ مَصْلَحَتِهَا، بَلْ لَوْ كَانَ الْفَصْلُ الْيَسِيرُ لَيْسَ لِمَصْلَحَتِهَا لَمْ يَضُرَّ أَيْضًا، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ أَنَّهُ يَضُرُّ لِطُولِ الْفَصْلِ بِهِ بَيْنَهُمَا، وَلَا يَضُرُّ الْفَصْلُ بِالْوُضُوءِ قَطْعًا. (وَلَوْ) (جَمَعَ) تَقْدِيمًا (ثُمَّ عَلِمَ) بَعْدَ فَرَاغِهِمَا أَوْ فِي أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ وَطَالَ الْفَصْلُ بَيْنَ سَلَامِ الْأُولَى وَعِلْمِهِ (تَرْكَ رُكْنٍ مِنْ الْأُولَى بَطَلَتَا) أَمَّا الْأُولَى فَلِتَرْكِ الرُّكْنِ مِنْهَا وَتَعَذُّرِ تَدَارُكِهِ بِطُولِ الْفَصْلِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSالْقَبْلِيَّةَ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ تَوْسِيطُهَا) أَيْ سُنَّةِ الْعَصْرِ. (قَوْلُهُ: وَتَوْسِيطُ سُنَّةِ الْعِشَاءِ) وَالضَّابِطُ لِذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ بَعْدِيَّةً الْأُولَى عَلَى الْأُولَى مُطْلَقًا، وَلَا سُنَّةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى إنْ جَمَعَ تَقْدِيمًا، وَلَا الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا بِشَيْءٍ مُطْلَقًا إنْ جَمَعَ تَقْدِيمًا وَمَا عَدَا ذَلِكَ جَائِزٌ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ) الْمُرَادُ بِطُولِ الْفَصْلِ مَا يَسَعُ رَكْعَتَيْنِ أَخَفَّ مَا يُمْكِنُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْوَجْهُ بِالْقَيْدِ الْمَارِّ) وَهُوَ قَوْلُهُ عَنْ قُرْبٍ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِأَخَفِّ مُمْكِنٍ) عِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَظَاهِرٌ وِفَاقًا لَمْ ر أَنَّهُ لَوْ صَلَّى الرَّاتِبَةَ بَيْنَهُمَا فِي مِقْدَارِ الْفَصْلِ الْيَسِيرِ لَمْ يَضُرَّ. أَقُولُ: يُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِهِ الْيَسِيرِ عَلَى زَمَنٍ لَا يَسَعُ رَكْعَتَيْنِ بِأَخَفِّ مُمْكِنٍ بِالْفِعْلِ الْمُعْتَادِ، وَعَلَى هَذَا لَا يُخَالِفُ مَا فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ: كَالْإِقَامَةِ) وَمِثْلُ الْإِقَامَةُ الْأَذَانُ إنْ لَمْ يَطُلْ بِهِ الْفَصْلُ، فَإِنْ طَالَ ضَرَّ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ. وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يُطْلَبْ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَقَاعَدُ عَنْ السُّكُوتِ الْمُجَرَّدِ حَيْثُ لَمْ يَطُلْ بِهِ الْفَصْلُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الطَّلَبُ. (قَوْلُهُ: لَيْسَ لِمَصْلَحَتِهَا) شَمَلَ ذَلِكَ سُجُودَ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ حَيْثُ لَمْ يَطُلْ بِهِمَا فَصْلٌ. (قَوْلُهُ: لِطُولِ الْفَصْلِ بِهِ) التَّعْلِيلُ بِمَا ذَكَرَ يُشْكِلُ بِجَوَازِ الْفَصْلِ بِالضَّوْءِ بِلَا خِلَافٍ، مَعَ أَنَّ الْفَصْلَ بِهِ يَزِيدُ عَلَى التَّيَمُّمِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ التَّيَمُّمَ لَمَّا كَانَ يُحْوِجُ لِلطَّلَبِ كَانَ مَظِنَّةً لِلطُّولِ فَجُعِلَ مَانِعًا مُطْلَقًا ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا هُوَ مُصَرِّحٌ بِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ) هَذَا الْقَيْدُ مِنْ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ تَقْيِيدٌ لِكَلَامِ الرُّويَانِيِّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ لَا مِنْ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ وَإِنْ أَوْهَمَهُ سِيَاقُ الشَّارِحِ، وَبِهَذَا يَتَّضِحُ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي بِالْقَيْدِ الْمَارِّ. (قَوْلُهُ: وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ أَنَّهُ يَضُرُّ لِطُولِ الْفَصْلِ بِهِ) أَيْ بِالطَّلَبِ إذْ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا اشْتَمَلَ التَّيَمُّمُ عَلَى الطَّلَبِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الرَّوْضَةِ وَعِبَارَتُهَا، وَمَنَعَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ جَمْعَ الْمُتَيَمِّمِ لِلْفَصْلِ بِالطَّلَبِ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ الْمَبْنِيُّ عَلَى رُجُوعِ الضَّمِيرِ فِي بِهِ لِلتَّيَمُّمِ جَرْيًا عَلَى ظَاهِرِ السِّيَاقِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ الْفَصْلُ بِالْوُضُوءِ) أَيْ شَرْطُهُ مِنْ عَدَمِ طُولِ

وَأَمَّا الثَّانِيَةُ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ فَلِبُطْلَانِ شَرْطِهَا مِنْ صِحَّةِ الْأُولَى، وَذَكَرَ هَذِهِ أَوَّلًا لِبَيَانِ التَّرْتِيبِ ثُمَّ هُنَا لِبَيَانِ الْمُوَالَاةِ وَتَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ (وَيُعِيدُهُمَا جَامِعًا) إنْ شَاءَ تَقْدِيمًا إنْ كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا أَوْ تَأْخِيرًا لِعَدَمِ صَلَاتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَطُلْ لُغِيَ مَا أَتَى بِهِ مِنْ الثَّانِيَةِ وَبَنَى عَلَى الْأُولَى وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ عَلِمَ مَا لَوْ شَكَّ فِي غَيْرِ النِّيَّةِ وَتَكْبِيرَةِ التَّحَرُّمِ فَلَا يُؤَثِّرُ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْأُولَى كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ (أَوْ) عَلِمَهُ (مِنْ الثَّانِيَةِ) بَعْدَ فَرَاغِهَا (فَإِنْ لَمْ يَطُلْ) فَصْلٌ عُرْفًا بَيْنَ سَلَامِهِ وَتَذَكُّرِهِ (تَدَارَكَهُ) وَصَحَّتَا (وَإِلَّا) بِأَنْ طَالَ (فَبَاطِلَةٌ) لِتَعَذُّرِ تَدَارُكِهِ (وَلَا جَمْعَ) لِطُولِهِ فَيُعِيدُهَا فِي وَقْتِهَا (وَلَوْ) (جَهِلَ) فَلَمْ يَدْرِ مِنْ أَيَّتِهِمَا هُوَ (أَعَادَهُمَا لِوَقْتَيْهِمَا) لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مِنْ الْأُولَى وَامْتَنَعَ جَمْعُ التَّقْدِيمِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مِنْ الثَّانِيَةِ فَيَطُولُ الْفَصْلُ بِهَا وَبِالْأُولَى الْمُعَادَةِ بَعْدَهَا، أُمًّا جَمْعُهُمَا تَأْخِيرًا فَجَائِزٌ إذْ لَا مَانِعَ مِنْهُ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ؛ لِأَنَّ غَايَةَ الشَّكِّ أَنْ يُصَيِّرَهُ كَأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا، وَلِأَنَّهُ عَلَى احْتِمَالِ كَوْنِهِ مِنْ الْأُولَى وَاضِحٌ، وَكَذَا عَلَى احْتِمَالِ كَوْنِهِ مِنْ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْأُولَى وَإِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إلَّا أَنَّهُ تَلْزَمُهُ إعَادَتُهَا، وَالْمُعَادَةُ يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا إلَى الثَّانِيَةِ لِتُصَلَّى مَعَهَا فِي وَقْتِهَا، وَكَوْنُهُ عَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ لَا يُسَمَّى جَمْعًا حِينَئِذٍ لَا يُنْظَرُ إلَيْهِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ هَذَا الِاحْتِمَالِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَيْسَ الْحُكْمُ مِمَّا يُتَعَبَّدُ بِهِ حَتَّى يُتَمَسَّكَ بِظَاهِرِ الْكِتَابِ. وَرَابِعُهَا دَوَامُ سَفَرِهِ إلَى عَقْدِ الثَّانِيَةِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ جَمَعَ تَقْدِيمًا فَصَارَ إلَى آخِرِهِ (وَإِذَا أَخَّرَ) الصَّلَاةَ (الْأُولَى) إلَى وَقْتِ الثَّانِيَةِ (لَمْ يَجِبْ التَّرْتِيبُ) بَيْنَهُمَا (وَ) لَا (الْمُوَالَاةُ وَ) لَا (نِيَّةَ الْجَمْعِ) فِي الْأُولَى (عَلَى الصَّحِيحِ) ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ هُنَا لِلثَّانِيَةِ، وَالْأُولَى هِيَ التَّابِعَةُ فَلَمْ يَحْتَجْ لِشَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا اُعْتُبِرَتْ ثَمَّ لِتَحَقُّقِ التَّبَعِيَّةِ لِعَدَمِ صَلَاحِيَّةِ الْوَقْتِ لِلثَّانِيَةِ. نَعَمْ تُسَنُّ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ هُنَا وَالثَّانِي يَجِبُ ذَلِكَ كَمَا فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّعْلِيلِ (وَ) الَّذِي (يَجِبُ) هُنَا أَمْرَانِ: أَحَدُهُمَا دَوَامُ سَفَرِهِ إلَى تَمَامِهِمَا وَسَيَذْكُرُهُ، وَثَانِيهِمَا (كَوْنُ التَّأْخِيرِ بِنِيَّةِ الْجَمْعِ) أَيْ يَجِبُ أَنْ يَنْوِيَ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَلَا كَذَلِكَ الْوُضُوءُ، وَعَلَى هَذَا فَلَوْ طَالَ زَمَنُهُ امْتَنَعَ الْجَمْعُ (قَوْلُهُ: بِالْمَعْنَى السَّابِقِ) مُتَعَلِّقٌ بِبَطَلَتَا وَأَرَادَ بِهِ مَا قَدَّمَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ فَسَدَتْ الثَّانِيَةُ مِنْ أَنَّهَا لَمْ تَقَعْ عَنْ فَرْضِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: ذَكَرَ هَذِهِ أَوَّلًا) أَيْ بِقَوْلِهِ فَلَوْ صَلَّاهَا فَبَانَ فَسَادُهَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ هُنَا أَيْ) ثُمَّ ذَكَرَهَا هُنَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَأْخِيرًا) أَيْ حَيْثُ نَوَى التَّأْخِيرَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُهَا كَامِلَةً وَإِلَّا فَلَا تَأْخِيرَ، وَيَجِبُ الْإِحْرَامُ بِهَا قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا إنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ لِئَلَّا تَصِيرَ كُلُّهَا قَضَاءً، وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ لِعُذْرِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَطُلْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ قَبْلُ أَوْ فِي أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ وَطَالَ الْفَصْلُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بَيْنَ سَلَامِهِ وَتَذَكُّرِهِ) أَيْ مِنْ الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: وَبِالْأُولَى الْمُعَادَةِ بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: وَالْمُعَادَةُ يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا صَلَّى الظُّهْرَ فِي وَقْتِهَا وَأَرَادَ إعَادَتَهَا جَازَ تَأْخِيرُهَا إلَى وَقْتِ الْعَصْرِ لِيَجْمَعَهَا مَعَهَا، وَفِيهِ نَظَرٌ حَيْثُ فَعَلَهَا فُرَادَى أَمَّا إذَا فَعَلَهَا جَمَاعَةً فَلَا مَانِعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْعُذْرَ يُصَيِّرُ الْوَقْتَيْنِ وَاحِدًا، فَكَأَنَّهُ فَعَلَ الْأُولَى فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا ثُمَّ أَعَادَهَا فِي آخِرِهِ، وَمَا ذَكَرَ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا جَمَعَهَا تَأْخِيرًا اشْتَرَطَ وُقُوعَ الْأُولَى فِي جَمَاعَةٍ وَإِطْلَاقُهُ يُخَالِفُهُ. (قَوْلُهُ: بِظَاهِرِ الْكِتَابِ) يَعْنِي الْمِنْهَاجَ (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَمْ يَجِبْ التَّرْتِيبُ إلَخْ) لَا يُقَالُ: لَوْ قَالَ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ مِمَّا تَقَدَّمَ كَانَ أَخْصَرَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: التَّعْبِيرُ بِهِ لَا يُعْلَمُ مِنْهُ مَا يَقُولُهُ الثَّانِي، بِخِلَافِ مَا ذَكَرَهُ حَيْثُ جَعَلَ قَوْلَهُ عَلَى الصَّحِيحِ رَاجِعًا لِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثِ. (قَوْلُهُ: وَلَا نِيَّةُ الْجَمْعِ فِي الْأُولَى) أَيْ كَمَا أَنَّهَا لَا تَجِبُ فِي الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّعْلِيلِ) هُوَ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْوَقْتَ هُنَا لِلثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: أَيْ يَجِبُ أَنْ يَنْوِيَ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ: نَوَيْت تَأْخِيرَ الْأُولَى لِأَفْعَلَهَا فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِمَا ذَكَرَ كَانَ لَغْوًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْفَصْلِ. (قَوْلُهُ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ) أَيْ بُطْلَانِ فَرْضِيَّتِهَا (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الْحُكْمُ مِمَّا يُتَعَبَّدُ بِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْفَتَاوَى وَلَيْسَتْ الْمَسْأَلَةُ مِمَّا لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ حَتَّى يَتَمَسَّكَ فِي مَنْعِهَا بِمَفْهُومِ الْمِنْهَاجِ انْتَهَتْ. وَغَرَضُهُ مِنْ ذَلِكَ الرَّدُّ عَلَى السَّائِلِ فِي تَمَسُّكِهِ بِظَاهِرِ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ.

قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ قَدْ يَكُونُ مَعْصِيَةً كَالتَّأْخِيرِ لِغَيْرِ الْجَمْعِ، وَقَدْ يَكُونُ مُبَاحًا كَالتَّأْخِيرِ لَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةٍ تُمَيِّزُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ قَدَّمَ النِّيَّةَ عَلَى الْوَقْتِ كَمَا لَوْ نَوَى فِي أَوَّلِ السَّفَرِ أَنَّهُ يَجْمَعُ كُلَّ يَوْمٍ لَمْ تَكْفِهِ عَلَى أَشْبَهِ احْتِمَالَيْنِ ذَكَرَهُمَا الرُّويَانِيُّ عَنْ وَالِدِهِ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ لَا يَصْلُحُ لِلْجَمْعِ، وَالْقِيَاسُ عَلَى نِيَّةِ الصَّوْمِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِخُرُوجِهَا عَنْ الْقِيَاسِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: الْجَمْعُ اشْتِرَاطُ نِيَّةِ إيقَاعِهَا فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ، فَلَوْ نَوَى التَّأْخِيرَ فَقَدْ عَصَى وَصَارَتْ الْأُولَى قَضَاءً، وَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ النِّيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي زَمَنٍ لَوْ اُبْتُدِئَتْ الْأُولَى فِيهِ لَوَقَعَتْ أَدَاءً، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ، وَفِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ عَنْهُمْ، وَتُشْتَرَطُ هَذِهِ النِّيَّةُ فِي وَقْتِ الْأُولَى بِحَيْثُ يَبْقَى مِنْ وَقْتِهَا مَا يَسَعُهَا أَوْ أَكْثَرُ، فَإِنْ ضَاقَ وَقْتُهَا بِحَيْثُ لَا يَسَعُهَا عَصَى وَصَارَتْ قَضَاءً، وَهُوَ مُبَيَّنٌ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ: إنَّ مُرَادَهُ بِالْأَدَاءِ فِي الرَّوْضَةِ الْأَدَاءُ الْحَقِيقِيُّ بِأَنْ يَأْتِيَ بِجَمِيعِ الصَّلَاةِ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا، بِخِلَافِ الْإِتْيَانِ بِرَكْعَةٍ مِنْهَا فِي الْوَقْتِ وَالْبَاقِي بَعْدَهُ، فَتَسْمِيَتُهُ أَدَاءً بِتَبَعِيَّةِ مَا بَعْدَ الْوَقْتِ لِمَا فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ كَلَامَ الرَّوْضَةِ مَحْمُولٌ عَلَى كَلَامِ الْمَجْمُوعِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، إذْ كُلٌّ مِنْ التَّعْبِيرَيْنِ مَنْقُولٌ عَنْ الْأَصْحَابِ، فَالْمُرَادُ بِهِمَا وَاحِدٌ، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا مَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَوَازِ الْقَصْرِ لِمَنْ سَافَرَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ رَكْعَةً وَاضِحٌ فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ ثَمَّ كَوْنُهَا مُؤَدَّاةً، وَالْمُعْتَبَرُ هُنَا أَنْ تُمَيِّزَ النِّيَّةُ هَذَا التَّأْخِيرَ عَنْ التَّأْخِيرِ تَعَدِّيًا، وَلَا يَحْصُلُ إلَّا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ الصَّلَاةَ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ إنَّهَا صَارَتْ قَضَاءً؛ لِأَنَّهَا فُعِلَتْ خَارِجَ وَقْتِهَا الْأَصْلِيِّ وَقَدْ انْتَفَى شَرْطُ التَّبَعِيَّةِ فِي الْوَقْتِ، كَذَا أَفَادَنِيهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ أَخَّرَ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الْجَمْعِ أَوْ بِنِيَّتِهِ فِي زَمَنٍ لَا يَسَعُ جَمِيعَهَا (فَيَعْصِي وَتَكُونُ قَضَاءً) أَمَّا عِصْيَانُهُ فَلِأَنَّ التَّأْخِيرَ عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ إنَّمَا يَجُوزُ بِشَرْطِ الْعَزْمِ عَلَى الْفِعْلِ، فَيَكُونُ انْتِفَاءُ الْعَزْمِ كَانْتِفَاءِ الْفِعْلِ وَوُجُودُهُ كَوُجُودِهِ. وَأَمَّا كَوْنُهَا قَضَاءً فَكَذَلِكَ أَيْضًا، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَالَ سم: لِأَنَّ مُطْلَقَ التَّأْخِيرِ صَادِقٌ بِالتَّأْخِيرِ الْمُمْتَنِعِ اهـ. وَكَتَبَ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ مَا نَصُّهُ: قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَكْفِي فِي الْقَصْرِ نِيَّةُ صَلَاةِ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ تَرَخُّصًا، وَمُطْلَقُ الرَّكْعَتَيْنِ صَادِقٌ بِالرَّكْعَتَيْنِ لَا عَلَى وَجْهِ الْقَصْرِ فَلْيُحَرَّرْ وَفَرْقٌ وَاضِحٌ بَيْنَهُمَا اهـ وَقَدْ يُقَالُ: يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ وَصْفَ الظُّهْرِ مَثَلًا بِكَوْنِهِ رَكْعَتَيْنِ لَا يَكُونُ إلَّا قَصْرًا، فَمَاصَدَقَ الْقَصْرِ وَصَلَاةِ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ وَاحِدٌ، وَلَا كَذَلِكَ مُجَرَّدُ تَأْخِيرِ الظُّهْرِ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ بِالتَّأْخِيرِ مَعَ عَدَمِ فِعْلِهَا فِي وَقْتِهَا فَكَانَ صَادِقًا بِالْمُرَادِ وَبِغَيْرِهِ فَامْتَنَعَ، وَلَا كَذَلِكَ صَلَاةُ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ عَلَى نِيَّةِ الصَّوْمِ) أَيْ حَيْثُ صَحَّتْ بَعْدَ الْغُرُوبِ مَعَ تَقَدُّمِهَا عَلَى وَقْتِهَا، وَهُوَ طُلُوعُ الْفَجْرِ. (قَوْلُهُ: لِخُرُوجِهَا) أَيْ نِيَّةِ الصَّوْمِ. (قَوْلُهُ: فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ) أَيْ وَلَوْ فِي وَقْتٍ لَا يَسَعُهَا كُلَّهَا كَأَنْ نَوَى تَأْخِيرَ الظُّهْرِ لِيَفْعَلَهَا فِي آخِرِ وَقْتِ الْعَصْرِ بَعْدَ فِعْلِهَا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ مَا لَا يَسَعُ الظُّهْرَ بِكَمَالِهَا؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ عَصَى بِالتَّأْخِيرِ لِذَلِكَ الْوَقْتِ هُوَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ عَمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْوَقْتِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ نَوَى تَأْخِيرَ غَيْرِ الْمَجْمُوعَةِ إلَى وَقْتٍ لَا يَسَعُهَا. (قَوْلُهُ: مَا يَسَعُهَا أَوْ أَكْثَرَ) أَيْ مَقْصُورَةً إنْ أَرَادَ الْقَصْرَ وَإِلَّا فَتَامَّةً فَدَخَلَتْ حَالَةُ الْإِطْلَاقِ اهـ زِيَادِيٌّ. وَلَا يُشْرَطُ أَنْ يُضَمَّ إلَى ذَلِكَ قَدْرُ إمْكَانِ زَمَنِ الطَّهَارَةِ لِإِمْكَانِ تَقْدِيمِهَا. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَأْتِي بِجَمِيعِ الصَّلَاةِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ مَا يَسَعُ الصَّلَاةَ) أَيْ كَامِلَةً (قَوْلُهُ: وَأَمَّا كَوْنُهَا قَضَاءً فَكَذَلِكَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا فُعِلَتْ) هُوَ وَجْهُ عَدَمِ الْمُنَافَاةِ، وَقَوْلُهُ: وَقَدْ انْتَفَى شَرْطُ التَّبَعِيَّةِ وَهُوَ نِيَّةُ التَّأْخِيرِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَارِّ، وَأَشَارَ بِهَذَا إلَى الرَّدِّ عَلَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا كَوْنُهَا قَضَاءً فَكَذَلِكَ أَيْضًا) فِيهِ تَأَمُّلٌ

وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ كَوْنَهَا قَضَاءً عَلَى مَا إذَا وُجِدَتْ النِّيَّةُ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِهِ مَا لَا يَسَعُ رَكْعَةً، وَعَدَمَ عِصْيَانِهِ عَلَى وُجُودِهَا وَفِي الْوَقْتِ مَا يَسَعُ الصَّلَاةَ: قَالَ: وَبِهِ يُجْمَعُ بَيْنَ مَا وَقَعَ لِلْمُصَنِّفِ مِنْ التَّنَاقُضِ فِي ذَلِكَ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ. وَمَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي إحْيَائِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَسِيَ النِّيَّةَ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ لَمْ يَعْصِ، وَكَانَ جَامِعًا؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ صَحِيحٌ فِي عَدَمِ عِصْيَانِهِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ فِي عَدَمِ بُطْلَانِ الْجَمْعِ لِفَقْدِ النِّيَّةِ (وَلَوْ جَمَعَ) أَيْ أَرَادَ الْجَمْعَ (تَقْدِيمًا) بِأَنْ صَلَّى الْأُولَى فِي وَقْتِهَا نَاوِيًا الْجَمْعَ (فَصَارَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ) أَوْ قَبْلَ فَرَاغِ الْأُولَى كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَعَدَلَ عَنْهُ لِإِيهَامِهِ وَفَهْمِهِ مِمَّا ذَكَرَهُ (مُقِيمًا) بِنَحْوِ نِيَّةِ إقَامَةٍ أَوْ شَكٍّ فِيهَا (بَطَلَ الْجَمْعُ) لِزَوَالِ سَبَبِهِ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَخِّرَ الثَّانِيَةَ إلَى وَقْتِهَا أَمَّا الْأُولَى فَلَا تَتَأَثَّرُ بِذَلِكَ. (وَ) إذَا صَارَ مُقِيمًا (فِي الثَّانِيَةِ) وَمِثْلُهَا إذَا صَارَ مُقِيمًا (بَعْدَهَا لَا يَبْطُلُ) الْجَمْعُ (فِي الْأَصَحِّ) لِلِاكْتِفَاءِ بِاقْتِرَانِ الْعُذْرِ بِأَوَّلِ الثَّانِيَةِ صِيَانَةً لَهَا عَنْ بُطْلَانِهَا بَعْدَ انْعِقَادِهَا، وَإِنَّمَا مَنَعَتْ الْإِقَامَةُ فِي أَثْنَائِهَا جَوَازَ الْقَصْرِ لِمُنَافَاتِهَا لَهُ، بِخِلَافِ جِنْسِ الْجَمْعِ لِجَوَازِهِ بِالْمَطَرِ، وَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فِي أَثْنَائِهَا فَبَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَلِهَذَا كَانَ الْخِلَافُ فِيهِ أَضْعَفَ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ: الْبُطْلَانُ قِيَاسًا عَلَى الْقَصْرِ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِمَا مَرَّ (أَوْ) جَمَعَ (تَأْخِيرًا فَأَقَامَ بَعْدَ فَرَاغِهِمَا لَمْ يُؤَثِّرْ) ذَلِكَ بِالِاتِّفَاقِ كَجَمْعِ التَّقْدِيمِ وَأَوْلَى (وَ) إقَامَتُهُ (قَبْلَهُ) أَيْ فَرَاغُهُمَا وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (يَجْعَلُ الْأُولَى قَضَاءً) لِتَبَعِيَّتِهَا لِلثَّانِيَةِ فِي الْأَدَاءِ وَالْعُذْرِ، فَاعْتُبِرَ وُجُودُ سَبَبِ الْجَمْعِ فِي جَمِيعِ الْمَتْبُوعَةِ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ قَدَّمَ الْمَتْبُوعَةَ وَأَقَامَ أَثْنَاءَ التَّابِعَةِ أَنَّهَا تَكُونُ أَدَاءً لِوُجُودِ الْعُذْرِ فِي جَمِيعِ الْمَتْبُوعَةِ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ، ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ، وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَخَالَفَهُ آخَرُونَ، مِنْهُمْ الطَّاوُسِيُّ، وَأَجْرَى الْكَلَامَ عَلَى إطْلَاقِهِ، فَقَالَ: وَإِنَّمَا اُكْتُفِيَ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ بِدَوَامِ السَّفَرِ إلَى عَقْدِ الثَّانِيَةِ، وَلَمْ يُكْتَفَ بِهِ فِي جَمْعِ التَّأْخِيرِ بَلْ شُرِطَ دَوَامُهُ إلَى تَمَامِهِمَا؛ لِأَنَّ وَقْتَ الظُّهْرِ لَيْسَ وَقْتَ الْعَصْرِ إلَّا فِي السَّفَرِ، وَقَدْ وُجِدَ عِنْدَ عَقْدِ الثَّانِيَةِ فَيَحْصُلُ الْجَمْعُ. وَأَمَّا وَقْتُ الْعَصْرِ فَيَجُوزُ فِيهِ الظُّهْرُ بِعُذْرِ السَّفَرِ وَغَيْرِهِ فَلَا يَنْصَرِفُ فِيهِ الظُّهْرُ إلَى السَّفَرِ إلَّا إذَا وُجِدَ السَّفَرُ فِيهِمَا، وَإِلَّا جَازَ أَنْ تَنْصَرِفَ إلَيْهِ لِوُقُوعِ بَعْضِهَا فِيهِ، وَأَنْ تَنْصَرِفَ إلَى غَيْرِهِ لِوُقُوعِ بَعْضِهَا فِي غَيْرِهِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. ثُمَّ شَرَعَ فِي الْجَمْعِ بِالْمَطَرِ، فَقَالَ (وَيَجُوزُ الْجَمْعُ) وَلَوْ مُقِيمًا لِمَا يَجْمَعُهُ بِالسَّفَرِ وَلَوْ جُمُعَةً مَعَ الْعَصْرِ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ (بِالْمَطَرِ) وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا بِشَرْطِ أَنْ يُبَلَّ الثَّوْبُ، وَنَحْوُ الْمَطَرِ مِثْلُهُ كَثَلْجٍ وَبَرَدٍ ذَائِبَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي وَشِفَّانِ، وَهُوَ رِيحٌ بَارِدَةٌ فِيهَا مَطَرٌ خَفِيفٌ (تَقْدِيمًا) بِشُرُوطِهِ السَّابِقَةِ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا. زَادَ مُسْلِمٌ: مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ» . قَالَ الشَّافِعِيُّ كَمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: أَرَى ذَلِكَ بِعُذْرِ الْمَطَرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ أَنَّ التَّأْخِيرَ عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ) مُرَادُهُ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: صَحِيحٌ فِي عَدَمِ عِصْيَانِهِ) قَدْ يُقَالُ: إنَّ عَدَمَ الْعِصْيَانِ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ بِدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ يُخَاطَبُ بِفِعْلِهَا فِيهِ إمَّا أَوَّلَ الْوَقْتِ أَوْ بَاقِيه حَيْثُ عَزَمَ عَلَى فِعْلِهَا فِي الْوَقْتِ وَتَأْخِيرُهَا عَنْ وَقْتِهَا مُمْتَنِعٌ إلَّا بِنِيَّةِ الْجَمْعِ وَلَمْ تُوجَدْ، وَنِسْيَانُهُ لِلنِّيَّةِ لَا يُجَوِّزُ إخْرَاجَهَا عَنْ وَقْتِهَا. (قَوْلُهُ: بِأَنْ صَلَّى الْأُولَى فِي وَقْتِهَا) وَهَلْ يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الْجَمْعِ بَقَاءُ الْوَقْتِ إلَى فَرَاغِ الثَّانِيَةِ أَوْ إلَى عَقْدِهَا فَقَطْ كَالسَّفَرِ، فِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ سم عَلَى مَنْهَجٍ الِاكْتِفَاءُ بِالتَّحَرُّمِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَقْلُ عِبَارَتِهِ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ) أَيْ بَدَلَ قَوْلِهِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا كَانَ الْخِلَافُ فِيهِ أَضْعَفَ) وَعَلَيْهِ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمَتْنِ أَنْ يَقُولَ: وَفِي الثَّانِيَةِ لَا تَبْطُلُ فِي الْأَصَحِّ وَكَذَا بَعْدَهَا عَلَى الصَّحِيحِ. (قَوْلُهُ: لَوْ قَدَّمَ الْمَتْبُوعَةَ) وَهِيَ الْعَصْرُ، وَقَوْلُهُ أَنَّهَا تَكُونُ: أَيْ التَّابِعَةُ. (قَوْلُهُ: وَأَجْرَى الْكَلَامَ عَلَى إطْلَاقِهِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا) أَيْ الْمَطَرُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ رِيحٌ بَارِدَةٌ فِيهَا مَطَرٌ) قَضِيَّةُ جَعْلِهِ مُلْحَقًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَسِيَ النِّيَّةَ) أَيْ مَعَ الصَّلَاةِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَبِهِ يَتَّضِحُ عَدَمُ الْعِصْيَانِ وَيَنْدَفِعُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ اسْتِشْكَالِهِ

[شروط التقديم في صلاة الجمع عند المطر]

وَاعْتَرَضَ بِرِوَايَتِهِ أَيْضًا مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا شَاذَّةٌ، أَوْ وَلَا مَطَرٍ كَثِيرٍ أَوْ مُسْتَدَامٍ فَلَعَلَّهُ انْقَطَعَ فِي أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ، أَوْ أَرَادَ بِالْجَمْعِ التَّأْخِيرَ بِأَنْ أَخَّرَ الْأُولَى إلَى آخِرِ وَقْتِهَا وَأَوْقَع الثَّانِيَةَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا فَانْدَفَعَ أَخْذُ أَئِمَّةٍ بِظَاهِرِهَا (وَالْجَدِيدُ مَنْعُهُ تَأْخِيرًا) إذْ اسْتِدَامَةُ الْمَطَرِ لَا اخْتِيَارَ لِلْجَامِعِ فِيهَا، فَقَدْ يَنْقَطِعُ فَيُؤَدِّي إلَى إخْرَاجِهَا عَنْ وَقْتِهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ بِخِلَافِ السَّفَرِ، وَالْقَدِيمُ جَوَازُهُ وَنَصَّ عَلَيْهِ أَيْضًا فِي الْإِمْلَاءِ قِيَاسًا عَلَى السَّفَرِ. (وَشَرْطُ التَّقْدِيمِ) بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ (وُجُودُهُ) أَيْ الْمَطَرِ (أَوَّلَهُمَا) أَيْ الصَّلَاتَيْنِ لِيَتَحَقَّقَ الْجَمْعُ مَعَ الْعُذْرِ (وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُهُ عِنْدَ سَلَامِ الْأُولَى) لِيَتَحَقَّقَ اتِّصَالُ آخِرِ الْأُولَى بِأَوَّلِ الثَّانِيَةِ فِي حَالَةِ الْعُذْرِ. وَقَضِيَّتُهُ اشْتِرَاطُ امْتِدَادِهِ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَا يَضُرُّ انْقِطَاعُهُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ. وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ وُجُودُهُ عِنْدَ سَلَامِ الْأُولَى كَمَا فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ تَيَقُّنُهُ لِذَلِكَ أَيْضًا حَتَّى لَا يَكْفِيَ الِاسْتِصْحَابُ، صَرَّحَ الْقَاضِي بِالِاشْتِرَاطِ فَقَالَ: لَوْ قَالَ لِآخَرَ بَعْدَ سَلَامِهِ اُنْظُرْ هَلْ انْقَطَعَ الْمَطَرُ أَوْ لَا بَطَلَ جَمْعُهُ لِلشَّكِّ فِي سَبَبِهِ، وَنَقَلَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ غَيْرِ الْقَاضِي، وَنُقِلَ عَنْ الْقَاضِي أَيْضًا خِلَافُهُ، وَلَعَلَّهُ سَهْوٌ إنْ لَمْ يَتَنَاقَضْ كَلَامُ الْقَاضِي فِيهِ، وَمَالَ الْإِسْنَوِيُّ إلَى الِاكْتِفَاءِ بِالِاسْتِصْحَابِ، وَادَّعَى غَيْرُهُ أَنَّهُ الْقِيَاسُ، وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ رُخْصَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ سَبَبِهَا (وَالثَّلْجُ وَالْبَرَدُ كَمَطَرٍ إنْ ذَابَا) وَبَلَّا الثَّوْبَ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَذُوبَا كَذَلِكَ وَمَشَقَّتُهُمَا نَوْعٌ آخَرُ لَمْ يَرِدْ. نَعَمْ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا قِطَعًا كِبَارًا يُخْشَى مِنْهُ جَازَ الْجَمْعُ بِهِ كَمَا فِي الشَّامِلِ وَغَيْرِهِ فِي الثَّلْجِ، وَفِي مَعْنَاهُ الْبَرْدُ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الذَّخَائِرِ (وَالْأَظْهَرُ تَخْصِيصُ الرُّخْصَةِ بِالْمُصَلَّى جَمَاعَةً بِمَسْجِدٍ) أَوْ غَيْرِهِ (بَعِيدٍ) عَنْ مَحَلِّهِ عُرْفًا بِحَيْثُ (يَتَأَذَّى) تَأَذِّيًا لَا يُحْتَمَلُ فِي الْعَادَةِ (بِالْمَطَرِ فِي طَرِيقِهِ) إلَيْهِ، إذْ الْمَشَقَّةُ إنَّمَا تُوجَدُ حِينَئِذٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ انْتَفَى شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ كَأَنْ كَانَ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ مُنْفَرِدًا أَوْ جَمَاعَةً، أَوْ يَمْشِي إلَى الْمُصَلَّى فِي كِنٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِالْمَطَرِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَطَرِ الَّذِي فِيهَا يَبُلُّ الثَّوْبَ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِ حَجَرٍ وَمِنْهُ: أَيْ الْمَطَرِ الَّذِي شَرْطُهُ أَنْ يَبُلَّ الثَّوْبَ شَفَّانِ إلَخْ خِلَافُهُ. [شُرُوطُ التَّقْدِيمِ فِي صَلَاةِ الْجَمْعِ عِنْدَ الْمَطَرِ] (قَوْلُهُ: بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَشُرُوطُ التَّقْدِيمِ ثَلَاثَةٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ تَحَقُّقُ الِاتِّصَالِ. (قَوْلُهُ: بَطَلَ جَمْعُهُ لِلشَّكِّ) قَضِيَّتُهُ الْبُطْلَانُ وَإِنْ أَخْبَرَهُ بِانْقِطَاعِهِ فَوْرًا بِحَيْثُ زَالَ شَكُّهُ سَرِيعًا، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ تَرَكَ نِيَّةَ الْجَمْعِ ثُمَّ نَوَاهُ فَوْرًا مِنْ عَدَمِ الضَّرَرِ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ هُنَا كَذَلِكَ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا نَصُّهُ بَعْدَ نَقْلِهِ مِثْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ: وَيُحْتَمَلُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا طَالَ زَمَنُ الشَّكِّ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. وَهُوَ يُفِيدُ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا الِاحْتِمَالَ مَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَرَدَّدَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي أَنَّهُ نَوَى الْجَمْعَ فِي الْأُولَى ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ نَوَاهُ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ لَمْ يَضُرَّ. (قَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ تَخْصِيصُ الرُّخْصَةِ بِالْمُصَلِّي جَمَاعَةً) وَهَلْ تُشْتَرَطُ الْجَمَاعَةُ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ كَالْمُعَادَةِ عَلَى اعْتِمَادِ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ أَوْ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَلَهُ الِانْفِرَادُ فِي الثَّانِيَةِ كَالْجُمُعَةِ أَوْ فِي جُزْءٍ مِنْ أَوَّلِهَا وَلَوْ دُونَ رَكْعَةٍ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَيُتَّجَهُ أَنْ لَا تُشْتَرَطَ الْجَمَاعَةُ فِي الْأُولَى وَأَنَّهُ يَكْفِي وُجُودُهَا عِنْدَ الْإِحْرَامِ بِالثَّانِيَةِ وَإِنْ انْفَرَدَ قَبْلَ تَمَامِ الرَّكْعَةِ، وَأَنَّهُ لَوْ تَبَاطَأَ الْمَأْمُومُونَ عَنْ الْإِمَامِ اُعْتُبِرَ فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ إحْرَامُهُمْ فِي زَمَنٍ يَسَعُ الْفَاتِحَةَ قَبْلَ رُكُوعِهِ. وَاخْتَارَ م ر مَرَّةً اشْتِرَاطَ الْجَمَاعَةِ عِنْدَ التَّحَلُّلِ مِنْ الْأُولَى اهـ سم عَلَى حَجَرٍ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ. وَفِيهِ أَيْضًا: وَلَوْ تَبَاطَأَ عَنْهُ الْمَأْمُومُونَ فَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِصَيْرُورَتِهِ مُنْفَرِدًا يَنْبَغِي أَنْ يَتَخَرَّجَ عَلَى التَّبَاطُؤِ عَنْ الْجُمُعَةِ، وَقَدْ تَقَرَّرَ فِيهَا أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُحْرِمُوا وَقَدْ بَقِيَ قَبْلَ الرُّكُوعِ مَا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ الْبَقَاءُ هُنَا فِي الرُّكُوعِ، بِخِلَافِهِ فِي الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهَا وُقُوعُ الرَّكْعَةِ الْأُولَى جَمِيعِهَا فِي جَمَاعَةٍ، بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّهُ يَظْهَرُ الِاكْتِفَاءُ بِالْجَمَاعَةِ عِنْدَ انْعِقَادِ الثَّانِيَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. وَقَوْلُهُ وَقَدْ بَقِيَ قَبْلَ الرُّكُوعِ مَا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ فِيهِ أَنَّهُ يَأْتِي لِلشَّارِحِ فِي الْجُمُعَةِ أَنَّهُ يَكْفِي قِرَاءَتُهُمْ الْفَاتِحَةَ بَعْدَ رُكُوعِ الْإِمَامِ إذَا طَوَّلَهُ وَأَدْرَكُوهُ فِيهِ وَاطْمَأَنُّوا قَبْلَ رَفْعِهِ هَذَا، وَقَدْ يُقَالُ: أَيُّ دَاعٍ لِاعْتِبَارِ إدْرَاكِ زَمَنٍ يَسَعُ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[باب صلاة الجمعة]

أَوْ قُرْبٍ مِنْهُ، أَوْ يُصَلِّي مُنْفَرِدًا بِالْمُصَلَّى لِانْتِفَاءِ تَأَذِّيه فِيمَا عَدَا الْأَخِيرَةَ وَالْجَمَاعَةَ فِيهَا. وَأَمَّا جَمْعُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ أَنَّ بُيُوتَ أَزْوَاجِهِ بِجَنْبِ الْمَسْجِدِ فَغَيْرُ مُنَافٍ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا كُلَّهَا لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ بَلْ أَكْثَرُهَا كَانَ بَعِيدًا فَلَعَلَّهُ لَمَّا جَمَعَ كَانَ فِيهِ عَلَى أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْمَعَ بِهِمْ وَإِنْ كَانَ مُقِيمًا بِالْمَسْجِدِ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرُهُ، وَالْأَوْجَهُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَ إمَامًا رَاتِبًا أَوْ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ إمَامَتِهِ تَعْطِيلُ الْجَمَاعَةِ. قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: وَلِمَنْ خَرَجَ إلَى الْمَسْجِدِ قَبْلَ وُجُودِ الْمَطَرِ فَاتَّفَقَ وُجُودُهُ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ أَنْ يَجْمَعَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجْمَعْ لَاحْتَاجَ إلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ أَيْضًا: أَيْ أَوْ الْعِشَاءِ فِي جَمَاعَةٍ وَفِيهِ مَشَقَّةٌ فِي رُجُوعِهِ إلَى بَيْتِهِ ثُمَّ عَوْدِهِ أَوْ فِي إقَامَتِهِ فِي الْمَسْجِدِ، وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِيهِ وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ يَتَرَخَّصُ مُطْلَقًا، وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَا جَمْعَ بِغَيْرِ السَّفَرِ وَالْمَطَرِ كَمَرَضٍ وَرِيحٍ وَظُلْمَةٍ وَخَوْفٍ وَوَحَلٍ، وَهُوَ الْأَصَحُّ الْمَشْهُورُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ، وَلِخَبَرِ الْمَوَاقِيتِ فَلَا يُخَالَفُ إلَّا بِصَرِيحٍ وَإِنْ اخْتَارَ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ جَوَازَهُ فِي الْمَرَضِ، وَحَكَى فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا جَوَازَهُ بِالْمَذْكُورَاتِ، وَقَالَ: إنَّهُ قَوِيٌّ جِدًّا فِي الْمَرَضِ وَالْوَحَلِ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَإِنَّمَا لَمْ يُلْحِقُوا الْوَحَلَ الْمَطَرَ كَمَا فِي عُذْرِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّ تَارِكَهُمَا يَأْتِي بِبَدَلِهِمَا، وَالْجَامِعُ يَتْرُكُ الْوَقْتَ بِلَا بَدَلٍ وَلِأَنَّ الْعُذْرَ فِيهِمَا لَيْسَ مَخْصُوصًا بِمُعَيَّنٍ، بَلْ كُلُّ مَا يَلْحَقُ بِهِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ وَالْوَحَلُ مِنْهُ، وَعُذْرُ الْجَمْعِ مَضْبُوطٌ بِمَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ وَلَمْ تَجِئْ بِالْوَحَلِ. بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ مِنْ حَيْثُ تَمَيُّزُهَا عَنْ غَيْرِهَا بِاشْتِرَاطِ أُمُورٍ لِصِحَّتِهَا، وَأُخَرَ لِلُزُومِهَا وَكَيْفِيَّةٍ لِأَدَائِهَا وَتَوَابِعَ لِذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي، وَهِيَ بِإِسْكَانِ الْمِيمِ وَتَثْلِيثِهَا، وَالضَّمُّ أَفْصَحُ. سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ لَهَا، أَوْ لِأَنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ جَمَعَ خَلْقَ أَبِينَا ـــــــــــــــــــــــــــــSمَعَ عَدَمِ اشْتِرَاطِ بَقَاءِ الْقُدْوَةِ إلَى الرُّكُوعِ وَالِاكْتِفَاءِ بِجُزْءٍ فِي الْجَمَاعَةِ. (قَوْلُهُ: مُنْفَرِدًا بِالْمُصَلَّى) وَلَوْ مَسْجِدًا. (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْمَعَ بِهِمْ) قَضِيَّةُ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْإِمَامِ أَنَّ غَيْرَهُ مِنْ الْمُجَاوِرِينَ بِالْمَسْجِدِ أَوْ مِنْ بُيُوتِهِمْ بِقُرْبِ الْمَسْجِدِ وَحَضَرُوا مَعَ مَنْ جَاءَهُمْ مِنْ بُعْدٍ أَنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ مَعَ الْإِمَامِ إذَا جَمَعَ تَقْدِيمًا بَلْ يُؤَخِّرُونَهَا إلَى وَقْتِهَا وَإِنْ أَدَّى تَأْخِيرُهُمْ إلَى صَلَاتِهِمْ فُرَادَى بِأَنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مِنْ يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ غَيْرُ مَنْ صَلَّى، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ الْجَمَاعَةِ عَلَيْهِمْ. (قَوْلُهُ: فَاتَّفَقَ وُجُودُهُ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ أَنْ يَجْمَعَ) أَيْ حَيْثُ صَلَّى جَمَاعَةً فُرَادَى كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ وِفَاقًا لطب وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَارِكَهُمَا يَأْتِي بِبَدَلِهِمَا) فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ مَنْ تَرَكَ الْجَمَاعَةَ لِعُذْرٍ لَمْ يَأْتِ لَهَا بِبَدَلٍ، وَإِنَّمَا أَتَى بِالصَّلَاةِ الْوَاجِبَةِ فِي نَفْسِهَا وَلَيْسَ الِانْفِرَادُ بَدَلًا عَنْ الْجَمَاعَةِ. [بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ] [شُرُوطُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ] بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ أَيْ وَهِيَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ (قَوْلهُ مِنْ حَيْثُ تَمَيُّزُهَا) أَيْ لَا مِنْ حَيْثُ أَرْكَانُهَا وَشُرُوطُهَا كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَهِيَ كَغَيْرِهَا مِنْ الْخَمْسِ فِي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالضَّمُّ أَفْصَحُ) أَيْ لِلْمِيمِ، وَهُوَ لُغَةُ الْحِجَازِ، وَفَتْحُهَا لُغَةُ بَنِي تَمِيمٍ، وَإِسْكَانُهَا لُغَةُ عُقَيْلٍ، وَقَرَأَ بِهَا الْأَعْمَشُ وَالْجَمْعُ جُمَعٌ وَجُمُعَاتٌ مِثْلُ غُرَفٍ وَغُرُفَاتٍ فِي وُجُوهِهَا، وَجَمَّعَ النَّاسُ بِالتَّشْدِيدِ شَهِدُوا الْجُمُعَةَ كَمَا يُقَالُ عَيَّدُوا إذَا شَهِدُوا الْعِيدَ. وَأَمَّا الْجُمُعَةُ بِسُكُونِ الْمِيمِ فَاسْمٌ لِأَيَّامِ الْأُسْبُوعِ وَأَوَّلُهَا السَّبْتُ اهـ مِصْبَاحٌ. وَعَلَيْهِ فَالسُّكُونُ مُشْتَرِكٌ بَيْنَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَأَيَّامِ الْأُسْبُوعِ (قَوْلُهُ جَمَعَ خَلْقَ) أَيْ كَمَّلَ خَلْقَ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْجَمْعِ لِعُذْرِ الْمَطَرِ] بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

آدَمَ فِيهَا، أَوْ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ بِحَوَّاءَ فِيهَا فِي الْأَرْضِ، وَكَانَ يُسَمَّى فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَ الْعَرُوبَةِ: أَيْ الْبَيِّنِ الْمُعَظَّمِ. قَالَ الشَّاعِرُ: نَفْسِي الْفِدَاءُ لِأَقْوَامٍ هُمْ خَلَطُوا ... يَوْمَ الْعُرُوبَةِ أَوْرَادًا بِأَوْرَادِ وَهِيَ أَفْضَلُ الصَّلَوَاتِ وَيَوْمُهَا أَفْضَلُ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ وَخَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ، يَعْتِقُ اللَّهُ فِيهِ سِتَّمِائَةِ أَلْفِ عَتِيقٍ مِنْ النَّارِ، مَنْ مَاتَ فِيهِ كُتِبَ لَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ وَوُقِيَ فِتْنَةَ الْقَبْرِ، وَهِيَ بِشُرُوطِهَا فَرْضُ عَيْنٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] هُوَ الصَّلَاةُ، وَقِيلَ الْخُطْبَةِ، فَأَمَرَ بِالسَّعْيِ وَظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ، وَإِذَا وَجَبَ السَّعْيُ وَجَبَ مَا يُسْعَى إلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ نَهَى عَنْ الْبَيْعِ وَهُوَ مُبَاحٌ وَلَا يُنْهَى عَنْ فِعْلٍ مُبَاحٍ إلَّا لِفِعْلٍ وَاجِبٍ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَوَاحُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ» وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ جُمَعٍ تَهَاوُنًا طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ» وَفُرِضَتْ بِمَكَّةَ وَلَمْ تَقُمْ بِهَا لِفَقْدِ الْعَدَدِ أَوْ لِأَنَّ شِعَارَهَا الْإِظْهَارُ، وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَوْ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ بِحَوَّاءَ) أَيْ بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا (قَوْلُهُ: وَكَانَ يُسَمَّى فِي الْجَاهِلِيَّةِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ بَعْدَ مَا ذُكِرَ: وَكَانُوا يُسَمُّونَ الْأَحَدَ أَوَّلَ وَالِاثْنَيْنِ أَهْوَنَ وَالثُّلَاثَاءَ جُبَارًا وَالْأَرْبِعَاءَ دُبَارًا وَالْخَمِيسَ مُؤْنِسًا وَالسَّبْتَ شِيَارًا. قَالَ الشَّاعِرُ: أُؤَمِّلُ أَنْ أَعِيشَ وَإِنَّ يَوْمِي ... بِأَوَّلَ أَوْ بِأَهْوَنَ أَوْ جُبَارٍ أَوْ التَّالِي دُبَارُ فَإِنْ أَفُتْهُ ... فَمُؤْنِسُ أَوْ عَرُوبَةُ أَوْ شِيَارُ وَقَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْأَهْوَنُ لِرَجُلٍ وَاسْمُ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَفِيهِ أَيْضًا أَهْوَنُ كَأَحْمَدَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ وَفِيهِ أَوْهَدُ كَذَلِكَ، وَجُبَارٌ كَغُرَابٍ يَوْمُ الثُّلَاثَاءِ وَيُكْسَرُ، وَفِيهِ أَيْضًا دُبَارٌ كَغُرَابٍ وَكِتَابٍ يَوْمُ الْأَرْبِعَاءِ وَفِي كِتَابِ الْعَيْنِ لَيْلَتُهُ، وَفِيهِ أَيْضًا شِيَارٌ كَكِتَابٍ يَوْمُ السَّبْتِ جَمْعُهُ بِالْكَسْرِ، وَفِيهِ وَعَرُوبَةُ وَبِاللَّامِ يَوْمُ الْجُمُعَةِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: أَوْرَادًا بِأَوْرَادٍ) أَيْ اشْتَغَلُوا بِهَا وِرْدًا بَعْدَ وِرْدٍ (قَوْلُهُ: مَنْ مَاتَ فِيهِ) أَوْ فِي لَيْلَتِهِ (قَوْلُهُ وَفِي فِتْنَةِ الْقَبْرِ) أَيْ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى السُّؤَالِ وَأَمَّا هُوَ فَلَا بُدَّ مِنْهُ لِكُلِّ أَحَدٍ مَا عَدَا الْأَنْبِيَاءَ فَلَا يُسْأَلُونَ قَطْعًا، وَكَذَا الصِّبْيَانُ عَلَى الْأَصَحِّ بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ قَالُوا: الصَّبِيُّ لَا يُسَنُّ تَلْقِينُهُ وَلَوْ مُمَيِّزًا، وَمَا وَقَعَ فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ مِنْ أَنَّ الْمَيِّتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَا يُسْئَلُ فَالْمُرَادُ مِنْهُ لَا يُفْتَنُ بِأَنْ يُلْهَمَ الصَّوَابَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ ذِكْرُ اللَّهِ (قَوْلُهُ: مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ جُمْعٍ تَهَاوُنًا) أَيْ بِأَنْ لَا يَكُونَ لِعُذْرٍ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ اعْتِرَافُهُ بِوُجُوبِهَا وَأَنَّ تَرْكَهَا مَعْصِيَةٌ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمُتَوَالِيَةِ وَغَيْرِهَا، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الْمُتَوَالِيَةُ (قَوْلُهُ: طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ) أَيْ أَلْقَى عَلَى قَلْبِهِ شَيْئًا كَالْخَاتَمِ يَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ الْمَوَاعِظِ وَالْحَقِّ (قَوْلُهُ: وَفُرِضَتْ بِمَكَّةَ) وَنُقِلَ عَنْ الْحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ أَنَّهَا فُرِضَتْ بِالْمَدِينَةِ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهَا فُرِضَتْ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى أَصْحَابِهِ بِالْمَدِينَةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ اسْتَقَرَّ وُجُوبُهَا عَلَيْهِمْ لِزَوَالِ الْعُذْرِ الَّذِي كَانَ قَائِمًا بِهِمْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ طَلَبَ فِعْلَهَا بِمَكَّةَ، لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَتَّفِقْ لَهُمْ فِعْلُهَا لِلْعُذْرِ لَمْ يُوجَدْ شَرْطُ الْوُجُوبِ وَوُجِدَ بِالْمَدِينَةِ فَكَأَنَّهُمْ لَمْ يُخَاطَبُوا بِهَا إلَّا فِيهَا. وَعِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ: وَأَوَّلُ جُمُعَةٍ صُلِّيَتْ بِالْمَدِينَةِ جُمُعَةٌ أَقَامَهَا أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ فِي بَنِي بَيَاضَةَ بِنَقِيعِ الْخَضِمَاتِ، «وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْفَذَ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ أَمِيرًا عَلَى الْمَدِينَةِ وَأَمَرَهُ أَنْ يُقِيمَ الْجُمُعَةَ فَنَزَلَ عَلَى أَسْعَدَ، وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَهُ مِنْ النُّقَبَاءِ الِاثْنَيْ عَشَرَ فَأَخْبَرَهُ بِأَمْرِ الْجُمُعَةِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَتَوَلَّى الصَّلَاةَ بِنَفْسِهِ» . وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «إنَّ أَوَّلَ جُمُعَةٍ جُمِّعَتْ بَعْدَ جُمُعَةٍ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جُمُعَةٌ بِجُوَاثَى» قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى الْبَحْرَيْنِ انْتَهَى. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ} [الجمعة: 9] هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى مُطْلَقِ الْوُجُوبِ لَا عَلَى أَنَّهُ عَيْنِيٌّ

بِهَا مُسْتَخْفِيًا. وَأَوَّلُ مَنْ أَقَامَهَا بِالْمَدِينَةِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ، بِقَرْيَةٍ عَلَى مِيلٍ مِنْ الْمَدِينَةِ. وَالْجَدِيدُ أَنَّ الْجُمُعَةَ لَيْسَتْ ظُهْرًا مَقْصُورًا وَإِنْ كَانَ وَقْتُهَا وَقْتُهُ تُتَدَارَكُ بِهِ بَلْ صَلَاةً مُسْتَقِلَّةً لِأَنَّهُ لَا يُغْنِي عَنْهَا، وَلِقَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «الْجُمُعَةُ رَكْعَتَانِ تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» ، وَقَدْ خَابَ مَنْ افْتَرَى. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إنَّهُ حَسَنٌ، وَالْقَدِيمُ أَنَّهَا ظُهْرٌ مَقْصُورَةٌ وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا رَكْعَتَانِ. وَهِيَ كَغَيْرِهَا مِنْ الْخَمْسِ فِي الْأَرْكَانِ وَالشُّرُوطِ وَالْآدَابِ (إنَّمَا) (تَتَعَيَّنُ) أَيْ تَجِبُ عَيْنًا (عَلَى كُلِّ) مُسْلِمٍ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ (مُكَلَّفٍ) أَيْ بَالِغٍ عَاقِلٍ وَأُلْحِقَ بِهِ مُتَعَدٍّ بِمُزِيلِ عَقْلِهِ فَيَلْزَمُهُ قَضَاؤُهَا ظُهْرًا (حُرٍّ ذَكَرٍ مُقِيمٍ) بِمَحَلِّهَا أَوْ بِمَحَلٍّ يُسْمَعُ فِيهِ نِدَاؤُهَا (بِلَا مَرَضٍ وَنَحْوِهِ) كَجُوعِ وَعَطَشٍ وَعُرْيٍ وَخَوْفٍ، وَشَمَلَ ذَلِكَ أَجِيرَ الْعَيْنِ حَيْثُ أَمِنَ فَسَادَ الْعَمَلِ فِي غَيْبَتِهِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ لِخَبَرِ «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَعَلَيْهِ الْجُمُعَةُ، إلَّا امْرَأَةٌ أَوْ مُسَافِرٌ أَوْ عَبْدٌ أَوْ مَرِيضٌ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيْرُهُ، كَذَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ هُنَا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَفِي الْقَسْطَلَّانِيِّ عَلَى الْبُخَارِيِّ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ فِي الْقُرَى وَالْمُدُنِ مَا نَصُّهُ: جُمِّعَتْ بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ الْمَكْسُورَةِ فِي الْإِسْلَامِ بَعْدَ جُمُعَةٍ جُمِّعَتْ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَيْ فِي الْمَدِينَةِ فِي مَسْجِدِ عَبْدِ الْقَيْسِ بِجُوَاثَى بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَخْفِيفِ الْوَاوِ وَقَدْ تُهْمَزُ ثُمَّ مُثَلَّثَةٌ خَفِيفَةٌ مَفْتُوحَةٌ مَقْصُورَةٌ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَأَوَّلُ مَنْ أَقَامَهَا بِالْمَدِينَةِ) أَيْ بِجِهَةِ الْمَدِينَةِ انْتَهَى سم عَلَى حَجَرٍ: أَيْ أَوْ أَطْلَقَ الْمَدِينَةَ عَلَى مَا يَشْمَلُ مَا قَرُبَ مِنْهَا (قَوْلُهُ: بِقَرْيَةٍ عَلَى مِيلٍ) وَاسْمُهَا نَقِيعُ الْخَضِمَاتِ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: تُتَدَارَكُ) أَيْ الْجُمُعَةُ (قَوْلُهُ: رَكْعَتَانِ تَمَامٌ) أَيْ صَلَاةٌ كَامِلَةٌ (قَوْلُهُ وَمَعْلُومٌ) أَيْ مِنْ الدِّينُ بِالضَّرُورَةِ. (قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بِهِ مُتَعَدٍّ) يُفِيدُ تَعَيُّنَهَا عَلَيْهِ وَأَنَّ الْقَضَاءَ فَرْعُ ذَلِكَ، وَفِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالَ: وَلَا عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَسَكْرَانَ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَإِنْ لَزِمَ الثَّلَاثَةَ الْأَخِيرَةَ عِنْدَ التَّعَدِّي قَضَاؤُهَا ظُهْرًا كَغَيْرِهَا انْتَهَى. إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَرَادَ الشَّارِحُ الْإِلْحَاقَ فِي انْعِقَادِ السَّبَبِ لَا فِي التَّكْلِيفِ (قَوْلُهُ: كَجُوعٍ وَعَطَشٍ) أَيْ شَدِيدَيْنِ بِحَيْثُ يَحْصُلُ بِهِمَا مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ. (قَوْلُهُ: وَشَمَلَ ذَلِكَ أَجِيرَ الْعَيْنِ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْإِجَارَةَ مَتَى أُطْلِقَتْ انْصَرَفَتْ لِلصَّحِيحَةِ، وَأَمَّا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ إحْضَارِ الْخُبْزِ لِمَنْ يَخْبِزُهُ وَيُعْطِي مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الْأُجْرَةِ فَلَيْسَ اشْتِغَالُهُ بِالْخُبْزِ عُذْرًا بَلْ يَجِبُ حُضُورُ الْجُمُعَةِ وَإِنْ أَدَّى إلَى تَلَفِهِ مَا لَمْ يُكْرِهُهُ صَاحِبُ الْخُبْزِ عَلَى عَدَمِ الْحُضُورِ فَلَا يَعْصِي، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّى وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَكَانَ لَوْ تَرَكَهُ وَذَهَبَ إلَى الْجُمُعَةِ تَلِفَ كَانَ ذَلِكَ عُذْرًا، وَإِنْ أَثِمَ بِأَصْلِ اشْتِغَالِهِ بِهِ عَلَى وَجْهٍ يُؤَدِّي إلَى تَلَفِهِ لَوْ ذَهَبَ إلَى الْجُمُعَةِ، وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ بَقِيَّةُ الْعَمَلَةِ كَالنَّجَّارِ وَالْبَنَّاءِ وَنَحْوِهِمَا، وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ كَابْنِ حَجَرٍ أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَفْسُدْ عَمَلُهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحُضُورُ وَإِنْ زَادَ مِنْهُ عَلَى زَمَنِ صَلَاتِهِ بِمَحَلِّ عَمَلِهِ وَلَوْ طَالَ. وَعِبَارَةُ الْإِيعَابِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَيْسَتْ عُذْرًا فِي الْجُمُعَةِ، فَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخَانِ فِي بَابِهَا أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ زَمَنِهَا زَمَنُ الصَّلَاةِ وَالطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ الرَّاتِبَةِ وَالْمَكْتُوبَةِ وَلَوْ جُمُعَةً، وَبَحْثُ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ تَمْكِينُهُ مِنْ الذَّهَابِ إلَى الْمَسْجِدِ لِلْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ، قَالَ: وَلَا شَكَّ فِيهِ عِنْدَ بُعْدِهِ أَوْ كَوْنِ إمَامِهِ يُطِيلُ الصَّلَاةَ انْتَهَى بِحُرُوفِهِ. وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ بِأَنَّ الْجَمَاعَةَ صِفَةٌ تَابِعَةٌ وَتَتَكَرَّرُ فَاشْتُرِطَ لِاغْتِفَارِهَا أَنْ لَا يَطُولَ زَمَنُهَا رِعَايَةً لِحَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ، وَاكْتُفِيَ بِتَفْرِيغِ الذِّمَّةِ بِالصَّلَاةِ فُرَادَى، بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ فَلَمْ تَسْقُطْ وَإِنْ طَالَ زَمَنُهَا، لِأَنَّ سُقُوطَهَا يُفَوِّتُ الصَّلَاةَ بِلَا بَدَلٍ. (قَوْلُهُ: رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ) لَعَلَّ اقْتِصَارَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: تُتَدَارَكُ بِهِ) كَانَ الْمُنَاسِبُ عَطْفَهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ بِالْوَاوِ وَمَعْنَى تَدَارُكِهَا بِهِ فِعْلُهَا ظُهْرًا إذَا فَاتَتْ (قَوْلُهُ: كَذَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ) إنْ كَانَ مَرْجِعُ الْإِشَارَةِ خُصُوصَ كَوْنِهِ مَرْفُوعًا، وَهُوَ الَّذِي يُنَاسِبُ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ بَعْدُ

وَهُوَ صَحِيحٌ، فَقَدْ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عُصْفُورٍ: فَإِنْ كَانَ الْكَلَامُ الَّذِي قَبْلَ إلَّا مُوجَبًا جَازَ فِي الِاسْمِ الْوَاقِعِ بَعْدَ إلَّا وَجْهَانِ أَفْصَحُهُمَا النَّصْبُ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ، الْآخَرُ أَنْ تَجْعَلَهُ مَعَ إلَّا تَابِعًا لِلِاسْمِ الَّذِي قَبْلَهُ فَتَقُولُ: قَامَ الْقَوْمُ إلَّا زَيْدًا بِنَصَبِهِ وَرَفْعِهِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ فَشَرِبُوا مِنْهُ إلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ بِالرَّفْعِ وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ «فَلَمَّا تَفَرَّقُوا أَحْرَمُوا كُلُّهُمْ إلَّا أَبُو قَتَادَةَ» وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ ابْنُ جِنِّي فِي شَرْحِ اللُّمَع: وَيَجُوزُ أَنْ تَجْعَلَ إلَّا صِفَةً وَيَكُونُ الِاسْمُ الَّذِي بَعْدَ إلَّا مُعْرَبًا بِإِعْرَابِ مَا قَبْلَهَا، تَقُولُ: قَامَ الْقَوْمُ إلَّا زَيْدٌ وَرَأَيْت الْقَوْمَ إلَّا زَيْدًا وَمَرَرْت بِالْقَوْمِ إلَّا زَيْدٍ فَيُعْرَبُ مَا بَعْدَ إلَّا إعْرَابَ مَا قَبْلَهَا لِأَنَّ الصِّفَةَ تَتْبَعُ الْمَوْصُوفَ، وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الْإِعْرَابُ عَلَى إلَّا لَكِنَّ إلَّا حَرْفٌ لَا يُمْكِنُ إعْرَابُهُ فَنُقِلَ إعْرَابُهُ إلَى مَا بَعْدَهُ. أَلَا تَرَى أَنَّ غَيْرَ لَمَّا كَانَتْ اسْمًا ظَهَرَ الْإِعْرَابُ فِيهَا إذَا كَانَتْ صِفَةً تَقُولُ: قَامَ الْقَوْمُ غَيْرُ زَيْدٍ، وَرَأَيْت الْقَوْمَ غَيْرَ زَيْدٍ، وَمَرَرْت بِالْقَوْمِ غَيْرِ زَيْدٍ انْتَهَى. عَلَى أَنَّهُ نُقِلَ عَنْ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَكْتُبُونَ الْمَنْصُوبَ بِهَيْئَةِ الْمَرْفُوعِ، لِأَنَّ مَا بَعْدَ إلَّا مَنْصُوبٌ بِهَا أَوْ أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ، فَلَا جُمُعَةَ عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ، وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ كَالْمَجْنُونِ، وَلَا عَلَى مَنْ فِيهِ رِقٌّ وَإِنْ قَلَّ كَمَا يَأْتِي، وَامْرَأَةٍ وَمُسَافِرٍ سَفَرًا مُبَاحًا وَلَوْ قَصِيرًا لِاشْتِغَالِهِ، وَلَا عَلَى مَرِيضٍ، وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ لِاحْتِمَالِ أُنُوثَتِهِ، وَيَجِبُ أَمْرُ الصَّبِيِّ بِهَا كَغَيْرِهَا مِنْ بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ كَمَا مَرَّ. وَيُسْتَحَبُّ لِمَالِكِ الْقِنِّ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي حُضُورِهَا، وَلِعَجُوزٍ فِي ثِيَابٍ بَذَلَتْهَا مَعَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ أَيْضًا حُضُورُهَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَوَّلَ الْجَمَاعَةِ. وَيُسْتَحَبُّ أَيْضًا لِمَرِيضٍ أَطَاقَهُ. وَضَابِطُهُ أَنْ يَلْحَقَهُ بِحُضُورِهَا مَشَقَّةٌ كَمَشَقَّةِ مَشْيِهِ فِي الْمَطَرِ وَنَحْوِهِ وَإِنْ نَازَعَ الْأَذْرَعِيُّ فِيهِ. وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَنَحْوِهِ أَرَادَ بِهِ الْأَعْذَارَ الْمُرَخِّصَةَ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ، وَلَا يَضُرُّهُ ذِكْرُهَا عَقِبَهَا لِأَنَّ هَذَا تَصْرِيحٌ بِبَعْضِ مَا خَرَجَ بِالضَّابِطِ كَقَوْلِهِ وَالْمُكَاتَبِ إلَى آخِرِهِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ ذَكَرَ الضَّابِطَ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى الْأَرْبَعَةِ لِكَوْنِهِمْ كَانُوا مَوْجُودِينَ إذْ ذَاكَ وَيُقَاسُ عَلَيْهِمْ غَيْرُهُمْ مِمَّنْ يَأْتِي. (قَوْلُهُ: وَهُوَ صَحِيحٌ) أَيْ الدَّفْعُ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ) أَيْ شَاذًّا (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ) هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ عَلَى رِوَايَةِ: أَرْبَعَةً امْرَأَةٌ إلَخْ وَأَمَّا بِدُونِهَا فَلَا يَظْهَرُ إلَّا بِتَقْدِيرِ الْمُسْتَثْنَى مَحْذُوفًا كَأَنْ يُقَالَ: لَا يَتْرُكُهَا أَحَدٌ إلَّا أَرْبَعَةٌ. (قَوْلُهُ: فَلَا جُمُعَةَ) أَيْ وَاجِبَةً. (قَوْلُهُ: وَلِعَجُوزِ فِي ثِيَابٍ بَذَلَتْهَا) أَيْ وَيُسْتَحَبُّ لِعَجُوزٍ إلَخْ حَيْثُ أَذِنَ زَوْجُهَا أَوْ كَانَتْ خَلِيَّةً، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ الْحُضُورُ لِلشَّابَّةِ وَلَوْ فِي ثِيَابٍ بَذَلَتْهَا. (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَيْضًا لِمَرِيضٍ أَطَاقَهُ) أَيْ الْحُضُورَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا) أَيْ الْمَرِيضَ وَنَحْوَهُ. (قَوْلُهُ وَالْمُكَاتَبِ) اللَّامُ مِنْ الْحِكَايَةِ لَا مِنْ الْمَحْكِيِّ إذْ الْآتِي فِي كَلَامِهِ وَمُكَاتَبٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ صَحِيحٌ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: كَذَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ مَضْبُوطًا بِالرَّفْعِ، فَيُقَالُ مَا وَجْهُ إسْنَادِ نَقْلِ هَذَا لِلشَّارِحِ مَعَ أَنَّهُ الرِّوَايَةُ، وَمَا وَجْهُ التَّعْبِيرِ فِي هَذَا بِلَفْظِ النَّقْلِ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ لَفْظَ الضَّبْطِ أَوْ نَحْوَهُ، وَإِنْ كَانَ مَرْجِعُ الْإِشَارَةِ جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَهَا فَكَأَنَّهُ قَالَ: كَذَا نَقَلَهُ عَنْ الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيْرِهِ الشَّارِحُ فَفِيهِ أَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ الْآتِي بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ) مَقُولُ قَوْلِ ابْنِ مَالِكٍ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ أَنْ تُجْعَلَ إلَّا صِفَةً) فِيهِ أَنَّ الضَّمِيرَ لَا يُوصَفُ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَتْ صِفَةً) فِيهِ أَنَّ غَيْرَ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ لَيْسَتْ صِفَةً، إذْ لَا تُوصَفُ الْمَعْرِفَةُ بِالنَّكِرَةِ، وَهِيَ لِتَوَغُّلِهَا فِي الْإِبْهَامِ لَا تَتَعَرَّفُ بِالْإِضَافَةِ لِلْمَعْرِفَةِ إلَّا إذَا وَقَعَتْ بَيْنَ ضِدَّيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّحْوِيُّونَ، بَلْ هِيَ فِي حَالَةِ النَّصْبِ تُعْرَبُ حَالًا وَفِي غَيْرِهَا تُعْرَبُ بَدَلًا (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ) لَعَلَّهُ يَجْعَلُ إلَّا بِمَعْنَى لَكِنَّ، وَالتَّقْدِيرُ: لَكِنَّ الْمُسْتَثْنَى امْرَأَةٌ إلَخْ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَضَابِطُهُ) يَعْنِي الْمَرِيضَ الَّذِي لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا) يَعْنِي مَا ذَكَرَهُ عَقِبَهُ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: بِبَعْضِ مَا خَرَجَ بِالضَّابِطِ)

مُسْتَوْفًى ذَاكِرًا فِيهِ الْمَرَضَ لِأَنَّهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي الْخَبَرِ، وَمَا قِيسَ بِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَعْذَارِ مُشِيرًا إلَى الْقِيَاسِ بِقَوْلِهِ وَنَحْوِهِ ثَمَّ بَيَّنَ بَعْضَ مَا خَرَجَ بِهِ اهْتِمَامًا، وَمِنْهُ مَا خَرَجَ بِذَلِكَ النَّحْوِ الْمُبْهَمِ مِمَّا شَمَلَ الْمَقِيسَ كَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُهُ (وَلَا جُمُعَةَ عَلَى مَعْذُورٍ بِمُرَخِّصٍ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ) مِمَّا يَتَأَتَّى مَجِيئُهُ هُنَا لَا كَالرِّيحِ بِاللَّيْلِ، وَمَا اسْتَشْكَلَهُ جَمْعٌ بِأَنَّ مِنْ ذَلِكَ الْجُوعَ، وَيَبْعُدُ جَوَازُ تَرْكِ الْجُمُعَةِ بِهِ، وَبِأَنَّهُ كَيْفَ يَلْحَقُ فَرْضُ الْعَيْنِ بِمَا هُوَ سُنَّةٌ أَوْ فَرْضُ كِفَايَةٍ. قَالَ السُّبْكِيُّ: لَكِنَّ مُسْتَنَدَهُمْ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: الْجُمُعَةُ كَالْجَمَاعَةِ رُدَّ بِمَا تَقَدَّمَ آنِفًا وَهُوَ مَنْعُ قِيَاسِ الْجُمُعَةِ عَلَى الْجَمَاعَةِ، بَلْ صَحَّ بِالنَّصِّ أَنَّ الْمَرَضَ مِنْ أَعْذَارِهَا، فَأَلْحَقُوا بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا هُوَ كَمَشَقَّتِهِ أَوْ أَشَدَّ وَهُوَ سَائِرُ أَعْذَارِ الْجَمَاعَةِ فَمَا قَالُوهُ ظَاهِرٌ، وَبِأَنَّ كَلَامَ ابْنِ عَبَّاسٍ مُقَرِّرٌ لِمَا سَلَكُوهُ لَا أَنَّهُ الدَّلِيلُ لِمَا ذَكَرُوهُ، وَمِنْ أَعْذَارِهَا هُنَا مَا لَوْ تَعَيَّنَ الْمَاءُ لِطُهْرِ مَحَلِّ نَجْوِهِ وَلَمْ يَجِدْ مَاءً إلَّا بِحَضْرَةِ مَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نَظَرُهُ لِعَوْرَتِهِ وَلَا يَغُضُّ بَصَرَهُ عَنْهَا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ كَشْفُهَا، لِأَنَّ فِي تَكْلِيفِهِ الْكَشْفَ حِينَئِذٍ مِنْ الْمَشَقَّةِ مَا يَزِيدُ عَلَى مَشَقَّةِ كَثِيرٍ مِنْ أَعْذَارِهَا. نَعَمْ هُوَ جَائِزٌ لَوْ أَرَادَ تَحْصِيلَهَا، فَإِنْ خَافَ فَوْتَ وَقْتِ الظُّهْرِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْفَرَائِضِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْكَشْفُ وَعَلَى الْحَاضِرِينَ غَضُّ الْبَصَرِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَمَا قِيسَ بِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَعْذَارِ إلَخْ) قَالَ حَجّ: وَهَلْ مِنْ الْعُذْرِ هُنَا حَلِفُ غَيْرِهِ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُصَلِّيَهَا لِخَشْيَتِهِ عَلَيْهِ مَحْذُورًا لَوْ خَرَجَ إلَيْهَا، لَكِنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ لَمْ يَخْشَهُ. وَذَلِكَ لِأَنَّ فِي تَحْنِيثِهِ حِينَئِذٍ مَشَقَّةً عَلَيْهِ: أَيْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِإِلْحَاقِهِ الضَّرَرَ لِمَنْ لَمْ يَتَعَدَّ بِحَلِفِهِ، فَإِبْرَارُهُ كَتَأْنِيسِ مَرِيضٍ بَلْ أَوْلَى، وَأَيْضًا فَالضَّابِطُ السَّابِقُ شَمَلَ هَذَا، إذْ مَشَقَّةُ تَحْنِيثِهِ أَشَدُّ مِنْ مَشَقَّةِ نَحْوِ الْمَشْيِ فِي الْوَحْلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، أَوْ لَيْسَ ذَلِكَ عُذْرًا لِأَنَّ مُبَادَرَتَهُ بِالْحَلِفِ هُنَا قَدْ يُنْسَبُ فِيهَا إلَى تَهَوُّرٍ: أَيْ وُقُوعٍ فِي الْأَمْرِ بِقِلَّةِ مُبَالَاةٍ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: تَهَوَّرَ الرَّجُلُ: وَقَعَ فِي الْأَمْرِ بِقِلَّةِ مُبَالَاةٍ فَلَا يُرَاعِي كُلَّ مُحْتَمَلٍ، وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ إلَى عُذْرٍ فِي ظَنِّهِ الْبَاعِثِ لَهُ عَلَى الْحَلِفِ لِشَهَادَةِ قَرِينَةٍ بِهِ انْتَهَى. وَعَلَيْهِ فَلَوْ صَلَّاهَا حَنِثَ الْحَالِفُ بِهِ، لَكِنْ سَيَأْتِي عَنْ الزِّيَادِيِّ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ) وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْمُشْتَغِلِينَ بِالسَّبَبِ مِنْ خُرُوجِهِمْ لِلْبَيْعِ وَنَحْوِهِ بَعْدَ الْفَجْرِ حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى عَدَمِ خُرُوجِهِمْ ضَرَرٌ كَفَسَادِ مَتَاعِهِمْ، فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَقَعُ فِي قُرَى مِصْرِنَا كَثِيرًا (قَوْلُهُ: لَا كَالرِّيحِ) قَالَ بَعْضُهُمْ: يُمْكِنُ تَصْوِيرُ مَجِيئِهِ هُنَا أَيْضًا وَذَلِكَ فِي بَعِيدِ الدَّارِ إنْ لَمْ تُمْكِنُهُ الْجُمُعَةُ إلَّا بِالسَّعْيِ مِنْ الْفَجْرِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الْوُجُوبُ عَنْهُ، لِأَنَّ وَقْتَ الصُّبْحِ مُلْحَقٌ بِاللَّيْلِ، وَهُوَ تَصْوِيرٌ حَسَنٌ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ أَعْذَارِ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ رُدَّ بِمَا تَقَدَّمَ آنِفًا) أَيْ مِنْ الِاسْتِدْلَالِ بِقَوْلِهِ لِخَبَرِ: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ إلَخْ وَهُوَ مَانِعٌ مِنْ كَوْنِ الدَّلِيلِ قِيَاسَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَعْذَارِهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: فَمَا قَالُوهُ ظَاهِرٌ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَا جُمُعَةَ عَلَى مَعْذُورٍ بِمُرَخِّصٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَجِدْ مَاءً إلَّا بِحَضْرَةٍ إلَخْ) أَيْ أَمَّا مَنْ وَجَدَهُ بِحَضْرَةِ مَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَقَدَرَ عَلَى غَيْرِهِ كَأَنْ أَمْكَنَهُ الِاسْتِنْجَاءُ بِبَيْتِهِ مَثَلًا أَوْ تَحْصِيلُهُ بِنَحْوِ إبْرِيقٍ يَغْتَرِفُ بِهِ وَلَوْ بِالشِّرَاءِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا فِي حَقِّهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَغُضُّ بَصَرَهُ) أَيْ بِأَنْ ظَنَّ مِنْهُ ذَلِكَ وَلَوْ ظَنًّا غَيْرَ قَوِيٍّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ هُوَ جَائِزٌ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ مَا لَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ قَوْلُهُ: كُلُّ مُكَلَّفٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَا قِيسَ بِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ الْمَرَضُ أَيْ ذَاكِرًا الْمَرَضَ وَمَا قِيسَ بِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَيَّنَ بَعْضَ مَا خَرَجَ بِهِ) أَيْ بِالضَّابِطِ (قَوْلُهُ: رُدَّ بِمَا تَقَدَّمَ آنِفًا) أَيْ فِي قَوْلِهِ ذَاكِرًا فِيهِ الْمَرَضَ؛ لِأَنَّهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي الْخَبَرِ، خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ. وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَيُجَابُ بِمَا أَشَرْت إلَيْهِ آنِفًا إلَخْ (قَوْلُهُ: بَلْ صَحَّ بِالنَّصِّ إلَخْ) بَيَانٌ لِلْمُرَادِ مِنْ قَوْلِهِ وَهُوَ مَنْعُ قِيَاسِ الْجُمُعَةِ عَلَى الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ سَائِرُ أَعْذَارِ الْجَمَاعَةِ) أَيْ وَمِنْهَا الْجُوعُ أَيْ الَّذِي مَشَقَّتُهُ كَمَشَقَّةِ الْمَرَضِ كَمَا عُلِمَ مِنْ الْقِيَاسِ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ الِاسْتِشْكَالُ الْأَوَّلُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَتَصَدَّ لَهُ الشَّارِحُ لِعِلْمِ جَوَابِهِ مِنْ كَلَامِهِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ.

إذْ الْجُمُعَةُ لَهَا بَدَلٌ، بِخِلَافِ الْوَقْتِ، أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ اشْتِغَالَهُ بِتَجْهِيزِ مَيِّتِ عُذْرٌ أَيْضًا، وَكَذَا إسْهَالٌ لَا يَضْبِطُ مَعَهُ نَفْسَهُ وَيُخْشَى مِنْهُ تَلْوِيثُ الْمَسْجِدِ كَمَا فِي التَّتِمَّةِ، وَالْجِنْسُ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ عُذْرٌ إنْ مَنَعَهُ الْحَاكِمُ وَلَهُ ذَلِكَ لِمَصْلَحَةٍ رَآهَا وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ أَفْتَى الْبَغَوِيّ بِوُجُوبِ إطْلَاقِهِ لِفِعْلِهَا، وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْجَمَاعَةِ أَنَّهُ عُذْرٌ إنْ لَمْ يُقَصِّرْ فِيهِ فَيَكُونُ هُنَا كَذَلِكَ. وَلَوْ اجْتَمَعَ فِي الْحَبْسِ أَرْبَعُونَ فَأَكْثَرَ كَغَالِبِ الْأَوْقَاتِ فِي حُبُوسِ الْقَاهِرَةِ وَمِصْرَ فَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَإِنْ نُوزِعُ فِيهِ لُزُومُ الْجُمُعَةِ لَهُمْ لِأَنَّ إقَامَتَهَا فِي الْمَسْجِدِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ، وَالتَّعَدُّدُ يَجُوزُ عِنْدَ عُسْرِ الِاجْتِمَاعِ، فَعِنْدَ تَعَذُّرِهِ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْلَى، وَحِينَئِذٍ فَيَتَّجِهُ وُجُوبُ النَّصْبِ عَلَى الْإِمَامِ وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَنْ يَصْلُحُ فَهَلْ يَجُوزُ لِوَاحِدٍ مِنْ الْبَلَدِ الَّتِي لَا يَعْسُرُ فِيهَا الِاجْتِمَاعُ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ لَهُمْ لِأَنَّهَا جُمُعَةٌ صَحِيحَةٌ لَهُمْ وَمَشْرُوعَةٌ أَمْ لَا؟ لِأَنَّا إنَّمَا جَوَّزْنَاهَا لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ فِيهِ، الْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ (وَ) لَا عَلَى (مُكَاتَبٍ) لِأَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ فَهُوَ مَعْذُورٌ، وَإِنَّمَا خَصَّهُ بِالذِّكْرِ إشَارَةً إلَى خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهَا عَلَيْهِ دُونَ الْقِنِّ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَكَذَا مَنْ بَعْضُهُ رَقِيقٌ) لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ (عَلَى الصَّحِيحِ) وَلَوْ فِي نَوْبَتِهِ لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِ، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ أَنَّهُ إنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ وَوَقَعَتْ الْجُمُعَةُ فِي نَوْبَتِهِ فَعَلَيْهِ الْجُمُعَةُ وَإِلَّا فَلَا، وَمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ كَوْنِ الْمُقَابِلِ اللُّزُومَ مُطْلَقًا غَيْرَ مُرَادٍ. (وَمَنْ صَحَّتْ ظَهْرُهُ) مِمَّنْ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ (صَحَّتْ جُمُعَتُهُ) بِالْإِجْمَاعِ كَالصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSتَعَيَّنَ الْمَاءُ لِطُهْرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ أَنَّهَا إنَّمَا سَقَطَتْ بِالْمَرَضِ وَنَحْوِهِ لِلْمَشَقَّةِ. (قَوْلُهُ: أَنَّ اشْتِغَالَهُ بِتَجْهِيزِ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُجَهِّزُ مِمَّنْ لَهُ خُصُوصِيَّةٌ بِالْمَيِّتِ كَابْنِهِ وَأَخِيهِ، بَلْ الْمُتَبَرِّعُ بِمُسَاعَدَةِ أَهْلِهِ حَيْثُ اُحْتِيجَ إلَيْهِ مَعْذُورٌ. أَمَّا مَنْ يَحْضُرُ عِنْدَ الْمُجَهِّزِينَ مِنْ غَيْرِ مُعَاوَنَةٍ بَلْ لِلْمُجَامِلَةِ فَلَيْسَ ذَلِكَ عُذْرًا فِي حَقِّهِمْ وَمِثْلُهُمْ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ (قَوْلُهُ: عُذْرٌ أَيْضًا) وَمِنْ الْعُذْرِ أَيْضًا مَا لَوْ اشْتَغَلَ بِرَدِّ زَوْجَتِهِ النَّاشِزَةِ، كَذَا نَقَلَهُ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ عَنْ جَوَاهِرِ الْقَمُولِيِّ انْتَهَى. وَهَلْ مِثْلُ زَوْجَتِهِ مَا لَوْ اشْتَغَلَ بِرَدِّ زَوْجَةِ غَيْرِهِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْإِلْحَاقِ لِأَنَّهُ لَا يَتْرُكُ الْحَقَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ لِمَصْلَحَةٍ لَا تَتَعَلَّقُ بِهِ وَإِنْ تَوَقَّفَ رَدُّهَا عَلَى حُضُورِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ لَهُ بِهِ خُصُوصِيَّةٌ كَزَوْجَةِ وَلَدِهِ، وَلَوْ قِيلَ بِإِلْحَاقِ هَذِهِ بِزَوْجَتِهِ فَيَكُونُ عُذْرًا لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا فَلْيُرَاجَعْ، وَقَوْلُهُ يَرُدُّ زَوْجَتَهُ: أَيْ حَيْثُ تَوَقَّفَ رَدُّهَا عَلَى فَوَاتِ الْجُمُعَةِ بِأَنْ كَانَ مُتَهَيِّئًا لِلسَّفَرِ أَوْ كَانَتْ هِيَ كَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ عُذْرًا (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ) يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَرَ مَصْلَحَةً فِي الْحَبْسِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ ذَلِكَ) أَيْ لِلْحَاكِمِ الْمَنْعُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ) أَيْ الْحَبْسَ عُذْرٌ إلَخْ، وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يُقَصِّرْ فِيهِ: أَيْ فِي سَبَبِهِ: وَقَوْلُهُ فَيَكُونُ هُنَا كَذَلِكَ مُعْتَمَدٌ. [فَرْعٌ] لَوْ اجْتَمَعَ فِي مَكَان أَرْبَعُونَ مَرِيضًا وَأَمْكَنَهُمْ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ فِيهِ فَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهِمْ لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ سُقُوطِ الْجُمُعَةِ عَنْهُمْ مِنْ الْمَشَقَّةِ فِي الْحُضُورِ أَوْ لَا أَخْذًا بِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ؟ لَا يَبْعُدْ الْأَوَّلُ وِفَاقًا لِ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَاعْتَمَدَ حَجّ فِي شَرْحِهِ الثَّانِي، ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ قِيلَ لَوْ لَمْ يَكُنْ بِالْبَلَدِ غَيْرُهُمْ وَأَمْكَنَهُمْ إقَامَتُهَا بِمَحَلِّهِمْ لَزِمَتْهُمْ لَمْ يَبْعُدْ لِأَنَّهُ لَا تَعَدُّدَ هُنَا، وَالْحَبْسُ إنَّمَا يَمْنَعُ وُجُوبَ حُضُورِ مَحَلِّهَا (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ فَيَتَّجِهُ وُجُوبُ النَّصْبِ عَلَى الْإِمَامِ) أَيْ نَصْبِ الْخَطِيبِ لِلْخُطْبَةِ (قَوْلُهُ مَنْ يَصْلُحُ) أَيْ لِلْخُطْبَةِ فَلَا يُقَالُ: إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَنْ يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ فَمَا فَائِدَةُ نَصْبِ الْإِمَامِ وَاحِدًا لَهُمْ، لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ ذَلِكَ النَّصْبِ لَا تَصِحُّ جُمُعَتُهُمْ خَلْفَهُ، عَلَى أَنَّهُ سَيَأْتِي صِحَّةُ صَلَاةِ الْأُمِّيِّينَ خَلْفَ الْقَارِئِ حَيْثُ لَمْ يُقَصِّرُوا بِالتَّعَلُّمِ، لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ التَّقْصِيرُ لَا ارْتِبَاطُ صَلَاةِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ كَمَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ (قَوْلُهُ: الْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى ذَلِكَ تَعْطِيلُ الْجُمُعَةِ عَلَى غَيْرِ أَهْلِ الْحَبْسِ وَإِلَّا حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَتَيَسَّرْ اجْتِمَاعُ الْكُلِّ فِي الْحَبْسِ وَفِعْلُهَا فِيهِ (قَوْلُهُ: إشَارَةً إلَى خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهَا عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ أَئِمَّتِنَا كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُ حَجّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَالْمُسَافِرِ، بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ وَنَحْوِهِ، وَتَعْبِيرُهُ بِالصِّحَّةِ مُسَاوٍ لِتَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْإِجْزَاءِ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي الْأُصُولِ، وَدَعْوَى مَنْ قَالَ: إنَّ تَعْبِيرَ الْأَصْلِ أَصْوَبُ لِإِشْعَارِهِ بِسُقُوطِ الْقَضَاءِ بِخِلَافِ الصِّحَّةِ مَمْنُوعَةٌ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ لِأَنَّهَا تَصِحُّ لِمَنْ تَلْزَمُهُ فَلِمَنْ لَا تَلْزَمُهُ أَوْلَى: أَيْ بِالصِّحَّةِ، لِأَنَّ مَنْ تَلْزَمُهُ هُوَ الْأَصْلُ وَمَنْ لَا تَلْزَمُهُ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ لَهُ، فَإِذَا أَجْزَأْت الْأَصْلَ أَجْزَأْت التَّابِعَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (وَلَهُ) أَيْ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ (أَنْ يَنْصَرِفَ مِنْ الْجَامِعِ) يَعْنِي مِنْ مَحَلِّ إقَامَتِهَا، وَآثَرَ الْجَامِعَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ الْأَغْلَبَ إقَامَتُهَا فِيهِ قَبْلَ إحْرَامِهِ بِهَا، إذْ الْمَانِعُ مِنْ وُجُوبِهَا عَلَيْهِمْ وَهُوَ النُّقْصَانُ لَا يَرْتَفِعُ بِحُضُورِهِمْ، وَتَعْبِيرُهُ بِالِانْصِرَافِ: يَسْتَلْزِمُ جَوَازُ تَرْكِهِ الْجُمُعَةَ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي الْمَعْذُورِ فَسَقَطَ الْقَوْلُ بِخِلَافِهِ (إلَّا الْمَرِيضَ وَنَحْوَهُ) أَيْ مِمَّنْ أُلْحِقَ بِهِ كَالْأَعْمَى لَا يَجِدُ قَائِدًا (فَيَحْرُمُ انْصِرَافُهُ) قَبْلَ إحْرَامِهِ بِهَا (إنْ دَخَلَ الْوَقْتُ) قَبْلَ انْصِرَافِهِ لِأَنَّ الْمَانِعَ فِي حَقِّهِ مَشَقَّةُ الْحُضُورِ وَبِهِ زَالَ الْمَانِعُ وَتَعَبُ الْعَوْدِ لَا بُدَّ مِنْهُ (إلَّا أَنْ يَزِيدَ ضَرَرُهُ بِانْتِظَارِهِ) فِعْلَهَا وَلَمْ تَقُمْ الصَّلَاةُ فَيَجُوزُ لَهُ الِانْصِرَافُ، فَإِنْ أُقِيمَتْ امْتَنَعَ عَلَى الْمَرِيضِ وَنَحْوِهِ. بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ وَنَحْوِهِمَا فَإِنَّمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الْخُرُوجُ مِنْهَا فَقَطْ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ اللُّزُومِ الصِّفَاتُ الْقَائِمَةُ بِهِمْ وَهِيَ لَا تَرْتَفِعُ، وَمَحَلُّ امْتِنَاعِ الِانْصِرَافِ بَعْدَ إقَامَتِهَا مَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي إقَامَتِهِ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ، كَإِسْهَالٍ بِهِ ظَنَّ انْقِطَاعَهُ فَحَضَرَ ثُمَّ أَحَسَّ بِهِ، بَلْ لَوْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ سَبْقَهُ لَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ فِي الصَّلَاةِ لَوْ مَكَثَ فَلَهُ الِانْصِرَافُ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. وَلَوْ زَادَ تَضَرُّرُ الْمَعْذُورِ بِطُولِ صَلَاةِ الْإِمَامِ كَأَنْ قَرَأَ بِالْجُمُعَةِ وَالْمُنَافِقِينَ جَازَ لَهُ الِانْصِرَافُ أَيْضًا كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ سَوَاءٌ أَكَانَ أَحْرَمَ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَقِيلَ تَجِبُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ وَنَحْوِهِ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: وَمَنْ صَحَّتْ ظُهْرُهُ (قَوْلُهُ: مَمْنُوعَةٌ) أَيْ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الصِّحَّةَ مُسَاوِيَةٌ لِلْإِجْزَاءِ: يَعْنِي وَالْإِجْزَاءُ هُوَ الْكِفَايَةُ فِي سُقُوطِ الطَّلَبِ وَقِيلَ فِي الْعِبَادَةِ إسْقَاطُ الْقَضَاءِ كَمَا فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ (قَوْلُهُ: أَيْ بِالصِّحَّةِ) خَبَرُ قَوْلِهِ: وَقَوْلُ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يَنْصَرِفَ مِنْ الْجَامِعِ) يَشْمَلُ مَنْ أَكَلَ ذَا رِيحٍ كَرِيهٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَفِي حَجّ خِلَافُهُ، قَالَ: وَتَضَرُّرُ الْحَاضِرِينَ بِهِ يُحْتَمَلُ أَوْ يَسْهُلُ زَوَالُهُ بِتَوَقِّي رِيحِهِ وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ هُنَا يَشْمَلُ مَنْ أَكَلَ ذَا رِيحٍ كَرِيهٍ فَلْيَنْظُرْ مَا تَقَدَّمَ فِي الْجَمَاعَةِ بِالْهَامِشِ انْتَهَى. وَعِبَارَتُهُ ثُمَّ قَوْلُهُ وَأَكْلُ ذِي رِيحٍ كَرِيهٍ لَا فَرْقَ عَلَى الْأَوْجَهِ بَيْنَ مَنْ أَكَلَ ذَلِكَ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَا بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ الْجَمَاعَةِ فِي مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ، نَعَمْ إنْ أَكَلَ ذَلِكَ بِقَصْدِ إسْقَاطِ الْجُمُعَةِ أَوْ الْجَمَاعَةِ أَثِمَ فِي الْجُمُعَةِ وَلَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ كَالْجَمَاعَةِ، وَقَضِيَّةُ عَدَمِ السُّقُوطِ عَنْهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ وَإِنْ تَأَذَّى النَّاسُ، وَاعْتَمَدَهُ م ر انْتَهَى. وَمَا ذَكَرَهُ حَجّ مِنْ قَوْلِهِ وَتَضَرُّرُ الْحَاضِرِينَ إلَخْ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ نَظَرَ إلَى ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ أَكْلُ ذِي الرِّيحِ الْكَرِيهِ عُذْرًا مُطْلَقًا (قَوْله إنْ دَخَلَ الْوَقْتُ) فَلَوْ انْصَرَفَ حِينَئِذٍ أَثِمَ، وَهَلْ يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ؟ الْوَجْهُ لَا وِفَاقًا لَمْ ر انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلِهِ فَإِنْ أُقِيمَتْ امْتَنَعَ إلَخْ) نَعَمْ إنْ كَانَ صَلَّى الظُّهْرَ قَبْلَ حُضُورِهِ فَالْوَجْهُ جَوَازُ الِانْصِرَافِ، ثُمَّ رَأَيْت ذَلِكَ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فَلَوْ صَلَّى قَبْلَ فَوْتِهَا الظُّهْرَ ثُمَّ زَالَ عُذْرُهُ إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ لَوْ مَكَثَ فَلَهُ الِانْصِرَافُ) أَيْ بَلْ يَنْبَغِي وُجُوبُهُ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ تَلْوِيثُ الْمَسْجِدِ. (قَوْلُهُ: جَازَ لَهُ الِانْصِرَافُ) أَيْ بِأَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ مِنْ الصَّلَاةِ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَبِأَنْ يَنْوِيَ الْمُفَارَقَةَ وَيُكَمِّلَ مُنْفَرِدًا إنْ كَانَ فِي الثَّانِيَةِ حَيْثُ لَمْ يَلْحَقْهُ ضَرَرٌ بِالتَّكْمِيلِ وَإِلَّا جَازَ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَتَعْبِيرُهُ بِالِانْصِرَافِ يَسْتَلْزِمُ جَوَازَ تَرْكِهِ الْجُمُعَةَ) أَيْ مَعَ حُضُورِهِ مَحَلَّهَا نَظَرًا إلَى الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ قَبْلُ (قَوْلُهُ: فَسَقَطَ الْقَوْلُ بِخِلَافِهِ) أَيْ الْقَوْلُ بِأَنَّ جَوَازَ الِانْصِرَافِ لَا يَسْتَلْزِمُ جَوَازَ أَصْلِ التَّرْكِ: أَيْ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَذْكُرَهُ

مَعَهُ أَمْ لَا. (وَتَلْزَمُ الشَّيْخَ الْهَرِمَ وَالزَّمِنَ إنْ وَجَدُوا مَرْكَبًا) مَمْلُوكًا أَوْ مُؤَجَّرًا أَوْ مُعَارًا وَلَوْ آدَمِيًّا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِيمَنْ لَمْ يَزُرْ بِهِ رُكُوبُهُ (وَلَمْ يَشُقَّ الرُّكُوبُ عَلَيْهِمَا) كَمَشَقَّةِ الْمَشْيِ فِي الْوَحْلِ كَمَا مَرَّ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ، فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِمَا مَشَقَّةً شَدِيدَةً لَا تُحْتَمَلُ غَالِبًا فَلَا وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ فِيمَا يَظْهَرُ (وَالْأَعْمَى يَجِدُ قَائِدًا) وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ وَوَجَدَهَا فَاصِلَةً عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي الْفِطْرَةِ فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ مُتَبَرِّعًا أَوْ مَمْلُوكًا لَهُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ لَمْ يُكَلَّفْ الْحُضُورَ وَإِنْ أَحْسَنَ الْمَشْيَ بِالْعَصَا، خِلَافًا لِلْقَاضِي حُسَيْنٍ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعَرُّضِ لِلضَّرَرِ. نَعَمْ لَوْ كَانَ مَحَلُّ الْجُمُعَةِ قَرِيبًا بِحَيْثُ لَا يَنَالُهُ مِنْ ذَلِكَ ضَرَرٌ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحُضُورُ فِيمَا يَظْهَرُ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ فَتَاوَى الْوَالِدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْقَاضِي عَلَيْهِ. (وَأَهْلُ الْقَرْيَةِ) مَثَلًا (إنْ كَانَ فِيهِمْ جَمْعٌ تَصِحُّ بِهِ الْجُمُعَةُ) أَيْ تَنْعَقِدُ بِهِمْ وَهُمْ أَرْبَعُونَ بِالصِّفَاتِ الْآتِيَةِ (أَوْ) لَيْسَ فِيهِمْ جَمْعٌ كَذَلِكَ لَكِنْ (بَلَغَهُمْ صَوْتٌ) مِنْ مُؤَذِّنٍ مَعَ اعْتِدَالِ سَمْعِ مَنْ بَلَغَهُ وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا لِيُخْرِجَ الْأَصَمَّ، وَمَنْ جَاوَزَ سَمْعُهُ الْعَادَةَ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ، وَيُعْتَبَرُ فِي الْبُلُوغِ الْعُرْفُ: أَيْ بِحَيْثُ يُعْلَمُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَطْعُهَا. (قَوْلُهُ: الْهَرِمَ) قَالَ حَجّ: هُوَ أَقْصَى الْكِبَرِ، وَالزَّمَانَةُ: الِابْتِلَاءُ وَالْعَاهَةُ انْتَهَى. وَفِي الْمِصْبَاحِ: هَرِمَ هَرَمًا مِنْ بَابِ تَعِبَ فَهُوَ هَرِمٌ كَبِرَ وَضَعُفَ، وَعَبَّرَ فِي الْمَنْهَجِ بِالْهَمِّ، وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ أَوْ مُتَّحِدَانِ، فَفِي الْمِصْبَاحِ: الْهِمُّ بِالْكَسْرِ الشَّيْخُ الْفَانِي وَالْأُنْثَى هِمَّةٌ (قَوْلُهُ: إنْ وَجَدَا مَرْكَبًا) بِفَتْحِ الْكَافِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُؤَجَّرًا أَوْ مُعَارًا) أَيْ إعَارَةً لَا مِنَّةَ فِيهَا بِأَنْ تَفِهَتْ الْمَنْفَعَةُ جِدًّا فِيمَا يَظْهَرُ انْتَهَى حَجّ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: قِيَاسُ مَا سَبَقَ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ قَبُولُ هِبَةِ الْمَرْكُوبِ انْتَهَى. أَقُولُ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَلَوْ آدَمِيًّا (قَوْلُهُ: وَالْأَعْمَى يَجِدُ قَائِدًا) أَيْ فِي مَحَلٍّ يَسْهُلُ عَلَيْهِ تَحْصِيلُهُ مِنْهُ عَادَةً بِلَا مَشَقَّةٍ (قَوْلُهُ: عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي الْفِطْرَةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دُيُونٌ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحُضُورُ وَدَفْعُ مَا زَادَ عَلَى مَا يَحْتَاجُهُ فِي الْفِطْرَةِ لِلْأُجْرَةِ هُنَا، وَقِيَاسُ مَا فِي التَّيَمُّمِ مِنْ أَنَّهُ يَدْفَعُ ثَمَنَ الْمَاءِ لِلدَّيْنِ وَيَتَيَمَّمُ خِلَافُهُ فَيُعْتَبَرُ هُنَا أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ فَاضِلَةً عَنْ دَيْنِهِ وَإِنْ قَاسَهُ عَلَى الْفِطْرَةِ، لِأَنَّ قِيَاسَهُ عَلَيْهَا بِحَسَبِ مَا وَقَعَ فِي عِبَارَاتِهِمْ فَهُوَ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ. (قَوْلُهُ: وَجَبَ عَلَيْهِ الْحُضُورُ فِيمَا يَظْهَرُ) وَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي خَلْفَ زَيْدٍ فَصَلَّى زَيْدٌ إمَامَ الْجُمُعَةِ سَقَطَتْ عَنْهُ، قَالَهُ م ر، وَفِيهِ احْتِمَالَانِ فِي النَّاشِرِيِّ فِي بَابِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، وَصَوَّرَهُ بِالْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ أَوْ تَعْلِيقِ الْعِتْقِ فَرَاجِعْ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ م ر: لَكِنَّ السُّقُوطَ يُشْكِلُ بِمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَنْزِعُ ثَوْبَهُ فَأَجْنَبَ وَاحْتَاجَ لِنَزْعِهَا فِي الْغُسْلِ فَإِنَّهُ يَجِبُ النَّزْعُ وَلَا حَنِثَ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ شَرْعًا، قَالَ: إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّ لِلْجُمُعَةِ بَدَلًا وَهُوَ الظُّهْرُ. أَقُولُ: وَلِلْغُسْلِ بَدَلٌ وَهُوَ التَّيَمُّمُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ لِلْجُمُعَةِ بَدَلٌ يَجُوزُ فِي الْجُمُعَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا، بِخِلَافِ الْغُسْلِ فَلْيُحَرَّرْ، وَأَتَخَيَّلُ أَنَّ الرَّمْلِيَّ رَجَعَ إلَى اعْتِمَادِ وُجُوبِهَا وَلَا حِنْثَ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ شَرْعًا كَمَسْأَلَةِ الْحَلِفِ عَلَى نَزْعِ الثَّوْبِ الْمَذْكُورَةِ فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ، ثُمَّ رَأَيْته قَرَّرَ بَعْدَ ذَلِكَ سُقُوطَهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَالَ حَجّ: إنَّ السُّقُوطَ هُوَ الْأَقْرَبُ. ثُمَّ رَأَيْت بِهَامِشِ نُسْخَةِ مِنْ حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ نَقْلًا عَنْهُ اعْتِمَادَ وُجُوبِ الصَّلَاةِ خَلْفَهُ، وَلَا حِنْثَ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ شَرْعًا. وَقَوْلُهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا فِيهِ تَأَمُّلٌ، فَإِنَّهُ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ يَجُوزُ مَعَ الْقُدْرَةِ لِغَيْرِ الْمَعْذُورِينَ فَمَمْنُوعٌ لِمَا يَأْتِي مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ صَلَاةِ غَيْرِ الْمَعْذُورِ قَبْلَ فَوْتِ الْجُمُعَةِ، وَإِنْ أَرَادَ الْمَعْذُورَ فَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ، وَقَوْلُ سم فَصَلَّى زَيْدٌ إمَامَ الْجُمُعَةِ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا حِينَ الْحَلِفِ أَنَّهُ إمَامٌ وَإِلَّا وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَيَحْنَثُ كَمَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي الظُّهْرَ مَثَلًا. . (قَوْلُهُ: وَمَنْ جَاوَزَ سَمْعُهُ الْعَادَةَ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ) أَيْ فَيَجِبُ عَلَى الْأَصَمِّ دُونَ مَنْ جَاوَزَ سَمْعُهُ الْعَادَةَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ. فَإِنْ قُلْت: قِيَاسُ مَا فِي الصَّوْمِ مِنْ أَنَّ حَدِيدَ الْبَصَرِ إذَا رَأَى الْهِلَالَ يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ وُجُوبَ الْحُضُورِ هُنَا. قُلْت: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمَدَارَ فِي الصَّوْمِ عَلَى الْعِلْمِ بِوُجُودِ الْهِلَالِ وَقَدْ حَصَلَ بِرُؤْيَةِ حَدِيدِ الْبَصَرِ، وَالْمَدَارُ هُنَا عَلَى مَسَافَةٍ لَا تَحْصُلُ بِهَا مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ، وَلَوْ عُوِّلَ عَلَى حَدِيدِ السَّمْعِ لَرُبَّمَا حَصَلَ بِهَا مَشَقَّةٌ تَامَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أَنَّ مَا سَمِعَهُ نِدَاءُ جُمُعَةٍ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِمَنْ اشْتَرَطَ ذَلِكَ (عَالٍ) يُؤَذِّنُ كَعَادَتِهِ فِي عُلُوِّ الصَّوْتِ (فِي هُدُوٍّ) أَيْ سُكُونٍ لِلْأَصْوَاتِ وَالرِّيَاحِ (مِنْ طَرَفٍ يَلِيهِمْ لِبَلَدِ الْجُمُعَةِ لَزِمَتْهُمْ) لِخَبَرِ «الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ» وَلِأَنَّ الْقَرْيَةَ كَالْبَلَدِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَالْمُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ عَلَى الْأَرْضِ لَا عَلَى عَالٍ، لِأَنَّهُ لَا ضَبْطَ لِحَدِّهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْبَلْدَةُ فِي الْأَرْضِ بَيْنَ أَشْجَارٍ كَطَبَرِسْتَانَ فَإِنَّهَا بَيْنَ أَشْجَارٍ تَمْنَعُ بُلُوغَ الصَّوْتِ فَيُعْتَبَرُ فِيهَا الْعُلُوُّ عَلَى مَا يُسَاوِي الْأَشْجَارَ، وَاسْتِثْنَاؤُهُمْ ذَلِكَ لِبَيَانِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ السَّمَاعُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَانِعٌ فَعِنْدَ وُجُودِهِ يُقَدَّرُ زَوَالُهُ أَوْ الْعُلُوُّ عَلَى مَا يُسَاوِيهِ. وَاعْتُبِرَ الطَّرَفُ الَّذِي يَلِيهِمْ لِأَنَّ الْبَلْدَةَ قَدْ تَكْبُرُ بِحَيْثُ لَا يَبْلُغُ أَطْرَافَهَا النِّدَاءُ بِوَسَطِهَا فَاحْتِيطَ لِلْعِبَادَةِ وَاعْتُبِرَ هُدُوُّ الْأَصْوَاتِ وَالرِّيَاحِ لِئَلَّا يَمْنَعَا بُلُوغَ النِّدَاءِ أَوْ تُعِينُ غَلَبَةُ الرِّيَاحِ، وَلَوْ سَمِعَ الْمُعْتَدِلُ مِنْ بَلَدَيْنِ فَحُضُورُ الْأَكْثَرِ مِنْهُمَا جَمَاعَةً أَوْلَى، فَإِنْ اسْتَوَيَا فَالْأَوْجَهُ مُرَاعَاةُ الْأَقْرَبِ كَنَظِيرِهِ فِي الْجَمَاعَةِ، وَيُحْتَمَلُ مُرَاعَاةُ الْأَبْعَدِ لِكَثْرَةِ الْأَجْرِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ الْجَمْعُ الْمَذْكُورُ وَلَا بَلَغَهُمْ الصَّوْتُ الْمُعْتَبَرُ (فَلَا) تَلْزَمُهُمْ الْجُمُعَةُ وَلَوْ كَانَتْ الْقَرْيَةُ مُرْتَفِعَةً فَسُمِعَتْ وَلَوْ سَاوَتْ لَمْ تُسْمَعْ، أَوْ كَانَتْ مُنْخَفِضَةً فَلَمْ تُسْمَعْ وَلَوْ سَاوَتْ لَسُمِعَتْ لَزِمَتْ الثَّانِيَةُ دُونَ الْأُولَى اعْتِبَارًا بِتَقْدِيرِ الِاسْتِوَاءِ، وَأَمَّا الْخَبَرُ الْمَارُّ فَمَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ، إذْ لَوْ أُخِذَ بِظَاهِرِهِ لَزِمَتْ الْبَعِيدَ الْمُرْتَفِعَ دُونَ الْقَرِيبِ الْمُنْخَفِضِ وَهُوَ بَعِيدٌ وَإِنْ صَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَهَلْ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ لَوْ كَانَ بِمُنْخَفَضٍ لَا يُسْمَعُ النِّدَاءُ وَلَوْ اسْتَوَتْ لَسَمِعَهُ لَزِمَتْهُ الْجُمُعَةُ أَنْ تُبْسَطَ هَذِهِ الْمَسَافَةُ أَوْ أَنْ يَطْلُعَ فَوْقَ الْأَرْضِ مُسَامِتًا لِمَا هُوَ فِيهِ الْمَفْهُومُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي الْعَادَةِ، فَإِنَّ حَدِيدَ السَّمْعِ قَدْ يَسْمَعُ مِنْ مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ كَنِصْفِ يَوْمٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ: أَنَّ مَا سَمِعَهُ نِدَاءُ جُمُعَةٍ) هُوَ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ لِكَوْنِ الْكَلَامِ فِي الْجُمُعَةِ، وَإِلَّا فَالْمَدَارُ عَلَى سَمَاعِ الصَّوْتِ وَعَدَمِهِ، فَمَا أَفْهَمَهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ لَيْسَ مُرَادًا (قَوْلُهُ: مِنْ طَرَفٍ يَلِيهِمْ) لَعَلَّ ضَابِطَهُ مَا تَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ) عِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: سَكَتُوا عَنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَقِفُ فِيهِ الْمُسْتَمِعُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَوْضِعُ إقَامَتِهِ بِرّ، وَمَالَ م ر إلَى هَذَا الظَّاهِرِ وَقَالَ: مَنْ سَمِعَ مِنْ مَوْضِعِ إقَامَتِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ وَمَنْ لَا فَلَا. وَحَاصِلُ الَّذِي تَلَخَّصَ مِنْ كَلَامِهِمْ وَاعْتَمَدَهُ م ر أَنَّ ضَابِطَ مَا تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ مَا يُمْنَعُ الْقَصْرُ قَبْلَ مُجَاوَزَتِهِ، فَشَمَلَ الْمَسْجِدَ الْخَارِجَ عَنْ الْبَلَدِ بِأَنْ خَرِبَ مَا بَيْنَ الْبَلَدِ وَبَيْنَهُ لَكِنَّهُمْ لَمْ يَهْجُرُوهُ بَلْ يَتَرَدَّدُونَ إلَيْهِ لِنَحْوِ الصَّلَاةِ، وَكَذَا الْمَسْجِدُ الَّذِي أَحْدَثُوهُ بِجَانِبِ الْبَلَدِ مُنْفَصِلًا عَنْهَا قَلِيلًا مَعَ تَرَدُّدِهِمْ إلَيْهِ لِأَنَّهُ مَعْدُودٌ مِنْهَا، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ فُرِضَ أَنَّ لِبَلَدٍ سُورًا وَاتَّصَلَتْ بِهِ الْعِمَارَةُ وَاتَّسَعَتْ بِهِ الْخُطَّةُ جِدًّا وَلَيْسَ بِهَا مَحَلٌّ تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ إلَّا دَاخِلَ السُّورِ فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ يَسْمَعُ الصَّوْتَ الْعَالِيَ فِي الْهُدُوِّ مِنْ الطَّرَفِ الَّذِي يَلِيهِ مِنْ وَرَاءِ السُّورِ بِفَرْضِ زَوَالِ الْأَبْنِيَةِ إنْ فُرِضَ أَنَّهَا تَمْنَعُ السَّمَاعَ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ وَإِلَّا فَلَا، أَمَّا لَوْ أُقِيمَتْ الْجُمُعَةُ فِي الْعُمْرَانِ وَفِي دَاخِلِ السُّورِ وَسَمِعَ أَهْلُ الْأَبْنِيَةِ نِدَاءَ مَنْ بِطَرَفِ الْعُمْرَانِ وَجَبَ عَلَيْهِمْ الْحُضُورُ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعُوا نِدَاءَ مَنْ هُوَ دَاخِلَ السُّورِ، لِأَنَّ وُجُودَ السُّورِ صَيَّرَ كُلًّا مِنْ الْعُمْرَانِ وَدَاخِلِ السُّورِ كَبَلَدٍ مُسْتَقِلَّةٍ (قَوْلُهُ: لَا ضَبْطَ لَحَدِّهِ) أَيْ الْعَالِي (قَوْلُهُ:) عِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ هِيَ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ السِّينِ اسْمُ بِلَادٍ بِالْعَجَمِ (قَوْلُهُ فَالْأَوْجَهُ مُرَاعَاةُ الْأَقْرَبِ) أَيْ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ (قَوْلُهُ: لَزِمَتْ الثَّانِيَةُ) أَيْ أَهْلَ الثَّانِيَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْخَبَرُ الْمَارُّ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ " الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ " (قَوْلُهُ: أَوْ أَنْ يَطْلُعَ فَوْقَ الْأَرْضِ) فِي الْمُخْتَارِ طَلَعَتْ الشَّمْسُ وَالْكَوَاكِبُ مِنْ بَابِ دَخَلَ، ثُمَّ قَالَ: وَطُلِعَ الْجَبَلُ بِالْكَسْرِ طُلُوعًا انْتَهَى. وَمَا هُنَا مِنْ الثَّانِي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مِنْ كَلَامِهِمْ الْمَذْكُورِ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَتَاوِيهِ. وَلَوْ كَانَ بَقَرِيَّةٍ أَرْبَعُونَ كَامِلُونَ حَرُمَ عَلَيْهِمْ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ. وَصَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ أَنْ يُصَلُّوهَا فِي الْمِصْرِ سَمِعُوا النِّدَاءَ أَمْ لَا لِتَعْطِيلِهِمْ الْجُمُعَةَ فِي مَحَلِّهِمْ، خِلَافًا لِمَنْ صَرَّحَ بِالْجَوَازِ، وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ سُقُوطُ الْجُمُعَةِ عَنْهُمْ لَوْ فَعَلُوا وَإِنْ قُلْنَا بِعَدَمِ الْجَوَازِ، إذْ الْإِسَاءَةُ لَا تُنَافِي الصِّحَّةَ، وَلَوْ وَافَقَ الْعِيدُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَحَضَرَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ الَّذِينَ بَلَغَهُمْ النِّدَاءُ لِصَلَاةِ الْعِيدِ فَلَهُمْ الرُّجُوعُ قَبْلَ صَلَاتِهَا وَتَسْقُطُ عَنْهُمْ وَإِنْ قَرُبُوا مِنْهَا وَسَمِعُوا النِّدَاءَ وَأَمْكَنَهُمْ إدْرَاكُهَا لَوْ عَادُوا إلَيْهَا لِخَبَرِ «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَشْهَدَ مَعَنَا الْجُمُعَةَ فَلْيَفْعَلْ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْصَرِفَ فَلْيَفْعَلْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَلِأَنَّهُمْ لَوْ كُلِّفُوا بِعَدَمِ الرُّجُوعِ أَوْ بِالْعُودِ إلَى الْجُمُعَةِ لَشُقَّ عَلَيْهِمْ وَالْجُمُعَةُ تَسْقُطُ بِالْمَشَاقِّ فَتُسْتَثْنَى هَذِهِ مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ أَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَحْضُرُوا كَأَنْ صَلَّوْا الْعِيدَ بِمَكَانِهِمْ لَزِمَتْهُمْ الْجُمُعَةُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَمَحَلُّ مَا مَرَّ مَا لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهَا قَبْلَ انْصِرَافِهِمْ فَإِنْ دَخَلَ عَقِبَ سَلَامِهِمْ مِنْ الْعِيدِ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ تَرْكُهَا كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ. (وَيَحْرُمُ عَلَى مَنْ لَزِمَتْهُ) الْجُمُعَةُ بِأَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا وَإِنْ لَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ كَمُقِيمٍ لَا يَجُوزُ لَهُ الْقَصْرُ (السَّفَرُ بَعْدَ الزَّوَالِ) لِأَنَّ وُجُوبَهَا قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ الْوَقْتِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَفْوِيتُهَا بِهِ (إلَّا أَنْ تُمْكِنُهُ الْجُمُعَةَ فِي) مَقْصِدِهِ أَوْ (طَرِيقِهِ) بِأَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إدْرَاكُهَا لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ، وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَمُضَارِعُهُ عَلَى يَفْعَلُ بِالْفَتْحِ. (قَوْلُهُ: الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِمْ الْمَذْكُورِ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي) عِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ بِمُسْتَوٍ لَسَمِعُوهُ، الْمُرَادُ لَوْ فُرِضَتْ مَسَافَةُ انْخِفَاضِهَا مُمْتَدَّةً عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَهِيَ عَلَى آخِرِهَا لَسُمِعَتْ، هَكَذَا يَجِبُ أَنْ يُفْهَمَ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقِيسَ عَلَيْهِ نَظِيرُهُ فِي الْأَوْلَى بِرّ، وَاعْتَمَدَ م ر كَأَبِيهِ نَحْوَ هَذَا، وَهِيَ مُخَالَفَةٌ لِمَا فِي الشَّارِحِ، وَالْأَقْرَبُ مَا فِي سم، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْمَشَقَّةِ وَعَدَمِهَا، ثُمَّ رَأَيْته فِي حَاشِيَةِ حَجّ اسْتَوْجَبَهُ أَيْضًا، وَعِبَارَتُهُ بَعْدَ نَقْلِ الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ بِصِيغَةِ الْجَزْمِ بِهِ عَنْ بِرّ مَا نَصُّهُ: وَهُوَ حَقٌّ وَجِيهٌ، وَإِنْ تَبَادَرَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ الْمُرَادَ أَنْ تُفْرَضَ الْقَرْيَةُ عَلَى أَوَّلِ الْمُسْتَوَى فَلَا تُحْسَبُ مَشَقَّةُ الِانْخِفَاضِ فِي الثَّانِيَةِ، لِأَنَّ فِي هَذَا نَظَرًا لَا يَخْفَى، إذْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْوُجُوبُ فِي الثَّانِيَةِ، وَإِنْ طَالَتْ مَسَافَةُ الِانْخِفَاضِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ إدْرَاكُ الْجُمُعَةِ مَعَ قَطْعِهَا مَثَلًا وَعَدَمُ الْوُجُوبِ فِي الْأَوْلَى وَإِنْ قَلَّتْ مَسَافَةُ الِارْتِفَاعِ بِحَيْثُ يُمْكِنُ الْإِدْرَاكُ مَعَ قَطْعِهَا، وَلَا وَجْهَ لِذَلِكَ. فَإِنْ قُلْت: يُشْتَرَطُ فِي الْوُجُوبِ فِي الثَّانِيَةِ إمْكَانُ الْإِدْرَاكِ وَإِلَّا فَلَا وُجُوبَ فِيهَا. قُلْت: فَإِمَّا أَنْ يُشْتَرَطَ فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ فِي الْأُولَى عَدَمُ إمْكَانِ الْإِدْرَاكِ وَإِلَّا ثَبَتَ الْوُجُوبُ فَلَا وَجْهَ لِلتَّفْرِقَةِ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لِاسْتِوَائِهِمَا عَلَيْهِ فِي الْمَعْنَى، وَإِمَّا أَنْ لَا يُشْتَرَطَ فِيهِ ذَلِكَ بَلْ نَقُولُ عَدَمُ الْوُجُوبِ ثَابِتٌ مُطْلَقًا، بِخِلَافِ الْوُجُوبِ فِي الثَّانِيَةِ فَهَذَا مِمَّا لَا وَجْهَ لَهُ كَمَا لَا يَخْفَى فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت أَنَّ شَيْخَنَا الشِّهَابَ الرَّمْلِيَّ اقْتَصَرَ فِي فَتَاوِيهِ عَلَى أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ كَلَامِهِمْ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ الْمُتَبَادَرَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ بَقَرِيَّةٍ أَرْبَعُونَ كَامِلُونَ حَرُمَ عَلَيْهِمْ) أَيْ وَيَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ مَنْعُهُمْ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَكُونُ قَصْدُهُمْ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ فِي الْمِصْرِ عُذْرًا فِي تَرْكِهِمْ الْجُمُعَةَ فِي بَلْدَتِهِمْ إلَّا إذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ فَسَادُ شَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِهِمْ أَوْ احْتَاجُوا إلَى مَا يَصْرِفُونَهُ فِي نَفَقَةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ الضَّرُورِيَّةِ وَلَا يُكَلَّفُونَ الِاقْتِرَاضَ (قَوْلُهُ: وَتَسْقُطُ عَنْهُمْ الْجُمُعَةُ بِفِعْلِهَا) أَيْ فِي الْمِصْرِ (قَوْلُهُ: فَحَضَرَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ إلَخْ) أَيْ بِقَصْدِهَا بِأَنْ تَوَجَّهُوا إلَيْهَا بِنِيَّتِهَا وَلَمْ يُدْرِكُوهَا، وَأَمَّا لَوْ حَضَرُوا لِبَيْعِ أَسْبَابِهِمْ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُمْ الْحُضُورُ سَوَاءٌ رَجَعُوا إلَى مَحَلِّهِمْ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: فَلَهُمْ الرُّجُوعُ قَبْلَ صَلَاتِهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ دَخَلَ عَقِبَ سَلَامِهِمْ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُمْ لَوْ صَلَّوْا الْعِيدَ ثُمَّ تَشَاغَلُوا بِأَسْبَابٍ حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الِانْصِرَافُ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ هُوَ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الِانْصِرَافُ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ بِأَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَتَسْقُطُ عَنْهُمْ وَإِنْ قَرُبُوا مِنْهَا وَسَمِعُوا النِّدَاءَ) أَيْ بِالْفِعْلِ وَإِلَّا فَالصُّورَةُ أَنَّهُمْ بِحَيْثُ يَسْمَعُونَ النِّدَاءَ (قَوْلُهُ: عَقِبَ سَلَامِهِمْ) تَصْوِيرٌ.

مُرَادُ الْمَجْمُوعِ بِقَوْلِهِ يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ بِإِدْرَاكِهَا، إذْ كَثِيرًا مَا يُطْلِقُونَ الْعِلْمَ وَيُرِيدُونَ بِهِ الظَّنَّ، كَقَوْلِهِمْ: يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْ مَالِ الْغَيْرِ مَعَ الْعِلْمِ بِرِضَاهُ كَذَلِكَ وَيَجُوزُ الْقَضَاءُ بِالْعِلْمِ، وَشَمَلَ إطْلَاقُهُ مَا لَوْ نَقَصَ بِسَفَرِهِ عَدَدُ أَهْلِ الْبَلَدِ بِحَيْثُ أَدَّى إلَى تَعْطِيلِ جُمُعَتِهِمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ، إذْ لَا يُكَلَّفُ بِتَصْحِيحِ عِبَادَةِ غَيْرِهِ، وَهُوَ شَبِيهٌ بِمَا لَوْ مَاتَ أَوْ جُنَّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَلِخَبَرِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ فِي الْإِسْلَامِ» خِلَافًا لِصَاحِبِ التَّعْجِيزِ، وَلِهَذَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ، وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِمَّا مَرَّ آنِفًا مِنْ حُرْمَةِ تَعْطِيلِ بَلَدِهِمْ عَنْهَا، لَكِنَّ الْفَرْقَ وَاضِحٌ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ مُعَطَّلُونَ بِغَيْرِ حَاجَةٍ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ. . وَلَوْ سَافَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْفَجْرِ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ جُنُونٌ أَوْ مَوْتٌ فَالظَّاهِرُ سُقُوطُ الْإِثْمِ عَنْهُ، كَمَا إذَا جَامَعَ بَعْدَ الْفَجْرِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ وَأَوْجَبْنَا عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ أَوْ الْجُنُونُ. وَمَحَلُّ الْمَنْعِ أَيْضًا مَا لَمْ يَجِبْ السَّفَرُ فَوْرًا، فَإِنْ وَجَبَ كَذَلِكَ كَإِنْقَاذِ نَاحِيَةٍ وَطِئَهَا الْكُفَّارُ أَوْ أَسْرَى اخْتَطِفُوهُمْ وَظَنَّ أَوْ جَوَّزَ إدْرَاكَهُمْ وحج تَضِيق وَخَافَ فَوْتَهُ فَالْوَجْهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَغَيْرِهِ وُجُوبُ السَّفَرِ فَضْلًا عَنْ جَوَازِهِ (أَوْ يَتَضَرَّرُ بِتَخَلُّفِهِ) لَهَا (عَنْ الرُّفْقَةِ) فَلَا يَحْرُمُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ، وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّ مُجَرَّدَ انْقِطَاعِهِ عَنْ الرُّفْقَةِ بِلَا ضَرَرٍ لَيْسَ عُذْرًا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: إنَّ الصَّوَابَ خِلَافُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْوَحْشَةِ، وَكَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ التَّيَمُّمِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ إذْ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ فِي التَّيَمُّمِ أَنَّ الطُّهْرَ يَتَكَرَّرُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ، وَفَرَّقَ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَوْ تَبَيَّنَ خِلَافُ ظَنِّهِ بَعْدَ السَّفَرِ فَلَا إثْمَ وَالسَّفَرُ غَيْرُ مَعْصِيَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. نَعَمْ إنْ أَمْكَنَ عَوْدُهُ وَإِدْرَاكُهَا فَيَتَّجِهُ وُجُوبُهُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ الْقَضَاءُ بِالْعِلْمِ) أَيْ بِالظَّنِّ أَنْ تِلْكَ الْوَاقِعَةَ كَذَلِكَ، وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ ظَنًّا غَالِبًا كَأَنْ حَصَلَ عِنْدَهُ بِقَرِينَةٍ قَوِيَّةٍ نَزَّلَتْهُ مَنْزِلَةَ الْعِلْمِ فَاحْفَظْهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ (قَوْلُهُ: وَلِخَبَرِ لَا ضَرَرَ) أَيْ يَتَحَمَّلُهُ، وَلَا ضِرَارَ: أَيْ لِغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ إلَخْ) حَاصِلُهُ تَرْجِيحُ جَوَازِ سَفَرِهِ لِحَاجَةٍ وَإِنْ تَعَطَّلَتْ الْجُمُعَةُ، لَكِنْ هَلْ يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْوَاحِدِ وَنَحْوِهِ، أَوْ لَا فَرْقَ حَتَّى لَوْ سَافَرَ الْجَمِيعُ لِحَاجَةٍ وَجَازَ كَأَنْ أَمْكَنَتْهُمْ فِي طَرِيقِهِمْ كَانَ جَائِزًا وَإِنْ تَعَطَّلَتْ الْجُمُعَةُ فِي بَلَدِهِمْ وَيُخَصُّ بِذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ عَدَمِ تَجْوِيزِ تَعْطِيلِهَا فِي مَحَلِّهِمْ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْوَجْهُ أَنَّهُ الْأَقْرَبُ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَقَدْ يُقَالُ: لَا وَجْهَ لِلتَّرَدُّدِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ حَيْثُ كَانَ السَّفَرُ لِعُذْرٍ مُرَخِّصًا فِي تَرْكِهَا فَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْوَاحِدِ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَافَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ) أَيْ عَلَى وَجْهٍ يَحْرُمُ (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ سُقُوطُ الْإِثْمِ عَنْهُ) أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ لَتَعَدِّيهِ بِالْإِقْدَامِ فِي ظَنِّهِ. وَيُؤَيِّدُ عَدَمَ السُّقُوطِ مَا لَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ يَظُنُّ أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ سُقُوطِ الْإِثْمِ بِالتَّبْيِينِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْكَفَّارَةِ وَالْإِثْمِ ظَاهِرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِسُقُوطِ الْإِثْمِ انْقِطَاعَهُ لَا ارْتِفَاعَهُ مِنْ أَصْلِهِ، وَقَدْ يُقَالُ: يَنْبَغِي سُقُوطُ إثْمِ تَضْيِيعِ الْجُمُعَةِ لَا إثْمِ قَصْدِ تَضْيِيعِهَا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ فَإِنْ وَجَبَ كَذَلِكَ) أَيْ فَوْرًا (قَوْلُهُ: أَوْ يَتَضَرَّرُ بِتَخَلُّفِهِ عَنْ الرُّفْقَةِ) لَيْسَ مِنْ التَّضَرُّرِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ أَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَقْصِدُ السَّفَرَ فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ لِأَمْرٍ لَا يَفُوتُ بِفَوَاتِ ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَمِنْهُ الْجَمَاعَةُ الَّذِينَ يُرِيدُونَ زِيَارَةَ سَيِّدِي أَحْمَدَ الْبَدْوِيِّ نَفَعَنَا اللَّهُ بِهِ، فَيُرِيدُونَ السَّفَرَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي مَرْكَبٍ السَّفَرُ فِيهِ يُفَوِّتُ جُمُعَةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ، لَكِنْ يُوجَدُ غَيْرُهُ فِي بَقِيَّةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ أَوْ فِيمَا يَلِيه ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ الْقَضَاءُ بِالْعِلْمِ) يُرَاجِعُ مَا قَالُوهُ هُنَاكَ (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ سُقُوطُ الْإِثْمِ) فِي سُقُوطِ إثْمِ الْإِقْدَامِ بِمَا ذَكَرَ بَحْثٌ لَا يَخْفَى وَبَيَّنَهُ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ انْقِطَاعُ الْإِثْمِ مِنْ حِينَئِذٍ بِقَرِينَةِ النَّظِيرِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْمَنْعِ أَيْضًا مَا لَمْ يَجِبْ السَّفَرُ فَوْرًا) أَيْ فِي حَدِّ ذَاتِهِ لَا بِالنَّظَرِ لِخُصُوصِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَإِلَّا فَالْغَرَضُ إثْبَاتُ وُجُوبِهِ حِينَئِذٍ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: إذَا كَانَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ وَاجِبٌ فَكَيْفَ يَتَأَتَّى بَحْثُ وُجُوبِهِ وَيَرْجِعُ إلَى تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَمَحَلُّ الْمَنْعِ إذَا لَمْ يَجِبْ وَإِلَّا فَيَجِبُ، وَبَيَانُ انْدِفَاعِهِ أَنَّ الْوُجُوبَ هُنَا عَامٌّ وَفِيمَا يَأْتِي

بَيْنَهُمَا أَيْضًا بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْوَسَائِلِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَقَاصِدِ (وَقَبْلَ الزَّوَالِ) وَأَوَّلُهُ الْفَجْرُ (كَبَعْدِهِ) فِي الْحُرْمَةِ (فِي الْجَدِيدِ) لِوُجُوبِ السَّعْيِ عَلَى بَعِيدِ الْمَنْزِلِ قَبْلَهُ وَالْجُمُعَةُ مُضَافَةٌ إلَى الْيَوْمِ فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْجُمُعَةُ فِي طَرِيقِهِ أَوْ تَضَرَّرَ بِتَخَلُّفِهِ جَازَ، وَإِلَّا فَلَا، وَالْقَدِيمُ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي زَوَائِدِ حَرْمَلَةَ مِنْ الْجَدِيدِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ الْوُجُوبِ وَهُوَ الزَّوَالُ وَكَبَيْعِ النِّصَابِ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ هَذَا (إنْ كَانَ سَفَرًا مُبَاحًا) كَسَفَرِ تِجَارَةٍ وَشَمَلَ الْمَكْرُوهَ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ كَسَفَرِ مُنْفَرِدٍ (وَإِنْ كَانَ طَاعَةً) وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا كَسَفَرِ حَجٍّ وَزِيَارَةِ قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (جَازَ) قَطْعًا (قُلْت: الْأَصَحُّ) وَفِي الرَّوْضَةِ الْأَظْهَرُ (أَنَّ الطَّاعَةَ كَالْمُبَاحِ) فَيَحْرُمُ فِي الْجَدِيدِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) إذْ لَمْ يَرِدْ فِي التَّفْرِقَةِ نَصٌّ صَرِيحٌ، وَيُكْرَهُ لَهُ السَّفَرُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ كَمَا نَقَلَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِي شَرْحِهِ عَنْ ابْنِ أَبِي الصَّيْفِ وَارْتَضَاهُ، وَذَكَرَ فِي الْإِحْيَاءِ أَنَّ مَنْ سَافَرَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ دَعَا عَلَيْهِ مَلَكَاهُ (وَمَنْ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِمْ) وَهُمْ بِالْبَلَدِ (تُسَنُّ الْجَمَاعَةُ فِي ظُهْرِهِمْ فِي الْأَصَحِّ) لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ الطَّالِبَةِ لِلْجَمَاعَةِ. وَالثَّانِي لَا لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي هَذَا الْيَوْمِ شِعَارُ الْجُمُعَةِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَنْ بِبَلَدِ الْجُمُعَةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي غَيْرِهِ اُسْتُحِبَّتْ فِي ظُهْرِهِمْ إجْمَاعًا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَيُخْفُونَهَا) كَأَذَانِهَا نَدْبًا (إنْ خَفِيَ عُذْرُهُمْ) كَيْ لَا يُتَّهَمُوا بِالرَّغْبَةِ عَنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ أَوْ الْجُمُعَةِ. قَالَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ: وَيُكْرَهُ لَهُمْ إظْهَارُهَا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا أَقَامُوهَا بِالْمَسَاجِدِ، فَإِنْ كَانَ الْعُذْرُ ظَاهِرًا لَمْ يُسْتَحَبَّ الْإِخْفَاءُ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ بَلْ يُسَنُّ الْإِظْهَارُ. وَلَوْ زَالَ الْعُذْرُ فِي أَثْنَاءِ الظُّهْرِ قَبْلَ فَوْتِ الْجُمُعَةِ أَجْزَأَتْهُمْ وَسُنَّ لَهُمْ الْجُمُعَةُ. نَعَمْ إنْ بَانَ الْخُنْثَى رَجُلًا لَزِمَتْهُ لِتَبَيُّنِ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْكَمَالِ وَلِيُنْظَرَ فِيمَا لَوْ عَتَقَ الْعَبْدُ قَبْلَ فِعْلِهِ الظُّهْرَ فَفَعَلَهَا جَاهِلًا بِعِتْقِهِ ثُمَّ عَلِمَ بِهِ قَبْلَ فَوَاتِ الْجُمُعَةِ، أَوْ تَخَلَّفَ لِلْعُرْيِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ الْأَيَّامِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَحْصُلُ مَعَهُ التَّمَكُّنُ مِنْ السَّفَرِ وَالزِّيَارَةِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ أَوْ فَوَاتِ مَنْفَعَةٍ، فَلَا يَجُوزُ السَّفَرُ فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: كَبُعْدِهِ) بِالْجَرِّ وَالنَّصْبِ وَالْأَوَّلُ مَنْقُولٌ عَنْ خَطِّ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَالْجُمُعَةُ مُضَافَةٌ إلَى الْيَوْمِ) أَخَذَ بَعْضُهُمْ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يَحْرُمُ النَّوْمُ بَعْدَ الْفَجْرِ عَلَى مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ الِاسْتِيقَاظِ قَبْلَ فَوَاتِ الْجُمُعَةِ، وَمَنَعَهُ م ر. أَقُولُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيَدُلُّ لَهُ جَوَازُ انْصِرَافِ الْمَعْذُورِينَ مِنْ الْمَسْجِدِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ لِقِيَامِ الْعُذْرِ بِهِمْ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ وُجُوبِ السَّعْيِ عَلَى بَعِيدِ الدَّارِ، وَالنَّوْمُ هُنَا عُذْرٌ قَائِمٌ بِهِ كَالْمَرَضِ، بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ الْمَرِيضَ بَعْدَ حُضُورِهِ الْمَسْجِدَ وَلَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي الْمُكْثِ لَمْ يَبْقَ لَهُ عُذْرٌ فِي الِانْصِرَافِ، بِخِلَافِ النَّوْمِ فَإِنَّهُ قَدْ يَهْجُمُ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يَسْتَطِيعُ دَفْعُهُ (قَوْلُهُ: حَرْمَلَةَ) اسْمُ رَجُلٍ (قَوْلُهُ: دَعَا عَلَيْهِ مَلَكَاهُ) قَالَ حَجّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ جِدًّا (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَلِمَ بِهِ قَبْلَ فَوَاتِ الْجُمُعَةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ مَا مَضَى قَبْلَ يَوْمِ التَّمَكُّنِ مِنْ فِعْلِ الْجُمُعَةِ لَا قَضَاءَ لِشَيْءٍ مِنْهُ لِعُذْرٍ، وَلَكِنَّ فِي حَاشِيَةِ سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا نَصُّهُ: وَمِنْ ذَلِكَ الْعَبْدُ إذَا عَتَقَ قَبْلَ فِعْلِهِ الظُّهْرَ وَقَبْلَ فَوَاتِ الْجُمُعَةِ، لَكِنْ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِعِتْقِهِ حِينَئِذٍ وَاسْتَمَرَّ مُدَّةً يُصَلِّي الظُّهْرَ قَبْلَ فَوْتِ الْجُمُعَةِ لَزِمَهُ قَضَاءُ ظُهْرٍ وَاحِدٍ، لِأَنَّ أَوَّلَ ظُهْرٍ فَعَلَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ الْمَذْكُورِ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجُمُعَةِ وَلَمْ تَفُتْ، وَالظُّهْرُ الَّذِي فَعَلَهُ فِي الْجُمُعَةِ الثَّانِيَةِ وَقَعَ قَضَاءً عَنْ هَذَا الظُّهْرِ، وَهَكَذَا كَمَا قَالُوا فِيمَنْ مَكَثَ مُدَّةً يُصَلِّي الْمَغْرِبَ مَثَلًا قَبْلَ وَقْتِهَا يَلْزَمُهُ مَغْرِبٌ وَاحِدٌ، هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وِفَاقًا لِشَيْخِنَا طب، فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ فَوْتِ الْجُمُعَةِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا يَبْعُدُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ الْأَصْلَ بَعْدَ الْعِتْقِ هُوَ وُجُوبُ الْجُمُعَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ بِالْعِتْقِ بَعْدَ فَوْتِ الْجُمُعَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ فِعْلُ الظُّهْرِ وَلَوْ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ صَلَاتَهُ الْأُولَى غَيْرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQخَاصٌّ، أَوْ يُقَالُ: مَعْنَى وُجُوبِ السَّفَرِ اسْتِمْرَارُ وُجُوبِهِ: أَيْ وَلَا تَخْلُفُهُ الْحُرْمَةُ. (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ الْمَكْرُوهَ) أَيْ بَعْدَ تَأْوِيلِهِ بِالْجَائِزِ. (قَوْلُهُ: أَجْزَأَتْهُمْ وَسُنَّ لَهُمْ الْجُمُعَةُ) هَلْ الْمُرَادُ سَنُّهَا بَعْدَ إتْمَامِ الظُّهْرِ أَوْ أَنَّهُ تُقْطَعُ الظُّهْرُ وَتُسْتَأْنَفُ

ثُمَّ بَانَ أَنَّ عِنْدَهُ ثَوْبًا نَسِيَهُ، أَوْ لِلْخَوْفِ مِنْ ظَالِمٍ أَوْ غَرِيمٍ ثُمَّ بَانَتْ غَيْبَتُهُمَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ حُضُورُ الْجُمُعَةِ فِي ذَلِكَ (وَيُنْدَبُ لِمَنْ أَمْكَنَ زَوَالُ عُذْرِهِ) قَبْلَ فَوْتِ الْجُمُعَةِ كَعَبْدٍ يَرْجُو الْعِتْقَ وَمَرِيضٍ يَتَوَقَّعُ الْخِفَّةَ وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ ذَلِكَ (تَأْخِيرُ ظَهْرِهِ إلَى الْيَأْسِ مِنْ) إدْرَاكِ (الْجُمُعَةِ) لِأَنَّهُ قَدْ يَزُولُ عُذْرُهُ وَيَتَمَكَّنُ مِنْ فَرْضِ أَهْلِ الْكَمَالِ وَيَحْصُلُ الْيَأْسُ مِنْ إدْرَاكِهَا بِأَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ الثَّانِي وَيُفَارِقُ مَا سَيَأْتِي فِي غَيْرِ الْمَعْذُورِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِالظُّهْرِ قَبْلَ السَّلَامِ لَمْ يَصِحَّ بِأَنَّ الْجُمُعَةَ ثَمَّ لَازِمَةٌ فَلَا تَرْتَفِعُ إلَّا بِيَقِينٍ، بِخِلَافِهَا هُنَا، وَمَحَلُّ صَبْرِهِ إلَى فَوْتِ الْجُمُعَةِ مَا لَمْ يُؤَخِّرْهَا الْإِمَامُ إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْهَا أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ، وَإِلَّا فَلَا يُؤَخِّرُ الظُّهْرَ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ، وَلَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ أَرْبَعُونَ كَامِلُونَ عُلِمَ مِنْ عَادَتِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يُقِيمُونَ الْجُمُعَةَ فَهَلْ لِمَنْ تَلْزَمُهُ إذَا عَلِمَ ذَلِكَ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ وَإِنْ لَمْ يَيْأَسْ مِنْ الْجُمُعَةِ؟ قَالَ بَعْضُهُمْ: نَعَمْ، إذْ لَا أَثَرَ لِلْمُتَوَقَّعِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ الْأَوْجَهُ لَا لِأَنَّهَا الْوَاجِبُ أَصَالَةً وَالْمُخَاطَبُ بِهَا يَقِينًا وَهُنَا عَارَضَهُ يَقِينُ الْوُجُوبِ فَلَمْ يَخْرُجْ عَنْهُ إلَّا بِيَقِينِ الْيَأْسِ مِنْهَا. نَعَمْ لَوْ كَانَ عَدَمُ إعَادَتِهِمْ لَهَا أَمْرًا عَادِيًا لَا يَتَخَلَّفُ كَمَا فِي بَلْدَتِنَا بَعْدَ إقَامَتِهَا أَوَّلًا اتَّجَهَ فِعْلُ الظُّهْرِ وَإِنْ لَمْ يَضِقْ وَقْتُهُ عَنْ فِعْلِهَا كَمَا شَاهَدْته مِنْ فِعْلِ الْوَالِدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَثِيرًا. (وَ) يُنْدَبُ (لِغَيْرِهِ) أَيْ لِمَنْ لَا يُمْكِنُ زَوَالُ عُذْرِهِ (كَالْمَرْأَةِ وَالزَّمِنِ) الَّذِي لَا يَجِدُ مَرْكَبًا (تَعْجِيلُهَا) أَيْ الظُّهْرِ مُحَافَظَةً عَلَى فَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ: إنَّ هَذَا هُوَ اخْتِيَارُ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: هَذَا كَالْأَوَّلِ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ تَأْخِيرُ الظُّهْرِ حَتَّى تَفُوتَ الْجُمُعَةُ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْشَطُ لَهَا وَلِأَنَّهَا صَلَاةُ الْكَامِلِينَ فَاسْتُحِبَّ لَهُ تَقْدِيمُهَا. قَالَ: وَالِاخْتِيَارُ التَّوَسُّطُ، فَيُقَالُ إنْ كَانَ جَازِمًا بِأَنَّهُ لَا يَحْضُرُهَا وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْهَا اُسْتُحِبَّ لَهُ تَقْدِيمُ الظُّهْرِ وَإِنْ كَانَ لَوْ تَمَكَّنَ أَوْ نَشِطَ حَضَرَهَا اُسْتُحِبَّ لَهُ التَّأْخِيرُ، وَمَا نَقَلَهُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ ـــــــــــــــــــــــــــــSصَحِيحَةٍ، لَكِنَّهُ قَدْ يُخَالِفُهُ مَا أَفْهَمَهُ قَوْلُ الشَّارِحِ ثُمَّ عَلِمَ بِهِ قَبْلَ فَوْتِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: يَلْزَمُهُ حُضُورُ الْجُمُعَةِ فِي ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْعِتْقِ وَالْعُرْيِ وَعَدَمِ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَّا بِيَقِينٍ) أَيْ وَهُوَ سَلَامُ الْإِمَامِ مِنْهَا، وَأَمَّا قَبْلَ السَّلَامِ فَلَمْ يَيْأَسْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَتَذَكَّرَ الْإِمَامُ تَرْكَ رُكْنٍ مِنْ الْأُولَى فَتَكْمُلَ الثَّانِيَةُ وَيَبْقَى عَلَيْهِ رَكْعَةٌ يَأْتِي بِهَا، وَحَيْثُ انْتَظَرَهُ الْقَوْمُ حَتَّى يَفْعَلَهَا حَصَلَ لِلْمَسْبُوقِ إدْرَاكُ الرَّكْعَةِ الْأُولَى فِي جَمَاعَةٍ أَرْبَعِينَ. وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ قَوْلُهُ فَيُحْسَبُ ابْتِدَاءُ سَفَرِهِ مِنْ الْآنَ يَنْبَغِي إذَا وَصَلَ لِمَحَلٍّ لَوْ رَجَعَ مِنْهُ لَمْ يُدْرِكْهَا أَنْ يَنْعَقِدَ سَفَرُهُ مِنْ الْآنَ وَإِنْ كَانَتْ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ لَمْ يَفْعَلْ فِي مَحَلِّهَا (قَوْلُهُ: إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْهَا أَرْبَعٌ) أَيْ قَدْرُ أَرْبَعٍ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَانَ عَدَمُ إعَادَتِهِمْ) هُوَ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا بِيَقِينِ الْيَأْسِ مِنْ أَنَّ هَؤُلَاءِ مِنْ حَقِّهِمْ أَنْ لَا يَفْعَلُوا الظُّهْرَ إلَّا عِنْدَ ضِيقِ وَقْتِهِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ فِعْلُ الْجُمُعَةِ مَعَ خُطْبَتِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْجُمُعَةُ، فَيَكُونُ مَعْنَى أَجْزَأَتْهُمْ: أَيْ أَتَمُّوهَا وَاقْتَصَرُوا عَلَيْهَا يُرَاجَعُ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ حُضُورُ الْجُمُعَةِ فِي ذَلِكَ) اُنْظُرْ لَوْ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ قَبْلَ عِلْمِهِ هَلْ تَجِبُ إعَادَةُ الظُّهْرِ (قَوْلُهُ: وَالْمُخَاطَبُ بِهَا يَقِينًا وَهُنَا عَارَضَهُ يَقِينُ الْوُجُوبِ) كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ، وَلَعَلَّ فِي النُّسَخِ سَقَطًا مِنْ النُّسَّاخِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ:؛ لِأَنَّهَا الْوَاجِبُ أَصَالَةً وَالْمُخَاطَبُ بِهَا يَقِينًا فَلَا يَخْرُجُ عَنْهُ إلَّا بِالْيَأْسِ يَقِينًا، وَلَيْسَ مِنْ تِلْكَ الْقَاعِدَةِ؛ لِأَنَّهَا فِي مُتَوَقَّعٍ لَمْ يُعَارِضْ مُتَيَقَّنًا، وَهُنَا عَارَضَهُ يَقِينُ الْوُجُوبِ فَلَمْ يَخْرُجْ عَنْهُ إلَّا بِيَقِينِ الْيَأْسِ انْتَهَتْ. وَمُرَادُهُ بِالْقَاعِدَةِ مَا ذَكَرَهُ الْبَعْضُ فِي قَوْلِهِ إذْ لَا أَثَرَ لِلْمُتَوَقَّعِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَانَ عَدَمُ إعَادَتِهِمْ لَهَا أَمْرًا عَادِيًّا لَا يَتَخَلَّفْ كَمَا فِي بَلْدَتِنَا بَعْدَ إقَامَتِهَا) أَيْ فِيمَا إذَا أُقِيمَتْ جَمَاعَاتٌ مُتَعَدِّدَةٌ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَاحْتُمِلَ سَبْقُ بَعْضِهَا وَلَمْ يُعْلَمْ فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَجِبُ إعَادَةُ الْجُمُعَةِ كَمَا يَأْتِي، وَوَجْهُ تَعَلُّقِ هَذَا الِاسْتِدْرَاكِ بِمَا قَبْلَهُ النَّظَرُ لِلْعَادَةِ وَعَدَمِهِ وَإِنْ كَانَتْ صُورَةُ الِاسْتِدْرَاكِ فِيهَا إعَادَةُ الْجُمُعَةِ وَالْمُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ جُمُعَةٌ مُبْتَدَأَةٌ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِالِاسْتِدْرَاكِ تَقْيِيدَ الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ قَبْلَهُ بِأَنَّ مَحَلَّهَا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْعَادَةُ يُمْكِنُ تَخَلُّفُهَا

[شروط صحة الجمعة]

نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ. وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّوَسُّطِ أَبْدَاهُ لِنَفْسِهِ، وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ جَازِمًا يُرَدُّ بِأَنَّهُ قَدْ يَعِنُّ لَهُ بَعْدَ الْجَزْمِ عَدَمُ الْحُضُورِ، فَكَمْ مِنْ جَازِمٍ بِشَيْءٍ ثُمَّ يُعْرِضُ عَنْهُ. [شُرُوطُ صِحَّةِ الْجُمُعَةِ] فَالْمُعْتَمَدُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمَتْنِ (وَلِصِحَّتِهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ (مَعَ شَرْطِ) أَيْ شُرُوطِ (غَيْرِهَا) مِنْ بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ (شُرُوطٌ) خَمْسَةٌ (أَحَدُهَا) (وَقْتُ الظُّهْرِ) بِأَنْ تَقَعَ كُلُّهَا فِيهِ لِأَنَّ الْوَقْتَ شَرْطٌ لِافْتِتَاحِهَا فَكَانَ شَرْطًا لِتَمَامِهَا، وَلِأَنَّهُمَا فَرْضَا وَقْتٍ وَاحِدٍ فَلَمْ يَخْتَلِفْ وَقْتُهُمَا كَصَلَاةِ الْحَضَرِ وَصَلَاةِ السَّفَرِ لِلِاتِّبَاعِ فِي ذَلِكَ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَمَا رَوَيَاهُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ مِنْ قَوْلِهِ «كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْجُمُعَةَ ثُمَّ نَنْصَرِفُ وَلَيْسَ لِلْحِيطَانِ ظِلٌّ يُسْتَظَلُّ بِهِ» مَحْمُولٌ عَلَى شِدَّةِ التَّعْجِيلِ بَعْدَ الزَّوَالِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ، عَلَى أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ إنَّمَا يَنْفِي ظِلًّا يُسْتَظَلُّ بِهِ لَا أَصْلَ الظِّلِّ، وَلَوْ أَمَرَ الْإِمَامُ بِالْمُبَادَرَةِ بِهَا فَالْقِيَاسُ وُجُوبُ الِامْتِثَالِ، وَلَوْ قَالَ: إنْ كَانَ وَقْتُ الْجُمُعَةِ بَاقِيًا فَجُمُعَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَظُهْرٌ ثُمَّ بَانَ بَقَاؤُهُ فَوَجْهَانِ: أَقِيسُهُمَا الصِّحَّةُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْوَقْتِ، وَلِأَنَّهُ نَوَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَهُوَ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْحَالِ (فَلَا تُقْضَى) إذَا فَاتَتْ (جُمُعَةٌ) لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْ بَلْ تُقْضَى ظُهْرًا إجْمَاعًا، ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: أَيْ شُرُوطِ غَيْرِهَا) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِغَيْرِ الْجُمُعَةِ شَرْطٌ وَاحِدٌ وَإِلَى أَنَّ الشَّرْطَ بِمَعْنَى الشُّرُوطِ، وَيُمْكِنُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ التَّأْوِيلِ الْمَذْكُورِ بِجَعْلِ الْإِضَافَةِ لِلِاسْتِغْرَاقِ: أَيْ مَعَ كُلِّ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: شُرُوطٌ خَمْسَةٌ) لَا يُنَافِيهِ عَدَدُهَا فِي الْمَنْهَجِ سِتَّةٌ لِأَنَّهُ اعْتَبَرَ كَوْنَ الْعَدَدِ أَرْبَعِينَ شَرْطًا مُسْتَقِلًّا بِخِلَافِهِ هُنَا (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَقَعَ كُلُّهَا فِيهِ) أَيْ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهَا بِالتَّسْمِيَةِ الْأُولَى، وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَتَى بِهَا فَدَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ هَلْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِالتَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِمَا وَقَعَ فِي الْوَقْتِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْوَقْتَ شَرْطٌ لِافْتِتَاحِهَا) أَيْ أَمَّا غَيْرُهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ فَلَيْسَ الْوَقْتُ شَرْطًا لِافْتِتَاحِهَا بِدَلِيلِ الْقَضَاءِ خَارِجَهُ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَخْتَلِفْ وَقْتُهُمَا) فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ بِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ كَالْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَمَرَ الْإِمَامُ بِالْمُبَادَرَةِ) أَيْ أَوْ بِتَأْخِيرِهَا انْتَهَى حَجّ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم فِيهِ تَأَمُّلٌ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ إذَا أَمَرَ بِغَيْرِ مَطْلُوبٍ لَا يَجِبُ امْتِثَالُهُ، وَيَرُدُّ هَذَا مَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ مِنْ وُجُوبِ امْتِثَالِ الْإِمَامِ فِيمَا أَمَرَ بِهِ مَا لَمْ يَكُنْ مُحَرَّمًا، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ التَّأْخِيرُ هُنَا لِمَصْلَحَةٍ رَآهَا الْإِمَامُ، وَقَوْلُهُ بِهَا: أَيْ أَوْ بِغَيْرِهَا مِنْ بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْحَالِ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ هَذَا: وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ يُعْلَمُ بَقَاءُ مَا يَسَعُهَا مِنْ الْوَقْتِ أَوْ يُظَنُّ ذَلِكَ فَلَا يُرَدُّ مَا عَسَاهُ يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ هَذَا لَا يُتَصَوَّرُ لِأَنَّهُ إذَا شَكَّ فِي بَقَاءِ الْوَقْتِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَجَبَ الْإِحْرَامُ بِالظُّهْرِ انْتَهَى. وَهَذَا التَّصْوِيرُ هُوَ الْمُلَاقِي لِعِبَارَةِ الشَّارِحِ، وَفِي حَاشِيَةِ الزِّيَادِيِّ مَا يُنَافِي هَذَا التَّصْوِيرَ حَيْثُ قَالَ: لَوْ شَكَّ فَنَوَى الْجُمُعَةَ إنْ بَقِيَ الْوَقْتُ وَإِلَّا فَالظُّهْرُ صَحَّتْ نِيَّتُهُ وَلَمْ يَضُرَّ هَذَا التَّعْلِيقُ، وَهُوَ مُنَافٍ لِمَفْهُومِ قَوْلِ سم: يَعْلَمُ بَقَاءَ مَا يَسَعُهَا مِنْ الْوَقْتِ أَوْ يَظُنُّ، فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّهُ مَعَ الشَّكِّ لَا تَصِحُّ نِيَّتُهُ، عَلَى أَنَّ الزِّيَادِيَّ نَظَرَ تَبَعًا لِ حَجّ فِي الصِّحَّةِ الَّتِي نَقَلَ الْجَزْمَ بِهَا عَنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا تُقْضَى) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ شَرْطٌ لِافْتِتَاحِهَا فَكَانَ شَرْطًا لِتَمَامِهَا) الْغَرَضُ هُنَا إثْبَاتُ كَوْنِ الْوَقْتِ شَرْطًا لِافْتِتَاحِهَا وَلِدَوَامِهَا، فَقَوْلُهُ: لِأَنَّ جُمُعَةَ الْوَقْتِ شَرْطٌ لِافْتِتَاحِهَا إلْزَامٌ بِمَا لَمْ يَثْبُتْ حُكْمُهُ إلَى الْآنَ عَلَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ تَتِمَّةٍ هِيَ مَحْضُ الْقِيَاسِ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ مَعَ تَتِمَّةٍ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَهْم فِيهَا وَجَبَتْ الظُّهْرُ وَمَحَلُّهُ لَيْسَ إلَّا هُنَاكَ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُمَا فَرْضًا وَقْتٌ وَاحِدٌ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِأَصْلِ الْمَتْنِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا أَرْدَفَهُ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ بِأَنْ تَقَعَ كُلُّهَا فِيهِ، لَكِنَّ هَذَا التَّعْبِيرَ يَرْجِعُ لِتَحْصِيلِ الْحَاصِلِ إذْ حَاصِلُهُ أَنَّ وَقْتَهُمَا مُتَّحِدٌ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِلِاتِّبَاعِ) كَذَا فِي النُّسَخِ وَلَعَلَّهُ سَقَطَتْ مِنْهُ وَاوٌ مِنْ النُّسَّاخِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ وَقْتُ الْجُمُعَةِ بَاقِيًا فَجُمُعَةٌ إلَخْ) لَعَلَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ ظَانٌّ إبْقَاءَ الْوَقْتِ، وَإِلَّا فَسَيَأْتِي

وَجُمُعَةً فِي كَلَامِهِ بِالنَّصْبِ لِفَسَادِ الرَّفْعِ، وَالْفَاءُ هِيَ مَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا بِالْوَاوِ، وَرُجِّحَ بَلْ أُفْسِدَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ عَدَمَ الْقَضَاءِ لَا يُؤْخَذُ مِنْ اشْتِرَاطِ وَقْتِ الظُّهْرِ لِشُمُولِهِ الْقَضَاءَ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمٍ آخَرَ، وَلَك رَدُّهُ بِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالظُّهْرِ الْأَعَمُّ مِنْ ظُهْرِ يَوْمِهَا وَغَيْرِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ ظُهْرُ يَوْمِهَا كَمَا أَفَادَهُ السِّيَاقُ، وَحِينَئِذٍ فَالتَّفْرِيعُ صَحِيحٌ كَمَا لَا يَخْفَى. (فَلَوْ) (ضَاقَ) الْوَقْتُ (عَنْهَا) بِأَنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ مَا يَسَعُ خُطْبَتَيْنِ وَرَكْعَتَيْنِ عَلَى وَجْهٍ لَا بُدَّ مِنْهُ وَلَوْ احْتِمَالًا (صَلَّوْا ظُهْرًا) كَمَا لَوْ فَاتَ شَرْطُ الْقَصْرِ يَرْجِعُ لِلْإِتْمَامِ، فَلَوْ شَكُّوا فِي خُرُوجِ وَقْتِهَا قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِهَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِمْ الْإِحْرَامُ بِالظُّهْرِ لِفَوَاتِ شَرْطِهَا. وَحَكَى الرُّويَانِيُّ وَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ مَدَّ الرَّكْعَةَ الْأُولَى حَتَّى تَحَقَّقَ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مَا يَسَعُ الثَّانِيَةَ هَلْ تَنْقَلِبُ ظُهْرًا الْآنَ أَوْ عِنْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ؟ وَرَجَّحَ مِنْهَا الْأَوَّلَ، وَالْمُعْتَمَدُ الثَّانِي كَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الرَّغِيفَ غَدًا فَأَكَلَهُ فِي الْيَوْمِ هَلْ يَحْنَثُ حَالًا أَوْ غَدًا؟ الْأَرْجَحُ الثَّانِي (وَلَوْ خَرَجَ) الْوَقْتُ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا (وَهُمْ فِيهَا) فَاتَتْ وَ (وَجَبَ الظُّهْرُ) سَوَاءٌ أَصَلَّوْا فِي الْوَقْتِ رَكْعَةً أَمْ لَا، لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ لَا يَجُوزُ الِابْتِدَاءُ بِهَا بَعْدَهُ فَتَنْقَطِعُ بِخُرُوجِهِ كَالْحَجِّ يَتَحَلَّلُ فِيهِ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ، وَإِلْحَاقًا لِلدَّوَامِ بِالِابْتِدَاءِ كَدَارِ الْإِقَامَةِ، وَلِهَذَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: كُلُّ شَرْطٍ اُخْتُصَّ بِالْجُمُعَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSهَلْ سُنَّتُهَا كَذَلِكَ حَتَّى لَوْ صَلَّى جُمُعَةً مُجْزِئَةً وَتَرَكَ سُنَّتَهَا حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ لَمْ تُقْضَ أَوَّلًا بَلْ يَقْضِيهَا وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ فَرْضُهَا الْقَضَاءَ؟ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى حَجّ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى الْمِنْهَاجِ مَا نَصُّهُ: مَسْأَلَتَانِ لَمْ أَرَ فِيهِمَا نَقْلًا: إحْدَاهُمَا تَابِعَةُ الْجُمُعَةِ إذَا لَمْ يُصَلِّهَا فِي وَقْتِهَا حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تُقْضَى: أَيْ سُنَّةُ جُمُعَةٍ انْتَهَى. وَنَقَلَ عَنْ الْعَلَّامَةِ شَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ مَثَلًا وَوَجَّهَهُ بِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِجُمُعَةٍ صَحِيحَةٍ وَدَاخِلَةٌ فِي عُمُومِ أَنَّ النَّفَلَ الْمُؤَقَّتَ يُسَنُّ قَضَاؤُهُ (قَوْلُهُ: وَجُمُعَةً فِي كَلَامِهِ بِالنَّصْبِ) أَيْ عَلَى الْحَالِيَّةِ (قَوْلُهُ: لِفَسَادِ الرَّفْعِ) لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ الْجُمُعَةَ إذَا فَاتَتْ لَا تُقْضَى جُمُعَةً وَلَا ظُهْرًا. وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ الرَّفْعُ عَلَى مَا قِيلَ وَمَرَّ آنِفًا مَا فِيهِ، وَمُرَادُهُ بِمَا مَرَّ قَوْلُهُ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُمْ الْآتِيَ بَلْ تُقْضَى ظُهْرًا فِيهِ تَجَوُّزٌ، وَأَنَّ الرَّفْعَ فِي قَوْلِهِ جُمُعَةً صَحِيحٌ لِمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الظُّهْرَ لَيْسَتْ قَضَاءً عَنْهَا انْتَهَى (قَوْلُهُ: فَلَوْ شَكُّوا فِي خُرُوجِ وَقْتِهَا) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالشَّكِّ الِاسْتِوَاءُ أَوْ مَعَ رُجْحَانِ الْخُرُوجِ فَإِنْ ظَنَّ الْبَقَاءَ فَتَبْقَى الْجُمُعَةُ انْتَهَى. وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الظَّنُّ نَاشِئًا عَنْ اجْتِهَادٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِاعْتِضَادِهِ بِالْأَصْلِ. (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ عَلَيْهِمْ الْإِحْرَامُ بِالظُّهْرِ) أَيْ فَلَوْ أَحْرَمَ ظَانًّا خُرُوجَ الْوَقْتِ فَتَبَيَّنَ سَعَتُهُ تَبَيَّنَ عَدَمُ انْعِقَادِ الظُّهْرِ فَرْضًا وَوَقَعَ نَفْلًا مُطْلَقًا إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ظُهْرٌ آخَرُ وَإِلَّا وَقَعَ عَنْهُ، فَإِنْ كَانَ الْوَقْتُ بَاقِيًا وَيُمْكِنُ فِيهِ فِعْلُ الْجُمُعَةِ فَعَلَهَا وَإِلَّا قَضَى الظُّهْرَ (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ) جَرَى عَلَيْهِ حَجّ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ الثَّانِي) أَيْ فَيُسِرُّ بِالْقِرَاءَةِ مِنْ حِينَئِذٍ وَهَذَا فَائِدَةُ الْخِلَافِ. وَكَتَبَ سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِهَا فِي وَقْتٍ يَسَعُهَا لَكِنَّهُ طَوَّلَ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ، أَمَّا لَوْ أَحْرَمَ بِهَا فِي وَقْتٍ لَا يَسَعُهَا جَاهِلًا بِأَنَّهُ لَا يَسَعُهَا فَالْوَجْهُ عَدَمُ انْعِقَادِهَا جُمُعَةً، وَهَلْ تَنْعَقِدُ ظُهْرًا أَوْ نَفْلًا مُطْلَقًا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالثَّانِي أَوْجَهُ لِأَنَّهُ أَحْرَمَ بِهَا فِي وَقْتٍ لَا يَقْبَلُهَا، فَهُوَ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ قَبْلَ الْوَقْتِ جَاهِلًا فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى. وَكَتَبَ عَلَيْهِ الشَّوْبَرِيُّ. قَوْلُهُ وَالثَّانِي أَوْجَهُ لَا وَجْهَ لَهُ بَلْ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَحْرَمَ بِهَا فِي وَقْتٍ لَا يَقْبَلُهَا: أَيْ جُمُعَةً: أَيْ وَيَقْبَلُهَا ظُهْرًا فَتَنْعَقِدُ ظُهْرًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَقَوْلُهُ فَهُوَ إلَخْ مَمْنُوعٌ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ انْتَهَى. أَقُولُ: وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ أَحْرَمَ بِهَا فِيمَا لَا يُقْبَلُ ظُهْرًا وَلَا جُمُعَةً، وَأَمَّا إذَا أَحْرَمَ بِهَا فِي وَقْتٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهُمْ لَوْ شَكُّوا فِيهِ وَجَبَتْ نِيَّةُ الظُّهْرِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ احْتِمَالًا) لَعَلَّهُ غَايَةٌ لِيَسَعَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ كُلُّ شَرْطٍ اُخْتُصَّ بِالْجُمُعَةِ إلَخْ) لَا يَرِدُ عَلَيْهِ الْجَمَاعَةُ حَيْثُ اُشْتُرِطَتْ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَقَطْ مَعَ الِاخْتِصَاصِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ شَرْطًا لِافْتِتَاحِهَا. أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَصِحُّ افْتِتَاحُ الْإِمَامِ قَبْلَ انْعِقَادِ الْجَمَاعَةِ، وَأَمَّا وُقُوعُهَا فِي افْتِتَاحِ صَلَاةِ

فِي افْتِتَاحِهَا يَجِبُ اسْتِدَامَتُهُ إلَى تَمَامِهَا (بِنَاءً) عَلَى مَا فَعَلَ مِنْهَا فَيُسِرُّ بِقِرَاءَتِهِ مِنْ حِينَئِذٍ. وَلَا يُحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ لِلظُّهْرِ وَإِتْمَامُهَا ظُهْرًا بِنَاءٌ مُتَحَتِّمٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا، وَمَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَى أَنَّهُمْ إنْ شَاءُوا أَتَمُّوهَا ظُهْرًا وَإِنْ شَاءُوا قَلَبُوهَا نَفْلًا وَاسْتَأْنَفُوا الظُّهْرَ. وَقَالَ: إنَّ الْأَشْبَهَ فَرْضُ الْخِلَافِ فِي جَوَازِ الْبِنَاءِ وَعَدَمِهِ لَا تَحَتُّمُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ لَفْظِهِ، وَهَلْ نَقُولُ الْبِنَاءُ أَفْضَلُ لِمَا فِيهِ مِنْ عَدَمِ إبْطَالِهَا أَوْ الِاسْتِئْنَافُ لِتَصِحَّ ظُهْرُهُ وِفَاقًا؟ الْأَقْرَبُ الثَّانِي إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ، وَحِينَئِذٍ يُقَلِّبُهَا نَفْلًا وَيُسَلِّمُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ الظُّهْرَ انْتَهَى. قَالَ الْغَزِّيِّ: وَقَوْلُهُمْ فِي تَعْلِيلِ الْبِنَاءِ إنَّهُمَا صَلَاتَا وَقْتٍ فَجَازَ بِنَاءُ أَطْوَلِهِمَا عَلَى أَقْصَرِهِمَا كَصَلَاةِ الْحَضَرِ مَعَ السَّفَرِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْجَوَازِ، نَعَمْ يَجِبُ الْبِنَاءُ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ الظُّهْرِ أَوْ اُسْتُؤْنِفَتْ اهـ. قُلْت: كُلٌّ مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ وَالْغَزِّيِّ غَيْرُ مُتَأَتٍّ فِي مَسْأَلَتِنَا إذْ صُورَتُهَا أَنَّ وَقْتَ الظُّهْرِ خَرَجَ وَهُمْ فِيهَا فَتَأَمَّلْ (وَفِي قَوْلٍ اسْتِئْنَافًا) فَيَنْوِي الظُّهْرَ حِينَئِذٍ وَيَنْقَلِبُ مَا فَعَلَ مِنْ الْجُمُعَةِ نَفْلًا أَوْ تَبْطُلُ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَوَّلُهُمَا، وَلَوْ شَكُّوا فِي خُرُوجِهِ فِي أَثْنَائِهَا لَمْ يُؤَثِّرْ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَلَوْ أَخْبَرَهُمْ عَدْلٌ بِخُرُوجِهِ فَفِي فَوْتِهَا احْتِمَالَانِ نَقَلَهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ ابْنِ الْمَرْزُبَانِ، أَوْجُهُهُمَا كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ فَوْتُهَا عَمَلًا بِخَبَرِ الْعَدْلِ كَمَا فِي غَالِبِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ هَذَا كُلُّهُ فِي حَقِّ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ الْمُوَافِقِ. (وَ) أَمَّا (الْمَسْبُوقُ) الْمُدْرِكُ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً فَهُوَ (كَغَيْرِهِ) فِيمَا مَرَّ فَإِذَا خَرَجَ الْوَقْتُ قَبْلَ سَلَامِهِ أَتَمَّ صَلَاتَهُ ظُهْرًا (وَقِيلَ يُتِمُّهَا جُمُعَةً) لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِجُمُعَةٍ صَحِيحَةٍ وَلَوْ سَلَّمُوا مِنْهَا أَوْ الْمَسْبُوقُ التَّسْلِيمَةَ الْأُولَى خَارِجَ الْوَقْتِ مَعَ عِلْمِهِمْ بِخُرُوجِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ كَالسَّلَامِ فِي أَثْنَاءِ الظُّهْرِ عَمْدًا، فَإِنْ كَانُوا جَاهِلِينَ أَتَمُّوهَا ظُهْرًا لِعُذْرِهِمْ، وَإِنَّمَا لَمْ يُحَطَّ عَنْ الْمَسْبُوقِ الْوَقْتُ فِيمَا يَتَدَارَكُهُ كَمَا حُطَّ عَنْهُ الْعَدَدُ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا يَسَعُهَا فَالْوَقْتُ قَابِلٌ لَا لِلْجُمُعَةِ. وَالْقَاعِدَةُ أَنَّهُ إذَا انْتَفَى شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِهَا كَفَوَاتِ الْعَدَدِ وَنَحْوِهِ وَقَعَتْ ظُهْرًا. (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ الظُّهْرِ) قَضِيَّةُ نَفْيِ الِاحْتِيَاجِ جَوَازُ نِيَّةِ الظُّهْرِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ، فَإِنَّ اسْتِئْنَافَ الظُّهْرِ يُصَيِّرُهُ قَضَاءً مَعَ إمْكَانِ وُقُوعِهِ أَدَاءً وَهُوَ لَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَهَلْ نَقُولُ إلَخْ) مِنْ فُرُوعِ قَوْلِهِ وَمَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ) يُتَأَمَّلُ مَعَ فَرْضِ الْكَلَامِ فِي أَنَّهُ خَرَجَ وَهُمْ فِيهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ فِي قَوْلِهِ قُلْت إلَخْ (قَوْلُهُ: إنَّ وَقْتَ الظُّهْرِ خَرَجَ وَهُمْ فِيهَا فَتَأَمَّلْ) أَيْ فَلَعَلَّ كَلَامَهُمَا مُصَوَّرٌ بِمَا لَوْ فَاتَ شَرْطٌ يَخْتَصُّ بِهَا قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا كَأَنْ نَقَصَ الْعَدَدُ فِي أَثْنَائِهَا فَإِنَّهُ يَبْطُلُ كَوْنُهَا جُمُعَةً وَتَنْقَلِبُ ظُهْرًا، وَيُقَالُ: الْأَفْضَلُ اسْتِئْنَافُهَا حِينَئِذٍ ظُهْرًا إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ، وَكَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ: وَلَوْ دَخَلَتْ طَائِفَةٌ فِي الْجُمُعَةِ فَأَخْبَرُوهُمْ بِأَنَّ طَائِفَةً إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَنْقَلِبُ مَا فَعَلَ مِنْ الْجُمُعَةِ نَفْلًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ أَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ، وَهُوَ مُشْكِلٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَنَا نَفْلٌ بِدُونِ رَكْعَةٍ وَلَا بِهَا بِدُونِ تَشَهُّدٍ أَوْ سَلَامٍ، فَيُحْتَمَلُ الْمُرَادُ أَنَّهَا تَنْقَلِبُ نَفْلًا فَيُتِمُّهَا رَكْعَتَيْنِ وَيُسَلِّمُ، وَيُحْتَمَلُ انْقِلَابُهَا مِنْ الْآنِ فَلَا يَزِيدُ عَلَى مَا فَعَلَهُ، وَيَخُصُّ كَوْنَ الصَّلَاةِ لَا تَكُونُ بِدُونِ تَشَهُّدٍ وَسَلَامٍ بِالِاخْتِيَارِ وَهَذِهِ لِلْعُذْرِ فِيهَا لَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانُوا جَاهِلِينَ أَتَمُّوهَا ظُهْرًا) أَيْ وَسَجَدُوا لِلسَّهْوِ لِفِعْلِهِمْ مَا يَبْطُلُ عَمْدُهُ (قَوْلُهُ كَمَا حُطَّ عَنْهُ الْعَدَدُ) قَدْ يُقَالُ: لَمْ يُحَطَّ الْعَدَدُ عَنْ الْمَسْبُوقِ لِأَنَّ مَعْنَى اعْتِبَارِ الْعَدَدِ صَلَاةُ أَرْبَعِينَ عَلَى الصِّحَّةِ، وَانْفِرَادُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَأْمُومِينَ فَإِنَّمَا هُوَ لِضَرُورَةِ تَقَدُّمِ افْتِتَاحِ الْإِمَامِ الْمُشْتَرَطِ فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَرْضُ الْخِلَافِ إلَخْ) أَيْ فَالْقَوْلُ الثَّانِي يَقُولُ: يَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ وَلَا يَجُوزُ الْبِنَاءُ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ يَقُولُ: بَلْ يَجُوزُ الْبِنَاءُ: أَيْ مَعَ الِاسْتِئْنَافِ (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ ظَاهِرُ لَفْظِهِ) رَاجِعٌ لِلْمَنْفِيِّ وَالضَّمِيرُ فِي لَفْظِهِ لِلْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: كُلٌّ مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ وَالْغَزِّيِّ غَيْرُ مُتَأَتٍّ) يَعْنِي آخِرَ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ وَالِاسْتِدْرَاكُ الَّذِي اسْتَدْرَكَهُ الْغَزِّيِّ وَإِلَّا فَصَدْرُ كَلَامِهِمَا مُتَأَتٍّ.

لِكَوْنِهِ تَابِعًا لِأَنَّ اعْتِنَاءَ الشَّرْعِ بِرِعَايَةِ الْوَقْتِ أَكْثَرُ بِدَلِيلِ اخْتِلَافِ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الِانْفِضَاضِ الْمُخِلِّ بِالْجَمَاعَةِ وَعَدَمِ اخْتِلَافِهِ فِي فَوَاتِ الْجُمُعَةِ بِوُقُوعِ شَيْءٍ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ خَارِجَ الْوَقْتِ وَبِدَلِيلِ تَوَقُّفِ صِحَّةِ الصَّلَوَاتِ عَلَى دُخُولِ وَقْتِهَا وَحُرْمَةِ تَأْخِيرِهَا عَنْهُ بِخِلَافِ الْقُدْوَةِ وَالْعَدَدِ. وَلَوْ سَلَّمَ الْإِمَامُ الْأُولَى وَتِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ فِيهِ وَسَلَّمَهَا الْبَاقُونَ خَارِجَهُ صَحَّتْ جُمُعَةُ الْإِمَامِ وَمَنْ مَعَهُ فَقَطْ دُونَ الْمُسَلِّمِينَ خَارِجَهُ فَلَا تَصِحُّ جُمُعَتُهُمْ، وَكَذَا جُمُعَةُ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ لَوْ نَقَصُوا عَنْ أَرْبَعِينَ كَأَنْ سَلَّمَ الْإِمَامُ فِيهِ وَسَلَّمَ مَنْ مَعَهُ أَوْ بَعْضُهُمْ خَارِجَهُ، وَإِنَّمَا صَحَّتْ لَهُ وَحْدَهُ فِيمَا لَوْ كَانُوا مُحْدِثِينَ دُونَهُ لِأَنَّ سَلَامَهُمْ وَقَعَ فِي الْوَقْتِ فَتَمَّتْ فِيهِ صُورَةُ الصَّلَاةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا خَرَجَ الْوَقْتُ قَبْلَ السَّلَامِ، وَلِأَنَّ الْمُحْدِثَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ فِي الْجُمْلَةِ فِيمَا إذَا فَقَدَ الطَّهُورَيْنِ، بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ خَارِجَ الْوَقْتِ، وَلِأَنَّهُ هُنَا مُقَصِّرٌ بِتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ إلَى خُرُوجِ بَعْضِهَا عَنْ الْوَقْتِ، بِخِلَافِهِ فِي تِلْكَ فَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ لَمْ يُقَصِّرْ بَلْ سَلَّمَ فِي الْوَقْتِ فَأَخَّرُوا إلَى أَنْ خَرَجَ الْوَقْتُ اُحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ إلْحَاقًا لِلْفَرْدِ النَّادِرِ بِالْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ، وَاحْتُمِلَ أَنْ يَلْزَمَ فِيهَا صِحَّةُ جُمُعَتِهِ. قَالَ الشَّيْخُ: وَهُوَ أَوْجَهُ، هَذَا وَالْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ. (الثَّانِي) مِنْ الشُّرُوطِ (أَنْ) (تُقَامَ فِي خِطَّةِ أَبْنِيَةٍ) التَّعْبِيرُ بِهَا لِلْجِنْسِ فَيَشْمَلُ الْوَاحِدَ إذَا كَثُرَ فِيهِ عَدَدٌ مُعْتَبَرٌ كَمَا لَا يَخْفَى (أَوْطَانِ الْمُجَمِّعِينَ) لِتَشْدِيدِ الْمِيمِ: أَيْ الْمُصَلِّينَ لَهَا سَوَاءٌ أَكَانَتْ مَبْنِيَّةً لِطِينٍ أَوْ قَصَبٍ أَمْ سَعَفٍ أَمْ غَيْرِهَا أَمْ أَسْرَابًا وَهِيَ بُيُوتٌ فِي الْأَرْضِ لِأَنَّهَا لَمْ تَقُمْ فِي عَصْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ إلَّا ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَسْبُوقِ عَنْ الْجَمَاعَةِ بِعَدَمِ سَلَامِ الْإِمَامِ كَانْفِرَادِ الْمُوَافِقِ لَوْ نَوَى الْمُفَارَقَةَ بَعْدَ تَمَامِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَطَوَّلَ فِي قِرَاءَتِهِ حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ وَذَلِكَ غَيْرُ مُضِرٍّ، وَالْمُوَافِقُ وَالْمَسْبُوقُ فِي هَذَا الْحُكْمِ سَوَاءٌ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ تَابِعًا) أَيْ الْمَسْبُوقُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْقُدْوَةِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ جُمُعَتُهُمْ) أَيْ ثُمَّ إنْ سَلَّمُوا عَالِمِينَ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ وَإِلَّا فَلَا تَبْطُلُ وَيُتِمُّونَهَا ظُهْرًا إنْ عَلِمُوا بِالْحَالِ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا صَحَّتْ لَهُ) أَيْ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: فِيمَا لَوْ كَانُوا مُحْدِثِينَ) وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي: وَلَوْ بَانَ الْإِمَامُ جُنُبًا أَوْ مُحْدِثًا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَرَضَ أَنَّهُ) تَفْرِيعٌ عَلَى الْجَوَابِ الثَّالِثِ (قَوْلُهُ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ) أَيْ مِنْ الْبُطْلَانِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ) أَيْ مِنْ بُطْلَانِ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَمَنْ مَعَهُ حَيْثُ نَقَصُوا عَنْ الْأَرْبَعِينَ. (قَوْلُهُ: فِي خِطَّةِ أَبْنِيَةٍ) بِكَسْرِ الْخَاءِ، وَهِيَ أَرْضٌ يَخْتَطُّهَا الرَّجُلُ بِأَنْ يُعَلِّمَ عَلَيْهَا عَلَامَةً بِالْخَطِّ لِيَعْلَمَ أَنَّهُ اخْتَارَهَا لِيَبْنِيَهَا دَارًا، قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ انْتَهَى شَرْحُ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلَهُ فِي خِطَّةٍ إلَخْ: لَوْ أَحْرَمَ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ خَارِجَ الْخِطَّةِ بِالظُّهْرِ وَأَحْرَمَ بِالْجُمُعَةِ دَاخِلَ الْخِطَّة أَرْبَعُونَ مُقْتَدُونَ فَهَلْ تَصِحُّ الْجُمُعَةُ أَوْ أَحْرَمَ أَرْبَعُونَ بِالْجُمُعَةِ فِي قَرْيَتِهِمْ مُقْتَدِينَ بِإِمَامِ جُمُعَةٍ أُخْرَى تُقَامُ بَقَرِيَّة أُخْرَى بِقُرْبِ قَرْيَتِهِمْ عَلَى وَجْهٍ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ لِقُرْبِ الْمَسَافَةِ وَعَدَمِ الْحَائِلِ فَهَلْ تَصِحُّ جُمُعَتُهُمْ فِي الصُّورَتَيْنِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ عِنْدِي صِحَّتُهَا فِيهِمَا انْتَهَى. وَفِي حَجّ الْجَزْمُ بِالصِّحَّةِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: أَمْ أَسْرَابًا) فِي جَعْلِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْبِنَاءِ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ مَا يَشْمَلُ ذَلِكَ إمَّا بِجَعْلِهِ بِنَاءً تَجَوُّزًا أَوْ بِإِطْلَاقِ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ تَغْلِيبًا، وَعِبَارَةُ حَجّ التَّعْبِيرُ بِالْبِنَاءِ وَبِالْجَمْعِ لِلْغَالِبِ، إذْ نَحْوُ الْغِيرَانِ وَالسَّرَادِيبِ فِي نَحْوِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِأَنَّ سَلَامَهُمْ وَقَعَ فِي الْوَقْتِ إلَخْ) هَذَا فَرْقٌ بِعَيْنِ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ هُنَا مُقَصِّرٌ بِتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ إلَخْ) أَيْ بِتَسَبُّبِهِ بِالتَّأْخِيرِ الْمُؤَدِّي إلَى خُرُوجِ سَلَامِ بَعْضِ الْمَأْمُومِينَ خَارِجَ الْوَقْتِ، وَإِلَّا فَصَلَاتُهُ هُوَ وَقَعَتْ جَمِيعًا فِي الْوَقْتِ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْمُحْدِثَ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَفَارَقَ ذَلِكَ مَا لَوْ بَانَ حَدَثُ غَيْرِ الْإِمَامِ فَإِنَّهَا تَقَعُ لَهُ جُمُعَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِأَنَّ الْجُمُعَةَ تَصِحُّ مَعَ الْمُحْدِثِ فِي الْجُمْلَةِ كَصَلَاةِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَلَا كَذَلِكَ خَارِجَ الْوَقْتِ، فَكَانَ ارْتِبَاطُهَا بِهِ أَتَمَّ مِنْهُ بِالطَّهَارَةِ (قَوْلُهُ: بَلْ سَلَّمَ فِي الْوَقْتِ) أَيْ مَعَ اتِّسَاعِهِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بَعْدُ فَأَخَّرُوا إلَخْ وَإِلَّا فَالْمَسْأَلَةُ قَبْلَهَا لِذَلِكَ

فِي دَارِ الْإِقَامَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ لَهَا مَسْجِدٌ، وَلَوْ انْهَدَمَتْ أَوْ أُحْرِقَتْ وَأَقَامَ أَهْلُهَا عَلَى عِمَارَتِهَا وَلَوْ فِي غَيْرِ مَظَالٍّ لَمْ يُقْدَحْ فِي صِحَّةِ الْجُمُعَةِ، وَلَا تَنْعَقِدُ فِي غَيْرِ بِنَاءٍ إلَّا فِي هَذِهِ، وَفَارَقَ مَا لَوْ نَزَلُوا مَكَانًا وَأَقَامُوا فِيهِ لِيُعَمِّرُوهُ قَرْيَةً حَيْثُ لَا تَصِحُّ فِيهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِاسْتِصْحَابِ الْأَصْلِ فِي الْحَالَيْنِ، وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ خِطَّةٌ وَهِيَ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ أَرْضٌ خُطَّ عَلَيْهَا أَعْلَامٌ لِلْبِنَاءِ فِيهَا الْفَضَاءُ الْمَعْدُودُ مِنْ الْأَبْنِيَةِ الْمُجْتَمِعَةِ بِأَنْ كَانَ فِي مَحَلٍّ لَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ، بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَعْدُودِ مِنْهَا، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ مَنْ أَطْلَقَ الْمَنْعَ فِي الْكِنِّ الْخَارِجِ عَنْهَا، وَلَا فَرْقَ فِي الْمَعْدُودِ مِنْهَا بَيْنَ الْمُتَّصِلِ بِالْأَبْنِيَةِ وَالْمُنْفَصِلِ عَنْهَا كَمَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ، وَاسْتَحْسَنَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ: وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْقُرَى يُؤَخِّرُونَ الْمَسْجِدَ عَنْ جِدَارِ الْقَرْيَةِ قَلِيلًا صِيَانَةً عَنْ نَجَاسَةِ الْبَهَائِمِ، وَعَدَمُ انْعِقَادِ الْجُمُعَةِ فِيهِ بَعِيدٌ، وَقَوْلُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ: قَالَ أَصْحَابُنَا لَوْ بَنَى أَهْلُ الْقَرْيَةِ مَسْجِدَهُمْ خَارِجَهَا لَمْ يَجُزْ لَهُمْ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ فِيهِ لِانْفِصَالِهِ عَنْ الْبُنْيَانِ مَحْمُولٌ عَلَى انْفِصَالٍ لَا يُعَدُّ بِهِ مِنْ الْقَرْيَةِ انْتَهَى. وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الضَّابِطَ فِيهِ أَنْ لَا يَكُونَ بِحَيْثُ تُقْصَرُ الصَّلَاةُ قَبْلَ مُجَاوَزَتِهِ، وَلَوْ أُقِيمَتْ الْجُمُعَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْجَبَلِ كَذَلِكَ انْتَهَى (قَوْلُهُ: فِي دَارِ الْإِقَامَةِ) أَيْ وَكَانَتْ أَبْنِيَةً. (قَوْلُهُ: أَوْ أُحْرِقَتْ وَأَقَامَ أَهْلُهَا عَلَى عِمَارَتِهَا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ غَيْرُ أَهْلِهَا لِعِمَارَتِهَا لَمْ يَجُزْ لَهُمْ إقَامَتُهَا فِيهَا إذْ لَا اسْتِصْحَابَ فِي حَقِّهِمْ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ. وَهُوَ ظَاهِرٌ مَا لَوْ أَقَامَ أَوْلِيَاؤُهُمْ عَلَى الْعِمَارَةِ وَهُمْ عَلَى نِيَّةِ عَدَمِهَا أَوْ الْعَكْسِ هَلْ الْعِبْرَةُ بِنِيَّةِ الْأَوْلِيَاءِ أَوْ نِيَّتِهِمْ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وُجُودًا وَعَدَمًا، لِأَنَّ غَيْرَ الْكَامِلِ لَا اعْتِدَادَ بِنِيَّتِهِ. وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ كَانَ ثَمَّ أَرْبَعُونَ كَامِلُونَ مُسْتَوْطِنُونَ فَتَصِحُّ الْجُمُعَةُ مِنْهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ تَبَعًا لَهُمْ، وَإِنْ قُلْنَا الْعِبْرَةُ بِنِيَّةِ غَيْرِ الْكَامِلِينَ لِكَوْنِ الْقَرْيَةِ مِلْكَهُمْ لَا تَصِحُّ مِنْ الْكَامِلِينَ إذَا فَعَلُوا وَأَمَّا غَيْرُ الْكَامِلِينَ إذَا فَعَلُوهَا اسْتِقْلَالًا لَمْ تَنْعَقِدْ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ. أَيْضًا مَا لَوْ اخْتَلَفَتْ نِيَّةُ الْكَامِلِينَ فَبَعْضُهُمْ نَوَى الْإِقَامَةَ وَبَعْضُهُمْ نَوَى عَدَمَهَا، وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِنِيَّةِ مَنْ نَوَى الْبِنَاءَ وَكَانَ غَيْرُهُمْ مَعَهُمْ جَمَاعَةً أَغْرَابُ دَخَلُوا بَلْدَةَ غَيْرِهِمْ فَتَصِحُّ مِنْهُمْ تَبَعًا لِأَهْلِ الْبَلَدِ (قَوْلُهُ عَلَى عِمَارَتِهَا) أَيْ أَوْ أَطْلَقُوا (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا تَصِحُّ فِيهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ) وَانْظُرْ مَا ضَابِطُ الْبِنَاءِ هُنَا هَلْ هُوَ مَا يُسَمَّى بِنَاءً عُرْفًا أَوْ هُوَ تَهْيِئَتُهُ لِلسُّكْنَى أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ فِي مَحَلٍّ لَا تُقْصَرُ فِيهِ) أَيْ فَتَصِحُّ فِيهِ اسْتِقْلَالًا وَتَبَعًا هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ إنْ كَانُوا بِمَكَانٍ لَا يَقْصُرُ فِيهِ مَنْ سَافَرَ إلَخْ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ (قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ الْأَذْرَعِيُّ. (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ انْعِقَادِ الْجُمُعَةِ فِيهِ بَعِيدٌ) مَا لَوْ كَانَ مُتَّصِلًا بِالْعُمْرَانِ ثُمَّ خَرِبَ مَا حَوَالَيْهِ وَصَارَ مُنْفَصِلًا عَنْ الْعِمَارَةِ هَلْ تَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ بَلْ الْمُتَعَيَّنُ صِحَّتُهَا فِيهِ لِتَحَقُّقِ كَوْنِهِمَا مِنْ الْبَلَدِ أَوَّلًا، وَطُرُوُّ الْخَرَابِ لَا يَمْنَعُ نِسْبَتَهُ إلَيْهَا، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ وَابْنِ الْبَزْرِيِّ التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ، وَأَنَّهُ انْتَصَرَ لَهُمَا جَمْعٌ وَمَنَعُوا جَوَازَ التَّرَخُّصِ قَبْلَ مُجَاوَزَتِهِ، وَأَطَالَ فِي بَيَانِهِ لَكِنَّهُ نَظَرَ فِيهِ وَمَالَ إلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَرَابِ الْمُتَخَلَّلِ بِالْعُمْرَانِ فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ: وَلَا فَرْقَ فِي عَدَمِ صِحَّةِ إقَامَتِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: قَبْلَ مُجَاوَزَتِهِ) أَيْ وَالْمَسْجِدِ حَيْثُ نُسِبَ لِلْبَلَدِ يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الْقَصْرِ مُجَاوَزَتُهُ كَبَعْضِ الْبُيُوتِ الْمُنْفَصِلَةِ عَنْ الْبَلَدِ. وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ مِثْلِ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ نَقْلًا عَنْهُ: فَعَلَى هَذَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَرَاكِبِ الرَّاسِيَةِ بِسَاحِلِ بُولَاقَ تَبَعًا لِمَنْ بِالْمَدْرَسَةِ الْبَاشِيَّةِ إذَا كَانُوا أَرْبَعِينَ، لِأَنَّ الْمَرَاكِبَ لَا تُقْصَرُ الصَّلَاةُ فِيهَا، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ سَيْرِهَا كَمَا تَقَرَّرَ فِي بَابِ الْقَصْرِ. وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ الْحَرِيمَ لَا تَجُوزُ الْجُمُعَةُ فِيهِ إلَّا تَبَعًا لِأَرْبَعَيْنِ فِي الْخُطْبَةِ، وَغَيْرُ الْحَرِيمِ لَا تَجُوزُ فِيهِ مُطْلَقًا، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَوْجَهُ صِحَّةُ الْجُمُعَةِ تَبَعًا وَاسْتِقْلَالًا فِي كُلِّ مَا لَا تُقْصَرُ الصَّلَاةُ قَبْلَ مُجَاوَزَتِهِ ثُمَّ سَأَلْته عَنْ ذَلِكَ فَوَافَقَ عَلَى هَذَا الَّذِي قُلْنَا إنَّهُ الْوَجْهُ ثُمَّ قَرَّرَهُ مِرَارًا انْتَهَى. سُئِلَ عَنْ قَرْيَةٍ لَهَا سُورٌ وَلَا يَكْمُلُ الْعَدَدُ إلَّا بِمَنْ هُوَ دَاخِلَهُ وَخَارِجَهُ، فَهَلْ تَلْزَمُ الْكُلَّ وَتَجُوزُ إقَامَتُهَا دَاخِلَ السُّورِ وَخَارِجَهُ؟ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ النَّوَوِيِّ فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فِي مَحَلٍّ تَصِحُّ فِيهِ وَامْتَدَّتْ الصُّفُوفُ يَمِينًا وَشِمَالًا وَوَرَاءَ مَعَ الِاتِّصَالِ الْمُعْتَبَرِ حَتَّى خَرَجَتْ إلَى خَارِجِ الْقَرْيَةِ مَثَلًا صَحَّتْ جُمُعَةُ الْخَارِجِينَ إنْ كَانُوا بِمَكَانٍ لَا يَقْصِرُ فِيهِ مَنْ سَافَرَ مِنْ تِلْكَ الْبَلْدَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَشَمَلَ ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاهُ وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ لِكَوْنِهَا فِي غَيْرِ خِطَّةِ أَبْنِيَةِ أَوْطَانِهِمْ، وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ كَالصَّرِيحِ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ، وَلَا فَرْقَ فِي عَدَمِ صِحَّةِ إقَامَتِهَا فِي مَحَلٍّ يُتَرَخَّصُ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَبْنِيَ مَحَلَّ إقَامَتِهَا مُنْفَصِلًا عَنْ الْبَلَدِ وَأَنْ يَطْرَأَ انْفِصَالُهُ عَنْهَا لِخَرَابِ مَا بَيْنَهُمَا، خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الصِّحَّةِ فِي الشِّقِّ الثَّانِي حَيْثُ قَالَ: إنَّهُ إذَا كَانَ الْبَلَدُ كَبِيرًا وَخُرِّبَ مَا حَوَالَيْ الْمَسْجِدِ لَمْ يَزُلْ عَنْهُ حُكْمُ الْوَصْلَةِ فَتَجُوزُ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ فِيهِ وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا فَرْسَخٌ. (وَلَوْ) (لَازَمَ أَهْلُ الْخِيَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَكَلَامُهُمْ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ أَنَّهُمْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَجُوزُ لَهُمْ إقَامَتُهَا خَارِجَ السُّورِ لِجَوَازِ الْقَصْرِ لِمُجَاوَزَتِهِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ بُنْيَانٌ، لَكِنَّ سُكْنَى بَعْضِهِمْ خَارِجَهُ لَا تَمْنَعُ كَوْنَهُ مِنْ الْمُقِيمِينَ الْمُسْتَوْطِنِينَ فَيَتِمُّ الْعَدَدُ بِهِ إذَا أُقِيمَتْ دَاخِلَهُ. أَمَّا إذَا كَانَ خَارِجَهُ أَرْبَعُونَ فَأَكْثَرَ وَدَاخِلَهُ كَذَلِكَ فَتَصِحُّ لِلْخَارِجِينَ عَنْهُ حَيْثُ عَسُرَ اجْتِمَاعُهُمْ فِي مَكَان دَاخِلَهُ لِأَنَّهُ مَحَلُّ إقَامَتِهِمْ وَإِنْ كَانَ بِالنِّسْبَةِ لِلدَّاخِلِينَ مَحَلَّ سَفَرٍ انْتَهَى. وَسُئِلَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِمَا لَفْظُهُ: قَالُوا لَا بُدَّ فِي إقَامَةِ الْجُمُعَةِ أَنْ تَكُونَ فِي مَحَلٍّ لَا يَجُوزُ الْقَصْرُ فِيهِ، فَهَلْ إذَا أَقَامَهَا مَنْ دُورُهُمْ خَارِجَ السُّورِ وَتَكَمَّلُوا بِوَاحِدٍ مِمَّنْ دَارُهُ دَاخِلَ السُّورِ تَنْعَقِدُ بِهِ أَوْ لَا؟ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ بِهِ لِأَنَّهُ فِي مَحَلٍّ يَجُوزُ لَهُ الْقَصْرُ فِيهِ، فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ كَالْمُسَافِرِ إذْ لَيْسَ هُوَ دَارَ إقَامَتِهِ، وَلَوْ دَخَلَ مِنْ دَارِهِ خَارِجَ السُّورِ إلَى دَاخِلِهِ انْعَقَدَتْ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْقَصْرُ فِي هَذَا الْمَحَلِّ عَلَى مَا أَفْتَيْت بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ السَّفَرَ وَاحْتَاجَ إلَى قَطْعٍ دَاخِلَ السُّورِ لِكَوْنِهِ فِي مَقْصِدِهِ لَمْ يَقْصُرْ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ السُّورِ ثُمَّ يُجَاوِزَ الْعُمْرَانَ الَّذِي وَرَاءَهُ، لِأَنَّ السُّورَ لَا عِبْرَةَ بِهِ فِي حَقِّهِ، وَإِنَّمَا الْعُمْرَانُ الَّذِي خَارِجَهُ كُلُّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ دَارُ إقَامَتِهِ انْتَهَى ابْنُ حَجَرٍ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانُوا بِمَكَانٍ لَا يَقْصُرُ فِيهِ) دَخَلَ فِيهِ مَا لَوْ أُقِيمَتْ الْجُمُعَةُ فِي قَرْيَةٍ وَاقْتَدَى بِإِمَامِهَا أَهْلُ قَرْيَةٍ أُخْرَى مُنْفَصِلَةٍ عَنْهَا عُرْفًا فَلَا تَصِحُّ جُمُعَةُ الْقَرْيَةِ الثَّانِيَةِ، لِأَنَّ مَنْ سَافَرَ مِنْ بَلَدِ الْجُمُعَةِ إلَى تِلْكَ الْقَرْيَةِ جَازَ الْقَصْرُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، لَكِنَّ صَمَّمَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ عَلَى الصِّحَّةِ وَذَكَرَ أَنَّهُ مَنْقُولٌ فَلْيُرَاجَعْ. ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجَرٍ عَلَى الْمِنْهَاجِ مَا نَصُّهُ: وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ هُنَا فِي خِطَّةِ أَبْنِيَةٍ وَفِيمَا يَأْتِي بِأَرْبَعِينَ أَنَّ شَرْطَهُ الصِّحَّةُ كَوْنُ الْأَرْبَعِينَ فِي الْخِطَّةِ وَأَنَّهُ لَا يَضُرُّ خُرُوجُ مَنْ عَدَاهُمْ عَنْهَا فَيَصِحُّ رَبْطُ صَلَاتِهِمْ الْجُمُعَةَ بِصَلَاةِ إمَامِهَا لِشَرْطِهِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ وَكَلَامُهُمْ فِي شُرُوطِ الْقُدْوَةِ الْمَكَانِيَّةِ يَقْتَضِيهِ أَيْضًا، فَعَلَيْهِ لَوْ اقْتَدَى أَهْلُ بَلَدٍ سَمِعُوا وَهُمْ بِبَلَدِهِمْ بِإِمَامِ الْجُمُعَةِ فِي بَلْدَةٍ وَتَوَفَّرَتْ شُرُوطُ الِاقْتِدَاءِ جَازَ انْتَهَى. وَعِبَارَةُ سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَنْ تُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ بِمَا نَصُّهُ: أَرْبَعِينَ فَأَكْثَرَ مِنْ أَهْلِ الِانْعِقَادِ وَإِنْ كَانَ إمَامُهَا الزَّائِدُ عَلَى الْأَرْبَعِينَ خَارِجًا عَمَّا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهُ لِلْقَصْرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بِأَنْ اقْتَدُوا بِمَنْ لَا تَلْزَمُهُ وَقَدْ خَرَجَ عَنْ ذَلِكَ وَنَوَى غَيْرَهَا أَوْ اقْتَدَى بِمَنْ فِي قَرْيَةِ أُخْرَى حَيْثُ وُجِدَتْ شُرُوطُ الِاقْتِدَاءِ بِهِمَا مِنْ الْقُرْبِ وَعَدَمِ الْحَيْلُولَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ انْتَهَى. وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ نَقْلًا عَنْ حَوَاشِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ. (قَوْلُهُ: مَنْ سَافَرَ مِنْ تِلْكَ الْبَلْدَةِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ اتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ إلَى فَضَاءٍ تُقْصَرُ الصَّلَاةُ فِيهِ لَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ فِيهِ لَا تَبَعًا وَلَا اسْتِقْلَالًا، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الشَّارِحِ طب، لَكِنَّهُ نُقِلَ عَنْ ع احْتِمَالًا بِخِلَافِهِ، وَجَرَى ابْنُ حَجَرٍ عَلَى صِحَّةِ جُمُعَةِ الْخَارِجِينَ تَبَعًا حَيْثُ زَادُوا عَلَى الْأَرْبَعِينَ (قَوْلُهُ: وَشَمَلَ ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاهُ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْقَضَاءَ الْمَعْدُودَ مِنْ الْأَبْنِيَةِ الْمُجْتَمِعَةِ بِأَنْ كَانَ فِي مَحَلٍّ لَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ تَصِحُّ فِيهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَزُلْ عَنْهُ حُكْمُ الْوَصْلَةِ) وَجَرَى ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: مَعَ الِاتِّصَالِ الْمُعْتَبَرِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ الْمُعْتَبَرُ لِصِحَّةِ الْقُدْوَةِ الْمَارُّ فِي بَابِ الْجَمَاعَةِ، وَإِلَّا فَالْجُمُعَةُ لَا يُعْتَبَرُ لَهَا اتِّصَالٌ خَاصٌّ، عَلَى أَنَّ هَذَا الْإِفْتَاءَ يُوهِمُ أَنَّ هَذَا التَّصْوِيرَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إذْ لَوْ أُنْشِئَتْ الْجُمُعَةُ فِي هَذَا

الصَّحْرَاءَ) أَيْ مَوْضِعًا مِنْهَا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (أَبَدًا) وَلَمْ يَبْلُغْهُمْ النِّدَاءُ مِنْ مَحَلِّ الْجُمُعَةِ (فَلَا جُمُعَةَ عَلَيْهِمْ) وَلَا تَصِحُّ مِنْهُمْ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَأْمُرْ الْمُقِيمِينَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ بِهَا. وَالثَّانِي تَجِبُ وَيُقِيمُونَهَا فِي مَوْضِعِهِمْ لِأَنَّ الصَّحْرَاءَ وَطَنُهُمْ، فَإِنْ بَلَغَهُمْ النِّدَاءُ وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَلَوْ لَمْ يُلَازِمُوهُ أَبَدًا بِأَنْ انْتَقَلُوا عَنْهُ فِي الشِّتَاءِ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمْ جُمُعَةٌ جَزْمًا وَلَمْ تَصِحَّ مِنْهُمْ فِي مَوْضِعِهِمْ جَزْمًا. (الثَّالِثُ) مِنْ الشُّرُوطِ (أَنْ لَا يَسْبِقَهَا وَلَا يُقَارِنَهَا جُمُعَةٌ فِي بَلْدَتِهَا) وَإِنْ كَانَتْ عَظِيمَةً وَكَثُرَتْ مَسَاجِدُهَا، لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِهِ لَمْ يُقِيمُوا سِوَى جُمُعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلِأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى وَاحِدَةٍ أَفْضَى إلَى الْمَقْصُودِ مِنْ إظْهَارِ شِعَارِ الِاجْتِمَاعِ وَاتِّفَاقِ الْكَلِمَةِ (إلَّا إذَا كَبُرَتْ) أَيْ الْبَلَدُ (وَعَسُرَ اجْتِمَاعُهُمْ) يَقِينًا عَادَةً (فِي مَكَانِ) مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ تَعَدُّدُهَا بِحَسَبِ الْحَاجَةِ، لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ دَخَلَ بَغْدَادَ وَأَهْلُهَا يُقِيمُونَ بِهَا جُمُعَتَيْنِ وَقِيلَ ثَلَاثًا وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ، فَحَمَلَهُ الْأَكْثَرُ عَلَى عُسْرِ الِاجْتِمَاعِ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: أَوْ بَعُدَتْ أَطْرَافُ الْبَلَدِ أَوْ كَانَ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ، وَالْأَوَّلُ مُحْتَمَلٌ إنْ كَانَ الْبَعِيدُ بِمَحَلٍّ لَا يُسْمَعُ مِنْهُ نِدَاؤُهَا لِشُرُوطِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ بِمَحَلٍّ لَوْ خَرَجَ مِنْهُ عَقِبَ الْفَجْرِ لَمْ يُدْرِكْهَا لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ السَّعْيُ إلَيْهَا إلَّا بَعْدَ الْفَجْرِ كَمَا مَرَّ، وَحِينَئِذٍ فَإِنْ اجْتَمَعَ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلِّ الْبَعِيدِ كَذَلِكَ أَرْبَعُونَ صَلَّوْا الْجُمُعَةَ وَإِلَّا فَالظُّهْرَ، وَالثَّانِي ظَاهِرٌ أَيْضًا فَكُلُّ فِئَةٍ بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ يَلْزَمُهَا إقَامَةُ الْجُمُعَةِ، وَهَلْ الْمُرَادُ اجْتِمَاعُ مَنْ تَلْزَمُهُ أَوْ مَنْ تَصِحُّ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ أَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَنْ قَالَ بِذَلِكَ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الْقَصْرِ قَبْلَ مُجَاوَزَتِهِ إلْحَاقًا لِمَا بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَالْعُمْرَانِ بِالْخَرَابِ الْمُتَخَلِّلِ بَيْنَ عُمْرَانِ الْبَلَدِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَلَغَهُمْ النِّدَاءُ وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ) أَيْ سَوَاءٌ كَانُوا بِنَفْسِ الْخِيَامِ أَمْ بِمَا يُنْسَبُ إلَيْهَا كَمَرَافِقِهَا فَيَجِبُ الْحُضُورُ وَإِنْ بَعُدَ عَنْ الْخِيَامِ فِيمَا يَظْهَرُ لِنِسْبَةِ ذَلِكَ إلَيْهَا وَعَدِّهِ مِنْهَا، وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الْقَرْيَتَيْنِ (قَوْلُهُ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمْ) أَيْ بِمَحَلِّهِمْ أَمَّا غَيْرُهُ فَإِنْ بَلَغَهُمْ مِنْهُ النِّدَاءُ وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ فِيهِ وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ: وَلَا يُقَارِنُهَا جُمُعَةٌ فِي بَلْدَتِهَا) . [فَرْعٌ] لَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ خُطْبَتَانِ مُحْتَاجٌ إلَيْهِمَا ثُمَّ أَرَادَ شَخْصٌ آخَرُ إحْدَاثَ خُطْبَةٍ ثَالِثَةٍ فَهَلْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ إنْشَائِهَا وُقُوعُ خَلَلٍ فِيهَا لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ هِيَ السَّابِقَةَ عَلَى غَيْرِهَا، وَمِنْ الْجَائِزِ أَنْ تَكْثُرَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ وَيَحْتَاجُونَ لِذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَنْ يُقَالَ: يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ عَدَمِ خَلَلٍ فِيهَا لِسَبْقِهَا لَكِنَّهُ يُؤَدِّي إلَى خَلَلٍ فِي الْقَدِيمَتَيْنِ إنْ وَقَعَتَا مَعًا بَعْدَ الْحَادِثَةِ أَوْ بُطْلَانِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إنْ تَرَتَّبَتَا، وَاحْتِمَالُ كَثْرَةِ أَهْلِ الْبَلَدِ بِحَيْثُ يَحْتَاجُونَ إلَى ذَلِكَ الْأَصْلُ عَدَمُهُ وَلَا يُتْرَكُ الْأَمْرُ الْحَاصِلُ لِلْمُتَوَهِّمِ. (قَوْلُهُ: فِي مَكَانِ مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْمَسْجِدِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ مَسْجِدَانِ وَكَانَ أَهْلُ الْبَلَدِ إذَا صَلَّوْا فِيهِمَا وَسِعَاهُمْ مَعَ التَّعَدُّدِ وَكَانَ هُنَاكَ مَحَلٌّ مُتَّسَعٌ كَزَرِيبَةٍ مَثَلًا إذَا صَلَّوْا فِيهِ لَا يَحْصُلُ التَّعَدُّدُ هَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِمْ فِعْلُهَا فِي الْأَوَّلَيْنِ أَوْ الثَّانِيَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي حِرْصًا عَلَى عَدَمِ التَّعَدُّدِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) مِنْ كَلَامِ م ر (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي ظَاهِرٌ أَيْضًا) هُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَوْضِعِ ابْتِدَاءً فَهِيَ مُنْعَقِدَةٌ كَمَا عُلِمَ. (قَوْلُهُ: أَيْ مَوْضِعًا مِنْهَا) أَيْ وَإِلَّا فَالْمَتْنُ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانُوا يَنْتَقِلُونَ فِي الصَّحْرَاءِ مِنْ مَوْضِعٍ لِمَوْضِعٍ إذْ يَصْدُقُ عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ مُلَازِمُونَ لِلصَّحْرَاءِ: أَيْ لَمْ يَسْكُنُوا الْعُمْرَانَ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ بِمَحَلٍّ وَخَرَجَ مِنْهُ عَقِبَ الْفَجْرِ لَمْ يُدْرِكْهَا) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ يُدْرِكُهَا فَلَا يَجُوزُ التَّعَدُّدُ وَيَجِبُ السَّعْيُ لِمَحَلِّهَا: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ النِّدَاءَ بِقَرِينَةِ مُقَابَلَةِ هَذَا بِمَا قَبْلَهُ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ بِبَلَدِ الْجُمُعَةِ فَفَارَقَ اشْتِرَاطَ السَّمْعِ فِي الْخَارِجِ عَنْ الْبَلَدِ وَكَانَ غَرَضُهُ مِنْ ذِكْرِ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ قَبْلَهُ: وَالْأَوَّلُ مُحْتَمَلٌ إنْ كَانَ الْبَعِيدُ إلَخْ أَنَّ كَلَامَ الْأَنْوَارِ لَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى إطْلَاقِهِ، فَيُحْتَمَلُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَسْمَعْ النِّدَاءَ، وَيَحْتَمِلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ تَقْيِيدُهُ بِمَحَلٍّ لَوْ خَرَجَ مِنْهُ عَقِبَ الْفَجْرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) لَمْ يَمُرَّ هَذَا فِي كَلَامِهِ وَهُوَ تَابِعٌ فِي الْإِحَالَةِ لِلشِّهَابِ حَجّ، لَكِنَّ ذَاكَ قَدَّمَهُ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقَبْلَ الزَّوَالِ

لَا يَفْعَلُهَا أَوْ مَنْ يَفْعَلُهَا فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ غَالِبًا كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَلَعَلَّ أَقْرَبَهَا الْأَخِيرُ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَقِيلَ لَا تُسْتَثْنَى هَذِهِ الصُّورَةُ) وَتُحْتَمَلُ فِيهَا الْمَشَقَّةُ فِي الِاجْتِمَاعِ، وَاقْتَصَرَ فِي التَّنْبِيهِ كَالشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَمُتَابِعِيهِ عَلَى هَذَا وَهُوَ ظَاهِرُ النَّصِّ، وَسُكُوتُ الشَّافِعِيِّ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يُنْكِرُ عَلَى مُجْتَهِدٍ. وَقَدْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ بِالتَّعَدُّدِ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهَذَا بَعِيدٌ، ثُمَّ انْتَصَرَ لَهُ وَصَنَّفَ فِيهِ أَرْبَعُ مُصَنَّفَاتٍ وَقَالَ: إنَّهُ الصَّحِيحُ مَذْهَبًا وَدَلِيلًا. (وَقِيلَ إنْ حَالَ نَهْرٌ عَظِيمٌ) يُحْوِجُ إلَى سِبَاحَةٍ (بَيْنَ شِقَّيْهَا) كَبَغْدَادَ (كَانَا) أَيْ الشِّقَّانِ (كَبَلَدَيْنِ) فَيُقَامُ فِي كُلِّ شِقٍّ جُمُعَةٌ (وَقِيلَ إنْ كَانَتْ) أَيْ الْبَلْدَةُ (قُرًى) مُتَفَاصِلَةً (فَاتَّصَلَتْ) أَبْنِيَتُهَا (تَعَدَّدَتْ الْجُمُعَةُ بِعَدَدِهَا) فَيُقَامُ فِي كُلِّ قَرْيَةٍ جُمُعَةٌ كَمَا كَانَ، (فَلَوْ سَبَقَهَا جُمُعَةٌ) فِي مَوْضِعٍ يَمْتَنِعُ فِيهِ التَّعَدُّدُ (فَالصَّحِيحَةُ السَّابِقَةُ) لِاجْتِمَاعِ شَرَائِطِهَا، وَاللَّاحِقَةُ بَاطِلَةٌ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يُزَادُ عَلَى وَاحِدَةٍ (وَفِي قَوْلٍ إنْ كَانَ السُّلْطَانُ مَعَ الثَّانِيَةِ) إمَامًا كَانَ أَوْ مُقْتَدِيًا (فَهِيَ الصَّحِيحَةُ) وَإِلَّا لَأَدَّى إلَى تَفْوِيتِ الْجُمُعَةِ عَلَى أَهْلِ الْبَلَدِ بِمُبَادَرَةِ شِرْذِمَةٍ إلَى ذَلِكَ. وَالْمُتَّجَهُ أَنَّ حُكْمَ الْخَطِيبِ الْمَنْصُوبِ مِنْ جِهَةِ السُّلْطَانِ أَوْ مِنْ جِهَةِ نَائِبِهِ كَحُكْمِ السُّلْطَانِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّ هَذَا الْقَوْلَ مُقَيَّدٌ فِي الْأُمِّ بِأَنْ لَا يَكُونَ وَكِيلُ الْإِمَامِ مَعَ السَّابِقَةِ، فَإِنْ كَانَ مَعَهَا فَالْجُمُعَةُ هِيَ السَّابِقَةُ (وَالْمُعْتَبَرُ سَبْقُ التَّحَرُّمِ) مِنْ الْإِمَامِ بِتَمَامِ التَّكْبِيرِ وَهُوَ الرَّاءُ وَإِنْ سَبَقَهُ الْآخِرُ بِالْهَمْزِ لِأَنَّ بِهِ الِانْعِقَادَ، وَشَمَلَ مَا تَقَرَّرَ مِنْ كَوْنِ الْعِبْرَةِ بِتَمَامِ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ دُونَ تَكْبِيرِ مَنْ خَلَفَهُ مَا لَوْ أَحْرَمَ إمَامٌ بِالْجُمُعَةِ ثُمَّ إمَامٌ آخَرُ بِهَا ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ ثُمَّ بِالْأَوَّلِ مِثْلُهُمْ صَحَّتْ جُمُعَةُ الْأَوَّلِ، إذْ بِإِحْرَامِهِ تَعَيَّنَتْ جُمُعَتُهُ لِلسَّبْقِ وَامْتَنَعَ عَلَى غَيْرِهِ افْتِتَاحُ جُمُعَةٍ أُخْرَى وَبِذَلِكَ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ (وَقِيلَ) الْمُعْتَبَرُ سَبْقُ الْهَمْزَةِ، وَقِيلَ الْمُعْتَبَرُ (سَبْق التَّحَلُّلِ) أَيْ بِتَمَامِ السَّلَامِ لِلْأَمْنِ مَعَهُ مِنْ عُرُوضِ فَسَادِ الصَّلَاةِ، فَكَانَ اعْتِبَارُهُ أَوْلَى مِنْ اعْتِبَارِ مَا قَبْلَهُ (وَقِيلَ بِأَوَّلِ الْخُطْبَةِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخُطْبَتَيْنِ بَدَلٌ مِنْ رَكْعَتَيْنِ، وَلَوْ دَخَلَتْ طَائِفَةٌ فِي الْجُمُعَةِ فَأَخْبَرُوهُمْ بِأَنَّ طَائِفَةً سَبَقَتْهُمْ بِهَا اُسْتُحِبَّ لَهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ أَوْ كَانَ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْ يَفْعَلُهَا فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ غَالِبًا) أَيْ يَغْلِبُ فِعْلُهُمْ لَهَا (قَوْلُهُ وَلَعَلَّ أَقْرَبَهَا الْأَخِيرُ) عِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ قَوْلِهِ وَعَسُرَ اجْتِمَاعُهُمْ، الْمُرَادُ فِيمَا يَظْهَرُ وِفَاقًا م ر عَسُرَ اجْتِمَاعُ الْحَاضِرِينَ بِالْفِعْلِ انْتَهَى. وَمِثْلُهُ فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ، وَهَذَا مُخَالِفٌ كَمَا تَرَى لِقَوْلِ الشَّارِحِ وَلَعَلَّ أَقْرَبَهَا إلَخْ لِاعْتِبَارِ الشَّارِحِ الْغَلَبَةَ وَعَدَمِ اعْتِبَارِهَا لَهَا حَيْثُ اعْتَبَرَا مَنْ يَحْضُرْ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا بَعِيدٌ) أَيْ الْقَوْلُ بِالتَّعَدُّدِ. (قَوْلُهُ: فِي مَوْضِعٍ يَمْتَنِعُ فِيهِ التَّعَدُّدُ) أَيْ وَذَلِكَ بِأَنْ عَسُرَ اجْتِمَاعُهُمْ بِمَكَانٍ عَلَى الْأَوَّلِ وَمُطْلَقًا عَلَى الثَّانِي وَإِنْ لَمْ يَحُلْ نَهْرٌ عَلَى الثَّالِثِ وَمَا إذَا لَمْ تَكُنْ قُرًى عَلَى الرَّابِعِ (قَوْلُهُ: فَالْجُمُعَةُ هِيَ السَّابِقَةُ) أَيْ وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ الْإِمَامِ مَعَ الثَّانِيَةِ، وَلَعَلَّهُ لِكَوْنِهِ لَمَّا فُوِّضَ الْأَمْرُ إلَيْهِ كَأَنَّهُ رَفَعَ وِلَايَةَ نَفْسِهِ عَنْ ذَلِكَ الْمَحَلِّ مَا دَامَ الْوَكِيلُ مُتَصَرِّفًا فِيهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ بِهِ) أَيْ التَّحَرُّمِ الِانْعِقَاد إلَخْ (قَوْلُهُ: فَأَخْبَرُوهُمْ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ فَأَخْبَرُوا انْتَهَى. وَهِيَ صَادِقَةٌ بِمَا لَوْ كَانَ الْمُخْبِرُ وَاحِدًا بِخِلَافِ كَلَامِ الشَّارِحِ. لَكِنْ قَدْ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَبَعْدِهِ فِي الْجَدِيدِ إنْ كَانَ السَّفَرُ مُبَاحًا (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّ أَقْرَبَهَا الْأَخِيرُ) اُنْظُرْ لَوْ اتَّفَقَ حُضُورُ غَيْرِ مَنْ يَفْعَلُهَا فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ غَالِبًا مِمَّنْ تَلْزَمُهُمْ وَلَمْ يَسَعْهُمْ الْمَحَلُّ الَّذِي يَسَعُ مَنْ يَفْعَلُهَا غَالِبًا فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ هَلْ يَجُوزُ التَّعَدُّدُ حِينَئِذٍ أَوْ تَسْقُطُ الْجُمُعَةُ عَمَّنْ ضَاقَ عَنْهُ الْمَحَلُّ؟ فَإِنْ قَالَ الشَّارِحُ بِالْأَوَّلِ رَجَعَ قَوْلُهُ: إلَى النَّظَرِ إلَى مَنْ يَحْضُرُ بِالْفِعْلِ، وَهُوَ احْتِمَالٌ نَقَلَهُ عَنْهُ الشِّهَابُ سم وَذَكَرَ أَنَّهُ اخْتَارَهُ، وَإِنْ قَالَ بِالثَّانِي فَفِي غَايَةِ الْبُعْدِ، وَبِعَكْسِهِ لَوْ اتَّفَقَتْ قِلَّتُهُمْ عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ فَإِنْ قَالَ بِوُجُوبِ انْحِصَارِهِمْ فِي قَدْرِ الْمُحْتَاجِ رَجَعَ إلَى مَا قُلْنَا. وَإِنْ جُوِّزَ التَّعَدُّدُ مَعَ انْتِفَاءِ الْحَاجَةِ فَهُوَ بَعِيدٌ أَيْضًا، فَإِنْ قِيلَ الْمُعْتَبَرُ مَنْ يَغْلِبُ حُضُورُهُ فَإِنْ اتَّفَقَتْ كَثْرَةً أَوْ قِلَّةً عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ أَدَرْنَا الْحُكْمَ عَلَى ذَلِكَ، قُلْنَا: وَأَيُّ مَعْنًى لِاعْتِبَارِ مَنْ يَحْضُرُ بِالْفِعْلِ غَيْرِ هَذَا (قَوْلُهُ: وَهَذَا بَعِيدٌ) يَعْنِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَقِيلَ لَا تُسْتَثْنَى هَذِهِ الصُّورَةُ.

اسْتِئْنَافُ الظُّهْرِ، وَلَهُمْ إتْمَامُ الْجُمُعَةِ ظُهْرًا. وَقَوْلُ الشَّارِحِ هُنَا كَمَا لَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَهُمْ فِيهَا يُقَالُ عَلَيْهِ إنَّ التَّشْبِيهَ رَاجِعٌ إلَى الْإِتْمَامِ فَقَطْ. (فَلَوْ) (وَقَعَتَا) بِمَحَلٍّ يَمْتَنِعُ تَعَدُّدُهَا فِيهِ (مَعًا أَوْ شَكَّ) فِي الْمَعِيَّةِ فَلَمْ يَدْرِ أَوْقَعَتَا مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا (اُسْتُؤْنِفَتْ الْجُمُعَةُ) أَيْ إنْ وَسِعَ الْوَقْتُ لِأَنَّ إبْطَالَ إحْدَاهُمَا لَيْسَ بِأَوْلَى مِنْ الْأُخْرَى فَوَجَبَ إبْطَالُهُمَا، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي صُورَةِ الشَّكِّ عَدَمُ جُمُعَةٍ مُجْزِئَةٍ، وَبَحَثَ الْإِمَامُ أَنَّهُ يَجُوزُ فِيهَا تَقَدُّمُ إحْدَى الْجُمُعَتَيْنِ فَلَا تَصِحُّ جُمُعَةٌ أُخْرَى فَيَنْبَغِي لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِمْ بِيَقِينٍ أَنْ يُصَلُّوا بَعْدَهَا ظُهْرًا. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَمَا قَالَهُ مُسْتَحَبٌّ وَإِلَّا فَالْجُمُعَةُ كَافِيَةٌ فِي الْبَرَاءَةِ كَمَا قَالُوهُ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُقُوعِ جُمُعَةٍ مُجْزِئَةٍ فِي حَقِّ كُلِّ طَائِفَةٍ. قَالَ غَيْرُهُ: وَلِأَنَّ السَّبْقَ إذَا لَمْ يُعْلَمْ أَوْ يُظَنَّ لَمْ يُؤَثِّرْ احْتِمَالُهُ لِأَنَّ النَّظَرَ إلَى عِلْمِ الْمُكَلَّفِ أَوْ ظَنِّهِ لَا إلَى نَفْسِ الْأَمْرِ (وَإِنْ) (سَبَقَتْ إحْدَاهُمَا وَلَمْ تَتَعَيَّنْ) كَأَنْ سَمِعَ مَرِيضَانِ أَوْ مُسَافِرَانِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ تَكْبِيرَتَيْنِ مَثَلًا فَأَخْبَرَا بِذَلِكَ وَلَمْ يَعْرِفَا الْمُتَقَدِّمَةَ مِمَّنْ، وَإِخْبَارُ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ كَافٍ فِي ذَلِكَ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ (أَوْ تَعَيَّنَتْ وَنُسِيَتْ) بَعْدَهُ (صَلَّوْا ظُهْرًا) لِتَيَقُّنِ وُقُوعِ جُمُعَةٍ صَحِيحَةٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَيَمْتَنِعُ إقَامَةُ جُمُعَةٍ بَعْدَهَا وَالطَّائِفَةُ الَّتِي صَحَّتْ الْجُمُعَةُ بِهَا غَيْرُ مَعْلُومَةٍ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْفَرْضِ فِي حَقِّ كُلِّ طَائِفَةٍ فَوَجَبَ عَلَيْهِمْ الظُّهْرُ (وَفِي قَوْلِ جُمُعَةٍ) لِأَنَّ الْمَفْعُولَتَيْنِ غَيْرُ مُجْزِئَتَيْنِ فَصَارَ وُجُودُهُمَا كَعَدَمِهِمَا، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا تَرْجِيحُ طَرِيقَةٍ قَاطِعَةٍ فِي الثَّانِيَةِ بِالْأَوَّلِ، وَقَدْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجُمَعِ الْوَاقِعَةِ فِي مِصْرَ الْآنَ بِأَنَّهَا صَحِيحَةٌ، سَوَاءٌ أَوْقَعَتْ مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ عُسْرُ الِاجْتِمَاعِ بِأَمْكِنَةِ تِلْكَ الْجُمُعَةِ، فَلَا يَجِبُ أَحَدٌ مِنْ مُصَلِّيهَا صَلَاةَ ظُهْرٍ يَوْمَهَا لَكِنَّهَا تُسْتَحَبُّ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَ تَعَدُّدَ الْجُمُعَةِ بِالْبَلَدِ وَإِنْ عَسُرَ الِاجْتِمَاعُ فِي مَكَان فِيهِ، ثُمَّ الْجُمَعُ الْوَاقِعَةُ بَعْدَ انْتِفَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــSيُرْشِدُ إلَى أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ كَافٍ مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَإِخْبَارُ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ كَافٍ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ إلَى الْإِتْمَامِ فَقَطْ) أَيْ لَا لَهُ مَعَ صِفَتِهِ الَّتِي هِيَ الِاسْتِحْبَابُ. (قَوْلُهُ: أَوْ شَكَّ) قَالَ حَجّ: وَالْمُرَادُ بِالشَّكِّ فِي الْمَعِيَّةِ وُقُوعُهُمَا عَلَى حَالَةِ يُمْكِنُ فِيهَا الْمَعِيَّةُ. (قَوْلُهُ: اُسْتُؤْنِفَتْ الْجُمُعَةُ) أَيْ فَلَوْ أَيِسَ مِنْ ذَلِكَ جَازَ نَقْلُ الظُّهْرِ عَقِبَ سَلَامِ الْجُمُعَةِ لِلْيَأْسِ مِنْ فِعْلِهِمْ لَهَا جُمُعَةً كَمَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ فِي قَوْلِهِ: نَعَمْ لَوْ كَانَ عَدَمُ إقَامَتِهِمْ لَهَا أَمْرًا عَادِيًا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَبَحْثُ الْإِمَامِ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَجُوزُ فِيهَا) أَيْ فِي الشَّكِّ (قَوْلُهُ: كَأَنْ سَمِعَ مَرِيضَانِ أَوْ مُسَافِرَانِ) أَيْ أَوْ غَيْرُهُمَا مِمَّنْ لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ التَّخَلُّفُ كَقُرْبِ مَحَلِّهِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَزِيَادَتِهِ عَلَى الْأَرْبَعِينَ لِتَصِحَّ الْخُطْبَةُ فِي غَيْبَتِهِ، وَمِنْ ثَمَّ عَبَّرَ بِالْكَافِ (قَوْلُهُ: وَإِخْبَار الْعَدْلِ الْوَاحِدِ) : بَقِيَ مَا لَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ مُخْبِرَانِ. فَفِي الزَّرْكَشِيّ أَنَّهُ يُقَدَّمُ الْمُخْبِرُ بِالسَّبَقِ لِأَنَّ مَعَهُ زِيَادَةَ عِلْمٍ، وَنَازَعَهُ فِي الْإِيعَابِ بِأَنَّ السَّبْقَ إنَّمَا يُرَجَّحُ إذَا كَانَ مُسْتَنَدُهُ يُحَصِّلُ زِيَادَةَ الْعِلْمِ وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ. قَالَ: وَالْحَقُّ أَنَّهُمَا مُتَعَارِضَانِ فَيَرْجِعُ ذَلِكَ لِلشَّكِّ وَهُوَ يُوجِبُ اسْتِئْنَافَ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهَا تُسْتَحَبُّ) وَهَذَا مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا تَعَدَّدَتْ وَاحْتَمَلَ كَوْنَ جُمُعَتِهِ مَسْبُوقَةً. أَمَّا إذَا لَمْ تَتَعَدَّدْ أَوْ تَعَدَّدَتْ وَعُلِمَ أَنَّهَا السَّابِقَةُ فَلَا يَجُوزُ إعَادَتُهَا جُمُعَةً بِمَحَلِّهِ لِاعْتِقَادِ بُطْلَانِ الثَّانِيَةِ، وَلَا ظُهْرًا لِسُقُوطِ فَرْضِهِ بِالْجُمُعَةِ، وَلَمْ يُخَاطَبْ بِالظُّهْرِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَهُمْ إتْمَامُ الْجُمُعَةِ ظُهْرًا) لَا يَخْفَى إشْكَالُهُ؛ لِأَنَّ قَضِيَّةَ الْأَخْذِ بِقَوْلِ الْمُخْبِرِينَ وُجُوبُ الِاسْتِئْنَافِ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ إخْبَارِهِمْ بِسَبْقِ أُخْرَى لَهُمْ أَنَّ تَحَرُّمَ هَؤُلَاءِ بَاطِلٌ لِوُقُوعِهِ مَسْبُوقًا بِجُمُعَةٍ صَحِيحَةٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا لَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَهْم فِيهَا أَنَّهُمْ هُنَاكَ أَحْرَمُوا بِالْجُمُعَةِ فِي وَقْتِهَا، وَالصُّورَةُ أَنَّهُمْ يَجْهَلُونَ خُرُوجَهُ فِي أَثْنَائِهَا فَعُذِرُوا بِخِلَافِ هَذِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ إلَى الْإِتْمَامِ فَقَطْ) أَيْ لَا إلَى مَا قَبْلَهُ أَيْضًا مِنْ اسْتِحْبَابِ الِاسْتِئْنَافِ إذْ هُوَ مُنْتَفٍ ثَمَّ كَمَا مَرَّ، وَالْمُرَادُ التَّشْبِيهُ فِي مُطْلَقِ الْإِتْمَامِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ وَاجِبًا، وَإِلَّا فَاَلَّذِي مَرَّ فِي خُرُوجِ الْوَقْتِ وُجُوبُ الْإِتْمَامِ ظُهْرًا. (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْإِمَامُ أَنَّهُ يَجُوزُ) أَيْ يُحْتَمَلُ (قَوْلُهُ: ظُهْرَ يَوْمِهَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ احْتِمَالِ السَّبْقِ وَعَدَمِهِ وَكَانَ وَجْهُهُ النَّظَرَ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ جَوَازِ الظُّهْرِ حِينَئِذٍ إذَا صَارَ عَدَمُ إعَادَةِ الْجُمُعَةِ أَمْرًا عَادِيًا لَا يَتَخَلَّفُ كَمَا هُوَ الْوَاقِعِ.

الْحَاجَةِ إلَى التَّعَدُّدِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ فَيَجِبُ عَلَى مُصَلِّيهَا ظُهْرُ يَوْمِهَا، وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ جُمُعَتُهُ مِنْ الصَّحِيحَاتِ أَوْ غَيْرِهَا وَجَبَ عَلَيْهِ ظُهْرُ يَوْمِهَا. (الرَّابِعُ) مِنْ الشُّرُوطِ (الْجَمَاعَةُ) إجْمَاعًا مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِهِ فَلَا تَصِحُّ فُرَادَى إذْ لَمْ يُنْقَلْ فِعْلُهَا كَذَلِكَ، وَالْجَمَاعَةُ شَرْطٌ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَقَطْ. أَمَّا الْعَدَدُ فَشَرْطٌ فِي جَمِيعِهَا كَمَا سَيَأْتِي، فَلَوْ صَلَّى الْإِمَامُ بِأَرْبَعِينَ رَكْعَةً ثُمَّ أَحْدَثَ فَأَتَمَّ كُلٌّ لِنَفْسِهِ أَجْزَأَتْهُمْ الْجُمُعَةِ (وَشَرْطُهَا) أَيْ الْجَمَاعَةِ فِيهَا (كَغَيْرِهَا) مِنْ الْجَمَاعَاتِ كَنِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ وَالْعِلْمِ بِأَفْعَالِ الْإِمَامِ مِمَّا مَرَّ فِي الْجَمَاعَةِ إلَّا فِي نِيَّةِ الْإِمَامَةِ فَتَجِبُ هُنَا عَلَى الْأَصَحِّ لِتَحْصُلَ لَهُ الْجَمَاعَةُ (وَ) اُخْتُصَّتْ بِاشْتِرَاطِ أُمُورٍ أُخَرَ: مِنْهَا (أَنْ) (تُقَامَ بِأَرْبَعِينَ) مِنْهُمْ الْإِمَامُ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ صَلَّاهَا فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى كَمَا بَحَثَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَعِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَدَخَلَ فِي الْمَكْتُوبَةِ الْجُمُعَةُ فَتُسَنُّ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ إعَادَتُهَا عِنْدَ جَوَازِ التَّعَدُّدِ أَوْ سَفَرِهِ لِبَلَدٍ آخَرَ رَآهُمْ يُصَلُّونَهَا، وَلَوْ صَلَّى مَعْذُورًا الظُّهْرَ ثُمَّ أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ أَوْ مَعْذُورِينَ يُصَلُّونَ الظُّهْرَ سُنَّتْ الْإِعَادَةُ فِيهِمَا، وَلَا يَجُوزُ إعَادَةُ الْجُمُعَةِ ظُهْرًا، وَكَذَا عَكْسُهُ لِغَيْرِ الْمَذْكُورِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: غَيْرُ صَحِيحَةٍ) . [فَرْعٌ] حَيْثُ لَمْ تَبْرَأْ الذِّمَّةُ مِنْ الْجُمُعَةِ وَوَجَبَتْ الظُّهْرُ هَلْ تَكُونُ الْجَمَاعَةُ فَرْضَ كِفَايَةٍ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؟ أَفْتَى م ر بِأَنَّهَا تَكُونُ فَرْضَ كِفَايَةٍ كَذَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ جُمُعَتُهُ مِنْ الصَّحِيحَاتِ أَوْ غَيْرِهَا) وَهَذَا مَوْجُودٌ الْآنَ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ هَلْ جُمُعَتُهُ سَابِقَةٌ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَجَبَ عَلَيْهِ ظُهْرُ يَوْمِهَا) وَلَا يُقَالُ إنَّا أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ صَلَاتَيْنِ الْجُمُعَةَ وَالظُّهْرَ بَلْ الْوَاجِبُ وَاحِدَةٌ فَقَطْ، إلَّا أَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ مَا تَبْرَأُ بِهِ الذِّمَّةُ أَوْجَبْنَا كِلَيْهِمَا لِيُتَوَصَّلَ بِذَلِكَ إلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ بِيَقِينٍ، وَهَذَا كَمَا لَوْ نَسِيَ إحْدَى الْخَمْسِ وَلَمْ يَعْلَمْ عَيْنَهَا، فَإِنَّا نَعْلَمُ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ وَاحِدَةٌ فَقَطْ وَتَلْزَمُهُ الْخَمْسُ لِتَبْرَأَ ذِمَّتُهُ بِيَقِينٍ. ثُمَّ رَأَيْت فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخ عَبْدِ الْبَرِّ الَأُجْهُورِيُّ عَلَى الْمَنْهَجِ مَا نَصُّهُ: فَائِدَةٌ: سَأَلَ الشَّيْخُ الرَّمْلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ رَجُلٍ قَالَ: أَنْتُمْ يَا شَافِعِيَّةُ خَالَفْتُمْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ وَأَنْتُمْ تُصَلُّونَ سِتًّا بِإِعَادَتِكُمْ الْجُمُعَةَ ظُهْرًا، فَمَاذَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ كَاذِبٌ فَاجِرٌ جَاهِلٌ، فَإِنْ اعْتَقَدَ فِي الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُمْ يُوجِبُونَ سِتَّ صَلَوَاتٍ بِأَصْلِ الشَّرْعِ كَفَرَ وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُرْتَدِّينَ، وَإِلَّا اسْتَحَقَّ التَّعْزِيرَ اللَّائِقَ بِحَالِهِ الرَّادِعَ لَهُ وَلِأَمْثَالِهِ عَنْ ارْتِكَابِ مِثْلِ قَبِيحِ أَفْعَالِهِ، وَنَحْنُ لَا نَقُولُ بِوُجُوبِ سِتِّ صَلَوَاتٍ بِأَصْلِ الشَّرْعِ، وَإِنَّمَا تَجِبُ إعَادَةُ الظُّهْرِ إذَا لَمْ نَعْلَمْ تَقَدُّمَ جُمُعَةٍ صَحِيحَةٍ، إذْ الشَّرْطُ عِنْدَنَا أَنْ لَا تَتَعَدَّدَ فِي الْبَلَدِ إلَّا بِحَسَبِ الْحَاجَةِ، وَمَعْلُومٌ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنَّ هُنَاكَ فَوْقَ الْحَاجَةِ، وَحِينَئِذٍ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ وُقُوعَ جُمُعَتِهِ مِنْ الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الظُّهْرُ وَكَانَ كَأَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ جُمُعَةً، وَمَا انْتَقَدَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ إلَّا مَقَتَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - اهـ. وَقَالَ حَجَرٌ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذَكَرَ الشَّارِحُ: فَإِنْ قُلْت: فَكَيْفَ مَعَ هَذَا الشَّكِّ يَحْرُمُ أَوَّلًا وَهُوَ مُتَرَدِّدٌ فِي فِي الْبُطْلَانِ؟ قُلْت: لَا نَظَرَ لِهَذَا التَّرَدُّدِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَظْهَرَ مِنْ السَّابِقَاتِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِنَّ فَصَحَّتْ لِذَلِكَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مُقَارَنَةِ الْمُبْطِلِ، ثُمَّ إنْ لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ تَلْزَمُ الْإِعَادَةُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ صَلَّاهَا فِي قَرْيَةٍ) أَيْ وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهَا تَقَعُ لَهُ نَافِلَةً، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّهَا حَيْثُ كَانَتْ نَافِلَةً نَزَلَتْ مَنْزِلَةَ غَيْرِ الْجُمُعَةِ فَيَنْقُصُ عَدَدُهُمْ عَنْ الْأَرْبَعِينَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا لَمْ تَكُنْ الثَّانِيَةُ نَفْلًا مَحْضًا بِدَلِيلِ وُجُوبِ الْقِيَامِ فِيهَا نَزَلَتْ مَنْزِلَةَ الْأَصْلِيَّةِ، وَقَضِيَّةُ مَا يَأْتِي لَهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَصِحُّ خَلْفَ الْعَبْدِ إلَخْ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْإِمَامُ مُتَنَفِّلًا فَفِيهِ الْقَوْلَانِ، وَأَوْلَى بِالْجَوَازِ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِتَحْصُلَ لَهُ الْجَمَاعَةُ) أَيْ الَّتِي هِيَ شَرْطٌ لِانْعِقَادِهَا كَمَا مَرَّ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ الْآتِيَةُ الِاقْتِدَاءُ وَالْإِمَامَةُ فَإِنَّهُمَا شَرْطَانِ هُنَا لِلِانْعِقَادِ كَمَا مَرَّ، إذْ لَا يُمْكِنُ انْعِقَادُ الْجُمُعَةِ مَعَ الِانْفِرَادِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى) أَيْ أَوْ فِي قَرْيَتِهِ حَيْثُ جَازَ فِيهَا التَّعَدُّدُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُرَاجَعْ

بَعْضُهُمْ فَلَا تَنْعَقِدُ بِدُونِهِمْ لِخَبَرِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ بِنَا فِي الْمَدِينَةِ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ قَبْلَ مَقْدِمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ نَقِيعُ الْخَضِمَاتِ وَكُنَّا أَرْبَعِينَ، وَخَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَعَ بِالْمَدِينَةِ وَكَانُوا أَرْبَعِينَ رَجُلًا» وَلِقَوْلِ جَابِرٍ مَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّ «فِي كُلِّ ثَلَاثَةٍ إمَامًا، وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ جُمُعَةً» أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيّ، وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ مَضَتْ السُّنَّةُ كَقَوْلِهِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا اجْتَمَعَ أَرْبَعُونَ رَجُلًا فَعَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ» . وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا جُمُعَةَ إلَّا فِي أَرْبَعِينَ» وَأَمَّا خَبَرُ انْفِضَاضِهِمْ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا اثْنَا عَشَرَ فَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ ابْتَدَأَهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ، بَلْ يُحْتَمَلُ عَوْدُهُمْ أَوْ عَوْدُ غَيْرِهِمْ مَعَ سَمَاعِهِمْ أَرْكَانَ الْخُطْبَةِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ، أَمَّا فِيهَا فَيُشْتَرَطُ زِيَادَتُهُمْ عَلَى الْأَرْبَعِينَ لِيُحْرِمَ الْإِمَامُ بِأَرْبَعِينَ وَيَقِفَ الزَّائِدُ فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ، وَلَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُمْ أَرْبَعِينَ عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّهُمْ تَبَعٌ لِلْأَوَّلَيْنِ وَشَرْطٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ (مُكَلَّفًا) أَيْ بَالِغًا عَاقِلًا (حُرًّا) كُلَّهُ (ذَكَرًا) فَلَا تَنْعَقِدُ بِالْكُفَّارِ وَغَيْرِ الْمُكَلَّفِينَ وَمَنْ فِيهِ رِقٌّ، وَبِالنِّسَاءِ وَالْخَنَاثَى لِنَقْصِهِمْ، بِخِلَافِ الْمَرِيضِ فَإِنَّهَا إنَّمَا لَمْ تَجِبُ عَلَيْهِ رِفْقًا بِهِ لَا لِنَقْصِهِ، وَلَا تَنْعَقِدُ بِأَرْبَعِينَ وَفِيهِمْ أُمِّيٌّ لِارْتِبَاطِ صِحَّةِ صَلَاةِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ فَصَارَ كَاقْتِدَاءِ الْقَارِئِ بِالْأُمِّيِّ كَمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا قَصَّرَ الْأُمِّيُّ فِي التَّعَلُّمِ، وَإِلَّا فَتَصِحُّ الْجُمُعَةُ إنْ كَانَ الْإِمَامُ قَارِئًا وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ عِلَّةَ بُطْلَانِ صَلَاتِهِمْ تَقْصِيرُهُمْ لَا ارْتِبَاطُ صَلَاةِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ، وَمَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الْأُمِّيِّينَ إذَا لَمْ يَكُونُوا فِي دَرَجَةٍ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْفَرْضِ، فَإِنَّ عُمُومَهُ شَامِلٌ لِمَا لَوْ كَانُوا صَلَّى الْجُمُعَةَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَأَعَادَهَا فِي مَحَلٍّ يَجُوزُ فِيهِ التَّعَدُّدُ، إلَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا يَأْتِي عَلَى النَّفْلِ الْمَحْضِ. وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ: الظَّاهِرُ وِفَاقًا لَمْ ر أَنَّهُ حَيْثُ جَوَّزَ حُصُولَ الْجُمُعَةِ لَهُ فِي بَلَدٍ تَعَدَّدَتْ فِيهِ فَوْقَ الْحَاجَةِ جَازَ لَهُ فِعْلُ رَاتِبَتِهَا السَّابِقَةِ: أَيْ دُونَ الْمُتَأَخِّرَةِ، ثُمَّ إنْ حَصَلَتْ لَهُ فَلَا كَلَامَ وَإِلَّا وَقَعَتْ الرَّاتِبَةُ نَفْلًا مُطْلَقًا وَفَعَلَ الظُّهْرَ بِرَوَاتِبِهَا الْقَبَلِيَّةِ اهـ (قَوْلُهُ: وَلِقَوْلِ جَابِرٍ مَضَتْ) رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَفِيهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ لَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ، وَحَدِيثُ إذَا اجْتَمَعَ أَرْبَعُونَ رَجُلًا إلَخْ أَوْرَدَهُ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ وَلَا أَصْلَ لَهُ، وَحَدِيثُ لَا جُمُعَةَ إلَّا بِأَرْبَعِينَ لَا أَصْلَ لَهُ انْتَهَى الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الرَّافِعِيِّ. (قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ فَيُحْتَجُّ بِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُمْ أَرْبَعِينَ) أَيْ بَلْ يُكْتَفَى بِوَاحِدٍ كَمَا يَأْتِي فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ (قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ) أَيْ فَلَا تَصِحُّ جُمُعَتُهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بَلْ يُحْتَمَلُ عَوْدُهُمْ) أَيْ قَبْلَ التَّحَرُّمِ، وَأَحْرَمَ بِالْأَرْبَعِينَ، فَالِانْفِضَاضُ كَانَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فِي الْخُطْبَةِ كَمَا صَرَّحَتْ بِهِ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ، وَأَمَّا رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ انْفَضُّوا فِي الصَّلَاةِ فَمَحْمُولَةٌ عَلَى الْخُطْبَةِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ (قَوْلُهُ: لِارْتِبَاطِ صَلَاةِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ) قَالَ الشِّهَابُ سم فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ: هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ حَيْثُ كَانُوا بِحَيْثُ تَصِحُّ صَلَاتُهُمْ فِي نَفْسِهِمْ بِأَنْ لَمْ يُقَصِّرُوا فِي التَّعَلُّمِ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ قَصَّرُوا فَصَلَاتُهُمْ بَاطِلَةٌ مِنْ أَصْلِهَا، فَلَا يَصِحُّ التَّعْلِيلُ حِينَئِذٍ بِالِارْتِبَاطِ، لَكِنَّ شَيْخَ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: أَيْ الَّذِي تَبِعَهُ الشَّارِحُ إذْ مَا هُنَا إلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ الْمُشْتَرَطَةَ هُنَا لِلصِّحَّةِ صُيِّرَتْ إلَى آخِرِ عِبَارَتِهِ حَرْفًا بِحَرْفٍ إلَّا قَوْلَ الشَّارِحِ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ إلَخْ حَمَلَ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا قَصَّرُوا فِي التَّعَلُّمِ وَإِلَّا صَحَّتْ الْجُمُعَةُ، وَاعْتَمَدَهُ م ر، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا حَمْلٌ لَا يَقْبَلُهُ الْكَلَامُ فَتَأَمَّلْ بِإِنْصَافٍ. انْتَهَى. وَسَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ الشِّهَابُ حَجّ كَمَا سَيَأْتِي عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَمَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الْأُمِّيِّينَ إذَا لَمْ يَكُونُوا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ) أَيْ فَلَا تَنْعَقِدُ بِهِمْ الْجُمُعَةُ، وَقَدْ يُقَالُ: إنْ كَانَتْ

لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ الْمُشْتَرَطَةَ هُنَا لِلصِّحَّةِ صَيَّرَتْ بَيْنَهُمْ ارْتِبَاطًا كَالِارْتِبَاطِ بَيْنَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فَصَارَ كَاقْتِدَاءِ قَارِئٍ بِأُمِّيٍّ. وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إغْنَاءِ صَلَاتِهِمْ عَنْ الْقَضَاءِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ فِي غَيْرِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ، وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّ شَرْطَهُمْ أَيْضًا أَنْ يَسْمَعُوا أَرْكَانَ الْخُطْبَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ فِي الْأَرْبَعِينَ مَنْ لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ بَعْضِ الْأَرْكَانِ كَحَنَفِيٍّ، صَحَّ حُسْبَانُهُمْ مِنْ الْأَرْبَعِينَ وَإِنْ شَكَّ فِي إتْيَانِهِ بِالْوَاجِبِ عِنْدَنَا كَمَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ لَنَا مَعَ ذَلِكَ لِأَنَّ الظَّاهِرَ تَوَقِّيهِ الْخِلَافَ، بِخِلَافِ مَا إذَا عُلِمَ مِنْهُ مُفْسِدٌ عِنْدَنَا فَلَا يُحْسَبُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا مَرَّ لِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ عِنْدَنَا، وَفِي الْخَادِمِ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الشَّافِعِيِّ إمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا وَهُوَ دَالٌ لِمَا تَقَرَّرَ (مُسْتَوْطِنًا) بِمَحَلِّهَا وَالْمُسْتَوْطِنُ هُنَا مَنْ (لَا يَظْعَنُ شِتَاءً وَلَا صَيْفًا إلَّا لِحَاجَةٍ) كَتِجَارَةٍ وَزِيَارَةٍ فَلَا تَنْعَقِدُ بِغَيْرِ الْمُتَوَطِّنِ كَمَنْ أَقَامَ عَلَى عَزْمِ عَوْدِهِ إلَى وَطَنِهِ بَعْدَ مُدَّةٍ وَلَوْ طَوِيلَةً كَالْمُتَفَقِّهَةِ وَالتُّجَّارِ لِعَدَمِ التَّوَطُّنِ وَلَا بِالْمُتَوَطَّنِينَ خَارِجَ مَحَلِّ الْجُمُعَةِ وَإِنْ سَمِعُوا نِدَاءَهَا لِفَقْدِ إقَامَتِهِمْ بِمَحَلِّهَا، وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا تَقَدُّمُ إحْرَامِ أَرْبَعِينَ مِمَّنْ تَنْعَقِدُ بِهِمْ عَلَى إحْرَامِ النَّاقِصِينَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ وَرَجَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ كَالْبُلْقِينِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ الْأُمِّيِّينَ إذْ لَمْ يَكُونُوا فِي دَرَجَةٍ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ (قَوْلُهُ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا بُدَّ) أَيْ لِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: مِمَّا تَقَرَّرَ) هُوَ قَوْلُهُ لِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ عِنْدَنَا (قَوْلُهُ: كَمَنْ أَقَامَ عَلَى عَزْمِ عَوْدِهِ إلَى وَطَنِهِ) وَمِنْهُ مَا لَوْ سَكَنَ بِبَلَدٍ بِأَهْلِهِ عَازِمًا عَلَى أَنَّهُ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ فِي بَلَدِهِ كَمَوْتِ خَطِيبِهَا أَوْ إمَامِهَا مَثَلًا رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ فَلَا تَنْعَقِدُ بِهِ الْجُمُعَةُ فِي مَحَلِّ سَكَنِهِ لِعَدَمِ التَّوَطُّنِ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ عَلَى عَزْمِ عَوْدِهِ أَنَّ مَنْ عَزَمَ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ انْعَقَدَتْ مِنْهُ لِأَنَّهَا صَارَتْ وَطَنَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا بِالْمُتَوَطَّنِينَ خَارِجَ مَحَلِّ الْجُمُعَةِ) وَعَلَيْهِ فَالسَّاكِنُ خَارِجَ السُّورِ لَا تَنْعَقِدُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعِلَّةُ هَذَا التَّقْصِيرَ كَمَا مَرَّ فَلَا مَعْنَى لِلتَّقْيِيدِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُونُوا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُمْ بَاطِلَةٌ بِكُلِّ حَالٍ لِتَقْصِيرِهِمْ سَوَاءٌ كَانُوا فِي دَرَجَةٍ أَمْ دَرَجَاتٍ، وَإِنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ الِارْتِبَاطَ كَمَا عَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ الْمُشْتَرَطَةَ إلَخْ، فَمَا وَجْهُ كَوْنِ الْعِلَّةِ فِيمَا مَرَّ التَّقْصِيرَ وَهُنَا الِارْتِبَاطَ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ الْمُشْتَرَطَةَ هُنَا لِلصِّحَّةِ إلَخْ) ظَاهِرٌ بِأَنَّهُ تَعْلِيلٌ لِخُصُوصِ قَوْلِهِ، وَمَعْلُومٌ مِمَّا مَمَرّ إلَخْ وَفِيهِ مَا قَدَّمْنَاهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ لِلشِّهَابِ حَجّ فِي تُحْفَتِهِ بِهَذَا اللَّفْظِ بِنَاءً عَلَى مَا اخْتَارَهُ مِنْ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي عَدَمِ الِانْعِقَادِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الِارْتِبَاطُ الْمَذْكُورُ لَا التَّقْصِيرُ خِلَافًا لِلشَّارِحِ، وَقَدْ قَالَ عَقِبَ هَذَا التَّعْلِيلِ: وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ هُنَا بَيْنَ أَنْ يُقَصِّرَ الْأُمِّيُّ فِي التَّعَلُّمِ وَأَنْ لَا، وَأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا غَيْرُ قَوِيٍّ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ الِارْتِبَاطِ الْمَذْكُورِ، عَلَى أَنَّ الْمُقَصِّرَ لَا يُحْسَبُ مِنْ الْعَدِّ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ، وَإِلَّا فَالْإِعَادَةُ لَازِمَةٌ لَهُ، وَمَنْ لَزِمَتْهُ لَا يُحْسَبُ مِنْ الْعَدَدِ. انْتَهَى. وَالشَّارِحُ تَبِعَ شَرْحَ الرَّوْضِ فِيمَا مَرَّ وَجَعَلَ الْعِلَّةَ التَّقْصِيرَ وَقَدَّمْنَا مَا فِيهِ، ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا التَّعْلِيلَ تَبَعًا لِلشِّهَابِ الْمَذْكُورِ فَوَقَعَ فِي التَّنَاقُضِ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي عَدَمِ الِانْعِقَادِ بِالْأُمِّيِّينَ تَقْصِيرُهُمْ الْمُوجِبُ لِعَدَمِ إغْنَاءِ صَلَاتِهِمْ عَنْ الْقَضَاءِ، فَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا عَدَمُ إغْنَاءِ الصَّلَاةِ عَنْ الْقَضَاءِ عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ. وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ حَجّ: وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ إلَخْ، وَعَدَلَ عَنْهَا الشَّارِحُ إلَى مَا ذَكَرَ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْعِلَّةَ التَّقْصِيرَ فَيُعْلَمُ مِنْهُ مَا ذُكِرَ لِلْجَامِعِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ. فَإِنْ قُلْت: يُنَاقِضُ هَذَا مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ بَانَ حَدَثُ بَعْضِ الْعَدَدِ انْعَقَدَتْ لِلْإِمَامِ وَلِلْبَاقِينَ الْمُتَطَهِّرِينَ. قُلْت: لَا يُنَاقِضُهُ؛ لِأَنَّ الصُّورَةَ هُنَا فِيمَا إذَا كَانُوا عَالِمِينَ بِالْحَالِ فِي حَالِ الِاقْتِدَاءِ وَالصُّورَةُ فِيمَا يَأْتِي فِيمَا إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ الْحَالُ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، وَشَمِلَ مَا ذَكَرَهُ مَا إذَا كَانَتْ صَلَاتُهُمْ صَحِيحَةً كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ الَّذِي مَثَّلَ بِهِ، وَكَالْمُتَيَمَّمِ الَّذِي تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الصِّحَّةَ مُوَافَقَةُ ذِي الْوَجْهَيْنِ الشَّرْعَ وَإِنْ لَمْ تُغْنِ عَنْ

وَالزَّرْكَشِيِّ، بَلْ صَوَّبَهُ خِلَافًا لِلْقَاضِي وَمَنْ تَبِعَهُ بِدَلِيلِ صِحَّةِ الْجُمُعَةِ خَلْفَ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ وَالْمُسَافِرِ إذَا تَمَّ الْعَدَدُ بِغَيْرِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: لَعَلَّ مَا قَالَهُ الْقَاضِي: أَيْ وَمِنْ تَبِعَهُ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قَالَ إنَّهُ الْقِيَاسُ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ خَلْفَ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ وَالْمُسَافِرِ إذَا تَمَّ الْعَدَدُ بِغَيْرِهِ. فَإِنْ قِيلَ إحْرَامُ الْإِمَامِ ضَرُورِيٌّ فَاغْتُفِرَ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِ. قُلْنَا: لَا ضَرُورَةَ إلَى إمَامَتِهِ فِيهَا، وَأَيْضًا تَعْظُمُ الْمَشَقَّةُ عَلَى مَنْ لَا تَنْعَقِدُ بِهِ فِي تَكْلِيفِهِ بِمَعْرِفَةِ تَقَدُّمِ إحْرَامِ أَرْبَعِينَ مِنْ أَهْلِ الْكَمَالِ عَلَى إحْرَامِهِ. وَلَوْ أَكْرَهَ الْإِمَامُ أَهْلَ الْقَرْيَةِ عَلَى الِانْتِقَالِ مِنْهَا وَتَعْطِيلِهَا وَالْبِنَاءِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَسَكَنُوا فِيهِ وَهُمْ مُكْرَهُونَ وَقَصْدُهُمْ الْعَوْدُ إذَا فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهِمْ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ الْمَنْقُولِ إلَيْهَا؟ أَفْتَى بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِأَنَّهُمْ لَا تَلْزَمُهُمْ الْجُمُعَةُ بَلْ لَا تَصِحُّ مِنْهُمْ لَوْ فَعَلُوهَا لِفَقْدِ الِاسْتِيطَانِ وَذَلِكَ ظَاهِرٌ لَا شَكَّ فِيهِ، وَخَرَجَ بِتَوَطُّنِهِمْ فِي بَلَدِ الْجُمُعَةِ مَا لَوْ تَقَارَبَتْ قَرْيَتَانِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا دُونَ أَرْبَعِينَ بِصِفَةِ الْكَمَالِ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا لَبَلَغُوا أَرْبَعِينَ فَإِنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ بِهِمْ وَإِنْ سَمِعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ نِدَاءَ الْأُخْرَى لِأَنَّ الْأَرْبَعِينَ غَيْرُ مُتَوَطِّنِينَ فِي مَوْضِعِ الْجُمُعَةِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ زَوْجَتَانِ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فِي بَلْدَةٍ يُقِيمُ عِنْدَ كُلٍّ يَوْمًا مَثَلًا انْعَقَدَتْ بِهِ الْجُمُعَةُ فِي الْبَلْدَةِ الَّتِي إقَامَتُهُ فِيهِ أَكْثَرُ دُونَ الْأُخْرَى، فَإِنْ اسْتَوَيَا فِيهَا انْعَقَدَتْ بِهِ فِي الْبَلْدَةِ الَّتِي مَالُهُ فِيهَا أَكْثَرُ دُونَ الْأُخْرَى، فَإِنْ اسْتَوَيَا فِيهِ اُعْتُبِرَتْ نِيَّتُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ نِيَّةٌ اُعْتُبِرَ الْمَوْضِعُ الَّذِي هُوَ فِيهِ كَذَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَأَفْتَى أَيْضًا فِيمَنْ سَكَنَ بِزَوْجَتِهِ فِي مِصْرَ مَثَلًا وَبِأُخْرَى فِي الْخَانْكَةِ مَثَلًا وَلَهُ زِرَاعَةٌ بَيْنَهُمَا وَيُقِيمُ فِي الزِّرَاعَةِ غَالِبَ نَهَارِهِ وَيَبِيتُ عِنْدَ كُلٍّ مِنْهُمَا لَيْلَةً فِي غَالِبِ أَحْوَالِهِ بِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُتَوَطِّنٌ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا حَتَّى يَحْرُمَ عَلَيْهِ سَفَرُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْفَجْرِ لِمَكَانٍ تَفُوتُ بِهِ إلَّا لِخَوْفِ ضَرَرٍ. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ (انْعِقَادُهَا بِالْمَرْضَى) لِكَمَالِهِمْ وَعَدَمُ الْوُجُوبِ تَخْفِيفٌ عَلَيْهِمْ. وَالثَّانِي لَا كَالْمُسَافِرِينَ (وَ) الصَّحِيحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَيْضًا (أَنَّ الْإِمَامَ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِهِ دَاخِلَهُ وَلَا عَكْسُهُ، لِأَنَّ خَارِجَ السُّورِ وَدَاخِلَهُ كَقَرْيَتَيْنِ، وَفِي شَرْحِ حَجَرٍ هُنَا مَا يُوَافِقُ كَلَامَ الشَّارِحِ، لَكِنْ فِي فَتَاوَى حَجَرٍ مَا نَصُّهُ: سُئِلَ عَنْ قَرْيَةٍ لَهَا سُورٌ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ لَازَمَ أَهْلُ الْخِيَامِ الصَّحْرَاءَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قِيلَ تَقَدَّمَ إلَخْ) أَيْ اعْتِرَاضًا عَلَى جَعْلِ كَلَامِ الْقَاضِي مُفَرَّعًا عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ إمَامَةِ الصَّبِيِّ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: قُلْنَا لَا ضَرُورَةَ إلَى إمَامَتِهِ) قَالَ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ: قَدْ يُقَالُ: يَكْفِي فِي الْجَوَابِ أَنَّ مِنْ شَأْنِ الْإِمَامِ الِاحْتِيَاجَ إلَيْهِ وَتَقَدُّمَ إحْرَامِهِ فَلَا نَظَرَ لِلْأَفْرَادِ الْخَاصَّةِ. (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ ظَاهِرٌ لَا شَكَّ فِيهِ) أَيْ لَكِنْ لَوْ سَمِعُوا النِّدَاءَ مِنْ قَرْيَةٍ أُخْرَى وَجَبَ عَلَيْهِمْ السَّعْيُ إلَيْهَا (قَوْلُهُ يُقِيمُ عِنْدَ كُلٍّ يَوْمًا مَثَلًا) وَكَذَا مَنْ لَهُ مَسْكَنَانِ وَكَثُرَتْ إقَامَتُهُ فِي أَحَدِهِمَا وَزَوْجَتُهُ فِي الْآخَرِ أَوْ لَا زَوْجَةَ لَهُ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَتَعْبِيرُهُ بِالزَّوْجَتَيْنِ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَوَيَا فِيهَا) أَيْ الْإِقَامَةِ (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ الْمَالِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُتَوَطِّنٌ) أَيْ فَتَنْعَقِدُ بِهِ الْجُمُعَةُ فِيهِمَا. (قَوْلُهُ: وَالصَّحِيحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَضَاءِ. (قَوْلُهُ: انْعَقَدَتْ بِهِ الْجُمُعَةُ فِي الْبَلْدَةِ الَّتِي إقَامَتُهُ فِيهَا أَكْثَرُ) فِيهِ أَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ يُقِيمُ عِنْدَ كُلٍّ يَوْمًا، وَعُذْرُهُ أَنَّهُ تَصَرَّفَ فِيمَا فِي الْفَتَاوَى بِسَبْكِ السُّؤَالِ مَعَ الْجَوَابِ فَلَزِمَ مِنْهُ مَا ذُكِرَ. وَعِبَارَةُ الْفَتَاوَى: سُئِلَ عَمَّنْ لَهُ زَوْجَتَانِ كُلُّ وَاحِدَةٍ فِي بَلْدَةٍ يُقِيمُ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدَةٍ يَوْمًا فَهَلْ تَنْعَقِدُ بِهِ الْجُمُعَةُ فِي كُلٍّ مِنْ الْبَلَدَيْنِ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ تَنْعَقِدُ الْجُمُعَةُ بِالْمَذْكُورِ فِي الْبَلْدَةِ الَّتِي إقَامَتُهُ فِيهَا أَكْثَرُ إلَخْ. فَمَا فِي الْجَوَابِ تَفْصِيلٌ لِلْمَسْأَلَةِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا فِي السُّؤَالِ مِنْ فَرْضِهِ فِي إقَامَتِهِ عِنْدَ كُلٍّ يَوْمًا، وَقَدْ يُقَالُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ إقَامَتِهِ عِنْدَ كُلِّ زَوْجَةٍ يَوْمًا كَوْنُ إقَامَتِهِ فِي كُلٍّ مِنْ الْبَلَدَيْنِ كَذَلِكَ، فَقَدْ تَكُونُ إقَامَتُهُ فِي إحْدَاهُمَا أَكْثَرَ لَكِنْ لَا يَكُونُ عِنْدَ الزَّوْجَةِ جَمِيعَ مُدَّةِ الْإِقَامَةِ، بَلْ يَكُونُ عِنْدَهَا فِيهَا يَوْمًا فَقَطْ وَيُقِيمُ الْبَاقِيَ فِي نَحْوِ الْمَسْجِدِ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُتَوَطِّنٌ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا) فِي هَذَا الْإِطْلَاقِ

لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ فَوْقَ الْأَرْبَعِينَ) حَيْثُ كَانَ بِصِفَةِ الْكَمَالِ لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ الْمَارِّ. وَالثَّانِي وَنُقِلَ عَنْ الْقَدِيمِ يُشْتَرَطُ إذْ الْغَالِبُ عَلَى الْجُمُعَةِ التَّعَبُّدُ فَلَا يَنْتَقِلُ مِنْ الظُّهْرِ إلَيْهَا إلَّا بِيَقِينٍ. وَلَوْ كَانَ فِي الْقَرْيَةِ أَرْبَعُونَ أَخْرَسَ فَهَلْ تَنْعَقِدُ جُمُعَتُهَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ: أَوْجَهُهُمَا عَدَمُ الِانْعِقَادِ لِفَقْدِ الْخُطْبَةِ، فَإِنْ وُجِدَ مَنْ يَخْطُبُ لَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ بِهِمْ صَمَمٌ يَمْنَعُ السَّمَاعَ انْعَقَدَتْ بِهِمْ لِأَنَّهُمْ يَتَّعِظُونَ، وَتَنْعَقِدُ بِأَرْبَعِينَ مِنْ الْجِنِّ أَوْ مِنْهُمْ وَمِنْ الْإِنْسِ، قَالَهُ الْقَمُولِيُّ: أَيْ إنْ عُلِمَ وُجُودُ الشُّرُوطِ فِيهِمْ وَقَيَّدَهُ الدَّمِيرِيِّ فِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ بِمَا إذَا تَصَوَّرُوا بِصُورَةِ بَنِي آدَمَ، وَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ مَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ مِنْ كُفْرِ مُدَّعَى رُؤْيَتِهِمْ عَمَلًا بِإِطْلَاقِ الْكِتَابِ، لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ ادَّعَى رُؤْيَتَهُمْ عَلَى مَا خُلِقُوا عَلَيْهِ وَكَلَامُنَا فِيمَنْ ادَّعَى ذَلِكَ عَلَى صُورَةِ بَنِي آدَمَ. (وَلَوْ) (انْفَضَّ الْأَرْبَعُونَ) الْحَاضِرُونَ (أَوْ بَعْضُهُمْ فِي الْخُطْبَةِ) (لَمْ يُحْسَبُ الْمَفْعُولُ) مِنْ أَرْكَانِهَا (فِي غَيْبَتِهِمْ) لِانْتِفَاءِ سَمَاعِهِمْ لَهُ وَسَمَاعُهَا وَاجِبٌ {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204] إذْ الْمُرَادُ بِهِ الْخُطْبَةُ كَمَا قَالَهُ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ، وَيُعْتَبَرُ أَنْ يَسْمَعَ الْأَرْبَعُونَ جَمِيعَ أَرْكَانِهَا، وَلَا يَتَأَتَّى هُنَا الْخِلَافُ الْآتِي فِي ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الْمُقَرَّرَيْنِ فِي كَلَامِهِمْ، وَعَلَيْهِ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ التَّعْبِيرُ بِالْأَظْهَرِ أَوْ الْمَشْهُورِ. (قَوْلُهُ: انْعَقَدَتْ بِهِمْ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْإِمَامُ نَاطِقًا وَإِلَّا فَلَا لِعَدَمِ صِحَّةِ إمَامَةِ الْأَخْرَسِ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُمْ يَتَّعِظُونَ، وَهَذَا ظَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ صِحَّةِ جُمُعَةِ الْأَرْبَعِينَ إذَا كَانَ بَعْضُهُمْ أُمِّيًّا لَمْ يَقْصُرْ فِي التَّعَلُّمِ، أَمَّا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ مَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ وَهُوَ ضَعِيفٌ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ مُطْلَقًا لِارْتِبَاطِ صِحَّةِ صَلَاةِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ فَالْقِيَاسُ هُنَا عَدَمُ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْجِنِّ) قَدْ يَقْتَضِي الِاكْتِفَاءُ بِكَوْنِ بَعْضِ الْأَرْبَعِينَ مِنْ الْجِنِّ أَنَّهُ لَوْ أَقَامَهَا أَرْبَعُونَ مِنْ الْجِنِّ مُتَوَطِّنُونَ بِالْقَرْيَةِ لَمْ يَأْثَمْ إنْسُ الْقَرْيَةِ بِتَعْطِيلِ الْقَرْيَةِ مِنْهَا حَتَّى يَجُوزَ لَهُمْ الذَّهَابُ لِفِعْلِهَا فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى وَقَدْ يُسْتَبْعَدُ ذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَمِنْ الْإِنْسِ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْأَرْبَعِينَ إذَا كَانَ بَعْضُهُمْ مِنْ الْجِنِّ وَبَعْضُهُمْ مِنْ الْإِنْسِ انْعَقَدَتْ بِهِمْ. وَنَقَلَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ عَنْ ابْنِ حَجَرٍ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنَّا بِفِعْلِ الْجِنِّ، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيمَا اجْتَمَعُوا مَعَ الْإِنْسِ كَوْنُ الْجِنِّ زَائِدِينَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْقَمُولِيِّ، وَالْأَقْرَبُ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ، ثُمَّ عَلَى نَقْلٍ عَنْ حَجَرٍ: لَوْ كَانَ فِي قَرْيَةٍ أَرْبَعُونَ وَأَرَادُوا فِعْلَ الْجُمُعَةِ فِي غَيْرِ قَرْيَتِهِمْ اكْتِفَاءً بِفِعْلِ أَرْبَعِينَ مِنْ الْجِنِّ فِي قَرْيَتِهِمْ لَمْ يَجُزْ لَهُمْ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلِمُوا إقَامَتَهَا بِأَرْبَعِينَ مِنْ الْإِنْسِ فِي قَرْيَتِهِمْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ عَلِمَ بِذَلِكَ جَوَازُ السَّفَرِ إلَى غَيْرِ قَرْيَتِهِ حَيْثُ أَدْرَكَ فِيهَا الْجُمُعَةَ (قَوْلُهُ: أَيْ إنْ عُلِمَ وُجُودُ الشُّرُوطِ فِيهِمْ) وَهَلْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا مِنْهُمْ كَوْنُهُمْ فِي أَرْضِنَا مَثَلًا أَوْ فِي الْأَرْضِ الثَّانِيَةِ أَمْ لَا يُشْتَرَطُ فَتَنْعَقِدُ بِهِمْ وَإِنْ كَانَ مَسْكَنُهُمْ فِي الْأَرْضِ السَّابِعَةِ مِنْ ذَلِكَ الْبَلَدِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ: مَنْ وَقَفَ أَرْضًا سَرَتْ وَقْفِيَّتُهَا إلَى الْأَرْضِ السَّابِعَةِ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ فِيهَا هُوَ مِنْ أَهْلِهَا. نَعَمْ إنْ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْإِمَامِ مَسَافَةٌ تَزِيدُ عَلَى ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ لَا تَصِحُّ لِلْبُعْدِ كَالْإِنْسِ إذَا بَعُدُوا عَنْ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: بِمَا إذَا تَصَوَّرُوا بِصُورَةِ بَنِي آدَمَ) تَقَدَّمَ عَنْ سم فِي مَوَاضِعَ مِنْ نَظَائِرِهِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِشَرْطٍ (قَوْلُهُ: عَنْ النَّصِّ مِنْ كُفْرِ مُدَّعِي رُؤْيَتِهِمْ) عِبَارَةُ حَجَرٍ: وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ يُعْذَرُ مُدَّعِي رُؤْيَتِهِمْ مَحْمُولٌ عَلَى مُدَّعِيهَا فِي صُوَرِهِمْ الْأَصْلِيَّةِ إلَخْ، وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ حَجَرٌ، وَلَعَلَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْكُفْرِ تَحْرِيفٌ، وَلَعَلَّ الْأَصْلَ مِنْ كَفِّ مُدَّعِي إلَخْ (قَوْلُهُ: عَمَلًا بِإِطْلَاقِ الْكِتَابِ) هُوَ قَوْله تَعَالَى {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ} [الأعراف: 27] . ـــــــــــــــــــــــــــــQنَوْعُ مُخَالَفَةٍ لِلْإِفْتَاءِ الْأَوَّلِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ مِنْ كُفْرِ مُدَّعِي رُؤْيَتِهِمْ إلَخْ) عِبَارَةُ الشِّهَابِ حَجّ: وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ يُعَزَّزُ مُدَّعِي رُؤْيَتَهُمْ مَحْمُولٌ عَلَى مُدَّعِيهَا فِي صُورَتِهِمْ الْأَصْلِيَّةِ الَّتِي خُلِقُوا عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُخَالِفٌ لِلْقُرْآنِ انْتَهَتْ. وَكَانَ وَجْهُ التَّعْزِيرِ دُونَ الْكُفْرِ أَنَّ الْآيَةَ لَيْسَتْ نَصًّا فِي امْتِنَاعِ رُؤْيَتِهِمْ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَسَمَاعُهَا وَاجِبٌ) أَيْ

الِانْفِضَاضِ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُصَلٍّ لِنَفْسِهِ، فَجَازَتْ الْمُسَامَحَةُ فِي نُقْصَانِ الْعَدَدِ فِي الصَّلَاةِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْخُطْبَةِ إسْمَاعُ النَّاسِ فَإِذَا انْفَضَّ الْأَرْبَعُونَ بَطَلَ حُكْمُ الْخُطْبَةِ، وَإِذَا انْفَضَّ بَعْضُهُمْ بَطَلَ حُكْمُ الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ وَهُوَ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا مَرَّ، فَلَوْ كَانَ مَعَ الْإِمَامِ الْكَامِلِ أَرْبَعُونَ فَانْفَضَّ مِنْهُمْ وَاحِدٌ لَمْ يَضُرَّ، وَالِانْفِضَاضُ مِثَالٌ وَالضَّابِطُ النَّقْصُ (وَيَجُوزُ الْبِنَاءُ عَلَى مَا مَضَى إنْ عَادُوا قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ) عُرْفًا لِأَنَّ الْفَصْلَ الْيَسِيرَ لَا يُعَدُّ قَاطِعًا لِلْمُوَالَاةِ، كَمَا يَجُوزُ الْبِنَاءُ لِمَنْ سَلَّمَ نَاسِيًا ثُمَّ تَذَكَّرَ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ، وَشَبَّهَ الرَّافِعِيُّ الْفَصْلَ الْيَسِيرِ بِالْفَصْلِ بَيْنَ صَلَاتَيْ الْجَمْعِ (وَكَذَا بِنَاءُ الصَّلَاةِ عَلَى الْخُطْبَةِ إنْ انْفَضُّوا بَيْنَهُمَا) أَيْ فَيَجُوزُ أَيْضًا إذَا عَادُوا عَنْ قُرْبٍ (فَإِنْ عَادُوا بَعْدَ طُولِهِ) عُرْفًا (وَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ) لِلْخُطْبَةِ (فِي الْأَظْهَرِ) فِيهِمَا وَإِنْ كَانَ بِعُذْرٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ ذَلِكَ إلَّا مُتَوَالِيًا، وَلِأَنَّ الْمُوَالَاةَ لَهَا مَوْقِعٌ فِي اسْتِمَالَةِ الْقُلُوبِ. وَالثَّانِي لَا يَجِبُ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الْخُطْبَةِ الْوَعْظُ وَالتَّذْكِيرُ وَمِنْ الصَّلَاةِ إيقَاعُ الْفَرْضِ فِي جَمَاعَةٍ وَهُوَ حَاصِلٌ مَعَ التَّفْرِيقِ، وَاحْتُرِزَ بِعَادُوا عَمَّا لَوْ عَادَ بَدَلُهُمْ، فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِئْنَافِ الْخُطْبَةِ طَالَ الْفَصْلُ أَمْ لَا، وَمَا قَرَّرْنَاهُ مِنْ الضَّبْطِ بِالْعُرْفِ هُوَ الْأَوْجَهُ وَإِنْ ضَبَطَهُ جَمْعٌ بِمَا يَزِيدُ عَلَى مَا بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِي الْبَيْعِ إذْ هُوَ بَعِيدٌ جِدًّا (وَإِنْ) (انْفَضُّوا) أَيْ الْأَرْبَعُونَ أَوْ بَعْضُهُمْ (فِي الصَّلَاةِ) بِإِبْطَالِهَا أَوْ إخْرَاجِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ الْجَمَاعَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى (بَطَلَتْ) الْجُمُعَةُ لِفَوَاتِ الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ فِي صِحَّتِهَا فَيُتِمُّونَهَا ظُهْرًا. نَعَمْ لَوْ عَادَ الْمُنْفَضُّونَ لَزِمَهُمْ الْإِحْرَامُ بِالْجُمُعَةِ إذَا كَانُوا مِنْ أَهْلِ وُجُوبِهَا كَمَا أَفْتَى بِهَا الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، إذْ لَا تَصِحُّ ظُهْرُ مَنْ لَزِمَتْهُ الْجُمُعَةُ مَعَ إمْكَانِ إدْرَاكِهَا، وَلَيْسَ فِيهِ إنْشَاءُ جُمُعَةٍ بَعْدَ أُخْرَى لِبُطْلَانِ الْأُولَى. وَلَوْ أَحْرَمَ الْإِمَامُ وَتَبَاطَأَ الْمَأْمُومُونَ أَوْ بَعْضُهُمْ بِالْإِحْرَامِ عَقِبَ إحْرَامِ الْإِمَامِ ثُمَّ أَحْرَمُوا فَإِنْ تَأَخَّرَ تَحَرُّمُهُمْ عَنْ رُكُوعِهِ فَلَا جُمُعَةَ لَهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: وَهُوَ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ) بَيَانٌ لِلْعَدَدِ وَعَلَيْهِ فَلَا يُحْسَبُ الْمَفْعُولُ فِي غَيْبَةِ الْمُنْفَضِّينَ (قَوْلُهُ: وَالضَّابِطُ النَّقْصُ) أَيْ فَلَوْ أُغْمِيَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَوْ بَعُدَ فِي الْمَسْجِدِ إلَى مَكَان لَا يُسْمَعُ فِيهِ الْإِمَامُ كَانَ الْمُنْفَضَّ (قَوْلُهُ: بَيْنَ صَلَاتَيْ الْجَمْعِ) فَيَجِبُ أَنْ لَا يَبْلُغَ قَدْرَ رَكْعَتَيْنِ أَخَفَّ مَا يُمْكِنُ كَمَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ الْجُمُعَةُ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الِانْفِضَاضُ بَعْدَ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ، أَمَّا لَوْ كَانَ قَبْلَهُ فَإِنْ عَادُوا وَاقْتَدَوْا بِالْإِمَامِ قَبْلَ رُكُوعِهِ أَوْ فِيهِ وَقَرَءُوا الْفَاتِحَةَ وَاطْمَأَنُّوا مَعَ الْإِمَامِ قَبْلَ رَفْعِهِ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ اسْتَمَرَّتْ جُمُعَتُهُمْ كَمَا لَوْ تَبَاطَأَ الْقَوْمُ عَنْ الْإِمَامِ ثُمَّ اقْتَدُوا بِهِ (قَوْلُهُ: فَيُتِمُّونَهَا ظُهْرًا) أَيْ يَفْعَلُونَهَا ظُهْرًا بِاسْتِئْنَافِهَا بِالنِّسْبَةِ فِيمَنْ انْفَضَّ إلَى بُطْلَانٍ وَبِالْبِنَاءِ عَلَى مَا مَضَى فِي حَقِّ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُمْ الْإِحْرَامُ) أَيْ مَعَ إعَادَةِ الْخُطْبَةِ إنْ طَالَ الْفَصْلُ بَيْنَ انْفِضَاضِهِمْ وَعَوْدِهِمْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَأَخَّرَ تَحَرُّمُهُمْ عَنْ رُكُوعِهِ) أَيْ انْتِهَائِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا جُمُعَةَ لَهُمْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَرَءُوا الْفَاتِحَةَ وَأَدْرَكُوا مَعَهُ الرُّكُوعَ وَفِيهِ نَظَرٌ، ثُمَّ رَأَيْت سم ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْمَعْنَى الْآتِي (قَوْلُهُ: فَجَازَتْ الْمُسَامَحَةُ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا مَرَّ) صَوَابُهُ عَلَى الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ: فَيُتِمُّونَهَا) يَعْنِي الْبَاقِينَ فِي صُورَةِ مَا إذَا كَانَ الْمُنْفَضُّ بَعْضَهُمْ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْمُتَبَادَرِ مِنْ السِّيَاقِ، إذْ لَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِيمَا إذَا انْفَضَّ الْأَرْبَعُونَ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُمْ) أَيْ الْجَمِيعَ، فَلَيْسَ لِلْبَاقِينَ حِينَئِذٍ إتْمَامُ الظُّهْرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، عَلَى أَنَّ الشِّهَابَ سم فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ قَالَ عِنْدَ قَوْلِهِ فَيُتِمُّهَا الْبَاقُونَ ظُهْرًا مَا نَصُّهُ: هَذَا ظَاهِرٌ إذَا تَعَذَّرَ اسْتِئْنَافُ جُمُعَةٍ وَإِلَّا فَالْوَجْهُ اسْتِئْنَافُهَا:؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِهَا وَالْوَقْتُ بَاقٍ وَالْعَدَدُ مُتَيَسِّرٌ، فَكَيْفَ تَصِحُّ الظُّهْرُ مَعَ إمْكَانِ الْجُمُعَةِ. ثُمَّ قَالَ: ثُمَّ رَأَيْت السَّيِّدَ السَّمْهُودِيَّ فِي حَاشِيَةِ الرَّوْضَةِ سَبَقَنِي إلَى هَذَا الْبَحْثِ وَقَالَ: إنَّهُ التَّحْقِيقُ، وَذَكَرَ أَنَّ الشَّارِحَ اعْتَمَدَ مَا قَالَهُ السَّمْهُودِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ إفْتَاءِ وَالِدِهِ. نَعَمْ حَاوَلَ: أَعْنِي الشِّهَابَ سم دَفْعَ ذَلِكَ بِأَنَّ مَحَلَّ قَوْلِهِمْ الَّذِي تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَفْعَلَ الظُّهْرَ حَتَّى يَيْأَسَ مَا إذَا لَمْ يَشْرَعْ، بِخِلَافِ مَا إذَا شَرَعَ كَمَا هُنَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَأَخَّرَ حَرَمُهُمْ عَنْ رُكُوعِهِ فَلَا جُمُعَةَ لَهُمْ

وَإِنْ لَمْ يَتَأَخَّرْ عَنْ رُكُوعِهِ، فَإِنْ أَدْرَكُوا الرُّكُوعَ مَعَ الْفَاتِحَةِ بِأَنْ تَمَّتْ قِرَاءَتُهَا قَبْلَ رَفْعِ الْإِمَامِ رَأْسَهُ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ صَحَّتْ جُمُعَتُهُمْ وَإِلَّا فَلَا، وَسَبَقُهُ فِي الْأُولَى بِالتَّكْبِيرِ وَالْقِيَامِ كَمَا لَمْ يَمْنَعْ إدْرَاكَهُمْ الرَّكْعَةَ لَا يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْجُمُعَةِ، كَذَا جَرَى عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ. وَقَالَ الْبَغَوِيّ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَابْنُ الْمُقِرِّي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ: يُشْتَرَط أَنْ لَا يَطُولَ الْفَصْلُ بَيْنَ إحْرَامِهِ وَإِحْرَامِهِمْ. قَالَ الْكَمَالُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ: فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ إدْرَاكَهُمْ الرَّكْعَةَ الْأُولَى مَعَهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ، وَقَدْ ادَّعَى الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى ذَلِكَ تَقْيِيدُ لُحُوقِ اللَّاحِقِينَ بِكَوْنِهِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، فَلَوْ تَحَرَّمَ أَرْبَعُونَ لَاحِقُونَ بَعْدَ رَفْعِ الْإِمَامِ مِنْ رُكُوعِ الْأُولَى ثُمَّ انْفَضَّ الْأَرْبَعُونَ الَّذِينَ أَحْرَمَ بِهِمْ أَوْ نَقَصُوا فَلَا جُمُعَةَ، بَلْ يُتِمُّهَا الْإِمَامُ وَمَنْ بَقِيَ مَعَهُ ظُهْرًا، لِأَنَّهُ قَدْ تَبَيَّنَ بِفَسَادِ صَلَاةِ الْأَرْبَعِينَ أَوْ مَنْ نَقَصَ مِنْهُمْ أَنَّهُ قَدْ مَضَى لِلْإِمَامِ رَكْعَةٌ فَقَدَ فِيهَا الْجَمَاعَةَ أَوْ الْعَدَدَ، إذْ الْمُقْتَدُونَ الَّذِينَ تَصِحُّ بِهِمْ الْجُمُعَةُ هُمْ اللَّاحِقُونَ وَلَمْ يُحْرِمُوا إلَّا بَعْدَ رُكُوعِهِ. هَذَا مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ مَعَ تَنْقِيحٍ لَهُ وَتَوْشِيحٍ. وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُمْ إذَا تَحَرَّمُوا وَالْعَدَدُ تَامٌّ صَارَ حُكْمُهُمْ وَاحِدًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ، فَكَمَا لَا يُؤْثِرُ انْفِضَاضُ الْأَوَّلِينَ بِالنِّسْبَةِ إلَى عَدَمِ سَمَاعِ اللَّاحِقِينَ الْخُطْبَةَ كَذَلِكَ لَا يُؤْثِرُ بِالنِّسْبَةِ إلَى عَدَمِ حُضُورِهِمْ الرَّكْعَةَ الْأُولَى (وَفِي قَوْلٍ لَا) تَبْطُلُ (إنْ بَقِيَ) اثْنَا عَشَرَ مَعَ الْإِمَامِ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ مَعَ جَوَابِهِ وَفِي قَوْلٍ لَا إنْ بَقِيَ (اثْنَانِ) مَعَ الْإِمَامِ اكْتِفَاءً بِدَوَامِ مُسَمًّى الْجَمْعِ، وَالْمُرَادُ عَلَى الْأَوَّلِ انْفِضَاضُ مُسَمَّى الْعَدَدِ لَا الَّذِينَ حَضَرُوا الْخُطْبَةَ، فَلَوْ أَحْرَمَ بِتِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ سَمِعُوا الْخُطْبَةَ ثُمَّ انْفَضُّوا بَعْدَ إحْرَامِ تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ لَمْ يَسْمَعُوهَا أَتَمَّ بِهِمْ الْجُمُعَةَ، لِأَنَّهُمْ إذَا لَحِقُوا وَالْعَدَدُ تَامٌّ صَارَ حُكْمُهُمْ وَاحِدًا فَسَقَطَ عَنْهُمْ سَمَاعُ الْخُطْبَةِ، وَإِنْ انْفَضُّوا قَبْلَ إحْرَامِهِمْ بِهِ اسْتَأْنَفَ الْخُطْبَةَ لَهُمْ فَلَا تَصِحّ الْجُمُعَةُ بِدُونِهَا وَإِنْ قَصُرَ الْفَصْلُ لِانْتِفَاءِ سَمَاعِهِمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى حَجّ نَقَلَ عَنْ مُقْتَضَى الرَّوْضِ: أَنَّهُمْ حَيْثُ قَرَءُوا الْفَاتِحَةَ وَأَدْرَكُوا مَعَهُ الرُّكُوعَ قَبْلَ رَفْعِهِ عَنْ أَقَلِّهِ أَدْرَكُوا الْجُمُعَةَ وَهُوَ ظَاهِرٌ انْتَهَى بِالْمَعْنَى. وَمَحَلُّ كَوْنِ ظَاهِرِ كَلَامِهِ مَا تَقَدَّمَ إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ عَنْ رُكُوعِهِ تَأَخُّرَهُمْ عَنْ ابْتِدَاءِ رُكُوعِهِ، أَمَّا إذَا حُمِلَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بَعْدَ انْتِهَاءِ رُكُوعِهِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ أَدْرَكُوا الرُّكُوعَ مَعَ الْفَاتِحَةِ بِأَنْ كَانَ الِاقْتِدَاءُ بَعْدَ الرَّفْعِ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ فَلَا يَكُونُ ظَاهِرُهُ ذَلِكَ بَلْ يَكُونُ مُفِيدًا لِمَا قَالَهُ سم (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَمَّتْ قِرَاءَتُهَا) أَيْ وَرَكَعُوا وَاطْمَأَنُّوا قَبْلَ رَفْعِ إلَخْ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ حَجّ، وَالْمُرَادُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنْ يُدْرِكُوا الْفَاتِحَةَ وَالرُّكُوعَ قَبْلَ قِيَامِ الْإِمَامِ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ، وَلَوْ قِيلَ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الطُّمَأْنِينَةِ قَبْلَ ارْتِفَاعِهِ بَلْ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الرُّكُوعِ مَعَهُ إنْ أَتَمَّ الْفَاتِحَةَ قَبْلَ رُكُوعِهِ لَمْ يَبْعُدُ، لِأَنَّ الْإِمَامَ فِيمَا ذَكَرَ لَمْ يَتَحَمَّلْ عَنْهُ الْقِرَاءَةَ، وَحَيْثُ لَمْ يَتَحَمَّلْهَا فَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ طُمَأْنِينَتِهِ مَعَهُ (قَوْلُهُ وَسَبَقَهُ فِي الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ فَإِنْ تَأَخَّرَ تَحَرُّمُهُمْ عَنْ رُكُوعِهِ إلَخْ، لَكِنَّ قَوْلَهُ كَمَا لَمْ يَمْنَعْ إدْرَاكُهُمْ إلَخْ لَا يُوَافِقُهُ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْأُولَى فِي كَلَامِهِ قَوْلُهُ فَإِنْ أَدْرَكُوا مَعَ الْفَاتِحَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقَدْ ادَّعَى الْمُصَنِّفُ) أَيْ ابْن الْمُقْرِي (قَوْلُهُ: مَعَ تَنْقِيحٍ لَهُ وَتَوْشِيحٍ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لِلْخَبَرِ الْمَارِّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَأَمَّا خَبَرُ انْفِضَاضِهِمْ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا اثْنَا عَشَرَ فَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ ابْتَدَأَهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ عَلَى الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِنْ لَمْ يَتَأَخَّرْ عَنْ رُكُوعِهِ فَإِنْ أَدْرَكُوا أَدْرَكُوا إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ لَوْ تَبَاطَئُوا حَتَّى رَكَعَ فَلَا جُمُعَةَ، وَإِنْ أَدْرَكُوا قَبْلَ الرُّكُوعِ اشْتِرَاطَ أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ الْفَاتِحَةِ قَبْلَ رُكُوعِهِ، وَالْمُرَادُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنْ يُدْرِكُوا الْفَاتِحَةَ وَالرُّكُوعَ قَبْلَ قِيَامِ الْإِمَامِ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ، إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ ثُمَّ نَقَلَهُ عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ كَمَا صَنَعَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ ادَّعَى الْمُصَنِّفُ) مِنْ كَلَامِ ابْنِ أَبِي شَرِيفٍ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ، فَمُرَادُهُ بِالْمُصَنِّفِ ابْنُ الْمُقْرِي وَمُرَادُهُ بِشَرْحِهِ التَّمْشِيَةُ عَلَى الْإِرْشَادِ

وَلُحُوقِهِمْ. وَقَوْلُ الشَّارِحِ: لَوْ لَحِقَ أَرْبَعُونَ قَبْلَ انْفِضَاضِ الْأَوَّلِينَ تَمَّتْ بِهِمْ الْجُمُعَةُ، مُرَادُهُ بِذَلِكَ بَعْدَ التَّحَرُّمِ بِالصَّلَاةِ، وَلَوْ أَحْرَمَ بِهِمْ فَانْفَضُّوا إلَّا ثَمَانِيَةً وَثَلَاثِينَ وَكَمُلُوا أَرْبَعِينَ بِخُنْثَى فَإِنْ أُحْرِمَ مَعَهُ بَعْدَ انْفِضَاضِهِمْ لَمْ تَصِحَّ جُمُعَتُهُمْ لِلشَّكِّ فِي تَمَامِ الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ، وَإِلَّا صَحَّتْ لِأَنَّا حَكَمْنَا بِانْعِقَادِهَا وَصِحَّتِهَا وَشَكَكْنَا فِي نَقْصِ الْعَدَدِ بِتَقْدِيرِ أُنُوثَتِهِ، وَالْأَصْلُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ فَلَا نُبْطِلُهَا بِالشَّكِّ، كَمَا لَوْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ هَلْ كَانَ مَسَحَ رَأْسَهُ أَمْ لَا حَيْثُ يَمْضِي فِي صَلَاتِهِ. (وَتَصِحُّ) الْجُمُعَةُ (خَلْفَ الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ وَالْمُسَافِرِ) (فِي الْأَظْهَرِ) أَيْ خَلْفَ كُلٍّ مِنْهُمْ (إذَا تَمَّ الْعَدَدُ بِغَيْرِهِ) لِأَنَّهُ ذَكَرٌ تَصِحُّ جُمُعَتُهُ مَأْمُومًا فَصَحَّتْ إمَامًا كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ، بِخِلَافِ مَا إذَا تَمَّ الْعَدَدُ بِهِ فَلَا تَصِحُّ جَزْمًا لِانْتِفَاءِ تَمَامِ الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ وَالثَّانِي لَا تَصِحُّ لِأَنَّ الْإِمَامَ رُكْنٌ فِي صِحَّةِ هَذِهِ الصَّلَاةِ فَاشْتُرِطَ فِيهِ الْكَمَالُ كَالْأَرْبَعِينَ بَلْ أَوْلَى، وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ مُتَنَفِّلًا فَفِيهِ الْقَوْلَانِ، وَأَوْلَى بِالْجَوَازِ لِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْفَرْضِ مَعَ انْتِفَاءِ نَقْصِهِ. (وَلَوْ) (بَانَ الْإِمَامُ جُنُبًا أَوْ مُحْدِثًا) (صَحَّتْ جُمُعَتُهُمْ فِي الْأَظْهَرِ إنْ تَمَّ الْعَدَدُ بِغَيْرِهِ) كَمَا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَالثَّانِي لَا تَصِحُّ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِي الْجُمُعَةِ، وَالْجَمَاعَةُ تَقُومُ بِالْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فَإِذَا بَانَ الْإِمَامُ مُحْدِثًا بَانَ أَنْ لَا جُمُعَةَ لَهُ وَلَا جَمَاعَةَ بِخِلَافِ غَيْرِهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ تَمَّ الْعَدَدُ بِهِ (فَلَا) تَصِحُّ جُمُعَتُهُمْ جَزْمًا لِأَنَّ الْكَمَالَ شَرْطٌ فِي الْأَرْبَعِينَ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ بَانَ حَدَثُ الْعَدَدِ الْمُقْتَدِي بِهِ أَوْ بَعْضِهِمْ أَوْ أَنَّ عَلَيْهِمْ نَجَاسَةً غَيْرَ مَعْفُوٍّ عَنْهَا فَلَا جُمُعَةَ لِأَحَدٍ مِمَّنْ بَانَ كَذَلِكَ، وَتَصِحُّ جُمُعَةُ الْإِمَامِ فِيهِمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الصَّيْمَرِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيُّ وَالْقَمُولِيُّ، وَنَقَلَاهُ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ وَأَقَرَّاهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ بِالِاطِّلَاعِ عَلَى حَالِهِمْ مِنْ الطَّهَارَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ بَانُوا نِسَاءً أَوْ عَبِيدًا لِسُهُولَةِ الِاطِّلَاعِ عَلَى حَالِهِمْ، أَمَّا الْمُتَطَهِّرُ مِنْهُمْ فِي الثَّانِيَةِ فَتَصِحُّ جُمُعَتُهُ تَبَعًا لِلْإِمَامِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَالْقَمُولِيُّ، وَصَرَّحَ الْمُتَوَلِّي أَيْضًا بِأَنَّ صِحَّةَ صَلَاتِهِمَا لَا تَخْتَصُّ بِمَا إذَا زَادَ الْإِمَامُ عَلَى الْأَرْبَعِينَ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ وَمَا اسْتَشْكَلَ بِهِ صِحَّةُ صَلَاةِ الْإِمَامِ مِنْ أَنَّ الْعَدَدَ شَرْطٌ وَلِهَذَا شَرَطْنَاهُ فِي عَكْسِهِ، فَكَيْفَ تَصِحُّ لِلْإِمَامِ مَعَ فَوَاتِ الشَّرْطِ رُدَّ بِعَدَمِ فَوَاتِهِ، بَلْ وُجِدَ فِي حَقِّهِ وَاحْتُمِلَ فِيهِ حَدَثُهُمْ لِأَنَّهُ مَتْبُوعٌ، وَيَصِحُّ إحْرَامُهُ مُنْفَرِدًا فَاغْتُفِرَ لَهُ مَعَ عُذْرِهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا صَحَّتْ لِلْمُتَطَهِّرِ الْمُؤْتَمِّ بِهِ فِي الثَّانِيَةِ تَبَعًا لَهُ (وَمَنْ) (لَحِقَ الْإِمَامَ الْمُحْدِثَ) أَيْ الَّذِي بَانَ حَدَثُهُ (رَاكِعًا) (لَمْ تُحْسَبْ رَكْعَتُهُ عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّ الْحُكْمَ بِإِدْرَاكِ مَا قَبْلَ الرُّكُوعِ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ خِلَافُ الْحَقِيقَةِ، وَإِنَّمَا يُصَارُ إلَيْهِ حَيْثُ كَانَ الرُّكُوعُ مَحْسُوبًا مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ لِيَتَحَمَّلَ بِهِ عَنْ الْغَيْرِ وَالْمُحْدِثُ لَيْسَ أَهْلًا لِلتَّحَمُّلِ وَإِنْ صَحَّتْ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ. وَالثَّانِي تُحْسَبُ كَمَا لَوْ أَدْرَكَ مَعَهُ كُلَّ الرَّكْعَةِ. وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ عِنْدَ إدْرَاكِهِ رَاكِعًا لَمْ يَأْتِ بِالْقِرَاءَةِ وَالْإِمَامُ الْمُحْدِثِ لَا يَتَحَمَّلُ عَنْ الْمَأْمُومِ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَرَأَ بِنَفْسِهِ، وَإِنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ كَامِلَةً مَعَ الْإِمَامِ فِي رَكْعَةٍ زَائِدَةٍ صَحَّتْ إنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِزِيَادَتِهَا كَمُصَلٍّ صَلَاةً كَامِلَةً خَلْفَ مُحْدِثٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ إمَامُهُ كَافِرًا أَوْ امْرَأَةً لِأَنَّهَا غَيْرُ أَهْلٍ لِلْإِمَامَةِ فِي الْجُمُعَةِ بِحَالٍ. (الْخَامِسُ) مِنْ الشُّرُوطِ (خُطْبَتَانِ) ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُصَنِّفِ وَإِنْ انْفَضُّوا فِي الصَّلَاةِ بَطَلَتْ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا صَحَّتْ) أَيْ لَا يَحْرُمُ بَعْدَ نَقْصِ الْأَوَّلِينَ بَلْ قَبْلَهُمْ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِيَتِمَّ التَّشْبِيهُ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ لَوْ شَكَّ بَعْدَ فَرَاغِ الْوُضُوءِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ مُتَنَفِّلًا) أَيْ بِأَنْ أَحْرَمَ بِنَافِلَةٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ إمَامُ الْجُمُعَةِ، أَوْ صَلَّى الظُّهْرَ لِكَوْنِهِ مُسَافِرًا ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ الْجُمُعَةَ إمَامًا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَانَ حَدَثُ الْعَدَدِ) أَيْ بَعْدَ سَلَامِ الْجَمِيعِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَحْدَثَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ قَبْلَ سَلَامِهِ وَلَوْ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ فَلَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ لَا لِلْإِمَامِ وَلَا لِمَنْ مَعَهُ لِنُقْصَانِ الْعَدَدِ حَيْثُ كَانَ الْمُحْدِثُ مِنْ الْأَرْبَعِينَ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ إذَا تَبَيَّنَ الْحَدَثُ بَعْدَ سَلَامِ الْجَمِيعِ تَمَّتْ الْجُمُعَةُ صُورَةً، بِخِلَافِ مَا إذَا أَحْدَثَ وَاحِدٌ مِنْ الْأَرْبَعِينَ قَبْلَ سَلَامِهِ فَإِنَّ الْجُمُعَةَ لَمْ تَتِمَّ لَا صُورَةً وَلَا حَقِيقَةً (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُتَطَهِّرُ مِنْهُمْ فِي الثَّانِيَةِ) هِيَ قَوْلُهُ أَوْ بَعْضُهُمْ وَالْأَوَّلُ هِيَ قَوْلُهُ وَلَوْ بَانَ حَدَثُ الْعَدَدِ الْمُقْتَدَى بِهِ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا شَرَطْنَاهُ فِي عَكْسِهِ) وَهُوَ مَا لَوْ بَانَ حَدَثُ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ أَهْلٍ لِلْإِمَامَةِ فِي الْجُمُعَةِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[أركان خطبة الجمعة]

لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ خُطْبَتَيْنِ يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا» (وَ) كَوْنُهُمَا (قَبْلَ الصَّلَاةِ) لِلِاتِّبَاعِ مَعَ خَبَرِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» بِخِلَافِ الْعِيدِ فَإِنَّ خُطْبَتَيْهِ مُؤَخَّرَتَانِ لِلِاتِّبَاعِ، وَلِأَنَّ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ شَرْطٌ وَالشَّرْطُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَشْرُوطِ، وَلِأَنَّ الْجُمُعَةَ إنَّمَا تُؤَدَّى جَمَاعَةً فَأُخِّرَتْ لِيُدْرِكَهَا الْمُتَأَخِّرُ وَلِلتَّمْيِيزِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا} [الجمعة: 10] فَأَبَاحَ الِانْتِشَارَ بَعْدَهَا، فَلَوْ جَازَ تَأْخِيرُهُمَا لَمَا جَازَ الِانْتِشَارُ. (وَأَرْكَانُهُمَا) مِنْ حَيْثُ الْمَجْمُوعِ كَمَا سَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ (خَمْسَةٌ) (حَمْدُ اللَّهِ تَعَالَى) لِلِاتِّبَاعِ وَكَكَلِمَتَيْ التَّكْبِيرِ (وَ) الثَّانِي (الصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) إذْ كُلُّ عِبَادَةٍ افْتَقَرَتْ إلَى ذِكْرِ اللَّهِ افْتَقَرَتْ إلَى ذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَالْأَذَانِ وَالصَّلَاةِ (وَلَفْظُهُمَا) أَيْ الْحَمْدُ وَالصَّلَاةُ (مُتَعَيِّنٌ) ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ بَلْ وَكَذَا فِي غَيْرِهَا، وَلَعَلَّهُ قَيَّدَ بِالْجُمُعَةِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَصِحُّ إمَامَتُهَا لِلنِّسَاءِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ. (قَوْلُهُ وَكَوْنُهُمَا قَبْلَ الصَّلَاةِ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: رَأَيْت فِي شَرْحِ الدَّمَامِينِيِّ عَلَى الْبُخَارِيِّ فِي حَدِيثِ الِانْفِضَاضِ فِي شَأْنِ التِّجَارَةِ أَنَّ الِانْفِضَاضَ كَانَ فِي الْخُطْبَةِ وَأَنَّهَا كَانَتْ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَأَنَّهَا مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ حُوِّلَتْ إلَى قَبْلِ الصَّلَاةِ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: مَعَ خَبَرِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» إلَخْ) أَيْ وَمَا رَأَيْنَاهُ يُصَلِّي إلَّا بَعْدَ الْخُطْبَتَيْنِ، وَفِيهِ أَنَّهُ يُخَالِفُ مَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ عَنْ شَرْحِ الدَّمَامِينِيِّ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ التَّحْوِيلَ كَانَ لِحِكْمَةٍ فَنَزَلَ مَنْزِلَةَ النَّسْخِ، أَوْ أَنَّ ذَلِكَ رِوَايَةٌ لَمْ تَصِحَّ، أَوْ أَنَّ الصَّحَابَةَ فَهِمُوا مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّ كَوْنَهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ نُسِخَ بِالْأَمْرِ بِفِعْلِهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ. . [أَرْكَانُ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ] (قَوْلُهُ: وَأَرْكَانُهُمَا مِنْ حَيْثُ الْمَجْمُوعُ) جَوَابُ سُؤَالٍ يَرِدُ فِي هَذَا الْمَقَامِ بِأَنْ يُقَالَ: هَذِهِ الْإِضَافَةُ لَا تَخْلُو مِنْ أَنْ تَكُونَ لِلِاسْتِغْرَاقِ فِي كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْمُضَافِ أَوْ مُرَادًا بِهَا الْحُكْمُ عَلَى مَجْمُوعِ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَلْزَمُ أَنَّ جُمْلَةَ الْخَمْسَةِ وَاجِبَةٌ فِي كُلٍّ مِنْ الْخُطْبَتَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْبُطْلَانِ، فَكَذَا الْمَلْزُومُ، وَعَلَى الثَّانِي يَلْزَمُ كِفَايَةُ الْإِتْيَانِ بِبَعْضِ الْأَرْكَانِ فِي الْأُولَى وَلَوْ وَاحِدًا، وَالْإِتْيَانُ بِالْبَاقِي فِي الثَّانِيَةِ، وَأَنْ يَأْتِيَ بِالْجَمِيعِ فِي الْأُولَى وَيُخَلِّي عَنْهَا الثَّانِيَةَ، وَبِالْعَكْسِ أَنْ يَصْدُقَ عَلَى جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ الْإِتْيَانُ بِالْأَرْكَانِ فِي مَجْمُوعِ الْخُطْبَتَيْنِ وَبُطْلَانُهُ ظَاهِرٌ وَحَاصِلُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ أَنْ يُقَالَ: نَخْتَارُ الثَّانِيَ وَنَحْمِلُهُ عَلَى مَا صَدَقَ عَلَيْهِ إضَافَةُ الْمَجْمُوعِ بِقَرِينَةِ مَا سَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا سَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ) أَيْ عَلَى مَا سَيُعْلَمُ (قَوْلُهُ: وَكَكِلْمَتَيْ التَّكْبِيرِ) وَهُمَا اللَّهُ وَأَكْبَرُ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّ الْحَمْدَ جُعِلَ رُكْنًا فِي الْخُطْبَةِ قِيَاسًا عَلَى جَعْلِ التَّكْبِيرِ رُكْنًا فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي الصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) . [فَرْعٌ] أَفْتَى شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيْرَهُ لَمْ يَنْصَرِفْ عَنْهُ وَأَجْزَأَتْ. وَأَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَصَدَ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ غَيْرَ الْخُطْبَةِ، لِأَنَّ هَذَا صَرْفٌ عَنْ الْخُطْبَةِ وَذَاكَ عَنْ النَّبِيِّ، وَنَظِيرُهُ الصَّرْفُ عَنْ اللَّهِ أَوْ عَنْ الْيَمِينِ فِي الْأَيْمَانِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ فَإِنَّهُ إنْ قَصَدَ ثَمَّ الصَّرْفَ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَنْصَرِفُ أَوْ عَنْ الْيَمِينِ انْصَرَفَ. أَقُولُ: وَفِيهِ أَنَّ الَّذِي لَا يَقْبَلُ الصَّرْفَ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى هُوَ لَفْظُ الْجَلَالَةِ خَاصَّةً. وَأَمَّا الْأَلْفَاظُ الَّتِي تُطْلَقُ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ فَتَقْبَلُ الصَّرْفَ، وَالْأَسْمَاءُ الَّتِي يُوصَفُ بِهَا نَبِيُّنَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كُلُّهَا تَقْبَلُ الصَّرْفَ لِلِاشْتِرَاكِ فِيهَا. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا لَمَّا اُشْتُهِرَتْ فِيهِ اشْتِهَارًا تَامًّا نَزَلَتْ مَنْزِلَةَ الْأَعْلَامِ الشَّخْصِيَّةِ الَّتِي لَا اشْتَرَاك فِيهَا (قَوْلُهُ: افْتَقَرَتْ إلَى ذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ وُجُوبًا فِي الْوَاجِبِ وَنَدْبًا فِي الْمَنْدُوبِ (قَوْلُهُ: كَالْأَذَانِ وَالصَّلَاةِ) قَالَ حَجّ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ خَبَرَ «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَجَعَلْت أُمَّتَك لَا تَجُوزُ عَلَيْهِمْ خُطْبَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَكَكَلِمَتَيْ التَّكْبِيرِ) مَحَلُّهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَفْظُهُمَا مُتَعَيِّنٌ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ

لِلِاتِّبَاعِ وَلِأَنَّهُ الَّذِي مَضَى عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ مِنْ زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِلَى عَصْرِنَا، فَلَا يُجْزِئُ الشُّكْرُ وَالثَّنَاءُ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَلَا الْمَدْحُ وَالْجَلَالُ وَالْعَظَمَةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ. نَعَمْ لَفْظُ الْحَمْدِ مُعَرَّفًا غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ، فَيَكْفِي نَحْمَدُ اللَّهَ وَأَحْمَدُ اللَّهَ أَوْ لِلَّهِ الْحَمْدُ وَاَللَّهَ أَحْمَدُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيقَةِ تَبَعًا لِصَاحِبِ الْحَاوِي فِي شَرْحِ اللُّبَابِ، وَصَرَّحَ الْجِيلِيُّ بِإِجْزَاءِ أَنَا حَامِدٌ لِلَّهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ وَادَّعَى أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الشَّرْحَيْنِ تُعَيِّنُ لَفْظَ الْحَمْدِ بِاللَّامِ، وَلَفْظَةُ اللَّهِ مُتَعَيِّنَةٌ، فَلَا يَكْفِي الْحَمْدُ لِلرَّحْمَنِ أَوْ الرَّحِيمِ، وَلَا يَتَعَيَّنُ لَفْظُ اللَّهُمَّ صَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ، وَإِنَّمَا الْمُتَعَيِّنُ صِيغَةُ صَلَاةٍ عَلَيْهِ كَأُصَّلِي أَوْ نُصَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ أَوْ أَحْمَدَ أَوْ الرَّسُولِ أَوْ النَّبِيِّ أَوْ الْمَاحِي أَوْ الْعَاقِبِ أَوْ الْحَاشِرِ أَوْ الْبَشِيرِ أَوْ النَّذِيرِ، فَخَرَجَ رَحِمَ اللَّهُ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى جِبْرِيلَ وَنَحْوِهَا، وَتُسَنُّ الصَّلَاةُ عَلَى آلِهِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ كُلَّ مَا كَفَى مِنْهَا فِي التَّشَهُّدِ يَكْفِي هُنَا. وَسُئِلَ الْفَقِيهُ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ: هَلْ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي عَلَى نَفْسِهِ؟ فَقَالَ: ـــــــــــــــــــــــــــــSحَتَّى يَشْهَدُوا أَنَّك عَبْدِي وَرَسُولِي» قِيلَ هَذَا مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَرَدَ لِأَنَّهُ تَفَرُّدٌ صَحِيحٌ. وَلَا يُقَالُ إنَّ خُطْبَتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَتْ فِيهَا صَلَاةٌ لِأَنَّ اتِّفَاقَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ عَلَى التَّصْلِيَةِ فِي خُطَبِهِمْ دَلِيلٌ لِوُجُوبِهَا، إذْ يَبْعُدُ الِاتِّفَاقُ عَلَى سَنِّهَا دَائِمًا اهـ (قَوْلُهُ: لِلِاتِّبَاعِ) الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّ الِاتِّبَاعَ عِبَارَةٌ عَنْ الِاقْتِدَاءِ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا فَعَلَهُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ: وَلِأَنَّهُ الَّذِي مَضَى عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِ قَوْلُ حَجّ السَّابِقُ وَلَا يُقَالُ إنَّ خُطْبَتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَتْ فِيمَا صَلَاةٌ إلَخْ. وَقَوْلُهُ إذْ يَبْعُدُ الِاتِّفَاقُ عَلَى سَنِّهَا دَائِمًا دُونَ أَنْ يَقُولَ إذْ يَبْعُدُ الِاتِّفَاقُ عَلَى مَا لَمْ يَفْعَلْهُ، وَعَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ حَجّ مِنْ عَدَمِ فِعْلِهِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُجْعَلُ قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ الَّذِي مَضَى عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ تَفْسِيرًا لِلِاتِّبَاعِ، وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ الِاتِّبَاعَ عِبَارَةٌ عَنْ الِاقْتِدَاءِ بِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي فِعْلِهِ، وَقَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ الَّذِي إلَخْ إشَارَةٌ لِحَمْلِ فِعْلِهِ الْوَارِدِ عَنْهُ عَلَى الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: وَاَللَّهَ أَحْمَدُ) أَيْ أَوْ اللَّهَ نَحْمَدُ (قَوْلُهُ: فِي شَرْحِ اللُّبَابِ) أَيْ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْعُجَابِ وَكِلَاهُمَا لِمُصَنِّفِ الْحَاوِي، فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ لُبَابُ الْمَحَامِلِيِّ (قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ الْجِيلِيُّ بِإِجْزَاءِ أَنَا حَامِدٌ) وَيَظْهَرُ أَنَّ مِثْلَهُ أَنِّي حَامِدٌ لِلَّهِ وَإِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ أَوْ أَنَّ لِلَّهِ الْحَمْدَ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى حُرُوفِ الْحَمْدِ وَمَعْنَاهُ (قَوْلُهُ: وَلَفْظَةُ اللَّهِ مُتَعَيِّنَةٌ) سَأَلَ سَائِلٌ: لِمَ تُعَيِّنُ لَفْظَ الْجَلَالَةِ فِي صِيغَةِ الْحَمْدِ فِي الْخُطْبَةِ دُونَ اسْمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صِيغَةِ الصَّلَاةِ بَلْ كَفَى نَحْوُ الْمَاحِي وَالْحَاشِرِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ؟ وَيُجَابُ بِأَنَّ لِلَفْظِ الْجَلَالَةِ بِالنِّسْبَةِ لِبَقِيَّةِ أَسْمَائِهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ مَزِيَّةً تَامَّةً، فَإِنَّ لَهُ الِاخْتِصَاصَ التَّامَّ بِهِ تَعَالَى، وَيُفْهَمُ مِنْهُ عِنْدَ ذِكْرِهِ سَائِرَ صِفَاتِ الْكَمَالِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ، بِخِلَافِ بَقِيَّةِ أَسْمَائِهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ، وَلَا كَذَلِكَ نَحْوُ مُحَمَّدٍ مِنْ أَسْمَائِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: أَوْ نُصَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ) أَيْ أَوْ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَتَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ عَنْ حَجّ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّمَا تَكْفِي حَيْثُ نَوَى بِهَا الصَّلَاةَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهَلْ يَأْتِي نَظِيرُهُ هُنَا أَوْ لَا وَيُفَرَّقُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي. وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ يُحْتَاجُ لَهَا بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ لَمْ يَكْتَفُوا فِيهَا بِجَمِيعِ أَسْمَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بَلْ عَيَّنُوا فِيهَا مَا وَرَدَ، وَالْخُطْبَةُ لَمَّا تُوَسِّعُوا فِيهَا لَمْ يَشْتَرِطُوا فِيهَا مَا وَرَدَ فِيهَا بِخُصُوصِهِ بَلْ اكْتَفَوْا بِكُلِّ مَا كَانَ مِنْ أَسْمَائِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ (قَوْلُهُ أَوْ الْعَاقِبِ إلَخْ) قَالَ حَجّ: وَنَحْوُهَا مِمَّا وَرَدَ وَصْفُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهِ انْتَهَى. وَتَعْبِيرُ الشَّارِحِ بِالْكَافِ يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: وَتُسَنُّ الصَّلَاةُ عَلَى آلِهِ) أَيْ وَالسَّلَامُ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ كُلَّ مَا كَفَى مِنْهَا) أَيْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: يَكْفِي هُنَا) بَلْ كَثِيرٌ مِنْ الصِّيَغِ يَكْفِي هُنَا، وَلَا يَكْفِي فِي التَّشَهُّدِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمَهُ. (قَوْلُهُ: يُصَلِّي عَلَى نَفْسِهِ) كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مُحَمَّدٍ، ثُمَّ رَأَيْت فِي تَخْرِيجِ الْعَزِيزِيِّ لِلْحَافِظِ الْعَسْقَلَانِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ لِلَّهِ الْحَمْدُ) فِي أَخْذِ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ هَذِهِ الْمُحْتَرَزَاتِ تَسَمُّحٌ (قَوْلُهُ: مِنْ التَّعْلِيقَةِ) أَيْ عَلَى الْحَاوِي، فَالْمُرَادُ الْحَاوِي الصَّغِيرُ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ، وَإِنْ كَانَ الْحَاوِي إذَا أُطْلِقَ يَنْصَرِفُ لِلْكَبِيرِ

نَعَمْ. وَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ وَلَفْظُهُمَا مُتَعَيِّنٌ: أَيْ صِيغَةُ الْحَمْدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ عَدَمِ إجْزَاءِ الضَّمِيرِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ قِيَاسًا عَلَى التَّشَهُّدِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَظَاهِرُهُ الْعُمُومُ وَلَوْ مَعَ تَقَدَّمَ ذِكْرِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَجَعَلَهُ أَصْلًا مَقِيسًا عَلَيْهِ، وَاعْتَمَدَهُ الْبِرْمَاوِيُّ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ قَصْدُ الدُّعَاءِ بِالصَّلَاةِ خِلَافًا لِلْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ لِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِذَلِكَ شَرْعًا. (وَ) الثَّالِثُ (الْوَصِيَّةُ بِالتَّقْوَى) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلِأَنَّهَا الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ مِنْ الْخُطْبَةِ (وَلَا يَتَعَيَّنُ لَفْظُهَا عَلَى الصَّحِيحِ) أَيْ الْوَصِيَّةُ بِالتَّقْوَى لِأَنَّ غَرَضَهَا الْوَعْظُ وَهُوَ حَاصِلٌ بِغَيْرِ لَفْظِهَا، فَيَكْفِي مَا دَلَّ عَلَى الْمَوْعِظَةِ وَلَوْ قَصِيرًا نَحْوَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَلَا يَكْفِي اقْتِصَارُهُ فِيهَا عَلَى تَحْذِيرٍ مِنْ غُرُورِ الدُّنْيَا وَزُخْرُفِهَا، فَقَدْ يَتَوَاصَى بِهِ مُنْكِرُو الْمَعَادِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْحَمْلِ عَلَى الطَّاعَةِ وَهُوَ مُسْتَلْزِمٌ لِلْحَمْلِ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ لَفْظُ الْوَصِيَّةِ قِيَاسًا عَلَى الْحَمْدِ وَالصَّلَاةِ، وَقَوْلُهُ لَا يَتَعَيَّنُ لَفْظُهَا عَلَى الصَّحِيحِ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ مِنْ حَيْثُ مَجْمُوعُ الْوَصِيَّةِ وَالتَّقْوَى، فَلَا يُنَافِيهِ مَا حُكِيَ الْقَطْعُ فِي عَدَمِ وُجُوبِ لَفْظِ التَّقْوَى (وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ) الْأَرْكَانُ الْمَذْكُورَةُ (أَرْكَانٌ فِي) كُلٍّ مِنْ (الْخُطْبَتَيْنِ) اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَلِانْفِصَالِ كُلِّ خُطْبَةٍ عَنْ الْأُخْرَى. (وَالرَّابِعُ قِرَاءَةُ آيَةٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا نَصُّهُ: وَلِلْأَرْبَعَةِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي خُطْبَةِ الْحَاجَةِ: وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. نَعَمْ فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ لَمَّا خَفَّتْ أَزْوَادُ الْقَوْمِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَلَهُ شَاهِدٌ عِنْدَ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ انْتَهَى. وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا بِالِاسْمِ الظَّاهِرِ وَبِالضَّمِيرِ (قَوْلُهُ: أَيْ صِيغَةُ الْحَمْدِ) لَمَّا كَانَ الْوَهْمُ رُبَّمَا يَذْهَبُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِنَحْوِهَا نَحْوُهَا فِي الْمَادَّةِ أَوْ الْمَعْنَى فَيَكُونُ مَا لَمْ يُشَارِكْهَا فِي الْمَعْنَى أَوْ الْمَادَّةِ غَيْرَ كَافٍ، وَإِنْ وَرَدَ دَفْعُ هَذَا التَّوَهُّمِ حَجّ بِتَعَيُّنِ مَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ مِمَّا وَرَدَ وَصْفُهُ بِهِ (قَوْلُهُ: إجْزَاءُ الضَّمِيرِ) هُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ قَصْدُ الدُّعَاءِ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ يَحْصُلُ لَهُ الثَّوَابُ الْمُرَتَّبُ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (قَوْلُهُ: بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْحَمْلِ) أَيْ مِنْ ذِكْرِ اللَّفْظِ يَدُلُّ عَلَى طَلَبِ الطَّاعَةِ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ عَنْ الْمَعْصِيَةِ لَمْ يَكْفِ، وَفِي حَجّ مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالَ: بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْحَثِّ عَلَى الطَّاعَةِ وَالزَّجْرِ عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَيَكْفِي أَحَدُهُمَا لِلُزُومِ الْآخَرِ لَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى الطَّاعَةِ) أَيْ صَرِيحًا أَوْ الْتِزَامًا أَخْذًا مِنْ كَلَامِ حَجّ. (قَوْلُهُ: وَالرَّابِعُ قِرَاءَةُ آيَةٍ) هَلْ يُجْزِئُ مَعَ لَحْنٍ يُغَيِّرُ الْمَعْنَى؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَقَدْ يَتَّجِهُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ وَالتَّفْصِيلِ بَيْنَ عَاجِزٍ انْحَصَرَ الْأَمْرُ فِيهِ وَغَيْرِهِ، ثُمَّ الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُحْسِنْ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ كَانَ حُكْمُهُ كَالْمُصَلِّي الَّذِي لَمْ يُحْسِنْ الْفَاتِحَةَ، وَهَلْ يَجْرِي ذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ حَتَّى إذَا لَمْ يُحْسِنْ الْحَمْدَ أَتَى بَدَلَهُ بِذِكْرٍ أَوْ دُعَاءٍ مَثَلًا ثُمَّ وَقَفَ بِقَدْرِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَمَالَ م ر إلَى عَدَمِ جَرَيَانِ ذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ بَلْ يَسْقُطُ الْمَعْجُوزُ عَنْهُ بِلَا بَدَلٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ. وَعَلَى الْجُمْلَةِ فَيُفَرِّقُ بَيْنَ بَعْضِ الْخُطْبَةِ وَكُلِّهَا حَتَّى لَوْ لَمْ يُحْسِنْ الْخُطْبَةَ سَقَطَتْ كَالْجُمُعَةِ وَالْكَلَامُ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ آخَرُ يُحْسِنُهَا كُلَّهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. [فَرْعٌ] مَنْ دَخَلَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بِنِيَّةِ التَّحِيَّةِ أَوْ نَحْوِ الرَّاتِبَةِ أَوْ صَلَّى فَائِتَةً بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ رَكْعَتَيْنِ م ر، ثُمَّ مَرَّةً أُخْرَى قَالَ: لَوْ كَانَ مَحَلُّ الْخُطْبَةِ غَيْرَ الْمَسْجِدِ لَا صَلَاةَ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ قَالَ: إذَا دَخَلَ حَالَ الْخُطْبَةِ، فَإِنْ كَانَ الْمَكَانُ مَسْجِدًا صَلَّى التَّحِيَّةَ أَوْ رَكْعَتَيْنِ رَاتِبَةً أَوْ نَحْوَ فَائِتَةٍ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَسْجِدًا جَلَسَ وَلَا صَلَاةَ مُطْلَقًا اهـ فَلْيُرَاجَعْ. وَفِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِشَيْخِنَا مَنْعُ رَكْعَتَيْنِ غَيْرَ الرَّاتِبَةِ وَالسُّكُوتُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ فَلْيُحَرَّرْ. [فَرْعٌ] هَلْ تَوَابِعُ الْخُطْبَةِ الَّتِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْإِتْيَانِ بِهَا عَقِبَ الْفَرَاغِ مِنْ الْأَرْكَانِ لَهَا حُكْمُ الْخُطْبَةِ فِي امْتِنَاعِ الصَّلَاةِ حِينَئِذٍ وَفِي حُرْمَةِ الْكَلَامِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ أَوَّلًا لِانْقِضَاءِ الْخُطْبَةِ بِانْقِضَاءِ أَرْكَانِهَا. ذَهَبَ شَيْخُنَا حَجّ إلَى الثَّانِي، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَإِذَا احْتَمَلَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الْوُجُوبَ وَالنَّدْبَ وَلَا قَرِينَةَ حُمِلَ عَلَى الْوُجُوبِ فِي الْأَرْجَحِ وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ الْآيَةُ وَعْدًا أَمْ وَعِيدًا أَمْ حُكْمًا أَمْ قِصَّةً. نَعَمْ قَالَ الْإِمَامُ: إنَّهُ لَا يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ بِشَطْرِ آيَةٍ طَوِيلَةٍ وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ وَإِنْ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الْمَشْهُورُ الْجَزْمُ بِاشْتِرَاطِ آيَةٍ، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ قَوْلُ الْبُوَيْطِيِّ: وَيَقْرَأُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ، أَمَّا نَحْوُ {ثُمَّ نَظَرَ} [المدثر: 21] فَلَا يَكْفِي بِهَا وَإِنْ كَانَتْ آيَةً لِعَدَمِ إفْهَامِهَا، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ. نَعَمْ يَكْفِي أَنْ تَكُونَ (فِي إحْدَاهُمَا) إذْ الثَّابِتُ الْقِرَاءَةُ فِي الْخُطْبَةِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ، وَإِطْلَاقُهُمْ يَقْتَضِي الِاكْتِفَاءَ بِمَنْسُوخِ الْحُكْمِ وَعَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِمَنْسُوخِ التِّلَاوَةِ وَيُسَنُّ جَعْلُهَا فِي الْأُولَى بَعْدَ فَرَاغِهَا كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَقِرَاءَةُ " ق " فِي الْأُولَى فِي كُلِّ جُمُعَةٍ لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى نَدْبِ قِرَاءَتِهَا أَوْ بَعْضِهَا فِي خُطْبَةِ كُلِّ جُمُعَةٍ، وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْحَاضِرِينَ كَمَا لَمْ يَشْتَرِطُوهُ فِي قِرَاءَةِ الْجُمُعَةِ وَالْمُنَافِقِينَ فِي الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَتْ السُّنَّةُ التَّخْفِيفَ، وَلَا يُجْزِي آيَاتٌ تَشْتَمِلُ عَلَى الْأَرْكَانِ كُلِّهَا: أَيْ مَا عَدَا الصَّلَاةَ هُنَا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إذْ لَيْسَ لَنَا آيَةٌ تَشْتَمِلُ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى خُطْبَةً، فَإِنْ أَتَى بِالْحَمْدِ مَثَلًا ضِمْنَ آيَةٍ أَجْزَأَتْ عَنْهُ دُونَ الْقِرَاءَةِ لِئَلَّا يَتَدَاخَلَا، فَإِنْ قَصَدَهُمَا بِآيَةٍ أَجْزَأَ عَنْ الْقِرَاءَةِ فَقَطْ كَمَا لَوْ قَصَدَ الْقِرَاءَةَ وَحْدَهَا، وَتَضْمِينُ الْآيَاتِ لِنَحْوِ الْخُطَبِ كَرِهَهُ جَمَاعَةٌ وَرَخَّصَ فِيهِ آخَرُونَ فِي الْخُطْبَةِ وَالْمَوَاعِظِ وَهُوَ أَوْجَهُ (وَقِيلَ) تَتَعَيَّنُ (فِي الْأُولَى) فَلَا تَكْفِي فِي الثَّانِيَةِ (وَقِيلَ) تَتَعَيَّنُ (فِيهِمَا) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (وَقِيلَ لَا تَجِبُ) ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالْأَوَّلُ مُحْتَمَلٌ وَقَرِيبٌ، وَذَهَبَ إلَيْهِ م ر وَيُؤَيِّدُهُ وِفَاقًا أَنَّهُ لَوْ طَالَتْ التَّوَابِعُ لَمْ يُقْطَعْ الْوَلَاءُ الْمُشْتَرَطُ بَيْنَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ، وَلَوْلَا أَنَّ لَهُ حُكْمَهَا لَقُطِعَ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ شَيْخُنَا الْقَطْعَ عِنْدَ الطُّولِ فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ قَالَ: وَلَا أَيْ وَلَا يَحْرُمُ الْكَلَامُ حَالَ الدُّعَاءِ لِلْمُلُوكِ عَلَى مَا فِي الْمُرْشِدِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لِلِاتِّبَاعِ) أَيْ مَعَ قَوْلِهِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» ، وَهَذَا الْقَوْلُ يَحْتَمِلُ الْوُجُوبَ وَالنَّدْبَ، وَلَعَلَّهُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَإِذَا احْتَمَلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَمْ حُكْمًا) بِضَمِّ الْحَاءِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ مَنْسُوخًا أَمْ لَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: بِشَطْرِ آيَةٍ طَوِيلَةٍ) وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَتْ آيَةً عِنْدَ بَعْضِ الْقُرَّاءِ وَغَيْرَ آيَةٍ عِنْدَ بَعْضٍ آخَرَ، فَهَلْ تَكْفِي لِأَنَّهَا آيَةٌ عِنْدَ الْبَعْضِ الْأَوَّلِ وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْإِفْهَامِ حَاصِلٌ بِهَا عِنْدَهُمْ أَوْ لَا لِأَنَّهَا غَيْرُ آيَةٍ عِنْدَ الْبَعْضِ الثَّانِي؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهَا بَعْضٌ لَا يَنْفِي أَنَّهُ حَصَلَ بِهَا الْإِفْهَامُ وَبَعْضُ الْآيَةِ كَافٍ. نَعَمْ يَأْتِي التَّرَدُّدُ فِيهِ عَلَى مَا قَالَهُ حَجّ مِنْ أَنَّ بَعْضَ الْآيَةِ لَا يَكْفِي، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَقْرَبُ عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَكْفِي إلَخْ) أَشْعَرَ هَذَا التَّقْدِيرُ بِأَنَّهُ لَا يَكْفِي قِرَاءَةُ بَعْضِهَا فِي الْأُولَى وَبَعْضِهَا فِي الثَّانِيَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ الشَّارِحِ الْمَنْهَجَ وَلَوْ فِي إحْدَاهُمَا خِلَافُهُ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ مَا فِي الْمَنْهَجِ قَصَدَ بِهِ الرَّدَّ عَلَى الْقَائِلِ بِتَعَيُّنِهَا فِي الْأُولَى أَوْ بِقِرَاءَةِ آيَتَيْنِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: أَنْ تَكُونَ فِي إحْدَاهُمَا) قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَتُجْزِئُ قَبْلَهُمَا وَبَعْدَهُمَا وَبَيْنَهُمَا انْتَهَى. وَهُوَ ظَاهِرٌ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الْآيَةِ وَشَيْءٍ مِنْ الْأَرْكَانِ، فَكُلُّ مَوْضِعٍ أَتَى بِهَا فِيهِ أَجْزَأَتْهُ (قَوْلُهُ: بِمَنْسُوخِ التِّلَاوَةِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَقِرَاءَةُ " ق ") أَيْ بِتَمَامِهَا، وَقَوْلُهُ فِي الْأُولَى: أَيْ فِي الْخُطْبَةِ الْأُولَى بَدَلَ الْآيَةِ. وَعِبَارَةُ حَجّ: بَلْ تُسَنُّ بَعْدَ فَرَاغِهَا: أَيْ الْخُطْبَةِ الْأُولَى سُورَةُ " ق " دَائِمًا لِلِاتِّبَاعِ، وَيَكْفِي فِي أَصْلِ السُّنَّةِ قِرَاءَةُ بَعْضِهَا انْتَهَى (قَوْلُهُ لِئَلَّا يَتَدَاخَلَا) إطْلَاقُهُ شَامِلٌ لِمَا لَوْ قَصَدَ الْحَمْدَ وَحْدَهُ أَوْ أَطْلَقَ، وَسَيَأْتِي عَنْ حَجّ مَا يُخَالِفُهُ فِي الْإِطْلَاقِ، وَنَقَلَهُ عَنْهُ الزِّيَادِيُّ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَصَدَهُمَا بِآيَةٍ أَجْزَأَ) أَيْ مَا قَرَأَهُ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ قَصَدَ الْقِرَاءَةَ وَحْدَهَا) أَيْ أَوْ أَطْلَقَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوْجَهُ) بَلْ قَالَ حَجّ: إذْ الْحَقُّ أَنَّ تَضْمِينَ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِذَا احْتَمَلَ قَوْلُهُ: وقَوْله تَعَالَى) الْمُرَادُ: هُنَا إتْيَانُهُ بِالْآيَةِ فِي الْخُطْبَةِ فَلَوْ عَبَّرَ بِفِعْلِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ لَكَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: أَمَّا نَحْوُ {ثُمَّ نَظَرَ} [المدثر: 21] لَا مَوْقِعَ لِلتَّعْبِيرِ بِأَمَّا هُنَا وَكَأَنَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّهُ قَدَّمَ تَقْيِيدَ الْآيَةِ بِالْمُفْهِمَةِ كَمَا فَعَلَ غَيْرُهُ فَأَخَذَ هَذَا مَفْهُومًا لَهُ أَوْ أَنَّهُ قَيْدٌ، وَأَسْقَطَهُ النُّسَّاخُ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ) يَنْبَغِي إسْقَاطُ لَفْظِ لِهَذَا.

فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَلْ تُسَنُّ وَسَكَتُوا عَنْ مَحَلِّهِ، وَيُقَاسُ بِمَحَلِّ الْوُجُوبِ. (وَالْخَامِسُ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ دُعَاءِ الْمُؤْمِنِينَ) بِأُخْرَوِيٍّ لَا دُنْيَوِيٍّ وَيَكُونُ (فِي الثَّانِيَةِ) لِاتِّبَاعِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَلِأَنَّ الدُّعَاءَ يَلِيقُ بِالْخَوَاتِيمِ، وَالْمُرَادُ بِالْمُؤْمِنِينَ الْجِنْسُ الشَّامِلُ لِلْمُؤْمِنَاتِ وَبِهِمَا عَبَّرَ فِي الْوَسِيطِ وَفِي التَّنْزِيلِ {وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} [التحريم: 12] وَجَرَى عَلَيْهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْفُورَانِيُّ، وَعِبَارَةُ الِانْتِصَارِ: وَيَجِبُ الدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَوْ خَصَّ الْحَاضِرِينَ فَقَالَ رَحِمَكُمْ اللَّهُ كَفَى، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِتَخْصِيصِهِ بِالْغَائِبِينَ. وَجَزَمَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْأَمَالِي وَالْغَزَالِيُّ بِتَحْرِيمِ الدُّعَاءِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِمَغْفِرَةِ جَمِيعِ ذُنُوبِهِمْ وَبِعَدَمِ دُخُولِهِمْ النَّارَ، لِأَنَّا نَقْطَعُ بِخَبَرِ اللَّهِ تَعَالَى وَخَبَرِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ فِيهِمْ مَنْ يَدْخُلُ النَّارَ، وَأَمَّا الدُّعَاءُ بِالْمَغْفِرَةِ فِي قَوْله تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ نُوحٍ {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [نوح: 28] وَنَحْوُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ وَرَدَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ، وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ لِأَنَّ الْأَفْعَالَ نَكِرَاتٌ، وَلِجَوَازِ قَصْدٍ مَعْهُودٍ خَاصٍّ وَهُوَ أَهْلُ زَمَانِهِ مَثَلًا (وَقِيلَ لَا يَجِبُ) لِعَدَمِ وُجُوبِهِ فِي غَيْرِ الْخُطْبَةِ كَكَذَا فِيهَا كَالتَّسْبِيحِ، بَلْ يُسَنُّ وَلَا بَأْسَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ بِالدُّعَاءِ لِلسُّلْطَانِ بِعَيْنِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي وَصْفِهِ مُجَازَفَةٌ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَلَا يَجُوزُ وَصْفُهُ بِالْأَوْصَافِ الْكَاذِبَةِ إلَّا لِضَرُورَةٍ. وَيُسَنُّ الدُّعَاءُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَوُلَاةِ أُمُورِهِمْ بِالصَّلَاحِ وَالْإِعَانَةِ عَلَى الْحَقِّ وَالْقِيَامِ بِالْعَدْلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. . ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالِاقْتِبَاسَ مِنْهُ وَلَوْ فِي شِعْرٍ جَائِزٌ وَإِنْ غَيَّرَ نَظْمَهُ، وَمِنْ ثَمَّ اقْتَضَى كَلَامُ صَاحِبِ الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا مَحْظُورَ فِي أَنْ يُرَادَ بِالْقُرْآنِ غَيْرُهُ كَادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ لِمُسْتَأْذِنٍ. نَعَمْ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي نَحْوِ مُجُونِ حَرُمَ، بَلْ رُبَّمَا أَفْضَى إلَى كُفْرٍ انْتَهَى. وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِالْقُرْآنِ فِيمَا ذَكَرَهُ الْأَحَادِيثُ وَالْأَذْكَارُ وَالْأَدْعِيَةُ. (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْمُؤْمِنِينَ الْجِنْسُ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ خَصَّ الْمُؤْمِنَاتِ بِالدُّعَاءِ كَفَى لِتَصَدُّقِ الْجِنْسِ بِهِنَّ لَكِنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ وَفِي التَّنْزِيلِ) اسْتِدْلَالًا عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِصِيغَةِ الذُّكُورِ مَا يَشْمَلُ الْإِنَاثَ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فَقَالَ رَحِمَكُمْ اللَّهُ كَفَى) وَلَا بُدَّ مِنْ عَدَمِ صَرْفِهِ، فَلَوْ صَرَفَ ذَلِكَ لِلرَّحْمَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ لَمْ يَكْفِ (قَوْلُهُ: بِتَحْرِيمِ الدُّعَاءِ لِلْمُؤْمِنِينَ) أَيْ لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ (قَوْلُهُ: بِمَغْفِرَةِ جَمِيعِ ذُنُوبِهِمْ) قَالَ الزَّيْنُ الْعِرَاقِيُّ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذَكَرَ: وَهَذَا مَرْدُودٌ بِعِلَّتِهِ لِوُرُودِ ذَلِكَ عَنْ الْخَلَفِ وَالسَّلَفِ، وَخُرُوجُهُمْ مِنْ النَّارِ إنَّمَا هُوَ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ، فَلَا مَانِعَ مِنْ تَعْمِيمِ الدُّعَاءِ بِذَلِكَ انْتَهَى حَجّ فِي الْإِيعَابِ. وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا تَمَسَّكَ بِهِ لَا يَصْلُحُ رَدًّا عَلَى الْغَزَالِيِّ فِيمَا ذَكَرَهُ بِأَنَّ مَنْ خَرَجَ مِنْ النَّارِ بِالْمَغْفِرَةِ لَمْ يُغْفَرْ لَهُ جَمِيعُ ذَنْبِهِ، إذْ لَوْ غُفِرَ الْجَمِيعُ لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ وَلَا دَخَلَهَا، وَاَلَّذِي مَنَعَهُ الْغَزَالِيُّ إنَّمَا هُوَ مَغْفِرَةُ جَمِيعِ الذُّنُوبِ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ بِحَيْثُ لَا تَمَسُّ النَّارُ وَاحِدًا مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: وَلِجَوَازِ قَصْدِ مَعْهُودٍ خَاصٍّ) جَوَابٌ ثَانٍ عُطِفَ عَلَى مَضْمُونِ قَوْلِهِ فَإِنْ وَرَدَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ الدُّعَاءُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ فِي الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ وَتَحْصُلُ السُّنَّةُ بِفِعْلِهِ فِي الْأُولَى أَيْضًا، لَكِنْ فِي الثَّانِيَةِ أَوْلَى لِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْمُؤْمِنِينَ الْجِنْسُ الشَّامِلُ لِلْمُؤْمِنَاتِ) أَيْ فَيَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُنَّ مَعَهُمْ كَمَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُهُ: وَبِهِمَا عَبَّرَ فِي الْوَسِيطِ: أَيْ فَقَالَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَأَصْرَحُ مِنْهُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ: وَعِبَارَةُ الِانْتِصَارِ إلَخْ، إذْ هُوَ نَصٌّ فِي أَنَّهُ عِبَارَةٌ عَمَّا أَرَادَهُ بِالْجِنْسِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ: وَيَسْتَغْفِرُ فِي الثَّانِيَةِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ يُشْعِرُ بِوُجُوبِ التَّعَرُّضِ لِلْمُؤْمِنَاتِ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْنَ اهـ. لَكِنْ فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ لِلشِّهَابِ سم مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْمُؤْمِنِينَ الْجِنْسُ هَلْ يَجِبُ هَذَا الْمُرَادُ حَتَّى لَوْ خَصَّ الذُّكُورَ لَمْ يَكْفِ؟ قَالَ م ر: لَا يَجِبُ. أَقُولُ: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ لَوْ خَصَّ السَّامِعِينَ فَقَالَ رَحِمَكُمْ اللَّهُ كَفَى. اهـ. وَقَدْ لَا يَكُونُ فِي السَّامِعِينَ مُؤْمِنَاتٌ. اهـ مَا فِي الْحَاشِيَةِ. وَقَدْ فَهِمَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ طِبْقَ مَا فَهِمَهُ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ فَجَزَمَ بِهِ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ فَلْيُحَرَّرْ

ثُمَّ شَرَعَ فِي ذِكْرِ شُرُوطِ الْخُطْبَتَيْنِ وَهِيَ تِسْعَةٌ فَقَالَ (وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهَا) أَيْ الْخُطْبَةُ وَالْمُرَادُ بِهَا الْجِنْسُ الشَّامِلُ لِلْخُطْبَتَيْنِ كَمَا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمَا أَرْكَانُهُمَا (عَرَبِيَّةً) لِاتِّبَاعِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَلِأَنَّهَا ذِكْرٌ مَفْرُوضٌ فَاشْتُرِطَ فِيهِ ذَلِكَ كَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، فَإِنْ أَمْكَنَ تَعَلُّمُهَا خُوطِبَ بِهِ الْجَمِيعُ فَرْضَ كِفَايَةٍ وَإِنْ زَادُوا عَلَى الْأَرْبَعِينَ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا عَصَوْا وَلَا جُمُعَةَ لَهُمْ بَلْ يُصَلُّونَ الظُّهْرَ. وَأَجَابَ الْقَاضِي عَنْ سُؤَالِ: مَا فَائِدَةُ الْخُطْبَةِ بِالْعَرَبِيَّةِ إذَا لَمْ يَعْرِفْهَا الْقَوْمُ؟ بِأَنَّ فَائِدَتَهَا الْعِلْمُ بِالْوَعْظِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ فِيمَا إذَا سَمِعُوا الْخُطْبَةَ وَلَمْ يَعْرِفُوا مَعْنَاهَا أَنَّهَا تَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَعَلُّمُهَا خَطَبَ وَاحِدٌ بِلُغَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهَا الْقَوْمُ، فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ التَّرْجَمَةَ فَلَا جُمُعَةَ لَهُمْ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهَا. وَيُشْتَرَطُ عَلَى خِلَافِ الْمُعْتَمَدِ الْآتِي قَرِيبًا كَوْنُهَا (مُرَتَّبَةَ الْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ الْأُولَى) عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَارِّ، فَيَبْدَأُ بِحَمْدِ اللَّهِ، ثُمَّ بِالصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ بِالْوَصِيَّةِ بِالتَّقْوَى عَلَى مَا صَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَلَمْ يُصَحِّحْ فِي الْكَبِيرِ شَيْئًا، وَسَيَأْتِي فِي زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ تَصْحِيحُ عَدَمِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَرْتِيبٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الدُّعَاءَ أَلْيَقُ بِالْخَوَاتِيمِ. (قَوْلُهُ: كَمَا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمَا أَرْكَانُهُمَا) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَا بَيْنَ أَرْكَانِهِمَا بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ لَمْ يَضُرَّ، وَيَجِبُ وِفَاقًا لِ م ر أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيِّ وَإِلَّا ضَرَّ لِإِخْلَالِهِ بِالْمُوَالَاةِ كَالسُّكُوتِ بَيْنَ الْأَرْكَانِ إذَا طَالَ بِجَامِعِ أَنَّ غَيْرَ الْعَرَبِيِّ لَغْوٌ لَا يُحْسَبُ، لِأَنَّ غَيْرَ الْعَرَبِيِّ لَا يُجْزِئُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْعَرَبِيِّ فَهُوَ لَغْوٌ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الضَّرَرِ مُطْلَقًا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السُّكُوتِ بِأَنَّ فِي السُّكُوتِ إعْرَاضًا عَنْ الْخُطْبَةِ بِالْكُلِّيَّةِ، بِخِلَافِ غَيْرِ الْعَرَبِيِّ فَإِنَّ فِيهِ وَعْظًا فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ الْخُطْبَةِ [فَرْعٌ] هَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْخُطْبَةِ تَمْيِيزُ فُرُوضِهَا مِنْ سُنَنِهَا؟ فِيهِ مَا فِي الصَّلَاةِ فِي الْعَامِّيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ التَّفْصِيلِ الْمُقَرَّرِ عَنْ فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَمْكَنَ تَعَلُّمهَا) أَيْ وَلَوْ بِالسَّفَرِ إلَى فَوْقِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهَا الْقَوْمُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْخَطِيبَ لَوْ أَحْسَنَ لُغَتَيْنِ غَيْرَ عَرَبَتَيْنِ كَرُومِيَّةٍ وَفَارِسِيَّةٍ مَثَلًا وَبَاقِي الْقَوْمِ يُحْسِنُ إحْدَاهُمَا فَقَطْ أَنَّ لِلْخَطِيبِ أَنْ يَخْطُبَ بِاللُّغَةِ الَّتِي لَا يُحْسِنُونَهَا، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: وَأَجَابَ الْقَاضِي عَنْ سُؤَالِ مَا فَائِدَةُ الْخُطْبَةِ بِالْعَرَبِيَّةِ إلَخْ. وَنُقِلَ عَنْ الزِّيَادِيِّ مَا يُوَافِقُهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْخُطْبَةَ لَا تُجْزِئُ إلَّا بِاللُّغَةِ الَّتِي يُحْسِنُهَا الْقَوْمُ، وَلَا يُعَارِضُهُ صِحَّةُ الْخُطْبَةِ بِالْعَرَبِيَّةِ بَلْ وُجُوبُهَا بِهَا حَيْثُ أَحْسَنَهَا دُونَهُمْ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فَوَجَبَتْ مُرَاعَاتُهُ، بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنْ اللُّغَاتِ فَحَيْثُ وُجِدَ لِبَعْضِهَا مُرَجِّحٌ كَفَهْمِ الْقَوْمِ لَهَا قُدِّمَ عَلَى غَيْرِهِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَلَى مَا نَقَلَهُ عَنْهُ عَمِيرَةُ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ كَوْنِهَا بِالْعَرَبِيَّةِ مِنْ قَوْلِهِ لَعَلَّهُ إذَا عَلِمَ الْقَوْمُ ذَلِكَ اللِّسَانَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ التَّرْجَمَةَ) أَيْ عَنْ شَيْءٍ مِنْ أَرْكَانِ الْخُطْبَةِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ سم فِي قَوْلِهِ: حَتَّى لَوْ لَمْ يُحْسِنْ الْخُطْبَةَ سَقَطَتْ كَالْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ) عَلَى خِلَافِ الْمُعْتَمَدِ الْآتِي وَلِذَا لَمْ يَعُدَّهُ شَرْطًا ثَانِيًا (قَوْلُهُ: مَرْتَبَةَ الْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ) . [فَرْعٌ] أَفْتَى شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِيمَا لَوْ ابْتَدَأَ الْخَطِيبُ سَرْدَ الْأَرْكَانِ مُخْتَصَرَةً ثُمَّ أَعَادَهَا مَبْسُوطَةً كَمَا اُعْتِيدَ الْآنَ كَأَنْ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي إلَخْ بِأَنَّهُ إنْ قَصَّرَ مَا أَعَادَهُ بِحَيْثُ لَمْ يَعُدْ فَصْلًا مُضِرًّا حُسِبَ مَا أُتِيَ بِهِ أَوَّلًا مِنْ سَرْدِ الْأَرْكَانِ وَإِلَّا حُسِبَ مَا أَعَادَهُ وَأُلْغِيَ مَا سَرَدَهُ أَوَّلًا. وَأَقُولُ: كَانَ يَجُوزُ أَنْ يَعْتَدَّ بِمَا أَتَى بِهِ أَوَّلًا مُطْلَقًا: أَيْ طَالَ الْفَصْلُ أَمْ لَا، لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ ثَانِيًا بِمَنْزِلَةِ إعَادَةِ الشَّيْءِ لِلتَّأْكِيدِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ تَكْرِيرِ الرُّكْنِ وَذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا تَقْيِيدُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ عَدَمِ إجْزَاءِ الضَّمِيرِ وَلَوْ مَعَ تَقَدُّمِ ذِكْرِهِ بِمَا إذَا لَمْ يَسْرُدْ الْخَطِيبُ الْأَرْكَانَ أَوَّلًا وَإِلَّا أَجْزَأَ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَاحْفَظْهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ، وَقَوْلُهُ بِمَنْزِلَةِ إعَادَةِ الشَّيْءِ لِلتَّأْكِيدِ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ صَرَفَهَا بِغَيْرِ الْخُطْبَةِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ. [فَرْعٌ] لَوْ لَحَنَ فِي الْأَرْكَانِ لَحْنًا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى أَوْ أَتَى بِمَحَلٍّ آخَرَ كَإِظْهَارِ لَامِ الصَّلَاةِ هَلْ يَضُرُّ كَمَا فِي التَّشَهُّدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[شروط الخطبتين في الجمعة]

بَيْنَ الْقِرَاءَةِ وَالدُّعَاءِ وَلَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ غَيْرِهِمَا. (وَ) الثَّانِي مِنْ الشُّرُوطِ كَوْنُهُمَا (بَعْدَ الزَّوَالِ) لِلْأَخْبَارِ فِي ذَلِكَ وَجَرَيَانِ أَهْلِ الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ عَلَيْهِ، وَلَوْ جَازَ تَقْدِيمُهَا لَقَدَّمَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَخْفِيفًا عَلَى الْمُبَكِّرِينَ وَإِيقَاعًا لِلصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ. (وَ) الثَّالِثُ مِنْ الشُّرُوطِ (الْقِيَامُ فِيهِمَا إنْ قَدَرَ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، فَإِنْ عَجَزَ خَطَبَ قَاعِدًا ثُمَّ مُضْطَجِعًا كَالصَّلَاةِ، وَيَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ سَوَاءٌ أَقَالَ لَا أَسْتَطِيعُ أَمْ سَكَتَ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ ذَلِكَ لِعُذْرٍ، فَإِنْ بَانَتْ قُدْرَتُهُ لَمْ يُؤْثِرْ، وَالْأَوْلَى لِلْعَاجِزِ الِاسْتِنَابَةُ. (وَ) الرَّابِعُ مِنْ الشُّرُوطِ (الْجُلُوسُ بَيْنَهُمَا) مُطْمَئِنًّا فِيهِ لِلِاتِّبَاعِ كَمَا فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَيَجِبُ عَلَى عَاجِزٍ جَلَسَ وَقَائِمٍ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْجُلُوسِ بَلْ أَوْلَى فَصْلٌ بِسَكْتَةٍ، وَلَا يَكْتَفِي بِالِاضْطِجَاعِ، وَعُدَّ الْقِيَامُ وَالْجُلُوسُ هُنَا شَرْطَيْنِ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِجُزْأَيْنِ مِنْ الْخُطْبَةِ إذْ هِيَ الذِّكْرُ وَالْوَعْظُ، وَفِي الصَّلَاةِ رُكْنَيْنِ لِأَنَّهُمَا جُمْلَةُ أَعْمَالٍ، وَهِيَ كَمَا تَكُونُ أَذْكَارًا تَكُونُ غَيْرَ أَذْكَارٍ، ثُمَّ هَلْ يَسْكُتُ فِيهِ أَوْ يَقْرَأُ أَوْ يَذْكُرُ، سَكَتُوا عَنْهُ، وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ " أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ فِيهِمَا " أَفَادَ ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ. (وَ) الْخَامِسُ مِنْ الشُّرُوطِ (إسْمَاعُ أَرْبَعِينَ كَامِلِينَ) بِأَنْ يَرْفَعَ الْخَطِيبُ صَوْتَهُ بِأَرْكَانِهِمَا حَتَّى يُسْمِعَهَا تِسْعَةً وَثَلَاثِينَ سِوَاهُ وَلِأَنَّ مَقْصُودَهَا وَعْظُهُمْ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ، فَعُلِمَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْإِسْمَاعُ وَالسَّمَاعُ بِالْقُوَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَنَحْوِهِ فِي الصَّلَاةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الضَّرَرِ فِي الثَّانِيَةِ إلْحَاقًا لَهَا بِمَا لَوْ لَحَنَ فِي الْفَاتِحَةِ لَحْنًا لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّشَهُّدِ بِأَنَّ التَّشَهُّدَ وَرَدَ فِيهِ أَلْفَاظٌ بِخُصُوصِهَا لَا يَجُوزُ إبْدَالُهَا بِغَيْرِهَا، كَمَا لَوْ أَبْدَلَ النَّبِيَّ بِالرَّسُولِ فَقَوَّى شَبَهَهُ بِالْفَاتِحَةِ، وَلَا كَذَلِكَ الْخُطْبَةُ فَإِنَّهُ لَمْ يُشْتَرَطْ لِلصَّلَاةِ فِيهَا صِيغَةٌ بِعَيْنِهَا. وَأَمَّا الْأُولَى فَالْأَقْرَبُ فِيهَا الضَّرَرُ لِأَنَّ اللَّحْنَ حَيْثُ غَيَّرَ الْمَعْنَى خَرَجَتْ الصِّيغَةُ عَنْ كَوْنِهَا حَمْدًا مَثَلًا وَصَارَتْ أَجْنَبِيَّةً فَلَا يُعْتَدُّ بِهَا، وَمِنْ ثَمَّ جُعِلَ الْمُغَيِّرُ لِلْمَعْنَى فِي الصَّلَاةِ مُبْطِلًا لَهَا سَوَاءٌ كَانَ اللَّحْنُ فِي الْفَاتِحَةِ أَوْ غَيْرِهَا. (قَوْلُهُ بَعْدَ الزَّوَالِ) أَيْ يَقِينًا فَلَوْ هَجَمَ وَخَطَبَ وَتَبَيَّنَ دُخُولُ الْوَقْتِ هَلْ يُعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ فِيهِ، وَمُقْتَضَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ الْأَوَّلُ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ مُضْطَجِعًا كَالصَّلَاةِ) يُؤْخَذُ مِنْ تَشْبِيهِهِ بِالصَّلَاةِ: يَعْنِي الْمَفْرُوضَةَ أَنَّهُ إنْ عَجَزَ عَنْ الِاضْطِجَاعِ خَطَبَ مُسْتَلْقِيًا (قَوْلُهُ أَمْ سَكَتَ) بَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ اخْتِصَاصَ هَذَا بِالْفَقِيهِ الْمُوَافِقِ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ انْتَهَى عَمِيرَةُ. وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَانَتْ قُدْرَتُهُ لَمْ يُؤَثِّرْ) وَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُ، لَكِنَّ فِي كَلَامِ عَمِيرَةَ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ فَهُوَ أَيْ مَنْ بَانَتْ قُدْرَتُهُ كَمَا لَوْ بَانَ الْإِمَامُ جُنُبًا قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ صَلَاةِ الْقَوْمِ وَسَمَاعِهِمْ أَنْ يَكُونَ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ عِلْمَهُ بِحَالِ نَفْسِهِ اقْتَضَى عَدَمَ اعْتِبَارِ سَمَاعِهِ وَصَلَاتِهِ لِعِلْمِهِ بِفَقْدِ شَرْطِهِمَا. (قَوْلُهُ: وَالْجُلُوسُ بَيْنَهُمَا) ع خَالَفَ فِي ذَلِكَ الْأَئِمَّةَ الثَّلَاثَةَ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي الِاضْطِجَاعُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ السُّكُوتِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالْقِيَامِ فِي الْخُطْبَتَيْنِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا، فَإِذَا عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ سَقَطَ وَبَقِيَ الْخِطَابُ بِالْجُلُوسِ، فَفِي الِاضْطِجَاعِ تَرْكٌ لِلْوَاجِبِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، لَكِنَّ فِي سم مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالَ: كَانَ الْمُرَادُ الِاضْطِجَاعَ مِنْ غَيْرِ سَكْتَةٍ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: كَأَنْ يَقْرَأَ فِيهِمَا) قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيُسَنُّ كَوْنُ مَا يَقْرَؤُهُ الْإِخْلَاصَ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: إسْمَاعُ أَرْبَعِينَ كَامِلِينَ) أَيْ فِي آنٍ وَاحِدٍ كَمَا يَظْهَرُ، حَتَّى لَوْ سَمِعَ بَعْضُ الْأَرْبَعِينَ بَعْضَ الْأَرْكَانِ ثُمَّ انْصَرَفَ وَحَضَرَ غَيْرُهُ وَأَعَادَهَا لَهُ لَا يَكْفِي، لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْإِسْمَاعَيْنِ لِدُونِ الْأَرْبَعِينَ فَيَقَعُ لَغْوًا. وَنَقَلَ بِالدَّرْسِ عَنْ فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ مَا يُوَافِقُهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَرْفَعَ الْخَطِيبُ صَوْتَهُ بِأَرْكَانِهِمَا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ الْإِسْرَارُ بِغَيْرِ الْأَرْكَانِ. وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَطُلْ بِهِ الْفَصْلُ وَإِلَّا ضَرَّ لِقَطْعِهِ الْمُوَالَاةَ كَالسُّكُوتِ (قَوْلُهُ: وَالسَّمَاعُ بِالْقُوَّةِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ [شُرُوطُ الْخُطْبَتَيْنِ فِي الْجُمُعَة] قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ) أَيْ فِي صَلَاتِهِ قَاعِدًا لِمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْإِسْمَاعُ وَالسَّمَاعُ بِالْقُوَّةِ لَا بِالْفِعْلِ) فِي عِلْمِ ذَلِكَ مِمَّا ذَكَرَ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، بَلْ الَّذِي يُعْلَمُ مِنْهُ الْعَكْسُ وَهُوَ الْوَاقِعُ فِي الْإِمْدَادِ وَالشَّارِحُ تَبِعَهُ فِي التَّعْبِيرِ وَخَالَفَهُ فِي الْحُكْمِ فَلَمْ يُنَاسِبْ

لَا بِالْفِعْلِ، إذْ لَوْ كَانَ سَمَاعُهُمْ بِالْفِعْلِ وَاجِبًا لَكَانَ الْإِنْصَاتُ مُتَحَتِّمًا، فَلَا يَكْفِي الْإِسْرَارُ كَالْأَذَانِ وَلَا إسْمَاعُ دُونَ أَرْبَعِينَ وَلَا مَنْ لَا تَنْعَقِدُ بِهِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْخَطِيبِ إذَا كَانَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ حَتَّى لَوْ كَانَ أَصَمَّ لَمْ يَكْفِ وَهُوَ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ بَعِيدٌ، بَلْ لَا مَعْنًى لَهُ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ مَا يَقُولُهُ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ، وَلَا مَعْنًى لِأَمْرِهِ بِالْإِنْصَاتِ لِنَفْسِهِ، وَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ اشْتِرَاطِ مَعْرِفَةِ الْخَطِيبِ أَرْكَانَ الْخُطْبَةِ رُدَّ بِأَنَّ الْوَجْهَ خِلَافُهُ كَمَنْ يَؤُمُّ بِالْقَوْمِ وَلَا يَعْرِفُ مَعْنَى الْفَاتِحَةِ، وَلَوْ شَكَّ الْخَطِيبُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ خُطْبَتِهِ فِي تَرْكِ شَيْءٍ مِنْ فَرَائِضِهَا لَمْ يُؤْثِرْ كَالشَّكِّ فِي تَرْكِ رُكْنٍ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الصَّلَاةِ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ. (وَالْجَدِيدُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمْ عَلَيْهِمْ) يَعْنِي الْحَاضِرِينَ سَمِعُوا أَوْ لَا، وَيَصِحُّ أَنْ يَرْجِعَ الضَّمِيرُ لِلْأَرْبَعَيْنِ الْكَامِلِينَ، وَيُسْتَفَادُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ عَلَى مِثْلِهِمْ وَغَيْرِهِ بِالْمُسَاوَاةِ أَوْ الْأُولَى، وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ تَفْصِيلُ الْقَدِيمِ فِيهِمْ لِأَنَّهُ مَفْهُومٌ (الْكَلَامُ) لِمَا صَحَّ «أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَخْطُبُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَ الْمَالُ وَجَاعَ الْعِيَالُ فَادْعُ اللَّهَ لَنَا، فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَدَعَا؛ وَأَنَّ رَجُلًا آخَرَ قَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ فَأَوْمَأَ النَّاسُ إلَيْهِ بِالسُّكُوتِ فَلَمْ يَقْبَلْ وَأَعَادَ الْكَلَامَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَا أَعْدَدْت لَهَا؟ قَالَ: حُبَّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، قَالَ: إنَّك مَعَ مَنْ أَحْبَبْت» فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ الْكَلَامَ، وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُ وُجُوبُ السُّكُوتِ، وَالْأَمْرُ فِي الْآيَةِ لِلنَّدَبِ، وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ الِاسْتِدْلَال بِذَلِكَ مِنْ احْتِمَالِ أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ تَكَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَقِرَّ فِي مَوْضِعٍ وَلَا حُرْمَةَ حِينَئِذٍ قَطْعًا، أَوْ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، أَوْ أَنَّهُ مَعْذُورٌ لِجَهْلِهِ يُرَدُّ بِأَنَّهَا وَاقِعَةٌ قَوْلِيَّةٌ وَالِاحْتِمَالُ يَعُمُّهَا، وَإِنَّمَا الَّذِي يَسْقُطُ بِاحْتِمَالِ الْوَاقِعَةِ الْفِعْلِيَّةِ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي مَحَلِّهِ. لَا يُقَالُ بَلْ هِيَ فِعْلِيَّةٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَقَرَّهُ بِعَدَمِ إنْكَارِهِ عَلَيْهِ لِأَنَّا نَمْنَعُ ذَلِكَ، بَلْ جَوَابُهُ لَهُ قَوْلٌ مُتَضَمِّنٌ لِجَوَازٍ سُؤَالِهِ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ بِحَيْثُ لَوْ أَصْغَى لَسَمِعَ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ مَنْ نَعَسَ وَقْتَ الْخُطْبَةِ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ أَصْلًا لَا يُعْتَدُّ بِحُضُورِهِ (قَوْلُهُ: لَا بِالْفِعْلِ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ بَعِيدٌ) أَيْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ أَصَمَّ أَوْ سَمِيعًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: مِنْ اشْتِرَاطِ مَعْرِفَةِ الْخَطِيبِ) أَيْ مَعْرِفَةِ مَعَانِيهَا كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ كَمَنْ يَؤُمُّ بِالْقَوْمِ إلَخْ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ عَنْ سم مِنْ أَنَّهُ يَأْتِي فِي اعْتِبَارِ التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْأَرْكَانِ وَغَيْرِهَا هُنَا مَا مَرَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي تَرْكِ شَيْءٍ مِنْ فَرَائِضِهَا لَمْ يُؤَثِّرْ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ يُؤَثِّرُ إذَا شَكَّ فِي أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ فَرَاغِ الْأُولَى أَوْ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا فِي تَرْكِ شَيْءٍ مِنْ الْأُولَى، وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَيَأْتِي فِيمَا لَوْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ مِنْ الضَّرَرِ وَبَقِيَ مَا لَوْ عَلِمَ تَرْكَ رُكْنٍ وَلَمْ يَدْرِ هَلْ هُوَ مِنْ الْأُولَى أَمْ مِنْ الثَّانِيَةِ، هَلْ تَجِبُ إعَادَتُهَا أَمْ إعَادَةُ الثَّانِيَةِ فَقَطْ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَجْلِسُ ثُمَّ يَأْتِي بِالْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَتْرُوكُ مِنْ الْأُولَى فَيَكُونُ جُلُوسُهُ لَغْوًا فَتَكْمُلُ بِالثَّانِيَةِ وَيُجْعَلُ مَجْمُوعُهُمَا خُطْبَةً وَاحِدَةً فَيَجْلِسُ بَعْدَهَا وَيَأْتِي بِالثَّانِيَةِ، وَبِتَقْدِيرِ كَوْنِ الْمَتْرُوكِ مِنْ الثَّانِيَةِ فَالْجُلُوسُ بَعْدَهَا لَا يَضُرُّ، لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ جُلُوسٌ فِي الْخُطْبَةِ وَهُوَ لَا يَضُرُّ، وَمَا يَأْتِي بِهِ بَعْدَهُ تَكْرِيرٌ لِمَا أَتَى بِهِ مِنْ الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ وَاسْتِدْرَاكٌ لِمَا تَرَكَهُ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ تَفْصِيلُ الْقَدِيمِ) لَمْ يَأْتِ لَهُ تَفْصِيلٌ فِي حِكَايَتِهِ الْآتِيَة، وَلَعَلَّهُ يَقُولُ: يَحْرُمُ عَلَى الْأَرْبَعِينَ لَا عَلَى مَنْ زَادَ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَفْهُومٌ) أَيْ وَالْمَفْهُومُ إذَا كَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا يُعْتَرَضُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ رَجُلًا) هُوَ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيُّ، كَذَا بِهَامِشٍ عَنْ خَصَائِصِ الْجُمُعَةِ لِلسُّيُوطِيِّ (قَوْلُهُ: حُبَّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) هُوَ بِالنَّصْبِ بِتَقْدِيرِ أَعْدَدْت، وَيَجُوزُ رَفْعُهُ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ حُذِفَ خَبَرُهُ. وَالْمَعْنَى: حُبُّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَعْدَدْته لَهَا، لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَوْلَى لِأَنَّ الْجَوَابَ يُقَدَّرُ مَعَهُ مَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ (قَوْلُهُ: وَالِاحْتِمَالُ يَعُمُّهَا) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيُسْتَفَادُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ عَلَى مِثْلِهِمْ) أَيْ فِي الْكَمَالِ

أَيِّ حَالَةٍ كَانَتْ فَهِيَ قَوْلِيَّةٌ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ. نَعَمْ يُكْرَهُ الْكَلَامُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا قُلْت لِصَاحِبِك أَنْصِتْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْت» وَمَعْنَاهُ: تَرَكْت الْأَدَبَ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ، وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْأَرْبَعِينَ بَلْ سَائِرُ الْحَاضِرِينَ فِيهِ سَوَاءٌ. نَعَمْ الْأَوْلَى لِغَيْرِ السَّامِعِ أَنْ يَشْتَغِلَ بِالتِّلَاوَةِ وَالذِّكْرِ، وَلَا يُكْرَهُ الْكَلَامُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَلَوْ بَعْدَ الْجُلُوسِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَلَا بَعْدَهَا وَلَا بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ، وَلَا كَلَامُ الدَّاخِلِ إلَّا إذَا اتَّخَذَ لَهُ مَكَانًا وَاسْتَقَرَّ فِيهِ، لِأَنَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَى الْكَلَامِ غَالِبًا، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يُبَاحُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ لِمُسْتَمِعِ الْخَطِيبِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَرْفَعَ بِهَا صَوْتَهُ إذَا سَمِعَ ذِكْرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لَكِنْ صَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ بِكَرَاهَتِهِ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ الِاسْتِمَاعَ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِهَا خِلَافُ الْأَوْلَى. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالرَّفْعُ الْبَلِيغُ كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْعَوَامّ بِدْعَةٌ مُنْكَرَةٌ، وَالْقَدِيمُ يَحْرُمُ الْكَلَامَ، وَيَجِبُ الْإِنْصَاتُ، وَلَا يَحْرُمُ الْكَلَامَ عَلَى الْخَطِيبِ قَطْعًا. وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي كَلَامٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضٌ مُهِمٌّ نَاجِزٌ، فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ ذَلِكَ كَمَا لَوْ رَأَى أَعْمَى يَقَعُ فِي بِئْرٍ أَوْ عَقْرَبًا تَدِبُّ عَلَى إنْسَانٍ فَأَنْذَرَهُ، أَوْ عَلَّمَ إنْسَانًا شَيْئًا مِنْ الْخَيْرِ، أَوْ نَهَاهُ عَنْ مُنْكَرٍ لَمْ يَكُنْ حَرَامًا قَطْعًا بَلْ قَدْ يَجِبُ عَلَيْهِ، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الْإِشَارَةِ إنْ أَغْنَتْ (وَيُسَنُّ) إقْبَالُهُمْ عَلَيْهِ بِوُجُوهِهِمْ عَمَلًا بِالْأَدَبِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ تَوْجِيهِهِمْ الْقِبْلَةَ وَ (الْإِنْصَاتُ) لَهُ لِمَا مَرَّ {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204] وَرَدَ فِي الْخُطْبَةِ كَمَا ذَكَرَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ بَلْ أَكْثَرُهُمْ وَسُمِّيَتْ قُرْآنًا لِاشْتِمَالِهَا عَلَيْهِ، وَلَمْ يُذْكَر الِاسْتِمَاعُ مَعَ الْإِنْصَاتِ كَغَيْرِهِ عَلَى وِزَانِ الْآيَةِ لِأَنَّهُ قَدْ يُسْتَلْزَمْ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSيُصَيِّرهَا عَامَّةً (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ مُسْلِمٍ: إذَا قُلْت لِصَاحِبِك إلَخْ) رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ «إذَا قُلْت لِصَاحِبِك يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنْصِتْ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْت» وَلَفْظُ رِوَايَةِ النَّسَائِيّ «مَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ أَنْصِتْ فَقَدْ لَغَا» (قَوْلُهُ: أَنْ يَشْتَغِلَ بِالتِّلَاوَةِ وَالذِّكْرِ) أَيْ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْأَفْضَلَ لَهُ اشْتِغَالُهُ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُقَدَّمًا عَلَى التِّلَاوَةِ لِغَيْرِ سُورَةِ الْكَهْفِ وَالذِّكْرِ، لِأَنَّهَا شِعَارُ الْيَوْمِ (قَوْلُهُ إذَا سَمِعَ ذِكْرَهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ سَمَاعِهِ مِنْ الْخَطِيبِ وَمِنْ غَيْرِهِ، وَعِبَارَةُ عَمِيرَةَ فِي آخِرِ الْفَصْلِ الْآتِي: وَلِمُسْتَمِعِ الْخَطِيبِ إذَا ذُكِرَ النَّبِيُّ أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ. قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِمْ هَذَا أَنَّهُ مُبَاحٌ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ ثُمَّ قَالَ إنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى مُحَافَظَةً عَلَى الِاسْتِمَاعِ (قَوْلُهُ: خِلَافُ الْأَوْلَى) قَالَ حَجّ: الرَّفْعُ بِهَا مِنْ غَيْرِ مُبَالَغَةٍ سُنَّةٌ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ إقْبَالُهُمْ) [فَائِدَةٌ] لَوْ كَلَّمَ شَافِعِيٌّ مَالِكِيًّا وَقْتَ الْخُطْبَةِ فَهَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ لَعِبَ الشَّافِعِيُّ مَعَ الْحَنَفِيِّ الشِّطْرَنْجَ لِإِعَانَتِهِ لَهُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ أَوْ لَا الْأَقْرَبُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ لَعِبَ الشِّطْرَنْجِ لَمَّا لَمْ يَتَأَتَّ إلَّا مِنْهُمَا كَانَ الشَّافِعِيُّ كَالْمُلْجِئِ لَهُ، بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّهُ حَيْثُ أَجَابَهُ الْمَالِكِيُّ وَتَكَلَّمَ مَعَهُ كَانَ اخْتِيَارَهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ أَنْ لَا يُجِيبَهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ إذَا لَمْ يُجِبْهُ لَحَصَلَ لَهُ مِنْهُ ضَرَرٌ لِكَوْنِ الشَّافِعِيِّ الْمُكَلِّمِ أَمِيرًا أَوْ ذَا سَطْوَةٍ يَحْرُمُ عَلَيْهِ، لَكِنْ لَا مِنْ جِهَةِ الْكَلَامِ بَلْ مِنْ جِهَةِ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِوُجُوهِهِمْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْظُرُوا لَهُ، وَهَلْ يُسَنُّ النَّظَرُ إلَيْهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي أَخْذًا مِمَّا وَجَّهُوا بِهِ حُرْمَةَ أَذَانِ الْمَرْأَةِ يُسَنُّ النَّظَرُ لِلْمُؤَذِّنِ دُونَ غَيْرِهِ وَبَقِيَ الْخَطِيبُ هَلْ يُطْلَبُ مِنْهُ النَّظَرُ إلَيْهِمْ فَيُكْرَهُ لَهُ تَغْمِيضُ عَيْنَيْهِ وَقْتَ الْخُطْبَةِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي: وَأَنْ يُقْبِلَ عَلَيْهِمْ الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ أَنَّهُ يَنْظُرُ إلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: {فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204] [تَنْبِيهٌ] قَالَ الرَّاغِبُ: الْفَرْقُ بَيْنَ الصَّمْتِ وَالسُّكُوتِ وَالْإِنْصَاتِ وَالْإِصَاخَةِ أَنَّ الصَّمْتَ أَبْلَغُ لِأَنَّهُ قَدْ يُسْتَعْمَلُ فِيمَا لَا قُوَّةَ فِيهِ لِلنُّطْقِ وَفِيمَا لَهُ قُوَّةُ النُّطْقِ، وَلِهَذَا قِيلَ لِمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نُطْقٌ الصَّامِتُ وَالسُّكُوتُ لِمَا لَهُ نُطْقٌ فَتَرَكَ اسْتِعْمَالَهُ وَالْإِنْصَاتُ سُكُوتٌ مَعَ اسْتِمَاعٍ، وَمَتَى انْفَكَّ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَر لَمْ يَكُنْ لَهُ إنْصَاتٌ، وَعَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204] فَقَوْلُهُ وَأَنْصِتُوا بَعْدَ الِاسْتِمَاعِ ذِكْرُ خَاصٍّ بَعْدَ عَامٍّ، وَالْإِصَاخَةُ: الِاسْتِمَاعُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ، إذْ الْإِنْصَاتُ السُّكُوتُ، وَالِاسْتِمَاعُ شُغْلُ السَّمْعِ بِالسَّمَاعِ. . وَلَوْ سَلَّمَ دَاخِلٌ عَلَى مُسْتَمِعِ الْخُطْبَةِ وَالْخَطِيبُ يَخْطُبُ وَجَبَ عَلَيْهِ الرَّدُّ وَإِنْ كَانَ السَّلَامُ مَكْرُوهًا لِمَا سَيَأْتِي فِي السِّيَرِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، إذْ الْقَاعِدَةُ أَغْلَبِيَّةٌ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ الرَّدُّ عَلَى نَحْوِ قَاضِي الْحَاجَةِ لِأَنَّ الْخِطَابَ مِنْهُ وَمَعَهُ سَفَهٌ وَقِلَّةُ مُرُوءَةٍ فَلَا يُلَائِمُهُ إيجَابُ الرَّدِّ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّهُ يُلَائِمُهُ لِأَنَّ عَدَمَ مَشْرُوعِيَّتِهِ لِعَارِضٍ لَا لِذَاتِهِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَلَا إشْكَالَ. وَيُسْتَحَبُّ لَهُ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُكْرَهْ كَسَائِرِ الْكَلَامِ لِأَنَّ سَبَبَهُ قَهْرِيٌّ. وَكُرِهَ تَحْرِيمًا بِالْإِجْمَاعِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ تَنَفُّلٌ مِنْ أَحَدِ الْحَاضِرِينَ بَعْدَ صُعُودِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَجُلُوسِهِ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ الْخُطْبَةَ بِالْكُلِّيَّةِ لِاشْتِغَالِهِ بِصُورَةِ عِبَادَةٍ، وَمِنْ ثَمَّ فَارَقَتْ الصَّلَاةُ الْكَلَامَ بِأَنَّ الِاشْتِغَالَ بِهِ لَا يُعَدُّ إعْرَاضًا عَنْهُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَأَيْضًا فَمِنْ شَأْنِ الْمُصَلِّي الْإِعْرَاضُ عَمَّا سِوَى صَلَاتِهِ بِخِلَافِ الْمُتَكَلِّمِ، وَأَيْضًا فَقَطْعُ الْكَلَامِ هَيِّنٌ مَتَى ابْتَدَأَ الْخَطِيبُ الْخُطْبَةَ، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ قَدْ يَفُوتُهُ بِهَا سَمَاعُ أَوَّلِ الْخُطْبَةِ بَلْ لَوْ أَمِنَ فَوَاتَ ذَلِكَ كَانَ مُمْتَنِعًا أَيْضًا خِلَافًا لِمَا فِي الْغُرَرِ الْبَهِيَّةِ. وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الطَّوَافَ لَيْسَ كَالصَّلَاةِ هُنَا، وَيُمْنَعُ مِنْ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَشَمَلَهُ كَلَامُهُمْ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَيْسَ صَلَاةً وَإِنَّمَا هُوَ مُلْحَقٌ بِهَا، وَيَجِبُ عَلَى مَنْ كَانَ فِي صَلَاةٍ تَخْفِيفُهَا عِنْدَ صُعُودِ الْخَطِيبِ الْمِنْبَرَ وَجُلُوسِهِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ نَصْرٌ، وَاعْتَمَدَهُ غَيْرُهُ فَالْإِطَالَةُ كَالْإِنْشَاءِ، وَمَتَى حُرِّمَتْ الصَّلَاةُ، فَالْأَوْجَهُ كَمَا فِي التَّدْرِيبِ عَدَمُ انْعِقَادِهَا كَالصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْخَمْسَةِ الْمَكْرُوهَةِ بَلْ أَوْلَى، بَلْ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ وَمَنْعِهِمْ مِنْ الرَّاتِبَةِ مَعَ قِيَاسِ سَبَبِهَا أَنَّهُ لَوْ تَذَكَّرَهَا فَرْضًا لَا يَأْتِي وَإِنْ كَانَ وَقْتُهُ مَضِيقًا وَأَنَّهُ لَوْ أَتَى بِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَتَعْبِيرُ جَمَاعَةٍ بِالنَّافِلَةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَيُسْتَثْنَى التَّحِيَّةُ لِدَاخِلِ الْمَسْجِدِ وَالْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ فَيُسَنُّ لَهُ فِعْلُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSإلَى مَا يَصْعُبُ اسْتِمَاعُهُ وَإِدْرَاكُهُ كَالسَّبِّ وَالصَّوْتِ مِنْ مَكَان بَعِيدٍ اهـ مُنَاوِيٌّ عِنْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الصَّمْتُ زَيْنٌ لِلْعَالِمِ وَسَتْرٌ لِلْجَاهِلِ» . (وَلَوْ سَلَّمَ دَاخِلٌ عَلَى مُسْتَمِعٍ) وَمِثْلُهُ الْخَطِيبُ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُعَدَّ نِسْيَانُهُ لِمَا هُوَ فِيهِ عُذْرًا فِي وُجُوبِ الرَّدِّ عَلَيْهِ فَيَجِبُ الرَّدُّ عَلَيْهِ وَإِنْ غَلِطَ. (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ لَهُ) أَيْ الْمُسْتَمِعِ، وَمِثْلُهُ الْخَطِيبُ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْكَلَامُ قَطْعًا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يُكْرَهْ) أَيْ التَّشْمِيتُ (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ تَحْرِيمًا إلَخْ) أَيْ وَيَسْتَمِرُّ ذَلِكَ إلَى فَرَاغِ الْخُطْبَةِ وَتَوَابِعِهَا كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ سم أَنَّ الشَّارِحَ ذَهَبَ إلَيْهِ، وَفِي كَلَامِ حَجّ مَا يُصَرِّحُ بِهِ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَيُسَنُّ الْإِنْصَاتُ وَيَحْرُمُ إجْمَاعًا صَلَاةُ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ وَلَوْ فِي حَالِ الدُّعَاءِ لِلسُّلْطَانِ اهـ. وَمَا نَقَلَهُ سم عَلَى حَجّ فِيمَا تَقَدَّمَ فِي التَّوَابِعِ لَعَلَّهُ فِي غَيْرِ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ صُعُودِ الْخَطِيبِ) أَمَّا بَعْدَ الصُّعُودِ وَقَبْلَ الْجُلُوسِ فَلَا يَحْرُمُ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الِاشْتِغَالَ بِهِ) أَيْ الْكَلَامِ وَإِنْ طَالَ (قَوْلُهُ: الْغُرَرِ الْبَهِيَّةِ) مُرَادُهُ شَرْحُ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ صُعُودِ الْخَطِيبِ الْمِنْبَرَ وَجُلُوسِهِ) قَالَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ وَقْتُهُ مَضِيقًا) أَيْ فَلَا يَفْعَلُهُ وَإِنْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَعَادَ إلَيْهِ بِسَبَبِ فِعْلِهِ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ يَقْصِدُ التَّحِيَّةَ (قَوْلُهُ: فَيُسَنُّ لَهُ فِعْلُهَا) أَيْ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ سُنَّةُ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا كَفَائِتَةٍ حَيْثُ لَمْ تَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ. [فَرْعٌ] مَنْ دَخَلَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ م ر ثُمَّ مَرَّةً أُخْرَى. قَالَ: لَوْ كَانَ مَحَلُّ الْخُطْبَةِ غَيْرَ الْمَسْجِدِ لَا صَلَاةَ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ قَالَ: إذَا دَخَلَ حَالَ الْخُطْبَةِ. فَإِنْ كَانَ الْمَكَانُ مَسْجِدًا صَلَّى التَّحِيَّةَ أَوْ رَكْعَتَيْنِ رَاتِبَةً أَوْ نَحْوَ فَائِتَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَسْجِدًا جَلَسَ وَلَا صَلَاةَ مُطْلَقًا اهـ فَلْيُرَاجَعْ. وَفِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِشَيْخِنَا مَنْعُ رَكْعَتَيْنِ غَيْرُ الرَّاتِبَةِ وَالسُّكُوتُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَفِيهِ: لَكِنْ لَوْ أَحْرَمَ بِأَرْبَعٍ قَضَاءً قَبْلَ الْجُلُوسِ ثُمَّ جَلَسَ وَقَدْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَشَمِلَهُ كَلَامُهُمْ) أَيْ حَيْثُ عَبَّرُوا بِالتَّنَفُّلِ.

وَيُخَفِّفُهَا وُجُوبًا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «جَاءَ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيُّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ فَجَلَسَ، فَقَالَ: يَا سُلَيْكُ: قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا ثُمَّ قَالَ إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا» هَذَا إنْ صَلَّى سُنَّةَ الْجُمُعَةِ، وَإِلَّا صَلَّاهَا مُخَفَّفَةً وَحَصَلَتْ التَّحِيَّةُ، وَلَا يَزِيدُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ بِكُلِّ حَالٍ فَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ تَحِيَّةٌ كَأَنْ كَانَ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ لَمْ يُصَلِّ شَيْئًا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ. أَمَّا الدَّاخِلُ آخِرَ الْخُطْبَةِ، فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إنَّ صَلَّاهَا فَاتَتْهُ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ مَعَ الْإِمَامِ لَمْ يُصَلِّ التَّحِيَّةَ بَلْ يَقِفُ حَتَّى تُقَامَ الصَّلَاةُ وَلَا يَقْعُدُ لِئَلَّا يَجْلِسَ فِي الْمَسْجِدِ قَبْلَ التَّحِيَّةِ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَلَوْ صَلَّاهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اُسْتُحِبَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَزِيدَ فِي كَلَامِ الْخُطْبَةِ بِقَدْرِ مَا يُكَمِّلُهَا. قَالَ الشَّيْخُ: وَمَا قَالَهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ، وَالْمُرَادُ بِالتَّخْفِيفِ فِيمَا ذُكِرَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْوَاجِبَاتِ، قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ لَا الْإِسْرَاعُ. قَالَ: وَيَدُلُّ لَهُ مَا ذَكَرُوهُ أَنَّهُ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ وَأَرَادَ الْوُضُوءَ اقْتَصَرَ عَلَى الْوَاجِبَاتِ اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ وَاضِحٌ، وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ تَرْكُ التَّطْوِيلِ عُرْفًا (قُلْت: ـــــــــــــــــــــــــــــSبَقِيَ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ هَلْ تَسْتَمِرُّ صِحَّتُهَا وَيَجِبُ التَّخْفِيفُ، أَوْ تَبْطُلُ لِأَنَّ الْإِتْمَامَ بَعْدَ الْجُلُوسِ بِمَنْزِلَةِ الْإِنْشَاءِ بِدَلِيلِ حُرْمَةِ التَّطْوِيلِ، وَلَا يَجُوزُ بَعْدَ الْجُلُوسِ إنْشَاءُ أَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ. أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ الِاسْتِمْرَارُ سِيَّمَا إذَا أَحْرَمَ عَلَى ظَنِّ سَعَةِ الْوَقْتِ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ. وَأَمَّا لَوْ كَانَ جَالِسًا بِالْمَسْجِدِ وَعَلِمَ بِقُرْبِ جُلُوسِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ كَأَنْ كَانَ بَعْدَ قِرَاءَةِ الْمُقْرِئِ الْآيَةَ فَأَحْرَمَ بِرَكْعَتَيْنِ فَهَلْ تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ وَيُكْمِلُهُمَا بَعْدَ جُلُوسِ الْخَطِيبِ وَيُخَفِّفُ فِيهِمَا كَمَا لَوْ دَخَلَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ أَمْ لَا، لِأَنَّ شُرُوعَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ يُعَدُّ بِهِ مُقَصِّرًا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، لِأَنَّهُ حَالَ شُرُوعِهِ لَمْ يَكُنْ مُتَهَيِّئًا لِشَيْءٍ يَسْمَعُهُ فَيُعَدُّ مُعْرِضًا عَنْهُ بِاشْتِغَالِهِ بِالصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ: قُمْ فَارْكَعْ) وَإِنَّمَا أَمَرَهُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ جَلَسَ جَاهِلًا بِطَلَبِ التَّحِيَّةِ مِنْهُ فَلَمْ تَفُتْ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: هَذَا إنْ صَلَّى سُنَّةَ الْجُمُعَةِ) وَمَرَّ قَرِيبًا عَنْ سم أَنَّ مِثْلَ سُنَّةِ الْجُمُعَةِ الْفَائِتَةِ إذَا كَانَتْ رَكْعَتَيْنِ كَالصُّبْحِ، وَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ قَرِيبًا مِنْ امْتِنَاعِ الْفَائِتَةِ لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِيمَنْ تَذَكَّرَ بَعْدَ الْجُلُوسِ وَأَرَادَ فِعْلهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يَزِيدُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ بِكُلِّ حَالٍ) أَيْ حَيْثُ عَلِمَ بِالزِّيَادَةِ. أَمَّا لَوْ شَكَّ هَلْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ أَوْ وَاحِدَةً سُنَّ لَهُ رَكْعَةٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْفِعْلِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ تَحِيَّةٌ) شَمَلَ مَا لَوْ نَوَى سُنَّةَ الصُّبْحِ مَثَلًا أَوْ رَكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَنْوِ أَنَّهُمَا تَحِيَّةٌ لِمَا قَدَّمَهُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِرَكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَنْوِ بِهِمَا التَّحِيَّةَ كَانَتْ نَفْلًا مُطْلَقًا حَصَلَ بِهِ مَقْصُودُ التَّحِيَّةِ، لَكِنْ قَالَ حَجّ: وَصَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ بِنِيَّةِ التَّحِيَّةِ وَهُوَ الْأَوْلَى " أَوْ رَاتِبَةُ الْجُمُعَةِ الْقَبَلِيَّةِ إنْ لَمْ يَكُنْ صَلَّاهَا، وَحِينَئِذٍ الْأَوْلَى نِيَّةُ التَّحِيَّةِ مَعَهَا، فَإِنْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ فَالْأَوْلَى فِيمَا يَظْهَرُ نِيَّةُ التَّحِيَّةِ لِأَنَّهَا تَفُوتُ بِفَوَاتِهَا بِالْكُلِّيَّةِ إذَا لَمْ يَنْوِ، بِخِلَافِ الرَّاتِبَةِ الْقَبْلِيَّةَ لِلدَّاخِلِ، فَإِنْ نَوَى أَكْثَرَ مِنْهُمَا أَوْ صَلَاةً أُخْرَى بِقَدْرِهِمَا لَمْ تَنْعَقِدْ. فَإِنْ قِيلَ يَلْزَمُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ أَنَّ نِيَّةَ رَكْعَتَيْنِ فَقَطْ جَائِزَةٌ، بِخِلَافِ نِيَّةِ رَكْعَتَيْنِ سُنَّةَ الصُّبْحِ مَثَلًا مَعَ اسْتِوَائِهِمَا فِي حُصُولِ التَّحِيَّةِ بِهَا بِالْمَعْنَى السَّابِقِ فِي بَابِهَا. قُلْت: يُفَرَّقُ بِأَنَّ نِيَّةَ رَكْعَتَيْنِ فَقَطْ لَيْسَ فِيهِ صَرْفٌ عَنْ التَّحِيَّةِ بِالنِّيَّةِ بِخِلَافِ نِيَّةِ سَبَبٍ آخَرَ، فَأُبِيحَ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي، وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَقْتَصِرَ فِيهِمَا عَلَى أَقَلِّ مُجْزِئٍ عَلَى مَا قَالَهُ جَمْعٌ، وَبَيَّنْت مَا فِيهِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، لَكِنَّ عَدَمَ انْعِقَادِ سُنَّةِ الصُّبْحِ بِنِيَّتِهَا مُشْكِلٌ عَلَى نِيَّةِ الْفَائِتَةِ، فَإِنْ وَصَفَهَا بِكَوْنِهَا فَائِتَةً يَفُوتُ التَّعَرُّضُ لِلتَّحِيَّةِ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ كَانَ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ) شَمَلَ مَا لَوْ تَطَهَّرَ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ وَأَرَادَ فِعْلَ الرَّكْعَتَيْنِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ فَلَا تَنْعَقِدُ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَيَحْرُمُ عَلَى مَنْ لَمْ تُسَنَّ لَهُ التَّحِيَّةُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ يَسْتَمِعْ وَلَوْ لَمْ تَلْزَمْهُ الْجُمُعَةُ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ مَحَلِّهَا وَقَدْ نَوَاهَا مَعَهُمْ بِمَحَلِّهِ وَإِنْ حَالَ مَانِعُ الِاقْتِدَاءِ الْآنَ فِيمَا يَظْهَرُ إلَخْ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَقَدْ نَوَاهَا مَعَهُمْ بِمَحَلِّهِ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ بَعُدَ عَنْ الْمَسْجِدِ وَتَطَهَّرَ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ فِعْلُهَا فِي مَوْضِعِ طَهَارَتِهِ حَيْثُ قَصَدَ فِعْلَهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّ الطَّهَارَةِ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يُصَلِّ التَّحِيَّةَ) أَيْ نَدْبًا (قَوْلُهُ: تَرْكُ التَّطْوِيلِ عُرْفًا) أَيْ فَلَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِسُورَةٍ قَصِيرَةٍ بَعْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الْأَصَحُّ أَنَّ تَرْتِيبَ الْأَرْكَانِ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حَاصِلٌ بِدُونِهِ، وَلَمْ يَرِدْ نَصٌّ فِي اشْتِرَاطِ التَّرْتِيبِ، وَقَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي الْأُمِّ وَالْمَبْسُوطِ، وَجَزَمَ بِهِ أَكْثَرُ الْعِرَاقِيِّينَ بَلْ هُوَ سُنَّةٌ فَقَطْ. وَأَشَارَ إلَى سَادِسٍ لَهَا أَثَرًا ظَاهِرًا بِقَوْلِهِ (وَالْأَظْهَرُ:) (اشْتِرَاطُ الْمُوَالَاةِ) بَيْنَ أَرْكَانِهَا وَبَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ وَبَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ لِلِاتِّبَاعِ وَلِأَنَّ الشُّرُوطَ فِي اسْتِمَالَةِ الْقُلُوبِ وَحَدُّ الْمُوَالَاةِ مَا حُدَّ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ. وَالثَّانِي لَا تُشْتَرَطُ لِأَنَّ الْغَرَضَ الْوَعْظُ، وَهُوَ حَاصِلٌ مَعَ تَفْرِيقِ الْكَلِمَاتِ، وَذَكَرَ هَذَا هُنَا بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ لِعُمُومِهِ دَفْعًا لِمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ ذَاكَ خَاصٌّ بِحَالَةِ الِانْفِضَاضِ. (وَ) السَّابِعُ مِنْ الشُّرُوطِ (طَهَارَةُ الْحَدَثِ) الْأَكْبَرِ وَالْأَصْغَرِ (وَالْخَبَثِ) غَيْرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَالْمَكَانِ عَلَى مَا مَرَّ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ (وَ) الثَّامِنُ مِنْ الشُّرُوطِ (السَّتْرُ) أَيْ سَتْرُ الْعَوْرَةِ لِلِاتِّبَاعِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ فَلَوْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ اسْتَأْنَفَهَا وَإِنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ وَقَصُرَ الْفَصْلُ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ وَاحِدَةٌ فَلَا تُؤَدَّى بِطَهَارَتَيْنِ كَالصَّلَاةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَحْدَثَ بَيْنَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ وَتَطَهَّرَ عَنْ قُرْبٍ لَمْ يَضُرَّ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، وَلَا يُشْتَرَطُ طُهْرُ السَّامِعِينَ وَلَا سَتْرُهُمْ، وَأَغْرُبُ مِنْ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَاشْتِرَاطُ السَّتْرِ لَا يُغْنِي عَنْهُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ وُجُوبِهِ وَلَوْ فِي الْخَلْوَةِ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْوُجُوبِ الِاشْتِرَاطُ وَلَا يُشْتَرَطُ أَيْضًا كَوْنُهُمْ بِمَحَلِّ الصَّلَاةِ وَلَا فَهْمُهُمْ لِمَا يَسْمَعُونَهُ كَمَا تَكْفِي قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ لِمَنْ لَا يَفْهَمُهَا، وَأَفَادَ اقْتِصَارُهُ عَلَى مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا تَجِبُ نِيَّةُ الْخُطْبَةِ وَنِيَّةُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْفَاتِحَةِ. (قَوْلُهُ: مَا حُدَّ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ) أَيْ بِأَنْ لَا يَكُونَ قَدْرُ رَكْعَتَيْنِ بِأَخَفِّ مُمْكِنٍ. (قَوْلُهُ: طَهَارَةُ الْحَدَثِ) قَضِيَّةُ صَنِيعِهِ أَنَّ الطَّهَارَةَ وَمَا بَعْدَهَا بِالرَّفْعِ وَجَرِّهِ أَظْهَرُ لِيُفِيدَ اشْتِرَاطَ ذَلِكَ صَرِيحًا، وَيُشِيرُ إلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ الْآتِي وَاشْتِرَاطُ السَّتْرِ إلَخْ، وَهَلْ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي الْأَرْكَانِ وَغَيْرِهَا حَتَّى لَوْ انْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ فِي غَيْرِ الْأَرْكَانِ بَطَلَتْ خُطْبَتُهُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَحْدَثَ بَيْنَ الْأَرْكَانِ وَأَتَى مَعَ حَدَثِهِ بِشَيْءٍ مِنْ تَوَابِعِ الْخُطْبَةِ ثُمَّ اسْتَخْلَفَ عَنْ قُرْبٍ فَلَا يَضُرُّ فِي خُطْبَتِهِ مَا أَتَى بِهِ مِنْ غَيْرِ الْأَرْكَانِ مَعَ الْحَدَثِ، فَجَمِيعُ الشُّرُوطِ الَّتِي ذَكَرَهَا إنَّمَا تُعْتَبَرُ فِي الْأَرْكَانِ خَاصَّةً (قَوْلُهُ: طَهَارَةُ الْحَدَثِ) أَيْ فَلَوْ بَانَ الْإِمَامُ مُحْدِثًا أَوْ ذَا نَجَاسَةٍ خَفِيَّةٍ. قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: لَا يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ بِالْخُطْبَةِ كَمَا لَوْ بَانَ قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ مَعَ أَنَّهُ شَرْطٌ اهـ. وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ لَوْ خَطَبَ مَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ ثُمَّ بَانَ قَادِرًا عَلَى السُّتْرَةِ. [فَرْعٌ] اعْتَمَدَ م ر أَنَّ الْخَطِيبَ لَوْ أَحْدَثَ جَازَ الِاسْتِخْلَافُ وَالْبِنَاءُ عَلَى خُطْبَتِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ لَا أَهْلِيَّةَ لَهُ، بِخِلَافِ الْمُحْدِثِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ خَلْفَهُ إذَا بَانَ مُحْدِثًا، وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُقَالُ: هَلَّا جَازَ لِلْقَوْمِ اسْتِخْلَافُ مَنْ يَبْنِي عَلَى خُطْبَةِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ، كَمَا جَازَ لَهُمْ الِاسْتِخْلَافُ فِي الصَّلَاةِ إذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِيهَا، كَمَا شَمَلَهُ قَوْلُهُمْ إذَا خَرَجَ الْإِمَامُ بِحَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ جَازَ لَهُمْ الِاسْتِخْلَافُ وَيُفَرَّق بِأَنَّ الصَّلَاةَ بَاقِيَةٌ مِنْ الْقَوْمِ وَإِنَّمَا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَحْدَهُ فَجَازَ الِاسْتِخْلَافُ، بِخِلَافِ الْخُطْبَةِ فَإِنَّهَا مِنْ الْخَطِيبِ وَحْدَهُ، فَإِذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَلَا يُسْتَخْلَفُ لِئَلَّا تَصِيرَ نَفْسُ الْخُطْبَةِ مُلَفَّقَةً مِنْ شَخْصَيْنِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُ سم وَيُفَرَّقُ بِأَنْ إلَخْ: أَيْ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ يُفَرَّقُ إلَخْ فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِخْلَافُ لَا مِنْ الْإِمَامِ وَلَا مِنْ الْقَوْمِ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ) أَيْ أَمَّا لَوْ اسْتَخْلَفَ غَيْرَهُ بَنَى عَلَى مَا مَضَى، وَعَلَيْهِ فَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا لَوْ تَطَهَّرَ عَنْ قُرْبٍ حَيْثُ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْبِنَاءُ وَبَيْنَ مَا لَوْ اسْتَخْلَفَ غَيْرَهُ أَنَّ فِي بِنَاءِ الْخَطِيبِ تَكْمِيلًا عَلَى مَا فَسَدَ بِحَدَثِهِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ، وَلَا كَذَلِكَ فِي بِنَاءِ غَيْرِهِ لِأَنَّ سَمَاعَهُ لِمَا مَضَى مِنْ الْخُطْبَةِ قَائِمٌ مَقَامَهُ وَلَمْ يَعْرِضْ لَهُ مَا يُبْطِلُهُ فَجَازَ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ اهـ حَجّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا فَهْمُهُمْ لِمَا يَسْمَعُونَهُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمْ يَسْمَعُونَ الْأَلْفَاظَ لَكِنْ لَا يَعْرِفُونَ مَدْلُولَاتِهَا، وَيَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَكْفِي سَمَاعُهُمْ مُجَرَّدَ الصَّوْتِ مِنْ بَعِيدٍ مِنْ غَيْرِ سَمَاعِ الْأَلْفَاظِ وَتَقَاطِيعِ الْحُرُوفِ فَلْيُرَاجَعْ

فَرْضِيَّتِهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَشَارَ إلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: لِأَنَّ ذَلِكَ مُمْتَازٌ بِصُورَتِهِ مُنْصَرِفٌ إلَى اللَّهِ بِحَقِيقَتِهِ فَلَا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةِ صَرْفِهِ إلَيْهِ، وَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْقَاضِي، وَجَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ مِنْ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ مُفَرَّعٌ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ رَكْعَتَيْنِ. نَعَمْ يُشْتَرَطُ عَدَمُ الصَّارِفِ فِيمَا يَظْهَرُ. وَالشَّرْطُ التَّاسِعُ مِنْ الشُّرُوطِ تَقْدِيمُهَا عَلَى الصَّلَاةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. ثُمَّ شَرَعَ فِي مُسْتَحَبَّاتِ الْخُطْبَةِ فَقَالَ (وَتُسَنُّ) الْخُطْبَةُ (عَلَى مِنْبَرٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ مَأْخُوذٌ مِنْ النَّبْرِ وَهُوَ الِارْتِفَاعُ، وَأَنْ يَكُونَ الْمِنْبَرُ عَلَى يَمِينِ مُصَلَّى الْإِمَامِ لِأَنَّ مِنْبَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَكَذَا وُضِعَ، وَكَانَ يَخْطُبُ قَبْلَهُ عَلَى الْأَرْضِ، وَعَنْ يَسَارِهِ جِذْعُ نَخْلَةٍ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ، وَلَمَّا اتَّخَذَ الْمِنْبَرَ كَانَ ثَلَاثَ دَرَجٍ غَيْرَ الدَّرَجَةِ الْمُسَمَّاةِ بِالْمُسْتَرَاحِ، وَكَانَ يَقِفُ عَلَى الثَّالِثَةِ، فَيُنْدَبُ الْوُقُوفُ عَلَى الَّتِي تَلِي الْمُسْتَرَاحَ، فَإِنْ طَالَ الْمِنْبَرُ فَعَلَى السَّابِعَةِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، لِمَا نُقِلَ أَنَّ مَرْوَانَ زَادَ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى الْمِنْبَرِ الْأَوَّلِ سِتَّ دَرَجٍ فَصَارَ عَدَدُ دَرَجِهِ تِسْعَةً، وَكَانَ الْخُلَفَاءُ يَقِفُونَ عَلَى السَّابِعَةِ وَهِيَ الْأَوْلَى، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمِنْبَرِ وَالْقِبْلَةِ قَدْرُ ذِرَاعٍ أَوْ ذِرَاعَيْنِ، قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اسْتِحْبَابُهَا عَلَى مِنْبَرٍ وَلَوْ بِمَكَّةَ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَإِنْ قَالَ السُّبْكِيُّ: الْخَطَابَةُ بِمَكَّةَ عَلَى مِنْبَرٍ بِدْعَةٌ، وَالسُّنَّةُ أَنْ يُخْطَبَ عَلَى الْبَابِ كَمَا فَعَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْفَتْحِ، وَإِنَّمَا أَحْدَثَ الْمِنْبَرَ بِمَكَّةَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَيُكْرَهُ مِنْبَرٌ كَبِيرٌ يُضَيِّقُ عَلَى الْمُصَلِّينَ، وَيُسْتَحَبُّ التَّيَامُنُ فِي الْمِنْبَرِ الْوَاسِعِ (أَوْ) عَلَى مَوْضِعٍ (مُرْتَفِعٍ) لِكَوْنِهِ أَبْلَغَ فِي الْإِعْلَامِ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْبَرٌ كَمَا فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ وَإِنْ اقْتَضَتْ عِبَارَةُ الْكِتَابِ التَّسْوِيَةَ، فَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتَنَدَ إلَى نَحْوِ خَشَبَةٍ كَمَا كَانَ يَفْعَلُهُ قَبْلَ الْمِنْبَرِ (وَيُسَلِّمُ) عِنْدَ دُخُولِهِ عَلَى الْحَاضِرِينَ لِإِقْبَالِهِ عَلَيْهِمْ ثُمَّ (عَلَى مَنْ عِنْدَ الْمِنْبَرِ) نَدْبًا إذَا انْتَهَى إلَيْهِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَلِمُفَارِقَتِهِ إيَّاهُمْ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّدَتْ الصُّفُوفُ بَيْنَ الْبَابِ وَالْمِنْبَرِ لَا يُسَلِّمُ إلَّا عَلَى الصَّفِّ الَّذِي عِنْدَ الْبَابِ وَالصَّفِّ الَّذِي عِنْدَ الْمِنْبَرِ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا هُوَ الْقِيَاسُ سَنُّ السَّلَامِ عَلَى كُلِّ صَفٍّ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ، وَلَعَلَّ اقْتِصَارَهُمْ عَلَى ذَيْنِك لِأَنَّهُمَا آكَدُّ، وَقَدْ صَرَّحَ الْأَذْرَعِيُّ بِنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَا تُسَنُّ لَهُ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ كَمَا فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ. (وَ) يُسَنُّ (أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَائِدَةٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ رَأَى حَنَفِيًّا مَسَّ فَرْجَهُ مَثَلًا ثُمَّ خَطَبَ فَهَلْ تَصِحُّ خُطْبَتُهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ الصِّحَّةُ، وَيُوَجَّهُ بِمَا صَرَّحُوا بِهِ أَنَّا نَحْكُمُ بِصِحَّةِ عِبَادَةِ الْمُخَالِفِينَ حَيْثُ قَلَّدُوا تَقْلِيدًا صَحِيحًا، وَإِنَّمَا امْتَنَعَتْ الْقُدْوَةُ بِهِمْ لِلرَّبْطِ الْحَاصِلِ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ الْمُقْتَضِي لِجَزْمِهِ بِالنِّيَّةِ وَذَلِكَ يَتَوَقَّفُ عَلَى اعْتِقَادِ صِحَّةِ صَلَاتِهِ، وَلَا ارْتِبَاطَ بَيْنَ السَّامِعِينَ وَالْخَطِيبِ، فَحَيْثُ حُكِمَ بِصِحَّةِ عِبَادَتِهِ اُكْتُفِيَ بِخُطْبَتِهِ لَكِنَّا لَا نُصَلِّي خَلْفَهُ، فَإِنْ أَمَّ غَيْرُهُ جَازَ الِاقْتِدَاءُ بِهِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ وَهُوَ الْأَقْرَبُ: بَلْ الْمُتَعَيَّنُ عَدَمُ الصِّحَّةِ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا رَابِطَةٌ لَكِنَّهُ يُؤَدِّي إلَى فَسَادِ نِيَّةِ الْمَأْمُومِ لِاعْتِقَادِهِ حِينَ النِّيَّةِ أَنَّهُ يُصَلِّي صَلَاةً لَمْ تُسْبَقْ بِخُطْبَةٍ فِي اعْتِقَادِهِ. (قَوْلُهُ: فَصَارَ عَدَدُ دَرَجِهِ تِسْعَةً) لَعَلَّهُ لَمْ يَعُدَّ الدَّرَجَةَ الْمُسَمَّاةَ بِالْمُسْتَرَاحِ وَإِلَّا فَيَكُونُ عَشَرَةً (قَوْلُهُ: عَلَى السَّابِعَةِ وَهِيَ الْأُولَى) وَعَلَيْهِ فَصُورَةُ مَا فَعَلُوهُ أَنَّهُ رَفَعَ الْمِنْبَرَ بَاقِيًا بِصُورَتِهِ وَجَعَلَ تَحْتَهُ الدَّرَجَ الْمَذْكُورَ (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْمِنْبَرِ وَالْقِبْلَةِ) لَعَلَّ حِكْمَتَهُ أَنْ يَتَأَتَّى لَهُ الْمُبَادَرَةُ لِلْقِبْلَةِ مَعَ فَرَاغِ الْإِقَامَةِ، وَعَلَيْهِ فَمَا يَفْعَلُ الْآنَ مِنْ قُرْبِهِ مِنْهُ جِدًّا خِلَافُ الْأَوْلَى، لَكِنَّهُ ادَّعَى الْمُبَادَرَةَ إلَى الْمِحْرَابِ بَعْدَ فَرَاغِ الْخُطْبَةِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَخْطُبَ عَلَى الْبَابِ) أَيْ بَابِ الْكَعْبَةِ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ التَّيَامُنُ) أَيْ لِلْخَطِيبِ وَهُوَ الْقُرْبُ مِنْ جِهَةِ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُرْتَفِعٍ) وَالسُّنَّةُ فِيهِ أَنْ لَا يُبَالَغَ فِي ارْتِفَاعِهِ بِحَيْثُ يَزِيدُ عَلَى الْمَنَابِرِ الْمُعْتَادَةِ (قَوْلُهُ: وَلِمُفَارَقَتِهِ إيَّاهُمْ) أَيْ بِاشْتِغَالِهِ بِصُعُودِهِ الْمِنْبَرَ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ فَارَقَ الْقَوْمَ لِشُغْلٍ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِمْ سَنَّ لَهُ السَّلَامُ وَإِنْ قَرُبَتْ الْمَسَافَةُ جِدًّا (قَوْلُهُ وَلَا يُسَنُّ لَهُ تَحِيَّةٌ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّحِيَّةَ لِمَنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ أَتَاهُ، وَمِنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

يُقْبِلَ عَلَيْهِمْ) بِوَجْهِهِ لِأَنَّهُ اللَّائِقُ بِأَدَبِ الْخِطَابِ، وَلِأَنَّهُ أَبْلَغِ لِقَبُولِ الْوَعْظِ وَتَأْثِيرِهِ وَمِنْ ثَمَّ كُرِهَ خِلَافُهُ. نَعَمْ يَظْهَرُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي اسْتِقْبَالِهِمْ لِنَحْوِ ظَهْرِهِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ الْمَارَّةِ، وَلِأَنَّهُمْ مُحْتَاجُونَ لِذَلِكَ فِيهِ غَالِبًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الِاسْتِدَارَةِ الْمَنْدُوبَةِ لَهُمْ كَمَا مَرَّ (إذَا صَعِدَ) الدَّرَجَةَ الَّتِي تَحْتَ الْمُسْتَرَاحِ أَوْ اسْتَنَدَ إلَى مَا يُسْتَنَدُ إلَيْهِ (وَيُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ) نَدْبًا لِلِاتِّبَاعِ وَلِإِقْبَالِهِ عَلَيْهِمْ، وَيَجِبُ رَدُّ السَّلَامِ عَلَيْهِ فِي الْحَالَيْنِ وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ كَالسَّلَامِ فِي بَاقِي الْمَوَاضِعِ، وَيُنْدَبُ رَفْعُ صَوْتِهِ زِيَادَةً عَلَى الْوَاجِبِ لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْأَعْلَامِ (وَيَجْلِسُ) بَعْدَ سَلَامِهِ عَلَى الْمُسْتَرَاحِ لِيَسْتَرِيحَ مِنْ تَعَبِ الصُّعُودِ (ثُمَّ) هِيَ بِمَعْنَى الْفَاءِ الَّتِي أَفَادَتْهَا عِبَارَةُ أَصْلِهِ (يُؤَذَّنُ) بِفَتْحِ الذَّالِ فِي حَالِ جُلُوسِهِ، قَالَهُ الشَّارِحُ، وَضَبَطَهُ الدَّمِيرِيِّ بِكَسْرِهَا لِيُوَافِقَ مَا فِي الْمُحَرَّرِ مِنْ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ كَوْنُ الْمُؤَذِّنِ وَاحِدًا لَا جَمَاعَةً كَمَا اسْتَحَبَّهُ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ. وَعِبَارَةُ الشَّافِعِيِّ: وَأُحِبُّ أَنْ يُؤَذِّنَ مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ إذَا كَانَ عَلَى الْمِنْبَرِ لَا جَمَاعَةُ الْمُؤَذِّنِينَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ، فَإِنْ أَذَّنُوا جَمَاعَةً كَرِهْت ذَلِكَ، وَلَا يُفْسِدُ شَيْءٌ مِنْهُ الصَّلَاةَ لِأَنَّ الْأَذَانَ لَيْسَ مِنْ الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا هُوَ دُعَاءٌ إلَيْهَا، وَمَا ضَبَطَهُ الشَّارِحُ لَا يُنَافِي كَوْنَ الْمُؤَذِّنِ وَاحِدًا كَمَا لَا يَخْفَى، وَأَمَّا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي زَمَنِنَا مِنْ مَرَقٍ يَخْرُجُ بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ يَقُولُ إنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ الْآيَةَ ثُمَّ يَأْتِي بِالْحَدِيثِ فَلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِي السُّنَّةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَمْ يُفْعَلْ بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ كَانَ يُمْهِلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ، فَإِذَا اجْتَمَعُوا خَرَجَ إلَيْهِمْ وَحْدَهُ مِنْ غَيْرِ جَاوِيشٍ يَصِيحُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ، فَإِذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ اسْتَقْبَلَ النَّاسَ بِوَجْهِهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ يَجْلِسُ وَيَأْخُذُ بِلَالٌ فِي الْأَذَانِ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْهُ قَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْخُطْبَةِ لَا بِأَثَرٍ وَلَا خَبَرٍ وَلَا غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ الْخُلَفَاءُ الثَّلَاثَةُ بَعْدَهُ، فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ، إذْ فِي قِرَاءَةِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ تَنْبِيهٌ وَتَرْغِيبٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSيُعْلَمُ أَنَّ مَنْ كَانَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ وَأَرَادَ الْخُطْبَةَ سُنَّ لَهُ فِعْلُ رَاتِبَتِهَا قَبْلَ الصُّعُودِ. (قَوْلُهُ: اللَّائِقُ بِأَدَبِ الْخِطَابِ) وَفِي نُسْخَةِ الْخُطَبَاءِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي اسْتِقْبَالِهِمْ) أَيْ لِأَنَّهُمْ يَسْتَدْبِرُونَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَلَا يَتَأَتَّى لِجَمِيعِهِمْ الِاسْتِقْبَالُ، بَلْ بَعْضُهُمْ يَسْتَقْبِلُ وَجْهَهُ وَبَعْضُهُمْ يَسْتَقْبِلُ ظَهْرَهُ (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ الْمَارَّةِ) هِيَ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ اللَّائِقُ إلَخْ (قَوْلُهُ: إذَا صَعِدَ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَيَجْلِسُ بَعْدَ سَلَامِهِ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِهِ قَبْلَ الْجُلُوسِ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بَعْدَهُ وَيَحْصُلُ لَهُ أَصْلُ السُّنَّةِ (قَوْلُهُ إلَّا مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ) أَيْ لَمْ يُؤَذِّنْ بَيْنَ يَدَيْهِ إلَّا مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ فَلَا يُنَافِي أَنَّ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَذَّنُوا جَمَاعَةً كَرِهْت ذَلِكَ) قَالَ حَجّ: إلَّا لِعُذْرٍ انْتَهَى: أَيْ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ عُذْرٌ بِأَنْ اتَّسَعَ الْمَسْجِدُ جِدًّا وَلَمْ يَكْفِ الْوَاحِدُ تَعَدَّدَ الْمُؤَذِّنُونَ فِي نَوَاحِي الْمَسْجِدِ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ وَلَا يَجْتَمِعُونَ لِلْأَذَانِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْبَهْجَةِ حَيْث ُ قَالَ: وَهِيَ فُرَادَى أُدْرِجَتْ وَيُنْدَبُ ... لِمَنْ يُؤَذِّنُونَ أَنْ يُرَتَّبُوا إنْ يَتَّسِعْ لَهُمْ جَمِيعًا زَمَنٌ ... فَإِنْ يَضِقْ تَفَرَّقُوا وَأَذَّنُوا أَيْ فِي نَوَاحِي مَسْجِدٍ يَحْتَمِلُ (قَوْلُهُ ثُمَّ يَأْتِي بِالْحَدِيثِ) أَيْ السَّابِقِ فِي قَوْلِهِ إذَا قُلْت لِصَاحِبِك إلَخْ بَعْدَ الْأَذَانِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: بَلْ كَانَ بِمَهْلٍ) أَيْ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ الْمَارَّةِ) أَيْ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَيُسَنُّ الْإِنْصَاتُ وَهِيَ مَا فِيهِ مِنْ تَوَجُّهِهِمْ لِلْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ رَفْعُ صَوْتِهِ) يَعْنِي بِالْخُطْبَةِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ زِيَادَةً عَلَى الْوَاجِبِ، وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ هَذَا لِمَحَلِّهِ (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَمَا قَالَ الشِّهَابُ حَجّ لَكِنَّهَا حَسَنَةٌ، وَإِلَّا فَفِي عِلْمِ كَوْنِهَا حَسَنَةً مِمَّا ذَكَرَ نَظَرٌ ظَاهِرٌ

فِي الْإِتْيَانِ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذَا الْيَوْمِ الْعَظِيمِ الْمَطْلُوبِ فِيهِ إكْثَارُهَا، وَفِي قِرَاءَةِ الْخَبَرِ بَعْدَ الْأَذَانِ وَقَبْلَ الْخُطْبَةِ تَيَقُّظٌ لِلْمُكَلَّفِ لِاجْتِنَابِ الْكَلَامِ الْمُحَرَّمِ أَوْ الْمَكْرُوهِ فِي هَذَا الْوَقْتِ عَلَى اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيهِ، وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ هَذَا الْخَبَرَ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي خُطْبَتِهِ، وَالْخَبَرُ الْمَذْكُورُ صَحِيحٌ. (وَ) يُسَنُّ (أَنْ تَكُونَ) الْخُطْبَةُ (بَلِيغَةً) أَيْ فَصَيْحَةً جَزْلَةً لِأَنَّهُ أَوْقَعُ فِي الْقُلُوبِ مِنْ الْمُبْتَذَلِ الرَّكِيكِ لِعَدَمِ تَأْثِيرِهِ فِي الْقُلُوبِ (مَفْهُومَةً) لَا غَرِيبَةً وَحْشِيَّةً إذْ لَا يَنْتَفِعُ أَكْثَرُ النَّاسِ بِهَا، وَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ، أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَلِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: يَكُونُ كَلَامُهُ مُسْتَرْسِلًا مُبَيِّنًا مُعْرِبًا مِنْ غَيْرِ تَغَنٍّ وَلَا تَمْطِيطٍ، وَكَرِهَ الْمُتَوَلِّي الْكَلِمَاتِ الْمُشْتَرَكَةَ وَالْبَعِيدَةَ عَنْ الْأَفْهَامِ وَمَا يُنْكِرُهُ عُقُولُ الْحَاضِرِينَ، وَقَدْ يَحْرُمُ الْأَخِيرُ إنْ أَوْقَعَ فِي مَحْظُورٍ (قَصِيرَةً) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَطِيلُوا الصَّلَاةَ وَأَقْصِرُوا الْخُطْبَةَ» فَتَكُونُ مُتَوَسِّطَةً بَيْنَ الطَّوِيلَةِ وَالْقَصِيرَةِ، وَلَا يُعَارِضُهُ خَبَرُهُ أَيْضًا مِنْ أَنَّ صَلَاتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتْ قَصْدًا وَخُطْبَتُهُ قَصْدًا وَمِنْ أَنَّ قِصَرَهَا عَلَامَةٌ عَلَى الْفِقْهِ لِأَنَّ الْقِصَرَ وَالطُّولَ مِنْ الْأُمُورِ النِّسْبِيَّةِ، فَالْمُرَادُ بِاقْتِصَارِهَا إقْصَارُهَا عَنْ الصَّلَاةِ وَبِإِطَالَةِ الصَّلَاةِ إطَالَتُهَا عَلَى الْخُطْبَةِ، فَعُلِمَ أَنَّ سَنَّ قِرَاءَةِ " ق " فِي الْأُولَى لَا يُنَافِي كَوْنَ الْخُطْبَةِ قَصِيرَةً أَوْ مُتَوَسِّطَةً. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَحَسُنَ أَنْ يَخْتَلِفَ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالٍ وَأَزْمَانٍ وَأَسْبَابٍ، وَقَدْ يَقْتَضِي الْحَالُ الْإِسْهَابَ كَالْحَثِّ عَلَى الْجِهَادِ إذَا طَرَقَ الْعَدُوُّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى الْبِلَادَ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ النَّهْيِ عَنْ الْخَمْرِ وَالْفَوَاحِشِ وَالزِّنَا وَالظُّلْمِ إذَا تَتَابَعَ النَّاسُ فِيهَا وَحَسَنٌ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ: وَيَقْصِدُ إيرَادُ الْمَعْنَى الصَّحِيحَ وَاخْتِيَارَ اللَّفْظِ الْفَصِيحِ وَلَا يُطَوِّلُ إطَالَةً تُمِلُّ وَلَا يُقَصِّرُ قَصْرًا يُخِلُّ انْتَهَى. وَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ غَيْرُ مُنَافٍ لِمَا مَرَّ، إذْ الْإِطَالَةُ عِنْدَ دُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا لِعَارِضٍ لَا يُعَكِّرُ عَلَى مَا أَصْلُهُ أَنْ يَكُونَ مُقْتَصِدًا. (وَلَا يَلْتَفِتُ يَمِينًا وَ) لَا (شِمَالًا) وَلَا خَلْفًا (فِي شَيْءٍ مِنْهَا) لِأَنَّهَا بِدْعَةٌ بَلْ يَسْتَمِرُّ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ الْإِقْبَالِ عَلَيْهِمْ إلَى فَرَاغِهَا، وَلَا يَعْبَثُ بَلْ يَخْشَعُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ، وَلَوْ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ أَوْ اسْتَدْبَرَهَا الْحَاضِرُونَ أَجْزَأَ مَعَ الْكَرَاهَةِ (وَأَنْ يَعْتَمِدَ) فِي حَالِ خُطْبَتِهِ اسْتِحْبَابًا (عَلَى سَيْفٍ أَوْ عَصًا) وَنَحْوِهِ مِنْ قَوْسٍ أَوْ رُمْحٍ لِمَا صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَكَّأَ فِي خُطْبَتِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى قَوْسٍ أَوْ عَصًا» وَحِكْمَتُهُ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ هَذَا الدِّينَ قَامَ بِالسِّلَاحِ، وَلِهَذَا قَبَضَهُ بِالْيُسْرَى عَلَى عَادَةِ مَنْ يُرِيدُ الْجِهَادَ بِهِ، وَلَيْسَ هَذَا تَنَاوُلًا حَتَّى يَكُونَ بِالْيَمِينِ بَلْ هُوَ اسْتِعْمَالٌ وَامْتِهَانٌ بِالِاتِّكَاءِ، فَكَانَتْ الْيَسَارُ بِهِ أَلْيَقُ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ تَمَامِ الْإِشَارَةِ إلَى الْحِكْمَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَيَشْغَلُ يَمِينَهُ بِالْمِنْبَرِ إنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ نَجَاسَةٌ كَذَرْقٍ طَيْرٍ لَا يُعْفِي عَنْهُ وَهِيَ مُلَاقِيَةٌ لَهُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ جَعَلَ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى تَحْتَ صَدْرِهِ أَوْ أَرْسَلَهُمَا، وَالْغَرَضُ أَنْ يَخْشَعَ وَلَا يَعْبَثَ بِهِمَا كَمَا مَرَّ، وَلَوْ أَمْكَنَهُ شُغْلُ الْيُمْنَى بِحَرْفِ الْمِنْبَرِ وَإِرْسَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــSيُؤَخِّرُ الْخُرُوجَ (قَوْلُهُ يَقُولُ هَذَا الْخَبَرَ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي خُطْبَتِهِ) لَمْ يَقُلْ فِي افْتِتَاحِ خُطْبَتِهِ فَأَشْعَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُهُ كَيْفَ اتَّفَقَ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصِهِ بِمَوْضِعٍ بِعَيْنِهِ، وَلَعَلَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُهُ فِي ابْتِدَاءِ الْخُطْبَةِ لِكَوْنِهِ مُشْتَمِلًا عَلَى الْأَمْرِ بِالْإِنْصَاتِ. (قَوْلُهُ: يَكُونُ كَلَامُهُ) أَيْ يُسَنُّ أَنْ يَقُولَ إلَخْ، وَقَوْلُهُ مُعْرِبًا: أَيْ وَاضِحًا (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَغَنٍّ وَلَا تَمْطِيطٍ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: وَأَقْصِرُوا الْخُطْبَةَ) بِضَمِّ الصَّادِ مَحَلِّيُّ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَقَضِيَّةُ تَعْبِيرِ الشَّارِحِ الْآتِي بِالْإِقْصَارِ كَسْرُ الصَّادِ وَفَتْحُ الْهَمْزَةِ، وَيَكُونُ مَأْخُوذًا مِنْ أَقَصَرَ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ ضَمَّ الصَّادِ هِيَ الرِّوَايَةُ مِنْ قَصَرَ وَهُوَ لَا يُنَافِي أَنَّ أَقْصَرَ لُغَةٌ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الْمِصْبَاحِ أَنَّ قَصُرَ هُوَ الْكَثِيرُ، وَأَنَّ تَعْدِيَتَهُ بِالْهَمْزِ أَوْ التَّضْعِيفِ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ، وَعَلَيْهِ فَيَجُوزُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةُ ضَمُّ الصَّادِ مُخَفَّفَةً مِنْ قَصُرَ وَكَسْرُهَا مَعَ فَتْحِ الْهَمْزِ مَعَ أَقْصَرَ وَكَسْرُهَا مُشَدَّدَةً مِنْ قَصَّرَ (قَوْلُهُ: الْإِسْهَابَ) أَيْ التَّطْوِيلَ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَصَا) أَيْ تَارَةً عَلَى هَذَا وَتَارَةً عَلَى هَذَا (قَوْلُهُ: أَوْ أَرْسَلَهُمَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَالْغَرَضُ أَنْ يَخْشَعَ إلَخْ) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ وِجْدَانِهِ لِمَا مَرَّ فَلَا يُنَافِي الْحِكْمَةَ الْمَارَّةَ

الْأُخْرَى فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَيُكْرَهُ لَهُ وَلَهُمْ الشُّرْبُ مِنْ غَيْرِ عَطَشٍ، فَإِنْ حَصَلَ فَلَا، وَإِنْ لَمْ يَشْتَدَّ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا. وَيُكْرَه مَا ابْتَدَعَهُ جَهَلَةُ الْخُطَبَاءِ مِنْ الْإِشَارَةِ بِيَدٍ أَوْ غَيْرِهَا وَالِالْتِفَاتِ فِي الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ وَدَقِّ الدَّرَجَةِ فِي صُعُودِهِ بِنَحْوِ سَيْفٍ أَوْ رِجْلِهِ، وَالدُّعَاءِ إذَا انْتَهَى إلَى الْمُسْتَرَاحِ قَبْلَ جُلُوسِهِ عَلَيْهِ وَقَوْلُ الْبَيْضَاوِيِّ: يَقِفُ فِي كُلِّ مِرْقَاةٍ وَقْفَةً خَفِيفَةً يَسْأَلُ الْمَعُونَةَ وَالتَّسْدِيدَ غَرِيبٌ ضَعِيفٌ، وَمُبَالَغَتُهُ لِلْإِسْرَاعِ فِي الثَّانِيَةِ وَخَفْضُ الصَّوْتِ بِهَا وَالِاحْتِبَاءُ حَالَ الْخُطْبَةِ لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْهُ وَلِجَلْبِهِ النَّوْمَ، وَيُسَنُّ أَنْ يَخْتِمَ الثَّانِيَةَ بِقَوْلِهِ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ، وَمِنْ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ كَمَا قَالَهُ الْقَمُولِيُّ كَابْنِ النَّحَّاسِ وَغَيْرِهِ كَتْبُ كَثِيرٍ أَوْرَاقًا يُسَمُّونَهَا حَفَائِظَ آخِرِ جُمُعَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ حَالَ الْخُطْبَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاشْتِغَالِ عَنْ الِاسْتِمَاعِ وَكِتَابَةِ مَا لَا يُعْرَفُ مَعْنَاهُ، وَقَدْ يَكُونُ دَالًّا عَلَى مَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَمِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى فِي أَمَاكِنَ كَثِيرَةٍ مِنْ بَلْدَتِنَا أَنْ يُمْسِكَ الْخَطِيبُ حَالَ خُطْبَتِهِ حَرْفَ الْمِنْبَرِ وَيَكُونُ فِي جَانِبِ ذَلِكَ الْمِنْبَرِ عَاجٌ غَيْرُ مُلَاقٍ لَهُ، وَقَدْ أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِصِحَّةِ خُطْبَتِهِ، كَمَا تَصِحُّ صَلَاةُ مَنْ صَلَّى عَلَى سَرِيرٍ قَوَائِمُهُ فِي نَجَسٍ أَوْ عَلَى حَصِيرٍ مَفْرُوشٍ عَلَى نَجَسٍ أَوْ بِيَدِهِ حَبْلٌ مَشْدُودٌ فِي سَفِينَةٍ فِيهَا نَجَاسَةٌ وَهِيَ كَبِيرَةٌ لَا تَنْجَرُّ بِجَرِّهِ لِأَنَّهَا كَالدَّارِ، فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً تَنْجَرُّ بِجَرِّهِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَصُورَةُ مَسْأَلَةِ السَّفِينَةِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ أَنْ تَكُونَ فِي الْبَحْرِ، فَإِنْ كَانَتْ فِي الْبَرِّ لَمْ تَبْطُلْ قِطَعًا صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً انْتَهَى. وَإِنَّمَا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْقَابِضِ طَرَفَ شَيْءٍ عَلَى نَجَسٍ وَإِنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ لِحَمْلِهِ مَا هُوَ مُتَّصِلٌ بِنَجَسٍ، وَلَا يُتَخَيَّلُ فِي مَسْأَلَتِنَا أَنَّهُ حَامِلٌ لِلْمِنْبَرِ. (وَأَنْ يَكُونَ جُلُوسُهُ بَيْنَهُمَا) أَيْ الْخُطْبَتَيْنِ (نَحْوَ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ) تَقْرِيبًا (وَإِذَا فَرَغَ) مِنْ الْخُطْبَةِ (شَرَعَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْإِقَامَةِ وَبَادَرَ الْإِمَامُ) نَدْبًا (لِيَبْلُغَ الْمِحْرَابَ مَعَ فَرَاغِهِ) مِنْ الْإِقَامَةِ مُبَالَغَةً فِي تَحَقُّقِ الْمُوَالَاةِ وَتَخْفِيفًا عَلَى الْحَاضِرِينَ. وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْإِمَامُ غَيْرَ الْخَطِيبِ وَهُوَ بَعِيدٌ عَنْ الْمِحْرَابِ أَوْ بَطِيءُ النَّهْضَةِ سُنَّ لَهُ الْقِيَامُ بِقَدْرٍ يَبْلُغُ بِهِ الْمِحْرَابَ، وَإِنْ فَاتَتْهُ سُنَّةُ تَأَخُّرِ الْقِيَامِ إلَى فَرَاغِ الْإِقَامَةِ (وَيَقْرَأُ) نَدْبًا بَعْدَ الْفَاتِحَةِ (فِي) الرَّكْعَةِ (الْأُولَى الْجُمُعَةَ وَ) فِي (الثَّانِيَةِ الْمُنَافِقِينَ) بِكَمَالِهِمَا أَوْ سَبِّحْ وَهَلْ أَتَاك، ـــــــــــــــــــــــــــــSوَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْأُولَى أَوْلَى لِلْأَمْرِ بِهَا فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ يُشْعِرُ بِهِ التَّقْدِيمُ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ لَهُ) أَيْ حَالَ الْخُطْبَةِ (قَوْلُهُ: يَقِفُ فِي كُلِّ مِرْقَاةٍ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: الْمِرْقَاةُ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ: الدَّرَجَةُ، فَمَنْ كَسَرَ شَبَّهَهَا بِالْآلَةِ الَّتِي يَعْمَلُ بِهَا، وَمَنْ فَتَحَ جَعَلَهَا مَوْضِعَ الْفِعْلِ (قَوْلُهُ: غَرِيبٌ ضَعِيفٌ) أَيْ فَلَا يُسَنُّ، بَلْ قَدْ يَقْضِي كَلَامُهُ كَرَاهَةَ ذَلِكَ فَيُطْلَبُ مِنْهُ الصُّعُودُ مُسْتَرْسِلًا فِي مَشْيِهِ عَلَى الْعَادَةِ. وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: وَيَصْعَدُ بِتُؤَدَةٍ وَرِفْقٍ كَمَا فِي التَّبْصِرَةِ، وَمِثْلُهُ فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ نَقْلًا عَنْ الْعُبَابِ، وَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِيمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ: بِقَوْلِهِ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ) أَيْ وَيَحْصُلُ ذَلِكَ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ مَا يَقَعُ مِنْ بَعْضِ جَهَلَةِ الْخُطَبَاءِ مِنْ تَكْرِيرِهَا ثَلَاثًا لَا أَصْلَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَكِتَابَةُ مَا لَا يُعْرَفُ مَعْنَاهُ) قَالَ حَجّ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: أَيْ وَقَدْ جَزَمَ أَئِمَّتُنَا وَغَيْرُهُمْ بِحُرْمَةِ كِتَابَةِ وَقِرَاءَةِ الْكَلِمَاتِ الْأَعْجَمِيَّةِ الَّتِي لَا يُعْرَفُ مَعْنَاهَا (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِصِحَّةِ خُطْبَتِهِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَنْجَرَّ بِجَرِّهِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي. (قَوْلُهُ: وَفِي الثَّانِيَةِ الْمُنَافِقِينَ) قَالَ حَجّ: فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ: أَيْ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ وَسُنَّتْ لَهُ السُّورَةُ فَقَرَأَ الْمُنَافِقِينَ فِيهَا: أَيْ الْأُولَى احْتَمَلَ أَنْ يُقَالَ: وَيَقْرَأُ الْجُمُعَةَ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا شَمَلَهُ كَلَامُهُمْ، وَأَنْ يُقَالَ: يَقْرَأُ الْمُنَافِقِينَ لِأَنَّ السُّورَةَ لَيْسَتْ مُتَأَصِّلَةً فِي حَقِّهِ انْتَهَى. وَالْأَقْرَبُ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ، لِأَنَّهُ إذَا قَرَأَ الْمُنَافِقِينَ فِي الثَّانِيَةِ خَلَتْ صَلَاتُهُ مِنْ الْجُمُعَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَرَأَ الْجُمُعَةَ فَإِنَّ صَلَاتَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَكِتَابَةُ مَا لَا يُعْرَفُ مَعْنَاهُ) مَعْطُوفٌ عَلَى الِاشْتِغَالِ.

[فصل في الأغسال المستحبة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها]

وَلَوْ صَلَّى بِغَيْرِ مَحْصُورِينَ لِلِاتِّبَاعِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِيهِمَا. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ بِهَاتَيْنِ فِي وَقْتٍ وَهَاتَيْنِ فِي آخَرَ» . فَالصَّوَابُ أَنَّهُمَا سُنَّتَانِ لَا قَوْلَانِ كَمَا أَفْهَمَهُ الرَّافِعِيُّ انْتَهَى. وَقِرَاءَةُ الْأُولَيَيْنِ أَوْلَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، فَإِنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ أَوْ سَبِّحْ فِي الْأُولَى عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا قَرَأَهَا مَعَ الْمُنَافِقِينَ أَوْ هَلْ أَتَاك فِي الثَّانِيَةِ لِتَأَكُّدِ أَمْرِ السُّورَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ إمَامًا لِغَيْرِ مَحْصُورِينَ، وَلَوْ قَرَأَ بِالْمُنَافِقِينَ فِي الْأُولَى قَرَأَ بِالْجُمُعَةِ فِي الثَّانِيَةِ وَقِرَاءَةُ بَعْضٍ مِنْ ذَلِكَ أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ قَدْرِهِ مِنْ غَيْرِهِمَا، إلَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ مُشْتَمِلًا عَلَى ثَنَاءٍ كَآيَةِ الْكُرْسِيِّ، وَحُكْمُ سَبِّحْ وَالْغَاشِيَةِ مَا تَقَرَّرَ فِي الْجُمُعَةِ وَالْمُنَافِقِينَ وَيُسَنُّ كَوْنُ الْقِرَاءَةِ فِي الْجُمُعَةِ (جَهْرًا) بِالْإِجْمَاعِ وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَةِ الْكِتَابِ عَلَى الْمُحَرَّرِ مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزٍ، وَيُسَنُّ لِلْمَسْبُوقِ الْجَهْرُ فِي ثَانِيَتِهِ كَمَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الشَّامِلِ وَالْبَحْرِ عَنْ النَّصِّ. فَصْلٌ فِي الْأَغْسَالِ الْمُسْتَحَبَّةِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا (يُسَنُّ الْغُسْلُ لِحَاضِرِهَا) أَيْ لِمُرِيدِ حُضُورِهَا وَإِنْ لَمْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ لِخَبَرِ «إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ» وَخَبَرُ الْبَيْهَقِيّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ «مَنْ أَتَى الْجُمُعَةَ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ النِّسَاءِ فَلْيَغْتَسِلْ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ غُسْلٌ» (وَقِيلَ) يُسَنُّ الْغُسْلُ (لِكُلِّ أَحَدٍ) كَالْعِيدِ وَإِنْ لَمْ يَرِدْ الْحُضُورُ، وَيُفَارِقُ الْعِيدَ عَلَى الْأَوَّلِ حَيْثُ كَانَ غُسْلُهُ لِلْيَوْمِ فَلَمْ يَخْتَصَّ بِمَنْ يَحْضُرُ بِأَنَّ غُسْلَهُ لِلزِّينَةِ وَإِظْهَارِ السُّرُورِ وَهَذَا لِلتَّنْظِيفِ وَدَفْعِ الْأَذَى عَنْ النَّاسِ، وَمِثْلُهُ يَأْتِي فِي التَّزْيِينِ. وَيُكْرَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSاشْتَمَلَتْ عَلَى الصُّورَتَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا الْأَصْلِيِّ، وَأَمَّا لَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الثَّانِيَةِ وَسَمِعَ قِرَاءَتَهُ قَالَ سم عَلَى حَجّ: فَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنْ يَقْرَأَ الْمَأْمُومُ فِي ثَانِيَتِهِ الْجُمُعَةَ، لِأَنَّ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ قِرَاءَةُ الْمَأْمُومِ، فَكَأَنَّ الْمَأْمُومَ قَرَأَ الْمُنَافِقِينَ فِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَوَّلَ صَلَاتِهِ فَيَقْرَأُ الْجُمُعَةَ الثَّانِيَةَ لِئَلَّا تَخْلُوَ صَلَاتُهُ مِنْهَا انْتَهَى. وَلَوْ قِيلَ فِي هَذِهِ يَقْرَأُ الْمَأْمُومُ فِي ثَانِيَتِهِ الْمُنَافِقِينَ لَمْ يَبْعُدْ، لِأَنَّ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ الْمُنَافِقِينَ الَّذِي سَمِعَهَا الْمَأْمُومُ لَيْسَتْ قِرَاءَةً حَقِيقَةً لِلْمَأْمُومِ، بَلْ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ مَا لَوْ أَدْرَكَهُ فِي الرُّكُوعِ فَيَحْمِلُ الْقِرَاءَةَ عَنْهُ: فَكَأَنَّهُ قَرَأَ مَا طُلِبَ مِنْهُ فِي الْأُولَى أَصَالَةً وَهُوَ الْجُمُعَةُ، وَبَقِيَ مَا لَوْ قَرَأَ الْإِمَامُ الْجُمُعَةَ وَالْمُنَافِقِينَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَيَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ فِي الثَّانِيَةِ سَبِّحْ وَهَلْ أَتَاك لِأَنَّهُمَا طُلِبَا فِي الْجُمُعَةِ فِي حَدِّ ذَاتِهِمَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَلَّى بِغَيْرِ مَحْصُورِينَ) عُمُومُهُ شَامِلٌ لِمَا لَوْ تَضَرَّرُوا أَوْ بَعْضُهُمْ لِحَصْرِ بَوْلٍ مَثَلًا، وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي إلَى مُفَارَقَةِ الْقَوْمِ لَهُ وَصَيْرُورَتِهِ مُنْفَرِدًا (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ قَدْرِهِ مِنْ غَيْرِهِمَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ سُورَةً كَامِلَةً، لَكِنْ تَقَدَّمَ لَهُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ أَنَّ قِرَاءَةَ سُورَةٍ كَامِلَةٍ أَفْضَلُ مِنْ قَدْرِهَا مِنْ طَوِيلَةٍ فَلْيُرَاجَعْ، وَيُحْتَمَلُ تَخْصِيصُ أَفْضَلِيَّةِ السُّورَةِ بِالنِّسْبَةِ لِقَدْرِهَا بِمَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ طَلَبُ السُّورَةِ الْكَامِلَةِ الَّتِي قَرَأَ بَعْضَهَا. [فَائِدَةٌ] وَرَدَ " أَنَّ مَنْ قَرَأَ عَقِبَ سَلَامِهِ مِنْ الْجُمُعَةِ قَبْلَ أَنْ يَثْنِيَ رِجْلَهُ الْفَاتِحَةَ وَالْإِخْلَاصَ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ سَبْعًا سَبْعًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ " وَأُعْطَى مِنْ الْأَجْرِ بِعَدَدِ مَنْ آمَنَ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ " وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ السُّنِّيِّ أَنَّ ذَلِكَ بِإِسْقَاطِ الْفَاتِحَةِ يُعِيذُ مِنْ السُّوءِ إلَى الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى. وَفِي رِوَايَةٍ بِزِيَادَةٍ وَقَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ حُفِظَ لَهُ دِينُهُ وَدُنْيَاهُ وَأَهْلُهُ وَوَلَدُهُ اهـ حَجّ. وَقَوْلُهُ وَقَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ: أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ اشْتِغَالُهُ بِالْقِرَاءَةِ عُذْرًا فِي عَدَمِ رَدِّ السَّلَامِ فِيمَا يَظْهَرُ، عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنَّ الرَّدَّ لَا يُفَوِّتُ ذَلِكَ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَةِ الْكِتَابِ) أَيْ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ تَتَبُّعِ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ كَلِمَةً أَوْ نَحْوَهَا لَا يُنَبَّهُ عَلَيْهَا. . [فَصْلٌ فِي الْأَغْسَالِ الْمُسْتَحَبَّةِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا] فَصْلٌ فِي الْأَغْسَالِ الْمُسْتَحَبَّةِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ يَأْتِي فِي التَّزْيِينِ) أَيْ فَيُقَالُ يَخْتَصُّ هُنَا بِمُرِيدِ الْحُضُورِ بِخِلَافِهِ فِي الْعِيدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصْلٌ فِي الْأَغْسَالِ الْمُسْتَحَبَّةِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا

تَرْكُ الْغُسْلِ لِأَخْبَارِ الصَّحِيحَيْنِ «غُسْلُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ» أَيْ مُتَأَكِّدٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ «وَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَغْتَسِلَ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ يَوْمًا» زَادَ النَّسَائِيّ (وَهُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ) وَصَرَفَهَا عَنْ الْوُجُوبِ خَبَرُ «مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَمَنْ اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَخَبَرُ مُسْلِمٍ «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ فَدَنَا وَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى» وَضَابِطُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْغُسْلِ الْوَاجِبِ وَالْمُسْتَحَبِّ كَمَا قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي كِتَابِ الْحَجِّ أَنَّ مَا شُرِعَ بِسَبَبٍ مَاضٍ كَانَ وَاجِبًا كَالْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْمَوْتِ، وَمَا شُرِعَ لِمَعْنًى فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَانَ مُسْتَحَبًّا كَأَغْسَالِ الْحَجِّ، وَاسْتَثْنَى الْحَلِيمِيُّ مِنْ الْأَوَّلِ الْغُسْلَ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَكَذَا الْجُنُونُ وَالْإِغْمَاءُ وَالْإِسْلَامُ. (وَوَقْتُهُ مِنْ الْفَجْرِ) الصَّادِقِ فَلَا يُجْزِئُ قَبْلَهُ، لِأَنَّ الْأَخْبَارَ عَلَّقَتْهُ بِالْيَوْمِ، وَيُفَارِقُ غُسْلَ الْعِيدِ حَيْثُ يُجْزِئُ قَبْلَ الْفَجْرِ بِبَقَاءِ أَثَرِهِ إلَى صَلَاةِ الْعِيدِ لِقُرْبِ الزَّمَنِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجُزْ قَبْلَ الْفَجْرِ لَضَاقَ الْوَقْتُ وَتَأَخَّرَ عَنْ التَّبْكِيرِ إلَى الصَّلَاةِ. (وَتَقْرِيبُهُ مِنْ ذَهَابِهِ) إلَى الْجُمُعَةِ (أَفْضَلُ) لِأَنَّهُ أَفْضَى إلَى الْغَرَضِ مِنْ التَّنْظِيفِ، وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الْأَقْرَبُ أَنَّهُ إنْ كَانَ بِجَسَدِهِ عَرَقٌ كَثِيرٌ وَرِيحٌ كَرِيهٌ أَخَّرَ وَإِلَّا بَكَّرَ، وَلَوْ تَعَارَضَ هُوَ وَالتَّبْكِيرُ قُدِّمَ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ، لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِي وُجُوبِهِ وَلِتَعِدِي أَثَرِهِ إلَى الْغَيْرِ بِخِلَافِ التَّبْكِيرِ، وَلَا يُبْطِلُهُ حَدَثٌ وَلَا جَنَابَةٌ. (فَإِنْ) (عَجَزَ) مِنْ الْمَاءِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا (تَيَمَّمَ فِي الْأَصَحِّ) ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَأَنْصَتَ) عَطْفٌ مُغَايَرٌ (قَوْلُهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى) زَادَ عَنْ مُسْلِمٍ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. (قَوْلُهُ: وَوَقْتُهُ مِنْ الْفَجْرِ) وَيَخْرُجُ بِفَوَاتِ الْجُمُعَةِ وَقِيلَ وَقْتُهُ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ كَالْعِيدِ انْتَهَى خَطِيبٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) أَخَّرَهُ حَجّ عَمَّا بَعْدَهُ وَهُوَ أَوْلَى، وَعِبَارَتُهُ وَلَوْ تَعَارَضَ مَعَ التَّبْكِيرِ قَدَّمَهُ حَيْثُ أَمِنَ الْفَوَاتَ عَلَى الْأَوْجَهِ لِلْخِلَافِ فِي وُجُوبِهِ وَمِنْ ثَمَّ كُرِهَ تَرْكُهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَعَارَضَ هُوَ) أَيْ الْغُسْلُ (قَوْلُهُ: قُدِّمَ) أَيْ الْغُسْلُ وَمِثْلُهُ بَدَلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ، فَإِذَا تَعَارَضَ التَّبْكِيرُ وَالتَّيَمُّمُ قَدَّمَ التَّيَمُّمَ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبَدَنِ أَنْ يُعْطَى حُكْمَ الْمُبْدَلِ مِنْهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْغُسْلَ إنَّمَا قُدِّمَ لِأَنَّهُ قِيلَ بِوُجُوبِهِ، وَأَمَّا التَّيَمُّمُ فَفِي سَنِّهِ خِلَافٌ فَضْلًا عَنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى سَنِّهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُبْطِلُهُ حَدَثٌ وَلَا جَنَابَةٌ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: لَكِنْ يُسَنُّ إعَادَتُهُ انْتَهَى. قَالَ سم عَلَى حَجّ: وَظَاهِرُهُ سَنُّ إعَادَتِهِ فِيهِمَا، لَكِنَّ عِبَارَةَ الْمَجْمُوعِ مُصَرِّحَةٌ بِعَدَمِ اسْتِحْبَابِهِ لِلْحَدَثِ بَلْ مُحْتَمِلَةٌ لِعَدَمِ اسْتِحْبَابِهِ أَيْضًا كَمَا بَيَّنَهُ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ، وَهُوَ كَمَا بَيَّنَ، بَلْ الْقِيَاسُ حُرْمَتُهُ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بِلَا سَبَبٍ، فَهِيَ فَاسِدَةٌ فَتَحْرُمُ كَمَا لَوْ اغْتَسَلَ فِي غَيْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِنِيَّتِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَ الْغَرَضُ مِنْ الْغُسْلِ التَّنْظِيفَ وَوَقْتُهُ بَاقٍ لَمْ يَحْرُمْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَجَزَ تَيَمَّمَ فِي الْأَصَحِّ) قَالَ حَجّ: وَلَوْ وَجَدَ مَاءً يَكْفِي بَعْضَ بَدَنِهِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَأْتِي هُنَا مَا يَجِيءُ فِي غُسْلِ الْإِحْرَامِ انْتَهَى. وَاَلَّذِي يَأْتِي لَهُ فِي الْإِحْرَامِ نَصُّهُ، وَلَوْ وَجَدَ بَعْضَ مَاءٍ يَكْفِيهِ فَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ بِبَدَنِهِ تَغَيُّرٌ أَزَالَهُ بِهِ، وَإِلَّا فَإِنْ كَفَى الْوُضُوءُ تَوَضَّأَ بِهِ وَإِلَّا غَسَلَ بِهِ بَعْضَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ. وَحِينَئِذٍ إنْ نَوَى الْوُضُوءَ تَيَمَّمَ عَنْ بَاقِيهِ غَيْرَ تَيَمُّمِ الْغُسْلِ وَإِلَّا كَفَى تَيَمُّمُ الْغُسْلِ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ عَنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ غَسَلَ بِهِ أَعَالِيَ بَدَنِهِ انْتَهَى، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْوُضُوءِ الْمَسْنُونِ، فَلَا يُقَالُ: قَضِيَّةُ قَوْلِهِ إنْ كَانَ بِبَدَنِهِ تَغَيُّرٌ أَزَالَهُ تَقْدِيمُ ذَلِكَ عَلَى الْوُضُوءِ الْوَاجِبِ وَلَيْسَ مُرَادًا، وَهَلْ يُكْرَهُ تَرْكُ التَّيَمُّمِ إعْطَاءً لَهُ حُكْمَ مُبْدَلِهِ كَمَا هُوَ الْأَصْلُ أَوْ لَا لِفَوَاتِ الْغَرَضِ الْأَصْلِيِّ فِيهِ مِنْ النَّظَافَةِ؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ انْتَهَى حَجّ. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ الْكَرَاهَةُ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبَدَلِ أَنْ يُعْطَى حُكْمَ مُبْدَلِهِ إلَّا لِمَانِعٍ وَلَمْ يُوجَدُ، وَمُجَرَّدُ كَوْنِ الْغُسْلِ فِيهِ نَظَافَةٌ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِأَخْبَارِ الصَّحِيحَيْنِ غُسْلُ الْجُمُعَةِ إلَخْ) فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مِثْلُ هَذَا التَّعْبِيرِ، لَكِنَّهُ سَاقَ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ الْحَدِيثَيْنِ الْمَذْكُورِينَ وَخَبَرَ «إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ» الْمُتَقَدِّمَ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ بِجَسَدِهِ عَرَقٌ كَثِيرٌ إلَخْ) يَعْنِي

بِنِيَّتِهِ بَدَلًا عَنْ الْغُسْلِ، أَوْ بِنِيَّةِ طُهْرِ الْجُمُعَةِ فِيمَا يَظْهَرُ إحْرَازًا لِلْفَضِيلَةِ كَسَائِرِ الْأَغْسَالِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يَتَيَمَّمُ إذْ الْمَقْصُودُ مِنْ الْغُسْلِ التَّنْظِيفُ وَقَطْعُ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ وَالتَّيَمُّمُ لَا يُفِيدُهُ. (وَ) (مِنْ الْمَسْنُونِ غُسْلُ الْعِيدِ) الْأَصْغَرِ وَالْأَكْبَرِ (وَالْكُسُوفِ) لِلشَّمْسِ وَالْقَمَرِ (وَالِاسْتِسْقَاءِ) لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ لِذَلِكَ كَالْجُمُعَةِ وَسَتَأْتِي أَوْقَاتُهَا فِي أَبْوَابِهَا. (وَ) الْغُسْلُ (لِغَاسِلِ الْمَيِّتِ) سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَيِّتُ مُسْلِمًا أَمْ كَافِرًا، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْغَاسِلُ جُنُبًا أَمْ حَائِضًا، كَمَا يُسَنُّ الْوُضُوءُ مِنْ حَمْلِهِ لِعُمُومِ خَبَرِ «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ، وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِخَبَرِ «لَيْسَ عَلَيْكُمْ فِي غُسْلِ مَيِّتِكُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا يَكْفِي، إذْ لَوْ نَظَرَ إلَيْهِ لَمَا طَلَبَ التَّيَمُّمَ، وَفِي حَجّ: وَلَوْ فَقَدَ الْمَاءَ بِالْكُلِّيَّةِ سُنَّ لَهُ بَعْدَ أَنْ يَتَيَمَّمَ عَنْ حَدَثِهِ تَيَمُّمٌ عَنْ الْغُسْلِ، فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى تَيَمُّمٍ بِنِيَّتِهِمَا فَقِيَاسُ مَا مَرَّ آخِرَ الْغُسْلِ حُصُولُهُمَا، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِضَعْفِ التَّيَمُّمِ انْتَهَى. وَالْأَوَّلُ ظَاهِرٌ وَهُوَ قَرِيبٌ. وَنُقِلَ عَنْ إفْتَاءِ م ر. [فَائِدَةٌ] سُئِلَ السُّبْكِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَلْ تُقْضَى الْأَغْسَالُ الْمَسْنُونَةُ؟ فَقَالَ: لَمْ أَرَ فِيهَا نَقْلًا، وَالظَّاهِرُ لَا لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ لِلْوَقْتِ فَقَدْ فَاتَ أَوْ لِلسَّبَبِ فَقَدْ زَالَ اهـ. وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي غُسْلِ الْكُسُوفِ وَنَحْوِهِ، أَمَّا غُسْلُ غَاسِلِ الْمَيِّتِ وَالْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ فَلَا يَظْهَرُ فِيهَا الْفَوَاتُ بَلْ الظَّاهِرُ طَلَبُ الْغُسْلِ فِيهَا وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ خُصُوصًا وَسَبَبُ الْغُسْلِ مِنْ الْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ احْتِمَالُ الْإِنْزَالِ. نَعَمْ إنْ عَرَضَتْ لَهُ جَنَابَةٌ بَعْدَ نَحْوِ الْجُنُونِ فَاغْتَسَلَ عَنْهَا احْتَمَلَ فَوَاتُهُ وَانْدِرَاجُهُ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ (قَوْلُهُ بِنِيَّتِهِ) أَيْ التَّيَمُّمِ بَدَلًا عَنْ الْغُسْلِ إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ بِنِيَّةِ طُهْرِ الْجُمُعَةِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ: نَوَيْت التَّيَمُّمَ لِطُهْرِ الْجُمُعَةِ، وَلَا يَكْفِي أَنْ يَقْصِرَ عَلَى نِيَّةِ الطُّهْرِ بِدُونِ ذِكْرِ التَّيَمُّمِ. (قَوْلُهُ وَالِاسْتِسْقَاءِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فَعَلْت الثَّلَاثَةَ فُرَادَى وَإِنْ أَشْعَرَ التَّعْلِيلُ بِخِلَافِهِ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ لِذَلِكَ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ اخْتِصَاصُ الْغُسْلِ بِالْمُصَلِّي جَمَاعَةً، وَقَضِيَّةُ الْمَتْنِ أَنَّهُ لَا فَرْقً بَيْنَ ذَلِكَ وَمَنْ يُصَلِّي مُنْفَرِدًا اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُهُ لَا فَرْقَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: وَالْغُسْلُ لِغَاسِلِ الْمَيِّتِ) أَيْ أَوْ تَيَمُّمُهُ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ: أَيْ وَلَوْ شَهِيدًا وَإِنْ ارْتَكَبَ مُحَرَّمًا. وَنُقِلَ فِي الدَّرْسِ عَنْ النَّاصِرِ الطَّبَلَاوِيِّ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ مَا يُصَرِّحُ بِطَلَبِ التَّيَمُّمِ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ، وَعِبَارَتُهُ: تَنْبِيهٌ: تَعْبِيرُهُ بِغُسْلِ مَيِّتٍ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَلَوْ يَمَّمَ الْمَيِّتَ لِعَجْزِهِ عَنْ غُسْله وَلَوْ شَرْعًا سُنَّ لِلْفَاعِلِ الْغُسْلُ إنْ قَدَرَ، وَإِلَّا فَلْيَتَيَمَّمْ أَيْضًا كَمَا فِي غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَنَحْوِهِ اهـ. وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْغَاسِلُ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا حَيْثُ بَاشَرُوا كُلُّهُمْ الْغُسْلَ، بِخِلَافِ الْمُعَاوِنِينَ بِمُنَاوَلَةِ الْمَاءِ أَوْ نَحْوِهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ أَيْضًا بَيْنَ أَنْ يُبَاشِرَ كُلٌّ مِنْهُمْ جَمِيعَ بَدَنِهِ أَوْ بَعْضَهُ كَيَدِهِ مَثَلًا، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْمَوْجُودُ مِنْهُ إلَّا الْعُضْوَ الْمَذْكُورَ فَقَطْ وَغَسَّلُوهُ وَهُوَ قَرِيبٌ. قَالَ حَجّ: وَصَحَّحَ جَمْعٌ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَغْتَسِلُ مِنْ أَرْبَعَةٍ: مِنْ الْجَنَابَةِ، وَيَوْمِ الْجُمُعَةَ، وَمِنْ الْحِجَامَةِ، وَمِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ» وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلَهُ: وَمِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَسَّلَ الْمَيِّتَ اهـ (قَوْلُهُ وَمَنْ حَمَلَهُ) هَذَا لَا يُلَاقِي مَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ كَمَا يُسَنُّ الْوُضُوءُ مِنْ حَمْلِهِ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا انْتَهَى حَمْلُهُ لَا يُسَنُّ الْوُضُوءُ بَعْدَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَيُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ لِمَسِّهِ، وَكَذَا لِحَمْلِهِ عَلَى مَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ شَرْحِ الرَّوْضِ فِي قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ: وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ، وَقِيسَ بِالْحَمْلِ الْمَسُّ اهـ. وَالْمُتَبَادَرُ مِنْهَا أَنَّ الْوُضُوءَ بَعْدَ الْحَمْلِ. ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: وَهَلْ الْمُرَادُ أَنَّ الْوُضُوءَ بَعْدَ الْحَمْلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ أَوْ قَبْلَهُ وَالْمَعْنَى مَنْ أَرَادَ حَمْلَهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَالْغُسْلُ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ سُنَّةٌ كَالْوُضُوءِ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQإنْ كَانَ جَسَدُهُ يَجْلِبُ الْأَعْرَاقَ وَالْأَوْسَاخَ كَثِيرًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: كَمَا يُسَنُّ الْوُضُوءُ مِنْ حَمْلِهِ) مِنْ فِيهِ تَعْلِيلِيَّةٌ لِيُلَاقِيَ مَا سَيَأْتِي لَهُ فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ الْمُقْتَضِي أَنَّ الْوُضُوءَ لِلْحَمْلِ لَا مِنْ الْحَمْلِ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: كَمَا يُسَنُّ الْوُضُوءُ لِمَنْ

غُسْلٌ إذَا غَسَّلْتُمُوهُ» وَقِيسَ بِالْغُسْلِ الْوُضُوءُ. . وَقَوْلُهُ وَمَنْ حَمَلَهُ: أَيْ أَرَادَ حَمْلَهُ لِيَكُونَ عَلَى طَهَارَةٍ (وَ) غُسْلُ (الْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ إذَا أَفَاقَا) أَيْ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ مِنْهُمَا إنْزَالٌ وَنَحْوُهُ مِمَّا يُوجِبُهُ لِلِاتِّبَاعِ فِي الْإِغْمَاءِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَفِي مَعْنَاهُ الْجُنُونُ بَلْ أَوْلَى لِمَا قِيلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: قَلَّ مَنْ جُنَّ إلَّا وَأَنْزَلَ. لَا يُقَالُ: لِمَ لَمْ يَجِبْ كَمَا يَجِبُ الْوُضُوءُ؟ لِأَنَّا نَقُولُ: لَا عَلَامَةَ ثَمَّ عَلَى خُرُوجِ الرِّيحِ، بِخِلَافِ الْمَنِيِّ لِمُشَاهَدَتِهِ، وَيَنْوِي هُنَا رَفْعَ الْجَنَابَةِ لِأَنَّ غُسْلَهُ لِاحْتِمَالِهَا كَمَا تَقَرَّرَ، وَيُجْزِئُهُ بِفَرْضِ وُجُودِهَا إذَا لَمْ يَبْنِ الْحَالُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي وُضُوءِ الِاحْتِيَاطِ، وَشَمَلَ كَلَامُهُمْ الْغُسْلَ مِنْ الْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ غَيْرَ الْبَالِغِ أَيْضًا عَمَلًا بِعُمُومِ الْخَبَرِ. (وَ) الْغُسْلُ (لِلْكَافِرِ) بَعْدَ إسْلَامِهِ (إذَا أَسْلَمَ) وَلَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ نَحْوُ جَنَابَةٍ وَيُسَنُّ غُسْلُهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَأَنْ يُحْلَقَ رَأْسُهُ قَبْلَ غُسْلِهِ، وَوَقْتُ غُسْلِهِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ كَمَا مَرَّ وَمَا فِي خَبَرِ ثُمَامَةِ مِمَّا يُخَالِفُهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ أَسْلَمَ ثُمَّ اغْتَسَلَ ثُمَّ أَظْهَرَ إسْلَامَهُ بِقَرِينَةِ رِوَايَةٍ أُخْرَى، أَمَّا إذَا سَبَقَ مِنْهُ نَحْوُ جَنَابَةٍ فَيَجِبُ غُسْلُهُ وَإِنْ اغْتَسَلَ فِي الْكُفْرِ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ مِنْهُ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ عَدَمَ الْفَرْقِ هُنَا فِي اسْتِحْبَابِ الْحَلْقِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَحَلَّ نَدْبِهِ لِلذَّكَرِ الْمُحَقَّقِ وَأَنَّ السُّنَّةَ لِلْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى التَّقْصِيرُ كَالْحَجِّ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ إزَالَةُ شَيْءٍ مِنْ شَعْرِهِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْوَاجِبَ إزَالَةُ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ فَقَطْ وَهُنَا جَمِيعُ مَا نَبَتَ فِي الْكُفْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَسِّهِ انْتَهَى. وَفِي شَرْحِهِ فِي قَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ: وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ وَقِيسَ بِالْحَمْلِ الْمَسُّ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ وَقِيسَ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّ الْوُضُوءَ بَعْدَ الْحَمْلِ كَمَا أَنَّهُ بَعْدَ الْمَسِّ لَا قَبْلَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَفِي شَرْحِ م ر: وَمَنْ حَمَلَهُ: أَيْ أَرَادَ حَمْلَهُ انْتَهَى فَلْيُرَاجَعْ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ فَلْيَغْتَسِلْ أَنَّ الِاغْتِسَالَ بَعْدَ تَغْسِيلِ الْمَيِّتِ. . (قَوْلُهُ: إذَا أَفَاقَا) وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِالْمُغْمَى عَلَيْهِ السَّكْرَانُ فَيَنْدُبُ لَهُ الْغُسْلُ إذَا أَفَاقَ، بَلْ قَدْ يَدَّعِي دُخُولَهُ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ مَجَازًا (قَوْلُهُ وَيَنْوِي هُنَا رَفْعَ الْجَنَابَةِ) أَيْ فِي الْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ (قَوْلُهُ: وَيُجْزِئُهُ) أَيْ الْغُسْلُ، وَقَوْلُهُ بِفَرْضِ وُجُودِهَا: أَيْ الْجَنَابَةِ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَبِنْ الْحَالُ) أَيْ وَهَلْ يَرْتَفِعُ بِهِ الْحَدَثُ الْأَصْغَرُ أَوْ لَا لِأَنَّ غُسْلَهُ لِلِاحْتِيَاطِ وَالْحَدَثُ الْأَصْغَرُ مُحَقَّقٌ فَلَا يَرْتَفِعُ بِالْمَشْكُوكِ فِيهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَشَمَلَ كَلَامُهُمْ الْغُسْلَ مِنْ الْجُنُونِ) وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَنْوِي حِينَئِذٍ رَفْعَ الْجَنَابَةِ وَإِنْ قَطَعَ بِانْتِفَائِهَا مِنْهُ لِكَوْنِهِ ابْنَ ثَمَانٍ مِنْ السِّنِينَ مَثَلًا، وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا لِاسْتِحَالَةِ إنْزَالِهِ، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ الصَّبِيَّ يَنْوِي الْغُسْلَ مِنْ الْإِفَاقَةِ، لَكِنْ نُقِلَ عَنْ م ر أَنَّهُ يَنْوِي فِي هَذِهِ الْحَالَةِ رَفْعَ الْجَنَابَةِ نَظَرًا لِحِكْمَةِ الْمَشْرُوعِيَّةِ انْتَهَى. وَمِثْلُهُ فِي الزِّيَادِيِّ مُتَعَقِّبًا لَهُ بِقَوْلِهِ هَذَا مَا بُحِثَ، وَمَا نُقِلَ عَنْ م ر وَشَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ يَتَنَاوَلُهُ قَوْلُهُ هُنَا: وَشَمَلَ كَلَامُهُمْ الْغُسْلَ غَيْرَ الْبَالِغِ لَكِنْ لَا تَعَرُّضَ فِيهِ لِلنِّيَّةِ. وَفِي شَرْحِ الْخَطِيبِ عَلَى الْغَايَةِ أَنَّ الْبَالِغَ يَنْوِي رَفْعَ الْجَنَابَةِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ فَإِنَّهُ يَنْوِي السَّبَبَ. (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ غَسْلُهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ) وَلَعَلَّ وَجْهَهُ تَخْصِيصُ هَذَا بِطَلَبِ السِّدْرِ فِيهِ دُونَ بَقِيَّةِ الْأَغْسَالِ الْمُبَالِغَةِ فِي إظْهَارِ التَّبَاعُدِ عَنْ أَثَرِ الشِّرْكِ وَتَنْزِيلِ أَثَرِهِ إنْ كَانَ مَعْنَوِيًّا مَنْزِلَةَ الْأَقْذَارِ الْحِسِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ قَبْلَ غُسْلِهِ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ مَا ذَكَرَ لَا بَعْدَهُ كَمَا وَقَعَ لِبَعْضِهِمْ، وَقَالَ م ر: إنْ حَصَلَتْ مِنْهُ جَنَابَةٌ حَالَ الْكُفْرِ غَسَلَ قَبْلَ الْحَلْقِ: أَيْ لِتَرْتَفِعَ الْجَنَابَةُ عَنْ شَعْرِهِ وَإِلَّا فَبَعْدَ الْحَلْقِ لِأَنَّهُ أَنْظَفُ لِرَأْسِهِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ غُسْلُهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُخَاطَبُ بِالْغُسْلِ الْمَسْنُونِ، وَقِيَاسُ مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا يَوْمَ جُمُعَةٍ حَيْثُ طُلِبَ مِنْهُ الْغُسْلُ لِلْجَنَابَةِ وَالْجُمُعَةِ حَتَّى لَوْ نَوَى أَحَدَهُمَا حَصَلَ لَهُ فَقَطْ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ، وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ فِي الدَّرْسِ أَنَّهُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ بَيْنَ الذَّكَرِ وَغَيْرِهِ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ هُوَ قَوْلُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ هَذَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُنَا جَمِيعُ مَا نَبَتَ فِي الْكُفْرِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQحَمَلَهُ، وَقَدْ يُقَالُ فِي تَأْوِيلِهَا مِثْلُ مَا سَيَأْتِي فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ: أَيْ لِمَنْ أَرَادَ حَمْلَهُ. (قَوْلُهُ: وَيَنْوِي هُنَا رَفْعَ الْجَنَابَةِ) أَيْ عَلَى وَجْهِ الِاشْتِرَاطِ كَمَا سَيَأْتِي، فَلَا تَصِحُّ نِيَّةُ غُسْلِ الْإِفَاقَةِ مَثَلًا، وَعَلَيْهِ فَمَا يَنْوِيهِ غَيْرُ الْبَالِغِ مَعَ انْتِفَاءِ هَذَا الْمَعْنَى فِيهِ يُرَاجَعُ (قَوْلُهُ: وَيُجْزِئُهُ بِفَرْضِ وُجُودِهَا) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى الْإِجْزَاءِ مَعَ أَنَّهُ مَحْكُومٌ بِطَهَارَتِهِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ الْحَالُ

بِدَلِيلِ خَبَرِ «أَلْقِ عَنْك شَعْرَ الْكُفْرِ» وَعَلَى هَذَا يَكُونُ نَدْبُ الْحَلْقِ هُنَا لِغَيْرِ الذَّكَرِ مُسْتَثْنًى مِنْ كَرَاهَتِهِ لَهُ، وَقِيَاسُ مَا سَيَأْتِي فِي الْحَجِّ نَدْبُ إمْرَارِ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِ مَنْ لَا شَعْرَ لَهُ. (وَأَغْسَالُ الْحَجِّ) الْآتِي بَيَانُهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى الشَّامِلُ ذَلِكَ لِلْعُمْرَةِ أَيْضًا، وَعُلِمَ مِنْ إتْيَانِهِ بِمَنْ عُدِمَ انْحِصَارُ الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ فِيمَا ذَكَرَهُ، فَمِنْهَا الْغُسْلُ لِتَغَيُّرِ بَدَنٍ مِنْ نَحْوِ حِجَامَةٍ أَوْ فَصْدٍ أَوْ خُرُوجٍ مِنْ حَمَّامٍ عِنْدَ إرَادَةِ الْخُرُوجِ وَإِنْ لَمْ يَتَنَوَّرْ، لِأَنَّهُ يُغَيِّرُ الْبَدَنَ وَيُضَعِّفُهُ، وَالْغُسْلُ يَشُدُّهُ وَيُنْعِشُهُ، وَمِنْ نَتْفِ إبْطٍ وَيُقَاسُ بِهِ نَحْوُ قَصِّ الشَّارِبِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الرَّوْنَقِ بِالثَّانِي، وَلِلِاعْتِكَافِ وَلِكُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، وَقَيَّدَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِمَنْ يَحْضُرُ الْجَمَاعَةَ، وَالْأَوْجَهُ الْأَخْذُ بِإِطْلَاقِهِمْ، وَلِدُخُولِ حَرَمَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَفِي الْوَادِي عِنْدَ سَيَلَانِهِ وَلِكُلِّ مَجْمَعٍ لِلنَّاسِ. أُمًّا الْغُسْلُ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَغَيْرُ مُسْتَحَبٍّ، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَضِيَّتُهُ عَدَمُ اخْتِصَاصِ الْحَلْقِ بِشَعْرِ الرَّأْسِ، لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ، وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ سَبَبَ تَخْصِيصِ الرَّأْسِ بِالْحَلْقِ ظُهُورُ شَعْرِهِ دُونَ غَيْرِهِ، فَكَانَتْ إزَالَتُهُ عَلَامَةً ظَاهِرَةً عَلَى التَّبَاعُدِ عَنْ أَثَرِ الْكُفْرِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَتَعَدَّ لِشُعُورِ الْوَجْهِ لِمَا فِي إزَالَتِهَا مِنْ الْمُثْلَةِ وَلَا كَذَلِكَ الرَّأْسُ لِسِتْرِهَا. (قَوْلُهُ: الشَّامِلُ ذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورُ، وَلَعَلَّ وَجْهَ الشُّمُولِ أَنَّ الْمُرَادَ بِأَغْسَالِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَغْسَالِ فِي بَابِهِ (قَوْلُهُ: الْغُسْلُ لِتَغَيُّرِ بَدَنٍ) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ اسْتِحْبَابِ الْغُسْلِ مِنْ الْحِجَامَةِ وَالْفَصْدِ إذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ بَدَنُهُ. وَقَضِيَّةُ حَجّ خِلَافُهُ، فَإِنَّهُ جَعَلَ نَدْبَ الْغُسْلِ لِمُجَرَّدِ الْحِجَامَةِ وَالْفَصْدِ وَلَمْ يُقَيَّدْ بِالتَّغَيُّرِ وَالْأَقْرَبُ قَضِيَّةُ حَجّ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالتَّغَيُّرِ حُدُوثُ صِفَةٍ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً قَبْلُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَمِنْ نَتْفِ إبْطٍ وَيُقَاسُ بِهِ إلَخْ، أَوْ أَنَّ نَحْوَ الْحِجَامَةِ مَظِنَّةٌ لِلتَّغَيُّرِ (قَوْلُهُ: مِنْ نَحْوِ حِجَامَةٍ) بَيَانٌ لِلْأَسْبَابِ الْمُغَيِّرَةِ لِلْبَدَنِ (قَوْلُهُ: أَوْ خُرُوجٍ مِنْ حَمَّامٍ) وَهَلْ يَغْتَسِلُ بِمَاءٍ بَارِدٍ أَوْ حَارٍّ فَإِنَّ الْحَارَّ يُرْخِي الْبَدَنَ وَالْبَارِدُ يَشُدُّهُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي فَتَاوَى شَيْخِنَا حَجّ التَّقْيِيدَ بِالْبَارِدِ اهـ عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُهُ عِنْدَ إرَادَةِ الْخُرُوجِ يُفِيدُ أَنَّهُ يَغْتَسِلُ دَاخِلَ الْحَمَّامِ لِإِزَالَةِ التَّغَيُّرِ الْحَاصِلِ مِنْ الْعَرَقِ وَنَحْوِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ اغْتَسَلَ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ مَثَلًا ثُمَّ اتَّصَلَ بِغُسْلِهِ الْخُرُوجُ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ غُسْلٌ آخَرُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ نَتْفِ إبْطٍ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا (قَوْلُهُ: وَلِكُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ) أَيْ يَدْخُلُ وَقْتُهُ بِالْغُرُوبِ وَيَخْرُجُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الْأَخْذُ بِإِطْلَاقِهِمْ) أَيْ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِمُرِيدِ الْجَمَاعَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْغُسْلَ لِلْجَمَاعَةِ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ إذْ جَمَاعَةُ اللَّيْلِ إلَخْ، فَإِنَّ جَمَاعَةَ النَّهَارِ يُطْلَبُ الْغُسْلُ لَهَا وَيَشْمَلُ ذَلِكَ قَوْلَهُ وَلِكُلِّ مَجْمَعٍ إلَخْ، لَكِنْ قَدْ يُشْكِلُ كُلُّ هَذَا عَلَى قَوْلِهِ أَمَّا الْغُسْلُ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَغَيْرُ مُسْتَحَبٍّ إلَخْ، فَإِنَّهُ شَامِلٌ لِمَا لَوْ فُعِلَتْ جَمَاعَةً أَوْ فُرَادَى فَلْيُتَأَمَّلْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ أَنَّ الْغُسْلَ لِلصَّلَاةِ لَا يُسَنُّ لَهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا صَلَاةً فَلَا يُنَافِي سُنِّيَّتَهُ لَهَا مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ (قَوْلُهُ: وَلِدُخُولِ حَرَمِ مَكَّةَ) قَالَ حَجّ: وَلِأَذَانٍ وَلِدُخُولِ مَسْجِدٍ: أَيْ قَبْلَهُمَا (قَوْلُهُ: وَلِكُلِّ مَجْمَعٍ لِلنَّاسِ) قَالَ حَجّ: مِنْ مَجَامِعِ الْخَيْرِ، وَنُقِلَ عَنْهُ سم أَنَّهُ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: أَيْ عَلَى مُبَاحٍ فِيمَا يَظْهَرُ، لِأَنَّ الِاجْتِمَاعَ عَلَى مَعْصِيَةٍ لَا حُرْمَةَ لَهُ إلَخْ انْتَهَى. وَمِنْ الْمُبَاحِ الِاجْتِمَاعُ فِي الْقَهْوَةِ الَّتِي لَمْ تَشْتَمِلْ عَلَى أَمْرٍ مُحَرَّمٍ، وَلَوْ كَانَ الدَّاخِلُ مِمَّنْ لَا يَلِيقُ بِهِ دُخُولُهَا كَعَظِيمٍ مَثَلًا، ثُمَّ يَنْبَغِي أَنَّ هَذِهِ الْأَغْسَالَ الْمُسْتَحَبَّةَ إذَا وُجِدَ لَهَا أَسْبَابٌ كُلٌّ مِنْهَا يَقْتَضِي الْغُسْلَ كَالْإِفَاقَةِ مِنْ الْجُنُونِ مَثَلًا وَحَلْقِ الْعَانَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ خُرُوجٌ مِنْ حَمَّامٍ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ لَفْظِ خُرُوجٍ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الْأَخْذُ بِإِطْلَاقِهِمْ إذْ جَمَاعَةُ اللَّيْلِ كَجَمَاعَةِ النَّهَارِ) كَذَا فِي نُسْخَةٍ: وَلَمْ يَظْهَرْ لِي مَعْنَى هَذَا التَّعْلِيلِ، بَلْ قَدْ يُفِيدُ بِظَاهِرِهِ نَقِيضَ الْمَطْلُوبِ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ مِنْهُ مَا فِي التُّحْفَةِ وَإِنْ قَصُرَتْ عِبَارَتُهُ عَنْهُ، وَنَصُّ مَا فِي التُّحْفَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنْ حَضَرَ الْجَمَاعَةَ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لِحُضُورِ الْجَمَاعَةِ لَا يَخْتَصُّ بِرَمَضَانَ، فَنَصُّهُمْ عَلَيْهِ دَلِيلٌ عَلَى نَدْبِهِ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْهَا لِشَرَفِ الزَّمَانِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلِكُلِّ مَجْمَعٍ لِلنَّاسِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَعِنْدَ كُلِّ مَجْمَعٍ مِنْ مَجَامِعِ الْخَيْرِ، وَنَقَلَ عَنْهُ الشِّهَابُ سم فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَنَّ الْمُبَاحَ كَذَلِكَ

كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِشِدَّةِ الْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ فِيهِ (وَآكَدُهَا غُسْلُ غَاسِلِ الْمَيِّتِ) فِي الْجَدِيدِ لِلِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِهِ ثُمَّ يَلِيه فِي الْفَضْلِ غُسْلُ (الْجُمُعَةِ) لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ أَيْضًا عَلَى مَا سَيَأْتِي (وَعَكْسُهُ الْقَدِيمُ) فَقَالَ آكَدُهَا غُسْلُ الْجُمُعَةِ ثُمَّ غُسْلُ غَاسِلِ الْمَيِّتِ، وَقَدْ رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فَقَالَ (قُلْت: الْقَدِيمُ هُنَا أَظْهَرُ) مِنْ الْجَدِيدِ وَصَوَّبَ فِي الرَّوْضَةِ الْجَزْمَ بِهِ (وَرَجَّحَهُ الْأَكْثَرُونَ وَأَحَادِيثُهُ) أَيْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ (صَحِيحَةٌ كَثِيرَةٌ وَلَيْسَ لِلْجَدِيدِ) هُنَا (حَدِيثٌ صَحِيحٌ) يَدُلُّ عَلَيْهِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَقَدْ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى بِأَنَّهُ قَدْ صَحَّحَ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ السَّكَنِ حَدِيثَ «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ» وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: خَرَّجَ بَعْضُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ لِصِحَّتِهِ مِائَةً وَعِشْرِينَ طَرِيقًا، لَكِنْ قَالَ الْبُخَارِيُّ: الْأَشْبَهُ وَقْفُهُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَدْ أَحْسَنَ الرَّافِعِيُّ حَيْثُ قَالَ: لِأَنَّ أَخْبَارَ الْجُمُعَةِ أَصَحُّ وَأَثْبَتُ، عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ نَفْيَهُ إنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ مَا اسْتَحْضَرَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، أَوْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَدِيثٌ صَحِيحٌ بِمَعْنًى مُتَّفَقٍ عَلَى صِحَّتِهِ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ. وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْأَفْضَلَ بَعْدَهُمَا مَا كَثُرْت أَحَادِيثُهُ ثُمَّ اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهِ ثُمَّ مَا صَحَّ حَدِيثُهُ ثُمَّ مَا كَانَ نَفْعُهُ مُتَعَدِّيًا أَكْثَرَ، وَمِنْ فَوَائِدِ مَعْرِفَةِ الْآكَدِ تَقْدِيمُهُ فِيمَا لَوْ أَوْصَى بِمَاءٍ لِأَوْلَى النَّاسِ بِهِ وَيَنْوِي بِسَائِرِ الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ أَسْبَابَهَا إلَّا غُسْلَ الْإِفَاقَةِ مِنْ الْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ فَإِنَّهُ يَنْوِي الْجَنَابَةَ كَمَا مَرَّ وَنَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَارْتَضَاهُ، وَيُغْتَفَرُ عَدَمُ الْجَزْمِ بِالنِّيَّةِ لِلضَّرُورَةِ، وَلَوْ فَاتَتْ هَذِهِ الْأَغْسَالُ لَمْ تُقْضَ. ـــــــــــــــــــــــــــــSوَنَتْفِ الْإِبْطِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ يَكْفِي لَهَا غُسْلٌ وَاحِدٌ لِتَدَاخُلِهَا لِكَوْنِهَا مَسْنُونَةً، وَأَنَّهُ لَوْ اغْتَسَلَ لِبَعْضِهَا ثُمَّ طَرَأَ غَيْرُهُ تَعَدَّدَ الْغُسْلُ بِعَدَدِ الْأَسْبَابِ وَإِنْ تَقَارَبَتْ وَكَالْغُسْلِ التَّيَمُّمُ فِي ذَلِكَ، وَيُؤَيِّدُ مَا ذُكِرَ مِنْ تَعَدُّدِ الْغُسْلِ وَالتَّيَمُّمِ بِعَدَدِ الْأَسْبَابِ أَنَّهُ لَوْ اغْتَسَلَ لِلْعِيدِ قَبْلَ الْفَجْرِ لَا يَسْقُطُ بِذَلِكَ غُسْلُ الْجُمُعَةِ بَلْ يَأْتِي بِهِ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهِ. (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) الْمُتَبَادَرُ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ الْغُسْلُ لَهَا وَإِنْ فُعِلَتْ فِي جَمَاعَةٍ، لَكِنْ كَتَبَ سم عَلَى قَوْلِ حَجّ وَلِكُلِّ مَجْمَعٍ مَا نَصُّهُ: هَلْ وَلَوْ لِجَمَاعَةِ الْخَمْسِ اهـ. وَعُلِمَ رَدُّهُ مِنْ الْمُتَبَادَرِ الْمَذْكُورِ فَلْيُرَاجَعْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: لِصِحَّتِهِ) أَيْ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ مَا اسْتَحْضَرَهُ) الْأَوْلَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمَحَلِّيُّ مِنْ عَدَمِ تَسْلِيمِهِ لِصِحَّةِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ الْمُشْعِرِ بِاطِّلَاعِهِ عَلَيْهِ وَرَدِّهِ (قَوْلُهُ مَا كَثُرَتْ أَحَادِيثُهُ) فِي شَرْحِ الْعُبَابِ تَقْدِيمُ مَا اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهِ عَلَى غَيْرِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَلَعَلَّ وَجْهَ مَا هُنَا أَنَّهُمْ قَدَّمُوا غُسْلَ الْجُمُعَةِ لِكَثْرَةِ أَحَادِيثِهِ فَأَشْعَرَ أَنَّهُمْ يُقَدِّمُونَ مَا كَثُرَتْ أَحَادِيثُهُ عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَا اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ مَا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي وُجُوبِهِ أَقْوَى وَإِلَّا فَغُسْلُ الْمَيِّتِ مُخْتَلَفٌ فِي وُجُوبِهِ، وَمِنْ ثَمَّ قُدِّمَ عَلَى غَيْرِهِ، عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا وَرَاءَ غُسْلِ الْمَيِّتِ وَالْجُمُعَةِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: مَا اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهِ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ، فَلَوْ اجْتَمَعَ غُسْلَانِ اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ كُلٍّ مِنْهُمَا قُدِّمَ مَا الْقَوْلُ بِوُجُوبِهِ أَقْوَى، فَإِنْ اسْتَوَيَا تَعَارُضًا فَيَكُونَانِ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَنْوِي الْجَنَابَةَ) ظَاهِرُهُ وُجُوبًا حَتَّى لَا يُجْزِئُ فِي السُّنَّةِ غَيْرُ هَذِهِ النِّيَّةِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ قَرَّرَهُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّبِيَّ يَنْوِي الْغُسْلَ مِنْ الْإِفَاقَةِ وَالْبَالِغَ يَنْوِي رَفْعَ هَذَا أَوْ رَفْعَ الْجَنَابَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ، لِأَنَّ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ احْتِمَالِ الْإِنْزَالِ مُجَرَّدُ حِكْمَةٍ، وَمِنْ ثَمَّ طُلِبَ مِنْ الصَّبِيِّ إذَا أَفَاقَ، وَتَقَدَّمَ عَنْ م ر مَا يُخَالِفُهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فَاتَتْ هَذِهِ الْأَغْسَالُ) اُنْظُرْ بِمَا يَحْصُلُ الْفَوَاتُ لِلْغُسْلِ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ وَنَحْوِهِ، ثُمَّ رَأَيْت بِهَامِشِ نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ مِنْ الزِّيَادِيِّ مَا نَصُّهُ: نَقَلَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ أَنَّ شَخْصًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ سَأَلَ شَيْخَهُ الطَّنْدَتَائِيُّ عَمَّ يَخْرُجُ بِهِ غُسْلُ الْعِيدِ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَخْرُجُ بِالْيَوْمِ. وَأَمَّا غُسْلُ الْجُمُعَةِ فَبِفَوَاتِ الْجُمُعَةِ، وَنَقَلَ شَيْخُنَا الْمَذْكُورُ عَنْ بَعْضِ مَشَايِخِهِ أَنَّ غُسْلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ إلَخْ) وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ أَيْضًا بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالْحَدِيثِ الْمَنْفِيِّ مَا وَرَدَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا هُوَ اصْطِلَاحٌ لِبَعْضِهِمْ، فَلَا يُنَافِي صِحَّةَ الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ وِفَاقًا لِلْبُخَارِيِّ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْأَفْضَلَ بَعْدَهُمَا مَا كَثُرَتْ أَحَادِيثُهُ إلَخْ) فِي أَخْذِ مَا ذُكِرَ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ مِمَّا قَدَّمَهُ مَنْعٌ ظَاهِرٌ.

(وَ) يُسَنُّ لِغَيْرِ مَعْذُورٍ (التَّبْكِيرُ إلَيْهَا) لِغَيْرِ الْإِمَامِ لِيَأْخُذُوا مَجَالِسَهُمْ وَيَنْتَظِرُوا الصَّلَاةَ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ: أَيْ مِثْلَهُ ثُمَّ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ: أَيْ طَوَوْا الصُّحُفَ فَلَمْ يَكْتُبُوا أَحَدًا» وَفِي رِوَايَةٍ: فِي الرَّابِعَةِ بَطَّةً، وَالْخَامِسَةِ دَجَاجَةً، وَالسَّادِسَةِ بَيْضَةً. وَفِي أُخْرَى: فِي الرَّابِعَةِ دَجَاجَةً، وَفِي الْخَامِسَةِ عُصْفُورًا، وَالسَّادِسَةِ بَيْضَةً. أَمَّا الْإِمَامُ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ التَّبْكِيرُ بَلْ يُسْتَحَبُّ لَهُ التَّأْخِيرُ إلَى وَقْتِ الْخُطْبَةِ اقْتِدَاءً بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخُلَفَائِهِ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَأَقَرَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَيُلْحَقُ بِهِ مَنْ بِهِ سَلَسُ بَوْلٍ وَنَحْوِهِ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ التَّبْكِيرُ، وَإِطْلَاقُهُ يَقْتَضِي اسْتِحْبَابَ التَّبْكِيرِ لِلْعَجُوزِ إذَا اسْتَحْبَبْنَا حُضُورَهَا، وَكَذَلِكَ الْخُنْثَى الَّذِي هُوَ فِي مَعْنَى الْعَجُوزِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَالسَّاعَاتُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَإِنَّمَا ذُكِرَ فِي الْخَبَرِ لَفْظُ الرَّوَاحِ مَعَ أَنَّهُ اسْمٌ لِلْخُرُوجِ بَعْدَ الزَّوَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــSغَاسِلِ الْمَيِّتِ يَنْقَضِي بِنِيَّتِهِ الْإِعْرَاضَ عَنْهُ أَوْ بِطُولِ الْفَصْلِ اهـ. وَقِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ فِي سُنَّةِ الْوُضُوءِ اعْتِمَادُ هَذَا، وَقَدْ يُقَالُ فِي الْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ إنَّمَا يَفُوتُ الْغُسْلُ فِي حَقِّهِمَا بِعُرُوضِ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ كَجَنَابَةٍ فَإِنَّ حِكْمَةَ طَلَبِ غُسْلِهِمَا احْتِمَالُ الْجَنَابَةِ وَهُوَ مَوْجُودٌ وَإِنْ طَالَ زَمَنُهُ فَعِنْدَ عُرُوضِ مَا يُوجِبُهُ إذَا اغْتَسَلَ لَهُ انْدَرَجَ فِيهِ غُسْلُ الْجَنَابَةِ بِتَقْدِيرِ وُجُودِهَا زَمَنَ الْجُنُونِ أَوْ الْإِغْمَاءِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ، وَعِبَارَتُهُ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى نَحْوُ غُسْلِ الْإِفَاقَةِ مِنْ جُنُونِ الْبَالِغِ لِأَنَّهُ لِاحْتِمَالِ الْجَنَابَةِ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ مَعَ الْفَوَاتِ. نَعَمْ إنْ حَصَلَتْ لَهُ جَنَابَةٌ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ وَاغْتَسَلَ لَهَا انْقَطَعَ طَلَبُ الْفِعْلِ السَّابِقِ انْتَهَى. وَيَنْبَغِي أَنَّ غُسْلَ نَحْوِ الْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ كَغُسْلِ غَاسِلِ الْمَيِّتِ. (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ التَّبْكِيرُ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: لَوْ بَكَّرَ أَحَدٌ مُكْرَهًا عَلَى التَّبْكِيرِ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ فَضْلُ التَّبْكِيرِ فِيمَا يَظْهَرُ، فَلَوْ زَالَ الْإِكْرَاهُ حُسِبَ لَهُ مِنْ حِينَئِذٍ إنْ قَصَدَ الْإِقَامَةَ لِأَجْلِ الْجُمُعَةِ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ لِيَأْخُذُوا مَجَالِسَهُمْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ هُوَ مُجَاوِرٌ بِالْمَسْجِدِ أَوْ يَأْتِيهِ لِغَيْرِ الصَّلَاةِ كَطَلَبِ الْعِلْمِ يُحْسَبُ إتْيَانُهُ لِلْجُمُعَةِ مِنْ وَقْتِ التَّهَيُّؤِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ الْخَطِيبَ لَوْ بَكَّرَ إلَى مَسْجِدٍ غَيْرِ الَّذِي يَخْطُبُ بِهِ لَا يَحْصُلُ لَهُ سُنَّةٌ لِلتَّبْكِيرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُتَهَيِّئًا لِلصَّلَاةِ فِيهِ (قَوْلُهُ: مَنْ اغْتَسَلَ إلَخْ) هَذَا الْحَدِيثُ الشَّرِيفُ يُفِيدُ أَنَّ هَذَا الثَّوَابَ الْمَخْصُوصَ إنَّمَا يَحْصُلُ لِمَنْ اغْتَسَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ زَادَ عَلَى حَجّ وَالثَّوَابُ أَمْرٌ تَوْقِيفِيٌّ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي وَرَدَ عَلَيْهِ اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ) أَيْ لِلْخُطْبَةِ (قَوْلُهُ: حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ) اُنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ بِهِمْ الْحَفَظَةُ أَوْ غَيْرُهُمْ، وَعَلَيْهِ فَهَلْ الْكَاتِبُ فِي الْجُمُعَةِ الثَّانِيَةِ هُوَ الْكَاتِبُ فِي الْأُولَى أَوْ غَيْرُهُ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُمْ غَيْرُ الْحَفَظَةِ لِأَنَّ الْحَفَظَةَ لَا يُفَارِقُونَ مَنْ عُيِّنُوا لَهُ، وَهَؤُلَاءِ يَجْلِسُونَ بِأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ لِعَامَّةِ مَنْ يَدْخُلُ (قَوْلُهُ: فَلَا يُنْدَبُ لَهُ التَّبْكِيرُ) هَلْ أَجْرُهُ دُونَ أَجْرِ مَنْ بَكَّرَ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَدْ يُقَالُ: تَأْخِيرُهُ لِكَوْنِهِ مَأْمُورًا بِهِ يَجُوزُ أَنْ يُثَابَ عَلَيْهِ ثَوَابًا يُسَاوِي ثَوَابَ الْمُبَكِّرِينَ أَوْ يَزِيدُ (قَوْلُهُ: لَهُ التَّأْخِيرُ) أَيْ فَلَوْ بَكَّرَ لَا يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ التَّبْكِيرِ وَحِكْمَتُهُ أَنَّهُ أَهْيَبُ لَهُ وَأَعْظَمُ فِي النُّفُوسِ (قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ بِهِ) أَيْ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ التَّبْكِيرُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَمِنَ تَلْوِيثَ الْمَسْجِدِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ السَّلَسَ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَظِنَّةٌ لِخُرُوجِ شَيْءٍ مِنْهُ وَلَوْ عَلَى الْقُطْنَةِ وَالْعِصَابَةِ (قَوْلُهُ إذَا اسْتَحْبَبْنَا حُضُورَهَا) أَيْ بِأَنْ لَمْ تَكُنْ مُتَزَيِّنَةً وَلَا مُتَعَطِّرَةً ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ مَنْ اغْتَسَلَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْفَضْلَ الْآتِيَ شَرْطُهُ الْغُسْلُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَنْ اغْتَسَلَ وَإِلَّا لَقَالَ فَإِنْ رَاحَ إلَخْ وَلَعَلَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْغُسْلَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي هَذَا الْفَضْلِ أَوْ أَنَّهُ حُذِفَ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ فَلْيُرَاجَعْ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمُرَادِ (قَوْلُهُ: اسْمٌ لِلْخُرُوجِ) الْمَشْهُورُ أَنَّهُ اسْمٌ لِلرُّجُوعِ بَعْدَ الزَّوَالِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا» وَعَلَيْهِ فَالْفُقَهَاءُ ارْتَكَبُوا فِيهِ مُجَازَيْنَ حَيْثُ

كَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ لِمَا يُؤْتَى بِهِ بَعْدَهُ، عَلَى أَنَّ الْأَزْهَرِيَّ قَالَ: إنَّهُ يُسْتَعْمَلُ عِنْدَ الْعَرَبِ فِي السِّيَرِ أَيَّ وَقْتٍ كَانَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ: لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ السَّاعَاتِ الْفَلَكِيَّةَ وَهِيَ الْأَرْبَعُ وَالْعِشْرُونَ، بَلْ تَرْتِيبُ دَرَجَاتِ السَّابِقِينَ عَلَى مَنْ يَلِيهِمْ فِي الْفَضِيلَةِ لِئَلَّا يَسْتَوِيَ فِيهَا رَجُلَانِ جَاءَا فِي طَرَفَيْ سَاعَةٍ، وَلِئَلَّا يَخْتَلِفَ فِي الْيَوْمِ الشَّاتِي وَالصَّائِفِ إذْ لَا يَبْلُغُ مَا بَيْنَ الْفَجْرِ وَالزَّوَالِ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَيَّامِ الشِّتَاءِ سِتَّ سَاعَاتٍ، فَعَلَيْهِ كُلُّ دَاخِلٍ بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَعْدَهُ كَالْمُقَرِّبِ بَدَنَةً، وَإِلَى مَنْ قَبْلَهُ بِدَرَجَةٍ كَالْمُقَرِّبِ بَقَرَةً، وَبِدَرَجَتَيْنِ كَالْمُقَرِّبِ كَبْشًا، وَبِثَلَاثٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْأَزْهَرِيَّ) هُوَ مِنْ غَيْرِ الْجُمْهُورِ فَلَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِهِ عَلَى أَنَّ الْأَزْهَرِيَّ إلَخْ (قَوْلُهُ جَاءَا فِي طَرَفَيْ سَاعَةٍ) وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْمَجِيءِ هَلْ هُوَ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَنْزِلِ إلَى الْمَسْجِدِ حَتَّى لَوْ طَالَ الْمَشْيُ مِنْ الْمَنْزِلِ إلَى الْمَسْجِدِ بِزَمَانٍ كَثِيرٍ يَصْدُقُ بِهِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ الرَّوَاحَ اسْمٌ لِلذَّهَابِ إلَى الْمَسْجِدِ؟ مَحَلُّ نَظَرٍ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي كَمَا يَتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ «فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ» إلَخْ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ مِنْهُ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ يَكْتُبُونَ بِبَابِ الْمَسْجِدِ مَنْ وَصَلَ إلَيْهِمْ. وَنُقِلَ فِي الدَّرْسِ عَنْ الزِّيَادِيِّ مَا يُوَافِقُ مَا اسْتَقْرَبْنَاهُ. نَعَمْ الْمَشْيُ لَهُ ثَوَابٌ آخَرُ زَائِدٌ عَلَى مَا يُكْتَبُ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ دُخُولِهِ الْمَسْجِدَ قَبْلَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: سِتَّ سَاعَاتٍ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: وَلِي فِيهِ نَظَرٌ إذْ أَقَلُّ أَيَّامِ الشِّتَاءِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ دَرَجَةً وَهِيَ عَشْرُ سَاعَاتٍ فَلَكِيَّةٍ، وَابْتِدَاءُ الْيَوْمِ عِنْدَ أَهْلِ الْفَلَكِ مِنْ الشَّمْسِ فَمِنْ الشَّمْسِ إلَى الزَّوَالِ يَخُصُّهُ خَمْسُ سَاعَاتٍ، وَلَا شَكَّ أَنَّ مِنْ الْفَجْرِ إلَى الشَّمْسِ لَا يَنْقُصُ عَنْ سَاعَةٍ وَابْتِدَاءُ الْيَوْمِ عَلَى الرَّاجِحِ هُنَا مِنْ الْفَجْرِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQاسْتَعْمَلُوهُ فِي الذَّهَابِ وَفِيمَا قَبْلَ الزَّوَالِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْأَزْهَرِيَّ إلَخْ) هُوَ مَفْهُومُ الْجُمْهُورِ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ السَّاعَاتِ الْفَلَكِيَّةَ) أَيْ الشَّامِلَةَ لِلزَّمَانِيَّةِ وَهِيَ انْقِسَامُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ اثْنَيْ عَشَرَ جُزْءًا مُتَسَاوِيَةً طَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَمْ قَصُرَ، وَلِلْمُسْتَوِيَةِ وَهِيَ انْقِسَامُهُمَا أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ سَاعَةً كُلُّ سَاعَةٍ خَمْسَ عَشْرَةَ دَرَجَةً، فَعَلَيْهِ قَدْ يَكُونُ النَّهَارُ أَكْثَرَ مِنْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَاعَةً وَقَدْ يَكُونُ أَقَلَّ، وَكَذَلِكَ اللَّيْلُ بِخِلَافِهِ عَلَى الْأَوَّلِ، هَذَا هُوَ اصْطِلَاحُ الْفَلَكِيِّينَ، وَيَدُلُّ عَلَى إرَادَتِهِ هُنَا مُقَابَلَةُ الْفَلَكِيَّةِ بِتَرْتِيبِ الدَّرَجَاتِ فَقَطْ، لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِيَ وَلِئَلَّا يَخْتَلِفَ فِي الْيَوْمِ الشَّاتِي وَالصَّائِفِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَنْفِيَّ هُنَا الزَّمَانِيَّةُ فَقَطْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ بِهِ بَيَانُ مَا يَلْزَمُ عَلَى أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ زِيَادَةً عَلَى مَا يَلْزَمُ عَلَيْهِمَا مَعًا (قَوْلُهُ: وَلِئَلَّا يَخْتَلِفَ فِي الْيَوْمِ الشَّاتِي وَالصَّائِفِ) لَيْسَ هَذَا فِي الرَّوْضَةِ، وَعِبَارَتُهَا: ثُمَّ لَيْسَ الْمُرَادُ عَلَى الْأَوْجَهِ بِالسَّاعَاتِ الْأَرْبَعِ وَالْعِشْرِينَ بَلْ تَرْتِيبُ الدَّرَجَاتِ وَفَضْلُ السَّابِقِ عَلَى الَّذِي يَلِيهِ لِئَلَّا يَسْتَوِيَ فِي الْفَضِيلَةِ رَجُلَانِ جَاءَا فِي طَرَفَيْ سَاعَةٍ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَبْلُغُ مَا بَيْنَ الْفَجْرِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ، إذَا أَقْصَرُ مَا يُمْكِنُ مِنْ أَيَّامِ الشِّتَاءِ فِي الْقُطْرِ الْمِصْرِيِّ أَنْ يَكُونَ مَا بَيْنَ الْفَجْرِ وَالزَّوَالِ تِسْعًا وَتِسْعِينَ دَرَجَةً وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ سِتِّ سَاعَاتٍ فَلَكِيَّةٍ: أَيْ مُسْتَوِيَةٍ الَّتِي هِيَ مُرَادُهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، إذْ السَّاعَةُ الْفَلَكِيَّةُ بِهَذَا الْمَعْنَى خَمْسَ عَشْرَةَ دَرَجَةً، ثُمَّ رَأَيْت الشِّهَابَ عَمِيرَةَ الْبُرُلُّسِيَّ سَبَقَ إلَى نَحْوِ هَذَا (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ كُلُّ دَاخِلٍ بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَعْدَهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَعْنَى مَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ كَوْنِهِ كَالْمُقَرِّبِ بَدَنَةً أَوْ بَقَرَةً أَوْ غَيْرَهُمَا أَنَّ لَهُ ثَوَابًا مِثْلَ ثَوَابِ الْمُقَرِّبِ لِذَلِكَ، وَأَنَّ الثَّابِتَ لِلْجَائِي مِنْ الثَّوَابِ بِمَجِيئِهِ فِي سَاعَةٍ مَا ثَوَابٌ وَاحِدٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الِاعْتِبَارَاتِ إذْ لَا يُعْقَلُ اخْتِلَافُهُ بِذَلِكَ، فَلَعَلَّ مُرَادَ الشَّارِحِ بِمَا ذَكَرَهُ تَبَعًا لِلْإِمْدَادِ أَنَّ هَذَا الثَّوَابَ الثَّابِتَ لِلْجَائِي فِي سَاعَةٍ مَا نَاقِصٌ بِالنِّسْبَةِ لِثَوَابِ مَنْ جَاءَ قَبْلَهُ وَزَائِدٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ جَاءَ بَعْدَهُ، وَمِقْدَارُ التَّفَاوُتِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ثَوَابِ مَنْ جَاءَ قَبْلَهُ بِدَرَجَةٍ كَنِسْبَةِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْبَدَنَةِ وَالْبَقَرَةِ، وَمِقْدَارُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ جَاءَ بَعْدَهُ بِدَرَجَةٍ كَنِسْبَةِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْبَقَرَةِ وَالْكَبْشِ وَهَكَذَا وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ مَا سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ وَإِلَّا فَأَخْذُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ لَا يَكَادُ يَصِحُّ فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ

كَالْمُقَرِّبِ دَجَاجَةً، وَبِأَرْبَعٍ كَالْمُقَرِّبِ بَيْضَةً. لَكِنْ قَالَ فِي شَرْحَيْ الْمُهَذِّبِ وَمُسْلِمٍ: بَلْ الْمُرَادُ الْفَلَكِيَّةُ، لَكِنَّ بَدَنَةَ الْأَوَّلِ أَكْمَلُ مِنْ بَدَنَةِ الْأَخِيرِ، وَبَدَنَةُ الْمُتَوَسِّطِ مُتَوَسِّطَةً كَمَا فِي دَرَجَاتِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ الْقَلِيلَةِ وَالْكَثِيرَةِ، فَعَلَيْهِ الْمُرَادُ بِسَاعَاتِ النَّهَارِ الْفَلَكِيَّةِ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً زَمَنِيَّةً صَيْفًا أَوْ شِتَاءً، وَإِنْ لَمْ تُسَاوِ الْفَلَكِيَّةَ فَالْعِبْرَةُ بِخَمْسِ سَاعَاتٍ مِنْهَا أَوْ سِتٍّ، وَهُوَ الْمُعَوِّلُ عَلَيْهِ طَالَ الزَّمَانُ أَوْ قَصُرَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْقَاضِي، وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ الْغَزَالِيِّ: آخِرَ الْأُولَى إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَالثَّانِيَةِ ارْتِفَاعُهَا، وَالثَّالِثَةِ انْبِسَاطُهَا حَتَّى تَرْمَضَ الْأَقْدَامُ، وَالرَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ الزَّوَالُ، وَصَحَّ فِي الْخَبَرِ «يَوْمُ الْجُمُعَةِ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً» وَهُوَ مُؤَيِّدٌ لِلثَّانِي لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ يَوْمَهَا غَيْرُ مُخْتَلِفٍ، فَلْتُحْمَلْ السَّاعَةُ عَلَى مِقْدَارِ سُدُسِ مَا بَيْنَ الْفَجْرِ وَالزَّوَالِ. وَمِمَّا يُؤَيِّدُ الثَّانِيَ أَيْضًا مَا يَلْزَمُ الْأَوَّلَ مِنْ كَوْنِ الِاقْتِصَارِ فِي الْحَدِيثِ عَلَى السَّاعَاتِ الْخَمْسِ أَوْ السِّتِّ لَا حِكْمَةَ لَهُ، لِأَنَّ السَّبْقَ مَرَاتِبُهُ غَيْرُ مُنْضَبِطَةٍ، وَيَصِحُّ اعْتِبَارُ الْأَمْرَيْنِ مَعًا فَيُنْظَرُ إلَى السَّاعَاتِ مِنْ حَيْثُ الِانْقِسَامِ إلَيْهَا وَيُخَصَّصُ كُلُّ وَاحِدَةٍ بِشَيْءٍ وَيُنْظَرُ لِأَفْرَادِ الْجَائِينَ فِي كُلٍّ مِنْهَا مِنْ حَيْثُ تَفَاوُتُهُمْ فِي الْبَيْضَةِ مَثَلًا بِسَبَبِ التَّرْتِيبِ فِي الْمَجِيءِ فِي سَاعَاتِهَا، فَلَا خِلَافَ فِي الْحَقِيقَةِ بَيْنَ الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ كَذَا قَالَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعَصْرِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى. فَظَاهِرٌ أَنَّ مَنْ جَاءَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى نَاوِيًا التَّبْكِيرَ ثُمَّ عَرَضَ لَهُ عُذْرٌ فَخَرَجَ عَلَى نِيَّةِ الْعَوْدِ لَا تَفُوتُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَمَا بَيْنَ الْفَجْرِ وَالزَّوَالِ يَبْلُغُ سِتَّ سَاعَاتٍ فِي أَقَلِّ أَيَّامِ الشِّتَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً) هُوَ الْمُعْتَمَدُ: أَيْ وَذَلِكَ بِأَنْ يَقْسِمَ مَا بَيْنَ الْفَجْرِ وَخُرُوجِ الْخَطِيبِ عَلَى سِتِّ سَاعَاتٍ بِنَاءً عَلَى رَوَاتِبِهَا أَوْ خَمْسٍ بِنَاءً عَلَى رَوَاتِبِهَا، وَتَكُونُ السَّاعَاتُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ مُتَسَاوِيَةً فِي الْمِقْدَارِ، ثُمَّ مَا بَعْدَ خُرُوجِ الْخَطِيبِ إلَى الْغُرُوبِ بَقِيَّةُ السَّاعَاتِ فَتَكُونُ سِتًّا أَوْ سَبْعًا عَلَى الْوَجْهَيْنِ السَّابِقِينَ فِيمَا قَبْلَ الْخُرُوجِ (قَوْلُهُ تَرْمَضَ الْأَقْدَامُ) بَابُهُ طَرِبَ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَالرَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ) لَمْ يُمَيَّزْ أَوَّلَ الْخَامِسَةِ مِنْ الرَّابِعَةِ فَيُفِيدُ اشْتِرَاكَهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ. وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْهُ أَنَّهُ يَجْعَلُ مَا بَعْدَ السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ إلَى الزَّوَالِ مُنْقَسِمًا بَيْنَ الرَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ عَلَى السَّوَاءِ، وَأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ خَرَجَ الْإِمَامُ عَقِبَ الزَّوَالِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ وَإِلَّا قُسِّمَ مَا بَيْنَ خُرُوجِ الْإِمَامِ وَآخِرِ الثَّالِثَةِ بَيْنَ السَّاعَتَيْنِ وَعَلَى أَنَّهَا سِتُّ سَاعَاتٍ، فَمَا بَعْدَ الثَّالِثَةِ يُقَسَّمُ بَيْنَ السَّاعَاتِ الثَّلَاثِ الْبَاقِيَةِ عَلَى السَّوَاءِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُؤَيِّدٌ لِلثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ بَلْ الْمُرَادُ الْفَلَكِيَّةُ الْمُبَيَّنَةُ بِالزَّمَانِيَّةِ (قَوْلُهُ: مَا بَيْنَ الْفَجْرِ وَالزَّوَالِ) هَذَا بِنَاءً عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ عَقِبَهُ، وَإِلَّا فَالْمَدَارُ عَلَى خُرُوجِ الْخَطِيبِ، فَتُقَسَّمُ السَّاعَاتُ مِنْ الْفَجْرِ إلَى خُرُوجِهِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا يُوَافِقُهُ وَعِبَارَتُهُ: وَالْمُرَادُ أَنَّ مَا بَيْنَ الْفَجْرِ وَخُرُوجِ الْخَطِيبِ يَنْقَسِمُ سِتَّةَ أَجْزَاءٍ مُتَسَاوِيَةٍ، سَوَاءٌ أَطَالَ الْيَوْمُ أَوْ قَصُرَ. (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرُ لَا يَخْفَى) وَجْهُهُ أَنَّ السَّاعَةَ الْوَاحِدَةَ أَجْزَاؤُهَا كَثِيرَةٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ فِي شَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ وَمُسْلِمٍ بَلْ الْمُرَادُ الْفَلَكِيَّةُ) يَعْنِي الزَّمَانِيَّةَ بِدَلِيلِ مَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ الْمُرَادُ بِسَاعَاتِ النَّهَارِ الْفَلَكِيَّةِ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً زَمَانِيَّةً) يُقَالُ عَلَيْهِ السَّاعَاتُ الزَّمَانِيَّةُ إنَّمَا تُحْسَبُ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْمِيقَاتِ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ لَا مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ أَنَّهَا تُقْسَمُ مِنْ الْفَجْرِ كَتَقْسِيمِ الزَّمَانِيَّةِ الَّتِي هِيَ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ عِنْدَ أَهْلِهَا، بِمَعْنَى أَنَّهُ يَقْسِمُ مِنْ الْفَجْرِ إلَى الزَّوَالِ سِتَّةَ أَقْسَامٍ مُتَسَاوِيَةٍ، كَمَا يَقْسِمُ مِنْ الزَّوَالِ إلَى الْغُرُوبِ كَذَلِكَ الَّذِي هُوَ مُوَافِقٌ لِمَا هُوَ مُصْطَلَحُ عُلَمَاءِ الْمِيقَاتِ، وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ سَاعَاتِ مَا بَيْنَ الْفَجْرِ وَالزَّوَالِ أَكْبَرُ مِنْ سَاعَاتِ مَا بَيْنَ الزَّوَالِ وَالْغُرُوبِ لِزِيَادَةِ حِصَّةِ الْفَجْرِ عَلَى نِصْفِ الْقَوْسِ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تُسَاوِ الْفَلَكِيَّةَ) يَعْنِي الْمُسْتَوِيَةَ وَإِلَّا فَالْفَرْضُ أَنَّهُ عَبَّرَ عَنْهُمَا بِالْفَلَكِيَّةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَالْعِبْرَةُ بِخَمْسِ سَاعَاتٍ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الزَّمَانِيَّةِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ السِّيَاقِ وَقَوْلُهُ: أَوْ سِتٍّ أَيْ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْخَمْسَ أَوْ السِّتَّ بِهَذَا الْمَعْنَى هِيَ جَمِيعُ مَا مَرَّ بَيْنَ الْفَجْرِ وَالزَّوَالِ (قَوْلُهُ: كَذَا قَالَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعَصْرِ) يَعْنِي الشِّهَابَ حَجّ فِي إمْدَادِهِ الَّذِي هُوَ تَابِعٌ لَهُ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ فِي هَذِهِ السِّوَادَةِ حَرْفًا بِحَرْفٍ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى) وَجْهُهُ أَنَّهُ لَا يُلَائِمُ قَوْلَ الرَّوْضَةِ لِئَلَّا يَسْتَوِيَ فِيهِ رَجُلَانِ جَاءَا فِي طَرَفَيْ سَاعَةٍ، وَمَا وَجَّهَهُ بِهِ

فَضِيلَةُ التَّبْكِيرِ. وَيَجِبُ السَّعْيُ عَلَى بَعِيدِ الدَّارِ إلَى الْجُمُعَةِ قَبْلَ الزَّوَالُ بِمِقْدَارٍ يَتَوَقَّفُ فِعْلُهَا عَلَيْهِ، وَيُسْتَحَبُّ الْإِتْيَانُ إلَيْهَا (مَاشِيًا) لِخَبَرِ «مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ وَدَنَا مِنْ الْإِمَامِ وَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا» وَتَخْفِيفُ غَسَّلَ أَرْجَحُ مِنْ تَشْدِيدِهِ، وَمَعْنَاهُمَا غَسَّلَ: إمَّا حَلِيلَتَهُ بِأَنْ جَامَعَهَا فَأَلْجَأَهَا إلَى الْغُسْلِ، إذْ يُسَنُّ لَهُ الْجِمَاعُ فِي هَذَا الْيَوْمِ لِيَأْمَنَ أَنْ يَرَى فِي طَرِيقِهِ مَا يَشْغَلُ قَلْبَهُ أَوْ أَعْضَاءَ وُضُوئِهِ بِأَنْ تَوَضَّأَ ثُمَّ اغْتَسَلَ لِلْجُمُعَةِ، أَوْ ثِيَابَهُ وَرَأْسَهُ ثُمَّ اغْتَسَلَ وَغَسَلَ الرَّأْسَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَجْعَلُونَ فِيهِ نَحْوَ دُهْنٍ وَخِطْمِيٍّ وَكَانُوا يَغْسِلُونَهُ ثُمَّ يَغْتَسِلُونَ وَتَخْفِيفُ بَكَرَ أَشْهَرُ، وَمَعْنَاهُ: خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ بَاكِرًا، وَمَعْنَى الْمُشَدَّدِ: أَتَى لِلصَّلَاةِ أَوَّلَ وَقْتِهَا وَابْتَكَرَ: أَيْ أَدْرَكَ أَوَانَ الْخُطْبَةِ، وَقِيلَ هُمَا بِمَعْنًى جَمَعَ بَيْنَهُمَا تَأْكِيدًا، وَأَفَادَ قَوْلُهُ وَلَمْ يَرْكَبْ نَفْيَ تَوَهُّمِ حَمْلِ الْمَشْيِ عَلَى الْمُضِيِّ وَإِنْ كَانَ رَاكِبًا وَنَفْيَ احْتِمَالِ إرَادَةِ الْمَشْيِ وَلَوْ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ، وَقِيلَ هُوَ تَأْكِيدٌ. ذُكِرَ كُلُّ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمُهَذِّبِ، وَاخْتِيرَ الْأَخِيرُ مِنْ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ فِي غَسَلَ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «مَنْ غَسَلَ رَأْسَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ» . وَأَنْ يَكُونَ مَشْيُهُ (بِسَكِينَةٍ) إنْ لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ لِخَبَرِ «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ وَأْتُوهَا وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ» وَفِي رِوَايَةٍ «ائْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَمْشُونَ» وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّعْيِ فِي الْآيَةِ الْمُضِيُّ كَمَا قُرِئَ بِهِ شَاذًّا، ـــــــــــــــــــــــــــــSوَعَلَيْهِ فَلَوْ تَرَتَّبَ الْجَاءُونَ مِنْ أَوَّلِ السَّاعَةِ إلَى آخِرِهَا لَمْ يُعْلَمْ مِقْدَارُ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَهُوَ خِلَافُ الْمَقْصُودِ مِنْ الْحَدِيثِ، وَقَدْ يُدْفَعُ النَّظَرُ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَتَخْصِيصُ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِشَيْءٍ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ لِكُلِّ مَنْ جَاءَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى بَدَنَةً وَلَكِنَّهُمْ يَتَفَاوَتُونَ فِيهَا بِحَسَبِ مَجِيئِهِمْ (قَوْلُهُ: فَضِيلَةُ التَّبْكِيرِ) قَدْ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ إلَى الْمَسْجِدِ فِي السَّاعَةِ أُخْرَى لَا يُشَارِكُ أَهْلَهَا فِي الْفَضِيلَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُشَارِكَهُمْ وَيَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا خَرَجَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى لِعُذْرٍ لَا يَفُوتُهُ مَا اسْتَقَرَّ لَهُ مِنْ الْبَدَنَةِ مَثَلًا بِمَجِيئِهِ لِأَنَّهُ أُعْطِيهَا فِي مُقَابَلَةِ الْمَشَقَّةِ الَّتِي حَصَلَتْ لَهُ أَوَّلًا، وَإِذَا جَاءَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَقَدْ حَصَلَتْ لَهُ مَشَقَّةٌ أُخْرَى بِسَبَبِ الْمَجِيءِ فَيُكْتَبُ لَهُ ثَوَابُهَا. وَفِي سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: فَرْعٌ: دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى ثُمَّ خَرَجَ وَعَادَ إلَيْهِ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ مَثَلًا فَهَلْ لَهُ بَدَنَةٌ وَبَقَرَةٌ؟ الْوَجْهُ لَا بَلْ خُرُوجُهُ يُنَافِي اسْتِحْقَاقَ الْبَدَنَةِ بِكَمَالِهَا، بَلْ يَنْبَغِي عَدَمُ حُصُولِهَا لِمَنْ خَرَجَ بِلَا عُذْرٍ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ أَنَّهَا لِمَنْ دَخَلَ وَاسْتَمَرَّ وَلَوْ حَصَلَا لَهُ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ مَنْ غَابَ ثُمَّ رَجَعَ أَكْمَلَ مِمَّنْ لَمْ يَغِبْ وَلَا يَقُولُهُ أَحَدٌ خُصُوصًا مَنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ كَأَنْ دَخَلَ فِي أَوَّلِ السَّاعَةِ الْأُولَى وَعَادَ فِي آخِرِ الثَّانِيَةِ فَتَدَبَّرْ اهـ. وَبِمَا قَدَّمْنَاهُ فِي قَوْلِنَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُشَارِكَهُمْ إلَخْ يُعْلَمُ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ الْوَجْهُ لَا. (قَوْلُهُ: أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا) أَيْ مِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ لَوْ فَعَلَ. قَالَ حَجّ: قِيلَ لَيْسَ فِي السُّنَّةِ فِي خَبَرٍ صَحِيحٍ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا الثَّوَابِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ (قَوْلُهُ: غَسَّلَ) وَيُرْوَى بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ وَبِالتَّشْدِيدِ وَمَعْنَاهُ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ اهـ شَرْحُ ابْنِ السُّبْكِيّ (قَوْلُهُ: وَمَعْنَاهُمَا غَسَّلَ) أَيْ التَّشْدِيدُ وَالتَّخْفِيفُ (قَوْلُهُ: فِي هَذَا الْيَوْمِ) وَهُوَ آكَدُّ مِنْ لَيْلَتِهَا كَمَا يُفِيدُهُ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَابْتَكَرَ) قَالَ الدَّمِيرِيِّ وَقِيلَ بَكَّرَ فِي الزَّمَانِ وَابْتَكَرَ فِي الْمَكَانِ (قَوْلُهُ: وَاخْتِيرَ الْأَخِيرُ) هُوَ قَوْلُهُ أَوْ ثِيَابَهُ وَرَأْسَهُ ثُمَّ إلَخْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQشَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ غَيْرُ مُرَادٍ لَهُ كَمَا لَا يَخْفَى، مَعَ أَنَّهُ يَرِدُ نَظِيرُهُ عَلَى مَا فِي شَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ وَمُسْلِمٍ عَلَى حِدَتِهِمَا مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ) أَيْ عَلَى مَا فِي نُسَخٍ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْحَلِيلَةِ وَأَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَالرَّأْسِ، لَكِنْ فِي نُسَخٍ زِيَادَةُ الثِّيَابِ قَبْلَ الرَّأْسِ. وَأَجَابَ عَنْهُ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ بِجَعْلِ الثِّيَابِ وَالرَّأْسِ وَاحِدًا وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ، وَالْأَوْلَى أَنْ تُجْعَلَ مِنْ عَلَى هَذِهِ النُّسَخِ لِلْبَدَلِ

وَيُكْرَهُ الْعَدْوُ إلَيْهَا كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ، فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَجَبَ الْإِسْرَاعُ إذَا لَمْ يُدْرِكْهَا إلَّا بِهِ كَمَا قَالَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَلْقَ بِهِ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ أَخْذًا مِنْ أَنَّ فَقْدَ بَعْضِ اللِّبَاسِ اللَّائِقِ بِهِ عُذْرٌ، وَكَمَا يُسْتَحَبُّ عَدَمُ الرُّكُوبِ هُنَا إلَّا لِعُذْرٍ يُسْتَحَبُّ أَيْضًا فِي الْعِيدِ وَالْجِنَازَةِ وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَقَيَّدَهُ الرَّافِعِيُّ بِالذَّهَابِ، وَرَدَّهُ ابْنُ الصَّلَاحِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُمْ قَالُوا لِرَجُلٍ: هَلْ نَشْتَرِي لَك حِمَارًا تَرْكَبُهُ إذَا أَتَيْت إلَى الصَّلَاةِ فِي الرَّمْضَاءِ وَالظَّلْمَاءِ؟ فَقَالَ: إنِّي أُحِبُّ أَنْ يُكْتَبَ لِي مَمْشَايَ فِي ذَهَابِي وَعَوْدِي، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: قَدْ فَعَلَ اللَّهُ لَك ذَلِكَ» أَيْ كَتَبَ لَك مَمْشَاك: أَيْ أَفْضَلِيَّتَهُ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمَعْنَى: كَتَبَ لَك ذَلِكَ فِي مَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ لَا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، جَمْعًا بَيْنَ هَذَا الْخَبَرِ وَخَبَرِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكِبَ فِي رُجُوعِهِ مِنْ جِنَازَةِ أَبِي الدَّحْدَاحِ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ، عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِعْلُهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ فَلَا يَخْرُجُ بِهِ الْحَدِيثُ عَنْ ظَاهِرِهِ. وَمَنْ رَكِبَ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ سَيَّرَ دَابَّتَهُ بِسُكُونٍ كَالْمَاشِي مَا لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الرُّكُوبُ أَفْضَلَ لِمَنْ يُجْهِدُهُ الْمَشْيُ لِهَرَمٍ أَوْ ضَعْفٍ أَوْ بُعْدِ مَنْزِلِهِ بِحَيْثُ يَمْنَعُهُ مَا يَنَالُهُ مِنْ التَّعَبِ الْخُشُوعَ وَالْحُضُورَ فِي الصَّلَاةِ عَاجِلًا. وَيُسَنُّ لَهُ الذَّهَابِ فِي طَرِيقٍ طَوِيلٍ إنْ أَمِنَ الْفَوْتَ وَالرُّجُوعَ فِي آخَرِ قَصِيرٍ كَالْعِيدِ (وَأَنْ يَشْتَغِلَ فِي طَرِيقِهِ وَحُضُورِهِ) قَبْلَ الْخُطْبَةِ (بِقِرَاءَةٍ أَوْ ذِكْرٍ) لِخَبَرِ «إنَّ الْمَلَائِكَةَ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ تَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ مَا لَمْ يُحْدِثْ، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا دَامَتْ الصَّلَاةُ تَحْبِسُهُ» وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّ شَأْنَ الْمُصَلِّي اشْتِغَالُهُ بِالْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ وَلَفْظُ الطَّرِيقِ مِنْ زِيَادَاتِهِ عَلَى الْمُحَرَّرِ بَلْ عَلَى سَائِرِ كَسْبِ الْمُصَنِّفِ وَالرَّافِعِيِّ. وَالْمُخْتَارُ جَوَازُ الْقِرَاءَةِ فِي الطَّرِيقِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ إنْ لَمْ يَلْتَهِ صَاحِبُهَا وَإِلَّا كُرِهَتْ كَمَا قَالَهُ فِي الْأَذْكَارِ، وَادَّعَى الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ الْأَحْوَطَ تَرْكُ الْقِرَاءَةِ فِيهَا لِكَرَاهَةِ بَعْضِ السَّلَفِ لَهَا فِيهِ لَا سِيَّمَا فِي مَوَاضِعِ الزَّحْمَةِ وَالْغَفْلَةِ كَالْأَسْوَاقِ. (وَلَا يَتَخَطَّى) غَيْرُ الْإِمَامِ رِقَابَ النَّاسِ، بَلْ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ كَمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ فَإِنْ ضَاقَ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَضِقْ. [فَرْعٌ] لَوْ تَوَقَّفَ إدْرَاكُ الْجُمُعَةِ عَلَى السَّعْيِ قَبْلَ الْفَجْرِ لَمْ يَجِبْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ وَصَرِيحُ كَلَامِهِمْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ بَعْضِ اللِّبَاسِ اللَّائِقِ بِهِ عُذْرٌ) وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ النَّاسَ لَا يَعُدُّونَ الْإِسْرَاعَ لِلْعِبَادَةِ مُزْرِيًا وَيَعُدُّونَ غَيْرَهُ مُخِلًّا بِالْمُرُوءَةِ، وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يُقَالُ حِينَئِذٍ: إنَّ الْمَشْيَ غَيْرُ لَائِقٍ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ غَيْرُ لَائِقٍ بِهِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهِ لِخُصُوصِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ) أَيْ بَلْ فِي سَائِرِ الْعِبَادَاتِ لِمُطِيقِ الْمَشْيِ كَمَا قَالَهُ حَجّ (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ الرَّافِعِيُّ بِالذَّهَابِ) أَيْ فَلَا يُسْتَحَبُّ الْمَشْيُ فِي الْعَوْدِ، وَظَاهِرُ الْجَوَابِ عَنْ الرَّدِّ الْآتِي اعْتِمَادُ هَذَا، وَصَرَّحَ بِهِ حَجّ وَعِبَارَتُهُ: وَأَنْ يَكُونَ طَرِيقُ ذَهَابِهِ أَطْوَلَ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ، وَيَتَخَيَّرُ فِي عَوْدِهِ بَيْنَ الرُّكُوبِ وَالْمَشْيِ كَمَا يَأْتِي فِي الْعِيدِ اهـ. وَنَقَلَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ وَأَقَرَّهُ (قَوْلُهُ: بِسُكُونٍ كَالْمَاشِي) أَيْ فَلَوْ لَمْ يُمْكِنْ تَسْيِيرُهَا بِسُكُونٍ لِصُعُوبَتِهَا وَاعْتِيَادِهَا الْعَدْوَ رَكِبَ غَيْرَهَا إنْ تَيَسَّرَ لَهُ ذَلِكَ لِتَحْصِيلِ تِلْكَ السُّنَّةِ. (قَوْلُهُ وَالرُّجُوعُ فِي آخَرَ) أَيْ إنْ سَهُلَ (قَوْلُهُ: مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَلْتَهِ صَاحِبُهَا) وَمِثْلُ ذَلِكَ الْقِرَاءَةُ فِي الْقَهَاوِي وَالْأَسْوَاقِ (قَوْلُهُ: وَادَّعَى الْأَذْرَعِيُّ) ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَخَطَّى غَيْرُ الْإِمَامِ) وَمِثْلُهُ: أَيْ الْغَيْرُ بِالْأَوْلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ التَّخَطِّي لِتَفْرِقَةِ الْأَجْزَاءِ أَوْ تَبْخِيرِ الْمَسْجِدِ أَوْ سَقْيِ الْمَاءِ أَوْ السُّؤَالِ لِمَنْ يَقْرَأُ فِي الْمَسْجِدِ، وَالْكَرَاهَةُ مِنْ حَيْثُ التَّخَطِّي، أَمَّا السُّؤَالُ بِمُجَرَّدِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ، بَلْ هُوَ سَعْيٌ فِي خَيْرٍ وَإِعَانَةٌ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَرْغَبْ الْحَاضِرُونَ الَّذِينَ يَتَخَطَّاهُمْ فِي ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ تَخَطِّي الْمُعَظَّمِ فِي النُّفُوسِ. قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَإِنْ قُلْت: مَا وَجْهُ تَرْجِيحِ الْكَرَاهَةِ عَلَى الْحُرْمَةِ مَعَ أَنَّ الْإِيذَاءَ حَرَامٌ، وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْت؟ قُلْت: لَيْسَ كُلُّ إيذَاءٍ حَرَامًا، وَلِلْمُتَخَطِّي هُنَا غَرَضٌ فَإِنَّ التَّقَدُّمَ أَفْضَلُ اهـ (قَوْلُهُ رِقَابُ النَّاسِ) يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالرِّقَابِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّخَطِّي أَنْ يَرْفَعَ رِجْلَهُ بِحَيْثُ تُحَاذِي فِي تَخَطِّيهِ أَعْلَى مَنْكِبِ الْجَالِسِ، وَعَلَيْهِ فَمَا يَقَعُ مِنْ الْمُرُورِ بَيْنَ النَّاسِ لِيَصِلَ إلَى نَحْوِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ لَيْسَ مِنْ التَّخَطِّي بَلْ مِنْ خَرْقِ الصُّفُوفِ إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ فُرَجٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فِي الْمَجْمُوعِ، وَإِنْ نُقِلَ عَنْ النَّصِّ حُرْمَتُهُ، وَاخْتَارَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي الشَّهَادَاتِ لِمَا صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى وَهُوَ يَخْطُبُ رَجُلًا يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ فَقَالَ لَهُ: اجْلِسْ، فَقَدْ آذَيْت» . وَيُكْرَهُ التَّخَطِّي أَيْضًا فِي غَيْرِ مَوَاضِعِ الصَّلَاةِ مِنْ الْمُتَحَدِّثَاتِ وَنَحْوِهَا، وَاقْتِصَارُهُمْ عَلَى مَوَاضِعِهَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَيَحْرُمُ أَنْ يُقِيمَ أَحَدًا لِيَجْلِسَ مَكَانَهُ بَلْ يَقُولُ تَفَسَّحُوا لِلْأَمْرِ بِهِ، فَإِنْ قَامَ الْجَالِسُ: بِاخْتِيَارِهِ وَأَجْلَسَ غَيْرَهُ فِيهِ لَمْ يُكْرَهْ لِلْجَالِسِ وَلَا لِمَنْ قَامَ مِنْهُ إنْ انْتَقَلَ إلَى مَكَان أَقْرَبَ إلَى الْإِمَامِ أَوْ مِثْلَهُ، وَإِلَّا كُرِهَ إنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ لِأَنَّ الْإِيثَارَ بِالْقُرْبِ مَكْرُوهٌ، بِخِلَافِهِ فِي حُظُوظِ النَّفْسِ فَإِنَّهُ مَطْلُوبٌ {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} [الحشر: 9] وَلَوْ آثَرَ شَخْصًا أَحَقَّ بِذَلِكَ الْمَحَلِّ مِنْهُ لِكَوْنِهِ قَارِئًا أَوْ عَالِمًا يَلِي الْإِمَامَ لِعِلْمِهِ أَوْ يَرُدُّ عَلَيْهِ إذَا غَلِطَ فَهَلْ يُكْرَهُ أَيْضًا أَوْ لَا لِكَوْنِهِ مَصْلَحَةً عَامَّةً؟ الْأَوْجَهُ الثَّانِي، وَيَجُوزُ أَنْ يَبْعَثَ مَنْ يَقْعُدَ لَهُ فِي مَكَان لِيَقُومَ عَنْهُ إذَا قَدِمَ هُوَ، وَلِغَيْرِهِ تَنْحِيَةُ فَرْشِ مَنْ بَعَثَهُ قَبْلَ حُضُورِهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ بِهِ أَحَدٌ وَالْجُلُوسُ فِي مَحَلِّهِ لَكِنَّهُ إنْ رَفَعَهُ بِيَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ. نَعَمْ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ فَرْشِ السَّجَّادَاتِ بِالرَّوْضَةِ الشَّرِيفَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْفَجْرِ أَوْ طُلُوعِ الشَّمْسِ قَبْلَ حُضُورِ أَصْحَابِهَا مَعَ تَأَخُّرِهِمْ إلَى الْخُطْبَةِ أَوْ مَا يُقَارِبُهَا لَا بُعْدَ فِي كَرَاهَتِهِ، بَلْ قَدْ يُقَالُ بِتَحْرِيمِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَحْجِيرِ الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ عِنْدَ غَلَبَةِ الظَّنِّ بِحُصُولِ ضَرَرٍ لِمَنْ نَحَّاهَا وَجَلَسَ مَكَانَهَا وَيُؤَيِّدُ قَوْلَهُمْ: يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ الصَّوْمُ مَعَ حُضُورِ حَلِيلِهَا وَإِنْ جَازَ لَهُ وَطْؤُهَا لِأَنَّهُ يَهَابُ قَطْعَ الصَّوْمِ وَإِنْ كَانَ جَائِزًا لَهُ، وَبِهِ فَارَقَ مَنْ بَعَثَ مَنْ يَقْعُدُ لَهُ لِأَنَّ لِلْجَالِسِ بِهِ فَائِدَةً وَهِيَ إحْيَاءُ الْبُقْعَةِ، أَمَّا الْإِمَامُ إذَا لَمْ يَبْلُغْ الْمِحْرَابَ أَوْ الْمِنْبَرَ إلَّا بِهِ فَلَا يُكْرَهُ لَهُ لِاضْطِرَارِهِ إلَيْهِ. وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا صُوَرٌ: مِنْهَا مَا إذَا وَجَدَ فِي الصُّفُوفِ الَّتِي بَيْنَ يَدَيْهِ فُرْجَةً لَمْ يَبْلُغْهَا إلَّا بِتَخَطِّي رَجُلٍ أَوْ رَجُلَيْنِ فَلَا يُكْرَهُ لَهُ، وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهَا لِتَقْصِيرِ الْقَوْمِ بِإِخْلَاءِ فُرْجَةٍ، لَكِنْ يُسَنُّ لَهُ عَدَمُ التَّخَطِّي إذَا وَجَدَ غَيْرَهَا، فَإِنْ زَادَ التَّخَطِّي عَلَيْهِمْ وَلَوْ مِنْ صَفٍّ وَاحِدٍ وَرَجَا أَنْ يَتَقَدَّمُوا إلَى الْفُرْجَةِ إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ كُرِهَ لِكَثْرَةِ الْأَذَى وَمِنْهَا الرَّجُلُ الْمُعَظَّمُ فِي النُّفُوسِ إذَا أَلِفَ مَوْضِعًا لَا يُكْرَهُ لَهُ لِقِصَّةِ عُثْمَانَ الْمَشْهُورَةِ وَتَخَطِّيهِ وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ، قَالَهُ الْقَفَّالُ وَالْمُتَوَلِّي، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَنْ ظَهَرَ صَلَاحُهُ وَوِلَايَتُهُ فَإِنَّ النَّاسَ يَتَبَرَّكُونَ بِهِ وَيُسَرُّونَ بِتَخَطِّيهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَظَّمًا لَمْ يَتَخَطَّ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَحَلٌّ مَأْلُوفٌ كَمَا قَالَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي الصُّفُوفِ يَمْشِي فِيهَا (قَوْلُهُ: مِنْ الْمُتَحَدَّثَاتِ) أَيْ الْمُبَاحَةِ أَوْ مُتَحَدِّثَاتِ الْخَيْرِ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ حَجّ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ أَنْ يُقِيمَ أَحَدًا لِيَجْلِسَ مَكَانَهُ) أَيْ حَيْثُ كَانُوا كُلُّهُمْ يَنْتَظِرُونَ الصَّلَاةَ كَمَا هُوَ الْغَرَضُ، أَمَّا مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ إقَامَةِ الْجَالِسِينَ فِي مَوْضِعِ الصَّفِّ مِنْ الْمُصَلِّينَ جَمَاعَةً إذَا حَضَرَتْ جَمَاعَةٌ بَعْدَهُمْ وَأَرَادُوا فِعْلَهَا فَالظَّاهِرُ أَنْ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَلَا حُرْمَةَ، لِأَنَّ الْجَالِسَ ثَمَّ مُقَصِّرٌ بِاسْتِمْرَارِ الْجُلُوسِ الْمُؤَدِّي لِتَفْوِيتِ الْفَضِيلَةِ عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ أَنْ يَبْعَثَ) أَيْ فَهُوَ مُبَاحٌ وَلَيْسَ مَكْرُوهًا وَلَا خِلَافَ الْأَوْلَى، بَلْ لَوْ قِيلَ بِنَدْبِهِ لِكَوْنِهِ وَسِيلَةً إلَى الْقُرْبِ مِنْ الْإِمَامِ مَثَلًا لَمْ يَبْعُدْ (قَوْلُهُ: مَنْ يَقْعُدُ لَهُ فِي مَكَان إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ الْمَبْعُوثُ حُضُورَ الْجُمُعَةِ بَلْ كَانَ عَزْمُهُ أَنَّهُ إذَا حَضَرَ مَنْ بَعَثَهُ انْصَرَفَ هُوَ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ الَّتِي فَرَّقَ بِهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَضْعِ السَّجَّادَةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ بِهِ أَحَدٌ) أَيْ جَالِسٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بَلْ قَدْ يُقَالُ بِتَحْرِيمِهِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ الصَّوْمُ) أَيْ صَوْمُ النَّفْلِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْوَاجِبِ الْمُوَسَّعِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْإِمَامُ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ غَيْرَ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ زَادَ التَّخَطِّي عَلَيْهِمَا) أَيْ الرَّجُلَيْنِ (قَوْلُهُ: إذَا أَلِفَ مَوْضِعًا) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: بِالرَّوْضَةِ الشَّرِيفَةِ) لَيْسَتْ قَيْدًا فِي الْحُكْمِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، بَلْ سَائِرُ الْمَسَاجِدِ حُكْمُهَا كَذَلِكَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ: لِمَا فِيهِ مِنْ تَحْجِيرِ الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ، وَإِنَّمَا خَصَّ الرَّوْضَةَ الشَّرِيفَةَ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الْوَاقِعُ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ صَفٍّ وَاحِدٍ) اُنْظُرْ مَا صُورَةُ الزِّيَادَةِ فِي الصَّفِّ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ: وَرَجَا أَنْ يَتَقَدَّمُوا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَرْجُ ذَلِكَ فَلَا كَرَاهَةَ فَتَنَبَّهْ

الْبَنْدَنِيجِيُّ. وَمِنْهَا إذَا جَلَسَ دَاخِلَ الْجَامِعِ عَلَى طَرِيقِ النَّاسِ. وَمِنْهَا إذَا سَبَقَ الْعَبِيدُ وَالصِّبْيَانُ أَوْ غَيْرُ الْمُسْتَوْطِنِينَ إلَى الْجَامِعِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْكَامِلِينَ إذَا حَضَرُوا التَّخَطِّي لِسَمَاعِ الْأَرْكَانِ إذَا تَوَقَّفَ سَمَاعُ ذَلِكَ عَلَيْهِ. (وَ) يُسَنُّ (أَنْ يَتَزَيَّنَ) حَاضِرُ الْجُمُعَةِ إذَا كَانَ ذَكَرًا (بِأَحْسَنِ ثِيَابِهِ) لِخَبَرِ «مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَبِسَ مِنْ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ وَمَسَّ مِنْ طِيبٍ إنْ كَانَ عِنْدَهُ ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ وَلَمْ يَتَخَطَّ أَعْنَاقَ النَّاسِ ثُمَّ صَلَّى مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ ثُمَّ أَنْصَتَ إذَا خَرَجَ إمَامُهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ جُمُعَتِهِ الَّتِي قَبْلَهَا» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ فِي صَحِيحَيْهِمَا وَأَفْضَلُهُمَا فِي الْأَلْوَانِ الْبَيَاضُ لِخَبَرِ «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا خَيْرُ ثِيَابِكُمْ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» زَادَ الصَّيْمَرِيُّ: وَأَنْ تَكُونَ جَدِيدَةً، قَيَّدَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بَحْثًا بِغَيْرِ أَيَّامِ الشِّتَاءِ وَالْوَحْلِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ خُشِيَ تَلْوِيثُهَا، ثُمَّ مَا صُبِغَ غَزْلُهُ قَبْلَ نَسْجِهِ كَالْبُرْدِ لَا مَا صُبِغَ مَنْسُوجًا، بَلْ ذَهَبَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ إلَى كَرَاهَةِ لُبْسِهِ، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي بَابِ مَا يَجُوزُ لَهُ لُبْسُهُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لُبْسُ مَصْبُوغٍ بِغَيْرِ الزَّعْفَرَانِ، وَالْعُصْفُرِ وَيُسَنُّ لِلْإِمَامِ الزِّيَادَةُ فِي حُسْنِ الْهَيْئَةِ وَالْعِمَّةِ وَالِارْتِدَاءِ لِلِاتِّبَاعِ وَلِأَنَّهُ مَنْظُورٌ إلَيْهِ. وَفِي الْمَجْمُوعِ: الْأَوْلَى لَهُ تَرْكُ لُبْسِ السَّوَادِ حَيْثُ لَمْ يَخْشَ مَفْسَدَةً بَلْ الْمُوَاظَبَةُ عَلَى لُبْسِهِ بِدْعَةٌ إلَّا أَنَّ مُنِعَ الْخَطِيبُ مِنْ الْخُطْبَةِ إلَّا بِهِ، أَمَّا الْمَرْأَةُ فَيُكْرَهُ لَهَا الطِّيبُ وَالزِّينَةُ وَفَاخِرُ الثِّيَابِ عِنْدَ إرَادَتِهَا حُضُورَهَا. نَعَمْ يُسَنُّ لَهَا قَطْعُ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ وَيُلْحَقُ بِهَا الْخُنْثَى (وَطِيبٍ) لِلْخَبَرِ الْمَارِّ مَا لَمْ يَكُنْ صَائِمًا فِيمَا يَظْهَرُ (وَإِزَالَةِ ظُفْرٍ) مِنْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ لَا إحْدَاهُمَا فَيُكْرَهُ بِلَا عُذْرٍ، وَالشُّعُورِ فَيَنْتِفُ إبْطَهُ وَيَقُصُّ شَارِبَهُ وَيَحْلِقُ عَانَتَهُ وَيَقُومُ مَقَامَ حَلْقِهَا قَصُّهَا أَوْ نَتْفُهَا، أَمَّا الْمَرْأَةُ فَتَنْتِفُ عَانَتَهَا بَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهَا إزَالَتُهَا عِنْدَ أَمْرِ الزَّوْجِ لَهَا بِهِ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ «كَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ وَيَقُصُّ شَارِبَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الْخُرُوجِ إلَى الصَّلَاةِ» قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَيُسْتَحَبُّ قَلْمُ الْأَظْفَارِ فِي كُلِّ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ أَوْ لَمْ يَأْلَفْ (قَوْلُهُ: إذَا تَوَقَّفَ سَمَاعُ ذَلِكَ عَلَيْهِ) أَيْ بَلْ يَجِبُ إقَامَتُهُمْ مِنْ مَجَالِسِهِمْ إذَا تَوَقَّفَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَبِهِ يُقَيَّدُ قَوْلُهُمْ إذَا سَبَقَ الصَّبِيُّ إلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ لَا يُقَامُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: حَاضِرُ الْجُمُعَةِ) أَيْ مُرِيدُ حُضُورِهَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ صَلَّى مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ) أَيْ مَا طُلِبَ مِنْهُ صَلَاتُهُ كَالتَّحِيَّةِ (قَوْلُهُ: كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا بَيْنَهَا) هَذَا يَقْضِي أَنَّ تَكْفِيرَ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ مَشْرُوطٌ بِمَا ذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَضِيَّةُ الْحَدِيثِ السَّابِقِ فِي قَوْلِهِ مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ فَدَنَا وَاسْتَمَعَ إلَخْ خِلَافُهُ، فَلَعَلَّ مَا هُنَا بَيَانٌ لِلْأَكْمَلِ (قَوْلُهُ: الْبَيَاضُ) هَلْ يَحْصُلُ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ مَغْصُوبًا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْحُصُولُ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَهَى عَنْ لُبْسِهِ لِحَقِّ الْغَيْرِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ تَوَضَّأَ بِالْمَاءِ الْمَغْصُوبِ فَإِنَّهُ يُثَابُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الْوُضُوءُ وَإِنْ عُوقِبَ مِنْ حَيْثُ إتْلَافُ مَالِ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ تَكُونَ جَدِيدَةً) أَيْ إنْ تَيَسَّرَتْ لَهُ وَإِلَّا فَمَا قَرُبَ مِنْ الْجَدِيدَةِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ. وَفِي سم عَلَى حَجّ: بَقِيَ مَا لَوْ كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ يَوْمَ عِيدٍ فَهَلْ يُرَاعِي الْجُمُعَةَ فَيُقَدِّمُ الْأَبْيَضَ أَوْ الْعِيدَ فَالْأَغْلَى أَوْ يُرَاعِي الْجُمُعَةَ وَقْتَ إقَامَتِهَا فَيُقَدِّمُ الْأَبْيَضَ حِينَئِذٍ وَالْعِيدَ فِي بَقِيَّةِ الْيَوْمِ فَيُقَدِّمُ الْأَغْلَى فِيهَا (لَكِنْ قَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا الْأَخِيرِ أَنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ فِي كُلِّ زَمَنٍ) أَنَّهُ لَوْ رُوعِيَتْ الْجُمُعَةُ رُوعِيَتْ فِي جَمِيعِ الْيَوْمِ، وَقَدْ يُرَجَّحُ مُرَاعَاةُ الْعِيدِ مُطْلَقًا إذْ الزِّينَةُ فِيهِ آكَدٌّ مِنْهَا فِي الْجُمُعَةِ، وَلِهَذَا سُنَّ الْغُسْلُ وَغَيْرُهُ فِيهِ لِكُلِّ أَحَدٍ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ اهـ. (قَوْلُهُ: كَالْبُرُدِ) وَالْجَمْعُ بُرُودٌ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهْ لُبْسُ مَصْبُوغٍ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: بَلْ الْمُوَاظَبَةُ عَلَى لُبْسِهِ) أَيْ لِكُلِّ أَحَدٍ: أَيْ عَلَى الرَّأْسِ وَغَيْرِهِ، وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ غَرَضٌ كَتَحَمُّلِهِ الْوَسَخَ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ مُنِعَ الْخَطِيبُ) هُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ أَوْلَوِيَّةِ تَرْكِ لُبْسِ السَّوَادِ لَا مِنْ قَوْلِهِ وَالْمُوَاظَبَةُ عَلَيْهِ بِدْعَةٌ، لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْهُ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ بِدْعَةً وَإِنْ صَارَ بِهِ مَعْذُورًا فِي اللُّبْسِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمَرْأَةُ) أَيْ وَلَوْ عَجُوزًا (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُسَنُّ لَهَا قَطْعُ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ) أَيْ وَإِنْ ظَهَرَ لِمَا تُزِيلُ بِهِ رِيحٌ حَيْثُ لَمْ يَتَأَتَّ إلَّا بِهِ (قَوْلُهُ بَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهَا إزَالَتُهَا) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى إزَالَتِهَا ضَرَرٌ بِمُخَالَفَةِ الْعَادَةِ فِي فِعْلِهَا (قَوْلُهُ يُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ) بَابُهُ ضَرَبَ مُخْتَارٌ: أَيْ فَهُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَكَسْرِ اللَّامِ مُخَفَّفَةً وَيَجُوزُ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

عَشَرَةِ أَيَّامٍ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ كُلَّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا مَعَ أَنَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ مُؤَقَّتٌ بِطُولِهَا عَادَةً وَيَخْتَلِفُ حِينَئِذٍ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: الْأَوْلَى فِي الْأَظْفَارِ مُخَالَفَتُهَا، فَقَدْ رُوِيَ «مَنْ قَصَّ أَظْفَارَهُ مُخَالِفًا لَمْ يَرَ فِي عَيْنَيْهِ رَمَدًا» وَفَسَّرَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بَطَّةَ أَنْ يَبْدَأَ بِخِنْصَرِ الْيَمَنِيِّ ثُمَّ الْوُسْطَى ثُمَّ الْإِبْهَامِ ثُمَّ الْبِنْصِرِ ثُمَّ الْمُسَبِّحَةِ ثُمَّ بِإِبْهَامِ الْيُسْرَى ثُمَّ الْوُسْطَى ثُمَّ الْخِنْصَرِ ثُمَّ السَّبَّابَةِ ثُمَّ الْبِنْصِرِ، لَكِنْ ذَهَبَ الْغَزَالِيُّ إلَى أَنَّهُ يَبْدَأُ بِمُسَبِّحَةِ يَدِهِ الْيُمْنَى ثُمَّ بِالْوُسْطَى ثُمَّ بِالْبِنْصِرِ ثُمَّ بِالْخِنْصَرِ ثُمَّ بِخِنْصَرِ الْيُسْرَى ثُمَّ بِنْصِرِهَا ثُمَّ الْوُسْطَى ثُمَّ الْإِبْهَامِ ثُمَّ الْمُسَبِّحَةِ ثُمَّ إبْهَامِ الْيُمْنَى ثُمَّ يَبْدَأُ بِخِنْصَرِ الرَّجُلِ الْيُمْنَى، وَحُكِيَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْهُ وَقَالَ: إنَّهُ حَسَنٌ إلَّا تَأْخِيرَ إبْهَامِ الْيُمْنَى أَنْ يُقَلِّمَهَا بَعْدَ خِنْصَرِهَا، وَبِهِ جَزَمَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي غَيْرِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ لِمُرِيدِ التَّضْحِيَةِ. وَلَا يُسَنُّ حَلْقُ الرَّأْسِ مِنْ غَيْرِ نُسُكٍ أَوْ مَوْلُودٍ فِي سَابِعِ وِلَادَتِهِ أَوْ كَافِرٍ أَسْلَمَ كَمَا مَرَّ فِيهِ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ مُبَاحٌ، وَيُسْتَحَبُّ لَهُ دَفْنُ مَا يُزِيلُهُ مِنْ ظُفْرٍ وَشَعْرٍ وَدَمٍ (وَ) إزَالَةُ (الرِّيحِ) الْكَرِيهَةِ كَالصُّنَانِ لِلتَّأَذِّي بِهِ فَيُزِيلُهُ بِالْمَاءِ أَوْ غَيْرِهِ. قَالَ إمَامُنَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَنْ نَظَّفَ ثَوْبَهُ قَلَّ هَمُّهُ، وَمَنْ طَابَ رِيحُهُ زَادَ عَقْلُهُ. وَهَذِهِ الْأُمُورُ وَإِنْ اُسْتُحِبَّتْ لِكُلِّ حَاضِرِ جَمْعٍ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فَهِيَ فِي الْجُمُعَة آكَدُ اسْتِحْبَابًا. (قُلْت: وَأَنْ يَقْرَأَ الْكَهْفَ) فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ شَذَّ فَكَرِهَ ذِكْرَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ سُورَةٍ (يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا) وَيُسْتَحَبُّ الْإِكْثَارُ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا كَمَا نُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ، فَقَدْ صَحَّ «مَنْ قَرَأَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ مِنْ النُّورِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ» وَوَرَدَ «مَنْ قَرَأَهَا لَيْلَتَهَا أَضَاءَ لَهُ مِنْ النُّورِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ» وَقِرَاءَتُهَا نَهَارًا آكَدُ، وَأَوْلَاهَا بَعْدَ الصُّبْحِ مُسَارَعَةً لِلْخَيْرِ مَا أَمْكَنَ، وَحِكْمَةُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ فِيهَا أَهْوَالَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَالْجُمُعَةُ تُشْبِهُهَا لِمَا فِيهِ مِنْ اجْتِمَاعِ الْخَلْقِ وَلِأَنَّ الْقِيَامَةَ تَقُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ كَمَا فِي مُسْلِمٍ (وَيُكْثِرُ الدُّعَاءَ) يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا لِيُصَادِفَ سَاعَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْضًا ضَمُّ الْيَاءِ وَفَتْحُ الْقَافِ وَتَشْدِيدُ اللَّامِ، وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَمْ تُعْلَمْ الرِّوَايَةُ، فَإِنْ عُلِمَتْ تَعَيَّنَ مَا فِيهَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَبْدَأُ بِخِنْصَرِ الرِّجْلِ الْيُمْنَى) أَيْ إلَى خِنْصَرِ الرِّجْلِ الْيُسْرَى عَلَى التَّوَالِي اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَبِهِ جَزَمَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ) وَصَرَّحَ بِاعْتِمَادِهِ حَجّ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ. قَالَ حَجّ: وَيَنْبَغِي الْبِدَارُ بِغَسْلِ مَحَلِّ الْقَلْمِ لِأَنَّ الْحَكَّ بِهِ قَبْلَهُ يُخْشَى مِنْهُ الْبَرَصُ، وَيُسَنُّ فِعْلُ ذَلِكَ يَوْمَ الْخَمِيسِ أَوْ بُكْرَةَ الْجُمُعَةِ لِوُرُودِ كُلٍّ وَكَرِهَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ نَتْفَ الْأَنْفِ قَالَ: بَلْ يَقُصُّهُ لِحَدِيثٍ فِيهِ، قِيلَ بَلْ فِي حَدِيثٍ أَنَّ فِي بَقَائِهِ أَمَانًا مِنْ الْجُذَامِ اهـ. وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلّه مَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ تَشْوِيهٌ وَإِلَّا فَيُنْدَبُ قَصُّهُ. (قَوْلُهُ: وَمَا سِوَى ذَلِكَ مُبَاحٌ) إلَّا أَنْ يَتَأَذَّى بِبَقَاءِ شَعْرِهِ أَوْ شَنَّ عَلَيْهِ تَعَهُّدُهُ فَيُنْدَبُ اهـ حَجّ: أَيْ أَوْ صَارَ تَرْكُهُ مَحَلًّا بِالْمُرُوءَةِ كَمَا فِي زَمَنِنَا فَيُنْدَبُ، وَيَنْبَغِي لَهُ إذَا أَرَادَ الْجَمْعَ بَيْنَ الْحَلْقِ وَالْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنْ يُؤَخِّرَ الْحَلْقَ عَنْ الْغُسْلِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ جَنَابَةٌ لِيُزِيلَ الْغُسْلُ أَثَرَهَا عَنْ الشَّعْرِ (قَوْلُهُ: وَشَعْرُ) قَدْ يَشْمَلُ شَعْرَ الْعَوْرَةِ، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ الْوَاجِبُ سَتْرُهُ عَنْ الْأَعْيُنِ، وَهَلْ يَحْرُمُ إلْقَاءُ ذَلِكَ فِي النَّجَاسَةِ كَالْأَخْلِيَةِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَظَاهِرُ إطْلَاقِ سَنِّ الدَّفْنِ الثَّانِي فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ لَوْ لَمْ يَفْعَلْهُ صَاحِبُ الشَّعْرِ يَنْبَغِي لِغَيْرِهِ مُزَيِّنًا أَوْ غَيْره فِعْلُهُ لِطَلَبِ سَتْرِهِ عَنْ الْأَعْيُنِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ وَاحْتِرَامِهِ وَمِنْ ثَمَّ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ فِيمَا يُنْتَفَعُ بِهِ كَسَتْرِ إنَاءٍ بِهِ أَوْ اتِّخَاذِ خَيْطٍ مِنْهُ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ فَكُرِهَ ذِكْرُ ذَلِكَ) أَيْ كُرِهَ فِي جَمِيعِ الْقُرْآنِ أَنْ يُذْكَرَ اسْمُ الصُّورَةِ مِنْ غَيْرِ إضَافَةِ لَفْظِ سُورَةِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ الْإِكْثَارُ) وَأَقَلُّ الْإِكْثَارِ ثَلَاثَةٌ (قَوْلُهُ: أَضَاءَ لَهُ مِنْ النُّورِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ) هَلْ وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْهَا فِي الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى أَوْ بِشَرْطِهِ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ كُلَّ جُمُعَةٍ ثَوَابُ الْقِرَاءَةِ فِيهَا مُتَعَلِّقٌ بِمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى فَلَا ارْتِبَاطَ لِوَاحِدَةٍ مِنْ الْجُمَعِ بِغَيْرِهَا (قَوْلُهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ فَيَكُونُ نُورُ الْأَبْعَدِ أَكْثَرَ مِنْ نُورِ الْأَقْرَبِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيْحُكُمْ مَا يُرِيدُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ نُورَ الْأَقْرَبِ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مَسَافَةً يُسَاوِي نُورَ الْأَبْعَدِ أَوْ يَزِيدُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ أَطْوَلَ مَسَافَةً اهـ سم عَلَى حَجّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الْإِجَابَةِ، فَقَدْ صَحَّ «لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ» وَالْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ انْتِظَارُهَا وَبِالْقِيَامِ الْمُلَازَمَةُ وَأَرْجَاهَا مِنْ جُلُوسِ الْخَطِيبِ إلَى آخِرِ الصَّلَاةِ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَالْمُرَادُ عَدَمُ خُرُوجِهَا عَنْ هَذَا الْوَقْتِ لَا أَنَّهَا مُسْتَغْرِقَةٌ لَهُ لِأَنَّهَا لَحْظَةٌ لَطِيفَةٌ وَخَبَرُ «الْتَمِسُوهَا آخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: يُحْتَمَلُ أَنَّهَا مُنْتَقِلَةٌ تَكُونُ يَوْمًا فِي وَقْتٍ وَيَوْمًا فِي آخَرَ كَمَا هُوَ الْمُخْتَارُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّ وَقْتَ الْخُطْبَةِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَوْقَاتِ الْبُلْدَانِ بَلْ فِي الْبَلْدَةِ الْوَاحِدَةِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا سَاعَةُ الْإِجَابَةِ فِي حَقِّ كُلِّ أَهْلِ مَحَلٍّ مِنْ جُلُوسِ خَطِيبِهِ إلَى آخِرِ الصَّلَاةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا مُبْهَمَةٌ بَعْدَ الزَّوَالِ فَقَدْ يُصَادِفُهَا أَهْلُ مَحَلٍّ وَلَا يُصَادِفُهَا أَهْلُ مَحَلٍّ آخَرَ يَتَقَدَّمُ أَوْ تَأَخَّرَ. وَسُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ: كَيْفَ يُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ وَهُوَ مَأْمُورٌ بِالْإِنْصَاتِ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الدُّعَاءِ التَّلَفُّظُ بَلْ اسْتِحْضَارُ ذَلِكَ بِقَلْبِهِ كَافٍ فِي ذَلِكَ. وَقَالَ الْحَلِيمِيُّ فِي مِنْهَاجِهِ: وَهَذَا إمَّا أَنْ يَكُونَ إذَا جَلَسَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يَفْتَتِحَ الْخُطْبَةَ وَإِمَّا بَيْنَ خُطْبَتَيْهِ وَإِمَّا بَيْنَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ، وَإِمَّا فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ. قَالَ النَّاشِرِيُّ: وَهَذَا يُخَالِفُ قَوْلَ الْبُلْقِينِيِّ وَهُوَ أَظْهَرُ. وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَصِلَ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ بِصَلَاةٍ أُخْرَى وَلَوْ سُنَّتَهَا بَلْ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِنَحْوِ تَحَوُّلِهِ أَوْ كَلَامٍ لِخَبَرٍ فِيهِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَيُكْرَهُ تَشْبِيكُ الْأَصَابِعِ وَالْعَبَثِ حَالَ الذَّهَابِ لِصَلَاةٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ جُمُعَةً وَانْتِظَارُهَا وَلَا يُعَارِضُهُ تَشْبِيكُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ مَا سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ لِأَنَّهُ كَانَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فِي اعْتِقَادِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSفَائِدَةٌ] قَالَ السُّيُوطِيّ فِي كِتَابِ الْكَلِمِ الطَّيِّبِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ: كَيْفِيَّةُ صَلَاةِ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ لِحِفْظِ الْقُرْآنِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ يَقْرَأُ فِيهَا يس وَالَمْ تَنْزِيلُ السَّجْدَةَ وَالدُّخَانَ وَتَبَارَكَ، فَإِذَا فَرَغَ حَمِدَ وَأَحْسَنَ الثَّنَاءَ وَصَلَّى عَلَى مُحَمَّدٍ وَسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَاسْتَغْفَرَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي بِتَرْكِ الْمَعَاصِي أَبَدًا مَا أَبْقَيْتنِي، وَارْحَمْنِي أَنْ أَتَكَلَّفَ مَا لَا يَعْنِينِي، وَارْزُقْنِي حُسْنَ النَّظَرِ فِيمَا يُرْضِيك عَنِّي. اللَّهُمَّ بَدِيعَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ وَالْقُوَّةِ الَّتِي لَا تُرَامُ، أَسْأَلُك يَا اللَّهُ يَا رَحْمَنُ بِجَلَالِك وَنُورِ وَجْهِك أَنْ تُلْزِمَ قَلْبِي حِفْظَ كِتَابِك كَمَا عَلَّمْتَنِي، وَارْزُقْنِي أَنْ أَتْلُوَهُ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي يُرْضِيك عَنِّي. اللَّهُمَّ بَدِيعَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ وَالْعِزَّةِ الَّتِي لَا تُرَامُ، أَسْأَلُك يَا رَحْمَنُ بِجَلَالِك وَنُورِ وَجْهِك أَنْ تُنَوِّرَ بِكِتَابِك بَصَرِي وَأَنْ تُطْلِقَ بِهِ لِسَانِي وَأَنْ تُفَرِّجَ بِهِ عَنْ قَلْبِي وَأَنْ تَشْرَحَ بِهِ صَدْرِي وَأَنْ تَشْغَلَ بِهِ بَدَنِي، فَإِنَّهُ لَا يُعِينُنِي عَنْ الْحَقِّ غَيْرُك وَلَا يُؤْتِينِيهِ إلَّا أَنْتَ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ اهـ. وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُكَرِّرُ الدُّعَاءَ وَلَوْ قِيلَ بِهِ لَكَانَ حَسَنًا. وَقَوْلُهُ وَاسْتَغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ كَأَنْ يَقُولُ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ (قَوْلُهُ: وَأَرْجَاهَا مِنْ جُلُوسِ الْخَطِيبِ إلَخْ) عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ نَحْوِ خَمْسِينَ قَوْلًا اهـ حَجّ فِيمَا تَقَدَّمَ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَلْتَفِتُ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا إلَخْ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ) أَيْ جَوَابًا عَنْ الْخَبَرِ (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ الْمُخْتَارُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) لَعَلَّهُ عِنْدَهُ مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلُ، وَإِلَّا فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا تَلْزَمُ لَيْلَةً بِعَيْنِهَا (قَوْلُهُ: كَافٍ فِي ذَلِكَ) ثُمَّ هُوَ وَإِنْ كَانَ كَافِيًا فِي الدُّعَاءِ لَا يُعَدُّ كَلَامًا فَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِاسْتِحْضَارِ دُعَاءٍ مُحَرَّمٍ أَوْ مُشْتَمِلٍ عَلَى خِطَابٍ، بَلْ وَلَا يُثَابُ عَلَيْهِ ثَوَابَ الذِّكْرِ (قَوْلُهُ وَهَذَا يُخَالِفُ قَوْلَ الْبُلْقِينِيِّ وَهُوَ أَظْهَرُ) أَيْ مِمَّا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ نَظَرٍ لِمَا فِي اشْتِغَالِهِ بِالدُّعَاءِ بِالْقَلْبِ مِنْ الْإِعْرَاضِ عَنْ الْخَطِيبِ، غَيْرَ أَنَّهُ إذَا بَنَى عَلَى كَلَامِ الْحَلِيمِيِّ جَازَ أَنْ يَكُونَ وَقْتُ الْإِجَابَةِ وَقْتَ الْخُطْبَةِ أَوْ وَقْتَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فَلَا يُصَادِفُهُ إذَا لَمْ يَدْعُ فِيهِ. (قَوْلُهُ وَانْتِظَارُهَا) أَيْ حَيْثُ جَلَسَ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ، أَمَّا إذَا جَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ لَا لِلصَّلَاةِ بَلْ لِغَيْرِهَا كَحُضُورِ دَرْسٍ أَوْ كِتَابَةٍ فَلَا يُكْرَهُ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَهُوَ أَظْهَرُ) قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ لَا يُلَاقِي الْحِكْمَةَ فِي طَلَبِ الدُّعَاءِ حِينَئِذٍ وَهِيَ تَحَرِّي مُصَادَفَةِ سَاعَةِ الْإِجَابَةِ، وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالِاشْتِغَالِ بِهِ حَتَّى تَمُرَّ عَلَيْهِ السَّاعَةُ وَهُوَ مُشْتَغِلٌ.

وَمَنْ جَلَسَ بِطَرِيقِ أَوْ بِمَحَلِّ الْإِمَامِ أُمِرَ بِالْقِيَامِ وَكَذَا مَنْ اسْتَقْبَلَ وُجُوهَ النَّاسِ وَالْمَكَانُ ضَيِّقٌ (وَالصَّلَاةَ) أَيْ وَيُكْثِرُ مِنْ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ (عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) فِي يَوْمِهَا وَلَيْلَتِهَا الْخَبَرَ «إنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فَأَكْثِرُوا مِنْ الصَّلَاةِ عَلَيَّ فِيهِ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَخَبَرُ «أَكْثِرُوا مِنْ الصَّلَاةِ عَلَيَّ فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَمَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا» وَتَنْصِيصُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الصَّلَاةِ لَيْسَ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي حَقِّهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ، وَأَمَّا إذَا انْتَظَرَهُمَا مَعًا فَيَنْبَغِي الْكَرَاهَةُ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ (قَوْلُهُ: أُمِرَ بِالْقِيَامِ) أَيْ نَدْبًا (قَوْلُهُ: وَالصَّلَاةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) لَمْ يَتَعَرَّضْ كحج لِصِيغَةِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيَنْبَغِي أَنْ تَحْصُلَ بِأَيِّ صِيغَةٍ كَانَتْ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَفْضَلَ الصِّيَغِ الصِّيغَةُ الْإِبْرَاهِيمِيَّة. ثُمَّ رَأَيْت فِي فَتَاوَى حَجّ الْحَدِيثِيَّةِ مَا نَصُّهُ نَقْلًا مِنْ ابْنِ الْهُمَامِ أَنَّ أَفْضَلَ الصِّيَغِ مِنْ الْكَيْفِيَّاتِ الْوَارِدَةِ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ: اللَّهُمَّ صَلِّ أَبَدًا أَفْضَلَ صَلَوَاتِك عَلَى سَيِّدِنَا عَبْدِك وَنَبِيِّك وَرَسُولِك مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ تَسْلِيمًا كَثِيرًا، وَزِدْهُ تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا، وَأَنْزِلْهُ الْمَنْزِلَ الْمُقَرَّبَ عِنْدَك يَوْمَ الْقِيَامَةِ اهـ. وَأَقَلُّهُ ثَلَثُمِائَةٍ بِاللَّيْلِ وَمِثْلُهُ بِالنَّهَارِ. ثُمَّ رَأَيْت فِي السَّخَاوِيِّ فِي الْقَوْلِ الْبَدِيعِ فِي الْفَوَائِدِ الَّتِي خَتَمَ بِهَا الْبَابَ الرَّابِعَ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ وَأَكْثِرُوا مِنْ الصَّلَاةِ عَلَيَّ قَالَ أَبُو طَالِبٍ الْمَكِّيُّ صَاحِبُ الْقُوتِ: أَقَلُّ ذَلِكَ ثَلَثُمِائَةٍ. قُلْت: وَلَمْ أَقِفْ عَلَى مُسْتَنِدِهِ فِي ذَلِكَ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ تَلَقَّى ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّالِحِينَ، إمَّا بِالتَّجَارِبِ أَوْ بِغَيْرِهِ، أَوْ يَكُونُ مِمَّنْ يَرَى أَنَّ الْكَثْرَةَ أَقَلُّ مَا تَحْصُلُ بِثَلَثِمِائَةٍ كَمَا حَكَوْا فِي الْمُتَوَاتِرِ قَوْلًا أَنَّ أَقَلَّ مَا يَحْصُلُ بِثَلَثِمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشْرَ وَيَكُونُ هُنَا قَدْ أَلْغَى الْكَسْرَ الزَّائِدَ عَلَى الْمَئِينِ وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى. [فَائِدَةٌ] قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فِي أَوَّلِ الْجُزْءِ الثَّالِثِ بَعْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ الْأَعْمَالَ تُرْفَعُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» مَا نَصُّهُ: أَخَذَ مِنْهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ تَبَعًا لِشَيْخِهِ الْبُرْهَانِ بْنِ أَبِي شَرِيفٍ مَشْرُوعِيَّةَ الِاجْتِمَاعِ لِلصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ وَالِاثْنَيْنِ كَمَا يُفْعَلُ فِي الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ، وَرَفْعَ الصَّوْتِ بِذَلِكَ لِأَنَّ اللَّيْلَةَ مُلْحَقَةٌ بِالْيَوْمِ لِأَنَّ اللَّامَ فِي الْأَعْمَالِ لِلْجِنْسِ فَيَشْمَلُ الذِّكْرَ وَالصَّلَاةَ وَالسَّلَامَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالدُّعَاءَ لَا سِيَّمَا فِي لَيْلَةِ الِاثْنَيْنِ فَإِنَّهَا مُؤَكَّدَةٌ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ إنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ اهـ. وَأَقُولُ: لَا يَخْفَى مَا فِي الْأَخْذِ الْمَذْكُورِ مِنْ الْبُعْدِ وَالتَّعَسُّفِ اهـ. وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ (قَوْلُهُ: أَيْ وَيُكْثِرُ مِنْ الصَّلَاةِ) قَدْ يُشِيرُ هَذَا إلَى أَنَّهُ فِي الْمَتْنِ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْحَدِيثِ وَفِي الْمُخْتَارِ وَاسْتَكْثَرَ مِنْ الشَّيْءِ أَكْثَرَ مِنْهُ اهـ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ) أَيْ تَعْرِضُهَا الْمَلَائِكَةُ، فَمَا اشْتَهَرَ أَنَّهُ يَسْمَعُ فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ وَيَوْمَهَا بِلَا وَاسِطَةٍ لَا أَصْلَ لَهُ. نَعَمْ تَبْلُغُهُ بِلَا وَاسِطَةٍ مِمَّنْ صَلَّى عِنْدَ قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي بَابِ الْحَجِّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَيُسَنُّ زِيَارَةُ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِخَبَرِ «مَنْ زَارَ قَبْرِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي» ثُمَّ قَالَ: وَخَبَرِ «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ عِنْدَ قَبْرِي وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ مَلَكًا يُبَلِّغُنِي وَكُفِيَ أَمْرَ دُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ وَكُنْت لَهُ شَفِيعًا أَوْ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» اهـ. وَبِهَامِشِهِ ثَمَّ مَا نَصُّهُ أَقُولُ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ يَبْلُغُنِي أَنَّهُ لَا يَسْمَعُهُ بِلَا وَاسِطَةِ الْمَلَكِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ بِالْهَامِشِ فِي بَابِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ أَنَّهُ يَسْمَعُ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْقَبْرِ بِلَا وَاسِطَةٍ، فَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا هُنَا عَلَى أَنَّهُ يَبْلُغُ ذَلِكَ مَعَ السَّمَاعِ. ثُمَّ رَأَيْت فِي ابْنِ حَجَرٍ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالدُّرِّ الْمُنَظَّمِ فِي زِيَارَةِ الْقَبْرِ الْمُعَظَّمِ مَا نَصُّهُ تَنْبِيهٌ: يَجْمَعُ بَيْنَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الظَّاهِرَةِ التَّعَارُضُ بِبَادِي الرَّأْيِ وَأَحَادِيثَ أُخَرَ وَرَدَتْ بِمَعْنَاهَا أَوْ قَرِيبٍ مِنْهُ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَالْمَكَانُ ضَيِّقٌ) لَعَلَّ الْمُرَادَ الْمَكَانُ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُصَلِّينَ بِأَنْ يَكُونَ قَرِيبًا مِنْهُمْ

يُقَيِّدُ بَلْ يَجْرِي طَلَبُ الْإِكْثَارِ فِي الذِّكْرِ وَالتِّلَاوَةِ أَيْضًا نَعَمْ يُؤْخَذُ مِنْ الْخَبَرِ أَنَّ الْإِكْثَارَ مِنْهَا أَفْضَلُ مِنْهُ بِذِكْرٍ أَوْ قُرْآنٍ. (وَيَحْرُمُ عَلَى ذِي الْجُمُعَةِ) أَيْ مَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ (التَّشَاغُلُ عَنْهَا) بِأَنْ يَتْرُكَ السَّعْيَ إلَيْهَا (بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ) مِنْ سَائِرِ الْعُقُودِ وَالصَّنَائِعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْأَذَانِ بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: 9] الْآيَةَ، وَقِيسَ بِالْبَيْعِ نَحْوُهُ مِنْ الْعُقُودِ وَغَيْرِهَا مِمَّا مَرَّ: أَيْ مِمَّا شَأْنُهُ أَنْ يُشْغِلَ بِجَامِعِ التَّفْوِيتِ، وَتَقْيِيدُ الْأَذَانِ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ الَّذِي كَانَ فِي عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا مَرَّ فَانْصَرَفَ النِّدَاءُ فِي الْآيَةِ إلَيْهِ، وَلَوْ تَبَايَعَ اثْنَانِ أَحَدُهُمَا تَلْزَمُهُ فَقَطْ وَالْآخَرُ لَا تَلْزَمُهُ أَثِمَ كَمَا قَالَاهُ، بَلْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ لِارْتِكَابِ الْأَوَّلِ النَّهْيَ وَإِعَانَةِ الثَّانِي لَهُ عَلَيْهِ، وَكَمَا لَوْ لَعِبَ شَافِعِيٌّ الشِّطْرَنْجَ مَعَ حَنَفِيٍّ وَنَصُّهُ عَلَى تَخْصِيصِ الْإِثْمِ الْأَوَّلِ مَحْمُولٌ عَلَى إثْمِ التَّفْوِيتِ، أَمَّا إثْمُ الْمُعَاوَنَةِ فَعَلَى الثَّانِي. وَاسْتَثْنَى الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ شِرَاءَ مَاءِ طُهْرِهِ وَشَرِبَهُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِمَا وَمَا دَعَتْ إلَيْهِ حَاجَةُ الطِّفْلِ أَوْ الْمَرِيضِ إلَى شِرَاءِ دَوَاءٍ أَوْ طَعَامٍ وَنَحْوِهِمَا، فَلَا يَعْصِي الْوَلِيُّ وَلَا الْبَائِعُ إذَا كَانَا يُدْرِكَانِ الْجُمُعَةَ مَعَ ذَلِكَ، بَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَإِنْ فَاتَتْ الْجُمُعَةُ فِي صُوَرٍ مِنْهَا إطْعَامُ الْمُضْطَرِّ وَبَيْعُهُ مَا يَأْكُلُهُ وَبَيْعُ كَفَنِ مَيِّتٍ خِيفَ تَغَيُّرُهُ بِالتَّأْخِيرِ وَفَسَادُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَلَهُ الْبَيْعُ وَنَحْوُهُ وَهُوَ سَائِرٌ إلَيْهِ، وَكَذَا فِي الْجَامِعِ لَكِنَّهُ فِيهِ مَكْرُوهٌ، وَلَوْ كَانَ مَنْزِلُهُ بِبَابِ الْمَسْجِدِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ فَهَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَوْ لَا إذَا لَا تَشَاغُلَ كَالْحَاضِرِ فِي الْمَسْجِدِ، كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَكَلَامُهُمْ إلَى الْأَوَّلِ أَقْرَبُ، وَهَلْ الِاشْتِغَالُ بِالْعِبَادَةِ كَالْكِتَابَةِ كَالِاشْتِغَالِ بِنَحْوِ الْبَيْعِ؟ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ نَعَمْ، قَالَ الرُّويَانِيُّ: لَوْ أَرَادَ وَلِيُّ الْيَتِيمِ بَيْعَ مَالِهِ وَقْتَ النِّدَاءِ لِلضَّرُورَةِ وَهُنَاكَ اثْنَانِ أَحَدُهُمَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَبَذَلَ دِينَارًا وَبَذَلَ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ نِصْفَ دِينَارٍ فَمِنْ أَيِّهِمَا يَبِيعُ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ: أَحَدُهُمَا مِنْ الثَّانِي لِئَلَّا يُوقِعَ الْأَوَّلَ فِي الْمَعْصِيَةِ. وَالثَّانِي مِنْ ذِي الْجُمُعَةِ لِأَنَّ الَّذِي إلَيْهِ الْإِيجَابُ غَيْرُ عَاصٍ وَالْقَبُولُ لِلطَّالِبِ وَهُوَ عَاصٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَخَّصَ لَهُ فِي الْقَبُولِ لِيَنْتَفِعَ الْيَتِيمُ إذَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى تَرْكِ الْجُمُعَةِ كَمَا رَخَّصَ لِلْوَلِيِّ فِي الْإِيجَابِ لِلْحَاجَةِ، وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ (فَإِنْ بَاعَ) مَثَلًا مَنْ حُرِّمَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ (صَحَّ) بَيْعُهُ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لِمَعْنًى خَارِجٍ فَلَا تُبْطِلُ الْعَقْدَ كَالصَّلَاةِ فِي الْمَغْصُوبِ وَبَيْعِ الْعِنَبِ لِمَنْ يُعْلَمُ اتِّخَاذُهُ خَمْرًا وَغَيْرُ الْبَيْعِ مُلْحَقٌ بِهِ ذَلِكَ. (وَيُكْرَهُ قَبْلَ الْأَذَانِ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِدُخُولِ وَقْتِ الْوُجُوبِ فَالتَّشَاغُلُ عَنْهُ كَالْإِعْرَاضِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSيُبَلَّغُ الصَّلَاةَ وَالسَّلَامَ إذَا صَدَرَا مِنْ بُعْدٍ وَيَسْمَعُهُمَا إذَا كَانَا عِنْدَ قَبْرِهِ الشَّرِيفِ بِلَا وَاسِطَةٍ وَإِنْ وَرَدَ أَنَّهُ يُبَلَّغُهُمَا هُنَا أَيْضًا كَمَا مَرَّ، إذْ لَا مَانِعَ أَنَّ مَنْ عِنْدَ قَبْرِهِ يُخَصُّ بِأَنَّ الْمَلَكَ يُبَلِّغُ صَلَاتَهُ وَسَلَامَهُ مَعَ سَمَاعِهِ لَهُمَا إشْعَارًا بِمَزِيدِ خُصُوصِيَّتِهِ وَالِاعْتِنَاءِ بِشَأْنِهِ وَالِاسْتِمْدَادِ لَهُ بِذَلِكَ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا، إذْ الْمُقَيَّدُ يَقْضِي بِهِ عَلَى الْمُطْلَقِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ الَّتِي ظَاهِرُهَا التَّعَارُضُ وَاجِبٌ حَيْثُ أَمْكَنَ. وَأَفْتَى النَّوَوِيُّ فِيمَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْمَعُ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ هَلْ يَحْنَثُ بِأَنَّهُ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْحِنْثِ لِلشَّكِّ فِي ذَلِكَ. وَالْوَرَعُ أَنَّهُ يَلْتَزِمُ الْحِنْثَ اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْإِكْثَارَ مِنْهَا) أَيْ بَلْ الِاشْتِغَالُ بِهَا فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ وَيَوْمِهَا أَفْضَلُ مِنْ الِاشْتِغَالِ بِغَيْرِهَا مِمَّا لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَصٌّ بِخُصُوصِهِ. أَمَّا مَا وَرَدَ فِيهِ ذَلِكَ كَقِرَاءَةِ الْكَهْفِ وَالتَّسْبِيحِ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ، فَالِاشْتِغَالُ بِهِ أَفْضَلُ. (قَوْلُهُ مِمَّا شَأْنُهُ أَنْ يَشْغَلَ إلَخْ) شَمَلَ مَا لَوْ قَطَعَ بِعَدَمِ فَوَاتِهَا، وَنَقَلَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: عَلَى تَخْصِيصِ الْإِثْمِ بِالْأَوَّلِ) أَيْ مَنْ تَلْزَمُهُ (قَوْلُهُ: بَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ) وَهَذَا جَوَازٌ بَعْدَ مَنْعٍ فَيَصْدُقُ بِالْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ فِيهِ مَكْرُوهٌ) أَيْ مُطْلَقًا فَلَا تَتَقَيَّدُ الْكَرَاهَةُ بِهَذَا الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُمْ الْأَوَّلُ أَقْرَبُ) خِلَافًا لحج وَيَلْحَقُ بِهِ: أَيْ الْمَسْجِدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ كُلُّ مَحِلٍّ يُعْلَمُ وَهُوَ فِيهِ وَقْتُ الشُّرُوعِ فِيهَا وَيَتَيَسَّرُ لَهُ لُحُوقُهَا (قَوْلُهُ: كَالْكِتَابَةِ) أَيْ لِمَا طُلِبَ كِتَابَتُهُ كَالْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ نَعَمْ) أَيْ فَيَحْرُمُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَيُكْرَهُ فِيهِ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا مِنْ الثَّانِي إلَخْ: أَيْ وَهُوَ ثَمَنُ مِثْلِهِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ. . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[فصل في بيان ما يحصل به إدراك الجمعة وما لا تدرك به]

وَاسْتَثْنَى الْإِسْنَوِيُّ نَحْوَ مَكَّةَ مِمَّا يَفْحُشُ فِيهِ التَّأْخِيرُ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِمَنْ لَمْ يَلْزَمْهُ السَّعْيُ حِينَئِذٍ وَإِلَّا حُرِّمَ ذَلِكَ مِنْ وَقْتِ وُجُوبِ السَّعْيِ وَلَوْ قَبْلَ الْوَقْتِ وَقَدْ مَرَّ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ ذَلِكَ. [فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَا يَحْصُلُ بِهِ إدْرَاكُ الْجُمُعَةِ وَمَا لَا تُدْرَكُ بِهِ] [الْقِسْمِ الْأَوَّلِ إدْرَاكُ رُكُوعَ الثَّانِيَةِ مِنْ الْجُمُعَةِ مَعَ الْإِمَامِ] فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَا يَحْصُلُ بِهِ إدْرَاكُ الْجُمُعَةِ وَمَا لَا تُدْرَكُ بِهِ وَجَوَازِ الِاسْتِخْلَافِ وَعَدَمِهِ وَمَا يَجُوزُ لِلْمَزْحُومِ وَمَا يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ وَبَدَأَ بِالْقِسْمِ الْأَوَّلِ فَقَالَ (مَنْ) (أَدْرَكَ رُكُوعَ الثَّانِيَةِ) مِنْ الْجُمُعَةِ مَعَ الْإِمَامِ الَّذِي يُحْسَبُ لَهُ ذَلِكَ الرُّكُوعُ لَا كَالْمُحْدِثِ كَمَا مَرَّ وَأَتَمَّ مَعَهُ الرَّكْعَةَ (أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ) حُكْمًا لَا ثَوَابًا كَامِلًا فَلَا تُدْرَكُ بِمَا دُونَ الرَّكْعَةِ لِأَنَّ إدْرَاكَهَا يَتَضَمَّنُ إسْقَاطَ رَكْعَتَيْنِ، سَوَاءٌ قُلْنَا الْجُمُعَةُ ظُهْرٌ مَقْصُورَةٌ أَمْ صَلَاةٌ بِحِيَالِهَا، وَالْإِدْرَاكُ لَا يُفِيدُ إلَّا بِشَرْطِ كَمَالِهِ. أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَسْبُوقَ إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ سَاجِدًا لَمْ يُدْرِكْ الرَّكْعَةَ؛ لِأَنَّهُ إدْرَاكٌ نَاقِصٌ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ «مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» وَخَبَرُ «مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً فَلْيُصَلِّ إلَيْهَا أُخْرَى» وَيُصَلِّ بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الصَّادِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ، قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَإِدْرَاكُ الرَّكْعَةِ بِأَنْ يُدْرِكَ مَعَ الْإِمَامِ رُكُوعَهَا وَسَجْدَتَيْهَا، لَا يُقَالُ الرَّكْعَةُ الْأَخِيرَةُ إنَّمَا تُدْرَكُ بِالسَّلَامِ؛ لِأَنَّا نَمْنَعُهُ، فَقَدْ قَالَ فِي الْأُمِّ: وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْجُمُعَةِ بَنَى عَلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى وَأَجْزَأَتْهُ الْجُمُعَةُ، وَإِدْرَاكُ الرَّكْعَةِ أَنْ يُدْرِكَ الرَّجُلَ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ فَيَرْكَعَ مَعَهُ وَيَسْجُدَ انْتَهَى. فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَاسْتَمَرَّ مَعَهُ إلَى أَنْ يُسَلِّمَ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَلَيْسَ بِقَيْدٍ، وَذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ (فَيُصَلِّي بَعْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ فِي بَيَانِ مَا يَحْصُلُ بِهِ إدْرَاكُ الْجُمُعَةِ وَمَا لَا تُدْرَكُ بِهِ (قَوْلُهُ: لَا كَالْمُحْدِثِ) أَيْ لِعَدَمِ تَحَمُّلِهِ الْقِرَاءَةَ عَنْ الْمَأْمُومِ، وَكَالْمُحْدِثِ مَنْ بِهِ نَجَاسَةٌ خَفِيَّةٌ (قَوْلُهُ: إدْرَاكُ الْجُمُعَةِ) أَيْ بِشَرْطِ بَقَاءِ الْعَدَدِ إلَى تَمَامِ الرَّكْعَةِ فَلَوْ فَارَقَهُ الْقَوْمُ بَعْدَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ شَخْصٌ وَصَلَّى مَعَهُ رَكْعَةً لَمْ تَحْصُلْ لَهُ الْجُمُعَةُ لِفَقْدِ شَرْطِ وُجُودِ الْجَمَاعَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا قَدَّمَهُ فِي الشُّرُوطِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ إدْرَاكَهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: أَمْ صَلَاةٌ بِحِيَالِهَا) أَيْ وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَلَعَلَّ وَجْهَ الْإِسْقَاطِ عَلَى هَذَا أَنَّ الظُّهْرَ هُوَ الْأَصْلُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ لَمْ يَجِبْ الظُّهْرُ بِشَرْطِ إدْرَاكِ الْجُمُعَةِ فَحَيْثُ لَمْ يُدْرِكْهَا فَكَانَ الْأَصْلُ بَاقٍ، وَقَوْلُهُ: بِحِيَالِهَا بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ: أَيْ انْفِرَادِهَا. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: حَالَ حِيلَةً بِكَسْرِ الْحَاءِ: أَيْ قُبَالَتَهُ، وَفَعَلْت كُلَّ شَيْءٍ عَلَى حِيلَةٍ: أَيْ بِانْفِرَادِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِشَرْطِ كَمَالِهِ) أَيْ وَأَقَلُّ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْكَمَالُ رَكْعَةٌ (قَوْلُهُ: وَخَبَرُ مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً إلَخْ) دَفَعَ مَا قَدْ يُوهِمُهُ الْأَوَّلُ مِنْ أَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى الرَّكْعَةِ كَافٍ. (قَوْلُهُ: قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ) لَعَلَّهُ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ الرِّوَايَةَ وَإِلَّا فَيَجُوزُ فِيهِ فَتْحُ الْيَاءِ وَكَسْرُ الصَّادِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ التَّعْدِيَةِ بِحَرْفِ الْجَرِّ، فَإِنْ صَلَّى يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ وَكَأَنَّهُ ضُمِّنَ مَعْنَى يَضُمُّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَمْنَعُهُ) خِلَافًا لِحَجٍّ (قَوْلُهُ: أَنْ يُدْرِكَ الرَّجُلُ) أَيْ الرَّجُلُ الْإِمَامَ (قَوْلُهُ: جَرَى عَلَى الْغَالِبِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصْلٌ فِي بَيَانِ مَا يَحْصُلُ بِهِ إدْرَاكُ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: وَمَا يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ لِلشِّهَابِ حَجّ لَكِنَّ ذَاكَ لَمْ يَذْكُرْ لِلْقِسْمَيْنِ قَبْلَ هَذَا مُقَابِلًا وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: وَمَا يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ إلَى مُقَابِلِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ، وَعِبَارَتُهُ فَمَا تُدْرَكُ بِهِ الْجُمُعَةُ وَمَا يَجُوزُ الِاسْتِخْلَافُ فِيهِ وَمَا يَجُوزُ لِلْمَزْحُومِ وَمَا يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ وَالشَّارِحُ لَمَّا ذَكَرَ الْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ مُقَابِلًا صَارَ قَوْلُهُ: وَمَا يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ قَاصِرًا عَلَى الْقِسْمِ الْأَخِيرِ مَعَ تَسَامُحٍ فِي الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ إدْرَاكَهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِشَرْطٍ كَمَا لَهُ) وَهُوَ إدْرَاكُ الرَّكْعَةِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى مُعْظَمِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: إنَّمَا تُدْرَكُ بِالسَّلَامِ) يَعْنِي بِالِاسْتِمْرَارِ مَعَ الْإِمَامِ إلَى سَلَامِهِ

سَلَامِ الْإِمَامِ رَكْعَةً) جَهْرًا لِإِتْمَامِهَا وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ فَارَقَهُ فِي التَّشَهُّدِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ: أَيْ لَمْ تَفُتْهُ لِمُقَابَلَةِ قَوْلِ الْمَتْنِ بَعْدَهُ وَإِنْ أَدْرَكَهُ بَعْدَهُ فَاتَتْهُ، وَأَيْضًا فَدَفَعَ بِهِ مَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ ظَاهِرِ قَوْلِهِ أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ مَعَ ذَلِكَ إلَى شَيْءٍ يُتِمُّهَا بِهِ، وَتَقْيِيدُ ابْنِ الْمُقْرِي أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ إدْرَاكَ الْجُمُعَةِ بِإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ بِمَا إذَا صَحَّتْ جُمُعَةُ الْإِمَامِ لَيْسَ بِقَيْدٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ، بَلْ مَتَى أَدْرَكَ مَعَهُ رَكْعَةً وَأَتَى بِأُخْرَى أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ وَلَوْ خَرَجَ مِنْهَا الْإِمَامُ، كَمَا أَنَّ حَدَثَهُ لَا يَمْنَعُ صِحَّتَهَا لِمَنْ خَلْفَهُ عَلَى مَا مَرَّ، لَكِنْ يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ ابْنِ الْمُقْرِي عَلَى مَا لَوْ تَبَيَّنَ عَدَمُ صِحَّتِهَا لِانْتِفَاءِ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِهَا أَوْ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهَا، كَمَا لَوْ تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مُحْدِثًا، فَإِنَّ رَكْعَةَ الْمَسْبُوقِ حِينَئِذٍ غَيْرُ مَحْسُوبَةٍ؛ لِأَنَّ الْمُحْدِثَ لِعَدَمِ صِحَّةِ صَلَاتِهِ لَا يَتَحَمَّلُ عَنْ الْمَسْبُوقِ الْفَاتِحَةَ، إذْ الْحُكْمُ بِإِدْرَاكِ مَا قَبْلَ الرُّكُوعِ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ خِلَافُ الْحَقِيقَةِ، وَإِنَّمَا يُصَارُ إلَيْهِ إذَا كَانَ الرُّكُوعُ مَحْسُوبًا مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ لِيَتَحَمَّلَ بِهِ عَنْ الْغَيْرِ، وَالْمُحْدِثُ غَيْرُ أَهْلٍ لِلتَّحَمُّلِ كَمَا مَرَّ وَإِنْ صَحَّتْ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ، وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ عُلِمَ صِحَّةُ كَلَامِهِ. وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ قَوْلَهُ رُكُوعُ الثَّانِيَةِ مِثَالٌ، فَلَوْ صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ الرَّكْعَةَ الْأُولَى وَفَارَقَهُ فِي الثَّانِيَةِ حَصَلَتْ لَهُ الْجُمُعَةُ كَمَا شَمَلَ ذَلِكَ تَعْبِيرُ الْمُحَرِّرِ، وَلَوْ شَكَّ فِي سَجْدَةٍ مِنْهَا فَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ إمَامُهُ سَجَدَهَا وَأَتَمَّهَا جُمُعَةً وَإِلَّا سَجَدَهَا وَأَتَمَّ ظُهْرًا، وَإِذَا قَامَ لِإِتْمَامِ الْجُمُعَةِ وَأَتَى بِالثَّانِيَةِ وَذَكَرَ فِي تَشَهُّدِهِ تَرْكَ سَجْدَةٍ مِنْهَا سَجَدَهَا وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ، أَوْ مِنْ الْأُولَى، أَوْ شَكَّ فَاتَتْ الْجُمُعَةُ وَحَصَلَ لَهُ رَكْعَةٌ مِنْ الظُّهْرِ. (وَإِنْ) (أَدْرَكَهُ) أَيْ الْإِمَامَ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ رُكُوعِ إمَامِهِ (فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ) ؛ لِمَفْهُومِ الْخَبَرِ الْمَارِّ (فَيُتِمُّ) صَلَاتَهُ عَالِمًا كَانَ أَوْ جَاهِلًا (بَعْدَ سَلَامِهِ) أَيْ الْإِمَامِ (ظُهْرًا أَرْبَعًا) مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْبِيرُهُمْ بِيُتِمَّ؛ لِفَوَاتِ الْجُمُعَةِ وَأَكَدْ بِأَرْبَعًا؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ قَدْ تُسَمَّى ظُهْرًا مَقْصُورَةً (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ) أَيْ الْمُدْرِكُ ـــــــــــــــــــــــــــــSخَبَرُ قَوْلِهِ: فَقَوْلُ الشَّارِحِ، وَقَوْلُهُ: لَيْسَ بِقَيْدٍ خَبَرٌ ثَانٍ (قَوْلُهُ: لِإِتْمَامِهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ وَهُوَ عِلَّةُ يُصَلِّي (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ فَارَقَهُ) شَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَتْ الْمُفَارَقَةُ بِبُطْلَانِ صَلَاةِ الْإِمَامِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُفَارَقَةِ زَوَالُ الْقُدْوَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَرَجَ مِنْهَا) غَايَةُ (قَوْلِهِ: لَا يَمْنَعُ صِحَّتَهَا لِمَنْ خَلْفَهُ عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ كَوْنِهِ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ (قَوْلُهُ: كَمَا تَبَيَّنَ كَوْنُهُ) أَيْ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ إمَامُهُ سَجَدَهَا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ هَلْ أَتَى بِأَصْلِ السُّجُودِ أَوْ جَلَسَ مَعَ الْإِمَامِ مِنْ الِاعْتِدَالِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالسَّجْدَتَيْنِ وَقَضِيَّةُ قَوْلِ شَرْحِ الرَّوْضِ هَلْ سَجَدَ مَعَ الْإِمَامِ سَجَدَ وَأَتَمَّهَا إلَخْ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: تَرَكَ سَجْدَةً مِنْهَا) أَيْ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ) أَيْ وَيُتِمُّ الْجُمُعَةَ (قَوْلُهُ: فَاتَتْ الْجُمُعَةُ وَحَصَلَ لَهُ رَكْعَةٌ) وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ السُّجُودِ. [فَرْعٌ] قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَإِنْ شَكَّ مُدْرِكُ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مَعَ الْإِمَامِ قَبْلَ السَّلَامِ هَلْ سَجَدَ مَعَ الْإِمَامِ سَجَدَ وَأَتَمَّهَا جُمُعَةً اهـ. وَهُوَ فَرْعٌ يُفِيدُ أَنَّ تَلَبُّسَهُ مَعَ الْإِمَامِ بِالتَّشَهُّدِ لَا يَمْنَعُ عَوْدَهُ لِلسُّجُودِ، فَلْيُضَمَّ إلَى مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ. وَأَقُولُ: قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِنَظَائِرِهِ مِنْ نَحْوِ مَا لَوْ رَكَعَ مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ شَكَّ فِي الْفَاتِحَةِ أَوْ تَذَكَّرَهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّ ذَلِكَ إذَا تَحَقَّقَ الِانْتِقَالُ عَنْ مَحِلِّ مَا تَرَكَهُ وَهَذَا لَمْ يَتَيَقَّنْ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ سَلَامِهِ ظُهْرًا) لَمْ يَقُلْ: أَوْ مُفَارَقَتِهِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ رَكْعَةً لَمْ تَجُزْ لَهُ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ بِالْجُمُعَةِ فِيمَا لَوْ أَدْرَكَهُ فِي التَّشَهُّدِ مَثَلًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَتَذَكَّرَ الْإِمَامُ تَرْكَ رُكْنٍ فَيَأْتِيَ بِهِ وَيُوَافِقَهُ الْمَأْمُومُ فَيُدْرِكَ الْجُمُعَةَ وَمُفَارَقَتُهُ تُؤَدِّي إلَى تَفْوِيتِ الْجُمُعَةِ مَعَ إمْكَانِهَا (قَوْلُهُ: قَدْ تُسَمَّى ظُهْرًا مَقْصُورَةً) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: وَلِدَفْعِ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ لَفْظِ الْإِتْمَامِ أَنَّهُ يُحْسَبُ لَهُ مَا أَدْرَكَهُ رَكْعَةً. فَإِنْ قُلْت: فَلِمَ عَبَّرَ بِالْإِتْمَامِ حَتَّى وَرَدَ هَذَا التَّوَهُّمُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ عُلِمَ صِحَّةُ كَلَامِهِ) أَيْ ابْنِ الْمُقْرِي، وَقَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ قَوْلَهُ: أَيْ الْمُصَنِّفِ.

لِلْإِمَامِ بَعْدَ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ (يَنْوِي فِي اقْتِدَائِهِ) بِالْإِمَامِ (الْجُمُعَةَ) مُوَافَقَةً لِلْإِمَامِ؛ وَلِأَنَّ الْيَأْسَ مِنْهَا لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالسَّلَامِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَتَذَكَّرَ إمَامُهُ تَرْكَ رُكْنٍ فَيَأْتِيَ بِرَكْعَةٍ فَيُدْرِكُ الْجُمُعَةَ، وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ لَوْ بَقِيَ عَلَيْهِ رَكْعَةٌ فَقَامَ الْإِمَامُ إلَى خَامِسَةٍ لَا يَجُوزُ لَهُ مُتَابَعَتُهُ حَمْلًا عَلَى مَا إذَا تَذَكَّرَ تَرْكَ رُكْنٍ. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ مَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ تَرَكَ رُكْنًا فَقَامَ لِيَأْتِيَ بِهِ فَيُتَابِعَهُ، وَهَلْ نِيَّتُهُ الْجُمُعَةَ وَاجِبَةٌ أَمْ جَائِزَةٌ؟ جَرَى فِي الْأَنْوَارِ عَلَى الْجَوَازِ، وَعِبَارَةُ الْعَزِيزِ تَقْتَضِي الْوُجُوبَ. قَالَ الشَّيْخُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ الْمُوَافِقُ لِمَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الزِّحَامِ، وَجَمَعَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْجَوَازِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْجُمُعَةُ مُسْتَحَبَّةً لَهُ غَيْرَ وَاجِبَةٍ عَلَيْهِ كَالْمُسَافِرِ وَالْعَبْدِ، وَالْوُجُوبُ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ لَازِمَةً لَهُ فَإِحْرَامُهُ بِهَا وَاجِبٌ، وَهُوَ مَحْمَلُ قَوْلِ الرَّوْضَةِ فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ الثَّانِي مِنْ أَنَّ مَنْ لَا عُذْرَ لَهُ لَا يَصِحُّ ظُهْرُهُ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ انْتَهَى. وَلَوْ أَدْرَكَ هَذَا الْمَسْبُوقُ بَعْدَ صَلَاتِهِ الظُّهْرَ جَمَاعَةً يُصَلُّونَ الْجُمُعَةَ لَزِمَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا مَعَهُمْ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَنْوِي الظُّهْرَ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي يَفْعَلُهَا، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَنْ عَلِمَ حَالَ الْإِمَامِ وَإِلَّا بِأَنْ رَآهُ قَائِمًا وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ هُوَ مُعْتَدِلٌ، أَوْ فِي الْقِيَامِ فَيَنْوِي الْجُمُعَةَ جَزْمًا. . ثُمَّ شَرَعَ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي وَهُوَ حُكْمُ الِاسْتِخْلَافِ وَشُرُوطُهُ فَقَالَ (فَإِذَا) خَرَجَ الْإِمَامُ مِنْ الْجُمُعَةِ، أَوْ غَيْرِهَا) مِنْ الصَّلَوَاتِ (بِحَدَثٍ) سَهْوًا، أَوْ عَمْدًا (أَوْ غَيْرَهُ) كَتَعَاطِي مُبْطِلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَدَفَعَهُ؟ قُلْت: لِيُشِيرَ إلَى الِاعْتِدَادِ بِنِيَّتِهِ وَمَا بَعْدَهَا تَأَمَّلْ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: مُوَافَقَةً لِلْإِمَامِ) أَيْ إمَامِ الْجُمُعَةِ وَإِنْ كَانَ يُصَلِّي غَيْرَهَا فَيَشْمَلُ مَا لَوْ نَوَى الْإِمَامُ الظُّهْرَ فَيَنْوِي الْمَأْمُومُ الْجُمُعَةَ خَلْفَهُ وَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ التَّعْلِيلَ قَدْ يُخْرِجُ هَذِهِ الصُّورَةَ (قَوْلُهُ: لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالسَّلَامِ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: قَضِيَّةُ الْعِلَّةِ الْأُولَى: أَيْ وَهِيَ قَوْلُهُ: مُوَافَقَةً لِلْإِمَامِ الَّتِي اقْتَصَرَ عَلَيْهَا الشَّيْخَانِ أَنَّهُ يَنْوِي الْجُمُعَةَ وَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ، بِحَيْثُ لَوْ فُرِضَ أَنَّ الْإِمَامَ تَذَكَّرَ. رُكْنًا وَأَتَى بِرَكْعَةٍ وَأَدْرَكَهَا مَعَهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالرَّكْعَةِ الْأُخْرَى فِي الْوَقْتِ، وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ كُلًّا عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ؛ ثُمَّ قَالَ: ثُمَّ سَأَلْت م ر عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ عَلَى الْبَدِيهَةِ: يَنْوِي الْجُمُعَةَ وَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ كَمَا ذُكِرَ نَظَرًا لِلْعِلَّةِ الْأُولَى، وَلَا يُسْتَبْعَدُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مَعَ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ يَنْوِي الْجُمُعَةَ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُدْرِكُهَا بِأَنْ عَلِمَ أَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا أَوْ أَخْبَرَهُ مَعْصُومٌ فَتَأَمَّلْ اهـ. (قَوْلُهُ: فَيُدْرِكُ الْجُمُعَةَ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: نَعَمْ لَوْ سَلَّمَ الْقَوْمُ قَبْلَ فَرَاغِ الرَّكْعَةِ اتَّجَهَ فَوَاتُ الْجُمُعَةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَتَهُ الْأُولَى مِنْهَا مَعَ وُجُودِ الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ إلَّا عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبَيَانِ فَيَحْتَمِلُ حُصُولَ الْجُمُعَةِ لِاقْتِدَائِهِ فِي هَذِهِ الرَّكْعَةِ بِالْإِمَامِ الْمُتَخَلِّفِ مِنْ سَلَامِ الْقَوْمِ فَهُوَ كَالْمُقْتَدِي بِالْمَسْبُوقِ اهـ. وَالْمُعْتَمَدُ فِي الْمُقْتَدِي بِالْمَسْبُوقِ أَنَّهُ لَا تَنْعَقِدُ جُمُعَةً فَيَكُونُ الْمُعْتَمَدُ هُنَا عَدَمُ إدْرَاكِهِ لَهَا وَقَوْلُهُ إلَّا عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبَيَانِ: أَيْ فِي كَلَامِ حَجّ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ قُبَيْلَ وَمَنْ زُحِمَ عَنْ السُّجُودِ (قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ) أَيْ أَوْ ظَنَّ ظَنًّا قَوِيًّا. وَقَوْلُهُ فَيُتَابِعُهُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ يُصَلِّي ظُهْرًا فَقَامَ لِلثَّالِثَةِ وَانْتَظَرَهُ الْقَوْمُ لِيُسَلِّمُوا مَعَهُ فَاقْتَدَى بِهِ مَسْبُوقٌ وَأَتَى بِرَكْعَةٍ فَيَنْبَغِي حُصُولُ الْجُمُعَةِ لَهُ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ الْأُولَى فِي جَمَاعَةٍ بِأَرْبَعِينَ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا مَعَهُمْ) أَيْ وَيَتَبَيَّنُ انْقِلَابُ الظُّهْرِ نَفْلًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ، وَبَانَ عَدَمُ الْفَوَاتِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ عِنْدَ جَوَازِ التَّعَدُّدِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ هُوَ مُعْتَدِلٌ إلَخْ) وَبَقِيَ مَا لَوْ رَأَى الْإِمَامَ قَائِمًا وَلَمْ يَعْلَمْ مِنْ حَالِهِ شَيْئًا، هَلْ يَنْوِي الْجُمُعَةَ أَوْ الظُّهْرَ أَوْ يُعَلِّقُ النِّيَّةَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَنْوِي الْجُمُعَةَ وُجُوبًا إنْ كَانَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ، وَيُخَيَّرُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ نِيَّةِ الظُّهْرِ إنْ كَانَ مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْجَمْعِ الَّذِينَ يُصَلُّونَ فِي هَذَا الْوَقْتِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ الْجُمُعَةَ، ثُمَّ إنْ اتَّفَقَ أَنَّهُ مُسَلِّمٌ مِنْ رَكْعَتَيْنِ سَلَّمَ مَعَهُمْ وَحُسِبَتْ جُمُعَتُهُ وَإِلَّا قَامَ مَعَهُمْ وَأَتَمَّ الظُّهْرَ لِأَنَّ نِيَّتَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّ مَنْ لَا عُذْرَ لَهُ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ لَفْظِ مَنْ عَلَى أَنَّ مَا فِي الرَّوْضَةِ لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَتِهَا.

[القسم الثاني حكم استخلاف الإمام وشروطه]

أَوْ رُعَافٍ (جَازَ) لَهُ وَلِلْمَأْمُومِينَ قَبْلَ إتْيَانِهِمْ بِرُكْنٍ (الِاسْتِخْلَافُ فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ بِإِمَامَيْنِ بِالتَّعَاقُبِ جَائِزَةٌ كَمَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ إمَامًا فَدَخَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاقْتَدَى بِهِ أَبُو بَكْرٍ وَالنَّاسُ، وَقَدْ اسْتَخْلَفَ عُمَرُ حِينَ طُعِنَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَإِذَا جَازَ هَذَا فِيمَنْ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ فَفِي مَنْ بَطَلَتْ بِالْأَوْلَى لِضَرُورَتِهِ إلَى الْخُرُوجِ مِنْهَا وَاحْتِيَاجِهِمْ إلَى إمَامٍ، وَاسْتِخْلَافُهُمْ أَوْلَى مِنْ اسْتِخْلَافِهِ لِأَنَّ الْحَظَّ فِي ذَلِكَ لَهُمْ، وَلَوْ تَقَدَّمَ وَاحِدٌ بِنَفْسِهِ جَازَ وَمُقَدَّمُهُمْ أَوْلَى مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَاتِبًا، فَظَاهِرٌ أَنَّهُ أَوْلَى مِنْ مُقَدَّمِهِمْ وَمِنْ مُقَدَّمِ الْإِمَامِ، وَلَوْ قَدَّمَ الْإِمَامُ وَاحِدًا وَتَقَدَّمَ آخَرُ كَانَ مُقَدَّمُ الْإِمَامِ أَوْلَى، فَلَوْ لَمْ يَتَقَدَّمْ أَحَدٌ وَهُمْ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ الْجُمُعَةِ لَزِمَهُمْ الِاسْتِخْلَافُ مِنْهُمْ لِإِدْرَاكِ الْجُمُعَةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الثَّانِيَةِ وَأَتَمُّوهَا جُمُعَةً فُرَادَى جَازَ، وَلَا يَلْزَمُهُمْ الِاسْتِخْلَافُ لِإِدْرَاكِهِمْ رَكْعَةً مَعَ الْإِمَامِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSإنْ وَجَدَ مَا يَمْنَعُ مِنْ انْعِقَادِهَا جُمُعَةً وَقَعَتْ ظُهْرًا (قَوْلُهُ: وَقَدْ اسْتَخْلَفَ عُمَرُ) أَيْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اهـ شَيْخُ عَمِيرَةَ (قَوْلُهُ: فِيمَنْ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ) وَذَلِكَ فِي قِصَّةِ أَبِي بَكْرٍ. (قَوْلُهُ: وَمُقَدَّمُهُمْ أَوْلَى) أَيْ أَحَقُّ مِنْهُ: أَيْ مِمَّنْ تَقَدَّمَ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ) أَيْ مَنْ تَقَدَّمَ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: كَانَ مُقَدَّمُ الْإِمَامِ أَوْلَى) أَيْ فَيَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِينَ مُتَابَعَتُهُ، وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِمْ الِاقْتِدَاءُ بِالْآخَرِ سَوَاءٌ كَانُوا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ فِي الثَّانِيَةِ، وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَدَّمَ الْإِمَامُ وَاحِدًا وَهَمَّ وَاحِدٌ فَمُقَدَّمُهُمْ أَوْلَى كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ: وَاسْتِخْلَافُهُمْ أَوْلَى، وَبِهِ صَرَّحَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ الصَّحِيحَةِ، وَعِبَارَتُهُ: فَرْعٌ: لَوْ اسْتَخْلَفَ الْإِمَامُ وَاحِدًا وَاسْتَخْلَفُوا آخَرَ فَمَنْ عَيَّنُوهُ أَوْلَى اهـ. وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ: مُقَدَّمُ الْقَوْمِ أَوْلَى مِنْ مُقَدَّمِ الْإِمَامِ إلَّا الْإِمَامَ الرَّاتِبَ فَمُقَدَّمُهُ أَوْلَى م ر اهـ. (قَوْلُهُ: لَزِمَهُمْ الِاسْتِخْلَافُ مِنْهُمْ) أَيْ فَوْرًا وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ لَوْ انْقَسَمُوا فِرْقَتَيْنِ حِينَئِذٍ وَكُلُّ فِرْقَةٍ اسْتَخْلَفَ وَاحِدًا فَيَنْبَغِي الِامْتِنَاعُ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَعَدُّدَ الْجُمُعَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ: أَيْ ثُمَّ إنْ تَقَدَّمَا مَعًا لَمْ تَصِحَّ الْجُمُعَةُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ تَرَتَّبَا صَحَّتْ لِلْأَوَّلِ. وَقَوْلُ سم: فَيَنْبَغِي الِامْتِنَاعُ إلَخْ مَا تَرَجَّاهُ صَرَّحَ بِهِ فِي الْإِمْدَادِ وَعِبَارَتُهُ: وَيَجُوزُ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَالْمَجْمُوعِ خِلَافًا لِلْإِمَامِ وَغَيْرِهِ أَنْ يَتَقَدَّمَ اثْنَانِ فَأَكْثَرَ يُصَلِّي كُلٌّ بِطَائِفَةٍ إلَّا فِي الْجُمُعَةِ لِامْتِنَاعِ تَعَدُّدِهَا إلَخْ اهـ. فَقَوْلُهُ إلَّا فِي الْجُمُعَةِ صَرِيحٌ فِي امْتِنَاعِ تَعَدُّدِ الْخَلِيفَةِ فِيهَا دُونَ غَيْرِهَا. وَكَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ امْتِنَاعَ تَعَدُّدِهَا، وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْخَلِيفَةَ وَإِنْ تَعَدَّدَ فِي الصُّورَةِ فَهُوَ نَائِبٌ عَنْ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ فَلَا تَعَدُّدَ، وَيُؤَيِّدُهُ عَدَمُ وُجُوبِ تَجْدِيدِ النِّيَّةِ اكْتِفَاءً بِالنِّيَّةِ الْأُولَى مِنْ الْإِمَامِ وَالْجَرْيِ عَلَى نَظْمِ صَلَاتِهِ اهـ. وَقَدْ يُقَالُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّأْيِيدِ قَدْ يَقْتَضِي خِلَافَ مَا نَظَرَ بِهِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ تَجْدِيدِ النِّيَّةِ يَقْتَضِي تَنْزِيلَهُ مَنْزِلَةَ الْأَصْلِيِّ وَهُوَ لَا يَجُوزُ تَعَدُّدُهُ، فَكَذَا مَنْ قَامَ مَقَامَهُ، عَلَى أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّعَدُّدِ يَقْتَضِي تَصْيِيرَهَا كَجُمُعَتَيْنِ حَقِيقَةً لِجَوَازِ أَنْ يُسْرِعَ إمَامُ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ وَيَتَأَخَّرَ الْآخَرُ كَأَنْ يُطَوِّلَ بِالْقِرَاءَةِ، وَهَذَا تَعَدُّدٌ صُورِيٌّ بِلَا شَكٍّ، وَإِذَا قُلْنَا بِصِحَّةِ التَّعَدُّدِ فَقَدْ يَنْقُصُ كُلٌّ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ عَنْ الْأَرْبَعِينَ وَيَفْرُغُ إمَامُ إحْدَاهُمَا مَعَ بَقَاءِ الْآخَرِ فِي قِيَامِ الْأُولَى مَثَلًا فَتَبْقَى الرَّكْعَةُ الْأُولَى لِهَؤُلَاءِ نَاقِصَةً عَنْ الْعَدَدِ الْمَشْرُوطِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْقِسْمِ الثَّانِي حُكْمُ اسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ وَشُرُوطُهُ] قَوْلُهُ: كَمَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ إمَامًا إلَخْ) غَرَضُهُ مِنْهُ بَيَانُ جَوَازِ الصَّلَاةِ بِإِمَامَيْنِ بِالتَّعَاقُبِ لَا الِاسْتِدْلَالِ عَلَى الِاسْتِخْلَافِ إذْ لَا اسْتِخْلَافَ فِي قِصَّةِ أَبِي بَكْرٍ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: وَإِذَا جَازَ هَذَا) أَيْ الصَّلَاةُ بِإِمَامَيْنِ عَلَى التَّعَاقُبِ، وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَ هَذَا عَقِبَ قِصَّةِ أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ إنَّ هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَتَأَخَّرَ وَيُقَدِّمَ آخَرَ مَعَ بَقَائِهِ فِي الصَّلَاةِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي بَابِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ نَقْلًا عَنْ الْمَحَامِلِيِّ لَكِنَّ مَحَلِّ الشِّهَابِ حَجّ عَدَمُ الصِّحَّةِ عَلَى مَا لَوْ اسْتَخْلَفَ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى الْإِمَامَةِ.

وَلَوْ قَدَّمَ الْإِمَامُ وَاحِدًا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ الْجُمُعَةِ قَالَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ: فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَمْتَثِلَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجِبَ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى التَّوَاكُلِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ، أَمَّا إذَا فَعَلُوا رُكْنًا فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِمْ الِاسْتِخْلَافُ بَعْدَهُ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّاهُ، وَلَا يَسْتَخْلِفُ إلَّا مَنْ يَكُونُ صَالِحًا لِلْإِمَامَةِ لَا امْرَأَةً وَمُشْكِلًا لِلرِّجَالِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا اكْتِفَاءً بِمَا قَدَّمَهُ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ، وَحَيْثُ امْتَنَعَ الِاسْتِخْلَافُ أَتَمَّ الْقَوْمُ صَلَاتَهُمْ فُرَادَى إنْ كَانَ الْحَدَثُ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا فَقَدْ مَرَّ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ وَهُوَ قَدِيمٌ عَدَمُ جَوَازِ الِاسْتِخْلَافِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ فَيَمْتَنِعُ فِيهَا ذَلِكَ كَمَا لَوْ اقْتَدَى بِهِمَا مَعًا. (وَلَا يَسْتَخْلِفُ) أَيْ الْإِمَامُ، أَوْ غَيْرُهُ (لِلْجُمُعَةِ إلَّا مُقْتَدِيًا بِهِ قَبْلَ حَدَثِهِ) فَلَوْ اسْتَخْلَفَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مُقْتَدِيًا بِهِ لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ الْخَلِيفَةِ أَنْ يُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ جُمُعَةٍ بَعْدَ انْعِقَادِ أُخْرَى، بِخِلَافِ الْمَأْمُومِ فَإِنَّهُ تَابِعٌ لَا مُنْشِئٌ، أَمَّا لَوْ كَانَ غَيْرُ الْمُقْتَدِي لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَتَقَدَّمَ نَاوِيًا غَيْرَهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَحَيْثُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ نَفْلًا وَاقْتَدَوْا بِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي الْأُولَى لَمْ تَصِحَّ ظُهْرًا؛ لِعَدَمِ فَوْتِ الْجُمُعَةِ، وَلَا جُمُعَةَ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُدْرِكُوا رَكْعَةً مَعَ الْإِمَامِ مَعَ اسْتِغْنَائِهِمْ عَنْ الِاقْتِدَاءِ بِتَقْدِيمِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، أَوْ فِي الثَّانِيَةِ أَتَمُّوهَا جُمُعَةً. وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ لِلْجُمُعَةِ غَيْرُهَا فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْخَلِيفَةِ أَنْ يَكُونَ مُقْتَدِيًا بِهِ قَبْلَ حَدَثِهِ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلَوْ قَدَّمَ الْإِمَامُ وَاحِدًا) أَيْ طَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ (قَوْلُهُ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ) أَيْ التَّوَاكُلُ. (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا فَعَلُوا رُكْنًا) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ طَالَ الزَّمَنُ وَهُمْ سُكُوتٌ بِقَدْرِ مُضِيِّ رُكْنٍ وَقَوْلُهُ رُكْنًا: أَيْ فِعْلِيًّا أَوْ قَوْلِيًّا اهـ زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِمْ الِاسْتِخْلَافُ بَعْدَهُ) أَيْ ثُمَّ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَتَمُّوا فُرَادَى، أَوْ فِي الْأُولَى اسْتَأْنَفُوا جُمُعَةً (قَوْلُهُ: لَا امْرَأَةً وَمُشْكِلًا لِلرِّجَالِ) خَرَجَ بِهِ النِّسَاءُ فَيَجُوزُ تَقَدُّمُ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ إذَا كَانَ الِاسْتِخْلَافُ فِي الثَّانِيَةِ. وَعِبَارَةُ حَجّ: فَلَوْ أَتَمَّ الرِّجَالُ حِينَئِذٍ مُنْفَرِدِينَ وَقَدَّمَ النِّسْوَةُ امْرَأَةً مِنْهُنَّ جَازَ كَمَا يُفْهِمُهُ تَعْبِيرُ الرَّوْضَةِ بِصَلَاحِيَّةِ الْمُقَدَّمِ لِإِمَامَةِ الْقَوْمِ: أَيْ الَّذِي يَقْتَدُونَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ لِإِمَامَةِ الْجُمُعَةِ، إذْ لَوْ أَتْمَمْنَ فُرَادَى جَازَ فَفِي الْجَمَاعَةِ أَوْلَى. (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ امْتَنَعَ الِاسْتِخْلَافُ) أَيْ بِأَنْ طَالَ الْفَصْلُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ فِيهَا قَدْ مَرَّ) أَيْ وَهُوَ أَنْ تَبْطُلَ الصَّلَاةُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَيُتِمُّونَهَا فُرَادَى إنْ كَانَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ جُمُعَةٍ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: بَلَغَنِي أَنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ قَيَّدَهُ بِمَا إذَا امْتَنَعَ التَّعَدُّدُ وَإِلَّا جَازَ. وَأَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ التَّعَدُّدُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَلَا حَاجَةَ هُنَا لِإِمْكَانِ تَقْدِيمِ بَعْضِ الْمُقْتَدِينَ لَا يُقَالُ: لَا تَعَدُّدَ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّا نَقُولُ: فَلْيَجُزْ وَإِنْ امْتَنَعَ التَّعَدُّدُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا التَّفْسِيرَ غَيْرُ مُتَّجَهٍ إلَّا أَنْ يُسَاعِدَهُ عَلَيْهِ نَقْلٌ اهـ. (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ نَاوِيًا غَيْرَهَا) بَيَانٌ لِمَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: وَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ جُمُعَةٍ بَعْدَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ) أَيْ غَيْرِ الْمُقْتَدِي. وَقَوْلُهُ وَلَوْ نَفْلًا: أَيْ وَكَذَا إنْ نَوَى غَيْرَ الْجُمُعَةِ جَاهِلًا وَهُوَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَقَعُ نَفْلًا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ فِي الْأُولَى لَمْ تَصِحَّ) أَيْ صَلَاتُهُمْ: أَيْ لِإِمْكَانِ فِعْلِ الْجُمُعَةِ بِاسْتِئْنَافِهَا وَلَا جُمُعَةَ لِعَدَمِ وُقُوعِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى فِي جَمَاعَةٍ؛ لِأَنَّهُمْ صَارُوا مُنْفَرِدِينَ بِبُطْلَانِ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَنِيَّتُهُمْ الْقُدْوَةُ لَوْ قِيلَ بِصِحَّتِهَا إنَّمَا تَحْصُلُ الْجَمَاعَةُ مِنْ حِينِهَا فَيَكُونُ أَوَّلُ الرَّكْعَةِ وَآخِرُهَا فِي جَمَاعَةٍ وَمَا بَيْنَهُمَا فُرَادَى وَذَلِكَ مُقْتَضٍ لِلْبُطْلَانِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ بِالْمَعْنَى. (قَوْلُهُ: أَوْ فِي الثَّانِيَةِ أَتَمُّوهَا جُمُعَةً) وَقَضِيَّتُهُ صِحَّةُ الْقُدْوَةِ وَفِيهِ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَسْتَخْلِفُ لِلْجُمُعَةِ إلَخْ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَتَمُّوهَا جُمُعَةً فُرَادَى فَلْيُرَاجَعْ أَوْ يَحْتَمِلُ صِحَّةَ الْقُدْوَةِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ وَلَا يَسْتَخْلِفُ إلَخْ لِإِمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا نَوَى الْخَلِيفَةُ الْجُمُعَةَ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ جُمُعَةٍ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ كَانَ غَيْرُ الْمُقْتَدِي) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ جُمُعَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ نَاوِيًا غَيْرَهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ) أَيْ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ

مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ لِمُوَافَقَةِ نَظْمِ صَلَاتِهِ نَظْمَ صَلَاتِهِمْ لَا فِي غَيْرِهِمَا مِنْ الثَّانِيَةِ وَالْأَخِيرَةِ إلَّا بِنِيَّةٍ مُجَدَّدَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى قِيَامٍ وَيَحْتَاجُونَ إلَى الْقُعُودِ، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُوَافِقًا لَهُمْ كَأَنْ حَضَرَ جَمَاعَةً فِي ثَانِيَةٍ مُنْفَرِدًا وَأَخِيرَتُهُ فَاقْتَدُوا بِهِ فِيهَا ثُمَّ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فَاسْتَخْلَفَ مُوَافِقًا لَهُمْ جَازَ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَإِطْلَاقُهُمْ الْمَنْعَ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَيَجُوزُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ اسْتِخْلَافُ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ يُصَلِّي كُلٌّ بِطَائِفَةٍ وَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى وَاحِدٍ وَلَوْ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْخَلِيفَةِ جَازَ اسْتِخْلَافُ ثَالِثٍ وَهَكَذَا، وَعَلَى الْجَمِيعِ مُرَاعَاةُ تَرْتِيبِ صَلَاةِ الْإِمَامِ الْأَصْلِيِّ. (وَلَا يُشْتَرَطُ) فِي جَوَازِ الِاسْتِخْلَافِ فِي الْجُمُعَةِ (كَوْنُهُ) أَيْ الْمُقْتَدِي (حَضَرَ الْخُطْبَةَ وَلَا) إدْرَاكُ (الرَّكْعَةِ الْأُولَى) (فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا) ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ بِالِاقْتِدَاءِ صَارَ فِي حُكْمِ مَنْ حَضَرَهَا وَسَمِعَهَا فَلِذَا صَحَّتْ جُمُعَتُهُ كَمَا تَصِحُّ جُمُعَةُ الْحَاضِرِينَ السَّامِعِينَ وَوَجْهُ مُقَابِلِهِ الْقِيَاسُ عَلَى مَا لَوْ اسْتَخْلَفَ بَعْدَ الْخُطْبَةِ مَنْ لَمْ يَحْضُرْهَا لِيُصَلِّيَ بِهِمْ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ، وَفِي الثَّانِي نَابَ الْخَلِيفَةُ الَّذِي كَانَ مُقْتَدِيًا بِهِ بِاسْتِخْلَافِهِ إيَّاهُ وَلَوْ اسْتَمَرَّ الْإِمَامُ لَكَانَتْ الْقُدْوَةُ صَحِيحَةً، فَكَذَا مَنْ نَابَ مَنَابَهُ وَإِنْ لَمْ يَتَوَفَّرْ فِيهِ الشَّرَائِطُ، وَوَجْهُ مُقَابِلِهِ أَنَّهُ غَيْرُ مُدْرِكٍ لِلْجُمُعَةِ، وَيَجُوزُ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ وَبَيْنَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ بِشَرْطِ كَوْنِ الْخَلِيفَةِ فِي الثَّانِيَةِ حَضَرَ الْخُطْبَةَ بِتَمَامِهَا وَالْبَعْضَ الْفَائِتَ فِي الْأُولَى، إذْ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَهْلِ الْجُمُعَةِ، وَإِنَّمَا يَصِيرُ غَيْرُ السَّامِعِ مِنْ أَهْلِهَا إذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ وَيَنْزِلُ السَّمَاعُ هُنَا مَنْزِلَةَ الِاقْتِدَاءِ. فَإِنْ قُلْت: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ صِحَّةُ اسْتِخْلَافِ مَنْ سَمِعَ وَلَوْ نَحْوَ مُحْدِثٍ وَصَبِيٍّ زَادَ فَمَا الْفَرْقُ؟ قُلْت: يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ بِالسَّمَاعِ انْدَرَجَ فِي ضِمْنِ غَيْرِهِ فَصَارَ مِنْ أَهْلِهَا تَبَعًا ظَاهِرًا فَلِهَذَا كَفَى اسْتِخْلَافُهُ، وَلِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ، أَوْ نَقْصِهَا اُشْتُرِطَتْ زِيَادَتُهُ. وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَسْمَعْ فَلَمْ يَصِرْ مِنْ أَهْلِهَا وَلَا فِي الظَّاهِرِ فَلَمْ يَكْفِ اسْتِخْلَافُهُ مُطْلَقًا، فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ امْتَنَعَ الِاسْتِخْلَافُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُحْدِثِ بِأَنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ خَرَجَ عَنْ الْأَهْلِيَّةِ بِالْكُلِّيَّةِ، بِخِلَافِ الْمُحْدِثِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ خُطْبَةِ غَيْرِ الْجُمُعَةِ مِنْهُ، وَلَوْ اسْتَخْلَفَ مَنْ يُصَلِّي بِهِمْ وَلَمْ يَكُنْ سَمِعَ الْخُطْبَةَ مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَنَوَى غَيْرَ الْجُمُعَةِ جَازَ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ حَضَرَ الْخُطْبَةَ عَنْ سَمَاعِهَا فَغَيْرُ مُشْتَرَطٍ جَزْمًا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ. (ثُمَّ) عَلَى الْأَوَّلِ (إنْ كَانَ) الْخَلِيفَةُ فِي الْجُمُعَةِ (أَدْرَكَ) الرَّكْعَةَ (الْأُولَى) مِنْ الْجُمُعَةِ مَعَ الْإِمَامِ بِأَنْ أَدْرَكَهُ قَبْلَ فَوَاتِ الرُّكُوعِ سَوَاءٌ كَانَ فِي نَفْسِ الرُّكُوعِ أَمْ فِي الْقِيَامِ قَبْلَهُ لِكَوْنِهِ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ الْإِمَامِ الْأَصْلِيِّ، وَقَدْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي وَقْتٍ كَانَتْ جُمُعَةُ الْقَوْمِ مُتَوَقِّفَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: إلَّا بِنِيَّةٍ مُجَدَّدَةٍ) أَيْ مِنْهُمْ. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ) هُوَ قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى الْقِيَامِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَاسْتَخْلَفَ مُوَافِقًا) أَيْ وَهُوَ غَيْرُ مُقْتَدٍ بِهِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ اسْتِخْلَافُ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي الْجُمُعَةِ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعَدُّدِ جُمُعَةٍ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ سم مَا يُصَرِّحُ بِالْمَنْعِ فَمَا هُنَا مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ كَوْنِ الْخَلِيفَةِ إلَخْ) مَحَلُّ هَذَا الِاشْتِرَاطِ حَيْثُ كَانَ الْخَلِيفَةُ يَنْوِي الْجُمُعَةَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ يَنْوِي الظُّهْرَ مَثَلًا فَلَا يُشْتَرَطُ سَمَاعُهُ وَلَا حُضُورُهُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَالْبَعْضُ الْفَائِتُ) أَيْ مِنْ الْأَرْكَانِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَحْوَ مُحْدِثٍ وَصَبِيٍّ زَادَ) أَيْ عَلَى الْأَرْبَعِينَ. (قَوْلُهُ: فَمَا الْفَرْقُ) أَيْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ الْخُطْبَةَ (قَوْلُهُ: وَلِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ) أَيْ فِي حَقِّ الْمُحْدِثِ أَوْ نَقْصِهَا أَيْ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الضَّمِيرَ فِي زَادَ لِكُلٍّ مِنْ الْمُحْدِثِ وَالصَّبِيِّ (قَوْلُهُ: وَنَوَى غَيْرَ الْجُمُعَةِ جَازَ) أَيْ وَيُصَلُّونَ وَرَاءَهُ الْجُمُعَةَ، فَإِذَا قَامَ لِلثَّالِثَةِ خُيِّرُوا بَيْنَ الْمُفَارَقَةِ وَالِانْتِظَارِ وَهُوَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ: أَمَّا لَوْ كَانَ غَيْرُ الْمُقْتَدِي لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ (وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ حَضَرَ الْخُطْبَةَ عَنْ سَمَاعِهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ بَعُدَ بِحَيْثُ لَوْ أَصْغَى ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ الْإِمَامِ الْأَصْلِيِّ) كَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَنْ قَوْلِهِ تَمَّتْ جُمُعَتُهُمْ

عَلَى جُمُعَتِهِ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ نَفْسَ الرُّكُوعِ حَقِيقَةً مَعَ الْإِمَامِ (تَمَّتْ جُمُعَتُهُمْ) أَيْ الْقَوْمِ الشَّامِلِ لَهُ سَوَاءٌ أَحْدَثَ الْإِمَامُ فِي الْأُولَى أَمْ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، وَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ سَوَاءٌ أَحْدَثَ فِي الْأُولَى أَنَّهُ أَحْدَثَ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ الْأُولَى بِأَنْ لَمْ تَكُنْ تَمَّتْ كَأَنْ اسْتَخْلَفَهُ فِي اعْتِدَالِهَا فَمَا بَعْدَهُ (فَتَتِمُّ لَهُمْ) الْجُمُعَةُ (دُونَهُ) أَيْ غَيْرَهُ (فِي الْأَصَحِّ) فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُدْرِكُ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً فَيُتِمُّهَا ظُهْرًا، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ جُمُعَتُهُمْ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْفَتَى. وَالثَّانِي تَتِمُّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى رَكْعَةً فِي جَمَاعَةٍ فَأَشْبَهَ الْمَسْبُوقَ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْمَأْمُومَ يُمْكِنُ جَعْلُهُ تَبَعًا لِلْإِمَامِ وَالْخَلِيفَةُ إمَامٌ لَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ تَبَعًا لِلْمَأْمُومَيْنِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رُكُوعَ الثَّانِيَةِ وَسُجُودَهَا أَتَمَّهَا جُمُعَةً؛ لِأَنَّهُ صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً، وَبِهِ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ، وَإِنَّمَا جَوَّزْنَا الِاسْتِخْلَافَ لَهُ فِي صُورَةِ فَوْتِ الْجُمُعَةِ عَلَيْهِ بِاسْتِخْلَافِهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ فِعْلُ ظُهْرٍ قَبْلَ فَوْتِ الْجُمُعَةِ لِعُذْرِهِ بِالِاسْتِخْلَافِ بِإِشَارَةِ الْإِمَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَلَمْ يَسْمَعْ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ نَفْسَ الرُّكُوعِ) غَايَةٌ لِقَوْلِهِ أَمَّ فِي الْقِيَامِ قَبْلَهُ، وَمِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ مَعَ الْإِمَامِ أَنْ يَكُونَ مُقْتَدِيًا فِيهَا كُلِّهَا، بَلْ الْمَدَارُ عَلَى كَوْنِهِ اقْتَدَى بِالْإِمَامِ قَبْلَ فَوَاتِ الرُّكُوعِ عَلَى الْمَأْمُومِ بِأَنْ اقْتَدَى بِهِ فِي الْقِيَامِ وَإِنْ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ قَبْلَ رُكُوعِهِ أَوْ اقْتَدَى بِهِ فِي الرُّكُوعِ وَرَكَعَ مَعَهُ وَإِنْ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: كَأَنْ اسْتَخْلَفَهُ فِي اعْتِدَالِهَا) أَيْ وَقَدْ اقْتَدَى بِهِ بَعْدَ الرُّكُوعِ أَوْ فِيهِ وَلَمْ يُدْرِكْهُ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ مَتَى أَدْرَكَهُ قَبْلَ فَوَاتِ الرُّكُوعِ صَحَّتْ لَهُمْ الْجُمُعَةُ (قَوْلُهُ: دُونَهُ أَيْ غَيْرَهُ) إنَّمَا فَسَّرَهَا تَبَعًا لِلْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ بِغَيْرٍ؛ لِأَنَّ دُونَ أَصْلُهَا لِلتَّفَاوُتِ فِي الْمَكَانِ، ثُمَّ اُسْتُعْمِلَتْ لِلتَّفَاوُتِ فِي الرُّتَبِ تَقُولُ: زَيْدٌ دُونَ عَمْرٍو فِي الرُّتْبَةِ، فَلَوْ لَمْ يُفَسِّرْهَا بِغَيْرٍ لَأَشْعَرَ بِأَنَّهَا صَحَّتْ لِلْجَمِيعِ لَكِنْ تَفَاوَتَتْ رُتَبُهُمْ فِي الصِّحَّةِ، وَلَيْسَ مُرَادًا هَكَذَا رَأَيْته بِهَامِشٍ نَقْلًا عَنْ الْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ سُلَيْمَانَ الْبَابِلِيِّ وَهُوَ مَرْضِيٌّ (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ زَائِدًا إلَخْ) أَيْ فِيمَا لَوْ تَمَّتْ لَهُمْ دُونَهُ. [فَرْعٌ] جَاءَ مَسْبُوقٌ فَوَجَدَ الْإِمَامَ قَدْ خَرَجَ مِنْ الصَّلَاةِ وَانْفَرَدَ الْقَوْمُ بِالرَّكْعَةِ وَلَمْ يَسْتَخْلِفُوا، فَهَلْ لَهُ الْآنَ الشُّرُوعُ فِي الظُّهْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ إدْرَاكُ الْجُمُعَةِ لَوْ صَبَرَ، أَوْ يَجِبُ الصَّبْرُ إلَى سَلَامِهِمْ، أَوْ يَجِبُ أَنْ يَقْتَدِيَ بِوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَتَحْصُلُ لَهُ الْجُمُعَةُ؟ الظَّاهِرُ الْأَخِيرُ، ثُمَّ أَفْتَانِي بِهِ شَيْخُنَا حَجّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. لَكِنْ تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَا يُصَرِّحُ بِخِلَافِهِ، وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ لَكِنْ تَعْلِيلُهُمْ إلَخْ مَا يُشِيرُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: فِي صُورَةِ فَوْتِ الْجُمُعَةِ عَلَيْهِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُدْرِكْ الرَّكْعَةَ الْأُولَى مَعَ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: لِعُذْرِهِ بِالِاسْتِخْلَافِ) أَيْ سَوَاءٌ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّقَدُّمُ بِأَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ نَفْسَ الرُّكُوعِ) غَايَةٌ فِي قَوْلِهِ أَمْ فِي الْقِيَامِ قَبْلَهُ، وَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَ عَقِبِهِ وَإِسْقَاطَ لَفْظِ حَقِيقَةً لِإِيهَامِهِ. وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَإِنْ بَطَلَتْ فِيمَا إذَا أَدْرَكَهُ فِي الْقِيَامِ صَلَاةُ الْإِمَامِ قَبْلَ رُكُوعِهَا انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ سَوَاءٌ إلَخْ) غَرَضُ الشَّارِحِ مِنْ هَذَا دَفْعُ مَا قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ إذَا كَانَ جَاهِلًا بِأَنَّ وَاجِبَهُ الظُّهْرُ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ بِأَنَّ مِنْ شُرُوطِهَا الْعِلْمَ بِالْمَنْوِيِّ، فَأَشَارَ إلَى أَنَّ جَهْلَهُ بِذَلِكَ لَا يَضُرُّهُ: أَيْ بِأَنْ يَعْلَمَهُ آخَرُ بَعْدُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَمَّتْ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَاهُ وَلَعَلَّهُ بِالْوَاوِ بَدَلَ الْفَاءِ فَتَكُونُ مِنْ تَحْرِيفِ النُّسَّاخِ وَيَكُونُ غَايَةٌ يُفَسِّرُهَا التَّصْوِيرُ الْمَذْكُورُ بَعْدَهَا فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ الْأُولَى بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ سَوَاءٌ أَكَانَ إدْرَاكُهُ بَعْدَ تَمَامِهَا وَهُوَ وَاضِحٌ أَوْ أَدْرَكَهُ قَبْلَ تَمَامِهَا كَأَنْ اسْتَخْلَفَهُ إلَخْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ بِأَنْ لَمْ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَيُعْرَفُ مَعْنَاهَا مِمَّا ذَكَرْنَاهُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً) أَيْ وَإِدْرَاكُهَا شَرْطٌ فِي غَيْرِ الْأُولَى. أَمَّا فِي الْأُولَى فَلَيْسَ بِشَرْطٍ بِقَرِينَةِ مَا قَدَّمَهُ آنِفًا فِيمَا لَوْ أَدْرَكَهُ فِيهَا وَأَحْدَثَ الْإِمَامُ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي كَلَامِهِ ثُمَّ.

لَهُ، قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا اسْتَخْلَفَهُ الْقَوْمُ، أَوْ تَقَدَّمَ بِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لَكِنَّ إطْلَاقَهُمْ يُخَالِفُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ التَّقَدُّمَ مَطْلُوبٌ فِي الْجُمْلَةِ فَيُعْذَرُ بِهِ. (وَيُرَاعِي) الْخَلِيفَةُ (الْمَسْبُوقُ نَظْمَ) صَلَاةِ (الْمُسْتَخْلَفِ) حَتْمًا لِيَجْرِيَ عَلَى نَظْمِهَا فَيَفْعَلَ مَا كَانَ الْإِمَامُ يَفْعَلُهُ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ تَرْتِيبَ صَلَاتِهِ بِاقْتِدَائِهِ بِهِ (فَإِذَا صَلَّى) بِهِمْ (رَكْعَةً) قَنَتَ بِهِمْ فِيهَا إنْ كَانَتْ ثَانِيَةَ الصُّبْحِ وَلَوْ كَانَ هُوَ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَيَتْرُكُ الْقُنُوتَ فِي الظُّهْرِ وَإِنْ كَانَ هُوَ يُصَلِّي الصُّبْحَ وَ (تَشَهَّدَ) جَالِسًا وَسَجَدَ بِهِمْ لِسَهْوِ الْإِمَامِ الْحَاصِلِ قَبْلَ اقْتِدَائِهِ بِهِ وَبَعْدَهُ (وَأَشَارَ إلَيْهِمْ) بَعْدَ تَشَهُّدِهِ عِنْدَ قِيَامِهِ (لِيُفَارِقُوهُ) فَيَتَخَيَّرُ الْمُقْتَدِي بِهِ بَعْدَ إشَارَتِهِ (أَوْ يَنْتَظِرُوا سَلَامَهُ) بِهِمْ، وَهُوَ أَفْضَلُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ: أَيْ مَعَ أَمْنِ خُرُوجِ الْوَقْتِ، فَإِنْ خَافُوا فَوْتَهُ وَجَبَتْ الْمُفَارَقَةُ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ لِيُفَارِقُوهُ إلَى آخِرِهِ. قَالَ الشَّارِحُ: عِلَّةٌ غَائِيَّةٌ لِلْإِشَارَةِ: أَيْ لِكَوْنِهَا خَفِيَّةً قَدْ تُفْهَمُ وَقَدْ لَا، وَحَيْثُ فُهِمَتْ فَغَايَتُهَا انْتِظَارُهُ. وَقَوْلُهُ أَيْ فَيَكُونُ بَعْدَهَا أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ مُرَتَّبٌ بَعْدَهَا بِاعْتِبَارِ الْوُقُوعِ وَإِنْ كَانَ مُتَقَدِّمًا فِي الذِّهْنِ. وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ نَاشِئًا عَنْهَا: أَيْ لِنُدْرَةِ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ، وَالْغَرَضُ مِنْ ذَلِكَ دَفْعُ مَا اُعْتُرِضَ بِهِ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ التَّخْيِيرَ الْمَذْكُورَ فِيهِ غَيْرُ مَفْهُومٍ مِنْ إشَارَةِ الْمُصَلِّي خُصُوصًا مَعَ الِاسْتِدْبَارِ وَكَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ يَمِينًا وَشِمَالًا وَخَلْفًا، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْخَلِيفَةِ الْمَسْبُوقِ التَّشَهُّدُ إذْ لَا يَزِيدُ حَالُهُ عَلَى بَقَائِهِ مَعَ إمَامِهِ بَلْ وَلَا الْقُعُودُ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الْمَسْبُوقُ نَظْمَ صَلَاةِ إمَامِهِ فَفِي جَوَازِ اسْتِخْلَافِهِ قَوْلَانِ: أَصَحُّهُمَا كَمَا فِي التَّحْقِيقِ الْجَوَازُ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: إنَّهُ الصَّحِيحُ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ مَنَعَ الْبُلْقِينِيُّ تَصْحِيحَهُ وَأَطَالَ فِي رَدِّهِ. وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: إنَّ أَرْجَحَ الْقَوْلَيْنِ دَلِيلًا الْمَنْعُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيُرَاقِبُ الْقَوْمَ بَعْدَ الرَّكْعَةِ، فَإِنْ هَمُّوا بِالْقِيَامِ قَامَ وَإِلَّا قَعَدَ. ـــــــــــــــــــــــــــــSخَافَ التَّوَاكُلَ لَوْ امْتَنَعَ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَصَحُّ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: وَيُرَاعِي الْمَسْبُوقُ إلَخْ) قَدْ تَشْمَلُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ مَا لَوْ قَرَأَ الْإِمَامُ بِالْفَاتِحَةِ وَاسْتَخْلَفَ شَخْصًا لَمْ يَقْرَأْهَا مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَرْكَعَ مِنْ غَيْرِ قِرَاءَةٍ، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ لِأَجْلِ صِحَّةِ صَلَاةِ نَفْسِهِ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مُوَافِقٌ لِنَظْمِ صَلَاةِ إمَامِهِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِنَظْمِهَا أَنْ لَا يُخَالِفَهُ فِيمَا يُؤَدِّي إلَى خَلَلٍ فِي صَلَاةِ الْقَوْمِ، وَهَذَا غَايَةُ أَمْرِهِ أَنَّهُ طَوَّلَ الْقِيَامَ الَّذِي خَلَفَ الْإِمَامَ فِيهِ وَنَزَلَ مَنْزِلَتَهُ وَهُوَ لَا يَضُرُّ مِنْ الْإِمَامِ لَوْ كَانَ بَاقِيًا (قَوْلُهُ: فَيَفْعَلُ مَا كَانَ الْإِمَامُ يَفْعَلُهُ) أَيْ حَتْمًا فِي الْوَاجِبِ وَنَدْبًا فِي الْمَنْدُوبِ. وَقَوْلُهُ حَتْمًا: أَيْ فِي الْجُمْلَةِ لِئَلَّا يُخَالِفَ قَوْلَهُ الْآتِي: وَلَا يَجِبُ عَلَى الْخَلِيفَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: ثَانِيَةُ الصُّبْحِ) أَيْ فَلَوْ تَرَكَ الْقُنُوتَ لَمْ يَسْجُدْ هُوَ وَلَا الْمَأْمُورُونَ بِهِ بِتَرْكِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ بِالْمَعْنَى. وَقَوْلُهُ لَمْ يَسْجُدْ: أَيْ لِعَدَمِ حُصُولِ خَلَلٍ فِي صَلَاتِهِ. وَقَوْلُهُ وَلَا الْمَأْمُومُونَ: أَيْ؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَتَشَهَّدَ جَالِسًا) أَيْ جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ وُجُوبًا: أَيْ بِقَدْرِ مَا يَسَعُ أَقَلَّ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَقَرَأَهُ نَدْبًا اهـ حَجّ. وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَيُرَاعِي الْمَسْبُوقُ إلَخْ، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ مَا يُخَالِفُهُ فِي قَوْلِهِ: وَلَا يَجِبُ عَلَى الْخَلِيفَةِ إلَخْ، وَمَا قَالَهُ حَجّ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَأَشَارَ إلَيْهِمْ) قَالَ حَجّ نَدْبًا (قَوْلُهُ: فَيَتَخَيَّرُ الْمُقْتَدِي) أَيْ بَيْنَ الِانْتِظَارِ وَالسَّلَامِ (قَوْلُهُ: بَلْ وَلَا الْقُعُودُ أَيْضًا) أَيْ فِي الْجُلُوسِ الْأَخِيرِ لِتَمَكُّنِ الْقَوْمِ مِنْ مُفَارَقَتِهِ بِالنِّيَّةِ وَالْإِتْمَامِ لِأَنْفُسِهِمْ، لَكِنْ هَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِ أَوَّلًا وَيُرَاعِي الْمَسْبُوقُ نَظْمَ الْمُسْتَخْلَفِ حَتْمًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَيَتَخَيَّرُ الْمُقْتَدِي بِهِ) الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ يَنْتَظِرُوا (قَوْلُهُ: فَإِنْ خَافُوا فَوْتَهُ وَجَبَتْ الْمُفَارَقَةُ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَتْ جُمُعَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَغَايَتُهَا انْتِظَارُهُ) أَيْ أَوْ مُفَارَقَتُهُ وَالضَّمِيرُ فِي انْتِظَارِهِ لِلْخَلِيفَةِ فَهُوَ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ لِنُدْرَةِ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ) كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى قَوْلِهِ أَيْ لِكَوْنِهَا خَفِيَّةً إلَخْ (قَوْلُهُ: بَلْ وَلَا الْقُعُودُ) فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِوُجُوبِ رِعَايَةِ نَظْمِ صَلَاةِ الْإِمَامِ، وَمِنْ ثَمَّ أَوْجَبَهُ الشِّهَابُ حَجّ فَهُوَ عَلَى طَرِيقَةِ الشَّارِحِ مُسْتَثْنًى

وَلَيْسَ هَذَا تَقْلِيدٌ فِي الرَّكَعَاتِ كَمَا لَا يَخْفَى، ثُمَّ مَا ذُكِرَ وَاضِحٌ فِي الْجُمُعَةِ. أَمَّا فِي الرُّبَاعِيَّةِ فَفِيهَا قَعُودَانِ، فَإِذَا لَمْ يَهُمُّوا بِقِيَامٍ وَقَعَدَ تَشَهَّدَ، ثُمَّ قَامَ، فَإِنْ قَامُوا مَعَهُ عَلِمَ أَنَّهَا ثَانِيَتُهُمْ. (وَلَا يَلْزَمُهُمْ) أَيْ الْمُقْتَدِينَ (اسْتِئْنَافُ نِيَّةِ الْقُدْوَةِ) بِالْخَلِيفَةِ (فِي الْأَصَحِّ) جُمُعَةً كَانَتْ، أَوْ غَيْرَهَا لِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ الْأَوَّلِ فِي دَوَامِ الْجَمَاعَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُرَاعِي نَظْمَ صَلَاةِ نَفْسِهِ، وَلَوْ اسْتَمَرَّ الْأَوَّلُ لَمْ يَحْتَجْ الْقَوْمُ إلَى تَجْدِيدِ النِّيَّةِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ الِاسْتِخْلَافِ، وَشَمَلَ ذَلِكَ مَنْ قَدَّمَهُ الْإِمَامُ وَمَنْ قَدَّمَهُ الْقَوْمُ وَمَنْ تَقَدَّمَ بِنَفْسِهِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا اخْتِصَاصَهُ بِالْأَوَّلِ، وَأَخَذَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ فَقَالَ فِي الثَّانِي الْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُمْ تَجْدِيدُ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ، وَفِي الثَّالِثِ: الْوَجْهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُمْ تَجْدِيدُهَا، وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَصًّا عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ مَنْعُ الِاسْتِدْلَالِ بِكَلَامِهِمَا بِأَنَّ فَرْضَ مَا ذُكِرَ مِثَالٌ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ اللُّزُومُ؛ لِأَنَّهُمْ بِخُرُوجِ الْإِمَامِ مِنْ صَلَاتِهِ صَارُوا مُنْفَرِدِينَ. وَلَوْ اسْتَخْلَفَ الْإِمَامُ غَيْرَ صَالِحٍ لِلْإِمَامَةِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُمْ لِأَنَّ اسْتِخْلَافَهُ لَغْوٌ مَا لَمْ يَقْتَدُوا بِهِ، وَلَوْ أَرَادَ الْمَسْبُوقُونَ، أَوْ مَنْ صَلَاتُهُمْ أَطْوَلُ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ اسْتِخْلَافَ مَنْ يُتِمُّ بِهِمْ لَمْ يَجُزْ إلَّا فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ لِعَدَمِ الْمَانِعِ فِي غَيْرِهَا، بِخِلَافِهَا لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا تَنْشَأُ جُمُعَةٌ بَعْدَ أُخْرَى، وَلَعَلَّهُمْ أَرَادُوا بِالْإِنْشَاءِ مَا يَعُمُّ الْحَقِيقِيَّ وَالْمَجَازِيَّ، إذْ لَيْسَ فِيمَا إذَا كَانَ الْخَلِيفَةُ مِنْهُمْ إنْشَاءُ جُمُعَةٍ، وَإِنَّمَا فِيهِ مَا يُشْبِهُهُ صُورَةً عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ بِالْجَوَازِ فِي هَذِهِ لِذَلِكَ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ الْجَوَازِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ هُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا فِي الْجَمَاعَةِ، وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَحْقِيقِهِ هُنَاكَ، وَكَذَا فِي الْمَجْمُوعِ وَقَالَ فِيهِ: اعْتَمَدَهُ وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا فِي الِانْتِصَارِ مِنْ تَصْحِيحِ الْمَنْعِ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ فِي الرَّوْضَةِ بِأَنَّ ذَاكَ مِنْ حَيْثُ حُصُولُ الْفَضِيلَةِ وَهَذَا مِنْ حَيْثُ جَوَازِ اقْتِدَاءِ الْمُنْفَرِدِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ فِي التَّحْقِيقِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ جَوَازَ اقْتِدَاءِ الْمُنْفَرِدِ قَالَ: وَاقْتِدَاءُ الْمَسْبُوقِ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ كَغَيْرِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: الْكَلَامُ هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا اخْتَلَفَ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِخْلَافُ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا يَقْعُدُ وَالْآخَرُ يَقُومُ، بِخِلَافِ مَا إذَا اتَّفَقَ نَظْمُ الصَّلَاتَيْنِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ جَمْعٌ لَا بَأْسَ بِهِ، لَكِنَّ تَعْلِيلَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا الْمَنْعَ بِأَنَّ الْجَمَاعَةَ حَصَلَتْ لَهُ يُخَالِفُهُ. قَالَ النَّاشِرِيُّ: وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَ فِي الْجُمُعَةِ إذَا قَدَّمْنَا مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جُمْلَتِهِمْ، فَإِنْ كَانَ مِنْ جُمْلَتِهِمْ جَازَ حَتَّى لَوْ اقْتَدَى شَخْصٌ بِهَذَا الْمُقَدَّمِ وَصَلَّى مَعَهُمْ رَكْعَةً وَسَلَّمُوا فَلَهُ أَنْ يُتِمَّهَا جُمُعَةً؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ اسْتَفْتَحَ الْجُمُعَةَ فَهُوَ تَبَعٌ لِلْإِمَامِ وَالْإِمَامُ مُسْتَدِيمٌ لَهَا لَا مُسْتَفْتِحٌ، نَقَلَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَأَقَرَّهُ وَكَذَلِكَ الرِّيمِيُّ، لَكِنَّ تَعْلِيلَهُمْ السَّابِقَ يُخَالِفُهُ، وَلَوْ بَادَرَ أَرْبَعُونَ سَمِعُوا أَرْكَانَ الْخُطْبَةِ وَأَحْرَمُوا ـــــــــــــــــــــــــــــSإلَّا أَنْ يُقَالَ تَحَتَّمَ الْمُرَاعَاةُ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يُنَافِي مَا ذُكِرَ، أَوْ الْمُرَادُ تَحَتُّمُ الْمُرَاعَاةِ فِيمَا يُؤَدِّي إلَى اخْتِلَالِ صَلَاتِهِمْ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِي هَذَا تَقْلِيدٌ فِي الرَّكَعَاتِ) أَيْ فَلَا يُقَالُ: كَيْفَ رَجَعَ إلَى فِعْلِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا لَمْ يَهُمُّوا بِقِيَامٍ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ هَمَّهُ الْمَرَضُ أَذَابَهُ وَبَابُهُ رَدَّ، ثُمَّ قَالَ: وَهَمَّ بِالشَّيْءِ أَرَادَهُ وَبَابُهُ رَدَّ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُمْ اسْتِئْنَافُ نِيَّةِ الْقُدْوَةِ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَيَجُوزُ التَّجْدِيدُ: أَيْ لِنِيَّةِ الْقُدْوَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَكْرُوهًا؛ لِأَنَّهُ اقْتَدَى فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ اهـ. أَقُولُ: قَدْ يُقَالُ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ لِأَنَّهُمْ مَعْذُورُونَ بِإِحْرَامِهِمْ الْأَوَّلِ فَطُرُوءُ الْبُطْلَانِ لَا دَخْلَ لَهُمْ فِيهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ النِّيَّةَ بِالْقَلْبِ، فَلَوْ تَلَفَّظُوا بِهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ مَنْعُ الِاسْتِدْلَالِ بِكَلَامِهِمَا) أَيْ الشَّيْخَيْنِ (قَوْلُهُ: لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُمْ) أَيْ فَطَرِيقُهُمْ أَنْ يَسْتَخْلِفُوا فَوْرًا صَالِحًا لِلْإِمَامَةِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَقْتَدُوا بِهِ) أَيْ وَإِنْ قَلَّ زَمَنُ الِاقْتِدَاءِ جِدًّا، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ عِلْمِهِمْ بِحَالِهِ وَعَدَمِهِ، فَلَوْ ظَنُّوهُ مِمَّنْ يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ وَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ (قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ) هِيَ قَوْلُهُ وَلَوْ أَرَادَ الْمَسْبُوقُونَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ لِقَوْلِهِ، إذْ لَيْسَ فِيهِ إذَا كَانَ الْخَلِيفَةُ مِنْهُمْ إنْشَاءُ جُمُعَةٍ بَعْدَ أُخْرَى وَإِنَّمَا فِيهِ مَا يُشْبِهُهُ قَالَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ هَذَا) هُوَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ قُبَيْلَ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ (قَوْلُهُ: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ) أَيْ الْجَمْعِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ أَنْ يُتِمَّهَا جُمُعَةً) مَشَى عَلَيْهِ حَجّ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ تَعْلِيلَهُمْ السَّابِقَ يُخَالِفُهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ) سَيَأْتِي الْإِفْصَاحُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ قَالَ النَّاشِرِيُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ فِي الرَّوْضَةِ) اُنْظُرْ مَا مُرَادُهُ بِهِ

بِالْجُمُعَةِ انْعَقَدَتْ بِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِهَا بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ. (وَمَنْ زُحِمَ) أَيْ مَنَعَهُ الزِّحَامُ (عَنْ السُّجُودِ) عَلَى أَرْضٍ، أَوْ نَحْوِهَا مَعَ الْإِمَامِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ الْجُمُعَةِ مَثَلًا (فَأَمْكَنَهُ) السُّجُودُ عَلَى هَيْئَةِ التَّنْكِيسِ (عَلَى) شَيْءٍ مِنْ (إنْسَانٍ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الرِّضَا بِذَلِكَ وَهُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَإِنْ لَمْ يَخْلُ عَنْ وَقْفَةٍ، أَوْ بَهِيمَةٍ، أَوْ مَتَاعٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (فَعَلَ) ذَلِكَ حَتْمًا لِقَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إذَا اشْتَدَّ الزِّحَامُ فَلْيَسْجُدْ أَحَدُكُمْ عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ. وَصُورَتُهُ أَنْ يَكُونَ السَّاجِدُ عَلَى شَاخِصٍ وَالْمَسْجُودُ عَلَيْهِ فِي وَهْدَةٍ، وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إنْسَانٌ مِثَالٌ، وَأَنَّ الزَّحْمَةَ لَا تَخْتَصُّ بِالْجُمُعَةِ بَلْ يَجْرِي فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَكَثِيرٍ لَهَا هُنَا؛ لِأَنَّ الزِّحَامَ فِي الْجُمُعَةِ أَغْلَبُ؛ وَلِأَنَّ تَفَارِيعَهَا مُتَشَعِّبَةٌ مُشْكِلَةٌ لِكَوْنِهَا لَا تُدْرَكُ إلَّا بِرَكْعَةٍ مُنْتَظِمَةٍ، أَوْ مُلَفَّقَةٍ عَلَى مَا يَأْتِي، وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ: لَيْسَ فِي الزَّمَانِ مَنْ يُحِيطُ بِأَطْرَافِهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ السُّجُودُ كَمَا ذُكِرَ (فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَنْتَظِرُ) تَمَكُّنَهُ مِنْهُ (وَلَا يُومِئُ بِهِ) لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ، وَلَا تَجُوزُ لَهُ الْمُفَارَقَةُ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ الْجُمُعَةِ قَصْدًا مَعَ تَوَقُّعِ إدْرَاكِهَا لَا وَجْهَ لَهُ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّاهُ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَإِنْ ادَّعَى فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ وَإِذَا جَوَّزْنَا لَهُ الْخُرُوجَ وَأَرَادَ أَنْ يُتِمَّهَا ظُهْرًا فَفِي صِحَّةِ ذَلِكَ الْقَوْلَانِ فِيمَنْ أَحْرَمَ بِالظُّهْرِ قَبْلَ فَوَاتِ الْجُمُعَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي تَعْلِيقِهِ وَالْإِمَامُ فِي نِهَايَتِهِ، أَمَّا الْمَزْحُومُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْجُمُعَةِ فَيَسْجُدُ مَتَى تَمَكَّنَ قَبْلَ السَّلَامِ، أَوْ بَعْدَهُ. لَوْ كَانَ مَسْبُوقًا لَحِقَهُ فِي الثَّانِيَةِ، فَإِنْ تَمَكَّنَ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَسَجَدَ السَّجْدَتَيْنِ أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ وَإِلَّا فَلَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي. وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ أَنَّهُ يُومِئُ أَقْصَى مَا يُمْكِنُهُ كَالْمَرِيضِ لِمَكَانِ الْعُذْرِ، وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ وُجُوبَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فَلَا يَجُوزُ فِي الْجُمُعَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ) أَيْ غَيْرِ السَّامِعِينَ. ثُمَّ حَيْثُ انْعَقَدَتْ لِلْمُبَادِرِينَ وَجَبَ عَلَى غَيْرِهِمْ الِاقْتِدَاءُ بِإِمَامِهِمْ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ انْفِرَادُهُمْ بِإِمَامٍ إلَى إنْشَاءِ جُمُعَةٍ بَعْدَ أُخْرَى بِدُونِ حَاجَةٍ إلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ لَهُمْ اقْتِدَاءٌ بِهِ فَاتَتْهُمْ الْجُمُعَةُ، وَيُعَزِّرُ الْإِمَامُ ذَلِكَ الْمُبَادِرَ عَلَى تَفْوِيتِهِ الْجُمُعَةَ عَلَى أَهْلِ الْبَلَدِ (قَوْلُهُ: لَا يُشْتَرَطُ الرِّضَا بِذَلِكَ) أَيْ وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: أَوْ بَهِيمَةٌ أَوْ مَتَاعٌ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ صَاحِبُهُ كَالِاسْتِنَادِ إلَى حَائِطِهِ. نَعَمْ لَوْ كَانَ الَّذِي يَسْجُدُ عَلَى ظَهْرِهِ مِنْ عُظَمَاءِ الدُّنْيَا وَيَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ عَدَمُ رِضَاهُ بِذَلِكَ، وَرُبَّمَا يَنْشَأُ عَنْهُ شَرٌّ اُتُّجِهَ عَدَمُ اللُّزُومِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: قَدْ تُتَّجَهُ الْحُرْمَةُ (قَوْلُهُ: فَعَلَ ذَلِكَ حَتْمًا) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ إذَا تَلِفَ ضَمِنَهُ وَلَا يَدْخُلُ بِذَلِكَ تَحْتَ يَدِهِ، فَلَوْ كَانَ الْمَسْجُودُ عَلَيْهِ صَيْدًا وَضَاعَ لَا يَضْمَنُهُ الْمُصَلِّي لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي يَدِهِ (قَوْلُهُ: فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَنْتَظِرُ) قَالَ حَجّ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الِانْتِظَارُ فِي الِاعْتِدَالِ وَلَا يَضُرُّهُ تَطْوِيلُهُ لِعُذْرِهِ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَهُ الِانْتِظَارُ جَالِسًا بَعْدَ الِاعْتِدَالِ لَمْ يَجُزْ لَهُ، وَعَلَيْهِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الِاعْتِدَالَ مَحْسُوبٌ لَهُ فَلَزِمَهُ الْبَقَاءُ فِيهِ، بِخِلَافِ ذَلِكَ الْجُلُوسِ فَكَانَ كَالْأَجْنَبِيِّ عَمَّا هُوَ فِيهِ. نَعَمْ إنْ لَمْ تَكُنْ طَرَأَتْ الزَّحْمَةُ إلَّا بَعْدَ أَنْ جَلَسَ فَيَنْبَغِي انْتِظَارُهُ حِينَئِذٍ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ حَرَكَةً مِنْ عَوْدِهِ لِلِاعْتِدَالِ اهـ. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: لِأَنَّهُ أَقَلُّ حَرَكَةً إلَخْ جَوَازُ الْعَوْدِ، وَلَوْ قِيلَ بِعَدَمِ جَوَازِهِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا لِأَنَّ عَوْدَهُ لِمَحَلِّ الِاعْتِدَالِ فِعْلٌ أَجْنَبِيٌّ لَا حُجَّةَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِذَا جَوَّزْنَا لَهُ الْخُرُوجَ) عَلَى الْمَرْجُوحِ (قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي) وَالرَّاجِحُ مِنْهَا عَدَمُ الِانْعِقَادِ (قَوْلُهُ: فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ تَفَارِيعَهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُدْرَكُ إلَّا بِرَكْعَةٍ، وَالْمُرَادُ الْجُمُعَةُ فِي الزَّحْمَةِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ إلَّا بِرَكْعَةٍ مُنْتَظِمَةٍ أَوْ مُلَفَّقَةٍ عَلَى مَا يَأْتِي إذْ هُوَ مُخْتَصٌّ بِالزَّحْمَةِ: أَيْ أَوْ نَحْوِهَا فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَلِأَنَّ تَفَارِيعَ الْجُمُعَةِ فِي الزَّحْمَةِ مُتَشَعِّبَةٌ إلَخْ، وَلَوْ عَكَسَ فَقَالَ: وَلِأَنَّ تَفَارِيعَ الزَّحْمَةِ فِي الْجُمُعَةِ إلَخْ لَكَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: وَإِذَا جَوَّزْنَا لَهُ الْخُرُوجَ) أَيْ بِالنِّيَّةِ بِمَعْنَى الْمُفَارَقَةِ بِقَرِينَةِ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: فَفِي صِحَّةِ ذَلِكَ الْقَوْلَانِ) أَيْ فَتَبْطُلُ هُنَا عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

وَضْعِ الْجَبْهَةِ قَدْ عَارَضَهُ وُجُوبُ الْمُتَابَعَةِ، ثُمَّ عَلَى الصَّحِيحِ. (إنْ) (تَمَكَّنَ) مِنْ السُّجُودِ (قَبْلَ رُكُوعِ إمَامِهِ) فِي الثَّانِيَةِ: أَيْ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِيهِ (سَجَدَ) تَدَارُكًا لَهُ عِنْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ (فَإِنْ رَفَعَ) مِنْ سُجُودِهِ (وَالْإِمَامُ) بَعْدُ (قَائِمٌ قَرَأَ) مَا أَمْكَنَهُ مِنْهَا، فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ زَمَنًا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ فَهُوَ كَمَسْبُوقٍ فِي الْأَصَحِّ، فَإِنْ رَكَعَ إمَامُهُ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ الْفَاتِحَةَ رَكَعَ مَعَهُ وَلَا يَضُرُّ التَّخَلُّفُ الْمَاضِي؛ لِأَنَّهُ تَخَلَّفَ لِعُذْرٍ (أَوْ) رَفَعَ مِنْ السُّجُودِ وَالْإِمَامُ بَعْدُ (رَاكِعٌ فَالْأَصَحُّ) أَنَّهُ (يَرْكَعُ مَعَهُ وَهُوَ كَمَسْبُوقٍ) بِعَدَمِ إدْرَاكِهِ مَحَلَّ الْقِرَاءَةِ فَيَتَحَمَّلُهَا الْإِمَامُ عَنْهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ اطْمَأَنَّ قَبْلَ ارْتِفَاعِ إمَامِهِ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ وَإِنْ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُدْرِكُ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ بِهَذَا الرُّكُوعِ وَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ مَعَ الْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ فَإِنَّهَا مُتَابَعَةٌ فِي حَالِ الْقُدْوَةِ فَلَا يَضُرُّ سَبْقُ الْإِمَامِ الْمَأْمُومَ بِالطُّمَأْنِينَةِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يَرْكَعُ مَعَهُ لِأَنَّهُ مُؤْتَمٌّ بِهِ؛ بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ؛ بَلْ تَلْزَمُهُ الْقِرَاءَةُ وَيَسْعَى خَلْفَ الْإِمَامِ وَهُوَ مُتَخَلِّفٌ بِعُذْرٍ (فَإِنْ كَانَ إمَامُهُ) حِينَ فَرَاغِهِ (فَرَغَ مِنْ الرُّكُوعِ) فِي الثَّانِيَةِ (وَلَمْ يُسَلِّمْ وَافَقَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ) كَالْمَسْبُوقِ (ثُمَّ صَلَّى رَكْعَةً بَعْدَهُ) ؛ لِأَنَّهُ فَاتَتْهُ رَكْعَةٌ كَالْمَسْبُوقِ (وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ سَلَّمَ) قَبْلَ تَمَامِ سُجُودِهِ (فَاتَتْ الْجُمُعَةُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ رَكْعَةً فَيُتِمُّهَا ظُهْرًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ فَسَلَّمَ الْإِمَامُ فَإِنَّهُ يُتِمُّهَا جُمُعَةً. (وَإِنْ) (لَمْ يُمْكِنْهُ السُّجُودُ حَتَّى رَكَعَ الْإِمَامُ) فِي ثَانِيَةِ الْجُمُعَةِ: أَيْ شَرَعَ فِي رُكُوعِهَا (فَفِي قَوْلٍ يُرَاعِي) الْمَزْحُومُ (نَظْمَ) صَلَاةِ (نَفْسِهِ) فَيَسْجُدُ الْآنَ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَرْكَعُ مَعَهُ) لِظَاهِرِ «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا» ؛ وَلِأَنَّ مُتَابَعَةَ الْإِمَامِ آكَدُ وَلِهَذَا يَتْبَعُهُ الْمَسْبُوقُ وَيَتْرُكُ الْقِرَاءَةَ وَالْقِيَامَ (وَيُحْسَبُ رُكُوعُهُ الْأَوَّلُ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِهِ فِي وَقْتِهِ، وَإِنَّمَا أَتَى بِالثَّانِي لِعُذْرٍ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ وَالَى بَيْنَ رُكُوعَيْنِ نَاسِيًا، وَقَبْلَ الثَّانِي لِإِفْرَاطِ التَّخَلُّفِ فَكَأَنَّهُ مَسْبُوقٌ لَحِقَ الْآنَ (فَرَكْعَتُهُ مُلَفَّقَةٌ مِنْ رُكُوعِ) الرَّكْعَةِ (الْأُولَى وَمِنْ سُجُودِ الثَّانِيَةِ) الَّذِي أَتَى بِهِ فِيهَا (وَتُدْرَكُ بِهَا الْجُمُعَةُ فِي الْأَصَحِّ) لِإِطْلَاقِ خَبَرِ «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْجُمُعَةِ فَلْيُصَلِّ إلَيْهَا أُخْرَى» وَهَذَا قَدْ أَدْرَكَ رَكْعَةً وَلَيْسَ التَّلْفِيقُ نَقْصًا فِي الْمَعْذُورِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا لِنَقْصِهَا بِالتَّلْفِيقِ، وَصِفَةُ الْكَمَالِ مُعْتَبَرَةٌ فِي الْجُمُعَةِ. (فَلَوْ سَجَدَ عَلَى تَرْتِيبِ) نَظْمِ صَلَاةِ (نَفْسِهِ) عَامِدًا (عَالَمًا بِأَنَّ وَاجِبَهُ) أَيْ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ (الْمُتَابَعَةُ) لِإِمَامِهِ (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) لِكَوْنِهِ مُتَلَاعِبًا بِوَضْعِهِ السُّجُودَ مَوْضِعَ الرُّكُوعِ فَيَلْزَمُهُ التَّحَرُّمُ بِالْجُمُعَةِ إنْ أَمْكَنَهُ إدْرَاكُ الْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَسَكَتَ هُنَا عَنْ حُكْمِ مَا إذَا أَدْرَكَهُ بَعْدَهُ لِعِلْمِهِ مِمَّا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْأَصَحَّ لُزُومُهُ أَيْضًا، فَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ: بَلْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ مَا لَمْ يُسَلِّمْ الْإِمَامُ إذْ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْإِمَامَ قَدْ نَسِيَ الْقِرَاءَةَ مَثَلًا فَيَعُودُ إلَيْهَا هُوَ مُرَادُ الرَّوْضَةِ، وَدَعْوَاهُ أَنَّ عِبَارَتَهَا غَيْرُ مُسْتَقِيمَةٍ مَمْنُوعَةٌ (وَإِنْ نَسِيَ ذَلِكَ) الْمَعْلُومَ عِنْدَهُ مِنْ وُجُوبِ الْمُتَابَعَةِ (أَوْ جَهِلَ) حُكْمَ ذَلِكَ وَلَوْ عَامِّيًّا مُخَالِطًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِخَفَائِهِ عَلَى الْعَوَامّ (لَمْ يَحْسِبْ سُجُودَهُ الْأَوَّلَ) وَهُوَ مَا أَتَى بِهِ عَلَى تَرْتِيبِ نَفْسِهِ لِإِتْيَانِهِ بِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: حِينَ فَرَاغِهِ) أَيْ فَرَاغِ الْمَأْمُومِ مِنْ السُّجُودِ (قَوْلُهُ: فَسَلَّمَ الْإِمَامُ) أَيْ شَرَعَ فِي السَّلَامِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ رَفَعَ مُقَارِنًا لَهُ فَلَا يُدْرِكُ الْجُمُعَةَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً قَبْلَ سَلَامِ إمَامِهِ، وَيَحْتَمِلُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ إدْرَاكُهَا؛ لِأَنَّ الْقُدْوَةَ إنَّمَا تَنْقَطِعُ بِالْمِيمِ مِنْ عَلَيْكُمْ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى مَنْهَجٍ نَقَلَ هَذَا الثَّانِيَ عَنْ م ر، وَفِي كَلَامِ حَجّ أَنَّهُ لَوْ قَارَنَ رَفْعَ رَأْسِهِ الْمِيمُ مِنْ عَلَيْكُمْ أَنَّهَا تَفُوتُهُ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَقَضِيَّةُ قَوْلُ شَارِحٍ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ الْإِمَامُ كَمَا رَفَعَ هُوَ مِنْ السُّجُودِ أَنَّهُ تَتِمُّ الْجُمُعَةُ خِلَافُهُ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلَهُ وَقَضِيَّتُهُ إلَخْ قَدْ يَمْنَعُ أَنَّ قَضِيَّتَهُ ذَلِكَ بَلْ عَكْسُهُ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَعْنَى وَإِنْ كَانَ سَلَّمَ: وَإِنْ كَانَ تَمَّ سَلَامُهُ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْ السُّجُودِ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ الْمُرَادُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ وَإِنْ كَانَ شَرَعَ فِي السَّلَامِ لِاقْتِضَائِهِ الْفَوْتَ بِمُجَرَّدِ الشُّرُوعِ قَبْلَ الْفَرَاغِ وَهُوَ فَاسِدٌ، فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ وَإِنْ كَانَ تَمَّ سَلَامُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ: مَمْنُوعَةٌ) أَيْ بِقَوْلِهِ السَّابِقِ وَسَكَتَ هُنَا عَنْ حُكْمِ مَا إذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإِنَّمَا لَمْ تَبْطُلْ بِهِ صَلَاتُهُ لِعُذْرِهِ (فَإِذَا سَجَدَ ثَانِيًا) بِأَنْ فَرَغَ مِنْ سَجْدَتَيْهِ فَقَامَ وَقَرَأَ وَرَكَعَ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْهِ وَهُوَ عَلَى نِسْيَانِهِ، أَوْ جَهْلِهِ (حُسِبَ) لَهُ أَيْ السُّجُودُ الثَّانِي، وَتَتِمُّ بِهِ رَكْعَتُهُ لِدُخُولِهِ وَقْتَهُ وَيَلْغُو مَا قَبْلَهُ، فَلَوْ زَالَ جَهْلُهُ، أَوْ نِسْيَانُهُ قَبْلَ سُجُودِهِ ثَانِيًا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُتَابِعَ الْإِمَامَ فِيمَا هُوَ فِيهِ كَمَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ: أَيْ فَإِنْ أَدْرَكَ مَعَهُ السُّجُودَ تَمَّتْ رَكْعَتُهُ. كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَالْأَصَحُّ إدْرَاكُ الْجُمُعَةِ بِهَذِهِ الرَّكْعَةِ) الْمُلَفَّقَةِ مِنْ رُكُوعِ الْأُولَى وَسُجُودِ الثَّانِيَةِ (إذَا كَمُلَتْ السَّجْدَتَانِ) فِيهَا (قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ) وَإِذَا اشْتَمَلَتْ الرَّكْعَةُ عَلَى نُقْصَانَيْنِ أَحَدُهُمَا بِالتَّلْفِيقِ وَالثَّانِي بِالْقُدْوَةِ الْحُكْمِيَّةِ إذْ لَمْ يُتَابِعْ الْإِمَامَ فِي مَوْضِعِ رَكْعَتَيْهِ مُتَابَعَةً حِسِّيَّةً وَإِنَّمَا سَجَدَ مُتَخَلِّفًا عَنْهُ غَيْرَ أَنَّا أَلْحَقْنَاهُ فِي الْحُكْمِ بِالِاقْتِدَاءِ الْحَقِيقِيِّ لِعُذْرِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَمُلَتَا بَعْدَ سَلَامِهِ فَلَا يُدْرِكُ بِهَا الْجُمُعَةَ لِمَا مَرَّ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يُدْرِكُ الْجُمُعَةَ بِهَذِهِ، وَمَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْسِبْ سُجُودَهُ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ لِكَوْنِ فَرْضِهِ الْمُتَابَعَةَ وَجَبَ أَنْ لَا يُحْسَبَ وَالْإِمَامُ فِي رُكْنٍ بَعْدَ الرُّكُوعِ رَدَّهُ السُّبْكِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِأَنَّا إنَّمَا لَمْ نَحْسِبْ لَهُ سُجُودَهُ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ لِإِمْكَانِ مُتَابَعَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَيُدْرِكُ الرَّكْعَةَ، بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ، فَلَوْ لَمْ نَحْسِبْهُ لَفَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ وَيَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا فِي عَدَمِ الْمُتَابَعَةِ يَنْتَهِي. وَزَعَمَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ مَا فِي الْمِنْهَاجِ غَيْرُ مُوَافَقٍ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُتَابِعٌ فِي ذَلِكَ لِقَوْلِ الْمَجْمُوعِ إنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى خِلَافِهِ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا فِي الْمِنْهَاجِ، وَلِهَذَا قَالَ السُّبْكِيُّ: فَثَبَتَ أَنَّ مَا فِي الْمِنْهَاجِ هُوَ الْأَصَحُّ مِنْ جِهَةِ الْفِقْهِ، وَالْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ الْمُتَّجَهُ وَلَوْ لَمْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ السُّجُودِ حَتَّى سَجَدَ إمَامُهُ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ سَجَدَ مَعَهُ فِيهَا وَسَجَدَ الْأُخْرَى عَلَى أَوْجَهِ احْتِمَالَيْنِ هُنَا؛ لِأَنَّهُمَا كَرُكْنٍ وَاحِدٍ كَمَا هُوَ الْقِيَاسُ فِي نَظَائِرِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجْلِسَ مَعَهُ، فَإِذَا سَلَّمَ بَنِي عَلَى صَلَاتِهِ. وَقَالَ الشَّيْخُ نَقْلًا عَنْ الزَّرْكَشِيّ إنَّ الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ يُؤَدِّي إلَى الْمُخَالَفَةِ وَالثَّانِي إلَى تَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ، وَأَيَّدَهُ بِمَا قَدَّمْته عَنْ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ فِي أَوَائِلِ صِفَةِ الْأَئِمَّةِ، وَقَدَّمْت ثَمَّ إنَّ الْمُخْتَارَ جَوَازُ تَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ، وَقَدْ جَوَّزَ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ لِلْمُنْفَرِدِ أَنْ يَقْتَدِيَ فِي اعْتِدَالِهِ بِغَيْرِهِ قَبْلَ رُكُوعِهِ وَيُتَابِعَهُ انْتَهَى. وَالْمُعْتَمَدُ مَنْعُ ذَلِكَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَدْرَكَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ عَلَى نِسْيَانِهِ أَوْ جَهْلِهِ) عِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ مُضِيِّ مَا ذَكَرَ: أَوْ لَمْ يَسْتَمِرَّ بِأَنْ تَذَكَّرَ أَوْ عَلِمَ الْإِمَامُ فِي التَّشَهُّدِ حَالَ قِيَامِهِ مِنْ سُجُودِهِ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ حُسِبَ لَهُ. . إلَخْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا كَمُلَتَا) أَيْ السَّجْدَتَانِ (قَوْلُهُ: حَالَ إذَا سَجَدَ إمَامُهُ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ) أَيْ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجْلِسَ) أَيْ فِي الْأَصْلِ وَهُوَ أَنَّ السَّبْقَ بِرُكْنٍ لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ مَنْعُ ذَلِكَ) أَيْ مَنْعُ مَا ذُكِرَ مِنْ السُّجُودِ، وَعَلَيْهِ فَيَنْتَظِرُ فِي السَّجْدَةِ الَّتِي أَدْرَكَهَا مَعَ الْإِمَامِ إلَى أَنْ يُسَلِّمَ، ثُمَّ إنْ كَانَ أَدْرَكَ مَعَهُ الرَّكْعَةَ الْأُولَى تَمَّتْ جُمُعَتُهُ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ مَعَ الْإِمَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: مَا أَمْكَنَهُ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ لِيَظْهَرَ مَوْقِعُ مَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الشِّهَابِ حَجّ مَعَ الْمَتْنِ: وَإِذَا سَجَدَ ثَانِيًا بِأَنْ اسْتَمَرَّ عَلَى تَرْتِيبِ نَفْسِهِ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا فَفَرَغَ مِنْ السَّجْدَتَيْنِ ثُمَّ قَامَ وَقَرَأَ وَرَكَعَ وَاعْتَدَلَ وَسَجَدَ أَوْ لَمْ يَسْتَمِرَّ بِأَنْ تَذَكَّرَ أَوْ عَلِمَ وَالْإِمَامُ فِي التَّشَهُّدِ حَالَ قِيَامِهِ مِنْ سُجُودِهِ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ حُسِبَ لَهُ مَا أَتَى بِهِ وَتَمَّتْ بِهِ رَكْعَتُهُ الْأُولَى لِدُخُولِ وَقْتِهِ وَأَلْغَى مَا قَبْلَهُ وَالْأَصَحُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الشَّيْخُ نَقْلًا عَنْ الزَّرْكَشِيّ إلَخْ) عِبَارَةُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَعْدَ ذِكْرِ الِاحْتِمَالَيْنِ نَصُّهَا: ذَكَرَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ ثُمَّ قَالَ: وَالْمُتَّجِهُ أَنَّهُ يَنْتَظِرُهُ سَاجِدًا حَتَّى يُسَلِّمَ فَيَبْنِي عَلَى صَلَاتِهِ،؛ لِأَنَّ الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ يُؤَدِّي إلَى الْمُخَالَفَةِ وَالثَّانِي إلَى تَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ، وَأَيَّدَهُ بِمَا قَدَّمْته إلَخْ، فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ وَأَيَّدَهُ رَاجِعٌ إلَى الِاحْتِمَالِ الَّذِي أَبْدَاهُ الزَّرْكَشِيُّ بِقَوْلِهِ وَالْمُتَّجَهُ إلَخْ، فَلَعَلَّ فِي نُسَخِ الشَّارِحِ سَقْطًا فَلْتُرَاجَعْ نُسْخَةٌ صَحِيحَةٌ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ مَنْعُ ذَلِكَ) أَيْ الِاحْتِمَالِ الثَّانِي الَّذِي أَبْدَاهُ الشَّيْخُ وَهُوَ الْجُلُوسُ مَعَ الْإِمَامِ، وَلَا يَحْتَمِلُ كَلَامُ الشَّارِحِ غَيْرَهُ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ، وَكَيْفَ يَسْتَقِيمُ مَا فِيهَا مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ

[باب كيفية صلاة الخوف]

عَنْ الدَّارِمِيِّ وَغَيْرِهِ وَاضِحٌ، فَإِنَّهُ بِاقْتِدَائِهِ بِهِ صَارَ اللَّازِمُ لَهُ مُرَاعَاةَ تَرْتِيبِ صَلَاةِ إمَامِهِ وَلَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ السُّجُودِ حَتَّى تَشَهَّدَ الْإِمَامُ سَجَدَ، فَإِنْ فَرَغَ مِنْ السُّجُودِ وَلَوْ بِالرَّفْعِ مِنْهُ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَإِنْ لَمْ يَعْتَدِلْ حَصَلَتْ لَهُ رَكْعَةٌ وَأَدْرَكَ الْجُمُعَةَ، وَإِنْ رَفَعَ مِنْهُ بَعْدَ سَلَامِهِ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ فَيُتِمُّهَا ظُهْرًا، وَكَذَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ التَّتِمَّةِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ، وَنَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى وَجْهِهِ، فَإِنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي التَّتِمَّةِ تَفْرِيعًا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَجْرِي عَلَى تَرْتِيبِ نَفْسِهِ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُتَابِعُهُ فَلَا يَسْجُدُ بَلْ يَجْلِسُ مَعَهُ، ثُمَّ بَعْدَ سَلَامِهِ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ وَيُتِمُّهَا ظُهْرًا. وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُتَابِعُهُ وَيُوَجَّهُ بِمَا تَقَدَّمَ عَنْ السُّبْكِيّ وَالْإِسْنَوِيِّ فِي نَظِيرِهَا وَهُوَ أَنَّا لَوْ لَمْ نُجَوِّزْ لَهُ السُّجُودَ حِينَئِذٍ لَفَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ وَيَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا فِي عَدَمِ الْمُتَابَعَةِ، بَلْ هَذَا أَوْلَى بِالْعُذْرِ مِنْ تِلْكَ؛ لِأَنَّ ذَاكَ مُقَصِّرٌ بِخِلَافِ هَذَا. ، ثُمَّ جَمِيعُ مَا مَرَّ مِنْ تَخَلُّفِهِ لِزَحْمَةٍ أَمَّا تَخَلُّفُهُ لِغَيْرِهَا فَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ) (تَخَلَّفَ بِالسُّجُودِ) فِي الْأُولَى (نَاسِيًا) لِلسُّجُودِ (حَتَّى رَكَعَ الْإِمَامُ لِلثَّانِيَةِ) فَذَكَرَهُ (رَكَعَ مَعَهُ حَتْمًا عَلَى الْمَذْهَبِ) وَحَصَلَ لَهُ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ رَكْعَةٌ مُلَفَّقَةٌ وَسَقَطَ الْبَاقِي مِنْهُمَا، وَالثَّانِي يُرَاعِي نَظْمَ صَلَاةِ نَفْسِهِ كَالْمَزْحُومِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِتَقْصِيرِهِ بِالنِّسْيَانِ وَالتَّخَلُّفِ لِمَرَضٍ كَتَخَلُّفِهِ لِلنِّسْيَانِ فِيمَا ذُكِرَ. . [بَابٌ كَيْفِيَّةُ صَلَاةِ الْخَوْفِ] [النَّوْعُ الْأَوَّلِ كَوْنُ الْعَدُوِّ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ] (بَابٌ) كَيْفِيَّةُ (صَلَاةِ الْخَوْفِ) وَهُوَ لُغَةً ضِدُّ الْأَمْنِ، وَحُكْمُ صَلَاتِهِ كَصَلَاةِ الْأَمْنِ، وَإِنَّمَا أُفْرِدَ بِبَابٍ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَهُ مَا لَا يُحْتَمَلُ ـــــــــــــــــــــــــــــSرَكْعَةً، هَذَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِمَّا ذُكِرَ، لَكِنَّهُ يُشْكِلُ عَلَى مَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِيمَا لَوْ تَمَكَّنَ مِنْ السُّجُودِ فِي تَشَهُّدِ الْإِمَامِ مِنْ أَنَّهُ يَفْعَلُهُ، فَالْأَوْلَى جَعْلُ الْإِشَارَةِ رَاجِعَةً لِتَطْوِيلِ الْجُلُوسِ، وَعَلَيْهِ فَلَا إشْكَالَ بَلْ الْمَسْأَلَتَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ رَفَعَ مِنْهُ بَعْدَ سَلَامِهِ) أَيْ فَرَاغِهِ مِنْهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ رَفَعَ مُقَارِنًا لِسَلَامِهِ فَإِنَّهَا تَحْصُلُ لَهُ (قَوْلُهُ: فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ) مُعْتَمَدٌ. (بَابٌ صَلَاةُ الْخَوْفِ) . (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا أَفْرَدَ بِبَابٍ) أَيْ الْخَوْفِ أَيْ صَلَاتِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ فِي الصَّلَاةِ) شَمَلَ تَعْبِيرُهُ بِالصَّلَاةِ الْفَرْضَ وَالنَّفَلَ، وَسَيَأْتِي لَهُ التَّصْرِيحُ بِهِ عَلَى تَفْصِيلٍ لَا مُطْلَقًا بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْكَيْفِيَّةِ الرَّابِعَةِ وَغَرِيمٍ عِنْدَ الْإِعْسَارِ إلَخْ، وَعِبَارَةُ حَجّ هُنَا: وَتَعْبِيرُهُمْ بِالْفَرْضِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَإِلَّا فَلَوْ صَلَّوْا فِيهِ عِيدًا مَثَلًا جَازَ فِيهِ الْكَيْفِيَّاتُ الْآتِيَةُ لِمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الرَّابِعَةِ مِنْ جَوَازِ نَحْوِ عِيدٍ وَكُسُوفٍ لَا اسْتِسْقَاءٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَفُوتُ، وَحِينَئِذٍ فَيُحْتَمَلُ اسْتِثْنَاؤُهُ أَيْضًا مِنْ بَقِيَّةِ الْأَنْوَاعِ، وَيُحْتَمَلُ الْعُمُومُ؛ لِأَنَّ الرَّابِعَةَ يُحْتَاطُ لَهَا لِمَا فِيهَا مِنْ كَثْرَةِ الْمُبْطِلَاتِ مَا لَيْسَ فِي غَيْرِهَا اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَفُوتُ إلَخْ، قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَمِنْ ذَلِكَ يُؤْخَذُ أَنَّهَا تُشْرَعُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ أَيْضًا كَسُنَّةِ الْفَرِيضَةِ وَالتَّرَاوِيحِ، وَأَنَّهَا لَا تُشْرَعُ فِي الْفَائِتَةِ بِعُذْرٍ إلَّا إذَا خِيفَ فَوْتُهَا بِالْمَوْتِ اهـ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّهَا لَا تُشْرَعُ فِي النَّفْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ عَنْ الدَّارِمِيِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: يَصِيرُ اللَّازِمُ لَهُ مُرَاعَاةَ تَرْتِيبِ صَلَاةِ إمَامِهِ) اُنْظُرْ هَلْ يَنْقَلِبُ هَذَا الِاعْتِدَالُ قِيَامًا وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَقْرَأُ فِيهِ وَلَوْ فَارَقَ فِيهِ الْإِمَامُ بَعْدُ يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ الرُّكُوعِ لِإِلْغَائِهِ أَوْ يَبْقَى عَلَى مَنْ الِاعْتِدَالُ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ ضِدُّ مَا ذُكِرَ. ظَاهِرُ تَعْبِيرِ الشَّارِحِ بِتَرْتِيبِ صَلَاةِ الْإِمَامِ يُشْعِرُ بِالْأَوَّلِ، وَظَاهِرُ اسْتِشْهَادِ الشَّيْخِ بِهِ لِمَا اخْتَارَهُ يُشْعِرُ بِالثَّانِي فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَنَبَّهَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ) الْبَاءُ فِيهِ بِمَعْنَى عَلَى (بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ)

فِيهَا عِنْدَ غَيْرِهِ، وَيَتْبَعُهُ بَيَانُ حُكْمِ اللِّبَاسِ، وَقَدْ جَاءَتْ فِي السُّنَّةِ عَلَى سِتَّةَ عَشَرَ نَوْعًا اخْتَارَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْهَا الْأَنْوَاعَ الْأَرْبَعَةَ الْآتِيَةَ، وَدَعْوَى الْمُزَنِيّ نَسْخَ آيَتِهَا وَهِيَ {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ} [النساء: 102] لِتَرْكِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ مَرْدُودَةٌ بِتَأَخُّرِ نُزُولِهَا عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَقِيلَ خَمْسٍ وَهِيَ نَزَلَتْ سَنَةَ سِتٍّ، ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُطْلَقِ اهـ. وَعَلَيْهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَأْتِي فِيمَا لَمْ تُفْعَلْ جَمَاعَةً كَالرَّوَاتِبِ، بَلْ وَالْمَكْتُوبَاتِ إذَا صُلِّيَتْ فُرَادَى إلَّا صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ دُونَ غَيْرِهَا لِعَدَمِ تَأَتِّي صِفَتِهَا مِنْ التَّفْرِيقِ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ إنْ أَمْكَنَهُمْ التَّنَاوُبُ بِأَنْ تُصَلِّيَ كُلُّ جَمَاعَةٍ وُحْدَانًا مَعَ حِرَاسَةِ غَيْرِهِمْ فَعَلُوا وَإِلَّا صَلَّوْا صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ، ثُمَّ تَقْيِيدُهُ الْفَائِتَةَ بِالْعُذْرِ يُفْهِمُ أَنَّ الْفَائِتَةَ بِغَيْرِ عُذْرٍ تُفْعَلُ فِي الْخَوْفِ. وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهَا لَا تَفُوتُ أَيْضًا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَ مَأْمُورًا بِالْمُبَادَرَةِ إلَى فِعْلِهَا خُرُوجًا مِنْ الْمَعْصِيَةِ رُخِّصَ فِي فِعْلِهَا مُسَارَعَةً لِلتَّخَلُّصِ مِنْ الْإِثْمِ، ثُمَّ رَأَيْت وَالِدَ الشَّارِحِ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَيَتْبَعُهُ بَيَانُ حُكْمِ اللِّبَاسِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ نَحْوِ الِاسْتِصْبَاحِ بِالدُّهْنِ النَّجِسِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ جَاءَتْ فِي السُّنَّةِ عَلَى سِتَّةَ عَشَرَ نَوْعًا) عِبَارَةُ حَجّ تَبْلُغُ سِتَّةَ عَشَرَ نَوْعًا بَعْضُهَا فِي الْأَحَادِيثِ وَبَعْضُهَا فِي الْقُرْآنِ، وَاخْتَارَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْهَا الثَّلَاثَةَ الْآتِيَةَ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَى بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ وَأَقَلُّ تَغْيِيرًا وَذَكَرَ الرَّابِعَ الْآتِيَ لِمَجِيءِ الْقُرْآنِ بِهِ اهـ. وَهُوَ مُخَالِفٌ كَمَا تَرَى لِقَوْلِ الشَّارِحِ جَاءَتْ فِي السُّنَّةِ إلَخْ، فَلْيُرَاجَعْ فَإِنَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ ظَاهِرَةٌ فِي أَنَّ الرَّابِعَ مِنْ السِّتَّةَ عَشَرَ. وَفِي حَجّ أَيْضًا بَعْدَ قَوْلِهِ لِمَجِيءِ الْقُرْآنِ بِهِ: تَنْبِيهٌ: هَذَا الِاخْتِيَارُ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ أَحَادِيثَ مَا عَدَا تِلْكَ الثَّلَاثَةِ لَا عُذْرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقَدْ جَاءَتْ فِي السُّنَّةِ عَلَى سِتَّةَ عَشَرَ نَوْعًا اخْتَارَ الشَّافِعِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ هِيَ أَنْوَاعٌ أَرْبَعَةٌ، ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ رَابِعَهَا وَجَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ وَاخْتَارَ بَقِيَّتَهَا مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ نَوْعًا مَذْكُورَةٍ فِي الْأَخْبَارِ وَبَعْضُهَا فِي الْقُرْآنِ انْتَهَتْ، وَمِثْلُهَا فِي التُّحْفَةِ. وَقَوْلُهُ: ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ رَابِعَهَا: أَيْ أَضَافَهُ فِي الذِّكْرِ لِمَا اخْتَارَهُ مِمَّا نُقِلَ عَنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْأَخْبَارِ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَهُ. وَقَوْلُهُ: وَبَعْضُهَا فِي الْقُرْآنِ: يَعْنِي صَلَاةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ الْمَذْكُورَةَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ} [النساء: 102] الْآيَةَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَعْنَى اخْتِيَارِ الشَّافِعِيِّ لِهَذِهِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ أَنَّهُ قَصَرَ كَلَامَهُ عَلَيْهَا وَبَيَّنَ أَحْكَامَهَا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْكَلَامِ عَلَى غَيْرِهَا، لَا لِبُطْلَانِهِ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ صَحَّ بِهِ الْحَدِيثُ بَلْ لِقِلَّةِ مَا فِيهَا مِنْ الْمُبْطِلَاتِ وَلِإِغْنَائِهَا عَنْ الْبَاقِيَاتِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ أَحَادِيثُهَا لَمْ تُنْقَلْ لِلشَّافِعِيِّ، إذْ ذَاكَ مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ، فَكَمْ مِنْ أَحَادِيثَ لَمْ تَسْتَقِرَّ صِحَّتُهَا إلَّا بَعْدَ عَصْرِ الشَّافِعِيِّ، وَالْأَحَادِيثُ إذْ ذَاكَ إنَّمَا كَانَتْ تُتَلَقَّى مِنْ أَفْوَاهِ الرُّوَاةِ لَا مِنْ الْكُتُبِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إذَا صَحَّ الْحَدِيثُ فَهُوَ مَذْهَبِي، خَشْيَةَ أَنْ تَسْتَقِرَّ صِحَّةُ حَدِيثٍ عَلَى خِلَافِ حُكْمٍ ذَهَبَ إلَيْهِ. وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الشَّافِعِيِّ يَقُولُ: لَا أَعْلَمُ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثًا صَحِيحًا. اهـ. مَعَ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ صَاحِبُ الْبَاعِ الْأَطْوَلِ فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ كَمَا يَعْلَمُ ذَلِكَ مَنْ لَهُ أَدْنَى مُمَارَسَةٍ بِذَلِكَ الْعِلْمِ، وَبِذَلِكَ يَسْقُطُ قَوْلُ بَعْضِهِمْ: إنَّ أَحَادِيثَهَا صَحِيحَةٌ لَا عُذْرَ لِلشَّافِعِيِّ فِيهَا. وَوَجْهُ سُقُوطِهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ صِحَّتِهَا فِي نَفْسِهَا وُصُولُهَا إلَيْهِ بِطُرُقٍ صَحِيحَةٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ اطَّلَعَ فِيهَا عَلَى قَادِحٍ فَتَأَمَّلْ، فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَجْوِبَةٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا عَلَى حِدَتِهِ كَافٍ فِي دَفْعِ هَذَا التَّشْنِيعِ عَلَى عَالِمِ قُرَيْشٍ مَنْ مَلَأَ طِبَاقَ الْأَرْضِ عِلْمًا رَضِي اللَّهِ تَعَالَى عَنْهُ وَعَنَّا بِهِ مِمَّا فَتَحَ اللَّهُ بِهِ عَلَى أَضْعَفِ عِبَادِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَدَعْوَى الْمُزَنِيّ نَسْخَ آيَتِهَا وَهِيَ {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ} [النساء: 102] إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ فِي خُصُوصِ نَوْعٍ مِنْ جُمْلَةِ الْأَنْوَاعِ، وَبَقِيَّةُ الْأَنْوَاعِ جَاءَتْ بِهَا الْأَخْبَارُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَسْخِ الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ بِفَرْضِهِ نَسْخُ صَلَاةِ الْخَوْفِ مِنْ أَصْلِهَا مَعَ أَنَّ مَذْهَبَ الْمُزَنِيّ إنَّمَا هُوَ نَسْخُ صَلَاةِ الْخَوْفِ مِنْ أَصْلِهَا. وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ: وَقَالَ الْمُزَنِيّ صَلَاةُ الْخَوْفِ مَنْسُوخَةٌ، وَمَذْهَبُنَا أَنَّهَا بَاقِيَةٌ وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ إلَخْ.

وَتَجُوزُ فِي الْحَضَرِ أَيْضًا وَقَدْ أَشَارَ لِأَنْوَاعِهَا بِقَوْلِهِ (هِيَ أَنْوَاعٌ) أَرْبَعَةٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ اشْتَدَّ الْخَوْفُ فَالرَّابِعُ أَوَّلًا وَالْعَدُوُّ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ فَالْأَوَّلُ، أَوْ فِي غَيْرِهَا فَالْآخَرَانِ (الْأَوَّلُ) مِنْ الصَّلَاةِ بِالْكَيْفِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ (يَكُونُ) أَيْ كَوْنٌ عَلَى حَدِّ: تَسْمَعُ بِالْمُعَيْدِيِّ خَيْرٌ أَنْ تَرَاهُ، فَانْدَفَعَ مَا لِبَعْضِ الشُّرَّاحِ هُنَا (الْعَدُوُّ فِي) جِهَةِ (الْقِبْلَةِ) وَلَا سَاتِرَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ وَفِي الْمُسْلِمِينَ كَثْرَةٌ بِحَيْثُ تُقَاوِمُ كُلُّ فِرْقَةٍ الْعَدُوَّ (فَيُرَتِّبُ الْإِمَامُ الْقَوْمَ صَفَّيْنِ) فَأَكْثَرَ (وَيُصَلِّي بِهِمْ) جَمِيعًا إلَى اعْتِدَالِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى إذْ الْحِرَاسَةُ الْآتِيَةُ مَحِلُّهَا الِاعْتِدَالُ لَا الرُّكُوعُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ (فَإِذَا سَجَدَ) الْإِمَامُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى سَجَدَ مَعَهُ صَفٌّ (سَجْدَتَيْهِ وَحَرَسَ) حِينَئِذٍ (صَفٌّ) آخَرُ فِي الِاعْتِدَالِ الْمَذْكُورِ (فَإِذَا قَامُوا) أَيْ الْإِمَامُ وَمَنْ سَجَدَ مَعَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي مُخَالَفَتِهَا مَعَ صِحَّتِهَا وَإِنْ كَثُرَ تَغْيِيرُهَا، وَكَيْفَ تَكُونُ هَذِهِ الْكَثْرَةُ الَّتِي صَحَّ فِعْلُهَا عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ غَيْرِ نَاسِخٍ لَهَا مُقْتَضِيَةً لِلْإِبْطَالِ، وَلَوْ جُعِلَتْ مُقْتَضِيَةً لِلْمَفْضُولِيَّةِ لَاتُّجِهَ، وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ مَا تَشَيَّدَ بِهِ فَخْرُهُ مِنْ قَوْلِهِ إذَا صَحَّ الْحَدِيثُ فَهُوَ مَذْهَبِي وَاضْرَبُوا بِقَوْلِي الْحَائِطَ، وَهُوَ وَإِنْ أَرَادَ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ، لَكِنَّ مَا ذُكِرَ لَا يَصِحُّ مُعَارِضًا كَمَا يُعْرَفُ مِنْ قَوَاعِدِهِ فِي الْأُصُولِ فَتَأَمَّلْهُ اهـ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَالشَّارِحِ أَنَّ مَنْ تَتَبَّعَ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ وَعَرَفَ كَيْفِيَّةً مِنْ الْكَيْفِيَّاتِ السِّتَّةَ عَشَرَ جَازَ لَهُ صَلَاتُهَا بِتِلْكَ الْكَيْفِيَّةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، لَكِنْ نُقِلَ عَنْ م ر خِلَافُهُ وَفِيهِ وَقْفَةٌ وَالْأَقْرَبُ مَا قُلْنَاهُ (قَوْلُهُ: وَتَجُوزُ فِي الْحَضَرِ أَيْضًا) أَيْ بِأَنْ دَهَمَ الْمُسْلِمِينَ الْعَدُوُّ بِبِلَادِهِمْ، أَمَّا فِي الْأَمْنِ فَلَا تَجُوزُ لَهُمْ صَلَاةُ عُسْفَانَ لِمَا فِيهَا مِنْ التَّخَلُّفِ الْفَاحِشِ، وَتَجُوزُ صَلَاةُ بَطْنِ نَخْلٍ وَذَاتِ الرِّقَاعِ إذَا نَوَتْ الْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ الْمُفَارَقَةَ كَالْأُولَى (قَوْلُهُ يَكُونُ أَيْ كَوْنُ) وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ مُضَافٍ فِي الْكَلَامِ لِيَصِحَّ الْحَمْلُ: أَيْ ذُو كَوْنٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى حَدِّ تَسْمَعُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ شَاذًّا سَمَاعِيًّا عَلَى خِلَافٍ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَفِي الْمُسْلِمِينَ كَثْرَةٌ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ: وَشَرْطُ هَذِهِ كَثْرَةُ الْمُسْلِمِينَ وَكَوْنُ الْعَدُوِّ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ مَرْئِيًّا اهـ. وَالْمُتَبَادِرُ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ شَرْطُ الْجَوَازِ فَحَرِّرْهُ، ثُمَّ رَأَيْت م ر يُوَافِقُ عَلَى كَوْنِهَا شُرُوطَ الْجَوَازِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ فَبِدُونِهِ يَحْرُمُ وَلَا يَصِحُّ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ عَمِيرَةَ عَلَى مَا نَقَلَهُ عَنْهُ سم أَنَّ مَحَلَّ سُنِّيَّتِهَا أَوْ صِحَّتِهَا عَلَى مَا قِيلَ إذَا كَانَ فِي الْمُسْلِمِينَ كَثْرَةٌ وَكَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ عَلَى حَجّ يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَوَازِ الْحِلُّ وَالصِّحَّةُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ فِيهَا تَغْيِيرًا مُبْطِلًا فِي حَالِ الْأَمْنِ وَهُوَ التَّخَلُّفُ بِالسُّجُودَيْنِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا اهـ. لَكِنْ يُشْكِلُ كَوْنُ الْكَثْرَةِ شَرْطٌ لِلصِّحَّةِ هُنَا مَعَ كَوْنِهَا شَرْطًا لِلنَّدَبِ فِيمَا يَأْتِي اهـ لَهُ عَلَى حَجّ. وَقَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي: أَيْ فِي صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ، وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ لِلْفَرْقِ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ: وَيُفَارِقُ صَلَاةَ عُسْفَانَ بِجَوَازِهَا فِي الْأَمْنِ لِغَيْرِ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: فَيُرَتِّبُ الْإِمَامُ الْقَوْمَ صَفَّيْنِ) قَالَ فِي الْإِيعَابِ: وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُمْ مَنْ يَسْجُدُ مَعَهُ وَمَنْ يَتَخَلَّفُ لِلْحِرَاسَةِ حَتَّى لَا يَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ اهـ: أَيْ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ طَلَبَ مِنْهُمْ ذَلِكَ، وَلَوْ اخْتَلَفُوا بِأَنْ سَجَدَ بَعْضُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ مَعَ الْإِمَامِ فِي الْأُولَى وَبَعْضُ الثَّانِي وَالْبَعْضُ الْبَاقِي مِنْ الصَّفَّيْنِ فِي الثَّانِيَةِ اعْتَدَّ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَحَرَسَ) أَيْ نَاظِرًا لِلْعَدُوِّ فِيمَا يَظْهَرُ لَا لِمَوْضِعِ سُجُودِهِ (قَوْلُهُ: فِي الِاعْتِدَالِ الْمَذْكُورِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُمْ لَوْ أَرَادُوا أَنْ يَجْلِسُوا وَيَحْرُسُوا وَهُمْ جَالِسُونَ امْتَنَعَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْوَارِدُ وَفِي جُلُوسِهِمْ إحْدَاثُ صُورَةٍ غَيْرِ مَعْهُودَةٍ فِي الصَّلَاةِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إنْ كَانُوا عَالِمِينَ بِذَلِكَ، فَلَوْ جَلَسُوا جَهْلًا أَوْ سَهْوًا فَهَلْ يُدِيمُونَ الْجُلُوسَ أَوْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُمْ كَلَا فِعْلٍ، فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ. وَكَذَا لَوْ هَوَوْا بِقَصْدِ السُّجُودِ نَاوِينَ الْحِرَاسَةَ فِيمَا بَعْدَ تِلْكَ الرَّكْعَةِ فَعَرَضَ مَا يَمْنَعُهُمْ مِنْهُ كَسَبْقِ غَيْرِهِمْ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمْ مَأْذُونٌ لَهُمْ فِي الْهَوِيِّ وَإِرَادَةُ الْحِرَاسَةِ عَارِضَةٌ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ تَخَلَّفُوا لِلزَّحْمَةِ، لَكِنَّهَا إنَّمَا عَرَضَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مِنْ الصَّلَاةِ بِالْكَيْفِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ سَقَطَ مِنْ الْكَتَبَةِ لَفْظُ الْأَنْوَاعِ بَعْدَ مِنْ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ صَنِيعُهُ يَأْتِي فِي بَقِيَّةِ الْأَنْوَاعِ أَوْ أَنَّ مِنْ زَائِدَةٌ

(سَجَدَ مَنْ حَرَسَ) فِيهَا (وَلَحِقُوهُ وَسَجَدَ مَعَهُ) أَيْ الْإِمَامِ (فِي) الرَّكْعَةِ (الثَّانِيَةِ مَنْ حَرَسَ أَوَّلًا وَحَرَسَ الْآخَرُونَ) أَيْ الْفِرْقَةُ الَّتِي سَجَدَتْ مَعَ الْإِمَامِ (فَإِذَا جَلَسَ) الْإِمَامُ لِلتَّشَهُّدِ (سَجَدَ مَنْ حَرَسَ) فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ (وَتَشَهَّدَ) الْإِمَامُ (بِالصَّفَّيْنِ وَسَلَّمَ) بِهِمْ (وَهَذِهِ) الْكَيْفِيَّةُ الْمَذْكُورَةُ (صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ صِفَةُ صَلَاتِهِ (بِعُسْفَانَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَتَيْنِ، وَهِيَ قَرْيَةٌ بِقُرْبِ خُلَيْصٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ أَرْبَعَةُ بُرْدٍ، سُمِّيَتْ بِهِ لِعَسْفِ السُّيُولِ بِهَا. وَعِبَارَتُهُ كَغَيْرِهِ صَادِقَةٌ بِأَنْ يَسْجُدَ الصَّفُّ الْأَوَّلُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَالثَّانِي فِي الثَّانِيَةِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا بِمَكَانِهِ أَوْ تَحَوَّلَ بِمَكَانٍ آخَرَ، وَبِعَكْسِ ذَلِكَ فَهِيَ أَرْبَعُ كَيْفِيَّاتٍ وَكُلُّهَا جَائِزَةٌ. نَعَمْ إنْ كَثُرَتْ أَفْعَالُهُمْ فِي التَّحَوُّلِ ضَرَّ. وَالْأَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ مَا ثَبَتَ فِي مُسْلِمٍ، وَهُوَ أَنْ يَتَقَدَّمَ الصَّفُّ الثَّانِي الَّذِي حَرَسَ أَوَّلًا فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ لِيَسْجُدَ وَيَتَأَخَّرَ الَّذِي سَجَدَ أَوَّلًا لِيَحْرُسَ وَلَمْ يَمْشِ كُلٌّ مِنْهُمْ أَكْثَرَ مِنْ خُطْوَتَيْنِ، وَذَلِكَ لِجَمْعِهِ بَيْنَ تَقَدُّمِ الْأَفْضَلِ وَهُوَ الْأَوَّلُ لِسُجُودِهِ مَعَ الْإِمَامِ وَجَبْرِ الثَّانِي بِتَحَوُّلِهِ مَكَانَ الْأَوَّلِ، وَيَنْفُذُ كُلُّ وَاحِدٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ، فَإِنْ مَشَى أَحَدٌ أَكْثَرَ مِنْ خُطْوَتَيْنِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ (وَ) لَهُ أَنْ يُرَتِّبَهُمْ صُفُوفًا، ثُمَّ يَحْرُسَ صَفَّانِ بَلْ (لَوْ حَرَسَ) بَعْضُ كُلِّ صَفٍّ بِالْمُنَاوَبَةِ، أَوْ حَرَسَ (فِيهِمَا) أَيْ فِي الرَّكْعَتَيْنِ (فِرْقَتَا صَفٍّ) عَلَى الْمُنَاوَبَةِ وَدَامَ غَيْرُهُمَا عَلَى الْمُتَابَعَةِ (جَازَ) لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْحَارِسَةُ مُقَاوِمَةً لِلْعَدُوِّ حَتَّى لَوْ كَانَ الْحَارِسُ وَاحِدًا اشْتَرَطَ أَنْ لَا يَزِيدَ الْكُفَّارُ عَلَى اثْنَيْنِ (وَكَذَا) يَجُوزُ لَوْ حَرَسَ فِيهِمَا (فِرْقَةٌ) وَاحِدَةٌ وَلَوْ وَاحِدًا (فِي الْأَصَحِّ) الْمَنْصُوصِ لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِكُلِّ ذَلِكَ مَعَ قِيَامِ الْعُذْرِ، لَكِنَّ الْمُنَاوَبَةُ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهَا الثَّابِتَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَهُمْ بَعْدَ الْجُلُوسِ فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ الْعَوْدُ كَمَا قَالَهُ حَجّ، وَيَحْتَمِلُ جَوَازَ الْعَوْدِ فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي مَنْعِهِمْ الْعَدُوَّ مِنْهُ فِي جُلُوسِهِمْ، وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا فِي الزَّحْمَةِ (قَوْلُهُ: سَجَدَ مَنْ حَرَسَ وَلَحِقُوهُ) يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: يَأْتِي هُنَا مَا قِيلَ فِي مَسْأَلَةِ الزَّحْمَةِ لَوْ لَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ مَعَهُ بَعْدَ السُّجُودِ فَيَكُونُونَ كَالْمَسْبُوقِينَ، ثُمَّ رَأَيْت فِي مَتْنِ الرَّوْضِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ذَلِكَ، وَعِبَارَتُهُ فِي ذَاتِ الرِّقَاعِ وَبَعْدَ مَجِيئِهِمْ: أَيْ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ يَقْرَأُ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ قَصِيرَةٍ وَيَرْكَعُ بِهِمْ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَظِرْهُمْ وَأَدْرَكُوهُ فِي الرُّكُوعِ أَدْرَكُوهَا كَالْمَسْبُوقِ اهـ. فَقَوْلُهُ كَالْمَسْبُوقِ يُشْعِرُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ (قَوْلُهُ: فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ) أَيْ بَعْدَ تَقَدُّمِهِ وَتَأَخُّرِ الْأَوَّلِ وَهَلْ تَفُوتُ فَضِيلَةُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ بِتَأَخُّرِهِ وَتَقَدُّمِ الْآخَرِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهَا تَفُوتُ فِيمَا تَأَخَّرَ فِيهِ، وَتَحْصُلُ لِلْمُتَقَدِّمِ فِيمَا تَقَدَّمَ فِيهِ وَلَا مَانِعَ مِنْ حُصُولِ ثَوَابٍ لَهُ عَلَى التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ مِنْ حَيْثُ الِامْتِثَالُ يُسَاوِي فَضِيلَةَ الصَّفَّ الْأَوَّلِ أَوْ يَزِيدُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: لِعَسْفِ السُّيُولِ بِهَا) قَالَ عَمِيرَةُ: فَسَّرَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِتَسَلُّطِهَا عَلَيْهَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ كَثُرَتْ أَفْعَالُهُمْ فِي التَّحَوُّلِ ضَرَّ) قَدْ يُسْتَشْكَلُ اشْتِرَاطُ عَدَمِ كَثْرَةِ الْأَفْعَالِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي الْكَيْفِيَّةِ الَّتِي رَوَاهَا ابْنُ عُمَرَ فِي صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ فَإِنَّهُ اُغْتُفِرَ فِيهَا الْأَفْعَالُ الْكَثِيرَةُ الْمُتَوَالِيَةُ كَمَا يُعْلَمُ بِتَصَوُّرِ تِلْكَ الْكَيْفِيَّةِ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْأَصْلَ مَنْعُ الْأَفْعَالِ الْمَذْكُورَةِ إلَّا مَا أَذِنَ فِيهِ الشَّارِعُ وَلَمْ يَثْبُتْ الْإِذْنُ هُنَا لِخِلَافِهِ هُنَاكَ، وَبِأَنَّ مِنْ شَأْنِ تَقَدُّمِ أَحَدِ الصَّفَّيْنِ إلَى مَكَانِ الْآخَرِ وَتَأَخُّرِ أَحَدِهِمَا إلَى مَكَانِ الْآخَرِ عَدَمُ الِاحْتِيَاجِ إلَى الْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ الْمُتَوَالِيَةِ لِقُرْبِ الْمَسَافَةِ بَيْنَهُمَا عَادَةً وَشَرْعًا، وَلَا كَذَلِكَ مَجِيءُ أَحَدِ الصَّفَّيْنِ مِنْ تُجَاهِ الْعَدُوِّ إلَى مَكَانِ الصَّلَاةِ أَوْ ذَهَابُهُ مِنْ مَكَانِ الصَّلَاةِ إلَى تُجَاهِ الْعَدُوِّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ لِجَمْعِهِ) أَيْ هَذَا الْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَيَسْهُلُ وَحَالَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ) وَيَنْبَغِي مُرَاعَاةُ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ بِأَنْ يَقِفُوا عَلَى حَالَةٍ يَسْهُلُ مَعَهَا مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْحَارِسَةُ) أَيْ لِلْجَوَازِ وَالصِّحَّةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَاحِدًا) أَيْ إذَا كَانَ الْعَدُوُّ اثْنَيْنِ فَقَطْ كَمَا يُؤْخَذُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كُلُّ صَفٍّ بِالْمُنَاوَبَةِ) هَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ يَحْرُسُ بَعْضَ هَذَا وَبَعْضَ هَذَا مَعًا أَوْ أَنَّهُ فِي رَكْعَةٍ يَحْرُسُ

[الثاني من الأنواع كون العدو في غير القبلة]

فِي الْخَبَرِ، وَإِنَّمَا اخْتَصَّتْ الْحِرَاسَةُ بِالسُّجُودِ دُونَ الرُّكُوعِ لِأَنَّ الرَّاكِعَ تُمْكِنُهُ الْمُشَاهَدَةُ، وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَأَنْ يَحْرُسَ أَقَلُّ مِنْهَا، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا تَصِحُّ صَلَاةُ هَذِهِ الْفِرْقَةِ لِزِيَادَةِ التَّخَلُّفِ فِيهَا عَلَى مَا فِي الْخَبَرِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ لِتَعَدُّدِ الرَّكْعَةِ غَيْرُ مُضِرَّةٍ. الثَّانِي مِنْ الْأَنْوَاعِ مَا يُذْكَرُ فِي قَوْلِهِ (يَكُونُ) الْعَدُوُّ (فِي غَيْرِهَا) أَيْ الْقِبْلَةِ أَوْ فِيهَا وَدُونَهُمْ حَائِلٌ وَفِي الْمُسْلِمِينَ كَثْرَةٌ وَقَدْ قَلَّ عَدُوُّهُمْ وَخَافُوا هُجُومَهُمْ مَثَلًا فِي الصَّلَاةِ فَيُرَتِّبُ الْإِمَامُ الْقَوْمَ صَفَّيْنِ (فَيُصَلِّي) الْإِمَامُ بِهِمْ (مَرَّتَيْنِ كُلُّ مَرَّةٍ بِفِرْقَةٍ) جَمِيعَ الصَّلَاةِ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ الصَّلَاةُ ثُنَائِيَّةً أَمْ ثُلَاثِيَّةً أَمْ رُبَاعِيَّةً، وَتَكُونُ الْفِرْقَةُ الْأُخْرَى تُجَاهَ الْعَدُوِّ تَحْرُسُ، ثُمَّ تَذْهَبُ الْمُصَلِّيَةُ إلَى وَجْهِ الْعَدُوِّ وَتَأْتِي الْفِرْقَةُ الْحَارِسَةُ فَيُصَلِّي بِهَا مَرَّةً أُخْرَى جَمِيعَ الصَّلَاةِ وَتَكُونُ الصَّلَاةُ الثَّانِيَةُ لِلْإِمَامِ نَفْلًا لِسُقُوطِ فَرْضِهِ بِالْأُولَى (وَهَذِهِ) (صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ صِفَةُ صَلَاتِهِ (بِبَطْنِ نَخْلٍ) مَكَانٌ مِنْ نَجْدٍ بِأَرْضِ غَطَفَانَ، وَقَوْلُهُمْ يُسَنُّ لِلْمُفْتَرِضِ أَنْ لَا يَقْتَدِيَ بِالْمُتَنَفِّلِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ مَحَلُّهُ فِي الْأَمْنِ. أَمَّا حَالَةُ الْخَوْفِ كَهَذِهِ الصُّورَةِ فَيُسْتَحَبُّ كَمَا ذَكَرَاهُ؛ لِأَنَّا فِي حَالَةِ الْخَوْفِ نَرْتَكِبُ أَشْيَاءَ لَا تُفْعَلُ فِي حَالَةِ الْأَمْنِ، أَوْ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ. أَمَّا فِيهَا فَلَا لِأَنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي فَرْضِيَّتِهَا. وَنُقِلَ فِي الْخَادِمِ عَنْ صَاحِبِ الْوَافِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَثْرَةِ أَنْ يَكُونَ الْمُسْلِمُونَ مِثْلَهُمْ فِي الْعَدَدِ بِأَنْ يَكُونُوا ـــــــــــــــــــــــــــــSمِمَّا تَقَدَّمَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةٍ) أَيْ رِجَالٍ حَيْثُ كَانَ الْقَوْمُ فِيهِمْ كَثْرَةٌ، وَمُرَادُهُ الْكَرَاهَةُ فِي هَذَا النَّوْعِ وَبَقِيَّةِ الْأَنْوَاعِ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ فِي ذَاتِ الرِّقَاعِ: وَيُكْرَهُ كَوْنُ الْفِرْقَةِ الْمُصَلِّيَةِ وَاَلَّتِي فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ. قَالَ الشَّارِحُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَالرَّوْضَةِ أَنَّ الْكَرَاهَةَ لَا تَأْتِي فِي صَلَاتَيْ بَطْنِ نَخْلٍ وَعُسْفَانَ، وَالْوَجْهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الثَّلَاثِ لِشُمُولِ الدَّلِيلِ لَهَا اهـ (قَوْلُهُ: كُلُّ مَرَّةٍ بِفِرْقَةٍ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَهَلْ فَضِيلَةُ الْفِرْقَةِ الْأُولَى أَكْثَرُ أَوْ هُمَا مُسْتَوِيَانِ فِي الْفَضِيلَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ اسْتِوَاؤُهُمَا؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ وَإِنْ كَانَتْ خَلَفًا نَفْلٌ لَا كَرَاهَةَ فِيهَا هُنَا فَسَاوَتْ الْأُولَى، وَكُلٌّ مِنْهُمَا أَتَى بِصَلَاتِهِ فِي الْجَمَاعَةِ كَامِلَةً، وَلَوْ فُضِّلَتْ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى لِرُبَّمَا أَدَّى إلَى التَّنَازُعِ فِيمَنْ تَكُونُ أَوْلَى وَقَدْ يُفَوِّتُ ذَلِكَ تَدْبِيرَ الْحَرْبِ (قَوْلُهُ: وَتَكُونُ الصَّلَاةُ الثَّانِيَةُ لِلْإِمَامِ نَفْلًا) قَالَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ فِي حَوَاشِي التَّحْرِيرِ أَيْ وَهِيَ مُعَادَةٌ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهَا نِيَّةُ الْإِمَامَةِ فَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ وُجُوبِ نِيَّةِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمُعَادَةِ اهـ. أَقُولُ: وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْإِعَادَةَ وَإِنْ حَصَلَتْ لَهُ لَكِنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا حُصُولُ الْجَمَاعَةِ لَهُمْ، فَكَأَنَّ الْإِعَادَةَ طُلِبَتْ مِنْهُ لِأَجْلِهِمْ لَا لَهُ، ثُمَّ إنْ كَانَ مَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ مَنْقُولًا فَمُسَلَّمٌ، وَإِلَّا فَقَدْ يُقَالُ: لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ، وَلَيْسَتْ الْإِعَادَةُ مَقْصُورَةً عَلَى طَلَبِ الْجَمَاعَةِ لِغَيْرِهِ بَلْ الْإِعَادَةُ لِذَلِكَ وَلِتَحْصِيلِ الثَّوَابِ لَهُ، وَهَذَا أَشْبَهَ بِمَا لَوْ أَرَادَ الْإِعَادَةَ لِتَحْصِيلِ الْجَمَاعَةِ لِمَنْ لَمْ يُدْرِكْهَا مَعَ الْإِمَامِ، وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِبَقِيَّةِ شُرُوطِ الْمُعَادَةِ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهَا (قَوْلُهُ: مَحَلُّهُ فِي الْأَمْنِ) أَيْ وَمَعَ كَوْنِهِ خِلَافَ السُّنَّةِ الِاقْتِدَاءُ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ، وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ قَوْلُهُمْ: يُسَنُّ أَنْ لَا يَفْعَلَ بِمَا إذَا تَعَدَّدَتْ الْأَئِمَّةُ وَكَانَتْ الصَّلَاةُ خَلْفَ أَحَدِهِمْ سَالِمَةً مِمَّا تُرِكَ طَلَبُ الصَّلَاةِ خَلْفَ غَيْرِهِ لِأَجْلِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي فَرْضِيَّتِهَا) عِبَارَةُ حَجّ: نَعَمْ إنْ أَمْكَنَ أَنْ يَؤُمَّ الثَّانِيَةَ وَاحِدٌ مِنْهَا كَانَ أَفْضَلَ لِيُسَلِّمُوا ـــــــــــــــــــــــــــــQبَعْضَ صَفٍّ وَفِي أُخْرَى يَحْرُسُ بَعْضَ الْآخَرِ يُرَاجَعُ. [الثَّانِي مِنْ الْأَنْوَاعِ كَوْنُ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ الْقِبْلَةِ] (قَوْلُهُ: أَوْ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْأَمْنِ عَقِبَ قَوْلِهِ مَحَلُّهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) يَحْتَمِلُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِأَصْلِ التَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ وَمَحَلُّهُ إلَخْ وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ لِخُصُوصِ الْحَمْلِ الثَّانِي أَيْ قَوْلِهِ أَوْ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ فَعَلَيْهِ يَكُونُ قَوْلُهُمْ الْمَذْكُورُ عَلَى عُمُومِهِ حَتَّى فِي الْخَوْفِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ) اُنْظُرْ الْمُخَالَفَةَ إلَى مَاذَا.

مِائَتَيْنِ وَالْكُفَّارُ مِائَتَيْنِ مَثَلًا، فَإِذَا صَلَّى بِطَائِفَةٍ، وَهِيَ مِائَةٌ تَبْقَى مِائَةٌ فِي مُقَابَلَةِ مِائَتِي الْعَدُوِّ، وَهَذِهِ أَقَلُّ دَرَجَاتِ الْكَثْرَةِ الْمُشَارِ إلَيْهَا. وَالنَّوْعُ الثَّالِثُ الصَّلَاةُ بِالْكَيْفِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ (أَوْ تَقِفُ فِرْقَةٌ فِي وَجْهِهِ) أَيْ الْعَدُوِّ وَتَحْرُسُ وَهُوَ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ، أَوْ فِيهَا وَثَمَّ سَاتِرٌ (وَيُصَلِّي) الْإِمَامُ (بِفِرْقَةٍ رَكْعَةً) مِنْ الثُّنَائِيَّةِ بَعْدَ أَنْ يَنْحَازَ بِهِمْ إلَى مَكَان لَا يَبْلُغُهُمْ فِيهِ سِهَامُ الْعَدُوِّ (فَإِذَا قَامَ) الْإِمَامُ (لِلثَّانِيَةِ فَارَقَتْهُ) بِالنِّيَّةِ بَعْدَ الِانْتِصَابِ اسْتِحْبَابًا وَقَبْلَهُ بَعْدَ الرَّفْعِ مِنْ السُّجُودِ جَوَازًا (وَأَتَمَّتْ) لِنَفْسِهَا (وَذَهَبَتْ) بَعْدَ سَلَامِهَا (إلَى وَجْهِهِ) أَيْ الْعَدُوِّ. وَيُسَنُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُخَفِّفَ الْأُولَى لِاشْتِغَالِ قُلُوبِهِمْ بِمَا هُمْ فِيهِ، وَلِجَمِيعِهِمْ تَخْفِيفُ الثَّانِيَةِ الَّتِي انْفَرَدُوا بِهَا لِئَلَّا يَطُولَ الِانْتِظَارُ. وَيُسَنُّ تَخْفِيفُهُمْ لَوْ كَانُوا أَرْبَعَ فِرَقٍ فِيمَا انْفَرَدُوا بِهِ (وَجَاءَ الْوَاقِفُونَ) لِلْحِرَاسَةِ بَعْدَ ذَهَابِ أُولَئِكَ إلَى جِهَةِ الْعَدُوِّ وَالْإِمَامُ قَائِمٌ فِي الثَّانِيَةِ. وَيُسَنُّ إطَالَةُ الْقِيَامِ إلَى لُحُوقِهِمْ (فَاقْتَدُوا بِهِ فَصَلَّى) بِهِمْ الرَّكْعَةَ (الثَّانِيَةَ، فَإِذَا جَلَسَ) الْإِمَامُ (لِلتَّشَهُّدِ قَامُوا) فَوْرًا (فَأَتَمُّوا ثَانِيَتَهُمْ) وَهُوَ مُنْتَظِرٌ لَهُمْ وَهُمْ غَيْرُ مُنْفَرِدِينَ عَنْهُ بَلْ مُقْتَدُونَ بِهِ حُكْمًا (وَلَحِقُوهُ وَسَلَّمَ بِهِمْ) لِحِيَازَتِهِمْ بِذَلِكَ فَضِيلَةَ التَّحَلُّلِ مَعَهُ كَمَا حَازَتْ الْأُولَى فَضِيلَةَ التَّحَرُّمِ مَعَهُ (وَهَذِهِ) (صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ صِفَةُ صَلَاتِهِ (بِذَاتِ الرِّقَاعِ) وَهِيَ مَكَانٌ مِنْ نَجْدٍ بِأَرْضِ غَطَفَانَ سُمِّيَ بِهَا، لِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَفُّوا بِأَرْجُلِهِمْ الْخِرَقَ لَمَّا تَقَرَّحَتْ، وَقِيلَ بِاسْمِ شَجَرَةٍ هُنَاكَ، وَقِيلَ بِاسْمِ جَبَلٍ فِيهِ بَيَاضٌ وَحُمْرَةٌ يُقَالُ لَهُ الرِّقَاعُ، وَقِيلَ لِتَرَقُّعِ صَلَاتِهِمْ فِيهَا (وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا) أَيْ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةَ (أَفْضَلُ مِنْ) صَلَاةِ (بَطْنِ نَخْلٍ) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ اقْتِدَاءِ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ؛ وَلِأَنَّهَا أَخَفُّ وَأَعْدَلُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ اقْتِدَائِهِمْ بِالْمُتَنَفِّلِ الْمُخْتَلَفِ فِي صِحَّتِهِ فِي الْجُمْلَةِ وَصَلَاتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْفِرْقَتَيْنِ لِأَنَّهُمْ لَا يَسْمَحُونَ بِالصَّلَاةِ خَلْفَ غَيْرِهِ مَعَ وُجُودِهِ اهـ. لَكِنَّ قَوْلُهُ لِيُسَلِّمُوا إلَخْ مُشْكِلٌ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ الْخَوْفِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ لِيُسَلِّمُوا فِي الْجُمْلَةِ كَمَا قَالَهُ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ: نَعَمْ بَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُصَلِّيَ بِالثَّانِيَةِ مَنْ لَمْ يُصَلِّ: أَيْ لِلْخُرُوجِ مِنْ صُورَةِ اقْتِدَاءِ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ اهـ (قَوْلُهُ: بَعْدَ أَنْ يَنْحَازَ بِهِمْ) أَيْ الْأَوْلَى لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ لَهُمْ غَيْرُ مُحَقَّقٍ سِيَّمَا وَقَدْ وَقَفَتْ الْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ (قَوْلُهُ: فَاقْتَدُوا بِهِ) أَيْ وَلَا يَحْتَاجُ الْإِمَامُ لِنِيَّةِ الْإِمَامَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ حَصَلَتْ بِنِيَّتِهِ الْأُولَى وَهِيَ مُنْسَحِبَةٌ عَلَى بَقِيَّةِ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ، وَهَذَا كَمَا لَوْ اقْتَدَى بِالْإِمَامِ قَوْمٌ فِي الْأَمْنِ وَبَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ وَجَاءَ مَسْبُوقُونَ وَاقْتَدَوْا بِهِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: فَصَلَّى بِهِمْ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يُدْرِكُوهَا مَعَهُ لِسُرْعَةِ قِرَاءَتِهِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُوَافِقُوهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ وَيَأْتُوا بِالصَّلَاةِ تَامَّةً بَعْدَ سَلَامِهِ كَهُوَ فِي غَيْرِ صَلَاةِ الْخَوْفِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَنْتَظِرُهُمْ فِي التَّشَهُّدِ فَيَأْتُوا بِرَكْعَةٍ وَيُسَلِّمُ الْإِمَامُ وَيَأْتُوا بِالْأُخْرَى بَعْدَ سَلَامِهِ وَيَحْتَمِلُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَنْتَظِرُهُمْ فِي التَّشَهُّدِ أَيْضًا حَتَّى يَأْتُوا بِالرَّكْعَتَيْنِ فَيُسَلِّمُ بِهِمْ (قَوْلُهُ: قَامُوا فَوْرًا) أَيْ فَإِنْ جَلَسُوا مَعَ الْإِمَامِ عَلَى نِيَّةِ الْقِيَامِ بَعْدُ فَالظَّاهِرُ بُطْلَانُ صَلَاتِهِمْ لِإِحْدَاثِهِمْ جُلُوسًا غَيْرَ مَطْلُوبٍ مِنْهُمْ، بِخِلَافِ مَا لَوْ جَلَسُوا عَلَى نِيَّةِ أَنْ يَقُومُوا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّ غَايَةَ أَمْرِهِمْ أَنَّهُمْ مَسْبُوقُونَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَفُّوا بِأَرْجُلِهِمْ الْخِرَقَ) قَالَ عَمِيرَةُ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: هُوَ أَصَحُّ مَا قِيلَ لِثُبُوتِهِ فِي الصَّحِيحِ فِي رِوَايَةِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَفِي صِحَّةِ ذَلِكَ عَنْ أَبِي مُوسَى نَظَرٌ؛ لِأَنَّ أَبَا مُوسَى قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ بِخَيْبَرَ مَعَ أَصْحَابِ السَّفِينَتَيْنِ، فَكَيْفَ حَضَرَ هَذِهِ الْغَزَاةَ وَهِيَ قَبْلَ خَيْبَرَ بِثَلَاثِ سِنِينَ؟ اهـ دَمِيرِيٌّ. (قَوْلُهُ: خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ اقْتِدَاءِ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا أَفْضَلُ مِمَّا ذَكَرَ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ لَهُ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[النوع الثالث أن تقف فرقة في وجه العدو وتحرس وهو في غير جهة القبلة]

وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ عُسْفَانَ أَيْضًا لِلْإِجْمَاعِ عَلَى صِحَّتِهَا فِي الْجُمْلَةِ دُونَهُمَا، وَتُسْتَحَبُّ عَنْهُ كَثْرَتُنَا، فَالْكَثْرَةُ شَرْطٌ لِسَنِّهَا لَا لِصِحَّتِهَا خِلَافًا لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْعِرَاقِيِّ فِي تَحْرِيرِهِ، وَتُفَارِقُ صَلَاةُ عُسْفَانَ بِجَوَازِهَا فِي الْأَمْنِ لِغَيْرِ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ، وَلَهَا إنْ نَوَتْ الْمُفَارَقَةَ بِخِلَافِ تِلْكَ، وَالتَّعْلِيلُ بِالْأَوَّلِ غَيْرُ مُنَافٍ لِمَا مَرَّ قُبَيْلَ النَّوْعِ الثَّالِثِ إذْ الْكَلَامُ هُنَا فِي الْأَفْضَلِيَّةِ، وَثَمَّ فِي الِاسْتِحْبَابِ وَلَوْ لَمْ يُتِمَّ الْمُقْتَدُونَ بِهِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى بَلْ، ذَهَبُوا وَوَقَفُوا تُجَاهَ الْعَدُوِّ سُكُوتًا فِي الصَّلَاةِ وَجَاءَتْ الْفِرْقَةُ الْأُخْرَى فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً، وَحِينَ سَلَّمَ ذَهَبُوا إلَى وَجْهِ الْعَدُوِّ وَجَاءَتْ تِلْكَ الْفِرْقَةُ إلَى مَكَانِ صَلَاتِهِمْ وَأَتَمُّوهَا لِأَنْفُسِهِمْ وَذَهَبُوا إلَى الْعَدُوِّ وَجَاءَتْ تِلْكَ إلَى مَكَانِهِمْ وَأَتَمُّوهَا جَازَ. وَهَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ رَوَاهَا ابْنُ عُمَرَ، وَجَازَ ذَلِكَ مَعَ كَثْرَةِ الْأَفْعَالِ بِلَا ضَرُورَةٍ لِصِحَّةِ الْخَبَرِ فِيهِ مَعَ عَدَمِ الْمُعَارِضِ؛ لِأَنَّ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ كَانَتْ فِي يَوْمٍ وَالْأُخْرَى فِي يَوْمٍ آخَرَ، وَدَعْوَى النَّسْخِ بَاطِلَةٌ لِاحْتِيَاجِهِ لِمَعْرِفَةِ التَّارِيخِ وَتَعَذُّرِ الْجَمْعِ، وَلَيْسَ هُنَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا (وَيَقْرَأُ الْإِمَامُ) نَدْبًا (فِي) قِيَامِهِ لِلرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ الْفَاتِحَةَ وَسُورَةً بَعْدَهَا فِي زَمَنِ ـــــــــــــــــــــــــــــSاسْتِحْبَابِ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ مُطْلَقًا، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ خِلَافُ أَبِي حَنِيفَةَ جَارِيًا حَتَّى فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَإِنْ قُلْنَا بِاسْتِحْبَابِهَا، ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَتُفَارِقُ صَلَاةَ عُسْفَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ عُسْفَانَ) وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْحِكْمَةَ فِي تَأْخِيرِهَا عَنْهُمَا فِي الذِّكْرِ مَعَ كَوْنِهَا أَفْضَلَ مِنْهُمَا أَنَّ تَيْنَكَ قَدْ تُوجَدُ صُورَتُهُمَا فِي الْأَمْنِ بِالْإِعَادَةِ فِي صَلَاةِ بَطْنِ نَخْلٍ، وَبِتَخَلُّفِ الْمَأْمُومِينَ لِنَحْوِ زَحْمَةٍ فِي عُسْفَانَ (قَوْلُهُ: لِلْإِجْمَاعِ عَلَى صِحَّتِهَا) وَبَقِيَ صَلَاةُ بَطْنِ نَخْلٍ مَعَ عُسْفَانَ فَأَيُّهُمَا أَفْضَلُ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ بَطْنَ نَخْلٍ أَفْضَلُ مِنْ عُسْفَانَ أَيْضًا لِجَوَازِهَا فِي الْأَمْنِ عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ، وَنَقَلَ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ عَنْ الْعَلْقَمِيِّ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: وَتُفَارِقُ صَلَاةَ عُسْفَانَ) أَيْ حَيْثُ جُعِلَتْ الْكَثْرَةُ هُنَا شَرْطًا لِلسِّنِّ وَثُمَّ شَرْطًا لِلصِّحَّةِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاهُ لسم عَنْ م ر وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَحَاصِلُهُ يَرْجِعُ إلَى أَنَّ صَلَاةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ لَمَّا كَانَ يَجُوزُ مِثْلُهَا فِي الْأَمْنِ فِي الْجُمْلَةِ حُكِمَ بِجَوَازِهَا مُطْلَقًا، وَصَلَاةُ عُسْفَانَ لَمَّا كَانَتْ مُخَالِفَةً لِلْأَمْنِ فِي كُلٍّ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ اُقْتُصِرَ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَ وَذَلِكَ مَعَ الْكَثْرَةِ دُونَ غَيْرِهَا، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ جُمْلَةُ الْقَوْمِ مَشْغُولِينَ بِالصَّلَاةِ كَانَ فِي تَفْرِيقِهِمْ مَعَ الْقِلَّةِ تَعَرُّضٌ لِلْهَلَاكِ فَمُنِعَتْ، بِخِلَافِ ذَاتِ الرِّقَاعِ فَإِنَّ الْحَارِسَةَ لَمَّا لَمْ تَكُنْ مَشْغُولَةً بِالصَّلَاةِ كَانَتْ مُتَهَيِّئَةً لِدَفْعِ الْعَدُوِّ (قَوْلُهُ: وَالتَّعْلِيلُ بِالْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ اقْتِدَاءِ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ قُبَيْلَ النَّوْعِ الثَّالِثِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَقَوْلُهُمْ يُسَنُّ لِلْمُفْتَرِضِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَحِينَ سَلَّمَ ذَهَبُوا إلَى وَجْهِ الْعَدُوِّ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ [النَّوْعُ الثَّالِثُ أَنْ تَقِفَ فِرْقَةٌ فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ وَتَحْرُسُ وَهُوَ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ] (قَوْلُهُ: الْإِجْمَاعُ عَلَى صِحَّتِهَا فِي الْجُمْلَةِ) كَتَبَ الشِّهَابُ عَمِيرَةُ عَلَى عِبَارَةِ الْمَنْهَجِ الْمُسَاوِيَةِ لِعِبَارَةِ الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ: قَدْ بَيَّنَ مُرَادَهُ مِنْهُ أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِلْإِجْمَاعِ إلَخْ بِقَوْلِهِ الْآتِي: وَفَارَقَتْ صَلَاةُ عُسْفَانَ إلَخْ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْحُكْمَ بِتَفْصِيلِهَا عَلَى صَلَاةِ عُسْفَانَ لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ، وَتَعْلِيلُهُ بِمَا قَالَهُ فِيهِ بَحْثٌ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ فِيهَا قَطْعُ الْقُدْوَةِ فِي الْفِرْقَةِ الْأُولَى وَإِتْيَانُ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ بِرَكْعَةٍ لِنَفْسِهَا مَعَ دَوَامِ الْقُدْوَةِ وَالْأَمْرُ الْأَوَّلُ فِي حَالِ الْأَمْنِ مَنَعَهُ أَبُو حَنِيفَةَ مُطْلَقًا وَكَذَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ إذَا كَانَ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَنَا، وَأَمَّا الثَّانِي فَمَمْنُوعٌ حَالَةَ الْأَمْنِ اتِّفَاقًا، وَالِاعْتِذَارُ بِجَوَازِ الثَّانِي فِي الْأَمْنِ عِنْدَ نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ خُرُوجٌ عَنْ صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَأَيْضًا فَمِنْ الْبَيِّنِ أَنَّ الْكَيْفِيَّتَيْنِ لَوْ كَانَتَا فِي الْأَمْنِ كَانَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ عَلَى كَيْفِيَّةِ عُسْفَانَ صَحِيحَةً اتِّفَاقًا، وَعَلَى كَيْفِيَّةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ بَاطِلَةً فِي قَوْلٍ عِنْدَنَا لِطُولِ الِانْتِظَارِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، وَلَكِنَّ عُذْرَ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ صَلَاةَ الْفِرْقَةِ الْأُولَى صَحِيحَةٌ فِي الْأَمْنِ عَلَى كَيْفِيَّةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ، بِخِلَافِ صَلَاةِ عُسْفَانَ فَإِنَّ صَلَاةَ الْفِرْقَتَيْنِ فِيهَا بَاطِلَةٌ عِنْدَ الْأَمْنِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَبِالْجُمْلَةِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْأَصْحَابَ لَمْ يَتَكَلَّمُوا فِي تَفْضِيلِ ذَاتِ الرِّقَاعِ عَلَى عُسْفَانَ؛ لِأَنَّ الْحَالَةَ الَّتِي تُشْرَعُ فِيهَا هَذِهِ غَيْرُ الْحَالَةِ الَّتِي تُشْرَعُ فِيهَا هَذِهِ، بِخِلَافِ ذَاتِ الرِّقَاعِ وَبَطْنِ نَخْلٍ فَإِنَّهُمَا يُشْرَعَانِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، فَاحْتَاجُوا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - عَنْهُمْ أَنْ يُبَيِّنُوا الْأَفْضَلَ مِنْهُمَا كَيْ يُقَدَّمَ عَلَى الْآخَرِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ بِحُرُوفِهِ. (قَوْلُهُ: مَعَ كَثْرَةِ الْأَفْعَالِ) أَيْ اللَّازِمِ مِنْهَا اسْتِدْبَارُ الْقِبْلَةِ فِي الذَّهَابِ أَوْ الرُّجُوعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

(انْتِظَارِهِ) لِلْفِرْقَةِ (الثَّانِيَةِ) قَبْلَ لُحُوقِهَا لَهُ، فَإِذَا لَحِقَتْهُ قَرَأَ مِنْ السُّورَةِ قَدْرَ فَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ قَصِيرَةٍ وَيَرْكَعُ بِهِمْ، وَهَذِهِ رَكْعَةٌ ثَانِيَةٌ يُسْتَحَبُّ تَطْوِيلُهَا عَلَى الْأُولَى وَلَا يُعْرَفُ لَهَا فِي ذَلِكَ نَظِيرٌ (وَيَتَشَهَّدُ) نَدْبًا فِي جُلُوسِهِ لِانْتِظَارِهَا؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ مُخَالِفٌ لِهَيْئَةِ الصَّلَاةِ، وَالْقِيَامَ لَيْسَ مَوْضِعَ ذِكْرٍ (وَفِي قَوْلٍ يُؤَخِّرُ) قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ وَالتَّشَهُّدَ (لِتَلْحَقَهُ) فَتُدْرِكَهُمَا مَعَهُ لِأَنَّهُ قَرَأَ مَعَ الْأُولَى الْفَاتِحَةَ فَيُؤَخِّرُهَا لِيَقْرَأَهَا مَعَ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ، وَعَلَى هَذَا يُشْغَلُ بِالذِّكْرِ، وَالْخِلَافُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فِي الِاسْتِحْبَابِ، وَتَجُوزُ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ فِي الْخَوْفِ كَصَلَاةِ عُسْفَانَ وَكَذَاتِ الرِّقَاعِ لَا كَصَلَاةِ بَطْنِ نَخْلٍ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَسْمَعُوا خُطْبَتَهُ، وَلَوْ سَمِعَ أَرْبَعُونَ فَأَكْثَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ كَانَ كَافِيًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ خَطَبَ بِفِرْقَةٍ وَصَلَّى بِأُخْرَى، فَإِنْ حَدَثَ نَقْصٌ فِي الْأَرْبَعِينَ السَّامِعِينَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى فِي الصَّلَاةِ بَطَلَتْ، أَوْ فِي الثَّانِيَةِ فَلَا، وَهَذَا شَامِلٌ لِمَا إذَا حَصَلَ النَّقْصُ حَالَةَ تَحَرُّمِ الثَّانِيَةِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَإِنْ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: إنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا عَرَضَ النَّقْصُ عَنْهَا بَعْدَ إحْرَامِ جَمِيعِ الْأَرْبَعِينَ، وَإِلَّا لَمْ يَبْقَ لِاشْتِرَاطِ الْخُطْبَةِ بِأَرْبَعِينَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مَعْنًى، وَقَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ الْمُرَادُ بِهِ ثَانِيَةُ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ مَفْهُومٌ مِمَّا سَبَقَ فِي أَوَّلِ الْجُمُعَةِ حَيْثُ قَالَ: شَرْطُهَا جَمَاعَةً لَا فِي الثَّانِيَةِ اهـ، وَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ انْتِظَارُ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِمْ، وَإِذَا سَلَّمَ فَوَّتَ عَلَيْهِمْ الْوَاجِبَ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ: الْأَقْرَبُ نَعَمْ؛ لِأَنَّ تَفْوِيتَ الْوَاجِبِ لَا يَجُوزُ عَلَى نَفْسِهِ فَكَذَا عَلَى غَيْرِهِ اهـ. وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ سُكُوتًا (قَوْلُهُ: قَرَأَ مِنْ السُّورَةِ قَدْرَ فَاتِحَةِ) وَهَلْ يُطْلَبُ مِنْهُ الْإِسْرَارُ حِينَئِذٍ بِالْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَهَرَ فِي حَالِ قِرَاءَتِهِمْ لِفَاتِحَتِهِمْ فَوَّتَ عَلَيْهِمْ سَمَاعَ قِرَاءَةِ إمَامِهِمْ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ كَحَالِهِ بَعْدَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ حَيْثُ يُطْلَبُ مِنْهُ السُّكُوتُ بِقَدْرِ فَاتِحَةِ الْمَأْمُومِينَ (قَوْلُهُ: وَسُورَةٍ قَصِيرَةٍ) أَيْ مِنْ تِلْكَ السُّورَةِ إنْ بَقِيَ مِنْهَا قَدْرُهُمَا وَإِلَّا فَمِنْ سُورَةٍ أُخْرَى اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَا يُعْرَفُ لَهَا) أَيْ لِتَطْوِيلِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ نَظِيرٌ) أَيْ وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْجُمُعَةِ مِنْ أَنَّهُ يَقْرَأُ فِي الْأُولَى الْجُمُعَةَ وَفِي الثَّانِيَةِ الْمُنَافِقِينَ، بَلْ لَوْ لَمْ يَقْرَأْ فِي الْأُولَى الْجُمُعَةَ قَرَأَ فِي الثَّانِيَةِ الْجُمُعَةَ وَالْمُنَافِقِينَ لِجَوَازِ أَنَّ الْمُرَادَ لَا يُعْرَفُ لَهَا نَظِيرٌ يُطْلَبُ فِيهِ تَطْوِيلُ الثَّانِيَةِ مِمَّا لَمْ يَرِدْ شَيْءٌ بِخُصُوصِهِ وَالْجُمُعَةُ طُلِبَ فِي ثَانِيَتِهَا الْمُنَافِقُونَ بِخُصُوصِهَا، وَأَيْضًا فَالْجُمُعَةُ لَمْ يُطْلَبْ فِيهَا تَطْوِيلُ الثَّانِيَةِ بَلْ طُلِبَ فِيهَا قِرَاءَةُ الْمُنَافِقُونَ فَلَزِمَ مِنْهُ تَطْوِيلُ الثَّانِيَةِ، فَلَوْ قَرَأَ غَيْرَهَا لَمْ يُطَوِّلْهَا عَلَى الْأُولَى، عَلَى أَنَّ قِرَاءَةَ الْمُنَافِقِينَ فِي الثَّانِيَةِ لَا يَسْتَلْزِمُ تَطْوِيلَهَا عَلَى الْأُولَى لِجَوَازِ أَنَّ مَا أَتَى بِهِ مِنْ دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ فِي الْأُولَى تَحْصُلُ بِهِ زِيَادَتُهَا عَلَى الثَّانِيَةِ أَوْ مُسَاوَاتُهَا لَهَا. (قَوْلُهُ: لَا كَصَلَاةِ بَطْنِ نَخْلٍ) اُنْظُرْ هَلَّا جَازَ ذَلِكَ فِيهَا أَيْضًا، وَيُجْعَلُ الْخَوْفُ عُذْرًا فِي التَّعَدُّدِ، وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهَا تُفَارِقُ لِلْإِمَامِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إعَادَةُ الْجُمُعَةِ حَيْثُ جَازَ التَّعَدُّدُ، وَمِنْهُ لَوْ خَطَبَ بِمَكَانٍ وَصَلَّى بِأَهْلِهِ ثُمَّ حَضَرَ إلَى مَكَان لَمْ تُصَلِّ أَهْلُهُ فَخَطَبَ لَهُمْ وَصَلَّى بِهِمْ حَيْثُ جَازَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا اسْتَغْنَى عَنْهَا بِصَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ امْتَنَعَتْ، وَفِيهِ بُعْدُ شَيْءٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَكْلِيفَ مَشَقَّةٍ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَسْمَعُوا) أَيْ كُلَّهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَمِعَ أَرْبَعُونَ فَأَكْثَرَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ سَمِعَ مِنْ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ دُونَ أَرْبَعِينَ لَمْ يَكْفِ وَلَا مَعْنَى لَهُ مَعَ جَوَازِ نَقْصِهَا عَنْ الْأَرْبَعِينَ وَلَوْ عِنْدَ التَّحَرُّمِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَهَذَا شَامِلٌ إلَخْ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: أَنْ تُقَامَ بِأَرْبَعِينَ قُبَيْلَ قَوْلِهِ حُرًّا مُكَلَّفًا وَلَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُمْ: أَيْ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ أَرْبَعِينَ عَلَى الصَّحِيحِ اهـ أَنَّ مَا هُنَا مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ (قَوْلُهُ: حَالَةَ تُحْرِمُ الثَّانِيَةُ) أَيْ وَلَوْ انْتَهَى النَّقْصُ إلَى وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ) هُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَيُؤَخِّرُهَا) أَيْ مَعَ التَّشَهُّدِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا حَصَلَ النَّقْصُ حَالَةَ تَحَرُّمِ الثَّانِيَةِ) أَيْ وَتُتِمُّهَا جُمُعَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْإِمْدَادِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) وَوَجْهُهُ كَمَا فِي الْإِمْدَادِ أَنَّ صَلَاةَ الثَّانِيَةِ ابْتِدَاءُ إقَامَةِ جُمُعَةٍ فَاشْتَرَطْنَا فِيهَا السَّمَاعَ وَالْعَدَدَ عِنْدَ الْخُطْبَةِ، ثُمَّ إذَا انْعَقَدَتْ صَارَتْ تَابِعَةً لِلْأُولَى فَاغْتُفِرَ النَّقْصُ مِنْ الْعَدَدِ مُرَاعَاةً لِلتَّبَعِيَّةِ وَلَا يُمْكِنُ نَقْصُ السَّمَاعِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ)

وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا قَاسَ عَلَيْهِ وَاضِحٌ، تَجْهَرُ الطَّائِفَةُ الْأُولَى فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُمْ مُنْفَرِدُونَ وَلَا تَجْهَرُ الثَّانِيَةُ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُمْ مُقْتَدُونَ، وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كُلِّ صَلَاةٍ جَهْرِيَّةٍ، وَلَوْ لَمْ تُمْكِنْهُ الْجُمُعَةُ فَصَلَّى بِهِمْ الظُّهْرَ ثُمَّ أَمْكَنَتْهُ الْجُمُعَةُ قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ: لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمْ لَكِنْ تَجِبُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ مَعَهُمْ وَلَوْ أَعَادَ لَمْ أَكْرَهْهُ؛ وَيُقَدِّمُ غَيْرَهُ لِيَخْرُجَ مِنْ الْخِلَافِ، حَكَاهُ الْعِمْرَانِيُّ. (فَإِنْ) (صَلَّى) الْإِمَامُ (مَغْرِبًا) عَلَى كَيْفِيَّةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ (فَبِفِرْقَةٍ) مِنْ الْقَوْمِ يُصَلِّي بِهَا (رَكْعَتَيْنِ) وَتُفَارِقُهُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ تَشَهُّدِهِمْ، قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ (وَبِالثَّانِيَةِ) مِنْهُ (رَكْعَةً وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ عَكْسِهِ) الْجَائِزِ أَيْضًا (فِي الْأَظْهَرِ) لِسَلَامَتِهِ مِنْ التَّطْوِيلِ فِي عَكْسِهِ بِزِيَادَةِ تَشَهُّدٍ فِي أَوْلَى الثَّانِيَةِ بَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ، وَالثَّانِي عَكْسُهُ أَفْضَلُ لِتَنْجَبِرَ بِهِ الثَّانِيَةُ عَمَّا فَاتَهَا مِنْ فَضِيلَةِ التَّحَرُّمِ (وَيَنْتَظِرُ) الْإِمَامُ فِي صَلَاتِهِ بِالْأُولَى رَكْعَتَيْنِ الثَّانِيَةُ (فِي) جُلُوسِ (تَشَهُّدِهِ) الْأَوَّلِ (أَوْ قِيَامِ الثَّالِثَةِ وَهُوَ) أَيْ انْتِظَارُهُ فِي الْقِيَامِ (أَفْضَلُ) مِنْ انْتِظَارِهِ فِي جُلُوسِ تَشَهُّدِهِ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ مَحَلُّ التَّطْوِيلِ بِخِلَافِ جُلُوسِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي أَنَّ انْتِظَارَهُ فِي التَّشَهُّدِ أَوْلَى لِيُدْرِكُوا مَعَهُ الرَّكْعَةَ مِنْ أَوَّلِهَا وَلَوْ فَرَّقَهُمْ فِي الْمَغْرِبِ ثَلَاثَ فِرَقٍ صَحَّتْ صَلَاةُ جَمِيعِهِمْ عَلَى النَّصِّ (أَوْ) صَلَّى بِهِمْ (رُبَاعِيَّةً فَبِكُلٍّ) مِنْ الْفِرْقَتَيْنِ يُصَلِّي (رَكْعَتَيْنِ) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ} [النساء: 102] ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ تَحْصِيلًا لِلْمَقْصُودِ مَعَ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الْمَأْمُومِينَ، وَهَذَا إنْ قَضَى فِي السَّفَرِ رُبَاعِيَّةً، أَوْ وَقَعَ الْخَوْفُ فِي الْحَضَرِ: أَوْ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّ الْإِتْمَامَ أَفْضَلُ، وَإِلَّا فَالْقَصْرُ أَفْضَلُ لَا سِيَّمَا أَنَّهُ أَلْيَقُ بِحَالَةِ الْخَوْفِ، وَهَلْ الْأَفْضَلُ الِانْتِظَارُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، أَوْ فِي الْقِيَامِ الثَّالِثِ؟ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي الْمَغْرِبِ، وَلَوْ صَلَّى بِفِرْقَةٍ رَكْعَةً وَبِالْأُخْرَى ثَلَاثًا أَوْ عَكْسَهُ صَحَّتْ مَعَ كَرَاهَتِهِ، وَيَسْجُدُ الْإِمَامُ وَالطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ سُجُودَ السَّهْوِ لِلْمُخَالَفَةِ بِالِانْتِظَارِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ. قَالَ صَاحِبُ الشَّامِلِ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا فَرَّقَهُمْ أَرْبَعَ فِرَقٍ سَجَدُوا لِلسَّهْوِ أَيْضًا لِلْمُخَالَفَةِ وَهُوَ كَمَا قَالَ (فَلَوْ) فَرَّقَهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ كَلَامِ الْجَوْجَرِيِّ وَالضَّمِيرُ لِلْإِرْشَادِ الَّذِي هُوَ مَشْرُوحُهُ. (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا قَاسَ عَلَيْهِ) هُوَ قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَفْوِيتَ الْوَاجِبِ لَا يَجُوزُ عَلَى نَفْسِهِ وَالْمَقِيسُ هُوَ قَوْلُهُ فَكَذَا عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَاضِحٌ) وَهُوَ مَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَصْحِيحُ صَلَاةِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ صَلَاةِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ: لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمْ) وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ لَهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يَنْوِي فِي اقْتِدَائِهِ الْجُمُعَةَ مِنْ أَنَّ الْخَلِيفَةَ الْمَسْبُوقَ لَوْ أَدْرَكَ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ جَمَاعَةً يُصَلُّونَ الْجُمُعَةَ لَزِمَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا مَعَهُمْ بِأَنَّ الْعُذْرَ قَائِمٌ هُنَا حَالَ صَلَاتِهِمْ الظُّهْرَ، فَكَانُوا كَالْعَبْدِ إذَا فَعَلَ الظُّهْرَ ثُمَّ عَتَقَ وَأَدْرَكَ الْجُمُعَةَ حَيْثُ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ فَإِنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا عُذْرَ لَهُ وَقْتَ صَلَاتِهِ الظُّهْرَ لِإِمْكَانِ الْجُمُعَةِ فِي حَقِّهِ حِينَ صَلَاتِهِ، فَكَانَ كَالْعَبْدِ إذَا عَتَقَ ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ فِي حَالِ الْحُرِّيَّةِ ثُمَّ أَمْكَنَتْهُ الْجُمُعَةُ حَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَعَادَ لَمْ أَكْرَهْهُ) أَيْ أَعَادَهَا جُمُعَةً وَإِنْ كَانَ مَعَ الطَّائِفَةِ الَّتِي صَلَّتْ مَعَهُ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: وَيُقَدِّمُ غَيْرَهُ) أَيْ نَدْبًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ عَكْسِهِ) قَالَ سم عَلَى حَجّ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ، وَسَكَتَ عَمَّا لَوْ صَلَّى فِي الْمَغْرِبِ بِفِرْقَةٍ رَكْعَةً وَبِالْأُخْرَى رَكْعَتَيْنِ هَلْ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ لِلِانْتِظَارِ فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ لِكَرَاهَةِ ذَلِكَ وَعَدَمِ وُرُودِهِ اهـ. وَالْأَقْرَبُ السُّجُودُ لِمَا عَلَّلَ بِهِ (قَوْلُهُ: فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ) أَيْ وَالرَّاجِحُ مِنْهُ أَنَّهُ فِي الْقِيَامِ الثَّالِثِ (قَوْلُهُ: لِلْمُخَالَفَةِ بِالِانْتِظَارِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ) أَيْ لِكَوْنِهِ لَيْسَ فِي نِصْفِ صَلَاتِهِ الْمَنْقُولِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: سَجَدُوا لِلسَّهْوِ أَيْضًا) يَعْنِي غَيْرَ الْفِرْقَةِ الْأُولَى ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ الْإِرْشَادِ إذْ هَذَا مِنْ بَقِيَّةِ كَلَامِ الْجَوْجَرِيِّ إلَى قَوْلِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَبَيْنَ مَا قَاسَ عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ ذِكْرٍ. (قَوْلُهُ: بِهَا) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَيُفَرِّقُهُ

أَرْبَعَ فِرَقٍ وَ (صَلَّى بِكُلِّ فِرْقَةٍ رَكْعَةً) ، ثُمَّ فَارَقَتْهُ وَصَلَّتْ ثَلَاثًا وَسَلَّمَتْ وَالْإِمَامُ قَائِمٌ يَنْتَظِرُ فَرَاغَهَا وَذَهَابَهَا وَمَجِيءَ الثَّانِيَةِ، ثُمَّ صَلَّى بِالثَّانِيَةِ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ وَفَارَقَتْهُ وَانْتَظَرَ الثَّالِثَةَ إمَّا فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، أَوْ قَائِمًا عَلَى مَا مَرَّ مِنْ الْخِلَافِ، ثُمَّ صَلَّى بِالثَّالِثَةِ الرَّكْعَةَ الثَّالِثَةَ وَفَارَقُوهُ فِي قِيَامِ الرَّابِعَةِ وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ وَالْإِمَامُ يَنْتَظِرُ فَرَاغَهُمْ وَذَهَابَهُمْ وَمَجِيءَ الرَّابِعَةِ، ثُمَّ صَلَّى بِالرَّابِعَةِ الرَّكْعَةَ الْأَخِيرَةَ وَانْتَظَرَهُمْ فِي التَّشَهُّدِ وَسَلَّمَ بِهِمْ (صَحَّتْ صَلَاةُ الْجَمِيعِ فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَدْعُو إلَى ذَلِكَ بِأَنْ لَا يَكْفِيَ وُقُوفُ نِصْفِ الْجَيْشِ فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ وَيُحْتَاجَ إلَى وُقُوفِ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِمْ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى انْتِظَارَيْنِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى الزِّيَادَةِ، وَلَعَلَّهُ لَوْ اُحْتِيجَ إلَيْهَا لَفَعَلَ وَشَرْطُ الْإِمَامِ لِتَفْرِيقِهِمْ أَرْبَعَ فِرَقٍ فِي الرُّبَاعِيَّةِ الْحَاجَةُ إلَى ذَلِكَ، وَإِلَّا فَهُوَ كَفِعْلِهِ حَالَ الِاخْتِيَارِ، وَأَقَرَّاهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالْأَنْوَارِ وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ. وَقَالَ فِي الْخَادِمِ: التَّحْقِيقُ عِنْدِي جَوَازُهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنَّمَا الْقَوْلَانِ عِنْدَ عَدَمِهَا، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ تَبْطُلُ صَلَاةُ الْإِمَامِ لِزِيَادَتِهِ عَلَى الِانْتِظَارَيْنِ فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَاتِ الرِّقَاعِ كَمَا سَبَقَ، وَصَلَاةِ الْفِرْقَةِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ إنْ عَلِمُوا بِبُطْلَانِ صَلَاةِ الْإِمَامِ (وَسَهْوُ كُلِّ فِرْقَةٍ) أَيْ إذَا فَرَّقَهُمْ فِرْقَتَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ (مَحْمُولٌ فِي أُولَاهُمْ) أَيْ فِي رَكْعَتِهِمْ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُمْ فِي حَالِ الْقُدْرَةِ (وَكَذَا ثَانِيَةُ الثَّانِيَةِ فِي الْأَصَحِّ) أَيْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ لِلْفِرْقَةِ لِانْسِحَابِ حُكْمِ الْقُدْوَةِ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَشَهَّدُونَ مَعَهُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ قُدْوَةٍ جَدِيدَةٍ، وَالثَّانِي لَا لِانْفِرَادِهَا بِهَا حِسًّا (لَا ثَانِيَةُ الْأُولَى) لِانْفِرَادِهِمْ حِسًّا وَحُكْمًا (وَسَهْوُهُ) أَيْ الْإِمَامِ (فِي) الرَّكْعَةِ (الْأُولَى يَلْحَقُ الْجَمِيعَ) أَيْ فَيَسْجُدُ الْمُفَارِقُونَ عِنْدَ تَمَامِ صَلَاتِهِمْ (وَ) سَهْوُهُ (فِي الثَّانِيَةِ لَا يَلْحَقُ الْأَوَّلِينَ) لِمُفَارَقَتِهِمْ قَبْلَهُ وَتَسْجُدُ الثَّانِيَةُ مَعَهُ آخِرَ صَلَاتِهِ وَيُقَاسُ بِذَلِكَ السَّهْوُ فِي الثُّلَاثِيَّةِ وَالرَّبَاعِيَةِ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ. (وَيُسَنُّ) لِلْمُصَلِّي صَلَاةَ الْخَوْفِ (حَمْلُ السِّلَاحِ) الَّذِي لَا يَمْنَعُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ: وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ تَبْطُلُ صَلَاةُ الْإِمَامِ) وَقَعَ مِثْلُهُ فِي الْمَحَلِّيِّ وَكَتَبَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ مَا نَصُّهُ: قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: تَبْطُلُ بِالِانْتِظَارِ الثَّالِثِ وَهُوَ الْوَاقِعُ فِي الرَّكْعَةِ الرَّابِعَةِ فَإِنَّ الْأُولَى لَا انْتِظَارَ فِيهَا. وَقَالَ الْجُمْهُورُ بِالِانْتِظَارِ الثَّانِي وَهُوَ الْوَاقِعُ فِي الثَّالِثَةِ لِمُخَالَفَتِهِ الْوَارِدَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْمُنْتَظِرِينَ فِيمَا وَرَدَ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ، بِخِلَافِ الْمُنْتَظِرِينَ هُنَا، وَأَيْضًا مِنْ جِهَةِ طُولِهِ كَمَا بَيَّنَهُ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، فَإِنْ قُلْنَا بِقَوْلِ ابْنِ سُرَيْجٍ بَطَلَتْ صَلَاةُ الرَّابِعَةِ فَقَطْ إنْ عَلِمَتْ، وَإِنْ قُلْنَا بِقَوْلِ الْجُمْهُورِ بَطَلَتْ صَلَاةُ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ إنْ عَلِمَتَا، فَقَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي: وَصَلَاةُ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ الْمَذْكُورِ فِي الْأُمِّ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ لِزِيَادَتِهِ عَلَى الِانْتِظَارَيْنِ إلَخْ، لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ الزِّيَادَةُ بِانْتِظَارٍ ثَالِثٍ؛ لِأَنَّ الْبُطْلَانَ بِالِانْتِظَارِ الثَّالِثِ وَهُوَ الْوَاقِعُ فِي الرَّابِعَةِ قَوْلُ ابْنِ سُرَيْجٍ كَمَا عَلِمْت وَإِنَّمَا تَبْطُلُ عَلَيْهِ صَلَاةُ الرَّابِعَةِ فَقَطْ وَكَذَا الْإِمَامُ فِيهِمَا، بَلْ الْمُرَادُ زِيَادَةٌ مِنْ حَيْثُ الطُّولُ الْمُخَالِفُ لِمَا وَرَدَ فِي انْتِظَارِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَوْ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْوَارِدَ انْتِظَارُهُ فِي قِيَامٍ وَفِي تَشَهُّدٍ، وَهَذَا زَائِدٌ عَلَى ذَلِكَ وَذَلِكَ لَا يَكَادُ يَبِينُ مِنْ كَلَامِهِ إلَّا بِمُرَاجَعَةِ أُصُولِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ (قَوْلُهُ: آخِرُ صَلَاتِهِ) أَيْ إنْ اسْتَمَرُّوا مَعَهُ إلَى السَّلَامِ فَإِنْ فَارَقُوهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: ثُمَّ فَارَقَتْهُ وَصَلَّتْ ثَلَاثًا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ بَاقِيَ الْعِبَارَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ فَارَقَتْهُ لِلْفِرْقَةِ الْأُولَى مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ مَرْجِعٌ، إذْ كَلَامُ الْمَتْنِ فِي كُلِّ فِرْقَةٍ لَا خُصُوصِ الْأُولَى، وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ الْجَلَالِ عَقِبَ الْمَتْنِ نَصُّهَا: وَفَارَقَتْهُ كُلُّ فِرْقَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ وَأَتَمَّتْ وَهُوَ مُنْتَظِرٌ فَرَاغَ الْأُولَى فِي قِيَامِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَفَرَاغِ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ فِي تَشَهُّدِهِ، أَوْ قِيَامِ الثَّالِثَةِ وَفَرَاغُ الثَّالِثَةِ فِي قِيَامِ الرَّابِعَةِ وَفَرَاغُ الرَّابِعَةِ فِي تَشَهُّدِهِ الْأَخِيرِ فَسَلَّمَ بِهَا انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَفِعْلِهِ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ) أَيْ فَيَكُونُ مَكْرُوهًا مُفَوِّتًا لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ فِي الْخَادِمِ) أَيْ تَبَعًا لِلذَّخَائِرِ.

صِحَّةَ الصَّلَاةِ (فِي هَذِهِ الْأَنْوَاعِ) الثَّلَاثَةِ مِنْ الصَّلَاةِ احْتِيَاطًا، وَذَلِكَ كَسَيْفٍ وَرُمْحٍ وَنُشَّابٍ وَسِكِّينٍ وَوَضْعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِالشَّرْطِ الْآتِي كَالْحَمْلِ، إذْ الْحَمْلُ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ وَإِنْ مَالَ إلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ لَوْ كَفَى الْوَضْعُ لَاسْتَوَى وَضْعُ الرُّمْحِ فِي وَسَطِ الصَّفِّ وَحَاشِيَتِهِ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْأَوَّلَ مَكْرُوهٌ، أَوْ حَرَامٌ دُونَ الثَّانِي، وَرُدَّ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي وَضْعٍ لَا إيذَاءَ فِيهِ، وَحَاصِلُ مَا فِي ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ التَّأَذِّي بِهِ حَرُمَ وَإِلَّا كُرِهَ (وَفِي قَوْلٍ يَجِبُ) لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ} [النساء: 102] وَحَمْلِهِ الْأَوَّلَ عَلَى النَّدْبِ، إذْ لَوْ وَجَبَ لَكَانَ تَرْكُهُ مُفْسِدًا كَغَيْرِهِ مِمَّا يَجِبُ فِي الصَّلَاةِ، وَلَا تَفْسُدُ بِهِ قَطْعًا لَكِنْ يُكْرَهُ تَرْكُهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ احْتِيَاطًا، وَيَحْرُمُ إذَا كَانَ مُتَنَجِّسًا، أَوْ مَانِعًا لِتَمَامِ بَعْضِ الْأَرْكَانِ كَبَيْضَةٍ تَمْنَعُ مُبَاشَرَةَ الْجَبْهَةِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إبْطَالِ الصَّلَاةِ وَالتُّرْسُ وَالدِّرْعُ لَيْسَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِسِلَاحٍ يُسَنُّ حَمْلُهُ؛ لِأَنَّهُمَا مِمَّا يُدْفَعُ بِهِ، بَلْ يُكْرَهُ لِكَوْنِهِ ثَقِيلًا يَشْغَلُ عَنْ الصَّلَاةِ كَالْجَعْبَةِ، كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْبَنْدَنِيجِيّ، فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُمَا مِنْ السِّلَاحِ، إذْ لَيْسَ كُلُّ سِلَاحٍ يُسَنُّ حَمْلُهُ فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا مَا يَقْتُلُ لَا مَا يُدْفَعُ بِهِ، وَلَوْ تَعَيَّنَ حَمْلُهُ أَوْ وَضْعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ طَرِيقًا فِي دَفْعِ الْهَلَاكِ كَانَ وَاجِبًا، سَوَاءٌ أَزَادَ خَطَرُ التَّرْكِ أَمْ اسْتَوَى الْخَطَرَانِ، إذْ لَوْ لَمْ يَجِبْ لَكَانَ ذَلِكَ اسْتِسْلَامًا لِلْكُفَّارِ، بَلْ لَوْ خَافَ ضَرَرًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ بِتَرْكِ حَمْلِهِ وَجَبَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَأْتِي فِي الْقَضَاءِ هُنَا مَا يَأْتِي فِي حَمْلِ السِّلَاحِ النَّجِسِ فِي حَالِ الْقِتَالِ، وَإِنْ فُرِضَ أَنَّ هَذَا أَنْدَرُ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْعَدُوَّ لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ لَمْ يَجِبْ حَمْلُهُ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْقِتَالُ وَاجِبًا، وَلَا فَرْقَ فِي حَالِ الْوُجُوبِ كَمَا قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ بَيْنَ الْمَانِعِ مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ كَالْمُتَنَجِّسِ وَالْبَيْضَةِ الْمَانِعَةِ مِنْ مُبَاشَرَةِ الْجَبْهَةِ وَغَيْرِهِ، لَكِنْ يَتَعَيَّنُ الْوَضْعُ فِي الْمَانِعِ مِنْ ذَلِكَ إنْ أَمْكَنَ الِاتِّقَاءُ بِهِ، وَإِلَّا كَأَنْ خَافَ أَنْ يُصِيبَ رَأْسَهُ سَهْمٌ لَوْ نَزَعَ الْبَيْضَةَ الْمَانِعَةَ لَهُ مِنْ السُّجُودِ فَلَا يَتْرُكُ حَمْلَهُ وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِتَرْكِ الْحَمْلِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْوُجُوبَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ. (الرَّابِعُ) مِنْ الْأَنْوَاعِ الصَّلَاةُ بِالْكَيْفِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي مَحَلِّ هَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــSسَجَدُوا فِي آخِرِ صَلَاتِهِمْ (قَوْلُهُ: بِالشَّرْطِ الْآتِي) أَيْ وَهُوَ سُهُولَةُ التَّنَاوُلِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْأَوَّلَ) هُوَ وَضْعُ الرُّمْحِ فِي الْوَسَطِ، وَقَوْلُهُ دُونَ الثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ وَحَاشِيَتُهُ (قَوْلُهُ: إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ التَّأَذِّي بِهِ حَرُمَ) أَيْ مَا لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ وَإِلَّا جَازَ بَلْ وَجَبَ، وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: وَكَذَا لَوْ آذَى غَيْرَهُ فَيَجِبُ حَمْلُهُ حِفْظًا لِنَفْسِهِ، وَلَا نَظَرَ لِضَرَرِ غَيْرِهِ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الِاضْطِرَارِ حَيْثُ قَدَّمَ نَفْسَهُ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ دَفْعُهُ لِمُضْطَرٍّ آخَرَ تَقْدِيمًا لِنَفْسِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: كَالْجَعْبَةِ) كَكَلْبَةٍ اهـ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ: مَا يَأْتِي فِي حَمْلِ السِّلَاحِ) وَالرَّاجِحُ مِنْهُ وُجُوبُ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْقِتَالُ وَاجِبًا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ الْقِتَالُ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ تَتَعَلَّقُ بِالْمُسْلِمِينَ مَثَلًا (قَوْلُهُ: لَوْ نَزَعَ الْبَيْضَةَ الْمَانِعَةَ لَهُ مِنْ السُّجُودِ فَلَا يَتْرُكُ حَمْلَهُ) وَهَلْ إذَا صَلَّى كَذَلِكَ تَجِبُ الْإِعَادَةُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ شَقَّ عَلَيْهِ نَزْعُ الْعِصَابَةِ لِجِرَاحَةٍ تَحْتَهَا صَلَّى عَلَى حَالِهِ وَلَا إعَادَةَ مَا لَمْ يَكُنْ تَحْتَهَا نَجَاسَةٌ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهَا أَنَّهُ لَا إعَادَةَ هُنَا. لَكِنْ فِي كَلَامِ الزِّيَادِيِّ كحج مَا يَقْتَضِي الْإِعَادَةَ، وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْعُذْرَ ثَمَّ مَوْجُودٌ وَهُوَ الْجِرَاحَةُ، وَلَا كَذَلِكَ هُنَا، فَإِنَّ إصَابَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إذْ لَوْ وَجَبَ لَكَانَ تَرْكُهُ مُفْسِدًا) فِيهِ أَنَّ الْوُجُوبَ هُنَا لِأَمْرٍ خَارِجٍ وَهُوَ لَا يَقْتَضِي تَرْكَهُ مَا ذَكَرَ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ آخِرَ السِّوَادَةِ (قَوْلُهُ: كَبَيْضَةٍ) لَا وَجْهَ لِاسْتِئْنَائِهَا لِعَدَمِ دُخُولِهَا فِي السِّلَاحِ الْمُرَادِ هُنَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَأْتِي فِي الْقَضَاءِ هُنَا مَا يَأْتِي إلَخْ) كَلَامٌ قَاصِرٌ عَنْ أَدَاءِ الْمُرَادِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَوْ خَافَ ضَرَرًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ بِتَرْكِ حَمْلِهِ وَجَبَ فِي الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ وَلَوْ نَجِسًا وَمَانِعًا لِلسُّجُودِ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّهُ يَأْتِي فِي الْقَضَاءِ هُنَا إلَخْ (قَوْلُهُ: لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ) أَيْ فِي صُورَةِ مَا إذَا كَانَ الْمَخُوفُ الْهَلَاكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذْ هُوَ

[النوع الرابع أن يلتحم القتال بين القوم ولم يتمكنوا من تركه]

النَّوْعِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ مِنْ الْأَنْوَاعِ بِمَحَلِّهِ حَيْثُ أَتَى بِهِ جَوَابًا عَنْ اعْتِرَاضٍ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ هَذِهِ الْكَيْفِيَّاتِ لَيْسَتْ هِيَ الصَّلَاةُ وَإِنَّمَا تُفْعَلُ عَلَى هَذِهِ الْكَيْفِيَّاتِ عِنْدَ وُجُودِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، وَقَوْلُهُ بِمَحِلِّهِ الْبَاءُ فِيهِ بِمَعْنَى مَعَ، أَوْ بِمَعْنَى فِي وَهُوَ (أَنْ يَلْتَحِمَ الْقِتَالُ) بَيْنَ الْقَوْمِ وَلَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ تَرْكِهِ، وَهَذَا كِنَايَةٌ عَنْ شِدَّةِ اخْتِلَاطِهِمْ بِحَيْثُ يَلْتَصِقُ لَحْمُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ، أَوْ يُقَارِبُ الْتِصَاقَهُ أَوْ عَنْ اخْتِلَاطِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ كَاشْتِبَاكِ لُحْمَةِ الثَّوْبِ بِالسَّدَى (أَوْ يَشْتَدُّ الْخَوْفُ) وَإِنْ لَمْ يَلْتَحِمْ الْقِتَالُ بِأَنْ لَمْ يَأْمَنُوا أَنْ يَحْمِلَ الْعَدُوُّ عَلَيْهِمْ لَوْ وَلَّوْا وَانْقَسَمُوا (فَيُصَلِّي) كُلٌّ مِنْهُمْ (كَيْفَ أَمْكَنَ رَاكِبًا وَمَاشِيًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239] وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ إخْرَاجُ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا (وَيُعْذَرُ) كُلٌّ مِنْهُمْ (فِي تَرْكِ) اسْتِقْبَالِ (الْقِبْلَةِ) عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ بِسَبَبِ الْعُذْرِ لِلضَّرُورَةِ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ عُمَرَ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ: مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةَ وَغَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا. قَالَ نَافِعٌ: لَا أَرَاهُ إلَّا مَرْفُوعًا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، بَلْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: إنَّ ابْنَ عُمَرَ رَوَاهُ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSالسَّهْمِ مَثَلًا لَيْسَتْ مُحَقَّقَةً، وَأَيْضًا فَمَا هُنَا نَادِرٌ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ مِنْ الْأَنْوَاعِ بِمَحَلِّهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ عَمِيرَةُ. يَعْنِي أَنَّهُ ذَكَرَ النَّوْعَ وَمَحَلَّهُ، وَقَالَ هُنَا بِمَحَلِّهِ، وَقَالَ فِيمَا سَلَفَ مَا يُذْكَرُ كَأَنَّهُ مُجَرَّدُ تَفَنُّنٍ اهـ. وَهُوَ أَوْلَى مِنْ جَوَابِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ هَذِهِ الْكَيْفِيَّاتِ) قَضِيَّةُ الِاعْتِرَاضِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَ الْكَيْفِيَّةَ، وَلَيْسَ مُرَادٌ، فَإِنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ سَبَبَ الصَّلَاةِ بِالْكَيْفِيَّةِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَعْنَى فِي) وَهُوَ الْأَوْضَحُ وَالْأَوْفَقُ بِمَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ فِي مَحَلِّ هَذَا النَّوْعِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَنْ يَلْتَحِمَ) أَيْ مَحَلُّ النَّوْعِ (قَوْلُهُ بِالسَّدَى) بِالْفَتْحِ وَالْقَصْرِ فِي الْمِصْبَاحِ، وَقَوْلُهُ لَحْمَةٌ بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّهَا لُغَةٌ، وَهَذَا عَكْسُ اللُّحْمَةِ بِمَعْنَى الْقَرَابَةِ، وَأَمَّا اللَّحْمُ مِنْ الْحَيَوَانِ فَجَمْعُهُ لُحُومٌ وَلُحْمَانٌ بِالضَّمِّ وَلِحَامٌ بِالْكَسْرِ اهـ مِصْبَاحٌ. أَيْضًا بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: رَاكِبًا وَمَاشِيًا) أَيْ وَلَوْ مُومِيًا بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ عَجَزَ عَنْهُمَا كَمَا سَيَأْتِي: أَيْ وَيَكُونُ السُّجُودُ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ وَظَاهِرُهُ الِاكْتِفَاءُ بِأَقَلِّ إيمَاءٍ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى أَزْيَدَ مِنْهُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ فِي تَكْلِيفِ زِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ مَشَقَّةً، وَرُبَّمَا يُفَوِّتُ الِاشْتِغَالُ بِهَا تَدْبِيرَ أَمْرِ الْحَرْبِ فَيَكْفِي فِيهِ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ إيمَاءٌ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ هُنَا سَنُّ إعَادَتِهَا وَلَوْ عَلَى الْهَيْئَةِ الَّتِي فَعَلَهَا أَوَّلًا، وَانْظُرْ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهَا صَلَاةُ ضَرُورَةٍ فَلَا تُجَوِّزْهَا ثَانِيًا لِمُجَرَّدِ حُصُولِ سُنَّةِ الْإِعَادَةِ. نَعَمْ يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ التَّرَدُّدِ حَيْثُ فَعَلَهَا مَعَ الْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ، أَمَّا لَوْ خَلَتْ عَنْ ذَلِكَ فَلَا يَبْعُدُ سَنُّ الْإِعَادَةِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَكَذَا الْأَعْمَالُ الْكَثِيرَةُ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ) وَالْمُرَادُ بِهِ مَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ مِنْ خَوْفِ هُجُومِ الْعَدُوِّ لَوْ اسْتَقْبَلُوا (قَوْلُهُ: وَقَدْ قَالَ بْنُ عُمَرَ) أَيْ فِي مَقَامِ تَفْسِيرِ الْآيَةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ جَعَلَهُ مَعْنَى الْآيَةِ (قَوْلُهُ: لَا أَرَاهُ) أَيْ لَا أَظُنُّ قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ إلَّا مَرْفُوعًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQالَّذِي يَجُوزُ الِاسْتِسْلَامُ فِيهِ لِلْمُسْلِمِ إيثَارًا لِلشَّهَادَةِ فَلْيُرَاجَعْ. [النَّوْعُ الرَّابِعِ أَنْ يَلْتَحِمَ الْقِتَالُ بَيْنَ الْقَوْمِ وَلَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ تَرْكِهِ] (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ مِنْ الْأَنْوَاعِ بِمَحَلِّهِ) قَدْ يُقَالُ: لَوْ كَانَ هَذَا غَرَضُهُ لَأَتَى بِهِ فِي أَوَّلِ الْأَنْوَاعِ، وَيُجَابُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الشِّهَابِ الْبُرُلُّسِيِّ بِأَنَّهُ أَتَى بِنَظِيرِ هَذَا الْجَوَابِ فِيمَا مَرَّ مِنْ الْأَنْوَاعِ، لَكِنْ بِغَيْرِ هَذَا التَّعْبِيرِ تَفَنُّنًا فِي الْعِبَارَةِ، عَلَى أَنَّ الَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّ الشَّارِحَ الْجَلَالَ إنَّمَا أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى دَفْعِ مَا قَدْ يُقَالُ إنَّ الْمُصَنِّفَ لِمَ لَمْ يُعَنْوِنْ عَنْ النَّوْعِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا بِلَفْظِ الثَّالِثِ فَكَيْفَ يَتَأَتَّى لَهُ التَّعْبِيرُ هُنَا بِالرَّابِعِ، وَوَجْهُ الدَّفْعِ أَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَابِعًا بِاللَّفْظِ فَهُوَ رَابِعٌ بِالْمَحَلِّ، فَالظَّرْفُ مُتَعَلِّقٌ بِالرَّابِعِ وَالْبَاءُ فِيهِ عَلَى حَدِّ الْبَاءِ فِي قَوْلِهِمْ: الْأَوَّلُ بِالذَّاتِ وَالثَّانِي بِالْعَرَضِ، وَالشِّهَابُ حَجّ أَشَارَ إلَى هَذَا إلَّا أَنَّهُ قَدَّرَ لِلظَّرْفِ مُتَعَلِّقًا خَارِجِيًّا وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ أَقْعَدُ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ هَذِهِ الْكَيْفِيَّاتِ) كَانَ الْأَصْوَبُ أَنْ يَقُولَ بِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ، أَوْ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْكَيْفِيَّاتِ هُنَا الْأَشْيَاءُ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ، بِخِلَافِ لَفْظِ الْكَيْفِيَّاتِ الْآتِي، وَعَلَيْهِ فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ، وَإِنَّمَا تُفْعَلُ رَاجِعٌ لِلصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى مَعَ) لَا يُنَاسِبُ مَا أَسْلَفَهُ

النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَاشِي كَالرَّاكِبِ الِاسْتِقْبَالُ حَتَّى فِي التَّحَرُّمِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَلَا وَضْعِ جَبْهَتِهِ عَلَى الْأَرْضِ لِمَا فِي تَكْلِيفِهِ ذَلِكَ مِنْ تَعَرُّضِهِ لِلْهَلَاكِ، بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْمَاشِي الْمُتَنَفِّلِ فِي السَّفَرِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ أَمْكَنَهُ الِاسْتِقْبَالُ بِتَرْكِ الْقِيَامِ لِرُكُوبِهِ رَكِبَ لِأَنَّ الِاسْتِقْبَالَ آكَدُ بِدَلِيلِ النَّفْلِ لَا تَرْكُهُ لِجِمَاحِ دَابَّةٍ طَالَ زَمَنُهُ، بِخِلَافِ مَا قَصُرَ زَمَنُهُ، وَصَحَّ اقْتِدَاءُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْجِهَةُ، أَوْ تَقَدَّمُوا عَلَى الْإِمَامِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ لِلضَّرُورَةِ، وَمِثْلُهُ مَا إذَا تَخَلَّفُوا عَنْهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ، وَالْجَمَاعَةُ أَفْضَلُ مِنْ انْفِرَادِهِمْ كَمَا فِي الْأَمْنِ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ فِي فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ (وَكَذَا الْأَعْمَالُ الْكَثِيرَةُ) الْمُتَوَالِيَةُ كَالضَّرَبَاتِ وَالطَّعَنَاتِ يُعْذَرُ فِيهَا (لِحَاجَةٍ) إلَيْهَا (فِي الْأَصَحِّ) وَلَا تَبْطُلُ بِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَحْتَاجُوا إلَيْهِ. أَمَّا الْقَلِيلُ أَوْ الْكَثِيرُ غَيْرُ الْمُتَوَالِي فَمُحْتَمَلٌ فِي غَيْرِ الْخَوْفِ فَفِيهِ أَوْلَى، وَالثَّانِي لَا يُعْذَرُ؛ لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ فِي هَذَيْنِ فَيَبْقَى مَا عَدَاهُمَا عَلَى الْأَصْلِ (لَا) فِي (صِيَاحٍ) فَلَا يُعْذَرُ بَلْ تَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ بَلْ السُّكُوتُ أَهْيَبُ وَمِثْلُهُ النُّطْقُ بِلَا صِيَاحٍ كَمَا فِي الْأُمِّ (وَيُلْقِي السِّلَاحَ إذَا دَمِيَ) بِمَا لَا يُعْفَى عَنْهُ إنْ اسْتَغْنَى عَنْهُ تَصْحِيحًا لِصَلَاتِهِ، وَفِي مَعْنَى إلْقَائِهِ جَعْلُهُ فِي قِرَابِهِ تَحْتَ رِكَابِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: رَكِبَ) أَيْ وُجُوبًا وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الِاسْتِقْبَالَ آكَدُ: أَيْ مِنْ الْقِيَامِ. وَقَوْلُهُ بِدَلِيلِ النَّفْلِ: أَيْ حَيْثُ جَازَ مِنْ قُعُودٍ وَلَمْ يَجُزْ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ. وَقَوْلُهُ لَا تَرْكُهُ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ عِنْدَ الْعَجْزِ (قَوْلُهُ: طَالَ زَمَنُهُ) لَمْ يَعْتَرِضْ بِمَا لَوْ انْحَرَفَتْ دَابَّتُهُ خَطَأً أَوْ نِسْيَانًا وَمَفْهُومُهُ الضَّرَرُ كحج، لَكِنْ قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي نَفْلِ السَّفَرِ عَدَمُ الضَّرَرِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا قَصُرَ زَمَنُهُ) أَيْ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ فِي نَفْلِ السَّفَرِ (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ لِلضَّرُورَةِ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَا بُدَّ مِنْ الْعِلْمِ بِانْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ يَقِينًا (قَوْلُهُ: وَالْجَمَاعَةُ أَفْضَلُ مِنْ انْفِرَادِهِمْ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ الِانْفِرَادُ هُوَ الْحَزْمَ اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْأَعْمَالُ الْكَثِيرَةُ) لَوْ احْتَاجَ لِخَمْسِ ضَرَبَاتٍ مُتَوَالِيَةٍ مَثَلًا فَقَصَدَ أَنْ يَأْتِيَ بِسِتٍّ مُتَوَالِيَةٍ فَهَلْ تَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ الشُّرُوعِ فِي السِّتِّ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهَا وَغَيْرُ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ مُبْطِلٌ، فَهَلْ الشُّرُوعُ فِيهَا شُرُوعٌ فِي الْمُبْطِلِ، أَوْ لَا تَبْطُلُ؛ لِأَنَّ الْخَمْسَ جَائِزَةٌ فَلَا يَضُرُّ قَصْدُهَا مَعَ غَيْرِهَا، فَإِذَا فَعَلَ الْخَمْسَ لَمْ تَبْطُلْ بِهَا لِجَوَازِهَا وَلَا بِالْإِتْيَانِ بِالسَّادِسَةِ؛ لِأَنَّهَا وَحْدَهَا لَا تُبْطِلُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْمُتَّجَهُ لِي الْآنَ الْأَوَّلُ، وَقَدْ يُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ صَحَّ تَوْجِيهُ الثَّانِي بِمَا ذُكِرَ لَمْ تَبْطُلْ الصَّلَاةُ فِي الْأَمْنِ بِثَلَاثَةِ أَفْعَالٍ مُتَوَالِيَةٍ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَيْنِ الْمُتَوَالِيَيْنِ غَيْرُ مُبْطِلَيْنِ فَلَا يَضُرُّ قَصْدُهُمَا مَعَ غَيْرِهِمَا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُقَالُ: بَلْ الْمُتَّجَهُ الثَّانِي، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَاسَ عَلَيْهِ بِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْخُطُوَاتِ فِيهِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، فَكَانَ الْمَجْمُوعُ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ وَالْخَمْسُ فِي الْمَقِيسِ مَطْلُوبَةٌ، فَلَمْ يَتَعَلَّقْ النَّهْيُ إلَّا بِالسَّادِسِ فَمَا قَبْلَهُ لَا دَخْلَ لَهُ فِي الْإِبْطَالِ أَصْلًا إذْ الْمُبْطِلُ هُوَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ. وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ شَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ مَا يُوَافِقُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَا تَبْطُلُ) بَيَّنَ بِهِ مَعْنَى الْعُذْرِ الَّذِي أَفَادَهُ التَّشْبِيهُ وَقَوْلُهُ بِهِ: أَيْ الْعَمَلِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْأَعْمَالِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ فِي هَذَيْنِ) أَيْ فِي الْمَشْيِ أَوْ الرُّكُوبِ وَتَرْكِ الِاسْتِقْبَالِ (قَوْلُهُ: لَا فِي صِيَاحٍ) قَالَ النَّاشِرِيُّ: ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِزَجْرِ الْخَيْلِ، لَكِنَّ الْعِلَّةَ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْكَمِيَّ السَّاكِتَ أَهْيَبُ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ فِي غَيْرِ زَجْرِ الْخَيْلِ انْتَهَى. فَانْظُرْ هَلْ كَزَجْرِ الْخَيْلِ الِاسْتِغَاثَةُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَعِبَارَةُ حَجّ فِي شَرْحِهِ: وَفَرْضُ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ: أَيْ الصِّيَاحِ لِنَحْوِ تَنْبِيهِ مَنْ خَشِيَ وُقُوعَ نَحْوِ مُهْلِكٍ بِهِ أَوْ لِزَجْرِ الْخَيْلِ أَوْ لِيُعْرَفَ أَنَّهُ فُلَانٌ الْمَشْهُورُ لِشَجَاعَةٍ نَادِرَةٍ اهـ. أَيْ فَلَا يُعْذَرُ بِهِ وَبِهِ يُرَدُّ مَا فِي النَّاشِرِيِّ (قَوْلُهُ: وَيُلْقِي السِّلَاحَ إذَا دَمَى) أَيْ وَقَدَرَ عَلَى إلْقَائِهِ بِأَنْ لَمْ يَخْشَ مِنْ إلْقَائِهِ مَحْذُورًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ فَإِنْ عَجَزَ إلَخْ (قَوْلُهُ: جَعَلَهُ فِي قِرَابُهُ) إنْ قَلَّ زَمَنُ هَذَا الْجُعْلِ بِأَنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَا تَرْكُهُ) أَيْ الِاسْتِقْبَالَ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى تَرْكِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَتْنِ.

وَلَعَلَّهُمْ اغْتَفَرُوا لَهُ هَذَا الزَّمَنَ الْيَسِيرَ وَإِنْ لَمْ يَغْتَفِرُوهُ فِي نَظَائِرِهِ كَمَا لَوْ وَقَعَ عَلَى ثَوْبِ الْمُصَلِّي نَجَاسَةٌ وَلَمْ يُنَحِّهَا حَالًا خَشْيَةً مِنْ ضَيَاعِهِ بِالْإِلْقَاءِ؛ لِأَنَّ الْخَوْفَ مَظِنَّةُ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْأَمْنِ صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ، وَيُرَدُّ بِذَلِكَ قَوْلِ الرُّويَانِيِّ الظَّاهِرُ بُطْلَانُهَا بِهِ (فَإِنْ عَجَزَ) أَيْ احْتَاجَ إلَى إمْسَاكِهِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَنْهُ بُدٌّ (أَمْسَكَهُ) لِلْحَاجَةِ (وَلَا قَضَاءَ فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهُ عُذْرٌ يَعُمُّ فِي حَقِّ الْمُقَاتِلِ فَأَشْبَهَ الْمُسْتَحَاضَةَ. وَالثَّانِي يَجِبُ لِنُدُورِ الْعُذْرِ، وَمَا رَجَّحَهُ تَبِعَ فِيهِ الْمُحَرَّرَ فَإِنَّهُ قَالَ إنَّهُ الْأَقْيَسُ، وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ فِي بَابِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ، لَكِنَّهُمَا نَقَلَا فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ هُنَا عَنْ الْإِمَامِ عَنْ الْأَصْحَابِ وُجُوبَ الْقَضَاءِ، وَفِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْأَصْحَابِ الْقَطْعُ بِالْوُجُوبِ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ فَتَكُونُ الْفَتْوَى عَلَيْهِ اهـ. وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا هُوَ الْمُرَجَّحُ فِيمَا لَوْ صَلَّى فِي مَوْضِعٍ نَجِسٍ (وَإِنْ عَجَزَ عَنْ رُكُوعٍ، أَوْ سُجُودٍ أَوْمَأَ) بِهِ لِلضَّرُورَةِ (وَالسُّجُودُ أَخْفَضُ) مِنْ الرُّكُوعِ وُجُوبًا تَمْيِيزًا بَيْنَهُمَا، وَهَذَانِ اللَّفْظَانِ مَنْصُوبَانِ بِتَقْدِيرِ جَعَلَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، أَوْ يَكُونُ خَبَرًا بِمَعْنَى الْأَمْرِ: أَيْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ. (وَلَهُ ذَا النَّوْعُ) أَيْ صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ سَفَرًا وَحَضَرًا (فِي كُلِّ قِتَالٍ وَهَزِيمَةٍ مُبَاحَيْنِ) ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْهُ ضَرَرٌ، وَذَلِكَ كَالْقَافِلَةِ فِي قُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَالْفِئَةِ الْعَادِلَةِ فِي قِتَالِ الْبَاغِيَةِ دُونَ عَكْسِهِ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ (وَهَرَبٌ مِنْ حَرِيقٍ وَسَيْلٍ وَسَبُعٍ) وَحَيَّةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْهُ الْمَنْعُ وَلَا التَّحَصُّنُ بِشَيْءٍ لِوُجُودِ الْخَوْفِ (وَغَرِيمٌ عِنْدَ الْإِعْسَارِ وَخَوْفُ حَبْسٍ) دَفْعًا لِضَرَرِ الْحَبْسِ إنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَيِّنَةٌ وَهُوَ مِمَّنْ لَا يُصَدَّقُ فِيهِ. نَعَمْ لَوْ كَانَ لَهُ بِهِ بَيِّنَةٌ وَلَكِنَّ الْحَاكِمَ لَا يَسْمَعُهَا إلَّا بَعْدَ الْحَبْسِ فَهِيَ كَالْعَدَمِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا إعَادَةَ هُنَا، وَكَمَا يَجُوزُ صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ يَجُوزُ أَيْضًا صَلَاةُ الْخَوْفِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ، فَيُصَلِّي بِطَائِفَةٍ وَيَسْتَعْمِلُ طَائِفَةً فِي رَدِّ السَّيْلِ وَإِطْفَاءِ النَّارِ، وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ خَوْفِ فَوْتِ الْوَقْتِ، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ لَا تُفْعَلُ إلَّا عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ وَهُوَ كَذَلِكَ مَا دَامَ يَرْجُو الْأَمْنَ، وَإِلَّا فَلَهُ فِعْلُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSزَمَنِ الْإِلْقَاءِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَنْهُ بُدٌّ) أَيْ غِنًى، وَعِبَارَةُ حَجّ بَدَلُ قَوْلِ الشَّارِحِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ. إلَخْ وَإِنْ لَمْ يُضْطَرَّ إلَيْهِ اهـ. وَقَدْ يَتَبَادَرُ مِنْهُ مُخَالَفَتُهُ لِمَا هُنَا، وَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِهِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَنْهُ بُدٌّ عَلَى مَصْلَحَةِ الْقِتَالِ وَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْهَلَاكَ بِتَرْكِهِ فَلَا مُخَالَفَةَ (قَوْلُهُ: فِي الْأَظْهَرِ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: أَوْ يَكُونُ خَبَرًا) أَيْ هَذَا التَّرْكِيبُ فَيَكُونَانِ مُبْتَدَأً وَخَبَرًا، وَيَجُوزُ أَيْضًا رَفْعُ الْأَوَّلِ وَنَصْبُ الثَّانِي بِتَقْدِيرِ يَكُونُ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ قِتَالٍ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ نَقْلًا عَنْ غَيْرِهِ: وَكَذَا الْأَنْوَاعُ الثَّلَاثَةُ بِالْأَوْلَى اهـ حَجّ. وَسَيَأْتِي مَا يُفِيدُهُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ، وَكَمَا تَجُوزُ صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ تَجُوزُ. إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهَزِيمَةٍ مُبَاحَيْنِ) كَقِتَالِ ذِي مَالٍ وَغَيْرِهِ لِقَاصِدِ أَخْذِهِ ظُلْمًا، وَلَا يَبْعُدُ إلْحَاقُ الِاخْتِصَاصِ بِهِ فِي ذَلِكَ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْبَاغِيَ عَاصٍ بِقِتَالِهِ مُطْلَقًا، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ فِي أُولِي الْبُغَاةِ مِنْ أَنَّ الْبَغْيَ لَيْسَ اسْمَ ذَمٍّ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا خَالَفُوا بِتَأْوِيلٍ جَائِزٍ فِي اعْتِقَادِهِمْ لَكِنَّهُمْ مُخْطِئُونَ فِيهِ، فَلَهُمْ لِمَا فِيهِمْ مِنْ أَهْلِيَّةِ الِاجْتِهَادِ نَوْعُ عُذْرٍ، وَمَا وَرَدَ مِنْ ذَمِّهِمْ وَمَا وَقَعَ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ مِنْ عِصْيَانِهِمْ أَوْ فِسْقِهِمْ مَحْمُولَانِ عَلَى مَنْ لَا أَهْلِيَّةَ فِيهِ لِلِاجْتِهَادِ أَوْ لَا تَأْوِيلَ لَهُ أَوْ لَهُ تَأْوِيلٌ قَطْعِيُّ الْبُطْلَانِ انْتَهَى. وَعِبَارَةُ حَجّ هُنَا: وَفِئَةٌ عَادِلَةٌ لِبَاغِيَةٍ، بِخِلَافِ عَكْسِهِ إنْ حَكَمْنَا بِإِثْمِهِمْ فِي الْحَالَةِ الْآتِيَةِ فِي بَابِهِمْ اهـ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مِمَّنْ لَا يُصَدَّقُ فِيهِ) أَيْ الْإِعْسَارِ كَأَنْ عُرِفَ لَهُ قَبْلُ وَادَّعَى تَلَفَهُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ خَوْفِ الْوَقْتِ) أَيْ خَوْفِ خُرُوجِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ خِلَافًا لحج قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَالْقِيَاسُ أَنَّ بَقِيَّةَ الْأَنْوَاعِ كَذَلِكَ. وَقَالَ عَمِيرَةُ: وَأَمَّا بَاقِي الْأَنْوَاعِ فَالظَّاهِرُ فِيهَا عَدَمُ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَهُ فِعْلُهَا) أَيْ وَإِنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي صَلَاةِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ، وَيُصَلِّي فِي هَذَا النَّوْعِ أَيْضًا الْعِيدَ وَالْكُسُوفَ بِقِسْمَيْهِمَا وَالرَّوَاتِبَ وَالتَّرَاوِيحَ لَا الِاسْتِسْقَاءَ فَإِنَّهُ لَا يَفُوتُ وَلَا الْفَائِتَةَ بِعُذْرٍ كَذَلِكَ إلَّا إذَا خِيفَ فَوْتُهَا بِالْمَوْتِ، بِخِلَافِ مَا إذَا فَاتَتْهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَا يُصَلِّيهَا طَالِبُ عَدُوٍّ خَافَ فَوْتَهُ لَوْ صَلَّى مُتَمَكِّنًا؛ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ إنَّمَا وَرَدَتْ فِي خَوْفِ فَوْتِ مَا هُوَ حَاصِلٌ وَهِيَ لَا تَتَجَاوَزُ مَحِلَّهَا وَهَذَا مُحَصَّلٌ. نَعَمْ إنْ خَشَى كَرَّتَهُ، أَوْ كَمِينًا أَوْ انْقِطَاعَهُ عَنْ رُفْقَتِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا؛ لِأَنَّهُ خَائِفٌ، وَلَوْ خُطِفَ نَعْلُهُ مَثَلًا فِي الصَّلَاةِ جَازَتْ لَهُ صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ إذَا خَافَ ضَيَاعَهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبَعًا لِابْنِ الْعِمَادِ، وَلَا يَضُرُّ وَطْؤُهُ النَّجَاسَةَ كَحَامِلِ سِلَاحِهِ الْمُلَطَّخِ بِالدَّمِ لِلْحَاجَةِ، وَيَلْزَمُهُ فِعْلُهَا ثَانِيًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَالْمَسْأَلَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّهُ يَجُوزُ صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ لِلْخَوْفِ عَلَى مَالِهِ، وَمِنْ كَلَامِ الْجُرْجَانِيِّ الْمَارِّ فِي خَوْفِهِ مِنْ انْقِطَاعِهِ عَنْ رُفْقَتِهِ، وَمِنْ تَعْلِيلِهِمْ بِعَدَمِ جَوَازِهَا إنْ خَافَ فَوْتَ الْعَدُوِّ بِأَنَّهُ لَمْ يَخَفْ فَوْتَ مَا هُوَ حَاصِلٌ، وَقَوْلُ الدَّمِيرِيِّ: لَوْ شَرَدَتْ فَرَسُهُ فَتَبِعَهَا إلَى صَوْبِ الْقِبْلَةِ شَيْئًا كَثِيرًا، أَوْ إلَى غَيْرِهَا بَطَلَتْ مُطْلَقًا، مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَخَفْ ضَيَاعَهَا بَلْ بُعْدَهَا عَنْهُ فَتَكَلَّفَ الْمَشْيَ، ـــــــــــــــــــــــــــــSفَرْعٌ] لَوْ كَانَ يَعْلَمُ زَوَالَ الْخَوْفِ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ قَدْرُ رَكْعَةٍ وَجَبَ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ إلَى زَوَالِ الْخَوْفِ لِإِمْكَانِهَا أَدَاءً عَلَى هَيْئَتِهَا مِنْ غَيْرِ خَلَلٍ كَمَا ارْتَضَاهُ م ر هَكَذَا فَرَاجِعْهُ هَلْ هُوَ مَنْقُولٌ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَقَدْ يَتَبَادَرُ مِنْ الشَّارِحِ خِلَافُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ الْآنَ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَى إخْرَاجِ بَعْضِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا، ثُمَّ رَأَيْت سم صَرَّحَ بِمَا قُلْنَاهُ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ حَصَلَ الْأَمْنُ بَقِيَّةَ الْوَقْتِ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ وَلَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ. (قَوْلُهُ: وَيُصَلِّي فِي هَذَا النَّوْعِ) وَمِثْلُهُ بَقِيَّةُ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ بِالْأَوْلَى اهـ حَجّ. لَكِنْ قَدَّمْنَا عَنْهُ التَّرَدُّدَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِبَقِيَّةِ الْأَنْوَاعِ، وَمَا ذُكِرَ فِي الرَّوَاتِبِ ظَاهِرٌ حَيْثُ فُعِلَتْ جَمَاعَةً عَلَى خِلَافِ الْمَطْلُوبِ فِيهَا. وَأَمَّا إذَا فُعِلَتْ فُرَادَى فَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي مَجِيءِ بَقِيَّةِ الْأَنْوَاعِ فِيهِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ إنَّمَا تُفْعَلُ إذَا صُلِّيَتْ جَمَاعَةً وَالْجَمَاعَةُ فِيهَا غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ. وَأَمَّا صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ فَلَا مَانِعَ مِنْهَا خَشْيَةَ فَوَاتِهَا حَيْثُ ضَاقَ الْوَقْتُ. (قَوْلُهُ: الْعِيدُ وَالْكُسُوفُ بِقِسْمَيْهِمَا) أَيْ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى وَكُسُوفِ الْقَمَرِ وَالشَّمْسِ (قَوْلُهُ: خِيفَ فَوْتُهَا بِالْمَوْتِ) أَيْ الْفَائِتَةِ بِعُذْرٍ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الِاسْتِسْقَاءِ فَإِذَا خِيفَ فَوْتُهُ صَلَّى صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا فَاتَتْهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ) أَيْ فَيُصَلِّيهَا حَالًا خُرُوجًا مِنْ الْمَعْصِيَةِ، وَلَوْ قِيلَ شِدَّةُ الْخَوْفِ عُذْرٌ فِي التَّأْخِيرِ وَلَا مَعْصِيَةَ لَمْ يَبْعُدْ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ اسْتِحْبَابِ التَّرْتِيبِ فِي الْفَوَائِتِ وَإِنْ كَانَ الْمُتَأَخِّرُ فَاتَ بِغَيْرِ عُذْرٍ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُصَلِّيهَا) أَيْ صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ (قَوْلُهُ إذَا خَافَ ضَيَاعَهُ) وَاسْتُشْكِلَ هَذَا بِأَنَّهُ لَمْ يَخَفْ فَوْتَ مَا هُوَ حَاصِلٌ، وَهَذَا النَّوْعُ إنَّمَا يَجُوزُ، كَذَلِكَ قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ نَقْلًا عَنْ الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ: وَاعْتَذَرَ م ر عَنْ هَذَا الْإِشْكَالِ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَا يَشْمَلُ مَا كَانَ حَاصِلًا، وَيَرِدُ الِاشْتِغَالُ بِإِنْقَاذِ نَحْوِ الْغَرِيقِ فَإِنَّهُمْ جَعَلُوهُ كَالْحَجِّ مَعَ أَنَّ فِيهِ تَحْصِيلَ مَا كَانَ حَاصِلًا، وَأَوْرَدْت عَلَيْهِ ذَلِكَ فَحَاوَلَ التَّخَلُّصَ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حَاصِلًا لَهُ، وَأَنَّهُ يَنْبَغِي اعْتِبَارُ كَوْنِ الْمُرَادِ بِالْحَاصِلِ مَا كَانَ حَاصِلًا لَهُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ اهـ فَلْيُرَاجَعْ فَإِنَّ فِيهِ نَظَرًا. وَقَضِيَّتُهُ الْجَوَازُ إذَا كَانَ الْغَرِيقُ عَبْدَهُ مَثَلًا فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ فِعْلُهَا ثَانِيًا) أَيْ فِي حَالِ تَلَطُّخِهِ بِالنَّجَسِ فَقَطْ اهـ مُؤَلِّفٌ، وَيَحْتَمِلُ الْإِعَادَةَ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ هَذَا نَادِرٌ وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَإِذَا أَدْرَكَهُ فَلَيْسَ لَهُ الْعَوْدُ لِمَحَلِّهِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ كَانَ إمَامًا فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِهِمْ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْعَمَلَ الْكَثِيرَ إنَّمَا اُغْتُفِرَ فِي سَعْيِهِ لِتَلْخِيصِ مَتَاعِهِ لِأَنَّهُ مُلْحَقٌ بِشِدَّةِ الْحَرْبِ، وَالْحَاجَةُ هُنَا قَدْ انْقَضَتْ بِاسْتِيلَائِهِ عَلَى مَتَاعِهِ فَلَا وَجْهَ لِلْعَوْدِ (قَوْلُهُ: أَوْ إلَى غَيْرِهَا بَطَلَتْ مُطْلَقًا) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ فِعْلُهَا ثَانِيًا) أَيْ فِيمَا إذَا وَطِئَ النَّجَاسَةَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْفَتَاوَى (قَوْلُهُ: وَمِنْ كَلَامِ الْجُرْجَانِيِّ) أَيْ بِالْأَوَّلِ، وَعِبَارَةُ الْفَتَاوَى: بَلْ صَرَّحَ الْجُرْجَانِيُّ إلَخْ

أَمَّا عِنْدَ خَوْفِ ضَيَاعِهَا فَلَا بُطْلَانَ مُطْلَقًا كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ وَقَالَ إنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِهِمْ. (وَالْأَصَحُّ مَنْعُهُ لِمُحْرِمٍ خَافَ فَوْتَ الْحَجِّ) أَيْ لَوْ قَصَدَ الْمُحْرِمُ عَرَفَاتٍ لَيْلًا وَبَقِيَ مِنْ وَقْتِ الْعِشَاءِ مِقْدَارٌ إنْ صَلَّاهَا فِيهِ عَلَى الْأَرْضِ فَاتَهُ الْوُقُوفُ، وَإِنْ سَارَ فِيهِ إلَى عَرَفَاتٍ فَاتَتْهُ الْعِشَاءُ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ فَإِنَّهُ لَمْ يَخَفْ فَوْتَ مَا هُوَ حَاصِلٌ بَلْ يَرُومُ تَحْصِيلَ مَا لَيْسَ بِحَاصِلٍ، فَأَشْبَهَ خَوْفَ فَوْتِ الْعَدُوِّ عِنْدَ انْهِزَامِهِمْ كَمَا مَرَّ. وَالثَّانِي لَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ الَّذِي يَلْحَقُهُ بِفَوَاتِ الْحَجِّ لَا يَنْقُصُ عَنْ ضَرَرِ الْحَبْسِ أَيَّامًا فِي حَقِّ الْمَدْيُونِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ وُجُوبًا وَيَحْصُلُ الْوُقُوفُ كَمَا صَوَّبَهُ الْمُصَنِّفُ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الْحَجِّ صَعْبٌ، وَقَضَاءَ الصَّلَاةِ هَيِّنٌ، وَقَدْ عُهِدَ تَأْخِيرُهَا بِمَا هُوَ أَسْهَلُ مِنْ مَشَقَّةِ الْحَجِّ كَتَأْخِيرِهَا لِلْجَمْعِ، وَالْمُرَادُ بِتَأْخِيرِهَا تَرْكُهَا بِالْكُلِّيَّةِ وَلَوْ أَمْكَنَهُ مَعَ التَّأْخِيرِ إدْرَاكُ رَكْعَةٍ جَازَ قَطْعُهَا لِلضَّرُورَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي، وَلَيْسَ لِلْعَازِمِ عَلَى الْإِحْرَامِ التَّأْخِيرُ، وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمْ بِالْمُحْرِمِ فِيمَا مَرَّ الْمُشْتَغِلَ بِإِنْقَاذِ غَرِيقٍ، أَوْ دَفْعِ صَائِلٍ عَنْ نَفْسٍ، أَوْ مَالٍ، أَوْ صَلَاةٍ عَلَى مَيِّتٍ خِيفَ انْفِجَارُهُ وَلَوْ ضَاقَ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَهُوَ بِأَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ أَحْرَمَ مَاشِيًا كَهَارِبٍ مِنْ حَرِيقٍ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَالْجِيلِيُّ، وَسُئِلَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالْعُمْرَةُ وَلَا يُمْكِنُهُ إلَّا إحْدَاهُمَا بِأَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَمِرَ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ فَهَلْ يُقَدِّمُ الْعُمْرَةَ عَلَيْهَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ الْعُمْرَةِ عَلَيْهَا كَمَا يُقَدِّمُ وُقُوفَ عَرَفَةَ عَلَيْهَا. (وَلَوْ) (صَلَّوْا) صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ (لِسَوَادٍ) كَإِبِلٍ وَشَجَرٍ (ظَنُّوهُ عَدُوًّا) لَهُمْ، أَوْ كَثِيرًا بِأَنْ ظَنُّوا كَوْنَهُ أَكْثَرَ مِنْ ضِعْفِنَا وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بِإِخْبَارِ عُدُولٍ لَهُمْ (فَبَانَ) الْحَالُ (بِخِلَافِهِ) ، أَوْ بَانَ كَمَا ظَنُّوا وَلَكِنْ بَانَ دُونَهُ حَائِلٌ كَخَنْدَقٍ أَوْ نَارٍ، أَوْ مَاءٍ، أَوْ أَنَّ بِقُرْبِهِمْ حِصْنًا يُمْكِنُهُمْ التَّحَصُّنُ بِهِ مِنْهُ: أَيْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُحَاصِرَهُمْ فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، أَوْ شَكُّوا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ صَلَّوْهَا (قَضَوْا فِي الْأَظْهَرِ) لِتَفْرِيطِهِمْ بِخَطَئِهِمْ، أَوْ شَكِّهِمْ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي دَارِنَا، أَوْ دَارِ الْحَرْبِ، وَصَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ هُنَا مِثَالٌ. وَالضَّابِطُ أَنْ يُصَلُّوا صَلَاةً لَا تَجُوزُ فِي الْأَمْنِ، ثُمَّ يَتَبَيَّنُ خِلَافُ ظَنِّهِمْ، فَشَمَلَ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَثِيرًا كَانَ أَوْ قَلِيلًا (قَوْلُهُ: فَلَا بُطْلَانَ مُطْلَقًا) أَيْ وَيَأْتِي فِي الْقَضَاءِ مَا قَدَّمْنَاهُ فِيمَنْ خُطِفَ نَعْلُهُ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ) أَيْ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ قَضَاؤُهَا فَوْرًا لِلْعُذْرِ فِي فَوَاتِهَا. (قَوْلُهُ: بِإِنْقَاذِ غَرِيقٍ) أَيْ أَوْ أَسِيرٍ (قَوْلُهُ: أَوْ دَفْعِ صَائِلٍ عَنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ) أَيْ لِغَيْرِهِ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ لِلْخَوْفِ عَلَى مَالِهِ حَيْثُ جَوَّزَ فِيهِ صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ وَأَوْجَبَ التَّأْخِيرَ هُنَا (قَوْلُهُ عَلَى مَيِّتٍ خِيفَ انْفِجَارُهُ) أَيْ فَيَتْرُكُهَا رَأْسًا وَبَقِيَ مَا لَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ إنْقَاذُ الْغَرِيقِ أَوْ الْأَسِيرِ أَوْ انْفِجَارُ الْمَيِّتِ وَفَوْتُ الْحَجِّ فَهَلْ يُقَدِّمُ الْحَجَّ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْحَجَّ يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ وَلَوْ بِمَشَقَّةٍ بِخِلَافِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَحْرَمَ مَاشِيًا) أَيْ وُجُوبًا، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهَا بِالْإِيمَاءِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَا يُكَلَّفُ عَدَمَ إطَالَةِ الْقِرَاءَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ هَذِهِ صِفَةُ صَلَاتِهِ فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ، وَقَدْ جَوَّزْنَاهَا لَهُ هُنَا؛ لِلتَّخَلُّصِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ وَالْمُحَافَظَةِ عَلَى فِعْلِ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَالْجِيلِيُّ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَنْبَغِي وُجُوبُ الْإِعَادَةِ لِتَقْصِيرِهِ اهـ. وَاعْتَمَدَهُ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: كَمَا يُقَدِّمُ وُقُوفَ عَرَفَةَ عَلَيْهَا) قَالَ حَجّ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا: وَلَيْسَ فِي مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ يَفُوتُ بِفَوَاتِ عَرَفَةَ وَالْعُمْرَةَ لَا تَفُوتُ بِفَوَاتِ ذَلِكَ الْوَقْتِ اهـ. وَقَدْ يُقَالُ: بَلْ تَفُوتُ؛ لِأَنَّ الْمُعَيَّنَ بِالْجَعْلِ كَالْمُعَيَّنِ بِالشَّرْعِ، نَعَمْ يَرِدُ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَنَّهُ امْتَنَعَتْ الصَّلَاةُ عِنْدَ خَوْفِ فَوْتِ الْحَجِّ لِمَا فِي قَضَائِهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي الْعُمْرَةِ بِتَقْدِيرِ فَوْتِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَلَّوْا) غَايَةٌ فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ أَنْ يُحَاصِرَهُمْ) يَعْنِي الْعَدُوَّ. (قَوْلُهُ: قَضَوْا فِي الْأَظْهَرِ) قَالَ عَمِيرَةُ: لَوْ ظَنَّ أَنَّ الْعَدُوَّ يَقْصِدُهُ فَبَانَ خِلَافُهُ فَلَا قَضَاءَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: تَرْكُهَا بِالْكُلِّيَّةِ) يَعْنِي إخْرَاجَهَا عَنْ الْوَقْتِ بِالْكُلِّيَّةِ فَصْلٌ فِيمَا يَجُوزُ لُبْسُهُ لِمَنْ ذَكَرَ مَا لَا يَجُوزُ

[فصل فيما يجوز لبسه إن ذكر وما لا يجوز]

صَلَاةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ وَصَلَاةَ عُسْفَانَ، وَالْفِرْقَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ عَلَى رِوَايَةِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ لِوُجُودِ الْخَوْفِ عِنْدَ الصَّلَاةِ. فَصْلٌ فِيمَا يَجُوزُ لُبْسُهُ إنْ ذَكَرَ وَمَا لَا يَجُوزُ وَلَمَّا خَتَمَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هَذَا الْبَابَ بِبَيَانِ مَا يَحِلُّ لُبْسُهُ لِلْمُحَارِبِ وَغَيْرِهِ وَمَا لَا يَحِلُّ اقْتَدَى بِهِ الْمُصَنِّفُ كَالْأَكْثَرِينَ فَقَالَ: فَصْلٌ فِيمَا يَجُوزُ لُبْسُهُ لِمَنْ ذُكِرَ وَمَا لَا يَجُوزُ (يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ) وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلِ احْتِيَاطًا (اسْتِعْمَالُ الْحَرِيرِ) وَلَوْ قَزًّا (بِفَرْشٍ وَغَيْرِهِ) مِنْ تَسَتُّرٍ وَتَدَثُّرٍ وَاِتِّخَاذِ سُتُرٍ وَغَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ وُجُوهِ الِاسْتِعْمَالِ لَا مَشْيُهُ عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ لِمُفَارَقَتِهِ لَهُ حَالًّا لَا يُعَدُّ مُسْتَعْمِلًا لَهُ عُرْفًا لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ وَلَا الدِّيبَاجَ» وَقَوْلِ حُذَيْفَةَ «نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَأَنْ نَجْلِسَ عَلَيْهِ» وَمَرَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ فِي يَمِينِهِ قِطْعَةَ حَرِيرٍ وَفِي شِمَالِهِ قِطْعَةَ ذَهَبٍ وَقَالَ: هَذَانِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حِلٌّ لِإِنَاثِهِمْ» وَوَجَّهَ الْإِمَامُ تَحْرِيمَهُ بِأَنَّ فِيهِ مَعَ مَعْنَى الْخُيَلَاءِ أَنَّهُ ثَوْبُ رَفَاهِيَةٍ وَزِينَةٍ وَإِبْدَاءُ زِيٍّ يَلِيقُ بِالنِّسَاءِ دُونَ شَهَامَةِ الرِّجَالِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الْأُمِّ مِنْ كَرَاهَةِ لُبْسِ اللُّؤْلُؤِ لِلرَّجُلِ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ مِنْ زِيِّ النِّسَاءِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَجْعَلْ زِيَّهُنَّ وَحْدَهُ مُقْتَضِيًا لِلتَّحْرِيمِ بَلْ مَعَ مَا انْضَمَّ إلَيْهِ مِمَّا ذُكِرَ، عَلَى أَنَّ الَّذِي صَوَّبَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ حُرْمَةُ التَّشَبُّهِ بِهِنَّ كَعَكْسِهِ لِمَا يَأْتِي، فَمَا فِي الْأُمِّ إمَّا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَطْعًا، نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عِنْدَ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَالشَّيْخِ فِي الْمُهَذَّبِ اهـ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا: لَمْ يَقْضُوا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ إذْ لَا تَفْرِيطَ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. قَالَ حَجّ: وَفِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ لَوْ بَانَ عُدُوًّا لَكِنَّ نِيَّتَهُ الصُّلْحُ أَوْ التِّجَارَةُ فَلَا قَضَاءَ، لِأَنَّهُ هُنَا لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ فِي تَأَمُّلِهِ إذْ لَا اطِّلَاعَ لَهُ عَلَى نِيَّتِهِ اهـ. [فَصْلٌ فِيمَا يَجُوزُ لُبْسُهُ إنْ ذَكَرَ وَمَا لَا يَجُوزُ] فَصْلٌ فِيمَا يَجُوزُ لُبْسُهُ (قَوْلُهُ: وَمَا لَا يَجُوزُ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَالِاسْتِصْبَاحِ بِالدُّهْنِ النَّجِسِ (قَوْلُهُ: يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ) أَيْ وَلَوْ ذِمِّيًّا؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يُمْنَعُ مِنْ لُبْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ حُكْمَنَا فِيهِ، فَكَمَا لَمْ يُمْنَعْ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ كَذَلِكَ لَا يُمْنَعُ مِنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ (قَوْلُهُ: اسْتِعْمَالُ الْحَرِيرِ) وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ (قَوْلُهُ: بِفَرْشٍ وَغَيْرِهِ) أَيْ وَلَوْ غَيْرَ مَنْسُوجٍ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: مَشْيُهُ عَلَيْهِ) قَالَ سم عَلَى حَجّ. قَوْلُهُ لَا مَشْيُهُ إلَخْ أَقُولُ: قِيَاسُ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى أَنَّهُ لَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ تَحْتَ نَامُوسِيَّةٍ مَثَلًا مَفْتُوحَةٍ وَأَخْرَجَ كُوزًا مِنْ دَاخِلِهَا فَشَرِبَ مِنْهُ ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَوَضَعَهُ تَحْتَهَا لَمْ يَحْرُمْ؛ لِأَنَّ إدْخَالَ الْيَدِ تَحْتُ لِإِخْرَاجِ الْكُوزِ ثُمَّ لِوَضْعِهِ ثُمَّ لِإِخْرَاجِهَا إنْ لَمْ يَنْقُصْ عَنْ الْمَشْيِ عَلَى الْحَرِيرِ مَا زَادَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَا أَجَابَ بِهِ م ر عَلَى الْفَوْرِ مَعَ مُوَافَقَتِهِ عَلَى حِلِّ الْمَشْيِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَا الدِّيبَاجَ) مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ فِي الْآنِيَةِ (قَوْلُهُ وَزِينَةٍ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: مِمَّا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ أَنَّ فِيهِ مَعَ مَعْنَى الْخُيَلَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَاِتِّخَاذُ سِتْرٍ) بِمَعْنَى إرْخَائِهِ أَيْ بِحَيْثُ يُعَدُّ مُسْتَعْمَلًا كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا بَعْدَهُ لَا بِمَعْنَى ادِّخَارِهِ الَّذِي لَيْسَ بِنِيَّةِ الِاسْتِعْمَالِ (قَوْلُهُ: لَا مَشْيُهُ) خَرَجَ بِهِ فَرْشُهُ لِلْمَشْيِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: رَفَاهِيَةً وَزِينَةً) مِنْ عَطْفِ الْمُغَايِرِ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: إمَّا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ) يَعْنِي إمَّا قَوْلٌ لَهُ بِالْكَرَاهَةِ وَالرَّاجِحُ غَيْرُهُ

أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ مِنْ جِنْسِ زِيِّ النِّسَاءِ لَا أَنَّهُ زِيٌّ مَخْصُوصٌ بِهِنَّ، وَقَدْ ضَبَطَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ مَا يَحْرُمُ التَّشَبُّهُ بِهِنَّ فِيهِ بِأَنَّهُ مَا كَانَ مَخْصُوصًا بِهِنَّ فِي جِنْسِهِ وَهَيْئَتِهِ أَوْ غَالِبًا فِي زِيِّهِنَّ، وَكَذَا يُقَالُ فِي عَكْسِهِ وَأَلْحَقُوا بِالرَّجُلِ الْخُنْثَى لِلِاحْتِيَاطِ كَمَا مَرَّ، وَالتَّقْيِيدُ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ بِاللُّبْسِ وَالْجُلُوسِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَيَحْرُمُ مَا عَدَاهُمَا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ الْأَخْبَارِ، وَأَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِحُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ الْحَرِيرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْسُوجًا بِدَلِيلِ اسْتِثْنَائِهِمْ مِنْ الْحُرْمَةِ خَيْطَ السُّبْحَةِ وَلَيْقَةَ الدَّوَاةِ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ وَرَقِ الْحَرِيرِ فِي الْكِتَابَةِ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الِاسْتِحَالَةَ (وَيَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ لُبْسُهُ) لِمَا مَرَّ فِي الْخَبَرِ حِلٌّ لِإِنَاثِهِمْ، وَلِأَنَّ تَزْيِينَ الْمَرْأَةِ بِذَلِكَ يَدْعُو إلَى الْمَيْلِ إلَيْهَا وَوَطْئِهَا فَيُؤَدِّي إلَى مَا طَلَبَهُ الشَّارِعُ مِنْ كَثْرَةِ النَّسْلِ، وَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ وَغَيْرِهِ لُبْسُ ثَوْبٍ خِيطَ بِهِ، وَلَا يَأْتِي فِيهِ تَفْصِيلُ الْمُضَبَّبِ لِأَنَّهُ أَهْوَنُ، وَيَحِلُّ مِنْهُ خَيْطُ السُّبْحَةِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَيُلْحَقُ بِهِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ لَيْقَةُ الدَّوَاةِ لِاسْتِتَارِهَا بِالْحِبْرِ كَإِنَاءِ نَقْدٍ غُشِّيَ بِغَيْرِهِ؛ وَلِأَنَّهَا أَوْلَى بِانْتِفَاءِ الْخُيَلَاءِ مِنْ التَّطْرِيفِ وَمِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ الْخَيْطُ ـــــــــــــــــــــــــــــSإلَخْ (قَوْلُهُ: وَكَذَا يُقَالُ فِي عَكْسِهِ) وَمِنْهُ وَمَا يَقَعُ لِنِسَاءِ الْعَرَبِ مِنْ لُبْسِ البشوت وَحَمْلِ السِّكِّينِ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمُخْتَصَّةِ بِالرِّجَالِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِنَّ ذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا فَلَوْ اخْتَصَّتْ النِّسَاءُ أَوْ غَلَبَ فِيهِنَّ زِيٌّ مَخْصُوصٌ فِي إقْلِيمٍ وَغَلَبَ فِي غَيْرِهِ تَخْصِيصُ الرِّجَالِ بِذَلِكَ الزِّيِّ كَمَا قِيلَ إنَّ نِسَاءَ قُرَى الشَّامِ يَتَزَيَّنَّ بِزِيِّ الرِّجَالِ الَّذِينَ يَتَعَاطَوْنَ الْحَصَادَ وَالزِّرَاعَةَ وَيَفْعَلْنَ ذَلِكَ، فَهَلْ يَثْبُتُ فِي كُلِّ إقْلِيمٍ مَا جَرَتْ عَادَةُ أَهْلِهِ أَوْ يُنْظَرُ لِأَكْثَرِ الْبِلَادِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ نَقْلًا عَنْ الْإِسْنَوِيِّ مَا يُصَرِّحُ بِهِ، وَعِبَارَتُهُ: وَمَا أَفَادَهُ: أَيْ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي لِبَاسِ وَزِيِّ كُلٍّ مِنْ النَّوْعَيْنِ حَتَّى يَحْرُمَ التَّشَبُّهُ بِهِ فِيهِ بِعُرْفِ كُلِّ نَاحِيَةٍ حَسَنٌ اهـ. وَعَلَيْهِ فَلَيْسَ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ كَثِيرٍ مِنْ النِّسَاءِ بِمِصْرَ الْآنَ مِنْ لُبْسِ قِطْعَةِ شَاشٍ عَلَى رُءُوسِهِنَّ حَرَامًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتِلْكَ الْهَيْئَةِ مُخْتَصًّا بِالرِّجَالِ وَلَا غَالِبًا فِيهِمْ، فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ، وَأَمَّا مَا يَقَعُ مِنْ إلْبَاسِهِنَّ لَيْلَةَ جَلَائِهِنَّ عِمَامَةَ رَجُلٍ فَيَنْبَغِي فِيهِ الْحُرْمَةُ؛ لِأَنَّ هَذَا الزِّيَّ مَخْصُوصٌ بِالرِّجَالِ (قَوْلُهُ: وَيَحِلُّ مِنْهُ خَيْطُ السُّبْحَةِ) بَيَانٌ لِلْمُسْتَثْنَى فَلَا يُقَالُ إنَّهُ تَكْرَارٌ مَعَ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهَا أَوْلَى بِانْتِفَاءِ الْخُيَلَاءِ) تَوَقَّفَ م ر فِيمَا لَوْ أَرْخَى نَحْوَ نَامُوسِيَّةٍ صَغِيرَةٍ عَلَى كِيزَانٍ هَلْ يَجُوزُ لِلرِّجَالِ تَنَاوُلُ الْكُوزَ مِنْ تَحْتِهَا وَوَضْعُهُ تَحْتَهَا؟ وَقَالَ: يَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يُعِدْ ذَلِكَ لَهُ أَنْ لَا يَحْرُمَ بِمُجَرَّدِ تَنَاوُلِهِ الْكُوزَ وَرَدِّهِ لِمَوْضِعِهِ. وَلَوْ رُفِعَتْ سَحَابَةٌ مِنْ حَرِيرٍ حَرُمَ الْجُلُوسُ تَحْتَهَا حَيْثُ كَانَتْ قَرِيبَةً بِحَيْثُ يُعَدُّ مُسْتَعْمَلًا أَوْ مُنْتَفَعًا بِهَا، وَلَوْ جُعِلَ تَحْتَهَا مِمَّا يَلِي الْجَالِسَ ثَوْبٌ مِنْ كَتَّانٍ مَثَلًا مُتَّصِلَةٌ بِهَا لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ حُرْمَةَ الْجُلُوسِ تَحْتَهَا، كَمَا لَوْ كَانَ ظَاهِرُ اللِّحَافِ حَرِيرًا فَتَغَطَّى بِظَاهِرِهِ الَّذِي هُوَ مِنْ كَتَّانٍ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمِلٌ لِلْحَرِيرِ، وَلَوْ رُفِعَتْ السَّحَابَةُ جِدًّا بِحَيْثُ صَارَتْ فِي الْعُلُوِّ كَالسُّقُوفِ لَمْ يَحْرُمْ الْجُلُوسُ تَحْتَهَا، كَمَا لَا يَحْرُمُ السَّقْفُ الْمُذَهَّبُ وَإِنْ حَرُمَ فِعْلُهُ مُطْلَقًا وَاسْتِدَامَتُهُ إنْ حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ، وَحَيْثُ حَرُمَ الْجُلُوسُ تَحْتَ السَّحَابَةِ فَصَارَ ظِلُّهَا غَيْرَ مُحَاذٍ لَهَا بَلْ فِي جَانِبٍ آخَرَ حَرُمَ الْجُلُوسُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمِلٌ لَهَا كَمَا لَوْ تَبَخَّرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَذَا ظَهَرَ (قَوْلُهُ: أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ زِيِّ النِّسَاءِ) يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ زِيِّ النِّسَاءِ: أَيْ غَيْرِ الْخَاصِّ بِهِنَّ وَلَا الْغَالِبِ فِيهِنَّ فَهُوَ مِنْ جِنْسِ زِيِّ الرِّجَالِ أَيْضًا، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ فَرْضَ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ فِيمَا إذَا لَبِسَهُ لَا عَلَى الْهَيْئَةِ الَّتِي تَلْبَسُ بِهَا النِّسَاءُ فَقَدْ تَشَبَّهَ بِهِنَّ فِيمَا هُوَ مَخْصُوصٌ بِهِنَّ فِي جِنْسِهِ لَا فِي هَيْئَتِهِ، وَالْحُرْمَةُ إنَّمَا تَثْبُتُ بِمَجْمُوعِهَا كَمَا يَأْتِي فِي الضَّابِطِ، فَقَوْلُهُ: لَا أَنَّهُ زِيٌّ مَخْصُوصٌ بِهِنَّ: أَيْ وَلَا غَالِبٌ فِيهِنَّ: أَيْ بَلْ تُشَارِكُهُنَّ فِيهِ الرِّجَالُ عَلَى السَّوَاءِ مَثَلًا عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ، أَوْ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَيْسَ مَخْصُوصًا بِهِنَّ لِكَوْنِهِ لَبِسَهُ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمَخْصُوصَةِ بِهِنَّ عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الِاسْتِحَالَةَ) يَعْنِي اتِّخَاذَ الْحَرِيرِ وَرِقًا

الَّذِي يُنَظَّمُ فِيهِ أَغْطِيَةُ الْكِيزَانِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْعَنْبَرِ وَالصَّنْدَلِ وَنَحْوِهِمَا وَالْخَيْطُ الَّذِي يُعْقَدُ عَلَيْهِ الْمِنْطَقَةُ وَهِيَ الَّتِي يُسَمُّونَهَا الْحَيَّاصَةُ بَلْ أَوْلَى بِالْحِلِّ وَجَوَّزَ الْفُورَانِيُّ لِلرَّجُلِ مِنْهُ كِيسُ الْمُصْحَفِ. أَمَّا كِيسُ الدَّرَاهِمِ وَغِطَاءُ الْعِمَامَةِ مِنْهُ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْآنِيَةِ أَنَّ الْأَرْجَحَ حُرْمَتُهُ عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ لُبْسُ خِلَعِ الْحَرِيرِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْمُلُوكِ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ لِقِلَّةِ زَمَنِهِ، وَلِإِلْبَاسِ عُمَرَ سُرَاقَةَ سِوَارَيْ كِسْرَى وَجَعَلَ التَّاجَ عَلَى رَأْسِهِ، وَإِذَا جَاءَتْ الرُّخْصَةُ فِي لُبْسِ الذَّهَبِ لِلزَّمَنِ الْيَسِيرِ فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ وَأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ لَا يُعَدُّ اسْتِعْمَالًا فَالْحَرِيرُ أَوْلَى، ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ، وَالْأَوْلَى فِي التَّعْلِيلِ مَا فِي مُخَالَفَةِ ذَلِكَ مِنْ خَوْفِ الْفِتْنَةِ لَا كِتَابَةُ الصَّدَاقِ فِيهِ وَلَوْ لِلْمَرْأَةِ كَمَا أَفْتَى الْمُصَنِّفُ وَنَقَلَهُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ؛ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِمِبْخَرَةِ الذَّهَبِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْتَوِيَ عَلَيْهَا، كَذَا أَجَابَ م ر بَعْدَ السُّؤَالِ عَنْهُ وَالْمُبَاحَثَةِ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُ سم مُتَّصِلَةٌ بِهَا: أَيْ بِأَنْ جُعِلَتْ بِطَانَةً لَهَا (قَوْلُهُ: الَّذِي يُنَظِّمُ فِيهِ أَغْطِيَةَ الْكِيزَانِ) . [فَرْعٌ] يَنْبَغِي وِفَاقًا لِ م ر جَوَازُ تَعْلِيقِ نَحْوِ الْقِنْدِيلِ بِخَيْطِ الْحَرِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْ جَوَازِ جَعْلِ سَلْسَلَةِ الْفِضَّةِ لِلْكُوزِ، وَمِنْ تَوَابِعِ جَوَازِ جَعْلِهَا لَهُ تَعْلِيقُهُ وَحَمْلُهُ بِهَا وَهُوَ أَخَفُّ مِنْهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. [فَرْعٌ] الْوَجْهُ حِلُّ غِطَاءِ الْكُوزِ مِنْ الْحَرِيرِ وَإِنْ كَانَ بِصُورَةِ الْإِنَاءِ، إذْ اسْتِعْمَالُ الْحَرِيرِ جَائِزٌ لِلْحَاجَةِ وَإِنْ كَانَ بِصُورَةِ الْإِنَاءِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَغِطَاءُ الْعِمَامَةِ مِنْهُ) وَمَحَلُّ الْحُرْمَةِ فِي اسْتِعْمَالِ غِطَاءِ الْعِمَامَةِ إذَا كَانَ هُوَ الْمُسْتَعْمِلَ لَهُ. أَمَّا لَوْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ مَثَلًا هِيَ الَّتِي تُبَاشِرُ ذَلِكَ فَهَلْ يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَعْمِلَةٌ لَهُ فِيمَا لَيْسَ لُبْسًا لَهَا وَلَا افْتِرَاشًا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهَا إنَّمَا اسْتَعْمَلَتْهُ لِخِدْمَةِ الرَّجُلِ لَا لِنَفْسِهَا (قَوْلُهُ: إنَّ الْأَرْجَحَ حُرْمَتُهُ عَلَيْهِ) أَيْ حُرْمَةُ كِيسِ الدَّرَاهِمِ وَمِثْلُهُ غِطَاءُ الْعِمَامَةِ وَنَحْوُهُ، وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: وَكَذَا يَحِلُّ كِيسُ الدَّرَاهِمِ وَغِطَاءُ الْكُوزِ عَلَى نَظَرٍ فِيهِمَا، وَالْمُعْتَمَدُ تَحْرِيمُ كِيسِ الدَّرَاهِمِ، وَمِثْلُهُ غِطَاءُ الْعِمَامَةِ اهـ (قَوْلُهُ: وَجَعَلَ التَّاجَ) أَيْ تَاجَ كَسْرَى (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى فِي التَّعْلِيلِ) وَعَلَى هَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْإِلْبَاسُ مِنْ الْمُلُوكِ حَرَامًا، وَلَا يُعَارِضُهُ فِعْلُ عُمَرَ الْمَذْكُورُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ عُمَرَ لِغَرَضٍ كَتَحْقِيقِ إخْبَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِسُرَاقَةَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِلْمَرْأَةِ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْكِتَابَةُ لِأَجْلِ الْمَرْأَةِ؛ لِكَوْنِهَا الطَّالِبَةَ لَهَا دُونَ الزَّوْجِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ الْحُرْمَةُ سَوَاءٌ كَانَ الْكَاتِبُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَيَحْرُمُ خِلَافًا لِكَثِيرِينَ كِتَابَةُ الرَّجُلِ لَا الْمَرْأَةِ قَطْعًا خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ الصَّدَاقُ فِيهِ وَلَوْ لِامْرَأَةٍ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ حَالَ الْكِتَابَةِ هُوَ الْكَاتِبُ، كَذَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ وَنَقَلَهُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَنُوزِعَ فِيهِ بِمَا لَا يُجْدِي انْتَهَى وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ، وَحَاصِلُهُ الْفَرْقُ بَيْنَ كِتَابَةِ الرَّجُلِ فَيَحْرُمُ وَلَوْ لِامْرَأَةٍ وَبَيْنَ كِتَابَةِ الْمَرْأَةِ فَيَجُوزُ وَلَوْ لِرَجُلٍ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَيْهِ بِأَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ لَا كِتَابَةُ الصَّدَاقِ عَلَى مَا لَوْ كَانَ الْكَاتِبُ الرَّجُلَ، وَقَدْ يَدُلُّ عَلَيْهِ فَرْقُهُ بَيْنَ الْخِيَاطَةِ وَالْكِتَابَةِ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ اسْتِعْمَالٌ بِخِلَافِ الْخِيَاطَةِ. وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: جَوَّزَ م ر بَحْثًا نَقْشَ الْحُلِيِّ لِلْمَرْأَةِ وَالْكِتَابَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ زِينَةٌ لِلْمَرْأَةِ وَهِيَ تَحْتَاجُهُ لِلزِّينَةِ وَبَحَثَ أَنَّ كِتَابَةَ اسْمِهَا عَلَى ثَوْبِهَا الْحَرِيرِ إنْ احْتَاجَتْ إلَيْهَا فِي حِفْظِهِ جَازَ فِعْلُهَا لِلرَّجُلِ وَإِلَّا فَلَا فَلْيُتَأَمَّلْ. [فَرْعٌ] قَدْ يُسْأَلُ عَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ جَوَازِ كِتَابَةِ الْمُصْحَفِ بِالذَّهَبِ حَتَّى لِلرَّجُلِ وَحُرْمَةِ تَحْلِيَتِهِ بِالذَّهَبِ لِلرَّجُلِ، وَلَعَلَّهُ أَنَّ كِتَابَتَهُ رَاجِعَةٌ لِنَفْسِ حُرُوفِهِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ تَحْلِيَتِهِ فَالْكِتَابَةُ أَدْخَلُ فِي التَّعْلِيقِ بِهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْخَيْطُ الَّذِي يُعْقَدُ عَلَيْهِ الْمِنْطَقَةُ إلَخْ) صَادِقٌ بِمَا لَوْ كَانَتْ مِنْ فِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ الْحُرْمَةُ حِينَئِذٍ مِنْ حَيْثُ الْفِضَّةُ أَوْ الذَّهَبُ لَا مِنْ حَيْثُ الْحَرِيرُ (قَوْلُهُ: وَغِطَاءُ الْعِمَامَةِ) أَيْ إذَا كَانَ الْمُغَطَّى هُوَ الرَّجُلَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ مَا إذَا غَطَّتْهَا الْمَرْأَةُ (قَوْلُهُ: لَا كِتَابَةُ الصَّدَاقِ) أَيْ مِنْ الرِّجَالِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ سَوَابِقِهِ وَلَوَاحِقِهِ

نُوزِعَ فِيهِ، وَلَيْسَ كَخِيَاطَةِ أَثْوَابِ الْحَرِيرِ لِلنِّسَاءِ كَمَا زَعَمَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَارْتَضَاهُ الْجَوْجَرِيُّ. وَقَالَ فِي الْإِسْعَادِ: إنَّهُ الْأَوْجَهُ؛ لِأَنَّ الْخِيَاطَةَ لَا اسْتِعْمَالَ فِيهَا بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ وَلَا اتِّخَاذُهُ بِلَا لُبْسٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. قَالَ: لَكِنَّ إثْمَهُ دُونَ إثْمِ اللُّبْسِ، وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ قِيَاسُ إنَاءِ النَّقْدِ، لَكِنَّ كَلَامَهُمْ ظَاهِرٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، فَلَوْ حُمِلَ هَذَا عَلَى مَا إذَا اتَّخَذَهُ لِيَلْبَسَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا اتَّخَذَهُ لِمُجَرَّدِ الْقِنْيَةِ لَمْ يَبْعُدْ، وَلَا لُبْسُ دِرْعٍ نُسِجَ بِقَلِيلِ ذَهَبٍ، أَوْ زُرَّ بِأَزْرَارِهِ، أَوْ خِيطَ بِهِ لِكَثْرَةِ الْخُيَلَاءِ، وَقَدْ أَفْتَى ابْنُ رَزِينٍ بِإِثْمِ مَنْ يُفَصِّلُ لِلرِّجَالِ الْكُلُوثَاتِ الْحَرِيرَ وَالْأَقْمَاعَ وَيَشْتَرِي الْقُمَاشَ الْحَرِيرَ وَيَبِيعُهُ لَهُمْ أَوْ يَخِيطُهُ لَهُمْ، أَوْ يَصُوغُ الذَّهَبَ لِلُبْسِهِمْ (وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُ افْتِرَاشِهَا) إيَّاهُ لِلسَّرَفِ وَالْخُيَلَاءِ، بِخِلَافِ اللُّبْسِ فَإِنَّهُ يُزَيِّنُهَا لِلْحَلِيلِ كَمَا مَرَّ. وَالثَّانِي يَحِلُّ كَلُبْسِهِ وَسَيَأْتِي تَرْجِيحُهُ. (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ) (لِلْوَلِيِّ) الْأَبِ، أَوْ غَيْرِهِ (إلْبَاسَهُ) أَيْ الْحَرِيرَ (الصَّبِيَّ) وَلَوْ مُرَاهِقًا، وَتَزْيِينَهُ بِالْحُلِيِّ وَلَوْ مِنْ ذَهَبٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَوْمَ ـــــــــــــــــــــــــــــSإنْ احْتَاجَتْ إلَيْهَا فِي حِفْظِهِ يَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ كِتَابَةُ التَّمَائِمِ فِي الْحَرِيرِ إذَا ظَنَّ بِإِخْبَارِ الثِّقَةِ أَوْ اشْتِهَارِ نَفْعِهِ لِدَفْعِ صُدَاعٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَأَنَّ الْكِتَابَةَ فِي غَيْرِ الْحَرِيرِ لَا تَقُومُ مَقَامَهُ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا سَيَأْتِي مِنْ حِلِّ اسْتِعْمَالِهِ لِدَفْعِ الْقَمْلِ وَنَحْوِهِ، وَهَلْ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ جَعْلُ فَكَّةِ اللِّبَاسِ مِنْ الْحَرِيرِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ الزِّيَادِيِّ الْجَوَازُ فَلْيُرَاجَعْ. أَقُولُ: وَلَا مَانِعَ مِنْهُ قِيَاسًا عَلَى خَيْطِ الْمِفْتَاحِ حَيْثُ قِيلَ بِجَوَازِهِ لِكَوْنِهِ أَمْكَنَ مِنْ الْكَتَّانِ وَنَحْوِهِ، وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَيْضًا جَوَازُ خَيْطِ الْمِيزَانِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَلِاحْتِيَاجِهَا كَثِيرًا (قَوْلُهُ: وَلَا اتِّخَاذُهُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا كِتَابَةُ الصَّدَاقِ إلَخْ، أَيْ فَلَا يَحِلُّ وَاحِدٌ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) فِي حَاشِيَةِ الزِّيَادِيِّ تَقْيِيدُ الْجَوَازِ بِمَا إذَا قَصَدَ إلْبَاسَهُ لِمَنْ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ وَإِلَّا حَرُمَ. [فَرْعٌ] يُرَاجَعُ إلْبَاسُ الْحَرِيرِ لِلدَّوَابِّ، وَهَلْ حُرْمَةُ سَتْرِ الْجُدْرَانِ تَسْتَلْزِمُ حُرْمَةَ إلْبَاسِهِ الدَّوَابَّ أَوْ يُفَرَّقُ؟ وَالْمُتَّجَهُ الْآنَ وِفَاقًا لَمْ ر الْحُرْمَةُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْقُصُ عَنْ الْجُدْرَانِ لِأَنَّ إلْبَاسَهَا مَحْضُ زِينَةٍ وَلَيْسَتْ كَصَبِيٍّ غَيْرِ مُمَيِّزٍ وَمَجْنُونٍ لِظُهُورِ الْغَرَضِ فِي إلْبَاسِهِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ. [فَرْعٌ] التَّفَرُّجُ عَلَى الزِّينَةِ الْمُحَرَّمَةِ لِكَوْنِهَا بِنَحْوِ الْحَرِيرِ حَرَامٌ بِخِلَافِ الْمُرُورِ لِحَاجَةٍ، وَامْتِنَاعُ ابْنِ الرِّفْعَةِ مِنْ الْمُرُورِ أَيَّامَ الزِّينَةِ كَانَ وَرَعًا م ر، وَلَوْ أُكْرِهَ النَّاسُ عَلَى الزِّينَةِ الْمُحَرَّمَةِ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ فَهَلْ يَجُوزُ التَّفَرُّجُ عَلَيْهَا؟ يُتَّجَهُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ سَتْرَ نَحْوِ الْجُدْرَانِ بِالْحَرِيرِ حَرَامٌ فِي نَفْسِهِ، وَعَدَمُ حُرْمَةِ وَضْعِهِ لِعُذْرِ الْإِكْرَاهِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْحُرْمَةِ فِي نَفْسِهِ وَمَا هُوَ حَرَامٌ فِي نَفْسِهِ يَحْرُمُ التَّفَرُّجُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ رِضًا بِهِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُهُ وِفَاقًا م ر مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْحُرْمَةِ إلْبَاسُهَا الْحُلِيَّ لِمَا عَلَّلَ بِهِ، وَقَوْلُ سم هُنَا: وَلَوْ أُكْرِهَ النَّاسُ إلَخْ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا لَوْ أُكْرِهُوا عَلَى مُطْلَقِ الزِّينَةِ فَزَيَّنُوا بِالْحَرِيرِ الْخَالِصِ مَعَ كَوْنِهِمْ لَوْ زَيَّنُوا بِغَيْرِهِ أَوْ بِمَا أَكْثَرُهُ مِنْ الْقُطْنِ مَثَلًا لَمْ يُتَعَرَّضْ لَهُمْ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ يَخِيطُهُ لَهُمْ) وَكَالْخِيَاطَةِ النَّسْجُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَأَنَّ لِلْوَلِيِّ) أَيْ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّأْدِيبِ فَيَشْمَلُ الْأُمَّ وَالْأَخَ الْكَبِيرَ مَثَلًا فَيَجُوزُ لَهُمَا إلْبَاسُهُ الْحَرِيرَ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: إلْبَاسُهُ الصَّبِيَّ) . [فَرْعٌ] اعْتَمَدَ م ر أَنَّ مَا جَازَ لِلْمَرْأَةِ جَازَ لِلصَّبِيِّ، فَيَجُوزُ إلْبَاسُ كُلٍّ مِنْهُمَا نَعْلًا مِنْ ذَهَبٍ حَيْثُ لَا إسْرَافَ عَادَةً اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: وَتَزْيِينُهُ بِالْحُلِيِّ) الْمُرَادُ بِالْحُلِيِّ مَا يُتَزَيَّنُ بِهِ، وَلَيْسَ مِنْهُ جَعْلُ الْخِنْجَرِ الْمَعْرُوفِ وَالسِّكِّينِ الْمَعْرُوفَةِ فَيَحْرُمُ عَلَى الْوَلِيِّ إلْبَاسُ الصَّبِيِّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْحُلِيِّ. وَأَمَّا الْحِيَاصَةُ الْمَعْرُوفَةُ فَيَنْبَغِي حِلُّ إلْبَاسِهَا لَهُ؛ لِأَنَّهَا مِمَّا يَتَزَيَّنُ بِهِ النِّسَاءُ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهَا لِلنِّسَاءِ قَوْلُهُ السَّابِقُ: وَالْخَيْطُ الَّذِي تُعْقَدُ عَلَيْهِ الْمِنْطَقَةُ وَهِيَ الَّتِي يُسَمُّونَهَا الْحِيَاصَةَ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

عِيدٍ، إذْ لَيْسَ لَهُ شَهَامَةٌ تُنَافِي خُنُوثَةَ ذَلِكَ وَلِأَنَّهُ غَيْرَ مُكَلَّفٍ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ إلْبَاسُهُ فِي غَيْرِ يَوْمَيْ الْعِيدِ، بَلْ يَمْنَعُهُ مِنْهُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ، وَأَلْحَقَ الْغَزَالِيُّ فِي إحْيَائِهِ الْمَجْنُونَ بِالصَّبِيِّ. وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ التَّعْلِيلُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قُلْت: الْأَصَحُّ حِلُّ افْتِرَاشِهَا) إيَّاهُ (وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَلُبْسِهِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْخَلِيَّةُ وَغَيْرُهَا، فَإِنْ فَرَشَ رَجُلٌ، أَوْ خُنْثَى عَلَيْهِ غَيْرَهُ وَلَوْ خَفِيفًا مُهَلْهَلَ النَّسْجِ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ وَجَلَسَ فَوْقَهُ جَازَ كَمَا يَجُوزُ جُلُوسُهُ عَلَى مِخَدَّةٍ مَحْشُوَّةٍ بِهِ وَعَلَى نَجَاسَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَائِلٌ حَيْثُ لَا تَلْقَى شَيْئًا مِنْ بَدَنِ الْمُصَلِّي وَثِيَابِهِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَصَوَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا اتَّفَقَ فِي دَعْوَةٍ، أَوْ نَحْوِهَا. أَمَّا لَوْ اتَّخَذَ لَهُ حَصِيرًا مِنْ حَرِيرٍ فَالْوَجْهُ التَّحْرِيمُ وَإِنْ بَسَطَ فَوْقَهَا شَيْئًا لِمَا فِيهِ مِنْ السَّرَفِ وَاسْتِعْمَالِ الْحَرِيرِ لَا مَحَالَةَ اهـ. وَالْأَوْجَهُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ عَدَمُ الْفَرْقِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ، ثُمَّ أَخْرَجَ الْمُصَنِّفُ مِنْ حُرْمَةِ الْحَرِيرِ عَلَى الرَّجُلِ مَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ (وَيَحِلُّ لِلرَّجُلِ) وَالْخُنْثَى (لُبْسُهُ لِلضَّرُورَةِ) (كَحَرٍّ وَبَرْدٍ مُهْلِكَيْنِ) أَيْ شَدِيدَيْنِ يَتَضَرَّرُ مِنْهُمَا وَيَخَافُ مِنْ ذَلِكَ تَلَفَ نَحْوِ عُضْوٍ، أَوْ مَنْفَعَتِهِ إزَالَةً لِلضَّرَرِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ جَوَازِ لُبْسِهِ جَوَازُ اسْتِعْمَالِهِ فِي غَيْرِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ أَخَفُّ (أَوْ فُجَاءَةِ حَرْبٍ) جَائِزٌ بِضَمِّ الْفَاءِ وَفَتْحِ الْجِيمِ وَالْمَدِّ وَبِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ: أَيْ بَغْتَتِهَا (وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ) يَقُومُ مَقَامَهُ لِلضَّرُورَةِ، وَجَوَّزَ ابْنُ كَجٍّ اتِّخَاذَ الْقَبَاءِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَصْلُحُ لِلْقِتَالِ وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَ الْحَرِيرِ مِمَّا يَدْفَعُ لِمَا فِيهِ مِنْ حُسْنِ الْهَيْئَةِ وَانْكِسَارِ قُلُوبِ الْكُفَّارِ كَتَحْلِيَةِ السَّيْفِ وَنَحْوِهِ، وَنَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ جَمَاعَةٍ وَصَحَّحَهُ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ أَخْذًا بِظَاهِرِ كَلَامِهِمْ (وَ) يَجُوزُ لَهُ أَيْضًا (لِلْحَاجَةِ) وَلَوْ سَتْرَ الْعَوْرَةِ بِهِ وَفِي الْخَلْوَةِ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ، وَكَذَا سَتْرُ مَا زَادَ عَلَيْهَا عِنْدَ الْخُرُوجِ لِلنَّاسِ (كَجَرَبٍ وَحَكَّةٍ) «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْخَصَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ فِي لُبْسِهِ لِلْحِكَّةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَالْحِكَّةُ بِكَسْرِ الْحَاءِ: الْجَرَبُ الْيَابِسُ (وَ) لِلْحَاجَةِ فِي (دَفْعِ قَمْلٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْمَلُ بِالْخَاصَّةِ. قَالَ السُّبْكِيُّ: الرِّوَايَاتُ فِي الرُّخْصَةِ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالزُّبَيْرِ يَظْهَرُ أَنَّهَا مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ اجْتَمَعَ فِيهَا الْحِكَّةُ وَالْقَمْلُ فِي السَّفَرِ، وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُقَالُ: الْمُقْتَضِي لِلتَّرَخُّصِ إنَّمَا هُوَ اجْتِمَاعُ الثَّلَاثَةِ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِمَنْزِلَتِهَا فَيَنْبَغِي اقْتِصَارُ الرُّخْصَةِ عَلَى مَجْمُوعِهَا وَلَا يَثْبُتُ فِي بَعْضِهَا إلَّا بِدَلِيلٍ. وَأُجِيبَ بَعْدَ تَسْلِيمِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّ كُلَّ مَا جَازَ لِلنِّسَاءِ لُبْسُهُ جَازَ لِلْوَلِيِّ إلْبَاسُهُ لِلصَّبِيِّ (قَوْلُهُ: قُلْت الْأَصَحُّ حِلُّ افْتِرَاشِهَا) خَرَجَ بِافْتِرَاشِهَا اسْتِعْمَالُهَا لَهُ فِي غَيْرِ اللُّبْسِ وَالْفَرْشِ فَلَا يَحِلُّ، وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ النِّسَاءِ مِنْ اتِّخَاذِ غِطَاءٍ مِنْ الْحَرِيرِ لِعِمَامَةِ زَوْجِهَا أَوْ لِتُغَطِّيَ بِهِ شَيْئًا مِنْ أَمْتِعَتِهَا وَإِنْ كَانَتْ مُعَدَّةً لِلُّبْسِ كَالْمُسَمَّى الْآن بِالْبُقْجَةِ. فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِلُبْسٍ وَلَا افْتِرَاشٍ بَلْ هُوَ لِمُجَرَّدِ الْخُيَلَاءِ، لَكِنْ قَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا جَوَازُ كِتَابَةِ الْمَرْأَةِ لِلصَّدَاقِ فِي الْحَرِيرِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لُبْسًا وَلَا فَرْشًا، وَدَوَامُ الصَّدَاقِ عِنْدَهَا بَعْدَ الْكِتَابَةِ كَإِدَامَةِ الْبُقْجَةِ فَالْأَقْرَبُ الْجَوَازُ فِيهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَرَشَ رَجُلٌ إلَخْ) وَخَرَجَ بِفَرَشَ مَا لَوْ خَاطَهُ عَلَيْهِ مِنْ فَوْقٍ دُونَ أَسْفَلَ فَيَحْرُمُ الْجُلُوسُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ كَحَشْوِ الْجُبَّةِ (قَوْلُهُ: عَلَى مِخَدَّةٍ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا حِلُّ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ اتِّخَاذِ مُجَوَّزَةٍ بِطَانَتُهَا حَرِيرٌ وَظِهَارَتُهَا صُوفٌ وَخِيَاطَةُ الْمَجْمَعِ عَلَى الْبِطَانَةِ؛ لِأَنَّ الْبِطَانَةَ حِينَئِذٍ تَصِيرُ كَحَشْوِ الْجُبَّةِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: مَحْشُوَّةٌ بِهِ) أَيْ الْحَرِيرِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ الْفَرْقِ) أَيْ بَيْنَ مَا لَوْ اتَّفَقَ لَهُ ذَلِكَ فِي دَعْوَةٍ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: كَحَرٍّ وَبَرْدٍ مُهْلِكَيْنِ) . قَالَ فِي الْقُوتِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي مَعْنَى خَوْفِ الْهَلَاكِ خَوْفَ مَا اشْتَدَّ ضَرَرُهُ كَالْحُمَّى وَالْبَرَصِ وَبُطْءِ الْبُرْءِ وَكُلِّ مَا يَجُوزُ الْعُدُولُ إلَى التَّيَمُّمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُهْلِكًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: أَخْذًا بِظَاهِرِ كَلَامِهِمْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَحْلِيَةِ السَّيْفِ أَنَّ التَّحْلِيَةَ مُسْتَهْلَكَةٌ غَيْرُ مُسْتَقِلَّةٍ وَفِي الْآلَةِ الْمُنْفَصِلَةِ عَنْ الْبَدَنِ بِخِلَافِ التَّزَيُّنِ بِالْحَرِيرِ فِيهِمَا اهـ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْخُرُوجِ لِلنَّاسِ) أَيْ وَلَوْ بِارْتِدَاءٍ وَتَعَمُّمٍ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَقْمَلُ) فِي الْمُخْتَارِ: قَمِلَ رَأْسُهُ مِنْ بَابِ طَرِبَ، وَعَلَيْهِ فَيُقْرَأُ مَا هُنَا بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَيَكُونُ الْمَعْنَى لَا يَقْمَلُ مِنْ لُبْسِهِ (قَوْلُهُ: الثَّلَاثَةُ) هِيَ الْحَكَّةُ وَالْقَمْلُ وَالسَّفَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ظُهُورِ أَنَّهَا مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ بِمَنْعِ كَوْنِ أَحَدِهَا لَيْسَ بِمَنْزِلَتِهَا فِي الْحَاجَةِ الَّتِي عُهِدَ إنَاطَةُ الْحُكْمِ بِهَا مِنْ نَظَرٍ لِأَفْرَادِهَا فِي الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ، بَلْ كَثِيرًا مَا تَكُونُ الْحَاجَةُ فِي أَحَدِهَا لِبَعْضِ النَّاسِ أَقْوَى مِنْهَا فِي الثَّلَاثَةِ لِبَعْضٍ آخَرَ، فَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ السَّفَرِ وَالْحَضَرِ كَمَا أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ لِلْحَاجَةِ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ مُغْنِيًا عَنْهُ لَمْ يَجُزْ لُبْسُهُ كَالتَّدَاوِي بِالنَّجَاسَةِ، وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ وَنَازَعَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ فِيهِ بِأَنَّ جِنْسَ الْحَرِيرِ مِمَّا أُبِيحَ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَكَانَ أَخَفَّ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ الضَّرُورَةَ الْمُبِيحَةَ لِلْحَرِيرِ لَا يَأْتِي مِثْلُهَا فِي النَّجَاسَةِ حَتَّى تُبَاحَ لِأَجْلِهَا، فَعَدَمُ إبَاحَتِهَا لِغَيْرِ التَّدَاوِي إنَّمَا هُوَ لِعَدَمِ تَأَتِّيهِ فِيهَا لَا لِكَوْنِهَا أَغْلَظَ، عَلَى أَنَّ لُبْسَ نَجِسِ الْعَيْنِ يَجُوزُ لِمَا جَازَ لَهُ الْحَرِيرُ فَهُمَا مُسْتَوِيَانِ فِيهَا، وَفِي كَلَامِ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (وَ) لِلْحَاجَةِ (لِلْقِتَالِ كَدِيبَاجٍ) بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ مَأْخُوذٌ مِنْ التَّدْبِيجِ وَهُوَ النَّقْشُ وَالتَّزْيِينُ أَصْلُهُ دِيبَاهٌ بِالْهَاءِ وَجَمْعُهُ دَيَابِيجُ وَدَيَابِجُ (لَا يَقُومُ غَيْرُهُ) فِي دَفْعِ السِّلَاحِ (مَقَامَهُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ ثُلَاثِيٍّ تَقُولُ: قَامَ هَذَا مَقَامَ ذَاكَ بِالْفَتْحِ وَأَقَمْته مُقَامَهُ بِالضَّمِّ صِيَانَةً لِنَفْسِهِ وَذَلِكَ فِي حُكْمِ الضَّرُورَةِ. أَمَّا إذَا وَجَدَ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ، وَأَعَادَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْجَوَازَ فِيمَا مَرَّ مَخْصُوصٌ بِحَالَةِ الْفَجْأَةِ فَقَطْ دُونَ الِاسْتِمْرَارِ. (وَيَحْرُمُ) عَلَى الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى (الْمُرَكَّبُ مِنْ إبْرَيْسَمَ) أَيْ حَرِيرٍ بِأَيِّ أَنْوَاعِهِ كَانَ، وَهُوَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ وَبِفَتْحِهِمَا وَبِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ (وَغَيْرِهِ) كَغَزْلٍ وَقُطْنٍ (إنْ زَادَ وَزْنُ الْإِبْرَيْسَمِ) عَلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لِلْغَالِبِ خُصُوصًا إذَا اجْتَمَعَ حَلَالٌ وَحَرَامٌ وَالْحَرَامُ أَغْلَبُ (وَيَحِلُّ عَكْسُهُ) وَهُوَ مُرَكَّبٌ نَقَصَ فِيهِ الْإِبْرَيْسَمُ عَنْ غَيْرِهِ كَالْخَزِّ سَدَاه حَرِيرٌ وَلُحْمَتُهُ صُوفٌ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْأَكْثَرِ فِيهِمَا (وَكَذَا) يَحِلُّ (إنْ اسْتَوَيَا) وَزْنًا فِيمَا رُكِّبَ مِنْهُمَا (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى ثَوْبُ حَرِيرٍ وَالْأَصْلُ الْحِلُّ. وَصَحَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - إنَّمَا «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الثَّوْبِ الْمُصْمَتِ مِنْ الْحَرِيرِ» أَيْ الْخَالِصِ، فَأَمَّا الْعَلَمُ: أَيْ الطِّرَازُ وَنَحْوُهُ وَسَدَى الثَّوْبِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِنَا وَزْنًا أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِظُهُورِ الْحَرِيرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ لُبْسُهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ لُبْسَ نَجِسِ الْعَيْنِ إلَخْ) أَيْ أَمَّا الْمُتَنَجِّسُ فَلَا يَتَوَقَّفُ حِلُّهُ عَلَى ضَرُورَةٍ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: عَلَى مَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ إذَا وَجَدَ مُغْنِيًا عَنْهُ لَمْ يَجُزْ لُبْسُهُ. [فَرْعٌ] إذَا اتَّزَرَ وَلَمْ يَجِدْ مَا يَرْتَدِي بِهِ وَيَتَعَمَّمُ مِنْ غَيْرِ الْحَرِيرِ. قَالَ أَبُو شُكَيْلٍ: الْجَوَابُ أَنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنْ يُرَخَّصَ لَهُ فِي الِارْتِدَاءِ أَوْ التَّعَمُّمِ بِهِ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَكَانَ تَرْكُهُ يُزْرِي بِمَنْصِبِهِ، فَإِنْ خَرَجَ مُتَّزِرًا مُقْتَصِرًا عَلَى ذَلِكَ نُظِرَ، فَإِنْ قَصَدَ بِذَلِكَ الِاقْتِدَاءَ بِالسَّلَفِ وَتَرْكَ الِالْتِفَاتِ إلَى مَا يُزْرِي بِالْمَنْصِبِ لَمْ تَسْقُطْ بِذَلِكَ مُرُوءَتُهُ بَلْ يَكُونُ فَاعِلًا لِلْأَفْضَلِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ بَلْ فَعَلَ ذَلِكَ انْخِلَاعًا وَتَهَاوُنًا بِالْمُرُوءَةِ سَقَطَتْ مُرُوءَتُهُ. كَذَا فِي النَّاشِرِيِّ بِأَبْسَطَ مِنْ هَذَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَمِنْ ذَلِكَ يُؤْخَذُ أَنَّ لُبْسَ الْفَقِيهِ الْقَادِرِ عَلَى التَّجَمُّلِ بِالثِّيَابِ الَّتِي جَرَتْ بِهَا عَادَةُ أَمْثَالِهِ ثِيَابًا دُونَهَا فِي الصِّفَةِ وَالْهَيْئَةِ إنْ كَانَ لِهَضْمِ النَّفْسِ وَالِاقْتِدَاءِ بِالسَّلَفِ الصَّالِحِينَ لَمْ يُخِلَّ بِمُرُوءَتِهِ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ ذَلِكَ أَخَلَّ بِهَا. وَمِنْهُ مَا لَوْ تَرَكَ ذَلِكَ مُعَلِّلًا بِأَنَّ مَعْرُوفٍ وَأَنَّهُ لَا يَزِيدُ مَقَامُهُ عِنْدَ النَّاسِ بِاللُّبْسِ وَلَا يَنْقُصُ بِعَدَمِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا مُخِلًّا لِمُنَافَاتِهِ مَنْصِبَ الْفُقَهَاءِ، فَكَأَنَّهُ اسْتَهْزَأَ بِنَفْسِ الْفِقْهِ (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا) وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ (قَوْلُهُ: الْمُصْمَتُ) هُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الصَّادِ وَفَتْحِ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ وَبِالْمُثَنَّاةِ مِنْ قَوْلِك أَصْمَتّه أَنَا قَامُوسٌ بِالْمَعْنَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مَأْخُوذٌ مِنْ التَّدْبِيجِ) لَا يُنَاسِبُ كَوْنَهُ مُعَرَّبًا، إذْ الْمُعَرَّبُ لَفْظٌ اسْتَعْمَلَتْهُ الْعَرَبُ فِي مَعْنًى وُضِعَ لَهُ فِي غَيْرِ لُغَتِهِمْ، وَهَذَا الْأَخْذُ يَقْتَضِي أَنَّهُ عَرَبِيٌّ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَأَعَادَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاحِدٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُمَا مَسْأَلَتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ، فَالْأُولَى فِي ثَوْبٍ لَا نَفْعَ فِيهِ لِلْقِتَالِ إلَّا أَنَّهُ لَبِسَهُ لِلسِّتْرِ بِهِ عِنْدَ فَجْأَةِ

فِي الْمُرَكَّبِ مَعَ قِلَّةِ وَزْنِهِ أَوْ مُسَاوَاتِهِ لِغَيْرِهِ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ. وَلَوْ تَغَطَّى بِلِحَافِ حَرِيرٍ وَغَشَّاهُ بِغَيْرِهِ اُتُّجِهَ أَنْ يُقَالَ: إنْ خَاطَ الْغِشَاءَ عَلَيْهِ جَازَ؛ لِكَوْنِهِ كَحَشْوِ الْجُبَّةِ وَإِلَّا فَلَا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي الْجُلُوسِ عَلَى فُرُشِ الْحَرِيرِ بِحَائِلٍ وَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ بِنَحْوِ خِيَاطَةٍ بِأَنَّ الْحَائِلَ فِيهِ يَمْنَعُ الِاسْتِعْمَالَ عُرْفًا بِخِلَافِ هَذَا وَحَيْثُ لَمْ يَحْرُمْ مَا مَرَّ كُرِهَ. وَلَوْ شَكَّ فِي كَثْرَةِ الْحَرِيرِ أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ اسْتِوَائِهِمَا حَرُمَ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ تَحْرِيمِ الْمُضَبَّبِ إذَا شَكَّ فِي كِبَرِ الضَّبَّةِ بِالْعَمَلِ بِالْأَصْلِ فِيهِمَا، إذْ الْأَصْلُ حِلُّ اسْتِعْمَالِ الْإِنَاءِ قَبْلَ تَضْبِيبِهِ، وَالْأَصْلُ تَحْرِيمُ الْحَرِيرِ لِغَيْرِ الْمَرْأَةِ وَاسْتِمْرَارُ مُلَابَسَةِ الْمَلْبُوسِ لِجَمِيعِ الْبَدَنِ بِخِلَافِ الْإِنَاءِ وَغَلَبَةُ الظَّنِّ كَافِيَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ الْيَقِينُ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ الْحُرْمَةُ تَغْلِيبًا لَهَا وَاخْتَارَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَقِيلَ الْعِبْرَةُ بِالظُّهُورِ لَا بِالْوَزْنِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى الْأَوَّلِ. (وَيَحِلُّ) لِمَنْ ذُكِرَ (مَا) أَيْ ثَوْبٌ (طُرِّزَ) ، أَوْ رُقِّعَ بِحَرِيرٍ وَلَمْ يُجَاوِزْ كُلٌّ مِنْهُمَا قَدْرَ أَرْبَعِ أَصَابِعَ مَضْمُومَةٍ دُونَ مَا جَاوَزَهَا لِخَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ السَّابِقِ مَعَ خَبَرِ مُسْلِمٍ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ إلَّا مَوْضِعَ أُصْبُعٍ أَوْ أُصْبُعَيْنِ، أَوْ ثَلَاثٍ، أَوْ أَرْبَعٍ» وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَنْسُوجِ بِأَنَّ الْحَرِيرَ هُنَا مُتَمَيِّزٌ بِنَفْسِهِ بِخِلَافِهِ، ثُمَّ فَلِأَجْلِ ذَلِكَ حَرُمَتْ الزِّيَادَةُ هُنَا عَلَى الْأَرْبَعِ أَصَابِعَ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ وَزْنَ الْحَرِيرِ وَلَوْ تَعَدَّدَتْ مَحَالُّهُمَا وَكَثُرَتْ بِحَيْثُ يَزِيدُ الْحَرِيرُ عَلَى غَيْرِهِ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: اُتُّجِهَ أَنْ يُقَالَ إنْ خَاطَ الْغِشَاءَ عَلَيْهِ جَازَ) أَيْ مِنْ أَعْلَى وَأَسْفَلَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ لِكَوْنِهِ كَحَشْوِ. إلَخْ (قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ تَحْرِيمُ الْحَرِيرِ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ فِي الْمُحَرَّمَةِ الْمُطَرَّزَةِ بِالْإِبْرَةِ حَرُمَ اسْتِعْمَالُهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ كَانَ قِيَاسُ الْمُضَبَّبِ الْحِلَّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ جَوَازُ اسْتِعْمَالِ الْقُمَاشِ وَالْحَرِيرُ طَارِئٌ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْعِبْرَةُ بِالظُّهُورِ) هَذَا يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ (قَوْلُهُ: قَدْرُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ) أَيْ عَرْضًا وَإِنْ زَادَ طُولُهُ اهـ زِيَادِيٌّ فَلْيُتَأَمَّلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا بِالْهَامِشِ. وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمَدَارَ قَطْعُ الْأَصَابِعِ الْأَرْبَعِ طُولًا وَعَرْضًا فَقَطْ بِأَنْ لَا يَزِيدَ طُولُ الطِّرَازِ عَلَى طُولِ الْأَرْبَعِ وَعَرْضُهُ عَلَى عَرْضِهَا، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْخَادِمِ عَنْ حِكَايَةِ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ أَنَّ الْمُرَادَ أَصَابِعُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ أَطْوَلُ مِنْ غَيْرِهَا اهـ. فَلَوْلَا أَنَّ الْمُرَادَ مَا ذَكَرْنَا لَمَا كَانَ لِاعْتِبَارِ طُولِهَا عَلَى غَيْرِهَا مَعْنًى فَلْيُتَأَمَّلْ. [فَرْعٌ] ذَكَرُوا أَنَّ التَّرْقِيعَ كَالتَّطْرِيزِ، فَهَلْ الْمُرَادُ الْخَيْطُ الْمُرَقَّعُ بِهِ أَوْ الْقِطْعَةُ الَّتِي يُرَقِّعُهَا فِي غَيْرِهَا؟ وَالْوَجْهُ أَنَّ الْمُرَادَ أَعَمُّ مِنْهُمَا، وَقَدْ وَافَقَ م ر عَلَى ذَلِكَ اهـ. زَادَ عَلَى حَجّ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَتَقَيَّدَ الطُّولُ بِقَدْرٍ فَلْيُتَأَمَّلْ: أَيْ فِي التَّطْرِيزِ لَا التَّرْقِيعِ م ر اهـ. فَيَكُونُ الْحَاصِلُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ تَحْرُمُ زِيَادَةٌ فِي الْعَرْضِ عَلَى أَرْبَعِ أَصَابِعَ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِقَدْرٍ فِي الطُّولِ. (قَوْلُهُ: تَعَدَّدَتْ مَحَالُّهُمَا) أَيْ الطَّرْزُ وَالرَّقْعُ الْمُتَقَدِّمَيْنِ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَزِيدُ الْحَرِيرُ عَلَى غَيْرِهِ) ظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي غَيْرِ الْحَرِيرِ مِنْ الثَّوْبِ بَيْنَ ظِهَارَتِهِ وَبِطَانَتِهِ وَحَشْوِهِ مَثَلًا وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقِتَالِ، وَالثَّانِيَةُ فِي ثَوْبٍ اتَّخَذَهُ لِلْقِتَالِ لِنَفْعِهِ فِيهِ فِي دَفْعِ السِّلَاحِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَاسْتِمْرَارُ مُلَابَسَةِ الْمَلْبُوسِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِالْعَمَلِ فَهُوَ فَرْقٌ ثَانٍ. (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَنْسُوجِ إلَخْ) هَذَا الْفَرْقُ لِلشِّهَابِ حَجّ فِي إمْدَادِهِ فِي مَقَامِ الرَّدِّ عَلَى الْجِيلِيِّ وَغَيْرِهِ فِي اخْتِيَارِهِمْ مَا تَقَدَّمَ اخْتِيَارُهُ لِلشَّارِحِ فَلَا مَوْقِعَ لَهُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ مَا مَرَّ، وَعِبَارَةُ الْإِمْدَادِ: وَلَوْ تَعَدَّدَتْ مَحَالُّهُمَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ نَقْلًا عَنْ الْحَلِيمِيِّ: اشْتَرَطَ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى طِرَازَيْنِ كُلُّ طِرَازٍ عَلَى كُمٍّ، وَأَنَّ كُلَّ طِرَازٍ لَا يَزِيدُ عَلَى أُصْبُعَيْنِ لِيَكُونَ مَجْمُوعُهُمَا أَرْبَعَ أَصَابِعَ. وَقَالَ الْجِيلِيُّ وَغَيْرُهُ: وَيَجُوزُ مَا لَمْ يَزِدْ الْحَرِيرُ عَلَى غَيْرِهِ وَزْنًا. وَفِيهِ وَقْفَةٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا ذَكَرُوهُ فِي الْمَنْسُوجِ مَعَ غَيْرِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ هَذَا وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ الْحَرِيرَ هُنَا مُتَمَيِّزٌ بِنَفْسِهِ إلَخْ

خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْحَلِيمِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى طِرَازَيْنِ عَلَى كُمٍّ، وَأَنَّ كُلَّ طِرَازٍ لَا يَزِيدُ عَلَى أُصْبُعَيْنِ لِيَكُونَ مَجْمُوعُهُمَا أَرْبَعَ أَصَابِعَ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَالتَّطْرِيزُ جَعْلُ الطِّرَازِ الَّذِي هُوَ خَالِصٌ مُرَكَّبًا عَلَى الثَّوْبِ، أَمَّا الْمُطَرَّزُ بِالْإِبْرَةِ فَالْأَقْرَبُ: أَيْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ كَالْمَنْسُوجِ حَتَّى يَكُونَ مَعَ الثَّوْبِ كَالْمُرَكَّبِ مِنْ حَرِيرٍ وَغَيْرِهِ لَا كَالطِّرَازِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ فِي أَنَّهُ مِثْلُهُ وَإِنْ تَبِعَهُ ابْنُ الْمُقْرِي فِي تَمْشِيَتِهِ. نَعَمْ قَدْ يَحْرُمُ ذَلِكَ فِي بَعْضِ النَّوَاحِي؛ لِكَوْنِهِ مِنْ لِبَاسِ النِّسَاءِ عِنْدَ مَنْ قَالَ بِتَحْرِيمِ التَّشَبُّهِ بِهِنَّ لَا لِكَوْنِ الْحَرِيرِ فِيهِ، وَيَحْرُمُ الْمُطَرَّفُ وَالْمُطَرَّزُ بِالذَّهَبِ عَلَى الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى مُطْلَقًا، وَقَدْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِتَحْرِيمِ لُبْسِ مَنْ ذُكِرَ عِرْقِيَّةً طُرِّزَتْ بِفِضَّةٍ أَخْذًا بِعُمُومِ كَلَامِهِمْ فِي تَحْرِيمِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ عَلَيْهِمَا إلَّا مَا اسْتَثْنَوْهُ (أَوْ طُرِّفَ بِحَرِيرٍ قَدْرَ الْعَادَةِ) أَيْ جُعِلَ طَرَفُهُ مُسَجَّفًا بِالْحَرِيرِ بِقَدْرِ الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ سَوَاءٌ أَجَاوَزَتْ أَرْبَعَ أَصَابِعَ أَمْ لَا لِمَا صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَهُ جُبَّةٌ يَلْبَسُهَا لَهَا لِبْنَةٌ» بِكَسْرِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْبَاءِ: أَيْ رُقْعَةٌ «فِي طَوْقِهَا مِنْ دِيبَاجٍ وَفَرْجَاهَا مَكْفُوفَانِ بِالدِّيبَاجِ، وَأَنَّهُ كَانَ لَهُ جُبَّةٌ مَكْفُوفَةُ الْجَيْبِ» أَيْ الطَّوْقِ «وَالْكُمَّيْنِ وَالْفَرْجَيْنِ بِالدِّيبَاجِ» وَالْمَكْفُوفُ مَا جُعِلَ لَهُ كُفَّةٌ بِضَمِّ الْكَافِ: أَيْ سِجَافٌ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ التَّطْرِيفُ ظَاهِرًا أَمْ بَاطِنًا كَمَا يَقْتَضِيهِ إطْلَاقُهُمْ، أَمَّا مَا جَاوَزَ الْعَادَةَ فَيَحْرُمُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَتَقَيَّدْ مَا هُنَا بِأَرْبَعِ أَصَابِعَ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ حَاجَةٍ وَقَدْ تَمَسُّ الْحَاجَةُ لِزِيَادَةٍ عَلَيْهَا، بِخِلَافِ مَا يَأْتِي فَإِنَّهُ لِمُجَرَّدِ زِينَةٍ فَيَتَقَيَّدُ بِهَا، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ التَّرْقِيعَ لَوْ كَانَ لِحَاجَةٍ جَازَتْ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَإِطْلَاقُ الرَّوْضَةِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ، وَأَلْحَقَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِالتَّطْرِيفِ طَرَفَيْ عِمَامَةٍ كُلٌّ مِنْهُمَا قَدْرُ شِبْرٍ، وَفَرَّقَ بَيْنَ كُلِّ أَرْبَعِ أَصَابِعَ بِمِقْدَارِ قَلَمٍ مِنْ كَتَّانٍ، أَوْ قُطْنٍ. قَالَ الشَّيْخُ: وَفِيهِ وَقْفَةٌ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: تُتُبِّعَتْ الْعَادَةُ فِي الْعَمَائِمِ فَوُجِدَتْ كَذَلِكَ اهـ. وَقَدْ يُنْظَرُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، إذْ مَا فِي الْعِمَامَةِ مِنْ الْحَرِيرِ مَنْسُوجٌ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِيهِ بِالْوَزْنِ مَعَ غَيْرِهِ بِزِيَادَةِ الْحَرِيرِ، فَحَيْثُ زَادَ وَزْنُ الْحَرِيرِ الَّذِي فِي الْعِمَامَةِ حَرُمَتْ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ كَانَ مِنْهَا أَجْزَاءٌ كُلُّهَا حَرِيرٌ كَأَنْ كَانَ السَّدَى حَرِيرًا وَبَعْضُ اللُّحْمَةِ كَذَلِكَ. وَأَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِجَوَازِ الْأَزْرَارِ الْحَرِيرِ لِغَيْرِ الْمَرْأَةِ قِيَاسًا عَلَى التَّطْرِيفِ بَلْ أَوْلَى. وَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِ الْمَرْأَةِ الْمُزَعْفَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــSحِلُّ لُبْسِ الْقَوَاوِيقِ الْقَطِيفَةِ؛ لِأَنَّهَا كَالرُّقَعِ الْمُتَلَاصِقَةِ. أَقُولُ: وَهُوَ مَمْنُوءٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ إنَّمَا تُفَصَّلُ عَلَى هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ الَّتِي يَفْعَلُونَهَا لِيُتَوَصَّلَ بِهَا إلَى الْهَيْئَةِ الَّتِي يَعُدُّونَهَا زِينَةً فِيمَا بَيْنَهُمْ بِحَسَبِ الْعَادَةِ وَلَيْسَتْ كَالرُّقَعِ الَّتِي الْأَصْلُ فِيهَا أَنْ تُتَّخَذَ لِإِصْلَاحِ الثَّوْبِ وَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ (قَوْلُهُ: جَعْلُ الطِّرَازِ الَّذِي هُوَ خَالِصٌ) وَمِنْهُ مَا اُعْتِيدَ الْآنَ مِنْ جَعْلِ قِطَعِ الْحَرِيرِ عَلَى نَحْوِ البشوت (قَوْلُهُ: قَدْ يَحْرُمُ ذَلِكَ فِي بَعْضِ النَّوَاحِي) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَزِدْ وَزْنُهُ (قَوْلُهُ: عِنْدَ مَنْ قَالَ بِتَحْرِيمِ التَّشَبُّهِ) أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: أَيْ جُعِلَ طَرَفُهُ مُسَجَّفًا بِالْحَرِيرِ) وَمِثْلُ السِّجَافِ الزَّهْرِيَّاتُ الْمَعْرُوفَةُ؛ لِأَنَّهَا مِمَّا تَسْتَمْسِكُ بِهَا الْخِيَاطَةُ فَهِيَ كَالتَّطْرِيفِ. (فَرْعٌ حَسَنٌ) اتَّخَذَ سِجَافًا خَارِجًا عَنْ عَادَةِ أَمْثَالِهِ ثُمَّ انْتَقَلَ لِمَنْ لَهُ ذَلِكَ فَيَحْرُمُ عَلَى الْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ دَوَامُهُ؛ لِأَنَّهُ وُضِعَ بِغَيْرِ حَقٍّ، قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ اشْتَرَى الْمُسْلِمُ دَارَ كَافِرٍ عَالِيَةً عَلَى بِنَاءِ الْمُسْلِمِ وَلَوْ اتَّخَذَ سِجَافًا عَادَةً أَمْثَالُهُ ثُمَّ انْتَقَلَ لِمَنْ لَيْسَ هُوَ عَادَةُ أَمْثَالِهِ فَيَجُوزُ لَهُ إدَامَتُهُ لِأَنَّهُ وُضِعَ بِحَقٍّ، وَيُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ تُمَسُّ الْحَاجَةُ لِزِيَادَةٍ عَلَيْهَا بِخِلَافِ مَا يَأْتِي) الْأَوْلَى بِخِلَافِ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَإِطْلَاقُ الرَّوْضَةِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُنْظَرُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ مِمَّا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ وَالتَّنْظِيرُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: إذْ مَا فِي الْعِمَامَةِ مِنْ الْحَرِيرِ مَنْسُوجٌ) هَذَا وَقَدْ تُحْمَلُ عِبَارَةُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى عَلَمٍ مُنْفَصِلٍ عَنْ الْعِمَامَةِ وَقَدْ خِيطَ بِهَا وَعَلَيْهِ فَلَا يَتَأَتَّى النَّظَرُ الْمَذْكُورُ. وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنَّ السَّدَى حَرِيرٌ وَأَنَّهُ أَقَلُّ وَزْنًا مِنْ اللُّحْمَةِ وَأَنَّهُ لَحَمَهَا بِحَرِيرٍ فِي طَرَفَيْهَا وَلَمْ يَزِدْ بِهِ وَزْنُ السَّدَى، فَإِذَا كَانَ الْمَلْحُومُ بِحَرِيرٍ أَشْبَهَ التَّطْرِيفَ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِ الْمَرْأَةِ الْمُزَعْفَرُ) أَيْ بِالْمَعْنَى الْآتِي فِي كَلَامِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ الْأَوْجَهُ أَنَّ الْمَرْجِعَ فِي ذَلِكَ إلَى الْعُرْفِ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

دُونَ الْمُعَصْفَرِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، خِلَافًا لِلْبَيْهَقِيِّ حَيْثُ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الصَّوَابَ تَحْرِيمُهُ أَيْضًا، قَالَ: لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي لَوْ بَلَغَتْ الشَّافِعِيَّ لَقَالَ بِهَا. وَلَوْ صُبِغَ بَعْضُ ثَوْبٍ بِزَعْفَرَانٍ فَهَلْ هُوَ كَالتَّطْرِيفِ فَيَحْرُمُ مَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ أَصَابِعَ أَوْ كَالْمَنْسُوجِ مِنْ الْحَرِيرِ وَغَيْرِهِ فَيُعْتَبَرُ الْأَكْثَرُ؟ الْأَوْجَهُ أَنَّ الْمَرْجِعَ فِي ذَلِكَ إلَى الْعُرْفِ، فَإِنْ صَحَّ إطْلَاقُ الْمُزَعْفَرِ عَلَيْهِ عُرْفًا حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا. وَلَا يُكْرَهُ لِغَيْرِ مَنْ ذُكِرَ مَصْبُوغٌ بِغَيْرِ الزَّعْفَرَانِ وَالْعُصْفُرِ سَوَاءٌ الْأَحْمَرُ وَالْأَصْفَرُ وَالْأَخْضَرُ وَغَيْرُهَا، سَوَاءٌ أَصُبِغَ قَبْلَ النَّسْجِ أَمْ بَعْدَهُ، وَإِنْ خَالَفَ فِيمَا بَعْدَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ لِعَدَمِ وُرُودِ نَهْيٍ فِي ذَلِكَ. وَيَحِلُّ لُبْسُ الْكَتَّانِ وَالصُّوفِ وَنَحْوِهِمَا وَإِنْ غَلَتْ أَثْمَانُهَا، إذْ نَفَاسَتُهَا فِي صَنْعَتِهَا. وَيُكْرَهُ تَزْيِينُ الْبُيُوتِ لِلرِّجَالِ وَغَيْرِهِمْ حَتَّى مَشَاهِدِ الصُّلَحَاءِ وَالْعُلَمَاءِ بِالثِّيَابِ، وَيَحْرُمُ تَزْيِينُهَا بِالْحَرِيرِ وَالصُّوَرِ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ، وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الشَّيْخُ فِي إلْبَاسِهَا الْحَرِيرَ، أَمَّا تَزْيِينُ الْمَسَاجِدِ بِهَا فَسَيَأْتِي فِي الْوَقْفِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. نَعَمْ يَجُوزُ سَتْرُ الْكَعْبَةِ بِهِ تَعْظِيمًا لَهَا، وَالْأَوْجَهُ جَوَازُ سَتْرِ قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ بِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْأُشْمُونِيُّ فِي بَسِيطِهِ جَرْيًا عَلَى الْعَادَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلَا يُكْرَهُ لِغَيْرِ مَنْ ذُكِرَ) يَعْنِي غَيْرَ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: مَصْبُوغٌ بِغَيْرِ الزَّعْفَرَانِ وَالْعُصْفُرِ) أَيْ أَمَّا الْمَصْبُوغُ بِالزَّعْفَرَانِ فَيَحْرُمُ عَلَى مَا مَرَّ، وَالْمُعَصْفَرُ مَكْرُوهٌ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَهُ، وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْكَرَاهَةِ بِمَا لَوْ كَثُرَ الْمُعَصْفَرُ بِحَيْثُ يُعَدُّ مُعَصْفَرًا فِي الْعُرْفِ، وَهَلْ يُكْرَهُ الْمَصْبُوغُ بِالزَّعْفَرَانِ حَيْثُ قَلَّ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَمِثْلُ الْعُصْفُرِ فِي عَدَمِ الْحُرْمَةِ الْوَرْسُ. وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا نَصُّهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ جَوَازُ الْمَصْبُوغِ بِالْوَرْسِ، لَكِنْ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَابْنِ الصَّبَّاغِ إلْحَاقَهُ بِالْمُزَعْفَرِ اهـ. وَفِي حَجّ: وَاخْتُلِفَ فِي الْوَرْسِ فَأَلْحَقهُ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ بِالزَّعْفَرَانِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ حِلُّهُ، وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ عِيَاضٍ وَالْمَازِرِيِّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَصْبُغُ ثِيَابَهُ بِالْوَرْسِ حَتَّى عِمَامَتَهُ» وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ اهـ (قَوْلُهُ: وَيَحِلُّ لُبْسُ الْكَتَّانِ وَالصُّوفِ) أَيْ وَالْخَزِّ اهـ حَجّ، وَهُوَ اسْمُ دَابَّةٍ يُؤْخَذُ مِنْ وَبَرِهَا الثِّيَابُ فَأَطْلَقَ عَلَيْهَا ذَلِكَ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ: حَتَّى مَشَاهِدِ الْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ) أَيْ مَحَلِّ دَفْنِهِمْ (قَوْلُهُ: بِالثِّيَابِ) أَيْ غَيْرِ الْحَرِيرِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَيَحْرُمُ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا جَزَمَ بِهِ الْأُشْمُونِيُّ إلَخْ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: اعْتَمَدَ م ر أَنَّ سَتْرَ تَوَابِيتِ الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ وَالْمَجَانِينِ وَقُبُورِهِمْ بِالْحَرِيرِ جَائِزٌ كَالتَّكْفِينِ بَلْ أَوْلَى، بِخِلَافِ تَوَابِيتِ الصَّالِحِينَ مِنْ الذُّكُورِ الْبَالِغِينَ الْعُقَلَاءِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ سَتْرُهَا بِالْحَرِيرِ، ثُمَّ قَالَ: ثُمَّ وَقَعَ مِنْهُ الْمَيْلُ لِحُرْمَةِ سَتْرِ قُبُورِ النِّسَاءِ بِالْحَرِيرِ وَوَافَقَ عَلَى جَوَازِ تَغْطِيَةِ مَحَارَةِ الْمَرْأَةِ. [فَرْعٌ] هَلْ يَجُوزُ الدُّخُولُ بَيْنَ سِتْرِ الْكَعْبَةِ وَجِدَارِهَا لِنَحْوِ الدُّعَاءِ؟ لَا يَبْعُدُ جَوَازُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ اسْتِعْمَالًا وَهُوَ دُخُولٌ لِحَاجَةٍ، وَهَلْ يَجُوزُ الِالْتِصَاقُ لِسِتْرِهَا مِنْ خَارِجٍ فِي نَحْوِ الْمُلْتَزَمِ؟ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُحَرَّرْ، وَاعْتَمَدَ م ر أَنَّهُ لَا يَجُوزُ جَعْلُ غِطَاءِ الْعِمَامَةِ وَكِيسِ الدَّرَاهِمِ مِنْ حَرِيرٍ وَإِنْ جَوَّزْنَا جَعْلَ غِطَاءِ الْكُوزِ مِنْ فِضَّةٍ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ عَلَى صُورَةِ الْإِنَاءِ، وَفُرِّقَ بِأَنَّ تَغْطِيَةَ الْإِنَاءِ مَطْلُوبَةٌ شَرْعًا فَوُسِّعَ فِيهَا، بِخِلَافِ غِطَاءِ الْعِمَامَةِ وَقَالَ بِجَوَازِ جَعْلِ غِطَاءِ الْإِنَاءِ مِنْ حَرِيرٍ بَلْ هُوَ أَوْلَى بِالْجَوَازِ مِنْ الْفِضَّةِ، فَلَا يَتَقَيَّدُ بِأَنْ لَا يَكُونَ عَلَى صُورَةِ الْإِنَاءِ، بِخِلَافِ غِطَاءِ الْفِضَّةِ لِاخْتِلَافِ الْمُدْرَكِ، وَاعْتُمِدَ جَوَازُ جَعْلِ خَيْطِ السُّبْحَةِ مِنْ حَرِيرٍ وَكَذَا شرابتها تَبَعًا لِخَيْطِهَا، وَقَالَ: يَنْبَغِي جَوَازُ خَيْطِ نَحْوِ الْمِفْتَاحِ حَرِيرًا لِلْحَاجَةِ مَعَ كَوْنِهِ أَمْسَكَ وَأَقْوَى مِنْ الْغَزْلِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُ سم هُنَا وَهُوَ دُخُولُ الْحَاجَةِ، أَقُولُ: قَدْ تُمْنَعُ الْحَاجَةُ فِيمَا ذُكِرَ وَيُقَالُ بِالْحُرْمَةِ لِأَنَّ الدُّعَاءَ لَيْسَ خَاصًّا بِدُخُولِهِ تَحْتَ سِتْرِهَا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْجَوَازِ فِي نَحْوِ الْمُلْتَزَمِ بِأَنَّ الْمُلْتَزَمَ وَنَحْوَهُ مَطْلُوبٌ فِيهِ أَدْعِيَةٌ بِخُصُوصِهَا، وَقَوْلُهُ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُحَرَّرْ الظَّاهِرُ الْجَوَازُ قِيَاسًا عَلَى جَوَازِ الدُّخُولِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ، وَقَوْلُهُ وَقَالَ بِجَوَازِ جَعْلِ غِطَاءِ الْإِنَاءِ مِنْ حَرِيرٍ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يُتَّخَذُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَلُبْسُ خَشِنٍ لِغَيْرِ غَرَضٍ شَرْعِيٍّ خِلَافُ السُّنَّةِ كَمَا اخْتَارَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَقِيلَ مَكْرُوهٌ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِنَقْلِ الْمُصَنِّفِ لَهَا عَنْ الْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيِّ، وَيُسَنُّ لُبْسُ الْعَذَبَةِ وَأَنْ تَكُونَ بَيْنَ كَتِفَيْهِ لِلِاتِّبَاعِ، وَلَا يُكْرَهُ تَرْكُهَا إذْ لَمْ يَصِحَّ فِي النَّهْيِ عَنْهُ شَيْءٌ، وَيَحْرُمُ إطَالَتُهَا طُولًا فَاحِشًا وَإِنْزَالُ ثَوْبِهِ، أَوْ إزَارِهِ عَنْ كَعْبَيْهِ لِلْخُيَلَاءِ لِلْوَعِيدِ الشَّدِيدِ الْوَارِدِ فِيهِ، فَإِنْ انْتَفَتْ الْخُيَلَاءُ كُرِهَ، وَيُسَنُّ فِي الْكُمِّ كَوْنُهُ إلَى الرُّسْغِ لِلِاتِّبَاعِ وَهُوَ الْمِفْصَلُ بَيْنَ الْكَفِّ وَالسَّاعِدِ وَلِلْمَرْأَةِ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى فِيمَا يَظْهَرُ إرْسَالُ الثَّوْبِ عَلَى الْأَرْضِ إلَى ذِرَاعٍ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ لِمَا صَحَّ مِنْ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الذِّرَاعَ يُعْتَبَرُ مِنْ الْكَعْبَيْنِ وَقِيلَ مِنْ الْحَدِّ الْمُسْتَحَبِّ لِلرِّجَالِ وَهُوَ أَنْصَافُ السَّاقَيْنِ وَرَجَّحَهُ جَمَاعَةٌ وَقِيلَ مِنْ أَوَّلِ مَا يَمَسُّ الْأَرْضَ وَإِفْرَاطُ تَوْسِعَةِ الثِّيَابِ وَالْأَكْمَامِ بِدْعَةٌ وَسَرَفٌ وَتَضْيِيعٌ لِلْمَالِ نَعَمْ مَا صَارَ شِعَارًا لِلْعُلَمَاءِ يُنْدَبُ لَهُمْ لُبْسُهُ لِيُعْرَفُوا بِذَلِكَ فَيُسْأَلُوا وَلِيُطَاوَعُوا فِيمَا عَنْهُ زَجَرُوا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ ذَلِكَ سَبَبٌ لِامْتِثَالِ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَالِانْتِهَاءِ عَمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ. وَيُكْرَهُ بِلَا عُذْرٍ الْمَشْيُ فِي نَعْلٍ، أَوْ خُفٍّ وَاحِدَةٍ لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْهُ، بَلْ يَخْلَعُهُمَا أَوْ يَلْبَسُهُمَا لِيَعْدِلَ بَيْنَ الرِّجْلَيْنِ وَلِئَلَّا يَخْتَلَّ مَشْيُهُ، وَأَنْ يَنْتَعِلَ قَائِمًا لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْهُ خَوْفَ انْقِلَابِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمَدَاسَ الْمَعْرُوفَةَ الْآنَ وَنَحْوَهَا لَا يُكْرَهُ فِيهَا ذَلِكَ إذْ لَا يُخَافُ مِنْهُ انْقِلَابٌ وَيُسَنُّ أَنْ يَبْدَأَ بِيَمِينِهِ لُبْسًا وَيَسَارِهِ خَلْعًا، وَأَنْ يَخْلَعَ نَحْوَ نَعْلَيْهِ إذَا جَلَسَ وَأَنْ يَجْعَلَهُمَا وَرَاءَهُ أَوْ بِجَنْبِهِ إلَّا لِعُذْرٍ كَخَوْفٍ عَلَيْهِمَا، وَأَنْ يَطْوِي ثِيَابَهُ ذَاكِرًا اسْمَ اللَّهِ لِمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ طَيَّهَا يَرُدُّ إلَيْهَا أَرْوَاحَهَا وَيَمْنَعُ لُبْسَ الشَّيْطَانِ لَهَا. وَفِي الْمَجْمُوعِ لَا كَرَاهَةَ فِي لُبْسِ نَحْوِ قَمِيصٍ وَقَبَاءٍ وَفَرْجِيَّةٍ وَلَوْ مَحْلُولَ الْأَزْرَارِ إذَا لَمْ تَبْدُ عَوْرَتُهُ، وَلَا يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ النَّشَا وَهُوَ الْمُتَّخَذُ مِنْ الْقَمْحِ فِي الثَّوْبِ، وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ وَتَرْكُ دَقِّ الثِّيَابِ وَصَقْلِهَا. (وَ) يَحِلُّ لِلْآدَمِيِّ (لُبْسُ الثَّوْبِ النَّجِسِ) أَيْ الْمُتَنَجِّسِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ وَكَذَا جِلْدُ الْمَيْتَةِ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ تَكْلِيفَ اسْتِدَامَةِ طَهَارَةِ الْمَلْبُوسِ مِمَّا يَشُقُّ خُصُوصًا عَلَى الْفَقِيرِ وَبِاللَّيْلِ؛ وَلِأَنَّ نَجَاسَتَهُ عَارِضٌ سَهْلَةُ الْإِزَالَةِ. نَعَمْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ الْوَقْتُ صَائِفًا بِحَيْثُ يَعْرَقُ فَيَتَنَجَّسُ بَدَنُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى قَدْرِ فَمِ الْكُوزِ لِلتَّغْطِيَةِ، بِخِلَافِ وَضْعِ نَحْوِ مِنْدِيلٍ مِنْ حَرِيرٍ فَلَا يَجُوزُ، وَقَوْلُهُ وَكَذَا شرابتها: أَيْ الَّتِي هِيَ مُتَّصِلَةٌ بِطَرَفِ خَيْطِهَا، أَمَّا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِمَّا يُفْصَلُ بِهِ بَيْنَ حَبِّ السُّبْحَةِ فَلَا وَجْهَ لِجَوَازِهِ لِانْتِفَاءِ الْحَاجَةِ لَهُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ، وَقَوْلُهُ وَقَالَ يَنْبَغِي جَوَازُ خَيْطِ نَحْوِ الْمِفْتَاحِ إلَخْ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ خَيْطُ السِّكِّينِ مِنْ الْحَرِيرِ فَيَجُوزُ وَإِنْ لَاحَظَ الزِّينَةَ (قَوْلُهُ: وَلُبْسُ خَشِنٍ) أَيْ لَاقَى الْبَدَنَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ لُبْسُ الْعَذَبَةِ) هِيَ اسْمٌ لِقِطْعَةٍ مِنْ الْقُمَاشِ تُغْرَزُ فِي مُؤَخِّرِ الْعِمَامَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ مَقَامَهَا إرْخَاءُ جُزْءٍ مِنْ طَرَفِ الْعِمَامَةِ مِنْ مَحَلِّهَا (قَوْلُهُ: وَتَضْيِيعٌ لِلْمَالِ) وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ مَكْرُوهٌ إلَّا عِنْدَ قَصْدِ الْخُيَلَاءِ (قَوْلُهُ: يُنْدَبُ لَهُمْ لُبْسُهُ) أَيْ وَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِمْ التَّشَبُّهُ بِهِمْ فِيهِ لِيُلْحَقُوا بِهِمْ، وَعِبَارَةُ طب فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ، وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِ الصَّالِحِ التَّزَيِّي بِزِيِّهِ إنْ غَرَّبَهُ غَيْرُهُ حَتَّى يَظُنَّ صَلَاحَهُ فَيُعْطِيَهُ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ قَصَدَ بِهِ هَذَا التَّغْرِيرَ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَمِثْلُهُ مَنْ تَزَيَّا بِزِيِّ الْعَالِمِ وَقَدْ كَثُرَ فِي زَمَانِنَا (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ أَنْ يَبْدَأَ بِيَمِينِهِ لُبْسًا) أَيْ وَلَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ يَسَارَهُ خُرُوجًا وَيَضَعَهَا عَلَى ظَهْرِ النَّعْلِ مَثَلًا، ثُمَّ يَخْرُجُ بِالْيَمِينِ فَيَلْبَسُ نَعْلَهَا ثُمَّ يَلْبَسُ نَعْلَ الْيَسَارِ فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ سُنَّةِ الِابْتِدَاءِ بِلُبْسِ الْيَمِينِ وَالْخُرُوجِ بِالْيَسَارِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّ طَيَّهَا) أَيْ مَعَ التَّسْمِيَةِ، وَالْمُرَادُ بِالطَّيِّ لَفُّهَا عَلَى هَيْئَةٍ غَيْرِ الْهَيْئَةِ الَّتِي تَكُونُ عَلَيْهَا عِنْدَ إرَادَةِ اللُّبْسِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ وَتَرْكُ دَقِّ الثِّيَابِ وَصَقْلِهَا) ظَاهِرُهُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ فَيَكُونُ خِلَافَ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَعْرَقُ فَيَنْجُسُ بَدَنُهُ) هُوَ شَامِلٌ لِلنَّجَاسَةِ الْحُكْمِيَّةِ، وَمِثْلُ ثَوْبِهِ بَدَنُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ يَحْرُمُ وَضْعُ النَّجَاسَةِ الْجَافَّةِ كَالزِّبْلِ عَلَى بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ بِلَا حَاجَةٍ فَلْيُحَرَّرْ. ثُمَّ قُرِّرَ أَنَّ مَنْ دَخَلَ بِنَجَاسَةٍ فِي نَحْوِ ثَوْبِهِ أَوْ نَعْلِهِ رَطْبَةٍ أَوْ غَيْرِ رَطْبَةٍ إنْ خَافَ تَلْوِيثَ الْمَسْجِدِ أَوْ لَمْ يَكُنْ دُخُولُهُ لِحَاجَةٍ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا، وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ هَذَا بِجَوَازِ عُبُورِ حَائِضٍ أَمِنَتْ التَّلْوِيثَ وَلَوْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، فَإِنْ أُجِيبَ بِعُذْرِهَا وَعَدَمِ اخْتِيَارِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَيَحْتَاجُ إلَى غَسْلِهِ لِلصَّلَاةِ مَعَ تَعَذُّرِ الْمَاءِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الظَّاهِرُ حُرْمَةُ الْمُكْثِ بِهِ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ تَنْزِيهُ الْمَسْجِدِ عَنْ النَّجَاسَةِ (فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ) الْمَفْرُوضَةِ (وَنَحْوِهَا) كَطَوَافٍ مَفْرُوضٍ وَخُطْبَةِ جُمُعَةٍ، بِخِلَافِ لُبْسِهِ فِي ذَلِكَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ فَيَحْرُمُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا أَمْ لَا لِقَطْعِهِ الْفَرْضَ، بِخِلَافِ النَّفْلِ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ لِجَوَازِ قَطْعِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ لُبْسَهُ فِي أَثْنَاءِ طَوَافٍ مَفْرُوضٍ بِنِيَّةِ قَطْعِهِ جَائِزَةٌ وَبِدُونِهِ مُمْتَنِعٌ، أَمَّا إذَا لَبِسَهُ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ بِنَفْلٍ أَوْ فَرْضٍ غَيْرَ مُضَيَّقٍ، أَوْ بَعْدَ تَحَرُّمِهِ بِنَفْلٍ وَاسْتَمَرَّ فَالْحُرْمَةُ عَلَى تَلَبُّسِهِ بِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ، أَوْ اسْتِمْرَارِهِ فِيهَا لَا عَلَى لُبْسِهِ فَافْهَمْ (لَا جِلْدُ كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ) ، أَوْ فَرْعِ أَحَدِهِمَا فَلَا يَحِلُّ لُبْسُهُ لِأَحَدٍ، إذْ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِالْخِنْزِيرِ فِي حَيَاتِهِ بِحَالٍ وَكَذَا بِالْكَلْبِ إلَّا فِي أَغْرَاضٍ مَخْصُوصَةٍ فَبَعْدَ مَوْتِهِمَا أَوْلَى (إلَّا لِضَرُورَةٍ كَفَجْأَةِ قِتَالٍ) وَخَوْفٍ عَلَى عُضْوٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ مِنْ نَحْوِ حَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ شَدِيدٍ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ مِمَّا يَقُومُ مَقَامَهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كَمَا يَجُوزُ تَنَاوُلُ الْمَيْتَةِ عِنْدَ الِاضْطِرَارِ، وَيَجُوزُ تَغْشِيَةُ الْكِلَابِ وَالْخَنَازِيرِ بِذَلِكَ لِمُسَاوَاةِ مَا ذُكِرَ لَهُمَا فِي التَّغْلِيظِ، وَلَيْسَ إلْبَاسُ الْكَلْبِ الَّذِي لَا يُقْتَنَى، أَوْ الْخِنْزِيرِ جِلْدَ مِثْلِهِ مُسْتَلْزِمًا لِاقْتِنَائِهِ، وَلَوْ سُلِّمَ فَإِثْمُهُ عَلَى الِاقْتِنَاءِ دُونَ الْإِلْبَاسِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ لِمُضْطَرٍّ احْتَاجَ إلَى حَمْلِ شَيْءٍ عَلَيْهِ أَوْ لِيَدْفَعَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ نَحْوَ سَبُعٍ، أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ فَإِنَّهُمْ يُقِرُّونَ عَلَيْهَا، أَوْ لِمُضْطَرٍّ تَزَوَّدَ بِهِ لِيَأْكُلَهُ كَمَا يَتَزَوَّدُ بِالْمَيْتَةِ، فَلَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يُجَلِّلَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَبِذَلِكَ ادْفَعْ اسْتِشْكَالَ الْإِسْعَادِ وَالتَّنْظِيرَ فِيهِ، وَيُؤَيِّدُ مَا أَشَرْنَا إلَيْهِ مَا فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ كَلْبٍ يُقْتَنَى وَخِنْزِيرٍ لَا يُؤْمَرُ بِقَتْلِهِ وَبَيْنَ غَيْرِهِمَا، لَكِنَّ تَقْيِيدَهُ بِالْمُقْتَنَى وَبِمَا لَا يُؤْمَرُ بِقَتْلِهِ لَيْسَ لِإِخْرَاجِ غَيْرِهِمَا مُطْلَقًا بَلْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْرُمُ تَجْلِيلُهُ إنْ تَضَمَّنَ اقْتِنَاؤُهُ الْمُحَرَّمَ، وَقَدْ لَا يَحْرُمُ إنْ لَمْ يَتَضَمَّنْهُ، أَمَّا تَغْشِيَةُ غَيْرِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَفَرْعِهِمَا، أَوْ فَرْعِ أَحَدِهِمَا مَعَ الْآخَرِ بِجِلْدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَا يَحِلُّ، بِخِلَافِ تَغْشِيَتِهِ بِغَيْرِ جِلْدِهِمَا مِنْ الْجُلُودِ النَّجِسَةِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ (وَكَذَا) (جِلْدُ الْمَيْتَةِ) قَبْلَ الدَّبْغِ مِنْ غَيْرِهِمَا لَا يَحِلُّ لُبْسُهُ أَيْضًا (فِي الْأَصَحِّ) فِي بَدَنِ الْآدَمِيِّ، أَوْ جُزْئِهِ، أَوْ فَوْقَ ثَوْبِهِ لِمَا عَلَيْهِ مِنْ التَّعَبُّدِ فِي اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ لِإِقَامَةِ الْعِبَادَةِ، وَقَضِيَّةُ الْعِلَّةِ أَنَّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ كَالدَّابَّةِ، وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ اعْتِبَارًا بِمَا مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ وَهُوَ الْأَوْفَقُ بِإِطْلَاقِهِمْ، وَيُسْتَثْنَى الْعَاجُ فَيَحِلُّ مَعَ الْكَرَاهَةِ حَيْثُ لَا رُطُوبَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي خُرُوجِ هَذِهِ النَّجَاسَةِ وَجَبَ أَنْ يُلْحَقَ بِهِ كُلُّ ذِي نَجَاسَةٍ لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِي حُصُولِهَا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْعُذْرَ هُنَا أَتَمُّ فَلْيُحَرَّرْ. وَفِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِشَيْخِنَا: وَمَعَ حِلِّ لُبْسِهِ: أَيْ الثَّوْبِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا يَحْرُمُ الْمُكْثُ بِهِ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ اهـ. ثُمَّ قَرَّرَ م ر تَحْرِيمَ دُخُولِ مَنْ بِنَحْوِ ثَوْبِهِ نَجَاسَةٌ الْمَسْجِدَ وَمُكْثِهِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَيَحْتَاجُ إلَى غَسْلِهِ لِلصَّلَاةِ مَعَ تَعَذُّرِ الْمَاءِ) . يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا دَخَلَ الْوَقْتُ، أَمَّا قَبْلَهُ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ لُبْسُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُخَاطَبًا بِالصَّلَاةِ، وَمِنْ ثَمَّ إذَا كَانَ مَعَهُ مَاءٌ جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِدُ فِي الْوَقْتِ مَاءً وَلَا تُرَابًا وَأَنْ يُجَامِعَ زَوْجَتَهُ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ أَيْضًا (قَوْلُهُ: لَا جِلْدُ كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ) . [فَرْعٌ] قَضِيَّةُ حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ نَحْوِ جِلْدِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَشَعْرِهِمَا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ حُرْمَةُ اسْتِعْمَالِ مَا يُقَالُ لَهُ فِي الْعُرْفِ الشِّيتَةُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ شَعْرِ الْخِنْزِيرِ. نَعَمْ إنْ تَوَقَّفَ اسْتِعْمَالُ الْكَتَّانِ عَلَيْهَا وَلَمْ يُوجَدْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا فَهَذَا ضَرُورَةٌ مُجَوِّزَةٌ لِاسْتِعْمَالِهَا، وَعَلَى هَذَا لَوْ تَنَدَّى الْكَتَّانُ فَهَلْ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا وَيُعْفَى عَنْ مُلَاقَاتِهِ لَهَا حِينَئِذٍ مَعَ نَدَاوَتِهِ؟ قَالَ م ر: يَنْبَغِي الْجَوَازُ إنْ تَوَقَّفَ الِاسْتِعْمَالُ عَلَيْهَا. وَأَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ الْجَوَازُ بِمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ تَجْفِيفُ الْكَتَّانِ وَعَمَلُهُ عَلَيْهَا جَافًّا فَلْيُتَأَمَّلْ. وَمَشَى شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ عَلَى جَوَازِ اسْتِعْمَالِ جِلْدِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ فِي غَيْرِ اللُّبْسِ كَالْجُلُوسِ، ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ أَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِشَيْءٍ مِنْهُمَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فَلَا يَحِلُّ لُبْسُهُ) خَرَجَ بِهِ الْفَرْشُ فَيَجُوزُ وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْفَقُ بِإِطْلَاقِهِمْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى الْعَاجُ) وَهُوَ أَنْيَابُ الْفِيَلَةِ، قَالَ اللَّيْثُ: وَلَا يُسَمَّى غَيْرُ النَّابِ عَاجًا، وَالْعَاجُ ظَهْرُ السُّلَحْفَاةِ الْبَحْرِيَّةِ، وَعَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

اسْتِعْمَالُهُ فِي الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَالْإِحْرَامِ. وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ إنَّهُ غَرِيبٌ وَوَهْمٌ عَجِيبٌ فَإِنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ إنَّمَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ فِي وَضْعِ الشَّيْءِ فِي الْإِنَاءِ مِنْهُ فَالْتَبَسَ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِالِاسْتِعْمَالِ فِي الْبَدَنِ انْتَهَى هُوَ الْغَرِيبُ وَالْوَهْمُ الْعَجِيبُ، فَقَدْ نَصَّ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي الْمُشْطِ وَالْإِنَاءِ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ، وَجَزَمَ بِهِ جَمْعٌ مِنْهُمْ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ، وَكَأَنَّهُمْ اسْتَثْنَوْا الْعَاجَ لِشِدَّةِ جَفَافِهِ مَعَ ظُهُورِ رَوْنَقِهِ، وَجِلْدُ الْآدَمِيِّ وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا وَشَعْرُهُ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ كَمَا مَرَّ أَوَائِلَ الْكِتَابِ. (وَيَحِلُّ) مَعَ الْكَرَاهَةِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ (الِاسْتِصْبَاحُ بِالدُّهْنِ النَّجِسِ) وَكَذَلِكَ دَهْنُ الدَّوَابِّ وَتَوْقِيحِهَا بِهِ كَمَا لَهُ ذَلِكَ بِالْمُتَنَجِّسِ (عَلَى الْمَشْهُورِ) لِمَا صَحَّ مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ، فَقَالَ «إنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا، وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَاسْتَصْبِحُوا بِهِ أَوْ فَانْتَفِعُوا بِهِ» أَمَّا فِي الْمَسْجِدِ فَلَا لِمَا فِيهِ مِنْ تَنْجِيسِهِ، كَذَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ الْإِمَامُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ مَالَ الْإِسْنَوِيُّ إلَى الْجَوَازِ مُعَلِّلًا لَهُ بِقِلَّةِ الدُّخَانِ، وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ الْأَوَّلَ عَلَى الْكَثِيرِ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْأَشْبَهُ أَنْ يُلْحَقَ بِهِ الْمَنْزِلُ الْمُؤَجَّرُ وَالْمُعَارُ وَنَحْوُهُمَا إذَا طَالَ زَمَنُ الِاسْتِصْبَاحِ فِيهِ بِحَيْثُ يَعْلَقُ الدُّخَانُ بِالسَّقْفِ، أَوْ الْجِدَارِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ وَدَكِ نَحْوِ الْكَلْبِ فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِصْبَاحُ بِهِ لِغِلَظِ نَجَاسَتِهِ، وَيُعْفَى عَمَّا يُصِيبُهُ مِنْ دُخَانِ الْمِصْبَاحِ لِقِلَّتِهِ، وَالْبُخَارُ الْخَارِجُ مِنْ الْكَنِيفِ طَاهِرٌ، وَكَذَا الرِّيحُ الْخَارِجَةُ مِنْ الدُّبُرِ كَالْجُشَاءِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ مِنْ عَيْنِ النَّجَاسَةِ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ الرَّائِحَةُ الْكَرِيهَةُ الْمَوْجُودَةُ فِيهِ لِمُجَاوَرَتِهِ النَّجَاسَةَ لَا أَنَّهُ مِنْ عَيْنِهَا. وَيَجُوزُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ طَلْيُ السُّفُنِ بِشَحْمِ الْمَيْتَةِ وَاِتِّخَاذُ صَابُونٍ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSيُحْمَلُ أَنَّهُ كَانَ لِفَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - سِوَارٌ مِنْ عَاجٍ، وَلَا يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى أَنْيَابِ الْفِيَلَةِ لِأَنَّ أَنْيَابَهَا مَيْتَةٌ بِخِلَافِ السُّلَحْفَاةِ، وَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ لِمَنْ يَقُولُ بِالطَّهَارَةِ اهـ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ: اسْتِعْمَالُهُ فِي الرَّأْسِ إلَخْ) وَيَنْبَغِي جَوَازُ حَمْلِهِ لِقَصْدِ اسْتِعْمَالِهِ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا، أَمَّا فِيهِمَا فَلَا يَجُوزُ لِوُجُوبِ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ فِيهِمَا فِي الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ وَالْمَكَانِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا حَرُمَ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَنْجِيسِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ (قَوْلُهُ: وَجِلْدُ الْآدَمِيِّ) أَيْ وَلَوْ حَرْبِيًّا خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: وَيَحِلُّ الِاسْتِصْبَاحُ بِالدُّهْنِ النَّجِسِ) فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَأَظُنُّهُ فِي بَابِ الْآنِيَةِ نَقْلًا عَنْ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّهُ مَا حَاصِلُهُ: أَنَّهُ يَجُوزُ وَضْعُ الدُّهْنِ الطَّاهِرِ فِي آنِيَةٍ نَجِسَةٍ كَالْمُتَّخِذِ مِنْ عَظْمِ الْفِيلِ لِغَرَضِ الِاسْتِصْبَاحِ بِهِ فِيهَا، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا طب - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِنْ وَجَدَ طَاهِرَةً يُسْتَصْبَحُ فِيهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ، لِأَنَّ غَرَضَ الِاسْتِصْبَاحِ حَاجَةٌ مُجَوِّزَةٌ لِذَلِكَ كَمَا جَازَ وَضْعُ الْمَاءِ الْقَلِيلِ فِي آنِيَةٍ نَجِسَةٍ لِغَرَضِ إطْفَاءِ نَارٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَتَنْجِيسُ الطَّاهِرِ إنَّمَا يَحْرُمُ لِغَيْرِ غَرَضٍ فَلْيُتَأَمَّلْ. [فَرْعٌ] إذَا اُسْتُصْبِحَ بِالدُّهْنِ النَّجَسِ جَازَ إصْلَاحُ الْفَتِيلَةِ بِأُصْبُعِهِ وَإِنْ تَنَجَّسَ وَأَمْكَنَ إصْلَاحُهَا بِنَحْوِ عُودٍ؛ لِأَنَّ التَّنْجِيسَ يَجُوزُ لِلْحَاجَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ لِجَوَازِهِ الضَّرُورَةُ، وَوَافَقَ م ر عَلَى أَنَّ شَرْطَ جَوَازِ الِاسْتِصْبَاحِ بِالدُّهْنِ النَّجَسِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَاجَةُ وَأَمْنُ التَّنْجِيسِ لِلْمَسْجِدِ بِنَفْسِهِ أَوْ دُخَانِهِ، وَمَشَى عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ إدْخَالُ الدُّهْنِ النَّجَسِ غَيْرَ وَدَكِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ الْمَسْجِدَ لِحَاجَةٍ. وَمِنْهَا قَصْدُ الْإِسْرَاجِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَحْصُلَ تَنْجِيسٌ وَإِنْ قَلَّ. ثُمَّ قَالَ م ر: يَجُوزُ إسْرَاجُ الدُّهْنِ النَّجِسِ فِي بَيْتٍ مُسْتَعَارٍ مَعَهُ أَوْ مُؤَجَّرٌ لَهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُلَوِّثَهُ بِنَحْوِ دُخَانِهِ. نَعَمْ الْيَسِيرُ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْمُسَامَحَةِ بِهِ بِحَيْثُ يَرْضَى بِهِ الْمَالِكُ فِي الْعَادَةِ فَلَا بَأْسَ. فَلَوْ كَانَ مَوْقُوفًا أَوْ لِنَحْوِ قَاصِرٍ امْتَنَعَ: أَيْ وَلَوْ يَسِيرًا إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ مَالِكٌ يُعْتَبَرُ رِضَاهُ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ الطَّبْخُ بِنَحْوِ الْجِلَّةِ فِي الْبُيُوتِ الْمَوْقُوفَةِ وَنَحْوِهَا، وَقَدْ قَالَ م ر: يَنْبَغِي أَنْ يَمْتَنِعَ إذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا تَسْوِيدُ الْجُدْرَانِ، وَجَوَّزَ أَنْ يُسْتَثْنَى مَا إذَا عُدَّ مَكَانٌ فِي تِلْكَ الْبُيُوتِ لِلطَّبْخِ وَجَرَتْ الْعَادَةُ بِالطَّبْخِ فِيهَا فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَتَوْقِيحُهَا) أَيْ تَصْلِيبُ حَوَافِرِهَا بِالشَّحْمِ الْمُذَابِ كَمَا فِي الْمُحْتَارِ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ مِنْ تَنْجِيسِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ تَنْجِيسٌ لَمْ يَحْرُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[باب صلاة العيدين]

الزَّيْتِ النَّجِسِ، وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي بَدَنِهِ وَثَوْبِهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ يُطَهِّرُهُمَا، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ الْأَدْوِيَةِ النَّجِسَةِ فِي الدَّبْغِ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهَا مِنْ الطَّاهِرَاتِ وَيُبَاشِرُهَا الدَّابِغُ بِيَدِهِ. قَالَ فِي الْخَادِمِ: وَكَذَلِكَ وَطْءُ الْمُسْتَحَاضَةِ وَكَذَلِكَ الثُّقْبَةُ الْمُنْفَتِحَةُ تَحْتَ الْمَعِدَةِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْحَلِيلِ الْإِيلَاجُ فِيهَا، وَيَجُوزُ إطْعَامُ الطَّعَامِ الْمُتَنَجِّسِ لِلدَّوَابِّ. بَابٌ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ. الْفِطْرُ وَالْأَضْحَى، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْعَوْدِ لِتَكَرُّرِهِ كُلَّ عَامٍ، وَقِيلَ لِعَوْدِ السُّرُورِ بِعَوْدِهِ، وَقِيلَ لِكَثْرَةِ عَوَائِدِ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِيهِ، وَجَمْعُهُ أَعْيَادٌ، وَإِنَّمَا جُمِعَ بِالْيَاءِ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ الْوَاوَ لِلُزُومِهَا فِي الْوَاحِدِ، وَقِيلَ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَعْوَادِ الْخَشَبِ. وَالْأَصْلُ فِي صَلَاتِهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ مَعَ الْأَخْبَارِ الْآتِيَةِ قَوْله تَعَالَى {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2] ذُكِرَ أَنَّهُ صَلَاةُ الْأَضْحَى وَأَنَّ أَوَّلَ عِيدٍ صَلَّاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِيدُ الْفِطْرِ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ وَلَمْ يَتْرُكْهَا، وَالْأَصَحُّ تَفْضِيلُ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى يَوْمِ عِيدِ الْفِطْرِ (هِيَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ) لِذَلِكَ؛ وَلِأَنَّهَا ذَاتُ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ لَا أَذَانَ لَهَا كَصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَالصَّارِفُ لَهَا عَنْ الْوُجُوبِ خَبَرُ «هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ لَا، إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» وَحَمَلُوا نَقْلَ الْمُزَنِيّ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حُضُورُ الْجُمُعَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ حُضُورُ الْعِيدَيْنِ عَلَى التَّأْكِيدِ فَلَا إثْمَ وَلَا قِتَالَ بِتَرْكِهَا (وَقِيلَ فَرْضُ كِفَايَةٍ) نَظَرًا إلَى أَنَّهَا مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ؛ وَلِأَنَّهُ يَتَوَالَى فِيهَا التَّكْبِيرُ فَأَشْبَهَتْ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا نَصُّهُ: وَوَافَقَ م ر عَلَى أَنَّ شَرْطَ جَوَازِ الِاسْتِصْبَاحِ بِالدُّهْنِ النَّجِسِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَاجَةُ وَأَمْنُ التَّنْجِيسِ لِلْمَسْجِدِ بِنَفْسِهِ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ الْأَدْوِيَةِ النَّجِسَةِ) أَمَّا دَبْغُ الْجُلُودِ بِرَوْثِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ فَلَا يَجُوزُ، وَكَذَا تَسْمِيدُ الْأَرْضِ بِهِ أَيْضًا اهـ زِيَادِيٌّ: أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ دُبِغَ بِهِ طَهُرَ الْجِلْدُ وَيُغْسَلُ سَبْعًا إحْدَاهَا بِتُرَابٍ. [بَابٌ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ] ِ. (قَوْلُهُ: صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَالتَّكْبِيرِ الْمُرْسَلِ (قَوْلُهُ لِتَكَرُّرِهِ كُلَّ عَامٍ) عِلَّةٌ لِلتَّسْمِيَةِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لِكَثْرَةِ عَوَائِدِ اللَّهِ تَعَالَى) قَالَ حَجّ: أَيْ أَفْضَالُهُ اهـ. وَفِي الْمُخْتَارِ: الْعَائِدَةُ الْعَطْفُ وَالْمَنْفَعَةُ، يُقَالُ هَذَا الشَّيْءُ أَعْوَدُ عَلَيْك مِنْ كَذَا: أَيْ أَنْفَعُ وَفُلَانٌ ذُو صَفْحٍ، وَعَائِدَةٍ: أَيْ ذُو عَفْوٍ وَتَعَطُّفٍ انْتَهَى. وَمِنْهُ يُعْلَمُ وَجْهُ تَفْسِيرِ الْعَوَائِدِ بِالْإِفْضَالِ (قَوْلُهُ: لِلُزُومِهَا) أَيْ الْيَاءِ فِي الْوَاحِدِ: يَعْنِي أَنَّ لُزُومَهَا فِي الْوَاحِدِ حِكْمَةُ ذَلِكَ لَا أَنَّهُ مُوجِبٌ لَهُ، فَلَا يَرِدُ نَحْوُ مَوَازِينَ وَمَوَاقِيتَ جَمْعُ مِيزَانٍ وَمِيقَاتٍ (قَوْلُهُ: ذَكَرَ أَنَّهُ) أَيْ مَا أُمِرَ بِهِ صَلَاةُ الْأَضْحَى إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ أَوَّلَ عِيدٍ. . إلَخْ) أَيْ وَذَكَرَ أَنَّ أَوَّلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ) ، وَوُجُوبُ رَمَضَانَ كَانَ فِي شَعْبَانِهَا اهـ حَجّ، وَلَمْ يُبَيِّنْ الْيَوْمَ الَّذِي فُرِضَ فِيهِ مِنْ شَعْبَانَ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتْرُكْهَا) أَيْ إلَّا فِي عِيدِ الْأَضْحَى بِمِنًى عَلَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ إلَخْ) فَائِدَةٌ مُجَرَّدَةٌ (قَوْلُهُ: مُؤَكَّدَةٌ) أَيْ وَيُكْرَهُ تَرْكُهَا (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهَا مَعَ الْمُوَاظَبَةِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: لَا أَذَانَ لَهَا) وَكُلُّ صَلَاةٍ بِلَا أَذَانٍ سُنَّةٌ (قَوْلُهُ: وَالصَّارِفُ عَنْ الْوُجُوبِ) أَيْ فِي قَوْله تَعَالَى {فَصَلِّ لِرَبِّكَ} [الكوثر: 2] إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى التَّأْكِيدِ) أَيْ مِنْ الشَّارِعِ (قَوْلُهُ: فَأَشْبَهَتْ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ مِنْ حَيْثُ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا ذَاتُ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِأَصْلِ سُنِّيَّتِهَا لَا بِقَيْدِ التَّأَكُّدِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالصَّارِفُ لَهَا عَنْ الْوُجُوبِ إلَخْ) فِيمَا قَبْلَهُ كِفَايَةٌ فِي الصَّرْفِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْأُصُولِيِّينَ، فَكَانَ الْأَوْلَى خِلَافَ هَذَا السِّيَاقِ الْمُوهِمِ

فَإِنْ تَرَكَهَا أَهْلُ بَلَدٍ أَثِمُوا وَقُوتِلُوا عَلَى هَذَا، وَقَامَ الْإِجْمَاعُ عَلَى نَفْيِ كَوْنِهَا فَرْضَ عَيْنٍ (وَتُشْرَعُ جَمَاعَةً) لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ أَفْضَلُ فِي حَقِّ غَيْرِ الْحَاجِّ بِمِنًى مِنْ تَرْكِهَا بِالْإِجْمَاعِ، أَمَّا هُوَ فَتُسْتَحَبُّ لَهُ مُنْفَرِدًا لِقِصَرِ زَمَنِهَا لَا جَمَاعَةً لِاشْتِغَالِهِ بِأَعْمَالِ التَّحَلُّلِ وَالتَّوَجُّهِ إلَى مَكَّةَ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ عَنْ إقَامَةِ الْجَمَاعَةِ وَالْخُطْبَةِ، وَمَا رَوَى مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَهَا مَحْمُولٌ إنْ صَحَّ عَلَى ذَلِكَ، إذْ لَوْ فَعَلَهَا جَمَاعَةً فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ لَاشْتَهَرَ (وَ) تُشْرَعُ أَيْضًا (لِلْمُنْفَرِدِ وَالْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ وَالْمُسَافِرِ) وَالْخُنَثِي وَالصَّبِيِّ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهَا شُرُوطُ الْجُمُعَةِ مِنْ جَمَاعَةٍ وَعَدَدٍ وَغَيْرِهِمَا، وَيُسَنُّ لِإِمَامِ الْمُسَافِرِينَ أَنْ يَخْطُبَهُمْ وَيَأْتِيَ فِي خُرُوجِ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ لَهَا جَمِيعُ مَا مَرَّ أَوَائِلَ الْجَمَاعَةِ فِي خُرُوجِهِمَا لَهَا. وَيُسْتَحَبُّ الِاجْتِمَاعُ لَهَا فِي مَكَان وَاحِدٍ، وَيُكْرَهُ تَعَدُّدُهُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، وَلِلْإِمَامِ الْمَنْعُ مِنْهُ وَلَهُ الْأَمْرُ بِهَا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَهُوَ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ: أَيْ؛ لِأَنَّهَا مِنْ شَعَائِرِ الدِّينِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَقِيلَ عَلَى وَجْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSتُوَالِي التَّكْبِيرِ (قَوْلُهُ: وَقُوتِلُوا عَلَى هَذَا) أَيْ دُونَ الْأَوَّلِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ عَدَمَ قِتَالِهِمْ عَلَى الْأَوَّلِ لَا خِلَافَ فِيهِ، وَقَدْ مَرَّ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ خِلَافٌ فِي الْقِتَالِ عَلَى تَرْكِهَا بِنَاءً عَلَى السُّنِّيَّةِ، فَلْيُنْظَرْ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا حَيْثُ قَطَعَ بِعَدَمِ الْقِتَالِ هُنَا عَلَى السُّنِّيَّةِ دُونَهُ ثُمَّ، وَقَدْ يُقَالُ: الْفَرْقُ آكَدِيَّةُ الْجَمَاعَةِ لِأَنَّهُ قِيلَ بِكَوْنِهَا فَرْضَ عَيْنٍ وَلَمْ يُقَلْ بِمِثْلِهِ هُنَا هَذَا. وَقَدْ نَقَلَ بَعْضُهُمْ فِي الدَّرْسِ عَنْ بَعْضٍ فِي شُرُوحِ التَّنْبِيهِ أَنَّهُ قِيلَ بِالْقِتَالِ عَلَى تَرْكِ جَمِيعِ السُّنَنِ، وَعَلَيْهِ فَلَا إشْكَالَ فَلْيُرَاجَعْ اهـ وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَيْضًا أَنْ يَكْتَفِي بِفِعْلِهَا فِي مَوْضِعٍ حَيْثُ وَسِعَ مَنْ يَحْضُرُهَا وَإِنْ كَبُرَ الْبَلَدُ كَالْجُمُعَةِ وَإِلَّا وَجَبَ التَّعَدُّدُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَيُسَنُّ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ إنْ وَسِعَ، وَيُكْرَهُ تَعَدُّدُ جَمَاعَتِهَا بِلَا حَاجَةٍ وَلِلْإِمَامِ الْمَنْعُ مِنْهُ اهـ حَجّ. قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: كَسَائِرِ الْمَكْرُوهَاتِ اهـ: أَيْ فَإِنَّ لَهُ الْمَنْعَ مِنْهَا اهـ سم. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُطْلَبُ مِنْ الْإِمَامِ وَالْقِيَاسُ طَلَبُهُ فِي حَقِّهِ، ثُمَّ رَأَيْت مَا سَيَأْتِي لَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى نَفْيِ كَوْنِهَا فَرْضَ عَيْنٍ) أَيْ بِخِلَافِ الْجَمَاعَةِ حَيْثُ قِيلَ فِيهَا بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَتُشْرَعُ جَمَاعَةً) عَبَّرَ بِهِ دُونَ تُسَنُّ لِيَتَمَشَّى عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْجَمَاعَةُ فِيهَا، وَأَنَّهَا لَا تَجِبُ اتِّفَاقًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ هَلْ يَسْقُطُ الطَّلَبُ بِفِعْلِ النِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ وَالْمُسَافِرِينَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ السُّقُوطِ بِفِعْلِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الشِّعَارُ بِفِعْلِهِمْ، بَلْ لَوْ اكْتَفَى بِفِعْلِ النِّسَاءِ عُدَّ تَهَاوُنًا بِالدِّينِ (قَوْلُهُ: لِفِعْلِهِ) أَيْ لَهَا جَمَاعَةً (قَوْلُهُ: هِيَ أَفْضَلُ) أَيْ الْجَمَاعَةُ (قَوْلُهُ: فِي حَقِّ غَيْرِ الْحَاجِّ) دَخَلَ فِي الْغَيْرِ الْمُعْتَمِرُ فَيَأْتِي بِهَا جَمَاعَةً (قَوْلُهُ: بِمِنًى) الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِمِنًى جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَيُسَنُّ فِعْلُهَا لِلْحَاجِّ فُرَادَى وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ مِنًى لِلْحَاجَةِ أَوْ غَيْرِهَا حَجّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: عَنْ إقَامَةِ الْجَمَاعَةِ) صِلَةُ قَوْلِهِ لِاشْتِغَالِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى ذَلِكَ) يَعْنِي أَنَّهُ فَعَلَهَا مُنْفَرِدًا (قَوْلُهُ: لِإِمَامِ الْمُسَافِرِينَ) وَمِثْلُهُمْ إمَامُ الْعَبِيدِ وَمَنْ مَعَهُمْ، وَلَعَلَّهُ خَصَّ الْمُسَافِرِينَ لِانْفِرَادِهِمْ مِنْ الْمُقِيمِينَ، بِخِلَافِ الْعَبِيدِ وَالنِّسَاءِ فَإِنَّهُمْ لَا يَنْفَرِدُونَ عَنْ الْأَحْرَارِ الذُّكُورِ غَالِبًا (قَوْلُهُ: وَلِلْإِمَامِ الْمَنْعُ مِنْهُ) ظَاهِرُهُ عَدَمُ طَلَبِ ذَلِكَ مِنْهُ، وَلَوْ قِيلَ بِطَلَبِهِ لِكَوْنِهِ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ لَمْ يَبْعُدْ (قَوْلُهُ: الْمَنْعُ مِنْهُ) أَيْ التَّعَدُّدِ. قَالَ سم عَلَى حَجّ: قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: كَسَائِرِ الْمَكْرُوهَاتِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْأَمْرُ بِهَا عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ، وَمَعَ ذَلِكَ مِثْلُهُ كَمَا نُقِلَ عَنْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ مِنْ كُلِّ مَا يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ فِعْلُهُ لِلْمَصْلَحَةِ لَا يُعَدُّ مِنْ الْوَاجِبَاتِ اهـ. وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ الظَّاهِرَةِ التَّنَاقُضِ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يُعَدُّ مِنْ الْوَاجِبَاتِ عَلَى الْإِمَامِ مِنْ حَيْثُ خُصُوصِهِ، إذْ لَمْ يُخَاطَبْ بِهِ بِعَيْنِهِ وَإِنَّمَا خُوطِبَ بِفِعْلِ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةِ لِلْمُسْلِمِينَ، فَحَيْثُ اقْتَضَتْ الْمَصْلَحَةُ شَيْئًا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّ مَا سَبَقَ لَيْسَ بِصَارِفٍ، وَهُوَ تَابِعٌ فِيهِ لِشَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ أَفْضَلُ) الضَّمِيرُ هُنَا رَاجِعٌ لِلْجَمَاعَةِ بِخِلَافِهِ فِي قَوْلِهِ فَيُسْتَحَبُّ فَهُوَ رَاجِعٌ لِلْعِيدِ

[حكم صلاة العيدين وكيفيتها]

الِاسْتِحْبَابِ، وَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا مَتَى أَمَرَهُمْ بِهَا وَجَبَ الِامْتِثَالُ. (وَوَقْتُهَا مَا بَيْنَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) مِنْ الْيَوْمِ الَّذِي يُعِيدُ فِيهِ النَّاسُ وَإِنْ كَانَ ثَانِيَ شَوَّالٍ كَمَا سَيَأْتِي (وَزَوَالُهَا) ؛ لِأَنَّ مَبْنَى الْمَوَاقِيتِ عَلَى أَنَّهُ مَتَى خَرَجَ وَقْتُ صَلَاةِ دَخَلَ وَقْتُ أُخْرَى وَبِالْعَكْسِ، وَيَدْخُلُ وَقْتُهَا بِأَوَّلِ طُلُوعِهَا، وَلَا يُعْتَبَرُ تَمَامُ الطُّلُوعِ خِلَافًا لِمَا فِي الْعُبَابِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَوْقَاتَ الْكَرَاهَةِ غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ فَلَا يُكْرَهُ فِعْلُهَا عَقِبَ الطُّلُوعِ، وَمَا وَقَعَ لِلرَّافِعِيِّ فِي بَابِ الِاسْتِسْقَاءِ مِنْ كَرَاهَةِ فِعْلِهَا عَقِبَهُ مُفَرَّعٌ عَلَى مَرْجُوحٍ، وَأَمَّا كَوْنُ آخِرِ وَقْتِهَا الزَّوَالَ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، لَكِنْ لَوْ وَقَعَتْ بَعْدَهُ حُسِبَتْ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُمْ لَوْ شَهِدُوا يَوْمَ الثَّلَاثِينَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَعَدَلُوا بَعْدَ الْغُرُوبِ أَنَّهَا تُصَلَّى مِنْ الْغَدِ أَدَاءً (وَيُسَنُّ تَأْخِيرُهَا لِتَرْتَفِعَ) الشَّمْسُ (كَرُمْحٍ) أَيْ كَقَدْرِهِ لِلِاتِّبَاعِ وَلِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ فَإِنَّ لَنَا وَجْهًا أَنَّ وَقْتَهَا لَا يَدْخُلُ إلَّا بِالِارْتِفَاعِ. (وَهِيَ رَكْعَتَانِ) إجْمَاعًا وَحُكْمُهَا فِي الْأَرْكَانِ وَالشُّرُوطِ كَغَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ (فَيُحْرِمُ بِهَا) بِنِيَّةِ صَلَاةِ عِيدِ الْفِطْرِ أَوْ الْأَضْحَى كَمَا مَرَّ (ثُمَّ) بَعْدَ تَكْبِيرَةِ التَّحَرُّمِ (يَأْتِي) نَدْبًا (بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ) كَغَيْرِهَا (ثُمَّ بِسَبْعِ تَكْبِيرَاتٍ) لِخَبَرٍ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَبَّرَ فِي الْعِيدَيْنِ فِي الْأُولَى سَبْعًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ خَمْسًا قَبْلَهَا» وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ غَيْرُ مَحْسُوبَةٍ مِنْ السَّبْعَةِ (يَقِفُ) نَدْبًا (بَيْنَ كُلِّ ثِنْتَيْنِ) مِنْهَا (كَآيَةٍ مُعْتَدِلَةٍ) أَيْ لَا طَوِيلَةٍ وَلَا قَصِيرَةٍ، وَضَبَطَهُ أَبُو عَلِيٍّ فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ: بِقَدْرِ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ؛ وَلِأَنَّ سَائِرَ التَّكْبِيرَاتِ ـــــــــــــــــــــــــــــSإنَّهُ مَصْلَحَةٌ، وَقَرِيبٌ مِنْهُ خِصَالُ الْكَفَّارَةِ إذَا فَعَلَ الْمُكَلَّفُ وَاحِدَةً مِنْهَا تَأَدَّى بِهَا الْوَاجِبُ لَا مِنْ حَيْثُ خُصُوصُهَا بَلْ مِنْ حَيْثُ وُجُودُ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ فِي ضِمْنِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا مَتَى أَمَرَهُمْ بِهَا) أَيْ بِصَلَاةِ الْعِيدِ جَمَاعَةً أَوْ فُرَادَى (قَوْلُهُ: مُفَرَّعٌ عَلَى مَرْجُوحٍ) نَقْلُ الْكَرَاهَةِ عَنْ الرَّافِعِيِّ قَدْ يُخَالِفُ مَا نَقَلَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ وَالِدِ الشَّارِحِ فَلْيُرَاجَعْ، وَعِبَارَتُهُ ثُمَّ فِي مَرَّةٍ أُخْرَى بَعْدَ الْكَشْفِ قَالَ: صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الِاسْتِسْقَاءِ بِأَنَّهُ لَا وَقْتَ كَرَاهَةٍ لِصَلَاةِ الْعِيدِ فَهُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ اهـ. قَالَ سم عَلَى حَجّ بَعْدَمَا ذَكَرَ: فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّهُ قَدْ يُقَالُ الْكَرَاهَةُ لِمُرَاعَاةِ الْخِلَافِ لَا تُنَافِي الصِّحَّةَ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي غَيْرِ ذَلِكَ اهـ (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَوْ وَقَعَتْ بَعْدَهُ حُسِبَتْ) أَيْ اُعْتُدَّ بِهَا وَكَانَتْ قَضَاءً [حُكْمُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَكَيْفِيَّتَهَا] (قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ صَلَاةِ عِيدِ الْفِطْرِ أَوْ الْأَضْحَى) قَالَ حَجّ مُطْلَقًا، وَمَعْنَى الْإِطْلَاقِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُؤَدَّاةً أَوْ مَقْضِيَّةً (قَوْلُهُ ثُمَّ بِسَبْعِ تَكْبِيرَاتٍ) عِبَارَةُ الْمَنَاوِيِّ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ لِلْجَامِعِ عِنْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التَّكْبِيرُ فِي الْفِطْرِ سَبْعٌ فِي الْأُولَى وَخَمْسٌ فِي الْآخِرَةِ نَصُّهَا: قَالَ بَعْضُ الْأَعَاظِمِ: حِكْمَةُ هَذَا الْعَدَدِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِلْوِتْرِيَّةِ أَثَرٌ عَظِيمٌ فِي التَّذْكِيرِ بِالْوِتْرِ الصَّمَدِ الْوَاحِدِ الْأَحَدِ، وَكَانَ لِلسَّبْعَةِ مِنْهَا مَدْخَلٌ عَظِيمٌ فِي الشَّرْعِ جُعِلَ تَكْبِيرُ صَلَاتِهِ وِتْرًا وَجُعِلَ سَبْعًا فِي الْأُولَى كَذَلِكَ، وَتَذْكِيرًا بِأَعْمَالِ الْحَجِّ السَّبْعَةِ مِنْ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَالْجِمَارِ تَشْوِيقًا، إلَيْهَا؛ لِأَنَّ النَّظَرَ إلَى الْعَدَدِ الْأَكْبَرِ أَكْثَرُ، وَتَذْكِيرًا يُخَالِفُ هَذَا الْوُجُودَ بِالتَّفَكُّرِ فِي أَفْعَالِهِ الْمَعْرُوفَةِ مِنْ خَلْقِ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَالْأَرْضِينَ السَّبْعِ وَمَا فِيهَا مِنْ الْأَيَّامِ السَّبْعِ؛ لِأَنَّهُ خَلَقَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَخَلَقَ آدَمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي السَّابِعِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَلَمَّا جَرَتْ عَادَةُ الشَّارِعِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالرِّفْقِ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ وَمِنْهُ تَخْفِيفُ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى وَكَانَتْ الْخَمْسَةُ أَقْرَبَ وِتْرًا إلَى السَّبْعَةِ مِنْ دُونِهَا جُعِلَ تَكْبِيرُ الثَّانِيَةِ خَمْسًا لِذَلِكَ اهـ (قَوْلُهُ يَقِفُ بَيْنَ كُلِّ ثِنْتَيْنِ) قَالَ عَمِيرَةُ: يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَقُولُهُ عَقِبَ السَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ وَلَا بَيْنَ تَكْبِيرَةِ الْإِمَامِ وَالْأُولَى وَلَا عَقِبَ قِيَامِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ أُولَى الْخَمْسِ اهـ. وَصَرَّحَ بِكُلِّ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: مِنْهَا) أَيْ السَّبْعِ وَالْخَمْسِ (قَوْلُهُ: بِقَدْرِ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ) هَذَا قَدْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يُرِيدُوا حَقِيقَةَ الْآيَةِ الْوَاحِدَةِ؛ لِأَنَّ سُورَةَ الْإِخْلَاصِ آيَاتٌ مُتَعَدِّدَةٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُقَالُ: تَعَدُّدُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ [وَقْتُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ] قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ سَائِرَ التَّكْبِيرَاتِ) لَا مَحَلَّ لَهُ هُنَا وَإِنَّمَا مَحَلُّهُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى أَنَّ الْوَاوَ فِيهِ لَا مَعْنَى لَهَا، وَعِبَارَةُ

الْمَشْرُوعَةِ فِي الصَّلَاةِ يَعْقُبُهَا ذِكْرٌ مَسْبُوقٌ فَكَذَلِكَ هَذِهِ التَّكْبِيرَاتُ (يُهَلِّلُ) أَيْ يَقُولُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ (وَيُكَبِّرُ) أَيْ يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ (وَيُمَجِّدُ) أَيْ يُعَظِّمُ اللَّهَ رَوَى ذَلِكَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَوْلًا وَفِعْلًا (وَيَحْسُنُ) فِي ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ أَنْ يَقُولَ (سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ) ؛ لِأَنَّهُ لَائِقٌ بِالْحَالِ وَهِيَ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ فِي قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَجَمَاعَةٍ، وَلَوْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ جَازَ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْبُوَيْطِيِّ، وَلَوْ قَالَ مَا اعْتَادَهُ النَّاسُ وَهُوَ: اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ تَسْلِيمًا كَثِيرًا لَكَانَ حَسَنًا، قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ (ثُمَّ) بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأَخِيرَةِ (يَتَعَوَّذُ) ؛ لِأَنَّهُ لِافْتِتَاحِ الْقِرَاءَةِ (وَيَقْرَأُ) الْفَاتِحَةَ كَغَيْرِهَا، وَسَيَأْتِي مَا يَقْرَؤُهُ بَعْدَهَا (وَيُكَبِّرُ فِي) الرَّكْعَةِ (الثَّانِيَةِ) بَعْدَ تَكْبِيرَةِ الْقِيَامِ (خَمْسًا) بِالصِّفَةِ السَّابِقَةِ (قَبْلَ) التَّعَوُّذِ، وَ (الْقِرَاءَةِ) لِلْخَبَرِ الْمَارِّ، وَلَوْ اقْتَدَى بِحَنَفِيٍّ كَبَّرَ ثَلَاثًا، أَوْ مَالِكِيٍّ كَبَّرَ سِتًّا تَابَعَهُ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهَا سُنَّةٌ لَيْسَ فِي الْإِتْيَانِ بِهَا مُخَالَفَةٌ فَاحِشَةٌ، بِخِلَافِ تَكْبِيرَاتِ الِانْتِقَالَاتِ وَجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِهِ، وَعَلَّلُوهُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ عَدَمِ الْمُخَالَفَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا يُنَافِي مَا قَالُوهُ فَإِنَّ آيَاتِهَا قِصَارٌ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ مَجْمُوعَهَا لَا يَزِيدُ عَلَى آيَةٍ مُعْتَدِلَةٍ (قَوْلُهُ: يَعْقُبُهَا ذِكْرٌ مَسْنُونٌ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِلَّا فَالْقِيَامُ مِنْ السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ يَعْقُبُهُ التَّشَهُّدُ الْأَخِيرُ وَهُوَ وَاجِبٌ. وَمِنْ الذِّكْرِ الْمَسْنُونِ أَيْضًا التَّعَوُّذُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ مِنْ قِيَامِ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ يُعَظِّمُ اللَّهَ) زَادَ حَجّ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ (قَوْلُهُ: قَوْلًا) أَيْ بِأَنَّهُ قَوْلٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ جَازَ) أَيْ مِنْ ذِكْرٍ آخَرَ بِحَيْثُ لَا يَطُولُ بِهِ الْفَصْلُ عُرْفًا بَيْنَ التَّكْبِيرَاتِ، وَمِنْ ذَلِكَ الْجَائِزُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ مَا اعْتَادَهُ) أَيْ بَدَلَ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَلَعَلَّهُ فِي زَمَنِهِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَيَذْكُرُ اللَّهَ بَيْنَهُمَا بِالْمَأْثُورِ: أَيْ الْمَنْقُولِ. وَذَكَرَ مِنْ الْمَنْقُولِ عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَقُولُ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. وَعَنْ الْمَسْعُودِيِّ أَنَّهُ يَقُولُ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ تَبَارَكَ اسْمُك وَتَعَالَى جَدُّكَ وَجَلَّ ثَنَاؤُكَ وَلَا إلَهَ غَيْرُكَ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْمَنْقُولِ مَا وَرَدَ مِنْ الْأَذْكَارِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي خُصُوصِ مَا الْكَلَامُ فِيهِ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْأَذْكَارِ الْوَارِدَةِ هُنَا، وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْمَتْنِ حَيْثُ قَالَ: يَقِفُ بَيْنَ كُلِّ إلَخْ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِذِكْرٍ مَخْصُوصٍ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ فَصَلَ بَيْنَهَا بِذِكْرٍ وَتَرْجَمَ عَنْهُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ عِنْدَ الْعَجْزِ جَازَ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي الْأَذْكَارِ الْوَارِدَةِ عَقِبَ التَّشَهُّدِ (قَوْلُهُ: وَيُكَبِّرُ فِي الثَّانِيَةِ خَمْسًا) لَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الثَّانِيَةِ: أَيْ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَعَلَ مَعَهُ الْخَمْسَ وَفِي ثَانِيَتِهِ يَفْعَلُ الْخَمْسَ أَيْضًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: أَوْ مَالِكِيٌّ كَبَّرَ سِتًّا تَابَعَهُ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: أَيْ نَدْبًا اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُتَابِعُ الْحَنَفِيَّ وَلَوْ أَتَى بِهِ بَعْدَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَوَالَاهُ، وَهُوَ مُشْكِلٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِاعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ، وَهُوَ يَرَى أَنَّ هَذِهِ التَّكْبِيرَاتِ لَيْسَتْ مَطْلُوبَةً وَأَنَّ الرَّفْعَ فِيهَا عِنْدَ الْمُوَالَاةِ مُبْطِلٌ؛ لِأَنَّهُ تَحْصُلُ بِهِ أَفْعَالٌ كَثِيرَةٌ مُتَوَالِيَةٌ، فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ تَكْبِيرٌ وَأَنَّ الْإِمَامَ إذَا وَالَى بَيْنَ الرَّفْعِ وَجَبَتْ مُفَارَقَتُهُ قَبْلَ تَلَبُّسِهِ بِالْمُبْطِلِ عِنْدَنَا، وَمِنْهُ مَا لَوْ رَفَعَ يَدَيْهِ ثَلَاثًا مُتَوَالِيَةً فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ بِذَلِكَ وَلَوْ سَهْوًا؛ لِأَنَّ سَهْوَ الْفِعْلِ كَعَمْدِهِ فِي الْبُطْلَانِ بِالْكَثِيرِ مِنْهُ. وَقَالَ حَجّ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يُتَابِعُهُ إلَّا إنْ أَتَى بِمَا يَعْتَقِدُهُ أَحَدُهُمَا، وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِمُتَابَعَتِهِ حِينَئِذٍ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم كَلَامُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ يُتَابِعُهُ فِي النَّقْصِ وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا اهـ. وَتَصْوِيرُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ اقْتَدَى بِحَنَفِيٍّ إلَخْ يُشْعِرُ بِمُوَافَقَةِ حَجّ، وَبَقِيَ مَا لَوْ زَادَ إمَامُهُ عَلَى السَّبْعِ أَوْ الْخَمْسِ هَلْ يُتَابِعُهُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَيَنْبَغِي لَهُ عَدَمُ مُتَابَعَتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQشَرْحِ الرَّوْضِ عَمَلًا بِمَا عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ: وَلِأَنَّ سَائِرَ التَّكْبِيرَاتِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهَا) أَيْ التَّكْبِيرَاتِ، وَقَوْلُهُ: لَيْسَ فِي الْإِتْيَانِ بِهَا: أَيْ لَوْ أَتَى بِهَا بِأَنْ زَادَ عَلَى مَا أَتَى الْإِمَامُ وَمَعَ ذَلِكَ أَمَرْنَاهُ بِالْمُتَابَعَةِ وَعَدَمِ الزِّيَادَةِ

الْفَاحِشَةِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ تَكْبِيرَاتِ الِانْتِقَالَاتِ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا فَكَانَتْ آكَدُ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الِاشْتِغَالَ بِالتَّكْبِيرَاتِ هُنَا قَدْ يُؤَدِّي إلَى عَدَمِ سَمَاعِ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ بِخِلَافِ التَّكْبِيرِ فِي حَالِ الِانْتِقَالِ. وَأَمَّا جِلْسَةُ الِاسْتِرَاحَةِ فَلِثُبُوتِ حَدِيثِهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ حَتَّى لَوْ تَرَكَ إمَامُهُ هُنَا جَمِيعَ التَّكْبِيرَاتِ لَمْ يَأْتِ بِهَا (وَيَجْهَرُ) لِلِاتِّبَاعِ (وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ) اسْتِحْبَابًا (فِي الْجَمِيعِ) مِنْ السَّبْعِ وَالْخَمْسِ كَغَيْرِهَا مِنْ مُعْظَمِ تَكْبِيرَاتِ الصَّلَاةِ، وَيُسْتَحَبُّ لَهُ وَضْعُ يُمْنَاهُ عَلَى يُسْرَاهُ تَحْتَ صَدْرِهِ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ كَمَا فِي تَكْبِيرَةِ التَّحَرُّمِ وَيَأْتِي فِي إرْسَالِهِمَا مَا مَرَّ، وَلَوْ شَكَّ فِي عَدَدِ التَّكْبِيرَاتِ أَخَذَ بِالْأَقَلِّ كَعَدَدِ الرَّكَعَاتِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSلِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى السَّبْعِ وَالْخَمْسِ غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ، وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ تَابَعَهُ فِيهَا بِلَا رَفْعٍ لَمْ يَضُرَّ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ ذِكْرٍ، وَعَدَمُ طَلَبِ الزِّيَادَةِ فِيمَا ذُكِرَ يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ حَجّ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يُتَابِعُهُ إلَّا إنْ أَتَى بِمَا يَعْتَقِدُهُ أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ تَرَكَ إمَامُهُ هُنَا جَمِيعَ التَّكْبِيرَاتِ) وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ هَذَا وَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ أَنَّهُ لَوْ اقْتَدَى مُصَلِّي الْعِيدِ بِمُصَلِّي الصُّبْحِ مَثَلًا أَتَى بِالتَّكْبِيرَاتِ بِاتِّحَادِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ هُنَا وَاخْتِلَافِهَا هُنَاكَ فَكَانَ لِكُلٍّ حُكْمُهُ؛ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ مَعَ اتِّحَادِ الصَّلَاةِ تَفَحُّشٌ وَتَعَدٍّ افْتِيَاتًا عَلَيْهِ بِخِلَافِهَا مَعَ اخْتِلَافِهِمَا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَأْتِ بِهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ تَرْكُهُ لَهَا عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا لِمَحَلِّهِ، ثُمَّ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِهِ إذَا تَرَكَهُ إمَامُهُ يُشْكِلُ بِمَا لَوْ تَرَكَ الْإِمَامُ دُعَاءَ الِافْتِتَاحِ وَشَرَعَ فِي الْقِرَاءَةِ فَإِنَّ الْمَأْمُومَ يَأْتِي بِهِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ دُعَاءَ الِافْتِتَاحِ سُنَّةٌ مِنْ الصَّلَاةِ لَا فِيهَا وَهُوَ آكَدُ مِنْ التَّكْبِيرِ فَطُلِبَ مُطْلَقًا. ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا نَصُّهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَعَدَمِ فَوَاتِ نَحْوِ الِافْتِتَاحِ بِشُرُوعِ الْإِمَامِ فِي الْفَاتِحَةِ بِأَنَّهُ شِعَارٌ خَفِيٌّ لَا يَظْهَرُ بِهِ مُخَالَفَةٌ بِخِلَافِهَا فَإِنَّهُ شِعَارٌ ظَاهِرٌ لِنَدْبِ الْجَهْرِ بِهَا وَالرَّفْعِ فِيهَا كَمَا مَرَّ، فَفِي الْإِتْيَانِ بِهَا أَوْ بِبَعْضِهَا بَعْدَ شُرُوعِ الْإِمَامِ فِي الْفَاتِحَةِ مُخَالَفَةٌ لَهُ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ اقْتَدَى بِمُخَالِفٍ فَتَرَكَهَا تَبِعَهُ أَوْ دُعَاءَ الِافْتِتَاحِ لَمْ يَتْبَعْهُ اهـ مَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا، وَمَا ذَكَرْنَاهُ أَوْضَحُ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ قَدْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الرَّفْعَ وَالْجَهْرَ سُنَّتَانِ زَائِدَتَانِ عَلَى التَّكْبِيرِ وَحَيْثُ عَرَضَ مَا يَقْتَضِي تَرْكَهُمَا تُرِكَا وَجِيءَ بِالْأَصْلِ وَهُوَ التَّكْبِيرُ سِرًّا (قَوْلُهُ: وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ) قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ اسْتِحْبَابَ هَذِهِ التَّكْبِيرَاتِ مَعَ رَفْعِ الْيَدَيْنِ شَامِلٌ لِمَا إذَا فَرَّقَهَا بِذَلِكَ وَمَا إذَا وَالَاهَا، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ مُوَالَاةِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ مَعَهَا لَا يَضُرُّ مَعَ أَنَّهُ أَعْمَالٌ كَثِيرَةٌ مُتَوَالِيَةٌ وَوَجْهُهُ كَمَا وَافَقَ عَلَيْهِ م ر أَنَّ هَذَا الرَّفْعَ وَالتَّحْرِيكَ مَطْلُوبٌ فِي هَذَا الْمَحَلِّ فَلِذَا لَمْ يَكُنْ مُضِرًّا، لَكِنْ لَعَلَّ الْأَوْجَهَ مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ مِمَّا يُفِيدُ الْبُطْلَانَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُهُ مِمَّا يُفِيدُ الْبُطْلَانَ ضَعِيفٌ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَلَوْ اقْتَدَى بِحَنَفِيٍّ وَالَى التَّكْبِيرَ وَالرَّفْعُ لَزِمَهُ مُفَارَقَتُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِاعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ وَلَيْسَ كَمَا مَرَّ فِي سَجْدَةِ الشُّكْرِ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُومَ يَرَى مُطْلَقَ السُّجُودِ فِي الصَّلَاةِ وَلَا يَرَى التَّوَالِيَ الْمُبْطِلَ فِيهَا اخْتِيَارًا أَصْلًا. نَعَمْ لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِهِ لِلْمُوَالَاةِ لِانْضِبَاطِهَا بِالْعُرْفِ وَهُوَ مُضْطَرِبٌ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَيَظْهَرُ ضَبْطُهُ بِأَنْ لَا يَسْتَقِرَّ الْعُضْوُ بِحَيْثُ يَنْفَصِلُ رَفْعُهُ عَنْ هَوِيِّهِ حَتَّى لَا يُسَمَّيَانِ حَرَكَةً وَاحِدَةً انْتَهَى. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلَهُ لَزِمَهُ: أَيْ مُفَارَقَتُهُ. أَقُولُ: هُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ وَإِنْ خَالَفَ م ر مُحْتَجًّا بِالْقِيَاسِ عَلَى التَّصْفِيقِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ إذَا كَثُرَ وَتَوَالَى إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَ فَلْيُرَاجَعْ اهـ. وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ م ر، إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُ تَرَكَ سُنَّةً وَهِيَ الْفَصْلُ بَيْنَ التَّكْبِيرَاتِ وَأَتَى بِالتَّكْبِيرِ الَّذِي هُوَ مَطْلُوبٌ مِنْهُ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ حَجّ عَلَى مَا لَوْ وَالَى بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالرَّفْعِ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ فَإِنَّ الْبُطْلَانَ فِيهِ قَرِيبٌ كَمَا قَدَّمْنَاهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: مِنْ مُعْظَمِ تَكْبِيرَاتِ الصَّلَاةِ) فِي تَعْبِيرِهِ بِالْمُعْظَمِ نَظَرٌ، إذْ الرَّفْعُ إنَّمَا هُوَ فِي التَّحَرُّمِ وَالْهَوِيِّ لِلرُّكُوعِ وَالْقِيَامِ مِنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَالتَّكْبِيرُ فِيهَا لَيْسَ أَكْثَرَ مِنْ بَاقِي التَّكْبِيرَاتِ وَلَا مُسَاوِيًا. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: جُعِلَ مَا عَدَا مَا ذُكِرَ كَأَنَّهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ لِتَعَلُّقِهِ بِالسُّجُودِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي تَكْبِيرَةِ التَّحَرُّمِ) أَيْ كَمَا يُفْعَلُ بَعْدَ الرَّفْعِ فِي تَكْبِيرَةِ التَّحَرُّمِ (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي فِي إرْسَالِهِمَا مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، إذْ الْمَقْصُودُ عَدَمُ الْعَبَثِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَلَوْ كَبَّرَ ثَمَانِيًا وَشَكَّ هَلْ نَوَى الْإِحْرَامَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهَا اسْتَأْنَفَ الصَّلَاةَ، إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ ذَلِكَ أَوْ شَكَّ فِي أَيُّهَا أَحْرَمَ جَعَلَهَا الْأَخِيرَةَ وَأَعَادَهُنَّ احْتِيَاطًا. (وَلَسْنَ) أَيْ التَّكْبِيرَاتُ الْمَذْكُورَاتُ (فَرْضًا وَلَا بَعْضًا) وَإِنَّمَا هِيَ هَيْئَاتٌ كَالتَّعَوُّذِ وَدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ فَلَا يَسْجُدُ لِتَرْكِهِنَّ عَمْدًا كَانَ، أَوْ سَهْوًا وَإِنْ كَانَ التَّرْكُ لِكُلِّهِنَّ، أَوْ بَعْضِهِنَّ مَكْرُوهًا، وَلَوْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعِيدِ وَقَضَاهَا كَبَّرَ فِيهَا سَوَاءٌ أَقَضَاهَا فِي يَوْمِ الْعِيدِ أَمْ فِي غَيْرِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ هَيْئَاتِهَا، وَجَزَمَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَدْرِيبِهِ، فَقَالَ: وَتُقْضَى إذَا فَاتَتْ عَلَى صُورَتِهَا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْعِجْلِيّ، وَتَبِعَهُ ابْنُ الْمُقْرِي. وَيُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ مَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ اسْتِحْبَابِ الْقُنُوتِ فِي قَضَاءِ الصُّبْحِ، وَمَا نُقِلَ عَنْ الْفَقِيهِ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى بْنِ عُجَيْلٍ مِنْ أَنَّهُ يُثَوِّبُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ الْمَقْضِيَّةِ إذَا قُلْنَا يُؤَذِّنُ لَهَا (وَلَوْ) (نَسِيَهَا) فَتَذَكَّرَهَا قَبْلَ رُكُوعِهِ، أَوْ تَعَمَّدَ تَرْكَهَا بِالْأَوْلَى (وَشَرَعَ فِي الْقِرَاءَةِ) وَإِنْ لَمْ يُتِمَّ فَاتِحَتَهُ (فَاتَتْ) فِي الْجَدِيدِ فَلَا يَتَدَارَكُهَا، فَإِنْ عَادَ لَمْ تَبْطُلْ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَذَكَّرَهَا فِي رُكُوعِهِ، أَوْ بَعْدَهُ وَعَادَ لِلْقِيَامِ لِيُكَبِّرَ وَهُوَ عَامِدٌ عَالَمٌ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ، وَلَوْ تَرَكَهَا وَتَعَوَّذَ وَلَمْ يَقْرَأْ كَبَّرَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَعَوَّذَ قَبْلَ الِافْتِتَاحِ حَيْثُ لَا يَأْتِي بِهِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ التَّعَوُّذِ لَا يَكُونُ مُفْتَتِحًا (وَفِي الْقَدِيمِ يُكَبِّرُ مَا لَمْ يَرْكَعْ) لِبَقَاءِ مَحَلِّهِ وَهُوَ الْقِيَامُ، وَعَلَيْهِ لَوْ تَذَكَّرَهُ فِي أَثْنَاءِ فَاتِحَتِهِ قَطَعَهَا وَعَادَ لَهُ، ثُمَّ اسْتَأْنَفَ الْقِرَاءَةَ، أَوْ بَعْدَ فَرَاغِهَا كَبَّرَ وَسُنَّ لَهُ إعَادَةُ الْفَاتِحَةِ، وَلَوْ أَدْرَكَ إمَامَهُ فِي رُكُوعِهِ لَمْ يُكَبِّرْ جَزْمًا. (وَيَقْرَأُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِي) ـــــــــــــــــــــــــــــSبِهِمَا، وَهُوَ حَاصِلٌ مَعَ الْإِرْسَالِ وَإِنْ كَانَتْ السُّنَّةُ وَضْعُهُمَا تَحْتَ صَدْرِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ شَكَّ فِي أَيُّهَا) أَيْ فِي أَيُّهَا نَوَى بِهِ الْإِحْرَامَ (قَوْلُهُ: وَأَعَادَهُنَّ احْتِيَاطًا) أَيْ التَّكْبِيرَاتِ السَّبْعَ (قَوْلُهُ: فَرْضًا وَلَا بَعْضًا) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ نَذَرَهَا وَصَلَّاهَا كَسُنَّةِ الظُّهْرِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَخَرَجَ مِنْ عُهْدَةِ النَّذْرِ لِمَا عَلَّلَ بِهِ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّهَا هَيْئَاتٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا يَسْجُدُ) أَيْ فَإِنْ فَعَلَهُ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ أَوْ جَاهِلًا فَلَا (قَوْلُهُ: وَتُقْضَى إذَا فَاتَتْ عَلَى صُورَتِهَا) أَيْ مِنْ الْجَهْرِ وَغَيْرِهِ، وَهَلْ تُسَنُّ الْخُطْبَةُ لَهَا أَيْضًا إذَا قَضَاهَا جَمَاعَةً (لَا يَبْعُدُ) نَعَمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ وِفَاقًا لَمْ ر، وَعَلَى هَذَا فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِأَحْكَامِ الْفِطْرِ وَالْأُضْحِيَّةِ مُحَاكَاةً لِلْأَدَاءِ وَلِأَنَّهَا تَنْفَعُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَلَا يَبْعُدُ نَدْبُ التَّعَرُّضِ سِيَّمَا وَالْفَرْضُ مِنْ فِعْلِهَا مُحَاكَاةُ الْأَدَاءِ (قَوْلُهُ: إذَا قُلْنَا يُؤَذَّنُ لَهَا) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فَلَا يَتَدَارَكُهَا) قَالَ م ر أَيْ فِي هَذِهِ الرَّكْعَةِ لَا مُطْلَقًا فَإِنَّهُ يُسَنُّ أَنْ يَتَدَارَكَهُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مَعَ تَكْبِيرِهَا كَمَا فِي قِرَاءَةِ الْجُمُعَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ إذَا تَرَكَهَا فِيهَا سُنَّ لَهُ أَنْ يَقْرَأَهَا مَعَ الْمُنَافِقِينَ فِي الثَّانِيَةِ، وَإِنْ كَانَ إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الثَّانِيَةِ كَبَّرَ مَعَهُ خَمْسًا وَأَتَى فِي ثَانِيَتِهِ بِخَمْسٍ؛ لِأَنَّ فِي قَضَاءِ ذَلِكَ تَرْكَ سُنَّةٍ أُخْرَى، وَبِهَذَا فَارَقَ نَدْبَ قِرَاءَةِ الْجُمُعَةِ مَعَ الْمُنَافِقِينَ فِي الثَّانِيَةِ إذَا تَرَكَهَا فِي الْأُولَى كَمَا مَرَّ فِي بَابِهَا اهـ حَاصِلُ مَا قَرَّرَهُ وَمَشَى عَلَيْهِ. ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَ تَرْكِ الْبَعْضِ مِنْ الْأُولَى حَيْثُ لَا يَتَدَارَكُهُ فِي الثَّانِيَةِ وَبَيْنَ تَرْكِ الْجَمِيعِ فِيهَا حَيْثُ يَتَدَارَكُهُ فِي الثَّانِيَةِ بِمَا لَمْ يَتَّضِحْ، بَلْ عَبَّرَ بِكَلَامٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ حَيْثُ تَرَكَ بَعْضَ التَّكْبِيرِ فِي الْأُولَى، سَوَاءٌ أَكَانَ لِأَجْلِ مُوَافَقَةِ الْإِمَامِ كَمَا فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ لَا يَتَدَارَكُهُ فِي الثَّانِيَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا تَرَكَ الْجَمِيعَ بِتَدَارُكِهِ فِي الثَّانِيَةِ، وَفَرَّقَ بَيْنَ الْكُلِّ وَالْبَعْضِ وَقَالَ: قَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقِ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ بَعْضَ الْجُمُعَةِ فِي أَوَّلِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ فِي الثَّانِيَةِ، وَمَال إلَى عَدَمِ الْأَخْذِ بِهَذِهِ الْقَضِيَّةِ فَلْيُحَرَّرْ وَلْيُرَاجَعْ، وَمَادَّتُهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ كَلَامُ شَيْخِنَا فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَمَالَ حَجّ لِلْأَخْذِ بِهَا حَيْثُ قَالَ: وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَقَوْلُ سم فِي أَوَّلِ هَذِهِ الْقَوْلَةِ: وَيُسَنُّ أَنْ يَتَدَارَكَهُ، قَالَ حَجّ: أَيْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَأْمُومًا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ تَذَكَّرَهَا فِي رُكُوعِهِ) أَيْ أَوْ فِيمَا يَقْرُبُ مِنْهُ بِأَنْ وَصَلَ إلَى حَدٍّ لَا تُجْزِئُهُ فِيهِ الْقِرَاءَةُ (قَوْلُهُ: وَسُنَّ لَهُ إعَادَةُ الْفَاتِحَةِ) أَيْ وَلَا يُشْكِلُ بِأَنَّ فِيهِ تَكْرِيرَ رُكْنٍ قَوْلِيٍّ وَهُوَ مُبْطِلٌ عَلَى قَوْلٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَعَلَّ ذَاكَ مُقَيَّدٌ بِمَا لَوْ كَرَّرَهُ بِلَا عُذْرٍ، وَهُوَ إنَّمَا كَرَّرَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الرَّكْعَةِ (الْأُولَى) سُورَةَ {ق} [ق: 1] ، وَفِي الثَّانِيَةِ) سُورَةَ (اقْتَرَبَتْ بِكَمَالِهِمَا) لِلِاتِّبَاعِ كَمَا فِي مُسْلِمٍ، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ يَقْرَؤُهُمَا وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْمَأْمُومُونَ بِالتَّطْوِيلِ (جَهْرًا) وَلَوْ قُضِيَتْ نَهَارًا وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الْمُحَرَّرِ، وَلَوْ قَرَأَ فِي الْأُولَى بِسَبِّحْ وَفِي الثَّانِيَةِ بِهَلْ أَتَاكَ كَانَ سُنَّةً أَيْضًا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَثَبَتَ فِي مُسْلِمٍ. (وَيُسَنُّ بَعْدَهُمَا) أَيْ رَكْعَتَيْ الْعِيدِ (خُطْبَتَانِ) اقْتِدَاءً بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخُلَفَاءِ مِنْ بَعْدُ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمُسَافِرُونَ وَغَيْرُهُمْ وَيَأْتِي بِهِمَا وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى خُطْبَةٍ وَاحِدَةٍ لَمْ يَكْفِ، وَلَوْ قَدَّمَ الْخُطْبَةَ عَلَى الصَّلَاةِ لَمْ يَعْتَدَّ بِهَا كَمَا صَوَّبَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الْأُمِّ كَمَا لَوْ قَدَّمَ الْبَعْدِيَّةَ عَلَى الْفَرِيضَةِ (وَأَرْكَانُهُمَا) وَسُنَنُهُمَا (كَهِيَ) أَيْ كَمَا (فِي الْجُمُعَةِ) وَفُهِمَ مِنْ عِبَارَتِهِ عَدَمُ اعْتِبَارِ الشُّرُوطِ فِيهِمَا كَالْقِيَامِ وَالسِّتْرِ وَالطَّهَارَةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَخْطُبَ قَاعِدًا أَوْ مُضْطَجِعًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ. نَعَمْ يُعْتَبَرُ لِأَدَاءِ السُّنَّةِ الْإِسْمَاعُ وَالسَّمَاعُ وَكَوْنُ الْخُطْبَةِ عَرَبِيَّةً، عَلَى أَنَّ الْإِسْمَاعَ هُنَا يَسْتَلْزِمُ السَّمَاعَ وَعَكْسَهُ. قَالَ فِي التَّوَسُّطِ: لَا خَفَاءَ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا لَمْ يَنْذِرْ الصَّلَاةَ وَالْخُطْبَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــSهُنَا لِطَلَبِهِ مِنْهُ لِتَقَعَ الْقِرَاءَةُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ اهـ حَجّ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: وَفِي الثَّانِيَةِ اقْتَرَبَتْ) قَالَ عَمِيرَةُ: قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ يَوْمَ الْعِيدِ شَبِيهٌ بِيَوْمِ الْحَشْرِ، وَالسُّورَتَانِ فِيهِمَا أَحْوَالُ الْمَحْشَرِ وَقِ. قَالَ الْوَاحِدِيُّ: جَبَلٌ مُحِيطٌ بِالدُّنْيَا مِنْ زَبَرْجَدٍ وَهُوَ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ تَغِيبُ الشَّمْسُ مِنْ وَرَائِهِ بِمَسِيرَةِ سَنَةٍ وَمَا بَيْنَهُمَا ظُلْمَةٌ، كَذَا نَقَلَهُ الْوَاحِدِيُّ عَلَى أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ فَاتِحَةُ السُّورَةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: إنَّهُ يَقْرَؤُهُمَا) أَيْ حَيْثُ اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَإِلَّا فَبِبَعْضِهِمَا. قَالَ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ مَا نَصُّهُ بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ: فَإِنْ قُلْت: لَكِنْ يُخَالِفُ مَسْأَلَةَ الْأَنْوَارِ الْمَذْكُورَةِ، وَهِيَ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ أَتَى بِالصَّلَاةِ بِسُنَنِهَا خَرَجَ الْوَقْتُ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا بِسُنَنِهَا، مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَقْلًا عَنْ الفَارِقِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ ضَاقَ وَقْتُ صُبْحِ الْجُمُعَةِ عَنْ قِرَاءَةِ جَمِيعِ {الم - تَنْزِيلُ} [السجدة: 1 - 2] فِي الْأُولَى وَهَلْ أَتَى فِي الثَّانِيَةِ اقْتَصَرَ عَلَى قِرَاءَةِ مَا يُمْكِنُ مِنْهُمَا. قُلْت: لَا مُخَالَفَةَ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ تَحْصُلُ بِقِرَاءَةِ بَعْضِهِمَا، وَكَلَامُ الْأَنْوَارِ فِيمَا إذَا لَزِمَ فَوَاتُ السُّنَّةِ بِالْكُلِّيَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: جَهْرًا) أَيْ وَلَوْ مُنْفَرِدًا شَوْبَرِيٌّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: كَانَ سُنَّةً أَيْضًا) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ فَالْقِرَاءَةُ بِالْأُولَيَيْنِ أَفْضَلُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَدَّمَ الْخُطْبَةَ عَلَى الصَّلَاةِ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَلَوْ قَصَدَ أَنَّ تَقْدِيمَ الْخُطْبَةِ عِبَادَةٌ وَتَعَمَّدَ ذَلِكَ لَمْ يَبْعُدْ التَّحْرِيمُ وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْ م ر عَلَيْهِ مَعَ تَرَدُّدٍ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ اخْتَارَ الْحُرْمَةَ فَرَاجِعْهُ اهـ. وَيَدُلُّ عَلَى الْحُرْمَةِ قَوْلُ مَتْنِ الرَّوْضِ: وَلَوْ خَطَبَ قَبْلَ الصَّلَاةِ لَمْ يَعْتَدَّ بِهَا وَأَسَاءَ. قَالَ شَارِحُهُ: كَالسُّنَّةِ الرَّاتِبَةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ إذَا قَدَّمَهَا عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَكَوْنُ الْخُطْبَةِ عَرَبِيَّةً) اُنْظُرْ وَلَوْ كَانُوا مِنْ غَيْرِ الْعَرَبِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ ذَلِكَ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْغَرَضُ مِنْهَا مُجَرَّدُ الْوَعْظِ بَلْ الْغَالِبُ عَلَيْهَا الِاتِّبَاعُ نَظَرًا لِكَوْنِهَا عِبَادَةً، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا نَصُّهُ: وَلَا بُدَّ فِي أَدَاءِ سُنَّتِهَا مِنْ كَوْنِهَا عَرَبِيَّةً، لَكِنَّ الْمُتَّجَهُ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لِكَمَالِهَا لَا لِأَصْلِهَا بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ يَفْهَمُهَا اهـ. قَالَ سم عَلَى حَجّ: فَلَوْ قَرَأَ الْجُنُبُ الْآيَةَ لَا بِقَصْدِ قُرْآنٍ فَهَلْ تُجْزِئُ لِقِرَاءَتِهِ ذَاتَ الْآيَةِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ قُرْآنًا إلَّا بِالْقَصْدِ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ. أَقُولُ: الْأَقْرَبُ الثَّانِي، بَلْ لَا وَجْهَ لِلتَّرَدُّدِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَصَدَ الذِّكْرَ لَمْ يَكُنْ قُرْآنًا، وَبَقِيَ مَا لَوْ قَرَأَ الْآيَةَ وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ بِقَصْدِ الْقُرْآنِ فَقَطْ فَهَلْ تُجْزِئُهُ مَعَ الْحُرْمَةِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا، وَصَرِيحُ كَلَامِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ حَيْثُ قَالَ: وَحُرْمَةُ قِرَاءَةِ الْجُنُبِ آيَةً إلَخْ الْإِجْزَاءُ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ وَقَدْ وُجِدَ مُسَمَّى الْآيَةِ ذَاتًا وَوَصْفًا (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْإِسْمَاعَ هُنَا يَسْتَلْزِمُ السَّمَاعَ) لَعَلَّهُ احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا قِيلَ إنَّهُ يُقَالُ: ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْإِسْمَاعَ هُنَا) أَيْ بِخِلَافِهِ فِي الْجُمُعَةِ إذْ الْمُعْتَبَرُ ثَمَّ الْإِسْمَاعُ وَالسَّمَاعُ بِالْقُوَّةِ، بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ بِالْفِعْلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشِّهَابُ حَجّ فِي الْإِسْمَاعِ الْمُسْتَلْزِمِ لِلسَّمَاعِ.

أَمَّا لَوْ نَذَرَ وَجَبَ أَنْ يَخْطُبَهَا قَائِمًا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ، وَيُسْتَحَبُّ الْجُلُوسُ قَبْلَهُمَا لِلِاسْتِرَاحَةِ. قَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ: قَدْرَ الْأَذَانِ: أَيْ فِي الْجُمُعَةِ وَعَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الشُّرُوطِ يُسْتَحَبُّ الْإِتْيَانُ بِهَا (وَيُعَلِّمُهُمْ) اسْتِحْبَابًا (فِي) كُلِّ عِيدٍ أَحْكَامَهُ فَفِي عِيدِ (الْفِطْرِ) أَحْكَامُ (الْفِطْرَةِ) وَهِيَ بِكَسْرِ الْفَاءِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَبِضَمِّهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ (وَ) فِي (الْأَضْحَى) أَحْكَامُ (الْأُضْحِيَّةَ) ؛ لِلِاتِّبَاعِ؛ وَلِكَوْنِهِ لَائِقًا بِالْحَالِ (يَفْتَتِحُ) الْخُطْبَةَ (الْأُولَى بِتِسْعِ تَكْبِيرَاتٍ وَلَاءً) إفْرَادًا (وَ) الْخُطْبَةَ (الثَّانِيَةَ بِسَبْعٍ) وَلَاءً كَذَلِكَ لِقَوْلِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ إلَى ذَلِكَ مِنْ السُّنَّةِ، وَفِي الْحَقِيقَةِ: الْخُطْبَةُ شُبِّهَتْ بِالصَّلَاةِ هُنَا، فَإِنَّ الرَّكْعَةَ الْأُولَى يَفْتَتِحُهَا بِسَبْعِ تَكْبِيرَاتٍ مَعَ تَكْبِيرَةِ التَّحْرِيمِ وَالرُّكُوعِ. فَجُمْلَتُهَا تِسْعٌ، وَالثَّانِيَةَ بِخَمْسٍ مَعَ تَكْبِيرَةِ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ، وَالْوَلَاءُ سُنَّةٌ فِي التَّكْبِيرَاتِ، وَكَذَا الْإِفْرَادُ، فَلَوْ تَخَلَّلَ ذِكْرٌ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ أَوْ قَرَنَ بَيْنَهُمَا جَازَ، وَالتَّكْبِيرَاتُ مُقَدِّمَةٌ لِلْخُطْبَةِ وَلَيْسَتْ مِنْهَا وَافْتِتَاحُ الشَّيْءِ قَدْ يَكُونُ بِبَعْضِ مُقَدِّمَاتِهِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ نَفْسِهِ، وَيُسَنُّ لِلنِّسَاءِ اسْتِمَاعُ الْخُطْبَتَيْنِ، وَمَنْ يُصَلِّي وَحْدَهُ لَا يَخْطُبُ لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ، وَمَنْ دَخَلَ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ بَدَأَ بِالتَّحِيَّةِ إنْ كَانَ فِي مَسْجِدٍ ثُمَّ بَعْدَ فَرَاغِ الْخُطْبَةِ يُصَلِّي فِيهِ صَلَاةَ الْعِيدِ، فَلَوْ صَلَّى فِيهِ الْعِيدَ بَدَلَ التَّحِيَّةِ وَهُوَ الْأَوْلَى حَصَلَا، فَإِنْ دَخَلَ وَعَلَيْهِ مَكْتُوبَةٌ فَعَلَهَا وَحَصَلَتْ التَّحِيَّةُ بِهَا، فَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ سُنَّ لَهُ أَنْ يَجْلِسَ لِلِاسْتِمَاعِ لِعَدَمِ طَلَبِ تَحِيَّةٍ وَيُؤَخِّرَ الصَّلَاةَ مَا لَمْ يَخَفْ فَوْتَهَا فَيُقَدِّمُهَا عَلَيْهِ، وَإِذَا أَخَّرَهَا تَخَيَّرَ بَيْنَ صَلَاتِهَا فِي مَحَلِّهِ وَبَيْنَ فِعْلِهَا فِي غَيْرِهِ إنْ أَمِنَ فَوْتَهَا، وَيُسَنُّ لِلْإِمَامِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْخُطْبَةِ إعَادَةُ ذَلِكَ لِمَنْ فَاتَهُ سَمَاعُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذِكْرًا، وَالْخُطَبُ الْمَشْرُوعَةُ عَشْرٌ: خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَالْكُسُوفَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَأَرْبَعٍ فِي الْحَجِّ، وَكُلُّهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ إلَّا خُطْبَتَيْ الْجُمُعَةِ وَعَرَفَةَ فَقَبْلَهَا، وَكُلُّهَا ثِنْتَانِ إلَّا الثَّلَاثَةَ الْبَاقِيَةَ فِي الْحَجِّ فَفُرَادَى. (وَيُنْدَبُ) لَهُ (الْغُسْلُ) لِكُلٍّ مِنْ عِيدِ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى قِيَاسًا عَلَى الْجُمُعَةِ، وَفُهِمَ مِنْ إطْلَاقِهِ اسْتِحْبَابُهُ لِكُلِّ أَحَدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَسْمَعْته فَلَمْ يَسْمَعْ فَإِنَّ ذَاكَ مَجَازٌ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ رَفَعْت صَوْتِي بِالْكَلَامِ فَلَمْ يَسْمَعْ لِبُعْدِهِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ نَذَرَ وَجَبَ أَنْ يَخْطُبَهَا قَائِمًا) وَكَذَا لَوْ نَذَرَ الْخُطْبَةَ وَحْدَهَا وَكَالْقِيَامِ غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ شُرُوطِ الْجُمُعَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّذْرَ يُسْلَكُ بِهِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ خَالَفَ صَحَّ مَعَ الْإِثْمِ (قَوْلُهُ: أَحْكَامُ الْفِطْرَةِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بَعْدَ قَوْلِهِ الْفِطْرَةِ: أَيْ أَحْكَامُهَا، مِثْلُهُ يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ لِأَنَّ فِيمَا ذَكَرَهُ تَغْيِيرًا لِإِعْرَابِ الْمَتْنِ ثُمَّ رَأَيْته كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ: بِتِسْعِ تَكْبِيرَاتٍ) هَلْ تَفُوتُ هَذِهِ التَّكْبِيرَاتُ بِالشُّرُوعِ فِي أَرْكَانِ الْخُطْبَةِ لَا يَبْعُدُ الْفَوَاتُ كَمَا يَفُوتُ التَّكْبِيرُ فِي الصَّلَاةِ بِالشُّرُوعِ فِي الْقِرَاءَةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِعَدَمِ الْفَوَاتِ، وَيُوَجَّهُ بِمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ السُّبْكِيّ مِنْ طَلَبِ الْإِكْثَارِ مِنْهُ فِي فُصُولِ الْخُطْبَةِ: أَيْ بَيْنَ سَجَعَاتِهَا (قَوْلُهُ: وَلَاءً إفْرَادًا) أَيْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً، وَقَوْلُهُ وَلَاءً: أَيْ فَيَضُرُّ الْفَصْلُ الطَّوِيلُ، فَعُلِمَ أَنَّ ذِكْرَ الْوَلَاءِ لَا يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ الْإِفْرَادِ، وَقَدْ أَوْضَحَ ذَلِكَ فِي الْقُوتِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِيَةُ بِسَبْعٍ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ بِالتَّكْبِيرِ وَيُكْثِرَ مِنْهُ فِي فُصُولِ الْخُطْبَةِ قَالَهُ السُّبْكِيُّ اهـ شَرْحُ رَوْضٍ (قَوْلُهُ: وَلَاءً كَذَلِكَ) أَيْ إفْرَادًا (قَوْلُهُ: أَوْ قَرَنَ بَيْنَهُمَا) أَيْ أَوْ بَيْنَ الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: جَازَ) يُؤْخَذُ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْجَوَازِ كَالْمَحَلِّيِّ عَدَمُ سَنِّ الْفَصْلِ الْمَذْكُورِ، وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَكُونُ خِلَافَ الْأَوْلَى أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ فِي الْإِتْيَانِ بِهِ تَرَفَ الْوَلَاءِ الْمَطْلُوبِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَتْ مِنْهَا) وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أَخَلَّ فِيهَا بِالشُّرُوطِ لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ قُلْنَا بِوُجُوبِهَا لِصِحَّةِ الْخُطْبَةِ (قَوْلُهُ: بَدَأَ بِالتَّحِيَّةِ) أَيْ حَيْثُ أَرَادَ الْجَمْعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ صَلَاةِ الْعِيدِ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ فَلَوْ صَلَّى إلَخْ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَخَفْ فَوْتَهَا) أَيْ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ عَرَضَ لَهُ مَانِعٌ مِنْ فِعْلِهَا لَوْ أَخَّرَهَا إلَى فَرَاغِ الْخُطْبَةِ (قَوْلُهُ: فَيُقَدِّمُهَا عَلَيْهِ) أَيْ السَّمَاعِ (قَوْلُهُ: إعَادَةُ ذَلِكَ) أَيْ الْخُطْبَةِ مَا لَمْ يُؤَدِّ ذَلِكَ إلَى تَطْوِيلٍ كَأَنْ كَثُرَ الدَّاخِلُونَ وَتَرَتَّبُوا فِي الْمَجِيءِ (قَوْلُهُ: إلَّا الثَّلَاثَةَ الْبَاقِيَةَ) أَيْ بَعْدَ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ لَهُ الْغُسْلُ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ الْغُسْلُ تَيَمَّمَ (قَوْلُهُ: اسْتِحْبَابُهُ لِكُلِّ أَحَدٍ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: وَهَلْ يُسْتَحَبُّ لِلْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى النَّظَافَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ صَلَاتَهُ؛ لِأَنَّهُ يَوْمُ زِينَةٍ فَالْغُسْلُ لَهُ، بِخِلَافِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَقَدْ مَرَّ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْجُمُعَةِ لَكِنَّهُ ذَكَرَهُ هُنَا تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ (وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ بِنِصْفِ اللَّيْلِ) ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْقُرَى الَّذِينَ يَسْمَعُونَ النِّدَاءَ يُبَكِّرُونَ لِصَلَاةِ الْعِيدِ مِنْ قُرَاهُمْ، فَلَوْ لَمْ يَجُزْ الْغُسْلُ لَيْلًا لَشَقَّ عَلَيْهِمْ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ تَأْخِيرُ صَلَاتِهَا وَتَقْدِيمُ صَلَاتِهِ فَعُلِّقَ غُسْلُهُ بِاللَّيْلِ وَلَكِنَّ الْمُسْتَحَبَّ فِعْلُهُ بَعْدَ الْفَجْرِ (وَفِي قَوْلٍ) يَدْخُلُ وَقْتُهُ (بِالْفَجْرِ) كَالْجُمُعَةِ وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ (وَ) يُنْدَبُ (الطِّيبُ) أَيْ التَّطَيُّبُ لِلذِّكْرِ بِأَحْسَنِ مَا يَجِدُهُ عِنْدَهُ مِنْ الطِّيبِ (وَالتَّزَيُّنُ كَالْجُمُعَةِ) بِأَحْسَنِ ثِيَابِهِ وَأَفْضَلُهَا الْبِيضُ إلَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرُهَا أَحْسَنَ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْهَا هُنَا لَا فِي الْجُمُعَةِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقَصْدَ هُنَا إظْهَارُ النِّعَمِ وَثَمَّ إظْهَارُ التَّوَاضُعِ، وَسَوَاءٌ أَرَادَ حُضُورَ الصَّلَاةِ أَمْ لَا وَلَوْ صَبِيًّا كَمَا مَرَّ فِي الْغُسْلِ، أَمَّا الْإِنَاثُ فَيُكْرَهُ حُضُورُ ذَاتِ الْجَمَالِ وَالْهَيْئَةِ مِنْهُنَّ، وَيُسْتَحَبُّ لِغَيْرِهَا بِإِذْنِ الزَّوْجِ أَوْ السَّيِّدِ، وَتَتَنَظَّفُ بِالْمَاءِ وَلَا تَتَطَيَّبُ وَتَخْرُجُ فِي ثِيَابِ بِذْلَتِهَا، وَالْخُنْثَى كَالْأُنْثَى فِيمَا تَقَرَّرَ، فَإِنْ كَانَتْ الْأُنْثَى مُقِيمَةً بِبَيْتِهَا اُسْتُحِبَّ لَهَا ذَلِكَ، وَيُسْتَحَبُّ إزَالَةُ الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ وَالرِّيحِ الْكَرِيهِ، وَالْمُسْتَسْقِي ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالزِّينَةُ وَكَمَا فِي غُسْلِ الْإِحْرَامِ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ. أَقُولُ: هُوَ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ (قَوْلُهُ: وَلَكِنَّ الْمُسْتَحَبَّ فِعْلُهُ بَعْدَ الْفَجْرِ) قَالَ سم عَلَى حَجّ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: وَهَلْ غَيْرُ الْغُسْلِ مِنْ الْمَنْدُوبَاتِ كَالتَّبْكِيرِ وَالطِّيبِ كَذَلِكَ أَوْ لَا يَدْخُلُ وَقْتُهَا إلَّا بِالْفَجْرِ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ. وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لحج مَا يَقْتَضِي دُخُولَهُ بِنِصْفِ اللَّيْلِ فِي التَّطَيُّبِ وَالتَّزْيِينِ اهـ. وَقَضِيَّةُ الِاقْتِصَارِ عَلَى هَذَيْنِ أَنَّ التَّبْكِيرَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْفَجْرِ، وَسَيَأْتِي مَا يُوَافِقُهُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ: وَيُبَكِّرُ النَّاسُ نَدْبًا بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَعِبَارَةُ مُلْتَقَى الْبَحْرَيْنِ تَبَعًا لِلْإِرْشَادِ: وَالْغُسْلُ لِلْعِيدَيْنِ وَالتَّطَيُّبُ وَالتَّزَيُّنُ لِقَاعِدٍ وَخَارِجٍ وَإِنْ غَيْرَ مُصَلٍّ مِنْ نِصْفِ لَيْلٍ اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْ التَّطَيُّبُ) هَلْ التَّطَيُّبُ وَمَا ذَكَرَ مَعَهُ مِنْ التَّزَيُّنِ. . إلَخْ هُنَا أَفْضَلُ مِنْهُ فِي الْجُمُعَةِ أَوْ هُوَ فِيهَا أَفْضَلُ أَوْ يَسْتَوِيَانِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ تَفْضِيلُ مَا هُنَا عَلَى الْجُمُعَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ طَلَبَ هُنَا أَعْلَى الثِّيَابِ قِيمَةً وَأَحْسَنَهَا مَنْظَرًا، وَلَمْ يَخْتَصَّ التَّزَيُّنُ فِيهِ بِمُرِيدِ الْحُضُورِ بَلْ طُلِبَ حَتَّى مِنْ النِّسَاءِ فِي بُيُوتِهِنَّ (قَوْلُهُ: وَالتَّزَيُّنُ) أَيْ تَزْيِينُهُ نَفْسَهُ (قَوْلُهُ: لَا فِي الْجُمُعَةِ) وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنْ يَكُونُ غَيْرُ الْبِيضِ أَفْضَلَ إذَا وَافَقَ يَوْمُ الْعِيدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَقَدْ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ إذَا خَرَجُوا لِلِاسْتِسْقَاءِ يَوْمَ الْعِيدِ خَرَجُوا بِثِيَابِ الْبِذْلَةِ، فَنَصُّوا عَلَى اسْتِثْنَاءِ هَذِهِ الصُّورَةِ فَبَقِيَ مَا عَدَاهَا عَلَى عُمُومِهِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِعْيَارُ الْعُمُومِ وَهَذَا اسْتِثْنَاءُ مَعْنًى اهـ. وَعِبَارَةُ سم عَلَى بَهْجَةٍ: لَوْ وَافَقَ الْعِيدُ يَوْمَ جُمُعَةٍ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ الْأَفْضَلُ لُبْسَ أَحْسَنِ الثِّيَابِ إلَّا عِنْدَ حُضُورِ الْجُمُعَةِ فَالْأَبْيَضُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. لَكِنْ تَقَدَّمَ لَهُ عَلَى حَجّ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ مَا نَصُّهُ: وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ يَوْمَ عِيدٍ فَهَلْ يُرَاعِي الْجُمُعَةَ فَيُقَدِّمُ الْأَبْيَضَ أَوْ الْعِيدَ فَالْأَعْلَى، أَوْ يُرَاعِي الْجُمُعَةَ وَقْتَ إقَامَتِهَا فَيُقَدِّمُ الْأَبْيَضَ حِينَئِذٍ وَالْعِيدَ فِي بَقِيَّةِ الْيَوْمِ فَيُقَدِّمُ الْأَعْلَى فِيهَا؟ لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا الْأَخِيرِ أَنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ فِي كُلِّ زَمَنٍ أَنَّهُ لَوْ رُوعِيَتْ الْجُمُعَةُ رُوعِيَتْ فِي جَمِيعِ الْيَوْمِ، وَقَدْ يَرْجَحُ مُرَاعَاةُ الْعِيدِ مُطْلَقًا، إذْ الزِّينَةُ فِيهِ آكَدُ مِنْهَا فِي الْجُمُعَةِ، وَلِهَذَا سُنَّ الْغُسْلُ وَغَيْرُهُ فِيهِ لِكُلِّ أَحَدٍ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ أَمَّا الْإِنَاثُ فَيُكْرَهُ إلَخْ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَيَأْتِي فِي خُرُوجِ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ إلَخْ. وَقَوْلُهُ ذَاتُ الْجَمَالِ قَضِيَّتُهُ أَنَّ غَيْرَ الْجَمِيلَةِ تَحْضُرُ غَيْرَ مُتَزَيِّنَةٍ وَإِنْ كَانَتْ شَابَّةً، وَقَضِيَّةُ تَعْبِيرِ غَيْرِهِ بِشَابَّةٍ يُخْرِجُهُ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ إزَالَةُ الشَّعْرِ) أَيْ الَّذِي تُطْلَبُ إزَالَتُهُ كَالْعَانَةِ وَالْإِبِطِ: أَيْ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِبَدَنِهِ شَعْرٌ فَهَلْ يُسَنُّ لَهُ إمْرَارُ الْمُوسَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ تَأْخِيرُ صَلَاتِهَا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَا قَبْلَهُ كَافٍ فِي الْفَرْقِ، فَلَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ الْفَرْقِ وَجَعَلَ مَا بَعْدَهُ مَعْطُوفًا عَلَى مَا قَبْلَهُ لَكَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْإِنَاثُ فَيُكْرَهُ حُضُورُ ذَاتِ الْجَمَالِ إلَخْ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ الْمَارِّ آنِفًا، وَيَأْتِي فِي خُرُوجِ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ لَهَا جَمِيعُ مَا مَرَّ أَوَائِلَ الْجَمَاعَةِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ هُنَا تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ وَتُنَظِّفُ بِالْمَاءِ إلَخْ، وَكَانَ الْأَوْلَى الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ هُنَا بِالذَّاتِ.

يَوْمَ الْعِيدِ يَتْرُكُ الزِّينَةَ وَالطِّيبَ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَذُو الثَّوْبِ الْوَاحِدِ يَغْسِلُهُ نَدْبًا لِكُلِّ جُمُعَةٍ وَعِيدٍ. (وَفِعْلُهَا) أَيْ صَلَاةِ الْعِيدِ (بِالْمَسْجِدِ) (أَفْضَلُ) مِنْ الْفِعْلِ بِالصَّحْرَاءِ إنْ اتَّسَعَ، أَوْ حَصَلَ مَطَرٌ وَنَحْوُهُ لِشَرَفِهِ وَلِسُهُولَةِ الْحُضُورِ إلَيْهِ مَعَ الْوُسْعِ فِي الْأَوَّلِ وَمَعَ الْعُذْرِ فِي الثَّانِي، فَلَوْ صَلَّى فِي الصَّحْرَاءِ كَانَ تَارِكًا لِلْأَوْلَى مَعَ الْكَرَاهَةِ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ، وَفِعْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ أَفْضَلُ مُطْلَقًا لِشَرَفِهِمَا مَعَ سُهُولَةِ الْحُضُورِ لَهُمَا وَاتِّسَاعِهِمَا، وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ إلْحَاقُ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ بِمَسْجِدِ مَكَّةَ، وَمَنْ لَمْ يُلْحِقْهُ بِهِ فَذَاكَ قَبْلَ اتِّسَاعِهِ الْآنَ، وَالْحُيَّضُ، وَنَحْوُهُنَّ يَقِفْنَ بِبَابِ الْمَسْجِدِ لِحُرْمَةِ دُخُولِهِنَّ لَهُ وَلَوْ ضَاقَتْ الْمَسَاجِدُ، وَلَا عُذْرَ كُرِهَ فِعْلُهَا فِيهَا لِلتَّشْوِيشِ بِالزِّحَامِ وَخَرَجَ إلَى الصَّحْرَاءِ؛ لِأَنَّهَا أَرْفَقُ بِالرَّاكِبِ وَغَيْرِهِ (وَقِيلَ) فِعْلُهَا (بِالصَّحْرَاءِ) أَفْضَلُ لِمَا مَرَّ (إلَّا لِعُذْرٍ) كَمَطَرٍ وَنَحْوِهِ فَالْمَسْجِدُ أَفْضَلُ. (وَيَسْتَخْلِفُ) الْإِمَامُ نَدْبًا عِنْدَ خُرُوجِهِ إلَى الصَّحْرَاءِ (مَنْ يُصَلِّي) فِي الْمَسْجِدِ (بِالضَّعَفَةِ) كَالشُّيُوخِ وَالْمَرْضَى وَمَنْ مَعَهُمْ مِنْ الْأَقْوِيَاءِ لِمَا صَحَّ: أَنَّ عَلِيًّا اسْتَخْلَفَ أَبَا مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيَّ فِي ذَلِكَ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ حَثًّا وَإِعَانَةً عَلَى صَلَاتِهِمْ جَمَاعَةً. وَيُكْرَهُ لِلْخَلِيفَةِ أَنْ يَخْطُبَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَالِي كَمَا فِي الْأُمِّ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الْخُطْبَةِ، وَحِينَئِذٍ فَالْمُتَّجَهُ اسْتِحْبَابُ الِاسْتِخْلَافِ فِي الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ جَمِيعًا، وَلَيْسَ لِمَنْ وَلِيَ إمَامَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى بَدَنِهِ تَشْبِيهًا بِالْحَالِقِينَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالظَّاهِرُ بَلْ الْمُتَعَيِّنُ عَدَمُهُ لِأَنَّ إزَالَةَ الشَّعْرِ لَيْسَ مَطْلُوبًا لِذَاتِهِ بَلْ لِلتَّنَظُّفِ، وَبِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا ذُكِرَ وَبَيْنَ الْمُحْرِمِ إذَا دَخَلَ وَقْتُ تَحَلُّلِهِ وَلَيْسَ بِرَأْسِهِ شَعْرٌ حَيْثُ يُسَنُّ لَهُ إمْرَارُ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ، فَإِنَّ إزَالَةَ الشَّعْرِ ثَمَّ مَطْلُوبَةٌ لِذَاتِهَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ لِشِدَّةِ الِاحْتِيَاجِ إلَى مَا خَرَجُوا لِأَجْلِهِ فَيُطْلَبُ مِنْهُمْ الْخُرُوجُ بِصُورَةِ الذُّلِّ وَالِانْكِسَارِ (قَوْلُهُ: إنْ اتَّسَعَ أَوْ حَصَلَ مَطَرٌ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَتَّسِعْ وَفَعَلَهَا بِالصَّحْرَاءِ فَهَلْ الْأَفْضَلُ جَعْلُهُمْ صُفُوفًا أَوْ صَفًّا وَاحِدًا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِمَا فِي الثَّانِي مِنْ التَّشْوِيشِ عَلَى الْمَأْمُومِينَ بِالْبُعْدِ عَنْ الْإِمَامِ وَعَدَمِ سَمَاعِهِمْ قِرَاءَتَهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَتُعْتَبَرُ الْمَسَافَةُ فِي عَرْضِ الصُّفُوفِ بِمَا يُهَيِّئُونَهُ لِلصَّلَاةِ وَهُوَ مَا يَسَعُهُمْ عَادَةً مُصْطَفِّينَ مِنْ غَيْرِ إفْرَاطٍ فِي السَّعَةِ وَلَا ضِيقٍ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ حَصَلَ مَطَرٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: بِمَسْجِدِ مَكَّةَ) لَمْ يَقُلْ بِهِمَا؛ لِأَنَّ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهِ مَسْجِدُ مَكَّةَ، وَأَمَّا بَيْتُ الْمَقْدِسِ فَأَلْحَقهُ بِهِ الصَّيْدَلَانِيُّ كَمَا فِي الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: يَقِفْنَ بِبَابِ الْمَسْجِدِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْنَ الْخُطْبَةَ إظْهَارًا لِشَعَائِرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ بِكَثْرَةِ الْجَمْعِ فِيهِ، وَالْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّهُنَّ إذَا حَضَرْنَ يَقِفْنَ بِبَابِ الْمَسْجِدِ وَذَلِكَ لَا يَسْتَلْزِمُ طَلَبَ الْحُضُورِ مِنْهُنَّ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ إلَى الصَّحْرَاءِ) أَيْ نَدْبًا (قَوْلُهُ: أَنْ يَخْطُبَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَالِي) بَلْ مِثْلُ الْوَالِي الْإِمَامُ الرَّاتِبُ إذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ لِلصَّحْرَاءِ فَاسْتَخْلَفَ غَيْرَهُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ مِثْلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَفْضَلُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَحَصَلَ نَحْوُ مَطَرٍ أَمْ لَا، فَلَيْسَ هَذَا الْإِطْلَاقُ مُقَابِلًا لِلتَّقَيُّدَيْنِ السَّابِقَيْنِ بَلْ لِأَحَدِهِمَا كَمَا تَقَرَّرَ إذْ الْوَاقِعُ أَنَّهُمَا فِي غَايَةِ الِاتِّسَاعِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بَعْدُ بِقَوْلِهِ وَاتِّسَاعُهُمَا، وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ قَطْعًا بَدَلُ مُطْلَقًا، لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَقَطْ: أَيْ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي الْمَتْنِ وَكَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُ هَذَا عَنْ الْقِيلِ الْآتِي، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ: صَلَاةُ الْعِيدِ تَجُوزُ فِي الصَّحْرَاءِ، وَفِي الْجَامِعِ: وَأَيُّهُمَا أَفْضَلُ إذَا كَانَ بِمَكَّةَ فَالْمَسْجِدُ أَفْضَلُ قَطْعًا، وَأَلْحَقَ بِهِ الصَّيْدَلَانِيُّ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِهِمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْحُيَّضُ وَنَحْوُهُنَّ يَقِفْنَ بِبَابِ الْمَسْجِدِ) أَيْ لِمَا فِي مُسْلِمٍ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نُخْرِجَ فِي الْعِيدَيْنِ الْعَوَاتِقَ وَالْحُيَّضَ وَذَوَاتَ الْخُدُورِ» ، فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلَاةَ وَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَالِي) أَيْ إذَا كَانَ هُوَ الْإِمَامَ كَمَا كَانَ فِي الْأَعْصُرِ الْخَالِيَةِ، فَالْمُرَادُ الْإِمَامُ الْخَارِجُ إلَى الصَّحْرَاءِ إذَا اسْتَخْلَفَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ:

الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ حَقٌّ فِي إمَامَةِ عِيدٍ وَخُسُوفٍ وَاسْتِسْقَاءٍ، إلَّا إنْ نَصَّ لَهُ عَلَى ذَلِكَ، أَوْ قُلِّدَ إمَامَةَ جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ، وَمَنْ قُلِّدَ صَلَاةَ عِيدٍ فِي عَامٍ صَلَّاهَا فِي كُلِّ عَامٍ؛ لِأَنَّ لَهَا وَقْتًا مُعَيَّنًا تَتَكَرَّرُ فِيهِ، بِخِلَافِ صَلَاةِ الْخُسُوفِ، أَوْ الِاسْتِسْقَاءِ فَلَا يَفْعَلُهَا كُلَّ عَامٍ، بَلْ فِي الْعَامِ الَّذِي قُلِّدَهَا فِيهِ، وَإِمَامَةُ التَّرَاوِيحِ وَالْوِتْرِ تَابِعَةٌ لِلْإِمَامَةِ فِي الْعِشَاءِ فَيَسْتَحِقُّهَا إمَامُهَا. (وَيَذْهَبُ) نَدْبًا قَاصِدُ صَلَاةِ الْعِيدِ إنْ كَانَ قَادِرًا إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا (فِي طَرِيقٍ وَيَرْجِعُ فِي) طَرِيقٍ (آخَرَ) غَيْرِ الَّذِي ذَهَبَ فِيهِ، وَيَخُصُّ بِالذَّهَابِ أَطْوَلَهُمَا لِلِاتِّبَاعِ فِي ذَلِكَ، وَالْأَرْجَحُ فِي سَبَبِهِ أَنَّهُ كَانَ يَذْهَبُ فِي أَطْوَلِهِمَا تَكْثِيرًا لِلْأَجْرِ وَيَرْجِعُ فِي أَقْصَرِهِمَا، وَوَرَاءَهُ أَقْوَالٌ أُخَرُ: شَهَادَةُ الطَّرِيقِينَ تَبَرُّكُ أَهْلِهِمَا بِهِ اسْتِفْتَاؤُهُ فِيهِمَا تَصَدُّقُهُ عَلَى فُقَرَائِهِمَا نَفَاذُ مَا يُتَصَدَّقُ بِهِ زِيَارَةُ قُبُورِ أَقَارِبِهِ فِيهِمَا ازْدِيَادُ غَيْظِ الْمُنَافِقِينَ الْحَذَرُ مِنْهُمْ التَّفَاؤُلُ بِتَغْيِيرِ الْحَالِ إلَى الْمَغْفِرَةِ وَالرِّضَا خَشْيَةَ الزَّحْمَةِ، وَلَا مَانِعَ مِنْ اجْتِمَاعِ هَذِهِ الْمَعَانِي كُلِّهَا أَوْ أَكْثَرِهَا، وَفِي الْأُمِّ: وَاسْتُحِبَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقِفَ فِي طَرِيقِ رُجُوعِهِ إلَى الْقِبْلَةِ وَيَدْعُوَ لِحَدِيثٍ فِيهِ، وَلَا يَتَقَيَّدُ مَا ذُكِرَ بِالْعِيدِ بَلْ يَجْرِي فِي سَائِرِ الْعِبَادَاتِ كَالْحَجِّ وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي رِيَاضِهِ. (وَيُبَكِّرُ النَّاسُ) لِلْحُضُورِ لِلْعِيدِ نَدْبًا بَعْدَ صَلَاتِهِمْ الصُّبْحَ لِيَحْصُلَ لَهُمْ الْقُرْبُ مِنْ الْإِمَامِ وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ، هَذَا إنْ خَرَجُوا إلَى الصَّحْرَاءِ، فَإِنْ صَلَّوْا فِي الْمَسْجِدِ مَكَثُوا فِيهِ إذَا صَلَّوْا الْفَجْرَ فِيمَا يَظْهَرُ، قَالَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSلِأَنَّهُ بِتَقْرِيرِهِ فِي الْوَظِيفَةِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ مُوَلِّيهِ (قَوْلُهُ: فِي إمَامَةِ عِيدٍ وَخُسُوفٍ) قَضِيَّةُ اقْتِصَارِهِ عَلَى مَا ذَكَرَ شُمُولُهُ وِلَايَةَ الصَّلَوَاتِ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَلَيْسَ مُرَادًا لِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ إفْرَادِ الْجُمُعَةِ بِإِمَامٍ (قَوْلُهُ: فَيَسْتَحِقُّهُ إمَامُهَا) أَيْ يُقَدَّمُ فِيهَا عَلَى غَيْرِهِ كَالْإِمَامِ الرَّاتِبِ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ (قَوْلُهُ: وَيَخُصُّ بِالذَّهَابِ أَطْوَلَهُمَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ لَكِنْ قَالَ حَجّ: قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: يُسْتَحَبُّ الذَّهَابُ فِي أَطْوَلِ الطَّرِيقَيْنِ، إلَّا لِلصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ فَإِنَّهَا إذَا كَانَتْ فِي مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ نُدِبَتْ الْمُبَادَرَةُ إلَيْهَا وَالْمَشْيُ إلَيْهَا مِنْ الطَّرِيقِ الْأَقْصَرِ، وَكَذَا إذَا خَشِيَ فَوَاتَ الْجَمَاعَةِ اهـ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ بِالْأَوْلَى نَدْبُ الذَّهَابِ فِي أَقْصَرِ الطَّرِيقِينَ وَالْإِسْرَاعُ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ، بَلْ يَجِبُ مَا ذُكِرَ إذَا خَافَ فَوْتَ الْفَرْضِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَكْثَرُهَا) قَالَ حَجّ: وَعَلَى كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي يُسَنُّ ذَلِكَ وَلَوْ لِمَنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ كَالرَّمْلِيِّ وَالْأَطْبَاعِيِّ (قَوْلُهُ: وَأَسْتَحِبُّ لِلْإِمَامِ) أَيْ أَقُولُ بِاسْتِحْبَابِهِ فَهُوَ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَقِفَ فِي طَرِيقِ رُجُوعِهِ) أَيْ فِي أَيِّ مَحَلٍّ اتَّفَقَ مِنْهُ، وَهَلْ يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْعِيدِ أَوْ يَعُمُّ سَائِرَ الْعِبَادَاتِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي: وَلَا يَتَقَيَّدُ مَا ذُكِرَ بِالْعِيدِ الثَّانِي فَلْيُرَاجَعْ. [فَائِدَةٌ] ذَكَرَ الشَّامِيُّ فِي سِيرَتِهِ جِمَاعَ أَبْوَابِ سِيرَتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ مِنْ آدَابِهِ فِي رُجُوعِهِ مِنْ الْمُصَلَّى مَا نَصُّهُ: وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: الْخُرُوجُ فِي الْعِيدَيْنِ إلَى الْجَبَّانَةِ مِنْ السُّنَّةِ اهـ (قَوْلُهُ: وَيَدْعُو) وَيُعَمِّمُ فِيهِ لِمَا هُوَ مَعْلُومٌ أَنَّ الدُّعَاءَ الْعَامَّ أَفْضَلُ مِنْ الدُّعَاءِ الْخَاصِّ (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَقَيَّدُ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الذَّهَابِ فِي طَرِيقٍ. إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ صَلَّوْا فِي الْمَسْجِدِ مَكَثُوا فِيهِ) أَيْ فَلَوْ خَرَجُوا مِنْهُ ثُمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيَأْمُرهُ الْإِمَامُ بِالْخُطْبَةِ، فَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ لَمْ يَخْطُبْ نَصَّ عَلَيْهِ انْتَهَتْ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: تَكْثِيرًا لِلْأَجْرِ) أَيْ وَإِنَّمَا خُصَّ الذَّهَابُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ قَاصِدُ مَحْضِ الْعِبَادَةِ (قَوْلُهُ: وَوَرَاءَهُ أَقْوَالٌ) أَيْ بِالنَّظَرِ إلَى مُطْلَقِ مُخَالَفَةِ الطَّرِيقِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لَا بِالنَّظَرِ لِتَخْصِيصِ الذَّهَابِ بِالْأَطْوَلِ وَالرُّجُوعِ بِالْأَقْصَرِ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: مَكَثُوا فِيهِ إلَخْ) تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ فِي الْغُسْلِ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْفَجْرِ، فَقَدْ تَعَارَضَ اسْتِحْبَابُ كَوْنِهِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَاسْتِحْبَابُ الْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ إلَى صَلَاةِ الْعِيدِ فَأَيُّهُمَا يُرَاعَى وَكَلَامُنَا فِي الِابْتِدَاءِ، وَإِلَّا فَإِذَا اتَّفَقَ أَنَّهُ حَضَرَ بِلَا غُسْلٍ فَلْيَذْهَبْ لَهُ بَعْدَ الْفَجْرِ ثُمَّ يَحْضُرْ لِلْعِيدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التُّحْفَةِ. وَقَدْ يُقَالُ: لَا تَعَارُضَ لِانْدِفَاعِهِ بِأَنْ يَغْتَسِلَ عَقِبَ الْفَجْرِ بِمَحَلِّهِ مَثَلًا

الْبَدْرُ بْنُ قَاضِي شُهْبَةَ. قَالَ الْغَزِّيِّ: إنَّهُ الظَّاهِرُ (وَيَحْضُرُ الْإِمَامُ) مُتَأَخِّرًا عَنْهُمْ (وَقْت صَلَاته) نَدْبًا، وَلْيَكُنْ فِي الْفِطْرِ كَرُبْعِ النَّهَارِ، وَفِي الْأَضْحَى كَسُدُسِهِ؛ لِأَنَّ انْتِظَارَهُمْ إيَّاهُ أَلْيَقُ وَقَدْ نَظَرَ فِي ذَلِكَ بَعْضُهُمْ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ غَايَةَ التَّأْخِيرِ الْمَطْلُوبِ ذَلِكَ (وَيُعَجِّلُ) حُضُورَهُ (فِي الْأَضْحَى) نَدْبًا وَيُؤَخِّرُهُ فِي عِيدِ الْفِطْرِ قَلِيلًا لِلِاتِّبَاعِ وَلِيَتَّسِعَ الْوَقْتُ قَبْلَ صَلَاةِ الْفِطْرِ لِتَفْرِيقِ الْفِطْرَةِ وَبَعْدَ صَلَاةِ الْأَضْحَى لِلتَّضْحِيَةِ. (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَيَأْكُلُ) ، أَوْ يَشْرَبُ (فِي عِيدِ الْفِطْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ) وَالْأَحَبُّ أَنْ يَكُونَ تَمْرًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَا ذُكِرَ فِي بَيْتِهِ فَفِي طَرِيقِهِ، أَوْ الْمُصَلَّى عِنْدَ تَيَسُّرِهِ (وَيُمْسِكُ) عَنْ الْأَكْلِ (فِي) عِيدِ (الْأَضْحَى) حَتَّى يُصَلِّيَ لِلِاتِّبَاعِ وَلِيَتَمَيَّزَ عِيدُ الْفِطْرِ عَمَّا قَبْلَهُ الَّذِي كَانَ فِيهِ حَرَامًا، وَلِيَعْلَمَ نَسْخَ تَحْرِيمِ الْفِطْرِ قَبْلَ صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ كَانَ مُحَرَّمًا قَبْلَهَا أَوَّلَ الْإِسْلَامِ، بِخِلَافِهِ قَبْلَ صَلَاةِ الْأَضْحَى، وَالشُّرْبُ كَالْأَكْلِ، وَيُكْرَهُ لَهُ تَرْكُ ذَلِكَ، قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ النَّصِّ. (وَيَذْهَبُ) لِلْعِيدِ (مَاشِيًا) كَالْجُمُعَةِ (بِسَكِينَةٍ) لِمَا مَرَّ، فَإِنْ كَانَ عَاجِزًا فَلَا بَأْسَ بِرُكُوبِهِ لِعُذْرِهِ كَالرَّاجِعِ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ قَادِرًا حَيْثُ لَمْ يَتَأَذَّ بِهِ أَحَدٌ لِانْقِضَاءِ الْعِبَادَةِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْمَشْيِ وَالرُّكُوبِ. نَعَمْ قَالَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ: لَوْ كَانَ الْبَلَدُ ثَغْرًا لِأَهْلِ الْجِهَادِ بِقُرْبِ عَدُوِّهِمْ فَرُكُوبُهُمْ لِصَلَاةِ الْعِيدِ ذَهَابًا وَإِيَابًا وَإِظْهَارُ السِّلَاحِ أَوْلَى. (وَلَا يُكْرَهُ) (النَّفَلُ قَبْلَهَا) بَعْدَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ (لِغَيْرِ الْإِمَامِ) ، (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِانْتِفَاءِ الْأَسْبَابِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْكَرَاهَةِ فَخَرَجَ بِقَبْلِهَا بَعْدَهَا وَفِيهِ تَفْصِيلٌ، فَإِنْ كَانَ يَسْمَعُ الْخُطْبَةَ كُرِهَ لَهُ كَمَا مَرَّ وَإِلَّا فَلَا وَبِغَيْرِ الْإِمَامِ الْإِمَامُ فَيُكْرَهُ لَهُ النَّفَلُ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا لِاشْتِغَالِهِ بِغَيْرِ الْأَهَمِّ وَلِمُخَالَفَتِهِ فِعْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ـــــــــــــــــــــــــــــSعَادُوا إلَيْهِ فَإِنْ كَانَ حُضُورُهُمْ فِي الْأَصْلِ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ عَلَى نِيَّةِ الْمُكْثِ لِصَلَاةِ الْعِيدِ ثُمَّ خَرَجُوا لِعَارِضٍ لَمْ تَفُتْ سُنَّةُ التَّبْكِيرِ، وَإِنْ كَانَ الْحُضُورُ لِمُجَرَّدِ صَلَاةِ الصُّبْحِ بِدُونِ قَصْدِ الْمُكْثِ لَمْ تَحْصُلْ تِلْكَ السُّنَّةُ (قَوْلُهُ: نَدْبًا) أَيْ وَيَجُوزُ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ مِنْ الثَّوَابِ مَا يُسَاوِي فَضِيلَةَ التَّبْكِيرِ أَوْ يَزِيدُ عَلَيْهَا حَيْثُ كَانَ تَأَخُّرُهُ امْتِثَالًا لِأَمْرِ الشَّارِعِ (قَوْلُهُ: كَرُبْعِ النَّهَارِ) وَابْتِدَاؤُهُ مِنْ الْفَجْرِ، وَفِي الْأَضْحَى كَسُدُسِهِ، نَقَلَهُ حَجّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ، وَعِبَارَتُهُ: وَحَدَّدَ الْمَاوَرْدِيُّ ذَلِكَ فِي الْأَضْحَى بِمُضِيِّ سُدُسِ النَّهَارِ، وَفِي الْفِطْرِ بِمُضِيِّ رُبْعِهِ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ) أَيْ قَوْلُهُ وَلْيَكُنْ فِي الْفِطْرِ. إلَخْ، وَهُوَ بَعِيدٌ، وَإِنَّمَا الْوَجْهُ أَنَّهُ فِي الْأَضْحَى يَخْرُجُ عَقِبَ الِارْتِفَاعِ كَرُمْحٍ، وَفِي الْفِطْرِ يُؤَخِّرُ عَنْ ذَلِكَ قَلِيلًا (قَوْلُهُ: وَالْأَحَبُّ أَنْ يَكُونَ تَمْرًا) وَأَنْ يَكُونَ وِتْرًا وَأُلْحِقَ بِهِ الزَّبِيبُ حَجّ (قَوْلُهُ: وَيُمْسِكُ فِي الْأَضْحَى) وَعَلَيْهِ فَلَا تَنْخَرِمُ الْمُرُوءَةُ بِهِ لِعُذْرِهِ اهـ حَجّ: أَيْ بِفِعْلِ مَا طُلِبَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَوَّلُ الْإِسْلَامِ) الْمُرَادُ بِهِ مَا لَيْسَ بِآخِرِهِ وَإِلَّا فَصَلَاةُ الْعِيدِ إنَّمَا شُرِعَتْ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ أَوَّلَ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: وَالشُّرْبُ كَالْأَكْلِ) أَيْ فَيُمْسِكُ عَنْهُ كَالْأَكْلِ، وَلَيْسَ هَذَا عَيْنَ قَوْلِهِ قَبْلُ أَوْ يَشْرَبُ لِأَنَّ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِعِيدِ الْفِطْرِ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِعِيدِ الْأَضْحَى (قَوْلُهُ: كَالرَّاجِعِ مِنْهَا) أَيْ فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِرُكُوبِهِ (قَوْلُهُ: فَرُكُوبُهُمْ لِصَلَاةِ الْعِيدِ ذَهَابًا وَإِيَابًا) لَمْ يَذْكُرْ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْجُمُعَةِ وَلَوْ قِيلَ بِهِ لَمْ يَبْعُدْ، وَلَعَلَّ حِكْمَةَ ذِكْرِهِمْ لَهُ فِي الْعِيدِ دُونَ الْجُمُعَةِ كَوْنُهُ يَوْمًا طُلِبَ فِيهِ إظْهَارُ الزِّينَةِ لِذَاتِهِ لَا لِلصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: فَيُكْرَهُ لَهُ النَّفَلُ قَبْلَهَا) أَيْ وَيَنْعَقِدُ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ الْأَهَمِّ) قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ خَطَبَ غَيْرُهُ لَمْ يُكْرَهْ لَهُ التَّنَفُّلُ، وَصَرَّحَ حَجّ بِخِلَافِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQثُمَّ يَحْضُرُ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ وَيَسْتَمِرُّ إلَى صَلَاةِ الْعِيدِ، لَكِنْ قَدْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ فَوَاتُ سُنَّةِ الْمُبَادَرَةِ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ أَوْ سُنَّةِ إيقَاعِهَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَوْ سُنَّةِ الْجَمَاعَةِ إذَا كَانَ إمَامُهَا يُبَادِرُ بِهَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلِيَكُنْ فِي الْفِطْرِ كَرُبُعِ النَّهَارِ) الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُعَجِّلُ فِي الْأَضْحَى كَمَا صَنَعَ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَبِغَيْرِ الْإِمَامُ الْإِمَامِ فَيُكْرَهُ لَهُ النَّفَلُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْقُوتِ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ: وَلَا يُصَلِّ الْإِمَامُ بِالْمُصَلَّى قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَلَا بَعْدَهَا. قَالَ أَصْحَابُنَا:؛ لِأَنَّ وَظِيفَتَهُ بَعْدَ حُضُورِهِ الصَّلَاةَ وَبَعْدَهَا الْخُطْبَةُ، وَهَذَا يَقْتَضِي تَخْصِيصَ الْكَرَاهَةِ بِمَنْ يَخْطُبُ. أَمَّا حَيْثُ لَا يَخْطُبُ فَالْإِمَامُ كَغَيْرِهِ وَلَا كَرَاهَةَ بَعْدَ الْخُطْبَةِ لِأَحَدٍ انْتَهَتْ.

[فصل في التكبير المرسل والمقيد]

وَيُسْتَحَبُّ إحْيَاءُ لَيْلَتَيْ الْعِيدِ بِالْعِبَادَةِ وَلَوْ كَانَتْ لَيْلَةَ جُمُعَةٍ مِنْ صَلَاةٍ وَغَيْرِهَا مِنْ الْعِبَادَاتِ لِخَبَرِ «مَنْ أَحْيَا لَيْلَةَ الْعِيدِ لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ» وَالْمُرَادُ بِمَوْتِ الْقُلُوبِ شَغَفُهَا بِحُبِّ الدُّنْيَا أَخْذًا مِنْ خَبَرِ «لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْمَوْتَى؟ قِيلَ مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الْأَغْنِيَاءُ» وَقِيلَ الْكَفَرَةُ أَخْذًا مِنْ قَوْله تَعَالَى {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ} [الأنعام: 122] أَيْ كَافِرًا فَهَدَيْنَاهُ. وَقِيلَ الْفَزَعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَخْذًا مِنْ خَبَرِ «يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ:، أَوْ غَيْرُهَا وَاسَوْأَتَاهُ، أَتَنْظُرُ الرِّجَالُ إلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَالنِّسَاءُ إلَى عَوْرَاتِ الرِّجَالِ؟ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّ لَهُمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ شُغْلًا لَا يَعْرِفُ الرَّجُلُ أَنَّهُ رَجُلٌ وَلَا الْمَرْأَةُ أَنَّهَا امْرَأَةٌ» وَيَحْصُلُ الْإِحْيَاءُ بِمُعْظَمِ اللَّيْلِ وَإِنْ كَانَ الْأَرْجَحُ فِي حُصُولِ الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ الِاكْتِفَاءُ فِيهِ بِلَحْظَةٍ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ اللَّيْلِ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ يَحْصُلُ إحْيَاؤُهُمَا بِصَلَاةِ الْعِشَاءِ جَمَاعَةً وَالْعَزْمُ عَلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ جَمَاعَةً، وَالدُّعَاءُ فِيهِمَا وَفِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَتَيْ أَوَّلِ رَجَبٍ وَنِصْفِ شَعْبَانَ مُسْتَجَابٌ فَيُسْتَحَبُّ. فَصْلٌ فِي االتَّكْبِيرِ الْمُرْسَلِ وَالْمُقَيَّدِ وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ وَيُسَمَّى بِالْمُطْلَقِ أَيْضًا، وَهُوَ مَا لَا يَكُونُ عَقِبَ صَلَاةٍ فَقَالَ (يُنْدَبُ) (التَّكْبِيرُ) لِمُسَافِرٍ وَحَاضِرٍ وَذَكَرٍ وَغَيْرِهِ، وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ (بِغُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْعِيدِ) اللَّامُ فِيهِ لِلْجِنْسِ الصَّادِقِ بَعِيدِ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى (فِي الْمَنَازِلِ وَالطُّرُقِ وَالْمَسَاجِدِ وَالْأَسْوَاقِ) لَيْلًا وَنَهَارًا، أَمَّا فِي الْفِطْرِ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ} [البقرة: 185] قَالَ الشَّافِعِيُّ: سَمِعْت مَنْ أَرْضَاهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ بِالْقُرْآنِ يَقُولُ: الْمُرَادُ بِالْعِدَّةِ عِدَّةُ الصَّوْمِ، وَبِالتَّكْبِيرِ عِنْدَ الْإِكْمَالِ، وَأَمَّا عِيدُ الْأَضْحَى فَبِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ: أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُرْسَلِ، أَمَّا الْمُقَيَّدُ فَثَبَتَ بِالسُّنَّةِ (بِرَفْعِ الصَّوْتِ) إظْهَارًا لِشِعَارِ الْعِيدِ، وَاسْتَثْنَى الرَّافِعِيُّ مِنْ طَلَبِ رَفْعِ الصَّوْتِ الْمَرْأَةَ وَمَحَلُّهُ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ إذَا حَضَرَتْ مَعَ الْجَمَاعَةِ وَلَمْ يَكُونُوا مَحَارِمَ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي شَرْحِ الْعُبَابِ كَمَا نَقَلَهُ سم عَنْهُ، وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا تَتَوَقَّفُ كَرَاهَةُ التَّنَفُّلِ لَهُ عَلَى كَوْنِهِ جَاءَ لِلْمَسْجِدِ وَقْتَ صَلَاةِ الْعِيدِ، بِلَوْ كَانَ جَالِسًا فِيهِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ كُرِهَ وَإِنْ كَانَ لِصَلَاتِهِ سَبَبٌ، ثُمَّ قَوْلُهُ لِاشْتِغَالِهِ إلَخْ هُوَ وَاضِحٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَعْدَهَا لِطَلَبِ الْخُطْبَةِ مِنْهُ. وَأَمَّا لِمَا قَبْلَهَا فَإِنْ كَانَ دَخَلَ وَقْتُ إرَادَةِ الصَّلَاةِ فَوَاضِحٌ أَيْضًا، وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهَا أَوْ جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِالتَّأْخِيرِ فَمَا وَجْهُ الْكَرَاهَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْخُطْبَةُ مَطْلُوبَةً مِنْهُ كَانَ الْأَهَمُّ فِي حَقِّهِ اشْتِغَالَهُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَمُرَاقَبَتَهُ لِوَقْتِ الصَّلَاةِ لِانْتِظَارِهِ إيَّاهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ لَيْلَةَ جُمُعَةٍ) أَيْ فَإِنَّ إحْيَاءَهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنِهَا عِيدًا وَكَرَاهَةَ تَخْصِيصِهَا بِقِيَامٍ إذَا لَمْ تُصَادِفْ لَيْلَةَ عِيدٍ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْفَزَعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) وَهَذَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ قَوْلِهِ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ (قَوْلُهُ: لَا يَعْرِفُ الرَّجُلُ أَنَّهُ رَجُلٌ إلَخْ) أَيْ لِشِدَّةِ الْهَوْلِ وَانْتِظَارِهِ مَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ الْفَرَجِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى تَصِيرَ عَيْنَاهُ لِكَثْرَةِ تَطَلُّعِهِ لِمَا يَحْصُلُ كَأَنَّهُمَا فِي رَأْسِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْأَرْجَحُ إلَخْ) أَخَذَهُ غَايَةً؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُتَوَهَّمُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا، إذْ الْمَقْصِدُ مِنْ الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ إحْيَاؤُهَا (قَوْلُهُ: بِصَلَاةِ الْعِشَاءِ جَمَاعَةً) أَيْ وَلَوْ فِي الْوَقْتِ الْمَفْضُولِ (قَوْلُهُ: وَالْعَزْمُ عَلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ لَهُ صَلَاتُهُ فِي جَمَاعَةٍ. [فَصْلٌ فِي التَّكْبِيرِ الْمُرْسَلِ وَالْمُقَيَّدِ] [وَقْتُ تَكْبِير الْعِيد] فَصْلٌ فِي التَّكْبِيرِ الْمُرْسَلِ وَالْمُقَيَّدِ. أَيْ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الشَّهَادَةِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا لَا يَكُونُ عَقِبَ صَلَاةٍ) أَيْ وَلَا غَيْرِهَا، وَيُسَنُّ تَأْخِيرُهُ عَنْ أَذْكَارِهَا بِخِلَافِ الْمُقَيَّدِ الْآتِي اهـ حَجّ: أَيْ فَيُقَدَّمُ عَلَى أَذْكَارِهَا وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ شِعَارُ الْوَقْتِ وَلَا يَتَكَرَّرُ فَكَانَ الِاعْتِنَاءُ بِهِ أَشَدَّ مِنْ الْأَذْكَارِ (قَوْلُهُ: وَبِالتَّكْبِيرِ عِنْدَ الْإِكْمَالِ) أَيْ التَّكْبِيرِ عِنْدَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ إلَخْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصْل

وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى (وَالْأَظْهَرُ إدَامَتُهُ حَتَّى يُحْرِمَ الْإِمَامُ بِصَلَاةِ الْعِيدِ) إذْ الْكَلَامُ مُبَاحٌ إلَيْهِ، فَالتَّكْبِيرُ أَوْلَى مَا يَشْتَغِلُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ ذِكْرُ اللَّهِ وَشِعَارَ الْيَوْمِ، فَإِنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا فَالْعِبْرَةُ بِإِحْرَامِهِ، وَالثَّانِي يَمْتَدُّ إلَى حُضُورِ الْإِمَامِ لِلصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَضَرَ احْتَاجَ النَّاسُ إلَى التَّهَيُّؤِ لِلصَّلَاةِ وَاشْتِغَالِهِمْ بِالْقِيَامِ لَهَا، وَتَكْبِيرُ لَيْلَةِ عِيدِ الْفِطْرِ آكَدُ مِنْ تَكْبِيرِ لَيْلَةِ الْأَضْحَى لِلنَّصِّ عَلَيْهِ. (وَلَا يُكَبِّرُ الْحَاجُّ لَيْلَةَ الْأَضْحَى) خِلَافًا لِلْقَفَّالِ (بَلْ يُلَبِّي) ؛ لِأَنَّ التَّلْبِيَةَ شِعَارُهُ وَالْمُعْتَمِرُ يُلَبِّي إلَى أَنْ يَشْرَعَ فِي الطَّوَافِ (وَلَا يُسَنُّ لَيْلَةَ الْفِطْرِ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ تَكَرَّرَ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ كَبَّرَ فِيهِ عَقِبِ الصَّلَاةِ، وَإِنْ خَالَفَ الْمُصَنِّفُ فِي أَذْكَارِهِ فَسَوَّى فِي التَّكْبِيرِ بَيْنَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى، وَهَذَا هُوَ النَّوْعُ الثَّانِي الْمُسَمَّى بِالتَّكْبِيرِ الْمُقَيَّدِ بِإِدْبَارِ الصَّلَاةِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ الِاسْتِحْبَابُ تَسْوِيَةً بَيْنَ الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ بِجَامِعِ الِاسْتِحْبَابِ وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ فَيُكَبَّرُ خَلْفَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ (وَيُكَبِّرُ الْحَاجُّ مِنْ ظُهْرِ) يَوْمِ (النَّحْرِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ} [البقرة: 200] وَالْمَنَاسِكُ تَنْقَضِي يَوْمَ النَّحْرِ ضَحْوَةً بِالرَّمْيِ، فَالظُّهْرُ أَوَّلُ صَلَاةٍ تَأْتِي عَلَيْهِ بَعْدَ انْتِهَاءِ وَقْتِ التَّلْبِيَةِ (وَيَخْتِمُ بِصُبْحِ آخِرِ) أَيَّامِ (التَّشْرِيقِ) ؛ لِأَنَّهَا آخِرُ صَلَاةٍ يُصَلِّيهَا بِمِنًى (وَغَيْرُهُ كَهُوَ) أَيْ غَيْرُ الْحَاجِّ (فِي الْأَظْهَرِ) تَبَعًا لَهُ (وَفِي قَوْلٍ) يُكَبِّرُ غَيْرُ الْحَاجِّ (مِنْ مَغْرِبِ لَيْلَةِ النَّحْرِ) قِيَاسًا عَلَى التَّكْبِيرِ وَيَخْتِمُ أَيْضًا بِصُبْحِ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ (وَفِي قَوْلٍ) يُكَبِّرُ (مِنْ صُبْحِ يَوْمِ عَرَفَةَ وَيَخْتِمُ بِعَصْرِ آخِرِ) أَيَّامِ (التَّشْرِيقِ) لِلِاتِّبَاعِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ وَيَخْرُجُ بِهَذَا الْقَيْدِ مَا لَوْ كَانَتْ فِي بَيْتِهَا أَوْ نَحْوِهِ وَلَيْسَ عِنْدَهَا رِجَالٌ أَجَانِبُ فَتَرْفَعُ صَوْتَهَا بِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: حَتَّى يُحْرِمَ الْإِمَامُ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: أَيْ إلَى انْتِهَائِهِ، ثُمَّ ظَاهِرُهُ اسْتِمْرَارُ التَّكْبِيرِ وَلَوْ فَحُشَ تَأْخِيرُ الْإِمَامِ لِلصَّلَاةِ اهـ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ إلَى تَمَامِ إحْرَامِ الْإِمَامِ، وَقَضِيَّتُهَا أَنَّهُ عِنْدَ شُرُوعِ الْإِمَامِ فِي التَّكْبِيرِ يَطْلُبُ التَّكْبِيرَ مِنْ غَيْرِ مَا لَمْ يُتِمَّهُ وَلَا يَخْلُو عَنْ وَقْفَةٍ فِي حَقِّ مَنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ مَعَهُ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْهُ تَأَمَّلْ. وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: إلَى نُطْقِ الْإِمَامِ بِالرَّاءِ مِنْ تَكْبِيرِ التَّحَرُّمِ اهـ. وَانْظُرْ لَوْ أَخَّرَ الْإِمَامُ التَّحَرُّمَ إلَى الزَّوَالِ أَوْ تَرَكَ الصَّلَاةَ. وَفِي حَجّ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ تَرْكَ الصَّلَاةِ بِالْكُلِّيَّةِ اُعْتُبِرَ فِي حَقِّهِ تَحَرُّمُ الْإِمَامِ إنْ كَانَ، وَإِلَّا اُعْتُبِرَ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ، وَيُحْتَمَلُ الِاعْتِبَارُ بِهِ مُطْلَقًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُ حَجّ: إنَّهُ لَوْ قُصِدَ تُرِكَ: أَيْ مَنْ طُلِبَ مِنْهُ التَّكْبِيرُ وَقَوْلُهُ وَيَحْتَمِلُ الِاعْتِبَارَ بِهِ: أَيْ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ (قَوْلُهُ: فَالتَّكْبِيرُ أَوْلَى مَا يَشْتَغِلُ بِهِ) فَلَوْ اتَّفَقَ أَنَّ لَيْلَةَ الْعِيدِ لَيْلَةُ جُمُعَةٍ جَمَعَ فِيهَا بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَقِرَاءَةِ الْكَهْفِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَشْغَلُ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ بِنَوْعٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَيَتَخَيَّرُ فِيمَا يُقَدِّمُهُ، وَلَكِنْ لَعَلَّ تَقْدِيمَ التَّكْبِيرِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ شِعَارُ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي يَمْتَدُّ إلَى حُضُورِ الْإِمَامِ إلَخْ) قَالَ الْمَحَلِّيُّ: وَالثَّالِثُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا قِيلَ وَمِنْ الْخُطْبَتَيْنِ وَهُوَ فِيمَنْ لَا يُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ اهـ. (قَوْلُهُ: آكَدُ مِنْ تَكْبِيرِ لَيْلَةِ عِيدِ الْأَضْحَى) أَيْ الْمُرْسَلِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُسَنُّ لَيْلَةَ الْفِطْرِ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الصَّلَاةُ لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا لَيْلَةَ الْعِيدِ وَعَلَيْهِ فَيُقَدِّمُ أَذْكَارَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ حَجّ (قَوْلُهُ: الْمُسَمَّى بِالتَّكْبِيرِ الْمُقَيَّدِ) أَيْ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْمُرْسَلِ مُطْلَقًا لِشَرَفِهِ بِتَبَعِيَّتِهِ لِلصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَيَخْتِمُ بِصُبْحٍ آخِرَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: كَهُوَ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: قِيَاسًا عَلَى التَّكْبِيرِ) أَيْ الْمُرْسَلِ (قَوْلُهُ: يُكَبِّرُ مِنْ صُبْحِ يَوْمِ عَرَفَةَ) سَكَتُوا عَمَّا لَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فِي مِيقَاتِهِ الزَّمَانِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنْ خَالَفَ الْمُصَنِّفُ فِي أَذْكَارِهِ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَنْ حِكَايَةِ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُهُ، ثُمَّ يَقُولُ: وَاخْتَارَهُ فِي الْأَذْكَارِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِجَامِعِ الِاسْتِحْبَابِ) أَيْ أَصْلِ الطَّلَبِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ لِمُطْلَقِ التَّكْبِيرِ، فَالِاسْتِحْبَابُ هُنَا غَيْرُ الِاسْتِحْبَابِ الْمَذْكُورِ قَبْلَهُ إذْ الْمُرَادُ بِهِ الِاسْتِحْبَابُ الْخَاصُّ بِأَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ فَانْدَفَعَ مَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ لُزُومِ الدَّوْرِ (قَوْلُهُ: وَيَخْتِمُ بِصُبْحٍ آخَرَ التَّشْرِيقِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ حَاجًّا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ، وَإِلَّا فَمِنْ

(وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا) فِي الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ لِتَرْجِيحِهِ لَا سِيَّمَا أَنَّهُ صَحَّحَهُ فِي مَجْمُوعِهِ وَاخْتَارَهُ فِي تَصْحِيحِهِ. وَقَالَ فِي الْأَذْكَارِ إنَّهُ الْأَصَحُّ وَفِي الرَّوْضَةِ إنَّهُ الْأَظْهَرُ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ، وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ انْقِطَاعِ التَّكْبِيرِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ لَيْسَ بِمُرَادٍ، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ بِهِ انْقِضَاءُ وَقْتِ الْعَصْرِ، فَقَدْ قَالَ الْجُوَيْنِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَالْغَزَالِيُّ فِي خُلَاصَتِهِ إنَّهُ يُكَبِّرُ عَقِبَ فَرْضِ الصُّبْحِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ إلَى آخِرِ نَهَارِ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي أَكْمَلِ الْأَقْوَالِ، وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ تُفْهِمُ أَنَّهُ يُكَبِّرُ إلَى الْغُرُوبِ كَمَا قُلْنَاهُ، وَيَظْهَرُ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ فِي الْقَضَاءِ بَعْدَ فِعْلِ الْعَصْرِ وَمَا يُفْعَلُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَسْبَابِ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ) أَيْ الشَّخْصَ ذَكَرًا كَانَ أَمْ غَيْرَهُ حَاضِرًا كَانَ أَمْ مُسَافِرًا مُنْفَرِدًا أَمْ غَيْرَهُ (يُكَبِّرُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ لِلْفَائِتَةِ وَالرَّاتِبَةِ) وَالْمَنْذُورَةِ (وَالنَّافِلَةِ) تَعْمِيمٌ بَعْدَ تَخْصِيصٍ الْمُطْلَقَةُ وَالْمُقَيَّدَةُ وَذَاتُ السَّبَبِ كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَالْجِنَازَةِ؛ لِأَنَّهُ شِعَارُ الْوَقْتِ، وَلَا يَلْحَقُ بِذَلِكَ سُجُودُ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ كَمَا اسْتَثْنَاهُمَا الْمَحَامِلِيُّ وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ فِي تَحْرِيرِهِ وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ يُكَبِّرُ عَقِبَ الْفَرَائِضِ خَاصَّةً مُؤَدَّاةً كَانَتْ أَمْ مَقْضِيَّةً مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ أَمْ مِنْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الْفَرَائِضَ مَحْصُورَةٌ فَلَا يَشُقُّ طَلَبُ ذَلِكَ فِيهَا كَالْأَذَانِ فِي أَوَّلِ الْفَرَائِضِ وَالْأَذْكَارِ فِي آخِرِهَا، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ عَمَّا لَوْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ مِنْهَا فَقَضَاهَا فِي غَيْرِهَا فَلَا يُكَبِّرُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، بَلْ قَالَ: إنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ؛ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ شِعَارُ الْوَقْتِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ تَرَكَ التَّكْبِيرَ عَمْدًا، أَوْ سَهْوًا عَقِبَ الصَّلَاةِ تَدَارَكَهُ وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ لِأَنَّهُ شِعَارُ الْأَيَّامِ لَا تَتِمَّةٌ لِلصَّلَاةِ، بِخِلَافِ سُجُودِ السَّهْوِ. وَهَذَا كُلُّهُ فِي التَّكْبِيرِ الَّذِي يَرْفَعُ بِهِ صَوْتَهُ وَيَجْعَلُهُ شِعَارًا لِلْيَوْمِ، أَمَّا لَوْ اسْتَغْرَقَ عُمُرَهُ بِالتَّكْبِيرِ فِي نَفْسِهِ لَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْإِمَامِ، وَأَقَرَّهُ وَلَوْ اخْتَلَفَ رَأْيُ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فِي وَقْتِ ابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ تَبِعَ اعْتِقَادَ نَفْسِهِ. (وَصِيغَتُهُ الْمَحْبُوبَةُ) أَيْ الْمَسْنُونَةُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ) ثَلَاثًا فِي الْجَدِيدِ لِوُرُودِهِ عَنْ جَابِرٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَفِي الْقَدِيمِ يُكَبِّرُ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ يَقُولُ (لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ) مَرَّتَيْنِ (وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَزِيدَ) بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الثَّالِثَةِ اللَّهُ أَكْبَرُ (كَبِيرًا) كَمَا فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ: أَيْ بِزِيَادَةِ اللَّهُ أَكْبَرُ قَبْلَ كَبِيرًا (وَالْحَمْدُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَهُوَ أَوَّلُ شَوَّالٍ فَهَلْ يُلَبِّي؛ لِأَنَّهَا شِعَارُ الْحَاجِّ أَوْ يُكَبِّرُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِمَا ذُكِرَ مِنْ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: كَمَا قُلْنَاهُ) لَكِنَّهَا تُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يُكَبِّرُ بَعْدَ فَجْرِ عَرَفَةَ وَقَبْلَ فَرْضِ الصُّبْحِ، وَقَدْ نَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ خِلَافَهُ وَعِبَارَتُهُ الْوَجْهُ وِفَاقًا لِ م ر أَنَّهُ يَدْخُلُ وَقْتُ التَّكْبِيرِ بِفَجْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ الصُّبْحَ حَتَّى لَوْ صَلَّى فَائِتَةً مَثَلًا قَبْلَ الصُّبْحِ كَبَّرَ عَقِبَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ إلَّا بِالْغُرُوبِ آخِرَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ كَالذَّبْحِ اهـ. (قَوْلُهُ: تَعْمِيمٌ بَعْدَ تَخْصِيصٍ) أَيْ ذِكْرُ النَّافِلَةِ بَعْدَ الرَّاتِبَةِ تَعْمِيمٌ بَعْدَ إلَخْ، وَقَوْلُهُ الْمُطْلَقَةُ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ النَّافِلَةَ (قَوْلُهُ تَدَارَكَهُ) أَيْ فِيمَا بَقِيَ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ اسْتَغْرَقَ عُمُرَهُ بِالتَّكْبِيرِ) أَيْ وَلَوْ بِالْهَيْئَةِ الْآتِيَةِ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الثَّالِثَةِ) أَيْ مَعَ مَا يَتَّصِلُ بِهَا حَجّ. يَعْنِي مِنْ قَوْلِهِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ إلَخْ. قَالَ سم عَلَيْهِ: عِبَارَةُ الْعُبَابِ فَرْعُ صِفَةِ التَّكْبِيرَيْنِ: أَيْ الْمُرْسَلِ وَالْمُقَيَّدِ اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا نَسَقًا، وَيَحْسُنُ أَنْ يَزِيدَ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَلَا نَعْبُدُ إلَّا إيَّاهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ اهـ. ثُمَّ قَالَ: وَيَتَحَصَّلُ حِينَئِذٍ أَنَّ صُورَةَ تَرْتِيبِ هَذَا التَّكْبِيرِ هَكَذَا: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَلَا نَعْبُدُ إلَّا إيَّاهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَعْلُومِ أَنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ كَغَيْرِهِ فَيُطْلَبُ مِنْهُ التَّكْبِيرُ الْمَطْلُوبُ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ: وَالْجِنَازَةُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ لِلْفَائِتَةِ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الثَّالِثَةِ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ: أَيْ وَمَا بَعْدَهَا مِمَّا ذُكِرَ إنْ أَتَى بِهِ (قَوْلُهُ: بِزِيَادَةِ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا) هَذَا تَفْسِيرٌ لِأَصْلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَزِيدَ كَبِيرًا وَلَيْسَ مُرَادُهُ الزِّيَادَةَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَإِلَّا لَمْ يَتَأَتَّ

لِلَّهِ كَثِيرًا وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) كَمَا قَالَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى الصَّفَا، وَمَعْنَى بُكْرَةً وَأَصِيلًا: أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ، وَقِيلَ الْأَصِيلُ مَا بَيْنَ الْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ. وَيُسَنُّ أَنْ يَقُولَ أَيْضًا بَعْدَ هَذَا: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَلَا نَعْبُدُ إلَّا إيَّاهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ صَدَقَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ. وَإِذَا رَأَى شَيْئًا مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ سُنَّ لَهُ التَّكْبِيرُ، قَالَهُ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ وَغَيْرُهُ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَنْ عَلِمَ كَمَنْ رَأَى، فَالتَّعْبِيرُ بِهَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ. (وَلَوْ) شَهِدَ، أَوْ (شَهِدُوا يَوْمَ الثَّلَاثِينَ) مِنْ رَمَضَانَ (قَبْلَ الزَّوَالِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ) أَيْ هِلَالِ شَوَّالٍ (اللَّيْلَةَ الْمَاضِيَةَ) (أَفْطَرْنَا) وُجُوبًا (وَصَلَّيْنَا الْعِيدَ) نَدْبًا حَيْثُ كَانَ ثَمَّ زَمَنٌ يَسَعُ الِاجْتِمَاعَ وَالصَّلَاةَ بَلْ أَوْ رَكْعَةٌ وَتَكُونُ أَدَاءً (وَإِنْ شَهِدُوا) أَيْ أَوْ شَهِدَا (بَعْدَ الْغُرُوبِ) أَيْ غُرُوبِ ـــــــــــــــــــــــــــــSإلَخْ اهـ. لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الشَّارِحِ كَالْمَحَلِّيِّ أَنْ يَخْتِمَ بِلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ (قَوْلُهُ: وَنَصَرَ عَبْدَهُ) زَادَ سم الْغَزِّيِّ عَلَى أَبِي شُجَاعٍ: وَأَعَزَّ جُنْدَهُ وَهَزَمَ. . إلَخْ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ حَجّ وَسَمِّ وَغَيْرُهُمَا فِيمَا عَلِمْت فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ) صَرِيحُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا تُنْدَبُ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ التَّكْبِيرِ لَكِنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بَيْنَ النَّاسِ بِإِتْيَانِهِمْ بِهَا بَعْدَ تَمَامِ التَّكْبِيرِ، وَلَوْ قِيلَ بِاسْتِحْبَابِهَا عَمَلًا بِظَاهِرٍ {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: 4] وَعَمَلًا بِقَوْلِهِمْ إنَّ مَعْنَاهُ لَا أَذْكُرُ إلَّا وَتَذْكُرُ مَعِي لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا، ثُمَّ رَأَيْت فِي الْقُوتِ لِلْأَذْرَعِيِّ مَا نَصَّهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يُهَلِّلُ وَيُكَبِّرُ. . إلَخْ: رَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ خَرَجَ يَوْمًا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ وَحُذَيْفَةَ وَالْأَشْعَرِيِّ فَقَالَ: إنَّ هَذَا الْعِيدَ غَدًا فَكَيْفَ التَّكْبِيرُ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: تُكَبِّرُ وَتَحْمَدُ رَبَّك وَتُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ وَتَدْعُو وَتُكَبِّرُ وَتَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ اهـ. وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الصَّلَاةِ بَعْدَ التَّكْبِيرِ الَّذِي لَيْسَ فِي صَلَاةٍ، وَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا فَصَلَ بَيْنَ التَّكْبِيرَاتِ فَصَلَ بِالثَّنَاءِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ، وَلَوْ قَالَ مَا اعْتَادَهُ النَّاسُ وَهُوَ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ تَسْلِيمًا كَثِيرًا لَكَانَ حَسَنًا (قَوْلُهُ: مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ) وَالْأَنْعَامُ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ (قَوْلُهُ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُكَبِّرُ لِرُؤْيَتِهَا فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَجُزْ فِي الْأُضْحِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ التَّذْكِيرُ بِهَذِهِ النِّعْمَةِ، وَلَعَلَّ الْحِكْمَةَ فِي طَلَبِ التَّكْبِيرِ هُنَا دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَذْكَارِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَقَرَّبُونَ لِآلَتِهِمْ بِالذَّبْحِ عِنْدَهَا فَأُشِيرَ لِفَسَادِ ذَلِكَ بِالتَّكْبِيرِ، فَإِنَّ مَعْنَاهُ: اللَّهُ أَعْظَمُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ فَلَا يَلِيقُ أَنْ يَتَقَرَّبَ لِغَيْرِهِ، وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ بِدُخُولِ يَوْمِ النَّحْرِ دَخَلَ وَقْتُ التَّضْحِيَةِ فَيَتَهَيَّأُ مُرِيدُهَا لِفِعْلِهَا. وَالْحِكْمَةُ فِي طَلَبِ التَّكْبِيرِ عِنْدَ رُؤْيَةِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ اسْتِحْضَارُ طَلَبِهَا فِيهِ ثُمَّ الِاشْتِغَالُ بِهِ حَثًّا لِفِعْلِ التَّضْحِيَةِ عِنْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا، وَوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ رُؤْيَةَ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وَلَوْ سَخْلَةً مُنَبِّهٌ عَلَى أَنَّ ذَبْحَ مَا هُوَ مِنْ هَذَا النَّوْعِ شِعَارٌ لِهَذِهِ الْأَيَّامِ وَتَعْظِيمٌ لَهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ: سُنَّ لَهُ التَّكْبِيرُ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ اللَّهُ أَكْبَرُ فَقَطْ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عُجَيْلٍ وَالرِّيمِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقَالَ الْأَزْرَقِيُّ: يُكَبِّرُ ثَلَاثًا (قَوْلُهُ فَالتَّعْبِيرُ بِهَا) أَيْ الرُّؤْيَةِ. (قَوْلُهُ: يَوْمَ الثَّلَاثِينَ) أَيْ وَقُبِلُوا اهـ حَجّ وَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ ثُمَّ زَمَنٌ يَسَعُ الِاجْتِمَاعَ) قَالَ عَمِيرَةُ: أَيْ إذَا أَرَادُوا الصَّلَاةَ جَمَاعَةً وَإِلَّا فَلِكُلٍّ أَنْ يُصَلِّيَ مُنْفَرِدًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُ سم هُنَا: فَلِكُلٍّ أَنْ يُصَلِّيَ: أَيْ يُسَنُّ لَهُ ذَلِكَ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَيَنْبَغِي فِيمَا لَوْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِهَا مَا يَسَعُهَا أَوْ رَكْعَةٌ مِنْهَا دُونَ الِاجْتِمَاعِ أَنْ يُصَلِّيَهَا وَحْدَهُ أَوْ بِمَنْ تَيَسَّرَ حُضُورُهُ لِتَقَعَ أَدَاءً ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

شَمْسِ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ شَوَّالٍ اللَّيْلَةَ الْمَاضِيَةَ (لَمْ تُقْبَلْ الشَّهَادَةُ) فِي صَلَاةِ الْعِيدِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ شَوَّالًا قَدْ دَخَلَ يَقِينًا وَصَوْمُ ثَلَاثِينَ قَدْ تَمَّ فَلَا فَائِدَةَ فِي شَهَادَتِهِمْ إلَّا الْمَنْعُ مِنْ صَلَاةِ الْعِيدِ فَلَا نَقْبَلُهَا وَنُصَلِّيهَا مِنْ الْغَدِ أَدَاءً، وَلَيْسَ يَوْمُ الْفِطْرِ أَوَّلَ شَوَّالٍ مُطْلَقًا بَلْ يَوْمَ يُفْطِرُ النَّاسُ، وَكَذَا يَوْمُ النَّحْرِ يَوْمَ يُضَحُّونَ، وَيَوْمُ عَرَفَةَ الَّذِي يَظْهَرُ لَهُمْ أَنَّهُ هُوَ وَإِنْ كَانَ الْعَاشِرَ، وَاحْتَجُّوا لَهُ بِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْفِطْرُ يَوْمَ يُفْطِرُ النَّاسُ، وَالْأَضْحَى يَوْمَ يُضَحِّي النَّاسُ» وَرَوَى الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «وَعَرَفَةُ يَوْمَ يَعْرِفُونَ» . قَالَ الشَّيْخُ: وَيَنْبَغِي فِيمَا لَوْ بَقِيَ مَا يَسَعُهَا، أَوْ رَكْعَةٌ مِنْهَا دُونَ الِاجْتِمَاعِ أَنْ يُصَلِّيَهَا وَحْدَهُ، أَوْ بِمَنْ تَيَسَّرَ حُضُورُهُ لِتَقَعَ أَدَاءً، ثُمَّ يُصَلِّيهَا مَعَ النَّاسِ، ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ اهـ. وَلَعَلَّهُ مُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِمْ مَحَلُّ إعَادَةِ الصَّلَاةِ حَيْثُ بَقِيَ وَقْتُهَا، إذْ الْعِيدُ غَيْرُ مُتَكَرِّرٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ فَسُومِحَ فِيهِ بِذَلِكَ، أَمَّا الْحُقُوقُ وَالْأَحْكَامُ الْمُعَلَّقَةُ بِالْهِلَالِ كَالتَّعْلِيقِ وَالْعِدَّةِ وَالْإِجَارَةِ وَالْعِتْقِ فَتَثْبُتُ قَطْعًا (أَوْ) شَهِدُوا (بَيْنَ الزَّوَالِ وَالْغُرُوبِ) ، أَوْ قَبْلَهُ بِزَمَنٍ لَا يَسَعُ صَلَاةَ الْعِيدِ، أَوْ رَكْعَةً مِنْهَا كَمَا مَرَّ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ (وَأَفْطَرْنَا) وُجُوبًا (وَفَاتَتْ الصَّلَاةُ) أَدَاءً (وَيُشْرَعُ قَضَاؤُهَا مَتَى شَاءَ) مُرِيدُهُ فِي بَاقِي الْيَوْمِ وَفِي الْغَدِ وَمَا بَعْدَهُ وَمَتَى اتَّفَقَ (فِي الْأَظْهَرِ) كَبَقِيَّةِ الرَّوَاتِبِ، وَالْأَكْمَلُ قَضَاؤُهَا فِي بَقِيَّةِ يَوْمِهِمْ إنْ أَمْكَنَ اجْتِمَاعُهُمْ فِيهِ، وَإِلَّا فَقَضَاؤُهَا فِي الْغَدِ أَكْمَلُ لِئَلَّا يَفُوتَ عَلَى النَّاسِ الْحُضُورُ. قَالَ الشَّيْخُ: وَالْكَلَامُ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ بِالنَّاسِ لَا فِي صَلَاةِ الْآحَادِ، فَانْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي فِعْلُهَا عَاجِلًا مَعَ تَيَسُّرٍ وَمُنْفَرِدًا إنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدًا، ثُمَّ يَفْعَلُهَا غَدًا مَعَ الْإِمَامِ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ لَا يَجُوزُ قَضَاؤُهَا بَعْدَ شَهْرِ الْعِيدِ، وَنُصَّ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُنَا وَإِنْ دَخَلَتْ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ فِي بَابِ صَلَاةِ النَّفْلِ، وَلَوْ فَاتَ النَّفَلُ الْمُؤَقَّتُ نُدِبَ قَضَاؤُهُ لِتَأَكُّدِ أَمْرِ ذَلِكَ هُنَا بِدَلِيلٍ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ وَتَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ (وَقِيلَ فِي قَوْلٍ) لَا تَفُوتُ بَلْ (تُصَلَّى مِنْ الْغَدِ أَدَاءً) ؛ لِأَنَّهُ يَكْثُرُ الْغَلَطُ فِي الْهِلَالِ فَلَا يَفُوتُ بِهِ هَذَا الشِّعَارُ الْعَظِيمُ، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ التَّعْدِيلُ لَا الشَّهَادَةُ، فَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَعُدِّلَا بَعْدَهُ فَالْعِبْرَةُ بِوَقْتِ التَّعْدِيلِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ جَوَازِ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمَا فَتُصَلَّى مِنْ الْغَدِ أَدَاءً، وَلَا يُنَافِيهِ مَا لَوْ شَهِدَا بِحَقٍّ وَعُدِّلَا بَعْدَ مَوْتِهِمَا حَيْثُ يُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِمَا، إذْ الْحُكْمُ إنَّمَا هُوَ بِشَهَادَتِهِمَا بِشَرْطِ تَعْدِيلِهِمَا، وَالْكَلَامُ إنَّمَا هُوَ فِي أَثَرِ الْحُكْمِ مِنْ الصَّلَاةِ خَاصَّةً، وَأَيْضًا فَالصَّلَاةُ تُفْعَلُ بِكُلِّ تَقْدِيرٍ مَعَ قَوْلِنَا إنَّ الْعِبْرَةَ بِوَقْتِ التَّعْدِيلِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ لَوْ لَمْ تُنْظَرْ لِلشَّهَادَةِ لَلَزِمَ فَوَاتُ الْحَقِّ بِالْكُلِّيَّةِ. وَمِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْبَابِ التَّهْنِئَةُ بِالْعِيدِ، وَقَدْ قَالَ الْقَمُولِيُّ: لَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا كَلَامًا فِي التَّهْنِئَةِ بِالْعِيدِ وَالْأَعْوَامِ وَالْأَشْهُرِ كَمَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ، لَكِنْ نَقَلَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ عَنْ الْحَافِظِ الْمَقْدِسِيَّ أَنَّهُ أَجَابَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَزَالُوا مُخْتَلِفِينَ فِيهِ، وَاَلَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ مُبَاحٌ لَا سُنَّةَ فِيهِ وَلَا بِدْعَةَ اهـ. وَأَجَابَ عَنْهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ حَافِظُ عَصْرِهِ ابْنُ حَجَرٍ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّهَا مَشْرُوعَةٌ، وَاحْتَجَّ لَهُ بِأَنَّ الْبَيْهَقِيَّ عَقَدَ لِذَلِكَ بَابًا فَقَالَ: بَابُ مَا رُوِيَ فِي قَوْلِ النَّاسِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فِي يَوْمِ الْعِيدِ تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْك، وَسَاقَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَخْبَارٍ وَآثَارٍ ضَعِيفَةٍ لَكِنَّ مَجْمُوعَهَا يُحْتَجُّ بِهِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: ـــــــــــــــــــــــــــــSثُمَّ يُصَلِّيهَا مَعَ النَّاسِ اهـ. وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَيْضًا (قَوْلُهُ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ خَاصَّةً) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِعْلُهَا لَيْلًا لَا مُنْفَرِدًا وَلَا فِي جَمَاعَةٍ، وَلَوْ قِيلَ بِجَوَازِ فِعْلِهَا لَيْلًا سِيَّمَا فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يُرِدْ فِعْلَهَا مَعَ النَّاسِ لَمْ يَبْعُدْ بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى مَنْهَجٍ اسْتَشْكَلَ تَأْخِيرَهَا مِنْ أَصْلِهِ قَالَ: ثُمَّ رَأَيْت الْإِسْنَوِيَّ اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ وَنَقَلَ كَلَامَهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ كَالتَّعْلِيقِ وَالْعِدَّةِ) قَالَ عَمِيرَةُ: زَادَ الْإِسْنَوِيُّ وَكَجَوَازِ التَّضْحِيَةِ وَوُجُوبِ إخْرَاجِ زَكَاةِ الْفِطْرِ قَبْلَ الْغَدِ اهـ. أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ جَوَازُ صَوْمِهِ فِي عِيدِ الْفِطْرِ اهـ. سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ يَنْبَغِي فِعْلُهَا) لَا يُقَالُ: هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ قَبْلُ قَالَ الشَّيْخُ: وَيَنْبَغِي فِيمَا لَوْ إلَخْ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْغَرَضُ مِمَّا ذُكِرَ هُنَا دَفْعُ الِاعْتِرَاضِ وَمِمَّا ذَكَرَهُ ثُمَّ بَيَانُ اسْتِحْبَابِهَا بَعْدَ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ ثُمَّ يَفْعَلُهَا غَدًا مَعَ الْإِمَامِ) فَرْضُ الْكَلَامِ فِيمَا لَوْ أَدْرَكَ فِي وَقْتِهَا رَكْعَةً وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُدْرِكْ مِنْهَا ذَلِكَ لَا يَكُونُ الْأَوْلَى فِي حَقِّهِ فِعْلَهَا مُنْفَرِدًا ثُمَّ مَعَ الْجَمَاعَةِ، بَلْ الْأَكْمَلُ تَأْخِيرُهَا لِيَفْعَلَهَا جَمَاعَةً. (قَوْلُهُ: تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْك) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَبِيرًا (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي فِيمَا لَوْ بَقِيَ مَا يَسَعُهَا) أَيْ فِيمَا لَوْ شَهِدَ قَبْلَ الزَّوَالِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُصَلِّيهَا مَعَ النَّاسِ) أَيْ بَعْدَ الزَّوَالِ قَضَاءً كَمَا يَأْتِي.

[باب صلاة الكسوفين]

وَيُحْتَجُّ لِعُمُومِ التَّهْنِئَةِ لِمَا يَحْدُثُ مِنْ نِعْمَةٍ، أَوْ يَنْدَفِعُ مِنْ نِقْمَةِ بِمَشْرُوعِيَّةِ سُجُودِ الشُّكْرِ وَالتَّعْزِيَةِ، وَبِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فِي قِصَّةِ تَوْبَتِهِ لَمَّا تَخَلَّفَ عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ أَنَّهُ لَمَّا بُشِّرَ بِقَبُولِ تَوْبَتِهِ وَمَضَى إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَ إلَيْهِ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ فَهَنَّأَهُ» . بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفَيْنِ. كَذَا فِي النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ، وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْكُسُوفِ بِالْإِفْرَادِ وَمُرَادُهُ بِهِ الْجِنْسُ، وَيُقَالُ فِيهِمَا خَسُوفَانِ، وَقِيلَ الْكُسُوفُ لِلشَّمْسِ وَالْخُسُوفُ لِلْقَمَرِ وَهُوَ أَشْهَرُ، وَقِيلَ عَكْسُهُ، وَقِيلَ الْكُسُوفُ أَوَّلُهُ وَالْخُسُوفُ آخِرُهُ، وَكُسُوفُ الشَّمْسِ لَا حَقِيقَةَ لَهُ عِنْدَ أَهْلِ الْهَيْئَةِ فَإِنَّهَا لَا تَتَغَيَّرُ فِي نَفْسِهَا وَإِنَّمَا الْقَمَرُ يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا، وَخُسُوفُهُ لَهُ حَقِيقَةٌ فَإِنَّ ضَوْأَهُ مِنْ ضَوْئِهَا وَسَبَبَهُ حَيْلُولَةُ ظِلِّ الْأَرْضِ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ بِنُقْطَةِ التَّقَاطُعِ فَلَا يَبْقَى فِيهِ ضَوْءٌ أَلْبَتَّةَ، وَكَانَ هَذَا هُوَ السَّبَبُ فِي إيثَارِهِ فِي التَّرْجَمَةِ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ مُقَابِلِ الْأَشْهَرِ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ} [فصلت: 37] أَيْ عِنْدَ كُسُوفِهِمَا، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَصَلُّوا وَادْعُوا حَتَّى يَنْكَشِفَ مَا بِكُمْ» (هِيَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ لِذَلِكَ) فِي حَقِّ مَنْ يُخَاطَبُ بِالْمَكْتُوبَاتِ الْخَمْسِ وَلَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً، أَوْ مُسَافِرًا؛ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ نَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي التَّهْنِئَةِ وَمِنْهُ الْمُصَافَحَةُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فِي يَوْمِ الْعِيدِ أَنَّهَا لَا تُطْلَبُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَمَا بَعْدَ يَوْمِ عِيدِ الْفِطْرِ، لَكِنْ جَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ بِالتَّهْنِئَةِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ التَّوَدُّدُ وَإِظْهَارُ السُّرُورِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ أَيْضًا فِي يَوْمِ الْعِيدِ أَنَّ وَقْتَ التَّهْنِئَةِ يَدْخُلُ بِالْفَجْرِ لَا بِلَيْلَةِ الْعِيدِ خِلَافًا لِمَا بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَهَنَّأَهُ) أَيْ وَأَقَرَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. [بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفَيْنِ] ِ. (قَوْلُهُ: صَلَاةُ الْكُسُوفَيْنِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ اجْتَمَعَ عِيدٌ وَجِنَازَةٌ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ عَكْسُهُ) وَقِيلَ الْخُسُوفُ لِلْكُلِّ وَالْكُسُوفُ لِلْبَعْضِ سم عَلَى مَنْهَجٍ اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ فِي كُلٍّ مِنْ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ (قَوْلُهُ: وَكَانَ هَذَا هُوَ السَّبَبُ) أَيْ وَهُوَ إنْكَارُهُمْ لِكُسُوفِ الشَّمْسِ (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ الْآيَةِ، فَإِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ: أَيْ عِنْدَ كُسُوفِهِمَا لَيْسَ فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الظَّاهِرُ مِنْهَا أَنَّهَا سِيقَتْ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ يَعْبُدُ الْكَوَاكِبَ. نَعَمْ إنْ كَانَ سَبَبُ نُزُولِ الْآيَةِ ذَلِكَ فَقَرِيبٌ (قَوْلُهُ: لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ) عِبَارَةُ الْفَتْحِ: قَوْلُهُ وَلَا لِحَيَاتِهِ اسْتَشْكَلَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ؛ لِأَنَّ السِّيَاقَ إنَّمَا وَرَدَ فِي حَقِّ مَنْ ظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ لِمَوْتِ سَيِّدِنَا إبْرَاهِيمَ وَلَمْ يَذْكُرُوا الْحَيَاةَ. وَالْجَوَابُ أَنَّ فَائِدَةَ ذِكْرِ الْحَيَاةِ دَفَعَ تَوَهُّمَ مَنْ يَقُولُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ كَوْنِهِ سَبَبًا لِلْفَقْدِ أَنْ لَا يَكُونَ سَبَبًا لِلْإِيجَادِ، فَعَمَّمَ الشَّارِعُ النَّفْيَ لِدَفْعِ هَذَا التَّوَهُّمِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: مُؤَكِّدَةٌ لِذَلِكَ) أَيْ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَالْآيَةِ. وَلَعَلَّ وَجْهُ الدَّلَالَةِ عَلَى التَّأْكِيدِ مِنْ الْخَبَرِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ مِنْ تَكْرِيرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [التَّهْنِئَةُ بِالْعِيدِ] بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفَيْنِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ مُقَابِلِ الْأَشْهَرِ) يَعْنِي الْمُعَبَّرَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ عَكْسُهُ إذْ هُوَ الْمُقَابِلُ الْحَقِيقِيُّ (قَوْلُهُ: وَلَا لِحَيَاتِهِ) إنَّمَا ذَكَرَهُ وَإِنْ كَانَ الْمُنَاسِبُ الِاقْتِصَارَ عَلَى ذِكْرِ الْمَوْتِ، إذْ الْقَصْدُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ خَشْيَةُ اعْتِقَادِ أَنَّ الْكُسُوفَ وَقَعَ لِمَوْتِ سَيِّدِنَا إبْرَاهِيمَ بْنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِذِكْرِهِ مُقَابِلَهُ كَمَا يَقُولُ الْإِنْسَانُ إذَا قِيلَ لَهُ كُلْ لَا آكُلُ

فَعَلَهَا لِكُسُوفِ الشَّمْسِ كَمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَلِخُسُوفِ الْقَمَرِ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ؛ وَلِأَنَّهَا ذَاتُ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ لَا أَذَانَ لَهَا كَصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَصَرَفَهُ عَنْ الْوُجُوبِ مَا مَرَّ فِي الْعِيدِ، وَقَوْلُ الْإِمَامِ لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا مَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ، إذْ الْمَكْرُوهُ غَيْرُ جَائِزٍ جَوَازًا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ. (فَيَحْرُمُ بِنِيَّةِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ) مَعَ تَعْيِينِ أَنَّهُ كُسُوفُ شَمْسٍ، أَوْ قَمَرٍ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ صَلَاةِ عِيدِ الْفِطْرِ أَوْ النَّحْرِ، وَنَصَّ عَلَى ذَلِكَ هُنَا لِنُدْرَةِ هَذِهِ الصَّلَاةِ وَإِلَّا فَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ (وَيَقْرَأُ) بَعْدَ الِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ (الْفَاتِحَةَ وَيَرْكَعُ، ثُمَّ يَرْفَعُ) رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ (ثُمَّ يَعْتَدِلُ، ثُمَّ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ) ثَانِيًا (ثُمَّ يَرْكَعُ) ثَانِيًا أَقْصَرَ مِنْ الْأَوَّلِ (ثُمَّ يَعْتَدِلُ) ثَانِيًا قَائِلًا فِيهِمَا سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ فِي أَنَّهُ لَا يَقُولُ ذَلِكَ فِي الرَّفْعِ الْأَوَّلِ بَلْ يَرْفَعُ مُكَبِّرًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ اعْتِدَالًا، (ثُمَّ يَسْجُدُ) السَّجْدَتَيْنِ وَيَأْتِي بِالطُّمَأْنِينَةِ فِي مَحَالِّهَا (فَهَذِهِ رَكْعَةٌ، ثُمَّ يُصَلِّي) رَكْعَةً (ثَانِيَةً كَذَلِكَ) لِلِاتِّبَاعِ (وَلَا يَجُوزُ زِيَادَةُ رُكُوعٍ ثَالِثٍ) فَأَكْثَرَ (لِتَمَادِي) أَيْ طُولِ مُكْثِ (الْكُسُوفِ وَلَا نَقْصِهِ) أَيْ نَقْصِ رُكُوعٍ مِنْ الرُّكُوعَيْنِ الْمَنْوِيَّيْنِ (لِلِانْجِلَاءِ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ لَا يُزَادُ عَلَى أَرْكَانِهَا وَلَا يُنْقَصُ مِنْهَا، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ ـــــــــــــــــــــــــــــSذَلِكَ حَتَّى يَنْكَشِفَ مَا بِهِمْ إلَّا أَنَّ حَمْلَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ التَّكْرَارِ مُنَافٍ لِمَا يَأْتِي أَنَّهَا لَا تُعَادُ إلَّا فِي جَمَاعَةٍ كَمَا فِي الْمَكْتُوبَةِ (قَوْلُهُ: وَصَرْفُهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَحَادِيثِ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ فِي الْعِيدِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَالصَّارِفُ عَنْ الْوُجُوبِ خَبَرُ «هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ لَا إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْإِمَامِ) أَيْ الشَّافِعِيِّ اهـ حَجّ وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ: وَقَوْلُ إمَامِنَا لَا يَجُوزُ إلَخْ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَحَمَلُوا قَوْلَ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا عَلَى كَرَاهَتِهِ لِتَأَكُّدِهَا لِيُوَافِقَ كَلَامَهُ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ) فِيهِ رَدٌّ لِقَوْلِ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُكَرَّرَةٌ فِي الْكِتَابِ (قَوْلُهُ: رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ) أَيْ إلَى آخِرِ ذِكْرِ الِاعْتِدَالِ اهـ مَحَلِّيٌّ وحج. أَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ الْمُنْفَرِدِ وَإِمَامٍ غَيْرِ مَحْصُورَيْنِ إلَخْ؛ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يُرَدْ بِخُصُوصِهِ، بِخِلَافِ تَكْرِيرِ الرُّكُوعِ وَتَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَا الْمَأْمُومِينَ لِوُرُودِهِ (قَوْلُهُ: لَا يَقُولُ ذَلِكَ فِي الرَّفْعِ الْأَوَّلِ) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ كَمَا يَقْتَضِيهِ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ اعْتِدَالًا وَقَوْلُهُ بَلْ يَرْفَعُ مُكَبِّرًا. قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: وَنَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ النَّصِّ. [فَرْعٌ] لَوْ اقْتَدَى بِإِمَامٍ لَا يَعْرِفُ الْكَيْفِيَّةَ الَّتِي نَوَاهَا أَهِيَ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ أَمْ بِقِيَامَيْنِ وَرُكُوعَيْنِ فَيَحْتَمِلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ عَدَمَ انْعِقَادِ صَلَاتِهِ لِتَرَدُّدِهِ فِي النِّيَّةِ حَالَةَ الْإِحْرَامِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَيَحْتَمِلُ انْعِقَادَهَا مُطْلَقَةً ثُمَّ يَنْظُرُ مَاذَا يَفْعَلُهُ الْإِمَامُ فَيَتْبَعُهُ فِيهِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ بَطَلَتْ صَلَاةُ إمَامِهِ أَوْ اقْتَدَى بِهِ فِي التَّشَهُّدِ فَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِتَعَذُّرِ الْعِلْمِ بِمَا يَفْعَلُهُ أَوْ تَبْقَى عَلَى الصِّحَّةِ وَيَتَخَيَّرُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الثَّانِي هَذَا وَسَيَأْتِي عَنْ سم أَنَّ الْأَقْرَبَ صِحَّةُ النِّيَّةِ وَبُطْلَانُ صَلَاتِهِ إذَا بَطَلَتْ صَلَاةُ إمَامِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ مَا نَوَاهُ. [فَرْعٌ آخَرُ] لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَهَا كَسُنَّةِ الظُّهْرِ تَعَيَّنَ فِعْلُهَا كَذَلِكَ. [فَرْعٌ آخَرُ] لَوْ نَذَرَ صَلَاةَ الْكُسُوفِ وَأَطْلَقَ فَهَلْ تُحْمَلُ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الْكَامِلَةِ أَوْ الْأَقَلِّ أَوْ يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ مُطْلَقًا وَيَخْرُجُ مِنْ الْعُهْدَةِ بِكُلٍّ مِنْ الْكَيْفِيَّاتِ الثَّلَاثِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الثَّالِثُ كَمَا لَوْ نَذَرَ صَدَقَةً أَوْ صَوْمًا أَوْ نَحْوَهُمَا فَإِنَّهُ يَخْرُجُ فِي كُلٍّ عَنْ عُهْدَةِ النَّذْرِ بِأَقَلَّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ وَبِمَا زَادَ عَلَيْهِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى بَهْجَةٍ مَا نَصَّهُ: قَوْلُهُ إذَا شَرَعَ فِيهَا بِنِيَّةِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ، لَكِنْ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّهُ إذَا أُطْلِقَ انْعَقَدَتْ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا أَشْرَبُ، أَوْ قِيلَ لَهُ أَنْتَ فَعَلْت كَذَا لَا فَعَلْت وَلَا تَرَكْت وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَصَرْفُهُ عَنْ الْوُجُوبِ مَا مَرَّ فِي الْعِيدِ) وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ.

يُزَادُ وَيُنْقَصُ، أَمَّا الزِّيَادَةُ «فَلِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثَلَاثُ رُكُوعَاتٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِيهِ أَرْبَعُ رُكُوعَاتٍ أَيْضًا، وَفِي رِوَايَةٍ: خَمْسُ رُكُوعَاتٍ، وَلَا مَحَلَّ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ إلَّا الْحَمْلُ عَلَى الزِّيَادَةِ لِتَمَادِي الْكُسُوفِ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ أَحَادِيثَ الرُّكُوعَيْنِ أَصَحُّ وَأَشْهَرُ فَقُدِّمَتْ عَلَى بَقِيَّةِ الرِّوَايَاتِ، وَبِأَنَّ أَحَادِيثَنَا مَحْمُولَةٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَالْحَدِيثَيْنِ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ، قَالَ: فَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ لَوْ صَلَّاهَا رَكْعَتَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــSيُصَلِّيَهَا كَسُنَّةِ الظُّهْرِ وَأَنْ يُصَلِّيَهَا بِالْكَيْفِيَّةِ الْمَعْرُوفَةِ، وَأَفْتَى بِأَنَّهُ لَوْ أَطْلَقَ نِيَّةَ الْوِتْرِ انْحَطَّتْ عَلَى ثَلَاثٍ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْكَمَالِ فِيهِ اهـ. وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ: أَيْ وَهُوَ حَجّ بِأَنَّهُ إذَا أَطْلَقَ فِعْلَهَا كَسُنَّةِ الظُّهْرِ وَإِنَّمَا يَزِيدُ إنْ نَوَاهَا بِصِفَةِ الْكَمَالِ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا صِحَّةُ إطْلَاقِ الْمَأْمُومِ نِيَّةَ الْكُسُوفِ خَلْفَ مَنْ جَهِلَ هَلْ نَوَاهُ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ أَوْ بِالْكَيْفِيَّةِ الْمَشْهُورَةِ الْمَعْرُوفَةِ؛ لِأَنَّ إطْلَاقَ النِّيَّةِ صَالِحٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَيَنْحَطُّ عَلَى مَا قَصَدَهُ الْإِمَامُ أَوْ اخْتَارَهُ بَعْدَ إطْلَاقِهِ مِنْهُمَا لِوُجُوبِ تَبَعِيَّتِهِ لَهُ، وَإِنْ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ أَوْ فَارَقَهُ عَقِبَ الْإِحْرَامِ وَجَهِلَ مَا قَصَدَهُ وَاخْتَارَهُ فَيُتَّجَهُ الْبُطْلَانُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ مَا أَفْتَى بِهِ فِي الْكُسُوفِ وَفِي الْوِتْرِ بِاسْتِوَاءِ الصَّلَاتَيْنِ فِي الْأَوَّلِ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ فِي الصِّفَةِ بِخِلَافِ الثَّانِي، وَإِذَا أَطْلَقَ الْمَأْمُومُ نِيَّتَهُ خَلْفَ مَنْ قَصَدَ الْكَيْفِيَّةَ الْمَعْرُوفَةَ وَقُلْنَا بِصِحَّةِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ فَتْوَى شَيْخِنَا وَأَرَادَ الْمَأْمُومُ مُفَارَقَةَ الْإِمَامِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَأَنْ يُصَلِّيَهَا كَسُنَّةِ الظُّهْرِ فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالصِّحَّةُ مُحْتَمَلَةٌ وَإِنْ امْتَنَعَ عَلَيْهِ فَعَلَهَا كَسُنَّةِ الظُّهْرِ مَا دَامَ فِي الْقُدْوَةِ، وَيَحْتَمِلُ الْمَنْعَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَأَنَّ نِيَّتَهُ خَلْفَ مَنْ نَوَى الْكَيْفِيَّةَ الْمَعْرُوفَةَ تَنْحَطُّ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الْمَعْرُوفَةِ فَلَيْسَ لَهُ الْخُرُوجُ عَنْهَا وَإِنْ فَارَقَ اهـ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ) أَيْ مُسْلِمٌ (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ أَحَادِيثَنَا) أَيْ الَّتِي اسْتَدْلَلْنَا بِهَا (قَوْلُهُ: وَالْحَدِيثَيْنِ إلَخْ) هُمَا قَوْلُهُ ثَلَاثُ رُكُوعَاتٍ وَقَوْلُهُ وَفِيهِ أَرْبَعٌ إلَخْ، هَذَا وَلْيُتَأَمَّلْ قَوْلُهُ وَالْحَدِيثَيْنِ إلَخْ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَجُوزُ زِيَادَةُ رُكُوعٍ إلَخْ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَرْجُوحِ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ نَصُّهَا: قَوْلُهُ وَيَحْمِلُهَا عَلَى الْجَوَازِ. قَالَ عَمِيرَةُ: هَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ وَغَيْرُهُ إلَّا فِي حَدِيثِ الرَّكْعَتَيْنِ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ اهـ. قَالَ م ر: هَذَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ اهـ. وَفِي حَجّ نَقَلَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ الْمُنْذِرِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ فِعْلُهَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَنْوَاعِ الثَّابِتَةِ؛ لِأَنَّهَا جَرَّتْ فِي أَوْقَاتٍ وَالِاخْتِلَافُ مَحْمُولٌ عَلَى جَوَازِ الْجَمِيعِ، قَالَ: وَهَذَا أَقْوَى اهـ. وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَعَلَى مَا مَرَّ مِنْ تَعَدُّدِ الْوَاقِعَةِ الْأُولَى أَنْ يُجَابَ بِحَمْلِهَا عَلَى مَا إذَا أَنْشَأَ الصَّلَاةَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ إلَخْ) هُنَا سَقْطٌ قَبْلَ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ فِي نُسَخِ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ مَا فِي الْمَجْمُوعِ إنَّمَا هُوَ جَوَابٌ عَنْ أَحَادِيثِ النَّقْصِ لَا عَنْ أَحَادِيثِ الزِّيَادَةِ وَإِنْ حَسُنَ أَوَّلُ الْجَوَابَيْنِ لِأَحَادِيثِ الزِّيَادَةِ أَيْضًا، وَيَدُلُّ عَلَى السَّقْطِ ذِكْرُهُ الِاسْتِدْلَالَ عَلَى الزِّيَادَةِ مَقْرُونًا بِإِمَّا الْمُؤْذِنَةِ بِمُقَابِلٍ لَهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ سَقْطٌ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ الْجَوَابُ عَنْ أَحَادِيثِ الزِّيَادَةِ وَالِاسْتِدْلَالُ لِجَوَازِ النَّقْصِ الَّذِي قَالَ بِهِ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ، وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: وَالثَّانِي يُزَادُ وَيَنْقُصُ، ثُمَّ قَالَ: وَمَا فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّاهَا رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثَلَاثُ رُكُوعَاتٍ» ، وَفِي أُخْرَى لَهُ «أَرْبَعُ رُكُوعَاتٍ» ، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «خَمْسُ رُكُوعَاتٍ» ، أَجَابَ الْأَئِمَّةُ عَنْهَا بِأَنَّ رِوَايَاتِ الرُّكُوعَيْنِ أَشْهَرُ وَأَصَحُّ فَقُدِّمَتْ، وَمَا فِي حَدِيثَيْ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّاهَا رَكْعَتَيْنِ» : أَيْ مِنْ غَيْرِ تَكْرِيرِ رُكُوعٍ كَمَا قَالَ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: أَجَابَ عَنْهُمَا أَصْحَابُنَا بِجَوَابَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ أَحَادِيثَنَا أَشْهَرُ وَأَصَحُّ وَأَكْثَرُ رُوَاةً. وَالثَّانِي أَنَّا نَحْمِلُ أَحَادِيثَنَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَالْحَدِيثَيْنِ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ إلَى آخِرِ مَا فِي الشَّارِحِ. فَمُرَادُهُ كَالشَّارِحِ بِالْحَدِيثَيْنِ حَدِيثَا أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ فِي النَّقْصِ،

كَسُنَّةِ الظُّهْرِ وَنَحْوِهَا صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَكَانَ تَارِكًا لِلْأَفْضَلِ انْتَهَى. قَالَ فِي التَّوْشِيحِ: وَيَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ الرَّكْعَتَانِ بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ أَدْنَى الْكَمَالِ الْمَأْتِيِّ بِهِ بِخَاصِّيَّةِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَبِدُونِهَا يُؤَدِّي أَصْلَ سُنَّةِ الْكُسُوفِ فَقَطْ، وَتَبِعَهُ الْعِرَاقِيُّ. قَالَ بَعْضُهُمْ: صَلَاةُ الْكُسُوفِ لَهَا كَيْفِيَّتَانِ مَشْرُوعَتَانِ: الْأُولَى وَهِيَ الْكَامِلَةُ هِيَ ذَاتُ الرُّكُوعَيْنِ، فَإِذَا أَحْرَمَ بِالْكَيْفِيَّةِ الْكَامِلَةِ لَمْ تَجُزْ الزِّيَادَةُ عَلَى الرُّكُوعَيْنِ وَلَا النَّقْصُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ وَالنَّقْصَ إنَّمَا تَكُونُ فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ وَهَذَا نَفْلٌ مُقَيَّدٌ فَأَشْبَهَ مَا إذَا نَوَى الْوِتْرَ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، أَوْ تِسْعًا، أَوْ سَبْعًا فَإِنَّهُ لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ وَلَا النَّقْصُ. الثَّانِيَةُ أَنْ يُصَلِّيَهَا رَكْعَتَيْنِ كَرَكْعَتَيْ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَيَنْوِيَهَا كَذَلِكَ، فَيَتَأَدَّى بِهَا أَصْلُ السُّنَّةِ كَمَا يَتَأَدَّى أَصْلُ الْوِتْرِ بِرَكْعَةٍ، وَحِينَئِذٍ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ وَالرَّوْضَةِ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ وَكَلَامُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمَنْعِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ نَوَى الْأَكْمَلَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَقَلِّ، وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الثَّانِي مِنْ الْجَوَازِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا نَوَاهَا رَكْعَتَيْنِ اهـ. وَمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ جَارٍ عَلَى الْقَوَاعِدِ، وَأَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِجَوَازِ الْأَمْرَيْنِ لِمَنْ نَوَى صَلَاةَ الْكُسُوفِ وَأَطْلَقَ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ امْتِنَاعُ تَكْرِيرِهَا لِبُطْءِ الِانْجِلَاءِ وَمَا خَبَرُ النُّعْمَانِ الدَّالُ عَلَى جَوَازِهِ وَهُوَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ وَيَسْأَلُ عَنْهَا هَلْ انْجَلَتْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِنِيَّةِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ اهـ. وَعَلَيْهِ فَلَا يُرِدْ أَنَّ قَوْلَهُ وَالْحَدِيثَيْنِ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا تَجُوزُ زِيَادَةُ إلَخْ؛ لِأَنَّ مَا فِي الْمَتْنِ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا نَوَاهَا بِرُكُوعَيْنِ، وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا نَوَاهَا ابْتِدَاءً بِثَلَاثِ رُكُوعَاتٍ فَلَا تُخَالِفُ، وَمَعَ ذَلِكَ فَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي التَّوْشِيحِ) أَيْ التَّاجُ بْنُ السُّبْكِيّ (قَوْلُهُ: كَرَكْعَتَيْ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ) أَيْ فِي أَنَّ كُلَّ رَكْعَةٍ بِرُكُوعٍ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَجَابَ إلَخْ، وَالثَّانِي قَوْلُهُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ وَمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ) أَيْ مِمَّا لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِهِ، أَوْ الْمُرَادُ مَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ مِنْ قَوْلِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ إلَخْ، وَفِي نُسْخَةٍ وَمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ جَارٍ عَلَى الْقَوَاعِدِ وَأَفْتَى الْوَالِدُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِمَنْ نَوَى صَلَاةَ الْكُسُوفِ وَأَطْلَقَ) وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ نَوَى وَاحِدًا لَا بِعَيْنِهِ فَإِنَّهُ لَا تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ لِتَرَدُّدِهِ فِي النِّيَّةِ. وَقَالَ سم عَلَى حَجّ: وَإِذَا أَطْلَقَ وَقُلْنَا بِمَا أَفْتَى لَهُ شَيْخُنَا فَهَلْ يَتَعَيَّنُ لِإِحْدَى الْكَيْفِيَّتَيْنِ بِمُجَرَّدِ الْقَصْدِ إلَيْهَا بَعْدَ إطْلَاقِ النِّيَّةِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الشُّرُوعِ فِيهَا فِي تَعْيِينِهَا بِأَنْ يُكَرِّرَ الرُّكُوعَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، بَلْ بِأَنْ يَشْرَعَ فِي الْقِرَاءَةِ بَعْدَ اعْتِدَالِهِ مِنْ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى بِقَصْدِ تِلْكَ الْكَيْفِيَّةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيُتَّجَهُ الثَّانِي اهـ. أَقُولُ: وَلَوْ قِيلَ بِالْأَوَّلِ بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ وَيَنْصَرِفُ بِمُجَرَّدِ الْقَصْدِ وَالْإِرَادَةِ لِمَا عَيَّنَهُ لَمْ يَبْعُدْ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَأَطْلَقَ فَيَصِحُّ وَيَنْصَرِفُ لِمَا صَرَفَهُ إلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْقَضَاءِ وَالْإِرَادَةِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الشُّرُوعِ فِي الْأَعْمَالِ وَعَلَى مَا لَوْ نَوَى نَفْلًا فَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ بِمُجَرَّدِ الْقَصْدِ وَالْإِرَادَةِ وَعِبَارَتُهُ عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ مَشَى م ر عَلَى أَنَّهُ إذَا أَطْلَقَ نِيَّةَ الْكُسُوفِ وَلَمْ يَقْصِدْ فِي نِيَّتِهِ أَنْ يَكُونَ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ وَلَا عَلَى الْهَيْئَةِ الْكَامِلَةِ انْعَقَدَتْ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَلَهُ فِعْلُهَا كَسُنَّةِ الظُّهْرِ وَبِالْهَيْئَةِ الْكَامِلَةِ، وَفُرِّقَ بَيْنَ التَّخْيِيرِ هُنَا وَبَيْنَ مَا مَشَى عَلَيْهِ فِيمَا إذَا أَطْلَقَ نِيَّةَ الْوِتْرِ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ عَلَى الثَّلَاثِ بِأَنَّ الْكَيْفِيَّتَيْنِ هُنَا سَوَاءٌ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا فِي الصِّفَةِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَاكَ. وَأَقُولُ: قَدْ يُتَّجَهُ انْعِقَادُهَا بِالْهَيْئَةِ الْكَامِلَةِ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ وَالْفَاضِلَةُ اهـ (قَوْلُهُ: ـــــــــــــــــــــــــــــQوَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا تَمَحَّلَهُ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ بِنَاءً عَلَى أَنْ لَا سَقْطَ (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْكَامِلَةُ) أَيْ بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِأَدْنَى الْكَمَالِ وَلِغَايَتِهِ بِدَلِيلِ مُقَابَلَتِهِ بِالرَّكْعَتَيْنِ كَرَكْعَتَيْ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ فَقَطْ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ عَنْ التَّوْشِيحِ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الْأَوَّلُ) أَيْ مَا نَقَلَهُ مِنْ جَوَابِ الْجُمْهُورِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ أَحَادِيثَ الرُّكُوعَيْنِ أَصَحُّ وَأَشْهَرُ. وَقَوْلُهُ: وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الثَّانِي: أَيْ مَا نَقَلَهُ عَنْهُمْ مِنْ الْجَوَابِ الثَّانِي بِحَمْلِ أَحَادِيثِنَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَالْحَدِيثَيْنِ

فَأَجَابَ عَنْهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ مَا صَلَّاهُ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ لَمْ يَنْوِ بِهِ الْكُسُوفَ، فَإِنَّ وَقَائِعَ الْأَحْوَالِ إذَا تَطَرَّقَ إلَيْهَا الِاحْتِمَالُ كَسَاهَا ثَوْبُ الْإِجْمَالِ وَسَقَطَ بِهَا الِاسْتِدْلَال. نَعَمْ لَوْ صَلَّاهَا وَحْدَهُ ثُمَّ أَدْرَكَهَا مَعَ الْإِمَامِ صَلَّاهَا كَمَا فِي الْمَكْتُوبَةِ، نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ إدْرَاكِهِ قَبْلَ الِانْجِلَاءِ وَإِدْرَاكِهِ بَعْدَهُ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ الْأَوَّلَ وَإِلَّا فَهُوَ افْتِتَاحُ صَلَاةِ كُسُوفٍ بَعْدَ الِانْجِلَاءِ. قَالَ: وَهَلْ يُعِيدُ الْمُصَلِّي جَمَاعَةً مَعَ جَمَاعَةٍ يُدْرِكُهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ. وَقَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ فِي الْأُمِّ أَنَّهُ يُعِيدُهَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى الْمُنْفَرِدِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ وَجَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ، ثُمَّ مَا قِيلَ مِنْ أَنَّ تَجْوِيزَ الزِّيَادَةِ لِأَجْلِ تَمَادِي الْكُسُوفِ إنَّمَا يَأْتِي فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، أَمَّا الْأُولَى فَكَيْفَ يُعْلَمُ فِيهَا التَّمَادِي بَعْدَ فَرَاغِ الرُّكُوعَيْنِ، رُدَّ بِأَنَّهُ قَدْ يُتَصَوَّرُ بِأَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِهَذَا الْفَنِّ وَاقْتَضَى حِسَابَهُ ذَلِكَ (وَالْأَكْمَلُ) فِي فِعْلِهَا (أَنْ يَقْرَأَ فِي الْقِيَامِ الْأَوَّلِ) كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَغَيْرِهَا (بَعْدَ الْفَاتِحَةِ) وَمَا قَبْلَهَا مِنْ افْتِتَاحٍ وَتَعَوُّذٍ (الْبَقَرَةَ) بِكَمَالِهَا إنْ أَحْسَنَهَا وَإِلَّا فَقَدْرُهَا، وَفِي كَلَامِهِ دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ أَنْ يُقَالَ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ اخْتَارَ بَعْضُهُمْ أَنْ يُقَالَ السُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا الْبَقَرَةُ (وَ) أَنْ يَقْرَأَ (فِي) الْقِيَامِ (الثَّانِي كَمِائَتَيْ آيَةٍ مِنْهَا) مُعْتَدِلَةٍ (وَ) فِي الْقِيَامِ (الثَّالِثِ) مِثْلِ (مِائَةٍ وَخَمْسِينَ) مِنْهَا (وَ) فِي الْقِيَامِ (الرَّابِعِ) مِثْلِ (مِائَةٍ) مِنْهَا (تَقْرِيبًا) وَلَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ، فَقَدْ نَصَّ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَالْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ أَنَّهُ يَقْرَأُ فِي الثَّانِيَةِ آلَ عِمْرَانَ، أَوْ قَدْرَهَا إنْ لَمْ يُحْسِنْهَا، وَفِي الثَّالِثِ النِّسَاءَ أَوْ قَدْرَهَا إنْ لَمْ يُحْسِنْهَا، وَفِي الرَّابِعِ الْمَائِدَةَ، أَوْ قَدْرَهَا إنْ لَمْ يُحْسِنْهَا. وَمَا نَظَرَ بِهِ فِيمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ النَّصَّ الْأَوَّلَ فِيهِ تَطْوِيلُ الثَّانِي عَلَى الثَّالِثِ وَهُوَ الْأَصْلُ، إذْ الثَّانِي فِيهِ مِائَتَانِ وَفِي الثَّالِثِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ، وَالنَّصُّ الثَّانِي فِيهِ تَطْوِيلُ الثَّالِثِ عَلَى الثَّانِي، إذْ النِّسَاءُ أَطْوَلُ مِنْ آلِ عِمْرَانَ، وَبَيْنَ النَّصَّيْنِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ تَفَاوُتٌ كَبِيرٌ يُرَدُّ بِأَنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ مَجْمُوعِ النَّصَّيْنِ تَخْيِيرُهُ بَيْنَ تَطْوِيلِ الثَّالِثِ عَلَى الثَّانِي وَنَقْصِهِ عَنْهُ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ السُّبْكِيّ ثَبَتَ بِالْأَخْبَارِ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَسَاهَا ثَوْبَ الْإِجْمَالِ) أَيْ صَيَّرَهَا مُجْمَلَةً وَهُوَ لَا يُسْتَدَلُّ بِهِ (قَوْلُهُ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ الْأَوَّلَ) هُوَ قَوْلُهُ إدْرَاكُهُ قَبْلَ الِانْجِلَاءِ. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ) هُوَ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ كَمَا فِي الْمَكْتُوبَةِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُعِيدُهَا) وَيَظْهَرُ مَجِيءُ شُرُوطِ الْمُعَادَةِ هُنَا، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ انْجَلَتْ وَهُمْ فِي الْمُعَادَةِ أَتَمُّوهَا مُعَادَةً كَمَا لَوْ انْجَلَتْ وَهُمْ فِي الْأَصْلِيَّةِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَهُمْ فِي إعَادَةِ الْمَكْتُوبَةِ حَيْثُ قِيلَ بِالْبُطْلَانِ بِأَنَّهُ فِي الْمَكْتُوبَةِ يُنْسَبُ لِتَقْصِيرٍ حَيْثُ شَرَعَ فِيهَا فِي وَقْتٍ لَا يَسَعُهَا أَوْ يَسَعُهَا وَطَوَّلَ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ الِانْجِلَاءَ لَا طَرِيقَ لَهُ إلَى مَعْرِفَتِهِ وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مِنْ عُلَمَاءِ الْهَيْئَةِ؛ لِأَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ لَا يُعَوِّلُونَ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: إنَّمَا يَأْتِي فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ) أَيْ بَلْ قَدْ يُقَالُ بِعَدَمِ تَأَتِّيه فِي الثَّانِيَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ تَحَقُّقَ التَّمَادِي إنَّمَا يَكُونُ بِالسَّلَامِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ تَنْجَلِ بَعْدَ الرُّكُوعِ الثَّانِي جَازَ أَنْ تَنْجَلِيَ فِي السُّجُودِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُخَصِّصْ حَجّ الْإِشْكَالَ بِوَاحِدَةٍ مِنْ الرُّكُوعَيْنِ، لَكِنَّهُ عَبَّرَ بِمَا يَقْتَضِي تَأَتِّيه فِي النُّقْصَانِ حَيْثُ قَالَ: وَصُورَةُ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ عَلَى الْمُقَابِلِ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْحِسَابِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَ اهـ. وَلَا حَاجَةَ لِلتَّصْوِيرِ بِذَلِكَ فِي النَّقْصِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عِنْدَ الِانْجِلَاءِ وَهُوَ مُشَاهَدٌ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْحِسَابِ (قَوْلُهُ: إنْ أَحْسَنَهَا) أَيْ فَإِنْ قَرَأَ قَدْرَهَا مَعَ إحْسَانِهَا كَانَ خِلَافَ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: أَنْ يُقَالَ سُورَةُ الْبَقَرَةِ) يُتَأَمَّلُ مِنْ وَجْهِ الدَّلَالَةِ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ سُورَةٍ، وَقَدْ ذَكَرَ غَيْرُهُ فِي نَحْوِ مَا ذَكَرَ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنْ يُقَالَ الْبَقَرَةُ مَثَلًا بِلَا ذِكْرِ السُّورَةِ أَصْلًا خِلَافًا لِمَنْ كَرِهَ ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ. (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّ تَجْوِيزَ الزِّيَادَةِ لِأَجْلِ تَمَادِي الْكُسُوفِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: وَفِي كَلَامِهِ دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ أَنْ يُقَالَ سُورَةُ الْبَقَرَةِ) وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ إذَا جَازَ أَنْ يُقَالَ الْبَقَرَةُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ السُّورَةِ مَعَ أَنَّ هُنَاكَ مَنْ يُوجِبُ إضَافَةَ سُورَةٍ إلَيْهَا كَمَا مَرَّ فِي الشَّارِحِ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ فِي سُورَةِ الْكَهْفِ فَجَوَازُهُ مَعَ ذِكْرِ السُّورَةِ أَوْلَى، وَالْقَصْدُ إنَّمَا هُوَ الرَّدُّ عَلَى الْبَعْضِ الْمَذْكُورِ فِي اخْتِيَارِهِ مَا ذَكَرَهُ بَعْدُ، فَلَا فَرْقَ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ بَيْنَ إضَافَةِ سُورَةٍ إلَيْهَا

تَقْدِيرُ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ بِنَحْوِ الْبَقَرَةِ وَتَطْوِيلُهُ عَلَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ ثُمَّ الثَّالِثِ عَلَى الرَّابِعِ، وَأَمَّا نَقْصُ الثَّالِثِ عَلَى الثَّانِي، أَوْ زِيَادَتُهُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرِدْ فِيهِ شَيْءٌ فِيمَا أَعْلَمُ، فَلِأَجْلِهِ لَا بُعْدَ فِي ذِكْرِ سُورَةِ النِّسَاءِ فِيهِ وَآلِ عِمْرَانَ فِي الثَّانِي، وَيُسَنُّ لَهُ التَّعَوُّذُ فِي الْقِيَامِ الثَّانِي مِنْ كُلِّ رَكْعَةٍ (وَيُسَبِّحُ فِي الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ) مِنْ الرُّكُوعَاتِ الْأَرْبَعِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ (قَدْرَ مِائَةٍ مِنْ الْبَقَرَةِ، وَفِي) الرُّكُوعِ (الثَّانِي) قَدْرَ (ثَمَانِينَ) مِنْهَا (وَ) فِي الرُّكُوعِ (الثَّالِثِ) قَدْرَ (سَبْعِينَ) مِنْهَا بِالسِّينِ أَوَّلَهُ (وَ) فِي الرُّكُوعِ (الرَّابِعِ) قَدْرَ (خَمْسِينَ) مِنْهَا (تَقْرِيبًا) فِي الْجَمِيعِ لِثُبُوتِ التَّطْوِيلِ مِنْ الشَّارِعِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ، وَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُ الْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ فِي الْآيَاتِ دُونَ طِوَالِهَا وَقِصَارِهَا، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ: وَتَكُونُ الْآيَاتُ مُقْتَصِدَةً. وَجَزَمَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ (وَلَا يُطَوِّلُ السَّجَدَاتِ فِي الْأَصَحِّ) كَالْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا وَالِاعْتِدَالِ مِنْ الرُّكُوعِ الثَّانِي (قُلْت: الْأَصَحُّ تَطْوِيلُهَا) كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ (وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ) فِي صَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِكُسُوفِ الشَّمْسِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى (وَنَصَّ فِي) كِتَابِ (الْبُوَيْطِيِّ) وَهُوَ يُوسُفُ أَبُو يَعْقُوبَ بْنُ يَحْيَى الْقُرَشِيُّ مِنْ بُوَيْطٍ قَرْيَةٍ مِنْ صَعِيدِ مِصْرَ الْأَدْنَى. كَانَ خَلِيفَةَ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي حَلَقَتِهِ بَعْدَهُ. مَاتَ سَنَةَ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ (أَنَّهُ يُطَوِّلُهَا نَحْوَ الرُّكُوعِ الَّذِي قَبْلَهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) قَالَ الْبَغَوِيّ: وَالسُّجُودُ الْأَوَّلُ كَالرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، وَالسُّجُودُ الثَّانِي كَالرُّكُوعِ الثَّانِي، وَاخْتَارَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ اسْتِحْبَابُ هَذِهِ الْإِطَالَةِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْمَأْمُومُونَ بِهَا، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَكْتُوبَةِ بِالنُّدْرَةِ، أَوْ بِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنْهَا، أَوْ تَرْكَهَا إلَى خِيرَةِ الْمُقْتَدِي بِخِلَافِ الْمَكْتُوبَةِ، وَنَظَرُهُ مَدْفُوعٌ بِأَنَّ الْقِيَاسَ مَا مَرَّ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ أَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى رِضَاهُمْ كَكُلِّ مَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِخُصُوصِ شَيْءٍ فِيهِ. (وَتُسَنُّ جَمَاعَةً) بِنَصْبِهِ عَلَى التَّمْيِيزِ الْمُحَوَّلِ عَنْ نَائِبِ الْفَاعِلِ: أَيْ تُسَنُّ الْجَمَاعَةَ فِيهَا لِلِاتِّبَاعِ، وَلَا يُقَالُ إنَّهُ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ لِاقْتِضَائِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSيُقَالَ الْبَقَرَةُ بِدُونِ سُورَةٍ (قَوْلُهُ: فِي الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يُطَوِّلْ الْقِيَامَ، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ تَطْوِيلَ السُّجُودِ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَا ضَرَرَ فِيهِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يُطِيلَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ مُخَالَفَةِ الِاقْتِدَاءِ بِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (قَوْلُهُ: قَدْر سَبْعِينَ مِنْهَا) قَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ: هَلَّا قَالَ كَسِتِّينَ، وَمَا وَجْهُ هَذَا النَّقْصِ اهـ. أَقُولُ: وَجْهُهُ أَنَّهُ جَعَلَ نِسْبَةَ الرَّابِعِ لِلثَّالِثِ كَنِسْبَةِ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ وَالثَّانِي نَقْصٌ عَنْ الْأَوَّلِ عِشْرِينَ، فَكَذَا الرَّابِعُ نَقْصٌ عَنْ الثَّالِثِ عِشْرِينَ (قَوْلُهُ: مُقْتَصِدَةٌ) أَيْ مُتَوَسِّطَةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ بِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْقُدْوَةِ عَلَى مَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِ، لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمَكْتُوبَةِ فَإِنَّهُ مُخَيَّرٌ فِيهَا بَيْنَ نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ وَعَدَمِهَا سِيَّمَا إذَا طَوَّلَ الْإِمَامُ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْخُرُوجِ مِنْ نَفْسِ الصَّلَاةِ وَعَدَمِهِ لِكَوْنِهَا نَفْلًا، بِخِلَافِ الْمَكْتُوبَةِ، وَعَلَيْهِ فَلَا إشْكَالَ، أَوْ بِأَنَّهُ مُخَيَّرٌ هُنَا مُطْلَقًا بِخِلَافِهِ فِي الْمَكْتُوبَةِ، فَإِنَّهُ إنَّمَا يُخَيَّرُ إذَا لَمْ يَتَوَقَّفْ ظُهُورُ الشِّعَارِ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَتَمْتَنِعُ الْمُفَارَقَةُ حَيْثُ لَا عُذْرَ (قَوْلُهُ وَنَظَرَهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQوَعَدَمِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي الْحَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَكْتُوبَةِ بِالنُّدْرَةِ) مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: وَنَظَرُهُ) أَيْ الْأَذْرَعِيِّ: أَيْ فِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْفَرْقِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اسْتِحْبَابُ هَذِهِ الْإِطَالَةِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهَا الْمَأْمُومُونَ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَكْتُوبَةِ بِالنُّدْرَةِ أَوْ بِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنْهَا أَوْ تَرْكَهَا إلَى خِيَرَةِ الْمُقْتَدِي بِخِلَافِهِ فِي الْمَكْتُوبَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: لَا يُطِيلُ بِغَيْرِ رِضَا الْمَحْصُورِينَ لِعُمُومِ خَبَرِ «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ» وَتُحْمَلُ إطَالَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَنَّهُ عَلِمَ رِضَا أَصْحَابِهِ، أَوْ أَنَّ ذَلِكَ مُغْتَفَرٌ لِبَيَانِ تَعْلِيمِ الْأَكْمَلِ بِالْفِعْلِ إلَخْ، فَقَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ بِدَلِيلِ قَوْلِ شَرْحِ الرَّوْضِ بَعْدَهُ اهـ. وَهُوَ كَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي قُوتِ الْأَذْرَعِيِّ لَكِنْ بِالْمَعْنَى

تَقْيِيدَ الِاسْتِحْبَابِ بِحَالَةِ الْجَمَاعَةِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ. قِيلَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِصِحَّتِهِ أَيْضًا، وَذَلِكَ الْإِيهَامُ مُنْتَفٍ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا هِيَ سُنَّةٌ الظَّاهِرُ فِي سَنِّهَا لِلْمُنْفَرِدِ أَيْضًا، وَهُوَ مَمْنُوعٌ، بَلْ الْإِيهَامُ يَقِلُّ فَقَطْ وَلَا يَنْدَفِعُ، وَيَصِحُّ رَفْعُهُ بِتَقْدِيرِ: أَيْ تُسَنُّ الْجَمَاعَةُ فِيهَا وَيُنَادَى لَهَا: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. وَيُسْتَحَبُّ لِلنِّسَاءِ غَيْرِ ذَوَاتِ الْهَيْئَةِ الصَّلَاةُ مَعَ الْإِمَامِ وَذَوَاتِ الْهَيْئَاتِ يُصَلِّينَ فِي بُيُوتِهِنَّ مُنْفَرِدَاتٍ، فَإِذَا اجْتَمَعْنَ فَلَا بَأْسَ. وَتُسَنُّ صَلَاتُهَا فِي الْجَامِعِ كَنَظِيرِهِ فِي الْعِيدِ (وَيَجْهَرُ) الْإِمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ اسْتِحْبَابًا (بِقِرَاءَةِ) صَلَاةِ (كُسُوفِ الْقَمَرِ) لِأَنَّهَا صَلَاةٌ لَيْلِيَّةٌ، أَوْ مُلْحَقَةٌ بِهَا (لَا الشَّمْسِ) بَلْ يُسِرُّ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا نَهَارِيَّةٌ، وَجَمَعَ فِي الْمَجْمُوعِ بَيْنَ مَا صَحَّ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ جَهْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ بِقِرَاءَتِهِ، وَمَا صَحَّ مِنْ إسْرَارِهِ فِي الْكُسُوفِ بِأَنَّ الْإِسْرَارَ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْجَهْرَ فِي كُسُوفِ الْقَمَرِ (ثُمَّ) (يَخْطُبُ الْإِمَامُ) نَدْبًا بَعْدَ صَلَاتِهَا لِلِاتِّبَاعِ مِنْ غَيْرِ تَكْبِيرٍ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ (خُطْبَتَيْنِ بِأَرْكَانِهِمَا) وَسُنَنِهِمَا (فِي الْجُمُعَةِ) قِيَاسًا عَلَيْهَا، فَلَا تُجْزِئُ خُطْبَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَا تُعْتَبَرُ فِيهَا الشُّرُوطُ كَمَا فِي الْعِيدِ. نَعَمْ يُعْتَبَرُ لِأَدَاءِ السُّنَّةِ الْإِسْمَاعُ وَالسَّمَاعُ وَكَوْنُ الْخُطْبَةِ عَرَبِيَّةً عَلَى مَا مَرَّ (وَيَحُثُّ) فِيهِمَا السَّامِعِينَ (عَلَى التَّوْبَةِ) مِنْ الذُّنُوبِ مَعَ تَحْذِيرِهِمْ مِنْ الْغَفْلَةِ وَالتَّمَادِي فِي الْغُرُورِ (وَ) عَلَى فِعْلِ (الْخَيْرِ) كَعِتْقٍ وَصَدَقَةٍ وَدُعَاءٍ وَاسْتِغْفَارٍ. وَيُسَنُّ الْغُسْلُ كَمَا عُلِمَ بِمَا مَرَّ فِي الْجُمُعَةِ لَا التَّنَظُّفُ بِحَلْقٍ وَقَلْمٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْيَمَنِ لِضِيقِ الْوَقْتِ؛ وَلِأَنَّهُ حَالَةُ سُؤَالٍ وَذِلَّةٍ، وَعَلَى قِيَاسِهِ أَنْ يَكُونَ فِي ثِيَابٍ بِذْلَةٍ وَمِهْنَةٍ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ فِيمَا عَلِمْت كَمَا سَيَأْتِي فِي الْبَابِ الْآتِي مَا يُؤَيِّدُهُ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ اسْتِحْبَابِ الْخُطْبَةِ مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ تَبَعًا لِلنَّصِّ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى بِبَلَدٍ وَبِهِ وَالٍ فَلَا يَخْطُبُ الْإِمَامُ إلَّا بِأَمْرِهِ وَإِلَّا فَيُكْرَهُ، وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي الِاسْتِسْقَاءِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ يُفَوِّضْ السُّلْطَانُ ذَلِكَ لِأَحَدٍ بِخُصُوصِهِ وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ لِإِذْنِ أَحَدٍ، وَذِكْرُهُ فِعْلَ الْخَيْرِ بَعْدَ التَّوْبَةِ مِنْ بَابِ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ لِمَزِيدِ الِاهْتِمَامِ بِشَأْنِهِ. . (وَمَنْ) (أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي رُكُوعٍ أَوَّلَ) مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ (أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ) كَمَا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ؛ وَلِأَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْأَصْلُ وَمَا بَعْدَهُ فِي حُكْمِ التَّابِعِ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الْأَذْرَعِيُّ: أَيْ الَّذِي أَشْعَرَ بِهِ قَوْلُهُ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: قِيلَ وَيُمْكِنُ) قَائِلُهُ حَجّ (قَوْلُهُ: أَيْ تُسَنُّ الْجَمَاعَةُ فِيهَا) بَيَانٌ لِلتَّقْدِيرِ (قَوْلُهُ: كَنَظِيرِهِ فِي الْعِيدِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ ضَاقَ بِهِمْ الْمَسْجِدُ خَرَجُوا إلَى الصَّحْرَاءِ، وَقَالَ سم عَلَى حَجّ: قَوْلُهُ بِالْمَسْجِدِ إلَّا لِعُذْرٍ إلَخْ. قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَبِالْمَسْجِدِ وَإِنْ ضَاقَ اهـ. وَسَكَتَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِهِ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ: دُونَ الصَّحْرَاءِ وَإِنْ كَثُرَ الْجَمْعُ اهـ. وَقَوْلُهُ هُنَا إلَّا لِعُذْرٍ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَا فِي الْعُبَابِ وَلَا فِي شَرْحِهِ وَلَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ اهـ. وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ قَوْلِهِ وَإِنْ ضَاقَ بِأَنَّ الْخُرُوجَ إلَى الصَّحْرَاءِ قَدْ يُؤَدِّي إلَى فَوَاتِهَا بِالِانْجِلَاءِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَخْطُبُ الْإِمَامُ نَدْبًا بَعْدَ صَلَاتِهَا) أَيْ فَلَوْ قَدَّمَهَا عَلَى الصَّلَاةِ هَلْ يُعْتَدُّ بِهَا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، ثُمَّ رَأَيْت فِيمَا يَأْتِي آخِرَ الِاسْتِسْقَاءِ عَنْ شَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهَا كَالْعِيدِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الْعُبَابِ هُنَا أَيْضًا مَا نَصُّهُ: وَلَا يُجْزِيَانِ: أَيْ الْخُطْبَتَانِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَلَا خُطْبَةٌ فَرْدَةٌ اهـ (قَوْلُهُ وَسُنَنُهُمَا) وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا تَكْبِيرَ هُنَا، وَهَلْ يَحْسُنُ أَنْ يَأْتِيَ بَدَلُهُ بِالِاسْتِغْفَارِ قِيَاسًا عَلَى الِاسْتِسْقَاءِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّضَرُّعِ وَالْحَثِّ عَلَى التَّوْبَةِ، وَالِاسْتِغْفَارُ مِنْ أَسْبَابِ الْحَمْلِ عَلَى ذَلِكَ، وَعِبَارَةُ النَّاشِرِيِّ يَحْسُنُ أَنْ يَأْتِيَ بِالِاسْتِغْفَارِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَصٌّ اهـ (قَوْلُهُ: وَكَوْنُ الْخُطْبَةِ عَرَبِيَّةٌ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ ذَلِكَ لِأَدَاءِ السُّنَّةِ وَقَدَّمْنَا فِيهِ كَلَامًا يَأْتِي نَظِيرُهُ هُنَا، وَتَقَدَّمَ أَيْضًا عَنْ الْجُرْجَانِيِّ أَنَّهُ يَشْتَرِطُ فِي خُطْبَةِ الْعِيدِ شُرُوطَ الْجُمُعَةِ فَهَلْ قَالَ بِذَلِكَ هُنَا أَوْ لَا؟ فَلْيُرَاجَعْ، وَقِيَاسُ مَا قَالَ بِهِ فِي الْعِيدِ أَنْ يَقُولَ بِمِثْلِهِ هُنَا، وَيُوَجَّهُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى حُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ التَّعْظِيمِ، وَإِظْهَارِ الشِّعَارِ، وَكَوْنِ الْخُطْبَةِ فِيهِمَا عِبَادَةً مَطْلُوبَةً (قَوْلُهُ: فَلَا يَخْطُبُ) أَيْ لَا يُسَنُّ. (قَوْلُهُ: فِي رُكُوعٍ أَوَّلٍ) هُوَ بِتَنْوِينِهِ مَصْرُوفًا. وَيَجُوزُ تَرْكُ صَرْفِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَوَّلَ إنْ اُسْتُعْمِلَ بِمَعْنَى مُتَقَدِّمٍ كَانَ مَصْرُوفًا، أَوْ بِمَعْنَى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(أَوْ) أَدْرَكَهُ (فِي) رُكُوعٍ (ثَانٍ، أَوْ) فِي (قِيَامٍ ثَانٍ) مِنْ أَيِّ رَكْعَةٍ (فَلَا يُدْرِكُهَا) (فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي يُدْرِكُ مَا لَحِقَ بِهِ الْإِمَامُ وَيُدْرِكُ بِالرُّكُوعِ الْقَوْمَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى قَامَ عِنْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَقَرَأَ وَرَكَعَ وَاعْتَدَلَ وَجَلَسَ وَتَشَهَّدَ وَتَحَلَّلَ وَلَا يَسْجُدُ؛ لِأَنَّ إدْرَاكَ الرُّكُوعِ إذَا أَثَّرَ فِي إدْرَاكِ الْقِيَامِ الَّذِي قَبْلَهُ كَانَ السُّجُودُ الَّذِي بَعْدَهُ مَحْسُوبًا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (وَإِنْ كَانَ فِي الثَّانِيَةِ فَيَأْتِي مَعَ مَا ذَكَرْنَاهُ بِالرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ كَامِلَةً) ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا يُدْرِكُ الرَّكْعَةَ بِجُمْلَتِهَا (وَتَفُوتُ صَلَاةُ) كُسُوفِ (الشَّمْسِ) إذَا لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا (بِالِانْجِلَاءِ) التَّامِّ يَقِينًا لِخَبَرِ «إذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ أَيْ الْكُسُوفَ فَادْعُوَا اللَّهَ وَصَلُّوا حَتَّى يَنْكَشِفَ مَا بِكُمْ» ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى عَدَمِ الصَّلَاةِ بَعْدَ ذَلِكَ، لَا سِيَّمَا وَالْمَقْصُودُ مِنْ الصَّلَاةِ قَدْ حَصَلَ، بِخِلَافِ الْخُطْبَةِ فَإِنَّهَا لَا تَفُوتُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَا الْوَعْظُ، وَهُوَ لَا يَفُوتُ بِذَلِكَ. فَلَوْ انْجَلَى بَعْضُ مَا كَسَفَ فَلَهُ الشُّرُوعُ فِي الصَّلَاةِ كَمَا لَوْ لَمْ يَنْكَسِفْ مِنْهَا إلَّا ذَلِكَ الْقَدْرُ، وَلَوْ انْجَلَى جَمِيعُهَا وَهُوَ فِي أَثْنَائِهَا أَتَمَّهَا وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً مِنْهَا إلَّا أَنَّهَا لَا تُوصَفُ بِأَدَاءٍ وَلَا قَضَاءٍ، بَلْ قَدْ يُقَالُ بِصِحَّةِ وَصْفِهَا بِالْأَدَاءِ وَإِنْ تَعَذَّرَ الْقَضَاءُ كَرَمْيِ الْجِمَارِ، وَلَوْ حَالَ سَحَابٌ وَشَكَّ فِي الِانْجِلَاءِ، أَوْ الْكُسُوفِ لَمْ يُؤَثِّرْ فَيَفْعَلُهَا فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِيهِمَا، وَلَوْ شَرَعَ فِيهَا ظَانًّا بَقَاءَهُ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ انْجِلَاءً قَبْلَ تَحَرُّمِهِ بِهَا بَطَلَتْ وَلَا تَنْعَقِدُ نَفْلًا عَلَى قَوْلٍ، إذْ لَيْسَ لَنَا نَفْلٌ عَلَى هَيْئَةِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ فَيُدْرَجُ فِي نِيَّتِهِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَحْرَمَ بِهَا بِنِيَّةِ رَكْعَتَيْنِ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ انْقَلَبَتْ نَفْلًا مُطْلَقًا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَوْ قَالَ الْمُنَجِّمُونَ انْجَلَتْ، أَوْ انْكَسَفَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَسْبَقَ كَانَ مَمْنُوعًا مِنْ الصَّرْفِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُدْرِكُهَا) زَادَ الْمَحَلِّيُّ: أَيْ شَيْئًا مِنْهَا اهـ أَيْ فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُدْرِكُ ذَلِكَ الرُّكُوعَ فَقَطْ وَيُتَمِّمُ عَلَيْهِ بَعْدَ السَّلَامِ (قَوْلُهُ: فِي الْأَظْهَرِ) وَمَحَلُّهُ فِيمَنْ فَعَلَهَا بِالْهَيْئَةِ الْمَخْصُوصَةِ. أَمَّا مَنْ أَحْرَمَ بِهَا كَسُنَّةِ الظُّهْرِ فَيُدْرِكُ الرَّكْعَةَ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ الثَّانِي مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ سَوَاءٌ اقْتَدَى فِي الْقِيَامِ قَبْلَهُ أَوْ فِيهِ وَاطْمَأَنَّ يَقِينًا قَبْلَ ارْتِفَاعِ الْإِمَامِ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ لِتَوَافُقِ نَظْمِ صَلَاتَيْهِمَا حِينَئِذٍ. [فَرْعٌ] لَوْ اقْتَدَى بِإِمَامِ الْكُسُوفِ فِي ثَانِي رُكُوعَيْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَمَا بَعْدَهُ وَأَطْلَقَ نِيَّتَهُ وَقُلْنَا إنَّ مَنْ أَطْلَقَ نِيَّةَ الْكُسُوفِ انْعَقَدَتْ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَهَلْ تَنْعَقِدُ لَهُ هَهُنَا عَلَى الْإِطْلَاقِ لِزَوَالِ الْمُخَالَفَةِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ إنَّمَا تَنْعَقِدُ عَلَى مَا نَوَاهُ الْإِمَامُ لِئَلَّا يَلْزَمَ الْمُخَالَفَةُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَأَظُنُّ م ر اخْتَارَ الْأَوَّلَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْإِطْلَاقِ هُنَا حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهَا تَنْعَقِدُ كَسُنَّةِ الصُّبْحِ لَا أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ فِعْلِهَا بِالْهَيْئَةِ الْأَصْلِيَّةِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهَا كَذَلِكَ يُؤَدِّي لِتَخَالُفِ نَظْمِ الصَّلَاتَيْنِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا يَأْتِي بِهِ مَعَ الْإِمَامِ لِمَحْضِ الْمُتَابَعَةِ وَلَا يُحْسَبُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الرَّكْعَةِ كَالْمَسْبُوقِ الَّذِي اقْتَدَى بِهِ فِي الرُّكُوعِ الثَّانِي مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَنَوَى الْهَيْئَةَ الْكَامِلَةَ (قَوْلُهُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ) هُوَ قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْأَصْلُ (قَوْلُهُ: فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى) أَيْ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: بَلْ قَدْ يُقَالُ بِصِحَّةِ وَصْفِهَا بِالْأَدَاءِ) أَيْ بِتَنْزِيلِ زَمَنِ الْكُسُوفِ الَّذِي تُفْعَلُ فِيهِ مَنْزِلَةَ الْوَقْتِ الْمُقَدَّرِ مِنْ الشَّارِعِ فَيَكُونُ الْوَصْفُ بِذَلِكَ مَجَازًا (قَوْلُهُ: فَيَفْعَلُهَا فِي الْأَوَّلِ) أَيْ إذَا شَكَّ فِي الِانْجِلَاءِ (قَوْلُهُ: انْقَلَبَتْ نَفْلًا مُطْلَقًا) هَذَا كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ إذَا عَلِمَ بِذَلِكَ فِي أَثْنَائِهَا انْقَلَبَتْ نَفْلًا، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا جَاهِلًا بِالْحَالِ وَقَعَتْ نَفْلًا مُطْلَقًا بِشَرْطِ اسْتِمْرَارِ الْجَهْلِ إلَى الْفَرَاغِ مِنْهَا، فَإِنْ عَلِمَ بِذَلِكَ فِي أَثْنَائِهَا بَطَلَتْ فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى مَا هُنَاكَ فَتَصَوَّرْ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِانْجِلَائِهَا إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الرَّكْعَتَيْنِ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ الْآنَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ الْمُنَجِّمُونَ إلَخْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: فَيَأْتِي مَعَ مَا ذَكَرْنَاهُ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: أَوْ فِي الثَّانِيَةِ وَسَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ وَقَرَأَ وَرَكَعَ ثُمَّ أَتَى بِالرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَرُكُوعَيْهَا (قَوْلُهُ: وَلَا تَنْعَقِدُ نَفْلًا عَلَى قَوْلٍ) هَلْ الْمُرَادُ أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ نَفْلًا عَلَى قَوْلٍ مِنْ الْأَقْوَالِ بِمَعْنَى أَنَّ عَدَمَ انْعِقَادِهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ

لَمْ نَعْمَلْ بِقَوْلِهِمْ، فَتُصَلَّى فِي الْأَوَّلِ إذْ الْأَصْلُ بَقَاءُ الْكُسُوفِ دُونَ الثَّانِي إذْ الْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَقَوْلُ الْمُنَجِّمِينَ تَخْمِينٌ لَا يُفِيدُ الْيَقِينَ، وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ جَوَازُ الْعَمَلِ بِقَوْلِهِمْ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ وَالصَّوْمِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ خَارِجَةٌ عَنْ الْقِيَاسِ فَاحْتِيطَ لَهَا، وَبِأَنَّ دَلَالَةَ عِلْمِهِ عَلَى ذَيْنَك أَقْوَى مِنْهَا هُنَا وَذَلِكَ لِفَوَاتِ سَبَبِهَا (وَ) تَفُوتُ أَيْضًا (بِغُرُوبِهَا كَاسِفَةً) ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِهَا يَبْطُلُ بِغُرُوبِهَا نَيِّرَةً كَانَتْ، أَوْ مُنْكَسِفَةً لِزَوَالِ سُلْطَانِهَا. (وَ) تَفُوتُ أَيْضًا صَلَاةُ خُسُوفِ (الْقَمَرِ) قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا (بِالِانْجِلَاءِ) التَّامِّ أَيْضًا كَمَا مَرَّ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ (وَطُلُوعِ الشَّمْسِ) وَهُوَ مُنْخَسِفٌ لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِضَوْئِهِ (لَا) بِطُلُوعِ (الْفَجْرِ) فَلَا تَفُوتُ صَلَاةُ خُسُوفِهِ (فِي الْجَدِيدِ) لِبَقَاءِ ظُلْمَةِ اللَّيْلِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ وَعَلَى هَذَا لَا يَضُرُّ طُلُوعُ الشَّمْسِ فِي صَلَاتِهِ كَالِانْجِلَاءِ وَالْقَدِيمُ تَفُوتُ لِذَهَابِ اللَّيْلِ وَهُوَ سُلْطَانُهُ (وَلَا) تَفُوتُ صَلَاتُهُ أَيْضًا (بِغُرُوبِهِ خَاسِفًا) لِبَقَاءِ مَحَلِّ سَلْطَنَتِهِ وَهُوَ اللَّيْلُ فَغُرُوبُهُ كَغَيْبُوبَتِهِ تَحْتَ السَّحَابِ فَعُلِمَ أَنَّا لَا نَنْظُرُ إلَى تِلْكَ اللَّيْلَةِ بِخُصُوصِهَا وَاسْتِحَالَةِ طُلُوعِهِ بَعْدَ غُرُوبِهِ فِيهَا وَإِنَّمَا نَنْظُرُ لِوُجُودِ اللَّيْلِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّهُ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا نَنْظُرُ إلَى سُلْطَانِ الشَّمْسِ وَهُوَ النَّهَارُ وَلَا نَنْظُرُ فِيهِ إلَى غَيْمٍ، أَوْ نَحْوِهِ. (وَلَوْ اجْتَمَعَ) عَلَيْهِ صَلَاتَانِ فَأَكْثَرَ وَلَمْ يَأْمَنْ الْفَوَاتَ قَدَّمَ الْأَخْوَفَ فَوْتًا، ثُمَّ الْآكَدَ، فَعَلَى هَذَا لَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ (كُسُوفٌ وَجُمُعَةٌ، أَوْ فَرْضٌ آخَرُ) وَلَوْ نَذْرًا (قَدَّمَ الْفَرْضَ) جُمُعَةً أَوْ غَيْرَهَا (إنْ خِيفَ فَوْتُهُ) لِتَعَيُّنِهِ بِضِيقِ وَقْتِهِ مَعَ تَحَتُّمِ فِعْلِهِ فَكَانَ أَهَمَّ، وَعَلَى هَذَا يَخْطُبُ لِلْجُمُعَةِ، ثُمَّ يُصَلِّيهَا، ثُمَّ يُصَلِّي الْكُسُوفَ، ثُمَّ يَخْطُبُ لَهَا، وَفِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ يَفْعَلُ بِالْكُسُوفِ مَا مَرَّ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَرْضِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَخَفْ فَوْتَ الْفَرْضِ (فَالْأَظْهَرُ تَقْدِيمُ) صَلَاةِ (الْكُسُوفِ) لِخَوْفِ الْفَوَاتِ بِالِانْجِلَاءِ وَيُخَفِّفُهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فَيَقْرَأُ فِي كُلِّ قِيَامٍ بِالْفَاتِحَةِ وَنَحْوِ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ كَمَا فِي الْأُمِّ (ثُمَّ يَخْطُبُ لِلْجُمُعَةِ) فِي صُورَتِهَا (مُتَعَرِّضًا لِلْكُسُوفِ) وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْصِدَهُمَا بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّهُ تَشْرِيكٌ بَيْنَ فَرْضٍ وَنَفْلٍ، وَمَا نَظَرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ مَا يَحْصُلُ ضِمْنًا لَا يَضُرُّ ذِكْرُهُ رُدَّ بِأَنَّ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ لَا تَتَضَمَّنُ خُطْبَةَ الْخُسُوفِ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْكُسُوفِ لَمْ تَكْفِ الْخُطْبَةُ عَنْهُ وَيَحْتَرِزُ عَنْ التَّطْوِيلِ الْمُوجِبِ ـــــــــــــــــــــــــــــSظَاهِرُهُ وَلَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُمْ وَيُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ جَوَازُ الْعَمَلِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ لِفَوَاتِ سَبَبِهَا) الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّهُ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ أَقْوَى مِنْهَا إلَخْ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عِلَّةٌ لِعَدَمِ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: لَا بِطُلُوعِ الْفَجْرِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَا تَفُوتُ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فِي لَيَالٍ يَقْطَعُ بِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَاسِفًا لَا يُوجَدُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي عَاشِرِ الشَّهْرِ مَثَلًا، وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي قَوْلِهِ فَعُلِمَ أَنَّا لَا نَنْظُرُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: إنْ خِيفَ فَوْتُهُ) وَهُوَ فِي الْجُمُعَةِ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْهَا وَفِي غَيْرِهَا بِعَدَمِ إدْرَاكِ رَكْعَةٍ فِي الْوَقْتِ، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ لَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ عِيدٌ وَفَرِيضَةُ نَذْرٍ فَعَلَهَا فِي وَقْتِ الْعِيدِ قَدَّمَ الْمَنْذُورَةَ إنْ خِيفَ فَوْتُهَا اهـ (قَوْلُهُ وَيُخَفِّفُهَا) أَيْ نَدْبًا (قَوْلُهُ: مُتَعَرِّضًا لِلْكُسُوفِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْخُطْبَةِ أَوْ فِي آخِرِهَا أَوْ خِلَالَهَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ تَشْرِيكٌ بَيْنَ فَرْضٍ وَنَفْلٍ) قَدْ يَرِدُ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْجُمُعَةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا نَوَى رَفْعَ الْجَنَابَةِ وَغُسْلَ الْجُمُعَةِ حَصَلَا مَعَ التَّشْرِيكِ الْمَذْكُورِ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْغُسْلَ لَمَّا كَانَ وَسِيلَةً لِغَيْرِهِ لَا مَقْصُودًا لِذَاتِهِ اُغْتُفِرَ التَّشْرِيكُ فِيهِ، أَوْ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُمَا وَاحِدٌ وَهُوَ تَعْمِيمُ الْبَدَنِ بِالْمَاءِ مَعَ كَوْنِ أَظْهَرْ مَقَاصِدِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ التَّنْظِيفَ وَهُوَ حَاصِلٌ مَعَ ضَمِّ غَيْرِهِ إلَيْهِ فَاغْتُفِرَ ذَلِكَ فِيهِ، عَلَى أَنَّهُ لَمَّا طَلَبَ فِي الْكُسُوفِ مَا لَمْ يَطْلُبْ فِي الْجُمُعَةِ وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا يَخْطُبُ لِلْجُمُعَةِ مُتَعَرِّضًا لِلْكُسُوفِ صَارَا كَأَنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ فِي الْحَقِيقَةِ (قَوْلُهُ: وَيَحْتَرِزُ عَنْ التَّطْوِيلِ) أَيْ وُجُوبًا أَيْ فِيمَا يَتَعَرَّضُ بِهِ لِلْكُسُوفِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ الْمُرَادُ أَنَّ عَدَمَ انْعِقَادِهَا قَوْلٌ مِنْ جُمْلَةِ الْأَقْوَالِ فَيَكُونُ هُنَاكَ مَنْ يَقُولُ بِانْعِقَادِهَا؟ يُرَاجَعُ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ لِفَوَاتِ سَبَبِهَا) تَعْلِيلٌ لِأَصْلِ الْمَتْنِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ سِيَاقُ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَيُخَفِّفُهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ اتَّسَعَ وَقْتُ الْفَرْضِ

لِلْفَصْلِ، وَمَا أَفْهَمُهُ كَلَامُهُ مِنْ وُجُوبِ قَصْدِهَا حَتَّى لَا يَكْفِي الْإِطْلَاقُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ تَقْدِيمَ غَيْرِهَا عَلَيْهَا يَقْتَضِي صَرْفَهَا لَهُ (ثُمَّ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ) وَلَا يَحْتَاجُ إلَى أَرْبَعِ خُطَبٍ؛ لِأَنَّ خُطْبَةَ الْكُسُوفِ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ صَلَاتِهَا وَالْجُمُعَةُ بِالْعَكْسِ، وَالْعِيدُ مَعَ الْكُسُوفِ كَالْفَرْضِ مَعَهُ؛ لِأَنَّ الْعِيدَ أَفْضَلُ مِنْهُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ. نَعَمْ لَوْ قَصَدَهُمَا مَعًا بِالْخُطْبَتَيْنِ جَازَ؛ لِأَنَّهُمَا سُنَّتَانِ وَالْقَصْدُ مِنْهُمَا وَاحِدٌ. لَا يُقَالُ: السُّنَّةُ حَيْثُ لَمْ تَتَدَاخَلْ لَا يَصِحُّ نِيَّتُهَا مَعَ سُنَّةٍ مِثْلِهَا وَلِهَذَا لَوْ نَوَى بِرَكْعَتَيْنِ الضُّحَى وَقَضَاءَ سُنَّةِ الصُّبْحِ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْخُطْبَتَانِ تَابِعَتَانِ لِلْمَقْصُودِ فَلَا تَضُرُّ نِيَّتُهُمَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ (وَلَوْ) (اجْتَمَعَ عِيدٌ) وَجِنَازَةٌ (أَوْ كُسُوفٌ وَجِنَازَةٌ) (قُدِّمَتْ الْجِنَازَةُ) فِيهِمَا لِمَا يُخْشَى مِنْ تَغَيُّرِ الْمَيِّتِ بِتَأْخِيرِهَا؛ وَلِأَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ؛ وَلِأَنَّ فِيهَا حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْآدَمِيِّ وَشَرْطُ تَقْدِيمِهَا حُضُورُهَا وَالْوَلِيُّ فَإِنْ لَمْ تَحْضُرْ أَوْ حَضَرَتْ دُونَهُ أَفْرَدَ الْإِمَامُ لَهَا مَنْ يَنْتَظِرُهَا وَاشْتَغَلَ هُوَ بِغَيْرِهَا مِمَّا بَقِيَ، وَلَوْ اجْتَمَعَ فَرْضٌ مَعَهَا قُدِّمَتْ الْجِنَازَةُ أَيْضًا وَلَوْ جُمُعَةً بِشَرْطِ أَنْ يَتَّسِعَ وَقْتُهُ، فَإِنْ ضَاقَ قَدَّمَ عَلَيْهَا وَمَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ فِي اجْتِمَاعِ الْفَرْضِ وَالْجِنَازَةِ، عَلَى خِلَافِ مَا ذُكِرَ مِنْ تَقْدِيمِ الْفَرْضِ مَعَ اتِّسَاعِ وَقْتِهِ خَطَأٌ يَجِبُ اجْتِنَابُهُ وَلَوْ فِي الْجُمُعَةِ، وَلِهَذَا قَالَ السُّبْكِيُّ: قَدْ أَطْلَقَ الْأَصْحَابُ تَقْدِيمَ الْجِنَازَةِ عَلَى الْجُمُعَةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَلَمْ يُبَيِّنُوا هَلْ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ أَوْ النَّدْبِ وَتَعْلِيلُهُمْ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ اهـ. وَهُوَ كَمَا قَالَ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ خِيفَ تَغَيُّرُ الْمَيِّتِ قُدِّمَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ عَلَى الْمَكْتُوبَةِ وَإِنْ خِيفَ فَوْتُهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَقَدْ حُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَمَّا وُلِّيَ الْخَطَابَةَ بِجَامِعِ مِصْرَ كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ قَبْلَ الْجُمُعَةِ، وَيُفْتِي الْحَمَّالِينَ وَأَهْلَ الْمَيِّتِ: أَيْ الَّذِينَ يَلْزَمُهُمْ تَجْهِيزُهُ فِيمَا يَظْهَرُ بِسُقُوطِ الْجُمُعَةِ عَنْهُمْ لِيَذْهَبُوا بِهَا اهـ. وَيُتَّجَهُ أَنَّ مَحَلَّ حُرْمَةِ التَّأْخِيرِ إنْ خُشِيَ تَغَيُّرُهَا، أَوْ كَانَ التَّأْخِيرُ لَا لِكَثْرَةِ الْمُصَلِّينَ، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: مِنْ وُجُوبِ قَصْدِهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ قَصَدَهُمَا) أَيْ الْعِيدَ وَالْكُسُوفَ، وَبَقِيَ مَا لَوْ أَطْلَقَ هَلْ يَنْصَرِفُ لَهُمَا أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: يَنْصَرِفُ لِلصَّلَاةِ الَّتِي فَعَلَهَا عَقِبَهُ وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ تُوجَدْ مِنْهُ قَرِينَةُ إرَادَةِ أَحَدِهِمَا بِأَنْ افْتَتَحَ الْخُطْبَةَ لِلتَّكْبِيرِ فَيَنْصَرِفُ لِلْعِيدِ، وَإِنْ أَخَّرَ صَلَاةَ الْكُسُوفِ أَوْ افْتَتَحَهَا بِالِاسْتِغْفَارِ فَيَنْصَرِفُ لِلْكُسُوفِ وَإِنْ أَخَّرَ صَلَاةَ الْعِيدِ، وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ شَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ أَنَّهَا تَنْصَرِفُ إلَيْهِمَا، وَفِي مَتْنِ الرَّوْضِ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى الْكُسُوفَ قَبْلَ الْجُمُعَةِ سَقَطَتْ خُطْبَتُهُ وَقَصَدَ بِالْخُطْبَةِ الْجُمُعَةَ فَقَطْ، قَالَ شَارِحُهُ: وَكَلَامُهُ كَأَصْلِهِ يُفْهِمُ أَنَّهُ يَجِبُ قَصْدُهَا حَتَّى لَا يَكْفِي الْإِطْلَاقَ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ؛ لِأَنَّ تَقَدُّمَ صَلَاةِ الْكُسُوفِ عَلَيْهَا يَقْتَضِي صَرْفَهَا لَهَا وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ خُطْبَةَ الْكُسُوفِ سَقَطَتْ وَهُوَ الْأَقْرَبُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ اهـ وَقَوْلُهُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْخُطْبَتَانِ إلَخْ) أَيْ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ بِهِمَا الْوَعْظُ، إذْ لَيْسَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا شَرْطًا لِلصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: قَدَّمَ عَلَيْهَا) أَيْ مَا لَمْ يَخَفْ تَغَيُّرَهُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَتَعْلِيلُهُمْ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: قَوْلُهُ تَعْلِيلُهُمْ إلَخْ يَنْبَغِي جَوَازُ تَأْخِيرِهَا عَنْ الْجُمُعَةِ لِغَرَضِ كَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ، وَقَدْ أَوْصَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ عِنْدَ مَوْتِهِ بِأَنْ تُؤَخَّرَ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ إلَى مَا بَعْدَ صَلَاةِ الْفَرْضِ الَّذِي يَتَّفِقُ تَجْهِيزُهُ عِنْدَهُ جُمُعَةٌ أَوْ غَيْرُهَا لِأَجْلِ كَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ الْمُصَلِّينَ، وَحِينَئِذٍ يُشْكِلُ إفْتَاؤُهُ بِوُجُوبِ التَّقْدِيمِ تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. أَقُولُ: وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْوُجُوبَ مَحْمُولٌ بِقَرِينَةِ كَلَامِهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَرْجُ كَثْرَةَ الْمُصَلِّينَ كَأَنْ حَضَرَ مَنْ عَادَتُهُمْ الصَّلَاةُ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ ثُمَّ حَضَرَتْ الْجِنَازَةُ فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَيُفْتَى الْحَمَّالِينَ إلَخْ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: أَيْ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِمْ فِي حَمْلِهَا وَلَوْ عَلَى التَّنَاوُبِ. وَقَوْلُهُ أَيْ الَّذِينَ إلَخْ، بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ بِهِمْ كُلُّ مَنْ يَشُقُّ عَلَيْهِ التَّخَلُّفُ عَنْ تَشْيِيعِهِ مِنْهُمْ م ر اهـ. وَلَا نَظَرَ لِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ أَنَّهُ يَحْصُلُ مِنْ كَثْرَةِ الْمُشَيِّعِينَ جُمَالَةٌ لِلْجِنَازَةِ وَجَبْرٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: يُوَجَّهُ بِأَنَّ تَقْدِيمَ غَيْرِهَا) أَيْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ

وَإِلَّا فَالتَّأْخِيرُ إذَا كَانَ يَسِيرًا وَفِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْمَيِّتِ لَا يَنْبَغِي مَنْعُهُ، وَلَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ خُسُوفٌ وَوِتْرٌ، أَوْ تَرَاوِيحُ قَدَّمَ الْخُسُوفَ، وَإِنْ خِيفَ فَوْتُ الْوِتْرِ أَوْ التَّرَاوِيحِ؛ لِأَنَّهُ آكَدُ، وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ عَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ لَوْ اجْتَمَعَ عِيدٌ وَكُسُوفٌ بِأَنَّ الْعِيدَ إمَّا أَوَّلُ الشَّهْرِ، أَوْ الْعَاشِرُ، وَالْكُسُوفُ لَا يَقَعُ إلَّا فِي الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ أَوْ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ، رُدَّ بِأَنَّ قَوْلَ الْمُنَجِّمِينَ لَا عِبْرَةَ بِهِ وَاَللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَقَدْ صَحَّ أَنَّ الشَّمْسَ كَسَفَتْ يَوْمَ مَوْتِ سَيِّدِنَا إبْرَاهِيمَ ابْنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَفِي أَنْسَابِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارَ وَأَنَّهُ مَاتَ عَاشِرَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِثْلَهُ عَنْ الْوَاقِدِيِّ، وَكَذَا اشْتَهَرَ أَنَّهَا كَسَفَتْ يَوْمَ قَتْلِ الْحُسَيْنِ وَأَنَّهُ قُتِلَ يَوْمَ الْعَاشِرِ، وَبِأَنَّا لَوْ سَلَّمْنَا أَنَّهَا لَا تَنْكَسِفُ إلَّا فِي ذَلِكَ فَقَدْ يُتَصَوَّرُ انْكِسَافُهَا فِيهِ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ بِنَقْصِ رَجَبٍ وَشَعْبَانَ وَرَمَضَانَ وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ تَامَّةٌ فَتَنْكَسِفُ فِي يَوْمِ عِيدِنَا وَهُوَ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَبِأَنَّ الْفَقِيهَ قَدْ يَتَصَوَّرُ مَا لَا يَقَعُ لِيَتَدَرَّبَ بِاسْتِخْرَاجِ الْفُرُوعِ الدَّقِيقَةِ، وَيُسْتَحَبُّ لِكُلِّ أَحَدٍ عِنْدَ حُضُورِ الزَّلَازِلِ وَالصَّوَاعِقِ وَالرِّيحِ الشَّدِيدَةِ وَالْخَسْفِ وَنَحْوِهَا التَّضَرُّعُ بِالدُّعَاءِ وَنَحْوِهِ وَالصَّلَاةُ فِي بَيْتِهِ مُنْفَرِدًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِلنَّصِّ. وَاعْلَمْ أَنَّ الرِّيَاحَ أَرْبَعٌ: الصَّبَا وَهِيَ مِنْ تُجَاهِ الْكَعْبَةِ، وَالدَّبُورُ مِنْ وَرَائِهَا، وَالْجَنُوبُ مِنْ جِهَةِ يَمِينِهَا، وَالشَّمَالُ مِنْ جِهَةِ شِمَالِهَا، وَلِكُلٍّ مِنْهَا طَبْعٌ فَالصَّبَا حَارَّةٌ يَابِسَةٌ، وَالدَّبُورُ بَارِدَةٌ رَطْبَةٌ، وَالْجَنُوبُ حَارَّةٌ رَطْبَةٌ، وَالشَّمَالُ بَارِدَةٌ يَابِسَةٌ وَهِيَ رِيحُ الْجَنَّةِ الَّتِي تَهُبُّ عَلَيْهِمْ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ، جَعَلَنَا اللَّهُ وَوَالِدِينَا وَأَصْحَابَنَا مِنْهُمْ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ إنَّهُ جَوَّادٌ رَحِيمٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــSلِأَهْلِ الْمَيِّتِ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُ الْجُمُعَةِ لَهُمَا وَنَحْوُهُ. وَسُئِلَ بَعْضُهُمْ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ مِنْ الْأَطْفَالِ فِي النَّارِ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْأَطْفَالَ فِي الْجَنَّةِ وَلَوْ أَطْفَالَ كُفَّارٍ عَلَى الصَّحِيحِ. نَعَمْ يَخْلُقُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خَلْقًا فَيُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ وَخَلْقًا يُدْخِلُهُمْ النَّارَ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ اهـ. وَالْعَشَرَةُ أَقْوَالٍ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا الشَّيْخُ سَرَدَهَا فِي فَتْحِ الْبَارِي فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ قُتِلَ يَوْمَ الْعَاشِرِ) أَيْ مِنْ الْمُحَرَّمِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَالْخَسْفُ وَنَحْوُهَا) هَلْ مِنْ نَحْوِهَا الطَّاعُونُ الْمُتَبَادَرُ لَا م ر اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَالصَّلَاةُ فِي بَيْتِهِ) وَيَحْصُلُ ذَلِكَ بِرَكْعَتَيْنِ كَسَنَةِ الظُّهْرِ وَيَنْوِي سَبَبَهَا، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَصِفَتُهَا عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ كَصَلَاةِ الْكُسُوفِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا تَتَغَيَّرَ عَنْ الْمَعْهُودِ إلَّا بِتَوْقِيفٍ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَبِهَذَا الِاحْتِمَالِ جَزَمَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ فَقَالَ: تَكُونُ كَكَيْفِيَّةِ الصَّلَوَاتِ وَلَا تُصَلَّى عَلَى هَيْئَةِ الْخُسُوفِ قَوْلًا وَاحِدًا. وَيُسَنُّ الْخُرُوجُ إلَى الصَّحْرَاءِ وَقْتَ الزَّلْزَلَةِ، قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ، وَيُقَاسُ بِهَا نَحْوُهَا، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي بَيْتِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ لَكِنَّهُ قِيَاسُ النَّافِلَةِ الَّتِي لَا تُشْرَعُ لَهَا الْجَمَاعَةُ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقِرِّي تَبَعًا لِلنَّصِّ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا عَصَفَتْ الرِّيحُ قَالَ اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا فِيهَا وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَأَعُوذُ بِك مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَرَوَى الشَّافِعِيُّ خَبَرَ «مَا هَبَّتْ رِيحٌ إلَّا جَثَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رَحْمَةً وَلَا تَجْعَلْهَا عَذَابًا، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رِيَاحًا وَلَا تَجْعَلْهَا رِيحًا» اهـ. أَقُولُ: وَظَاهِرُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الرِّيحِ الَّذِي يُخَافُ مِنْهُ الْهَلَاكُ (قَوْلُهُ: وَالشَّمَالُ مِنْ جِهَةِ شَمَالِهَا) عِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: وَالشَّمَالُ الرِّيحُ تُقَابِلُ الْجَنُوبَ فِيهَا خَمْسُ لُغَاتٍ الْأَكْثَرُ بِوَزْنِ سَلَامٍ، وَشَمَالٌ مَهْمُوزٌ وِزَانُ جَعْفَرٍ، وَشَامِلٌ عَلَى الْقَلْبِ وَشَمَلَ مِثْلُ سَبَبَ وَشَمِلَ مِثْلُ فَلِسَ، وَالْيَدُ الشِّمَالُ بِالْكَسْرِ خِلَافُ الْيَمِينِ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ وَجَمْعُهَا أَشْمُلُ مِثْلُ ذِرَاعٍ وَأَذْرُعَ وَشَمَائِلُ أَيْضًا، وَالشِّمَالُ أَيْضًا الْجِهَةُ، وَالْتَفَتَ يَمِينًا وَشِمَالًا: أَيْ جِهَةَ الْيَمِينِ وَجِهَةَ الشِّمَالِ وَجَمْعُهَا أَشْمُلُ وَشَمَائِلُ أَيْضًا اهـ. وَعَلَيْهِ فَتَكُونُ الْأُولَى فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بِفَتْحِ الشِّينِ وَالثَّانِيَةُ بِكَسْرِهَا. . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[باب صلاة الاستسقاء]

بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ هُوَ لُغَةٌ: طَلَبُ السُّقْيَا، وَشَرْعًا: طَلَبُ سُقْيَا الْعِبَادِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا، يُقَالُ سَقَاهُ وَأَسْقَاهُ بِمَعْنًى غَالِبًا. وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ الِاتِّبَاعُ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا وَاسْتَأْنَسُوا لَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ} [البقرة: 60] الْآيَةُ (هِيَ سُنَّةٌ) مُؤَكَّدَةٌ لِمُقِيمٍ وَلَوْ بِقَرْيَةٍ، أَوْ بَادِيَةٍ وَمُسَافِرٍ وَلَوْ سَفَرَ قَصْرٍ لِاسْتِوَاءِ الْجَمِيعِ فِي الْحَاجَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ لِمَا مَرَّ فِي الْعِيدِ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ ثَابِتَةٌ بِالْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ أَدْنَاهَا يَكُونُ بِالدُّعَاءِ مُطْلَقًا فُرَادَى، أَوْ مُجْتَمِعِينَ، وَأَوْسَطُهَا يَكُونُ بِالدُّعَاءِ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ وَلَوْ نَافِلَةً كَمَا فِي الْبَيَانِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَفِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَإِنْ وَقَعَ لِلْمُصَنِّفِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ تَقْيِيدُهُ بِالْفَرَائِضِ، وَأَفْضَلُهَا أَنْ يَكُونَ بِالصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُمَا وَإِنَّمَا تُطْلَبُ، (عِنْدَ الْحَاجَةِ) كَانْقِطَاعِ الْمَاءِ أَوْ مُلُوحَتِهِ، أَوْ قِلَّتِهِ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ كَافِيًا، وَعُلِمَ مِنْهُ عَدَمُ سَنِّهَا عِنْدَ انْقِطَاعِ الْمَاءِ وَنَحْوِهِ، وَالْحَاجَةُ غَيْرُ دَاعِيَةٍ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَبِهِ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ وَشَمَلَ إطْلَاقُهُ الْحَاجَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــSبَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ (قَوْلُهُ: صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَكَرَاهَةِ سَبِّ الرِّيحِ (قَوْلُهُ: هُوَ لُغَةً طَلَبُ السُّقْيَا) وَهِيَ اسْمٌ مِنْ سَقَاهُ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: سَقَيْت الزَّرْعَ سَقْيًا وَأَسْقَى بِالْأَلِفِ لُغَةٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ سَقَيْته وَأَسْقَيْته: دَعَوْت لَهُ فَقُلْت سُقْيًا لَك، وَفِي الدُّعَاءِ " سُقْيَا رَحْمَةٍ وَلَا سُقْيَا عَذَابٍ " عَلَى فُعْلَى بِالضَّمِّ: أَيْ اسْقِنَا غَيْثًا فِيهِ نَفْعٌ بِلَا ضَرَرٍ وَلَا تَخْرِيبٍ اهـ (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا طَلَبُ سُقْيَا الْعِبَادِ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى غَالِبًا) أَيْ فِي أَكْثَرِ اللُّغَاتِ، وَقِيلَ يُقَالُ سَقَاهُ لِشَفَتِهِ وَأَسْقَاهُ لِمَاشِيَتِهِ وَأَرْضِهِ اهـ مُخْتَارٌ. وَقِيلَ سَقَاهُ لِشَفَتِهِ وَأَسْقَاهُ إذَا دَلَّهُ عَلَى الْمَاءِ. وَقِيلَ سَقَاهُ إذَا نَاوَلَهُ الْمَاءَ لِيَشْرَبَ وَأَسْقَاهُ إذَا جَعَلَ لَهُ سَقْيًا اهـ شَرْحُ رَوْضِ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ بَعْضَ أَنْوَاعِهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَاسْتَأْنَسُوا لَهُ إلَخْ) إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا لَيْسَ شَرْعًا لَنَا وَإِنْ وَرَدَ فِي شَرْعِنَا مَا يُقَرِّرُهُ (قَوْلُهُ: لِمُقِيمٍ) أَيْ وَلَوْ عَاصِيًا بِإِقَامَتِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ سَفَرَ قَصْرٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ عَاصِيًا بِسَفَرِهِ، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الدُّعَاءُ وَهُوَ كَمَا يَكُونُ مِنْ الْمُطِيعِ يَكُونُ مِنْ الْعَاصِي (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَالصَّارِفُ عَنْ الْوُجُوبِ خَبَرُ هَلْ عَلَى غَيْرِهَا. . إلَخْ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ خَلْقُ الصَّلَوَاتِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَافِلَةً) أَيْ وَصَلَاةُ جِنَازَةٍ لَا سَجْدَةُ تِلَاوَةٍ وَشُكْرٍ (قَوْلُهُ بِالصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ) اُنْظُرْ لَوْ نَذَرَ الِاسْتِسْقَاءَ فَهَلْ يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ النَّذْرِ بِإِحْدَى الْكَيْفِيَّاتِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ يُحْمَلُ نَذْرُهُ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الْكَامِلَةِ؛ لِأَنَّ إطْلَاقَ الِاسْتِسْقَاءِ عَلَى الدُّعَاءِ بِنَوْعَيْهِ صَارَ كَالِاسْتِعْمَالِ الْمَهْجُورِ فَحُمِلَ اللَّفْظُ مِنْهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْهَا وَهُوَ الْأَكْمَلُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي فَلَا يُبَرَّرُ بِمُطْلَقِ الدُّعَاءِ وَلَا بِهِ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْحَاجَةِ) أَيْ نَاجِزَةٌ أَوْ غَيْرُهَا، كَأَنْ طَلَبَ عِنْدَ عُدْمِ الْمَاءِ عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ حَالًا حُصُولَهُ بَعْدَ مُدَّةٍ يَحْتَاجُونَ فِيهَا إلَيْهِ كَأَنْ طَلَبَ فِي زَمَنِ الصَّيْفِ حُصُولَهُ فِي زَمَنِ الشِّتَاءِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُلُوحَتِهِ) أَلْحَقَ بِهِ بَعْضُهُمْ بَحْثًا عَدَمَ طُلُوعِ الشَّمْسِ الْمُعْتَادِ؛ لِأَنَّ عَدَمَهَا يُؤَدِّي إلَى عَدَمِ نُمُوِّ الزَّرْعِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ] ِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ فِي الْعِيدِ) وَمَرَّ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ) الصَّوَابُ وَهُوَ أَيْ الِاسْتِسْقَاءُ إذْ الصَّلَاةُ لَا تَنْقَسِمُ إلَى صَلَاةٍ وَغَيْرِهَا.

مَا لَوْ احْتَاجَتْ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إلَى الْمَاءِ فَيُسْتَحَبُّ لِغَيْرِهِمْ أَنْ يُصَلُّوا وَيَسْتَسْقُوا لَهُمْ وَيَسْأَلُوا الزِّيَادَةَ لِأَنْفُسِهِمْ لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ؛ وَلِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ كَالْعُضْوِ الْوَاحِدِ إذَا اشْتَكَى بَعْضُهُ اشْتَكَى كُلُّهُ وَصَحَّ «دَعْوَةُ الْمَرْءِ لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ، كُلَّمَا دَعَا لِأَخِيهِ قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ: آمِينَ وَلَك بِمِثْلٍ» وَهُوَ مُقَيَّدٌ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ الْغَيْرُ ذَا بِدْعَةٍ وَضَلَالَةٍ وَبَغْيٍ وَإِلَّا لَمْ يُنْدَبْ زَجْرًا لَهُ وَتَأْدِيبًا؛ وَلِأَنَّ الْعَامَّةَ تَظُنُّ بِالِاسْتِسْقَاءِ لَهُمْ حُسْنَ طَرِيقَتِهِمْ وَالرِّضَا بِهَا وَفِيهَا مَفَاسِدُ. وَيُسَنُّ أَيْضًا الِاسْتِسْقَاءُ لِطَلَبِ زِيَادَةٍ فِيهَا نَفْعٌ لَهُمْ (وَتُعَادُ) الصَّلَاةُ مَعَ الْخُطْبَتَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ (ثَانِيًا وَثَالِثًا) وَأَكْثَرَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ الْمُلِحِّينَ فِي الدُّعَاءِ وَالْمَرَّةُ الْأُولَى آكَدُ فِي الِاسْتِحْبَابِ، ثُمَّ إذَا عَادُوا مِنْ الْغَدِ، أَوْ بَعْدَهُ يُنْدَبُ أَنْ يَكُونُوا صَائِمِينَ فِيهِ، وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ مَرَّةً عَلَى تَوَقُّفِ كُلِّ خُرُوجٍ عَلَى صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامَ قَبْلَهُ وَمَرَّةً أُخْرَى عَلَى عَدَمِ ذَلِكَ، وَلَا خِلَافَ؛ لِأَنَّهُمَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْجُمْهُورِ مُنَزَّلَانِ عَلَى حَالَيْنِ: الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا اقْتَضَى الْحَالُ التَّأْخِيرَ كَانْقِطَاعِ مَصَالِحِهِمْ فَحِينَئِذٍ يَصُومُونَ. وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَإِنْ جُمِعَ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ ذَلِكَ (إنْ لَمْ يَسْقُوا) حَتَّى يَسْقِيَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى (فَإِنْ تَأَهَّبُوا لِلصَّلَاةِ فَسُقُوا قَبْلَهَا، اجْتَمَعُوا لِلشُّكْرِ) لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى تَعْجِيلِ مَا عَزَمُوا عَلَى طَلَبِهِ، قَالَ تَعَالَى {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7] (وَالدُّعَاءُ) بِالزِّيَادَةِ إنْ لَمْ يَتَضَرَّرُوا بِكَثْرَةِ الْمَطَرِ (وَيُصَلُّونَ) صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ الْمُقَرَّرَةِ شُكْرًا لِلَّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْإِلْحَاقِ بَلْ هُوَ مِنْ قِسْمِ الزَّلَازِلِ وَالصَّوَاعِقِ الْآتِي فَتُسَنُّ لَهُ الصَّلَاةُ فُرَادَى عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي (قَوْلُهُ: فَيُسْتَحَبُّ لِغَيْرِهِمْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُصَلُّوهُمْ (قَوْلُهُ: بِظَهْرِ الْغَيْبِ) لَفْظُ ظَهْرٍ مُقْحَمَةٌ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى فِي، قِيلَ وَالْمُرَادُ بِظَهْرِ الْغَيْبِ: أَنْ يَدْعُوَ لَا عَنْ وَجْهٍ يَرْجُو مَعَهُ بُلُوغَ الدُّعَاءِ لِلْمَدْعُوِّ لَهُ (قَوْلُهُ: مَلَكٌ مُوَكَّلٌ) أَيْ بِهِ (قَوْلُهُ وَلَك بِمِثْلٍ) أَيْ بِمِثْلِهِ ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ بِمِثْلِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُقَيَّدٌ) أَيْ قَوْلُهُ وَشَمِلَ إطْلَاقَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: ذَا بِدْعَةٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكْفُرْ بِهَا بَلْ وَإِنْ لَمْ يَفْسُقْ بِهَا وَبَقِيَ مَا لَوْ احْتَاجَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَسَأَلُوا الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ، فَهَلْ يَنْبَغِي إجَابَتُهُمْ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَفَاءً بِذِمَّتِهِمْ، وَلَا يُتَوَهَّمُ مَعَ ذَلِكَ إنْ فَعَلْنَا ذَلِكَ لِحُسْنِ حَالِهِمْ؛ لِأَنَّ كُفْرَهُمْ مُحَقَّقٌ مَعْلُومٌ، وَتُحْمَلُ إجَابَتُنَا لَهُمْ عَلَى الرَّحْمَةِ بِهِمْ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِمْ مِنْ ذَوِي الرُّوحِ، بِخِلَافِ الْفَسَقَةِ وَالْمُبْتَدِعَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ الْمُلِحِّينَ) عِبَارَةُ حَجّ لِخَبَرِ «إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُلِحِّينَ فِي الدُّعَاءِ» وَإِنْ ضَعُفَ. [فَرْعٌ] أَخْبَرَ مَعْصُومٌ بِالْقَطْعِ بِاسْتِجَابَةِ دُعَاءِ شَخْصٍ فِي الْحَالِ وَاضْطَرَّ النَّاسُ لِلسُّقْيَا فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الدُّعَاءُ أَمْ لَا؟ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ مَا كَانَ خَارِقًا لِلْعَادَةِ لَا تُرَتَّبُ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ، سِيَّمَا وَمَنْ وَصَلَ إلَى تِلْكَ الْحَالَةِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ حَالُهُمْ التَّسْلِيمُ إلَى اللَّهِ فِي أَفْعَالِهِ وَعَدَمِ التَّعَرُّضِ لَهُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَفْعَلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ: أَقُولُ: قَدْ يُتَّجَهُ تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ جَوَّزَ إجَابَةَ غَيْرِهِ مَعَ عَدَمِ حُصُولِ ضَرَرٍ لَمْ يَجِبْ وَإِنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَلَا يَبْعُدُ الْوُجُوبُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ وَمِنْ الْغَيْرِ اشْتِدَادُ الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ اجْتَمَعُوا لِلشُّكْرِ) لَك أَنْ تَقُولَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الِاسْتِسْقَاءِ حَيْثُ طَلَبَ فِيهِ هَذِهِ الْأُمُورَ بَعْدَ السُّقْيَا قَبْلَ الصَّلَاةِ شُكْرًا وَبَيْنَ الْكُسُوفِ حَيْثُ لَا يَطْلُبُ فِيهِ هَذِهِ الْأُمُورَ بَعْدَ زَوَالِهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ مَعَ جَرَيَانِ التَّوْجِيهِ الْأَوَّلِ فِيهِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ التَّوْجِيهَ مَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ الشُّكْرُ وَطَلَبُ الْمَزِيدِ، أَوْ بِأَنَّ الْحَاجَةَ لِلسُّقْيَا أَشَدُّ فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت الْفَرْقَ بِنَحْوِ الثَّانِي ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: اجْتَمَعُوا لِلشُّكْرِ) لَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكُسُوفِ حَيْثُ لَا يُصَلَّى لَهُ بَعْدَ الِانْجِلَاءِ أَنَّ مَا هُنَا حُصُولُ نِعْمَةٍ وَمَا هُنَاكَ انْدِفَاعُ نِقْمَةٍ، وَأَيْضًا فَإِنَّ مَا هُنَا بَقِيَ أَثَرُهُ إلَى وَقْتِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ مَا هُنَاكَ، وَلَعَلَّ هَذَا أَوْجَهُ مِمَّا فَرَّقَ بِهِ الشِّهَابُ سم مِمَّا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَتِهِ.

تَعَالَى أَيْضًا، وَيَخْطُبُ بِهِمْ أَيْضًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُمْ يَنْوُونَ صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ شُكْرًا (عَلَى الصَّحِيحِ) كَاجْتِمَاعِهِمْ لِلدُّعَاءِ وَنَحْوِهِ، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ لَا يُصَلُّونَ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُفْعَلْ إلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ قَبْلَهَا عَمَّا إذَا سُقُوا بَعْدَهَا فَإِنَّهُمْ لَا يَخْرُجُونَ لِذَلِكَ وَلَوْ سُقُوا فِي أَثْنَائِهَا أَتَمُّوهَا جَزْمًا كَمَا أَشْعَرَ بِهِ كَلَامُهُمْ. (وَيَأْمُرُهُمْ الْإِمَامُ) اسْتِحْبَابًا أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ (بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) (أَوَّلًا) مُتَتَابِعَةٍ مَعَ يَوْمِ الْخُرُوجِ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ مَعِينٌ عَلَى الرِّيَاضَةِ وَالْخُشُوعِ وَصَحَّ «ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ: الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ، وَالْإِمَامُ الْعَادِلُ، وَالْمَظْلُومُ» وَالتَّقْدِيرُ بِالثَّلَاثَةِ مَأْخُوذٌ مِنْ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا وَرَدَ فِي الْكَفَّارَةِ، وَبِأَمْرِهِ يَصِيرُ الصَّوْمُ وَاجِبًا امْتِثَالًا لَهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوَاعِدِهِ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ جَمْعٌ كَالسُّبْكِيِّ وَالْقَمُولِيِّ وَالْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَأَفْتَى بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSاهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ شُكْرًا) أَيْ؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ عَلَى فِعْلِهَا هُوَ الشُّكْرُ وَهُوَ يَحْصُلُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى التَّعْظِيمِ فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ نِيَّتَهُمْ بِهَا الِاسْتِسْقَاءَ. (قَوْلُهُ: بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) قَالَ سم عَلَى حَجّ يُتَّجَهُ لُزُومُ الصَّوْمِ أَيْضًا إذَا أَمَرَهُمْ بِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةٍ اهـ. [فَائِدَةٌ] الْوَلِيُّ لَا يَلْزَمُهُ أَمْرُ مُوَلِّيهِ الصَّغِيرِ بِالصَّوْمِ وَإِنْ أَطَاقَهُ اهـ حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: يُتَّجَهُ الْوُجُوبُ إنْ شَمِلَهُ أَمْرُ الْإِمَامِ: أَيْ بِأَنْ أَمَرَ بِصِيَامِ الصِّبْيَانِ، وَفِيهِ أَيْضًا: وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ بِامْتِثَالِ أَمْرِ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَوْ أَمَرَ مَنْ هُوَ خَارِجٌ عَنْ وِلَايَتِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ، فَلَوْ أَمَرَ مَنْ فِي وِلَايَتِهِ وَشَرَعَ فِي الصَّوْمِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ وِلَايَتِهِ فَهَلْ يَسْتَمِرُّ الْوُجُوبُ اعْتِبَارًا بِالِابْتِدَاءِ؟ لَا يَبْعُدُ الِاسْتِمْرَارُ (قَوْلُهُ: مَعَ يَوْمِ الْخُرُوجِ) صَرَّحَ بِهِ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الْآتِي: وَيَخْرُجُونَ إلَى الصَّحْرَاءِ فِي الرَّابِعِ قَدْ يُوهِمُ أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ مِنْ الْإِمَامِ أَمْرُهُمْ بِهِ وَلَكِنَّهُ يَطْلُبُ مِنْهُمْ الصَّوْمَ لِأَنْفُسِهِمْ (قَوْلُهُ الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ) التَّعْبِيرُ بِمَا ذُكِرَ يُشْعِرُ بِأَنَّ النَّهَارَ كُلَّهُ ظَرْفٌ لِإِجَابَةِ الدُّعَاءِ، وَأَنَّهُ بِالْفِطْرِ يَنْتَهِي وَقْتُ الْإِجَابَةِ (قَوْلُهُ: وَبِأَمْرِهِ يَصِيرُ الصَّوْمُ وَاجِبًا) قَالَ حَجّ: ظَاهِرًا وَبَاطِنًا اهـ. وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَلَوْ أَمَرَ بِالصَّوْمِ لِنَحْوِ طَاعُونٍ ظَهَرَ فِي الْبَلَدِ وَاجِبٌ أَيْضًا كَمَا وَافَقَ عَلَيْهِ م ر وَطِبّ أَخْذًا مِمَّا قَرَّرُوهُ الْمَذْكُورُ اهـ. وَقَوْلُهُ وَاجِبًا: أَيْ عَلَيْهِمْ لَا عَلَيْهِ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّ الْمُتَكَلِّمَ يَدْخُلُ فِي عُمُومِ خِطَابِهِ، لِأَنَّا إنَّمَا أَوْجَبْنَا الصَّوْمَ عَلَى غَيْرِهِ بَذْلًا لِطَاعَتِهِ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ بَذْلُ الطَّاعَةِ لِنَفْسِهِ اهـ سم أَيْضًا. وَسَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ. [فَرْعٌ] أَمَرَهُمْ الْإِمَامُ بِالصَّوْمِ فَسَقَوْا قَبْلَ اسْتِكْمَالِ الصَّوْمِ، قَالَ م ر: لَزِمَهُمْ صَوْمُ بَقِيَّةِ الْأَيَّامِ اهـ. أَقُولُ: يُوَجَّهُ بِأَنَّ هَذَا الصَّوْمَ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ وَفَائِدَتُهُ لَمْ تَنْقَطِعْ لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ سَبَبًا فِي الْمَزِيدِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَبَقِيَ مَا لَوْ أَمَرَهُمْ بِالصَّوْمِ فَسَقَوْا قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ هَلْ يَجِبُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ أَخْذًا مِمَّا عَلَّلَ بِهِ سم، وَيُحْتَمَلُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ كَانَ لِأَمْرٍ وَقَدْ فَاتَ وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَبَقِيَ مَا لَوْ أَمَرَهُمْ بِالصِّيَامِ ثُمَّ خَرَجَ بِهِمْ بَعْدَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ إتْمَامُ بَقِيَّةِ الْأَيَّامِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي. [فَائِدَةٌ] لَوْ رَجَعَ الْإِمَامُ عَنْ الْأَمْرِ وَأَمَرَهُمْ بِالْفِطْرِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُمْ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّهُ وَاجِبٌ لِذَاتِهِ لَا لَشَقَّ الْعَصَا. وَنُقِلَ فِي الدَّرْسِ عَنْ شَيْخِنَا الْحَلَبِيِّ وَشَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مَا يُوَافِقُ ذَلِكَ. [فَائِدَةٌ أُخْرَى] لَوْ حَضَرَ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ مَنْ كَانَ مُسَافِرًا فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ وِلَايَتِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ صَوْمُ مَا بَقِيَ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمَا الصَّوْمُ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمَا حَالَ النِّدَاءِ. وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ أَمَرَهُمْ بِالصَّوْمِ بَعْدَ انْتِصَافِ شَعْبَانَ هَلْ يَجِبُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الْوُجُوبُ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَمْتَنِعُ صَوْمُهُ بَعْدَ النِّصْفِ هُوَ الَّذِي لَا سَبَبَ لَهُ وَهَذَا سَبَبُهُ الِاحْتِيَاجُ، فَلَيْسَ الْأَمْرُ بِهِ أَمْرًا بِمَعْصِيَةٍ بَلْ بِطَاعَةٍ. وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ كَانَتْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ وَقْتَ أَمْرِ الْإِمَامِ ثُمَّ طَهُرَتْ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَوَافَقَ عَلَى ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ فِي مَوْضِعٍ، وَقَوْلُهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إنَّهُ مَرْدُودٌ لِنَصِّ الْأُمِّ هُوَ الْمَرْدُودُ بِأَنَّهُ لَيْسَ صَرِيحًا فِي مُدَّعَاهُ، وَعَلَى التَّنَزُّلِ فَهُوَ مَحْمُولٌ بِقَرِينَةِ كَلَامِهِ فِي بَابِ الْبُغَاةِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَأْمُرْ الْإِمَامُ بِذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا فَيَجِبُ فِي هَذَا الصَّوْمِ التَّبْيِيتُ وَالتَّعْيِينُ، فَلَوْ لَمْ يُبَيِّتْهُ لَمْ يَصِحَّ، وَيَصِحُّ صَوْمُهُ عَنْ النَّذْرِ وَالْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وُجُودُ الصَّوْمِ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ وَلَا يَجِبُ هَذَا الصَّوْمُ عَلَى الْإِمَامِ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَجَبَ عَلَى غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ بَذْلًا لِطَاعَتِهِ، لَكِنْ لَوْ فَاتَ لَمْ يَجِبْ قَضَاؤُهُ، إذْ وُجُوبُهُ لَيْسَ لِعَيْنِهِ وَإِنَّمَا هُوَ لِعَارِضٍ وَهُوَ أَمْرُ الْإِمَامِ وَالْقَصْدُ مِنْهُ الْفِعْلُ فِي الْوَقْتِ لَا مُطْلَقًا، وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْقَضَاءَ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ وَإِنْ كَانَتْ صَلَاتُهُ لَا تَفُوتُ بِالسُّقْيَا بَلْ تُفْعَلُ شُكْرًا كَمَا مَرَّ، أَفْتَى بِجَمِيعِ ذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَيَدُلُّ لِوُجُوبِ مَا مَرَّ قَوْلُهُمْ فِي بَابِ الْإِمَامَةِ الْعُظْمَى: تَجِبُ طَاعَةُ الْإِمَامِ فِي أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ مَا لَمْ يُخَالِفْ حُكْمَ الشَّرْعِ. وَلَعَلَّ هَذَا مُسْتَنَدُ الْإِسْنَوِيِّ فِي قَوْلِهِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي بَابِ الْإِمَامَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالصَّوْمُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ أَهْلًا لِلْخِطَابِ وَقْتَ الْأَمْرِ. وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ بَعْدَ الْأَمْرِ هَلْ يَجِبُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَعَلَى التَّنَزُّلِ فَهُوَ) أَيْ نَصُّ الْأُمِّ مَحْمُولٌ إلَخْ وَقَوْلُهُ بِقَرِينَةِ كَلَامِهِ: أَيْ الشَّافِعِيُّ (قَوْلُهُ وَالتَّعْيِينُ) كَأَنْ يَقُولَ عَنْ الِاسْتِسْقَاءِ (قَوْلُهُ فَلَوْ لَمْ يُبَيِّتْهُ لَمْ يَصِحَّ) أَيْ عَنْ الصَّوْمِ الَّذِي أُمِرَ بِهِ وَالْإِمَامُ فَهُوَ نَفْلٌ مُطْلَقٌ، وَلَا وَجْهَ لِفَسَادِهِ وَلَكِنَّهُ يَأْثَمُ لِعَدَمِ امْتِثَالِ أَمْرِ الْإِمَامِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ حَنَفِيًّا وَلَمْ يُبَيِّتْ الْمَأْمُورُ النِّيَّةَ ثُمَّ نَوَى نَهَارًا فَهَلْ يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ عُهْدَةِ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِصَوْمٍ مُجْزِئٍ عِنْدَ الْإِمَامِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ. قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَلَا يَجِبُ الْإِمْسَاكُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ وَيَصِحُّ صَوْمُهُ عَنْ النَّذْرِ وَالْقَضَاءِ) قَالَ الزِّيَادِيُّ: وَمِثْلُهُ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وُجُودُ صَوْمٍ فِيهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ اهـ سم عَلَى حَجّ بَعْدَ مَا ذَكَرَ، وَقِيَاسُ ذَلِكَ الِاكْتِفَاءُ بِصَوْمِ رَمَضَانَ أَيْضًا. فَإِنْ قِيلَ: هَذَا ظَاهِرٌ إذَا أُمِرَ قَبْلَ رَمَضَانَ فَلَمْ يَفْعَلُوا حَتَّى دَخَلَ فَصَامُوا عَنْ رَمَضَانَ ثُمَّ خَرَجُوا فِي الرَّابِعِ. أَمَّا لَوْ وَقَعَ الْأَمْرُ فِي رَمَضَانَ فَلَا فَائِدَةَ لَهُ إذْ الصَّوْمُ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهِ، قُلْنَا: بَلْ لَهُ فَائِدَةٌ وَهِيَ أَنَّهُمْ لَوْ أَخَّرُوا لِشَوَّالٍ بِأَنْ قَصَدُوا تَأْخِيرَ الِاسْتِسْقَاءِ وَمُقَدَّمَاتِهِ إلَيْهِ لَزِمَهُمْ الصَّوْمُ حِينَئِذٍ، وَكَذَا لَوْ كَانُوا مُسَافِرِينَ وَقُلْنَا الْمُسَافِرُ كَغَيْرِهِ فَيَلْزَمُهُمْ الصَّوْمُ عَنْ رَمَضَانَ لِيُجْزِيَ عَنْ الِاسْتِسْقَاءِ وَلَيْسَ لَهُمْ الْفِطْرُ وَإِنْ جَازَ لِلْمُسَافِرِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا عَنْ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ غَيْرُ صَوْمِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وُجُودُ الصَّوْمِ) قَضِيَّةُ كَوْنِ هَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ التَّعْيِينِ فِي نِيَّتِهِ، وَيُخَالِفُهُ قَوْلُهُ وَالتَّعْيِينُ، إلَّا أَنْ يَحْمِلَ وُجُوبَ التَّعْيِينِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ ثُمَّ صَوْمُ غَيْرِهِ وَاجِبًا وَعَدَمُ التَّعْيِينِ عَلَى خِلَافِهِ، أَوْ يُحْمَلُ قَوْلُهُ هُنَا عَلَى مَا إذَا نَوَى النَّذْرَ مَثَلًا وَالِاسْتِسْقَاءَ. وَعِبَارَةُ حَجّ: وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ قَضَاؤُهَا لِفَوَاتِ الْمَعْنَى الَّذِي طَلَبَ لَهُ الْأَدَاءَ وَأَنَّهُ لَوْ نَوَى بِهِ نَحْوَ قَضَاءٍ أَثِمَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصُمْ امْتِثَالًا لِلْأَمْرِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ امْتِثَالُهُ بَاطِنًا كَمَا تَقَرَّرَ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ نَوَى هُنَا الْأَمْرَيْنِ اُتُّجِهَ أَنْ لَا إثْمَ لِوُجُودِ الِامْتِثَالِ وَوُقُوعُ غَيْرِهِ مَعَهُ لَا يَمْنَعُهُ (قَوْلُهُ بَذْلًا لِطَاعَتِهِ) أَيْ وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ بَذْلُ الطَّاعَةِ لِنَفْسِهِ انْتَهَى سم (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَوْ فَاتَ لَمْ يَجِبْ قَضَاؤُهُ) وَفِي فَتَاوَى حَجّ وُجُوبُ الْقَضَاءِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَفِي شَرْحِهِ الْجَزْمُ بِمَا يُوَافِقُ كَلَامَ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْقَضَاءَ) أَيْ فِي حَدِّ ذَاتِهِ، وَقَوْلُهُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ: أَيْ وَلَمْ يُوجَدْ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُخَالِفْ الشَّرْعَ) هَذَا يُفِيدُ وُجُوبَ الْمُبَاحِ إذَا أَمَرَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ حُكْمَ الشَّرْعِ. وَقَدْ نَقَلَ عَنْهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ أَنَّهُ يُنَاقِضُ كَلَامَهُمْ فِي ذَلِكَ، وَعِبَارَتُهُ: وَقَضِيَّةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَصِحُّ صَوْمُهُ عَنْ النَّذْرِ وَالْقَضَاءِ) فِي حَوَاشِي الشَّيْخِ نَقْلًا عَنْ الزِّيَادِيِّ نَقْلًا عَنْ إفْتَاءِ شَيْخِهِ الرَّمْلِيِّ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ صَوْمُهُ عَنْ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ وَفِيهِ وَقْفَةٌ لَا تَخْفَى، وَاَلَّذِي نَقَلَهُ عَنْ إفْتَاءِ الرَّمْلِيِّ لَمْ أَرَهُ فِي فَتَاوِيهِ

يَقْتَضِي التَّعَدِّيَ إلَى كُلِّ مَا يَأْمُرُهُمْ بِهِ مِنْ صَدَقَةٍ وَغَيْرِهَا، قَالَ فِي شَرْحِ هَذَا الْكِتَابِ: وَهُوَ الْقِيَاسُ اهـ. وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَقَدْ صَرَّحَ بِالتَّعَدِّي الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ قِتَالِ الْبُغَاةِ، وَعَلَى هَذَا فَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُتَوَجَّهَ عَلَيْهِ وُجُوبُ الصَّدَقَةِ بِالْأَمْرِ الْمَذْكُورِ مَنْ يُخَاطَبُ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ، فَمَنْ فَضَلَ عَنْهُ شَيْءٌ مِمَّا يُعْتَبَرُ، ثُمَّ لَزِمَهُ التَّصَدُّقُ بِأَقَلَّ مُتَمَوِّلٍ، هَذَا إنْ لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ الْإِمَامُ قَدْرًا، فَإِنْ عَيَّنَ ذَلِكَ عَلَى كُلِّ إنْسَانٍ فَالْأَنْسَبُ بِعُمُومِ كَلَامِهِمْ لُزُومُ ذَلِكَ الْمِقْدَارِ الْمُعَيَّنِ لَكِنْ يَظْهَرُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا فَضَلَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ عَنْ كِفَايَةِ الْعُمُرِ الْغَالِبِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ الْمُعَيَّنُ يُقَارِبُ الْوَاجِبَ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ قُدِّرَ بِهَا، أَوْ فِي أَحَدِ خِصَالِ الْكَفَّارَةِ قُدِّرَ بِهِ وَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ، وَأَمَّا الْعِتْقُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُعْتَبَرَ بِالْحَجِّ وَالْكَفَّارَةِ فَحَيْثُ لَزِمَهُ بَيْعُهُ فِي أَحَدِهِمَا لَزِمَهُ عِتْقُهُ إذَا أَمَرَ بِهِ الْإِمَامُ (وَالتَّوْبَةُ) بِالْإِقْلَاعِ عَنْ الْمَعَاصِي وَالنَّدَمِ عَلَيْهَا وَالْعَزْمِ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ إلَيْهَا (وَالتَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِوُجُوبِ الْبِرِّ) مِنْ عِتْقٍ وَصَدَقَةٍ وَغَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَرْجَى لِلْإِجَابَةِ، قَالَ تَعَالَى ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا قَرَّرَهُ السَّابِقَ أَنَّهُ لَوْ أَمَرَ بِمُبَاحٍ وَجَبَ، وَارْتَضَاهُ م ر وَفِي وَقْتٍ آخَرَ قَالَ: لَا يَجِبُ فِي الْمُبَاحِ، فَقُلْت لَهُ: إلَّا أَنْ تَكُونَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ، فَوَافَقَ وَمَشَى عَلَى أَنَّهُ إذَا أَمَرَ بِالْخُرُوجِ إلَى الصَّحْرَاءِ لِلِاسْتِسْقَاءِ وَجَبَ اهـ. وَفِي حَجّ أَنَّهُ إنْ أَمَرَ بِمُبَاحٍ وَجَبَ ظَاهِرًا أَوْ بِمَنْدُوبٍ أَوْ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ وَجَبَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا اهـ. وَخَرَجَ بِالْمُبَاحِ الْمَكْرُوهِ كَأَنْ أَمَرَ بِتَرْكِ رَوَاتِبِ الْفَرَائِضِ فَلَا تَجِبُ طَاعَتُهُ فِي ذَلِكَ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا مَا لَمْ يَخْشَ الْفِتْنَةَ. وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ فَتَاوَى الشَّارِحِ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي شَرْحِ هَذَا الْكِتَابِ) أَيْ الْإِسْنَوِيُّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ التَّعَدِّي (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا) هُوَ قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: مَنْ يُخَاطَبُ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَا يَتَصَدَّقُ بِهِ فَاضِلًا عَنْ دَيْنِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ الْآتِي لَهُ (قَوْلُهُ: لُزُومُ ذَلِكَ) أَيْ الصَّدَقَةِ أَوْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ لَكِنْ يَظْهَرُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إلَخْ) نُقِلَ عَنْ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ: وَقَالَ م ر: يَنْبَغِي فِي نَحْوِ الصِّدْقِ وَالْعِتْقِ أَنَّهُ يَجِبُ أَقَلُّ مَا يَنْطِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ بِشَرْطِ فَضْلِهِ عَمَّا يَحْتَاجُهُ فِي الْفِطْرِ، وَأَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ الْإِمَامُ زَائِدًا لَغَا التَّعْيِينُ وَوَجَبَ الْأَقَلُّ الْمَذْكُورُ اهـ. وَبَقِيَ مَا لَوْ أَمَرَ الْإِمَامُ بِالصَّدَقَةِ وَكَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَأَخْرَجَهَا بِقَصْدِ الْكَفَّارَةِ هَلْ يُجْزِيهِ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّوْمِ بِأَنَّ الصَّوْمَ عَنْ الْكَفَّارَةِ أَوْ النَّذْرِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ وَافَقَ خُصُوصَ مَا أَمَرَ بِهِ الْإِمَامُ فَسُومِحَ فِيهِ، بِخِلَافِ الصَّدَقَةِ بِالْمَنْذُورِ فَإِنَّهُ وَإِنْ وَجَدَ فِيهِ مُسَمَّى الصَّدَقَةِ لَكِنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِخُصُوصِهِ أَمْرُ الْإِمَامِ، عَلَى أَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ لَفْظِ الصَّدَقَةِ الصَّدَقَةُ الْمَنْدُوبَةُ، وَأَنَّ إطْلَاقَ الصَّدَقَةِ عَلَى الْوَاجِبَةِ تَجُوزُ، فَأَمْرُ الْإِمَامِ مَصْرُوفٌ لِغَيْرِ الْمَنْذُورَةِ وَنَحْوِهَا، وَبَقِيَ مَا لَوْ أَمَرَهُ بِالتَّصَدُّقِ بِدِينَارٍ مَثَلًا وَكَانَ لَا يَمْلِكُ إلَّا نِصْفَهُ فَهَلْ يَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ الدِّينَارِ بِخُصُوصِهِ مَطْلُوبٌ فِي ضِمْنِ كُلِّهِ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي أَحَدِ خِصَالِ الْكَفَّارَةِ) يَشْمَلُ الْإِطْعَامَ وَالْكِسْوَةَ، وَعِبَارَةُ حَجّ إنَّمَا يُخَاطَبُ بِهِ: أَيْ مَا أَمَرَ بِهِ الْمُوسِرُونَ بِمَا يُوجِبُ الْعِتْقَ فِي الْكَفَّارَةِ وَبِمَا يَفْضُلُ عَنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فِي الصَّدَقَةِ اهـ. وَهَذَا يَقْرُبُ مِنْ الِاحْتِمَالِ الثَّانِي الْمَذْكُورِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ أَوْ فِي أَحَدِ خِصَالِ الْكَفَّارَةِ: أَيْ غَيْرِ الْعِتْقِ لِمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَأَمَّا الْعِتْقُ إلَخْ، وَيَجُوزُ أَنْ يَبْقَى قَوْلُهُ أَحَدَ خِصَالِ الْكَفَّارَةِ عَلَى عُمُومِهِ، وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ أَمَّا الْعِتْقُ عَلَى مَا لَوْ أَمَرَ الْإِمَامُ بِإِعْتَاقِ مُعَيَّنٍ مِنْ أَرِقَّائِهِ فَيُقَالُ: إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ بِخُصُوصِهِ لِزَمَانَةٍ أَوْ مَنْصِبٍ أَوْ نَحْوِهِمَا لَا يَجِبُ إعْتَاقُهُ وَإِلَّا وَجَبَ (قَوْلُهُ: قُدِّرَ بِهِ) أَيْ الْعُمُرُ الْغَالِبُ، وَقَوْلُهُ لَمْ تَجِبْ: أَيْ مُوَافَقَتُهُ، وَقَوْلُهُ وَأَمَّا الْعِتْقُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُعْتَبَرَ إلَخْ الْمُتَبَادَرُ مِنْ جَعْلِ هَذَا احْتِمَالًا لَا مُجَرَّدًا أَنَّ الْمُعْتَمَدَ عِنْدَهُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ لَكِنْ يَظْهَرُ تَقْيِيدُهُ إلَخْ. [فَرْعٌ] هَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ إجْزَاؤُهُ فِي الْكَفَّارَةِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ مُسَمَّى الْمَأْمُورِ بِهِ (قَوْلُهُ: بِالْإِقْلَاعِ عَنْ الْمَعَاصِي) وَمِنْهُ رَدُّ الْمَظَالِمِ إلَى أَهْلِهَا، وَقَوْلُهُ إلَيْهَا: أَيْ إلَى مِثْلِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

{وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} [هود: 52] وَقَالَ {إِلا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ} [يونس: 98] الْآيَةُ (وَالْخُرُوجُ مِنْ الْمَظَالِمِ) نَصَّ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهَا مِنْ شُرُوطِ التَّوْبَةِ إتْمَامًا بِذِكْرِهَا لِعِظَمِ أَمْرِهَا فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ وَسَوَاءٌ فِي الْمَظَالِمِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْعِبَادِ كَانَتْ دَمًا أَمْ عِرْضًا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَقْرَبُ لِلْإِجَابَةِ. وَقَدْ يَكُونُ الْجَدْبُ بِتَرْكِ ذَلِكَ، فَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ «وَلَا مَنَعَ قَوْمٌ الزَّكَاةَ إلَّا حُبِسَ عَنْهُمْ الْمَطَرُ» . وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: إذَا بَخَسَ النَّاسُ الْمِكْيَالَ مُنِعُوا قَطْرَ السَّمَاءِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ} [البقرة: 159] تَلْعَنُهُمْ دَوَابُّ الْأَرْضِ تَقُولُ: نُمْنَعُ الْمَطَرَ بِخَطَايَاهُمْ وَالتَّوْبَةُ مِنْ الذَّنْبِ وَاجِبَةٌ فَوْرًا أَمَرَ بِهَذَا الْإِمَامُ، أَوْ لَا (وَيَخْرُجُونَ) أَيْ النَّاسُ مَعَ الْإِمَامِ (إلَى الصَّحْرَاءِ) بِلَا عُذْرٍ تَأَسِّيًا بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ وَلِأَنَّ النَّاسَ يَكْثُرُونَ فَلَا يَسَعُهُمْ الْمَسْجِدُ غَالِبًا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَكَّةَ وَغَيْرِهَا وَإِنْ اسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ مَكَّةَ وَبَيْتَ الْمَقْدِسِ لِفَضْلِ الْبُقْعَةِ وَسَعَتِهَا؛ لِأَنَّا مَأْمُورُونَ بِإِحْضَارِ الصِّبْيَانِ وَمَأْمُورُونَ بِأَنَّا نُجَنِّبُهُمْ الْمَسَاجِدَ (فِي الرَّابِعِ) مِنْ ابْتِدَاءِ صَوْمِهِمْ (صِيَامًا) لِخَبَرِ: «ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ وَعَدَّ مِنْهُمْ الصَّائِمَ» ، وَلِأَنَّ الصَّوْمَ مَعِينٌ عَلَى الرِّيَاضَةِ وَالْخُشُوعِ، وَيَنْبَغِي لَهُ تَخْفِيفُ أَكْلِهِ وَشُرْبِهِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ مَا أَمْكَنَ، وَفَارَقَ مَا هُنَا صَوْمَ يَوْمِ عَرَفَةَ حَيْثُ لَا يُسَنُّ لِلْحَاجِّ بِأَنَّهُ يَجْتَمِعُ عَلَيْهِ مَشَقَّةُ الصَّوْمِ وَالسَّفَرِ، وَبِأَنَّ مَحَلَّ الدُّعَاءِ ثَمَّ آخِرُ النَّهَارِ، وَالْمَشَقَّةُ الْمَذْكُورَةُ مُضَعَّفَةٌ حِينَئِذٍ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَقَضِيَّةُ الْفَرْقَيْنِ أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا هُنَا مُسَافِرِينَ وَصَلَّوْا آخِرَ النَّهَارِ لَا صَوْمَ عَلَيْهِمْ، بَلْ قَضِيَّةُ الْأَوَّلِ ذَلِكَ أَيْضًا وَإِنْ صَلَّوْا أَوَّلَ النَّهَارِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْإِمَامَ لَمَّا أَمَرَ هُنَا صَارَ وَاجِبًا، قَالَ الشَّيْخُ: وَقَدْ يُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ يَتَقَيَّدَ وُجُوبُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ الْمُسَافِرُ، فَإِنْ تَضَرَّرَ بِهِ فَلَا وُجُوبَ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِهِ حِينَئِذٍ غَيْرُ مَطْلُوبٍ لِكَوْنِ الْفِطْرِ أَفْضَلَ، وَرَدَّهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَالَ: إنَّ الْمُعْتَمَدَ طَلَبُ الصَّوْمِ مُطْلَقًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ لِمَا مَرَّ «إنَّ دَعْوَةَ الصَّائِمِ لَا تُرَدُّ» وَيَخْرُجُونَ غَيْرَ مُتَطَيِّبِينَ وَلَا مُتَزَيِّنِينَ بَلْ (فِي ثِيَابِ بِذْلَةٍ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ: أَيْ مِهْنَةٍ مِنْ إضَافَةِ الْمَوْصُوفِ إلَى صِفَتِهِ: أَيْ مَا يُلْبَسُ مِنْ الثِّيَابِ فِي وَقْتِ الشُّغْلِ وَمُبَاشَرَةِ الْخِدْمَةِ وَتَصَرُّفِ الْإِنْسَانِ فِي بَيْتِهِ لِأَنَّهُ اللَّائِقُ بِحَالِهِمْ وَهُوَ يَوْمُ مَسْأَلَةٍ وَاسْتِكَانَةٍ وَبِهِ فَارَقَ الْعِيدُ. قَالَ الْقَمُولِيُّ: وَلَا يُلْبَسُ الْجَدِيدُ مِنْ ثِيَابِ الْبِذْلَةِ أَيْضًا وَيَتَنَظَّفُونَ بِالْمَاءِ وَالسِّوَاكِ وَقَطْعِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: تَقُولُ نَمْنَعُ إلَخْ) لَعَلَّهَا تَذْكُرُ هَذَا لِسَبَبِ اللَّعْنِ وَإِلَّا فَهَذَا بِمُجَرَّدِهِ لَيْسَ لَعْنًا (قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ) مُرَادُهُ حَجّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّا مَأْمُورُونَ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلِأَنَّا إلَخْ؛ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِفَضْلِ الْبُقْعَةِ (قَوْلُهُ وَعَدَّ مِنْهُمْ الصَّائِمَ) وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ قَرِيبًا فِي قَوْلِهِ ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ (قَوْلُهُ: عَلَى الرِّيَاضَةِ) هِيَ طَهَارَةُ الْبَاطِنِ (قَوْلُهُ: بَلْ قَضِيَّةُ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ بِأَنَّهُ يَجْتَمِعُ عَلَيْهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: طَلَبُ الصَّوْمِ مُطْلَقًا) أَيْ وَلَوْ مَعَ ضَرَرٍ يُحْتَمَلُ عَادَةً (قَوْلُهُ وَيَخْرُجُونَ غَيْرَ مُتَطَيِّبِينَ) شَمِلَ قَوْلَهُ مَا لَوْ كَانَ بِبَدَنِهِ رَائِحَةٌ لَا يُزِيلُهَا إلَّا الطِّيبُ الَّذِي تَظْهَرُ رَائِحَتُهُ فِي الْبَدَنِ، وَقَدْ يُلْتَزَمُ؛ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَهُ فِي نَفْسِهِ يُنَافِي مَا هُوَ مَقْصُودٌ لِلْمُسْتَسْقِينَ مِنْ إظْهَارِ التَّبَذُّلِ وَعَدَمِ التَّرَفُّهِ، وَأَمَّا مَا يَحْصُلُ لِغَيْرِهِ مِنْ الْأَذَى بِالرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ الْحَاصِلَةِ مِنْهُ بِتَرْكِ التَّطَيُّبِ قَدْ يُقَالُ مِثْلُهُ فِي هَذَا الْمَقَامِ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّ اللَّائِقَ فِيهِ احْتِمَالُ الْأَذَى فِي جَنْبِ طَلَبِ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ (قَوْلُهُ: مِنْ إضَافَةِ الْمَوْصُوفِ إلَى صِفَتِهِ) وَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ فِي ثِيَابٍ مُبْتَذَلَةٍ، وَيُمْكِنُ كَوْنُ الْإِضَافَةِ حَقِيقِيَّةً؛ لِأَنَّهُ يَكْفِي فِي الْإِضَافَةِ أَدْنَى مُلَابَسَةٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ: أَيْ مَا يُلْبَسُ مِنْ الثِّيَابِ فِي وَقْتِ الشُّغْلِ إلَخْ (قَوْلُهُ: قَالَ الْقَمُولِيُّ وَلَا يَلْبَسُ الْجَدِيدَ) أَيْ يَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ لَا يَلْبَسَ، فَلَوْ خَالَفَ وَفَعَلَ كَانَ مَكْرُوهًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْإِمَامَ لَمَّا أَمَرَ بِهِ هُنَا صَارَ وَاجِبًا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَأْمُرْهُ بِهِ الْإِمَامُ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ صَوْمُهُ (قَوْلُهُ: مِنْ إضَافَةِ الْمَوْصُوفِ إلَى صِفَتِهِ) فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي تَفْسِيرِهِ لَا يُنَاسِبُ

الرَّوَائِحِ الْكَرِيهَةِ لِئَلَّا يَتَأَذَّى بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ (وَ) فِي (تَخَشُّعٍ) أَيْ تَذَلُّلٍ مَعَ سُكُونِ الْقَلْبِ وَالْجَوَارِحِ فِي مَشْيِهِمْ وَجُلُوسِهِمْ وَكَلَامِهِمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ لِلِاتِّبَاعِ. وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ تَخَشُّعٍ مَعْطُوفٌ عَلَى ثِيَابٍ لَا عَلَى بِذْلَةٍ كَمَا قِيلَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِصِفَتِهِمْ فِي أَنْفُسِهِمْ وَالْمَقْصُودَةُ الَّتِي ثِيَابُ الْبِذْلَةِ وَصْلَةٌ لَهَا، وَقَدْ يُقَالُ بِصِحَّةِ عَطْفِهِ عَلَى بِذْلَةٍ أَيْضًا إذْ ثِيَابُ التَّخَشُّعِ غَيْرُ ثِيَابِ الْكِبْرِ وَالْفَخْرِ وَالْخُيَلَاءِ لِنَحْوِ طُولِ أَكْمَامِهَا وَأَذْيَالِهَا وَإِنْ كَانَتْ ثِيَابَ عَمَلٍ وَحِينَئِذٍ فَإِذَا أُمِرُوا بِإِظْهَارِ التَّخَشُّعِ فِي مَلْبُوسِهِمْ فَفِي ذَوَاتِهِمْ مِنْ بَابِ أَوْلَى. وَيُسْتَحَبُّ لَهُمْ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ الْخُرُوجُ مِنْ طَرِيقِ الرُّجُوعِ فِي أُخْرَى مُشَاةً فِي ذَهَابِهِمْ إنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِمْ لَا حُفَاةً مَكْشُوفِي الرَّأْسِ، وَقَوْلُ الْمُتَوَلِّي: لَوْ خَرَجَ أَيْ الْإِمَامُ أَوْ غَيْرُهُ حَافِيًا مَكْشُوفَ الرَّأْسِ لَمْ يُكْرَهْ لِمَا فِيهِ مِنْ إظْهَارِ التَّوَاضُعِ بَعِيدٌ كَمَا قَالَهُ الشَّاشِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ. (وَيُخْرِجُونَ) مَعَهُمْ اسْتِحْبَابًا (الصِّبْيَانَ وَالشُّيُوخَ) وَالْعَجَائِزَ وَالْخُنْثَى الْقَبِيحَ الْمَنْظَرِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لِأَنَّ دُعَاءَهُمْ أَرْجَى لِلْإِجَابَةِ، إذْ الشَّيْخُ أَرَقُّ قَلْبًا وَالصَّبِيُّ لَا ذَنْبَ عَلَيْهِ، وَصَحَّ «هَلْ تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ إلَّا بِضُعَفَائِكُمْ» وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّ الْمُؤْنَةَ الَّتِي يُحْتَاجُ إلَيْهَا فِي حَمْلِ الصِّبْيَانِ تُحْسَبُ مِنْ مَالِهِمْ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَيُنْدَبُ إخْرَاجُ الْأَرِقَّاءِ بِإِذْنِ سَادَاتِهِمْ (وَكَذَا الْبَهَائِمُ) يُسَنُّ إخْرَاجُهَا (فِي الْأَصَحِّ) كَمَا قَالَاهُ، وَإِنْ نَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ كَرَاهَتَهُ عَنْ النَّصِّ وَالْأَصْحَابِ لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خَرَجَ نَبِيٌّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ يَسْتَسْقِي بِقَوْمِهِ، فَإِذَا هُوَ بِنَمْلَةٍ رَافِعَةٍ بَعْضَ قَوَائِمِهَا إلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: ارْجِعُوا فَقَدْ اُسْتُجِيبَ لَكُمْ مِنْ أَجْلِ شَأْنِ هَذِهِ النَّمْلَةِ» وَفِي الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ أَنَّ هَذَا النَّبِيَّ هُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لِئَلَّا يَتَأَذَّى) أَيْ وَمَعَ حُصُولِ التَّأَذِّي لَا يَحْرُمُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِثْلَهُ يَحْتَمِلُ سِيَّمَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (قَوْلُهُ: لَا حُفَاةً) أَيْ لَا يُسَنُّ بَلْ يُكْرَهُ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ بَعِيدٌ إلَخْ، وَحَيْثُ كَانَ مَكْرُوهًا أَسْقَطَ الْمُرُوءَةَ حَيْثُ لَمْ يَلْقَ بِمِثْلِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الشَّاشِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ) عِبَارَةُ حَجّ اسْتَبْعَدَهُ الشَّاشِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ كَمَا قَالَ اهـ. (قَوْلُهُ: وَيَخْرُجُونَ الصِّبْيَانُ وَالشُّيُوخُ) أَيْ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى صِبْيَانِ الْكُفَّارِ (قَوْلُهُ: وَالْعَجَائِزُ وَالْخُنْثَى) نَصَّ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُتَوَهَّمُ عَدَمُ خُرُوجِهِمَا لِلْأُنُوثَةِ الْمُحَقَّقَةِ فِي الْعَجَائِزِ وَالْمُحْتَمَلَةِ فِي الْخَنَاثَى (قَوْلُهُ: هَلْ تُرْزَقُونَ) هُوَ فِي مَعْنَى النَّفْيِ: أَيْ لَا تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ إلَخْ (قَوْلُهُ: تُحْسَبُ مِنْ مَالِهِمْ) أَيْ؛ لِأَنَّ لَهُمْ مَصْلَحَةً فِي ذَلِكَ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَمَا فِي الْحَجِّ أَنَّ هَذِهِ حَاجَةٌ نَاجِزَةٌ، بِخِلَافِ تِلْكَ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَالٌ هَلْ يُخْرِجُونَ مَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَخْرُجُ مِنْهُ الْأُمُورُ الضَّرُورِيَّةُ وَالِاسْتِغْنَاءُ عَنْهُمْ بِغَيْرِهِمْ قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: وَلَوْ خَرَجَتْ الزَّوْجَةُ لِلِاسْتِسْقَاءِ فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِ الزَّوْجِ وَهِيَ مَعَهُ فَلَا إشْكَالَ فِي وُجُوبِ نَفَقَتِهَا. أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا إشْكَالَ فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ، أَوْ بِإِذْنِهِ وَهِيَ وَحْدَهَا فَهَلْ يُعَدُّ ذَلِكَ خُرُوجًا لِحَاجَتِهِمَا كَمَا قَدْ يُفْهِمُهُ كَلَامٌ الْإِسْنَوِيِّ الْمَذْكُورِ حَتَّى تَجِبُ نَفَقَتُهَا أَوْ لَا؛ لِأَنَّ مَصْلَحَةَ الِاسْتِسْقَاءِ لَا تَخُصُّ الزَّوْجَ وَلَمْ نَنْدُبْهَا لَهَا وَلَا احْتِيَاجَ إلَيْهَا فِي تَحْصِيلِهَا وَغَيْرُهَا يَقُومُ بِذَلِكَ وَلَا تُعَدُّ فِي ذَلِكَ أَنَّهَا فِي حَاجَةِ الزَّوْجِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْقَلْبُ إلَى الثَّانِي أَمْيَلُ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا خَرَجَتْ لِغَرَضِهَا غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ قَدْ يَعُودُ عَلَى الزَّوْجِ نَفْعٌ بِوَاسِطَةِ زَوْجِهَا لَكِنَّهُ لَمْ يَبْعَثْهَا إلَيْهِ وَلَا طَلَبَهُ مِنْهَا وَأَمَّا مُؤْنَةُ خُرُوجِهَا الزَّاهِدَةُ عَلَى نَفَقَةِ التَّخَلُّفِ، فَأَوْلَى بِعَدَمِ الْوُجُوبِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْبَهَائِمُ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: لَوْ تَرَكُوا الْخُرُوجَ فَهَلْ يُسَنُّ إخْرَاجُ الْبَهَائِمِ وَحْدَهَا؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَطْلُبُ وَيُسْتَجَابُ لَهَا أَخْذًا مِنْ قَضِيَّةِ النَّمْلَةِ؟ قَدْ يُتَّجَهُ عَدَمُ سَنِّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ إخْرَاجَهَا إنَّمَا هُوَ بِالتَّبَعِ، وَلَا دَلَالَةَ فِي قَضِيَّةِ النَّمْلَةِ إذْ لَيْسَ فِيهَا أَنَّهُ أَخْرَجَهَا، وَإِنَّمَا فِيهَا الْإِخْبَارُ عَنْ أَمْرٍ وَقَعَ اتِّفَاقًا، وَهَلْ الْمُرَادُ بِالْبَهَائِمِ مَا يَشْمَلُ نَحْوَ الْكِلَابِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الشُّمُولُ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَرْزِقَةٌ أَيْضًا، وَعَلَيْهِ فَهَلْ الْعَقُورُ مِنْهَا كَذَلِكَ، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ كَذَلِكَ حَيْثُ تَأَخَّرَ قَتْلُهُ لِأَمْرٍ اقْتَضَاهُ كَأَنْ اُضْطُرَّ إلَى أَكْلِهِ وَتَزَوُّدِهِ لِيَأْكُلَهُ طَرِيًّا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ: فَإِذَا هُوَ بِنَمْلَةٍ رَافِعَةٍ بَعْضَ قَوَائِمِهَا) قَالَ الدَّمِيرِيِّ: اسْمُهَا عَيْجَلُونُ اهـ. وَبِبَعْضِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

سُلَيْمَانُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَتُوقَفُ الْبَهَائِمُ مَعْزُولَةً عَنْ النَّاسِ، فَقَدْ وَرَدَ «لَوْلَا بَهَائِمُ رُتَّعٌ وَشُيُوخٌ رُكَّعٌ وَأَطْفَالٌ رُضَّعٌ لَصُبَّ عَلَيْكُمْ الْعَذَابُ صَبًّا» وَالْمُرَادُ بِالرُّكَّعِ مَنْ انْحَنَتْ ظُهُورُهُمْ مِنْ الْكِبَرِ، وَقِيلَ مِنْ الْعِبَادَةِ. وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَوْلَادِهَا لِيَكْثُرَ الصِّيَاحُ وَالضَّجَّةُ فَيَكُونَ أَقْرَبَ إلَى الْإِجَابَةِ، نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ جَمْعٍ مِنْ الْمَرَاوِزَةِ وَأَقَرَّهُ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يُسَنُّ إخْرَاجُهَا وَلَا يُكْرَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ. (وَلَا يُمْنَعُ أَهْلُ الذِّمَّةِ) ، أَوْ الْعَهْدِ (الْحُضُورَ) أَيْ لَا يَنْبَغِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ مُسْتَرْزِقُونَ وَفَضْلُ اللَّهِ وَاسِعٌ، وَقَدْ يُجِيبُهُمْ اسْتِدْرَاجًا. قَالَ تَعَالَى {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ} [القلم: 44] (وَلَا يَخْتَلِطُونَ) أَيْ أَهْلُ الذِّمَّةِ وَلَا غَيْرُهُمْ مِنْ سَائِرِ الْكُفَّارِ (بِنَا) ؛ لِأَنَّهُمْ رُبَّمَا كَانُوا سَبَبَ الْقَحْطِ فَيُكْرَهُ ذَلِكَ. قَالَ تَعَالَى {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25] وَفِي الْأُمِّ وَغَيْرِهَا: لَا أَكْرَهُ مِنْ إخْرَاجِ صِبْيَانِهِمْ مَا أَكْرَهُ مِنْ خُرُوجِ كِبَارِهِمْ لِأَنَّ ذُنُوبَهُمْ أَقَلُّ وَلَكِنْ يُكْرَهُ لِكُفْرِهِمْ، نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ حِكَايَةِ الْبَغَوِيّ لَهُ، لَكِنْ عَبَّرَ بِخُرُوجِ صِبْيَانِهِمْ بَدَلَ إخْرَاجِهِمْ، وَهُوَ مُؤَوَّلٌ بِإِخْرَاجِهِمْ؛ لِأَنَّ أَفْعَالَهُمْ لَا تُكْرَهُ شَرْعًا؛ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُكَلَّفِينَ. قَالَ: أَعْنِي الْمُصَنِّفَ وَهَذَا كُلُّهُ يَقْتَضِي كُفْرَ أَطْفَالِ الْكُفَّارِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ إذَا مَاتُوا، فَقَالَ الْأَكْثَرُ إنَّهُمْ فِي النَّارِ، وَطَائِفَةٌ لَا نَعْلَمُ حُكْمَهُمْ، وَالْمُحَقِّقُونَ أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ؛ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُكَلَّفِينَ وَوُلِدُوا عَلَى الْفِطْرَةِ، وَتَحْرِيرُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْحَوَاشِي قِيلَ اسْمُهَا حَرَمًا، وَقِيلَ طَافِيَةٌ، وَقِيلَ شَاهِدَةٌ، وَكَانَتْ عَرْجَاءَ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُمْنَعُ أَهْلُ الذِّمَّةِ) لَكِنْ لَا يَدْخُلُونَ الْمَسْجِدَ إلَّا بِإِذْنٍ كَمَا فِي غَيْرِ الِاسْتِسْقَاءِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْعَهْدِ) أَيْ أَوْ الْمُؤْمِنِينَ (قَوْلُهُ: أَيْ لَا يَنْبَغِي ذَلِكَ) أَيْ لَا يُطْلَبُ وَالظَّاهِرُ مِنْهُ وَكَذَا مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَخْتَطِلُونَ بِنَا أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ مَنْعُهُمْ مِنْ الْخُرُوجِ فِي يَوْمِنَا، وَعَلَيْهِ قَوْلُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ إلَخْ، الْغَرَضُ مِنْهُ حِكَايَةُ قَوْلٍ مُقَابِلٍ، لِمَا فُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُجِيبُهُمْ اسْتِدْرَاجًا) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: قَالَ الرُّويَانِيُّ: لَا يَجُوزُ التَّأْمِينُ عَلَى دُعَاءِ الْكَافِرِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ: أَيْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ} [الرعد: 14] اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَنُوزِعَ فِيهِ بِأَنَّهُ قَدْ يُسْتَجَابُ لَهُ اسْتِدْرَاجًا كَمَا اُسْتُجِيبَ لِإِبْلِيسَ فَيُؤَمَّنُ عَلَى دُعَائِهِ هَذَا، وَلَوْ قِيلَ: وَجْهُ الْحُرْمَةِ أَنَّ فِي التَّأْمِينِ عَلَى دُعَائِهِ تَعْظِيمًا لَهُ وَتَغْرِيرًا لِلْعَامَّةِ بِحُسْنِ طَرِيقَتِهِ لَكَانَ حَسَنًا، وَفِي حَجّ مَا نَصُّهُ: وَبِهِ أَيْ بِكَوْنِهِمْ قَدْ تُعَجَّلُ لَهُمْ الْإِجَابَةُ اسْتِدْرَاجًا يَرُدُّ قَوْلَ الْبَحْرِ يَحْرُمُ التَّأْمِينُ عَلَى دُعَاءِ الْكَافِرِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ اهـ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَخْتِمُ لَهُ بِالْحُسْنَى فَلَا عِلْمَ بِعَدَمِ قَبُولِهِ إلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِ مَوْتِهِ عَلَى كُفْرِهِ، ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ قَالَ: إطْلَاقُهُ بَعِيدٌ، وَالْوَجْهُ جَوَازُ التَّأْمِينِ بَلْ نَدْبُهُ إذَا دَعَا لِنَفْسِهِ بِالْهِدَايَةِ وَلَنَا بِالنَّصْرِ مَثَلًا وَمُنِعَهُ إذَا جَهِلَ مَا يَدْعُو بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَدْعُو بِإِثْمٍ: أَيْ بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ. [فَرْعٌ] فِي اسْتِحْبَابِ الدُّعَاءِ لِلْكَافِرِ خِلَافٌ اهـ. وَاعْتَمَدَ م ر الْجَوَازَ، وَأَظُنُّ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَحْرُمُ الدُّعَاءُ لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ إلَّا إذَا أَرَادَ الْمَغْفِرَةَ لَهُ مَعَ مَوْتِهِ عَلَى الْكُفْرِ، وَسَيَأْتِي فِي الْجَنَائِزِ التَّصْرِيحُ بِتَحْرِيمِ الدُّعَاءِ لِلْكَافِرِ بِالْمَغْفِرَةِ. نَعَمْ إنْ أَرَادَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ إنْ أَسْلَمَ أَوْ أَرَادَ بِالدُّعَاءِ لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ سَبَبُهُ وَهُوَ الْإِسْلَامُ ثُمَّ هِيَ فَلَا يُتَّجَهُ إلَّا بِالْجَوَازِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَيَنْبَغِي أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهٍ يُشْعِرُ بِالتَّعْظِيمِ وَإِلَّا امْتَنَعَ خُصُوصًا إذَا قَوِيَتْ الْقَرِينَةُ عَلَى تَعْظِيمِهِ وَتَحْقِيرِ غَيْرِهِ كَأَنْ فَعَلَ فِعْلًا دَعَا لَهُ بِسَبَبِهِ وَلَمْ يَقُمْ بِهِ غَيْرُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَأَشْعَرَ بِتَحْقِيرِ ذَلِكَ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ ذُنُوبَهُمْ أَقَلُّ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالذُّنُوبِ مَا يُعَدُّ ذَنْبًا فِي الشَّرْعِ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ خِطَابٌ لِلصَّبِيِّ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ، بَلْ وَبِالْكُفْرِ الَّذِي هُوَ أَعْظَمُ الذُّنُوبِ، وَعَدَمُ تَكْلِيفِهِ لَا يَمْنَعُ مِنْ اتِّصَافِهِ بِفِعْلِ الْقَبِيحِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا كُلُّهُ يَقْتَضِي) مُعْتَمَدَ (قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُكَلَّفِينَ وَوُلِدُوا عَلَى الْفِطْرَةِ) عِبَارَةُ حَجّ فِي الْفَتَاوَى: سُئِلَ نَفْعُ اللَّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ حِكَايَةِ الْبَغَوِيّ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ عَنْ حِكَايَةِ الْبَغَوِيّ لَهُ، وَنَقَلَهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ أَيْضًا، لَكِنْ عَبَّرَ بِخُرُوجِ صِبْيَانِهِمْ بَدَلَ إخْرَاجِهِمْ، وَهُوَ الَّذِي رَأَيْته فِي تَهْذِيبِ الْبَغَوِيّ أَيْضًا وَهُوَ مُؤَوَّلٌ إلَخْ.

هَذَا أَنَّهُمْ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا كُفَّارٌ، وَفِي أَحْكَامِ الْآخِرَةِ مُسْلِمُونَ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَحْرِصَ الْإِمَامُ عَلَى أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهُمْ فِي غَيْرِ يَوْمِ خُرُوجِنَا لِئَلَّا تَقَعَ الْمُسَاوَاةُ وَالْمُضَاهَاةُ فِي ذَلِكَ اهـ. لَا يُقَالُ: فِي خُرُوجِهِمْ وَحْدَهُمْ مَظِنَّةُ مَفْسَدَةٍ وَهُوَ مُصَادَفَةُ يَوْمِ الْإِجَابَةِ فَيَظُنُّ ضُعَفَاءُ الْمُسْلِمِينَ بِهِمْ خَيْرًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: فِي خُرُوجِهِمْ مَعَنَا مَفْسَدَةٌ مُحَقَّقَةٌ فَقُدِّمَتْ عَلَى الْمَفْسَدَةِ الْمُتَوَهَّمَةِ. قَالَ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ، وَفِيهِ نَظَرٌ. . (وَهِيَ رَكْعَتَانِ) لِلِاتِّبَاعِ (كَالْعِيدِ) أَيْ كَصَلَاتِهِ فِي الْأَرْكَانِ وَغَيْرِهَا إلَّا فِيمَا يَأْتِي فَيُكَبِّرُ بَعْدَ افْتِتَاحِهِ قَبْلَ التَّعَوُّذِ وَالْقِرَاءَةِ سَبْعًا فِي الْأُولَى وَخَمْسًا فِي الثَّانِيَةِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ وَيَقِفُ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ كَآيَةٍ مُعْتَدِلَةٍ، وَيَقْرَأُ فِي الْأُولَى جَهْرًا بِسُورَةِ ق وَفِي الثَّانِيَةِ اقْتَرَبَتْ فِي الْأَصَحِّ، أَوْ بِسَبِّحْ وَالْغَاشِيَةِ قِيَاسًا وَلِوُرُودِهِ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ (لَكِنْ) تَجُوزُ زِيَادَتُهَا عَلَى رَكْعَتَيْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSبِهِ بِمَا لَفْظُهُ مَا مُحَصِّلُ اخْتِلَافِ النَّاسِ فِي الْأَطْفَالِ هَلْ هُمْ فِي الْجَنَّةِ خُدَّامٌ لِأَهْلِهَا ذُكُورًا وَإِنَاثًا، وَهَلْ تَتَفَاضَلُ دَرَجَاتُهُمْ فِي الْجَنَّةِ؟ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: أَمَّا أَطْفَالُ الْمُسْلِمِينَ فَفِي الْجَنَّةِ قَطْعًا بَلْ إجْمَاعًا، وَالْخِلَافُ فِيهِ شَاذٌّ بَلْ غَلَطٌ. وَأَمَّا أَطْفَالُ الْكُفَّارِ فَفِيهِمْ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ وَعَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا} [الإسراء: 15] وَقَوْلُهُ {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] إلَخْ. الثَّانِي أَنَّهُمْ فِي النَّارِ تَبَعًا لِآبَائِهِمْ، وَنَسَبَهُ النَّوَوِيُّ لِلْأَكْثَرِينَ لَكِنَّهُ نُوزِعَ إلَخْ. الثَّالِثُ الْوُقُوفُ، وَيُعَبِّرُ عَنْهُمْ بِأَنَّهُمْ تَحْتَ الْمَشِيئَةِ إلَخْ. الرَّابِعُ أَنَّهُمْ يُجْمَعُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَتُؤَجَّجُ لَهُمْ نَارٌ يُقَالُ اُدْخُلُوهَا، فَيَدْخُلَهَا مَنْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ سَعِيدًا وَيُمْسِكُ عَنْهَا مَنْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ شَقِيًّا لَوْ أَدْرَكَ الْعَمَلَ إلَخْ اهـ. مُلَخَّصًا. وَسُئِلَ الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ عَنْ أَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ هَلْ يُعَذَّبُونَ بِشَيْءٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَذَابِ، وَهَلْ وَرَدَ أَنَّهُمْ يَسْأَلُونَ فِي قُبُورِهِمْ وَأَنَّ الْقَبْرَ يَضُمُّهُمْ، وَإِذَا قُلْتُمْ بِذَلِكَ فَهَلْ يَتَأَلَّمُونَ بِهِ أَمْ لَا؟ وَهَلْ قَوْلُ الْقَائِلِ: إنَّ أَطْفَالَ الْمُسْلِمِينَ يُعَذَّبُونَ مُصِيبٌ فِيهِ أَمْ مُخْطِئٌ، وَمَا الْحُكْمُ فِي أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ هَلْ هُمْ خَدَمٌ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ أَمْ هُمْ فِي النَّارِ تَبَعًا لِآبَائِهِمْ أَمْ غَيْرُ ذَلِكَ؟ فَأَجَابَ لَا يُعَذَّبُونَ بِشَيْءٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَذَابِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْمَعَاصِي، إذْ لَا تَكْلِيفَ عَلَيْهِمْ، وَالْعَذَابُ عَلَى ذَلِكَ خَاصٌّ بِالْمُكَلَّفِينَ، وَلَا يُسْأَلُونَ فِي قُبُورِهِمْ كَمَا عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ، وَأَفْتَى بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْحَافِظُ حَجّ وَلِلْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَالْمَالِكِيَّةِ قَوْلُ إنَّ الطِّفْلَ يُسْأَلُ، وَرَجَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ هَؤُلَاءِ، وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِمَا لَا يَصِحُّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقَّنَ ابْنَهُ إبْرَاهِيمَ، وَلَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي صَلَاتِهِ عَلَى الطِّفْلِ: اللَّهُمَّ أَجِرْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِعَذَابِ الْقَبْرِ مَا فِيهِ عُقُوبَةٌ وَلَا السُّؤَالُ، بَلْ مُجَرَّدُ أَلَمِ الْهَمِّ وَالْغَمِّ وَالْوَحْشَةِ وَالضَّغْطَةِ الَّتِي تَعُمُّ الْأَطْفَالَ وَغَيْرَهُمْ. وَأَخْرَجَ عَلِيُّ بْنُ مَعِينٍ عَنْ رَجُلٍ قَالَ: كُنْت عِنْدَ عَائِشَةَ فَمَرَّتْ جِنَازَةُ صَبِيٍّ صَغِيرٍ فَبَكَتْ، فَقُلْت لَهَا: مَا يُبْكِيك؟ قَالَتْ: هَذَا الصَّبِيُّ بَكَيْت شَفَقَةً عَلَيْهِ مِنْ ضَمَّةِ الْقَبْرِ. وَالْقَائِلُ الْمَذْكُورُ إنْ أَرَادَ بِيُعَذَّبُونَ بِالنَّارِ أَوْ عَلَى الْمَعَاصِي فَغَيْرُ مُصِيبٍ بَلْ هُوَ مُخْطِئٌ أَشَدَّ الْخَطَأِ لِمَا تَقَرَّرَ، وَأَطْفَالُ الْمُشْرِكِينَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِمْ عَلَى نَحْوِ عَشَرَةِ أَقْوَالٍ، الرَّاجِحُ مِنْهَا أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ خَدَمٌ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ. وَسُئِلَ بَعْضُهُمْ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ مِنْ الْأَطْفَالِ فِي النَّارِ، فَأَجَابَ بِأَنَّ الْأَطْفَالَ فِي الْجَنَّةِ وَلَوْ أَطْفَالَ كُفَّارٍ عَلَى الصَّحِيحِ. نَعَمْ يَخْلُقُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ خَلْقًا وَيُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ وَخَلْقًا يُدْخِلُهُمْ النَّارَ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ اهـ بِحُرُوفِهِ، وَالْعَشَرَةُ أَقْوَالٍ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا سَرَدَهَا فِي فَتْحِ الْبَارِّي فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يَنْبَغِي) أَيْ يَجِبُ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ لِئَلَّا إلَخْ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا تَقَعَ الْمُسَاوَاةُ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَيَقِفُ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ بَيْنَهُمَا مَا يَقُولُهُ فِي الْعِيدِ، وَقَدْ يَشْمَلُهُ قَوْلُهُ فِي الْأَرْكَانِ وَغَيْرِهَا. . إلَخْ (قَوْلُهُ: لَكِنْ تَجُوزُ زِيَادَتُهَا) وَهَلْ إذَا زَادَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ يَجْهَرُ فِي الْجَمِيعِ أَوْ يَفْصِلُ بَيْنَ أَنْ يَتَشَهَّدَ تَشَهُّدًا أَوَّلَ فَيُسِرُّ بَعْدَهُ أَمْ لَا فَيَجْهَرُ مُطْلَقًا. وَهَلْ الزِّيَادَةُ تَشْمَلُ الرَّكْعَةَ، وَهَلْ إذَا أَمَرَ الْإِمَامُ بِهَا ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ تَجِبُ كَذَلِكَ وَيَسْلُكُ بِهِ مَسْلَكَ الْوَاجِبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بِخِلَافِ الْعِيدِ، وَأَيْضًا (قِيلَ) هُنَا إنَّهُ (يَقْرَأُ فِي الثَّانِيَةِ) بَدَلَ اقْتَرَبَتْ {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا} [نوح: 1] لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الِاسْتِغْفَارِ وَنُزُولِ الْمَطَرِ اللَّائِقَيْنِ بِالْحَالِ وَرَدَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَقْرَأَ فِيهِمَا مَا يَقْرَأُ فِي الْعِيدِ وَيُنَادِي لَهَا الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّهَا كَالْعِيدِ رُبَّمَا تُوُهِّمَ إعْطَاؤُهَا حُكْمَهُ فِي وَقْتِهِ لَا سِيَّمَا وَهُوَ وَجَّهَ دَفْعَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَلَا تَخْتَصُّ) صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ (بِوَقْتِ) (الْعِيدِ فِي الْأَصَحِّ) بَلْ وَلَا بِوَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ، بَلْ يَجُوزُ فِعْلُهَا مَتَى شَاءَ وَلَوْ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهَا ذَاتُ سَبَبٍ فَدَارَتْ مَعَهُ كَصَلَاةِ الْكُسُوفِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ تَخْتَصُّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يُصَلِّي فِي الْعِيدِ كَمَا مَرَّ، وَإِنَّمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدِ فِي وَقْتٍ خَاصٍّ (وَيَخْطُبُ كَالْعِيدِ) فِي الْأَرْكَانِ وَالشُّرُوطِ وَالسُّنَنِ، وَيُنْدَبُ أَنْ يَجْلِسَ أَوَّلَ مَا يَصْعَدُ الْمِنْبَرَ، ثُمَّ يَقُومَ فَيَخْطُبَ (لَكِنْ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى بَدَلَ التَّكْبِيرِ) فَيَقُولُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ الْأُولَى تِسْعًا وَقَبْلَ الثَّانِيَةِ سَبْعًا، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَلْيَقُ بِالْحَالِ وَلِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ «مَنْ قَالَهُ غُفِرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ فَرَّ مِنْ الزَّحْفِ» وَيُكْثِرُ مِنْ الِاسْتِغْفَارِ حَتَّى يَكُونَ هُوَ أَكْثَرَ دُعَائِهِ وَمِنْ قَوْلِهِ {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [نوح: 10] إلَى {وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: 12] (وَيَدْعُو فِي الْخُطْبَةِ الْأُولَى) جَهْرًا وَيَقُولُ (اللَّهُمَّ) أَيْ يَا اللَّهُ (أَسْقِنَا) بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ مِنْ أَسْقَى (غَيْثًا) بِمُثَلَّثَةٍ أَيْ مَطَرٌ (مُغِيثًا) بِضَمِّ الْمِيمِ: أَيْ مُنْقِذًا مِنْ الشِّدَّةِ بِإِرْوَائِهِ (هَنِيئًا) بِالْمَدِّ وَالْهَمْزِ أَيْ طَيِّبًا لَا يُنَغِّصُهُ شَيْءٌ (مَرِيئًا) أَيْ مَحْمُودَ الْعَاقِبَةِ (مَرِيعًا) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَبِيَاءٍ تَحْتِيَّةٍ وَيُرْوَى بِضَمِّ الْمِيمِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ وَمَرْتَعًا بِالْمُثَنَّاةِ فَوْقَ: أَيْ ذَا رِيعٍ: أَيْ بِمَاءٍ مَأْخُوذٍ مِنْ الْمَرَاعَةِ (غَدَقًا) بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ وَدَالٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ: أَيْ كَثِيرَ الْمَاءِ وَالْخَيْرِ، وَقِيلَ الَّذِي قَطْرُهُ كِبَارٌ (مُجَلِّلًا) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِ اللَّامِ يُجَلِّلُ الْأَرْضَ: أَيْ يَعُمُّهَا كَجُلِّ الْفَرَسِ، وَقِيلَ هُوَ الَّذِي يُجَلِّلُ الْأَرْضَ بِالنَّبَاتِ (سَحًّا) بِفَتْحِ السِّينِ وَتَشْدِيدِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ: أَيْ شَدِيدَ الْوَقْعِ عَلَى الْأَرْضِ (طَبَقًا) بِفَتْحِ الطَّاءِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ مُطْبِقًا عَلَى الْأَرْضِ: أَيْ مُسْتَوْعِبًا لَهَا فَيَصِيرُ كَالطَّبَقِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ الْإِحْرَامِ فِي الْأُولَيَيْنِ فَقَطْ، وَهَلْ يُكَبِّرُ فِي الزَّائِدِ أَوْ يَخْتَصُّ بِالْأُولَيَيْنِ، وَإِذَا كَبَّرَ فَهَلْ يُكَبِّرُ فِي الثَّالِثَةِ سَبْعًا وَالرَّابِعَةِ خَمْسًا مَثَلًا، وَهَلْ يَقْرَأُ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ مَثَلًا سُورَةً أَوْ لَا؟ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ، وَكُلٌّ مُحْتَمَلٌ انْتَهَى. كَذَا بِهَامِشٍ عَنْ شَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يُكَبِّرُ فِي غَيْرِ الْأُولَيَيْنِ، وَأَنَّهُ إنْ لَمْ يَتَشَهَّدْ بَعْدَ الْأُولَيَيْنِ جَهَرَ وَقَرَأَ وَإِلَّا فَلَا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الرَّكْعَةِ وَغَيْرِهَا، وَأَنَّ الْإِمَامَ إذَا أَمَرَ بِشَيْءٍ وَجَبَ فِعْلُهُ، وَهَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الزِّيَادَةِ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْعِيدِ) مِثْلُهُ فِي حَجّ وَبِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ أَنَّ هَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَأَنَّ الشَّارِحَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ضَرَبَ عَلَيْهِ فِي نُسْخَتِهِ، وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ كَالْعِيدِ اهـ وَهُوَ قَرِيبٌ (قَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ أَنْ يَجْلِسَ) أَيْ بِقَدْرِ أَذَانِ الْجُمُعَةِ قِيَاسًا عَلَى الْعِيدِ (قَوْلُهُ: مَنْ قَالَهُ غُفِرَ لَهُ) أَيْ وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِكَوْنِهِ فِي الْخُطْبَةِ وَلَا بِكَوْنِهِ تِسْعًا. (قَوْلُهُ: وَيَدْعُو فِي الْخُطْبَةِ الْأُولَى جَهْرًا) زَادَ حَجّ بِأَدْعِيَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْوَارِدَةِ عَنْهُ وَهِيَ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا: اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا إلَخْ (قَوْلُهُ: بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ مِنْ أَسْقَى) وَبِوَصْلِهَا مِنْ سَقَى كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: لَا يُنَغِّصُهُ شَيْءٌ) أَيْ وَيُنَمِّي الْحَيَوَانَ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: مَحْمُودُ الْعَاقِبَةِ) زَادَ حَجّ: فَالْهَنِيءُ النَّافِعُ ظَاهِرًا وَالْمَرِيءُ النَّافِعُ بَاطِنًا (قَوْلُهُ: يُجَلِّلُ الْأَرْضَ بِالنَّبَاتِ) أَيْ يُصَيِّرُهَا عَظِيمَةً مَسْتُورَةً بِالنَّبَاتِ (قَوْلُهُ: مُطْبَقًا عَلَى الْأَرْضِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا ذَاتُ سَبَبٍ) أَيْ مُتَقَدِّمٍ وَهُوَ الْمَحَلُّ (قَوْلُهُ: فَيَقُولُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ الْأُولَى تِسْعًا إلَخْ) لَمْ يُذْكَرْ مَقُولُ هَذَا الْقَوْلِ فِي النُّسَخِ الَّتِي رَأَيْتهَا، وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ الْكَتَبَةِ فَلْتُرَاجَعْ لَهُ نُسْخَةٌ صَحِيحَةٌ. لَا يُقَالُ: قَوْلُهُ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إلَخْ تُنَازِعُهُ يَقُولُ هَذَا وَيَقُولُ الْآتِي بَعْدَهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ مَقُولَ الْأَوَّلِ مُطْلَقُ الِاسْتِغْفَارِ الشَّامِلُ لِمَا ذُكِرَ وَغَيْرِهِ فَهُوَ غَيْرُ خُصُوصِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ) وَبِوَصْلِهَا أَيْضًا كَمَا فِي الدَّمِيرِيِّ

عَلَيْهَا (دَائِمًا) إلَى انْتِهَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ دَوَامَهُ عَذَابٌ (اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ) تَقَدَّمَ شَرْحُهُ (وَلَا تَجْعَلْنَا مِنْ الْقَانِطِينَ) أَيْ الْآيِسِينَ بِتَأْخِيرِ الْمَطَرِ. اللَّهُمَّ إنَّ بِالْعِبَادِ وَالْبِلَادِ مِنْ اللَّأْوَاءِ وَالْجَهْدِ وَالضَّنْكِ مَا لَا نَشْكُو إلَّا إلَيْك. اللَّهُمَّ أَنْبِتْ لَنَا الزَّرْعَ وَأَدِرْ لَنَا الضَّرْعَ وَأَسْكِنَّا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ وَأَنْبِتْ لَنَا مِنْ بَرَكَاتِ الْأَرْضِ. اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنَّا الْجَهْدَ وَالْجُوعَ وَالْعُرْيَ، وَاكْشِفْ عَنَّا مِنْ الْبَلَاءِ مَا لَا يَكْشِفُهُ غَيْرُك (اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَغْفِرُك إنَّك كُنْت غَفَّارًا، فَأَرْسِلْ السَّمَاءَ) أَيْ الْمَطَرَ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْمَطَرُ مَعَ السَّحَابِ (عَلَيْنَا مِدْرَارًا) أَيْ دُرًّا كَثِيرًا: أَيْ مَطَرًا كَثِيرًا (وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ) اسْتِحْبَابًا (بَعْدَ صَدْرِ الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ) وَهُوَ نَحْوُ ثُلُثِهَا كَمَا فِي الدَّقَائِقِ، فَإِنْ اسْتَقْبَلَ لَهُ فِي الْأُولَى لَمْ يَعُدَّهُ فِي الثَّانِيَةِ، نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ، وَإِذَا فَرَغَ مِنْ الدُّعَاءِ اسْتَدْبَرَهَا وَأَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ يَحُثُّهُمْ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى إلَى فَرَاغِهِ كَمَا فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ (وَيُبَالِغُ فِي الدُّعَاءِ) حِينَئِذٍ (سِرًّا وَجَهْرًا) فَيُسِرُّ الْقَوْمُ أَيْضًا حَالَةَ إسْرَارِهِ وَيُؤَمِّنُونَ عَلَى دُعَائِهِ حَالَةَ جَهْرِهِ بِهِ قَالَ تَعَالَى {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف: 55] وَيَرْفَعُونَ أَيْدِيَهُمْ فِي الدُّعَاءِ جَاعِلِينَ ظُهُورَ أَكُفِّهِمْ إلَى السَّمَاءِ كَدَاعٍ لِكُلِّ رَفْعِ بَلَاءٍ وَمَنْ دَعَا بِحُصُولِ شَيْءٍ عَكْسِ ذَلِكَ، وَيُكْرَهُ لَهُ رَفْعُ يَدٍ مُتَنَجِّسَةٍ، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهَا حَائِلٌ احْتَمَلَ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ قَالَ إمَامُنَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ دُعَائِهِمْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ: اللَّهُمَّ إنَّكَ أَمَرْتنَا بِدُعَائِك وَوَعَدْتنَا إجَابَتَك وَقَدْ دَعَوْنَاكَ كَمَا أَمَرْتنَا فَأَجِبْنَا كَمَا وَعَدَتْنَا اللَّهُمَّ فَامْنُنْ عَلَيْنَا بِمَغْفِرَةِ مَا قَارَفْنَا وَإِجَابَتِك فِي سُقْيَانَا وَسَعَةٍ فِي رِزْقِنَا ـــــــــــــــــــــــــــــSبِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ مُخَفَّفَةً، وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: وَأَطْبَقَ الشَّيْءُ غَطَّاهُ اهـ. أَوْ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الطَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ الْمَكْسُورَةِ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَطَبَّقَ الشَّيْءَ تَطْبِيقًا عَمَّ، وَالسَّحَابُ الْجَوُّ غَشَّاهُ وَالْمَاءُ وَجْهُ الْأَرْضِ غِطَاءً (قَوْلُهُ: إنَّ بِالْعِبَادِ وَالْبِلَادِ) زَادَ حَجّ وَالْخَلْقَ (قَوْلُهُ: مِنْ اللَّأْوَاءِ) هُوَ بِالْمَدِّ وَالْهَمْزِ شِدَّةُ الْمَجَاعَةِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَقْبَلَ لَهُ فِي الْأُولَى) أَيْ لَا تُطْلَبُ إعَادَتُهُ بَلْ يَنْبَغِي كَرَاهَتُهَا، وَكَذَا يَنْبَغِي كَرَاهَةُ الِاسْتِقْبَالِ فِي الْأُولَى وَإِنْ أَجْزَأَ فِيهَا عَنْ الِاسْتِقْبَالِ فِي الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: ظُهُورَ أَكُفَّهُمْ إلَى السَّمَاءِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ حَتَّى فِي قَوْلِهِمْ اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَنَحْوِهِ لِكَوْنِ الْمَقْصُودِ بِهِ رَفْعُ الْبَلَاءِ، وَيُخَالِفُهُ مَا مَرَّ لَهُ فِي الْقُنُوتِ وَعِبَارَتُهُ وَيُجْعَلُ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ ظَهْرَ كَفَّيْهِ إلَى السَّمَاءِ إنْ دَعَا لِرَفْعِ بَلَاءٍ وَنَحْوِهِ عَكْسُهُ إنْ دَعَا لِتَحْصِيلِ شَيْءٍ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي فِي الِاسْتِسْقَاءِ، وَيُمْكِنُ رَدُّ مَا فِي الْقُنُوتِ إلَى مَا هُنَا بِأَنْ يُقَالَ: مَعْنَى قَوْلِهِمْ إنْ طَلَبَ رَفْعَ شَيْءٍ: أَيْ إنْ طَلَب مَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ رَفْعُ شَيْءٍ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ إنْ دَعَا لِتَحْصِيلِ شَيْءٍ أَيْ إنْ دَعَا بِطَلَبِ تَحْصِيلِ شَيْءٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ عَلَيْهَا حَائِلٌ احْتَمَلَ إلَخْ) عِبَارَةُ الشَّارِحِ فِيمَا تَقَدَّمَ فِي الْقُنُوتِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُسَنُّ رَفْعُ يَدَيْهِ وَيُكْرَهُ خَارِجَ الصَّلَاةِ رَفْعُ الْيَدِ الْمُتَنَجِّسَةِ وَلَوْ بِحَائِلٍ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: مَا قَارَفْنَا) أَيْ ارْتَكَبْنَا مِنْ الذُّنُوبِ (قَوْلُهُ: وَسَعَةٍ فِي أَرْزَاقِنَا) هُوَ بِفَتْحِ السِّينِ عَلَى الْأَفْصَحِ وَبِهَا جَاءَ التَّنْزِيلُ، وَالْكَسْرُ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ، وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الدَّنَوْشَرِيُّ فَقَالَ: وَسَعَةٌ بِالْفَتْحِ فِي الْأَوْزَانِ ... وَالْكَسْرُ مَحْكِيٌّ عَنْ الصَّغَانِي ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ اسْتِقْبَالِهِ الْقِبْلَةَ وَإِنْ أَوْهَمَ سِيَاقُهُ خِلَافَهُ وَلَوْ أَخَّرَ قَوْلَهُ، فَإِنْ اسْتَقْبَلَ لَهُ فِي الْأُولَى إلَخْ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُبَالِغُ فِي الدُّعَاءِ سِرًّا وَجَهْرًا لَكَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: جَاعِلِينَ ظُهُورَ أَكُفِّهِمْ إلَى السَّمَاءِ) ظَاهِرُهُ فِي جَمِيعِ الدُّعَاءِ وَهُوَ مُشْكِلٌ، إذْ هُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى طَلَبِ الْحُصُولِ كَقَوْلِهِ اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ، وَقَدْ يُقَالُ: الْمَطْلُوبُ رَفْعُ مَا هُوَ وَاقِعٌ مِنْ الْجَدْبِ وَإِنْ طُلِبَ فِيهِ مَا ذُكِرَ

ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْمُحَرَّرِ اخْتِصَارًا (وَيُحَوِّلُ) الْخَطِيبُ (رِدَاءَهُ عِنْدَ اسْتِقْبَالِهِ) الْقِبْلَةَ تَفَاؤُلًا بِتَغَيُّرِ الْحَالِ مِنْ الشِّدَّةِ إلَى الرَّخَاءِ لِلِاتِّبَاعِ وَكَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يُحِبُّ الْفَأْلَ الْحَسَنَ (فَيَجْعَلُ يَمِينَهُ) أَيْ يَمِينِ رِدَائِهِ (يَسَارَهُ وَعَكْسُهُ لِلِاتِّبَاعِ) قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَكَانَ طُولُ رِدَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعَةَ أَذْرُعٍ وَعَرْضُهُ ذِرَاعَيْنِ وَشِبْرًا (وَيُنَكِّسُهُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ مُخَفَّفًا وَبِضَمِّهِ مُثَقَّلًا عِنْدَ اسْتِقْبَالِهِ (فِي الْجَدِيدِ فَيَجْعَلُ أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ وَعَكْسُهُ) ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - اسْتَسْقَى وَعَلَيْهِ خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ بِأَسْفَلِهَا فَيَجْعَلَهُ أَعْلَاهَا، فَلَمَّا ثَقُلَتْ عَلَيْهِ قَلَبَهَا عَلَى عَاتِقِهِ، فَهْمُهُ بِذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ وَتَرْكِهِ لِلسَّبَبِ الْمَذْكُورِ، وَالْقَدِيمُ لَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلُهُ، وَمَتَى جَعَلَ الطَّرَفَ الْأَسْفَلَ الَّذِي عَلَى الْأَيْسَرِ عَلَى الْأَيْمَنِ وَالْآخَرَ عَلَى الْأَيْسَرِ حَصَلَ التَّنْكِيسُ وَالتَّحْوِيلُ جَمِيعًا، وَالْخِلَافُ فِي الرِّدَاءِ الْمُرَبَّعِ أَمَّا الْمُدَوَّرُ وَالْمُثَلَّثُ فَلَيْسَ فِيهِمَا إلَّا التَّحْوِيلُ قَطْعًا وَكَذَا الطَّوِيلُ، وَمُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بِعَدَمِ تَأَتِّي ذَلِكَ تَعَسُّرُهُ لَا تَعَذُّرُهُ (وَيُحَوِّلُ النَّاسُ) وَيُنَكِّسُونَ وَهُمْ جُلُوسٌ كَمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ مِثْلُهُ فَهُوَ مُسَاوٍ لِقَوْلِ أَصْلِهِ وَيُجْعَلُ عَلَى أَنَّهُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ عَبَّرَ بِعِبَارَةِ أَصْلِهِ (مِثْلَهُ) تَبَعًا لَهُ لِلِاتِّبَاعِ (قُلْت وَيُتْرَكُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ رِدَاءُ الْخَطِيبِ وَالنَّاسِ (مُحَوَّلًا حَتَّى يَنْزِعَ الثِّيَابَ) عِنْدَ رُجُوعِهِمْ إلَى مَنَازِلِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ غَيَّرَ رِدَاءَهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَاسْتِحْبَابُ التَّحْوِيلِ خَاصٌّ بِالرَّجُلِ دُونَ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى جَزَمَ بِهِ ابْنُ كَبْنٍ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَإِنْ لَمْ أَقِفْ عَلَى مَأْخَذِهِ (وَلَوْ تَرَكَ الْإِمَامُ الِاسْتِسْقَاءَ فَعَلَهُ النَّاسُ) كَسَائِرِ السُّنَنِ؛ لِأَنَّهُمْ مُحْتَاجُونَ كَمَا هُوَ مُحْتَاجٌ بَلْ أَشَدُّ غَيْرَ أَنَّهُمْ لَا يَخْرُجُونَ إلَى الصَّحْرَاءِ مَعَ وُجُودِ الْوَالِي فِي الْبَلَدِ إلَّا بِإِذْنِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ (وَلَوْ خَطَبَ) لَهُ (قَبْلَ الصَّلَاةِ) (جَازَ) لِمَا صَحَّ مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطَبَ، ثُمَّ صَلَّى، لَكِنَّهُ فِي حَقِّنَا خِلَافُ الْأَفْضَلِ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْخُطْبَتَيْنِ بَعْدَ الصَّلَاةِ هُوَ الْأَكْثَرُ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَيُحَوِّلُ رِدَاءَهُ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ يَفْعَلُ التَّحْوِيلَ عِنْدَ إرَادَةِ الِاسْتِقْبَالِ أَوْ مَعَهُ أَوْ عَقِبَهُ اهـ عَمِيرَةُ. أَقُولُ: الْمُتَبَادَرُ مِنْ الْعِنْدِيَّةِ الْأَوَّلُ وَالْأَقْرَبُ الثَّالِثُ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا قَبْلَ الِاسْتِقْبَالِ مَشْغُولٌ بِالْوَعْظِ وَمَعَهُ يُورِثُ مَشَقَّةً فِي الْجَمْعِ بَيْنَ التَّحْوِيلِ وَالِالْتِفَاتِ. (قَوْلُهُ: وَكَانَ طُولُ رِدَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) قَالَ حَجّ فِي آخِرِ اللِّبَاسِ: فَائِدَةٌ مُهِمَّةٌ: ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يَتَحَرَّرْ كَمَا قَالَهُ الْحُفَّاظُ فِي طُولِ عِمَامَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَرْضِهَا شَيْءٌ، وَمَا وَقَعَ لِلطَّبَرِيِّ فِي طُولِهَا أَنَّهُ نَحْوُ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ وَلِغَيْرِهِ أَنَّهُ نُقِلَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا سَبْعَةٌ فِي عَرْضِ ذِرَاعٍ، وَأَنَّهَا كَانَتْ فِي السَّفَرِ بَيْضَاءَ وَفِي الْحَضَرِ سَوْدَاءَ مِنْ صُوفٍ وَأَنَّ عَذْبَتَهَا كَانَتْ فِي السَّفَرِ مِنْ غَيْرِهَا وَفِي الْحَضَرِ مِنْهَا، فَهُوَ شَيْءٌ اسْتَرْوَحَا فِيهِ وَلَا أَصْلَ لَهُ. نَعَمْ وَقَعَ خِلَافٌ فِي الرِّدَاءِ فَقِيلَ سِتَّةُ أَذْرُعٍ فِي عَرْضِ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ، وَقِيلَ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ وَنِصْفٌ أَوْ شِبْرَانِ فِي عَرْضِ ذِرَاعَيْنِ وَشِبْرٍ، وَقِيلَ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ فِي عَرْضِ ذِرَاعَيْنِ وَنِصْفٍ، وَلَيْسَ فِي الْإِزَارِ إلَّا الْقَوْلُ الثَّانِي اهـ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ خَمِيصَةٌ) أَيْ كِسَاءٌ (قَوْلُهُ: جَزَمَ بِهِ ابْنُ كَبٍّ) وَفِي نُسْخَةٍ كَبْنٍ (قَوْلُهُ: فَعَلَهُ النَّاسُ) أَيْ الْبَالِغُونَ الْكَامِلُونَ؛ لِأَنَّهَا سُنَّةُ عَيْنٍ فَلَا يَسْقُطُ طَلَبُهَا بِفِعْلِ بَعْضِهِمْ وَإِنْ كَانَ بَالِغًا عَاقِلًا؛ لِأَنَّ ذَاكَ إنَّمَا يُقَالُ فِي سُنَنِ الْكِفَايَةِ وَهَذِهِ سُنَّةُ عَيْنٍ (قَوْلُهُ غَيْرَ أَنَّهُمْ لَا يَخْرُجُونَ إلَى الصَّحْرَاءِ) وَيَحْرُمُ ذَلِكَ إنْ ظَنُّوا فِتْنَةً اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُمْ حَيْثُ فَعَلُوهَا فِي الْبَلَدِ خَطَبُوا وَلَوْ بِلَا إذْنٍ وَلَعَلَّهُ غَيْرَ مُرَادٍ، بَلْ مَتَى خَافُوا الْفِتْنَةَ لَمْ يَخْطُبُوا إلَّا بِإِذْنٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَطَبَ قَبْلَ الصَّلَاةِ جَازَ) أَيْ بِخِلَافِ الْعِيدِ وَالْكُسُوفِ فَإِنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنَّهُ خَطَبَ قَبْلَهُمَا. وَكَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ: اُنْظُرْ مَانِعَ الصِّحَّةِ فِي الْعِيدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى قَوْلِهِ وَيُنَكِّسُونَ وَلَوْ ذَكَرَهُ عَقِبَهُ كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مُسَاوٍ لِقَوْلِ أَصْلِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ وَالنَّاسُ يَفْعَلُونَ بِأَرْدِيَتِهِمْ كَمَا يَفْعَلُ الْإِمَامُ

وَمِنْ مُتَعَلِّقَاتِ الْبَابِ أَنَّهُ يُسَنُّ لِكُلِّ مَنْ حَضَرَ الِاسْتِسْقَاءَ أَنْ يَسْتَشْفِعَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى سِرًّا بِخَالِصِ عَمَلٍ يَتَذَكَّرُهُ، لِخَبَرِ الَّذِينَ أَوَوْا إلَى الْغَارِ وَبِأَهْلِ الصَّلَاحِ، لَا سِيَّمَا مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مِنْ أَقَارِبِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَيُسَنُّ) لِكُلِّ أَحَدٍ (أَنْ يَبْرُزَ) أَيْ يَظْهَرَ (لِأَوَّلِ مَطَرِ السَّنَةِ وَيَكْشِفَ) مِنْ جَسَدِهِ (غَيْرَ عَوْرَتِهِ لِيُصِيبَهُ) شَيْءٌ مِنْهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ «أَنَسٍ قَالَ أَصَابَنَا مَطَرٌ وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَحَسَرَ ثَوْبَهُ حَتَّى أَصَابَهُ الْمَطَرُ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ صَنَعْت هَذَا قَالَ: لِأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ» أَيْ بِتَكْوِينِهِ وَتَنْزِيلِهِ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَوَّلِ مَطَرِ السَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ آكَدُ، وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَطَرِ أَوَّلِ السَّنَةِ وَغَيْرِهِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ: أَيْ فَهُوَ لِأَوَّلِ كُلِّ مَطَرٍ أَوْلَى مِنْهُ لِآخِرِهِ (وَأَنْ) (يَغْتَسِلَ أَوْ يَتَوَضَّأَ فِي) مَاءٍ (السَّيْلِ) لِمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالْكُسُوفِ، وَلَا يُقَالُ الِاتِّبَاعُ؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِهِ لَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ لِجَوَازِ الْقِيَاسِ فِيمَا لَمْ يَرُدَّ عَلَى مَا وَرَدَ، وَلَا يُقَالُ الِاهْتِمَامُ بِأَمْرِ الْحَثِّ عَلَى التَّوْبَةِ وَالْوَعْظِ اقْتَضَى صِحَّةَ التَّقْدِيمِ؛ لِأَنَّهُ بِتَسْلِيمِهِ لَا يَقْتَضِي مَنْعَ الصِّحَّةِ بَلْ الْأَوْلَوِيَّةَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ اهـ مِنْ حَوَاشِي التَّحْرِيرِ. (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ الَّذِينَ أَوَوْا إلَى الْغَارِ) «وَكَانُوا ثَلَاثَةً خَرَجُوا يَرْتَادُونَ لِأَهْلِهِمْ، فَأَخَذَتْهُمْ السَّمَاءُ فَأَوَوْا إلَى كَهْفٍ فَانْحَطَّتْ صَخْرَةٌ وَسَدَّتْ بَابَهُ، فَقَالَ أَحَدُهُمْ: اُذْكُرُوا أَيُّكُمْ عَمِلَ حَسَنَةً لَعَلَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَرْحَمُنَا بِبَرَكَتِهِ، فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ: اسْتَعْمَلْت أُجَرَاءَ ذَاتَ يَوْمٍ فَجَاءَ رَجُلٌ وَسَطَ النَّهَارِ وَعَمِلَ فِي بَقِيَّتِهِ مِثْلَ عَمَلِهِمْ فَأَعْطَيْته مِثْلَ أُجُورِهِمْ، فَغَضِبَ أَحَدُهُمْ وَتَرَكَ أَجْرَهُ، فَوَضَعْته فِي جَانِبِ الْبَيْتِ، ثُمَّ مَرَّ بِي بَقَرٌ فَاشْتَرَيْت بِهِ فَصِيلَةً فَبَلَغَتْ مَا شَاءَ اللَّهُ، فَرَجَعَ إلَيَّ بَعْدَ حِينٍ شَيْخًا ضَعِيفًا لَا أَعْرِفُهُ، وَقَالَ: إنَّ لِي عِنْدَك حَقًّا وَذَكَرَهُ حَتَّى عَرَفْته، فَدَفَعْتهَا إلَيْهِ جَمِيعًا، اللَّهُمَّ إنْ كُنْت فَعَلْت ذَلِكَ لِوَجْهِك فَافْرِجْ عَنَّا، فَانْصَدَعَ الْجَبَلُ حَتَّى رَأَوْا الضَّوْءَ. وَقَالَ آخَرُ: كَانَ فِي فَضْلٌ وَأَصَابَ النَّاسَ شِدَّةٌ، فَجَاءَتْنِي امْرَأَةٌ فَطَلَبَتْ مِنِّي مَعْرُوفًا، فَقُلْت: وَاَللَّهِ مَا هُوَ دُونَ نَفْسِك، فَأَبَتْ وَعَادَتْ، ثُمَّ رَجَعَتْ ثَلَاثًا ثُمَّ ذَكَرَتْ ذَلِكَ لِزَوْجِهَا، فَقَالَ لَهَا: أَجِيبِي لَهُ وَأَعِينِي عِيَالَك، فَأَتَتْ وَسَلَّمَتْ إلَيَّ نَفْسَهَا، فَلَمَّا تَكَشَّفْتُهَا وَهَمَمْت بِهَا ارْتَعَدَتْ، فَقُلْت: مَالَك؟ قَالَتْ: أَخَافُ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فَقُلْت لَهَا: خِفْتِيهِ فِي الشِّدَّةِ وَلَمْ أَخَفْهُ فِي الرَّخَاءِ، فَتَرَكْتهَا وَأَعْطَيْتهَا مُلْتَمَسَهَا، اللَّهُمَّ إنْ كُنْت فَعَلْته لِوَجْهِك فَافْرِجْ عَنَّا، فَانْصَدَعَ حَتَّى تَعَارَفُوا. وَقَالَ الثَّالِثُ: كَانَ لِي أَبَوَانِ هِمَّانِ وَكَانَتْ لِي غَنَمٌ وَكُنْت أُطْعِمُهَا وَأَسْقِيهِمَا ثُمَّ أَرْجِعُ إلَى غَنَمِي، فَحَبَسَنِي ذَاتَ يَوْمٍ غَيْثٌ فَلَنْ أَبْرَحَ حَتَّى أَمْسَيْت، فَأَتَيْت أَهْلِي وَأَخَذْت مِحْلَبِي فَحَلَبْت فِيهِ وَجِئْت إلَيْهِمَا فَوَجَدْتهمَا نَائِمَيْنِ، فَشَقَّ عَلَيَّ أَنْ أُوقِظَهُمَا، فَتَرَقَّبْت جَالِسًا وَمِحْلَبِي عَلَى يَدِي حَتَّى أَيْقَظَهُمَا الصُّبْحُ فَسَقَيْتهمَا، اللَّهُمَّ إنْ كُنْت فَعَلْته لِوَجْهِك فَافْرِجْ عَنَّا، فَفَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَخَرَجُوا» وَقَدْ رَفَعَ ذَلِكَ نُعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ اهـ بَيْضَاوِيٌّ فِي سُورَةِ الْكَهْفِ عِنْدَ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ} [الكهف: 9] الْآيَةَ (قَوْلُهُ: لِأَوَّلِ مَطَرِ السُّنَّةِ) وَهُوَ مَا يَحْصُلُ بَعْدَ انْقِطَاعِ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ فِي الْمُحَرَّمِ أَوْ غَيْرِهِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ النِّيلُ فَيَبْرُزُ لَهُ وَيَفْعَلُ مَا ذَكَرَ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى اهـ زِيَادِي بِهَامِشٍ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ مَا يَصِلُ إلَى الْمَاءِ عِنْدَ قَطْعِ الْخُلْجَانِ وَنَحْوِهَا إجْرَاءٌ لِمَا هُوَ مُجْتَمِعٌ فِي النَّهْرِ فَلَيْسَ كَالْمَطَرِ فَإِنَّ نُزُولَهُ الْآنَ قَرِيبُ عَهْدٍ بِالتَّكْوِينِ وَلَا كَذَلِكَ مَاءُ النِّيلِ. [فَرْعٌ] قَالَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ: يَحْرُمُ تَأْخِيرُ قَطْعِ الْخَلِيجِ وَنَحْوِهِ عَنْ الْوَقْتِ الَّذِي اسْتَحَقَّ أَنْ يُقْطَعَ فِيهِ كَبُلُوغِ النِّيلِ بِمِصْرِنَا سِتَّةَ عَشَرَ ذِرَاعًا اهـ. وَوَجْهُ الْحُرْمَةِ أَنَّ فِيهِ تَأْخِيرًا لَهُ عَنْ شُرْبِ الدَّوَابِّ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْهُ، فَتَأْخِيرُهُ مُفَوِّتٌ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَنَافِعِ الْعَامَّةِ اهـ (قَوْلُهُ غَيْرَ عَوْرَتِهِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ هَذَا هُوَ الْأَكْمَلُ، وَأَنَّ أَصْلَ السُّنَّةِ يَحْصُلُ بِكَشْفِ جُزْءٍ مَا مِنْ بَدَنِهِ وَإِنْ قَلَّ كَالرَّأْسِ وَالْيَدَيْنِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَغْتَسِلَ أَوْ يَتَوَضَّأَ فِي السَّيْلِ) أَيْ سَوَاءٌ حَصَلَ بِالِاسْتِسْقَاءِ أَوْ كَانَ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ الْحَدِيثُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي؛ لِأَنَّ الْحِكْمَةَ فِيهِ هِيَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

كَانَ إذَا سَالَ السَّيْلُ قَالَ: اُخْرُجُوا بِنَا إلَى هَذَا الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ طَهُورًا فَنَتَطَهَّرُ مِنْهُ وَنَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى عَلَيْهِ» وَهُوَ صَادِقٌ بِالْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ هُنَا كَالرَّوْضَةِ بِأَوْ يُفِيدُ اسْتِحْبَابَ أَحَدِهِمَا بِالْمَنْطُوقِ وَكِلَيْهِمَا بِمَفْهُومِ الْأَوْلَى فَهُوَ أَفْضَلُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ، فَقَالَ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَوَضَّأَ مِنْهُ وَيَغْتَسِلَ، فَإِنْ لَمْ يَجْمَعْهُمَا فَلْيَتَوَضَّأْ. وَالْمُتَّجَهُ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا ثُمَّ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْغُسْلِ، ثُمَّ عَلَى الْوُضُوءِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا نِيَّةٌ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَخِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ، إلَّا إنْ صَادَفَ وَقْتَ وُضُوءٍ، أَوْ غُسْلٍ؛ لِأَنَّ الْحِكْمَةَ فِيهِ هِيَ الْحِكْمَةُ فِي كَشْفِ الْبَدَنِ لِيَنَالَهُ أَوَّلُ مَطَرِ السَّنَةِ وَبَرَكَتُهُ (وَ) أَنْ (يُسَبِّحَ عِنْدَ الرَّعْدِ وَ) عِنْدَ (الْبَرْقِ) لِمَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ " أَنَّهُ كَانَ إذَا سَمِعَ الرَّعْدَ تَرَكَ الْحَدِيثَ وَقَالَ: سُبْحَانَ الَّذِي يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ "، وَقِيسَ بِالرَّعْدِ الْبَرْقُ، وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ عِنْدَهُ: سُبْحَانَ مَنْ يُرِيكُمْ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا، وَفِي الْأُمِّ عَنْ الثِّقَةِ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ الرَّعْدَ مَلَكٌ وَالْبَرْقَ أَجْنِحَتُهُ يَسُوقُ بِهَا السَّحَابَ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَيَكُونُ الْمَسْمُوعُ صَوْتَهُ: أَيْ صَوْتَ تَسْبِيحِهِ، أَوْ صَوْتَ سَوْقِهِ عَلَى اخْتِلَافٍ فِيهِ وَأُطْلِقَ الرَّعْدُ عَلَيْهِ مَجَازًا، وَرُوِيَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ بَعَثَ اللَّهُ السَّحَابَ فَنَطَقَتْ أَحْسَنَ النُّطْقِ وَضَحِكَتْ أَحْسَنَ الضَّحِكِ، فَالرَّعْدُ نُطْقُهَا وَالْبَرْقُ ضَحِكُهَا» (وَ) أَنْ (لَا يَتْبَعَ بَصَرُهُ الْبَرْقَ) لِمَا فِي الْأُمِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ قَالَ: إذَا رَأَى أَحَدُكُمْ الْبَرْقَ أَوْ الْوَدْقَ فَلَا يُشِيرُ إلَيْهِ، وَالْوَدْقُ بِالْمُهْمَلَةِ: الْمَطَرُ، وَفِيهِ زِيَادَةُ الْمَطَرِ، وَزَادَ الْمَاوَرْدِيُّ الرَّعْدُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ الْمَطَرُ، فَقَالَ: وَكَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ يَكْرَهُونَ الْإِشَارَةَ إلَى الرَّعْدِ وَالْبَرْقِ وَيَقُولُونَ عِنْدَ ذَلِكَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ، فَيَخْتَارُ الِاقْتِدَاءَ بِهِمْ فِي ذَلِكَ. (وَ) أَنْ (يَقُولَ عِنْدَ) نُزُولِ (الْمَطَرِ) نَدْبًا كَمَا فِي الْبُخَارِيِّ (اللَّهُمَّ صَيِّبًا) بِصَادٍ مُهْمَلَةٍ وَتَحْتِيَّةٍ مُشَدَّدَةٍ: أَيْ عَطَاءً (نَافِعًا) وَفِي ـــــــــــــــــــــــــــــSالْحِكْمَةُ (قَوْلُهُ: الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا) وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْوُضُوءِ عَلَى الْغُسْلِ لِشَرَفِ أَعْضَائِهِ كَمَا فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا نِيَّةٌ) لَعَلَّ الْمُرَادَ لِحُصُولِ السُّنَّةِ. أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِكَوْنِهِ مُمْتَثِلًا آتِيًا بِمَا أُمِرَ بِهِ فَلَا يَظْهَرُ إلَّا بِنِيَّتِهِ كَأَنْ يَقُولَ: نَوَيْت سُنَّةَ الْغُسْلِ مِنْ هَذَا السَّيْلِ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت حَجّ قَالَ: وَلَوْ قِيلَ يَنْوِي سُنَّةَ الْغُسْلِ فِي السَّيْلِ لَمْ يَبْعُدْ اهـ. وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهِ التَّرْتِيبُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ وُصُولُ الْمَاءِ لِهَذِهِ الْأَعْضَاءِ، وَهُوَ حَاصِلٌ بِدُونِ التَّرْتِيبِ وَبِبَعْضِ الْهَوَامِشِ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ يُسَنُّ الْغُسْلُ فِي أَيَّامِ زِيَادَةِ النِّيلِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مُدَّةَ أَيَّامِ الزِّيَادَةِ اهـ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ. (قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ) وَعِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَفِي الْمُهِمَّاتِ: الْمُتَّجَهُ الْجَمْعُ ثُمَّ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْغُسْلِ ثُمَّ عَلَى الْوُضُوءِ، وَأَنَّهُ لَا نِيَّةَ فِيهِ إذَا لَمْ يُصَادِفْ وَقْتَ وُضُوءٍ وَلَا غُسْلٍ اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ قَوْلِهِ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ، وَفِي نُسْخَةٍ سُقُوطُ قَوْلِهِ: تَبَعًا إلَخْ، عَلَيْهَا فِعْلُ الْمُرَادِ أَنَّ الشَّيْخَ بَحَثَهُ فِي غَيْرِ شَرْحِ مَنْهَجِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ بَحَثَهُ: أَيْ بَحَثَ الِاشْتِرَاطَ فَهُوَ قَيْدٌ لِلْمَنْفِيِّ، وَعَلَيْهِ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ مَا هُنَا وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: لَمَّا رَوَاهُ مَالِكٌ) قَالَ حَجّ: وَلِأَنَّ الذِّكْرَ عِنْدَ الْأُمُورِ الْمَخُوفَةِ تُؤْمَنُ بِهِ غَائِلَتُهَا (قَوْلُهُ: إذَا سَمِعَ الرَّعْدَ تَرَكَ الْحَدِيثَ) أَيْ مَا كَانَ فِيهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قُرْآنًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ قِيَاسًا عَلَى إجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُشِيرُ إلَيْهِ) أَيْ لَا بِبَصَرِهِ وَلَا بِغَيْرِهِ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: شَامِلٌ لِلْإِشَارَةِ بِغَيْرِ الْبَصَرِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ فَيَخْتَارُ الِاقْتِدَاءَ بِهِمْ) أَيْ وَتَحْصُلُ سُنَّةُ ذَلِكَ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَا بَأْسَ بِالزِّيَادَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: «كَانَ إذَا سَالَ السَّيْلُ قَالَ: اُخْرُجُوا بِنَا إلَى هَذَا الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ طَهُورًا» إلَخْ) يُسْتَنْبَطُ مِنْ هَذَا الدَّلِيلِ أَنَّ مَاءَ النِّيلِ كَمَاءِ السَّيْلِ، فَإِلْحَاقُهُ بِهِ أَوْلَى مِمَّا نُقِلَ عَنْ الزِّيَادِيِّ مِنْ إلْحَاقِهِ بِأَوَّلِ مَطَرِ السَّنَةِ الْمَارِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَخِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ إلَّا إنْ صَادَفَ) يَعْنِي فِي قَوْلِهِ إلَّا إنْ صَادَفَ إذْ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ لِلْإِسْنَوِيِّ، وَلَعَلَّ لَفْظَ فِي قَوْلِهِ الَّذِي قَدَّرْنَاهُ أَسْقَطَهُ الْكَتَبَةُ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ) أَيْ فِيمَا رُوِيَ عَنْ عُرْوَةَ زِيَادَةٌ عَلَى مَا أَفَادَهُ الْمَتْنُ الْمَطَرُ فَلَا يُتْبِعُهُ الْبَصَرَ، وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِهِ بَلَدٍ وَمِثْلُ ذَلِكَ الْمَطَرُ.

رِوَايَةٍ بِسِينٍ مُهْمَلَةٍ، وَفِي أُخْرَى مَعَ الْأَوَّلِ نَافِعًا. فَيُسْتَحَبُّ الْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ الثَّلَاثِ، وَيُكَرِّرُ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا (وَ) أَنْ (يَدْعُوَ بِمَا شَاءَ) حَالَ نُزُولِهِ لِخَبَرِ؟ «اُطْلُبُوا اسْتِجَابَةَ الدُّعَاءِ عِنْدَ الْتِقَاءِ الْجُيُوشِ، وَإِقَامَةِ الصَّلَاةِ، وَنُزُولِ الْغَيْثِ» ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ خَبَرَ «تُفَتَّحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَيُسْتَجَابُ الدُّعَاءُ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاطِنَ: الْتِقَاءُ الصُّفُوفِ، وَعِنْدَ نُزُولِ الْغَيْثِ، وَعِنْدَ إقَامَةِ الصَّلَاةِ، وَعِنْدَ رُؤْيَةِ الْكَعْبَةِ» (وَ) أَنْ يَقُولَ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْمَطَرِ: أَيْ فِي أَثَرِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ) عَلَيْنَا (وَرَحْمَتِهِ) لَنَا. (وَيُكْرَهُ) تَنْزِيهًا أَنْ يَقُولَ (مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا) بِفَتْحِ نُونِهِ وَهَمْزِ آخِرِهِ: أَيْ بِوَقْتِ النَّجْمِ الْفُلَانِيِّ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فِي إضَافَةِ الْأَمْطَارِ إلَى الْأَنْوَاءِ لِإِيهَامِهِ أَنَّ النَّوْءَ مُمْطِرٌ حَقِيقَةً، فَإِنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ الْفَاعِلُ حَقِيقَةً كَفَرَ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ حِكَايَةً عَنْ اللَّهِ تَعَالَى «أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوَاكِبِ، وَمَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوَاكِبِ» ، وَأَفَادَ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِالْبَاءِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ مُطِرْنَا فِي نَوْءِ كَذَا لَمْ يُكْرَهْ وَهُوَ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ ظَاهِرٌ وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ مَا نَقَلَهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الْمَطَرِ مُطِرْنَا بِنَوْءِ الْفَتْحِ ثُمَّ يَقْرَأُ {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا} [فاطر: 2] وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَا اسْتِثْنَاءَ، إذْ لَا إيهَامَ فِيهِ أَصْلًا، وَالنَّوْءُ: سُقُوطُ نَجْمٍ مِنْ الْمَنَازِلِ فِي الْمَغْرِبِ مَعَ الْفَجْرِ وَطُلُوعُ رَقِيبِهِ مِنْ الْمَشْرِقِ مُقَابِلَهُ مِنْ سَاعَتِهِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ إلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَهَكَذَا كُلُّ نَجْمٍ إلَى انْقِضَاءِ السَّنَةِ مَا خَلَا الْجَبْهَةَ فَإِنَّ لَهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا (وَ) يُكْرَهُ (سَبُّ الرِّيحِ) بَلْ يُسَنُّ الدُّعَاءُ عِنْدَهَا لِخَبَرِ «الرِّيحُ مِنْ رُوحِ اللَّهِ، تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ وَتَأْتِي بِالْعَذَابِ. فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَلَا تَسُبُّوهَا وَاسْأَلُوا اللَّهَ خَيْرَهَا وَاسْتَعِيذُوا بِاَللَّهِ مِنْ شَرِّهَا» (وَلَوْ تَضَرَّرُوا بِكَثْرَةِ الْمَطَرِ) وَهِيَ ضِدُّ الْقِلَّةِ مُثَلَّثَةُ الْكَافِ (فَالسُّنَّةُ أَنْ يَسْأَلُوا اللَّهَ) تَعَالَى (رَفْعَهُ) بِأَنْ يَقُولُوا نَدْبًا مَا قَالَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا شُكِيَ إلَيْهِ ذَلِكَ (اللَّهُمَّ) اجْعَلْ الْمَطَرَ (حَوَالَيْنَا) فِي الْأَوْدِيَةِ وَالْمَرَاعِي (وَلَا) تَجْعَلْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ بِسِينٍ مُهْمَلَةٍ) أَيْ سَيْبًا بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ اهـ حَجّ. وَعِبَارَةُ ع: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ صَيِّبًا: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مِنْ صَابَ يَصُوبُ: إذَا نَزَلَ مِنْ عُلُوٍّ إلَى أَسْفَلَ، وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ مَاجَهْ: اللَّهُمَّ سَيْبًا، وَهُوَ الْعَطَاءُ اهـ (قَوْلُهُ: وَفِي أُخْرَى مَعَ الْأَوَّلِ) أَيْ صَيِّبًا. (قَوْلُهُ: نَاقِعًا) بِالْقَافِ: أَيْ شَافِيًا لِلْغَلِيلِ وَمَزِيدٌ لِلْعَطَشِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ مُخْتَارِ الصِّحَاحِ (قَوْلُهُ وَعِنْدَ إقَامَةِ الصَّلَاةِ) يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي الدُّعَاءِ عِنْدَ الْخُطْبَةِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ بِقَلْبِهِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ ثُمَّ وَبَيْنَ الْإِقَامَةِ وَالصَّلَاةِ أَوْ بَيْنَ الْكَلِمَاتِ الَّتِي يُجِيبُ بِهَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْحَلِيمِيُّ ثُمَّ، وَاعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَأَنَّهُ لَا يَأْتِي بِهِ عِنْدَ الْقَوْلِ فِي الْعِيدِ وَنَحْوِهِ الصَّلَاةَ جَامِعَةً؛ لِأَنَّ هَذِهِ أُمُورٌ تَوْفِيقِيَّةٌ، ثُمَّ إذَا دَعَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَيَقَّنَ حُصُولَ الْمَطْلُوبِ لِإِخْبَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ نَسَبَ تَخَلُّفَهُ إلَى فَسَادِ نِيَّتِهِ وَفَقْدِ شُرُوطِ الدُّعَاءِ مِنْهُ (قَوْلُهُ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْكَعْبَةِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ تَكَرَّرَ دُخُولُهُ وَرُؤْيَتُهُ لَهَا وَكَانَ الزَّمَنُ قَرِيبًا وَلَا مَانِعَ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ) أَيْ فِي غَيْرِ شَرْحِ مِنْهَجِهِ (قَوْلُهُ: عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ) قَالَ حَجّ هُوَ أَبُو هُرَيْرَةَ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ سَبُّ الرِّيحِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مُعْتَادَةً أَوْ غَيْرَ مُعْتَادَةٍ، لَكِنَّ السَّبَّ إنَّمَا يَقَعُ فِي الْعَادَةِ لِغَيْرِ الْمُعْتَادَةِ خُصُوصًا إذَا شَوَّشَتْ ظَاهِرًا عَلَى السَّابِّ، وَلَا تَتَقَيَّدُ الْكَرَاهَةُ بِذَلِكَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ: «الرِّيحُ مِنْ رُوحِ اللَّهِ تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ وَتَأْتِي بِالْعَذَابِ» هَلْ الْمُرَادُ فِي الْجُمْلَةِ، فَلَا يَلْزَمُ أَنَّ الَّتِي تَأْتِي بِالْعَذَابِ مِنْ رَحْمَتِهِ أَيْضًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ أَوْ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهَا مِنْ حَيْثُ صُدُورِهَا بِخَلْقِ اللَّهِ وَإِيجَادِهِ رَحْمَةٌ فِي ذَاتِهَا وَإِنْ كَانَتْ تَأْتِي بِالْعَذَابِ لِمَنْ أَرَادَهُ اللَّهُ لَهُ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: «وَاسْتَعِيذُوا بِاَللَّهِ مِنْ شَرِّهَا» ) وَتَقَدَّمَ قُبَيْلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنَّ لَهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا) هَذَا فِي السَّنَةِ الْكَبِيسَةِ وَهِيَ الَّتِي تَكُونُ أَيَّامُ النَّسِيءِ فِيهَا سِتَّةَ أَيَّامٍ، بِخِلَافِ الْبَسِيطَةِ وَهِيَ الَّتِي يَكُونُ النَّسِيءُ فِيهَا خَمْسَةَ أَيَّامٍ، فَلَوْ قَالَ إلَّا الْغَفْرَ لَكَانَ أَوْلَى،؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِيهِ دَائِمًا عِنْدَ الْمِصْرِيِّينَ.

[باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان]

(عَلَيْنَا) فِي الْأَبْنِيَةِ وَالدُّورِ. وَأَفَادَتْ الْوَاوُ أَنَّ طَلَبَ الْمَطَرِ حَوَالَيْنَا الْقَصْدُ مِنْهُ بِالذَّاتِ وِقَايَةُ أَذَاهُ فَفِيهَا مَعْنَى التَّعْلِيلِ: أَيْ اجْعَلْهُ حَوَالَيْنَا وَلِئَلَّا يَكُونَ عَلَيْنَا، وَفِيهِ تَعْلِيمُنَا أَدَبَ الدُّعَاءِ حَيْثُ لَمْ يَدْعُ بِرَفْعِهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ لِاسْتِمْرَارِهِ بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِ الْأَوْدِيَةِ وَالْمَزَارِعِ، فَطَلَبَ مَنْعَ ضَرَرِهِ وَبَقَاءَ نَفْعِهِ وَإِعْلَامَنَا بِأَنَّهُ يَنْبَغِي لِمَنْ وَصَلَتْ إلَيْهِ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ أَنْ لَا يَتَسَخَّطَ لِعَارِضٍ قَارَنَهَا، بَلْ يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى رَفْعَهُ وَإِبْقَاءَهَا وَبِأَنَّ الدُّعَاءَ بِرَفْعِ الْمَطَرِ لَا يُنَافِي التَّوَكُّلَ وَالتَّفْوِيضَ " اللَّهُمَّ عَلَى الْآكَامِ وَالظِّرَابِ وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ " (وَلَا يُصَلِّي لِذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِعَدَمِ وُرُودِهَا لَهُ لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ السَّابِقِ أَنَّهَا تُسَنُّ لِنَحْوِ الزَّلْزَلَةِ فِي بَيْتِهِ مُنْفَرِدًا، وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا نَحْوُهَا فَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا تُشْرَعُ الْهَيْئَةُ الْمَخْصُوصَةُ. (بَابٌ) فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ عَلَى الْأَعْيَانِ أَصَالَةً جَحْدًا، أَوْ غَيْرَهُ، وَتَقْدِيمُهُ هُنَا عَلَى الْجَنَائِزِ تَبَعًا لِلْجُمْهُورِ أَلْيَقُ (إنْ تَرَكَ) الْمُكَلَّفُ (الصَّلَاةَ) الْمَعْهُودَةَ شَرْعًا الصَّادِقَةَ بِإِحْدَى الْخَمْسِ (جَاحِدًا وُجُوبَهَا) بِأَنْ أَنْكَرَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ (كَفَرَ) بِالْجَحْدِ فَقَطْ لَا بِهِ مَعَ التَّرْكِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لِأَجَلِ التَّقْسِيمِ، إذْ الْجَحْدُ وَحْدَهُ مُقْتَضٍ لِلْكُفْرِ كَمَا مَرَّ لِإِنْكَارِهِ مَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ وَذَلِكَ جَارٍ فِي كُلِّ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ مَعْلُومٍ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ. أَمَّا مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ جَاهِلًا لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ، أَوْ نَحْوِهِ مِمَّنْ يَجُوزُ خَفَاؤُهُ عَلَيْهِ، أَوْ نَشْئِهِ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ فَلَا يَكُونُ مُرْتَدًّا بَلْ يَعْرِفُ وُجُوبَهَا، فَإِنْ عَادَ بَعْدَهُ صَارَ مُرْتَدًّا، وَلَا يُقِرُّ مُسْلِمٌ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ وَالْعِبَادَةِ عَمْدًا مَعَ الْقُدْرَةِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ مَا إذَا اشْتَبَهَ صَغِيرٌ مُسْلِمٌ بِصَغِيرٍ كَافِرٍ، ثُمَّ بَلَغَا وَلَمْ يُعْلَمْ الْمُسْلِمُ مِنْهُمَا وَلَا قَافَةَ وَلَا انْتِسَابَ، وَلَا يُؤْمَرُ أَحَدٌ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ شَهْرًا فَأَكْثَرَ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ الْمُسْتَحَاضَةُ الْمُبْتَدَأَةُ إذَا ابْتَدَأَهَا الدَّمُ الضَّعِيفُ، ثُمَّ أَقْوَى مِنْهُ ثُمَّ أَقْوَى مِنْهُ (أَوْ) (تَرَكَهَا كَسَلًا) ، أَوْ تَهَاوُنًا مَعَ اعْتِقَادِهِ وُجُوبَهَا (قُتِلَ) بِالسَّيْفِ (حَدًّا) لَا كُفْرًا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَلِمَفْهُومِ «قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـــــــــــــــــــــــــــــSالْبَابِ عِنْدَ شَرْحِ الرَّوْضِ مَا كَانَ يَقُولُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إذَا رَأَى الرِّيحَ الْعَاصِفَةَ (قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ عَلَى الْآكَامِ) الْآكَامُ بِالْمَدِّ جَمْعُ أُكُمٍ بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ إكَامٍ كَكِتَابٍ جَمْعُ أَكَمٍ بِفَتْحَتَيْنِ جَمْعُ أَكَمَةٍ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ لِنَحْوِ الزَّلْزَلَةِ) أَيْ فَيَصِلُهَا وَيَنْوِي بِهَا نِيَّةَ رَفْعِ الْمَطَرِ. . (بَابٌ) فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَعْيَانِ) خَرَّجَ فُرُوضَ الْكِفَايَاتِ، وَقَوْلُهُ أَصَالَةً خَرَّجَ الْمَنْذُورَةَ (قَوْلُهُ: أَلْيَقُ) أَيْ مِنْ تَأْخِيرِهِ عَنْهَا وَمِنْ ذِكْرِهِ فِي الْحُدُودِ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ مُتَعَلِّقٌ بِالصَّلَاةِ الْعَيْنِيَّةِ فَنَاسَبَ ذِكْرُهُ خَاتِمَةً لَهَا (قَوْلُهُ: جَاحِدًا وُجُوبَهَا) أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ لَمْ يُعْذَرْ بِجَهْلِهِ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ بَيْنَ أَظْهُرِنَا بِحَيْثُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ صَيَّرَهُ فِي حُكْمِ الْعَالِمِ اهـ حَجّ، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآتِي:. أَمَّا مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ جَاهِلًا إلَخْ حَيْثُ قَيَّدَ عَدَمَ رِدَّةِ الْجَاهِلِ بِكَوْنِهِ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَابٌ فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ عَلَى الْأَعْيَانِ] (بَابٌ) فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَهُ مِمَّنْ يَجُوزُ خَفَاؤُهُ عَلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ بَعْدُ أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ (قَوْلُهُ: رَوَاهُ الشَّيْخَانِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ

نُهِيت عَنْ قَتْلِ الْمُصَلِّينَ» ، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ» وَقَالَ «خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ، فَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ إنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ، فَلَوْ كَفَرَ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْمَشِيئَةِ، وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ» فَمَحْمُولٌ عَلَى تَرْكِهَا جَحْدًا أَوْ عَلَى التَّغْلِيظِ، أَوْ الْمُرَادُ بَيْنَ مَا يُوجِبُهُ الْكُفْرُ مِنْ وُجُوبِ الْقَتْلِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ. وَلَوْ تَرَكَ الطَّهَارَةَ لَهَا قُتِلَ كَمَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ؛ لِأَنَّهُ تَرْكٌ لَهَا، وَيُقَاسُ بِهَا الْأَرْكَانُ وَسَائِرُ الشُّرُوطِ. نَعَمْ مَحَلُّهُ فِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، أَوْ كَانَ فِيهِ خِلَافٌ وَاهٍ بِخِلَافِ الْقَوِيِّ، فَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ: لَوْ تَرَكَ فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا، أَوْ مَسَّ شَافِعِيٌّ الذَّكَرَ، أَوْ لَمَسَ الْمَرْأَةَ أَوْ تَوَضَّأَ وَلَمْ يَنْوِ وَصَلَّى مُتَعَمِّدًا لَا يُقْتَلُ؛ لِأَنَّ جَوَازَ صَلَاتِهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بَحْثًا بِمَا إذَا قَلَّدَ الْقَائِلُ بِذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا قَائِلَ حِينَئِذٍ بِجَوَازِ صَلَاتِهِ. قَالَ: فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ قَتْلُهُ؛ لِأَنَّهُ تَارِكٌ لَهَا عِنْدَ إمَامِهِ وَغَيْرِهِ فَعُلِمَ أَنَّ تَرْكَ التَّيَمُّمِ كَتَرْكِ الْوُضُوءِ إنْ وَجَبَ إجْمَاعًا، أَوْ مَعَ خِلَافٍ، وَلَمْ يُقَلِّدْ الْقَائِلُ بِعَدَمِ وُجُوبِهِ اهـ. وَالْأَوْجَهُ الْأَخْذُ بِالْإِطْلَاقِ، وَلَا يُقَاسُ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ تَرْكُ الصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُحْبَسُ طُولَ النَّهَارِ نَوَاهُ فَأَجْدَى الْحَبْسُ فِيهِ؛ وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ يُمْكِنُ لِلْإِمَامِ أَخْذُهَا بِالْمُقَاتَلَةِ مِمَّنْ امْتَنَعُوا مِنْهَا وَقَاتَلُونَا، فَكَانَتْ الْمُقَاتَلَةُ الْوَارِدَةُ فِيهَا عَلَى حَقِيقَتِهَا، بِخِلَافِهَا فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ فِعْلُهَا بِالْمُقَاتَلَةِ فَكَانَتْ فِيهَا بِمَعْنَى الْقَتْلِ فَوَضَحَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُ اهـ. فَالْأَوْجَهُ الْأَخْذُ بِالْإِطْلَاقِ (وَالصَّحِيحُ قَتْلُهُ) حَتْمًا (بِصَلَاةٍ فَقَطْ) عَمَلًا بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ (بِشَرْطِ إخْرَاجِهَا عَنْ وَقْتِ الضَّرُورَةِ) فِيمَا لَهُ وَقْتُ ضَرُورَةٍ بِأَنْ تُجْمَعَ مَعَ الثَّانِيَةِ فِي وَقْتِهَا. فَلَا يُقْتَلُ بِتَرْكِ الظُّهْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَلَا بِتَرْكِ الْمَغْرِبِ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ، وَيُقْتَلُ فِي الصُّبْحِ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَفِي الْعَصْرِ بِغُرُوبِهَا وَفِي الْعِشَاءِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ، فَيُطَالَبُ بِأَدَائِهَا إنْ ضَاقَ وَقْتُهَا وَيُتَوَعَّدُ بِالْقَتْلِ إنْ أَخْرَجَهَا عَنْ الْوَقْتِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُطَالِبَ وَالْمُتَوَعِّدَ هُوَ الْإِمَامُ، أَوْ نَائِبُهُ فَلَا يُفِيدُ طَلَبُ غَيْرِهِ وَتَوَعُّدُهُ تَرَتُّبَ الْقَتْلِ الْآتِي؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَنْصِبِهِ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بَلْ يُعَزَّرُ وَيُحْبَسُ حَتَّى يُصَلِّيَ كَتَرْكِ الصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَلِخَبَرِ «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَقَدْ: بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ) أَيْ خَرِبَتْ ذِمَّتُهُ (قَوْلُهُ: كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ) أَيْ وَعْدٌ مِنْهُ لَا يُخْلَفُ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ إلَخْ) الَّذِي فِي مُسْلِمٍ قَالَ: سَمِعْت جَابِرًا يَقُولُ: سَمِعْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «إنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ» فَلَعَلَّهَا رِوَايَةٌ أُخْرَى. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ جَوَازَ صَلَاتِهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ) أَيْ فَكَانَ جَرَيَانُ الْخِلَافِ شُبْهَةً فِي حَقِّهِ مَانِعَةً مِنْ قَتْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُقَلِّدْ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الْأَخْذُ بِالْإِطْلَاقِ) أَيْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ التَّقْلِيدِ وَعَدَمِهِ فِي أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ (قَوْلُهُ: فَأَجْدَى) أَيْ أَفَادَ (قَوْلُهُ: فَوُضِّحَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا) أَيْ الصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ وَقَوْلُهُ وَبَيْنَهَا أَيْ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ) أَيْ أَمَّا الْجُمُعَةُ فَيُقْتَلُ بِهَا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ أَقَلِّ مُمْكِنٍ مِنْ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ هُوَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ) وَمِنْهُ الْقَاضِي الَّذِي لَهُ وِلَايَةُ ذَلِكَ كَالْقَاضِي الْكَبِيرِ (قَوْلُهُ: الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ) أَيْ جَمَاعَةِ الْإِسْلَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا قَائِلَ حِينَئِذٍ بِجَوَازِ صَلَاتِهِ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ الْحَنَفِيُّ يَقُولُ بِجَوَازِ صَلَاةِ مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ أَوْ لَمَسَ الْمَرْأَةَ أَوْ تَوَضَّأَ وَلَمْ يَنْوِ وَإِنْ كَانَ شَافِعِيًّا وَلَمْ يُقَلِّدْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِمُوَافَقَتِهِ لِاعْتِقَادِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْبَعْضِ الْمَذْكُورِ الشِّهَابُ حَجّ فِي الْإِمْدَادِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الْأَخْذُ بِالْإِطْلَاقِ) أَيْ فَمَتَى كَانَ فِيهِ خِلَافٌ غَيْرُ وَاهٍ فَلَا قَتْلَ وَإِنْ لَمْ يُقَلِّدْ (قَوْلُهُ: إخْرَاجُهَا عَنْ وَقْتِ الضَّرُورَةِ) بِمَعْنَى وَقْتِ الْعُذْرِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بَلْ يُعَزَّرُ) لَوْ سَاقَ هَذَا عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْمَارِّ قُتِلَ حَدًّا لَكَانَ أَنْسَبَ وَأَوْضَحَ (قَوْلُهُ: وَالْحَجُّ) لَا وَجْهَ لِلتَّمْثِيلِ بِهِ هُنَا كَمَا لَا يَخْفَى

وَلِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِتَرْكِ الْقَضَاءِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْقِيَاسَ مَتْرُوكٌ بِالنُّصُوصِ وَالْخَبَرُ عَامٌّ مَخْصُوصٌ بِمَا ذُكِرَ وَقَتْلُهُ خَارِجَ الْوَقْتِ إنَّمَا هُوَ لِلتَّرْكِ بِلَا عُذْرٍ، عَلَى أَنَّا نَمْنَعُ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ لِتَرْكِ الْقَضَاءِ مُطْلَقًا، إذْ مَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا فِي الْوَقْتِ وَيُهَدَّدُ عَلَيْهَا، وَلَمْ يَقُلْ أَفْعَلُهَا. وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَقْتَ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ وَقْتَانِ: أَحَدُهُمَا وَقْتُ أَمْرٍ، وَالْآخَرُ وَقْتُ قَتْلٍ. فَوَقْتُ الْأَمْرِ هُوَ إذَا ضَاقَ وَقْتُ الصَّلَاةِ عَنْ فِعْلِهَا يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَأْمُرَ التَّارِكَ فَنَقُولَ لَهُ صَلِّ، فَإِنْ صَلَّيْت تَرَكْنَاك، وَإِنْ أَخْرَجْتهَا عَنْ الْوَقْتِ قَتَلْنَاك، وَفِي وَقْتِ الْأَمْرِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا، إذَا بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ زَمَنٌ يَسَعُ مِقْدَارَ الْفَرِيضَةِ وَالطَّهَارَةِ، وَالثَّانِي إذَا بَقِيَ زَمَنٌ يَسَعُ رَكْعَةً وَطَهَارَةً كَامِلَةً، وَيُقْتَلُ بِتَرْكِ الْجُمُعَةِ أَيْضًا وَإِنْ قَالَ أُصَلِّيهَا ظُهْرًا كَمَا فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ عَنْ الشَّاشِيِّ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَقَالَ فِي التَّحْقِيقِ: إنَّهُ الْأَقْوَى لِتَرْكِهَا بِلَا قَضَاءٍ؛ لِأَنَّ الظُّهْرَ لَيْسَ قَضَاءً عَنْهَا، وَمَحَلُّهُ حَيْثُ كَانَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ إجْمَاعًا، وَأَفْتَى الشَّيْخُ بِأَنَّهُ يُقْتَلُ بِهَا حَيْثُ أَمَرَ بِهَا وَامْتَنَعَ مِنْهَا، أَوْ قَالَ أُصَلِّيهَا ظُهْرًا عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ عَنْ خُطْبَتَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ وَقْتُ الظُّهْرِ: أَيْ عَنْ أَقَلِّ مُمْكِنٍ مِنْ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ، لِأَنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ لَيْسَ وَقْتًا لَهَا فِي حَالَةٍ بِخِلَافِ الظُّهْرِ. لَا يُقَالُ: يَنْبَغِي قَتْلُهُ عَقِبَ سَلَامِ الْإِمَامِ مِنْهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: شُبْهَةُ احْتِمَالٍ تَبَيَّنَ فَسَادُهَا وَإِعَادَتُهَا فَيُدْرِكُهَا أَوْجَبَتْ التَّأْخِيرَ لِلْيَأْسِ مِنْهَا بِكُلِّ تَقْدِيرٍ وَهُوَ مَا مَرَّ، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ أَوْجَهُ: أَحَدُهَا يُقْتَلُ إذَا ضَاقَ وَقْتُ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ الْوَاحِدَةَ يُحْتَمَلُ تَرْكُهَا لِشُبْهَةِ الْجَمْعِ ثَانِيهَا إذَا ضَاقَ وَقْتُ الرَّابِعَةِ لِأَنَّ الثَّلَاثَ أَقَلُّ الْجَمْعِ فَاغْتُفِرَتْ. ثَالِثُهَا إذَا تَرَكَ أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ، قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدْ اسْتَنَدَ إلَى تَأْوِيلٍ مِنْ تَرْكِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْخَنْدَقِ أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ، رَابِعُهَا إذَا صَارَ التَّرْكُ لَهُ عَادَةً، خَامِسُهَا لَا يُعْتَبَرُ وَقْتُ الضَّرُورَةِ وَهَذَا هُوَ مَعْنَى كَلَامِ الشَّارِحِ فِي حِكَايَةٍ مُقَابِلَ الصَّحِيحِ (وَيُسْتَتَابُ) مَنْ تَرَكَ ذَلِكَ نَدْبًا كَمَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ خِلَافًا لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا مِنْ وُجُوبِهَا كَالْمُرْتَدِّ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا كَمَا أَفَادَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ الرِّدَّةَ تُخَلِّدُ فِي النَّارِ فَوَجَبَ إنْقَاذُهُ مِنْهَا، بِخِلَافِ تَرْكِ الصَّلَاةِ، بَلْ مُقْتَضَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ أَنَّ الْحُدُودَ تُسْقِطُ الْإِثْمَ أَنَّهُ لَا يَبْقَى عَلَيْهِ شَيْءٌ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حُدَّ عَلَى هَذِهِ الْجَرِيمَةِ وَالْمُسْتَقْبَلُ لَمْ يُخَاطَبْ بِهِ. نَعَمْ إنْ كَانَ فِي عَزْمِهِ أَنَّهُ إنْ عَاشَ لَمْ يُصَلِّ أَيْضًا مَا بَعْدَهَا فَهُوَ أَمْرٌ آخَرُ لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ. وَاسْتَشْكَلَ الْإِسْنَوِيُّ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِأَنْ تَرَكَ مَا هُوَ عِمَادُ الدِّينِ وَهُوَ الصَّلَاةُ وَيَتَحَقَّقُ ذَلِكَ بِصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: يَجِبُ عَلَيْنَا) أَيْ عَلَى الْمُخَاطَبِ مِنَّا، وَهُوَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ (قَوْلُهُ: إذَا بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ زَمَنٌ إلَخْ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِفِعْلِهِ بِأَخَفَّ مُمْكِنٍ (قَوْلُهُ مِقْدَارَ الْفَرِيضَةِ) أَيْ تَامَّةٌ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الظُّهْرَ لَيْسَ قَضَاءً عَنْهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ هَدَّدَ عَلَيْهَا فِي وَقْتِهَا وَلَمْ تُفْعَلْ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ ثُمَّ تَابَ وَقَالَ: أُصَلِّي الْجُمُعَةَ الْقَابِلَةَ لَكِنَّهُ لَمْ يُصَلِّ ظُهْرَ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يُقْتَلْ بِتَرْكِهِ لِكَوْنِهِ لَا يُقْتَلُ بِتَرْكِ الْقَضَاءِ، لَكِنْ فِي فَتَاوَى الشَّارِحِ أَنَّهُ يُقْتَلُ حَيْثُ امْتَنَعَ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ، وَأَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْقَتْلِ بِالْقَضَاءِ إذَا لَمْ يُهَدِّدْ بِهِ أَوْ بِأَصْلِهِ كَمَا هُنَا فَإِنَّ التَّهْدِيدَ عَلَى الْجُمُعَةِ تَهْدِيدٌ عَلَى تَرْكِهَا وَبَدَلُهَا قَائِمٌ مَقَامَهَا فَكَأَنَّهُ هَدَّدَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إجْمَاعًا) أَيْ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ فَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْجُمُعَةُ وَتَرَكَ فِعْلَهَا لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِالسَّابِقَةِ فَهَلْ يُقْتَلُ لِتَرْكِهِ لَهَا مَعَ الْقُدْرَةِ أَوْ لَا لِعُذْرِهِ بِالشَّكِّ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّا نَقُولُ شُبْهَةُ احْتِمَالٍ تَبَيَّنَ فَسَادُهَا وَإِعَادَتُهَا إلَخْ) أَيْ وَإِنْ أَيِسْنَا مِنْ ذَلِكَ عَادَةً حَقْنًا لِلدَّمِ مَا أَمْكَنَ (قَوْلُهُ خَامِسُهَا لَا يُعْتَبَرُ إلَخْ) هَذَا الْوَجْهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْمَحَلِّيُّ وَقَوْلُهُ لِوَقْتِ الضَّرُورَةِ: أَيْ بِالسَّابِقِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ تَرْكِ الصَّلَاةِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُدُ بَلْ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَهُوَ أَمْرٌ آخَرُ) أَيْ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مُقْتَضَاهُ مِنْ اسْتِحْقَاقِ الْعُقُوبَةِ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَفِي وَقْتِ الْأَمْرِ وَجْهَانِ) أَقَامَ فِيهِ الْمُظْهَرَ مَقَامَ الْمُضْمَرِ، وَسَكَتَ عَنْ مُقَابِلِهِ وَهُوَ وَقْتُ الْقَتْلِ لِعِلْمِهِ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ عَنْ خُطْبَتَيْنِ) مُتَعَلِّقٌ بِيُقْتَلُ وَسَكَتَ عَنْ وَقْتِ الْأَمْرِ بِالْجُمُعَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ مَعْنَى كَلَامِ الشَّارِحِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الشَّارِحَ لَمْ يَذْكُرْ الْخَامِسَ

مَا تَقَرَّرَ بِأَنَّهُ يُقْتَلُ حَدًّا عَلَى التَّأْخِيرِ عَنْ الْوَقْتِ وَالْحُدُودُ لَا تَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْحَدَّ هُنَا لَيْسَ هُوَ عَلَى مَعْصِيَةٍ سَابِقَةٍ وَإِنَّمَا هُوَ حَمْلٌ لَهُ عَلَى فِعْلِ مَا تَرَكَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ، أَوْ بِأَنَّهُ عَلَى تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَمْدًا مَعَ تَرْكِهَا، فَالْعِلَّةُ مُرَكَّبَةٌ فَإِذَا صَلَّى زَالَتْ الْعِلَّةُ، وَقَالَ الرِّيمِيُّ فِي التَّفْقِيهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ التَّوْبَةَ هُنَا تُفِيدُ تَدَارُكَ الْفَائِتِ، بِخِلَافِ التَّوْبَةِ عَنْ الزِّنَا وَشِبْهِهِ فَإِنَّ التَّوْبَةَ لَا تُفِيدُ تَدَارُكَ مَا مَضَى مِنْ الْجَرِيمَةِ بَلْ تُفِيدُ الِامْتِنَاعَ عَنْهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ، بِخِلَافِ تَوْبَتِهِ هُنَا فَإِنَّهَا بِفِعْلِ الصَّلَاةِ وَذَلِكَ يُحَقِّقُ الْمُرَادَ فِي الْمَاضِي. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: تَارِكُ الصَّلَاةِ يَسْقُطُ حَدُّهُ بِالتَّوْبَةِ وَهُوَ الْعَوْدُ لِفِعْلِ الصَّلَاةِ كَالْمُرْتَدِّ بَلْ هُوَ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْهُ، وَغَلِطَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: كَيْفَ تَنْفَعُ التَّوْبَةُ؛ لِأَنَّهُ كَمَنْ سَرَقَ نِصَابًا، ثُمَّ رَدَّهُ لَا يَسْقُطُ الْقَطْعُ، وَهَذَا كَلَامُ مَنْ ظَنَّ أَنَّ التَّوْبَةَ لَا تُسْقِطُ الْحُدُودَ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا ذَكَرْنَاهُ اهـ. وَتَوْبَتُهُ عَلَى الْفَوْرِ؛ لِأَنَّ الْإِمْهَالَ يُؤَدِّي إلَى تَأْخِيرِ صَلَوَاتٍ، وَقِيلَ يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَهُمَا فِي النَّدْبِ، وَقِيلَ فِي الْوُجُوبِ، وَلَوْ قَتَلَهُ فِي مُدَّةِ الِاسْتِتَابَةِ، أَوْ قَبْلَهَا إنْسَانٌ لَيْسَ مِثْلَهُ أَثِمَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَقَاتِلِ الْمُرْتَدِّ، وَلَوْ جُنَّ، أَوْ سَكِرَ قَبْلَ فِعْلِ الصَّلَاةِ لَمْ يُقْتَلْ، فَإِنْ قُتِلَ وَجَبَ الْقَوَدُ، بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْمُرْتَدِّ لَا قَوَدَ عَلَى قَاتِلِهِ لِقِيَامِ الْكُفْرِ، ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ قَدْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ وَعَانَدَ بِالتَّرْكِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، أَمَّا تَارِكُ الْمَنْذُورَةِ الْمُؤَقَّتَةِ فَلَا يُقْتَلُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ الَّذِي أَوْجَبَهَا عَلَى نَفْسِهِ. (ثُمَّ) إذَا لَمْ يَتُبْ (يُضْرَبُ عُنُقُهُ) بِالسَّيْفِ وَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ لِخَبَرِ «إذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ» (وَقِيلَ) لَا يُقْتَلُ لِانْتِفَاءِ الدَّلِيلِ الْوَاضِحِ عَلَى قَتْلِهِ (بَلْ يُنْخَسُ بِحَدِيدَةٍ) وَقِيلَ يُضْرَبُ بِخَشَبَةٍ: أَيْ عَصَا (حَتَّى يُصَلِّيَ أَوْ يَمُوتَ) إذْ الْمَقْصُودُ حَمْلُهُ عَلَى الصَّلَاةِ لَا قَتْلُهُ وَمَرَّ رَدُّهُ (وَ) بَعْدَ الْمَوْتِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُسْلِمِ الَّذِي لَمْ يَتْرُكْ الصَّلَاةَ مِنْ أَنَّهُ (يُغَسَّلُ) ، ثُمَّ يُكَفَّنُ (وَيُصَلَّى عَلَيْهِ) بَعْدَ ظُهْرِهِ (وَيُدْفَنُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ) فِي مَقَابِرِهِمْ (وَلَا يُطْمَسُ قَبْرُهُ) كَبَقِيَّةِ أَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ أَبْدَى عُذْرًا كَنِسْيَانٍ، أَوْ بَرْدٍ أَوْ عَدَمِ مَاءٍ، أَوْ نَجَاسَةٍ عَلَيْهِ صَحِيحَةً كَانَتْ الْأَعْذَارُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَمْ بَاطِلَةً، كَمَا لَوْ قَالَ صَلَّيْت وَظَنَنَّا كَذِبَهُ لَمْ نَقْتُلْهُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ تَعَمُّدِهِ تَأْخِيرَهَا عَنْ وَقْتِهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، نَعَمْ نَأْمُرُهُ بِهَا بَعْدَ ذِكْرِ الْعُذْرِ وُجُوبًا فِي الْعُذْرِ الْبَاطِلِ وَنَدْبًا فِي الصَّحِيحِ بِأَنْ نَقُولَ لَهُ صَلِّ فَإِنْ امْتَنَعَ لَمْ يُقْتَلْ لِذَلِكَ، فَإِنْ قَالَ تَعَمَّدْت تَرْكَهَا بِلَا عُذْرٍ قُتِلَ سَوَاءٌ أَقَالَ وَلَا أُصَلِّيهَا أَمْ سَكَتَ لِتَحَقُّقِ جِنَايَتِهِ بِتَعَمُّدِ التَّأْخِيرِ، قَالَ الْغَزَالِيُّ: لَوْ زَعَمَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْعَزْمِ عَلَى التَّرْكِ وَعَلَى تَرْكِ شَيْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ إنْ وَجَدَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ قَبْلَهَا) أَيْ إذَا كَانَ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ اهـ زِيَادِيٌّ. أَمَّا قَبْلَهُ فَيَضْمَنُ (قَوْلُهُ: لَيْسَ مِثْلَهُ) أَيْ فِي الْإِهْدَارِ وَإِنْ اخْتَلَفَ سَبَبُهُ كَزَانٍ مُحْصَنٍ أَوْ قَاطِعِ طَرِيقٍ مَعَ تَارِكِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: أَمَّا تَارِكُ الْمَنْذُورَةِ) مُحْتَرِزُ قَوْلِهِ أَصَالَةً. (قَوْلُهُ: يُنْخَسُ بِحَدِيدَةٍ) أَيْ فِي أَيِّ مَحَلٍّ كَانَ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَوَقَّى الْمَقَاتِلَ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ حَمْلُهُ عَلَى الصَّلَاةِ بِالتَّعْذِيبِ وَنَخْسُهُ فِي الْمُقَاتِلِ قَدْ يُفَوِّتُ ذَلِكَ الْغَرَضَ (قَوْلُهُ: بِتَعَمُّدِ التَّأْخِيرِ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ أَمَرَ بِهَا عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْأَمْرِ بِهَا عِنْدَ الضَّيِّقِ لِتَحَقُّقِ جِنَايَتِهِ، وَهَذَا قَدْ تَحَقَّقَتْ جِنَايَتُهُ بِاعْتِرَافِهِ. وَجَوَّزَ م ر أَنْ يُقَيِّدَ هَذَا بِمَا إذَا كَانَ قَدْ أَمَرَ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا جَزَمَ بِهَذَا التَّقْيِيدِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَقَالَ: وَمَتَى قَالَ تَعَمَّدْت تَرْكَهَا بِلَا عُذْرٍ قُتِلَ سَوَاءٌ قَالَ لَا أُصَلِّيهَا أَمْ سَكَتَ لِتَحَقُّقِ جِنَايَتِهِ بِتَعَمُّدِ التَّأْخِيرِ: أَيْ مَعَ الطَّلَبِ فِي الْوَقْتِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ اهـ. وَالْأَقْرَبُ مَا قَيَّدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْحَدَّ هُنَا لَيْسَ هُوَ عَلَى مَعْصِيَةٍ إلَخْ) أَيْ فَهُوَ لَيْسَ حَدًّا إلَّا فِي الصُّورَةِ حَتَّى يُلَاقِيَ الْإِشْكَالَ. (قَوْلُهُ: وَمَرَّ رَدُّهُ) كَأَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ مَرَّ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ رَدُّهُ وَهُوَ خَبَرُ «إذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ» وَهُوَ تَابِعٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِلشِّهَابِ حَجّ، لَكِنَّ ذَاكَ صَرَّحَ أَوَّلًا بِرَدِّهِ حَيْثُ قَالَ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ كَسَلًا قُتِلَ مَا نَصُّهُ: وَنَخْسُهُ بِالْحَدِيدِ الْآتِي لَيْسَ مِنْ إحْسَانِ الْقِتْلَةِ فِي شَيْءٍ فَلَمْ نَقُلْ بِهِ. .

[كتاب الجنائز]

زَاعِمٌ أَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حَالَةً أَسْقَطَتْ عَنْهُ الصَّلَاةَ وَأَحَلَّتْ لَهُ شُرْبَ الْخَمْرِ وَأَكْلَ مَالِ السُّلْطَانِ كَمَا زَعَمَهُ بَعْضُ الْمُتَصَوِّفَةِ فَلَا شَكَّ فِي وُجُوبِ قَتْلِهِ وَإِنْ كَانَ فِي خُلُودِهِ فِي النَّارِ نَظَرٌ وَقَتْلُ مِثْلِهِ أَفْضَلُ مِنْ قَتْلِ مِائَةِ كَافِرٍ؛ لِأَنَّ ضَرَرَهُ أَكْثَرُ . كِتَابُ الْجَنَائِزِ جَمْعُ جِنَازَةٍ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ اسْمٌ لِلْمَيِّتِ فِي النَّعْشِ وَقِيلَ بِالْفَتْحِ اسْمٌ لِذَلِكَ وَبِالْكَسْرِ اسْمٌ لِلنَّعْشِ وَهُوَ عَلَيْهِ الْمَيِّتُ وَقِيلَ عَكْسُهُ، وَقِيلَ لُغَتَانِ فِيهِمَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ الْمَيِّتُ فَهُوَ سَرِيرٌ وَنَعْشٌ، وَعَلَى مَا تَقَرَّرَ لَوْ قَالَ أُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ بِكَسْرِ الْجِيمِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِهِ حَجّ (قَوْلُهُ: وَأَكَلَ مَالَ السُّلْطَانِ) أَيْ الْمَالَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ السُّلْطَانَ قَبْضَهُ وَصَرْفَهُ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ يَزْعُمُ هَذَا أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ وَيَمْنَعُهُ عَنْ صَرْفِهِ فِي مَصَارِفِهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَقَيَّدُ بِاسْتِحْلَالِ الْجَمِيعِ بَلْ مَتَى اسْتَحَلَّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كَفَرَ [فَائِدَةٌ] مَرَاتِبُ الْكُفْرِ ثَلَاثَةٌ: أَحَدُهَا الْكُفْرُ الْأَصْلِيُّ وَصَاحِبُهُ مُتَدَيِّنٌ بِهِ وَمَفْطُورٌ عَلَيْهِ. وَثَانِيهَا الرُّجُوعُ إلَيْهِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَهُوَ أَقْبَحُ وَلِهَذَا لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ حَيْثُ كَانَ فِيهِ الْجِزْيَةُ وَالِاسْتِقْرَارُ وَالْمَنُّ وَالْفِدَاءُ وَثَالِثُهَا السَّبُّ وَهُوَ أَقْبَحُ الثَّلَاثَةِ فَإِنَّهُ لَا يَتَدَيَّنُ بِهِ، وَفِيهِ إزْرَاءٌ بِأَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِلْقَاءِ الشُّبْهَةِ فِي الْقُلُوبِ الضَّعِيفَةِ فَلِذَلِكَ كَانَتْ جَرِيمَتُهُ أَقْبَحَ الْجَرَائِمِ، وَلَا تُعْرَضُ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ، بِخِلَافِ الْقِسْمِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ فِي الثَّانِي قَدْ يَكُونُ لَهُ شُبْهَةٌ فَتَحِلُّ عَنْهُ، وَالسَّبُّ لَا شُبْهَةَ فِيهِ وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ عَرْضُ التَّوْبَةِ عَلَيْهِ وَاجِبًا وَلَا مُسْتَحَبًّا، فَلَا يَمْتَنِعُ الْإِعْرَاضُ عَنْهُ حَتَّى يُقْتَلَ تَطْهِيرًا لِلْأَرْضِ مِنْهُ، فَإِنْ أَسْلَمَ أَعْصَمَ نَفْسَهُ فَهَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي سَبَبِ الْإِعْرَاضِ مَعَ الْقَوْلِ بِقَبُولِ التَّوْبَةِ، وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا أَنَّ الْكُفَّارَ الْأَصْلِيِّينَ لَا يُقَاتَلُونَ فِي الْأَوَّلِ حَتَّى يُنْذَرُوا، فَإِذَا بَلَغَتْهُمْ الدَّعْوَةُ وَالنِّذَارَةُ جَازَتْ الْإِغَارَةُ عَلَيْهِمْ وَسَبْيُهُمْ مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ إلَى الدُّعَاءِ إلَى الْإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ بَلَغَتْهُمْ وَزَالَ عُذْرُهُمْ، فَإِنْ أَسْلَمُوا عَصَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَإِنَّمَا اُسْتُثْنِيَ الْمُرْتَدُّ بِغَيْرِ السَّبِّ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الرِّدَّةَ إنَّمَا تَحْصُلُ بِشُبْهَةٍ فَتُزَالُ بِالِاسْتِتَابَةِ، وَلِهَذَا تَرَدَّدَ الْعُلَمَاءُ فِي تَوْبَةِ الزِّنْدِيقِ وَتَوْبَةِ مَنْ وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ هَلْ تُقْبَلُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَا شُبْهَةَ لَهُمَا اهـ مِنْ السَّيْفِ الْمَسْلُولِ عَلَى مَنْ سَبَّ الرَّسُولَ لِلسُّبْكِيِّ كِتَابُ الْجَنَائِزِ. (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الْجِيمِ) أَيْ أَوْ بِفَتْحِهَا؛ لِأَنَّ الْفَتْحَ وَالْكَسْرَ مُشْتَرِكَانِ فِي الْمَيِّتِ وَالنَّعْشِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ اهـ. وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يُرِدْ إلَخْ: أَيْ فَإِنْ أَرَادَهُ لَمْ يَصِحَّ وَيَنْبَغِي وَلَوْ مَعَ الْمَيِّت هَذَا، وَفُهِمَ مِنْ الْأَقْوَالِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ الْمَيِّتَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي النَّعْشِ لَا تُطْلَقُ عَلَيْهِ الْجِنَازَةُ لَا بِالْفَتْحِ وَلَا بِالْكَسْرِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا لَيْسَ بِنَعْشٍ وَنَوَى الصَّلَاةَ عَلَى الْجِنَازَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ أَشَارَ إلَيْهِ إشَارَةً قَلْبِيَّةً صَحَّ وَلَا يَضُرُّ تَسْمِيَتُهُ بِغَيْرِ اسْمِهِ تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ، وَكَذَا إنْ قَصَدَ بِالْجِنَازَةِ الْمَيِّتَ وَيَكُونُ لَفْظُ الْجِنَازَةِ مَجَازًا عَنْ الْمَيِّتِ وَإِنْ قَصَدَ مُسَمَّى الْجِنَازَةِ لُغَةً أَوْ أَطْلَقَ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ. أَمَّا فِي الْأُولَى فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ نَوَى غَيْرَ الْمَيِّتِ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْهِ. وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ لَفْظَهُ مُحْتَمِلٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْجَنَائِزِ] ِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى مَا تَقَرَّرَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: إنْ كَانَ هَذَا رَاجِعًا لِأَوَّلِ الْأَقْوَالِ الْمَجْزُومِ بِهِ فَمَا وَجْهُ التَّقْيِيدِ بِالْكَسْرِ، وَإِنْ كَانَ رَاجِعًا إلَى غَيْرِهِ فَمَا الْقَرِينَةُ عَلَيْهِ؟ وَإِنْ كَانَ رَاجِعًا إلَى جَمِيعِهَا لَمْ يَصِحَّ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ حَيْثُ قِيلَ إنَّهَا اسْمٌ لِلْمَيِّتِ فِي النَّعْشِ صَحَّتْ النِّيَّةُ إنْ لَمْ يُرِدْ بِهَا النَّعْشَ كَمَا قَالَ وَحَيْثُ قِيلَ إنَّهَا اسْمٌ لِلنَّعْشِ وَعَلَيْهِ الْمَيِّتُ صَحَّتْ إنْ أَرَادَ الْمَيِّتَ لِمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ أَنَّ الْمَجَازَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ قَصْدٍ خَاصٍّ وَانْصِرَافِ الْإِطْلَاقِ لِلْحَقِيقَةِ

صَحَّتْ إنْ لَمْ يُرِدْ بِهَا النَّعْشَ، وَهِيَ مِنْ جَنَزَهُ إذَا سَتَرَهُ ذَكَرَهُ ابْنُ فَارِسٍ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: لَا يُسَمَّى جِنَازَةً حَتَّى يُشَدَّ الْمَيِّتُ عَلَيْهِ مُكَفَّنًا، وَيَشْتَمِلُ هَذَا الْكِتَابُ عَلَى مُقَدِّمَاتٍ وَمَقَاصِدَ، وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ فَقَالَ (لِيُكْثِرَ) نَدْبًا كُلَّ مُكَلَّفٍ صَحِيحًا كَانَ، أَوْ مَرِيضًا (ذِكْرَ الْمَوْتِ) بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ بِأَنْ يَجْعَلَهُ نُصُبَ عَيْنَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أُزْجَرُ عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَأَدْعَى لِلطَّاعَةِ وَصَحَّ «أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ» يَعْنِي الْمَوْتَ زَادَ النَّسَائِيّ «فَإِنَّهُ مَا ذُكِرَ فِي كَثِيرٍ أَيْ مِنْ الدُّنْيَا وَالْأَمَلِ فِيهَا إلَّا قَلَّلَهُ، وَلَا قَلِيلٍ: أَيْ مِنْ الْعَمَلِ إلَّا كَثَّرَهُ» ، وَهَاذِمُ بِالْمُعْجَمَةِ مَعْنَاهُ قَاطِعُ. وَأَمَّا بِالْمُهْمَلَةِ فَهُوَ الْمُزِيلُ لِلشَّيْءِ مِنْ أَصْلِهِ، وَفِي الْمَجْمُوعِ: يُسْتَحَبُّ الْإِكْثَارُ مِنْ ذِكْرِ حَدِيثِ «اسْتَحْيُوا مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ وَتَمَامِهِ، قَالُوا: إنَّا نَسْتَحْيِي مِنْ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، قَالَ: لَيْسَ كَذَلِكَ وَلَكِنْ مَنْ اسْتَحْيَا مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ فَلْيَحْفَظْ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَلْيَحْفَظْ الْبَطْنَ وَمَا حَوَى، وَلْيَذْكُرْ الْمَوْتَ وَالْبِلَى، وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا، وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ اسْتَحْيَا مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ» وَالْمَوْتُ: مُفَارَقَةُ الرُّوحِ الْجَسَدَ، وَالرُّوحُ جِسْمٌ لَطِيفٌ مُشْتَبِكٌ بِالْبَدَنِ اشْتِبَاكَ الْمَاءِ بِالْعُودِ الْأَخْضَرِ وَهُوَ بَاقٍ لَا يَفْنَى، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} [الزمر: 42] فَفِيهِ تَقْدِيرٌ وَهُوَ عِنْدَ مَوْتِ أَجْسَادِهَا (وَيَسْتَعِدُّ) لَهُ (بِالتَّوْبَةِ) وَهِيَ كَمَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى تَرْكُ الذَّنْبِ وَالنَّدَمِ ـــــــــــــــــــــــــــــSلِمَيِّتٍ فِي النَّعْشِ وَهُوَ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ أَوْ لِنَعْشٍ عَلَيْهِ مَيِّتٌ وَهُوَ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ، هَذَا، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّعْشِ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ الْمَيِّتُ وَإِنَّمَا عَبَّرُوا بِذَلِكَ لِغَلَبَتِهِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ ابْنُ فَارِسٍ إلَخْ) هُوَ قَوْلُهُ مِنْ جَنَزَهُ (قَوْلُهُ: لَا يُسَمَّى جِنَازَةً) أَيْ النَّعْشُ (قَوْلُهُ لِيَكْثُرَ كُلُّ مُكَلَّفٍ إلَخْ) قَالَ حَجّ: نَدْبًا مُؤَكَّدًا وَإِلَّا فَأَصْلُ ذِكْرِهِ سُنَّةٌ أَيْضًا، وَلَا يُفْهِمُهُ الْمَتْنُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَدْبِ الْأَكْثَرِ نَدْبُ الْأَقَلِّ الْخَالِي عَنْ الْكَثْرَةِ، وَإِنْ لَزِمَ مِنْ الْإِتْيَانِ بِالْكَثْرَةِ الْإِتْيَانُ بِالْأَقَلِّ وَكَوْنُهُ مِنْ حَيْثُ انْدِرَاجُهُ فِيهِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ شَيْخِنَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: يُسْتَحَبُّ الْإِكْثَارُ مِنْ ذِكْرِ الْمَوْتِ الْمُسْتَلْزِمِ ذَلِكَ لِاسْتِحْبَابِ ذِكْرِهِ الْمُصَرَّحِ بِهِ فِي الْأَصْلِ أَيْضًا اهـ (قَوْلُهُ: كُلُّ مُكَلَّفٍ) يَسْتَثْنِي طَالِبَ الْعِلْمِ فَلَا يُسَنُّ لَهُ ذِكْرُ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ يَقْطَعُهُ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم عَلَى حَجّ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْوَلِيِّ وَنَحْوِهِ أَمْرَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ بِذَلِكَ اهـ. وَقَوْلُهُ يَطْلُبُ: أَيْ نَدْبًا (قَوْلُهُ: وَصَحَّ «أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ» ) قَالَ الْحَافِظُ فِي تَخْرِيجِ الْعَزِيزِ: ذَكَرَ السُّهَيْلِيُّ فِي الرَّوْضِ أَنَّ الرِّوَايَةَ فِي بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَمَعْنَاهُ الْقَاطِعُ. وَأَمَّا بِالْمُهْمَلَةِ فَمَعْنَاهُ الْمُزِيلُ لِلشَّيْءِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادًا هُنَا وَفِي هَذَا النَّفْيِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى اهـ. وَقَدْ جَوَّزَ فِي فَتْحِ الْإِلَهِ الْوَجْهَيْنِ وَقَالَ: فَهُوَ اسْتِعَارَةٌ تَبَعِيَّةٌ أَوْ بِالْكِنَايَةِ شَبَّهَ وُجُودَ اللَّذَّاتِ ثُمَّ زَوَالَهَا بِذِكْرِ الْمَوْتِ بِبُنْيَانٍ مُرْتَفِعٍ هَدَمَتْهُ صَعَقَاتٌ هَائِلَةٌ حَتَّى لَمْ تُبْقِ مِنْهُ شَيْئًا، وَلَيْسَ فِيمَا ذَكَرَهُ مَا يَمْنَعُ قَوْلَ السُّهَيْلِيِّ وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادًا هُنَا فَإِنْ جَعَلَهُ اسْتِعَارَةً لَا يُؤَدِّي إلَى أَنَّ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ مُرَادٌ، وَغَايَتُهُ أَنْ يُصَحِّحَ التَّعْبِيرَ بِالْهَاذِمِ عَنْ الْقَاطِعِ مَجَازًا، وَلَيْسَ كَلَامُ السُّهَيْلِيِّ فِي التَّعْبِيرِ بَلْ فِي أَنَّ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ لِلْهَاذِمِ غَيْرُ مُرَادٍ، وَقَوْلُهُ شَبَّهَ وُجُودَ اللَّذَّاتِ تَقْرِيرٌ لِلِاسْتِعَارَةِ بِالْكِنَايَةِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِتَقْرِيرِ التَّبَعِيَّةِ، وَلَعَلَّهُ أَنْ يُقَالَ: وَشَبَّهَ إزَالَةَ اللَّذَّاتِ بِذِكْرِ الْمَوْتِ بِهَدْمِ الصَّوَاعِقِ أَوْ نَحْوِهَا لِلْبِنَاءِ الْمُرْتَفِعِ وَاسْتَعَارَ لَهُ اسْمَهُ ثُمَّ اُشْتُقَّ مِنْهُ هَاذِمٌ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ مَا ذُكِرَ فِي كَثِيرٍ إلَخْ) مِثْلُهُ فِي حَجّ وَفِي الْمَحَلِّيِّ وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ مَا يَذْكُرُ (قَوْلُهُ: فَلْيَحْفَظْ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى) أَيْ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ الْبَصَرِ وَالسَّمْعِ وَاللِّسَانِ، وَلْيَحْفَظْ الْبَطْنَ وَمَا حَوَى يَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْقَلْبَ وَالْفَرْجَ. وَالْمُرَادُ بِحِفْظِ الْبَطْنِ أَنْ يَصُونَهُ عَنْ وُصُولِ الْحَرَامِ إلَيْهِ مِنْ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ (قَوْلُهُ: وَالْمَوْتُ مُفَارَقَةُ الرُّوحِ الْجَسَدَ) وَهَلْ الرُّوحُ مَوْجُودَةٌ قَبْلَ خَلْقِ الْجَسَدِ أَوْ لَا؟ فِيهِ خِلَافٌ فِي الْعَقَائِدِ، وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُ الْأَوَّلُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَفِيهِ تَقْدِيرٌ إلَخْ) هَذَا بِمُجَرَّدِهِ لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ فَنَائِهَا، وَأَوْلَى مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ الْبَيْضَاوِيُّ حَيْثُ قَالَ: أَيْ يَقْبِضُهَا عَنْ الْأَبْدَانِ بِأَنْ يَقْطَعَ تَعَلُّقَهَا عَنْهَا وَتَصَرُّفَهَا فِيهَا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَذَلِكَ عِنْدَ الْمَوْتِ أَوْ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا وَهُوَ فِي النَّوْمِ اهـ. وَوَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ قَوْلِهِ بِأَنْ يَقْطَعَ تَعَلُّقَهَا إلَخْ أَنَّهَا بَاقِيَةٌ وَإِنَّمَا زَالَ عَنْهَا التَّعَلُّقُ بِالْبَدَنِ (قَوْلُهُ: وَيَسْتَعِدُّ لَهُ بِالتَّوْبَةِ) صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبْصَرَ جَمَاعَةً يَحْفِرُونَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

عَلَيْهِ وَتَصْمِيمُهُ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ إلَيْهِ، وَخُرُوجٌ عَنْ مَظْلِمَةٍ قَدَرَ عَلَيْهَا بِنَحْوِ تَحَلُّلِهِ مِمَّنْ اغْتَابَهُ، أَوْ سَبَّهُ (وَرَدِّ الْمَظَالِمِ) إلَى أَهْلِهَا بِمَعْنَى الْخُرُوجِ مِنْهَا سَوَاءٌ أَكَانَ وُجُوبُهُ عَلَيْهِ مُوَسَّعًا، أَوْ مُضَيَّقًا كَأَدَاءِ دَيْنٍ وَقَضَاءِ فَوَائِتَ وَغَيْرِهِمَا، وَمَعْنَى الِاسْتِعْدَادِ لِذَلِكَ الْمُبَادَرَةُ إلَيْهِ لِئَلَّا يَفْجَأَهُ الْمَوْتُ الْمُفَوِّتُ لَهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ نَدْبُ ذَلِكَ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ، وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي تَمْشِيَتِهِ كَالْقَمُولِيِّ، وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ مَا عَلَيْهِ مُقْتَضٍ لِلتَّوْبَةِ فَحِينَئِذٍ يُنْدَبُ لَهُ تَجْدِيدُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَبْرًا فَبَكَى حَتَّى بَلَّ الثَّرَى بِدُمُوعِهِ وَقَالَ: إخْوَانِي لِمِثْلِ هَذَا فَأَعِدُّوا» أَيْ تَأَهَّبُوا وَاِتَّخَذُوهُ عِدَّةَ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. قَالَ حَجّ فِي الْإِيعَابِ: وَلَوْ تَحَقَّقَ أَنَّ عَلَيْهِ ذَنْبًا وَنَسِيَ عَيْنَهُ فَالْوَرَعُ مَا قَالَهُ الْمُحَاسِبِيُّ أَنَّهُ يُعَيِّنُ كُلَّ ذَنْبٍ وَيَنْدَمُ عَلَيْهِ بِخُصُوصِهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَهُوَ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِالتَّوْبَةِ لِتَعَذُّرِهَا، لَكِنَّهُ يَلْقَى اللَّهَ تَعَالَى بِذَلِكَ الذَّنْبِ وَكَذَا لَوْ نَسِيَ دَائِنُهُ، وَتَسَامَحَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ يَقُولُ: إنْ كَانَ لِي ذَنْبٌ لَمْ أَعْلَمْهُ فَإِنِّي تَائِبٌ إلَى اللَّهِ مِنْهُ اهـ. أَقُولُ: وَقَوْلُهُ لَكِنَّهُ يَلْقَى اللَّهَ. . إلَخْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي ذَنْبٍ يَتَوَقَّفُ عَلَى رَدِّ الْمَظَالِمِ. أَمَّا غَيْرُهُ فَيَكْفِي فِيهِ عُمُومُ التَّوْبَةِ إذْ التَّعْيِينُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ إلَيْهِ) أَيْ إلَى مِثْلِهِ (قَوْلُهُ: وَرَدِّ الْمَظَالِمِ إلَى أَهْلِهَا) الْمُرَادُ بِرَدِّ الْمَظَالِمِ الْخُرُوجُ مِنْهَا لِيَشْمَلَ نَحْوَ الِاسْتِحْلَالِ مِنْ الْغِيبَةِ وَقَضَاءِ الصَّلَاةِ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ يَرُدُّهُ عَلَى الْمَظْلُومِ. وَمَحَلُّ تَوَقُّفِ التَّوْبَةِ عَلَى رَدِّ الْمَظَالِمِ حَيْثُ قَدِرَ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي قَوْلِهِ وَخُرُوجٍ عَنْ مَظْلِمَةٍ قَدِرَ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَالشَّرْطُ الْعَزْمُ عَلَى الرَّدِّ إنْ قَدِرَ. وَمَحَلُّهُ أَيْضًا حَيْثُ عُرِفَ الْمَظْلُومُ وَإِلَّا فَيَتَصَدَّقُ بِمَا ظَلَمَ بِهِ عَنْ الْمَظْلُومِ كَذَا قِيلَ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: هُوَ مَالٌ ضَائِعٌ يَرُدُّهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، فَلَعَلَّ مَنْ قَالَ يَتَصَدَّقُ بِهِ مُرَادُهُ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ بَيْتَ الْمَالِ لَا يَصْرِفُ مَا يَأْخُذُهُ عَلَى مُسْتَحِقِّيهِ، ثُمَّ لَوْ كَانَ لِلظَّالِمِ اسْتِحْقَاقُ بَيْتِ الْمَالِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِهِ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ لِكَوْنِهِ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ أَوْ لَا، لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ. هَذَا وَمَحَلُّ التَّوَقُّفِ عَلَى الِاسْتِحْلَالِ أَيْضًا حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ ضَرَرٌ، فَمَنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ وَلَمْ يُبَلِّغْ الْإِمَامَ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَطْلُبَ مِنْ زَوْجِهَا وَأَهْلِهَا الِاسْتِحْلَالَ لِمَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ عِرْضِهِمْ، فَيَكْفِي النَّدَمُ وَالْعَزْمُ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ، ثُمَّ مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ قَضَاءَ الصَّلَاةِ فِيهِ خُرُوجٌ عَنْ مَظْلِمَةِ مُخَالِفٍ لِقَوْلِ الشَّارِحِ، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ جُزْءًا مِنْ كُلِّ تَوْبَةٍ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْخُرُوجِ مِنْهَا بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الصَّلَاةَ كَأَنَّهُ خَرَجَ مِمَّا ظَلَمَ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَقَضَاءِ فَوَائِتَ) قَالَ حَجّ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ: وَمِنْهَا قَضَاءُ نَحْوِ صَلَاةٍ وَإِنْ كَثُرَتْ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ صَرْفُ سَائِرِ زَمَنِهِ لِذَلِكَ مَا عَدَا الْوَقْتَ الَّذِي يَحْتَاجُهُ لِصَرْفِ مَا عَلَيْهِ مِنْ مُؤْنَةِ نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي نِسْيَانِ الْقُرْآنِ أَوْ بَعْضِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ اهـ. أَقُولُ: وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ قَدِرَ عَلَى قَضَائِهَا فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ. أَمَّا لَوْ كَانَتْ عَلَيْهِ صَلَوَاتٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا وَكَانَ يَسْتَغْرِقُ قَضَاؤُهَا زَمَنًا كَثِيرًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكْفِي فِي صِحَّةِ تَوْبَتِهِ عَزْمُهُ عَلَى قَضَائِهَا مَعَ الشُّرُوعِ فِيهِ حَتَّى لَوْ مَاتَ زَمَنَ الْقَضَاءِ لَمْ يَمُتْ عَاصِيًا، وَكَذَا لَوْ زَوَّجَ مُوَلِّيَتَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَتَزْوِيجُهُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا فِي مَقْدُورِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَخُرُوجٍ عَنْ مَظْلِمَةٍ قَدِرَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: فَحِينَئِذٍ يُنْدَبُ لَهُ تَجْدِيدُهَا) أَيْ بِأَنْ يُجَدِّدَ النَّدَمَ وَالْعَزْمَ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ، وَلَيْسَ ثَمَّ مَظْلِمَةٌ يَرُدُّهَا فَلَا يَتَأَتَّى فِيهَا التَّجْدِيدُ، وَهَذَا فِيمَنْ سَبَقَ لَهُ تَوْبَةٌ مِنْ ذَنْبٍ. أَمَّا مَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذَنْبٌ أَصْلًا فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالتَّوْبَةِ فِي حَقِّهِ الْعَزْمُ عَلَى عَدَمِ فِعْلِ الذَّنْبِ، وَعِبَارَةُ الْإِيعَابِ أَوْ يُنْزِلُ نَفْسَهُ مَنْزِلَةَ الْعَاصِي بِأَنْ يَرَى كُلَّ طَاعَةٍ تَقَدَّمَتْ مِنْهُ دُونَ مَا هُوَ مَطْلُوبٌ مِنْهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَخُرُوجٌ عَنْ مَظْلِمَةٍ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِمَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: مُوَسَّعًا) اُنْظُرْ مَا صُورَةُ وُجُوبِ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَظَالِمِ مُوَسَّعًا (قَوْلُهُ: كَأَدَاءِ دَيْنٍ) الْكَافُ فِيهِ تَنْظِيرِيَّةٌ لَا تَمْثِيلِيَّةٌ كَمَا لَا يَخْفَى، وَيَجُوزُ جَعْلُهَا تَمْثِيلِيَّةً بِقَصْرِ الدَّيْنِ عَلَى

اعْتِنَاءً بِشَأْنِهَا. أَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّ عَلَيْهِ مُقْتَضِيًا لَهَا فَهِيَ وَاجِبَةٌ فَوْرًا بِالْإِجْمَاعِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ جَمْعٍ وُجُوبًا، وَعَلَى مُقَابِلِهِ يُحْمَلُ قَوْلُ آخَرِينَ نَدْبًا، وَصَرَّحَ بِرَدِّ الْمَظَالِمِ مَعَ دُخُولِهِ فِي التَّوْبَةِ لِمَا مَرَّ فِي الِاسْتِسْقَاءِ؛ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ جُزْءًا مِنْ كُلِّ تَوْبَةٍ بِخِلَافِ الثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ (وَالْمَرِيضُ آكَدُ) أَيْ أَشَدُّ طَلَبًا لِأَنَّهُ إلَى الْمَوْتِ أَقْرَبُ، وَيُسَنُّ لَهُ الصَّبْرُ عَلَى الْمَرَضِ: أَيْ تَرْكُ التَّضَجُّرِ مِنْهُ، وَيُكْرَهُ كَثْرَةُ الشَّكْوَى، نَعَمْ إنْ سَأَلَهُ نَحْوُ طَبِيبٍ أَوْ قَرِيبٍ أَوْ صِدِّيقٍ عَنْ حَالِهِ فَأَخْبَرَهُ بِمَا هُوَ فِيهِ مِنْ الشِّدَّةِ لَا عَلَى صُورَةِ الْجَزَعِ فَلَا بَأْسَ، وَلَا يُكْرَهُ الْأَنِينُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، لَكِنَّ اشْتِغَالَهُ بِنَحْوِ التَّسْبِيحِ أَوْلَى مِنْهُ فَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَيُسَنُّ أَنْ يَتَعَهَّدَ نَفْسَهُ بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَحِكَايَاتِ الصَّالِحِينَ وَأَحْوَالِهِمْ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَأَنْ يُوصِيَ أَهْلَهُ بِالصَّبْرِ عَلَيْهِ وَتَرْكِ النَّوْحِ وَنَحْوِهِ مِمَّا اُعْتِيدَ فِي الْجَنَائِزِ وَغَيْرِهَا، وَأَنْ يُحَسِّنَ خُلُقَهُ وَأَنْ يَجْتَنِبَ الْمُنَازَعَةَ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا وَأَنْ يَسْتَرْضِيَ مَنْ لَهُ بِهِ عُلْقَةٌ كَخَدَمٍ وَزَوْجَةٍ وَوَلَدٍ وَجَارٍ وَمُعَامِلٍ وَصَدِيقٍ، وَأَنْ يُعَادَ مَرِيضٌ وَلَوْ بِنَحْوِ رَمَدٍ وَفِي أَوَّلِ يَوْمِ مَرَضِهِ، وَخَبَرُ: «إنَّمَا يُعَادُ بَعْدَ ثَلَاثَةٍ» مَوْضُوعٌ، وَإِنْ أَخَذَ بِهِ الْغَزَالِيُّ مُسَلَّمٌ وَلَوْ عَدُوًّا وَمَنْ لَا يَعْرِفُهُ. وَكَذَا ذِمِّيٌّ قَرِيبٌ، أَوْ جَارٌ وَنَحْوُهُمَا وَمَنْ رُجِيَ إسْلَامُهُ، فَإِنْ انْتَفَى ذَلِكَ جَازَتْ عِيَادَتُهُ، وَتُكْرَهُ عِيَادَةٌ تَشُقُّ عَلَى الْمَرِيضِ، وَأَلْحَقَ الْأَذْرَعِيُّ بَحْثًا بِالذِّمِّيِّ الْمُعَاهَدِ وَالْمُسْتَأْمَنِ إذَا كَانَ بِدَارِنَا وَنُظِرَ فِي عِيَادَةِ أَهْلِ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ وَأَهْلِ الْفُجُورِ وَالْمَكْسِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ قَرَابَةٌ وَلَا جِوَارٌ وَلَا رَجَاءُ تَوْبَةٍ؛ لِأَنَّا مَأْمُورُونَ بِمُهَاجَرَتِهِمْ، وَأَنْ تَكُونَ الْعِيَادَةُ غِبًّا فَلَا يُوَاصِلُهَا كُلَّ يَوْمٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَغْلُوبًا عَلَيْهِ، نَعَمْ نَحْوُ الْقَرِيبِ وَالصَّدِيقِ مِمَّنْ يَسْتَأْنِسُ بِهِ الْمَرِيضُ أَوْ يَتَبَرَّكُ بِهِ، أَوْ يَشُقُّ عَلَيْهِ عَدَمُ رُؤْيَتِهِ كُلَّ يَوْمٍ تُسَنُّ لَهُمْ الْمُوَاصَلَةُ مَا لَمْ يَفْهَمُوا، أَوْ يَعْلَمُوا كَرَاهَةَ ذَلِكَ، ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَأَنْ يُخَفِّفَ الْمُكْثَ عِنْدَهُ بَلْ تُكْرَهُ إطَالَتُهُ مَا لَمْ يُفْهَمْ عَنْهُ الرَّغْبَةُ فِيهَا، وَأَنْ يَدْعُوَ لَهُ بِالشِّفَاءِ إنْ طَمِعَ فِي حَيَاتِهِ وَلَوْ عَلَى بُعْدٍ وَأَنْ يَكُونَ دُعَاؤُهُ: «أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَك بِشِفَائِهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ» ، وَأَنْ يُطَيِّبَ نَفْسَهُ بِمَرَضِهِ، فَإِنْ خَافَ عَلَيْهِ الْمَوْتَ رَغَّبَهُ فِي التَّوْبَةِ وَالْوَصِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــS- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي فَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ سَبْعِينَ مَرَّةً» اهـ. هَذَا وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِنَدْبِ رَدِّ الْمَظَالِمِ أَنَّ مَا تَرَدَّدَ فِي أَنَّهُ هَلْ لَزِمَ ذِمَّتَهُ أَوَّلًا أَنْ يَرُدَّهُ احْتِيَاطًا. (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) اهْتِمَامًا بِذِكْرِهَا لِعِظَمِ أَمْرِهَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ) هِيَ قَوْلُهُ تَرْكُ الذَّنْبِ وَالنَّدَمِ عَلَيْهِ وَتَصْمِيمُهُ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَلَا بَأْسَ) أَيْ فَلَا كَرَاهَةَ بَلْ هُوَ مُبَاحٌ (قَوْلُهُ: مُسَلَّمٌ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فَاسِقًا وَذَا بِدْعَةٍ، وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ مِمَّا يُفِيدُ الْكَرَاهَةَ حَيْثُ لَا قَرَابَةَ وَلَا جِوَارَ وَلَا رَجَاءَ تَوْبَةٍ، وَهَذَا شَرْطٌ فِي سَنِّ الْإِعَادَةِ وَهُوَ مُعْتَبَرٌ فِي الْمُعَادِ وَأُطْلِقَ فِي الْمُعِيدِ، فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ مِنْهُ وَلَوْ كَافِرًا؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ (قَوْلُهُ: جَازَتْ عِيَادَتُهُ) الْمُتَبَادَرُ مِنْ الْجَوَازِ اسْتِوَاءُ الطَّرَفَيْنِ وَأَنَّهَا غَيْرُ مَكْرُوهَةٍ (قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ عِيَادَةٌ تَشُقُّ عَلَى الْمَرِيضِ) أَيْ مَشَقَّةٌ غَيْرُ شَدِيدَةٍ وَإِلَّا حَرُمَتْ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ بِدَارِنَا) وَيَنْبَغِي مِثْلُهُ فِي الذِّمِّيِّ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّا مَأْمُورُونَ بِمُهَاجَرَتِهِمْ) الْأَوْلَى بِهَجْرِهِمْ؛ لِأَنَّ الْمُهَاجَرَةَ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ الِانْتِقَالُ مِنْ أَرْضٍ إلَى غَيْرِهَا اهـ. وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ عَدَمُ سَنِّ عِيَادَتِهِمْ بَلْ كَرَاهَتُهَا سِيَّمَا إذَا كَانَ فِي ذَلِكَ زَجْرٌ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مَغْلُوبًا عَلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ ثَمَّ مَا يَقْتَضِي الذَّهَابَ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ كَشِرَاءِ أَدْوِيَةٍ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَدْعُوَ لَهُ بِالشِّفَاءِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ كَافِرًا أَوْ فَاسِقًا وَلَوْ كَانَ مَرَضُهُ رَمَدًا، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَكُنْ فِي حَيَاتِهِ ضَرَرٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَإِلَّا فَلَا يَطْلُبُ الدُّعَاءَ لَهُ بَلْ لَوْ قِيلَ بِطَلَبِ الدُّعَاءِ عَلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ لَمْ يَبْعُدْ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ دُعَاؤُهُ إلَخْ) هَذَا مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ عَادَهُ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ حَضَرَ الْمَرِيضُ إلَيْهِ أَوْ أُحْضِرَ بَلْ يَنْبَغِي طَلَبُ الدُّعَاءِ لَهُ بِذَلِكَ مُطْلَقًا إذَا عَلِمَ بِمَرَضِهِ (قَوْلُهُ: وَالْوَصِيَّةُ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُتَعَدِّي بِهِ وَالْفَوَائِتُ عَلَى مَا فَاتَ بِتَقْصِيرٍ (قَوْلُهُ: وَعَلَى مُقَابِلِهِ يُحْمَلُ قَوْلُ آخَرِينَ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ إذْ هُوَ مُكَرَّرٌ

وَأَنْ يَطْلُبَ الدُّعَاءَ مِنْهُ وَأَنْ يَعِظَهُ وَيُذَكِّرَهُ بَعْدَ عَافِيَتِهِ بِمَا عَاهَدَ اللَّهَ عَلَيْهِ مِنْ خَيْرٍ، وَأَنْ يُوصِيَ أَهْلَهُ وَخَادِمَهُ بِالرِّفْقِ بِهِ وَالصَّبْرِ عَلَيْهِ وَمِثْلُهُ مَنْ قَرُبَ مَوْتُهُ فِي حَدٍّ وَنَحْوِهِ. ثُمَّ شَرَعَ فِي آدَابِ الْمُحْتَضَرِ فَقَالَ (وَيَضْطَجِعُ الْمُحْتَضَرُ) وَهُوَ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ وَلَمْ يَمُتْ (لِجَنْبِهِ الْأَيْمَنِ) نَدْبًا كَالْمَوْضُوعِ فِي اللَّحْدِ (إلَى الْقِبْلَةِ) نَدْبًا أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْجِهَاتِ (عَلَى الصَّحِيحِ) رَاجِعٌ لِلِاضْطِجَاعِ وَسَيَأْتِي مُقَابِلُهُ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) وَضْعُهُ عَلَى يَمِينِهِ: أَيْ تَعَسَّرَ ذَلِكَ (لِضِيقِ مَكَان وَنَحْوِهِ) كَعِلَّةٍ فَلِجَنْبِهِ الْأَيْسَرِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي التَّوَجُّهِ مِنْ اسْتِلْقَائِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ (أُلْقِيَ عَلَى قَفَاهُ وَوَجْهِهِ وَأَخْمَصَاهُ) وَهُمْ أَسْفَلُ الرِّجْلَيْنِ وَحَقِيقَتُهُمَا كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي دَقَائِقِهِ الْمُنْخَفِضُ مِنْ أَسْفَلِهِمَا (لِلْقِبْلَةِ) بِأَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ قَلِيلًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُمْكِنُ، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ أَنَّ الِاسْتِلْقَاءَ أَفْضَلُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ أُضْجِعَ عَلَى الْأَيْمَنِ (وَيُلَقَّنُ) نَدْبًا (الشَّهَادَةَ) وَهِيَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ بِأَنْ يَذْكُرَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ لِيَتَذَكَّرَ، أَوْ يَقُولَ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى مُبَارَكٌ فَنَذْكُرُ اللَّهَ جَمِيعًا سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا يَأْمُرُهُ بِهَا. وَيَنْبَغِي لِمَنْ عِنْدَهُ ذِكْرُهَا أَيْضًا وَذَلِكَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» أَيْ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ تَسْمِيَةً لِلشَّيْءِ بِمَا يَصِيرُ إلَيْهِ مَجَازًا، وَظَاهِرُ الْخَبَرِ يَقْتَضِي وُجُوبَ التَّلْقِينِ، وَإِلَيْهِ مَالَ الْقُرْطُبِيُّ، وَالْأَصَحُّ مَا مَرَّ وَأَنَّهُ لَا يُسَنُّ زِيَادَةُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ، وَقَوْلُ الطَّبَرِيِّ كَجَمْعٍ إنَّ زِيَادَتَهَا أَوْلَى لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَوْتُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ هَذَا مُسْلِمٌ، وَمِنْ ثَمَّ بَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَافِرًا لُقِّنَ الشَّهَادَتَيْنِ وَأُمِرَ بِهِمَا لِخَبَرِ الْغُلَامِ الْيَهُودِيِّ وَيَكُونُ ذَلِكَ وُجُوبًا كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ رُجِيَ إسْلَامُهُ وَإِلَّا فَنَدْبًا، وَيُسْتَحَبُّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنْ يَكُونَ الْمُلَقِّنُ مِمَّنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ لَا يَطْلُبُ تَرْغِيبَهُ فِي ذَلِكَ وَلَوْ قِيلَ بِطَلَبِ تَرْغِيبِهِ مُطْلَقًا لَمْ يَبْعُدْ سِيَّمَا إنْ ظَنَّ أَنَّ ثَمَّ مَا تُطْلَبُ التَّوْبَةُ مِنْهُ أَوْ يُوصَى فِيهِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَطْلُبَ الدُّعَاءَ مِنْهُ) أَيْ وَلَوْ فَاسِقًا (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَعِظَهُ) وَمِنْهُ أَنْ يَحْمِلَهُ عَلَى فِعْلِ قُرُبَاتٍ بَعْدَ شِفَائِهِ فَإِنْ شُفِيَ وَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ بِمَا عَاهَدَ اللَّهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُوصِيَ أَهْلَهُ) أَيْ الْعَائِدُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُرَاعًى عِنْدَ أَهْلِ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ مَنْ قَرُبَ مَوْتُهُ) أَيْ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِمَّا يَأْتِي مَجِيئُهُ فِيهِ. (قَوْلُهُ: لِجَنْبِهِ) يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ اللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى؛ لِأَنَّ أَضْجَعَ إنَّمَا يَتَعَدَّى بِعَلَى لَا بِاللَّامِ، وَقَدْ عَبَّرَ بِهَا الشَّارِحُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي: فَإِنْ تَعَذَّرَ أَضْجَعَ عَلَى الْأَيْمَنِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ) نَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَسْقَطَ مَرْتَبَةً مِنْ الْمَرَاتِبِ الْمَطْلُوبَةِ، وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ عِلَّةً لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ لِجَنْبِهِ الْأَيْمَنِ إلَخْ وَقَوْلُهُ فَلِجَنْبِهِ الْأَيْسَرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَخْمَصَاهُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَشْهُرُ مِنْ كَسْرِهَا وَضَمِّهَا اهـ شَرْحُ بَهْجَةٍ وحج. وَقَالَ فِي الْإِيعَابِ: هُوَ بِتَثْلِيثِ الْهَمْزَةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ) قَالَ حَجّ: قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا (قَوْلُهُ: وَيُلَقَّنُ الشَّهَادَةَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ نَبِيًّا فِيمَا يَظْهَرُ، وَعِبَارَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى ابْنِ حَجَرٍ: وَانْظُرْ لَوْ كَانَ نَبِيًّا، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا مَحْذُورٌ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى اهـ. وَالْمَعْنَى هُوَ قَوْلُهُ مَعَ السَّابِقِينَ؛ لِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ يَتَأَخَّرُ دُخُولُ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ الْجَنَّةَ (قَوْلُهُ: وَاَللَّهُ أَكْبَرُ) قَدْ يَقْتَضِي هَذَا التَّمْثِيلُ أَنَّ إتْيَانَ الْمَرِيضِ بِهَذَا الْمِثَالِ لَا يَمْنَعُ أَنَّ آخِرَ كَلَامِهِ كَلِمَةُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مَعَ تَأَخُّرِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ عَنْهَا اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ. وَقَدْ يُمْنَعُ أَنَّهُ يَقْتَضِي ذَلِكَ لِجَوَازِ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ ذَلِكَ تَذَكَّرَ الْمَرِيضُ كَلِمَةَ الشَّهَادَةِ فَنَطَقَ بِهَا، وَمَعَ ذَلِكَ إنَّهُ قَدْ يُقَالُ: إنَّ الْمَرِيضَ إذَا نَطَقَ بِهِ لَا يُعَادُ عَلَيْهِ التَّلْقِينُ؛ لِأَنَّ هَذَا الذِّكْرَ لَمَّا كَانَ مِنْ تَوَابِعِ كَلِمَةِ الشَّهَادَةِ عُدَّ كَأَنَّهُ مِنْهَا. (قَوْلُهُ: وَلَا يَأْمُرُهُ بِهَا) أَيْ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ نَدْبًا (قَوْلُهُ وَأَنْ لَا تُسَنَّ زِيَادَةُ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ) أَيْ فَلَوْ زَادَهَا وَذَكَرَهَا الْمُحْتَضَرُ بَعْدَ قَوْلِهِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِ التَّوْحِيدِ آخَرَ كَلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ الْغُلَامِ الْيَهُودِيِّ) أَيْ الَّذِي عَادَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَرَضِهِ وَلَقَّنَهُ الشَّهَادَتَيْنِ فَأَسْلَمَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالْغُلَامُ لَيْسَ خَاصًّا بِالصَّغِيرِ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ ذَلِكَ وُجُوبًا) أَيْ إنْ رُجِيَ مِنْهُ الْإِسْلَامُ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كَلَامِهِ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ بَلَغَ الْغَرْغَرَةَ وَلَا بُعْدَ فِيهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَذْكُرُهُ بَعْدَ عَافِيَتِهِ) أَيْ مُطْلَقُ الْمَرِيضِ

[آداب المحتضر]

لَا يَتَّهِمُهُ الْمَيِّتُ كَوَارِثٍ وَعَدُوٍّ وَحَاسِدٍ: أَيْ إنْ كَانَ ثَمَّ غَيْرُهُ وَإِلَّا لَقَّنَهُ وَإِنْ اتَّهَمَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ تَلْقِينِهِ الرَّفِيقَ الْأَعْلَى لِأَنَّهُ آخِرُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - غَيْرُ صَحِيحٍ بِأَنَّ ذَاكَ لِسَبَبٍ لَمْ يُوجَدْ فِي غَيْرِهِ وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ خَيَّرَهُ فَاخْتَارَهُ وَ (بِلَا إلْحَاحٍ) عَلَيْهِ لِئَلَّا يَضْجَرَ فَإِنْ قَالَهَا لَمْ تُعَدْ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَكَلَّمَ وَلَوْ بِغَيْرِ كَلَامِ الدُّنْيَا خِلَافًا لِلصَّيْمَرِيِّ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لِتَكُونَ هِيَ آخِرَ كَلَامِهِ، فَقَدْ صَحَّ «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» وَفِي الْمَجْمُوعِ: أَنَّهُ لَا يُزَادُ عَلَى مَرَّةٍ، وَقِيلَ يُكَرِّرُهَا ثَلَاثًا، فَإِنْ ذَكَرَهَا وَلَمْ يَتَكَلَّمْ بَعْدَهَا فَذَاكَ وَإِلَّا سَكَتَ يَسِيرًا، ثُمَّ يُعِيدُهَا فِيمَا يَظْهَرُ، وَالتَّلْقِينُ مُقَدَّمٌ عَلَى الِاسْتِقْبَالِ وَإِنْ ظَنَّ بَقَاءَ حَيَاتِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ؛ لِأَنَّهُ أَهَمُّ، وَقَالَ ابْنُ الْفِرْكَاحِ: إنْ أَمْكَنَ جَمْعُهُمَا فُعِلَا مَعًا وَإِلَّا قَدَّمَ التَّلْقِينَ؛ لِأَنَّ النَّقْلَ فِيهِ أَثْبَتُ، وَكَلَامُهُمْ يَشْمَلُ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ فَيُسَنُّ تَلْقِينُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنْ يَقْرُبُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمُمَيِّزِ، وَعَلَيْهِ فَرَّقَ الزَّرْكَشِيُّ بَيْنَ هَذَا وَعَدَمِ نَدْبِ تَلْقِينِهِ بَعْدَ الدَّفْنِ مُطْلَقًا بِأَنَّ هَذَا لِلْمَصْلَحَةِ وَثَمَّ لِئَلَّا يُفْتَتَنُ الْمَيِّتُ فِي قَبْرِهِ وَهَذَا لَا يُفْتَتَنُ. (وَيُقْرَأُ عِنْدَهُ) سُورَةُ (يس) نَدْبًا لِخَبَرِ «أَقْرَءُوا عَلَى مَوْتَاكُمْ يس» أَيْ مَنْ حَضَرَهُ مُقَدِّمَاتُ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يُقْرَأُ عَلَيْهِ، خِلَافًا لِمَا أَخَذَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ كَبَعْضِهِمْ مِنْ الْعَمَلِ بِظَاهِرِ الْخَبَرِ وَلَك أَنْ تَقُولَ: لَا مَانِعَ مِنْ إعْمَالِ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ، فَحَيْثُ قِيلَ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَكُونَ عَقْلُهُ حَاضِرًا وَإِنْ ظَهَرَ لَنَا خِلَافُهُ وَإِنْ كُنَّا لَا نُرَتِّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامَ الْمُسْلِمِينَ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: كَوَارِثٍ وَعَدُوٍّ إلَخْ) لَوْ كَانَ فَقِيرًا لَا شَيْءَ لَهُ فَالْوَجْهُ أَنَّ الْوَارِثَ كَغَيْرِهِ. قَالَ حَجّ: فَإِنْ حَضَرَ عَدُوٌّ وَوَارِثٌ فَالْوَارِثُ؛ لِأَنَّهُ أَشْفَقُ لِقَوْلِهِمْ لَوْ حَضَرَ وَرَثَةٌ قُدِّمَ أَشْفَقُهُمْ اهـ. وَبَقِيَ مَا لَوْ حَضَرَ الْعَدُوُّ وَالْحَاسِدُ وَيَنْبَغِي خَاصَّةً تَقْدِيمُ الْحَاسِدِ؛ لِأَنَّ ضَرَرَهُ أَخَفُّ مِنْ ضَرَرِ الْعَدُوِّ اهـ (قَوْلُهُ: الرَّفِيقُ الْأَعْلَى) أَيْ أُرِيدَ إلَخْ. قَالَ حَجّ فِي فَتَاوِيهِ الْحَدِيثِيَّةِ: قِيلَ هُوَ أَعْلَى الْمَنَازِلِ كَالْوَسِيلَةِ الَّتِي هِيَ أَعْلَى الْجَنَّةِ فَمَعْنَاهُ: أَسْأَلُك يَا اللَّهُ أَنْ تُسْكِنَنِي أَعْلَى مَرَاتِبِ الْجَنَّةِ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ: أُرِيدُ لِقَاءَك يَا اللَّهُ يَا رَفِيقُ يَا أَعْلَى. وَالرَّفِيقُ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «إنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ» فَكَأَنَّهُ طَلَبَ لِقَاءَ اللَّهِ. (قَوْلُهُ: غَيْرُ صَحِيحٍ) أَيْ فَلَوْ أَتَى بِهِ لَمْ تَحْصُلْ سُنَّةُ التَّلْقِينِ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ لَمْ يُوجَدْ فِي غَيْرِهِ) أَيْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: بِلَا إلْحَاحٍ) قَالَ ابْنُ السُّبْكِيّ فِي الطَّبَقَاتِ: فَإِنْ قُلْت: إذَا كُنْتُمْ مَعَاشِرَ أَهْلِ السُّنَّةِ تَقُولُونَ إنَّ مَنْ مَاتَ مُؤْمِنًا دَخَلَ الْجَنَّةَ لَا مَحَالَةَ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ دُخُولِ مَنْ لَمْ يَعْفُ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ عُصَاةِ الْمُسْلِمِينَ النَّارَ ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْهَا، فَهَذَا الَّذِي تُلَقِّنُونَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ كَلِمَةُ التَّوْحِيدِ إذَا كَانَ مُؤْمِنًا مَاذَا يَنْفَعُهُ كَوْنُهَا آخِرَ كَلَامِهِ؟ قُلْت: لَعَلَّ كَوْنَهَا آخِرَ كَلَامِهِ قَرِينَةُ أَنَّهُ مِمَّنْ يَعْفُو اللَّهُ عَنْ جَرَائِمِهِ فَلَا يَدْخُلُ النَّارَ أَصْلًا كَمَا جَاءَ فِي اللَّفْظِ الْآخَرِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ، وَإِذَا كُنَّا لَا نَمْنَعُ أَنْ يَعْفُوَ اللَّهُ عَنْ عُصَاةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يُؤَاخِذُهُ بِذُنُوبِهِ فَضْلًا مِنْهُ وَإِحْسَانًا، فَلَا يُسْتَبْعَدُ أَنْ يَنْصِبَ اللَّهُ تَعَالَى النُّطْقَ بِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ آخِرَ حَيَاةِ الْمُسْلِمِ أَمَارَةً دَالَّةً عَلَى أَنَّهُ مِنْ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِغَيْرِ كَلَامِ الدُّنْيَا) أَيْ وَلَوْ بِكَلَامٍ نَفْسِيٍّ بِأَنْ دَلَّتْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ أَوْ أَخْبَرَ بِذَلِكَ وَلِيٌّ قَالَهُ فِي الْخَادِمِ (قَوْلُهُ: دَخَلَ الْجَنَّةَ) أَيْ مَعَ الْفَائِزِينَ، وَإِلَّا فَكُلُّ مُسْلِمٍ وَلَوْ مُذْنِبًا مَآلُهُ لَهَا وَلَوْ عُذِّبَ وَطَالَ عَذَابُهُ اهـ سم اهـ عَلَى بَهْجَةٍ، وَمِثْلُهُ فِي حَجّ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يَقْرُبُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمُمَيِّزِ) أَيْ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ فَيَخْرُجُ الْمَجْنُونُ، وَفِي سم عَلَى بَهْجَةٍ قَوْلُهُ وَهُوَ قَرِيبٌ فِي الْمُمَيِّزِ لَا يَبْعُدُ أَنَّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَيُقْرَأُ عِنْدَهُ سُورَةُ يس) أَيْ بِتَمَامِهَا رَوَى الْحَارِثُ بْنُ أُسَامَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ مَنْ قَرَأَهَا وَهُوَ خَائِفٌ أَمِنَ، أَوْ جَائِعٌ شَبِعَ، أَوْ عَطْشَانٌ سُقِيَ، أَوْ عَارٍ كُسِيَ، أَوْ مَرِيضٌ شُفِيَ» اهـ دَمِيرِيٌّ (قَوْلُهُ: مِنْ الْعَمَلِ بِظَاهِرِ الْخَبَرِ) قَالَ حَجّ وَهُوَ أَوْجَهُ إذْ لَا صَارِفَ عَنْ ظَاهِرِهِ، وَكَوْنُ الْمَيِّتِ لَا يُقْرَأُ عَلَيْهِ مَمْنُوعٌ لِبَقَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [آدَابِ الْمُحْتَضَرِ] قَوْلُهُ: فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلَفْظِ الْمَيِّتِ، فَإِذَا اسْتَعْمَلْنَاهُ فِي حَقِيقَتِهِ تَكُونُ عَلَى بِمَعْنَى عِنْدَ عَلَى أَنَّ الشِّهَابَ حَجّ أَبْقَاهَا عَلَى حَقِيقَتِهَا حِينَئِذٍ لِبَقَاءِ إدْرَاكِ الْمَيِّتِ كَمَا وَرَدَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ (قَوْلُهُ: فَحَيْثُ قِيلَ) أَيْ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ

يُطْلَبُ الْقِرَاءَةُ عَلَى الْمَيِّتِ كَانَتْ يس أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهَا أَخْذًا بِظَاهِرِ هَذَا الْخَبَرِ، وَكَانَ مَعْنَى لَا يُقْرَأُ عَلَى الْمَيِّتِ: أَيْ قَبْلَ دَفْنِهِ، إذْ الْمَطْلُوبُ الْآنَ الِاشْتِغَالُ بِتَجْهِيزِهِ، أَمَّا بَعْدَ دَفْنِهِ فَيَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ أَنَّ الْقِرَاءَةَ تَنْفَعُهُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ فَلَا مَانِعَ مِنْ نَدْبِهَا حِينَئِذٍ كَالصَّدَقَةِ وَغَيْرِهَا، وَحِكْمَةُ قِرَاءَتِهَا تَذْكِيرُهُ بِمَا فِيهَا مِنْ أَحْوَالِ الْبَعْثِ وَالْقِيَامَةِ، قِيلَ وَيُقْرَأُ عِنْدَهُ الرَّعْدُ لِقَوْلِ جَابِرٍ: إنَّهَا تُهَوِّنُ طُلُوعَ الرُّوحِ، وَنَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْجِيلِيِّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَجْرِيعُهُ مَاءً، فَإِنَّ الْعَطَشَ يَغْلِبُ مِنْ شِدَّةِ النَّزْعِ فَيُخَافُ مِنْهُ إزْلَالُ الشَّيْطَانِ، إذْ وَرَدَ أَنَّهُ يَأْتِي بِمَاءٍ زُلَالٍ وَيَقُولُ قُلْ لَا إلَهَ غَيْرِي حَتَّى أَسْقِيَك، وَأَقَرَّهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ غَرِيبٌ حُكْمًا وَتَعْلِيلًا اهـ. ، وَمَحَلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ ظُهُورِ أَمَارَةِ احْتِيَاجِ الْمُحْتَضَرِ إلَيْهِ، أَمَّا عِنْدَ ظُهُورِهَا فَهُوَ وَاجِبٌ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ. (وَلْيُحْسِنْ) الْمَرِيضُ نَدْبًا (ظَنَّهُ بِرَبِّهِ) سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاَللَّهِ تَعَالَى» أَيْ يَظُنُّ أَنَّهُ يَرْحَمُهُ وَيَعْفُو عَنْهُ وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي» وَيَحْصُلُ ذَلِكَ بِتَدَبُّرِ الْآيَاتِ الْوَارِدَةِ بِسَعَةِ الرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ وَالْأَحَادِيثِ، وَيُنْدَبُ لِلْحَاضِرِينَ أَنْ يُحَسِّنُوهُ وَيُطَمِّعُوهُ فِي رَحْمَتِهِ تَعَالَى، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ وُجُوبَهُ إذَا رَأَوْا مِنْهُ أَمَارَاتِ الْيَأْسِ وَالْقُنُوطِ، إذْ قَدْ يُفَارِقُ عَلَى ذَلِكَ فَيَهْلِكُ فَتَعَيَّنَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ أَخْذًا مِنْ قَاعِدَةِ النَّصِيحَةِ الْوَاجِبَةِ وَهَذَا الْحَالُ مِنْ أَهَمِّهَا وَمَا ذَكَرَهُ ظَاهِرٌ، وَالْأَظْهَرُ كَمَا فِي ـــــــــــــــــــــــــــــSإدْرَاكِ رُوحِهِ فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ لِسَمَاعِ الْقُرْآنِ وَحُصُولِ بَرَكَتِهِ لَهُ كَالْحَيِّ، إذَا صَحَّ السَّلَامُ عَلَيْهِ فَالْقِرَاءَةُ أَوْلَى. نَعَمْ يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَا فِي خَبَرٍ غَرِيبٍ «مَا مِنْ مَرِيضٍ يُقْرَأُ عِنْدَهُ يس إلَّا مَاتَ رَيَّانَا وَأُدْخِلَ قَبْرَهُ رَيَّانَا» اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهَا) أَيْ فِي الْحَيَاةِ وَبَعْدَ الْمَوْتِ أَيْضًا: أَيْ فَتَكْرِيرُهَا أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ غَيْرِهَا الْمُسَاوِي لِمَا كَرَّرَهُ، وَمِثْلُهُ تَكْرِيرُ مَا حَفِظَهُ مِنْهَا وَلَوْ لَمْ يُحْسِنْهَا بِتَمَامِهَا؛ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهَا بِخُصُوصِهِ مَطْلُوبٌ فِي ضِمْنِ طَلَبِ كُلِّهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَقْرَأُ مَا يَحْفَظُهُ مِنْ غَيْرِهَا مِمَّا هُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى مِثْلِ مَا فِيهَا وَلَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ: إذْ الْمَطْلُوبُ الْآنَ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ لَا عَلَقَةَ لَهُ بِالِاشْتِغَالِ بِتَجْهِيزِهِ تُطْلَبُ الْقِرَاءَةُ مِنْهُ وَإِنْ بَعُدَ عَنْ الْمَيِّتِ. [فَائِدَةٌ] قَالَ حَجّ: وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ يُنْدَبُ لِلزَّائِرِ وَالْمُشَيِّعِ قِرَاءَةُ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ اهـ. وَيَنْبَغِي حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى قِرَاءَتِهِ سِرًّا لِيُوَافِقَ مَا يَأْتِي الشَّارِحُ فِي الْمَسَائِلِ الْمَنْثُورَةِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَيُكْرَهُ اللَّفْظُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُسَنُّ الِاشْتِغَالُ بِالْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ سِرًّا اهـ (قَوْلُهُ: تَذْكِيرُهُ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ قِرَاءَتُهَا عِنْدَهُ جَهْرًا (قَوْلُهُ: وَيُقْرَأُ عِنْدَهُ الرَّعْدُ) أَيْ بِتَمَامِهَا إنْ اتَّفَقَ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَمَا تَيَسَّرَ لَهُ مِنْهَا (قَوْلُهُ لِقَوْلِ جَابِرٍ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ قِرَاءَتُهَا سِرًّا وَلَوْ أَمَرَهُ الْمُحْتَضَرُ بِالْقِرَاءَةِ جَهْرًا؛ لِأَنَّ فِيهِ زِيَادَةَ إيلَامٍ لَهُ، وَبَقِيَ مَا لَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ قِرَاءَتُهُمَا فَهَلْ يُقَدِّمُ يس لِصِحَّةِ حَدِيثِهَا أَمْ الرَّعْدَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بِمُرَاعَاةِ حَالِ الْمُحْتَضَرِ فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ شُعُورٌ وَتَذَكُّرٌ بِأَحْوَالِ الْبَعْثِ قَرَأَ سُورَةَ يس وَإِلَّا قَرَأَ سُورَةَ الرَّعْدِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ يَأْتِي بِمَاءٍ زُلَالٍ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْمَاءُ الزُّلَالُ الْعَذْبُ اهـ (قَوْلُهُ: حَتَّى أَسْقِيك) أَيْ فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ مَاتَ عَلَى غَيْرِ الْإِيمَانِ إنْ كَانَ عَقْلُهُ حَاضِرًا، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ عَقْلُهُ حَاضِرًا وَإِنْ كُنَّا لَا نُشَاهِدُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَلْيُحْسِنْ الْمَرِيضُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَرَضُهُ مَخُوفًا، وَيُحْسِنُ بِضَمِّ الْيَاءِ وَسُكُونِ الْحَاءِ وَكَسْرِ السِّينِ مُخَفَّفَةً وَبِضَمِّهَا أَيْضًا وَفَتْحِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ السِّينِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ: إلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ) وَفِي ثِقَاتِ ابْنِ حِبَّانَ أَنَّ بَعْضَ السَّلَفِ سُئِلَ عَنْ مَعْنَاهُ فَقَالَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَجْمَعُهُ وَالْفُجَّارُ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: مَعْنَاهُ أَحْسِنُوا أَعْمَالَكُمْ حَتَّى يَحْسُنَ ظَنُّكُمْ بِرَبِّكُمْ، مَنْ حَسُنَ عَمَلُهُ حَسُنَ ظَنُّهُ بِرَبِّهِ، وَمَنْ سَاءَ عَمَلُهُ سَاءَ ظَنُّهُ اهـ مِنْ تَخْرِيجِ الْعَزِيزِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَانَتْ يس أَفْضَلَ) لَا دَخْلَ لَهُ فِي الْجَمْعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَكَانَ مَعْنَى لَا يَقْرَأُ عَلَى الْمَيِّتِ) أَيْ الَّذِي هُوَ كَلَامُ غَيْرِ ابْنِ الرِّفْعَةِ، لَكِنَّ هَذَا إنَّمَا يَأْتِي مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يُقْرَأُ عَلَيْهِ.

الْمَجْمُوعِ فِي حَقِّ الصَّحِيحِ اسْتِوَاءُ خَوْفِهِ وَرَجَائِهِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْقُرْآنِ ذِكْرُ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ مَعًا، وَفِي الْإِحْيَاءِ: إنْ غَلَبَ دَاءُ الْقُنُوطِ فَالرَّجَاءُ أَوْلَى، أَوْ دَاءُ أَمْنِ الْمَكْرِ فَالْخَوْفُ أَوْلَى، وَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا اسْتَوَيَا، قِيلَ وَيَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ، أَمَّا الْمَرِيضُ غَيْرُ الْمُحْتَضَرِ فَالْمُعْتَمَدُ فِيهِ أَنَّهُ كَالْمُحْتَضَرِ فَيَكُونُ رَجَاؤُهُ أَغْلَبَ مِنْ خَوْفِهِ كَمَا مَرَّ، وَالظَّنُّ يَنْقَسِمُ فِي الشَّرْعِ إلَى وَاجِبٍ وَمَنْدُوبٍ وَحَرَامٍ وَمُبَاحٍ، فَالْوَاجِبُ حُسْنُ الظَّنِّ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَالْحَرَامُ سُوءُ الظَّنِّ بِهِ تَعَالَى وَبِكُلِّ مَنْ ظَاهِرُهُ الْعَدَالَةُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَالْمُبَاحُ الظَّنُّ بِمَنْ اُشْتُهِرَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بِمُخَالَطَةِ الرَّيْبِ وَالْمُجَاهَرَةِ بِالْخَبَائِثِ، فَلَا يَحْرُمُ ظَنُّ السُّوءِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ دَلَّ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا أَنَّ مَنْ سَتَرَ عَلَى نَفْسِهِ لَمْ يُظَنَّ بِهِ إلَّا خَيْرٌ، وَمَنْ دَخَلَ مَدْخَلَ السُّوءِ اُتُّهِمَ، وَمَنْ هَتَكَ نَفْسَهُ ظَنَنَّا بِهِ السُّوءَ، وَمِنْ الظَّنِّ الْجَائِزِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ مَا يَظُنُّ الشَّاهِدُ أَنَّ فِي التَّقْوِيمِ وَأُرُوشِ الْجِنَايَاتِ وَمَا يَحْصُلُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فِي الْأَحْكَامِ بِالْإِجْمَاعِ وَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ قَطْعًا وَالْبَيِّنَاتُ عِنْدَ الْحُكَّامِ. (فَإِذَا مَاتَ غُمِّضَ) نَدْبًا «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ شُقَّ بَصَرُهُ، فَأَغْمَضَهُ، ثُمَّ قَالَ: إنَّ الرُّوحَ إذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ: أَيْ ذَهَبَ، أَوْ شَخَصَ نَاظِرًا إلَى الرُّوحِ أَيْنَ تَذْهَبُ، لَا يُقَالُ: كَيْفَ يَنْظُرُ بَعْدَهَا؟ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: يَبْقَى فِيهِ مِنْ آثَارِ الْحَرَارَةِ الْغَرِيزِيَّةِ عَقِبَ مُفَارَقَتِهَا مَا يَقْوَى بِهِ عَلَى نَوْعِ تَطَلُّعٍ كَمَا يَدُلُّ لَهُ مَا يَأْتِي، وَقَدْ قِيلَ: إنَّ الْعَيْنَ أَوَّلُ شَيْءٍ يَخْرُجُ مِنْهُ الرُّوحُ وَأَوَّلُ شَيْءٍ يُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ، وَيُسَنُّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنْ يَقُولَ حَالَ إغْمَاضِهِ: بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَعِنْدَ حَمْلِهِ: بِسْمِ اللَّهِ، ثُمَّ يُسَبِّحُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: اسْتِوَاءُ خَوْفِهِ) أَيْ الْأَلْيَقُ بِهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَالْوَاجِبُ حُسْنُ الظَّنِّ بِاَللَّهِ) بِأَنْ لَا يَظُنَّ بِهِ سُوءًا كَنِسْبَتِهِ لِمَا لَا يَلِيقُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُبَاحُ الظَّنُّ إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ الْمَنْدُوبَ مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَهُ فِي الْإِجْمَالِ لِلتَّصْرِيحِ بِهِ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّهُ يَسْتَحْضِرُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَغْفِرُ لَهُ وَيُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَلَا يُنَافِي أَنَّ حُسْنَ الظَّنِّ بِاَللَّهِ سُبْحَانَهُ وَاجِبٌ لِمَا قَدَّمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنْ لَا يُظَنَّ بِهِ سُوءٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَكْرُوهَ أَيْضًا وَلَعَلَّهُ لِعَدَمِ تَأَتِّيه وَقَدْ يُصَوَّرُ بِأَنْ ظَنَّ فِي نَفْسِهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَرْحَمُهُ لِكَثْرَةِ ذُنُوبِهِ هَذَا، وَقَوْلُهُ فَلَا يَحْرُمُ ظَنُّ السُّوءِ بِهِ يُقَالُ عَلَيْهِ بِأَنَّ عَدَمَ حُرْمَةِ ظَنِّ السُّوءِ لَا يَسْتَلْزِمُ إبَاحَةَ ظَنِّ السُّوءِ بِمَنْ اتَّصَفَ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فَإِذَا مَاتَ غُمِّضَ) أَيْ وَلَوْ أَعْمَى لِئَلَّا يَقْبُحَ مَنْظَرُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى بَهْجَةٍ صَرَّحَ بِذَلِكَ، وَقَالَ فِي الْإِيعَابِ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمَرِيضَ لَا يُسَنُّ لَهُ تَغْمِيضُ عَيْنَيْ نَفْسِهِ قُبَيْلَ مَوْتِهِ وَإِنْ أَمْكَنَ بِلَا مَشَقَّةٍ، لَكِنْ بَحَثَ بَعْضُهُمْ نَدْبَهُ إنْ لَمْ يَحْضُرْ عِنْدَهُ مَنْ يَتَوَلَّاهُ اهـ (قَوْلُهُ إنَّ الرُّوحَ إذَا قُبِضَ) فِيهِ تَذْكِيرُ الرُّوحِ وَفِي الْمُخْتَارِ أَنَّهُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ (قَوْلُهُ: تَبِعَهُ الْبَصَرُ) زَادَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: «ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي سَلَمَةَ وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي الْمَهْدِيِّينَ وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي الْغَابِرِينَ وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ وَافْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ» اهـ عَمِيرَةُ. أَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَنْ يُغَمِّضُ الْآنَ فَيَقُولُ ذَلِكَ اقْتِدَاءً بِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (قَوْلُهُ مَا تَقْوَى بِهِ عَلَى نَوْعِ تَطَلُّعٍ لَهَا) ذَكَرَ حَجّ قَبْلَ هَذَا مَا نَصُّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ تَبِعَهُ الْبَصَرُ أَنَّ الْقُوَّةَ الْبَاصِرَةَ تَذْهَبُ عَقِبَ خُرُوجِ الرُّوحِ فَحِينَئِذٍ تَجْمُدُ الْعَيْنُ وَيَقْبُحُ مَنْظَرُهَا (قَوْلُهُ إنَّ الْعَيْنَ أَوَّلُ شَيْءٍ يَخْرُجُ مِنْهُ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ: آخِرُ شَيْءٍ إلَخْ، وَفِي الشَّيْخِ عَمِيرَةِ مَا نَصُّهُ: قِيلَ إنَّ الْعَيْنَ آخِرُ شَيْءٍ تُنْزَعُ مِنْهُ الرُّوحُ وَأَوَّلُ شَيْءٍ يُسْرِعُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَالْوَاجِبُ حُسْنُ الظَّنِّ بِاَللَّهِ) اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ الْمَارِّ فِي غُضُونِ الْمَتْنِ نَدْبًا، وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ لَا يَخْلُو عَنْ وَقْفَةٍ وَلَعَلَّ مُرَادَ الشَّارِحِ بِحُسْنِ الظَّنِّ الْوَاجِبِ عَدَمُ الْيَأْسِ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إذْ الْيَأْسُ مِنْهَا مِنْ الْكَبَائِرِ (قَوْلُهُ: وَالْحَرَامُ) سَكَتَ عَنْ الْمَنْدُوبِ، وَفِي الدَّمِيرِيِّ: وَالْمَنْدُوبُ حُسْنُ الظَّنِّ بِمَنْ ظَاهِرُهُ الْعَدَالَةُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ.

مَا دَامَ يَحْمِلُهُ (وَشُدَّ لَحْيَاهُ بِعِصَابَةٍ) عَرِيضَةٍ تَعُمُّهُمَا يَرْبِطُهَا فَوْقَ رَأْسِهِ حِفْظًا لِفَمِهِ عَنْ الْهَوَامِّ وَقُبْحِ مَنْظَرِهِ (وَلُيِّنَتْ مَفَاصِلُهُ) فَيُرَدُّ أَصَابِعُهُ إلَى بَطْنِ كَفِّهِ وَسَاعِدُهُ إلَى عَضُدِهِ وَسَاقُهُ إلَى فَخِذِهِ وَهُوَ إلَى بَطْنِهِ، ثُمَّ يَمُدُّهَا تَسْهِيلًا لِغُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ، فَإِنْ فِي الْبَدَنِ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الرُّوحِ بَقِيَّةَ حَرَارَةٍ، فَإِذَا لُيِّنَتْ الْمَفَاصِلُ لَانَتْ حِينَئِذٍ وَإِلَّا لَمْ يُمْكِنْ تَلْيِينُهَا بَعْدُ. وَلَوْ احْتَاجَ فِي تَلْيِينِ ذَلِكَ إلَى شَيْءٍ مِنْ الدُّهْنِ فَلَا بَأْسَ، حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْمَحَامِلِيِّ وَغَيْرِهِمَا (وَسُتِرَ جَمِيعُ بَدَنِهِ) إنْ لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا (بِثَوْبٍ) فَقَطْ «؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - سُجِّيَ حِينَ مَاتَ بِثَوْبِ حِبَرَةٍ» هُوَ بِالْإِضَافَةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ نَوْعٌ مِنْ ثِيَابِ الْقُطْنِ يُنْسَجُ بِالْيَمَنِ (خَفِيفٍ) لِئَلَّا يَحْمِيَهُ فَيُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ وَيَكُونُ ذَلِكَ بَعْدَ نَزْعِ ثِيَابِهِ وَيُجْعَلُ طَرَفَاهُ تَحْتَ رَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ لِئَلَّا يَنْكَشِفَ، أَمَّا الْمُحْرِمُ فَيُسْتَرُ مِنْهُ مَا يَجِبُ تَكْفِينُهُ مِنْهُ (وَوُضِعَ عَلَى بَطْنِهِ شَيْءٌ ثَقِيلٌ) بِأَنْ يُوضَعَ فَوْقَ الثَّوْبِ كَمَا اُعْتِيدَ، أَوْ تَحْتَهُ مِنْ حَدِيدٍ كَسَيْفٍ وَمِرْآةٍ وَسِكِّينٍ بِطُولِ الْمَيِّتِ، ثُمَّ طِينٌ رَطْبٌ، ثُمَّ مَا تَيَسَّرَ لِئَلَّا يَنْتَفِخَ، وَقَدَّرَهُ أَبُو حَامِدٍ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا: أَيْ تَقْرِيبًا، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَكَأَنَّهُ أَقَلُّ مَا يُوضَعُ وَإِلَّا فَالسَّيْفُ يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ، وَيَظْهَرُ أَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ الْحَدِيدِ وَمَا بَعْدَهُ لِلْأَكْمَلِ لَا لِأَصْلِ السُّنَّةِ، وَيُسَنُّ صَوْنُ الْمُصْحَفِ عَنْهُ احْتِرَامًا لَهُ وَأَلْحَقَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ كُتُبَ الْعِلْمِ الْمُحْتَرَمِ (وَوُضِعَ عَلَى سَرِيرٍ وَنَحْوِهِ) نَدْبًا مِمَّا هُوَ مُرْتَفِعٌ كَدِكَّةٍ مِنْ غَيْرِ فَرْشٍ لِئَلَّا يَتَغَيَّرَ بِنَدَاوَتِهَا وَلِئَلَّا يَحْمَى عَلَيْهِ الْفَرْشُ فَيُغَيِّرُهُ، فَإِنْ كَانَتْ صُلْبَةً فَلَا بَأْسَ ـــــــــــــــــــــــــــــSإلَيْهِ الْفَسَادُ. (قَوْلُهُ: مَا دَامَ يَحْمِلُهُ) أَيْ إلَى الْمُغْتَسَلِ وَنَحْوِهِ، وَأَمَّا مَا يَفْعَلُهُ إمَامُ الْجِنَازَةِ فَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ: يَرْبِطُهَا) بَابُهُ ضَرَبَ وَنَصَرَ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: حِفْظًا لِفَمِهِ عَنْ الْهَوَامِّ) عِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: وَالْهَامَّةُ مَا لَهُ سُمٌّ يَقْتُلُ كَالْحَيَّةِ، قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ، وَالْجَمْعُ الْهَوَامُّ مِثْلُ دَابَّةٍ وَدَوَابَّ، وَقَدْ أُطْلِقَتْ الْهَوَامُّ عَلَى مَا يُؤْذِي، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: وَيُقَالُ لِدَوَابِّ الْأَرْضِ جَمِيعًا الْهَوَامُّ مَا بَيْنَ قَمْلَةٍ إلَى حَيَّةٍ، وَمِنْهُ حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ «أَيُؤْذِيك هَوَامُّ رَأْسِك» وَالْمُرَادُ الْقَمْلُ عَنْ الِاسْتِعَارَةِ بِجَامِعِ الْأَذَى اهـ. وَفِي النِّهَايَةِ، وَفِيهِ «كَانَ يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ فَيَقُولُ: أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ سَامَّةٍ» بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ " وَهَامَّةٍ " الْهَامَّةُ كُلُّ ذَاتِ سُمٍّ يَقْتُلُ وَالْجَمْعُ الْهَوَامُّ، فَأَمَّا مَا يَسُمُّ وَلَا يَقْتُلُ فَهُوَ السَّامَّةُ كَالْعَقْرَبِ وَالزُّنْبُورُ، وَقَدْ تَقَعُ الْهَوَامُّ عَلَى مَا يَدِبُّ مِنْ الْحَيَوَانِ وَإِنْ لَمْ يَقْتُلْ كَالْحَشَرَاتِ اهـ، وَهِيَ تُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ اسْتِعَارَةٌ (قَوْلُهُ فَلَا بَأْسَ) ظَاهِرُهُ إبَاحَةُ ذَلِكَ وَلَوْ قِيلَ بِنَدْبِهِ حَيْثُ شَقَّ غُسْلُهُ أَوْ تَكْفِينُهُ بِدُونِهِ بَلْ لَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ إذَا تَوَقَّفَ إصْلَاحُ تَكْفِينِهِ عَلَى وَجْهٍ يُزِيلُ إزْرَاءَهُ لَمْ يَبْعُدْ (قَوْلُهُ: سُجِّيَ حِينَ مَاتَ بِثَوْبِ حِبَرَةٍ) ظَاهِرُ السِّيَاقِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ غُطِّيَ بَعْدَ نَزْعِ ثِيَابِهِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَضِيَّةُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَذَلِكَ لَمَّا اخْتَلَفَتْ الصَّحَابَةُ إلَخْ خِلَافُهُ، فَلَعَلَّ الْمُرَادُ هُنَا أَنَّهُ غُطِّيَ فَوْقَ ثِيَابِهِ فَيَكُونُ اسْتِدْلَالًا عَلَى مُجَرَّدِ السَّتْرِ بِالثَّوْبِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ بَعْدَ نَزْعِ الثِّيَابِ. (قَوْلُهُ: بَقِيَ شَيْءٌ آخَرَ) وَهُوَ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: الْهَاتِفُ لَا يَثْبُتُ بِهِ حُكْمٌ فَكَيْفَ رَجَعَتْ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - إلَيْهِ؟ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: يَجُوزُ أَنَّهُ ظَهَرَ لَهُمْ بِالِاجْتِهَادِ حِينَ سَمَاعِ الْهَاتِفِ مُوَافَقَةُ الطَّالِبِينَ لِعَدَمِ تَجْرِيدِهِ مِنْ ثِيَابِهِ فَلَمْ يَسْتَنِدُوا فِي ذَلِكَ لِمُجَرَّدِ الْهَاتِفِ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا تُحْمِيَهُ) بِضَمِّ التَّاءِ، قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: حُمَّى النَّارِ بِالْكَسْرِ وَالتَّنَوُّرُ أَيْضًا اشْتَدَّ حَرُّهُ، ثُمَّ قَالَ: وَأُحْمَى الْحَدِيدُ فِي النَّارِ فَهُوَ مَحْمِيٌّ وَلَا تَقُلْ حَمَّاهُ (قَوْلُهُ مَا يَجِبُ تَكْفِينُهُ مِنْهُ) أَيْ وَهُوَ مَا عَدَا رَأْسِهِ (قَوْلُهُ بِأَنْ يُوضَعَ فَوْقَ الثَّوْبِ) أَيْ وَهُوَ أَوْلَى كَمَا بَحَثَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَزَعْمُ أَخْذِهِ مِنْ الْمَتْنِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ كَالرَّوْضَةِ عَطْفُهُ عَلَى وَضْعِ الثَّوْبِ بِالْوَاوِ حَجّ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ صَوْنُ الْمُصْحَفِ عَنْهُ) بَلْ يَحْرُمُ إنْ مُسَّ أَوْ قُرِّبَ مِمَّا فِيهِ قَذِرٌ وَلَوْ طَاهِرًا أَوْ جُعِلَ عَلَى هَيْئَةِ تَنَافِي تَعْظِيمِهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: كَدِكَّةٍ مِنْ غَيْرِ فُرُشٍ لِئَلَّا يَتَغَيَّرَ) أَيْ لَا عَلَى الْأَرْضِ لِئَلَّا يَتَغَيَّرَ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِئَلَّا يَتَغَيَّرَ بِنَدَاوَتِهَا) لَمْ يَتَقَدَّمْ لِلضَّمِيرِ مَرْجِعٌ وَلَعَلَّ مَرْجِعَهُ سَقَطَ مِنْ الْكَتَبَةِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَلَا يُجْعَلُ عَلَى الْأَرْضِ لِئَلَّا يَتَغَيَّرَ بِنَدَاوَتِهَا

بِوَضْعِهِ عَلَيْهَا (وَنُزِعَتْ) عَنْهُ نَدْبًا (ثِيَابُهُ) الْمَخِيطَةُ الَّتِي مَاتَ فِيهَا بِحَيْثُ لَا يُرَى شَيْءٌ مِنْ بَدَنِهِ لِئَلَّا يُسْرِعَ فَسَادُهُ سَوَاءٌ أَكَانَ الثَّوْبُ طَاهِرًا أَمْ نَجِسًا مِمَّا يُغْسَلُ فِيهِ أَمْ لَا أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ (وَوُجِّهَ لِلْقِبْلَةِ) إنْ أَمْكَنَ (كَمُحْتَضَرٍ) فِيمَا مَرَّ. نَعَمْ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ يُوضَعُ عَلَى بَطْنِهِ شَيْءٌ ثَقِيلٌ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا إلْقَاؤُهُ عَلَى قَفَاهُ وَوَجْهِهِ وَأَخْمَصَاهُ لِلْقِبْلَةِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لِوَضْعِهِ حَالَانِ: أَحَدُهُمَا عَلَى جَنْبِهِ كَمَا هُنَا: أَيْ عَقِبَ مَوْتِهِ، ثُمَّ يُجْعَلُ عَلَى قَفَاهُ بَعْدَهُ، وَكَلَامُهُمْ ثَمَّ فِيهِ عَلَى أَنَّ وَضْعَهُ عَلَى جَنْبِهِ لَا يُنَافِي وَضْعَ شَيْءٍ عَلَى بَطْنِهِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يُوضَعُ طُولًا: أَيْ مَعَ شَدِّهِ بِنَحْوِ خِرْقَةٍ (وَيَتَوَلَّى ذَلِكَ) جَمِيعَهُ (أَرْفَقُ مَحَارِمِهِ) نَدْبًا بِأَسْهَلَ مُمْكِنٍ مَعَ الِاتِّحَادِ فِي الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ يَتَوَلَّاهُ الرِّجَالُ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءُ مِنْ النِّسَاءِ، فَإِنْ تَوَلَّاهُ رَجُلٌ مَحْرَمٌ مِنْ الْمَرْأَةِ أَوْ امْرَأَةٌ مَحْرَمٌ مِنْ الرَّجُلِ جَازَ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ جَوَازَهُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ لِلْأَجْنَبِيَّةِ وَعَكْسُهُ مَعَ الْغَضِّ وَعَدَمِ الْمَسِّ وَهُوَ بَعِيدٌ، وَكَالْمَحْرَمِ فِيمَا ذُكِرَ الزَّوْجَانِ بِالْأَوْلَى. (وَيُبَادَرُ) بِفَتْحِ الدَّالِ نَدْبًا (بِغُسْلِهِ إذَا تُيُقِّنَ مَوْتُهُ) إكْرَامًا لَهُ وَإِلَّا تُرِكَ وُجُوبًا إلَى تَيَقُّنِهِ بِتَغَيُّرٍ وَنَحْوِهِ لِاحْتِمَالِ إغْمَاءٍ وَنَحْوِهِ، وَمِنْ أَمَارَاتِهِ اسْتِرْخَاءُ قَدَمِهِ، أَوْ مَيْلِ أَنْفِهِ، أَوْ انْخِلَاعِ كَفِّهِ، أَوْ انْخِفَاضِ صُدْغِهِ، أَوْ تَقَلُّصِ خَصْيَيْهِ مَعَ تَدَلِّي جِلْدَتِهِمَا «؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَادَ طَلْحَةَ بْنَ الْبَرَاءِ فَقَالَ إنِّي لَا أَرَى طَلْحَةَ إلَّا قَدْ حَدَثَ فِيهِ الْمَوْتُ، فَإِذَا مَاتَ فَآذِنُونِي بِهِ حَتَّى أُصَلِّيَ عَلَيْهِ، وَعَجِّلُوا بِهِ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِجِيفَةِ مُسْلِمٍ أَنْ تُحْبَسَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَهْلِهِ» وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ ذِكْرَهُمْ الْعَلَامَاتِ الْكَثِيرَةَ لَهُ إنَّمَا تُفِيدُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ شَكٌّ (وَغُسْلُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (وَتَكْفِينُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ) وَحَمْلُهُ (وَدَفْنُهُ فُرُوضُ كِفَايَةٍ) إجْمَاعًا لِلْأَمْرِ بِهِ فِي الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ قَاتِلُ نَفْسِهِ وَغَيْرُهُ وَسَوَاءٌ الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ، إلَّا فِي الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَنُزِعَتْ ثِيَابُهُ) أَيْ وَلَوْ شَهِيدًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَتُعَادُ إلَيْهِ عِنْدَ التَّكْفِينِ اهـ زِيَادِيٌّ. وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يُرَدْ تَغْسِيلُهُ حَالًا، ثُمَّ رَأَيْته فِي سم عَلَى حَجّ حَيْثُ قَالَ: قَوْلُهُ نَعَمْ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ يُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ إنَّ قُرْبَ الْغُسْلِ بِحَيْثُ لَا يَحْتَمِلُ التَّغْيِيرَ لَمْ يُنْزَعْ وَإِلَّا نُزِعَ. قَالَ م ر: وَنُزِعَتْ ثِيَابُهُ وَإِنْ كَانَ نَبِيًّا لِوُجُودِ الْعِلَّةِ وَهُوَ خَوْفُ التَّغَيُّرِ الْمُسْرِعِ لِلْبِلَى، قَالَ: وَلَا يُنَافِيهِ مَا وَرَدَ أَنَّهُ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَكْلَ لُحُومِ الْأَنْبِيَاءِ، فَكَيْفَ يُخْشَى إسْرَاعُ الْبِلَى؛ لِأَنَّ هَذَا يُفِيدُ امْتِنَاعَ أَكْلِ الْأَرْضِ لَا التَّغَيُّرَ وَالْبِلَى فِي الْجُمْلَةِ بِوَجْهٍ مَخْصُوصٍ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَظَاهِرُهُ وَلَوْ نَبِيَّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا يُنَافِيهِ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - غُسِّلَ فِي ثَوْبِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُمْ رَأَوْا بَقَاءَهُ عَلَيْهِ أَصْلَحَ لَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَوْ أَنَّهُ نُزِعَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَأُعِيدَ قُبَيْلَ الْغُسْلِ (قَوْلُهُ: مِمَّا يُغَسَّلُ فِيهِ) أَشَارَ بِهِ إلَى رَدِّ مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. وَعِبَارَةُ حَجّ: نَعَمْ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ بَقَاءَ قَمِيصِهِ الَّذِي يُغَسَّلُ فِيهِ إنْ كَانَ طَاهِرًا، إذْ لَا مَعْنَى لِنَزْعِهِ ثُمَّ إعَادَتِهِ لَكِنْ يُشَمِّرُ لِحَقْوِهِ لِئَلَّا يَتَنَجَّسَ، وَيُؤَيِّدُهُ تَقْيِيدُ الْوَسِيطِ الثِّيَابَ الْمُدَّفِئَةَ اهـ (قَوْلُهُ: وَعَدَمِ الْمَسِّ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ مَا ذَكَرَ وَمَالَ إلَيْهِ م ر اهـ (قَوْلُهُ: وَهُوَ بَعِيدٌ) أَيْ فَيَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةٌ لِرُؤْيَةِ شَيْءٍ مِنْ الْبَدَنِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا تُرِكَ وُجُوبًا) يَنْبَغِي أَنَّ الَّذِي يَجِبُ تَأْخِيرُهُ هُوَ الدَّفْنُ دُونَ الْغُسْلِ وَالتَّكْفِينِ فَإِنَّهُمَا بِتَقْدِيرِ حَيَاتِهِ لَا ضَرُورَةَ فِيهِمَا، نَعَمْ إنْ خِيفَ مِنْهُمَا ضَرَرٌ بِتَقْدِيرِ حَيَاتِهِ امْتَنَعَ فِعْلُهُمَا (قَوْلُهُ: مَعَ تَدَلِّي جِلْدَتِهِمَا) أَيْ وَيُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَى ذَلِكَ بِرُؤْيَةِ حَلِيلَتِهِ أَوْ وُقُوعِ ذَلِكَ بِلَا قَصْدٍ مِنْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: أَنْ تُحْبَسَ بَيْنَ ذَلِكَ إلَخْ) أَيْ تَبْقَى بَيْنَ ظُهُورِ أَهْلِهِ وَهُوَ بِفَتْحِ النُّونِ، قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: يُقَالُ هُوَ نَازِلٌ بَيْنَ ظَهْرَيْهِمْ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَظَهْرَانَيْهِمْ بِفَتْحِ النُّونِ وَلَا تَقُلْ ظَهْرَانِيهِمْ بِكَسْرِ النُّونِ اهـ (قَوْلُهُ: وَغُسْلُهُ إلَخْ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: فَرْعٌ: لَوْ غَسَّلَ الْمَيِّتُ نَفْسَهُ كَرَامَةً فَهَلْ يَكْفِي؟ لَا يَبْعُدُ أَنَّهُ يَكْفِي، وَلَا يُقَالُ الْمُخَاطَبُ بِالْفَرْضِ غَيْرُهُ لِجَوَازِ أَنَّهُ إنَّمَا خُوطِبَ بِذَلِكَ غَيْرُهُ لِعَجْزِهِ فَإِذَا أَتَى بِهِ كَرَامَةً كَفَى. [فَرْعٌ آخَرُ] لَوْ مَاتَ إنْسَانٌ مَوْتًا حَقِيقِيًّا وَجُهِّزَ ثُمَّ أُحْيِيَ حَيَاةً حَقِيقِيَّةً ثُمَّ مَاتَ فَالْوَجْهُ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ يَجِبُ لَهُ تَجْهِيزٌ آخَرُ خِلَافًا لِمَا تُوُهِّمَ اهـ. وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ غَسَّلَ مَيِّتٌ مَيِّتًا آخَرَ. وَفِي فَتَاوَى حَجّ الْحَدِيثِيَّةِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَمَحَلُّهُمَا فِي الْمُسْلِمِ غَيْرِ الشَّهِيدِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، وَيَعُمُّ الْخِطَابُ بِذَلِكَ كُلَّ مَنْ عَلِمَ بِمَوْتِهِ مِنْ قَرِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ، بَلْ وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ إنْ نُسِبَ إلَى تَقْصِيرٍ فِي الْبَحْثِ كَأَنْ يَكُونَ الْمَيِّتُ جَارَهُ (وَأَقَلُّ الْغُسْلِ) وَلَوْ لِنَحْوِ جُنُبٍ (تَعْمِيمُ بَدَنِهِ) بِالْمَاءِ مَرَّةً؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْفَرْضُ فِي الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ وَنَحْوِهَا فِي حَقِّ الْحَيِّ فَالْمَيِّتُ أَوْلَى، وَبِهِ يُعْلَمُ وُجُوبُ غُسْلِ مَا يَظْهَرُ مِنْ فَرْجِ الثَّيِّبِ عِنْدَ جُلُوسِهَا عَلَى قَدَمَيْهَا نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْحَيِّ، فَدَعْوَى بَعْضِهِمْ أَنَّهُمْ أَغْفَلُوا ذَلِكَ لَيْسَتْ فِي مَحَلِّهَا (بَعْدَ) (إزَالَةِ النَّجَسِ) عَنْهُ إنْ كَانَ فَلَا تَكْفِي لَهُمَا غَسْلَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْحَيِّ مِنْ أَنَّ الْغَسْلَةَ لَا تَكْفِي عَنْ الْحَدَثِ وَالنَّجَسِ، وَصَحَّحَ الْمُصَنِّفُ الِاكْتِفَاءَ بِهَا، وَكَأَنَّهُ تَرَكَ الِاسْتِدْرَاكَ هُنَا لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا هُنَاكَ فَيَتَّحِدُ الْحُكْمَانِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَكَلَامُ الْمَجْمُوعِ يُلَوِّحُ بِهِ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِهِ اشْتِرَاطَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ أَوَّلًا؟ وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ، لَا يُقَالُ: مَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى نَجَاسَةٍ تَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ إلَى الْبَشَرَةِ، أَوْ أَنَّ مَا هُنَاكَ مُتَعَلِّقٌ بِنَفْسِهِ فَجَازَ إسْقَاطُهُ وَمَا هُنَا بِغَيْرِهِ فَامْتَنَعَ إسْقَاطُهُ؛ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ عَنْ صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ، وَالثَّانِي عَنْ الْمُدْرَكِ وَهُوَ أَنَّ الْمَاءَ مَا دَامَ مُتَرَدِّدٌ عَلَى الْمَحَلِّ لَا يُحْكَمُ بِاسْتِعْمَالِهِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فَتَكْفِي غَسْلَةٌ لِذَلِكَ (وَلَا تَجِبُ نِيَّةُ الْغَاسِلِ) أَيْ لَا تُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْغُسْلِ (فِي الْأَصَحِّ فَيَكْفِي) عَلَى هَذَا (غَرَقُهُ، أَوْ غُسْلُ كَافِرٍ) إذْ الْمَقْصُودُ مِنْهُ النَّظَافَةُ وَهِيَ غَيْرُ مُتَوَقِّفَةٍ عَلَى نِيَّةٍ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ تَجِبُ؛ لِأَنَّهُ غُسْلٌ وَاجِبٌ فَافْتَقَرَ إلَى النِّيَّةِ كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ وَلَا يَكْفِي غَرَقُهُ وَلَا غُسْلُ كَافِرٍ عَلَى هَذَا فَيَنْوِي الْغُسْلَ الْوَاجِبَ، أَوْ غُسْلَ الْمَيِّتِ (قُلْت: الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ وُجُوبُ غُسْلِ الْغَرِيقِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ؛ لِأَنَّا مَأْمُورُونَ بِغُسْلِ الْمَيِّتِ فَلَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ عَنَّا إلَّا بِفِعْلِنَا وَإِنْ شَاهَدْنَا الْمَلَائِكَةَ تُغَسِّلُهُ؛ لِأَنَّا تَعَبَّدْنَا بِفِعْلِنَا لَهُ بِخِلَافِ الْكَفَنِ وَمِثْلُهُ الدَّفْنُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ السَّتْرُ وَلِذَلِكَ يُنْبَشُ لِلْغُسْلِ دُونَ التَّكْفِينِ، وَالْأَوْجَهُ سُقُوطُهُ بِتَغْسِيلِ غَيْرِ الْمُكَلَّفِينَ وَالِاكْتِفَاءُ بِتَغْسِيلِ الْجِنِّ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَنْ أُحْيِيَ بَعْدَ الْمَوْتِ الْحَقِيقِيِّ بِأَنْ أَخْبَرَ بِهِ مَعْصُومٌ ثَبَتَتْ لَهُ جَمِيعُ أَحْكَامِ الْمَوْتَى مِنْ قِسْمَةِ تَرِكَتِهِ وَنِكَاحِ زَوْجَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَأَنَّ الْحَيَاةَ الثَّانِيَةَ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهَا لِأَنَّ ذَلِكَ تَشْرِيعٌ لِمَا لَمْ يَرِدْ هُوَ وَلَا نَظِيرُهُ بَلْ وَلَا مَا يُقَارِبُهُ، وَتَشْرِيعُ مَا هُوَ كَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ بِلَا شَكٍّ اهـ: أَيْ وَعَلَيْهِ فَمَنْ مَاتَ بَعْدَ الْحَيَاةِ الثَّانِيَةِ لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَإِنَّمَا تَجِبُ مُوَارَاتُهُ فَقَطْ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ مَوْتُهُ حَكَمْنَا بِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ بِهِ غَشْيٌ أَوْ نَحْوُهُ (قَوْلُهُ: فَمَحَلُّهُمَا فِي الْمُسْلِمِ غَيْرِ الشَّهِيدِ) أَيْ وَإِلَّا فِي الذِّمِّيِّ فَتَحْرُمُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَيَجُوزُ غُسْلُهُ (قَوْلُهُ: فَيَتَّحِدُ الْحُكْمَانِ) وَهُوَ الِاكْتِفَاءُ بِغَسْلَةٍ وَاحِدَةٍ فِي الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إزَالَةِ عَيْنِ النَّجَاسَةِ وَوَصْفِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ غُسْلِ كَافِرٍ) أَيْ وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ جِنْسِ الْمُكَلَّفِينَ بِالْغُسْلِ مَعَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِفِعْلِهِمَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ وَالْأَوْجَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْكَفَنِ) أَيْ فَإِنَّا لَمْ نَتَعَبَّدْ بِهِ بَلْ وَجَبَ لِمَصْلَحَةِ الْمَيِّتِ وَهُوَ سَتْرُهُ، وَأَمَّا الْغُسْلُ فَلَيْسَ لِمَصْلَحَةِ الْمَيِّتِ فَقَطْ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ عَقِبَ اغْتِسَالِهِ بِالْمَاءِ يَجِبُ غُسْلُهُ، وَأَنَّا لَوْ عَجَزْنَا عَنْ طَهَارَتِهِ بِالْمَاءِ وَجَبَ تَيَمُّمُهُ مَعَ أَنَّهُ لَا نَظَافَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ الدَّفْنُ) وَمِثْلُهُمَا الْحَمْلُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: بِتَغْسِيلِ غَيْرِ الْمُكَلَّفِينَ) أَيْ مِنْ نَوْعِ بَنِي آدَمَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ قَبْلُ: وَإِنْ شَاهَدْنَا الْمَلَائِكَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالِاكْتِفَاءُ بِتَغْسِيلِ الْجِنِّ) خِلَافًا لحج ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا، وَلَا فَرْقَ فِي الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ مِنْهُمْ بَيْنَ اتِّحَادِ الْمَيِّتِ وَالْمُغَسِّلِ مِنْهُمْ فِي الذُّكُورَةِ أَوْ الْأُنُوثَةِ وَاخْتِلَافِهِمَا فِي ذَلِكَ، كَمَا لَوْ غَسَّلَتْ امْرَأَةٌ ذَكَرًا أَجْنَبِيًّا فَإِنَّهُ وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهَا ذَلِكَ يَسْقُطُ بِهِ الطَّلَبُ عَنَّا. وَفِي سم عَلَى حَجّ تَقْيِيدُ الْجِنِّيِّ بِالذُّكُورَةِ اهـ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إنَّهُ) أَيْ الْقَوْلَ الْمَذْكُورَ، وَلَك أَنْ تَقُولَ: مِنْ أَيْنَ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ هُنَا فِيمَا إذَا كَانَتْ النَّجَاسَةُ لَا تَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ إلَى الْبَشَرَةِ. (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي عَنْ الْمُدْرَكِ) لَك أَنْ تَقُولَ: لَا يَضُرُّ خُرُوجُهُ عَنْ الْمُدْرَكِ لِمَا خَلْفَنَا مِنْ تَعَلُّقِهِ بِالْغَيْرِ

كَمَا مَرَّ مِنْ انْعِقَادِ الْجُمُعَةِ بِهِمْ (وَالْأَكْمَلُ وَضْعُهُ بِمَوْضِعٍ خَالٍ) عَنْ النَّاسِ، لَا يَدْخُلُهُ إلَّا الْغَاسِلُ وَمُعِينُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ بِبَدَنِهِ مَا يُخْفِيهِ، وَلِلْوَلِيِّ الدُّخُولُ وَإِنْ لَمْ يُغَسَّلْ وَلَمْ يُعَنْ لِحِرْصِهِ عَلَى مَصْلَحَتِهِ وَقَدْ غَسَّلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيٌّ وَالْفَضْلُ وَأُسَامَةُ يُنَاوِلُ الْمَاءَ وَالْعَبَّاسُ وَاقِفٌ، ثُمَّ وَهُوَ مُقَيَّدٌ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ، وَإِلَّا فَكَأَجْنَبِيٍّ، وَمُرَادُهُ بِالْوَلِيِّ أَقْرَبُ الْوَرَثَةِ (مَسْتُورٍ) عَنْهُمْ كَمَا فِي حَالِ حَيَاتِهِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ تَحْتَ سَقْفٍ؛ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهُ كَمَا فِي الْأُمِّ (عَلَى لَوْحٍ) ، أَوْ سَرِيرٍ هُيِّئَ لِذَلِكَ لِئَلَّا يُصِيبَهُ الرَّشَاشُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَالْأَكْمَلُ وَضْعُهُ إلَخْ) أَيْ مِنْ الْأَكْمَلِ إذْ بَقِيَ مِنْهَا أَشْيَاءُ أُخَرُ، وَالتَّعْبِيرُ بِهِ يُشْعِرُ بِأَنَّ غَيْرَ هَذِهِ الْحَالَةِ فِيهِ كَمَالٌ، وَهُوَ مُشْكِلٌ بِأَنَّ تَغْسِيلَهُ بِحَضْرَةِ النَّاسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُخَالِفُ مَا ذُكِرَ مَكْرُوهٌ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ أَكْمَلَ بِمَعْنَى كَامِلٍ؛ لِأَنَّ اسْمَ التَّفْضِيلِ قَدْ يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى أَصْلِ الْفِعْلِ، أَوْ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِأَنَّ مَا عَدَاهُ كَامِلٌ مِنْ حَيْثُ أَدَاءِ الْوَاجِبِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ عَدَمُ كَمَالٍ مِنْ جِهَةِ أَدَاءِ السُّنَّةِ، وَيُؤَيِّدُ الْجَوَابَ الثَّانِيَ أَخْذُهُ فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَأَقَلُّ الْغُسْلِ تَعْمِيمُ بَدَنِهِ (قَوْلُهُ: عَلِيٌّ وَالْفَضْلُ) ظَاهِرُهُ أَنَّ عَلِيًّا وَالْفَضْلَ كَانَا يُبَاشِرَانِ الْغُسْلَ فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ عَلَى الشَّمَائِلِ فِي آخِرِ بَابِ مَا جَاءَ فِي وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَنُو أَبِيهِ مَا نَصُّهُ: فَغَسَّلَهُ عَلِيٌّ لِحَدِيثِ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ ابْنُ سَعْدٍ وَالْبَزَّارُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالْعُقَيْلِيُّ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْوَاهِيَاتِ عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ بِلَفْظِ «أَوْصَانِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ لَا يُغَسِّلَهُ أَحَدٌ غَيْرِي، فَإِنَّهُ لَا يَرَى عَوْرَتِي أَحَدٌ إلَّا طُمِسَتْ عَيْنَاهُ» زَادَ بْنُ سَعْدٍ قَالَ عَلِيٌّ: فَكَانَ الْفَضْلُ وَأُسَامَةُ يَتَنَاوَلَانِ الْمَاءَ مِنْ وَرَاءِ السَّتْرِ وَهُمَا مَعْصُوبَا الْعَيْنِ. قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: فَمَا تَنَاوَلْت عُضْوًا إلَّا كَأَنَّمَا يُقِلُّهُ مَعِي ثَلَاثُونَ رَجُلًا حَتَّى فَرَغْت مِنْ غُسْلِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ «يَا عَلِيُّ لَا يُغَسِّلْنِي إلَّا أَنْتَ فَإِنَّهُ لَا يَرَى أَحَدٌ عَوْرَتِي إلَّا طُمِسَتْ عَيْنَاهُ» وَالْعَبَّاسُ وَابْنُهُ الْفَضْلُ يُعِينَانِهِ وَقُثَمُ وَأُسَامَةُ وَشُقْرَانُ وَمَوْلَاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصُبُّونَ الْمَاءَ وَأَعْيُنُهُمْ مَعْصُوبَةٌ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ اهـ. وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَرَى أَحَدٌ عَوْرَتِي لَعَلَّ الْمُرَادَ لَا يَرَى أَحَدٌ غَيْرُك، أَوْ أَنَّهُ لَا يَرَى أَحَدٌ عَوْرَتِي إلَّا إلَخْ: أَيْ وَأَنْتَ تُحَافِظُ عَلَى عَدَمِ الرُّؤْيَةِ بِخِلَافِ غَيْرِك (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَكَأَجْنَبِيٍّ) أَيْ فَيَكُونُ حُضُورُهُ خِلَافَ الْأَوْلَى بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ وَالْأَكْمَلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمُرَادُهُ بِالْوَلِيِّ أَقْرَبُ الْوَرَثَةِ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ اجْتَمَعَ الِابْنُ وَالْأَبُ أَوْ الْعَمُّ وَالْجَدُّ فَهَلْ يَسْتَوِيَانِ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَدْلَى بِوَاسِطَةِ وَاحِدَةٍ أَوْ لَا؟ وَيَحْتَمِلُ تَقْدِيمَ الِابْنِ عَلَى الْأَبِ وَتَقْدِيمَ الْجَدِّ عَلَى الْعَمِّ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَنْ الْأَقْرَبُ هُنَا مَنْ أَدْلَى بِجِهَتَيْنِ عَلَى مَنْ أَدْلَى بِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَيُقَدَّمُ الْأَخُ الشَّقِيقُ عَلَى الْأَخِ لِلْأَبِ وَهَكَذَا فِي الْعُمُومَةِ، وَقَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِالْأَقْرَبِ تَقْدِيمُ الْأَخِ لِلْأُمِّ وَالْعَمِّ مِنْ الْأُمِّ عَلَى ابْنِ الْعَمِّ الشَّقِيقِ أَوْ لِلْأَبِ وَإِنْ كَانَ ابْنُ الْعَمِّ لَهُ عُصُوبَةٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ بِالْوَرَثَةِ مَا يَشْمَلُ ذَوِي الْأَرْحَامِ، هَذَا وَسَيَأْتِي أَنَّ أَوْلَاهُمْ يُغَسِّلُهُ أَوْلَاهُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَكُلٌّ مِنْ الْأَبِ وَالْجَدِّ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ مُقَدَّمٌ عَلَى الِابْنِ فَيَكُونَانِ مُقَدَّمَيْنِ فِي الْغُسْلِ أَيْضًا، وَعَلَيْهِ فَيُحْتَمَلُ تَخْصِيصُ مَا هُنَا بِهِمَا مَا يَأْتِي، وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ بَقَاؤُهُ عَلَى إطْلَاقِهِ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ مَا هُنَا لَيْسَ فِيهِ مُبَاشَرَةٌ فَلَمْ يُعْتَبَرْ تَقْدِيمُ الْأَشْفَقِ بَلْ رَوْعِي الْأَقْرَبُ. [فَرْعٌ] لَوْ اخْتَلَفَ اعْتِقَادُ الْمَيِّتِ وَمُغَسِّلُهُ فِي أَقَلِّ الْغُسْلِ وَأَكْمَلِهِ فِي التَّغْسِيلِ فَلَا يَبْعُدُ اعْتِبَارُ اعْتِقَادِ الْمُغَسِّلِ، وَهَلْ يَجْرِي مَا قِيلَ فِي الْأَقَلِّ وَالْأَكْمَلِ فِي تَغْسِيلِ الذِّمِّيِّ حَتَّى إنَّهُ يَجُوزُ لِلْغَاسِلِ أَنْ يُوَضِّئَهُ كَوُضُوءِ الْحَيِّ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ وَقَوْلُهُ يَجُوزُ لِلْغَاسِلِ الْأَوْلَى يُطْلَبُ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ طَلَبَ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّ غُسْلَ الْكَافِرِ مِنْ أَصْلِهِ غَيْرُ مَطْلُوبٍ فَلَا يُطْلَبُ مَا هُوَ مُسْتَحَبٌّ فِيهِ. أَمَّا الْجَوَازُ فَلَا مَانِعَ مِنْهُ، وَأَمَّا لَوْ اخْتَلَفَ اعْتِقَادُ الْوَلِيِّ وَالْغَاسِلِ فَيَنْبَغِي مُرَاعَاةُ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ تَحْتَ سَقْفٍ) هُوَ مُسَاوٍ لِقَوْلِ غَيْرِهِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ. . إلَخْ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَيَكُونُ عَلَيْهِ مُسْتَلْقِيًا كَاسْتِلْقَاءِ الْمُحْتَضَرِ لِكَوْنِهِ أَمْكَنَ لِغُسْلِهِ (وَيُغَسَّلُ) نَدْبًا (فِي قَمِيصٍ) لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهُ «وَقَدْ غُسِّلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَمِيصٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَذَلِكَ «لَمَّا اخْتَلَفَتْ الصَّحَابَةُ فِي غُسْلِهِ هَلْ نُجَرِّدُهُ أَمْ نُغَسِّلُهُ فِي ثِيَابِهِ فَغَشِيَهُمْ النُّعَاسُ وَسَمِعُوا هَاتِفًا يَقُولُ: لَا تُجَرِّدُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَفِي رِوَايَةٍ: غَسِّلُوهُ فِي قَمِيصِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ» ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ بِالْبَاءِ: أَيْ سَخِيفًا بِحَيْثُ لَا يَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ إلَيْهِ لِأَنَّ الْقَوِيَّ يَحْبِسُ الْمَاءَ، وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُغَطَّى وَجْهُهُ بِخِرْقَةٍ أَوَّلَ مَا يَضَعُهُ عَلَى الْمُغْتَسَلِ، ذَكَرَهُ الْمَازِنِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ. وَالْأَفْضَلُ كَوْنُهُ (بِمَاءٍ بَارِدٍ) ؛ لِأَنَّهُ يَشُدُّ الْبَدَنَ وَالْمُسَخَّنُ: يُرْخِيهِ إلَّا أَنْ يَحْتَاجَ إلَى الْمُسَخَّنِ لِوَسَخٍ، أَوْ بَرْدٍ فَيَكُونُ حِينَئِذٍ أَوْلَى، وَلَا يُبَالَغُ فِي تَسْخِينِهِ لِئَلَّا يُسْرِعَ إلَيْهِ الْفَسَادُ، وَالْمَاءُ الْمَالِحُ أَوْلَى مِنْ الْعَذْبِ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَأَقَرَّهُ، قَالَ: وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُغَسَّلَ بِمَاءِ زَمْزَمَ لِلْخِلَافِ فِي نَجَاسَتِهِ بِالْمَوْتِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُعِدَّ الْمَاءَ فِي إنَاءٍ كَبِيرٍ وَيُبْعِدَهُ عَنْ الرَّشَاشِ لِئَلَّا يُقَذِّرَهُ، أَوْ يَصِيرَ مُسْتَعْمَلًا، وَيُعِدُّ مَعَهُ إنَاءَيْنِ آخَرَيْنِ صَغِيرًا وَمُتَوَسِّطًا، يَغْرِفُ بِالصَّغِيرِ مِنْ الْكَبِيرِ وَيَصُبُّهُ فِي الْمُتَوَسِّطِ، ثُمَّ يُغَسِّلُهُ بِالْمُتَوَسِّطِ، قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. (وَيُجْلِسُهُ الْغَاسِلُ عَلَى الْمُغْتَسَلِ) بِرِفْقٍ (مَائِلًا إلَى وَرَائِهِ) قَلِيلًا لِيَسْهُلَ خُرُوجُ مَا فِي بَطْنِهِ (وَيَضَعُ يَمِينَهُ عَلَى كَتِفِهِ وَإِبْهَامَهُ فِي نَقْرَةِ قَفَاهُ) لِئَلَّا تَمِيلَ رَأْسُهُ (وَيُسْنِدُ ظَهْرَهُ إلَى رُكْبَتِهِ الْيُمْنَى) لِئَلَّا يَسْقُطَ (وَيُمِرُّ يَسَارَهُ عَلَى بَطْنِهِ إمْرَارًا بَلِيغًا) أَيْ مُكَرَّرًا الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ مَعَ نَوْعِ تَحَامُلٍ لَا مَعَ شِدَّةٍ؛ لِأَنَّ احْتِرَامَ الْمَيِّتِ وَاجِبٌ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (لِيُخْرِجَ مَا فِيهِ) مِنْ الْفَضَلَاتِ خَشْيَةً مِنْ خُرُوجِهَا بَعْدَ غُسْلِهِ، أَوْ تَكْفِينِهِ، وَتَكُونُ الْمِبْخَرَةُ حِينَئِذٍ مُتَّقِدَةً بِالطِّيبِ كَالْعُودِ وَالْمُعِينُ مُكْثِرًا لِصَبِّ الْمَاءِ لِيُخْفِيَ رِيحَ الْخَارِجِ، بَلْ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ يُسَنُّ أَنْ يُبَخَّرَ عِنْدَهُ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ، لِاحْتِمَالِ ظُهُورِ شَيْءٍ فَتَغْلِبُهُ رَائِحَةُ الْبَخُورِ (ثُمَّ يُضْجِعُهُ لِقَفَاهُ) أَيْ مُسْتَلْقِيًا كَمَا كَانَ أَوَّلًا (وَيُغَسِّلُ بِيَسَارِهِ وَعَلَيْهَا خِرْقَةٌ) مَلْفُوفَةٌ بِهَا (سَوْأَتَيْهِ) أَيْ قُبُلَهُ وَدُبُرَهُ وَكَذَا مَا حَوْلَهَا، كَمَا يَسْتَنْجِي الْحَيُّ بَعْدَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ، وَالْأَوْلَى خِرْقَةٌ لِكُلِّ سَوْأَةٍ عَلَى مَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْمُبَاعَدَةَ عَنْ هَذَا الْمَحَلِّ أَوْلَى، ـــــــــــــــــــــــــــــSوَمِثْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ فَالْأَلْفَاظُ الثَّلَاثَةُ مُتَرَادِفَةٌ خِلَافًا لِمَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ أَمْكَنَ) أَيْ أَسْهَلَ (قَوْلُهُ: وَسَمِعُوا هَاتِفًا يَقُولُ) إنْ قُلْت: الْهَاتِفُ بِمُجَرَّدِهِ لَا يَثْبُتُ بِهِ حُكْمٌ. قُلْت: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ انْضَمَّ إلَى ذَلِكَ اجْتِهَادٌ مِنْهُمْ بَعْدَ سَمَاعِ الْهَاتِفِ فَاسْتَحْسَنُوا هَذَا الْفِعْلَ وَأَجْمَعُوا عَلَيْهِ، فَالِاسْتِدْلَالُ إنَّمَا هُوَ بِإِجْمَاعِهِمْ لَا بِسَمَاعِ الْهَاتِفِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ بَالِيًا أَيْ سَخِيفًا) تَفْسِيرُهُ بِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مُرَادِفٌ لَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: سَخُفَ الثَّوْبُ سُخْفًا وِزَانُ قَرُبَ قُرْبًا، وَسَخَافَةً بِالْفَتْحِ رَقَّ لِقِلَّةِ غَزْلِهِ فَهُوَ سَخِيفٌ، وَمِنْهُ رَجُلٌ سَخِيفٌ وَفِي عَقْلِهِ سُخْفٌ: أَيْ نَقْصٌ اهـ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ: بَالِيًا أَوْ سَخِيفًا، وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُغَطَّى وَجْهُهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ مَظِنَّةُ التَّغَيُّرِ وَلَا يَنْبَغِي إظْهَارُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَالْمَاءُ الْمَالِحُ أَوْلَى) أَيْ أَصَالَةً فَلَا يَنْدُبُ مَزْجُ الْعَذْبِ بِالْمِلْحِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُغَسَّلَ بِمَاءِ زَمْزَمَ) أَيْ فَيَكُونُ الْغُسْلُ بِهِ خِلَافَ الْأَوْلَى. (قَوْلُهُ: مَعَ نَوْعِ تَحَامُلٍ) أَيْ قَلِيلٍ (قَوْلُهُ: لَا مَعَ شِدَّةٍ) أَيْ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ حَيًّا لَأَضَرَّهُ التَّحَامُلُ اهـ كَذَا بِهَامِشٍ عَنْ الشَّيْخِ صَالِحٍ الْبُلْقِينِيِّ (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ ظُهُورِ شَيْءٍ) يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي مَحَلٍّ وَحْدَهُ لَا يُسَنُّ ذَلِكَ مَا دَامَ وَحْدَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمَلَائِكَةُ تَحْضُرُ عِنْدَ الْمَيِّتِ فَتَنْزِلُ الرَّحْمَةُ عِنْدَهُمْ وَهُمْ يَتَأَذَّوْنَ بِالرَّائِحَةِ الْخَبِيثَةِ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ خَالِيًا أَوْ لَا (قَوْلُهُ ثُمَّ يُضْجِعُهُ لِقَفَاهُ) فِي تَعْبِيرِهِ بِالِاضْطِجَاعِ تَجُوزُ وَحَقِيقَتُهُ أَنْ يُلْقِيَهُ عَلَى قَفَاهُ فَفِي الْمُخْتَارِ: ضَجَعَ الرَّجُلُ وَضَعَ جَنْبُهُ بِالْأَرْضِ وَبَابُهُ قَطَعَ وَخَضَعَ فَهُوَ ضَاجِعٌ وَأَضْجَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَرُدَّ بِأَنَّ الْمُبَاعَدَةَ عَنْ هَذَا الْمَحَلِّ أَوْلَى) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَالْجُمْهُورُ رَأَوْا أَنَّ الْإِسْرَاعَ فِي هَذَا الْمَحَلِّ وَالْبُعْدَ عَنْهُ أَوْلَى

وَلَفُّ الْخِرْقَةِ وَاجِبٌ لِحُرْمَةِ مَسِّ شَيْءٍ مِنْ عَوْرَتِهِ بِلَا حَائِلٍ. (ثُمَّ يَلُفُّ) خِرْقَةً (أُخْرَى) عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى بَعْدَ أَنْ يُلْقِيَ الْأُولَى وَيُغَسِّلُ يَدَهُ بِمَاءٍ وَأُشْنَانٍ، أَوْ نَحْوِهِ إنْ تَلَوَّثَتْ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ (وَيُدْخِلُ أُصْبُعَهُ) السَّبَّابَةَ (فَمَهُ) كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ مِنْ الْيُسْرَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَتَكُونُ مَبْلُولَةً بِالْمَاءِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْمُتَوَضِّئَ يُزِيلُ مَا فِي أَنْفِهِ بِيَسَارِهِ، وَفَارَقَ الْحَيَّ حَيْثُ يَتَسَوَّكُ بِالْيُمْنَى لِلْخِلَافِ، وَلِأَنَّ الْقَذِرَ ثَمَّ لَا يَتَّصِلُ بِالْيَدِ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَلَا يَفْتَحُ أَسْنَانَهُ لِئَلَّا يَسْبِقَ الْمَاءُ لِجَوْفِهِ فَيُسْرِعُ فَسَادُهُ (وَيُمِرُّهَا عَلَى أَسْنَانِهِ) كَمَا فِي الْحَيِّ (وَيُزِيلُ) بِأُصْبُعِهِ الْخِنْصَرِ مَبْلُولَةً بِمَاءٍ (مَا فِي مَنْخِرَيْهِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا وَبِكَسْرِ الْخَاءِ (مِنْ أَذَى) كَمَا فِي مَضْمَضَةِ الْحَيِّ وَاسْتِنْشَاقِهِ (وَيُوَضِّئُهُ) بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ (كَالْحَيِّ) ثَلَاثًا ثَلَاثًا بِمَضْمَضَةٍ وَاسْتِنْشَاقٍ، وَيُمِيلُ رَأْسَهُ فِيهِمَا كَيْ لَا يَسْبِقَ الْمَاءُ جَوْفَهُ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُنْدَبْ فِيهِمَا مُبَالَغَةٌ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَلَا يَكْفِي عَنْهُمَا مَا مَرَّ آنِفًا؛ لِأَنَّهُ كَالسِّوَاكِ وَزِيَادَةٌ فِي التَّنْظِيفِ، وَيَتْبَعُ بِعُودٍ لَيِّنٍ مَا تَحْتَ أَظْفَارِهِ إنْ لَمْ يُقَلِّمْهَا، وَظَاهِرُ أُذُنَيْهِ وَصِمَاخَيْهِ، وَالْأَوْلَى كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ السُّبْكِيّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ غُسْلِهِ بَعْدَ تَلْيِينِهَا بِالْمَاءِ لِيَتَكَرَّرَ غُسْلُ مَا تَحْتَهَا. وَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ يَنْوِي بِالْوُضُوءِ الْوُضُوءَ الْمَسْنُونَ كَمَا فِي الْغُسْلِ (ثُمَّ يَغْسِلُ رَأْسَهُ، ثُمَّ لِحْيَتَهُ بِسِدْرٍ وَنَحْوِهِ) كَخَطْمِيٍّ، وَالسِّدْرُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَمْسَكُ لِلْبَدَنِ وَأَقْوَى لِلْجَسَدِ وَلِلنَّصِّ عَلَيْهِ فِي الْخَبَرِ (وَيُسَرِّحُهُمَا) أَيْ شَعْرَ رَأْسِهِ وَلِحْيَتَهُ إنْ تَلَبَّدَ فَهُوَ شَرْطٌ لِتَسْرِيحِهِمَا مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ، وَجَرَى عَلَيْهِ جَمَاعَاتٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ تَقْدِيمُ تَسْرِيحِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِثْلُهُ وَأَضْجَعَهُ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ لِحُرْمَةِ مَسِّ شَيْءٍ مِنْ عَوْرَتِهِ) أَيْ وَلَوْ مِنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ، ثُمَّ رَأَيْت حَجّ صَرَّحَ بِذَلِكَ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ بِلَا حَائِلٍ: حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ اهـ. لَكِنْ نَقَلَ سم عَلَى حَجّ عَنْ الشَّارِحِ فِيمَا يَأْتِي تَقْيِيدُ الْوُجُوبِ بِغَيْرِ الزَّوْجَيْنِ اهـ. وَيُتَوَقَّفُ فِيهِ بِمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَلُفَّانِ خِرْقَةً وَلَا مَسَّ مِنْ قَوْلِهِ لَا يُقَالُ هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ لَفِّ الْخِرْقَةِ، إلَى أَنْ قَالَ: فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ فِي لَفٍّ وَاجِبٍ وَهُوَ شَامِلٌ لَهُمَا وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَلُفُّ) مِنْ بَابِ رَدَّ (قَوْلُهُ: وَلَا يَفْتَحُ أَسْنَانَهُ) أَيْ يُسَنُّ أَنْ لَا يَفْتَحَ أَسْنَانَهُ، فَلَوْ خَالَفَ وَفَتَحَ فَإِنْ عَدَّ إزْرَاءٌ أَوْ وَصَلَ الْمَاءُ لِجَوْفِهِ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا نَعَمْ لَوْ تَنَجَّسَ فَمُهُ وَكَانَ يَلْزَمُهُ طُهْرُهُ لَوْ كَانَ حَيًّا وَتَوَقَّفَ عَلَى فَتْحِ أَسْنَانِهِ اُتُّجِهَ فَتْحُهَا وَإِنْ عَلِمَ سَبْقَ الْمَاءِ إلَى جَوْفِهِ (قَوْلُهُ: وَبِكَسْرِ الْخَاءِ) وَقِيلَ بِفَتْحِهِمَا، وَقِيلَ بِضَمِّهِمَا، وَقِيلَ بِكَسْرِهِمَا اهـ حَجّ. وَهَذِهِ الْأَخِيرَةُ قَدْ تُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ بِفَتْحِ الْمِيمِ أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا اهـ (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي عَنْهُمَا) أَيْ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ (قَوْلُهُ مَا مَرَّ آنِفًا) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُدْخِلُ أُصْبُعَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَتْبَعُ بِعُودٍ) أَيْ وُجُوبًا إنْ عَلِمَ أَنَّ تَحْتَهَا مَا يَمْنَعُ مِنْ وُصُولِ الْمَاءِ وَإِلَّا فَنَدْبًا، وَلَا فَرْقَ فِي حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِمَا ذُكِرَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَيِّتِ عَظِيمًا أَوْ لَا (قَوْلُهُ: إنَّهُ يَنْوِي) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: الْوُضُوءَ الْمَسْنُونَ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي وُضُوءِ الْمَيِّتِ مِنْ النِّيَّةِ بِخِلَافِ الْغُسْلِ (قَوْلُهُ: وَيُسَرِّحُهُمَا) أَيْ بَعْدَ غَسْلِهِمَا جَمِيعًا، وَيَظْهَرُ أَنَّ هَذَا هُوَ الْأَكْمَلُ، فَلَوْ غَسَّلَ رَأْسَهُ ثُمَّ سَرَّحَهَا وَفَعَلَ هَكَذَا فِي اللِّحْيَةِ حَصَلَ أَصْلُ السُّنَّةِ (قَوْلُهُ إنْ تَلَبَّدَ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَلَبَّدْ لَا يُسَنُّ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُبَاحًا (قَوْلُهُ: لِتَسْرِيحِهِمَا مُطْلَقًا) اُنْظُرْ مَعْنَى الْإِطْلَاقِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ مُحَرَّمًا وَغَيْرَهُ، وَأَنَّ مُقَابِلَ الْمُعْتَمَدِ يَفْصِلُ بَيْنَ الْمُحَرَّمِ وَغَيْرِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِطْلَاقِ سَوَاءٌ كَانَ وَاسِعَ الْأَسْنَانِ أَوْ لَا وَهُوَ الَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ) رَاجِعٌ إلَى التَّقْيِيدِ بِالسَّبَّابَةِ وَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهُ عَقِبَهُ (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْمِيمِ أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا وَبِكَسْرِ الْخَاءِ) فِي التُّحْفَةِ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَثَالِثِهِ وَكَسْرِهِمَا وَضَمِّهِمَا وَبِفَتْحٍ ثُمَّ كَسْرٍ وَهِيَ أَشْهَرُ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ أُذُنَيْهِ وَصِمَاخَيْهِ) اُنْظُرْ هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى مَاذَا وَمِثْلُهُ فِي الْإِمْدَادِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ شَرْطٌ لِتَسْرِيحِهِمَا مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمُشْطُ وَاسِعُ الْأَسْنَانِ وَغَيْرُهُ: أَيْ خِلَافًا لِلْإِمْدَادِ مِنْ جَعْلِ التَّلَبُّدِ شَرْطًا لِسِنِّ وَاسِعِ الْأَسْنَانِ فَقَطْ

الرَّأْسِ عَلَى اللِّحْيَةِ تَبَعًا لِلْغُسْلِ، وَنَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ (بِمُشْطٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا مَعَ إسْكَانِ الشِّينِ وَبِضَمِّهَا مَعَ الْمِيمِ لِإِزَالَةِ مَا فِيهِمَا مِنْ سِدْرٍ وَوَسَخٍ كَمَا فِي الْحَيِّ (وَاسِعِ الْأَسْنَانِ) لِئَلَّا يُنْتَتَفَ الشَّعْرُ (بِرِفْقٍ) لِيَعْدَمَ الِانْتِتَافُ، أَوْ يَقِلَّ (وَيُرَدُّ الْمُنْتَتَفُ إلَيْهِ) اسْتِحْبَابًا بِأَنْ يَضَعَهُ فِي كَفَنِهِ لِيُدْفَنَ مَعَهُ إكْرَامًا لَهُ، وَقِيلَ يُجْعَلُ وَسَطَ شَعْرِهِ وَأَمَّا دَفْنُهُ فَسَيَأْتِي. (وَيَغْسِلُ) بَعْدَ مَا مَرَّ (شِقَّهُ الْأَيْمَنَ) مِمَّا يَلِي الْوَجْهَ مِنْ عُنُقِهِ إلَى قَدَمِهِ (ثُمَّ الْأَيْسَرَ) كَذَلِكَ (، ثُمَّ يُحَرِّفُهُ إلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ فَيَغْسِلُ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ مِمَّا يَلِي الْقَفَا وَالظَّهْرَ) مِنْ كَتِفِهِ (إلَى الْقَدَمِ، ثُمَّ يُحَرِّفُهُ إلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ فَيَغْسِلُ الْأَيْسَرَ كَذَلِكَ) أَيْ مِمَّا يَلِي قَفَاهُ وَظَهْرَهُ مِنْ كَتِفِهِ إلَى الْقَدَمِ، وَقِيلَ يَغْسِلُ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ مِنْ مُقَدَّمِهِ، ثُمَّ مِنْ ظَهْرِهِ، ثُمَّ يَغْسِلُ شِقَّهُ الْأَيْسَرَ مِنْ مُقَدَّمِهِ، ثُمَّ مِنْ ظَهْرِهِ وَكُلٌّ سَائِغٌ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَكْثَرُونَ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَيَحْرُمُ كَبُّهُ عَلَى وَجْهِهِ احْتِرَامًا لَهُ بِخِلَافِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فِي الْحَيَاةِ حَيْثُ كُرِهَ وَلَمْ يَحْرُمْ إذًا لِحَقٍّ لَهُ فَلَهُ فِعْلُهُ (فَهَذِهِ) الْأَغْسَالُ الْمَذْكُورَةُ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ السِّدْرِ وَنَحْوِهِ فِيهَا كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ إنَّهُ يَمْنَعُ الِاعْتِدَادَ بِهَا، وَقَدْ أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى دَفْعِ اعْتِرَاضٍ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى لَهُ تَأْخِيرَ قَوْلِهِ فَهَذِهِ غَسْلَةٌ عَنْ قَوْلِهِ ثَمَّ يَصُبُّ مَاءَ قَرَاحٍ إذْ لَا تَكُونُ مَحْسُوبَةً إلَّا بَعْدَ صَبِّهِ، وَلِهَذَا قَالَ الْمُصَحِّحُ فِي عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، وَيُوجَدُ فِي كَلَامِ بَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ عَلَيْهِ أَنَّ فِيهِ حَذْفًا أَيْضًا، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ تَقْدِيمَهُ اقْتَضَى حَذْفَهُ مِنْ مَحَلِّهِ فَخُلُوُّ مَحَلِّهِ مِنْهُ حَذْفٌ لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (غَسْلَةٌ) وَاحِدَةٌ (وَيُسْتَحَبُّ ثَانِيَةٌ وَثَالِثَةٌ) أَيْضًا فَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ النَّظَافَةُ زِيدَ حَتَّى تَحْصُلَ، فَإِنْ حَصَلَتْ بِشَفْعٍ سُنَّ الْإِيثَارُ بِوَاحِدَةٍ، فَإِنْ حَصَلَ بِهِنَّ لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِنَّ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: هِيَ أَدْنَى الْكَمَالِ وَأَكْمَلُ مِنْهَا خَمْسٌ فَسَبْعٌ، وَالزِّيَادَةُ إسْرَافٌ. (وَ) يُسْتَحَبُّ (أَنْ يُسْتَعَانَ فِي الْأُولَى بِسِدْرٍ، أَوْ خِطْمِيٍّ) بِكَسْرِ الْخَاءِ، وَحُكِيَ ضَمُّهَا لِلتَّنْظِيفِ وَالْإِنْقَاءِ (ثُمَّ يَصُبُّ مَاءَ قَرَاحٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ: أَيْ خَالِصًا (مِنْ فَرْقِهِ إلَى قَدَمِهِ بَعْدَ زَوَالِ السِّدْرِ) أَوْ نَحْوِهِ فَلَا تُحْسَبُ غَسْلَةُ السِّدْرِ وَلَا مَا أُزِيلَ بِهِ مِنْ الثَّلَاثِ لِتَغَيُّرِ الْمَاءِ بِهِ التَّغَيُّرَ السَّالِبَ لِلطَّهُورِيَّةِ وَإِنَّمَا الْمَحْسُوبُ مِنْهَا غَسْلَةُ الْمَاءِ الْقَرَاحِ، فَتَكُونُ الْأَوْلَى مِنْ الثَّلَاثِ بِهِ وَهِيَ الْمُسْقِطَةُ لِلْوَاجِبِ، وَلَا تَخْتَصُّ الْأُولَى بِالسِّدْرِ بَلْ الْوَجْهُ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ التَّكْرِيرُ بِهِ إلَى حُصُولِ الْإِنْقَاءِ عَلَى وَفْقِ الْخَبَرِ وَالْمَعْنَى يَقْتَضِيهِ، فَإِذَا حَصَلَ النَّقَاءُ وَجَبَ غَسْلُهُ بِالْمَاءِ الْخَالِصِ، وَيُسَنُّ بَعْدَهَا ثَانِيَةٌ وَثَالِثَةٌ كَغُسْلِ الْحَيِّ، فَالثَّلَاثُ تَحْصُلُ مِنْ خَمْسٍ كَمَا قَدْ يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ بِأَنْ يُغَسِّلَهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، ثُمَّ بِمَاءٍ مُزِيلٍ لَهُ فَهُمَا غَسْلَتَانِ غَيْرُ مَحْسُوبَتَيْنِ، ثُمَّ بِمَاءِ قَرَاحٍ ثَلَاثًا أَوْ مِنْ تِسْعَةٍ، وَلَهُ فِي تَحْصِيلِ ذَلِكَ كَيْفِيَّتَانِ: الْأُولَى أَنْ يُغَسِّلَهُ مَرَّةً بِسِدْرٍ، ثُمَّ مَاءٍ مُزِيلٍ، ثُمَّ مَاءِ قَرَاحٍ فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ يَحْصُلُ مِنْهَا وَاحِدَةٌ وَيُكَرَّرُ ذَلِكَ إلَى تَمَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: بِضَمِّ الْمِيمِ) عِبَارَةُ الْقَامُوسِ: الْمُشْطُ مُثَلَّثَةٌ وَكَكَتِفٍ وَعَنَقٍ وَعُتُلٍّ وَمِنْبَرٍ آلَةٌ يُمْتَشَطُ بِهَا اهـ. وَقَوْلُهُ وَمِنْبَرٍ: أَيْ فَيُقَالُ فِيهِ مِمْشَطٌ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُحَرِّفُهُ) أَيْ يُمِيلُهُ (قَوْلُهُ: وَالْأُولَى أَوْلَى) أَيْ لِقِلَّةِ الْحَرَكَةِ فِيهِ (قَوْلُهُ: احْتِرَامًا لَهُ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ لَمْ يَضْطَرَّ الْغَاسِلُ إلَى ذَلِكَ وَإِلَّا جَازَ بَلْ وَجَبَ (قَوْلُهُ: فَلَهُ فِعْلُهُ) أَيْ يَتْرُكُ الْأَكْمَلَ، وَلَوْ قَالَ فَلَهُ تَرْكُهُ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: إنَّهُ يُمْنَعُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُمْنَعُ إلَخْ (قَوْلُهُ زِيدَ حَتَّى يَحْصُلَ) زَادَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذُكِرَ، بِخِلَافِ طَهَارَةِ الْحَيِّ لَا يَزِيدُ فِيهَا عَلَى الثَّلَاثِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ طَهَارَةَ الْحَيِّ مَحْضُ تَعَبُّدٍ وَهُنَا الْمَقْصُودُ النَّظَافَةُ، وَلَا فَرْقَ فِي طَلَبِ الزِّيَادَةِ لِلنَّظَافَةِ بَيْنَ الْمَاءِ الْمَمْلُوكِ وَالْمُسْبَلِ وَغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ فَسَبْعٌ) ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذِهِ أَوْلَى بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْإِنْقَاءِ وَعَلَيْهِ فَمَا صُورَةُ السَّبْعِ وَلَعَلَّ صُورَتَهَا بِأَنْ حَصَلَ الْإِنْقَاءُ بِالسَّادِسَةِ فَيُسَنُّ سَابِعَةٌ لِلْإِيتَارِ (قَوْلُهُ: وَالزِّيَادَةُ) أَيْ عَلَى السَّبْعِ إسْرَافٌ: أَيْ وَإِنْ كَانَ مُسْبَلًا؛ لِأَنَّ السَّبْعَ هُنَا كَالثَّلَاثِ فِي الْوُضُوءِ بِجَامِعِ الطَّلَبِ، وَقَدْ قَالُوا فِيهِ: إنَّ اسْتِحْبَابَ الثَّلَاثِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْمَمْلُوكِ وَغَيْرِهِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي إلَى حُصُولِ الْإِنْقَاءِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الْخَاءِ) وَحُكِيَ فَتْحُهَا اهـ مَحَلِّيٌّ، وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ، وَفِي الْقَامُوسِ: وَالْخِطْمِيُّ: أَيْ بِكَسْرِ الْخَاءِ أَخْذًا مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الثَّلَاثِ، الثَّانِيَةُ أَنْ يُغَسِّلَهُ بِسِدْرٍ، ثُمَّ مُزِيلٍ لَهُ وَهَكَذَا إلَى تَمَامِ سِتٍّ غَيْرِ مَحْسُوبَةٍ، ثُمَّ مَاءُ قَرَاحٍ ثَلَاثًا وَهَذِهِ أَوْلَى فِيمَا يَظْهَرُ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ نَحْوَ السِّدْرِ مَا دَامَ الْمَاءُ يَتَغَيَّرُ بِهِ يَمْنَعُ الْحُسْبَانَ عَنْ الْغُسْلِ الْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ، وَعُلِمَ أَنَّ اقْتِصَارَ الْمُصَنِّفِ كَالرَّوْضَةِ تَبَعًا لِلْأَصْحَابِ عَلَى الْأَوْلَى مَحْمُولٌ عَلَى بَيَانِ أَقَلِّ الْكَمَالِ، وَاقْتِضَاءُ الْمَتْنِ اسْتِوَاءُ السِّدْرِ وَالْخِطْمِيُّ، يُنَازِعُهُ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ: السِّدْرُ أَوْلَى لِلنَّصِّ؛ لِأَنَّهُ أَمْسَكُ لِلْبَدَنِ، إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الِاسْتِوَاءِ فِي أَصْلِ الْفَضِيلَةِ. قِيلَ وَإِفْهَامُ الرَّوْضَةِ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا غَرِيبٌ، وَاسْتَحَبَّ الْمُزَنِيّ إعَادَةَ الْوُضُوءِ مَعَ كُلِّ غَسْلَةٍ وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ (وَ) يُسْتَحَبُّ (أَنْ يَجْعَلَ فِي كُلِّ غَسْلَةٍ) مِنْ الثَّلَاثِ الَّتِي بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ (قَلِيلَ كَافُورٍ) وَفِي الْأَخِيرَةِ آكَدُ لِلْخَبَرِ الْآتِي وَلِتَقْوِيَةِ الْبَدَنِ وَدَفْعِهِ الْهَوَامَّ، وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ كَمَا فِي الْأُمِّ، وَخَرَجَ بِقَلِيلٍ الْكَثِيرُ بِحَيْثُ يَفْحُشُ التَّغَيُّرُ بِهِ فَإِنَّهُ يَسْلُبُ الْمَاءَ الطَّهُورِيَّةَ مَا لَمْ يَكُنْ صُلْبًا كَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْكِتَابِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمُحْرِمِ، أَمَّا هُوَ فَيَحْرُمُ وَضْعُ الْكَافُورِ فِي مَاءِ غُسْلِهِ، ثُمَّ بَعْدَ تَكْمِيلِ الْغُسْلِ تُلَيَّنُ لِلْمَيِّتِ مَفَاصِلُهُ، ثُمَّ يُنَشَّفُ تَنْشِيفًا بَلِيغًا لِئَلَّا تَبْتَلَّ أَكْفَانُهُ فَيُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ، وَلَا يَأْتِي فِي هَذَا التَّنْشِيفِ الْخِلَافُ الْمَارُّ فِي تَنْشِيفِ الْحَيِّ، وَالْأَصْلُ فِيمَا مَرَّ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِغَاسِلَاتِ ابْنَتِهِ زَيْنَبَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا، وَاغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الْأَخِيرَةِ كَافُورًا أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ، قَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ مِنْهُنَّ وَمَشَطْنَاهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ» ، وَفِي رِوَايَةٍ: «فَضَفَرْنَا شَعْرَهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ وَأَلْقَيْنَاهَا خَلْفَهَا» وَقَوْلُهُ أَوْ خَمْسًا إلَى آخِرِهِ هُوَ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ فِي النَّظَافَةِ إلَى الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثِ مَعَ مُرَاعَاةِ الْوِتْرِ لَا التَّخْيِيرِ، وَقَوْلُهُ إنْ رَأَيْتُنَّ، أَيْ إنْ احْتَجْتُنَّ، وَكَافُ ذَلِكَ بِالْكَسْرِ خِطَابًا لِأُمِّ عَطِيَّةَ وَمَشَطْنَا وَضَفَرْنَا بِالتَّخْفِيفِ: وَثَلَاثَةُ قُرُونٍ: أَيْ ضَفَائِرُ الْقَرْنَيْنِ وَالنَّاصِيَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSضَبْطِهِ بِالْقَلَمِ، وَيُفْتَحُ: نَبَاتٌ مُحَلَّلٌ مُنْضِجٌ مُلَيِّنٌ نَافِعٌ لِعُسْرِ الْبَوْلِ وَالْحَصَا وَالنَّسَا، وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: وَالْخِطْمِيُّ بِكَسْرِ الْخَاءِ وَبِشَدِّ الْيَاءِ: غُسْلٌ مَعْرُوفٌ، فَقَوْلُهُ وَحُكِيَ ضَمُّهَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ، وَأَنَّ الْأَصْلَ وَحُكِيَ فَتْحُهَا لِيُوَافِقَ كَلَامَ هَؤُلَاءِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا لُغَةٌ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: بَعْدَ تَكْمِيلِ الْغُسْلِ) زَادَ حَجّ كَأَثْنَائِهِ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا تَبْتَلَّ أَكْفَانُهُ إلَخْ) زَادَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: وَبِهَذَا فَارَقَ غُسْلُ الْحَيِّ وَوُضُوءُهُ حَيْثُ اسْتَحَبُّوا تَرْكَ التَّنْشِيفِ فِيهِمَا اهـ (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِيمَا مَرَّ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ إلَخْ) قَالَ حَجّ فِي شَرْحِ الشَّمَائِلِ قُبَيْلَ بَابِ مَا جَاءَ فِي فِرَاشِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَفِيهِ «أَنَّهُ أَلْقَى إلَيْهِنَّ حِقْوَهُ: أَيْ إزَارَهُ، وَأَمَرَهُنَّ أَنْ يَجْعَلْنَهُ شِعَارَهَا الَّذِي يَلِي جَسَدَهَا» اهـ. وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْ آثَارِ الصَّالِحِينَ وَجَعَلَهُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: قَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ) اسْمُهَا نُسَيْبَةُ بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ السِّينِ، هِيَ بِنْتُ الْحَارِثِ، وَقِيلَ بِنْتُ كَعْبٍ الْأَنْصَارِيَّةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - اهـ مِنْ جَامِعِ الْأُصُولِ لِابْنِ الْأَثِيرِ (قَوْلُهُ: وَكَافُ ذَلِكَ بِالْكَسْرِ) تَبِعَ فِي ذَلِكَ الْبِرْمَاوِيَّ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ حَيْثُ قَالَ بِكَسْرِ الْكَافِ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ لِأُمِّ عَطِيَّةَ فِيمَا يَظْهَرُ وَإِلَّا لَقَالَ ذَلِكُنَّ اهـ. فَجَعَلَ الدَّلِيلَ عَلَى كَوْنِهِ خِطَابًا لِأُمِّ عَطِيَّةَ مُجَرَّدُ الْعُدُولِ عَنْ الْجَمْعِ إلَى الْإِفْرَادِ، لَكِنْ قَالَ الدِّمْيَاطِيُّ فِي الْمَصَابِيحِ: إنَّهُ مِمَّا قَامَتْ فِيهِ ذَلِكَ بِالْكَسْرِ مَقَامَ ذَلِكُنَّ وَقَدْ مَرَّ مِثْلُهُ اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْخِطَابَ لَيْسَ لِأُمِّ عَطِيَّةَ وَحْدَهَا بَلْ لِجُمْلَةِ الْغَاسِلَاتِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلْ ضَمِيرُ الْجَمْعِ فِي ابْدَأْنَ وَرَأَيْتُنَّ قَائِمًا مَقَامَ ضَمِيرِ الْوَاحِدَةِ فَيَكُونُ الْكُلُّ خِطَابًا لِأُمِّ عَطِيَّةَ لَعَلَّهُ؛ لِأَنَّ جُمْلَةَ الْغَاسِلَاتِ مَقْصُودَةٌ بِالْأَمْرِ لِمُبَاشَرَتِهِنَّ، وَيَجُوزُ أَنَّ أُمَّ عَطِيَّةَ هِيَ الَّتِي شَافَهَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْأَمْرِ فَأَقَامَهَا مَقَامَهُنَّ فِي الْخِطَابِ مَعَ كَوْنِهِ فِي الْحَقِيقَةِ لِلْكُلِّ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ وَكَافُ ذَلِكَ بِالْكَسْرِ: أَيْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ كَمَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْإِعْلَامِ وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَضَفَرْنَا بِالتَّخْفِيفِ) لَعَلَّ حِكْمَةَ التَّعْبِيرِ بِالتَّخْفِيفِ أَنَّهُ الْوَاقِعُ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يَنْبَغِي الْمُبَالَغَةُ فِي تَسْرِيحِهِ وَإِلَّا فَيَجُوزُ التَّشْدِيدُ فِيهِ لِلْمُبَالَغَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[بيان الغاسل]

(فَلَوْ) (خَرَجَ) مِنْ الْمَيِّتِ (بَعْدَهُ) أَيْ الْغُسْلِ (نَجَسٌ) وَلَوْ مِنْ الْفَرْجِ وَقَبْلَ التَّكْفِينِ، أَوْ وَقَعَ عَلَيْهِ نَجَسٌ فِي آخِرِ غُسْلِهِ، أَوْ بَعْدَهُ (وَجَبَ إزَالَتُهُ فَقَطْ) مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ غُسْلٍ أَوْ غَيْرِهِ لِسُقُوطِ الْفَرْضِ بِمَا جَرَى وَحُصُولِ النَّظَافَةِ بِإِزَالَةِ الْخَارِجِ (وَقِيلَ) فِيمَا إذَا لَمْ يُكَفَّنْ تَجِبُ إزَالَتُهُ (مَعَ الْغُسْلِ إنْ خَرَجَ مِنْ الْفَرْجِ) لِيَخْتِمَ أَمْرَهُ بِالْأَكْمَلِ (وَقِيلَ) فِي الْخَارِجِ مِنْهُ تَجِبُ إزَالَتُهُ مَعَ (الْوُضُوءِ) بِالْجَرِّ عَلَى مَا تَقَرَّرَ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا إذْ جَرُّ الْمُضَافِ إلَيْهِ مَعَ حَذْفِ الْمُضَافِ قَلِيلٌ لَا الْغُسْلِ كَمَا فِي الْحَيِّ، أَمَّا بَعْدَ التَّكْفِينِ فَيُجْزَمُ بِغَسْلِ النَّجَاسَةِ فَقَطْ، وَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ غَسْلُهَا أَيْضًا إذَا كَانَ بَعْدَ التَّكْفِينِ مَرْدُودٌ، وَلَا يَصِيرُ الْمَيِّتُ جُنُبًا بِوَطْءٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَلَا مُحْدِثًا بِمَسٍّ، أَوْ غَيْرِهِ لِانْتِفَاءِ تَكْلِيفِهِ. ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْغَاسِلِ فَقَالَ (وَيُغَسِّلُ الرَّجُلَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةَ الْمَرْأَةُ) فَكُلٌّ أَوْلَى بِصَاحِبِهِ وَسَيَأْتِي تَرْتِيبُهُمْ، قَالَ الشَّارِحُ: هَذَا هُوَ الْأَصْلُ، وَالْأَوَّلُ فِيهِمَا هُوَ الْمَنْصُوبُ، بَلْ هُوَ هَكَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ وَذَلِكَ لِيَصِحَّ إسْنَادُ يُغَسِّلُ الْمُسْنَدِ لِلْمُذَكَّرِ لِلْمَرْأَةِ لِوُجُودِ الْفَاصِلِ بِالْمَفْعُولِ كَمَا فِي قَوْلِهِمْ أَتَى الْقَاضِي امْرَأَةً وَمَا ذَكَرَهُ لَيْسَ بِمُتَعَيِّنٍ، بَلْ يَجُوزُ رَفْعُ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا وَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ، وَيُقَدَّرُ فِي الْجُمْلَةِ الْمَعْطُوفَةِ فِعْلٌ مَبْدُوءٌ بِعَلَامَةِ التَّأْنِيثِ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ ذَلِكَ بِدُونِ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ فَهُوَ تَابِعٌ، وَيُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ، وَقَدْ يُقَالُ تَقْدِيمُ الْمَفْعُولِ هُنَا يُفِيدُ الْحَصْرَ وَالِاخْتِصَاصَ، وَلَوْ قَدَّمَ الْفَاعِلَ لَمْ يُسْتَفَدْ مِنْهُ حَصْرٌ وَلَا يُعْتَرَضُ بِكَوْنِ الرَّجُلِ يُغَسِّلُ الْمَرْأَةَ وَعَكْسِهِ فِي صُوَرٍ إذْ كَلَامُنَا فِي الْأَصْلِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ فَهُوَ كَالْمُسْتَثْنَى، وَالْقِيَاسُ امْتِنَاعُ غُسْلِ الرَّجُلِ لِلْأَمْرَدِ إذَا حَرَّمْنَا النَّظَرَ لَهُ إلْحَاقًا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: بِالْجَرِّ عَلَى مَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ تَجِبُ إزَالَتُهُ مَعَ الْوُضُوءِ وَقَرَّرَ حَجّ مَا يَقْتَضِي رَفْعَهُ حَيْثُ قَالَ: يَجِبُ مَعَ ذَلِكَ الْوُضُوءُ (قَوْلُهُ: لَا الْغُسْلِ) أَيْ فَلَا يَجِبُ. [بَيَانِ الْغَاسِلِ] (قَوْلُهُ: وَيُغَسِّلُ الرَّجُلَ الرَّجُلُ إلَخْ) [تَنْبِيهٌ] لَوْ صَرَفَ الْغَاسِلُ الْغُسْلَ عَنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ بِأَنْ قَصَدَ بِهِ الْغُسْلَ عَنْ الْجَنَابَةِ مَثَلًا إذَا كَانَ جُنُبًا يَنْبَغِي وِفَاقًا لَمْ ر أَنَّهُ يَكْفِي بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ النِّيَّةَ وَأَنَّ الْمَقْصُودَ النَّظَافَةُ وَهُوَ حَاصِلٌ، فَإِنْ قُلْنَا بِاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ وَكَانَ جُنُبًا فَقَصَدَ الْغَاسِلُ الْغُسْلَ عَنْ الْجَنَابَةِ يَنْبَغِي وِفَاقًا لَمْ ر أَنَّهُ يَكْفِي كَمَا لَوْ اجْتَمَعَ عَلَى الْحَيِّ غُسْلَانِ وَاجِبَانِ فَنَوَى أَحَدَهُمَا فَإِنَّهُ يَكْفِي اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: مَبْدُوءٌ بِعَلَامَةِ التَّأْنِيثِ) كَأَنْ يُقَالَ وَتُغَسِّلُ الْمَرْأَةَ الْمَرْأَةُ (قَوْلُهُ: بِدُونِ مَا ذُكِرَ) وَلِحُصُولِ الْفَصْلِ بِالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَهُوَ كَافٍ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: يُفِيدُ الْحَصْرَ وَالِاخْتِصَاصَ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: وَفِيهِ أَنَّ إفَادَةَ الِاخْتِصَاصِ إنَّمَا هُوَ فِي تَقْدِيمِ الْمَعْمُولِ عَلَى عَامِلِهِ، وَأَمَّا كَوْنُهَا فِي تَقْدِيمِ الْمَفْعُولِ عَلَى الْفَاعِلِ فَلَمْ أَعْلَمْهُ اهـ. أَقُولُ: وَفِيهِ أَنَّهُ قَالَ فِي التَّلْخِيصِ تَقْدِيمُ مَا حَقُّهُ التَّأْخِيرُ يُفِيدُ الْحَصْرَ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُحَشِّي، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُحَشِّي بِحَسَبِ الْوَضْعِ وَمَا فِي التَّلْخِيصِ بِحَسَبِ الِاسْتِعْمَالِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ امْتِنَاعُ غُسْلِ الرَّجُلِ لِلْأَمْرَدِ) خِلَافًا لحج. [تَنْبِيهٌ] قَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ كَانَ الْمَيِّتُ أَمْرَدَ حَسَنَ الْوَجْهِ وَلَمْ يَحْضُرْ مَحْرَمٌ لَهُ يُمِّمَ أَيْضًا بِنَاءً عَلَى حُرْمَةِ النَّظَرِ إلَيْهِ اهـ. وَوَافَقَهُ م ر لَكِنْ قَيَّدَهُ بِمَا إذَا خَشِيَ الْفِتْنَةَ؛ لِأَنَّهُ اعْتَمَدَ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ النَّظَرُ لِلْأَمْرَدِ إلَّا عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ، وَهَذَا مِمَّا يُبْتَلَى بِهِ فَإِنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مُغَسِّلَ الْمُرْدِ الْحِسَانِ هُمْ الْأَجَانِبُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا هُوَ جَازَ لَهُ وَيَكُفُّ نَفْسَهُ مَا أَمْكَنَ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالُوهُ فِي الشَّهَادَةِ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْأَجْنَبِيِّ النَّظَرُ لِلشَّهَادَةِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ وَإِنْ خَافَ الْفِتْنَةَ إنْ تَعَيَّنَ وَيَكُفُّ نَفْسَهُ مَا أَمْكَنَ، إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّ الْغُسْلَ هُنَا بَدَلًا، بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ فَإِنَّهُ رُبَّمَا يُضَيِّعُ الْحَقَّ بِالِامْتِنَاعِ وَلَا بَدَلَ لَهَا، وَلَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ إذَا حَرَّمْنَا النَّظَرَ) أَيْ بِأَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ تَقْدِيمُ الْمَفْعُولِ هُنَا يُفِيدُ الْحَصْرَ إلَخْ) أَيْ يُقَالُ فِي تَوْجِيهِ كَلَامِ الشَّارِحِ أَيْضًا

لَهُ بِالْمَرْأَةِ. (وَيُغَسِّلُ أَمَتَهُ) أَيْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ مُكَاتَبَةً، أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ وَذِمِّيَّةً؛ لِأَنَّهُنَّ مَمْلُوكَاتٌ لَهُ فَأَشْبَهْنَ الزَّوْجَةَ، بَلْ أَوْلَى لِمِلْكِهِ الرَّقَبَةَ مَعَ الْبُضْعِ، وَالْكِتَابَةُ تَرْتَفِعُ بِالْمَوْتِ مَا لَمْ تَكُنْ الْمُتَوَفَّاةُ مِنْهُنَّ مُتَزَوِّجَةً، أَوْ مُعْتَدَّةً أَوْ مُسْتَبْرَأَةً لِتَحْرِيمِ بُضْعِهِنَّ عَلَيْهِ، وَكَذَا الْمُشْتَرَكَةُ وَالْمُبَعَّضَةُ بِالْأَوْلَى، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّ كُلَّ أَمَةٍ تَحْرُمُ عَلَيْهِ كَوَثَنِيَّةٍ وَمَجُوسِيَّةٍ كَذَلِكَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا بَحَثَهُ الْبَارِزِيُّ، وَإِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْمِنْهَاجِ جَوَازُ ذَلِكَ لَا يُقَالُ: الْمُسْتَبْرَأَةُ إمَّا مَمْلُوكَةٌ بِالسَّبْيِ وَالْأَصَحُّ حِلُّ التَّمَتُّعَاتِ بِهَا مَا سِوَى الْوَطْءِ فَغُسْلُهَا أَوْلَى، أَوْ بِغَيْرِهِ فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ الْخَلْوَةُ بِهَا وَلَا لَمْسُهَا وَلَا النَّظَرُ إلَيْهَا بِغَيْرِ شَهْوَةٍ فَلَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ غُسْلُهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: تَحْرِيمُ غُسْلِهَا لَيْسَ لِمَا ذُكِرَ بَلْ لِتَحْرِيمِ بُضْعِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ فَأَشْبَهَتْ الْمُعْتَدَّةَ بِجَامِعِ تَحْرِيمِ الْبُضْعِ وَتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِأَجْنَبِيٍّ. . (وَ) يُغَسِّلُ (زَوْجَتَهُ) وَلَوْ كِتَابِيَّةً وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ رِجَالُ مَحَارِمِهَا مِنْ أَهْلِ مِلَّتِهَا وَشَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ نَكَحَ أُخْتَهَا، أَوْ نَحْوَهَا أَوْ أَرْبَعًا سِوَاهَا؛ لِأَنَّ حُقُوقَ النِّكَاحِ لَا تَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ بِدَلِيلِ التَّوَارُثِ " وَصَحَّ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ لِعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: مَا ضَرُّك لَوْ مُتِّ قَبْلِي لَغَسَّلْتُك وَكَفَّنْتُك وَصَلَّيْت عَلَيْك وَدَفَنْتُك» رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ حِبَّانَ قَالَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَتِمَّةُ الْخَبَرِ «إذَا كُنْت تُصْبِحُ عَرُوسًا» ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ مَا ضَرُّك إلَى آخِرِهِ: أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَا يُغَسِّلُ عَائِشَةَ لِأَنَّهَا لَا تَمُوتُ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ لَوْ حَرْفُ امْتِنَاعٍ لِامْتِنَاعٍ (وَهِيَ) تُغَسِّلُ (زَوْجَهَا) بِالْإِجْمَاعِ وَلِمَا صَحَّ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهَا قَالَتْ: لَوْ اسْتَقْبَلْت مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْت مَا غَسَّلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا نِسَاؤُهُ: أَيْ لَوْ ظَهَرَ لَهَا قَوْلُهَا الْمَذْكُورُ وَقْتَ غُسْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَا غَسَّلَهُ إلَّا نِسَاؤُهُ لِمَصْلَحَتِهِنَّ بِالْقِيَامِ بِهَذَا الْغَرَضِ الْعَظِيمِ؛ وَلِأَنَّ جَمِيعَ بَدَنِهِ يَحِلُّ لَهُنَّ نَظَرُهُ حَالَ حَيَاتِهِ؛ وَلِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوْصَى بِأَنْ تُغَسِّلَهُ زَوْجَتُهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ فَفَعَلَتْ وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ، وَلَا أَثَرَ لِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِوَضْعٍ عَقِبَ مَوْتِهِ وَلَا لِنِكَاحِهَا غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ لَهَا فَلَا يَسْقُطُ كَالْمِيرَاثِ ـــــــــــــــــــــــــــــSخِيفَ الْفِتْنَةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. (قَوْلُهُ: وَيُغَسِّلُ أَمَتَهُ) أَيْ لَا الْعَكْسُ، فَلَا يَجُوزُ لِوَاحِدَةٍ مِنْ الْأَمَةِ وَمَا بَعْدَهَا أَنْ تُغَسِّلَ سَيِّدَهَا لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهَا؛ وَلِأَنَّ الْمُكَاتَبَةَ كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ، شَرْحُ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ. وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ أَيْضًا: بِخِلَافِ الْأَمَةِ لَا تُغَسِّلُ سَيِّدَهَا فِي الْأَصَحِّ، وَالْمُرَادُ بِأَمَتِهِ الَّتِي يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا قَبْلَ الْمَوْتِ فَيَخْرُجُ بِذَلِكَ مَا لَوْ وَطِئَ إحْدَى أُخْتَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي مِلْكِهِ ثُمَّ مَاتَتْ مَنْ لَمْ يَطَأْهَا قَبْلَ تَحْرِيمِ الْأُخْرَى فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُغَسِّلَهَا عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ قَوْلُهُ الْآتِي لِتَحْرِيمِ بُضْعِهِنَّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ مُعْتَدَّةً) أَيْ وَلَوْ مِنْ شُبْهَةٍ وَكَمَا لَا يُغَسِّلُ زَوْجَتَهُ الْمُعْتَدَّةَ عَنْ شُبْهَةٍ لَا تُغَسِّلُهُ كَمَا سَيَأْتِي. (قَوْلُهُ: إذَا كُنْت تُصْبِحُ عَرُوسًا) وَلَا يُقَالُ فِيهِ رِضَاهَا بِمَوْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهَا عَلِمَتْ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَوْ مِتّ أَنَّهَا لَا تَمُوتُ قَبْلَهُ، فَلَوْ طَلَبَتْ غَيْرَ ذَلِكَ لَكَانَ فِيهِ عَدَمُ تَصْدِيقِهِ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ أَوْ طَلَبُ مُسْتَحِيلٍ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَهِيَ تُغَسِّلُ زَوْجَهَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا يَأْتِي لَهُ مِنْ أَنَّهَا لَا حَقَّ لَهَا فِي وِلَايَةِ الْغُسْلِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الْجَوَازِ (قَوْلُهُ: مَا غَسَّلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا نِسَاؤُهُ) اُنْظُرْ هَلْ يَرُدُّ أَنَّ هَذَا قَوْلُ صَحَابِيٍّ فَلَا يُسْتَدَلُّ بِهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ قَوْلَهَا اُشْتُهِرَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - (قَوْلُهُ: أَيْ لَوْ ظَهَرَ لَهَا قَوْلُهَا إلَخْ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا ظَهَرَ لَهَا أَنَّ نِسَاءَهُ كُنَّ أَحَقَّ بِغُسْلِهِ مِنْ غَيْرِهِنَّ مِنْ الرِّجَالِ، وَهُوَ لَا يُطَابِقُ الْمَقْصُودَ مِنْ أَنَّ غُسْلَهُنَّ جَائِزٌ مَعَ كَوْنِ غَيْرِهِنَّ مِنْ الرِّجَالِ أَحَقَّ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ دَلَّ عَلَى الْجَوَازِ وَالتَّقَدُّمِ، فَصَرَفَ عَنْ التَّقَدُّمِ صَارِفٌ فَبَقِيَ أَصْلُ الْجَوَازِ، أَوْ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهَا تَقُولُ: لَوْ اسْتَقْبَلْت مِنْ أَمْرِي إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَا يُغَسِّلُ عَائِشَةَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَمُوتُ قَبْلَهُ) هَذَا قَدْ يُنْتِجُ نَقِيضَ الْمَطْلُوبِ، عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مَعْنَاهُ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ مَا ضَرَّكِ دَلِيلُ الْجَوَابِ، وَلَيْسَ الْجَوَابُ قَوْلَهُ فَغَسَّلْتُك إلَخْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا) لَوْ أَخَّرَهُ عَنْ الْعِلَّةِ بَعْدَهُ

وَيُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي أَنَّ الْكَافِرَ لَا يُغَسِّلُ مُسْلِمًا أَنَّ الذِّمِّيَّةَ إنَّمَا تُغَسِّلُ زَوْجَهَا الذِّمِّيَّ لَا الرَّجْعِيَّةَ فَلَا تُغَسِّلُهُ لِحُرْمَةِ الْمَسِّ وَالنَّظَرِ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ كَالزَّوْجَةِ فِي النَّفَقَةِ وَنَحْوِهَا، وَمِثْلُهَا بِالْأَوْلَى الْبَائِنُ بِطَلَاقٍ، أَوْ فَسْخٍ، وَأَلْحَقَ بِهَا الْأَذْرَعِيُّ الزَّوْجَةَ الْمُعْتَدَّةَ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ فَلَا تُغَسِّلُ زَوْجَهَا وَلَا عَكْسُهُ، كَمَا لَا يُغَسِّلُ أَمَتَهُ الْمُعْتَدَّةَ وَفَارَقَتْ الْمُكَاتَبَةُ وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي جَوَازِ النَّظَرِ لِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ بِأَنَّ الْحَقَّ فِيهَا تَعَلَّقَ بِأَجْنَبِيٍّ، بِخِلَافِهِ فِي الْمُكَاتَبَةِ فَانْدَفَعَ رَدَّ الزَّرْكَشِيُّ لَهُ بِقِيَاسِهَا عَلَيْهَا (وَيَلُفَّانِ) أَيْ السَّيِّدُ فِي تَغْسِيلِ أَمَتِهِ وَأَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فِي تَغْسِيلِ الْآخَرِ (خِرْقَةً) عَلَى يَدِهِمَا اسْتِحْبَابًا (وَلَا مَسَّ) وَاقِعٌ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَيِّتِ أَيْ لَا يَنْبَغِي ذَلِكَ لِئَلَّا يُنْتَقَضَ وُضُوءُ الْغَاسِلِ فَقَطْ أَمَّا وُضُوءُ الْمَغْسُولِ فَلَا لِمَا مَرَّ، لَا يُقَالُ: هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ لَفِّ الْخِرْقَةِ الشَّامِلِ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ، فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ فِي لَفٍّ وَاجِبٍ وَهُوَ شَامِلٌ لَهُمَا وَهَذَا فِي لَفٍّ مَنْدُوبٍ وَهُوَ خَاصٌّ بِهِمَا فَلَا تَكْرَارَ، نَعَمْ الَّذِي يُتَوَهَّمُ إنَّمَا هُوَ تَكَرُّرُ هَذَا مَعَ مَنْ عَبَّرَ بِأَنَّهُ يُسَنُّ لِكُلِّ غَاسِلٍ لَفُّ خِرْقَةٍ عَلَى يَدِهِ فِي سَائِرِ غُسْلِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا تَكْرَارَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ هَذَا بِالنَّظَرِ لِكَرَاهَةِ الْمَسِّ وَمَا هُنَا بِالنَّظَرِ لِانْتِقَاضِ الطُّهْرِ بِهِ. (فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ) هَا (إلَّا أَجْنَبِيٌّ، أَوْ) لَمْ يَحْضُرْهُ إلَّا (أَجْنَبِيَّةٌ) (يُمِّمَ) أَيْ الْمَيِّتُ حَتْمًا (فِي الْأَصَحِّ) فِيهِمَا إلْحَاقًا ـــــــــــــــــــــــــــــSلَاسْتَرْضَيْت الَّذِينَ هُمْ أَحَقُّ بِالْغُسْلِ وَتَوَلَّيْنَا غُسْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: إنَّ الذِّمِّيَّةَ إنَّمَا تُغَسِّلُ زَوْجَهَا) إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهَا لَا حَقَّ لَهَا بِحَيْثُ تُقَدَّمُ بِهِ عَلَى غَيْرِهَا فَظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهَا لَا تُمَكَّنُ مِنْ التَّغْسِيلِ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ عَدَمُ الْجَوَازِ. ثُمَّ رَأَيْت بِهَامِشٍ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْبَهْجَةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ تَغْسِيلُ الذِّمِّيَّةِ زَوْجَهَا الْمُسْلِمَ، وَأَنَّ شَيْخَنَا الزِّيَادِيَّ اعْتَمَدَهُ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي قَوْلِ الْمَحَلِّيِّ إلَّا أَنَّ غُسْلَ الذِّمِّيَّةِ لِزَوْجِهَا الْمُسْلِمِ مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ فَلَا تُغَسِّلُ زَوْجَهَا) مُعْتَمَدٌ وَذَلِكَ لِحُرْمَةِ النَّظَرِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ قُبَيْلَ الْخُطْبَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ لَا يَنْبَغِي ذَلِكَ) أَيْ لَا يَحْسُنُ فَالْمَسُّ مَكْرُوهٌ فِي غَيْرِ الْعَوْرَةِ، أَمَّا فِيهَا فَحَرَامٌ لِمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ: وَلَفُّ الْخِرْقَةِ وَاجِبٌ لِحُرْمَةِ مَسِّ شَيْءٍ مِنْ عَوْرَتِهِ بِلَا حَائِلٍ (قَوْلُهُ: فَلَا لِمَا مَرَّ) أَيْ فَلَا يُنْتَقَضُ وَإِنْ نَقَضْنَا طُهْرَ الْمَلْمُوسِ الْحَيِّ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَذِنَ لَهُ فِيهِ لِلْحَاجَةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ شَامِلٌ لَهُمَا) وَمِنْهُ يُعْلَمُ حُرْمَةُ مَسِّ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ عَوْرَةَ الْآخَرِ وَكَرَاهَةُ مَسِّ مَا عَدَاهَا، وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَنَقَلَ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى حَجّ هُنَا عَنْ الشَّارِحِ جَوَازَ مَسِّ الْعَوْرَةِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَعَلَيْهِ فَمَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ النَّدْبِ مُخَصَّصٌ لِعُمُومِ قَوْلِهِ ثَمَّ وَلَفُّ الْخِرْقَةِ وَاجِبٌ، وَكَأَنَّهُ قِيلَ إلَّا فِي حَقِّ الزَّوْجَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ هُنَا وَهُوَ خَاصٌّ بِهِمَا، فَيَكُونُ الْمَسُّ وَلَوْ لِلْعَوْرَةِ عِنْدَهُ مَكْرُوهًا لَا حَرَامًا (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ هَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِهِ بِأَنَّهُ يُسَنُّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَجْنَبِيٌّ) قَالَ حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ أَجْنَبِيٌّ كَبِيرٌ وَاضِحٌ وَالْمَيِّتُ امْرَأَةٌ أَوْ أَجْنَبِيَّةٌ كَذَلِكَ وَلَمْ يَذْكُرْ مَفْهُومَهُ. قَالَ سم عَلَيْهِ: مَفْهُومُهُ أَنَّ الْخُنْثَى وَلَوْ كَبِيرًا إذَا لَمْ يُوجَدْ إلَّا هُوَ يُغَسِّلُ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ الْأَجْنَبِيَّيْنِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِهِ، وَقَدْ يُوَجَّهُ الْقِيَاسُ عَلَى عَكْسِهِ: أَيْ مَنْ لَهُمَا تَغْسِيلُهُ اهـ (قَوْلُهُ: يُمِّمَ) أَيْ بِحَائِلٍ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم عَلَى حَجّ: هَلْ تَجِبُ النِّيَّةُ أَمْ لَا اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. أَقُولُ: الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعِبَادَةِ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ إلَّا بِالنِّيَّةِ، لَكِنَّ عِبَارَةَ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ الشَّوْبَرِيِّ عَلَى الْمَنْهَجِ نَصُّهَا: جَزَمَ حَجّ فِي الْإِيعَابِ بِعَدَمِ وُجُوبِ النِّيَّةِ كَالْغُسْلِ اهـ (قَوْلُهُ: فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا) وَلَوْ حَضَرَ مَنْ لَهُ غُسْلُهُمَا بَعْدَ الصَّلَاةِ وَجَبَ الْغُسْلُ كَمَا لَوْ تَيَمَّمَ لِفَقْدِ الْمَاءِ ثُمَّ وَجَدَهُ فَتَجِبُ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّ الْكَافِرَ لَا يُغَسِّلُ مُسْلِمًا) أَيْ إنْ كَانَ هُنَاكَ غَيْرُهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي قَرِيبًا فِي قَوْلِهِ وَلَوْ حَضَرَ الْمَيِّتَ الذَّكَرَ كَافِرٌ وَمُسْلِمَةٌ غَسَّلَهُ، ثُمَّ لَك أَنْ تَقُولَ: إنْ كَانَ مُرَادُ الشَّارِحِ بِمَا يَأْتِي مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَشَرْطُ التَّقْدِيمِ الِاتِّحَادُ فِي الْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ، فَعُلِمَ هَذَا مِنْهُ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ فِي التَّقْدِيمِ وَعَدَمِهِ فَلَا يُعْلَمُ مِنْهُ حُكْمُ الْجَوَازِ، وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ غَيْرَ هَذَا فَفِي أَيِّ مَحَلٍّ (قَوْلُهُ: عَلَى يَدِهِمَا اسْتِحْبَابًا) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ فِي الْعَوْرَةِ، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ الشِّهَابِ سم فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ فِي لَفٍّ وَاجِبٍ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِي السَّوْأَتَيْنِ كَمَا مَرَّ.

لِفَقْدِ الْغَاسِلِ بِفَقْدِ الْمَاءِ، إذْ الْغُسْلُ مُتَعَذِّرٌ شَرْعًا لِتَوَقُّفِهِ عَلَى النَّظَرِ، أَوْ الْمَسِّ الْمُحَرَّمِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي ثِيَابٍ سَابِغَةٍ وَبِحَضْرَةِ نَهْرٍ مَثَلًا وَأَمْكَنَ غَمْسُهُ بِهِ لِيَصِلَ الْمَاءُ لِكُلِّ بَدَنِهِ مِنْ غَيْرِ مَسٍّ وَلَا نَظَرٍ وَجَبَ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَنَّهُ يُزِيلُ النَّجَاسَةَ؛ لِأَنَّ إزَالَتَهَا لَا بُدَّ لَهَا بِخِلَافِ الْغُسْلِ، وَلِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَصِحُّ قَبْلَ إزَالَتِهَا، وَلَوْ حَضَرَ الْمَيِّتَ الذَّكَرَ كَافِرٌ وَمُسْلِمَةٌ غَسَّلَهُ؛ لِأَنَّ لَهُ النَّظَرَ إلَيْهِ دُونَهَا وَصَلَّتْ عَلَيْهِ الْمُسْلِمَةُ وَالْوَلَدُ الصَّغِيرُ الَّذِي لَا يُشْتَهَى يُغَسِّلُهُ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى لِحِلِّ نَظَرِهِ وَمَسِّهِ، وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ الْكَبِيرُ يُغَسِّلُهُ الْمَحَارِمُ مِنْهُمَا، فَإِنْ فُقِدُوا يُمِّمَ كَمَا لَوْ لَمْ يَحْضُرْ الْمَيِّتَ إلَّا أَجْنَبِيٌّ، كَذَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِظَاهِرِ كَلَامِ أَصْلِهِ، وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَنَقَلَهُ عَنْ اتِّفَاقِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ، أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ تَغْسِيلَهُ لِلْحَاجَةِ وَاسْتِصْحَابًا لِحُكْمِ الصِّغَرِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، قَالَ: وَيُغَسَّلُ فَوْقَ ثَوْبٍ وَيَحْتَاطُ الْغَاسِلُ فِي غَضِّ الْبَصَرِ وَالْمَسِّ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ بِأَنَّهُ هُنَا يَحْتَمِلُ الِاتِّحَادَ فِي جِنْسِ الذُّكُورَةِ، أَوْ الْأُنُوثَةِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ، وَيُفَارِقُ ذَلِكَ أَخْذُهُمْ فِي بِالْأَحْوَطِ فِي النَّظَرِ بِأَنَّهُ مَحَلُّ حَاجَةٍ وَبِأَنَّهُ لَا يُخَافُ مِنْهُ الْفِتْنَةُ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يُغَسَّلُ الْمَيِّتُ فِي ثِيَابِهِ وَيَلُفُّ الْغَاسِلُ عَلَى يَدِهِ خِرْقَةً وَيَغُضُّ طَرْفَهُ مَا أَمْكَنَهُ، فَإِنْ اُضْطُرَّ إلَى النَّظَرِ نَظَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــSإعَادَةُ الصَّلَاةِ هَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي الْمُصَلِّينَ عَلَى الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهَا خَاتِمَةُ طَهَارَتِهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: خَرَجَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ الصَّلَاةِ مَا لَوْ حَضَرَ بَعْدَ الدَّفْنِ فَلَا يُنْبَشُ لِسُقُوطِ الطَّلَبِ بِالتَّيَمُّمِ بَدَلَ الْغُسْلِ. وَلَيْسَ هَذَا كَمَا لَوْ دُفِنَ بِلَا غُسْلٍ فَإِنَّهُ يُنْبَشُ لِأَجْلِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ ثَمَّ غُسْلٌ وَلَا بَدَلُهُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الدَّفْنِ إدْلَاؤُهُ فِي الْقَبْرِ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ، وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ فِي الدَّرْسِ خِلَافُهُ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: لِفَقْدِ الْغَاسِلِ بِفَقْدِ الْمَاءِ) أَيْ وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ فِي مَحَلٍّ لَا يَجِبُ طَلَبُ الْمَاءِ مِنْهُ فَيُقَالُ مِثْلُهُ فِي فَقْدِ الْغَاسِلِ، وَلَوْ قِيلَ بِتَأْخِيرِهِ إلَى وَقْتٍ لَا يُخْشَى عَلَيْهِ فِيهِ التَّغَيُّرُ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا (قَوْلُهُ: لِكُلِّ بَدَنِهِ مِنْ غَيْرِ مَسٍّ) : يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ وَأَمْكَنَ الصَّبُّ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَصِلُ الْمَاءُ إلَى جَمِيعِ بَدَنِهِ بِلَا مَسٍّ وَلَا نَظَرٍ وَجَبَ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُزِيلُ النَّجَاسَةَ) أَيْ الْأَجْنَبِيُّ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً: أَيْ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى الْعَوْرَةِ، فَلَوْ عَمَّتْ بَدَنَهَا وَجَبَتْ إزَالَتُهَا وَيَحْصُلُ بِذَلِكَ الْغُسْلُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ التَّكْفِينِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغُسْلِ بِأَنَّ لَهُ بَدَلًا بِخِلَافِ التَّكْفِينِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَابُ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا مَاتَ مَعَ زَوْجَتِهِ وَقْتَ جِمَاعِهِ لَهَا، وَهُوَ أَنَّهُ يَجُوزُ بِكُلٍّ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ إزَالَةُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ وَإِنْ أَدَّى إلَى رُؤْيَةِ الْعَوْرَةِ (قَوْلُهُ: وَالْوَلَدُ الصَّغِيرُ) أَيْ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (قَوْلُهُ يُغَسِّلُهُ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى) أَيْ يَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا تَغْسِيلُهُ لَا أَنَّهُمَا يَجْتَمِعَانِ عَلَى غُسْلِهِ (قَوْلُهُ وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ) أَيْ وَكَذَا مَنْ جُهِلَ أَيْ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى كَأَنْ أَكَلَ سَبُعٌ مَا بِهِ يَتَمَيَّزُ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: إنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ تَغْسِيلُهُ) أَيْ عِنْدَ فَقْدِ الْمَحَارِمِ. وَيَنْبَغِي اقْتِصَارُهُ عَلَى الْغُسْلِ الْوَاجِبِ دُونَ الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَدُونَ الْوُضُوءِ وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: قَالَ النَّاشِرِيُّ: تَنْبِيهٌ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: حَيْثُ قُلْنَا إنَّ الْأَجْنَبِيَّ يُغَسِّلُ الْخُنْثَى فَيُتَّجَهُ اقْتِصَارُهُ عَلَى غَسْلَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تَنْدَفِعُ بِهَا اهـ. وَقَوْلُهُ وَيُغَسَّلُ: أَيْ الْخُنْثَى فَوْقَ ثَوْبٍ أَيْ وُجُوبًا. وَقَوْلُهُ وَيَحْتَاطُ الْغَاسِلُ زَادَ حَجّ نَدْبًا (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ) أَيْ حَيْثُ حَرُمَ عَلَى الْمَرْأَةِ تَغْسِيلُهُ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّهُ حَيْثُ تَيَسَّرَ غُسْلُهُ فِي ثَوْبٍ سَابِغٍ بِلَا نَظَرٍ وَلَا مَسٍّ وَجَبَ لِجَوَازِ تَخْصِيصِ مَا سَبَقَ كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَتُهُ بِمَا لَوْ أَمْكَنَ إلْقَاؤُهُ فِي نَهْرٍ مِنْ غَيْرِ مَسٍّ وَلَا نَظَرٍ لِشَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ، وَمَا هُنَا بِمَا لَوْ غُسِّلَ فِي ثَوْبٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ حَضَرَ الْمَيِّتَ الذَّكَرَ كَافِرٌ وَمُسْلِمَةٌ غَسَّلَهُ) أَيْ وُجُوبًا أَخْذًا مِنْ قَاعِدَةِ مَا جَازَ بَعْدَ امْتِنَاعٍ يَصْدُقُ بِالْوُجُوبِ وَبِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ أَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ) أَيْ الْوَاضِحِ.

لِلضَّرُورَةِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الرِّجَالَ أَوْلَى بِغُسْلِ الرِّجَالِ لِلْأَمْنِ مِنْ نَقْضِ طُهْرِ الْحَيِّ كَمَا مَرَّ فَيَتَقَدَّمُونَ فِي غُسْلِ الرَّجُلِ عَلَى الزَّوْجَةِ وَأَوْلَاهُمْ مَنْ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَأَوْلَى الرِّجَالِ بِهِ) أَيْ الرَّجُلِ إذَا اجْتَمَعَ فِي غُسْلِهِ مِنْ أَقَارِبِهِ مَنْ يَصْلُحُ لِغُسْلِهِ (أَوْلَاهُمْ بِالصَّلَاةِ) عَلَيْهِ وَهُمْ رِجَالُ الْعَصَبَاتِ مِنْ النَّسَبِ، ثُمَّ الْوَلَاءِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُمْ فِي الْفَرْعِ الْآتِي، ثُمَّ الزَّوْجَةُ بَعْدَهُمْ فِي الْأَصَحِّ لِمَا سَيَأْتِي فِي عَكْسِهِ، وَكَلَامُهُمْ يَشْمَلُ الزَّوْجَةَ وَالْأَمَةَ، وَذَكَرَ فِيهَا ابْنُ الْأُسْتَاذِ احْتِمَالَيْنِ: أَوْجَهُهُمَا لَا حَقَّ لَهَا لِبُعْدِهَا عَنْ الْمَنَاصِبِ وَالْوِلَايَاتِ، وَيَدُلُّ لَهُ كَلَامُ ابْنِ كَجٍّ الْآتِي، نَعَمْ الْأَفْقَهُ هُنَا أَوْلَى مِنْ الْأَسَنِّ كَمَا فِي الدَّفْنِ (وَ) أَوْلَى النِّسَاءِ (بِهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ فِي غُسْلِهَا إذَا اجْتَمَعَ مِنْ أَقَارِبِهَا مَنْ يَصْلُحُ لَهُ (قَرَابَاتُهَا) مِنْ النِّسَاءِ سَوَاءٌ الْمَحَارِمُ كَالْبَنَاتِ وَغَيْرِهِنَّ كَبِنْتِ الْعَمِّ لِأَنَّهُنَّ أَشْفَقُ مِنْ غَيْرِهِنَّ، وَقَوْلُ الْجَوْهَرِيِّ: الْقَرَابَاتُ مِنْ كَلَامِ الْعَوَامّ؛ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ لَا يُجْمَعُ إلَّا عِنْدَ اخْتِلَافِ النَّوْعِ وَهُوَ مَفْقُودٌ هُنَا يُرَدُّ بِصِحَّةِ هَذَا الْجَمْعِ؛ لِأَنَّ الْقَرَابَاتِ أَنْوَاعٌ: مَحْرَمٌ ذَاتُ رَحِمٍ كَالْأُمِّ، وَمَحْرَمٌ ذَاتُ عُصُوبَةٍ كَالْأُخْتِ، وَغَيْرُ مَحْرَمٍ كَبِنْتِ الْعَمِّ. (وَيُقَدَّمْنَ عَلَى زَوْجٍ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الْأُنْثَى بِالْأُنْثَى أَلْيَقُ، وَالثَّانِي يُقَدَّمُ عَلَيْهِنَّ؛ لِأَنَّهُ يُنْظَرُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ إلَى مَا لَا يَنْظُرْنَ إلَيْهِ مِنْهَا (وَأُولَاهُنَّ ذَاتُ مَحْرَمِيَّةٍ) وَهِيَ مَنْ لَوْ فُرِضَتْ ذَكَرًا حَرُمَ تَنَاكُحُهُمَا، فَإِنْ اسْتَوَى اثْنَتَانِ فِيهَا قُدِّمَتْ ذَاتُ الْعُصُوبَةِ لَوْ كَانَتْ ذَكَرًا كَالْعَمَّةِ عَلَى الْخَالَةِ، فَإِنْ اسْتَوَيَا قُدِّمَ بِمَا يُقَدَّمُ بِهِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ، فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْجَمِيعِ وَلَمْ يَتَشَاحَّا فَذَاكَ وَإِلَّا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ إنْ لَمْ تَكُنْ ذَاتَ مَحْرَمِيَّةٍ قُدِّمَتْ الْقُرْبَى، فَالْقُرْبَى، ثُمَّ ذَاتُ الْوَلَاءِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَإِنَّمَا جُعِلَ الْوَلَاءُ فِي الذُّكُورِ وَسَطًا وَأَخَّرُوهُ فِي الْإِنَاثِ لِأَنَّهُ فِي الذُّكُورِ مِنْ قَضَاءِ حَقِّ الْمَيِّتِ كَالتَّكْفِينِ وَالدَّفْنِ وَالصَّلَاةِ وَهُمْ أَحَقُّ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَعَ الِاحْتِيَاجِ إلَى الْمَسِّ أَوْ النَّظَرِ لِبَعْضِ أَجْزَائِهِ. (قَوْلُهُ: فَيَتَقَدَّمُونَ) أَيْ وُجُوبًا فِي غُسْلِ الرِّجَالِ حَيْثُ فَوَّضَ الْجِنْسَ إلَى غَيْرِهِ وَنَدْبًا بِدُونِ تَفْوِيضٍ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ إلَخْ. [فَرْعٌ] لَوْ فَوَّضَ الْأَبُ مَثَلًا إلَى رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ مَعَ وُجُودِ رِجَالِ الْقَرَابَةِ وَالْوَلَاءِ أَوْ لِمَنْ هُوَ أَبْعَدُ مَعَ وُجُودِ الْمُقَدَّمِ عَلَيْهِ فَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْإِسْنَوِيِّ الْمَذْكُورِ الْجَوَازُ وَيَكُونُ أَوْلَى، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ عِنْدَ قَوْلِ ابْنِ الْوَرْدِيِّ فِي التَّقْدِيمِ فِي الصَّلَاةِ مُقَدَّمًا فِيهَا وَغَسَّلَ الرَّجُلَ الْأَبُ ثُمَّ الِابْنُ وَأَعْلَى وَأَنْزَلُ إلَخْ مَا نَصُّهُ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَيُقَدَّمُ مَفْضُولُ الدَّرَجَةِ عَلَى نَائِبِ فَاضِلِهَا فِي الْأَقْيَسِ، وَنَائِبُ الْأَقْرَبِ الْغَائِبِ عَلَى الْبَعِيدِ الْحَاضِرِ اهـ. وَقَدْ لَا يُخَالِفُهُ كَلَامُ الْإِسْنَوِيِّ بِأَنْ يَجْعَلَ الْمُرَادَ مِنْهُ أَعْنِي مِنْ كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ بَيَانَ الْجَوَازِ لَا غَيْرُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: أَوْلَاهُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ) اُنْظُرْ هَلْ الْأَوْلَى بِالْمَيِّتِ الرَّقِيقِ قَرِيبُهُ الْحُرُّ أَوْ سَيِّدُهُ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَنْقَطِعْ الْعَلَقَةُ بَيْنَهُمَا بِدَلِيلِ لُزُومِ مُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا لَا حَقَّ لَهَا) أَيْ يَقْتَضِي أَنْ تُقَدَّمَ بِهِ عَلَى غَيْرِهَا، وَهَذَا لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ جَوَازِ غُسْلِهَا، فَيَجُوزُ لَهَا ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ، لَكِنْ قَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا تَقْدِيمُ زَوْجِهَا الْعَبْدِ عَلَى رِجَالِ الْقَرَابَةِ، وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى الرَّقِيقَيْنِ: حَتَّى يُقَالَ إنَّ الزَّوْجَةَ الْأَمَةَ لَا حَقَّ لَهَا لِبُعْدِهَا عَنْ الْمَنَاصِبِ وَالْوِلَايَاتِ، بِخِلَافِ الْعَبْدِ مَعَ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْمَنَاصِبِ وَالْوِلَايَاتِ أَيْضًا، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْعَبْدَ مِنْ جِنْسِ الرِّجَالِ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَاتِ فِي الْجُمْلَةِ وَلَا كَذَلِكَ الْأَمَةُ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْقَرَابَاتِ أَنْوَاعٌ) لَكِنْ يَحْتَاجُ لِتَقْدِيرِ مُضَافٍ: أَيْ ذَوَاتُ قَرَابَاتِهَا، أَوْ تُجْعَلُ الْقَرَابَةُ بِمَعْنَى الْقَرِيبَةِ مَجَازًا لِيَصِحَّ الْحَمْلُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ ذَكَرًا كَالْعَمَّةِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعُدَتْ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَشَاحَّا) بِأَنْ فَوَّضَتْ إحْدَاهُمَا إلَى الْأُخْرَى، أَوْ أَرَادَ الِاجْتِمَاعَ عَلَى الْغُسْلِ أَوْ طَلَبَتْهُ إحْدَاهُمَا فَوَافَقَتْهَا الْأُخْرَى (قَوْلُهُ: ثُمَّ ذَاتُ الْوَلَاءِ) أَيْ صَاحِبَةُ الْوَلَاءِ بِأَنْ كَانَتْ مُعْتَقَةً. أَمَّا الْعَتِيقَةُ فَلَا حَقَّ لَهَا فِي الْغُسْلِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا جُعِلَ الْوَلَاءُ فِي الذُّكُورِ وَسَطًا) أَيْ بَيْنَ الْأَقَارِبِ حَيْثُ قُدِّمَ عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ وَأَخَّرُوهُ فِي الْإِنَاثِ إنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا جُعِلَ الْوَلَاءُ فِي الذُّكُورِ وَسَطًا) أَيْ بَيْنَ عَصَبَاتِ النَّسَبِ وَذِي الرَّحِمِ

بِهِ مِنْهُنَّ لِقُوَّتِهِمْ، وَلِهَذَا يَرِثُونَهُ بِالِاتِّفَاقِ وَيُؤَدُّونَ دُيُونَهُ وَيُنَفِّذُونَ وَصَايَاهُ، وَلَا شَيْءَ مِنْهَا لِذَوِي الْأَرْحَامِ مَعَ وُجُودِهِمْ، وَقُدِّمَتْ ذَوَاتُ الْأَرْحَامِ عَلَى ذَوَاتِ الْوَلَاءِ فِي غُسْلِ الْإِنَاثِ لِأَنَّهُنَّ أَشْفَقْنَ مِنْهُنَّ وَلِضَعْفِ الْوَلَاءِ فِي الْإِنَاثِ، وَلِهَذَا لَا تَرِثُ امْرَأَةٌ بِوَلَاءٍ إلَّا عَتِيقَهَا أَوْ مُنْتَمِيًا لَهُ بِنَسَبٍ، أَوْ وَلَاءٍ، ثُمَّ بَعْدَ ذَوَاتِ الْوَلَاءِ مَحَارِمُ الرَّضَاعِ، ثُمَّ مَحَارِمُ الْمُصَاهَرَةِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا بَحَثَهُمَا الْأَذْرَعِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ، لَكِنْ لَمْ يَذْكُرَا بَيْنَهُمَا تَرْتِيبًا، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَعَلَيْهِ تُقَدَّمُ بِنْتُ عَمٍّ بَعِيدَةٍ هِيَ مَحْرَمٌ مِنْ الرَّضَاعِ عَلَى بِنْتِ عَمٍّ أَقْرَبَ مِنْهَا بِلَا مَحْرَمِيَّةٍ (ثُمَّ الْأَجْنَبِيَّةُ) ؛ لِأَنَّهَا أَلْيَقُ (ثُمَّ رِجَالُ الْقَرَابَةِ) مِنْ الْأَبَوَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا (كَتَرْتِيبِ صَلَاتِهِمْ) لِأَنَّهُمْ أَشْفَقُ عَلَيْهَا وَيَطَّلِعُونَ غَالِبًا عَلَى مَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الْغَيْرُ. (قُلْت: إلَّا ابْنَ الْعَمِّ وَنَحْوَهُ) مِنْ كُلِّ قَرِيبٍ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ (فَكَالْأَجْنَبِيِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) أَيْ لَا حَقَّ لَهُ فِي غُسْلِهَا قَطْعًا لِحُرْمَةِ نَظَرِهِ لَهَا وَالْخَلْوَةِ بِهَا وَإِنْ كَانَ لَهُ فِي الصَّلَاةِ حَقٌّ (وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِمْ) أَيْ رِجَالِ الْقَرَابَةِ الْمَحَارِمِ (الزَّوْجُ) حُرًّا كَانَ، أَوْ عَبْدًا (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ يَنْظُرُ إلَى مَا لَا يَنْظُرُونَ إلَيْهِ فِي حَالِ الْحَيَاةِ، وَالثَّانِي يُقَدَّمُونَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْقَرَابَةَ تَدُومُ وَالنِّكَاحَ يَنْتَهِي بِالْمَوْتِ، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ تَقْدِيمُ الْأَجْنَبِيَّاتِ عَلَى الزَّوْجِ، وَشَرْطُ التَّقْدِيمِ الِاتِّحَادُ فِي الْإِسْلَامِ، أَوْ الْكُفْرِ، وَأَنْ يَكُونَ حُرًّا مُكَلَّفًا، وَأَنْ لَا يَكُونَ قَاتِلًا لِلْمَيِّتِ وَلَوْ بِحَقٍّ كَمَا فِي إرْثِهِ مِنْهُ، وَكَذَا الْكَافِرُ الْبَعِيدُ أَوْلَى بِالْكَافِرِ مِنْ الْمُسْلِمِ وَالْقَاتِلِ الْقَرِيبَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَمُولِيُّ فِي الْأَوْلَى، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَكُونَ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ الْقَاتِلِ بِحَقٍّ، وَأَنْ لَا يَكُونَ فَاسِقًا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ بَلْ صَرِيحُهُ وُجُوبُ التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ كَذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَدَّمُوا ذَوَاتِ الْأَرْحَامِ عَلَى ذَوَاتِ الْوَلَاءِ (قَوْلُهُ: وَيُؤَدُّونَ دُيُونَهُ) يُتَأَمَّلُ قَوْلُهُ وَيُؤَدُّونَ دُيُونَهُ وَيُنَفِّذُونَ وَصَايَاهُ، فَإِنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّ كُلًّا مِنْ هَذَيْنِ حَاصِلٌ لَهُمْ زِيَادَةٌ عَلَى الْإِرْثِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ قَضَاءَ الدُّيُونِ وَتَنْفِيذَ الْوَصَايَا إنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ لِكَوْنِهِمْ وَرَثَةً، وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي ذَوِي الْأَرْحَامِ حَيْثُ وَرِثُوا (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَمْ يَذْكُرَا بَيْنَهُمَا تَرْتِيبًا) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّهُ أَخَذَ التَّرْتِيبَ بَيْنَهُمَا لِمَعْنًى قَامَ عِنْدَهُ كَأَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ بِالرَّضَاعِ أَقْوَى، لِمَا وَرَدَ أَنَّ اللَّحْمَ يَتَرَبَّى مِنْ اللَّبَنِ، فَكَأَنَّهُ حَصَلَ جُزْءٌ مِنْ الْمُرْضِعَةِ فِي بَدَنِ الرَّضِيعِ وَلَا كَذَلِكَ الْمُصَاهَرَةُ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ تُقَدَّمُ بِنْتُ عَمٍّ) فِي كَلَامِ الزِّيَادِيِّ مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالَ: قَوْلُهُ ذَاتُ مَحْرَمِيَّةٍ رُبَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ عُمُومِهِ أَنَّ بِنْتَ الْعَمِّ الْبَعِيدَةَ إذَا كَانَتْ أُمًّا مِنْ الرَّضَاعِ أَوْ أُخْتًا تُقَدَّمُ عَلَى بِنْتِ الْعَمِّ الْقَرِيبَةِ. وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ الْمَحْرَمِيَّةُ مِنْ حَيْثُ النِّسْبَةُ وَلِذَا لَمْ يُعَبِّرْ بِالرَّضَاعِ هُنَا بِالْكُلِّيَّةِ (قَوْلُهُ: هِيَ مَحْرَمٌ مِنْ الرَّضَاعِ) وَقِيَاسُهُ أَنَّ الْمُصَاهَرَةَ كَذَلِكَ كَبِنْتِ ابْنِ عَمٍّ هِيَ أُمُّ زَوْجَةِ حَيْثُ كَانَ الْمَيِّتُ ذَكَرًا (قَوْلُهُ: عَلَى بِنْتِ عَمٍّ) قَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ أَنَّ الْبُلْقِينِيَّ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي بِنْتَيْ الْعَمِّ، وَظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ حَجّ خِلَافُهُ، وَعَلَيْهِ فَبِنْتُ الْخَالَةِ مَعَ بِنْتِ ابْنِ الْخَالِ إذَا كَانَ لِلْبَعْدِيِّ مَحْرَمِيَّةٌ مِنْ الرَّضَاعِ تُقَدَّمُ عَلَى الْقُرْبَى (قَوْلُهُ: كَتَرْتِيبِ صَلَاتِهِمْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ: نَعَمْ الْأَفْقَهُ أَحَقُّ مِنْ الْأَسَنِّ هُنَا، وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ. قَالَ سم: وَقَوْلُهُ هُنَا يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ أَحَقُّ اهـ (قَوْلُهُ وَشَرْطُ التَّقْدِيمِ) أَيْ شَرْطُ كَوْنِهِ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ عَلَى غَيْرِهِ مَا ذُكِرَ. وَعَلَيْهِ فَلَا يَمْتَنِعُ عَلَى الْكَافِرِ تَغْسِيلُ الْمُسْلِمِ وَلَا عَلَى الْقَاتِلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، لَكِنْ يَنْبَغِي كَرَاهَةُ ذَلِكَ مَعَ وُجُودِ مَنْ اجْتَمَعَتْ فِيهِ الشُّرُوطُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ الْمَحَلِّيِّ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلذِّمِّيَّةِ تَغْسِيلُ زَوْجِهَا الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَكُونَ قَاتِلًا لِلْمَيِّتِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: وَهَذَا عَدَّاهُ السُّبْكِيُّ إلَى غَيْرِ غُسْلِهِ فَقَالَ: لَيْسَ لِقَاتِلِهِ حَقٌّ فِي غُسْلِهِ وَلَا الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَلَا دَفْنِهِ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ غَيْرِهِ، وَنَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَكُونَ فَاسِقًا) قَالَ حَجّ: وَأَنْ لَا يَكُونَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ تَقْدِيمُ الْأَجْنَبِيَّاتِ عَلَى الزَّوْجِ) أَيْ مِنْ جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي تَقْدِيمِ رِجَالِ الْقَرَابَةِ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُمْ مُؤَخَّرُونَ عَنْهُنَّ اتِّفَاقًا.

بِالنِّسْبَةِ لِلتَّفْوِيضِ لِغَيْرِ الْجِنْسِ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ الْمَيِّتِ، أَمَّا هُوَ بِدُونِ تَفْوِيضٍ فَمَنْدُوبٌ. (وَلَا يُقَرَّبُ الْمُحْرِمُ طِيبًا) إذَا مَاتَ أَيْ يَحْرُمُ تَطْيِيبُهُ وَطَرْحُ الْكَافُورِ فِي مَاءِ غُسْلِهِ كَمَا يَمْتَنِعُ فِعْلُهُ فِي كَفَنِهِ كَمَا مَرَّ (وَلَا يُؤْخَذُ شَعْرُهُ وَظُفْرُهُ) أَيْ يَحْرُمُ إزَالَةُ ذَلِكَ مِنْهُ إبْقَاءً لِإِثْرِ الْإِحْرَامِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا فِدْيَةَ عَلَى فَاعِلِ ذَلِكَ وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ الْغَزِّيِّ وَذَهَبَ الْبُلْقِينِيُّ إلَى أَنَّ الَّذِي نَعْتَقِدُهُ إيجَابُهَا عَلَى الْفَاعِلِ كَمَا لَوْ حَلَقَ شَعْرَ نَائِمٍ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ النَّائِمَ بِصَدَدِ عَوْدِهِ إلَى الْفَهْمِ وَلِهَذَا ذَهَبَ جَمَاعَةٌ إلَى تَكْلِيفِهِ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ، ثُمَّ مَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِيمَا قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ أَمَّا بَعْدَهُ فَهُوَ كَغَيْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ وَلَا بَأْسَ بِالْبَخُورِ عِنْدَ غُسْلِهِ كَجُلُوسِ الْحَيِّ عِنْدَ الْعَطَّارِ وَلَا يَأْتِي هُنَا مَا قِيلَ مِنْ كَرَاهَةِ جُلُوسِهِ عِنْدَ الْعَطَّارِ بِقَصْدِ الرَّائِحَةِ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ هُنَا بِخِلَافِ مَا هُنَاكَ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ حَلْقِ رَأْسِهِ إذَا مَاتَ وَبَقِيَ عَلَيْهِ الْحَلْقُ لِيَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُحْرِمًا وَهُوَ ظَاهِرٌ لِانْقِطَاعِ تَكْلِيفِهِ فَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ حَلْقٌ وَلَا يَقُومُ غَيْرُهُ بِهِ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ طَوَافٌ، أَوْ سَعْيٌ (وَتُطَيَّبُ الْمُعْتَدَّةُ) الْمُحَدَّةُ (فِي الْأَصَحِّ) أَيْ لَا يَحْرُمُ تَطْيِيبُهَا؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَهُ عَلَيْهَا إنَّمَا كَانَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الرِّجَالِ وَلِلتَّفَجُّعِ عَنْ الزَّوْجِ وَقَدْ زَالَا بِالْمَوْتِ وَالثَّانِي يَحْرُمُ قِيَاسًا عَلَى الْمُحْرِمِ وَرُدَّ بِأَنَّ التَّحْرِيمَ فِي الْمُحْرِمِ كَانَ لِحَقِّ اللَّهِ وَلَا يَزُولُ بِالْمَوْتِ. (وَالْجَدِيدُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ فِي غَيْرِ) الْمَيِّتِ (الْمُحْرِمِ أَخْذُ ظُفْرِهِ وَشَعْرِ إبْطِهِ وَعَانَتِهِ وَشَارِبِهِ) لِعَدَمِ وُرُودِ نَهْيٍ فِيهِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَا يُسْتَحَبُّ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ إنَّهُ يُسْتَحَبُّ كَالْحَيِّ وَالْقَدِيمِ أَنَّهُ يُكْرَهُ وَرَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (قُلْت: الْأَظْهَرُ كَرَاهَتُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَإِنْ اعْتَادَ إزَالَتَهُ حَيًّا؛ لِأَنَّ أَجْزَاءَ الْمَيِّتِ مُحْتَرَمَةٌ فَلَا تُنْتَهَكُ بِذَلِكَ وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ شَيْءٌ بَلْ ثَبَتَ الْأَمْرُ بِالْإِسْرَاعِ الْمُنَافِي لِذَلِكَ؛ وَلِأَنَّ مَصِيرَهُ إلَى الْبِلَى وَصَحَّ النَّهْيُ عَنْ مُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، وَنَقَلَ فِي الْمَجْمُوعِ الْكَرَاهَةَ عَنْ الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ فَهُوَ جَدِيدٌ أَيْضًا وَالصَّحِيحُ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَاسِقًا وَلَا صَبِيًّا وَإِنْ مَيَّزَ عَلَى الْأَوْجَهِ اهـ. وَيُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ مُكَلَّفًا إلَخْ (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِلتَّفْوِيضِ لِغَيْرِ الْجِنْسِ) فَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوْصَى أَنْ تُغَسِّلَهُ زَوْجَتَهُ فَفَعَلَتْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِيهِ تَفْوِيضٌ، إذْ صُورَةُ التَّفْوِيضِ أَنْ يَمْتَنِعَ مَنْ لَهُ الْحَقُّ مِنْ الْفِعْلِ وَيُفَوِّضَهُ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ أَمَّا هُوَ) أَيْ التَّرْتِيبُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي تَرْكِهِ تَفْوِيضٌ فَفِيهِ مُسَامَحَةٌ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُؤْخَذُ شَعْرُهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ: ثُمَّ إنْ أُخِذَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ أَوْ اُنْتُتِفَ بِتَسْرِيحٍ أَوْ نَحْوِهِ صُرَّ فِي كَفَنِهِ لِيُدْفَنَ مَعَهُ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ صُرَّ إلَخْ صَرُّهُ فِي كَفَنِهِ وَدَفْنُهُ مَعَهُ سُنَّةٌ. وَأَمَّا أَصْلُ دَفْنِهِ فَوَاجِبٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا انْفَصَلَ مِنْ الْمَيِّتِ أَوْ مِنْ حَيٍّ وَمَاتَ عَقِبَ انْفِصَالِهِ مِنْ شَعْرٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ يَسِيرًا يَجِبُ دَفْنُهُ، لَكِنَّ الْأَفْضَلَ صَرُّهُ فِي كَفَنِهِ وَدَفْنُهُ مَعَهُ م ر اهـ. وَتَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُرَدُّ الْمُنْتَتَفُ إلَيْهِ. وَأَمَّا دَفْنُهُ فَسَيَأْتِي، وَقَوْلُهُ أَوْ غَيْرُهُ مِنْهُ مَا لَوْ تَقَطَّعَتْ مَصَارِينُ الْمَيِّتِ وَنَزَلَتْ فَيَجِبُ دَفْنُهَا، وَيُسَنُّ كَوْنُهَا مَعَهُ فِي كَفَنِهِ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ) لَفْظُهُ «لَا تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» اهـ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَعِبَارَةُ الْبُخَارِيِّ: «لَا تَمَسُّوهُ طِيبًا» ، وَبِلَفْظٍ: «وَلَا تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ» اهـ. وَضَبَطَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ شَارِحُهُ بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْمِيمِ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَلَهُ بِضَمِّهَا وَكَسْرِ الْمِيمِ فِي اللَّفْظَيْنِ اهـ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَيِّتِ) أَيْ فَلَا تَجِبُ الْفِدْيَةُ عَلَى الْفَاعِلِ بِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ حُرْمَةِ التَّطْيِيبِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلَا بَأْسَ بِالْبَخُورِ عِنْدَ غُسْلِهِ) أَيْ بَلْ وَلَا قَبْلَهُ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ فِي قَوْلِهِ بَلْ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ يُسَنُّ أَنْ يُبَخَّرَ عِنْدَهُ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَقُومُ غَيْرُهُ بِهِ) هَلْ الْمُرَادُ لَا يَجُوزُ أَوْ لَا يُطْلَبُ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ. وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ الْمُفَرَّعِ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ أَيْ لَا يَحْرُمُ تَطْيِيبُهَا) أَيْ وَيَنْبَغِي كَرَاهَتُهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: وَصَحَّ النَّهْيُ عَنْ مُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ) وَهُوَ مَا لَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ حَلْقِ رَأْسِهِ إلَخْ) قَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِ بِقَوْلِهِ لِيَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُحْرِمًا حُرْمَةُ الْحَلْقِ وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِ ثَانِيًا بِقَوْلِهِ لِانْقِطَاعِ تَكْلِيفِهِ فَلَا يُطْلَبُ إلَخْ أَنَّ الْمَمْنُوعَ إنَّمَا هُوَ طَلَبُ الْحَلْقِ لَا أَصْلُهُ فَلْيُرَاجَعْ ثُمَّ لَا يَخْفَى مَا فِي عِبَارَتِهِ هَذِهِ مِنْ الْحَزَازَةِ.

[فصل في تكفين الميت وحمله وتوابعهما]

الْمَيِّتَ لَا يُخْتَنُ وَإِنْ كَانَ بَالِغًا لِأَنَّهُ جُزْءٌ فَلَا يَنْقَطِعُ كَيَدِهِ الْمُسْتَحَقَّةِ فِي قَطْعِ سَرِقَةٍ، أَوْ قَوَدٍ وَجَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ وَالْعُبَابِ بِحُرْمَةِ ذَلِكَ أَيْ وَإِنْ عَصَى بِتَأْخِيرِهِ ثُمَّ مَحَلُّ كَرَاهَةِ إزَالَةِ شَعْرِهِ مَا لَمْ تَدْعُ حَاجَةٌ إلَيْهِ وَإِلَّا كَأَنْ لَبَّدَ شَعْرُ رَأْسِهِ، أَوْ لِحْيَتِهِ بِصِبْغٍ، أَوْ نَحْوِهِ، أَوْ كَانَ بِهِ قُرُوحٌ مَثَلًا وَجَمُدَ دَمُهَا بِحَيْثُ لَا يَصِلُ الْمَاءُ إلَى أُصُولِهِ إلَّا بِإِزَالَتِهِ وَجَبَتْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ فِي قُوتِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَصْلٌ فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِهِ وَتَوَابِعِهِمَا (يُكَفَّنُ) الْمَيِّتُ بَعْدَ طُهْرِهِ (بِمَا) أَيْ بِشَيْءٍ مِنْ جِنْسِ مَا يَجُوزُ (لَهُ لُبْسُهُ حَيًّا) فَيَجُوزُ تَكْفِينُ الْمَرْأَةِ وَغَيْرِ الْمُكَلَّفِ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ فِي الْحَرِيرِ وَالْمُزَعْفَرِ وَالْمُعَصْفَرِ مَعَ الْكَرَاهَةِ، بِخِلَافِ الْخُنْثَى وَالْبَالِغِ فَيَمْتَنِعُ تَكْفِينُهُمَا فِي الْمُزَعْفَرِ وَالْحَرِيرِ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِمَا لَا الْمُعَصْفَرِ، وَلَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ تَكْفِينُ قَرِيبِهِ الذِّمِّيِّ فِيمَا يَمْتَنِعُ تَكْفِينُ الْمُسْلِمِ فِيهِ، وَلَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَكُنْ فِي عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا لَمْ يُوَافِقْ قَوَاعِدَ الشَّرْعِ (قَوْلُهُ: وَجَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ وَالْعُبَابِ بِحُرْمَةِ ذَلِكَ) هَلْ وَلَوْ لَمْ يُمْكِنْ غَسْلُ مَا تَحْتَ الْقُلْفَةِ إلَّا بِقَطْعِهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ وُجُوبِ حَلْقِ الشَّعْرِ الْمُتَلَبِّدِ وُجُوبُهُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ هَذَا جَزٌّ وَالِانْتِهَاكُ فِي قَطْعِهِ أَكْثَرُ مِنْ إزَالَةِ الشَّعْرِ فَلْيُرَاجَعْ وَعِبَارَةُ حَجّ: وَمِنْ ثَمَّ حَرُمَ خَتْنُهُ وَإِنْ عَصَى بِتَأْخِيرِهِ أَوْ تَعَذَّرَ غَسْلُ مَا تَحْتَ قُلْفَتِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَعَلَيْهِ فَيُمِّمَ عَمَّا تَحْتَهَا اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ أَوْ تَعَذَّرَ إلَخْ: أَيْ وَإِنْ وَجَبَ إزَالَةُ شَيْءٍ يُمْنَعُ الْغُسْلُ، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ م ر اهـ. ثُمَّ مَا ذُكِرَ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ تَحْتَ قُلْفَتِهِ نَجَاسَةٌ. أَمَّا إذَا كَانَ تَحْتَهَا ذَلِكَ فَلَا يُيَمَّمُ عَلَى مُعْتَمَدِ الشَّارِحِ بَلْ يُدْفَنُ حَالًا مِنْ غَيْرِ تَيَمُّمٍ وَلَا صَلَاةٍ وَعَلَى مَا قَالَهُ حَجّ مِنْ أَنَّهُ يَصِحُّ التَّيَمُّمُ عَنْ النَّجَاسَةِ إذَا تَعَذَّرَتْ إزَالَتُهَا يُمِّمَ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ، وَبَقِيَ عَلَيْهِ مَا لَوْ وُجِدَ تُرَابٌ لَا يَكْفِي الْمَيِّتَ وَالْحَيَّ فَهَلْ يُقَدَّمُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ بَلْ الْمُتَعَيِّنُ تَقْدِيمُ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ إذَا يُمِّمَ بِهِ الْمَيِّتُ يُصَلِّي عَلَيْهِ الْحَيُّ صَلَاةَ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ، وَإِذَا يُمِّمَ بِهِ الْحَيُّ لَا يُصَلِّي بِهِ عَلَى الْمَيِّتِ لِعَدَمِ طَهَارَتِهِ، فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي تَيَمُّمِ الْحَيِّ بِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِإِزَالَتِهِ وَجَبَتْ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ انْشَقَّ جَوْفُهُ وَكَثُرَ خُرُوجُ النَّجَاسَةِ مِنْهُ وَلَمْ يُمْكِنْ قَطْعُ ذَلِكَ إلَّا بِخِيَاطَةِ الْفَتْقِ، فَيَجِبُ وَيَنْبَغِي جَوَازُ ذَلِكَ إذَا تَرَتَّبَ عَلَى عَدَمِ الْخِيَاطَةِ مُجَرَّدُ خُرُوجِ أَمْعَائِهِ وَإِنْ أَمْكَنَ غُسْلُهُ؛ لِأَنَّ فِي خُرُوجِهَا هَتْكًا لِحُرْمَتِهِ وَالْخِيَاطَةُ تَمْنَعُهُ. وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ بِبَدَنِ الْمَيِّتِ طُبُوعٌ يَمْنَعُ مِنْ وُصُولِ الْمَاءِ فَهَلْ تَجِبُ إزَالَةُ الشَّعْرِ حِينَئِذٍ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي قِيَاسًا عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ فِي بَابِ الْوُضُوءِ مِنْ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ الطُّبُوعِ فِي الْحَيِّ وَيُكْتَفَى بِغَسْلِ الشَّعْرِ، وَإِنْ مَنَعَ الطُّبُوعُ وُصُولَ الْمَاءِ إلَى الْبَشَرَةِ، وَلَا يَجِبُ التَّيَمُّمُ عَنْهُ خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَلَكِنَّ الشَّارِحَ خَصَّ ذَلِكَ ثُمَّ بِالشَّعْرِ الَّذِي فِي إزَالَتِهِ مُثْلَةٌ كَاللِّحْيَةِ، أَمَّا غَيْرُهُ كَشَعْرِ الْإِبْطِ وَالْعَانَةِ فَتَجِبُ إزَالَتُهُ، وَاَلَّذِي يَنْبَغِي هُنَا الْعَفْوُ بِالنِّسْبَةِ لِجَمِيعِ الشُّعُورِ؛ لِأَنَّ فِي إزَالَةِ الشَّعْرِ مِنْ الْمَيِّتِ هَتْكًا لِحُرْمَتِهِ فِي جَمِيعِ الْبَدَنِ. (فَصْلٌ) فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ طُهْرِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كُفِّنَ قَبْلَ طُهْرِهِ ثُمَّ صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ لِغُسْلِهِ لَمْ يَجُزْ وَلَكِنَّهُ يُعْتَدُّ بِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ كَوْنَهُ بَعْدَ طُهْرِهِ أَوْلَى فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فِي الْحَرِيرِ وَالْمُزَعْفَرِ) أَيْ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ فِي اللِّبَاسِ وَهُوَ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الْمُزَعْفَرُ عُرْفًا (قَوْلُهُ: مَعَ الْكَرَاهَةِ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْحَرِيرِ وَالْمُزَعْفَرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا الْمُعَصْفَرِ) أَيْ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِهِ وَتَوَابِعِهِمَا] فَصْلٌ) فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ إِلَخْ

اُسْتُشْهِدَ فِي ثِيَابٍ حَرِيرٍ لَبِسَهَا لِضَرُورَةٍ كَدَفْعِ قَمْلٍ جَازَ تَكْفِينُهُ فِيهَا مَعَ وُجُودِ غَيْرِهَا لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ السُّنَّةَ تَكْفِينُهُ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي اُسْتُشْهِدَ فِيهَا لَا سِيَّمَا إذَا تَلَطَّخَتْ بِدَمِهِ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ فِي أَحَدِ كَلَامَيْهِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ قَاضِيًا عَلَى مَنْعِ التَّكْفِينِ فِي الْحَرِيرِ، وَلِهَذَا لَوْ لَبِسَ الرَّجُلُ حَرِيرًا لِحَكَّةٍ أَوْ قَمْلٍ مَثَلًا وَاسْتَمَرَّ السَّبَبُ الْمُبِيحُ لَهُ ذَلِكَ إلَى مَوْتِهِ حُرِّمَ تَكْفِينُهُ فِيهِ عَمَلًا بِعُمُومِ النَّهْيِ وَلِانْقِضَاءِ السَّبَبِ الَّذِي أُبِيحَ لَهُ مِنْ أَجْلِهِ وَلَمْ يَخْلُفْهُ مُقْتَضٍ لِذَلِكَ أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْضًا، وَالْأَوْجَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ وَبَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِالطِّينِ هُنَا عِنْدَ وُجُودِ غَيْرِهِ وَلَوْ حَشِيشًا وَإِنْ اكْتَفِي بِهِ فِي الْحَيَاةِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِزْرَاءِ بِالْمَيِّتِ، وَلِهَذَا بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ عَدَمَ جَوَازِ تَكْفِينِهِ بِمُتَنَجِّسٍ بِمَا لَا يُعْفَى عَنْهُ مَعَ وُجُودِ طَاهِرٍ وَإِنْ جَازَ لُبْسُهُ فِي الْحَيَاةِ خَارِجَ الصَّلَاةِ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي. هَذَا كُلُّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ الطَّاهِرُ حَرِيرًا، فَإِنْ كَانَ قَدَّمَ عَلَيْهِ الْمُتَنَجِّسَ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَالْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُمَا لَكِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى رَأْيٍ لَهُ مَرْجُوحٍ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا خَرَجَ مِنْ الْمَيِّتِ نَجَاسَةٌ أَوْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ بَعْدَ تَكْفِينِهِ لَا يَجِبُ غَسْلُهَا وَالْمَذْهَبُ وُجُوبُهُ فَالْمَذْهَبُ تَكْفِينُهُ فِي الْحَرِيرِ لَا الْمُتَنَجِّسِ، وَتَعْلِيلُهُمْ اشْتِرَاطَ تَقْدِيمِ غُسْلِهِ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَيْهِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ كَصَلَاتِهِ نَفْسِهِ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ عَدَمِ جَوَازِ تَكْفِينِ الْمَيِّتِ فِي الْمُتَنَجِّسِ مَعَ وُجُودِ الْحَرِيرِ وَبَيْنَ سَتْرِ الْعَوْرَةِ خَارِجَ الصَّلَاةِ بِالْمُتَنَجِّسِ دُونَ الْحَرِيرِ وَاضِحٌ، أَفَادَ ذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُ الْفَقِيهِ إبْرَاهِيمَ بْنِ عُجَيْلٍ الْيَمَنِيِّ: يُشْتَرَطُ فِي الْمَيِّتِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُصَلِّي مِنْ الطَّهَارَةِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَالْأَوْجَهُ وُجُوبُ تَقْدِيمِ الْجِلْدِ ثُمَّ الْحَشِيشِ عِنْدَ فَقْدِ الثَّوْبِ عَلَى التَّطْيِينِ ثُمَّ هُوَ، وَلَا يَجُوزُ فِي الذَّكَرِ وَلَا فِي الْأُنْثَى تَكْفِينُهُ بِمَا يَصِفُ الْبَشَرَةَ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ، وَقِيَاسُ إبَاحَةِ تَطْيِيبِ الْمُحَدَّةِ بَعْدَ مَوْتِهَا جَوَازُ تَكْفِينِهَا فِيمَا حُرِّمَ عَلَيْهَا لُبْسُهُ حَالَ حَيَاتِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لِضَرُورَةٍ) فَلَوْ تَعَدَّى بِلُبْسِهِ ثُمَّ اُسْتُشْهِدَ فِيهِ فَلَا عِبْرَةَ بِهَذَا اللُّبْسِ لِلتَّعَدِّي فَيُنْزَعُ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: جَازَ تَكْفِينُهُ) قَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِالْجَوَازِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ أَوْلَى، وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا جَوَازُ التَّعَدُّدِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ لُبْسَهُ فِي الْأَصْلِ لِحَاجَةٍ فَاسْتُدِيمَتْ (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ ذَلِكَ قَاضِيًا) أَيْ رَادًّا وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مُسْتَثْنًى، عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ يُمْكِنُ اسْتِفَادَتُهُ مِنْ قَوْلِهِ بِمَا لَهُ لُبْسُهُ حَيًّا فَإِنَّ ذَلِكَ شَامِلٌ لِمَا جَازَ لُبْسُهُ لِلضَّرُورَةِ وَلِغَيْرِهِ، لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّهُ لَوْ لَبِسَهُ لِنَحْوِ حَكَّةٍ لَمْ يَجُزْ تَكْفِينُهُ فِيهِ لِانْقِطَاعِ السَّبَبِ الْمُبِيحِ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا) أَيْ وَلِكَوْنِ عِلَّةِ الْجَوَازِ أَنَّ السُّنَّةَ تَكْفِينُهُ، فِي ثِيَابِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَخْلُفْهُ مُقْتَضٍ لِذَلِكَ) وَبِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا لَوْ مَاتَ الشَّهِيدُ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي لَبِسَهَا لِلضَّرُورَةِ فَإِنَّهُ وَإِنْ انْقَطَعَ السَّبَبُ الَّذِي لَبِسَ لِأَجْلِهِ فَقَدْ خَلَفَهُ أَنَّ الْأَوْلَى تَكْفِينُ الشَّهِيدِ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا (قَوْلُهُ: مَعَ وُجُودِ طَاهِرٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الطِّينَ يُقَدَّمُ عَلَى الْمُتَنَجِّسِ، وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِزْرَاءِ بِهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُلَطَّخَ بِالطِّينِ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ أَوْ يُصَلَّى عَلَيْهِ عُرْيَانًا، وَيُحْتَرَزُ عَنْ رُؤْيَةِ عَوْرَتِهِ وَيُكَفَّنُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْمُتَنَجِّسِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: فَالْمَذْهَبُ تَكْفِينُهُ فِي الْحَرِيرِ) وَهَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى ثَوْبٍ وَاحِدٍ أَمْ تَجِبُ الثَّلَاثَةُ؟ نَقَلَ سم عَنْ م ر الْأَوَّلَ وَقَالَ: إنَّهُ إنَّمَا جَازَ لِلضَّرُورَةِ وَهِيَ تَنْدَفِعُ بِالْوَاحِدِ وَفِيهِ وَقْفَةٌ، وَالْأَقْرَبُ وُجُوبُ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّ الْحَرِيرَ يَجُوزُ فِي الْحَيِّ لِأَدْنَى حَاجَةٍ كَالْجَرَبِ وَالْحَكَّةِ وَدَفْعِ الْقَمْلِ وَلِلتَّجَمُّلِ وَمَا هُنَا أَوْلَى (قَوْلُهُ: لَا الْمُتَنَجِّسِ) أَيْ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ طَاهِرًا فَيُكَفَّنُ فِي الْمُتَنَجِّسِ: أَيْ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ عَارِيًّا إذْ لَا تَصِحُّ مَعَ النَّجَاسَةِ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ. وَالْمُتَبَادِرُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهُ مَا يَكْفِي أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ غُسْلِهِ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ عَنْ الثَّوْبِ أَنْ يُقَدِّمَ غُسْلَهُ عَلَى إزَالَةِ النَّجَاسَةِ مِنْ الثَّوْبِ وَهُوَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ آكَدُ مِنْ الْكَفَنِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ إذَا دُفِنَ بِلَا غُسْلٍ يُنْبَشُ، وَلَوْ دُفِنَ بِلَا كَفَنٍ لَمْ يُنْبَشْ اكْتِفَاءً بِالتُّرَابِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: تُقَدَّمُ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ بِالْمَاءِ لِأَنَّهَا لَا بَدَلَ لَهَا، بِخِلَافِ الْغُسْلِ فَإِنَّ لَهُ بَدَلًا وَهُوَ التَّيَمُّمُ (قَوْلُهُ: وَاضِحٌ) وَهُوَ أَنَّ فِي تَكْفِينِهِ بِالنَّجِسِ إزْرَاءً بِهِ مِنْ الْمُكَفِّنِ بِخِلَافِ الْمُبَاشِرِ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ فَقْدِ الثَّوْبِ) أَيْ وَلَوْ حَرِيرًا وَقَوْلُهُ ثُمَّ هُوَ: أَيْ التَّطْيِينُ (قَوْلُهُ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ) شَامِلٌ لِمَا لَوْ كَانَ الْغَيْرُ جِلْدَا أَوْ حَشِيشًا أَوْ طِينًا، وَفِيهِ نَظَرٌ خُصُوصًا بِالنِّسْبَةِ لِلْحَشِيشِ وَالطِّينِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَبِهِ صَرَّحَ الْمُتَوَلِّي، وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِحُرْمَةِ سَتْرِ الْجِنَازَةِ بِحَرِيرٍ وَكُلِّ مَا الْمَقْصُودُ بِهِ الزِّينَةُ وَلَوْ امْرَأَةً كَمَا يَحْرُمُ سَتْرُ بَيْتِهَا بِحَرِيرٍ، وَخَالَفَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ فَجَوَّزَ الْحَرِيرَ فِيهَا وَفِي الطِّفْلِ، وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ وَهُوَ أَوْجَهُ (وَأَقَلُّهُ ثَوْبٌ) وَاحِدٌ يَسْتُرُ الْبَشَرَةَ هُنَا كَالصَّلَاةِ وَجَمِيعِ بَدَنِهِ إلَّا رَأْسَ الْمُحْرِمِ. وَوَجْهُ الْمُحْرِمَةِ كَمَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمُقْرِي فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ كَالْأَذْرَعِيِّ تَبَعًا لِجُمْهُورِ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَفَاءً بِحَقِّ الْمَيِّتِ، وَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ مِنْ أَنَّ أَقَلَّهُ مَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ مَحْمُولٌ عَلَى وُجُوبِ ذَلِكَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ، فَعَلَى الثَّانِي يَخْتَلِفُ قَدْرُهُ بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ لَا بِالرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَهُوَ الظَّاهِرُ فِي الْكِفَايَةِ، فَيَجِبُ فِي الْمَرْأَةِ مَا يَسْتُرُ بَدَنَهَا إلَّا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً لِزَوَالِ الرِّقِّ بِالْمَوْتِ، وَمِمَّنْ اسْتَثْنَى الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ الْمُصَنِّفُ فِي مَجْمُوعِهِ لَكِنَّهُ فَرَضَهُ فِي الْحُرَّةِ، وَوُجُوبُ سَتْرِهِمَا فِي الْحَيَاةِ لَيْسَ لِكَوْنِهِمَا عَوْرَةً بَلْ لِكَوْنِ النَّظَرِ إلَيْهِمَا يُوقِعُ فِي الْفِتْنَةِ غَالِبًا، وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ تَغْسِيلِ السَّيِّدِ لَهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لِكَوْنِهَا بَاقِيَةً فِي مِلْكِهِ بَلْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ آثَارِ الْمِلْكِ كَمَا يَجُوزُ لِلزَّوْجِ تَغْسِيلُ زَوْجَتِهِ مَعَ أَنَّ مِلْكَهُ زَالَ عَنْهَا (وَلَا تُنَفَّذُ) بِالتَّشْدِيدِ وَالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَيَجُوزُ عَكْسُهُ (وَصِيَّتُهُ بِإِسْقَاطِهِ) أَيْ الثَّوْبِ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّ فِيهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى، بِخِلَافِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ اللَّائِي ذَكَرَهُمَا فِي الْأَفْضَلِ فَإِنَّهُمَا حَقٌّ لِلْمَيِّتِ تُنَفَّذُ وَصِيَّتُهُ بِإِسْقَاطِهِمَا، وَلَوْ أَوْصَى بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ لَمْ تَصِحَّ وَصِيَّتُهُ أَيْضًا، وَيَجِبُ تَكْفِينُهُ بِسَاتِرٍ لِجَمِيعِ بَدَنِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ جَمْعٌ مِنْ أَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ سَتْرُ جَمِيعِ الْبَدَنِ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ جَارٍ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْوَاجِبَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ فَقَطْ أَيْضًا. وَعَدَمُ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ إنَّمَا هُوَ لِأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى ذَلِكَ مَكْرُوهٌ، وَإِنْ قُلْنَا بِجَوَازِهِ، وَالْوَصِيَّةُ لَا تُنَفَّذُ بِالْمَكْرُوهِ، وَإِنَّمَا لَمْ نُعَوِّلْ عَلَى وَصِيَّتِهِ بِإِسْقَاطِ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِلشَّيْءِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ مَعَ مَا تَيَسَّرَ مِنْ الثَّلَاثَةِ لِتَحْصِيلِ السَّتْرِ وَنَفْيِ الْإِزْرَاءِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ الْمُتَوَلِّي) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِحُرْمَةِ سَتْرِ إلَخْ) أَيْ وَسَتْرِ تَوَابِيتِ الْأَوْلِيَاءِ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ الْحَرِيرُ. . إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ سَتْرَ سَرِيرِهَا يُعَدُّ اسْتِعْمَالًا مُتَعَلِّقًا بِبَدَنِهَا وَهُوَ جَائِزٌ لَهَا، فَمَهْمَا جَازَ لَهَا فِعْلُهُ فِي حَيَاتِهَا جَازَ فِعْلُهُ لَهَا بَعْدَ مَوْتِهَا حَتَّى يَجُوزَ تَحْلِيَتُهَا بِنَحْوِ حُلِيِّ الذَّهَبِ وَدَفْنُهُ مَعَهَا حَيْثُ رَضِيَ الْوَرَثَةُ وَكَانُوا كَامِلِينَ، وَلَا يُقَالُ إنَّهُ تَضْيِيعُ مَالٍ لِأَنَّهُ تَضْيِيعٌ لِغَرَضٍ وَهُوَ إكْرَامُ الْمَيِّتِ وَتَعْظِيمُهُ وَتَضْيِيعُ الْمَالِ وَإِتْلَافُهُ لِغَرَضٍ جَائِزٌ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. [فَرْعٌ] هَلْ يَجُوزُ التَّكْفِينُ فِي ثَوْبٍ بَالٍ بِحَيْثُ يَذُوبُ سَرِيعًا لَكِنَّهُ سَاتِرٌ فِي الْحَالِ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَحْتَمِلُ الْجَوَازَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُعَدَّ إزْرَاءً بِالْمَيِّتِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُ سم هُنَا وَهُوَ إكْرَامُ الْمَيِّتِ وَتَعْظِيمُهُ: أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْوَرَثَةِ، فَلَوْ أَخْرَجَهَا سَيْلٌ أَوْ نَحْوُهُ جَازَ لَهُمْ أَخْذُهُ، وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ فَتْحُ الْقَبْرِ لِإِخْرَاجِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ حُرْمَةِ الْمَيِّتِ مَعَ رِضَاهُمْ بِدَفْنِهِ مَعَهَا، فَلَوْ تَعَدَّوْا وَفَتَحُوا الْقَبْرَ وَأَخَذُوا مَا فِيهِ جَازَ لَهُمْ التَّصَرُّفُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَفَاءً بِحَقِّ الْمَيِّتِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَجَمِيعُ بَدَنِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّ أَقَلَّهُ مَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ) أَيْ عَوْرَةَ الصَّلَاةِ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ فَيَجِبُ فِي الْمَرْأَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَعَلَى الثَّانِي) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ مَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ فِي الْمَرْأَةِ) مِنْ تَفَارِيعِ قَوْلِهِ فَعَلَى الثَّانِي مُخْتَلِفٌ قَدْرُهُ بِالذُّكُورَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ مِلْكَهُ زَالَ) لَا يُقَالُ: إنَّمَا جَازَ لِلزَّوْجِ ذَلِكَ لِبَقَاءِ آثَارِ الزَّوْجِيَّةِ كَالتَّوَارُثِ وَبِمَوْتِ الْأَمَةِ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْ آثَارِ الْمِلْكِ. لِأَنَّا نَقُولُ: وُجُوبُ تَجْهِيزِهَا عَلَى السَّيِّدِ مِنْ آثَارِ الْمِلْكِ فَهُمَا سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ نُعَوِّلْ عَلَى وَصِيَّتِهِ إلَخْ) لَعَلَّ هَذَا جَوَابٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَإِلَّا فَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ بِالْمَكْرُوهِ كَافٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَيَجِبُ فِي الْمَرْأَةِ مَا يَسْتُرُ بَدَنَهَا إلَّا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا) إلَى آخِرِ السِّوَادَةِ تَفْرِيعٌ عَلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ: أَيْ الثَّوْبُ الْوَاحِدُ) أَيْ بِأَنْ أَوْصَى بِدَفْنِهِ عُرْيَانًا بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ

قَبْلَ وُجُوبِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ بِمَوْتِهِ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ صِحَّةُ وَصِيَّتِهِ بِإِسْقَاطِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ مَعَ أَنَّهُ إسْقَاطٌ لِلشَّيْءِ قَبْلَ وُجُوبِهِ أَيْضًا لِاخْتِلَافِ جِهَةِ الْحُقُوقِ هُنَا، فَسَتْرُ الْعَوْرَةِ مَحْضُ حَقِّهِ تَعَالَى، وَبَاقِي الْبَدَنِ فِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَحَقٌّ لِلْمَيِّتِ فَلَمْ يَمْلِكْ إسْقَاطَهُ لِانْضِمَامِ حَقِّهِ تَعَالَى فِيهِ، وَمَا زَادَ عَلَى الثَّوْبِ مَحْضُ حَقِّ الْمَيِّتِ فَلَهُ إسْقَاطُهُ، فَلَوْ مَاتَ وَلَمْ يُوصِ بِذَلِكَ فَقَالَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ يُكَفَّنُ بِثَوْبٍ سَاتِرٍ جَمِيعَ الْبَدَنِ وَبَعْضُهُمْ بِثَلَاثَةٍ كَفَنٍ فِي ثَلَاثَةٍ لُزُومًا؛ لِأَنَّهَا مَحْضُ حَقِّ الْمَيِّتِ مِنْ تَرِكَتِهِ فَيُكَفَّنُ فِيهَا حَيْثُ لَا دَيْنَ يَسْتَغْرِقُهَا وَلَا وَصِيَّةَ بِإِسْقَاطِهَا، وَلَوْ اتَّفَقُوا عَلَى ثَوْبٍ كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي التَّتِمَّةِ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ: إنَّهُ الْأَقْيَسُ، فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ وَقَالَ الْغُرَمَاءُ يُكَفَّنُ فِي ثَوْبٍ وَالْوَرَثَةُ فِي ثَلَاثَةٍ أُجِيبَ الْغُرَمَاءُ لِأَنَّهُ إلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ أَحْوَجُ مِنْهُ إلَى زِيَادَةِ السَّتْرِ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ قَالَ الْغُرَمَاءُ يُكَفَّنُ بِسَاتِرٍ الْعَوْرَةَ وَالْوَرَثَةُ بِسَاتِرِ جَمِيعِ الْبَدَنِ نَقَلَ صَاحِبُ الْحَاوِي وَغَيْرُهُ الِاتِّفَاقَ عَلَى سَاتِرٍ جَمِيعَ الْبَدَنِ، وَلَوْ اتَّفَقَ الْغُرَمَاءُ وَالْوَرَثَةُ عَلَى ثَلَاثَةٍ جَازَ بِلَا خِلَافٍ: أَيْ وَلَا نَظَرَ لِبَقَاءِ ذِمَّتِهِ مُرْتَهِنَةً بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّ رِضَاهُمْ قَدْ يَقْتَضِي فَكَّ ذِمَّتِهِ. وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ الْكَفَنَ بَعْدَ مَا مَرَّ مِنْ مَرَاتِبِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْغُرَمَاءِ سَاتِرٌ جَمِيعَ بَدَنِهِ، وَبِالنِّسْبَةِ لِلْوَرَثَةِ ثَلَاثَةٌ فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ الْمَنْعُ مِنْهَا تَقْدِيمًا لِحَقِّ الْمَالِكِ، وَفَارَقَ الْغَرِيمُ بِأَنَّ حَقَّهُ ثَابِتٌ وَبِأَنَّ مَنْفَعَةَ صَرْفِ الْمَالِ لَهُ تَعُودُ إلَى الْمَيِّتِ، بِخِلَافِ الْوَارِثِ فِيهِمَا هَذَا كُلُّهُ إنْ كُفِّنَ مِنْ تَرِكَتِهِ، فَإِنْ كُفِّنَ مِنْ غَيْرِهَا لَمْ يَلْزَمْ مَنْ يُجْهِزُهُ مِنْ سَيِّدٍ وَزَوْجٍ وَقَرِيبٍ وَبَيْتِ مَالٍ إلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ سَاتِرٌ لِجَمِيعِ بَدَنِهِ، بَلْ يَحْرُمُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الرَّوْضَةِ، وَكَذَا لَوْ كُفِّنَ مِمَّا وُقِفَ لِلتَّكْفِينِ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ. قَالَ: وَيَكُونُ سَابِغًا وَلَا يُعْطَى الْحُنُوطُ وَالْقُطْنُ فَإِنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْأَثْوَابِ الْمُسْتَحَبَّةِ الَّتِي لَا تُعْطَى عَلَى الْأَظْهَرِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَيَكُونُ سَابِغًا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ إلَخْ) هَذَا لَا يُنَاسَبُ قَوْلَهُ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ إلَخْ، إذْ اخْتِلَافُ الْحُقُوقِ لَا يُصَيِّرُ ذَلِكَ وَاجِبًا حِينَ الْوَصِيَّةِ، فَلَمْ يَظْهَرْ بِمَا ذَكَرَهُ فَرْقٌ بَيْنَ مَا زَادَ عَلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَبَيْنَ الثَّانِي وَالثَّالِثِ، نَعَمْ يَنْدَفِعُ بِهِ الْإِشْكَالُ عَلَى الْجَوَابِ الْأَوَّلِ وَهُوَ أَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى سَاتِرِ الْعَوْرَةِ مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ: وَلَا وَصِيَّةَ بِإِسْقَاطِهَا) أَيْ الزِّيَادَةِ عَلَى الْوَاجِبِ (قَوْلُهُ كَفَّنَ فِي ثَلَاثَةٍ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ أَحْوَجُ) وَيَظْهَرُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ يَكُونُوا حَاضِرِينَ (قَوْلُهُ: الِاتِّفَاقُ عَلَى سَاتِرٍ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: قَدْ يَقْتَضِي فَكَّ ذِمَّتِهِ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الرِّضَا لَا يَقْتَضِي بَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ، وَمُقْتَضَى عَدَمِ الْبَرَاءَةِ أَنْ لَا تَنْفَكَّ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ رِضَاهُمْ وَإِنْ لَمْ يَقْتَضِ بَرَاءَةَ الذِّمَّةِ فِيهِ رِضًا بِبَقَائِهِ فِي الذِّمَّةِ، وَيَجُوزُ أَنَّ مُجَرَّدَ ذَلِكَ كَافٍ فِي عَدَمِ حَبْسِ الرُّوحِ عَنْ مَقَامِهَا وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ بَاقِيًا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بَعْدَ مَا مَرَّ مِنْ مَرَاتِبِهِ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ مِنْ، وَعَلَى ثُبُوتِهَا فَقَوْلُهُ مِنْ مَرَاتِبِهِ بَيَانٌ لِمَا، وَقَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ مُتَعَلِّقٌ بِسَاتِرٍ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ سَاتِرٌ خَبَرُ أَنَّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْ مَنْ يُجَهِّزُهُ) وَلَوْ غَنِيًّا (قَوْلُهُ: مِنْ سَيِّدٍ وَزَوْجٍ) أَيْ وَيُعْتَبَرُ فِيهِ حَالُ الزَّوْجِ دُونَ الْمَرْأَةِ فَحَالُهَا بَعْدَ الْمَوْتِ يُخَالِفُهُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ فِي هَذِهِ، وَفِي أَنَّهَا: أَيْ هُنَا إمْتَاعٌ وَأَنَّهَا لَا تَصِيرُ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْمُعْسِرِ اهـ بِالْمَعْنَى. (قَوْلُهُ: وَبَيْتِ مَالٍ) وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَى مُتَوَلِّي بَيْتِ الْمَالِ مُرَاعَاةُ حَالِ الْمَيِّتِ، فَإِنْ كَانَ مُقِلًّا فَمِنْ خَشِنِهَا وَإِنْ كَانَ مُتَوَسِّطًا فَمِنْ مُتَوَسِّطِهَا أَوْ مُكْثِرًا فَمِنْ جِيَادِهَا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: بَلْ تَحْرُمُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) أَيْ فَيَحْرُمُ عَلَى وَلِيِّ الْمَيِّتِ أَخْذُهُ، وَإِذَا اتَّفَقَ ذَلِكَ فَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَى وَلِيِّ الْمَيِّتِ دُونَ أَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ لَكِنَّهُ طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ، وَلَا يَجُوزُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا نَبْشُهُ لِتَقْصِيرِهِمَا بِالدَّفْنِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ كَالْمَغْصُوبِ الْآتِي؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ ثَمَّ لَمْ يَرْضَ بِالدَّفْنِ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُعْطَى الْحَنُوطُ) أَيْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَالْمَوْقُوفُ وَالزَّوْجُ وَغَيْرُهُمْ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْأَثْوَابِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَقَالَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ يُكَفَّنُ بِثَوْبٍ سَاتِرٍ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ الَّذِي بَعْدَهُ

أَنَّهُ يُعْطَى وَإِنْ قُلْنَا الْوَاجِبُ سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَقَدْ حَرَّرْنَا هَذَا الْمَقَامَ حَسَبَ الِاسْتِطَاعَةِ وَرُبَّمَا لَا يُوجَدُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمُؤَلَّفَاتِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ (وَالْأَفْضَلُ لِلرَّجُلِ) أَيْ الذَّكَرِ وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ مُحْرِمًا (ثَلَاثَةٌ) لِخَبَرِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سُحُولِيَّةٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ وُجُوبِ الثَّلَاثَةِ مِنْ التَّرِكَةِ؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ وَاجِبَةً فَالِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا أَفْضَلُ مِمَّا زَادَ عَلَى ذَلِكَ وَلِهَذَا قَالَ (وَيَجُوزُ) مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ (رَابِعٌ وَخَامِسٌ) ؛ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَفَّنَ ابنا لَهُ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ قَمِيصٍ وَعِمَامَةٍ وَثَلَاثِ لَفَائِفَ، نَعَمْ هِيَ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ كَمَا مَرَّ، أَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ فَمَكْرُوهَةٌ لَا مُحَرَّمَةٌ. نَعَمْ مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْوَرَثَةُ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ وَرَضُوا بِهِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ صَغِيرٌ أَوْ مَجْنُونٌ أَوْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ غَائِبٌ فَلَا (وَ) الْأَفْضَلُ (لَهَا) وَلِلْخُنْثَى (خَمْسَةٌ) مِنْ أَثْوَابٍ لِزِيَادَةِ السَّتْرِ فِي حَقِّهَا وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا كَمَا مَرَّ (وَمَنْ كُفِّنَ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَالْخُنْثَى مُلْحَقٌ بِهَا كَمَا مَرَّ (بِثَلَاثَةٍ فَهِيَ) كُلُّهَا (لَفَائِفُ) مُتَسَاوِيَةٌ طُولًا وَعَرْضًا يَعُمُّ كُلٌّ مِنْهَا جَمِيعَ الْبَدَنِ غَيْرَ رَأْسِ الْمُحْرِمِ وَوَجْهِ الْمُحْرِمَةِ: أَيْ الْأَفْضَلُ فِيهَا ذَلِكَ، فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْأَوْلَى أَوْسَعُ كَمَا سَيَأْتِي، وَقِيلَ مُتَفَاوِتَةٌ. وَقَوْلُهُ لَفَائِفُ هَلْ يُعْتَبَرُ لَهُ مَفْهُومٌ حَتَّى لَوْ أَرَادَ الْوَرَثَةُ ثَلَاثَةً عَلَى هَيْئَةِ لَفَائِفَ، لَا يُجَابُونَ أَوْ لَا يُعْتَبَرُ فَيُجَابُونَ؟ قَالَ فِي الْإِسْعَادِ: الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ نَظَرًا إلَى تَنْقِيصِ الْمَيِّتِ وَالِاسْتِهَانَةِ بِهِ لِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ فِي كَفَنِهِ (وَإِنْ كُفِّنَ) ذَكَرٌ (فِي خَمْسَةٍ زِيدَ قَمِيصٌ) إنْ لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا (وَعِمَامَةٌ تَحْتَهُنَّ) أَيْ اللَّفَائِفِ اقْتِدَاءً بِفِعْلِ ابْنِ عُمَرَ، أَمَّا الْمُحْرِمُ فَلَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْبَسُ مَخِيطًا (وَإِنْ كُفِّنَتْ) أَيْ امْرَأَةٌ (فِي خَمْسَةٍ فَإِزَارٌ) أَوَّلًا (وَخِمَارٌ) وَهُوَ مَا يُغَطَّى الرَّأْسُ بِهِ (وَقَمِيصٌ) قَبْلَ الْخِمَارِ (وَلِفَافَتَانِ) بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَفَّنَ فِيهَا ابْنَتَهُ أُمَّ كُلْثُومٍ (وَفِي قَوْلٍ ثَلَاثُ لَفَائِفَ وَإِزَارٌ وَخِمَارٌ) أَيْ وَاللِّفَافَةُ الثَّالِثَةُ بَدَلُ الْقَمِيصِ لِأَنَّ الْخَمْسَةَ لَهَا كَالثَّلَاثَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فِي كَوْنِهِ مُسْتَحَبًّا (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُعْطَى) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ السَّابِغِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ مَحْرَمًا) أَيْ أَوْ ذِمِّيًّا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ (قَوْلُهُ: سُحُولِيَّةٍ) بِفَتْحِ السِّينِ وَضَمِّهَا اهـ دَمِيرِيٌّ. زَادَ حَجّ عَلَى الشَّمَائِلِ فِي بَابِ وَفَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ قَوْلِهِ سُحُولِيَّةٍ مِنْ كُرْسُفٍ، ثُمَّ قَالَ: وَالسَّحُولِيَّةُ بِالْفَتْحِ عَلَى الْأَشْهَرِ الْأَكْثَرُ فِي الرِّوَايَاتِ مَنْسُوبَةٌ إلَى السَّحُولِ وَهُوَ الْقَصَّارُ لِأَنَّهُ يُسْحِلُهَا: أَيْ يَغْسِلُهَا، وَإِلَى سَحُولٍ قَرْيَةٍ بِالْيُمْنِ وَبِالضَّمِّ جَمْعُ سُحُلٍ وَهُوَ الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ النَّقِيُّ وَلَا يَكُونُ إلَّا مِنْ قُطْنٍ، وَفِيهِ شُذُوذٌ لِأَنَّهُ نَسَبٌ إلَى الْجَمْعِ، وَقِيلَ اسْمُ الْقَرْيَةِ بِالضَّمِّ أَيْضًا، وَالْكُرْسُفُ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَضَمٍّ الْقُطْنُ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا تَقَدَّمَ) أَيْ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ أَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ الرَّابِعِ وَالْخَامِسِ (قَوْلُهُ نَعَمْ مَحَلُّ ذَلِكَ) أَيْ جَوَازُ الرَّابِعِ وَالْخَامِسِ (قَوْلُهُ: مُتَسَاوِيًا طُولًا وَعَرْضًا) أَيْ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا تَنْقُصُ وَاحِدَةٌ مِنْهَا عَنْ سَتْرِ جَمِيعِ الْبَدَنِ، وَأَفَادَ قَوْلُهُ فَهِيَ لَفَائِفُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الْقَمِيصُ أَوْ الْمَلُوطَةِ عَنْ إحْدَاهَا وَهُوَ مُوَافِقٌ لَمْ يَأْتِي عَنْ الْإِسْعَادِ فَتَنَبَّهْ لَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ الْأَفْضَلُ فِيهَا ذَلِكَ) أَيْ أَنْ تَسْتُرَ جَمِيعَ الْبَدَنِ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْأَوَّلَ أَوْسَعُ) هَذَا وَإِنْ ظَهَرَ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ يَعُمُّ كُلٌّ مِنْهَا جَمِيعَ الْبَدَنِ لَا يَظْهَرُ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ مُتَسَاوِيًا طُولًا وَعَرْضًا، وَسَيَأْتِي مَا يُفِيدُ هَذَا فِي قَوْلِ الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَبْسُطُ أَحْسَنَ اللَّفَائِفِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا سَيَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ أَوْسَعُهَا إنْ اتَّفَقَ لِمَا مَرَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلِفَافَتَانِ) قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَيُشَدُّ عَلَى صَدْرِ الْمَرْأَةِ ثَوْبٌ لِئَلَّا تَضْطَرِبَ ثَدْيَاهَا عِنْدَ الْحَمْلِ فَتَنْتَشِرَ الْأَكْفَانُ قَالَ الْأَئِمَّةُ: وَهَذَا ثَوْبٌ سَادِسٌ لَيْسَ مِنْ الْأَكْفَانِ يُشَدُّ فَوْقَهَا وَيُحَلُّ عَنْهَا فِي الْقَبْرِ اهـ شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ.: قَوْلُهُ لِئَلَّا تَضْطَرِبَ إلَخْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يَكْفِي فِيهِ كَوْنُهُ سَاتِرًا لِجَمِيعِ الثَّدْيَيْنِ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَعُمَّ الْبَدَنَ وَلَا مُعْظَمَهُ، ثُمَّ التَّعْلِيلُ بِمَا ذَكَرَ يَقْتَضِي الِاكْتِفَاءَ بِنَحْوِ عِصَابَةٍ قَلِيلَةِ الْعَرْضِ يَمْنَعُ الشَّدُّ بِهَا مِنْ الِانْتِشَارِ، لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا قَدْ يُعَدُّ إزْرَاءٌ، وَأَنَّ الْمَسْنُونَ كَوْنُهُ سَاتِرًا لِجَمِيعِ صَدْرِ الْمَرْأَةِ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي عَدَمِ ظُهُورِ الثَّدْيَيْنِ، وَيُؤْخَذُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لِلرَّجُلِ وَالْقَمِيصُ لَمْ يَكُنْ فِي كَفَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَيُسَنُّ) الْكَفَنُ (الْأَبْيَضُ) لِخَبَرِ «كَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» السَّابِقِ فِي الْجُمُعَةِ، وَسَيَأْتِي أَنَّ الْمَغْسُولَ أَوْلَى مِنْ الْجَدِيدِ. (وَمَحَلُّهُ) الْأَصْلِيُّ الَّذِي يَجِبُ مِنْهُ كَسَائِرِ مُؤَنِ التَّجْهِيزِ (أَصْلُ التَّرِكَةِ) كَمَا سَيَأْتِي أَوَّلَ الْفَرَائِضِ أَنَّهُ يَبْدَأُ مِنْ التَّرِكَةِ بِمُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ، إلَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ حَقٌّ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهَا، وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الْأَصْلِ مَنْ لِزَوْجِهَا مَالٌ وَيَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا فَكَفَنُهَا وَنَحْوُهُ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ الْآتِي، وَيُجَابُ مَنْ قَالَ مِنْ الْوَرَثَةِ أُكَفِّنُهُ مِنْ التَّرِكَةِ لَا مَنْ قَالَ أُكَفِّنُهُ مِنْ مَالِي دَفْعًا لِلْمِنَّةِ عَنْهُ، وَمِنْ ثَمَّ لَا يُكَفَّنُ فِيمَا تَبَرَّعَ بِهِ أَجْنَبِيٌّ عَلَيْهِ إلَّا إذَا قِبَلَ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ، وَلَيْسَ لَهُمْ إبْدَالُهُ كَمَا قَالَاهُ فِي الْهِبَةِ عَنْ أَبِي زَيْدٍ إنْ كَانَ مِمَّنْ يُقْصَدُ تَكْفِينَهُ لِصَلَاحِهِ أَوْ عِلْمِهِ فَيَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ إلَيْهِ، فَإِنْ كَفَّنُوهُ فِي غَيْرِهِ رَدُّوهُ لِمَالِكِهِ وَإِلَّا كَانَ لَهُمْ أَخْذُهُ وَتَكْفِينُهُ فِي غَيْرِهِ، وَلَوْ سُرِقَ الْكَفَنُ وَضَاعَ قَبْلَ قَسْمِ التَّرِكَةِ لَزِمَهُمْ إبْدَالُهُ مِنْهَا، فَلَوْ قُسِمَتْ لَمْ يَلْزَمُهُمْ لَكِنْ يُسَنُّ، وَمَحَلُّهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ إذَا كَانَ قَدْ كُفِّنَ أَوَّلًا ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْهُ أَيْضًا أَنَّ الصَّغِيرَةَ الَّتِي لَيْسَ لَهَا ثَدْيٌ يَنْتَشِرُ لَا يُسَنُّ لَهَا ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ الْكَفَنُ الْأَبْيَضُ) وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ الْآنَ لَمْ يَبْعُدْ لِمَا فِي التَّكْفِينِ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْإِزْرَاءِ لَكِنَّ إطْلَاقَهُمْ يُخَالِفُهُ، وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنَّ ذَلِكَ جَارٍ وَإِنْ أَوْصَى بِغَيْرِ الْأَبْيَضِ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَالْوَصِيَّةُ بِهِ لَا تَنْفُذُ، وَكَتَبَ أَيْضًا: وَيُسَنُّ الْكَفَنُ الْأَبْيَضُ ظَاهِرُهُ وَلَوْ ذِمِّيًّا إلَّا أَنْ يُقَالَ الْخِطَابُ فِي الْخَبَرِ الْآتِي فِي مَوْتَاكُمْ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَا يَشْمَلُ الذِّمِّيِّينَ لَكِنَّ ظَاهِرَ إطْلَاقِهِمْ يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: فَكَفَنُهَا وَنَحْوُهُ) أَيْ مِنْ مُؤْنَةِ الْغُسْلِ وَالْحَمْلِ وَالدَّفْنِ، بِخِلَافِ الْحَنُوطِ وَنَحْوِهِ فَلَا يَجِبُ أَخْذًا مِمَّا قَدَّمَهُ (قَوْلُهُ: دَفْعًا لِلْمِنَّةِ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمُمْتَنِعِ مِنْ التَّكْفِينِ مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَا يُكَفَّنُ) أَيْ لَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ قَبِلَ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ) أَيْ إنْ كَانُوا أَهْلًا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَفَّنُوهُ فِي غَيْرِهِ رَدُّوهُ) أَيْ وُجُوبًا لِمَالِكِهِ أُخِذَ مِنْ هَذَا مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ أَنَّهُ إذَا مَاتَ شَخْصٌ يُؤْتَى لَهُ بِأَكْفَانٍ مُتَعَدِّدَةٍ أَنَّهُ يُكَفَّنُ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا وَمَا فَضَلَ رُدَّ لِمَالِكِهِ مَا لَمْ يَتَبَرَّعْ بِهِ الْمَالِكُ لِلْوَارِثِ، أَوْ تَدُلُّ الْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ الْوَارِثَ دُونَ الْمَيِّتِ، فَلَوْ أَرَادَ الْوَارِثُ تَكْفِينَهُ فِي الْجَمِيعِ جَازَ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى رِضَا الدَّافِعِينَ بِذَلِكَ كَنَحْوِ اعْتِقَادِهِمْ صَلَاحَ الْمَيِّتِ، وَإِلَّا كُفِّنَ فِي وَاحِدٍ بِاخْتِيَارِ الْوَارِثِ وَفُعِلَ فِي الْبَاقِي مَا سَبَقَ مِنْ اسْتِحْقَاقِ الْمَالِكِ لَهُ إلَّا أَنْ تَبَرَّعَ بِهِ إلَخْ، وَلَا يَكْفِي فِي عَدَمِ وُجُوبِ الرَّدِّ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ أَنَّ مَنْ دَفَعَ شَيْئًا لِنَحْوِ مَا ذُكِرَ لَا يَرْجِعُ فِيهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ قَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى رِضَا الدَّافِعِ بِعَدَمِ الرَّدِّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ إلَّا يَقْصِدُ تَكْفِينَهُ (قَوْلُهُ وَضَاعَ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُمْ إبْدَالُهُ) وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ مَا إذَا انْكَشَفَ الْقَبْرُ، وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ مَسْتُورًا بِالتُّرَابِ فَلَا وُجُوبَ بَلْ يَحْرُمُ النَّبْشُ كَمَنْ دُفِنَ ابْتِدَاءً بِلَا تَكْفِينٍ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ فَتَحَ فَسْقِيَّةً فَوَجَدَ بَعْضَ أَمْوَاتِهَا بِلَا كَفَنٍ لِنَحْوِ بَلَائِهِ وَجَبَ سَتْرُهُ وَامْتَنَعَ سَدُّهَا بِدُونِ سَتْرِهِ، وَيَكْفِي وَضْعُ الثَّوْبِ عَلَيْهِ وَلَا يَضُمُّ فِيهَا؛ لِأَنَّ فِيهِ انْتِهَاكًا لَهُ، وَقَدْ يُقَالُ: إذَا أَمْكَنَ لَفُّهُ فِي الْكَفَنِ بِلَا إزْرَاءٍ وَجَبَ، بِخِلَافِ مَا إذَا تَوَقَّفَ عَلَى إزْرَاءٍ كَأَنْ تَقَطَّعَ أَوْ خُشِيَ تَقَطُّعُهُ بِلَفِّهِ. قَالَ م ر: وَتَجِبُ إعَادَةُ الْكَفَنِ كُلَّمَا بَلِيَ وَظَهَرَ الْمَيِّتُ، وَالْوُجُوبُ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فِي الْحَيَاةِ كَمَا تَجِبُ النَّفَقَةُ أَبَدًا لَوْ كَانَ حَيًّا، هَذَا مَا قَرَّرَهُ م ر فِي دَرْسِهِ، فَقُلْت لَهُ: هَلَّا وَجَبَ عَلَى عُمُومِ الْمُسْلِمِينَ فَامْتَنَعَ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يُقَيِّدَ قَوْلَهُمْ إنَّهُ إذَا سُرِقَ الْكَفَنُ بَعْدَ السِّمَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ تَكْفِينُهُ مِنْ التَّرِكَةِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْوَرَثَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ الْمَيِّتِ حَيًّا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ فَقُلْت لَهُ هَلَّا أَنَّهُ امْتَنَعَ مِنْ وُجُوبِهِ عَلَى عُمُومِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ وُجُودِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ فِي الْحَيَاةِ وَإِلَّا فَالْقِيَاسُ وُجُوبُهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ فَعَلَى عُمُومِ الْمُسْلِمِينَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ مَالٌ وَلَا مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ إلَخْ. وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ وَتَجِبُ إعَادَةُ الْكَفَنِ كُلَّمَا إلَخْ أَنَّ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ ظُهُورِ عِظَامِ الْمَوْتَى مِنْ الْقُبُورِ لِانْهِدَامِهَا أَوْ نَحْوِهِ يَجِبُ فِيهِ سَتْرُهُ وَدَفْنُهُ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ إنْ كَانَ وَعُرِفَ ثُمَّ بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: فَلَوْ قُسِّمَتْ لَمْ يَلْزَمْهُمْ) شَيْءٌ خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) أَيْ عَدَمِ اللُّزُومِ (قَوْلُهُ: إذَا) بِمَعْنَى إذْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فِي الثَّلَاثَةِ الَّتِي هِيَ حَقٌّ لَهُ، إذْ التَّكْفِينُ بِهَا غَيْرُ مُتَوَقِّفٍ عَلَى رِضَا الْوَرَثَةِ كَمَا مَرَّ. أَمَّا لَوْ كُفِّنَ مِنْهَا بِوَاحِدٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُمْ تَكْفِينُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ بِثَانٍ وَثَالِثٍ، إنْ كَانَ الْكَفَنُ مِنْ غَيْرِ مَالِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَكَمَنْ مَاتَ وَلَا مَالَ لَهُ، وَيُرَاعَى فِيهِ حَالُهُ سَعَةً وَضِيقًا وَإِنْ كَانَ مُقَتِّرًا عَلَى نَفْسِهِ فِي حَيَاتِهِ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَيُفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ فِي الْمُفْلِسِ بِأَنَّ ذَاكَ يُنَاسِبُهُ إلْحَاقُ الْعَارِ بِهِ الَّذِي رَضِيَهُ لِنَفْسِهِ لَعَلَّهُ يَنْزَجِرُ عَنْ مِثْلِ فِعْلِهِ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) لِلْمَيِّتِ فِي غَيْرِ الصُّورَةِ الْمُسْتَثْنَاةِ تَرْكُهُ (فَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ مِنْ قَرِيبٍ) أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ لِعَجْزِهِ بِمَوْتِهِ (أَوْ سَيِّدٍ) فِي رَقِيقِهِ وَلَوْ مُكَاتَبًا وَأُمَّ وَلَدٍ اعْتِبَارًا بِحَالِ الْحَيَاةِ فِي غَيْرِ الْكِتَابَةِ وَلِانْفِسَاخِهَا بِمَوْتِ الْمُكَاتَبِ وَلَوْ مَاتَ مَنْ لَزِمَهُ تَجْهِيزُ غَيْرِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَبْلَ تَجْهِيزِهِ وَتِرْكَتُهُ لَا تَفِي إلَّا بِتَجْهِيزِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ، فَهَلْ يُقَدَّمُ الْمَيِّتُ الْأَوَّلُ لِسَبْقِ تَعَلُّقِ حَقِّهِ أَوْ الثَّانِي لِتَبَيُّنِ عَجْزِهِ عَنْ تَجْهِيزِ غَيْرِهِ؟ الْأَوْجَهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الثَّانِي كَمَا سَيَأْتِي فِي الْفَرَائِضِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَأَمَّا الْمُبَعَّضُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ فَالْحُكْمُ وَاضِحٌ، وَإِلَّا فَمُؤَنُ تَجْهِيزِهِ عَلَى مَنْ مَاتَ فِي نَوْبَتِهِ. وَلَا يَلْزَمُ الْوَلَدَ تَجْهِيزَ زَوْجَةِ أَبِيهِ وَإِنْ لَزِمَهُ نَفَقَتُهَا حَيَّةً لِزَوَالِ ضَرُورَةِ الْإِعْفَافِ (وَكَذَا) مَحَلُّ الْكَفَنِ أَيْضًا (الزَّوْجُ) الْمُوسِرُ وَلَوْ بِمَا انْجَرَّ إلَيْهِ مِنْ إرْثِهَا حَيْثُ كَانَتْ نَفَقَتُهَا لَازِمَةً لَهُ فَعَلَيْهِ تَكْفِينُ زَوْجَتِهِ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً رَجْعِيَّةً أَوْ بَائِنًا حَامِلًا لِوُجُوبِ نَفَقَتِهَا عَلَيْهِ فِي الْحَيَاةِ، بِخِلَافِ نَحْوِ النَّاشِزَةِ وَالصَّغِيرَةِ، فَإِنْ أَعْسَرَ عَنْ تَجْهِيزِ الزَّوْجَةِ الْمُوسِرَةِ أَوْ عَنْ بَعْضِهِ جُهِّزَتْ أَوْ تَمَّمَ تَجْهِيزَهَا مِنْ حَالِهَا (فِي الْأَصَحِّ) ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ الْأَوْجَهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ الثَّانِي) ظَاهِرُهُ وَإِنْ خِيفَ تَغَيُّرُ الْأَوَّلِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ تَجْهِيزَهُ لَيْسَ وَاجِبًا عَلَيْهِ لِعَجْزِهِ (قَوْلُهُ: فَالْحُكْمُ وَاضِحٌ) أَيْ فِي أَنَّهَا عَلَيْهِمَا، فَعَلَى السَّيِّدِ نِصْفُ لِفَافَةٍ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ التَّبْعِيضِ لِفَافَةٌ وَاحِدَةٌ، وَفِي مَالِ الْمُبَعِّضِ لِفَافَةٌ وَنِصْفٌ فَيَكْمُلُ لَهُ لِفَافَتَانِ فَيُكَفَّنُ فِيهِمَا، وَلَا يُزَادُ ثَالِثَةٌ مِنْ مَالِهِ. وَبَقِيَ مَا لَوْ اخْتَلَفَ هَلْ مَوْتُهُ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ أَوْ نَوْبَتِهِ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةً لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الزَّوْجُ الْمُوسِرُ) أَيْ مِمَّا يَأْتِي فِي الْفِطْرَةِ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ مَا يَأْتِي عَنْ سم مِنْ أَنَّهُ يُتْرَكُ لَهُ فَوْقَ مَا يُتْرَكُ لِلْمُفْلِسِ أَنَّهُ يُبَاعُ هُنَا مَسْكَنُهُ وَخَادِمُهُ. [فَرْعٌ] لَوْ كَفَّنَ الزَّوْجَةَ زَوْجُهَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ، وَهَلْ يَجِبُ تَكْمِيلُ الثَّلَاثِ مِنْ تَرِكَتِهَا يَظْهَرُ لَا؛ لِأَنَّ كَفَنَهَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِتَرِكَتِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ، وَظَهَرَ الْآنَ وُجُوبُ تَكْمِيلٍ مِنْ تَرِكَتِهَا إنْ كَانَ لَهَا تَرِكَةٌ وَوَافَقَ عَلَيْهِ م ر ثُمَّ ذَكَرَ خِلَافَهُ مُعْتَمَدٌ، وَقَدْ يُقَالُ: ظَاهِرُ قَوْلِهِمْ إنَّ مَحَلَّ تَكْفِينِ الْمَرْأَةِ الزَّوْجُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّكْمِيلُ، وَلَعَلَّهُ الْمُرَادَ فَيَنْبَغِي الْأَخْذُ بِهِ إلَّا بِنَقْلٍ يُخَالِفُهُ. [فَرْعٌ] هَلْ يَجِبُ تَكْفِينُ الذِّمِّيِّ فِي ثَلَاثَةٍ حَيْثُ لَا مَنْعَ مِنْ الْغُرَمَاءِ إنْ كَانُوا، وَلَا وَصِيَّةَ بِالِاقْتِصَارِ عَلَى وَاحِدٍ كَالْمُسْلِمِ فِي ذَلِكَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ نَعَمْ أَيْضًا، وَقَدْ وَافَقَ م ر عَلَى ذَلِكَ فَذَكَرَ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ أَنَّهُ رَأْي لِبَعْضِهِمْ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ فَطُولِبَ بِهِ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَحْوِ النَّاشِزَةِ إلَخْ) هَلْ يَشْمَلُ الْقَرْنَاءَ وَالرَّتْقَاءَ وَالْمَرِيضَةَ الَّتِي لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ مَنْ ذُكِرَ وَاجِبَةٌ عَلَى الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: وَالصَّغِيرَةِ) أَيْ الَّتِي لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَعْسَرَ) وَيَظْهَرُ ضَبْطُ الْمُعْسِرِ بِمَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ فَاضِلٌ عَمَّا يُتْرَكُ لِلْمُفْلِسِ حَجّ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ وَرِثَ مِنْهَا قَدْرًا يُتْرَكُ لِلْمُفْلِسِ وَلَيْسَ عِنْدَهُ غَيْرُهُ لَا يَلْزَمُهُ تَجْهِيزُهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ أَوْ تَمَّمَ تَجْهِيزَهَا مِنْ مَالِهَا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَلَا وَرِثَ مِنْهَا شَيْئًا لِوُجُودِ مَانِعٍ قَامَ بِهَا كَكُفْرِهَا وَاسْتِغْرَاقِ الدُّيُونِ لِتَرِكَتِهَا الْمُتَعَلِّقَةِ بِهَا. أَمَّا إذَا كَانَتْ فِي ذِمَّتِهَا فَيُقَدَّمُ كَفَنُهَا عَلَى الدُّيُونِ اهـ سم عَلَى حَجّ بِالْمَعْنَى، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ أَوْ تَمَّمَ تَجْهِيزَهَا: أَيْ إذَا نَقَصَ مَا أَيْسَرَ بِهِ عَنْ ثَوْبٍ يَسْتُرُ جَمِيعَ الْبَدَنِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ سم الْمَذْكُورِ، وَكَتَبَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لِمَا مَرَّ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ جُمْلَةَ وَكَذَا الزَّوْجُ عَطْفٌ عَلَى أَصْلِ التَّرِكَةِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ رَدًّا لِمَا قِيلَ إنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي أَنَّ مَحَلَّ وُجُوبِ الْكَفَنِ عَلَى الزَّوْجِ حَيْثُ لَا تَرِكَةَ لِلزَّوْجَةِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ حِينَئِذٍ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا. وَالثَّانِي لَا يَجِبُ عَلَيْهِ لِفَوَاتِ التَّمْكِينِ الْمُقَابِلِ لِلنَّفَقَةِ، وَلَوْ امْتَنَعَ الزَّوْجُ الْمُوسِرُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ كَانَ غَائِبًا فَجَهَّزَ الزَّوْجَةَ الْوَرَثَةُ مِنْ مَالِهَا أَوْ غَيْرِهِ رَجَعُوا عَلَيْهِ بِمَا ذَكَرَ إنْ فَعَلُوهُ بِإِذْنِ حَاكِمٍ يَرَاهُ وَإِلَّا فَلَا، وَقِيَاسُ نَظَائِرِهِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُوجَدْ حَاكِمٌ كَفَى الْمُجَهِّزَ الْإِشْهَادُ عَلَى أَنَّهُ جَهَّزَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِيَرْجِعَ بِهِ، وَلَوْ أَوْصَتْ أَنْ تُكَفَّنَ مِنْ مَالِهَا وَهُوَ مُوسِرٌ كَانَتْ وَصِيَّةَ الْوَارِثِ؛ لِأَنَّهَا أَسْقَطَتْ الْوَاجِبَ عَنْهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ إيصَاؤُهُ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ مِنْ الثُّلُثِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَثِّرْ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ بِخُصُوصِهِ شَيْئًا حَتَّى يَحْتَاجَ لِإِجَازَةِ الْبَاقِينَ، وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ أَيْضًا تَجْهِيزُ خَادِمِ الزَّوْجَةِ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، هَذَا إنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً لَهَا، فَإِنْ كَانَتْ مُكْتَرَاةً أَوْ أَمَتَهُ أَوْ غَيْرَهُمَا فَلَا يَكْفِي حُكْمُهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الَّتِي أَخْدَمَهَا إيَّاهَا بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا كَأَمَتِهَا، وَلَوْ مَاتَتْ زَوْجَاتُهُ دُفْعَةً بِهَدْمٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَجِدْ إلَّا كَفَنًا وَاحِدًا فَالْقِيَاسُ الْإِقْرَاعُ إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يَخْشَى فَسَادَهَا وَإِلَّا قُدِّمَتْ عَلَى غَيْرِهَا أَوْ مُرَتِّبًا فَالْأَوْجَهُ تَقْدِيمُ الْأُولَى مَعَ أَمْنِ التَّغَيُّرِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ. وَقَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ: لَوْ مَاتَ أَقَارِبُهُ دُفْعَةً بِهَدْمٍ أَوْ غَيْرِهِ قَدَّمَ فِي التَّكْفِينِ وَغَيْرِهِ مَنْ يُسْرِعُ فَسَادُهُ، فَإِنْ اسْتَوَوْا قَدَّمَ الْأَبَ ثُمَّ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ، ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى حَجّ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ مَا نَصُّهُ: نَعَمْ لَوْ أَيْسَرَ الزَّوْجُ بِبَعْضِ الثَّوْبِ فَقَطْ كَمَّلَ مِنْ تَرِكَتِهَا وَيَنْبَغِي حِينَئِذٍ وُجُوبُ الثَّانِي وَالثَّالِثِ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَاقَاهَا فِي الْجُمْلَةِ م ر. وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَهِيَ تَتْمِيمُ مَا يَسْتُرُ الْبَدَنَ بِخِلَافِهِ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى فَإِنَّ الزَّوْجَ لَمَّا أَيْسَرَ بِسَاتِرِ جَمِيعِ الْبَدَنِ لَمْ يَتَعَلَّقُ بِتَرِكَتِهَا فِي الِابْتِدَاءِ شَيْءٌ فَاقْتَصَرَ عَلَى مَا وَجَبَ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَوَجَبَ نَفَقَتُهَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا تَرِكَةَ لِلزَّوْجَةِ) مَشَى م ر عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي فِيمَا لَوْ كَانَ مُعْسِرًا عِنْدَ مَوْتِ الزَّوْجَةِ ثُمَّ حَصَلَ لَهُ مَالٌ قَبْلَ تَكْفِينِهَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَكْفِينُهَا لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الزَّوْجِيَّةِ بَعْدَ الْمَوْتِ مَعَ الْقُدْرَةِ قَبْلَ سُقُوطِ الْوَاجِبِ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ حَدَثَ لِلشَّخْصِ بَعْدَ غُرُوبِ شَوَّالٍ نَحْوُ وَلَدٍ لَمْ تَلْزَمْهُ فِطْرَتُهُ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ هُنَاكَ مُعَلَّقٌ بِإِدْرَاكِ جُزْءٍ مِنْ رَمَضَانَ أَيْضًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: رَجَعُوا عَلَيْهِ) وَكَذَا لَوْ غَابَ الْقَرِيبُ الَّذِي تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ الْمَيِّتِ فَكَفَّنَهُ شَخْصٌ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: إنَّهُ لَوْ لَمْ يُوجَدْ حَاكِمٌ) أَيْ يَتَيَسَّرُ اسْتِئْذَانُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ وَبِلَا تَأْخِيرٍ مَرَّةً يُعَدُّ التَّأْخِيرُ إلَيْهَا إزْرَاءً بِالْمَيِّتِ عَادَةً، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى بَهْجَةٍ مَا نَصُّهُ: ثُمَّ مَا ضَابِطُ فَقْدِ الْحَاكِمِ، وَيَحْتَمِلُ ضَبْطُهُ بِأَنْ لَا يَتَيَسَّرَ رَفْعُ الْأَمْرِ إلَيْهِ قَبْلَ تَغَيُّرِ الْمَيِّتِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَوْ لَمْ يُوجَدْ حَاكِمٌ) وَكَعَدِمِ وُجُودِ الْحَاكِمِ مَا لَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِذْنِ إلَّا بِدِرْهَمٍ وَإِنْ قُلْت وَيَكْفِيهِ فِي ذَلِكَ غَلَبَةُ ظَنِّهِ (قَوْلُهُ: لِيَرْجِعَ بِهِ) أَيْ فَلَوْ فَقَدَ الشُّهُودَ فَهَلْ يَرْجِعُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ فَقْدَ الشُّهُودِ نَادِرٌ كَمَا قَالُوهُ فِي هَرَبِ الْجَمَّالِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَيَنْبَغِي أَنَّ هَذَا فِي ظَاهِرِ الْحَالِ، أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَلَهُ ذَلِكَ فَيَأْخُذُهُ مِنْ مَالِ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ كَانَتْ وَصِيَّةً لِوَارِثٍ) أَيْ فَتَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ فِي الْجَمِيعِ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ (قَوْلُهُ: مِنْ الثُّلُثِ كَذَلِكَ) أَيْ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَحْتَاجَ لِإِجَازَةِ الْبَاقِينَ) قَالَ سم عَلَى بَهْجَةٍ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذَكَرَ: أَقُولُ قَضِيَّةُ كَوْنِهَا وَصِيَّةً لِوَارِثٍ اعْتِبَارُ قَبُولِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ مُكْتَرَاةً) أَيْ فَلَا يَجِبُ فِيهَا (قَوْلُهُ أَوْ أَمَتَهُ) أَيْ فَيَجِبُ تَكْفِينُهَا لِكَوْنِهَا مِلْكَهُ لَا لِكَوْنِهَا خَادِمَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَهُمَا) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ مُتَطَوِّعَةً بِالْخِدْمَةِ وَالْحُكْمُ فِيهَا عَدَمُ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: كَأَمَتِهَا) أَيْ فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَجْهِيزُهَا. [فَرْعٌ] هَلْ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ تَكْفِينُ الزَّوْجَةِ فِي الْجَدِيدِ كَالْكِسْوَةِ؟ أَفْتَى بَعْضُهُمْ بِوُجُوبِ ذَلِكَ وَبَعْضُهُمْ بِجَوَازِ اللَّبِيسِ كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ، وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ كَبْنٍ، وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ اللَّبِيسَ أَوْلَى مِنْ الْجَدِيدِ فِي التَّكْفِينِ، وَهَذَا أَمْرٌ آخَرُ خَلْفَ الْقِيَاسِ عَلَى الْكِسْوَةِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ رُوعِيَتْ الْكِسْوَةُ وَجَبَ أَكْثَرُ مِنْ ثَوْبٍ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ (قَوْلُهُ: لَوْ مَاتَ أَقَارِبُهُ دَفْعَةً) أَيْ الَّذِينَ تَجِبُ نَفَقَتُهُمْ عَلَيْهِ وَهُمْ الْأُصُولُ وَالْفُرُوعُ (قَوْلُهُ: قَدَّمَ الْأَبَ ثُمَّ الْأَقْرَبَ) . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَيُقَدِّمُ مِنْ الْأَخَوَيْنِ أَسَنَّهُمَا، وَيُقْرَعُ بَيْنَ الزَّوْجَتَيْنِ: وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ احْتِمَالَ تَقْدِيمِ الْأُمِّ عَلَى الْأَبِ، وَفِي تَقْدِيمِ الْأَسَنِّ مُطْلَقًا نَظَرٌ، وَلَا وَجْهَ لِتَقْدِيمِ الْفَاجِرِ الشَّقِيِّ عَلَى الْبَارِّ التَّقِيِّ وَإِنْ كَانَ أَصْغَرَ مِنْهُ، وَلَمْ يُذْكَرْ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الْقِيَامُ بِأَمْرِ الْكُلِّ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَجِيءَ فِيهِ خِلَافٌ مِنْ الْفِطْرَةِ أَوْ النَّفَقَةِ اهـ. وَسَيَأْتِي بَعْضُ ذَلِكَ فِي الْفَرَائِضِ. وَلَوْ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ وَخَادِمَتُهَا مَعًا وَلَمْ يَجِدْ إلَّا تَجْهِيزَ إحْدَاهُمَا فَالْأَوْجَهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ تَقْدِيمُ مَنْ خَشِيَ فَسَادَهَا، وَإِلَّا فَالزَّوْجَةُ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ وَالْمَتْبُوعَةُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ مَالٌ وَلَا مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَمُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَنَفَقَتِهِ حَالَ حَيَاتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ. وَلَا يُشْتَرَطُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وُقُوعُ التَّكْفِينِ مِنْ مُكَلَّفٍ حَتَّى لَوْ كَفَّنَهُ غَيْرُهُ حَصَلَ التَّكْفِينُ لِوُجُودِ الْمَقْصُودِ، وَفِيهِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَغَيْرِهِ: لَوْ مَاتَ إنْسَانٌ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُكَفَّنُ بِهِ إلَّا ثَوْبٌ مَعَ مَالِكٍ غَيْرِ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لَزِمَهُ بَذْلُهُ لَهُ بِقِيمَتِهِ كَالطَّعَامِ لِلْمُضْطَرِّ، زَادَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَمَجَّانًا؛ لِأَنَّ تَكْفِينَهُ لَازِمٌ لِلْأَمَةِ وَلَا بَدَلَ يُصَارُ إلَيْهِ. (وَيَبْسُطُ) نَدْبًا أَوْ لَا (أَحْسَنَ اللَّفَائِفِ وَأَوْسَعَهَا) وَأَطْوَلَهَا، وَالْمُرَادُ أَوْسَعُهَا إنْ اتَّفَقَ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يُنْدَبُ أَنْ تَكُونَ مُتَسَاوِيَةً أَوْ الْمُرَادُ بِتَسَاوِيهَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ شُمُولُهَا لِجَمِيعِ الْبَدَنِ وَإِنْ تَفَاوَتَتْ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ فِي مُقَابَلَةِ وَجْهٍ قَائِلٍ بِأَنَّ الْأَسْفَلَ يَأْخُذُ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ وَالثَّانِي مِنْ عُنُقِهِ إلَى كَعْبِهِ. وَالثَّالِثُ يَسْتُرُ جَمِيعَ بَدَنِهِ (وَالثَّانِيَةُ) وَهِيَ الَّتِي تَلِي الْأُولَى فِي ذَلِكَ (فَوْقَهَا وَكَذَا الثَّالِثَةُ) فَوْقَ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْحَيَّ يَجْعَلُ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ أَعْلَاهَا فَلِذَا بَسَطَ الْأَحْسَنَ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَعْلُو عَلَى كُلِّ الْكَفَنِ. وَأَمَّا كَوْنُهُ أَوْسَعَ فَلِإِمْكَانِ لَفِّهِ عَلَى الضَّيِّقِ، بِخِلَافِ الْعَكْسِ. (وَيَذْرِ) بِالْمُعْجَمَةِ فِي غَيْرِ الْمُحْرِمِ (عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ) مِنْ اللَّفَائِفِ قَبْلَ وَضْعِ الْأُخْرَى (حَنُوطًا) بِفَتْحِ الْحَاءِ، وَيُقَالُ لَهُ الْحِنَاطُ بِكَسْرِهَا وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الطِّيبِ يُجْعَلُ لِلْمَيِّتِ خَاصَّةً يَشْتَمِلُ عَلَى الْكَافُورِ وَالصَّنْدَلِ وَذَرِيرَةِ الْقَصَبِ، قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ، وَقَالَ غَيْرُهُ: كُلُّ طِيبٍ خُلِطَ لِلْمَيِّتِ (كَافُورٌ) هُوَ مِنْ عَطْفِ الْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ لِأَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَهُوَ بَعْدَ الْأَبِ الْأُمُّ (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ احْتِمَالَ تَقْدِيمِ الْأُمِّ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَلَا وَجْهَ لِتَقْدِيمِ الْفَاجِرِ) أَيْ مِنْ الْأَخَوَيْنِ فَقَطْ دُونَ مَا قَبْلَهُ مِنْ تَقْدِيمِ الْأَبِ عَلَى غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ وَلَوْ كَانَ فَاجِرًا شَقِيًّا، وَمَعْلُومٌ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَجْهِيزُ مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَخَوَيْنِ وَلَدَانِ لِلْمُجَهَّزِ، وَإِلَّا فَنَفَقَةُ الْأَخِ لَيْسَتْ وَاجِبَةً وَلَا تَجْهِيزُهُ، (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ) وَيُقَدَّمُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ الْمَوْقُوفِ عَلَى الْأَكْفَانِ، وَكَذَا الْمُوصَى بِهِ لِلْأَكْفَانِ، وَهَلْ يُقَدَّمُ وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ الْمَوْقُوفُ عَلَى الْمُوصَى بِهِ أَوْ يُقَدَّمُ الْمُوصَى بِهِ أَوْ يَتَخَيَّرُ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمْلِيكٌ فَهِيَ أَقْوَى مِنْ الْوَقْفِ، وَالْمُرَادُ بِالْغَنِيِّ مِنْهُمْ مَنْ يَمْلِكُ كِفَايَةَ سَنَةٍ كَذَا بِهَامِشٍ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ فِي الْكَفَّارَةِ، وَفِي الْمَجْمُوعِ فِيهَا الْغَنِيُّ مَنْ يَمْلِكُ زِيَادَةً عَلَى الْعُمُرِ الْغَالِبِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيَاسُهُ هُنَا كَذَلِكَ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِشِدَّةِ الِاحْتِيَاجِ إلَى تَجْهِيزِ الْمَيِّتِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) لَعَلَّهُ ذَكَرَهُ هُنَا لِعَزْوِهِ لِلْمَجْمُوعِ وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ لَهُ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ. قُلْت: الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ وُجُوبُ غُسْلِ الْغَرِيقِ. . إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُكَفَّنُ بِهِ) أَيْ مِنْ الثِّيَابِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ: عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ) أَيْ بِتَمَامِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ احْتِمَالَ تَقَدُّمِ الْأُمِّ عَلَى الْأَبِ) الْمُرَادُ بِهَذَا الْبَعْضِ هُوَ الْأَذْرَعِيُّ، فَإِنَّ مَا يَأْتِي إلَى قَوْلِ الشَّارِحِ. اهـ كَلَامُهُ. ذَكَرَهُ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ الْبَنْدَنِيجِيَّ مُتَعَقِّبًا لَهُ بِهِ، فَقَوْلُهُ: وَلَمْ يَذْكُرْ: أَيْ الْبَنْدَنِيجِيُّ فِيمَا مَرَّ عَنْهُ وَعِبَارَتُهُ بَعْدَ كَلَامِ الْبَنْدَنِيجِيَّ: قُلْت وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ تَقَدُّمُ الْأُمِّ عَلَى الْأَبِ وَفِي تَقْدِيمِ الْأَسَنِّ مُطْلَقًا إلَخْ، فَكَانَ الْأَصْوَبُ أَنْ يَقُولَ الشَّارِحُ: قَالَ بَعْضُهُمْ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْحَيَّ يَجْعَلُ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ أَعْلَاهَا) كَانَ الْأَقْعَدُ أَنْ يَقُولَ: أَمَّا كَوْنُهُ أَحْسَنَ فَلِأَنَّ الْحَيَّ إلَخْ لِيُنَاسِبَ قَوْلَهُ وَأَمَّا كَوْنُهُ أَوْسَعَ إلَخْ.

حِينَئِذٍ الْجُزْءُ الْأَعْظَمُ مِنْ الطِّيبِ لِتَأَكُّدِ أَمْرِهِ؛ وَلِأَنَّ الْمُرَادَ زِيَادَتُهُ عَلَى مَا يُجْعَلُ فِي أُصُولِ الْحَنُوطِ. وَيُسَنُّ الْإِكْثَارُ مِنْهُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ، بَلْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَاسْتُحِبَّ أَنْ يُطَيِّبَ جَمِيعَ بَدَنِهِ بِالْكَافُورِ؛ لِأَنَّهُ يُقَوِّيهِ وَيَشُدُّهُ، وَلَوْ كُفِّنَ فِي خَمْسَةٍ جُعِلَ بَيْنَ كُلِّ ثَوْبَيْنِ حَنُوطٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (وَيُوضَعُ الْمَيِّتُ فَوْقَهَا) أَيْ اللَّفَائِفِ بِرِفْقٍ (مُسْتَلْقِيًا) عَلَى قَفَاهُ وَيُجْعَلُ يَدَاهُ عَلَى صَدْرِهِ يُمْنَاهُ عَلَى يُسْرَاهُ أَوْ يُرْسَلَانِ فِي جَنْبِهِ، أَيَّمَا فَعَلَ مِنْهُمَا فَحَسَنٌ (وَعَلَيْهِ حَنُوطٌ وَكَافُورٌ) لِدَفْعِهِ الْهَوَامَّ وَشَدِّهِ الْبَدَنَ وَتَقْوِيَتِهِ، وَيُسَنُّ تَبْخِيرُ الْكَفَنِ بِنَحْوِ عُودٍ أَوَّلًا (وَتُشَدُّ أَلْيَاهُ) بِخِرْقَةٍ بَعْدَ دَسِّ قُطْنٍ حَلِيجٍ عَلَيْهِ حَنُوطٌ وَكَافُورٌ بَيْنَ أَلْيَيْهِ حَتَّى تَصِلَ الْخِرْقَةُ لِحَلْقَةِ الدُّبُرِ فَيَشُدَّهَا وَيُكْرَهُ إيصَالُهُ دَاخِلَ الْحَلْقَةِ. وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ: ظَاهِرُ كَلَامِ الدَّارِمِيِّ تَحْرِيمُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ انْتِهَاكِ حُرْمَتِهِ يُرَدُّ بِأَنَّهُ لِعُذْرٍ فَلَا انْتِهَاكَ، وَتَكُونُ الْخِرْقَةُ مَشْقُوقَةَ الطَّرَفَيْنِ وَتُجْعَلُ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ (وَيُجْعَلُ عَلَى) كُلِّ مَنْفَذٍ مِنْ (مَنَافِذِ بَدَنِهِ) ، وَمَوَاضِعِ السُّجُودِ مِنْهُ (قُطْنٌ) حَلِيجٌ مَعَ كَافُورٍ وَحَنُوطٍ دَفْعًا لِلْهَوَامِّ عَنْ النَّافِذِ كَالْجَبْهَةِ وَالْعَيْنَيْنِ وَالْأَنْفِ وَالْفَمِ وَالدُّبُرِ وَالْجِرَاحَاتِ النَّافِذَةِ، وَإِكْرَامًا لِلْمَسَاجِدِ كَالْجَبْهَةِ وَالْأَنْفِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَبَاطِنِ الْكَفَّيْنِ وَأَصَابِعِ الْقَدَمَيْنِ (وَتُلَفُّ عَلَيْهِ) بَعْدَ ذَلِكَ (اللَّفَائِفُ) بِأَنْ يُثْنَى الطَّرَفُ الْأَيْسَرُ ثُمَّ الْأَيْمَنُ كَمَا يَفْعَلُ الْحَيُّ بِالْقَبَاءِ وَيُجْمَعُ الْفَاضِلُ عِنْدَ رَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ وَيَكُونُ الَّذِي عِنْدَ رَأْسِهِ أَكْثَرَ (وَتُشَدُّ) عَلَيْهِ اللَّفَائِفُ بِشِدَادٍ يَشُدُّهُ عَلَيْهَا لِئَلَّا تَنْتَشِرَ عِنْدَ الْحَمْلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُحْرِمًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ لِأَنَّهُ يُشَبَّهُ بِعَقْدِ الْإِزَارِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَكْتُبَ عَلَيْهَا شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ الْأَسْمَاءِ الْمُعَظَّمَةِ صِيَانَةً لَهَا عَنْ الصَّدِيدِ، وَلَا أَنْ يَكُونَ لِلْمَيِّتِ مِنْ الثِّيَابِ مَا فِيهِ زِينَةٌ كَمَا فِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ، وَلَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى زِينَةٍ مُحَرَّمَةٍ عَلَيْهِ حَالَ حَيَاتِهِ (فَإِذَا وُضِعَ) الْمَيِّتُ (فِي قَبْرِهِ نُزِعَ الشِّدَادُ) عَنْهُ تَفَاؤُلًا بِحَلِّ الشَّدَائِدِ عَنْهُ؛ وَلِأَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ فِي الْقَبْرِ شَيْءٌ مَعْقُودٌ وَسَوَاءٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ (وَلَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ الذَّكَرُ مَخِيطًا) وَلَا مَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ لُبْسُهُ (وَلَا يَسْتُرُ رَأْسَهُ وَلَا وَجْهَ الْمُحْرِمَةِ) وَلَا كَفَّاهَا بِقُفَّازَيْنِ: أَيْ يَحْرُمُ ذَلِكَ إبْقَاءً لِأَثَرِ الْإِحْرَامِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ، وَلَا يُنْدَبُ أَنْ يُعِدَّ لِنَفْسِهِ كَفَنًا لِئَلَّا يُحَاسَبَ عَلَى اتِّخَاذِهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ جِهَةِ حِلٍّ أَوْ أَثَرٍ ذِي صَلَاحٍ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: أَيَّمَا فَعَلَ مِنْهُمَا فَحَسَنٌ) أَيْ فَهُمَا فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُصَلِّي حَيْثُ كَانَ جَعْلُهُمَا عَلَى صَدْرِهِ ثَمَّ أَوْلَى مِنْ إرْسَالِهِمَا لِأَنَّ جَعْلَهُمَا عَلَى صَدْرِهِ ثَمَّ أَبْعَدُ عَنْ الْعَبَثِ بِهِمَا، وَلِمَا قِيلَ إنَّهُ إشَارَةٌ إلَى حِفْظِ الْإِيمَانِ وَالْقَبْضِ عَلَيْهِ وَكِلَاهُمَا لَا يَتَأَتَّى هُنَا (قَوْلُهُ وَيُسَنُّ تَبْخِيرُ الْكَفَنِ إلَخْ) أَيْ ثَلَاثًا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: قُطْنٌ حَلِيجٌ) أَيْ مَنْدُوفٌ وَهُوَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ (قَوْلُهُ: وَمَوَاضِعِ السُّجُودِ مِنْهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ صَغِيرًا فِيمَا يَظْهَرُ إكْرَامًا لِمَوَاضِع السُّجُودِ مِنْ حَيْثُ هِيَ (قَوْلُهُ: وَإِكْرَامًا لِلْمَسَاجِدِ) أَيْ مَوَاضِعِ السُّجُودِ مِنْ بَدَنِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُثْنَى الطَّرَفُ الْأَيْسَرُ) أَيْ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ انْتَهَى مَحَلِّيٌّ (قَوْلُهُ عِنْدَ رَأْسِهِ) أَيْ فَوْقَ رَأْسِهِ (قَوْلُهُ: نُزِعَ الشِّدَادُ عَنْهُ) وَالْأَوْلَى أَنَّ الَّذِي يَنْزِعُ الشِّدَادَ عَنْهُ هُوَ الَّذِي يُلْحِدُهُ إنْ كَانَ مِنْ الْجِنْسِ، فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ امْرَأَةً فَالْأَوْلَى أَنَّ الَّذِي يَلِي ذَلِكَ مِنْهَا النِّسَاءُ كَمَا يَأْتِي فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَنْ يَدْخُلَهُ الْقَبْرَ الْأَحَقُّ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حِلُّ نَزْعِ جَمِيعِ الشِّدَادِ، وَفِي كَلَامِ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ اسْتِثْنَاءُ مَا شُدَّ بِهِ الْأَلْيَانِ فَلَا يُنْزَعُ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ) لَا يُقَالُ: الْعِلَّةُ مُنْتَفِيَةٌ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ لِأَنَّا نَقُولُ التَّفَاؤُلُ بِزِيَادَةِ الرَّاحَةِ لَهُ بَعْدُ فَنَزَلَ مَا انْتَفَى عَنْهُ مِنْ عَدَمِ الرَّاحَةِ مَنْزِلَةَ رَفْعِ الشَّدَّةِ (قَوْلُهُ أَيْ يُحَرَّمُ ذَلِكَ) أَيْ فَلَوْ خَالَفُوا وَفَعَلُوا وَجَبَ الْكَشْفُ مَا لَمْ يُدْفَنْ الْمَيِّتُ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَلَا يُنْدَبُ أَنْ يُعِدَّ لِنَفْسِهِ كَفَنًا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ وَإِنْ أَوْهَمَ الْكَرَاهَةَ عِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ فِي إعْدَادِ الْقَبْرِ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ. وَأَرَادَ بِمَا نَقَلَهُ عَنْ الزَّرْكَشِيّ قَوْلَهُ بَعْدُ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ أَيْ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَوْ أَعَدَّ لَهُ قَبْرًا يُدْفَنُ فِيهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُكْرَهُ لِأَنَّهُ لِلِاعْتِبَارِ بِخِلَافِ الْكَفَنِ. قَالَ الْعَبَّادِيُّ: وَلَا يَصِيرُ أَحَقَّ بِهِ مَا دَامَ حَيًّا وَوَافَقَهُ ابْنُ يُونُسَ اهـ: أَيْ فَلِغَيْرِهِ أَنْ يَسْبِقَهُ إلَى الدَّفْنِ فِيهِ وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ لَهُ لِأَجْلِ حَفْرِهِ م ر اهـ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُحَاسَبَ عَلَى اتِّخَاذِهِ) أَيْ لَا عَلَى اكْتِسَابِهِ وَإِلَّا فَكُلُّ مَا لَهُ مُطْلَقًا يُحَاسَبُ عَلَى اكْتِسَابِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[كيفية حمل الميت]

وَحَسُنَ إعْدَادِهِ، لَكِنْ لَا يَجِبُ تَكْفِينُهُ فِيهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِ بَلْ لِلْوَارِثِ إبْدَالُهُ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ بِنَاءِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ ذَلِكَ عَلَى مَا لَوْ قَالَ اقْضِ دَيْنِي مِنْ هَذَا الْمَالِ الْوُجُوبُ، وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يُومِئُ إلَيْهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْمُتَّجَهُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ يَنْتَقِلُ لِلْوَارِثِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَلِهَذَا لَوْ نَزَعَ الثِّيَابَ الْمُلَطَّخَةَ بِالدَّمِ عَنْ الشَّهِيدِ وَكَفَّنَهُ فِي غَيْرِهَا جَازَ مَعَ أَنَّ فِيهَا أَثَرَ الْعِبَادَةِ الشَّاهِدَةِ لَهُ بِالشَّهَادَةِ فَهَذَا أَوْلَى انْتَهَى. وَالْأَوْجَهُ الْوُجُوبُ فِي الْمَبْنِيِّ كَالْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ وَإِنْ انْتَقَلَ الْمِلْكُ فِيهِ لِلْوَارِثِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ ثِيَابِ الشَّهِيدِ وَاضِحٌ، إذْ لَيْسَ فِيهَا مُخَالَفَةُ أَمْرِ الْمُورِثِ بِخِلَافِهِ فِيهِمَا. ثُمَّ شَرَعَ فِي كَيْفِيَّةِ حَمْلِ الْمَيِّتِ وَلَيْسَ فِي حَمْلِهِ دَنَاءَةٌ وَلَا سُقُوطُ مُرُوءَةٍ، بَلْ هُوَ بِرٌّ وَإِكْرَامٌ لِلْمَيِّتِ فَقَدْ فَعَلَهُ بَعْضُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَقَالَ (وَحَمْلُ الْجِنَازَةِ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ التَّرْبِيعِ فِي الْأَصَحِّ) " لِحَمْلِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَحَمَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ " رَوَاهُمَا الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ، الْأَوَّلَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، وَالثَّانِيَ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ. وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ التَّرْبِيعُ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ أَصْوَنُ لِلْمَيِّتِ، بَلْ حُكِيَ وُجُوبُهُ لِأَنَّ مَا دُونَهُ إزْرَاءٌ بِالْمَيِّتِ، هَذَا إنْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى أَحَدِهِمَا، وَالْأَفْضَلُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِأَنْ يُحْمَلَ تَارَةً بِهَيْئَةِ الْحَمْلِ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ وَتَارَةً بِهَيْئَةِ التَّرْبِيعِ، ثُمَّ بَيَّنَ حَمْلَهَا بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ بِقَوْلِهِ (وَهُوَ) أَيْ الْحَمْلُ بَيْنَهُمَا (أَنْ يَضَعَ الْخَشَبَتَيْنِ الْمُقَدَّمَتَيْنِ) أَيْ الْعَمُودَيْنِ (عَلَى عَاتِقِهِ) وَهُوَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ وَالْعُنُقِ وَهُوَ مُذَكَّرٌ وَقِيلَ مُؤَنَّثٌ (وَرَأْسُهُ بَيْنَهُمَا وَيَحْمِلَ) الْخَشَبَتَيْنِ (الْمُؤَخَّرَتَيْنِ رَجُلَانِ) أَحَدُهُمَا مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ وَالْآخَرُ مِنْ الْأَيْسَرِ، وَإِنَّمَا تَأَخَّرَ اثْنَانِ وَلَمْ يَعْكِسْ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَوْ تَوَسَّطَهُمَا كَانَ وَجْهُهُ لِلْمَيِّتِ فَلَا يَنْظُرُ إلَى مَا بَيْنَ قَدَمَيْهِ، وَإِنْ وَضَعَ الْمَيِّتَ عَلَى رَأْسِهِ خَرَجَ عَنْ حَمْلِهِ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ وَأَدَّى إلَى ارْتِفَاعِ مُؤَخِّرَةِ النَّعْشِ وَتَنَكُّسِ الْمَيِّتِ عَلَى رَأْسِهِ، فَلَوْ عَجَزَ عَنْ الْحَمْلِ أَعَانَهُ اثْنَانِ بِالْعَمُودَيْنِ وَيَأْخُذُ اثْنَانِ بِالْمُؤَخَّرَتَيْنِ فِي حَالِ الْعَجْزِ وَعَدَمِهِ، فَحَامِلُوهُ عِنْدَ فَقَدْ الْعَجْزِ ثَلَاثَةٌ وَمَعَ وُجُودِهِ خَمْسَةٌ، فَإِنْ عَجَزُوا فَسَبْعَةٌ أَوْ أَكْثَرُ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ. ثُمَّ بَيَّنَ حَمْلَهَا عَلَى هَيْئَةِ التَّرْبِيعِ فَقَالَ (وَالتَّرْبِيعُ أَنْ يَتَقَدَّمَ رَجُلَانِ) يَضَعُ أَحَدُهُمَا الْعَمُودَ الْأَيْمَنَ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ وَالْآخَرُ عَكْسُهُ (وَيَتَأَخَّرَ آخَرَانِ) يَحْمِلَانِ كَذَلِكَ فَيَكُونُ الْحَامِلُونَ ـــــــــــــــــــــــــــــSاهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجُهُ الْوُجُوبُ فِي الْمَبْنِيِّ) هُوَ قَوْلُهُ قَضِيَّتُهُ بِنَاءُ الْقَاضِي حُسَيْنٍ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ كَالْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ هُوَ قَوْلُهُ عَلَى مَا لَوْ قَالَ اقْضِ دَيْنِي (قَوْلُهُ إذْ لَيْسَ فِيهَا مُخَالَفَةٌ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّ وُجُوبِ التَّكْفِينِ فِيمَا أَعَدَّهُ لِنَفْسِهِ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ إعْدَادِهِ كَفِّنُونِي فِي هَذَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. أَمَّا مَا أَعَدَّهُ بِلَا لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى طَلَبِ التَّكْفِينِ فِيهِ كَأَنْ اسْتَحْسَنَ لِنَفْسِهِ ثَوْبًا أَوْ ادَّخَرَهُ وَدَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ أَنْ يَكُونَ كَفَنًا لَهُ فَلَا يَجِبُ التَّكْفِينُ فِيهِ. نَعَمْ الْأَوْلَى ذَلِكَ كَمَا فِي ثِيَابِ الشَّهِيدِ. ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى بَهْجَةٍ بَعْدُ مِثْلُ مَا ذَكَرَ مَا نَصُّهُ: قَدْ يُوَجَّهُ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ بِأَنَّ ادِّخَارَهُ بِقَصْدِ هَذَا الْغَرَضِ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيَّةِ بِالتَّكْفِينِ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَقَدْ فَعَلَهُ) وَتَشْيِيعُ الْجِنَازَةِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَيُكْرَهُ لِلنِّسَاءِ مَا لَمْ يُخْشَ مِنْهُ فِتْنَةٌ أَيْ مِنْهُنَّ أَوْ عَلَيْهِنَّ وَإِلَّا حَرُمَ كَمَا هُوَ قِيَاسُ نَظَائِرِهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَحَمَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَعْدَ) الْمُتَبَادِرُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَاشَرَ حَمْلَهُ، وَيَجُوزُ أَنَّهُ أَمَرَ بِحَمْلِهِ كَذَلِكَ فَنُسِبَ إلَيْهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَلَعَلَّ الشَّارِحَ إنَّمَا لَمْ يَسْتَدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ حَمْلَ الْجِنَازَةِ لَا دَنَاءَةَ فِيهِ إلَخْ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ يَفْعَلُ الْمَكْرُوهَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَيَكُونُ وَاجِبًا فِي حَقِّهِ لِكَوْنِهِ مُشَرِّعًا بِخِلَافِ الصَّحَابَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُذَكَّرٌ) هَذَا عَلَى خِلَافِ الْقَاعِدَةِ أَنَّ مَا تَعَدَّدَ فِي الْإِنْسَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الْوُجُوبُ فِي الْمَبْنِيِّ كَالْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ) أَيْ فِي الْكَفَنِ الَّذِي أَعَدَّهُ، وَفِي مَسْأَلَةِ الدَّيْنِ وَظَاهِرُ السِّيَاقِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الْوُجُوبِ فِي مَسْأَلَةِ الْكَفَنِ إذَا كَانَ مِنْ حِلٍّ أَوْ أَثَرِ ذِي صَلَاحٍ، وَقَضِيَّةُ الْبِنَاءِ عَلَى مَسْأَلَةِ الدَّيْنِ الْإِطْلَاقِ فَلْيُرَاجَعْ. [كَيْفِيَّةِ حَمْلَ الْمَيِّتِ] (قَوْلُهُ: لِحَمْلِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ) أَيْ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ، وَلَعَلَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ كَحَمْلِ

أَرْبَعَةً وَلِهَذَا سُمِّيَتْ هَدّه الْكَيْفِيَّةِ بِالتَّرْبِيعِ، فَإِنْ عَجَزَ الْأَرْبَعَةُ عَنْهَا حَمَلَهَا سِتَّةٌ أَوْ ثَمَانِيَةٌ، وَمَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعَةِ يَحْمِلُ مِنْ جَوَانِبِ السَّرِيرِ أَوْ يُزَادُ أَعْمِدَةٌ مُعْتَرِضَةٌ تَحْتَ الْجِنَازَةِ كَمَا فُعِلَ بِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ لِبَدَانَتِهِ. وَأَمَّا الصَّغِيرُ، فَإِنْ حَمَلَهُ وَاحِدٌ جَازَ لِعَدَمِ الْإِزْرَاءِ فِيهِ، وَمَنْ أَرَادَ التَّبَرُّكَ بِحَمْلِهَا بِهَيْئَةِ الْحَمْلِ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ بَدَأَ بِحَمْلِ الْمُقَدَّمَ عَلَى كَتِفِهِ ثُمَّ بِالْعَمُودِ الْأَيْسَرِ الْمُؤَخَّرَ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ بَيْنَ يَدَيْهَا فَيَأْخُذُ الْأَيْمَنَ الْمُؤَخَّرَ أَوْ يَحْمِلُهَا بِالْهَيْئَتَيْنِ أَتَى فِيمَا يَظْهَرُ بِمَا أَتَى بِهِ فِي الْأُولَى وَيَحْمِلُ الْمُقَدَّمَ عَلَى كَتِفِهِ مُقَدَّمًا أَوْ مُؤَخَّرًا كَمَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ، لَكِنَّهُ جَعَلَ حَمْلَ الْمُقَدَّمِ عَلَى كَتِفِهِ مُؤَخَّرًا وَلَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ. ـــــــــــــــــــــــــــــSمُؤَنَّثٌ (قَوْلُهُ: كَمَا فَعَلَ بِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ لِبَدَانَتِهِ) أَيْ سِمَنِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَتَقَدَّمُ بَيْنَ يَدَيْهَا) وَإِنَّمَا طَلَبَ هَذَا دُونَ مَجِيئِهِ مِنْ خَلْفِهَا؛ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ أَقْرَبُ لِكَوْنِهِ أَمَامَ الْجِنَازَةِ وَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ. [فَائِدَةٌ] سُئِلَ أَبُو عَلِيٍّ النَّجَادِ عَنْ وُقُوفِ الْجِنَازَةِ وَرُجُوعِهَا فَقَالَ: يُحْتَمَلُ مَتَى كَثُرَتْ الْمَلَائِكَةُ بَيْنَ يَدَيْهَا رَجَعَتْ أَوْ وَقَفَتْ، وَمَتَى كَثُرَتْ خَلْفَهَا أَسْرَعَتْ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِلَوْمِ النَّفْسِ لِلْجَسَدِ وَلَوْمُ الْجَسَدِ لِلنَّفْسِ يَخْتَلِفُ حَالُهَا تَارَةً تُقَدِّمُ وَتَارَةً تُؤَخِّرَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَقَاؤُهَا فِي حَالِ رُجُوعِهَا لِيَتِمَّ أَجَلُ بَقَائِهَا فِي الدُّنْيَا، وَسُئِلَ عَنْ خِفَّةِ الْجِنَازَةِ وَثِقَلِهَا فَقَالَ: إذَا خَفَّتْ فَصَاحِبُهَا شَهِيدٌ؛ لِأَنَّ الشَّهِيدَ حَيٌّ وَالْحَيُّ أَخَفُّ مِنْ الْمَيِّتِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [آل عمران: 169] الْآيَةُ، ذَكَرَهُ أَبُو الْحُسَيْنِ فِي طَبَقَاتِهِ فِي تَرْجَمَةِ عُمَرَ أَبِي حَفْصٍ الْبَرْمَكِيِّ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا قَالَهُ الشَّامِيُّ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ فِي قَتْلِ أَبِي جَابِرٍ حَيْثُ قَالَ: وَقُتِلَ أَبُو جَابِرٍ وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو بْنِ حَرَامٍ بِالرَّاءِ، قَالَ ابْنُهُ جَابِرٍ: كَانَ أَبِي أَوَّلَ قَتِيلٍ قُتِلَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَتَلَهُ سُفْيَانُ بْنُ عَبْدِ شَمْسٍ، وَقَدْ حَمَلَتْهُ أُخْتُهُ هِنْدٌ هِيَ وَزَوْجُهَا عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ وَابْنُهَا خَلَّادٌ عَلَى بَعِيرٍ وَرَجَعَتْ بِهِمْ إلَى الْمَدِينَةِ، فَلَقِيَتْهَا عَائِشَةُ وَقَالَتْ لَهَا: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَتْ: أَخِي وَابْنِي خَلَّادٌ وَزَوْجِي عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ، قَالَتْ: فَأَيْنَ تَذْهَبِينَ بِهِمْ؟ قَالَتْ: إلَى الْمَدِينَةِ أُقْبِرُهُمْ فِيهَا، ثُمَّ زَجَرَتْ بَعِيرَهَا فَبَرَكَ، فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: لِمَا عَلَيْهِ: أَيْ بَرَكَ لِثِقَلِ مَا عَلَيْهِ، قَالَتْ: مَا ذَاكَ بِهِ فَإِنَّهُ لَرُبَّمَا حَمَلَ مَا يَحْمِلُ بَعِيرَانِ وَلَكِنْ أَرَاهُ لِغَيْرِ ذَلِكَ، وَزَجَرَتْهُ ثَانِيًا فَقَامَ وَبَرَكَ، فَوَجَّهَتْهُ رَاجِعَةً إلَى أُحُدٍ فَأَسْرَعَ، فَرَجَعَتْ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَتْهُ بِذَلِكَ فَقَالَ: إنَّ الْجَمَلَ مَأْمُورٌ، هَلْ قَالَ عَمْرٌو شَيْئًا؟ قَالَتْ: إنَّهُ لَمَّا تَوَجَّهَ إلَى أُحُدٍ قَالَ: اللَّهُمَّ لَا تَرُدَّنِي إلَى أَهْلِي وَارْزُقْنِي الشَّهَادَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فَلِذَلِكَ الْجَمَلُ لَا يَمْضِي، إنَّ فِيكُمْ مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ مِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ، وَلَقَدْ رَأَيْته يَطَأُ بِعَرْجَتِهِ فِي الْجَنَّةِ اهـ مُلَخَّصًا. وَلَعَلَّ السِّرَّ فِي عَدَمِ سَيْرِ الْجَمَلِ إلَى الْمَدِينَةِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ فَلِذَلِكَ الْجَمَلُ لَا يَمْضِي، أَنَّ شُهَدَاءَ أُحُدٍ نَزَلَ الْأَمْرُ بِدَفْنِهِمْ ثَمَّةَ، وَلِذَلِكَ لَمَّا أَرَادَ أَهْلُ الْقَتْلَى أَخْذَهُمْ إلَى الْمَدِينَةِ أَمَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُنَادِيَهُ فَنَادَى رُدُّوا الْقَتْلَى إلَى مَضَاجِعِهِمْ (قَوْلُهُ: وَيَحْمِلُ الْمُقَدَّمَ) بِأَنْ يَجْعَلَ الْعَمُودَ الْأَيْمَنَ مِنْ الْمُقَدَّمِ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ مَرَّةً، وَالْعَمُودَ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْكَافِ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي عِبَارَةِ الْمَحَلِّيِّ، وَأَسْقَطَ الْكَتَبَةُ جَرَّةَ الْكَافِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَحْمِلُهَا بِالْهَيْئَتَيْنِ أَتَى فِيمَا يَظْهَرُ بِمَا أَتَى بِهِ فِي الْأُولَى) أَيْ فِي هَيْئَةِ التَّرْبِيعِ، وَقَوْلُهُ: وَيَحْمِلُ الْمُقَدَّمُ عَلَى كَتِفَيْهِ: أَيْ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ فَيَحْصُلُ مِنْ مَجْمُوعِ ذَلِكَ كُلٌّ مِنْ الْهَيْئَتَيْنِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَعِبَارَةُ ابْنِ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةِ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَضَعَ يَاسِرَةَ السَّرِيرِ الْمُقَدَّمَةِ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ يَاسِرَتَهُ الْمُؤَخَّرَةَ ثُمَّ يَدُورُ مِنْ أَمَامِهَا حَتَّى لَا يَمْشِيَ خَلْفَهَا فَيَضَعُ يَامِنَةَ السَّرِيرِ الْمُقَدَّمَةِ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ ثُمَّ يَامِنَتَهُ الْمُؤَخَّرَةَ فَيَكُونُ قَدْ حَمَلَهَا عَلَى التَّرْبِيعِ ثُمَّ يُدْخِلُ رَأْسَهُ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ فَيَكُونُ قَدْ جَمَعَ بَيْنَ الْكَيْفِيَّتَيْنِ. انْتَهَتْ. وَبِهَا يُعْلَمُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ نِعْمَ مَا اقْتَضَتْهُ ثُمَّ فِي كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ مِنْ تَأْخِيرٍ إدْخَالُ رَأْسِهِ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ عَنْ حَمْلِهِ بِهَيْئَةِ التَّرْبِيعِ لَيْسَ بِقَيْدٍ فِي جَمْعِهِ بَيْنَ الْهَيْئَتَيْنِ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ مُقَدَّمًا أَوْ مُؤَخَّرًا كَمَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ.

الْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ (وَ) يُسَنُّ (الْمَشْيُ) لِلْمُشَيِّعِ لَهَا وَيُكْرَهُ لَهُ الرُّكُوبُ فِي ذَهَابِهِ مَعَهَا "؛ لِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى نَاسًا رُكَّابًا فِي جِنَازَةٍ فَقَالَ: أَلَا تَسْتَحْيُونَ، إنَّ مَلَائِكَةَ اللَّهِ عَلَى أَقْدَامِهِمْ وَأَنْتُمْ عَلَى ظُهُورِ الدَّوَابِّ» هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ، فَإِنْ كَانَ بِهِ كَمَرَضٍ فَلَا، وَلَا كَرَاهَةَ فِي الرُّكُوبِ فِي الْعَوْدِ كَمَا سَيَأْتِي:. وَيُسَنُّ كَوْنُهُ (أَمَامَهَا) لِلِاتِّبَاعِ؛ وَلِأَنَّهُ شَافِعٌ وَحَقُّ الشَّافِعِ التَّقَدُّمُ، وَأَمَّا خَبَرُ «امْشُوا خَلْفَ الْجِنَازَةِ» فَضَعِيفٌ، وَشَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ رَاكِبًا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ، وَنَقَلَهُ فِيهِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحِ الْمُسْنَدِ تَبَعًا لِلْخَطَّابِيِّ، وَلَوْ مَشَى خَلْفَهَا حَصَلَ لَهُ فَضِيلَةُ أَصْلِ الْمُتَابَعَةِ دُونَ كَمَالِهَا، وَلَوْ تَقَدَّمَ إلَى الْمَقْبَرَةِ لَمْ يُكْرَهْ، ثُمَّ هُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَامَ حَتَّى تُوضَعَ الْجِنَازَةُ وَإِنْ شَاءَ قَعَدَ. (وَ) يُسَنُّ كَوْنُهُ (بِقُرْبِهَا) بِحَيْثُ لَوْ الْتَفَتَ رَآهَا فَهُوَ (أَفْضَلُ) مِنْ بُعْدِهَا فَلَا يَرَاهَا لِكَثْرَةِ الْمَاشِينَ مَعَهَا (وَيُسْرَعُ بِهَا) اسْتِحْبَابًا بِأَنْ يَذْهَبَ بِهَا فَوْقَ الْمَشْيِ الْمُعْتَادِ، وَدُونَ الْخَبَبُ لِئَلَّا يَنْقَطِعَ الضُّعَفَاءُ، فَإِنْ خِيفَ تَغَيُّرُهُ بِالتَّأَنِّي زِيدَ فِي الْإِسْرَاعِ لِخَبَرِ «أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ، فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إلَيْهِ، وَإِنْ تَكُ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ» هَذَا (إنْ لَمْ يَخَفْ تَغَيُّرَهُ) أَيْ الْمَيِّتِ بِالْإِسْرَاعِ وَإِلَّا فَيُتَأَنَّى بِهِ، وَلَوْ مَرَّتْ عَلَيْهِ جِنَازَةٌ اُسْتُحِبَّ الْقِيَامُ لَهَا عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي، وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ وَمُسْلِمٍ، وَجَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي بِكَرَاهَتِهِ. وَأَجَابَ الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ عَنْ الْأَحَادِيثِ بِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْقِيَامِ فِيهَا مَنْسُوخٌ، وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ أَنَّهُ يُسَنُّ لِمَنْ مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ أَنْ يَدْعُوَا لَهَا وَيُثْنَى عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ أَهْلًا لِذَلِكَ، وَأَنْ يَقُولَ: سُبْحَانَ الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ أَوْ سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ اهـ. وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ " أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إذَا رَأَى جِنَازَةً قَالَ: هَذَا مَا وَعَدَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ زِدْنَا إيمَانًا وَتَسْلِيمًا " ثُمَّ أَسْنَدَ أَيْضًا عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ رَأَى جِنَازَةً فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ هَذَا مَا وَعَدَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ اللَّهُمَّ زِدْنَا إيمَانًا وَتَسْلِيمًا، كُتِبَ لَهُ عِشْرُونَ حَسَنَةً» ـــــــــــــــــــــــــــــSالثَّانِيَ مِنْ الْمُقَدَّمِ أَيْضًا مَرَّةً عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ مَرَّةً وَيُقَدِّمُ أَيَّهُمَا شَاءَ، وَلَكِنَّ الْأَوْلَى تَقْدِيمُ الْيَمِينِ، وَإِذَا أَرَادَ حَمْلَ الثَّانِي تَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْهَا ثُمَّ أَخَذَهُ (قَوْلُهُ إنَّ مَلَائِكَةَ اللَّهِ) هُوَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ جَوَابُ سُؤَالٍ تَقْدِيرُهُ كَيْفَ لَا يَسْتَحِي؟ فَقَالَ: إنَّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ كَوْنُهُ أَمَامَهَا) أَيْ وَلَوْ كَانَ بَعِيدًا وَلَوْ مَشَى خَلْفَهَا كَانَ قَرِيبًا مِنْهَا فِيمَا يَظْهَرُ، وَبَقِيَ مَا لَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ الرُّكُوبُ أَمَامَهَا مَعَ الْقُرْبِ وَالْمَشْيِ أَمَامَهَا مَعَ الْبُعْدِ هَلْ يُقَدِّمُ الْأَوَّلَ أَوْ الثَّانِيَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْ الرُّكُوبِ. وَقَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةَ وَلَوْ تَعَارَضَتْ هَذِهِ الصِّفَاتُ فَانْظُرْ مَاذَا يُرَاعَى اهـ وَالْأَقْرَبُ مُرَاعَاةُ الْإِمَامِ وَإِنْ بَعُدَ. (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَوْ الْتَفَتَتْ رَآهَا) زَادَ حَجّ رُؤْيَةً كَامِلَةً، وَضَابِطُهُ أَنْ لَا يَبْعُدَ عَنْهَا بُعْدًا يَقْطَعُ عِرْقًا نِسْبَتُهُ إلَيْهَا اهـ (قَوْلُهُ: زِيدَ فِي الْإِسْرَاعِ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: اُسْتُحِبَّ الْقِيَامُ لَهَا) أَيْ كَبِيرًا كَانَ الْمَيِّتُ أَوْ صَغِيرًا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ التَّعْظِيمُ لِلْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَاَلَّذِي قَالَهُ الْمُتَوَلِّي هُوَ الْمُخْتَارُ، وَقَدْ صَحَّتْ الْأَحَادِيثُ بِالْأَمْرِ بِالْقِيَامِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْقُعُودِ شَيْءٌ إلَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَيْسَ صَرِيحًا فِي النَّسْخِ (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْقِيَامِ فِيهَا مَنْسُوخٌ) أَيْ فَيَكُونُ مَكْرُوهًا (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ أَهْلًا لِذَلِكَ) أَيْ فَإِذَا كَانَتْ غَيْرَ أَهْلٍ فَهَلْ يَذْكُرُهَا بِمَا هِيَ أَهْلٌ لَهُ أَوْ لَا يَذْكُرُ شَيْئًا نَظَرًا إلَى أَنَّ السَّتْرَ مَطْلُوبٌ، أَوْ يُبَاحُ لَهُ أَنْ يُثْنِيَ عَلَيْهَا شَرًّا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْحَدِيثِ «مُرَّ بِجِنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا خَيْرًا فَقَالَ وَجَبَتْ، وَمُرَّ بِجِنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهِ شَرًّا فَقَالَ وَجَبَتْ» وَلَمْ يَنْهَهُمْ عَنْ ذَلِكَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْغَاسِلَ لَوْ رَأَى مَا يَكْرَهُ مِنْ الْمَيِّتِ يَكْتُمُهُ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَقُولَ سُبْحَانَ الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ جِنَازَةَ كَافِرٍ (قَوْلُهُ: وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَلَوْ قِيلَ بِتَكْرِيرِهِ ثَلَاثًا لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا. . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد]

فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ غَيْرِ الشَّهِيدِ وَهِيَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَالْإِيصَاءِ بِالثُّلُثِ كَمَا قَالَهُ الْفَاكِهَانِيُّ الْمَالِكِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا وَرَدَ مِنْ تَغْسِيلِ الْمَلَائِكَةِ آدَمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَيْهِ وَقَوْلِهِمْ يَا بَنِي آدَمَ هَذِهِ سُنَّتُكُمْ فِي مَوْتَاكُمْ، لِجَوَازِ حَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى أَنَّ الْخُصُوصِيَّةَ بِالنَّظَرِ لِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ وَالثَّانِي عَلَى أَصْلِ الْفِعْلِ (لِصَلَاتِهِ أَرْكَانٌ) سَبْعَةٌ (أَحَدُهَا النِّيَّةُ) كَبَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ (وَوَقْتُهَا) هُنَا (كَغَيْرِهَا) أَيْ كَوَقْتِ نِيَّةِ غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ فِي وُجُوبِ قَرْنِ النِّيَّةِ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (وَتَكْفِي) فِيهَا (نِيَّةُ) مُطْلَقِ (الْفَرْضِ) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ كِفَايَةً كَمَا تَكْفِي نِيَّةُ الْفَرْضِ فِي إحْدَى الْخَمْسِ وَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْهَا بِالْعَيْنِ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ تَعَيُّنُ نِيَّةٍ الْفَرْضِيَّةِ كَمَا فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَلَوْ فِي صَلَاةِ امْرَأَةٍ مَعَ رِجَالٍ، وَلَا تُشْتَرَطُ الْإِضَافَةُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى أَخْذًا مِمَّا مَرَّ. نَعَمْ تُسَنُّ وَقِيَاسُهُ نَدْبُ قَوْلِهِ مُسْتَقْبِلًا، ـــــــــــــــــــــــــــــS [فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ غَيْرِ الشَّهِيدِ] فَصْلٌ) فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ) [تَنْبِيهٌ] هَلْ شُرِعَتْ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ بِمَكَّةَ أَوْ لَمْ تُشْرَعْ بِالْمَدِينَةِ؟ لَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ تَصْرِيحًا، وَظَاهِرُ حَدِيثِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى قَبْرِ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَكَانَ مَاتَ قَبْلَ قُدُومِهِ لَهَا بِشَهْرٍ» كَمَا قَالَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ وَمَا فِي الْإِصَابَةِ عَنْ الْوَاقِدِيِّ وَأَقَرَّهُ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْجِنَازَةِ لَمْ تَكُنْ شُرِعَتْ يَوْمَ مَوْتِ خَدِيجَةَ، وَمَوْتُهَا بَعْدَ النُّبُوَّةِ بِعَشْرِ سِنِينَ عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهَا لَمْ تُشْرَعْ بِمَكَّةَ بَلْ بِالْمَدِينَةِ اهـ حَجّ. وَإِنَّمَا قَالَ: وَظَاهِرُ حَدِيثِ أَنَّهُ إلَخْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا شُرِعَتْ بِمَكَّةَ بَعْدَ مَوْتِ خَدِيجَةَ وَقَبْلَ الْهِجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي عَلَى أَصْلِ الْفِعْلِ) أَيْ وَهُوَ يَحْصُلُ بِالدُّعَاءِ، وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ وَقَوْلُهُمْ يَا بَنِي آدَمَ إلَخْ، وَالْأَوَّلُ هُوَ قَوْلُهُ مَا وَرَدَ مِنْ تَغْسِيلِ الْمَلَائِكَةِ آدَمَ. . إلَخْ (قَوْلُهُ مِنْ الصَّلَوَاتِ) أَيْ الْمَفْرُوضَةِ، فَلَا يَرِدُ أَنَّ مُطْلَقَ الصَّلَوَاتِ يَشْمَلُ النَّفَلَ الْمُطْلَقَ، وَيَكْفِي فِيهِ مُطْلَقُ الْقَصْدِ لِلْفِعْلِ كَذَا قِيلَ، وَهُوَ إنَّمَا يَأْتِي لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَنِيَّتُهَا كَغَيْرِهَا، وَأَمَّا حَيْثُ قَالَ: وَوَقْتُهَا كَوَقْتِ غَيْرِهَا اُعْتُبِرَ التَّعْمِيمُ فَإِنَّ وَقْتَ النِّيَّةِ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، نَعَمْ قَوْلُهُ قَبْلُ كَبَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ شَامِلٌ لِلنَّفْلِ لَكِنَّ قَوْلَهُ وَيَكْفِي فِيهَا نِيَّةُ مُطْلَقِ الْفَرْضِ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُشَبَّهَ بِهِ الْفَرَائِضُ (قَوْلُهُ: وَتَكْفِي فِيهَا نِيَّةُ مُطْلَقُ الْفَرْضِ) يَنْبَغِي كِفَايَةُ نِيَّةِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ وَإِنْ عَرَضَ تَعْيِينُهَا لِأَنَّهُ عَارِضٌ م ر اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي صَلَاةِ امْرَأَةٍ) مَعَ رِجَالٍ أَوْ صَبِيٍّ عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ فِيهِ شَرْحُ عب لحج اهـ سم عَلَيْهِ. وَالرَّاجِحُ مِنْ الْخِلَافِ عِنْدَ الشَّارِحِ عَدَمُ الْوُجُوبِ عَلَى الصَّبِيِّ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ الْمَكْتُوبَةِ حَيْثُ كَانَ الْمُعْتَمَدُ فِيهَا عَدَمَ الْوُجُوبِ بِأَنَّ صَلَاةَ الصَّبِيِّ هُنَا تُسْقِطُ الْفَرْضَ عَنْ الْمُكَلَّفِينَ مَعَ وُجُودِهِمْ، فَيَجُوزُ أَنْ يَنْزِلَ مَنْزِلَةَ الْفَرْضِ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا تَجِبُ فِي الْمَكْتُوبَةِ؛ لِأَنَّ الْمَكْتُوبَةَ مِنْهُ لَا تُسْقِطُ الْحَرَجَ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا هِيَ فَرْضٌ فِي حَقِّهِ فَقَوِيَتْ جِهَةُ النَّفْلِيَّةِ فِيهَا فَلَمْ تُشْتَرَطْ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ، بِخِلَافِ صَلَاتِهِ عَلَى الْجِنَازَةِ فَإِنَّهَا لَمَّا أَسْقَطَتْ الْفَرْضَ عَنْ غَيْرِهِ قَوِيَتْ مُشَابَهَتُهَا لِلْفَرْضِ، لَكِنْ قَالَ سم عَلَى بَهْجَةٍ فِيمَا لَوْ كَانَ مَعَ النِّسَاءِ صَبِيٌّ يَجِبُ عَلَى النِّسَاءِ أَمْرُهُ بِهَا، بَلْ وَضَرْبُهُ عَلَيْهَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِنَّ أَمْرُهُ بِنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ وَإِنْ لَمْ تُشْتَرَطْ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ فِي الْمَكْتُوبَاتِ الْخَمْسِ م ر اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ إذَا صَلَّى مَعَ رِجَالٍ لَا يُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ، وَفِي أَنَّهُ إذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصْلٌ) فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: لِجَوَازِ حَمْلِ الْأُوَلِ) أَيْ كَلَامُ الْفَاكِهَانِيِّ وَقَوْلُهُ: وَالثَّانِي أَيْ قَوْلُ الْمَلَائِكَةِ مَا ذُكِرَ

وَلَا يُتَصَوَّرُ هُنَا نِيَّةُ أَدَاءً وَضِدُّهُ قِيلَ وَلَا نِيَّةُ عَدَدٍ وَقَدْ يُقَالُ مَا الْمَانِعُ مِنْ نَدْبِ نِيَّةِ عَدَدِ التَّكْبِيرَاتِ لِمَا يَأْتِي أَنَّهَا بِمَثَابَةِ الرَّكَعَاتِ (وَقِيلَ تُشْتَرَطُ نِيَّةُ فَرْضِ كِفَايَةٍ) تَعَرُّضًا لِكَمَالِ وَصْفِهَا (وَلَا يَجِبُ تَعْيِينُ الْمَيِّتِ) الْحَاضِرِ وَلَا مَعْرِفَتُهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ، بَلْ يَكْفِي قَصْدُ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ الْإِمَامُ اكْتِفَاءً بِنَوْعِ تَمْيِيزٍ، أَمَّا لَوْ صَلَّى عَلَى غَائِبٍ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهِ بِقَلْبِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عُجَيْلٍ وَإِسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ، وَعُزِيَ إلَى الْبَسِيطِ وَوَجَّهَهُ الْأَصْبَحِيُّ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ الْمَوْتِ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ وَهُمْ غَائِبُونَ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الَّذِي يُصَلَّى عَلَيْهِ مِنْهُمْ. نَعَمْ لَوْ صَلَّى إمَامٌ عَلَى غَائِبٍ فَنَوَى الصَّلَاةَ عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ الْإِمَامُ كَفَى كَالْحَاضِرِ (فَإِنْ) (عَيَّنَ) الْمَيِّتَ الْحَاضِرَ أَوْ الْغَائِبَ كَأَنْ صَلَّى عَلَى زَيْدٍ أَوْ عَلَى الْكَبِيرِ أَوْ الذَّكَرِ مِنْ أَوْلَادِهِ (وَأَخْطَأَ) فَبَانَ عَمْرًا أَوْ الصَّغِيرَ أَوْ الْأُنْثَى (بَطَلَتْ) أَيْ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ هَذَا إنْ لَمْ يُشِرْ، فَإِنَّ أَشَارَ إلَيْهِ صَحَّتْ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ (وَإِنْ حَضَرَ مَوْتَى نَوَاهُمْ) أَوْ نَوَى الصَّلَاةَ عَلَيْهِمْ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ عَدَدَهُمْ. قَالَ الرُّويَانِيُّ: فَلَوْ صَلَّى عَلَى بَعْضِهِمْ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ ثُمَّ صَلَّى عَلَى الْبَاقِي كَذَلِكَ لَمْ تَصِحَّ. قَالَ: وَلَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهُمْ عَشَرَةٌ فَبَانُوا أَحَدَ عَشَرَ أَعَادَ الصَّلَاةَ عَلَى الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ فِيهِمْ مَنْ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ. قَالَ: وَإِنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُمْ أَحَدَ عَشَرَ فَبَانُوا عَشَرَةً ـــــــــــــــــــــــــــــSصَلَّى وَحْدَهُ مَعَ وُجُودِ الرِّجَالِ بِلَا صَلَاةٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ لِإِسْقَاطِ الصَّلَاةِ عَنْهُمْ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلَا يُتَصَوَّرُ هُنَا نِيَّةُ أَدَاءً وَضِدُّهُ) أَيْ فَلَوْ نَوَى الْأَدَاءَ أَوْ الْقَضَاءَ الْحَقِيقِيَّةَ بَطَلَتْ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَ أَوْ نَوَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ فَلَا تَبْطُلُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ إلَخْ) سَبَقَهُ إلَيْهِ حَجّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ قِيلَ يُشْتَرَطُ نِيَّةُ فَرْضِ كِفَايَةٍ) قَالَ حَجّ: لِيَتَمَيَّزَ عَنْ فَرْضِ الْعَيْنِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ يَكْفِي مُمَيِّزًا بَيْنَهُمَا اخْتِلَافُ مَعْنَى الْفَرْضِيَّةِ، وَالْمُرَادُ أَنَّ الْفَرْضَ الْمُضَافَ لِلْمَيِّتِ مَعْنَاهُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ، وَالْمُضَافُ لِإِحْدَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ مَعْنَاهُ الْفَرْضُ الْعَيْنِيُّ، فَكَأَنَّ الْفَرْضَ مَوْضُوعٌ لِلْمَعْنَيَيْنِ بِوَضْعَيْنِ، وَالْأَلْفَاظُ مَتَى أُطْلِقَتْ أَوْ لُوحِظَتْ حُمِلَتْ عَلَى مَعْنَاهَا الْوَضْعِيِّ وَهُوَ الْكِفَايَةُ فِي الْجِنَازَةِ وَالْعَيْنِيُّ فِي غَيْرِهَا وَبِهَذَا يُجَابُ عَمَّا أَوْرَدَهُ سم هُنَا (قَوْلُهُ: بِقَلْبِهِ) أَيْ لَا بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ (قَوْلُهُ: الْأَصْبَحِيُّ) قَالَ فِي اللُّبِّ هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْبَاءِ وَسُكُونِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ بَيْنَهُمَا آخِرَةٌ مُهْمَلَةٌ إلَى أَصْبَحَ قَبِيلَةٌ مِنْ يَعْرُبَ بْنِ قَحْطَانَ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْهِ) أَيْ بِقَلْبِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: أَوْ الصَّغِيرِ أَوْ الْأُنْثَى) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ ذَكَرًا أَوْ امْرَأَةً فَبَانَ خُنْثَى عَدَمُ الْبُطْلَانِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ الْمَانِعَ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ اقْتَدَى بِإِمَامٍ يَظُنُّهُ رَجُلًا فَبَانَ خُنْثَى حَيْثُ يَجِبُ الْقَضَاءُ بِأَنَّهُ ثَمَّ رَبَطَ صَلَاتَهُ بِمَنْ لَا تَصْلُحُ صَلَاتُهُ لِلرَّبْطِ، وَهُنَا نَوَى عَلَى مَنْ تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَسَمَّاهُ بِاسْمٍ مُحْتَمَلٍ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ الْخَطَأُ فِيهِ، وَأَمَّا لَوْ عَيَّنَ خُنْثَى فَبَانَ ذَكَرًا أَوْ امْرَأَةً فَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الصِّحَّةِ لِمُبَايَنَةِ الْأُنْثَى أَوْ الذَّكَرِ لِصِفَةِ الْخُنُوثَةِ وَيَحْتَمِلُ الصِّحَّةُ كَمَا لَوْ قَالَ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ فَبَانَ خُنْثَى بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَشَارَ) أَيْ بِقَلْبِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ) أَيْ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ صَلَّى عَلَى بَعْضِهِمْ) وَمِنْهُ مَا لَوْ عَيَّنَ الْبَعْضَ بِالْجُزْئِيَّةِ كَالثُّلُثِ أَوْ الرُّبُعِ (قَوْلُهُ: أَعَادَ الصَّلَاةَ عَلَى الْجَمِيعِ) يُتَّجَهُ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يُلَاحِظْ الْأَشْخَاصَ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يُعِيدَهَا عَلَيْهِمْ دَفْعَةً وَاحِدَةً أَوْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ، وَلَا يَضُرُّ تَرَدُّدُهُ فِي النِّيَّةِ لِلضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِيهِمْ مَنْ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ فِي الْإِعَادَةِ نَوَيْت الصَّلَاةَ عَلَى مَنْ لَمْ أُصَلِّ عَلَيْهِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقَدْ يُشْعِرُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ فِيهِمْ إلَخْ بِخِلَافِهِ، وَجَعَلَهُ الدَّمِيرِيِّ احْتِمَالًا حَيْثُ قَالَ بَعْدَ مِثْلِ قَوْلِ الشَّارِحِ عَلَى الْجَمِيعِ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعِيدَهَا عَلَى الْحَادِيَ عَشَرَ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ فَيَقُولُ نَوَيْت الصَّلَاةَ عَلَى مَنْ لَمْ أُصَلِّ عَلَيْهِ أَوَّلًا اهـ. وَيُؤَيِّدُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ صَلَّى عَلَى غَائِبٍ) أَيْ مَخْصُوصٍ، فَلَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ مَاتَ وَغُسِّلَ وَكُفِّنَ فِي أَفْضَلِ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُشِرْ) أَيْ فِي الْحَاضِرَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

فَالْأَظْهَرُ الصِّحَّةُ. قَالَ: وَلَوْ صَلَّى عَلَى حَيٍّ وَمَيِّتٍ صَحَّتْ عَلَى الْمَيِّتِ إنْ جَهِلَ الْحَالَ وَإِلَّا فَلَا كَمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ قَبْلَ الزَّوَالِ، أَوْ عَلَى مَيِّتَيْنِ ثُمَّ نَوَى قَطْعَهَا عَنْ أَحَدِهِمَا بَطَلَتْ وَلَوْ أَحْرَمَ الْإِمَامُ بِالصَّلَاةِ عَلَى جِنَازَةٍ ثُمَّ حَضَرَتْ أُخْرَى وَهُمْ فِي الصَّلَاةِ تُرِكَتْ حَتَّى يَفْرُغَ ثُمَّ يُصَلِّيَ عَلَى الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهَا أَوَّلًا، قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. وَيَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ أَوْ الْجَمَاعَةِ الْإِمَامِ كَمَا مَرَّ فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ، وَلَا يَقْدَحُ اخْتِلَافُ نِيَّتِهِمَا كَمَا سَيَأْتِي (الثَّانِي) مِنْ الْأَرْكَانِ (أَرْبَعُ تَكْبِيرَاتٍ) لِمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى قَبْرٍ بَعْدَ مَا دُفِنَ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا» (فَإِنْ خَمَّسَ) وَلَوْ عَمْدًا (لَمْ تَبْطُلْ) صَلَاتُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ؛ وَلِأَنَّهَا لَا تُخِلَّ بِالصَّلَاةِ، وَلَوْ نَوَى بِتَكْبِيرِهِ الرُّكْنِيَّةَ خِلَافًا لِجَمْعٍ مُتَأَخِّرِينَ، وَمُقْتَضَى الْعِلَّةِ وَكَلَامِ جَمْعٍ مِنْهُمْ الرُّويَانِيُّ عَدَمُ الْبُطْلَانِ بِمَا زَادَ عَلَى الْخَمْسِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْأَوَّلَ قَوْلُ الشَّارِحِ: قَالَ الرُّويَانِيُّ: فَلَوْ صَلَّى عَلَى بَعْضِهِمْ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَالْأَظْهَرُ الصِّحَّةُ) وَبَقِيَ مَا لَوْ قَالَ: نَوَيْت الصَّلَاةَ عَلَى هَؤُلَاءِ الْعَشَرَةِ مِنْ الرِّجَالِ وَكَانَ فِيهِمْ امْرَأَةٌ، هَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ عَلَيْهَا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ الصَّلَاةَ عَلَيْهَا فَقَدْ جَمَعَ فِي نِيَّتِهِ بَيْنَ مَنْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَمَنْ لَا تَصِحُّ وَهُوَ مَعْذُورٌ فِيهِ، وَيَحْتَمِلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ الصِّحَّةَ كَمَنْ نَوَى عَلَى عَشَرَةٍ مِنْ الرِّجَالِ فَبَانُوا تِسْعَةً، وَكَمَنْ نَوَى الصَّلَاةَ عَلَى حَيٍّ وَمَيِّتٍ جَاهِلًا بِالْحَالِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ نَوَى قَطْعَهَا عَنْ أَحَدِهِمَا بَطَلَتْ) أَيْ فِيهِمَا (قَوْلُهُ تُرِكَتْ) أَيْ وُجُوبًا، فَلَوْ نَوَى الصَّلَاةَ عَلَيْهَا عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ) ذَكَرَهُ تَتْمِيمًا لِمَا يَتَعَلَّقُ بِالنِّيَّةِ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ الِاقْتِدَاءَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِالْمُتَابَعَةِ فِي تَكْبِيرِهِ عَلَى مَا مَرَّ بِأَنْ يَقْصِدَ إيقَاعَ تَكْبِيرِهِ بَعْدَ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ لِأَجْلِهِ بَعْدَ انْتِظَارٍ كَثِيرٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يَقْدَحُ اخْتِلَافُ نِيَّتِهِمَا) هُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ وَإِنْ صَلَّى الْمَأْمُومُ عَلَى غَيْرِ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ: صَلَّى عَلَى قَبْرٍ بَعْدَمَا دُفِنَ) أَيْ صَاحِبُهُ وَلَمْ يُبَيَّنْ صَاحِبَ هَذَا الْقَبْرِ، وَتَقَدَّمَ فِي التَّنْبِيهِ السَّابِقِ عَنْ حَجّ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى قَبْرِ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ هَذَا وَيَحْتَمِلُ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ خَمَّسَ) قَالَ حَجّ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى بِتَكْبِيرِهِ الرُّكْنِيَّةَ) غَايَةٌ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِهِ مِنْ الْمُتَفَقِّهَةِ أَوْ لَا، وَلَوْ قِيلَ بِالضَّرَرِ فِي الْأَوَّلِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يُغْتَفَرُ فِي حَقِّ الْعَامِّيِّ. وَفِي سم عَلَى حَجّ: لَوْ زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ مُعْتَقِدًا وُجُوبَ الْجَمِيعِ يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَضُرَّ كَمَا لَوْ اعْتَقَدَ جَمِيعَ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ فُرُوضًا، وَقَدْ يُفَرَّقُ: أَيْ فَيُقَالُ هُنَا بِالْبُطْلَانِ مُطْلَقًا بِأَنَّ تِلْكَ الْأَفْعَالَ مَطْلُوبَةٌ فِي الصَّلَاةِ فَلَا يَضُرُّ اعْتِقَادُهَا فُرُوضًا، بِخِلَافِ الزَّائِدِ عَلَى الْأَرْبَعِ هُنَا فَإِنَّهُ غَيْرُ مَطْلُوبٍ رَأْسًا، وَقَدْ يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ قَوْلُ الشَّارِحِ: وَإِنْ نَوَى بِتَكْبِيرِهِ الرُّكْنِيَّةَ، بَلْ إنْ أَرَادَ بِنَوَى اعْتَقَدَ كَانَتْ هِيَ الْمَسْأَلَةُ (قَوْلُهُ: بِمَا زَادَ عَلَى الْخَمْسِ) أَيْ وَلَوْ كَثُرَ جِدًّا بَلْ تُكْرَهُ لِزِيَادَةٍ عَلَيْهَا لِلْخِلَافِ فِي الْبُطْلَانِ بِهَا، وَحَيْثُ زَادَ فَالْأَوْلَى لَهُ الدُّعَاءُ مَا لَمْ يُسَلِّمْ لِبَقَائِهِ حُكْمًا فِي الرَّابِعَةِ وَالْمَطْلُوبُ فِيهَا الدُّعَاءُ حَتَّى وَلَمْ يَكُنْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ فِي الْأُولَى أَجْزَأَتْهُ حِينَئِذٍ فِيمَا يَظْهَرُ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ صَرَّحَ بِمَا اسْتَظْهَرْنَاهُ. [فَرْعٌ] لَوْ زَادَ الْإِمَامُ وَكَانَ الْمَأْمُومُ مَسْبُوقًا فَأَتَى بِالْأَذْكَارِ الْوَاجِبَةِ فِي التَّكْبِيرَاتِ الزَّائِدَةِ كَأَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ بَعْدَ الْخَامِسَةِ فَقَرَأَ ثُمَّ لَمَّا كَبَّرَ الْإِمَامُ السَّادِسَةَ كَبَّرَهَا مَعَهُ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ لَمَّا كَبَّرَ السَّابِعَةَ كَبَّرَهَا مَعَهُ ثُمَّ دَعَا لِلْمَيِّتِ ثُمَّ لَمَّا كَبَّرَ الثَّامِنَةَ كَبَّرَهَا مَعَهُ وَسَلَّمَ مَعَهُ هَلْ يُحْسَبُ لَهُ ذَلِكَ وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّهَا زَائِدَةٌ أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا يَقْدَحُ اخْتِلَافُ نِيَّتِهِمَا) أَيْ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَسَائِلِ الْمَنْثُورَةِ أَنَّهُ إذَا نَوَى الْإِمَامُ عَلَى حَاضِرٍ وَالْمَأْمُومُ عَلَى غَائِبٍ أَوْ عَكْسُهُ صَحَّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَمْدًا) يَجِبُ حَذْفُ لَفْظِ وَلَوْ، إذْ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي حَالَةِ الْعَمْدِ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا لَمْ تَبْطُلْ جَزْمًا

أَيْضًا وَهُوَ كَذَلِكَ، لَكِنَّ الْأَرْبَعَ أَوْلَى لِتَقَرُّرِ الْأَمْرِ عَلَيْهَا مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ، وَتَشْبِيهِ التَّكْبِيرَةِ بِالرَّكْعَةِ فِيمَا يَأْتِي مَحَلُّهُ بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ فِي الْمُتَابَعَةِ حِفْظًا عَلَى تَأَكُّدِهَا. نَعَمْ لَوْ زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ عَمْدًا مُعْتَقِدًا الْبُطْلَانَ بَطَلَتْ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ، فَإِنْ كَانَ سَاهِيًا أَوْ جَاهِلًا لَمْ تَبْطُلْ جَزْمًا وَلَا مَدْخَلَ لِسُجُودِ السَّهْوِ فِيهَا، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ تَبْطُلُ كَزِيَادَةِ رَكْعَةٍ أَوْ رُكْنٍ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ (وَلَوْ خَمَّسَ) أَيْ كَبَّرَ (إمَامُهُ) فِي صَلَاتِهِ خَمْسَ تَكْبِيرَاتٍ وَقُلْنَا لَا تَبْطُلُ (لَمْ يُتَابِعْهُ) الْمَأْمُومُ (فِي الْأَصَحِّ) أَيْ لَا تُسَنُّ لَهُ مُتَابَعَتُهُ فِي الزَّائِدِ لِعَدَمِ سَنِّهِ لِلْإِمَامِ (بَلْ يُسَلِّمُ أَوْ يَنْتَظِرُهُ لِيُسَلِّمَ مَعَهُ) وَهُوَ أَفْضَلُ لِتَأَكُّدِ الْمُتَابَعَةِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يُتَابِعُهُ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْبُطْلَانِ فَارَقَهُ، وَمَا قَرَرْت بِهِ كَلَامُهُ مِنْ عَدَمِ سُنِّيَّةِ الْمُتَابَعَةِ وَأَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِمُتَابَعَتِهِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَالْقَوْلُ بِخِلَافِهِ مَمْنُوعٌ (الثَّالِثُ) مِنْ الْأَرْكَانِ (السَّلَامُ) بَعْدَ تَمَامِ تَكْبِيرَاتِهَا وَقَدَّمَهُ ذِكْرًا مَعَ تَأَخُّرِهِ رُتْبَةً اقْتِفَاءً بِالْأَصْحَابِ فِي تَقْدِيمِهِمْ مَا يَقِلُّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ تَقْرِيبًا عَلَى الْأَفْهَامِ وَهُوَ فِيهَا (كَغَيْرِهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــSجَهِلَ ذَلِكَ؟ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ تُحْسَبُ الرَّكْعَةُ الزَّائِدَةُ لِلْمَسْبُوقِ إذَا أَدْرَكَ الْقِرَاءَةَ فِيهَا وَكَانَ جَاهِلًا، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَالِمًا بِزِيَادَتِهَا بِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ هُنَا جَائِزَةٌ لِلْإِمَامِ مَعَ عِلْمِهِ وَتَعَمُّدِهِ بِخِلَافِهَا هُنَاكَ أَوْ يَتَقَيَّدُ الْجَوَازُ هُنَا بِالْجَهْلِ كَمَا هُنَاكَ؟ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُحَرَّرْ. وَمَالَ م ر لِلْأَوَّلِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي التَّسْوِيَةِ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الْأَرْبَعِ أَذْكَارٌ مَحْضَةٌ لِلْإِمَامِ، فَالْمَسْبُوقُ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا أَتَى بِتَكْبِيرَاتِهِ كُلِّهَا بَعْدَ الرَّابِعَةِ لِلْإِمَامِ وَهُوَ لَوْ فَعَلَ فِيهَا ذَلِكَ لَمْ تُحْسَبْ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ. [فَرْعٌ] مُوَافِقٌ فِي الْجِنَازَةِ شَرَعَ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فَهَلْ لَهُ قَطْعُهَا وَتَأْخِيرُهَا لِمَا بَعْدَ الْأُولَى بِنَاءً عَلَى إجْزَاءِ الْفَاتِحَةِ بَعْدَ غَيْرِ الْأُولَى أَوْ لَا؟ قَالَ م ر: لَا يَجُوزُ بَلْ تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ بِالشُّرُوعِ، فَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِهَا، فَإِنْ تَخَلَّفَ لِنَحْوِ بُطْءِ قِرَاءَتِهَا تَخَلَّفَ وَقَرَأَهَا مَا لَمْ يَشْرَعْ الْإِمَامُ فِي التَّكْبِيرَةِ الثَّالِثَةِ اهـ فَإِنْ كَانَ عَنْ نَقْلٍ فَمُسَلَّمٌ وَإِلَّا فَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ فَلْيُحَرَّرْ وَلْيُرَاجَعْ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَالْأَقْرَبُ الْمَيْلُ إلَى النَّظَرِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) ظَاهِرٌ إنْ وَالَى بَيْنَ التَّكْبِيرَاتِ. وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ: زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ وَوَالَى رَفْعَ يَدَيْهِ مَعَهَا مُتَوَالِيًا هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِتَوَالِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الرَّفْعَ مَطْلُوبٌ هُنَا فِي الْجُمْلَةِ؟ سَمِعْنَا أَنَّ بَعْضَ الْمَشَايِخِ أَفْتَى بِالْبُطْلَانِ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ؛ لِأَنَّ هَذَا الرَّفْعَ غَيْرُ مَطْلُوبٍ وَتَوَالِي مِثْلِهِ يُبْطِلُهُ ثُمَّ وَافَقَ عَلَيْهِ ر م اهـ. أَقُولُ: وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْأَفْعَالِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ احْتَاجَ إلَى ضَرَبَاتٍ أَوْ تَصْفِيقٍ وَزَادَ عَلَى الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ وَاحِدَةً مِنْ الضَّرَرِ أَنَّهُ لَوْ وَالَى هُنَا بَيْنَ الرَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ فِيهِمَا بِالْبُطْلَانِ هُنَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ رَفْعَ كُلِّ يَدٍ فِي الْمَرَّةِ الْخَامِسَةِ يُعَدُّ مَرَّةً، وَبِهِمَا حَصَلَتْ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ أَرْبَعَةِ أَفْعَالٍ (قَوْلُهُ بَطَلَتْ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ كَوْنُ اعْتِقَادِهِ خَطَأً، وَلَعَلَّ وَجْهَ الْبُطْلَانِ أَنَّ مَا فَعَلَهُ مِنْ اعْتِقَادِ الْبُطْلَانِ يَتَضَمَّنُ قَطْعَ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُتَابِعْهُ الْمَأْمُومُ) شَامِلٌ لِلْمَسْبُوقِ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ. أَقُولُ: أَيْ فَلَا يُتَابِعُهُ، فَلَوْ خَالَفَ وَتَابَعَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُحْسَبَ لَهُ عَنْ بَقِيَّةِ مَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ حُسْبَانَ مَا عَلَيْهِ مَحَلُّهُ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَمَا زَادَهُ الْإِمَامُ مَحْسُوبٌ مِنْ مَحَلِّ الرَّابِعَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: لَا تُسَنُّ لَهُ مُتَابَعَتُهُ) أَيْ بَلْ تُكْرَهُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَبْطَلَ بِهَا (قَوْلُهُ: بَلْ يُسَلِّمُ) أَيْ بِنِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ سَلَامٌ فِي أَثْنَاءِ الْقُدْوَةِ فَتَبْطُلُ كَالسَّلَامِ قَبْلَ تَمَامِ الصَّلَاةِ م ر اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ (قَوْلُهُ: الثَّالِثُ السَّلَامُ) أَقُولُ: إنَّمَا قَدَّمَهُ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ مَعَ أَنَّهُ بَعْدَهُمَا، لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ وُقُوعُهُ بَعْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مَحَلُّهُ بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ فِي الْمُتَابَعَةِ) أَيْ فَلَا يَتَخَلَّفُ عَنْهُ بِتَكْبِيرَةٍ وَلَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ بِهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَسَائِلِ الْمَنْثُورَةِ (قَوْلُهُ: مُعْتَقِدًا الْبُطْلَانَ بَطَلَتْ) أَيْ لِتَضَمُّنِهِ لِنِيَّةِ إبْطَالِهِمْ

أَيْ كَسَلَامِ غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ فِي كَيْفِيَّتِهِ وَتَعَدُّدِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ اسْتِحْبَابِ زِيَادَةِ: وَبَرَكَاتُهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ اسْتَحَبَّهَا، وَأَنَّهُ يَلْتَفِتُ فِي السَّلَامِ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى تَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ يَجْعَلُهَا تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، وَإِنْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إنَّهُ الْأَشْهَرُ. (الرَّابِعُ) مِنْ الْأَرْكَانِ (قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ) فَبَدَلُهَا فَالْوُقُوفُ بِقَدْرِهَا لِمَا مَرَّ فِي مَبْحَثِهَا لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَرَأَ بِهَا فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَقَالَ لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ، وَفِي رِوَايَةٍ: قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَجَهَرَ بِهَا وَقَالَ: إنَّمَا جَهَرْت لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ. وَلِعُمُومِ خَبَرِ «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» (بَعْدَ) التَّكْبِيرَةِ (الْأُولَى) لِخَبَرِ أَبِي أُمَامَةَ الْأَنْصَارِيِّ «السُّنَّةُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَنْ يَقْرَأَ فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى بِأُمِّ الْقُرْآنِ مُخَافَتَةً» ثُمَّ يُكَبِّرَ ثَلَاثًا وَالتَّسْلِيمُ عِنْدَ الْأَخِيرَةِ (قُلْت: تُجْزِئُ الْفَاتِحَةُ بَعْدَ غَيْرِ الْأُولَى) مِنْ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ، وَقَوْلُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بَعْدَهَا أَوْ بَعْدَ الثَّانِيَةِ خَرَجَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالتَّكْبِيرَاتِ الْأَرْبَعِ نَاسَبَ أَنْ يَعُدَّهُ عَقِبَ ذِكْرِهَا وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَتَعَدُّدِهِ) أَيْ فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى وَاحِدَةٍ أَتَى بِهَا مِنْ جِهَةِ يَمِينِهِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ اسْتِحْبَابِ زِيَادَةِ: وَبَرَكَاتُهُ) أَيْ وَلَوْ عَلَى الْقَبْرِ أَوْ عَلَى غَائِبٍ (قَوْلُهُ: الرَّابِعُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ) . [فَرْعٌ] لَوْ فَرَغَ الْمَأْمُومُ مِنْ الْفَاتِحَةِ بَعْدَ الْأُولَى قَبْلَ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ بَعْدَهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَغِلَ بِالدُّعَاءِ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَلَا يَنْبَغِي تَكْرِيرُ الْفَاتِحَةِ وَلَا قِرَاءَةُ غَيْرِهَا مِنْ الْقُرْآنِ، وَلَوْ فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ مَا بَعْدَهَا يَنْبَغِي اشْتِغَالُهُ بِالدُّعَاءِ، وَكَذَا تَكْرِيرُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهَا وَسِيلَةٌ لِقَبُولِ الدُّعَاءِ الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وِفَاقًا لَمْ ر اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ. وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ الْإِيعَابِ لحج أَنَّ الْمَأْمُومَ إذَا فَرَغَ مِنْ الْفَاتِحَةِ قَبْلَ الْإِمَامِ سُنَّ لَهُ قِرَاءَةُ السُّورَةِ لِأَنَّهَا أَوْلَى مِنْ وُقُوفِهِ سَاكِتًا اهـ وَفِيهِ وَقْفَةٌ. وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ سم، وَقَوْلُ سم فَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَغِلَ بِالدُّعَاءِ: أَيْ كَأَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَيُكَرِّرَهُ، أَوْ يَأْتِيَ بِالدُّعَاءِ الَّذِي يُقَالُ بَعْدَ الثَّالِثَةِ لَكِنَّهُ لَا يُجْزِئُ عَمَّا يُقَالُ بَعْدَهَا، وَلَا يُقَالُ إنَّ مَا أَتَى بِهِ مِنْ الدُّعَاءِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَمَا أَتَى بِهِ مِنْ جُمْلَةِ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ الدُّعَاءُ الْمَطْلُوبُ وَإِنْ كَثُرَ (قَوْلُهُ: فَبَدَلُهَا) أَيْ مِنْ الْقُرْآنِ ثُمَّ الذِّكْرِ (قَوْلُهُ: فَالْوُقُوفُ بِقَدْرِهَا) قَالَ سم عَلَى حَجّ: اُنْظُرْ هَلْ يَجْرِي نَظِيرُ ذَلِكَ فِي الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ حَتَّى إذَا لَمْ يُحْسِنْهُ وَجَبَ بَدَلُهُ فَالْوُقُوفُ بِقَدْرِهِ، وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِبَدَلِهِ قِرَاءَةٌ أَوْ ذِكْرٌ مِنْ غَيْرِ تَرْتِيبٍ بَيْنَهُمَا أَوْ مَعَهُ فِيهِ نَظِيرٌ، وَالْمُتَّجَهُ الْجَرَيَانُ اهـ. وَالْمُرَادُ بِالدُّعَاءِ الْمَعْجُوزُ عَنْهُ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ اسْمُ الدُّعَاءِ وَمِنْهُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ أَوْ ارْحَمْهُ، فَحَيْثُ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ أَتَى بِهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ) أَيْ طَرِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ وَهِيَ وَاجِبَةٌ (قَوْلُهُ قُلْت تُجْزِئُ الْفَاتِحَةُ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا، وَهِيَ أَنَّ شَافِعِيًّا اقْتَدَى بِمَالِكِيٍّ وَتَابَعَهُ فِي التَّكْبِيرَاتِ، وَقَرَأَ الشَّافِعِيُّ الْفَاتِحَةَ فِي صَلَاتِهِ بَعْدَ الْأُولَى، فَلَمَّا سَلَّمَ أَخْبَرَهُ الْمَالِكِيُّ بِأَنَّهُ لَمْ يَقْرَأْ الْفَاتِحَةَ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ صِحَّةُ صَلَاةِ الشَّافِعِيِّ، إذْ غَايَةُ أَمْرِ إمَامِهِ أَنَّهُ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ وَتَرْكُهَا قَبْلَ الرَّابِعَةِ لَهُ لَا يَقْتَضِي الْبُطْلَانَ لِجَوَازِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا بَعْدَ الرَّابِعَةِ، لَكِنَّهُ لَمَّا سَلَّمَ بِدُونِهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِالتَّسْلِيمِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ بَعْدَ بُطْلَانِ صَلَاةِ إمَامِهِ وَهُوَ لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: بَعْدَ غَيْرِ الْأُولَى) مَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ شَرَعَ فِيهَا عَقِبَ الْأُولَى وَإِلَّا فَتَتَعَيَّنَ عَلَى مَا مَرَّ لسم عَنْ م ر فِي قَوْلِهِ فَرْعٌ مُوَافِقٌ فِي الْجِنَازَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ بِرّ: اُنْظُرْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ) أَيْ طَرِيقَةٌ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: قُلْت: تُجْزِئُ الْفَاتِحَةُ بَعْدَ غَيْرِ الْأُولَى) فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا النُّورِ الشبراملسي حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَا نَصُّهُ: يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا، وَهِيَ أَنَّ شَافِعِيًّا اقْتَدَى بِمَالِكِيٍّ سَلَّمَ ثُمَّ أَخْبَرَهُ الْمَالِكِيُّ بِأَنَّهُ لَمْ يَقْرَأْ الْفَاتِحَةَ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ صِحَّةُ صَلَاةِ الشَّافِعِيِّ إذْ غَايَةُ أَمْرِ إمَامِهِ أَنَّهُ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ وَتَرْكُهَا قَبْلَ الرَّابِعَةِ لَهُ لَا يَقْتَضِي الْبُطْلَانَ لِجَوَازِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا بَعْدَ الرَّابِعَةِ، لَكِنَّهُ لَمَّا

مَخْرَجَ الْمِثَالِ فَلَا يُخَالِفُ مَا هُنَا خِلَافًا لِمَنْ فَهِمَ تَخَالُفَهُمَا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَنُقِلَ عَنْ النَّصِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ صَحَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي تِبْيَانِهِ تَبَعًا لِظَاهِرِ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ الْأَوَّلَ، وَشَمَلَ ذَلِكَ الْمُنْفَرِدَ وَالْإِمَامَ وَالْمَأْمُومَ، وَإِنْ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ الْمَأْمُومِ، أَمَّا الْمَأْمُومُ الْمُوَافِقُ فَتَجِبُ عَلَيْهِ مُوَافَقَةُ الْإِمَامِ فِيمَا يَأْتِي بِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ تَكْبِيرَةٍ كَرَكْعَةٍ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا لُزُومُ خُلُوِّ الْأُولَى عَنْ ذِكْرٍ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ رُكْنَيْنِ فِي تَكْبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ وَتَرْكُ التَّرْتِيبِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ قِرَاءَةُ بَعْضِ الْفَاتِحَةِ فِي تَكْبِيرَةٍ وَبَاقِيهَا فِي أُخْرَى لِعَدَمِ وُرُودِهِ (الْخَامِسُ) مِنْ الْأَرْكَانِ (الصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) لِمَا رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـــــــــــــــــــــــــــــSهَلْ يَجِبُ حِينَئِذٍ التَّرْتِيبُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَاجِبِ التَّكْبِيرَةِ الْمَنْقُولِ إلَيْهَا أَمْ لَا؟ اهـ. أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنْ لَا يَجِبَ كَمَا أَفْهَمَهُ مَا مَرَّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ وَتَرْكُ التَّرْتِيبِ. [فَرْعٌ] قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَسَجَدَ الْوَجْهُ الْبُطْلَانُ لِلصَّلَاةِ إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا لِأَنَّهُ سُجُودٌ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فَزِيَادَتُهُ مُبْطِلَةٌ م ر. [فَرْعٌ] لَوْ لَمْ يُمْكِنْ قَطْعُ الدَّمِ الْخَارِجِ مِنْ الْمَيِّتِ بِغُسْلِهِ صَحَّ غُسْلُهُ وَصَحَّتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ كَالْحَيِّ السَّلَسِ وَهُوَ تَصِحُّ صَلَاتُهُ فَكَذَا الصَّلَاةُ عَلَيْهِ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُ سم أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ: أَيْ وَإِذَا لَمْ يَجِبْ فَلَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَثَلًا أَوْ بَعْدَهَا بِتَمَامِهَا، لِأَنَّهُ يَأْتِي بِبَعْضِهَا قَبْلُ وَبِبَعْضِهَا بَعْدُ فِيمَا يَظْهَرُ لِاشْتِرَاطِ الْمُوَالَاةِ فِيهَا. وَقَوْلُهُ كَالْحَيِّ السَّلَسِ قَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ بِالسَّلَسِ وُجُوبُ حَشْوِ مَحَلِّ الدَّمِ بِنَحْوِ قُطْنَةٍ وَعُصْبَةٍ عَقِبَ الْغُسْلِ وَالْمُبَادَرَةُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ بَعْدَهُ حَتَّى لَوْ أُخِّرَ لَا لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ وَجَبَ إعَادَةُ مَا ذُكِرَ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ الْمَصْلَحَةِ كَثْرَةُ الْمُصَلِّينَ كَمَا فِي تَأْخِيرِ السَّلَسِ لِإِجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ وَانْتِظَارِ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمَأْمُومُ) مِنْ مَقُولِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ وَتَرْكُ التَّرْتِيبِ) أَيْ وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ لَهُ قِرَاءَةُ بَعْضِ الْفَاتِحَةِ) أَيْ وَلَا تُجْزِئُهُ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ وُرُودِهِ) قَدْ يُشْكِلُ بِجَوَازِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ بَعْدَ غَيْرِ الْأُولَى مَعَ عَدَمِ وُرُودِهِ عَنْ الشَّارِعِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمْ يَرِدْ عَنْ الشَّارِعِ مَنْعُهَا فِي غَيْرِ الْأُولَى، بَلْ مُقْتَضَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا سُنَّةٌ شُمُولُهَا لِكُلٍّ مِنْ التَّكْبِيرَاتِ الْأَرْبَعِ حَيْثُ لَمْ يُعَيِّنْ لَهَا مَحَلًّا، وَعَلَيْهِ فَحَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهَا فِي الْأُولَى أَوْلَى (قَوْلُهُ: الْخَامِسُ الصَّلَاةُ) وَأَقَلُّهَا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، زَادَ حَجّ: وَيُنْدَبُ السَّلَامُ، لَكِنَّ عِبَارَةَ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ قَوْلُهُ وَأَنْ يُصَلِّيَ فِي عُقَيْبِ الثَّانِيَةِ عَلَى الرَّسُولِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى الصَّلَاةِ فَلَا يَضُمُّ إلَيْهَا السَّلَامَ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ الْوَارِدُ، وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ بِنَاؤُهَا عَلَى التَّخْفِيفِ، بَلْ قَدْ يَقْتَضِي ذَلِكَ أَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى الصَّلَاةِ أَفْضَلُ اهـ بِحُرُوفِهِ. وَنَقَلَهُ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الشَّارِحِ، وَيُوَافِقُهُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمُنَاوِيِّ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ كَرَاهَةِ إفْرَادِ الصَّلَاةِ عَنْ السَّلَامِ فِي غَيْرِ الْوَارِدِ. [فَرْعٌ] لَوْ قَصَدَ أَنْ لَا يَأْتِيَ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الثَّانِيَةِ وَكَبَّرَ الثَّالِثَةَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، لِأَنَّهُ بِشُرُوعِهِ فِي الثَّالِثَةِ تَحَقَّقَ خُلُوُّ التَّكْبِيرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــQسَلَّمَ بِدُونِهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِالتَّسْلِيمِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَيُسَلِّمُ لِنَفْسِهِ بَعْدَ بُطْلَانِ صَلَاةِ إمَامِهِ وَهُوَ لَا يَضُرُّ اهـ. وَهِيَ فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ يُحْتَاجُ إلَيْهَا فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ الْمُخَالِفِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْحُكْمَ جَارٍ حَتَّى فِيمَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ يَرَى حُرْمَةَ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ كَالْحَنَفِيِّ، إذْ لَا فَرْقَ نَظَرًا إلَى مَا وَجَّهَ بِهِ الشَّيْخُ أَبْقَاهُ اللَّهُ، أَيْ وَلَا نَظَرَ إلَى عَدَمِ اعْتِقَادِ الْإِمَامِ فَرْضِيَّةَ الْفَاتِحَةِ، وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ الْبَسْمَلَةِ، وَأَمَّا مَا قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ حَيْثُ كَانَ الْإِمَامُ لَا يَرَى قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ فَكَأَنَّهُ نَوَى صَلَاةً بِلَا قِرَاءَةٍ فَنِيَّتُهُ غَيْرُ صَحِيحَهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ

أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ مِنْ السُّنَّةِ (بَعْدَ) التَّكْبِيرَةِ (الثَّانِيَةِ) لِفِعْلِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ فِيهَا» وَلِأَنَّهُ أَرْجَى لِإِجَابَةِ الدُّعَاءِ (وَالصَّحِيحُ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْآلِ لَا تَجِبُ) فِيهَا كَغَيْرِهَا وَأَوْلَى لِبِنَائِهَا عَلَى التَّخْفِيفِ لَكِنَّهَا تُسْتَحَبُّ كَالدُّعَاءِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ عَقِبَهَا، وَالْحَمْدِ لِلَّهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَا يَجِبُ تَرْتِيبٌ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَالدُّعَاءِ وَالْحَمْدِ لَكِنَّهُ أَوْلَى كَمَا فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ تَعَيُّنِهَا بَعْدَ الثَّانِيَةِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى تَعَيُّنِ الْفَاتِحَةِ قَبْلَهَا خِلَافًا لِلشَّارِحِ وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ أَنَّهَا تَجِبُ وَهُوَ الْخِلَافُ الْمَارُّ فِي التَّشَهُّدِ الْآخَرِ (السَّادِسُ) مِنْ الْأَرْكَانِ (الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ) بِخُصُوصِهِ نَحْوُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ أَوْ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ؛ لِخَبَرِ «إذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى الْمَيِّتِ فَأَخْلِصُوا لَهُ الدُّعَاءَ» ؛ وَلِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ مِنْ الصَّلَاةِ فَلَا يَكْفِي الدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَيَكُونُ (بَعْدَ) التَّكْبِيرَةِ (الثَّالِثَةِ) وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ كَغَيْرِهِ وُجُوبُهُ لِغَيْرِ الْمُكَلَّفِ، وَمَنْ بَلَغَ مَجْنُونًا وَدَامَ إلَى مَوْتِهِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ إذْ الْجَارِي عَلَى الصَّلَاةِ التَّعَبُّدُ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ وُجُوبُ الدُّعَاءِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الثَّالِثَةِ وَقَبْلَ الرَّابِعَةِ، وَلَا يُجْزِئُ فِي غَيْرِهَا بِلَا خِلَافٍ، قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَيْسَ لِتَخْصِيصِ ذَلِكَ إلَّا مُجَرَّدُ الِاتِّبَاعِ اهـ. (السَّابِعُ) مِنْ الْأَرْكَانِ (الْقِيَامُ عَلَى الْمَذْهَبِ إنْ قَدَرَ) عَلَيْهِ كَغَيْرِهَا مِنْ الْفَرَائِضِ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَمْدًا ثُمَّ رَكَعَ (قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ فَيَجِبُ فِيهَا مَا يَجِبُ فِي التَّشَهُّدِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَا يُجْزِئُ هُنَا مَا يُجْزِئُ فِي الْخُطْبَةِ مِنْ الْحَاشِرِ وَالْمَاحِي وَنَحْوِهِمَا، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْعُبَابِ فَقَالَ: وَأَقَلُّهَا كَمَا فِي التَّشَهُّدِ اهـ (قَوْلُهُ: كَالدُّعَاءِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) أَيْ بِنَحْوِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ (قَوْلُهُ: وَالْحَمْدُ لِلَّهِ) أَيْ بِأَيِّ صِيغَةٍ مِنْ صِيَغِهِ وَالْمَشْهُورُ مِنْهَا الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَيَنْبَغِي الْإِتْيَانُ بِهَا (قَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ تَرْتِيبٌ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ) هُمَا الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ وَعَلَى الْآلِ (قَوْلُهُ: السَّادِسُ الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ بِخُصُوصِهِ) وَظَاهِرُ تَعَيُّنِ الدُّعَاءِ لَهُ بِأُخْرَوِيٍّ لَا بِنَحْوِ اللَّهُمَّ احْفَظْ تَرِكَتَهُ مِنْ الظَّلَمَةِ، وَأَنَّ الطِّفْلَ فِي ذَلِكَ كَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ وَإِنْ قُطِعَ لَهُ بِالْجَنَّةِ فَتَزِيدُ مَرْتَبَتُهُ فِيهَا بِالدُّعَاءِ لَهُ كَالْأَنْبِيَاءِ اهـ حَجّ. [فَائِدَةٌ] قَالَ فِي بَسْطِ الْأَنْوَارِ: قُلْت لَوْ أَنَّ شَخْصَيْنِ وُلِدَا مَعًا مُلْتَصِقَيْنِ وَمَاتَ أَحَدُهُمَا، فَإِنْ أَمْكَنَ فَصْلُهُ مِنْ الْحَيِّ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ يَلْحَقُ الْحَيَّ وَجَبَ فَصْلُهُ، وَإِلَّا وَجَبَ أَنْ يُفْعَلَ بِالْمَيِّتِ الْمُمْكِنُ مِنْ الْغُسْلِ وَالتَّكْفِينِ وَالصَّلَاةِ وَامْتَنَعَ الدَّفْنُ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ وَيُنْتَظَرُ سُقُوطُهُ، فَإِنْ سَقَطَ وَجَبَ دَفْنُ مَا سَقَطَ، وَإِنْ مَاتَا مَعًا وَكَانَا ذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ غُسِّلَا مَعًا وَكُفِّنَا مَعًا وَصَلَّيْنَا عَلَيْهِمَا مَعًا وَدُفِنَا، هَذَا الْقَوْلُ الظَّاهِرُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: يَجِبُ فَصْلُهُمَا إنْ أَمْكَنَ وَإِنْ كَانَا ذَكَرًا وَأُنْثَى وَأَمْكَنَ فَصْلُهُمَا فَالظَّاهِرُ وُجُوبُهُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَعَلْنَا مَا أَمْكَنَ فِعْلُهُ، وَيُرَاعَى الذَّكَرُ فِي الِاسْتِقْبَالِ وَنَحْوِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ. أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ ظَهْرُ أَحَدِهِمَا مُلْصَقًا بِظَهْرِ الْآخِرِ أَحْرَمَ أَحَدُهُمَا أَوَّلًا بِالصَّلَاةِ لِلْقِبْلَةِ، فَإِذَا أَتَمَّ صَلَاتَهُ اسْتَدْبَرَ مَنْ صَلَّى الْقِبْلَةَ وَأَحْرَمَ الْآخَرُ إلَيْهَا وَصَلَّى. أَقُولُ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ صَلَاةَ الْحَيِّ صَحِيحَةٌ وَإِنْ حَكَمْنَا بِنَجَاسَةِ مَا فِي جَوْفِ الْمَيِّتِ كَمَا لَوْ حُبِسَ الْحَيُّ فِي مَكَان نَجِسٍ، وَإِذَا فُصِلَ الْمَيِّتُ بَعْدُ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْحَيِّ قَضَاءُ مَا صَلَّاهُ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ صَلَّى وَهُوَ حَامِلٌ نَجَاسَةً فِي جَوْفِ الْمَيِّتِ، وَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ بِمَعْدِنِهَا لَا تُعْطَى حُكْمَ الظَّاهِرِ إلَّا مَا دَامَ صَاحِبُهَا حَيًّا، وَيَحْتَمِلُ عَدَمَ وُجُوبِ الْقَضَاءِ لِتَنْزِيلِهِ مِنْهُ مَا دَامَ مُتَّصِلًا مَنْزِلَةَ الْجُزْءِ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ: إذْ الْجَارِي عَلَى الصَّلَاةِ) أَيْ الْغَالِبُ (قَوْلُهُ: السَّابِعُ لِلْقِيَامِ) أَيْ وَلَوْ مُعَادَةً، وَلَعَلَّ حِكْمَةَ تَأْخِيرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَيْثُ كَانَ نَاشِئًا عَنْ عَقِيدَةٍ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) كَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: عَقِبَهَا) بَيَانٌ لِلْأَكْمَلِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ تَرْتِيبٌ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ إلَخْ) أَيْ لَا يَجِبُ لِأَدَاءِ السُّنَّةِ فَتَتَأَدَّى السُّنَّةُ بِدُونِهِ وَإِلَّا فَأَصْلُ الدُّعَاءِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ هُنَا، بَلْ ذَهَبَ الشِّهَابُ حَجّ إلَى أَنَّ الْأَوْلَى كَوْنُ الدُّعَاءِ قَبْلَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ وَجِيهٌ لِيَخْتِمَهُ بِهَا (قَوْلُهُ: وُجُوبُهُ لِغَيْرِ الْمُكَلَّفِ) وَسَيَأْتِي، اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ

وَإِلْحَاقُهَا بِالنَّفْلِ فِي التَّيَمُّمِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ ذَلِكَ هُنَا؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ هُوَ الْمُقَوِّمُ لِصُورَتِهَا فَفِي عَدَمِهِ مَحْوٌ لِصُورَتِهَا بِالْكُلِّيَّةِ، وَشَمَلَ ذَلِكَ الصَّبِيَّ وَالْمَرْأَةَ إذَا صَلَّيَا مَعَ الرِّجَالِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ خِلَافًا لِلنَّاشِرِيِّ، فَإِنْ عَجَزَ صَلَّى عَلَى حَسَبِ حَالِهِ. (وَيُسَنُّ رَفْعُ يَدَيْهِ فِي التَّكْبِيرَاتِ) الْأَرْبَعِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَوَضْعُهُمَا بَعْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ تَحْتَ صَدْرِهِ كَغَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ (وَإِسْرَارُ الْقِرَاءَةِ) لِلْفَاتِحَةِ وَلَوْ لَيْلًا كَثَالِثَةِ الْمَغْرِبِ يُجَامِعُ عَدَمَ مَشْرُوعِيَّةِ السُّورَةِ وَمَا وَرَدَ فِي خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ أَنَّهُ يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ. أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ خَبَرَ أَبِي أُمَامَةَ أَصَحُّ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ فِيهِ: إنَّمَا جَهَرْت (لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ يَعْنِي لِتَعْلَمُوا أَنَّ الْقِرَاءَةَ مَأْمُورٌ بِهَا (وَقِيلَ يَجْهَرُ لَيْلًا) أَيْ بِالْفَاتِحَةِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهَا صَلَاةُ لَيْلٍ أَمَّا الصَّلَاةُ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالدُّعَاءُ فَيُنْدَبُ الْإِسْرَارُ بِهِمَا اتِّفَاقًا، وَاتَّفَقُوا عَلَى جَهْرِهِ بِالتَّكْبِيرِ وَالسَّلَامِ: أَيْ الْإِمَامُ أَوْ الْمُبَلِّغُ لَا غَيْرُهُمَا نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَتَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ بِالْقِرَاءَةِ: أَيْ الْفَاتِحَةِ لِأَجْلِ الْخِلَافِ (وَالْأَصَحُّ نَدْبُ التَّعَوُّذِ) لِكَوْنِهِ سُنَّةً لِلْقِرَاءَةِ فَاسْتُحِبَّ كَالتَّأْمِينِ وَلِقَصْرِهِ، وَيُسِرُّ بِهِ قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الصَّلَوَاتِ (دُونَ الِافْتِتَاحِ) وَالسُّورَةِ لِطُولِهِمَا. وَالثَّانِي نَعَمْ كَالتَّأْمِينِ، وَشَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ صَلَّى عَلَى قَبْرٍ أَوْ غَائِبٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَتَاوِيهِ لِبِنَائِهَا عَلَى التَّخْفِيفِ خِلَافًا لِابْنِ الْعِمَادِ (وَيَقُولُ) اسْتِحْبَابًا (فِي الثَّالِثَةِ: اللَّهُمَّ هَذَا عَبْدُك وَابْنُ عَبْدِك إلَى آخِرِهِ) الْمَذْكُورُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَتَرَكَهُ لِشُهْرَتِهِ وَتَتِمَّتِهِ: خَرَجَ مِنْ رَوْحِ الدُّنْيَا وَسَعَتِهَا بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا أَيْ نَسِيمِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْقِيَامِ عَنْ السَّلَامِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَرْكَانِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُقَارِنًا لِجَمِيعِ الْأَرْكَانِ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بَعْدَ جَمِيعِ الْأَرْكَانِ فَكَأَنَّهُ مُؤَخَّرٌ عَنْهَا فِي الْوُجُودِ فَنَاسَبَ تَأْخِيرُهُ فِي الذِّكْرِ، بِخِلَافِهِ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ يَنْتَقِلُ مِنْ الْقِيَامِ إلَى الرُّكُوعِ ثُمَّ يَعُودُ إلَيْهِ بَعْدَ السُّجُودِ ذَكَرَهُ فِي مَحَلِّهِ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ (قَوْلُهُ: مَحْوٌ لِصُورَتِهَا) فِي نُسْخَةٍ مَحْقٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ خِلَافًا لِلنَّاشِرِيِّ) أَيْ وَيَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْقَطْعُ وَيُمْنَعُ مِنْهُ الصَّبِيُّ، وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ عَلَى مَا نَقَلَهُ سم عَلَى حَجّ: وَصَلَاةُ الْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ مَعَ الرَّجُلِ أَوْ بَعْدَهُ تَقَعُ نَفْلًا. قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَإِنَّمَا سَقَطَ بِهَا الْفَرْضُ مِنْ الصَّبِيِّ مَعَ ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ صَلَّى الظُّهْرَ مَثَلًا ثُمَّ بَلَغَ فِي وَقْتِهَا، وَمَعَ كَوْنِهَا نَفْلًا مِنْهُمَا تَجِبُ فِيهَا نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ وَالْقِيَامُ لِلْقَادِرِ كَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْفَصْلِ وَلَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ مِنْهَا عَلَى الْوَجْهِ كَمَا مَرَّ، وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ أَنَّ وَلِيَّهُ يَمْنَعُهُ مِنْهُ كَمَا يَمْنَعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَكْتُوبَاتِ. (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ رَفْعُ يَدَيْهِ فِي التَّكْبِيرَاتِ) أَيْ وَإِنْ اقْتَدَى بِمَنْ لَا يَرَى الرَّفْعَ كَالْحَنَفِيِّ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّ مَا كَانَ مَسْنُونًا عِنْدَنَا لَا يُتْرَكُ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ، وَكَذَا لَوْ اقْتَدَى بِهِ الْحَنَفِيُّ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ: أَيْ فَلَوْ تَرَكَ الرَّفْعَ كَانَ خِلَافَ الْأَوْلَى عَلَى مَا هُوَ الْأَصْلُ فِي تَرْكِ السُّنَّةِ إلَّا مَا نَصُّوا فِيهِ عَلَى الْكَرَاهَةِ. وَأَمَّا تَرْكُ الْإِسْرَارِ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ مِنْ كَرَاهَةِ الْجَهْرِ فِي مَوْضِعِ الْإِسْرَارِ كَرَاهَتُهُ هُنَا (قَوْلُهُ: بِأَنَّ خَبَرَ أَبِي أُمَامَةَ أَصَحُّ مِنْهُ) قَدْ يُقَالُ هَذَا إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي كَلَامِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اسْتِحْبَابِ الْجَهْرِ، وَلَكِنَّ قَوْلَهُ إنَّمَا جَهَرْت لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ: أَيْ مَسْلُوكَةٌ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجَهْرَ لَيْسَ سُنَّةً، إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَّا احْتَاجَ لِلِاعْتِذَارِ عَنْهُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: يَجُوزُ أَنَّهُ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ عَدَمِ وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْ الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِابْنِ الْعِمَادِ) تَبِعَهُ حَجّ فَقَالَ: يَأْتِي بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ وَالسُّورَةِ إذَا صَلَّى عَلَى قَبْرٍ أَوْ غَائِبٍ (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْآتِي: وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُمْ لَا بُدَّ مِنْ الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ بِخُصُوصِهِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَيَقُولُ فِي الطِّفْلِ مَعَ هَذَا الدُّعَاءِ الثَّانِي إلَخْ. (قَوْلُهُ: كَثَالِثَةِ الْمَغْرِبِ) أَيْ وَلِخَبَرِ أَبِي أُمَامَةَ الْمُتَقَدِّمِ، وَكَانَ الْأَوْلَى الِاسْتِدْلَالَ بِهِ أَيْضًا بَلْ تَقْدِيمَهُ كَمَا صَنَعَ غَيْرُهُ (قَوْلُهُمْ أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ خَبَرَ أَبِي أُمَامَةَ إلَخْ) عَلَى أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى جَوَابٍ؛ لِأَنَّهُ تَكَفَّلَ فِي الْخَبَرِ بِحِكْمَةِ الْجَهْرِ، وَهِيَ أَنْ يُعَلِّمَهُمْ أَنَّهَا: أَيْ الْقِرَاءَةَ سُنَّةٌ: أَيْ طَرِيقَةٌ: أَيْ لَا لِكَوْنِهَا مَنْدُوبَةً

رِيحِهَا وَاتِّسَاعِهَا وَمَحْبُوبِهِ وَأَحِبَّائِهِ فِيهَا: أَيْ مَا يُحِبُّهُ وَمَنْ يُحِبُّهُ إلَى ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وَمَا هُوَ لَاقِيهِ كَانَ يَشْهَدَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُك وَرَسُولُك وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ. اللَّهُمَّ إنَّهُ نَزَلَ بِكَ: أَيْ هُوَ ضَيْفُك، وَأَنْتَ أَكْرَمُ الْأَكْرَمِينَ وَضَيْفُ الْكِرَامِ لَا يُضَامُ، وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ، وَأَصْبَحَ فَقِيرًا إلَى رَحْمَتِك وَأَنْتَ غَنِيٌّ عَنْ عَذَابِهِ، وَقَدْ جِئْنَاكَ رَاغِبِينَ إلَيْك شُفَعَاءَ لَهُ. اللَّهُمَّ إنْ كَانَ مُحْسِنًا فَزِدْ فِي إحْسَانِهِ، وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ، وَلَقِّهِ: أَيْ أَعْطِهِ بِرَحْمَتِك رِضَاكَ، وَقِه فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَعَذَابَهُ وَأَفْسِحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ، وَجَافِ الْأَرْضَ عَنْ جَنْبَيْهِ وَلَقِّهِ بِرَحْمَتِكَ الْأَمْنَ مِنْ عَذَابِك حَتَّى تَبْعَثَهُ إلَى جَنَّتِك يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. جَمَعَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ الْأَخْبَارِ وَاسْتَحْسَنَهُ الْأَصْحَابُ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الرَّوْضَةِ وَمَحْبُوبِهَا، وَكَذَا فِي الْمَجْمُوعِ. وَالْمَشْهُورُ فِي مَحْبُوبِهِ وَأَحِبَّائِهِ الْجَرُّ وَيَجُوزُ رَفْعُهُ بِجَعْلِ الْوَاوِ لِلْحَالِ، وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «صَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى جِنَازَةٍ فَسَمِعْته يَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَاعْفُ عَنْهُ وَعَافِهِ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ وَاغْسِلْهُ بِمَاءٍ وَثَلْجٍ وَبَرَدٍ، وَنَقِّهِ مِنْ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ، وَقِه مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَعَلَّهُ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ الْأَفْصَحَ، وَإِلَّا فَيَجُوزُ فِي الرَّوْحِ الضَّمُّ كَمَا قُرِئَ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ} [الواقعة: 89] وَفِي السَّعَةِ الْكَسْرُ، وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الدَّنَوْشَرِيُّ فَقَالَ: وَسَعَةٌ بِالْفَتْحِ فِي الْأَوْزَانِ ... وَالْكَسْرُ مَحْكِيٌّ عَنْ الصَّاغَانِيِّ (قَوْلُهُ: أَيْ مَا يُحِبُّهُ) وَهُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ مِنْ أَحَبَّ، وَيَجُوزُ فَتْحُ الْيَاءِ وَكَسْرُ الْحَاءِ مِنْ حَبَّ لُغَةٌ فِي أَحَبَّ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ جِئْنَاك) هَلْ ذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِالْإِمَامِ كَمَا فِي الْقُنُوتِ وَأَنَّ غَيْرَهُ يَقُولُ جِئْتُك شَافِعًا، أَوْ هُوَ عَامٌّ فِي الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ فَيَقُولُ الْمُنْفَرِدُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي اتِّبَاعًا لِلْوَارِدِ، وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا شَارَكَهُ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ مَلَائِكَةٌ، وَقَدْ يُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ أَنَّهُ حُصِرَ الَّذِينَ صَلَّوْا عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا هُمْ ثَلَاثُونَ أَلْفًا وَمِنْ الْمَلَائِكَةِ سِتُّونَ أَلْفًا لِأَنَّ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مَلَكَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ نَبِيًّا، وَهُوَ ظَاهِرٌ اتِّبَاعًا لِلَّفْظِ الْوَارِدِ، وَظَاهِرٌ أَيْضًا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ نَبِيِّنَا وَغَيْرِهِ، هَذَا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُ قَوْلِهِ إنْ كَانَ مُحْسِنًا إلَخْ فِي حَقِّ الْأَنْبِيَاءِ لِمَا فِيهِ مِنْ إيهَامِ أَنَّهُمْ قَدْ يَكُونُونَ مُسِيئِينَ فَيَقْتَصِرُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الدُّعَاءِ وَيَزِيدُ: إنْ شَاءَ عَلَى الْوَارِدِ مَا يَلِيقُ بِشَأْنِهِمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، وَبَقِيَ مَا لَوْ تَرَكَ بَعْضَ الدُّعَاءِ هَلْ يُكْرَهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُنُوتِ بِأَنَّ ذَاكَ وَرَدَ تَعْلِيمُهُ بِخُصُوصِهِ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ مَجْمُوعٌ مِنْ أَدْعِيَةٍ مُتَفَرِّقَةٍ، وَوُرُودُهَا كَذَلِكَ يَقْتَضِي عَدَمَ تَعَيُّنِ وَاحِدٍ مِنْهَا (قَوْلُهُ: جَمَعَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ يُرِيدُ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ هَكَذَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ وَاعْفُ عَنْهُ) أَيْ مَا صَدَرَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَعَافِهِ) أَيْ أَعْطِهِ مِنْ النَّعِيمِ مَا يَصِيرُ بِهِ كَالصَّحِيحِ فِي الدُّنْيَا (قَوْلُهُ: وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ) أَيْ أَعْظِمْ مَا يُهَيَّأُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ النَّعِيمِ. وَفِي الْمُخْتَارِ النُّزُلُ بِوَزْنِ الْقُفْلِ مَا يُهَيَّأُ لِلنَّزِيلِ وَالْجَمْعُ الْأَنْزَالُ، وَالنُّزُلُ أَيْضًا الرُّبُعُ، يُقَالُ طَعَامٌ كَثِيرُ النُّزُلِ أَوْ النَّزَلِ بِفَتْحَتَيْنِ اهـ وَفِي الْمِصْبَاحِ: وَالنُّزُلُ بِضَمَّتَيْنِ: طَعَامُ النَّزِيلِ الَّذِي يُهَيَّأُ لَهُ، وَفِي التَّنْزِيلِ {هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ} [الواقعة: 56] اهـ. وَعَلَيْهِ فَيَجُوزُ فِي نُزُلِهِ السُّكُونُ وَالضَّمُّ وَهُوَ الْأَكْثَرُ (قَوْلُهُ: وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ أُنْثَى اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِبْدَالِ فِي الْأَهْلِ وَالزَّوْجَةِ إبْدَالُ الْأَوْصَافِ لَا الذَّوَاتِ قَوْله تَعَالَى {أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور: 21] وَلِخَبَرِ الطَّبَرَانِيِّ وَغَيْرِهِ «إنَّ نِسَاءَ الْجَنَّةِ مِنْ نِسَاءِ الدُّنْيَا أَفْضَلُ مِنْ الْحُورِ الْعِينِ» ثُمَّ رَأَيْت شَيْخًا قَالَ: وَقَوْلُهُ أَبْدِلْهُ زَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ مَنْ لَا زَوْجَةَ لَهُ يَصْدُقُ بِتَقْدِيرِهَا لَهُ أَنْ لَوْ كَانَتْ لَهُ، وَكَذَا فِي الزَّوْجَةِ إذَا قِيلَ إنَّهَا لِزَوْجِهَا فِي الدُّنْيَا، يُرَادُ بِإِبْدَالِهَا زَوْجًا خَيْرًا مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ النَّارِ» قَالَ عَوْفٌ: فَتَمَنَّيْت أَنْ أَكُونَ أَنَا الْمَيِّتُ هَذَا إنْ كَانَ الْمَيِّتُ بَالِغًا ذَكَرًا، فَإِنْ كَانَ بِالْأُنْثَى عَبَّرَ بِالْأَمَةِ وَأَنَّثَ مَا يَعُودُ إلَيْهَا وَإِنْ ذَكَرَ بِقَصْدِ الشَّخْصِ لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ كَانَ خُنْثَى. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الْمُتَّجَهُ التَّعْبِيرُ بِالْمَمْلُوكِ وَنَحْوِهِ. قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ أَبٌ بِأَنْ كَانَ وَلَدَ زِنًا فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَقُولُ فِيهِ وَابْنُ أَمَتِكَ اهـ. وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْرِفْ لِلْمَيِّتِ ذُكُورَةً وَلَا أُنُوثَةً يُعَبِّرُ بِالْمَمْلُوكِ وَنَحْوِهِ، وَأَنَّهُ لَوْ صَلَّى عَلَى جَمْعٍ مَعًا يَأْتِي فِيهِ بِمَا يُنَاسِبُهُ، فَلَوْ قَالَ فِي ذَلِكَ اللَّهُمَّ هَذَا عَبْدُك؟ بِتَوْحِيدِ الْمُضَافِ وَاسْمِ الْإِشَارَةِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، إذْ لَا اخْتِلَالَ فِي صِيغَةِ الدُّعَاءِ. أَمَّا اسْمُ الْإِشَارَةِ فَلِقَوْلِ أَئِمَّةِ النُّحَاةِ إنَّهُ قَدْ يُشَارُ بِمَا لِلْوَاحِدِ لِلْجَمْعِ كَقَوْلِ لَبِيدٍ: وَلَقَدْ سَئِمَتْ مِنْ الْحَيَاةِ وَطُولِهَا ... وَسُؤَالِ هَذَا النَّاسِ كَيْفَ لَبِيَدِ وَلِمَا مَرَّ عَنْ الْفُقَهَاءِ مِنْ جَوَازِ التَّذْكِيرِ فِي الْأُنْثَى وَعَكْسِهِ عَلَى إرَادَةِ الشَّخْصِ. وَأَمَّا لَفْظُ الْعَبْدِ فَلِأَنَّهُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ لِمَعْرِفَةٍ فَيَعُمُّ أَفْرَادَ مَنْ أُشِيرَ إلَيْهِ، وَأَمَّا الصَّغِيرُ فَسَيَأْتِي مَا يُقَالُ فِيهِ (وَيُقَدِّمُ عَلَيْهِ) اسْتِحْبَابًا: أَيْ عَلَى الدُّعَاءِ الْمَارِّ (: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا. اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْته مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَمَنْ تَوَفَّيْته مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِيمَانِ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَزَادَ غَيْرُ التِّرْمِذِيِّ: لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ وَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــSزَوْجِهَا مَا يَعُمُّ إبْدَالَ الذَّوَاتِ وَإِبْدَالَ الصِّفَاتِ اهـ. وَإِرَادَةُ إبْدَالِ الذَّوَاتِ مَعَ فَرْضِ أَنَّهَا لِزَوْجِهَا فِي الدُّنْيَا فِيهِ نَظَرٌ، وَكَذَا قَوْلُهُ إذَا قِيلَ كَيْفَ وَقَدْ صَحَّ الْخَبَرُ بِهِ وَهُوَ أَنَّ الْمَرْأَةَ لِآخِرِ أَزْوَاجِهَا، رَوَتْهُ أُمُّ الدَّرْدَاءِ لِمُعَاوِيَةَ لَمَّا خَطَبَهَا بَعْدَ مَوْتِ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ فِيمَنْ مَاتَ وَفِي عِصْمَتِهِ وَلَمْ تَتَزَوَّجْ بَعْدَهُ " فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي عِصْمَةِ أَحَدِهِمْ مَوْتَهُ احْتَمَلَ الْقَوْلُ بِأَنَّهَا تُخَيَّرُ وَأَنَّهَا لِلثَّانِي، وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمْ وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ وَطَلُقَتْ ثُمَّ مَاتَتْ فَهَلْ هِيَ لِلْأَوَّلِ أَوْ لِلثَّانِي؟ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهَا لِلثَّانِي، وَقَضِيَّةُ الْمُدْرِكِ أَنَّهَا لِلْأَوَّلِ، وَأَنَّ الْحَدِيثَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا مَاتَ الْآخَرُ وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ، وَفِي حَدِيثٍ رَوَاهُ جَمْعٌ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ «الْمَرْأَةُ مِنَّا رُبَّمَا يَكُونُ لَهَا زَوْجَانِ فِي الدُّنْيَا فَتَمُوتُ وَيَمُوتَانِ وَيَدْخُلَانِ الْجَنَّةَ لِأَيِّهِمَا هِيَ؟ قَالَ: لِأَحْسَنِهِمَا خُلُقًا كَانَ عِنْدَهَا فِي الدُّنْيَا» اهـ حَجّ بِحُرُوفِهِ. وَهَلْ مِثْلُ الزَّوْجَةِ السُّرِّيَّةُ أَمْ لَا؟ وَهَلْ لِلسَّيِّدِ تَعَلُّقٌ بِأَرِقَّائِهِ فِي الْآخِرَةِ أَمْ لَا؟ رَاجِعْهُ (قَوْلُهُ وَأَنَّثَ مَا يَعُودُ إلَيْهَا) خَرَجَ بِمَا يَعُودُ إلَيْهَا الضَّمِيرُ فِي وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ فَإِنَّهُ رَاجِعٌ إلَى اللَّهِ فَلَا يُؤَنِّثْهُ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ حَجّ: وَلْيَحْذَرْ مِنْ تَأْنِيثٍ بِهِ فِي مَنْزُولٍ بِهِ فَإِنَّهُ كُفْرٌ لِمَنْ عَرَفَ مَعْنَاهُ وَتَعَمَّدَهُ اهـ. وَقَدْ يُقَالُ فِي قَوْلِهِ كُفْرٌ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ رُجُوعَهُ إلَى اللَّهِ عَلَى إرَادَةِ الذَّاتِ وَالتَّأْنِيثِ فِيهِ بِالنَّظَرِ لِلَفْظِهِ، فَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ كُفْرٌ لِمَنْ قَصَدَ أَنَّ مَعْنَاهُ مُؤَنَّثٌ حَقِيقِيٌّ وَتَعَمَّدَهُ، وَبَقِيَ مَا لَوْ قَالَ: وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِمْ هَلْ يَضُرُّ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَيْهِ صَحِيحٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّقْدِيرَ: وَأَنْتَ خَيْرُ كِرَامٍ مَنْزُولٍ بِهِمْ: أَيْ خَيْرُ الْكِرَامِ الَّذِينَ يَنْزِلُ الضُّيُوفُ عِنْدَهُمْ وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ} [الأعراف: 155] (قَوْله فَالْمُتَّجَهُ التَّعْبِيرُ بِالْمَمْلُوكِ) وَمِثْلُهُ الْعَبْدُ عَلَى إرَادَةِ الشَّخْصِ كَمَا مَرَّ فِي الْأُنْثَى (قَوْلُهُ: إنَّهُ قَدْ يُشَارُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ ذَلِكَ سَائِغٌ بِلَا تَأْوِيلٍ بِالْمَذْكُورِ أَوْ نَحْوِهِ، لَكِنْ وَقَعَ فِي كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ فِي مِثْلِهِ التَّأْوِيلُ بِالْمَذْكُورِ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ: وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا الثَّانِي لَمْ يَكْفِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ بِخُصُوصِهِ وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي الدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ (قَوْلُهُ: وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا) أَيْ بِرَفْعِ الدَّرَجَاتِ؛ لِأَنَّ الْمَغْفِرَةَ لَا تَسْتَدْعِي سَبْقَ ذَنْبٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلِمَا مَرَّ عَنْ الْفُقَهَاءِ مِنْ جَوَازِ التَّذْكِيرِ فِي الْأُنْثَى وَعَكْسِهِ) كَانَ مُرَادُهُ نَظِيرَ مَا مَرَّ إلَخْ، لَكِنَّ صُورَةَ الْعَكْسِ لَمْ تَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِهِ وَلَا النِّسْبَةُ لِلْفُقَهَاءِ (قَوْلُهُ: عَلَى إرَادَةِ الشَّخْصِ) أَيْ أَوْ النَّسَمَةِ

تَفْتِنَّا بَعْدَهُ. وَقَدَّمَ هَذَا لِثُبُوتِ لَفْظِهِ فِي مُسْلِمٍ وَتَضَمُّنِهِ الدُّعَاءَ لِلْمَيِّتِ، بِخِلَافِ ذَاكَ فَإِنَّ بَعْضَهُ مُؤَدًّى بِالْمَعْنَى وَبَعْضَهُ بِاللَّفْظِ، وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الدُّعَاءَيْنِ الْمُحَرَّرَ وَالشَّرْحَ الصَّغِيرَ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ، وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ فَظَاهِرٌ أَنَّ الْأَفْضَلَ تَقْدِيمُ الْأَخِيرِ، وَصَدَقَ قَوْلُهُ فِيهِ وَأَبْدِلْهُ زَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ فِيمَنْ لَا زَوْجَةَ لَهُ، وَفِي الْمَرْأَةِ إذَا قُلْنَا بِأَنَّهَا مَعَ زَوْجِهَا فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ بِأَنْ يُرَادَ فِي الْأَوَّلِ مَا يَعُمُّ الْفِعْلِيَّ وَالتَّقْدِيرِيَّ وَفِي الثَّانِي مَا يَعُمُّ إبْدَالَ الذَّاتِ وَإِبْدَالَ الْهَيْئَةِ (وَيَقُولُ) اسْتِحْبَابًا (فِي) الْمَيِّتِ (الطِّفْلِ) أَوْ الطِّفْلَةِ وَالْمُرَادُ بِهِمَا مَنْ لَمْ يَبْلُغْ (مَعَ هَذَا) الدُّعَاءِ (الثَّانِي) فِي كَلَامِهِ (اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ) أَيْ الْمَيِّتَ بِقِسْمَيْهِ (فَرَطًا لِأَبَوَيْهِ) أَيْ سَابِقًا مُهَيِّئًا مَصَالِحَهُمَا فِي الْآخِرَةِ (وَسَلَفًا وَذُخْرًا) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ شَبَّهَ تَقَدُّمَهُ لَهُمَا بِشَيْءٍ نَفِيسٍ يَكُونُ أَمَامَهُمَا مُدَّخَرًا إلَى وَقْتِ حَاجَتِهِمَا لَهُ بِشَفَاعَتِهِ لَهُمَا كَمَا صَحَّ (وَعِظَةً) اسْمُ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْوَعْظِ أَوْ اسْمُ فَاعِلٍ: أَيْ وَاعِظًا، وَالْمُرَادُ بِهِ وَمَا بَعْدَهُ غَايَتُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: تَقْدِيمُ الْأَخِيرِ) هُوَ قَوْلُهُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَاعْفُ عَنْهُ وَعَافِهِ وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَصَدَقَ قَوْلُهُ فِيهِ) أَيْ فِي الْأَخِيرِ (قَوْلُهُ مَا يَعُمُّ الْفِعْلِيَّ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ فَرْضَ الْكَلَامِ أَنَّهُ لَمْ تَتَزَوَّجْ فِي الدُّنْيَا فَلَيْسَ ثَمَّ إلَّا التَّقْدِيرِيُّ، وَقَوْلُهُ وَفِي الثَّانِي مَا يَعُمُّ إلَخْ فِيهِ أَيْضًا أَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهَا حَيْثُ كَانَتْ مَعَ زَوْجِهَا فِي الْآخِرَةِ فَلَا مَعْنَى لِإِبْدَالِ الذَّاتِ. وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ جَوَابًا عَمَّا يَقْرَبُ مِنْ هَذَا فِي كَلَامِ حَجّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ يُرَادُ بِإِبْدَالِهَا: أَيْ بِإِبْدَالِ الزَّوْجَةِ مُطْلَقًا لَا الزَّوْجَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقَوْلُهُ مَا يَعُمُّ إبْدَالَ الذَّاتِ: أَيْ كَمَا إذَا قُلْنَا إنَّهَا لَيْسَتْ لِزَوْجِهَا فِي الدُّنْيَا، وَقَوْلُهُ إبْدَالَ الصِّفَاتِ: أَيْ كَمَا إذَا قُلْنَا إنَّهَا لِزَوْجِهَا فِي الدُّنْيَا (قَوْلُهُ: وَإِبْدَالَ الْهَيْئَةِ) أَيْ الصِّفَةِ (قَوْلُهُ: وَيَقُولُ اسْتِحْبَابًا) مِثْلُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَهُوَ يَقْتَضِي جَوَازَ الِاقْتِصَارِ عَلَى الدُّعَاءِ الْأَوَّلِ لِلطِّفْلِ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْأَوَّلَ لَيْسَ فِيهِ دُعَاءٌ لِلْمَيِّتِ بِخُصُوصِهِ بَلْ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ غَيْرُ كَافٍ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنَّ مَا يَأْتِي بِهِ مُتَعَلِّقًا بِالْمَيِّتِ وَهُوَ هَذَا الدُّعَاءُ الثَّانِي دُونَ غَيْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ وَجَبَ الدُّعَاءُ لَهُ بِخُصُوصِهِ بِأَيِّ دُعَاءٍ اُتُّفِقَ، أَوْ يُقَالُ: إنَّ الطِّفْلَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ يَجِبُ الدُّعَاءُ لِخُصُوصِ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: فَرَطًا لِأَبَوَيْهِ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: أَيْ يَقُولُ ذَلِكَ وَلَوْ تَأَخَّرَ مَوْتُهُ عَنْ أَبَوَيْهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ شَبَّهَ تَقْدِيمَهُ لَهُمَا إلَخْ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ: أَيْ تَقْدِيمَ الدَّاعِي لَهُ عَلَيْهِمَا حَيْثُ طَلَبَ كَوْنَهُ سَابِقًا، وَعِبَارَةُ حَجّ شَبَّهَ تَقْدِيمَهُ عَلَيْهِمَا إلَخْ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ: مُدَّخَرًا) هُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: ذَخَرْته ذَخْرًا مِنْ بَابِ نَفَعَ وَالِاسْمُ الذُّخْرُ بِالضَّمِّ: إذَا أَعْدَدْته لِوَقْتِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَادَّخَرْته عَلَى افْتَعَلْت مِثْلُهُ وَهُوَ مَذْخُورٌ وَذَخِيرَةٌ أَيْضًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقَدَّمَ هَذَا لِثُبُوتِ لَفْظِهِ فِي مُسْلِمٍ) الَّذِي مَرَّ إنَّمَا هُوَ رِوَايَتُهُ عَنْ أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ، فَالصَّوَابُ حَذْفُ لَفْظِ مُسْلِمٍ كَمَا فِي عِبَارَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ الَّتِي هِيَ أَصْلُ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: وَتَضَمُّنُهُ الدُّعَاءَ لِلْمَيِّتِ) اُنْظُرْ مَا مَدْخَلُهُ فِي تَوْجِيهِ التَّقْدِيمِ (قَوْلُهُ: فَظَاهِرٌ أَنَّ الْأَفْضَلَ تَقْدِيمُ الْأَخِيرِ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ لِشَرْحِ الرَّوْضِ لَكِنَّ الْأَخِيرَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ هُوَ حَدِيثُ مُسْلِمٍ الَّذِي وَسَّطَهُ الشَّارِحُ، فَالْأَخِيرُ هُنَا حَدِيثُ أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْأَخِيرِ حَدِيثُ مُسْلِمٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَصَدَقَ قَوْلُهُ: فِيهِ إلَخْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَخِيرًا فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: اسْتِحْبَابًا عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَقُولُ) أَيْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْتِيَ بِهَذَا اللَّفْظِ مَعَ الدُّعَاءِ الْمُتَقَدِّمِ وَإِنْ كَفَى بِلَفْظٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: اسْمُ مَصْدَرٍ) اُنْظُرْ هَلَّا كَانَ مَصْدَرًا، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُمْ تَصَرَّفُوا فِيهِ بِتَعْوِيضِ هَائِهِ عَنْ وَاوِهِ كَوَعَدَ عِدَّةً وَوَهَبَ هِبَةً (قَوْلُهُ: أَوْ اسْمُ فَاعِلٍ) صَرِيحُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى اسْمِ مَصْدَرٍ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادًا، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ اسْمُ مَصْدَرٍ عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ إمَّا مُرَادًا مِنْهُ الْمَصْدَرُ، وَإِمَّا مُرَادًا مِنْهُ اسْمُ الْفَاعِلِ مُبَالَغَةً كَزَيْدٌ عَدْلٌ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِ وَمَا بَعْدَهُ إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ إذَا تَقَدَّمَ مَوْتُ أَبَوَيْهِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَمُوتَا فَلَا يُحْتَاجُ إلَى إخْرَاجِهِ عَنْ ظَاهِرِهِ كَمَا لَا يَخْفَى. وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَفِي ذِكْرِهِ: أَيْ عِظَةٌ كَاعْتِبَارٍ

وَهُوَ الظُّفْرُ بِالْمَطْلُوبِ مِنْ الْخَيْرِ وَثَوَابِهِ، فَسَقَطَ التَّنْظِيرُ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ الْوَعْظَ التَّذْكِيرُ بِالْعَوَاقِبِ وَهَذَا قَدْ انْقَطَعَ بِالْمَوْتِ (وَاعْتِبَارًا وَشَفِيعًا وَثَقِّلْ بِهِ مَوَازِينَهُمَا وَأَفْرِغْ الصَّبْرَ عَلَى قُلُوبِهِمَا) ؛ لِأَنَّهُ مُنَاسِبٌ لِلْحَالِ، وَزَادَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَلَى هَذَا، وَلَا تَفْتِنْهُمَا بَعْدَهُ وَلَا تَحْرِمْهُمَا أَجْرَهُ، وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ مِنْ التَّذْكِيرِ وَضِدِّهِ وَيَشْهَدُ لِلدُّعَاءِ لَهُمَا مَا فِي خَبَرِ الْمُغِيرَةِ «وَالسَّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالْعَافِيَةِ وَالرَّحْمَةِ» فَيَكْفِي فِي الطِّفْلِ هَذَا الدُّعَاءُ وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُمْ لَا بُدَّ مِنْ الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ بِخُصُوصِهِ كَمَا مَرَّ لِثُبُوتِ هَذَا بِالنَّصِّ بِخُصُوصِهِ. نَعَمْ لَوْ دَعَا لَهُ بِخُصُوصِهِ كَفَى فَلَوْ شَكَّ فِي بُلُوغِهِ هَلْ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْبُلُوغِ، أَوْ يَدْعُو لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ وَنَحْوِهَا؟ وَالْأَحْسَنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا احْتِيَاطًا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَسَوَاءٌ فِيمَا قَالَهُ لَوْ مَاتَ فِي حَيَاةِ أَبَوَيْهِ أَمْ بَعْدَهُمَا أَمْ بَيْنَهُمَا، وَالظَّاهِرُ فِي وَلَدِ الزِّنَا أَنْ يَقُولَ: لِأُمِّهِ وَيَقْتَصِرَ عَلَيْهَا فِيمَا تَقَدَّمَ وَلِهَذَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: مَحَلُّهُ فِي الْأَبَوَيْنِ الْحَيَّيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَكُونَا كَذَلِكَ أَتَى بِمَا يَقْتَضِيهِ الْحَالُ وَهَذَا أَوْلَى. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَلَوْ جَهِلَ إسْلَامَهُمَا فَكَالْمُسْلِمِينَ بِنَاءً عَلَى الْغَالِبِ وَالدَّارِ اهـ. وَالْأَحْوَطُ تَعْلِيقُهُ عَلَى إيمَانِهِمَا لَا سِيَّمَا فِي نَاحِيَةٍ يَكْثُرُ الْكُفَّارُ فِيهَا، وَلَوْ عَلِمَ كُفْرَهُمَا كَتَبَعِيَّةِ الصَّغِيرِ لِلسَّابِي حَرُمَ أَنْ يَدْعُوَ لَهُمَا بِالْمَغْفِرَةِ وَالشَّفَاعَةِ وَنَحْوِهَا، وَلَوْ عَلِمَ إسْلَامَ أَحَدِهِمَا وَكُفْرَ الْآخِرِ أَوْ شَكَّ فِيهِ وَلَوْ مِنْ وَلَدَيْهِ لَمْ يَخَفْ الْحُكْمَ ـــــــــــــــــــــــــــــSاهـ. وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَادَّخَرْته عَلَى افْتَعَلْت أَنَّهُ يَجُوزُ قِرَاءَتُهُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ الْمُشَدَّدَةِ وَهُوَ الْأَكْثَرُ، وَبِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ عَلَى وَزْنِ افْتَعَلَ وَفَاؤُهُ ذَالٌ مُعْجَمَةٌ قُلِبَتْ تَاؤُهُ دَالًا مُهْمَلَةً وَقَلْبُ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ دَالًا مُهْمَلَةً وَإِدْغَامُهَا فِي الذَّالِ الْمُهْمَلَةِ الْمُبْدَلَةِ مِنْ التَّاءِ وَقَلْبُ الذَّالِ الْمُبْدَلَةِ مِنْ التَّاءِ ذَالًا مُعْجَمَةً وَإِدْغَامُ الْأُولَى فِيهَا (قَوْلُهُ فَسَقَطَ التَّنْظِيرُ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَعِظَةً (قَوْلُهُ عَلَى قُلُوبِهِمَا) يَأْتِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْجَوَابِ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَعِظَةً إلَخْ إنْ كَانَا مَيِّتَيْنِ (قَوْلُهُ: فَيَكْفِي فِي الطِّفْلِ هَذَا الدُّعَاءُ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: بِالنَّصِّ بِخُصُوصِهِ) أَيْ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ اجْعَلْهُ فَرَطًا إلَخْ حَيْثُ كَانَ مَعْنَاهُ: أَيْ سَابِقًا مُهَيِّئًا لِمَصَالِحِهِمَا فِي الْآخِرَةِ كَانَ دُعَاءً لَهُ بِخُصُوصِهِ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَ لَهُ شَرَفٌ عِنْدَ اللَّهِ يَتَقَدَّمُ بِسَبَبِهِ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ يَدْعُو لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ) هَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ يُرِدْ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: وَالْأَحْسَنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِهَذَا الْأَحْسَنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَخْتَارَ الدُّعَاءَ لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ لِاحْتِمَالِ بُلُوغِهِ (قَوْلُهُ: وَيَقْتَصِرُ عَلَيْهَا فِيمَا تَقَدَّمَ) لَعَلَّهُ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَلِكَوْنِهِ يَقْتَصِرُ عَلَى الْأُمِّ فِي وَلَدِ الزِّنَا (قَوْلُهُ: وَهَذَا أَوْلَى) مِنْ م ر (قَوْلُهُ: لَمْ يَخْفَ الْحُكْمُ مِمَّا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ يَدْعُو لِلْمُسْلِمِ مِنْهُمَا وَيُعَلِّقُ الدُّعَاءَ عَلَى الْإِسْلَامِ فِيمَنْ شَكَّ فِيهِ ثُمَّ مَا تَقَرَّرَ كُلُّهُ فِيمَا لَوْ عَلِمَ إسْلَامَ الْمَيِّتِ أَوْ ظَنَّ، فَلَوْ شَكَّ فِي إسْلَامِهِ كَالْمَمَالِيكِ الصِّغَارِ حَيْثُ شَكَّ فِي أَنَّ السَّابِيَ لَهُمْ مُسْلِمٌ فَيَحْكُمُ بِإِسْلَامِهِمْ تَبَعًا لَهُ أَوْ كَافِرٌ فَيَحْكُمُ بِكُفْرِهِمْ تَبَعًا لَهُ، فَقَالَ حَجّ: يَحْتَمِلُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ احْتِيَاطًا، وَيَحْتَمِلُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَنْ لَا يُصَلِّيَ اهـ. وَقَدْ يُقَالُ: بَلْ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُصَلِّي وَيُعَلِّقُ النِّيَّةَ كَمَا لَوْ اخْتَلَطَ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ فِي مَسْأَلَةِ الِاخْتِلَاطِ تَحَقَّقْنَا وُجُوبَ الصَّلَاةِ وَشَكَكْنَا فِي عَيْنِ مَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ، بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّا شَكَكْنَا فِي وُجُوبِ الصَّلَاةِ بَلْ فِي صِحَّتِهَا وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْكُفْرِ، وَيُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي: وَلَوْ اخْتَلَطَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَدْ مَاتَا أَوْ أَحَدُهُمَا قَبْلَهُ نَظَرٌ، إذْ الْوَعْظُ التَّذْكِيرُ بِالْعَوَاقِبِ كَاعْتِبَارٍ أَوْ هَذَا قَدْ انْقَطَعَ بِالْمَوْتِ، فَإِنْ أُرِيدَ بِهِمَا غَايَتُهُمَا مِنْ الظَّفَرِ بِالْمَطْلُوبِ اُتُّجِهَ ذَلِكَ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَأَفْرِغْ الصَّبْرَ عَلَى قُلُوبِهِمَا) قَالَ فِي التُّحْفَةِ هَذَا لَا يَأْتِي إلَّا فِي حَيٍّ (قَوْلُهُ: لِثُبُوتِ هَذَا) يَعْنِي مُطْلَقَ الْأَمْرِ بِالدُّعَاءِ لِوَالِدَيْهِ الشَّامِلِ لِهَذَا الدُّعَاءِ، وَإِلَّا فَخُصُوصُ هَذَا الدُّعَاءِ لَمْ يَرِدْ (قَوْلُهُ: وَهَذَا أَوْلَى) حِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِمَا قَدَّمَهُ فِي تَأْوِيلِ عِظَةٍ وَاعْتِبَارًا، وَمُرَادُهُ أَنَّهُ أَوْلَى مِمَّا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَإِنْ كَانَ فِي سِيَاقِهِ صُعُوبَةٌ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَسَوَاءٌ فِيمَا قَالُوهُ مَاتَ فِي حَيَاةِ أَبَوَيْهِ أَمْ لَا، لَكِنْ

مِمَّا مَرَّ، بِخِلَافِ مَنْ ظَنَّ إسْلَامَهُ وَلَوْ بِقَرِينَةٍ كَالدَّارِ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ اضْطِرَابٍ (وَ) يَقُولُ اسْتِحْبَابًا (فِي) التَّكْبِيرَةِ (الرَّابِعَةِ اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَضَمِّهَا (أَجْرَهُ) أَيْ أَجْرَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ أَوْ أَجْرَ مُصِيبَتِهِ فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُصِيبَةِ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ (وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ) أَيْ بِالِابْتِلَاءِ بِالْمَعَاصِي، وَزَادَ فِي التَّنْبِيهِ تَبَعًا لِكَثِيرٍ: وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ، وَيُسَنُّ لَهُ أَنْ يُطَوِّلَ الدُّعَاءَ بَعْدَ الرَّابِعَةِ وَحَدُّهُ أَنْ يَكُونَ كَمَا بَيْنَ التَّكْبِيرَاتِ كَمَا أَفَادَهُ الْحَدِيثُ الْوَارِدُ فِيهِ. نَعَمْ لَوْ خَشِيَ تَغَيُّرَ الْمَيِّتِ أَوْ انْفِجَارَهُ لَوْ أَتَى بِالسُّنَنِ فَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ اقْتِصَارُهُ عَلَى الْأَرْكَانِ (وَلَوْ تَخَلَّفَ الْمُقْتَدِي) عَنْ إمَامِهِ بِالتَّكْبِيرِ (بِلَا عُذْرٍ فَلَمْ يُكَبِّرْ حَتَّى كَبَّرَ إمَامُهُ) تَكْبِيرَةً (أُخْرَى) أَوْ شَرَعَ فِيهَا (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) إذْ الْمُتَابَعَةُ لَا تَظْهَرُ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ إلَّا بِالتَّكْبِيرَاتِ، فَيَكُونُ التَّخَلُّفُ بِهَا فَاحِشًا كَالتَّخَلُّفِ بِرَكْعَةٍ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ حَتَّى كَبَّرَ إمَامُهُ أُخْرَى عَدَمَ بُطْلَانِهَا فِيمَا لَوْ لَمْ يُكَبِّرْ الرَّابِعَةَ حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ. قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: وَالْحُكْمُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَغِلْ عَنْهَا حَتَّى أَتَى الْإِمَامُ بِتَكْبِيرَةٍ أُخْرَى، بَلْ هَذَا مَسْبُوقٌ بِبَعْضِ التَّكْبِيرَاتِ فَيَأْتِي بِهَا بَعْدَ السَّلَامِ، وَأَيَّدَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSمُسْلِمُونَ بِكُفَّارٍ إلَخْ، وَلَوْ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَانِ بِإِسْلَامِهِ وَكُفْرِهِ غُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ، وَنَوَى الصَّلَاةَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا (قَوْلُهُ: كَالدَّارِ فِيمَا يَظْهَرُ) سَبَقَهُ إلَيْهِ حَجّ (قَوْلُهُ: وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ) أَيْ وَلَوْ صَغِيرًا لِأَنَّ الْمَغْفِرَةَ لَا تَسْتَدْعِي سَبْقَ ذَنْبٍ (قَوْلُهُ: كَمَا بَيْنَ التَّكْبِيرَاتِ) أَيْ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَظَاهِرُهُ حُصُولُ السُّنَّةِ وَلَوْ بِتَكْرِيرٍ لِلْأَدْعِيَةِ السَّابِقَةِ. وَقَالَ حَجّ: قِيلَ وَضَابِطُ التَّطْوِيلِ أَنْ يَلِيقهَا بِالثَّانِيَةِ لِأَنَّهَا أَخَفُّ الْأَرْكَانِ اهـ. وَهُوَ تَحَكُّمٌ غَيْرُ مَرْضِيٍّ، بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إلْحَاقُهَا بِالثَّالِثَةِ أَوْ تَطْوِيلُهَا عَلَيْهَا. [فَائِدَةٌ] سُئِلَ عَنْ قِرَاءَةِ {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ} [الحشر: 10] الْآيَةُ فِي رَابِعَةِ الْجِنَازَةِ هَلْ لَهُ أَصْلٌ مُعْتَبَرٌ أَمْ يُقَالُ لَا بَأْسَ بِهَا لِلْمُنَاسَبَةِ، وَكَذَلِكَ قِرَاءَةِ الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ عِنْدَ الْمُرُورِ عَلَى الْقَبْرِ وَكَوْنِهَا كَفَّارَةً لِإِثْمِ مُرُورِهِ عَلَيْهِ هَلْ لَهُ أَصْلٌ أَيْضًا أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ جَمِيعُ مَا ذُكِرَ فِيهِ لَا أَصْلَ لَهُ، بَلْ يَنْبَغِي كَرَاهَةُ قِرَاءَةِ الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الرَّابِعَةِ كَمَا تُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ مِنْ بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ، وَقَوْلُ السَّائِلِ عِنْدَ الْمُرُورِ عَلَى الْقَبْرِ إنْ أَرَادَ الْمَشْيَ عَلَيْهِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ لَا إثْمَ فِيهِ، أَوْ بِحِذَائِهِ فَلَا كَرَاهَةَ وَلَا إثْمَ، فَأَيُّ إثْمٍ فِي الْمُرُورِ حَتَّى يُحْتَاجَ لِرَفْعِهِ؟ اهـ فَتَاوَى حَجّ. وَقَوْلُهُ وَكَذَا قِرَاءَةُ الْبَاقِيَاتِ: أَيْ ذِكْرُ الْآيَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى قَوْلِهِ الْبَاقِيَاتِ وَهِيَ قَوْلُهُ {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف: 46] إلَخْ، وَيَحْتَمِلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ قَوْلُ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ بَلْ يَجِبُ ذَلِكَ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ تَغَيُّرُهُ بِالزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يُكَبِّرْ حَتَّى كَبَّرَ إمَامُهُ) لَوْ كَبَّرَ الْمَأْمُومُ مَعَ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ الْأُخْرَى اتَّجَهَ الصِّحَّةُ وَلَوْ شَرَعَ مَعَ شُرُوعِهِ فِيهَا، وَلَكِنْ تَأَخَّرَ فَرَاغُ الْمَأْمُومِ هَلْ نَقُولُ بِالصِّحَّةِ أَمْ بِالْبُطْلَانِ؟ هُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ اهـ عَمِيرَةُ. أَقُولُ: الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَتَخَلَّفْ حَتَّى كَبَّرَ إمَامُهُ أُخْرَى، وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِتَمَامِ الْإِمَامِ التَّكْبِيرَ قَبْلَ شُرُوعِ الْمَأْمُومِ فِيهِ (قَوْلُهُ: تَكْبِيرَةً أُخْرَى) وَظَاهِرٌ أَنَّ الْأُخْرَى لَا تَتَحَقَّقُ إذَا كَانَ مَعَهُ فِي الْأُولَى إلَّا بِالتَّكْبِيرَةِ الثَّالِثَةِ فَإِنَّ الْمَأْمُومَ يُطْلَبُ مِنْهُ أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ فَإِذَا قَرَأَ الْفَاتِحَةَ مَعَهُ وَكَبَّرَ الْإِمَامُ الثَّانِيَةَ لَا يُقَالُ سَبَقَهُ بِشَيْءٍ (قَوْلُهُ: بَلْ هَذَا مَسْبُوقٌ بِبَعْضِ التَّكْبِيرَاتِ) وَلَوْ كَبَّرَ الْإِمَامُ الثَّانِيَةَ عَقِبَ إحْرَامِ الْمَسْبُوقِ بِحَيْثُ لَمْ يُدْرِكْ قَبْلَ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ الثَّانِيَةَ زَمَنًا يَسَعُ شَيْئًا مِنْ الْفَاتِحَةِ سَقَطَتْ عَنْهُ وَإِنْ قَصَدَ عِنْدَ إحْرَامِهِ تَأْخِيرَهَا، وَلَا عِبْرَةَ بِهَذَا الْقَصْدِ إذْ لَمْ يُدْرِكْهَا فِي مَحَلِّهَا الْأَصْلِيِّ، وَلَوْ أَدْرَكَ الْمَسْبُوقُ زَمَنًا يَسَعُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: مَحَلُّهُ فِي الْأَبَوَيْنِ الْحَيَّيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَحْدَهُ أَنْ لَا يَكُونَ كَمَا بَيْنَ التَّكْبِيرَاتِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنْ لَا يُطَوِّلَهُ إلَى حَدٍّ لَا يَبْلُغُهُ مَا بَيْنَ تَكْبِيرَتَيْنِ مِنْ أَيِّ التَّكْبِيرَاتِ، وَيَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ جُمْلَةَ مَا بَيْنَ التَّكْبِيرَاتِ فَلْيُرَاجَعْ

لَا يَجِبُ فِيهَا ذِكْرٌ فَلَيْسَتْ كَالرَّكْعَةِ، بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا خِلَافًا لِمَا فِي التَّمْيِيزِ مِنْ الْبُطْلَانِ، فَإِنْ كَانَ ثَمَّ عُذْرٌ كَبُطْءِ قِرَاءَةٍ أَوْ نِسْيَانٍ أَوْ عَدَمِ سَمَاعِ تَكْبِيرٍ أَوْ جَهْلٍ لَمْ تَبْطُلْ بِتَخَلُّفِهِ بِتَكْبِيرَةٍ فَقَطْ بَلْ بِتَكْبِيرَتَيْنِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ، وَلَوْ تَقَدَّمَ عَلَى إمَامِهِ بِتَكْبِيرَةٍ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، إذْ التَّقَدُّمُ أَفْحَشُ مِنْ التَّخَلُّفِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ. (وَيُكَبِّرُ الْمَسْبُوقُ وَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ فِي) تَكْبِيرَةٍ (غَيْرِهَا) كَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَوْ الدُّعَاءِ لِأَنَّ مَا أَدْرَكَهُ أَوَّلَ صَلَاتِهِ فَيُرَاعَى تَرْتِيبُهَا (وَلَوْ كَبَّرَ الْإِمَامُ أُخْرَى قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الْفَاتِحَةِ) بِأَنْ كَبَّرَ عَقِبَ تَكْبِيرِهِ (كَبَّرَ مَعَهُ وَسَقَطَتْ الْقِرَاءَةُ) عَنْهُ كَمَا لَوْ رَكَعَ الْإِمَامُ عَقِبَ تَكْبِيرِ الْمَسْبُوقِ فَإِنَّهُ يَرْكَعُ مَعَهُ وَيَتَحَمَّلُهَا عَنْهُ (وَإِنْ كَبَّرَهَا وَهُوَ فِي الْفَاتِحَةِ تَرَكَهَا وَتَابَعَهُ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا لَوْ رَكَعَ الْإِمَامُ وَالْمَسْبُوقُ فِي أَثْنَاءِ الْفَاتِحَةِ، وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ تَعَيُّنِهَا بَعْدَ الْأُولَى لِفَوَاتِ مَحَلِّهَا الْأَصْلِيِّ هُنَا، إذْ الْأَكْمَلُ قِرَاءَتُهَا فِيهَا فَتَحَمَّلَهَا عَنْهُ الْإِمَامُ، وَلَوْ سَلَّمَ الْإِمَامُ عَقِبَ تَكْبِيرَةِ الْمَسْبُوقِ لَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ الْقِرَاءَةُ وَتَقَدَّمَ فِي الْمَسْبُوقِ فِي نَظِيرِ مَا هُنَا أَنَّهُ مَنْ اُشْتُغِلَ بِافْتِتَاحٍ أَوْ تَعَوُّذٍ تَخَلَّفَ وَقَرَأَ بِقَدْرِهِ وَإِلَّا تَابَعَهُ وَلَمْ يَذْكُرَاهُ هُنَا. قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: وَلَا شَكَّ فِي جَرَيَانِهِ هُنَا بِنَاءً عَلَى نَدْبِ التَّعَوُّذِ: أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ وَالِافْتِتَاحُ عَلَى مُقَابِلِهِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِمَا قَالَهُ الْفُورَانِيُّ، وَتَحْرِيرُهُ أَنَّهُ إذَا اُشْتُغِلَ بِالتَّعَوُّذِ فَلَمْ يَفْرُغْ مِنْ الْفَاتِحَةِ حَتَّى كَبَّرَ الْإِمَامُ الثَّانِيَةَ أَوْ الثَّالِثَةَ لَزِمَهُ التَّخَلُّفُ لِلْقِرَاءَةِ بِقَدْرِ التَّعَوُّذِ، وَيَكُونُ مُتَخَلِّفًا بِعُذْرٍ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يُدْرِكُ الْفَاتِحَةَ بَعْدَ التَّعَوُّذِ وَإِلَّا فَغَيْرُ مَعْذُورٍ، فَإِنْ لَمْ يُتِمَّهَا حَتَّى كَبَّرَ الْإِمَامُ الثَّالِثَةَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَتَخَلَّفُ وَيُتِمُّهَا عَلَى مَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي كِتَابِ الْجَمَاعَةِ (وَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ تَدَارَكَ الْمَسْبُوقُ) وُجُوبًا (بَاقِيَ التَّكْبِيرَاتِ بِأَذْكَارِهَا) وُجُوبًا ـــــــــــــــــــــــــــــSنِصْفَ الْفَاتِحَةِ فَقَصَدَ تَأْخِيرَهَا إلَى الثَّانِيَةِ مَثَلًا فَهَلْ تَكْفِيهِ قِرَاءَةُ نِصْفِهَا بَعْدَ الثَّانِيَةِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ جَمِيعِهَا لِتَمَكُّنِهِ مِنْهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكْفِيَهُ نِصْفُهَا لِأَنَّهُ الَّذِي أَدْرَكَهُ فِي مَحَلِّهِ الْأَصْلِيِّ فَهُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ لِيُتَأَمَّلْ سم. وَقَوْلُهُ وَإِنْ قَصَدَ إلَخْ هَذَا قَدْ يُخَالِفُ مَا فِي الْحَاشِيَةِ الْعُلْيَا عَنْ الْجَوْجَرِيِّ، وَلَعَلَّ هَذَا أَوْجَهُ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا فِي التَّمْيِيزِ) اسْمُ كِتَابٍ لِلْبَارِزِيِّ (قَوْلُهُ: لَمْ تَبْطُلْ بِتَخَلُّفِهِ بِتَكْبِيرَةٍ فَقَطْ بَلْ بِتَكْبِيرَتَيْنِ) قَالَ سم عَلَى حَجّ بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ مَا حَاصِلُهُ: إنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الرَّابِعَةِ، هَذَا وَجَرَى حَجّ عَلَى عَدَمِ الْبُطْلَانِ مُطْلَقًا قَالَ: لِأَنَّهُ لَوْ تَخَلَّفَ بِجَمِيعِ الرَّكَعَاتِ نَاسِيًا لَمْ يَضُرَّ فَهَذَا أَوْلَى، وَعِبَارَتُهُ: أَمَّا إذَا تَخَلَّفَ بِعُذْرٍ كَنِسْيَانٍ وَبُطْءٍ نَحْوِ قِرَاءَةٍ وَعَدَمِ سَمَاعِ تَكْبِيرٍ وَكَذَا جَهْلُ عُذْرٍ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ فَلَا بُطْلَانَ فَيُرَاعِي نَظْمَ صَلَاةِ نَفْسِهِ، إلَى أَنْ قَالَ: وَوَقَعَ لِلشَّارِحِ أَنَّ النَّاسِيَ يُغْتَفَرُ لَهُ التَّأْخِيرُ بِوَاحِدَةٍ لَا بِثِنْتَيْنِ، وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ وَغَيْرِهِ مَعَ التَّبَرِّي مِنْهُ فَقَالَ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ اهـ. وَالْوَجْهُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَوْ نَسِيَ فَتَأَخَّرَ عَنْ إمَامِهِ بِجَمِيعِ الرَّكَعَاتِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ فَهُنَا أَوْلَى اهـ. وَيُمْكِنُ حَمْلُ النِّسْيَانِ عَلَى نِسْيَانِ الْقِرَاءَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَقَدَّمَ عَلَى إمَامِهِ بِتَكْبِيرَةٍ) أَيْ قَصَدَ بِهَا تَكْبِيرَةَ الرُّكْنِ أَوْ أَطْلَقَ، فَإِنْ قَصَدَ بِهَا الذِّكْرَ الْمُجَرَّدَ لَمْ يَضُرَّ كَمَا لَوْ كَرَّرَ الرُّكْنَ الْقَوْلِيَّ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) مُرَادُهُ حَجّ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ فِي الْفَاتِحَةِ تَرَكَهَا) أَيْ فَلَوْ اشْتَغَلَ بِإِكْمَالِ الْفَاتِحَةِ فَمُتَخَلِّفٌ بِغَيْرِ عُذْرٍ، فَإِنْ كَبَّرَ إمَامُهُ أُخْرَى قَبْلَ مُتَابَعَتِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. [فَرْعٌ] يَجُوزُ الِاسْتِخْلَافُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بِشَرْطِهِ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ شَرْطَهُ عَدَمُ طُولِ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ: وَيَكُون مُتَخَلِّفًا بِعُذْرٍ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ الْعُذْرِ مَا لَوْ تَرَكَ الْمَأْمُومُ الْمُوَافِقُ لِلْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَى، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بَلْ بِتَكْبِيرَتَيْنِ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي بُطْءِ الْقِرَاءَةِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ التَّخَلُّفُ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِالتَّخَلُّفِ بِتَكْبِيرَتَيْنِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي بُطْءِ الْقِرَاءَةِ، وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ مَعَ اسْتِوَاءِ الْجَمِيعِ مِنْ حَيْثُ الْعُذْرُ كَمَا مَرَّ فِي الْجَمَاعَةِ قَوْلُهُ: وُجُوبًا أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّكْبِيرَاتِ، وَقَوْلُهُ: بَعْدَ ذَلِكَ وُجُوبًا فِي الْوَاجِبِ وَنَدْبًا فِي الْمَنْدُوبِ: أَيْ بِالنِّسْبَةِ

[شروط صلاة الجنازة]

فِي الْوَاجِبِ وَنَدْبًا فِي الْمَنْدُوبِ كَمَا يَأْتِي فِي الرَّكَعَاتِ بِالْقِرَاءَةِ وَغَيْرِهَا وَخَالَفَتْ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ حَيْثُ لَا يَأْتِي بِمَا فَاتَهُ مِنْهَا، فَإِنَّ التَّكْبِيرَ هُنَا بِمَنْزِلَةِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ فَلَا يُمْكِنُ الْإِخْلَالُ بِهَا وَفِي الْعِيدِ سُنَّةٌ فَسَقَطَتْ بِفَوَاتِ مَحَلِّهَا (وَفِي قَوْلٍ لَا تُشْتَرَطُ الْأَذْكَارُ) بَلْ يَأْتِي بِبَقِيَّةِ التَّكْبِيرَاتِ نَسَقًا؛ لِأَنَّ الْجِنَازَةَ تُرْفَعُ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ فَلَيْسَ الْوَقْتُ وَقْتَ تَطْوِيلٍ، وَادَّعَى الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ عِنْدَ رَفْعِ الْجِنَازَةِ، فَإِنْ اتَّفَقَ بَقَاؤُهَا لِسَبَبٍ مَا أَوْ كَانَتْ عَلَى غَائِبٍ فَلَا وَجْهَ لِلْخِلَافِ بَلْ يَأْتِي بِالْأَذْكَارِ قَطْعًا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَكَأَنَّهُ مِنْ تَفَقُّهٍ، وَإِطْلَاقُ الْأَصْحَابِ يُفْهِمُ عَدَمَ الْفَرْقِ اهـ. وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا تُرْفَعَ الْجِنَازَةُ حَتَّى يُتِمَّ الْمَسْبُوقُ مَا فَاتَهُ، فَإِنْ رُفِعَتْ لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ حُوِّلَتْ عَنْ الْقِبْلَةِ، بِخِلَافِ ابْتِدَاءِ عَقْدِ الصَّلَاةِ لَا يُحْتَمَلُ فِيهِ ذَلِكَ وَالْجِنَازَةُ حَاضِرَةٌ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي الِابْتِدَاءِ، ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمُوَافِقَ كَالْمَسْبُوقِ فِي ذَلِكَ. وَلَوْ أَحْرَمَ عَلَى جِنَازَةٍ يُمْشَى بِهَا وَصَلَّى عَلَيْهَا جَازَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ مَا بَيْنَهُمَا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ كَمَا سَيَأْتِي، وَأَنْ يَكُونَ مُحَاذِيًا لَهَا كَالْمَأْمُومِ مَعَ الْإِمَامِ عَلَى الْقَوْلِ بِذَلِكَ الْمَارِّ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ، وَلَا يَضُرُّ الْمَشْيُ بِهَا كَمَا لَوْ أَحْرَمَ الْإِمَامُ فِي سَرِيرٍ وَحَمَلَهُ إنْسَانٌ وَمَشَى بِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ، كَمَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ وَهُوَ فِي سَفِينَةٍ سَائِرَةٍ، قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ وَغَيْرُهُ. (وَيُشْتَرَطُ) فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ (شُرُوطُ) غَيْرِهَا مِنْ (الصَّلَاةِ) كَسَتْرٍ وَطَهَارَةٍ وَاسْتِقْبَالٍ؛ لِأَنَّهَا تُسَمَّى صَلَاةً فَكَانَتْ كَغَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ، وَلَهَا شُرُوطٌ أُخَرُ تَأْتِي كَتَقَدُّمِ طُهْرِ الْمَيِّتِ (لَا الْجَمَاعَةُ) بِالرَّفْعِ فَلَا تُشْتَرَطُ فِيهَا كَالْمَكْتُوبَةِ بَلْ تُسْتَحَبُّ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَا مِنْ رَجُلٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ عَلَى جِنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلٌ لَا يُشْرِكُونَ بِاَللَّهِ شَيْئًا إلَّا شَفَّعَهُمْ اللَّهُ فِيهِ» وَإِنَّمَا صَلَّتْ الصَّحَابَةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْرَادًا كَمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: لِعِظَمِ أَمْرِهِ وَتَنَافُسِهِمْ فِي أَنْ لَا يَتَوَلَّى الصَّلَاةَ عَلَيْهِ أَحَدٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ تَعَيَّنَ إمَامٌ يَؤُمُّ الْقَوْمَ، فَلَوْ تَقَدَّمَ وَاحِدٌ فِي الصَّلَاةِ لَصَارَ مُقَدَّمًا فِي كُلِّ شَيْءٍ وَتَعَيَّنَ لِلْخِلَافَةِ، وَمَعْنَى ـــــــــــــــــــــــــــــSوَجَمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الثَّانِيَةِ فَكَبَّرَ الْإِمَامُ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْهُمَا فَتَخَلَّفَ لِإِتْمَامِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِطْلَاقُ الْأَصْحَابِ يُفْهِمُ عَدَمَ الْفَرْقِ) أَيْ بَيْنَ الرَّفْعِ وَعَدَمِهِ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ يُسْتَحَبُّ إلَخْ) أَيْ وَالْمُخَاطَبُ بِذَلِكَ الْوَلِيُّ فَيَأْمُرُهُمْ بِتَأْخِيرِ الْحَمْلِ، فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ مِنْ الْوَلِيِّ أَمْرٌ وَلَا نَهْيٌ اُسْتُحِبَّ التَّأْخِيرُ مِنْ الْمُبَاشِرِينَ لِلْحَمْلِ، فَإِنْ أَرَادُوا الْحَمْلَ اُسْتُحِبَّ لِلْآحَادِ أَمْرُهُمْ بِعَدَمِ الْحَمْلِ اهـ (قَوْلُهُ: لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ حُوِّلَتْ عَنْ الْقِبْلَةِ) قَالَ حَجّ: مَا لَمْ يَزِدْ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ أَوْ يَحُلْ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ مُضِرٌّ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ. . إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِوَقْتِ الْإِحْرَامِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا زَادَتْ الْمَسَافَةُ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ لَمْ يَضُرَّ، وَقَدْ يُشْعِرُ كَلَامُ حَجّ بِخِلَافِهِ حَيْثُ قَالَ: وَالْمَشْيُ بِهَا قَبْلَ إحْرَامِ الْمُصَلِّي وَبَعْدَهُ وَإِنْ حُوِّلَتْ عَنْ الْقِبْلَةِ مَا لَمْ يَزِدْ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ أَوْ يَحُلْ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَكْثَرَ مِنْ ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ) أَيْ يَقِينًا، وَعَلَيْهِ فَلَوْ شَكَّ فِي الْمَسَافَةِ هَلْ تَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ لَا لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّقَدُّمِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ مُحَاذِيًا لَهَا) بِأَنْ لَا يَتَحَوَّلَ عَنْ الْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْقَوْلِ بِذَلِكَ) أَيْ الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ. (قَوْلُهُ: شُرُوطٌ غَيْرُهَا إلَخْ) سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَمَّا يُطْلَبُ مِنْ غَيْرِ الْأَرْكَانِ وَالشُّرُوطِ وَقَالَ حَجّ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ سَنُّ كُلِّ مَا مَرَّ لَهُمَا: أَيْ الْقُدْوَةِ وَالصَّلَاةِ مِمَّا يَتَأَتَّى مَجِيئُهُ هُنَا أَيْضًا نَعَمْ بَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يُسَنُّ هُنَا النَّظَرُ لِلْجِنَازَةِ، وَبَعْضُهُمْ النَّظَرُ لِمَحَلِّ السُّجُودِ لَوْ فُرِضَ أَخْذًا مِنْ بَحْثِ الْبُلْقِينِيِّ ذَلِكَ فِي الْأَعْمَى وَالْمُصَلِّي فِي ظُلْمَةٍ، وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ وَذَلِكَ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ اهـ (قَوْلُهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ مَا مِنْ رَجُلٍ) ذِكْرُ الرَّجُلِ مِثَالٌ (قَوْلُهُ: فَيَقُومُ عَلَى جِنَازَتِهِ) أَيْ بِأَنْ يُصَلُّوا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَا يُشْرِكُونَ بِاَللَّهِ شَيْئًا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا عُدُولًا وَفَضْلُ اللَّهِ وَاسِعٌ (قَوْلُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ لِعِظَمِ أَمْرِهِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: يُشْكِلُ عَلَى كِلَا الْجَوَابَيْنِ مَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْوَلِيَّ أَوْلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْأَذْكَارِ. [شُرُوطُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ] (قَوْلُهُ: وَقَالَ غَيْرُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ تَعَيَّنَ إمَامٌ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الَّذِي قَالَهُ هَذَا الْغَيْرُ عِلَّةٌ لِلتَّنَافُسِ الَّذِي

صَلُّوا أَفْرَادًا، قَالَ فِي الدَّقَائِقِ: أَيْ جَمَاعَاتٍ بَعْدَ جَمَاعَاتٍ، وَقَدْ حُصِرَ الْمُصَلُّونَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا هُمْ ثَلَاثُونَ أَلْفًا وَمِنْ الْمَلَائِكَةِ سِتُّونَ أَلْفًا؛ لِأَنَّ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مَلَكَيْنِ. وَمَا وَقَعَ فِي الْإِحْيَاءِ مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَاتَ عَنْ عِشْرِينَ أَلْفًا مِنْ الصَّحَابَةِ لَمْ يَحْفَظْ الْقُرْآنَ مِنْهُمْ إلَّا سِتَّةً، اُخْتُلِفَ فِي اثْنَيْنِ مِنْهُمْ، قَالَ الدَّمِيرِيِّ: لَعَلَّهُ أَرَادَ عِشْرِينَ مِنْ الْمَدِينَةِ، وَإِلَّا فَقَدْ رَوَى أَبُو زُرْعَةَ الْمَوَّازِيُّ أَنَّهُ مَاتَ عَنْ مِائَةِ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ أَلْفًا كُلُّهُمْ لَهُ صُحْبَةٌ وَرَوَى عَنْهُ وَسَمِعَ مِنْهُ. (وَيَسْقُطُ فَرْضُهَا بِوَاحِدٍ) لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِصَلَاتِهِ؛ وَلِأَنَّ الْجَمَاعَةَ لَا تُشْتَرَطُ فِيهَا فَكَذَا الْعَدَدُ كَغَيْرِهَا، وَشَمَلَ ذَلِكَ الصَّبِيَّ الْمُمَيِّزَ مَعَ وُجُودِ الرِّجَالِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِهِمْ وَلِأَنَّهُ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ إمَامًا لَهُمْ، وَفَارَقَ ذَلِكَ عَدَمَ سُقُوطِ الْفَرْضِ بِهِ فِي رَدِّ السَّلَامِ بِأَنَّ السَّلَامَ شُرِعَ فِي الْأَصْلِ لِلْإِعْلَامِ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سَالِمٌ مِنْ الْآخَرِ وَآمِنٌ مِنْهُ، وَأَمَانُ الصَّبِيِّ لَا يَصْلُحُ بِخِلَافِ صَلَاتِهِ (وَقِيلَ يَجِبُ) لِسُقُوطِ فَرْضِهَا (اثْنَانِ) أَيْ فِعْلُهُمَا (وَقِيلَ ثَلَاثَةٌ) لِخَبَرِ الدَّارَقُطْنِيّ «صَلُّوا عَلَى مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» وَأَقَلُّ الْجَمْعِ اثْنَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ (وَقِيلَ) يَجِبُ (أَرْبَعَةٌ) كَمَا قِيلَ بِوُجُوبِ ذَلِكَ الْعَدَدِ فِي حَامِلِيهَا لِمَا فِي أَقَلَّ مِنْهَا مِمَّا قَدْ يَتَوَلَّدُ مِنْهُ الْإِزْرَاءُ أَوْ الضَّرَرُ وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ لَوْ صَلَّى عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSبِإِمَامَتِهَا، وَقَدْ كَانَ الْوَلِيُّ مَوْجُودًا كَعَمِّهِ الْعَبَّاسِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَقَدْ يُجَابُ عَنْ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلْجَوَابِ الثَّانِي بِأَنَّ عَادَةَ السَّلَفِ جَرَتْ بِتَقْدِيمِ الْإِمَامِ عَلَى الْوَلِيِّ فَجَرَوْا عَلَى هَذِهِ الْعَادَةِ بِالنِّسْبَةِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاحْتَاجُوا إلَى التَّأْخِيرِ إلَى تَعَيُّنِ الْإِمَامِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَقَوْلُهُ قَدْ تَعَيَّنَ وَلَعَلَّ وَلِيَّهُ كَعَمِّهِ الْعَبَّاسِ إنَّمَا لَمْ يَؤُمَّهُمْ مَعَ أَنَّ الْحَقَّ لَهُ خَوْفًا مِنْ أَنْ يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ إمَامٌ فَرُبَّمَا تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ فِتْنَةٌ انْتَهَى، سم عَلَى بَهْجَةٍ. (قَوْلُهُ: وَيَسْقُطُ فَرْضُهَا بِوَاحِدٍ) وَيُجْزِئُ الْوَاحِدُ وَإِنْ لَمْ يَحْفَظْ الْفَاتِحَةَ وَلَا غَيْرَهَا وَوَقَفَ بِقَدْرِهَا وَلَوْ مَعَ وُجُودِ مَنْ يَحْفَظُهَا فِيمَا يَظْهَرُ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وُجُودُ صَلَاةٍ صَحِيحَةٍ مِنْ جِنْسِ الْمُخَاطَبِينَ وَقَدْ وُجِدَتْ اهـ حَجّ. وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ لَا يُحْسِنُ إلَّا الْفَاتِحَةَ فَقَطْ هَلْ الْأَوْلَى أَنْ يُكَرِّرَهَا أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ بَلْ وَالْمُتَعَيِّنُ الْأَوَّلُ لِقِيَامِهَا مَقَامَ الْأَدْعِيَةِ. [فَرْعٌ] قَالَ م ر: إذَا كَانَ الْمَيِّتُ فِي سِحْلِيَّةٍ مُسَمَّرَةٍ عَلَيْهِ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ فِي مَحَلٍّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَأْمُومِ بَابٌ مُسَمَّرٌ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُسَمَّرَةً وَلَوْ بَعْضُ أَلْوَاحِهَا الَّتِي تَسَعُ خُرُوجَ الْمَيِّتِ مِنْهُ صَحَّتْ الصَّلَاةُ اهـ. فَأَوْرَدْت عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ مُسَمَّرَةً كَانَتْ كَالْبَابِ الْمَرْدُودِ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فَلْيَجِبْ أَنْ لَا تَصِحَّ الصَّلَاةُ مَعَ ذَلِكَ كَمَا لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ مَعَ ذَلِكَ، بَلْ قَضِيَّةُ ذَلِكَ امْتِنَاعُ الصَّلَاةِ عَلَى امْرَأَةٍ عَلَى تَابُوتِهَا قُبَّةٌ فَتَكَلَّفَ الْفَرْقَ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْإِمَامِ الظُّهُورَ وَمِنْ شَأْنِ الْمَيِّتِ السَّتْرَ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ جِدًّا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُ سم مَا لَمْ تَكُنْ مُسَمَّرَةً شَمَلَ مَا لَوْ كَانَ بِهَا شِدَادٌ وَلَمْ تَحِلَّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ لَمْ تَكُنْ السِّحْلِيَّةُ عَلَى نَجَاسَةٍ أَوْ يَكُنْ أَسْفَلُهَا نَجِسًا وَإِلَّا وَجَبَ الْحَلُّ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَيِّتُ فِي بَيْتٍ مُغْلَقٍ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَهُوَ خَارِجُ الْبَيْتِ لِضَرَرٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِلْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: وَأَقَلُّ الْجَمْعِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ لَا قَوْلٌ مُقَابِلٌ لَهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَيْ جَمَاعَاتٍ بَعْدَ جَمَاعَاتٍ) لَعَلَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَجْتَمِعُونَ جَمَاعَةً بَعْدَ جَمَاعَةٍ لَكِنْ يُصَلِّيَ كُلُّ وَاحِدٍ وَحْدَهُ مِنْ غَيْرِ إمَامٍ حَتَّى يُلَائِمَ مَا قَبْلَهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مَلَكَيْنِ) ظَاهِرٌ أَنَّ الْحَفَظَةَ يُشَارِكُونَ فِي الْعَمَلِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: كُلُّهُمْ لَهُ صُحْبَةٌ وَرَوَى عَنْهُ وَسَمِعَ مِنْهُ) أَيْ أَمَّا مَنْ ثَبَتَتْ لَهُ الصُّحْبَةُ بِمُجَرَّدِ الِاجْتِمَاعِ أَوْ الرُّؤْيَةِ فَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُمْ أَضْعَافُ هَذَا الْعَدَدِ، لِمَا هُوَ مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ مِنْ امْتِنَاعِ كَوْنِ الَّذِينَ اجْتَمَعُوا بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ الْمُسْتَطِيلَةِ خُصُوصًا مَعَ أَسْفَارِهِ وَانْتِقَالَاتِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَاصِرًا عَلَى هَذَا، فَالْوَاحِدُ مِنَّا يَتَّفِقُ لَهُ أَنْ يَجْتَمِعَ بِنَحْوِ هَذَا الْعَدَدِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ فِي الْعَامِ الْوَاحِدِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مَاتَ عَنْ مِائَةِ أَلْفٍ الَّذِينَ مَاتُوا فِي حَيَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِمَّنْ سَمِعَ وَرَوَى فَهُمْ كَثِيرٌ أَيْضًا فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَأَقَلُّ الْجَمْعِ اثْنَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ)

الْجِنَازَةِ عَدَدٌ زَائِدٌ عَلَى الْمَشْرُوطِ وَقَعَتْ صَلَاةُ الْجَمِيعِ فَرْضَ كِفَايَةٍ. (وَلَا يَسْقُطُ) فَرْضُ صَلَاتِهَا (بِالنِّسَاءِ وَهُنَاكَ رِجَالٌ) (فِي الْأَصَحِّ) أَوْ رَجُلٌ أَوْ صَبِيٌّ مُمَيِّزٌ؛ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ مِنْهُنَّ وَدُعَاؤُهُ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ وَلِأَنَّ فِي ذَلِكَ اسْتِهَانَةً بِالْمَيِّتِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِحُضُورِهِ: وُجُودُهُ فِي مَحَلِّ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ لَا وُجُودُهُ مُطْلَقًا وَلَا فِي دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَالثَّانِي يَسْقُطُ بِهِنَّ لِصِحَّةِ صَلَاتِهِنَّ وَجَمَاعَتِهِنَّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ ذَكَرٌ: أَيْ وَلَا خُنْثَى فِيمَا يَظْهَرُ وَجَبَتْ عَلَيْهِنَّ وَسَقَطَ الْفَرْضُ بِهِنَّ، وَتُسَنُّ لَهُنَّ جَمَاعَةً كَمَا فِي غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ خِلَافًا لِمَا فِي الْعُدَّةِ، وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ. لَا يُقَالُ: كَيْفَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَرْأَةِ وَهُنَاكَ صَبِيٌّ مُمَيِّزٌ مَعَ أَنَّهَا الْمُخَاطَبَةُ بِهِ دُونَهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: قَدْ يُخَاطَبُ الشَّخْصُ بِشَيْءٍ وَيَتَوَقَّفُ فِعْلُهُ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ آخَرَ، لَا سِيَّمَا فِيمَا يَسْقُطُ عَنْهُ الشَّيْءُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ فَلَا يُخَاطَبْنَ بِهِ خِطَابَ فَرْضٍ وَلَا يَسْقُطُ بِفِعْلِهِنَّ، وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِنَّ أَمْرُهُ بِهَا كَمَا يَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الطِّفْلِ أَمْرُهُ بِالصَّلَاةِ وَنَحْوُهَا، كَذَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، خِلَافًا لِابْنِ الْمُقْرِي فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ حَيْثُ ذَهَبَ إلَى إجْزَاءِ صَلَاتِهِنَّ مُعَلِّلًا لَهُ بِعَدَمِ تَوَجُّهِ الْخِطَابِ لَهُ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ: إنَّ الْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ أَنَّهُ لَوْ اجْتَمَعَ مَعَهَا سَقَطَ الْفَرْضُ بِصَلَاةِ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي صَلَاتِهِ دُونَ صَلَاتِهَا لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِ كَمَا مَرَّ، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ فَقَالَ: وَإِنْ صَلَّى سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْهُ وَعَنْ النِّسَاءِ، وَإِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْ النِّسَاءِ، وَأَمَّا عَنْ الْخُنْثَى فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ يَأْبَى ذَلِكَ اهـ. وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْوَاوُ فِي صَلَّوْا إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَهُنَاكَ رِجَالٌ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ: وَصَلَاتُهُنَّ وَصَلَاةُ الصِّبْيَانِ مَعَ الرِّجَالِ أَوْ بَعْدَهُمْ تَقَعُ نَفْلًا لِأَنَّ الْفَرْضَ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِمْ اهـ. وَكَانَتْ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَهُمْ قَدْ يَدُلُّ عَلَى امْتِنَاعِ صَلَاتِهِنَّ وَصَلَاةِ الصِّبْيَانِ قَبْلَ الرِّجَالِ فَلْيُرَاجَعْ فَإِنَّهُ لَا يَبْعُدُ عَدَمُ الِامْتِنَاعِ. وَقَوْلُهُ تَقَعُ نَفْلًا قَضِيَّتُهُ أَنَّهُمْ لَا يَنْوُونَ الْفَرْضِيَّةَ، وَأَمَّا إذَا تَوَجَّهَ الْفَرْضُ عَلَى النِّسَاءِ لِعَدَمِ الرِّجَالِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَنْوِينَ الْفَرْضِيَّةَ فَلْيُتَأَمَّلْ، إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُمْ لَا يَنْوُونَ إلَخْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَجْرِيَ فِي نِيَّتِهِمْ إيَّاهَا مَا قِيلَ فِي صَلَاةِ الصَّبِيِّ الْخَمْسِ بِجَامِعِ عَدَمِ الْوُجُوبِ فِيهَا لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّتِهِنَّ الْفَرْضَ وَلَوْ مَعَ الرِّجَالِ وَإِنْ وَقَعَتْ صَلَاتُهُنَّ نَفْلًا، بِخِلَافِ الصَّبِيِّ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ إذَا صَلَّى مَعَهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ بِالْهَامِشِ أَيْضًا، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ النِّسَاءَ مِنْ جِنْسِ الْمُكَلَّفِينَ بِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ: وُجُودُهُ فِي مَحَلِّ الصَّلَاةِ) أَيْ بِمَحَلِّ الصَّلَاةِ وَمَا يُنْسَبُ إلَيْهِ كَخَارِجِ السُّورِ الْقَرِيبِ مِنْهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي عَنْ الْوَافِي حَجّ، وَمُرَادُهُ بِمَا يَأْتِي عَنْ الْوَافِي مَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ قَوْلِهِ: فَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ خَارِجَ السُّورِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا خُنْثَى) وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ تَعَدَّدَتْ الْخَنَاثَى فِي مَحَلٍّ وَفُقِدَتْ الرِّجَالُ هَلْ يَكْفِي فِي سُقُوطِ الطَّلَبِ صَلَاةُ وَاحِدٍ أَمْ تَجِبُ صَلَاةُ الْجَمِيعِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُتَخَلِّفَ ذَكَرٌ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الثَّانِي لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَيُفِيدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي دُونَ صَلَاتِهَا لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ سَقَطَ الْفَرْضُ) أَيْ فَلَمْ يَأْثَمْنَ، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْخُنْثَى أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الرِّجَالِ إذَا حَضَرَ بَعْدَ الدَّفْنِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى الْقَبْرِ لِعَدَمِ سُقُوطِ الصَّلَاةِ بِفِعْلِ النِّسَاءِ لِاحْتِمَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَهُوَ دَلِيلٌ لِلْقَوْلَيْنِ عَلَى التَّوْزِيعِ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهَا الْمُخَاطَبَةُ بِهِ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ يُخَاطَبُ الشَّخْصُ بِشَيْءٍ وَيَتَوَقَّفُ فِعْلُهُ) أَيْ فِعْلُهُ الْمُسْقِطُ لِلْفَرْضِ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ) يَعْنِي قَوْلَهُ وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِنَّ أَمْرُهُ وَإِلَّا فَمَا قَبْلَهُ عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْ النِّسَاءِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُنَّ مُخَاطَبَاتٌ مَعَ وُجُودِ الْخُنْثَى، وَيُعَارِضُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْمَارُّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ ذَكَرٌ: أَيْ وَلَا خُنْثَى فِيمَا يَظْهَرُ وَجَبَتْ عَلَيْهِنَّ، إذْ مَفْهُومُهُ أَنَّهَا مَعَ وُجُودِهِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِنَّ، وَلَعَلَّ كَلَامَ شَرْحِ الْإِرْشَادِ مَبْنِيٌّ عَلَى كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: إنْ كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّهُنَّ مُخَاطَبَاتٌ بِالْفَرْضِ، فَالْقِيَاسُ سُقُوطُ الْفَرْضِ بِهِنَّ حَتَّى عَنْ الْخُنْثَى، وَإِنْ كُنَّ غَيْرَ مُخَاطَبَاتٍ فَلَا وَجْهَ لِقَوْلِهِ سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْ النِّسَاءِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: رَاعَيْنَا احْتِمَالَ الذُّكُورَةِ فِي حَالَةٍ وَاحْتِمَالَ الْأُنُوثَةِ فِي أُخْرَى

كَمَا قَالَ احْتِيَاطًا لِلْفَرْضِ. (وَيُصَلَّى عَلَى الْغَائِبِ عَنْ الْبَلَدِ) وَلَوْ فِي مَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَفِي غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَالْمُصَلِّي مُسْتَقْبِلهَا «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيِّ بِالْمَدِينَةِ يَوْمَ مَوْتِهِ بِالْحَبَشَةِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَذَلِكَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ، فَإِنْ قِيلَ: لَعَلَّ الْأَرْضَ زُوِيَتْ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى رَآهُ أُجِيبَ عَنْهُ بِوَجْهَيْنِ: أَحَدِهِمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَنُقِلَ، وَكَانَ أَوْلَى بِالنَّقْلِ مِنْ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ مُعْجِزَةٌ، وَالثَّانِي أَنَّ رُؤْيَتَهُ إنْ كَانَتْ لِأَنَّ أَجْزَاءَ الْأَرْضِ تَدَاخَلَتْ حَتَّى صَارَتْ الْحَبَشَةُ بِبَابِ الْمَدِينَةِ لَوَجَبَ أَنْ تَرَاهُ الصَّحَابَةُ أَيْضًا وَلَمْ يُنْقَلْ، وَإِنْ كَانَتْ لِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَ لَهُ إدْرَاكًا فَلَا يَتِمُّ عَلَى مَذْهَبِ الْخَصْمِ؛ لِأَنَّ الْبُعْدَ عَنْ الْمَيِّتِ عِنْدَهُ يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ وَإِنْ رَآهُ، وَأَيْضًا وَجَبَ أَنْ تُبْطِلَ صَلَاتَهُ الصَّحَابَةُ، وَقَدْ أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ أَجَازَ الصَّلَاةَ عَلَى الْغَائِبِ بِأَنَّ ذَلِكَ يُسْقِطُ فَرْضَ الْكِفَايَةِ إلَّا مَا حُكِيَ عَنْ ابْنِ الْقَطَّانِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ السُّقُوطِ بِهَا حَيْثُ عَلِمَ بِهَا الْحَاضِرُونَ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنَّهَا لَا تَجُوزُ عَلَى الْغَائِبِ حَتَّى يُعْلَمَ أَوْ يُظَنَّ أَنَّهُ قَدْ غُسِّلَ: أَيْ أَوْ يُمِّمَ بِشَرْطِهِ. نَعَمْ لَوْ عَلَّقَ النِّيَّةَ عَلَى طُهْرِهِ بِأَنْ نَوَى الصَّلَاةَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ قَدْ طُهِّرَ فَالْأَوْجَهُ الصِّحَّةُ كَمَا هُوَ أَحَدُ احْتِمَالَيْنِ لِلْأَذْرَعِيِّ، أَمَّا الْحَاضِرُ بِالْبَلَدِ وَإِنْ كَبُرَتْ فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ لِتَيَسُّرِ الْحُضُورِ، وَشَبَّهُوهُ بِالْقَضَاءِ عَلَى مَنْ بِالْبَلَدِ مَعَ إمْكَانِ إحْضَارِهِ، فَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ خَارِجَ السُّوَرِ قَرِيبًا مِنْهُ فَهُوَ كَدَاخِلِهِ، نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْوَافِي وَأَقَرَّهُ: أَيْ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمَقَابِرَ تُجْعَلُ خَارِجَ السُّوَرِ، وَعِبَارَتُهُ: مَنْ كَانَ خَارِجَ السُّوَرِ إنْ كَانَ أَهْلُهُ يَسْتَعِيرُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ لَمْ تَجُزْ الصَّلَاةُ عَلَى مَنْ هُوَ دَاخِلَ السُّوَرِ لِلْخَارِجِ وَلَا الْعَكْسُ اهـ. وَلَوْ تَعَذَّرَ عَلَى مَنْ فِي الْبَلَدِ الْحُضُورُ لِحَبْسٍ أَوْ مَرَضٍ لَمْ يَبْعُدْ جَوَازُ ذَلِكَ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ أَبِي الدَّمِ فِي الْمَحْبُوسِ لِأَنَّهُمْ قَدْ عَلَّلُوا الْمَنْعَ بِتَيَسُّرِ الذَّهَابِ إلَيْهِ، وَفِي مَعْنَاهُ إذَا قُتِلَ إنْسَانٌ بِبَلَدٍ وَأُخْفِيَ قَبْرُهُ عَنْ النَّاسِ وَالْأَوْجَهُ فِي الْقُرَى الْمُتَقَارِبَةِ جِدًّا أَنَّهَا كَالْقَرْيَةِ الْوَاحِدَةِ، وَلَوْ صَلَّى عَلَى مَنْ مَاتَ فِي يَوْمِهِ أَوْ سَنَتِهِ وَظَهَرَ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ عَيْنَهُمْ بَلْ تُسَنُّ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْغَائِبِ جَائِزَةٌ وَتَعَيُّنُهُمْ غَيْرُ شَرْطٍ. (وَيَجِبُ) ـــــــــــــــــــــــــــــSذُكُورَةِ الْخُنْثَى. (قَوْلُهُ: وَيُصَلَّى عَلَى الْغَائِبِ) هَلْ يَشْمَلُ الْأَنْبِيَاءَ فَتَجُوزُ صَلَاةُ الْغَيَبَةِ عَلَيْهِمْ كَمَا تَجُوزُ صَلَاةُ الْحُضُورِ عَلَيْهِمْ أَمْ لَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْقَلْبُ لِلْجَوَازِ أَمْيَلُ وَإِنْ قَالَ م ر بِالْمَنْعِ. [فَرْعٌ] لَوْ بَعُدَ الْمَيِّتُ عَنْ الْمُصَلِّي بِأَنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَأَكْثَرَ مَثَلًا، لَكِنْ كَانَ الْمُصَلِّي يُشَاهِدُهُ كَالْحَاضِرِ عِنْدَهُ كَرَامَةً لَهُ فَهَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ عَلَيْهِ مِنْ الْبُعْدِ لِأَنَّهُ غَائِبٌ وَالْمُرَادُ بِالْغَائِبِ الْبَعِيدُ، أَوْ لَا تَصِحُّ مَعَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أُوفِيَ حُكْمَ الْحَاضِرِ لِمُشَاهَدَتِهِ فِيهِ حَاضِرَ نَظَرٍ، وَالْمُتَّجَهُ عِنْدِي الْأَوَّلُ وَإِنْ أَجَابَ م ر فَوْرًا بِالثَّانِي اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ، وَالْمُرَادُ الْأَنْبِيَاءُ الَّذِينَ يَكُونُ الْمُصَلِّي مِنْ أَهْلِ فَرْضِهَا وَقْتَ مَوْتِهِمْ كَسَيِّدِنَا عِيسَى وَالْخَضِرِ - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. أَقُولُ: وَقَدْ يُؤَيِّدُ مَا اسْتَوْجَبَهُ سم بِصَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالصَّحَابَةِ مَعَهُ عَلَى النَّجَاشِيِّ وَإِنْ رُفِعَ لَهُ حَتَّى رَآهُ فِي مَحَلِّهِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُصَيِّرُهُ حَاضِرًا (قَوْلُهُ: وَكَانَ أَوْلَى بِالنَّقْلِ) أَيْ بِنَقْلِهِ وَرِوَايَتِهِ إلَيْنَا (قَوْلُهُ: لِتَيَسُّرِ الْحُضُورِ) الْمُتَّجَهُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْمَشَقَّةُ وَعَدَمُهَا فَحَيْثُ شَقَّ الْحُضُورُ وَلَوْ فِي الْبَلَدِ لِكِبَرِهَا وَنَحْوِهِ صَحَّتْ، وَحَيْثُ لَا وَلَوْ خَارِجَ السُّورِ لَمْ تَصِحَّ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُفِيدُهُ قَوْلُهُ وَلَوْ تَعَذَّرَ إلَخْ، وَمِنْهُ أَيْضًا يُسْتَفَادُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْمَشَقَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِمُرِيدِ الصَّلَاةِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ التَّمْثِيلِ لِلْعُذْرِ بِالْمَرَضِ (قَوْلُهُ: قَرِيبًا مِنْهُ) قَالَ حَجّ: وَيُؤْخَذُ ضَبْطُ الْقُرْبِ هُنَا بِمَا يَجِبُ الطَّلَبُ مِنْهُ فِي التَّيَمُّمِ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ إنْ أُرِيدَ بِهِ حَدُّ الْغَوْثِ لَا الْقُرْبُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَلَّى عَلَى مَنْ مَاتَ فِي يَوْمِهِ أَوْ سَنَتِهِ إلَخْ) هَلْ يَدْخُلُ مَنْ فِي الْبَلَدِ تَبَعًا، وَقَدْ يَنْقَاسُ عَدَمُ الدُّخُولِ لِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ إلَّا مَعَ حُضُورِهِ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ. وَمَحَلُّهُ أَيْضًا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ لَهُ مَا لَمْ تَشُقَّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ فِي قُبُورِهِمْ وَإِلَّا شَمَلَتْهُمْ لِأَنَّهُ يَجُوزُ إفْرَادُهُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ مَعَ غَيْبَتِهِمْ فَشُمُولُ صَلَاتِهِ لَهُمْ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُمْ) وَأَشْمَلُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَنْوِيَ الصَّلَاةَ عَلَى مَنْ تَصِحُّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[تقديم الصلاة على الدفن وتأخيرها عن الغسل أو التيمم]

(تَقْدِيمُهَا) أَيْ الصَّلَاةِ (عَلَى الدَّفْنِ) وَتَأْخِيرُهَا عَنْ الْغُسْلِ أَوْ التَّيَمُّمِ عِنْدَ وُجُودِ مُسَوِّغِهِ، فَلَوْ دُفِنَ مِنْ غَيْرِ صَلَاةٍ أَتَمَّ الدَّافِنُونَ وَالرَّاضُونَ بِدَفْنِهِ قَبْلَهَا لِوُجُوبِ تَقْدِيمِهَا عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ عُذْرٌ، وَيُصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْبَشُ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ (وَتَصِحُّ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الدَّفْنِ لِلِاتِّبَاعِ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ عَلَى الْقَبْرِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَسَائِلِ الْمَنْثُورَةِ، وَيَسْقُطُ الْفَرْضُ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ عَلَى الصَّحِيحِ (وَالْأَصَحُّ تَخْصِيصُ الصِّحَّةِ) أَيْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِبِ وَالْقَبْرِ (بِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ) أَدَاءِ (فَرْضِهَا وَقْتَ الْمَوْتِ) دُونَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ مُتَنَفِّلٌ وَهَذِهِ لَا يُتَنَفَّلُ بِهَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: مَعْنَاهُ لَا تُفْعَلُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى: وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِابْتِدَاءُ بِصُورَتِهَا مِنْ غَيْرِ جِنَازَةٍ، بِخِلَافِ صَلَاةِ الظُّهْرِ يُؤْتَى بِصُورَتِهَا ابْتِدَاءً بِلَا سَبَبٍ، ثُمَّ قَالَ: لَكِنَّ مَا قَالُوهُ يُنْتَقَضُ بِصَلَاةِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ فَإِنَّهَا نَافِلَةً لَهُنَّ مَعَ صِحَّتِهَا، وَلَوْ أُعِيدَتْ وَقَعَتْ نَافِلَةً خِلَافًا لِلْقَاضِي، وَلَعَلَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ: إنَّ الصَّلَاةَ إذَا لَمْ تَكُنْ مَطْلُوبَةً لَا تَنْعَقِدُ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ مَحَلَّ كَلَامِهِمْ إذَا كَانَ عَدَمُ الطَّلَبِ لَهَا لِذَاتِهَا، وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لِأَمْرٍ خَارِجٍ وَهُوَ امْتِيَازُ هَذِهِ الصَّلَاةِ عَنْ غَيْرِهَا وَهُوَ أَنَّهُ لَا يُتَنَفَّلُ بِهَا. أَمَّا لَوْ صَلَّى عَلَيْهَا مَنْ لَمْ يُصَلِّ أَوَّلًا فَإِنَّهَا تَقَعُ لَهُ فَرْضًا. قَدْ اعْتَرَضَ ابْنُ الْعِمَادِ كَلَامَ الْمَجْمُوعِ فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ الظُّهْرِ بِأَنَّهُ خَطَأٌ صَرِيحٌ، فَإِنَّ الظُّهْرَ لَا يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ ابْتِدَاءُ فِعْلِهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ؛ لِأَنَّهُ تَعَاطَى عِبَادَةً لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا وَهُوَ حَرَامٌ. وَالْأَسْبَابُ الَّتِي تُؤَدَّى بِهَا الظُّهْرُ ثَلَاثَةٌ: الْأَدَاءُ وَالْقَضَاءُ وَالْإِعَادَةُ، وَرَدَّهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ مَا قَالَهُ هُوَ الْخَطَأُ الصَّرِيحُ لِخَطَئِهِ فِي فَهْمِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنَّمَا يَرُدُّ مَا قَالَهُ لَوْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ يُؤَدَّى بِهَا، وَقَضِيَّةُ اعْتِبَارِ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْفَرْضِ يَوْمَ الْمَوْتِ مَنْعُ الْكَافِرِ وَالْحَائِضِ يَوْمئِذٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَاعْتِبَارُ الْمَوْتِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ بَلَغَ أَوْ أَفَاقَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الْغُسْلِ لَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ، وَالصَّوَابُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهُ لَزِمَتْهُ الصَّلَاةُ اتِّفَاقًا، وَكَذَا لَوْ كَانَ ثَمَّ غَيْرُهُ فَتَرَكَ الْجَمِيعُ فَإِنَّهُمْ يَأْثَمُونَ، بَلْ لَوْ زَالَ الْمَانِعُ بَعْدَ الْغُسْلِ أَوْ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَأَدْرَكَ زَمَنًا تُمْكِنُ فِيهِ الصَّلَاةُ كَانَ كَذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي الضَّبْطُ بِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ فَرْضِهَا وَقْتَ الدَّفْنِ لِئَلَّا يَرِدَ مَا قِيلَ، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ جَوَازُ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ أَبَدًا بِشَرْطِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، وَلَا يَتَقَيَّدُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَا بِمُدَّةِ بَقَائِهِ قَبْلَ بَلَائِهِ وَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــSصَلَاتُهُ عَلَيْهِ مِنْ أَمْوَاتِ الْمُسْلِمِينَ فَيَشْمَلُ مَنْ مَاتَ مِنْ بُلُوغِهِ أَوْ تَمْيِيزِهِ عَلَى مَا يَأْتِي، ثُمَّ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ فِي الدُّعَاءِ لَهُمْ هُنَا: اللَّهُمَّ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مُحْسِنًا فَزِدْ فِي إحْسَانِهِ وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ مُسِيئًا فَتَجَاوَزْ عَنْ سَيِّئَاتِهِ دُونَ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ إنْ كَانُوا مُحْسِنِينَ. . إلَخْ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي الْجَمِيعِ أَنَّهُمْ لَيْسُوا كُلُّهُمْ مُحْسِنِينَ وَلَا مُسِيئِينَ. [تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ عَلَى الدَّفْنِ وَتَأْخِيرُهَا عَنْ الْغُسْلِ أَوْ التَّيَمُّمِ] (قَوْلُهُ: وَلَوْ أُعِيدَتْ) إلَخْ وَلَوْ مِرَارًا وَمُنْفَرِدًا، وَعِبَارَةُ سم عَلَى بَهْجَةٍ قَوْلُهُ وَلَوْ أُعِيدَتْ يَتَّجِهُ أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ جَوَازُ إعَادَتِهَا بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِهَا الشَّفَاعَةُ وَالدُّعَاءُ، وَالدُّعَاءُ لَا يُعْلَمُ حُصُولُ الْمَطْلُوبِ بِهِ بِمَرَّةٍ مُعَيَّنَةٍ بَلْ لَوْ عُلِمَ حُصُولُهُ بِهَا أَمْكَنَ أَنْ يَحْصُلَ بِغَيْرِهَا زِيَادَةٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَقَبْلَ الْغُسْلِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ وَكَذَا بَعْدَهُ وَقَبْلَ الدَّفْنِ وَسَيَأْتِي لَهُ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ جَوَازُ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَقْبَرَةِ الْمَنْبُوشَةِ وَغَيْرِهَا وَهِيَ فِي الْمَنْبُوشَةِ مُشْكِلٌ لِلْعِلْمِ بِنَجَاسَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الصَّلَاةُ عَلَى الْغَائِبِ] قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَا تُفْعَلُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى) هَذَا حَمْلٌ لِقَوْلِهِمْ إنَّهَا لَا يُتَنَفَّلُ بِهَا فِي حَدِّ ذَاتِهِ، وَإِلَّا لَوْ نَظَرْنَا إلَى هَذَا الْحَمْلِ لَمْ يَصْلُحْ الْمَحْمُولُ لِلتَّعْلِيلِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: يُؤْتَى بِصُورَتِهَا) بِأَنْ يُتَنَفَّلَ بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ عَلَى صُورَةِ الظُّهْرِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ لَكِنَّ مَا قَالُوهُ يُنْتَقَضُ إلَخْ) هَذَا لَا يَتَأَتَّى بَعْدَ حَمْلِهِ الْمَارِّ (قَوْلُهُ: بَلْ لِأَمْرٍ خَارِجٍ وَهُوَ امْتِيَازٌ إلَخْ) فِيهِ وَقْفَةٌ لَا تَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ (قَوْلُهُ: يَوْمَ الْمَوْتِ) أَيْ وَقْتَهُ وَكَانَ الْأَوْلَى التَّعْبِيرَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) اخْتِيَارُهُ لِهَذَا لَا يُلَائِمُ مَا سَيَأْتِي لَهُ قَرِيبًا مِنْ الضَّبْطِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهُ لَزِمَتْهُ) أَيْ فَضْلًا عَنْ صِحَّتِهَا مِنْهُ، وَإِلَّا فَاللُّزُومُ أَخَصُّ مِنْ الصِّحَّةِ الَّتِي الْكَلَامُ فِيهِ (قَوْلُهُ: يَأْثَمُونَ) أَيْ وَهُوَ مِنْهُمْ.

[فرع في بيان الأولى بصلاة الجنازة]

بِتَفَسُّخِهِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ وَقْتَ الْمَوْتِ، فَمَنْ كَانَ وَقْتُهُ غَيْرَ مُمَيَّزٍ صَحَّتْ صَلَاتُهُ قَطْعًا، وَمَنْ كَانَ وَقْتَهُ مُمَيِّزًا لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ عَلَى الْأَوَّلِ وَتَصِحُّ عَلَى الثَّانِي. (وَلَا يُصَلَّى عَلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحَالٍ) أَيْ لَا تَجُوزُ، وَكَذَا عَلَى قَبْرِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ لِخَبَرِ «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» ؛ وَلِأَنَّا لَمْ نَكُنْ أَهْلًا لِلْفَرْضِ وَقْتَ مَوْتِهِمْ. وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الْعِلَّةِ جَوَازُ الصَّلَاةِ عَلَى قَبْرِ عِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ مَوْتِهِ وَدَفْنِهِ لِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ فَرْضِهَا ذَلِكَ الْوَقْتَ، وَجَرَى عَلَيْهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ الْمَنْعُ فِيهِ كَغَيْرِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ النَّهْيُ، فَالصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ قَبْلَ دَفْنِهِمْ دَاخِلَةٌ فِي عُمُومِ الْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَعَلَى قُبُورِهِمْ خَارِجَةٌ بِالنَّهْيِ، وَلِهَذَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي خَادِمِهِ: وَالصَّوَابُ أَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ النَّهْيُ عَنْ الصَّلَاةِ فِي قَوْلِهِ: لَعَنْ اللَّهُ الْيَهُودَ إلَى آخِرِهِ [فَرْعٌ] فِي بَيَانِ الْأَوْلَى بِالصَّلَاةِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ إنَّهُ زَادَ التَّرْجَمَةَ بِهِ لِطُولِ الْفَصْلِ قَبْلَهُ بِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ كَمَا نَقَصَ تَرْجَمَةَ التَّعْزِيَةِ بِفَصْلٍ لِقِصَرِ الْفَصْلِ قَبْلَهُ دَفَعَ بِهِ مَا قِيلَ إنَّ تَرْجَمَتَهُ بِالْفَرْعِ مُشْكِلَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِيهِ وَهُوَ بَيَانُ أَوْلَوِيَّةِ الْوَلِيِّ لَيْسَ فَرْعًا عَمَّا قَبْلَهُ مِنْ كَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ لَيْسَ مُتَفَرِّعًا عَلَى الصَّلَاةِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: هُوَ مُتَفَرِّعٌ عَمَّا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ تَسْتَدْعِي مُصَلِّيًا وَهُوَ يَسْتَدْعِي مَعْرِفَةَ الْأَوْصَافِ الَّتِي يُقَدِّمُ بِهَا (الْجَدِيدُ أَنَّ الْوَلِيَّ) أَيْ الْقَرِيبَ الذَّكَرَ وَلَوْ غَيْرَ وَارِثٍ (أَوْلَى) أَيْ أَحَقُّ (بِإِمَامَتِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَلَوْ امْرَأَةً (مِنْ الْوَالِي) وَلَوْ أَوْصَى بِهَا لِغَيْرِهِ إذْ هِيَ حَقُّهُ فَلَا تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ بِإِسْقَاطِهَا كَالْإِرْثِ، وَمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَصَّى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ عُمَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا تَحْتَ الْمَيِّتِ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ غَيْرُ الْمَنْبُوشَةِ فَلْيُرَاجَعْ، عَلَى أَنَّ فِي غَيْرِ الْمَنْبُوشَةِ يَتَحَقَّقُ انْفِجَارُهُ عَادَةً وَنَجَاسَةُ كَفَنِهِ بِالصَّدِيدِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ هَذَا دَوَامٌ وَاغْتُفِرَ لِقَصْدِ الدُّعَاءِ وَالشَّفَاعَةِ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَيُصَرِّحُ بِالتَّعْمِيمِ قَوْلُ الشَّارِحِ: وَلَا يَتَقَيَّدُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَقَوْلُهُ السَّابِقُ: وَلَوْ صَلَّى عَلَى مَنْ مَاتَ فِي يَوْمِهِ أَوْ سَنَتِهِ وَطَهُرَ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ جَازَ (قَوْلُهُ لِخَبَرِ لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ إلَخْ) قَالَ السُّيُوطِيّ: هُوَ فِي الْيَهُودِ وَاضِحٌ وَفِي النَّصَارَى مُشْكِلٌ إذْ نَبِيُّهُمْ لَمْ تُقْبَضْ رُوحُهُ. إلَّا أَنْ يُقَالَ بِأَنَّ لَهُمْ أَنْبِيَاءَ غَيْرَ رُسُلٍ كَالْحَوَارِيِّينَ وَمَرْيَمَ فِي قَوْلٍ، أَوْ الْجَمْعُ فِي قَوْلِهِ أَنْبِيَائِهِمْ بِإِزَاءِ الْمَجْمُوعِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى أَوْ الْمُرَادُ الْأَنْبِيَاءُ وَكِبَارُ أَتْبَاعِهِمْ فَاكْتُفِيَ بِذِكْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ: قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصُلَحَائِهِمْ، أَوْ الْمُرَادُ بِالِاتِّخَاذِ أَعَمُّ مِنْ الِابْتِدَاعِ وَالِاتِّبَاعِ فَالْيَهُودُ ابْتَدَعُوا وَالنَّصَارَى اتَّبَعُوا. [فَرْعٌ فِي بَيَانِ الْأَوْلَى بِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ] (قَوْلُهُ: فِي بَيَانِ الْأَوْلَى بِالصَّلَاةِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَعَدَمِ غُسْلِ مَنْ اُسْتُشْهِدَ جُنُبًا (قَوْلُهُ: أَيْ الْقَرِيبُ) هَذَا التَّفْسِيرُ يَقْتَضِي تَقْدِيمَ ذَوِي الْأَرْحَامِ عَلَى الْإِمَامِ، وَيُنَافِيهِ مَا يَأْتِي مِنْ تَقْدِيمِ الْإِمَامِ عَلَيْهِ، فَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: جَرَى هُنَا عَلَى مَا رَجَّحَهُ الْكَمَالُ الْمَقْدِسِيَّ تَبَعًا لِلْخُرَاسَانِيَّيْنِ مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ لَا حَقَّ لَهُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَفِيمَا يَأْتِي عَلَى مَا قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ وَالْمُتَوَلِّي، وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: هَذَا تَفْسِيرٌ لِلْوَلِيِّ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنْ تَقَدَّمَ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِ الْإِمَامِ يُتَأَمَّلْ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَشْمَلُ تَفْسِيرُهُ بِمَا ذَكَرَ الْمُعْتَقَ وَعَصَبَتَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ أَحَقُّ) أَيْ أَوْلَى فَلَوْ تَقَدَّمَ غَيْرُهُ كُرِهَ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَوْصَى بِهَا) أَيْ الْمَيِّتُ (قَوْلُهُ: فَلَا تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ) أَيْ لَا يَجِبُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَرْعٌ] (قَوْلُهُ: دَفَعَ بِهِ مَا قِيلَ إنَّ تَرْجَمَتَهُ بِالْفَرْعِ مُشْكِلَةٌ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ، إذْ هُوَ لَا يَدْفَعُ الْإِشْكَالَ الْمَذْكُورَ إذْ يُقَالُ عَلَيْهِ فَكَانَ يُعَبِّرُ بِفَصْلٍ أَوْ نَحْوِهِ وَإِنَّمَا يَدْفَعُهُ قَوْلُهُ: الْآتِي وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ، وَلَك أَنْ تَمْنَعَ الْإِشْكَالَ مِنْ أَصْلِهِ بِمَنْعِ الِاشْتِرَاطِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُسْتَشْكِلُ أَخْذًا مِنْ صَنِيعِهِمْ فِي مُصَنَّفَاتِهِمْ حَيْثُ يُتَرْجِمُونَ بِالْفَرْعِ لِمَا هُوَ مِنْ فُرُوعِ الْبَابِ أَوْ الْفَصْلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَفَرِّعًا عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْفَرْعِ مِنْ فُرُوعِ مَسَائِلِ أَصْلِ الصَّلَاةِ، وَقَدْ قَالُوا: الْبَابُ اسْمٌ لِجُمْلَةٍ مُخْتَصَّةٍ مِنْ الْعِلْمِ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى فُصُولٍ وَفُرُوعٍ وَمَسَائِلَ، وَالْفَصْلُ اسْمٌ

فَصَلَّى، وَأَنَّ عُمَرَ وَصَّى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ صُهَيْبٌ فَصَلَّى، وَأَنَّ عَائِشَةَ وَصَّتْ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا أَبُو هُرَيْرَةَ فَصَلَّى، وَأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ وَصَّى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ الزُّبَيْرُ فَصَلَّى مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ أَوْلِيَاءَهُمْ أَجَازُوا الْوَصِيَّةَ، وَالْقَدِيمُ تَقْدِيمُ الْوَالِي ثُمَّ إمَامِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ الْوَلِيِّ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ، وَفَرَّقَ الْجَدِيدُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ، وَدُعَاءُ الْقَرِيبِ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ لِتَأَلُّمِهِ وَانْكِسَارِ قَلْبِهِ. وَمَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْمُعِينِ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ وَإِلَّا قُدِّمَ عَلَيْهِ قَطْعًا، وَلَوْ غَابَ الْوَلِيُّ الْأَقْرَبُ: أَيْ وَلَا نَائِبَ لَهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْمَجْمُوعِ قُدِّمَ الْوَلِيُّ الْأَبْعَدُ سَوَاءٌ أَكَانَتْ غِيبَتُهُ بَعِيدَةً أَمْ قَرِيبَةً، قَالَهُ الْبَغَوِيّ (فَيُقَدَّمُ الْأَبُ) أَوْ نَائِبُهُ كَمَا زَادَهُ ابْنُ الْمُقْرِي أَيْ حَيْثُ كَانَ غَائِبًا مَعْذُورًا فِي غِيبَتِهِ كَذَا قِيلَ، لَكِنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَتَى كَانَ الْأَقْرَبُ أَهْلًا لِلصَّلَاةِ، فَلَهُ الِاسْتِنَابَةُ فِيهَا حَضَرَ أَوْ غَابَ، وَلَا اعْتِرَاضَ لِلْأَبْعَدِ صَرَّحَ بِهِ الْعُمْرَانِيُّ، فَمَا وَقَعَ لِلْإِسْنَوِيِّ مِمَّا يُخَالِفُهُ لَا اعْتِمَادَ عَلَيْهِ، وَكَغَيْرِ الْأَبِ أَيْضًا نَائِبُهُ لِأَنَّ الْأُصُولَ أَشْفَقُ مِنْ الْفُرُوعِ (ثُمَّ الْجَدُّ) أَبُوهُ (وَإِنْ عَلَا ثُمَّ الِابْنُ ثُمَّ ابْنُهُ وَإِنْ سَفَلَ) بِتَثْلِيثِ الْفَاءِ (ثُمَّ الْأَخُ) ؛ لِأَنَّ الْفُرُوعَ أَقْرَبُ وَأَشْفَقُ مِنْ الْحَوَاشِي وَفَارَقَ تَرْتِيبَ الْإِرْثِ بِمَا مَرَّ (وَالْأَظْهَرُ تَقْدِيمُ الْأَخِ لِأَبَوَيْنِ عَلَى الْأَخِ لِأَبٍ) إذْ الْأَوَّلُ أَشْفَقُ لِزِيَادَةِ قُرْبِهِ، وَالثَّانِي هُمَا سَوَاءٌ لِأَنَّ الْأُمُومَةَ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي إمَامَةِ الرِّجَالِ فَلَا يُرَجَّحُ بِهَا. وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهَا صَالِحَةٌ لِلتَّرْجِيحِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا دَخْلٌ فِي إمَامَةِ الرِّجَالِ إذْ لَهَا دَخْلٌ فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّهَا تُصَلَّى مَأْمُومَةً وَمُنْفَرِدَةً وَإِمَامَةُ النِّسَاءِ عِنْدَ فَقْدِ غَيْرِهِنَّ فَقُدِّمَ بِهَا. وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي ابْنَيْ عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخُ الْأُمِّ وَنَحْوُ ذَلِكَ (ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ الْعَصَبَةُ) أَيْ النَّسَبِيَّةُ: أَيْ بَقِيَّتُهُمْ (عَلَى تَرْتِيبِ الْإِرْثِ) فَيُقَدَّمُ عَمٌّ شَقِيقٌ ثُمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSتَنْفِيذُهَا لَكِنَّهُ أَوْلَى كَمَا يَأْتِي عَنْ حَجّ (قَوْلُهُ: أَجَازُوا الْوَصِيَّةَ) وَهُوَ الْأَوْلَى جَبْرًا لِخَاطِرِ الْمَيِّتِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا قُدِّمَ عَلَيْهِ) أَيْ الْوَالِي عَلَيْهِ: أَيْ عَلَى الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَابَ الْوَلِيُّ الْأَقْرَبُ) وَلَوْ غَيْبَةً قَرِيبَةً اهـ حَجّ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ سَوَاءٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: قُدِّمَ الْوَلِيُّ الْأَبْعَدُ إلَخْ) زَادَ حَجّ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ فِي النِّكَاحِ بِأَنَّ الْقَاضِيَ فِيهِ كَوَلِيٍّ آخَرَ وَلَا كَذَلِكَ الْبَعِيدُ، وَهُنَا لَا حَقَّ لِلْوَلِيِّ مَعَ وُجُودِ أَحَدٍ مِنْ الْأَقَارِبِ فَانْتَقَلَتْ لِلْأَبْعَدِ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ: وَهُنَا لَا حَقَّ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: إنَّهُ مَتَى كَانَ الْأَقْرَبُ أَهْلًا لِلصَّلَاةِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ قَاتِلًا وَلَا عَدُوًّا وَلَا كَافِرًا وَلَا عَبْدًا مَعَ حُرٍّ قَرِيبٍ لِلْمَيِّتِ، بِخِلَافِهِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ كَمَا يَأْتِي، وَلَا صَبِيًّا وَلَا فَاسِقًا وَلَا مُبْتَدِعًا (قَوْلُهُ: فَلَهُ الِاسْتِنَابَةُ فِيهَا) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: وَيُقَدَّمُ مَفْضُولُ الدَّرَجَةِ عَلَى نَائِبِ فَاضِلِهَا فِي الْأَقْيَسِ: أَيْ حَيْثُ كَانَ الْمُسْتَنِيبُ حَاضِرًا لِتَقْصِيرِهِ بِالِاسْتِنَابَةِ كَأَخَوَيْنِ أَحَدُهُمَا شَقِيقٌ وَالْآخَرُ لِأَبٍ فَيُقَدَّمُ الْأَخُ لِلْأَبِ عَلَى نَائِبِ الشَّقِيقِ: أَيْ الْحَاضِرِ وَنَائِبُ الْأَقْرَبِ الْغَائِبِ عَلَى الْبَعِيدِ الْحَاضِرِ اهـ. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الشَّارِحِ مِنْ تَقْدِيمِ نَائِبِ الْأَقْرَبِ الْحَاضِرِ وَلَوْ مَفْضُولًا عَلَى الْبَعِيدِ الْحَاضِرِ وَلَوْ فَاضِلًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأُصُولَ أَشْفَقُ) عِلَّةٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ تَرْتِيبَ الْإِرْثِ) أَيْ حَيْثُ قَدَّمُوا هُنَا الْأَبَ وَالْجَدَّ عَلَى الِابْنِ وَهُنَاكَ قَدَّمُوا الِابْنَ مِنْ حَيْثُ الْعُصُوبَةِ، وَقَوْلُهُ بِمَا مَرَّ: أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَفَرَّقَ الْجَدِيدَ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِزِيَادَةِ قُرْبِهِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْفُقَهَاءَ اصْطِلَاحُهُمْ فِي الْقُرْبِ غَيْرُ اصْطِلَاحِ الْفَرْضِيِّينَ فَإِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ الشَّقِيقَ وَالْأَخَ مِنْ الْأَبِ مُسْتَوِيَيْنِ قُرْبًا لَكِنَّ الشَّقِيقَ أَقْوَى فَيُقَدَّمُ لِلْقُوَّةِ (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ) أَيْ فَيُقَدَّمُ الَّذِي هُوَ أَخٌ لِأُمٍّ عَلَى غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَا فِي الْإِرْثِ سَوَاءً (قَوْلُهُ: ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ لِأَبَوَيْنِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQلِجُمْلَةٍ مُخْتَصَّةٍ مِنْ الْعِلْمِ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى فُرُوعٍ وَمَسَائِلَ غَالِبًا فِيهِمَا (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْأُصُولَ أَشْفَقُ) تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَنْ ذِكْرِ الْجَدِّ بَلْ وَالِابْنِ (قَوْلُهُ: إذْ لَهَا دَخْلٌ فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِأَصْلِ الصَّلَاةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ أَمْثِلَتِهِ

لِأَبٍ ثُمَّ ابْنُ عَمٍّ كَذَلِكَ ثُمَّ عَمُّ الْجَدِّ ثُمَّ ابْنُ عَمِّهِ كَذَلِكَ وَهَكَذَا، ثُمَّ بَعْدَ عَصَبَاتِ النَّسَبِ يُقَدَّمُ الْمُعْتَقُ، ثُمَّ عَصَبَاتُهُ النَّسَبِيَّةُ، ثُمَّ مُعْتَقُهُ، ثُمَّ عَصَبَاتُهُ النَّسَبِيَّةُ وَهَكَذَا، ثُمَّ السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ عِنْدَ انْتِظَامِ بَيْتِ الْمَالِ (ثُمَّ ذَوُو الْأَرْحَامِ) الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ فَيُقَدَّمُ أَبُو الْأُمِّ ثُمَّ الْأَخُ لِلْأُمِّ ثُمَّ الْخَالُ ثُمَّ الْعَمُّ لِلْأُمِّ، وَجَعَلَ الْأَخَ لِلْأُمِّ هُنَا مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ بِخِلَافِهِ فِي الْإِرْثِ كَنَظِيرِ مَا مَرَّ وَالْقِيَاسُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ، عَدَمُ تَقْدِيمِ الْقَاتِلِ كَمَا مَرَّ فِي الْغُسْلِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا تَأْخِيرُ بَنِي الْبَنَاتِ عَنْ هَؤُلَاءِ لَكِنْ قَدَّمَهُمْ فِي الذَّخَائِرِ عَلَى الْأَخِ لِلْأُمِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَأَشْعَرَ سُكُوتُ الْمُصَنِّفِ عَنْ الزَّوْجِ أَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَرْأَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ بِخِلَافِ الْغُسْلِ وَالتَّكْفِينِ وَالدَّفْنِ، وَلَا لِلْمَرْأَةِ أَيْضًا وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا وُجِدَ مَعَ الزَّوْجِ غَيْرُ الْأَجَانِبِ وَمَعَ الْمَرْأَةِ ذَكَرٌ وَإِلَّا فَالزَّوْجُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَجَانِبِ، وَالْمَرْأَةُ تُصَلِّي وَتُقَدَّمُ بِتَرْتِيبِ الذَّكَرِ، وَرَدَّ هَذَا الْأَخِيرَ بَعْضُهُمْ وَتَبِعَهُ الْجَوْجَرِيُّ بِأَنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُنَّ فِي الْإِمَامَةِ إذْ لَا يُشْرَعُ لِلنِّسَاءِ الْجَمَاعَةُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الشَّامِلِ وَقَدْ مَرَّ عَنْ الْمُصَنِّفِ خِلَافُهُ، وَيُرَدُّ مَا ذُكِرَ بِأَنَّا وَإِنْ سَلَّمْنَا عَدَمَ مَشْرُوعِيَّتِهَا لَهُنَّ يَجُوزُ لَهُنَّ فِعْلُهَا، فَإِذَا أَرَدْنَهُ قَدَّمَ نِسَاءَ الْقَرَابَةِ بِتَرْتِيبِ الذُّكُورِ لِوُفُورِ الشَّفَقَةِ كَمَا فِي الرِّجَالِ وَتَرَدَّدَ الْأَذْرَعِيُّ فِي تَقْدِيمِ السَّيِّدِ عَلَى أَقَارِبِ الرَّقِيقِ الْأَحْرَارِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الرِّقَّ هَلْ يَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ أَوْ لَا. وَقَضِيَّةُ مَا نُقِلَ عَنْ الرَّافِعِيِّ مِنْ زَوَالِهِ بِهِ تَقْدِيمُهُمْ عَلَيْهِ. وَنَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ أَيْضًا عَنْ الْقَفَّالِ أَنَّ وَلِيَّ الْمَرْأَةِ هَلْ هُوَ أَوْلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ وَإِنْ سَفَلَ (قَوْلُهُ ثُمَّ عَمُّ الْجَدِّ) وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ عَمُّ الْأَبِ ثُمَّ ابْنُهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ ذَوُو الْأَرْحَامِ) قَالَ الرَّاغِبُ فِي مُفْرَدَاتِهِ: الرَّحِمُ رَحِمُ الْمَرْأَةِ، وَامْرَأَةٌ رُحُومٌ تَشْكِي رَحِمَهَا، وَمِنْهُ اُسْتُعِيرَ الرَّحِمُ لِلْقَرَابَةِ لِكَوْنِهِمْ خَارِجِينَ مِنْ رَحِمٍ وَاحِدَةٍ: أَيْ فَإِطْلَاقُ الرَّحِمِ عَلَى الْقَرَابَةِ مَجَازٌ لُغَوِيٌّ لَكِنَّهُ صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً (قَوْلُهُ: فَيُقَدَّمُ أَبُو الْأُمِّ) أَيْ وَإِنْ عَلَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْعَمُّ لِلْأُمِّ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ بَقِيَّةَ ذَوِي الْأَرْحَامِ يَتَرَتَّبُونَ بِالْقُرْبِ إلَى الْمَيِّتِ حَجّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَدَخَلَ فِي بَقِيَّةِ الْأَرْحَامِ أَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ وَأَوْلَادُ بَنَاتِ الْعَمِّ وَأَوْلَادُ الْخَالِ وَالْخَالَةِ فَلْيُنْظَرْ مَنْ يَتَقَدَّمُ مِنْهُمْ عَلَى غَيْرِهِ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: تَقَدُّمُ أَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ ثُمَّ أَوْلَادُ بَنَاتِ الْعَمِّ ثُمَّ أَوْلَادُ الْخَالِ ثُمَّ أَوْلَادُ الْخَالَةِ؛ لِأَنَّ بَنَاتَ الْعَمِّ بِفَرْضِهِنَّ ذُكُورًا يَكُونُونَ فِي مَحَلِّ الْعُصُوبَةِ وَبَنَاتِ الْأَخَوَاتِ لَوْ فُرِضَتْ أُصُولُهُنَّ ذُكُورًا قُدِّمُوا عَلَى غَيْرِهِمْ فَتَنْزِلُ بَنَاتُهُنَّ مَنْزِلَتَهُنَّ بِتَقْدِيرِ الذُّكُورَةِ وَبَنَاتِ الْخَالِ لِذُكُورَةِ مَنْ أَدْلَيْنَ بِهِ الْمُقْتَضِي لِتَقْدِيمِهِ عَلَى أُخْتِهِ. وَيُؤَيِّدُ هَذَا التَّرْتِيبَ مَا وَجَّهَ بِهِ حَجّ تَقْدِيمَ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ مِنْ أَنَّ الْإِدْلَاءَ بِالْبُنُوَّةِ أَقْوَى مِنْهُ بِالْأُخُوَّةِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: عَدَمُ تَقْدِيمِ الْقَاتِلِ) أَيْ وَلَوْ خَطَأً أَوْ قَاتِلًا بِحَقٍّ قِيَاسًا عَلَى عَدَمِ إرْثِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ وَتَقَدَّمَ ثُمَّ إنَّ الْعَدُوَّ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ، وَقِيَاسُهُ هُنَا أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْإِمَامَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا لِلْمَرْأَةِ أَيْضًا) أَيْ بِقَيْدِ كَوْنِهَا زَوْجَةً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي: وَالْمَرْأَةُ تُصَلِّي وَتُقَدَّمُ بِتَرْتِيبِ الذَّكَرِ (قَوْلُهُ وَتُقَدَّمُ بِتَرْتِيبِ الذَّكَرِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الزَّوْجَةَ تُقَدَّمُ عَلَى الْأَجْنَبِيَّاتِ كَالزَّوْجِ وَتُقَدَّمُ عَلَيْهَا نِسَاءُ الْأَقَارِبِ كَمَا تُقَدَّمُ الْأَقَارِبُ مِنْ الرَّجُلِ عَلَى الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: وَرَدَّ هَذَا الْأَخِيرَ) هُوَ قَوْلُهُ وَلِلْمَرْأَةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَيَرُدُّ مَا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَرَدَّ هَذَا الْأَخِيرَ بَعْضُهُمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَرُدُّ مَا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ أَنَّ النِّسَاءَ لَا حَقَّ لَهُنَّ فِي الْإِمَامَةِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ مَا نَقَلَ عَنْ الرَّافِعِيِّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: تَقْدِيمُهُمْ عَلَيْهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَتُقَدَّمُ فِي الْغُسْلِ عَنْ سم عَلَى حَجّ عِنْدَ قَوْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: ثُمَّ عَمُّ الْجَدِّ) أَيْ بَعْدَ الْأَبِ ثُمَّ ابْنُهُ (قَوْلُهُ: كَنَظِيرِ مَا مَرَّ) لَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّ مَا هُنَا خَالَفَ الْإِرْثَ كَمَا خَالَفَهُ فِيمَا مَرَّ مِنْ تَقْدِيمِ الْجَدِّ عَلَى الْأَخِ، فَالتَّشْبِيهُ فِيمَا ذَكَرَ فَقَطْ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ لَهُ وَجْهًا هُنَا (قَوْلُهُ: وَأَشْعَرَ سُكُوتُ الْمُصَنِّفِ عَنْ الزَّوْجِ أَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لَهُ) أَيْ مَعَ الْأَوْلِيَاءِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَا لِلْمَرْأَةِ) أَيْ مُطْلَقِ الْمَرْأَةِ لَا خُصُوصِ الزَّوْجَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي. وَيُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَتَقَدَّمَ بِتَرْتِيبِ الذِّكْرِ أَنَّ الزَّوْجَةَ بَعْدَ إنْشَاءِ الْقَرَابَةِ تُقَدَّمُ عَلَى الْأَجْنَبِيَّاتِ نَظِيرَ مَا ذَكَرَهُ

بِالصَّلَاةِ عَلَى أَمَتِهَا كَالصَّلَاةِ عَلَيْهَا أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الشَّفَقَةِ، وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يَقْتَضِي أَنَّ السَّيِّدَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِمْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى خِلَافًا لِمَا فِي الْإِسْعَادِ وَالْمُتَّجَهُ مِنْ هَذَا التَّرَدُّدِ الْأَوَّلُ (وَلَوْ) (اجْتَمَعَا) أَيْ وَلِيَّانِ (فِي دَرَجَةٍ) كَابْنَيْنِ وَأَخَوَيْنِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا صَالِحٌ لِلْإِمَامَةِ (فَالْأَسَنُّ) فِي الْإِسْلَامِ (الْعَدْلُ أَوْلَى) مِنْ الْأَفْقَهِ وَنَحْوِهِ (عَلَى النَّصِّ) عَكْسُ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ هُنَا الدُّعَاءُ وَدُعَاءُ الْأَسَنِّ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ، فَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ اللَّهَ يَسْتَحْيِي أَنْ يَرُدَّ دَعْوَةَ ذِي الشَّيْبَةِ فِي الْإِسْلَامِ» وَأَمَّا سَائِرُ الصَّلَوَاتِ فَحَاجَتُهَا إلَى الْفِقْهِ أَهَمُّ لِوُقُوعِ الْحَوَادِثِ فِيهَا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ تَقْدِيمُ الْفَقِيهِ عَلَى الْأَسَنِّ غَيْرِ الْفَقِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَالْعِلَّةُ السَّابِقَةُ لَا تُخَالِفُهُ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهَا فِي مُتَشَارِكَيْنِ فِي الْفِقْهِ فَكَانَ دُعَاءُ الْأَسَنِّ أَقْرَبَ، بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ الْأَسَنَّ لَيْسَ دُعَاؤُهُ أَقْرَبَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُشَارِكْ الْفَقِيهَ فِي شَيْءٍ. وَأَمَّا الْفَاسِقُ وَالْمُبْتَدِعُ فَلَا حَقَّ لَهُمَا فِي الْإِمَامَةِ، وَلَوْ اسْتَوَى اثْنَانِ فِي السِّنِّ الْمُعْتَبَرِ قُدِّمَ أَحَقُّهُمْ بِالْإِمَامَةِ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ عَلَى مَا سَبَقَ تَفْصِيلُهُ فِي مَحَلِّهِ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُ الْمُسْتَوِيَيْنِ دَرَجَةً زَوْجًا قُدِّمَ وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ أَسَنَّ مِنْهُ كَمَا اقْتَضَاهُ نَصُّ الْبُوَيْطِيِّ، فَقَوْلُهُمْ لَا مَدْخَلَ لِلزَّوْجِ مَعَ الْأَقَارِبِ مَحَلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ مُشَارَكَتِهِ لَهُمْ فِي الْقَرَابَةِ فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الصِّفَاتِ كُلِّهَا وَتَنَازَعَا أَقْرَعَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَوْ صَلَّى غَيْرُ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ صَحَّ، وَفِيهِ أَنَّهُ يُقَدَّمُ مَفْضُولِ الدَّرَجَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُصَنِّفِ أَوْلَى الرِّجَالِ بِهِ أَوْلَاهُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ مَا نَصُّهُ: اُنْظُرْ هَلْ الْأَوْلَى بِالْمَيِّتِ الرَّقِيقِ قَرِيبُهُ أَوْ سَيِّدُهُ اهـ الْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَمْ تَنْقَطِعْ الْعُلْقَةُ بَيْنَهُمَا بِدَلِيلِ أَنَّ مُؤْنَةَ تَجْهِيزِهِ عَلَيْهِ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الصَّلَاةِ وَثَمَّ فِي الْغُسْلِ، وَالْمَلْحَظُ مُخْتَلِفٌ لِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى الشَّفَقَةِ وَالْأَقَارِبُ أَشْفَقُ مِنْ السَّيِّدِ بِخِلَافِهِ، ثُمَّ فَإِنَّ الْغُسْلَ مِنْ مُؤَنِ التَّجْهِيزِ وَهِيَ عَلَى السَّيِّدِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالدَّفْنُ بِالْمَقْبَرَةِ أَفْضَلُ مِنْ أَنَّ الْأَوْجَهَ إجَابَةُ السَّيِّدِ فِي مَحَلِّ الدَّفْنِ دُونَ الْقَرِيبِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يَقْتَضِي إلَخْ) أَيْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مُفَادَ هَذَا التَّرَدُّدِ مُجَرَّدُ ثُبُوتِ الْحَقِّ وَعَدَمِهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ الْحَقِّ تَقَدُّمُهُ عَلَى أَقَارِبِهَا الْأَحْرَارِ لِجَوَازِ أَنَّهُ إذَا فَقَدَتْ أَقَارِبَهَا الْأَحْرَارَ هَلْ يُقَدَّمُ عَلَى الْأَجَانِبِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ وَتَرَدَّدَ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ: وَالْمُتَّجَهُ مِنْ هَذَا التَّرَدُّدِ الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ بَلْ هُوَ أَوْلَى بِالصَّلَاةِ عَلَى أَمَتِهَا وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَمَةِ أَقَارِبُ أَحْرَارٌ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْفَاسِقُ وَالْمُبْتَدِعُ) أَيْ مَعَ وُجُودِ عَدْلٍ، أَمَّا لَوْ عَمَّ الْفِسْقُ الْجَمِيعَ قُدِّمَ الْأَقْرَبُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ فِي الْمُبْتَدِعِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَفْسُقَ بِبِدْعَتِهِ أَمْ لَا، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الشَّهَادَاتِ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَرَادَ بِالْمُبْتَدِعِ الَّذِي يُفَسِّقُهُ بِبِدْعَتِهِ أَوْ جَهِلَ أَوْ قَوِيَتْ الشُّبْهَةُ الْحَامِلَةُ لَهُ عَلَى الْبِدْعَةِ، وَيَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفَاسِقِ عُمُومٌ مِنْ وَجْهٍ لِانْفِرَادِ الْمُبْتَدِعِ عَنْ الْفَاسِقِ فِي الْمَجْهُولِ حَالُهُ وَانْفِرَادِ الْفَاسِقِ فِيمَنْ فَسَقَ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ مَثَلًا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ مُرْتَكِبَ خَارِمِ الْمُرُوءَةِ لَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ حَيْثُ اسْتَوَيَا فِي الْعَدَالَةِ وَلَوْ قِيلَ بِتَقْدِيمِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الصِّفَاتِ كُلِّهَا وَتَنَازَعَا أُقْرِعَ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: أَيْ وُجُوبًا إذَا كَانَ غَيْرَ الْحَاكِمِ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ وَنَدْبًا فِيمَا بَيْنَهُمْ لِأَنَّهُ لَوْ تَقَدَّمَ غَيْرُ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لِلْوُجُوبِ فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ التَّصْرِيحَ بِالْوُجُوبِ وَأَطْلَقَ اهـ. وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الزِّيَادَةِ وَلَوْ تَنَازَعَ أَخَوَانِ أَوْ زَوْجَتَانِ أُقْرِعَ مَا نَصُّهُ: أَيْ حَتْمًا فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ غَسَّلَهُ؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَ أَحَدِهِمَا تَرْجِيحٌ مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ اهـ م ر وَقَالَ حَجّ: أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا قَطْعًا لِلنِّزَاعِ، وَقَضِيَّتُهُ وُجُوبُ الْإِقْرَاعِ: أَيْ عَلَى نَحْوٍ قَاضٍ رَفَعَ إلَيْهِ ذَلِكَ وَهُوَ مُتَّجَهٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَلَّى غَيْرُ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ صَحَّ) أَيْ وَلَا إثْمَ كَمَا اسْتَقَرَّ بِهِ حَجّ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: كَالصَّلَاةِ عَلَيْهَا) أَيْ السَّيِّدَةِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ اللَّهَ يَسْتَحْيِي إلَخْ) فِي الِاسْتِدْلَالِ

عَلَى نَائِبِ فَاضِلِهَا فِي الْأَقْيَسِ وَنَائِبُ الْأَقْرَبِ الْغَائِبِ عَلَى الْبَعِيدِ الْحَاضِرِ (وَيُقَدَّمُ الْحُرُّ الْبَعِيدُ) كَعَمِّ حُرٍّ (عَلَى الْعَبْدِ الْقَرِيبِ) كَأَخٍ رَقِيقٍ وَلَوْ أَفْقَهَ وَأَسَنَّ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَةَ وِلَايَةٌ وَالْحُرُّ أَكْمَلُ فَهُوَ بِهَا أَلْيَقُ، وَيُقَدَّمُ الرَّقِيقُ الْقَرِيبُ عَلَى الْحُرِّ الْأَجْنَبِيِّ وَالرَّقِيقُ الْبَالِغُ عَلَى الْحُرِّ الصَّبِيِّ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ فَهُوَ أَحْرَصُ عَلَى تَكْمِيلِ الصَّلَاةِ؛ وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ خَلْفَهُ مَجْمَعٌ عَلَى جَوَازِهَا بِخِلَافِهَا خَلْفَ الصَّبِيِّ، قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ أَنَّ التَّقْدِيمَ فِي الْأَجَانِبِ مُعْتَبَرٌ كَمَا فِي الْقَرِيبِ بِمَا يُقَدَّمُ بِهِ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ. (وَيَقِفُ) الْمُصَلِّي اسْتِحْبَابًا مِنْ إمَامٍ وَمُنْفَرِدٍ (عِنْدَ رَأْسِ الرَّجُلِ) أَيْ الذَّكَرِ وَلَوْ صَبِيًّا (وَعَجُزِهَا) أَيْ الْأُنْثَى وَلَوْ صَغِيرَةً وَبِفَتْحِ الْعَيْنِ وَضَمِّ الْجِيمِ أَلْيَاهَا لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَالْمَعْنَى فِيهِ مُحَاوَلَةُ سَتْرِهِمَا، وَلَا يَبْعُدُ كَمَا قَالَهُ النَّاشِرِيُّ عَنْ الْأَصْبَحِيِّ مَجِيءُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ نَظَرًا لِمَا كَانَ قَبْلُ، وَهُوَ حَسَنٌ عَمَلًا بِالسُّنَّةِ وَإِنْ اسْتَبْعَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ. (وَيَجُوزُ عَلَى الْجَنَائِزِ صَلَاةٌ) وَاحِدَةٌ بِرِضَا أَوْلِيَائِهَا لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهَا الدُّعَاءُ وَالْجَمْعُ فِيهِ مُمْكِنٌ سَوَاءٌ كَانُوا ذُكُورًا أَمْ إنَاثًا أَمْ ذُكُورًا وَإِنَاثًا؛ لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ صَلَّى عَلَى تِسْعِ جَنَائِزَ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي شَرْحِ قَوْلِ الْجَدِيدِ إنَّ الْوَلِيَّ أَوْلَى إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى نَائِبِ فَضْلِهَا) أَيْ وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا (قَوْلُهُ: وَنَائِبُ الْأَقْرَبِ الْغَائِبِ) بَلْ وَكَذَا الْحَاضِرُ عَلَى مَا مَرَّ لَهُ: قَالَ سم نَقْلًا عَنْ الشَّارِحِ عَنْ وَالِدِهِ: إنَّ نَائِبَ الْحَاضِرِ كَنَائِبِ الْغَائِبِ وَعِبَارَتُهُ: فَرْعٌ: لَوْ اسْتَنَابَ الْوَلِيُّ وَغَابَ قُدِّمَ النَّائِبُ عَلَى الْبَعِيدِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ حَاضِرًا اهـ. هَذَا مَا فِي الْإِسْنَوِيِّ، لَكِنَّ الَّذِي فِي الْقُوتِ أَنَّ الْحَقَّ لِنَائِبِ الْأَقْرَبِ غَائِبًا كَانَ أَوْ حَاضِرًا، قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، قَالَ: وَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ لَا اعْتِمَادَ عَلَيْهِ كَذَا قَرَأَهُ عَلَيْنَا م ر مِنْ خَطِّهِ اهـ. وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا مَرَّ لِلشَّارِحِ فِي قَوْلِهِ: لَكِنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَتَى كَانَ الْأَقْرَبُ أَهْلًا لِلصَّلَاةِ فَلَهُ الِاسْتِنَابَةُ إلَخْ، وَمُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ أَيْضًا عَنْ الزِّيَادِيِّ (قَوْلُهُ: وَيُقَدَّمُ الْحُرُّ الْبَعِيدُ عَلَى الْعَبْدِ الْقَرِيبِ) وَعَلَى الْمُبَعَّضِ أَيْضًا، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدَّمَ فِي الْمُبَعَّضِينَ أَكْثَرُهُمَا حُرِّيَّةً وَأَنْ يُقَدَّمَ الْمُبَعَّضُ الْبَعِيدُ عَلَى الرَّقِيقِ الْقَرِيبِ (قَوْلُهُ: بِمَا يُقَدَّمُ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ) قَدْ يَقْتَضِي أَنَّهُ فِي الْأَجَانِبِ يُقَدَّمُ الْأَفْقَهُ عَلَى الْأَسَنِّ وَقِيَاسُ مَا فِي الْقَرِيبِ خِلَافُهُ. (قَوْلُهُ: وَيَقِفُ الْمُصَلِّي إلَخْ) وَلَوْ حَضَرَ رَجُلٌ وَأُنْثَى فِي تَابُوتٍ وَاحِدٍ فَهَلْ يُرَاعَى فِي الْمَوْقِفِ الرَّجُلُ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ أَوْ الْأُنْثَى لِأَنَّهَا أَحَقُّ بِالسَّتْرِ أَوْ الْأَفْضَلُ لِقُرْبِهِ لِلرَّحْمَةِ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ حَقِيقَةً؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَلَعَلَّ الثَّانِيَ أَقْرَبُ اهـ حَجّ. [فَرْعٌ] كَيْفَ يَقِفُ الْإِمَامُ عَلَى الْجُزْءِ الْمَوْجُودِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَقِفَ حَيْثُ شَاءَ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْعُضْوُ لِرَأْسٍ أَوْ مِنْهُ فِي الذَّكَرِ أَوْ عَجُزِ الْمَرْأَةِ أَوْ مِنْهُ حَاذَاهُ فِي الْمَوْقِفِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا وَقَفَ حَيْثُ شَاءَ وَهُوَ قَرِيبٌ وِفَاقًا لَمْ ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: وَالْعَجُزُ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ مُؤَنَّثَةٌ وَبَنُو تَمِيمٍ يُذَكِّرُونَ وَفِيهَا أَرْبَعُ لُغَاتٍ: فَتْحُ الْعَيْنِ وَضَمُّهَا، وَمَعَ كُلِّ وَاحِدٍ ضَمُّ الْجِيمِ وَسُكُونُهَا، وَالْأَفْصَحُ وِزَانُ رَجُلٍ وَالْجَمْعُ أَعْجَازٌ وَالْعَجُزُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مُؤَخَّرُهُ وَالْعَجِيزَةُ لِلْمَرْأَةِ خَاصَّةً وَجَمْعُهَا عَجِيزَاتٌ (قَوْلُهُ: وَتَجُوزُ عَلَى الْجَنَائِزِ إلَخْ) وَهَلْ يَتَعَدَّدُ الثَّوَابُ لَهُمْ وَلَهُ بِعَدَدِهِمْ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي التَّشْيِيعِ لَهُمْ، وَنَقَلَ بِالدَّرْسِ عَنْ خَطِّهِ مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ، ثُمَّ رَأَيْت لَهُ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُكْرَهُ تَجْصِيصُ الْقَبْرِ إلَخْ مَا يُصَرِّحُ بِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: صَلَاةً وَاحِدَةً) أَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَإِنْ حَضَرَ مَوْتِي نَوَاهُمْ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمَلْحَظَ مُخْتَلِفٌ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِي صِحَّةِ النِّيَّةِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ صِحَّتِهَا الْجَوَازُ بِدَلِيلِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ، وَمَا هُنَا فِي الْجَوَازِ مَعَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQبِهِ قُصُورٌ عَنْ الْمُدَّعَى إذْ يَخْرُجُ مِنْهُ مَا إذْ لَمْ يَكُنْ الْأَسَنُّ ذَا شَيْبَةٍ (قَوْلُهُ: وَنَائِبُ الْأَقْرَبِ الْغَائِبِ عَلَى الْبَعِيدِ الْحَاضِرِ) أَيْ كَمَا مَرَّ وَمَرَّ أَنَّ الْغَائِبَ لَيْسَ بِقَيْدٍ. (قَوْلُهُ: عَمَلًا بِالسُّنَّةِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ عَمَلًا بِالسُّنَّةِ فِي الْأَصْلِ.

رِجَالٍ وَنِسَاءٍ فَجَعَلَ الرِّجَالَ مِمَّا يَلِيهِ وَالنِّسَاءَ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ، وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ صَلَّى عَلَى زَيْدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَأُمِّهِ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَجَعَلَهُ مِمَّا يَلِيهِ وَجَعَلَهَا مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ وَفِي الْقَوْمِ نَحْوُ ثَمَانِينَ مِنْ الصَّحَابَةِ فَقَالُوا هَذِهِ السُّنَّةُ. وَعُلِمَ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْجَوَازِ أَنَّ الْأَفْضَلَ إفْرَادُ كُلِّ جِنَازَةٍ بِصَلَاةٍ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ عَمَلًا وَأَرْجَى قَبُولًا التَّأْخِيرُ لِذَلِكَ يَسِيرُ خِلَافًا لِلْمُتَوَلِّي. نَعَمْ إنْ خَشَى تَغَيُّرًا أَوْ انْفِجَارًا بِالتَّأْخِيرِ فَالْأَفْضَلُ الْجَمْعُ بَلْ قَدْ يَكُونُ وَاجِبًا، وَلَوْ حَضَرَتْ الْجَنَائِزُ مُرَتَّبَةً فَوَلَّى السَّابِقَةَ أَوْلَى ذَكَرًا كَانَ مَيِّتُهُ أَوْ لَا، أَوْ مَعًا أَقْرَعَ بَيْنَ الْأَوْلِيَاءِ، وَلَمْ يُقَدَّمُوا بِالصِّفَاتِ قَبْلَ الْإِقْرَاعِ كَمَا يَأْتِي نَظِيرُهُ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ أَنَّ التَّقْدِيمَ هُنَا وِلَايَةٌ فَلَمْ يُؤْثَرْ فِيهِ إلَّا الْإِقْرَاعُ، بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّهُ مُجَرَّدُ فَضِيلَةِ الْقُرْبِ مِنْ الْإِمَامِ فَأَثَّرَتْ فِيهِ الصِّفَاتُ الْفَاضِلَةُ، وَأَيْضًا فَالتَّقْدِيمُ هُنَا يُفَوِّتُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ حَقَّهُ مِنْ الْإِمَامَةِ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّهُ لَا يُفَوِّتُ حَقَّ الْبَاقِينَ مِنْ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهَا عَلَى الْكُلِّ، وَإِنَّمَا فَوَّتَ عَلَيْهِ الْقُرْبَ مِنْ الْإِمَامِ فَقَطْ فَسُومِحَ بِهِ هُنَا، وَهَذَا نَظِيرُ مَا سَيَأْتِي مِنْ عَدَمِ تَقْدِيمِ الْأَفْضَلِ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَيُقَدَّمُ لِلْإِمَامِ الرَّجُلُ ثُمَّ الصَّبِيُّ ثُمَّ الْخُنْثَى ثُمَّ الْأُنْثَى، فَإِنْ كَانُوا رِجَالًا أَوْ نِسَاءً جُعِلُوا بَيْنَ يَدَيْهِ وَاحِدًا خَلْفَ وَاحِدٍ إلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ لِيُحَاذِيَ الْجَمِيعَ وَقُدِّمَ إلَيْهِ أَفْضَلُهُمْ، وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ الْوَرَعُ وَالْخِصَالُ الْمُرَغِّبَةُ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَيَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ كَوْنُهُ أَقْرَبَ إلَى رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَا بِالْحُرِّيَّةِ لِانْقِطَاعِ الرِّقِّ بِالْمَوْتِ، وَيُقَدَّمُ إلَى الْإِمَامِ الْأَسْبَقُ مِنْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَإِنْ كَانَ الْمُتَأَخِّرُ أَفْضَلَ، ثُمَّ إنْ سَبَقَ رَجُلٌ أَوْ صَبِيٌّ اسْتَمَرَّ أَوْ أُنْثَى ثُمَّ حَضَرَ ذَكَرٌ وَلَوْ صَبِيًّا أُخِّرَتْ عَنْهُ وَمِثْلُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSالصِّحَّةِ أَوْ أَنَّ مَا هُنَا ذُكِرَ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ مِنْ الْإِقْرَاعِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد) هُوَ فِي مَرْتَبَةِ الْأَوَّلِ مِنْ تَقْدِيمِ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ، وَفِيهِ زِيَادَةُ فَائِدَةٍ، وَهِيَ أَنَّ الذَّكَرَ يُقَدَّمُ وَإِنْ كَانَتْ الْأُنْثَى أَصْلًا لَهُ وَأَنَّهُ وَقَعَ بِحَضْرَةِ جَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَأَثْنَوْا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَقَالُوا هَذِهِ السُّنَّةُ) أَيْ فِي مَقَامِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَكْثَرُ عَمَلًا وَأَرْجَى قَبُولًا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّتْ الْجَمَاعَةُ (قَوْلُهُ: بَلْ قَدْ يَكُونُ وَاجِبًا) أَيْ بِأَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعًا أَقْرَعَ بَيْنَ الْأَوْلِيَاءِ) أَيْ نَدْبًا لِتَمَكُّنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ صَلَاتِهِ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَيُقَدَّمُ لِلْإِمَامِ الرَّجُلُ ثُمَّ الصَّبِيُّ إلَخْ) أَيْ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَيُحَاذَى بِرَأْسِ الرَّجُلِ عَجِيزَةُ الْمَرْأَةِ اهـ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ (قَوْلُهُ: جَعَلُوا بَيْنَ يَدَيْهِ وَاحِدًا خَلْفَ وَاحِدٍ) أَيْ وَالشَّرْطُ أَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ وَلَوْ تَرَاصَّتْ شَيْئًا فَيَحْتَمِلُ أَيْضًا اشْتِرَاطُ أَنْ لَا يَبْعُدَ الْأَخِيرُ أَزْيَدَ مِنْ الْمَسَافَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ. [فَائِدَةٌ] قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَيَكُونُونَ عَلَى يَمِينِهِ اهـ. أَقُولُ: وَهُوَ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ فَلْيُتَفَطَّنْ لَهُ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْكَيْفِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَسَيَأْتِي لَهُ فِي الْمَرْأَةِ مَا يُخَالِفُ هَذَا (قَوْلُهُ: وَيَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ) عَطَفَ عَلَى الْمُرَغِّبَةِ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْفِعْلِ عَلَى الِاسْمِ الشَّبِيهِ بِهِ، وَالْمَعْنَى الْمُرَغِّبَةُ وَالْمُغَلِّبَةُ عَلَى الظَّنِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْمُتَأَخِّرُ أَفْضَلَ) لَوْ كَانَ الْمُتَأَخِّرُ نَبِيًّا كَالسَّيِّدِ عِيسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - هَلْ يُؤَخَّرُ لَهُ الْأَسْبَقُ؟ فِيهِ نَظَرٌ. ثُمَّ رَأَيْت حَجّ تَرَدَّدَ فِيهِ فِي فَتَاوِيهِ وَمَالَ إلَى أَنَّهُ لَا يُؤَخَّرُ. وَقَوْلُهُ جُعِلُوا صَفًّا عَنْ يَمِينِهِ. . إلَخْ ع هُوَ كَلَامُ الْأَصْحَابِ وَعُلِّلَ بِأَنَّ جِهَةَ الْيَمِينِ أَشْرَفُ، وَقَضِيَّةُ هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنْ يَكُونَ الْأَفْضَلُ فِي الرَّجُلِ الذَّكَرِ جَعْلَهُ عَلَى يَمِينِ الْمُصَلِّي فَيَقِفُ عِنْدَ رَأْسِهِ وَيَكُونُ غَالِبًا عَلَى يَمِينِهِ فِي جِهَةِ الْمَغْرِبِ وَهُوَ خِلَافُ عَمَلِ النَّاسِ نَعَمْ الْمَرْأَةُ وَكَذَا الْخُنْثَى السُّنَّةُ أَنْ يَقِفَ عِنْدَ عَجِيزَتِهَا فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ جِهَةُ رَأْسِهَا فِي جِهَةِ يَمِينِهِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِعَمَلِ النَّاسِ وَحِينَئِذٍ يَنْتِجُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى جَعْلِ الْخَنَاثَى صَفًّا عَنْ الْيَمِينِ أَنْ تَكُونَ رِجْلَا الثَّانِي عِنْدَ رَأْسِ الْأَوَّلِ وَهَكَذَا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: أَوْ أُنْثَى ثُمَّ حَضَرَ ذَكَرٌ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَوَلِيُّ السَّابِقَةِ أَوْلَى) أَيْ بِتَقَدُّمِهِ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْكُلِّ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي إذْ الصُّورَةُ أَنَّهَا تُقَدَّمُ عَلَيْهِمْ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ: وَهَذَا نَظِيرُ مَا سَيَأْتِي) اُنْظُرْ فِي أَيِّ مَحَلٍّ يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانُوا رِجَالًا) أَيْ فَقَطْ وَكَذَا قَوْلُهُ: أَوْ نِسَاءً (قَوْلُهُ: وَيُقَدَّمُ إلَى الْإِمَامِ الْأَسْبَقُ مِنْ الذُّكُورِ) أَيْ إنْ كَانُوا كُلُّهُمْ ذُكُورًا، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْإِنَاثِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ يَتَأَتَّ مَعَهُ قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ

[الصلاة على الكافر]

الْخُنْثَى وَلَوْ حَضَرَ خَنَاثَى مَعًا أَوْ مُرَتَّبِينَ جُعِلُوا صَفًّا عَنْ يَمِينِهِ رَأْسُ كُلٍّ مِنْهُمْ عِنْدَ رِجْلِ الْآخَرِ لِئَلَّا يَتَقَدَّمَ أُنْثَى عَلَى ذَكَرٍ. (وَتَحْرُمُ) الصَّلَاةُ (عَلَى الْكَافِرِ) وَلَوْ ذِمِّيًّا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} [التوبة: 84] ؛ وَلِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَجُوزُ الدُّعَاءُ لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: 48] (وَلَا يَجِبُ غُسْلُهُ) عَلَى أَحَدٍ بَلْ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ حَرْبِيًّا إذْ لَا مَانِعَ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ عَلِيًّا بِغُسْلِ أَبِيهِ، لَكِنْ ضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَكَانَ لَهُ أَمَانٌ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِأَنَّهُ كَرَامَةٌ وَتَطْهِيرٌ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِهِمَا، وَسَوَاءٌ فِي الْجَوَازِ الْقَرِيبُ وَغَيْرُهُ وَالْمُسْلِمُ وَغَيْرُهُ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَضَمَّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إلَى الْمُسْلِمِينَ غَيْرَهُمْ فِي الشِّقَّيْنِ أَرَادَ بِهِ وُجُوبَ الْغُسْلِ وَجَوَازَهُ، فَكَمَا لَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَيَجُوزُ لَهُمْ فَالْكُفَّارُ كَذَلِكَ. (وَقَوْلُهُ وَإِلَى الْغُسْلِ التَّكْفِينُ وَالدَّفْنُ فِي الْجَوَازِ) : أَيْ وَضَمَّ إلَى الْغُسْلِ التَّكْفِينَ وَالدَّفْنَ فِي جَوَازِهِ، أَمَّا وُجُوبُهُ فَسَيَأْتِي (وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ تَكْفِينِ الذِّمِّيِّ وَدَفْنِهِ) فِي بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَيْنَا حَيْثُ لَا مَالَ لَهُ وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَفَاءً بِذِمَّتِهِ كَمَا يَجِبُ إطْعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ، وَمِثْلُهُ الْمُعَاهِدُ وَالْمُؤَمَّنُ دُونَ الْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ، بَلْ يَجُوزُ إغْرَاءُ الْكِلَابِ عَلَى جِيفَتِهِمَا إذْ لَا حُرْمَةَ لَهُمَا، وَقَدْ ثَبَتَ الْأَمْرُ بِإِلْقَاءِ قَتْلَى بَدْرٍ فِي الْقَلِيبِ بِهَيْئَتِهِمْ، فَإِنْ دُفِنَا فَلِئَلَّا يَتَأَذَّى النَّاسُ بِرِيحِهِمَا وَهُوَ الْأَوْلَى، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا؛ لِأَنَّ الذِّمَّةَ قَدْ انْتَهَتْ بِالْمَوْتِ. (وَلَوْ وُجِدَ عُضْوُ مُسْلِمٍ) عُلِمَ. ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ أَوْ خُنْثَى لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِ. (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: 48] فِيهِ أَنَّ الدَّلِيلَ أَخَصُّ مِنْ الْمُدَّعَى؛ لِأَنَّ الْآيَةَ إنَّمَا تَدُلُّ عَلَى مَعْنَى مَغْفِرَةِ الشِّرْكِ، وَرُبَّمَا تَدُلُّ عَلَى مِغْفَرِهِ غَيْرِهِ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الدُّعَاءِ لَهُ بِمَغْفِرَةِ غَيْرِ الشِّرْكِ. قَالَ حَجّ: وَيَظْهَرُ حِلُّ الدُّعَاءِ لِأَطْفَالِ الْكُفَّارِ بِالْمَغْفِرَةِ لِأَنَّهُ مِنْ أَحْكَامِ الْآخِرَةِ، بِخِلَافِ صُورَةِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ حَرْبِيًّا) أَرَادَ بِالْجَوَازِ مَا قَابَلَ الْحُرْمَةَ، وَالْمُتَبَادِرُ مِنْهُ أَنَّهُ مُبَاحٌ وَيَحْتَمِلُ الْكَرَاهَةَ وَخِلَافَ الْأَوْلَى، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغُسْلِ الْغُسْلُ الْمُتَقَدِّمُ وَمِنْهُ الْوُضُوءُ الشَّرْعِيُّ (قَوْلُهُ: وَتَطْهِيرٌ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا مَالَ) أَيْ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ أَوْ مُنْفَقٌ قُدِّمَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ بَيْتَ الْمَالِ، مُقَدَّمٌ عَلَيْنَا، وَقَوْلُهُ فَعَلَيْنَا: أَيْ عَلَى مَيَاسِيرِنَا (قَوْلُهُ: فِي الْقَلِيبِ) هُوَ اسْمٌ لِلْبِئْرِ الَّذِي لَمْ يُبْنَ، وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ وَالْقَلِيبُ: الْبِئْرُ قَبْلَ أَنْ تُطْوَى. قُلْت: يَعْنِي قَبْلَ أَنْ تُبْنَى بِالْحِجَارَةِ وَنَحْوِهَا يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: هِيَ الْبِئْرُ الْعَادِيَّةُ الْقَدِيمَةُ اهـ وَالْقَدِيمَةُ تَفْسِيرٌ لِلْعَادِيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ وُجِدَ عُضْوُ مُسْلِمٍ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: لَوْ كَانَ الْجُزْءُ مِنْ ذِمِّيٍّ فَالْقِيَاسُ وُجُوبُ تَكْفِينُهُ وَدَفْنِهِ اهـ. وَقَوْلُهُ بَعْدَ طُهْرِهِ لَوْ لَمْ يُوجَدْ مَاءٌ، فَإِنْ كَانَ الْعُضْوُ مَحَلَّ التَّيَمُّمِ كَالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ يَمَّمَهُ وَإِلَّا فَلَا صَلَاةَ لِفَقْدِ شَرْطِهَا مِنْ الطُّهْرِ كَذَا ظَهَرَ وَوَافَقَ عَلَيْهِ م ر. أَقُولُ: قَدْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا وَجَدَ الْيَدَ مَثَلًا وَيَمَّمَهَا لَا يُسَمَّى ذَلِكَ تَيَمُّمًا شَرْعِيًّا فَلَا مَعْنَى لَهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا لَمْ يُمْكِنْ غَيْرُ ذَلِكَ اُكْتُفِيَ بِهِ. [فَرْعٌ] إذَا كَانَ الْجُزْءُ الْمَوْجُودُ شَعْرًا فَهَلْ يَجِبُ فِي دَفْنِهِ أَنْ يُدْفَنَ فِيمَا يَمْنَعُ الرَّائِحَةَ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الشَّعْرَ لَا رَائِحَةَ لَهُ فَيَكْفِي مَا يَصُونُهُ عَنْ الِانْتِهَاكِ عَادَةً وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ الرَّائِحَةَ لَوْ كَانَ هُنَاكَ رَائِحَةٌ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُشْتَرَطَ ذَلِكَ فِيهِمَا لِأَنَّهُ أَقَلُّ مُسَمَّى الدَّفْنِ شَرْعًا وَمَا دُونَ ذَلِكَ لَيْسَ دَفْنًا شَرْعِيًّا فَلْيُتَأَمَّلْ، وَيُتَّجَهُ أَنْ يُشْتَرَطَ ذَلِكَ فِي الْمَيِّتِ الَّذِي جَفَّ دُونَ الشَّعْرِ. [فَرْعٌ] هَلْ الْمَشِيمَةُ جُزْءٌ مِنْ الْأُمِّ أَوْ مِنْ الْمَوْلُودِ حَتَّى إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا عَقِبَ انْفِصَالِهَا كَانَ لَهَا حُكْمُ الْجُزْءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQسَبَقَ رَجُلٌ أَوْ صَبِيٌّ إلَخْ، فَلَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ سَبَقَ إلَخْ لَكَانَ وَاضِحًا. [الصَّلَاةُ عَلَى الْكَافِرِ] (قَوْلُهُ: وَكَانَ لَهُ أَمَانٌ) هُوَ فَائِدَةٌ مُجَرَّدَةٌ إذْ لَا دَخْلَ لَهُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَرَادَ بِهِ) أَيْ بِالشِّقَّيْنِ.

مَوْتُهُ لَا بِشَهَادَةٍ وَلَوْ كَانَ الْجُزْءُ ظُفْرًا أَوْ شَعْرًا وَتَحَقَّقَ انْفِصَالُهُ مِنْهُ حَالَ مَوْتِهِ (صُلِّيَ عَلَيْهِ) بَعْدَ طُهْرِهِ، وَيَجِبُ دَفْنُهُ وَسَتْرُهُ بِخِرْقَةٍ إنْ كَانَ مِنْ الْعَوْرَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِي التَّكْفِينِ سَتْرُهَا فَقَطْ عَلَى مَا مَرَّ، كَذَا قَالَهُ الشَّيْخُ تَبَعًا لِغَيْرِهِ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ. قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: وَهَذَا كُلُّهُ فَاسِدٌ حَصَلَ مِنْ التَّغَفُّلِ وَعَدَمِ الْإِحَاطَةِ بِالْمَدَارِكِ، فَإِنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَسَتْرَ الزَّائِدِ مِنْ الْبَدَنِ حَقٌّ لِلْمَيِّتِ فَيَجِبُ عَلَيْنَا اسْتِيعَابُ جَمِيعِ بَدَنِهِ. وَالْأَصْلُ فِيمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - صَلَّوْا عَلَى يَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ وَقَدْ أَلْقَاهَا طَائِرُ نَسْرٍ بِمَكَّةَ فِي وَقْعَةِ الْجَمَلِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَعَرَفُوهَا بِخَاتَمِهِ. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ بَلَاغًا وَالزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارَ فِي أَنْسَابِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ كَانُوا عَرَفُوا مَوْتَهُ بِنَحْوِ اسْتِفَاضَةٍ. أَمَّا جُزْءُ الْحَيِّ وَمَا لَمْ يَتَحَقَّقْ انْفِصَالُهُ مِنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ بِأَنْ انْفَصَلَ مِنْهُ حَيًّا كَأُذُنِهِ الْمُلْتَصِقَةِ إذَا وُجِدَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ شُكَّ فِي انْفِصَالِهِ مِنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ بِأَنْ انْفَصَلَ مِنْهُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا فَلَا يَجِبُ فِيهِ ذَلِكَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. نَعَمْ الْمُبَانُ مِنْهُ إذَا مَاتَ عَقِبَهُ حُكْمُهُ كَالْأَوَّلِ فَيَجِبُ فِيهِ مَا مَرَّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَرَاخَى الْمَوْتُ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَنْدَمِلْ الْجُرْحُ، قَالَهُ الْبَغَوِيّ. وَيُسَنُّ دَفْنُ مَا انْفَصَلَ مِنْ حَيٍّ لَمْ يَمُتْ حَالًا أَوْ مِمَّنْ شُكَّ فِي مَوْتِهِ كَيَدِ سَارِقٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُنْفَصِلِ مِنْ الْمَيِّتِ فَيَجِبُ دَفْنُهَا، وَلَوْ وُجِدَتْ وَحْدَهَا وَجَبَ تَجْهِيزُهَا وَالصَّلَاةُ عَلَيْهَا كَبَقِيَّةِ الْأَجْزَاءِ أَوْ لَا لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ مِنْ أَجْزَاءِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خُصُوصًا الْمَوْلُودُ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهَا شَيْءٌ وَفِيهِ عَلَى حَجّ وَهَلْ يَجِبُ تَوْجِيهُ الْجُزْءِ لِلْقِبْلَةِ بِأَنْ يُجْعَلَ عَلَى الْوَضْعِ الَّذِي يَكُونُ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ مُتَّصِلًا بِالْجُمْلَةِ وَوُجِّهَتْ لِلْقِبْلَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْوُجُوبُ (قَوْلُهُ: سَتْرُهَا فَقَطْ عَلَى مَا مَرَّ) قَدْ يَقْتَضِي وُجُوبَ ثَلَاثِ لَفَائِفَ لِلْعُضْوِ لَكِنَّ قَوْلَهُ قَبْلَ سَتْرِهِ بِخِرْقَةٍ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ ذَلِكَ وَلَكِنْ يَجِبُ سَتْرُهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْعَوْرَةِ (قَوْلُهُ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ بَلَاغًا) أَيْ بِصِيغَةِ بَلَغَنِي (قَوْلُهُ: كَأُذُنِهِ الْمُلْتَصِقَةِ) أَيْ حَيْثُ انْفَصَلَتْ فِي الْحَيَاةِ ثُمَّ الْتَصَقَتْ بِحَرَارَةِ الدَّمِ يَعْنِي وَلَمْ تَحِلَّهَا الْحَيَاةُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ فِيهِ ذَلِكَ) أَيْ بَلْ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُعَلِّقْ النِّيَّةَ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ الْمُبَانُ مِنْهُ إذَا مَاتَ عَقِبَهُ) شَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ ثُمَّ مَاتَ عَقِبَ الْحَلْقِ فَجْأَةً فَلْيُرَاجَعْ. ثُمَّ رَأَيْت حَجّ قَالَ مَا حَاصِلُهُ: أَوْ انْفَصَلَ مِنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ وَحَرَكَتِهِ حَرَكَةَ مَذْبُوحٍ اهـ وَمَفْهُومُهُ يُخَالِفُ ذَلِكَ. وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ وُصُولِهِ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ بِمَرَضٍ أَوْ بِجِنَايَةٍ، وَقَدْ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا فِي مَوَاضِعَ فَلْيُحَرَّرْ. وَقَدْ يُقَالُ: الْأَقْرَبُ تَصْوِيرُ ذَلِكَ بِمَا لَوْ مَاتَ بِجِنَايَةٍ. [فَائِدَةٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ قُطِعَتْ يَدُ الْمُسْلِمِ ثُمَّ ارْتَدَّ وَمَاتَ مُرْتَدًّا هَلْ تَعُودُ لَهُ يَدُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَتُعَذَّبُ وَإِنْ كَانَتْ انْفَصَلَتْ حَالَةَ الْإِسْلَامِ أَمْ لَا؟ وَعَمَّا لَوْ قُطِعَتْ يَدُ الْكَافِرِ ثُمَّ أَسْلَمَ وَمَاتَ مُسْلِمًا فَهَلْ تَعُودُ لَهُ يَدُهُ وَتُنَعَّمُ وَإِنْ كَانَتْ انْفَصَلَتْ حَالَةَ الْكُفْرِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا أَنَّهَا تَعُودُ وَتُنَعَّمُ فِيمَا لَوْ قُطِعَتْ فِي الْكُفْرِ وَتُعَذَّبُ فِيمَا لَوْ قُطِعَتْ قَبْلَ الرِّدَّةِ. لَا يُقَالُ: تَعْذِيبُ الْيَدِ الْمَقْطُوعَةِ فِي الْإِسْلَامِ وَتَنْعِيمُ الْمَقْطُوعَةِ فِي الْكُفْرِ تَعْذِيبٌ لِلْأُولَى وَهِيَ قُطِعَتْ مُتَّصِفَةً بِالْإِسْلَامِ وَتَنْعِيمٌ لِلثَّانِيَةِ وَقَدْ قُطِعَتْ فِي الْكُفْرِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْمَقْطُوعَةُ فِي الْإِسْلَامِ سُلِبَتْ الْأَعْمَالُ الصَّادِرَةُ مِنْهَا بِارْتِدَادِ صَاحِبِهَا، وَالْمَقْطُوعَةُ فِي الْكُفْرِ سَقَطَتْ الْمُؤَاخَذَةُ بِمَا صَدَرَ مِنْهَا بِإِسْلَامِ صَاحِبِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] (قَوْلُهُ: تَرَاخَى) أَيْ عُرْفًا (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ دَفْنُ مَا انْفَصَلَ مِنْ حَيٍّ لَمْ يَمُتْ حَالًا) وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِأَنْ لَمْ تَكُنْ حَرَكَتُهُ حَرَكَةَ مَذْبُوحٍ عَقِبَ انْفِصَالِ الْجُزْءِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: كَيَدِ سَارِقٍ) وَيَنْبَغِي ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَهَذَا كُلُّهُ فَاسِدٌ إلَخْ) لَعَلَّ كَلَامَ ابْنِ الْعِمَادِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ مُرَتَّبٌ عَلَى غَيْرِ هَذَا الَّذِي سَاقَهُ الشَّارِحُ هُنَا عَنْ الشَّيْخِ كَغَيْرِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ لَا يَرِدُ عَلَيْهِ بَعْدَ تَقْيِيدِهِ بِقَوْلِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِي التَّكْفِينِ سَتْرُهَا فَقَطْ، وَعِبَارَةُ الْمَاوَرْدِيِّ إنْ كَانَ مِنْ الْعَوْرَةِ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا فَلَعَلَّ ابْنَ الْعِمَادِ أَوْرَدَ كَلَامَهُ عَلَى مِثْلِ هَذَا (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ كَانُوا عَرَفُوا مَوْتَهُ)

[حكم الصلاة على السقط]

وَظُفْرٍ وَشَعْرٍ وَعَلَقَةٍ، وَدَمِ نَحْوِ فَصْدٍ إكْرَامًا لِصَاحِبِهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي وُجُوبُ لَفِّ الْيَدِ، وَدَفْنِهَا وَكَلَامُهُمْ يُخَالِفُهُ، لَا الشَّعْرَةُ الْوَاحِدَةُ فَلَا يَجِبُ فِيهَا ذَلِكَ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ وَأَقَرَّاهُ وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ مِنْ أَنَّهَا صَلَاةٌ عَلَى غَائِبٍ فِي الْحَقِيقَةِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الشَّعْرَةِ وَغَيْرِهَا، يُرَدُّ بِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ لَكِنَّ بَقِيَّةَ الْبَدَنِ تَابِعٌ لِمَا صُلِّيَ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي فَاشْتُرِطَ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَقْعٌ فِي الْوُجُودِ حَتَّى يُسْتَتْبَعُ، بِخِلَافِ الشَّعْرَةِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ فَلَا يُنَاسِبُهَا الِاسْتِتْبَاعُ وَهَلْ الظُّفْرُ كَالشَّعْرَةِ أَوْ يُفَرَّقُ عَلَى نَظَرٍ وَكَلَامُهُمْ إلَى الْفَرْقِ أَمْيَلُ، وَيَنْوِي فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْعُضْوِ الْجُمْلَةَ وُجُوبًا وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى جُمْلَةِ الْمَيِّتِ لَا عَلَى الْعُضْوِ وَحْدَهُ إذْ الْجُزْءُ الْغَائِبُ تَابِعٌ لِلْحَاضِرِ كَمَا مَرَّ وَمَحَلُّ وُجُوبِ هَذِهِ الصَّلَاةِ حَيْثُ لَمْ يُصَلِّ عَلَى الْمَيِّتِ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ السُّبْكِيّ، وَمَحَلُّهُ إنْ كَانَ قَدْ صَلَّى بَعْدَ طُهْرِ الْعُضْوِ وَإِلَّا وَجَبَتْ لِزَوَالِ الضَّرُورَةِ الْمُجَوِّزَةِ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ بِدُونِ غَسْلِ الْعُضْوِ بِوِجْدَانِنَا، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الْكَافِي: لَوْ قُطِعَ رَأْسُ إنْسَانٍ وَحُمِلَ إلَى بَلَدٍ آخَرَ صُلِّيَ عَلَيْهِ حَيْثُ هُوَ وَعَلَى الْجُثَّةِ حَيْثُ هِيَ وَلَا يُكْتَفَى بِالصَّلَاةِ عَلَى أَحَدِهِمَا، وَلَوْ وُجِدَ مَيِّتٌ مَجْهُولٌ أَوْ بَعْضُهُ بِبِلَادِنَا صُلِّيَ عَلَيْهِ إذْ الْغَالِبُ فِيهَا الْإِسْلَامُ، وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ إذَا وُجِدَ فِي مَوَاتٍ لَا يُنْسَبُ لِدَارِ الْإِسْلَامِ وَلَا إلَى دَارِ الْكُفْرِ وَهُوَ الَّذِي لَا يُذَبُّ عَنْهُ أَحَدٌ وَهُوَ كَذَلِكَ أَوْ وُجِدَ بِغَيْرِهَا فَحُكْمُهُ يُعْلَمُ مِنْ بَابِ اللَّقِيطِ، وَلِمَنْ حَضَرَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَعَلَهَا جَمَاعَةً وَفُرَادَى وَالْأَوْلَى التَّأْخِيرُ إلَى الدَّفْنِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ وَيَنْوِي الْفَرْضَ لِوُقُوعِهَا مِنْهُ فَرْضًا كَمَا مَرَّ (وَالسَّقْطُ) بِتَثْلِيثِ السِّينِ مِنْ السُّقُوطِ وَهُوَ كَمَا عَرَّفَهُ أَئِمَّةُ اللُّغَةِ الْوَلَدُ النَّازِلُ قَبْلَ تَمَامِ أَشْهُرِهِ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْوَلَدَ النَّازِلَ بَعْدَ تَمَامِ أَشْهُرِهِ وَهُوَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ يَجِبُ فِيهِ مَا يَجِبُ فِي الْكَبِيرِ مِنْ صَلَاةٍ وَغَيْرِهَا، وَإِنْ نَزَلَ مَيِّتًا وَلَمْ يُعْلَمْ لَهُ سَبْقُ حَيَاةٍ إذْ هُوَ خَارِجٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِمْ يَجِبُ غُسْلُ الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ وَتَكْفِينُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَدَفْنُهُ وَاسْتَثْنَوْا مِنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSإذَا دُفِنَتْ أَنْ يُجْعَلَ بَاطِنُهَا لِجِهَةِ الْقِبْلَةِ، وَمِثْلُهَا كُلُّ مَا يَتَأَتَّى لَهُ جِهَةٌ إذَا وُجِّهَتْ جُمْلَتُهُ إلَى الْقِبْلَةِ تَكُونُ تِلْكَ الْجُمْلَةُ إلَيْهَا فَيُجْعَلُ مُقَدَّمُ السَّاقِ إلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ: وَظُفْرٍ وَشَعْرٍ) وَمِنْهُ مَا يُزَالُ بِحَلْقِ الرَّأْسِ وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُخَاطَبَ بِهِ ابْتِدَاءً مَنْ انْفَصَلَ مِنْهُ فَإِنْ ظَنَّ أَنَّ الْخَالِقَ يَفْعَلُهُ سَقَطَ عَنْهُ الطَّلَبُ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي وُجُوبُ لَفِّ الْيَدِ) أَيْ الْمُنْفَصِلَةِ مِنْ الْحَيِّ (قَوْلُهُ وَكَلَامُهُمْ يُخَالِفُهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لَا الشَّعْرَةُ الْوَاحِدَةُ) يَتَّصِلُ بِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَلَوْ كَانَ الْجُزْءُ ظُفْرًا أَوْ شَعْرًا وَنَحْوَهُ: أَيْ وَإِنْ طَالَتْ جِدًّا وَمِثْلُ الصَّلَاةِ غَيْرُهَا فَلَا يَجِبُ غُسْلُهَا لِأَنَّهُ لَا حُرْمَةَ لَهَا كَمَا نَقَلَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ وَأَقَرَّهُ اهـ خَطِيبٌ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُمْ إلَى الْفَرْقِ أَمْيَلُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إذْ الْغَالِبُ فِيهَا الْإِسْلَامُ) أَيْ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ تُوجَدَ فِيهِ عَلَامَةُ الْكُفْرِ كَالصَّلِيبِ أَوْ لَا لِحُرْمَةِ الدَّارِ، وَقَدْ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ الْآتِي أَوْ وُجِدَ بِغَيْرِهَا فَحُكْمُهُ إلَخْ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يُفَرِّقُوا ثَمَّ بَيْنَ مَنْ فِيهِ عَلَامَةٌ وَغَيْرِهِ وَلَا بَيْنَ كَوْنِ الْعَادَةِ تُحِيلُ ذَلِكَ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: أَوْ وُجِدَ بِغَيْرِهَا) أَيْ دَارِنَا (قَوْلُهُ: فَحُكْمُهُ يُعْلَمُ مِنْ بَابِ اللَّقِيطِ) وَذَلِكَ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِيهَا مُسْلِمًا فَمُسْلِمٌ وَإِلَّا فَكَافِرٌ (قَوْلُهُ: وَلِمَنْ حَضَرَ بَعْدَ الصَّلَاةِ) أَيْ عَلَى الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى التَّأْخِيرُ إلَى الدَّفْنِ) أَيْ مُسَارَعَةً إلَى دَفْنِهِ. (قَوْلُهُ: يَجِبُ فِيهِ مَا يَجِبُ فِي الْكَبِيرِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَانْفِصَالُ الْيَدِ مِنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي وُجُوبُ لَفِّ الْيَدِ وَدَفْنِهَا) أَيْ الْمُنْفَصِلَةِ مِنْ الْحَيِّ (قَوْلُهُ: لَا الشَّعْرَةُ الْوَاحِدَةُ) مُسْتَثْنًى مِنْ عُمُومِ الْعُضْوِ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: فَحُكْمُهُ يُعْلَمُ مِنْ بَابِ اللَّقِيطِ) كَذَا نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْقَاضِي مُجَلِّي وَابْنِ الرِّفْعَةِ، لَكِنْ بِلَفْظِهِ: فَحُكْمُهُ حُكْمُ اللَّقِيطِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا وُجِدَ بِدَارِ الْكُفْرِ وَفِيهَا مُسْلِمٌ أَنَّهُ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَرُبَّمَا يُشْكِلُ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ الصَّلَاةِ عَلَى مَا وُجِدَ فِي مَوَاتٍ لَا يُنْسَبُ لِدَارِ الْكُفْرِ وَلَا لِدَارِ الْإِسْلَامِ فَتَأَمَّلْ. [حُكْم الصَّلَاة عَلَى السقط] (قَوْلُهُ: كَمَا عَرَّفَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ) أَيْ تَعْرِيفًا يُوَافِقُ عَلَيْهِ الشَّرْعُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي رَدِّ الزَّعْمِ الْآتِي

[الميت إما شهيد أو غيره]

مَا اسْتَثْنَوْهُ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِعْيَارُ الْعُمُومِ، وَلَا يَشْمَلُ هَذَا قَوْلَ ابْنِ الْوَرْدِيِّ كَغَيْرِهِ فِي السَّقْطِ فَصَاعِدًا لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ هَذِهِ لَا يُسَمَّى سَقْطًا خِلَافًا لِلشَّيْخِ فِي فَتَاوِيهِ، وَزَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُجْدِي وَأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُسَمَّاهُ لُغَةً غَيْرُ صَحِيحٍ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَرَرْنَاهُ اسْتِوَاءُ هَذَا الْحُكْمِ بِمَنْ عُلِمَتْ حَيَاتُهُ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ (إنْ اسْتَهَلَّ) أَيْ صَاحَ (أَوْ بَكَى كَكَبِيرٍ) فَيُغَسَّلُ وَيُكَفَّنُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْفَنُ لِتَيَقُّنِ مَوْتِهِ بَعْدَ حَيَاتِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ وَلَمْ يَبْكِ (فَإِنْ ظَهَرَتْ أَمَارَةُ الْحَيَاةِ كَاخْتِلَاجٍ) أَوْ تَحَرُّكٍ (صُلِّيَ عَلَيْهِ فِي الْأَظْهَرِ) لِاحْتِمَالِ حَيَاتِهِ بِهَذِهِ الْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَيْهَا وَلِلِاحْتِيَاطِ. وَالثَّانِي لَا لِعَدَمِ تَيَقُّنِهَا أَمَّا دَفْنُهُ وَغُسْلُهُ فَوَاجِبٌ قَطْعًا (وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ) أَمَارَةُ الْحَيَاةِ (وَلَمْ يَبْلُغْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) أَيْ مِائَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا حَدُّ نَفْخِ الرُّوحِ (لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ) قَطْعًا لِعَدَمِ الْأَمَارَةِ (وَكَذَا إنْ بَلَغَهَا) أَيْ الْأَرْبَعَةَ الْأَشْهُرَ الَّتِي هِيَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وُجُوبًا وَلَا جَوَازًا (فِي الْأَظْهَرِ) لِعَدَمِ ظُهُورِ حَيَاتِهِ فَيَجِبُ غُسْلُهُ وَتَكْفِينُهُ وَدَفْنُهُ وَفَارَقَتْ الصَّلَاةُ غَيْرَهَا بِأَنَّهُ أَوْسَعُ بَابًا مِنْهَا وَلِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حُكْمُ الْأَحْيَاءِ فِي الْإِرْثِ فَكَذَا فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ الْغُسْلَ آكَدُ بِدَلِيلِ أَنَّ الْكَافِرَ يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ لِلسَّقْطِ أَحْوَالًا حَاصِلُهَا أَنَّهُ إنْ لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ خَلْقُ آدَمِيٍّ لَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ. نَعَمْ يُسَنُّ سَتْرُهُ بِخِرْقَةٍ وَدَفْنُهُ، وَإِنْ ظَهَرَ فِيهِ خِلْقَةٌ وَلَمْ تَظْهَرْ فِيهِ أَمَارَةُ الْحَيَاةِ وَجَبَ فِيهِ مَا سِوَى الصَّلَاةِ، أَمَّا هِيَ فَمُمْتَنِعَةٌ كَمَا مَرَّ فَإِنْ ظَهَرَ فِيهِ أَمَارَةُ الْحَيَاةِ فَكَالْكَبِيرِ. ثُمَّ الْمَيِّتُ إمَّا شَهِيدٌ أَوْ غَيْرُهُ، وَالشَّهِيدُ إمَّا شَهِيدُ الْآخِرَةِ فَقَطْ وَهُوَ كُلُّ مَقْتُولٍ ظُلْمًا أَوْ مَيِّتٌ بِنَحْوِ بَطَنٍ كَالْمُسْتَسْقَى وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِمَنْ قَيَّدَهُ بِالْأَوَّلِ أَوْ طَعْنٍ أَوْ غَرَقٍ أَوْ غُرْبَةٍ وَإِنْ عَصَى ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ تَخْطِيطٌ وَلَا غَيْرُهُ حَيْثُ عُلِمَ أَنَّهُ آدَمِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِثْنَاءُ مِعْيَارُ الْعُمُومِ) أَيْ دَلِيلُ الْعُمُومِ (قَوْلُهُ: بِمَنْ عُلِمَتْ) أَيْ مَعَ بِمَنْ عُلِمَتْ حَيَاتُهُ (قَوْلُهُ: كَاخْتِلَاجٍ) أَيْ وَلَوْ دُونَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إنْ فُرِضَ. (قَوْلُهُ: كَالْمُسْتَسْقِي وَغَيْرِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ: أَوْ الْمَحْدُودِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ قَالَ عَلَيْهِ فِي كَلَامِهِمْ عَبْدُ الْحَقِّ فِي حَاشِيَةِ الْمَحَلِّيِّ فِي تَنْقِيحِ اللُّبَابِ: أَوْ حَدًّا، وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ لِيَشْمَلَهُ الظُّلْمُ الْمُقْتَصَرُ عَلَيْهِ فِي كَلَامِهِمْ عَلَى مَا إذَا قُتِلَ عَلَى غَيْرِ الْكَيْفِيَّةِ الْمَأْذُونِ فِيهَا، وَالْأَوْجَهُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا سَلَّمَ نَفْسَهُ لِاسْتِيفَاءِ الْحَدِّ مِنْهُ تَائِبًا اهـ. أَقُولُ: الْأَقْرَبُ أَنَّهُ شَهِيدٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ زِيدَ عَلَى الْحَدِّ الْمَشْرُوعِ أَوْ لَا سَلَّمَ نَفْسَهُ أَمْ لَا بِدَلِيلِ مَا لَوْ شَرَقَ بِالْخَمْرِ وَمَاتَ أَوْ مَاتَتْ بِسَبَبِ الْوِلَادَةِ مِنْ حَمْلِ الزِّنَا أَوْ نَحْوِهِمَا؛ لِأَنَّ صُوَرَ الشَّهَادَةِ لَمْ تَنْحَصِرْ فِي كَوْنِهِ مَظْلُومًا. [فَائِدَةٌ] عَدَّ السُّيُوطِيّ فِي مَنْظُومَتِهِ الْمُسَمَّاةِ بِالتَّثْبِيتِ الشُّهَدَاءَ الَّذِينَ لَا يُسْأَلُونَ سَبْعَةً، وَهُمْ: الْمَقْتُولُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُرَابِطُ وَالْمَطْعُونُ وَالصِّدِّيقُ قَالَ شَارِحُهُ وَهُوَ دَائِمُ الصِّدْقِ وَالْأَطْفَالُ الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ وَمَنْ مَاتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَتَهَا وَمَنْ وَاظَبَ عَلَى تَبَارَكَ الْمُلْكُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ قَالَ شَارِحُهُ بَعْدَ أَنْ فَرَغَ مِنْ شَرْحِ كَلَامِهِ فَهَؤُلَاءِ سَبْعَةُ شُهَدَاءَ لَا يُسْأَلُونَ، وَبَقِيَ جَمَاعَةٌ نَالُوا مَرْتَبَةَ الشَّهَادَةِ مَعَ كَوْنِهِمْ مَسْئُولِينَ وَهُمْ نَيِّفٌ وَثَلَاثُونَ مَنْ مَاتَ بِالْبَطْنِ أَوْ الْغَرَقِ أَوْ الْهَدْمِ أَوْ بِالْجَنْبِ أَوْ بِالْجُمْعِ بِالضَّمِّ إلَى آخَرِ مَا ذَكَرَ اهـ، فَجَعَلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْمَبْطُونَ وَمَا ذَكَرَ مَعَهُ لَيْسُوا مِنْ الشُّهَدَاءِ لَكِنَّهُمْ نَالُوا مَرْتَبَتَهُمْ، وَعَلَيْهِ فَمَا مَعْنَى كَوْنِ أُولَئِكَ السَّبْعَةِ شُهَدَاءَ وَكَوْنِ مَنْ عَدَاهُمْ فِي مَرْتَبَتِهِمْ وَمَا الْمُرَادُ بِالشَّهَادَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ بِالْجُمَعِ بِالضَّمِّ؟ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: وَمَاتَتْ الْمَرْأَةُ بِجُمْعٍ بِالضَّمِّ وَبِالْكَسْرِ إذَا مَاتَتْ وَفِي بَطْنِهَا وَلَدٌ، وَيُقَالُ أَيْضًا لِلَّتِي مَاتَتْ بِكْرًا اهـ (قَوْله أَوْ طُعِنَ) وَكَذَا مَنْ مَاتَ فِي زَمَنِهِ وَإِنْ لَمْ يُطْعَنْ اهـ حَجّ. وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ نَوْعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: غَيْرُ صَحِيحٍ) أَيْ بَلْ لَا يُسَمَّاهُ شَرْعًا أَيْضًا كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: اسْتِوَاءُ هَذَا الْحُكْمِ) أَيْ حُكْمِ مَنْ نَزَلَ فَوْقَ السِّتَّةِ الْأَشْهُرِ وَقَوْلُهُ: بِمَنْ عُلِمَتْ حَيَاتُهُ: أَيْ بِحُكْمِ مَنْ عُلِمَتْ حَيَاتُهُ: أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ نَزَلَ دُونَ السِّتَّةِ الْأَشْهُرِ: أَيْ أَوْ ظَهَرَتْ أَمَارَةُ حَيَاتِهِ عَلَى الْأَظْهَرِ الْآتِي. [الْمَيِّتُ إمَّا شَهِيدٌ أَوْ غَيْرُهُ] (قَوْلُهُ: كَالْمُسْتَسْقَى) مِثَالٌ لِلنَّحْوِ، وَقَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ قَيَّدَهُ بِالْأَوَّلِ: يَعْنِي خِلَافًا لِمَنْ قَيَّدَ الْمَبْطُونَ الْوَاقِعَ فِي الْأَحَادِيثِ بِمَنْ مَاتَ بِمَرَضِ الْبَطْنِ الْمُتَعَارَفِ: أَيْ الْإِسْهَالِ وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَتُهُ تَقْصُرُ عَنْ ذَلِكَ

بِرُكُوبِهِ الْبَحْرِ أَوْ بِغُرْبَتِهِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ خِلَافًا لِمَنْ قَيَّدَهَا بِالْإِبَاحَةِ أَوْ طَلْقٍ وَلَوْ مِنْ حَمْلِ زِنًا قِيَاسًا عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ اسْتَثْنَى الْحَامِلَ الْمَذْكُورَةَ، فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَنْ رَكِبَ الْبَحْرَ لِيَشْرَبَ الْخَمْرَ وَمَنْ سَافَرَ آبِقًا أَوْ نَاشِزَةً، وَالْأَوْجَهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ الْمَوْتُ مَعْصِيَةً كَأَنْ تَسَبَّبَتْ فِي إلْقَاءِ الْحَمْلِ فَمَاتَتْ أَوْ رَكِبَ الْبَحْرَ وَسَيَّرَ السَّفِينَةَ فِي وَقْتٍ لَا تَسِيرُ فِيهِ السُّفُنُ فَغَرِقَ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ الشَّهَادَةُ لِلْعِصْيَانِ بِالسَّبَبِ الْمُسْتَلْزِمِ لِلْعِصْيَانِ بِالْمُسَبِّبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ السَّبَبُ مَعْصِيَةً حَصَلَتْ الشَّهَادَةُ وَإِنْ قَارَنَهَا مَعْصِيَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا، أَوْ عِشْقٍ بِشَرْطِ الْعِفَّةِ وَالْكِتْمَانِ كَمَا قَيَّدَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِذَلِكَ لِخَبَرٍ فِيهِ مَوْقُوفٍ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَإِنْ لَمْ يُتَصَوَّرْ إبَاحَةُ نِكَاحِهَا لَهُ شَرْعًا وَتَعَذَّرَ وُصُولُهُ إلَيْهَا. قَالَ: وَإِلَّا فَعِشْقُ الْأَمْرَدِ مَعْصِيَةٌ فَكَيْفَ يَحْصُلُ بِهَا دَرَجَةُ الشَّهَادَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي عِشْقٍ اخْتِيَارِيٍّ لَهُ مَنْدُوحَةٌ عَنْ تَرْكِهِ وَتَمَادَى عَلَيْهِ. أَمَّا لَوْ فُرِضَ حُصُولُ عِشْقٍ اضْطِرَارِيٍّ لَهُ بِحَيْثُ لَا مَنْدُوحَةَ لَهُ عَنْ تَرْكِهِ لَمْ يَمْنَعْ حُصُولَ الشَّهَادَةِ، إذْ لَا مَعْصِيَةَ بِهِ حِينَئِذٍ. وَأَمَّا شَهِيدُ الدُّنْيَا فَقَطْ فَلَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَهُوَ مَنْ قُتِلَ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ بِسَبَبِهِ وَقَدْ غَلَّ مِنْ الْغَنِيمَةِ أَوْ قُتِلَ مُدْبِرًا أَوْ قَاتَلَ رِيَاءً أَوْ نَحْوَهُ. وَأَمَّا شَهِيدُهُمَا فَهُوَ مَنْ قُتِلَ كَذَلِكَ لَكِنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا، وَحَيْثُ أَطْلَقَ الْفُقَهَاءُ الشَّهِيدَ انْصَرَفَ لِأَحَدِ الْآخَرِينَ، وَحُكْمُهُمَا مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَا يُغَسَّلُ الشَّهِيدُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ) أَيْ يُحْرَمَانِ لِمَا صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ فِي قَتْلَى أُحُدٍ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ وَلَمْ يُغَسِّلْهُمْ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ» ، وَفِي رِوَايَةٍ " وَلَمْ يُصَلَّ " بِبِنَائِهِ لِلْمَفْعُولِ، وَرَوَى أَحْمَدُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا تُغَسِّلُوهُمْ فَإِنَّ كُلَّ جُرْحٍ أَوْ كَلْمٍ أَوْ دَمٍ يَفُوحُ مِسْكًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَحِكْمَةُ ذَلِكَ أَيْضًا إبْقَاءُ أَثَرِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِمْ وَالتَّعْظِيمُ لَهُمْ بِاسْتِغْنَائِهِمْ عَنْ دُعَاءِ الْقَوْمِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَطْعُونِينَ بِأَنْ كَانَ الطَّعْنُ فِي الْأَطْفَالِ أَوْ الْأَرِقَّاءِ وَهُوَ مِنْ غَيْرِهِمْ. قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عِنْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ أَكْثَرَ شُهَدَاءِ أُمَّتِي لَأَصْحَابُ الْفُرُشُ» مَا نَصُّهُ: أَيْ الَّذِينَ يَأْلَفُونَ النِّيَامَ عَلَى الْفِرَاشِ وَلَا يُهَاجِرُونَ الْفِرَاشَ وَيَقْصِدُونَ لِلْغَزْوِ، قَالَ الْحَكِيمُ: هَؤُلَاءِ قَوْمٌ اطْمَأَنَّتْ نُفُوسُهُمْ إلَى رَبِّهِمْ وَشُغِلُوا بِهِ عَنْ الدُّنْيَا وَتَمَنَّوْا لِقَائِهِ، فَإِذَا حَضَرَهُمْ الْمَوْتُ جَادُوا بِأَنْفُسِهِمْ طَوْعًا وَبَذَلُوهَا لَهُ إيثَارًا لِمَحَبَّتِهِ عَلَى مَحَبَّتِهَا فَهُمْ وَمَنْ قُتِلَ فِي مَعْرَكَةِ الْمُشْرِكِينَ سِيَّانَ، فَيَنَالُونَ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ لِأَنَّ الشُّهَدَاءَ بَذَلُوا أَنْفُسَهُمْ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ وَهَؤُلَاءِ بَذَلُوهَا طُولَ الْعُمُرِ، ثُمَّ قَالَ: تَنْبِيهٌ: عَدُّوا مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَنَّهُمْ يُقْبَضُونَ عَلَى فُرُشِهِمْ وَهُمْ شُهَدَاءُ عِنْدَ اللَّهِ اهـ. وَقَوْلُهُ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ وَلَا يُهَاجِرُونَ الْفِرَاشَ إلَخْ: يَعْنِي أَنَّهُمْ لَا يُفَارِقُونَ مَنَازِلَهُمْ لِلسَّفَرِ فِي تِجَارَةٍ وَنَحْوِهَا بَلْ يُلَازِمُونَ الْمَنَازِلَ يَنْتَظِرُونَ الْغَزْوَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَثْنَى) أَيْ الزَّرْكَشِيُّ (قَوْلُهُ: فَغَرَقَ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ الشَّهَادَةُ) وَمِنْهُ مَا لَوْ صَادَ حَيَّةً وَهُوَ لَيْسَ حَاذِقًا فِي صَيْدِهَا وَنَحْوُ الْبَهْلَوَانِ إذَا لَمْ يَكُنْ حَاذِقًا فِي صَنْعَتِهِ، بِخِلَافِ الْحَاذِقِ فِيهِمَا فَإِنَّهُ شَهِيدٌ لِعَدَمِ تَسَبُّبِهِ فِي هَلَاكِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مِمَّنْ يَتَصَوَّرُ إبَاحَةَ نِكَاحِهَا لَهُ) وَفِي نُسْخَةٍ وَإِنْ لَمْ يَتَصَوَّرْ إبَاحَةَ نِكَاحِهَا لَهُ شَرْعًا وَيَتَعَذَّرُ وُصُولُهُ إلَيْهَا كَعِشْقِ الْمُرْدِ وَهِيَ الْمُعْتَمَدَةُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي عِشْقٍ اخْتِيَارِيٍّ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَغَيْرِهِ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُرْدِ وَغَيْرِهِمْ حَيْثُ كَانَ الْفَرْضُ الْعِفَّةَ وَالْكِتْمَانَ، بَلْ قَالَ طب وم ر: وَإِنْ كَانَ السَّبَبُ الْمُؤَدِّي إلَى عِشْقِ الْأَمْرَدِ اخْتِيَارِيًّا حَيْثُ صَارَ اضْطِرَارِيًّا وَعَفَّ وَكَتَمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَمَعْنَى الْعِفَّةِ: أَنْ لَا يَكُونَ فِي نَفْسِهِ إذَا اخْتَلَى بِهِ حَصَلَ بَيْنَهُمَا فَاحِشَةٌ بَلْ عَزْمُهُ عَلَى أَنَّهُ وَإِنْ خَلَا بِهِ لَا يَقَعُ مِنْهُ ذَلِكَ، وَالْكِتْمَانُ: أَنْ لَا يَذْكُرَ مَا بِهِ لِأَحَدٍ وَلَوْ مَحْبُوبِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ غَلَّ مِنْ الْغَنِيمَةِ) أَيْ سَرَقَ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مَنْ قُتِلَ كَذَلِكَ) أَيْ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ (قَوْلُهُ: أَمَرَ فِي قَتْلَى أُحُدٍ بِدَفْنِهِمْ) أَيْ وَأَمَّا مَنْ اُسْتُشْهِدَ قَبْلَهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَأَهْلِ بَدْرٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ فِيهِمْ عَنْهُ غُسْلٌ وَلَا عَدَمُهُ، وَلَعَلَّ حِكْمَةَ ذَلِكَ أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَتَقَيَّدُونَ بِأَمْرِهِمْ. وَأَمَّا أُحُدٌ فَلِشِدَّةِ مَا حَصَلَ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهَا، بَاشَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنُقِلَ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ كُلَّ جُرْحٍ أَوْ كَلْمٍ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي؛ لِأَنَّ الْكَلْمَ هُوَ الْجُرْحُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَفِي ذَلِكَ حَثٌّ عَلَى الْجِهَادِ الَّذِي جُبِلَتْ النُّفُوسُ عَلَى حُبِّ الْبَقَاءِ فِي الدُّنْيَا الْمُنَافِي لِطَلَبِهِ غَالِبًا، وَلَيْسَ فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ حَثٌّ؛ لِأَنَّ مَرْتَبَتَهَا لَا تُنَالُ بِالِاكْتِسَابِ. وَأَمَّا خَبَرُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ فَصَلَّى عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ» ، زَادَ الْبُخَارِيُّ " بَعْدَ ثَمَانِ سِنِينَ " فَالْمُرَادُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ دَعَا لَهُمْ كَدُعَائِهِ لِلْمَيِّتِ وَالْإِجْمَاعُ يَدُلُّ لَهُ إذْ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ الْمُخَالِفِ لَا يُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، ثُمَّ عَرَّفَ مِنْ هَذَا حُكْمَهُ بِقَوْلِهِ (وَهُوَ) أَيْ الشَّهِيدُ الَّذِي يَحْرُمُ غُسْلُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ ضَابِطُهُ أَنَّهُ كُلُّ (مَنْ مَاتَ) وَلَوْ امْرَأَةً أَوْ رَقِيقًا أَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ (فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ) أَوْ الْكَافِرِ الْوَاحِدِ سَوَاءٌ أَكَانُوا أَهْلَ حَرْبٍ أَمْ رِدَّةٍ أَمْ ذِمَّةٍ قَصَدُوا قَطْعَ الطَّرِيقِ عَلَيْنَا وَنَحْوَ ذَلِكَ (بِسَبَبِهِ) أَيْ الْقِتَالِ، سَوَاءٌ أَقَتَلَهُ كَافِرٌ أَمْ عَادَ إلَيْهِ سَهْمُهُ أَمْ أَصَابَهُ سِلَاحُ مُسْلِمٍ خَطَأً أَمْ تَرَدَّى فِي وَهْدَةٍ أَمْ رَفَسَتْهُ دَابَّةٌ فَمَاتَ أَوْ قَتَلَهُ مُسْلِمٌ بَاغٍ اسْتَعَانَ بِهِ أَهْلُ الْحَرْبِ كَمَا شَمَلَهُ قِتَالُ الْكُفَّارِ أَمْ قَتَلَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْحَرْبِ حَالَ انْهِزَامِهِمْ انْهِزَامًا كُلِّيًّا بِأَنْ تَبِعَهُمْ فَكَّرُوا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ فَكَأَنَّهُ قُتِلَ فِي حَالِ الْقِتَالِ أَمْ قَتَلَهُ الْكُفَّارُ صَبْرًا أَمْ انْكَشَفَ الْحَرْبُ عَنْهُ وَلَمْ يُعْلَمْ سَبَبُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: إذْ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ) أَيْ الشَّهِيدِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَنْ مَاتَ وَلَوْ امْرَأَةً) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ كَانَ مَعَ الْمَرْأَةِ وَلَدٌ صَغِيرٌ وَمَاتَ بِسَبَبِ الْقِتَالِ هَلْ يَكُونُ شَهِيدًا أَمْ لَا؟ فَأَجَبْت عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ الثَّانِي فَلْيُرَاجَعْ لِأَنَّهُ لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَاتَ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ بِسَبَبِهِ فَإِنَّ الظَّاهِرَ مِنْ قَوْلِهِمْ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ أَنَّهُ بِصَدَدِهِ وَلَوْ بِخِدْمَةٍ لِلْغُزَاةِ أَوْ نَحْوِهَا (قَوْلُهُ: قَصَدُوا قَطْعَ الطَّرِيقِ عَلَيْنَا) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ قَتَلَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ مُسْلِمًا غِيلَةً (قَوْلُهُ: بِسَبَبِهِ) أَيْ الْقِتَالِ، وَمِنْهُ مَا قِيلَ إنَّ الْكُفَّارَ يَتَّخِذُونَ خَدِيعَةً يَتَوَصَّلُونَ بِهَا إلَى قَتْلِ الْمُسْلِمِينَ فَيَتَّخِذُونَ سِرْدَابًا تَحْتَ الْأَرْضِ يَمْلَئُونَهُ بِالْبَارُودِ، فَإِذَا مَرَّ بِهِ الْمُسْلِمُونَ أَطْلَقُوا النَّارَ فِيهِ فَخَرَجَتْ مِنْ مَحَلِّهَا وَأَهْلَكَتْ الْمُسْلِمِينَ. [فَائِدَةٌ] قَالَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ: لَوْ كَانَ الْمَقْتُولُ فِي حَرْبِ الْكُفَّارِ عَاصِيًا بِالْخُرُوجِ فَفِيهِ نَظَرٌ عِنْدِي قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ شَهِيدٌ أَمَّا لَوْ كَانَ فَارًّا حَيْثُ لَا يَجُوزُ الْفِرَارُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَهِيدٍ فِي أَحْكَامِ الْآخِرَةِ لَكِنَّهُ شَهِيدٌ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا، وَأَطَالَ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي جَوَابِ الْمَسَائِلِ الْحَلَبِيَّةِ فَلْيُنْظَرْ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ. [فَرْعٌ] قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعُبَابِ: لَوْ دَخَلَ حَرْبِيٌّ بِلَادَ الْإِسْلَامِ فَقَاتَلَ مُسْلِمًا فَقَتَلَهُ فَهُوَ شَهِيدٌ قَطْعًا، وَلَوْ رَمَى مُسْلِمٌ إلَى صَيْدٍ فَأَصَابَ مُسْلِمًا فِي حَالِ الْقِتَالِ فَلَيْسَ بِشَهِيدٍ، قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. قَالَ سم حَجّ: بَقِيَ مَا لَوْ اسْتَعَانَ أَهْلُ الْعَدْلِ بِكُفَّارٍ قَتَلُوا وَاحِدًا مِنْ الْبُغَاةِ حَالَ الْحَرْبِ هَلْ يَكُونُ شَهِيدًا؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ شَهِيدٌ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى بَهْجَةٍ التَّصْرِيحَ بِمَا قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ ذَلِكَ، وَعِبَارَتُهُ قَالَ النَّاشِرِيُّ: وَيَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ: أَيْ الْحَاوِي مَا لَوْ اسْتَعَانَ الْحَرْبِيُّونَ عَلَيْنَا بِبُغَاتِنَا فَقَتَلَ وَاحِدٌ مِنْ الْبُغَاةِ وَاحِدًا مِنَّا عَمْدًا لِأَنَّهُ مَاتَ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ بِسَبَبِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُنْظَرَ إلَى الْقَاتِلِ نَفْسِهِ، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَأَقُولُ: هَذَا الِاحْتِمَالُ يَرُدُّهُ قَوْلُهُمْ أَصَابَهُ سِلَاحُ مُسْلِمٍ خَطَأً أَوْ عَادَ إلَيْهِ سِلَاحُهُ أَوْ سَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ أَوْ رَمَحَتْهُ دَابَّتُهُ لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ اهـ وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ اسْتَعَانَ الْبُغَاةُ بِالْكُفَّارِ ثُمَّ إنَّ وَاحِدًا مِنْ الْبُغَاةِ قَتَلَ وَاحِدًا مِنَّا فَهَلْ يَكُونُ شَهِيدًا نَظَرًا لِاسْتِعَانَتِهِمْ بِكُفَّارٍ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي فَلْيُرَاجَعْ. ثُمَّ نَقَلَ بِالدَّرْسِ عَنْ شَرْحِ الْغَايَةِ لسم التَّصْرِيحَ بِمَا قُلْنَاهُ وَزِيَادَةَ مَا لَوْ قَتَلَ وَاحِدٌ مِنْ الْكُفَّارِ وَاحِدًا مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ فَإِنَّهُ يَكُونُ شَهِيدًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخَادِمِ، وَعِبَارَتُهُ: وَلَوْ اسْتَعَانَ الْكُفَّارُ عَلَيْنَا بِمُسْلِمِينَ فَمَقْتُولُ الْمُسْتَعَانِ بِهِمْ شَهِيدٌ لِأَنَّ هَذَا قِتَالُ كُفَّارٍ، وَلَا نَظَرَ إلَى خُصُوصِ الْقَاتِلِ أَوْ اسْتَعَانَ الْبُغَاةُ عَلَيْنَا بِكُفَّارٍ فَمَقْتُول الْمُسْتَعَانِ بِهِمْ شَهِيدٌ دُونَ مَقْتُولِ الْبُغَاةِ نَقَلَهُ فِي الْخَادِمِ عَنْ الْقَفَّالِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا أَنَّ مُقَاتَلَةَ الْمُسْلِمِ فِي تِلْكَ تَبَعٌ فَكَانَ قَتْلُهُ مُوجِبًا لِلشَّهَادَةِ بِخِلَافِ هَذِهِ اهـ. وَبَقِيَ مَا لَوْ شَكَّ فِي كَوْنِ الْمَقْتُولِ هَلْ قَتَلَهُ مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَهِيدٍ (قَوْلُهُ: أَمْ أَصَابَهُ سِلَاحُ مُسْلِمٍ خَطَأً) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَقْصِدَ كَافِرًا فَيُصِيبَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مَوْتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَثَرُ دَمٍ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَوْتَهُ بِسَبَبِ الْقِتَالِ كَمَا جَزَمَا بِهِ. وَإِنَّمَا لَمْ يُخَرَّجْ ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْ الْأَصْلِ وَالْغَالِبِ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ الظَّاهِرَ يُعْمَلُ بِهِ وَيُتْرَكُ الْأَصْلُ كَمَا لَوْ رَأَيْنَا ظَبْيَةً تَبُولُ فِي الْمَاءِ فَرَأَيْنَاهُ مُتَغَيِّرًا فَإِنَّا نَحْكُمُ بِنَجَاسَتِهِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَةُ الْمَاءِ. ثُمَّ أَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ مِنْ أَقْسَامِ الشَّهِيدِ الْمُتَقَدِّمِ، وَهُوَ شَهِيدُ الْآخِرَةِ، فَقَالَ (فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ انْقِضَائِهِ) أَيْ الْقِتَالِ بِجِرَاحَةٍ يُقْطَعُ بِمَوْتِهِ مِنْهَا وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ فَغَيْرُ شَهِيدٍ فِي الْأَظْهَرِ، سَوَاءٌ أَطَالَ الزَّمَانُ أَمْ قَصُرَ لِحَيَاتِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْقِتَالِ فَأَشْبَهَ مَوْتَهُ بِسَبَبٍ آخَرَ وَالثَّانِي يَلْحَقُهُ بِالْمَيِّتِ فِي الْقِتَالِ. أَمَّا لَوْ انْقَضَى الْقِتَالُ وَحَرَكَةُ الْمَجْرُوحِ فِيهِ حَرَكَةُ مَذْبُوحٍ فَشَهِيدٌ جَزْمًا أَوْ تُوُقِّعَتْ حَيَاتُهُ فَلَيْسَ بِشَهِيدٍ جَزْمًا (أَوْ) مَاتَ عَادِلٌ (فِي قِتَالِ الْبُغَاةِ) . لَهُ (فَغَيْرُ شَهِيدٍ فِي الْأَظْهَرُ) ؛ لِأَنَّهُ قَتِيلُ مُسْلِمٍ فَأَشْبَهَ الْمَقْتُولَ فِي غَيْرِ الْقِتَالِ، وَقَدْ غَسَّلَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ابْنَهَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا أَحَدٌ. وَالثَّانِي نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ كَالْمَقْتُولِ فِي حَرَكَةِ الْكُفَّارِ (وَكَذَا) لَوْ مَاتَ (فِي الْقِتَالِ لَا بِسَبَبِهِ) أَيْ الْقِتَالِ كَمَوْتِهِ بِمَرَضٍ أَوْ فَجْأَةٍ أَوْ قَتَلَهُ مُسْلِمٌ عَمْدًا فَغَيْرُ شَهِيدٍ (عَلَى الْمَذْهَبِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ خَالَفْنَا فِيمَا إذَا مَاتَ بِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الْقِتَالِ تَرْغِيبًا لِلنَّاسِ فِيهِ فَبَقِيَ مَنْ عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ. وَالشَّهِيدُ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ شَهِدَا لَهُ بِالْجَنَّةِ؛ وَلِأَنَّهُ يُبْعَثُ وَلَهُ شَاهِدٌ بِقَتْلِهِ إذْ يُبْعَثُ وَجُرْحُهُ يَتَفَجَّرُ دَمًا وَلِأَنَّ مَلَائِكَةَ الرَّحْمَةِ يَشْهَدُونَهُ فَيَقْبِضُونَ رُوحَهُ، وَقِيلَ إنَّهُ شَهِيدٌ فِي وَجْهٍ؛ لِمَوْتِهِ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ. (وَلَوْ) (اُسْتُشْهِدَ جَنْبٌ) أَوْ نَحْوُهُ كَحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُغَسَّلُ) كَغَيْرِهِ «؛ لِأَنَّ حَنْظَلَةَ بْنَ الرَّاهِبِ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ وَهُوَ جُنُبٌ، وَلَمْ يُغَسِّلْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ: رَأَيْت الْمَلَائِكَةَ تُغَسِّلُهُ» فَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمْ يَسْقُطْ إلَّا بِفِعْلِنَا؛ وَلِأَنَّهُ طُهْرٌ عَنْ حَدَثٍ فَسَقَطَ بِالشَّهَادَةِ كَغُسْلِ الْمَيِّتِ فَيَحْرُمُ، إذْ لَا قَائِلَ بِغَيْرِ الْوُجُوبِ وَالتَّحْرِيمِ وَقَدْ انْتَفَى الْأَوَّلُ فَثَبَتَ الثَّانِي، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يُغَسَّلُ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ إنَّمَا تُؤَثِّرُ فِي غُسْلٍ وَجَبَ بِالْمَوْتِ، وَهُنَا الْغُسْلُ كَانَ وَاجِبًا قَبْلَهُ، وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِمَا مَرَّ (وَ) الْأَصَحُّ أَنَّهُ: أَيْ الشَّهِيدَ (تُزَالُ) وُجُوبًا (نَجَاسَةُ غَيْرِ الدَّمِ) الْمُتَعَلِّقِ بِالشَّهَادَةِ وَإِنْ حَصَلَ بِسَبَبِ الشَّهَادَةِ كَبَوْلٍ خَرَجَ بِسَبَبِ الْقَتْلِ وَسَوَاءٌ فِي إزَالَتِهَا أَدَّى إلَى إزَالَةِ دَمِهِ الْحَاصِلِ بِسَبَبِهَا أَوْ لَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَثَرِ الْعِبَادَةِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ النَّجَسُ الْغَيْرُ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ. أَمَّا دَمُهَا فَتَحْرُمُ إزَالَتُهُ لِإِطْلَاقِ النَّهْيِ عَنْ غُسْلِ الشَّهِيدِ وَلِأَنَّهُ أَثَرُ عِبَادَةٍ، وَإِنَّمَا لَمْ تَحْرُمْ إزَالَةُ الْخُلُوفِ مِنْ الصَّائِمِ مَعَ أَنَّهُ أَثَرُ عِبَادَةٍ؛ لِأَنَّهُ الْمُفَوِّتُ عَلَى نَفْسِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا، حَتَّى لَوْ فُرِضَ أَنَّ غَيْرَهُ أَزَالَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَقَدْ مَرَّتْ الْإِشَارَةُ لِذَلِكَ فِي بَابِ الْوُضُوءِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSأَوْ لَا وَلَا مَانِعَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَتِيلُ مُسْلِمٍ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَتَلَهُ كَافِرٌ اسْتَعَانُوا بِهِ كَانَ شَهِيدًا وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ عَنْ النَّاشِرِيِّ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمْ يَسْقُطْ) قَدْ تُمْنَعُ هَذِهِ الْمُلَازَمَةُ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ: أَيْ وَيُقَالُ الْمَدَارُ عَلَى مُجَرَّدِ غَسْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِنَا (قَوْلُهُ: النَّجَسُ الْغَيْرُ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ) أَيْ أَمَّا هُوَ فَتَحْرُمُ إزَالَتُهُ إنْ أَدَّتْ إلَى إزَالَةِ الدَّمِ (قَوْلُهُ: أَمَّا دَمُهَا) أَيْ الْخَارِجُ مِنْ الْمَقْتُولِ نَفْسِهِ، بِخِلَافِ الْحَاصِلِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُزَالُ هُوَ ظَاهِرٌ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ فِي حِكْمَةِ تَسْمِيَتِهِ شَهِيدًا؛ لِأَنَّ لَهُ شَاهِدًا بِقَتْلِهِ وَهُوَ دَمُهُ لِأَنَّهُ يُبْعَثُ وَجُرْحُهُ يَتَفَجَّرُ دَمًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْمُفَوِّتُ عَلَى نَفْسِهِ) تَقَدَّمَ مَا يُصَرَّحُ بِالْفَرْقِ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ حَصَلَ بِسَبَبِ الشَّهَادَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: إنَّ غَيْرَهُ أَزَالَهُ) أَيْ الْخُلُوفَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: يُقْطَعُ بِمَوْتِهِ مِنْهَا) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: وَحَرَكَةُ الْمَجْرُوحِ فِيهِ حَرَكَةُ مَذْبُوحٍ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، وَقَوْلُهُ: أَوْ تُوُقِّعَتْ حَيَاتُهُ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ يُقْطَعُ بِمَوْتِهِ مِنْهَا عَلَى طَرِيقِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُشَوَّشِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَجْرُوحَ الْمَذْكُورَ إمَّا أَنْ تَكُونَ حَرَكَتُهُ حَرَكَةَ مَذْبُوحٍ فَهُوَ شَهِيدٌ جَزْمًا، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ ثُمَّ هَذَا إمَّا أَنْ يُقْطَعَ بِمَوْتِهِ مِنْ الْجِرَاحَةِ كَأَنْ قُطِعَتْ أَمْعَاؤُهُ فَهُوَ شَهِيدٌ فِي الْأَظْهَرِ، وَإِمَّا أَنْ لَا يُقْطَعَ بِمَوْتِهِ مِنْهَا بَلْ تُتَوَقَّعُ

وَالثَّانِي لَا تُزَالُ لِإِطْلَاقِ النَّهْيِ عَنْ الشَّهِيدِ فَإِنْ حَصَلَ بِسَبَبِهَا نَجَاسَةٌ غَيْرُ الدَّمِ فَهَلْ لَهَا حُكْمُهُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَثَرِ الشَّهَادَةِ أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَشْهُودَ لَهُ بِالْفَضْلِ الدَّمُ فَقَطْ؛ وَلِأَنَّ نَجَاسَتَهُ أَخَفُّ؟ فِي كَلَامِهِمْ مَا يُشْبِهُ التَّنَافِي وَالثَّانِي أَقْرَبُ. (وَيُكَفَّنُ) الشَّهِيدُ اسْتِحْبَابًا (فِي ثِيَابِهِ الْمُلَطَّخَةِ بِالدَّمِ) لِخَبَرِ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ «رُمِيَ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فِي صَدْرِهِ أَوْ حَلْقِهِ فَمَاتَ فَأُدْرِجَ فِي ثِيَابِهِ كَمَا هُوَ وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَالْمُرَادُ ثِيَابُهُ الَّتِي مَاتَ فِيهَا وَاعْتِيدَ لُبْسُهَا غَالِبًا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُلَطَّخَةً بِالدَّمِ لَكِنَّ الْمُلَطَّخَةَ بِهِ أَوْلَى كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَالتَّقْيِيدُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ بِالْمُلَطَّخَةِ لِبَيَانِ الْأَكْمَلِ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ عَدَمُ وُجُوبِ تَكْفِينِهِ فِيهَا كَسَائِرِ الْمَوْتَى، وَفَارَقَ الْغُسْلَ بِإِبْقَاءِ أَثَرِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْبَدَنِ، وَالصَّلَاةَ عَلَيْهِ بِإِكْرَامِهِ وَالْإِشْعَارِ بِاسْتِغْنَائِهِ عَنْ الدُّعَاءِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَوْبُهُ سَابِغًا) أَيْ سَاتِرًا لِجَمِيعِ بَدَنِهِ (تُمِّمَ) وُجُوبًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا سِوَى الْعَوْرَةِ حَقٌّ لِلْمَيِّتِ لَا يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِ، وَلَوْ أَرَادَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ نَزْعَهَا وَامْتَنَعَ الْبَاقُونَ أُجِيبَ الْمُمْتَنِعُونَ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ كَمَا لَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ نُكَفِّنُهُ فِي ثَوْبٍ وَامْتَنَعَ الْبَاقُونَ، وَيُسَنُّ نَزْعُ آلَةِ الْحَرْبِ عَنْهُ كَدِرْعٍ، وَكَذَا كُلُّ مَا لَا يُعْتَادُ لُبْسُهُ لِلْمَيِّتِ غَالِبًا كَخُفٍّ وَفَرْوَةٍ وَجُبَّةٍ مَحْشُوَّةٍ كَسَائِرِ الْمَوْتَى، نَعَمْ يَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ وَرَضِيَ بِهِ الْوَارِثُ الْمُطْلَقُ التَّصَرُّفِ وَإِلَّا وَجَبَ نَزْعُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَشْهُودَ لَهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَاعْتِيدَ لُبْسُهَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِيضًا إبْقَاءً لِأَثَرِ الشَّهَادَةِ، وَعَلَيْهِ فَمَحَلُّ سَنِّ التَّكْفِينِ فِي الْأَبْيَضِ حَيْثُ لَمْ يُعَارِضْهُ مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ (قَوْلُهُ وَيُسَنُّ نَزْعُ آلَةِ الْحَرْبِ) أَيْ وَلَوْ فُرِضَ أَنَّهُ يُعَدُّ إزْرَاءً لَا الْتِفَاتَ إلَيْهِ لِوُرُودِ الْأَمْرِ بِهِ (قَوْلُهُ: مَا لَا يُعْتَادُ لُبْسُهُ لِلْمَيِّتِ) الْمُرَادُ مَا لَا يُعْتَادُ التَّكْفِينُ فِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQحَيَاتُهُ فَغَيْرُ شَهِيدٍ جَزْمًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَصَلَ بِسَبَبِهَا نَجَاسَةُ غَيْرِ الدَّمِ إلَخْ) تَقَدَّمَ حُكْمُ هَذَا فِي كَلَامِهِ قَرِيبًا مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ.

[فصل في دفن الميت وما يتعلق به]

فَصْلٌ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (أَقَلُّ الْقَبْرِ) الْمُحَصِّلِ لِلْوَاجِبِ (حُفْرَةٌ تَمْنَعُ) بَعْدَ رَدْمِهَا (الرَّائِحَةَ) أَنْ تَظْهَرَ مِنْهُ فَتُؤْذِيَ الْحَيَّ (وَ) تَمْنَعُ (السَّبُعَ) عَنْ نَبْشِهَا لِأَكْلِ الْمَيِّتِ، إذْ حِكْمَةُ الدَّفْنِ صَوْنُهُ عَنْ انْتِهَاكِ جِسْمِهِ وَانْتِشَارِ رِيحِهِ الْمُسْتَلْزِمِ لِلتَّأَذِّي بِهَا وَاسْتِقْذَارِ جِيفَتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ حُفْرَةٍ تَمْنَعُ ذَيْنَك. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَالْغَرَضُ مِنْ ذِكْرِهِمَا إنْ كَانَا مُتَلَازِمَيْنِ بَيَانُ فَائِدَةِ الدَّفْنِ، وَإِلَّا فَبَيَانُ وُجُوبِ رِعَايَتِهِمَا فَلَا يَكْفِي أَحَدُهُمَا اهـ. وَظَاهِرٌ أَنَّهُمَا غَيْرُ مُتَلَازِمَيْنِ كَالْفَسَاقِيِ الَّتِي لَا تَكْتُمُ الرَّائِحَةَ مَعَ مَنْعِهَا الْوَحْشَ فَلَا يَكْفِي الدَّفْنُ فِيهَا، وَقَدْ قَالَ السُّبْكِيُّ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالْفَسَاقِيِ نَظَرٌ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُعَدَّةً لِكَتْمِ الرَّائِحَةِ، وَلِأَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَى هَيْئَةِ الدَّفْنِ الْمَعْهُودِ شَرْعًا. قَالَ: وَقَدْ أَطْلَقُوا تَحْرِيمَ إدْخَالِ مَيِّتٍ عَلَى مَيِّتٍ لِمَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ الْأَوَّلِ وَظُهُورِ رَائِحَتِهِ فَيَجِبُ إنْكَارُ ذَلِكَ اهـ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ ضَابِطَ الدَّفْنِ الشَّرْعِيِّ مَا مَرَّ، فَإِنْ مُنِعَ ذَلِكَ كَفَى، وَإِلَّا فَلَا سَوَاءٌ أَكَانَ فَسْقِيَّةً ـــــــــــــــــــــــــــــS [فَصْلٌ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ] قَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) أَيْ الْمَيِّتُ كَالتَّعْزِيَةِ (قَوْلُهُ: وَالْغَرَضُ مِنْ ذِكْرِهِمَا) أَيْ الرَّائِحَةِ وَالسَّبُعِ، (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَى هَيْئَةِ الدَّفْنِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهَا لَا تَكْفِي، وَإِنْ فُرِضَ مَنْعُهَا الرَّائِحَةَ، وَكَانَ صُورَةُ وَضْعِهَا أَنَّهَا مَحْفُورَةٌ فِي الْأَرْضِ قَبْلَ بِنَائِهَا، وَأَوْلَى مِنْهَا بِعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ مَا لَوْ كَانَتْ مَبْنِيَّةً عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ: الْمَعْهُودِ شَرْعًا) بَلْ هِيَ عَلَى صُورَةِ الْبُيُوتِ الْمَبْنِيَّةِ تَحْتَ الْأَرْضِ فَهِيَ لَا تَتَقَاعَدُ عَنْ الْمَغَارَاتِ الَّتِي فِي الْجِبَالِ وَهِيَ لَا تَكْفِي فِي الدَّفْنِ. وَقَوْلُهُ وَقَدْ قَالَ السُّبْكِيُّ إلَخْ، عِبَارَةُ حَجّ: وَقَدْ قَطَعَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَالسُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِحُرْمَةِ الدَّفْنِ فِيهَا. (قَوْلُهُ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ ضَابِطَ الدَّفْنِ الشَّرْعِيِّ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مَنْعِ الرَّائِحَةِ وَالسَّبُعِ، وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ فِي مَحَلٍّ لَا تَصِلُ إلَيْهِ السِّبَاعُ أَصْلًا وَلَا يَدْخُلُهُ مَنْ يَتَأَذَّى بِالرَّائِحَةِ، بَلْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ رَائِحَةٌ أَصْلًا كَأَنْ جَفَّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ عَنْ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَ فَسْقِيَّةً) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (فَصْلٌ) فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) أَيْ بِالدَّفْنِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ تَرْجِيعِ الضَّمِيرِ إلَى الْمَيِّتِ، وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُتَعَلِّقَ بِالْمَيِّتِ أَعَمُّ مِنْ الدَّفْنِ كَالصَّلَاةِ وَالْكَفَنِ وَغَيْرِهَا، وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مَذْكُورًا فِي الْفَصْلِ (قَوْلُهُ الْمُحَصَّلُ) بِالرَّفْعِ أَوْ بِالْجَرِّ (قَوْلُهُ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ ضَابِطَ الدَّفْنِ الشَّرْعِيِّ مَا مَرَّ) مِنْ جُمْلَةِ مَا مَرَّ كَوْنُهُ حُفْرَةً، فَلَا تَكْفِي الْفَسَاقِي الَّتِي عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ بَعْدُ وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ حُفْرَةٌ إلَخْ، وَلَعَلَّ هَذَا مَحْمَلُ كَلَامِ السُّبْكِيّ.

أَمْ غَيْرَهَا، وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ حُفْرَةٌ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِوَضْعِهِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَالْبِنَاءُ عَلَيْهِ بِمَا يَمْنَعُ ذَيْنَكَ. نَعَمْ لَوْ تَعَذَّرَ الْحَفْرُ لَمْ يُشْتَرَطْ كَمَا لَوْ مَاتَ بِسَفِينَةٍ، وَالسَّاحِلُ بَعِيدٌ أَوْ بِهِ مَانِعٌ فَيَجِبُ غُسْلُهُ وَتَكْفِينُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُجْعَلُ بَيْنَ لَوْحَيْنِ لِئَلَّا يَنْتَفِخَ، ثُمَّ يُلْقَى لِيَنْبِذَهُ الْبَحْرُ إلَى السَّاحِلِ وَإِنْ كَانَ أَهْلُهُ كُفَّارًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَجِدَهُ مُسْلِمٌ فَيَدْفِنَهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يُثَقَّلَ لِيَنْزِلَ إلَى الْقَرَارِ وَإِنْ كَانَ أَهْلُ الْبَرِّ مُسْلِمِينَ. أَمَّا إذَا أَمْكَنَ دَفْنُهُ لِكَوْنِهِمْ قُرْبَ الْبَرِّ وَلَا مَانِعَ فَيَلْزَمُهُمْ التَّأْخِيرُ لِيَدْفِنُوهُ فِيهِ (وَيُنْدَبُ أَنْ يُوَسَّعَ) بِأَنْ يُزَادَ فِي عَرْضِهِ وَطُولِهِ (وَيُعْمَقَ) بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَقِيلَ بِالْمُعْجَمَةِ وَهُوَ الزِّيَادَةُ فِي النُّزُولِ لِخَبَرِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي قَتْلَى أُحُدٍ: احْفِرُوا وَأَوْسِعُوا وَأَعْمِقُوا» وَفِي الْمَجْمُوعِ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يُوَسَّعَ الْقَبْرُ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ وَرَأْسِهِ: أَيْ فَقَطْ، وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالْمَعْنَى يُسَاعِدُهُ لِيَصُونَهُ مِمَّا يَلِي ظَهْرَهُ مِنْ الِانْقِلَابِ (قَامَةً وَبَسْطَةً) أَيْ قَدْرَهُمَا مِنْ رَجُلٍ مُعْتَدٍ لَهُمَا بِأَنْ يَقُومَ بَاسِطًا يَدَيْهِ مَرْفُوعَتَيْنِ؛ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَوْصَى بِذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْمَقْصُودِ وَهُمَا أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ وَنِصْفٌ كَمَا صَوَّبَهُ الْمُصَنِّفُ، وَحَمَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَلَى ذِرَاعِ الْيَدِ، وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ إنَّهَا ثَلَاثَةٌ وَنِصْفٌ عَلَى الذِّرَاعِ الْمَعْرُوفِ (وَاللَّحْدُ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّهَا وَسُكُونِ الْحَاءِ فِيهِمَا. وَالْمُرَادُ أَنْ يُحْفَرَ فِي أَسْفَلَ بِجَانِبِ الْقَبْرِ الْقِبْلِيِّ مَائِلًا عَنْ الِاسْتِوَاءِ قَدْرَ مَا يَسَعُ الْمَيِّتَ وَيَسْتُرُهُ (أَفْضَلُ مِنْ الشَّقِّ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ أَنْ يُحْفَرَ قَعْرُ الْقَبْرِ كَالنَّهْرِ، وَيُبْنَى جَانِبَاهُ بِلَبِنٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ، وَيُجْعَلَ بَيْنَهُمَا شَقٌّ يُوضَعُ فِيهِ الْمَيِّتُ وَيُسَقَّفُ عَلَيْهِ بِلَبِنٍ أَوْ خَشَبٍ أَوْ حِجَارَةٍ وَهُوَ أَوْلَى، وَيُرْفَعُ السَّقْفُ قَلِيلًا بِحَيْثُ لَا يَمَسُّ الْمَيِّتَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ حَيْثُ قِيلَ بِجَوَازِ الدَّفْنِ فِيهَا (قَوْلُهُ: بِمَا يَمْنَعُ ذَيْنَكَ) وَفِي حُكْمِهِ حُفْرَةٌ لَا تَمْنَعُ مَا مَرَّ إذَا وُضِعَ فِيهَا ثُمَّ بُنِيَ عَلَيْهِ مَا يَمْنَعُ ذَلِكَ، فَلَا يَكْفِي. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ مَاتَ بِسَفِينَةٍ) أَيْ أَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ خَوَّارَةً أَوْ يَنْبُعُ مِنْهَا مَا يُفْسِدُ الْمَيِّتَ وَأَكْفَانَهُ كَالْفَسَاقِيِ الْمَعْرُوفَةِ بِبُولَاقَ وَلَا يُكَلَّفُونَ الدَّفْنَ بِغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُجْعَلُ بَيْنَ لَوْحَيْنِ) أَيْ نَدْبًا (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُلْقَى لِيَنْبِذَهُ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ اهـ مُخْتَصَرُ صِحَاحٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ أَهْلُهُ) أَيْ السَّاحِلِ (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُمْ التَّأْخِيرُ لِيَدْفِنُوهُ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إرْسَالُهُ فِي الْبَحْرِ بِلَا جَعْلٍ بَيْنَ لَوْحَيْنِ وَبِلَا تَثْقِيلٍ، وَأَظْهَرُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ إرْسَالِهِ بِلَا تَثْقِيلٍ وَلَا شَدٍّ بَيْنَ أَلْوَاحٍ قَوْلُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: فَإِنْ أُلْقِيَ فِيهِ بِدُونِ جَعْلِهِ بَيْنَ لَوْحَيْنِ وَثِقْلٍ لَمْ يَأْثَمُوا انْتَهَى. فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّهُمْ يَأْثَمُونَ لَوْ أَلْقَوْهُ بِلَا تَثْقِيلٍ، وَفِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ مَا يُوَافِقُ كَلَامَ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ (قَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ أَنْ يُوَسَّعَ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِقْدَارَ مَا يَسَعُ مَنْ يَنْزِلُ الْقَبْرَ وَمَنْ يَدْفِنُهُ لَا أَزْيَدَ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَحْجِيرًا عَلَى النَّاسِ (قَوْلُهُ: وَيُعَمَّقَ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَإِنْ قُلْت: مَا حِكْمَةُ التَّوْسِيعِ وَالتَّعْمِيقِ؟ قُلْت: يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ التَّوْسِيعُ مَعَ أَنَّ فِيهِ إكْرَامًا لِلْمَيِّتِ، فَإِنَّ فِي إنْزَالِ الشَّخْصِ فِي الْمَكَانِ الْوَاسِعِ إكْرَامًا لَهُ، وَفِي إنْزَالِهِ فِي الْمَكَانِ الضَّيِّقِ نَوْعَ إهَانَةٍ لَهُ أَرْفَقَ بِالْمَيِّتِ وَبِمَنْ يُنْزِلُهُ الْقَبْرَ؛ لِأَنَّهُ إذَا اتَّسَعَ أَمْكَنَ أَنْ يَقِفَ فِيهِ الْمُنَزِّلُ إذَا تَعَدَّدَ لِلْحَاجَةِ، وَأَمِنَ مِنْ انْصِدَامِ الْمَيِّتِ بِجُدْرَانِهِ حَالَ إنْزَالِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَالْغَرَضُ كَتْمُ الرَّائِحَةِ وَالسَّبُعِ، وَالتَّعْمِيقُ أَبْلَغُ فِي حُصُولِ ذَلِكَ. فَإِنْ قُلْت: هَلَّا طَلَبَ زِيَادَةً عَلَى قَامَةٍ وَبَسْطَةٍ؟ قُلْت: الْقَامَةُ وَالْبَسْطَةُ أَرْفَقُ بِالْمَيِّتِ وَالْمُنَزِّلِ؛ لِأَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مَعَ ذَلِكَ مِنْ تَنَاوُلِهِ بِسُهُولَةٍ مِمَّنْ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ، بِخِلَافِهِ مَعَ الزِّيَادَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ: احْفِرُوا) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ مِنْ بَابِ ضَرَبَ (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى يُسَاعِدُهُ لِيَصُونَهُ) أَيْ وَلَا يُوَسَّعُ خَلْفَهُ لِيَصُونَهُ مِمَّا يَلِي إلَخْ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ مَحْمُولٌ عَلَى الشَّقِّ وَاللَّحْدِ لِيُلَاقِيَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: وَيُنْدَبُ أَنْ يُوَسَّعَ وَيُعَمَّقَ وَفَرَضَهُ حَجّ فِيهِمَا، أَوْ يُقَالُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَقُومَ بَاسِطًا يَدَيْهِ) أَيْ غَيْرَ قَابِضٍ لِأَصَابِعِهِمَا (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ إنَّهَا ثَلَاثَةٌ وَنِصْفٌ) أَيْ الْأَذْرُعُ (قَوْلُهُ: عَلَى الذِّرَاعِ الْمَعْرُوفِ) أَيْ الَّذِي اُعْتِيدَ الذَّرْعُ بِهِ، وَهُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَهُمْ بِذِرَاعِ النَّجَّارِ: أَيْ وَهِيَ تَقْرُبُ مِنْ الْأَرْبَعَةِ وَنِصْفٍ بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ فَلَا تَخَالُفَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: الْقِبْلِيِّ) أَيْ فَإِنْ حَفَرُوا فِي الْجِهَةِ الْمُقَابِلَةِ لَهَا كُرِهَ (قَوْلُهُ مِمَّا لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ) أَيْ الْأَوْلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ حِجَارَةٍ) أَيْ مِنْ حِجَارَةِ الْجَبَلِ الْمَعْرُوفَةِ (قَوْلُهُ وَيُرْفَعُ السَّقْفُ قَلِيلًا) هَلْ ذَلِكَ وُجُوبًا لِئَلَّا يَزْرِيَ بِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[اللحد أفضل من الشق]

(إنْ صَلُبَتْ الْأَرْضُ) ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي فُعِلَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. أَمَّا الرِّخْوَةُ وَهِيَ الَّتِي تَتَهَاوَرُ وَلَا تَتَمَاسَكُ فَالشَّقُّ أَفْضَلُ خَشْيَةَ الِانْهِيَارِ (وَيُوضَعُ) نَدْبًا (رَأْسُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (عِنْدَ رِجْلِ الْقَبْرِ) أَيْ مُؤَخَّرِهِ الَّذِي سَيَصِيرُ عِنْدَ سُفْلِهِ رِجْلُ الْمَيِّتِ (وَيُسَلُّ) الْمَيِّتُ (مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ) سَلًّا (بِرِفْقٍ) مِنْ غَيْرِ عُنْفٍ؛ لِأَنَّهُ السُّنَّةُ فِي إدْخَالِهِ. أَمَّا الْوَضْعُ كَذَلِكَ فَلِمَا صَحَّ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ مِنْ السُّنَّةِ. وَأَمَّا السَّلُّ فَلِمَا صَحَّ أَنَّهُ فُعِلَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ أُدْخِلَ مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ ضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ، وَإِنْ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، مَعَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُمْكِنُ لِأَنَّ شَقَّ قَبْرِهِ لَاصِقٌ بِالْجِدَارِ، وَلَحْدُهُ تَحْتَ الْجِدَارِ فَلَا مَحَلَّ هُنَاكَ يُوضَعُ فِيهِ، قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ (وَيُدْخِلُهُ الْقَبْرَ الرِّجَالُ) مَتَى وُجِدُوا وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ أُنْثَى، بِخِلَافِ النِّسَاءِ لِضَعْفِهِنَّ عَنْ ذَلِكَ غَالِبًا، وَلِمَا صَحَّ مِنْ أَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا طَلْحَةَ أَنْ يَنْزِلَ فِي قَبْرِ ابْنَتِهِ أُمِّ كُلْثُومٍ مَعَ أَنَّ لَهَا مَحَارِمَ مِنْ النِّسَاءِ كَفَاطِمَةَ وَغَيْرِهَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. نَعَمْ يُنْدَبُ لَهُنَّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنْ يَلِينَ حَمْلَ الْمَرْأَةِ مِنْ مُغْتَسَلِهَا إلَى النَّعْشِ وَتَسْلِيمَهَا لِمَنْ فِي الْقَبْرِ وَحَلَّ ثِيَابِهَا فِيهِ، وَمَا وَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ تَبَعًا لِرَاوِي الْحَدِيثِ أَنَّهَا رُقَيَّةُ رَدَّهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ الْأَوْسَطِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَشْهَدْ مَوْتَ رُقَيَّةَ وَلَا دَفْنَهَا: أَيْ لِأَنَّهُ كَانَ بِبَدْرٍ (وَأَوْلَاهُمْ) أَيْ الرِّجَالِ بِذَلِكَ (الْأَحَقُّ بِالصَّلَاةِ) عَلَيْهِ دَرَجَةً، وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ، وَخَرَجَ بِدَرَجَةٍ الْأَوْلَى بِهَا صِفَةً إذْ الْأَفْقَهُ أَوْلَى مِنْ الْأَسَنِّ الْأَقْرَبِ، وَالْبَعِيدُ الْفَقِيهُ أَوْلَى مِنْ الْأَقْرَبِ غَيْرِ الْفَقِيهِ هُنَا عَكْسُ مَا فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَذَلِكَ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَيُدْخِلُهُ الْقَبْرَ) أَيْ نَدْبًا حَجّ (قَوْلُهُ: الرِّجَالُ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ مَا يَشْمَلُ الصِّبْيَانَ حَيْثُ كَانَ فِيهِمْ قُوَّةٌ، (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ النِّسَاءِ لِضَعْفِهِنَّ) أَيْ فَيَكُونُ مَكْرُوهًا خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ حَرَّمَهُ، وَعِبَارَةُ الْخَطِيبِ: وَظَاهِرُهُ فِي الْمُخْتَصَرِ وَكَلَامِ الشَّامِلِ وَالنِّهَايَةِ أَنَّ هَذَا وَاجِبٌ عَلَى الرِّجَالِ عِنْدَ وُجُودِهِمْ وَتَمَكُّنِهِمْ، وَاسْتَظْهَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: أَنْ يَلِينَ حَمْلَ الْمَرْأَةِ مِنْ مُغْتَسَلِهَا) وَكَذَا مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي هِيَ فِيهِ بَعْدَ الْمَوْتِ إلَى الْمُغْتَسَلِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَشَقَّةٌ عَلَيْهِنَّ (قَوْلُهُ: وَحَلَّ ثِيَابِهَا فِيهِ) مِثْلُهُ فِي الْمَنْهَجِ وَعِبَارَةُ حَجّ: شِدَادُهَا فِيهِ: فَيُحْمَلُ كَلَامُهَا عَلَيْهِ، (قَوْلُهُ: إذْ الْأَفْقَهُ أَوْلَى مِنْ الْأَسَنِّ) أَيْ فَالْفَاضِلُ صِفَةً يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَتْ دَرَجَتُهُ أَقْرَبَ فَلَيْسَ التَّقْدِيمُ بِالصِّفَةِ مَخْصُوصًا بِالْمُسْتَوِيَيْنِ فِي الدَّرَجَةِ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجِ قَوْلِهِ دَرَجَةً قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ: أَيْ مِنْ حَيْثُ الدَّرَجَاتِ لَا الصِّفَاتِ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ هُنَا الْأَفْقَهُ: أَيْ بِالدَّفْنِ عَلَى الْأَقْرَبِ وَالْأَسَنِّ، وَالْبَعِيدُ الْفَقِيهُ عَلَى الْأَقْرَبِ غَيْرِ الْفَقِيهِ، وَثَمَّ بِالْعَكْسِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ تَقْدِيمُ الْفَقِيهِ عَلَى الْأَسَنِّ غَيْرِ الْفَقِيهِ وَهُوَ مُسَاوٍ لِمَا مَرَّ ثَمَّةَ اهـ. وَقَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ إلَخْ: أَيْ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الدَّرَجَةِ وَإِنْ لَمْ يُسَاوِ مَا مَرَّ تَتِمَّةً فَتَأَمَّلْ. لَا يُقَالُ: قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ هُنَا الْأَفْقَهُ إلَخْ فِيهِ التَّقْدِيمُ بِالصِّفَاتِ فَيُخَالِفُ مَا رَتَّبَهُ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ التَّقْدِيمَ بِالدَّرَجَاتِ لَا بِالصِّفَاتِ. لِأَنَّا نَقُولُ: مَعْنَى الْكَلَامِ أَنَّهُ إذَا تَجَرَّدَتْ الدَّرَجَاتُ رَاعَيْنَا مَا فِي الصَّلَاةِ، وَإِذَا وُجِدَتْ الصِّفَاتُ لَمْ يُرَاعَ مَا فِي الصَّلَاةِ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنْ لَا تَقَدُّمَ إلَّا بِالدَّرَجَاتِ وَلَا تَقَدُّمَ بِالصِّفَاتِ كَمَا يُتَوَهَّمُ، وَالْأَصْوَبُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ لَا الصِّفَاتِ: أَيْ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَلَمْ نُقَدِّمْ هُنَا بِالصِّفَاتِ الْمُقَدَّمِ بِهَا فِي الصَّلَاةِ بَلْ بِعَكْسِهَا، فَلَا إشْكَالَ بِوَجْهٍ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: عَكْسُ مَا فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ) وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْوَالِيَ لَا حَقَّ لَهُ هُنَا فِي الصَّلَاةِ، قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَنَازَعَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ الْقِيَاسَ أَنَّهُ أَحَقُّ فَلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [اللَّحْدُ أَفْضَلُ مِنْ الشَّقِّ] قَوْلُهُ: الْأَحَقُّ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ دَرَجَةٌ) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ فِي صِفَةِ الْفِقْهِ أَوْ عَدَمِهَا بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ الْأَوْلَى بِهَا صِفَةٌ) الْمُرَادُ بِالصِّفَةِ هُنَا خُصُوصُ الْفِقْهِ لَا مُطْلَقُ الصِّفَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ، وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُقَالُ لِأَيِّ مَعْنًى: لَمْ يَبْقَى الْمَتْنُ عَلَى إطْلَاقِهِ لِيَكُونَ أَفْيَدَ ثُمَّ يُسْتَثْنَى مِنْهُ الْأَفْقَهُ. وَاسْتِثْنَاءُ صُورَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمَتْنِ مَعَ إبْقَائِهِ عَلَى إطْلَاقِهِ أَسْهَلُ مِنْ إخْرَاجِهِ عَنْ إطْلَاقِهِ لِأَجْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ (قَوْلُهُ: عَكْسُ مَا فِي الصَّلَاةِ) هُوَ عَكْسُ مَا فِي الصَّلَاةِ مِنْ جِهَتَيْنِ:

وَالْمُرَادُ بِالْأَفْقَهِ الْأَعْلَمُ بِذَلِكَ الْبَابِ. قُلْت: كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (إلَّا أَنْ تَكُونَ) (امْرَأَةً مُزَوَّجَةً فَأَوْلَاهُمْ) أَيْ الرِّجَالِ بِإِدْخَالِهَا الْقَبْرَ (الزَّوْجُ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهَا حَقٌّ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِنَظَرِهِ فِي الْحَيَاةِ مَا لَا يَنْظُرُ إلَيْهِ غَيْرُهُ وَيَلِيهِ الْأَفْقَهُ وَالْأَشْبَهُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ تَقْدِيمُ مَحَارِمِ الرَّضَاعِ وَمَحَارِمِ الْمُصَاهَرَةِ عَلَى عَبِيدِهَا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْعِنِّينَ وَالْهِمَّ مِنْ الْفُحُولِ أَضْعَفُ شَهْوَةً مِنْ شَبَابِ الْخُصْيَانِ فَيُقَدَّمَانِ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْ الْمَحَارِمِ، ثُمَّ عَبْدُهَا؛ لِأَنَّهُ كَالْمَحْرَمِ فِي النَّظَرِ وَنَحْوِهِ، ثُمَّ الْمَمْسُوحُ ثُمَّ الْمَجْبُوبُ ثُمَّ الْخَصِيُّ لِضَعْفِ شَهْوَتِهِمْ، وَرُتِّبُوا كَذَلِكَ لِتَفَاوُتِهِمْ فِيهَا، ثُمَّ الْعَصَبَةُ الَّذِي لَا مَحْرَمِيَّةَ لَهُ كَبَنِي عَمٍّ وَمُعْتَقٍ وَعَصَبَتِهِ كَتَرْتِيبِهِمْ فِي الصَّلَاةِ، ثُمَّ مَنْ لَا مَحْرَمِيَّةَ لَهُ كَذَلِكَ كَبَنِي خَالٍ وَبَنِي عَمَّةٍ ثُمَّ الْأَجْنَبِيُّ الصَّالِحُ لِخَبَرِ أَبِي طَلْحَةَ، ثُمَّ الْأَفْضَلُ فَالْأَفْضَلُ، ثُمَّ النِّسَاءُ كَتَرْتِيبِهِنَّ فِي الْغُسْلِ وَالْخَنَاثِي كَالنِّسَاءِ. وَلَوْ اسْتَوَى اثْنَانِ دَرَجَةً وَفَضِيلَةً وَتَنَازَعَا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَالسَّيِّدُ فِي الْأَمَةِ الَّتِي تَحِلُّ لَهُ كَالزَّوْجِ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ شُرَّاحِ الْكِتَابِ. وَأَمَّا غَيْرُهَا فَهَلْ هُوَ مَعَهَا كَالْأَجْنَبِيِّ أَوْ لَا الْوَجْهُ لَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مَحْرَمِيَّةٌ؛ لِأَنَّهُ فِي النَّظَرِ وَنَحْوِهِ كَالْمَحْرَمِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ عَبْدِ الْمَرْأَةِ إذْ الْمَالِكِيَّةُ أَقْوَى مِنْ الْمَمْلُوكِيَّةِ. وَأَمَّا الْعَبْدُ فَهُوَ أَحَقُّ بِدَفْنِهِ مِنْ الْأَجَانِبِ حَتْمًا وَالْوَالِي هُنَا لَا يُقَدَّمُ عَلَى الْقَرِيبِ جَزْمًا. وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ التَّرْتِيبَ مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمَا عَنْ الْإِمَامِ لَا أَرَى تَقْدِيمَ ذَوِي الْأَرْحَامِ مَحْتُومًا بِخِلَافِ الْمَحَارِمِ؛ لِأَنَّهُمْ كَالْأَجَانِبِ فِي وُجُوبِ الِاحْتِجَابِ؛ لِأَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSالتَّقْدِيمُ أَوْ التَّقَدُّمُ اهـ حَجّ. ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ الْآتِيَ: وَالْوَالِي هُنَا لَا يُقَدَّمُ عَلَى الْقَرِيبِ جَزْمًا (قَوْلُهُ: فَأَوْلَاهُمْ الزَّوْجُ إلَخْ) وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ تَقْدِيمُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا طَلْحَةَ وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ مَفْضُولٌ عَلَى عُثْمَانَ مَعَ أَنَّهُ الزَّوْجُ الْأَفْضَلُ، وَالْعُذْرُ الَّذِي أُشِيرَ إلَيْهِ فِي الْخَبَرِ عَلَى رَأْيٍ، وَهُوَ أَنَّهُ كَانَ وَطِئَ سُرِّيَّةً لَهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ دُونَ أَبِي طَلْحَةَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَئِمَّتِنَا أَنَّهُمْ لَا يَعْتَبِرُونَهُ، لَكِنْ يُسَهِّلُ ذَلِكَ أَنَّهَا وَاقِعَةُ حَالٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ عُثْمَانَ لِفَرْطِ الْحُزْنِ وَالْأَسَفِ لَمْ يَثِقْ مِنْ نَفْسِهِ بِأَحْكَامِ الدَّفْنِ فَأَذِنَ، أَوْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى عَلَيْهِ آثَارَ الْعَجْزِ عَنْ ذَلِكَ فَقَدَّمَ أَبَا طَلْحَةَ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ، وَخَصَّهُ لِكَوْنِهِ لَمْ يُقَارِفْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ. نَعَمْ يُؤْخَذُ مِنْ الْخَبَرِ أَنَّ الْأَجَانِبَ الْمُسْتَوِينَ فِي الصِّفَاتِ يُقَدَّمُ مِنْهُمْ مَنْ بَعُدَ عَهْدُهُ بِالْجِمَاعِ؛ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ مُذَكَّرٍ يَحْصُلُ لَهُ وَلَوْ مَاسَّ الْمَرْأَةَ اهـ حَجّ وَلَا يُرَدُّ أَنَّهُمْ قَالُوا فِي الْجُمُعَةِ إنَّهُ يُسَنُّ أَنْ يُجَامِعَ لَيْلَتَهَا لِيَكُونَ أَبْعَدَ عَنْ الْمَيْلِ إلَى مَنْ يَرَاهُ مِنْ النِّسَاءِ. لِأَنَّا نَقُولُ: الْغَرَضُ ثَمَّ كَسْرُ الشَّهْوَةِ وَهِيَ حَاصِلَةٌ بِالْجِمَاعِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، وَالْغَرَضُ هُنَا أَنَّهُ يَكُونُ أَبْعَدَ مِنْ تَذَكُّرِ النِّسَاءِ، وَبُعْدُ الْعَهْدِ بِهِنَّ أَقْوَى فِي عَدَمِ التَّذَكُّرِ (قَوْلُهُ: وَيَلِيهِ) أَيْ الزَّوْجُ (قَوْلُهُ: وَمَحَارِمِ الْمُصَاهَرَةِ) وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْغُسْلِ مِنْ أَنَّ الظَّاهِرَ تَقْدِيمُ مَحَارِمِ الرَّضَاعِ عَلَى مَحَارِمِ الْمُصَاهَرَةِ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ ثُمَّ رَأَيْته فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْعِنِّينَ إلَخْ) أَيْ مِنْ الْأَجَانِبِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ) أَيْ بَعْدَ الْأَفْقَهِ مِنْ الْمَحَارِمِ الْأَقْرَبُ إلَخْ، وَيُقَدَّمُ مِنْ الْمَحَارِمِ مَحْرَمُ النَّسَبِ عَلَى مَحْرَمِ الرَّضَاعِ وَمَحْرَمُ الرَّضَاعِ عَلَى الْعَبِيدِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَلَوْ ذَكَرَ حُكْمَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ ثُمَّ عَبْدُهَا لَكَانَ أَوْلَى، وَكَذَا لَوْ أَخَّرَ قَوْلَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ عَنْ قَوْلِهِ ثُمَّ الْخَصِيُّ إلَخْ لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْمَمْسُوحُ) أَيْ الْأَجْنَبِيُّ: وَيَنْبَغِي أَيْضًا تَقْدِيمُهُ عَلَى مَا بَعْدَهُ بِالنِّسْبَةِ لِعَبْدِهَا (قَوْلُهُ: وَالْخَنَاثَى كَالنِّسَاءِ) وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُهُمْ عَلَى النِّسَاءِ لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِمْ (قَوْلُهُ: أُقْرِعَ) أَيْ نَدْبًا (قَوْلُهُ: وَالسَّيِّدُ فِي الْأَمَةِ) أَيْ فَيُقَدَّمُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوْلَى) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مَحْرَمِيَّةٌ (قَوْلُهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِدَفْنِهِ مِنْ الْأَجَانِبِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ أَقَارِبَ الْعَبْدِ تُقَدَّمُ عَلَى سَيِّدِهِ وَهُوَ قِيَاسُ مَا فِي الصَّلَاةِ، وَتَقَدَّمَ لَنَا عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ ذَوُو الْأَرْحَامِ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ إنَّ السَّيِّدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأُولَى تَقْدِيمُ مُرَاعَاةِ الصِّفَةِ عَلَى الدَّرَجَةِ إذْ الَّذِي مَرَّ فِي الصَّلَاةِ النَّظَرُ لِلدَّرَجَةِ أَوَّلًا فَإِنْ اسْتَوَتْ نُظِرَ إلَى الصِّفَةِ. الثَّانِي تَقْدِيمُ الْفَقِيهِ عَلَى الْأَسَنِّ

مُرَادَهُ لَا أَرَاهُ حَتْمًا فِي تَأْدِيَةِ السُّنَّةِ، بِخِلَافِ الْجُمْهُورِ فَإِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ حَتْمًا فِيهَا (وَيَكُونُونَ) أَيْ الْمُدْخِلُونَ لِلْمَيِّتِ الْقَبْرَ (وَتْرًا) اسْتِحْبَابًا وَاحِدًا أَوْ ثَلَاثَةً فَأَكْثَرَ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ لِلِاتِّبَاعِ فِي الْوَاحِدِ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَلِمَا صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَفَنَهُ عَلِيٌّ وَالْعَبَّاسُ وَالْفَضْلُ» . وَفِي رِوَايَةٍ بَدَلَ الْعَبَّاسِ وَأُسَامَةُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَنَزَلَ مَعَهُمْ خَامِسٌ. وَفِي رِوَايَةٍ عَلِيٌّ وَالْفَضْلُ وَقُثْمٌ وَشُقْرَانُ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَزَلَ مَعَهُمْ خَامِسٌ. أَمَّا الْوَاجِبُ فِي الْمُدْخِلِ لَهُ فَهُوَ مَا تَحْصُلُ بِهِ الْكِفَايَةُ (وَيُوضَعُ فِي اللَّحْدِ) أَوْ غَيْرِهِ (عَلَى يَمِينِهِ) نَدْبًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَالرَّوْضَةِ وَإِنْ صَوَّبَ الْإِسْنَوِيُّ قَوْلَ الْإِمَامِ وُجُوبَهُ اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَكَالِاضْطِجَاعِ عِنْدَ النَّوْمِ فَإِنْ وُضِعَ عَلَى الْيَسَارِ كُرِهَ وَهُوَ مُرَادُ الْمَجْمُوعِ بِقَوْلِهِ خِلَافَ الْأَفْضَلِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَقِبَهُ كَمَا سَبَقَ فِي الْمُصَلِّي مُضْطَجِعًا وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ إنَّمَا هُوَ الْكَرَاهَةُ، وَيُوَجَّهُ (لِلْقِبْلَةِ) حَتْمًا تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ الْمُصَلِّي، فَإِنْ دُفِنَ مُسْتَدْبِرًا أَوْ مُسْتَلْقِيًا نُبِشَ حَتْمًا إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ، وَإِلَّا فَلَا وَلِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْلِمٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي. وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّهُ كَالْمُصَلِّي عَدَمُ وُجُوبِ الِاسْتِقْبَالِ بِالْكَافِرِ الْقِبْلَةَ عَلَيْنَا وَهُوَ كَذَلِكَ فَيَجُوزُ اسْتِقْبَالُهُ وَاسْتِدْبَارُهُ. نَعَمْ لَوْ مَاتَتْ ذِمِّيَّةٌ وَفِي جَوْفِهَا جَنِينٌ مُسْلِمٌ جُعِلَ ظَهْرُهَا لِلْقِبْلَةِ وُجُوبًا لِيَتَوَجَّهَ الْجَنِينُ لِلْقِبْلَةِ حَيْثُ وَجَبَ دَفْنُهُ لَوْ كَانَ مُنْفَصِلًا إذْ وَجْهُ الْجَنِينِ لِظَهْرِ أُمِّهِ، وَتُدْفَنُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ بَيْنَ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ (وَيُسْنَدُ وَجْهُهُ) اسْتِحْبَابًا فِي هَذَا وَالْأَفْعَالُ الْمَعْطُوفَةُ عَلَيْهِ وَكَذَا رِجْلَاهُ (إلَى جِدَارِهِ) أَيْ الْقَبْرِ وَيُقَوَّسُ لِئَلَّا يَنْكَبَّ (وَ) يُسْنَدُ (ظَهْرُهُ بِلَبِنَةٍ) طَاهِرَةٍ (وَنَحْوِهَا) كَطِينٍ لِيَمْنَعَهُ عَنْ الِاسْتِلْقَاءِ عَلَى قَفَاهُ وَيُجْعَلُ تَحْتَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَوْلَى لِأَنَّ دَفْنَهُ مِنْ مُؤَنِ تَجْهِيزِهِ، وَهِيَ عَلَى السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: حَتْمًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ لِلْأَصْحَابِ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالْوَالِي هُنَا لَا يُقَدَّمُ عَلَى الْقَرِيبِ جَزْمًا) عِبَارَةُ حَجّ: وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْوَالِيَ لَا حَقَّ لَهُ هُنَا، قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَنَازَعَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ الْقِيَاسَ أَنَّهُ أَحَقُّ فَلَهُ التَّقْدِيمُ أَوْ التَّقَدُّمُ (قَوْلُهُ: بِحَسْبِ الْحَاجَةِ) أَيْ فَلَوْ انْتَهَتْ بِاثْنَيْنِ مَثَلًا زِيدَ عَلَيْهِمَا ثَالِثٌ مُرَاعَاةً لِلْوَتْرِيَّةِ (قَوْلُهُ وَنَزَلَ مَعَهُمْ خَامِسٌ) وَهُوَ الْعَبَّاسُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ شُهْبَةَ (قَوْلُهُ: وَيُوَجَّهُ لِلْقِبْلَةِ حَتْمًا) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ مَاتَ مُلْتَصِقَانِ مَاذَا يُفْعَلُ بِهِمَا، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ فَصْلُهُمَا لِيُوَجَّهَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْقِبْلَةِ، وَلِأَنَّهُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا ضَرُورَةَ إلَى بَقَائِهِمَا مُلْتَصِقَيْنِ، وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ الْهَوَامِشِ الصَّحِيحَةِ مَا يُوَافِقُهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ مُسْتَلْقِيًا نُبِشَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ لِلْقِبْلَةِ، وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ نَصُّهَا: لَوْ جُعِلَ الْقَبْرُ مُمْتَدًّا مِنْ قِبْلِيٍّ إلَى بَحْرِيٍّ وَأُضْجِعَ عَلَى ظَهْرِهِ وَأَخْمَصَاهُ لِلْقِبْلَةِ وَرُفِعَتْ رَأْسُهُ قَلِيلًا كَمَا يُفْعَلُ فِي الْمُحْتَضَرِ هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ أَمْ يَحْرُمُ؟ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ، وَالظَّاهِرُ التَّحْرِيمُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ التَّصْرِيحَ بِالْحُرْمَةِ أَيْضًا، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَيْضًا بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الزِّيَادَةِ، أَوْ دُفِنَ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَدَمُ وُجُوبِ الِاسْتِقْبَالِ بِالْكَافِرِ إلَخْ) أَيْ وَلَا عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ وَإِنْ كَانُوا مُخَاطَبِينَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ لَكِنَّ الْمَيِّتَ لِكُفْرِهِ لَا احْتِرَامَ لَهُ حَتَّى يُسْتَقْبَلَ بِهِ، وَإِنَّمَا قَالَ عَلَيْنَا؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ هُمْ الَّذِينَ يَعْتَقِدُونَ احْتِرَامَ الْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ مَاتَتْ ذِمِّيَّةٌ) أَيْ أَمَّا الْمُسْلِمَةُ فَتُرَاعَى هِيَ لَا مَا فِي بَطْنِهَا (قَوْلُهُ: وَفِي جَوْفِهَا جَنِينٌ مُسْلِمٌ) قَالَ حَجّ: نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ اهـ. وَهُوَ قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ حَيْثُ وَجَبَ دَفْنُهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ مَنْ بَلَغَ فِي بَطْنِهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُنْفَصِلًا لَوَجَبَ دَفْنُهُ (قَوْلُهُ: وَتُدْفَنُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ بَيْنَ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ) أَيْ وُجُوبًا، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَا يُدْفَنُ مُسْلِمٌ فِي مَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ وَلَا كَافِرٌ فِي مَقْبَرَةِ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ فِي الْخَادِمِ: ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ حَرَامٌ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الذَّخَائِرِ لَا يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ اهـ. وَانْظُرْ إذَا لَمْ يُوجَدْ مَوْضِعٌ صَالِحٌ لِدَفْنِ الذِّمِّيِّ غَيْرُ مَقْبَرَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا أَمْكَنَ نَقْلُهُ لِصَالِحٍ لِذَلِكَ هَلْ يَجُوزُ دَفْنُهُ حِينَئِذٍ فِي مَقْبَرَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ دَفْنُهُ إلَّا فِي لَحْدٍ وَاحِدٍ مَعَ مُسْلِمٍ هَلْ يَجُوزُ لِلضَّرُورَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيُحْتَمَلُ الْجَوَازُ لِلضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى تَرْكِهِ مِنْ غَيْرِ دَفْنٍ فَلْيُتَحَرَّرْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ مُسْتَلْقِيًا) أَيْ غَيْرَ مُسْتَقْبِلٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَفْعَالُ الْمَعْطُوفَةُ عَلَيْهِ) اُنْظُرْهُ مَعَ مَا سَيَأْتِي فِي فَتْحِ اللَّحْدِ

رَأْسِهِ لَبِنَةٌ أَوْ حَجَرٌ وَيُفْضَى بِخَدِّهِ الْأَيْمَنِ إلَيْهِ أَوْ إلَى التُّرَابِ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنْ يُنَحَّى الْكَفَنُ عَنْ خَدِّهِ وَيُوضَعَ عَلَى التُّرَابِ (وَيُسَدُّ فَتْحُ اللَّحْدِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَكَذَا غَيْرُهُ (بِلَبِنٍ) وَهُوَ طُوبٌ لَمْ يُحْرَقْ وَنَحْوِهِ كَطِينٍ لِقَوْلِ سَعْدٍ فِيمَا مَرَّ وَانْصِبُوا عَلَى اللَّبِنِ نَصْبًا، وَلِأَنَّ ذَلِكَ أَبْلَغُ فِي صِيَانَةِ الْمَيِّتِ عَنْ نَبْشِهِ، وَنَقَلَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّ اللَّبِنَاتِ الَّتِي وُضِعَتْ فِي قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تِسْعٌ (وَيَحْثُو) بِيَدَيْهِ جَمِيعًا (مَنْ دَنَا) مِنْ الْقَبْرِ (ثَلَاثَ حَثَيَاتِ تُرَابٍ) مِنْ تُرَابِ الْقَبْرِ وَيَكُونُ الْحَثْيُ مِنْ قِبَلِ رَأْسِ الْمَيِّتِ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَثَى مِنْ قِبَلِ رَأْسِ الْمَيِّثِ ثَلَاثًا» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ إسْرَاعِ الدَّفْنِ وَالْمُشَارَكَةِ فِي هَذَا الْغَرَضِ وَإِظْهَارِ الرِّضَا بِمَا صَارَ إلَيْهِ الْمَيِّتُ، وَظَاهِرُ صَنِيعِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ أَصْلَ سَدِّ اللَّحْدِ مَنْدُوبٌ كَسَابِقِهِ وَلَاحِقِهِ، فَيَجُوزُ إهَالَةُ التُّرَابِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ سَدٍّ، وَبِهِ صَرَّحَ جَمْعٌ لَكِنْ بَحَثَ آخَرُونَ وُجُوبَ السَّدِّ كَمَا عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ الْفِعْلِيُّ مِنْ زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الْآنَ، فَتَحْرُمُ تِلْكَ الْإِهَالَةُ لِمَا فِيهَا مِنْ الْإِزْرَاءِ وَهَتْكِ الْحُرْمَةِ، وَإِذَا حَرَّمْنَا مَا دُونَ ذَلِكَ كَكَبِّهِ عَلَى وَجْهِهِ وَحَمْلِهِ عَلَى هَيْئَةٍ مُزْرِيَةٍ فَهَذَا أَوْلَى اهـ. وَيُجْرَى مَا ذُكِرَ فِي تَسْقِيفِ الشَّقِّ وَفِي الْجَوَاهِرِ: لَوْ انْهَدَمَ الْقَبْرُ تَخَيَّرَ الْوَلِيُّ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَيُقَالُ مِثْلُهُ فِي الْمُسْلِمِ الَّذِي لَمْ يَتَيَسَّرْ دَفْنُهُ إلَّا مَعَ الذِّمِّيِّينَ (قَوْلُهُ: وَيُفْضَى) أَيْ نَدْبًا بِخَدِّهِ الْأَيْمَنِ إلَيْهِ أَوْ إلَى التُّرَابِ. قَالَ حَجّ: وَصَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ عِنْدَ النَّوْمِ يَضَعُ خَدَّهُ الْأَيْمَنَ عَلَى يَدِهِ الْيُمْنَى فَيُحْتَمَلُ دُخُولُهَا فِي نَحْوِ اللَّبِنَةِ وَيُحْتَمَلُ عَدَمُهُ؛ لِأَنَّ الذُّلَّ فِيمَا هُوَ مِنْ جِنْسِ اللَّبِنَةِ أَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَيُسَدَّ فَتْحُ اللَّحْدِ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: بِلَبِنٍ) أَيْ نَدْبًا. [فَرْعٌ] لَوْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا لَبِنٌ لِغَائِبٍ هَلْ يَجُوزُ أَخْذُهُ كَمَا فِي الِاضْطِرَارِ؟ لَا يُبْعَدُ الْجَوَازُ إذَا تَوَقَّفَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ، ثُمَّ رَأَيْت فِيهِ كَلَامًا لحج فِي فَتَاوِيهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَيَحْثُو بِيَدَيْهِ جَمِيعًا) أَيْ بَعْدَ سَدِّ اللَّحْدِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمَقْبَرَةُ مَنْبُوشَةً وَهُنَاكَ رُطُوبَةٌ؛ لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ (قَوْلُهُ: ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ) وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمَدْفُونُ. [فَرْعٌ] لَوْ وُضِعَ الْمَيِّتُ فِي الْقَبْرِ فِي غَيْرِ لَحْدٍ وَلَا شَقٍّ وَأُهِيلَ التُّرَابُ عَلَى جُثَّتِهِ فَالْوَجْهُ تَحْرِيمُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِيهِ إزْرَاءً بِهِ وَانْتِهَاكًا لِحُرْمَتِهِ. ثُمَّ رَأَيْت م ر أَفْتَى بِحُرْمَةِ ذَلِكَ، وَبَلَغَنِي مِنْ ثِقَةٍ أَنَّ شَيْخَنَا الشِّهَابَ بِرّ كَانَ يَقُولُ بِحُرْمَةِ ذَلِكَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. [فَائِدَةٌ] وُجِدَ بِخَطِّ شَيْخِنَا الْإِمَامِ تَقِيِّ الدِّينِ الْعَلَوِيِّ وَذَكَرَ أَنَّهُ وُجِدَ بِخَطِّ وَالِدِهِ قَالَ: وَجَدْت مَا مِثْلُهُ حَدَّثَنِي الْفَقِيهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدٌ الْحَافِظُ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِزَاوِيَتِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ أَخَذَ مِنْ تُرَابِ الْقَبْرِ حَالَ الدَّفْنِ بِيَدِهِ أَيْ حَالَ إرَادَتِهِ وَقَرَأَ عَلَيْهِ {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1] سَبْعَ مَرَّاتٍ وَجَعَلَهُ مَعَ الْمَيِّتِ فِي كَفَنِهِ أَوْ قَبْرِهِ لَمْ يُعَذَّبْ ذَلِكَ الْمَيِّتُ فِي الْقَبْرِ» اهـ عَلْقَمِيٌّ، وَيَنْبَغِي أَوْلَوِيَّةُ كَوْنِهِ فِي الْقَبْرِ: أَيْ التُّرَابِ إذَا كَانَتْ الْمَقْبَرَةُ مَنْبُوشَةً لَا فِي الْكَفَنِ (قَوْلُهُ مِنْ تُرَابِ الْقَبْرِ) وَلَعَلَّ أَصْلَ السُّنَّةِ يَحْصُلُ بِغَيْرِ تُرَابِهِ أَيْضًا أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ بِأَنَّ ذَلِكَ لِلرِّضَا بِمَا صَارَ إلَيْهِ الْمَيِّتُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَبَقِيَ مَا لَوْ فَقَدَ التُّرَابَ فَهَلْ يُشِيرُ إلَيْهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: فَهَذَا أَوْلَى) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ التُّرَابُ إلَى جَسَدِ الْمَيِّتِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ يَصِلُ التُّرَابُ إلَى جَسَدِهِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَصِلْهُ فَلَا يَحْرُمُ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا، ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَةَ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ قَوْلُهُ وَأَنْ يُسَدَّ اللَّحْدُ إلَخْ، أَمَّا أَصْلُ السَّدِّ فَوَاجِبٌ إنْ أَدَّى عَدَمُهُ إلَى إهَالَةِ التُّرَابِ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَمَنْدُوبٌ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ الشَّارِحِ فِي غَيْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِقَوْلِ سَعْدٍ فِيمَا مَرَّ) تَبِعَ فِيهِ شَرْحَ الرَّوْضِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَمُرَّ فِي كَلَامِهِ، بِخِلَافِ شَرْحِ الرَّوْضِ فَإِنَّهُ أَحَالَ عَلَى مَا قَدَّمَهُ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ صَنِيعِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ أَصْلَ سَدِّ اللَّحْدِ مَنْدُوبٌ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مُخْتَارُ الشَّارِحِ لِتَقْدِيمِهِ إيَّاهُ عَلَى مُقَابِلِهِ وَبِقَرِينَةِ جَزْمِهِ فِيمَا قَدَّمَهُ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُسْنِدُ وَجْهَهُ ثُمَّ رَأَيْت الشِّهَابَ سم نَقَلَ عَنْ إفْتَاءِ الشَّارِحِ حُرْمَةَ الْإِهَالَةِ الْآيَةُ.

بَيْنَ تَرْكِهِ وَإِصْلَاحِهِ وَنَقْلِهِ مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ اهـ. وَوَجْهُهُ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ. وَأُلْحِقَ بِانْهِدَامِهِ انْهِيَارُ تُرَابِهِ عَقِبَ دَفْنِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ حَيْثُ لَمْ يُخْشَ عَلَيْهِ نَحْوُ سَبُعٍ أَوْ يَظْهَرُ مِنْهُ رِيحٌ، وَإِلَّا وَجَبَ إصْلَاحُهُ قَطْعًا وَالتَّعْبِيرُ بِالْحَثَيَاتِ هُوَ الْأَفْصَحُ مِنْ حَثَى يَحْثِي حَثْيًا وَحَثَيَاتٍ، وَيَجُوزُ حَثَا يَحْثُو حَثْوًا وَحَثَوَاتٍ، وَيُسَنُّ أَنْ يَقُولَ مَعَ الْأُولَى مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَمَعَ الثَّانِيَةِ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمَعَ الثَّالِثَةِ وَمِنْهَا نُحْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى زَادَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: اللَّهُمَّ لَقِّنْهُ عِنْدَ الْمَسْأَلَةِ حُجَّتَهُ، وَفِي الثَّانِيَةِ: اللَّهُمَّ افْتَحْ أَبْوَابَ السَّمَاءِ لِرُوحِهِ، وَفِي الثَّالِثَةِ: اللَّهُمَّ جَافِ الْأَرْضَ عَنْ جَنْبَيْهِ، وَضَابِطُ الدُّنُوِّ مَا لَا تَحْصُلُ مَعَهُ مَشَقَّةٌ لَهَا وَقَعَ فِيمَا يَظْهَرُ فَمَنْ لَمْ يَدْنُ لَا يُسَنُّ لَهُ ذَلِكَ دَفْعًا لِلْمَشَقَّةِ فِي الذَّهَابِ إلَيْهِ، لَكِنْ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: إنَّهُ يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ لِكُلِّ مَنْ حَضَرَ الدَّفْنَ وَهُوَ شَامِلٌ لِلْبَعِيدِ أَيْضًا، وَاسْتَظْهَرَهُ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى التَّأْكِيدِ (ثُمَّ يُهَالُ) أَيْ يُصَبُّ التُّرَابُ عَلَى الْمَيِّتِ (بِالْمَسَاحِي) بِفَتْحِ الْمِيمِ جَمْعُ مِسْحَاةٍ بِكَسْرِهَا، وَهِيَ آلَةٌ تُمْسَحُ الْأَرْضُ بِهَا وَلَا تَكُونُ إلَّا مِنْ حَدِيدٍ بِخِلَافِ الْمِجْرَفَةِ، قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ لِأَنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ السَّحْوِ: أَيْ الْكَشْفِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا هِيَ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا، وَحِكْمَةُ ذَلِكَ إسْرَاعُ تَكْمِيلِ الدَّفْنِ وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْحَثْيِ؛ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ وُقُوعِ اللَّبِنَاتِ وَعَنْ تَأَذِّي الْحَاضِرِينَ بِالْغُبَارِ. (وَيُرْفَعُ الْقَبْرُ) بِدَارِنَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ (شِبْرًا) تَقْرِيبًا أَيْ قَدْرُهُ (فَقَطْ) لِيُعْرَفَ فَيُزَارَ وَيُحْتَرَمَ، وَكَقَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، فَإِنْ لَمْ يَرْتَفِعْ تُرَابُهُ شِبْرًا زِيدَ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، بَلْ قَدْ يَحْتَاجُ لِلزِّيَادَةِ كَأَنْ سَفَّتْهُ الرِّيحُ قَبْلَ إتْمَامِ حَفْرِهِ أَوْ قَلَّ تُرَابُ الْأَرْضِ لِكَثْرَةِ الْحِجَارَةِ أَمَّا لَوْ مَاتَ مُسْلِمٌ بِدَارِ الْكُفْرِ فَلَا يُرْفَعُ قَبْرُهُ بَلْ يُخْفَى لِئَلَّا يَتَعَرَّضَ لَهُ الْكُفَّارُ إذَا رَجَعَ الْمُسْلِمُونَ، قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، وَكَذَا لَوْ كَانَ بِمَوْضِعٍ يُخَافُ نَبْشُهُ لِسَرِقَةِ كَفَنِهِ أَوْ عَدَاوَةٍ أَوْ أَوْ نَحْوِهِمَا كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَأَلْحَقَ الْأَذْرَعِيُّ بِهِ أَيْضًا مَا لَوْ مَاتَ بِبَلَدِ بِدْعَةٍ وَخُشِيَ عَلَيْهِ مِنْ نَبْشِهِ وَهَتْكِهِ وَالتَّمْثِيلِ بِهِ كَمَا فَعَلُوهُ بِبَعْضِ الصُّلَحَاءِ وَأَحْرَقُوهُ (وَالصَّحِيحُ أَنَّ تَسْطِيحَهُ أَوْلَى مِنْ تَسْنِيمِهِ) لِأَنَّ قَبْرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـــــــــــــــــــــــــــــSهَذَا الْكِتَابِ أَنَّ السَّدَّ مَنْدُوبٌ رَمْلِيٌّ (قَوْلُهُ: يَحْثُو حَثْوًا) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: وَقَوْلُهُ حَثَيَاتٍ مِنْ يَحْثِي لُغَةً فِي يَحْثُو اهـ. وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنْ يَحْثُو أَفْصَحُ مِنْ يَحْثِي، وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ تُخَالِفُهُ، وَفِي كَلَامِ الْمُخْتَارِ مَا يُوَافِقُ كَلَامَ الْمَحَلِّيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ زَادَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ) أَيْ فِي الْأُولَى اللَّهُمَّ لَقِّنْهُ إلَخْ لَعَلَّ الْحِكْمَةَ فِي جَعْلِ هَذَا مَعَ الْأَوَّلِ، وَمَا بَعْدَهُ مَعَ الثَّانِيَةِ إلَخْ أَنَّ أَهَمَّ أَحْوَالِ الْمَيِّتِ بَعْدَ وَضْعِهِ فِي الْقَبْرِ سُؤَالُ الْمَلَكَيْنِ فَنَاسَبَ أَنْ يُدْعَى لَهُ بِتَلْقِينِ الْحُجَّةِ، وَبَعْدَ السُّؤَالِ تَصْعَدُ الرُّوحُ إلَى مَا أُعِدَّ لَهَا فَنَاسَبَ أَنْ يُدْعَى لَهُ بِفَتْحِ أَبْوَابِ السَّمَاءِ لِرُوحِهِ، وَبَعْدَهُ يَسْتَقِرُّ الْمَيِّتُ فِي قَبْرِهِ فَنَاسَبَ أَنْ يُدْعَى لَهُ بِمُجَافَاةِ الْأَرْضِ عَنْ جَنْبَيْهِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْمَسْأَلَةِ) أَيْ السُّؤَالِ، وَقَوْلُهُ حُجَّتَهُ: أَيْ مَا يَحْتَجُّ بِهِ عَلَى صِحَّةِ إيمَانِهِ، وَإِطْلَاقُهُ يَشْمَلُ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ مِمَّنْ يُسْأَلُ كَالطِّفْلِ، وَإِطْلَاقُهُ يَشْمَلُ أَيْضًا مَا لَوْ قَدَّمَ الْآيَةَ عَلَى الدُّعَاءِ أَوْ أَخَّرَهَا، وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْآيَةِ عَلَى الدُّعَاءِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ زَادَ الْمُحِبُّ إلَخْ (قَوْلُهُ اللَّهُمَّ افْتَحْ أَبْوَابَ السَّمَاءِ لِرُوحِهِ) وَلَا يُنَافِي هَذَا أَنَّ رُوحَهُ يُصْعَدُ بِهَا عَقِبَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: ذَاكَ الصُّعُودُ لِلْعَرْضِ ثُمَّ يُرْجَعُ بِهَا فَتَكُونُ مَعَ الْمَيِّتِ إلَى أَنْ يُنْزَلَ قَبْرَهُ فَتَلْبَسَهُ لِلسُّؤَالِ ثُمَّ تُفَارِقَهُ وَتَذْهَبَ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ شَامِلٌ لِلْبَعِيدِ أَيْضًا) أَيْ وَلِلنِّسَاءِ أَيْضًا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ لَمْ يُؤَدِّ قُرْبُهَا مِنْ الْقَبْرُ إلَى الِاخْتِلَاطِ بِالرِّجَالِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمِجْرَفَةِ) أَيْ فَإِنَّهَا تَكُونُ مِنْ الْحَدِيدِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ قَدْرُهُ فَقَطْ) أَيْ فَلَوْ زَادَ عَلَيْهِ كَانَ مَكْرُوهًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَرْتَفِعْ تُرَابُهُ شِبْرًا زِيدَ) أَيْ وَلَوْ مِنْ الْمَقْبَرَةِ الْمَنْبُوشَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُرْفَعُ قَبْرُهُ) هَلْ ذَلِكَ وَاجِبٌ أَوْ مَنْدُوبٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَاجِبًا إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ فِعْلُهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْآتِيَةُ (قَوْلُهُ: وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ) لَعَلَّهُ سَقَطَ أَلِفٌ قَبْلَ الْوَاوِ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ، لِأَنَّا إذَا أَخَذْنَاهَا مِنْ الْمَسْحِ كَمَا تَقَدَّمَ كَانَتْ

[لا يدفن اثنان في قبر]

وَقَبْرَيْ صَاحِبَيْهِ كَانَتْ كَذَلِكَ كَمَا صَحَّ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَوَرَدَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَطَّحَ قَبْرَ ابْنِهِ إبْرَاهِيمَ، فَلَا يُؤَثِّرُ فِي ذَلِكَ كَوْنُ التَّسْطِيحِ صَارَ شِعَارًا لِلرَّوَافِضِ إذْ السُّنَّةُ لَا تُتْرَكُ بِمُرَافَقَةِ أَهْلِ الْبِدَعِ فِيهَا، وَقَوْلُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ لَا أَدَعَ قَبْرًا مُشْرِفًا إلَّا سَوَّيْته» لَمْ يَرِدْ بِهِ تَسْوِيَتُهُ بِالْأَرْضِ بَلْ تَسْطِيحُهُ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ أَنَّ تَسْنِيمَهُ أَوْلَى لِمَا مَرَّ. (وَلَا يُدْفَنُ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ) أَيْ لَحْدٍ وَشَقٍّ وَاحِدٍ ابْتِدَاءً بَلْ يُفْرَدُ كُلُّ مَيِّتٍ بِقَبْرٍ حَالَةَ الِاخْتِيَارِ لِلِاتِّبَاعِ، ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَالَ إنَّهُ صَحِيحٌ، فَلَوْ دَفَنَهُمَا ابْتِدَاءً فِيهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ حَرُمَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ اتَّحَدَ النَّوْعُ كَرَجُلَيْنِ أَوْ امْرَأَتَيْنِ أَوْ اخْتَلَفَ، وَكَانَ بَيْنَهُمَا مَحْرَمِيَّةٌ وَلَوْ أُمًّا مَعَ وَلَدِهَا، وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ بَيْنَهُمَا زَوْجِيَّةٌ أَوْ مَمْلُوكِيَّةٌ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي مَجْمُوعِهِ تَبَعًا لِلسَّرَخْسِيِّ؛ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ وَخِلَافُ مَا دَرَجَ عَلَيْهِ السَّلَفُ، وَلِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الْبَرِّ التَّقِيِّ وَالْفَاجِرِ الشَّقِيِّ، وَفِيهِ إضْرَارٌ بِالصَّالِحِ بِالْجَارِ السُّوءِ. وَفِي الْأُمِّ: وَيُفْرَدُ كُلُّ مَيِّتٍ بِقَبْرٍ، إلَى أَنْ قَالَ: فَإِنْ كَانَتْ الْحَالُ ضَرُورَةً مِثْلُ أَنْ تَكْثُرَ الْمَوْتَى وَيَقِلَّ مَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فِي الْقَبْرِ. وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ: وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَقَبْرَيْ صَاحِبَيْهِ كَانَتْ كَذَلِكَ) أَيْ فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ، أَمَّا بَعْدَ إحْدَاثِ الْبِنَاءِ فَلَا تُدْرَى صِفَتُهَا، لَكِنْ فِي حَجّ مَا نَصُّهُ: وَرِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ سُنِّمَ حَمَلَهَا الْبَيْهَقِيُّ عَلَى أَنَّ تَسْنِيمَهُ حَادِثٌ لَمَّا أُسْقِطَ جِدَارُهُ وَأُصْلِحَ زَمَنَ الْوَلِيدِ وَقِيلَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ اهـ. وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ التَّسْنِيمَ حَصَلَ بَعْدُ، وَفِيهِ أَيْضًا لِمَا صَحَّ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ عَمَّتَهُ عَائِشَةَ كَشَفَتْ لَهُ عَنْ قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَبْرِ صَاحِبَيْهِ فَإِذَا هِيَ مُسَطَّحَةٌ مَبْطُوحَةٌ بِبَطْحَاءِ الْعَرْصَةِ الْحَمْرَاءِ (قَوْلُهُ: أَنَّ تَسْنِيمَهُ أَوْلَى لِمَا مَرَّ) هُوَ كَوْنُ التَّسْطِيحِ صَارَ شِعَارًا لِلرَّوَافِضِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُدْفَنُ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِهِمَا وَاحِدٌ وَبَعْضُ بَدَنِ آخَرَ، وَظَاهِرُ إطْلَاقُهُ وَلَوْ كَانَا نَبِيَّيْنِ أَوْ صَغِيرَيْنِ. [فَرْعٌ] لَوْ وُضِعَتْ الْأَمْوَاتُ بَعْضُهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ فِي لَحْدٍ أَوْ فَسْقِيَّةٍ كَمَا تُوضَعُ الْأَمْتِعَةُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ فَهَلْ يُسَوَّغُ النَّبْشُ حِينَئِذٍ لِيُوضَعُوا عَلَى وَجْهٍ جَائِزٍ إنْ وُسِّعَ الْمَكَانُ، وَإِلَّا نُقِلُوا لِمَحَلٍّ آخَرَ؟ الْوَجْهُ الْجَوَازُ بَلْ الْوُجُوبُ وِفَاقًا لَمْ ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اتَّحَدَ النَّوْعُ إلَخْ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذَكَرَ: نَعَمْ يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا مَا لَوْ أَوْصَى الْمَيِّتُ بِذَلِكَ فَيَنْبَغِي الْجَوَازُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِتَرْكِ الثَّوْبَيْنِ فِي الْكَفَنِ اهـ. وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا أَوْصَى كُلٌّ مِنْ الْمَيِّتَيْنِ بِذَلِكَ كَأَنْ أَوْصَى الْمَيِّتُ الْأَوَّلُ بِأَنْ يُدْفَنَ عِنْدَهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِهِ، وَأَوْصَى الثَّانِي بِأَنْ يُدْفَنَ عَلَى أَبِيهِ مَثَلًا، أَمَّا لَوْ أَوْصَى الثَّانِي بِأَنْ يُدْفَنَ عَلَى أَبِيهِ مَثَلًا، وَلَمْ تَسْبِقْ وَصِيَّةٌ مِنْ الْأَوَّلِ فَلَا يَجُوزُ دَفْنُهُ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ فِيهِ هَتْكَ حُرْمَةِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَرْضَ بِهَا، وَكَذَا لَوْ أَوْصَى الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي؛ لِأَنَّ دَفْنَهُ وَحْدَهُ حَقُّهُ وَلَمْ يُسْقِطْهُ، ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ مُشْكِلٌ حَيْثُ قُلْنَا بِحُرْمَةِ جَمْعِ اثْنَيْنِ فِي قَبْرٍ؛ لِأَنَّهُ أَوْصَى بِمُحَرَّمٍ، وَلَا يَجُوزُ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ بِهِ كَمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ أَوْصَى بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا تُنَفَّذُ وَصِيَّتُهُ بِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ حِينَ الْوَصِيَّةِ لَا تَحْرِيمَ، كَمَا لَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُكَفَّنَ مِنْ مَالِهِ فِي ثَوْبٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمِيمُ أَصْلِيَّةً، وَإِنَّمَا تَظْهَرُ زِيَادَتُهَا إنْ أَخَذْنَاهَا مِنْ السَّحْوِ فَهُوَ قَوْلٌ مُقَابِلٌ لِلْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ) أَيْ ذَكَرَ الِاتِّبَاعَ فِي إفْرَادِ كُلِّ مَيِّتٍ بِقَبْرٍ [لَا يُدْفَنُ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ] (قَوْلُهُ: وَإِنْ اتَّحَدَ النَّوْعُ إلَى آخِرِ السِّوَادَةِ) عِبَارَةُ فَتَاوَى وَالِدِهِ بِالْحَرْفِ إلَّا قَلِيلًا (قَوْلُهُ: إلَى أَنْ قَالَ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ هُنَا لِأَنَّ مَحَلَّهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا لِضَرُورَةٍ، وَعُذْرُهُ أَنَّهُ نَقَلَ عِبَارَةَ فَتَاوَى وَالِدِهِ بِرُمَّتِهَا وَهِيَ لَا تَتَعَلَّقُ بِخُصُوصِ مَا فِي الْكِتَابِ (قَوْلُهُ: وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ إلَخْ) غَرَضُهُ مِنْ نَقْلِهَا الدَّلَالَةُ عَلَى الْجَوَازِ فِي حَالَةِ الضَّرُورَةِ مَعَ تَقْيِيدِهَا بِالتَّأَكُّدِ، وَإِلَّا فَصَدْرُهَا يُفْهِمُ خِلَافَ الْمُدَّعَى مِنْ التَّعْمِيمِ السَّابِقِ فِي الْحُرْمَةِ، وَكَانَ مَحَلُّهَا أَيْضًا بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَعُذْرُهُ مَا مَرَّ

إلَّا لِضَرُورَةٍ مُتَأَكِّدَةٍ اهـ. وَدَلِيلُهُ ظَاهِرٌ كَمَا فِي الْحَيَاةِ (إلَّا لِضَرُورَةٍ) كَكَثْرَةِ الْمَوْتَى وَعُسْرِ إفْرَادِ كُلِّ وَاحِدٍ بِقَبْرٍ فَيُجْمَعُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ بِحَسَبِ الضَّرُورَةِ، وَكَذَا فِي ثَوْبٍ لِلِاتِّبَاعِ فِي قَتْلَى أُحُدٍ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (فَيُقَدَّمُ) حِينَئِذٍ (أَفْضَلُهُمَا) وَهُوَ الْأَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ إلَى جِدَارِ الْقَبْرِ مِنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ لِمَا صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَسْأَلُ فِي قَتْلَى أُحُدٍ عَنْ أَكْثَرِهِمْ قُرْآنًا فَيُقَدِّمُهُ إلَى اللَّحْدِ» لَكِنْ لَا يُقَدَّمُ فَرْعٌ عَلَى أَصْلِهِ مِنْ جِنْسِهِ وَإِنْ عَلَا حَتَّى يُقَدَّمَ الْجَدُّ وَلَوْ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ وَكَذَا الْجَدَّةُ، قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، فَيُقَدَّمُ أَبٌ عَلَى ابْنِهِ وَإِنْ سَفُلَ، وَكَانَ أَفْضَلَ مِنْهُ لِحُرْمَةِ الْأُبُوَّةِ وَأُمٌّ عَلَى بِنْتٍ كَذَلِكَ، أَمَّا الِابْنُ فَيُقَدَّمُ عَلَى أُمِّهِ لِفَضِيلَةِ الذُّكُورَةِ، وَيُقَدَّمُ الْبَالِغُ عَلَى الصَّبِيِّ وَهُوَ عَلَى الْخُنْثَى وَهُوَ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَيُجْعَلُ بَيْنَ الْمَيِّتَيْنِ حَاجِزٌ مِنْ تُرَابٍ نَدْبًا حَيْثُ جُمِعَ بَيْنَهُمَا كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي تَمْشِيَتِهِ وَلَوْ كَانَ الْجِنْسُ مُتَّحِدًا، أَمَّا نَبْشُ الْقَبْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَاحِدٍ فَإِنَّهُ جَائِزٌ مَعَ كَوْنِ الثَّلَاثَةِ وَاجِبَةً؛ لِأَنَّ وُجُوبَهَا حَقٌّ لَهُ وَقَدْ أَسْقَطَهُ فَكَذَا يُقَالُ هُنَا (قَوْلُهُ: إلَّا لِضَرُورَةٍ) وَلَيْسَ مِنْ الضَّرُورَةِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي مِصْرِنَا مِنْ الِاحْتِيَاجِ لِدَرَاهِمَ تُصْرَفُ لِلْمُتَكَلِّمِ عَلَى التُّرْبَةِ فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ مِنْ الدَّفْنِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ مُؤَنِ التَّجْهِيزِ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُمْكِنُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْهُ بِالدَّفْنِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ (قَوْلُهُ: وَعُسْرِ إفْرَادِ كُلِّ وَاحِدٍ بِقَبْرٍ) أَيْ فَمَتَى سَهُلَ إفْرَادُ كُلِّ وَاحِدٍ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَلَا يَخْتَصُّ الْحَكَمُ بِمَا اُعْتِيدَ الدَّفْنُ فِيهِ بَلْ حَيْثُ أَمْكَنَ وَلَوْ فِي غَيْرِهِ، وَلَوْ كَانَ بَعِيدًا وَجَبَ حَيْثُ كَانَ يُعِدُّ مَقْبَرَةً لِلْبَلَدِ، وَتَسْهُلُ زِيَارَتُهُ وَغَايَتُهُ تَتَعَدَّدُ لِلتُّرَابِ وَأَيِّ مَانِعٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي ثَوْبٍ) أَيْ وَيُجْعَلُ بَيْنَهُمَا حَاجِزٌ نَدْبًا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ كَشَرْحِ الرَّوْضِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ أَنَّهُمْ إذَا تَسَاوَوْا فِي الْفَضِيلَةِ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ، وَأَنَّهُمْ إذَا تَرَتَّبُوا لَا يُنَحَّى الْأَسْبَقُ، وَإِنْ كَانَ مَفْضُولًا إلَّا مَا اسْتَثْنَى مَا يَأْتِي هُنَا، وَأَنَّ مَا ذُكِرَ هُنَا مِنْ اسْتِثْنَاءِ الْأَبِ وَالْأُمِّ يَأْتِي هُنَاكَ أَيْضًا، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُدَّةَ هُنَا مُؤَبَّدَةٌ بِخِلَافِهَا ثَمَّةَ، وَبِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الصَّلَاةِ الدُّعَاءُ وَالْأَفْضَلُ أَوْلَى بِهِ وَفِيهِمَا نَظَرٌ اهـ. وَقَدْ سُئِلَ م ر عَنْ هَذَا الْكَلَامِ وَأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا سَبَقَ وَضْعُ أَحَدِهِمَا فِي اللَّحْدِ لَا يُنَحَّى إلَّا فِيمَا اسْتَثْنَى فَيُنَحَّى وَيُؤَخَّرُ فَأَبَى أَنَّ الْمُرَادَ ذَلِكَ، وَقَالَ: لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ مَنْ وُضِعَ أَوَّلًا فِي اللَّحْدِ لِغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ أُنْثَى وَذَلِكَ الْغَيْرُ ذَكَرًا، أَوْ كَانَ وَلَدًا وَذَلِكَ الْغَيْرُ أَبَاهُ؛ لِأَنَّهُ بِسَبْقِهِ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ الْمَكَانَ فَلَا يُؤَخَّرُ عَنْهُ، قَالَ: وَإِنَّمَا الْمُرَادُ السَّبْقُ بِالْوَضْعِ عِنْدَ الْقَبْرِ فَلَا يُؤَخَّرُ عَنْهُ السَّابِقُ، وَيُقَدَّمُ غَيْرُهُ بِالْوَضْعِ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ ثُمَّ أَخْذِهِ وَوَضْعِهِ فِي اللَّحْدِ أَوَّلًا إلَّا فِيمَا اسْتَثْنَى فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُحَرَّرْ، وَانْظُرْ لَوْ دُفِنَ ذِمِّيَّانِ فِي لَحْدٍ هَلْ يُقَدَّمُ إلَى جِدَارِ الْقَبْرِ أَخَفُّهُمَا كُفْرًا وَعِصْيَانًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: الْقِيَاسُ نَعَمْ (قَوْلُهُ: وَأُمٌّ عَلَى بِنْتٍ) بَقِيَ الْخُنْثَى هَلْ يُقَدَّمُ عَلَى أُمِّهِ احْتِيَاطًا لِاحْتِمَالِ الذُّكُورَةِ أَوْ تُقَدَّمُ الْأُمُّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الذُّكُورَةِ فِيهِ نَظَرٌ اهـ سم بِالْمَعْنَى وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْأَصَالَةَ مُحَقَّقَةٌ وَاحْتِمَالُ الذُّكُورَةِ مَشْكُوكٌ فِيهِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْجَمْعُ مُحَرَّمًا بِأَنْ لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَمَا جَزَمَ بِهِ) أَيْ بِقَوْلِهِ نَدْبًا (قَوْلُهُ: أَمَّا نَبْشُ الْقَبْرِ إلَخْ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: وَكَمَا يَحْرُمُ نَبْشُ الْقَبْرِ لِلدَّفْنِ يَحْرُمُ فَتْحُ الْفَسْقِيَّةِ لِلدَّفْنِ فِيهَا إنْ كَانَ هُنَاكَ هَتْكٌ لِحُرْمَةِ مَنْ بِهَا كَأَنْ تَظْهَرَ رَائِحَتُهُ كَأَنْ كَانَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالدَّفْنِ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَا هَتْكٌ إلَّا لِحَاجَةٍ كَأَنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ مَكَانٌ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ هَتْكٌ بِنَحْوِ ظُهُورِ رَائِحَةٍ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ اهـ مَا قَرَّرَهُ م ر وَانْظُرْ هَلْ حُرْمَةُ الدَّفْنِ لِاثْنَيْنِ بِلَا ضَرُورَةٍ عَلَى مَا مَرَّ حَتَّى فِي حَقِّ الْكُفَّارِ حَتَّى يَحْرُمَ عَلَيْنَا دَفْنُ ذِمِّيِّينَ فِي لَحْدٍ بِلَا ضَرُورَةٍ فَلْيُرَاجَعْ. لَا يُقَالُ: الْعِلَّةُ فِي حُرْمَةِ الْجَمْعِ أَنَّهُ قَدْ يَتَأَذَّى أَحَدُهُمَا بِعَذَابِ الْآخَرِ، وَالْكُفَّارُ كُلُّهُمْ مُعَذَّبُونَ: لِأَنَّا نَقُولُ: لَوْ سَلَّمْنَا أَنَّ الْعِلَّةَ ذَلِكَ فَعَذَابُ الْكُفَّارِ يَتَفَاوَتُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. وَقُوَّةُ كَلَامِهِ تُعْطِي أَنَّ الْأَقْرَبَ عِنْدَهُ الْحُرْمَةُ وَقَوْلُهُ كَأَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَمَّا نَبْشُ الْقَبْرِ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ ابْتِدَاءً

[الجلوس على القبر]

بَعْدَ دَفْنِ الْمَيِّتِ لِدَفْنِ آخَرَ فِيهِ: أَيْ فِي لَحْدِهِ فَمُمْتَنِعٌ مَا لَمْ يَبْلَ الْأَوَّلُ وَيَصِرْ تُرَابًا، وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِمْ نَبْشُ الْقَبْرِ لِدَفْنِ ثَانٍ وَتَعْلِيلُهُمْ ذَلِكَ بِهَتْكِ حُرْمَتِهِ عَدَمُ حُرْمَةِ نَبْشِ قَبْرٍ لَهُ لَحْدَانِ مَثَلًا لِدَفْنِ شَخْصٍ فِي اللَّحْدِ الثَّانِي إنْ لَمْ تَظْهَرْ لَهُ رَائِحَةٌ إذْ لَا هَتْكَ لِلْأَوَّلِ فِيهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ فِيمَا أَعْلَمُ (وَلَا يُجْلَسُ عَلَى الْقَبْرِ) الْمُحْتَرَمِ وَلَا يُتَّكَأُ عَلَيْهِ وَلَا يُسْتَنَدُ إلَيْهِ (وَلَا يُوطَأُ) عَلَيْهِ فَيَكُونُ مَكْرُوهًا إلَّا لِحَاجَةٍ بِأَنْ حَالَ الْقَبْرُ دُونَ مَنْ يَزُورُهُ وَلَوْ أَجْنَبِيًّا بِأَنْ لَا يَصِلَ إلَيْهِ إلَّا بِوَطْئِهِ فَلَا يُكْرَهُ، وَفُهِمَ بِالْأُولَى عَدَمُ الْكَرَاهَةِ لِضَرُورَةِ الدَّفْنِ وَالْحِكْمَةُ فِي عَدَمِ الْجُلُوسِ وَنَحْوِهِ تَوْقِيرُ الْمَيِّتِ وَاحْتِرَامُهُ، وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ فَتَخْلُصَ إلَى جِلْدِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ» فَفَسَّرَ الْجُلُوسَ عَلَيْهِ بِالْجُلُوسِ لِلْبَوْلِ وَالْغَائِطِ. وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ أَيْضًا فِي مُسْنَدِهِ بِلَفْظِ: «مَنْ جَلَسَ عَلَى قَبْرٍ يَبُولُ عَلَيْهِ أَوْ يَتَغَوَّطُ» . وَهُوَ حَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ، أَمَّا غَيْرُ الْمُحْتَرَمِ كَقَبْرِ مُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا حُرْمَةَ لِقَبْرِ الذِّمِّيِّ فِي نَفْسِهِ لَكِنْ يَنْبَغِي اجْتِنَابُهُ لِأَجْلِ كَفِّ الْأَذَى عَنْ أَحْيَائِهِمْ إذَا وُجِدُوا، وَلَا شَكَّ فِي كَرَاهَةِ الْمُكْثِ فِي مَقَابِرِهِمْ وَمَحَلُّ مَا مَرَّ عِنْدَ عَدَمِ مُضِيِّ مُدَّةٍ يَتَيَقَّنُ فِيهَا أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْمَيِّتِ شَيْءٌ فِي الْقَبْرِ، فَإِنْ مَضَتْ فَلَا بَأْسَ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ وَلَا كَرَاهَةَ فِي مَشْيِهِ بَيْنَ الْمَقَابِرِ بِنَعْلٍ عَلَى الْمَشْهُورِ لِخَبَرِ «إنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِكُمْ» وَمَا وَرَدَ مِنْ الْأَمْرِ بِإِلْقَاءِ السِّبْتِيَّتَيْنِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِكَوْنِهِمَا مِنْ لِبَاسِ الْمُتَرَفِّهِينَ أَوْ؛ لِأَنَّهُ كَانَ بِهِمَا نَجَاسَةٌ، وَالنِّعَالُ السِّبْتِيَّةُ بِكَسْرِ السِّينِ الْمَدْبُوغَةِ بِالْقَرَظِ (وَيَقْرُبُ زَائِرُهُ) مِنْهُ (كَقُرْبِهِ مِنْهُ) فِي زِيَارَتِهِ لَهُ (حَيًّا) أَيْ يَنْبَغِي ذَلِكَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا احْتِرَامًا لَهُ. نَعَمْ لَوْ كَانَ عَادَتُهُ مَعَهُ الْبُعْدَ وَقَدْ أَوْصَى بِالْقُرْبِ مِنْهُ قَرُبَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ كَمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSتَظْهَرَ رَائِحَتُهُ لَوْ شَكَّ فِي ظُهُورِ الرَّائِحَةِ وَعَدَمِهَا هَلْ يَحْرُمُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: إنْ قَرُبَ زَمَنُ الدَّفْنِ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: فَمُمْتَنِعٌ) أَيْ وَلَوْ احْتَجْنَا لِذَلِكَ عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ، وَفِي الزِّيَادِيِّ: وَمَحَلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ الضَّرُورَةِ أَمَّا عِنْدَهَا فَيَجُوزُ كَمَا فِي الِابْتِدَاءِ رَمْلِيٌّ اهـ. قَالَ حَجّ: وَلَوْ وَجَدَ عَظْمَهُ قَبْلَ كَمَالِ الْحَفْرِ طَمَّهُ وُجُوبًا مَا لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ أَوْ بَعْدَهُ نَحَّاهُ وَدَفَنَ الْآخَرَ، فَإِنْ ضَاقَ بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ دَفْنُهُ إلَّا عَلَيْهِ فَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ نَحَّاهُ حُرْمَةُ الدَّفْنِ هُنَا حَيْثُ لَا حَاجَةَ وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ؛ لِأَنَّ الْإِيذَاءَ هُنَا أَشَدُّ اهـ، وَظَاهِرُهُ الْحُرْمَةُ وَإِنْ وُضِعَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ كَمَا لَوْ فُرِشَ عَلَى الْعِظَامِ رَمْلٌ، ثُمَّ وُضِعَ عَلَيْهِ الْمَيِّتُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ مَكْرُوهًا إلَّا لِحَاجَةٍ إلَخْ) قَالَ حَجّ: وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مُحَاذِي الْمَيِّتِ لَا مَا اُعْتِيدَ التَّحْوِيطُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ غَيْرَ مُحَاذٍ لَهُ لَا سِيَّمَا فِي اللَّحْدِ، وَيُحْتَمَلُ إلْحَاقُ مَا قَرُبَ مِنْهُ جِدًّا بِهِ؛ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَيْهِ عُرْفًا أَنَّهُ مُحَاذٍ لَهُ اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ) أَيْ فِي الْجُلُوسِ وَالْوَطْءِ، وَيَنْبَغِي عَدَمُ حُرْمَةِ الْبَوْلِ وَالتَّغَوُّطِ عَلَى قُبُورِهِمَا لِعَدَمِ حُرْمَتِهِمَا وَلَا عِبْرَةَ بِتَأَذِّي الْأَحْيَاءِ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ يَنْبَغِي اجْتِنَابُهُ) أَيْ وُجُوبًا فِي الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَنَدْبًا فِي نَحْوِ الْجُلُوسِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْمَيِّتِ شَيْءٌ إلَخْ) أَيْ سِوَى عَجَبِ الذَّنْبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْلَى (قَوْلُهُ: وَلَا كَرَاهَةَ فِي مَشْيِهِ بَيْنَ الْمَقَابِرِ بِنَعْلٍ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ مُتَنَجِّسًا بِنَجَاسَةٍ رَطْبَةٍ فَيَحْرُمُ إنْ مَشَى بِهِ عَلَى الْقَبْرِ، أَمَّا غَيْرُ الرَّطْبَةِ فَلَا (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَانَ عَادَتُهُ إلَخْ) مِنْهُ يُؤْخَذُ كَرَاهَةُ مَا عَلَيْهِ عَامَّةُ زُوَّارِ الْأَوْلِيَاءِ مِنْ دَقِّهِمْ التَّوَابِيتَ وَتَعَلُّقِهِمْ بِهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَالسُّنَّةُ فِي حَقِّهِمْ التَّأَدُّبُ فِي زِيَارَتِهِمْ وَعَدَمُ رَفْعِ الصَّوْتِ عِنْدَهُمْ وَالْبُعْدُ عَنْهُمْ قَدْرَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي زِيَارَتِهِمْ فِي الْحَيَاةِ تَعْظِيمًا لَهُمْ وَإِكْرَامًا. قَالَ حَجّ: وَالْتِزَامُ الْقَبْرِ أَوْ مَا عَلَيْهِ مِنْ نَحْوِ تَابُوتٍ وَلَوْ قَبْرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنَحْوِ يَدِهِ وَتَقْبِيلُهُ بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ قَبِيحَةٌ اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَسَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ كَلَامٌ فِي ذَلِكَ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْكِتَابَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْجُلُوس عَلَى الْقَبْرِ] قَوْلُهُ: فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِكَوْنِهَا مِنْ لِبَاسِ الْمُتَرَفِّهُونَ إلَخْ) يُفِيدُ كَرَاهَةَ الْمَشْيِ فِي النِّعَالِ السِّبْتِيَّةِ وَالْمُتَنَجِّسَةِ بَيْنَ الْقُبُورِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ جَافَّةً فَلْيُرَاجَعْ

[التعزية لأهل الميت سنة]

فِي الْحَيَاةِ، قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. أَمَّا مَنْ كَانَ يُهَابُ حَالَ حَيَاتِهِ لِكَوْنِهِ جَبَّارًا كَالْوُلَاةِ الظَّلَمَةِ فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ (وَالتَّعْزِيَةُ) لِأَهْلِ الْمَيِّتِ صَغِيرِهِمْ وَكَبِيرِهِمْ ذَكَرِهِمْ وَأُنْثَاهُمْ (سُنَّةٌ) فِي الْجُمْلَةِ مُؤَكَّدَةٌ لِمَا صَحَّ مِنْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ عَلَى امْرَأَةٍ تَبْكِي عَلَى صَبِيٍّ لَهَا، فَقَالَ لَهَا اتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي، ثُمَّ قَالَ: إنَّمَا الصَّبْرُ أَيْ الْكَامِلُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى» وَمِنْ قَوْلِهِ «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَزِّي أَخَاهُ بِمُصِيبَتِهِ إلَّا كَسَاهُ اللَّهُ مِنْ حُلَلِ الْكَرَامَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَيُكْرَهُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ الِاجْتِمَاعُ بِمَكَانٍ لِتَأْتِيَهُمْ النَّاسُ لِلتَّعْزِيَةِ، وَجُلُوسُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا قُتِلَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَجَعْفَرٌ وَابْنُ رَوَاحَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - يُعْرَفُ فِي وَجْهِهِ الْحُزْنُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ كَانَ لِأَجْلِ أَنْ يَأْتِيَهُ النَّاسُ لِيُعَزُّوهُ. وَيُسَنُّ أَنْ يُعَزَّى بِكُلِّ مَنْ يَحْصُلُ لَهُ عَلَيْهِ وَجْدٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، فَشَمِلَ ذَلِكَ الزَّوْجَ بِزَوْجَتِهِ وَالصَّدِيقَ بِصَدِيقِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالسَّيِّدَ بِرَقِيقِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ خَيْرَانَ، وَتَعْبِيرُهُمْ بِالْأَهْلِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، بَلْ عُمُومُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُسَنُّ التَّعْزِيَةُ بِالْمُصِيبَةِ يَشْمَلُ التَّعْزِيَةَ بِفَقْدِ الْمَالِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَقِيقًا وَإِنْ كَانَ كَلَامُ الْفُقَهَاءِ فِي التَّعْزِيَةِ بِالْمَيِّتِ، وَلَا يُعَزِّي الشَّابَّةَ إلَّا مَحَارِمُهَا أَوْ زَوْجُهَا كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ، وَكَذَا مَنْ أُلْحِقَ بِهِمْ فِي جَوَازِ النَّظَرِ فِيمَا يَظْهَرُ. أَمَّا تَعْزِيَتُهَا لِلْأَجْنَبِيِّ فَحَرَامٌ قِيَاسًا عَلَى سَلَامِهَا عَلَيْهِ، وَاحْتَرَزْنَا بِقَوْلِنَا فِي الْجُمْلَةِ عَنْ تَعْزِيَةِ الذِّمِّيِّ بِمِثْلِهِ فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ لَا مَنْدُوبَةٌ عَلَى مَا يَأْتِي فِيهِ، وَهِيَ لُغَةً التَّسْلِيَةُ عَمَّنْ يُعَزَّى عَلَيْهِ، وَاصْطِلَاحًا الْأَمْرُ بِالصَّبْرِ وَالْحَمْلُ عَلَيْهِ بِوَعْدِ الْأَجْرِ وَالتَّحْذِيرُ مِنْ الْوِزْرِ بِالْجَزَعِ وَالدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ بِالْمَغْفِرَةِ وَلِلْمُصَابِ بِجَبْرِ الْمُصِيبَةِ، وَتُسَنُّ (قَبْلَ دَفْنِهِ) ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ شِدَّةِ الْجَزَعِ وَالْحُزْنِ (وَ) لَكِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالتَّعْزِيَةُ) أَيْ مِنْ الْأَجَانِبِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُسَنَّ ذَلِكَ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ (قَوْلُهُ: صَغِيرِهِمْ) أَيْ الَّذِي لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ (قَوْلُهُ: سُنَّةٌ فِي الْجُمْلَةِ) بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ الصَّحِيحَةِ وَتُسَنُّ الْمُصَافَحَةُ هُنَا أَيْضًا اهـ. وَهُوَ قَرِيبٌ؛ لِأَنَّ فِيهَا جَبْرًا لِأَهْلِ الْمَيِّتِ وَكَسْرًا لِسُورَةِ الْحُزْنِ، بَلْ هَذَا أَوْلَى مِنْ الْمُصَافَحَةِ فِي الْعِيدِ وَنَحْوِهِ، وَتَحْصُلُ سُنَّةُ التَّعْزِيَةِ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، فَلَوْ كَرَّرَهَا هَلْ يَكُونُ مَكْرُوهًا لِمَا فِيهِ مِنْ تَجْدِيدِ الْحُزْنِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ يُقَالُ مُقْتَضَى الِاقْتِصَارِ فِي الْكَرَاهَةِ عَلَى مَا بَعْدَ الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ عَدَمُ كَرَاهَةِ التَّكْرِيرِ فِي الثَّلَاثَةِ سِيَّمَا إذَا وَجَدَ عِنْدَ أَهْلُ الْمَيِّتِ جَزَعًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: تَبْكِي عَلَى صَبِيٍّ) أَيْ مَعَ جَزَعٍ مِنْهَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ إنَّمَا الصَّبْرُ إلَخْ) قَالَ الْعَلْقَمِيُّ عَلَى الْجَامِعِ عِنْدَ شَرْحِهِ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ الصَّبْرُ هُوَ حَبْسُ النَّفْسِ عَلَى كَرِيهٍ تَتَحَمَّلُهُ أَوْ لَذِيذٍ تُفَارِقُهُ وَهُوَ مَمْدُوحٌ وَمَطْلُوبٌ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى) مَعْنَاهُ: أَنَّ كُلَّ ذِي رَزِيَّةٍ قُصَارَاهُ الصَّبْرُ وَلَكِنَّهُ إنَّمَا يَحْمَدُ عِنْدَ حِدَّتِهَا اهـ مُخْتَارُ الصِّحَاحِ (قَوْلُهُ مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَزِّي أَخَاهُ بِمُصِيبَتِهِ) أَيْ وَلَوْ بِغَيْرِ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: بِمَكَانٍ لِتَأْتِيَهُمْ النَّاسُ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى عَدَمِ الْجُلُوسِ ضَرَرٌ كَنِسْبَتِهِمْ الْمُعِزِّي إلَى كَرَاهَتِهِ لَهُمْ حَيْثُ لَمْ يَجْلِسْ لِتَلَقِّيهمْ وَإِلَّا فَتَنْتَفِي الْكَرَاهَةُ، بَلْ قَدْ يَكُونُ الْجُلُوسُ وَاجِبًا إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ لَوْ لَمْ يَجْلِسْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَابْنُ رَوَاحَةَ) اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ (قَوْلُهُ: التَّعْزِيَةَ بِفَقْدِ الْمَالِ) أَيْ وَإِنْ قَلَّ بِالنِّسْبَةِ لَنْ يَتَأَثَّرَ لَهُ (قَوْلُهُ وَلَا يُعَزِّي الشَّابَّةَ إلَخْ) أَيْ لَا يُسَنُّ بَلْ تُكْرَهُ التَّعْزِيَةُ لِغَيْرِ الْمَحَارِمِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَنْ أُلْحِقَ بِهِمْ) أَيْ كَعَبْدِهَا (قَوْلُهُ: أَمَّا تَعْزِيَتُهَا لِلْأَجْنَبِيِّ فَحَرَامٌ) وَقِيَاسُ حُرْمَةُ رَدِّهَا السَّلَامَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ حُرْمَةُ رَدِّهَا عَلَى الْأَجْنَبِيِّ الْمُعِزِّي (قَوْلُهُ: قِيَاسًا عَلَى سَلَامِهَا) قَضِيَّةُ الْقِيَاسِ عَلَى السَّلَامِ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَعَ جَمْعٍ مِنْ النِّسْوَةِ تُحِيلُ الْعَادَةَ أَنَّ مِثْلَهُ خَلْوَةٌ عَدَمُ الْحُرْمَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ سِيَّمَا إذَا قُطِعَ بِانْتِفَاءِ الرِّيبَةِ (قَوْلُهُ: عَمَّنْ يُعَزَّى عَلَيْهِ) أَيْ عَمَلٌ يُعَزَّى بِهِ، وَعِبَارَةُ الْخَطِيبِ عَمَّنْ يُعَزَّى ـــــــــــــــــــــــــــــQ [التَّعْزِيَةُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ سُنَّةٌ] قَوْلُهُ: وَاحْتَرَزْنَا بِقَوْلِنَا فِي الْجُمْلَةِ عَنْ تَعْزِيَةِ الذِّمِّيِّ إلَخْ) إنَّمَا لَمْ يُجْعَلْ مَا قِبَلِ هَذَا مِنْ الْمُحْتَرَزِ أَيْضًا لِأَنَّ عَدَمَ السِّنِّ فِيهِ لِأَمْرٍ عَارِضٍ (قَوْلُهُ: وَاصْطِلَاحًا الْأَمْرُ بِالصَّبْرِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ التَّعْزِيَةَ إنَّمَا تَتَحَقَّقُ بِمَجْمُوعِ مَا يَأْتِي وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بِوَعْدِ الْأَجْرِ) أَيْ إنْ كَانَ مُسْلِمًا (قَوْلُهُ: وَالدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ بِالْمَغْفِرَةِ) أَيْ إنْ كَانَ مُسْلِمًا كَمَا هُوَ

(بَعْدَهُ) أَوْلَى لِاشْتِغَالِهِمْ قَبْلَهُ بِتَجْهِيزِهِ، وَلِشِدَّةِ حُزْنِهِمْ حِينَئِذٍ بِالْمُفَارَقَةِ. نَعَمْ إنْ اشْتَدَّ جَزَعُهُمْ اُخْتِيرَ تَقْدِيمُهَا لِيُصَبِّرَهُمْ وَتَمْتَدُّ (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) تَقْرِيبًا فَتُكْرَهُ بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهَا تَسْكِينُ قَلْبِ الْمُصَابِ وَالْغَالِبُ سُكُونُهُ فِيهَا فَلَا يُجَدَّدُ حُزْنُهُ، وَقَدْ جَعَلَهَا النَّبِيُّ نِهَايَةَ الْحُزْنِ بِقَوْلِي لَهُ «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمِنْ هُنَا كَانَ ابْتِدَاءُ الثَّلَاثِ مِنْ الْمَوْتِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ، وَبِهِ صَرَّحَ جَمْعٌ مِنْهُمْ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ أَبِي الدَّمِ وَالْغَزَالِيُّ فِي خُلَاصَتِهِ وَالصَّيْمَرِيُّ فِي شَرْحِ الْكِفَايَةِ وَصَاحِبُ الْكَافِي وَالْإِقْنَاعِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ مِنْ الدَّفْنِ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ ابْتِدَاءَ التَّعْزِيَةِ مِنْهُ أَيْضًا لَا مِنْ الْمَوْتِ، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي مَجْمُوعِهِ وَغَيْرِهِ: قَالَ أَصْحَابُنَا وَقْتُهَا مِنْ الْمَوْتِ إلَى الدَّفْنِ وَبَعْدَهُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُرَادُهُ بِهِ مَا قُلْنَا بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بَعْدُ قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مَذْهَبَنَا اسْتِحْبَابُهَا قَبْلَ الدَّفْنِ وَبَعْدَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ اهـ. وَاَلَّذِي قُلْنَاهُ هُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرُهُ لِلْحَنَابِلَةِ، هَذَا كُلُّهُ بِالنِّسْبَةِ لِحَاضِرٍ، أَمَّا عِنْدَ غَيْبَةِ الْمُعَزَّى أَوْ الْمُعَزِّي أَوْ مَرَضِهِ أَوْ حَبْسِهِ أَوْ عَدَمِ عِلْمِهِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي تَمْشِيَتِهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِهَا كُلُّ مَا يُشْبِهُهَا مِنْ أَعْذَارِ الْجَمَاعَةِ فَتَبْقَى إلَى الْقُدُومِ وَالْعِلْمِ وَزَوَالِ الْمَانِعِ، وَبَحَثَ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ امْتِدَادَهَا بَعْدَ ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَارْتَضَاهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَتَحْصُلُ بِالْمُكَاتَبَةِ مِنْ الْغَائِبِ وَيَلْتَحِقُ بِهِ الْحَاضِرُ الْمَعْذُورُ لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ، وَفِي غَيْرِ الْمَعْذُورِ وَقْفَةٌ (وَيُعَزَّى) بِفَتْحِ الزَّايِ (الْمُسْلِمُ) أَيْ يُقَالُ فِي تَعْزِيَتِهِ (بِالْمُسْلِمِ أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَكَ) أَيْ جَعَلَهُ عَظِيمًا، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ دُعَاءٌ بِكَثْرَةِ مَصَائِبِهِ فَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا} [الطلاق: 5] (وَأَحْسَنَ عَزَاءَك) بِالْمَدِّ أَيْ جَعَلَهُ حَسَنًا وَزَادَ عَلَى الْمُحَرَّرِ (وَغَفَرَ لِمَيِّتِك) لِكَوْنِهِ لَائِقًا بِالْحَالِ، وَقَدَّمَ الدُّعَاءَ لِلْمُعَزَّى؛ لِأَنَّهُ الْمُخَاطَبُ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ قَبْلَهُ بِمَا وَرَدَ مِنْ تَعْزِيَةِ الْخَضِرِ أَهْلَ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَوْتِهِ: إنَّ فِي اللَّهِ عَزَاءً مِنْ كُلِّ مُصِيبَةٍ وَخَلَفًا مِنْ كُلِّ هَالِكٍ وَدَرَكًا مِنْ كُلِّ فَائِتٍ، فَبِاَللَّهِ فَثِقُوا وَإِيَّاهُ فَارْجُوا فَإِنَّ الْمُصَابَ مَنْ حُرِمَ الثَّوَابَ، وَوَرَدَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَزَّى مُعَاذًا بِابْنٍ لَهُ بِقَوْلِهِ: أَعْظَمَ اللَّهُ لَك الْأَجْرَ وَأَلْهَمَك الصَّبْرَ وَرَزَقَنَا وَإِيَّاكَ الشُّكْرَ» وَمِنْ أَحْسَنِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ «إنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى» وَقَدْ أَرْسَلَ ذَلِكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِابْنَتِهِ لَمَّا أَرْسَلَتْ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ ابْنَهَا فِي الْمَوْتِ (وَ) يُعَزَّى الْمُسْلِمُ أَيْ يُقَالُ فِي تَعْزِيَتِهِ (بِالْكَافِرِ) الذِّمِّيِّ (أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَك وَصَبْرَك) وَأَخْلَفَ عَلَيْك أَوْ جَبَرَ مُصِيبَتَك أَوْ نَحْوَهُ، ذَلِكَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا لِكَوْنِهِ لَائِقًا بِالْحَالِ. قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: إذَا احْتَمَلَ حُدُوثُ مِثْلِ الْمَيِّتِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَمْوَالِ يُقَالُ أَخْلَفَ اللَّهُ عَلَيْك بِالْهَمْزِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ رَدَّ عَلَيْك مِثْلَ مَا ذَهَبَ مِنْك، وَإِلَّا خَلَفَ عَلَيْك: أَيْ كَانَ اللَّهُ خَلِيفَةً عَلَيْك مِنْ فَقْدِهِ، وَلَا يَقُولُ وَغَفَرَ لِمَيِّتِك؛ لِأَنَّ الِاسْتِغْفَارَ لِلْكَافِرِ حَرَامٌ (وَ) يُعَزَّى (الْكَافِرُ) أَيْ الْمُحْتَرَمُ جَوَازًا مَا لَمْ يُرْجَ إسْلَامُهُ وَإِلَّا فَنَدْبًا بِأَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَيْهِ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ) أَيْ فَإِنْ وَقَعَ فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ تُمِّمَ مِنْ الرَّابِعِ (قَوْلُهُ: مُرَادُهُ بِهِ مَا قُلْنَا إلَخْ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَمِنْ هُنَا كَانَ ابْتِدَاءُ الثَّلَاثِ مِنْ الْمَوْتِ إلَخْ (قَوْلُهُ: هَذَا كُلُّهُ بِالنِّسْبَةِ لِحَاضِرٍ) أَيْ وَلَوْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ بَيْنَهُمَا فِي الْبَلَدِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الْبَلَدِ مَا جَاوَرَهَا (قَوْلُهُ: وَارْتَضَاهُ الْإِسْنَوِيُّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَيُعَزَّى الْمُسْلِمُ بِالْمُسْلِمِ) وَمِنْهُ الرَّقِيقُ (قَوْلُهُ: إنَّ فِي اللَّهِ عَزَاءً) أَيْ تَسْلِيَةً وَقَوْلُهُ مِنْ كُلُّ مُصِيبَةٍ وَمِنْ بِمَعْنَى عِنْدَ. (قَوْلُهُ: إنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ) قَدَّمَهُ عَلَى مَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي مَقَامِ التَّسْلِيَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الِاسْتِغْفَارَ لِلْكَافِرِ حَرَامٌ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا، لَكِنْ فِي حَجّ قَبْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَجِبُ غُسْلُ الْكَافِرِ مَا نَصُّهُ: وَيَظْهَرُ حِلُّ الدُّعَاءِ لَهُمْ: أَيْ أَطْفَالِ الْكُفَّارِ بِالْمَغْفِرَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَيُعَزِّي الْكَافِرُ بِالْكَافِرِ جَوَازًا) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالْكَافِرِ الْمُعَزِّي هُنَا الْمُحْتَرَمُ، وَإِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى التَّقْيِيدِ بِالْجَوَازِ

يُقَالَ فِي تَعْزِيَتِهِ (بِالْمُسْلِمِ غَفَرَ اللَّهُ لِمَيِّتِك وَأَحْسَنَ عَزَاءَك) وَقَدَّمَ الدُّعَاءَ هُنَا لِلْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ الْمُسْلِمُ فَكَانَ أَوْلَى بِتَقْدِيمِهِ تَعْظِيمًا لِلْإِسْلَامِ وَالْحَيُّ كَافِرٌ، وَلَا يُقَالُ أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَك؛ لِأَنَّ لَا أَجْرَ لَهُ. أَمَّا الْكَافِرُ غَيْرُ الْمُحْتَرَمِ مِنْ مُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ فَلَا يُعَزَّى كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَالْأَوْجَهُ كَرَاهَتُهُ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ فِي الْمُهِمَّاتِ. نَعَمْ لَوْ كَانَ فِيهَا تَوْقِيرُهُ لَمْ يَبْعُدْ حُرْمَتُهَا وَلَوْ لِذِمِّيٍّ، هَذَا إنْ لَمْ يُرْجَ إسْلَامُهُ، فَإِنْ رُجِيَ اُسْتُحِبَّتْ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ السُّبْكِيّ وَلَا يُعَزَّى بِهِ أَيْضًا، وَيُعَزَّى الْكَافِرُ بِالْكَافِرِ جَوَازًا كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ مَا لَمْ يُرْجَ إسْلَامُهُ، وَإِلَّا فَنَدْبًا بِأَنْ يُقَالَ: أَخْلَفَ اللَّهُ عَلَيْك وَلَا نَقَصَ عَدَدَك بِنَصْبِهِ وَرَفْعِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَنْفَعُنَا فِي الدُّنْيَا بِتَكْثِيرِ الْجِزْيَةِ وَفِي الْآخِرَةِ بِالْفِدَاءِ مِنْ النَّارِ، وَاسْتَشْكَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنَّهُ دُعَاءٌ بِدَوَامِ الْكُفْرِ. قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: تَرَكَهُ وَمَنَعَهُ ابْنُ النَّقِيبِ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَا يَقْتَضِي الْبَقَاءَ عَلَى الْكُفْرِ، قَالَ: وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَأْوِيلِهِ بِتَكْثِيرِ الْجِزْيَةِ اهـ. وَظَاهِرٌ أَنَّ قَوْلَ الْمَجْمُوعِ إنَّهُ دُعَاءٌ بِدَوَامِ الْكُفْرِ أَنَّهُ دُعَاءٌ بِتَكْثِيرِ أَهْلِ الْحَرْبِ وَمِنْ لَازِمِ كَثْرَتِهِمْ امْتِدَادُ بَقَائِهِمْ فَامْتِدَادُهُ مَعَ الْكُفْرِ فِيهِ دَوَامٌ لَهُ، وَمَعْنَى قَوْلِ ابْنِ النَّقِيبِ لَيْسَ فِيهِ مَا يَقْتَضِي الْبَقَاءَ عَلَى الْكُفْرِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَثْرَةِ عَدَدِهِمْ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهِمْ أَهْلَ ذِمَّةٍ بَقَاؤُهُمْ عَلَى الْكُفْرِ، فَهُوَ نَظَرٌ إلَى مَدْلُولِ هَذَا اللَّفْظِ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ، وَالْمُصَنِّفُ نَظَرَ إلَيْهِ بِقَيْدٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ التَّعْلِيلُ السَّابِقُ، وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَنْظُرُوا لِذَلِكَ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ؛ لِأَنَّ أَحَدًا لَا يَتَوَهَّمُهُ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ يُرِيدُهُ وَإِنْ دَلَّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ تَعْزِيَةُ مُسْلِمٍ بِمُرْتَدٍّ أَوْ حَرْبِيٍّ، بِخِلَافِ نَحْوِ مُحَارِبٍ وَزَانٍ مُحْصِنٍ وَتَارِكِ الصَّلَاةِ وَإِنْ قُتِلَ حَدًّا، وَيَنْبَغِي لِلْمُعَزَّى إجَابَةُ التَّعْزِيَةِ بِنَحْوِ جَزَاك اللَّهُ خَيْرًا وَلَعَلَّهُمْ حَذَفُوهُ لِوُضُوحِهِ (وَيَجُوزُ) (الْبُكَاءُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَيِّتِ (قَبْلَ الْمَوْتِ) لِمَا صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَكَى عَلَى وَلَدِهِ إبْرَاهِيمَ قَبْلَ مَوْتِهِ وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ بِحَضْرَةِ الْمُحْتَضَرِ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالْبُكَا قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْلَى مِنْهُ بَعْدَهُ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ مَطْلُوبٌ وَإِنْ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَابْنُ الصَّبَّاغِ، بَلْ إنَّهُ أَوْلَى بِالْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَهُ يَكُونُ أَسَفًا عَلَى مَا فَاتَ (وَ) يَجُوزُ (بَعْدَهُ) أَيْضًا «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَكَى عَلَى قَبْرِ بِنْتٍ لَهُ، وَزَارَ قَبْرَ أُمِّهِ فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ» رَوَى الْأَوَّلَ الْبُخَارِيُّ وَالثَّانِيَ مُسْلِمٌ، وَالْبُكَا عَلَيْهِ بَعْدَ الْمَوْتِ مَكْرُوهٌ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْأَذْكَارِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ لِخَبَرِ «فَإِذَا وَجَبَتْ فَلَا تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةٌ، قَالُوا: وَمَا الْوُجُوبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: قَالَ: الْمَوْتُ» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ. لَكِنْ نُقِلَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَحْكَامِ الْآخِرَةِ بِخِلَافِ صُورَةِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: غَفَرَ اللَّهُ لِمَيِّتِك إلَخْ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ فِي التَّعْزِيَةِ مِنْ قَوْلِهِمْ لَا مَشَى لَكُمْ أَحَدٌ فِي مَكْرُوهٍ، وَقَوْلُهُمْ هُوَ قَاطِعُ السُّوءِ عَنْكُمْ هَلْ ذَلِكَ جَائِزٌ أَوْ حَرَامٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ الدُّعَاءَ لَهُمْ بِالْبَقَاءِ وَهُوَ مُحَالٌ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ فِيهِ الْجَوَازُ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يُرِيدُونَ بِذَلِكَ الدُّعَاءَ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ بِعَدَمِ تَوَالِي الْهُمُومِ وَتَرَادُفِهَا عَلَيْهِمْ بِمَوْتِ غَيْرِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ بَعْدَهُ قَرِيبًا مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَا نَقَصَ عَدَدُك بِنَصْبِهِ وَرَفْعِهِ) أَيْ مَعَ تَخْفِيفِ الْقَافِ وَبِتَشْدِيدِهَا مَعَ النَّصْبِ (قَوْلُهُ: وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ التَّعْلِيلُ) هُوَ قَوْلُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ يَنْفَعُنَا فِي الدُّنْيَا بِتَكْثِيرِ الْجِزْيَةِ وَفِي الْآخِرَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا يُسَنُّ تَعْزِيَةُ مُسْلِمٍ بِمُرْتَدٍّ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَلَا يُعَزَّى بِهِ (قَوْلُهُ: بَكَى عَلَى قَبْرِ بِنْتٍ لَهُ) لَعَلَّهَا أُمُّ كُلْثُومٍ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الْمَوَاهِبِ: وَأَمَّا أُمُّ كُلْثُومٍ، وَلَا يُعْرَفُ لَهَا اسْمٌ وَإِنَّمَا تُعْرَفُ بِكُنْيَتِهَا، فَمَاتَتْ سَنَةَ تِسْعٍ مِنْ الْهِجْرَةِ وَصَلَّى عَلَيْهَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَنَزَلَ فِي حُفْرَتِهَا عَلِيٌّ وَالْفَضْلُ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَفِي الْبُخَارِيِّ «جَلَسَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْقَبْرِ وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ فَقَالَ: هَلْ فِيكُمْ مَنْ لَمْ يُقَارِفْ اللَّيْلَةَ» وَقَوْلُهُ عَلَى الْقَبْرِ: أَيْ قَبْرِ أُمِّ كُلْثُومٍ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَالْبُكَا عَلَيْهِ بَعْدَ الْمَوْتِ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي اُلْبُكَا الِاخْتِيَارِيِّ أَمَّا الْقَهْرِيُّ فَلَا يَدْخُلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ فِي التَّعْزِيَةِ وَلَا نَقَصَ عَدَدُك (قَوْلُهُ: إنَّهُ دُعَاءٌ بِتَكْثِيرِ أَهْلِ الْحَرْبِ) أَيْ وَجْهُهُ ذَلِكَ

[يحرم الندب والنوح]

الْجُمْهُورِ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَبَحَثَ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ إنْ كَانَ اُلْبُكَا لِرِقَّةٍ عَلَى الْمَيِّتِ وَمَا يُخْشَى عَلَيْهِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ وَأَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَمْ يُكْرَهْ وَلَا يَكُونُ خِلَافَ الْأَوْلَى، وَإِنْ كَانَ لِلْجَزَعِ وَعَدَمِ التَّسْلِيمِ لِلْقَضَاءِ فَيُكْرَهُ أَوْ يَحْرُمُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا كُلُّهُ فِي الْبُكَاءِ بِصَوْتٍ، أَمَّا مُجَرَّدُ دَمْعِ الْعَيْنِ فَلَا مَنْعَ مِنْهُ، وَاسْتَثْنَى الرُّويَانِيُّ مَا إذَا غَلَبَهُ اُلْبُكَا فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ النَّهْيِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَمْلِكُهُ الْبَشَرُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَفَصَّلَ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: إنْ كَانَ لِمَحَبَّةٍ وَرِقَّةٍ كَالْبُكَا عَلَى الطِّفْلِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَالصَّبْرُ أَجْمَلُ، وَإِنْ كَانَ لِمَا فَقَدَ مِنْ عَمَلِهِ وَصَلَاحِهِ وَبَرَكَتِهِ وَشَجَاعَتِهِ فَيَظْهَرُ اسْتِحْبَابُهُ، أَوْ لِمَا فَاتَهُ مِنْ بِرِّهِ وَقِيَامِهِ بِمَصَالِحِهِ فَيَظْهَرُ كَرَاهَتُهُ لِتَضَمُّنِهِ عَدَمَ الثِّقَةِ بِاَللَّهِ تَعَالَى (وَيَحْرُمُ النَّدْبُ بِتَعْدِيدِ) الْبَاءُ زَائِدَةٌ إذْ حَقِيقَةُ النَّدْبِ تَعْدَادُ (شَمَائِلِهِ) وَهُوَ كَمَا حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ فِي أَذْكَارِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي مَجْمُوعِهِ عَدَّهَا مَعَ اُلْبُكَا كَوَا كَهْفَاهْ وَا جَبَلَاهْ لِمَا سَيَأْتِي وَلِلْإِجْمَاعِ، وَجَاءَ فِي الْإِبَاحَةِ مَا يُشْبِهُ النَّدْبَ، وَفِي الْحَقِيقَةِ الْمُحَرَّمُ النَّدْبُ لَا اُلْبُكَا؛ لِأَنَّ اقْتِرَانَ الْمُحَرَّمِ بِجَائِزٍ لَا يُصَيِّرُهُ حَرَامًا خِلَافًا لِجَمْعٍ، وَمِنْ ثَمَّ رَدَّ أَبُو زُرْعَةَ قَوْلَ مَنْ قَالَ يَحْرُمُ اُلْبُكَا عِنْدَ نَدْبٍ أَوْ نِيَاحَةٍ أَوْ شَقِّ جَيْبٍ أَوْ نَشْرِ شَعْرٍ أَوْ ضَرْبِ خَدٍّ، فَإِنَّ اُلْبُكَا جَائِزٌ مُطْلَقًا وَهَذِهِ الْأُمُورُ مُحَرَّمَةٌ مُطْلَقًا وَلَيْسَ مِنْهُ وَهُوَ خَبَرُ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسٍ لَمَّا نُقِلَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ يَتَغَشَّاهُ الْكَرْبُ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: وَا أَبَتَاهُ، فَقَالَ: لَيْسَ عَلَى أَبِيك كَرْبٌ بَعْدَ الْيَوْمِ، فَلَمَّا مَاتَ قَالَتْ: يَا أَبَتَاهُ أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ، يَا أَبَتَاهُ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ مَأْوَاهُ، يَا أَبَتَاهُ إلَى جِبْرِيلَ نَنْعَاهُ» (وَ) يَحْرُمُ (النَّوْحُ) وَهُوَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالنَّدْبِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ بُكًى، وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِالْكَلَامِ الْمُسَجَّعِ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ التَّقْيِيدِ لِخَبَرِ «النَّائِحَةُ إذَا لَمْ تَتُبْ تُقَامُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ وَدِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَالسِّرْبَالُ الْقَمِيصُ، وَخَصَّ الْقَطِرَانَ بِكَسْرِ الطَّاءِ وَسُكُونِهَا بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي اشْتِعَالِ النَّارِ وَفِعْلُ ذَلِكَ خَلْفَ الْجِنَازَةِ أَشَدُّ تَحْرِيمًا (وَ) يَحْرُمُ (الْجَزَعُ بِضَرْبِ الصَّدْرِ وَنَحْوِهِ) كَشَقِّ جَيْبٍ وَنَشْرِ شَعْرٍ وَتَسْوِيدِ وَجْهٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSتَحْتَ التَّكْلِيفِ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ وَاسْتَثْنَى الرُّويَانِيُّ إلَخْ (قَوْلُهُ وَفَصَّلَ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ) مُعْتَمَدٌ [يَحْرُمُ النَّدْبُ وَالنَّوْحُ] (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ النَّدْبُ) هُوَ كَالنَّوْحِ الْآتِي صَغِيرَةً لَا كَبِيرَةً كَمَا قَالَاهُ الشَّيْخَانِ فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ اهـ خَطِيبٌ، وَفِي حَجّ هُنَا أَنَّ النَّوْحَ وَالْجَزَعَ كَبِيرَةٌ. (قَوْلُهُ: وَجَاءَ فِي الْإِبَاحَةِ مَا يُشْبِهُ النَّدْبَ) أَيْ جَاءَ فِي الْأَلْفَاظِ الْمُبَاحَةِ أَلْفَاظٌ تُشْبِهُ النَّدْبَ وَلَيْسَتْ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ اُلْبُكَا جَائِزٌ) الْفَاءُ بِمَعْنَى اللَّامِ (قَوْلُهُ: إلَى جِبْرِيلَ نَنْعَاهُ) أَيْ نُخْبِرُ بِمَوْتِهِ، وَإِنَّمَا خَصَّتْ لِي جِبْرِيلَ لِعِلْمِهِ بِمَقَامِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَتَكَرَّرَ نُزُولُهُ عَلَيْهِ وَمُلَازَمَتُهُ لَهُ. وَفِي مُخْتَارِ الصِّحَاحِ: النَّعْيُ خَبَرُ الْمَوْتِ يُقَالُ نَعَاهُ لَهُ يَنْعَاهُ نَعْيًا بِوَزْنِ سَعْيٍ اهـ. وَهُوَ صَرِيحُ مَا قُلْنَاهُ هَذَا، وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهَا لَمْ تُرِدْ ذَلِكَ بِخُصُوصِهِ، وَإِنَّمَا أَرَادَتْ تَذَكُّرَ مَآثِرِهِ إلَى جِبْرِيلَ تَحَسُّرًا عَلَى عَادَةِ مَنْ يَفْقِدُ صَدِيقَهُ فَإِنَّهُ يَتَذَكَّرُ مَآثِرَهُ لَهُ تَأَسُّفًا وَتَحَسُّرًا (قَوْلُهُ: كَشَقِّ جَيْبٍ وَنَشْرِ شَعْرٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْبُكَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ قَبْلَ الْمَوْتِ] قَوْلُهُ: وَهُوَ كَمَا حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ فِي أَذْكَارِهِ إلَخْ) فِيهِ تَنَاقُضٌ مَعَ قَوْلِهِ إذْ حَقِيقَةُ النَّدْبِ تَعْدَادُ شَمَائِلِهِ لِأَنَّ هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ مُرَكَّبٌ مِنْ التَّعْدَادِ الْمَذْكُورِ مَعَ الْبُكَاءِ، فَالْبُكَاءُ جَزْمٌ مِنْ حَقِيقَتِهِ بِخِلَافِ ذَاكَ، ثُمَّ إنَّ الَّذِي حَكَاهُ الشِّهَابُ حَجّ عَنْ الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ جَعَلَ الْبُكَاءَ شَرْطًا لِتَحْرِيمِ النَّدْبِ لَا جُزْءًا مِنْ حَقِيقَتِهِ، بِخِلَافِ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ الشَّارِحُ، وَعَلَى كُلٍّ مِنْ النَّقْلَيْنِ لَا يَتَأَتَّى قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي، وَفِي الْحَقِيقَةِ الْمُحَرَّمُ النَّدْبُ لَا الْبُكَاءُ إلَخْ، إذْ هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ النَّدْبَ فِي حَدِّ ذَاتِهِ مُحَرَّمٌ سَوَاءٌ اقْتَرَنَ بِالْبُكَاءِ أَمْ لَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَفِي الْحَقِيقَةِ الْمُحَرَّمُ النَّدْبُ لَا الْبُكَاءُ) فِيهِ مَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِنْهُ إلَخْ) هَذَا تَمَامُ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَجَاءَ فِي الْإِبَاحَةِ مَا يُشْبِهُ النَّدْبَ، فَالْوَاوُ فِيهِ لِلْحَالِ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ وَهُوَ خَبَرُ الْبُخَارِيِّ رَاجِعٌ إلَى مَا مِنْ قَوْلِهِ مَا يُشْبِهُ النَّدْبَ وَالْعِبَارَةُ عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ بِالْحَرْفِ، وَمَا أَدْرِي مَا الْحَامِلُ لِلشَّارِحِ عَلَى فَصْلِ أَجْزَائِهَا فَصْلًا يُفْسِدُهَا، وَكَأَنَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّ لَفْظًا خَبَرُ اسْمِ لَيْسَ وَمِنْهُ خَبَرُهَا وَحِينَئِذٍ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْذِفَ لَفْظَ وَهُوَ فَتَأَمَّلْ

وَإِلْقَاءِ الرَّمَادِ عَلَى الرَّأْسِ وَرَفْعِ الصَّوْتِ بِإِفْرَاطٍ فِي اُلْبُكَا، وَكَذَا تَغْيِيرُ الزِّيِّ وَلُبْسُ غَيْرِ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. قَالَ الْإِمَامُ وَالضَّابِطُ فِي ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ فِعْلٍ يَتَضَمَّنُ إظْهَارَ جَزَعٍ يُنَافِي الِانْقِيَادَ وَالِاسْتِسْلَامَ لِلَّهِ تَعَالَى فَهُوَ مُحَرَّمٌ، وَلِهَذَا صَرَّحَ هُوَ بِحُرْمَةِ الْإِفْرَاطِ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْبُكَاءِ، وَنَقَلَهُ فِي الْأَذْكَارِ عَنْ الْأَصْحَابِ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ الشَّيْخَيْنِ «لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ» وَخَصَّ الْخَدَّ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ الْغَالِبَ فِيهِ، وَإِلَّا فَضَرْبُ بَقِيَّةِ الْوَجْهِ دَاخِلٌ فِي ذَلِكَ، وَلَا يُعَذَّبُ الْمَيِّتُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إنْ لَمْ يُوصِ بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى بِهِ كَقَوْلِ طَرَفَةَ بْنِ الْعَبْدِ: إذَا مِتُّ فَانْعِينِي بِمَا أَنَا أَهْلُهُ ... وَشُقِّي عَلَيَّ الْجَيْبَ يَا بِنْتَ مَعْبَدٍ وَعَلَيْهِ حَمَلَ الْجُمْهُورُ خَبَرَ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» وَفِي رِوَايَةٍ «بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ» وَفِي أُخْرَى (مَا نِيحَ عَلَيْهِ) وَهُوَ يُبَيِّنُ أَنَّ مُدَّةَ التَّعْذِيبِ مُدَّةُ الْبُكَاءِ، فَتَكُونُ الْبَاءُ فِي الرِّوَايَتَيْنِ قَبْلَهَا بِمَعْنَى مَعَ أَوْ لِلسَّبَبِيَّةِ. وَاسْتَشْكَلَ الرَّافِعِيُّ ذَلِكَ بِأَنَّ ذَنْبَهُ الْأَمْرُ بِذَلِكَ فَلَا يَخْتَلِفُ عَذَابُهُ بِامْتِثَالِهِمْ وَعَدَمِهِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الذَّنْبَ عَلَى السَّبَبِ يَعْظُمُ بِوُجُودِ الْمُسَبِّبِ، وَشَاهِدُهُ خَبَرُ «مَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً» وَحَاصِلُهُ الْتِزَامُ مَا قَالَهُ، وَيُقَالُ كَلَامُهُ إنَّمَا هُوَ عَلَى عَذَابِهِ الْمُتَكَرِّرِ بِتَكَرُّرِ الْفِعْلِ وَهُوَ لَا يُوجَدُ إلَّا مَعَ الِامْتِثَالِ، بِخِلَافِ مَا إذَا فُقِدَ الِامْتِثَالُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ سِوَى إثْمِ الْأَمْرِ فَقَطْ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ الْخَبَرَ عَلَى تَعْذِيبِهِ بِمَا يَبْكُونَ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ جَرَائِمِهِ كَالْقَتْلِ وَشَنِّ الْغَارَاتِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَنُوحُونَ عَلَى الْمَيِّتِ بِهَا وَيَعُدُّونَهَا فَخْرًا. وَقَالَ الْقَاضِي: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ قَدَّرَ الْعَفْوَ عَنْهُ إنْ لَمْ يَبْكُوا عَلَيْهِ، فَإِذَا بَكَوْا وَنَدَبُوا عُذِّبَ بِذَنْبِهِ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَافِرِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ الذُّنُوبِ. وَيُكْرَهُ رِثَاءُ الْمَيِّتِ بِذِكْرِ مَآثِرِهِ وَفَضَائِلِهِ لِلنَّهْيِ عَنْ الْمَرَاثِي. وَالْأَوْلَى الِاسْتِغْفَارُ لَهُ، وَيَظْهَرُ حَمْلُ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ عَلَى مَا يَظْهَرُ فِيهِ تَبَرُّمٌ، أَوْ عَلَى فِعْلِهِ مِنْ الِاجْتِمَاعِ لَهُ أَوْ عَلَى الْإِكْثَارِ مِنْهُ أَوْ عَلَى مَا يُجَدِّدُ الْحُزْنَ دُونَ مَا عَدَا ذَلِكَ فَمَا زَالَ كَثِيرٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْعُلَمَاءِ يَفْعَلُونَهُ. قَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ: مَاذَا عَلَى مَنْ شَمَّ تُرْبَةَ أَحْمَدَ ... أَنْ لَا يَشُمَّ مَدَى الزَّمَانِ غَوَالِيَا صُبَّتْ عَلَيَّ مَصَائِبُ لَوْ أَنَّهَا ... صُبَّتْ عَلَى الْأَيَّامِ عُدْنَ لَيَالِيَا (قُلْت: هَذِهِ مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ) أَيْ مُتَفَرِّقَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْبَابِ زِدْتهَا عَلَى الْمُحَرَّرِ وَهِيَ أَكْبَرُ زِيَادَةٍ وَقَعَتْ فِي الْكِتَابِ، وَالْفَطِنُ يَرُدُّ كُلَّ مَسْأَلَةٍ مِنْهَا لِمَا يُنَاسِبُهَا مِمَّا تَقَدَّمَ، وَإِنَّمَا جَمَعَهَا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ فَرَّقَهَا لَاحْتَاجَ أَنْ يَقُولَ فِي أَوَّلِ كُلٍّ مِنْهَا قُلْت وَفِي آخِرِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَيُؤَدِّي إلَى التَّطْوِيلِ الْمُنَافِي لِغَرَضِهِ مِنْ الِاخْتِصَارِ (يُبَادَرُ) بِفَتْحِ الدَّالِ نَدْبًا ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ وَكَضَرْبِ يَدٍ عَلَى أُخْرَى عَلَى وَجْهٍ يَدُلُّ عَلَى إظْهَارِ الْجَزَعِ (قَوْلُهُ: وَإِلْقَاءِ الرَّمَادِ عَلَى الرَّأْسِ) وَمِثْلُهُ الطِّينُ بِالْأَوْلَى سَوَاءٌ مِنْهُ مَا يُجْعَلُ عَلَى الرَّأْسِ وَالْيَدَيْنِ وَغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: وَلُبْسُ غَيْرِ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ) أَيْ لِلْمُصَابِ (قَوْلُهُ: وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ) أَيْ ذَكَرَ فِي تَأَسُّفِهِ مَا تَذْكُرُهُ الْجَاهِلِيَّةُ فِي تَأَسُّفِهَا عَلَى مَا فَاتَ (قَوْلُهُ: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] أَيْ لَا تَحْمِلُ مُذْنِبَةٌ ذَنْبَ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: كَقَوْلِ طَرَفَةَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَاسْمُهُ عَمْرٌو كَمَا فِي الْقَامُوسِ، وَقَوْلُهُ ابْنُ الْعَبْدِ: أَيْ وَكَانَ مِنْ شُعَرَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى الِاسْتِغْفَارُ لَهُ) أَيْ الدُّعَاءُ لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ كَأَنْ يَقُولَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لَهُ، أَوْ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ (قَوْلُهُ: زِدْتهَا عَلَى الْمُحَرَّرِ) كَأَنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ حِكَايَةً عَنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِمُنَاسَبَةٍ. قُلْت: أَيْ وَزِيَادَتُهَا عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ بِمَعْنَى مَعَ أَوْ لِلسَّبَبِيَّةِ) كَوْنُهَا لِلسَّبَبِيَّةِ لَا يُلَاقِي مَا قَرَّرَهُ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَيُقَالُ كَلَامُهُ) كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ وَلَعَلَّهُ

(بِقَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ) . قَالُوا: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ الِاشْتِغَالِ بِغُسْلِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ أُمُورِهِ مُسَارَعَةً إلَى فَكِّ نَفْسِهِ لِخَبَرِ «نَفْسُ الْمُؤْمِنِ أَيْ رُوحُهُ مُعَلَّقَةٌ أَيْ مَحْبُوسَةٌ عَنْ مَقَامِهَا الْكَرِيمِ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ حَالًا سَأَلَ وَلِيُّهُ غُرَمَاءَ أَنْ يُحَلِّلُوهُ وَيَحْتَالُوا بِهِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ. وَاسْتَشْكَلَ فِي الْمَجْمُوعِ الْبَرَاءَةَ بِذَلِكَ ثُمَّ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ رَأَوْا ذَلِكَ مُبْرِيًا لِلْمَيِّتِ لِلْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَةِ ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُبَادَرَةَ تَجِبُ عِنْدَ طَلَبِ الْمُسْتَحِقِّ حَقَّهُ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ التَّرِكَةِ، أَوْ كَانَ قَدْ عَصَى بِتَأْخِيرِهِ لِمَطْلٍ أَوْ غَيْرِهِ كَضَمَانِ الْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ وَغَيْرِهِمَا (وَ) تَنْفِيذُ (وَصِيَّتِهِ) مُسَارَعَةً لِوُصُولِ الثَّوَابِ إلَيْهِ وَالْبِرِّ لِلْمُوصَى لَهُ، وَذَلِكَ مَنْدُوبٌ بَلْ وَاجِبٌ عِنْدَ طَلَبِ الْمُوصَى لَهُ الْمُعَيَّنِ، وَكَذَا عِنْدَ الْمُكْنَةِ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْفُقَرَاءِ وَنَحْوِهِمْ مِنْ ذَوِي الْحَاجَاتِ، أَوْ كَانَ قَدْ أَوْصَى بِتَعْجِيلِهَا (وَيُكْرَهُ تَمَنِّي الْمَوْتِ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ) فِي بَدَنِهِ أَوْ ضِيقٍ فِي دُنْيَاهُ أَوْ نَحْوِهِمَا لِخَبَرِ «لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ لِضُرٍّ أَصَابَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَاعِلًا فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتْ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي مَا كَانَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا تُنَافِي أَنَّهَا مُصَرَّحٌ بِهَا فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي غَيْرِ الْمُحَرَّرِ أَوْ مَأْخُوذَةٌ مِنْهُ (قَوْلُهُ: مَحْبُوسَةٌ عَنْ مَقَامِهَا الْكَرِيمِ) قَالَ حَجّ: وَإِنْ قَالَ جَمَعَ مَحَلَّهُ فِيمَنْ لَمْ يُخْلِفْ وَفَاءً أَوْ فِيمَنْ عَصَى بِالِاسْتِدَانَةِ اهـ. فَأَفَادَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي حَبْسِ رُوحِهِ بَيْنَ مَنْ لَمْ يُخْلِفْ وَفَاءً وَغَيْرِهِ وَبَيْنَ مَنْ عَصَى بِاسْتِدَانَةٍ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ) وَمِنْ ذَلِكَ مَا أُخِذَ بِالْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ كَالْمُعَاطَاةِ حَيْثُ لَمْ يُوَفِّ الْعَاقِدُ بَدَلَ الْمَقْبُوضِ كَأَنْ اشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا وَقَبَضَ الْمَبِيعَ، وَتَلِفَ فِي يَدِهِ وَلَمْ يُوَفِّ بَدَلَهُ. أَمَّا مَا قُبِضَ بِالْمُعَامَلَةِ الْفَاسِدَةِ وَقَبَضَ كُلٌّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ مَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ فَفِي الدُّنْيَا يَجِبُ عَلَى كُلٍّ أَنْ يَرُدَّ مَا قَبَضَهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَبَدَلَهُ إنْ كَانَ تَالِفًا، وَلَا مُطَالَبَةَ لِأَحَدٍ مِنْهُمَا فِي الْآخِرَةِ لِحُصُولِ الْقَبْضِ بِالتَّرَاضِي. نَعَمْ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا إثْمُ الْإِقْدَامِ عَلَى الْعَقْدِ الْفَاسِدِ (قَوْلُهُ: وَاسْتَشْكَلَ فِي الْمَجْمُوعِ الْبَرَاءَةَ بِذَلِكَ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ سَأَلَ وَلِيُّهُ (قَوْلُهُ لِلْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَةِ إلَخْ) أَيْ فَيَنْتَقِلُ الْحَقُّ إلَى ذِمَّةِ الْمُلْتَزِمِ وَلَوْ أَجْنَبِيًّا وَتَبْرَأُ ذِمَّةُ الْمَيِّتِ بِذَلِكَ، وَيَجِبُ عَلَى الْمُلْتَزِمِ وَفَاؤُهُ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ تَلِفَتْ التَّرِكَةُ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَنْقَطِعُ تَعَلُّقُ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ فَتَصِيرُ مَرْهُونَةً بِهِ مَعَ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِذِمَّةِ الْغَيْرِ حَتَّى لَوْ تَعَذَّرَ الْوَفَاءُ مِنْ جِهَتِهِ أُخِذَ مِنْ التَّرِكَةِ اهـ حَجّ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ مِنْ التَّرِكَةِ) يَنْبَغِي تَعَلُّقُهُ بِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ تَجِبُ عِنْدَ طَلَبٍ وَقَوْلِهِ مَعَ التَّمَكُّنِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا عِنْدَ الْمُكْنَةِ) أَيْ التَّمَكُّنِ (قَوْلُهُ: فِي الْوَصِيَّةِ) يَنْبَغِي تَعَلُّقُهُ بِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ يَجِبُ عِنْدَ طَلَبٍ وَقَوْلِهِ مَعَ التَّمَكُّنِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِهِمَا) أَيْ كَتَهْدِيدِ ظَالِمٍ (قَوْلُهُ: فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ أَحْيِنِي إلَخْ) أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: مَا كَانَتْ الْحَيَاةُ) أَيْ مُدَّةَ كَوْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَتَوَفَّنِي إلَخْ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ إذَا كَانَتْ إلَخْ، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا عَبَّرَ فِي الْأَوَّلِ بِمَا وَفَّى الثَّانِيَ بِإِذَا؛ لِأَنَّ الْحَيَاةَ لِامْتِدَادِهَا وَطُولِ زَمَنِهَا تُقَدَّرُ بِمُدَّةٍ، بِخِلَافِ الْوَفَاةِ فَإِنَّهَا عِبَارَةٌ عَنْ خُرُوجِ الرُّوحِ وَلَيْسَ فِيهِ زَمَنٌ يُقَدَّرُ. قَالَ حَجّ: تَنْبِيهٌ: تُنَافِي مَفْهُومًا كَلَامَهُ فِي مُجَرَّدِ تَمَنِّيهِ: أَيْ الْخَالِي عَنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ؛ لِأَنَّ عِلَّتَهَا أَنَّهُ مَعَ الضَّرَرِ يَشْعُرُ بِالتَّبَرُّمِ بِالْقَضَاءِ، بِخِلَافِهِ مَعَ عَدَمِهِ بَلْ هُوَ حِينَئِذٍ دَلِيلٌ عَلَى الرِّضَا؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ النُّفُوسِ النُّفْرَةُ عَنْ الْمَوْتِ فَتَمَنِّيهِ لَا لِضُرٍّ دَلِيلٌ عَلَى مَحَبَّةِ الْآخِرَةِ، بَلْ حَدِيثُ «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــQمُحَرَّفٌ عَنْ لَفْظِ كَلَامِهِمْ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الِاشْتِغَالِ بِغُسْلِهِ وَغَيْرِهِ) أَشَارَ بِلَفْظِ الِاشْتِغَالِ إلَى أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مَا ذَكَرُوهُ هُنَا وَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْفَرَائِضِ مِنْ تَقْدِيمِ مُؤَنِ التَّجْهِيزِ عَلَى أَدَاءِ الدَّيْنِ، إذْ مَا هُنَا فِي مُجَرَّدِ تَقْدِيمِ فِعْلِ مَا ذُكِرَ عَلَى الِاشْتِغَالِ بِالْغُسْلِ وَنَحْوِهِ، وَالصُّورَةُ أَنَّ الْمَالَ يَسَعُ جَمِيعَ ذَلِكَ، فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُفْرِزُ مَا بَقِيَ بِالتَّجْهِيزِ ثُمَّ يَفْعَلُ مَا ذُكِرَ ثُمَّ يَشْتَغِلُ بِالْغُسْلِ وَنَحْوِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: عِنْدَ طَلَبِ الْمُسْتَحِقِّ) أَيْ مَعَ التَّمَكُّنِ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ قَدْ أَوْصَى بِتَعْجِيلِهَا) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ عِنْدَ طَلَبِ الْمُسْتَحِقِّ: أَيْ وَكَذَا إنْ لَمْ يَطْلُبْ وَكَانَ قَدْ أَوْصَى بِتَعْجِيلِهَا

الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي» (لَا لِفِتْنَةِ دِينٍ) فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ لِمَفْهُومِ الْخَبَرِ الْمَارِّ بَلْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّ الْمُصَنِّفَ أَفْتَى بِاسْتِحْبَابِهِ لَهُ فِي فَتَاوِيهِ غَيْرِ الْمَشْهُورَةِ، وَنَقَلَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَفِي الْأَذْكَارِ وَالْمَجْمُوعِ عَلَيْهِ، أَمَّا تَمَنِّيهِ لِغَرَضٍ أُخْرَوِيٍّ فَمَحْبُوبٌ كَتَمَنِّي الشَّهَادَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمْ يَتَمَنَّ نَبِيٌّ الْمَوْتَ غَيْرَ يُوسُفَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَالَ غَيْرُهُ: إنَّمَا تَمَنَّى الْوَفَاةَ عَلَى الْإِسْلَامِ لَا الْمَوْتَ (وَيُسَنُّ) لِلْمَرِيضِ (التَّدَاوِي) لِحَدِيثِ «إنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعَ دَاءً إلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً غَيْرَ الْهَرَمِ» . وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ «مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إلَّا وَأَنْزَلَ لَهُ دَوَاءً، جَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ وَعَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ» . قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: فَإِنْ تَرَكَ التَّدَاوِيَ تَوَكُّلًا فَفَضِيلَةٌ وَفَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ أَنَّهُ رَأْسُ الْمُتَوَكِّلِينَ بَيَانًا لِلْجَوَازِ. وَأَفْتَى ابْنُ الْبَزْرِيِّ بِأَنَّ مَنْ قَوِيَ تَوَكُّلُهُ فَالتَّرْكُ لَهُ أَوْلَى، وَمَنْ ضَعُفَ نَفَسُهُ وَقَلَّ صَبْرُهُ فَالْمُدَاوَاةُ لَهُ أَفْضَلُ، وَهُوَ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ حَسَنٌ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ عَلَيْهِ. وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ وَإِسَاغَةِ اللُّقْمَةِ بِالْخَمْرِ لِعَدَمِ الْقَطْعِ بِإِفَادَتِهِ بِخِلَافِهِمَا. وَيَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَى طِبِّ الْكَافِرِ وَوَصْفِهِ مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى ذَلِكَ تَرْكُ عِبَادَةٍ أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا لَا يُعْتَمَدُ فِيهِ (وَيُكْرَهُ إكْرَاهُهُ) أَيْ الْمَرِيضِ (عَلَيْهِ) أَيْ التَّدَاوِي بِاسْتِعْمَالِ الدَّوَاءِ وَكَذَا غَيْرُهُ مِنْ الطَّعَامِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْوِيشِ عَلَيْهِ. وَأَمَّا خَبَرُ «لَا تُكْرِهُوا مَرْضَاكُمْ عَلَى الطَّعَامِ فَإِنَّ اللَّهَ يُطْعِمُهُمْ وَيَسْقِيهِمْ» فَقَدْ ضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ، وَادَّعَى التِّرْمِذِيُّ أَنَّهُ حَسَنٌ (وَيَجُوزُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ وَنَحْوِهِمْ) كَأَصْدِقَائِهِ (تَقْبِيلُ وَجْهِهِ) لِخَبَرِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبَّلَ وَجْهَ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ بَعْدَ مَوْتِهِ» وَلِمَا فِي الْبُخَارِيِّ " أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَبَّلَ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ مَوْتِهِ ". وَيَنْبَغِي نَدْبُهُ لِأَهْلِهِ وَنَحْوِهِمْ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ، وَجَوَازُهُ لِغَيْرِهِمْ، وَلَا يَقْتَصِرُ جَوَازُهُ عَلَيْهِمْ، وَفِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ فِي أَوَائِلِ النِّكَاحِ: وَلَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِ وَجْهِ الْمَيِّتِ الصَّالِحِ فَقَيَّدَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَدُلُّ عَلَى نَدْبِ تَمَنِّيهِ مَحَبَّةً لِلِقَاءِ اللَّهِ كَهُوَ بِبَلَدٍ شَرِيفٍ بَلْ أَوْلَى اهـ (قَوْلُهُ: لَا لِفِتْنَةِ دِينٍ) أَيْ خَوْفِهَا حَجّ: أَيْ أَوْ خَوْفِ زِيَادَتِهَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَيْ الِاسْتِحْبَابُ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا) أَيْ بِأَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ الِاسْتِحْبَابَ (قَوْلُهُ: كَتَمَنِّي الشَّهَادَةِ) أَيْ أَوْ بِبَلَدٍ شَرِيفٍ كَمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ أَوْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِهَا مَحَالُّ الصَّالِحِينَ اهـ حَجّ. أَقُولُ: وَلَا يَتَأَتَّى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَمَنِّي الْمَوْتِ إلَّا إذَا تَمَنَّاهُ حَالًا أَوْ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ، أَمَّا بِدُونِ ذَلِكَ فَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى إذَا تَوَفَّيْتنِي فَتَوَفَّنِي شَهِيدًا إلَخْ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي الْجَوَابِ عَنْ قَوْلِ يُوسُفَ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا الْآتِي (قَوْلُهُ: غَيْرَ الْهَرَمِ) وَهُوَ كِبَرُ السِّنِّ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ الْقَطْعِ بِإِفَادَتِهِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ بِإِفَادَتِهِ كَعَصْبِ مَحَلِّ الْفَصْدِ وَجَبَ وَهُوَ قَرِيبٌ، ثُمَّ رَأَيْت حَجّ صَرَّحَ بِهِ حَيْثُ قَالَ بَدَلَ قَوْلِ الشَّارِحِ الْمُضْطَرِّ وَرَبَطَ مَحَلَّ الْفَصْدِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا لَا يُعْتَمَدُ فِيهِ) وَمِنْهُ الْأَمْرُ بِالْمُدَاوَاةِ بِالنَّجِسِ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ إكْرَاهُهُ) أَيْ الْإِلْحَاحُ عَلَيْهِ وَإِنْ عَلِمَ نَفْعَهُ لَهُ لَهُ بِمَعْرِفَةِ طَبِيبٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْإِكْرَاهَ الشَّرْعِيَّ الَّذِي هُوَ التَّهْدِيدُ بِعُقُوبَةٍ عَاجِلَةٍ ظُلْمًا إلَى آخِرِ شُرُوطِهِ (قَوْلُهُ:، وَأَمَّا خَبَرُ «لَا تُكْرِهُوا مَرْضَاكُمْ» ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ لِمَ اسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْوِيشِ وَلَمْ يَسْتَدِلَّ بِالْحَدِيثِ، وَقَوْلُهُ فَقَدْ ضَعَّفَهُ: أَيْ فَيُقَدَّمُ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّهُ حَسَنٌ؛ لِأَنَّ مَعَ مَنْ ضَعَّفَهُ زِيَادَةَ عِلْمٍ بِالْجَرْحِ لِلرَّاوِي (قَوْلُهُ: كَأَصْدِقَائِهِ) وَمِنْهُمْ الزَّوْجَةُ وَالزَّوْجُ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: قَبَّلَ وَجْهَ عُثْمَانَ) فِي الْمَحَلِّيِّ إسْقَاطُ وَجْهٌ فِي الْمَحَلَّيْنِ فَلْتُرَاجَعْ الرِّوَايَةُ اهـ. ثُمَّ مِثْلُ الْوَجْهِ فِي ذَلِكَ تَقْبِيلُ يَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ بَقِيَّةِ الْبَدَنِ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْوَجْهِ لِأَنَّهُ الْوَارِدُ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي نَدْبُهُ لِأَهْلِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ صَالِحٍ (قَوْلُهُ وَجَوَازُهُ لِغَيْرِهِمْ) أَيْ حَيْثُ لَا مَانِعَ مِنْهُ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ مِنْ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ لِرَجُلٍ وَلَا عَكْسُهُ (قَوْلُهُ وَلَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِ وَجْهِ الْمَيِّتِ) أَيْ فِي أَيِّ مَحَلٍّ كَانَ كَمَا يُفِيدُهُ إطْلَاقُهُ لِمَا هُوَ مَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ حَيْثُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بِالصَّالِحِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهَ (وَلَا بَأْسَ بِالْإِعْلَامِ) وَهُوَ النِّدَاءُ (بِمَوْتِهِ لِلصَّلَاةِ) عَلَيْهِ (وَغَيْرِهَا) مِنْ دُعَاءٍ وَتَرَحُّمٍ وَمُحَالَلَةٍ بَلْ يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ إذَا قُصِدَ بِهِ الْإِعْلَامُ لِكَثْرَةِ الْمُصَلِّينَ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَعَى النَّجَاشِيَّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ لِأَصْحَابِهِ وَخَرَجَ إلَى الْمُصَلَّى وَصَلَّى» (بِخِلَافِ نَعْيِ الْجَاهِلِيَّةِ) وَهُوَ بِسُكُونِ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا مَعَ تَشْدِيدِ الْيَاءِ مَصْدَرُ نَعَاهُ، وَمَعْنَاهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ: النِّدَاءُ بِذِكْرِ مَفَاخِرِ الْمَيِّتِ وَمَآثِرِهِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لِلنَّهْيِ عَنْهُ (وَلَا يَنْظُرُ الْغَاسِلُ مِنْ بَدَنِهِ إلَّا قَدْرَ الْحَاجَةِ مِنْ غَيْرِ الْعَوْرَةِ) كَأَنْ يُرِيدَ بِنَظَرِهِ مَعْرِفَةَ الْمَغْسُولِ مِنْ غَيْرِهِ وَهَلْ اسْتَوْعَبَهُ بِالْغَسْلِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِيهِ شَيْءٌ كَأَنْ يُكْرَهَ اطِّلَاعُ النَّاسِ عَلَيْهِ، وَرُبَّمَا رَأَى سَوَادًا وَنَحْوَهُ فَيَظُنُّهُ عَذَابًا فَيُسِيءُ بِهِ ظَنًّا فَإِنْ نَظَرَ كَانَ مَكْرُوهًا كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ وَالْمُصَنِّفُ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ وَإِنْ صُحِّحَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى أَمَّا الْمُعِينُ لِلْغَاسِلِ فَيُكْرَهُ لَهُ النَّظَرُ إلَى غَيْرِ الْعَوْرَةِ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ، وَحُكْمُ الْمَسِّ كَحُكْمِ النَّظَرِ، قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَأَمَّا نَظَرُ الْعَوْرَةِ فَمُحَرَّمٌ وَهِيَ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ (وَمَنْ تَعَذَّرَ غُسْلُهُ) لِفَقْدِ الْمَاءِ أَوْ لِغَيْرِهِ كَأَنْ احْتَرَقَ أَوْ لُدِغَ، وَلَوْ غُسِّلَ لَتَهَرَّى أَوْ خِيفَ عَلَى الْغَاسِلِ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ التَّحَفُّظُ (يُمِّمَ) وُجُوبًا قِيَاسًا عَلَى غُسْلِ الْجَنَابَةِ، وَلَا يُغَسَّلُ مُحَافَظَةً عَلَى جُثَّتِهِ لِتُدْفَنَ بِحَالِهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ بِهِ قُرُوحٌ وَخِيفَ مِنْ غُسْلِهِ تَسَارُعُ الْبِلَى إلَيْهِ بَعْدَ الدَّفْنِ فَإِنَّهُ يُغَسَّلُ؛ لِأَنَّ مَصِيرَ جَمِيعِهِ إلَيْهِ، وَلَوْ يَمَّمَهُ لِفَقْدِ الْمَاءِ ثُمَّ وَجَدَهُ قَبْلَ دَفْنِهِ وَجَبَ غُسْلُهُ كَمَا مَرَّ الْكَلَامُ عَلَيْهِ وَعَلَى إعَادَةِ الصَّلَاةِ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ. (وَيُغَسِّلُ الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ الْمَيِّتَ بِلَا كَرَاهَةٍ) لِأَنَّهُمَا طَاهِرَانِ فَكَانَا كَغَيْرِهِمَا (وَإِذَا مَاتَا غُسِّلَا غُسْلًا فَقَطْ) لِانْقِطَاعِ الْغُسْلِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِمَا بِالْمَوْتِ (وَلْيَكُنْ الْغَاسِلُ أَمِينًا) نَدْبًا؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ قَدْ لَا يُوثَقُ بِإِتْيَانِهِ بِالْمَشْرُوعِ، وَقَدْ يَظْهَرُ مَا يَظْهَرُ لَهُ مِنْ شَرٍّ وَيَسْتُرُ عَلَيْهِ، وَيُسَنُّ فِي مُعِينِهِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ فَلَوْ غَسَّلَهُ فَاسِقٌ أَوْ كَافِرٌ وَقَعَ الْمَوْقِعَ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَجِبُ أَنْ لَا يَجُوزَ تَفْوِيضُهُ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ وَوِلَايَةٌ وَلَيْسَ الْفَاسِقُ مِنْ أَهْلِهِمَا وَإِنْ صَحَّ غُسْلُهُ كَمَا يَصِحُّ أَذَانُ الْفَاسِقِ وَإِمَامَتُهُ، وَلَا يَجُوزُ نَصْبُهُ لَهُمَا، وَهَذَا مُتَعَيِّنٌ فِيمَنْ نُصِّبَ لِغُسْلِ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ، وَيَجِبُ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا شَهْوَةَ، وَأَنَّهُ لِلتَّبَرُّكِ أَوْ الرِّقَّةِ أَوْ الشَّفَقَةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيَنْبَغِي إلَخْ) هُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الْغَيْرُ مَعْرُوفًا بِالْمَعَاصِي. أَمَّا إذَا لَمْ يُوصَفْ بِصَلَاحٍ بِحَيْثُ يَتَبَرَّكُ بِهِ وَلَا بِفَسَادٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُبَاحًا (قَوْلُهُ: بَلْ يُسْتَحَبُّ) أَيْ لِوَلِيِّهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ نَعَى النَّجَّاشِيَّ) أَيْ أَوْصَلَ خَبَرَهُ لِأَصْحَابِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لِلنَّهْيِ عَنْهُ) لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ مِنْ حُرْمَةِ تَعْدِيدِ شَمَائِلِهِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ ذَاكَ فِيمَا لَوْ اقْتَرَنَ بِبُكَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا نَظَرُ الْعَوْرَةِ فَمُحَرَّمٌ) قَالَ حَجّ: إلَّا نَظَرَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ السَّيِّدِ بِلَا شَهْوَةٍ وَإِلَّا الصَّغِيرَةَ لِمَا يَأْتِي فِي النِّكَاحِ، وَقَضِيَّتُهُ حُرْمَةُ الْمَسِّ وَقَدَّمْنَا مَا فِيهِ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ فَمُحَرَّمٌ ظَاهِرُهُ وَلَوْ لِحَاجَةٍ بَلْ وَلَوْ لِضَرُورَةٍ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي جَوَازُهُ إذَا كَانَ بِهِ نَجَاسَةٌ وَاحْتَاجَ لِإِزَالَتِهَا، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ، وَعِبَارَةُ الْقُوتِ هَذَا فِي غَيْرِ الطِّفْلِ، وَصَرَّحَ الشَّيْخُ هُنَا بِجَوَازِ النَّظَرِ إلَى جَمِيعِ بَدَنِ الصَّغِيرَةِ وَالصَّغِيرُ أَوْلَى. وَقَالَ الْبَغَوِيّ: لَا بَأْسَ بِالنَّظَرِ إلَى عَوْرَةِ صَبِيٍّ أَوْ صَبِيَّةٍ لَمْ يَبْلُغْ مَحَلَّ الشَّهْوَةِ، وَإِنْ كَانَ النَّاظِرُ أَجْنَبِيًّا وَلَا يَنْظُرُ الْفَرْجَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُهُ لَا بَأْسَ: أَيْ لَا حَرَجَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ يَمَّمَهُ لِفَقْدِ الْمَاءِ إلَخْ) وَلَيْسَ مِنْ الْفَقْدِ مَا لَوْ وُجِدَ مَاءٌ يَكْفِي لِغُسْلِ الْمَيِّتِ فَقَطْ أَوْ لِطُهْرِ الْحَيِّ فَيَجِبُ تَقْدِيمُ غُسْلِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ الْحَيَّ تُمْكِنُهُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ بِالتَّيَمُّمِ إنْ وَجَدَ تُرَابًا أَوْ فَاقِدًا لِلطَّهُورَيْنِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَطَهَّرَ بِهِ الْحَيُّ مِنْ ذَلِكَ قَدْ يُؤَدِّي إلَى دَفْنِ الْمَيِّتِ بِلَا صَلَاةٍ عَلَيْهِ لِعَدَمِ طَهَارَتِهِ سِيَّمَا إذَا كَانَ فِي بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ (قَوْلُهُ: ثُمَّ وَجَدَهُ قَبْلَ دَفْنِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ بَعْدَ الدَّفْنِ لَا يُنْبَشُ لِلْغُسْلِ، سَوَاءٌ كَانَ فِي مَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ أَمْ لَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِفِعْلِنَا مَا كُلِّفْنَا بِهِ وَهُوَ التَّيَمُّمُ (قَوْلُهُ: وَيُغَسِّلُ الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ الْمَيِّتَ بِلَا كَرَاهَةٍ) أَيْ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: وَيَسْتُرُ عَلَيْهِ) أَيْ مَا يَرَاهُ مِنْ خَيْرٍ، وَفِي نُسْخَةٍ عَكْسُهُ وَهِيَ أَوْضَحُ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الْفَاسِقُ مِنْ أَهْلِهِمَا) وَمِنْهُ الْكَافِرُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ نَصْبُهُ لَهُمَا) أَيْ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ عَنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْغُسْلِ (فَإِنْ رَأَى) الْغَاسِلُ مِنْ بَدَنِ الْمَيِّتِ (خَيْرًا) كَاسْتِنَارَةِ وَجْهِهِ وَطِيبِ رَائِحَتِهِ (ذَكَرَهُ) نَدْبًا لِيَكُونَ أَدْعَى إلَى كَثْرَةِ الْمُصَلِّينَ عَلَيْهِ وَالدُّعَاءِ لَهُ (أَوْ غَيْرَهُ) كَسَوَادٍ وَتَغَيُّرِ رَائِحَةٍ وَانْقِلَابِ صُورَةٍ (حَرُمَ ذِكْرُهُ) ؛ لِأَنَّهُ غِيبَةٌ لِمَنْ لَا يَتَأَتَّى الِاسْتِحْلَالُ مِنْهُ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» ) وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ «اُذْكُرُوا مَحَاسِنَ مَوْتَاكُمْ وَكُفُّوا عَنْ مَسَاوِيهِمْ» وَفِي الْمُسْتَدْرَكِ «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا وَكَتَمَ عَلَيْهِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ أَرْبَعِينَ مَرَّةً» (إلَّا لِمَصْلَحَةٍ) كَأَنْ كَانَ الْمَيِّتُ مُبْتَدِعًا مُظْهِرًا لِبِدْعَتِهِ فَلَا يَجِبُ سِتْرُهُ بَلْ يَجُوزُ التَّحَدُّثُ بِهِ لِيَنْزَجِرَ النَّاسُ عَنْهَا، وَالْخَبَرُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنْ يَتَحَدَّثَ بِذَلِكَ عَنْ الْمُسْتَتِرِ بِبِدْعَتِهِ عِنْدَ الْمُطَّلِعِينَ عَلَيْهَا الْمَائِلِينَ إلَيْهَا لَعَلَّهُمْ يَنْزَجِرُونَ. قَالَ: وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ إذَا رَأَى مِنْ الْمُبْتَدِعِ أَمَارَةَ خَيْرٍ يَكْتُمُهَا وَلَا يُنْدَبُ لَهُ ذِكْرُهَا لِئَلَّا يُغْرِيَ بِبِدْعَتِهِ وَضَلَالَتِهِ، بَلْ لَا يَبْعُدُ إيجَابُ الْكِتْمَانِ عِنْدَ ظَنِّ الْإِغْرَاءِ بِهَا وَالْوُقُوعِ فِيهَا بِذَلِكَ، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ عَائِدٌ لِلْأَمْرَيْنِ (وَلَوْ) (تَنَازَعَ أَخَوَانِ) مَثَلًا (أَوْ زَوْجَتَانِ) أَيْ فِي الْغُسْلِ وَلَا مُرَجِّحَ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا حَتْمًا، فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ غَسَّلَهُ؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَ أَحَدِهِمَا تَرْجِيحٌ مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ (وَالْكَافِرُ أَحَقُّ بِقَرِيبِهِ الْكَافِرِ) أَيْ فِي تَجْهِيزِهِ مِنْ قَرِيبَةِ الْمُسْلِمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 73] فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَوَلَّاهُ الْمُسْلِمُ (وَيُكْرَهُ) لِلْمَرْأَةِ (الْكَفَنُ) الْمُزَعْفَرُ وَالْكَفَنُ (الْمُعَصْفَرُ) لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الزِّينَةِ، أَمَّا الرَّجُلُ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْمُعَصْفَرُ وَيَحْرُمُ الْمُزَعْفَرُ، وَحِينَئِذٍ فَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ كَرَاهَةَ الْمُعَصْفَرِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ صَحِيحٌ، وَأَمَّا الْمُزَعْفَرُ فَيُكْرَهُ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (وَ) تُكْرَهُ (الْمُغَالَاةُ فِيهِ) أَيْ الْكَفَنِ بِارْتِفَاعِ ثَمَنِهِ لِخَبَرِ «لَا تُغَالُوا فِي الْكَفَنِ فَإِنَّهُ يُسْلَبُ سَلْبًا سَرِيعًا» وَاحْتُرِزَ بِالْمُغَالَاةِ عَنْ تَحْسِينِهِ فِي بَيَاضِهِ وَنَظَافَتِهِ وَسُبُوغَتِهِ فَإِنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ» أَيْ يَتَّخِذْهُ أَبْيَضَ نَظِيفًا سَابِغًا، وَلِخَبَرِ «حَسِّنُوا أَكْفَانَ مَوْتَاكُمْ فَإِنَّهُمْ يَتَزَاوَرُونَ فِي قُبُورِهِمْ» . (وَالْمَغْسُولُ أَوْلَى مِنْ الْجَدِيدِ) لِأَنَّهُ لِلْبِلَى وَالصَّدِيدِ، وَالْحَيُّ أَحَقُّ لِمَا رُوِيَ أَنَّ الصِّدِّيقَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَوْصَى أَنْ يُكَفَّنَ فِي ثَوْبِهِ الْخَلَقِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي الْأَذَانِ مِنْ أَنَّ التَّوْلِيَةَ صَحِيحَةٌ وَإِنْ كَانَ نَصْبُهُ حَرَامًا أَنْ يُقَالَ بِمِثْلِهِ هُنَا (قَوْلُهُ: وَكَتَمَ عَلَيْهِ) أَيْ مَا رَآهُ عَلَيْهِ مِنْ عَلَامَاتِ السُّوءِ (قَوْلُهُ: غَفَرَ اللَّهُ لَهُ أَرْبَعِينَ مَرَّةً) أَيْ غَفَرَ لَهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى مَا يَقَعُ لَهُ مِنْ الذُّنُوبِ إلَى أَرْبَعِينَ (قَوْلُهُ: أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا حَتْمًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ بِمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ عِنْدَ حَاكِمٍ كَمَا تَقَدَّمَ أَيْضًا، ثُمَّ رَأَيْت حَجّ صَرَّحَ هُنَا بِذَلِكَ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ الْمُزَعْفَرُ) أَيْ حَيْثُ كَثُرَ الزَّعْفَرَانُ بِحَيْثُ يُسَمَّى مُزَعْفَرًا فِي الْعُرْفِ عَلَى مَا قَدَّمَهُ، وَيَنْبَغِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي كَرَاهَةِ الْمُعَصْفَرِ. [فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَنْ حُكْمِ مَا يَقَعُ كَثِيرًا فِي مِصْرِنَا وَقُرَاهَا مِنْ جَعْلِ الْحِنَّاءِ فِي يَدَيْ الْمَيِّتِ وَرِجْلَيْهِ، وَأَجَبْنَا عَنْهُ بِأَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَحْرُمَ ذَلِكَ فِي الرِّجَالِ لِحُرْمَتِهِ عَلَيْهِمْ فِي الْحَيَاةِ، وَيُكْرَهُ فِي النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ (قَوْلُهُ: وَسُبُوغَتِهِ) أَيْ كَوْنِهِ سَابِلًا (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُمْ يَتَزَاوَرُونَ فِي قُبُورِهِمْ) فَإِنْ قِيلَ: ظَاهِرُ الْحَدِيثِ اسْتِمْرَارُ الْأَكْفَانِ حَالَ تَزَاوُرِهِمْ وَهُوَ لَا نِهَايَةَ لَهُ، وَقَدْ يُنَافِي ذَلِكَ مَا مَرَّ فِي الْحَدِيثِ قَبْلَهُ أَنْ يُسْلَبَ سَلْبًا سَرِيعًا. قُلْت: يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ يُسْلَبُ بِاعْتِبَارِ الْحَالَةِ الَّتِي نُشَاهِدُهَا كَتَغَيُّرِ الْمَيِّتِ، وَأَنَّهُمْ إذَا تَزَاوَرُوا يَكُونُ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي دُفِنُوا بِهَا وَأُمُورُ الْآخِرَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَمَّا الرَّجُلُ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْمُعَصْفَرُ) يُقَالُ عَلَيْهِ فَلَا مَحَلَّ لِلتَّقْيِيدِ بِالْمَرْأَةِ، وَإِلَّا يَلْزَمُ اتِّحَادُ الْمَنْطُوقِ وَمَفْهُومُ الْمُخَالَفَةِ فِي الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: فَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ كَرَاهَةَ الْمُعَصْفَرِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ صَحِيحٌ) يُقَالُ عَلَيْهِ كَاَلَّذِي قِيلَ فِي الَّذِي قَبْلَهُ، فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلتَّقْيِيدِ بِالْمَرْأَةِ حَيْثُ كَانَ اخْتِيَارُهُ عَدَمَ الْفَرْقِ، وَكَأَنَّهُ قَيَّدَ بِالْمَرْأَةِ تَبَعًا لِمَنْ يَخْتَارُ الْحُرْمَةَ عَلَى الرِّجَالِ سَبْقُ نَظَرٍ

[اتباع المسلم جنازة قريبه الكافر]

وَزِيَادَةُ ثَوْبَيْنِ وَقَالَ: الْحَيُّ أَوْلَى بِالْجَدِيدِ إنَّمَا هُوَ لِلصَّدِيدِ (وَالصَّبِيُّ) أَوْ الصَّبِيَّةُ (كَبَالِغٍ فِي تَكْفِينِهِ بِأَثْوَابٍ) ثَلَاثَةٍ تَشْبِيهًا لَهُ بِالْبَالِغِ، وَأَشَارَ بِأَثْوَابٍ إلَى أَنَّ هَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعَدَدِ لَا فِي جِنْسِ مَا يُكَفَّنُ فِيهِ إذْ ذَاكَ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ يُكَفَّنُ بِمَا لَهُ لُبْسُهُ حَيًّا (وَالْحَنُوطُ) بِفَتْحِ الْحَاءِ: أَيْ ذَرُّهُ كَمَا مَرَّ (مُسْتَحَبٌّ) لَا وَاجِبٌ كَمَا لَا يَجِبُ الطِّيبُ لِلْمُفْلِسِ وَإِنْ وَجَبَتْ كِسْوَتُهُ (وَقِيلَ وَاجِبٌ) كَالْكَفَنِ فَيَكُونُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، ثُمَّ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ، وَيَتَقَيَّدُ بِمَا يَلِيقُ بِهِ عُرْفًا لِلْإِجْمَاعِ الْفِعْلِيِّ عَلَيْهِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا لَا يَسْتَلْزِمُ الْوُجُوبَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِ الْكِسْوَةِ وُجُوبُ الطِّيبِ كَمَا فِي الْمُفْلِسِ، وَأُجْرِيَ جَمْعُ الْخِلَافِ فِي الْكَافِرِ أَيْضًا (وَلَا يَحْمِلُ الْجِنَازَةَ إلَّا الرِّجَالُ) نَدْبًا (وَإِنْ كَانَتْ) الْمَيِّتَةُ (أُنْثَى) لِضَعْفِ النِّسَاءِ عَنْ حَمْلِهَا، فَيُكْرَهُ لَهُنَّ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُنَّ تَعَيَّنَ عَلَيْهِنَّ (وَيَحْرُمُ حَمْلُهَا عَلَى هَيْئَةٍ مُزْرِيَةٍ) كَحَمْلِهَا فِي غِرَازَةٍ أَوْ قُفَّةٍ، وَكَحَمْلِ الْكَبِيرِ عَلَى الْيَدِ أَوْ الْكَتِفِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِزْرَاءِ بِهِ مِنْ غَيْرِ نَعْشٍ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ (وَهَيْئَةٍ يُخَافُ مِنْهَا سُقُوطُهَا) بَلْ يُحْمَلُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَلَى سَرِيرٍ أَوْ لَوْحٍ أَوْ مَحْمَلٍ وَأَيُّ شَيْءٍ حُمِلَ عَلَيْهِ أَجْزَأَ، فَإِنْ خِيفَ تَغَيُّرُهُ وَانْفِجَارُهُ قَبْلَ أَنْ يُهَيَّأَ لَهُ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْأَيْدِي وَالرِّقَابِ حَتَّى يُدْخَلَ إلَى الْقَبْرِ (وَيُنْدَبُ لِلْمَرْأَةِ مَا يَسْتُرُهَا كَتَابُوتٍ) وَهُوَ سَرِيرٌ فَوْقَهُ قُبَّةٌ أَوْ خَيْمَةٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهَا وَالْخُنْثَى مِثْلُهَا، وَأَوَّلُ مَنْ غُطِّيَ نَعْشُهَا فِي الْإِسْلَامِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ بَعْدَهَا زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ، وَكَانَتْ رَأَتْهُ بِالْحَبَشَةِ لَمَّا هَاجَرَتْ وَأَوْصَتْ بِهِ فَقَالَ عُمَرُ: نَعَمْ خِبَاءُ الظَّعِينَةِ (وَلَا يُكْرَهُ الرُّكُوبُ فِي الرُّجُوعِ مِنْهَا) ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - رَكِبَ حِينَ انْصَرَفَ مِنْ جِنَازَةِ أَبِي الدَّحْدَاحِ. أَمَّا الذَّهَابُ فَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُكْرَهُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ كَضَعْفٍ أَوْ بُعْدِ مَكَان (وَلَا بَأْسَ بِاتِّبَاعِ الْمُسْلِمِ) بِتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ (جِنَازَةَ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ) لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ " لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ أَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْت لَهُ: إنَّ عَمَّك الشَّيْخَ الضَّالَّ قَدْ مَاتَ، قَالَ: انْطَلِقْ فَوَارِهِ " وَلَا يَبْعُدُ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا، وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ مَا يُصَرِّحُ بِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَا يَجِبُ الطِّيبُ لِلْمُفْلِسِ) أَيْ حَالَ حَيَاتِهِ بِأَنْ يُتْرَكَ لَهُ (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) تَفْرِيعٌ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، أَمَّا عَلَى النَّدْبِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِرِضَا الْغُرَمَاءِ. وَفِي حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ مُسْتَحَبٌّ مَا نَصُّهُ: فَلَا يَتَقَيَّدُ بِقَدْرِهِ وَلَا يُفْعَلُ إلَّا بِرِضَا الْغُرَمَاءِ، لَكِنْ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأُمِّ أَنَّهُ مِنْ رَأْسِ التَّرِكَةِ، ثُمَّ مِنْ مَالِ مَنْ عَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ، وَأَنَّهُ لَيْسَ لِغَرِيمٍ وَلَا وَارِثٍ مُتَعُهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّهُ مُفَرَّعٌ حَتَّى عَلَى النَّدْبِ، وَيُوَجَّهُ بِتَقْدِيرِ تَسْلِيمِهِ بِأَنَّهُ يَتَسَامَحُ بِهِ غَالِبًا مَعَ مَزِيدِ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ لِلْمَيِّتِ اهـ. وَتَقَدَّمَ فِي الشَّارِحِ فِي فَصْلِ التَّكْفِينِ أَنَّ مَا يُسْتَحَبُّ فِعْلُهُ لِلْمَيِّتِ إنَّمَا يَكُونُ فِي حَقِّ مَنْ جَهَّزَ مِنْ مَالِهِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَأَجْرَى جَمْعَ الْخِلَافِ فِي الْكَافِر) وَلَمْ يُجِزْهُ أَحَدٌ فِي الْعَنْبَرِ وَالْمِسْكِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الصَّغِيرِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِحَمْلِهِ عَلَى الْأَيْدِي مُطْلَقًا اهـ حَجّ: أَيْ دَعَتْ حَاجَةٌ لِذَلِكَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَأَيُّ شَيْءٍ حُمِلَ عَلَيْهِ أَجْزَأَ) أَيْ كَفَى فِي سُقُوطِ الطَّلَبِ، وَشَرْطُ. جَوَازِهِ أَنْ لَا يَكُونَ الْحَمْلُ عَلَى هَيْئَةٍ مُزْرِيَةٍ، وَمِنْهُ حَمْلُهُ عَلَى مَا لَا يَلِيقُ بِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا بَأْسَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْأَيْدِي) أَيْ بَلْ يَجِبُ ذَلِكَ إنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ تَغَيُّرُهُ أَوْ انْفِجَارُهُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ خِبَاءُ الظَّعِينَةِ) اسْمٌ لِلْمَرْأَةِ فِي الْهَوْدَجِ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ أَبِي الدَّحْدَاحِ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ ابْنُ الدَّحْدَاحِ وَالدَّحْدَاحُ بِمُهْمَلَاتٍ وَفَتْحِ الدَّالِ اهـ. وَعِبَارَةُ النَّوَوِيِّ فِي التَّهْذِيبِ نَصُّهَا: أَبُو الدَّحْدَاحِ وَيُقَالُ أَبُو الدَّحْدَاحَةِ الْأَنْصَارِيُّ الصَّحَابِيُّ بِفَتْحِ الدَّالِ وَبِحَاءَيْنِ مُهْمَلَتَيْنِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ وَلَا نَسَبِهِ أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهُ مِنْ الْأَنْصَارِ حَلِيفٌ لَهُمْ، وَقَالَ غَيْرُهُ: اسْمُهُ ثَابِتٌ، وَعِبَارَةُ جَامِعِ الْأُصُولِ: أَبُو الدَّحْدَاحِ ثَابِتُ بْنُ الدَّحْدَاحِ صَحَابِيٌّ وَهُوَ بِفَتْحِ الدَّالَيْنِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الْأُولَى اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ - [اتِّبَاعُ الْمُسْلِمِ جِنَازَةَ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ] (قَوْلُهُ: بِتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَفِي كَوْنِ الِاتِّبَاعِ بِسُكُونِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ بِمَعْنَى الْمَشْيِ خِلَافٌ فِي اللُّغَةِ، فَفِي الْمُخْتَارِ مَا نَصُّهُ: تَبِعَهُ مِنْ بَابِ طَرِبَ وَسَلِمَ إذَا مَشَى خَلْفَهُ أَوْ مَرَّ بِهِ فَمَضَى مَعَهُ، وَكَذَا اتَّبَعَهُ وَهُوَ افْتَعَلَ، وَأَتْبَعَهُ عَلَى أَفْعَلَ إذَا كَانَ قَدْ سَبَقَهُ فَلَحِقَهُ وَاتَّبَعَ غَيْرَهُ، يُقَالُ أَتْبَعَهُ الشَّيْءُ فَتَبِعَهُ (قَوْلُهُ: إنَّ عَمَّك الشَّيْخَ) لَمْ يَذْكُرْهُ الْمَحَلِّيُّ، وَقَوْلُهُ قَالَ: فَانْطَلَقَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[لا يحمل الجنازة إلا الرجال]

كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إلْحَاقُ الزَّوْجَةِ وَالْمَمْلُوكِ بِالْقَرِيبِ، وَيَلْحَقُ بِهِ أَيْضًا الْمَوْلَى وَالْجَارُ كَمَا فِي الْعِيَادَةِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ تَحْرِيمَ تَشْنِيعِ الْمُسْلِمِ جِنَازَةَ الْكَافِرِ غَيْرَ نَحْوِ الْقَرِيبِ، وَبِهِ صَرَّحَ الشَّاشِيُّ كَابْتِدَاءِ السَّلَامِ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ إلْحَاقِ الزَّوْجَةِ وَنَحْوِهَا بِهِ الْكَرَاهَةُ فَقَطْ، وَمَا نَازَعَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِخَيْرِ عَلِيٍّ فِي مُطْلَقِ الْقَرَابَةِ لِوُجُوبِ ذَلِكَ عَلَى وَلَدِهِ عَلَى كَمَا كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ مُؤَنَّثَةٌ حَالَ حَيَاتِهِ، يُمْكِنُ رَدُّهُ بِأَنَّ الْإِذْنَ لَهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ دَلِيلُ الْجَوَازِ إذْ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ اسْتِخْلَافِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ مِلَّتِهِ، وَأَمَّا زِيَارَةُ الْمُسْلِمِ قَبْرَ نَحْوِ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ فَجَائِزٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَالْأَصْلُ فِي جَوَازِ ذَلِكَ خَبَرُ «اسْتَأْذَنْت رَبِّي لِأَسْتَغْفِرَ لِأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي، وَاسْتَأْذَنْته أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي» وَفِي رِوَايَةٍ «فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمْ الْمَوْتَ» (وَيُكْرَهُ) (اللَّغَطُ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَسُكُونِهَا وَهُوَ ارْتِفَاعُ الْأَصْوَاتِ (فِي) سَيْرِ (الْجِنَازَةِ) لِمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كَرِهُوا رَفْعَ الصَّوْتِ عِنْدَ الْجَنَائِزِ وَالْقِتَالِ وَالذِّكْرِ، وَكَرِهَ جَمَاعَةٌ قَوْلَ الْمُنَادِي مَعَ الْجِنَازَةِ اسْتَغْفِرُوا اللَّهَ لَهُ، فَقَدْ سَمِعَ ابْنُ عُمَرَ رَجُلًا يَقُولُ ذَلِكَ فَقَالَ: لَا غَفَرَ اللَّهُ لَك، وَالْمُخْتَارُ وَالصَّوَابُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ مَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ مِنْ السُّكُوتِ فِي حَالِ السَّيْرِ، فَلَا يُرْفَعُ صَوْتٌ بِقِرَاءَةٍ وَلَا ذِكْرٍ وَلَا غَيْرِهِمَا، بَلْ يُشْتَغَلُ بِالتَّفَكُّرِ فِي الْمَوْتِ وَمَا بَعْدَهُ وَفَنَاءِ الدُّنْيَا، وَأَنَّ هَذَا آخِرُهَا وَيُسَنُّ الِاشْتِغَالُ بِالْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ سِرًّا، وَمَا يَفْعَلُهُ جَهَلَةُ الْقُرَّاءِ مِنْ الْقِرَاءَةِ بِالتَّمْطِيطِ وَإِخْرَاجِ الْكَلَامِ عَنْ مَوْضُوعِهِ فَحَرَامٌ يَجِبُ إنْكَارُهُ (وَ) يُكْرَهُ (اتِّبَاعُهَا بِنَارٍ) فِي مِجْمَرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا لِخَبَرِ «لَا تَتَّبِعُوا الْجِنَازَةَ بِصَوْتٍ وَلَا نَارٍ» ، وَلِأَنَّهُ يُتَفَاءَلُ بِذَلِكَ فَأْلَ السُّوءِ. رَوَى مُسْلِمٌ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ قَالَ: إذَا أَنَا مِتُّ فَلَا تَصْحَبْنِي نَارٌ وَلَا نَائِحَةٌ. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ أَوْصَى: لَا تَتَّبِعُونِي بِصَارِخَةٍ وَلَا مِجْمَرَةٍ، وَلَا تَجْعَلُوا بَيْنِي وَبَيْنَ الْأَرْضِ شَيْئًا. نَعَمْ لَوْ اُحْتِيجَ إلَى الدَّفْنِ لَيْلًا فِي اللَّيَالِي ـــــــــــــــــــــــــــــSعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ فَقَالَ اذْهَبْ فَوَارِهِ (قَوْلُهُ: كَابْتِدَاءِ السَّلَامِ) وَفِي نُسْخَةٍ: لَكِنَّ قَضِيَّةَ إلْحَاقِ الزَّوْجَةِ وَنَحْوِهَا بِهِ الْكَرَاهَةُ فَقَطْ اهـ يُتَأَمَّلُ وَجْهُ كَوْنِ الْإِلْحَاقِ الْمَذْكُورِ يَقْتَضِي الْكَرَاهَةَ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا زِيَارَةُ الْمُسْلِمِ قَبْرَ نَحْوِ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ فَجَائِزَةٌ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ إذَا كَانَ غَيْرَ نَحْوِ قَرِيبٍ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الشَّاشِيِّ فِي اتِّبَاعِ جِنَازَتِهِ، وَلَوْ قِيلَ بِكَرَاهَتِهِ هُنَا كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ كَرَاهَةُ اتِّبَاعِ جِنَازَتِهِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا هَذَا، وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ أَنَّ زِيَارَةَ قُبُورِ الْكُفَّارِ مُبَاحَةٌ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ، وَفِي تَحْرِيمِهَا وَهُوَ بِعُمُومِهِ شَامِلٌ لِلْقَرِيبِ وَغَيْرِهِ، وَقَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِالْإِبَاحَةِ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا عَدَمُ الْحُرْمَةِ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ مُقَابَلَتُهُ بِكَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ، أَوْ يُقَالُ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ قَبْرًا بِعَيْنِهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي عَنْ الْمُنَاوِيِّ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ (قَوْلُهُ: لِأَسْتَغْفِرَ لِأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي) أَوْ لِمَوْتِهَا عَلَى الْكُفْرِ. وَلَا يُقَالُ: هِيَ مَاتَتْ زَمَنَ الْجَاهِلِيَّةِ وَلَا شَرِيعَةَ ثَمَّ تُخَاطَبُ بِهَا. لِأَنَّا نَقُولُ: شَرِيعَةُ عِيسَى كَانَتْ بَاقِيَةً إذْ لَمْ تُنْسَخْ إلَّا بِبَعْثَتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، هَذَا وَقَدْ صَحَّ أَنَّ أَبَوَيْهِ أُحْيِيَا وَآمَنَا بِهِ مُعْجِزَةً لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ عَدَمَ الْإِذْنِ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فِي سَيْرِ الْجِنَازَةِ) عِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ: فَرَضُوا كَرَاهَةَ رَفْعِ الصَّوْتِ بِهَا فِي حَالِ السَّيْرِ وَسَكَتُوا عَنْ ذَلِكَ فِي الْحُضُورِ عِنْدَ غُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَوَضْعِهِ فِي النَّعْشِ وَبَعْدَ الْوُصُولِ إلَى الْمَقْبَرَةِ إلَى دَفْنِهِ، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: مَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ مِنْ السُّكُوتِ) وَلَوْ قِيلَ بِنَدْبِ مَا يُفْعَلُ الْآنَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ مِنْ الْيَمَانِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ لَمْ يَبْعُدْ؛ لِأَنَّ فِي تَرْكِهِ إزْرَاءً بِالْمَيِّتِ وَتَعَرُّضًا لِلتَّكَلُّمِ فِيهِ وَفِي وَرَثَتِهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَحَرَامٌ يَجِبُ إنْكَارُهُ) أَيْ وَلَيْسَ ذَلِكَ خَاصًّا بِكَوْنِهِ عِنْدَ الْمَيِّتِ بَلْ هُوَ حَرَامٌ مُطْلَقًا، وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْآنَ مِنْ قِرَاءَةِ الرُّؤَسَاءِ وَنَحْوِهِمْ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ اتِّبَاعُهَا بِنَارٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَافِرًا، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ مَوْجُودَةٌ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [لَا يَحْمِلُ الْجِنَازَةَ إلَّا الرِّجَالُ] قَوْلُهُ لَكِنَّ قَضِيَّةَ إلْحَاقِ الزَّوْجَةِ وَنَحْوِهَا بِهِ الْكَرَاهَةُ فَقَطْ) لَمْ يَظْهَرْ وَجْهُ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ

[اللغط في سير الجنازة]

الْمُظْلِمَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ حَمْلُ السِّرَاجِ وَالشَّمْعَةِ وَنَحْوِهِمَا وَلَا سِيَّمَا حَالَةَ الدَّفْنِ لِأَجْلِ إحْسَانِ الدَّفْنِ وَإِحْكَامِهِ (وَلَوْ) (اخْتَلَطَ) مَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ بِغَيْرِهِ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ كَأَنْ اخْتَلَطَ (مُسْلِمُونَ) أَوْ أَحَدٌ مِنْهُمْ (بِكُفَّارٍ) أَوْ غَيْرُ شَهِيدٍ بِشَهِيدٍ، أَوْ سِقْطٌ يُصَلَّى عَلَيْهِ بِسِقْطٍ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَتَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ (وَجَبَ) خُرُوجًا مِنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ (غُسْلُ الْجَمِيعِ) وَتَكْفِينُهُمْ (وَالصَّلَاةُ) عَلَيْهِمْ وَدَفْنُهُمْ إذْ الْوَاجِبُ لَا يَتِمُّ بِدُونِ ذَلِكَ، وَلَا يُعَارِضُ مَا تَقَرَّرَ حُرْمَةُ الصَّلَاةِ عَلَى الْفَرِيقِ الْآخَرِ، وَلَا تُرِكَ الْمُحَرَّمُ إلَّا بِتَرْكِ الْوَاجِبِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَتْ عَلَى الْفَرِيقِ الْآخَرِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ (فَإِنْ شَاءَ صَلَّى عَلَى الْجَمِيعِ) دَفْعَةً (بِقَصْدِ الْمُسْلِمِينَ) مِنْهُمْ فِي الْأُولَى وَغَيْرِ الشَّهِيدِ فِي الثَّانِيَةِ وَبِقَصْدِ السِّقْطِ الَّذِي يُصَلَّى عَلَيْهِ فِي الثَّالِثَةِ. (وَهُوَ الْأَفْضَلُ وَالْمَنْصُوصُ) وَلَيْسَ فِيهِ صَلَاةٌ عَلَى غَيْرِ مَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَالنِّيَّةُ جَازِمَةٌ (أَوْ عَلَى وَاحِدٍ فَوَاحِدٍ نَاوِيًا الصَّلَاةَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا) فِي الْأُولَى وَفِي الثَّانِيَةِ إنْ كَانَ غَيْرَ شَهِيدٍ، وَفِي الثَّالِثَةِ إنْ كَانَ هُوَ الَّذِي يُصَلَّى عَلَيْهِ (وَيَقُولُ) فِي الْأُولَى (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ إنْ كَانَ مُسْلِمًا) وَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ، وَهُوَ دُعَاؤُهُ بِالْمَغْفِرَةِ لِلْكَافِرِ، وَيُغْتَفَرُ تَرَدُّدُهُ فِي النِّيَّةِ لِلضَّرُورَةِ كَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ، وَهَذَا التَّخْيِيرُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ لِإِمْكَانِ الْكَيْفِيَّةِ الْأُولَى يُرَدُّ بِأَنَّهَا قَدْ تَشُقُّ بِتَأْخِيرٍ مِنْ غُسْلٍ إلَى فَرَاغِ غُسْلِ الْبَاقِينَ، بَلْ قَدْ تَتَعَيَّنُ الْأُولَى، كَأَنْ أَدَّى إفْرَادُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا إلَى تَغَيُّرٍ أَوْ انْفِجَارٍ لِشِدَّةِ حَرٍّ وَكَثْرَةِ الْمَوْتَى، وَيُدْفَنُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى بَيْنَ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ، وَلَوْ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَانِ بِإِسْلَامِهِ وَكُفْرِهِ غُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَنَوَى الصَّلَاةَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَتَكْفِينُهُمْ) أَيْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَالْأَغْنِيَاءُ حَيْثُ لَا تَرِكَةَ، وَإِلَّا أُخْرِجَ مِنْ تَرِكَةِ كُلِّ تَجْهِيزٍ وَاحِدٌ بِالْقُرْعَةِ فِيمَا، يَظْهَرُ وَيُغْتَفَرُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بَعْضُهُمْ تَفَاوُتُ مُؤَنِ تَجْهِيزِهِمْ لِلضَّرُورَةِ اهـ حَجّ. وَقَدْ يُقَالُ يُخْرَجُ مِنْ تَرِكَةِ كُلٍّ أَقَلُّ كِفَايَةِ وَاحِدٍ وَمَا زَادَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْقُرْعَةَ لَا تُؤَثِّرُ فِي الْأَمْوَالِ، فَحَيْثُ لَمْ يُوجَدْ مَحَلٌّ يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا زَادَ أُخِذَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَمَا لَوْ مَاتَ شَخْصٌ لَا مَالَ لَهُ، وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ الْمُشْتَبَهُ مُرْتَدًّا أَوْ حَرْبِيًّا فَكَيْفَ يَكُونُ الْحَالُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُجَهَّزَانِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بَلْ يَجُوزُ إغْرَاءُ الْكِلَابِ عَلَى جِيفَتِهِمَا، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ يُجَهَّزَانِ هُنَا مِنْهُ، وَيُغْتَفَرُ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِتَجْهِيزِ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ: وَدَفْنُهُمْ) أَيْ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا يَظْهَرُ حَذَرًا مِنْ دَفْنِ الْمُسْلِمِ فِي غَيْرِ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يُدْفَنَانِ بَيْنَ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ كَمَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ مَاتَتْ كَافِرَةٌ فِي بَطْنِهَا مُسْلِمٌ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الشَّارِحِ وَيُدْفَنُونَ فِي إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَتْ عَلَى الْفَرِيقِ) هَذَا الْجَوَابُ لَا يَأْتِي فِي غُسْلِ الشَّهِيدِ إذَا اخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ، وَفِي حَجّ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ حَرَامًا مَعَ الْعِلْمِ بِعَيْنِهِ أَمَّا مَعَ الْجَهْلِ فَلَا اهـ. وَبِهِ يَنْدَفِعُ الِاعْتِرَاضُ عَلَى غُسْلِ الشَّهِيدِ أَيْضًا، وَكَتَبَ الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ عَلَى قَوْلِ التَّحْرِيرِ وَلَا يُغَطَّى رَأْسُ الرَّجُلِ إلَخْ مَا نَصُّهُ: اُنْظُرْ لَوْ اخْتَلَطَ الْمُحْرِمُ بِغَيْرِهِ هَلْ يُغَطَّى الْجَمِيعُ احْتِيَاطًا لِلسِّتْرِ أَوْ لَا احْتِيَاطًا لِلْإِحْرَامِ، وَقَدْ يُتَّجَهُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ التَّغْطِيَةَ مُحَرَّمَةٌ جَزْمًا بِخِلَافِ سِتْرِ مَا زَادَ عَلَى الْعَوْرَةِ اهـ. وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ التَّغْطِيَةَ حَقٌّ لِلْمَيِّتِ فَلَا تُتْرَكُ لِلْفَرِيقِ الْآخَرِ، وَلَا نَظَرَ لِلْقَطْعِ وَالْخِلَافِ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامِ سم مَا يُصَرِّحُ بِوُجُوبِ تَغْطِيَةِ الْجَمِيعِ بِغَيْرِ الْمَخِيطِ (قَوْلُهُ: بَلْ قَدْ تَتَعَيَّنُ الْأُولَى) هِيَ انْتِقَالِيَّةٌ فَتَكُونُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ وَقَدْ تَتَعَيَّنُ إلَخْ، وَعِبَارَةُ حَجّ: بَلْ تَتَعَيَّنُ: أَيْ الثَّانِيَةُ إنْ أَدَّى التَّأْخِيرُ إلَى تَغَيُّرٍ، وَكَذَا تَتَعَيَّنُ الْأُولَى إلَخْ، وَهِيَ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَيُدْفَنُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَيِّتُ الْكَافِرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [اللَّغَطُ فِي سَيْرِ الْجِنَازَةِ] قَوْلُهُ: وَيَقُولُ فِي الْأُولَى) أَيْ الصُّورَةُ الْأُولَى مِنْ الْكَيْفِيَّةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّهُ لُغَةً لَا ضَرُورَةً) أَيْ لِلتَّرَدُّدِ فِي النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: بَلْ قَدْ تَتَعَيَّنُ الْأُولَى) الْمُنَاسِبُ لِلسِّيَاقِ بَلْ قَدْ تَتَعَيَّنُ الثَّانِيَةُ كَمَا صَنَعَ الشِّهَابُ حَجّ: أَيْ بِأَنْ أَدَّى التَّأْخِيرُ إلَى التَّغْيِيرِ، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ تَتَعَيَّنُ الْأُولَى إلَى آخِرِ مَا فِي الشَّارِحِ

مُسْلِمًا. وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي: لَوْ مَاتَ ذِمِّيٌّ فَشَهِدَ عَدْلٌ بِإِسْلَامِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ لَمْ يُحْكَمْ بِشَهَادَتِهِ فِي تَوْرِيثِ قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ مِنْهُ وَلَا حِرْمَانِ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ بِلَا خِلَافٍ، وَهَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَتَوَابِعِهَا فِيهِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ثُبُوتِ هِلَالِ رَمَضَانَ بِقَوْلِ عَدْلٍ وَاحِدٍ، وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ قَبُولِهَا فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَتَوَابِعِهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّهُ الْأَصَحُّ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الْجُمْهُورِ خِلَافَهُ (وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ) زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ (تَقَدُّمُ غُسْلِهِ) أَيْ أَوْ تَيَمُّمِهِ بِشَرْطِهِ إذْ هُوَ الْمَنْقُولُ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ صَلَاتِهِ لِنَفْسِهِ حَيًّا (وَتُكْرَهُ) الصَّلَاةُ عَلَيْهِ (قَبْلَ تَكْفِينِهِ) وَلَا يُنَافِيه مَا مَرَّ مِنْ كَوْنِهِ بِمَنْزِلَةِ الْمُصَلِّي؛ لِأَنَّ بَابَ التَّكْفِينِ أَوْسَعُ مِنْ الْغُسْلِ بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ دُفِنَ بِلَا غُسْلٍ نُبِشَ قَبْرُهُ لِيُغَسَّلَ بِخِلَافِ مَنْ دُفِنَ بِلَا تَكْفِينٍ، وَأَنَّ مَنْ صُلِّيَ عَلَيْهِ بِلَا طُهْرٍ لِعَجْزِهِ عَمَّا يُتَطَهَّرُ بِهِ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ، بِخِلَافِ مَنْ صَلَّى مَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ لِعَجْزِهِ عَمَّا يَسْتُرُهَا بِهِ (فَإِنْ مَاتَ بِهَدْمٍ وَنَحْوِهِ) كَوُقُوعِهِ فِي بِئْرٍ أَوْ بَحْرٍ عَمِيقٍ (وَتَعَذَّرَ إخْرَاجُهُ وَغُسْلُهُ أَوْ تَيَمُّمُهُ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ) لِانْتِفَاءِ شَرْطِهَا، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِجَمْعٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ حَيْثُ زَعَمُوا أَنَّ الشَّرْطَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ عِنْدَ الْقُدْرَةِ لِصِحَّةِ صَلَاةِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ بَلْ وُجُوبُهَا، إذْ يُمْكِنُ رَدُّهُ بِأَنَّ ذَاكَ إنَّمَا هُوَ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ الَّذِي حَدَّ الشَّارِعُ طَرَفَيْهِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا (وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ عَلَى الْجِنَازَةِ الْحَاضِرَةِ) إذَا صَلَّى عَلَيْهَا، (وَ) أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ عَلَى (الْقَبْرِ) إذَا صَلَّى عَلَيْهِ، (عَلَى الْمَذْهَبِ فِيهِمَا) اقْتِدَاءً بِمَا جَرَى عَلَيْهِ السَّلَفُ الصَّالِحُ، وَلِأَنَّ الْمَيِّتَ كَإِمَامٍ، وَالثَّانِي يَجُوزُ التَّقَدُّمُ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَيْسَ بِإِمَامٍ مَتْبُوعٍ حَتَّى يَتَعَيَّنَ تَقْدِيمُهُ، بَلْ هُوَ كَعَبْدٍ جَاءَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ عِنْدَهُ سَيِّدَهُ، وَاحْتُرِزَ بِالْحَاضِرَةِ عَنْ الْغَائِبِ عَنْ الْبَلَدِ فَإِنَّهُ يُصَلَّى عَلَيْهَا كَمَا مَرَّ، وَلَوْ كَانَتْ خَلْفَ ظَهْرِهِ، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَجْمَعَهُمَا مَكَانٌ وَاحِدٌ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَأَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَهُمَا فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ عَلَى ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ تَقْرِيبًا تَنْزِيلًا لِلْمَيِّتِ مَنْزِلَةَ الْإِمَامِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَرَاهَةُ مُسَاوَاتِهِ، وَقَدْ مَرَّ بَعْضُ ذَلِكَ (وَتَجُوزُ) (الصَّلَاةُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (فِي الْمَسْجِدِ) مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، بَلْ تُسْتَحَبُّ فِيهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ؛ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِيهِ عَلَى ابْنَيْ بَيْضَاءَ ـــــــــــــــــــــــــــــSبَالِغًا أَوْ صَبِيًّا؛ لِأَنَّ الدَّفْنَ مِنْ أَحْكَامِ الدُّنْيَا وَأَطْفَالُ الْمُشْرِكِينَ فِيهَا كُفَّارٌ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ تَرْجِيحِ قَبُولِهَا فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَيَجْزِمُ بِالنِّيَّةِ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَلَا يُعَلِّقُهَا (قَوْلُهُ وَتُكْرَهُ قَبْلَ تَكْفِينِهِ) أَيْ فَلَا تَحْرُمُ وَلَوْ بِدُونِ سِتْرِ الْعَوْرَةِ، وَالْأَوَّلُ الْمُبَادَرَةُ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ إذَا خِيفَ مِنْ تَأْخِيرِهَا إلَى تَمَامِ التَّكْفِينِ خُرُوجُ نَجِسٍ مِنْهُ كَدَمٍ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا) أَيْ فَإِنَّ الشَّارِعَ لَمْ يُحَدِّدْ لِصَلَاتِهِ وَقْتًا، وَوُجُوبُ تَقْدِيمِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ عَلَى الدَّفْنِ لَا يَسْتَدْعِي إلْحَاقَ ذَلِكَ بِالْوَقْتِ الْمَحْدُودِ الطَّرَفَيْنِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَتَقَدَّمَ عَلَى الْقَبْرِ) أَيْ الْمَحَلُّ الَّذِي تُيُقِّنَ كَوْنُ الْمَيِّتِ فِيهِ إنْ عُلِمَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا يَتَقَدَّمُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْقَبْرِ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ كَالْإِمَامِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ فِيهِمَا) أَيْ فَإِنْ تَقَدَّمَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَانْظُرْ بِمَاذَا يُعْتَبَرُ التَّقَدُّمُ بِهِ هُنَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنَّ الْعِبْرَةَ هُنَا بِالتَّقَدُّمِ بِالْعَقِبِ عَلَى رَأْسِ الْمَيِّتِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: عَلَى ابْنَيْ بَيْضَاءَ) وَصَفَ أُمَّهُمَا وَاسْمُهَا دَعْدٌ، وَفِي تَكْمِلَةِ الصَّغَانِيِّ: إذَا قَالَتْ الْعَرَبُ فُلَانٌ أَبْيَضُ وَفُلَانَةُ بَيْضَاءُ فَالْمَعْنَى نَقَاءُ الْعِرْضِ مِنْ الدَّنَسِ وَالْعُيُوبِ اهـ مَحَلِّيٌّ. وَمَا ذُكِرَ يُخَالِفُهُ مَا قَالَهُ صَاحِبُ النُّورِ فِيمَا كَتَبَهُ عَلِيُّ بْنُ سَيِّدِ النَّاسِ فِي الْوُفُودِ فِي وَفْدِ بَنِي سَعْدٍ هُذَيْمٍ حَيْثُ قَالَ قَوْلُهُ: ثُمَّ خَرَجْنَا نَؤُمُّ الْمَسْجِدَ حَتَّى انْتَهَيْنَا إلَى بَابِهِ فَنَجِدُ رَسُولَ اللَّهِ يُصَلِّي عَلَى جِنَازَةٍ فِي الْمَسْجِدِ إلَخْ، صَاحِبُ هَذِهِ الْجِنَازَةِ لَا أَعْرِفُهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ سُهَيْلُ بْنُ الْبَيْضَاءِ، فَإِنَّ قُدُومَ هَذَا الْوَفْدِ سَنَةَ تِسْعٍ كَمَا تَقَدَّمَ أَوَّلُهُ وَسُهَيْلٌ تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ مَقْدِمَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ تَبُوكَ وَلَا أَعْلَمُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فِي الْمَسْجِدِ وَفِي كَوْنِ الْأَخِ سَهْلًا فِيهِ نَظَرٌ أَوْ صَفْوَانَ فِيهِ نَظَرٌ، وَتَلْخِيصُهُ أَنَّ سَهْلًا مُكَبَّرًا تُوُفِّيَ بَعْدَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، قَالَهُ الْوَاقِدِيُّ، وَكَوْنُهُ صَفْوَانَ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ صَفْوَانَ تُوُفِّيَ قَتِيلًا بِبَدْرٍ. وَالصَّوَابُ حَدِيثُ عَبَّادِ بْنِ مُسْلِمٍ الَّذِي فِيهِ إفْرَادُ سُهَيْلٍ لَا الْحَدِيثُ الَّذِي بَعْدَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ هَذَا فِي مَسْجِدِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَلَكِنَّهُ صَلَّى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[شروط صحة صلاة الجنازة]

سُهَيْلٍ وَأَخِيهِ» ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلِأَنَّ الْمَسْجِدَ أَشْرَفُ مِنْ غَيْرِهِ، وَرَغْمَ أَنَّهُمَا كَانَا خَارِجَهُ غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ إذْ هُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَأَمَّا خَبَرُ «مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا شَيْءَ لَهُ» فَضَعِيفٌ، وَاَلَّذِي فِي الْأُصُولِ الْمُعْتَمَدَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ صَحَّ وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى هَذَا جَمْعًا بَيْنَ الرِّوَايَاتِ، وَقَدْ جَاءَ مِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا أَوْ عَلَى نُقْصَانِ الْأَجْرِ؛ لِأَنَّ الْمُصَلَّى عَلَيْهَا فِي الْمَسْجِدِ يُنْصَرَفُ غَالِبًا عَنْهَا، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا فِي الصَّحْرَاءِ يَحْضُرُ دَفْنَهَا غَالِبًا، فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ فَلَا أَجْرَ لَهُ كَامِلٌ كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ» أَمَّا إذَا خِيفَ مِنْ إدْخَالِهِ تَلْوِيثُ الْمَسْجِدِ فَلَا يَجُوزُ إدْخَالُهُ (وَيُسَنُّ جَعْلُ صُفُوفِهِمْ) أَيْ الْمُصَلِّينَ عَلَى الْمَيِّتِ (ثَلَاثَةً فَأَكْثَرَ) لِخَبَرِ «مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ صُفُوفٍ فَقَدْ أَوْجَبَ: أَيْ حَصَلَتْ لَهُ الْمَغْفِرَةُ» وَلِهَذَا كَانَتْ الثَّلَاثَةُ بِمَنْزِلَةِ الصَّفِّ الْوَاحِدِ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ. نَعَمْ يُتَّجَهُ أَنَّ الْأَوَّلَ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ آكِدٌ لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلْ الْأَوَّلُ أَفْضَلَ مُحَافَظَةً عَلَى مَقْصُودِ الشَّارِعِ مِنْ الثَّلَاثَةِ، وَيَتَأَكَّدُ كَمَا فِي الْبَحْرِ اسْتِحْبَابُ الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ مَاتَ فِي الْأَوْقَاتِ الْفَاضِلَةِ كَيَوْمِ عَرَفَةَ وَالْعِيدِ وَعَاشُورَاءَ وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَتِهَا (وَإِذَا صَلَّى عَلَيْهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (فَحَضَرَ مَنْ) أَيْ شَخْصٌ (لَمْ يُصَلِّ) عَلَيْهِ (صَلَّى) عَلَيْهِ اسْتِحْبَابًا سَوَاءٌ كَانَتْ قَبْلَ دَفْنِهِ أَمْ بَعْدَهُ وَيَنْوِي لَهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ الْفَرْضَ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي مَسْجِدِ بَنِي مُعَاوِيَةَ عَلَى أَبِي الرَّبِيعِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ هَشَّةَ وَكَانَ قَدْ شَهِدَ أُحُدًا اهـ بِحُرُوفِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. لَكِنْ فِي الْإِصَابَةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ مَنْدَهْ أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَلَّى عَلَى سَهْلٍ وَأَخِيهِ سُهَيْلٍ فِي الْمَسْجِدِ، قَالَ: وَزَعَمَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ سَهْلًا مُكَبَّرًا مَاتَ بَعْدَ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: اسْمُ أَخِي سُهَيْلٍ صَفْوَانُ وَمَنْ سَمَّاهُ سَهْلًا فَقَدْ وُهِمَ كَذَا قَالَ، لَكِنْ ذَكَرَ فِيهَا أَيْضًا فِي تَرْجَمَةِ صَفْوَانَ أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا وَرَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّهُ اُسْتُشْهِدَ بِبَدْرٍ، وَجَزَمَ ابْنُ حِبَّانَ بِأَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ ثَلَاثِينَ وَقِيلَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ، وَبِهِ جَزَمَ الْحَاكِمُ أَبُو أَحْمَدَ تَبَعًا لِلْوَاقِدِيِّ، وَقِيلَ مَاتَ فِي طَاعُونِ عَمَوَاسَ اهـ بِاخْتِصَارٍ (قَوْلُهُ: سُهَيْلٍ وَأَخِيهِ) قَالَ الْمَحَلِّيُّ وَاسْمُهُ سَهْلٌ (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ) قَالَ حَجّ: وَلِمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ: أَنَّ الظَّرْفَ بَعْدَ فَاعِلِهِ وَمَفْعُولِهِ الْحِسِّيَّيْنِ يَكُونُ لَهُمَا بِخِلَافِهِ بَعْدَ غَيْرِ الْحِسِّيَّيْنِ يَكُونُ لِلْفَاعِلِ فَقَطْ إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بِهِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ جَعْلُ صُفُوفِهِمْ) حَيْثُ كَانُوا سِتَّةً فَأَكْثَرَ اهـ حَجّ. وَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَا دُونَ السِّتَّةِ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ ذَلِكَ، فَلَوْ حَضَرَ مَعَ الْإِمَامِ اثْنَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ وَقَفُوا خَلْفَهُ وَفِي كَلَامِ سم عَلَيْهِ مَا نَصُّهُ بَعْدَ كَلَامٍ: فَإِنْ كَانُوا خَمْسَةً فَقَطْ فَهَلْ يَقِفُ الزَّائِدُ عَلَى الْإِمَامِ وَهُوَ الْأَرْبَعَةُ صَفَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْعَدَدِ الَّذِي طَلَبَهُ الشَّارِعُ وَهُوَ الثَّلَاثَةُ الصُّفُوفِ؛ وَلِأَنَّهُمْ يَصِيرُونَ ثَلَاثَةَ صُفُوفٍ بِالْإِمَامِ أَوْ صَفًّا وَاحِدًا لِعَدَمِ مَا طَلَبَهُ الشَّارِعُ مِنْ الصُّفُوفِ الثَّلَاثَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَوَّلُ غَيْرُ بَعِيدٍ بَلْ هُوَ وَجِيهٌ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً وَقَفُوا خَلْفَ الْإِمَامِ، وَلَوْ قِيلَ يَقِفُ وَاحِدٌ مَعَ الْإِمَامِ وَاثْنَانِ صَفًّا لَمْ يَبْعُدْ لِقُرْبِهِ مِنْ الصُّفُوفِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي طَلَبَهَا الشَّارِعُ. أَمَّا لَوْ كَانُوا أَرْبَعَةً فَيَنْبَغِي وُقُوفُ كُلِّ اثْنَيْنِ صَفًّا خَلْفَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ فِيهِ مُرَاعَاةً لِمَا طَلَبَهُ الشَّارِعُ مِنْ الثَّلَاثَةِ صُفُوفٍ أَيْضًا. وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ الْحَاضِرُونَ ثَلَاثَةً فَقَطْ بِالْإِمَامِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَقِفَ وَاحِدٌ خَلْفَ الْإِمَامِ وَالْآخَرُ وَرَاءَ مَنْ هُوَ خَلْفَ الْإِمَامِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقِفَ اثْنَانِ خَلْفَ الْإِمَامِ فَيَكُونُ الْإِمَامُ صَفًّا وَالِاثْنَانِ صَفًّا؛ لِأَنَّ أَقَلَّ الصَّفِّ اثْنَانِ فَسَقَطَ طَلَبُ الثَّالِثِ لِتَعَذُّرِهِ (قَوْلُهُ: كَانَتْ الثَّلَاثَةُ بِمَنْزِلَةِ الصَّفِّ إلَخْ) وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَّا فِي حَقِّ مَنْ جَاءَ وَقَدْ اصْطَفَّ الثَّلَاثَةُ فَالْأَفْضَلُ لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنْ يَتَحَرَّى الْأَوَّلَ. لِأَنَّا إنَّمَا سَوَّيْنَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ لِئَلَّا يَتْرُكُوهَا بِتَقَدُّمِهِمْ كُلِّهِمْ لِلْأَوَّلِ وَهَذَا مُنْتَفٍ هَهُنَا، وَلَوْ لَمْ يَحْضُرْ إلَّا سِتَّةٌ بِالْإِمَامِ وَقَفَ وَاحِدٌ مَعَهُ وَاثْنَانِ صَفًّا وَاثْنَانِ صَفًّا اهـ حَجّ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ أَقَلَّ الصَّفِّ اثْنَانِ وَإِلَّا لَجُعِلَتْ الْخَمْسَةُ صَفَّيْنِ وَالْإِمَامُ صَفًّا (قَوْلُهُ: فِي الْأَوْقَاتِ الْفَاضِلَةِ إلَخْ) وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ مَوْتَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [شُرُوطُ صِحَّةِ صَلَاةِ الْجِنَازَة] قَوْلُهُ: نَعَمْ يَتَّجِهُ أَنَّ الْأَوَّلَ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ آكَدُ) أَيْ مِمَّا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ شَخْصٌ) أَيْ أَوْ أَكْثَرُ

وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَلَّى عَلَى قُبُورِ جَمَاعَةٍ» ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ إنَّمَا دُفِنُوا بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ، وَمِنْ هَذَا أُخِذَ جَمْعُ اسْتِحْبَابِ تَأْخِيرِهَا عَلَيْهِ إلَى بَعْدِ الدَّفْنِ (وَمَنْ صَلَّى) عَلَى مَيِّتٍ جَمَاعَةً أَوْ مُنْفَرِدًا (لَا يُعِيدُ) هَا أَيْ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ إعَادَتُهَا (عَلَى الصَّحِيحِ) فِي جَمَاعَةٍ وَلَا انْفِرَادٍ؛ لِأَنَّ الْمُعَادَ نَفْلٌ وَهَذِهِ لَا يُتَنَفَّلُ بِهَا، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُعِيدُهَا مَرَّةً ثَانِيَةً لِعَدَمِ وُرُودِ ذَلِكَ شَرْعًا، بِخِلَافِ الْفَرَائِضِ فَإِنَّهَا تُعَادُ، وَإِنْ وَقَعَتْ الْأُولَى نَفْلًا كَصَلَاةِ الصَّبِيِّ. نَعَمْ فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ إذَا صَلَّى، ثُمَّ وَجَدَ مَا يَتَطَهَّرُ بِهِ يُعِيدُهَا، قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ. وَقِيَاسُهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ لَزِمَتْهُ إعَادَةُ الْمَكْتُوبَةِ لِخَلَلٍ يُصَلِّي هُنَا، وَيُعِيدُ أَيْضًا لَكِنْ هَلْ يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى تَعَيُّنِ صَلَاتِهِ عَلَيْهَا أَوْ لَا؟ فِيهِ احْتِمَالٌ، وَالْأَقْرَبُ نَعَمْ بَلْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهُ ذَلِكَ مَعَ حُصُولِ فَرْضِ الصَّلَاةِ بِغَيْرِهِ، وَالثَّانِي تُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِعَادَةُ كَغَيْرِهَا، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ أَعَادَهَا وَقَعَتْ نَفْلًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَهَذِهِ خَارِجَةٌ عَنْ الْقِيَاسِ إذْ الصَّلَاةُ لَا تَنْعَقِدُ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ مَطْلُوبَةً، بَلْ قِيلَ إنَّ هَذِهِ الثَّانِيَةَ تَقَعُ فَرْضًا كَصَلَاةِ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ، وَيُوَجَّهُ انْعِقَادُهَا بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الشَّفَاعَةُ وَالدُّعَاءُ، وَقَدْ لَا تُقْبَلُ الْأُولَى، وَتُقْبَلُ الثَّانِيَةُ فَلَمْ يَحْصُلْ الْغَرَضُ يَقِينًا. وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُصَلِّ فَتَقَعُ صَلَاتُهُ فَرْضًا. لَا يُقَالُ: سَقَطَ الْفَرْضُ بِالْأُولَى فَامْتَنَعَ وُقُوعُ الثَّانِيَةِ بِرِضًا. لِأَنَّا نَقُولُ: السَّاقِطُ بِالْأُولَى حَرَجُ الْفَرْضِ لَا هُوَ، وَقَدْ يَكُونُ ابْتِدَاءُ الشَّيْءِ غَيْرَ فَرْضٍ، وَبِالدُّخُولِ فِيهِ يَصِيرُ فَرْضًا كَحَجِّ التَّطَوُّعِ وَأَحَدِ خِصَالِ الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُ السُّبْكِيّ فَرْضُ الْكِفَايَةِ إذَا لَمْ يَتِمَّ الْمَقْصُودُ مِنْهُ بَلْ تَتَجَدَّدُ مَصْلَحَتُهُ بِتَكَرُّرِ الْفَاعِلِينَ كَتَعَلُّمِ الْعِلْمِ وَحِفْظِ الْقُرْآنِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ إذْ مَقْصُودُهَا الشَّفَاعَةُ لَا يَسْقُطُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ، وَإِنْ سَقَطَ الْحَرَجُ وَلَيْسَ كُلُّ فَرْضٍ يَأْثَمُ بِتَرْكِهِ مُطْلَقًا (وَلَا تُؤَخَّرُ) الصَّلَاةُ عَلَيْهِ أَيْ لَا يُنْدَبُ التَّأْخِيرُ (لِزِيَادَةِ الْمُصَلِّينَ) لِخَبَرِ «أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ» وَلَا بَأْسَ بِانْتِظَارِ الْوَلِيِّ إذَا رُجِيَ حُضُورُهُ عَنْ قُرْبٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ عَلَامَةٌ عَلَى زِيَادَةِ الرَّحْمَةِ لَهُ فَتُسْتَحَبُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ تَبَرُّكًا بِهِ حَيْثُ اُخْتِيرَ لَهُ الْمَوْتُ فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ عُرِفَ بِغَيْرِ الصَّلَاحِ (قَوْلُهُ: إلَى بَعْدَ الدَّفْنِ) أَيْ لِمَنْ حَضَرَ بَعْدَ الصَّلَاةِ مُسَارَعَةً إلَى دَفْنِهِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ صَلَّى لَا يُعِيدُهَا) وَهَلْ يَجُوزُ الْخُرُوجُ مِنْهَا: أَيْ الْمُعَادَةِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْخُرُوجُ مِنْهَا لِأَنَّهَا نَفْلٌ. لَا يُقَالُ: تُقَاسُ عَلَى الْمُعَادَةِ؛ لِأَنَّ الْمُعَادَةَ مَطْلُوبَةٌ إعَادَتُهَا، وَأَيْضًا اُخْتُلِفَ فِيهَا هَلْ الْفَرْضُ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخِلَافِ. وَأَمَّا هُنَا فَالْإِعَادَةُ غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ بِالْمَرَّةِ فَافْتَرَقَا، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ مُنْفَرِدًا أَوْ جَمَاعَةً وَيَقْطَعُوهَا، وَلَا يُقَالُ الْقَطْعُ فِي الثَّانِيَةِ فِيهِ إزْرَاءٌ؛ لِأَنَّهَا نَفْلٌ مَحْضٌ وَلَيْسَتْ مَطْلُوبَةً بِالْكُلِّيَّةِ، وَيُحْتَمَلُ حُرْمَةُ قَطْعِهَا كَالْمُعَادَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي بَلْ قِيلَ إنَّ هَذِهِ الثَّانِيَةَ تَقَعُ فَرْضًا إلَخْ، وَعِبَارَةُ ابْنِ حَجّ. وَإِذَا أَعَادَ وَقَعَتْ لَهُ نَفْلًا فَيَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْهَا (قَوْلُهُ: لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ إعَادَتُهَا) أَيْ فَتَكُونُ مُبَاحًا لَا يُعِيدُهَا، (قَوْلُهُ ثُمَّ وَجَدَ مَا يَتَطَهَّرُ بِهِ يُعِيدُهَا) أَيْ نَدْبًا حَيْثُ سَقَطَ الْفَرْضُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ: بَلْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهُ ذَلِكَ إلَخْ) يُرَاجَعُ هَذَا مِنْ بَابِ التَّيَمُّمِ، وَعِبَارَتُهُ ثُمَّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْأَصَحُّ إنْ قَطَعَهَا لِيَتَوَضَّأَ أَفْضَلُ نَصُّهَا: وَقَوْلُ ابْنِ خَيْرَانَ لَيْسَ لِحَاضِرٍ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيُصَلِّيَ عَلَى الْمَيِّتِ مَرْدُودٌ قِيلَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهُ وَإِنْ أَمْكَنَ تَوْجِيهُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا إذَا كَانَ ثَمَّ مَنْ يَحْصُلُ بِهِ الْفَرْضُ فَلَيْسَ لَهُ التَّيَمُّمُ لِفِعْلِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ اهـ. هَذَا وَالْأَوْجَهُ جَوَازُ صَلَاتِهِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ ثَمَّ مَنْ يَحْصُلُ الْفَرْضُ بِهِ، وَمِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ مَا هُنَا جَرَى فِيهِ عَلَى غَيْرِ مَا اسْتَوْجَبَهُ ثَمَّةَ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ أَعَادَهَا وَقَعَتْ نَفْلًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَخَذَ جَمْعٌ اسْتِحْبَابَ تَأْخِيرِهَا عَلَيْهِ) أَيْ مِمَّنْ لَمْ يَحْضُرْ (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ لَا يَنْتَفِلُ بِهَا بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُعِيدُهَا) أَيْ لَا يُطْلَبُ وَلَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ مِنْهُ وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ وَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا أَعَادَهَا وَقَعَتْ نَفْلًا (قَوْلُهُ: لَكِنْ هَلْ يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ) يَعْنِي فِعْلَهَا مَعَ الْخَلَلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ نَعَمْ إلَخْ) مَا قَبْلَهُ يُغْنِي عَنْهُ

وَأَمِنَ مِنْ التَّغَيُّرِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ رُجِيَ حُضُورُ تَتِمَّةِ أَرْبَعِينَ أَوْ مِائَةٍ وَلَوْ عَنْ قُرْبٍ لِتَمَكُّنِهِمْ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ بَعْدَ حُضُورِهِمْ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ، (وَقَاتِلُ نَفْسِهِ) حُكْمُهُ (كَغَيْرِهِ فِي) وُجُوبِ (الْغُسْلِ) لَهُ (وَالصَّلَاةِ) عَلَيْهِ لِخَبَرِ «الصَّلَاةُ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا وَإِنْ عَمِلَ الْكَبَائِرَ» ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مُنْقَطِعًا لَكِنَّهُ مُرْسَلٌ، وَهُوَ حُجَّةٌ إذَا اُعْتُضِدَ بِأُمُورٍ مِنْهَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَدْ وُجِدَ هُنَا وَمَا فِي مُسْلِمٍ مِنْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - امْتَنَعَ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى رَجُلٍ قَتَلَ نَفْسَهُ» مَحْمُولٌ عَلَى الزَّجْرِ عَنْ فِعْلِ مِثْلِهِ، بَلْ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ إنَّهُ مَنْسُوخٌ (وَلَوْ نَوَى الْإِمَامُ صَلَاةَ الْغَائِبِ وَالْمَأْمُومُ صَلَاةَ حَاضِرٍ أَوْ عَكَسَ) كُلٌّ مِنْهُمَا (جَازَ) ، كَمَا لَوْ اقْتَدَى فِي الظُّهْرِ بِالْعَصْرِ أَوْ بِالْعَكْسِ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ جَوَازُ اخْتِلَافِهِمَا فِي الْمُصَلَّى عَلَيْهِ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا فِي الْحُضُورِ أَوْ الْغَيْبَةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَيَشْمَلُ جَمِيعَ ذَلِكَ قَوْلُنَا لَوْ نَوَى الْمَأْمُومُ الصَّلَاةَ عَلَى غَيْرِ مَنْ نَوَاهُ الْإِمَامُ جَازَ (وَالدَّفْنُ بِالْمَقْبَرَةِ أَفْضَلُ) مِنْهُ فِي غَيْرِهَا لِلِاتِّبَاعِ وَنَيْلِ دُعَاءِ الْمَارِّينَ، وَفِي أَفْضَلِ مَقْبَرَةٍ بِالْبَلَدِ أَوْلَى. وَيُكْرَهُ الدَّفْنُ بِالْبَيْتِ كَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ إلَى أَنْ تَدْعُوَ إلَيْهِ حَاجَةٌ أَوْ مَصْلَحَةٌ كَمَا سَيَأْتِي، عَلَى أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى لَا مَكْرُوهٌ، وَإِنَّمَا دُفِنَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي بَيْتِهِ لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ فِي مَدْفِنِهِ لِخَوْفِهِمْ مِنْ دَفْنِهِ بِالْمَقَابِرِ مِنْ التَّنَازُعِ، وَلِأَنَّ مِنْ خَوَاصِّ الْأَنْبِيَاءِ دَفْنُهُمْ بِمَحَلِّ مَوْتِهِمْ. وَاسْتَثْنَى الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الشَّهِيدَ فَيُسَنُّ أَيْضًا دَفْنُهُ فِي مَحَلِّ قَتْلِهِ: أَيْ وَلَوْ بِقُرْبِ مَكَّةَ أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا يَأْتِي. قَالَ: وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ مَغْصُوبَةً، أَوْ سَبَّلَهَا ظَالِمٌ اشْتَرَاهَا بِمَالٍ خَبِيثٍ أَوْ نَحْوِهِمَا، أَوْ كَانَ أَهْلُهَا أَهْلَ بِدْعَةٍ أَوْ فِسْقٍ، أَوْ كَانَتْ تُرْبَتُهَا فَاسِدَةً لِمُلُوحَةٍ أَوْ نَحْوِهَا، أَوْ كَانَ نَقْلُ الْمَيِّتِ إلَيْهَا يُؤَدِّي لِانْفِجَارِهِ فَالْأَفْضَلُ اجْتِنَابُهَا. قَالَ الشَّيْخُ: بَلْ يَجِبُ فِي بَعْضِ ذَلِكَ، فَلَوْ قَالَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ يُدْفَنُ فِي مِلْكِهِ وَالْبَاقُونَ فِي الْمُسْبَلَةِ أُجِيبَ طَالِبُهَا لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ لَهُمْ، وَلَمْ يَرْضَ بَعْضُهُمْ بِدَفْنِهِ فِيهِ، فَلَوْ تَنَازَعُوا فِي مَقْبَرَتَيْنِ وَلَمْ يُوصِ الْمَيِّتُ بِشَيْءٍ أُجِيبَ الْمُقَدَّمُ فِي الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ إنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَفَعَلَهَا مِرَارًا (قَوْلُهُ: لِتَمَكُّنِهِمْ مِنْ الصَّلَاةِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ عَدَمَ صَلَاتِهِمْ عَلَى الْقَبْرِ أَخَّرَ لِزِيَادَةِ الْمُصَلِّينَ حَيْثُ أَمِنَ تَغَيُّرَهُ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا تَقَدَّمَ بِالْهَامِشِ عَنْ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ م ر (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ) حَيْثُ قَالُوا يَنْتَظِرُونَ إلَخْ فِي مُسْلِمٍ «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ مِائَةً كُلُّهُمْ يَشْفَعُونَ لَهُ إلَّا شُفِّعُوا فِيهِ» وَفِيهِ أَيْضًا مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْأَرْبَعِينَ اهـ ابْنُ حَجّ. هَذَا وَجَرَتْ الْعَادَةُ الْآنَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ عَلَى الْمَيِّتِ بَعْدَ دَفْنِهِ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: يُسَنُّ انْتِظَارُهُمْ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ لِلْمَيِّتِ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ عَلَى الْقَبْرِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيَشْمَلُ جَمِيعَ ذَلِكَ قَوْلُنَا) أَيْ إذَا عَبَّرْنَا بِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا سَيَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ مَغْصُوبَةً (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ مِنْ خَوَاصِّ الْأَنْبِيَاءِ دَفْنُهُمْ بِمَحَلِّ مَوْتِهِمْ) أَيْ حَيْثُ أَمْكَنَ الدَّفْنُ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ بِعَاوٍ كَأَنْ مَاتَ عَلَى سَقْفٍ لَا يَتَأَتَّى الدَّفْنُ فِيهِ فَالظَّاهِرُ دَفْنُهُمْ تَحْتَ الْمَوْضِعِ الَّذِي مَاتُوا فِيهِ بِحَيْثُ يُحَاذِيهِ (قَوْلُهُ: فَالْأَفْضَلُ اجْتِنَابُهَا) هَذَا وَاضِحٌ فِي غَيْرِ الْمَغْصُوبَةِ. أَمَّا هِيَ فَيَجِبُ اجْتِنَابُهَا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ قَالَ الشَّيْخُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أُجِيبَ الْمُقَدَّمُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: تَتِمَّةِ الْأَرْبَعِينَ أَوْ مِائَةٍ) أَيْ الْوَارِدِ فَضْلُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مُنْقَطِعًا لَكِنَّهُ مُرْسَلٌ) فِيهِ أَنَّ الْإِرْسَالَ مِنْ جُمْلَةِ مَا يُوجِبُ الضَّعْفَ لَا الْقُوَّةَ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَكُنْ حُجَّةً عِنْدَنَا خِلَافُ مَا يَقْتَضِيهِ هَذَا التَّعْبِيرُ، عَلَى أَنَّ الِانْقِطَاعَ وَصْفٌ مُقَابِلٌ لِلْإِرْسَالِ لِأَنَّ الْإِرْسَالَ إسْقَاطُ الصَّحَابِيِّ وَالِانْقِطَاعَ سُقُوطُ رَاوٍ مِنْ أَثْنَاءِ السَّنَدِ أَوْ أَكْثَرَ لَا عَلَى التَّوَالِي، وَاَلَّذِي فِي كَلَامِ الشِّهَابِ حَجّ الِاقْتِصَارُ عَلَى أَنَّهُ مُرْسَلٌ، وَفِي كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ الِاقْتِصَارُ عَلَى أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ، وَكَانَ مُرَادُ الشَّارِحِ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ مُرَادَ مَنْ عَبَّرَ بِأَنَّهُ مُنْقَطِعٌ أَنَّهُ مُرْسَلٌ، فَمُرَادُهُ بِالِانْقِطَاعِ الْإِرْسَالُ، وَالْمُرْسَلُ يُحْتَجُّ بِهِ إذَا اعْتَضَدَ بِمَا يَأْتِي لَكِنْ فِي عِبَارَتِهِ قَلَاقَةٌ

[الدفن بالمقبرة أفضل من الدفن بالبيت]

كَانَ الْمَيِّتُ رَجُلًا، قَالَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ، فَإِنْ اسْتَوَوْا أُقْرِعَ، فَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةً أُجِيبَ الْقَرِيبُ دُونَ الزَّوْجِ. وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَ التَّسَاوِي، وَإِلَّا فَيَجِبُ أَنْ يُنْظَرَ إلَى الْأَصْلَحِ لِلْمَيِّتِ فَيُجَابَ طَالِبُهُ كَمَا لَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا أَقْرَبَ أَوْ أَصْلَحَ أَوْ مُجَاوِرَةً لِأَخْيَارٍ وَالْأُخْرَى بِالضِّدِّ، بَلْ لَوْ اتَّفَقُوا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلَحِ، فَالْأَوْجَهُ أَنَّ لِلْحَاكِمِ اعْتِرَاضَهُمْ فِيهِ نَظَرًا لِلْمَيِّتِ، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ السُّبْكِيُّ، وَلَوْ دَفَنَهُ بَعْضُ الْوَرَثَةِ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ لَمْ يُنْقَلْ، وَقَبْلَ دَفْنِهِ فِي ذَلِكَ لَهُمْ الِامْتِنَاعُ مِنْ دَفْنِهِ فِيهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْمِنَّةِ عَلَيْهِمْ فَيُجَابُونَ لِدَفْنِهِ فِي الْمُسْبَلَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ يُكَفَّنُ فِي مَالِي وَالْبَاقُونَ فِي الْأَكْفَانِ الْمُسْبَلَةِ حَيْثُ يُجَابُ الْأَوَّلُ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالدَّفْنِ فِي الْمُسْبَلَةِ مِنْ غَيْرِ عَارٍ يَلْحَقُ بِذَلِكَ بِخِلَافِ الْأَكْفَانِ الْمُسْبَلَةِ، وَلَوْ دَفَنَهُ بَعْضُهُمْ فِي أَرْضِ التَّرِكَةِ فَلِلْبَاقِينَ لَا لِلْمُشْتَرِي مِنْ الْوَرَثَةِ نَقْلُهُ، وَيُكْرَهُ لَهُمْ ذَلِكَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. أَمَّا لَوْ دَفَنُوهُ فِي مِلْكِهِ ثُمَّ بَاعُوهُ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي نَقْلُهُ لِسَبْقِ حَقِّهِمْ وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ إنْ جَهِلَ الْحَالَ، وَالْمَحَلُّ الَّذِي دُفِنَ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي الِانْتِفَاعُ بِهِ بَعْدَ بِلَى الْمَيِّتِ أَوْ اتِّفَاقُ نَقْلِهِ. وَلَوْ مَاتَ رَقِيقٌ، وَتَنَازَعَ قَرِيبُهُ وَسَيِّدُهُ فِي مَقْبَرَتَيْنِ مُتَسَاوِيَتَيْنِ فَفِي الْمُجَابِ مِنْهُمَا احْتِمَالَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرِّقَّ هَلْ يَزُولُ بِالْمَوْتِ أَوْ لَا، وَأَوْجُهُهُمَا إجَابَةُ السَّيِّدِ، وَلَوْ أَعَدَّ لِنَفْسِهِ قَبْرًا لَمْ يُكْرَهْ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ لِلِاعْتِبَارِ. قَالَ الْعَبَّادِيُّ: وَلَا يَصِيرُ أَحَقَّ بِهِ مَا دَامَ حَيًّا، وَوَافَقَهُ ابْنُ يُونُسَ وَاسْتَثْنَى مَا إذَا مَاتَ عَقِبَهُ، وَلَا يَجُوزُ دَفْنُ مُسْلِمٍ فِي مَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ وَلَا عَكْسُهُ، فَإِنْ اخْتَلَطُوا أُفْرِدُوا بِمَقْبَرَةٍ كَمَا مَرَّ، وَيَجُوزُ جَعْلُ مَقْبَرَةِ أَهْلِ الْحَرْبِ بَعْدَ انْدِرَاسِهَا مَقْبَرَةً لِلْمُسْلِمِينَ وَمَسْجِدًا إذْ مَسْجِدُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ وَمِنْهُ الْأَبُ حَيْثُ نَازَعَتْهُ الْأُمُّ فَيُقَدَّمُ الْأَبُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: لَهُمْ الِامْتِنَاعُ مِنْ دَفْنِهِ) أَيْ فِيهَا فِي تِلْكَ الْبُقْعَةِ وَلَوْ قَالَ فِيهِ لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ لِسَبْقِ حَقِّهِمْ) أَيْ فَحَيْثُ وَضَعُوهُ بِاخْتِيَارِهِمْ صَارَ مُسْتَحِقًّا لَهُ فَلَا يُمَكِّنُ الْمُشْتَرِيَ مِنْ إخْرَاجِهِ. (قَوْلُهُ: وَأَوْجُهُهُمَا إجَابَةُ السَّيِّدِ) وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ لَهُ مِنْ تَقْدِيمِ الْحُرِّ الْقَرِيبِ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الصَّلَاةِ الدُّعَاءُ وَهِيَ مِنْ الْقَرِيبِ أَقْرَبُ إجَابَةً لِشَفَقَتِهِ وَمَا هُنَا مِنْ مُؤَنِ التَّجْهِيزِ وَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى السَّيِّدِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَا يَصِيرُ أَحَقَّ بِهِ مَا دَامَ حَيًّا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ بَعْدَ مَوْتِهِ يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى إلَخْ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ أَيْضًا مَا لَمْ يُوصِ بِالدَّفْنِ فِيهِ، فَإِنْ أَوْصَى بِذَلِكَ وَجَبَ دَفْنُهُ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْمَقْبَرَةُ مِلْكَهُ أَوْ مُسْبَلَةً، وَأَفَادَ قَوْلُهُ وَلَا يَصِيرُ إلَخْ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ الدَّفْنُ فِيهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرُهُ الدَّفْنُ فِيهِ بَعْدَهُ، وَمَعَ ذَلِكَ إذَا تَعَدَّى أَحَدٌ بِالدَّفْنِ فِيهِ لَا يُخْرَجُ مِنْهُ الْمَيِّتُ، وَلَا يَجُوزُ نَبْشُهُ كَمَا لَوْ شُرِعَ فِي الْإِحْيَاءِ وَتَحَجَّرَ مَوَاتًا يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ الْبِنَاءُ فِيهِ وَمَعَ ذَلِكَ إذَا بَنَاهُ غَيْرَ مِلْكِهِ بِالْإِحْيَاءِ، هَذَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْآنَ مِنْ حَفْرِ الْفَسَاقِيِ فِي الْمُسْبَلَةِ وَبِنَائِهَا قَبْلَ الْمَوْتِ حَرَامٌ؛ لِأَنَّ الْغَيْرَ وَإِنْ جَازَ لَهُ الدَّفْنُ لَكِنَّهُ يَمْتَنِعُ مِنْهُ احْتِرَامًا لِلْبِنَاءِ، وَإِنْ كَانَ مُحَرَّمًا وَخَوْفًا مِنْ الْفِتْنَةِ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ يَحْرُمُ بَعْثُ السَّجَاجِيدِ لِتُفْرَشَ فِي الْمَسَاجِدِ إلَى حُضُورِ أَرْبَابِهَا وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ فِيهِ تَضْيِيقًا عَلَى الْمُصَلِّينَ، وَأَنَّهُمْ وَإِنْ جَازَ لَهُمْ رَفْعُهَا يَمْتَنِعُونَ مِنْهُ خَوْفًا مِنْ الْفِتْنَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ تَعَدَّى أَحَدٌ وَدَفَنَ فِيهِ لَا يَجُوزُ نَبْشُهُ وَلَا يَغْرَمُ مَا صَرَفَهُ الْأَوَّلُ فِي الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ هَدَرٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ دَفْنُ مُسْلِمٍ فِي مَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ) أَيْ حَيْثُ وُجِدَ غَيْرُهَا (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُمْ يُدْفَنُونَ بَيْنَ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ جَعْلُ مَقْبَرَةِ أَهْلِ الْحَرْبِ) وَمِثْلُهُمْ أَهْلُ الذِّمَّةِ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِمْ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ الْأَحْيَاءَ يَخْتَصُّونَ بِمَقَابِرِهِمْ فَلَعَلَّ الْمَنْعَ مِنْ جِهَةِ أَحْيَائِهِمْ (قَوْلُهُ: بَعْدَ انْدِرَاسِهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَبْلَ انْدِرَاسِهَا، وَفِيهِ أَنَّ الْحَرْبِيِّينَ لَا احْتِرَامَ لَهُمْ، بَلْ يَجُوزُ إغْرَاءُ الْكِلَابِ عَلَى جِيفَتِهِمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الدَّفْنُ بِالْمَقْبَرَةِ أَفْضَلُ مِنْ الدَّفْنُ بِالْبَيْتِ] قَوْلُهُ وَأَوْجَهُهُمَا إجَابَةُ السَّيِّدِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْمَرْجُوحِ مِنْ أَنَّ الْمِلْكَ لَا يَزُولُ بِالْمَوْتِ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْبِنَاءِ الِاتِّحَادُ فِي التَّرْجِيحِ

[المبيت بالمقبرة]

وَالسَّلَامُ كَانَ كَذَلِكَ (وَيُكْرَهُ) (الْمَبِيتُ بِهَا) أَيْ الْمَقْبَرَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْوَحْشَةِ وَفِي كَلَامِهِ إشْعَارٌ بَعْدَ الْكَرَاهَةِ فِي الْقَبْرِ الْمُنْفَرِدِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَفِيهِ احْتِمَالٌ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِصَحْرَاءَ أَوْ فِي بَيْتٍ مَسْكُونٍ اهـ. وَالتَّفْرِقَةُ أَوْجَهُ، بَلْ كَثِيرٌ مِنْ التُّرَبِ مَسْكُونَةٌ كَالْبُيُوتِ فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ فِيهَا، وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ مَحَلَّ الْكَرَاهَةِ حَيْثُ كَانَ مُنْفَرِدًا، فَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً كَمَا يَقَعُ كَثِيرًا فِي زَمَنِنَا فِي الْمَبِيتِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ لِقِرَاءَةِ قُرْآنٍ أَوْ زِيَارَةٍ لَمْ يُكْرَهْ (وَيُنْدَبُ) (سِتْرُ الْقَبْرِ بِثَوْبٍ) عِنْدَ إدْخَالِ الْمَيِّتِ فِيهِ (وَإِنْ كَانَ رَجُلًا) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَتَرَ قَبْرَ ابْنِ مُعَاذٍ؛ وَلِأَنَّهُ أَسْتَرُ لِمَا عَدَاهُ يَظْهَرُ مِمَّا كَانَ يَجِبُ سِتْرُهُ، وَهُوَ لِلْأُنْثَى آكَدُ مِنْهُ لِغَيْرِهَا وَلِلْخُنْثَى آكَدُ مِنْ الرَّجُلِ كَمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ (وَ) يُسَنُّ (أَنْ يَقُولَ) مَنْ يُدْخِلُهُ الْقَبْرَ (بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) لِلِاتِّبَاعِ، وَيُسَنُّ أَنْ يَزِيدَ مِنْ الدُّعَاءِ مَا يَلِيقُ بِالْحَالِ (وَلَا يُفْرَشُ تَحْتَهُ) فِي الْقَبْرِ (شَيْءٌ) مِنْ الْفِرَاشِ (وَلَا) يُوضَعُ تَحْتَ رَأْسِهِ (مِخَدَّةٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ جَمْعُهَا مَخَادُّ بِفَتْحِهَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا آلَةٌ يُوضَعُ الْخَدُّ عَلَيْهَا: أَيْ يُكْرَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ: أَيْ لَكِنَّهُ لِغَرَضٍ قَدْ يُقْصَدُ فَلَا تَنَافِي بَيْنَ الْعِلَّةِ وَالْمُعَلَّلِ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ إضَاعَتِهِ حَيْثُ لَا غَرَضَ أَصْلًا، وَأَجَابُوا عَنْ خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جُعِلَ فِي قَبْرِهِ قَطِيفَةٌ حَمْرَاءُ» بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِرِضَا جُمْلَةِ الصَّحَابَةِ وَلَا عِلْمِهِمْ، وَإِنَّمَا فَعَلَهُ شُقْرَانُ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَرَاهَةَ أَنْ تُلْبَسَ بَعْدَهُ. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَرِهَ وَضْعَ ثَوْبٍ تَحْتَ الْمَيِّتِ بِقَبْرِهِ مَعَ أَنَّ الْقَطِيفَةَ أُخْرِجَتْ قَبْلَ إهَالَةِ التُّرَابِ عَلَى مَا قَالَهُ فِي اسْتِيعَابٍ، وَلَوْ سُلِّمَ عَدَمُ خُرُوجِهَا فَهُوَ خَاصٌّ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ وَكِيعٍ، بَلْ السُّنَّةُ أَنْ يَضَعَ بَدَلَ الْمِخَدَّةِ حَجَرًا أَوْ لَبِنَةً، وَيُفْضَى بِخَدِّهِ إلَيْهِ أَوْ إلَى التُّرَابِ، وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ صَحِيحٌ فَدَعْوَى أَنَّ فِيهِ رَكَّةً؛ لِأَنَّ الْمِخَدَّةَ غَيْرُ مَفْرُوشَةٍ، فَإِنْ أُخْرِجَتْ مِنْ الْفَرْشِ لَمْ يَبْقَ لَهَا عَامِلٌ يَرْفَعُهَا عَجِيبَةً، وَكَأَنَّ قَائِلَهُ غَفَلَ عَنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ وَزَجَّجْنَ الْحَوَاجِبَ وَالْعَيُونَا عَطَفَ الْعُيُونَ لَفْظًا عَلَى مَا قَبْلَهُ الْمُتَعَذِّرِ إضْمَارًا لِعَامِلِهِ الْمُنَاسِبِ وَهُوَ كَحَّلْنَ فَكَذَا هُنَا كَمَا قَدَّرْته، (وَيُكْرَهُ دَفْنُهُ فِي تَابُوتٍ) بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ (إلَّا فِي أَرْضٍ نَدِيَّةٍ أَوْ رِخْوَةٍ) بِكَسْرِ الرَّاءِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا ضِدَّ الشَّدِيدَةِ، وَحُكِيَ فِيهَا أَيْضًا الضَّمُّ فَلَا يُكْرَهُ لِلْمَصْلَحَةِ ، وَلَا تُنَفَّذُ وَصِيَّتُهُ بِهِ إلَّا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ تَهَرَّى الْمَيِّتُ لِلَدْغٍ أَوْ حَرِيقٍ بِحَيْثُ لَا يَضْبِطُهُ إلَّا التَّابُوتُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّجْرِيدِ، وَنَقَلَهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ، وَمَا إذَا كَانَتْ امْرَأَةً وَلَا مَحْرَمَ لَهَا بِدَفْنِهَا لِئَلَّا يَمَسَّهَا الْأَجَانِبُ عِنْدَ الدَّفْنِ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي. قَالَ فِي الْمُتَوَسِّطِ: وَيَظْهَرُ أَنْ يُلْتَحَقَ بِذَلِكَ دَفْنُهُ بِأَرْضِ الرَّمْلِ الدَّمِثَةِ وَالْبَوَادِي الْكَثِيرَةِ الضِّبَاعِ وَغَيْرِهَا مِنْ السِّبَاعِ النَّبَّاشَةِ، وَكَانَ لَا يَعْصِمُهُ مِنْهَا إلَّا التَّابُوتُ (وَيَجُوزُ) بِلَا كَرَاهَةٍ (الدَّفْنُ لَيْلًا) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُفِنَ لَيْلًا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ كَذَلِكَ بَلْ فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْضًا، أَمَّا مَوْتَى أَهْلِ الذِّمَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَالْقِيَاسُ الْجَوَازُ مُطْلَقًا قَبْلَ الِانْدِرَاسِ وَبَعْدَهُ (قَوْلُهُ: عِنْدَ إدْخَالِ الْمَيِّتِ فِيهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يُنْدَبُ ذَلِكَ عِنْدَ وَضْعِهِ فِي النَّعْشِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُبَاحًا (قَوْلُهُ: سَتَرَ قَبْرَ ابْنِ مُعَاذٍ) وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ بَاشَرَهُ، وَأَنَّهُ أَمَرَ بِهِ (قَوْلُهُ مَنْ يُدْخِلُهُ الْقَبْرَ) أَيْ وَإِنْ تَعَدَّدَ مَا يَلِيقُ بِالْحَالِ كَاللَّهُمَّ افْتَحْ أَبْوَابَ أَبْوَابِ السَّمَاءِ لِرُوحِهِ وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ وَوَسِّعْ لَهُ فِي قَبْرِهِ (قَوْلُهُ مَعَ أَنَّ الْقَطِيفَةَ أُخْرِجَتْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ دَفْنُهُ فِي تَابُوتٍ) أَيْ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ كُلِّ مَا يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ) أَيْ مَا لَا يُكْرَهُ لِلْمَصْلَحَةِ (قَوْلُهُ: لِلَدْغٍ أَوْ حَرِيقٍ) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ (قَوْلُهُ: وَكَانَ لَا يَعْصِمُهُ مِنْهَا إلَّا التَّابُوتُ) قَالَ حَجّ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: بَلْ لَا يَبْعُدُ وُجُوبُهُ فِي مَسْأَلَةِ السِّبَاعِ إنْ غَلَبَ وُجُودُهَا وَمَسْأَلَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْمَبِيتُ بِالْمَقْبَرَةِ] قَوْلُهُ مَعَ أَنَّ الْقَطِيفَةَ أُخْرِجَتْ) كَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهَا عَلَى مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ

[الدفن ليلا]

فَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ فِي الْجِزْيَةِ أَنَّ لِلْإِمَامِ مَنْعَهُمْ مِنْ إظْهَارِ جَنَائِزِهِمْ نَهَارًا (وَكَذَا) يَجُوزُ (وَقْتَ كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ إذَا لَمْ يَتَحَرَّهُ) مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ؛ لِأَنَّ لَهُ سَبَبًا مُتَقَدِّمًا أَوْ مُقَارِنًا وَهُوَ الْمَوْتُ، فَإِنْ تَحَرَّاهَا كُرِهَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَظَاهِرُهُ التَّنْزِيهُ، وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى التَّحْرِيمِ كَمَسْأَلَةِ الصَّلَاةِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا عُلِمَ بِالنَّهْيِ، وَعَلَى الْكَرَاهَةِ حُمِلَ خَبَرُ مُسْلِمٍ عَنْ عُقْبَةَ. «ثَلَاثُ سَاعَاتٍ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا وَأَنْ نَقْبُرَ فِيهَا مَوْتَانَا، وَذَكَرَ وَقْتَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَاسْتِوَائِهَا وَغُرُوبِهَا» وَظَاهِرُ ذَلِكَ اخْتِصَاصُهُ بِالْأَوْقَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالزَّمَانِ دُونَ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْفِعْلِ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ: وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ وَالْحَدِيثُ وَالْمَعْنَى يَدُلُّ لِذَلِكَ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ: الصَّوَابُ التَّعْمِيمُ وَهُوَ كَمَا قَالَ. وَنَقْبُرَ بِضَمِّ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا: أَيْ نَدْفِنَ (وَغَيْرُهُمَا) أَيْ اللَّيْلِ وَوَقْتِ الْكَرَاهَةِ (أَفْضَلُ) أَيْ فَاضِلٌ حَيْثُ أَمِنَ عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ التَّغَيُّرِ لَوْ أَخَّرَ لِغَيْرِهِمَا لِسُهُولَةِ الِاجْتِمَاعِ وَالْوَضْعِ فِي الْقَبْرِ، وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ إنَّمَا ذَكَرَهُ مِنْ تَفْضِيلِ غَيْرِ أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ عَلَيْهَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ، وَلَا يُتَّجَهُ صِحَّتُهُ فَإِنَّ الْمُبَادَرَةَ مُسْتَحَبَّةٌ يَرُدُّهُ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْحَيْثِيَّةِ، وَيَحْصُلُ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الْمَسْبُوقَةِ بِالْحُضُورِ مَعَهُ قِيرَاطٌ مِنْ الْأَجْرِ، وَيَحْصُلُ مِنْهُ بِهَا وَبِالْحُضُورِ مَعَهُ إلَى تَمَامِ الدَّفْنِ لَا لِمُوَارَاةٍ وَحْدَهَا قِيرَاطَانِ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ فِي ذَلِكَ، فَلَوْ صَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ حَضَرَ وَحْدَهُ وَمَكَثَ حَتَّى دُفِنَ لَمْ يَحْصُلْ الْقِيرَاطُ الثَّانِي كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لَكِنْ لَهُ أَجْرٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْجَنَائِزُ وَاتَّحَدَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا دَفْعَةً وَاحِدَةً تَعَدَّدَ الْقِيرَاطُ بِتَعَدُّدِهَا كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَبِهِ أَجَابَ قَاضِي حَمَاةَ وَالْبَارِزِيُّ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. نَعَمْ لَوْ صَلَّى مِنْ غَيْرِ حُضُورٍ مَعَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSالنَّهْرِيِّ (قَوْلُهُ: وَقْتَ كَرَاهَةِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي حَرَمِ مَكَّةَ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ التَّنْزِيهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: نَقْبُرُ) بَابُهُ ضَرَبَ وَنَصَرَ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: الصَّوَابُ التَّعْمِيمُ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالزَّمَانِ وَالْفِعْلِ (قَوْلُهُ الْمَسْبُوقَةِ بِالْحُضُورِ) أَيْ مِنْ مَنْزِلِهِ مَثَلًا (قَوْلُهُ قِيرَاطَانِ) أَيْ مِنْهُمَا الْقِيرَاطُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: فَلَوْ صَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ حَضَرَ) أَيْ وَحْدَهُ مَشَى وَحْدَهُ إلَى مَحَلِّ الدَّفْنِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ سَارَ مِنْ مَوْضِعِ الصَّلَاةِ مَعَ الْمُشَيِّعِينَ (قَوْلُهُ: بِتَعَدُّدِهَا) يَنْبَغِي أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ مَشَى مَعَ الْكُلِّ مِنْ مَوَاضِعِ خُرُوجِهِمْ إلَى أَنْ صَلَّى عَلَيْهِمْ دَفْعَةً لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْقِيرَاطَ إنَّمَا يَحْصُلُ لِمَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْمَشْيِ إلَى الْمُصَلَّى وَبَيْنَ الصَّلَاةِ. نَعَمْ لَا يَحْتَاجُ لِهَذَا التَّصْوِيرِ عَلَى النُّسْخَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ) فِي نُسْخَةٍ بَعْدَ ذَلِكَ: نَعَمْ لَوْ صَلَّى مِنْ غَيْرِ حُضُورٍ مَعَهَا حَصَلَ لَهُ قِيرَاطٌ دُونَ مَنْ كَانَ مَعَهَا اهـ. وَأَوْضَحُ مِنْهُ لَهُ أَجْرٌ فِي الْجُمْلَةِ وَهُوَ أَنْسَبُ بِقَوْلِهِ فِيمَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ؛ لَكِنْ لَهُ أَجْرٌ فِي الْجُمْلَةِ. وَعِبَارَةُ ابْنِ الْعِمَادِ فِي كِتَابِ الذَّرِيعَةِ فِي إعْدَادِ الشَّرِيعَةِ: الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ شَهِدَ الْجِنَازَةَ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ، قِيلَ: وَمَا الْقِيرَاطَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ» وَلِمُسْلِمٍ «أَصْغَرُهُمَا مِثْلُ أُحُدٍ» قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الدَّفْنُ لَيْلًا] قَوْلُهُ: وَعَلَى الْكَرَاهَةِ) كَانَ الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ: وَعَلَى التَّحَرِّي حُمِلَ خَبَرُ مُسْلِمٍ إلَخْ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَلَا يَكُونُ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ، إلَى أَنْ قَالَ: إنْ لَمْ يَتَحَرَّهَا وَإِلَّا كُرِهَ، وَعَلَيْهِ حُمِلَ خَبَرُ مُسْلِمٍ إلَخْ، فَكَأَنَّ الشَّارِحَ تَوَهَّمَ رُجُوعَ الضَّمِيرِ فِيهِ إلَى أَقْرَبِ مَذْكُورٍ فَعَبَّرَ عَنْهُ بِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: الْمَسْبُوقَةُ بِالْحُضُورِ مَعَهُ) هَذَا شَرْطٌ لِكَمَالِ الْقِيرَاطِ لَا لِأَصْلِهِ بِدَلِيلِ الِاسْتِدْرَاكِ الْآتِي، وَهَذَا بِخِلَافِ الْحُضُورِ بِالنِّسْبَةِ لِلدَّفْنِ كَمَا يَأْتِي فَإِنَّهُ شَرْطٌ لِأَصْلِ الْقِيرَاطِ لَا لِكَمَالِهِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ ظَاهِرٌ فَإِنَّ الصَّلَاةَ أَعْظَمُ مِنْ مُجَرَّدِ حُضُورِ الدَّفْنِ فَكَانَتْ مُحَصِّلَةً لِلْقِيرَاطِ بِمُجَرَّدِهَا وَإِنْ لَمْ يَكْمُلْ إلَّا بِسَبْقِ الْحُضُورِ مَعَهَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَهُ أَجْرٌ فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلدَّفْنِ، أَمَّا قِيرَاطُ الصَّلَاةِ فَقَدْ حَصَلَ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ صَلَّى مِنْ غَيْرِ حُضُورٍ إلَخْ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ الْمَسْبُوقَةِ بِالْحُضُورِ مَعَهُ

حَصَلَ لَهُ قِيرَاطٌ دُونَ مَنْ كَانَ مَعَهَا (وَيُكْرَهُ تَجْصِيصُ الْقَبْرِ) أَيْ تَبْيِيضُهُ بِالْجِصِّ وَهُوَ الْجِبْسُ، وَيُقَالُ هُوَ النُّورَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَلَهُ قِيرَاطَانِ: أَيْ قِيرَاطٌ مَضْمُومٌ إلَى الْأَوَّلِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} [فصلت: 9] إلَى قَوْلِهِ {وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} [فصلت: 10] أَيْ يَوْمَيْنِ مَضْمُومَيْنِ إلَى الْأَوَّلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} [فصلت: 11] إلَى قَوْلِهِ {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} [فصلت: 12] فَالْمَجْمُوعُ سِتَّةُ أَيَّامٍ، وَهَذَا الْقِيرَاطُ ذَكَرَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَى جَمِيعِ عَمَلِ الْمَيِّتِ، وَذَلِكَ جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ عَمَلِ الْمَيِّتِ، أَوْ هُوَ قِيرَاطٌ مِنْ أَنْوَاعِ عَمَلِهِ: أَيْ نَوْعٌ وَاحِدٌ مِنْ أَنْوَاعِ عَمَلِهِ لِأَنَّا إذَا عَدَدْنَا الْأَعْمَالَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْمَيِّتِ مِنْ تَحْوِيلِهِ إلَى الْقِبْلَةِ، وَتَلْقِينِهِ الشَّهَادَةَ، وَقِرَاءَةِ سُورَةِ يس، وَتَغْمِيضِهِ وَنَزْعِ ثِيَابِهِ وَتَسْجِيَتِهِ بِثَوْبٍ خَفِيفٍ وَوَضْعِ شَيْءٍ ثَقِيلٍ عَلَى بَطْنِهِ وَتَغْسِيلِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ إلَى حِينِ يُدْفَنُ كَانَتْ أَنْوَاعُ ذَلِكَ نَحْوًا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ هَكَذَا قَالَ، وَمَا قَالَهُ وَتَكَلَّفَهُ يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى مَا قَالَهُ أَنَّ مَنْ حَضَرَ الْمَيِّتَ مِنْ حِينِ يُحَوَّلُ إلَى الْقِبْلَةِ إلَى حِينِ يُدْفَنُ يَكُونُ لَهُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ قِيرَاطًا وَهُوَ خِلَافُ نَصِّ الْحَدِيثِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ قَالَ فِي بَابِ الصَّيْدِ مِنْ بَابِ الِاثْنَيْنِ: قَالَ السَّرَّاجُ بْنُ الْمُلَقِّنِ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَنْ شَهِدَ جِنَازَتَيْنِ فَأَكْثَرَ وَصَلَّى عَلَيْهِمَا صَلَاةً وَاحِدَةً أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ قِيرَاطٌ بِكُلِّ وَاحِدٍ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ اتِّحَادُ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ رَبَطَ الْقِيرَاطَ بِوَصْفٍ وَهُوَ حَاصِلٌ فِي كُلِّ مَيِّتٍ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَحْصُلَ دَفْعَةً أَوْ دَفَعَاتٍ اهـ كَلَامُهُ. ثُمَّ قَالَ: أَعْنِي ابْنَ الْعِمَادِ: وَتَعَدُّدُ الْقِيرَاطِ فِيهَا لِتَعَدُّدِ الْأَمْوَاتِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ بَابَ الْكَرَمِ وَاسِعٌ، وَلَفْظُ الْحَدِيثُ «مَنْ صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ فَلَهُ قِيرَاطٌ مِنْ أَجْرٍ فَإِنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ» فَإِنَّ الْأَوَّلَ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ فَتَعُمُّ عُمُومَ الشُّمُولِ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَإِنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ» يَعْنِي قِيرَاطَ الصَّلَاةِ وَقِيرَاطَ الدَّفْنِ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت مَنْقُولًا مِنْ الْبَدَائِعِ لِابْنِ الْقَيِّمِ مَا نَصُّهُ: لَمْ أَزَلْ حَرِيصًا عَلَى مَعْرِفَةِ الْقِيرَاطِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حَتَّى رَأَيْت لِابْنِ عَقِيلٍ كَلَامًا قَالَ: الْقِيرَاطُ نِصْفُ سُدُسِ دِرْهَمٍ مَثَلًا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ هُنَا جِنْسَ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَدْخُلُ فِيهِ ثَوَابُ الْإِيمَانِ وَأَعْمَالُهُ كَالصَّلَاةِ وَالْحَجِّ وَغَيْرِهِ، وَلَيْسَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ مَا يَبْلُغُ هَذَا فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْمَعْهُودِ، وَهُوَ الْأَجْرُ الْعَائِدُ إلَى الْمَيِّتِ، وَيَتَعَلَّقُ بِالْمَيِّتِ صَبْرٌ عَلَى الْمُصَابِ فِيهِ وَبِهِ وَتَجْهِيزُهُ وَغُسْلُهُ وَالتَّعْزِيَةُ بِهِ وَحَمْلُ الطَّعَامِ إلَى أَهْلِهِ وَتَسْكِينُهُمْ، وَهَذَا مَجْمُوعُ الْأَجْرِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالْمَيِّتِ، فَكَانَ لِلْمُصَلِّي وَالْجَالِسِ إلَى أَنْ يُقْبَرَ مَجْمُوعُ الْأَجْرِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالْمَيِّتِ سُدُسُ دِينَارٍ وَنِصْفُ سُدُسِهِ اهـ بِتَصَرُّفٍ. قُلْت: كَانَ مَجْمُوعُ الْأَجْرِ الْحَاصِلِ عَلَى تَجْهِيزِ الْمَيِّتِ مِنْ حِينِ الْفِرَاقِ إلَى وَضْعِهِ فِي لَحْدِهِ وَقَضَاءِ حَقِّ أَهْلِهِ وَأَوْلَادِهِ دِينَارًا، فَلِلْمُصَلِّي عَلَيْهِ فَقَطْ مِنْ هَذَا الدِّينَارِ نِصْفُ سُدُسٍ، فَإِنْ صَلَّى عَلَيْهِ وَتَبِعَهُ كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ مِنْهُ وَهُمَا سُدُسُهُ، وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ نِسْبَةُ الْقِيرَاطِ إلَى الْأَجْرِ الْكَامِلِ فِي نَفْسِهِ وَكُلَّمَا كَانَ أَعْظَمَ كَانَ الْقِيرَاطُ مِنْهُ بِحَسَبِهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا إلَّا كَلْبَ مَاشِيَةٍ أَوْ زَرْعٍ نُقِصَ مِنْ أَجْرِهِ أَوْ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ» فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا وَهُوَ سُدُسُ أَجْرِ عَمَلِهِ ذَلِكَ، وَيَكُونُ صِغَرُهُ وَكِبَرُهُ بِحَسَبِ قِلَّةِ الْعَمَلِ وَكَثْرَتِهِ، فَإِذَا كَانَ لَهُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفَ حَسَنَةٍ مَثَلًا نُقِصَ مِنْهَا كُلَّ يَوْمٍ أَلْفُ حَسَنَةٍ، وَعَلَى هَذَا الْحِسَابِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلُهُ أَلْفُ حَسَنَةٍ كَذَا النُّسْخَةُ، وَصَوَابُهُ أَلْفَا حَسَنَةٍ اهـ مَا رَأَيْته مَنْقُولًا عَنْ الْبَدَائِعِ. وَالْحَاصِلُ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ قِيرَاطَ الْجِنَازَةِ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ قِيرَاطًا، وَالْكَلْبُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الْفَتْحِ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ «مَنْ تَبِعَ جِنَازَةً فَلَهُ قِيرَاطٌ» زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةٍ: «مِنْ الْأَجْرِ» . وَالْقِيرَاطُ بِكَسْرِ الْقَافِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَصْلُهُ قِرَّاطٌ بِالتَّشْدِيدِ؛ لِأَنَّ جَمْعَهُ قَرَارِيطُ، فَأُبْدِلَ مِنْ أَحَدِ حَرْفَيْ تَضْعِيفِهِ يَاءً. قَالَ: وَالْقِيرَاطُ نِصْفُ دَانِقٍ، وَقَالَ قَبْلَ ذَلِكَ: الدَّانِقُ سُدُسُ الدِّرْهَمِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْقِيرَاطُ جُزْءًا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ الدِّرْهَمِ. وَأَمَّا صَاحِبُ النِّهَايَةِ فَقَالَ: الْقِيرَاطُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الْبَيْضَاءُ الْجِيرُ وَالْمُرَادُ هُنَا هُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا (وَالْبِنَاءُ) عَلَيْهِ كَقُبَّةٍ أَوْ بَيْتٍ لِلنَّهْيِ عَنْهُمَا. وَخَرَجَ بِتَجْصِيصِهِ تَطْيِينُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلزِّينَةِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا خُشِيَ نَبْشُهُ فَيَجُوزُ بِنَاؤُهُ وَتَجْصِيصُهُ حَتَّى لَا يَقْدِرَ النَّبَّاشُ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSجُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ الدِّينَارِ وَهُوَ نِصْفُ عَشَرَةٍ فِي أَكْثَرِ الْبِلَادِ، وَفِي الشَّامِ جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا. وَنَقَلَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَنْ ابْنِ عَقِيلٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: الْقِيرَاطُ نِصْفُ سُدُسِ دِرْهَمٍ أَوْ نِصْفُ عُشْرِ دِينَارٍ، وَالْإِشَارَةُ بِهَذَا الْمِقْدَارِ إلَى الْأَجْرِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْمَيِّتِ مِنْ تَجْهِيزِهِ وَغُسْلِهِ وَجَمِيعِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، فَلِلْمُصَلِّي عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ قِيرَاطٌ، وَلِمَنْ شَهِدَ الدَّفْنَ قِيرَاطٌ، وَذَكَرَ الْقِيرَاطَ تَقْرِيبًا لِلْفَهْمِ لَمَّا كَانَ الْإِنْسَانُ يَعْرِفُ الْقِيرَاطَ، وَيَعْمَلُ الْعَمَلَ فِي مُقَابَلَتِهِ وَعُدَّ مِنْ جِنْسِ مَا يُعْرَفُ وَضُرِبَ لَهُ الْمَثَلُ بِمَا يَعْمَلُ اهـ. وَلَيْسَ الَّذِي قَالَ بِبَعِيدٍ. وَقَدْ رَوَى الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ عَجْلَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَرْفُوعًا «مَنْ أَتَى جِنَازَةً فِي أَهْلِهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ، فَإِنْ تَبِعَهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ، فَإِنْ صَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ، فَإِنْ انْتَظَرَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطٌ» فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِكُلِّ عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ الْجِنَازَةِ قِيرَاطًا وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مَقَادِيرُ الْقَرَارِيطِ، وَلَا سِيَّمَا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَشَقَّةِ ذَلِكَ الْعَمَلِ وَسُهُولَتِهِ، وَعَلَى هَذَا فَيُقَالُ: إنَّمَا خَصَّ قِيرَاطَيْ الصَّلَاةِ وَالدَّفْنِ بِالذِّكْرِ لِكَوْنِهِمَا الْمَقْصُودَيْنِ، بِخِلَافِ بَاقِي أَحْوَالِ الْمَيِّتِ فَإِنَّهَا وَسَائِلُ، وَلَكِنَّ هَذَا يُخَالِفُ ظَاهِرَ سِيَاقِ الْحَدِيثِ الَّذِي فِي الصَّحِيحِ الْمُتَقَدِّمِ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ فَإِنَّ فِيهِ أَنَّ لِمَنْ كَانَ مَعَهَا حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَيُفْرَغَ مِنْ دَفْنِهَا قِيرَاطَيْنِ فَقَطْ، وَيُجَابُ عَنْ هَذَا بِأَنَّ الْقِيرَاطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ لِمَنْ شَهِدَ، وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ لِمَنْ بَاشَرَ الْأَعْمَالَ الَّتِي يَحْتَاجُ إلَيْهَا الْمَيِّتُ فَافْتَرَقَا، وَقَدْ وَرَدَ لَفْظُ الْقِيرَاطِ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ: فَمِنْهَا مَا يُحْمَلُ عَلَى الْقِيرَاطِ الْمُتَعَارَفِ. وَمِنْهَا مَا يُحْمَلُ عَلَى الْجُزْءِ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ النِّسْبَةُ، فَمِنْ الْأَوَّلِ حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ مَرْفُوعًا «إنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ بَلَدًا يُذْكَرُ فِيهَا الْقِيرَاطُ» وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «كُنْت أَرْعَى الْغَنَمَ لِأَهْلِ مَكَّةَ بِالْقَرَارِيطِ» قَالَ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ: يَعْنِي كُلَّ شَاةٍ بِقِيرَاطٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: قَرَارِيطُ جَبَلٍ بِمَكَّةَ، وَمِنْ الْمُحْتَمَلِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي الَّذِينَ أُوتُوا التَّوْرَاةَ أُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، وَحَدِيثُ الْبَابِ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِيمَنْ اقْتَنَى كَلْبًا نُقِصَ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ. وَقَدْ جَاءَ تَعْبِيرُ مِقْدَارِ الْقِيرَاطِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ بِأَنَّهُ مِثْلُ أُحُدٍ كَمَا سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ، وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مِثْلُ قَرَارِيطِنَا هَذِهِ؟ قَالَ: لَا بَلْ مِثْلُ أُحُدٍ» قَالَ النَّوَوِيُّ: لَا يَلْزَمُ مِنْ ذِكْرِ الْقِيرَاطِ فِي الْحَدِيثَيْنِ تَسَاوِيهُمَا لِأَنَّ عَادَةَ الشَّارِعِ تَعْظِيمُ الْحَسَنَاتِ وَتَخْفِيفُ مُقَابِلِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: الذَّرَّةُ جُزْءٌ مِنْ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ حَبَّةٍ، وَالْحَبَّةُ ثُلُثُ الْقِيرَاطِ، وَالذَّرَّةُ تَخْرُجُ مِنْ النَّارِ فَكَيْفَ بِالْقِيرَاطِ؟ قَالَ: وَهَذَا قَدْرُ قِيرَاطِ الْحَسَنَاتِ، فَأَمَّا قِيرَاطُ السَّيِّئَاتِ فَلَا، وَقَالَ غَيْرُهُ: الْقِيرَاطُ فِي اقْتِنَاءِ الْكَلْبِ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ عَمَلِ الْمُقْتَنِي لَهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَذَهَبَ الْأَكْثَرُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِيرَاطِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءٍ مَعْلُومَةٍ عِنْدَ اللَّهِ، وَقَدْ قَرَّبَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْفَهْمِ بِتَمْثِيلِهِ الْقِيرَاطَ بِأُحُدٍ. قَالَ الطِّيبِيِّ: قَوْلُهُ مِثْلُ أُحُدٍ تَفْسِيرٌ لِلْمَقْصُودِ مِنْ الْكَلَامِ لَا لِلَفْظِ الْقِيرَاطِ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِنَصِيبٍ كَثِيرٍ مِنْ الْأَجْرِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ لَفْظَ الْقِيرَاطِ مُبْهَمٌ مِنْ وَجْهَيْنِ، فَبَيَّنَ الْمَوْزُونَ بِقَوْلِهِ مِنْ الْأَجْرِ، وَبَيَّنَ الْمِقْدَارَ الْمُرَادَ مِنْهُ بِقَوْلِهِ مِثْلُ أُحُدٍ. وَقَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: أَرَادَ تَعْظِيمَ الثَّوَابِ فَمَثَّلَهُ لِلْعِيَانِ بِأَعْظَمِ الْجِبَالِ خَلْقًا وَأَكْثَرِهَا إلَى النُّفُوسِ الْمُؤْمِنَةِ حُبًّا؛ لِأَنَّهُ الَّذِي قَالَ فِي حَقِّهِ «إنَّهُ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ» اهـ. وَلِأَنَّهُ أَيْضًا قَرِيبٌ مِنْ الْمُخَاطَبِينَ يَشْتَرِكُ أَكْثَرُهُمْ فِي مَعْرِفَتِهِ، وَخَصَّ الْقِيرَاطَ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَقَلَّ مَا يَقَعُ بِهِ الْإِجَارَةُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، أَوْ جَرَى ذَلِكَ مَجْرَى الْعَادَةِ مِنْ تَقْلِيلِ الْأَجْرِ بِتَقْلِيلِ الْعَمَلِ اهـ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِتَجْصِيصِهِ تَطْيِينُهُ مُعْتَمَدٌ) أَيْ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ بِنَاؤُهُ وَتَجْصِيصُهُ) يَنْبَغِي وَلَوْ فِي الْمُسْبَلَةِ، وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنَّ مِنْ ذَلِكَ مَا يُجْعَلُ مِنْ بِنَاءِ الْحِجَارَةِ عَلَى الْقَبْرِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يُنْبَشَ قَبْلَ بِلَى الْمَيِّتِ لِدَفْنِ غَيْرِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[تجصيص القبر والبناء عليه والكتابة عليه]

كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو زَيْدٍ وَغَيْرُهُ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ خُشِيَ عَلَيْهِ مِنْ نَبْشِ الضَّبُعِ وَنَحْوِهِ، أَوْ أَنْ يَجْرُفَهُ السَّيْلُ، وَسَيَعْلَمُ مَنْ هَدَمَ بِنَاءً بِالْمُسْبَلَةِ حُرْمَةَ الْبِنَاءِ فِيهَا إذْ الْأَصْلُ أَنَّهُ لَا يَهْدِمُ إلَّا مَا حَرُمَ وَضْعُهُ، فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَنْ وُهِمَ فِيهِ (وَالْكِتَابَةُ عَلَيْهِ) سَوَاءٌ أَكَانَ اسْمَ صَاحِبِهِ أَمْ لَا فِي لَوْحٍ عِنْدَ رَأْسِهِ أَمْ فِي غَيْرِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. نَعَمْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّهُ يُسْتَحَبُّ وَضْعُ مَا يُعْرَفُ بِهِ الْقُبُورُ أَنَّهُ لَوْ احْتَاجَ إلَى كِتَابَةِ اسْمِ الْمَيِّتِ لِمَعْرِفَتِهِ لِلزِّيَارَةِ كَانَ مُسْتَحَبًّا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، لَا سِيَّمَا قُبُورُ الْأَوْلِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ فَإِنَّهَا لَا تُعْرَفُ إلَّا بِذَلِكَ عِنْدَ تَطَاوُلِ السِّنِينَ، وَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ أَنَّ الْقِيَاسَ تَحْرِيمُ كِتَابَةِ الْقُرْآنِ عَلَى الْقَبْرِ لِتَعَرُّضِهِ لِلدَّوْسِ عَلَيْهِ وَالنَّجَاسَةِ وَالتَّلْوِيثِ بِصَدِيدِ الْمَوْتَى عِنْدَ تَكْرَارِ النَّبْشِ فِي الْمَقْبَرَةِ الْمُسْبَلَةِ مَرْدُودُ إطْلَاقِهِمْ، لَا سِيَّمَا وَالْمَحْذُورُ غَيْرُ مُحَقَّقٍ، وَيُكْرَهُ أَنْ يُجْعَلَ عَلَى الْقَبْرِ مِظَلَّةٌ، وَأَنْ يُقَبَّلَ التَّابُوتُ الَّذِي يُجْعَلُ فَوْقَ الْقَبْرِ كَمَا يُكْرَهُ تَقْبِيلُ الْقَبْرِ وَاسْتِلَامُهُ وَتَقْبِيلُ الْأَعْتَابِ عِنْدَ الدُّخُولِ لِزِيَارَةِ الْأَوْلِيَاءِ. نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِتَقْبِيلِ أَضْرِحَتِهِمْ التَّبَرُّكَ لَمْ يُكْرَهْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ إذَا عَجَزَ عَنْ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يُشِيرَ بِعَصًا، وَأَنْ يُقَبِّلَهَا، وَقَالُوا: أَيَّ أَجْزَاءِ الْبَيْتِ قَبَّلَ فَحَسَنٌ (وَلَوْ) (بَنَى) عَلَيْهِ (فِي مَقْبَرَةٍ مُسْبَلَةٍ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنْ جَرَتْ عَادَةُ أَهْلُ الْبَلَدِ بِالدَّفْنِ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَوْقُوفَةً، وَمِثْلُهُ بِالْأَوْلَى الْمَوْقُوفَةُ (هُدِمَ) الْبِنَاءُ وُجُوبًا لِحُرْمَتِهِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ، وَسَوَاءٌ أَبَنَى قُبَّةً أَمْ بَيْتًا أَمْ مَسْجِدًا أَمْ غَيْرَهَا. قَالَ الدَّمِيرِيِّ وَغَيْرُهُ: وَمِنْ الْمُسْبَلِ قَرَافَةُ مِصْرَ، فَإِنَّ ابْنَ عَبْدِ الْحَكَمِ ذَكَرَ فِي تَارِيخِ مِصْرَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ أَعْطَاهُ الْمُقَوْقِسَ فِيهَا مَالًا جَزِيلًا، وَذَكَرَ أَنَّهُ وَجَدَ فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ أَنَّهَا تُرْبَةُ الْجَنَّةِ، فَكَاتَبَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فِي ذَلِكَ فَكَتَبَ إلَيْهِ إنِّي لَا أَعْرِفُ تُرْبَةَ الْجَنَّةِ إلَّا لِأَجْسَادِ الْمُؤْمِنِينَ فَاجْعَلُوهَا لِمَوْتَاكُمْ. وَقَدْ أَفْتَى جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ بِهَدْمِ مَا بُنِيَ فِيهَا، وَيَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا عُرِفَ حَالُهُ فِي الْوَضْعِ فَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَقَلُّ الْقَبْرِ حُفْرَةٌ تَمْنَعُ الرَّائِحَةَ وَالسَّبُعَ: أَنَّهُ لَوْ اعْتَادَ سِبَاعُ ذَلِكَ الْمَحَلِّ الْحَفْرَ عَنْ مَوْتَاهُمْ وَجَبَ بِنَاءُ الْقَبْرِ بِحَيْثُ يَمْنَعُ وُصُولَهَا إلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَإِنْ لَمْ يَمْنَعْهَا الْبِنَاءُ كَبَعْضِ النَّوَاحِي وَجَبَ صُنْدُوقٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِتَقْبِيلِ أَضْرِحَتِهِمْ التَّبَرُّكَ لَمْ يُكْرَهْ) وَمِثْلُهَا غَيْرُهَا مِنْ الْأَعْتَابِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ: فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ إذَا عَجَزَ إلَخْ) أَيْ فَيُقَاسُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ إذَا عَجَزَ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَحَلَّاتِ الْأَوْلِيَاءِ وَنَحْوَهَا الَّتِي تُقْصَدُ زِيَارَتُهَا كَسَيِّدِي أَحْمَدَ الْبَدَوِيِّ إذَا حَصَلَ فِيهَا زِحَامٌ يَمْنَعُ مِنْ الْوُصُولِ إلَى الْقَبْرِ أَوْ يُؤَدِّي إلَى اخْتِلَاطِ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ لَا يَقْرُبُ مِنْ الْقَبْرِ بَلْ يَقِفُ فِي مَحَلٍّ يَتَمَكَّنُ مِنْ الْوُقُوفِ فِيهِ بِلَا مَشَقَّةٍ، وَيَقْرَأُ مَا تَيَسَّرَ وَيُشِيرُ بِيَدِهِ أَوْ نَحْوِهَا إلَى قَبْرِ الْوَلِيِّ الَّذِي قَصَدَ زِيَارَتَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَنَى فِي مَقْبَرَةٍ مُسْبَلَةً) وَلَيْسَ مِنْ الْبِنَاءِ مَا اُعْتِيدَ مِنْ تَوَابِيتِ الْأَوْلِيَاءِ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ اسْتَقْرَبَ أَنَّهَا مِثْلُ الْبِنَاءِ بِوُجُودِ الْعِلَّةِ وَهِيَ تَضْيِيقٌ إلَخْ، وَمِنْ الْبِنَاءِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ وَضْعِ الْأَحْجَارِ الْمُسَمَّاةِ بِالتَّرْكِيبَةِ، ثُمَّ رَأَيْت حَجّ صَرَّحَ بِحُرْمَةِ ذَلِكَ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ الْحُرْمَةِ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ صَوْنَهُ عَنْ النَّبْشِ لِيَدْفِنَ غَيْرَهُ قَبْلَ بِلَاهُ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ بِالْأُولَى مَوْقُوفَةٌ) إنَّمَا يَظْهَرُ هَذَا إذَا جُعِلَتْ الْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِلْحَالِ وَإِلَّا فَالْمَوْقُوفَةُ دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ) أَيْ التَّوْرَاةِ (قَوْلُهُ: إنِّي لَا أَعْرِفُ تُرْبَةَ الْجَنَّةِ) أَيْ لَا أَعْتَقِدُ تُرْبَةَ الْجَنَّةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَفْتَى جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ بِهَدْمِ مَا بُنِيَ فِيهَا) حَتَّى قُبَّةِ إمَامِنَا الشَّافِعِيِّ الَّتِي بَنَاهَا بَعْضُ الْمُلُوكِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ لِكُلِّ أَحَدٍ هَدْمَ ذَلِكَ مَا لَمْ يُخْشَ مِنْهُ مَفْسَدَةٌ يَتَعَيَّنُ الرَّفْعُ لِلْإِمَامِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ فِي الصُّلْحِ وَلَا يَجُوزُ زَرْعُ شَيْءٍ فِي الْمُسْبَلَةِ، وَإِنْ تَيَقَّنَ بِلَى مَنْ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهَا بِغَيْرِ الدَّفْنِ، فَقَوْلُ الْمُتَوَلِّي: يَجُوزُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [تَجْصِيصُ الْقَبْرِ وَالْبِنَاءُ عَلَيْهِ وَالْكِتَابَةُ عَلَيْهِ] (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِتَقْبِيلِ أَضْرِحَتِهِمْ التَّبَرُّكَ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي تَقْبِيلِ أَضْرِحَتِهِمْ وَأَعْتَابِهِمْ فَإِنَّ أَحَدًا لَا يُقَبِّلُهَا إلَّا بِهَذَا الْقَصْدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ بِالْأَوْلَى الْمَوْقُوفَةُ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فَإِنَّ الْغَايَةَ تَشْمَلُهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ لِلْحَالِ

جُهِلَ تُرِكَ حَمْلًا عَلَى وَضْعِهِ بِحَقٍّ كَمَا فِي الْكَنَائِسِ الَّتِي تُقَرُّ أَهْلُ الذِّمَّةِ عَلَيْهَا فِي بَلَدِنَا وَجَهِلْنَا حَالَهَا، وَكَمَا فِي الْبِنَاءِ الْمَوْجُودِ عَلَى حَافَّةِ الْأَنْهَارِ وَالشَّوَارِعِ، وَصَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ بِحُرْمَةِ الْبِنَاءِ فِي الْمُسْبَلَةِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَقْرُبُ مِنْهُ إلْحَاقُ الْمَوْتِ بِهَا؛ لِأَنَّ فِيهِ تَضْيِيفًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِمَا لَا مَصْلَحَةَ وَلَا غَرَضَ شَرْعِيَّ فِيهِ، بِخِلَافِ الْأَحْيَاءِ وَمَا جَمَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ مِنْ حَمْلِ الْكَرَاهَةِ عَلَى الْبِنَاءِ عَلَى الْقَبْرِ خَاصَّةً بِحَيْثُ يَكُونُ الْبِنَاءُ وَاقِعًا فِي حَرِيمِ الْقَبْرِ فَيُكْرَهُ وَلَا يَحْرُمُ لِعَدَمِ التَّضْيِيقِ، وَالْحُرْمَةُ عَلَى مَا لَوْ بَنَى فِي الْمَقْبَرَةِ بَيْتًا أَوْ قُبَّةً يَسْكُنُ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَكَذَا لَوْ بَنَاهُ لِتَأْوِي فِيهِ الزَّائِرُونَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ مَرْدُودٌ، وَالْمُعْتَمَدُ الْحُرْمَةُ مُطْلَقًا (وَيُنْدَبُ أَنْ يُرَشَّ الْقَبْرُ بِمَاءٍ) لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ بِقَبْرِ وَلَدِهِ إبْرَاهِيمَ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ التَّفَاؤُلِ بِالرَّحْمَةِ وَتَبْرِيدِ الْمَضْجَعِ لِلْمَيِّتِ وَحِفْظِ التُّرَابِ مِنْ تَنَاثُرِهِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ طَهُورًا بَارِدًا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ كَرَاهَتُهُ بِالنَّجِسِ أَوْ تَحْرِيمُهُ. قُلْت: وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي لِمَا فِي فِعْلِ ذَلِكَ مِنْ الْإِزْرَاءِ بِالْمَيِّتِ، وَيَدُلُّ لَهُ مَا مَرَّ مِنْ حُرْمَةِ الْبَوْلِ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى جِدَارِهِ، وَلَا وَجْهَ لِلْأَوَّلِ بَلْ هُوَ بَعِيدٌ، وَخَرَجَ بِالْمَاءِ مَاءُ الْوَرْدِ فَيُكْرَهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ الرَّشُّ بِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إضَاعَةَ مَالٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ؛ لِأَنَّهُ يُفْعَلُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ مِنْ إكْرَامِ الْمَيِّتِ وَإِقْبَالِ الزُّوَّارِ عَلَيْهِ لِطِيبِ رِيحِ الْبُقْعَةِ بِهِ فَسَقَطَ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ، وَلَوْ قِيلَ بِتَحْرِيمِهِ لَمْ يَبْعُدْ، وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَاهُ قَوْلُ السُّبْكِيّ: لَا بَأْسَ بِالْيَسِيرِ مِنْهُ إذَا قُصِدَ بِهِ حُضُورُ الْمَلَائِكَةِ؛ لِأَنَّهَا تُحِبُّ الرَّائِحَةَ الطَّيِّبَةَ، وَيُكْرَهُ أَنْ يُطْلَى بِالْخُلُوقِ أَيْضًا (وَ) أَنْ (يُوضَعَ عَلَيْهِ حَصًى صِغَارٌ) لِمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَضَعَ عَلَى قَبْرِ ابْنِهِ إبْرَاهِيمَ حَصْبَاءَ، وَهِيَ بِالْمَدِّ وَبِالْمُوَحَّدَةِ: الْحَصَى الصِّغَارُ، وَهُوَ حَدِيثٌ مُرْسَلٌ مَرْوِيٌّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ، وَيُسْتَحَبُّ وَضْعُ الْجَرِيدِ الْأَخْضَرِ عَلَى الْقَبْرِ لِلِاتِّبَاعِ، وَكَذَا الرَّيْحَانُ وَنَحْوُهُ مِنْ الْأَشْيَاءِ الرَّطْبَةِ، وَيُمْنَعُ عَلَى غَيْرِ مَالِكِهِ أَخْذُهُ مِنْ عَلَى الْقَبْرِ قَبْلَ يُبْسِهِ لِعَدَمِ الْإِعْرَاضِ عَنْهُ، فَإِنْ يَبِسَ جَازَ لِزَوَالِ نَفْعِهِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ حَالَ رُطُوبَتِهِ وَهُوَ الِاسْتِغْفَارُ (وَ) أَنْ (يُوضَعَ عِنْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــSبَعْدَ الْبِلَى مَحْمُولٌ عَلَى الْمَمْلُوكَةِ اهـ حَجّ. وَهُوَ مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّ قُبَّةَ إمَامِنَا كَانَتْ قَبْلَ الْوَقْفِ دَارَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ (قَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ أَنْ يُرَشَّ الْقَبْرُ) أَيْ بَعْدَ تَمَامِ الدَّفْنِ شَمِلَ ذَلِكَ الْأَطْفَالَ وَهُوَ ظَاهِرٌ زَادَ حَجّ مَا لَمْ يَنْزِلْ مَطَرٌ يَكْفِي اهـ حَجّ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ نَبَتَ عَلَيْهِ حَشِيشٌ اُكْتُفِيَ بِهِ عَنْ وَضْعِ الْجَرِيدِ الْآتِي قِيَاسًا عَلَى نُزُولِ الْمَطَرِ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ مُعْتَمَدٌ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ زِيَادَةَ الْمَاءِ بَعْدَ نُزُولِ الْمَطَرِ الْكَافِي لَا مَعْنَى لَهَا بِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ تَمْهِيدِ التُّرَابِ بِخِلَافِ وَضْعِ الْجَرِيدِ زِيَادَةً عَلَى الْحَشِيشِ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ زِيَادَةُ رَحْمَةٍ لِلْمَيِّتِ بِتَسْبِيحِ الْجَرِيدِ (قَوْلُهُ: الْمَضْجَعِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الْمَضْجَعُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْجِيمِ مَوْضِعُ الضُّجُوعِ وَالْجَمْعُ مَضَاجِعُ (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ طَهُورًا بَارِدًا) أَيْ وَلَوْ مِلْحًا (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ كَرَاهَتُهُ بِالنَّجِسِ) سَكَتَ عَنْ الْمُسْتَعْمَلِ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ طَهُورًا أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: يُكْرَهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ الرَّشُّ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ الرَّشِّ عَلَى غَيْرِ الْقَبْرِ مِمَّا قُصِدَ بِهِ إكْرَامُ صَاحِبِ الْقَبْرِ كَالرَّشِّ عَلَى أَضْرِحَةِ بَعْضِ الْأَوْلِيَاءِ إكْرَامًا لَهُمْ فَلَا يَحْرُمُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْقَبْرِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَشْيَاءِ الرَّطْبَةِ) أَيْ فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْبِرْسِيمُ وَنَحْوُهُ مِنْ جَمِيعِ النَّبَاتَاتِ الرَّطْبَةِ (قَوْلُهُ: وَيُمْتَنَعُ عَلَى غَيْرِ مَالِكِهِ) أَمَّا مَالِكُهُ فَإِنْ كَانَ الْمَوْضُوعُ مِمَّا يُعْرَضُ عَنْهُ عَادَةً حَرُمَ عَلَيْهِ أَخْذُهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ حَقًّا لِلْمَيِّتِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لَا يُعْرَضُ عَنْ مِثْلِهِ عَادَةً لَمْ يَحْرُمْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَيَظْهَرُ أَنَّ مِثْلَ الْجَرِيدِ مَا اُعْتِيدَ مِنْ وَضْعِ الشَّمْعِ فِي لَيَالِي الْأَعْيَادِ وَنَحْوِهَا عَلَى الْقُبُورِ فَيَحْرُمُ أَخْذُهُ لِعَدَمِ إعْرَاضِ مَالِكِهِ عَنْهُ وَعَدَمِ رِضَاهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَصَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ بِحُرْمَةِ الْبِنَاءِ) أَيْ الَّتِي فُهِمَتْ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ بَنَى فِي مَقْبَرَةٍ مُسَبَّلَةٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ فِيمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَمَا جَمَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ مِنْ حَمْلِ الْكَرَاهَةِ) أَيْ الْكَرَاهَةِ الَّتِي شَمِلَهَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا مَرَّ: وَيُكْرَهُ تَجْصِيصُ الْقَبْرِ وَالْبِنَاءُ عَلَيْهِ: أَيْ فَيَكُونُ شَامِلًا لِلتُّرْبَةِ الْمَمْلُوكَةِ وَالْمُسَبَّلَةِ خِلَافَ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ طَهُورًا) أَيْ لَا مُسْتَعْمَلًا حَتَّى تَأْتِيَ الْأَوْلَوِيَّةُ وَإِلَّا فَالنَّجِسُ حَرَامٌ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَا وَجْهَ لِلْأَوَّلِ بَلْ هُوَ بَعِيدٌ)

[زيارة قبور المسلمين للرجال]

رَأْسِهِ حَجَرٌ أَوْ خَشَبَةٌ) أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَضَعَ عِنْدَ رَأْسِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ صَخْرَةً وَقَالَ. أَتَعَلَّمُ بِهَا قَبْرَ أَخِي لِأَدْفِنَ إلَيْهِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِي. وَقَضِيَّتُهُ نَدْبُ عِظَمِ الْحَجَرِ وَمِثْلُهُ نَحْوُهُ، وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ فَإِنَّ الْقَصْدَ بِذَلِكَ مَعْرِفَةُ قَبْرِ الْمَيِّتِ عَلَى الدَّوَامِ وَلَا يَثْبُتُ كَذَلِكَ إلَّا الْعَظِيمُ، وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ اسْتِحْبَابَهُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ أَيْضًا (وَ) يُنْدَبُ (جَمْعُ الْأَقَارِبِ) لِلْمَيِّتِ (فِي مَوْضِعٍ) وَاحِدٍ لِلِاتِّبَاعِ؛ وَلِأَنَّهُ أَسْهَلُ عَلَى الزَّائِرِ وَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ إلْحَاقُ الْأَزْوَاجِ وَالْعُتَقَاءِ وَالْمَحَارِمِ مِنْ الرَّضَاعِ وَالْمُصَاهَرَةِ بِذَلِكَ وَمِثْلُهُمْ الْأَصْدِقَاءُ، وَيُقَدَّمُ الْأَبُ نَدْبًا إلَى الْقِبْلَةِ، ثُمَّ الْأَسَنُّ فَالْأَسَنُّ عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ فِيمَا إذَا دُفِنُوا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ (وَ) يُنْدَبُ (زِيَارَةُ الْقُبُورِ) أَيْ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ (لِلرِّجَالِ) لِخَبَرِ «كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمْ الْآخِرَةَ» ، وَرُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «مَا مِنْ أَحَدٍ يَمُرُّ بِقَبْرِ أَخِيهِ الْمُؤْمِنِ كَانَ يَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ إلَّا عَرَفَهُ وَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ» وَيُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَ عِنْدَهُ مَا تَيَسَّرَ، وَيَدْعُوَ لَهُ بَعْدَ تَوَجُّهِهِ إلَى الْقِبْلَةِ، وَالْأَجْرُ لَهُ وَلِلْمَيِّتِ كَمَا سَيَأْتِي بِتَفْصِيلِهِ فِي الْوَصَايَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. أَمَّا زِيَارَةُ قُبُورِ الْكُفَّارِ فَمُبَاحَةٌ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ فِي تَحْرِيمِهَا، (وَتُكْرَهُ) زِيَارَتُهَا (لِلنِّسَاءِ) وَمِثْلُهُنَّ الْخَنَاثَى لِجَزَعِهِنَّ، وَإِنَّمَا لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِنَّ لِخَبَرِ عَائِشَةَ قَالَتْ: قُلْت «كَيْفَ أَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَعْنِي إذَا زَارَتْ الْقُبُورَ قَالَ: قُولِي السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدَّارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَيَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ وَالْمُسْتَأْخِرِينَ، وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ» (وَقِيلَ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِأَخْذِهِ مِنْ مَوْضِعِهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ أَتَعَلَّمُ بِهَا) أَيْ أَجْعَلُهَا عَلَامَةً عَلَيْهِ أَعْرِفُهُ بِهَا، وَقَوْلُهُ قَبْرَ أَخِي: أَيْ مِنْ الرَّضَاعِ (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الِاتِّبَاعِ حَجّ أَقُولُ: قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا وَإِنْ لَمْ يَرِدْ لَكِنَّهُ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِجَامِعِ أَنَّ فِي كُلٍّ تَمْيِيزًا يُعْرَفُ بِهِ الْقَبْرُ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ أَسْهَلُ عَلَى الزَّائِرِينَ) أَيْ وَأَرْوَحُ لِأَرْوَاحِهِمْ حَجّ (قَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ زِيَارَةُ الْقُبُورِ) أَيْ وَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَ الزَّائِرُ عَلَى طَهَارَةٍ: أَيْ وَيَتَأَكَّدُ نَدْبُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْأَقَارِبِ خُصُوصًا الْأَبَوَيْنِ، وَلَوْ كَانُوا بِبَلَدٍ آخَرَ غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي هُوَ فِيهِ (قَوْلُهُ: كَانَ يَعْرِفُهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا مَرَّ عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ لَا يَرُدُّ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ إذَا مَرَّ عَلَى مَنْ كَانَ يَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا، وَلَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ لَمْ يَعْرِفْهُ، وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ فِيهِمَا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ) أَيْ فِي جَمِيعِ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ، وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْأَوْقَاتِ الَّتِي اُعْتِيدَتْ الزِّيَارَةُ فِيهَا، وَقَوْلُهُ إلَّا عَرَفَهُ وَرَدَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْمُسْلِمِ حَقَّهُ وَلَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعْطِيهِ قُوَّةً بِحَيْثُ يَعْلَمُ الْمُسَلِّمَ عَلَيْهِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا ثَوَابَ فِيهِ لِلْمَيِّتِ عَلَى الرَّدِّ؛ لِأَنَّ تَكْلِيفَهُ انْقَطَعَ بِالْمَوْتِ (قَوْلُهُ أَمَّا زِيَارَةُ قُبُورِ الْكُفَّارِ فَمُبَاحَةٌ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَغَيْرِهِ، لَكِنْ قَالَ حَجّ: أَمَّا قُبُورُ الْكُفَّارِ فَلَا يُسَنُّ زِيَارَتُهَا بَلْ قِيلَ تَحْرُمُ وَيَتَعَيَّنُ تَرْجِيحُهُ مِنْ غَيْرِ نَحْوِ قَرِيبٍ قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ فِي اتِّبَاعِ جِنَازَتِهِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ فِي تَحْرِيمِهَا) عِبَارَةُ الْمُنَاوِيِّ عَلَى لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ نَصُّهَا: أَمَّا قُبُورُ الْكُفَّارِ فَلَا يُنْدَبُ زِيَارَتُهَا وَيَجُوزُ عَلَى الْأَصَحِّ. نَعَمْ إنْ كَانَتْ الزِّيَارَةُ بِقَصْدِ الِاعْتِبَارِ وَتَذَكُّرِ الْمَوْتِ فَهِيَ مَنْدُوبَةٌ مُطْلَقًا، وَيَسْتَوِي فِيهَا جَمِيعُ الْقُبُورِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ. قَالَ: لَكِنْ لَا يُشْرَعُ فِيهَا قَصْدُ قَبْرٍ بِعَيْنِهِ. [فَرْعٌ] اعْتَادَ النَّاسُ زِيَارَةَ الْقُبُورِ صَبِيحَةَ الْجُمُعَةِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُوَجَّهَ أَنَّ الْأَرْوَاحَ تَحْضُرُ الْقُبُورَ مِنْ عَصْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَصْوَبُ هُوَ بَعِيدٌ بَلْ لَا وَجْهَ لَهُ (قَوْلُهُ: لِلْمَيِّتِ) بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَجَمْعُ الْأَقَارِبِ الْأَصْوَبُ حَذْفُهُ، إذْ الْمُرَادُ نَدْبُ جَمْعِ الْأَقَارِبِ الْأَمْوَاتِ فِي مَوْضِعٍ [زِيَارَةُ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ لِلرِّجَالِ] (قَوْلُهُ: كَانَ يَعْرِفُهُ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، أَوْ أَنَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِيَتَأَتَّى مَجْمُوعُ قَوْلِهِ إلَّا عَرَفَهُ، وَرَدَّ عَلَيْهِ: أَيْ وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُهُ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَرُدُّ عَلَيْهِ السَّلَامَ وَلَا يَعْرِفُهُ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ إيَّاهُ قَبْلُ (قَوْلُهُ أَمَّا زِيَارَةُ قُبُورِ الْكُفَّارِ فَمُبَاحَةٌ) يُنَاقِضُهُ مَا قَدَّمَهُ عَنْ الْمَجْمُوعِ جَازِمًا بِهِ مِنْ أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ فِي قَبْرِ الْقَرِيبِ الْكَافِرِ وَغَيْرُهُ

تَحْرُمُ) لِخَبَرِ «لَعَنَ اللَّهُ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ» وَحُمِلَ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ زِيَارَتُهُنَّ لِلتَّعْدِيدِ وَالْبُكَاءِ وَالنَّوْحِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُنَّ، أَوْ كَانَ فِيهِ خُرُوجٌ مُحَرَّمٌ (وَقِيلَ تُبَاحُ) إذَا أُمِنَ الِافْتِتَانُ عَمَلًا بِالْأَصْلِ وَالْخَبَرِ فِيمَا إذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِمَّا مَرَّ، وَفَهِمَ الْمُصَنِّفُ الْإِبَاحَةَ مِنْ حِكَايَةِ الرَّافِعِيِّ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ، وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ وَذَكَرَ فِيهِ حَمْلَ الْحَدِيثِ عَلَى مَا ذُكِرَ، وَأَنَّ الِاحْتِيَاطَ لِلْعَجُوزِ تَرْكُ الزِّيَارَةِ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَمَحَلُّ هَذِهِ الْأَقْوَالِ فِي غَيْرِ زِيَارَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَمَّا هِيَ فَلَا تُكْرَهُ بَلْ تَكُونُ مِنْ أَعْظَمِ الْقُرُبَاتِ لِلذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ، وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ قُبُورُ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْقَمُولِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ أَرَهُ لِلْمُتَقَدِّمِينَ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ إلْحَاقِ قَبْرِ أَبَوَيْهَا وَإِخْوَتِهَا وَبَقِيَّةِ أَقَارِبِهَا بِذَلِكَ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ، وَإِنْ بَحَثَ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ الْإِلْحَاقِ (وَيُسَلِّمُ الزَّائِرُ) لِقُبُورِ الْمُسْلِمِينَ نَدْبًا مُسْتَقْبِلًا وَجْهَهُ قَائِلًا مَا عَلَّمَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَصْحَابِهِ إذَا خَرَجُوا لِلْمَقَابِرِ «السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدَّارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ أَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمْ الْعَافِيَةَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ " زَادَ أَبُو دَاوُد «اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُمْ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ» لَكِنْ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، وَقَوْلُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ لِلتَّبَرُّكِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلْمَوْتِ فِي تِلْكَ الْبُقْعَةِ أَوْ عَلَى الْإِسْلَامِ، أَوْ أَنَّ إنْ بِمَعْنَى إذْ. وَأَمَّا قُبُورُ الْكُفَّارِ فَالْقِيَاسُ عَدَمُ جَوَازِ السَّلَامِ كَمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ بَلْ أَوْلَى (وَيَقْرَأُ وَيَدْعُو) عَقِبَ قِرَاءَتِهِ، وَالدُّعَاءُ يَنْفَعُ الْمَيِّتَ وَهُوَ عَقِبَ الْقِرَاءَةِ أَقْرَبُ لِلْإِجَابَةِ (وَيَحْرُمُ) (نَقْلُ الْمَيِّتِ) قَبْلَ دَفْنِهِ مِنْ بَلَدِ مَوْتِهِ (إلَى بَلَدٍ آخَرَ) وَإِنْ أُمِنَ تَغَيُّرُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَأْخِيرِ دَفْنِهِ الْمَأْمُورِ بِتَعْجِيلِهِ وَتَعْرِيضِهِ لِهَتْكِ حُرْمَتِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSالْخَمِيسِ إلَى شَمْسِ السَّبْتِ فَخَصُّوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهُ تَحْضُرُ الْأَرْوَاحُ فِيهِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ حُضُورٌ خَاصٌّ، وَإِلَّا فَلِلْأَرْوَاحِ ارْتِبَاطٌ بِالْقُبُورِ مُطْلَقًا، ثُمَّ إنَّهُ قَدْ يُقَالُ: كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تُطْلَبَ الزِّيَارَةُ يَوْمَ السَّبْتِ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يَزُورُ شُهَدَاءَ أُحُدٍ يَوْمَ السَّبْتِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: لَعَلَّهُ خَصَّهُ لِبُعْدِهِمْ عَنْ الْمَدِينَةِ وَضِيقِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ عَنْ الْأَعْمَالُ الْمَطْلُوبَةِ فِيهِ مِنْ التَّبْكِيرِ وَغَيْرِهِ، وَأَظُنُّ الْمَسْأَلَةَ فِيهَا كَلَامٌ فَرَاجِعْهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَحُمِلَ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ زِيَارَتُهُنَّ لِلتَّعْدِيدِ) لَا يُقَالُ: لَا يَصْلُحُ لِلْحَمْلِ عَلَى مَا ذَكَرَ؛ لِأَنَّ النَّوْحَ فِي حَدِّ ذَاتِهِ حَرَامٌ، وَالزِّيَارَةُ مَكْرُوهَةٌ وَالْحَرَامُ إذَا اقْتَرَنَ بِغَيْرِهِ لَا يُصَيِّرُهُ حَرَامًا لِأَنَّا نَقُولُ: لَمَّا كَانَ الْخُرُوجُ بِقَصْدِهِ حَرُمَ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَى حَرَامٍ كَالسَّفَرِ لِقَطْعِ الطَّرِيقِ فَإِنَّهُ مَعْصِيَةٌ لِكَوْنِهِ وَسِيلَةً لَهَا (قَوْلُهُ: سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ) زَادَ حَجّ وَالْعُلَمَاءِ أَيْ الْعَامِلِينَ (قَوْلُهُ وَالْأَوْلِيَاءِ) أَيْ مَنْ اُشْتُهِرَ بِتِلْكَ بَيْنَ النَّاسِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ أَذِنَ لَهَا الزَّوْجُ أَوْ السَّيِّدُ أَوْ الْوَلِيُّ (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ) أَيْ مَا لَمْ يَكُونُوا عُلَمَاءَ أَوْ أَوْلِيَاءَ (قَوْلُهُ: وَيُسَلِّمُ الزَّائِرُ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَقْرَبَ مِنْهُ عُرْفًا بِحَيْثُ لَوْ كَانَ حَيًّا لَسَمِعَهُ، وَلَوْ قِيلَ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا؛ لِأَنَّ أُمُورَ الْآخِرَةِ لَا يُقَاسُ عَلَيْهَا، وَقَدْ يَشْهَدُ لَهُ إطْلَاقُهُمْ مِنْ السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الْمَقْبَرَةِ مَعَ أَنَّ صَوْتَ الْمُسَلِّمِ لَا يَصِلُ إلَى جُمْلَتِهِمْ لَوْ كَانُوا أَحْيَاءً (قَوْلُهُ: قَائِلًا مَا عَلَّمَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَيَنْبَغِي لِلزَّائِرِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ هَذَا وَمَا تَقَدَّمَ عَنْ عَائِشَةَ وَيُقَدِّمَ أَيَّهُمَا شَاءَ (قَوْلُهُ: فَالْقِيَاسُ عَدَمُ جَوَازِ السَّلَامِ) أَيْ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: وَالدُّعَاءُ يَنْفَعُ الْمَيِّتَ) وَتَتَحَقَّقُ إجَابَةُ الدَّاعِي حَيْثُ تَوَفَّرَتْ فِيهِ شُرُوطُ الدُّعَاءِ كَأَكْلِ الْحَلَالِ وَالْإِخْلَاصِ فِي الدُّعَاءِ وَحُضُورِ الْقَلْبِ إلَخْ، وَتُحْتَمَلُ الْإِجَابَةُ مَعَ اخْتِلَالِ بَعْضِ الشُّرُوطِ بَلْ مَعَ انْتِفَاءِ جَمِيعِهَا فَلَا يَنْبَغِي تَرْكُهُ عِنْدَ عَدَمِ اسْتِجْمَاعِ الشُّرُوطِ (قَوْلُهُ: مِنْ بَلَدِ مَوْتِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ دَفْنَ أَهْلِ أنبابة مَوْتَاهُمْ فِي الْقَرَافَةِ لَيْسَ مِنْ النَّقْلِ الْمُحَرَّمِ؛ لِأَنَّ الْقَرَافَةَ صَارَتْ مَقْبَرَةً لِأَهْلِ أنبابة، فَالنَّقْلُ إلَيْهَا لَيْسَ نَقْلًا عَنْ مَقْبَرَةِ مَحَلِّ مَوْتِهِ وَهُوَ أنبابة م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْلَى كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ) أَيْ تَبِعَ الرَّافِعِيَّ فِي حِكَايَةِ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الِاحْتِيَاطَ لِلْعَجُوزِ) مَعْطُوفٌ عَلَى حَمْلٍ مِنْ قَوْلِهِ وَذَكَرَ فِيهِ أَيْ فِي الْمَجْمُوعِ حَمْلَ إلَخْ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُرَتَّبٌ عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ الْكَرَاهَةِ

[نقل الميت قبل دفنه من بلد إلى بلد آخر]

وَتَعْبِيرُهُ بِالْبَلَدِ مِثَالٌ فَالصَّحْرَاءُ كَذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ فَيَنْتَظِمُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ، وَلَا شَكَّ فِي جَوَازِهِ فِي الْبَلَدَيْنِ الْمُتَّصِلَيْنِ أَوْ الْمُتَقَارِبَيْنِ لَا سِيَّمَا وَالْعَادَةُ جَارِيَةٌ بِالدَّفْنِ خَارِجَ الْبَلَدِ، وَلَعَلَّ الْعِبْرَةَ فِي كُلِّ بَلَدٍ بِمَسَافَةِ مَقْبَرَتِهَا. أَمَّا بَعْدَ دَفْنِهِ فَسَيَأْتِي (وَقِيلَ يُكْرَهُ) لِعَدَمِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِهِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ بِقُرْبِ مَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ أَوْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ نَصَّ عَلَيْهِ) إمَامُنَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَإِنْ نُوزِعَ فِي ثُبُوتِهِ عَنْهُ، إذْ مَنْ حَفِظَ حُجَّةً عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ لِفَضْلِهَا وَحِينَئِذٍ فَالِاسْتِثْنَاءُ عَائِدٌ لِلْكَرَاهَةِ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ أَوْ إلَيْهِمَا مَعًا، وَهُوَ أَوْلَى كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَمَلًا بِقَاعِدَةِ الِاسْتِثْنَاءِ عَقِبَ الْجُمَلِ، وَمُرَادُهُ بِالْقُرْبِ مَسَافَةٌ لَا يَتَغَيَّرُ الْمَيِّتُ فِيهَا قَبْلَ وُصُولِهِ، وَالْمُرَادُ بِمَكَّةَ جَمِيعُ الْحَرَمِ لَا نَفْسَ الْبَلَدِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ وَغَيْرِهِ: وَلَا يَنْبَغِي التَّخْصِيصُ بِالثَّلَاثَةِ لَوْ كَانَ بِقُرْبِ مَقَابِرِ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَالْخَيْرِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ يَقْصِدُ الْجَارَ الْحَسَنَ. قَالَ: وَيَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ الشَّهِيدِ وَقَدْ مَرَّ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَوْصَى بِنَقْلِهِ مِنْ مَحَلِّ مَوْتِهِ إلَى مَحَلٍّ مِنْ الْأَمَاكِنِ الثَّلَاثَةِ نُفِّذَتْ وَصِيَّتُهُ حَيْثُ قَرُبَ، وَأُمِنَ التَّغَيُّرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. وَمَحَلُّ جَوَازِ نَقْلِهِ بَعْدَ غُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ لَتَوَجَّهَ فَرْضُ ذَلِكَ عَلَى مَحَلِّ مَوْتِهِ فَلَا تَسْقُطُ عَنْهُمْ بِجَوَازِ نَقْلِهِ، قَالَهُ ابْنُ شُهْبَةَ وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَلَوْ مَاتَ سُنِّيٌّ فِي مَحَلِّ بِدْعَةٍ وَلَمْ يُمْكِنْ إخْفَاءُ قَبْرِهِ نُقِلَ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ أَمِيرُ الْجَيْشِ وَنَحْوُهُ بِدَارِ الْحَرْبِ وَعَلِمَ بِهِ الْكُفَّارُ وَخِفْنَا عَلَيْهِ مِنْ دَفْنِهِ، ثُمَّ مِنْ إخْرَاجِهِ وَالتَّمْثِيلِ بِهِ. وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ نَحْوُ السَّيْلِ يَعُمُّ مَقْبَرَةَ الْبَلَدِ وَيُفْسِدُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَنْ اعْتَادَ الدَّفْنَ فِيهَا أَوْ فِي أنبابة فِيمَا يَظْهَرُ، وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِيمَا إذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ الْوَاحِدِ مَقَابِرُ مُتَعَدِّدَةٌ كَبَابِ النَّصْرِ وَالْقَرَافَةِ وَالْأَزْبَكِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِأَهْلِ مِصْرَ فَلَهُ الدَّفْنُ فِي أَيُّهَا شَاءَ؛ لِأَنَّهَا مَقْبَرَةُ بَلَدِهِ، بَلْ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ سَاكِنًا بِقُرْبِ أَحَدِهَا جِدًّا لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: أَرْبَعُ مَسَائِلَ) وَهِيَ نَقْلُهُ مِنْ بَلَدٍ لِبَلَدٍ أَوْ لِصَحْرَاءَ أَوْ مِنْ صَحْرَاءَ لِصَحْرَاءَ أَوْ بَلَدٍ (قَوْلُهُ: بِمَسَافَةِ مَقْبَرَتِهَا) يَعْنِي فَلَوْ أَرَادَ النَّقْلَ إلَى بَلَدٍ آخَرَ اُعْتُبِرَ فِي التَّحْرِيمِ الزِّيَادَةُ عَلَى مِثْلِ تِلْكَ الْمَسَافَةِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ وُصُولِهِ) أَيْ لَا يَتَغَيَّرُ فِيهَا غَالِبًا وَلَوْ زَادَتْ عَنْ يَوْمٍ، وَمِنْ التَّغَيُّرِ انْتِفَاخُهُ أَوْ نَحْوُهُ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِمَكَّةَ جَمِيعُ الْحَرَمِ) قَالَ حَجّ: وَكَذَا الْبَاقِي اهـ. وَالْأَوْلَى إذَا وَصَلَ إلَى الْحَرَمِ أَنْ يُدْفَنَ فِي مَقْبَرَتِهِ لَا فِي غَيْرِهَا لِمَا عَلَّلُوا بِهِ أَوْلَوِيَّةَ الدَّفْنِ فِي الْمَقْبَرَةِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ هَذِهِ الْأَمَاكِنِ، عَلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ الدَّفْنُ فِي الْمَقْبَرَةِ أَفْضَلُ شَامِلٌ لِهَذِهِ الْبِلَادِ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ: فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ) نَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الشَّارِحِ أَنَّهُ مَالَ لِخِلَافِهِ أَخْذًا بِإِطْلَاقِهِمْ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ الشَّهِيدِ) أَيْ مِنْ النَّقْلِ فَيَحْرُمُ (قَوْلُهُ مِنْ الْأَمَاكِنِ الثَّلَاثَةِ) أَيْ أَمَّا غَيْرُهَا فَيَحْرُمُ تَنْفِيذُهَا (قَوْلُهُ: نُفِّذَتْ وَصِيَّتُهُ) أَيْ وَلَوْ دُفِنَ بِغَيْرِهَا نُقِلَ وُجُوبًا عَمَلًا بِوَصِيَّتِهِ عَلَى مَا يَأْتِي وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُ عَدَمُ النَّقْلِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَأَمِنَ التَّغَيُّرَ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: عَلَى مَحَلِّ مَوْتِهِ) أَيْ أَهْلِ مَحَلٍّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُمْكِنُ إخْفَاءُ قَبْرِهِ نُقِلَ) أَيْ جَازَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: يَعُمُّ مَقْبَرَةَ الْبَلَدِ وَيُفْسِدُهَا) أَيْ وَلَوْ فِي بَعْضِ فُصُولِ السَّنَةِ كَأَنْ كَانَ الْمَاءُ يُفْسِدُهَا زَمَنَ النِّيلِ دُونَ غَيْرِهِ فَيَجُوزُ نَقْلُهُ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ. وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ جَوَازِ النَّقْلِ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ وَإِلَّا دُفِنَ بِمَكَانِهِ، وَيُحْتَاطُ فِي إحْكَامِ قَبْرِهِ بِالْبِنَاءِ وَنَحْوِهِ كَجَعْلِهِ فِي صُنْدُوقٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [نَقْلُ الْمَيِّتِ قَبْلَ دَفْنِهِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ آخَرَ] وَلَعَلَّ الْعِبْرَةَ فِي كُلِّ بَلَدٍ بِمَسَافَةِ مَقْبَرَتِهَا) أَيْ فَلَا يَحْرُمُ نَقْلُهُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ إلَّا إذَا كَانَ أَبْعَدَ مَسَافَةً مِنْ مَقْبَرَةِ بَلَدِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ فَالِاسْتِثْنَاءُ عَائِدٌ لِلْكَرَاهَةِ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ هَذَا الِاسْتِنْتَاجِ (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ) فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، إذْ لَا يَلْزَمُهُ مِنْ انْتِفَاءِ الْكَرَاهَةِ الَّتِي هِيَ أَخَفُّ انْتِفَاءُ الْحُرْمَةِ الَّتِي هِيَ أَثْقَلُ، إذْ الْكَرَاهَةُ تَنْتَفِي بِأَدْنَى سَبَبٍ لِلتَّسَامُحِ فِيهَا بِخِلَافِ الْحُرْمَةِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ قَالَ وَيَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ الشَّهِيدِ) أَيْ فَلَا يُنْقَلُ وَإِنْ كَانَ بِقُرْبِ أَحَدِ الْأَمَاكِنِ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِقَتْلَى أُحُدٍ أَنْ يُرَدُّوا إلَى مَصَارِعِهِمْ وَكَانُوا نُقِلُوا إلَى الْمَدِينَةِ (قَوْلُهُ: فِي مَحَلِّ بِدْعَةٍ) أَيْ

جَازَ لَهُمْ النَّقْلُ إلَى مَا لَيْسَ كَذَلِكَ، وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ، جَوَازَهُ لِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ بَعْدَ دَفْنِهِ إذَا أَوْصَى بِهِ، وَوَافَقَهُ غَيْرُهُ فَقَالَ: هُوَ قَبْلَ التَّغَيُّرِ وَاجِبٌ، وَعَلَى كُلٍّ فَلَا حُجَّةَ فِيمَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ: أَنَّ يُوسُفَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَى سَائِرِ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَسَلَّمَ نُقِلَ بَعْدَ سِنِينَ كَثِيرَةٍ مِنْ مِصْرَ إلَى جِوَارِ جَدِّهِ الْخَلِيلِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَإِنْ صَحَّ مَا جَاءَ: أَيْ النَّاقِلُ لَهُ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْعِنَا، وَمُجَرَّدُ حِكَايَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَجْعَلُهُ مِنْ شَرْعِهِ، هَذَا وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ نَقْلِهِ بَعْدَ دَفْنِهِ مُطْلَقًا كَمَا قَالَهُ فِي الْعُبَابِ، وَلَا أَثَرَ لِوَصِيَّتِهِ وَلَوْ تَعَارَضَ الْقُرْبُ مِنْ الْأَمَاكِنِ الْمَذْكُورَةِ وَدَفْنُهُ بَيْنَ أَهْلِهِ فَالْأُولَى أَوْلَى كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَنَبْشُهُ بَعْدَ دَفْنِهِ) وَقَبْلَ بِلَاهُ عِنْدَ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِتِلْكَ الْأَرْضِ (لِلنَّقْلِ) وَلَوْ لِنَحْوِ مَكَّةَ (وَغَيْرِهِ) وَلَوْ لِصَلَاةٍ عَلَيْهِ أَوْ تَكْفِينِهِ كَمَا سَيَأْتِي (حَرَامٌ) لِمَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ حُرْمَتِهِ (إلَّا لِضَرُورَةٍ بِأَنْ دُفِنَ بِلَا غُسْلٍ) وَلَا تَيَمُّمٍ بِشَرْطِهِ وَهُوَ مِمَّنْ يَجِبُ غُسْلُهُ فَيَجِبُ نَبْشُهُ لِطُهْرِهِ تَدَارُكًا لِلْوَاجِبِ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ أَوْ يَنْقَطِعْ ثُمَّ يُصَلَّى عَلَيْهِ (أَوْ) دُفِنَ (فِي أَرْضٍ أَوْ) فِي (ثَوْبٍ مَغْصُوبَيْنِ) وَطَلَبَهُمَا مَالِكُهُمَا فَيُنْبَشُ حَتْمًا وَإِنْ تَغَيَّرَ، وَحَصَلَ هَتْكُ حُرْمَتِهِ لِيَصِلَ الْمَالِكُ لِحَقِّهِ، وَيُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ كَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ، وَيُسَنُّ فِي حَقِّهِ التَّرْكُ، فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْمَالِكُ ذَلِكَ حَرُمَ النَّبْشُ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْأُسْتَاذِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: مَا لَمْ يَكُنْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَوْ مِمَّنْ يُحْتَاطُ لَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ مَحَلُّ النَّبْشِ أَيْضًا فِي الْكَفَنِ الْمَغْصُوبِ إذَا وُجِدَ مَا يُكَفَّنُ فِيهِ الْمَيِّتُ، وَإِلَّا حَرُمَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ بِنَاءً عَلَى قَهْرِ مَالِكِهِ عَلَيْهِ لَوْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَلَوْ كُفِّنَ فِي حَرِيرٍ لَمْ يَجُزْ نَبْشُهُ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَامَحَةِ، وَدَفْنُهُ فِي مَسْجِدٍ كَهُوَ فِي الْمَغْصُوبِ فَيُنْبَشُ وَيُخْرَجُ مُطْلَقًا فِيمَا يَظْهَرُ (أَوْ وَقَعَ فِيهِ) أَيْ الْقَبْرِ (مَالٌ) مِمَّا يُتَمَوَّلُ وَإِنْ قَلَّ كَخَاتَمٍ فَيُنْبَشُ حَتْمًا وَإِنْ تَغَيَّرَ الْمَيِّتُ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ فِيهِ إضَاعَةُ مَالٍ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ طَلَبَهُ مَالِكُهُ أَوْ لَا، وَقَيَّدَ فِي الْمُهَذَّبِ بِطَلَبِهِ لَهُ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَمْ يُوَافِقُوهُ عَلَيْهِ، وَاعْتَرَضَ بِمُوَافَقَةِ صَاحِبَيْ الِانْتِصَارِ وَالِاسْتِقْصَاءِ لَهُ، وَعَلَى الْإِطْلَاقِ قَدْ يُفَارِقُ مَا فِي الِابْتِلَاعِ وَفِي التَّكْفِينِ وَالدَّفْنِ فِي الْمَغْصُوبِ بِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: جَازَ لَهُمْ النَّقْلُ) أَيْ وَلَوْ فِي بَلَدٍ آخَرَ يَسْلَمُ مِنْهُ الْمَيِّتُ مِنْ الْفَسَادِ (قَوْلُهُ: وَقَبْلَ بِلَاهُ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: بَلِيَ الثَّوْبُ بِالْكَسْرِ بِلًى بِالْقَصْرِ فَإِنْ فَتَحْت بَاءَ الْمَصْدَرِ مَدَدْت اهـ. وَهِيَ تُفِيدُ أَنَّ مَا هُنَا يَجُوزُ فِيهِ الْكَسْرُ مَعَ الْقَصْرِ وَالْفَتْحُ مَعَ الْمَدِّ (قَوْلُهُ: وَلَا تَيَمُّمَ بِشَرْطِهِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ إذَا يُمِّمَ قَبْلَ الدَّفْنِ لَا يَجُوزُ نَبْشُهُ لِلْغُسْلِ وَإِنْ كَانَ تَيَمُّمُهُ فِي الْأَصْلِ لِفَقْدِ الْغَاسِلِ أَوْ لِفَقْدِ الْمَاءِ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَطْلُبُ الْمَالِكُ ذَلِكَ) شَمِلَ مَا لَوْ سَكَتَ عَنْ الطَّلَبِ، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالْمُسَامَحَةِ فَيَحْرُمُ إخْرَاجُهُ، وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَغْصُوبَيْنِ: وَإِنْ غَرِمَ الْوَرَثَةُ مِثْلَهُ أَوْ قِيمَتَهُ مَا لَمْ يُسَامِحْ الْمَالِكُ انْتَهَى. وَمُقْتَضَاهَا وُجُوبُ نَبْشِهِ عِنْدَ سُكُوتِ الْمَالِكِ، وَقَدْ يُمْنَعُ بِأَنَّ فِي إخْرَاجِ الْمَيِّتِ إزْرَاءً وَالْمُسَامَحَةُ جَارِيَةٌ بِمِثْلِهِ، فَالْأَقْرَبُ عَدَمُ جَوَازِ نَبْشِهِ مَا لَمْ يُصَرِّحْ الْمَالِكُ بِالطَّلَبِ (قَوْلُهُ: لَوْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ) أَيْ وَيُعْطِي قِيمَتَهُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ إنْ كَانَتْ، وَإِلَّا فَمِنْ مُنْفِقِهِ إنْ كَانَ، وَإِلَّا فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَمَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ إنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) تَغَيَّرَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ طَلَبَهُ مَالِكُهُ أَوْ لَا) الْمُتَبَادَرُ مِنْ عَدَمِ الطَّلَبِ السُّكُوتُ وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَخُشِيَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ كَمَا قَالَهُ الشِّهَابُ حَجّ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَخِفْنَا إلَخْ رَاجِعًا إلَى هَذَا أَيْضًا (قَوْلُهُ: هُوَ قَبْلَ التَّغَيُّرِ وَاجِبٌ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ بَعْدَ التَّغَيُّرِ بَاقٍ عَلَى الْجَوَازِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِهَذَا الْقَائِلِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ يَنْقَطِعُ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَعْدَ قَوْلِهِ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ (قَوْلُهُ: أَوْ مِمَّنْ يُحْتَاطُ لَهُ) أَيْ كَالْغَائِبِ

بَشَاعَةً بِشَقِّ نَحْوِ جَوْفِهِ، وَالْأَخِيرَيْنِ ضَرُورِيَّانِ لَهُ فَاحْتِيطَ لَهُمَا بِالطَّلَبِ بِخِلَافِ هَذَا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَمْ يُبَيِّنْ هَلْ كَلَامُهُ هُنَا فِي وُجُوبِ النَّبْشِ أَوْ جَوَازِهِ، وَيُحْتَمَلُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُطْلِقِينَ عَلَى الْجَوَازِ وَكَلَامِ الْمُهَذَّبِ عَلَى الْوُجُوبِ عِنْدَ الطَّلَبِ فَلَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِإِطْلَاقِهِمْ انْتَهَى، وَلَوْ بَلَعَ مَالَ غَيْرِهِ وَطَلَبَهُ مَالِكُهُ، وَلَمْ يَضْمَنْ بَدَلَهُ أَحَدٌ مِنْ وَرَثَتِهِ أَوْ غَيْرِهِمْ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ نُبِشَ وَشُقَّ جَوْفُهُ وَأُخْرِجَ مِنْهُ وَدُفِعَ لِمَالِكِهِ، فَإِنْ ابْتَلَعَ مَالَ نَفْسِهِ فَلَا يُنْبَشُ وَلَا يُشَقُّ لِاسْتِهْلَاكِهِ لَهُ حَالَ حَيَاتِهِ (أَوْ دُفِنَ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ) وَإِنْ كَانَ رِجْلَاهُ إلَيْهَا فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِلْمُتَوَلِّي فَيُنْبَشُ حَتْمًا مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ وَيُوَجَّهُ لِلْقِبْلَةِ، فَإِنْ تَغَيَّرَ فَلَا (لَا لِلتَّكْفِينِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ غَرَضَ التَّكْفِينِ السِّتْرُ، وَقَدْ حَصَلَ بِالتُّرَابِ مَعَ مَا فِي نَبْشِهِ مِنْ هَتْكِهِ. وَالثَّانِي: يُنْبَشُ قِيَاسًا عَلَى الْغُسْلِ بِجَامِعِ الْوُجُوبِ، وَيُنْبَشُ أَيْضًا فِي صُوَرٍ كَمَا لَوْ دُفِنَتْ امْرَأَةٌ حَامِلٌ بِجَنِينٍ تُرْجَى حَيَاتُهُ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَيُشَقُّ جَوْفُهَا وَيُخْرَجُ إذْ شَقُّهُ لَازِمٌ قَبْلَ دَفْنِهَا أَيْضًا، فَإِنْ لَمْ تُرْجَ حَيَاتُهُ فَلَا لَكِنْ يُتْرَكُ دَفْنُهَا إلَى مَوْتِهِ، ثُمَّ تُدْفَنُ، وَقَوْلُ التَّنْبِيهِ تُرِكَ عَلَيْهِ شَيْءٌ حَتَّى يَمُوتَ ضَعِيفٌ بَلْ غَلَطٌ فَاحِشٌ فَلْيُحْذَرْ، أَوْ بُشِّرَ بِمَوْلُودٍ فَقَالَ إنْ كَانَ ذَكَرًا فَعَبْدِي حُرٌّ أَوْ أُنْثَى فَأَمَتِي حُرَّةٌ، وَدُفِنَ الْمَوْلُودُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِحَالِهِ فَيُنْبَشُ لِيُعْلَمَ مَنْ وُجِدَتْ صِفَتُهُ، أَوْ قَالَ: إنْ وَلَدْت ذَكَرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً أَوْ أُنْثَى فَطَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْ مَيِّتًا وَدُفِنَ وَجُهِلَ حَالُهُ فَالْأَصَحُّ فِي الزَّوَائِدِ نَبْشُهُ، أَوْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى مَيِّتٍ بَعْدَ دَفْنِهِ أَنَّهُ امْرَأَتُهُ، وَأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ وَلَدُهُ مِنْهَا، وَطَلَبَ إرْثَهُ مِنْهَا وَادَّعَتْ امْرَأَةٌ أَنَّهُ زَوْجُهَا، وَأَنَّ هَذَا وَلَدُهَا مِنْهُ وَطَلَبَتْ إرْثَهَا مِنْهُ، وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً فَإِنَّهُ يُنْبَشُ، فَإِنْ وُجِدَ خُنْثَى قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الرَّجُلِ أَوْ لَحِقَ الْمَيِّتَ سَيْلٌ أَوْ نَدَاوَةٌ فَيُنْبَشُ لِنَقْلِهِ، أَوْ قَالَ: إنْ رَزَقَنِي اللَّهُ وَلَدًا ذَكَرًا فَلِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا وَدُفِنَ قَبْلَ الْعِلْمِ بِحَالِهِ فَيُنْبَشُ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ، أَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى شَخْصِهِ وَاشْتَدَّتْ الْحَاجَةُ وَلَمْ تَتَغَيَّرْ صُورَتُهُ فَيُنْبَشُ لِيُعْرَفَ عَلَى مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ، وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ، أَوْ اخْتَلَفَ الْوَرَثَةُ فِي أَنَّ الْمَدْفُونَ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى لِيَعْلَمَ كُلٌّ مِنْ الْوَرَثَةِ قَدْرَ حِصَّتِهِ، وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ ذَلِكَ فِي الْمُنَاسَخَاتِ، أَوْ زَعَمَ الْجَانِي شَلَلَ الْعُضْوِ وَلَوْ أُصْبُعًا فَإِنَّهُ يُنْبَشُ لِيُعْلَمَ، ذَكَرَهُ ابْنُ كَجٍّ، أَوْ دُفِنَ فِي ثَوْبٍ مَرْهُونٍ وَطَلَبَ الْمُرْتَهِنُ إخْرَاجَهُ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَالْقِيَاسُ غُرْمُ الْقِيمَةِ فَإِنْ تَعَذَّرَ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ نُهِيَ عَنْهُ لَمْ يُنْبَشْ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَخِيرَيْنِ ضَرُورِيَّانِ) أَيْ وَبِأَنَّ الْأَخِيرَيْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَضْمَنْ بَدَلَهُ) أَيْ أَمَّا لَوْ ضَمِنَهُ أَحَدٌ مِنْ الْوَرَثَةِ أَوْ غَيْرِهِمْ أَوْ يَدْفَعُ لِصَاحِبِ الْمَالِ بَدَلَهُ حَرُمَ نَبْشُهُ وَشَقُّ جَوْفِهِ لِقِيَامِ بَدَلِهِ مَقَامَهُ وَصَوْنًا لِلْمَيِّتِ مِنْ انْتِهَاكِ حُرْمَتِهِ (قَوْلُهُ: وَدُفِعَ لِمَالِكِهِ) أَيْ وَإِنْ تَغَيَّرَ (قَوْلُهُ: لِاسْتِهْلَاكِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُشَقُّ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِإِهْلَاكِهِ قَبْلَ تَعَلُّقِ الْغُرَمَاءِ بِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ حَيْثُ كَانَ الْقَبْرُ مَحْفُورًا عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ رِجْلَاهُ إلَيْهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ رُفِعَ رَأْسُهُ، وَتَقَدَّمَ عَنْ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ وحج التَّصْرِيحُ بِالْحُرْمَةِ وَإِنْ رُفِعَ رَأْسُهُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُتْرَكُ دَفْنُهَا إلَى مَوْتِهِ) أَيْ وَلَوْ تَغَيَّرَتْ لِئَلَّا يُدْفَنَ الْحَمْلُ حَيًّا (قَوْلُهُ: بَلْ غَلَطٌ فَاحِشٌ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَا ضَمَانَ فِيهِ مُطْلَقًا بَلَغَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ أَوْ لَا لِعَدَمِ تَيَقُّنِ حَيَاتِهِ (قَوْلُهُ: خُنْثَى قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الرَّجُلِ) أَيْ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ تَشْهَدُ عَلَى خُرُوجِ الْوَلَدِ مِنْ فَرْجِهَا وَبَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ تَشْهَدُ لِظَنِّهَا حُصُولَ الْوَلَدِ مِنْهُ مُسْتَنِدَةً لِمُجَرَّدِ الزَّوْجِيَّةِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَدَاوَةٌ) أَيْ وَلَوْ قَبْلَهَا عِنْدَ ظَنِّ حُصُولِهَا ظَنَّا قَوِيًّا، وَلَوْ عَلِمَ قَبْلَ دَفْنِهِ حُصُولَ ذَلِكَ لَهُ وَجَبَ اجْتِنَابُهُ حَيْثُ أَمْكَنَ وَلَوْ بِمَحَلٍّ بَعِيدٍ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ) وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ وَمَسْأَلَةِ النَّذْرِ أَنَّ النَّذْرَ لِكَوْنِهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى وَإِنْشَاءِ النَّاذِرِ الْتِزَامَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَمْ يُبَيِّنْ هَلْ كَلَامُهُ) أَيْ وَلَمْ يُبَيِّنْ فِي الْمَجْمُوعِ هَلْ كَلَامُ الْمُهَذَّبِ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ فِي الزَّوَائِدِ نَبْشُهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ وَلَدُهُ مِنْهَا) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِأَجْلِ مَا يَأْتِي فِي الْخُنْثَى لِتُقَدَّمَ فِيهِ بَيِّنَةُ الرَّجُلِ أَيْ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ مَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ بِمُشَاهَدَةِ الْوِلَادَةِ

نُبِشَ وَأُخْرِجَ مَا لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ بِالْبِلَى، أَوْ تَدَاعَيَا مَوْلُودًا فَيُنْبَشُ لِيَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِأَحَدِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ، وَقَيَّدَهُ الْبَغَوِيّ بِمَا إذَا لَمْ تَتَغَيَّرُ صُورَتُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، أَوْ دُفِنَ كَافِرٌ فِي الْحَرَمِ فَيُنْبَشُ، وَيُخْرَجُ عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي الْجِزْيَةِ، وَلَوْ كَفَّنَهُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ مِنْ التَّرِكَةِ وَأَسْرَفَ غَرِمَ حِصَّةَ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ. فَلَوْ طَلَبَ إخْرَاجَ الْمَيِّتِ لِأَخْذِ ذَلِكَ لَمْ تَلْزَمْهُمْ إجَابَتُهُ، وَلَيْسَ لَهُمْ نَبْشُهُ لَوْ كَانَ الْكَفَنُ مُرْتَفِعَ الْقِيمَةِ، وَإِنْ زَادَ فِي الْعَدَدِ فَلَهُمْ النَّبْشُ وَإِخْرَاجُ الزَّائِدِ، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ الزَّائِدُ عَلَى الثَّلَاثِ. أَمَّا بَعْدَ الْبِلَى عِنْدَ مَنْ مَرَّ فَلَا يَحْرُمُ النَّبْشُ بَلْ تَحْرُمُ عِمَارَتُهُ وَتَسْوِيَةُ تُرَابِهِ عَلَيْهِ إذَا كَانَ فِي مَقْبَرَةٍ مُسْبَلَةٍ لِامْتِنَاعِ النَّاسِ عَنْ الدَّفْنِ فِيهِ لِظَنِّهِمْ بِهِ عَدَمَ الْبِلَى، وَمَحَلُّ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْمُوَفَّقُ بْنُ حَمْزَةَ فِي مُشْكِلِ الْوَسِيطِ مَا لَمْ يَكُنْ الْمَدْفُونُ صَحَابِيًّا أَوْ مِمَّنْ اُشْتُهِرَتْ وِلَايَتُهُ وَإِلَّا اُمْتُنِعَ نَبْشُهُ عِنْدَ الِانْمِحَاقِ، وَأَيَّدَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِجَوَازِ الْوَصِيَّةِ بِعِمَارَةِ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ لِمَا فِيهِ مِنْ إحْيَاءِ الزِّيَارَةِ وَالتَّبَرُّكِ، إذْ قَضِيَّتُهُ جَوَازُ عِمَارَةِ قُبُورِهِمْ مَعَ الْجَزْمِ هُنَا بِمَا مَرَّ مِنْ حُرْمَةِ تَسْوِيَةِ الْقَبْرِ وَعِمَارَتِهِ فِي الْمُسْبَلَةِ (وَيُسَنُّ أَنْ تَقِفَ جَمَاعَةٌ بَعْدَ دَفْنِهِ عِنْدَ قَبْرِهِ سَاعَةً يَسْأَلُونَ لَهُ التَّثْبِيتَ) "؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ إذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ وَقَالَ: اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ وَاسْأَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ " وَيُسْتَحَبُّ تَلْقِينُ الْمَيِّتِ الْمُكَلَّفِ بَعْدَ تَمَامِ دَفْنِهِ لِخَبَرِ «إنَّ الْعَبْدَ إذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ إنَّهُ يَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ، فَإِذَا انْصَرَفُوا أَتَاهُ مَلَكَانِ» الْحَدِيثَ فَتَأْخِيرُ تَلْقِينِهِ لِمَا بَعْدَ إهَالَةِ التُّرَابِ أَقْرَبُ إلَى حَالَةِ سُؤَالِهِ، فَيَقُولُ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ أَمَةِ اللَّهِ اُذْكُرْ مَا خَرَجْت عَلَيْهِ مِنْ الدُّنْيَا: شَهَادَةَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ، وَأَنَّ الْبَعْثَ حَقٌّ، وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا، وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ، وَأَنَّك رَضِيت بِاَللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَبِيًّا، وَبِالْقُرْآنِ إمَامًا، وَبِالْكَعْبَةِ قِبْلَةً، وَبِالْمُؤْمِنِينَ إخْوَانًا. وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ: يَا ابْنَ أَمَةِ اللَّهِ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ دُعَاءُ النَّاسِ بِآبَائِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ الْمَنْفِيِّ وَوَلَدِ الزِّنَا عَلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ فِي مَجْمُوعِهِ خَيَّرَ فَقَالَ يَا فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ أَوْ يَا عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ أَمَةِ اللَّهِ، وَيَقِفُ الْمُلَقِّنُ عِنْدَ رَأْسِ الْقَبْرِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَوَلَّاهُ أَهْلُ الدِّينِ وَالصَّلَاحِ مِنْ أَقْرِبَائِهِ وَإِلَّا فَمِنْ غَيْرِهِمْ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَا يُلَقَّنُ طِفْلٌ وَلَوْ مُرَاهِقًا وَمَجْنُونٌ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ تَكْلِيفٌ كَمَا قَيَّدَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ لِعَدَمِ افْتِتَانِهِمَا، وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ شَهِيدَ الْمَعْرَكَةِ كَمَا لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْغَالِبُ عَدَمُ تَيَسُّرِ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِهِ، وَإِنْ نَذَرَهُ لِمُعَيَّنٍ، بِخِلَافِ مَنْ أُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى شَخْصِهِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ عَادَةً إقَامَةُ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ فَإِنْ تَغَيَّرَتْ تَغَيُّرًا يَمْنَعُ مَعْرِفَةَ صُورَتِهِ لَوْ أُخْرِجَ لَمْ يُنْبَشْ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَتَنَازَعَا فِيهِ وَحَيْثُ لَمْ يُنْبَشْ وُقِفَ إلَى الصُّلْحِ (قَوْلُهُ: لَمْ تَلْزَمْهُمْ إجَابَتُهُ) أَيْ وَيَجُوزُ فَيُنْبَشُ لِإِخْرَاجِهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا بَعْدَ الْبِلَى) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَقِيلَ بِلَاهُ عِنْدَ أَهْلٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ مَنْ مَرَّ) أَيْ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ (قَوْلُهُ وَالصَّالِحِينَ) أَيْ وَالْعُلَمَاءِ اهـ. وَالْمُرَادُ بِعِمَارَةِ ذَلِكَ بِنَاءُ مَحَلِّ الْمَيِّتِ فَقَطْ لَا بِنَاءُ الْقِبَابِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ أَنْ تَقِفَ جَمَاعَةٌ) أَيْ قَدْرَ مَا يُنْحَرُ جَزُورٌ وَيُفَرَّقُ لَحْمُهَا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ وَاسْأَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ) أَيْ كَأَنْ يَقُولُوا: اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ، فَلَوْ أَتَوْا بِغَيْرِ ذَلِكَ كَالذِّكْرِ عَلَى الْقَبْرِ لَمْ يَكُونُوا آتِينَ بِالسُّنَّةِ وَإِنْ حَصَلَ لَهُمْ ثَوَابٌ عَلَى ذِكْرِهِمْ وَبَقِيَ إتْيَانُهُمْ بِهِ بَعْدَ سُؤَالِ التَّثْبِيتِ لَهُ هَلْ هُوَ مَطْلُوبٌ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَمِثْلُ الذِّكْرِ بِالْأَوْلَى الْأَذَانُ، فَلَوْ أَتَوْا بِهِ كَانُوا آتِينَ بِغَيْرِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: وَلَا يُلَقَّنُ طِفْلٌ) أَيْ لَا يُنْدَبُ تَلْقِينُهُ (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ شَهِيدَ الْمَعْرَكَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْأَلُ وَأَفَادَ اقْتِصَارُهُ عَلَيْهِ أَنَّ غَيْرَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُمْ نَبْشُهُ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُمْ النَّبْشُ بِطَلَبِ الَّذِي كَفَّنَ مِنْ الْوَرَثَةِ وَهَلْ يَجُوزُ لَهُمْ النَّبْشُ فِيهِ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِمَّا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى فَهْمِهِ أَنَّ هَذَا مَسْأَلَةٌ أُخْرَى (قَوْلُهُ: أَمَّا بَعْدَ الْبِلَى) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَقَبْلَ بِلَائِهِ فِيمَا مَرَّ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَنَبْشُهُ بَعْدَ بِلَائِهِ

وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَا يُسْأَلُونَ؛ لِأَنَّ غَيْرَ النَّبِيِّ يُسْأَلُ عَنْ النَّبِيِّ فَكَيْفَ يُسْأَلُ هُوَ عَنْ نَفْسِهِ (وَ) يُسَنُّ (لِجِيرَانِ أَهْلِهِ) وَلَوْ أَجَانِبَ وَأَقَارِبِهِ الْأَبَاعِدِ وَإِنْ كَانُوا بِغَيْرِ بَلَدِ الْمَيِّتِ وَمَعَارِفِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا جِيرَانًا كَمَا فِي الْأَنْوَارِ (تَهْيِئَةُ طَعَامٍ يُشْبِعُهُمْ يَوْمَهُمْ وَلَيْلَتَهُمْ) لِخَبَرِ «اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا فَقَدْ جَاءَهُمْ مَا يُشْغِلُهُمْ» وَلِأَنَّهُ بِرٌّ وَمَعْرُوفٌ، وَقَيَّدَ الْإِسْنَوِيُّ الْيَوْمَ وَاللَّيْلَةَ بِمَا إذَا مَاتَ أَوَائِلَهُ، وَإِلَّا ضَمَّ إلَيْهِ اللَّيْلَةَ الثَّانِيَةَ أَيْضًا لَا سِيَّمَا إذَا تَأَخَّرَ الدَّفْنُ عَلَى تِلْكَ اللَّيْلَةِ (وَيُلَحُّ عَلَيْهِمْ) نَدْبًا (فِي الْأَكْلِ) لِئَلَّا يَضْعُفُوا بِتَرْكِهِ، وَلَا بَأْسَ بِالْقَسَمِ عَلَيْهِمْ إذَا عَرَفَ أَنَّهُمْ يَبَرُّونَ قَسَمَهُ، وَيُكْرَهُ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ وَغَيْرِهِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَالْمُصَنِّفِ أَنَّهُ بِدْعَةٌ لِأَهْلِهِ صُنْعُ طَعَامٍ يَجْمَعُونَ النَّاسَ عَلَيْهِ قَبْلَ الدَّفْنِ وَبَعْدَهُ لِقَوْلِ جَرِيرٍ: كُنَّا نَعُدُّ ذَلِكَ مِنْ النِّيَاحَةِ، وَالذَّبْحُ وَالْعَقْرُ عِنْدَ الْقَبْرِ مَذْمُومٌ لِلنَّهْيِ (وَتَحْرُمُ تَهْيِئَتُهُ لِلنَّائِحَاتِ) وَنَحْوِهِنَّ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ الشُّهَدَاءِ يُسْأَلُ. وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: وَالسُّؤَالُ فِي الْقَبْرِ عَامٌّ لِكُلِّ مُكَلَّفٍ وَلَوْ شَهِيدًا إلَّا شَهِيدَ الْمَعْرَكَةِ، وَيُحْمَلُ الْقَوْلُ بِعَدَمِ سُؤَالِ الشُّهَدَاءِ وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ وَرَدَ الْخَبَرُ بِأَنَّهُمْ لَا يُسْأَلُونَ عَلَى عَدَمِ الْفِتْنَةِ فِي الْقَبْرِ خِلَافًا لِلْجَلَالِ السُّيُوطِيّ، وَقَوْلُهُ فِي الْقَبْرِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَقْبُورِ وَغَيْرِهِ فَيَشْمَلُ الْغَرِيقَ وَالْحَرِيقَ وَإِنْ سُحِقَ وَذُرِّيَ فِي الرِّيحِ وَمَنْ أَكَلَتْهُ السِّبَاعُ (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ لَا يُسْأَلُونَ) أَيْ فَلَا يُلَقَّنُونَ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ مِنْ أَنَّهُ يُدْعَى لَهُمْ بِمَا يُدْعَى بِهِ لِغَيْرِهِمْ أَنَّ الدُّعَاءَ لِلْأَنْبِيَاءِ بِالصَّلَاةِ مَطْلُوبٌ لِزِيَادَةِ الدَّرَجَةِ فَطَلَبُ الدُّعَاءِ لَهُمْ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ لِذَلِكَ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ التَّلْقِينِ تَذْكِيرُهُمْ بِمَا يُجِيبُونَ بِهِ السَّائِلَ لَهُمْ، وَذَلِكَ مُنْتَفٍ عَنْهُمْ (قَوْلُهُ: إذَا عَرَفَ أَنَّهُمْ يَبَرُّونَ قَسَمَهُ) أَيْ بِفَتْحِ الْبَاءِ مُضَارِعُ بَرِرَ بِالْكَسْرِ. قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: بَرِرْت وَالِدِي بِالْكَسْرِ بَرًّا فَأَنَا بَرٌّ بِهِ وَبَارٌّ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الدَّفْنِ وَبَعْدَهُ) وَمِنْهُ الْمَشْهُورُ بِالْوَحْشَةِ وَالْجُمَعِ الْمَعْلُومَةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَالذَّبْحُ وَالْعَقْرُ عِنْدَ الْقَبْرِ مَذْمُومٌ) أَيْ فَيَكُونُ مَكْرُوهًا. . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[كتاب الزكاة]

كِتَابُ الزَّكَاةِ هِيَ لُغَةً: التَّطْهِيرُ. وَشَرْعًا: اسْمٌ لِمَا يُخْرَجُ عَنْ مَالٍ أَوْ بَدَنٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، سُمِّيَ بِهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُطَهِّرُ الْمُخْرَجَ عَنْهُ عَنْ تَدْنِيسِهِ بِحَقِّ الْمُسْتَحَقِّينَ وَالْمُخْرِجَ عَنْ الْإِثْمِ، وَيُصْلِحُهُ وَيُنَمِّيهِ وَيَقِيهِ مِنْ الْآفَاتِ وَيَمْدَحُهُ، وَأَصْلُ وُجُوبِهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ» وَمِنْ ثَمَّ كَانَتْ أَحَدَ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ فَيَكْفُرُ جَاحِدُهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ أَوْ فِي الْقَدْرِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ دُونَ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ، ـــــــــــــــــــــــــــــS [كِتَابُ الزَّكَاةِ] ِ (قَوْلُهُ: هِيَ لُغَةً: التَّطْهِيرُ) أَيْ وَالْإِصْلَاحُ وَالنَّمَاءُ وَالْمَدْحُ اهـ حَجّ. وَلَعَلَّ اقْتِصَارَ الشَّارِحِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ أَنَّهُ أَنْسَبُ بِالْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيِّ؛ لِأَنَّ الْمَالَ الْمُخْرَجَ يُطَهِّرُ صَاحِبَهُ مِنْ الذُّنُوبِ، لَكِنْ مَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - سُمِّيَ بِهَا ذَلِكَ إلَخْ أَوْفَقَ بِكَلَامِ حَجّ (قَوْلُهُ: وَيَمْدَحُهُ) أَيْ عِنْدَ اللَّهِ (قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] قَالَ الزِّيَادِيُّ: الْأَصَحُّ أَنَّهَا مُجْمَلَةٌ لَمْ تَتَّضِحْ دَلَالَتُهَا لَا عَامَّةً وَلَا مُطْلَقَةً، وَكَذَا قَوْلُهُ {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103] اهـ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ لَمْ تَتَّضِحْ دَلَالَتُهَا: أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهَا حُكْمٌ إلَّا بَعْدَ بَيَانِ الْمُرَادِ مِنْهَا كَالْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي تَفْضِيلِهَا اهـ حَجّ بَعْدَ مَا ذَكَرَهُ زي وَيُشْكِلُ عَلَيْهَا آيَةُ الْبَيْعِ: أَيْ وَهِيَ قَوْلُهُ {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] فَإِنَّ الْأَظْهَرَ مِنْ أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ أَنَّهَا عَامَّةٌ مَخْصُوصَةٌ مَعَ اسْتِوَاءِ كُلٍّ مِنْ الْآيَتَيْنِ لَفْظًا، إذْ كُلُّ مُفْرَضٍ مُشْتَقٌّ وَاقْتَرَنَا بِأَلْ فَتَرْجِيحُ عُمُومِ تِلْكَ وَإِجْمَالُ هَذِهِ دَقِيقٌ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ حِلَّ الْبَيْعِ الَّذِي هُوَ مَنْطُوقُ الْآيَةِ مُوَافِقٌ لِأَصْلِ الْحِلِّ مُطْلَقًا، أَوْ بِشَرْطِ أَنَّ فِيهِ مَنْفَعَةً مُتَمَحِضَّةً، فَمَا حَرَّمَهُ الشَّرْعُ خَارِجٌ عَنْ الْأَصْلِ وَمَا لَمْ يُحَرِّمْهُ مُوَافِقٌ لَهُ فَعَمَلُنَا بِهِ، وَمَعَ هَذَيْنِ يَتَعَذَّرُ الْقَوْلُ بِالْإِجْمَالِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي لَمْ تَتَّضِحْ دَلَالَتُهُ عَلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ، وَالْحِلُّ قَدْ عُلِمَتْ دَلَالَتُهُ مِنْ غَيْرِ إبْهَامٍ فِيهَا فَوَجَبَ كَوْنُهُ مِنْ بَابِ الْعَامِّ الْمَعْمُولِ بِهِ قَبْلَ وُرُودِ الْمُخَصَّصِ لِإِفْصَاحِ دَلَالَتِهِ عَلَى مَعْنَاهُ. وَأَمَّا إيجَابُ الزَّكَاةِ الَّذِي هُوَ مَنْطُوقُ اللَّفْظِ فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْأَصْلِ لِتَضَمُّنِهِ أَخْذَ مَالِ الْغَيْرِ قَهْرًا عَلَيْهِ، وَهَذَا لَا يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِهِ قَبْلَ وُرُودِ بَيَانِهِ مَعَ إجْمَالِهِ فَصَدَقَ عَلَيْهِ حَدُّ الْمُجْمَلِ. وَيَدُلُّ لِذَلِكَ فِيهِمَا أَحَادِيثُ الْبَابَيْنِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتَنَى بِأَحَادِيثِ الْبُيُوعَاتِ الْفَاسِدَاتِ الرِّبَا وَغَيْرُهُ فَأَكْثَرَ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ لِبَيَانِهَا لِكَوْنِهَا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ لَا بِبَيَانِ الْبُيُوعَاتِ الصَّحِيحَةِ اكْتِفَاءً بِالْعَمَلِ فِيهَا بِالْأَصْلِ، وَفِي الزَّكَاةِ عَكْسُ ذَلِكَ فَاعْتَنَى بِبَيَانِ مَا يَجِبُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ الْأَصْلِ فَيَحْتَاجُ إلَى بَيَانِهِ لَا بِبَيَانِ مَا لَا يَجِبُ فِيهِ اكْتِفَاءً بِأَصْلِ عَدَمِ الْوُجُوبِ، وَمِنْ ثَمَّ طُولِبَ مَنْ ادَّعَى الزَّكَاةَ فِي نَحْوِ خَيْلٍ وَرَقِيقٍ بِالدَّلِيلِ (قَوْلُهُ: فَيَكْفُرُ جَاحِدُهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ) لِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ، فَمَنْ أَنْكَرَ أَصْلَهَا كَفَرَ، وَكَذَا بَعْضُ جُزْئِيَّاتِهَا الضَّرُورِيَّةِ حَجّ. وَمَعْنَى الْإِطْلَاقِ فِي الشَّارِحِ أَنَّهُ إذَا أَنْكَرَهَا فِي أَيِّ شَيْءٍ مِنْ الْأَمْوَالِ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا حَتَّى مَالِ الصَّبِيِّ كَفَرَ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِطْلَاقِ إنْكَارُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ مِنْ غَيْرِ تَعَلُّقٍ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَمْوَالِ، لَكِنَّ هَذَا وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فِي نَفْسِهِ لَا يُنَاسِبُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQكِتَابُ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ وَيُصْلِحُهُ) يَعْنِي الْمُخْرَجَ عَنْهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّارِحَ لَمْ يُمَهِّدْ لِهَذَا فِي الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ مَا يَحْسُنُ تَنْزِيلُهُ عَلَيْهِ، وَكَأَنَّ هُنَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ سَقْطًا مِنْ الْكَتَبَةِ، فَإِنَّ أَصْلَ الْعِبَارَةِ لِلْإِمْدَادِ وَلَفْظُهَا: وَهِيَ لُغَةً التَّطْهِيرُ، وَمِنْهُ {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس: 9] أَيْ طَهَّرَهَا عَنْ الْأَدْنَاسِ وَالْإِصْلَاحُ وَالنَّمَاءُ وَالْمَدْحُ وَمِنْهُ {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: 32] ، وَشَرْعًا إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي

[باب زكاة الحيوان]

كَوُجُوبِهَا فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَمَالِ التِّجَارَةِ، وَمَنْ جَهِلَهَا عُرِّفَ بِهَا، فَإِنْ جَحَدَهَا بَعْدَ ذَلِكَ كَفَرَ، وَيُقَاتَلُ الْمُمْتَنِعُ مِنْ أَدَائِهَا، وَتُؤْخَذُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ قَهْرًا كَمَا فَعَلَ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَفُرِضَتْ الزَّكَاةُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ بَعْدَ زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَتَجِبُ فِي ثَمَانِيَةِ أَمْوَالٍ كَمَا تُصْرَفُ لِثَمَانِيَةِ أَصْنَافٍ، وَلَمَّا كَانَتْ الْأَنْعَامُ أَكْثَرَ أَمْوَالِ الْعَرَبِ، وَالْإِبِلُ أَشْرَفَهَا بَدَأَ بِهَا اقْتِدَاءً بِكِتَابِ الصِّدِّيقِ الْآتِي، فَقَالَ: بَابُ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ وَلِزَكَاةِ الْحَيَوَانِ شُرُوطٌ خَمْسَةٌ: الْأَوَّلُ النَّعَمُ كَمَا قَالَ (إنَّمَا تَجِبُ) الزَّكَاةُ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْحَيَوَانِ (فِي النَّعَمِ) بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ (وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ) الْإِنْسِيَّةُ. سُمِّيَتْ نَعَمًا لِكَثْرَةِ نِعَمِ اللَّهِ فِيهَا عَلَى خَلْقِهِ؛ لِأَنَّهَا تُتَّخَذُ لِلنَّمَاءِ غَالِبًا لِكَثْرَةِ مَنَافِعِهَا، وَالنَّعَمُ اسْمُ جَمْعٍ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، وَجَمْعُهُ أَنْعَامٌ وَجَمْعُ أَنْعَامٍ أَنَاعِمُ، وَأَفَادَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَهُوَ الْأَقْرَبُ بَلْ هُوَ بِالِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ أَوْفَقُ (قَوْلُهُ كَوُجُوبِهَا فِي مَالِ الصَّبِيِّ) مِثَالٌ لِلْمُخْتَلَفِ فِيهِ (قَوْلُهُ بَعْدَ زَكَاةِ الْفِطْرِ) اُنْظُرْ فِي أَيِّ وَقْتٍ. (بَابُ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ) (قَوْلُهُ: زَكَاةُ الْحَيَوَانِ) [تَنْبِيهٌ] أَبْدَلَ شَيْخُنَا الْحَيَوَانَ بِالْمَاشِيَةِ، وَذَكَرَ مَا يُصَرِّحُ بِأَنَّهَا أَعَمُّ مِنْ النَّعَمِ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ حُكْمًا وَإِبْدَالًا فَاَلَّذِي فِي الْقَامُوسِ أَنَّهَا الْإِبِلُ وَالْغَنَمُ، وَفِي النِّهَايَةِ أَنَّهَا الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ، فَهِيَ أَخَصُّ مِنْ النَّعَمِ أَوْ مُسَاوِيَةٌ لَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْمَتْنِ إنْ اتَّحَدَ نَوْعُ الْمَاشِيَةِ، وَقَوْلُهُ وَلِوُجُوبِ زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ إلَخْ اهـ. أَقُولُ: يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ كَلَامِ الشَّيْخِ بِأَنَّهَا أَعَمُّ عُرْفًا، وَقَوْلُ حَجّ: وَهِيَ أَخَصُّ مِنْ النَّعَمِ أَوْ مُسَاوِيَةٌ لَهُ، ظَاهِرٌ فِي أَنَّ النَّعَمَ اسْمٌ لِلْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ اتِّفَاقًا، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمِصْبَاحِ وَعِبَارَتُهُ: النَّعَمُ الْمَالُ الرَّاعِي، وَهُوَ جَمْعٌ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، وَأَكْثَرُ مَا يَقَعُ عَلَى الْإِبِلِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: النَّعَمُ الْإِبِلُ فَقَطْ وَيُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، وَجَمْعُهُ نُعْمَانٌ مِثْلُ جَمَلٍ وَجُمْلَانٌ وَأَنْعَامٌ أَيْضًا، وَقِيلَ النَّعَمُ الْإِبِلُ خَاصَّةً، وَالْأَنْعَامُ ذَوَاتُ الْخُفِّ وَالظِّلْفِ وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ، وَقِيلَ تُطْلَقُ الْأَنْعَامُ عَلَى هَذِهِ الثَّلَاثِ، فَإِذَا انْفَرَدَتْ الْإِبِلُ فَهِيَ نَعَمٌ، وَإِذَا انْفَرَدَتْ الْبَقَرُ وَالْغَنَمُ لَمْ تُسَمَّ نَعَمًا (قَوْلُهُ: خَمْسَةٌ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ أَرْبَعَةٌ، وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ عَدِّهَا خَمْسَةً؛ لِأَنَّ الشَّارِحَ جَعَلَ مُضِيَّ الْحَوْلِ شَرْطًا وَبَقَاءَهَا فِي مِلْكِهِ إلَى تَمَامِهِ شَرْطًا آخَرَ وَالْمَنْهَجُ جَعَلَ مَجْمُوعَهُمَا شَرْطًا وَاحِدًا حَيْثُ قَالَ: وَثَالِثُهَا مُضِيُّ حَوْلٍ فِي مِلْكِهِ (قَوْلُهُ: اسْمُ جَمْعٍ إلَخْ) وَإِنَّمَا كَانَ الْإِبِلُ وَالنَّعَمُ اسْمَيْ جَمْعٍ وَالْبَقَرُ اسْمَ جِنْسٍ؛ لِأَنَّ الْبَقَرَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْ لَفْظِهِ بِخِلَافِ النَّعَمِ وَالْإِبِلِ، وَفِي شَرْحِ التَّوْضِيحِ: أَنَّ الْكَلِمَ اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٍّ وَلَيْسَ جَمْعًا لِعَدَمِ غَلَبَةِ التَّأْنِيثِ عَلَيْهِ، وَالْجَمْعُ يَغْلِبُ عَلَيْهِ التَّأْنِيثُ وَلَا اسْمَ جَمْعٍ لَهُ؛ لِأَنَّ لَهُ وَاحِدًا مِنْ لَفْظِهِ وَهُوَ كَلِمَةٌ، بِخِلَافِ اسْمِ الْجَمْعِ فَإِنَّهُ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، وَمُقْتَضَى هَذَا الْفَرْقِ أَنْ يَكُونَ الْغَنَمُ اسْمَ جَمْعٍ. وَفِي الْمُخْتَارِ: الْغَنَمُ اسْمٌ مُؤَنَّثٌ مَوْضُوعٌ لِلْجِنْسِ يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَعَلَيْهِمَا جَمِيعًا، وَإِذَا صَغَّرْتهَا أَلْحَقْتهَا التَّاءَ فَقُلْت غُنَيْمَةٌ؛ لِأَنَّ أَسْمَاءَ الْجُمُوعِ الَّتِي لَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا إذَا كَانَتْ فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّينَ فَالتَّأْنِيثُ لَهَا لَازِمٌ اهـ. وَهُوَ قَدْ يُشْعِرُ بِأَنَّ قَوْلَهُ مَوْضُوعٌ لِلْجِنْسِ مُرَادُهُ مِنْهُ أَنَّهُ يَقَعُ عَلَى الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ مَعَ كَوْنِهِ اسْمَ جَمْعٍ عَلَى مَا تُصَرِّحُ بِهِ عِبَارَتُهُ آخِرًا حَيْثُ قَالَ لِأَنَّ أَسْمَاءَ الْجُمُوعِ إلَخْ (قَوْلُهُ: يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ) أَيْ بِرُجُوعِ الضَّمِيرِ عَلَيْهِ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ اقْتِدَاءً بِكِتَابِ الصِّدِّيقِ) أَيْ الْمُقَدِّمِ لَهَا لِلْعِلَّةِ الْمَارَّةِ، وَكَانَ الْأَوْلَى عَطْفَ هَذَا عَلَيْهَا كَمَا صَنَعَ غَيْرُهُ [بَابُ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ] [الشَّرْطُ الْأَوَّلُ النَّعَم] (قَوْلُهُ: يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ) أَيْ مَعْنًى لَا لَفْظًا

بِذِكْرِ النَّعَمِ صِحَّةَ تَسْمِيَةِ الثَّلَاثِ نَعَمًا، وَالْإِبِلُ اسْمُ جَمْعٍ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، وَيَجُوزُ تَسْكِينُ بَائِهِ لِلتَّخْفِيفِ، وَالْبَقَرُ اسْمُ جِنْسٍ الْوَاحِدُ مِنْهُ بَقَرَةٌ، وَالْغَنَمُ اسْمُ جِنْسٍ أَيْضًا يُطْلَقُ عَلَى الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَلَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ (لَا الْخَيْلَ) مُؤَنَّثٌ يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَهُوَ اسْمُ جَمْعٍ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، سُمِّيَتْ خَيْلًا لِاخْتِيَالِهَا فِي مَشْيِهَا (وَ) لَا (الرَّقِيقَ) يُطْلَقُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ وَالذَّكَرِ وَغَيْرِهِ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ» أَيْ مَا لَمْ يَكُونَا لِلتِّجَارَةِ كَمَا سَيَأْتِي (وَ) لَا (الْمُتَوَلِّدَ مِنْ غَنَمٍ وَظِبَاءٍ) لِعَدَمِ تَسْمِيَتِهَا غَنَمًا وَلِهَذَا لَمْ يُكْتَفَ بِهَا فِي الْأُضْحِيَّةِ، وَكَذَا مُتَوَلِّدٌ بَيْنَ زَكَوِيٍّ وَغَيْرِهِ عَمَلًا بِالْقَاعِدَةِ السَّابِقَةِ أَنَّ الْفَرْعَ يَتَّبِعُ أَخَفَّ أَصْلَيْهِ فِي عَدَمِ وُجُوبِهَا، وَلَا يُنَافِيهِ إيجَابُ الْجَزَاءِ عَلَى الْمُحْرِمِ بِقَتْلِهِ لِلِاحْتِيَاطِ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ مُوَاسَاةٌ فَنَاسَبَهَا التَّخْفِيفُ وَالْجَزَاءَ غَرَامَةُ الْمُتَعَدِّي فَنَاسَبَهُ التَّغْلِيظُ. أَمَّا الْمُتَوَلِّدُ مِنْ نَحْوِ إبِلٍ وَبَقَرٍ فَتَجِبُ فِيهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ: يَنْبَغِي الْقَطْعُ بِهِ، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ أَنَّهُ يُزَكَّى زَكَاةَ أَخَفِّهِمَا. فَالْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ إبِلٍ وَبَقَرٍ يُزَكَّى زَكَاةَ الْبَقَرِ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ، وَالظِّبَاءُ بِالْمَدِّ جَمْعُ ظَبْيٍ وَهُوَ الْغَزَالُ. ثُمَّ أَشَارَ لِلشَّرْطِ الثَّانِي وَهُوَ النِّصَابُ، فَقَالَ (وَلَا شَيْءَ فِي الْإِبِلِ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسًا فَفِيهَا شَاةٌ) وَلَوْ ذَكَرًا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ صَدَقَةٌ» وَإِيجَابُ الْغَنَمِ فِي الْإِبِلِ عَلَى خِلَافِ الْقَاعِدَةِ رِفْقًا بِالْفَرِيقَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ لَأَضَرَّ أَرْبَابَ الْأَمْوَالِ، وَلَوْ وَجَبَ جُزْءٌ لَأَضَرَّ بِالْفَرِيقَيْنِ بِالتَّشْقِيصِ (وَفِي عَشْرٍ شَاتَانِ) يَعْنِي فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ (وَ) فِي (فِي خَمْسَ عَشْرَةَ ثَلَاثٌ وَ) فِي (عِشْرِينَ أَرْبَعٌ وَ) فِي (خَمْسٍ وَعِشْرِينَ بِنْتُ مَخَاضٍ وَ) فِي (سِتٍّ وَثَلَاثِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَ) فِي (سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ حِقَّةٌ وَ) فِي (إحْدَى وَسِتِّينَ جَذَعَةٌ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ (وَ) فِي (سِتٍّ وَسَبْعِينَ بِنْتَا لَبُونٍ وَ) فِي (إحْدَى وَتِسْعِينَ حِقَّتَانِ وَ) فِي (مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ ثُمَّ) فِي (كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَ) فِي (كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ) . لِمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَتَبَ لَهُ هَذَا الْكِتَابَ لَمَّا وَجَّهَهُ إلَى الْبَحْرَيْنِ عَلَى الزَّكَاةِ " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَاَلَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ، فَمَنْ سُئِلَهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا، وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَهَا فَلَا يُعْطِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSوَأَسْمَاءُ الْجُمُوعِ الَّتِي لَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا إذَا كَانَتْ لِغَيْرِ الْآدَمِيِّ لَزِمَهَا التَّأْنِيثُ اهـ. وَمَعَ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ (قَوْلُهُ: يُزَكَّى زَكَاةَ الْبَقَرِ) هَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُكَمَّلُ بِهِ نِصَابُ الْبَقَرِ إذَا نَقَصَ فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَهَا مُطْلَقًا، أَوْ الْمُرَادُ أَنَّهُ كَالْبَقَرِ فِي الْعَدَدِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ إلَّا إذَا بَلَغَ ثَلَاثِينَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَيُعْتَبَرُ بِأَخَفِّهِمَا عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ، لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَدَدِ لَا لِلسِّنِّ كَأَرْبَعِينَ مُتَوَلِّدَةً بَيْنَ ضَأْنٍ وَمَعْزٍ فَيُعْتَبَرُ بِالْأَكْثَرِ، كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَعِبَارَتُهُ: ثُمَّ كَمَا يَأْتِي فِي الْأُضْحِيَّةِ فَلَا يُخْرِجُ هُنَا إلَّا مَا لَهُ سَنَتَانِ اهـ. وَالْمُتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّهُ جِنْسٌ مُسْتَقِلٌّ فَلَا يُكَمَّلُ بِهِ أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ: جَمْعُ ظَبْيٍ وَهُوَ الْغَزَالُ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْغَزَالُ كَسَحَابِ الشَّادِنِ: أَيْ الْقَوِيُّ حَيْثُ يَتَحَرَّكُ وَيَمْشِي، أَوْ مِنْ حِينِ يُولَدُ إلَى أَنْ يَبْلُغَ أَشُدَّ الْإِحْضَارِ جَمْعُهُ غِزْلَةٌ وَغِزْلَانٌ بِكَسْرِهِمَا، وَقَالَ فِي مَادَّةِ شَدَنَ: شَدَنَ الظَّبْيُ وَجَمِيعُ وَلَدِ الْخُفِّ وَالظِّلْفِ وَالْحَافِرِ شُدُونًا قَوِيَ وَاسْتَغْنَى عَنْ أُمِّهِ اهـ (قَوْلُهُ: لَمَّا وَجَّهَهُ إلَى الْبَحْرَيْنِ) هِيَ بِلَفْظِ التَّثْنِيَةِ اسْمٌ لِإِقْلِيمٍ مَخْصُوصٍ مِنْ الْيَمَنِ وَقَاعِدَتُهُ هَجَرٌ (قَوْلُهُ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) أَيْ وَصُورَةُ الْكِتَابِ بِسْمِ اللَّهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) قَدَّمَهُ عَلَى مَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَاَلَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ الْمُشْتَمِلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَفَادَ بِذِكْرِ النَّعَمِ صِحَّةَ تَسْمِيَةِ الثَّلَاثَةِ نَعَمًا) أَيْ فَهَذَا نُكْتَةُ ذِكْرِ الْمُصَنِّفِ لَهُ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: فِي عَدَمِ وُجُوبِهَا) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي كَلَامِهِ. وَأَمَّا وُجُوبُ الْأَخَفِّ فِيمَا إذَا كَانَا زَكَوِيَّيْنِ فَلَيْسَ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ بِدَلِيلِ مَا سَيَأْتِي مِنْ بَحْثِ الشَّارِعِ لَهُ تَبَعًا لِلْعِرَاقِيِّ.

[الشرط الثاني النصاب]

فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ فَمَا دُونَهَا الْغَنَمُ فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ. فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ إلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ أُنْثَى، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَثَلَاثِينَ إلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ أُنْثَى، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ إلَى سِتِّينَ فَفِيهَا حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْجَمَلِ، فَإِذَا بَلَغَتْ وَاحِدَةً وَسِتِّينَ إلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ فَفِيهَا جَذَعَةٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَسَبْعِينَ إلَى تِسْعِينَ فَفِيهَا بِنْتَا لَبُونٍ، فَإِذَا بَلَغَتْ إحْدَى وَتِسْعِينَ إلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِيهَا حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الْجَمَلِ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ ". وَفِيهِ زِيَادَةٌ يَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهَا فِي مَحَالِّهَا، إذْ الصَّحِيحُ جَوَازُ تَفْرِيقِ الْحَدِيثِ إذَا لَمْ يَخْتَلَّ بِهِ الْمَعْنَى، وَقَوْلُهُ: فَرَضَ: أَيْ قَدَّرَ، وَقِيلَ أَوْجَبَ، وَقَوْلُهُ فَلَا يُعْطِ: أَيْ الزَّائِدَ بَلْ الْوَاجِبَ فَقَطْ، وَتَقْيِيدُ بِنْتِ الْمَخَاضِ بِالْأُنْثَى وَابْنِ اللَّبُونِ بِالذَّكَرِ تَأْكِيدًا كَمَا يُقَالُ رَأَيْت بِعَيْنَيَّ وَسَمِعْت بِأُذُنَيَّ، وَإِنَّمَا لَمْ تُجْعَلْ بَعْضُ الْوَاحِدَةِ كَالْوَاحِدَةِ دُونَ الْأَشْقَاصِ، وَفِي أَبِي دَاوُد التَّصْرِيحُ بِالْوَاحِدَةِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ فَهِيَ مُقَيِّدَةٌ خَبَرَ أَنَسٍ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: ثُمَّ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ إلَى آخِرِهِ مُرَادُهُ بِهِ أَنَّ الْوَاجِبَ يَتَغَيَّرُ بِزِيَادَةِ تِسْعٍ، ثُمَّ بِزِيَادَةِ عَشْرٍ لِأَنَّ اسْتِقَامَةَ الْحِسَابِ بِذَلِكَ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ، وَلَوْ أَخْرَجَ بِنْتَيْ لَبُونٍ بَدَلًا مِنْ الْحِقَّةِ فِي سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ، أَوْ أَخْرَجَ حِقَّتَيْنِ أَوْ بِنْتَيْ لَبُونٍ بَدَلًا عَنْ الْجَذَعَةِ فِي إحْدَى وَسِتِّينَ جَارٍ عَلَى الصَّحِيحِ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّهُمَا يَجْزِيَانِ عَمَّا زَادَ (وَبِنْتُ الْمَخَاضِ لَهَا سَنَةٌ) وَطَعَنَتْ فِي الثَّانِيَةِ. سُمِّيَتْ بِهِ؛ لِأَنَّ أُمَّهَا بَعْدَ سَنَةٍ مِنْ وِلَادَتِهَا آنَ لَهَا أَنْ تَحْمِلَ مَرَّةً أُخْرَى فَتَصِيرَ مِنْ الْمَخَاضِ: أَيْ الْحَوَامِلِ (وَاللَّبُونُ سَنَتَانِ) وَطَعَنَتْ فِي الثَّالِثَةِ. سُمِّيَتْ بِهِ؛ لِأَنَّ أُمَّهَا آنَ لَهَا أَنْ تَلِدَ فَتَصِيرَ لَبُونًا (وَالْحِقَّةُ) لَهَا (ثَلَاثٌ) وَطَعَنَتْ فِي الرَّابِعَةِ سُمِّيَتْ بِهِ لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْ أَنْ تُرْكَبَ وَيُجْعَلَ عَلَيْهَا؛ وَلِأَنَّهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى بَيَانِ الْأَنْوَاعِ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا، وَقَدَّرَ الْمُخْرَجَ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ الَّذِي بَيَّنَهَا وَأَمْرُهُ تَعَالَى مُجْمَلٌ حَيْثُ قَالَ {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} [التوبة: 103] الْآيَةَ. [فَائِدَةٌ] ذَكَرَ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ بْنُ عَطَاءِ اللَّهِ فِي التَّنْوِيرِ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ الزَّكَاةَ؛ لِأَنَّهُمْ لَا مِلْكَ لَهُمْ مَعَ اللَّهِ، وَإِنَّمَا كَانُوا يَشْهَدُونَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ وَدَائِعَ لَهُمْ يَبْذُلُونَهُ فِي أَوَانِ بَذْلِهِ وَيَمْنَعُونَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ إنَّمَا هِيَ طُهْرَةٌ لِمَا عَسَاهُ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ، وَالْأَنْبِيَاءُ مُبَرَّءُونَ مِنْ الدَّنَسِ لِعِصْمَتِهِمْ اهـ سُيُوطِيٌّ فِي الْخَصَائِصِ الصُّغْرَى، لَكِنْ قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِهَا مَا نَصُّهُ: وَهَذَا كَمَا تَرَاهُ بَنَاهُ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ عَلَى مَذْهَبِ إمَامِهِ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ خِلَافُهُ اهـ. وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ فَتَاوَى الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ الْقَوْلُ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: تَأْكِيدًا كَمَا يُقَالُ إلَخْ) أَوْلَى مِنْهُ إفَادَةُ دَفْعِ تَوَهُّمِ شُمُولِهِ الذِّكْرَ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الِابْنِ وَالْبِنْتِ قَدْ يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الْوَلَدِ كَمَا فِي بِنْتِ عِرْسٍ وَابْنِ آوَى؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا اسْمٌ لِنَوْعٍ مَخْصُوصٍ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا يُجْزِيَانِ عَمَّا زَادَ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ بِنْتَيْ مَخَاضٍ عَنْ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ بِنْتَيْ الْمَخَاضِ لَا تَجِبَانِ فِي عَدَدٍ مَا (قَوْلُهُ: فَتَصِيرُ مِنْ الْمَخَاضِ) أَيْ الْحَوَامِلِ. أَيْ وَعَلَيْهِ فَالْمَخَاضُ فِي قَوْلِهِمْ بِنْتُ مَخَاضٍ إمَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ الْجِنْسُ أَوْ فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ بِنْتُ نَاقَةٍ مِنْ الْمَخَاضِ، وَإِلَّا فَالْقِيَاسُ بِنْتُ مَاخِضٍ: أَيْ حَامِلٍ. وَفِي الْمُخْتَارِ: وَالْمَخَاضُ بِالْفَتْحِ وَجَعُ الْوِلَادَةِ، وَقَدْ مَخِضَتْ الْحَامِلُ بِالْكَسْرِ مَخَاضًا: أَيْ ضَرَبَهَا الطَّلْقُ فَهِيَ مَاخِضٌ، وَالْمَخَاضُ أَيْضًا: الْحَوَامِلُ مِنْ النُّوقِ اهـ. وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْمَخَاضَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ وَجَعِ الْوِلَادَةِ وَبَيْنَ الْحَوَامِلِ مِنْ النُّوقِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الشَّرْطِ الثَّانِي النِّصَابُ] قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ تُجْعَلْ بَعْضُ الْوَاحِدَةِ كَالْوَاحِدَةِ) أَيْ فَيُقَالُ مَتَى زَادَتْ فِي النِّصَابِ الْأَوَّلِ عَنْ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ وَلَوْ بِجُزْءٍ وَاحِدَةٍ تَجِبُ بِنْتُ لَبُونٍ (قَوْلُهُ: التَّصْرِيحُ بِالْوَاحِدَةِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ

اسْتَحَقَّتْ أَنْ يَطْرُقَهَا الْفَحْلُ وَاسْتَحَقَّ الْفَحْلُ أَنْ يَطْرُقَ وَالْجَذَعَةُ لَهَا (أَرْبَعٌ) وَطَعَنَتْ فِي الْخَامِسَةِ. سُمِّيَتْ بِهِ لِأَنَّهَا أَجْذَعَتْ مُقَدِّمَ أَسْنَانِهَا: أَيْ أَسْقَطَتْهُ، وَقِيلَ لِتَكَامُلِ أَسْنَانِهَا، وَقِيلَ؛ لِأَنَّ أَسْنَانَهَا لَا تَسْقُطُ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ غَرِيبٌ، وَهَذَا آخِرُ أَسْنَانِ الزَّكَاةِ، وَاعْتُبِرَ فِي الْجَمِيعِ الْأُنُوثَةُ لِمَا فِيهَا مِنْ رِفْقِ الدَّرِّ وَالنَّسْلِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا فِي الْأَسْنَانِ الْمَذْكُورَةِ فِي النَّعَمِ أَنَّهَا لِلتَّحْدِيدِ، وَتُفَارِقُ مَا سَيَأْتِي فِي السَّلَمِ مِنْ السِّنِّ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ يَكُونُ عَلَى التَّقْرِيبِ بِأَنَّ الْغَالِبَ فِي السَّلَمِ إنَّمَا يَكُونُ فِي غَيْرِ مَوْجُودٍ، فَلَوْ كَلَّفْنَاهُ التَّحْدِيدَ لَتَعَسَّرَ، وَالزَّكَاةُ تَجِبُ فِي سِنٍّ اسْتَنْتَجَهُ هُوَ غَالِبًا، وَهُوَ عَارِفٌ بِسِنِّهِ فَلَا يَشُقُّ إيجَابُ ذَلِكَ عَلَيْهِ (وَالشَّاةُ) الْوَاجِبَةُ فِيمَا دُونَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ (جَذَعَةُ ضَأْنٍ لَهَا سَنَةٌ) وَدَخَلَتْ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ أَجْذَعَتْ قَبْلَهَا، كَمَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْأُضْحِيَّةِ تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ كَمَا لَوْ تَمَّتْ السَّنَةُ قَبْلَ إجْذَاعِهَا (وَقِيلَ) لَهَا (سِتَّةُ أَشْهُرٍ أَوْ ثَنِيَّةُ مَعْزٍ لَهَا سَنَتَانِ) وَدَخَلَتْ فِي الثَّالِثَةِ (وَقِيلَ سَنَةٌ) وَجْهُ عَدَمِ إجْزَاءِ مَا دُونَ هَذِهِ السِّنِينَ الْإِجْمَاعُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَهُمَا) أَيْ الْجَذَعَةِ وَالثَّنِيَّةِ (وَلَا يَتَعَيَّنُ غَالِبُ غَنَمِ الْبَلَدِ) أَيْ بَلَدِ الْمَالِ بَلْ يُجْزِي أَيُّ غَنَمٍ فِيهِ لِخَبَرِ «فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ» وَالشَّاةُ تُطْلَقُ عَلَى الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ، لَكِنْ لَا يَجُوزُ لَهُ الِانْتِقَالُ إلَى غَنَمِ بَلَدٍ آخَرَ إلَّا لِمِثْلِهَا فِي الْقِيمَةِ أَوْ أَعْلَى مِنْهَا، وَقَضِيَّتُهُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ عَدَمُ بَقَاءِ التَّخْيِيرِ عَلَى حَالِهِ فِيمَا إذَا كَانَتْ غَنَمُ الْبَلَدِ كُلُّهَا ضَأْنِيَّةً، وَهِيَ أَعْلَى قِيمَةً مِنْ الْمَعْزِ، وَيَتَعَيَّنُ الضَّأْنُ وَعَدَمُ جَوَازِ إخْرَاجِ الْمَعْزِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ ـــــــــــــــــــــــــــــS [فَائِدَةٌ] قَالَ الْعَلْقَمِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عِنْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً» وَسَبَبُهُ كَمَا فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سِنٌّ مِنْ الْإِبِلِ» وَهُوَ حُوَارٌ ثُمَّ بَعْدَ فَصْلِهِ مِنْ أُمِّهِ فَصِيلٌ ثُمَّ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ ابْنُ مَخَاضٍ وَبِنْتُ مَخَاضٍ وَفِي الثَّالِثَةِ ابْنُ لَبُونٍ وَبِنْتُ لَبُونٍ وَفِي الرَّابِعَةِ حِقٌّ وَحِقَّةٌ وَفِي الْخَامِسَةِ جَذَعٌ وَجَذَعَةٌ وَفِي السَّادِسَةِ ثَنِيٌّ وَثَنِيَّةٌ وَفِي السَّابِعَةِ رُبَاعِيٌّ وَرَبَاعِيَةٌ وَفِي الثَّامِنَةِ سُدُسٌ وَسَدِيسَةٌ وَفِي التَّاسِعَةِ بَازِلٌ وَفِي الْعَاشِرِ مُخْلِفٌ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت مِثْلَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَضَبْطُ حُوَارٌ بِضَمِّ الْحَاءِ وَبِالرَّاءِ رَبَاعٌ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسَدَسٌ بِفَتْحِ السِّينِ وَالدَّالِ وَمُخْلِفٌ بِضَمِّ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَزَادَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْعَلْقَمِيُّ: ثُمَّ لَا يَخْتَصُّ هَذَانِ: أَيْ بَازِلٌ وَمُخْلِفٌ بِاسْمٍ بَلْ يُقَالُ بَازِلُ عَامٍ وَبَازِلُ عَامَيْنِ فَأَكْثَرَ وَمُخْلِفُ عَامٍ وَمُخْلِفُ عَامَيْنِ فَأَكْثَرَ، فَإِذَا كَبِرَ: أَيْ بِأَنْ جَاوَزَ الْخَمْسَ سِنِينَ بَعْدَ الْعَاشِرَةِ كَمَا فِي الدَّمِيرِيِّ فَهُوَ عَوْدٌ وَعَوْدَةٌ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَإِسْكَانِ الْوَاوِ، فَإِذَا هَرِمَ فَالذَّكَرُ قَحِمٌ بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْأُنْثَى نَابٌ وَشَارِفٌ اهـ. وَقَوْلُ شَرْحِ الرَّوْضِ ثُمَّ لَا يَخْتَصُّ هَذَانِ بِاسْمٍ: أَيْ لَا يَخْتَصُّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِعَدَدٍ مِنْ السِّنِينَ بِحَيْثُ لَا يُطْلَقُ عَلَى مَا زَادَ عَلَيْهِ بَلْ الْبَازِلُ اسْمٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ التِّسْعِ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا، وَبَيْنَ الْمُرَادِ بِالْإِضَافَةِ فَيُقَالُ بَازِلُ عَامٍ وَبَازِلُ عَامَيْنِ، وَهَكَذَا فَهُوَ أَطْلَقَ الْبَازِلَ مِنْ غَيْرِ إضَافَةٍ لَمْ يُفْهَمْ مِنْهُ عَدَدٌ بِعَيْنِهِ اهـ. وَفِي الصِّحَاحِ: الْعَوْدُ الْمُسِنُّ مِنْ الْإِبِلِ، وَهُوَ الَّذِي قَدْ جَاوَزَ فِي السِّنِّ الْبَازِلَ وَالْمُخْلِفَ (قَوْلُهُ: وَاسْتَحَقَّ الْفَحْلُ أَنْ يُطْرَقَ) أَيْ وَسُمِّيَ الْفَحْلُ حِقًّا؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ أَنْ يُطْرَقَ: أَيْ وَأَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَالْجَذَعَةُ لَهَا أَرْبَعٌ) كَامِلَةٌ؛ لِأَنَّهَا تُجْذِعُ مُقَدَّمَ أَسْنَانِهَا: أَيْ تُسْقِطُهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ هُنَا بِالْإِجْذَاعِ قَبْلَ تَمَامِ الْأَرْبَعِ وَحِينَئِذٍ فَيُشْكِلُ بِمَا يَأْتِي فِي جَذَعَةِ الضَّأْنِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْقَصْدَ ثُمَّ بُلُوغُهَا وَهُوَ يَحْصُلُ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ الْإِجْذَاعُ وَبُلُوغُ السَّنَةِ وَهَذَا غَايَةُ كَمَالِهَا، وَهُوَ لَا يَتِمُّ إلَّا بِتَمَامِ الْأَرْبَعِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ، وَهَذَا آخِرُ أَسْنَانِ الزَّكَاةِ إلَخْ اهـ حَجّ. وَمَا ذَكَرَهُ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَطَعَنَتْ إلَخْ مَعَ قَوْلِهِ: لِأَنَّهَا أَجُذِعَتْ، إذْ الظَّاهِرُ مِنْهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِاسْتِكْمَالِ الْأَرْبَعِ، وَأَنَّ الْإِجْذَاعَ حِكْمَةٌ لِلتَّسْمِيَةِ (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ جَوَازِ إخْرَاجِ الْمَعْزِ إلَخْ) وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَجْهُ عَدَمِ إجْزَاءِ مَا دُونَ هَذِهِ السِّنِينَ إلَخْ) الْوَجْهُ أَنْ يَقُولَ وَدَلِيلُ عَدَمِ إجْزَاءِ إلَخْ

يَتَعَيَّنُ الْغَالِبُ: أَيْ إذَا كَانَ أَعْلَى، وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بَدَلَ الْأَصَحِّ بِالصَّحِيحِ ، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُخْرَجِ صَحِيحًا وَإِنْ كَانَتْ إبِلُهُ مَرْضَى، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ كَامِلًا كَمَا فِي الصِّحَاحِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْغَنَمِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ هُنَا فِي الذِّمَّةِ وَثَمَّ فِي الْمَالِ، وَهَذَا مَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَهَلْ الشَّاةُ الْمُخْرَجَةُ عَنْ الْإِبِلِ أَصْلٌ أَوْ بَدَلٌ ظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ الثَّانِي وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ كَمَا فِي الْمُخْرَجَةِ عَنْ الْغَنَمِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ يُجْزِي الذَّكَرُ) أَيْ الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ أَوْ الْأُنْثَى مِنْ الْمَعْزِ كَالْأُضْحِيَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِبِلُ إنَاثًا لَصَدَقَ اسْمُ الشَّاةِ عَلَيْهِ، وَالثَّانِي لَا يُجْزِي نَظَرًا لِفَوَاتِ الدَّرِّ وَالنَّسْلِ فِي الذَّكَرِ (وَكَذَا) يُجْزِي (بَعِيرُ الزَّكَاةِ عَمَّا دُونَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ) فِي الْأَصَحِّ عِوَضًا عَنْ الشِّيَاهِ اتَّحَدَتْ أَوْ تَعَدَّدَتْ وَإِنْ لَمْ يُسَاوِ قِيمَتَهَا لِإِجْزَائِهِ عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَمَا دُونَهَا أَوْلَى. وَالثَّانِي لَا يُجْزِي بَلْ لَا بُدَّ فِي كُلِّ خَمْسٍ مِنْ حَيَوَانٍ، وَتَعْبِيرُهُ بِبَعِيرِ الزَّكَاةِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَأَفَادَ بِإِضَافَتِهِ إلَيْهَا اعْتِبَارَ كَوْنِهِ أُنْثَى بِنْتَ مَخَاضٍ فَمَا فَوْقَهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَكَوْنُهُ مُجْزِئًا عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، فَلَوْ لَمْ يُجْزِ عَنْهَا لَمْ يُقْبَلْ هُنَا، وَهَلْ يَقَعُ فِيمَا لَوْ أَخْرَجَهُ عَمَّا دُونَهَا كُلَّهُ فَرْضًا أَوْ بَعْضَهُ كَخَمْسَةٍ عَنْ خَمْسَةٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ يَجْرِيَانِ فِيهَا لَوْ ذَبَحَ الْمُتَمَتِّعُ بَدَنَةً أَوْ بَقَرَةً بَدَلَ الشَّاةِ هَلْ تَقَعُ كُلُّهَا فَرْضًا أَوْ سُبُعُهَا، وَفِيمَنْ مَسَحَ رَأْسَهُ فِي وُضُوئِهِ أَوْ أَطَالَ رُكُوعَهُ أَوْ سُجُودَهُ فَوْقَ الْوَاجِبِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَأَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي بَعِيرِ الزَّكَاةِ وَنَحْوِهِ بِوُقُوعِ الْجَمِيعِ فَرْضًا، وَفِي مَسْحِ جَمِيعِ الرَّأْسِ وَنَحْوِهِ بِوُقُوعِ قَدْرِ الْوَاجِبِ فَرْضًا وَالْبَاقِي نَفْلًا كَمَا مَرَّ، وَالضَّابِطُ لِذَلِكَ أَنَّ مَا لَا يُمْكِنُ تَجْزِئَتُهُ يَقَعُ الْكُلُّ فَرْضًا، وَمَا أَمْكَنَ يَقَعُ الْبَعْضُ فَرْضًا وَالْبَاقِي نَفْلًا (فَإِنْ عَدِمَ بِنْتَ الْمَخَاضِ) حَالَ الْإِخْرَاجِ عَلَى الْأَصَحِّ حَتَّى لَوْ مَلَكَهَا أَوْ وَارِثُهُ مِنْ التَّرِكَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَانَتْ غَنَمُ الْبَلَدِ كُلُّهَا مِنْ الْمَعْزِ، وَأَنَّ التَّثْنِيَةَ مِنْهَا أَعْلَى قِيمَةً مِنْ جَذَعَةِ الضَّأْنِ تَعَيَّنَتْ تَثْنِيَةُ الْمَعْزِ وَاقْتِصَارُ الشَّارِحِ عَلَى الضَّأْنِ نَظَرًا لِلْغَالِبِ مِنْ أَنَّ قِيمَةَ الضَّأْنِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الْمَعْزِ (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُخْرَجِ صَحِيحًا) أَيْ مِنْ الْغَنَمِ عَنْ الْإِبِلِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْغَنَمِ) أَيْ فَإِنَّهُ يُخْرِجُ مِنْ الْمِرَاضِ مَرِيضَةً وَمِنْ الصِّغَارِ صَغِيرَةً عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) قَضِيَّةُ مَا ذَكَرَ أَنَّ الشَّاةَ الْمُخْرَجَةَ عَنْ الْإِبِلِ الْمِرَاضِ تَكُونُ كَالْمُخْرَجَةِ عَنْ الْإِبِلِ السَّلِيمَةِ، وَسَيَأْتِي أَنَّ إبِلَهُ مَثَلًا لَوْ اخْتَلَفَتْ صِحَّةً وَمَرَضًا أَخْرَجَ صَحِيحُهُ قِيمَتَهَا دُونَ قِيمَةِ الْمُخْرَجَةِ عَنْ الصِّحَاحِ الْخُلَّصِ، وَقِيَاسُهُ أَنْ يُقَالَ يُخْرِجُ هُنَا صَحِيحَةً عَنْ الْمِرَاضِ دُونَ قِيمَةِ الصَّحِيحَةِ الْمُخْرَجَةِ فِي السَّلِيمَةِ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ كَوْنِ الشَّاةِ فِي الذِّمَّةِ وَالْمَعِيبُ لَا يَثْبُتُ فِيهَا فَلَا يَسْتَلْزِمُ مُسَاوَاةَ قِيمَةِ الْمُخْرَجَةِ عَنْ الْمَرِيضَةِ لِقِيمَةِ الْمُخْرَجَةِ عَنْ السَّلِيمَةِ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ) وَيَظْهَرُ أَثَرُ ذَلِكَ فِي مُطَالَبَةِ السَّاعِي، فَعَلَى الْأَصَحِّ يُطَالَبُ بِالشَّاةِ فَإِنْ دَفَعَهَا الْمَالِكُ فَذَاكَ، أَوْ بِبَعِيرِ الزَّكَاةِ فَإِنْ دَفَعَهَا قُبِلَتْ وَكَانَتْ بَدَلًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا يُجْزِي بَعِيرُ الزَّكَاةِ) ظَاهِرُ التَّعْبِيرِ بِالْإِجْزَاءِ أَنَّ الشَّاةَ أَفْضَلُ مِنْهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بِأَفْضَلِيَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْجِنْسِ، وَإِنَّمَا أَجْزَأَ غَيْرُهُ رِفْقًا بِالْمَالِكِ، وَمَحَلُّ أَفْضَلِيَّتِهِ عَلَى الشَّاةِ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الشَّاةِ، فَإِنْ تَسَاوَيَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَهَلْ يُقَدَّمُ الْبَعِيرُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْجِنْسِ أَوْ الشَّاةُ لِأَنَّهَا مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا، أَوْ يُتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّالِثُ. (قَوْلُهُ: وَكَوْنُهُ مُجْزِئًا عَنْ خَمْسٍ) شَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ خَمْسَةٌ مَثَلًا كُلُّهَا مَعِيبَةٌ فَأَخْرَجَ عَنْهَا بِنْتَ مَخَاضٍ مَعِيبَةً مِنْ جِنْسِ الْمُخْرَجِ عَنْهُ فَيُجْزِي، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا لَوْ أَخْرَجَ شَاةً حَيْثُ اُعْتُبِرَ فِيهَا أَنْ تَكُونَ صَحِيحَةً، وَإِنْ كَانَتْ إبِلُهُ مِرَاضًا وَبَيْنَ مَا لَوْ أَخْرَجَ بِنْتَ مَخَاضٍ مَعِيبَةً عَمَّا دُونَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْمَرِيضَاتِ بِأَنَّ الْمَرِيضَةَ تُجْزِي عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مَرِيضَةً فَتُجْزِي عَمَّا دُونَهَا بِالْأَوْلَى، وَالشَّاةُ فِيمَا دُونَ الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ لَمَّا كَانَتْ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ وَأَوْجَبَهَا الشَّارِعُ وَجَبَ أَنْ تَكُونَ صَحِيحَةً (قَوْلُهُ وَمَا أَمْكَنَ يَقَعُ الْبَعْضُ فَرْضًا) أَيْ سَوَاءٌ أَمْكَنَ تَجْزِئَتُهُ بِنَفْسِهِ كَمَسْحِ جَمِيعِ الرَّأْسِ أَوْ بِبَدَلِهِ كَمَا لَوْ أَخْرَجَ بِنْتَ لَبُونٍ عَنْ بِنْتِ مَخَاضٍ بِلَا جُبْرَانٍ كَمَا يَأْتِي لَهُ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ صَعِدَ مِنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ مَثَلًا إلَى بِنْتِ اللَّبُونِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَلْ تَقَعُ إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ وَارِثُهُ مِنْ التَّرِكَةِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مِنْ التَّرِكَةِ) هَذَا لَيْسَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْمُقْرِي فَنِسْبَتُهُ إلَيْهِ لَيْسَتْ فِي مَحَلِّهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ شَيْخَ الْإِسْلَامِ فِي

لَزِمَهُ إخْرَاجُهَا كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ قَبْلَ إخْرَاجِ ابْنِ اللَّبُونِ وَعِنْدَ وَارِثِهِ بِنْتُ مَخَاضٍ أَجْزَأَهُ ابْنُ اللَّبُونِ لِإِمْكَانِ حَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى صَيْرُورَتِهَا بِنْتَ مَخَاضٍ فِي الْمَوْرُوثِ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ الزَّكَاةُ، وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ (فَابْنُ لَبُونٍ) وَلَوْ خُنْثَى أَوْ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى شِرَاءِ بِنْتِ مَخَاضٍ، أَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْهَا وَشَمِلَ فَقْدُهَا مَا لَوْ كَانَتْ مَغْصُوبَةً أَوْ مَرْهُونَةً وَهُوَ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْ إخْرَاجِهَا، وَلَوْ تَلِفَتْ بِنْتُ الْمَخَاضِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ إخْرَاجِهَا فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ امْتِنَاعِ ابْنِ اللَّبُونِ اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْأَدَاءِ كَمَا اسْتَظْهَرَ السُّبْكِيُّ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ، وَيَدُلُّ إجْزَاءُ ابْنِ اللَّبُونِ عِنْدَ فَقْدِهَا خَبَرُ أَبِي دَاوُد «فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ» ، وَقَوْلُهُ ذَكَرٌ تَأْكِيدٌ وَالْخُنْثَى أَوْلَى. نَعَمْ لَوْ أَرَادَ إخْرَاجَ الْخُنْثَى مَعَ وُجُودِ الْأُنْثَى لَمْ يُجْزِهِ لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِ (وَالْمَعِيبَةُ كَمَعْدُومَةٍ) فَيُؤْخَذُ مَا ذَكَرَ مَعَ وُجُودِهَا لِعَدَمِ إجْزَاءِ الْمَعِيبِ (وَلَا يُكَلَّفُ) أَنْ يُخْرِجَ بِنْتَ مَخَاضٍ (كَرِيمَةً) إذَا كَانَتْ إبِلُهُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمُعَاذٍ لَمَّا بَعَثَهُ عَامِلًا «إيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ» فَإِنْ كَانَتْ إبِلُهُ كَرَائِمَ لَزِمَهُ إخْرَاجُهَا (لَكِنْ تَمْنَعُ) الْكَرِيمَةُ عِنْدَهُ (ابْنَ لَبُونٍ) وَحِقًّا (فِي الْأَصَحِّ) لِوُجُودِ بِنْتِ مَخَاضٍ بِمَالِهِ مُجْزِيَةٍ، وَالثَّانِي يَجُوزُ إخْرَاجُهُ تَنْزِيلًا لَهَا مَنْزِلَةَ الْمَعْدُومَةِ لِعَدَمِ لُزُومِ إخْرَاجِهَا (وَيُؤْخَذُ الْحِقُّ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ (عَنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ) عِنْدَ فَقْدِهَا إذْ هُوَ أَوْلَى مِنْ ابْنِ اللَّبُونِ (لَا) عَنْ بِنْتِ (لَبُونٍ) عِنْدَ فَقْدِهَا أَيْ فَلَا يُجْزِي عَنْهَا (فِي الْأَصَحِّ) إذْ زِيَادَةُ سِنِّ ابْنِ اللَّبُونِ عَلَى بِنْتِ الْمَخَاضِ تُوجِبُ اخْتِصَاصَهُ بِقُوَّةِ وُرُودِ الْمَاءِ وَالشَّجَرِ وَالِامْتِنَاعِ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ، وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ بِنْتِ اللَّبُونِ وَالْحِقِّ لَا يُوجِبُ اخْتِصَاصَ الْحِقِّ بِهَذِهِ الْقُوَّةِ، بَلْ هِيَ مَوْجُودَةٌ فِيهِمَا جَمِيعًا، وَالثَّانِي يُجْزِي لِانْجِبَارِ فَضِيلَةِ الْأُنُوثَةِ بِزِيَادَةِ السِّنِّ كَابْنِ اللَّبُونِ عَنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِمَا تَقَدَّمَ لِوُرُودِ النَّصِّ ثُمَّ (وَلَوْ) (اتَّفَقَ فَرْضَانِ) فِي الْإِبِلِ (كَمِائَتَيْ بَعِيرٍ) فَفِيهَا أَرْبَعُ حِقَاقٍ أَوْ خَمْسُ بَنَاتِ لَبُونٍ كَمَا قَالَ (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ أَرْبَعُ حِقَاقٍ بَلْ هُنَّ أَوْ خَمْسُ بَنَاتِ لَبُونٍ) إذْ الْمِائَتَانِ أَرْبَعُ خَمْسِينَاتٍ أَوْ خَمْسُ أَرْبَعِينَاتِ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ عَنْ كِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَإِذَا كَانَتْ مِائَتَيْنِ فَفِيهَا أَرْبَعُ حِقَاقٍ أَوْ خَمْسُ بَنَاتِ لَبُونٍ أَيُّ السِّنَّيْنِ وُجِدَتْ أُخِذَتْ» هَذَا هُوَ الْجَدِيدُ، وَالْقَدِيمُ يَتَعَيَّنُ الْحِقَاقَ لِأَنَّا مَتَى وَجَدْنَا سَبِيلًا فِي زَكَاةِ الْإِبِلِ إلَى زِيَادَةِ السِّنِّ كَانَ الِاعْتِبَارُ بِهَا أَوْلَى، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَيْدٌ فِي الْوِرَاثَةِ (قَوْلُهُ لِإِمْكَانِ حَمْلِ الْأَوَّلِ) هَذَا الْحَمْلُ إنَّمَا يَقْتَضِي اعْتِبَارَ وَقْتِ الْإِخْرَاجِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ لَا مُطْلَقًا، وَمُرَادُهُ بِالْأَوَّلِ قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ مَلَكَهَا إلَخْ (قَوْلُهُ فَابْنُ لَبُونٍ) أَيْ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ ابْنٌ إلَخْ فَهُوَ بِالرَّفْعِ وَيَجُوزُ نَصْبُهُ بِتَقْدِيرِ يُخْرِجُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَلِفَتْ بِنْتُ الْمَخَاضِ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ كَانَ تَلَفُهَا بِفِعْلِهِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُ، لَكِنْ قَالَ حَجّ: وَبَحْثُ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّهَا لَوْ تَلِفَتْ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ إخْرَاجِهَا امْتَنَعَ ابْنُ اللَّبُونِ لِتَقْصِيرِهِ إلَخْ مَا أَطَالَ بِهِ فَلْيُرَاجَعْ، وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى رَدِّهِ بِقَوْلِهِ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ (قَوْلُهُ: وَالْخُنْثَى أَوْلَى) أَيْ لِاحْتِمَالِ الْأُنُوثَةِ (قَوْلُهُ: مَعَ وُجُودِ الْأُنْثَى) أَيْ مَعَ وُجُودِ بِنْتِ الْمَخَاضِ الْأُنْثَى، وَهَذَا الِاسْتِدْرَاكُ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ عَدِمَ بِنْتَ الْمَخَاضِ فَابْنٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِ) قَالَ حَجّ: أَمَّا إذَا لَمْ يَعْدَمْ بِنْتَ الْمَخَاضِ بِأَنْ وَجَدَهَا وَلَوْ قُبَيْلَ الْإِخْرَاجِ فَيَتَعَيَّنُ إخْرَاجُهَا وَلَوْ مَعْلُوفَةً اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: فَفِيهَا أَرْبَعُ حِقَاقٍ) الضَّمِيرُ لِلْإِبِلِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجُوزُ تَذْكِيرُهُ وَتَأْنِيثُهُ (قَوْلُهُ سَبِيلًا) أَيْ طَرِيقًا ـــــــــــــــــــــــــــــQشَرْحِ الرَّوْضِ أَثْبَتَ الْمُخَالَفَةَ بَيْنَ كَلَامِهِ الْمَذْكُورِ بِدُونِ هَذَا الْقَيْدِ وَبَيْنَ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ، فَقَيَّدَهُ الشَّارِحُ بِمَا ذَكَرَ لِدَفْعِ التَّنَافِي، لَكِنَّهُ لَمْ يُنَبِّهْ عَلَى زِيَادَتِهِ عَلَى كَلَامِ ابْنِ الْمُقْرِي. ثُمَّ قَالَ: وَلَا يُنَافِيهِ إلَخْ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ مَوْقِعٌ إذْ التَّقْيِيدُ دَافِعٌ لَهُ فَكَانَ الْأَصْوَبُ خِلَافَ هَذَا الصَّنِيعِ (قَوْلُهُ: لِإِمْكَانِ حَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى صَيْرُورَتِهَا إلَخْ) لَيْسَ هَذَا هُوَ الدَّافِعُ لِلتَّنَافِي وَإِنَّمَا الدَّافِعُ لَهُ الْقَيْدُ الْمَارُّ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَإِنَّمَا هَذَا فِي الْحَقِيقَةِ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ نَشَأَ مِنْ التَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ تَقْدِيرُهُ أَنْ يُقَالَ: مَا صُورَةُ مِلْكِ الْوَارِثِ لَهَا مِنْ التَّرِكَةِ مَعَ أَنَّهَا حَيْثُ كَانَتْ مِنْ التَّرِكَةِ فَقَدْ سَبَقَ مِلْكُ الْمُورَثِ لَهَا: أَيْ فَلَا

وَحَمْلُهُ الْأَوَّلَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُوجَدْ عِنْدَهُ سِوَاهَا، وَالْمَسْأَلَةُ لَهَا خَمْسَةُ أَحْوَالٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُوجَدَ عِنْدَهُ كُلُّ الْوَاجِبِ بِكُلِّ الْحِسَابَيْنِ أَوْ بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، أَوْ يُوجَدَ بَعْضُهُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا، أَوْ لَا يُوجَدَ شَيْءٌ مِنْهُمَا وَكُلُّهَا تُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ، وَقَدْ شَرَعَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ فَقَالَ (فَإِنْ وُجِدَ بِمَالِهِ أَحَدُهُمَا) تَامًّا مُجْزِيًا (أُخِذَ) مِنْهُ وَإِنْ كَانَ الْمَفْقُودُ أَغْبَطَ وَأَمْكَنَ تَحْصِيلُهُ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ، وَلَا يَجُوزُ الصُّعُودُ أَوْ النُّزُولُ مَعَ الْجُبْرَانِ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ إلَيْهِ، وَتَعْبِيرُهُ بِأُخِذَ قَدْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ حَصَّلَ الْمَفْقُودَ وَدَفَعَهُ لَا يُؤْخَذُ، وَتَعْبِيرُ الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ وَالْمُحَرَّرِ بِلَا يُكَلَّفُ تَحْصِيلُ الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ أَغْبَطَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ حَصَّلَهُ وَبَذَلَهُ أَجْزَأَهُ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ الْمَفْقُودُ أَغْبَطَ. وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ كَلَامُ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ، وَقَاسَاهُ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِابْنِ اللَّبُونِ لِفَقْدِ بِنْتِ الْمَخَاضِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَإِنْ صَرَّحَ جَمَاعَةٌ بِخِلَافِهِ، وَأَنَّ الْوُجُوبَ مُتَعَيِّنٌ فِيهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ بِمَالِهِ أَحَدُهُمَا بِصِفَةِ الْإِجْزَاءِ بِأَنْ فُقِدَا أَوْ وُجِدَا مَعِيبَيْنِ، أَوْ وُجِدَ بِمَالِهِ بَعْضُ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ بَعْضُ أَحَدِهِمَا، وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ مَا لَوْ وُجِدَا نَفِيسَيْنِ إذْ لَا يَلْزَمُهُ بَذْلُهُمَا (فَلَهُ تَحْصِيلُ مَا شَاءَ) مِنْهُمَا بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَغْبَطَ لِمَا فِي تَعَيُّنِهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ فِي تَحْصِيلِهِ، (وَقِيلَ يَجِبُ) تَحْصِيلُ (الْأَغْبَطِ لِلْفُقَرَاءِ) إذْ اسْتِوَاؤُهُمَا فِي الْعَدَمِ كَاسْتِوَائِهِمَا فِي الْوُجُودِ، وَعِنْدَ وُجُودِهِمَا يَجِبُ الْأَغْبَطُ كَمَا سَيَأْتِي، وَيَرِدُ بِوُضُوحٍ الْفَرْقُ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ فَلَهُ إلَى جَوَازِ تَرْكِهِمَا وَالنُّزُولِ أَوْ الصُّعُودِ مَعَ الْجُبْرَانِ، وَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ الْحِقَاقَ أَصْلًا، وَيَصْعَدَ إلَى أَرْبَعِ جِذَاعٍ فَيَدْفَعَهَا وَيَأْخُذَ أَرْبَعَ جُبْرَانَاتٍ أَوْ بَنَاتِ لَبُونٍ كَذَلِكَ، وَيَنْزِلَ إلَى خَمْسِ بَنَاتِ مَخَاضٍ فَيُخْرِجَهَا وَيَدْفَعَ خَمْسَ جُبْرَانَاتٍ، وَيُمْنَعُ أَنْ يَجْعَلَ بَنَاتِ اللَّبُونِ أَصْلًا وَيَصْعَدَ إلَى خَمْسِ جَذَعَاتٍ وَيَأْخُذَ عَشْرَ جُبْرَانَاتٍ، كَمَا يُمْتَنَعُ جَعْلُ الْحِقَاقِ أَصْلًا وَيَنْزِلُ إلَى أَرْبَعِ بَنَاتِ مَخَاضٍ وَيَدْفَعُ ثَمَانِ جُبْرَانَاتٍ لِكَثْرَةِ الْجُبْرَانِ مَعَ إمْكَانِ تَقْلِيلِهِ، وَلَهُ فِيمَا إذَا وُجِدَ بَعْضُ كُلٍّ مِنْهُمَا كَثَلَاثِ حِقَاقٍ وَأَرْبَعِ بَنَاتِ لَبُونٍ جَعْلُ الْحِقَاقِ أَصْلًا فَيَدْفَعُهَا مَعَ بِنْتِ لَبُونٍ وَجُبْرَانٍ، أَوْ جَعْلُ بَنَاتُ اللَّبُونِ أَصْلًا فَيَدْفَعُهَا مَعَ حِقَّةٍ وَيَأْخُذُ جُبْرَانًا. وَلَهُ دَفْعُ حِقَّةٍ مَعَ ثَلَاثِ بَنَاتِ لَبُونٍ وَثَلَاثِ جُبْرَانَاتٍ لِإِقَامَةِ الشَّرْعِ بِنْتَ اللَّبُونُ مَعَ الْجُبْرَانِ مَقَامَ حِقَّةٍ، وَلَهُ فِيمَا إذَا وَجَدَ بَعْضَ أَحَدِهِمَا، كَمَا لَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا حِقَّةً دَفَعَهَا مَعَ ثَلَاثِ جِذَاعٍ وَأَخَذَ ثَلَاثَ جُبْرَانَاتٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَحَمْلُهُ الْأَوَّلَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: وَقَطَعَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ بِالْجَدِيدِ وَحَمْلِ الْقَدِيمِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُوجَدْ إلَّا الْحِقَاقُ اهـ. وَهِيَ أَظْهَرُ فِي حِكَايَةِ الْخِلَافِ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَنَّهُ لَوْ حَصَّلَهُ وَبَذَلَهُ أَجْزَأَهُ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْضُ أَحَدِهِمَا) أَيْ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ آخَرَ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وُجِدَ بَعْضُ الْآخَرِ اتَّحَدَ مَعَ قَوْلِهِ أَوْ وُجِدَ بِمَالِهِ بَعْضُ كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَيَرِدُ بِوُضُوحٍ الْفَرْقُ) أَيْ وَهُوَ أَنَّ فِي تَكْلِيفِ الْأَغْبَطِ مَعَ عَدَمِهِ مَشَقَّةً عَلَى الْمَالِكِ وَلَا مَشَقَّةَ فِي دَفْعِهِ حَيْثُ كَانَ مَوْجُودًا (قَوْلُهُ: وَلَهُ دَفْعُ حِقَّةٍ مَعَ ثَلَاثِ بَنَاتِ لَبُونٍ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ فِي مِلْكِهِ ثَلَاثَ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَاجَةَ لِقَوْلِهِ أَوْ وَارِثِهِ لِإِغْنَاءِ قَوْلِهِ لَوْ مَلَكَهَا عَنْهَا، وَإِنَّمَا الْوَارِثُ يُخْرِجُ مَا كَانَ لَزِمَ الْمُورَثَ وَأَخَّرَ إخْرَاجَهُ، وَتَقْدِيرُ الْجَوَابِ أَنَّهَا إنَّمَا صَارَتْ بِنْتَ مَخَاضٍ فِي مِلْكِ الْوَارِثِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُورَثِ بِأَنْ كَانَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ دُونَ ذَلِكَ السِّنِّ (قَوْلُهُ: وَحَمْلُهُ الْأَوَّلُ) غَيْرُ صَوَابٍ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْوَاقِعِ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ انْتِفَاءُ الْخِلَافِ، وَحَاصِلُ الصَّوَابِ أَنَّ لِلشَّافِعِيِّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ قَدِيمًا وَجَدِيدًا، فَاخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي حِكَايَةِ ذَلِكَ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَثْبَتَهُمَا قَوْلَيْنِ وَهُوَ مَا فِي الْمَتْنِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِالْجَدِيدِ وَنَفَى الْخِلَافَ، وَحَمَلَ الْقَدِيمَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ: إذَا بَلَغَتْ مَاشِيَتُهُ حَدًّا يَخْرُجُ فَرْضُهُ بِحِسَابَيْنِ كَمِائَتَيْنِ مِنْ الْإِبِلِ فَهَلْ الْوَاجِبُ خَمْسُ بَنَاتِ لَبُونٍ أَوْ أَرْبَعُ حِقَاقٍ؟ قَالَ فِي الْقَدِيمِ الْحِقَاقُ وَفِي الْجَدِيدِ أَحَدُهُمَا. قَالَ الْأَصْحَابُ: فِيهِ طَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا عَلَى قَوْلَيْنِ أَظْهَرُهُمَا الْوَاجِبُ أَحَدُهُمَا وَالثَّانِي الْحِقَاقُ، وَالطَّرِيقُ

وَلَهُ دَفْعُ خَمْسِ بَنَاتِ مَخَاضٍ مَعَ دَفْعِ خَمْسِ جُبْرَانَاتٍ (وَإِنْ وَجَدَهُمَا فِي مَالِهِ) بِصِفَةِ الْإِجْزَاءِ (فَالصَّحِيحُ) الْمَنْصُوصُ (تَعَيُّنُ الْأَغْبَطِ) أَيْ الْأَنْفَعِ مِنْهُمَا إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْكِرَامِ إذْ هِيَ كَالْمَعْدُومَةِ كَمَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ وَكَلَامُ الْمَجْمُوعِ ظَاهِرٌ فِيهِ (لِلْفُقَرَاءِ) أَيْ الْأَصْنَافِ، وَغَلَبَ الْفُقَرَاءُ مِنْهُمْ لِشُهْرَتِهِمْ وَكَثْرَتِهِمْ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267] وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فَرْضُهُ، فَإِذَا اجْتَمَعَا رُوعِيَ مَا فِي حَظِّ الْأَصْنَافِ إذْ لَا مَشَقَّةَ فِي تَحْصِيلِهِ. وَالثَّانِي وَخَرَّجَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ إنْ أَخْرَجَ عَنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ تَعَيَّنَ غَيْرُ الْأَغْبَطِ أَوْ عَنْ نَفْسِهِ تَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا وَالْأَغْبَطُ أَفْضَلُ كَمَا يَتَخَيَّرُ فِي الْجِيرَانِ بَيْنَ الشَّاةِ وَالدَّرَاهِمِ وَعِنْدَ فَقْدِ الْوَاجِبِ بَيْنَ صُعُودِهِ وَنُزُولِهِ. وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ فِي الذِّمَّةِ فَخَيَّرْنَاهُ، بِخِلَافِ هَذَا فَإِنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْعَيْنِ فَخَيَّرْنَا مُسْتَحِقَّهُ، وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ لِلْمَالِكِ مَنْدُوحَةً عَنْ الصُّعُودِ وَالنُّزُولِ مَعًا بِتَحْصِيلِهِ الْفَرْضَ، وَإِنَّمَا شُرِعَ ذَلِكَ تَخْفِيفًا عَلَيْهِ فَفُوِّضَ الْأَمْرُ إلَيْهِ وَهُنَا بِخِلَافِهِ (وَلَا يُجْزِي غَيْرُهُ إنْ دَلَّسَ) الْمَالِكُ بِأَنْ أَخْفَى الْأَغْبَطَ (أَوْ قَصَّرَ السَّاعِي) بِأَنْ أَخَذَهُ عَالِمًا بِهِ مِنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ فِي الْأَغْبَطِ فَيَلْزَمُ الْمَالِكَ إخْرَاجُ الْأَغْبَطِ، وَيَرُدُّ السَّاعِي مَا أَخَذَهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَبَدَلَهُ إنْ كَانَ تَالِفًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُدَلِّسْ الْمَالِكُ، وَلَمْ يُقَصِّرْ السَّاعِي (فَيُجْزِي) أَيْ يُحْسَبُ عَنْهَا لِمَشَقَّةِ الرَّدِّ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَكْفِي كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَالْأَصَحُّ) مَعَ إجْزَائِهِ (وُجُوبُ قَدْرِ التَّفَاوُتِ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ قِيمَةِ الْأَغْبَطِ إذْ لَمْ يُدْفَعْ الْفَرْضُ لَهُ بِكَمَالِهِ فَوَجَبَ جَبْرُ نَقْصِهِ هَذَا إنْ اقْتَضَتْ الْغِبْطَةُ زِيَادَةً فِي الْقِيمَةِ، وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، وَالثَّانِي لَا يَجِبُ بَلْ يُسَنُّ لِحُسْبَانِ الْمُخْرَجِ عَنْ الزَّكَاةِ فَلَا يَجِبُ مَعَهُ غَيْرُهُ كَمَا لَوْ أَدَّى اجْتِهَادُ السَّاعِي الْحَنَفِيِّ إلَى أَخْذِ الْقِيمَةِ حَيْثُ لَا شَيْءَ مَعَهَا (وَيَجُوزُ إخْرَاجُهُ دَرَاهِمَ) لِمَا فِي إخْرَاجِ الشِّقْصِ مِنْ ضَرَرِ الْمُشَارَكَةِ، وَالْمُرَادُ نَقْدُ الْبَلَدِ دَرَاهِمَ كَانَ أَوْ دَنَانِيرَ، فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْحِقَاقِ أَرْبَعَمِائَةٍ وَقِيمَةُ اللَّبُونِ أَرْبَعَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَقَدْ أَخَذَ الْحِقَاقَ فَالْجَبْرُ بِخَمْسِينَ أَوْ بِخَمْسَةِ أَتْسَاعِ بِنْتِ اللَّبُونِ لَا بِنِصْفِ حِقَّةٍ؛ لِأَنَّ التَّفَاوُتَ خَمْسُونَ وَقِيمَةَ كُلِّ بِنْتِ لَبُونٍ تِسْعُونَ (وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ) تَحْصِيلُ (شِقْصٍ بِهِ) أَيْ بِقَدْرِ التَّفَاوُتِ لِعَدَمِ جَوَازِ الْعُدُولِ فِي الزَّكَاةِ لِغَيْرِ الْجِنْسِ، فَيَجِبُ عَلَى هَذَا أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ مِنْ جِنْسِ الْأَغْبَطِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَلَوْ بَلَغَتْ إبِلُهُ أَرْبَعَمِائَةٍ فَأَخْرَجَ أَرْبَعَ حِقَاقٍ وَخَمْسَ بَنَاتِ لَبُونٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSحِقَاقٍ فَيُبْقِي حِقَّتَيْنِ وَيَدْفَعُ وَاحِدَةً (قَوْلُهُ وَلَهُ دَفْعُ خَمْسِ بَنَاتِ مَخَاضٍ إلَخْ) أَيْ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ ثَلَاثَ بَنَاتِ مَخَاضٍ مَعَ سِتِّ جُبْرَانَاتٍ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ السَّابِقُ: وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَجْعَلَ بَنَاتِ اللَّبُونِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَالصَّحِيحُ تَعَيُّنُ الْأَغْبَطِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمَالَ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَالثَّانِي وَخَرَّجَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: وَالثَّانِي يَتَخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ لَمْ يَكُونَا عِنْدَهُ اهـ. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الشَّارِحِ: أَيْ فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمَحَلِّيِّ عَلَى مَا إذَا أَخْرَجَ عَنْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ كَمَا يُتَخَيَّرُ فِي الْجِيرَانِ إلَخْ، وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ وَعِنْدَ فَقْدِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ قَصَّرَ السَّاعِي) وَيُصَدَّقُ كُلٌّ مِنْ الْمَالِكِ وَالسَّاعِي فِي عَدَمِ التَّدْلِيسِ وَالتَّقْصِيرِ فَيُؤْخَذُ مِنْ الْمَالِكِ التَّفَاوُتُ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى تَدْلِيسِ الْمَالِكِ أَوْ تَقْصِيرِ السَّاعِي (قَوْلُهُ: وَبَدَّلَهُ إنْ كَانَ تَالِفًا) هَلْ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ التَّحَرِّي أَوْ مِنْ مَالِ الزَّكَاةُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا شَيْءَ مَعَهَا) أَيْ لَا يَجِبُ شَيْءٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: دَرَاهِمَ كَانَ أَوْ دَنَانِيرَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ غَيْرَهُمَا لَا يُجْزِي وَإِنْ اُعْتِيدَ تَعَامُلُ أَهْلِ الْبَلَدِ بِهِ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَأَنَّ التَّعْبِيرَ بِهِمَا لِلْغَالِبِ فَيُجْزِي غَيْرُهُمَا حَيْثُ كَانَ هُوَ نَقْدَ الْبَلَدِ، وَيَقْتَضِيهِ إطْلَاقُ قَوْلِ الْمَحَلِّيِّ، وَمُرَادُهُمْ بِالدَّرَاهِمِ نَقْدُ الْبَلَدِ كَمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّانِي الْقَطْعُ بِالْجَدِيدِ وَتَأَوَّلُوا الْقَدِيمَ (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ عَلَى هَذَا أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ مِنْ جِنْسِ الْأَغْبَطِ) لَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِهِ أَنْ يَشْتَرِيَ بَلْ هُوَ مُضِرٌّ، وَعِبَارَةُ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ كَغَيْرِهِ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ مِنْ الْأَغْبَطِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَقِيلَ مِنْ الْمُخْرَجِ لِئَلَّا يَتَبَعَّضَ، وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: فَأَخْرَجَ أَرْبَعَ حِقَاقٍ وَخَمْسَ بَنَاتِ لَبُونٍ) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ لَيْسَ

جَازَ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ وَهُوَ التَّشْقِيصُ، فَلَوْ أَخْرَجَ فِي صُورَةِ الْمِائَتَيْنِ ثَلَاثَ بَنَاتِ لَبُونٍ وَحِقَّتَيْنِ أَوْ أَرْبَعَ بَنَاتِ لَبُونٍ وَحِقَّةً أَجْزَأَ أَيْضًا، وَعُلِمَ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ كُلَّ عَدَدٍ يُخْرَجُ مِنْهُ الْغَرَضَانِ بِلَا تَشْقِيصٍ فَحُكْمُهُ كَذَلِكَ كَسِتِّمِائَةٍ وَثَمَانِمِائَةٍ (وَمَنْ) (لَزِمَهُ) سِنٌّ مِنْ الْإِبِلِ وَفَقَدَهَا فَلَهُ الصُّعُودُ بِدَرَجَةٍ، وَيَأْخُذُ جُبْرَانًا أَوْ الْهُبُوطُ بِهَا وَيَدْفَعُ جُبْرَانًا وَعَلَى هَذَا فَمَنْ لَزِمَهُ (بِنْتُ مَخَاضٍ فَعَدِمَهَا) فِي مَالِهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَإِنْ أَمْكَنَهُ تَحْصِيلُهَا (وَعِنْدَهُ بِنْتُ لَبُونٍ دَفَعَهَا، وَأَخَذَ شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ) لَزِمَهُ (بِنْتُ لَبُونٍ فَعَدِمَهَا) فِي مَالِهِ (دَفَعَ بِنْتَ مَخَاضٍ مَعَ شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ) دَفَعَ (حِقَّةً وَأَخَذَ شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسٍ الْمَارِّ، وَعُلِمَ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ لَزِمَهُ سِنٌّ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ وَلَا مَا نَزَّلَهُ الشَّارِعُ مَنْزِلَتَهُ فَلَهُ الصُّعُودُ إلَى أَعْلَى مِنْهُ وَأَخْذُ الْجُبْرَانِ، وَلَهُ النُّزُولُ إلَى أَسْفَلَ وَدَفْعُ الْجُبْرَانِ بِشَرْطِ كَوْنِ السِّنِّ الْمَنْزُولِ إلَيْهِ سِنَّ زَكَاةٍ، فَلَيْسَ لِمَنْ لَزِمَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ الْعُدُولُ عِنْدَ فَقْدِهَا إلَى دُونَهَا وَيَدْفَعُ الْجُبْرَانَ، وَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي الصُّعُودِ فَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ جَذَعَةٌ فَقَدَهَا قُبِلَ مِنْهُ الثَّنِيَّةُ وَلَهُ الْجُبْرَانُ كَمَا سَيَأْتِي، وَمَحَلُّ جَوَازِ دَفْعِ بِنْتِ اللَّبُونِ عَنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ إذَا عَدِمَهَا، وَأَخَذَ جُبْرَانًا مَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ ابْنُ لَبُونٍ، فَإِنْ كَانَ امْتَنَعَ ذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّ ابْنَ اللَّبُونِ كَبِنْتِ الْمَخَاضِ بِالنَّصِّ وَاحْتَرَزَ بِعَدَمِهَا عَمَّا لَوْ وَجَدَهَا فَيَمْتَنِعُ النُّزُولُ، وَكَذَا الصُّعُودُ إلَّا أَنْ يَطْلُبَ جُبْرَانًا، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْعَدَمَ الشَّرْعِيَّ كَالْحِسِّيِّ، فَلَوْ وُجِدَ السِّنُّ الْوَاجِبُ فِي مَالِهِ لَكِنَّهُ مَعِيبٌ أَوْ كَرِيمٌ لَمْ يَمْنَعْ وُجُودُهُ الصُّعُودَ وَالنُّزُولَ، وَإِنْ مَنَعَ وُجُودُ بِنْتِ الْمَخَاضِ كَرِيمَةً الْعُدُولَ إلَى ابْنِ اللَّبُونِ كَمَا مَرَّ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSصَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ مَا نَصُّهُ: أَيْ لَا خُصُوصَ الدَّرَاهِمِ وَهِيَ الْفِضَّةُ (قَوْلُهُ: وَمَنْ لَزِمَهُ سِنٌّ مِنْ الْإِبِلِ وَفَقَدَهَا) الْأَوْلَى فَقْدُهُ، وَلَعَلَّ وَجْهَ التَّأْنِيثِ أَنَّ السِّنَّ عِبَارَةٌ عَنْ الْوَاجِبِ وَهُوَ أُنْثَى (قَوْلُهُ: وَعِنْدَهُ بِنْتُ لَبُونٍ دَفَعَهَا) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ دَفَعَهَا إلَخْ، قَالَ الْقَرَافِيُّ: إلَى أَنْ قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ قَالُوا لَوْ كَانَ وَاجِبُهُ بِنْتَ الْمَخَاضِ فَلَمْ يَجِدْهَا وَلَا ابْنَ اللَّبُونِ فِي مَالِهِ وَلَا بِالثَّمَنِ دَفَعَ الْقِيمَةَ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّ شَرْطَ ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُونَ عِنْدَهُ بِنْتُ لَبُونٍ، ثُمَّ رَأَيْت الْعِرَاقِيَّ فِي النُّكَتِ قَالَ: لَعَلَّ دَفْعَ الْقِيمَةِ إذَا فَقَدَ سَائِرَ أَسْنَانِ الزَّكَاةِ اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفِي كَلَامِ حَجّ اعْتِرَاضٌ عَلَى مَنْ قَيَّدَ بِفَقْدِ مَا يُجْزِي مَا نَصُّهُ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ، فَفِي الْكِفَايَةِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ إخْرَاجِ الْقِيمَةِ: أَيْ لِبِنْتِ الْمَخَاضِ عِنْدَ فَقْدِهَا وَالصُّعُودِ أَوْ النُّزُولِ بِشَرْطِهِ كَمَا حَرَّرْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي سَائِرِ أَسْنَانِ الزَّكَاةِ، فَإِذَا فَقَدَ الْوَاجِبَ خُيِّرَ الدَّافِعُ بَيْنَ إخْرَاجِ قِيمَتِهِ وَالصُّعُودِ أَوْ النُّزُولِ بِشَرْطِهِ اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ جَوَازِ دَفْعِ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ قَبْلُ وَلَا مَا نَزَّلَهُ الشَّارِعُ مَنْزِلَتَهُ إلَخْ، وَعَلَى هَذَا فَكَانَ الْأَوْلَى إيرَادُ مَا ذَكَرَ بِصُورَةِ الْمُحْتَرَزِ دُونَ التَّقْيِيدِ كَأَنْ يَقُولَ: أَمَّا لَوْ عَدِمَ بِنْتَ الْمَخَاضِ وَعِنْدَهُ ابْنُ لَبُونٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَاحْتُرِزَ بِعَدَمِهَا عَمَّا لَوْ وَجَدَهَا إلَخْ) أَيْ وَلَوْ مَعْلُوفَةً كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ حَجّ. (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ فِي مَالِهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَإِنْ أَمْكَنَهُ تَحْصِيلُهَا (قَوْلُهُ: أَوْ كَرِيمٌ لَمْ يَمْنَعْ إلَخْ) أَيْ فَالْكَرِيمَةُ تَمْنَعُ ابْنَ اللَّبُونِ كَمَا سَبَقَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَا تَمْنَعُ الصُّعُودَ إلَى مَا فَوْقَهَا وَلَا النُّزُولَ إلَى مَا دُونَهَا (قَوْلُهُ: وُجُودُهُ الصُّعُودَ) أَيْ جَوَازَ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيهِمَا أَغْبَطُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَحِقَّتَيْنِ) أَيْ بِلَا جُبْرَانَ، إذْ الصُّورَةُ أَنَّهُ وَاجِدٌ لِكُلِّ مِنْ الْوَاجِبِينَ وَإِلَّا فَحُكْمُ مَا إذَا وَجَدَ بَعْضَ كُلٍّ مِنْهُمَا فَقَطْ قَدْ تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَلَا مَا نَزَّلَهُ الشَّارِعُ مَنْزِلَتَهُ) أَيْ كَابْنِ اللَّبُونِ عَنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَنَعَ وُجُودُ بِنْتِ مَخَاضٍ كَرِيمَةٍ) أَيْ بِخِلَافِ الْمَعِيبَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي صُورَةِ الْكَرِيمَةِ وُجِدَ عِنْدَهُ الْوَاجِبُ بِصِفَةِ الْإِجْزَاءِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ إخْرَاجُهُ رِفْقًا بِهِ بِخِلَافِهِ فِي صُورَةِ الْمَعِيبَةِ

بِأَنَّ الذَّكَرَ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي فَرَائِصِ الْإِبِلِ فَكَانَ الِانْتِقَالُ إلَيْهِ أَغْبَطَ مِنْ الصُّعُودِ وَالنُّزُولِ، وَصِفَةُ هَذِهِ الشَّاةِ صِفَةُ الشَّاةِ الْمُخْرَجَةِ فِيمَا دُونَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ فِي جَمِيعِ مَا سَبَقَ وِفَاقًا وَخِلَافًا، إلَّا أَنَّ السَّاعِيَ لَوْ دَفَعَ الذَّكَرَ وَرَضِيَ بِهِ الْمَالِكُ جَازَ قَطْعًا، وَالْمُرَادُ بِالدَّرَاهِمِ النُّقْرَةُ الْخَالِصَةُ الْإِسْلَامِيَّةُ إذْ هِيَ الْمُرَادَةُ شَرْعًا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ. نَعَمْ إنْ لَمْ يَجِدْهَا أَوْ غَلَبَتْ الْمَغْشُوشَةُ، وَجَوَّزْنَا الْمُعَامَلَةَ بِهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ، فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ يُجْزِيهِ هُنَا مَا يَكُونُ فِيهِ مِنْ النُّقْرَةِ قَدْرَ الْوَاجِبِ، وَلَوْ صَعِدَ مِنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ مَثَلًا إلَى بِنْتِ اللَّبُونِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَلْ تَقَعُ كُلُّهَا زَكَاةً أَوْ بَعْضُهَا؟ الظَّاهِرُ الثَّانِي، فَإِنَّ زِيَادَةَ السِّنُّ فِيهَا قَدْ أَخَذَ الْجُبْرَانَ فِي مُقَابَلَتِهَا فَيَكُونُ قَدْرُ الزَّكَاةِ فِيهَا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ جُزْءًا، وَيَكُونُ أَحَدَ عَشَرَ فِي مُقَابَلَةِ الْجُبْرَانِ (وَالْخِيَارُ فِي الشَّاتَيْنِ وَالدَّرَاهِمِ لِدَافِعِهَا) مَالِكًا كَانَ أَوْ سَاعِيًا لِظَاهِرِ خَبَرِ أَنَسٍ. نَعَمْ يَلْزَمُ السَّاعِيَ رِعَايَةُ الْأَصْلَحِ لِلْمُسْتَحِقِّ، كَمَا يَلْزَمُ نَائِبَ الْغَائِبِ وَوَلِيَّ الْمَحْجُورِ رِعَايَةُ الْأَنْفَعِ لِلْمَنُوبِ عَنْهُ، وَيُسَنُّ لِلْمَالِكِ إذَا كَانَ دَافِعًا اخْتِيَارُ الْأَنْفَعِ لَهُمْ (وَفِي الصُّعُودِ وَالنُّزُولِ) الْخِيَرَةُ فِيهِمَا (لِلْمَالِكِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُمَا شَرْعًا تَخْفِيفًا عَلَيْهِ لِئَلَّا يَتَكَلَّفَ الشِّرَاءَ فَنَاسَبَ تَخْيِيرُهُ. وَالثَّانِي أَنَّ الِاخْتِيَارَ لِلسَّاعِي لِيَأْخُذَ الْأَغْبَطَ لِلْمُسْتَحِقِّينَ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ دَفْعِ الْمَالِكِ غَيْرَ الْأَغْبَطِ، فَإِنْ دَفَعَ الْأَغْبَطَ لَزِمَ السَّاعِيَ أَخْذُهُ قَطْعًا، وَمَعْنَى لَزِمَهُ مُرَاعَاةُ الْأَصْلَحِ لَهُمْ عَلَى الْأَوَّلِ مَعَ أَنَّ الْخِيَرَةَ لِلْمَالِكِ أَنَّهُ يَطْلُبُ مِنْهُ ذَلِكَ فَإِنْ أَجَابَهُ فَذَاكَ، وَإِلَّا أَخَذَ مِنْهُ مَا يَدْفَعُهُ لَهُ (إلَّا أَنْ تَكُونَ إبِلُهُ مَعِيبَةً) بِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا خِيَرَةَ لَهُ فِي الصُّعُودِ؛ لِأَنَّ وَاجِبَهُ مَعِيبٌ، وَالْجُبْرَانُ لِلتَّفَاوُتِ بَيْنَ السَّلِيمَيْنِ وَهُوَ فَوْقَ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْمَعِيبَيْنِ، وَمَقْصُودُ الزَّكَاةِ إفَادَةُ الْمُسْتَحِقِّينَ لَا الِاسْتِفَادَةُ مِنْهُمْ، فَلَوْ رَأَى السَّاعِي مَصْلَحَةً فِي ذَلِكَ فَالْأَوْجَهُ الْمَنْعُ أَيْضًا لِعُمُومِ كَلَامِهِمْ، وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ السَّابِقِ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ، وَلَوْ أَرَادَ الْعُدُولَ إلَى سَلِيمَةٍ مَعَ أَخْذِ الْجُبْرَانِ جَازَ كَمَا اقْتَضَاهُ التَّعْلِيلُ الْمَارُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، أَمَّا هُبُوطُهُ مَعَ إعْطَاءِ الْجُبْرَانِ فَجَائِزٌ لِتَبَرُّعِهِ بِالزِّيَادَةِ (وَلَهُ صُعُودُ دَرَجَتَيْنِ وَأَخْذُ جُبْرَانَيْنِ) كَمَا لَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ بِنْتُ لَبُونٍ فَصَعِدَ إلَى الْجَذَعَةِ عِنْدَ فَقْدِ مَا سَيَأْتِي (وَ) لَهُ (نُزُولُ دَرَجَتَيْنِ مَعَ) دَفْعِ (جُبْرَانَيْنِ) كَمَا إذَا أَعْطَى بَدَلَ الْحِقَّةِ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ (بِشَرْطِ تَعَذُّرِ دَرَجَةٍ فِي) جِهَةِ صُعُودِهِ أَوْ نُزُولِهِ فِي (الْأَصَحِّ) فَلَا يَصْعَدُ عَنْ بِنْتِ مَخَاضٍ إلَى الْحِقَّةِ، وَلَا يَنْزِلُ مِنْ الْحِقَّةِ إلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSالصُّعُودِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي فَرَائِضِ الْإِبِلِ) أَيْ لَمْ يَجِبْ مِنْهَا ذَكَرٌ، وَأَمَّا أَخْذُهُ عِنْدَ فَقْدِ بِنْتِ الْمَخَاضِ فَهُوَ بَدَلٌ عَنْهَا لَا فَرْضٌ (قَوْلُهُ: النُّقْرَةُ الْخَالِصَةُ) أَيْ الْفِضَّةُ الْخَالِصَةُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَعِدَ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ: وَالْخِيَارُ فِي الشَّاتَيْنِ وَالدَّرَاهِمِ لِدَافِعِهَا) أَيْ فَيَدْفَعُ مَا شَاءَ مِنْهُمَا وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ دُونَ قِيمَةِ الْآخَرِ حَيْثُ كَانَ الدَّافِعُ الْمَالِكَ، فَإِنْ كَانَ الدَّافِعُ السَّاعِيَ رَاعَى الْأَصْلَحَ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ نَعَمْ يَلْزَمُ السَّاعِيَ إلَخْ، وَبَقِيَ مَا لَوْ تَعَارَضَ عَلَى الْوَكِيلِ وَالْوَلِيِّ مَصْلَحَةُ الْمُوَكِّلِ وَالْمُوَلَّى عَلَيْهِ دَفْعًا وَمَصْلَحَةُ الْفُقَرَاءِ عَلَى السَّاعِي أَخْذًا فَهَلْ يُرَاعِيهِمَا أَوْ يُرَاعِي مَصْلَحَةَ الْفُقَرَاءِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ السَّاعِيَ إنْ كَانَ هُوَ الدَّافِعَ رَاعَى مَصْلَحَةَ الْفُقَرَاءِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْهُمْ، وَيَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ وَالْوَكِيلِ قَبُولُ مَا دَفَعَهُ لَهُ السَّاعِي، وَإِنْ كَانَ الدَّافِعُ هُوَ الْوَلِيُّ أَوْ الْوَكِيلُ وَجَبَ عَلَيْهِ مُرَاعَاةُ مُوَكِّلِهِ أَوْ مُوَلِّيهِ كَمَا يُفِيدُ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ وَالْخِيَرَةُ لِلدَّافِعِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا أُخِذَ مِنْهُ) أَيْ وُجُوبًا فَيُجْبَرُ عَلَى أَخْذِهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ رَأَى السَّاعِي مَصْلَحَةً فِي ذَلِكَ) أَيْ الصُّعُودِ (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ السَّابِقِ) هُوَ قَوْلُهُ لِلتَّفَاوُتِ بَيْنَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصْعَدُ عَنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ) أَيْ وَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَكَانَ الِانْتِقَالُ إلَيْهِ أَغْبَطَ) أَيْ عَلَى الْمَالِكِ حَيْثُ لَمْ نَقْبَلْهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَلْزَمُ السَّاعِيَ رِعَايَةُ الْأَصْلَحِ) أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَ دَافِعًا أَمْ آخِذًا، أَمَّا إذَا كَانَ دَافِعًا فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا إذَا كَانَ آخِذًا فَمَعْنَاهُ مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ، وَمَعْنَى لُزُومِهِ رِعَايَةِ الْأَصْلَحِ إلَخْ وَكَانَ اللَّائِقُ ذِكْرُهُ هُنَا (قَوْلُهُ: وَمَعْنًى لَزِمَهُ عَلَى الْأَوَّلِ) يَعْنِي فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى

بِنْتِ الْمَخَاضِ إلَّا عِنْدَ تَعَذُّرِ بِنْتِ اللَّبُونِ لِإِمْكَانِ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ الْجُبْرَانِ الزَّائِدِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ صَعِدَ أَوْ نَزَلَ مَعَ إمْكَانِ أَدَاءِ الْوَاجِبِ. وَالثَّانِي يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ الْأَقْرَبَ لَيْسَ وَاجِبَهُ فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ. نَعَمْ لَوْ صَعِدَ دَرَجَتَيْنِ بِجُبْرَانٍ وَاحِدٍ جَازَ قَطْعًا، وَالنُّزُولُ بِثَلَاثِ دَرَجَاتٍ كَدَرَجَتَيْنِ عَلَى مَا سَبَقَ مِثْلُ أَنْ يُعْطِيَ عَنْ جَذَعَةٍ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَيَدْفَعَ ثَلَاثَ جُبْرَانَاتٍ أَوْ عَكْسُهُ، وَيَأْخُذَ ثَلَاثَ جُبْرَانَاتٍ أَمَّا لَوْ كَانَتْ الْقُرْبَى فِي غَيْرِ جِهَةِ الْجَذَعَةِ كَأَنْ لَزِمَهُ بِنْتُ لَبُونٍ فَلَمْ يَجِدْهَا وَلَا حِقَّةَ وَوُجِدَتْ بِنْتُ مَخَاضٍ فَلَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ إخْرَاجُ بِنْتِ مَخَاضٍ مَعَ جُبْرَانٍ، بَلْ يَجُوزُ لَهُ إخْرَاجُ جَذَعَةٍ مَعَ أَخْذِ جُبْرَانَيْنِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، إذْ بِنْتُ الْمَخَاضِ وَإِنْ كَانَتْ أَقْرَبَ إلَى بِنْتِ اللَّبُونِ لَيْسَتْ فِي جِهَةِ الْجَذَعَةِ (وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ جُبْرَانٍ مَعَ ثَنِيَّةٍ) وَهِيَ الَّتِي لَهَا خَمْسُ سِنِينَ وَطَعَنَتْ فِي السَّادِسَةِ يَدْفَعُهَا (بَدَلَ جَذَعَةٍ) عَلَيْهِ فَقَدَهَا (عَلَى أَحْسَنِ الْوَجْهَيْنِ) لِانْتِفَاءِ كَوْنِهَا مِنْ أَسْنَانِ الزَّكَاةِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَخْرَجَ عَنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ فَصِيلًا وَهُوَ مَا لَهُ دُونَ السَّنَةِ مَعَ الْجُبْرَانِ، وَادَّعَى فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ الْأَظْهَرُ (قُلْت: الْأَصَحُّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ الْجَوَازُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهَا أَعْلَى مِنْهَا بِعَامٍ فَجَازَ كَالْجَذَعَةِ مَعَ الْحِقَّةِ. لَا يُقَالُ: يَتَعَدَّدُ الْجُبْرَانُ إذَا كَانَ الْمُخْرَجُ فَوْقَ الثَّنِيَّةِ. لِأَنَّنَا نَقُولُ: الشَّارِعُ اعْتَبَرَهَا فِي الْجُمْلَةِ كَمَا فِي الْأُضْحِيَّةِ دُونَ مَا فَوْقَهَا؛ وَلِأَنَّ مَا فَوْقَهَا تَنَاهَى نُمُوُّهَا، فَإِنْ أَخْرَجَهَا وَلَمْ يَطْلُبْ جُبْرَانًا جَازَ قَطْعًا كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ (وَلَا تُجْزِي شَاةٌ وَعَشْرَةُ دَرَاهِمَ) عَنْ جُبْرَانٍ وَاحِدٍ إذْ الْخَبَرُ يَقْتَضِي التَّخْيِيرَ بَيْنَ شَاتَيْنِ وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا، فَلَا يَجُوزُ خَصْلَةٌ ثَالِثَةٌ كَمَا فِي الْكَفَّارَةِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُطْعِمَ خَمْسَةً وَيَكْسُوَ خَمْسَةً إلَّا أَنْ يَكُونَ الْآخِذُ الْمَالِكَ وَرَضِيَ بِالتَّبْعِيضِ فَيَجُوزُ إذْ لَهُ إسْقَاطُهُ بِالْكُلِّيَّةِ، بِخِلَافِ السَّاعِي كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ، لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْفُقَرَاءِ، وَهُمْ غَيْرُ مُعَيَّنِينَ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا مَحْصُورِينَ وَرَضُوا بِذَلِكَ جَازَ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَالْأَقْرَبُ الْمَنْعُ نَظَرًا لِأَصْلِهِ وَهَذَا عَارِضٌ (وَيُجْزِي شَاتَانِ وَعِشْرُونَ) دِرْهَمًا (لِجُبْرَانَيْنِ) كَمَا يَجُوزُ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ فِي كَفَّارَةِ يَمِينٍ وَكِسْوَةٌ فِي أُخْرَى (وَلَا شَيْءَ فِي الْبَقَرِ حَتَّى تَبْلُغَ ثَلَاثِينَ فَفِيهَا تَبِيعٌ) وَهُوَ (ابْنُ سَنَةٍ) دَخَلَ فِي الثَّانِيَةِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الْمَسْرَحِ. وَقِيلَ لِأَنَّ قَرْنَيْهِ يَتْبَعَانِ أُذُنَيْهِ: أَيْ يُسَاوِيهِمَا، وَلَوْ أَخْرَجَ تَبِيعَةً أَجْزَأَتْ؛ لِأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا بِالْأُنُوثَةِ (ثُمَّ فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعٌ وَ) فِي (كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ لَهَا سَنَتَانِ) ، وَدَخَلَتْ فِي الثَّالِثَةِ لِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ مُعَاذٍ قَالَ: «بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الْيَمَنِ فَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً مُسِنَّةً، وَمِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعًا» ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ، وَسُمِّيَتْ مُسِنَّةً لِتَكَامُلِ أَسْنَانِهَا، وَلَا جُبْرَانَ فِي زَكَاةِ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ لِعَدَمِ وُرُودِهِ، فَفِي سِتِّينَ بَقَرَةً تَبِيعَانِ، وَفِي كُلِّ سَبْعِينَ مُسِنَّةٌ وَتَبِيعٌ، وَفِي ثَمَانِينَ مُسِنَّتَانِ وَفِي تِسْعِينَ ثَلَاثَةُ أَتْبِعَةٍ، وَفِي مِائَةٍ وَعَشْرَةٍ مُسِنَّتَانِ وَتَبِيعٌ أَخْذًا مِنْ الْخَبَرِ الْوَارِدِ، وَفِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ ثَلَاثُ مُسِنَّاتٍ أَوْ أَرْبَعَةُ أَتْبِعَةٍ، فَحُكْمُهَا حُكْمُ بُلُوغِ الْإِبِلِ مِائَتَيْنِ فِيمَا مَرَّ إلَّا فِي الْجُبْرَانِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــSكَانَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِلْفُقَرَاءِ لِتَنْزِيلِ الدَّرَجَةِ الْقُرْبَى مَنْزِلَةَ الْوَاجِبِ (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ كَانَتْ الْقُرْبَى إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فِي جِهَةِ صُعُودِهِ أَوْ نُزُولِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ الْمَنْعُ نَظَرًا لِأَصْلِهِ) أَيْ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي كُلِّ مَا أَخْرَجَ فِيهِ الْمَالِكُ مَالًا يُجْزِي فَلَا يَكْفِي وَإِنْ رَضِيَ بِهِ الْفُقَرَاءُ وَكَانُوا مَحْصُورِينَ كَمَا لَوْ دَفَعَ بِنْتَيْ لَبُونٍ وَنِصْفًا عَنْ حِقَّتَيْنِ فِيمَا لَوْ اتَّفَقَ فَرْضَانِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَخْرَجَ تَبِيعَةً أَجْزَأَتْ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ قِيمَةً مِنْهُ لِرَغْبَةِ الْمُشْتَرِينَ فِي الذُّكُورِ لِغَرَضٍ تَعَلَّقَ بِهَا (قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْجِيرَانِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ) زَادَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ. قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: بَلْ عَلَيْهِ التَّحْصِيلُ أَوْ إخْرَاجُ الْأَعْلَى كَمَا لَوْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهِيَ مَا خَيَّرْنَا فِيهِ الدَّافِعَ الْمَذْكُورَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْخِيَارُ فِي الشَّاتَيْنِ وَالدَّرَاهِمِ لِدَافِعِهَا، وَقَوْلُهُ مَعَ أَنَّ الْخِيرَةَ لِلْمَالِكِ كَانَ الْأَصْوَبُ أَنْ يَقُولَ فِي صُورَةِ مَا إذَا كَانَتْ الْخِيرَةُ لِلْمَالِكِ بِأَنْ كَانَ دَافِعًا، وَحَقُّ الْعِبَارَةِ وَمَعْنَى لُزُومِهِ رِعَايَةُ الْأَصْلَحِ فِي الْأَصْلَحِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى إذَا كَانَتْ الْخِيرَةُ لِلْمَالِكِ بِأَنْ كَانَ دَافِعًا إلَخْ.

[فصل في بيان كيفية الإخراج لما مر وبعض شروط الزكاة]

وَتُسَمَّى الْمُسِنَّةُ ثَنِيَّةً وَلَوْ أَخْرَجَ عَنْهَا تَبِيعَيْنِ أَجْزَأَ فِي الْأَصَحِّ (وَلَا) شَيْءَ فِي (الْغَنَمِ حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ) شَاةً (فَشَاةٌ) فِيهَا هِيَ (جَذَعَةُ ضَأْنٍ أَوْ ثَنِيَّةُ مَعْزٍ) وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُمَا (وَفِي مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ شَاتَانِ وَ) فِي (مِائَتَيْنِ وَوَاحِدَةٍ ثَلَاثٌ) مِنْ الشِّيَاهِ (وَ) فِي (أَرْبَعِمِائَةٍ أَرْبَعٌ ثُمَّ) فِي (كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ) لِخَبَرِ أَنَسٍ فِي ذَلِكَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَلَوْ تَفَرَّقَتْ مَاشِيَةُ الْمَالِكِ فِي أَمَاكِنَ فَهِيَ كَالَّتِي فِي مَكَان وَاحِدٍ حَتَّى لَوْ مَلَكَ أَرْبَعِينَ شَاةً فِي بَلَدَيْنِ لَزِمَتْهُ الزَّكَاةُ، وَلَوْ مَلَكَ ثَمَانِينَ فِي بَلَدَيْنِ فِي كُلٍّ أَرْبَعِينَ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا شَاةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ بَيْنَهُمَا. فَصْلٌ فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْإِخْرَاجِ لِمَا مَرَّ وَبَعْضِ شُرُوطِ الزَّكَاةِ (إنْ اتَّحَدَ نَوْعُ الْمَاشِيَةِ) بِأَنْ كَانَتْ إبِلُهُ كُلُّهَا مَهْرِيَّةً بِفَتْحِ الْمِيمِ نِسْبَةً إلَى مَهِيرَةَ، أَوْ مُجَيْدِيَّةً نِسْبَةً إلَى فَحْلٍ مِنْ الْإِبِلِ يُقَالُ لَهُ مُجَيْدٌ بِمِيمٍ مَضْمُومَةٍ وَجِيمٍ وَهِيَ دُونَ الْمَهْرِيَّةِ، أَوْ أَرْحَبِيَّةً نِسْبَةً إلَى أَرْحَبَ بِالْمُهْمَلَتَيْنِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ قَبِيلَةٌ مِنْ هَمْدَانَ، أَوْ بَقَرُهُ كُلُّهَا جَوَامِيسَ أَوْ عِرَابًا، أَوْ غَنَمُهُ كُلُّهَا ضَأْنًا أَوْ مَعْزًا. وَسُمِّيَتْ مَاشِيَةً لِرَعْيِهَا وَهِيَ تَمْشِي (أُخِذَ الْفَرْضُ مِنْهُ) كَأَخْذِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فَيُؤْخَذُ مِنْ الْمُهُورِ مَهْرِيَّةٌ وَهَكَذَا. نَعَمْ لَوْ اخْتَلَفَتْ الصِّفَةُ مَعَ اتِّحَادِ النَّوْعِ وَلَا نَقْصَ فَعَامَّةُ الْأَصْحَابِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَيَانِ أَنَّ السَّاعِيَ يَخْتَارُ أَنْفَعَهُمَا كَمَا سَبَقَ فِي الْحِقَاقِ وَبَنَاتِ اللَّبُونِ. لَا يُقَالُ: يُنَافِي الْأَغْبَطُ هُنَا مَا يَأْتِي أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ الْخِيَارُ. لِأَنَّا نَقُولُ: يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ هَذَا عَلَى مَا إذَا كَانَ جَمِيعُهَا خِيَارًا، لَكِنْ تَعَدَّدَ وَجْهُ الْخَيْرِيَّةِ أَوْ كُلُّهَا غَيْرُ خِيَارٍ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا وَصْفُ الْخِيَارِ الْآتِي وَذَاكَ عَلَى مَا إذَا انْفَرَدَ بَعْضُهَا بِوَصْفِ الْخِيَارِ دُونَ بَاقِيهَا فَهُوَ الَّذِي لَا يُؤْخَذُ (فَلَوْ) (أَخَذَ) السَّاعِي (عَنْ ضَأْنٍ مَعْزًا أَوْ عَكْسَهُ) ( ـــــــــــــــــــــــــــــSوَغَيْرُهُ اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. أَقُولُ: قَضِيَّتُهُ عَدَمُ الْعُدُولِ إلَى الْقِيمَةِ، وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ الْعُدُولُ إلَيْهَا عِنْدَ فَقْدِ بِنْتِ الْمَخَاضِ وَابْنِ اللَّبُونِ اهـ. أَقُولُ: وَمُقْتَضَى قَوْلِ حَجّ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي سَائِرِ أَسْنَانِ الزَّكَاةِ، فَإِذَا فُقِدَ الْوَاجِبُ خُيِّرَ الدَّافِعُ بَيْنَ إخْرَاجِ قِيمَتِهِ وَالصُّعُودِ أَوْ النُّزُولِ بِشَرْطِ أَنَّهُ يَقْبَلُ مِنْهُ الْقِيمَةَ (قَوْلُهُ: لَزِمَتْهُ الزَّكَاةُ) أَيْ وَيَدْفَعُ زَكَاتَهُ لِلْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي لَهُ نَقْلُ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ: لَا يَلْزَمُهُ إلَّا شَاةٌ وَاحِدَةٌ) أَيْ وَيَأْتِي فِيهَا مَا ذَكَرْنَاهُ. [فَصْلٌ فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْإِخْرَاجِ لِمَا مَرَّ وَبَعْضِ شُرُوطِ الزَّكَاةِ] (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْإِخْرَاجِ (قَوْلُهُ: وَبَعْضِ شُرُوطِ الزَّكَاةِ) إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ مِنْ شُرُوطِهَا كَوْنُهَا نَعَمًا وَكَوْنُهَا نِصَابًا (قَوْلُهُ: مَهْرِيَّةً بِفَتْحِ الْمِيمِ) أَيْ وَسُكُونِ الْهَاءِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ: مُجَيْدٌ بِمِيمٍ مَضْمُومَةٍ وَجِيمٍ) أَيْ مَفْتُوحَةٍ. وَيُقَالُ مُجَيْدِيَّةٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مَنْسُوبَةٌ إلَى الْمَجِيدِ: أَيْ الْكَرِيمِ مِنْ الْمَجْدِ وَهُوَ الْكَرْمُ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَرْحَبِيَّةً) لَمْ يُبَيِّنْ مَرْتَبَتَهَا، وَقَدْ يُشْعِرُ قَوْلُهُ فِي الْمُجَيْدِيَّةِ أَنَّهَا دُونَ الْمَهْرِيَّةِ أَنَّ الْأَرْحَبِيَّةَ أَرْفَعُ مِنْهَا (قَوْلُهُ: أُخِذَ الْفَرْضُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ نَوْعِهِ لَا مِنْ غَيْرِ خُصُوصِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ قَوْلُهُ فَيُؤْخَذُ مِنْ الْمَهْرِيَّةِ مَهْرِيَّةٌ: أَيْ حَصَّلَهَا مِنْ غَيْرِ مَالِهِ (قَوْلُهُ: الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ) أَيْ بَيْنَ الْمَالِكِ وَالْفُقَرَاءِ (قَوْلُهُ: أَنَّ السَّاعِيَ يَخْتَارُ أَنْفَعَهُمَا) أَيْ أَنْفَعَ الْمَوْصُوفَيْنِ بِالصِّفَةِ الْمُخْتَلِفَةِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ هُنَا نَظِيرُ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ دَلَّسَ السَّاعِي أَوْ قَصَّرَ مِنْ عَدَمِ الْحُسْبَانِ إلَخْ (قَوْلُهُ فَلَوْ أَخَذَ عَنْ ضَأْنٍ مَعْزًا) بَيَانٌ لِمَفْهُومِ مَا لَوْ اتَّحَدَ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْوَاوِ كَانَ أَظْهَرَ، وَفِي حَجّ مَا نَصُّهُ: فَإِنْ قُلْت: ـــــــــــــــــــــــــــــQ (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْإِخْرَاجِ (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَلَوْ أَخَذَ عَنْ ضَأْنٍ مَعْزًا أَوْ عَكْسَهُ

جَازَ فِي الْأَصَحِّ بِشَرْطِ رِعَايَةِ الْقِيمَةِ) فَيَجُوزُ أَخْذُ جَذَعَةٍ عَنْ أَرْبَعِينَ مِنْ الْمَعْزِ أَوْ ثَنِيَّةِ مَعْزٍ عَنْ أَرْبَعِينَ مِنْ الضَّأْنِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ لِاتِّفَاقِ الْجِنْسِ كَالْمَهْرِيَّةِ مَعَ الْأَرْحَبِيَّةِ، وَلِهَذَا يَكْمُلُ نِصَابُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ كَالْبَقَرِ مَعَ الْغَنَمِ. وَقِيلَ يُؤْخَذُ الضَّأْنُ عَنْ الْمَعْزِ؛ لِأَنَّهُ خَيْرٌ مِنْهُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ. وَكَلَامُهُمْ فِي تَوْجِيهِ الْأَوَّلِ دَالٌّ عَلَى جَوَازِ إخْرَاجِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ جَزْمًا عِنْدَ تَسَاوِيهِمَا فِي الْقِيمَةِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ قِيمَةَ الْجَوَامِيسِ دُونَ قِيمَةِ الْعِرَابِ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُهَا عَنْ الْعِرَابِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ، وَلَمْ يُصَرِّحُوا بِذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى عُرْفِ زَمَنِهِ، وَإِلَّا فَقَدْ تَزِيدُ قِيمَةُ الْعِرَابِ الْجَوَامِيسِ عَلَيْهَا بَلْ هُوَ غَالِبٌ فِي زَمَنِنَا (وَإِنْ) (اخْتَلَفَ) النَّوْعُ (كَضَأْنٍ وَمَعْزٍ) مِنْ الْغَنَمِ وَأَرْحَبِيَّةٍ وَمَهْرِيَّةٍ مِنْ الْإِبِلِ وَجَوَامِيسَ وَعِرَابٍ مِنْ الْبَقَرِ (فَفِي قَوْلٍ يُؤْخَذُ مِنْ الْأَكْثَرِ) وَإِنْ كَانَ الْأَغْبَطُ خِلَافَهُ اعْتِبَارًا بِالْغَلَبَةِ (فَإِنْ اسْتَوَيَا فَالْأَغْبَطُ) لِلْمُسْتَحِقِّينَ كَمَا فِي اجْتِمَاعِ الْحِقَاقِ وَبَنَاتِ اللَّبُونِ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُخْرِجُ) الْمَالِكُ (مَا شَاءَ) مِنْ النَّوْعَيْنِ (مُقَسِّطًا عَلَيْهِمَا بِالْقِيمَةِ) رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ (فَإِذَا كَانَ) أَيْ وُجِدَ (ثَلَاثُونَ عَنْزًا) وَهِيَ أُنْثَى الْمَعْزِ (وَعَشْرُ نَعَجَاتٍ) مِنْ الضَّأْنِ (أَخَذَ عَنْزًا أَوْ نَعْجَةً بِقِيمَةِ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ عَنْزٍ وَرُبْعِ نَعْجَةٍ) وَفِي عَكْسِ الصُّورَةِ بِقِيمَةِ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ نَعْجَةٍ وَرُبْعِ عَنْزٍ، وَلَوْ كَانَ لَهُ مِنْ الْإِبِلِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ خَمْسَ عَشَرَةَ أَرْحَبِيَّةً وَعَشَرَةٌ مَهْرِيَّةٌ أُخِذَ مِنْهُ عَلَى الْأَظْهَرِ بِنْتُ مَخَاضٍ أَرْحَبِيَّةٌ أَوْ مَهْرِيَّةٌ بِقِيمَةِ ثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ أَرْحَبِيَّةٍ وَخُمُسِ مَهْرِيَّةٍ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَلَوْ كَانَ لَهُ مِنْ الْبَقَرِ الْعِرَابِ ثَلَاثُونَ، وَمِنْ الْجَوَامِيسِ عَشْرٌ أُخِذَ مِنْهُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مُسِنَّةٌ مِنْ الْعِرَابِ، وَعَلَى الثَّانِي فِيمَا يَظْهَرُ مُسِنَّةٌ مِنْهَا بِقِيمَةِ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ مُسِنَّةٍ مِنْهَا وَرُبْعِ جَامُوسَةٍ، بَنَاهُ عَلَى طَرِيقَتِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَالْخِيَرَةُ لِلْمَالِكِ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَا لِلسَّاعِي، فَمَعْنَى قَوْلِنَا أُخِذَ: أَيْ أُخِذَ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا وَجْهُ تَفْرِيعِ فَلَوْ عَلَى مَا قَبْلَهُ الْمُقْتَضِي لِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ مُطْلَقًا؟ قُلْت: وِجْهَةُ النَّظَرُ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ مِنْهُ إنَّمَا ذُكِرَ لِكَوْنِهِ الْأَصْلَ كَمَا تَقَرَّرَ لَا لِانْحِصَارِ الْإِجْزَاءِ فِيهِ اهـ: أَيْ وَلَيْسَ فِيهِ مَا يَدْفَعُ السُّؤَالَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ. [فَائِدَةٌ] قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَالْمَعْزُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَإِسْكَانِهَا اسْمُ جِنْسٍ وَاحِدُهُ مَاعِزٌ وَالْأُنْثَى مَاعِزَةٌ وَالْمَعْزَى وَالْمَعِيزُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْأُمْعُوزُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ بِمَعْنَى الْمَعْزِ اهـ شَرْحُ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ. وَعِبَارَةُ الْقَامُوسِ: الْمَعَزُ بِالْفَتْحِ وَالتَّحْرِيكِ وَالْمَعِيزُ وَالْأُمْعُوزُ وَالْمُعَازُّ كَكُتَّابٍ وَالْمَعْزَى، وَيُمَدُّ خِلَافُ الضَّأْنِ مِنْ الْغَنَمِ وَالْمَاعِزُ وَاحِدُ الْمَعْزِ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى. وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: الْمَعْزُ اسْمُ جِنْسٍ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، وَهِيَ ذَاتُ الشَّعْرِ مِنْ الْغَنَمِ الْوَاحِدَةُ شَاةٌ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ، وَتُفْتَحُ الْعَيْنُ وَتُسَكَّنُ وَجَمْعُ السَّاكِنِ أَمْعُزٌ وَمَعِيزٌ مِثْلُ عَبْدٍ وَأَعْبُدٍ وَعَبِيدٍ، وَالْمَعْزَى أَلِفُهَا لِلْإِلْحَاقِ لَا لِلتَّأْنِيثِ، وَلِهَذَا تُنَوَّنُ فِي التَّنْكِيرِ، وَالذَّكَرُ مَاعِزٌ وَالْأُنْثَى مَاعِزَةٌ (قَوْلُهُ: جَازَ فِي الْأَصَحِّ) هَذِهِ الصُّورَةُ لَيْسَتْ مِنْ اخْتِلَافِ النَّوْعِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَ إلَخْ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْكُلُّ مِنْ الضَّأْنِ، وَأُخِذَ عَنْهُ مِنْ الْمَعْزِ أَوْ عَكْسِهِ (قَوْلُهُ كَالْمَهْرِيَّةِ مَعَ الْأَرْحَبِيَّةِ) تَعْلِيلُ الْأَصَحِّ بِمَا ذُكِرَ يَقْتَضِي أَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ بَعْدَ حِكَايَةِ الْخِلَافِ، وَقَوْلُهُمْ فِي تَوْجِيهِ الْأَوَّلِ كَالْمَهْرِيَّةِ مَعَ الْأَرْحَبِيَّةِ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ أَخْذِ إحْدَاهُمَا عَنْ الْأُخْرَى جَزْمًا حَيْثُ تَسَاوَيَا فِي الْقِيمَةِ اهـ. وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِبَقِيَّةِ أَنْوَاعِ الْإِبِلِ فَهَلْ هِيَ مِنْ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، أَوْ مِنْ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ كَالضَّأْنِ وَالْمَعْزِ رَاجِعْهُ، وَلَعَلَّهُ أَفْرَدَهَا بِالذِّكْرِ لِحِكَايَةِ الْأَصَحِّ وَمُقَابِلُهُ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُمْ فِي تَوْجِيهِ الْأَوَّلِ) عَبَّرَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِهِ مَا يُفِيدُهُ (قَوْلُهُ: إخْرَاجِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ جَزْمًا) أَيْ فَيُؤْخَذُ بِهِ مَا لَمْ يُوجَدْ مَا يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: وَهِيَ أُنْثَى الْمَعْزِ) تَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ الْبَهْجَةِ أَنَّ أُنْثَى الْمَعْزِ مَاعِزَةٌ وَعَلَيْهِ فَالْمَعِيزُ وَالْمَاعِزَةُ مُتَرَادِفَانِ (قَوْلُهُ: بَنَاهُ عَلَى طَرِيقَتِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQجَازَ فِي الْأَصَحِّ) لَا يَخْفَى أَنَّ الصُّورَةَ أَنَّ مَاشِيَتَهُ مُتَّحِدَةٌ كَمَا هُوَ فَرْضُ كَلَامِهِ، فَمَاشِيَتُهُ إمَّا ضَأْنٌ فَقَطْ أَوْ مَعْزٌ فَقَطْ، فَيَجُوزُ إخْرَاجُ الْمَعْزِ عَنْ الْأُولَى وَالضَّأْنِ عَنْ الثَّانِيَةِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ اخْتِلَافِ النَّوْعِ الْآتِي خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ

[أسباب النقص في الزكاة]

مَا اخْتَارَهُ الْمَالِكُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ. ثُمَّ شَرَعَ فِي أَسْبَابِ النَّقْصِ فِي الزَّكَاةِ وَهِيَ خَمْسَةٌ: الْمَرَضُ وَالْعَيْبُ وَالذُّكُورَةُ وَالصِّغَرُ وَرَدَاءَةُ النَّوْعِ فَقَالَ: (وَلَا تُؤْخَذُ مَرِيضَةٌ وَلَا مَعِيبَةٌ) بِمَا يُرَدُّ بِهِ فِي الْبَيْعِ وَهُوَ عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267] وَلِخَبَرِ «وَلَا تُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ وَلَا تَيْسُ الْغَنَمِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُتَصَدِّقُ» (إلَّا مِنْ مِثْلِهَا) بِأَنْ تَمَحَّضَتْ مَاشِيَتُهُ مِنْهَا، وَلَا تُؤَثِّرُ الْخُنُوثَةُ فِي ابْنِ اللَّبُونِ وَإِنْ كَانَتْ فِي الْبَيْعِ عَيْبًا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقِّينَ شُرَكَاءُ فَكَانُوا كَبَقِيَّةِ الشُّرَكَاءِ فَتَكْفِي مَرِيضَةٌ مُتَوَسِّطَةٌ وَمَعِيبَةٌ مِنْ الْوَسَطِ، فَإِنْ اخْتَلَفَ مَالُهُ نَقْصًا وَكَمَالًا وَاتَّحَدَ جِنْسًا أَخْرَجَ وَاحِدًا كَامِلًا أَوْ أَكْثَرَ بِرِعَايَةِ الْقِيمَةِ كَأَرْبَعِينَ شَاةً نِصْفُهَا مِرَاضٌ أَوْ مَعِيبٌ، وَقِيمَةُ كُلِّ صَحِيحَةٍ دِينَارَانِ وَكُلِّ مَرِيضَةٍ أَوْ مَعِيبَةٍ دِينَارٌ لَزِمَهُ صَحِيحَةٌ بِدِينَارٍ وَنِصْفِ دِينَارٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا إلَّا صَحِيحَةٌ فَعَلَيْهِ صَحِيحَةٌ بِتِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ جُزْءًا مِنْ أَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ قِيمَةِ مَرِيضَةٍ أَوْ مَعِيبَةٍ وَبِجُزْءٍ مِنْ أَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ قِيمَةِ صَحِيحَةٍ وَذَلِكَ دِينَارٌ وَرُبْعُ عُشْرِ دِينَارٍ، وَعَلَى هَذَا فَقِسْ، وَإِذَا كَانَ الصَّحِيحُ مِنْ مَاشِيَتِهِ دُونَ قَدْرِ الْوَاجِبِ كَأَنْ وَجَبَ شَاتَانِ فِي غَنَمٍ لَيْسَ فِيهَا إلَّا صَحِيحَةٌ أَجْزَأَهُ صَحِيحَةٌ بِالْقِسْطِ وَمَرِيضَةٌ. (وَلَا) يُؤْخَذُ (ذَكَرٌ) لِوُرُودِ النَّصِّ بِالْإِنَاثِ (إلَّا إذَا وَجَبَ) كَابْنِ اللَّبُونِ وَالْحِقِّ وَالذَّكَرِ فِي الشَّاةِ فِي الْإِبِلِ فِيمَا مَرَّ وَالتَّبِيعِ فِي الْبَقَرِ (وَكَذَا لَوْ تَمَحَّضَتْ) مَاشِيَتُهُ (ذُكُورًا فِي الْأَصَحِّ) كَمَا تُؤْخَذُ الْمَرِيضَةُ وَالْمَعِيبَةُ مِنْ مِثْلِهِمَا، وَلِأَنَّ فِي تَكْلِيفِهِ التَّحْصِيلَ مَشَقَّةً عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ، فَعَلَى هَذَا يُؤْخَذُ فِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ ابْنُ لَبُونٍ أَكْثَرُ قِيمَةً مِنْ ابْنِ لَبُونٍ يُؤْخَذُ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ عِنْدَ فَقْدِ بِنْتِ الْمَخَاضِ لِئَلَّا يُسَوَّى بَيْنَ النِّصَابَيْنِ، وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِالتَّقْوِيمِ وَالنِّسْبَةِ، فَلَوْ كَانَتْ خَمْسٌ وَالْعِشْرُونَ إنَاثًا وَقِيمَتُهَا أَلْفٌ وَقِيمَةُ بِنْتِ الْمَخَاضِ مِنْهَا مِائَةٌ، وَبِتَقْدِيرِ كَوْنِهَا ذُكُورًا قِيمَتُهَا خَمْسُمِائَةٍ وَقِيمَةُ ابْنِ مَخَاضٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ مِنْ أَنَّ قِيمَةَ الْجَوَامِيسِ دُونَ قِيمَةِ الْعِرَابِ فَلَا تُؤْخَذُ عَنْهَا (قَوْلُهُ وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ) هُوَ الْعَيْبُ وَفَتْحُ الْعَيْنِ فِيهِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا اهـ عَمِيرَةُ. وَعِبَارَةُ النِّهَايَةِ: الْعَوَارُ بِالْفَتْحِ الْعَيْبُ وَقَدْ يُضَمُّ، وَفِي الْقَامُوسِ: وَالْعَوَارُ الْعَيْبُ وَالْخَرْقُ فِي الثَّوْبِ، وَيُثَلَّثُ فِي الْكُلِّ، وَفِي الْمِصْبَاحِ: الْعَوَارُ وِزَانُ كَلَامٍ وَالضَّمُّ لُغَةً الْعَيْبُ بِالثَّوْبِ مِنْ خَرْقٍ وَشَقٍّ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَبِالْعَيْنِ عُوَّارٌ بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ وَهُوَ الرَّمَدُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُتَصَدِّقُ) رَاجِعٌ لِلتَّيْسِ فَقَطْ دُونَ مَا قَبْلَهُ فَإِنَّهُ لَا يُؤْخَذُ وَإِنْ رَضِيَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْفُقَرَاءِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ فِي الْبَيْعِ عَيْبًا) لَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَهُ، وَلَعَلَّ إجْزَاءَهُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ الذُّكُورَةِ (قَوْلُهُ وَالْأُنُوثَةُ) فَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَهُوَ أَرْقَى مِنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ، وَإِنْ كَانَ ذَكَرًا أَجْزَأَ عَنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ، بِخِلَافِهِ فِي الْبَيْعِ فَإِنَّ رَغْبَةَ الْمُشْتَرِي تَخْتَلِفُ بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ. (قَوْلُهُ: وَمَعِيبَةٌ مِنْ الْوَسَطِ) فِي التَّعْبِيرِ بِهِ تَفَنُّنٌ (قَوْلُهُ: دُونَ قَدْرِ الْوَاجِبِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ إذَا كَانَ الصَّحِيحُ بِقَدْرِ الْوَاجِبِ أَوْ أَكْثَرَ لَا يُجْزِئُ إلَّا الصِّحَاحُ. وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ فِي مَالِهِ صَحِيحَتَانِ وَوَاجِبُهُ شَاتَانِ وَجَبَ إخْرَاجُ صَحِيحَتَيْنِ بِرِعَايَةِ الْقِيمَةِ وَهُوَ قَرِيبٌ، فَلَوْ لَمْ تُوجَدْ صَحِيحَةٌ تَفِي قِيمَتُهَا بِالْوَاجِبِ مُقَسَّطًا، كَأَنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمَرِيضَةِ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا وَالصَّحِيحَةِ مِائَةً وَفِي مَالِهِ صَحِيحَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ أَرْبَعِينَ، فَقِيمَةُ الصَّحِيحَةِ الْمُجْزِئَةِ أَحَدٌ وَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَنِصْفُ دِرْهَمٍ أَخْرَجَ الْقِيمَةَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ، وَعِبَارَتُهُ: وَلَوْ انْقَسَمَتْ مَاشِيَتُهُ كَصِغَارٍ وَكِبَارٍ وَجَبَتْ كَبِيرَةٌ بِالْقِسْطِ، فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ بِهِ فَالْقِيمَةُ كَمَا مَرَّ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا سَبَقَ (قَوْلُهُ: كَابْنِ اللَّبُونِ وَالْحِقِّ) أَيْ عِنْدَ فَقْدِ بِنْتِ الْمَخَاضِ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ (قَوْلُهُ: وَالتَّبِيعِ فِي الْبَقَرِ) ظَاهِرُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [أَسْبَابِ النَّقْصِ فِي الزَّكَاةِ] قَوْلُهُ: وَهُوَ عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ) لَا يُنَاسِبُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ عَدِّ الْمَرَضِ قَسِيمًا لِلْعَيْبِ (قَوْلُهُ عِنْدَ فَقْدِ بِنْتِ الْمَخَاضِ) صَوَابُهُ ابْنُ الْمَخَاضِ، وَلَيْسَ هَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ الَّذِي هَذِهِ عِبَارَتُهُ بِالْحَرْفِ

مِنْهَا خَمْسُونَ فَيَجِبُ ابْنُ لَبُونٍ قِيمَتُهُ خَمْسُونَ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ قِيمَةُ الْمَأْخُوذِ فِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ بِنِسْبَةِ زِيَادَةِ السِّتِّ وَالثَّلَاثِينَ عَلَى الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ وَهِيَ خُمُسَانِ وَخُمُسُ خُمُسٍ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يَجُوزُ إلَّا الْأُنْثَى لِلتَّنْصِيصِ عَلَى الْإِنَاثِ فِي الْحَدِيثِ. نَعَمْ لَوْ تَعَدَّدَ الْوَاجِبُ وَلَيْسَ عِنْدَهُ إلَّا أُنْثَى فَإِنَّهُ لَمْ يَتَمَحَّضْ، وَمَعَ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ إخْرَاجُ ذَكَرٍ مَعَ الْأُنْثَى الْمَوْجُودَةِ، وَإِيرَادُ هَذِهِ عَلَى عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ نَظَرًا إلَى أَنَّهَا لَمْ تَتَمَحَّضْ، وَأَجْزَأَهُ إخْرَاجُ ذَكَرٍ غَيْرِ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ هَذِهِ حَالَةُ ضَرُورَةٍ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي السَّلِيمِ وَالْمَعِيبِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ، أَمَّا الْغَنَمُ فَالْمَذْهَبُ الْقَطْعُ بِإِجْزَاءِ الذَّكَرِ (وَ) يُؤْخَذُ (فِي الصِّغَارِ صَغِيرَةٌ فِي الْجَدِيدِ) لِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَاَللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَالْعَنَاقُ هِيَ الصَّغِيرَةُ مِنْ الْغَنَمِ مَا لَمْ تَجْذَعْ، وَتُتَصَوَّرُ بِأَنْ تَمُوتَ الْأُمَّهَاتُ وَقَدْ تَمَّ حَوْلُهَا، وَالنِّتَاجُ صَغِيرٌ أَوْ مَلَكَ نِصَابًا مِنْ صِغَارِ الْمَعْزِ وَتَمَّ لَهَا حَوْلٌ فَيُؤْخَذُ مِنْ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ فَصِيلًا فَصِيلٌ فَوْقَ الْمَأْخُوذِ مِنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، وَفِي سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ فَوْقَ الْمَأْخُوذِ مِنْ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ، وَعَلَى هَذَا فَقِسْ، وَالْقَدِيمُ لَا تُؤْخَذُ إلَّا كَبِيرَةٌ لَكِنْ دُونَ الْكَبِيرَةِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ الْكِبَارِ فِي الْقِيمَةِ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ، وَمَحَلُّ إجْزَاءِ الصَّغِيرِ إذَا كَانَ مِنْ الْجِنْسِ، فَلَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ كَخَمْسَةِ أَبْعِرَةٍ صِغَارٍ، وَأَخْرَجَ الشَّاةَ لَمْ يُجْزِ إلَّا مَا يُجْزِئُ فِي الْكِبَارِ، ذَكَرَهُ فِي الْكِفَايَةِ، وَتَقَدَّمَ مِثْلُهُ فِي الْمَرِيضِ، وَلَوْ كَانَ بَعْضُهَا صِغَارًا وَبَعْضُهَا كِبَارًا وَجَبَ إخْرَاجُ كَبِيرَةٍ بِالْقِسْطِ كَمَا مَرَّ فِي نَظَائِرِهِ، وَإِنْ كَانَتْ فِي سِنٍّ فَوْقَ سِنِّ فَرْضِهِ لَمْ يُكَلَّفْ الْإِخْرَاجُ مِنْهَا بَلْ لَهُ تَحْصِيلُ السِّنِّ الْوَاجِبِ، وَلَهُ الصُّعُودُ وَالنُّزُولُ فِي الْإِبِلِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَلَا) تُؤْخَذُ (رُبَّى) بِضَمِّ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْقَصْرِ وَهِيَ الْحَدِيثَةُ الْعَهْدِ بِالنِّتَاجِ شَاةً كَانَتْ أَوْ نَاقَةً أَوْ بَقَرَةً، وَيُطْلَقُ عَلَيْهَا هَذَا الِاسْمُ إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ وِلَادَتِهَا، قَالَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَلَوْ كَانَتْ إنَاثًا (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ ابْنُ لَبُونٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا إذَا تَمَحَضَّتْ ذُكُورًا لَا يُؤْخَذُ مِنْهَا ابْنُ الْمَخَاضِ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ ابْنُ لَبُونٍ بِرِعَايَةِ الْقِيمَةِ، وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَكَذَا لَوْ تَمَحَضَّتْ ذُكُورًا إلَخْ. وَفِي كَلَامِ سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ مُوَافَقَةُ ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَعِبَارَتُهُ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِحُرُوفِهِ الْمُوَافِقَ لِكَلَامِ الشَّارِحِ نَصُّهَا: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى تَقْدِيرِهَا ذُكُورًا ثُمَّ إنَاثًا بَلْ الشَّرْطُ إنَّمَا هُوَ زِيَادَةُ الْمُخْرَجِ فِي السِّتِّ وَالثَّلَاثِينَ عَلَى أَقَلِّ ذَكَرٍ يُجْزِئُ فِي الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ بِنِسْبَةِ زِيَادَةِ السِّتِّ وَالثَّلَاثِينَ عَلَى الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ. نَعَمْ يُحْتَاجُ إلَيْهِ عَلَى الْوَجْهِ الضَّعِيفِ الْمَانِعِ مِنْ جَوَازِ أَخْذِ الذَّكَرِ، وَلِهَذَا خَصَّ الْمَحَلِّيُّ هَذَا التَّقْدِيرَ بِذَلِكَ الْوَجْهِ حَيْثُ قَالَ إلَخْ، قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: لَوْ تَمَحَضَّتْ إبِلُهُ خَنَاثَى لَمْ يَجُزْ الْأَخْذُ مِنْهَا لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِ: أَيْ الْمَأْخُوذِ وَأُنُوثَتِهَا أَوْ عَكْسِهِ، بَلْ تَجِبُ أُنْثَى بِقِيمَةِ وَاحِدٍ مِنْهَا اهـ عُبَابٌ (قَوْلُهُ: وَإِيرَادُ هَذِهِ) الْإِشَارَةِ لِقَوْلِهِ نَعَمْ لَوْ تَعَدَّدَ الْوَاجِبُ (قَوْلُهُ فَالْمَذْهَبُ الْقَطْعُ بِإِجْزَاءِ الذَّكَرِ) أَيْ حَيْثُ تَمَحَضَّتْ ذُكُورًا، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْغَنَمِ وَغَيْرِهَا أَنَّ تَفَاوُتَ الْقِيمَةِ بَيْنَ ذَكَرِهَا وَأُنْثَاهَا يَسِيرُ بِخِلَافِ غَيْرِهَا، وَأَمَّا التَّفَاوُتُ بِالنَّظَرِ لِفَوَاتِ الدَّرِّ وَالنَّسْلِ فَلَمْ يَنْظُرُوا إلَيْهِ لِتَيَسُّرِ تَحْصِيلِ الْأُنْثَى بِقِيمَةِ الذَّكَرِ. (قَوْلُهُ: وَالْعَنَاقُ هِيَ الصَّغِيرَةُ) أَيْ الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ سَنَةً (قَوْلُهُ: فَيُؤْخَذُ مِنْ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ) أَيْ مِنْ الْإِبِلِ وَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَيُتَصَوَّرُ بِأَنْ تَمُوتَ الْأُمَّهَاتُ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ فِي نَظَائِرِهِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ كَأَرْبَعِينَ شَاةً نِصْفُهَا مُرَاضٌ أَوْ مَعِيبٌ وَقِيمَةُ كُلِّ صَحِيحَةٍ دِينَارَانِ (قَوْلُهُ: بَلْ لَهُ تَحْصِيلُ السِّنِّ الْوَاجِبِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى مَا عِنْدَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّا لَمْ نُلْزِمْهُ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا اخْتَارَهُ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا رُبَّى) وَزْنُهَا فُعْلَى بِضَمِّ الْأَوَّلِ وَالْقَصْرِ وَجَمْعُهَا رُبَّاتٌ وَمَكْسِرُهَا رِبَابٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسِنَّةِ فِي الْبَقَرِ (قَوْلُهُ بِأَنْ تَمُوتَ الْأُمَّهَاتُ وَقَدْ تَمَّ حَوْلُهَا) الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ بِأَنْ تَمَّ حَوْلُ النِّتَاجِ الْمَبْنِيِّ حَوْلَهُ عَلَى حَوْلِ أُمَّهَاتِهِ الَّتِي مَاتَتْ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ

[الخلطة في الزكاة]

الْأَزْهَرِيُّ وَالْجَوْهَرِيُّ إلَى شَهْرَيْنِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا تُرَبِّي وَلَدَهَا (وَ) لَا (أَكُولَةٌ) وَهِيَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الْكَافِ مَعَ التَّخْفِيفِ الْمُسَمَّنَةُ لِلْأَكْلِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ (وَ) لَا (حَامِلٌ) إذْ فِي أَخْذِهَا أَخْذُ حَيَوَانَيْنِ بِحَيَوَانٍ، وَأُلْحِقَ بِهَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ الَّتِي طَرَقَهَا الْفَحْلُ لِغَلَبَةِ حَمْلِ الْبَهَائِمِ مِنْ مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ الْآدَمِيَّاتِ، وَإِنَّمَا لَمْ تُجْزِ فِي الْأُضْحِيَّةِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهَا اللَّحْمُ وَلَحْمُهَا رَدِيءٌ وَهُنَا مُطْلَقُ الِانْتِفَاعِ، وَهُوَ بِالْحَامِلِ أَكْثَرُ لِزِيَادَةِ ثَمَنِهَا غَالِبًا، وَالْحَمْلُ إنَّمَا يَكُونُ عَيْبًا فِي الْآدَمِيَّاتِ (وَ) لَا (خِيَارٌ) عَامٌّ بَعْدَ خَاصٍّ، وَيَظْهَرُ ضَبْطُهُ بِأَنْ يَزِيدَ قِيمَةُ بَعْضِهَا بِوَصْفٍ آخَرَ غَيْرَ مَا ذُكِرَ عَلَى قِيمَةِ كُلٍّ مِنْ الْبَاقِيَاتِ، وَأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ هُنَا بِزِيَادَةٍ لِأَجْلِ نَحْوِ نِطَاحٍ، وَأَنَّهُ إذَا وُجِدَ وَصْفٌ مِنْ أَوْصَافِ الْخِيَارِ الَّتِي ذَكَرُوهَا لَا يُعْتَبَرُ مَعَهُ زِيَادَةُ قِيمَةٍ وَلَا عَدَمُهَا وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمُعَاذٍ «إيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ» وَلِقَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَلَا تُؤْخَذُ الْأَكُولَةُ وَلَا الرُّبَّى وَلَا الْمَاخِضُ: أَيْ الْحَامِلُ، وَلَا فَحْلُ الْغَنَمِ. نَعَمْ لَوْ كَانَتْ مَاشِيَتُهُ كُلُّهَا كَذَلِكَ أُخِذَ مِنْهَا إلَّا الْحَوَامِلَ فَلَا يُطَالَبُ بِحَامِلٍ مِنْهَا لِمَا مَرَّ كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ صَاحِبِ التَّقْرِيبِ وَارْتَضَاهُ وَاسْتَحْسَنَهُ (إلَّا بِرِضَا الْمَالِكِ) فِي الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ بِالزِّيَادَةِ، قَالَ تَعَالَى {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التوبة: 91] ثُمَّ شَرَعَ فِي الْخُلْطَةِ وَهِيَ نَوْعَانِ: خُلْطَةُ شَرِكَةٍ، وَيُعَبَّرُ عَنْهَا بِخُلْطَةِ الْأَعْيَانِ وَالشُّيُوعِ، وَخُلْطَةُ جِوَارٍ. وَقَدْ شَرَعَ فِي الْأَوَّلِ فَقَالَ (وَلَوْ اشْتَرَكَ أَهْلُ الزَّكَاةِ) أَيْ اثْنَانِ مِنْ أَهْلِهَا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ زَكَّيَا، وَإِطْلَاقُ أَهْلٍ عَلَى الِاثْنَيْنِ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ وَهَذَا مِثَالٌ (فِي مَاشِيَةٍ) مِنْ جِنْسٍ بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ غَيْرِهِ وَهِيَ نِصَابٌ أَوْ أَقَلُّ، وَلِأَحَدِهِمَا نِصَابٌ أَوْ أَكْثَرُ وَدَامَ ذَلِكَ (زَكَّيَا كَرَجُلٍ) وَاحِدٍ إذْ خُلْطَةُ الْجِوَارِ تُفِيدُ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي فَخُلْطَةُ الْأَعْيَانِ أَوْلَى، ـــــــــــــــــــــــــــــSبِالْكَسْرِ اهـ عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُهُ شَاةً كَانَتْ أَوْ نَاقَةً أَوْ بَقَرَةً زَادَ حَجّ: وَإِنْ اخْتَلَفَ أَهْلُ اللُّغَةِ فِي إطْلَاقِهَا عَلَى الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: وَالْجَوْهَرِيُّ إلَى شَهْرَيْنِ) أَيْ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ إلَخْ: قَالَ حَجّ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِكَوْنِهَا تُسَمَّى حَدِيثَةً عُرْفًا؛ لِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ لِنَظَرِ الْفُقَهَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَا حَامِلٌ) أَيْ وَلَوْ بِغَيْرِ مَأْكُولٍ اهـ سم، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرُ الْمَأْكُولِ نَجِسًا كَمَا لَوْ نَزَا خِنْزِيرٌ عَلَى بَقَرَةٍ فَحَمَلَتْ مِنْهُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ فِي أَخْذِهَا الِاخْتِصَاصَ بِمَا فِي جَوْفِهَا (قَوْلُهُ: الَّتِي طَرَقَهَا الْفَحْلُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَحْمِلْ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لِغَلَبَةِ حَمْلِ الْبَهَائِمِ) وَبَقِيَ مَا لَوْ دَفَعَ حَائِلًا فَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا هَلْ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ فَيَسْتَرِدُّهَا (قَوْلُهُ غَيْرَ مَا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ الرُّبَّى وَالْأَكُولَةِ وَالْحَامِلِ (قَوْلُهُ: وَلِقَوْلِ عُمَرَ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَا فِيهِ هَذِهِ الْأَوْصَافُ مِنْ الْكَرَائِمِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ إذْ فِي أَخْذِهَا أَخْذُ حَيَوَانَيْنِ بِحَيَوَانٍ (قَوْلُهُ: إلَّا بِرِضَا الْمَالِكِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ فِي الرُّبَّى إذَا اسْتَغْنَى الْوَلَدُ عَنْهَا، وَإِلَّا فَلَا لِحُرْمَةِ التَّفْرِيقِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اشْتَرَكَ أَهْلُ الزَّكَاةِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَالٌ مَمْلُوكٌ لَهُمَا سَوَاءٌ كَانَ بِاشْتِرَاكٍ مِنْهُمَا بِعَقْدٍ أَوْ لَا كَأَنْ وَرِثَاهُ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ مَاشِيَتُهُ (قَوْلُهُ: وَلِأَحَدِهِمَا نِصَابٌ أَوْ أَكْثَرُ) كَمَا لَوْ اشْتَرَكَا فِي عِشْرِينَ شَاةً مَثَلًا وَلِأَحَدِهِمَا مَا يَبْلُغُ بِهِ مَالُهُ نِصَابًا فَأَكْثَرَ كَأَنْ تَمَيَّزَ بِثَلَاثِينَ غَيْرِ الْعَشَرَةِ الْمَخْلُوطَةِ، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ حَجّ حَيْثُ قَالَ: وَقَدْ تُفِيدُ تَثْقِيلًا عَلَى أَحَدِهِمَا وَتَخْفِيفًا عَلَى الْآخَرِ كَسِتِّينَ لِأَحَدِهِمَا ثُلُثَاهَا، وَكَأَنْ اُشْتُرِكَ فِي عِشْرِينَ مُنَاصَفَةً وَلِأَحَدِهِمَا ثَلَاثُونَ انْفَرَدَ بِهَا فَيَلْزَمُهُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ شَاةٍ وَالْآخَرُ خُمُسُ شَاةٍ اهـ. وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي قَوْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ ضَبْطُهُ بِأَنْ تَزِيدَ قِيمَةُ بَعْضِهَا بِوَصْفٍ آخَرَ غَيْرِ مَا ذُكِرَ) لَعَلَّ هُنَا سَقْطًا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ وَإِلَّا فَهَذَا لَا يُلَائِمُ كَوْنَهُ مِنْ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: عَامٌّ بَعْدَ خَاصٍّ، كَذَا قِيلَ وَهُوَ غَيْرُ مُتَّجَهٍ بَلْ هُوَ مُغَايِرٌ، وَالْمُرَادُ وَخِيَارٌ بِوَصْفٍ آخَرَ غَيْرِ مَا ذُكِرَ، وَحِينَئِذٍ فَيَظْهَرُ ضَبْطُهُ بِأَنْ تَزِيدَ قِيمَةُ بَعْضِهَا إلَى آخِرِ مَا فِي الشَّارِحِ [الْخُلْطَةِ فِي الزَّكَاة] (قَوْلُهُ: وَلِأَحَدِهِمَا نِصَابٌ أَوْ أَكْثَرُ) أَيْ وَلَوْ بِالْمَخْلُوطِ وَهُوَ فِي صُورَةِ الْأَقَلِّ فَقَطْ

وَهَذِهِ الشَّرِكَةُ قَدْ تُفِيدُ تَخْفِيفًا كَالِاشْتِرَاكِ فِي ثَمَانِينَ عَلَى السَّوَاءِ أَوْ تَثْقِيلًا كَالِاشْتِرَاكِ فِي أَرْبَعِينَ أَوْ تَخْفِيفًا عَلَى أَحَدِهِمَا وَتَثْقِيلًا عَلَى الْآخَرِ كَأَنْ مَلَكَا سِتِّينَ لِأَحَدِهِمَا ثُلُثَاهَا وَلِلْآخَرِ ثُلُثُهَا، وَقَدْ لَا تُفِيدُ شَيْئًا كَمِائَتَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ وَتَأْتِي هَذِهِ الْأَقْسَامُ فِي خُلْطَةِ الْجِوَارِ أَيْضًا، وَهِيَ الثَّانِي الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ فَقَالَ (وَكَذَا لَوْ خُلِطَا مُجَاوَرَةً) لِجَوَازِ ذَلِكَ بِالْإِجْمَاعِ وَلِخَبَرِ أَنَسٍ «وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ» نَهَى الْمَالِكَ عَنْ كُلٍّ مِنْ التَّفْرِيقِ وَالْجَمْعِ خَشْيَةَ وُجُوبِهَا أَوْ كَثْرَتِهَا، وَنَهَى السَّاعِيَ عَنْهُمَا خَشْيَةَ سُقُوطِهَا أَوْ قِلَّتِهَا، وَالْخَبَرُ ظَاهِرٌ فِي الْجِوَارِ وَمِثْلُهَا الشُّيُوعُ وَأَوْلَى، وَيُسَمَّى هَذَا النَّوْعُ خُلْطَةَ جِوَارٍ وَخُلْطَةَ أَوْصَافٍ، وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ أَهْلُ الزَّكَاةِ عَلَى أَنَّهُ قَيْدٌ فِي الْخَلِيطَيْنِ، فَلَوْ كَانَ أَحَدُ الْمَالَيْنِ مَوْقُوفًا أَوْ لِذِمِّيٍّ أَوْ مُكَاتَبٍ أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ لَمْ تُؤَثِّرْ الْخُلْطَةُ شَيْئًا بَلْ يُعْتَبَرُ نَصِيبُ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ إنْ بَلَغَ نِصَابًا زَكَّاهُ زَكَاةَ الْمُنْفَرِدِ وَإِلَّا فَلَا زَكَاةَ، وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ اعْتِبَارُ كَوْنِ الْمَالَيْنِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، لَا غَنَمٍ مَعَ بَقَرٍ، وَكَوْنِ مَجْمُوعِ الْمَالَيْنِ نِصَابًا فَأَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ وَلِأَحَدِهِمَا نِصَابٌ فَأَكْثَرُ، فَلَوْ مَلَكَ كُلٌّ مِنْهُمَا عِشْرِينَ مِنْ الْغَنَمِ فَخُلِطَ تِسْعَةَ عَشَرَ بِمِثْلِهَا، وَتَرَكَا شَاتَيْنِ مُنْفَرِدَتَيْنِ فَلَا خُلْطَةَ وَلَا زَكَاةَ. وَدَوَامُ الْخُلْطَةِ سَنَةً إنْ كَانَ الْمَالُ حَوْلِيًّا، فَلَوْ مَلَكَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَرْبَعِينَ شَاةً فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ، وَخُلِطَا فِي أَوَّلِ صَفَرٍ فَالْجَدِيدُ أَنَّهُ لَا خُلْطَةَ فِي الْحَوْلِ الْأَوَّلِ، بَلْ إذَا جَاءَ الْمُحَرَّمُ وَجَبَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا شَاةٌ، وَتَثْبُتُ الْخُلْطَةُ فِي الْحَوْلِ الثَّانِي وَمَا بَعْدَهُ. فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُؤَثِّرْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَوْلِيًّا اُشْتُرِطَ بَقَاؤُهَا إلَى زَهْوِ الثِّمَارِ وَاشْتِدَادِ الْحَبِّ فِي النَّبَاتِ وَإِنَّمَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي شَرِكَةِ الْمُجَاوَرَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالشَّارِحِ: وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ اعْتِبَارُ كَوْنِ الْمَالَيْنِ إلَخْ 1 - (قَوْلُهُ: وَهِيَ الثَّانِي) أَيْ النَّوْعُ الثَّانِي (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ خُلِطَا مُجَاوَرَةً) وَيَنْبَغِي لِلْوَلِيِّ أَنْ يَفْعَلَ بِمَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ مَا فِيهِ لِمَصْلَحَةٍ لَهُ مِنْ الْخُلْطَةِ وَعَدَمِهَا قِيَاسًا عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي الْأُسَامَةِ، وَبَقِيَ مَا لَوْ اخْتَلَفَتْ عَقِيدَةُ الْوَلِيِّ وَالْمُوَلَّى عَلَيْهِ فَهَلْ يُرَاعِي عَقِيدَةَ نَفْسِهِ أَوْ عَقِيدَةَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَتْ عَقِيدَتُهُ وَعَقِيدَةُ شَرِيكِهِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا يَعْمَلُ بِعَقِيدَتِهِ، فَلَوْ خَلَطَ شَافِعِيٌّ عِشْرِينَ شَاةً بِعِشْرِينَ شَاةً بِمِثْلِهَا لِصَبِيٍّ حَنَفِيٍّ وَجَبَ عَلَى الشَّافِعِيِّ نِصْفُ شَاةٍ عَمَلًا بِعَقِيدَتِهِ دُونَ الْحَنَفِيِّ (قَوْلُهُ: نَهَى الْمَالِكُ عَنْ كُلٍّ مِنْ التَّفْرِيقِ وَالْجَمْعِ خَشْيَةَ وُجُوبِهَا) قَالَ الْعَلَّامَةُ الْحَلَبِيُّ: لَا يَتَأَتَّى الْجَمْعُ خَشْيَةَ الْوُجُوبِ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت بِهَامِشٍ صَحِيحٍ مُعْتَمَدٍ فَائِدَةً: مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ إلَخْ كَانَ النَّاسُ فِي الْحَيِّ أَوْ فِي الْقَرْيَةِ إذَا عَلِمُوا أَنَّ الْمُصَدِّقَ يَقْصِدُهُمْ لِيَأْخُذَ صَدَقَاتِهِمْ فَيَكُونُ مَثَلًا ثَلَاثَةَ أَنْفُسٍ فَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَرْبَعُونَ شَاةً فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: تَعَالَوْا حَتَّى نَخْتَلِطَ بِهَا، فَيَقُولُونَ نَحْنُ ثَلَاثُ خُلَطَاءَ لَنَا عِشْرُونَ وَمِائَةُ شَاةٍ فَيَأْخُذُ الْمُصَدِّقُ مِنْهُمْ شَاةً وَاحِدَةً، فَقَدْ نَقَصُوا الْمَسَاكِينَ شَاتَيْنِ، لِأَنَّهُمْ لَوْ تَرَكُوهَا عَلَى حَالِهَا لَوَجَبَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ شَاةٌ فَنُهُوا عَنْ هَذَا الْفِعْلِ، فَهَذَا مَعْنَى لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ مَخَافَةَ الصَّدَقَةِ أَنْ تَكْثُرَ عَلَيْهِمْ. وَقَوْلُهُ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمَعٍ هَذَا خِطَابٌ لِعَامِلِ الصَّدَقَةِ، قِيلَ لَهُ إذَا كَانُوا خُلَطَاءَ اثْنَانِ لَهُمَا ثَمَانُونَ شَاةً يَجِبُ عَلَيْهِمَا شَاةٌ وَاحِدَةٌ لَا يُفَرِّقُهَا عَلَيْهِمَا فَيَقُولُ إذَا فَرَّقْتهَا عَلَيْهِمَا أَخَذْت مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ شَاةً، فَأَمَرَ كُلَّ وَاحِدٍ أَنْ يُدِيمَ الشَّيْءَ عَلَى حَالِهِ وَيَتَّقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ انْتَهَى. أَقُولُ: لَكِنْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّهُمْ لَوْ تَرَكُوهَا عَلَى حَالِهَا لَوَجَبَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ شَاةٌ الْجَمْعُ عَلَيْهِ إنَّمَا يُفِيدُ تَقْلِيلَ الْوُجُوبِ لَا إسْقَاطَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ خَشْيَةَ الْوُجُوبِ فِي الْجُمْلَةِ لَا خُصُوصَ الْإِسْقَاطِ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ مِنْ جِنْسٍ بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ غَيْرِهِ وَهِيَ نِصَابٌ أَوْ أَقَلُّ (قَوْلُهُ: لَا غَنَمَ مَعَ بَقَرٍ) أَيْ بِخِلَافِ ضَأْنٍ مَعَ مَعْزٍ لِعَدَمِ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ (قَوْلُهُ: وَتَثْبُتُ الْخُلْطَةُ فِي الْحَوْلِ الثَّانِي وَمَا بَعْدَهُ) أَيْ مِنْ أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِجَوَازِ ذَلِكَ بِالْإِجْمَاعِ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ كَوْنِ هَذَا تَعْلِيلًا لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ كَرَجُلٍ فِي خُلْطَةِ الْجِوَارِ (قَوْلُهُ: نَهَى الْمَالِكُ إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَيَخْتَلِفُ تَقْدِيرُ الْمُضَافِ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ الْآتِيَةِ

(بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَمَيَّزَ) مَاشِيَةُ أَحَدِهِمَا عَنْ مَاشِيَةِ الْآخَرِ (فِي الْمَشْرَعِ) وَهُوَ مَوْضِعُ شُرْبِ الْمَاشِيَةِ، وَلَا فِي الْمَكَانِ الَّذِي تُوقَفُ فِيهِ عِنْدَ إرَادَةِ سَقْيِهَا، وَلَا فِي الَّذِي تُنَحَّى إلَيْهِ لِيَشْرَبَ غَيْرُهَا (وَ) لَا فِي (الْمَسْرَحِ) وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَجْتَمِعُ فِيهِ ثُمَّ تُسَاقُ إلَى الْمَرْعَى، وَلَا فِي الْمَرْعَى وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَرْعَى فِيهِ، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا اتِّحَادُ الْمَمَرِّ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (وَ) لَا فِي (الْمُرَاحِ) وَهُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ مَأْوَاهَا لَيْلًا (وَ) لَا فِي (مَوْضِعِ الْحَلَبِ) وَهُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ يُقَالُ لِلَّبَنِ وَلِلْمَصْدَرِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَحُكِيَ سُكُونُهَا لِأَنَّهُ إذَا تَمَيَّزَ مَالُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِشَيْءٍ لَمْ يَصِرْ ذَلِكَ كَمَالٍ وَاحِدٍ، وَالْغَرَضُ مِنْ الْخُلْطَةِ صَيْرُورَتُهُمَا كَمَالٍ وَاحِدٍ لِخِفَّةِ الْمُؤْنَةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ كَمَا قَالَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُمَا إلَّا مَشْرَعٌ أَوْ مَرْعًى أَوْ مُرَاحٌ وَاحِدٌ بِالذَّاتِ بَلْ لَا بَأْسَ بِتَعَدُّدِهَا، وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ لَا تُخَصَّ مَاشِيَةُ هَذَا بِمُرَاحٍ وَمَشْرَعٍ وَمَاشِيَةُ الْآخَرِ بِمُرَاحٍ وَمَشْرَعٍ (وَكَذَا) يُشْتَرَطُ (اتِّحَادُ الرَّاعِي وَالْفَحْلِ فِي الْأَصَحِّ) لِخَبَرِ «وَالْخَلِيطَانِ مَا اجْتَمَعَا فِي الْمَرْعَى وَالْفَحْلِ وَالرَّاعِي» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، وَيَجُوزُ تَعَدُّدُ الرُّعَاةِ قَطْعًا بِشَرْطِ عَدَمِ انْفِرَادِ كُلٍّ بِرَاعٍ. وَالْمُرَادُ بِالِاتِّحَادِ أَنْ يَكُونَ الْفَحْلُ أَوْ الْفُحُولُ مُرْسَلَةً فِيهَا تَنْزُو عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمَاشِيَتَيْنِ بِحَيْثُ لَا تَخْتَصُّ مَاشِيَةُ كُلٍّ بِفَحْلٍ عَنْ مَاشِيَةِ الْآخَرِ وَإِنْ كَانَتْ مِلْكًا لِأَحَدِهِمَا أَوْ مُعَارَةً لَهُ أَوْ لَهُمَا إلَّا إذَا اخْتَلَفَ النَّوْعُ كَضَأْنٍ وَمَعْزٍ فَلَا يَضُرُّ اخْتِلَافُهُ جَزْمًا لِلضَّرُورَةِ، وَيُشْتَرَطُ اتِّحَادُ مَكَانِ الْإِنْزَاءِ كَالْحَلَبِ، وَلَوْ افْتَرَقَتْ مَاشِيَتُهُمَا زَمَنًا طَوِيلًا وَلَوْ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ ضُرٍّ، فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا وَلَمْ يَعْلَمَا بِهِ لَمْ يَضُرَّ، فَإِنْ عَلِمَا بِهِ وَأَقَرَّاهُ أَوْ قَصَدَا ذَلِكَ أَوْ عَلِمَهُ أَحَدُهُمَا فَقَطْ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ ضَرَّ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي الرَّاعِي وَالْفَحْلِ يُنْظَرُ إلَى أَنَّ الِافْتِرَاقَ فِيهِمَا لَا يَرْجِعُ إلَى نَفْسِ الْمَالِ بِخِلَافِهِ فِيمَا قَبْلَهُمَا، وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الْحَالِبِ وَلَا الْإِنَاءِ الَّذِي يُحْلَبُ فِيهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَمَا لَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ آلَةِ الْجَزِّ وَلَا خُلْطَةُ اللَّبَنِ فِي الْأَصَحِّ (لَا نِيَّةُ الْخُلْطَةِ فِي الْأَصَحِّ) إذْ مُقْتَضَى تَأْثِيرِ الْخُلْطَةِ مِنْ خِفَّةِ الْمُؤْنَةِ حَاصِلٌ وَإِنْ لَمْ تُنْوَ. وَالثَّانِي تُشْتَرَطُ؛ لِأَنَّ الْخُلْطَةَ مُغَيِّرَةٌ لِمِقْدَارِ الزَّكَاةِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِهِ دَفْعًا لِضَرَرِهِ فِي الزِّيَادَةِ وَضَرَرِ الْفُقَرَاءِ فِي النُّقْصَانِ، ثُمَّ مَحَلُّ مَا تَقَدَّمَ حَيْثُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لِلْخَلِيطَيْنِ حَالَةَ انْفِرَادٍ، فَإِنْ انْعَقَدَ الْحَوْلُ عَلَى الِانْفِرَادِ، ثُمَّ طَرَأَتْ الْخُلْطَةُ فَإِنْ اتَّفَقَ حَوْلَاهُمَا بِأَنْ مَلَكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَرْبَعِينَ شَاةً ثُمَّ خُلِطَا فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ لَمْ تَثْبُتْ الْخُلْطَةُ فِي السَّنَةِ الْأُولَى، فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ عِنْدَ تَمَامِهَا شَاةٌ، وَإِنْ اخْتَلَفَ حَوْلَاهُمَا كَأَنْ مَلَكَ هَذَا غُرَّةَ الْمُحَرَّمِ وَهَذَا غُرَّةَ صَفَرٍ وَخُلِطَا غُرَّةَ شَهْرِ رَبِيعٍ فَعَلَى كُلِّ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: اتِّحَادُ الْمَمَرِّ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْمَسْرَحِ وَالْمَرْعَى لَا بَيْنَ الْمَشْرَعِ وَالْمَسْرَحِ (قَوْلُهُ: رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ) وَضَعْفُهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ مَقْصُودِ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ الِاسْتِدْلَالَ عَلَى أَصْلِ الْخُلْطَةِ بَلْ الدَّلِيلُ بَلْ أَصْلُهَا الْإِجْمَاعُ وَعَلَى اعْتِبَارِ الشُّرُوطِ مَا يُحَقِّقُ خِفَّةَ الْمُؤْنَةِ، وَهِيَ إنَّمَا تَحْصُلُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ تَعَدُّدُ الرُّعَاةِ) قَالَ فِي مُخْتَارِ الصِّحَاحِ: وَجَمْعُ الرَّاعِي رُعَاةٌ كَقَاضٍ وَقُضَاةٌ وَرُعْيَانٌ كَشَابٍّ وَشُبَّانٍ اهـ أَيْ وَيُجْمَعُ أَيْضًا عَلَى رِعَاءٍ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ} [القصص: 23] الْآيَةَ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الصِّحَاحِ وَالْقَامُوسِ، وَزَادَ فِي الْقَامُوسِ: وَرَعَاءٌ بِالْفَتْحِ قَالَا وَبِالضَّمِّ اسْمُ جَمْعٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ افْتَرَقَتْ مَاشِيَتُهُمَا زَمَنًا طَوِيلًا) وَهُوَ الزَّمَانُ الَّذِي لَا تَصِيرُ فِيهِ الْمَاشِيَةُ عَلَى تَرْكِ الْعَلَفِ بِلَا ضَرَرٍ بَيِّنٍ (قَوْلُهُ: وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُتَعَرَّضْ لَهُ (قَوْلُهُ: كَمَا لَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ آلَةِ الْجَزِّ) وَكَذَا لَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الْجِزَازِ قِيَاسًا عَلَى الْحَالِبِ، وَلَا خُلْطَةُ الصُّوفِ قِيَاسًا عَلَى خُلْطَةِ اللَّبَنِ وَقِيَاسُ اشْتِرَاطِ اتِّحَادِ مَوْضِعِ الْحَلْبِ اشْتَرَطَ اتِّحَادَ مَوْضِعِ الْجَزِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: يَنْظُرُ إلَى أَنَّ الِافْتِرَاقَ فِيهِمَا لَا يَرْجِعُ إلَى نَفْسِ الْمَالِ) أَيْ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ افْتِرَاقُ الْمَالِ إذْ هُوَ مَخْلُوطٌ بِالْفِعْلِ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْمَسْرَحِ يَلْزَمُ مِنْ اخْتِلَافِهِ افْتِرَاقُ عَيْنِ الْمَالِ إذْ يَصِيرُ كُلُّ مَالٍ فِي مَسْرَحٍ عَلَى حِدَةٍ

وَاحِدَةٍ عِنْدَ انْقِضَاءِ حَوْلِهِ شَاةٌ، وَإِذَا طَرَأَ الِانْفِرَادُ عَلَى الْخُلْطَةِ فَمَنْ بَلَغَ مَالُهُ نِصَابًا زَكَّاهُ وَمَنْ لَا فَلَا، وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ التَّرَاجُعِ. وَحَاصِلُهُ جَوَازُ أَخْذِ السَّاعِي مِنْ مَالِ أَحَدِ الْخَلِيطَيْنِ وَإِنْ لَمْ يُضْطَرَّ إلَيْهِ، فَإِذَا أَخَذَ شَاةً مَثَلًا مِنْ أَحَدِهِمَا رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ قِيمَتِهَا لَا مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مِثْلِيَّةٍ، فَلَوْ خَلَطَا مِائَةً بِمِائَةٍ وَأَخَذَ السَّاعِي شَاتَيْنِ مِنْ أَحَدِهِمَا رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِ قِيمَتِهِمَا لَا بِقِيمَةِ نِصْفِهِمَا وَلَا بِشَاةٍ وَلَا بِنِصْفَيْ شَاتَيْنِ، فَإِذَا أَخَذَ مِنْ كُلٍّ شَاةً فَلَا تَرَاجُعَ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُمَا فَلَوْ كَانَ لِزَيْدٍ ثَلَاثُونَ وَلِعَمْرٍو عَشْرٌ فَأَخَذَ الشَّاةَ مِنْ عَمْرٍو وَرَجَعَ عَلَى زَيْدٍ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ قِيمَتِهَا أَوْ أَخَذَهَا مِنْ زَيْدٍ رَجَعَ عَلَى عَمْرٍو بِالرُّبْعِ، وَإِنْ كَانَ لِزَيْدٍ مِائَةٌ وَلِعَمْرٍو خَمْسُونَ فَأَخَذَ السَّاعِي الشَّاتَيْنِ مِنْ عَمْرٍو رَجَعَ عَلَى زَيْدٍ بِثُلُثَيْ قِيمَتِهِمَا أَوْ مِنْ زَيْدٍ رَجَعَ بِالثُّلُثِ، وَإِنْ أَخَذَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا شَاةً رَجَعَ زَيْدٌ بِثُلُثِ قِيمَةِ شَاتِه وَعَمْرٌو بِثُلُثَيْ قِيمَةِ شَاتِهِ، وَإِنْ تَنَازَعَا فِي قِيمَةِ الْمَأْخُوذِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْجُوعِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَقَدْ يَقَعُ التَّقَاصُّ وَإِنْ كَانَ لِزَيْدٍ أَرْبَعُونَ مِنْ الْبَقَرِ وَلِعَمْرٍو مِنْهَا ثَلَاثُونَ فَأَخَذَ السَّاعِي التَّبِيعَ وَالْمُسِنَّةَ مِنْ عَمْرٍو رَجَعَ بِأَرْبَعَةِ أَسْبَاعِ قِيمَتِهِمَا أَوْ مِنْ زَيْدٍ رَجَعَ بِثَلَاثَةِ أَسْبَاعِ قِيمَتِهِمَا، فَإِنْ أَخَذَ مِنْ كُلٍّ فَرْضَهُ فَلَا تَرَاجُعَ، فَإِنْ أَخَذَ التَّبِيعَ مِنْ زَيْدٍ وَالْمُسِنَّةَ مِنْ عَمْرٍو رَجَعَ عَلَى زَيْدٍ بِأَرْبَعَةِ أَسْبَاعِهَا، وَرَجَعَ عَلَيْهِ زَيْدٌ بِثَلَاثَةِ أَسْبَاعِ التَّبِيعِ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الرُّجُوعِ فِيمَا ذُكِرَ إذْنُ الشَّرِيكِ الْآخَرِ فِي الدَّفْعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْخَبَرِ السَّابِقِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَكَلَامُ الْإِمَامِ مُصَرَّحٌ بِهِ لِإِذْنِ الشَّارِعِ فِيهِ، وَلِأَنَّ الْمَالَيْنِ بِالْخُلْطَةِ صَارَا كَالْمَالِ الْمُنْفَرِدِ، وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْأُسْتَاذِ قَالَ: لِأَنَّ نَفْسَ الْخُلْطَةِ مُسَلَّطَةٌ عَلَى الدَّفْعِ الْمُبْرِئِ الْمُوجِبِ لِلرُّجُوعِ. وَقَالَ الْجُرْجَانِيُّ: لِكُلٍّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أَنَّهُ يُخْرِجُ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ نِيَّةَ أَحَدِهِمَا تُغْنِي عَنْ نِيَّةِ الْآخَرِ وَأَنَّ قَوْلَ الرَّافِعِيِّ كَالْإِمَامِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ أَنَّ مَنْ أَدَّى حَقًّا عَلَى غَيْرِهِ يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْخَلِيطَيْنِ فِي الزَّكَاةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ كَالْخَبَرِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الرُّجُوعِ بِغَيْرِ إذْنٍ بَيْنَ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ وَأَنْ يُخْرِجَ مِنْ غَيْرِهِ، لَكِنْ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْقَاضِي أَبِي مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيِّ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا أُخْرِجَ مِنْ الْمُشْتَرَكِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ كَلَامَهُمْ كَالْخَبَرِ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ، وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ: قَالَ أَصْحَابُنَا: أَخْذُ الزَّكَاةِ مِنْ مَالِ الْخَلِيطَيْنِ يَقْتَضِي التَّرَاجُعَ بَيْنَهُمَا، وَقَدْ يَقْتَضِي رُجُوعَ أَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ دُونَ الْآخَرِ (وَالْأَظْهَرُ) (تَأْثِيرُ خُلْطَةِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَالنَّقْدِ وَعَرْضِ التِّجَارَةِ) بِاشْتِرَاكٍ أَوْ مُجَاوَرَةٍ كَمَا فِي الْمَاشِيَةِ لِعُمُومِ خَبَرِ «لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَلَا تُرَاجَعْ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُمَا) قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا مِائَةٌ وَالْآخَرِ خَمْسُونَ رُجُوعُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِنِصْفِ قِيمَةِ شَاةٍ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ لَمَّا أَخَذَ مِنْ عَمْرٍو فَوْقَ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ وَرَجَعَ عَلَى زَيْدٍ بِهِ سَوَّى بَيْنَهُمَا بِرُجُوعِ زَيْدٍ عَلَيْهِ أَيْضًا، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَخَذَ مِنْهُ قَدْرَ حِصَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَقَعُ التَّقَاصُّ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُمَا مُسْتَوِيَةً جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ نِيَّةَ أَحَدِهِمَا) أَيْ الْمُخْرِجِ عَنْ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ: يَحْتَاجُ هُوَ صِفَةُ حَقًّا، وَقَوْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ صِلَةُ أَدَّى قَوْلُهُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا أُخْرِجَ مِنْ الْمُشْتَرَكِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: دُونَ الْآخَرِ) أَيْ كَأَنْ دَفَعَ مِنْ غَيْرِ الْمَالِ الْمَخْلُوطِ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ شَرِيكِهِ (قَوْلُهُ: لِعُمُومِ خَبَرِ إلَخْ) بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْخَبَرِ السَّابِقِ) تَبِعَ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ شَرْحَ الرَّوْضِ، لَكِنَّ ذَاكَ أَحَالَ عَلَى مَا قَدَّمَهُ فِي خَبَرِ الْبُخَارِيِّ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ السَّابِقِ وَلَفْظُهُ «وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ» وَكَأَنَّ الشَّارِحَ أَرَادَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ الْخَبَرَ السَّابِقَ بَعْضُهُ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْجُرْجَانِيُّ لِكُلٍّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُخْرِجَ) أَيْ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ السِّيَاقِ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا تَسَلُّطَ لَهُ عَلَى مِلْكِ الْآخَرِ، بِخِلَافِ السَّاعِي إذْ الشَّارِعُ سَلَّطَهُ (قَوْلُهُ: مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ) أَيْ مِمَّا يَخُصُّهُ مِنْهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فَلْيُرَاجَعْ

وَلِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِتَأْثِيرِ الْخُلْطَةِ فِي الْمَاشِيَةِ هُوَ خِسَّةُ الْمُؤْنَةِ، وَذَلِكَ مَوْجُودٌ هُنَا لِلِارْتِفَاقِ. وَالثَّانِي، وَهُوَ الْقَدِيمُ لَا تُؤَثِّرُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْمَوَاشِيَ فِيهَا أَوْقَاصٌ، وَالْخُلْطَةَ فِيهَا نَفْعُ الْمَالِكِ تَارَةً وَالْمُسْتَحَقِّينَ أُخْرَى، وَلَا وَقَصَ فِي غَيْرِ الْمَوَاشِي، وَعَلَى الْأَوَّلِ إنَّمَا تُؤَثِّرُ خُلْطَةُ الْجِوَارِ فِي الزِّرَاعَةِ (بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَمَيَّزَ النَّاطُورُ) بِالْمُهْمَلَةِ أَشْهُرُ مِنْ الْمُعْجَمَةِ: أَيْ الْحَافِظُ لَهُمَا (وَالْجَرِينُ) بِفَتْحِ الْجِيمِ مَوْضِعُ تَجْفِيفِ الثِّمَارِ، وَالْبَيْدَرُ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مَوْضِعُ تَصْفِيَةِ الْحِنْطَةِ، قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ. وَقَالَ الثَّعَالِبِيُّ: الْجَرِينُ لِلزَّبِيبِ، وَالْبَيْدَرُ لِلْحِنْطَةِ، وَالْمِرْبَدُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ لِلتَّمْرِ (وَ) فِي التِّجَارَةِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَمَيَّزَ (الدُّكَّانُ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ الْحَانُوتُ (وَالْحَارِسُ) ذَكَرَهُ بَعْدَ النَّاطُورِ مِنْ ذِكْرِ الْأَعَمِّ بَعْدَ الْأَخَصِّ (وَمَكَانُ الْحِفْظِ) كَخِزَانَةٍ وَلَوْ كَانَ مَالُ كُلٍّ بِنَاحِيَةٍ مِنْهُ (وَنَحْوُهَا) كَالْوِزَانِ وَالْمِيزَانِ وَالْمُنَادِي وَالنُّقَّادِ وَالْحُرَّاثِ وَجِذَاذِ النَّخْلِ وَالْحَمَّالِ وَالْكَيَّالِ وَالْمُتَعَهِّدِ وَالْحَصَادِ وَالْمُلَقِّحِ وَمَا يُسْقَى لَهُمَا بِهِ، فَإِنْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا نَخِيلٌ أَوْ زَرْعٌ مُجَاوِرٌ لِنَخِيلِ الْآخَرِ أَوْ لِزَرْعِهِ أَوْ لِكُلِّ وَاحِدٍ كِيسٌ فِيهِ نَقْدٌ فِي صُنْدُوقٍ وَاحِدٍ وَأَمْتِعَةُ تِجَارَةٍ فِي مَخْزَنٍ وَاحِدٍ، وَلَمْ يَتَمَيَّزْ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ بِشَيْءٍ مِمَّا مَرَّ ثَبَتَتْ الْخُلْطَةُ؛ لِأَنَّ الْمَالَيْنِ يَصِيرَانِ كَذَلِكَ كَالْمَالِ الْوَاحِدِ (وَلِوُجُوبِ زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ) أَيْ الزَّكَاةِ فِي النَّعَمِ كَمَا عُرِفَ مِمَّا قَدَّمَهُ، فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ، وَالْإِضَافَةُ هُنَا بِمَعْنَى فِي نَحْوِ {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ} [سبأ: 33] وَيَصِحُّ كَوْنُهَا بِمَعْنَى اللَّامِ (شَرْطَانِ) مُضَافَانِ لِمَا مَرَّ مِنْ كَوْنِهَا نِصَابًا مِنْ النَّعَمِ، وَلِمَا سَيَأْتِي مِنْ كَمَالِ الْمِلْكِ وَإِسْلَامِ الْمَالِكِ وَحُرِّيَّتِهِ (مُضِيُّ الْحَوْلِ) سُمِّيَ بِهِ لِتَحَوُّلِهِ: أَيْ ذَهَابِهِ وَمَجِيءِ غَيْرِهِ (فِي مِلْكِهِ) لِخَبَرِ «لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ» وَلِأَنَّهُ لَا يَتَكَامَلُ نَمَاؤُهُ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ (لَكِنْ مَا نُتِجَ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ التَّاءِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (مِنْ نِصَابٍ) قَبْلَ انْقِضَاءِ حَوْلِهِ وَلَوْ بِلَحْظَةٍ (يُزَكَّى بِحَوْلِهِ) أَيْ النِّصَابِ بِشَرْطِ كَوْنِهِ مَمْلُوكًا لِمَالِكِ النِّصَابِ بِالسَّبَبِ الَّذِي مَلَكَ بِهِ النِّصَابَ إذَا اقْتَضَى الْحَالُ لُزُومَ الزَّكَاةِ فِيهِ، وَإِنْ مَاتَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَقُولُ: لِمُطْلَقِ مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْعَامِّ اهـ. أَقُولُ: قَدْ يُقَالُ الْمُطْلَقُ هُوَ مَا دَلَّ عَلَى مُجَرَّدِ الْمَاهِيَّةِ. وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادًا هُنَا بَلْ الْمُرَادُ النَّهْيُ عَنْ كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ يَصْدُقُ عَلَيْهِ التَّفْرِيقُ أَوْ الْجَمْعُ لِكَوْنِهِ فِي حَيِّزِ النَّهْيِ، وَذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ الْعَامِّ لَا الْمُطْلَقِ (قَوْلُهُ: وَلَا وَقَصَ) بِفَتْحِ الْقَافِ أَفْصَحُ مِنْ إسْكَانِهَا اهـ شَرْحُ رَوْضٍ (قَوْلُهُ: أَيْ الْحَافِظُ لَهُمَا) أَيْ الْمَالَيْنِ (قَوْلُهُ: مِنْ ذِكْرِ الْأَعَمِّ بَعْدَ الْأَخَصِّ) لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِهِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ وَجْهُ الْعُمُومِ. نَعَمْ فِي كَلَامِ الْمَحَلِّيِّ مَا يَقْتَضِيهِ حَيْثُ قَالَ: النَّاطُورُ بِالْمُهْمَلَةِ هُوَ حَافِظُ النَّخْلِ وَالشَّجَرِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَالَيْنِ يَصِيرَانِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَابُ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ فِي الدَّرْسِ مِنْ أَنَّ جَمَاعَةً وَدَعُوا عِنْدَ شَخْصٍ دَرَاهِمَ وَمَضَى عَلَى ذَلِكَ سَنَةٌ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الزَّكَاةُ أَمْ لَا؟ وَهُوَ وُجُوبُ الزَّكَاةِ سَوَاءٌ كَانَ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَبْلُغُ نِصَابًا أَمْ لَا فِيمَا يَظْهَرُ فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى الْغَايَةِ مَا نَصُّهُ: فَرْعٌ عِنْدَهُ وَدَائِعُ لَا يَبْلُغُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا نِصَابًا فَجَعَلَهَا فِي صُنْدُوقٍ وَاحِدٍ جَمِيعَ الْحَوْلِ فَهَلْ يَثْبُتُ حُكْمُ الْخُلْطَةِ فِيهِ، وَالظَّاهِرُ الثُّبُوتُ لِانْطِبَاقِ ضَابِطِهَا، وَنِيَّةُ الْخُلْطَةِ لَا تُشْتَرَطُ، ثُمَّ حَيْثُ تَثْبُتُ الْخُلْطَةُ فَلِلسَّاعِي أَنْ يَأْخُذَ الْوَاجِبَ أَوْ بَعْضَهُ مِنْ مَالِ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، وَإِذَا رَجَعَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ عَلَى غَيْرِهِ رَجَعَ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْ مَجْمُوعِ الْمَالَيْنِ مَثَلًا فِي الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةً فِي الْمُتَقَوِّمِ اهـ. أَيْ حَيْثُ كَانَ السَّاعِي يَرَى أَخْذَ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: وَإِسْلَامِ الْمَالِكِ وَحُرِّيَّتِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مِنْ ذِكْرِ الْأَعَمِّ بَعْدَ الْأَخَصِّ) يُنَافِيهِ مَا قَدَّرَهُ فِي الْمَتْنِ مِنْ جَعْلِ هَذَا فِي التِّجَارَةِ خَاصَّةً وَمَا مَرَّ فِي الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ (قَوْلُهُ وَالْحَصَادُ وَالْمُلَقَّحُ إلَخْ) كَانَ الْمُنَاسِبُ لِصَنِيعِهِ أَنْ يَذْكُرَ هَذَا قَبْلَ الدُّكَّانِ وَمَا بَعْدَهُ مِمَّا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالتِّجَارَةِ (قَوْلُهُ: بِالسَّبَبِ الَّذِي مَلَكَ بِهِ النِّصَابَ) يَعْنِي أَنَّهُ انْجَرَّ إلَيْهِ مِلْكُهُ مِنْ مِلْكِ الْأَصْلِ لَا أَنَّهُ مَلَكَهُ بِسَبَبٍ مُسْتَقِلٍّ كَالسَّبَبِ الَّذِي مَلَكَ بِهِ النِّصَابَ

الْأُمَّهَاتُ لِقَوْلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِسَاعِيهِ: اُعْتُدْ عَلَيْهِمْ بِالسَّخْلَةِ، وَلِأَنَّ الْحَوْلَ إنَّمَا اُعْتُبِرَ لِتَكَامُلِ النَّمَاءِ الْحَاصِلِ، وَالنِّتَاجُ نَمَاءٌ فِي نَفْسِهِ، فَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْ الْغَنَمِ فَوَلَدَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهَا سَخْلَةً قَبْلَ الْحَوْلِ وَلَوْ بِلَحْظَةٍ وَالْأُمَّهَاتُ بَاقِيَةٌ لَزِمَهُ شَاتَانِ، وَلَوْ مَاتَتْ الْأُمَّهَاتُ وَبَقِيَ مِنْهَا دُونَ النِّصَابِ، أَوْ مَاتَتْ كُلُّهَا وَبَقِيَ النِّتَاجُ نِصَابًا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ مَا يَكْمُلُ بِهِ النِّصَابُ فِي الْأُولَى زُكِّيَ بِحَوْلِ الْأَصْلِ، فَإِنْ انْفَصَلَ النِّتَاجُ بَعْدَ الْحَوْلِ أَوْ قَبْلَهُ، وَلَمْ يَتِمَّ انْفِصَالُهُ إلَّا بَعْدَهُ كَجَنِينٍ خَرَجَ بَعْضُهُ فِي الْحَوْلِ وَلَمْ يَتِمَّ انْفِصَالُهُ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ لَمْ يَكُنْ حَوْلُ النِّصَابِ حَوْلَهُ لِانْقِضَاءِ حَوْلِ أَصْلِهِ، وَلِأَنَّ الْحَوْلَ الثَّانِيَ أَوْلَى بِهِ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ نَتَجَ عَمَّا لَوْ اسْتَفَادَ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَسَيَأْتِي وَمِنْ نِصَابٍ عَمَّا نَتَجَ مِنْ دُونِهِ كَعِشْرِينَ شَاةً نَتَجَتْ عِشْرِينَ فَحَوْلُهَا مِنْ حِينِ تَمَامِ النِّصَابِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا إلَى آخِرِهِ مَا لَوْ أَوْصَى الْمُوصَى لَهُ بِالْحَمْلِ بِهِ قَبْلَ انْفِصَالِهِ لِمَالِكِ الْأُمَّهَاتِ، ثُمَّ مَاتَ ثُمَّ حَصَلَ النِّتَاجُ لَمْ يُزَكَّ بِحَوْلِ الْأَصْلِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ، وَلَوْ كَانَ النِّتَاجُ مِنْ غَيْرِ نَوْعِ الْأُمَّهَاتِ كَأَنْ حَمَلَتْ الْمَعْزُ بِضَأْنٍ أَوْ عَكْسِهِ فَعَلَى مَا مَرَّ فِي تَكْمِيلِ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ بِالْآخَرِ، لَا يُقَالُ: شَرْطُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ السَّوْمُ فِي كَلَأٍ مُبَاحٍ فَكَيْفَ وَجَبَتْ فِي النِّتَاجِ. لِأَنَّا نَقُولُ: اشْتِرَاطُ ذَلِكَ خَاصٌّ بِغَيْرِ النِّتَاجِ التَّابِعِ لِأُمِّهِ فِي الْحَوْلِ، وَلَوْ سُلِّمَ عُمُومُهُ لَهُ فَاللَّبَنُ كَالْكَلَأِ؛ لِأَنَّهُ نَاشِئٌ عَنْهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْكَلَأِ أَنْ يَكُونَ مُبَاحًا عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ، وَلِأَنَّ اللَّبَنَ الَّذِي يَشْرَبُهُ لَا يُعَدُّ مُؤْنَةً؛ لِأَنَّهُ يَأْتِي مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَيُسْتَخْلَفُ إذَا حَلَبَ فَهُوَ شَبِيهٌ بِالْمَاءِ فَلَمْ تَسْقُطْ الزَّكَاةُ، وَلِأَنَّ اللَّبَنَ وَإِنْ عُدَّ شُرْبُهُ مُؤْنَةً إلَّا أَنَّهُ قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ يَجِبُ صَرْفُهُ فِي حَقِّ السَّخْلَةِ، وَلَا يَحِلُّ لِلْمَالِكِ أَنْ يَحْلُبَ إلَّا مَا فَضَلَ عَنْ وَلَدِهَا، وَإِذَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى كَانَ مُقَدَّمًا عَلَى حَقِّ الْمَالِكِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى مَالِكِ الْمَاءِ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ غَيْرُهُ، وَلَوْ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ لَمْ يَصِحَّ لِتَعَلُّقِ حَقِّ اللَّهِ بِهِ، وَيَجِبُ صَرْفُهُ لِلْوُضُوءِ فَكَذَا لَبَنُ الشَّاةِ يَجِبُ صَرْفُهُ إلَى السَّخْلَةِ فَلَا تَسْقُطُ الزَّكَاةُ، وَلِأَنَّ النِّتَاجَ لَا يُمْكِنُ حَيَاتُهُ إلَّا بِاللَّبَنِ، فَلَوْ اعْتَبَرْنَا السَّوْمَ لَأَلْغَيْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ، بِخِلَافِ الْكِبَارِ فَإِنَّهَا تَعِيشُ بِغَيْرِ اللَّبَنِ، وَلِأَنَّ مَا تَشْرَبُهُ السَّخْلَةُ مِنْ اللَّبَنِ يَنْمُو بِنُمُوِّهَا وَكِبَرِهَا، بِخِلَافِ الْمَعْلُوفَةِ فَإِنَّهَا قَدْ لَا تَسْمَنُ وَلَا تَكْبَرُ، وَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ أَوْجَبُوا الزَّكَاةَ فِي السَّخْلَةِ الَّتِي يَرُوحُ بِهَا الرَّاعِي عَلَى يَدَيْهِ مَعَ عِلْمِهِمْ بِأَنَّهَا لَا تَعِيشُ إلَّا بِاللَّبَنِ، وَذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ أَنَّ فَائِدَةَ الضَّمِّ إنَّمَا تَظْهَرُ إذَا بَلَغَتْ بِالنِّتَاجِ نِصَابًا آخَرَ بِأَنْ مَلَكَ مِائَةَ شَاةٍ فَنَتَجَتْ إحْدَى وَعِشْرِينَ فَيَجِبُ شَاتَانِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا يُنَافِي هَذَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ شُرُوطَ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ أَرْبَعَةٌ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ وَتَمَامِ الْمِلْكِ لَا يَخْتَصُّ بِجِنْسٍ دُونَ آخَرَ (قَوْلُهُ: اُعْتُدْ عَلَيْهِمْ بِالسَّخْلَةِ) أَيْ اُحْسُبْهَا، وَفِي الْمُخْتَارِ: السَّخْلَةُ لِوَلَدِ الْغَنَمِ مِنْ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ سَاعَةَ وَضْعِهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَجَمْعُهُ سَخْلٌ بِوَزْنِ فَلْسٍ، وَسِخَالٌ بِالْكَسْرِ اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ شَاتَانِ) أَيْ كَبِيرَتَانِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَاتَتْ كُلُّهَا وَبَقِيَ النِّتَاجُ) ، وَيُخْرِجُ مِنْ الصِّغَارِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتِمَّ انْفِصَالُهُ إلَّا بَعْدَهُ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ تَمَّ انْفِصَالُهُ مَعَ تَمَامِ الْحَوْلِ كَأَنَّ حَوْلَ أَصْلِهِ حَوْلُهُ، لَكِنْ قَالَ حَجّ: خَرَجَ بِحَوْلِهِ مَا حَدَثَ بَعْدَ الْحَوْلِ أَوْ مَعَ آخِرِهِ فَلَا يُضَمُّ لِلْحَوْلِ الْأَوَّلِ بَلْ الثَّانِي (قَوْلُهُ: مَا لَوْ أَوْصَى الْمُوصَى لَهُ إلَخْ) كَأَنْ أَوْصَى زَيْدٌ الْمَالِكُ لِأَرْبَعَيْنِ مِنْ الْغَنَمِ بِحَمْلِهَا لِعَمْرٍو، ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ وَقَبِلَ عَمْرٌو الْوَصِيَّةَ بِالْحَمْلِ، ثُمَّ أَوْصَى بِهِ قَبْلَ انْفِصَالِهِ لِوَارِثِ زَيْدٍ الْمَالِكِ لِلْأُمَّهَاتِ بِالْإِرْثِ، ثُمَّ مَاتَ عَمْرٌو وَقَبِلَ وَارِثُ زَيْدٍ الْوَصِيَّةَ فَلَا يُزَكِّي النِّتَاجَ بِحَوْلِ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ النِّتَاجَ بِسَبَبٍ غَيْرِ الَّذِي مَلَكَ بِهِ الْأُمَّهَاتِ (قَوْلُهُ: فَعَلَى مَا مَرَّ فِي تَكْمِيلِ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ أَنْ يَحْلُبَ) بِالضَّمِّ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: إلَّا مَا فَضَلَ عَنْ وَلَدِهَا) أَيْ عَمَّا يَحْصُلُ بِهِ النُّمُوُّ لِوَلَدِهَا، وَلَا يَكْفِي مَا يَمْنَعُ مِنْهُ الضَّرَرَ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَلَا تَكْبُرُ) هُوَ بِضَمِّ الْبَاءِ: أَيْ لَا تَعْظُمُ جُثَّتُهَا، وَعِظَمُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَلَوْ نَتَجَتْ عَشَرَةً فَقَطْ لَمْ يَفْدِ اهـ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ مَمْنُوعٌ بَلْ قَدْ تَظْهَرُ لَهُ فَائِدَةٌ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ بِهِ نِصَابًا آخَرَ، وَذَلِكَ عِنْدَ التَّلَفِ بِأَنْ مَلَكَ أَرْبَعِينَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَوَلَدَتْ عِشْرِينَ، ثُمَّ مَاتَتْ عِشْرُونَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْحَوْلِ، وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ فِي الصُّورَةِ الَّتِي مَثَّلَ بِهَا ثَمَانُونَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْحَوْلِ فَإِنَّا نُوجِبُ شَاةً لِحَوْلِ الْأُمَّهَاتِ بِسَبَبِ ضَمِّ السِّخَالِ فَظَهَرَتْ فَائِدَةُ إطْلَاقِ الضَّمِّ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ النِّصَابَ (وَلَا يُضَمُّ الْمَمْلُوكُ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَإِرْثٍ وَوَصِيَّةٍ وَهِبَةٍ إلَى مَا عِنْدَهُ (فِي الْحَوْلِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ لِقِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى اشْتِرَاطِ الْحَوْلِ خَرَجَ النِّتَاجُ لِمَا مَرَّ فَبَقِيَ مَا سِوَاهُ عَلَى الْأَصْلِ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ فِي الْحَوْلِ عَنْ النِّصَابِ فَإِنَّهُ يُضَمُّ إلَيْهِ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ بِالْكَثْرَةِ فِيهِ بَلَغَ حَدًّا يَحْتَمِلُ الْمُوَاسَاةَ، فَلَوْ مَلَكَ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً غُرَّةَ الْمُحَرَّمِ، ثُمَّ اشْتَرَى عَشْرًا أَوْ وَرِثَهَا أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ غُرَّةَ رَجَبٍ فَعَلَيْهِ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ فِي الثَّلَاثِينَ تَبِيعٌ، وَلِكُلِّ حَوْلٍ بَعْدَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مُسِنَّةٍ، وَعِنْدَ تَمَامِ كُلِّ حَوْلٍ لِلْعَشْرِ رُبْعُ مُسِنَّةٍ (فَلَوْ) (ادَّعَى) الْمَالِكُ (النِّتَاجَ بَعْدَ الْحَوْلِ) أَوْ اسْتَفَادَتْهُ بِنَحْوِ شِرَاءٍ وَادَّعَى السَّاعِي خِلَافَهُ مَعَ احْتِمَالِ مَا يَقُولُهُ كُلٌّ مِنْهُمَا (صُدِّقَ) الْمَالِكُ؛ لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْل عَدَمُ مَا ادَّعَاهُ السَّاعِي لِعَدَمِ الْوُجُوبِ (فَإِنْ اُتُّهِمَ حَلَفَ) نَدْبًا احْتِيَاطًا لِلْمُسْتَحِقِّينَ لَا وُجُوبًا فَلَوْ نَكَلَ تُرِكَ، وَلَا يَجُوزُ تَحْلِيفُ السَّاعِي لِأَنَّهُ وَكِيلٌ وَلَا الْمُسْتَحِقِّينَ لِعَدَمِ تَعْيِينِهِمْ. وَالشَّرْطُ الرَّابِعُ بَقَاءُ الْمِلْكِ فِي الْمَاشِيَةِ جَمِيعَ الْحَوْلِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ (وَلَوْ زَالَ مِلْكُهُ فِي الْحَوْلِ) عَنْ النِّصَابِ أَوْ بَعْضِهِ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَعَادَ) بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ بَادَلَ بِمِثْلِهِ) مُبَادَلَةً صَحِيحَةً فِي غَيْرِ التِّجَارَةِ (اسْتَأْنَفَ) الْحَوْلَ لِانْقِطَاعِ الْأَوَّلِ بِمَا فَعَلَهُ فَصَارَ مِلْكًا جَدِيدًا لَا بُدَّ لَهُ مِنْ حَوْلٍ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ، وَعُلِمَ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْفَاءِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّعْقِيبِ، وَقَوْلُهُ بِمِثْلِهِ لِلِاسْتِئْنَافِ عِنْدَ طُولِ الزَّمَنِ وَاخْتِلَافِ النَّوْعِ بِالْأُولَى، وَيُكْرَهُ تَنْزِيهًا فِعْلُ ذَلِكَ فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ بِخِلَافِهِ لِحَاجَةِ أَوَّلِهَا وَلِلْفِرَارِ، أَوْ مُطْلَقًا عَلَى مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُمْ فَلَا يُنَافِي مَا قَرَّرْنَاهُ مِنْ عَدَمِهَا هُنَا فِيمَا لَوْ قَصَدَ الْفِرَارَ مَعَ الْحَاجَةِ لِمَا مَرَّ مِنْ كَرَاهَةِ ضَبَّةٍ صَغِيرَةٍ لِحَاجَةٍ وَزِينَةٍ؛ لِأَنَّ فِي الضَّبَّةِ اتِّخَاذًا فَقَوِيَ الْمَنْعُ بِخِلَافِ الْفِرَارِ، فَلَوْ عَارَضَ غَيْرَهُ بِأَنْ أَخَذَ مِنْهُ تِسْعَةَ عَشَرَ دِينَارًا بِمِثْلِهَا مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا زَكَّى الدِّينَارَ لِحَوْلِهِ وَالتِّسْعَةَ عَشَرَ لِحَوْلِهَا. أَمَّا الْمُبَادَلَةُ الْفَاسِدَةُ فَلَا تَقْطَعُ الْحَوْلَ وَإِنْ اتَّصَلَتْ بِالْقَبْضِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُزِيلُ الْمِلْكَ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ بَاعَ النَّقْدَ بِبَعْضِهِ لِلتِّجَارَةِ كَالصَّيَارِفَةِ فَإِنَّهُمْ يَسْتَأْنِفُونَ الْحَوْلَ كُلَّمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSالْجُثَّةِ لَا يَسْتَلْزِمُ السَّمْنَ فَهُوَ عَطْفُ أَعَمَّ عَلَى أَخَصَّ (قَوْلُهُ: فَلَوْ نَتَجَتْ عَشَرَةً) عِبَارَةُ حَجّ: فَلَوْ نَتَجَتْ عِشْرِينَ فَقَطْ لَمْ يَفْدِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ اهـ. وَهُوَ الصَّوَابُ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ بَعْدُ: وَلِذَلِكَ لَوْ مَاتَ فِي الصُّورَةِ الَّتِي مَثَّلَ إلَخْ، فَإِنَّهُ بِفَرْضِ أَنْ يَكُونَ النِّتَاجُ عَشَرَةً فَقَطْ إذَا مَاتَ ثَمَانُونَ لَمْ يَكُنْ الْبَاقِي نِصَابًا إذْ هُوَ ثَلَاثُونَ فَقَطْ (قَوْلُهُ: الَّتِي مَثَّلَ بِهَا) هِيَ قَوْلُهُ فَلَوْ نَتَجَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: غَيْرِ التِّجَارَةِ) أَمَّا هِيَ فَلَا تَضُرُّ الْمُبَادَلَةُ فِيهَا أَثْنَاءَ الْحَوْلِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: اسْتَأْنَفَ) أَيْ فِيمَا بَادَلَ فِيهِ دُونَ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: مَنْ عَدِمَهَا هُنَا) الْإِشَارَةُ لِقَوْلِهِ أَوْ لَهَا لِلْفِرَارِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ عَارَضَ غَيْرَهُ إلَخْ) صَرِيحُ مَا ذَكَرَ أَنَّ الْحَوْلَ إنَّمَا يَنْقَطِعُ فِيمَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ دُونَ مَا بَقِيَ فَلْيُرَاجَعْ، وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ قَبْلُ عَنْ النِّصَابِ أَوْ بَعْضِهِ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَخْ خِلَافُهُ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي اسْتِئْنَافِ الْحَوْلِ بِالنِّسْبَةِ لِلْكُلِّ، وَإِنْ كَانَ الِاسْتِبْدَالُ فِي بَعْضِهِ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَاشِيَةِ وَغَيْرِهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ اسْتَأْنَفَ فِيمَا بَادَلَ فِيهِ، وَقَدْ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ قَبْلُ فَصَارَ مِلْكًا جَدِيدًا، لِأَنَّ مَا لَمْ يَسْتَبْدِلْ فِيهِ فَلَيْسَ بِمِلْكٍ جَدِيدٍ. وَأَجَابَ عَنْهُ سم عَلَى حَجّ بِجَوَابٍ آخَرَ، فَقَالَ: وَبَعْضُهُمْ أَجَابَ بِأَنَّ مَحَلَّ انْقِطَاعِهِ بِمَا إذَا لَمْ يُقَارِنْهَا مَا يَحْصُلُ بِهِ تَمَامُ النِّصَابِ مِنْ نَوْعِ الْمُتَمِّمِ لَهُ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُبَادَلَةُ الْفَاسِدَةُ إلَخْ) كَالْمُعَاطَاةِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُمْ يَسْتَأْنِفُونَ) أَيْ بِشَرْطِ صِحَّةِ الْمُبَادَلَةِ مِنْ الْحَوْلِ وَالتَّقَابُضِ وَالْمُمَاثَلَةِ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَالْحُلُولُ تَقَابُضٌ فَقَطْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مُبَادَلَةً صَحِيحَةً فِي غَيْرِ التِّجَارَةِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الصَّرْفِ كَمَا يَأْتِي، وَلَا يُعْتَرَضُ بِهِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ إذَا كَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا يُعْتَرَضُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ بَاع النَّقْدَ بِبَعْضِهِ) أَيْ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا قَيَّدَهُ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ فِي غَيْرِ

بَادَلُوا، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: بُشِّرَ الصَّيَارِفَةُ بِأَنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِمْ، وَلَوْ بَاعَ النِّصَابَ قَبْلَ تَمَامِ حَوْلِهِ، ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ أَوْ إقَالَةٍ اسْتَأْنَفَهُ مِنْ حِينِ الرَّدِّ، فَإِنْ حَالَ الْحَوْلُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ امْتَنَعَ الرَّدُّ فِي الْحَالِ لِتَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِالْمَالِ فَهُوَ عَيْبٌ حَادِثٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَتَأْخِيرُ الرَّدِّ لِإِخْرَاجِهَا لَا يَبْطُلُ بِهِ الرَّدُّ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ أَدَائِهَا، فَإِنْ سَارَعَ لِإِخْرَاجِهَا أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ إلَّا بَعْدَ إخْرَاجِهَا نَظَرَ، فَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ الْمَالِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بِأَنْ بَاعَ مِنْهُ بِقَدْرِهَا، وَاشْتَرَى بِثَمَنِهِ وَاجِبَهُ لَمْ يُرَدَّ لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، وَلَهُ الْأَرْشُ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِلْمَجْمُوعِ وَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ غَيْرِهِ رَدَّ، إذْ لَا شَرِكَةَ حَقِيقَةً بِدَلِيلِ جَوَازِ الْأَدَاءِ مِنْ مَالٍ آخَرَ، وَلَوْ بَاعَ النِّصَابَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ، فَإِنْ كَانَ الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ بِأَنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ أَوْ مَوْقُوفًا بِأَنْ كَانَ لَهُمَا، ثُمَّ فُسِخَ الْعَقْدُ لَمْ يَنْقَطِعْ الْحَوْلُ لِعَدَمِ تَجَدُّدِ الْمِلْكِ، وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي، فَإِنْ فُسِخَ اسْتَأْنَفَ الْبَائِعُ الْحَوْلَ، وَإِنْ أَجَازَ فَالزَّكَاةُ عَلَيْهِ وَحَوْلُهُ مِنْ الْعَقْدِ، وَلَوْ مَاتَ الْمَالِكُ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ اسْتَأْنَفَ الْوَارِثُ حَوْلَهُ مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ، وَمِلْكُ الْمُرْتَدِّ وَزَكَاتُهُ وَحَوْلُهُ مَوْقُوفَاتٌ، فَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ تَبَيَّنَّا بَقَاءَ مِلْكِهِ وَحَوْلِهِ وَوُجُوبَ زَكَاتِهِ عَلَيْهِ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا (وَ) الشَّرْطُ الثَّانِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ الشَّرْطُ الْخَامِسُ (كَوْنُهَا سَائِمَةً) أَيْ رَاعِيَةً لِخَبَرِ أَنَسٍ «وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا» إلَى آخِرِهِ دَلَّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى نَفْيِ الزَّكَاةِ فِي مَعْلُوفَةِ الْغَنَمِ، وَقِيسَ بِهَا الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ اخْتَصَّتْ السَّائِمَةُ بِالزَّكَاةِ لِتَوَفُّرِ مُؤْنَتِهَا بِالرَّعْيِ فِي كَلَأٍ مُبَاحٍ (فَإِنْ عُلِفَتْ مُعْظَمَ الْحَوْلِ) وَلَوْ مُفَرَّقًا (فَلَا زَكَاةَ) فِيهَا، إذْ الْغَلَبَةُ لَهَا تَأْثِيرٌ فِي الْأَحْكَامِ (وَإِلَّا) بِأَنْ عُلِفَتْ دُونَ الْمُعْظَمِ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا إنْ عُلِفَتْ قَدْرًا تَعِيشُ بِدُونِهِ بِلَا ضَرَرٍ بَيِّنٍ وَجَبَتْ زَكَاتُهَا) لِخِفَّةِ الْمُؤْنَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَعِيشُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ بِدُونِهِ، أَوْ تَعِيشُ لَكِنْ بِضَرَرٍ بَيِّنٍ فَلَا تَجِبُ فِيهَا زَكَاةٌ لِظُهُورِ الْمُؤْنَةِ، وَالْمَاشِيَةُ تَصْبِرُ الْيَوْمَيْنِ وَلَا تَصْبِرُ الثَّلَاثَةَ غَالِبًا. وَالثَّانِي إنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSعِنْدَ اخْتِلَافِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَالَ الْحَوْلُ إلَخْ) أَيْ حَوْلُ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: امْتَنَعَ) أَيْ عَلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ أَدَائِهَا) أَمَّا التَّأْخِيرُ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْأَدَاءِ فَيُبْطِلُ الرَّدَّ؛ لِأَنَّ إمْسَاكَهُ تِلْكَ الْمُدَّةَ كَأَنَّهُ رَضِيَ بِالْعَيْبِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا وَاطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ وَلَمْ يُبَادِرْ بِرَدِّهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الشَّرْطُ الْخَامِسُ) أَيْ بِوَاسِطَةِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ قَبْلُ مِنْ جَعْلِ مُضِيِّ الْحَوْلِ شَرْطًا وَالْبَقَاءِ فِي مِلْكِهِ إلَى تَمَامِهِ شَرْطًا آخَرَ (قَوْلُهُ: دَلَّ بِمَفْهُومِهِ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت: لِمَ خَصَّ الْقِيَاسَ بِالْمَفْهُومِ، وَلَمْ يُعَمِّمْهُ فِيهِ وَفِي الْمَنْطُوقِ؟ قُلْت: لِأَنَّ غَيْرَ الْغَنَمِ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ دَلَّ حَدِيثُ أَنَسٍ الْمُتَقَدِّمُ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ، وَالْقَصْدُ إخْرَاجُ الْمَعْلُوفَةِ فَيَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ وَهُوَ الْقِيَاسُ عَلَى مَعْلُوفَةِ الْغَنَمِ، عَلَى أَنَّ إيرَادَ هَذَا الْحَدِيثِ إنَّمَا قُصِدَ بِهِ إخْرَاجُ الْمَعْلُوفَةِ مِنْ الْغَنَمِ، وَمِنْ ثَمَّ جَعَلَهُ دَلِيلًا عَلَى اشْتِرَاطِ السَّوْمِ. وَأَمَّا أَصْلُ الزَّكَاةِ فِي الْغَنَمِ فَقَدْ عُلِمَ مِمَّا سَبَقَ أَيْضًا هَذَا. فَإِنْ قُلْت: جَعْلُ الْحَدِيثِ دَالًّا بِالْمَفْهُومِ مُشْكِلٌ، فَإِنَّ شَرْطَ الْعَمَلِ بِالْمَفْهُومِ أَنْ لَا يَكُونَ الْقَيْدُ مِمَّا يَغْلِبُ وُقُوعُهُ فِي الْمُقَيَّدِ، وَالسَّوْمُ غَالِبٌ فِي غَنَمِ الْعَرَبِ. قُلْت: أَجَابَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بِأَنَّ ذَلِكَ مَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ لِلْقَيْدِ مَعْنًى غَيْرَ كَوْنِهِ مُجَرَّدَ الْغَالِبِ، وَهُنَا يُمْكِنُ أَنَّهُ ذُكِرَ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى خِفَّةِ الْمُؤْنَةِ اهـ. وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ أَيْضًا فِيمَا لَمْ يُفِدْ حُكْمًا عَامًّا. أَمَّا هُوَ فَيُعْمَلُ بِمَفْهُومِهِ وَإِنْ كَانَ غَالِبًا أَوْ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَلَا تَجِبُ فِيهَا زَكَاةٌ) أَيْ فَلَوْ ادَّعَى الْمَالِكُ أَنَّهَا عُلِفَتْ الْقَدْرَ الَّذِي يَقْطَعُ السَّوْمَ، وَأَنْكَرَ السَّاعِي فَهَلْ يُصَدَّقُ الْمَالِكُ بِلَا بَيِّنَةٍ أَوْ لَا لِإِمْكَانِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى مَا ادَّعَاهُ. قَالَ سم: فِيهِ نَظَرٌ، وَاسْتُقْرِبَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ كَمَا لَوْ ادَّعَى الْوَدِيعُ تَلَفَ الْوَدِيعَةِ بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ اهـ. أَقُولُ: وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ فَإِنْ اُتُّهِمَ حَلَفَ نَدْبًا أَنَّهُ يُصَدَّقُ بِلَا بَيِّنَةٍ، وَأَظْهَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالتِّجَارَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَالَ الْحَوْلُ) يَعْنِي عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَيْ حَوْلُ غَيْرِ حَوْلِ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ فَإِنْ سَارَعَ بِإِخْرَاجِهَا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُؤَخَّرْ تَأْخِيرًا يُبْطِلُ رَدَّهُ بِأَنْ أَخْرَجَ مَعَ التَّمَكُّنِ (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَكَوْنُهَا سَائِمَةً) أَيْ بِإِسَامَةِ الْمَالِكِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي

عُلِفَتْ قَدْرًا يُعَدُّ مُؤْنَةً بِالْإِضَافَةِ إلَى رَفَقِ الْمَاشِيَةِ فَلَا زَكَاةَ، وَإِنْ كَانَ حَقِيرًا بِالْإِضَافَةِ إلَيْهِ وَجَبَتْ، وَفُسِّرَ الرُّفْقُ بِدَرِّهَا وَنَسْلِهَا وَصُوفِهَا وَوَبَرِهَا، وَلَوْ أُسِيمَتْ فِي كَلَأٍ مَمْلُوكٍ كَأَنْ نَبَتَ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لِشَخْصٍ أَوْ مَوْقُوفَةٍ عَلَيْهِ فَهَلْ هِيَ سَائِمَةٌ أَوْ مَعْلُوفَةٌ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي أَوَّلُهُمَا لِأَنَّ قِيمَةَ الْكَلَأِ تَافِهَةٌ غَالِبًا، وَلَا كُلْفَةَ فِيهَا، وَرَجَّحَ السُّبْكِيُّ أَنَّهَا سَائِمَةٌ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْكَلَأِ قِيمَةٌ، أَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَسِيرَةً لَا يُعَدُّ مِثْلُهَا كُلْفَةً فِي مُقَابَلَةِ نَمَائِهَا، وَإِلَّا فَمَعْلُوفَةٌ، وَالْمُنَاسِبُ لِمَا يَأْتِي فِي الْمُعْشَرَاتِ مِنْ أَنَّ فِيهَا سَقَى بِمَاءٍ اشْتَرَاهُ أَوْ اتَّهَبَهُ نِصْفَ الْعُشْرِ كَمَا لَوْ سَقَى بِالنَّاضِحِ وَنَحْوُهُ أَنَّ الْمَاشِيَةَ هُنَا مَعْلُوفَةٌ بِجَامِعِ كَثْرَةِ الْمُؤْنَةِ. قَالَ الشَّيْخُ: وَهُوَ الْأَوْجُهُ، وَلَوْ جَزَّهُ وَأَطْعَمَهَا إيَّاهُ فِي الْمَرْعَى أَوْ الْبَلَدِ فَمَعْلُوفَةٌ، وَلَوْ رَعَاهَا وَرَقًا تَنَاثَرَ فَسَائِمَةٌ، فَلَوْ جَمَعَ وَقَدَّمَ لَهَا فَمَعْلُوفَةٌ. قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا أَخَذَ كَلَأَ الْحَرَمِ وَعَلَفهَا بِهِ فَلَا يَنْقَطِعُ السَّوْمُ؛ لِأَنَّ كَلَأَ الْحَرَمِ لَا يُمْلَكُ وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ أَخْذُهُ لِلْبَيْعِ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ بِهِ نَوْعُ اخْتِصَاصٍ، (وَلَوْ) (سَامَتْ) الْمَاشِيَةُ (بِنَفْسِهَا) أَوْ أَسَامَهَا غَاصِبٌ أَوْ مُشْتَرٍ شِرَاءً فَاسِدًا فَلَا زَكَاةَ كَمَا يَأْتِي لِعَدَمِ إسَامَةِ الْمَالِكِ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ قَصْدُهُ دُونَ قَصْدِ الِاعْتِلَافِ؛ لِأَنَّ السَّوْمَ يُؤَثِّرُ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فَاعْتُبِرَ قَصْدُهُ وَالِاعْتِلَافُ يُؤَثِّرُ فِي سُقُوطِهَا فَلَا يُعْتَبَرُ قَصْدُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُوبِهَا، أَوْ اعْتَلَفَتْ السَّائِمَةُ بِنَفْسِهَا أَوْ عَلَفَهَا الْغَاصِبُ الْقَدْرَ الْمُؤَثِّرَ مِنْ الْعَلَفِ فِيهِمَا لَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ فِي الْأَصَحِّ لِعَدَمِ السَّوْمِ، وَكَالْغَاصِبِ الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا (أَوْ كَانَتْ عَوَامِلَ) لِمَالِكِهَا أَوْ بِأُجْرَةٍ (فِي حَرْثٍ وَنَضْحٍ) وَهُوَ حَمْلُ الْمَاءِ لِلشُّرْبِ (وَنَحْوِهِ) كَحَمْلِ غَيْرِ الْمَاءِ وَلَوْ مُحَرَّمًا (فَلَا زَكَاةَ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تُقْتَنَى لِلنَّمَاءِ بَلْ لِلِاسْتِعْمَالِ كَثِيَابِ الْبَدَنِ وَمَتَاعِ الدَّارِ، فَقَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ رَاجِعٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْهُ قَوْلُ الْمَحَلِّيِّ: قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: إنَّ الْيَمِينَ مُسْتَحَبَّةٌ بِلَا خِلَافٍ فِي هَذَا الَّذِي لَا يُخَالِفُهُ الظَّاهِرُ وَمُسْتَحَبَّةٌ، وَقِيلَ وَاجِبَةٌ فِيمَا يُخَالِفُ الظَّاهِرَ كَقَوْلِهِ كُنْت بِعْت الْمَالَ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ، ثُمَّ اشْتَرَيْته وَاتَّهَمَهُ السَّاعِي فِي ذَلِكَ فَيَعْلِفُهُ (قَوْلُهُ: بِالْإِضَافَةِ إلَى رَفَقِ الْمَاشِيَةِ) أَيْ بِالنَّظَرِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ نَبَتَ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ) أَيْ أَوْ اشْتَرَاهُ وَلَوْ بِقِيمَةٍ كَثِيرَةٍ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا يَسْتَنْبِهُ النَّاسَ كَأَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ وَبَذَرَ بِهَا حَبًّا فَنَبَتَ فَهُوَ مِنْ الْكَلَأِ الْمَمْلُوكِ فَفِي الرَّاعِيَةِ لَهُ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ قَالَ سم: وَنُقِلَ عَنْ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ مَا يُخَالِفُهُ. قَالَ: وَرَدَّهُ وَلَدُهُ وَذَكَرَ أَنَّهُ بِتَسْلِيمِ صِحَّةِ نَقْلِهِ عَنْهُ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ إلَّا بِنَقْلٍ (قَوْلُهُ: أَصَحُّهُمَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي أَوَّلُهُمَا) أَيْ أَنَّهَا سَائِمَةٌ فَتَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَ السُّبْكِيُّ أَنَّهَا سَائِمَةٌ) نَقَلَ سم عَلَى حَجّ عَنْ الشَّارِحِ اعْتِمَادَ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ: قَالَ الشَّيْخُ وَهُوَ الْأَوْجُهُ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: فَمَعْلُوفَةٌ) أَيْ إنْ كَانَ مَا أَكَلَتْهُ مِنْ الْمَجْزُورِ قَدْرًا لَا تَعِيشُ بِدُونِهِ بِلَا ضَرَرٍ بَيِّنٍ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ فَلَوْ جَمَعَ وَقَدَّمَ لَهَا فَمَعْلُوفَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَامَتْ بِنَفْسِهَا) وَمِنْ ذَلِكَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ رَعْيِ الدَّوَابِّ فِي نَحْوِ الْجَزَائِرِ فَهِيَ سَائِمَةٌ، وَأَمَّا مَا يَأْخُذُهُ الْمُتَكَلِّمُ عَلَيْهَا مِنْ نَحْوِ الْمُلْتَزَمِ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَهُوَ ظُلْمٌ مُجَرَّدٌ لَا يَمْنَعُ مِنْ الْإِسَامَةِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ إلَّا إذَا كَانَتْ كَذَلِكَ جَمِيعَ السَّنَةِ وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَتْ تَرْعَى فِي كَلَأٍ مُبَاحٍ جَمِيعَ السَّنَةِ، لَكِنْ جَرَتْ عَادَةُ مَالِكِهَا بِعَلْفِهَا إذَا رَجَعَتْ إلَى بُيُوتِ أَهْلِهَا قَدْرًا لِزِيَادَةِ النَّمَاءِ أَوْ دَفْعِ ضَرَرٍ يَسِيرٍ لِلْحِفْظِ هَلْ ذَلِكَ يَقْطَعُ حُكْمَ السَّوْمِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي، وَلَوْ كَانَ يُسَرِّحُهَا نَهَارًا وَيُلْقِي لَهَا شَيْئًا مِنْ الْعَلَفِ لَيْلًا لَمْ يُؤْثِرْ أَنَّهَا سَائِمَةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ عَوَامِلَ) أَيْ وَلَوْ فِي مُحَرَّمٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ، وَفَرَّقَ بَيْنَ الْمُسْتَعْمَلَةِ فِي مُحَرَّمٍ إلَخْ. [تَنْبِيهٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ حَصَلَ مِنْ الْعَوَامِلِ نِتَاجٌ هَلْ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ: تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ إذَا تَمَّ نِصَابُهُ وَحَوْلُهُ مِنْ حِينِ الِانْفِصَالِ، وَمَا مَضَى مِنْ حَوْلِ الْأُمَّهَاتِ قَبْلَ انْفِصَالِهِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ لِعَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا (قَوْلُهُ وَهُوَ حَمْلُ الْمَاءِ لِلشُّرْبِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ إخْرَاجُ الْمَاءِ مِنْ الْبِئْرِ لِلشُّرْبِ أَوْ نَحْوِهِ لِمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمَحَلِّيِّ مِنْ أَنَّ النَّضْحَ السَّقْيُ مِنْ مَاءِ بِئْرٍ أَوْ نَهْرٍ بِبَعِيرٍ أَوْ بَقَرَةٍ، وَيُسَمَّى نَاضِحًا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لِلْجَمِيعِ كَمَا تَقَرَّرَ. وَالثَّانِي فِي الْأَوَّلِ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ قَصْدِ السَّوْمِ لِحُصُولِ الرِّفْقِ، وَفِي الثَّانِيَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِي الْعَلَفِ، وَفِي الثَّالِثَةِ يَقُولُ الِاسْتِعْمَالُ زِيَادَةُ فَائِدَةٍ عَلَى حُصُولِ الرِّفْقِ بِإِسَامَتِهَا، وَلَا بُدَّ أَنْ يَسْتَعْمِلَهَا الْقَدْرَ الَّذِي لَوْ عَلَفَهَا فِيهِ سَقَطَتْ الزَّكَاةُ كَمَا نَقَلَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ، وَفَرَّقَ بَيْنَ الْمُسْتَعْمَلَةِ فِي الْمُحَرَّمِ، وَبَيْنَ الْحُلِيِّ الْمُسْتَعْمَلِ فِيهِ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهَا الْحِلُّ، وَفِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الْحُرْمَةُ إلَّا مَا رُخِّصَ، فَإِذَا اُسْتُعْمِلَتْ الْمَاشِيَةُ فِي الْمُحَرَّمِ رَجَعَتْ إلَى أَصْلِهَا، وَلَا يُنْظَرُ إلَى الْفِعْلِ الْخَسِيسِ، وَإِذَا اُسْتُعْمِلَ الْحُلِيُّ فِي ذَلِكَ فَقَدْ اُسْتُعْمِلَ فِي أَصْلِهِ، وَلَا أَثَرَ لِمُجَرَّدِ نِيَّةِ الْعَلَفِ وَلَا لِعَلَفٍ يَسِيرٍ كَمَا مَرَّ إلَّا إنْ قُصِدَ بِهِ لِقَطْعِ السَّوْمِ وَكَانَ مِمَّا يُتَمَوَّلُ. وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ إسَامَةُ الْمَالِكِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ وَكِيلٍ أَوْ وَلِيٍّ أَوْ حَاكِمٍ بِأَنْ غَصَبَ مَعْلُوفَةً وَرَدَّهَا عِنْدَ غِيبَةِ الْمَالِكِ لِلْحَاكِمِ فَأَسَامَهَا صُرِّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَوْ كَانَ الْأَحَظُّ لِلْمَحْجُورِ فِي تَرْكِهَا فَهُوَ مَوْضِعُ تَأَمُّلٍ اهـ. وَظَاهِرُ عَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهَا حِينَئِذٍ لِتَعَدِّيهِ بِفِعْلِهَا وَهَلْ تُعْتَبَرُ إسَامَةُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ مَاشِيَتَهُمَا أَوْ لَا أَثَرَ لِذَلِكَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَبْعُدُ تَخْرِيجُهُمَا عَلَى أَنَّ عَمْدَهُمَا عَمْدٌ أَمْ لَا، هَذَا إنْ كَانَ لَهُمَا تَمْيِيزٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ لَوْ اعْتَلَفَتْ مِنْ مَالٍ حَرْبِيٍّ لَا يُضْمَنُ أَنَّ السَّوْمَ لَا يَنْقَطِعُ كَمَا لَوْ جَاعَتْ بِلَا رَعْيٍ وَلَا عَلَفٍ. وَلَوْ وَرِثَ سَائِمَةً وَدَامَتْ كَذَلِكَ سَنَةً، ثُمَّ عَلِمَ بِإِرْثِهَا لَمْ تَجِبْ زَكَاتُهَا لِمَا مَرَّ مِنْ اشْتِرَاطِ إسَامَةِ الْمَالِكِ أَوْ نَائِبِهِ، وَهُوَ مَفْقُودٌ هُنَا كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ سَائِمَةٍ وَمَعْلُوفَةٍ لَهُ حُكْمُ الْأُمِّ، فَإِنْ كَانَتْ سَائِمَةً ضُمَّ إلَيْهَا فِي الْحَوْلِ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ كَانَ يُسَرِّحُهَا نَهَارًا وَيُلْقِي لَهَا شَيْئًا مِنْ الْعَلَفِ لَيْلًا لَمْ يُؤَثِّرْ (وَإِذَا وَرَدَتْ) أَيْ الْمَاشِيَةُ (مَاءً أُخِذَتْ زَكَاتُهَا عِنْدَهُ) لِأَنَّهُ أَسْهَلُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمَالِكِ وَالسَّاعِي وَأَقْرَبُ لِلضَّبْطِ مِنْ الْمَرْعَى وَفِي الْحَدِيثِ «تُؤْخَذُ زَكَاةُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مِيَاهِهِمْ» (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَرِدْ الْمَاءَ بِأَنْ اسْتَغْنَتْ عَنْهُ بِالرَّبِيعِ مَثَلًا (فَعِنْدَ بُيُوتِ أَهْلِهَا) وَأَفْنِيَتِهِمْ تُؤْخَذُ زَكَاتُهَا. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَمُقْتَضَاهُ جَوَازُ تَكْلِيفِهِمْ الرَّدَّ إلَى الْأَفْنِيَةِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ، وَالْأَوْجَهُ فِيمَا لَا تَرِدُ مَاءً وَلَا مُسْتَقَرَّ لِأَهْلِهَا لِدَوَامِ انْتِجَاعِهِمْ تَكْلِيفُ السَّاعِي النُّجْعَةَ إلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ كُلْفَتَهُ أَهْوَنُ مِنْ تَكْلِيفِهِمْ رَدَّهَا إلَى مَحَلٍّ آخَرَ، وَلَوْ كَانَتْ مُتَوَحِّشَةً يَعْسُرُ أَخْذُهَا وَإِمْسَاكُهَا فَعَلَى رَبِّ الْمَالِ تَسْلِيمُ السِّنِّ الْوَاجِبِ لِلسَّاعِي، وَلَوْ تَوَقَّفَ ذَلِكَ عَلَى عِقَالٍ لَزِمَهُ أَيْضًا، وَهُوَ مَحْمَلُ قَوْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ أَنْ يَسْتَعْمِلَهَا إلَخْ) وَلَوْ لِغَيْرِهِ وَبِأُجْرَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ (قَوْلُهُ: إلَّا مَا رُخِّصَ) أَيْ فِيهِ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ قَصَدَ بِهِ قَطْعَ السَّوْمِ) وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَعْمَلَهَا قَدْرًا يَسِيرًا، وَقَصَدَ بِهِ قَطْعَ الْحَوْلِ سَقَطَتْ الزَّكَاةُ (قَوْلُهُ: لَوْ كَانَ الْأَحَظُّ لِلْمَحْجُورِ فِي تَرْكِهَا) أَيْ السَّائِمَةِ (قَوْلُهُ: وَيَبْعُدُ تَخْرِيجُهُمَا) أَيْ فَيَكُونُ الرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِإِسَامَتِهَا (قَوْلُهُ: لَا يَضْمَنُ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَمَانٌ (قَوْلُهُ أَنَّ السَّوْمَ لَا يَنْقَطِعُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَرِثَ سَائِمَةً وَدَامَتْ إلَخْ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ أَسَامَهَا الْوَارِثُ عَلَى ظَنِّ بَقَاءِ مُورِثِهِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ وَفَاتُهُ، وَأَنَّهَا فِي مِلْكِ الْمُورِثِ جَمِيعَ الْمُدَّةِ هَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ لِكَوْنِهِ أَسَامَهَا بِالْفِعْلِ مَعَ كَوْنِهَا فِي مِلْكِهِ فَظَنُّهُ لِلْإِسَامَةِ عَنْ غَيْرِهِ لَا يَمْنَعُ مِنْ وُقُوعِهَا لَهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَقَدْ يَدُلُّ لَهُ مَا ذَكَرَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ حَيْثُ قَالَ قَوْلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ عِبَارَةَ الْبَهْجَةِ وَشَرْحَهَا لِلشَّارِحِ: وَمَا عَلِمَ أَيْ الْوَارِثُ بِمَوْتِ مُورِثِهِ أَوْ بِأَنَّهَا نِصَابٌ أَوْ بِكَوْنِهَا سَائِمَةً لِعَدَمِ إسَامَةِ الْمَالِكِ لِاسْتِحَالَةِ الْقَصْدِ إلَيْهَا مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ اهـ. وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ غَيْرَ الْوَارِثِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ مَاشِيَتَهُ نِصَابٌ لَا زَكَاةَ وَإِنْ أَسَامَهَا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ فَلْيُحَرَّرْ اهـ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَقْرَبُ فَإِنَّهُمْ إذَا اشْتَرَطُوا كَوْنَ الْمَالِ نِصَابًا وَلَمْ يَذْكُرُوا اشْتِرَاطَ الْعِلْمِ. بِخِلَافِ السَّوْمِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَكْتَفُوا بِمُجَرَّدِهِ بَلْ اشْتَرَطُوا قَصْدَهُ، وَقَدْ حَصَلَ فَلَا أَثَرَ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِكَوْنِهِ نِصَابًا (قَوْلُهُ: لَمْ يُؤَثِّرْ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْقَدْرُ الَّذِي عَلَفَهَا بِهِ تَعِيشُ بِدُونِهِ بِلَا ضَرَرٍ بَيِّنٍ (قَوْلُهُ: أُخِذَتْ زَكَاتُهَا) أَيْ نَدْبًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَوَقَّفَ ذَلِكَ عَلَى عِقَالٍ لَزِمَهُ أَيْضًا) أَيْ وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ السَّاعِي بِمَا يَتَعَلَّقُ بِمَالِ الزَّكَاةِ وَيَبْرَأُ الْمَالِكُ بِتَسْلِيمِهَا لِلسَّاعِي عَلَى الْوَجْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[باب زكاة النبات]

أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَاَللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا لِأَنَّهُ هُنَا مِنْ تَمَامِ التَّسْلِيمِ (وَيُصَدَّقُ الْمَالِكُ فِي عَدَدِهَا إنْ كَانَ ثِقَةً) ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَلَهُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَعُدَّهَا، وَمُرَادُهُ بِالْمَالِكِ الْمُخْرِجُ وَلَوْ وَلِيًّا وَوَكِيلًا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ثِقَةً أَوْ قَالَ لَا أَعْرِفُ عَدَدَهَا فَتُعَدُّ (وُجُوبًا كَمَا لَا يَخْفَى عِنْدَ مَضِيقٍ) لِأَنَّهُ أَسْهَلُ لِعَدَدِهَا وَأَبْعَدُ عَنْ الْغَلَطِ فَتَمُرُّ وَاحِدَةً وَاحِدَةً وَبِيَدِ كُلٍّ مِنْ الْمَالِكِ وَالسَّاعِي أَوْ نَائِبِهِمَا قَضِيبٌ يُشِيرَانِ بِهِ إلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ، فَلَوْ ادَّعَى رَبُّ الْمَالِ الْخَطَأَ أُعِيدَ لَهُ الْعَدَدُ، وَكَذَا لَوْ ظَنَّ السَّاعِي خَطَأَ عَادِّهِ فَيُعَادُ أَيْضًا، وَيُسَنُّ لِلسَّاعِي عِنْدَ أَخْذِهِ الزَّكَاةَ الدُّعَاءُ لِلْمَالِكِ تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْخَيْرِ وَتَطْيِيبًا لِقَلْبِهِ بِأَنْ يَقُولَ: أَجَرَك اللَّهُ فِيمَا أَعْطَيْت وَجَعَلَهُ لَك طَهُورًا، وَبَارَكَ لَك فِيمَا أَبْقَيْت، وَلَا يَتَعَيَّنُ دُعَاءٌ، وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ إذْ ذَاكَ خَاصٌّ بِالْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ مَا لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ تَبَعًا لَهُمْ كَالْآلِ فَلَا تُكْرَهُ وَهُمْ بَنُو هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا مَرَّ. نَعَمْ مَنْ اُخْتُلِفَ فِي نُبُوَّتِهِ كَلُقْمَانَ وَمَرْيَمَ لَا كَرَاهَةَ فِي إفْرَادِ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ لِارْتِفَاعِهِ عَنْ حَالِ مَنْ يُقَالُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هَذَا كُلُّهُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ، أَمَّا مِنْهُمَا فَلَا كَرَاهَةَ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهَا حَقُّهُمَا فَلَهُمَا الْإِنْعَامُ بِهَا عَلَى غَيْرِهِمَا لِخَبَرِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى» وَالسَّلَامُ كَالصَّلَاةِ فِيمَا ذُكِرَ لَكِنَّ الْمُخَاطَبَةَ بِهِ مُسْتَحَبَّةٌ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ ابْتِدَاءً وَوَاجِبَةٌ جَوَابًا كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ، وَمَا يَقَعُ مِنْهُ غَيْبَةٌ فِي الْمُرَاسَلَاتِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ مَا يَقَعُ خِطَابًا، وَيُسَنُّ التَّرَضِّي وَالتَّرَحُّمُ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ الْأَخْيَارِ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَنَّ التَّرَاضِيَ مُخْتَصٌّ بِالصَّحَابَةِ وَالتَّرَحُّمَ بِغَيْرِهِمْ ضَعِيفٌ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَيُسْتَحَبُّ لِكُلِّ مَنْ أَعْطَى زَكَاةً أَوْ صَدَقَةً أَوْ كَفَّارَةً أَوْ نَذْرًا أَوْ نَحْوَهَا كَإِقْرَاءِ دَرْسٍ وَتَصْنِيفٍ وَإِفْتَاءٍ أَنْ يَقُولَ: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 127] . بَابُ زَكَاةِ النَّبَاتِ الْمُرَادُ بِهِ هُنَا الِاسْمُ بِمَعْنَى النَّابِتِ لَا الْمَصْدَرِ. وَيَنْقَسِمُ إلَى شَجَرٍ، وَهُوَ مَا لَهُ سَاقٌ وَإِلَى نَجْمٍ وَهُوَ مَا لَا سَاقَ لَهُ كَالزَّرْعِ، وَالزَّكَاةُ تَجِبُ فِي النَّوْعَيْنِ، وَلِذَلِكَ عُبِّرَ بِالنَّبَاتِ لِشُمُولِهِ لَهُمَا، لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ ذَكَرَ أَنَّ اسْتِعْمَالَ النَّبَاتِ فِي الثِّمَارِ غَيْرُ مَأْلُوفٍ. وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ مَعَ مَا يَأْتِي ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَذْكُورِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى السَّاعِي أَيْضًا إنْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ بِلَا تَقْصِيرٍ (قَوْلُهُ: أُعِيدَ لَهُ الْعَدَدُ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: فَيُعَادُ أَيْضًا) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ لِلسَّاعِي) وَمِثْلُهُ الْمُسْتَحِقُّ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: الدُّعَاءُ لِلْمَالِكِ) شَمِلَ مَا لَوْ دَفَعَ الْمَالِكُ بِوَكِيلِهِ وَعَلَيْهِ فَاللَّائِقُ أَنْ يَقُولَ: بَارَكَ اللَّهُ لِمُوَكِّلِك فِيمَا أَعْطَى، وَجَعَلَهُ لَهُ طَهُورًا وَبَارَكَ لَهُ فِيمَا أَبْقَى (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْك (قَوْلُهُ: مَنْزِلَةَ مَا يَقَعُ خِطَابًا) أَيْ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ (قَوْلُهُ كَإِقْرَاءِ دَرْسٍ) أَيْ وَكَقِرَاءَةِ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ تَسْبِيحٍ أَوْ ذِكْرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ سَائِرِ الْقُرَبِ (قَوْلُهُ أَنْ يَقُولَ {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا} [البقرة: 127] إلَخْ) وَكَذَا يَنْبَغِي لِلطَّالِبِ بَعْدَ حُضُورِهِ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَعَبَهُ فِي التَّحْصِيلِ عِبَادَةٌ. [بَابُ زَكَاةِ النَّبَاتِ] (قَوْلُهُ: وَالزَّكَاةُ تَجِبُ فِي النَّوْعَيْنِ) أَيْ فِي ثَمَرِهِمَا عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: غَيْرُ مَأْلُوفٍ) أَيْ وَالْمَعْرُوفُ تَخْصِيصُهُ بِالزَّرْعِ، وَلَا يُرَدُّ هَذَا عَلَى الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَبِّرْ بِالثِّمَارِ بَلْ بِالنَّبَاتِ وَهُوَ شَامِلٌ لِلشَّجَرِ وَالزَّرْعِ، وَغَايَتُهُ أَنَّهُ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQبَابُ زَكَاةِ النَّبَاتِ (قَوْلُهُ

{وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141] وقَوْله تَعَالَى {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ} [البقرة: 267] فَأَوْجَبَ الْإِنْفَاقَ مِمَّا أَخْرَجَتْهُ الْأَرْضُ وَهُوَ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ فِيمَا أَخْرَجَهُ غَيْرُهَا (تَخْتَصُّ بِالْقُوتِ) ؛ لِأَنَّ الِاقْتِيَاتَ مِنْ الضَّرُورِيَّاتِ الَّتِي لَا حَيَاةَ بِدُونِهَا، فَلِذَا أَوْجَبَ الشَّارِعُ مِنْهُ شَيْئًا لِأَرْبَابِ الضَّرُورَاتِ خَرَجَ بِهِ مَا يُؤْكَلُ تَدَاوِيًا أَوْ تَنَعُّمًا أَوْ تَأَدُّمًا كَالزَّيْتُونِ وَالزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ وَعَسَلِ النَّحْلِ وَالْقُرْطُمِ وَحَبِّ الْفُجْلِ وَالسُّمْسُمِ وَالْبِطِّيخِ وَالْكُمَّثْرَى وَالرُّمَّانِ وَغَيْرِهَا كَمَا يَأْتِي بَعْضُ ذَلِكَ (وَهُوَ مِنْ الثِّمَارِ الرُّطَبُ وَالْعِنَبُ) بِالْإِجْمَاعِ (وَمِنْ الْحَبِّ الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ) بِفَتْحِ الشِّينِ وَيُقَالُ بِكَسْرِهَا (وَالْأَرُزُّ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الزَّايِ فِي أَشْهَرِ اللُّغَاتِ السَّبْعِ (وَالْعَدَسُ) بِفَتْحِ الدَّالِ وَمِثْلُهُ الْبِسِلَّا (وَسَائِرُ الْمُقْتَاتِ اخْتِيَارًا) كَالْحِمَّصِ وَالْبَاقِلَّا وَالذُّرَةِ وَالْهُرْطُبَانِ وَهُوَ الْجُلْبَانُ وَالْمَاشُّ وَهُوَ نَوْعٌ مِنْهُ، فَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لِوُرُودِهَا فِي بَعْضِهِ فِي الْأَخْبَارِ الْآتِيَةِ وَإِلْحَاقًا لِبَاقِيهَا بِهِ، وَثَبَتَ أَيْضًا انْتِفَاؤُهَا فِي بَعْضِ مَا لَا يَصْلُحُ لِلِاقْتِيَاتِ فَأَلْحَقْنَا الْبَاقِيَ بِهِ، وَأَمَّا «قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَمُعَاذٍ لَمَّا بَعَثَهُمَا إلَى الْيَمَنِ» فِيمَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ «لَا تَأْخُذَا الصَّدَقَةَ إلَّا مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ: الشَّعِيرِ وَالْحِنْطَةِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ» فَالْحَصْرُ فِيهِ إضَافِيٌّ لِمَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالسَّيْلُ وَالْبَعْلُ الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ» وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي التَّمْرِ وَالْحِنْطَةِ وَالْحُبُوبِ، فَأَمَّا الْقِثَّاءُ وَالْبِطِّيخُ وَالرُّمَّانُ وَالْقَصَبُ فَعَفْوٌ عَفَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالْقَضْبُ بِسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ الرَّطْبُ بِسُكُونِ الطَّاءِ وَخَرَجَ بِالِاخْتِيَارِ مَا يُقْتَاتُ بِهِ حَالَ الضَّرُورَةِ مِنْ حُبُوبِ الْبَوَادِي كَحَبِّ الْغَاسُولِ وَالْحَنْظَلِ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا كَمَا لَا زَكَاةَ فِي الْوَحْشِيَّاتِ مِنْ الظِّبَاءِ وَنَحْوِهَا وَعُبِّرَ فِي التَّنْبِيهِ بَدَلَ هَذَا الْقَيْدِ بِمَا يَسْتَنْبِتُهُ الْآدَمِيُّونَ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: قَالَ أَصْحَابُنَا وَقَوْلُهُمْ بِمَا يُنْبِتُهُ الْآدَمِيُّونَ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أَنْ تُقْصَدَ زِرَاعَتُهُ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ جِنْسَ مَا يَزْرَعُونَهُ حَتَّى لَوْ سَقَطَ الْحَبُّ مِنْ يَدِ مَالِكِهِ عِنْدَ حَمْلِ الْغَلَّةِ، أَوْ وَقَعَتْ الْعَصَافِيرُ عَلَى السَّنَابِلِ فَتَنَاثَرَ الْحَبُّ وَنَبَتَ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ إذَا بَلَغَ نِصَابًا بِلَا خِلَافٍ اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ حَمَلَ السَّيْلُ حَبًّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ فَنَبَتَ بِأَرْضِنَا ـــــــــــــــــــــــــــــSتَقْدِيرِ مُضَافٍ: أَيْ ثَمَرِ كُلٍّ مِنْهُمَا، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُطْلَقُ النَّبَاتُ عَلَى الشَّجَرِ، وَإِنَّمَا يُطْلَقُ عَلَى الزَّرْعِ اتَّضَحَ الْإِيرَادُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْقُوتُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مِنْ الثِّمَارِ) وَقَدَّمَهُ لِقِلَّةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَرُزُّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ إلَخْ) ، الثَّانِيَةُ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّ الْهَمْزَةَ مَضْمُومَةٌ أَيْضًا، الثَّالِثَةُ ضَمُّهُمَا وَتَخْفِيفُ الزَّايِ عَلَى وَزْنِ كُتُبٍ، الرَّابِعَةُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ كَوَزْنِ قُفْلٍ، الْخَامِسَةُ حَذْفُ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدُ الزَّايِ، السَّادِسَةُ رَنْزٌ أَعْنِي بِنُونٍ بَيْنَ الرَّاءِ وَالزَّايِ، السَّابِعَةُ فَتْحُ الْهَمْزَةِ مَعَ تَخْفِيفِ الزَّايِ عَلَى وَزْنِ عَضُدٍ اهـ س كَذَا بِهَامِشِ دَم بِخَطِّ شَيْخِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْجُلْبَانُ) بِضَمِّ الْجِيمِ اهـ شَرْحُ رَوْضٍ (قَوْلُهُ: فَالْحَصْرُ فِيهِ إضَافِيٌّ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِأَهْلِ الْيَمَنِ اهـ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ (قَوْلُهُ: وَالْبَعْلِ الْعُشْرُ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مَا مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي الثَّمَرِ) مُدْرَجٌ مِنْ الرَّاوِي تَفْسِيرٌ لِلْمُرَادِ مِنْ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالِاخْتِيَارِ مَا يُقْتَاتُ بِهِ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهَا؛ لِأَنَّ الَّذِي يَتَعَدَّى بِالْبَاءِ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ الْمُخْتَارِ تَفَوُّتٌ (قَوْلُهُ حَالَ الضَّرُورَةِ) قَالَ حَجّ: ضَبْطُهُ جُمِعَ بِكُلِّ مَا لَا يَسْتَنْبِتُهُ الْآدَمِيُّونَ، لِأَنَّ مِنْ لَازِمِ عَدَمِ اسْتِنْبَاتِهِمْ لَهُ عَدَمَ اقْتِيَاتِهِمْ بِهِ اخْتِيَارٌ: أَيْ وَلَا عَكْسَ إذْ الْحُلْبَةُ تُسْتَنْبَتُ اخْتِيَارًا، وَلَا تُقْتَاتُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: كَحَبِّ الْغَاسُولِ) وَهُوَ الْأُشْنَانُ اهـ حَجّ، وَفِيهِ أَنَّهُمْ فَسَّرُوهُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ بِأَنَّ الْأُشْنَانَ حَلْفَاءُ مَكَّةَ، وَبِأَنَّهُ نَبْتٌ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ يُغَسَّلُ بِهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ مُشْتَرَكٌ (قَوْلُهُ: فَنَبَتَ بِأَرْضِنَا) أَيْ فِي مَحَلٍّ لَيْسَ مَمْلُوكًا لِأَحَدٍ كَالْمُوَاتِ، وَقَوْلُهُ وَغَلَّةُ الْقَرْيَةِ إلَخْ، أَيْ وَالْحَالُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَعَبَّرَ فِي التَّنْبِيهِ يَدُلُّ هَذَا الْقَيْدِ) أَيْ قَيْدِ الِاخْتِيَارِ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ مُقْتَاتٌ

فَإِنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ كَالنَّخْلِ الْمُبَاحِ بِالصَّحْرَاءِ، وَكَذَا ثِمَارُ الْبُسْتَانِ، وَغَلَّةُ الْقَرْيَةِ الْمَوْقُوفِينَ عَلَى الْمَسَاجِدِ وَالرُّبُطِ وَالْقَنَاطِرِ وَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ لَا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ عَلَى الصَّحِيحِ إذْ لَيْسَ لَهُ مَالِكٌ مُعَيَّنٌ، وَلَوْ أَخَذَ الْخَرَاجَ الْإِمَامُ عَلَى أَنْ يَكُونَ بَدَلًا عَنْ الْعُشْرِ كَانَ كَأَخْذِهِ الْقِيمَةَ فِي الزَّكَاةِ بِالِاجْتِهَادِ فَيَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ، وَإِنْ نَقَصَ عَنْ الْوَاجِبِ تَمَّمَهُ (وَفِي الْقَدِيمِ تَجِبُ فِي الزَّيْتُونِ) لِقَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: فِي الزَّيْتُونِ الْعُشْرُ، وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ فِي الْقَدِيمِ فَلِذَلِكَ أَوْجَبَهُ لَكِنَّ الْأَثَرَ ضَعِيفٌ (وَ) فِي (الزَّعْفَرَانِ وَ) فِي (الْوَرْسِ) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْمَنْفَعَةِ وَلِأَثَرٍ ضَعِيفٍ فِي الزَّعْفَرَانِ وَأُلْحِقَ بِهِ الْوَرْسُ وَهُوَ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ نَبْتٌ أَصْفَرُ يُصْبَغُ بِهِ الثِّيَابُ وَهُوَ كَثِيرٌ بِالْيَمَنِ (وَ) فِي (الْقُرْطُمِ) ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنَّ الْغَلَّةَ حَصَلَتْ مِنْ حَبٍّ مُبَاحٍ أَوْ يَذُرُّهُ النَّاظِرُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ، أَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ الْأَرْضَ وَبَذَرَ فِيهَا حَبًّا يَمْلِكُهُ فَالزَّرْعُ مِلْكُ صَاحِبِ الْبَذْرِ وَعَلَيْهِ زَكَاتُهُ، وَلَيْسَ مِنْ الْمُعَيَّنِ الْوَقْفُ عَلَى إمَامِ الْمَسْجِدِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةٌ. قَالَ حَجّ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذُكِرَ: وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمَوْقُوفَ الْمَصْرُوفَ لِأَقْرِبَاءِ الْوَاقِفِ فِيمَا يَأْتِي كَالْوَقْفِ عَلَى مُعَيَّنٍ وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ الْوَجْهُ خِلَافُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَقْصِدْهُمْ، وَإِنَّمَا الصَّرْفُ إلَيْهِمْ حُكْمُ الشَّرْعِ، وَمِنْ ثُمَّ لَا زَكَاةَ فِيمَا جُعِلَ نَذْرًا أَوْ أُضْحِيَّةً أَوْ صَدَقَةً قَبْلَ وُجُوبِهَا وَلَوْ نَذْرًا مُعَلَّقًا بِصِفَةٍ حَصَلَتْ قَبْلَهُ كَإِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِثَمَرِ نَخْلِي فَشُفِيَ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ فَإِنْ بَدَا قَبْلَ الشِّفَاءِ، فَإِنْ قُلْنَا: إنَّ النَّذْرَ الْمُعَلَّقَ يَمْنَعُ التَّصَرُّفَ قَبْلَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ لَمْ تَجِبْ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ اهـ. وَفِيهِ لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِ زَيْدٍ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ صَحَّ، وَعَلَيْهِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الصُّورَةِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ السَّابِقِ لِأَقْرِبَاءِ الْوَاقِفِ، وَلَعَلَّهُ أَنَّ صُورَةَ أَقْرِبَاءِ الْوَاقِفِ أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى غَيْرِهِمْ وَقْفًا مُنْقَطِعَ الْآخِرِ فَانْقَطَعَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ وَانْتَقَلَ الْحَقُّ إلَى أَقْرَبِ رَحِمِ الْوَاقِفِ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ بِأَنَّ الْمَوْقُوفَ الْمَصْرُوفَ لِأَقْرِبَاءِ إلَخْ، وَلَمْ يَقُلْ الْوَقْفُ عَلَى أَقْرِبَاءِ الْوَاقِفِ وَتَعْلِيلُهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَقْصِدْهُمْ، وَإِنَّمَا الصَّرْفُ إلَخْ، وَمَا الْوَاقِفُ عَلَى أَوْلَادِ زَيْدٍ فَإِنَّهُمْ عَيَّنَهُمْ فِي وَقْفِهِ فَهُمْ مَقْصُودُونَ بِالْوَقْفِ مِنْهُ دُونَ غَيْرِهِ فَاسْتِحْقَاقُهُمْ بِتَعْيِينِ الْوَاقِفِ لَهُمْ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ مَنْ قَصَدَ تَمَلُّكَهُ مَلَكَ جَمِيعَهُ فَلْيُنْظَرْ وَجْهُ ذَلِكَ وَهَلَّا جُعِلَ غَنِيمَةً أَوْ فَيْئًا، بَلْ لَا يَنْبَغِي إلَّا أَنْ يَكُونَ غَنِيمَةً إنْ وُجِدَ اسْتِيلَاءٌ عَلَيْهِ أَوْ جَعَلْنَا الْقَصْدَ اسْتِيلَاءً عَلَيْهِ، وَهُوَ بَعِيدٌ خُصُوصًا إنْ نَبَتَ فِي غَيْرِ أَرْضِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ هَذَا مِمَّا يُعْرَضُ عَنْهُ مَلَكَهُ مَنْ نَبَتَ فِي أَرْضِهِ بِلَا قَصْدٍ، فَإِنْ نَبَتَ فِي مَوَاتٍ مَلَكَهُ مَنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ كَالْحَطَبِ وَنَحْوِهِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعْرَضُ عَنْهُ لَكِنْ تَرَكُوهُ خَوْفًا مِنْ دُخُولِهِمْ بِلَادَنَا فَهُوَ فَيْءٌ، وَإِنْ قَصَدُوهُ فَمَنَعُوهُ بِقِتَالٍ فَهُوَ غَنِيمَةٌ لِمَنْ مَنَعَهُمْ (قَوْلُهُ إذْ لَيْسَ لَهُ مَالِكٌ مُعَيَّنٌ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ مَالِكٌ مُعَيَّنٌ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ وَبِهِ صَرَّحَ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَعِبَارَتُهُ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذُكِرَ بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِينَ كَمَا سَبَقَ فِي الْخُلْطَةِ اهـ (قَوْلُهُ كَأَخْذِهِ الْقِيمَةَ إلَخْ) أَوْ ظُلْمًا لَمْ يَجُزْ عَنْهَا، وَإِنْ نَوَاهَا الْمَالِكُ وَعَلِمَ الْإِمَامُ بِذَلِكَ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: فَيَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ) أَيْ وَتَقُومُ نِيَّةُ الْإِمَامِ مَقَامَ نِيَّةِ الْمَالِكِ كَالْمُمْتَنِعِ، وَلَيْسَ مِنْهُ مَا يَأْخُذُهُ الْمُلْتَزِمُونَ بِالْبِلَادِ مِنْ غَلَّةٍ أَوْ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا نَائِبِينَ عَنْ الْإِمَامِ فِي قَبْضِ الزَّكَاةِ، وَلَا يَقْصِدُونَ بِالْمَأْخُوذِ الزَّكَاةَ بَلْ يَجْعَلُونَهُ فِي مُقَابَلَةِ تَعَبِهِمْ فِي الْبِلَادِ وَنَحْوِهِ. [تَنْبِيهٌ] أَخَذَ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ أَرْضَ مِصْرَ لَيْسَتْ خَرَاجِيَّةً، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ بَعْضِ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ أَنْكَرَ إفْتَاءَ حَنَفِيٍّ بِعَدَمِ وُجُوبِ زَكَاتِهَا لِكَوْنِهَا خَرَاجِيَّةً، فَإِنَّ شَرْطَ الْخَرَاجِيَّةِ أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ يَمْلِكُهَا مِلْكًا تَامًّا، وَهِيَ لَيْسَتْ كَذَلِكَ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ: أَيْ حَتَّى عَلَى قَوَاعِدِ الْحَنَفِيَّةِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ بَنَى ذَلِكَ عَلَى مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهَا فُتِحَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَكِنَّ الْأَثَرَ ضَعِيفٌ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ عَلَى الْجَدِيدِ

وَهُوَ بِكَسْرِ الْقَافِ وَالطَّاءِ وَضَمِّهِمَا حَبُّ الْعُصْفُرِ؛ لِأَنَّ أُبَيًّا كَانَ يَأْخُذُ الْعُشْرَ مِنْهُ (وَ) فِي (الْعَسَلِ) سَوَاءٌ كَانَ نَحْلُهُ مَمْلُوكًا أَمْ أُخِذَ مِنْ الْأَمْكِنَةِ الْمُبَاحَةِ، كَذَا قَيَّدَهُ شَارِحٌ وَأَطْلَقَهُ غَيْرُهُ، وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ لِكَوْنِ الْقَدِيمِ لَا يُوجِبُهُ فِي عَسَلِ غَيْرِهِ، وَذَلِكَ لِخَبَرِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ مِنْهُ الْعُشْرَ، لَكِنْ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ: لَا يَصِحُّ فِي زَكَاتِهِ شَيْءٌ (وَنِصَابُهُ) أَيْ الْقُوتُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ (خَمْسَةُ أَوْسُقٍ) لِخَبَرِ «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنْ التَّمْرِ صَدَقَةٌ» وَخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَيْسَ فِي حَبٍّ وَلَا ثَمَرٍ صَدَقَةٌ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ» «وَقَدْ أَمَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُخْرَصَ الْعِنَبُ كَمَا يُخْرَصُ النَّخْلُ، وَتُؤْخَذَ زَكَاتُهُ زَبِيبًا كَمَا تُؤْخَذُ زَكَاةُ النَّخْلِ تَمْرًا» ، وَالْوَسْقُ بِالْفَتْحِ عَلَى الْأَفْصَحِ وَهُوَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْجَمْعِ لِمَا جَمَعَهُ مِنْ الصِّيعَانِ، قَالَ تَعَالَى {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ} [الانشقاق: 17] أَيْ جَمَعَ (وَهِيَ) أَيْ الْأَوْسُقُ الْخَمْسَةُ (أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةِ رَطْلٍ بَغْدَادِيَّةٍ) إذْ الْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا فَمَجْمُوعُ الْخَمْسَةِ ثَلَثُمِائَةِ صَاعٍ وَالصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ فَيَكُونُ النِّصَابُ أَلْفَ مُدٍّ وَمِائَتَيْ مُدٍّ، وَالْمُدُّ رِطْلٌ وَثُلُثٌ بِالْبَغْدَادِيِّ وَقُدِّرَتْ بِالْبَغْدَادِيِّ؛ لِأَنَّهُ الرَّطْلُ الشَّرْعِيُّ، قَالَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ (وَبِالدِّمَشْقِيِّ ثَلَثُمِائَةٍ وَسِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ رَطْلًا وَثُلُثَانِ) لِأَنَّ الرَّطْلَ الدِّمَشْقِيَّ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ وَالرَّطْلَ الْبَغْدَادِيَّ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ فِيمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فَيُضْرَبُ فِي أَلْفٍ وَسِتِّمِائَةٍ تَبْلُغُ مِائَتَيْ أَلْفٍ وَثَمَانِيَةَ آلَافٍ يُقْسَمُ ذَلِكَ عَلَى سِتِّمِائَةٍ يَخْرُجُ بِالْقِسْمَةِ مَا ذُكِرَ. (قُلْت: الْأَصَحُّ أَنَّهَا) بِالدِّمَشْقِيِّ (ثَلَثُمِائَةٍ وَاثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ رَطْلًا وَسِتَّةُ أَسْبَاعِ رَطْلٍ، لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ رَطْلَ بَغْدَادَ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ، وَقِيلَ بِلَا أَسْبَاعٍ وَقِيلَ وَثَلَاثُونَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) بَيَانُهُ أَنْ تَضْرِبَ مَا سَقَطَ مِنْ كُلِّ رَطْلٍ وَهُوَ دِرْهَمٌ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ فِي أَلْفٍ وَسِتِّمِائَةٍ تَبْلُغُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَخَمْسَةً وَثَمَانِينَ دِرْهَمًا وَخَمْسَةَ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ يَسْقُطُ ذَلِكَ مِنْ مَبْلَغِ الضَّرْبِ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ الزَّائِدُ عَلَى الْأَرْبَعِينَ بِالْقِسْمَةِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ فِي الْمُحَرَّرِ لِضَبْطِ الْأَوْسُقِ بِالْأَرْطَالِ لَا بِالدِّمَشْقِيَّةِ وَلَا بِالْبَغْدَادِيَّةِ، بَلْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَهِيَ بِالْمَنِّ الصَّغِيرِ ثَمَانِمِائَةِ مَنٍّ وَبِالْكَبِيرِ الَّذِي وَزْنُهُ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ ثَلَثُمِائَةٍ مَنٍّ وَسِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ مَنًّا وَثُلُثَا مَنٍّ فَاخْتَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِمَا سَبَقَ، وَاسْتُفِيدَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الرَّطْلَ الدِّمَشْقِيَّ مُسَاوٍ لِلْمَنِّ الْكَبِيرِ، وَالْمَنُّ الصَّغِيرُ رَطْلَانِ بِالْبَغْدَادِيِّ، وَالنِّصَابُ تَحْدِيدٌ كَمَا صَحَّحَاهُ لِلْأَخْبَارِ السَّابِقَةِ، وَكَمَا فِي نِصَابِ الْمَوَاشِي وَغَيْرِهَا، وَالْعِبْرَةُ فِيهِ بِالْكَيْلِ عَلَى الصَّحِيحِ بِمَا كَانَ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا فِي التَّجْرِبَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَإِنَّمَا قُدِّرَ بِالْوَزْنِ اسْتِظْهَارًا، أَوْ إذَا وَافَقَ الْكَيْلَ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْوَزْنِ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ الْوَسَطُ فَإِنَّهُ يَشْتَمِلُ عَلَى الْخَفِيفِ وَالرَّزِينِ، فَكَيْلُهُ بِالْإِرْدَبِّ الْمِصْرِيِّ كَمَا قَالَهُ الْقَمُولِيُّ سِتَّةُ أَرَادِبَ وَرُبْعُ إرْدَبٍّ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ بِجَعْلِ الْقَدَحَيْنِ صَاعًا كَزَكَاةِ الْفِطْرِ وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ، وَإِنْ قَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّهُ خَمْسَةُ أَرَادِبَ وَنِصْفٌ وَثُلُثٌ، وَأَنَّهُ اعْتَبَرَ الْقَدَحَ الْمِصْرِيَّ بِالْمُدِّ الَّذِي حَرَّرَهُ فَوَسِعَ مُدَّيْنِ وَسُبْعًا تَقْرِيبًا، فَالصَّاعُ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَنْوَةً، وَأَنَّ عُمَرَ وَضَعَ عَلَى رُءُوسِ أَهْلِهَا الْجِزْيَةَ وَأَرْضِهَا الْخَرَاجَ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْخَرَاجَ بَعْدَ تَوْظِيفِهِ لَا يَسْقُطُ بِالْإِسْلَامِ، وَيَأْتِي قُبَيْلَ الْأَمَانِ مَا يَرُدُّ جَزْمَهُمْ بِفَتْحِهَا عَنْوَةً، وَصَرَّحَ أَئِمَّتُنَا بِأَنَّ النَّوَاحِيَ الَّتِي يُؤْخَذُ الْخَرَاجُ مِنْ أَرْضِهَا وَلَا يُعْلَمُ أَصْلُهُ يُحْكَمُ بِجَوَازِ أَخْذِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ بِحَقٍّ، وَيَمْلِكُ أَهْلَهَا فَلَهُمْ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي الْيَدِ الْمِلْكُ، وَحِينَئِذٍ فَالْوَجْهُ أَنَّ إلَخْ مَا سَنَذْكُرُ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَكَانَ نَحْلُهُ مَمْلُوكًا إلَخْ) هَذَا لَا يُنَافِي قَوْلَهُ وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَالْعَسَلُ مِنْ النَّحْلِ كَذَا قَيَّدَهُ شَارِحٌ إلَخْ وَهِيَ أَوْضَحُ مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: أَمْ أُخِذَ مِنْ الْأَمْكِنَةِ الْمُبَاحَةِ) اُنْظُرْ وَجْهَهُ عَلَى هَذَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْجَمْعِ) أَيْ وَالْمُرَادُ هُنَا الْمَوْسُوقُ بِمَعْنَى الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الرَّطْلُ الشَّرْعِيُّ) أَيْ الَّذِي وَقَعَ التَّقْدِيرُ بِهِ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ وَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَذَا قَيَّدَهُ الشَّارِحُ) أَيْ بِالنَّحْلِ

قَدَحَانِ إلَّا سُبْعَيْ مُدٍّ، وَقَدْرُ كُلِّ خَمْسَةَ عَشَرَ مُدًّا سَبْعَةُ أَقْدَاحٍ، وَكُلُّ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا وَيْبَةٌ وَنِصْفٌ وَرُبْعٌ فَثَلَاثُونَ صَاعًا ثَلَاثُ وَيْبَاتٍ وَنِصْفٌ فَثَلَثُمِائَةِ صَاعٍ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ وَيْبَةً وَهِيَ خَمْسَةُ أَرَادِبَ وَنِصْفٌ وَثُلُثٌ، فَالنِّصَابُ عَلَى قَوْلِهِ خَمْسُمِائَةٍ وَسِتُّونَ قَدَحًا وَعَلَى الْأَوَّلِ سِتُّمِائَةٍ. (وَيُعْتَبَرُ) فِي الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ بُلُوغُهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ حَالَةَ كَوْنِهِ (تَمْرًا) بِمُثَنَّاةٍ (أَوْ زَبِيبًا إنْ تَتَمَّرَ) الرُّطَبُ (أَوْ تَزَبَّبَ) الْعِنَبُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ فِي تَمْرٍ وَلَا حَبٍّ صَدَقَةٌ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ» فَاعْتُبِرَ فِي التَّمْرِ الْأَوْسُقُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَتَمَّرْ الرُّطَبُ وَلَمْ يَتَزَبَّبْ الْعِنَبُ (فَرُطَبًا وَعِنَبًا) أَيْ فَيُوَسَّقُ رُطَبًا وَعِنَبًا وَتُخْرَجُ الزَّكَاةُ مِنْهُمَا فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَكْمَلُ أَحْوَالِهِمَا، وَيُضَمُّ مَا لَا يُجَفَّفُ مِنْهُمَا إلَى مَا يُجَفَّفُ فِي إكْمَالِ النِّصَابِ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَلْحَقْ ذَلِكَ بِالْخَضْرَاوَاتِ؛ لِأَنَّ جِنْسَهُ مِمَّا يَجِفُّ فَأُلْحِقَ نَادِرُهُ بِغَالِبِهِ، وَمِثْلُ مَا لَا يَجِفُّ أَصْلًا مَا جَافُّهُ رَدِيءٌ أَوْ اُحْتِيجَ لِقَطْعِهِ لِلْعَطَشِ. قَالَ فِي الْعُبَابِ: أَوْ لَا يَجِفُّ إلَّا لِنَحْوِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فِيمَا يَظْهَرُ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِمَّا صُرِّحَ بِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ حَيْثُ، قَالَ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ مَا إذَا كَانَتْ مُدَّةُ جَفَافِهِ طَوِيلَةً كَسَنَةٍ لِقِلَّةِ فَائِدَتِهِ، وَيَجِبُ اسْتِئْذَانُ الْعَامِلِ فِي قَطْعِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، فَإِنْ قَطَعَ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانِهِ أَثِمَ وَعُزِّرَ، وَعَلَى السَّاعِي أَنْ يَأْذَنَ لَهُ خِلَافًا لِمَا صَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ مِنْ الِاسْتِحْبَابِ. نَعَمْ إنْ انْدَفَعَتْ الْحَاجَةُ بِقَطْعِ الْبَعْضِ لَمْ تَجُزْ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا (وَالْحَبُّ) أَيْ وَيُعْتَبَرُ فِي الْحَبِّ بُلُوغُهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ حَالَةَ كَوْنِهِ (مُصَفًّى مِنْ تِبْنِهِ) لِأَنَّهُ لَا يُدَّخَرُ فِيهِ، وَلَا يُؤْكَلُ مَعَهُ وَيَظْهَرُ اغْتِفَارُ قَلِيلٍ فِيهِ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْكَيْلِ (وَمَا اُدُّخِرَ فِي قِشْرِهِ) وَلَمْ يُؤْكَلْ مَعَهُ (كَالْأُرْزِ وَالْعَلَسِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَاللَّامِ نَوْعٌ مِنْ الْحِنْطَةِ كَمَا سَيَأْتِي، وَالْكَافُ فِي كَلَامِهِ اسْتِقْصَائِيَّةٌ إذْ لَيْسَ ثَمَّ مَا يُدَّخَرُ فِي قِشْرِهِ مِنْ الْحُبُوبِ غَيْرَ الشَّيْئَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا (فَعَشَرَةُ أَوْسُقٍ) نِصَابُهُ اعْتِبَارًا بِقِشْرِهِ الَّذِي ادِّخَارُهُ فِيهِ أَصْلَحُ لَهُ وَأَبْقَى بِالنِّصْفِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَصْفِيَتُهُ مِنْ قِشْرِهِ، وَأَنَّ قِشْرَهُ لَا يَدْخُلُ فِي الْحِسَابِ. نَعَمْ لَوْ حَصَلَتْ الْخَمْسَةُ أَوْسُقٍ مِنْ دُونِ الْعَشَرَةِ اعْتَبَرْنَاهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ وَإِلَّا فَرُطَبًا وَعِنَبًا) قَضِيَّتُهُ امْتِنَاعُ إخْرَاجِ الْبُسْرِ وَعَدَمِ إجْزَائِهِ. نَعَمْ إنْ لَمْ يَتَأَتَّ مِنْهُ رُطَبٌ فَالْوَجْهُ وُجُوبُ إخْرَاجِ الْبُسْرِ وَإِجْزَائِهِ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُهُ نَعَمْ إنْ لَمْ يَتَأَتَّ مِنْهُ رُطَبٌ: أَيْ غَيْرُ رَدِيءٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ أَكْمَلُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُقَدَّرُ فِيهِ الْجَفَافُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَأَنَّ قَوْلَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ أَكْمَلُ أَحْوَالُهُمَا عِلَّةٌ لِإِجْزَاءِ الْمُخْرَجِ مِنْهَا بِتِلْكَ الصِّفَةِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْجَفَافِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ الْجَفَافُ بِالْفِعْلِ لَا يَتَعَذَّرُ تَقْدِيرُهُ، لَا يُقَالُ: حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ جَفَافٌ فَكَيْفَ يُمْكِنُ تَقْدِيرُهُ. لِأَنَّا نَقُولُ: يُمْكِنُ اعْتِبَارُهُ بِالْقِيَاسِ إلَى مَا يَتَجَفَّفُ مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ غَايَةَ الْأَمْرِ أَنَّ مَا لَا يَتَجَفَّفُ مَنْ قَامَ بِهِ مَا مُنِعَ مِنْ التَّجْفِيفِ، وَهُوَ لَا يُمْنَعُ أَنْ يَجِيءَ مِنْهُ مِثْلَ مَا يَجِيءُ مِنْ غَيْرِهِ بِفَرْضِ زَوَالِ الْمَانِعِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَأْخُوذٌ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ فِي الْعُبَابِ (قَوْلُهُ وَيَجِبُ اسْتِئْذَانُ الْعَامِلِ) أَيْ عَلَى الْمَالِكِ وَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْإِثْمِ، هَذَا وَاضِحٌ فِيمَا إذَا كَانَ ثَمَّ عَامِلٌ، وَإِلَّا وَجَبَ اسْتِئْذَانُ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ، وَلَوْ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدَوِيِّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَطَعَ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانِهِ أَثِمَ وَعُزِّرَ) أَيْ وَلَا ضَمَانَ سم (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ انْدَفَعَتْ الْحَاجَةُ بِقَطْعِ الْبَعْضِ) أَيْ فِيمَا لَوْ احْتَاجَ لِقَطْعِهِ لِنَحْوِ عَطَشٍ (قَوْلُهُ: وَالْكَافُ فِي كَلَامِهِ اسْتِقْصَائِيَّةٌ) أَيْ أَنَّهَا دَلَّتْ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ سِوَاهُمَا، وَهِيَ الْوَاقِعَةُ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ وَهُمْ ثِقَاتٌ (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَصْفِيَتُهُ) فِي فَتَاوَى الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ مَا نَصُّهُ: سُئِلَ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ عَمَّنْ عَلَيْهِ زَكَاةُ أُرْزِ شَعِيرٍ وَضَرَبَ ذَلِكَ الْوَاجِبَ حَتَّى صَارَ أَبْيَضَ فَحَصَلَ مِنْهُ نِصْفُ أَصْلِهِ مَثَلًا، ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ الْأَرُزِّ الشَّعِيرِ هَلْ يُجْزِي أَوْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يُجْزِي مَا أَخْرَجَهُ عَنْ وَاجِبِهِ اهـ. أَقُولُ: هَذَا قَدْ يُنَافِيهِ قَوْلُ الشَّارِحِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا تَجِبُ تَصْفِيَتُهُ إلَخْ فَالْقِيَاسُ الْإِجْزَاءُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ مَا فَعَلَهُ هُوَ الْأَصْلُ فِي حَقِّهِ، وَلَيْسَ فِيهِ تَصَرُّفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ فِي حَقِّهِمْ، وَإِنَّمَا أُسْقِطَ عَنْهُ تَبْيِيضُهُ تَخْفِيفًا عَلَيْهِ، وَلَيْسَ فِيهِ تَفْوِيتٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ بَلْ فِيهِ رِفْقٌ بِهِمْ بِتَحَمُّلِ الْمُؤْنَةِ عَنْهُمْ. وَبَقِيَ مَا لَوْ لَمْ يَضُرَّ بِهِ، وَشَكَّ فِيمَا حَصَلَ عِنْدَهُ هَلْ يَبْلُغُ خَالِصُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

دُونَهَا كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَكَلَامُهُمْ جَرَوْا فِيهِ عَلَى الْغَالِبِ، وَكَلَامُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ يَدُلُّ لِذَلِكَ، وَنَقَلَ الشَّيْخَانِ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ أَنَّ قِشْرَةَ الْبَاقِلَّا السُّفْلَى لَا تَدْخُلُ فِي الْحِسَابِ، لَكِنْ اسْتَغْرَبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَالَ: إنَّهُ خِلَافُ قَضِيَّةِ كَلَامِ الْجُمْهُورِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَذْهَبَ الْمَنْصُوصَ الدُّخُولُ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ كَمَا قَالَ وَالْوَجْهُ تَرْجِيحُ الدُّخُولِ أَوْ الْجَزْمُ بِهِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ ابْنِ كَجٍّ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَنْصُوصُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَا أَثَرَ لِلْقِشْرَةِ الْحَمْرَاءِ اللَّاصِقَةِ بِالْأَرُزِّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ (وَلَا يَكْمُلُ) فِي النِّصَابِ (جِنْسٌ بِجِنْسٍ) أَمَّا التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ فَبِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ وَالْعَدَسُ وَالْحِمَّصُ فَبِالْقِيَاسِ لِانْفِرَادِ كُلٍّ بِاسْمٍ وَطَبْعٍ خَاصَّيْنِ (وَيُضَمُّ) فِيهِ (النَّوْعُ إلَى النَّوْعِ) كَأَنْوَاعِ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَغَيْرِهِمَا لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الِاسْمِ، وَإِنْ تَبَايَنَا فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَاخْتَلَفَ مَكَانُهُمَا (وَيُخْرِجُ مِنْ كُلٍّ) مِنْ النَّوْعَيْنِ أَوْ الْأَنْوَاعِ (بِقِسْطِهِ) لِانْتِفَاءِ الْمَشَقَّةِ فِيهِ، بِخِلَافِ الْمَوَاشِي فَإِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ يُخْرِجُ نَوْعًا مِنْهَا بِشَرْطِ رِعَايَةِ الْقِيمَةِ وَالتَّوْزِيعِ كَمَا مَرَّ، وَلَا يُؤْخَذُ الْبَعْضُ مِنْ هَذَا وَالْبَعْضُ مِنْ الْآخَرِ لِلْمَشَقَّةِ (فَإِنْ عَسِرَ) لِكَثْرَةِ الْأَنْوَاعِ وَقِلَّةِ الْحَاصِلِ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ (أُخْرِجَ الْوَسَطُ) مِنْهَا دُونَ الْأَعْلَى وَالْأَدْنَى لِرِعَايَةِ الْجَانِبَيْنِ، فَلَوْ تَكَلَّفَ وَأَخْرَجَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِالْقِسْطِ جَازَ بَلْ هُوَ أَفْضَلُ كَمَا نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ (وَيُضَمُّ الْعَلَسُ إلَى الْحِنْطَةِ؛ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْهَا) وَهُوَ قُوتُ صَنْعَاءِ الْيَمَنِ يَكُونُ فِي الْكِمَامِ حَبَّتَانِ وَثَلَاثٌ (وَالسُّلْتُ) بِضَمِّ السِّينِ وَسُكُونِ اللَّامِ (جِنْسٌ مُسْتَقِلٌّ) فَلَا يُضَمُّ إلَى غَيْرِهِ (وَقِيلَ شَعِيرٌ) فَيُضَمُّ لَهُ لِشَبَهِهِ بِهِ فِي بُرُودَةِ الطَّبْعِ (وَقِيلَ حِنْطَةٌ) فَيُضَمُّ إلَيْهِ لِشَبَهِهِ بِهَا لَوْنًا وَمَلَاسَةً، وَالْأَوَّلُ قَالَ: اكْتَسَبَ مِنْ تَرَكُّبِ الشَّبَهَيْنِ طَبْعًا انْفَرَدَ بِهِ وَصَارَ أَصْلًا بِرَأْسِهِ (وَلَا يُضَمُّ ثَمَرُ عَامٍ وَزَرْعُهُ) فِي إكْمَالِ النِّصَابِ (إلَى) ثَمَرِ وَزَرْعِ عَامٍ (آخَرَ) وَإِنْ فُرِضَ إطْلَاعُ ثَمَرِ الْعَامِ الثَّانِي قَبْلَ جِذَاذِ الْأَوَّلِ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَوْ تُصُوِّرَ نَخْلٌ أَوْ كَرْمٌ يَحْمِلُ فِي الْعَامِ مَرَّتَيْنِ لَمْ يُضَمَّ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ بَلْ هُمَا كَثَمَرَةِ عَامَيْنِ (وَيُضَمُّ ثَمَرُ الْعَامِ) الْوَاحِدِ (بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ وَإِنْ اخْتَلَفَ إدْرَاكُهُ) لِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ وَبِلَادِهِ حَرَارَةً وَبُرُودَةً كَنَجْدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSخَمْسَةَ أَوْسُقٍ أَوْ لَا هَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ فِيهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْوُجُوبِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَلَا يُكَلَّفُ إزَالَةَ الْقِشْرِ لِيَخْتَبِرَ خَالِصَهُ هَلْ يَبْلُغُ نِصَابًا أَوْ لَا، وَلَا يُشْكِلُ ذَلِكَ بِمَا لَوْ اخْتَلَطَ إنَاءٌ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَجُهِلَ الْأَكْثَرُ حَيْثُ كُلِّفَ امْتِحَانَهُ بِالسَّبْكِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا ذُكِرَ، ثُمَّ لِأَنَّهُ هُنَاكَ تَحَقَّقَ الْوُجُوبُ وَجُهِلَ قَدْرُ الْوَاجِبِ، بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّهُ شَكَّ فِي أَصْلِ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ وَالْوَجْهُ تَرْجِيحُ الدُّخُولِ) مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لِلْقِشْرَةِ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: وَيُخْرِجُ مِنْ كُلٍّ بِقِسْطِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ مِنْ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ عَنْهُمَا لَا يَكْفِي، وَإِنْ كَانَ مَا أَخْرَجَ مِنْهُ أَعْلَى قِيمَةً مِنْ الْآخَرِ، وَلَيْسَ مُرَادًا لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَلَيْسَ بَدَلًا عَنْ الْوَاجِبِ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ، وَقَدْ يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ عُمُومِ قَوْلِ مَتْنِ الْمَنْهَجِ: وَيُجْزِي نَوْعٌ عَنْ نَوْعٍ آخَرَ لِرِعَايَةِ الْقِيمَةِ اهـ. حَيْثُ عَدَلَ عَنْ التَّعْبِيرِ بِالْمَاشِيَةِ إلَى الْأَنْوَاعِ الشَّامِلَةِ لِلْمَاشِيَةِ وَلِغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يُؤْخَذُ الْبَعْضُ إلَخْ) أَيْ لَا يُكَلَّفُ دَفْعَ ذَلِكَ بَلْ لَا يَجُوزُ فِيمَا لَوْ دَفَعَ نِصْفَ عَنْزٍ وَنِصْفَ نَعْجَةٍ مِنْ أَرْبَعِينَ عِشْرُونَ مِنْهَا مِنْ الضَّأْنِ وَعِشْرُونَ مِنْ الْمَعْزِ (قَوْلُهُ فَلَا يُضَمُّ إلَى غَيْرِهِ) . [تَنْبِيهٌ] يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ الْبُرَّ يَخْتَلِطُ بِالشَّعِيرِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الشَّعِيرَ إنْ قَلَّ بِحَيْثُ لَوْ مُيِّزَ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي النَّقْصِ لَمْ يُعْتَبَرْ فَلَا يَجْزِي إخْرَاجُ شَعِيرٍ، وَلَا يَدْخُلُ فِي الْحِسَابِ وَإِلَّا لَمْ يُكَمَّلْ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ فَمَا كَمُلَ نِصَابُهُ أُخْرِجَ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ الْمُخْتَلِطِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: يَحْمِلُ فِي الْعَامِ مَرَّتَيْنِ) أَيْ بِأَنْ يَنْفَصِلَ الْحَمْلُ الثَّانِي عَنْ الْحَمْلِ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا مَا يَخْرُجُ مُتَتَابِعًا بِحَيْثُ يَتَأَخَّرُ بُرُوزُ الثَّانِي عَنْ بُرُوزِ الْأَوَّلِ بِنَحْوِ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ ثُمَّ يَتَلَاحَقُ بِهِ فِي الْكِبَرِ فَكَأَنَّهُ حَمْلٌ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: كَثَمَرَةِ عَامَيْنِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ إطْلَاعُهُمَا فِي عَامٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَ إدْرَاكُهُ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَدْرَكَ بَعْضَهُ، وَلَمْ يَبْلُغْ نِصَابًا جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ، ثُمَّ إذَا أَدْرَكَ بَاقِيَهُ وَكَمُلَ بِهِ النِّصَابُ زَكَّى الْجَمِيعَ إنْ كَانَ الْأَوَّلُ بَاقِيًا أَوْ تَالِفًا، فَإِنْ سَبَقَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[نصاب القوت الذي تجب فيه الزكاة]

وَتِهَامَةَ، فَتِهَامَةُ حَارَّةٌ يُسْرِعُ إدْرَاكُ ثَمَرِهَا وَنَجْدٌ بَارِدَةٌ، وَالْمُرَادُ بِالْعَامِ هَذَا اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا عَرَبِيَّةً. قَالَ الشَّيْخُ: وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَأَشَارَ بِذَلِكَ لِلرَّدِّ عَلَى ابْنِ الرِّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ نَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَالْعِبْرَةُ فِي الضَّمِّ هُنَا بِإِطْلَاعِهِمَا فِي عَامٍ وَاحِدٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ مِنْ اعْتِبَارِ الْقَطْعِ فَيُضَمُّ طَلْعُ نَخْلِهِ إلَى الْآخَرِ إنْ أَطْلَعَ الثَّانِي قَبْلَ جِذَاذِ الْأَوَّلِ وَكَذَا بَعْدَهُ فِي عَامٍ وَاحِدٍ، (وَقِيلَ إنْ أَطْلَعَ الثَّانِي بَعْدَ جِذَاذِ الْأَوَّلِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا وَإِهْمَالِ الدَّالَيْنِ وَإِعْجَامِهِمَا أَيْ قَطْعِهِ (لَمْ يُضَمَّ) لِأَنَّهُ يُشْبِهُ ثَمَرَ عَامَيْنِ، وَلَوْ أَطْلَعَ الثَّانِي قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِ الْأَوَّلِ ضُمَّ إلَيْهِ جَزْمًا (وَزَرْعَا الْعَامِ يُضَمَّانِ) وَإِنْ اخْتَلَفَتْ زِرَاعَتُهُ فِي الْفُصُولِ، وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الذُّرَةِ فَإِنَّهَا تُزْرَعُ فِي الرَّبِيعِ وَالْخَرِيفِ وَالصَّيْفِ (وَالْأَظْهَرُ) فِي الضَّمِّ (اعْتِبَارُ وُقُوعِ حَصَادَيْهِمَا فِي سَنَةٍ) وَاحِدَةٍ بِأَنْ يَكُونَ بَيْنَ حَصْدِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي أَقَلُّ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا عَرَبِيَّةً، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ الزَّرْعَانِ فِي سَنَةٍ إذْ الْحَصَادُ هُوَ الْمَقْصُودُ وَعِنْدَهُ يَسْتَقِرُّ الْوُجُوبُ. وَالثَّانِي الِاعْتِبَارُ بِوُقُوعِ الزَّرْعَيْنِ فِي السَّنَةِ؛ لِأَنَّ الزِّرَاعَةَ هِيَ الْأَصْلُ، وَدَاخِلَةٌ أَيْضًا تَحْتَ الْقُدْرَةِ، وَجُمْلَةُ مَا فِيهَا عَشَرَةُ أَقْوَالٍ أَصَحُّهَا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّهُ نَقْلٌ بَاطِلٌ يَطُولُ الْقَوْلُ بِتَفْصِيلِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنِّي لَمْ أَرَ مَنْ صَحَّحَهُ فَضْلًا عَنْ عَزْوِهِ إلَى الْأَكْثَرِينَ، بَلْ رَجَّحَ كَثِيرُونَ اعْتِبَارَ وُقُوعِ الزَّرْعَيْنِ فِي عَامٍ مِنْهُمْ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ، وَذَكَرَ نَحْوَهُ ابْنُ النَّقِيبِ. قَالَ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ: وَيُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْدَحُ فِي نَقْلِ الشَّيْخَيْنِ؛ لِأَنَّ مَنْ حَفِظَ حُجَّةً عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ: أَيْ لِأَنَّ الْمُثْبِتَ مُقَامٌ عَلَى النَّافِي. وَالْمُرَادُ بِالْحَصَادِ حُصُولُهُ بِالْقُوَّةِ لَا بِالْفِعْلِ كَمَا أَفَادَهُ الْكَمَالُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ، وَقَالَ: إنَّ تَعْلِيلَهُمْ يُرْشِدُ إلَيْهِ، وَلَوْ وَقَعَ الزَّرْعَانِ مَعًا أَوْ عَلَى التَّوَاصُلِ الْمُعْتَادِ، ثُمَّ أُدْرِكَ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ بَقْلٌ لَمْ يَشْتَدَّ حَبُّهُ فَالْأَصَحُّ الْقَطْعُ فِيهِ بِالضَّمِّ، وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمَالِكُ وَالسَّاعِي فِي أَنَّهُ زَرْعُ عَامٍ أَوْ عَامَيْنِ صُدِّقَ الْمَالِكُ فِي دَعْوَاهُ كَوْنَهُ فِي عَامَيْنِ، فَإِنْ اتَّهَمَهُ حَلَّفَهُ نَدْبًا؛ لِأَنَّ مَا ادَّعَاهُ غَيْرُ مُخَالَفٍ بِالظَّاهِرِ وَالْمُسْتَخْلَفُ مِنْ أَصْلٍ كَذُرَةٍ سَنْبَلَتْ مَرَّةً ثَانِيَةً فِي عَامٍ يُضَمُّ إلَى الْأَصْلِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْكَرْمِ وَالنَّخْلِ؛ لِأَنَّهُمَا يُرَادَانِ لِلتَّأْبِيدِ فَجُعِلَ كُلُّ حَمْلٍ كَثَمَرَةِ عَامٍ، بِخِلَافِ الذُّرَةِ وَنَحْوِهَا فَأُلْحِقَ الْخَارِجُ مِنْهَا ثَانِيًا بِالْأَوَّلِ كَزَرْعٍ تُعُجِّلَ إدْرَاكُ بَعْضِهِ (وَوَاجِبُ مَا شَرِبَ بِالْمَطَرِ) أَوْ مَاءٍ انْصَبَّ إلَيْهِ مِنْ نَهْرٍ أَوْ عَيْنٍ أَوْ سَاقِيَةٍ حُفِرَتْ مِنْ النَّهْرِ وَإِنْ احْتَاجَتْ لِمُؤْنَةٍ (أَوْ عُرُوقِهِ لِقُرْبِهِ مِنْ الْمَاءِ) وَهُوَ الْبَعْلُ (مِنْ ثَمَرٍ وَزَرْعٍ الْعُشْرُ وَ) وَاجِبُ (مَا سُقِيَ) مِنْهُمَا (بِنَضْحٍ) مِنْ نَحْوِ نَهْرٍ بِحَيَوَانٍ، وَيُسَمَّى الذَّكَرُ نَاضِحًا وَالْأُنْثَى نَاضِحَةً، وَيُسَمَّى هَذَا الْحَيَوَانُ أَيْضًا سَانِيَةً بِسِينٍ مُهْمَلَةٍ وَنُونٍ وَمُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتُ (أَوْ دُولَابٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِهِ، وَهُوَ مَا يُدِيرُهُ الْحَيَوَانُ، أَوْ دَالِيَةٌ وَهِيَ الْمَنْجَنُونُ وَهُوَ مَا يُدِيرُهُ الْحَيَوَانُ، وَقِيلَ الْبَكْرَةُ أَوْ نَاعُورَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَهُ بَيْعٌ تَبَيَّنَ بُطْلَانُهُ فِي قَدْرِ الزَّكَاةِ، وَيَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا، وَرَدُّ بَدَلِهِ إنْ كَانَ تَالِفًا. ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامِ سم عَلَى حَجّ مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ غَيْرُ صَحِيحٍ) لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِأَنَّ مَا بَيْنَ إطْلَاعِ النَّخْلَةِ إلَى بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَمُنْتَهَى إدْرَاكِهَا ذَلِكَ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وُقُوعِ حَصَادَيْهِمَا فِي سَنَةٍ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ النَّخْلِ حَيْثُ اُعْتُبِرَ فِيهِ اتِّحَادُ الْإِطْلَاعَيْنِ أَنَّ نَحْوَ النَّخْلِ بِمُجَرَّدِ الْإِطْلَاعِ صَلَحَ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ سَائِرُ أَنْوَاعِهِ، بِخِلَافِ الزَّرْعِ فَإِنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ لِلْآدَمِيِّينَ الْحَبُّ خَاصَّةً فَاعْتُبِرَ حَصَادُهُ (قَوْلُهُ يُضَمُّ إلَى الْأَصْلِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَقَعْ حَصَادَاهُمَا فِي عَامٍ، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُسْتَخْلَفًا مِنْ الْأَصْلِ نُزِّلَ مَنْزِلَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [نِصَابُ الْقُوتُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ] (قَوْلُهُ: أَوْ دَالِيَةٍ وَهِيَ الْمَنْجَنُونُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ بِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَالدَّوَالِيبُ لَفْظُهَا جَمْعُ دُولَابٍ بِضَمِّ الدَّالِ وَقَدْ تُفْتَحُ، وَيُقَالُ لَهُ الدَّالِيَةُ وَهِيَ الْمَنْجَنُونُ وَهُوَ مَا يُدِيرُهُ الْحَيَوَانُ، وَقِيلَ الدَّالِيَةُ الْبَكَرَةُ انْتَهَتْ

أَوْ مَا يُدِيرُهُ الْمَاءُ بِنَفْسِهِ (أَوْ بِمَا اشْتَرَاهُ) أَوْ وُهِبَ لَهُ لِعِظَمِ الْمِنَّةِ فِيهِ أَوْ غَصَبَهُ لِوُجُوبِ ضَمَانِهِ (نِصْفُهُ) أَيْ الْعُشْرِ وَذَلِكَ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ، أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ» فَشَمِلَ مَا لَوْ قُصِدَ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الزَّرْعِ السَّقْيُ بِأَحَدِ الْمَاءَيْنِ، ثُمَّ حَصَلَ السَّقْيُ بِالْآخَرِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «فِيمَا سَقَتْ الْأَنْهَارُ وَالْغَيْمُ الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّانِيَةِ نِصْفُ الْعُشْرِ» وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد «فِي الْبَعْلِ الْعُشْرُ» وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ كَثْرَةُ الْمُؤْنَةِ وَخِفَّتُهَا كَمَا فِي السَّائِمَةِ وَالْمَعْلُوفَةِ بِالنَّظَرِ لِلْوُجُوبِ وَعَدَمِهِ، وَلَا فَرْقَ فِي وُجُوبِ الْعُشْرِ أَوْ نِصْفِهِ بَيْنَ الْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَذَاتِ الْخَرَاجِ وَغَيْرِهِمَا لِعُمُومِ الْإِخْبَارِ وَخَبَرِ «لَا يَجْتَمِعُ عُشْرٌ وَخَرَاجٌ فِي أَرْضِ مُسْلِمٍ» ضَعِيفٌ، وَتَكُونُ الْأَرْضُ خَرَاجِيَّةً إذَا فَتَحَهَا الْإِمَامُ عَنْوَةً، ثُمَّ تَعَوَّضَهَا مِنْ الْغَانِمِينَ وَوَقَفَهَا عَلَيْنَا، وَضَرَبَ عَلَيْهَا خَرَاجًا أَوْ فَتَحَهَا صُلْحًا عَلَى أَنْ تَكُونَ لَنَا وَيَسْكُنَهَا الْكُفَّارُ بِخَرَاجٍ مَعْلُومٍ فَهُوَ أُجْرَةٌ لَا يَسْقُطُ بِإِسْلَامِهِمْ، فَإِنْ سَكَنُوهَا بِهِ وَلَمْ تُشْتَرَطْ هِيَ لَنَا كَانَ جِزْيَةً تَسْقُطُ بِإِسْلَامِهِمْ، وَالْأَرَاضِي الَّتِي يُؤْخَذُ مِنْهَا وَلَا يُعْرَفُ أَصْلُهُ يُحْكَمُ بِجَوَازِ أَخْذِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ بِحَقٍّ، وَيُحْكَمُ بِمِلْكِ أَهْلِهَا لَهَا فَلَهُمْ التَّصَرُّفُ فِيهَا لِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي الْيَدِ الْمِلْكُ، وَلَا يَجِبُ فِي الْمُعْشَرَاتِ زَكَاةٌ لِغَيْرِ السَّنَةِ الْأُولَى بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِمَّا مَرَّ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَتَكَرَّرُ فِي الْأَمْوَالِ النَّامِيَةِ وَهَذِهِ مُنْقَطِعَةُ النَّمَاءِ مُعَرَّضَةٌ لِلْفَسَادِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْأَصْوَبُ قِرَاءَةُ مَا فِي قَوْلِهِ بِمَا اشْتَرَاهُ مَقْصُورَةً عَلَى أَنَّهَا مَوْصُولَةٌ لَا مَمْدُودَةٌ اسْمًا لِلْمَاءِ الْمَعْرُوفِ، فَإِنَّهَا عَلَى التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ تَعُمُّ الثَّلْجَ وَالْبَرَدَ وَالْمَاءَ النَّجِسَ بِخِلَافِ الْمَمْدُودِ اهـ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْبَرَدَ وَالثَّلْجَ قَبْلَ ذَوْبِهِمَا كَمَا لَا يُسَمَّيَانِ مَاءً لَا يُمْكِنُ السَّقْيُ بِهِمَا، وَالْمَاءُ النَّجِسُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ فَلَمْ يَشْمَلْهُ كَلَامُهُ (وَالْقَنَوَاتُ) وَكَذَا السَّوَاقِي الْمَحْفُورَةُ فِي نَحْوِ نَهْرٍ (كَالْمَطَرِ عَلَى الصَّحِيحِ) فَفِي الْمُسْقَى بِمَاءٍ يَجْرِي فِيهَا مِنْهُ الْعُشْرُ، وَلَا عِبْرَةَ بِمُؤْنَةٍ تُصْرَفُ عَلَيْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSأَصْلِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يُدِيرُهُ الْمَاءُ بِنَفْسِهِ) حَيْثُ كَانَ الْمَاءُ يُدِيرُهَا بِنَفْسِهِ هَلَّا وَجَبَ فِيمَا سُقِيَ بِهَا الْعُشْرُ لِخِفَّةِ الْمُؤْنَةِ رَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا) الْعَثَرِيُّ بِفَتْحِ الثَّاءِ وَقَدْ تُسَكَّنُ اهـ شَرْحُ رَوْضٍ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ الَّذِي لَا يَسْقِيهِ إلَّا الْمَطَرُ، وَأَوْضَحَهُ الْأَزْهَرِيُّ فَقَالَ: هُوَ أَنْ يَحْفِرَ حَفِيرَةً يَجْرِي فِيهَا الْمَاءُ مِنْ السَّيْلِ إلَى أُصُولِ الشَّجَرِ، وَتُسَمَّى تِلْكَ الْحَفِيرَةُ عَاثُورًا؛ لِأَنَّ الْمَارَّ عَلَيْهَا يَتَعَثَّرُ بِهَا (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ فِي وُجُوبِ الْعُشْرِ أَوْ نِصْفِهِ إلَخْ) وَلَا يُؤَدِّيهِمَا مِنْ حَبِّهَا إلَّا بَعْدَ إخْرَاجِ زَكَاةِ الْكُلِّ، وَفِي الْمَجْمُوعِ: وَلَوْ آجَرَ الْخَرَاجِيَّةِ فَالْخَرَاجُ عَلَى الْمَالِكِ، وَلَا يَحِلُّ لِلْمُؤَجِّرِ أَرْضٌ أَخَذَ أُجْرَتِهَا مِنْ حَبِّهَا قَبْلَ أَدَاءِ زَكَاتِهِ. فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَمْلِكْ قَدْرَ الزَّكَاةِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ عُشْرُ مَا بِيَدِهِ أَوْ نِصْفُهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى زَكَوِيًّا لَمْ يُخْرِجْ زَكَاتَهُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَالْأَرَاضِي الَّتِي يُؤْخَذُ مِنْهَا) أَيْ الْخَرَاجُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي الْيَدِ الْمِلْكُ) قَالَ حَجّ: وَحِينَئِذٍ فَالْوَجْهُ أَنَّ أَرْضَ مِصْرَ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَثُرَ الْخِلَافُ فِي فَتْحِهَا أَهُوَ عَنْوَةٌ أَوْ صُلْحٌ فِي جَمِيعِهَا أَوْ بَعْضِهَا كَمَا يَأْتِي بَسْطُهُ قُبَيْلَ الْأَمَانِ صَارَتْ مَشْكُوكًا فِي حِلِّ أَخْذِهِ مِنْهَا، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ مَا هِيَ كَذَلِكَ تُحْمَلُ عَلَى الْحِلِّ فَانْدَفَعَ الْأَخْذُ الْمَذْكُورُ. [تَنْبِيهٌ آخَرُ] قَدَّمَ مُخَالِفٌ لِشَافِعِيٍّ أَوْ بَاعَهُ مَثَلًا مَا لَا يَعْتَقِدُ تَعَلُّقَ الزَّكَاةِ بِهِ عَلَى خِلَافِ عَقِيدَةِ الشَّافِعِيِّ فَهَلْ لَهُ أَخْذُهُ اعْتِبَارًا بِاعْتِبَارِ الْمُخَالِفِ كَمَا اعْتَبَرُوهُ فِي الْحُكْمِ بِاسْتِعْمَالِ مَاءِ وُضُوئِهِ الْخَالِي عَنْ النِّيَّةِ، وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي اعْتِقَادِ الْمُقْتَدِي بِأَنَّ سَبَبَ هَذَا رَابِطَةُ الِاقْتِدَاءِ، وَلَا رَابِطَةَ ثَمَّ حَتَّى يَعْتَبِرَ لِأَجْلِهَا اعْتِقَادَ الشَّافِعِيِّ، وَهَذَا بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ هُنَا، وَأَيْضًا مَرَّ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى شَافِعِيٍّ لَعِبُ الشِّطْرَنْجِ مَعَ حَنَفِيٍّ لِأَنَّ فِيهِ إعَانَةً عَلَى مَعْصِيَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِاعْتِقَادِ الْحَنَفِيِّ، إذْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْبَرَدَ وَالثَّلْجَ قَبْلَ ذَوْبِهِمَا كَمَا لَا يُسَمَّيَانِ مَاءً إلَخْ) فِي هَذَا الْجَوَابِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إذَا سُقِيَ بِهِمَا بَعْدَ ذَوْبِهِمَا لَا يَصْدُقُ أَنَّهُ سُقِيَ بِمَاءٍ اشْتَرَاهُ بِالْمُدِّ لِأَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَى ثَلْجًا أَوْ بَرَدًا، وَيَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ بِمَا اشْتَرَاهُ بِالْقَصْرِ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَشْمَلْهُ كَلَامُهُ)

لِأَنَّهَا لِعِمَارَةِ الضَّيْعَةِ لَا لِنَفْسِ الزَّرْعِ، فَإِذَا تَهَيَّأَتْ وَصَلَ الْمَاءُ بِنَفْسِهِ، بِخِلَافِ النَّضْحِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّ الْمُؤْنَةَ لِلزَّرْعِ نَفْسِهِ. وَالثَّانِي يَجِبُ فِيهَا نِصْفُ الْعُشْرِ لِكَثْرَةِ الْمُؤْنَةِ فِيهَا وَالْأَوَّلُ يَمْنَعُ ذَلِكَ (وَ) وَاجِبُ (مَا سُقِيَ بِهِمَا) أَيْ بِالنَّوْعَيْنِ كَمَطَرٍ وَنَضْحٍ (سَوَاءٌ) أَوْ جُهِلَ حَالُهُ كَمَا يَأْتِي (ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ) أَيْ الْعُشْرِ رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ (فَإِنْ غَلَبَ أَحَدُهُمَا فَفِي قَوْلٍ يُعْتَبَرُ هُوَ) فَإِنْ غَلَبَ الْمَطَرُ فَالْعُشْرُ أَوْ النَّضْحُ فَنِصْفُهُ تَرْجِيحًا لِجَانِبِ الْغَلَبَةِ (وَالْأَظْهَرُ يُقَسَّطُ) لِأَنَّهُ الْقِيَاسُ، فَإِنْ كَانَ ثُلُثَاهُ بِمَاءِ السَّمَاءِ وَثُلُثُهُ بِالدُّولَابِ وَجَبَ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْعُشْرِ ثُلُثُ الْعُشْرِ لِلثُّلُثَيْنِ وَثُلُثُ نِصْفِ الْعُشْرِ لِلثُّلُثِ وَفِي عَكْسِهِ ثُلُثَا الْعُشْرِ، وَإِنَّمَا يُقَسَّطُ الْوَاجِبُ (بِاعْتِبَارِ عَيْشِ الزَّرْعِ) أَوْ الثَّمَرِ (وَنَمَائِهِ) لَا بِأَكْثَرِهِمَا وَلَا بِعَدَدِ السَّقْيَاتِ، فَلَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ مِنْ وَقْتِ الزَّرْعِ إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ وَاحْتَاجَ فِي أَرْبَعَةٍ مِنْهَا إلَى سَقْيَةٍ فَسُقِيَ بِالْمَطَرِ وَفِي الْأَرْبَعَةِ الْأُخْرَى إلَى سَقْيَتَيْنِ فَسُقِيَ بِالنَّضْحِ وَجَبَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ، وَكَذَا لَوْ جَهِلْنَا الْمِقْدَارَيْنِ مِنْ نَفْعِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِاعْتِبَارِ الْمُدَّةِ أُخِذَ بِالِاسْتِوَاءِ أَوْ احْتَاجَ فِي سِتَّةٍ مِنْهَا إلَى سَقْيَتَيْنِ فَسُقِيَ بِمَاءِ السَّمَاءِ، وَفِي شَهْرَيْنِ إلَى ثَلَاثِ سَقَيَاتٍ فَسُقِيَ بِالنَّضْحِ وَجَبَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ وَرُبْعُ نِصْفِ الْعُشْرِ. وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمَالِكُ وَالسَّاعِي فِي أَنَّهُ سَقَى بِمَاذَا صُدِّقَ الْمَالِكُ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ وُجُوبِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ فَإِنْ اتَّهَمَهُ السَّاعِي حَلَّفَهُ نَدْبًا، وَلَوْ كَانَ لَهُ زَرْعٌ أَوْ ثَمَرٌ مُسْقًى بِمَطَرٍ وَآخَرُ مُسْقًى بِنَضْحٍ وَلَمْ يَبْلُغْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا نِصَابًا ضُمَّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ لِتَمَامِ النِّصَابِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ قَدْرُ الْوَاجِبِ وَهُوَ الْعُشْرُ فِي الْأَوَّلِ وَنِصْفُهُ فِي الثَّانِي، وَلَوْ عَلِمْنَا أَنَّ أَحَدَهُمَا أَكْثَرُ وَجَهِلْنَا عَيْنَهُ فَالْوَاجِبُ يَنْقُصُ عَنْ الْعُشْرِ، وَيَزِيدُ عَلَى نِصْفِ الْعُشْرِ فَيُؤْخَذُ الْيَقِينُ إلَى أَنْ يُعْلَمَ الْحَالُ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَقِيلَ بِعَدَدِ السَّقْيَاتِ) الْمُفِيدَةِ دُونَ مَا لَا يُفِيدُ؛ لِأَنَّ الْمُؤْنَةَ تَكْثُرُ بِكَثْرَةِ السَّقْيَاتِ (وَتَجِبُ) الزَّكَاةُ فِيمَا ذُكِرَ (بِبُدُوِّ صَلَاحِ الثَّمَرِ) ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ ثَمَرَةٌ كَامِلَةٌ وَقَبْلَهُ بَلَحٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا يَتِمُّ اللَّعِبُ الْمُحَرَّمُ عِنْدَهُ إلَّا بِمُسَاعَدَةِ الشَّافِعِيِّ لَهُ، وَيَأْتِي أَنَّ الشَّافِعِيَّ لَا يُنْكِرُ عَلَى مُخَالِفٍ فِعْلَ مَا يَحِلُّ عِنْدَهُ وَيَحْرُمُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، لِأَنَّا نُقِرُّ مَنْ اجْتَهَدَ أَوْ قَلَّدَ مَنْ يَصِحُّ تَقْلِيدُهُ عَلَى فِعْلِهِ اتِّفَاقًا أَوْ لَا اعْتِبَارًا بِعَقِيدَةِ نَفْسِهِ، وَيُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ اعْتِبَارَ الِاسْتِعْمَالِ الْمُؤَدِّي لِلتَّرْكِ احْتِيَاطًا، مَعَ أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ مِنَّا لِإِمَامِنَا بِهِ بِوَجْهٍ لَا يُقَاسُ بِهِ الْفِعْلُ الْمُؤَدِّي لِلْوُقُوعِ فِي وَرْطَةِ تَحْرِيمِ إمَامِنَا لِنَحْوِ أَكْلِ مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ الزَّكَاةُ قَبْلَ إخْرَاجِهَا، وَعَنْ الثَّانِي وَالثَّالِثِ بِأَنَّا وَإِنْ لَزِمَنَا تَقْرِيرُ الْمُخَالِفِ لَكِنْ يَلْزَمُنَا الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ فِي فِعْلِهِ مَا يَرَى هُوَ تَحْرِيمُهُ، فَحُرْمَةُ إعَانَتِهِ لَهُ بِالْأَوْلَى، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُتَّجَهُ تَرْجِيحُهُ خِلَافًا لِمَنْ مَالَ إلَى الْأَوَّلِ، وَعِبَارَةُ السُّبْكِيّ فِي فَتَاوِيهِ صَرِيحَةٌ فِيمَا ذَكَرْته، وَحَاصِلُهَا أَنَّ مَنْ تَصَرَّفَ فَاسِدًا اخْتَلَفَتْ الْمَذَاهِبُ فِيهِ فَأَرَادَ قَضَاءَ دَيْنٍ بِهِ لِمَنْ يُفْسِدُهُ فَفِيهِ خِلَافٌ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ مَنْ يُصَحِّحُهُ إنْ كَانَ قَوْلُهُ مِمَّا يُنْقَضُ لَمْ يَحِلَّ لَهُ، وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يُنْقَضْ، وَقُلْنَا الْمُصِيبُ وَاحِدٌ: أَيْ وَهُوَ الْأَصَحُّ مَا لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ حُكْمٌ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا بَاطِنُ الْأَمْرِ فِيهِ كَظَاهِرِهِ يَنْفُذُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا كَمَا يَأْتِي بَسْطُهُ فِي الْقَضَاءِ وَنَظَرَ فِيهِ بِمَا لَا يُلَاقِيهِ اهـ (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ عَيْشِ الزَّرْعِ) عِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي: وَقِيلَ بَعْدَ السَّقِيَّاتِ: أَيْ النَّافِعَةِ بِقَوْلِ الْخُبَرَاءِ اهـ. وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ فِي ذَلِكَ بِإِخْبَارٍ وَاحِدٍ أَخْذًا مِنْ الِاكْتِفَاءِ مِنْهُمْ بِهِ فِي الْخَارِصِ الْآتِي فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: فَيُؤْخَذُ الْيَقِينُ إلَى أَنْ يُعْلَمَ الْحَالُ) قَالَ سم عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQوَانْظُرْ هَلْ عَدَمُ الشُّمُولِ مُرَادٌ حَتَّى لَوْ سُقِيَ بِالْمَاءِ النَّجِسِ يَكُونُ فِيهِ الْعُشْرُ أَوْ هُوَ غَيْرُ مُرَادٍ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِي الْحُكْمِ أَنَّهُ إنْ بَذَلَ مَالًا فِي مُقَابَلَتِهِ يَكُونُ فِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ شِرَاءً شَرْعِيًّا لِأَنَّ الْمَالَ مَبْذُولٌ بِحَقٍّ فِي نَظِيرِ إسْقَاطِ صَاحِبِهِ اخْتِصَاصَهُ عَنْهُ، كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ نَحْوِ السَّرْجَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَبْذُلْ فِيهِ مَالًا كَأَنْ غَصَبَهُ فِيهِ الْعُشْرُ لِانْتِقَاءِ ضَمَانِهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَيُؤْخَذُ الْيَقِينُ) أَيْ وَيُوقَفُ الْبَاقِي كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَمَعْنَى أَخْذِ الْيَقِينِ أَنْ يُعْتَبَرَ بِكُلٍّ مِنْ التَّقْدِيرَيْنِ وَيُؤْخَذُ الْأَقَلُّ مِنْهُمَا هَكَذَا ظَهَرَ فَلْيُرَاجَعْ

وَحِصْرِمٌ، (وَ) بِبُدُوِّ (اشْتِدَادِ الْحَبِّ) لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ طَعَامٌ وَهُوَ قَبْلَ ذَلِكَ بَقْلٌ، وَلَا يُشْتَرَطُ إتْمَامُ الصَّلَاحِ وَالِاشْتِدَادِ وَلَا بُدُوُّ صَلَاحِ الْجَمِيعِ وَاشْتِدَادُهُ بَلْ يَكْفِي فِي الْبَعْضِ كَمَا يُعْلَمُ بَيَانُ بُدُوِّ صَلَاحِ الثَّمَرِ مِنْ بَابِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ بِمَا ذُكِرَ وُجُوبَ إخْرَاجِهَا فِي الْحَالِ بَلْ انْعِقَادَ سَبَبِ وُجُوبِهِ، وَلَوْ أَخْرَجَ فِي الْحَالِ الرُّطَبَ وَالْعِنَبَ مِمَّا يَتَتَمَّرُ وَيَتَزَبَّبُ غَيْرَ رَدِيءٍ لَمْ يَجْزِهِ، وَلَوْ أَخَذَهُ السَّاعِي لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ، وَإِنْ جَفَّفَهُ وَلَمْ يَنْقُصْ لِفَسَادِ الْقَبْضِ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَاخْتَارَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نُقِلَ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ خِلَافُهُ، وَيَرُدُّهُ حَتْمًا إنْ كَانَ بَاقِيًا، وَمِثْلُهُ إنْ كَانَ تَالِفًا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْغَصْبِ. وَصُحِّحَ فِي الْمَجْمُوعِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ فِي مَوْضِعَيْنِ ضَمَانُهُ بِالْقِيمَةِ، قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ الْمُفْتَى بِهِ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَكْثَرُونَ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي هُنَا، وَالْقَائِلُ بِالْأَوَّلِ حَمَلَ النَّصَّ عَلَى فَقْدِ الْمِثْلِ، وَانْتَصَرَ النَّاشِرِيُّ لِلثَّانِي نَقْلًا عَنْ وَالِدِهِ بِأَنَّهُ إنَّمَا وَجَبَتْ الْقِيمَةُ هُنَا لِئَلَّا يَفُوتَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ مَا يَسْتَحِقُّونَهُ مِنْ بَقَاءِ الثَّمَرَةِ عَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ إلَى وَقْتِ الْجِذَاذِ، وَفِي الْغَصْبِ إنَّمَا غَصَبَ مَا عَلَى الْأَرْضِ وَأَتْلَفَهُ، فَلَوْ أَتْلَفَهُ عَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ تَعَيَّنَ ضَمَانُهُ بِالْقِيمَةِ، وَاسْتَشْهَدَ لِكَلَامِ وَالِدِهِ بِمَا لَوْ أَتْلَفَ رَجُلٌ عَلَى آخَرَ زَرْعًا أَوَّلَ خُرُوجِهِ مِنْ الْأَرْضِ فِي الْحَالِ الَّذِي لَا قِيمَةَ لَهُ. قَالَ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ فِيهِ: لَعَلَّ الْجَوَابَ إنْ كَانَ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، أَوْ فِي مَمْلُوكَةٍ أَوْ مُسْتَأْجَرَةٍ وَجَبَتْ قِيمَتُهُ عِنْدَ مَنْ يُبْقِيهِ، كَمَا ذَكَرُوا ذَلِكَ فِي إتْلَافِ أَحَدِ خُفَّيْنِ يُسَاوِيَانِ عَشَرَةً غَصَبَهُمَا فَعَادَتْ قِيمَةُ الْبَاقِي دِرْهَمَيْنِ فَيَضْمَنُ ثَمَانِيَةً عَلَى الْمَذْهَبِ ـــــــــــــــــــــــــــــSحَجّ: اُنْظُرْ مَا الْيَقِينُ الَّذِي يَأْخُذُهُ وَمَا حُكْمُ تَصَرُّفِ الْمَالِكِ فِي الْمَالِ الْمَشْكُوكِ فِي قَدْرِ الْوَاجِبِ مِنْهُ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْيَقِينِ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الْوَاجِبَ لَا يَنْقُصُ عَنْهُ، وَإِنْ تَصَرَّفَ الْمَالِكُ فِيمَا زَادَ عَلَى مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ الْوَاجِبُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: وَاشْتِدَادِ الْحَبِّ إلَخْ) أَيْ وَحَيْثُ اشْتَدَّ الْحَبُّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَمْتَنِعَ عَلَى الْمَالِكِ الْأَكْلُ وَالتَّصَرُّفُ، وَحِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي اجْتِنَابُ الْفَرِيكِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْفُولِ حَيْثُ عُلِمَ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي ذَلِكَ الزَّرْعِ اهـ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: بَلْ يَكْفِي فِي الْبَعْضِ) قِيَاسُ مَا يَأْتِي، ثُمَّ إنَّهُ لَا بُدَّ فِي إلْحَاقِ مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ بِمَا بَدَا صَلَاحُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَالْبُسْتَانِ وَالْحَمْلِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ بَدَا صَلَاحُ ثَمَرِ أَحَدِ بَسَاتِينَ، وَالْآخَرُ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي الثَّانِي لِعَدَمِ تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ جَفَّفَهُ وَلَمْ يَنْقُصْ) أَيْ بَلْ وَلَوْ زَادَ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخْرَجَ حَبًّا فِي تِبْنِهِ أَوْ ذَهَبًا مِنْ الْمَعْدِنِ فِي تُرَابِهِ فَصَفَّاهُ الْآخِذُ فَبَلَغَ الْحَاصِلُ مِنْهُ قَدْرَ الزَّكَاةِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَاجِبَ هُنَا لَيْسَ كَامِنًا فِي ضِمْنِ الْمُخْرَجِ مِنْ الرُّطَبِ وَنَحْوِهِ بِخِلَافِهِ فِي الْحَبِّ الْمَذْكُورِ وَالْمَعْدِنِ فَإِنَّ الْوَاجِبَ بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ فِيمَا أَخْرَجَهُ غَايَتُهُ أَنَّهُ اخْتَلَطَ بِالتُّرَابِ أَوْ التِّبْنِ فَمَنَعَ الْمُخْتَلِطُ مِنْ مَعْرِفَةِ مِقْدَارِهِ، فَإِذَا صُفِّيَ وَتُبُيِّنَ أَنَّهُ قَدْرُ الْوَاجِبِ أَجْزَأَ لِزَوَالِ الْإِبْهَامِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ فِيمَا يَأْتِي فِي الْمَعْدِنِ مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ، وَعِبَارَتُهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ حَتَّى يَبْلُغَ خَالِصُهُ نِصَابًا نَصُّهَا: وَعَلَى عَدَمِ الْإِجْزَاءِ لَوْ خَلَصَ الْمَغْشُوشُ فِي يَدِ السَّاعِي أَوْ الْمُسْتَحِقِّ أَجْزَأَ كَمَا فِي تُرَابِ الْمَعْدِنِ، بِخِلَافِ سَخْلَةٍ كَبِرَتْ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ بِصِفَةِ الْإِجْزَاءِ يَوْمَ الْأَخْذِ، وَالتُّرَابُ وَالْمَغْشُوشُ هُنَا بِصِفَتِهِ لَكِنَّهُ مُخْتَلِطٌ بِغَيْرِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَيَرُدُّهُ حَقًّا) وَهَلْ يَحْتَاجُ فِي الرَّدِّ إلَى نِيَّةٍ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَرَدَّهُ فَقَدْ رَدَّ لِلْمَالِكِ مَا لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ تَالِفًا فَهُوَ دَيْنٌ فِي ذِمَّتِهِ، وَالْبَرَاءَةُ فِي أَدَاءِ الدَّيْنِ تَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الدَّفْعِ مِنْ نَوْعِ مَا فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ تَالِفًا) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَالْقَائِلُ بِالْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ وَيَرُدُّهُ حَتْمًا إنْ كَانَ بَاقِيًا (قَوْلُهُ: وَفِي الْغَصْبِ إنَّمَا غَصَبَ إلَخْ) أَيْ إنَّمَا هُوَ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ غَصَبَ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ مُسْتَأْجَرَةٍ وَجَبَتْ قِيمَتُهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرُوا ذَلِكَ فِي إتْلَافِ إلَخْ) قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ ثَمَّ اسْتَوْلَى عَلَى الْخُفَّيْنِ فَدَخَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي ضَمَانِهِ بِخِلَافِ الْمُتْلَفِ هُنَا فَإِنَّ الْحَاصِلَ مِنْهُ مُجَرَّدُ مُبَاشَرَةِ الْإِتْلَافِ، وَهِيَ إنَّمَا تَقْتَضِي ضَمَانَ مَا أَتْلَفَهُ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ وَلَدَ دَابَّةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِي غَيْرِ الْأَرُزِّ وَالْعَلَسِ أَمَّا هُمَا فَيُؤْخَذُ وَاجِبُهُمَا فِي قِشْرِهِمَا كَمَا مَرَّ، وَمُؤْنَةُ الْجَفَافِ وَالتَّصْفِيَةِ وَالْجِذَاذِ وَالدِّيَاسِ وَالْحَمْلِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يَحْتَاجُ إلَى مُؤْنَةٍ عَلَى الْمَالِكِ لَا مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ، وَلَوْ اشْتَرَى نَخِيلًا وَثَمَرَتَهَا بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَبَدَا الصَّلَاحُ فِي مُدَّتِهِ فَالزَّكَاةُ عَلَى مَنْ لَهُ الْمِلْكُ فِيهَا، وَهُوَ الْبَائِعُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ وَالْمُشْتَرِي إنْ كَانَ لَهُ ثُمَّ إنْ لَمْ يَبْقَ الْمِلْكُ لَهُ، وَأَخَذَ السَّاعِي الزَّكَاةَ مِنْ الثَّمَرَةِ رَجَعَ عَلَيْهِ مَنْ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا وُقِفَتْ الزَّكَاةُ فَمَنْ ثَبَتَ الْمِلْكُ لَهُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ، وَإِنْ اشْتَرَى النَّخِيلَ بِثَمَرَتِهَا أَوْ ثَمَرَتَهَا فَقَطْ مُكَاتَبٌ أَوْ كَافِرٌ فَبَدَا الصَّلَاحُ لَمْ تَجِبْ زَكَاتُهَا عَلَى أَحَدٍ أَمَّا الْمُشْتَرِي فَلِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِوُجُوبِهَا، وَأَمَّا الْبَائِعُ فَلِانْتِفَاءِ كَوْنِهَا فِي مِلْكِهِ حَالَ الْوُجُوبِ، أَوْ اشْتَرَاهَا مُسْلِمٌ فَبَدَا الصَّلَاحُ فِي مِلْكِهِ، ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا لَمْ يَرُدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ قَهْرًا لِتَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِهَا فَهُوَ كَعَيْبٍ حَدَثَ بِيَدِهِ، فَلَوْ أَخْرَجَ الزَّكَاةَ مِنْ الثَّمَرَةِ لَمْ يُرَدَّ وَلَهُ الْأَرْشُ، أَوْ مِنْ غَيْرِهَا فَلَهُ الرَّدُّ، أَمَّا لَوْ رَدَّهَا عَلَيْهِ بِرِضَاهُ كَانَ جَائِزًا لِإِسْقَاطِ الْبَائِعِ حَقَّهُ. وَإِنْ اشْتَرَى الثَّمَرَةَ وَحْدَهَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ فَبَدَا الصَّلَاحُ حَرُمَ الْقَطْعُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُسْتَحِقِّينَ بِهَا، فَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِالْإِبْقَاءِ فَلَهُ الْفَسْخُ لِتَضَرُّرِهِ بِمَصِّ الثَّمَرَةِ وَرُطُوبَةِ الشَّجَرَةِ، وَلَوْ رَضِيَ بِهِ وَأَبَى الْمُشْتَرِي إلَّا الْقَطْعَ امْتَنَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي الْفَسْخُ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ رَضِيَ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ وَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ فِي الرِّضَا بِالْإِبْقَاءِ؛ لِأَنَّ رِضَاهُ إعَارَةٌ، وَإِذَا فُسِخَ الْبَيْعُ لَمْ تَسْقُطْ الزَّكَاةُ عَنْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ بُدُوَّ الصَّلَاحِ كَانَ فِي مِلْكِهِ فَإِذَا أَخَذَهَا السَّاعِي مِنْ الثَّمَرَةِ رَجَعَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَلَوْ بَدَا الصَّلَاحُ قَبْلَ الْقَبْضِ كَانَ عَيْبًا حَادِثًا بِيَدِ الْبَائِعِ، فَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي، وَمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْبُدُوُّ بَعْدَ اللُّزُومِ وَإِلَّا فَهِيَ ثَمَرَةٌ اُسْتُحِقَّ بَقَاؤُهَا فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَصَارَ كَالْمَشْرُوطِ فِي زَمَنِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَنْفَسِخَ الْعَقْدُ إنْ قُلْنَا الشَّرْطُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ يَلْحَقُ الْعَقْدَ مَرْدُودٌ، وَالْأَرْجَحُ عَدَمُ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ بِمَا ذُكِرَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSقِيمَتُهُ تَافِهَةٌ حِينَ الْإِتْلَافِ، فَإِنَّهُ إنَّمَا يَضْمَنُ قِيمَتَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَا قِيمَتَهُ كَبِيرًا بِتَقْدِيرِ بَقَائِهِ، هَذَا وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ التَّنْظِيرَ بِمَا لَوْ أُتْلِفَ أَحَدُ الْخُفَّيْنِ فِي يَدِ مَالِكِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُتْلِفَ ثَمَّ لَهُ قِيمَةٌ فِي نَفْسِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا. (قَوْلُهُ: لَا مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ) أَيْ فَلَوْ خَالَفَ وَأَخْرَجَهَا مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ وَتَعَذَّرَ اسْتِرْدَادُهَا مِنْ آخِذِهَا ضَمِنَ قَدْرَ مَا فَوَّتَهُ، وَيَرْجِعُ فِي مِقْدَارِهِ لِغَلَبَةِ ظَنِّهِ، وَسَنَذْكُرُ نَظِيرَهُ عَنْ الدَّمِيرِيِّ فِيمَا لَوْ فُقِدَ الْمُخْتَلِطُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مِنْ أَنَّهُ يَعْمَلُ بِمَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ، قَالَ: وَيُعَضِّدُهُ التَّخْمِينُ فِي مَسْأَلَةِ الْمَذْيِ وَالْوَدْيِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اشْتَرَى نَخِيلًا إلَخْ) وَيَأْتِي رَدُّ قَوْلِ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ الْمَنْعُ الْكُلِّيُّ مِنْ التَّصَرُّفِ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ وَضَعْفُ تَرْكِ شَيْءٍ مِنْ الرُّطَبِ لِلْمَالِكِ، وَأَحَادِيثُ الْبَاكُورَةِ وَأَمْرُ الشَّافِعِيِّ بِشِرَاءِ الْفُولِ الرَّطْبِ مَحْمُولَانِ عَلَى مَا لَا زَكَاةَ فِيهِ إذْ الْوَقَائِعُ الْفِعْلِيَّةُ تَسْقُطُ بِالْإِجْمَاعِ، وَكَمَا لَوْ لَمْ يَنْظُرْ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا فِي مَنْعِ بَيْعِ هَذَا فِي قِشْرِهِ إلَى الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ الْفِعْلِيِّ، وَكَلَامُ الْأَكْثَرِينَ وَعَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ كَذَلِكَ لَا يَنْظُرُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ إلَى خِلَافِ مَا صَرَّحَ بِهِ كَلَامُهُمْ وَإِنْ اُعْتُرِضَ بِنَحْوِ ذَلِكَ إذْ الْمَذَاهِبُ نَقْلٌ، فَإِذَا زَادَتْ الْمَشَقَّةُ فِي الْتِزَامِهِ هَذَا فَلَا عَتْبَ عَلَى الْمُتَخَلِّصِ بِتَقْلِيدِ مَذْهَبٍ آخَرَ كَمَذْهَبِ أَحْمَدَ فَإِنَّهُ يُجِيزُ التَّصَرُّفَ قَبْلَ الْخَرْصِ وَالتَّضْمِينِ، وَأَنْ يَأْكُلَ هُوَ وَعِيَالُهُ عَلَى الْعَادَةِ وَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ، وَكَذَا مَا يُهْدِيهِ فِي أَوَانِهِ اهـ حَجّ بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ لَمْ يَبْقَ الْمِلْكُ لَهُ) أَيْ لِمَنْ لَهُ الْمِلْكُ مُدَّةَ الْخِيَارِ (قَوْلُهُ: رَجَعَ عَلَيْهِ مَنْ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي الرَّدَّ قَهْرًا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُ، وَأُخِذَتْ الزَّكَاةُ مِنْ الثَّمَرَةِ الْمُشْتَرَاةِ، وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ اطَّلَعَ فِي الْمَبِيعِ عَلَى عَيْبٍ، وَقَدْ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي حَيْثُ يَسْقُطُ الرَّدُّ قَهْرًا، وَقَدْ يُقَالُ: مَا هُنَا مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا قَبِلَهَا الْبَائِعُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَقَدْ يُقَالُ بِوُجُوبِهِ مُطْلَقًا، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْبَائِعَ بِشَرْطِهِ الْخِيَارَ مَعَ غَلَبَةِ بُدُوِّ الصَّلَاحِ مُوَطِّنٌ نَفْسَهُ عَلَى قَبُولِهِ إذَا أُخِذَتْ الزَّكَاةُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِالْإِبْقَاءِ فَلَهُ) أَيْ الْبَائِعِ بِهِ، ثُمَّ إذَا فَسَخَ وَأَرَادَ الْقَطْعَ هَلْ يُمَكَّنُ مِنْهُ وَإِنْ أَدَّى ذَلِكَ إلَى قَطْعِ ثَمَرَةِ الْمُسْتَحِقِّينَ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُسْتَحِقِّينَ بِهَا، وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ فَائِدَةَ الْفَسْخِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[خرص الثمر]

الشَّرْطَ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ لَمَّا أَوْجَدَهُ الْعَاقِدَانِ فِي حَرِيمِ الْعَقْدِ صَارَ بِمَثَابَةِ الْمَوْجُودِ فِي الْعَقْدِ، بِخِلَافِ الْمَقِيسِ إذْ يُغْتَفَرُ فِي الشَّرْعِيِّ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الشَّرْطِيِّ بِدَلِيلِ صِحَّةِ بَيْعِ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ مَعَ اسْتِثْنَاءِ مَنَافِعِهَا شَرْعًا وَبُطْلَانِ بَيْعِ الْعَيْنِ مَعَ اسْتِثْنَاءِ مَنَافِعِهَا شَرْطًا (وَيُسَنُّ) (خَرْصُ) أَيْ حَزْرُ (الثَّمَرِ) بِالْمُثَلَّثَةِ (إذَا بَدَا صَلَاحُهُ عَلَى مَالِكِهِ) «؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ إلَى خَيْبَرَ خَارِصًا» وَحِكْمَتُهُ الرِّفْقُ بِالْمَالِكِ وَالْمُسْتَحِقِّ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ ثِمَارَ الْبَصْرَةِ فَهِيَ كَغَيْرِهَا، وَإِنْ اسْتَثْنَاهَا الْمَاوَرْدِيُّ فَقَالَ: يَحْرُمُ خَرْصُهَا بِالْإِجْمَاعِ لِكَثْرَتِهَا وَكَثْرَةِ الْمُؤْنَةِ فِي خَرْصِهَا وَلِإِبَاحَةِ أَهْلِهَا الْأَكْلَ مِنْهَا لِلْمُجْتَازِ، وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الرُّويَانِيُّ قَالَا: وَهَذَا فِي النَّخْلِ، أَمَّا الْكَرْمُ فَهُوَ فِيهِ كَغَيْرِهِمْ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَعَلَى هَذَا فَيَنْبَغِي إذَا عُرِفَ مِنْ شَخْصٍ أَوْ بَلَدٍ مَا عُرِفَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُهُمْ، وَلِهَذَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَمْ أَرَ هَذَا لِغَيْرِ الْمَاوَرْدِيِّ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ شَيْخِهِ الصَّيْمَرِيِّ وَالْأَصْحَابِ قَاطِبَةً عَدَمُ الْفَرْقِ، وَخَرَجَ بِبُدُوِّ الصَّلَاحِ مَا قَبْلَهُ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ إذْ لَا حَقَّ لِلْمُسْتَحِقِّينَ وَلَا يَنْضَبِطُ الْمِقْدَارُ لِكَثْرَةِ الْعَاهَاتِ قَبْلَ بُدُوِّهِ. نَعَمْ إنْ بَدَا صَلَاحُ نَوْعٍ دُونَ آخَرَ فَفِي جَوَازِ خَرْصِ الْكُلِّ وَجْهَانِ فِي الْبَحْرِ، وَالْأَوْجَهُ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّيْخُ عَدَمُ الْجَوَازِ، لَكِنَّ الْأَقْيَسَ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ الْجَوَازِ، وَخَرَجَ بِالثَّمَرِ الْحَبُّ فَلَا خَرْصَ فِيهِ لِاسْتِتَارِ حَبِّهِ، وَلِأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ غَالِبًا رُطَبًا بِخِلَافِ الثَّمَرَةِ، وَكَيْفِيَّةُ الْخَرْصِ أَنْ يَطُوفَ الْخَارِصُ بِكُلِّ شَجَرَةٍ وَيُقَدِّرَ ثَمَرَهَا أَوْ ثَمَرَ كُلِّ النَّوْعِ رَطْبًا ثُمَّ يَبْسًا، وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى رُؤْيَةِ الْبَعْضِ وَقِيَاسُ الْبَاقِي لِتَفَاوُتِهِمَا (وَالْمَشْهُورُ إدْخَالُ جَمِيعِهِ فِي الْخَرْصِ) أَيْ جَمِيعِ الثَّمَرِ وَالْعِنَبِ فِيهِ، وَلَا يَتْرُكُ لِلْمَالِكِ شَيْئًا وَمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا خَرَصْتُمْ فَخُذُوا وَدَعُوا الثُّلُثَ، فَإِنْ لَمْ تَدَعُوا الثُّلُثَ فَدَعُوا الرُّبْعَ» حَمَلَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَتَبِعَهُ الْأَئِمَّةُ عَلَى تَرْكِهِمْ لَهُ ذَلِكَ مِنْ الزَّكَاةِ لِيُفَرِّقَهُ بِنَفْسِهِ عَلَى فُقَرَاءِ أَقَارِبِهِ وَجِيرَانِهِ لِطَمَعِهِمْ فِي ذَلِكَ مِنْهُ لَا عَلَى تَرْكِ بَعْضِ الْأَشْجَارِ مِنْ غَيْرِ خَرْصٍ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَدِلَّةِ الطَّالِبَةِ لِإِخْرَاجِ زَكَاةِ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ، إذْ فِي قَوْلِهِ فَخُذُوا وَدَعُوا إشَارَةٌ لِذَلِكَ: أَيْ إذَا خَرَصْتُمْ الْكُلَّ فَخُذُوا بِحِسَابِ الْخَرْصِ، وَاتْرُكُوا لَهُ شَيْئًا مِمَّا خَرَصَ فَجُعِلَ التَّرْكُ بَعْدَ الْخَرْصِ الْمُقْتَضِي بِالْإِيجَابِ فَيَكُونُ الْمَتْرُوكُ لَهُ قَدْرًا يَسْتَحِقُّهُ الْفُقَرَاءُ لِيُفَرِّقَهُ هُوَ، وَالثَّانِي أَنَّهُ يُتْرَكُ ـــــــــــــــــــــــــــــSرَدُّ الثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ) هُوَ قَوْلُهُ كَالْمَشْرُوطِ فِي زَمَنِهِ، وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمَقِيسِ هُوَ قَوْلُهُ وَإِلَّا فَهَذِهِ ثَمَرَةٌ اُسْتُحِقَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ خَرْصُ الثَّمَرِ) أَيْ الَّذِي تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ اهـ مَحَلِّيٌّ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ كَلَامُهُ ثِمَارَ الْبَصْرَةِ) مُعْتَمَدٌ أَيْ نَخْلًا أَوْ كَرْمًا (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِبُدُوِّ الصَّلَاحِ مَا قَبْلَهُ) وَمِنْهُ الْبَلَحُ الَّذِي اُعْتِيدَ بَيْعُهُ قَبْلَ تَلَوُّنِهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ بَدَا صَلَاحُ نَوْعٍ إلَخْ) أَوْ بَدَا صَلَاحُ حَبَّةٍ مِنْ نَوْعٍ فَهَلْ يَجُوزُ خَرْصُهُ وَهَلْ يَجْرِي فِيهِ الْوَجْهَانِ؟ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ. أَقُولُ: الْقِيَاسُ جَوَازُ الْخَرْصِ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ بَدَا صَلَاحُ حَبَّةٍ فِي بُسْتَانٍ حَيْثُ يَجُوزُ بَيْعُ الْكُلِّ بِلَا شَرْطِ قَطْعٍ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْأَقْيَسَ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ الْجَوَازُ) مُعْتَمَدٌ مَرَّ اهـ سم. وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ تَابِعٌ فِي الْبَيْعِ لِمَا بَدَا صَلَاحُهُ إنْ اتَّحَدَ بُسْتَانٌ وَجِنْسٌ وَحَمْلٌ وَعَقْدٌ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأَنْوَاعُ (قَوْلُهُ: الْجَوَازِ) أَيْ فِي الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ غَالِبًا) هَذَا دُونَ مَا قَبْلَهُ يَشْمَلُ الشَّعِيرَ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ، وَالْحُكْمُ إذَا كَانَ مُعَلَّلًا بِعِلَّتَيْنِ يَبْقَى مَا بَقِيَتْ إحْدَاهُمَا فَلَا يَجُوزُ خَرْصُهُ (قَوْلُهُ: أَنْ يَطُوفَ الْخَارِصُ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: «فَخُذُوا وَدَعُوا الثُّلُثَ» ) أَيْ بِأَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [خَرْصُ الثَّمَرِ] قَوْلُهُ: وَلِهَذَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ أَرَ هَذَا لِغَيْرِ الْمَاوَرْدِيِّ) كَأَنَّ مَوْقِعَ هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّ هَذَا مُرَتَّبٌ عَلَى مَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَثْنَاهَا الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ كَوْنِهِ ضَعِيفًا بَلْ شَاذًّا، أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْغَايَةَ تُفِيدُ ذَلِكَ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِنِسْبَتِهِ لِلْمَاوَرْدِيِّ وَحْدَهُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ضَعِيفٌ شَاذٌّ وَلِهَذَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: إذْ لَا حَقَّ لِلْمُسْتَحِقِّينَ) أَيْ فَيَجُوزُ لَهُ أَكْلُ جَمِيعِهِ (قَوْلُهُ: الطَّالِبَةُ لِإِخْرَاجِ زَكَاةِ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ) أَيْ الْمُقْتَضِيَةُ أَوْ الْمُصَرِّحَةُ بِعُمُومِ الْخَرْصِ لِلْجَمِيعِ

[شرط الخارص]

لِلْمَالِكِ ثَمَرُ نَخْلَةٍ أَوْ نَخَلَاتٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُهُ تَمَسُّكًا بِظَاهِرِ الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ (وَ) الْمَشْهُورُ (أَنَّهُ يَكْفِي خَارِصٌ) وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ الْخَرْصَ نَشَأَ عَنْ اجْتِهَادٍ فَكَانَ كَالْحَاكِمِ، وَمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَبْعَثُ مَعَ ابْنِ رَوَاحَةَ وَاحِدًا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا أَوْ كَاتِبًا، وَلَوْ اخْتَلَفَ خَارِصَانِ وُقِفَ الْأَمْرُ إلَى تَبَيُّنِ الْمِقْدَارِ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا. وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ اثْنَانِ كَالتَّقْوِيمِ وَالشَّهَادَةِ وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ (وَشَرْطُهُ) أَيْ الْخَارِصِ (الْعَدَالَةُ) فَلَا يُقْبَلُ الْفَاسِقُ فِيهِ، وَأَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالْخَرْصِ؛ لِأَنَّهُ اجْتِهَادٌ وَالْجَاهِلُ بِشَيْءٍ غَيْرُ أَهْلٍ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ (وَكَذَا) شَرْطُهُ (الْحُرِّيَّةَ وَالذُّكُورَةَ فِي الْأَصَحِّ) إذْ الْخَرْصُ وِلَايَةٌ، وَالرَّقِيقُ وَالْمَرْأَةُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطَانِ كَمَا فِي الْكِيَالِ وَالْوِزَانِ، وَعُلِمَ مِنْ الْعَدَالَةِ الْإِسْلَامُ وَالْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ نَاطِقًا بَصِيرًا إذْ الْخَرْصُ إخْبَارٌ وَوِلَايَةٌ وَانْتِفَاءُ وَصْفٍ مِمَّا ذُكِرَ يَمْنَعُ قَبُولَ الْخَبَرِ أَوْ الْوِلَايَةِ (فَإِذَا خُرِصَ فَالْأَظْهَرُ أَنَّ حَقَّ الْفُقَرَاءِ يَنْقَطِعُ مِنْ عَيْنِ الثَّمَرِ) بِالْمُثَلَّثَةِ (وَيَصِيرُ فِي ذِمَّةِ الْمَالِكِ التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ لِيُخْرِجَهُمَا بَعْدَ جَفَافِهِ) إنْ لَمْ يَتْلَفْ قَبْلَ التَّمَكُّنِ بِلَا تَفْرِيطٍ؛ لِأَنَّ الْخَرْصَ يُبِيحُ لَهُ التَّصَرُّفَ فِي الْجَمِيعِ كَمَا سَيَأْتِي وَذَلِكَ دَالٌّ عَلَى انْقِطَاعِ حَقِّهِمْ مِنْهُ، وَالثَّانِي لَا يَنْتَقِلُ حَقُّهُمْ إلَى ذِمَّتِهِ بَلْ يَسْتَمِرُّ مُتَعَلِّقًا بِالْعَيْنِ كَمَا كَانَ؛ لِأَنَّهُ ظَنٌّ وَتَخْمِينٌ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي نَقْلِ الْحَقِّ إلَى الذِّمَّةِ، وَفَائِدَةُ الْخَرْصِ عَلَى هَذَا جَوَازُ التَّصَرُّفِ فِي غَيْرِ قَدْرِ الزَّكَاةِ، وَيُسَمَّى قَوْلَ الْعِبْرَةِ: أَيْ اعْتِبَارَ الْقَدْرِ، وَالْأَوَّلُ قَوْلُ التَّضْمِينِ (وَيُشْتَرَطُ) فِي الِانْقِطَاعِ وَالصَّيْرُورَةِ الْمَذْكُورَيْنِ (التَّصْرِيحُ) مِنْ الْخَارِصِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ (بِتَضْمِينِهِ) أَيْ الْمَالِكِ حَقَّ الْمُسْتَحِقِّينَ كَأَنْ يَقُولَ: ضَمَّنْتُك نَصِيبَ الْمُسْتَحِقِّينَ مِنْ الرُّطَبِ أَوْ الْعِنَبِ بِكَذَا تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا (وَقَبُولِ الْمَالِكِ) أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ شَرْعًا التَّضْمِينَ (عَلَى الْمَذْهَبِ) بِنَاءً عَلَى الْأَظْهَرِ وَهُوَ انْتِقَالُ الْحَقِّ مِنْ الْعَيْنِ إلَى الذِّمَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُمَا كَالْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فَإِنْ لَمْ يَضْمَنْهُ أَوْ ضَمِنَهُ فَلَمْ يَقْبَلْ بَقِيَ حَقُّ الْفُقَرَاءِ بِحَالِهِ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ عَدَمُ اخْتِصَاصِ التَّضْمِينِ بِالْمَالِكِ، فَلَوْ خَرَصَ السَّاعِي ثَمَرَةً بَيْنَ مُسْلِمٍ وَيَهُودِيٍّ وَضَمَّنَ الزَّكَاةَ الْوَاجِبَةَ عَلَى الْمُسْلِمِ لِلْيَهُودِيِّ جَازَ كَمَا ضَمَّنَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ الْيَهُودَ الزَّكَاةَ الْوَاجِبَةَ عَلَى الْغَانِمِينَ، حَكَاهُ الْبُلْقِينِيُّ. قَالَ: وَإِذَا كَانَ الْمَالِكُ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا فَالتَّضْمِينُ يَقَعُ لِلْوَلِيِّ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ كَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ثَمَنُ مَا اشْتَرَاهُ لَهُ، وَالْخِطَابُ فِي الْأَصْلِ يَتَعَلَّقُ بِمَالِ الصَّبِيِّ، وَقَدْ أَشَرْت إلَى ذَلِكَ فِيمَا مَرَّ بِقَوْلِي أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ شَرْعًا (وَقِيلَ يَنْقَطِعُ) ـــــــــــــــــــــــــــــSتُمَيِّزُوهُ عَنْ بَاقِي الثَّمَرِ وَتُضَمِّنُوهُ لِلْمَالِكِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ يَكْفِي خَارِصٌ وَاحِدٌ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ: لِلْحَاكِمِ بَعْثُهُ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ مَعْرِفَتِهِ عِنْدَهُ، وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ قَوْلِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَ خَارِصَانِ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ اخْتَلَفَ أَكْثَرُ مِنْ اثْنَيْنِ وَقِيَاسُ مَا فِي الْمِيَاهِ أَنْ يُقَدَّمَ الْأَكْثَرُ عَدَدًا (قَوْلُهُ: إذْ الْخَرْصُ إخْبَارٌ وَوِلَايَةٌ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَشَهَادَةٌ فَإِنَّ الْأَعْمَى مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ فِي الْجُمْلَةِ، وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ الْوِلَايَةُ الْكَامِلَةُ الشَّامِلَةُ لِوِلَايَةِ الْقَضَاءِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: التَّصْرِيحُ مِنْ الْخَارِصِ) أَيْ إنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ مِنْ الْإِمَامِ فِي التَّضْمِينِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ) وَمِنْهُ شَرِيكُهُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ عَدَمُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَضَمَّنَ الزَّكَاةَ الْوَاجِبَةَ عَلَى الْمُسْلِمِ لِلْيَهُودِيِّ) قَضِيَّتُهُ صِحَّةُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْمُسْلِمُ فِي الْقَبُولِ، وَهِيَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ، لَكِنْ قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ فِي زَكَاةِ الْخُلْطَةِ مِنْ أَنَّ مَنْ أَدَّى حَقًّا ـــــــــــــــــــــــــــــQ [شَرْطُ الْخَارِصِ] قَوْلُهُ: وَفَائِدَةُ الْخَرْصِ عَلَى هَذَا جَوَازُ التَّصَرُّفِ إلَخْ) إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ النُّفُوذَ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ قَبْلَ الْخَرْصِ أَيْضًا كَمَا يَأْتِي وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ مُقَابِلَ الْحُرْمَةِ، فَاَلَّذِي يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الشَّارِحِ كَمَا يَأْتِي أَنَّهُ لَا حُرْمَةَ قَبْلَ الْخَرْصِ خِلَافًا لِمَا صَرَّحَ بِهِ الشِّهَابُ حَجّ كَمَا يَأْتِي عَنْهُ، فَلَعَلَّ هَذَا الْقَائِلَ مِمَّنْ يَرَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ كَمَا ضَمَّنَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ الْيَهُودَ الزَّكَاةَ الْوَاجِبَةَ عَلَى الْغَانِمِينَ) وَكَأَنَّهُمْ كَانُوا سَاقُوهُمْ عَلَى الشَّجَرِ فَهُمْ شُرَكَاؤُهُمْ فِي الثَّمَرَةِ حَتَّى يَتِمَّ الدَّلِيلُ (قَوْلُهُ: قَدْ أَشَرْت لِذَلِكَ) أَيْ لِمَسْأَلَتَيْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ كَمَا أَشَارَ بِذَلِكَ أَيْضًا لِمَسْأَلَةِ الشَّرِيكِ وَنَبَّهَ

حَقُّ الْفُقَرَاءِ (بِنَفْسِ الْخَرْصِ) لِعَدَمِ وُرُودِ التَّضْمِينِ فِي الْحَدِيثِ، وَلَيْسَ هَذَا التَّضْمِينُ عَلَى حَقِيقَةِ الضَّمَانِ لِأَنَّهُ لَوْ تَلِفَ جَمِيعُ الثِّمَارِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ سُرِقَتْ مِنْ الشَّجَرِ أَوْ الْجَرِينِ قَبْلَ الْجَفَافِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَطْعًا لِفَوَاتِ الْإِمْكَانِ، وَإِنْ تَلِفَ بَعْضُهَا فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي نِصَابًا زَكَّاهُ أَوْ دُونَهُ أَخْرَجَ حِصَّتَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّمَكُّنَ شَرْطٌ لِلضَّمَانِ لَا لِلْوُجُوبِ، فَإِنْ تَلِفَ بِتَفْرِيطٍ كَأَنْ وَضَعَهُ فِي غَيْرِ حِرْزِ مِثْلِهِ ضَمِنَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ فِي حَالَةِ عَدَمِ تَقْصِيرِهِ مَعَ تَقَدُّمِ التَّضْمِينِ لِبِنَاءِ أَمْرِ الزَّكَاةِ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ؛ لِأَنَّهَا عُلْقَةٌ ثَبَتَتْ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِ الْمَالِكِ فَبَقَاءُ الْحَقِّ مَشْرُوطٌ بِإِمْكَانِ الْأَدَاءِ (فَإِذَا ضَمِنَ) أَيْ الْمَالِكُ (جَازَ تَصَرُّفُهُ فِي جَمِيعِ الْمَخْرُوصِ بَيْعًا وَغَيْرَهُ) لِانْقِطَاعِ تَعَلُّقِهِمْ مِنْ الْعَيْنِ، وَقَدْ يُفْهِمُ كَلَامُهُ امْتِنَاعَ تَصَرُّفِهِ قَبْلَ التَّضْمِينِ فِي جَمِيعِ الْمَخْرُوصِ لَا فِي بَعْضِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيمَا عَدَا الْوَاجِبَ شَائِعًا لِبَقَاءِ الْحَقِّ فِي الْعَيْنِ لَا مُعَيَّنًا فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَكْلُ شَيْءٍ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَبْعَثْ الْحَاكِمُ خَارِصًا أَوْ لَمْ يَكُنْ تَحَاكَمَا إلَى عَدْلَيْنِ عَالِمَيْنِ بِالْخَرْصِ يَخْرُصَانِ عَلَيْهِ لِيَنْتَقِلَ الْحَقُّ إلَى الذِّمَّةِ وَيَتَصَرَّفَ فِي الثَّمَرَةِ، وَلَا يَكْفِي وَاحِدٌ احْتِيَاطًا لِلْفُقَرَاءِ، وَلِأَنَّ التَّحْكِيمَ هُنَا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ رِفْقًا بِالْمَالِكِ فَبَحَثَ بَعْضُهُمْ إجْزَاءَ وَاحِدٍ يُرَدُّ بِذَلِكَ، وَمَحَلُّ جَوَازِ التَّضْمِينِ الْمُتَقَدِّمِ إذَا كَانَ الْمَالِكُ مُوسِرًا، فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَلَا لِمَا فِيهِ مِنْ ضَرَرِ الْمُسْتَحِقِّينَ، فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِجَوَازِ نُفُوذِ تَصَرُّفِهِ بَعْدَ التَّضْمِينِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ مُشْكِلٌ إذَا كَانَ الْمَالِكُ مُعْسِرًا، وَيُعْلَمُ أَنَّهُ يَصْرِفُ الثَّمَرَةَ كُلَّهَا فِي دَيْنِهِ أَوْ تَأْكُلُهَا كُلَّهَا عِيَالُهُ قَبْلَ الْجَفَافِ وَيَضِيعُ حَقُّ الْمُسْتَحِقِّينَ وَلَا يَنْفَعُهُمْ كَوْنُهُ فِي ذِمَّتِهِ الْخَرِبَةِ فَتَأَمَّلْهُ (وَلَوْ) (ادَّعَى) الْمَالِكُ (هَلَاكَ الْمَخْرُوصِ) كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ (بِسَبَبٍ خَفِيٍّ كَسَرِقَةٍ) أَوْ مُطْلَقًا كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فَهْمًا مِنْ كَلَامِهِمْ (أَوْ ظَاهِرٍ عُرِفَ) أَيْ اُشْتُهِرَ بَيْنَ النَّاسِ كَحَرِيقٍ أَوْ بَرْدٍ أَوْ نَهْبٍ دُونَ عُمُومِهِ أَوْ عُرِفَ عُمُومُهُ وَاتُّهِمَ فِي هَلَاكِ الثِّمَارِ بِهِ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) فِي دَعْوَى التَّلَفِ بِذَلِكَ السَّبَبِ، فَإِنْ عُرِفَ ذَلِكَ السَّبَبُ الظَّاهِرُ وَعُمُومُهُ، وَلَمْ يُتَّهَمْ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ، وَالْيَمِينُ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي مِنْ مَسَائِلِ الْبَابِ مُسْتَحَبَّةٌ وَجَعْلُهُ السَّرِقَةَ مِنْ أَمْثِلَةِ الْهَلَاكِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ إذْ قَدْ يُطْلَقُ وَيُرَادُ عَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى دَفْعِهِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمَسْرُوقَ يُخْفَى وَلَا يَظْهَرُ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ (فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ الظَّاهِرُ طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ) عَلَى وُقُوعِهِ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِسُهُولَةِ إقَامَتِهَا، وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهُ ائْتُمِنَ شَرْعًا (ثُمَّ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فِي الْهَلَاكِ بِهِ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى غَيْرِهِ يَحْتَاجُ لِلنِّيَّةِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ لَا فِي الْخُلْطَةِ، وَوَجْهُ الْإِشْكَالِ أَنَّ الْمَالَ وَإِنْ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْيَهُودِيِّ إلَّا أَنَّ الْيَهُودِيَّ لَيْسَ أَهْلًا لِلزَّكَاةِ فَلَا تُؤَثِّرُ الْخُلْطَةُ مَعَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ يُقَالُ لَمَّا كَانَ أَمْرُ الزَّكَاةِ مَبْنِيًّا عَلَى الْمُسَامَحَةِ اكْتَفَوْا بِتَضْمِينِ الشَّرِيكِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا لَهُ (قَوْلُهُ كَأَنْ وَضَعَهُ فِي غَيْرِ حِرْزِ مِثْلِهِ ضَمِنَ) الْأَوْجُهُ أَنَّهُ يَضْمَنُ الْمِثْلَ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ، وَيُفِيدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ السَّابِقُ، وَمِثْلُهُ إنْ كَانَ تَالِفًا إلَخْ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يَضْمَنُ الْكُلَّ (قَوْلُهُ: فَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ جَازَ تَصَرُّفُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَكُنْ تَحَاكَمَ إلَى عَدْلَيْنِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهِ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ هَذَا التَّضْمِينُ عَلَى حَقِيقَةِ الضَّمَانِ) أَيْ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ بِنَاءِ أَمْرِ الزَّكَاةِ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْجَفَافِ) أَيْ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْإِخْرَاجِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَكْلُ شَيْءٍ مِنْهُ) أَيْ لَا أَنَّ الْأَكْلَ إنَّمَا يُرَدُّ عَلَى مُعَيَّنٍ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْبَيْعِ يَقَعُ شَائِعًا، وَقَضِيَّةُ هَذَا عَدَمُ حُرْمَةِ نَحْوِ الْبَيْعِ خِلَافًا لِمَا فِي التُّحْفَةِ مِنْ التَّصْرِيحِ بِهَا، فَقَدْ قَالَ الشِّهَابُ سم: إنَّهُ لَا وَجْهَ لَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ أَوْلَى بِالْجَوَازِ مِنْ حِصَّةِ الشَّرِيكِ لِضَعْفِ الشَّرِكَةِ بِدَلِيلِ أَنَّ لَهُ إخْرَاجَهَا مِنْ غَيْرِ الْمَالِ، وَأَنَّ لَنَا قَوْلًا بِالصِّحَّةِ فِي بَيْعِ الْجَمِيعِ عَلَى قَوْلِ الشَّرِكَةِ نَظَرًا إلَى أَنَّهَا غَيْرُ حَقِيقِيَّةٍ اهـ (قَوْلُهُ: فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ) لَا يَخْفَى أَنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ لَا يَدْفَعُ كَلَامَ الْأَذْرَعِيِّ بَلْ هُوَ نَتِيجَتُهُ،

[باب زكاة النقد]

بِذَلِكَ السَّبَبِ لِاحْتِمَالِ سَلَامَةِ مَالِهِ بِخُصُوصِهِ، وَلَوْ ادَّعَى تَلَفَهُ بِحَرِيقٍ وَقَعَ فِي الْجَرِينِ مَثَلًا، وَعَلِمْنَا عَدَمَ وُقُوعِهِ فِيهِ لَمْ يُبَالَ بِكَلَامِهِ (وَلَوْ) (ادَّعَى حَيْفَ الْخَارِصِ) فِيمَا خَرَصَهُ (أَوْ غَلَطَهُ) فِيهِ (بِمَا يَبْعُدُ) أَيْ لَا يَقَعُ عَادَةً مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْخَرْصِ كَالرُّبْعِ (لَمْ يُقْبَلْ) إلَّا بِبَيِّنَةٍ قِيَاسًا عَلَى دَعْوَى الْجَوْرِ عَلَى الْحَاكِمِ أَوْ الْكَذِبِ عَلَى الشَّاهِدِ وَلِلْعِلْمِ بِبُطْلَانِهِ عَادَةً فِي الْغَلَطِ. نَعَمْ يُحَطُّ عَنْهُ الْقَدْرُ الْمُحْتَمَلُ وَهُوَ الَّذِي لَوْ اُقْتُصِرَ عَلَيْهِ لَقُبِلَ، فَإِنْ لَمْ يَدَّعِ غَلَطَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ لَمْ أَجِدْهُ إلَّا كَذَا صُدِّقَ لِعَدَمِ تَكْذِيبِهِ لِأَحَدٍ وَاحْتِمَالِ تَلَفِهِ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ (أَوْ) ادَّعَى غَلَطَهُ (بِمُحْتَمَلٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ بَعْدَ تَلَفِ الْمَخْرُوصِ وَبَيَّنَ قَدْرَهُ وَهُوَ مِمَّا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ عَادَةً كَوَسْقٍ فِي مِائَةٍ (قُبِلَ فِي الْأَصَحِّ) وَحُطَّ عَنْهُ مَا ادَّعَاهُ إذْ هُوَ أَمِينٌ فَيَجِبُ الرُّجُوعُ لِقَوْلِهِ فِي دَعْوَى نَقْصِهِ عِنْدَ كَيْلِهِ، وَلِأَنَّ الْكَيْلَ يَقِينٌ وَالْخَرْصَ تَخْمِينٌ فَالْإِحَالَةُ عَلَيْهِ أَوَّلًا فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ قَدْرَهُ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ، وَلَوْ كَانَ الْمَخْرُوصُ بَاقِيًا أُعِيدَ كَيْلُهُ وَعُمِلَ بِهِ، وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِمَّا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ مِمَّا هُوَ مُحْتَمَلٌ أَيْضًا كَخَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنْ مِائَةٍ قُبِلَ قَوْلُهُ وَحُطَّ عَنْهُ ذَلِكَ الْقَدْرُ، فَإِنْ اُتُّهِمَ حَلَفَ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يُحَطُّ لِاحْتِمَالِ أَنَّ النُّقْصَانَ فِي كَيْلِهِ لَهُ وَلَعَلَّهُ يُوفِي لَوْ كَالَهُ ثَانِيًا. وَيُسَنُّ جِذَاذُ التَّمْرِ نَهَارًا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لِيُطْعِمَ الْفُقَرَاءَ فَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ لَيْلًا وَإِنْ لَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ فِي الْمَجْذُوذِ. بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ أَصْلُ النَّقْدِ لُغَةً الْإِعْطَاءُ، ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى الْمَنْقُودِ مِنْ بَابِ إطْلَاقِ الْمَصْدَرِ عَلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ، وَلِلنَّقْدِ إطْلَاقَانِ: أَحَدُهُمَا عَلَى مَا يُقَابِلُ الْعَرْضَ وَالدَّيْنَ فَشَمِلَ الْمَضْرُوبَ وَغَيْرَهُ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا. وَالثَّانِي عَلَى الْمَضْرُوبِ خَاصَّةً، ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا يَكْفِي خَرْصُهُ هُوَ، وَلَوْ احْتَاطَ لِلْفُقَرَاءِ وَكَانَ عَارِفًا لِلْخَرْصِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِاتِّهَامِهِ، وَإِنَّمَا صُدِّقَ فِي عَدَدِ الْمَاشِيَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا ادَّعَى دُونَ مَا ذَكَرَهُ السَّاعِي فَقَدْ ادَّعَى عَدَمَ الْوُجُوبِ، وَهُوَ الْأَصْلُ مَعَ أَنَّ السَّاعِيَ ثَمَّ يُمْكِنُهُ الْعَدُّ فَإِنْ رَأَى مِنْهُ رِيبَةً عَدَّ وَهُنَا تَحَقَّقْنَا الْوُجُوبَ، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْعَيْنِ وَيُرِيدُ نَقْلَهُ مِنْ الْعَيْنِ إلَى الذِّمَّةِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ انْقِطَاعِ التَّعَلُّقِ بِالْعَيْنِ فَعُمِلَ بِالْأَصْلِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: صُدِّقَ لِعَدَمِ تَكْذِيبِهِ لِأَحَدٍ وَاحْتِمَالِ تَلَفِهِ) يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ ادَّخَرَ ذَلِكَ فِي الْوَدِيعَةِ صُدِّقَ لِاحْتِمَالِ التَّلَفِ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرِهِ، وَلَوْ كَانَ تَسَلَّمَ مِنْهُ ذَلِكَ تَامًّا لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: أُعِيدَ كَيْلُهُ) أَيْ وُجُوبًا. (بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ) (قَوْلُهُ: ثُمَّ أُطْلِقَ) أَيْ لُغَةً أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَلِلنَّقْدِ إطْلَاقَانِ) أَيْ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ غَرَضُهُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ دَفْعُ اعْتِرَاضِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ بِأَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بَابُ الزَّكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِيَشْمَلَ التِّبْرَ وَالْقُرَاضَةَ وَالسَّبَائِكَ وَالنَّقْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَكَانَ يَنْبَغِي خِلَافُ هَذَا التَّعْبِيرِ (قَوْلُهُ: وَبَيَّنَ قَدْرَهُ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ الْأَصْوَبُ حَذْفُهُ لِأَنَّ كَوْنَهُ مُحْتَمَلًا أَوْ غَيْرَ مُحْتَمَلٍ فَرْعُ بَيَانِ الْقَدْرِ كَمَا لَا يَخْفَى عَكْسُ مَا يُفِيدُهُ هَذَا الصَّنِيعُ، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ هَذَا هُنَا تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: أَوْ ادَّعَى غَلَطًا وَبَيَّنَهُ وَكَانَ مُمَكَّنًا. [بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ] (قَوْلُهُ: لُغَةً الْإِعْطَاءُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ لِغَيْرِ الْمَنْقُودِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى الْمَنْقُودِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يُعْطَى مِنْ خُصُوصِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لَا مُطْلَقُ مَا يُعْطَى بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ وَلِلنَّقْدِ إطْلَاقٌ إذْ هُوَ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ غَيْرُ هَذَيْنِ الْإِطْلَاقَيْنِ، عَلَى أَنَّ الَّذِي نَقَلَهُ فِي التُّحْفَةِ عَنْ الْقَامُوسِ أَنَّهُ لُغَةً خَاصٌّ بِالدَّرَاهِمِ لَا غَيْرُ

وَالنَّاضُّ لَهُ إطْلَاقَانِ أَيْضًا كَالنَّقْدِ. وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ مَعَ مَا يَأْتِي قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [التوبة: 34] وَالْكَنْزُ مَا لَمْ تُؤَدَّ زَكَاتُهُ، وَالنَّقْدَانِ مِنْ أَشْرَفِ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ إذْ بِهِمَا قِوَامُ الدُّنْيَا وَنِظَامُ أَحْوَالِ الْخَلْقِ، لِأَنَّ حَاجَاتِ النَّاسِ كَثِيرَةٌ، وَكُلُّهَا تَنْقَضِي بِهِمَا بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا مِنْ الْأَمْوَالِ، فَمَنْ كَنَزَهُمَا فَقَدْ أَبْطَلَ الْحِكْمَةَ الَّتِي خُلِقَا لَهَا كَمَنْ حَبَسَ قَاضِيَ الْبَلَدِ وَمَنَعَهُ أَنْ يَقْضِيَ حَوَائِجَ النَّاسِ (نِصَابُ الْفِضَّةِ مِائَتَا دِرْهَمٍ، وَنِصَابُ الذَّهَبِ عِشْرُونَ مِثْقَالًا) بِالْإِجْمَاعِ، وَقُدِّمَ الْفِضَّةُ عَلَى الذَّهَبِ؛ لِأَنَّهَا أَغْلَبُ، وَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ (بِوَزْنِ مَكَّةَ) تَحْدِيدًا، فَلَوْ نَقَصَ فِي مِيزَانٍ، وَتَمَّ فِي أُخْرَى فَلَا زَكَاةَ لِلشَّكِّ وَإِنْ رَاجَ رَوَاجَ التَّامِّ، وَلَا بُعْدَ فِي ذَلِكَ مَعَ التَّحْدِيدِ لِاخْتِلَافِ خِفَّةِ الْمَوَازِينِ بِاخْتِلَافِ حَذْفِ صَانِعِيهَا لِخَبَرِ «الْمِكْيَالُ مِكْيَالُ الْمَدِينَةِ، وَالْوَزْنُ وَزْنُ مَكَّةَ، وَالْمِثْقَالُ لَمْ يَتَغَيَّرْ جَاهِلِيَّةً وَلَا إسْلَامًا» وَهُوَ اثْنَانِ وَسَبْعُونَ شَعِيرَةً مُعْتَدِلَةً لَمْ تُقْشَرْ وَقُطِعَ مِنْ طَرَفَيْهَا مَا دَقَّ وَطَالَ، وَالْمُرَادُ بِالدَّرَاهِمِ الْإِسْلَامِيَّةِ الَّتِي كُلُّ عَشَرَةٍ مِنْهَا سَبْعَةُ مَثَاقِيلَ، وَكُلُّ عَشَرَةِ مَثَاقِيلَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَسُبْعَانِ، وَكَانَتْ مُخْتَلِفَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ، ثُمَّ ضُرِبَتْ عَلَى هَذَا الْوَزْنِ فِي زَمَنِ عُمَرَ أَوْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَأَجْمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَالسُّبْكِيِّ: وَيَجِبُ اعْتِقَادُ أَنَّهَا كَانَتْ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْإِجْمَاعُ عَلَى غَيْرِ مَا كَانَ فِي زَمَنِهِ وَزَمَنِ خُلَفَائِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِنَاءً عَلَى أَنَّهُ اسْمٌ لِلْمَضْرُوبِ خَاصَّةً (قَوْلُهُ: وَالنَّاضُّ لَهُ إطْلَاقَانِ أَيْضًا) أَيْ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (قَوْلُهُ: وَالْكَنْزُ مَالٌ لَمْ تُؤَدَّ زَكَاتُهُ) هَذَا تَفْسِيرٌ مُرَادٌ، وَإِلَّا فَالْكَنْزُ لُغَةً الْمَالُ الْمَدْفُونُ، فَكَأَنَّهُ شَبَّهَ الْمَالَ الَّذِي تُؤَدَّ زَكَاتُهُ بِالْمَالِ الْمَدْفُونِ الَّذِي لَا يُنْتَفَعُ بِهِ حَالَ دَفْنِهِ (قَوْلُهُ بِوَزْنِ مَكَّةَ تَحْدِيدًا) أَيْ يَقِينًا لِيَظْهَرَ قَوْلُهُ فَلَوْ نَقَصَ إلَخْ. [فَرْعٌ] ابْتَلَعَ نِصَابًا وَمَضَى عَلَيْهِ حَوْلٌ فَهَلْ تَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ كَالْغَائِبِ فَتَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَلَا يَلْزَمُ أَدَاؤُهَا حَتَّى يَخْرُجَ، فَلَوْ تَيَسَّرَ إخْرَاجُهُ بِنَحْوِ دَوَاءٍ فَهَلْ يَلْزَمُهُ لِأَدَاءِ الزَّكَاةِ وَالْإِنْفَاقِ مِنْهُ عَلَى مُمَوِّنِهِ وَأَدَاءِ دَيْنٍ حَالٍّ طُولِبَ بِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيُتَّجَهُ فِيمَا لَوْ تَيَسَّرَ إخْرَاجُهُ بِلَا ضَرَرٍ أَنْ يَلْزَمَهُ أَدَاءُ الزَّكَاةِ فِي الْحَالِّ، وَلَوْ قَبْلَ إخْرَاجِهِ كَمَا فِي دَيْنِهِ الْحَالِّ عَلَى مُوسِرٍ مُقِرٍّ، وَأَنْ يَلْزَمَهُ إخْرَاجُهُ لِنَفَقَةِ الْمُمَوِّنِ وَالدَّيْنِ، فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ إخْرَاجِهِ فَقَدْ يُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ تَيَسَّرَ لَهُ إخْرَاجُهُ بِلَا ضَرَرٍ فَتَرَكَهُ اُسْتُحِقَّتْ الزَّكَاةُ عَلَيْهِ فَتُخْرَجُ مِنْ تَرِكَتِهِ وَلَا يُشَقُّ جَوْفُهُ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ إخْرَاجُهُ كَذَلِكَ لَمْ يَجِبْ الْإِخْرَاجُ مِنْ تَرِكَتِهِ، بَلْ إنْ خَرَجَ وَلَوْ بِالتَّعَدِّي بِشَقِّ جَوْفِهِ وَجَبَتْ تَزْكِيَتُهُ وَإِلَّا فَلَا سم عَلَى حَجّ. قَالَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ: أَقُولُ: ابْتِلَاعُهُ قَرِيبٌ مِنْ وُقُوعِهِ فِي الْبَحْرِ، وَقَدْ صَرَّحُوا فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ بِأَنَّهُ تَلِفَ فَلْيَكُنْ هُنَا كَذَلِكَ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَائِبِ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ التَّصَرُّفُ فِيهِ فِي الْجُمْلَةِ وَهُوَ بَاقٍ بِيَدِهِ وَلَا كَذَلِكَ بَعْدَ الِابْتِلَاعِ انْتَهَى. أَقُولُ: قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مَا فِي الْبَحْرِ مَأْيُوسٌ مِنْهُ عَادَةً فَأَشْبَهَ التَّالِفَ، وَاَلَّذِي ابْتَلَعَهُ يُمْكِنُ خُرُوجُهُ بَلْ هُوَ قَرِيبٌ بِاسْتِعْمَالِهِ الدَّوَاءَ بَلْ يَغْلِبُ خُرُوجُهُ؛ لِأَنَّهُ مَا لَا تُحِيلُهُ الْمَعِدَةُ فَأَشْبَهَ الْغَائِبَ كَمَا ذَكَرَ سم (قَوْلُهُ وَتَمَّ فِي أُخْرَى) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: الْمِيزَانُ مَعْرُوفٌ اهـ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ مُذَكَّرٌ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالدَّرَاهِمِ الْإِسْلَامِيَّةِ) أَيْ الدَّرَاهِمِ الْإِسْلَامِيَّةِ الَّتِي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَكَانَتْ مُخْتَلِفَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذَكَرَ مَا نَصُّهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَسَبَبُهُ أَنَّ التَّعَامُلَ غَالِبًا فِي عَصْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالصَّدْرِ الْأَوَّلِ بَعْدَهُ كَانَ بِالْبَغْلِيِّ وَهُوَ ثَمَانِيَةُ دَوَانِقَ وَالطَّبَرِيِّ وَهُوَ نِصْفُهَا فَجَمَعَهُ وَقُسِّمَا دِرْهَمَيْنِ اهـ. ثُمَّ قَالَ: وَالطَّبَرِيَّةُ نِسْبَةٌ إلَى طَبَرِيَّةَ قَصَبَةِ الْأُرْدُنِّ بِالشَّامِ، وَتُسَمَّى بِنَصِيبَيْنِ، وَالْبَغْلِيَّةُ نِسْبَةً إلَى الْبَغْلِ لِأَنَّهُ كَانَ عَلَيْهَا صُورَتُهُ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ اعْتِقَادُ أَنَّهَا إلَخْ) أَيْ الدَّرَاهِمَ الْآنَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْإِجْمَاعُ عَلَى غَيْرِ مَا كَانَ فِي زَمَنِهِ) أُجِيبَ بِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ عَدَمِ وُجُودِهَا لَا يَضُرُّ لِمَا قِيلَ إنَّ الدَّرَاهِمَ الَّتِي كَانَتْ مَوْجُودَةً أَوَّلًا نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا وَزْنُهُ ثَمَانِيَةُ دَوَانِقَ، وَالْآخَرُ أَرْبَعَةٌ فَخُلِطَ مَجْمُوعُ الدِّرْهَمَيْنِ وَقُسِمَ فِي زَمَنِ عُمَرَ فَصَارَ الدِّرْهَمُ سِتَّةَ دَوَانِقَ، فَيُحْمَلُ مَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ أَنَّ النِّصَابَ مِائَتَا دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ كُلَّ مِائَةٍ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الرَّاشِدِينَ، وَيَجِبُ تَأْوِيلُ خِلَافِ ذَلِكَ، وَوَزْنُ الدَّرَاهِمِ سِتَّةُ دَوَانِقَ، وَالدَّانِقُ ثَمَانُ حَبَّاتٍ وَخُمُسَا حَبَّةٍ، وَمَتَى زِيدَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهِ كَانَ مِثْقَالًا، وَمَتَى نَقَصَ مِنْ الْمِثْقَالِ ثَلَاثَةُ أَعْشَارِهِ كَانَ دِرْهَمًا. قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَدِرْهَمُ الْإِسْلَامِ الْمَشْهُورُ الْيَوْمَ سِتَّةَ عَشَرَ قِيرَاطًا وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ قِيرَاطٍ بِقَرَارِيطِ الْوَقْتِ. قَالَ الشَّيْخُ: وَنِصَابُ الذَّهَبِ بِالْأَشْرَفِيِّ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَسُبْعَانِ وَتُسْعٌ، وَمُرَادُهُ بِالْأَشْرَفِيِّ فِيمَا يَظْهَرُ الْقَايِتْبَاي، وَبِهِ يُعْلَمُ النِّصَابُ بِمَا عَلَى وَزْنِهِ مِنْ الْمُعَامَلَةِ الْحَادِثَةِ الْآنَ، عَلَى أَنَّهُ حَدَثَ تَغْيِيرٌ فِي الْمِثْقَالِ لَا يُوَافِقُ شَيْئًا مِمَّا مَرَّ فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ، وَلَا وَقَصَ فِيهِمَا كَالْمُعْشَرَاتِ بَلْ مَا زَادَ عَلَى النِّصَابِ فَبِحِسَابِهِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَلَوْ بَعْضَ حَبَّةٍ لِإِمْكَانِ التَّجَزُّؤِ بِلَا ضَرَرٍ بِخِلَافِ الْمَوَاشِي (وَزَكَاتُهُمَا) أَيْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (رُبْعُ عُشْرٍ) فِي النِّصَابِ لِخَبَرِ «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنْ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ «وَفِي الرِّقَةِ رُبْعُ الْعُشْرِ» وَالرِّقَةُ وَالْوَرِقُ الْفِضَّةُ وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنْ الْوَاوِ، وَالْأُوقِيَّةُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ عَلَى الْأَشْهَرِ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا بِالنُّصُوصِ الْمَشْهُورَةِ وَالْإِجْمَاعِ، وَلَا يُكَمَّلُ نِصَابُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ، وَيَكْمُلُ الْجَيِّدُ بِالرَّدِيءِ مِنْ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَعَكْسِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَ نَوْعَاهُمَا، وَالْمُرَادُ بِالْجَوْدَةِ النُّعُومَةُ وَنَحْوُهَا وَبِالرَّدَاءَةِ الْخُشُونَةُ وَنَحْوُهَا، وَيُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ بِقِسْطِهِ إنْ سَهُلَ بِأَنْ قَلَّتْ الْأَنْوَاعُ، وَإِلَّا أُخِذَ مِنْ الْوَسَطِ كَمَا فِي الْمُعْشَرَاتِ وَلَا يُجْزِئُ رَدِيءٌ وَمَكْسُورٌ عَنْ جَيِّدٍ وَصَحِيحٍ كَمَرِيضَةٍ مِنْ صِحَاحٍ، وَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ إنْ بَيَّنَ عِنْدَ الدَّفْعِ أَنَّهُ عَنْ ذَلِكَ الْمَالِ، وَإِلَّا فَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــSنَوْعٍ مِنْ النَّوْعَيْنِ اللَّذَيْنِ كَانَا مَوْجُودَيْنِ وَهُوَ يُسَاوِي الْمِائَتَيْنِ مِنْ الدَّرَاهِمِ الْمَوْجُودَةِ الْآنَ (قَوْلُهُ: وَزْنُ الدَّرَاهِمِ سِتَّةُ دَوَانِقَ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الدَّانِقُ مُعَرَّبٌ وَهُوَ سُدُسُ دِرْهَمٍ، وَهُوَ عِنْدَ الْيُونَانِ حَبَّتَا خُرْنُوبٍ، وَأَنَّ الدِّرْهَمَ عِنْدَهُمْ اثْنَتَا عَشْرَةَ حَبَّةَ خُرْنُوبٍ، وَالدَّانِقُ الْإِسْلَامِيُّ حَبَّتَا خُرْنُوبٍ وَثُلُثَا حَبَّةِ خُرْنُوبٍ، فَإِنَّ الدِّرْهَمَ الْإِسْلَامِيَّ سِتَّةَ عَشَرَ حَبَّةَ خُرْنُوبٍ وَتُفْتَحُ النُّونُ وَتُكْسَرُ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: الْكَسْرُ أَفْصَحُ وَجَمْعُ الْمَكْسُورِ دَوَانِقُ وَجَمْعُ الْمَفْتُوحِ دَوَانِيقُ بِزِيَادَةِ يَاءٍ، قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ. وَقِيلَ كُلُّ جَمْعٍ عَلَى فَوَاعِلَ وَمَفَاعِلَ يَجُوزُ أَنْ يُمَدَّ بِالْيَاءِ فَيُقَالُ فَوَاعِيلُ وَمَفَاعِيلُ (قَوْلُهُ: وَالدَّانِقُ ثَمَانُ حَبَّاتٍ) أَيْ فَوَزْنُ الدِّرْهَمِ خَمْسُونَ حَبَّةً وَخُمُسَا حَبَّةٍ، وَسُبْعُهُ سَبْعُ حَبَّاتٍ وَخُمُسُ حَبَّةٍ، فَإِذَا زِيدَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهِ وَهِيَ إحْدَى وَعِشْرُونَ حَبَّةً وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ حَبَّةٍ صَارَ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ وَهِيَ الْمِثْقَالُ (قَوْلُهُ: بِقَرَارِيطِ الْوَقْفِ) وَقِيلَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ قِيرَاطًا، وَالْمِثْقَالُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ قِيرَاطًا عَلَى الْأَوَّلِ وَعِشْرُونَ عَلَى الثَّانِي اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ) أَيْ أَشْرَفِيًّا (قَوْلُهُ: وَمُرَادُهُ بِالْأَشْرَفِيِّ فِيمَا يَظْهَرُ الْقَايِتْبَاي) أَيْ وَهُوَ أَقَلُّ وَزْنًا مِنْ الدِّينَارِ الْمَعْرُوفِ الْآنَ (قَوْلُهُ: وَالرِّقَةُ وَالْوَرِقُ الْفِضَّةُ) عِبَارَةُ الْقَامُوسِ الْوَرْقُ مُثَلَّثَةٌ وَكَكَتِفٍ وَجَبَلٍ: الدَّرَاهِمُ الْمَضْرُوبَةُ الْجَمْعُ أَوْرَاقٌ وَوِرَاقٌ كَالرِّقَةِ الْجَمْعُ رُقُوقٌ وَالْوِرَاقُ الْكَثِيرُ الدَّرَاهِمُ، وَقَوْلُهُ الْوَرْقُ مُثَلَّثَةٌ: أَيْ مَعَ سُكُونِ الرَّاءِ (قَوْلُهُ وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنْ الْوَاوِ) أَيْ فِي الرِّقَةِ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَشْهَرِ) وَمُقَابِلُهُ تَخْفِيفُ الْيَاءِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا أُخِذَ مِنْ الْوَسَطِ) أَيْ أَوْ يُخْرِجُ مِنْ أَحَدِهِمَا مُرَاعِيًا لِلْقِيمَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي اخْتِلَافِ النَّوْعَيْنِ مِنْ الْمَاشِيَةِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ اسْتِرْدَادُهُمَا) أَيْ الرَّدِيءِ وَالْمَكْسُورِ (قَوْلُهُ: إنْ بَيَّنَ عِنْدَ الدَّفْعِ) قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي التَّعْجِيلِ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى عِلْمِ الْآخِذِ لَا عَلَى تَبْيِينِ الدَّفْعِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ عَنْ ذَلِكَ الْمَالِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ بِقَرَارِيطِ الْوَقْتِ) وَهِيَ الْأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ (قَوْلُهُ وَبِهِ يُعْلَمُ النِّصَابُ بِمَا عَلَى وَزْنِهِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَبِهِ يُعْلَمُ النِّصَابُ بِدَنَانِيرِ الْمُعَامَلَةِ الْحَادِثَةِ الْآنَ (قَوْلُهُ: فِي النِّصَابِ لِخَبَرِ «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ» إلَخْ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ فِي النِّصَابِ: وَمَا زَادَ عَلَيْهِ وَلَا زَكَاةَ فِيمَا دُونَهُ، قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ» إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ إنْ بَيَّنَ عِنْدَ الدَّفْعِ أَنَّهُ عَنْ ذَلِكَ الْمَالِ وَإِلَّا فَلَا) وَهَلْ يَكُونُ مُسْقِطًا لِلزَّكَاةِ أَوْ لَا يُرَاجَعُ

وَإِذَا جَازَ لَهُ الِاسْتِرْدَادُ فَإِنْ بَقِيَ أَخَذَهُ، وَإِلَّا أَخْرَجَ التَّفَاوُتَ، وَكَيْفِيَّةُ مَعْرِفَتِهِ أَنْ يُقَوَّمَ الْمُخْرَجُ بِجِنْسٍ آخَرَ كَأَنْ يَكُونَ مَعَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ جَيِّدَةٍ فَأَخْرَجَ عَنْهَا خَمْسَةً مَعِيبَةً، وَالْجَيِّدَةُ تُسَاوِي بِالذَّهَبِ نِصْفَ دِينَارٍ، وَالْمَعِيبَةُ تُسَاوِي بِهِ خَمْسِينَ دِينَارًا فَيَبْقَى عَلَيْهِ دِرْهَمٌ جَيِّدٌ، وَيُجْزِئُ الْجَيِّدُ وَالصَّحِيحُ عَنْ ضِدِّهِمَا بَلْ هُوَ أَفْضَلُ فَيُسَلِّمُهُ الْمُخْرَجَ إلَى مَنْ يُوَكِّلُهُ الْمُسْتَحِقُّونَ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ، فَإِنْ لَزِمَهُ نِصْفُ دِينَارٍ سَلَّمَ إلَيْهِمْ دِينَارًا نِصْفَهُ عَنْ الزَّكَاةِ وَبَاقِيَهُ لَهُ مَعَهُمْ أَمَانَةً، ثُمَّ يَتَفَاضَلُ هُوَ وَهُمْ فِيهِ، بِأَنْ يَبِيعُوهُ لِأَجْنَبِيٍّ وَيُقَاسِمُوا ثَمَنَهُ أَوْ يَشْتَرُوا مِنْهُ نِصْفَهُ أَوْ يَشْتَرِيَ نِصْفَهُ، لَكِنْ يُكْرَهُ لَهُ شِرَاءُ صَدَقَتِهِ مِمَّنْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا (وَلَا شَيْءَ فِي) (الْمَغْشُوشِ) أَيْ الْمَخْلُوطِ كَذَهَبٍ بِفِضَّةٍ أَوْ نُحَاسٍ (حَتَّى يَبْلُغَ خَالِصُهُ نِصَابًا) لِلْأَخْبَارِ الْمَارَّةِ فَيُخْرِجُ خَالِصًا أَوْ مَغْشُوشًا خَالِصُهُ قَدْرُ الزَّكَاةِ، وَيَكُونُ مُتَطَوِّعًا بِالنُّحَاسِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا أَعْطَى الزَّكَاةَ خَالِصًا مِنْ خَالِصٍ. وَالنُّحَاسُ وَقَعَ تَطَوُّعًا كَمَا مَرَّ، فَلَوْ كَانَ وَلِيًّا امْتَنَعَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فِي مَالِ مُوَلِّيهِ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ لِعَدَمِ جَوَازِ تَبَرُّعِهِ بِنُحَاسِهِ، وَقَيَّدَهُ بِمَا إذَا كَانَتْ مُؤْنَةُ السَّبْكِ تَنْقُصُ عَنْ قِيمَةِ الْغِشِّ: أَيْ إنْ كَانَ ثَمَّ سَبْكٌ؛ لِأَنَّ إخْرَاجَ الْخَالِصِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ بِسَبْكٍ. وَيُكْرَهُ لِلْإِمَامِ ضَرْبُ الْمَغْشُوشَةِ، فَإِنْ عُلِمَ عِيَارُهَا صَحَّتْ الْمُعَامَلَةُ بِهَا مُعَيَّنَةً وَفِي الذِّمَّةِ، وَكَذَا إنْ لَمْ يُعْلَمْ عِيَارُهَا لِحَاجَةِ الْمُعَامَلَةِ بِهَا، وَلِذَلِكَ اُسْتُثْنِيَتْ مِنْ قَاعِدَةِ إنَّمَا كَانَ خَلِيطُهُ غَيْرَ مَقْصُودٍ، وَقَدْرُ الْمَقْصُودِ مَجْهُولٌ كَمِسْكٍ مَخْلُوطٍ بِغَيْرِهِ وَلَبَنٍ مَشُوبٍ بِمَاءٍ لَا تَصِحُّ الْمُعَامَلَةُ بِهِ، فَجَعَلَ الزَّرْكَشِيُّ غِشَّهَا مَقْصُودًا غَيْرَ صَحِيحٍ، فَلَوْ ضَرَبَ مَغْشُوشَةً عَلَى سِكَّةِ الْإِمَامِ، وَغِشُّهَا أَزْيَدُ مِنْ غِشِّ ضَرْبِهِ حَرُمَ فِيمَا يَظْهَرُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّدْلِيسِ بِإِبْهَامِ أَنَّهُ مِثْلُ مَضْرُوبِهِ، وَيُحْمَلُ الْعَقْدُ عَلَيْهَا إنْ غَلَبَتْ، وَلَوْ كَانَ الْغِشُّ يَسِيرًا بِحَيْثُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الْجَيِّدِ وَالصَّحِيحِ (قَوْلُهُ فَإِنْ بَقِيَ أَخَذَهُ) قَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِدَفْعِ التَّفَاوُتِ مَعَ بَقَائِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِأَخْذِهِ جَازَ لَهُ أَخْذُهُ وَجَازَ دَفْعُ التَّفَاوُتِ وَهُوَ قَرِيبُ هَذَا، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ اتَّفَقَ فَرْضَانِ مِنْ أَنَّهُ إذَا دُفِعَ غَيْرُ الْأَغْبَطِ لَا يُحْسَبُ إنْ دَلَّسَ الْمَالِكُ أَوْ قَصَّرَ السَّاعِي أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ، وَعَلَى مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ مِنْ الْإِجْزَاءِ هُنَا مُطْلَقًا يُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ صَرْفُهَا، وَلَا يَظْهَرُ بَيْنَ الْمَكْسُورِ وَالرَّدِيءِ وَبَيْنَ الصَّحِيحِ وَالْجَيِّدِ مَعَ أَخْذِ التَّفَاوُتِ كَبِيرُ أَمْرٍ، بِخِلَافِ الْمَوَاشِي فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا التَّبْقِيَةُ وَالِاسْتِنْمَاءُ وَفِي غَيْرِ الْأَغْبَطِ ضَرَرٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ (قَوْلُهُ: وَكَيْفِيَّةُ مَعْرِفَتِهِ) أَيْ التَّفَاوُتِ (قَوْلُهُ: أَنْ يُقَوَّمَ الْمُخْرَجُ بِجِنْسٍ آخَرَ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ بِجِنْسِهِ؛ لِأَنَّ النَّقْدَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِمِثْلِهِ مُفَاضَلَةً كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ الرِّبَا (قَوْلُهُ: فَيَبْقَى عَلَيْهِ دِرْهَمٌ جَيِّدٌ) أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّ نِصْفَ الدِّينَارِ إذَا قُسِمَ عَلَى الْخَمْسَةِ الْجَيِّدَةِ خَصَّ كُلُّ نِصْفِ خُمُسٍ مِنْهُ دِرْهَمًا، وَالْمَعِيبَةُ تَسَاوِي خُمُسَيْ دِينَارٍ، وَقِيمَتُهُمَا أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ مِنْ الْجَيِّدَةِ فَيَبْقَى مِنْ نِصْفِ الدِّينَارِ نِصْفُ خُمُسٍ يُقَابَلُ بِدِرْهَمٍ مِنْ الْجَيِّدَةِ (قَوْلُهُ: مِمَّنْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهُ مِمَّنْ انْتَقَلَ لَهُ مِنْ الْمُتَصَدِّقِ عَلَيْهِ لَمْ يُكْرَهْ (قَوْلُهُ: أَوْ مَغْشُوشًا خَالِصُهُ قَدْرُ الزَّكَاةِ) مِثْلُهُ مَا لَوْ أَخْرَجَ فِضَّةً مَقْصُوصَةً فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ وَزْنُ الْخَالِصِ مِنْهَا قَدْرَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ الْفِضَّةِ الْخَالِصَةِ (قَوْلُهُ: وَقَعَ تَطَوُّعًا كَمَا مَرَّ) وَيُصَدَّقُ الْمَالِكُ فِي قَدْرِ الْغِشِّ اهـ حَجّ. أَقُولُ: هُوَ وَاضِحٌ إنْ كَانَ بَعْدَ تَلَفِ الْمَالِ أَوْ قَبْلَهُ، وَلَيْسَ ثَمَّ أَهْلُ خِبْرَةٍ وَتَعَذَّرَ سَبْكُ جُزْءٍ يُعْلَمُ بِهِ مِقْدَارُ الْغِشِّ، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي مُرَاجَعَةُ أَهْلِ الْخِبْرَةِ أَوْ سَبْكُ مَا يُمْكِنُ بِهِ مَعْرِفَتُهُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ ادَّعَى الْمَالِكُ غَلَطَ الْخَارِصِ فِي مُحْتَمَلٍ، وَالْمَخْرُوصُ بَاقٍ فَإِنَّهُ يُمْتَحَنُ بِالْكَيْلِ، وَعَلَى مَا لَوْ اخْتَلَفَ الْمَالِكُ وَالسَّاعِي فِي عَدِّ الْمَاشِيَةِ بِمَا يَخْتَلِفُ بِهِ الْوَاجِبُ فَإِنَّهَا تُعَدُّ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِسُهُولَةِ إعَادَةِ الْكَيْلِ أَوْ الْعَدِّ بِخِلَافِ مُرَاجَعَةِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَبِخِلَافِ السَّبْكِ. (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ بِمَا إذَا إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلِذَلِكَ) أَيْ لِلْحَاجَةِ (قَوْلُهُ: فَجَعَلَ الزَّرْكَشِيُّ غِشَّهَا مَقْصُودًا) أَيْ فَلَيْسَتْ مِنْ الْقَاعِدَةِ حَتَّى تُسْتَثْنَى (قَوْلُهُ: وَغِشُّهَا أَزْيَدُ مِنْ غِشِّ ضَرْبِهِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ مُسَاوِيًا لَهُ كُرِهَ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَنَّهُ مِثْلُ مَضْرُوبِهِ) وَمِثْلُ الْمَغْشُوشَةِ الْجَيِّدَةُ أَوْ الْمَغْشُوشَةُ بِمِثْلِ غِشِّ الْإِمَامِ لَكِنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لَا يَأْخُذُ حَظًّا مِنْ الْوَزْنِ فَوُجُودُهُ كَالْعَدَمِ. وَيُكْرَهُ لِغَيْرِ الْإِمَامِ ضَرْبُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَلَوْ خَالِصَةً فِيهِ مِنْ الِافْتِيَاتِ عَلَيْهِ. وَيُكْرَهُ لِمَنْ مَلَكَ نَقْدًا مَغْشُوشًا إمْسَاكُهُ بَلْ يَسْبِكُهُ وَيُصَفِّيهِ. قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: إلَّا إنْ كَانَتْ دَرَاهِمُ الْبَلَدِ مَغْشُوشَةً فَلَا يُكْرَهُ إمْسَاكُهَا، ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَلَوْ) (اخْتَلَطَ إنَاءٌ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِأَنْ أُذِيبَ الْإِنَاءُ مِنْهُمَا بِأَنْ كَانَ وَزْنُهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ سِتَّمِائَةٍ مِنْ أَحَدِهِمَا وَأَرْبَعَمِائَةٍ مِنْ الْآخَرِ (وَجُهِلَ أَكْثَرُهُمَا) (زُكِّيَ) كُلًّا مِنْهُمَا بِفَرْضِهِ (الْأَكْثَرُ ذَهَبًا وَفِضَّةً) احْتِيَاطًا إنْ كَانَ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ، وَإِلَّا تَعَيَّنَ التَّمْيِيزُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ، وَلَا يَجُوزُ فَرْضُ كُلِّهِ ذَهَبًا إذْ أَحَدُ الْجِنْسَيْنِ لَا يُجْزِئُ عَنْ الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَ أَعْلَى مِنْهُ كَمَا مَرَّ (أَوْ مُيِّزَ) بِالنَّارِ كَأَنْ يَسْبِكَ جُزْءًا يَسِيرًا إنْ تَسَاوَتْ أَجْزَاؤُهُ كَمَا فِي الْبَسِيطِ، أَوْ يَمْتَحِنُهُ بِالْمَاءِ فَيَضَعُ فِيهِ أَلْفًا ذَهَبًا وَيَعْلَمُ ارْتِفَاعَهُ ثُمَّ يُخْرِجُهَا، ثُمَّ يَضَعُ فِيهِ أَلْفًا فِضَّةً وَيُعَلِّمُهُ، وَهَذِهِ الْعَلَامَةُ فَوْقَ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الْفِضَّةَ أَكْبَرُ حَجْمًا مِنْ الذَّهَبِ، ثُمَّ يُخْرِجُهَا ثُمَّ يَضَعُ فِيهِ الْمَخْلُوطَ، فَإِلَى أَيِّهِمَا كَانَ ارْتِفَاعُهُ أَقْرَبَ فَالْأَكْثَرُ مِنْهُ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِوَضْعِ الْمَخْلُوطِ أَوَّلًا وَوَسَطًا أَيْضًا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَأَسْهَلُ مِنْ هَذِهِ وَأَضْبَطُ أَنْ يَضَعَ فِي الْمَاءِ قَدْرَ الْمَخْلُوطِ مِنْهُمَا مَعًا مَرَّتَيْنِ فِي أَحَدِهِمَا الْأَكْثَرُ ذَهَبًا وَالْأَقَلُّ فِضَّةً وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْعَكْسِ وَيُعَلِّمَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَامَةً، ثُمَّ يَضَعَ الْمَخْلُوطَ فَيَلْحَقَ بِمَا وَصَلَ إلَيْهِ. قَالَ: وَنَقَلَ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ طَرِيقًا آخَرَ يَأْتِي أَيْضًا مَعَ الْجَهْلِ بِمِقْدَارِ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَهُوَ أَنْ يَضَعَ الْمُخْتَلِطَ وَهُوَ أَلْفٌ مَثَلًا فِي مَاءٍ، وَيُعَلِّمَ كَمَا مَرَّ ثُمَّ يُخْرِجَهُ ثُمَّ يَضَعَ فِيهِ مِنْ الذَّهَبِ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ حَتَّى يَرْتَفِعَ بِتِلْكَ الْعَلَامَةِ، ثُمَّ يُخْرِجَهُ ثُمَّ يَضَعَ فِيهِ مِنْ الْفِضَّةِ كَذَلِكَ حَتَّى يَرْتَفِعَ لِتِلْكَ الْعَلَامَةِ، وَيَعْتَبِرَ وَزْنَ كُلٍّ مِنْهُمَا، فَإِنْ كَانَ الذَّهَبُ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ وَالْفِضَّةُ ثَمَانِمِائَةٍ عَلِمْنَا أَنَّ نِصْفَ الْمُخْتَلِطِ ذَهَبٌ وَنِصْفَهُ فِضَّةٌ بِهَذِهِ النِّسْبَةِ اهـ. وَالْمُرَادُ أَنَّهُمَا نِصْفَانِ فِي الْحَجْمِ لَا فِي الْوَزْنِ، فَيَكُونُ زِنَةُ الذَّهَبِ سِتَّمِائَةٍ وَزِنَةُ الْفِضَّةِ أَرْبَعَمِائَةٍ؛ لِأَنَّ الْمُخْتَلِطَ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إنَّمَا يَكُونُ أَلْفًا بِالنِّسْبَةِ الْمَذْكُورَةِ إذَا كَانَا كَذَلِكَ. وَبَيَانُهُ بِهَا أَنَّك إذَا جَعَلْت ـــــــــــــــــــــــــــــSصَنْعَتَهَا مُخَالِفَةٌ لِصَنْعَةِ دَرَاهِمِ الْإِمَامِ، وَمَنْ عَلِمَ بِمُخَالَفَتِهَا لَا يَرْغَبُ فِيهَا كَرَغْبَتِهِ فِي دَرَاهِمِ الْإِمَامِ فَتَحْرُمُ لِمَا فِي صَنْعَتِهَا مِنْ التَّدْلِيسِ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ لِغَيْرِ الْإِمَامِ) أَيْ وَلِلْإِمَامِ أَنْ يُؤَدِّبَ عَلَى ذَلِكَ اهـ دُمَيْرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ لِمَنْ مَلَكَ نَقْدًا مَغْشُوشًا إمْسَاكُهُ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ لَمْ يَعُمَّ التَّعَامُلُ بِهِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: بَلْ يَسْبِكُهُ) بَابُهُ ضَرَبَ يَضْرِبُ (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ فَلَوْ كَانَ وَلِيًّا امْتَنَعَ عَلَيْهِ ذَلِكَ إلَخْ (قَوْلُهُ إنْ تَسَاوَتْ أَجْزَاؤُهُ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ مَا فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْهُمَا قَدْرُ مَا فِي غَيْرِهِ مِنْ ذَلِكَ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ زِنَةُ الذَّهَبِ سِتَّمِائَةٍ إلَخْ) إيضَاحُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ عُلِمَ بِالنِّسْبَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ حَجْمَ الْوَاحِدِ مِنْ الْفِضَّةِ كَحَجْمِ وَاحِدٍ وَنِصْفٍ مِنْ الذَّهَبِ، فَحَجْمُ جُمْلَةِ الْفِضَّةِ كَحَجْمِ قَدْرِهَا وَنِصْفِ قَدْرِهَا مِنْ الذَّهَبِ، فَإِذَا كَانَ الْإِنَاءُ أَلْفًا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ مِنْ الذَّهَبِ مِقْدَارُ الْفِضَّةِ وَمِقْدَارُ نِصْفِهَا، وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ مَعَ كَوْنِ الْجُمْلَةِ أَلْفًا إلَّا إذَا كَانَ فِيهِ سِتُّمِائَةٍ ذَهَبًا وَأَرْبَعُمِائَةٍ فِضَّةً اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ (قَوْلُهُ: وَبَيَانُهُ بِهَا إلَخْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَسْهَلُ مِنْ هَذِهِ) إنْ أَرَادَ أَنَّهُ أَسْهَلُ عَمَلًا فَمَمْنُوعٌ فَإِنَّ عِدَّةَ الْوَضْعَاتِ فِيهِ كَاَلَّذِي ذَكَرُوهُ، وَيَزِيدُ هَذَا بِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى تَهْيِئَةِ قِطْعَتَيْنِ مِنْ الذَّهَبِ زِنَةً وَاحِدَةً سِتَّمِائَةٍ وَالْأُخْرَى أَرْبَعَمِائَةٍ وَمِنْ الْفِضَّةِ كَذَلِكَ فَتَعْظُمُ الْمَشَقَّةُ، بِخِلَافِ مَا ذَكَرُوهُ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَّا إلَى قِطْعَتَيْنِ. نَعَمْ الْأَسْهَلُ مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ أَنْ يُوضَعَ الْمُخْتَلِطُ فِي مَاءٍ فِي إنَاءٍ ثُمَّ يُعْلَمُ ارْتِفَاعُ الْمَاءِ ثُمَّ يُوضَعُ مَكَانَهُ سِتُّمِائَةٍ ذَهَبًا وَأَرْبَعُمِائَةٍ فِضَّةً، فَإِنْ بَلَغَ الْمَاءُ مَحَلَّ الْعَلَامَةِ فَقَطْ عَلِمْنَا أَنَّ الْأَكْثَرَ ذَهَبٌ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهَا عُلِمَ أَنَّ الْأَكْثَرَ فِضَّةٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ الذَّهَبُ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ مَثَلًا وَالْفِضَّةُ ثَمَانَمِائَةٍ عَلِمْنَا إلَخْ) يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْفِضَّةَ الْمُوَازِنَةَ لِلذَّهَبِ يَكُونُ حَجْمُهَا مِقْدَارَ حَجْمِهِ مَرَّةً وَنِصْفًا وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ وَهَذَا إنَّمَا يُعْلَمُ مِنْ الْخَارِجِ،

كُلًّا مِنْهُمَا أَرْبَعَمِائَةٍ وَزِدْت عَلَى الذَّهَبِ مِنْهُ بِقَدْرِ نِصْفِ الْفِضَّةِ وَهُوَ مِائَتَانِ كَانَ الْمَجْمُوعُ أَلْفًا، وَالطَّرِيقُ الْأُولَى كَمَا قَالَ تَأْتِي أَيْضًا فِي مُخْتَلِطٍ جُهِلَ وَزْنُهُ بِالْكُلِّيَّةِ، قَالَهُ الْفُورَانِيُّ: فَإِنَّك إذَا وَضَعْت الْمُخْتَلِطَ الْمَذْكُورَ تَكُونُ عَلَامَتُهُ بَيْنَ عَلَامَتَيْ الْخَالِصِ، فَإِنْ كَانَتْ نِسْبَتُهُ إلَيْهِمَا سَوَاءً فَنِصْفُهُ ذَهَبٌ وَنِصْفُهُ فِضَّةٌ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَلَامَةِ الذَّهَبِ شَعِيرَتَانِ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ عَلَامَةِ الْفِضَّةِ شَعِيرَةٌ فَثُلُثَاهُ فِضَّةٌ وَثُلُثَاهُ ذَهَبٌ أَوْ بِالْعَكْسِ فَالْعَكْسُ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَإِذَا تَعَذَّرَ الِامْتِحَانُ وَعَسِرَ التَّمْيِيزُ بِأَنْ يَفْقِدَ آلَاتِ السَّبْكِ أَوْ يَحْتَاجَ فِيهِ إلَى زَمَانٍ صَالِحٍ وَجَبَ الِاحْتِيَاطُ فَإِنَّ الزَّكَاةَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْفَوْرِ فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا مَعَ وُجُودِ الْمُسْتَحِقِّينَ، ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ: وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُجْعَلَ السَّبْكُ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ شُرُوطِ الْإِمْكَانِ، وَلَا يَعْتَمِدُ الْمَالِكُ فِي مَعْرِفَةِ الْأَكْثَرِ غَلَبَةَ ظَنِّهِ، وَلَوْ تَوَلَّى إخْرَاجَهَا بِنَفْسِهِ وَيُصَدَّقُ فِيهِ إنْ أَخْبَرَ عَنْ عِلْمٍ وَلَوْ مَلَكَ نِصَابًا نِصْفُهُ بِيَدِهِ وَبَاقِيهِ مَغْصُوبٌ أَوْ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ زَكَّى الَّذِي فِي يَدِهِ فِي الْحَالِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِمْكَانَ شَرْطٌ لِلضَّمَانِ لَا لِلْوُجُوبِ؛ وَلِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ (وَيُزَكَّى الْمُحَرَّمُ) مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ (مِنْ حُلِيٍّ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِهِ مَعَ كَسْرِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَاحِدُهُ حَلْيٌ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ (وَ) مِنْ (غَيْرِهِ) كَالْأَوَانِي إجْمَاعًا وَلَا أَثَرَ لِزِيَادَةِ قِيمَتِهِ بِالصَّنْعَةِ؛ لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ، فَلَوْ كَانَ لَهُ إنَاءٌ وَزْنُهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَقِيمَتُهُ ثَلَثُمِائَةٍ وَجَبَتْ زَكَاةُ مِائَتَيْنِ فَقَطْ فَيُخْرِجُ خَمْسَةً مِنْ نَوْعِهِ لَا مِنْ نَوْعٍ آخَرَ دُونَهُ وَلَا مِنْ جِنْسٍ آخَرَ وَلَوْ أَعْلَى، أَوْ يَكْسِرُهُ وَيُخْرِجُ خَمْسَةً أَوْ يُخْرِجُ رُبْعَ عُشْرِهِ مَشَاعًا، ـــــــــــــــــــــــــــــSوَهَذِهِ الطُّرُقُ كُلُّهَا إذَا وُجِدَ أَمَّا إذَا فُقِدَ فَيُقَوَّمُ اعْتِبَارُ ظَنِّهِ وَيَعْضُدُهُ التَّخْمِينُ فِي مَسْأَلَةِ الْمَذْيِ وَالْوَدْيِ اهـ دَمٌ: أَيْ مِنْ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ إصَابَتَهُمَا لِثَوْبِهِ وَجَهِلَ مَحَلَّهُ وَجَبَ غَسْلُ الْجَمِيعِ، لَكِنْ مَا ذَكَرَهُ الدَّمِيرِيِّ يُؤْخَذُ ضَعْفُهُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي: وَلَا يَعْتَمِدُ الْمَالِكُ فِي مَعْرِفَةِ الْأَكْثَرِ غَلَبَةَ ظَنِّهِ. (قَوْلُهُ: وَالطَّرِيقُ الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ أَوْ يَمْتَحِنُهُ بِالْمَاءِ فَيَضَعُ فِيهِ أَلْفًا ذَهَبًا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَجَبَ الِاحْتِيَاطُ) أَيْ فَيُزَكِّي الْأَكْثَرَ ذَهَبًا وَالْأَكْثَرَ فِضَّةً، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَلَوْ فَقَدَ آلَةَ السَّبْكِ أَوْ احْتَاجَ فِيهِ لِزَمَنٍ طَوِيلٍ أُجْبِرَ عَلَى تَزْكِيَةِ الْأَكْثَرِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَلَا يُعْذَرُ فِي التَّأْخِيرِ إلَى التَّمَكُّنِ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ فَوْرِيَّةٌ، كَذَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ، وَتَوَقَّفَ فِيهِ فَقَالَ: لَا يَبْعُدُ أَنْ يُجْعَلَ السَّبْكُ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ شُرُوطِ الْإِمْكَانِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُجْعَلَ السَّبْكُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يَعْتَمِدُ الْمَالِكُ فِي مَعْرِفَةِ الْأَكْثَرِ غَلَبَةَ ظَنِّهِ) أَيْ لِاتِّهَامِهِ، وَلِأَنَّ مَبْنَى الزَّكَاةِ عَلَى الْيَقِينِ كَمَا مَرَّ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ الْمُخْتَلِطُ بَاقِيًا فَإِنْ فُقِدَ عَمِلَ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الدَّمِيرِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَوَلَّى إلَخْ) غَايَةُ (قَوْلِهِ زَكَّى الَّذِي فِي يَدِهِ فِي الْحَالِ) أَيْ وَأَمَّا الْمَغْصُوبُ وَالدَّيْنُ فَإِنْ سَهُلَ اسْتِخْلَاصُهُ لِكَوْنِهِ حَالًّا عَلَى مَلِيءٍ بَاذِلٍ وَجَبَتْ زَكَاتُهُ فَوْرًا أَيْضًا، وَإِلَّا فَعِنْدَ رُجُوعِهِ إلَى يَدِهِ وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِمْكَانَ شَرْطٌ لِلضَّمَانِ) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ (قَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لِزِيَادَةِ قِيمَتِهِ بِالصَّنْعَةِ لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ) أَيْ فَإِنْ كَانَتْ مُبَاحَةً اُعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ مَعَ الْوَزْنِ اهـ حَجّ اعْتِبَارًا بِهَيْئَتِهِ الْمَوْجُودَةِ حِينَئِذٍ، وَذَلِكَ كَأَنْ صَاغَ حُلِيًّا لِمَنْ يَجُوزُ لَهُ لُبْسُهُ، ثُمَّ انْتَقَلَ مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ لَهُ لُبْسُهُ فَأَمْسَكَهُ حَتَّى مَضَى حَوْلٌ مَثَلًا فَيُعْتَبَرُ الْوَزْنُ مَعَ الْقِيمَةِ حَيْثُ اتَّخَذَهُ لِيُؤَخِّرَهُ لِمَنْ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ مَنْ لَا يَجُوزُ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ أَوْ قَصَدَ مَالِكُهُ اسْتِعْمَالَهُ، وَهُوَ مِمَّنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُهُ فَيُعْتَبَرُ الْوَزْنُ مَعَ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ يُخْرِجُ رُبْعَ عُشْرِهِ مَشَاعًا) هَذَا إنْ كَانَتْ الصَّنْعَةُ مُحَرَّمَةً كَمَا هُوَ الْفَرْضُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQلَكِنْ فِي كَلَامِ ابْنِ الْهَائِمِ أَنَّ جَوْهَرَ الذَّهَبِ كَجَوْهَرِ الْفِضَّةِ وَثَلَاثَةِ أَسْبَاعِهَا، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْمِثْقَالُ دِرْهَمًا وَثَلَاثَةَ أَسْبَاعٍ وَالدِّرْهَمُ سَبْعَةَ أَعْشَارِ الْمِثْقَالِ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَ) أَيْ الْإِسْنَوِيُّ (قَوْلُهُ: فَنِصْفُهُ ذَهَبٌ وَنِصْفُهُ فِضَّةٌ) اُنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ النِّصْفُ فِي الْوَزْنِ أَوْ فِي الْحَجْمِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَبْعُدُ إلَخْ) مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ.

وَمَا كُرِهَ اسْتِعْمَالُهُ كَضَبَّةِ الْإِنَاءِ الْكَبِيرَةِ لِحَاجَةٍ أَوْ الصَّغِيرَةِ لِزِينَةٍ تَجِبُ فِيهَا أَيْضًا (لَا) الْحُلِيِّ (الْمُبَاحِ فِي الْأَظْهَرِ) فَلَا زَكَاةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مُعَدٌّ لِاسْتِعْمَالٍ مُبَاحٍ كَعَوَامِلِ الْمَوَاشِي، وَصَحَّ ذَلِكَ عَنْ جَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَأَجَابُوا عَمَّا وَرَدَ مِمَّا ظَاهِرُهُ يُخَالِفُ ذَلِكَ بِأَنَّ الْحُلِيَّ كَانَ مُحَرَّمًا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ وَبِأَنَّ فِيهِ إسْرَافًا، وَالثَّانِي يُزَكَّى لِأَنَّ زَكَاةَ النَّقْدِ تُنَاطُ بِجَوْهَرِهِ، وَرُدَّ بِأَنَّ زَكَاتَنَا إنْمَاطٌ بِالِاسْتِغْنَاءِ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ لَا بِجَوْهَرِهِ إذْ لَا غَرَضَ فِي ذَاتِهِ، وَلَوْ اشْتَرَى إنَاءً لِيَتَّخِذَهُ حُلِيًّا مُبَاحًا فَحُبِسَ وَاضْطُرَّ إلَى اسْتِعْمَالِهِ فِي طُهْرِهِ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ غَيْرُهُ فَبَقِيَ حَوْلًا كَذَلِكَ فَهَلْ تَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ؟ الْأَقْرَبُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ لَا لِأَنَّهُ مُعَدٌّ لِاسْتِعْمَالٍ مُبَاحٍ، وَلَوْ وَرِثَ حُلِيًّا مُبَاحًا، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ حَوْلٍ وَجَبَتْ زَكَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ إمْسَاكَهُ لِاسْتِعْمَالٍ مُبَاحٍ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِوَالِدِ الرُّويَانِيِّ إقَامَةً لِنِيَّةِ مُورِثِهِ مَقَامَ نِيَّتِهِ، وَلَا يُشْكِلُ الْأَوَّلُ بِالْحُلِيِّ الْمُتَّخَذِ بِلَا قَصْدِ شَيْءٍ؛ لِأَنَّ فِي تِلْكَ اتِّخَاذًا دُونَ هَذِهِ، وَالِاتِّخَاذُ مُقَرَّبٌ لِلِاسْتِعْمَالِ بِخِلَافِ عَدَمِهِ (فَمِنْ الْمُحَرَّمِ الْإِنَاءُ) مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ بِالْإِجْمَاعِ لِلذَّكَرِ وَغَيْرِهِ، وَذُكِرَ ذَلِكَ هُنَا لِضَرُورَةِ التَّقْسِيمِ وَبَيَانِ الزَّكَاةِ فِيهِ فَلَا تَكْرَارَ وَهُوَ مُحَرَّمٌ لِعَيْنِهِ وَمِنْهُ الْمَيْلُ لِلْمَرْأَةِ وَغَيْرِهَا فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا. نَعَمْ إنْ صَدِئَ مَا ذُكِرَ بِحَيْثُ لَا يَبِينُ جَازَ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ، نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ قَطْعِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَصَاحِبِ الْمُهَذَّبِ وَآخَرِينَ، وَيَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى صَدًا يَحْصُلُ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ، وَكَذَا مَيْلُ الذَّهَبِ لِحَاجَةِ التَّدَاوِي، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَهُوَ ظَاهِرٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَإِنْ كَانَتْ مُبَاحَةً وَوَزْنُهُ وَقِيمَتُهُ مَا ذَكَرَ أَخْرَجَ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ قِيمَتُهَا مَصُوغَةً سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكْسِرَهُ وَيُخْرِجَ مِنْهُ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ أَوْ يُخْرِجَ رُبْعَهُ مَشَاعًا فَيَبِيعَهُ السَّاعِي بِذَهَبٍ وَيَقْسِمَهُ بِقِسْمِهِ بَيْنَ الْمَالِكِ وَالْمُسْتَحَقِّينَ، كَذَا فِي شُرُوحِ الرَّوْضِ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ سَبْعَةَ دَرَاهِمَ وَنِصْفًا مَضْرُوبَةً، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ مَصُوغَةً، فَإِذَا أَخْرَجَ سَبْعَةً وَنِصْفًا كَانَ رِبًا لِزِيَادَةِ الْمُخْرَجِ عَلَى الْوَاجِبِ، وَقَدْ يُقَالُ: يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الرِّبَا إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي الْعُقُودِ، وَمَا هُنَا لَيْسَ بِعَقْدٍ، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْضًا مَا يُصَرِّحُ بِجَوَازِ ذَلِكَ، وَعِبَارَتُهُ بَعْدَ مَا ذُكِرَ عَنْهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَجُوزُ إخْرَاجُ سَبْعَةٍ وَنِصْفٍ نَقْدًا وَلَا يَجُوزُ كَسْرُهُ لِلْأَدَاءِ مِنْهُ لِضَرَرِ الْجَانِبَيْنِ (قَوْلُهُ: وَمَا كُرِهَ اسْتِعْمَالُهُ) كَصَاحِبِ ضَبَّةِ الْإِنَاءِ وَعِبَارَةُ سم عَلَى بَهْجَةٍ: قَوْلُهُ وَكَذَا الْمَكْرُوهُ إلَخْ قُوَّةُ الْكَلَامِ تَدُلُّ عَلَى كَرَاهَةِ اسْتِعْمَالِ إنَاءٍ فِيهِ ضَبَّةٌ مَكْرُوهَةٌ اهـ. وَهِيَ تُفِيدُ الْكَرَاهَةَ فِي الْجَمِيعِ لَا فِي مَحَلِّ الضَّبَّةِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَصَحَّ ذَلِكَ عَنْ جَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ) مِنْهُمْ ابْنُ عُمَرَ فَقَدْ صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُحَلِّي بَنَاتَهُ وَجَوَارِيَهُ بِالذَّهَبِ وَلَا يُخْرِجُ زَكَاتَهُ، وَصَحَّ نَحْوُهُ عَنْ عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا اهـ شَرْحُ الْبَهْجَةِ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِأَنَّ زَكَاتَهُ إنَّمَا تُنَاطُ إلَخْ) أَيْ بِعَيْنِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ غَيْرُ مُسْتَغْنٍ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِصَرْفِهِ فِي الْحَوَائِجِ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اشْتَرَى إنَاءً إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ صَاغَ إنَاءً عَلَى وَجْهٍ مُحَرَّمٍ، ثُمَّ اُضْطُرَّ إلَى اسْتِعْمَالِهِ فِي مُبَاحٍ فَقَصَدَ إعْدَادَهُ لَهُ فَهَلْ تَجِبُ زَكَاتُهُ عَمَلًا بِالْأَصْلِ أَوْ لَا نَظَرًا لِلْقَصْدِ الطَّارِئِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي عَنْ حَجّ بِالْهَامِشِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ: وَاضْطُرَّ إلَى اسْتِعْمَالِهِ) أَيْ أَوْ لِاسْتِعْمَالِهِ لِلشُّرْبِ مِنْهُ لِمَرَضٍ أَخْبَرَهُ الثِّقَةُ أَنَّهُ لَا يُزِيلُهُ إلَّا هُوَ، وَأَمْسَكَهُ لِأَجْلِهِ أَوْ اتَّخَذَهُ ابْتِدَاءً ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ فِي طُهْرِهِ أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِوَالِدِ الرُّويَانِيِّ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْكِلُ الْأَوَّلُ بِالْحُلِيِّ إلَخْ) أَيْ مِنْ الِاحْتِمَالَيْنِ وَهُوَ وُجُوبُ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ: بِلَا قَصْدِ شَيْءٍ) أَيْ حَيْثُ لَا زَكَاةَ فِيهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ فِي تِلْكَ) أَيْ وَهِيَ مَا لَوْ اتَّخَذَهُ بِلَا قَصْدِ شَيْءٍ (قَوْلُهُ: دُونَ هَذِهِ) أَيْ وَهِيَ مَا لَوْ وَرِثَ حُلِيًّا إلَخْ (قَوْلُهُ: جَازَ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ) أَيْ وَلَا زَكَاةَ فِيهِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُعَدًّا لِلِاسْتِعْمَالِ مُبَاحًا (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى صَدًا) بِالْقَصْرِ (قَوْلُهُ: يَحْصُلُ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ) أَيْ لَوْ كَانَ الصَّدَأُ مِنْ النُّحَاسِ، وَإِلَّا فَالصَّدَأُ الْحَاصِلُ مِنْ مُجَرَّدِ الْوَسَخِ لَا يَحْصُلُ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَيْلُ الذَّهَبِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

إذَا لَمْ يَقُمْ غَيْرُهُ مَقَامَهُ، وَطِرَازُ الذَّهَبِ إذَا حَالَ لَوْنُهُ وَذَهَبَ حُسْنُهُ يَلْتَحِقُ بِالذَّهَبِ إذَا صَدِئَ عَلَى مَا قَالَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْخَادِمِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ فِي الْأَظْهَرِ وَفِيهِ نَظَرٌ (وَالسِّوَارُ) بِكَسْرِ السِّينِ وَيَجُوزُ ضَمُّهَا (وَالْخَلْخَالُ) بِفَتْحِ الْخَاءِ (لِلُبْسِ الرَّجُلِ) وَالْخُنْثَى مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لِخَبَرِ «أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِإِنَاثِ أُمَّتِي وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا» وَالْفِضَّةُ بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ، وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْخُنُوثَةِ الَّتِي لَا تَلِيقُ بِشَهَامَةِ الرِّجَالِ، وَمَا تَتَّخِذُهُ الْمَرْأَةُ مِنْ تَصَاوِيرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ حَرَامٌ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ كَمَا قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ فِي الشَّافِي (فَلَوْ) (اتَّخَذَ) الرَّجُلُ (سِوَارًا) مَثَلًا (بِلَا قَصْدٍ) مِنْ لُبْسٍ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ بِقَصْدِ إجَارَتِهِ لِمَنْ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ) بِلَا كَرَاهَةٍ (فَلَا زَكَاةَ) فِيهِ (فِي الْأَصَحِّ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ فِي مَالٍ نَامٍ وَالنَّقْدُ غَيْرُ نَامٍ، وَإِنَّمَا أُلْحِقَ بِالنَّامِي لِتَهْيِئَتِهِ لِلْإِخْرَاجِ، وَبِالصِّيَاغَةِ بَطَلَ تَهَيُّؤُهُ لَهُ، وَيُخَالِفُ قَصْدَ كَنْزِهِ الْآتِي لِصَرْفِهِ هَيْئَةَ الصِّيَاغَةِ عَنْ الِاسْتِعْمَالِ فَصَارَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ كَالدَّرَاهِمِ الْمَضْرُوبَةِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَكَمَا لَوْ اتَّخَذَهُ لِيُعِيرَهُ وَلَا عِبْرَةَ بِالْأُجْرَةِ كَأُجْرَةِ الْعَامِلَةِ، وَلَوْ اتَّخَذَهُ لِاسْتِعْمَالٍ مُحَرَّمٍ فَاسْتَعْمَلَهُ فِي الْمُبَاحِ فِي وَقْتٍ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَإِنْ عُكِسَ فَفِي الْوُجُوبِ احْتِمَالَانِ، أَوْجَهُهُمَا عَدَمُهُ نَظَرًا لِقَصْدِ الِابْتِدَاءِ. فَإِنْ طَرَأَ عَلَى ذَلِكَ قَصْدٌ مُحَرَّمٌ ابْتَدَأَ لَهَا حَوْلًا مِنْ وَقْتِهِ، وَلَوْ اتَّخَذَهُ لَهُمَا وَجَبَتْ قَطْعًا وَفِيهِ احْتِمَالٌ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ تَجِبُ لِأَنَّ اسْمَ الزَّكَاةِ مَنُوطٌ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ خَرَجَ عَنْهُ مَا قُصِدَ بِهِ الِاسْتِعْمَالُ لِغَرَضِ تَزَيُّنِ النِّسَاءِ لِأَزْوَاجِهِنَّ فَيَبْقَى فِيمَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بِلَا قَصْدٍ مَا لَوْ قَصَدَ اتِّخَاذَهُ كَنْزًا فَتَجِبُ فِيهِ عَلَى الصَّحِيحِ (وَكَذَا لَوْ) (انْكَسَرَ الْحُلِيُّ) الْمُبَاحُ اسْتِعْمَالُهُ بِحَيْثُ امْتَنَعَ ذَلِكَ مِنْهُ (وَقَصَدَ إصْلَاحَهُ) عِنْدَ عِلْمِهِ بِانْكِسَارِهِ وَأَمْكَنَ مِنْ غَيْرِ سَبْكٍ وَصَوْغٍ لَهُ بِأَنْ أَمْكَنَ بِالْإِلْحَامِ لِبَقَاءِ صُورَتِهِ وَقَصْدِ إصْلَاحِهِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ، وَإِنْ دَارَتْ عَلَيْهِ أَحْوَالٌ، فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ إصْلَاحَهُ بَلْ قَصَدَ جَعْلَهُ تِبْرًا أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ كَنَزَهُ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا أَوْ أَحْوَجَ انْكِسَارُهُ إلَى سَبْكٍ وَصَوْغٍ وَإِنْ قَصَدَهُمَا فَتَجِبُ زَكَاتُهُ، وَيَنْعَقِدُ حَوْلُهُ مِنْ وَقْتِ انْكِسَارِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ وَلَا مُعَدٍّ لِلِاسْتِعْمَالِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ بِمَا قَرَّرْته بِهِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِانْكِسَارِهِ إلَّا بَعْدَ عَامٍ أَوْ أَكْثَرَ فَقَصَدَ إصْلَاحَهُ لَا زَكَاةَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ يُبَيِّنُ أَنَّهُ كَانَ مُرْصَدًا لَهُ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْوَسِيطِ، فَلَوْ عَلِمَ انْكِسَارَهُ وَلَمْ يَقْصِدْ إصْلَاحَهُ حَتَّى مَضَى عَامٌ وَجَبَتْ زَكَاتُهُ إنْ قَصَدَ بَعْدَهُ إصْلَاحَهُ الظَّاهِرُ عَدَمُ الْوُجُوبِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ (وَيُحَرَّمُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ وَكَاَلَّذِي صَدِئَ مَيْلٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَقُمْ غَيْرُهُ مَقَامَهُ) أَيْ أَمَّا إذَا قَامَ غَيْرُهُ مَقَامَهُ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَ الذَّهَبُ أَصْلَحَ (قَوْلُهُ: إذَا حَالَ لَوْنُهُ) أَيْ تَغَيَّرَ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ) أَيْ إلْحَاقِهِ بِالذَّهَبِ نَظَرٌ مُعْتَمَدٌ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ ذَهَبٌ ذَاتُ وَهِيَّةٍ، بِخِلَافِ مَا صَدِئَ فَإِنَّ صَدَاهُ يَمْنَعُ صِفَةَ الذَّهَبِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ ضَمُّهَا) وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَسْوَارٍ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ حَكَاهَا الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَحَكَى الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ الْكَسْرَ أَيْضًا اهـ دَم: أَيْ كَسْرَ الْهَمْزَةِ. (قَوْلُهُ: حَرَامٌ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ) أَيْ حَيْثُ كَانَ عَلَى صُورَةِ حَيَوَانٍ يَعِيشُ بِتِلْكَ الْهَيْئَةِ، بِخِلَافِ الشَّجَرِ وَحَيَوَانٍ مَقْصُوعِ الرَّأْسِ مَثَلًا فَلَا يَحْرُمُ اتِّخَاذُهُ وَاسْتِعْمَالُهُ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَكْرُوهًا فَتَجِبُ زَكَاتُهُ كَمَا مَرَّ فِي الضَّبَّةِ لِلْحَاجَةِ (قَوْلُهُ أَمَّا فِي الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ بِلَا قَصْدٍ وَقَوْلُهُ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ هِيَ قَوْلُهُ أَوْ بِقَصْدٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ طَرَأَ عَلَى ذَلِكَ قَصْدُ مُحَرَّمٍ) أَيْ وَإِنْ طَرَأَ عَلَى الْمُحَرَّمِ قَصْدُ مُبَاحٍ فَقِيَاسُ مَا ذُكِرَ انْقِطَاعُ تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِهِ مِنْ حِينِ الْقَصْدِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَلَوْ قَصَدَ مُبَاحًا، ثُمَّ غَيَّرَهُ لِمُحَرَّمٍ أَوْ عَكْسِهِ تَغَيَّرَ الْحُكْمُ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بِلَا قَصْدٍ مَا لَوْ قَصَدَ اتِّخَاذَهُ كَنْزًا) أَيْ بِأَنْ اتَّخَذَهُ لِيَدَّخِرَهُ وَلَا يَسْتَعْمِلُهُ لَا فِي مُحَرَّمٍ وَلَا فِي غَيْرِهِ، كَمَا لَوْ ادَّخَرَهُ لِيَبِيعَهُ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَى ثَمَنِهِ، وَلَا فَرْقَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا) قَدْ يُشْكِلُ هَذَا بِعَدَمِ الْوُجُوبِ فِي حُلِيٍّ اتَّخَذَهُ بِلَا قَصْدٍ كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْكَسْرَ هُنَا الْمُنَافِيَ لِلِاسْتِعْمَالِ قَرَّبَهُ مِنْ التِّبْرِ وَأَعْطَاهُ حُكْمَهُ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ (قَوْلُهُ: فَقَصَدَ إصْلَاحَهُ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْصِدْ إصْلَاحَهُ حِينَ عَلِمَ بِهِ تَجِبُ الزَّكَاةُ، وَيُوَجَّهُ بِمِثْلِ مَا عُلِّلَ بِهِ كَأَنْ يُقَالَ: لِأَنَّ عَدَمَ قَصْدِ الْإِصْلَاحِ بَعْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[يحرم على الرجل والخنثى حلي الذهب]

عَلَى الرَّجُلِ) وَالْخُنْثَى (حُلِيُّ الذَّهَبِ) وَلَوْ فِي آلَةِ حَرْبٍ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ إلَّا إنْ صَدِئَ بِحَيْثُ لَا يَبِينُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَمْعٍ وَأَقَرَّهُ، وَوَجْهُهُ زَوَالُ الْخُيَلَاءِ عَنْهُ حِينَئِذٍ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي إنَاءِ نَقْدٍ صَدِئَ أَوْ غُشِيَ (إلَّا الْأَنْفَ) لِلْمَجْدُوعِ فَيَجُوزُ لَهُ اتِّخَاذُهُ مِنْهُ، وَإِنْ أَمْكَنَ مِنْ فِضَّةٍ لِأَنَّ «عَرْفَجَةَ بْنَ أَسْعَدَ قُطِعَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلَابِ بِضَمِّ الْكَافِ اسْمٌ لِمَاءٍ كَانَتْ الْوَقْعَةُ عِنْدَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ (وَ) إلَّا (الْأُنْمُلَةَ) فَيَجُوزُ اتِّخَاذُهَا مِنْهُ قِيَاسًا عَلَى الْأَنْفِ، وَلَوْ لِكُلِّ أُصْبُعٍ وَالْأُنْمُلَةُ بِتَثْلِيثِ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ تِسْعُ لُغَاتٍ أَفْصَحُهَا وَأَشْهَرُهَا فَتْحُ الْهَمْزَةِ وَضَمُّ الْمِيمِ، وَالْأَنَامِلُ أَطْرَافُ الْأَصَابِعِ وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ غَيْرَ الْإِبْهَامِ ثَلَاثُ أَنَامِلَ (وَ) إلَّا (السِّنَّ) فَيَجُوزُ لِمَنْ قُلِعَتْ سِنُّهُ اتِّخَاذُ بَدَلِهَا مِمَّا ذُكِرَ قِيَاسًا عَلَى الْأَنْفِ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ، وَلَهُ شَدُّ السِّنِّ بِهِ عِنْدَ تَزَلْزُلِهَا وَلَا زَكَاةَ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ أَمْكَنَ نَزْعُهُ وَرَدُّهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ، وَكُلُّ مَا جَازَ مِنْ الذَّهَبِ فَهُوَ بِالْفِضَّةِ أَوْلَى وَحِكْمَةُ جَوَازِهِ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ الِاتِّخَاذِ مِنْهَا أَنَّهُ لَا يَصْدَأُ إذَا كَانَ خَالِصًا بِخِلَافِهَا وَلَا يَفْسُدُ الْمَنْبَتُ أَيْضًا، وَقَدْ شَدَّ عُثْمَانُ وَغَيْرُهُ أَسْنَانَهُمْ بِهِ وَلَمْ يُنْكِرُهُ أَحَدٌ (لَا الْأُصْبُعَ) وَالْأُنْمُلَتَيْنِ مِنْهُ فَلَا يَجُوزُ مِنْ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تَعْمَلُ فَتَكُونُ لِمُجَرَّدِ الزِّينَةِ، بِخِلَافِ السِّنِّ وَالْأُنْمُلَةِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْعِلْمِ يُبَيِّنُ أَنَّهُ خَرَجَ عَنْ قَصْدِ الِاسْتِعْمَالِ مِنْ حِينِ الْكَسْرِ فَتَجِبُ زَكَاتُهُ مِنْ حِينِهِ [يُحَرَّمُ عَلَى الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى حُلِيُّ الذَّهَبِ] (قَوْلُهُ: وَالْخُنْثَى) وَلَوْ اتَّضَحَ بِالْأُنُوثَةِ وَقَدْ مَضَى حَوْلٌ أَوْ أَكْثَرُ فَيَنْبَغِي وُجُوبُ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهُ فِي مُدَّةِ الْخُنُوثَةِ مَمْنُوعٌ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ فَأَشْبَهَ الْأَوَانِيَ إذَا اُتُّخِذَتْ عَلَى وَجْهٍ مُحَرَّمٍ، وَيُحْتَمَلُ عَلَى بُعْدِ عَدَمِ وُجُوبِهَا اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَانِي بِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ فِي الظَّاهِرِ وَفِي نَفْسِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ صَدِئَ بِحَيْثُ لَا يَبِينُ) أَيْ فَلَا حُرْمَةَ، لَكِنْ يَنْبَغِي كَرَاهَتُهُ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ، ثُمَّ إنْ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يُوجَدُ إلَّا فِي النِّسَاءِ حَرُمَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِهِنَّ، وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: إلَّا الْأَنْفَ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الْأَنْفِ الْعَيْنُ إذَا قُلِعَتْ، وَاُتُّخِذَ بَدَلُهَا مِنْ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ فَيَجُوزُ (قَوْلُهُ لِلْمَجْدُوعِ) هُوَ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: الْجَدْعُ قَطْعُ الْأَنْفِ وَقَطْعُ الْأُذُنِ أَيْضًا وَقَطْعُ الْيَدِ وَالشَّفَةِ وَبَابُهُ قَطَعَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ عَرْفَجَةَ بْنَ أَسْعَدَ) فِي الدَّمِيرِيِّ: ابْنُ صَفْوَانَ اهـ، وَهُوَ نِسْبَةً لِجَدِّهِ، فَفِي الْإِصَابَةِ عَرْفَجَةُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْفَاءِ بَيْنَهُمَا رَاءٌ سَاكِنَةٌ، وَالْجِيمُ ابْنُ سَعْدِ بْنِ كُرْزِ بْنِ صَفْوَانَ التَّمِيمِيُّ السَّعْدِيُّ. وَقِيلَ الْعُطَارِدِيُّ كَانَ مِنْ الْفُرْسَانِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَشَهِدَ الْكِلَابَ فَأُصِيبَ أَنْفُهُ ثُمَّ أَسْلَمَ فَأَذِنَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَتَّخِذَ لَهُ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ. أَخْرَجَ حَدِيثَهُ أَبُو دَاوُد وَهُوَ مَعْدُودٌ فِي أَهْلِ الْبَصْرَةِ (قَوْلُهُ: أَفْصَحُهَا أَوْ أَشْهُرُهَا فَتْحُ الْهَمْزَةِ وَضَمُّ الْمِيمِ) فِي الدَّمِيرِيِّ أَصَحُّهَا فَتْحُ هَمْزَتِهَا وَمِيمِهَا وَلَمْ يَحْكِ الْجَوْهَرِيُّ غَيْرَهَا اهـ. وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: وَالْأُنْمُلَةُ بِالْفَتْحِ وَاحِدَةُ الْأَنَامِلِ وَهِيَ رُءُوسُ الْأَصَابِعِ. قُلْت: الْأُنْمُلَةُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ أَيْضًا لِأَنَّهُ ذَكَرَهَا فِي الدِّيوَانِ فِي بَابِ أَفْعَلَ وَقَدْ يُضَمُّ أَوَّلُهَا، ذَكَرَهُ ثَعْلَبٌ فِي بَابِ الْمَفْتُوحِ أَوَّلُهُ مِنْ الْأَسْمَاءِ، وَأَمَّا ضَمُّ الْمِيمِ فَلَا أَعْرِفُ أَحَدًا ذَكَرَهُ غَيْرَ الْمُطَرِّزِيُّ فِي الْمُغْرِبِ، وَقَدْ نَظَّمَ بَعْضُهُمْ لُغَاتِ الْأُنْمُلَةِ وَالْأُصْبُعِ فَقَالَ: يَا أُصْبُعُ ثُلِّثْنَ مَعَ مِيمِ أُنْمُلَةٍ ... وَثَلَّثَ الْهَمْزَةَ أَيْضًا وَارْوِ أُصْبُوعًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَعَدَّدَتْ) أَيْ بَلْ وَإِنْ كَانَتْ بَدَلًا لِجَمِيعِ الْأَسْنَانِ (قَوْلُهُ: وَلَا زَكَاةَ فِي ذَلِكَ) يُؤْخَذُ مِنْ نَفْيِ الزَّكَاةِ عَدَمُ كَرَاهَةِ اتِّخَاذِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَكْرُوهًا لَوَجَبَتْ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الضَّبَّةِ (قَوْلُهُ: لَا الْأُصْبُعَ) أَيْ وَلَوْ لِلْمَرْأَةِ م ر اهـ سم عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ غَيْرِ الْإِبْهَامِ ثَلَاثُ أَنَامِلَ) هُوَ قَوْلٌ مَنْقُولٌ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَبَعْضِ أَهْلِ اللُّغَةِ مُقَابِلٌ لِمَا قَبْلُهُ

تَحْرِيكُهَا وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ جَوَازِ أُنْمُلَةٍ سُفْلَى كَالْأُصْبُعِ لِمَا ذُكِرَ، وَعُلِمَ مِنْهُ حُرْمَةُ الْيَدِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَأَخَذَ الْأَذْرَعِيُّ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ مَا تَحْتَ الْأُنْمُلَةِ لَوْ كَانَ أَشَلَّ امْتَنَعَتْ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الزَّائِدَةَ إنْ عُمِلَتْ حَلَّتْ وَإِلَّا فَلَا (وَيُحَرَّمُ) (سِنُّ الْخَاتَمِ) عَلَى الرَّجُلِ مِنْ ذَهَبٍ اسْتِعْمَالًا وَاِتِّخَاذًا، وَالْمُرَادُ بِهِ الشُّعْبَةُ الَّتِي يَسْتَمْسِكُ الْفَصُّ بِهَا (عَلَى الصَّحِيحِ) لِعُمُومِ أَدِلَّةِ الْمَنْعِ مَعَ عَدَمِ الْحَاجَةِ لَهُ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ، وَيُفَارِقُ ضَبَّةُ الْإِنَاءِ الصَّغِيرَةُ عَلَى رَأْيِ الرَّافِعِيِّ بِأَنَّ الْخَاتَمَ أَدْوَمُ اسْتِعْمَالًا مِنْ الْإِنَاءِ وَمُقَابِلُهُ يُلْحِقُهُ بِالضَّبَّةِ الْمَذْكُورَةِ (وَيَحِلُّ لَهُ) أَيْ الرَّجُلِ وَمِثْلُهُ الْخُنْثَى بَلْ أَوْلَى (مِنْ الْفِضَّةِ الْخَاتَمُ) أَيْ لُبْسُهُ فِي خِنْصَرِ يَمِينِهِ وَفِي خِنْصَرِ يَسَارِهِ لِلِاتِّبَاعِ، لَكِنَّ لُبْسَهُ فِي الْيَمِينِ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ زِينَةٌ وَالْيَمِينُ أَشْرَفُ، وَيَجُوزُ لُبْسُهُ فِيهِمَا مَعًا بِفَصٍّ وَبِدُونِهِ، وَجَعْلُ الْفَصِّ فِي بَاطِنِ الْكَفِّ أَفْضَلُ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِيهِ، وَيَجُوزُ نَقْشُهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْقُصَ الْخَاتَمُ مِنْ مِثْقَالٍ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِرَجُلٍ وَجَدَهُ لَابِسَ خَاتَمٍ حَدِيدٍ: مَا لِي أَرَى عَلَيْك حِلْيَةَ أَهْلِ النَّارِ، فَطَرَحَهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ أَتَّخِذُهُ؟ قَالَ: مِنْ وَرِقٍ وَلَا تُبْلِغُهُ مِثْقَالًا» اهـ. وَالْخَبَرُ ضَعَّفَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ وَمُسْلِمٍ، وَقَالَ النَّيْسَابُورِيُّ: إنَّهُ مُنْكَرٌ، وَاسْتَغْرَبَهُ التِّرْمِذِيُّ وَإِنْ صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَحَسَّنَهُ ابْنُ حَجَرٍ فَالْمُعْتَمَدُ ضَبْطُهُ بِالْعُرْفِ فَيُرْجَعُ فِي زِنَتِهِ لَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ، وَصَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ وَغَيْرُهُ، فَمَا خَرَجَ عَنْهُ كَانَ إسْرَافًا كَمَا قَالُوهُ فِي الْخَلْخَالِ لِلْمَرْأَةِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ الِاحْتِجَاجِ بِالْخَبَرِ الْمَارِّ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى بَيَانِ الْأَفْضَلِ، وَعَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSمَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَلَوْ قِيلَ بِجَوَازِهِ لِإِزَالَةِ التَّشْوِيهِ عَنْ يَدِهَا بِفَقْدِ الْأُصْبُعِ وَحُصُولِ الزِّينَةِ لَمْ يَبْعُدْ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ جَوَازِ أُنْمُلَةٍ سُفْلَى) أَيْ بِأَنْ فُقِدَتْ أُصْبُعُهُ فَأَرَادَ اتِّخَاذَ أُنْمُلَةٍ بَدَلَ السُّفْلَى مِنْ أَنَامِلِ الْأُصْبُعِ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَحَرَّكُ كَمَا لَا يَجُوزُ اتِّخَاذُ الْأُصْبُعِ لِذَلِكَ، وَمِثْلُ الْأُنْمُلَةِ السُّفْلَى الْأُنْمُلَةُ الْوُسْطَى لِوُجُودِ عِلَّةِ مَنْعِ الْأُنْمُلَتَيْنِ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَيُحَرَّمُ سِنُّ الْخَاتَمِ عَلَى الرَّجُلِ إلَخْ) وَيُحَرَّمُ عَلَيْهِ أَيْضًا لُبْسُ الدُّمْلُجِ وَالسِّوَارِ وَالطَّوْقِ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ اهـ دُمَيْرِيٌّ. وَالدُّمْلُجُ بِضَمِّ الدَّالِ وَاللَّامِ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَيَحِلُّ لَهُ مِنْ الْفِضَّةِ الْخَاتَمُ) أَيْ وَيَحِلُّ لَهُ الْخَتْمُ بِهِ أَيْضًا، وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ الْكَرْمَانِيِّ عَلَى الْبُخَارِيِّ مَا يُوَافِقُهُ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ أَنَّهُ نَقَلَ أَوَّلًا الْحُرْمَةَ ثُمَّ رَجَعَ وَاعْتَمَدَ الْجَوَازَ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ (قَوْلُهُ: وَفِي خِنْصَرِ يَسَارِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّ غَيْرَ الْخِنْصَرِ لَا يَحِلُّ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَحُكِيَ وَجْهَانِ فِي جَوَازِهِ فِي غَيْرِ الْخِنْصَرِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ الْجَوَازُ. ثُمَّ رَأَيْت الْقَمُولِيَّ صَرَّحَ بِالْكَرَاهَةِ وَسَبَقَهُ إلَيْهَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَالْأَذْرَعِيُّ صَوَّبَ التَّحْرِيمَ، وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ وَفِيهِ: وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي قِطْعَةِ فِضَّةٍ يُنْقَشُ عَلَيْهَا، ثُمَّ تُتَّخَذُ لِيَخْتِمَ بِهَا هَلْ يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى إنَاءً فَلَا يَحْرُمُ اتِّخَاذُهُ أَوْ تَحْرُمُ لِأَنَّهُ يُسَمَّى إنَاءً لِحِبْرِ الْخَتْمِ؟ وَمَرَّ آخِرُ الْأَوَانِي أَنَّ مَا كَانَ عَلَى هَيْئَةِ الْإِنَاءِ حَرُمَ سَوَاءٌ أَكَانَ يُسْتَعْمَلُ فِي الْبَدَنِ أَمْ لَا؟ وَمَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الِاسْتِعْمَالُ مُتَعَلِّقًا بِالْبَدَنِ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا، وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْجَهُ الْحِلُّ اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: وَخَرَجَ بِالْخَاتَمِ الْخَتْمُ وَهُوَ قِطْعَةُ فِضَّةٍ يُنْقَشُ عَلَيْهَا اسْمُ صَاحِبِهَا، وَيُخْتَمُ بِهَا فَلَا تَجُوزُ، وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ الْجَوَازَ (قَوْلُهُ: وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ) أَيْ فِي النَّقْشِ لَكِنْ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ إذَا أَدَّى ذَلِكَ إلَى مُلَاقَاةِ النَّجَسِ كَأَنْ لَبِسَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَنْقُولُ عَنْ الْجُمْهُورِ وَلَا يَخْفَى مَا فِي سِيَاقِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: أَيْ لَبِسَهُ فِي خِنْصَرِ يَمِينِهِ وَفِي خِنْصَرِ يَسَارِهِ لِلِاتِّبَاعِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الِاتِّبَاعَ دَلِيلُ النَّدْبِ لَا دَلِيلُ الْحِلِّ فَقَطْ، فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يَحِلُّ بَلْ يُسَنُّ ثُمَّ يُسْتَدَلُّ لَهُ بِالِاتِّبَاعِ كَمَا صَنَعَ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ نَقْشُهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى) فِي هَذَا التَّعْبِيرِ حَزَازَةٌ وَعِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ:

مَا تَقَرَّرَ فَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُ عُرْفِ أَمْثَالِ اللَّابِسِ وَيَجُوزُ تَعَدُّدُهُ اتِّخَاذًا وَلُبْسًا، فَالضَّابِطُ فِيهِ أَيْضًا أَنْ لَا يُعَدَّ إسْرَافًا. قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: إنَّمَا عَبَّرَ الشَّيْخَانِ بِمَا مَرَّ لِأَنَّهُمَا يَتَكَلَّمَانِ فِي الْحُلِيِّ الَّذِي لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، أَمَّا إذَا اتَّخَذَ خَوَاتِمَ لِيَلْبَسَ اثْنَيْنِ مِنْهُمَا أَوْ أَكْثَرَ دَفْعَةً فَتَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ لِوُجُوبِهَا فِي الْحُلِيِّ الْمَكْرُوهِ (وَ) يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنْ الْفِضَّةِ (حِلْيَةُ آلَاتِ الْحَرْبِ كَالسَّيْفِ) وَأَطْرَافِ السِّهَامِ وَالدِّرْعِ وَالْخُوذَةِ (وَالرُّمْحِ وَالْمِنْطَقَةِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ مَا يُشَدُّ بِهَا الْوَسَطُ وَالتُّرْسُ وَالْخُفُّ وَسِكِّينُ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إغَاظَةً لِلْكُفَّارِ، وَقَدْ ثَبَتَ «أَنَّ قَبِيعَةَ سَيْفِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتْ مِنْ فِضَّةٍ» ، وَلِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَعَلَى سَيْفِهِ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ لَكِنْ خَالَفَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فَضَعَّفَهُ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِجَزْمِ الْأَصْحَابِ بِتَحْرِيمِ تَحْلِيَةِ ذَلِكَ بِالذَّهَبِ. أَمَّا سِكِّينُ الْمِهْنَةِ وَالْمِقْلَمَةِ فَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ وَغَيْرِهِ تَحْلِيَتُهَا كَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمَا تَحْلِيَةُ الدَّوَاةِ وَالْمِرْآةِ وَالْمِنْطَقَةِ (لَا) حِلْيَةُ (مَا لَا يَلْبَسُهُ كَالسَّرْجِ وَاللِّجَامِ) وَالرِّكَابِ وَالْقِلَادَةِ وَالثُّفْرِ وَأَطْرَافِ السُّيُورِ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَلْبُوسٍ لَهُ كَالْآنِيَةِ. وَالثَّانِي يَجُوزُ كَالسَّيْفِ وَخَرَجَ بِالْفِضَّةِ الذَّهَبُ فَلَا يَحِلُّ مِنْهُ لِمَنْ ذُكِرَ شَيْءٌ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْخُيَلَاءِ وَظَاهِرٌ مِنْ حِلِّ تَحْلِيَةِ مَا ذُكِرَ أَوْ تَحْرِيمِهِ حِلُّ اسْتِعْمَالِهِ أَوْ تَحْرِيمِهِ مُحَلًّى، لَكِنْ إنْ تَعَيَّنَتْ الْحَرْبُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى وَلَمْ يَجِدَا غَيْرَهُ حُلَّ اسْتِعْمَالُهُ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْمُقَاتِلِ أَمَّا غَيْرُهُ فَيَحْرُمُ جَزْمًا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ الْفَرْقِ فِي تَحْلِيَةِ آلَةِ الْحَرْبِ بَيْنَ الْمُجَاهِدِ وَغَيْرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي الْيَسَارِ وَاسْتَنْجَى بِهَا بِحَيْثُ فَصَلَ مَاءَ الِاسْتِنْجَاءِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ تَعَدُّدُهُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَثُرَتْ وَخَرَجَتْ عَنْ عَادَةِ أَمْثَالِهِ كَعِشْرِينَ خَاتَمًا مَثَلًا (قَوْلُهُ: اتِّخَاذًا وَلُبْسًا) أَيْ فِي وَقْتَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي أَمَّا إذَا اتَّخَذَ خَوَاتِيمَ لِيَلْبَسَ اثْنَيْنِ إلَخْ، وَكَذَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لَكِنْ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ كَمَا يَأْتِي، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي لِوُجُوبِهَا فِي الْحُلِيِّ، الْمَكْرُوهُ أَنَّ التَّعَدُّدَ فِي الْوَقْتِ الْوَاحِدِ حَيْثُ جَرَتْ بِهِ عَادَةُ مِثْلِهِ مَكْرُوهٌ لَا حَرَامٌ وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِ هُنَا، وَعَلَيْهِ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ الْجَوَازِ وَوُجُوبِ الزَّكَاةِ، ثُمَّ رَأَيْت حَجّ ذَكَرَ فِي ذَلِكَ خِلَافًا طَوِيلًا وَاسْتَوْجَهَ الْكَرَاهَةَ (قَوْلُهُ فَتَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا اتَّخَذَهَا لِيَلْبَسَهَا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ اهـ سم عَنْ مَرَّ (قَوْلُهُ: وَالْمِنْطَقَةِ) لَمْ يَشْتَرِطْ الشَّيْخُ كَوْنَهَا مُعْتَادَةً، وَفِي الدَّمِيرِيِّ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ مُعْتَادَةً فَلَوْ اتَّخَذَ مِنْطَقَةً ثَقِيلَةً لَمْ يُمْكِنْهُ لُبْسُهَا مِنْ فِضَّةٍ، أَوْ اتَّخَذَتْ الْمَرْأَةُ حُلِيًّا ثَقِيلًا لَا يُمْكِنُهَا لُبْسُهُ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعَدٍّ لِاسْتِعْمَالٍ مُبَاحٍ (قَوْلُهُ: أَنَّ قَبِيعَةَ سَيْفِهِ) هِيَ مَا عَلَى مِقْبَضِهِ مِنْ فِضَّةٍ أَوْ حَدِيدٍ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: لِجَزْمِ الْأَصْحَابِ بِتَحْرِيمِ تَحْلِيَةِ ذَلِكَ بِالذَّهَبِ) مُعْتَمَدٌ، وَالتَّحْلِيَةُ فِعْلُ عَيْنِ النَّقْدِ فِي مَحَالَّ مُتَفَرِّقَةٍ مَعَ الْإِحْكَامِ حَتَّى تَصِيرَ كَالْجُزْءِ مِنْهَا، وَلِإِمْكَانِ فَصْلِهَا مَعَ عَدَمِ ذَهَابِ شَيْءٍ مِنْ عَيْنِهَا فَارَقَتْ التَّمْوِيهَ السَّابِقَ مِنْ أَوَّلِ الْكِتَابِ أَنَّهُ حَرَامٌ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ بَعْضِهِمْ جَوَازٌ لِتَمْوِيهٍ بِهَا حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ لَا عَلَى خِلَافِ مَا مَرَّ فِي الْآنِيَةِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ هُنَا حَاجَةً لِلزِّينَةِ بِاعْتِبَارِ مَا مِنْ شَأْنِهِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ اهـ حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلَهُ السَّابِقَ أَوَّلَ الْكِتَابِ إلَخْ تَقَدَّمَ بِهَامِشِهِ مَا يَنْبَغِي مُرَاجَعَتُهُ (قَوْلُهُ أَمَّا سِكِّينُ الْمِهْنَةِ) وَمِنْهَا الْمِقْشَطُ (قَوْلُهُ: وَالْمِقْلَمَةُ) بِالْكَسْرِ وِعَاءُ الْأَقْلَامِ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَالْمِرْآةِ وَالْمِنْطَقَةِ) تَقَدَّمَ عَدُّهَا مِنْ آلَةِ الْحَرْبِ، وَأَنَّ تَحْلِيَتَهَا جَائِزَةٌ لِلرَّجُلِ فَعَدُّهَا هُنَا مِمَّا يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ وَغَيْرِهِ مُخَالِفٌ لِذَلِكَ؛ ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسَخٍ صَحِيحَةٍ إسْقَاطَهَا مِنْ هُنَا، وَعَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهَا فَيُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى مِنْطَقَةِ غَيْرِ الْمُقَاتِلِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْمُقَاتِلِ) أَيْ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ كَالْجُنْدِ الْمُعَدِّينَ لِلْحَرْبِ لَكِنَّ التَّقْيِيدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِضَّةً مَنْقُوشًا بِاسْمِ اللَّهِ (قَوْلُهُ: إنَّمَا عَبَّرَ الشَّيْخَانِ بِمَا مَرَّ) أَيْ بِالْخَاتَمِ كَمَا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ مِنْ حِلِّ تَحْلِيَةِ مَا ذَكَرَ أَوْ تَحْرِيمِهِ حَلُّ اسْتِعْمَالِهِ) فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: لَكِنْ إنْ تَعَيَّنَتْ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا شَمِلَهُ مَا قَبْلَهُ مِمَّنْ كَوْنُهُ إذَا حَرَّمَ التَّحْلِيَةُ حَرَّمَ اللُّبْسَ فَتُسْتَثْنَى مِنْهُ هَذِهِ فَتَحْرُمُ تَحْلِيَتُهُ لَهَا وَيَحِلُّ لَهَا لُبْسُهُ فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ

كَذَلِكَ إذْ هُوَ بِسَبِيلٍ مِنْ أَنْ يُجَاهِدَ، وَوَجْهُهُ أَنَّهَا تُسَمَّى آلَةَ حَرْبٍ وَإِنْ كَانَتْ عِنْدَ مَنْ لَا يُحَارِبُ، وَلِأَنَّ إغَاظَةَ الْكُفَّارِ وَلَوْ مَنْ بِدَارِنَا حَاصِلَةٌ مُطْلَقًا (وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ) وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى احْتِيَاطًا (حِلْيَةُ آلَةِ الْحَرْبِ) بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَإِنْ جَازَ لَهُنَّ الْمُحَارَبَةُ بِآلَتِهَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالرِّجَالِ، وَهُوَ حَرَامٌ كَعَكْسِهِ لِمَا وَرَدَ مِنْ اللَّعْنِ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ لَا يَكُونُ عَلَى مَكْرُوهٍ. لَا يُقَالُ: إذَا جَازَ لَهُنَّ الْمُحَارَبَةُ بِآلَتِهَا غَيْرَ مُحَلَّاةٍ فَمَعَ التَّحْلِيَةِ أَجْوَزُ إذْ التَّحَلِّي لَهُنَّ أَوْسَعُ مِنْ الرِّجَالِ. لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّمَا جَازَ لَهُنَّ لُبْسُ آلَةِ الْحَرْبِ لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ وَلَا حَاجَةَ إلَى الْحِلْيَةِ (وَلَهَا) وَلِلصَّبِيِّ أَوْ الْمَجْنُونِ (لُبْسُ أَنْوَاعِ حُلِيِّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) إجْمَاعًا لِلْخَبَرِ الْمَارِّ كَسِوَارٍ وَخَاتَمٍ وَطَوْقٍ وَحَلَقٍ فِي آذَانٍ وَأَصَابِعَ وَمِنْهُ التَّاجُ فَيَحِلُّ لَهَا لُبْسُهُ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِمَّنْ اعْتَادَهُ كَمَا هُوَ الصَّوَابُ فِي بَابِ اللِّبَاسِ مِنْ الْمَجْمُوعِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِعُمُومِ الْخَبَرِ وَدُخُولِهِ فِي اسْمِ الْحُلِيِّ، وَيَحِلُّ لَهَا النَّعْلُ مِنْهُمَا، وَلَوْ تَقَلَّدَتْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ مَثْقُوبَةً بِأَنْ جَعَلَتْهَا فِي قِلَادَتِهَا زَكَّتْهَا بِنَاءً عَلَى تَحْرِيمِهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ اللِّبَاسِ مِنْ حِلِّهَا مَحْمُولٌ عَلَى الْمُعَرَّاةِ وَهِيَ الَّتِي جُعِلَ لَهَا عُرًى وَجَعَلَتْهَا فِي قِلَادَتِهَا، فَإِنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا صُرِفَتْ بِذَلِكَ عَنْ جِهَةِ النَّقْدِ إلَى جِهَةٍ أُخْرَى بِخِلَافِ غَيْرِهَا (وَكَذَا) لَهَا لُبْسُ (مَا نُسِجَ بِهِمَا) أَيْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مِنْ الثِّيَابِ كَالْحُلِيِّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ جِنْسِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ. وَالثَّانِي لَا، لِزِيَادَةِ السَّرَفِ وَالْخُيَلَاءِ (وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُ الْمُبَالَغَةِ فِي السَّرَفِ) فِي كُلِّ مَا أَبَحْنَاهُ (كَخَلْخَالٍ) أَيْ مَجْمُوعِ فَرْدَتَيْهِ لَا إحْدَاهُمَا لِلْمَرْأَةِ (وَزْنُهُ مِائَتَا دِينَارٍ) أَيْ مِثْقَالٍ، إذْ الْمُقْتَضِي لِإِبَاحَةِ الْحُلِيِّ لَهَا التَّزَيُّنُ لِلرِّجَالِ الْمُحَرِّكُ لِلشَّهْوَةِ الدَّاعِي لِكَثْرَةِ النَّسْلِ، وَلَا زِينَةَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ بَلْ تَنْفِرُ مِنْهُ النَّفْسُ لِاسْتِبْشَاعِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِذَلِكَ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إلَخْ، وَعِبَارَةُ حَجّ: آلَاتُ الْحَرْبِ لِلْمُجَاهِدِ كَالْمُرْتَزِقِ اهـ. وَهِيَ تُفِيدُ أَنَّ الْمُعَدِّينَ لِلْجِهَادِ يَجُوزُ لَهُمْ ذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَيُمْكِنُ دَفْعُ الْمُنَافَاةِ بِأَنْ يُرَادَ بِالْمُقَاتِلِ مَا مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ، وَبِمَا يَأْتِي مَنْ يَتَأَتَّى مِنْهُ فِي الْجُمْلَةِ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ وَمَحَلَّ الْخِلَافِ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَا يَلْبَسُهُ كَالسَّرْجِ وَنَحْوِهِ دُونَ آلَةِ الْحَرْبِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَحْكِ فِيهَا خِلَافًا، وَقَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إلَخْ مَفْرُوضٌ فِي آلَةِ الْحَرْبِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَازَ لَهُنَّ) أَيْ لِلنِّسَاءِ وَالْخَنَاثَى (قَوْلُهُ: فِي أَذَانٍ وَأَصَابِعَ) أَيْ سَوَاءٌ أَصَابِعُ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ. وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: قَوْلُهُ وَحَرُمَ عَلَيْهِمَا أُصْبُعُ التَّقْيِيدِ بِهِمَا كَالصَّرِيحِ فِي حِلِّ الْأُصْبُعِ لِلْمَرْأَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِحِلِّ الذَّهَبِ لَهَا وَلِأَنَّ فِيهِ زِينَةً، لَكِنْ مَنَعَهُ مَرَّ فَقَالَ بِالْحُرْمَةِ فِيهَا أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَيَحِلُّ لَهَا) وَمِثْلُهَا الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ فَذَكَرَ الْمَرْأَةَ لِلتَّمْثِيلِ (قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى الْمُعَرَّاةِ) وَهِيَ الَّتِي تُجْعَلُ لَهَا عُرْوَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَتُعَلَّقُ بِهَا فِي خَيْطٍ كَالسُّبْحَةِ وَإِطْلَاقُ الْعُرْوَةِ يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَتْ مِنْ حَرِيرٍ أَوْ نَحْوِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَهَا) فِي نُسْخَةٍ وَلِمَنْ ذُكِرَ مِمَّنْ مَرَّ (قَوْلُهُ: مَا نُسِجَ بِهِمَا) أَفْهَمَ أَنَّ غَيْرَ اللُّبْسِ مِنْ الِافْتِرَاشِ وَالتَّدَثُّرِ بِذَلِكَ لَا يَجُوزُ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي افْتِرَاشِ الْحَرِيرِ حِلُّهُ لَهَا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّهُ إنَّمَا جُوِّزَ لَهَا لُبْسُ مَا نُسِجَ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِحُصُولِ الزِّينَةِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُمَا تَحْصِيلُهَا لِلزَّوْجِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي الْفُرُشِ وَإِنَّمَا جَازَ لَهَا افْتِرَاشُ الْحَرِيرِ لِأَنَّ بَابَهُ أَوْسَعُ. وَفِي الرَّوْضَةِ: وَلُبْسُ الثِّيَابِ الْمَنْسُوجَةِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْجَوَازُ انْتَهَى. قَالَ السَّيِّدُ فِي حَاشِيَتِهَا: لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِافْتِرَاشِ الْمَنْسُوجِ بِهِمَا كَالْمَقَاعِدِ الْمُطَرَّزَةِ بِذَلِكَ. قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُبْنَى ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي افْتِرَاشِ الْحَرِيرِ، وَوَجْهُ الْبِنَاءِ أَنَّ الْحَرِيرَ لَهُنَّ لُبْسُهُ وَفِي افْتِرَاشِهِ قَوْلَانِ، وَكَذَلِكَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ يَحِلُّ لَهُنَّ لُبْسُهُمَا فَبَقِيَ مَجِيءُ الْقَوْلَيْنِ فِي الِافْتِرَاشِ. قُلْت: وَقَدْ يُلْحَظُ مَزِيدُ السَّرَفِ فِي الِافْتِرَاشِ هُنَا كَمَا سَبَقَ فِي لُبْسِ النَّعْلِ بِخِلَافِ الْحَرِيرِ انْتَهَى شَوْبَرِيٌّ. وَقَوْلُهُ فِي لُبْسِ النَّعْلِ الْمُعْتَمَدُ فِيهِ الْجَوَازُ فَيَكُونُ الْمُعْتَمَدُ فِي الْفُرُشِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[تحلية المصحف بالذهب]

إبَاحَةُ مَا يَتَّخِذُهُ النِّسَاءُ فِي زَمَنِنَا مِنْ عَصَائِبِ الذَّهَبِ وَالتَّرَاكِيبِ، وَإِنْ كَثُرَ ذَهَبُهَا إذْ النَّفْسُ لَا تَنْفِرُ مِنْهَا بَلْ هِيَ فِي نِهَايَةِ الزِّينَةِ. وَالثَّانِي لَا يَحْرُمُ كَمَا لَا يَحْرُمُ اتِّخَاذُ أَسَاوِرَ وَخَلَاخِيلَ لِتُلْبَسَ الْوَاحِدُ مِنْهَا بَعْدَ الْوَاحِدِ، وَيَأْتِي فِي لُبْسِ ذَلِكَ مَعًا مَا مَرَّ فِي الْخَوَاتِيمِ لِلرَّجُلِ، وَخَرَجَ بِالْمُبَالَغَةِ مَا لَوْ أَسْرَفَتْ وَلَمْ تُبَالِغْ فَلَا يَحْرُمُ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِي جَمِيعِهِ فِيمَا يَظْهَرُ لَا فِي الْقَدْرِ الزَّائِدِ، وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي آلَةِ الْحَرْبِ (حَيْثُ لَمْ يُغْتَفَرْ فِيهِ عَدَمُ الْمُبَالَغَةِ) بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ حِلُّهُمَا لِلْمَرْأَةِ، بِخِلَافِهِمَا لِغَيْرِهَا فَاغْتُفِرَ لَهَا قَبْلَ السَّرَفِ، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ اغْتِفَارِ السَّرَفِ مِنْ غَيْرِ مُبَالَغَةٍ هُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ ابْنِ الْعِمَادِ وَجَرَى عَلَيْهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَالْأَوْجَهُ الِاكْتِفَاءُ فِيهِمَا بِمُجَرَّدِ السَّرَفِ، وَالْمُبَالَغَةُ فِيهِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ وَكَالْمَرْأَةِ الطِّفْلُ فِي ذَلِكَ، لَكِنْ لَا يُقَيَّدُ بِغَيْرِ آلَةِ الْحَرْبِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَخَرَجَ بِالْمَرْأَةِ الرَّجُلُ وَالْخُنْثَى فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا لُبْسُ حُلِيِّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ عَلَى مَا مَرَّ، وَكَذَا مَا نُسِجَ بِهِمَا إلَّا إنْ فَجَأَتْهُمَا الْحَرْبُ، وَلَمْ يَجِدَا غَيْرَهُ كَمَا مَرَّ أَيْضًا (وَكَذَا) يَحْرُمُ (إسْرَافُهُ) أَيْ الرَّجُلِ (فِي آلَةِ الْحَرْبِ) فِي الْأَصَحِّ وَإِنْ لَمْ يُبَالِغْ فِيهِ لِمَا مَرَّ، وَالسَّرَفُ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ، وَيُقَالُ فِي النَّفَقَةِ التَّبْذِيرُ وَهُوَ الْإِنْفَاقُ فِي غَيْرِ حَقٍّ، فَالسَّرَفُ الْمُنْفَقُ فِي مَعْصِيَةٍ وَإِنْ قَلَّ إنْفَاقُهُ وَغَيْرُهُ الْمُنْفَقُ فِي طَاعَةٍ وَإِنْ أُفْرِطَ (وَ) الْأَصَحُّ (جَوَازُ تَحْلِيَةِ الْمُصْحَفِ) وَلَوْ بِتَحْلِيَةِ غُلَافِهِ الْمُنْفَصِلِ عَنْهُ (بِفِضَّةٍ) لِلرَّجُلِ وَغَيْرِهِ إكْرَامًا لَهُ وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ إلْحَاقُ اللَّوْحِ الْمُعَدِّ لِكِتَابَةِ الْقُرْآنِ بِالْمُصْحَفِ فِي ذَلِكَ. وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ كَالْأَوَانِي (وَكَذَا) يَجُوزُ (لِلْمَرْأَةِ) فَقَطْ (بِذَهَبٍ) لِلْخَبَرِ الْمَارِّ، وَالطِّفْلُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ كَالْمَرْأَةِ. قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَمَنْ كَتَبَ الْمُصْحَفَ بِذَهَبٍ فَقَدْ أَحْسَنَ وَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ، وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كِتَابَتِهِ لِلرَّجُلِ أَوْ الْمَرْأَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ. وَالثَّانِي الْجَوَازُ لَهُمَا. وَالثَّالِثُ الْمَنْعُ لَهُمَا وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِتَحْلِيَةِ الْمُصْحَفِ عَنْ تَحْلِيَةِ الْكُتُبِ فَلَا تَجُوزُ عَلَى الْمَشْهُورِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ كُتُبُ الْأَحَادِيثِ وَغَيْرِهَا كَمَا فِي الذَّخَائِرِ، وَلَوْ حُلِّيَ الْمَسْجِدُ أَوْ الْكَعْبَةُ أَوْ قَنَادِيلُهَا بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ حَرُمَ، وَكَذَا تَعْلِيقُهَا إنْ حَصَلَ مِنْ التَّحْلِيَةِ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْآنِيَةِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي مَعْنَى الْمُصْحَفِ وَلِعَدَمِ نَقْلِهِ عَنْ السَّلَفِ فَهُوَ بِدْعَةٌ «وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ بِخِلَافِ كِسْوَةِ الْكَعْبَةِ بِالْحَرِيرِ وَلَوْ جَعَلَ الْقَنَادِيلَ الْمَذْكُورَةَ وَنَحْوَهَا وَقْفًا عَلَى مَسْجِدٍ لَمْ تَجِبْ زَكَاتُهَا لِعَدَمِ الْمَالِكِ الْمُعَيَّنِ، وَظَاهِرٌ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَنَّ مَحَلَّ صِحَّةِ وَقْفِهِ إذَا حَلَّ اسْتِعْمَالُهُ بِأَنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْجَوَازَ أَيْضًا (قَوْلُهُ: مِنْ عَصَائِبِ الذَّهَبِ وَالتَّرَاكِيبِ) الَّتِي تُفْعَلُ بِالصَّوْغِ، وَتُجْعَلُ عَلَى الْعَصَائِبِ. أَمَّا مَا يَقَعُ لِنِسَاءِ الْأَرْيَافِ مِنْ الْفِضَّةِ الْمَثْقُوبَةِ أَوْ الذَّهَبِ الْمَخِيطِ عَلَى الْقُمَاشِ فَحَرَامٌ كَالدَّرَاهِمِ الْمَثْقُوبَةِ الْمَجْعُولَةِ فِي الْقِلَادَةِ كَمَا مَرَّ، وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَيْضًا حُرْمَةُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ ثَقْبِ دَرَاهِمَ وَتَعْلِيقِهَا عَلَى رَأْسِ الْأَوْلَادِ الصِّغَارِ وَهُوَ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ الْآتِي: وَكَالْمَرْأَةِ الطِّفْلُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تُبَالِغْ فَلَا يَحْرُمُ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ بِمُجَرَّدِ السَّرَفِ) وَالْمُرَادُ بِالسَّرَفِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ أَنْ تَفْعَلَهُ عَلَى مِقْدَارٍ لَا يُعَدُّ مِثْلُهُ زِينَةً كَمَا أَشْعَرَ بِهِ قَوْلُهُ السَّابِقُ بَلْ تَنْفِرُ مِنْهُ النَّفْسُ إلَخْ، وَعَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْفُقَرَاءِ وَالْأَغْنِيَاءِ (قَوْلُهُ: وَالسَّرَفُ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ) عِبَارَةُ الْكَرْمَانِيِّ عَلَى الْبُخَارِيِّ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْوُضُوءِ نَصُّهَا: الْإِسْرَافُ هُوَ صَرْفُ الشَّيْءِ فِيمَا يَنْبَغِي زَائِدًا عَلَى مَا يَنْبَغِي، بِخِلَافِ التَّبْذِيرِ فَإِنَّهُ صَرْفُ الشَّيْءِ فِيمَ لَا يَنْبَغِي اهـ. وَعَلَيْهِ فَالصَّرْفُ فِي الْمَعْصِيَةِ يُسَمَّى تَبْذِيرًا وَمُجَاوَزَةُ الثَّلَاثِ فِي الْوُضُوءِ يُسَمَّى إسْرَافًا، وَهُوَ خِلَافُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ جَوَازُ تَحْلِيَةِ الْمُصْحَفِ) يَعْنِي مَا فِيهِ قُرْآنٌ وَلَوْ لِلتَّبَرُّكِ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ حَجّ. وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ كُتِبَ بِذَلِكَ عَلَى قَمِيصٍ مَثَلًا وَلَبِسَهُ فَلَا يَجُوزُ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِهَذَا تَعْظِيمَ الْقُرْآنِ، وَإِنَّمَا يَقْصِدُ بِهِ التَّزَيُّنَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِتَحْلِيَةِ غِلَافِهِ) أَيْ بَابِ جِلْدِهِ (قَوْلُهُ اللَّوْحِ الْمُعَدِّ لِكِتَابَةِ الْقُرْآنِ) أَيْ وَلَوْ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ كَالْأَلْوَاحِ الْمُعَدَّةِ لِكِتَابَةِ بَعْضِ السُّوَرِ فِيمَا يُسَمُّونَهُ صِرَافَةً (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ الْكَاتِبُ فِيهِمَا رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً (قَوْلُهُ: بِأَنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يُغْتَفَرْ فِيهِ عَدَمُ الْمُبَالَغَةِ) أَيْ حَيْثُ يُغْتَفَرُ فِيهِ أَصْلُ السَّرَفِ لِلرَّجُلِ وَإِنْ لَمْ يُبَالِغْ [تَحْلِيَةِ الْمُصْحَفِ بِالذَّهَبِ] (قَوْلُهُ: عُلِمَ أَنَّ وَقْفَهُ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ الْقَنَادِيلِ وَنَحْوِهَا، وَالْمُرَادُ بِالتَّحَلِّي هُنَا الزِّينَةُ.

[باب زكاة المعدن والركاز والتجارة]

وَإِلَّا فَوَقْفُ الْمُحَرَّمِ بَاطِلٌ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ وَقْفَهُ لَيْسَ عَلَى التَّحَلِّي كَمَا تُوُهِّمَ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ كَالْوَقْفِ عَلَى تَزْوِيقِ الْمَسْجِدِ وَنَقْشِهِ؛ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ وَقَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ مَعَ صِحَّةِ وَقْفِهِ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْأَذْرَعِيُّ نَاقِلًا لَهُ عَنْ الْعُمْرَانِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (وَشَرْطُ زَكَاةِ النَّقْدِ الْحَوْلُ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ» . نَعَمْ لَوْ مَلَكَ نِصَابًا سِتَّةَ أَشْهُرٍ مَثَلًا، ثُمَّ أَقْرَضَهُ إنْسَانًا لَمْ يَنْقَطِعْ الْحَوْلُ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ فِي أَثْنَاءِ تَعْلِيلٍ وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ (وَلَا زَكَاةَ فِي) (سَائِرِ الْجَوَاهِرِ كَاللُّؤْلُؤِ) وَالْيَاقُوتِ وَالْفَيْرُوزِ ج وَمِثْلُهَا الْمِسْكُ وَالْعَنْبَرُ وَنَحْوُهُمَا؛ لِأَنَّهَا مُعَدَّةٌ لِلِاسْتِعْمَالِ فَأَشْبَهَتْ الْمَاشِيَةَ الْعَامِلَةَ وَلِعَدَمِ وُرُودِ مَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِهَا. بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ بَدَأَ بِالْمَعْدِنِ أَوَّلًا ثُمَّ بِالرِّكَازِ لِقُوَّةِ الْأَوَّلِ بِتَمَكُّنِهِ فِي أَرْضِهِ، وَعَقَّبَهُمَا لِلْبَابِ الْمَارِّ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ النَّقْدَيْنِ وَعَقَّبَ ذَلِكَ بِالتِّجَارَةِ لِتَقْوِيمِهَا بِهِمَا وَالْمَعْدِنُ لَهُ إطْلَاقَانِ: أَحَدُهُمَا عَلَى الْمُسْتَخْرَجِ وَيُسْتَفَادُ مِنْ التَّرْجَمَةِ، وَثَانِيهِمَا عَلَى الْمُخْرَجِ مِنْهُ، وَيُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ مَنْ اسْتَخْرَجَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً مِنْ مَعْدِنٍ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِعُدُونِهِ: أَيْ إقَامَتِهِ، يُقَالُ عَدَنَ بِالْمَكَانِ يَعْدِنُ إذَا أَقَامَ فِيهِ. وَالْأَصْلُ فِي زَكَاتِهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ} [البقرة: 267] وَخَبَرُ الْحَاكِمِ فِي صَحِيحِهِ " أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَخَذَ مِنْ الْمَعَادِنِ الْقَبَلِيَّةِ الصَّدَقَةَ» وَهِيَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ نَاحِيَةٌ مِنْ قَرْيَةٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ يُقَالُ لَهَا الْفُرْعُ بِضَمِّ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ (مَنْ اسْتَخْرَجَ) وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ (ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً) بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا كَيَاقُوتٍ وَزَبَرْجَدٍ وَنُحَاسٍ وَحَدِيدٍ (مِنْ مَعْدِنٍ) أَيْ أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لَهُ أَوْ مُبَاحَةٍ (لَزِمَهُ رُبْعُ عُشْرِهِ) لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ السَّابِقَةِ كَخَبَرِ «وَفِي الرِّقَّةِ رُبْعُ الْعُشْرِ» وَسَوَاءٌ أَكَانَ مَدْيُونًا أَمْ لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ، وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ، وَإِنْ وَجَدَهُ فِي مِلْكِهِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ كَوْنِهِ مَالِكَهُ مِنْ حِينِ مَلَكَ الْأَرْضَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَوْجُودُ مِمَّا يُخْلَقُ شَيْئًا فَشَيْئًا، وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُوبِهَا، وَلَوْ اسْتَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ كَانَ غَنِيمَةً مُخَمَّسَةً (وَفِي قَوْلٍ) يَلْزَمُهُ (الْخُمُسُ) كَالرِّكَازِ بِجَامِعِ الْخَفَاءِ فِي الْأَرْضِ (وَفِي قَوْلٍ إنْ حَصَلَ بِتَعَبٍ) كَأَنْ احْتَاجَ إلَى طَحْنٍ أَوْ مُعَالَجَةٍ بِالنَّارِ أَوْ حَفْرٍ (فَرُبْعُ عُشْرِهِ، وَإِلَّا) بِأَنْ حَصَلَ بِلَا تَعَبٍ (فَخُمُسُهُ) لِأَنَّ الْوَاجِبَ ـــــــــــــــــــــــــــــSيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ الْحَاجَةُ إلَيْهَا فِي نَحْوِ تَضْبِيبٍ مُبَاحٍ بِهَا لِنَحْوِ جِذْعِهِ وَبَابِهِ لَا فِي صَرْفِهِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْمَوْقُوفِ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي تَحْلِيَةِ الْمَسْجِدِ نَفْسِهِ دُونَ وَقْفِ الْقَنَادِيلِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَوَقْفُ الْمُحَرَّمِ بَاطِلٌ) أَيْ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ وَاقِفِهِ فَتَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاتُهُ إنْ عَلِمَ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ كَانَ مِنْ الْأَمْوَالِ الضَّائِعَةِ الَّتِي أَمْرُهَا لِبَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ) أَيْ حَيْثُ حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ، وَإِلَّا فَهُوَ كَغَيْرِ الْمُحَلَّى (قَوْلُهُ لَمْ يَنْقَطِعْ الْحَوْلُ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ بَاقِيًا فِي ذِمَّةِ الْغَيْرِ كَأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ مِلْكِهِ. [بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ] (بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ) (قَوْلُهُ: يُقَالُ عَدَنَ بِالْمَكَانِ يَعْدِنُ) بَابُهُ ضَرَبَ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ) أَيْ وَلَوْ صَبِيًّا (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [شَرْطُ زَكَاةِ النَّقْدِ] (بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ) (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَوْجُودُ مِمَّا يَخْلَقُ شَيْئًا فَشَيْئًا) ضَعَّفَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا الْجَوَابَ بِأَنَّهُ قَدْ يَتَحَقَّقُ سَبْقُ

[يشترط لوجوب الزكاة في المعدن]

يَزْدَادُ بِقِلَّةِ الْمُؤْنَةِ وَيَنْقُصُ بِكَثْرَتِهَا كَالْمُعْشَرَاتِ. وَيُرَدُّ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْمَعْدِنِ التَّعَبَ وَالرِّكَازِ عَدَمَهُ فَأَنَطْنَا كُلًّا بِمَظِنَّتِهِ (وَيُشْتَرَطُ) لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ (النِّصَابُ) إذْ مَا دُونَهُ لَا يَحْتَمِلُ الْمُوَاسَاةَ كَمَا فِي سَائِرِ الْأَمْوَالِ الزَّكَوِيَّةِ (بَلْ الْحَوْلُ عَلَى الْمَذْهَبِ فِيهِمَا) إذْ الْحَوْلُ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ تَكَامُلِ النَّمَاءِ، وَالْمُسْتَخْرَجُ مِنْ الْمَعْدِنِ نَمَاءٌ فِي نَفْسِهِ فَأَشْبَهَ الثِّمَارَ وَالزُّرُوعَ، وَقِيلَ فِي اشْتِرَاطِ كُلٍّ مِنْهُمَا قَوْلَانِ، وَطَرِيقُ الْخِلَافِ فِي النِّصَابِ مُفَرَّعٌ عَلَى وُجُوبِ الْخُمُسِ وَفِي الْحَوْلِ مُفَرَّعٌ عَلَى وُجُوبِ رُبْعِ الْعُشْرِ (وَيُضَمُّ بَعْضُهُ) أَيْ الْمُسْتَخْرَجِ (إلَى بَعْضٍ إنْ) اتَّحَدَ مَعْدِنٌ أَيْ الْمُخْرَجِ وَ (تَتَابَعَ الْعَمَلُ) كَمَا يُضَمُّ الْمُتَلَاحِقُ مِنْ الثِّمَارِ وَلَا يُشْتَرَطُ بَقَاءُ الْأَوَّلِ عَلَى مِلْكِهِ، وَيُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الْمَكَانِ الْمُسْتَخْرَجِ مِنْهُ، فَلَوْ تَعَدَّدَ لَمْ يُضَمَّ تَقَارَبَا أَوْ تَبَاعَدَا إذْ الْغَالِبُ فِي اخْتِلَافِ الْمَكَانِ اسْتِئْنَافُ الْعَمَلِ، وَكَذَا فِي الرِّكَازِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ النَّصِّ (وَلَا يُشْتَرَطُ) فِي الضَّمِّ (اتِّصَالُ النَّيْلِ عَلَى الْجَدِيدِ) لِأَنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ حُصُولِهِ مُتَّصِلًا، وَالْقَدِيمُ إنْ طَالَ زَمَنُ الِانْقِطَاعِ لَمْ يُضَمَّ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ قُطِعَ الْعَمَلُ (وَإِذَا قُطِعَ الْعَمَلُ بِعُذْرٍ) كَمَرَضٍ وَسَفَرٍ أَيْ لِغَيْرِ نُزْهَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الِاعْتِكَافِ وَإِصْلَاحِ آلَةٍ وَهَرَبِ أَجِيرٍ، ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ (ضُمَّ) وَإِنْ طَالَ زَمَنُ انْقِطَاعِهِ عُرْفًا لِعَدَمِ إعْرَاضِهِ عَنْ الْعَمَلِ، وَلِكَوْنِهِ عَازِمًا عَلَى الْعَوْدِ لَهُ بَعْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَطَعَهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ (فَلَا يُضَمُّ) وَإِنْ قَصُرَ زَمَنُهُ لِإِعْرَاضِهِ عَنْهُ. نَعَمْ يُتَسَامَحُ بِمَا اُعْتِيدَ لِلِاسْتِرَاحَةِ فِيهِ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ الْعَمَلِ، وَقَدْ يَطُولُ وَقَدْ يَقْصُرُ وَلَا يُتَسَامَحُ بِأَكْثَرَ مِنْهُ كَمَا قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ إنَّهُ الْوَجْهُ وَهُوَ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ، وَمَعْنَى عَدَمِ الضَّمِّ أَنَّهُ لَا يُضَمُّ (الْأَوَّلُ إلَى الثَّانِي) فِي إكْمَالِ النِّصَابِ (وَيُضَمُّ الثَّانِي إلَى الْأَوَّلِ) إنْ كَانَ بَاقِيًا (كَمَا يَضُمُّهُ إلَى مَا مَلَكَهُ بِغَيْرِ الْمَعْدِنِ) كَإِرْثٍ وَهِبَةٍ وَغَيْرِهِمَا (فِي إكْمَالِ النِّصَابِ) فَإِنْ كَمُلَ بِهِ زُكِّيَ الثَّانِي فَلَوْ اسْتَخْرَجَ تِسْعَةَ عَشَرَ مِثْقَالًا بِالْأَوَّلِ وَمِثْقَالًا بِالثَّانِي فَلَا زَكَاةَ فِي التِّسْعَةَ عَشَرَ، وَتَجِبُ فِي الْمِثْقَالِ كَمَا تَجِبُ فِيهِ لَوْ كَانَ مَالِكًا تِسْعَةَ عَشَرَ مِنْ غَيْرِ الْمَعْدِنِ، وَيَنْعَقِدُ الْحَوْلُ عَلَى الْعِشْرِينَ مِنْ وَقْتِ تَمَامِهَا، وَوَقْتُ وُجُوبِ إخْرَاجِ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ عَقِبَ تَخْلِيصِهِ وَتَنْقِيَتِهِ وَمُؤْنَةُ ذَلِكَ عَلَى الْمَالِكِ، وَيُجْبَرُ عَلَى التَّنْقِيَةِ، وَلَا يُجْزِئُ إخْرَاجُ الْوَاجِبِ قَبْلَهَا لِفَسَادِ الْقَبْضِ، فَإِنْ قَبَضَهُ السَّاعِي قَبْلَهَا ضَمِنَ فَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا أَوْ بَدَلِهِ إنْ كَانَ تَالِفًا، وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي قَدْرِهِ إنْ اخْتَلَفَا فِيهِ قَبْلَ التَّلَفِ أَوْ بَعْدَهُ إذْ الْأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ، فَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ قَبْلَ التَّمْيِيزِ لَهُ غُرْمُهُ، فَإِنْ كَانَ تُرَابَ فِضَّةٍ قُوِّمَ بِذَهَبٍ، أَوْ تُرَابَ ذَهَبٍ قُوِّمَ بِفِضَّةٍ، وَالْمُرَادُ بِالتُّرَابِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ تُرَابُ الْمَعْدِنِ الْمُخْرَجِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَتِهِ صُدِّقَ السَّاعِي بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: فَإِنْ مَيَّزَهُ السَّاعِي فَإِنْ كَانَ قَدْرَ الْوَاجِبِ أَجْزَأَهُ، وَإِلَّا رَدَّ التَّفَاوُتَ وَأَخَذَهُ وَلَا شَيْءَ لِلسَّاعِي بِعَمَلِهِ لِتَبَرُّعِهِ، وَلَوْ تَلِفَ بَعْضُهُ قَبْلَ التَّنْقِيَةِ فِي يَدِ الْمَالِكِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْهَا وَالْإِخْرَاجِ سَقَطَتْ زَكَاتُهُ لَا زَكَاةُ الْبَاقِي، وَإِنْ نَقَصَ النِّصَابُ كَتَلَفِ بَعْضِ الْمَالِ وَلَوْ اسْتَخْرَجَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: مُفَرَّعٌ عَلَى وُجُوبِ الْخُمُسِ) أَيْ لِأَنَّهُ عَلَى وُجُوبِ رُبْعِ الْعُشْرِ يُشْتَرَطُ النِّصَابُ قَطْعًا ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ (قَوْلُهُ: عَلَى وُجُوبِ رُبْعِ الْعُشْرِ) أَيْ لِأَنَّهُ عَلَى وُجُوبِ الْخُمُسِ لَا يُشْتَرَطُ الْحَوْلُ قَطْعًا كَالرِّكَازِ اهـ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ (قَوْلُهُ: فَلَوْ تَعَدَّدَ) أَيْ عُرْفًا (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ بَاقِيًا) أَيْ فَإِنْ تَلِفَ قَبْلَ إخْرَاجِ بَاقِي النِّصَابِ فَلَا زَكَاةَ، وَلَا يُشْكَلُ هَذَا بِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَا يُشْتَرَطُ بَقَاءُ الْأَوَّلِ إلَخْ؛ لِأَنَّ مَا مَرَّ حَيْثُ تَتَابُعُ الْعَمَلِ وَمَا هُنَا حَيْثُ قَطَعَهُ بِلَا عُذْرٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَبَضَهُ السَّاعِي قَبْلَهَا ضَمِنَ) أَيْ مِنْ مَالِهِ لِتَقْصِيرِهِ فِي الْجُمْلَةِ بِقَبْضِهِ (قَوْلُهُ وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ) أَيْ السَّاعِي (قَوْلُهُ: وَإِلَّا رَدَّ التَّفَاوُتَ) أَيْ أَوْ أَخَذَ النَّقْصَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمِلْكِ بِأَنْ يَكْشِفَهُ السَّيْلُ أَوْ غَيْرُهُ فَيُعَايَنُ مِنْهُ شَيْءٌ كَثِيرٌ [يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْمَعْدِن] (قَوْلُهُ فَإِنْ مَيَّزَهُ السَّاعِي فَإِنْ كَانَ قَدْرَ الْوَاجِبِ أَجْزَأَهُ) لَعَلَّهُمْ اغْتَفَرُوا ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِرَدِّهِ ثُمَّ أَخْذِهِ وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْقَبْضَ فَاسِدٌ، وَقَيَّدَ الشِّهَابُ حَجّ إجْزَاءَهُ بِمَا لَوْ نَوَى بِهِ

[شرط الركاز]

اثْنَانِ مِنْ مَعْدِنٍ نِصَابًا زَكَّيَاهُ لِلْخُلْطَةِ، هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْوَاجِدُ أَهْلًا لِوُجُوبِهَا كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فَلَا زَكَاةَ فِيمَا وَجَدَهُ الْمُكَاتَبُ مَعَ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ، وَأَمَّا مَا وَجَدَهُ الْعَبْدُ فَلِسَيِّدِهِ فَتَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ وَيُمْنَعُ الذِّمِّيُّ مِنْ أَخْذِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَيَنْقَدِحُ جَوَازُ مَنْعِهِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ؛ لِأَنَّهُ صَاحِبُ حَقٍّ فِيهِ اهـ. وَبِهِ صَرَّحَ الْغَزَالِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ثُمَّ شَرَعَ فِي الرِّكَازِ فَقَالَ (وَفِي الرِّكَازِ) أَيْ الْمَرْكُوزِ (الْخُمُسُ) رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَفَارَقَ وُجُوبَ رُبْعِ الْعُشْرِ فِي الْمَعْدِنِ بِعَدَمِ الْمُؤْنَةِ أَوْ خِفَّتِهَا (يُصْرَفُ) الْخُمُسُ وَكَذَا الْمَعْدِنُ (مَصْرِفَ الزَّكَاةِ عَلَى الْمَشْهُورِ) لِأَنَّهُ حَقٌّ وَاجِبٌ فِي الْمُسْتَفَادِ مِنْ الْأَرْضِ، فَأَشْبَهَ الْوَاجِبَ فِي الزَّرْعِ وَالثِّمَارِ، وَبِهِ انْدَفَعَ قِيَاسُهُ بِالْفَيْءِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْوَاجِدُ أَهْلًا لِلزَّكَاةِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ، وَالثَّانِي أَنَّهُ يُصْرَفُ لِأَهْلِ الْخُمُسِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ جَاهِلِيٌّ حَصَلَ الظَّفَرُ بِهِ مِنْ غَيْرِ إيجَافِ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ فَكَانَ كَالْفَيْءِ، وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ عَلَى الْمُكَاتَبِ وَالْكَافِرِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِنِيَّةٍ [شَرْطُ الرِّكَاز] (وَشَرْطُهُ النِّصَابُ) وَلَوْ بِالضَّمِّ كَمَا مَرَّ (وَالنَّقْدُ) أَيْ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَضْرُوبًا (عَلَى الذَّهَبِ) لِأَنَّهُ مَالٌ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْأَرْضِ فَاخْتَصَّ بِمَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ قَدْرًا وَنَوْعًا كَالْمَعْدِنِ، وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطَانِ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْأَوَّلِ (لَا الْحَوْلِ) فَلَا يُشْتَرَطُ بِلَا خِلَافٍ (وَهُوَ) أَيْ الرِّكَازُ بِمَعْنَى الْمَرْكُوزِ (الْمَوْجُودِ الْجَاهِلِيِّ) فِي مَوَاتٍ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَكَانَ بِدَارِ الْإِسْلَامِ أَمْ بِدَارِ الْحَرْبِ إنْ كَانُوا يَذُبُّونَ عَنْهُ، وَسَوَاءٌ أَحْيَاهُ الْوَاجِدُ أَمْ أَقْطَعَهُ أَمْ لَا، وَالْمُرَادُ بِجَاهِلِيِّ الدِّفْنِ مَا قَبْلَ مَبْعَثِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيُعْتَبَرُ فِي كَوْنِهِ رِكَازًا أَنْ لَا يُعْلَمَ مَالِكُهُ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ وَعَانَدَ، وَإِلَّا فَهُوَ فَيْءٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَمْعٍ وَأَقَرَّهُ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ دَفِينَ مَنْ أَدْرَكَ الْإِسْلَامَ، وَلَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ رِكَازٌ، وَخَرَجَ مَا دُونَ النِّصَابِ مِنْ النَّقْدَيْنِ وَمَا يُوجَدُ مِنْ غَيْرِهِمَا فَلَا شَيْءَ فِيهِ لِمَا مَرَّ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الدِّفْنِ وَالضَّرْبُ دَلِيلُهُ، وَلَا نَظَرَ إلَى احْتِمَالِ أَخْذِ مُسْلِمٍ لَهُ وَدَفْنِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ وَالظَّاهِرَ عَدَمُ الْأَخْذِ ثُمَّ الدَّفْنُ، وَإِلَّا فَلَوْ نَظَرْنَا لِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَنَا رِكَازٌ بِالْكُلِّيَّةِ، فَقَدْ قَالَ السُّبْكِيُّ: الْحَقُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِكَوْنِهِ مِنْ دِفْنِهِمْ بَلْ يُكْتَفَى بِعَلَامَةٍ مِنْ ضَرْبٍ أَوْ غَيْرِهِ وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَوْجُودُ مَدْفُونًا، فَلَوْ وَجَدَهُ ظَاهِرًا. وَعُلِمَ أَنَّ السَّيْلَ وَالسَّبُعَ وَنَحْوَ ذَلِكَ أَظْهَرَهُ فَرِكَازٌ، أَوْ أَنَّهُ كَانَ ظَاهِرًا فَلُقَطَةٌ، فَإِنْ شَكَّ كَانَ كَمَا لَوْ تَرَدَّدَ فِي كَوْنِهِ ضَرْبَ الْجَاهِلِيَّةِ أَوْ الْإِسْلَامِ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (فَإِنْ) (وُجِدَ) دَفِينٌ (إسْلَامِيٌّ) بِأَنْ كَانَ عَلَيْهِ اسْمُ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الْإِسْلَامِ أَوْ قُرْآنٌ (عُلِمَ مَالِكُهُ) بِعَيْنِهِ (فَلَهُ) لَا لِوَاجِدِهِ فَيَجِبُ رَدُّهُ عَلَى مَالِكِهِ إذْ مَالُ الْمُسْلِمِ لَا يُمْلَكُ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ مَالِكُهُ (فَلُقَطَةٌ) يَعْرِفُهُ وَاجِدُهُ كَمَا يَعْرِفُ اللُّقَطَةَ الْمَوْجُودَةَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ (وَكَذَا إنْ) (لَمْ يُعْلَمْ مِنْ أَيِّ الضَّرْبَيْنِ) الْجَاهِلِيِّ وَالْإِسْلَامِيِّ (هُوَ) وَلَمْ يُوجَدْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ وَيُمْنَعُ الذِّمِّيُّ) نَدْبًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِ حَجّ: إنَّ مَا أَخَذَهُ قَبْلَ الْإِزْعَاجِ يَمْلِكُهُ، وَمِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ، وَيَنْقَدِحُ جَوَازُ إلَخْ، وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ عَلَى الْإِمَامِ لَمْ يَبْعُدْ لِأَنَّ الْإِمَامَ يَجِبُ عَلَيْهِ رِعَايَةُ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ لِلْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: مِنْ أَخْذِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ) أَيْ وَمَا أَخَذَهُ قَبْلَ الْإِزْعَاجِ يَمْلِكُهُ كَحَطَبِهَا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ وَيَنْقَدِحُ جَوَازُ مَنْعِهِ) أَيْ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ لَا الْإِبَاحَةِ (قَوْلُهُ: وَشَرْطُهُ) أَيْ وَاتِّحَادُ الْمَكَانِ الْمُسْتَخْرَجِ مِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: إنْ كَانُوا يَذُبُّونَ عَنْهُ) الْأَوْلَى وَإِنْ كَانُوا إلَخْ لِأَنَّ مَا لَا يَذُبُّونَ عَنْهُ أَوْلَى بِكَوْنِهِ رِكَازًا مِمَّا يَذُبُّونَ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ) أَيْ أَوْ بَلَغَتْهُ وَلَمْ يُعَانِدْ (قَوْلُهُ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَالْمُرَادُ بِجَاهِلِيِّ الدَّفْنِ مَا قَبْلَ مَبْعَثِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَلْ يُكْتَفَى بِعَلَامَةٍ مِنْ ضَرْبٍ إلَخْ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالزَّكَاةُ [الرِّكَازِ] (قَوْلُهُ: مَا قَبْلَ مَبْعَثِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) شَمِلَ مَا إذَا دَفَنَهُ أَحَدٌ مِنْ قَوْمِ مُوسَى أَوْ عِيسَى مَثَلًا قَبْلَ نَسْخِ دِينِهِمْ وَفِي كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ بِرِكَازٍ وَأَنَّهُ لِوَرَثَتِهِمْ: أَيْ إنْ عَلِمُوا وَإِلَّا فَهُوَ مَالٌ ضَائِعٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُرَاجَعْ

عَلَيْهِ أَثَرٌ كَتِبْرٍ وَحُلِيٍّ وَإِنَاءٍ، أَوْ كَانَ يُضْرَبُ مِثْلُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ فَيَكُونُ لُقَطَةً يُفْعَلُ بِهِ مَا مَرَّ (وَإِنَّمَا) (يَمْلِكُهُ) أَيْ الرِّكَازَ (الْوَاجِدُ وَتَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ) فِيهِ (إذَا وَجَدَهُ فِي مَوَاتٍ) أَوْ فِي خَرَائِبِهِمْ أَوْ قِلَاعِهِمْ أَوْ قُبُورِهِمْ (أَوْ) وَجَدَهُ فِي (مِلْكٍ أَحْيَاهُ) ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ الرِّكَازَ بِإِحْيَائِهِ الْأَرْضَ، وَلَوْ وَجَدَهُ فِي أَرْضِ الْغَانِمِينَ كَانَ لَهُمْ، أَوْ فِي أَرْضِ الْفَيْءِ فَلِأَهْلِهِ، أَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ فِي مِلْكٍ حَرْبِيٍّ فَهُوَ لَهُ، أَوْ فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَيْهِ فَالْيَدُ لَهُ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّهُ. (فَإِنْ) (وُجِدَ) أَيْ الرِّكَازُ (فِي مَسْجِدٍ أَوْ شَارِعٍ) أَوْ طَرِيقٍ نَافِذٍ (فَلُقَطَةٌ) ؛ لِأَنَّ الْيَدَ لِلْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ، وَقَدْ جُهِلَ مَالِكُهُ، وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ وَلَا يَحِلُّ تَمَلُّكُ مَالِهِمَا بِغَيْرِ بَدَلٍ قَهْرًا (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقِيلَ الْمَوْجُودُ فِي الشَّارِعِ رِكَازٌ فَلَوْ سَبَّلَ مَالِكُهُ طَرِيقًا أَوْ مَسْجِدًا، أَوْ سَبَّلَ الْإِمَامُ أَرْضًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَذَلِكَ كَانَ لُقَطَةً أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْيَدَ لِلْمُسْلِمِينَ وَزَالَتْ يَدُ الْمَالِكِ كَمَا قَالَهُ الْغَزِّيِّ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ لِأَنَّهُ جَاهِلِيٌّ فِي مَكَان غَيْرِ مَمْلُوكٍ فَأَشْبَهَ الْمَوَاتَ (أَوْ فِي مِلْكِ شَخْصٍ فَلِلشَّخْصِ إنْ ادَّعَاهُ) بِلَا يَمِينٍ كَأَمْتِعَةِ الدَّارِ إنْ لَمْ يَدَّعِهِ وَاجِدُهُ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ وَالتَّقْيِيدِ بِدَعْوَى الْمَالِكِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا ذَكَرَاهُ وَإِنْ شَرَطَ السُّبْكِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ أَنْ لَا يَنْفِيَهُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ كَسَائِرِ مَا بِيَدِهِ فَقَدْ رُدَّ بِالْفَرْقِ بَيْنَهُمَا إذْ يَدُهُ ثَمَّ ظَاهِرٌ مَعْلُومَةٌ لَهُ غَالِبًا بِخِلَافِهِ فَاعْتُبِرَ دَعْوَاهُ لَهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ غَيْرَهُ دَفَنَهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ بِأَنْ سَكَتَ عَنْهُ أَوْ نَفَاهُ (فَلِمَنْ مَلَكَ مِنْهُ) أَوْ وَرَثَتِهِ فَإِنْ نَفَاهُ بَعْضُهُمْ سَقَطَ حَقُّهُ وَسُلِكَ بِالْبَاقِي مَا مَرَّ (وَهَكَذَا حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى الْمُحْيِي) لِلْأَرْضِ فَيَكُونُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ؛ لِأَنَّهُ بِإِحْيَائِهَا مَلَكَ مَا فِيهَا وَلَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ مَنْقُولٌ فَيُسَلَّمُ إلَيْهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ خُمُسُهُ يَوْمَ مِلْكِهِ وَيَلْزَمُ زَكَاةُ الْبَاقِي فِي السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ. وَلَوْ أَيِسَ مِنْ مَالِكِهِ فَقِيلَ يَتَصَدَّقُ الْإِمَامُ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَأَنْ يُوجَدَ عَلَيْهِ اسْمُ مَلِكٍ قَبْلَ مَبْعَثِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بِخِلَافِ مَا وُجِدَ عَلَيْهِ اسْمُ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِهِمْ عُلِمَ وُجُودُهُ بَعْدَ مَبْعَثِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يَكُونُ رِكَازًا بَلْ فَيْئًا (قَوْلُهُ أَوْ فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ إلَخْ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ إنْ وَجَدَهُ بِمَوْقُوفٍ بِيَدِهِ فَهُوَ رِكَازٌ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ اهـ: أَيْ فَهُوَ لَهُ كَمَا اعْتَمَدَهُ مَرَّ، فَلَوْ نَفَاهُ مَنْ بِيَدِهِ الْوَقْفُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْرَضَ عَلَى الْوَاقِفِ، فَإِنْ ادَّعَاهُ فَهُوَ لَهُ، وَإِلَّا فَلِمَنْ مَلَكَ مِنْهُ إنْ ادَّعَاهُ وَهَكَذَا إلَى الْمُحْيِي فَلْيُحَرَّرْ، وَانْظُرْ لَوْ كَانَ الْوَقْفُ بِيَدِ نَاظِرٍ غَيْرَ الْمُسْتَحِقِّ هَلْ يَكُونُ الْمَوْجُودُ فِيهِ لِلنَّاظِرِ أَوْ لِلْمُسْتَحِقِّ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ وَالنَّاظِرُ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ لَهُ، الْأَقْرَبُ الثَّانِي وَانْظُرْ لَوْ كَانَ الْوَقْفُ لِلْمَسْجِدِ، هَلْ مَا يُوجَدُ فِيهِ لِلْمَسْجِدِ لَا يَبْعُدُ. نَعَمْ وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي لَوْ نَفَاهُ نَاظِرُهُ لَا يَصِحُّ نَفْيُهُ فَلْيُحَرَّرْ. كُلُّ ذَلِكَ قَوْلُهُ فَلَوْ نَفَاهُ مَنْ بِيَدِهِ إلَخْ قِيَاسُ مَا اعْتَمَدَهُ مَرَّ فِي شَرْحِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِيمَا وَجَدَهُ يَمْلِكُهُ عَدَمُ النَّفْيِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَدَّعِيَهُ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّاهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ الْيَدُ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ قَبْلَ وَقْفِهِ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ سم (قَوْلُهُ: فَلِمَنْ مَلَكَ مِنْهُ) قِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ فِيمَنْ وَجَدَهُ فِي مِلْكِهِ أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي هُنَا مُجَرَّدُ عَدَمِ النَّفْيِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ دَعْوَاهُ، ثُمَّ مَا تُقْرَنُ مِنْ أَنَّهُ لِمَنْ مَلَكَ مِنْهُ أَوْ وَرَثَتِهِ ظَاهِرٌ إنْ عَلِمُوا بِهِ وَادَّعَوْهُ، أَوْ لَمْ يَعْلَمُوا وَأَعْلَمَهُمْ بِذَلِكَ وَإِعْلَامُهُ إيَّاهُمْ وَاجِبٌ لَكِنْ اطَّرَدَتْ الْعَادَةُ فِي زَمَانِنَا بِأَنَّ مَنْ نُسِبَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ تَسَلَّطَتْ عَلَيْهِ الظَّلَمَةُ بِالْأَذَى وَاتِّهَامِهِ بِأَنَّ هَذَا بَعْضُ مَا وَجَدَهُ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا فِي عَدَمِ الْإِعْلَامِ، وَيَكُونُ فِي يَدِهِ كَالْوَدِيعَةِ فَيَجِبُ حِفْظُهُ وَمُرَاعَاتُهُ أَبَدًا أَوْ يَجُوزُ لَهُ صَرْفُهُ مَصْرِفَ بَيْتِ الْمَالِ كَمَنْ وَجَدَ مَالًا أَيِسَ مِنْ مَالِكِهِ وَخَافَ مِنْ دَفْعِهِ لِأَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ أَنَّ أَمِينَ بَيْتِ الْمَالِ لَا يَصْرِفُهُ مَصْرِفَهُ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الثَّانِي لِلْعُذْرِ الْمَذْكُورِ وَيَنْبَغِي لَهُ إنْ أَمْكَنَ دَفْعُهُ لِمَنْ مَلَكَ مِنْهُ تَقْدِيمُهُ عَلَى غَيْرِهِ إنْ كَانَ مُسْتَحَقًّا بِبَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ) قَالَ سم ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ أَوْ فِي خَرَائِبِهِمْ) أَيْ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ الْمَفْهُومِينَ مِنْ لَفْظِ الْجَاهِلِيِّ الْمُتَقَدِّمِ (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ زَكَاةُ الْبَاقِي فِي السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ)

أَوْ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ لَكِنْ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ لَوْ وَجَدَ رِكَازًا بِدَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ الْعَهْدِ وَعُرِفَ مَالِكُ أَرْضِهِ لَمْ يَمْلِكْهُ وَاجِدُهُ بَلْ يَجِبُ حِفْظُهُ، فَإِنْ أَيِسَ مِنْ مَالِكِهِ كَانَ لِبَيْتِ الْمَالِ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ الضَّائِعَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ لُقَطَةً كَمَا لَوْ وَجَدَهُ بِنَحْوِ طَرِيقٍ؛ لِأَنَّهُ وَجَدَهُ فِي مِلْكٍ فَكَانَ لِمَالِكِهِ بِخِلَافِهِ، ثُمَّ وَفَارَقَ هَذَا مَا قَبْلَهُ بِمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ، وَقِيلَ إنَّ هَذَا فِيمَا إذَا عُرِفَ مَالِكُهُ ثُمَّ أَيِسَ مِنْ وُجُودِهِ، وَذَاكَ فِيمَا إذَا جُهِلَتْ عَيْنُ مَالِكِهِ ثُمَّ أَيِسَ مِنْ ذَلِكَ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْوُجُودَ بَعْدَ الْيَأْسِ مِنْ الْوُجُودِ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ أَقْرَبُ مِنْهُ بَعْدَ الْيَأْسِ مِنْ الْوُجُودِ بَعْدَ الْجَهْلِ بِالْعَيْنِ فَلِذَلِكَ رَاعَيْنَا تِلْكَ الْأَقْرَبِيَّةَ وَجَعَلْنَاهُ مِلْكَ بَيْتِ الْمَالِ حَتَّى يَسْهُلَ غُرْمُهُ لِوَاجِدِهِ إذَا جَاءَ بِخِلَافِهِ فِي الْحَالَةِ الْأُخْرَى لِبُعْدِ وُجُودِهِ فَمَكَّنَّا وَاجِدَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ بِمَا مَرَّ، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ قَوْلَهُمْ لَوْ أَلْقَى هَارِبٌ أَوْ رِيحٌ ثَوْبًا بِحِجْرِهِ مَثَلًا أَوْ خَلَفَ مُورِثُهُ وَدِيعَةً وَجُهِلَ مَالِكُ ذَلِكَ لَمْ يَتَمَلَّكْهُ بَلْ يَحْفَظْهُ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ ضَائِعٌ لِحَمْلِهِ عَلَى مَا قَبْلَ الْيَأْسِ وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ فِي وُجُوبِ حِفْظِهِ بَيْنَ مَعْرِفَةِ مَالِكِهِ ثُمَّ الْجَهْلِ بِهِ وَالْجَهْلِ بِهِ مِنْ أَصْلِهِ وَلَا يُعَكِّرُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ الْآتِي فِي اللُّقَطَةِ: وَمَا وُجِدَ بِأَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ فَلِذِي الْيَدِ فِيهَا، فَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ فَلِمَنْ قَبْلَهُ وَهَكَذَا إلَى الْمُحْيِي، فَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ فَلُقَطَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ لَمْ يَدَّعِهِ هُنَا أَنَّهُ نَفَى مَالِكَهُ عَنْهُ، وَحِينَئِذٍ فَيَسْتَنِدُ إلَى وُجُودِهِ فِي الْأَرْضِ قَبْلَ الْإِحْيَاءِ (وَلَوْ) (تَنَازَعَهُ) أَيْ الرِّكَازَ الْمَوْجُودَ بِمِلْكٍ (بَائِعٍ وَمُشْتَرٍ أَوْ مُكْرٍ وَمُكْتَرٍ وَمُعِيرٍ وَمُسْتَعِيرٌ) بِأَنْ قَالَ الْمُشْتَرِي وَالْمُكْتَرِي وَالْمُسْتَعِيرُ هُوَ لِي وَأَنَا دَفَنْته، وَقَالَ الْآخَرُ مِثْلُ ذَلِكَ أَوْ قَالَ الْبَائِعُ مَلَكْته بِالْإِحْيَاءِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: أَوْ فَالْوَاوُ بِمَعْنَاهَا فَكَانَ سَبَبُ إيثَارِهَا الْإِشَارَةَ إلَى مُغَايَرَةِ يَدِ الْمُسْتَعِيرِ لِيَدِ الْمُسْتَأْجِرِ (صُدِّقَ ذُو الْيَدِ بِيَمِينِهِ) إنْ أَمْكَنَ دَفْنُ مِثْلِهِ فِي زَمَنِ يَدِهِ، وَلَوْ عَلَى نُدُورٍ وَإِلَّا لَمْ يُصَدَّقْ، وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَدْفِنْهُ صَاحِبُ الْيَدِ فَهُوَ لِلْمَالِكِ اتِّفَاقًا، وَلَوْ تَنَازَعَا فِيهِ بَعْدَ رُجُوعِ الدَّارِ لِيَدِ الْمَالِكِ فَادَّعَى دَفْنَهُ بَعْدَ الرُّجُوعِ صُدِّقَ إنْ أَمْكَنَ أَوْ قَبْلَ نَحْوِ الْعَارِيَّةِ صُدِّقَ الْمُسْتَعِيرُ وَمَنْ مَرَّ مَعَهُ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ سَلَّمَ لَهُ حُصُولَ الرِّكَازِ فِي يَدِهِ فَيَدُهُ تَنْسَخُ الْيَدَ السَّابِقَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ أَيْ مَا لَمْ يَنْفِهِ فَالشَّرْطُ فِيمَنْ قَبْلَ الْمُحْيِي أَنْ يَدَّعِيَهُ. وَفِي الْمُحْيِي أَنْ لَا يَنْفِيَهُ مَرَّ اهـ لَكِنْ فِي الزِّيَادِيِّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ فَيَكُونُ لَهُ، أَيْ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ وَإِنْ نَفَاهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ اهـ وَالْأَقْرَبُ مَا فِي الزِّيَادِيِّ (قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَذَاكَ فِيمَا إذَا جُهِلَتْ) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ الْعُهَدِ وَعَرَفَ مَالِكٌ أَرْضَهُ (قَوْلُهُ: وَوَجْهُ ذَلِكَ) أَيْ وَجْهُ قَوْلِهِ وَقِيلَ إنَّ هَذَا إلَخْ. (قَوْلُهُ وَمُعِيرٍ) هِيَ بِمَعْنَى أَوْ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَوْ فَالْوَاوُ إلَخْ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَمُعِيرٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ بِرُبُعِ الْعُشْرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْوُجُودَ) أَيْ لِلْمَالِكِ، وَقَوْلُهُ مِنْ الْوُجُودِ أَيْ لَهُ مُتَعَلَّقٌ بِالْيَأْسِ وَكَأَنَّ الْمَقَامَ لِلْإِضْمَارِ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ مُتَعَلِّقٌ بِالْوُجُودِ الْأَوَّلِ وَبِهَذَا يَظْهَرُ تَقْرِيرُ مَا بَعْدَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وُجُودُ الْمَالِكِ بَعْدَ الْيَأْسِ مِنْ وُجُودِهِ عِنْدَ تَقَدُّمِ مَعْرِفَتِهِ أَقْرَبُ مِنْ وُجُودِهِ بَعْدَ الْيَأْسِ مِنْهُ حَيْثُ لَمْ تَتَقَدَّمْ مَعْرِفَتُهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا إلَى آخِرِ السِّوَادَةِ قَرَّرَهُ الشِّهَابُ حَجّ فِي إمْدَادِهِ لِاسْتِشْكَالِ الشِّهَابِ سم عَلَيْهِ مَا مَرَّ عَنْ الْمَجْمُوعِ وَمَا قَبْلَهُ مِنْ وُجُوهٍ كَمَا ذَكَرَهُ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَسْهُلَ غُرْمُهُ لِوَاجِدِهِ) لَعَلَّهُ لِمَالِكِهِ بَدَلَ لِوَاجِدِهِ، أَوْ الْمُرَادُ وَاجِدُهُ بِالْقُوَّةِ وَهُوَ الْمُحْيِي الْمَذْكُورُ

[فصل في أحكام زكاة التجارة]

فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ الْأَصْلُ فِيهَا قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [البقرة: 267] قَالَ مُجَاهِدٌ نَزَلَتْ فِي التِّجَارَةِ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فِي الْإِبِلِ صَدَقَتُهَا وَفِي الْبَقَرِ صَدَقَتُهَا وَفِي الْغَنَمِ صَدَقَتُهَا وَفِي الْبَزِّ صَدَقَتُهُ» وَالْبَزُّ بِيَاءٍ مُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَزَايٍ مُعْجَمَةٍ مُشَدَّدَةٍ يُطْلَقُ عَلَى الثِّيَابِ الْمُعَدَّةِ لِلْبَيْعِ عِنْدَ الْبَزَّازِينَ وَعَلَى السِّلَاحِ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَزَكَاةُ الْعَيْنِ غَيْرُ وَاجِبَةٍ فِي الثِّيَابِ وَالسِّلَاحِ فَتَعَيَّنَ الْحَمْلُ عَلَى التِّجَارَةِ وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد مَرْفُوعًا الْأَمْرُ بِإِخْرَاجِ الصَّدَقَةِ مِمَّا يُعَدُّ لِلْبَيْعِ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَأَجْمَع عَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَيْ أَكْثَرُهُمْ عَلَى وُجُوبِهَا (شَرْطُ وُجُوبِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ الْحَوْلُ وَالنِّصَابُ) كَغَيْرِهَا مِنْ الْمَوَاشِي وَالنَّاضِّ (مُعْتَبَرًا بِآخِرِ الْحَوْلِ) أَيْ فِي آخِرِهِ فَقَطْ إذْ هُوَ حَالُ الْوُجُوبِ وَلَا يُعْتَبَرُ غَيْرُهُ لِكَثْرَةِ اضْطِرَابِ الْقِيَمِ (وَفِي قَوْلٍ بِطَرَفَيْهِ) أَيْ فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ وَآخِرِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ مَا بَيْنَهُمَا إذْ تَقْوِيمُ الْعُرُوضِ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ يَشُقُّ وَيَحُوجُ إلَى مُلَازَمَةِ السُّوقِ وَمُرَاقَبَةٍ دَائِمَةٍ (وَفِي قَوْلٍ بِجَمِيعِهِ) كَالْمَوَاشِي وَعَلَيْهِ لَوْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ عَنْ النِّصَابِ فِي لَحْظَةٍ انْقَطَعَ الْحَوْلُ فَإِنْ كَمُلَ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتَأْنَفَ الْحَوْلَ مِنْ يَوْمِئِذٍ وَهَذَانِ مَخْرَجَانِ وَالْمَنْصُوصُ الْأَوَّلُ (فَعَلَى الْأَظْهَرِ) وَهُوَ اعْتِبَارُ آخِرِ الْحَوْلِ (لَوْ رُدَّ) مَالُهَا (إلَى النَّقْدِ) كَأَنْ بِيعَ بِهِ، وَكَانَ مِمَّا يُقَوَّمُ بِهِ آخِرَ الْحَوْلِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ فِي النَّقْدِ لِإِرَادَتِهِ الْمَعْهُودَ (فِي خِلَالِ الْحَوْلِ) أَيْ أَثْنَائِهِ (وَهُوَ دُونَ النِّصَابِ وَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً) (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ وَيَبْتَدِئُ حَوْلُهَا مِنْ) وَقْتِ (شِرَائِهَا) لِتَحَقُّقِ نَقْصِ النِّصَابِ بِالتَّنْضِيضِ بِخِلَافِهِ قَبْلَهُ فَإِنَّهُ مَظْنُونٌ، أَمَّا لَوْ بَاعَهُ بِعَرَضٍ أَوْ بِنَقْدٍ لَا يُقَوَّمُ بِهِ آخِرَ الْحَوْلِ كَأَنْ بَاعَهُ بِدَرَاهِمَ، وَالْحَالُ يَقْتَضِي التَّقْوِيمَ بِدَنَانِيرَ أَوْ بِنَقْدٍ يُقَوَّمُ بِهِ وَهُوَ نِصَابٌ فَحَوْلُهُ بَاقٍ. وَالثَّانِي لَا يَنْقَطِعُ كَمَا لَوْ بَادَلَ بِهَا سِلْعَةً نَاقِصَةً عَنْ النِّصَابِ فَإِنَّ الْحَوْلَ لَا يَنْقَطِعُ؛ لِأَنَّ الْمُبَادَلَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــS [فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ] (فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَوُجُوبِ فِطْرَةِ عَبِيدِ التِّجَارَةِ (قَوْلُهُ: نَزَلَتْ فِي التِّجَارَةِ) أَيْ فِي زَكَاتِهَا (قَوْلُهُ الْمُعَدَّةِ لِلْبَيْعِ عِنْدَ الْبَزَّازِينَ) ظَاهِرَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَدًّا لِلْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَزَكَاةُ الْعَيْنِ غَيْرُ وَاجِبَةٍ) أَيْ بِالْإِجْمَاعِ (قَوْلُهُ وَأَجْمَعَ عَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَرِدُ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَا يَقُولُ بِوُجُوبِهَا [شَرْطُ وُجُوبِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ] (قَوْلُهُ: وَهَذَانِ مَخْرَجَانِ) قَالَ الْمَحَلِّيُّ: وَالْمَخْرَجُ يُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْوَجْهِ تَارَةً وَبِالْقَوْلِ أُخْرَى، وَكَتَبَ عَلَيْهِ عَمِيرَةُ: أَيْ فَيَكُونُ التَّعْبِيرُ بِالْوَجْهِ مِنْ بَابِ التَّغْلِيبِ اهـ ثُمَّ قَوْلُهُ بِالْوَجْهِ تَارَةً إلَخْ هَلْ التَّعْبِيرُ بِالْأُولَى أَوْلَى أَوْ بِالثَّانِي فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ لِلْأَصْحَابِ دُونَ الثَّانِي؛ لِأَنَّ فِيهِ النِّسْبَةَ لِلْإِمَامِ بِأَنَّهُ قَالَهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا يُخْرِجُهُ الْأَصْحَابُ مِنْ قَوْلِهِ غَيْرُهُ أَوْ نُصُوصٍ أُخْرَى لَهُ (قَوْلُهُ وَبِخِلَافِهِ قَبْلَهُ) أَيْ التَّنْضِيضِ (قَوْلُهُ: وَالْحَالُّ يَقْتَضِي التَّقْوِيمَ بِدَنَانِيرَ) أَيْ إمَّا لِكَوْنِهِ اشْتَرَاهُ بِهَا، أَوْ كَوْنِهَا غَالِبَ نَقْدِ الْبَلَدِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِنَقْدٍ يُقَوَّمُ بِهِ) وَهُوَ دُونَ نِصَابٍ وَلَمْ يَشْتَرِ بِهِ شَيْئًا أَوْ هُوَ إلَخْ حَجّ. ثُمَّ قَالَ: وَفَائِدَةُ عَدَمِ انْقِطَاعِهِ فِي الثَّالِثَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا شَارِحٌ وَفِيهَا مَا فِيهَا مِنْ تَأَمُّلِ كَلَامِهِ الصَّرِيحِ فِي أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ وَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً تَمْثِيلٌ لَا تَقْيِيدٌ أَنَّهُ لَوْ مَلَكَ قُبَيْلَ آخِرِ الْحَوْلِ نَقْدًا آخَرَ يُكْمِلُهُ زَكَّاهُ، ثُمَّ رَأَيْت أَنَّ الْمَنْقُولَ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ، وَهُوَ أَنَّهُ يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ إذَا لَمْ يَمْلِكْ تَمَامَهُ لِتَحَقُّقِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ (قَوْلُهُ: لِتَحَقُّقِ نَقْصِ النِّصَابِ بِالتَّنْضِيضِ) يَرِدَ عَلَيْهِ مَا لَوْ نَضَّ بِنَقْدٍ غَيْرِ مَا اشْتَرَاهُ بِهِ وَهُوَ أَنْقَصُ مِنْ ذَلِكَ

مَعْدُودَةٌ مِنْ التِّجَارَةِ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْرِيعِ يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ أَيْضًا مِنْ بَابِ أَوْلَى فَحَذَفَهُ لِذَلِكَ أَوْ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ غَرَضِهِ (وَلَوْ) (تَمَّ الْحَوْلُ) أَيْ حَوْلُ مَالِ التِّجَارَةِ (وَقِيمَةُ الْعَرْضِ) بِسُكُونِ الرَّاءِ (دُونَ النِّصَابِ) وَلَيْسَ مَعَهُ مَا يُكْمِلُهُ بِهِ مِنْ جِنْسِ مَا يُقَوَّمُ بِهِ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُبْتَدَأُ حَوْلٌ وَيَبْطُلُ) الْحَوْلُ (الْأَوَّلُ) فَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ حَتَّى يَتِمَّ حَوْلٌ ثَانٍ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مَضَى وَلَا زَكَاةَ فِيهِ. وَالثَّانِي لَا يَنْقَطِعُ بَلْ مَتَى بَلَغَتْ قِيمَةُ الْعَرْضِ نِصَابًا وَجَبَتْ الزَّكَاةُ، وَيُبْتَدَأُ الْحَوْلُ مِنْ وَقْتِهِ إذْ يُصَدَّقُ عَلَيْهِ أَنَّ مَالَ التِّجَارَةِ أَقَامَ عِنْدَهُ حَوْلًا بَلْ وَزِيَادَةً، وَتَمَّ نِصَابًا فَيَقُولُ الْعَامِلُ هُنَا كَمَا قَالَ الْأَخُ الشَّقِيقُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْحِمَارِيَّةِ: هَبْ أَنَّ أَبَانَا كَانَ حِمَارًا أَوْ حَجَرًا مُلْقًى فِي الْيَمِّ أَلَسْنَا مِنْ أُمٍّ وَاحِدَةٍ؟ أَمَّا إذَا كَانَ مَعَهُ مِنْ أَوَّلِ الْحَوْلِ مَا يَكْمُلُ بِهِ النِّصَابُ كَمَا لَوْ كَانَ مَعَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَابْتَاعَ بِخَمْسِينَ مِنْهَا عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ فَبَلَغَتْ قِيمَتُهُ فِي آخِرِ الْحَوْلِ مِائَةً وَخَمْسِينَ فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ زَكَاةُ الْجَمِيعِ آخِرَ الْحَوْلِ، وَإِنْ مَلَكَهُ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ كَمَا لَوْ ابْتَاعَ بِالْمِائَةِ، ثُمَّ مَلَكَ خَمْسِينَ زَكَّى الْجَمِيعَ إذَا تَمَّ حَوْلُ الْخَمْسِينَ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُضَمُّ فِي النِّصَابِ دُونَ الْحَوْلِ (وَيَصِيرُ عَرْضُ التِّجَارَةِ لِلْقِنْيَةِ بِنِيَّتِهَا) أَيْ الْقِنْيَةِ فَمَتَى نَوَاهَا بِهِ انْقَطَعَ الْحَوْلُ فَيَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ قَصْدٍ مُقَارِنٍ لِلتَّصَرُّفِ، بِخِلَافِ عَرْضِ الْقِنْيَةِ لَا يَصِيرُ لِلتِّجَارَةِ بِمُجَرَّدِ نِيَّتِهَا كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّ الْقِنْيَةَ هِيَ الْحَبْسُ لِلِانْتِفَاعِ، وَقَدْ وُجِدَتْ بِالنِّيَّةِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ الْإِمْسَاكِ فَرَتَّبْنَا عَلَيْهَا أَثَرَهَا، وَالتِّجَارَةُ هِيَ التَّقْلِيبُ فِي السِّلَعِ بِقَصْدِ الِاسْتِرْبَاحِ، وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ، وَلِأَنَّ الِاقْتِنَاءَ هُوَ الْأَصْلُ فَاكْتَفَيْنَا فِيهِ بِالنِّيَّةِ بِخِلَافِ التِّجَارَةِ، وَلِأَنَّ مَا لَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الْحَوْلِ بِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ لَا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ كَمَا لَوْ نَوَى بِالْمَعْلُوفَةِ السَّوْمَ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ انْقِطَاعُ الْحَوْلِ بِذَلِكَ سَوَاءٌ أَنَوَى بِهِ اسْتِعْمَالًا جَائِزًا أَمْ مُحَرَّمًا كَلُبْسِهِ الدِّيبَاجَ وَقَطْعِهِ الطَّرِيقَ بِالسَّيْفِ. وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ فِي التَّتِمَّةِ، وَلَوْ نَوَى الْقِنْيَةَ بِبَعْضِ عَرْضِ التِّجَارَةِ، وَلَمْ يُعَيِّنْهُ فَفِي تَأْثِيرِهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ أَقَرَّ بِهِمَا كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - التَّأْثِيرُ وَيُرْجَعُ فِي ذَلِكَ الْبَعْضِ إلَيْهِ وَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSالنَّقْصِ عَنْ النِّصَابِ بِالتَّنْضِيضِ (قَوْلُهُ: وَمَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْرِيعِ) هُوَ قَوْلُهُ فَعَلَى الْأَظْهَرِ لَوْ رُدَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ بَابِ أَوْلَى) أَيْ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَيَبْطُلُ الْحَوْلُ الْأَوَّلُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى بِبَعْضِ مَالِ الْقِنْيَةِ عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ أَوَّلَ الْمُحَرَّمِ، ثُمَّ بِبَاقِيهِ عَرْضًا آخَرَ أَوَّلَ صَفَرٍ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا إذَا لَمْ تَبْلُغْ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ نِصَابًا؛ لِأَنَّهُ بِأَوَّلِ الْمُحَرَّمِ مِنْ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ يَنْقَطِعُ مَا اشْتَرَاهُ أَوَّلًا لِنَقْصِهِ عَنْ النِّصَابِ وَيُبْتَدَأُ لَهُ حَوْلٌ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَيُقَوَّمُ الثَّانِي أَوَّلَ صَفَرٍ مِنْ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَهَكَذَا، فَلَا يَجِبُ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا زَكَاةٌ إلَّا إذَا بَلَغَ نِصَابًا آخَرَ، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ يُزَكَّى الْجَمِيعُ آخِرَ حَوْلِ الثَّانِي لِوُجُودِ الْجَمِيعِ فِي مِلْكِهِ مِنْ أَوَّلِ صَفَرٍ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ مَعَهُ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَلَيْسَ مَعَهُ بِخَمْسِينَ مِنْهَا أَيْ وَبَقِيَتْ الْخَمْسُونَ الْأُخْرَى فِي مِلْكِهِ جَمِيعَ الْحَوْلِ (قَوْلُهُ وَإِنْ مَلَكَهُ) أَيْ مَا يَكْمُلُ بِهِ النِّصَابُ (قَوْلُهُ: إذَا تَمَّ حَوْلُ الْخَمْسِينَ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: قَالَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَالَ التِّجَارَةِ يُزَكَّى عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: يُتَأَمَّلُ مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ فَإِنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ قَوْلِهِ زَكَّى الْجَمِيعَ إذَا تَمَّ حَوْلُ الْخَمْسِينَ أَنَّهُ يُقَوِّمُ مَالَ التِّجَارَةِ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِ الْخَمْسِينَ، فَإِنْ بَلَغَ مَعَهَا نِصَابًا زَكَّى الْجَمِيعَ وَإِلَّا فَلَا، ثُمَّ رَأَيْته صَرَّحَ بِهَذَا الْمُتَبَادَرِ عَلَى حَجّ ثُمَّ قَالَ: وَبِهِ يَنْقَطِعُ مَا فِي هَامِشِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ لِشَيْخِنَا مِنْ قَوْلِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَالَ التِّجَارَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِلْقِنْيَةِ بِنِيَّتِهَا) أَيْ وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ ذَلِكَ، وَإِنْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ خِلَافَ مَا ادَّعَاهُ (قَوْلُهُ: فَمَتَى نَوَاهَا بِهِ انْقَطَعَ) أَيْ وَلَوْ كَثُرَ جِدًّا بِحَيْثُ تَقْضِي الْعَادَةُ بِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يُحْبَسُ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ (قَوْلُهُ: مُقَارِنٍ لِلتَّصَرُّفِ) أَيْ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ لِتَصِيرَ مَالَ تِجَارَةٍ (قَوْلُهُ فِي التَّتِمَّةِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالنَّقْدِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَلَكَ خَمْسِينَ) أَيْ وَبَلَغَتْ قِيمَةُ الْعَرْضِ مِائَةً وَخَمْسِينَ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ مَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الْحَوْلِ بِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ) وَهُوَ عَرْضُ الْقِنْيَةِ، وَقَوْلُهُ لَا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ: يَعْنِي لَا يَثْبُتُ فِيهِ حَوْلُ التِّجَارَةِ بِمُجَرَّدِ نِيَّتِهَا: أَيْ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مُقَارِنَةً لِلتَّصَرُّفِ كَمَا يَأْتِي فَهُوَ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ بِخِلَافِ عَرْضِ الْقِنْيَةِ لَا يَصِيرُ إلَخْ

جَرَى بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّ الْأَقْرَبَ الْمَنْعُ، وَلَوْ مَاتَ الْمُورِثُ عَنْ مَالِ تِجَارَةٍ انْقَطَعَ حَوْلُهُ وَلَا يَنْعَقِدُ لَهُ حَوْلٌ حَتَّى يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ، ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ قُبَيْلَ شَرْطِ السَّوْمِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ (وَإِنَّمَا يَصِيرُ الْعَرْضُ لِلتِّجَارَةِ إذَا اقْتَرَنَتْ نِيَّتُهَا بِكَسْبِهِ بِمُعَاوَضَةٍ كَشِرَاءٍ) وَإِنْ لَمْ يُجَدِّدْهَا فِي كُلِّ تَصَرُّفٍ سَوَاءٌ أَكَانَ بِعَرْضٍ أَمْ نَقْدٍ أَمْ دَيْنٍ حَالٍّ أَمْ مُؤَجَّلٍ لِانْضِمَامِ قَصْدِ التِّجَارَةِ إلَى فِعْلِهَا، وَمِنْ ذَلِكَ مَا مَلَكَهُ بِهِبَةٍ ذَاتِ ثَوَابٍ، أَوْ صَالَحَ عَلَيْهِ وَلَوْ عَنْ دَمٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ آجَرَ بِهِ نَفْسَهُ أَوْ مَا لَهُ وَمَا اسْتَأْجَرَهُ أَوْ مَنْفَعَةَ مَا اسْتَأْجَرَهُ بِأَنْ كَانَ يَسْتَأْجِرُ الْمَنَافِعَ وَيُؤَجِّرُهَا بِقَصْدِ التِّجَارَةِ، أَمَّا لَوْ اقْتَرَضَ مَالًا نَاوِيًا بِهِ التِّجَارَةَ فَلَا يَصِيرُ مَالَ تِجَارَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْصِدُ لَهَا وَإِنَّمَا هُوَ إرْفَاقٌ. قَالَهُ الْقَاضِي ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ لِلْمُتَوَلِّي وَيُرْجَعُ فِي ذَلِكَ الْبَعْضِ إلَيْهِ: أَيْ أَوْ إلَى وَارِثِهِ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ، وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْهُ أُجْبِرَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: انْقَطَعَ حَوْلُهُ) أَيْ بِالْمَوْتِ لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ فِيهِ إلَى الْوَارِثِ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَتَصَرَّفَ فِيهِ) أَيْ الْوَارِثُ (قَوْلُهُ: إذَا اقْتَرَنَتْ نِيَّتُهَا إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ لَا يُشْتَرَطَ مُقَارَنَتُهَا لِجَمِيعِ الْعَقْدِ بَلْ يَكْفِي وُجُودُهَا قَبْلَ الْفَرَاغِ، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ إلَّا مَعَ لَفْظِ الْآخَرِ وَإِنْ تَأَخَّرَ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَكْفِي تَأَخُّرُهَا عَنْ الْعَقْدِ وَإِنْ وُجِدَتْ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَلَهُ اتِّجَاهٌ فَلْيُتَأَمَّلْ مَرَّ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ. وَعِبَارَةُ حَجّ هُنَا: وَيَظْهَرُ أَنْ يُعْتَبَرَ فِي الِاقْتِرَانِ هُنَا بِاللَّفْظِ أَوْ الْفِعْلِ الْمُمَلِّكِ مَا يَأْتِي فِي كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ اهـ. وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُ الِاكْتِفَاءُ بِجُزْءٍ، لَكِنَّ الْمُعْتَبَرَ ثَمَّ اقْتِرَانُ النِّيَّةِ بِجُزْءٍ مِمَّا يَأْتِي بِهِ الزَّوْجُ حَتَّى لَوْ خَلَعَهَا بِكِنَايَةٍ، وَلَمْ يَنْوِ مَعَ لَفْظِهِ فَلَغْوٌ وَإِنْ نَوَى مَعَ الْقَبُولِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ سم عَنْ مَرَّ الِاكْتِفَاءُ بِهَا، وَإِنْ اقْتَرَنَتْ بِالْقَبُولِ، وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: وَيَنْبَغِي اعْتِبَارُهَا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ، وَفَارِقُ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِنِيَّةِ التَّضْحِيَةِ عِنْدَ شِرَاءِ الْأُضْحِيَّةِ بِأَنَّ الشِّرَاءَ جَلْبُ مِلْكٍ وَالْأُضْحِيَّةَ إزَالَتُهُ فَيَتَعَذَّرُ اجْتِمَاعُهُمَا. وَأَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ التَّعَذُّرُ لَوْ كَانَ الْمَنْوِيُّ التَّضْحِيَةَ حَالَ الشِّرَاءِ، أَمَّا لَوْ كَانَ هُوَ التَّضْحِيَةَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلَا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّعَذُّرِ عُرْفًا عَدَمُ الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ إزَالَةِ الْمِلْكِ وَجَلْبِهِ (قَوْلُهُ: بِكَسْبِهِ) أَيْ بِدُخُولِهِ فِي يَدِهِ مَادَامَ رَأْسُ الْمَالِ بَاقِيًا. (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ تَصَرُّفٍ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ إنَّمَا هُوَ وُجُودُهَا عِنْدَ التَّصَرُّفِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَمِنْ ذَلِكَ مَا مَلَكَهُ بِهِبَةٍ) أَيْ مِنْ الْمُعَاوَضَةِ (قَوْلُهُ أَوْ عَرْضٍ) فِي نُسْخَةٍ أَوْ قَرْضٍ وَمِثْلُهُ فِي الزِّيَادِيِّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَرَدَّ بَدَلَهُ، وَنَوَى بِهِ التِّجَارَةَ لَا يَكُونُ مَالَ تِجَارَةٍ وَكَانَ مِنْ الْعَرُوضِ، وَلَوْ قِيلَ إنَّهُ مَالُ تِجَارَةٍ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ عِوَضًا عَمَّا فِي ذِمَّةِ الْغَيْرِ فَانْطَبَقَ عَلَيْهِ الضَّابِطُ (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْفَعَةَ مَا اسْتَأْجَرَهُ) يُتَأَمَّلُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا فَإِنَّ الْإِجَارَةَ وَإِنْ وَرَدَتْ عَلَى الْعَيْنِ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَنْفَعَتِهَا، وَقَدْ يُقَالُ: الْفَرْقُ ظَاهِرٌ، وَلِأَنَّ الْمُرَادَ قَوْلُهُ أَوْ مَا اسْتَأْجَرَهُ الْعِوَضُ الَّذِي أَخَذَهُ عَنْ مَنْفَعَةِ مَا اسْتَأْجَرَهُ بِأَنْ آجَرَ مَا اسْتَأْجَرَهُ بِدَرَاهِمَ فَهِيَ مَالُ تِجَارَةٍ، وَمِنْ قَوْلِهِ أَوْ مَنْفَعَةِ إلَخْ نَفْسُ الْمَنْفَعَةِ كَأَنْ اسْتَأْجَرَ أَمَاكِنَ بِقَصْدِ التِّجَارَةِ فَمَنَافِعُهَا مَالُ تِجَارَةٍ قَالَ حَجّ: فَفِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيُؤَجِّرَهَا بِقَصْدِ التِّجَارَةِ فَمَضَى حَوْلٌ، وَلَمْ يُؤَجِّرْهَا يَلْزَمُهُ زَكَاةُ التِّجَارَةِ فَيُقَوِّمُهَا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ حَوْلًا وَيُخْرِجُ زَكَاةَ تِلْكَ الْأُجْرَةِ، وَإِنْ لَمْ تُحَصَّلْ لَهُ؛ لِأَنَّهُ حَالَ الْحَوْلُ عَلَى مَالِ التِّجَارَةِ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِيرُ مَالَ تِجَارَةٍ) أَيْ فَلَوْ اشْتَرَى بِهِ شَيْئًا بِقَصْدِ التِّجَارَةِ انْعَقَدَ حَوْلُهَا مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَقْصِدُ لَهَا) أَيْ أَمَّا لَوْ قَبَضَ الْمُقْرِضُ بَدَلَ الْمُقْرَضِ بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ كَأَنْ أَقْرَضَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ حَتَّى يَتَصَرَّفَ فِيهِ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ حَوْلُهُ إلَّا فِيمَا تَصَرَّفَ فِيهِ بِالْفِعْلِ، فَلَوْ تَصَرَّفَ فِي بَعْضِ الْعُرُوضِ الْمَوْرُوثَةِ وَحَصَلَ كَسَادٌ فِي الْبَاقِي لَا يَنْعَقِدُ حَوْلُهُ إلَّا فِيمَا تَصَرَّفَ فِيهِ بِالْفِعْلِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْفَعَةَ مَا اسْتَأْجَرَهُ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ: فَفِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيُؤَجِّرَهَا بِقَصْدِ التِّجَارَةِ فَمَضَى حَوْلٌ وَلَمْ يُؤَجِّرْهَا تَلْزَمُهُ زَكَاةُ التِّجَارَةِ فَيُقَوِّمُهَا بِأُجْرَةِ الْمَثَلِ حَوْلًا وَيُخْرِجُ زَكَاةَ تِلْكَ الْأُجْرَةِ وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ لِأَنَّهُ حَالَ الْحَوْلُ عَلَى مَالِ التِّجَارَةِ عِنْدَهُ

تَفَقُّهًا وَجَزَمَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ (وَكَذَا الْمَهْرُ وَعِوَضُ الْخُلْعِ) فَيَصِيرَانِ مَالَ تِجَارَةٍ إذَا اقْتَرَنَا بِنِيَّتِهَا (فِي الْأَصَحِّ) لِكَوْنِهِمَا مُلِكَا بِمُعَاوَضَةٍ، وَلِهَذَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ فِيمَا مُلِكَ بِهِمَا. وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ الْمَحْضَةِ (لَا بِالْهِبَةِ) غَيْرِ ذَاتِ الثَّوَابِ (وَالِاحْتِطَابِ) وَالِاحْتِشَاشِ وَالِاصْطِيَادِ وَالْإِرْثِ (وَالِاسْتِرْدَادِ بِعَيْبٍ) أَوْ إقَالَةٍ أَوْ فَلَسٍ لِانْتِفَاءِ الْمُعَاوَضَةِ بَلْ الِاسْتِرْدَادُ الْمَذْكُورُ فَسْخٌ لَهَا، وَلِأَنَّ التَّمَلُّكَ مَجَّانًا لَا يُعَدُّ تِجَارَةً، فَمَنْ اشْتَرَى بِعَرْضٍ لِلْقِنْيَةِ عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِلْقِنْيَةِ أَوْ اشْتَرَى بِعَرْضٍ لِلتِّجَارَةِ عَرْضًا لِلْقِنْيَةِ، ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ بِإِقَالَةٍ أَوْ نَحْوِهَا لَمْ يَصِرْ مَالَ تِجَارَةٍ وَإِنْ نَوَاهَا، بِخِلَافِ الرَّدِّ بِعَيْبٍ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّنْ اشْتَرَى عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ بِعَرْضٍ لَهَا فَإِنَّهُ يَبْقَى حُكْمُهَا، وَلَوْ اشْتَرَى لَهَا صَبْغًا لِيَصْبُغَ بِهِ أَوْ دَبَّاغًا لِيَدْبُغَ بِهِ لِلنَّاسِ صَارَ مَالَ تِجَارَةٍ فَتَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ بَعْدَ مُضِيِّ حَوْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ عَيْنُ نَحْوِ الصَّبْغِ عِنْدَهُ عَامًا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ التَّتِمَّةِ أَوْ صَابُونًا أَوْ مِلْحًا لِيَغْسِلَ بِهِ أَوْ يَعْجِنَ بِهِ لَهُمْ لَمْ يَصِرْ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُسْتَهْلَكُ فَلَا يَقَعُ مُسَلَّمًا لَهُمْ (وَإِذَا مَلَكَهُ) أَيْ عَرْضَ التِّجَارَةِ (بِنَقْدٍ) وَهُوَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مَضْرُوبَيْنِ (نِصَابٌ) أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ وَفِي مِلْكِهِ بَاقِيهِ كَأَنْ اشْتَرَاهُ بِعَيْنِ عِشْرِينَ مِثْقَالًا أَوْ بِعَيْنِ عَشَرَةٍ وَفِي مِلْكِهِ عَشَرَةٌ أُخْرَى (فَحَوْلُهُ مِنْ حِينِ مَلَكَ) ذَلِكَ (النَّقْدَ) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي قَدْرِ الْوَاجِبِ وَفِي جِنْسِهِ، وَلِأَنَّ النَّقْدَيْنِ إنَّمَا خُصَّا بِإِيجَابِ الزَّكَاةِ دُونَ بَاقِي الْجَوَاهِرِ لِإِرْصَادِهِمَا لِلنَّمَاءِ، وَالنَّمَاءُ يَحْصُلُ بِالتِّجَارَةِ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ السَّبَبُ فِي الْوُجُوبِ ـــــــــــــــــــــــــــــSحَيَوَانًا ثُمَّ قَبَضَ مِثْلَهُ الصُّورِيَّ كَذَلِكَ فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ مَالُ تِجَارَةٍ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: إذَا اقْتَرَنَا بِنِيَّتِهَا) أَيْ مِنْ الْوَلِيِّ إنْ كَانَ مُجْبَرًا وَمِنْهَا مُقَارَنَةٌ لِعَقْدِ وَلِيِّهَا إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ إقَالَةٍ أَوْ فَلَسٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: وَلَوْ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ لِأَنَّهُ مِلْكٌ جَدِيدٌ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مِلْكٌ إلَخْ مِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا انْتَقَلَ الْمِلْكُ عَنْ الْبَائِعِ: أَيْ بِأَنْ لَزِمَ الْعَقْدُ مِنْ جَانِبِهِ كَأَنْ بَاعَ بِلَا شَرْطِ خِيَارٍ أَوْ شَرْطٍ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الرَّدِّ بِعَيْبٍ أَوْ نَحْوِهِ) أَيْ مِنْ الْإِقَالَةِ وَالتَّحَالُفِ (قَوْلُهُ: لِيَصْبُغَ بِهِ) مِنْ بَابِ نَصَرَ وَقَطَعَ وَمِثْلُهُ يَدْبُغُ (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ بَعْدَ مُضِيِّ حَوْلِهِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْحَاصِلُ فِي يَدِهِ مِنْ غَلَّةِ الصَّبْغِ، أَوْ مِمَّا اشْتَرَاهُ بِهَا مِنْ الصَّبْغِ، أَوْ كَانَ الْأَوَّلُ بَاقِيًا فِي يَدِهِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا فَتَجِبُ زَكَاتُهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ عَيْنُ نَحْوِ الصَّبْغِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الصَّبْغِ بَيْنَ كَوْنِهِ تَمْوِيهًا وَغَيْرَهُ، وَقَضِيَّةُ مَا يَأْتِي مِنْ التَّعْلِيلِ لِلصَّابُونِ اخْتِصَاصُهُ بِالثَّانِي، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ أَخْذًا بِإِطْلَاقِهِمْ، وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّابُونِ بِأَنَّهُ يَحْصُلُ مِنْ الصَّبْغِ لَوْنٌ مُخَالِفٌ لِأَصْلِ الثَّوْبِ يَبْقَى بِبَقَائِهِ، فَنُزِّلَ مَنْزِلَةَ الْعَيْنِ، بِخِلَافِ الصَّابُونِ فَإِنَّ الْمَقْصِدَ مِنْهُ مُجَرَّدُ إزَالَةِ وَسَخِ الثَّوْبِ وَالْأَثَرُ الْحَاصِلُ مِنْهُ كَأَنَّهُ الصِّفَةُ الَّتِي كَانَتْ مَوْجُودَةً قَبْلَ الْغَسْلِ فَلَمْ يَحْسُنْ إلْحَاقُهُ بِالْعَيْنِ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ اشْتَرَاهُ بِعَيْنِ عِشْرِينَ مِثْقَالًا) سَوَاءٌ قَالَ اشْتَرَيْت بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ أَوْ بِعَيْنِ هَذِهِ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الصُّورَتَيْنِ مُعَيَّنٌ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ اشْتَرِ بِهَذَا الدِّينَارِ فَإِنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الشِّرَاءِ بِهِ وَبَيْنَ الشِّرَاءِ فِي ذِمَّتِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ اشْتَرِ بِعَيْنِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الشِّرَاءُ فِي الذِّمَّةِ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى فِيهَا لَمْ يَقَعْ عَنْ الْمُوَكِّلِ، ثُمَّ قَالَ فِي مَرَّةٍ ثَانِيَةٍ: وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَمَّا أَشَارَ لِلدَّرَاهِمِ هُنَا، وَلَمْ تُوجَدْ قَرِينَةٌ صَارِفَةٌ عَنْ إرَادَتِهَا تَعَيَّنَ كَوْنُهَا الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ. وَأَمَّا فِي الْوَكِيلِ فَقَرِينَةُ الْحَالِ مُشْعِرَةٌ بِأَنَّ الْغَرَضَ تَحْصِيلُ مَا وُكِّلَ فِي شِرَائِهِ فَجُعِلَ قَرِينَةً صَارِفَةً عَنْ التَّعْيِينِ سِيَّمَا وَقَدْ عَدَلَ عَنْ قَوْلِهِ بِعَيْنِ ذَلِكَ الصَّرِيحِ فِي إرَادَةِ التَّعْيِينِ إلَى مُجَرَّدِ الْإِشَارَةِ إلَيْهَا فَتَخَيَّرَ الْوَكِيلُ (قَوْلُهُ: فَحَوْلُهُ مِنْ حِينِ مَلَكَ النَّقْدَ) أَيْ مِنْ غَيْرِ الْحُلِيِّ الْمُبَاحِ لِمَا يَأْتِي أَنَّ الْحُلِيَّ مِنْ عَرْضِ الْقِنْيَةِ (قَوْلُهُ: لِلنَّمَاءِ) عِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَهُوَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مَضْرُوبَيْنِ) أَيْ إذَا كَانَتْ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ بِخِلَافِ نَحْوِ الْحُلِيِّ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: بِعَيْنٍ عِشْرِينَ مِثْقَالًا) أَيْ أَوْ بِعِشْرِينَ فِي الذِّمَّةِ وَنَقَدَهَا فِي الْمَجْلِسِ كَمَا ذَكَرَهُ الشِّهَابُ حَجّ: أَيْ وَكَانَ مَا أَقْبَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ مِنْ جِنْسِ مَا اشْتَرَى بِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقْبَضَهُ عَنْ الْفِضَّةِ ذَهَبًا أَوْ عَكْسَهُ فَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ كَمَا ذَكَرَهُ الشِّهَابُ عَمِيرَةُ الْبُرُلُّسِيُّ

سَبَبًا فِي الْإِسْقَاطِ. أَمَّا لَوْ اشْتَرَاهُ بِنَقْدٍ فِي الذِّمَّةِ، ثُمَّ نَقَدَهُ فَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ حَوْلُ النَّقْدِ وَيُبْتَدَأُ حَوْلُ التِّجَارَةِ مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ إذْ صَرْفُهُ إلَى هَذِهِ الْجِهَةِ لَمْ يَتَعَيَّنْ (أَوْ دُونَهُ) أَيْ أَوْ مَلَكَهُ بِدُونِ النِّصَابِ، وَلَيْسَ فِي مِلْكِهِ بَاقِيهِ (أَوْ بِعَرْضِ قِنْيَةٍ) كَالثِّيَابِ وَالْحُلِيِّ الْمُبَاحِ (فَمِنْ الشِّرَاءِ) حَوْلُهُ يُبْتَدَأُ (وَقِيلَ إنْ مَلَكَهُ بِنِصَابِ سَائِمَةٍ بُنِيَ عَلَى حَوْلِهَا) ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ وَلَهُ حَوْلٌ فَاعْتُبِرَ، وَالصَّحِيحُ الْمَنْعُ لِاخْتِلَافِ الزَّكَاتَيْنِ قَدْرًا وَمُتَعَلَّقًا (وَيُضَمُّ الرِّبْحُ إلَى الْأَصْلِ) الْحَاصِلِ (فِي) أَثْنَاءِ (الْحَوْلِ إنْ لَمْ يَنِضَّ) بِكَسْرِ النُّونِ بِمَا يَقُومُ بِهِ، فَلَوْ اشْتَرَى عَرْضًا بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَصَارَتْ قِيمَتُهُ فِي الْحَوْلِ، وَلَوْ قَبْلَ آخِرِهِ بِلَحْظَةٍ ثَلَثَمِائَةٍ أَوْ نُضَّ فِيهِ بِنَقْدٍ لَا يُقَوَّمُ بِهِ زَكَاةُ آخِرِهِ، وَسَوَاءٌ أَحَصَلَ الرِّبْحُ بِزِيَادَةٍ فِي نَفْسِ الْعَرْضِ كَسَمْنِ الْحَيَوَانِ أَمْ بِارْتِفَاعِ الْأَسْوَاقِ، وَلَوْ بَاعَ الْعَرْضَ بِدُونِ قِيمَتِهِ زَكَّى الْقِيمَةَ، أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْهَا فَفِي زَكَاةِ الزَّائِدِ مَعَهَا وَجْهَانِ تَوَجَّهَهُمَا الْوُجُوبُ (لَا إنْ نُضَّ) أَيْ صَارَ نَاضًّا بِنَقْدٍ يُقَوَّمُ بِهِ بِبَيْعٍ أَوْ إتْلَافٍ أَجْنَبِيٍّ، وَأَمْسَكَهُ إلَى آخِرِ الْحَوْلِ أَوْ اشْتَرَى بِهِ عَرْضًا قَبْلَ تَمَامِهِ فَلَا يُضَمُّ إلَى الْأَصْلِ بَلْ يُزَكَّى الْأَصْلُ وَبِحَوْلِهِ وَيُفْرَدُ الرِّبْحُ بِحَوْلٍ (فِي الْأَظْهَرِ) فَلَوْ اشْتَرَى عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَبَاعَهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِثَلَثِمِائَةٍ وَأَمْسَكَهَا إلَى آخِرِ الْحَوْلِ أَوْ اشْتَرَى بِهَا عَرْضًا يُسَاوِي ثَلَثَمِائَةٍ آخِرَ الْحَوْلِ فَيُخْرِجُ زَكَاةَ مِائَتَيْنِ، فَإِذَا مَضَتْ سِتَّةُ أَشْهُرٍ زَكَّى الْمِائَةَ وَالثَّانِي يُزَكَّى الرِّبْحُ بِحَوْلِ الْأَصْلِ كَمَا يُزَكَّى النِّتَاجُ بِحَوْلِ الْأُمَّهَاتِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ النِّتَاجَ جُزْءٌ مِنْ الْأَصْلِ فَأَلْحَقْنَاهُ بِهِ بِخِلَافِ الرِّبْحِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ جُزْءًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَصَلَ بِحُسْنِ التَّصَرُّفِ، وَلِهَذَا يَرُدُّ الْغَاصِبُ نِتَاجَ الْحَيَوَانِ دُونَ الرِّبْحِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ) (وَلَدَ الْعَرْضِ) مِنْ الْحَيَوَانِ مِنْ نَعَمٍ وَخَيْلٍ وَإِمَاءٍ (وَثَمَرَهُ) مِنْ الْأَشْجَارِ كَمِشْمِشٍ أَوْ تُفَّاحٍ (مَالُ تِجَارَةٍ) لِأَنَّهُمَا جُزْءَانِ مِنْ الْأُمِّ وَالشَّجَرِ وَالثَّمَرِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَحْصُلَا بِالتِّجَارَةِ. وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ تَنْقُصْ قِيمَةُ الْأُمِّ بِالْوِلَادَةِ، فَإِنْ نَقَصَتْ بِهَا كَأَنْ كَانَ قِيمَةُ الْأُمِّ تُسَاوِي أَلْفًا فَصَارَتْ بِالْوِلَادَةِ تُسَاوِي ثَمَانَمِائَةٍ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ مِائَتَانِ جُبِرَ نَقْصُ الْأُمِّ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ جَزْمًا (وَ) الْأَصَحُّ عَلَى الْأَوَّلِ (أَنَّ حَوْلَهُ حَوْلُ الْأَصْلِ) تَبَعًا كَنِتَاجِ السَّائِمَةِ. وَالثَّانِي لَا بَلْ تُفْرَدُ بِحَوْلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSنَمَا الشَّيْءُ: يَنْمِي مِنْ بَابِ رَمَى نَمَاءً بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ كَثُرَ اهـ. (قَوْلُهُ: سَبَبًا فِي الْإِسْقَاطِ) أَيْ فَلَوْ جُعِلَ حَوْلُهَا مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ الَّذِي هُوَ سَبَبٌ لِلنَّمَاءِ مُسْقِطًا لِمَا مَضَى مِنْ حَوْلِ النَّقْدِ لَزِمَ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ اشْتَرَاهُ بِنَقْدٍ فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ نَقَدَهُ) أَيْ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْمَجْلِسِ اهـ سم عَلَى حَجّ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَإِنْ نَافَاهُ التَّعْلِيلُ بِقَوْلِهِ إذْ صَرْفُهُ إلَى هَذِهِ إلَخْ لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَجْلِسُ مِنْ حَرِيمِ الْعَقْدِ نَزَلَ الْوَاقِعُ فِيهِ مَنْزِلَةَ الْوَاقِعِ فِي الْعَقْدِ فَكَأَنَّهُ عَيَّنَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاعَ الْعَرْضَ) أَيْ بَعْدَ حَوَلَانِ الْحَوْلِ (قَوْلُهُ: زَكَّى الْقِيمَةَ) أَيْ مَا بَاعَ بِهِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ الزِّيَادَةَ بِاخْتِيَارِهِ فَضَمِنَهَا وَيُصَدَّقُ فِي قَدْرِ مَا فَوَّتَهُ (قَوْلُهُ: وَثَمَرَهُ) وَمِنْهُ هُنَا صُوفٌ وَغُصْنُ شَجَرٍ وَوَرَقَةٌ وَنَحْوُهَا اهـ حَجّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَثْنَاءَ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي خِلَالِ الْمَتْنِ) ذِكْرُهُ هُنَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِي الْحَوْلِ مُتَعَلِّقٌ بِالْحَاصِلِ الَّذِي قَدَّرَهُ، وَإِلَّا لَفَسَدَ الْمَعْنَى بِالْكُلِّيَّةِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَحِينَئِذٍ فَيَصِيرُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَيُضَمُّ لَا مُتَعَلَّقَ لَهُ فَلَا يُعْلَمُ الضَّمُّ فِيمَا ذَا يَكُونُ مَعَ أَنَّ مُتَعَلَّقَهُ قَوْلُهُ فِي الْحَوْلِ الَّذِي أَخْرَجَهُ الشَّارِحُ عَنْ مَوْضُوعِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجِبُ إسْقَاطُ لَفْظِ أَثْنَاءَ الَّذِي زَادَهْ الشَّارِحُ مِنْ هَذَا الْمَحَلِّ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ مَعَ الْمَتْنِ: وَيُضَمُّ الرِّبْحُ الْحَاصِلُ أَثْنَاءَ الْحَوْلِ أَوْ مَعَ آخِرِهِ فِي نَفْسِ الْعَرْضِ كَالسَّمْنِ أَوْ غَيْرِهَا كَارْتِفَاعِ السُّوقِ إلَى الْأَصْلِ فِي الْحَوْلِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاع الْعَرْضَ بِدُونِ قِيمَتِهِ) أَيْ بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: أَوْ اشْتَرَى بِهِ) أَيْ بِالْمَذْكُورِ وَهُوَ الثَّلَثُمِائَةِ (قَوْلُهُ: كَمِشْمِشٍ أَوْ تُفَّاحٍ) أَشَارَ بِهَذَا التَّمْثِيلِ إلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي ثَمَرٍ لَا زَكَاةَ فِي عَيْنِهِ. أَمَّا مَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ فَسَيَأْتِي

مِنْ انْفِصَالِ الْوَلَدِ وَظُهُورِ الثَّمَرَةِ؛ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ مُسْتَقِرَّةٌ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ فَأُفْرِدَتْ كَمَا سَبَقَ فِي الرِّبْحِ النَّاضِّ (وَوَاجِبُهَا) أَيْ التِّجَارَةِ (رُبْعُ عُشْرِ الْقِيمَةِ) أَمَّا أَنَّهُ رُبْعُ الْعُشْرِ فَكَمَا فِي النَّقْدَيْنِ؛ لِأَنَّهَا تُقَوَّمُ بِهِمَا، وَأَمَّا أَنَّهُ مِنْ الْقِيمَةِ فَلِأَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ خَبَرُ حِمَاسٍ فَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ مِنْ الْعَرْضِ (فَإِنْ) (مَلَكَ) الْعَرْضَ (بِنَقْدٍ) (قُوِّمَ بِهِ إنْ مُلِكَ بِنِصَابٍ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ النَّقْدُ غَالِبًا وَلَوْ أَبْطَلَهُ السُّلْطَانُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُ، إذْ هُوَ أَصْلُ مَا بِيَدِهِ فَكَانَ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ (وَكَذَا) إنْ مُلِكَ بِنَقْدٍ (دُونَهُ) أَيْ النِّصَابِ فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ بِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ أَصْلُهُ. وَالثَّانِي يُقَوَّمُ بِغَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ كَمَا لَوْ اُشْتُرِيَ بِعَرْضٍ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَمْلِكْ بَقِيَّةَ النِّصَابِ مِنْ ذَلِكَ النَّقْدِ، فَإِنْ مَلَكَهُ قُوِّمَ بِهِ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَى بِبَعْضِ مَا انْعَقَدَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ، وَابْتِدَاءُ الْحَوْلِ مِنْ وَقْتِ مِلْكِ الدَّرَاهِمِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ (أَوْ) مَلَكَ الْعَرْضَ (بِعَرْضٍ) لِلْقِنْيَةِ أَوْ بِخُلْعٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ صُلْحٍ عَنْ نَحْوِ دَمٍ (فَبِغَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ) أَيْ بَلَدِ حَوَلَانِ الْحَوْلِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ جَرْيًا عَلَى قَاعِدَةِ التَّقْوِيمِ إذَا تَعَذَّرَ التَّقْوِيمُ بِالْأَصْلِ، فَلَوْ حَالَ الْحَوْلُ عَلَيْهِ بِمَحَلٍّ لَا نَقْدَ فِيهِ اُعْتُبِرَ أَقْرَبُ الْبِلَادِ إلَيْهِ، وَلَوْ مُلِكَ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ أَوْ بِنَحْوِ سَبَائِكَ قُوِّمَ بِجِنْسِهِ مِنْ النَّقْدِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ (فَإِنْ) (غَلَبَ نَقْدَانِ) عَلَى التَّسَاوِي (وَبَلَغَ) مَالُ التِّجَارَةِ (بِأَحَدِهِمَا) دُونَ الْآخَرِ (نِصَابًا) (قُوِّمَ بِهِ) لِتَحَقُّقِ تَمَامِ النِّصَابِ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ، وَبِهَذَا فَارَقَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَمَّ النِّصَابُ فِي مِيزَانٍ دُونَ آخَرَ فَلَا زَكَاةَ (فَإِنْ بَلَغَ) نِصَابًا (بِهِمَا) أَيْ بِكُلٍّ مِنْهُمَا (قُوِّمَ بِالْأَنْفَعِ) مِنْهُمَا (لِلْفُقَرَاءِ) أَيْ لِلْمُسْتَحِقِّينَ لَهَا رِعَايَةً لَهُمْ كَمَا فِي اجْتِمَاعِ الْحِقَاقِ وَبَنَاتِ اللَّبُونِ، وَنَقَلَ تَصْحِيحَ ذَلِكَ الرَّافِعِيُّ عَنْ مُقْتَضَى إيرَادِ الْإِمَامِ وَالْبَغَوِيُّ (وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ الْمَالِكُ) فَيُقَوِّمُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ كَمَا فِي شَاتَيْ الْجُبْرَانِ وَدَرَاهِمِهِ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ تَصْحِيحَهُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَالرُّويَانِيِّ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ فَلْتَكُنْ الْفَتْوَى عَلَيْهِ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ اجْتِمَاعِ الْحِقَاقِ وَبَنَاتِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ خَبَرُ حِمَاسٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَتَخْفِيفِ ثَانِيهِ وَآخِرُهُ سِينٌ مُهْمَلَةٌ اهـ إصَابَةٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ مُلِكَ بِنَقْدٍ قُوِّمَ بِهِ) قَالَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ: وَيَنْبَغِي لِلتَّاجِرِ أَنْ يُبَادِرَ إلَى تَقْوِيمِ مَالِهِ بِعَدْلَيْنِ وَيَمْتَنِعُ وَاحِدٌ كَجَزَاءِ الصَّيْدِ، وَلَا يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ قَبْلَ ذَلِكَ إذْ قَدْ يَحْصُلُ نَقْصٌ فَلَا يَدْرِي مَا يُخْرِجُهُ حَجّ. قِيلَ وَيَتَّجِهُ مَنْ تَرَدَّدَ لَهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُوَ أَحَدَ الْعَدْلَيْنِ، وَإِنْ قُلْنَا بِجَوَازِهِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْفُقَهَاءَ أَشَارُوا ثَمَّ إلَى مَا يَضْبِطُ الْمِثْلِيَّةَ فَيَبْعُدُ اتِّهَامُهُ فِيهَا وَلَا كَذَلِكَ هُنَا إذْ الْقِيَمُ لَا ضَابِطَ لَهَا اهـ. ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ فِي تَقْوِيمِ الْعَدْلَيْنِ النَّظَرُ إلَى مَا يُرْغَبُ: أَيْ فِي الْأَخْذِ بِهِ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ، لَكِنَّ عِبَارَةَ حَجّ هُنَا: وَيَظْهَرُ الِاكْتِفَاءُ بِتَقْوِيمِ الْمَالِكِ الثِّقَةِ الْعَارِفِ وَلِلسَّاعِي تَصْدِيقُهُ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي عَدِّ الْمَاشِيَةِ. أَقُولُ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مُتَعَلِّقَ الْعَدِّ مُتَعَيِّنٌ يَبْعُدُ الْخَطَأُ فِيهِ، بِخِلَافِ التَّقْوِيمِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِاجْتِهَادِ الْمُقَوِّمِ وَهُوَ مَظِنَّةٌ لِلْخَطَأِ فَالتُّهْمَةُ فِيهِ أَقْوَى، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُكْتَفَ بِخَرْصِهِ لِلثَّمَرِ بَلْ لَوْ لَمْ يُوجَدْ خَارِصٌ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ حَكَّمَ عَدْلَيْنِ يَخْرُصَانِهِ لَهُ كَمَا مَرَّ، وَقَوْلُهُ ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ فِي تَقْوِيمِ الْعَدْلَيْنِ النَّظَرُ إلَى مَا يُرْغَبُ: أَيْ فِي الْأَخْذِ بِهِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْعَرْضِ حَالًّا، فَإِذَا فُرِضَ أَنَّهَا أَلْفٌ، وَكَانَ التَّاجِرُ إذَا بَاعَهُ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُ مُفَرَّقًا فِي أَوْقَاتٍ كَثِيرَةٍ بَلَغَ أَلْفَيْنِ مَثَلًا اُعْتُبِرَ مَا يُرْغَبُ بِهِ فِيهِ فِي الْحَالِّ لَا مَا يَبِيعُ بِهِ التَّاجِرُ عَلَى الْوَجْهِ السَّابِقِ، لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْمَفْرُوضَةَ إنَّمَا حَصَلَتْ مِنْ تَصَرُّفِهِ بِالتَّفْرِيقِ لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنِ الْأَلْفَيْنِ قِيمَتَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ بَلَدِ حَوَلَانِ الْحَوْلِ) وَالْعِبْرَةُ بِالْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْمَالُ وَقْتَ حَوَلَانِ الْحَوْلِ لَا الَّذِي فِيهِ الْمَالِكُ ذَلِكَ الْوَقْتَ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى بَهْجَةٍ: قَوْلُهُ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ: أَيْ بَلَدِ الْإِخْرَاجِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ: أَيْ وَبَلَدِ الْإِخْرَاجِ مِنْ بَلَدِ الْمَالِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ نَقْلِ الزَّكَاةِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ حَالَ الْحَوْلُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَالِ (قَوْلُهُ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ) كَأَنَّهُ كَانَ لَهُ آخِرُ دَيْنٍ فَاشْتَرَى بِهِ مِنْهُ عَرْضًا بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ (قَوْلُهُ: قُوِّمَ بِالْأَنْفَعِ لِلْفُقَرَاءِ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ الْمَالِكُ) مُعْتَمَدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

اللَّبُونِ بِأَنَّ تَعَلُّقَ الزَّكَاةِ بِالْعَيْنِ أَشَدُّ مِنْ تَعَلُّقِهَا بِالْقِيمَةِ فَلَمْ يَجِبْ التَّقْوِيمُ بِالْأَنْفَعِ كَمَا لَا يَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ الشِّرَاءُ بِالْأَنْفَعِ لِيُقَوَّمَ بِهِ عِنْدَ آخِرِ الْحَوْلِ (وَإِنْ مَلَكَ بِنَقْدٍ وَعَرْضٍ) كَأَنْ اشْتَرَى بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَعَرْضِ قِنْيَةٍ (قُوِّمَ مُقَابِلُ النَّقْدِ بِهِ وَالْبَاقِي بِالْغَالِبِ) مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَوْ انْفَرَدَ كَانَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ فَكَذَا إذَا اجْتَمَعَا، وَهَكَذَا إذَا اشْتَرَى بِجِنْسٍ وَاحِدٍ مُخْتَلِفِ الصِّفَةِ كَالصِّحَاحِ وَالْكِسْرَةِ إذَا تَفَاوَتَا (وَتَجِبُ فِطْرَةُ عَبِيدِ التِّجَارَةِ مَعَ زَكَاتِهَا) أَيْ التِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهُمَا يَجِبَانِ بِسَبَبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَلَا يَتَدَاخَلَانِ كَالْقِيمَةِ وَالْكَفَّارَةِ فِي الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ وَالْقِيمَةِ وَالْجَزَاءِ فِي الصَّيْدِ الْمَمْلُوكِ إذَا قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ (وَلَوْ كَانَ الْعَرْضُ سَائِمَةً) أَوْ غَيْرَهَا مِمَّا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ كَثَمَرٍ (فَإِنْ) (كَمُلَ) بِتَثْلِيثِ الْمِيمِ (نِصَابُ إحْدَى الزَّكَاتَيْنِ فَقَطْ) أَيْ مِنْ عَيْنٍ وَتِجَارَةٍ دُونَ نِصَابِ الْأُخْرَى كَأَرْبَعِينَ شَاةً لَا تَبْلُغُ قِيمَتُهَا نِصَابًا آخِرَ الْحَوْلِ أَوْ تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ فَأَقَلُّ قِيمَتِهَا نِصَابٌ (وَجَبَتْ) زَكَاةُ مَا كَمُلَ نِصَابُهُ لِوُجُودِ سَبَبِهَا مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ (أَوْ) كَمُلَ (نِصَابُهُمَا) كَأَرْبَعِينَ شَاةً قِيمَتُهَا نِصَابٌ. (فَزَكَاةُ الْعَيْنِ) تَجِبُ (فِي الْجَدِيدِ) وَتُقَدَّمُ عَلَى زَكَاةِ التِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ وَلِهَذَا يَكْفُرُ جَاحِدُهَا، وَزَكَاةُ التِّجَارَةِ مُخْتَلَفٌ فِيهَا، وَوَجَبَتْ بِالِاجْتِهَادِ وَلِهَذَا لَا يَكْفُرُ جَاحِدُهَا، وَلِأَنَّ زَكَاةَ الْعَيْنِ تَتَعَلَّقُ بِالرَّقَبَةِ وَتِلْكَ بِالْقِيمَةِ فَقُدِّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالرَّقَبَةِ كَالْمَرْهُونِ إذَا جَنَى، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا تَجْتَمِعُ الزَّكَاتَانِ، وَلَوْ كَانَ مَعَ مَا فِيهِ زَكَاةُ عَيْنِ مَا لَا زَكَاةَ فِي عَيْنِهِ كَأَنْ اشْتَرَى شَجَرًا لِلتِّجَارَةِ فَبَدَا صَلَاحُ ثَمَرِهِ قَبْلَ حَوْلِهِ وَجَبَ مَعَ تَقْدِيمِ زَكَاةِ الْعَيْنِ عَنْ الثَّمَرِ زَكَاةُ التِّجَارَةِ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ، وَلَوْ اشْتَرَى نَقْدًا بِنَقْدٍ انْقَطَعَ حَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ لِلتِّجَارَةِ وَقَصَدَ بِهِ الْفِرَارَ مِنْ الزَّكَاةِ (فَعَلَى هَذَا) أَيْ الْجَدِيدِ (لَوْ) (سَبَقَ حَوْلُ) زَكَاةِ (التِّجَارَةِ) حَوْلَ زَكَاةِ الْعَيْنِ (بِأَنْ اشْتَرَى بِمَالِهَا بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ نِصَابَ سَائِمَةٍ) وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْقِنْيَةَ أَوْ اشْتَرَى بِهِ مَعْلُوفَةً، ثُمَّ أَسَامَهَا بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ (فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ زَكَاةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: قُوِّمَ مَا قَابَلَ النَّقْدَ بِهِ وَالْبَاقِي بِالْغَالِبِ) وَذَلِكَ ظَاهِرٌ إنْ اشْتَرَى كُلًّا فِي عَقْدٍ أَوْ اشْتَرَاهُمَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَفَصَلَ الثَّمَنَ، وَإِلَّا قُوِّمَ مَا قَابَلَ النَّقْدَ بِهِ وَالْبَاقِي بِالْغَالِبِ أَوْ مَا قَابَلَ أَحَدَ النَّقْدَيْنِ بِهِ وَالْبَاقِي بِالْآخَرِ بِنِسْبَةِ التَّقْسِيطِ. قَالَ سم عَلَى بَهْجَةٍ: فَلَوْ جُهِلَتْ النِّسْبَةُ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُحْكَمَ بِاسْتِوَائِهِمَا، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ أَحَدَهُمَا أَكْثَرُ، وَجَهِلَ عَيْنَهُ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَتَعَيَّنَ فِي بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ أَنْ يُقْرِضَ الْأَكْثَرَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَهَلْ لَهُ التَّأْخِيرُ إلَى التَّذَكُّرِ إنْ رُبَّى؟ أَقُولُ: لَا يَبْعُدُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ بَلْ قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الدَّمِيرِيِّ أَنَّهُ يَكْفِي غَلَبَةُ الظَّنِّ (قَوْلُهُ: فَبَدَأَ صَلَاحُ ثَمَرِهِ قَبْلَ حَوْلِهِ) وَكَذَا لَوْ بَدَا صَلَاحُهُ بَعْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ تَمَّ نِصَابُ كُلٍّ مِنْهُمَا، فَإِنْ تَمَّ نِصَابُ الْعَيْنِ دُونَ الشَّجَرَةِ فَهَلْ تَسْقُطُ زَكَاةُ الشَّجَرِ لِعَدَمِ تَمَامِ نِصَابِهِ أَوْ يَضُمُّ الشَّجَرَ إلَى الثَّمَرِ وَيُقَوِّمُ الْجَمِيعَ وَيُخْرِجُ زَكَاتَهُ وَيُسْقِطُ زَكَاةَ الْعَيْنِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِهِمْ وُجُوبُ زَكَاةِ الْعَيْنِ إذَا تَمَّ نِصَابُهَا الْأَوَّلُ لِعَدَمِ تَمَامِ انْتِصَابٍ (قَوْلُهُ: عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ) أَيْ إنْ بَلَغَ نِصَابًا وَلَيْسَ فِيهِ وُجُوبُ زَكَاتَيْنِ؛ لِأَنَّ مَا وَجَبَ فِي الثَّمَرِ مُتَعَلِّقٌ بِعَيْنِهِ وَيُخْرَجُ مِنْهُ وَمَا وَجَبَ فِي الشَّجَرِ يَتَعَلَّقُ بِقِيمَتِهِ خَالِيًا عَنْ الثَّمَرِ. وَفِي سم عَلَى حَجّ: وَخَرَجَ بِقَوْلِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ كَغَيْرِهِ فَبَدَا قَبْلَ حَوْلِهِ إلَخْ مَا لَوْ تَمَّ حَوْلُ التِّجَارَةِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فَيُخْرِجُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ زَكَاةَ الْجَمِيعِ لِلتِّجَارَةِ، وَحِينَئِذٍ فَإِذَا بَدَا الصَّلَاحُ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ وَلَوْ بِيَوْمٍ وَجَبَتْ حِينَئِذٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ زَكَاةُ الْعَيْنِ فِي الثَّمَرِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. وَعَلَيْهِ فَقَدْ يُقَالُ: وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي الثَّمَرِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَلْزَمُهُ اجْتِمَاعُ زَكَاتَيْنِ فِي مَالٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ زَكَّى الثَّمَرَةَ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ لِدُخُولِهَا فِي التَّقْوِيمِ وَزَكَّى عَيْنَهَا بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَانَ اشْتَرَى بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَعَرْضِ قِنْيَةٍ) أَيْ مَعْلُومِ الْقِيمَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ حَتَّى يَتَأَتَّى التَّوْزِيعُ الْمَذْكُورُ، وَانْظُرْ مَا الْحَالُ لَوْ كَانَ الْعَرْضُ مَجْهُولَ الْقِيمَةِ

التِّجَارَةِ لِتَمَامِ حَوْلِهَا) وَلِئَلَّا يَبْطُلَ بَعْضُ حَوْلِهَا وَلِوُجُوبِ الْمُوجِبِ بِلَا مُعَارِضٍ لَهُ (ثُمَّ يَفْتَتِحُ) مِنْ تَمَامِهِ (حَوْلًا لِزَكَاةِ الْعَيْنِ أَبَدًا) أَيْ فَتَجِبُ فِي بَقِيَّةِ الْحَوْلِ وَمَا مَضَى مِنْ السَّوْمِ فِي بَقِيَّةِ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، وَالثَّانِي يَبْطُلُ حَوْلُ التِّجَارَةِ وَتَجِبُ زَكَاةُ الْعَيْنِ لِتَمَامِ حَوْلِهَا مِنْ الشِّرَاءِ وَلِكُلِّ حَوْلٍ بَعْدَهُ. (وَإِذَا قُلْنَا عَامِلُ الْقِرَاضِ لَا يَمْلِكُ الرِّبْحَ) الْمَشْرُوطَ لَهُ (بِالظُّهُورِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ بَلْ بِالْقِسْمَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ (فَعَلَى الْمَالِكِ) عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ (زَكَاةُ الْجَمِيعِ) رِبْحًا وَرَأْسَ مَالٍ؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ مِلْكُهُ (فَإِنْ أَخْرَجَهَا) مِنْ مَالٍ آخَرَ فَذَاكَ ظَاهِرٌ (أَوْ مِنْ) عَيْنِ (مَالِ الْقِرَاضِ حُسِبَتْ مِنْ الرِّبْحِ فِي الْأَصَحِّ) وَلَا يُجْعَلُ إخْرَاجُهَا كَاسْتِرْدَادِ الْمَالِكِ جُزْءًا مِنْ الْمَالِ تَنْزِيلًا لَهَا مَنْزِلَةَ الْمُؤَنِ الَّتِي تَلْزَمُ الْمَالَ مِنْ أُجْرَةِ الدَّلَّالِ وَالْكَيَّالِ وَفِطْرَةِ عَبِيدِ التِّجَارَةِ وَجِنَايَاتِهِمْ. وَالثَّانِي تُحْسَبُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ عَلَى مَنْ لَهُ الْمَالُ (وَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُهُ) أَيْ الْعَامِلُ الْمَشْرُوطُ لَهُ (بِالظُّهُورِ لَزِمَ الْمَالِكَ زَكَاةُ رَأْسِ الْمَالِ وَحِصَّتُهُ مِنْ الرِّبْحِ) ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لَهُمَا (وَالْمَذْهَبُ) عَلَى قَوْلِ الْمِلْكِ بِالظُّهُورِ (أَنَّهُ يَلْزَمُ الْعَامِلَ زَكَاةُ حِصَّتِهِ) مِنْ الرِّبْحِ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ التَّوَصُّلِ إلَيْهِ مَتَى شَاءَ بِالْقِسْمَةِ فَأَشْبَهَ الدَّيْنَ الْحَالَّ عَلَى مَلِيءٍ، وَعَلَى هَذَا فَابْتِدَاءُ حَوْلِ حِصَّتِهِ مِنْ وَقْتِ الظُّهُورِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إخْرَاجُهَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَلَهُ أَنْ يَسْتَبِدَّ بِإِخْرَاجِهَا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ. وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْ كَمَالِ التَّصَرُّفِ فِيهَا، وَلَوْ بَاعَ عَرْضَ التِّجَارَةِ قَبْلَ إخْرَاجِ زَكَاتِهَا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ وُجُوبِهَا أَوْ بَاعَهُ بِعَرْضِ قِنْيَةٍ صَحَّ إذْ مُتَعَلِّقُ زَكَاتِهِ الْقِيمَةُ وَهِيَ لَا تَفُوتُ بِالْبَيْعِ، وَلَوْ أَعْتَقَ عَبِيدَ التِّجَارَةِ أَوْ وَهَبَهُ فَكَبَيْعِ الْمَاشِيَةِ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا؛ لِأَنَّهُمَا يُبْطِلَانِ مُتَعَلِّقَ زَكَاةِ التِّجَارَةِ كَمَا أَنَّ الْبَيْعَ يُبْطِلُ مُتَعَلِّقَ الْعَيْنِ، وَكَذَا لَوْ جَعَلَهُ صَدَاقًا أَوْ صُلْحًا عَنْ دَمٍ أَوْ نَحْوِهِمَا؛ لِأَنَّ مُقَابِلَهُ لَيْسَ مَالًا، فَإِنْ بَاعَهُ مُحَابَاةً فَقَدْرُهَا كَالْمَوْهُوبِ فَيَبْطُلُ فِيمَا قِيمَتُهُ قَدْرُ الزَّكَاةِ مِنْ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ وَيَصِحُّ فِي الْبَاقِي تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSفَتُكَرَّرُ بِهِ زَكَاتُهَا، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا اخْتَلَفَ الْوَقْتُ وَالْجِهَةُ نُزِّلَ مَنْزِلَةَ مَالَيْنِ (قَوْلُهُ أَيْ فَتَجِبُ فِي بَقِيَّةِ الْحَوْلِ) الْأَوْلَى فِي تَمَامِ الْحَوْلِ إلَخْ، وَعِبَارَةُ حَجّ: أَيْ فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ وَمَا مَضَى إلَخْ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ. (قَوْلُهُ: فَذَاكَ ظَاهِرٌ) أَيْ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْعَامِلِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُهُ بِالظُّهُورِ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ قَبْلَ إخْرَاجِ زَكَاتِهَا) أَيْ وَبَعْدَ حَوَلَانِ الْحَوْلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ قَوْلِهِ إخْرَاجُ زَكَاتِهَا (قَوْلُهُ: وَهِيَ لَا تَفُوتُ بِالْبَيْعِ) أَيْ فَيُطَالَبُ الْبَائِعُ بِهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدَ التِّجَارَةِ) أَيْ بَعْدَ حَوَلَانِ الْحَوْلِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَيَبْطُلُ فِيمَا قِيمَتُهُ إلَخْ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدَ التِّجَارَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: الْقِيَاسُ أَنَّهُ يَنْفُذُ الْإِعْتَاقُ فِي كُلِّ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ بَطَلَ الْإِعْتَاقُ فِي قَدْرِ حَقِّ الْفُقَرَاءِ لَكِنَّهُ يَسْرِي مِمَّا أَعْتَقَهُ هُوَ إلَى بَاقِيهِ حَيْثُ كَانَ مُوسِرًا بِهِ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ فِي الْبَاقِي) أَيْ وَيَتَعَلَّقُ حَقُّ الْمُسْتَحِقِّينَ بِمَا بَطَلَ فِيهِ التَّصَرُّفُ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَنْقَطِعُ تَعَلُّقُ الْمَالِكِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالْإِخْرَاجِ، فَإِنْ دَفَعَ بَعْدَ ذَلِكَ الْوَاجِبَ لِلْمُسْتَحِقِّينَ مِنْ غَيْرِ مَالِ التِّجَارَةِ تَصَرَّفَ فِي بَاقِيهِ، وَإِلَّا فَلِلْإِمَامِ التَّعَلُّقُ بِمَا بَقِيَ لِأَنَّهُ حَقُّ الْفُقَرَاءِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَلِئَلَّا يَبْطُلَ بَعْضُ حَوْلِهَا) إثْبَاتُ الْوَاوِ هُنَا يُفِيدُ أَنَّ اللَّامَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِتَمَامِ حَوْلِهَا لِلْعِلَّةِ، وَهُوَ فَاسِدٌ كَمَا لَا يَخْفَى بَلْ هِيَ بِمَعْنَى عِنْدَ، فَالصَّوَابُ حَذْفُ الْوَاوِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ وَلَعَلَّهَا مِنْ النُّسَّاخِ (قَوْلُهُ أَيْ فَتَجِبُ فِي بَقِيَّةِ الْحَوْلِ) يُتَأَمَّلُ.

[باب زكاة الفطر]

بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ الْفِطْرَةُ بِكَسْرِ الْفَاءِ: اسْمٌ مُوَلَّدٌ لَا عَرَبِيٌّ وَلَا مُعَرَّبٌ بَلْ اصْطِلَاحٌ لِلْفُقَهَاءِ فَتَكُونُ حَقِيقَةً شَرْعِيَّةً عَلَى الْمُخْتَارِ كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَتُقَالُ لِلْخِلْقَةِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: 30] وَالْمَعْنَى أَنَّهَا وَجَبَتْ عَلَى الْخِلْقَةِ تَزْكِيَةً لِلنَّفْسِ: أَيْ تَطْهِيرًا لَهَا وَتَنْمِيَةً لِعَمَلِهَا وَتُقَالُ لِلْمُخْرَجِ، وَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ: إنَّهُ بِضَمِّ الْفَاءِ اسْمٌ لِلْمُخْرَجِ مَرْدُودٌ. وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ» وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ إذْ كَانَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ، فَلَا أَزَالُ أُخْرِجُهُ كَمَا كُنْت أُخْرِجُهُ مَا عِشْت» وَلَا يُنَافِي حِكَايَةَ الْإِجْمَاعِ قَوْلُ ابْنِ اللَّبَّانِ بِعَدَمِ وُجُوبِهَا لِأَنَّهُ غَلَطٌ صَرِيحٌ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، لَكِنْ صَرِيحُ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ فِيهَا خِلَافًا لِغَيْرِ ابْنِ اللَّبَّانِ وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ شَاذٌّ مُنْكَرٌ فَلَا يَتَخَرَّقُ بِهِ الْإِجْمَاعُ، أَوْ يُرَادُ بِالْإِجْمَاعِ الْوَاقِعِ فِي عِبَارَةِ غَيْرِ وَاحِدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــS (بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ) (قَوْلُهُ: زَكَاةُ الْفِطْرِ) أَيْ بَيَانُ مَا يَتَعَلَّقُ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ (قَوْلُهُ اسْمٌ مُوَلَّدٌ) أَيْ نَطَقَ بِهِ الْمُوَلَّدُونَ. (قَوْلُهُ: لَا عَرَبِيٌّ) الْعَرَبِيُّ هُوَ الَّذِي تَكَلَّمَتْ بِهِ الْعَرَبُ مِمَّا وَضَعَهُ وَاضِعُ لُغَتِهِمْ وَلَا مُعَرَّبٌ هُوَ لَفْظٌ غَيْرُ عَرَبِيٍّ اسْتَعْمَلَتْهُ الْعَرَبُ فِي مَعْنَاهُ الْأَصْلِيِّ بِتَغَيُّرٍ مَا (قَوْلُهُ: فَتَكُونُ) أَيْ الْفِطْرَةُ (قَوْلُهُ: حَقِيقَةً شَرْعِيَّةً) أَيْ فِي الْقَدْرِ الْمُخْرَجِ وَالْأَنْسَبُ فِي التَّفْرِيعِ أَنْ يَقُولَ: فَتَكُونُ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً أَوْ اصْطِلَاحِيَّةً؛ لِأَنَّ الْحَقِيقَةَ الشَّرْعِيَّةَ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ مَا أُخِذَتْ التَّسْمِيَةُ بِهِ مِنْ كَلَامِ الشَّارِعِ، أَمَّا مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ وَاسْتَعْمَلُوهُ فَلَا يُسَمَّى بِذَلِكَ بَلْ يُسَمَّى حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً أَوْ اصْطِلَاحِيَّةً. ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ قَالَ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ حَقِيقَةً شَرْعِيَّةً: فَإِنْ قُلْت: كَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَقُولَ فَتَكُونُ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً؛ لِأَنَّ الشَّرْعِيَّةَ مَا كَانَتْ بِوَضْعِ الشَّارِعِ. قُلْت: هَذِهِ النِّسْبَةُ لُغَوِيَّةٌ وَهِيَ صَحِيحَةٌ، فَالْمُرَادُ حَقِيقَةٌ مَنْسُوبَةٌ لِحَمَلَةِ الشَّرْعِ وَهُمْ الْفُقَهَاءُ، وَالنِّسْبَةُ بِهَذَا الْمَعْنَى لَا شُبْهَةَ فِي صِحَّتِهَا وَإِنْ كَانَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ النِّسْبَةِ فِي " شَرْعِيَّةً " بِاعْتِبَارِ الِاصْطِلَاحِ الْأُصُولِيِّ هِيَ مَا كَانَ بِوَضْعِ الشَّارِعِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ وَتُقَالُ لِلْخِلْقَةِ) ظَاهِرُ هَذَا الصَّنِيعِ يَقْتَضِي أَنَّ لَفْظَ الْفِطْرَةِ سَوَاءٌ أُرِيدَ بِهِ الْخِلْقَةَ أَوْ الْقَدْرَ الْمُخْرَجَ مُوَلَّدٌ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ؛ لِأَنَّ اصْطِلَاحَاتِ الْفُقَهَاءِ حَادِثَةٌ، وَإِطْلَاقُ الْفِطْرَةِ عَلَى الْخِلْقَةِ لَيْسَ مِنْ اصْطِلَاحَاتِهِمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلَعَلَّهَا مُوَلَّدَةٌ لِلنَّظَرِ بِالْمَعْنَى الثَّانِي. (قَوْلُهُ: وَتَنُمِّيهِ) عَطْفٌ مُغَايِرٌ (قَوْلُهُ: وَتُقَالُ لِلْمُخْرَجِ) أَيْ تُقَالُ الْفِطْرَةُ بِالْكَسْرِ لِلْمَالِ الْمُخْرَجِ بِفَتْحِ الرَّاءِ. (قَوْلُهُ: صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ) إنَّمَا اُقْتُصِرَ عَلَيْهِمَا لِكَوْنِهِمَا هُمَا اللَّذَانِ كَانَا مَوْجُودَيْنِ إذْ ذَاكَ اهـ. وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: إذْ كَانَ) أَيُّ وَقْتٍ كَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ: صَاعًا مِنْ طَعَامٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ] (بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ) (قَوْلُهُ: الْفِطْرَةُ بِكَسْرِ الْفَاءِ إلَخْ) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُمَهِّدَ لِهَذَا بِشَيْءٍ يَتَنَزَّلُ عَلَيْهِ كَأَنْ يَقُولَ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ زَكَاةُ الْفِطْرِ وَيُقَالُ لَهَا الْفِطْرَةُ وَهِيَ بِكَسْرِ الْفَاءِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مُوَلَّدٌ لَا عَرَبِيٌّ وَلَا مُعَرَّبٌ) بِمَعْنَى أَيْ وَضْعُهُ عَلَى هَذِهِ الْحَقِيقَةِ مُوَلَّدٌ مِنْ جُمْلَةِ الشَّرْعِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَيَكُونُ حَقِيقَةً شَرْعِيَّةً، وَإِلَّا فَالْمُوَلَّدُ هُوَ اللَّفْظُ الَّذِي وَلَّدَهُ النَّاسُ بِمَعْنَى اخْتَرَعُوهُ وَلَمْ تَعْرِفْهُ الْعَرَبُ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْفِطْرَةَ لَيْسَتْ كَذَلِكَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: 30]

مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ ابْنِ كَجٍّ: لَا يُكَفَّرُ جَاحِدُهَا. وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا وَجَبَتْ كَرَمَضَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ. قَالَ وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ: زَكَاةُ الْفِطْرِ لِشَهْرِ رَمَضَانَ كَسَجْدَةِ السَّهْوِ لِلصَّلَاةِ يَجْبُرُ نُقْصَانَ الصَّوْمِ كَمَا يَجْبُرُ السُّجُودُ نُقْصَانَ الصَّلَاةِ. (تَجِبُ) زَكَاةُ الْفِطْرِ (بِأَوَّلِ لَيْلَةِ الْعِيدِ فِي الْأَظْهَرِ) لِإِضَافَتِهَا إلَى الْفِطْرِ فِي الْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ وَلِأَنَّهَا طُهْرَةٌ لِلصَّائِمِ عَنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ فِيهِ فَكَانَتْ عِنْدَ تَمَامِ صَوْمِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ إدْرَاكِ جُزْءٍ مِنْ رَمَضَانَ مَعَ الْجُزْءِ الْمَذْكُورِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ فَيُخْرِجُ إلَى آخِرِهِ، وَقَوْلُهُ فِيمَا بَعْدُ لَهُ تَعْجِيلُ الْفِطْرَةِ مِنْ أَوَّلِ رَمَضَانَ وَالثَّانِي تَجِبُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ يَوْمَ الْعِيدِ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْعِيدِ فَلَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ وَقْتُهَا كَالْأُضْحِيَّةِ، كَذَا عَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ وَقْتَ الْأُضْحِيَّةِ إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ وَمَضَى قَدْرُ رَكْعَتَيْنِ وَخُطْبَتَيْنِ خَفِيفَاتٍ لَا الْفَجْرُ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مَنْ أَدَّى فِطْرَةَ عَبْدِهِ قَبْلَ الْغُرُوبِ ثُمَّ مَاتَ الْمُخْرِجُ فَانْتَقَلَ إلَى وَرَثَتِهِ وَجَبَ الْإِخْرَاجُ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ. (فَتُخْرَجُ) عَلَى الْأَظْهَرِ (عَمَّنْ مَاتَ بَعْدَ الْغُرُوبِ) بِأَنْ كَانَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ عِنْدَهُ وَهُوَ مِمَّنْ يُؤَدَّى عَنْهُ مِنْ زَوْجَةٍ وَعَبْدٍ وَقَرِيبٍ لِوُجُودِ السَّبَبِ فِي حَيَاتِهِ وَإِنْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ بِعِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِ كَطَلَاقٍ أَوْ اسْتِغْنَاءِ قَرِيبٍ لِاسْتِقْرَارِهَا، وَلَوْ مَاتَ الْمُؤَدَّى ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ بُرٍّ. (قَوْلُهُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ) لَمْ يُبَيِّنْ فِي أَيِّ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرِ، وَعِبَارَةُ الْمَوَاهِبِ اللَّدُنِّيَّةِ: وَفُرِضَتْ زَكَاةُ الْفِطْرِ قَبْلَ الْعِيدِ بِيَوْمَيْنِ. (قَوْلُهُ: تَجْبُرُ نُقْصَانَ الصَّوْمِ) وَجْهُ الشَّبَهِ وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ وَاجِبَةً وَذَاكَ مَنْدُوبًا (قَوْلُهُ: كَمَا يَجْبُرُ السُّجُودُ نُقْصَانَ الصَّلَاةِ) وَيُؤَيِّدُهُ الْخَبَرُ الصَّحِيحُ «أَنَّهَا طُهْرَةٌ لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ» وَالْخَبَرُ الْغَرِيبُ «شَهْرُ رَمَضَانَ مُعَلَّقٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا يُرْفَعُ إلَّا بِزَكَاةِ الْفِطْرِ» اهـ. حَجّ (قَوْلُهُ: كَمَا يُفِيدُ قَوْلُهُ فَيُخْرِجُ إلَخْ) وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّ فِي التَّعْبِيرِ بِهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ لِرَمَضَانَ فِي وُجُوبِهَا دَخْلًا فَهُوَ سَبَبٌ أَوَّلٌ، وَإِلَّا لَمَا جَازَ إخْرَاجُهَا فِيهِ لِانْحِصَارِ سَبَبِ وُجُوبِهَا حِينَئِذٍ فِي أَوَّلِ شَوَّالٍ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم عَلَى حَجّ قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ فِيمَا بَعْدُ إلَخْ قَدْ يُقَالُ: هَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السَّبَبَ الْأَوَّلَ الْجُزْءُ الْأَخِيرُ مِنْ رَمَضَانَ بَلْ يَقْتَضِي أَنَّهُ رَمَضَانُ، إذْ لَوْ كَانَ الْجُزْءَ الْأَخِيرَ لَكَانَ تَقْدِيمُهَا أَوَّلَ رَمَضَانَ تَقْدِيمًا عَلَى السَّبَبَيْنِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ الْوَجْهُ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ أَنَّ السَّبَبَ الْأَوَّلَ هُوَ رَمَضَانُ كُلًّا أَوْ بَعْضًا: أَيْ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ كُلِّهِ وَبَعْضِهِ فَصَحَّ قَوْلُهُمْ لَهُ تَعْجِيلُ الْفِطْرَةِ مِنْ أَوَّلِ رَمَضَانَ وَقَوْلُهُمْ هُنَا مَعَ إدْرَاكِ آخِرِ جُزْءٍ مِنْ رَمَضَانَ، وَهَذَا فِي غَايَةِ الظُّهُورِ لَكِنَّهُ قَدْ يَشْتَبِهُ مَعَ عَدَمِ التَّأَمُّلِ. (قَوْلُهُ: وَجَبَ الْإِخْرَاجُ إلَخْ) وَالْقِيَاسُ اسْتِرْدَادُ مَا أَخْرَجَهُ الْمُوَرَّثُ إنْ عَلِمَ الْقَابِضُ أَنَّهَا زَكَاةٌ مُعَجَّلَةٌ وَكَمَوْتِ السَّيِّدِ مَوْتُ الْعَبْدِ فَيَسْتَرِدُّهَا بِيَدِهِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ بِأَنْ وَصَلَ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ لَا يُخْرِجُ عَنْهُ، وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ كَانَ ذَلِكَ بِجِنَايَةٍ وَإِلَّا فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مَا دَامَ حَيًّا حُكْمُهُ كَالصَّحِيحِ حَتَّى يُقْتَلَ قَاتِلُهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) كَطَلَاقٍ. قَالَ سم عَلَى شَرْحِ بَهْجَةٍ: لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى غُرُوبِ شَمْسِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَسْقُطُ فِطْرَتُهَا عَنْهُ لِأَنَّهَا لَمْ تُدْرِكْ الْجُزْأَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ فَيَخْرُجُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ فِيمَا بَعْدُ لَهُ تَعْجِيلُ الْفِطْرَةِ إلَخْ) فِي إفَادَةِ هَذَيْنِ مَا ذَكَرَهُ نَظَرٌ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ وَقْتَ الْأُضْحِيَّةِ إلَخْ) قَدْ يُدْفَعُ الِاعْتِرَاضُ بِأَنَّ التَّشْبِيهَ إنَّمَا هُوَ فِي عَدَمِ التَّقَدُّمِ عَلَى يَوْمِ الْعِيدِ، فَلَا يَنْفِي أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ إنَّمَا يَدْخُلُ وَقْتُهَا بِمَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَاتَ) أَيْ قَبْلَ الْغُرُوبِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مِمَّنْ يُؤَدَّى عَنْهُ مِنْ زَوْجَةٍ إلَخْ) فِيهِ أُمُورٌ: الْأَوَّلُ أَنَّ هَذَا الْحَصْرَ يُخْرِجُ مِنْ الْمَتْنِ نَفْسَ مَنْ يُخْرِجُ. الثَّانِي أَنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ زَالَ مِلْكُهُ إلَخْ لَا يَصِحُّ أَخْذُهُ غَايَةً فِي مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ الَّتِي الْكَلَامُ فِيهَا. الثَّالِثُ أَنَّ قَوْلَهُ كَطَلَاقٍ أَوْ اسْتِغْنَاءٍ قَرِيبٍ لَا يَصِحُّ كَوْنُهُ مِثَالًا لِزَوَالِ الْمِلْكِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ مَعَ الْمَتْنِ: فَيَخْرُجُ عَمَّنْ مَاتَ أَوْ طَلُقَ أَوْ عَتَقَ أَوْ بِيعَ بَعْدَ الْغُرُوبِ وَلَوْ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِمَّنْ يُؤَدِّي عَنْهُ وَكَانَتْ حَيَاتُهُ مُسْتَقِرَّةً عِنْدَهُ لِوُجُودِ السَّبَبِ فِي حَيَاتِهِ وَاسْتِغْنَاءُ الْقَرِيبِ كَمَوْتِهِ انْتَهَتْ.

عَنْهُ بَعْدَ الْوُجُوبِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ لَمْ تَسْقُطْ فِطْرَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْمَجْمُوعِ بِخِلَافِ تَلَفِ الْمَالِ، وَفَرَّقَ بِأَنَّ الزَّكَاةَ تَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ وَالْفِطْرَةَ بِالذِّمَّةِ (دُونَ مَنْ وُلِدَ) بَعْدَهُ وَلَوْ شَكَّ فِي الْحُدُوثِ قَبْلَ الْغُرُوبِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا وُجُوبَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِلشَّكِّ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ بَعْضُ الْجَنِينِ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَبَاقِيهِ بَعْدَهُ لَمْ تَجِبْ؛ لِأَنَّهُ جَنِينٌ مَا لَمْ يَتِمَّ انْفِصَالُهُ وَيَلْحَقُ بِهِ كُلُّ مَا حَدَثَ بَعْدَهُ بِنِكَاحٍ أَوْ إسْلَامٍ أَوْ مِلْكِ قِنٍّ وَلَوْ ادَّعَى بَعْدَ وَقْتِ الْوُجُوبِ أَنَّهُ أَعْتَقَ الْقِنَّ قَبْلَهُ عَتَقَ وَلَزِمَهُ فِطْرَتُهُ، وَإِنَّمَا قُبِلَتْ دَعْوَاهُ بَعْدَ الْحَوْلِ بِيعَ الْمَالُ الزَّكَوِيِّ أَوْ وَقَفَهُ قَبْلَهُ لِأَنَّهُ فِيهَا لَا يَنْقُلُ الزَّكَاةَ لِغَيْرِهِ بَلْ يُسْقِطُهَا، وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُوبِهَا بِخِلَافِ الْأُولَى فَإِنَّهُ يُرِيدُ نَقْلَهَا إلَى غَيْرِهِ. (وَيُسَنُّ أَنْ لَا تُؤَخَّرَ عَنْ صَلَاتِهِ) أَيْ الْعِيدِ بِأَنْ تَخْرُجَ قَبْلَهَا إنْ فُعِلَتْ أَوَّلَ النَّهَارِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ لِلْأَمْرِ بِهِ قَبْلَ الْخُرُوجِ إلَيْهَا، بَلْ جَزَمَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ بِأَنَّ تَأْخِيرَهَا إلَى مَا بَعْدَهَا مَكْرُوهٌ، فَإِنْ أُخِّرَتْ سُنَّ الْأَدَاءُ أَوَّلَ النَّهَارِ لِلتَّوْسِعَةِ عَلَى مُسْتَحِقِّيهَا، وَسَيَأْتِي فِي زَكَاةِ الْمَالِ التَّأْخِيرُ لِانْتِظَارِ نَحْوِ قَرِيبٍ وَجَارٍ أَفْضَلُ فَيَأْتِي مِثْلُهُ هُنَا مَا لَمْ يُؤَخِّرْهَا عَنْ يَوْمِ الْفِطْرِ (وَيَحْرُمُ تَأْخِيرُهَا عَنْ يَوْمِهِ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي عِصْمَتِهِ وَيَلْزَمُهَا فِطْرَةُ نَفْسِهَا لِأَنَّ الْوُجُوبَ يُلَاقِيهَا وَلَمْ يُوجَدْ سَبَبُ التَّحَمُّلِ عَنْهَا مَرَّ وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ شَوَّالٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ مُقَارِنًا لِلْجُزْءِ الثَّانِي مِنْ جُزْأَيْ الْوُجُوبِ وَهُوَ أَوَّلُ جُزْءٍ مِنْ شَوَّالٍ فَلَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ زَوْجَةٌ. (قَوْلُهُ: وَالْفِطْرَةُ بِالذِّمَّةِ) هَذَا ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ الزَّكَوِيِّ لَكِنَّهُ مُشْكِلٌ بِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمُوسِرَ وَقْتَ الْوُجُوبِ لَوْ تَلِفَ مَالُهُ قَبْلَ التَّمَكُّنِ سَقَطَ عَنْهُ الْوُجُوبُ كَزَكَاةِ الْمَالِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمُؤَدِّي لَمَّا كَانَ الْمَالُ ثَابِتًا فِي ذِمَّتِهِ وَهُوَ إنَّمَا يُخْرِجُ مِمَّا يَمْلِكُهُ كَانَ الْمَالُ الَّذِي فِي يَدِهِ بِمَنْزِلَةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الزَّكَاةُ، وَالْمُؤَدَّى عَنْهُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ الْمَالُ مُسْتَقِرًّا عَلَيْهِ بَلْ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِذِمَّةِ غَيْرِهِ لَمْ يُنْظَرْ لِلتَّمَكُّنِ مِنْ الْإِخْرَاجِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَلَا عَدَمِهِ؛ لِأَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ حَيْثُ الْمُطَالَبَةُ بِالْمَالِ مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ فَلَمْ يُنْظَرْ إلَى التَّمَكُّنِ فِي حَيَاتِهِ وَلَا لِعَدَمِهِ، لَكِنْ هَذَا لَا يَتِمُّ فِيمَا إذَا مَاتَ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَحَمَّلْهَا عَنْهُ غَيْرُهُ لِكَوْنِهِ حُرًّا مُوسِرًا قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْإِخْرَاجِ. (قَوْلُهُ: فَلَا وُجُوبَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِلشَّكِّ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ عَدَمُ الْوُجُوبِ فِيمَا لَوْ شَكَّ فِي وَقْتِ الْمَوْتِ وَكَوْنُ الْأَصْلِ بَقَاءَ الْحَيَاةِ يَقْتَضِي خِلَافَهُ فَلْيُرَاجَعْ. وَبَقِيَ مَا لَوْ شَكَّ فِي بَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ هَلْ تَجِبُ الْفِطْرَةُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الزَّوْجِيَّةِ أَمْ لَا، فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَرُجِّحَ هَذَا الْأَصْلُ عَلَى كَوْنِ الْأَصْلِ عَدَمَ الْوُجُوبِ لِفَوْتِهِ بِاسْتِصْحَابِ بَقَاءِ الْحَيَاةِ وَالزَّوْجِيَّةِ لِلَّذِينَ هُمَا سَبَبُ الْوُجُوبِ. (قَوْلُهُ: وَبَاقِيهِ بَعْدَهُ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدُ، مِثْلَ مَا ذَكَرَ: وَيَنْبَغِي أَوْ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ الْجُزْءَ الْأَوَّلَ وَلَمْ يَعْقُبْ تَمَامَ انْفِصَالِهِ شَيْءٌ مِنْ رَمَضَانَ بَلْ أَوَّلُ شَوَّالٍ. (قَوْلُهُ: عَتَقَ وَلَزِمَهُ) أَيْ لَزِمَ السَّيِّدَ وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى طَلَاقَ الزَّوْجَةِ قَبْلَ وَقْتِ الْوُجُوبِ لَا تَسْقُطُ فِطْرَتُهَا عَنْهُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِيهَا) أَيْ فِي دَعْوَى الْبَيْعِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْأَوْلَى) هِيَ قَوْلُهُ وَلَوْ ادَّعَى بَعْدَ وَقْتِ الْوُجُوبِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُرِيدُ نَقْلَهَا إلَى غَيْرِهِ) أَيْ وَهُوَ الْعَبْدُ بِتَقْدِيرِ يَسَارِهِ بِطُرُوِّ مَالٍ لَهُ قَبْلَ الْغُرُوبِ أَوْ بِتَمَامِ مِلْكِهِ عَلَى مَا بِيَدِهِ بِأَنْ كَانَ مُكَاتَبًا وَأَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ قُبَيْلَ الْغُرُوبِ لَكِنْ هَذِهِ لَيْسَتْ مِنْ مَحِلِّ الْبَحْثِ لِعَدَمِ وُجُوبِ زَكَاةِ الْمُكَاتَبِ عَلَى سَيِّدِهِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَخْرُجَ قَبْلَهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ الْفَجْرِ أَوْ قَبْلَهُ لَيْلَةَ الْعِيدِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَيُسَنُّ أَنْ تَخْرُجَ يَوْمَ الْعِيدِ لَا قَبْلَهُ وَأَنْ يَكُونَ إخْرَاجُهَا قَبْلَ صَلَاتِهِ، وَهُوَ قَبْلَ الْخُرُوجِ إلَيْهَا مِنْ بَيْتِهِ أَفْضَلُ لِلْأَمْرِ الصَّحِيحِ بِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَأَلْحَقَ الْخُوَارِزْمِيَّ كَشَيْخِهِ الْبَغَوِيّ لَيْلَةَ الْعِيدِ بِيَوْمِهِ وَوَجَّهَ بِأَنَّ الْفُقَرَاءَ يُهَيِّئُونَهَا لِغَدِهِمْ فَلَا يَتَأَخَّرُ أَكْلُهُمْ عَنْ غَيْرِهِمْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أُخِّرَتْ سُنَّ الْأَدَاءُ أَوَّلَ النَّهَارِ) أَيْ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُبَادِرُ إلَى إخْرَاجِهَا عَقِبَ صَلَاةِ الْعِيدِ، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَعْدَهُ أَوَّلُ نِسْبِيٍّ فَلَا يُنَافِي أَنَّ أَوَّلَ النَّهَارِ حَقِيقَةُ طُلُوعِ الْفَجْرِ. وَبَقِيَ مَا لَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ الْإِخْرَاجُ وَصَلَاةُ الْعِيدِ فِي جَمَاعَةٍ هَلْ يُقَدَّمُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الثَّانِي مَا لَمْ تَشْتَدَّ حَاجَةُ الْفُقَرَاءِ فَيُقَدَّمُ الْأَوَّلُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَيَأْتِي مِثْلُهُ) وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ هُنَا لِغَرَضٍ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[تأخير زكاة الفطر إلى ما بعد صلاة العيد]

الْفِطْرِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ كَغَيْبَةِ مَالِهِ أَوْ مُسْتَحِقِّيهَا لِأَنَّ الْقَصْدَ إغْنَاؤُهُمْ عَنْ الطَّلَبِ فِيهِ لِكَوْنِهِ يَوْمَ سُرُورٍ، فَمَنْ أَخَّرَهَا عَنْهُ أَثِمَ وَقَضَى وُجُوبًا فَوْرًا إنْ أَخَّرَهَا بِلَا عُذْرٍ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ كَالْأَذْرَعِيِّ حَيْثُ اعْتَمَدَا وُجُوبَ الْفَوْرِيَّةِ مُطْلَقًا نَظَرًا إلَى تَعَلُّقِ حَقِّ الْآدَمِيِّ وَفَارَقَتْ زَكَاةَ الْمَالِ فَإِنَّهَا وَإِنْ أُخِّرَتْ عَنْ التَّمَكُّنِ تَكُونُ أَدَاءً كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ بِأَنَّ هَذِهِ مُؤَقَّتَةٌ بِزَمَنٍ مَحْدُودٍ كَالصَّلَاةِ. (وَلَا فِطْرَةَ عَلَى كَافِرٍ) أَصْلِيٍّ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ إجْمَاعٌ لِأَنَّهَا طُهْرَةٌ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، وَالْمُرَادُ بِهِ عَدَمُ مُطَالَبَتِهِ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَإِلَّا فَهُوَ مُعَاقَبٌ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ، أَمَّا فِطْرَةُ الْمُرْتَدِّ وَمَنْ عَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ فَمَوْقُوفَةٌ عَلَى عَوْدِهِ إلَى الْإِسْلَامِ وَكَذَا الْعَبْدُ الْمُرْتَدُّ (إلَّا فِي عَبْدِهِ) أَيْ رَقِيقِهِ الْمُسْلِمِ وَلَوْ مُسْتَوْلِدَةٌ (أَوْ قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ) فَتَجِبُ عَلَيْهِ عَنْهُمَا (فِي الْأَصَحِّ) كَنَفَقَتِهِمَا، وَهَكَذَا كُلُّ مُسْلِمٍ يَلْزَمُ الْكَافِرَ مُؤْنَتُهُ كَزَوْجَتِهِ الذِّمِّيَّةِ إذَا أَسْلَمَتْ ثُمَّ غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَهُوَ مُتَخَلِّفٌ وَأَوْجَبْنَا نَفَقَتَهَا مُدَّةَ التَّخَلُّفِ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ. وَالثَّانِي لَا تَجِبُ عَلَى الْكَافِرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى الْمُؤَدَّى عَنْهُ ثُمَّ يَتَحَمَّلُهَا الْمُؤَدِّي أَوْ عَلَى الْمُخْرِجِ ابْتِدَاءً، وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ وَإِنْ كَانَ الْمُؤَدَّى عَنْهُ غَيْرَ مُكَلَّفٍ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ عَدَمُ صِحَّةِ تَوَجُّهِهِ الْخِطَابَ لَهُ إذْ ذَاكَ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ هُنَا، وَوُجُوبُهَا بِطَرِيقِ الْحَوَالَةِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لَا بِطَرِيقِ الضَّمَانِ وَإِنْ جَرَى عَلَى الثَّانِي جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ مُحْتَجِّينَ بِأَنَّهُ لَوْ أَدَّاهَا الْمُتَحَمَّلُ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُتَحَمِّلِ أَجْزَأَهُ وَسَقَطَتْ عَنْ الْمُتَحَمِّلِ لِمَا يَأْتِي أَنَّ الْحُرَّةَ الْمُوسِرَةَ لَوْ أَعْسَرَ زَوْجُهَا لَمْ يَلْزَمْهَا فِطْرَتُهَا، وَلَوْ كَانَ كَالضَّمَانِ لَزِمَتْهَا عِنْدَ تَحَمُّلِ الزَّوْجِ وَعَدَمِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSهَذِهِ ثُمَّ تَلِفَ الْمَالُ اسْتَقَرَّتْ فِي ذِمَّتِهِ لِمَا يَأْتِي، ثُمَّ إنَّ التَّأْخِيرَ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ) وَلَيْسَ مِنْ الْعُذْرِ هُنَا انْتِظَارُ الْأَحْوَجِ. (قَوْلُهُ: كَغَيْبَةِ مَالِهِ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ لِمَرْحَلَتَيْنِ أَوْ دُونَهُمَا، وَعِبَارَةُ حَجّ: تَنْبِيهُ ظَاهِرِ قَوْلِهِ هُنَا كَغَيْبَةِ مَالٍ أَنَّ غَيْبَتَهُ مُطْلَقًا لَا تَمْنَعُ وُجُوبَهَا وَفِيهِ نَظَرٌ كَإِفْتَاءِ بَعْضِهِمْ أَنَّهَا تَمْنَعُهُ مُطْلَقًا أَخْذًا مِمَّا فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ إذَا عَجَزَ عَنْهَا وَقْتَ الْوُجُوبِ لَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ إذْ ادِّعَاءُ أَنَّ الْغَيْبَةَ مِنْ جُمْلَةِ الْعَجْزِ هُوَ مَحِلُّ النِّزَاعِ، وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ يَجْتَمِعُ بِهِ أَطْرَافُ كَلَامِهِمْ، وَهُوَ أَنَّ الْغَيْبَةَ إنْ كَانَتْ لِدُونِ مَرْحَلَتَيْنِ لَزِمَتْهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْحَاضِرِ، لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ الِاقْتِرَاضُ بَلْ لَهُ التَّأْخِيرُ إلَى حُضُورِ الْمَالِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُهُمْ كَغَيْبَةِ مَالِهِ أَوْ لِمَرْحَلَتَيْنِ، فَإِنْ قُلْنَا بِمَا رَجَّحَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ أَنَّهُ يُمْنَعُ أَخْذُ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهُ غَنِيٌّ كَانَ الْقِسْمَ الْأَوَّلَ أَوْ بِمَا عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ أَنَّهُ كَالْمُعْدِمِ فَيَأْخُذُهَا لَمْ تَلْزَمْهُ الْفِطْرَةُ لِأَنَّهُ وَقْتَ وُجُوبِهَا فَقِيرٌ مُعْدِمٌ وَلَا نَظَرَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الِاقْتِرَاضِ لِمَشَقَّتِهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَقَضِيَّةُ اقْتِصَارِ الشَّارِحِ عَلَى كَوْنِ الْغَيْبَةِ عُذْرًا فِي جَوَازِ التَّأْخِيرِ الْمُعْتَمَدِ عِنْدَهُ الْوُجُوبُ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا اُغْتُفِرَ لَهُ جَوَازُ التَّأْخِيرِ لِعُذْرِهِ بِالْغَيْبَةِ. (قَوْلُهُ: اعْتَمَدَا وُجُوبَ الْفَوْرِيَّةِ مُطْلَقًا) أَيْ أَخَّرَ لِعُذْرٍ أَمْ لَا. . (قَوْلُهُ: وَلَا فِطْرَةَ عَلَى كَافِرٍ) أَيْ فَلَوْ خَالَفَ وَأَخْرَجَهَا حِينَئِذٍ هَلْ يُعَاقَبُ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالْفُرُوعِ وَكَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ صِحَّةِ إخْرَاجِهِ بِأَنْ يَأْتِيَ بِكَلِمَةِ الْإِسْلَامِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَنَقَلَ بِالدَّرْسِ عَنْ حَجّ فِي شَرْحِ الْأَرْبَعِينَ الثَّانِي وَفِيهِ وَقْفَةٌ. (قَوْلُهُ: أُصَلِّي) أَيْ فَلَوْ أَسْلَمَ ثُمَّ أَرَادَ إخْرَاجَهَا عَمَّا مَضَى لَهُ فِي الْكُفْرِ فَقِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ قَضَائِهِ لِمَا فَاتَهُ مِنْ الصَّلَاةِ فِي زَمَنِ الْكُفْرِ عَدَمُ صِحَّةِ أَدَائِهِ هُنَا فَلَا يَقَعُ مَا أَدَّاهُ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا، وَقَدْ يُقَالُ يَقَعُ تَطَوُّعًا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ بِأَنَّ الْكَافِرَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ لَا فَرْضِهَا وَلَا نَفْلِهَا، فَلَمْ يَصِحَّ مَا فَعَلَهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ عَمَّا فَاتَهُ فِي زَمَنِ الْكُفْرِ، بِخِلَافِ الصَّدَقَةِ فَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِهَا فِي زَمَنِ الْكُفْرِ فِي الْجُمْلَةِ إذْ يُعْتَدُّ بِصَدَقَةِ التَّطَوُّعِ مِنْهُ، فَإِذَا أَدَّى الزَّكَاةَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ مَا يَخْتَصُّ بِهَا وَهُوَ وُقُوعُهَا فَرْضًا وَوَقَعَتْ تَطَوُّعًا؛ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ فِي الْجُمْلَةِ. (قَوْلُهُ: عَلَى عَوْدِهِ إلَى الْإِسْلَامِ) أَيْ وَيُجْزِئُهُ الْإِخْرَاجُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَمَا يَأْتِي أَوَّلَ الْبَابِ الْآتِي. (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْعَبْدُ الْمُرْتَدُّ) بَقِيَ مَا لَوْ ارْتَدَّ الْأَصْلُ أَوْ الْفَرْعُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا قِيلَ فِي الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَرَى عَلَى الثَّانِي) إلَخْ هُوَ قَوْلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [تَأْخِيرَ زَكَاةِ الْفِطْرِ إلَى مَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ] قَوْلُهُ لِمَا يَأْتِي بِأَنَّ الْحُرَّةَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِكَوْنِهَا كَالْحَوَالَةِ

وَالْجَوَابُ عَمَّا عَلَّلُوا بِهِ أَنَّهُ لَا يَسْتَلْزِمُ مَا قَالُوهُ غَايَتُهُ أَنَّهُ اُغْتُفِرَ عَدَمُ الْإِذْنِ لِكَوْنِ الْمُتَحَمَّلِ عَنْهُ قَدْ نَوَى، وَعَلَى الْأَوَّلِ قَالَ الْإِمَامُ: لَا صَائِرَ إلَى أَنَّ الْمُتَحَمَّلَ عَنْهُ يَنْوِي وَالْكَافِرُ لَا تَصِحُّ مِنْهُ النِّيَّةُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَنْفِيَّ عَنْهُ نِيَّةُ الْعِبَادِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمَجْمُوعِ: إنَّهُ يَكْفِي إخْرَاجُهُ وَنِيَّتُهُ لِأَنَّهُ الْمُكَلَّفُ بِالْإِخْرَاجِ اهـ. وَظَاهِرُهُ وُجُوبُهَا. وَلَوْ أَسْلَمَ عَلَى عَشْرِ نِسْوَةٍ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُنَّ لِأَنَّهُنَّ مَحْبُوسَاتٌ بِسَبَبِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ الْفِطْرَةُ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْفِطْرَةَ إنَّمَا تَتْبَعُ النَّفَقَةَ بِسَبَبِ الزَّوْجِيَّةِ: أَيْ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُسْلِمْنَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْعِيدِ، فَإِنْ أَسْلَمْنَ بَعْدَ الْغُرُوبِ فَلَا فِطْرَةَ، وَهَذَا ظَاهِرٌ جَلِيٌّ، هَذَا وَالْأَوْجَهُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وُجُوبُ فِطْرَةِ أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ. وَلَوْ دَخَلَ وَقْتُ الْوُجُوبِ وَلَهُ أَبٌ مُعْسِرٌ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ وَأَيْسَرَ الْأَبُ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَ الِابْنُ الْفِطْرَةَ. لَمْ تَلْزَمْ الْأَبَ حَيْثُ قُلْنَا بِوُجُوبِهَا عَلَى الِابْنِ بِطَرِيقِ الْحَوَالَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ بَلْ يَسْتَمِرُّ عَلَى الِابْنِ لِانْقِطَاعِ التَّعَلُّقِ بِالْحَوَالَةِ. (وَلَا) فِطْرَةَ عَلَى (رَقِيقٍ) لَا عَنْ نَفْسِهِ وَلَا غَيْرِهِ وَلَوْ مُكَاتَبًا كِتَابَةً صَحِيحَةً وَلَا تَجِبُ عَلَى سَيِّدِهِ لِاسْتِقْلَالِهِ، بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً فَاسِدَةً حَيْثُ تَجِبُ فِطْرَتُهُ عَلَى سَيِّدِهِ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ (وَفِي الْمُكَاتَبِ) كِتَابَةً صَحِيحَةً (وَجْهٌ) أَنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهِ فِطْرَتُهُ وَفِطْرَةُ زَوْجَتِهِ وَرَقِيقُهُ فِي كَسْبِهِ كَنَفَقَتِهِمْ (وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ يَلْزَمُهُ) مِنْ الْفِطْرَةِ (قِسْطُهُ) أَيْ بِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَبَاقِيهَا عَلَى مَالِكِ الْبَاقِي إذْ هِيَ تَابِعَةٌ لِلنَّفَقَةِ وَهِيَ مُشْتَرَكَةٌ هَذَا إنْ لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِكِ بَعْضِهِ وَإِلَّا اخْتَصَّ الْوُجُوبُ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِطَرِيقِ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ وُجُوبِهَا) مُعْتَمَدٌ: أَيْ وُجُوبُ النِّيَّةِ عَلَى الْكَافِرِ وَهِيَ لِلتَّمْيِيزِ لَا لِلتَّقَرُّبِ. (قَوْلُهُ وُجُوبُ فِطْرَةِ أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ) وَيَنْبَغِي أَنْ تُوقَفَ فِطْرَتُهُنَّ عَلَى الِاخْتِيَارِ وَيَكُونُ مُسْتَثْنًى مِنْ وُجُوبِ التَّعْجِيلِ، وَيُحْتَمَلُ وُجُوبُ إخْرَاجِ زَكَاةِ أَرْبَعٍ فَوْرًا لِتَحَقُّقِ الزَّوْجِيَّةِ فِيهِنَّ مُبْهَمَةً ثُمَّ إذَا اخْتَارَ أَرْبَعًا تَعَيَّنَ لِمَنْ أَخْرَجَ عَنْهُنَّ الْفِطْرَةَ، وَهَذَا الثَّانِي أَقْرَبُ وَيَدُلُّ لَهُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ وَغَائِبٌ وَنَوَى أَحَدَهُمَا صَحَّ وَيُعَيِّنُهُ بَعْدُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ عَلَى سَيِّدِهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ (قَوْلُهُ وَفِي الْمُكَاتَبِ وَجْهٌ) لَوْ فَسَخَ الْمُكَاتَبُ الْكِتَابَةَ بَعْدَ الْوُجُوبِ لَمْ تَجِبْ عَلَى سَيِّدِهِ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّ الْفَسْخَ إنَّمَا يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ: لَوْ فَسَخَ الْمُكَاتَبُ الْكِتَابَةَ بَعْدَ إدْرَاكِ سَبَبِ الْوُجُوبِ فَهَلْ يَتَبَيَّنُ وُجُوبُهَا عَلَى السَّيِّدِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ إنَّمَا يُرْفَعُ مِنْ الْآنَ فَقَدْ كَانَ مُسْتَقِلًّا زَمَنَ الْوُجُوبِ، فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الثَّانِي فَلْيُرَاجَعْ، وَانْظُرْ وَلَدَ الزِّنَا وَوَلَدَ الْمُلَاعَنَةِ هَلْ فِطْرَتُهُ عَلَى أُمِّهِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِوُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَيْهَا، فَلَوْ اسْتَلْحَقَ الْمَنْفِيُّ بِلِعَانِ الزَّوْجِ لَحِقَهُ وَلَا تَرْجِعُ أُمُّهُ عَلَيْهِ بِمَا دَفَعَتْهُ لِلْمُسْتَحِقِّينَ عُبَابٌ، وَفِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا أَنْفَقَتْ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْحَاكِمِ وَإِلَّا فَتَرْجِعُ وَهُوَ قَرِيبٌ. (قَوْلُهُ: وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ يَلْزَمُهُ إلَخْ) لَوْ وَقَعَتْ النَّوْبَتَانِ فِي وَقْتِ الْوُجُوبِ بِأَنْ كَانَ آخِرُ جُزْءٍ مِنْ رَمَضَانَ آخِرَ نَوْبَةِ أَحَدِهِمَا وَأَوَّلُ جُزْءٍ مِنْ شَوَّالٍ نَوْبَةَ الْآخَرِ فَيَنْبَغِي تَقْسِيطُ الْوَاجِبِ عَلَيْهِمَا اهـ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ. (قَوْلُهُ: هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ مُهَايَأَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِكِ بَعْضِهِ) وَهَلْ تَجِبُ عَلَى الْمُبَعَّضِ فِطْرَةٌ كَامِلَةٌ عَنْ زَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ وَرَقِيقِهِ أَوْ بِقِسْطِهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ؟ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْقِسْطُ ذَكَرَهُ الْخَطِيبُ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْأَصْلِ، وَالْمُعْتَمَدُ وُجُوبُ فِطْرَةٍ كَامِلَةٍ عَنْ زَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ وَرَقِيقِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: عَمَّا عَلَّلُوا بِهِ) الْأَنْسَبُ عَمَّا احْتَجُّوا بِهِ، وَقَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يَسْتَلْزِمُ مَا قَالُوهُ الْأَوْلَى لَا يَرِدُ مَا قَالَهُ (قَوْلُهُ: غَايَتُهُ أَنَّهُ اُغْتُفِرَ عَدَمُ الْإِذْنِ إلَخْ) نَظَرَ فِيهِ الشِّهَابُ حَجّ فِي تَحَقُّقِهِ بِأَنَّ إجْزَاءَ نِيَّتِهِ هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ، ثُمَّ أَجَابَ عَنْ أَصْلِ مَا احْتَجَّ بِهِ مَنْ قَالَ إنَّهَا مِنْ بَابِ الضَّمَانِ بِأَنَّهُ إنَّمَا أَجْزَأَ إخْرَاجُ الْمُتَحَمَّلِ عَنْهُ فِيمَا ذَكَرَ نَظَرًا لِكَوْنِهَا طُهْرَةً لَهُ (قَوْلُهُ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَنْفِيَّ عَنْهُ نِيَّةُ الْعِبَادَةِ) : أَيْ وَهَذِهِ نِيَّةُ تَمْيِيزٍ (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ الْفِطْرَةُ فِيمَا يَظْهَرُ) كَأَنَّ هَذَا الِاسْتِظْهَارَ لِغَيْرِهِ نَقَلَهُ هُوَ بِلَفْظِهِ وَإِنْ لَمْ يُنَبِّهْ عَلَى ذَلِكَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَالْأَوْجَهُ إلَخْ

بِمَنْ وَقَعَ زَمَنُهُ فِي نَوْبَتِهِ وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الرَّقِيقُ الْمُشْتَرَكُ. (وَ) لَا فِطْرَةَ عَلَى (مُعْسِرٍ) وَقْتَ الْوُجُوبِ إجْمَاعًا وَلَوْ أَيْسَرَ بَعْدَ لَحْظَةٍ، لَكِنْ يُسَنُّ لَهُ إذَا أَيْسَرَ قَبْلَ فَوَاتِ يَوْمِ الْعِيدِ الْإِخْرَاجُ، ثُمَّ أَشَارَ إلَى حَدِّهِ بِقَوْلِهِ (فَمَنْ لَمْ يَفْضُلْ) بِضَمِّ الضَّادِ وَفَتْحِهَا (عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ مَنْ) أَيْ الَّذِي (فِي نَفَقَتِهِ) مِنْ آدَمِيٍّ وَحَيَوَانٍ وَاسْتِعْمَالُ مَنْ فِيمَنْ لَا يَعْقِلُ تَغْلِيبًا بَلْ اسْتِقْلَالًا سَائِغٌ بَلْ حَقِيقَةٌ عِنْدَ بَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ (لَيْلَةَ الْعِيدِ وَيَوْمَهُ شَيْءٌ) يُخْرِجُهُ فِي فِطْرَتِهِ (فَمُعْسِرٌ) وَمَنْ فَضَلَ عَنْهُ مَا يُخْرِجُهُ فَمُوسِرٌ ـــــــــــــــــــــــــــــS- رَحِمَهُ اللَّهُ - اهـ زِيَادِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِمَنْ وَقَعَ زَمَنُهُ فِي نَوْبَتِهِ) أَيْ زَمَنُ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الْمُشْتَرَكُ) وَوِلْدَانٌ فِي أَبٍ تَهَايَآ فِيهِ وَإِلَّا فَعَلَى كُلٍّ قَدْرُ حِصَّتِهِ اهـ حَجّ. وَنَقَلَ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ عَنْ الشَّيْخِ اعْتِمَادَ مَا قَالَهُ حَجّ. وَبَقِيَ مَا لَوْ وَقَعَ جُزْءٌ فِي نَوْبَةِ أَحَدِهِمَا وَالْجُزْءُ الْآخَرُ فِي نَوْبَةِ الْآخَرِ وَيَنْبَغِي وُجُوبُهَا عَلَيْهِمَا، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى شَرْحِ مَنْهَجِ التَّصْرِيحِ بِذَلِكَ نَقْلًا عَنْ مَرَّ. وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ مَاتَ الْمُبَعَّضُ أَوْ مَاتَا مَعًا وَشَكَكْنَا فِي الْمُهَايَأَةِ وَعَدَمِهَا فَهَلْ يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ فِطْرَةٌ كَامِلَةٌ أَوْ الْقِسْطُ فَقَطْ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّا تَحَقَّقْنَا الْوُجُوبَ وَشَكَكْنَا فِي مُسْقِطِهِ وَهُوَ الِانْتِقَالُ مِنْ سَيِّدِهِ إلَيْهِ أَوْ عَكْسُهُ، وَهَذَا كُلُّهُ إنْ عُلِمَ قَدْرُ الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، فَإِنْ جُهِلَ ذَلِكَ فَالْأَقْرَبُ الْمُنَاصَفَةُ لِأَنَّهَا الْمُحَقَّقَةُ. (قَوْلُهُ: وَلَا فِطْرَةَ عَلَى مُعْسِرٍ) لَوْ تَكَلَّفَ بِاقْتِرَاضٍ أَوْ غَيْرِهِ وَأَخْرَجَهَا هَلْ يَصِحُّ الْإِخْرَاجُ وَتَقَعُ زَكَاةً كَمَا لَوْ تَكَلَّفَ مَنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْحَجُّ وَحَجَّ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَقَعُ عَنْ فَرْضِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الْعُبَابِ مَا نَصُّهُ: وَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ: أَيْ أَنْ يَجِدَ مَا يُخْرِجُهُ فَاضِلًا عَمَّا فَضَلُوهُ وَقْتَ الْوُجُوبِ فَوُجُودُهَا بَعْدُ لَا يُوجِبُهَا لَكِنْ يَنْدُبُ إخْرَاجُهَا اهـ. وَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِصِحَّةِ الْإِخْرَاجِ وَبِنَدْبِهِ، لَكِنْ لَا يُنَافِي وُقُوعَهُ وَاجِبًا لِأَنَّ نَدْبَ الْإِقْدَامِ لَا يُنَافِي الْوُقُوعَ وَاجِبًا كَمَا يَشْهَدُ لَهُ نَظَائِرُ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُ سم وَبِنَدْبِهِ: أَيْ مَعَ عَدَمِ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ، وَقَاسَ الِاعْتِدَادَ بِهِ أَوْ نَدْبَهُ حَيْثُ أَخْرَجَ بَعْدَ يَسَارِهِ مَعَ عَدَمِ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ أَنَّهُ كَذَلِكَ فِيمَا لَوْ تَكَلَّفَ بِقَرْضٍ وَنَحْوِهِ وَأَخْرَجَ. وَقَالَ سم عَلَى حَجّ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَا فِطْرَةَ عَلَى مُعْسِرٍ وَقْتَ الْوُجُوبِ يَنْبَغِي أَنْ يُعَدَّ مِنْهُ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ مَعْلُومٌ وَظِيفَةً لَكِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ أَخْذُهُ وَقْتَ الْوُجُوبِ لِمُمَاطَلَةِ النَّاظِرِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ قَادِرٍ وَإِنْ كَانَ مَالِكًا لِقَدْرِ الْمَعْلُومِ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ قَبْلَ قَبْضِهِ حِينَ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ، وَمَنْ لَهُ دَيْنٌ حَالٌّ عَلَى مُعْسِرٍ تَعَذَّرَ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْهُ وَقْتَ الْوُجُوبِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ بَعْدَهُ، وَمَنْ غُصِبَ أَوْ سُرِقَ مَالُهُ أَوْ ضَلَّ عَنْهُ وَيُفَارِقُ زَكَاةَ الْمَالِ حَيْثُ وَجَبَتْ فِي الدَّيْنِ وَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ أَخْذُهُ فِي الْحَالِّ وَفِي الْمَالِ الْمَغْصُوبِ وَالْمَسْرُوقِ وَنَحْوِهِمَا، وَلَكِنْ لَا يَجِبُ الْإِخْرَاجُ فِي الْحَالِّ لِتَعَلُّقِهَا بِالْعَيْنِ بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ لَا تَتَعَلَّقُ إلَّا بِالذِّمَّةِ اهـ. أَقُولُ: وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيمَا ذَكَرَهُ لِأَنَّ التَّعْلِيلَ بِتَعَلُّقِ الْفِطْرَةِ بِالذِّمَّةِ لَا دَخْلَ لَهُ فِي عَدَمِ وُجُوبِهَا حَيْثُ كَانَ لَهُ مَالٌ، فَإِنَّ الْعِلَّةَ مِنْ وُجُوبِ زَكَاةِ الْفِطْرِ وُجُودُ مِقْدَارِ الزَّكَاةِ فَاضِلًا عَمَّا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِأَنَّ هَذَا وَاجِدٌ بِالْقُوَّةِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَهُ حَجّ مِنْ الْوُجُوبِ عَلَى مَنْ لَهُ مَالٌ غَائِبٌ. هَذَا وَلَكِنْ إنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى غَيْرِهِ كَوَلَدِهِ وَجَبَتْ فِطْرَتُهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ لَوْ تَكَلَّفَ الْمُعْسِرُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَهُوَ الْأَبُ وَأَخْرَجَ عَنْ نَفْسِهِ هَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِ وَلَدِهِ لِكَوْنِهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَوُجُوبِ الدَّيْنِ عَلَى الْمُحْتَالِ فَإِخْرَاجُ الْأَبِ يُسْقِطُ الْوُجُوبَ عَنْ وَلَدِهِ أَوْ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنٍ لِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ أَصَالَةً، وَكَأَنَّهَا لَمْ تَنْتَقِلْ إلَى غَيْرِهِ خُصُوصًا وَقَدْ رَجَّحَ كَثِيرُونَ أَنَّ وُجُوبَهَا عَلَى الْمُؤَدِّي وُجُوبُ ضَمَانٍ وَالْمَضْمُونُ عَنْهُ لَا يَتَوَقَّفُ صِحَّةُ أَدَائِهِ عَلَى إذْنِ الضَّامِنِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقِيَاسُ مَا فِي الْعُبَابِ مِنْ أَنَّ الْمُعْسِرَ إذَا تَكَلَّفَ وَأَخْرَجَ وَقَعَ مَا أَخْرَجَهُ فَرْضًا. الثَّانِي وَكَذَا هُوَ قِيَاسُ قَوْلِ سم عَلَى مَنْهَجِ الْآتِي فِيمَا لَوْ كَانَ الزَّوْجُ مُوسِرًا فَأَخْرَجَتْ عَنْ نَفْسِهَا إلَخْ مِنْ الصِّحَّةِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِذْنِ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَنَّ الْأَبَ لَوْ أَخْرَجَ عَنْ ابْنِهِ الْكَبِيرِ بِدُونِ إذْنٍ لَمْ يُعْتَدَّ بِإِخْرَاجِهِ لِأَنَّ الْأَبَ ثَمَّ لَمْ يُلَاقِهِ الْوُجُوبُ فِي الِابْتِدَاءِ أَصْلًا، بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّ الْوُجُوبَ تَعَلَّقَ بِكُلٍّ مِنْ الْمُعْسِرِ وَالزَّوْجَةِ ابْتِدَاءً. (قَوْلُهُ: لَيْلَةَ الْعِيدِ وَيَوْمَهُ) وَلَيْسَ مِنْ الْفَاضِلِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ تَهْيِئَةِ مَا اُعْتِيدَ لِلْعِيدِ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

إذْ الْقُوتُ ضَرُورِيٌّ لَا بُدَّ مِنْهُ وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ زِيَادَتُهُ لِعَدَمِ ضَبْطِ مَا وَرَاءَهُمَا وَلَوْ تَلِفَ الْمَالُ قَبْلَ التَّمَكُّنِ سَقَطَتْ الْفِطْرَةُ كَزَكَاةِ الْمَالِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا أَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الْكَسْبِ لَا تُخْرِجُهُ عَنْ الْإِعْسَارِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْحَجِّ وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُؤَدَّى فَاضِلًا عَنْ رَأْسِ مَالِهِ وَضَيْعَتِهِ وَلَوْ تَمَسْكَنَ بِدُونِهَا وَيُفَارِقُ الْمَسْكَنَ وَالْخَادِمَ بِالْحَاجَةِ النَّاجِزَةِ، وَلَا يُنَافِيهِ إيجَابَهُمْ الِاكْتِسَابَ النَّفَقَةُ الْقَرِيبُ لِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ لِإِحْيَائِهَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِإِحْيَاءِ أَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ عَلَى مَا يَأْتِي. (وَيُشْتَرَطُ) فِيمَا يُؤَدِّيهِ فِي الْفِطْرَةِ (كَوْنُهُ فَاضِلًا) أَيْضًا ابْتِدَاءً (عَنْ) مَا يَلِيقُ بِهِ مِنْ (مَسْكَنٍ) لَهُ وَلِمُمَوَّنِهِ (وَخَادِمٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ) كَالْكَفَّارَةِ وَلِأَنَّهُمَا مِنْ الْحَوَائِجِ الْمُهِمَّةِ كَالثَّوْبِ، فَلَوْ كَانَا نَفِيسَيْنِ يُمْكِنُ إبْدَالُهُمَا بِلَائِقَيْنِ بِهِ وَيَخْرُجُ التَّفَاوُتُ لَزِمَهُ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْحَجِّ، قَالَ لَكِنْ فِي لُزُومِ بَيْعِهِمَا إذَا كَانَا مَأْلُوفَيْنِ وَجْهَانِ فِي الْكَفَّارَةِ فَيَجْرِيَانِ هُنَا، وَفَرَّقَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالرَّوْضَةِ بِأَنَّ لِلْكَفَّارَةِ بَدَلًا: أَيْ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا تُنْتَقَضُ بِالْمَرْتَبَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْهَا، وَالْحَاجَةُ لِلْخَادِمِ إمَّا لِمَنْصِبِهِ أَوْ لِضَعْفِهِ وَالْمُرَادُ بِهَا أَنْ يَحْتَاجَهُ لِخِدْمَتِهِ وَخِدْمَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ خِدْمَتُهُ لَا لِعَمَلِهِ فِي أَرْضِهِ أَوْ مَاشِيَتِهِ، قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُقَاسُ بِهِ حَاجَةُ الْمَسْكَنِ، وَلَا بُدَّ أَيْضًا أَنْ يَجِدَهَا فَاضِلَةً عَنْ دَسْتُ ثَوْبٍ يَلِيقُ بِهِ وَبِمُمَوَّنِهِ كَمَا أَنَّهُ يَبْقَى لَهُ فِي الدُّيُونِ، وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا فَاضِلَةً عَنْ دَيْنِهِ وَلَوْ لِآدَمِيٍّ كَمَا رَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ: إنَّهُ الْقِيَاسُ، وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الزَّكَاةَ كَمَا سَيَأْتِي، وَلَا يَمْنَعُ إيجَابَ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَالْقَرِيبِ فَلَا يَمْنَعُ إيجَابَ الْفِطْرَةِ التَّابِعَةِ لَهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَمْنَعْ الدَّيْنُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْكَعْكِ وَالنَّقْلِ وَنَحْوِهِمَا، فَوُجُودُ مَا زَادَ مِنْهُ عَلَى يَوْمِ الْعِيدِ لَا يَقْتَضِي وُجُوبَهَا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُعَدُّ وَقْتَ الْغُرُوبِ غَيْرَ وَاجِدٍ لِزَكَاةِ الْفِطْرِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا بِذَلِكَ لِمَا قِيلَ فِي كِتَابِ النَّفَقَاتِ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ تَهْيِئَةُ مَا يَلِيقُ بِحَالِهِ مِنْ ذَلِكَ لِزَوْجَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) وَمِثْلُهُ بِالْأَوْلَى الْوَلِيُّ إذَا قَدَرَ عَلَى التَّحْصِيلِ بِالدُّعَاءِ أَوْ نَحْوِهِ فَإِنَّهُ لَا يُكَلَّفُ ذَلِكَ كَمَا لَا يُكَلَّفُ الْقَادِرُ عَلَى الْكَسْبِ الِاكْتِسَابُ، وَلِأَنَّ الْأُمُورَ الْخَارِقَةَ لِلْعَادَةِ لَا تُبْنَى عَلَيْهَا الْأَحْكَامُ (قَوْلُهُ: وَضَيْعَتِهِ) وَكَالضَّيْعَةِ الْوَظِيفَةُ الَّتِي يَسْتَغِلُّهَا فَيُكَلَّفُ النُّزُولَ عَنْهَا إنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ بِعِوَضٍ عَلَى الْعَادَةِ فِي مِثْلِهَا (قَوْلُهُ: وَيُفَارِقُ الْمَسْكَنَ إلَخْ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَاضِلًا عَنْ رَأْسِ مَالِهِ. (قَوْلُهُ: عَمَّا يَلِيقُ بِهِ مِنْ مَسْكَنٍ) أَيْ وَلَوْ مُسْتَأْجِرًا لَهُ مُدَّةً طَوِيلَةً، ثُمَّ الْأُجْرَةُ إنْ كَانَ دَفَعَهَا لِلْمُؤَجِّرِ أَوْ اسْتَأْجَرَهَا بِعَيْنِهَا فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهَا وَهُوَ مُعْسِرٌ وَإِنْ كَانَتْ فِي ذِمَّتِهِ فَهِيَ دَيْنٌ عَلَيْهِ وَهُوَ لَا يَمْنَعُ الْوُجُوبَ وَالْمَنْفَعَةَ، وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَحَقَّةً لَهُ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ لَا يُكَلَّفُ نَقْلُهَا عَنْ مِلْكِهِ بِعِوَضٍ لِاحْتِيَاجِهِ لَهَا. (قَوْلُهُ: وَخَادِمٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ) قَيْدٌ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْحَاجَةُ بِالنَّاجِزَةِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: قَدْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحْتَجْ لَهُمَا فِي لَيْلَةِ الْعِيدِ وَيَوْمِهِ وَيَحْتَاجُ لَهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُشْتَرَطْ الْفَضْلُ عَنْهُمَا، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُهُ يَوْمَ عِيدٍ وَلَيْلَتِهِ، يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا ظَرْفًا لِمَا سَلَفَ أَيْضًا مِنْ الْخَادِمِ وَالْمَنْزِلِ وَغَيْرِهِمَا، قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَهُوَ مَحِلُّ نَظَرٍ شَوْبَرِيٌّ اهـ. وَوَجْهُ النَّظَرِ أَنَّهُ يُعَدُّ الْآنَ مُحْتَاجًا فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ بَيْعَهُ. (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِوُجُوبِ الْحَجِّ بِدَلِيلِ قَوْلِ الشَّارِحِ فِي آخِرِ الْبَابِ يَنْبَغِي جَرَيَانُهُ فِي الْحَجِّ كَمَا مَرَّ أَيْ وَمِثْلُ الْحَجِّ زَكَاةُ الْفِطْرِ فَيَجْرِي الْفَرْقُ الْمَذْكُورُ فِيهَا أَيْضًا اهـ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ. (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ: أَيْ بَيْنَ وُجُوبِ بَيْعِ الْمَأْلُوفِينَ هُنَا دُونَ الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ: وَيُقَاسُ بِهِ حَاجَةُ الْمَسْكَنِ) أَيْ فَيُقَابَلُ هِيَ أَنْ يَحْتَاجَهُ لِسَكَنِهِ أَوْ سَكَنِ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ لَا لِحَبْسِ دَوَابِّهِ أَوْ خَزْنِ تِبْنٍ مَثَلًا لَهَا فِيهِ (قَوْلُهُ: فَاضِلَةً عَنْ دَسْتُ ثَوْبٍ) أَوْ بَدَلِهِ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ فَيُتْرَكُ لَهُ فِي كُلِّ زَمَنٍ مَا يَلِيقُ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا فَاضِلَةً عَنْ دَيْنِهِ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الزَّكَاةَ) مُعْتَمَدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ ابْتِدَاءً) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يُشْتَرَطُ وَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرُهُ عَقِبَهُ كَمَا صَنَعَ فِي التُّحْفَةِ، وَسَيَأْتِي مُحْتَرَزُهُ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ لَزِمَتْ

[يلزمه فطرة من تلزمه نفقته]

وُجُوبَهَا لِأَنَّ مَالَهُ لَا يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ لَهُ وَإِنَّمَا بَيْعُ الْمَسْكَنِ وَالْخَادِمِ فِيهِ تَقْدِيمًا لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِهِمَا؛ لِأَنَّ تَحْصِيلَهُمَا بِالْكِرَاءِ أَسْهَلُ، فَسَقَطَ مَا قِيلَ إنَّهُ مُشْكِلٌ بِتَقْدِيمِ الْمَسْكَنِ وَالْخَادِمِ عَلَيْهَا وَالْمُقَدَّمُ عَلَى الْمُقَدَّمِ مُقَدَّمٌ، وَيُبَاعُ حَتْمًا جُزْءُ عَبْدِ غَيْرِ الْخِدْمَةِ فِيهَا وَلَوْ مَرْهُونًا وَالسَّيِّدُ مُعْسِرٌ بِقَدْرِ الزَّكَاةِ عَلَى أَوْجَهِ الْأَوْجَهِ فَإِنْ لَزِمَتْ الْفِطْرَةُ الذِّمَّةَ بِيعَ فِيهَا حَتْمًا مَا يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ وَلَوْ عَبْدَ خِدْمَةٍ وَمَسْكَنًا وَإِنْ لَمْ يُبَاعَا ابْتِدَاءً لِالْتِحَاقِهَا بِالدُّيُونِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَهَا بَدَلٌ بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ. (وَمَنْ لَزِمَهُ فِطْرَتُهُ لَزِمَهُ فِطْرَةُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ) بِزَوْجِيَّةٍ أَوْ مِلْكٍ أَوْ قَرَابَةٍ: أَيْ إذَا كَانُوا مُسْلِمَيْنِ وَوُجِدَ مَا يُؤَدَّى عَنْهُمْ كَمَا مَرَّ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ إلَّا صَدَقَةَ الْفِطْرِ فِي الرَّقِيقِ» وَالْبَاقِي بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ بِجَامِعِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ، وَدَخَلَ فِي عِبَارَتِهِ مَا لَوْ أَخْدَمَ زَوْجَتَهُ الَّتِي تُخْدَمُ عَادَةً أَمَتَهَا كَأَجْنَبِيَّةٍ وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ فِطْرَتُهَا كَنَفَقَتِهَا، بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيَّةِ الْمُؤَجَّرَةِ لِخِدْمَتِهَا كَمَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا، وَكَذَا الَّتِي صَحِبَتْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لَا يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ لَهُ) أَيْ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا بَيْعُ الْمَسْكَنِ وَالْخَادِمِ فِيهِ) أَيْ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَرْهُونًا) الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ أَنَّ جُزْأَهُ يُبَاعُ فِي حَالِ الرَّهْنِ فَتُقَدَّمُ الزَّكَاةُ عَلَى حَقِّ الْمُرْتَهِنِ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ حَقَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْعَيْنِ، وَيُقَدَّمُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ حَتَّى مُؤَنِ تَجْهِيزِ الْمَالِكِ لَوْ مَاتَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُبَاعُ بَعْدَ فِكَاكِ الرَّهْنِ وَأَنَّهُ بِالْفِكَاكِ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ كَانَ مُوسِرًا بِخِلَافِ مَا لَوْ بِيعَ لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَعَلَى مَا هُوَ الظَّاهِرُ يُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ لَمَّا وَجَبَتْ عَلَى بَدَنِ الْعَبْدِ كَانَتْ كَالْأَرْشِ وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ يُقَدَّمُ بِهِ فَكَذَا الْمُسْتَحِقُّ. أَمَّا مَا وَجَبَ عَلَى السَّيِّدِ عَنْ نَفْسِهِ وَمُمَوِّنِهِ غَيْرِ الْمَرْهُونِ فَلَا يُبَاعُ فِيهِ الْمَرْهُونُ إلَّا بَعْدَ زَكَاتِهِ لِأَنَّهُ يَتَبَيَّنُ بِذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ مُوسِرًا قَبْلَ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَزِمَتْ الْفِطْرَةُ الذِّمَّةَ بِيعَ) أَيْ بِأَنْ تَمَكَّنَ مِنْ إخْرَاجِهَا وَلَمْ يَفْعَلْ. (قَوْلُهُ: أَوْ مِلْكٍ أَوْ قَرَابَةٍ) وَهَلْ يُثَابُ الْمُخْرَجُ عَنْهُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي فَلْيُرَاجَعْ، كَمَا قِيلَ بِهِ فِي الْأُضْحِيَّةِ مِنْ أَنَّ ثَوَابَ الْأُضْحِيَّةِ لِلْمُضَحِّي وَيَسْقُطُ بِفِعْلِهِ الطَّلَبُ عَنْ أَهْلِ الْبَيْتِ (قَوْلُهُ: كَأَجْنَبِيَّةٍ) التَّنْظِيرُ فَهِيَ بِمَعْنَى أَوْ يَعْنِي أَخْدَمَهَا أَمَتَهَا أَوْ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً إلَخْ، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ الْآتِي وَكَذَا الَّتِي صَحِبَتْهَا إلَخْ يُنَافِي هَذِهِ الزِّيَادَةَ، وَفِي نُسْخَةٍ أَمَتَهَا الْأَجْنَبِيَّةَ، وَعَلَيْهَا فَالتَّقْيِيدُ بِالْأَجْنَبِيَّةِ صِفَةٌ لَازِمَةٌ، أَوْ الْمُرَادُ الَّتِي لَيْسَتْ مِلْكًا لِلزَّوْجِ، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ مَا هُنَا بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَجْنَبِيَّةِ مَنْ أَتَى بِهَا مِنْ نَفْسِهِ لِلْخِدْمَةِ وَبِمَنْ صَحِبَتْهَا لِلنَّفَقَةِ مَنْ أَتَتْ بِهَا الزَّوْجَةُ وَاسْتَأْذَنَتْ الزَّوْجَ. (قَوْلُهُ: الْمُؤَجَّرَةِ لِخِدْمَتِهَا) أَيْ وَلَوْ إجَارَةً فَاسِدَةً، وَمِثْلُ هَذَا مَا يَكْثُرُ وُقُوعُهُ فِي مِصْرِنَا وَقُرَاهَا مِنْ اسْتِئْجَارِ شَخْصٍ لِرَعْيِ دَوَابِّهِ مَثَلًا بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ لَا فِطْرَةَ لَهُ لِكَوْنِهِ مُؤَجَّرًا إجَارَةً إمَّا صَحِيحَةً وَإِمَّا فَاسِدَةً، بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَخْدَمَهُ بِالنَّفَقَةِ أَوْ الْكِسْوَةِ فَتَجِبُ فِطْرَتُهُ كَخَادِمِ الزَّوْجَةِ، ثُمَّ قَالَ مَرَّةً أُخْرَى: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ خَادِمَ الزَّوْجَةِ اسْتِخْدَامُهُ وَاجِبٌ كَالزَّوْجَةِ، بِخِلَافِ مَنْ يَتَعَلَّقُ بِالزَّوْجِ مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ اسْتِخْدَامُهُ وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ أَنْ يَخْدُمَ نَفْسَهُ أَوْ لَا يَفْعَلُ مَا يُحْوِجُ إلَى الِاسْتِخْدَامِ، وَإِنْ فَرَضَ اسْتِخْدَامَهُ بِلَا إيجَارٍ كَانَ كَالْمُتَبَرِّعِ بِالنَّفَقَةِ فَلَا فِطْرَةَ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْفِطْرَةُ الذِّمَّةَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَالَهُ لَا يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ لَهُ) الضَّمِيرُ فِي لِأَنَّهُ لِلْفَاضِلِ وَفِي نُسَخٍ لِأَنَّ مَالَهُ إلَخْ [يَلْزَمُهُ فِطْرَةُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ] (قَوْلُهُ: وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْأَمَةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيَّةِ إلَخْ) بَيَانٌ لِلْمَفْهُومِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ لَا أَجْنَبِيَّةٌ، وَكَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ: أَمَّا الْأَجْنَبِيَّةُ إلَخْ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ مَا أَجْمَلَهُ أَوَّلًا فِي قَوْلِهِ لَا أَجْنَبِيَّةٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا أَجْنَبِيَّةٌ فَفِيهَا تَفْصِيلٌ ثُمَّ بَيَّنَ هَذَا التَّفْصِيلَ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ إلَخْ وَإِنْ كَانَ فِي سِيَاقِهِ قَلَاقَةٌ، وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفُ هَذَا الْإِجْمَالِ ثُمَّ يَقُولُ: وَخَرَجَ بِأَمَتِهَا الْأَجْنَبِيَّةُ ثُمَّ يُبَيِّنُ مَا فِيهَا، وَالْعِبَارَةُ لِلرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، وَوَقَعَ فِي النُّسْخَةِ الَّتِي كَتَبَ عَلَيْهَا الشَّيْخُ كَأَجْنَبِيَّةٍ فَرَتَّبَ عَلَيْهَا مَا فِي حَاشِيَتِهِ وَاطَّلَعَ عَلَى نُسْخَةٍ أُخْرَى لَفْظُهَا الْأَجْنَبِيَّةُ، وَكُلُّ ذَلِكَ خِلَافُ مَا فِي الرَّوْضِ الَّذِي مَا هُنَا

لِتَخْدُمَهَا بِنَفَقَتِهَا بِإِذْنِهِ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْمُؤَجَّرَةِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ. وَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي النَّفَقَاتِ: تَجِبُ فِطْرَتُهَا وَهُوَ الْقِيَاسُ وَبِهِ جَزَمَ الْمُتَوَلِّي، وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا كَانَ لَهَا مُقَدَّرٌ مِنْ النَّفَقَةِ لَا تَتَعَدَّاهُ. وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مُقَدَّرٌ وَتَأْكُلُ كِفَايَتَهَا كَالْإِمَاءِ، وَمِثْلُهَا عَبْدُ الْمَالِكِ فِي الْقِرَاضِ وَالْمُسَاقَاةِ إذَا شَرَطَ عَمَلَهُ مَعَ الْعَامِلِ وَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِ فَإِنَّ فِطْرَتَهُ عَلَى سَيِّدِهِ. أَمَّا مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ كَزَوْجَتِهِ النَّاشِزَةِ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ فِطْرَتُهُ، إلَّا الْمُكَاتَبَ كِتَابَةً فَاسِدَةً كَمَا مَرَّ، وَإِلَّا الزَّوْجَةَ الَّتِي حِيلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ فِطْرَتُهَا دُونَ نَفَقَتِهَا. وَلَيْسَ لِلزَّوْجَةِ مُطَالَبَةُ زَوْجِهَا بِإِخْرَاجِ فِطْرَتِهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، فَإِنْ كَانَ غَالِبًا فَلَهَا الِافْتِرَاضُ عَلَيْهِ لِنَفَقَتِهَا دُونَ فِطْرَتِهَا لِتَضَرُّرِهَا بِانْقِطَاعِ النَّفَقَةِ دُونَ الْفِطْرَةِ وَلِأَنَّ الزَّوْجَ هُوَ الْمُخَاطَبُ بِإِخْرَاجِهَا، قَالَهُ فِي الْبَحْرِ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْأَبِ الْعَاجِزِ. (لَكِنْ) (لَا يَلْزَمُ الْمُسْلِمَ فِطْرَةُ الْعَبْدِ) أَيْ الرَّقِيقِ (وَالْقَرِيبِ وَالزَّوْجَةِ الْكُفَّارِ) وَإِنْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُمْ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (وَلَا الْعَبْدَ فِطْرَةُ زَوْجَتِهِ) حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً وَإِنْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهَا فِي كَسْبِهِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ أَهْلٍ لِفِطْرَةِ نَفْسِهِ فَكَيْفَ يَتَحَمَّلُهَا عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَرْعٌ] قَالَ حَجّ: وَهَلْ الْحُرَّةُ الْغَنِيَّةُ الْخَادِمَةُ لِلزَّوْجَةِ بِغَيْرِ اسْتِئْجَارٍ يَلْزَمُهَا بِنَاءً عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ، وَتَبِعَهُ الْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا فِطْرَتُهَا خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ كَالْمُتَوَلِّي فِطْرَةَ نَفْسِهَا مَعَ أَنَّ نَفَقَتَهَا عَلَى زَوْجِ مَخْدُومَتِهَا اعْتِبَارًا بِهَا أَوْ لَا؛ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلزَّوْجَةِ، وَهِيَ لَا تَلْزَمُهَا فِطْرَةُ نَفْسِهَا وَإِنْ كَانَتْ غَنِيَّةً وَالزَّوْجُ مُعْسِرٌ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ. وَالثَّانِي أَقْرَبُ إلَى كَلَامِهِمْ فِي النَّفَقَاتِ أَنَّ لَهَا حُكْمَهَا إلَّا فِي مَسَائِلَ اسْتَثْنَوْهَا لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهَا، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ الْغَنِيَّةُ قَيْدٌ بِهَا لِيَتَأَتَّى التَّرَدُّدُ اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْمُؤَجَّرَةِ) أَيْ فَلَا فِطْرَةَ لَهَا كَمَا أَنَّ الْمُؤَجَّرَةَ لَا فِطْرَةَ لَهَا (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ الْأَوَّلِ) أَيْ وَهُوَ عَدَمُ الْوُجُوبِ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ وَكَذَا الَّتِي صَحِبَتْهَا إلَخْ، وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي النَّفَقَاتِ تَجِبُ فِطْرَتُهَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ فِطْرَتُهُ) أَيْ وَتَجِبُ فِطْرَةُ الزَّوْجَةِ عَلَى نَفْسِهَا كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ وَإِلَّا الزَّوْجَةَ الَّتِي حِيلَ بَيْنَهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ الْحَيْلُولَةُ وَقْتَ الْوُجُوبِ وَيُتَأَمَّلُ وَجْهُهُ حِينَئِذٍ، وَمِنْ الْحَيْلُولَةِ الْحَبْسُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ حَبَسَهَا بِحَقٍّ. (قَوْلُهُ: بِإِخْرَاجِ فِطْرَتِهَا) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدُ مِثْلَ مَا ذُكِرَ: وَبَيَّنَهُ فِي الْكِفَايَةِ بِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ حَوَالَةً فَالْمُحِيلُ لَا يُطَالَبُ وَإِنْ كَانَتْ ضَمَانًا فَالْمَضْمُونُ عَنْهُ لَا يُطَالَبُ اهـ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنْ أُرِيدَ مَنْعُ الْمُطَالَبَةِ بِالْمُبَادَرَةِ أَوْ الدَّفْعِ إلَيْهَا فَمُسَلَّمٌ، وَإِنْ أُرِيدَ الْمُطَالَبَةُ بِأَصْلِ الدَّفْعِ عِنْدَ الِامْتِنَاعِ فَمَمْنُوعٌ لِأَنَّ أَقَلَّ مَرَاتِبِهِ أَمْرٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ انْتَهَى. أَقُولُ: لَيْسَ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ وَلَا يَخْتَصُّ بِهَا هَذَا، وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّ لَهَا الْمُطَالَبَةَ لِرَفْعِ صَوْمِهَا إنْ ثَبَتَ أَنَّهُ مُعَلَّقٌ حَتَّى تَخْرُجَ الزَّكَاةُ لَمْ يَبْعُدْ. وَفِي الِاتِّحَافِ لِابْنِ حَجَرٍ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ فِي أَنَّ صَوْمَ رَمَضَانَ لَا يُرْفَعُ إلَى اللَّهِ إلَّا بِزَكَاةِ الْفِطْرِ مَا نَصُّهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ كِنَايَةٌ عَنْ عَدَمِ تَرَتُّبِ فَائِدَتِهِ عَلَيْهِ إذَا لَمْ تَخْرُجْ زَكَاةُ الْفِطْرِ، لَكِنْ بِمَعْنَى تَوَقُّفِ تَرَتُّبِ ثَوَابِهِ الْعَظِيمِ عَلَى إخْرَاجِهَا عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَادِرِ عَلَيْهَا الْمُخَاطَبِ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ فَحِينَئِذٍ لَا يَتِمُّ لَهُ جَمِيعُ مَا رُتِّبَ عَلَى صَوْمِ رَمَضَانَ مِنْ الثَّوَابِ وَغَيْرِهِ إلَّا بِإِخْرَاجِ زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي تَوَقُّفِ الثَّوَابِ عَلَى إخْرَاجِهِ زَكَاةَ مُمَوِّنِهِ، وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ التَّوَقُّفُ، ثُمَّ حِكْمَةُ التَّوَقُّفِ عَلَى إخْرَاجِهَا أَنَّهَا طُهْرَةٌ لِلصَّائِمِ فَلَا يَتِمُّ تَطْهِيرُهُ وَتَأَهُّلُهُ لِذَلِكَ الثَّوَابِ الْأَعْظَمِ إلَّا بِإِخْرَاجِهَا وَوُجُوبُهَا عَنْ الصَّغِيرِ وَنَحْوِهِ إنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ التَّبَعِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنَّ فِيهِ تَطْهِيرًا لَهُ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الزَّوْجَ هُوَ الْمُخَاطَبُ بِإِخْرَاجِهَا) أَيْ وَطَرِيقُهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَدْفَعُهَا عَنْهُ بِبَلَدِهَا أَوْ يَدْفَعُهَا لِلْقَاضِي؛ لِأَنَّ لَهُ نَقْلُ الزَّكَاةِ، فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ إلَى الْحُضُورِ وَيُعْذَرُ فِي التَّأْخِيرِ. (قَوْلُهُ: لِلْخَبَرِ الْمَارِّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQعِبَارَتُهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا) أَيْ مِثْلُ الْأَجْنَبِيَّةِ: يَعْنِي الَّتِي لَهَا مُقَدَّرٌ لَا تَتَعَدَّاهُ، وَالْمِثْلِيَّةُ إنَّمَا هِيَ فِي كَوْنِ الْفِطْرَةِ لَا تَتْبَعُ النَّفَقَةَ لَا غَيْرُ (قَوْلُهُ: وَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعَامِلِ

غَيْرِهِ، وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْمُبَعَّضِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ فِطْرَةُ أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ وَرَقِيقِهِ وَزَوْجَتِهِ عَلَى مَا مَرَّ (وَلَا الِابْنَ فِطْرَةُ زَوْجَةِ أَبِيهِ) وَمُسْتَوْلِدَتِهِ وَإِنْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُمَا عَلَى الْوَلَدِ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لَازِمَةٌ لِلْأَبِ مَعَ إعْسَارِهِ فَيَتَحَمَّلُهَا الْوَلَدُ بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ، وَلِأَنَّ عَدَمَ الْفِطْرَةِ لَا يُمَكِّنُ الزَّوْجَةَ مِنْ الْفَسْخِ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ (وَفِي الِابْنِ وَجْهٌ) أَيْ يَلْزَمُهُ فِطْرَةُ زَوْجَةِ أَبِيهِ. وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا مَسَائِلُ تَجِبُ فِيهَا النَّفَقَةُ دُونَ الْفِطْرَةِ كَقِنِّ بَيْتِ الْمَالِ، وَالْقِنِّ الْمَمْلُوكِ لِلْمَسْجِدِ وَالْمَوْقُوفِ وَلَوْ عَلَى مُعَيَّنٍ فَلَا تَجِبُ فِطْرَتُهُمْ وَإِنْ وَجَبَتْ مُؤْنَتُهُمْ. وَلَوْ اشْتَرَى رَقِيقًا فَغَرَبَتْ عَلَيْهِ شَمْسُ لَيْلَةِ الْفِطْرِ وَهُمَا فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ أَوْ الشَّرْطِ فَفِطْرَتُهُ عَلَى مَنْ لَهُ الْمَلِكُ بِأَنْ يَكُونَ الْخِيَارُ لِأَحَدِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ لَهُ الْمِلْكُ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْوَقْفِ لِلْمِلْكِ بِأَنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا فَعَلَى مَنْ يَئُولُ إلَيْهِ الْمِلْكُ فِطْرَتُهُ، وَمَنْ مَاتَ قَبْلَ الْغُرُوبِ عَنْ رَقِيقٍ فَفِطْرَةُ رَقِيقِهِ عَلَى الْوَرَثَةِ وَلَوْ اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ التَّرِكَةَ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ فَالْفِطْرَةُ عَنْهُ وَعَنْهُمْ فِي التَّرِكَةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الدَّيْنِ وَالْمِيرَاثِ وَالْوَصَايَا، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ وُجُوبِ فِطْرَةِ عَبْدٍ أَوْصَى بِهِ لِغَيْرِهِ قَبْلَ وُجُوبِهَا وَجَبَتْ فِي تَرِكَتِهِ أَوْ قَبْلَ وُجُوبِهَا وَقَبِلَ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ وَلَوْ بَعْدَ وُجُوبِهَا فَالْفِطْرَةُ عَلَيْهِ، وَإِنْ رَدَّهَا فَعَلَى الْوَارِثِ فِطْرَتُهُ، فَلَوْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ الْقَبُولِ وَبَعْدَ الْوُجُوبِ فَوَارِثُهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ وَيَقَعُ الْمِلْكُ لِلْمَيِّتِ وَفِطْرَتُهُ فِي التَّرِكَةِ أَوْ يُبَاعُ جُزْءٌ مِنْهُ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ سِوَاهُ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْوُجُوبِ أَوْ مَعَهُ فَالْفِطْرَةُ عَلَى وَرَثَتِهِ إنْ قَبِلُوا الْوَصِيَّةَ لِأَنَّهُ وَقْتَ الْوُجُوبِ كَانَ فِي مِلْكِهِمْ. (وَلَوْ) (أَعْسَرَ الزَّوْجُ) وَقْتَ الْوُجُوبِ (أَوْ كَانَ عَبْدًا) (فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَلْزَمُ زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ فِطْرَتُهَا) إذَا أَيْسَرَتْ (وَكَذَا) يَلْزَمُ (سَيِّدَ الْأَمَةِ) فِطْرَتُهَا وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُمَا (قُلْت: الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ لَا تَلْزَمُ الْحُرَّةَ) وَتَلْزَمُ سَيِّدَ الْأَمَةِ (وَاَللَّهُ) تَعَالَى (أَعْلَمُ) وَهَذَا الطَّرِيقُ الثَّانِي يُقَرِّرُ النَّصَّيْنِ، وَالْفَرْقُ كَمَالُ تَسْلِيمِ الْحُرَّةِ نَفْسَهَا، بِخِلَافِ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ لِأَنَّ لِسَيِّدِهَا أَنْ يُسَافِرَ بِهَا وَيَسْتَخْدِمَهَا وَلِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِيهَا شَيْئَانِ: الْمِلْكُ وَالزَّوْجِيَّةُ، وَلَا يُنْتَقَضُ ذَلِكَ بِمَا لَوْ سَلَّمَهَا سَيِّدُهَا لَيْلًا وَنَهَارًا وَالزَّوْجُ مُوسِرٌ حَيْثُ تَجِبُ الْفِطْرَةُ عَلَى الزَّوْجِ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهَا عِنْدَ الْيَسَارِ غَيْرُ سَاقِطَةٍ عَنْ السَّيِّدِ بَلْ يَحْمِلُهَا الزَّوْجُ مِنْهُ، وَيُسَنُّ لِلْحُرَّةِ الْمَذْكُورَةِ إخْرَاجُ فِطْرَتِهَا عَنْ نَفْسِهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ وَلِتَطْهِيرِهَا، وَظَاهِرٌ مِمَّا مَرَّ أَنَّ الْكَلَامَ فِي زَوْجَةٍ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ لِقَوْلِهِ فِيهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ. (قَوْلُهُ: وَرَقِيقِهِ) أَيْ كَامِلَةً كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الزِّيَادِيِّ نَقْلًا عَنْ الرَّمْلِيِّ (قَوْلُهُ وَمُسْتَوْلَدَتِهِ) أَيْ الْأَبِ (قَوْلُهُ: فَعَلَى مَنْ يَئُولُ إلَيْهِ الْمِلْكُ) قَالَ سم عَلَى حَجّ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ بَعْدَ نَقْلِهِ مَا ذُكِرَ عَنْ الشَّارِحِ: اُنْظُرْ إذَا قَارَنَ تَمَامُ الْبَيْعِ النَّاقِلِ لِلْمِلْكِ أَوَّلَ الْجُزْءِ مِنْ لَيْلَةِ الْعِيدِ فَإِنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعْ الْجُزْءَانِ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ وَلَا فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَكَذَا لَوْ قَارَنَ الْمَوْتُ: أَيْ تَمَامُ الزَّهُوقِ ذَلِكَ لَمْ يَجْتَمِعْ جُزْءَانِ فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوَرِّثِ وَالْوَارِثِ، وَكَذَا لَوْ قَارَنَ مَوْتُ الْمُوصِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعْ الْجُزْءَانِ فِي مِلْكِ الْمُوصَى لَهُ وَلَا فِي مِلْكِ وَارِثِهِ، وَالْمُتَّجَهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ عَدَمُ الْوُجُوبِ عَلَى أَحَدٍ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ فِي عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ مَثَلًا فَوَقَعَ أَحَدُ الْجُزْأَيْنِ آخِرَ نَوْبَةِ أَحَدِهِمَا وَالْآخَرُ أَوَّلَ نَوْبَةِ الْآخَرِ فَإِنَّ الظَّاهِرَ وُجُوبُهَا عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الْأَصْلَ الْوُجُوبُ عَلَيْهِمَا إلَّا إذَا وَقَعَ زَمَنَ الْوُجُوبِ بِتَمَامِهِ فِي نَوْبَةِ أَحَدِهِمَا لِاسْتِقْلَالِهِ فِي جَمِيعِهِ حِينَئِذٍ مَرَّ (قَوْلُهُ: وَمَنْ مَاتَ قَبْلَ الْغُرُوبِ) تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إلَخْ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ هَذَا لَكِنَّهُ ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِبَقِيَّةِ الْأَقْسَامِ (قَوْلُهُ: فَالْفِطْرَةُ عَنْهُ) أَيْ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَعَنْهُمْ) أَيْ الْأَرِقَّاءِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ وُجُوبِهَا) مُتَعَلِّقٌ بَأَوْصَى (قَوْلُهُ: فَالْفِطْرَةُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ (قَوْلُهُ: وَيَقَعُ الْمِلْكُ لِلْمَيِّتِ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَاتَ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ. (قَوْلُهُ وَلِتَطْهِيرِهَا) هَذَا كُلُّهُ حَيْثُ كَانَتْ مُوَافِقَةً لِلزَّوْجِ فِي مَذْهَبِهِ فَإِنْ كَانَتْ مُخَالِفَةً لَهُ فِي ذَلِكَ رَاعَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ فَالْفِطْرَةُ عَنْهُ وَعَنْهُمْ) أَيْ وَعَنْ الرَّقِيقِ إذْ هُوَ اسْمُ جِنْسٍ يَشْمَلُ الْوَاحِدَ وَالْمُتَعَدِّدَ، فَالضَّمِيرُ فِي عَنْهُ لِلْمَيِّتِ

[من أيسر ببعض صاع وهو فطرة الواحد يلزمه]

زَوْجِهَا مُؤْنَتُهَا فَلَوْ كَانَتْ نَاشِزَةً لَزِمَهَا فِطْرَةُ نَفْسِهَا. (وَلَوْ انْقَطَعَ خَبَرُ الْعَبْدِ) أَيْ الرَّقِيقُ الْغَائِبُ فَلَمْ تُعْلَمْ حَيَاتُهُ مَعَ تَوَاصُلِ الرِّفَاقِ وَلَمْ تَنْتَهِ غَيْبَتُهُ إلَى مُدَّةٍ يُحْكَمُ فِيهَا بِمَوْتِهِ (فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ إخْرَاجِ فِطْرَتِهِ فِي الْحَالِّ) أَيْ فِي يَوْمِ الْعِيدِ وَلَيْلَتِهِ إذْ الْأَصْلُ بَقَاءُ حَيَاتِهِ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ إعْتَاقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ احْتِيَاطًا فِيهِمَا (وَقِيلَ) إنَّمَا يَجِبُ إخْرَاجُهَا (إذَا عَادَ) كَزَكَاةِ مَالِهِ الْغَائِبِ. وَأَجَابَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ التَّأْخِيرَ إنَّمَا جُوِّزَ هُنَاكَ لِلنَّمَاءِ وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ (وَفِي قَوْلٍ لَا شَيْءَ) أَصْلًا عَمَلًا بِأَصْلِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ وَمَحِلُّ هَذَا إذَا اسْتَمَرَّ انْقِطَاعُ خَبَرِهِ، فَلَوْ بَانَتْ حَيَاتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَعَادَ لِسَيِّدِهِ وَجَبَ الْإِخْرَاجُ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَى سَيِّدِهِ فَعَلَى الْخِلَافِ فِي الضَّالِّ، أَمَّا لَوْ انْتَهَتْ غَيْبَتُهُ إلَى مَا ذُكِرَ لَمْ تَجِبْ الْفِطْرَةُ جَزْمًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْفَرَائِضِ، وَمَا اسْتَشْكَلَ بِهِ هَذَا مِنْ أَنَّ الْأَصَحَّ فِي جِنْسِ الْفِطْرَةِ اعْتِبَارُ بَلَدِ الْعَبْدِ، فَإِذَا لَمْ يُعْرَفْ مَوْضِعُهُ فَكَيْفَ يُخْرَجُ مِنْ جِنْسِ بَلَدِهِ رَدَّ بِأَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الْقَاعِدَةِ لِلضَّرُورَةِ، أَوْ يُخْرَجُ مِنْ قُوتِ آخِرِ بَلْدَةٍ عُلِمَ وُصُولُهُ إلَيْهَا وَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ أَيْضًا، أَوْ يَدْفَعُ فِطْرَتَهُ لِلْقَاضِي الَّذِي لَهُ وِلَايَةُ ذَلِكَ لِيُخْرِجَهَا لِأَنَّ لَهُ نَقْلَ الزَّكَاةِ وَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ فِيهَا وَفِيمَا قَبْلَهَا أَيْضًا لِاحْتِمَالِ اخْتِلَافِ أَجْنَاسِ الْأَقْوَاتِ. نَعَمْ إنْ دَفَعَ الْقَاضِي الْبُرَّ خَرَجَ عَنْ الْوَاجِبِ بِيَقِينٍ لِأَنَّهُ أَعْلَى الْأَقْوَاتِ. (وَالْأَصَحُّ أَنَّ) (مَنْ أَيْسَرَ) بِبَعْضِ صَاعٍ وَهُوَ فِطْرَةُ الْوَاحِدِ (يَلْزَمُهُ) أَيْ إخْرَاجُهُ مُحَافَظَةً عَلَى الْوَاجِبِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَالثَّانِي يَقُولُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْوَاجِبِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ بَعْضَ الصِّيعَانِ قَدَّمَ) وُجُوبًا (نَفْسَهُ) لِخَبَرِ «ابْدَأْ بِنَفْسِك فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِك، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِك» وَالثَّانِي يُقَدِّمُ زَوْجَتَهُ وَالثَّالِثُ يَتَخَيَّرُ (ثُمَّ زَوْجَتَهُ) لِتَأَكُّدِ نَفَقَتِهَا؛ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ (ثُمَّ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ) ـــــــــــــــــــــــــــــSمَذْهَبَهَا (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَتْ نَاشِزَةً) لَمْ يَسْتَغْنِ عَنْ هَذِهِ بِمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَمَّا مَنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ لِزَوْجَتِهِ النَّاشِزَةِ إلَخْ، لِأَنَّ الْمُسْتَفَادَ بِمَا مَرَّ عَدَمُ الْوُجُوبِ عَلَيْهَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْوُجُوبُ عَلَى الزَّوْجِ. (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ انْتَهَتْ غَيْبَتُهُ إلَى مَا ذُكِرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ إلَى مُدَّةٍ يُحْكَمُ فِيهَا بِمَوْتِهِ (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ مَعَ ذَلِكَ إلَى الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ. وَقَالَ الزِّيَادِيُّ: وَهَلْ يُحْتَاجُ إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ بِمَوْتِهِ أَوْ يَكْفِي بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْفَرَائِضِ الَّذِي جَزَمَ بِهِ حَجّ أَيْ مُضِيُّ الْمُدَّةِ كَافٍ، وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فَقَالَ: لَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ، وَفِي تَصْوِيرِ الْحُكْمِ نَظَرٌ إذْ لَا بُدَّ مِنْ تَقَدُّمِ دَعْوَى وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهَا بِمَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ بَعْضُ الْمُسْتَحِقِّينَ بِفِطْرَةِ عَبْدِهِ فَادَّعَى مَوْتَهُ وَأَنْكَرَهُ الْمُسْتَحِقُّ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِمَوْتِهِ لِدَفْعِ الْمُطَالَبَةِ عَنْ السَّيِّدِ. (قَوْلُهُ: فَكَيْفَ يُخْرِجُ) أَيْ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ دَفَعَ لِلْقَاضِي الْبُرَّ إلَخْ) وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْعَبْدَ لَمْ يَتَحَقَّقْ خُرُوجُهُ عَنْ مَحِلِّ وِلَايَةِ الْقَاضِي، فَإِنْ تَحَقَّقَ خُرُوجُهُ عَنْ مَحِلِّ وِلَايَتِهِ أَيْضًا فَالْإِمَامُ، فَإِنْ تَحَقَّقَ خُرُوجُهُ عَنْ مَحِلِّ وِلَايَةِ الْإِمَامِ أَيْضًا بِأَنْ تَعَدَّدَ الْمُتَغَلِّبُونَ وَلَمْ يَنْفُذْ فِي كُلِّ قُطْرٍ إلَّا أَمْرُ الْمُتَغَلِّبِ فِيهِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ الِاسْتِثْنَاءُ لِلضَّرُورَةِ حِينَئِذٍ، أَمَّا إذَا لَمْ يَنْقَطِعْ خَبَرُهُ فَيُخْرِجُ عَنْهُ فِي بَلَدِهِ، وَبِهَذَا مَعَ مَا قَبْلَهُ يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ مُنْقَطِعِ الْخَبَرِ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ عَدَمَ الْفَرْقِ اهـ حَجّ. وَقَوْلُ حَجّ فِي بَلَدِهِ: أَيْ الْعَبْدِ. [مَنْ أَيْسَرَ بِبَعْضِ صَاعٍ وَهُوَ فِطْرَةُ الْوَاحِدِ يَلْزَمُهُ] (قَوْلُهُ: قَدَّمَ وُجُوبًا نَفْسَهُ) فَلَوْ وَجَدَ بَعْضَ الصِّيعَانِ وَخَالَفَ التَّرْتِيبَ فَإِنَّ الْمُتَّجَهَ عَدَمُ الِاعْتِدَادِ مَعَ الْإِثْمِ وَيُتَّجَهُ الِاسْتِرْدَادُ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهُ وَلَا عَلِمَ الْقَابِضُ لِفَسَادِ الْقَبْضِ مِنْ أَصْلِهِ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُ حَجّ: وَخَالَفَ التَّرْتِيبَ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهُ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ. وَبَقِيَ مَا لَوْ وَجَدَ كُلَّ الصِّيعَانِ هَلْ يَجِبُ التَّرْتِيبُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْوُجُوبِ كَمَا نَقَلَهُ سم عَلَى حَجّ عَنْ الشَّارِحِ اسْتِدْرَاكًا عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ زَوْجَتُهُ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الزَّوْجُ مُوسِرًا فَلَا خَرَّجَتْ عَنْ نَفْسِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا رُجُوعَ لَهَا لِأَنَّهَا مُتَبَرِّعَةٌ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَلِأَنَّهَا عَلَى الزَّوْجِ كَالْحَوَالَةِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَالْمُحِيلُ لَوْ أَدَّى بِغَيْرِ إذْنِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. [فَرْعٌ] خَادِمُ الزَّوْجَةِ حَيْثُ وَجَبَتْ فِطْرَتُهَا يَكُونُ فِي أَيِّ مَرْتَبَةٍ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَلَدُ الزَّوْجَةِ، وَقِيلَ سَائِرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لِأَنَّهُ أَعْجَزُ مِمَّنْ يَأْتِي وَنَفَقَتُهُ ثَابِتَةٌ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ (ثُمَّ الْأَبَ) وَإِنْ عَلَا وَلَوْ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ لِشَرَفِهِ (ثُمَّ الْأُمَّ) كَذَلِكَ عَكْسُ النَّفَقَةِ لِأَنَّهَا لِلْحَاجَةِ وَالْأُمُّ أَحْوَجُ، وَأَمَّا الْفِطْرَةُ فَطُهْرَةٌ وَشَرَفٌ وَالْأَبُ أَوْلَى بِهِمَا فَإِنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَيَشْرُفُ بِشَرَفِهِ، وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ وَهِيَ لِلرِّجَالِ آكَدُ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَمُرَادُهُمْ بِأَنَّهَا كَالنَّفَقَةِ أَصْلُ التَّرْتِيبِ لَا كَيْفِيَّتُهُ، وَأَبْطَلَ الْإِسْنَوِيُّ الْفَرْقَ بِالْوَلَدِ الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى الْأَبَوَيْنِ هُنَا وَهُمَا أَشْرَفُ مِنْهُ فَدَلَّ عَلَى اعْتِبَارِهِمْ الْحَاجَةَ فِي الْبَابَيْنِ، وَرَدَّهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهُمْ إنَّمَا قَدَّمُوا الْوَلَدَ الصَّغِيرَ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُ كَبَعْضِ وَالِدِهِ وَنَفْسُهُ مُقَدَّمَةٌ عَلَيْهِمَا. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ أَيْضًا بِأَنَّ النَّظَرَ لِلشَّرَفِ إنَّمَا يَظْهَرُ وَجْهُهُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ كَالْأَصَالَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُرَدُّ مَا ذَكَرَهُ (ثُمَّ) وَلَدَهُ (الْكَبِيرَ) الَّذِي لَا كَسْبَ لَهُ وَهُوَ زَمِنٌ أَوْ مَجْنُونٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ تَجِبْ نَفَقَتُهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ، ثُمَّ الرَّقِيقَ لِأَنَّ الْحُرَّ أَشْرَفُ مِنْهُ وَعَلَاقَتُهُ لَازِمَةٌ بِخِلَافِ الْمِلْكِ، وَيَنْبَغِي كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَنْ يَبْدَأَ مِنْهُ بِأُمِّ الْوَلَدِ ثُمَّ بِالْمُدَبَّرِ ثُمَّ بِالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ، فَلَوْ اسْتَوَى اثْنَانِ فِي دَرَجَةٍ كَابْنَيْنِ وَزَوْجَتَيْنِ تَخَيَّرَ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْوُجُوبِ وَإِنْ تَمَيَّزَ بَعْضُهُمْ بِفَضَائِلَ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهَا التَّطْهِيرُ وَهُمْ مُسْتَوُونَ فِيهِ بَلْ النَّاقِصُ أَحْوَجُ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُوَزَّعْ بَيْنَهُمَا لِنَقْصِ الْمُخْرَجِ عَنْ الْوَاجِبِ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمَا بِلَا ضَرُورَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَجِدْ إلَّا بَعْضَ الْوَاجِبِ. (وَهِيَ) أَيْ فِطْرَةُ الْوَاحِدِ (صَاعٌ) لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ الْمَارِّ (وَهُوَ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ وَثَلَاثَةٌ وَتِسْعُونَ) دِرْهَمًا (وَثُلُثُ) دِرْهَمٍ لِأَنَّهُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ وَالْمُدُّ رِطْلٌ وَثُلُثٌ بِالْبَغْدَادِيِّ وَالرِّطْلُ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ دِرْهَمًا (قُلْت: الْأَصَحُّ سِتُّمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَثَمَانُونَ دِرْهَمًا وَخَمْسَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ لِمَا سَبَقَ فِي زَكَاةِ النَّبَاتِ) مِنْ كَوْنِ الرِّطْلِ مِائَةً وَثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةَ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَمَا مَرَّ فِي زَكَاةِ النَّبَاتِ إيضَاحُهُ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ الْكَيْلُ، وَإِنَّمَا قَدَّرُوهُ بِالْوَزْنِ اسْتِظْهَارًا عَلَى أَنَّ التَّقْدِيرَ بِالْوَزْنِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْحُبُوبِ كَالذُّرَةِ وَالْحِمَّصِ، وَالْعِبْرَةُ فِي الْكَيْلِ بِالصَّاعِ النَّبَوِيِّ وَعِيَارُهُ مَوْجُودٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَنْ عَدَاهَا حَتَّى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَمَا يَلِدُهُ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ بِسَبَبِ الزَّوْجِيَّةِ الْمُقَدَّمَةِ عَلَى سَائِرِ مَنْ عَدَاهَا وِفَاقًا فِي ذَلِكَ لمر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَعْجَزُ مِمَّنْ يَأْتِي) أَيْ الْأَبُ وَمَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ كَبَعْضِ وَالِدِهِ) لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ تَأْخِيرُ الْوَالِدِ الْكَبِيرِ عَنْ الْأَبَوَيْنِ مَعَ أَنَّهُ بَعْضُهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الرَّقِيقُ) أَيْ ثُمَّ بَعْدَ الْوَلَدِ قُدِّمَ الرَّقِيقُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. [فَرْعٌ] قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ مَعَ آخِرِ جُزْءٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَهَلْ تَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ فِطْرَتُهُ بِشَرْطِهِ؟ لَا يَبْعُدُ الْوُجُوبُ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ حَاصِلَةٌ مَعَ آخِرِ جُزْءٍ كَالْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ شَوَّالٍ، فَقَدْ تَحَقَّقَتْ الْحُرِّيَّةُ مَعَ سَبَبِ الْوُجُوبِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. لَكِنْ يَبْقَى الْكَلَامُ فِي تَصْوِيرِ مِلْكِهِ وَقْتَ الْوُجُوبِ مَا يُخْرِجُهُ، فَإِنَّهُ قَبْلَ وَقْتِ الْوُجُوبِ رَقِيقٌ وَوَقْتَ نُفُوذِ الْعِتْقِ لَا مِلْكَ لَهُ، وَمَا يَقَعُ مِنْ الْإِرْثِ أَوْ الْهِبَةِ أَوْ نَحْوِهِمَا بَعْدَ الْوُجُوبِ لَا يُوجِبُ عَلَيْهِ الْإِخْرَاجَ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِمَا لَوْ مَاتَ مُوَرِّثُهُ مُقَارِنًا لِغُرُوبِ الشَّمْسِ فَيَقَعُ الْعِتْقُ وَمِلْكُ مَا يَصْرِفُهُ فِي الزَّكَاةِ مُتَقَارِنَيْنِ فَيُقَدَّرُ سَبْقُ الْمِلْكِ عَلَى الْحُرِّيَّةِ أَوْ سَبْقُهُمَا مَعًا عَلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ. (قَوْلُهُ: كَابْنَيْنِ) هَلْ مِثْلُهُمَا أَبُو الْأَبِ وَأَبُو الْأُمِّ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الدَّرَجَةِ أَوْ يُقَدَّمُ أَبُو الْأَبِ لِتَقَدُّمِ ابْنِهِ عَلَى الْأُمِّ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ الْأَوَّلُ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: إلَّا بَعْضَ الْوَاجِبِ) أَيْ فَإِنَّهُ يُخْرِجُهُ عَنْ نَفْسِهِ مَثَلًا وَإِنْ لَمْ يَفِ بِالْوَاجِبِ لِلضَّرُورَةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَتَخَيَّرُ إذَا قَدَرَ عَلَى بَعْضِ الْوَاجِبِ عِنْدَ اسْتِوَاءِ اثْنَيْنِ فِي دَرَجَةٍ. (قَوْلُهُ: وَثُلُثُ دِرْهَمٍ) الْأَوْلَى مِنْ دِرْهَمٍ لِئَلَّا يُغَيِّرَ إعْرَابَ الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ الْكَيْلُ) هُوَ كَذَلِكَ وَلَكِنَّهُ لَا يَتَأَتَّى فِي مِثْلِ الْجُبْنِ بُرٌّ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ. أَقُولُ: أَيْ فَيُقَيَّدُ ذَلِكَ بِمَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْكَيْلِ عَادَةً. (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ التَّقْدِيرَ بِالْوَزْنِ إلَخْ) اعْتِرَاضٌ عَلَى جَعْلِهِمْ الْوَزْنَ اسْتِظْهَارًا. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الِاسْتِظْهَارَ لَا يَتَأَتَّى مَعَ اخْتِلَافِ الْحُبُوبِ خِفَّةً وَثِقَلًا وَعَدَمِ اخْتِلَافِ مَا يَحْوِيهِ الْمِكْيَالُ فِي الْقَدْرِ، وَمِنْ ثَمَّ كَتَبَ عَلَيْهِ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَهُوَ قَدَحَانِ بِالْكَيْلِ الْمِصْرِيِّ وَيُزَادَانِ شَيْئًا يَسِيرًا لِاحْتِمَالِ اشْتِمَالِهِمَا عَلَى طِينٍ أَوْ تِبْنٍ، فَإِنْ فُقِدَ مَا يُعَايَرُ بِهِ أَخْرَجَ قَدْرًا يَتَيَقَّنُ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْ الصَّاعِ، وَإِذَا كَانَ الْمُعْتَبَرُ الْكَيْلَ فَالْوَزْنُ تَقْرِيبٌ، وَيَجِبُ تَقْيِيدُ هَذَا بِمَا مِنْ شَأْنِهِ الْكَيْلُ، أَمَّا مَا لَا يُكَالُ أَصْلًا كَالْأَقِطِ وَالْجُبْنِ إذَا كَانَ قِطَعًا كِبَارًا فَمِعْيَارُهُ الْوَزْنُ لَا غَيْرُ كَمَا فِي الرِّبَا، قِيلَ وَمِنْ ذَلِكَ اللَّبَنُ، وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ الْكَيْلُ لَهُ دَخَلَ فِيهِ كَمَا قَالُوهُ فِي الرِّبَا. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَقَالَ جَمَاعَةٌ: الصَّاعُ أَرْبَعُ حَفَنَاتٍ بِكَفَّيْ رَجُلٍ مُعْتَدِلِهِمَا. قَالَ الْقَفَّالُ: وَالْحِكْمَةُ فِي إيجَابِ الصَّاعِ أَنَّ النَّاسَ غَالِبًا يَمْتَنِعُونَ مِنْ التَّكَسُّبِ فِي يَوْمِ الْعِيدِ وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بَعْدَهُ، وَلَا يَجِدُ الْفَقِيرُ مَنْ يَسْتَعْمِلُهُ فِيهَا لِأَنَّهَا أَيَّامُ سُرُورٍ وَرَاحَةٍ عَقِبَ الصَّوْمِ، وَاَلَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنْ الصَّاعِ عِنْدَ جَعْلِهِ خُبْزًا ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ فَإِنَّ الصَّاعَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ كَمَا مَرَّ، وَيُضَافُ إلَيْهِ مِنْ الْمَاءِ نَحْوُ الثَّالِثِ فَيَأْتِي مِنْ ذَلِكَ مَا قُلْنَاهُ وَهُوَ كِفَايَةُ الْفَقِيرِ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ رِطْلَانِ (وَجِنْسُهُ) أَيْ الصَّاعِ الْوَاجِبِ (الْقُوتُ الْمُعَشَّرُ) أَيْ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُهُ لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ فِي بَعْضِ الْمُعَشَّرَاتِ كَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَقِيسَ الْبَاقِي عَلَيْهِ بِجَامِعِ الِاقْتِيَاتِ (وَكَذَا الْأَقِطُ فِي الْأَظْهَرِ) لِثُبُوتِهِ فِي الْأَخْبَارِ السَّابِقَةِ وَهُوَ لَيِّنٌ يَابِسٌ لَمْ يُنْزَعْ زُبْدُهُ، وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ لَبَنٌ وَجُبْنٌ لَمْ يُنْزَعْ زُبْدُهُمَا فَيَجْزِيَانِ وَلَا يَجْزِي مِنْ اللَّبَنِ إلَّا الْقَدْرُ الَّذِي يَتَأَتَّى مِنْهُ صَاعٌ مِنْ الْأَقِطِ لِأَنَّهُ فَرْعٌ عَنْ الْأَقِطِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْقُصَ عَنْ أَصْلِهِ، قَالَهُ الْعُمْرَانِيُّ فِي الْبَيَانِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَقَدْ عَلَّلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إجْزَاءَ الْأَقِطِ بِأَنَّهُ مُقْتَاتٌ مُتَوَلِّدٌ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَيُكَالُ فَكَانَ كَالْحَبِّ، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُتَّخَذَ مِنْ لَبَنِ الظَّبْيَةِ وَالضَّبُعِ وَالْآدَمِيَّةِ إذَا جَوَّزْنَا شُرْبَهُ لَا يَجْزِي قَطْعًا، وَيُتَّجَهُ بِنَاؤُهُ عَلَى أَنَّ الصُّورَةَ النَّادِرَةَ هَلْ تَدْخُلُ فِي الْعُمُومِ أَوْ لَا، وَالْأَصَحُّ الدُّخُولُ ثُمَّ مَحِلُّ إجْزَاءِ مَا ذُكِرَ لِمَنْ هُوَ قُوتُهُ سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ أَوْ الْحَاضِرَةِ، أَمَّا مَنْزُوعُ الزُّبْدِ فَلَا يَجْزِي وَكَذَا الْكَشْكُ وَالْمَخِيضُ وَالْمَصْلُ وَالسَّمْنُ وَاللَّحْمُ وَمَا مُلِّحَ مِنْ أَقِطٍ أَفْسَدَ كَثْرَةُ الْمِلْحِ جَوْهَرَهُ، بِخِلَافِ مَا ظَهَرَ مِلْحُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ: وَقَوْلُهُ اسْتِظْهَارًا إلَخْ: أَيْ اسْتِظْهَارًا مَعَ شِدَّةِ تَفَاوُتِ الْحُبُوبِ ثِقَلًا وَخِفَّةً. (قَوْلُهُ: وَيُزَادَانِ شَيْئًا يَسِيرًا) الْمُرَادُ أَنْ يَزِيدَ الْمُخْرِجُ عَلَى الْقَدَحَيْنِ مَا ذُكِرَ وَيَنْبَغِي أَنَّ ذَلِكَ مَنْدُوبٌ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ يَوْمٍ رِطْلَانِ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ مَا ذُكِرَ: اُنْظُرْ هَذِهِ الْحِكْمَةَ كَيْفَ تَأْتِي عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ مِنْ وُجُوبِ دَفْعِ الْفِطْرَةِ لِسَبْعَةِ أَصْنَافٍ اهـ. أَقُولُ: هَذِهِ حِكْمَةٌ لِلْمَشْرُوعِيَّةِ وَهِيَ لَا يَلْزَمُ اطِّرَادُهَا. (قَوْلُهُ: الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُهُ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: وَكَذَا نِصْفُهُ اهـ. أَقُولُ: وَمَا ذَكَرَهُ الْمَحَلِّيُّ أَوْلَى مِمَّا ذَكَرَ مَرَّ كحج، لِأَنَّ أَوْ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الْأَحَدُ الدَّائِرُ بَيْنَ الْعُشْرِ وَنِصْفِهِ عَلَى أَنَّ أَيَّهُمَا أَخْرَجَهُ أَجْزَأَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادًا بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ الْوَاجِبَ تَارَةً الْعُشْرُ وَتَارَةً النِّصْفُ وَحِكْمَةُ الْفَصْلِ بِكَذَا الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمُعَشَّرِ أَنَّهُ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ الْعُشْرُ. (قَوْلُهُ: وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ لَبَنٌ إلَخْ) وَهَلْ يُجْزِئُ اللَّبَنُ الْمَخْلُوطُ بِالْمَاءِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ اللَّبَنُ يَتَأَتَّى مِنْهُ صَاعٌ أَجْزَأَ وَإِلَّا فَلَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا فِيمَنْ يَقْتَاتُهُ مَخْلُوطًا، أَمَّا إذَا كَانُوا يَقْتَاتُونَهُ خَالِصًا فَالظَّاهِرُ عَدَمُ إجْزَائِهِ مُطْلَقًا كَالْمَعِيبِ مِنْ الْحَبِّ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَقْتَضِي) أَيْ قَوْلُهُ وَقَدْ عُلِّلَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ الدُّخُولُ) أَيْ فَيُجْزِئُ لَبَنُ كُلِّ مَا ذُكِرَ مِنْ الظَّبْيَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْكَشْكُ إلَخْ) هُوَ بِفَتْحِ الْكَافِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ: أَيْ فَلَوْ كَانُوا لَا يَقْتَاتُونَ سِوَى هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ وَجَبَ اعْتِبَارُ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَلَوْ كَانَ فِي بَلْدَةٍ لَا يَقْتَاتُونَ مَا يَجْزِي فِيهَا أَخْرَجَ مِنْ غَالِبِ قُوتِ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: جَوْهَرَهُ) أَيْ ذَاتَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: قَالَ الْقَفَّالُ وَالْحِكْمَةُ فِي إيجَابِ الصَّاعِ إلَخْ) نُقِضَتْ هَذِهِ الْحِكْمَةُ بِأَنَّهَا لَا تَتَأَتَّى عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ مِنْ وُجُوبِ دَفْعِ الصَّاعِ إلَى سَبْعَةِ أَصْنَافٍ وَأَجَابَ عَنْهُ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّ هَذِهِ حِكْمَةُ الْمَشْرُوعِيَّةِ وَلَا يَلْزَمُ اطِّرَادُهَا اهـ. وَفِي هَذَا الْجَوَابِ وَقْفَةٌ لِأَنَّهَا لَمْ تُشْرَعْ لِوَاحِدٍ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: وَيُتَّجَهُ بِنَاؤُهُ) أَيْ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي الْمَذْكُورَاتِ وَعَدَمُهُ

فَيَجْزِي غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ الْمِلْحُ بَلْ يُخْرِجُ قَدْرًا يَكُونُ مَحْضُ الْأَقِطِ مِنْهُ صَاعًا. (وَيَجِبُ) الصَّاعُ (مِنْ) غَالِبِ (قُوتِ بَلَدِهِ) إنْ كَانَ بَلَدِيًّا وَفِي غَيْرِهِ مِنْ غَالِبِ قُوتِ مَحِلِّهِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّوَاحِي (وَقِيلَ) مِنْ غَالِبِ (قُوتِهِ) عَلَى الْخُصُوصِ (وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ) جَمِيعِ (الْأَقْوَاتِ) فَأَوْفَى الْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ عَلَى الْأَوَّلَيْنِ لِلتَّنْوِيعِ وَعَلَى الثَّالِثِ لِلتَّخْيِيرِ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي غَالِبِ الْقُوتِ غَالِبُ قُوتِ السَّنَةِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لَا غَالِبُ قُوتِ وَقْتِ الْوُجُوبِ، فَإِنْ غَلَبَ فِي بَعْضِهَا جِنْسٌ وَفِي بَعْضِهَا جِنْسٌ آخَرُ أَجْزَأَ أَدْنَاهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَمَا فِي الْعُبَابِ (وَيُجْزِئُ) عَلَى الْأَوَّلَيْنِ الْقُوتُ (الْأَعْلَى عَنْ) الْقُوتِ (الْأَدْنَى) بَلْ هُوَ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا فَأَشْبَهَ. مَا لَوْ دَفَعَ بِنْتَ لَبُونٍ عَنْ بِنْتِ مَخَاضٍ، قِيلَ لَا يَجْزِي كَالْحِنْطَةِ عَنْ الشَّعِيرِ وَالذَّهَبِ عَنْ الْفِضَّةِ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الزَّكَاةَ الْمَالِيَّةَ تَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ فَأُمِرَ أَنْ يُوَاسِيَ الْمُسْتَحِقِّينَ بِمَا أَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَالْفِطْرَةُ زَكَاةُ الْبَدَنِ فَوَقَعَ النَّظَرُ فِيهَا إلَى مَا هُوَ غِذَاءُ الْبَدَنِ وَبِهِ قِوَامُهُ وَالْأَعْلَى يَحْصُلُ بِهِ هَذَا الْغَرَضُ وَزِيَادَةٌ فَأَجْزَأَ (وَلَا عَكْسَ) لِنَقْصِهِ عَنْ الْحَقِّ فَفِيهِ ضَرَرٌ بِمُسْتَحِقِّيهَا (وَالِاعْتِبَارُ) فِي الْأَعْلَى وَالْأَدْنَى (بِزِيَادَةِ الْقِيمَةِ فِي وَجْهٍ) رِفْقًا بِالْمُسْتَحَقِّينَ (وَبِزِيَادَةِ الِاقْتِيَاتِ فِي الْأَصَحِّ) بِالنَّظَرِ لِلْغَالِبِ لَا لِبَلْدَةِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ وَعَلَيْهِ (فَالْبُرُّ خَيْرٌ مِنْ التَّمْرِ وَالْأَرُزِّ) وَمِنْ الزَّبِيبِ وَالشَّعِيرِ وَسَائِرِ الْأَقْوَاتِ لِكَوْنِهِ أَنْفَعَ اقْتِيَاتًا مِمَّا سِوَاهُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ الشَّعِيرَ خَيْرٌ مِنْ التَّمْرِ) لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الِاقْتِيَاتِ (وَأَنَّ التَّمْرَ خَيْرٌ مِنْ الزَّبِيبِ) لِمَا مَرَّ. وَالثَّانِي أَنَّ التَّمْرَ خَيْرٌ مِنْ الشَّعِيرِ وَأَنَّ الزَّبِيبَ خَيْرٌ مِنْ التَّمْرِ نَظَرًا إلَى الْقِيمَةِ، وَالْأَوْجَهُ عَلَى الْأَوَّلِ تَقْدِيمُ الشَّعِيرِ عَلَى الْأَرُزِّ وَالْأَرُزِّ عَلَى التَّمْرِ لِغَلَبَةِ الِاقْتِيَاتِ بِهِ، وَقَوْلُ الْجَارْبُرْدِيِّ فِي شَرْحِ الْحَاوِي: وَالْأَرُزُّ خَيْرٌ مِنْ الشَّعِيرِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ زِيَادَةُ الْقِيمَةِ، وَيَظْهَرُ تَقَدُّمُ السُّلْتِ عَلَى الشَّعِيرِ وَتَقْدِيمُ الذُّرَةِ وَالدَّخَنِ عَلَى مَا بَعْدَ الشَّعِيرِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا، وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي مَرَاتِبِ بَقِيَّةِ الْمُعَشَّرَاتِ الَّتِي سَكَتُوا عَنْهَا وَالْمَرْجِعُ فِي ذَلِكَ لِغَلَبَةِ الِاقْتِيَاتِ. (وَلَهُ أَنْ) (يُخْرِجَ عَنْ نَفْسِهِ مِنْ قُوتٍ) وَاجِبٍ (وَعَنْ قَرِيبِهِ) أَيْ مَنْ تَلْزَمُهُ فِطْرَتُهُ كَزَوْجَتِهِ وَعَبْدِهِ أَوْ مَنْ تَبَرَّعَ عَنْهُ بِإِذْنِهِ مِنْ (أَعْلَى مِنْهُ) لِأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا كَمَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ لِأَحَدِ جِيرَانَيْنِ شَاتَيْنِ وَلِلْآخَرِ عِشْرِينَ دِرْهَمًا (وَلَا يُبَعَّضُ الصَّاعُ) الْمُخْرَجُ عَنْ الْوَاحِدِ مِنْ جِنْسَيْنِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْجِنْسَيْنِ أَعْلَى مِنْ الْوَاجِبِ كَمَا لَا يَجْزِي فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ أَنْ يَكْسُوَ خَمْسَةً وَيُطْعِمَ خَمْسَةً، فَإِنْ أَخْرَجَ ذَلِكَ عَنْ اثْنَيْنِ كَأَنْ مَلَكَ وَاحِدٌ نِصْفَيْ عَبْدَيْنِ أَوْ مُبَعَّضَيْنِ مِنْ بَلَدَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْقُوتِ جَازَ تَبْعِيضُ الصَّاعِ. وَلَوْ أَخْرَجَ صَاعًا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَإِنْ غَلَبَ فِي بَعْضِهَا جِنْسٌ وَفِي بَعْضِهَا جِنْسٌ آخَرُ) قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْعُبَابِ وَاسْتَوَى فِي الْغَلَبَةِ كَسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ بُرٍّ وَسِتَّةٍ مِنْ شَعِيرٍ: أَيْ أَمَّا لَوْ غَلَبَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَجُزْ غَيْرُهُ. (قَوْلُهُ: الْأَعْلَى) رَسْمُهُ بِالْيَاءِ هُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ يُمَالُ بِمَالٍ. (قَوْلُهُ: فَأَجْزَأَ) قَالَ حَجّ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ إخْرَاجَ الْأَعْلَى فَأَبَى الْمُسْتَحِقُّونَ إلَّا قَبُولَ الْوَاجِبِ أُجِيبَ الْمَالِكُ، وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ يَنْبَغِي إجَابَةُ الْمُسْتَحِقِّ حِينَئِذٍ لِأَنَّ الْأَعْلَى إنَّمَا أَجْزَأَ رِفْقًا بِهِ فَإِذَا أَبَى إلَّا الْوَاجِبَ لَهُ فَيَنْبَغِي إجَابَتُهُ كَمَا لَوْ أَبَى الدَّائِنُ غَيْرَ جِنْسِ دَيْنِهِ وَلَوْ أَعْلَى وَإِنْ أَمْكَنَ الْفَرْقُ اهـ حَجّ. أَقُولُ: وَلَعَلَّهُ أَنَّ الزَّكَاةَ لَيْسَتْ دَيْنًا حَقِيقِيًّا كَسَائِرِ الدُّيُونِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْإِخْرَاجِ مِنْ عَيْنِ الْمَالِ، بَلْ إذَا أَخْرَجَ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ جِنْسِهِ وَجَبَ قَبُولُهُ فَالْمُغَلَّبُ فِيهَا مَعْنَى الْمُوَاسَاةِ وَهِيَ حَاصِلَةٌ بِمَا أَخْرَجَهُ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ ضَأْنًا عَنْ مَعْزٍ أَوْ عَكْسَهُ وَجَبَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ قَبُولُهُ مَعَ أَنَّ الْحَقَّ تَعَلَّقَ بِغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَتَقْدِيمُ الذُّرَةِ وَالدَّخَنِ) وَتَقَدَّمَ أَنَّ الدَّخَنَ نَوْعٌ مِنْ الذُّرَةِ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُمَا فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا بَعْدَ الشَّعِيرِ) أَيْ فَيَكُونَانِ فِي مَرْتَبَةِ الشَّعِيرِ فَيُقَدَّمَانِ عَلَى الْأَرُزِّ زِيَادِيٌّ وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الذُّرَةِ عَلَى الدَّخَنِ وَتَقَدُّمُ الْأَرُزِّ عَلَى التَّمْرِ. (قَوْلُهُ: بَلَدَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْقُوتِ) أَيْ أَوْ بَلَدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ كَالْحِنْطَةِ عَنْ الشَّعِيرِ) أَيْ فِي زَكَاةِ الْمُعَشَّرَاتِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ) يَعْنِي الِاقْتِيَاتَ (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْ تَلْزَمُهُ فِطْرَتُهُ كَزَوْجَتِهِ وَعَبْدِهِ) مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ (قَوْلُهُ: مِنْ بَلَدَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْقُوتِ) مِثَالٌ وَإِلَّا فَمِثْلُهُ لَوْ كَانَا مِنْ بَلَدٍ وَاحِدٍ

عَنْ وَاحِدٍ مِنْ نَوْعَيْنِ جَازَ حَيْثُ كَانَا مِنْ الْغَالِبِ (وَلَوْ كَانَ فِي بَلَدٍ أَقْوَاتٌ لَا غَالِبَ فِيهَا) وَلَمْ يَعْتَبِرْ قُوتَ نَفْسِهِ لِمَا مَرَّ (تَخَيَّرَ) إذْ لَيْسَ تَعَيُّنُ الْبَعْضِ لِلْوُجُوبِ أَوْلَى مِنْ تَعَيُّنِ الْآخَرِ، وَعُلِمَ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ تَبْعِيضِ الصَّاعِ الْمُخْرَجِ أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا يَقْتَاتُونَ بُرًّا مَخْلُوطًا بِشَعِيرٍ أَوْ نَحْوِهِ تَخَيَّرَ إنْ كَانَ الْخَلِيطَانِ عَلَى السَّوَاءِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ وَجَبَ مِنْهُ، نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ، فَلَوْ لَمْ يَجِدْ سِوَى نِصْفٍ مِنْ هَذَا وَنِصْفٍ مِنْ الْآخَرِ فَوَجْهَانِ أَقْرَبُهُمَا أَنَّهُ يُخْرِجُ النِّصْفَ الْوَاجِبَ وَلَا يَجْزِي الْآخَرُ لِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ تَبْعِيضِ الصَّاعِ مِنْ جِنْسَيْنِ. وَلَوْ كَانَ فِي بَلْدَةٍ لَا يَقْتَاتُونَ مَا يَجْزِي فِيهَا أَخْرَجَ مِنْ غَالِبِ قُوتِ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِ مِمَّا يَجْزِي فِيهَا، فَإِنْ اسْتَوَى بَلَدَانِ فِي الْقُرْبِ إلَيْهِ وَاخْتَلَفَ الْغَالِبُ مِنْ أَقْوَاتِهَا تَخَيَّرَ (وَالْأَفْضَلُ أَشْرَفُهَا) أَيْ أَعْلَاهَا (وَلَوْ كَانَ عَبْدَهُ) أَيْ رَقِيقَهُ (بِبَلَدٍ آخَرَ فَالْأَصَحُّ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِقُوتِ بَلَدِ الْعَبْدِ) بِنَاءً عَلَى وُجُوبِهَا عَلَى الْمُؤَدَّى عَنْهُ ابْتِدَاءً وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَالثَّانِي أَنَّ الْعِبْرَةَ بِبَلَدِ السَّيِّدِ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِهَا عَلَى الْمُؤَدِّي (قُلْت: الْوَاجِبُ الْحَبُّ) عِنْدَ تَعَيُّنِهِ فَلَا تُجْزِئُ الْقِيمَةُ بِالِاتِّفَاقِ وَلَا الْخُبْزُ وَلَا السَّوِيقُ وَلَا الدَّقِيقُ وَنَحْوُهَا، إذْ الْحَبُّ يَصْلُحُ لِمَا يَصْلُحُ لَهُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ (السَّلِيمُ) فَلَا يَجْزِي الْمُسَوَّسُ وَإِنْ اقْتَاتَهُ وَالْمَعِيبُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267] وَيُجْزِئُ حَبٌّ قَدِيمٌ قَلِيلُ الْقِيمَةِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ. (وَلَوْ أَخْرَجَ مِنْ مَالِهِ فِطْرَةَ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ الْغَنِيِّ جَازَ) لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةً عَلَيْهِ وَيَسْتَقِلُّ بِتَمْلِيكِهِ فَيُقَدَّرُ كَأَنَّهُ مَلَّكَهُ ذَلِكَ ثُمَّ تَوَلَّى الْأَدَاءَ عَنْهُ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ إنْ أَدَّى بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ، أَمَّا الْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ فَلَا يُخْرِجَانِ عَنْهُ مِنْ مَالِهِمَا إلَّا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَاحِدٍ تَعَدَّدَ فِيهَا الْغَالِبُ (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَا مِنْ الْغَالِبِ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وَلَوْ كَانُوا يَقْتَاتُونَ الْبُرَّ الْمُخْتَلِطَ بِالشَّعِيرِ فَإِنْ اسْتَوَيَا تَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُ نِصْفٍ مِنْ أَحَدِهِمَا وَنِصْفٍ مِنْ الْآخَرِ، وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ حَيْثُ قَيَّدَ جَوَازَ التَّبْعِيضِ بِالنَّوْعَيْنِ وَالشَّعِيرُ وَالْبُرُّ جِنْسَانِ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ وَعُلِمَ مِنْ عَدَمِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: تَخَيَّرَ إنْ كَانَ الْخَلِيطَانِ إلَخْ) ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُ بَعْضِهِ مِنْ أَحَدِهِمَا وَبَعْضِهِ مِنْ الْآخَرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ صَاعًا عَنْ وَاحِدٍ مِنْ نَوْعَيْنِ جَازَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ وَجَبَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ خَالِصِ ذَلِكَ الْأَكْثَرِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ قَمْحًا مَخْلُوطًا بِشَعِيرٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَلَوْ خَالَفَ وَأَخْرَجَ مِنْهُ وَجَبَ دَفْعُ مَا يُقَابِلُ الشَّعِيرَ قَمْحًا خَالِصًا إنْ كَانَ الْأَغْلَبُ مِنْ الْبُرِّ وَإِلَّا تَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَوَى الْبَلَدَانِ فِي الْقُرْبِ) أَيْ وَيُرْجَعُ فِي ذَلِكَ إلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يَعْرِفُهُ. (قَوْلُهُ: أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِقُوتِ بَلَدِ الْعَبْدِ) أَيْ وَيُدْفَعُ لِفُقَرَاءَ بَلَدِ الْعَبْدِ وَإِنْ بَعُدَ، وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّوْكِيلُ فِي زَمَنٍ بِحَيْثُ يَصِلُ الْخَبَرُ إلَى الْوَكِيلِ فِيهِ قَبْلَ مَجِيءِ وَقْتِ الْوُجُوبِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ حَقَّهُ وَقْتَ كَذَا وَتَوَقَّفَ تَسْلِيمُهُ لَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ عَلَى السَّفَرِ قَبْلَ مَجِيءِ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ لَا يُكَلَّفُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فَلَا تُجْزِئُ الْقِيمَةُ بِالِاتِّفَاقِ) أَيْ مِنْ مَذْهَبِنَا. (قَوْلُهُ: السَّلِيمُ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: لَوْ فُقِدَ السَّلِيمُ مِنْ الدُّنْيَا فَهَلْ يُخْرِجُ مِنْ الْمَوْجُودِ أَوْ يَنْتَظِرُ وُجُودَ السَّلِيمِ أَوْ يُخْرِجُ الْقِيمَةَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالثَّانِي قَرِيبٌ مَرَّ. وَتَوَقَّفَ فِيهِ شَيْخُنَا وَقَالَ: الْأَقْرَبُ الثَّالِثُ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ فُقِدَ الْوَاجِبُ مِنْ أَسْنَانِ الزَّكَاةِ مِنْ أَنَّهُ يُخْرِجُ الْقِيمَةَ وَلَا يُكَلَّفُ الصُّعُودَ عَنْهُ وَلَا النُّزُولَ مَعَ الْجُبْرَانِ (قَوْلُهُ فَلَا يُجْزِئُ الْمُسَوَّسُ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: لَوْ لَمْ يَكُنْ قُوتُهُمْ إلَّا الْحَبَّ الْمُسَوَّسُ أَجْزَأَ كَمَا قَالَهُ مَرَّ. قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَيُتَّجَهُ اعْتِبَارُ بُلُوغِ لُبِّ الْمُسَوَّسِ صَاعًا اهـ. وَوَافَقَ عَلَيْهِ مَرَّ اهـ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ فَلَوْ كَانَ فِي بَلَدٍ لَا يَقْتَاتُونَ مَا يُجْزِئُ فِيهَا أَخْرَجَ مِنْ غَالِبِ قُوتِ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَخْ خِلَافُهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ اقْتَاتَهُ) أَيْ هُوَ دُونَ أَهْلِ الْبَلَدِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُخْرِجَانِ عَنْهُ مِنْ مَالِهِمَا) أَيْ مَالِ أَنْفُسِهِمَا سَوَاءٌ نَوَيَا الرُّجُوعَ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: إلَّا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ) بَقِيَ مَا لَوْ فُقِدَ الْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ وَالْحَاكِمُ هَلْ لِلْآحَادِ الْإِخْرَاجُ عَنْهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَفِيهِ قُوتَانِ لَا غَالِبَ فِيهِمَا أَوْ كَانَ هُنَاكَ الْوَاجِبُ، وَأَعْلَى مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا يَقْتَاتُونَ بُرًّا مَخْلُوطًا بِشَعِيرٍ أَوْ نَحْوِهِ تَخَيَّرَ)

الْمَاوَرْدِيِّ وَالْبَغَوِيِّ وَأَقَرَّهُ وَيُخَالِفُ مَا لَوْ قَضَيَا دَيْنَهُ مِنْ مَالِهِمَا بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ يَبْرَأُ لِأَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ مُتَعَيَّنٌ بِخِلَافِ مُسْتَحِقِّ الزَّكَاةِ قَالَهُ الْقَاضِي (كَأَجْنَبِيٍّ أَذِنَ) كَمَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ اقْضِ دَيْنِي فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَمْ يُجْزِهِ جَزْمًا لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ فَلَا تَسْقُطُ عَمَّنْ كُلِّفَ بِهَا بِدُونِ إذْنِهِ (بِخِلَافِ الْكَبِيرِ) فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِ بِتَمْلِيكِهِ، وَقَيَّدَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَالْبَغَوِيِّ وَأَقْوَى بِالرَّشِيدِ فَأَفْهَمَ أَنَّ السَّفِيهَ كَالصَّغِيرِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ وَالْمَجْنُونُ مِثْلُهُ أَيْضًا. (وَلَوْ) (اشْتَرَكَ مُوسِرٌ وَمُعْسِرٌ) مُنَاصَفَةً مَثَلًا (فِي عَبْدٍ) أَيْ رَقِيقٍ وَالْمُعْسِرُ مُحْتَاجٌ إلَى خِدْمَتِهِ (لَزِمَ الْمُوسِرَ نِصْفُ صَاعٍ) إذْ هُوَ الْمُكَلَّفُ بِهَا وَمَحِلُّهُ حَيْثُ لَا مُهَايَأَةَ بَيْنَهُمَا، وَإِلَّا فَجَمِيعُهَا عَلَى الْمُوسِرِ إنْ وَقَعَ زَمَنُ الْوُجُوبِ فِي نَوْبَتِهِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ أَوْ فِي نَوْبَةِ الْمُعْسِرِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَالْمُبَعَّضِ الْمُعْسِرِ (وَلَوْ أَيْسَرَا) أَيْ الشَّرِيكَانِ فِي الرَّقِيقِ (وَاخْتَلَفَ وَاجِبُهُمَا) لِاخْتِلَافِ قُوتِ بَلَدِهِمَا بِأَنْ كَانَا بِبَلَدَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْقُوتِ (أَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ وَاجِبِهِ) أَيْ مِنْ قُوتِ بَلَدِهِ (فِي الْأَصَحِّ) كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُمَا إذَا أَخْرَجَا هَكَذَا أَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ جَمِيعَ وَاجِبِهِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَثَلَاثَةٍ مُحْرِمِينَ قَتَلُوا ظَبْيَةً فَذَبَحَ أَحَدُهُمْ ثُلُثَ شَاةٍ وَأَطْعَمَ الثَّانِي بِقِيمَةِ ثُلُثِ شَاةٍ وَصَامَ الثَّالِثُ عَدْلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجْزِيهِمْ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَهَلَّ شَوَّالٌ عَلَى الْعَبْدِ وَهُوَ فِي بَرِّيَّةٍ نِسْبَتُهَا فِي الْقُرْبِ إلَى بَلَدَيْ السَّيِّدَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْمُعْتَبَرُ قُوتُ بَلَدَيْ السَّيِّدَيْنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْعَبْدُ فِي بَلَدٍ لَا قُوتَ فِيهَا وَإِنَّمَا يُحْمَلُ إلَيْهَا مِنْ بَلَدِ السَّيِّدَيْنِ مِنْ الْأَقْوَاتِ مَا لَا يُجْزِئُ فِي الْفِطْرَةِ كَالدَّقِيقِ وَالْخُبْزِ، وَحَيْثُ أَمْكَنَ تَنْزِيلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفَيْنِ عَلَى تَصْوِيرٍ صَحِيحٍ لَا يُعْدَلُ إلَى تَغْلِيطِهِمْ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مَا صَحَّحَهُ هُنَا وَمَا صَحَّحَهُ أَوَّلًا مِنْ كَوْنِ الْأَصَحِّ اعْتِبَارَ قُوتِ بَلَدِ الْعَبْدِ، فَسَقَطَ مَا قِيلَ: إنَّ مَا ذَكَرَهُ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ ابْتِدَاءً وَإِنْ جَرَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ تَبَعًا لِكَثِيرٍ مِنْ الشُّرَّاحِ، وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَخْرَجَ كُلٌّ عَنْ وَاجِبِهِ: أَيْ جَوَازًا لَا وُجُوبًا لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْقُوَّتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSنَظَرٌ، ثُمَّ رَأَيْت عَنْ الْقُوتِ لِلْأَذْرَعِيِّ مَا يُفِيدُ الْأَوَّلَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ مُتَعَيَّنٌ) أَيْ فَلَا يُنْسَبُ فِي الدَّفْعِ لَهُ إلَى أَنَّهُ قَدْ يَتَصَرَّفُ بِلَا مَصْلَحَةٍ، بِخِلَافِ الْفُقَرَاءِ فَإِنَّهُ قَدْ يُتَّهَمُ بِأَنَّهُ قَدْ يَدْفَعُ لِمَنْ لَا يَسْتَحِقُّ أَوْ لِمَنْ غَيْرُهُ أَحْوَجُ مِنْهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَوْ انْحَصَرَ الْمُسْتَحِقُّونَ جَازَ لِلْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ لِلدَّفْعِ لَهُمْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَمْ يُجْزِهِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمُخْرَجُ عَنْهُ مِمَّنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ الْمُخْرِجُ مُرُوءَةً وَحَيْثُ لَمْ يَجُزْ لَا تَسْقُطُ عَمَّنْ أَخْرَجَهُ عَنْهُ وَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ مِنْ الْآخِذِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّهُ أَخْرَجَ عَنْ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ) مِنْهُ يُؤْخَذُ جَوَابُ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ فِي الدَّرْسِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ أَهْلُ الزَّكَاةِ مِنْ دَفْعِهَا وَظَفِرَ بِهَا الْمُسْتَحِقُّ هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهَا وَتَقَعُ زَكَاةً أَمْ لَا؟ وَهُوَ عَدَمُ جَوَازِ الْأَخْذِ ظَفْرًا وَعَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِمَا عَلَّلَ بِهِ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: وَالْمَجْنُونُ مِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ الصَّغِيرِ. . ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ بَيْنَ إخْرَاجِ بُرٍّ وَحْدَهُ أَوْ شَعِيرٍ وَحْدَهُ وَلَا يُخْرِجُ صَاعًا مُبَعَّضًا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ مُتَعَيِّنٌ إلَخْ) لَا دَخْلَ لَهُ فِي الْفَرْقِ كَمَا قَالَهُ الشِّهَابُ حَجّ، وَفُرِّقَ بِوُجُوبِ النِّيَّةِ فِي الزَّكَاةِ بِخِلَافِ أَدَاءِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْكَبِيرِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ غَنِيٌّ.

[باب من تلزمه الزكاة]

[بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ] ُ أَيْ زَكَاةُ الْمَالِ (وَمَا تَجِبُ فِيهِ) أَيْ شُرُوطُ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ وَشُرُوطُ الْمَالِ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِمَا تَجِبُ فِيهِ بَيَانَ الْأَعْيَانِ مِنْ مَاشِيَةٍ وَنَقْدٍ وَغَيْرِهِمَا فَإِنَّ ذَلِكَ قَدْ عُلِمَ مِنْ الْأَبْوَابِ السَّابِقَةِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ اتِّصَافُ الْمَالِ الزَّكَوِيِّ بِمَا قَدْ يُؤَثِّرُ فِي السُّقُوطِ، وَقَدْ لَا يُؤَثِّرُ كَالْغَصْبِ وَالْجُحُودِ وَالضَّلَالِ أَوْ مُعَارَضَتِهِ بِمَا قَدْ يُسْقِطُهُ كَالدَّيْنِ وَعَدَمِ اسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ. وَحَاصِلُ التَّرْجَمَةِ بَابُ شُرُوطِ الزَّكَاةِ وَمَوَانِعِهَا وَخَتَمَهُ بِفَصْلَيْنِ آخَرَيْنِ لِمُنَاسَبَتِهِمَا لَهُ وَبَدَأَ بِبَيَانِ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ فَقَالَ (شَرْطُ وُجُوبِ زَكَاةِ الْمَالِ) بِأَنْوَاعِهِ السَّابِقَةِ مِنْ حَيَوَانٍ وَنَبَاتٍ وَنَقْدٍ وَمَعْدِنٍ وَرِكَازٍ وَتِجَارَةٍ عَلَى مَالِكِهِ (الْإِسْلَامُ) فَلَا تَجِبُ عَلَى كَافِرٍ أَصْلِيٍّ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ فِي الصَّلَاةِ لِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ فِي كِتَابِ الصَّدَقَةِ: هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَاحْتُرِزَ بِزَكَاةِ الْمَالِ عَنْ زَكَاةِ الْفِطْرِ فَإِنَّهَا قَدْ تَلْزَمُ الْكَافِرَ عَنْ غَيْرِهِ كَمَا مَرَّ (وَالْحُرِّيَّةُ) فَلَا تَجِبُ عَلَى الرَّقِيقِ وَلَوْ مُدَبَّرًا وَمُسْتَوْلِدَةً وَمُعَلَّقَ الْعِتْقِ بِصِفَةٍ لِعَدَمِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ) وَمَا تَجِبُ فِيهِ (قَوْلُهُ: لِمُنَاسَبَتِهِمَا لَهُ) أَيْ فَكَأَنَّ التَّرْجَمَةَ شَامِلَةٌ لَهُمَا فَسَاغَ التَّعْبِيرُ بِفَصْلٍ. (قَوْلُهُ: شَرْطُ وُجُوبِ زَكَاةِ الْمَالِ الْإِسْلَامُ) يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْأَنْبِيَاءُ. قَالَ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ فِي كِتَابِ التَّنْوِيرِ مَا نَصُّهُ: وَمِنْ خَصَائِصِ الْأَنْبِيَاءِ إلَخْ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ - عَدَمُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَيْهِمْ. وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ} [مريم: 31] أَيْ زَكَاةِ الْبَدَنِ لَا الْمَالِ كَمَا حَمَلَهُ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ، أَوْ أَوْصَانِي بِالزَّكَاةِ: أَيْ بِتَبْلِيغِهَا اهـ خَصَائِصُ السُّيُوطِيّ. وَقَوْلُهُ أَيْ زَكَاةِ الْبَدَنِ الْمُرَادُ بِهَا زَكَاةُ النَّفْسِ عَنْ الرَّذَائِلِ الَّتِي لَا تَلِيقُ بِمَقَامَاتِ الْأَنْبِيَاءِ، وَيَدُلُّ لَهُ مَا حَمَلَ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ الْآيَةَ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالزَّكَاةِ فِيهَا الِاسْتِكْثَارُ مِنْ الْخَيْرِ كَمَا حَكَاهُ عَنْهُ الْوَاحِدِيُّ فِي وَسِيطِهِ لَا زَكَاةُ الْفِطْرِ، لِأَنَّ مُقْتَضَى جَعْلِ عَدَمِ الزَّكَاةِ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ زَكَاةِ الْمَالِ وَالْبَدَنِ، هَذَا وَتَقَدَّمَ عَنْ الْمُنَاوِيِّ مَا فِي عَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ، وَعِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الْخَصَائِصِ: وَهَذَا كَمَا تَرَاهُ بَنَاهُ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ عَلَى مَذْهَبِ إمَامِهِ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ خِلَافُهُ. (قَوْلُهُ: وَرِكَازٍ وَتِجَارَةٍ) عَطَفَهُمَا عَلَى النَّقْدِ لِاخْتِصَاصِهِمَا بِاسْمَيْنِ وَمُخَالَفَةُ النَّقْدِ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ كَعَدَمِ اشْتِرَاطِ حَوَلَانِ الْحَوْلِ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَالِكِهِ) صِلَةُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وُجُوبٌ وَلَيْسَتْ لِلِاحْتِرَازِ بَلْ لِمُجَرَّدِ بَيَانِ الْمُتَعَلِّقِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْمَالِكِ بَيْنَ الْبَالِغِ وَالصَّبِيِّ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَجِبُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادَ بِوُجُوبِهَا فِي مَالِهِمَا أَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ كَتَعَلُّقِ الْأَرْشِ بِالْجَانِي بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهَا ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِمَا، وَيَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ إخْرَاجُهَا مِنْ مَالِهِمَا كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فِي فَصْلِ إنَّمَا تَجِبُ الصَّلَاةُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِالْمَعْنَى السَّابِقِ فِي الصَّلَاةِ) وَهُوَ أَنَّهُ لَا يُخَاطَبُ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَيُعَاقَبُ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ، هَذَا وَقِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَضَاهَا لَا تَصِحُّ مِنْهُ أَنَّهُ هُنَا لَوْ أَخْرَجَهَا لَا تَصِحُّ مِنْهُ لَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَلَا بَعْدَهُ وَيَسْتَرِدُّهَا مِمَّنْ أَخَذَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQبَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ) وَمَا تَجِبُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الْمُرَادُ اتِّصَافُ الْمَالِ الزَّكَوِيِّ إلَخْ) وَحِينَئِذٍ فَكَانَ الْأَصْوَبُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَذَا الْمُرَادِ بَدَلَ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَشُرُوطُ الْمَالِ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ كَمَا صَنَعَ الشِّهَابُ حَجّ فِي تُحْفَتِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُعَارَضَتُهُ بِمَا قَدْ يُسْقِطُهُ كَالدَّيْنِ إلَخْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ أَنَّ ذَاكَ أَوْصَافٌ قَائِمَةٌ بِنَفْسِ الْمَالِ بِخِلَافِ هَذَا، وَلِهَذَا غَايَرَ فِي الْأُسْلُوبِ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرَ

مِلْكِهِ، فَلَوْ مَلَّكَهُ سَيِّدُهُ مَالًا لَمْ يَمْلِكْهُ وَهُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ سَيِّدِهِ فَتَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ. وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْإِسْلَامَ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الْإِخْرَاجِ لَا لِأَصْلِ الطَّلَبِ، وَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ أَنَّ الشَّرْطَ الْآخَرَ وَهُوَ الْحُرِّيَّةُ الْكَامِلَةُ لِأَصْلِ الطَّلَبِ لِأَنَّ مَدَارَ الْعَطْفِ عَلَى اشْتِرَاكِهِمَا فِي الشَّرْطِيَّةِ لَا غَيْرُ وَهُمَا كَذَلِكَ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْمُرَادُ بِهِمَا فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ. (وَتَلْزَمُ الْمُرْتَدَّ) زَكَاةُ الْمَالِ الَّذِي حَالَ عَلَيْهِ حَوْلٌ فِي رِدَّتِهِ (إنْ أَبْقَيْنَا مِلْكَهُ) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِعَلَقَةِ الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَزَلْنَاهُ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ، فَإِنْ قُلْنَا بِوَقْفِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فَمَوْقُوفَةٌ وَحِينَئِذٍ فَالْمَفْهُومُ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ. أَمَّا إذَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ فِي الْإِسْلَامِ ثُمَّ ارْتَدَّ فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ سَوَاءٌ أَسْلَمَ أَمْ قُتِلَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَيَجْزِيهِ الْإِخْرَاجُ فِي هَذِهِ حَالَ الرِّدَّةِ وَفِي الْأُولَى عَلَى قَوْلِ اللُّزُومِ فِيهَا وَعَلَى قَوْلِ الْوَقْفِ وَهُوَ الْأَصَحُّ إنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ (دُونَ الْمُكَاتَبِ) فَلَا تَلْزَمُهُ لِضَعْفِ مِلْكِهِ وَصَرَّحَ بِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ لَهُ مِلْكًا وُجُوبُهَا عَلَيْهِ، وَالْحُرِّيَّةُ قَدْ يُرَادُ بِهَا الْقُرْبُ مِنْهَا فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ لِخَبَرِ «لَيْسَ فِي مَالِ الْمُكَاتَبِ زَكَاةٌ حَتَّى يُعْتَقَ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ. قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، وَمِثْلُهُ عَنْ عُمَرَ مَوْقُوفًا وَلَا مُخَالِفَ لَهُ وَلِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ وَمَالُهُ غَيْرُ صَالِحٍ لَهَا. وَدَلِيلُهُ أَنْ لَا تَلْزَمَهُ نَفَقَةُ قَرِيبِهِ وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ إذَا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَقَدْ يُقَالُ: إذَا أَخْرَجَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ بَلْ يُحْتَمَلُ أَوْ قَبْلَهُ يَقَعُ لَهُ تَطَوُّعًا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ بِمَا قَدَّمْنَاهُ. (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ إلَخْ) أَيْ فِي قَوْلِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِسْلَامِ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ فِي الصَّلَاةِ وَبِالنِّسْبَةِ لِلْحُرِّيَّةِ فِي قَوْلِهِ فَلَا يَجِبُ عَلَى الرَّقِيقِ إلَى قَوْلِهِ وَهُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ سَيِّدِهِ فَيَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ . (قَوْلُهُ: فَالْمَفْهُومُ فِيهِ تَفْصِيلٌ) أَيْ مَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ أَبْقَيْنَا مِلْكَهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ جَزْمًا) وَفِي نُسْخَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ. (قَوْلُهُ: وَيُجْزِئُهُ الْإِخْرَاجُ فِي هَذِهِ) هِيَ قَوْلُهُ أَمَّا إذَا وَجَبَتْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَفِي الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ وَتَلْزَمُ الْمُرْتَدَّ زَكَاةُ الْمَالِ الَّذِي حَالَ عَلَيْهِ حَوْلٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ: إنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَى الْإِسْلَامِ لَمْ يُعْتَدَّ بِمَا دَفَعَهُ، وَيَسْتَرِدُّ مِنْ الْقَابِضِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ عَلِمَ الْقَابِضُ أَنَّهَا زَكَاةٌ أَمْ لَا. قَالَ حَجّ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُعَجَّلَةِ بِأَنَّ الْمُخْرِجَ هُنَا لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الْإِخْرَاجِ، بِخِلَافِهِ فِي الْمُعَجَّلَةِ فَإِنَّ لَهُ وِلَايَةَ الْإِخْرَاجِ فِي الْجُمْلَةِ فَحَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ الْقَابِضُ بِأَنَّهَا مُعَجَّلَةٌ اُسْتُرِدَّتْ مِنْهُ اهـ بِالْمَعْنَى. وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ فِي الْفَرْقِ أَنَّهُ حَيْثُ مَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمَالَ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ مِنْ وَقْتِ الرِّدَّةِ، فَإِخْرَاجُهُ مِنْهُ تَصَرُّفٌ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ فَضَمِنَهُ آخِذُهُ مِنْ حِينِ الْقَبْضِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ إنْ بَقِيَ وَبَدَلُهُ إنْ تَلِفَ كَالْمَقْبُوضِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ. وَأَمَّا فِي الْمُعَجَّلَةِ فَالْمُخْرِجُ مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ فَتَصَرُّفُهُ فِي مِلْكِهِ، وَالظَّاهِرُ مِنْهُ حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْ التَّعْجِيلَ أَنَّهُ صَدَقَةُ تَطَوُّعٍ أَوْ زَكَاةٌ غَيْرُ مُعَجَّلَةٍ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَتَصَرُّفُهُ نَافِذٌ، وَبَقِيَ مَا لَوْ ادَّعَى الْقَابِضُ أَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَ الْمَالَ مِنْهُ قَبْلِ الرِّدَّةِ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الدَّفْعِ قَبْلَ الرِّدَّةِ وَالْحَادِثُ يُقَدَّرُ بِأَقْرَبِ زَمَنٍ. (قَوْلُهُ: دُونَ الْمُكَاتَبِ) أَيْ كِتَابَةً صَحِيحَةً. أَمَّا الْمُكَاتَبُ كِتَابَةً فَاسِدَةً فَتَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَى سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ مَالَهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ. (قَوْلُهُ: لِخَبَرٍ لَيْسَ فِي مَالِ الْمُكَاتَبِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلِخَبَرٍ بِالْوَاوِ لِأَنَّهُ عَطَفَ عَلَى لِضَعْفِ مِلْكِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا مُخَالِفَ لَهُ) أَيْ فَصَارَ إجْمَاعًا. (قَوْلُهُ: وَدَلِيلُهُ) أَيْ دَلِيلُ كَوْنِهِ غَيْرَ صَالِحٍ لِلْمُوَاسَاةِ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ) أَيْ بَلْ لَا يَجُوزُ لَهُ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْوَاوِ بَدَلَ أَوْ (قَوْلُهُ: زَكَاةُ الْمَالِ الَّذِي حَالَ عَلَيْهِ حَوْلٌ فِي رِدَّتِهِ) صَادِقٌ بِمَا إذَا مَضَى عَلَيْهِ جَمِيعُ الْحَوْلِ وَهُوَ مُرْتَدٌّ أَوْ ارْتَدَّ فِي أَثْنَائِهِ وَاسْتَمَرَّ إلَى تَمَامِهِ وَلَمْ يُقْتَلْ، وَبِالصُّورَتَيْنِ صَرَّحَ الْأَذْرَعِيُّ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ الَّذِي حَالَ عَلَيْهِ حَوْلٌ بِالتَّنْكِيرِ وَهِيَ قَاصِرَةٌ عَلَى الصُّورَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ فَالْمَفْهُومُ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ) قَدْ يُقَالُ: أَيُّ شَيْءٍ يَرِدُ عَلَيْهِ حَتَّى يَنْدَفِعَ بِهَذَا الْجَوَابِ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ «لَيْسَ فِي مَالِ الْمُكَاتَبِ زَكَاةٌ» إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَى قَوْلِهِ وَصَرَّحَ

مَلَكَهُ وَلَا زَكَاةَ عَلَى السَّيِّدِ بِسَبَبِ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ لَهُ، فَإِنْ زَالَتْ الْكِتَابَةُ بِعَجْزٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِ انْعَقَدَ حَوْلُهُ مِنْ حِينِ زَوَالِهَا. وَشَرْطُ وُجُوبِهَا أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْمَالِكُ مُعَيَّنًا فَلَا زَكَاةَ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ وَتَجِبُ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَى مُعَيَّنٍ وَأَنْ يَكُونَ مُتَيَقَّنَ الْوُجُودِ، فَلَا زَكَاةَ فِي مَالِ الْحَمْلِ الْمَوْقُوفِ لَهُ بِإِرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ لِعَدَمِ الثِّقَةِ بِحَيَاتِهِ، فَلَوْ انْفَصَلَ الْجَنِينُ مَيِّتًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّ الْمُتَّجَهَ عَدَمُ لُزُومِهَا بَقِيَّةَ الْوَرَثَةِ لِضَعْفِ مِلْكِهِمْ، وَنُوزِعَ بِأَنَّ الظَّاهِرَ خِلَافُهُ وَقَدْ قَيَّدَ الْإِمَامُ الْمَسْأَلَةَ بِخُرُوجِ الْجَنِينِ حَيًّا وَهُوَ قِيَاسُ مَا ذَكَرُوهُ فِيمَا إذَا بَدَا الصَّلَاحُ أَوْ الِاشْتِدَادُ زَمَنَ خِيَارِهِمَا أَنَّ مَنْ ثَبَتَ لَهُ الْمِلْكُ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ عَلَيْهِ مَعَ كَوْنِ الْمِلْكِ مَوْقُوفًا، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْحَمْلِ حَكَمْنَا بِانْتِقَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــSتَبَرُّعٌ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا زَكَاةَ عَلَى السَّيِّدِ) أَيْ لَا حَالًا وَلَا اسْتِقْبَالًا (قَوْلُهُ: بِسَبَبِ مَالِهِ) أَيْ وَكَمَالِ الْكِتَابَةِ دُيُونُ الْمُعَامَلَةِ لِعَدَمِ لُزُومِهَا اهـ سم عَنْ الرَّمْلِيِّ ومَرَّ. وَسَيَأْتِي مَا يُفِيدُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: أَوْ كَانَ غَيْرَ لَازِمٍ خِلَافًا لِلدَّمِيرِيِّ. . (قَوْلُهُ: فَلَا زَكَاةَ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانُوا مَحْصُورِينَ عِنْدَ حَوَلَانِ الْحَوْلِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ تَعَيُّنَهُمْ عَارِضٌ وَيَحْتَمِلُ خِلَافُهُ لِمِلْكِهِمْ لَهُ. [فَرْعٌ] اسْتَحَقَّ نَقْدًا قَدْرَ نِصَابٍ مَثَلًا فِي وَقْفٍ مَعْلُومٍ وَظِيفَةً بَاشَرَهَا وَمَضَى حَوْلٌ مِنْ حِينِ اسْتِحْقَاقِهِ مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ فَهَلْ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ الدَّيْنِ عَلَى جِهَةِ الْوَقْفِ وَلَهُ حُكْمُ الدُّيُونِ حَتَّى تَلْزَمَهُ الزَّكَاةُ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِخْرَاجُ إلَّا أَنَّ قَبْضَهُ أَوَّلًا بَلْ هُوَ شَرِيكٌ فِي أَعْيَانِ رِيعِ الْوَقْفِ بِقَدْرِ مَا شَرَطَ لَهُ الْوَاقِفُ، فَإِنْ كَانَتْ الْأَعْيَانُ زَكَوِيَّةً لَزِمَتْهُ الزَّكَاةُ وَإِلَّا فَلَا؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ، وَاعْتَمَدَ مَرَّ الْأَوَّلَ. (قَوْلُهُ: وَتَجِبُ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَى مُعَيَّنٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخُصَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُعَيَّنَيْنِ نِصَابٌ لِلشَّرِكَةِ، وَصُورَتُهُ أَنَّهُ يَقِفُ بُسْتَانًا وَيَحْصُلُ مِنْ ثَمَرَتِهِ مَا يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ. (قَوْلُهُ: فَلَا زَكَاةَ فِي مَالِ الْحَمْلِ الْمَوْقُوفِ) أَيْ وَإِنْ انْفَصَلَ حَيًّا، وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ: لَا فِيمَا وُقِفَ لِجَنِينٍ إذَا انْفَصَلَ حَيًّا اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ. وَبَقِيَ مَا لَوْ انْفَصَلَ خُنْثَى وَوُقِفَ لَهُ مَالٌ هَلْ يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ عَلَيْهِ إذَا اتَّضَحَ بِمَا يَقْتَضِي اسْتِحْقَاقَهُ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ إذَا تَبَيَّنَ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِ الْخُنْثَى وَثُبُوتُهُ لِلْغَيْرِ كَمَا لَوْ كَانَ الْخُنْثَى ابْنَ أَخٍ فَبِتَقْدِيرِ أُنُوثَتِهِ لَا يَرِثُ وَبِتَقْدِيرِ ذُكُورَتِهِ يَرِثُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْوُجُوبِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ خُصُوصِيِّ الْمُسْتَحِقِّ مُدَّةَ التَّوَقُّفِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا لَوْ عَيَّنَ الْقَاضِي لِكُلٍّ مِنْ غُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ قَدْرًا مِنْ مَالِهِ وَمَضَى الْحَوْلُ قَبْلَ قَبْضِهِمْ لَهُ فَإِنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِمْ بِتَقْدِيرِ حُصُولِهِ لَهُمْ بَعْدُ، وَلَا عَلَى الْمُفْلِسِ لَوْ انْفَكَّ الْحَجْرُ وَرَجَعَ الْمَالُ إلَيْهِ وَعَلَّلُوهُ بِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْمُسْتَحِقِّ مُدَّةَ التَّوَقُّفِ. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الثِّقَةِ بِحَيَاتِهِ) أَيْ مَا دَامَ حَمْلًا وَإِنْ حَصَلَتْ حَرَكَةٌ فِي الْبَطْنِ جَازَ أَنْ تَكُونَ لِغَيْرِ حَمْلٍ كَالرِّيحِ: وَقِيَاسُ مَا ذُكِرَ فِيمَا لَوْ انْفَصَلَ مَيِّتًا مِنْ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَى الْوَرَثَةِ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ إذَا تَبَيَّنَ عَدَمُ الْحَمْلِ لِلتَّرَدُّدِ بَعْدَ مَوْتِ مَنْ لَهُ الْمَالُ فِي عَيْنِ مَنْ انْتَقَلَ الْمَالُ لَهُ، وَلَكِنْ نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ الزِّيَادِيِّ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِيمَا لَوْ تَبَيَّنَ أَنْ لَا حَمْلَ لِحُصُولِ الْمِلْكِ لِلْوَرَثَةِ بِمَوْتِ الْمُوَرِّثِ اهـ. وَهَذِهِ الْعِلَّةُ بِعَيْنِهَا مَوْجُودَةٌ فِيمَا لَوْ انْفَصَلَ مَيِّتًا بِدَلِيلِ أَنَّ الْفَوَائِدَ الْحَاصِلَةَ فِي الْمَالِ يُحْكَمُ بِهَا لِلْوَرَثَةِ لِحُصُولِ الْمِلْكِ مِنْ الْمَوْتِ وَقَوْلُهُ لِعَدَمِ الثِّقَةِ إلَخْ أَخَذَ بَعْضُهُمْ مِنْهُ أَنَّا إذَا عَلِمْنَا حَيَاتَهُ وَوُجُودَهُ بِخَبَرٍ مَعْصُومٍ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ. أَقُولُ: وَلَيْسَ مُرَادًا لِأَنَّ خَبَرَ الْمَعْصُومِ لَا يَزِيدُ عَلَى انْفِصَالِهِ حَيًّا، وَانْفِصَالُهُ حَيًّا مُحَقَّقٌ لِوُجُودِهِ قَبْلَ الِانْفِصَالِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ نُوجِبْهَا بَعْدَ انْفِصَالِهِ لِتَبَيُّنِ وُجُودِهِ عِنْدَ حَوَلَانِ الْحَوْلِ. (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ الْمُتَّجَهُ عَدَمُ لُزُومِهَا) أَيْ فِي جَمِيعِ الْمَالِ الْمَوْقُوفِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ لَا فِيمَا يَخْتَصُّ بِالْجَنِينِ أَنْ لَوْ كَانَ حَيًّا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ قَيَّدَ الْإِمَامُ الْمَسْأَلَةَ إلَخْ) أَيْ وَهِيَ عَدَمُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي مَالِ الْحَمْلِ. (قَوْلُهُ: بِخُرُوجِ الْجَنِينِ حَيًّا) صَوَابُهُ بِعَدَمِ خُرُوجِهِ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِهِ إلَخْ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَيْضًا الْإِتْيَانُ فِيهِ بِالْوَاوِ عَطْفًا عَلَى الْعِلَّةِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَتَجِبُ فِي الْمَوْقُوفِ) أَيْ فِي رِيعِهِ

الْمِلْكِ ظَاهِرًا وَانْفِصَالِهِ مَيِّتًا لَمْ يَتَحَقَّقْ مَعَهُ انْتِفَاءُ سَبْقِ حَيَاةٍ لَهُ، وَلَا كَذَلِكَ وَقْفُ الْمِلْكِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ وَنَحْوِهِ، وَيُمْكِنُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ هَذَا الشَّرْطِ لِخُرُوجِهِ بِقَوْلِهِ (وَتَجِبُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ) وَالصَّبِيَّةِ لِشُمُولِ الْخَبَرِ الْمَارِّ لَهُمَا وَلِخَبَرِ «ابْتَغُوا فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى لَا تَسْتَهْلِكُهَا الصَّدَقَةُ» وَفِي رِوَايَةِ الزَّكَاةِ، وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ خَبَرَ «مَنْ وَلِيَ يَتِيمًا لَهُ مَالٌ فَلْيَتَّجِرْ فِيهِ وَلَا يَتْرُكْهُ حَتَّى تَأْكُلَهُ الصَّدَقَةُ» وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الزَّكَاةِ سَدُّ الْخَلَّةِ وَتَطْهِيرُ الْمَالِ وَمَالُهُمَا قَابِلٌ لِأَدَاءِ النَّفَقَاتِ وَالْغَرَامَاتِ وَلَيْسَتْ الزَّكَاةُ مَحْضَ عِبَادَةٍ حَتَّى تَخْتَصَّ بِالْمُكَلَّفِ (وَالْمَجْنُونِ) وَيُخَاطِبُ الْوَلِيُّ بِإِخْرَاجِهَا وَمَحِلُّ وُجُوبِ ذَلِكَ عَلَيْهِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ حَيْثُ كَانَ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ وُجُوبَهَا عَلَى الْوَلِيِّ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ لَا يَرَاهُ كَحَنَفِيٍّ فَلَا وُجُوبَ، وَالِاحْتِيَاطُ لَهُ أَنْ يَحْسِبَ زَكَاتَهُ، فَإِذَا كَمَلَا أَخْبَرَهُمَا بِذَلِكَ وَلَا يُخْرِجُهَا فَيُغَرِّمُهُ الْحَاكِمُ. قَالَهُ الْقَفَّالُ وَفَرَضَهُ فِي الطِّفْلِ وَمِثْلُهُ الْمَجْنُونُ كَمَا مَرَّ وَالسَّفِيهُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَلَوْ كَانَ الْوَلِيُّ غَيْرَ مُتَمَذْهِبٍ بَلْ عَامِّيًّا صِرْفًا فَإِنْ أَلْزَمَهُ حَاكِمٌ يَرَى ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ هَذَا الشَّرْطِ) هُوَ قَوْلُهُ وَأَنْ يَكُونَ مُتَيَقَّنَ الْوُجُودِ (قَوْلُهُ: وَتَجِبُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ) أَيْ لِأَنَّ الْجَنِينَ لَا يُسَمَّى صَبِيًّا وَنَظَمَ الْفَخْرُ الرَّازِيّ فَقَالَ: طَلَبْت مِنْ الْمَلِيحِ زَكَاةَ حَسَنٍ عَلَى صِغَرٍ مِنْ السِّنِّ الْبَهِيِّ فَقَالَ: وَهَلْ عَلَى مِثْلِي زَكَاةٌ عَلَى رَأْيِ الْعِرَاقِيِّ الْكَمِيِّ فَقُلْت الشَّافِعِيُّ لَنَا إمَامٌ يَرَى أَنَّ الزَّكَاةَ عَلَى الصَّبِيِّ فَقَالَ اذْهَبْ إذًا وَاقْبِضْ زَكَاتِي بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ مِنْ الْوَلِيِّ وَتَمَّمَهُ التَّقِيُّ السُّبْكِيُّ فَقَالَ: فَقُلْت لَهُ فَدَيْتُك مِنْ فَقِيهٍ أَيَطْلُبُ بِالْوَفَاءِ سِوَى الْمَلِيِّ نِصَابُ الْحَسَنِ عِنْدَك ذُو امْتِنَاعٍ بِخَدِّك وَالْقَوَامِ السَّمْهَرِيِّ فَإِنْ أَعْطَيْتنَا طَوْعًا وَإِلَّا أَخَذْنَاهُ بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: لَا تَسْتَهْلِكُهَا) فِي حَجّ بَدَلَ لَا تَسْتَهْلِكْهَا لَا تَأْكُلْهَا. (قَوْلُهُ: سَدُّ الْخَلَّةِ) هِيَ بِالْفَتْحِ الْحَاجَةُ وَبِالضَّمِّ الْمَحَبَّةُ (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ) كَشَافِعِيٍّ (قَوْلُهُ: وَالِاحْتِيَاطُ لَهُ) أَيْ لِلْوَلِيِّ الْحَنَفِيِّ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ. (قَوْلُهُ: أَنْ يُحْسَبَ) بِالضَّمِّ (قَوْلُهُ: وَلَا يُخْرِجُهَا) أَيْ فَإِنْ أَخْرَجَهَا عَالِمًا عَامِدًا بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي مَعَ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ فِسْقُهُ وَانْعِزَالُهُ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِطَرِيقِ التَّعَدِّي، وَلَوْ أَخْرَجَ حَيْثُ لَمْ يَفْسُقْ كَأَنْ جَهِلَ التَّحْرِيمَ ثُمَّ قَلَّدَ مَنْ يُوجِبُ الزَّكَاةَ وَيَصِحُّ إخْرَاجُهُ فَيَنْبَغِي الِاعْتِدَادُ بِإِخْرَاجِهِ السَّابِقِ م ر اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ الْوَلِيُّ غَيْرَ مُتَمَذْهِبٍ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ كَوْنُهُ غَيْرَ أَهْلٍ لِلْوِلَايَةِ لِجَوَازِ أَنْ يَقَعَ السُّؤَالُ مِنْهُ وَيُعْمَلَ بِمُقْتَضَى مَا يُجِيبُهُ بِهِ الْمَسْئُولُ وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْ مَذْهَبًا مَخْصُوصًا حِينَ الْعَمَلِ. (قَوْلُهُ: بَلْ عَامِّيًّا صَرْفًا) قَدْ يُشْعِرُ هَذَا بِأَنَّ الْعَامِّيَّ لَا يَلْزَمُهُ تَقْلِيدُ مَذْهَبٍ مِنْ الْمَذَاهِبِ الْمُعْتَبَرَةِ. وَفِي حَجّ: وَالْوَلِيُّ مُخَاطَبٌ بِإِخْرَاجِهَا مِنْهُ وُجُوبًا إنْ اعْتَقَدَ الْوُجُوبَ سَوَاءٌ الْعَامِّيُّ وَغَيْرُهُ، وَزَعَمَ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ هَذَا الشَّرْطِ لِخُرُوجِهِ بِقَوْلِهِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، إذْ لَا حَصْرَ فِي قَوْلِهِ الْمَذْكُورِ وَفِي الْعِبَارَةِ أَيْضًا مُسَامَحَةٌ (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ وُجُوبَهَا) أَيْ وَإِنَّ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ يُخَالِفُهُ فِي الْعَقِيدَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشِّهَابُ حَجّ (قَوْلُهُ: وَالِاحْتِيَاطُ) أَيْ فِي حَقِّ الْحَنَفِيِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَيْضًا الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ: أَيْ أَمَّا الشَّافِعِيُّ فَهُوَ مُخَاطَبٌ بِالْإِخْرَاجِ

إخْرَاجَهَا فَوَاضِحٌ، وَإِلَّا فَهَلْ نَقُولُ يَسْتَفْتِي وَيَعْمَلُ بِذَلِكَ أَوْ يُؤَخِّرُ الْأَمْرَ إلَى كَمَالِهِمَا أَوْ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى حَاكِمٍ عَدْلٍ مَأْمُونٍ وَيَعْمَلُ بِمَا يَأْمُرُهُ بِهِ؟ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَقَيِّمُ الْحَاكِمِ يُرَاجِعُهُ وَيَعْمَلُ بِقَوْلِهِ اهـ. وَالْأَوْجَهُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَنَّهُ يَعْمَلُ بِمُقْتَضَى مَذْهَبِهِ كَحَاكِمٍ أَنَابَهُ حَاكِمٌ آخَرُ يُخَالِفُهُ فِي مَذْهَبِهِ، وَالْأَوْجَهُ فِيمَا فِيهِ التَّرْدِيدَاتُ الْمَذْكُورَةُ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ الْقَفَّالِ السَّابِقِ الِاحْتِيَاطُ بِمِثْلِ مَا مَرَّ. (وَكَذَا) تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَى (مَنْ مَلَكَ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ نِصَابًا) (فِي الْأَصَحِّ) لِتَمَامِ مِلْكِهِ، وَلِهَذَا نَصَّ إمَامُنَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى أَنَّهُ يُكَفِّرُ كَفَّارَةَ الْحُرِّ الْمُوسِرِ. وَالثَّانِي لَا لِنُقْصَانِهِ بِالرِّقِّ فَأَشْبَهَ الْعَبْدَ وَالْمُكَاتَبَ. (وَ) تَجِبُ (فِي الْمَغْصُوبِ) إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى نَزْعِهِ وَمِثْلُهُ الْمَسْرُوقُ بَلْ هُوَ دَاخِلٌ فِي الْأَوَّلِ إذْ حَدُّ الْغَصْبِ يَنْطَبِقُ عَلَيْهِ (وَالضَّالِّ) وَمَا وَقَعَ فِي بَحْرٍ وَمَا دَفَنَهُ فِي مَحِلٍّ ثُمَّ نَسِيَ مَكَانَهُ (وَالْمَجْحُودِ) مِنْ عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ وَلَا بَيِّنَةَ بِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْقَاضِي (فِي الْأَظْهَرِ) لِمِلْكِ النِّصَابِ وَتَمَامِ الْحَوْلِ. الثَّانِي وَهُوَ الْقَدِيمُ لَا تَجِبُ لِامْتِنَاعِ النَّمَاءِ وَالتَّصَرُّفِ فَأَشْبَهَ مَالَ الْمُكَاتَبِ لَا تَجِبُ فِيهِ زَكَاةٌ عَلَى سَيِّدِهِ، أَمَّا إذَا قَدَرَ عَلَى نَزْعِ الْمَغْصُوبِ أَوْ كَانَ لَهُ بِالْمَجْحُودِ بَيِّنَةٌ أَوْ عَلِمَ بِهِ الْقَاضِي فِي حَالَةٍ يُقْضَى فِيهَا بِعِلْمِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ قَطْعًا (وَلَا يَجِبُ دَفْعُهَا حَتَّى يَعُودَ) الْمَغْصُوبُ وَغَيْرُهُ مِمَّا مَرَّ لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ قَبْلَهُ، فَإِذَا عَادَ زَكَّاهُ لِلْأَحْوَالِ الْمَاضِيَةِ، وَلَوْ تَلِفَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ سَقَطَتْ الزَّكَاةُ وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمَالَ الْغَائِبَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنَّ الْعَامِّيَّ لَا مَذْهَبَ لَهُ مَمْنُوعٌ بَلْ يَلْزَمُهُ تَقْلِيدُ مَذْهَبٍ مُعْتَبَرٍ وَذَلِكَ إنَّمَا كَانَ قَبْلَ تَدْوِينِ الْمَذَاهِبِ. (قَوْلُهُ: أَوْ يُؤَخَّرُ الْأَمْرُ إلَى كَمَالِهِمَا) قَالَ الزِّيَادِيُّ: وَلَوْ أَخَّرَهَا مُعْتَقِدَ الْوُجُوبِ أَثِمَ وَلَزِمَ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ بَعْدَ كَمَالِهِ إخْرَاجُهَا وَلَوْ حَنَفِيًّا إذْ الْعِبْرَةُ بِاعْتِقَادِ الْوَلِيِّ اهـ. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ تَبَعًا لمر، وَعِبَارَتُهُ: وَانْظُرْ لَوْ اخْتَلَفَتْ عَقِيدَةُ الْمَحْجُورِ وَالْوَلِيِّ بِأَنْ كَانَ الصَّبِيُّ شَافِعِيًّا وَالْوَلِيُّ حَنَفِيًّا أَوْ بِالْعَكْسِ، وَقَدْ يُقَالُ: الْعِبْرَةُ فِي اللُّزُومِ وَعَدَمِهِ بِعَقِيدَةِ الصَّبِيِّ، وَفِي وُجُوبِ الْإِخْرَاجِ وَعَدَمِهِ بِعَقِيدَةِ الْوَلِيِّ لَكِنْ حَيْثُ لَزِمَ الصَّبِيَّ، أَمَّا صَبِيٌّ حَنَفِيٌّ فَلَا يَنْبَغِي لِلْوَلِيِّ الشَّافِعِيِّ أَنْ يُخْرِجَ زَكَاتَهُ إذْ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَفِي حَجّ: وَلَا عِبْرَةَ بِاعْتِقَادِ الْمَوْلَى وَلَا بِاعْتِقَادِ أَبِيهِ غَيْرِ الْوَلِيِّ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ فِيمَا فِيهِ إلَخْ) أَيْ غَيْرِ الْمُتَمَذْهِبِ. (قَوْلُهُ: الِاحْتِيَاطُ بِمِثْلِ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ تَجِبُ زَكَاتُهُ إلَخْ وَلَهُ الرَّفْعُ لِلْحَاكِمِ. (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ يُكَفِّرُ كَفَّارَةَ الْحُرِّ الْمُوسِرِ) أَيْ بِغَيْرِ الْعِتْقِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ فَيُكَفِّرُ بِالْإِطْعَامِ أَوْ الْكِسْوَةِ لَكِنْ يَبْقَى النَّظَرُ فِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ التَّكْفِيرِ بِهِمَا الْيَسَارُ بِمَا يَفْضُلُ عَمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْعُمْرِ الْغَالِبِ عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَهَلْ يُعْتَبَرُ يَسَارُهُ بِمَا يَزِيدُ عَلَى نَفَقَتِهِ الْكَامِلَةِ أَوْ عَلَى نِصْفِهَا لِوُجُوبِ النِّصْفِ الثَّانِي عَلَى سَيِّدِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ الْأَوَّلُ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْقَاضِي) أَيْ أَوْ عَلِمَ وَلَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَسُوغُ لَهُ الْحُكْمُ بِعِلْمِهِ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْحُكْمِ بِعِلْمِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ لَهُ بِالْمَجْحُودِ بَيِّنَةٌ) أَيْ أَوْ قَدَرَ عَلَى الْأَخْذِ مِنْ مَالِ الْغَاصِبِ أَوْ نَحْوِهِ بِالظَّفَرِ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَكَمَغْصُوبٍ فَلَوْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذٍ مِنْ مَالِ الْجَاحِدِ بِالظَّفَرِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: يَقْضِي فِيهَا بِعِلْمِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مُجْتَهِدًا. (قَوْلُهُ: حَتَّى يَعُودَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ بَاقِيًا وَنَوَى الْمَالِكُ بَعْدَ ذَلِكَ الزَّكَاةَ عَلَى مَنْ هُوَ بِيَدِهِ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي التَّعْجِيلِ عَنْ سم عَلَى حَجّ فِي قَوْلِهِ تَنْبِيهٌ: يُتَّجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ، ثُمَّ رَأَيْت فِيهِ أَيْضًا عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فَإِنْ لَمْ يَنْوِ لَمْ يَجُزْ عَلَى الصَّحِيحِ مَا نَصُّهُ: وَيُجْرَى أَيْ الِاكْتِفَاءُ بِنِيَّةِ الْمَالِكِ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَالًا فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّأْخِيرُ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمَالَ الْغَائِبَ إلَخْ) فِي عِلْمِهِ مِنْ ذَلِكَ مَنْعٌ ظَاهِرٌ، وَإِنَّمَا هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ الْآتِي قَرِيبًا: وَيَجِبُ الْإِخْرَاجُ فِي بَلَدِ الْمَالِ إنْ اسْتَقَرَّ فِيهِ؛ أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ سَائِرًا فَكَانَ الْأَصْوَبُ تَأْخِيرَهُ إلَى هُنَاكَ كَمَا صَنَعَ الشِّهَابُ حَجّ فِي تُحْفَتِهِ، وَمُرَادُهُ بِكَوْنِهِ سَائِرًا كَوْنُهُ سَائِرًا إلَيْهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ

لَوْ كَانَ سَائِرًا لَمْ تَلْزَمْهُ زَكَاتُهُ حَالًّا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ وُصُولِهِ لَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَصَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَوْ كَانَ الْمَالُ مَاشِيَةً اشْتَرَطَ أَنْ تَكُونَ سَائِمَةً عِنْدَ الْمَالِكِ لَا الْغَاصِبِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. وَيُشْتَرَطُ زِيَادَةً عَلَى مَا تَقَرَّرَ أَنْ لَا يَنْقُصَ النِّصَابُ بِمَا يَجِبُ إخْرَاجُهُ، فَإِنْ كَانَ نِصَابًا فَقَطْ وَلَيْسَ عِنْدَهُ مِنْ جِنْسِهِ مَا يُعَوِّضُ قَدْرَ الْوَاجِبِ لَمْ تَجِبْ زَكَاةٌ مَا زَادَ عَلَى الْحَوْلِ الْأَوَّلِ (وَ) تَجِبُ (فِي الْمُشْتَرَى قَبْلَ قَبْضِهِ) قَطْعًا حَيْثُ مَضَى عَلَيْهِ حَوْلٌ مِنْ وَقْتِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ، بِانْقِضَاءِ الْخِيَارِ لَا مِنْ الشِّرَاءِ (وَقِيلَ فِيهِ الْقَوْلَانِ) فِي الْمَغْصُوبِ وَنَحْوِهِ لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّصَرُّفِ فِيهِ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِتَعَذُّرِ الْوُصُولِ إلَيْهِ وَانْتِزَاعِهِ، بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي لِتَمَكُّنِهِ مِنْهُ بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ فَيَجِبُ الْإِخْرَاجُ فِي الْحَالِّ إنْ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ الْقَبْضِ مَانِعٌ كَالدَّيْنِ الْحَالِّ عَلَى مَلِيءٍ مُقِرٍّ (وَتَجِبُ فِي الْحَالِّ عَنْ الْغَائِبِ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ كَالْمَالِ الَّذِي فِي صُنْدُوقِهِ، وَيَجِبُ الْإِخْرَاجُ فِي بَلَدِ الْمَالِ إنْ اسْتَقَرَّ فِيهِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي الْحَالِّ وُجُوبُ الْمُبَادَرَةِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَا شَكَّ أَنَّهُ إذَا بَعُدَ بَلَدُ الْمَالِ عَنْ الْمَالِكِ وَمَنَعْنَا النَّقْلَ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ فَلَا بُدَّ مِنْ وُصُولِ الْمَالِكِ أَوْ نَائِبِهِ إلَيْهِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ ثَمَّ سَاعٍ أَوْ حَاكِمٌ يَأْخُذُ زَكَاتَهُ فِي الْحَالِّ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ لِخَوْفِ طَرِيقٍ أَوْ انْقِطَاعِ خَبَرِهِ أَوْ شَكٍّ فِي سَلَامَتِهِ (فَكَمَغْصُوبٍ) فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَالْأَوْجَهُ أَخْذًا مِنْ اقْتِضَاءِ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِيهِ وَفِي نَحْوِ الْغَائِبِ بِمُسْتَحِقِّي مَحِلِّ الْوُجُوبِ لَا التَّمَكُّنِ. (وَالدَّيْنِ إنْ كَانَ مَاشِيَةً) لَا لِلتِّجَارَةِ كَأَنْ أَقْرَضَهُ أَرْبَعِينَ شَاةً أَوْ أَسْلَمَ إلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِيمَا لَوْ قَبَضَهُ الْمُسْتَحِقُّ بِلَا نِيَّةٍ ثُمَّ نَوَى الْمَالِكُ وَمَضَى بَعْدَ نِيَّتِهِ إمْكَانُ الْقَبْضِ اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ: بَلْ لَا بُدَّ مِنْ وُصُولِهِ) أَيْ ثُمَّ بَعْدَ وُصُولِهِ يُخْرِجُ زَكَاتَهُ لِمُسْتَحِقِّي مَحِلَّ الْوُجُوبِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَالْأَوْجَهُ أَخْذًا مِنْ اقْتِضَاءِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا الْغَاصِبِ كَمَا إلَخْ) لَعَلَّ صُورَتَهُ أَنْ يَأْذَنَ الْمَالِكُ لِلْغَاصِبِ فِي سَامَّتِهَا، وَلَا فَاَلَّذِي مَرَّ لَهُ أَنَّهُ إذَا أَسَامَهَا الْغَاصِبُ لَا زَكَاةَ فِيهَا، وَعِبَارَتُهُ ثُمَّ فِي فَصْلٍ أَنْ تُحَدَّ نَوْعُ الْمَاشِيَةِ: وَلَوْ سَامَتْ الْمَاشِيَةُ بِنَفْسِهَا أَوْ أَسَامَهَا غَاصِبٌ أَوْ مُشْتَرٍ شِرَاءً فَاسِدًا فَلَا زَكَاةَ كَمَا يَأْتِي لِعَدَمِ إسَامَةِ الْمَالِكِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ: لَا الْغَاصِبِ، وَعَلَيْهَا فَاتَّحَدَ مَا هُنَا وَثَمَّ، لَكِنْ بِمُسَامَحَةٍ فِي قَوْلِهِ: عِنْدَ الْمَالِكِ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهَا إذَا أُسِيمَتْ عِنْدَ الْمَالِكِ مُدَّةً ثُمَّ غُصِبَتْ تَجِبُ زَكَاتُهَا، وَلَكِنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ مَا مَرَّ مِنْ نَسَامَةٍ لِمَالِكٍ جَمِيعَ الْحَوْلِ، وَعَلَيْهِ فَمَعْنَى قَوْلِهِ عِنْدَ الْمَالِكِ أَنَّهَا أُسْمِيَتْ بِتَصَرُّفِهِ لَا تَصَرُّفِ الْغَاصِبِ. (قَوْلُهُ: بِانْقِضَاءِ الْخِيَارِ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَى جَعْلِ الْحَوْلِ مِنْ انْقِضَاءِ الْخِيَارِ مَا مَرَّ لَهُ مِنْ أَنَّ مَنْ ثَبَتَ لَهُ الْمِلْكُ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ عَلَيْهِ إلَخْ مَعَ أَنَّهُ حَالَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ لَمْ يَكُنْ مِلْكُهُ مُسْتَقِرًّا، وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْخِيَارَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِلْبَائِعِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لَهُمَا فَمِنْ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ) وَمِنْ الْقُدْرَةِ مَا لَوْ كَانَ مَعَهُ بَيِّنَةٌ أَوْ عَلِمَ بِهِ الْقَاضِي عَلَى مَا مَرَّ حَيْثُ سَهُلَ الِاسْتِخْلَاصُ بِهِمَا، فَإِنْ لَمْ يَسْهُلْ بِأَنْ تُوَقَّفَ اسْتِخْلَاصُهُ بِهِمَا عَلَى مَشَقَّةٍ أَوْ غُرْمِ مَالٍ لَمْ يَجِبْ الْإِخْرَاجُ إلَّا بَعْدَ عَوْدِهِ لِيَدِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ حَاكِمٌ يَأْخُذُ زَكَاتَهُ فِي الْحَالِ) وَيُمْكِنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَالِ بِالنِّسْبَةِ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ السَّعْيُ فِي سَبَبِ الْإِخْرَاجِ كَالسَّفَرِ لَهُ أَوْ تَوْكِيلِ مَنْ يَذْهَبُ لِإِخْرَاجِهَا أَوْ نَحْوِهَا. (قَوْلُهُ: وَفِي نَحْوِ الْغَائِبِ بِمُسْتَحِقِّي) أَيْ إنْ كَانَ بِهِ مُسْتَحِقٌّ وَمِنْهُ رُكَّابُ السَّفِينَةِ أَوْ الْقَافِيَّةِ مَثَلًا الَّتِي بِهَا الْمَالُ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ تَعَذَّرَ الدَّفْعُ إلَيْهِمْ بَعْدَ وُصُولِ الْمَالِ لِمَالِكِهِ فَيُحْتَمَلُ وُجُوبُ إرْسَالِهِ لِمُسْتَحِقِّي أَقْرَبِ بَلَدٍ لِمَوْضِعِ الْمَالِ وَقْتَ الْوُجُوبِ، أَوْ دَفَعَهُ إلَى قَاضٍ يَرَى جَوَازَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوُصُولِهِ لَهُ (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ جَعَلَهُ كَالْمَالِ الَّذِي حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَهُوَ فِي بَرِّيَّةٍ فَيَجِبُ إخْرَاجُهَا فِي أَقْرَبِ بَلَدٍ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ عِنْدَهُ مِنْ جِنْسِهِ مَا يُعَوِّضُ قَدْرَ الْوَاجِبِ) اُنْظُرْ مَا الدَّاعِي إلَى هَذَا مَعَ أَنَّهُ إذَا كَانَ عِنْدَهُ ذَلِكَ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّ مَا عِنْدَهُ نِصَابٌ فَقَطْ (قَوْلُهُ: إنْ اسْتَقَرَّ فِيهِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ سَائِرًا: أَيْ إلَيْهِ كَمَا مَرَّ قَرِيبًا بِمَا فِيهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَخْذًا مِنْ اقْتِضَاءِ كَلَامِهِمْ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَغْصُوبِ

فِيهَا وَمَضَى عَلَيْهِ حَوْلٌ قَبْلَ قَبْضِهِ (أَوْ) كَانَ (غَيْرَ لَازِمٍ كَمَالِ كِتَابَةٍ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ) لِأَنَّ السَّوْمَ فِي الْأُولَى شَرْطٌ وَمَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَّصِفُ بِالسَّوْمِ، وَلِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ فِي مَالٍ تَامٍّ وَالْمَاشِيَةُ فِي الذِّمَّةِ لَا تَنْمُو، بِخِلَافِ الدَّرَاهِمِ فَإِنَّ سَبَبَ وُجُوبِهَا فِيهَا كَوْنُهَا مُعَدَّةً لِلصَّرْفِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ النَّقْدِ وَمَا فِي الذِّمَّةِ، وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ الرَّافِعِيُّ التَّعْلِيلَ مِنْ جَوَازِ ثُبُوتِ لَحْمِ رَاعِيَةٍ فِي الذِّمَّةِ فَحَيْثُ جَازَ ذَلِكَ جَازَ أَنْ يُثْبِتَ فِيهَا رَاعِيَةً رَدَّ بِأَنَّهُ إذَا الْتَزَمَهُ أَمْكَنَ تَحْصِيلُهُ مِنْ الْخَارِجِ، وَالْكَلَامُ فِي أَنَّ السَّوْمَ لَا يُتَصَوَّرُ ثُبُوتُهُ فِي الذِّمَّةِ وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي الْخَارِجِ وَمِثْلُ الْمَاشِيَةِ الْمُعَشَّرُ فِي الذِّمَّةِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ لِأَنَّ شَرْطَهَا الزَّهْوُ فِي مِلْكِهِ وَلَمْ يُوجَدْ. وَأَمَّا دَيْنُ الْكِتَابَةِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ إذْ لِلْعَبْدِ إسْقَاطُهُ مَتَى شَاءَ بِتَعْجِيزِ نَفْسِهِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ فِي مَوَاضِعَ أَنَّ الْآيِلَ لِلُّزُومِ حُكْمُهُ حُكْمُ اللَّازِمِ وَخَرَجَ بِمَالِ كِتَابَةٍ إحَالَةُ الْمُكَاتَبِ سَيِّدَهُ بِالنُّجُومِ عَلَى شَخْصٍ فَتَصِحُّ وَتَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَلَا تَسْقُطُ عَنْ ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِتَعْجِيزِ الْمُكَاتَبِ نَفْسَهُ وَلَا فَسْخِهِ، فَإِنْ كَانَ لِلسَّيِّدِ عَلَى مُكَاتَبِهِ دَيْنُ مُعَامَلَةٍ وَعَجَّزَ نَفْسَهُ سَقَطَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (أَوْ) (عَرَضًا) لِلتِّجَارَةِ (أَوْ نَقْدًا فَكَذَا) أَيْ لَا زَكَاةَ فِيهِ (فِي الْقَدِيمِ) لِعَدَمِ الْمِلْكِ فِيهِ حَقِيقَةً (وَفِي الْجَدِيدِ إنْ كَانَ حَالًّا) ابْتِدَاءً أَوْ انْتِهَاءً (وَتَعَذَّرَ أَخْذُهُ لِإِعْسَارٍ وَغَيْرِهِ) كَمَطْلٍ وَغَيْبَةٍ وَجُحُودٍ وَلَا بَيِّنَةَ وَنَحْوَهَا (فَكَمَغْصُوبٍ) فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ، وَلَوْ كَانَ مُقِرًّا لَهُ فِي الْبَاطِنِ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ دُونَ الْإِخْرَاجِ قَطْعًا، قَالَهُ فِي الشَّامِلِ، فَلَوْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْ مَالِ الْجَاحِدِ بِالظَّفَرِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا ضَرَرٍ، فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ كَمَا لَوْ تَيَسَّرَ أَخْذُهُ بِالْبَيِّنَةِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا غَيْرَ أَنَّهُ نَذَرَ أَنْ لَا يُطَالِبَهُ بِهِ إلَّا بَعْدَ سَنَةٍ أَوْ أَوْصَى بِأَنْ لَا يُطَالَبَ إلَّا بَعْدَ سَنَتَيْنِ مِنْ مَوْتِهِ وَهُوَ عَلَى مَلِيءٍ بَاذِلٍ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ كَالْمُؤَجَّلِ لِتَعَذُّرِ الْقَبْضِ خِلَافًا لِلْجَلَالِ الْبُلْقِينِيِّ (وَإِنْ تَيَسَّرَ) أَخْذُهُ بِأَنْ كَانَ عَلَى مَلِيءٍ مُقِرٍّ حَاضِرٍ بَاذِلٍ أَوْ جَاحِدٍ وَبِهِ نَحْوُ بَيِّنَةٍ (وَجَبَتْ تَزْكِيَتُهُ) (فِي الْحَالِ) لِقُدْرَتِهِ عَلَى قَبْضِهِ فَأَشْبَهَ الْمُودَعَ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ إخْرَاجَهُ حَالًّا وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ وَهُوَ كَذَلِكَ (أَوْ مُؤَجَّلًا) ثَابِتًا عَلَى مَلِيءٍ حَاضِرٍ (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَمَغْصُوبٍ) فَفِيهِ مَا مَرَّ (وَقِيلَ يَجِبُ دَفْعُهَا قَبْلَ قَبْضِهِ) كَالْغَائِبِ الْمُتَيَسِّرِ إحْضَارُهُ، وَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ قَبْلَ حُلُولِهِ، إذْ مَحِلُّ هَذَا الْوَجْهِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ عَلَى مَلِيءٍ وَلَا مَانِعَ سِوَى الْأَجَلِ، وَحِينَئِذٍ فَمَتَى حَلَّ وَجَبَ الْإِخْرَاجُ قَبَضَ أَمْ لَا. وَأَفَادَ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ حَيْثُ أَوْجَبْنَا الزَّكَاةَ فِي الدَّيْنِ وَقُلْنَا: إنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ تَعَلُّقَ شَرِكَةٍ اقْتَضَى أَنَّ تَمْلِيكَ أَرْبَابِ الْأَصْنَافِ رُبْعَ عُشْرِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ، وَذَلِكَ يَجُرُّ إلَى أُمُورٍ كَثِيرَةٍ وَاقِعٍ فِيهَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ كَالدَّعْوَى بِالصَّدَاقِ وَالدُّيُونِ، لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ غَيْرُ مَالِكٍ لِلْجَمِيعِ فَكَيْفَ يَدَّعِي بِهِ، إلَّا أَنَّ لَهُ الْقَبْضَ لِأَجْلِ أَدَاءِ الزَّكَاةِ فَيَحْتَاجُ إلَى الِاحْتِرَازِ عَنْ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالنَّقْلِ وَهَذَا أَقْرَبُ، وَإِلَّا فَلِلْمُسْتَحَقِّينَ بِأَقْرَبِ مَحِلٍّ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَمَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَّصِفُ بِالسَّوْمِ) الْأَوْلَى بِالْإِسَامَةِ مِنْ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: جَازَ أَنْ يُثْبِتَ فِيهَا رَاعِيَةً) أَيْ فِي كُلًّا مُبَاحٌ. قَوْلُهُ: أَنَّ الْآيِلَ لِلُّزُومِ حُكْمُهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ: أَيْ كَثَمَنِ الْبَيْعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لِغَيْرِ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: وَعَجَّزَ نَفْسَهُ سَقَطَ) أَيْ وَلَا زَكَاةَ فِيهِ قَبْلَ تَعْجِيزِ الْمُكَاتَبِ وَإِنْ قَبَضَهُ مِنْهُ لِسُقُوطِهِ بِتَعْجِيزِ نَفْسِهِ فَكَانَ كَنُجُومِ الْكِتَابَةِ وَتَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْ سم. (قَوْلُهُ: وَلَا بَيِّنَةَ وَنَحْوَهَا) أَيْ مِنْ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ أَوْ عِلْمِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ تَيَسَّرَ أَخْذُهُ بِالْبَيِّنَةِ) أَيْ فَيَجِبُ الْإِخْرَاجُ حَالًّا (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ) (كَالْمُؤَجَّلِ) أَيْ فَلَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ وَسُهُولَةِ الْأَخْذِ أَوْ وُصُولِهِ لِيَدِهِ. (قَوْلُهُ: فَيُحْتَاجُ إلَى الِاحْتِرَازِ) كَأَنْ يَقُولَ فِي ذِمَّتِهِ كَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ أَنَّ الْآيِلَ لِلُّزُومِ حُكْمُهُ حُكْمُ اللَّازِمِ) قَدَّمْنَا أَنَّهُ لَا يُنَافِي مَا مَرَّ لَهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِهِ، فَالصُّورَةُ أَنَّ هَذَا بَعْدَ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ دُونَ الْإِخْرَاجِ قَطْعًا) أَيْ عَلَى الْجَدِيدِ

فِي الدَّعْوَى، وَإِذَا حَلَفَ عَلَى عَدَمِ الْمُسْقِطِ يَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ إلَى حِينِ حَلِفِهِ لَمْ يَسْقُطْ وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ قَبْضَهُ حِينَ حَلِفِهِ وَلَا يَقُولُ إنَّهُ بَاقٍ لَهُ اهـ. وَمِنْ ذَلِكَ مَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى وَهُوَ تَعْلِيقُ طَلَاقِهَا عَلَى إبْرَائِهَا مِنْ صَدَاقِهَا وَهُوَ نِصَابٌ وَمَضَى عَلَيْهِ حَوْلٌ فَأَكْثَرُ فَأَبْرَأَتْهُ مِنْهُ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ لِعَدَمِ مِلْكِهَا الْإِبْرَاءَ مِنْ جَمِيعِهِ، وَسَيَأْتِي مَبْسُوطًا فِي بَابِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. (وَلَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ وُجُوبَهَا) حَالًّا كَانَ أَوْ مُؤَجَّلًا مِنْ جِنْسِ الْمَالِ أَمْ لَا لِلَّهِ تَعَالَى كَزَكَاةٍ وَكَفَّارَةٍ وَنَذْرٍ أَوْ لِغَيْرِهِ وَإِنْ اسْتَغْرَقَ دَيْنُهُ النِّصَابَ (فِي أَظْهَرِ الْأَقْوَالِ) لِإِطْلَاقِ الْأَدِلَّةِ وَلِأَنَّ مَالَهُ لَا يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ إلَى الدَّيْنِ، وَالثَّانِي يَمْنَعُ كَمَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْحَجِّ (وَالثَّالِثُ يَمْنَعُ فِي الْمَالِ الْبَاطِنِ وَهُوَ النَّقْدُ) أَيْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَضْرُوبًا وَالرِّكَازِ (وَالْعَرَضِ) وَزَكَاةِ الْفِطْرِ وَحَذَفَهَا لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي زَكَاةِ الْمَالِ لَا الْبَدَنِ وَلَمَّا تَكَلَّمُوا عَلَى مَا يَشْمَلُهَا وَهُوَ أَنَّ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ بِنَفْسِهِ زَكَاةَ الْمَالِ الْبَاطِنِ ذَكَرُوهَا فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ لِلْإِسْنَوِيِّ دُونَ الظَّاهِرِ وَهُوَ الزُّرُوعُ وَالثِّمَارُ وَالْمَاشِيَةُ وَالْمَعْدِنُ، وَلَا تَرِدُ هَذِهِ عَلَى قَوْلِ النَّقْدِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى إلَّا بَعْدَ التَّخْلِيصِ مِنْ التُّرَابِ وَنَحْوِهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الظَّاهِرَ يَنْمُو بِنَفْسِهِ وَالْبَاطِنَ إنَّمَا يَنْمُو بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ وَالدَّيْنُ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَيُحْوِجُ إلَى صَرْفِهِ فِي قَضَائِهِ، وَمُرَادُ مَنْ عَدَّهَا مِنْ الْبَاطِنِ أَنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِهِ، وَمَحِلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ يَزِدْ الْمَالُ عَلَى الدَّيْنِ، فَإِنْ زَادَ وَكَانَ الزَّائِدُ نِصَابًا وَجَبَتْ زَكَاتُهُ قَطْعًا وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ غَيْرِ الْمَالِ الزَّكَوِيِّ مَا يَقْضِي بِهِ الدَّيْنَ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَمْنَعْ قَطْعًا عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَالْأَوْجَهُ إلْحَاقُ دَيْنِ الضَّمَانِ بِالْإِذْنِ بِبَاقِي الدُّيُونِ (فَعَلَى الْأَوَّلِ) الْأَظْهَرُ (لَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِدَيْنٍ فَحَالَ الْحَوْلُ فِي الْحَجْرِ فَكَمَغْصُوبٍ) فَتَجِبُ زَكَاتُهُ وَلَا يَجِبُ الْإِخْرَاجُ إلَّا عِنْدَ التَّمَكُّنِ لِأَنَّهُ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِهِ لِأَنَّ الْحَجْرَ مَانِعٌ مِنْ التَّصَرُّفِ. نَعَمْ لَوْ عَيَّنَ الْقَاضِي لِكُلِّ غَرِيمٍ مِنْ غُرَمَائِهِ شَيْئًا قَدْرَ دَيْنِهِ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ مَا يَخُصُّهُ بِالتَّقْسِيطِ وَمَكَّنَهُ مِنْ أَخْذِهِ وَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَلَمْ يَأْخُذْهُ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ عَلَيْهِمْ لِعَدَمِ مِلْكِهِمْ وَلَا عَلَى الْمَالِكِ لِضَعْفِ مِلْكِهِ وَكَوْنِهِمْ أَحَقَّ بِهِ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ أَخْذِهِمْ لَهُ بَعْدَ الْحَوْلِ وَتَرْكِهِمْ ذَلِكَ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَلَوْ فَرَّقَ الْقَاضِي مَالَهُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ قَطْعًا لِزَوَالِ مِلْكِهِ، وَلَوْ تَأَخَّرَ الْقَبُولُ فِي الْوَصِيَّةِ حَتَّى حَالَ الْحَوْلُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَمْ يَلْزَمْ أَحَدًا زَكَاتُهَا لِخُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِ الْمُوصِي وَضَعْفِ مِلْكِ الْوَارِثِ وَالْمُوصَى لَهُ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ، وَإِنَّمَا لَزِمَتْ الْمُشْتَرِيَ إذَا تَمَّ الْحَوْلُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ وَأُجِيزَ الْعَقْدُ لِأَنَّ وَضْعَ الْبَيْعِ عَلَى اللُّزُومِ وَتَمَامِ الصِّيغَةِ وُجِدَ فِيهِ مِنْ ابْتِدَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَلِيَ وِلَايَةُ قَبْضِهِ. (قَوْلُهُ: عَلَى إبْرَائِهَا مِنْ صَدَاقِهَا) وَخَرَجَ مَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى إبْرَائِهَا مِنْ بَعْضٍ مِنْ صَدَاقِهَا، فَحَيْثُ أَبْرَأْت مِنْهُ وَبَقِيَ فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ قَدْرُ الزَّكَاةِ وَقَعَ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ نِصَابٌ) خَرَجَ بِهِ مَا دُونَهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهَا مِنْ جِنْسِهِ مَا يَكْمُلُ بِهِ النِّصَابُ وَتَوَفَّرَتْ فِيهِ شُرُوطُ الْوُجُوبِ. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ مِلْكِهَا الْإِبْرَاءَ مِنْ جَمِيعِهِ) أَيْ وَطَرِيقُهَا أَنْ تُخْرِجَ الزَّكَاةَ مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ تُبْرِئُهُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَمُرَادُ مَنْ عَدَّهَا) أَيْ وَزَكَاةَ الْفِطْرِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ إلْحَاقُ دَيْنِ الضَّمَانِ بِالْإِذْنِ) إنَّمَا قَيَّدَ بِالْإِذْنِ لِقَوْلِهِ الْأَوْجَهُ فَإِنَّهُ حَيْثُ لَا إذْنَ لَا رُجُوعَ لَهُ بِمَا أَدَّاهُ فَالدَّيْنُ الَّذِي ضَمِنَهُ عَلَى غَيْرِ حُكْمِهِ حُكْمُ مَا لَزِمَهُ مِنْ الدُّيُونِ قَطْعًا (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ) أَيْ كُلٍّ مِنْ الْوَارِثِ وَالْمُوصَى لَهُ، أَمَّا الْوَارِثُ فَلِاحْتِمَالِ قَبُولِ الْمُوصَى لَهُ وَأَمَّا الْمُوصَى لَهُ فَلِاحْتِمَالِ عَدَمِ قَبُولِهِ. (قَوْلُهُ: فِي زَمَنِ الْخِيَارِ) أَيْ خِيَارِ الْعَيْبِ كَأَنْ وَجَدَ فِيهِ مَا يَقْتَضِي الرَّدَّ لَكِنَّهُ لَمْ يَرُدَّ بَلْ أَجَازَ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ خِيَارُ الشَّرْطِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ عِبَارَتِهِ وَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّ مُدَّةَ الْخِيَارِ مَحْسُوبَةٌ مِنْ الْحَوْلِ، فَيَكُونُ ابْتِدَاؤُهُ مِنْ تَمَامِ الْعَقْدِ لَكِنْ هَذَا يُشْكِلُ عَلَى مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ حَيْثُ مَضَى عَلَيْهِ حَوْلٌ مِنْ وَقْتِ دُخُولِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمُرَادُ مَنْ عَدَّهَا) أَيْ الْمَعَادِنَ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ إلْحَاقُ دَيْنِ الضَّمَانِ) أَيْ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِالْإِذْنِ لِأَنَّ لَهُ حِينَئِذٍ الرُّجُوعَ فَيُتَوَهَّمُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ مُقَابِلُ الْأَظْهَرِ أَنَّهُ إذَا غَرِمَ رَجَعَ فَكَأَنَّهُ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَتَرْكُهُمْ ذَلِكَ) أَيْ تَرْكُهُمْ الْمَالَ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ

الْمِلْكِ بِخِلَافِ مَا هُنَا (وَ) عَلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا (لَوْ اجْتَمَعَ زَكَاةٌ وَدَيْنُ آدَمِيٍّ فِي تَرِكَةٍ) وَضَاقَتْ عَنْ وَفَاءِ مَا عَلَيْهِ (قُدِّمَتْ) أَيْ الزَّكَاةُ وَلَوْ زَكَاةُ فِطْرٍ عَلَى الدَّيْنِ، وَإِنْ تَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ قَبْلَ الْمَوْتِ كَالْمَرْهُونِ تَقْدِيمًا لِدَيْنِ اللَّهِ تَعَالَى لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ» وَلِأَنَّ مَصْرِفَهَا أَيْضًا إلَى الْآدَمِيِّينَ فَقُدِّمَتْ لِاجْتِمَاعِ الْأَمْرَيْنِ فِيهَا، وَالْخِلَافُ جَازَ فِي اجْتِمَاعِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى مُطْلَقًا مَعَ الدَّيْنِ فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْحَجُّ وَجَزَاءُ الصَّيْدِ وَالْكَفَّارَةُ وَالنَّذْرُ. نَعَمْ يُسَوَّى بَيْنَ دَيْنِ الْآدَمِيِّ وَالْجِزْيَةِ عَلَى الْأَصَحِّ مَعَ أَنَّهَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهَا مَعْنَى الْأُجْرَةِ (وَفِي قَوْلٍ) يُقَدَّمُ (الدَّيْنُ) لِبِنَاءِ حُقُوقِ الْآدَمِيِّ عَلَى الْمُضَايَقَةِ لِاحْتِيَاجِهِ وَافْتِقَارِهِ وَكَمَا يُقَدَّمُ الْقِصَاصُ عَلَى الْقَتْلِ بِالرِّدَّةِ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِبِنَاءِ الْحُدُودِ عَلَى الدَّرْءِ (وَفِي قَوْلٍ يَسْتَوِيَانِ) فَيُوَزَّعُ الْمَالُ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ الْمَالِيَّ الْمُضَافَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى يَعُودُ إلَى الْآدَمِيِّ أَيْضًا وَهُوَ الْمُنْتَفَعُ بِهِ وَخَرَجَ بِدَيْنِ الْآدَمِيِّ دَيْنُ اللَّهِ تَعَالَى كَحَجٍّ وَزَكَاةٍ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ لَهُ إنْ كَانَ النِّصَابُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ مَوْجُودًا قُدِّمَتْ أَوْ مَعْدُومًا وَاسْتَوَيَا فِي التَّعَلُّقِ بِالذِّمَّةِ قُسِّمَ بَيْنَهُمَا عِنْدَ الْإِمْكَانِ وَبِالتَّرِكَةِ مَا إذَا اجْتَمَعَا عَلَى حَيٍّ وَضَاقَ مَالُهُ عَنْهُمَا فَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ قُدِّمَ حَقُّ الْآدَمِيِّ وَإِلَّا قُدِّمَتْ الزَّكَاةُ وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ تَتَعَلَّقْ الزَّكَاةُ بِالْعَيْنِ وَإِلَّا قُدِّمَتْ مُطْلَقًا، وَلَوْ مَلَكَ نِصَابًا فَنَذَرَ التَّصَدُّقَ بِهِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْهُ أَوْ جَعَلَهُ صَدَقَةً أَوْ أُضْحِيَّةً قَبْلَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ وَبَعْدَ الْحِيَازَةِ وَانْقِضَاءِ الْقِتَالِ. (إنْ) (اخْتَارَ الْغَانِمُونَ تَمَلُّكَهَا وَمَضَى بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ اخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ (حَوْلٌ) (وَالْجَمِيعُ صِنْفٌ زَكَوِيٌّ وَبَلَغَ نَصِيبُ كُلِّ شَخْصٍ نِصَابًا أَوْ بَلَغَهُ الْمَجْمُوعُ) بِدُونِ الْخُمُسِ (فِي مَوْضِعِ ثُبُوتِ الْخُلْطَةِ) مَاشِيَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا (وَجَبَتْ زَكَاتُهَا) كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ انْتَفَى شَرْطٌ مِمَّا ذُكِرَ بِأَنْ لَمْ يَخْتَارُوا تَمَلُّكَهَا أَوْ لَمْ يَمْضِ حَوْلٌ أَوْ مَضَى وَالْغَنِيمَةُ أَصْنَافٌ أَوْ صِنْفٌ غَيْرُ زَكَوِيٍّ أَوْ لَمْ يَبْلُغُ نِصَابًا أَوْ بَلَغَهُ بِخُمُسِ الْخُمُسِ (فَلَا) زَكَاةَ لِانْتِفَاءِ الْمِلْكِ أَوْ ضَعْفِهِ لِسُقُوطِ الْإِعْرَاضِ عِنْدَ انْتِفَاءِ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ وَلِعَدَمِ الْحَوْلِ عِنْدَ انْتِفَاءِ الثَّانِي وَلِعَدَمِ مَعْرِفَةِ كُلٍّ مِنْهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي مِلْكِهِ بِانْقِضَاءِ الْخِيَارِ لَا مِنْ الشِّرَاءِ إلَّا أَنْ يُخَصَّ ذَلِكَ بِخِيَارِ الْبَائِعِ وَمَا هُنَا بِغَيْرِهِ فَلَا إشْكَالَ ثَمَّ وَلَا هُنَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ اجْتَمَعَ زَكَاةٌ وَدَيْنُ آدَمِيٍّ فِي تَرِكَةٍ قُدِّمَتْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْحَجُّ وَجَزَاءُ الصَّيْدِ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا اجْتَمَعَتْ قُدِّمَتْ كَالزَّكَاةِ إنْ كَانَ النِّصَابُ بَاقِيًا إلَّا قُسِّمَ عَلَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَالْمُعْتَمَدُ إلَخْ (قَوْلُهُ: قُسِّمَ بَيْنَهُمَا عِنْدَ الْإِمْكَانِ) أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ التَّوْزِيعُ كَأَنْ كَانَ مَا يَخُصُّ الْحَجَّ قَلِيلًا بِحَيْثُ لَا يَفِي فَإِنَّهُ يُصْرَفُ لِلْمُمْكِنِ مِنْهُمَا، فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ زَكَاةٌ وَحَجٌّ وَلَمْ يُوجَدْ أَجِيرٌ يَرْضَى بِمَا يَخُصُّ الْحَجَّ صُرِفَ كُلُّهُ لِلزَّكَاةِ، أَمَّا لَوْ اجْتَمَعَتْ الزَّكَاةُ مَعَ غَيْرِ الْحَجِّ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى كَالنَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ فَيُوَزَّعُ الْحَاصِلُ بَيْنَهَا وَلَا تَتَأَتَّى التَّفْرِقَةُ بَيْنَهَا لِإِمْكَانِ التَّجْزِئَةِ دَائِمًا بِخِلَافِ الْحَجِّ، وَكَاجْتِمَاعِ الزَّكَاةِ مَعَ الْحَجِّ اجْتِمَاعُ الْحَجِّ مَعَ بَقِيَّةِ الْحُقُوقِ، فَيُوَزَّعُ الْوَاجِبُ إنْ أَمْكَنَ عَلَى الْحَجِّ وَغَيْرِهِ وَإِلَّا صُرِفَ لِغَيْرِ الْحَجِّ، ثُمَّ مَا يَخُصُّ الْكَفَّارَةَ عِنْدَ التَّوْزِيعِ إذَا كَانَتْ إعْتَاقًا وَلَمْ يَفِ مَا يَخُصُّهَا بِرَقَبَةٍ هَلْ يَشْتَرِي بِهِ بَعْضَهَا وَإِنْ قَلَّ وَيُعْتِقُهُ أَوْ لَا لِأَنَّ إعْتَاقَ الْبَعْضِ لَا يَقَعُ كَفَّارَةً؟ فِيهِ نَظَرٌ، فَيُحْتَمَلُ وُجُوبُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ، وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ الثَّانِي وَيَنْتَقِلُ إلَى الصَّوْمِ فَيُخْرَجُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا قُدِّمَتْ) أَيْ عَلَى دَيْنِ الْآدَمِيِّ وَلَوْ اجْتَمَعَتْ الزَّكَاةُ وَحُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى وَضَاقَ الْمَالُ عَنْهَا قُسِّطَتْ إنْ أَمْكَنَ. كَمَا فُعِلَ بِهِ فِيمَا لَوْ اجْتَمَعَتْ فِي التَّرِكَةِ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ تَتَعَلَّقْ الزَّكَاةُ بِالْعَيْنِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ النِّصَابُ أَوْ بَعْضُهُ بَاقِيًا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا قُدِّمَتْ مُطْلَقًا) أَيْ حُجِرَ عَلَيْهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الذِّمَّةِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ كَحَجٍّ وَزَكَاةٍ) تَصْوِيرٌ لِاجْتِمَاعِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى مَعَ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا قُدِّمَتْ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَحُجِرَ عَلَيْهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ عِنْدَ انْتِفَاءِ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ) الْأَصْوَبُ أَنْ يَقُولَ بَدَلَهُ فِي الْأُولَى كَمَا صَنَعَ فِي التُّحْفَةِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ عِنْدَ انْتِفَاءِ الثَّانِي وَمَا بَعْدَهُ فَالْأَصْوَبُ أَنَّهُ يَقُولَ فِي الثَّانِيَةِ إلَخْ

مَاذَا يُصِيبُهُ وَكَمْ نَصِيبُهُ عِنْدَ انْتِفَاءِ الثَّالِثِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِيهَا عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ كُلٌّ زِيَادَةَ نَصِيبِهِ عَلَى نِصَابٍ وَأَنْ لَا وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ وَإِنْ اسْتَبْعَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَلِعَدَمِ الْمَالِ الزَّكَوِيِّ عِنْدَ انْتِفَاءِ الرَّابِعِ وَلِعَدَمِ بُلُوغِهِ نِصَابًا عِنْدَ انْتِفَاءِ الْخَامِسِ وَلِعَدَمِ ثُبُوتِ الْخُلْطَةِ عِنْدَ انْتِفَاءِ السَّادِسِ لِأَنَّهَا لَا تَثْبُتُ مَعَ أَهْلِ الْخُمُسِ، إذْ لَا زَكَاةَ فِيهِ لِأَنَّهُ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ. (فَلَوْ أَصْدَقَهَا نِصَابَ سَائِمَةٍ مُعَيَّنًا لَزِمَهَا زَكَاتُهُ إذَا تَمَّ حَوْلٌ مِنْ الْإِصْدَاقِ) وَإِنْ لَمْ يَتَقَرَّرْ بِأَنْ لَمْ تَقْبِضْهُ أَوْ لَمْ يَطَأْ، وَفَارَقَ مَا سَيَأْتِي فِي الْأُجْرَةِ بِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ فِي مُقَابَلَةِ الْمَنَافِعِ فَبِفَوَاتِهَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ مِنْ أَصْلِهِ، بِخِلَافِ الصَّدَاقِ فَإِنَّهَا مَلَّكَتْهُ بِالْعَقْدِ مِلْكًا تَامًّا بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِمَوْتِهَا قَبْلَ الْوَطْءِ وَإِنْ لَمْ تُسَلِّمْ الْمَنَافِعَ لِلزَّوْجِ، وَتَشْطِيرُهُ إنَّمَا يَثْبُتُ بِتَصَرُّفِ الزَّوْجِ بِالطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ وَلَيْسَ مِنْ مُقْتَضَى عَقْدِ النِّكَاحِ، وَخَرَجَ بِالْمُعَيَّنِ مَا فِي الذِّمَّةِ فَلَا زَكَاةَ لِأَنَّ السَّوْمَ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ كَمَا مَرَّ، بِخِلَافِ إصْدَاقِ النَّقْدَيْنِ تَجِبُ فِيهِمَا الزَّكَاةُ وَإِنْ كَانَا فِي الذِّمَّةِ، فَإِذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا وَبَعْدَ الْحَوْلِ رَجَعَ فِي نِصْفِ الْجَمِيعِ شَائِعًا إنْ أَخَذَ السَّاعِي الزَّكَاةَ مِنْ غَيْرِ الْعَيْنِ الْمُصْدَقَةِ أَوْ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا، فَإِنْ طَالَبَهُ السَّاعِي بَعْدَ الرُّجُوعِ وَأَخَذَهَا مِنْهَا أَوْ كَانَ قَدْ أَخَذَهَا مِنْهَا قَبْلَ الرُّجُوعِ فِي بَقِيَّتِهَا رَجَعَ أَيْضًا بِنِصْفِ قِيمَةِ الْمُخْرَجِ، وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ عَادَ إلَيْهِ نِصْفُهَا وَلَزِمَ كُلًّا مِنْهُمَا نِصْفُ شَاةٍ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ إنْ دَامَتْ الْخُلْطَةُ، وَإِلَّا فَلَا زَكَاةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِعَدَمِ تَمَامِ النِّصَابِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَحِلَّ الْوُجُوبِ عَلَيْهَا حَيْثُ عَلِمَتْ بِالسَّوْمِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ قَصْدَ السَّوْمِ شَرْطٌ، وَلَوْ طَالَبَتْهُ الْمَرْأَةُ فَامْتَنَعَ كَانَ كَالْمَغْصُوبِ، قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَعِوَضُ الْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ كَالصَّدَاقِ، وَلَا يَلْحَقُ بِذَلِكَ مَالُ الْجَعَالَةِ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ عَلَى مَا بَعْدَ فَرَاغِ الْعَمَلِ. (وَلَوْ) (أَكْرَى) غَيْرَهُ (دَارًا أَرْبَعَ سِنِينَ بِثَمَانِينَ دِينَارًا) مُعَيَّنَةً أَوْ فِي الذِّمَّةِ كُلَّ سَنَةٍ بِعِشْرِينَ دِينَارًا (وَقَبَضَهَا) مِنْ الْمُكْتَرِي (فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ إلَّا زَكَاةَ مَا اسْتَقَرَّ) عَلَيْهِ مِلْكُهُ؛ لِأَنَّ مَا لَمْ يَسْتَقِرَّ مُعَرَّضٌ لِلسُّقُوطِ بِانْهِدَامِ الدَّارِ فَمِلْكُهُ ضَعِيفٌ، وَإِنْ حَلَّ وَطْءُ الْجَارِيَةِ الْمَجْعُولَةِ أُجْرَةً؛ لِأَنَّ الْحِلَّ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ارْتِفَاعِ الضَّعْفِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (فَيُخْرِجُ عِنْدَ تَمَامِ السَّنَةِ الْأُولَى زَكَاةَ الْعِشْرِينَ) وَهُوَ نِصْفُ دِينَارٍ لِأَنَّهَا الَّتِي اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَيْهَا الْآنَ (وَلِتَمَامِ) السَّنَةِ (الثَّانِيَةِ زَكَاةَ عِشْرِينَ لِسَنَةٍ) وَهِيَ الَّتِي زَكَّاهَا (وَ) زَكَاةَ (عِشْرِينَ لِسَنَتَيْنِ) وَهِيَ الَّتِي اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَيْهَا الْآنَ (وَلِتَمَامِ) السَّنَةِ (الثَّالِثَةِ زَكَاةَ أَرْبَعِينَ سَنَةً) وَهِيَ الَّتِي زَكَّاهَا (وَ) زَكَاةَ (عِشْرِينَ لِثَلَاثِ سِنِينَ) وَهِيَ الَّتِي اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَيْهَا الْآنَ (وَلِتَمَامِ) السَّنَةِ (الرَّابِعَةِ زَكَاةَ سِتِّينَ لِسَنَةٍ) وَهِيَ الَّتِي زَكَّاهَا (وَ) زَكَاةَ (عِشْرِينَ لِأَرْبَعٍ) وَهِيَ الَّتِي اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَيْهَا الْآنَ، وَمَحِلُّ ذَلِكَ إذَا أَدَّى الزَّكَاةَ مِنْ غَيْرِ الْأُجْرَةِ مُعَجَّلًا، فَإِنْ أَدَّى الزَّكَاةَ مِنْ عَيْنِهَا زَكَّى كُلَّ سَنَةٍ مَا ذَكَرْنَاهُ نَاقِصًا قَدْرَ مَا أَخْرَجَ عَمَّا قَبْلَهَا وَمَا إذَا تَسَاوَتْ الْأُجْرَةُ، فَإِنْ اخْتَلَفَتْ فَكُلٌّ مِنْهَا بِحِسَابِهِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ إذَا انْفَسَخَتْ تُوَزَّعُ الْأُجْرَةُ الْمُسَمَّاةُ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي الْمُدَّتَيْنِ الْمَاضِيَةِ وَالْمُسْتَقْبِلَةِ (وَ) الْقَوْلُ (الثَّانِي يُخْرِجُ لِتَمَامِ) ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ أَصْلُهُ فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ عَيَّنَ مَا بِيَدِهِ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ) الْأَوْلَى، فِيمَا فِي الذِّمَّةِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: رَجَعَ) أَيْ عَلَى الزَّوْجَةِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ يَجْرِي فِيمَا لَوْ اطَّلَعَ فِي الْمَبِيعِ عَلَى عَيْبٍ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ قَهْرًا إلَّا إذَا أَخْرَجَهَا مِنْ غَيْرِ الْمَبِيعِ، فَإِنْ قَبِلَهُ الْمُشْتَرِي وَأَخَذَ السَّاعِي الزَّكَاةَ مِنْهُ رَجَعَ بِقِيمَةِ مَا أَخَذَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي لِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ قَبْلَ الرَّدِّ، وَرِضَا الْبَائِعِ بِهِ جَوَّزَ رَدَّهُ مَعَ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ سُقُوطُ مَا وَجَبَ عَلَى الْمُشْتَرِي عَنْهُ وَتَحَمُّلُ الْبَائِعِ لَهُ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ) قَضِيَّتُهُ الْبِنَاءُ عَلَى مَا مَضَى مِنْ الْحَوْلِ قَبْلَ الطَّلَاقِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ، بَلْ الْمُرَادُ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ الَّذِي يُبْتَدَأُ مِنْ الطَّلَاقِ. (قَوْلُهُ: فَلَا زَكَاةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ أَحَدِهِمَا مَا يَكْمُلُ بِهِ النِّصَابُ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ عَلِمْت بِالسَّوْمِ) أَيْ وَأَذِنْت فِيهِ أَوْ اسْتَنَبْت مَنْ يَسُومُهَا وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ عِلْمِهَا لَيْسَ إسَامَةً مِنْهَا. (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْحَقُ بِذَلِكَ مَالُ الْجَعَالَةِ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَحَقُّ إلَّا بِفَرَاغٍ مِنْ الْعَمَلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[فصل في أداء الزكاة]

السَّنَةِ (الْأُولَى زَكَاةَ الثَّمَانِينَ) لِأَنَّهُ مَلَكَهَا مِلْكًا تَامًّا، وَلِهَذَا لَوْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ أَمَةً حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا كَمَا مَرَّ، وَلَوْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِيمَا بَقِيَ وَتَبَيَّنَّا اسْتِقْرَارَ مِلْكِهِ عَلَى قِسْطِ الْمَاضِي وَالْحُكْمُ فِي الزَّكَاةِ كَمَا مَرَّ. وَعَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَالْأَصْحَابِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَخْرَجَ زَكَاةَ جَمِيعِ الْأُجْرَةِ قَبْلَ الِانْهِدَامِ لَمْ يَرْجِعْ بِمَا أَخْرَجَهُ مِنْهَا عِنْدَ اسْتِرْجَاعِ قِسْطِ مَا بَقِيَ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ لَزِمَهُ فِي مِلْكِهِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ. فَصْلٌ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي الْبَابِ وَمَرَّ رَدُّهُ بِأَنَّهُ مُنَاسِبٌ لَهُ فَصَحَّ إدْخَالُهُ فِيهِ، إذْ الْأَدَاءُ مُرَتَّبٌ عَلَى الْوُجُوبِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْفَصْلِ بَعْدَهُ (تَجِبُ) (الزَّكَاةُ) أَيْ أَدَاؤُهَا (عَلَى الْفَوْرِ) لِأَنَّهُ حَقٌّ لَزِمَهُ وَقَدَرَ عَلَى أَدَائِهِ وَدَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى طَلَبِهِ وَهِيَ حَاجَةُ الْأَصْنَافِ (إذَا تَمَكَّنَ) مِنْ الْأَدَاءِ لِأَنَّ التَّكْلِيفَ بِدُونِهِ تَكْلِيفٌ بِمَا لَا يُطَاقُ أَوْ بِمَا يَشُقُّ. نَعَمْ أَدَاءُ زَكَاةِ الْفِطْرِ مُوَسَّعٌ بِلَيْلَةِ الْعِيدِ وَيَوْمِهِ كَمَا مَرَّ (وَذَلِكَ) أَيْ التَّمَكُّنُ (بِحُضُورِ الْمَالِ) وَإِنْ عَسِرَ الْوُصُولُ لَهُ (وَ) بِحُضُورِ (الْأَصْنَافِ) أَيْ مَنْ تُصْرَفُ لَهُ مِنْ إمَامٍ أَوْ سَاعٍ أَوْ مُسْتَحِقِّهَا وَلَوْ فِي الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ لِاسْتِحَالَةِ الْإِعْطَاءِ مِنْ غَيْرِ قَابِضٍ، وَلَا يَكْفِي حُضُورُ الْمُسْتَحِقِّينَ وَحْدَهُمْ حَيْثُ وَجَبَ الصَّرْفُ إلَى الْإِمَامِ بِأَنْ طَلَبَهَا مِنْ الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ كَمَا يَأْتِي فَلَا يَحْصُلُ التَّمَكُّنُ بِذَلِكَ وَبِجَفَافٍ فِي الثِّمَارِ وَتَنْقِيَةٍ مِنْ نَحْوِ تِبْنٍ فِي حَبٍّ وَتُرَابٍ فِي مَعْدِنٍ وَخُلُوِّ مَالِكٍ مِنْ مُهِمٍّ دُنْيَوِيٍّ أَوْ دِينِيٍّ كَمَا فِي رَدِّ الْوَدِيعَةِ، فَلَوْ حَضَرَ بَعْضُ مُسْتَحِقِّيهَا دُونَ بَعْضٍ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ حَتَّى لَوْ تَلِفَ الْمَالُ ضَمِنَ حِصَّتَهُمْ وَلَهُ تَأْخِيرُهَا لِانْتِظَارِ أَحْوَجَ أَوْ أَصْلَحَ أَوْ قَرِيبٍ أَوْ جَارٍ لِأَنَّهُ تَأْخِيرٌ لِغَرَضٍ ظَاهِرٍ، وَهُوَ حِيَازَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ لَمْ يَرْجِعْ بِمَا أَخْرَجَهُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ نَقَلَ عِبَارَةَ شَرْحِ الرَّوْضِ، ثُمَّ قَالَ: وَأَقُولُ لَعَلَّ فَاعِلَ الِاسْتِرْجَاعِ فِي قَوْلِهِ عِنْدَ الِاسْتِرْجَاعِ إلَخْ الْمُسْتَأْجِرُ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ عَدَمِ الرُّجُوعِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ لِلْمُسْتَأْجِرِ حِصَّةَ مَا بَعْدَ الِانْهِدَامِ مِنْ الْأُجْرَةِ نَاقِصًا قَدْرَ الزَّكَاةِ الَّتِي أَخْرَجَهَا عَنْ تِلْكَ الْحِصَّةِ اهـ. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ قَوْلِ الشَّارِحِ لَمْ يَرْجِعْ بِمَا أَخْرَجَهُ مِنْهَا إلَخْ. . [فَصْلٌ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ] (فَصْلٌ) فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ: أَيْ أَدَاؤُهَا) دَفَعَ بِهِ مَا يُقَالُ الزَّكَاةُ اسْمُ عَيْنٍ لِأَنَّهَا الْمَالُ الْمُخَرَّجُ عَنْ بَدَنٍ أَوْ مَالٍ وَالْأَعْيَانُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حُكْمٌ، ثُمَّ الْمُرَادُ بِالْأَدَاءِ دَفْعُ الزَّكَاةِ لَا الْأَدَاءُ بِالْمَعْنَى الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا وَقْتَ لَهَا مَحْدُودٌ حَتَّى تَصِيرَ قَضَاءً بِخُرُوجِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَسِرَ الْوُصُولُ لَهُ) لِاتِّسَاعِ الْبَلَدِ مَثَلًا أَوْ ضَيَاعِ مِفْتَاحٍ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ: وَبِحُضُورِ الْأَصْنَافِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبُوا، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ دَيْنِ الْآدَمِيِّ حَيْثُ لَا يَجِبُ دَفْعُهُ إلَّا بِالطَّلَبِ أَنَّ الدَّيْنَ لَزِمَ ذِمَّةَ الْمَدِينِ بِاخْتِيَارِهِ وَرِضَاهُ فَتَوَقَّفَ وُجُوبُ دَفْعِهِ عَلَى طَلَبِهِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ وَجَبَ لَهُ بِحُكْمِ الشَّرْعِ وَدَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى احْتِيَاجِهِ، إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ فَقِيرٌ فَلَمْ يَتَوَقَّفْ وُجُوبُ دَفْعِهِ عَلَى طَلَبٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ) أَيْ فَعَدَمُ وُجُوبِ دَفْعِهَا لِلْإِمَامِ فِي الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ لَا يَمْنَعُ مِنْ كَوْنِ الْمَالِكِ تَمَكَّنَ مِنْ دَفْعِهَا حَيْثُ وُجِدَ الْإِمَامُ مَعَ عَدَمِ الْمُسْتَحِقِّينَ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ حَضَرَ بَعْضُ مُسْتَحِقِّيهَا) أَيْ وَيَكْفِي فِي التَّمَلُّكِ حُضُورُ ثَلَاثَةٍ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ وُجِدَ (قَوْلُهُ ضَمِنَ حِصَّتَهُمْ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (فَصْلٌ) فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ) غَايَةٌ فِي حُضُورِ الْإِمَامِ وَالسَّاعِي أَيْ فَحُضُورُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُقْتَضٍ لِلْوُجُوبِ الْفَوْرِيِّ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّ لَهُ أَنْ يُفَرِّقَهَا بِنَفْسِهِ وَلَوْ كَانَ غَايَةً فِي الْمُسْتَحَقِّ لَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَلَوْ فِي الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ الْخِلَافِ هَلْ لَهُ أَنْ يُفَرِّقَهَا بِنَفْسِهِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ ضَمِنَ حِصَّتَهُمْ) يَعْنِي الْحَاضِرِينَ

الْفَضِيلَةِ، وَكَذَا لِيَتَرَوَّى حَيْثُ تَرَدَّدَ فِي اسْتِحْقَاقِ الْحَاضِرِينَ وَيَضْمَنُ إنْ تَلِفَ الْمَالُ فِي مُدَّةِ التَّأْخِيرِ لِحُصُولِ الْإِمْكَانِ، وَإِنَّمَا أَخَّرَ لِغَرَضِ نَفْسِهِ فَيَتَقَيَّدُ جَوَازُهُ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، وَلَوْ تَضَرَّرَ الْحَاضِرُ بِالْجُوعِ حَرُمَ التَّأْخِيرُ مُطْلَقًا إذْ دَفْعُ ضَرَرِهِ فَرْضٌ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ لِحِيَازَةِ فَضِيلَةٍ (وَلَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ بِنَفْسِهِ) مَا لَمْ يَكُنْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْحَجْرِ. (زَكَاةُ الْمَالِ الْبَاطِنِ) وَهُوَ النَّقْدُ وَعَرَضُ التِّجَارَةِ وَالرِّكَازُ كَمَا مَرَّ لِمُسْتَحِقِّيهَا وَإِنْ طَلَبَهَا الْإِمَامُ، وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِقَبْضِهَا بِالْإِجْمَاعِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، فَإِنْ عَلِمَ مِنْ شَخْصٍ أَنَّهُ لَا يُؤَدِّيهَا أَوْ لَا يُؤَدِّي نَحْوَ كَفَّارَةٍ لَزِمَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: ادْفَعْ بِنَفْسِك أَوْ إلَيَّ لِأُفَرِّقَهَا إزَالَةً لِلْمُنْكَرِ عِنْدَ تَضْيِيقِ ذَلِكَ (وَكَذَا الظَّاهِرُ) وَهُوَ النَّعَمُ وَالْمُعَشَّرُ وَالْمَعْدِنُ (فِي الْجَدِيدِ) قِيَاسًا عَلَى الْبَاطِنِ وَالْقَدِيمُ يَجِبُ صَرْفُهَا إلَى الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103] الْآيَةَ وَظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ، هَذَا حَيْثُ لَمْ يَطْلُبْ الْإِمَامُ الظَّاهِرَةَ وَإِلَّا وَجَبَ تَسْلِيمُهَا إلَيْهِ بَذْلًا لِلطَّاعَةِ، وَيُقَاتِلُهُمْ إنْ امْتَنَعُوا مِنْ تَسْلِيمِ ذَلِكَ لَهُ وَإِنْ قَالُوا نُسَلِّمُهَا لِمُسْتَحِقِّيهَا لِافْتِيَاتِهِمْ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ جَائِرًا لِنَفَاذِ حُكْمِهِ وَعَدَمِ انْعِزَالِهِ بِالْجَوْرِ وَيَبْرَأُ بِالدَّفْعِ لَهُ وَإِنْ قَالَ أَنَا آخُذُهَا مِنْك وَأَصْرِفُهَا فِي الْفِسْقِ، بِخِلَافِ زَكَاةِ الْمَالِ الْبَاطِنِ إذْ لَا نَظَرَ لَهُ فِيهِ كَمَا مَرَّ. (وَلَهُ) مَعَ الْأَدَاءِ بِنَفْسِهِ فِي الْمَالَيْنِ (التَّوْكِيلُ) فِيهِ لِأَنَّهُ حَقٌّ مَالِيٌّ فَجَازَ أَنْ يُوَكِّلَ فِي أَدَائِهِ كَدُيُونِ الْآدَمِيِّينَ وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ مَا لَوْ كَانَ الْوَكِيلُ كَافِرًا أَوْ رَقِيقًا أَوْ سَفِيهًا أَوْ صَبِيًّا مُمَيِّزًا. نَعَمْ يُشْتَرَطُ فِي الْكَافِرِ وَالصَّبِيِّ تَعْيِينُ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَذَكَرَ الْبَغَوِيّ مِثْلَهُ فِي الصَّبِيِّ وَسَكَتَ عَنْ الْكَافِرِ (وَالصَّرْفُ) بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ (إلَى الْإِمَامِ) أَوْ السَّاعِي؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْمُسْتَحِقِّينَ فَجَازَ الدَّفْعُ إلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَبْعَثُ السُّعَاةَ لِأَخْذِ الزَّكَوَاتِ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الصَّرْفَ إلَى الْإِمَامِ أَفْضَلُ) مِنْ تَفْرِيقِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ إلَى الْمُسْتَحِقِّينَ لِأَنَّ الْإِمَامَ أَعْرَفُ بِهِمْ وَأَقْدَرُ عَلَى الِاسْتِيعَابِ وَلِتَيَقُّنِ الْبَرَاءَةِ بِتَسْلِيمِهِ، بِخِلَافِ تَفْرِقَةِ الْمَالِكِ أَوْ نَائِبِهِ فَقَدْ يُعْطِيهَا لِغَيْرِ مُسْتَحِقٍّ، وَلَوْ اجْتَمَعَ الْإِمَامُ وَالسَّاعِي فَالدَّفْعُ إلَى الْإِمَامِ أَوْلَى كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (إلَّا أَنْ يَكُونَ جَائِزًا) فَتَفْرِيقُ الْمَالِكِ بِنَفْسِهِ أَفْضَلُ مِنْ التَّسْلِيمِ إلَيْهِ كَمَا أَنَّ ذَلِكَ أَفْضَلُ مِنْ التَّسْلِيمِ لِوَكِيلِهِ لِأَنَّهُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ وَفِي شَكٍّ مِنْ فِعْلِ غَيْرِهِ، وَالتَّسْلِيمُ لِلْوَكِيلِ أَفْضَلُ مِنْهُ إلَى الْجَائِرِ لِظُهُورِ خِيَانَتِهِ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إلَّا الظَّاهِرَةَ فَبِتَسْلِيمِهَا إلَى الْإِمَامِ وَلَوْ جَائِرًا أَفْضَلُ مِنْ تَفْرِيقِ الْمَالِكِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْحَاضِرِينَ. (قَوْلُهُ: لِيَتَرَوَّى) أَيْ لِيَتَأَمَّلْ فِي أَمْرِهِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ ثَبَتَ اسْتِحْقَاقُهُ ظَاهِرًا وَتَرَدَّدَ فِيمَا بَلَغَهُ مِنْ اسْتِحْقَاقِهِ، وَإِلَّا فَفِي الضَّمَانِ حِينَئِذٍ نَظَرٌ لِعُذْرِهِ بِالِامْتِنَاعِ إذْ لَمْ يَجُزْ لَهُ الدَّفْعُ إلَّا إذَا عَلِمَ بِاسْتِحْقَاقِ الطَّالِبِ. (قَوْلُهُ: حَرُمَ التَّأْخِيرُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ قَصَدَ بِتَأْخِيرِهِ التَّرَوِّيَ أَوْ غَيْرَهُ، وَيُصَدَّقُ الْفُقَرَاءُ فِي دَعْوَاهُمْ مَا لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى كَذِبِهِمْ. (قَوْلُهُ: أَنْ يُطَالِبَهُ بِقَبْضِهَا) أَيْ بِتَسْلِيمِهَا وَلَوْ قَالَ أَنْ يُطَالِبَهُ بِإِقْبَاضِهَا لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ أَنْ يَقُولَ إلَخْ) وَمِثْلُ الْإِمَامِ فِي ذَلِكَ الْآحَادُ لَكِنْ فِي الْأَمْرِ بِالدَّفْعِ لَا فِي الطَّلَبِ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ تَضْيِيقِ ذَلِكَ) أَيْ وَذَلِكَ بِحُضُورِ الْمَالِ وَطَلَبِ الْأَصْنَافِ أَوْ شِدَّةِ احْتِيَاجِهِمْ. (قَوْلُهُ: وَعَدَمِ انْعِزَالِهِ بِالْجَوْرِ) أَيْ فَلَا يَجِبُ دَفْعُهَا لِلْإِمَامِ وَإِنْ طَلَبَهَا بَلْ لَا يَجُوزُ لَهُ طَلَبُهَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَمَعَ ذَلِكَ يَبْرَأُ الْمَالِكُ بِالدَّفْعِ لَهُ كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَأَصْرِفُهَا فِي الْفِسْقِ) أَيْ سَوَاءٌ صَرَفَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لِمُسْتَحِقِّيهَا أَوْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ أَوْ صَرَفَهَا فِي مَصْرِفٍ آخَرَ وَلَوْ حَرَامًا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ زَكَاةِ الْمَالِ الْبَاطِنِ) أَيْ فَلَا يَجِبُ دَفْعُهَا لِلْإِمَامِ وَإِنْ طَلَبَهَا، بَلْ لَا يَجُوزُ لَهُ طَلَبُهَا كَمَا تَقَدَّمَ وَمَعَ ذَلِكَ يَبْرَأُ الْمَالِكُ بِالدَّفْعِ لَهُ كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: تَعْيِينُ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ) أَيْ وَيُشْتَرَطُ لِلْبَرَاءَةِ الْعِلْمُ بِوُصُولِهَا لِلْمُسْتَحِقِّ. (قَوْلُهُ: وَسَكَتَ عَنْ الْكَافِرِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ فِي السَّفِيهِ وَلَا فِي الرَّقِيقِ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُمَا كَالصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ. (قَوْلُهُ: إلَى الْإِمَامِ أَفْضَلُ) أَيْ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ زَكَاةُ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ. (قَوْلُهُ: فَقَدْ يُعْطِيهَا لِغَيْرِ مُسْتَحِقٍّ) أَيْ فَلَا تُجْزِئُهُ. (قَوْلُهُ: وَفِي شَكٍّ مِنْ فِعْلِ غَيْرِهِ) هَذَا لَا يَتَأَتَّى فِيمَا لَوْ حَضَرَ عِنْدَ أَدَاءِ الْوَكِيلِ، لَكِنْ يَخْلُفُهُ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ مُبَاشَرَتُهُ لِلْعِبَادَةِ بِنَفْسِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أَوْ وَكِيلِهِ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ صِحَّةُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَأَنَّهَا لَا تُخَالِفُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ. لِأَنَّا نَقُولُ: قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَائِزًا فِيهِ تَفْصِيلٌ، وَالْمَفْهُومُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يُرَدُّ، ثُمَّ إنْ لَمْ يَطْلُبْهَا الْإِمَامُ فَلِلْمَالِكِ تَأْخِيرُهَا مَا دَامَ يَرْجُو مَجِيءَ السَّاعِي فَإِنْ أَيِسَ مِنْ مَجِيئِهِ وَفَرَّقَ فَجَاءَ وَطَالَبَهُ وَجَبَ تَصْدِيقُهُ، وَيَحْلِفُ نَدْبًا إنْ اُتُّهِمَ وَلَوْ طَلَبَ أَكْثَرَ مِنْ الْوَاجِبِ، لَمْ يُمْنَعْ مِنْ الْوَاجِبِ، وَإِذَا أَخَذَهَا الْإِمَامُ فَهَلْ بِالْوِلَايَةِ لَا بِالنِّيَابَةِ كَمَا فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُتَوَقَّفُ أَخْذُهَا عَلَى مُطَالَبَةِ الْمُسْتَحِقِّينَ، وَالْمُرَادُ بِالْعَدْلِ الْعَدْلُ فِي الزَّكَاةِ وَإِنْ كَانَ جَائِرًا فِي غَيْرِهَا كَمَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي الْمُرَادِ بِالْعَدْلِ وَالْجَوْرِ هُنَا، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ تَفْضِيلُ الصَّرْفِ إلَى الْإِمَامِ مُطْلَقًا. وَقِيلَ: الْمَالِكُ بِنَفْسِهِ مُطْلَقًا. (وَتَجِبُ) (النِّيَّةُ) فِي الزَّكَاةِ لِلْخَبَرِ الْمَشْهُورِ وَالِاعْتِبَارُ فِيهَا بِالْقَلْبِ كَغَيْرِهَا (فَيَنْوِي هَذَا فَرْضُ زَكَاةِ مَالٍ أَوْ فَرْضُ صَدَقَةِ مَالِي أَوْ نَحْوِهَا) كَزَكَاةِ مَالِي الْمَفْرُوضَةِ، أَوْ الصَّدَقَةِ الْمَفْرُوضَةِ، أَوْ الْوَاجِبَةِ، أَوْ فَرْضُ الصَّدَقَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ، وَلَا يَضُرُّ شُمُولُهُ لِصَدَقَةِ الْفِطْرِ خِلَافًا لِمَا فِي الْإِرْشَادِ لِدَلَالَةِ مَا ذُكِرَ عَلَى الْمَقْصُودِ، وَلَوْ نَوَى زَكَاةَ الْمَالِ دُونَ الْفَرِيضَةِ أَجْزَأَهُ، وَجَمَعَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَهُمَا لَيْسَ بِشَرْطٍ إذْ الزَّكَاةُ لَا تَكُونُ إلَّا فَرْضًا، بِخِلَافِ صَلَاةِ الظُّهْرِ مَثَلًا فَإِنَّهَا قَدْ تَكُونُ نَفْلًا، وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ زَكَاةٌ أَجْزَأَهُ أَيْضًا (وَلَا يَكْفِي) هَذَا (فَرْضُ مَالِي) لِصِدْقِهِ عَلَى النَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ وَغَيْرِهِمَا، وَمَا قِيلَ مِنْ ظُهُورِ ذَلِكَ إنْ كَانَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ غَيْرُ الزَّكَاةِ رُدَّ بِأَنَّ الْقَرَائِنَ الْخَارِجِيَّةَ لَا تُخَصِّصُ النِّيَّةَ فَلَا عِبْرَةَ بِكَوْنِ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَوْ لَا نَظَرًا لِصِدْقِ مَنْوِيِّهِ بِالْمُرَادِ وَغَيْرِهِ (وَكَذَا الصَّدَقَةُ) أَيْ صَدَقَةُ مَالِي أَوْ الْمَالِ لَا يَكْفِي (فِي الْأَصَحِّ) لِصِدْقِ ذَلِكَ عَلَى صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ، وَالثَّانِي يَكْفِي لِظُهُورِهَا فِي الزَّكَاةِ. أَمَّا لَوْ نَوَى الصَّدَقَةَ فَقَطْ لَمْ يُجْزِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ. (وَلَا يَجِبُ) فِي النِّيَّةِ (تَعْيِينُ الْمَالِ) الْمُخْرَجِ عَنْهُ لِأَنَّ الْغَرَضَ لَا يَخْتَلِفُ بِهِ كَالْكَفَّارَاتِ، فَلَوْ مَلَكَ مِنْ الدَّرَاهِمِ نِصَابًا حَاضِرًا وَنِصَابًا غَائِبًا عَنْ مَحِلِّهِ فَأَخْرَجَ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ مُطْلَقًا ثُمَّ بَانَ تَلَفُ الْغَائِبِ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ) أَيْ بِمَا نَقَلَهُ عَنْ الْمَجْمُوعِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُمْنَعْ مِنْ الْوَاجِبِ) أَيْ بَلْ يُعْطَاهُ وَلَا يُقَالُ بِطَلَبِهِ الزَّائِدِ انْعَزَلَ عَنْ وِلَايَةِ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ) أَيْ مَا فِي الْكِفَايَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَالْمُرَادُ بِالْعَدْلِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْمَالِكُ) أَيْ صَرَفَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِلْخَبَرِ الْمَشْهُورِ) وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ شُمُولُهُ) أَيْ فَرْضَ الصَّدَقَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا قَدْ تَكُونُ نَفْلًا) أَيْ فَتَجِبُ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ فِيهَا لِيَتَمَيَّزَ الْفَرْضُ مِنْ النَّفْلِ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَادَةَ لَا تَجِبُ فِيهَا نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ، وَقَدْ قَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُهُ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْفَرْضِيَّةَ فِي الْمُعَادَةِ وَإِنْ وَجَبَتْ فَالْمُرَادُ بِهَا إعَادَةُ مَا كَانَ فَرْضًا بِالْأَصَالَةِ أَوْ نَحْوِهِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي مَحِلِّهِ وَالْفَرْضُ الْمُمَيِّزُ لِلْأَصْلِيَّةِ عَنْ الْمُعَادَةِ الْحَقِيقِيُّ فَلَا تَعَارُضَ فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت التَّصْرِيحَ بِالْجَوَابِ الْمَذْكُورِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَفِي الْأَدَاءِ وَالْفَرْضِيَّةِ وَالْإِضَافَةِ إلَخْ حَيْثُ قَالَ: وَلَا يُرَادُ اشْتِرَاطُ نِيَّتِهَا فِي الْمُعَادَةِ أَيْضًا كَمَا مَرَّ لِمُحَاكَاةِ مَا فَعَلَهُ أَوَّلًا. (قَوْلُهُ: الصَّدَقَةَ فَقَطْ لَمْ يُجْزِهِ) أَيْ لِصِدْقِهَا بِصَدَقَةِ التَّطَوُّعِ. (قَوْلُهُ: فَأَخْرَجَ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ إلَخْ) قَيَّدَهُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ بِمَا إذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقَدْ عُلِمَ بِمَا قَرَّرْنَاهُ صِحَّةُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَأَنَّهَا لَا تُخَالِفُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ) أَيْ بِالنَّظَرِ إلَى مَا سَيَذْكُرُهُ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّا نَقُولُ إلَخْ، وَإِلَّا فَمَا ذَكَرَهُ بِمُجَرَّدِهِ لَا يُفِيدُ نَفْيَ الْمُخَالَفَةِ كَمَا لَا يَخْفَى وَفِي هَذَا السِّيَاقِ قَلَاقَةٌ (قَوْلُهُ: وَالْمَفْهُومُ إذَا كَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ إلَخْ) أَيْ فَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ: الصَّرْفُ إلَى الْإِمَامِ أَفْضَلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَائِرًا فَلَيْسَ الصَّرْفُ إلَيْهِ أَفْضَلَ عَلَى الْإِطْلَاقِ بَلْ فِيهِ تَفْصِيلٌ (قَوْلُهُ: لَا بِالنِّيَابَةِ) أَيْ عَنْ الْفُقَرَاءِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: فَلَوْ مَلَكَ مِنْ الدَّرَاهِمِ نِصَابًا حَاضِرًا وَنِصَابًا غَائِبًا) أَيْ وَهُوَ سَائِرٌ إلَيْهِ أَوْ فِي بَرِّيَّةٍ، وَالْبَلَدُ الَّذِي بِهِ الْمَالِكُ أَقْرَبُ بَلَدٍ إلَيْهَا، أَوْ كَانَ يَدْفَعُهَا لِلْإِمَامِ، وَإِلَّا

فَلَهُ جَعْلُ الْمُخْرَجِ عَنْ الْحَاضِرِ (وَلَوْ عُيِّنَ لَمْ يَقَعْ) أَيْ الْمُخْرَجُ (عَنْ غَيْرِهِ) وَلَوْ بَانَ الْمُعَيَّنُ تَالِفًا لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ الْغَيْرِ فَلَوْ مَلَكَ أَرْبَعِينَ شَاةً وَخَمْسَةَ أَبْعِرَةٍ فَأَخْرَجَ شَاةً عَنْ الْأَبْعِرَةِ فَبَانَتْ تَالِفَةً لَمْ تَقَعْ عَنْ الشِّيَاهِ هَذَا إنْ لَمْ يَنْوِ أَنَّهُ بَانَ الْمَنْوِيُّ عَنْهُ تَالِفًا فَعَنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ نَوَى ذَلِكَ فَبَانَ تَالِفًا وَقَعَ عَنْ الْآخَرِ، فَلَوْ قَالَ هَذَا زَكَاةُ مَالِي الْغَائِبِ إنْ كَانَ بَاقِيًا فَبَانَ بَاقِيًا أَجْزَأَهُ عَنْهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ هَذِهِ زَكَاةُ مَالِي إنْ كَانَ مُوَرِّثِي قَدْ مَاتَ فَبَانَ مَوْتُهُ حَيْثُ لَا يَجْزِيهِ وَالْفَرْقُ عَدَمُ الِاسْتِصْحَابِ لِلْمِلْكِ فِي هَذِهِ إذْ الْأَصْلُ فِيهَا بَقَاءُ الْحَيَاةِ وَعَدَمُ الْإِرْثِ وَفِي تِلْكَ بَقَاءُ الْمَالِ كَمَا لَوْ قَالَ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ أَصُومُ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ إنْ كَانَ مِنْهُ حَيْثُ يَصِحُّ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَهُ لَيْلَةَ ثَلَاثِينَ شَعْبَانَ. (وَيَلْزَمُ الْوَلِيَّ النِّيَّةُ إذَا أَخْرَجَ زَكَاةَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ) وَالسَّفِيهِ لِوُجُوبِ النِّيَّةِ وَقَدْ تَعَذَّرَتْ مِنْ الْمَالِكِ فَنَابَ الْوَلِيُّ عَنْهُ فِيهَا، فَلَوْ دَفَعَ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ وَضَمِنَ الْمَدْفُوعَ، وَلَوْ فَوَّضَ الْوَلِيُّ النِّيَّةَ لِلسَّفِيهِ جَازَ. (وَتَكْفِي نِيَّةُ الْمُوَكِّلِ عِنْدَ الصَّرْفِ إلَى الْوَكِيلِ) وَلَا يَحْتَاجُ الْوَكِيلُ لِنِيَّةٍ عِنْدَ صَرْفِ ذَلِكَ لِمُسْتَحِقِّهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِحُصُولِ النِّيَّةِ مِمَّنْ خُوطِبَ بِهَا مُقَارَنَةً لِفِعْلِهِ (وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَنْوِيَ الْوَكِيلَ عِنْدَ التَّفْرِيقِ) عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ (أَيْضًا) خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ. وَالثَّانِي لَا تَكْفِي نِيَّةُ الْمُوَكِّلِ وَحْدَهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْوَكِيلِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا لَا تَكْفِي نِيَّةُ الْمُسْتَنِيبِ فِي الْحَجِّ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْعِبَادَةَ فِي الْحَجِّ فِعْلُ النَّائِبِ فَوَجَبَتْ النِّيَّةُ مِنْهُ، وَهِيَ هُنَا بِمَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَانَ الْغَائِبُ فِي بَلَدٍ لَا مُسْتَحِقَّ فِيهِ وَبَلَدُ الْمَالِكِ أَقْرَبُ الْبِلَادِ إلَيْهِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الْمَالِكِ الْوَكِيلُ وَالْوَلِيُّ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَالْمُرَادُ الْغَائِبُ عَنْ مَجْلِسِهِ لَا عَنْ الْبَلَدِ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ أَيْ أَوْ عَنْهَا فِي مَحِلٍّ لَا مُسْتَحِقَّ فِيهِ وَبَلَدُ الْمَالِكِ أَقْرَبُ الْبِلَادِ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ جَعْلُ الْمُخْرَجِ عَنْ الْحَاضِرِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ: فَلَهُ أَنْ يَحْسِبَهَا عَنْ الْبَاقِي إلَخْ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: ظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَا تَقَعُ عَنْ الْبَاقِي بِدُونِ حُسْبَانِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَانَ الْمُعَيَّنُ) غَايَةُ (قَوْلِهِ فَإِنْ نَوَى ذَلِكَ) أَيْ وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فَبَانَ مَوْتُهُ حَيْثُ لَا يَجْزِيهِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ مَا لَوْ تَرَدَّدَ كَأَنْ قَالَ هَذَا زَكَاةُ مَالِي إنْ كَانَ مُوَرِّثِي إلَخْ وَإِلَّا فَعَنْ مَالِي الْحَاضِرِ، وَوَجْهُ عَدَمِ الصِّحَّةِ فِيهِ التَّرْدِيدُ بَيْنَ مَا يَجِبُ وَمَا لَا يَجِبُ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ يَصِحُّ إلَخْ) وَيُخَالِفُ مَا لَوْ نَوَى الصَّلَاةَ عَنْ فَرْضِ الْوَقْتِ إنْ دَخَلَ الْوَقْتُ وَإِلَّا فَعَنْ الْفَائِتِ حَيْثُ لَا يَجْزِيهِ لِاعْتِبَارِ التَّعْيِينِ فِي الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ، إذْ الْأَمْرُ فِيهَا أَضْيَقُ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ فِيهَا النِّيَابَةُ اهـ. شَرْحُ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ فَوَّضَ الْوَلِيُّ النِّيَّةَ لِلسَّفِيهِ جَازَ) أَيْ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ وَلَوْ مُمَيِّزًا عَلَى مَا أَفْهَمَهُ تَعْبِيرُهُ بِالسَّفِيهِ، لَكِنْ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَهُ التَّوْكِيلُ خِلَافُهُ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم عَلَى مَنْهَجٍ: بَلْ يَنْبَغِي كَمَا وَافَقَ عَلَيْهِ مَرَّ عَلَى الْبَدِيهَةِ أَنَّهُ يَكْفِي نِيَّةُ السَّفِيهِ وَإِنْ لَمْ يُفَوِّضْ إلَيْهِ الْوَلِيُّ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. أَقُولُ: قَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ، وَيُقَالُ بِعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ لِأَنَّ السَّفِيهَ لَيْسَ لَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِأَخْذِ الْمَالِ إلَّا أَنْ يُصَوِّرَ مَا قَالَهُ بِمَا إذَا عَزَلَ قَدْرَ الزَّكَاةِ أَوْ عَيَّنَهُ لَهُ وَقَالَ لَهُ: ادْفَعْهُ لِلْفُقَرَاءِ فَدَفَعَهُ وَاتَّفَقَ لَهُ أَنَّهُ نَوَى الزَّكَاةَ. (قَوْلُهُ: وَتَكْفِي نِيَّةُ الْمُوَكِّلِ عِنْدَ الصَّرْفِ) أَيْ وَلَا تَكْفِي نِيَّةُ الْوَكِيلِ بِإِذْنٍ مِنْ الْمُوَكِّلِ عِنْدَ صَرْفِ الْمُوَكِّلِ لِأَنَّهُ إنَّمَا اُغْتُفِرَتْ النِّيَّةُ مِنْ الْوَكِيلِ إذَا أَذِنَ لَهُ فِي تَفْرِقَةِ الزَّكَاةِ لِأَنَّهَا وَقَعَتْ تَبَعًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ فِي شَرْحِ الْأَرْبَعِينَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ «وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» لَكِنَّهُ صَرَّحَ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ بِخِلَافِهِ، وَعِبَارَتُهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَأَنْ يَكُونَ قَابِلًا لِلنِّيَابَةِ فَلَا يَصِحُّ فِي عِبَادَةٍ إلَّا الْحَجُّ وَتَفْرِقَةُ الْأُضْحِيَّةِ سَوَاءٌ أَوَكَّلَ الذَّابِحَ الْمُسْلِمَ الْمُمَيِّزَ فِي النِّيَّةِ أَمْ وَكَّلَ فِيهَا مُسْلِمًا مُمَيِّزًا غَيْرَهُ لِيَأْتِيَ بِهَا عِنْدَ ذَبْحِهِ كَمَا لَوْ نَوَى الْمُوَكِّلُ عِنْدَ ذَبْحِ وَكِيلِهِ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُوَكَّلَ فِيهَا آخَرُ مَرْدُودٌ اهـ. فَقَوْلُهُ لِيَأْتِيَ بِهَا عِنْدَ ذَبْحِهِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ التَّوْكِيلَ فِي النِّيَّةِ وَحْدَهَا صَحِيحٌ (قَوْلُهُ فَوَجَبَتْ النِّيَّةُ وَهِيَ مِنْهُ) أَيْ الِاسْتِنَابَةِ هُنَا بِتَفْرِقَةِ مَالِ الْمُوَكِّلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَالْغَائِبُ لَا تَصِحُّ الزَّكَاةُ عَنْهُ إلَّا فِي مَحَلِّهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لِوُجُوبِ النِّيَّةِ وَقَدْ تَعَذَّرَتْ مِنْ الْمَالِكِ) أَيْ الصَّبِيِّ أَوْ الْمَجْنُونِ.

الْمُوَكِّلِ فَكَفَتْ نِيَّتُهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ نَوَى الْوَكِيلُ وَحْدَهُ لَمْ يَكْفِ إنْ لَمْ يُفَوِّضْ لَهُ الْمُوَكِّلُ النِّيَّةَ وَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا لَا كَافِرٌ وَصَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ، وَلَوْ نَوَى الْمُوَكِّلُ وَحْدَهُ عِنْدَ تَفْرِقَةِ الْوَكِيلِ جَازَ قَطْعًا، وَلَوْ عَزَلَ مِقْدَارَ الزَّكَاةِ وَنَوَى عِنْدَ الْعَزْلِ جَازَ وَلَا يَضُرُّ تَقْدِيمُهَا عَلَى التَّفْرِقَةِ كَالصَّوْمِ لِعُسْرِ الِاقْتِرَانِ بِإِعْطَاءِ كُلِّ مُسْتَحِقٍّ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الزَّكَاةِ سَدُّ حَاجَةِ مُسْتَحِقِّهَا، وَلَوْ نَوَى بَعْدَ الْعَزْلِ وَقَبْلَ التَّفْرِقَةِ أَجْزَأَهُ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ تُقَارِنْ النِّيَّةُ أَخْذَهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَفِيهِ عَنْ الْعَبَّادِيِّ أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ مَالًا إلَى وَكِيلِهِ لِيُفَرِّقَهُ تَطَوُّعًا ثُمَّ نَوَى بِهِ الْفَرْضَ ثُمَّ فَرَّقَهُ الْوَكِيلُ وَقَعَ عَنْ الْفَرْضِ إنْ كَانَ الْقَابِضُ مُسْتَحِقًّا. أَمَّا تَقْدِيمُهَا عَلَى الْعَزْلِ أَوْ إعْطَاءِ الْوَكِيلِ فَلَا يَجْزِي كَأَدَاءِ الزَّكَاةِ بَعْدَ الْحَوْلِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ وَلَوْ نَوَى الزَّكَاةَ مَعَ الْإِفْرَازِ فَأَخَذَهَا صَبِيٌّ أَوْ كَافِرٌ وَدَفَعَهَا لِمُسْتَحِقِّهَا أَوْ أَخَذَهَا الْمُسْتَحِقُّ لِنَفْسِهِ ثُمَّ عَلِمَ الْمَالِكُ بِذَلِكَ أَجْزَأَهُ وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهُ مِنْهَا لِوُجُودِ النِّيَّةِ مِنْ الْمُخَاطَبِ بِالزَّكَاةِ مُقَارَنَةً لِفِعْلِهِ وَيَمْلِكُهَا الْمُسْتَحِقُّ لَكِنْ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمَالِكُ بِذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ إخْرَاجُهَا، وَلَوْ أَفْرَزَ قَدْرَهَا وَنَوَاهَا لَمْ يَتَعَيَّنْ ذَلِكَ الْقَدْرُ الْمُفْرَزِ لِلزَّكَاةِ إلَّا بِقَبْضِ الْمُسْتَحِقِّ لَهُ سَوَاءٌ أَكَانَتْ زَكَاةَ مَالٍ أَوْ بَدَنٍ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَالشَّاةِ الْمُعَيَّنَةِ لِلتَّضْحِيَةِ أَنَّ الْمُسْتَحِقِّينَ لِلزَّكَاةِ شُرَكَاءُ لِلْمَالِكِ بِقَدْرِهَا فَلَا تَتَقَطَّعُ شَرِكَتُهُمْ إلَّا بِقَبْضٍ مُعْتَبَرٍ، أَفْتَى بِجَمِيعِ ذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (وَلَوْ) (دَفَعَ) الزَّكَاةَ (إلَى السُّلْطَانِ كَفَتْ النِّيَّةُ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الدَّفْعِ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ السُّلْطَانُ عِنْدَ الدَّفْعِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ لِأَنَّهُ نَائِبُهُمْ فَالدَّفْعُ إلَيْهِ كَالدَّفْعِ لَهُمْ بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَوْ تَلِفَتْ عِنْدَهُ الزَّكَاةُ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْمَالِكِ شَيْءٌ وَالسَّاعِي فِي ذَلِكَ كَالسُّلْطَانِ (فَإِنْ لَمْ يَنْوِ) الْمَالِكُ عِنْدَ الدَّفْعِ إلَى السُّلْطَانِ (لَمْ يَجُزْ عَلَى الصَّحِيحِ وَإِنْ نَوَى السُّلْطَانُ) عِنْدَ الصَّرْفِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ لِأَنَّهُ نَائِبُهُمْ فَالدَّفْعُ لَهُمْ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ لَا يَجْزِي فَكَذَا نَائِبُهُمْ مَا لَمْ يَنْوِ الْمَالِكُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَبْلَ تَفْرِقَةِ السُّلْطَانِ عَلَى مُسْتَحِقِّيهَا. وَالثَّانِي يَجْزِي نَوَى السُّلْطَانُ أَمْ لَا، إذْ الْعَادَةُ فِيمَا يَأْخُذُهُ الْإِمَامُ وَيُفَرِّقُهُ عَلَى الْأَصْنَافِ إنَّمَا هُوَ الْفَرْضُ فَأَغْنَتْ هَذِهِ الْقَرِينَةُ عَنْ النِّيَّةِ، فَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي النِّيَّةِ جَازَ كَغَيْرِهِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ) (يَلْزَمُ السُّلْطَانَ النِّيَّةُ إذَا أَخَذَ زَكَاةَ الْمُمْتَنِعِ) مِنْ أَدَائِهَا نِيَابَةً عَنْهُ. وَالثَّانِي لَا تَلْزَمُهُ، وَتُجْزِئُهُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ نِيَّتَهُ تَكْفِي) فِي الْإِجْزَاءِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ فِي النِّيَّةِ كَمَا فِي التَّفْرِقَةِ، وَتَكْفِي نِيَّتُهُ عِنْدَ الْأَخْذِ أَوْ التَّفْرِقَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSفَكَفَتْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَا كَافِرٌ وَصَبِيٌّ) أَيْ غَيْرُ مُمَيِّزٍ وَمَفْهُومُهُ الْجَوَازُ مِنْ الْمُمَيِّزِ، لَكِنْ قَالَ سم عَلَى حَجّ: قَضِيَّةُ كَلَامِ شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَالرَّوْضِ وَالْعُبَابِ خِلَافُهُ وَأَقَرَّهُ حَيْثُ لَمْ يَتَعَقَّبْهُ لَكِنَّهُ لَمْ يَقُلْ فِيهِ: إنَّهُ الْأَوْجَهُ وَلَا نَقَلَ فِيهِ عَنْ مَرَّ شَيْئًا عَلَى عَادَتِهِ، وَالْأَقْرَبُ مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ حَجّ مِنْ الْجَوَازِ؛ لِأَنَّ الْمُمَيِّزَ مِنْ أَهْلِ النِّيَّةِ فَحَيْثُ اُعْتُدَّ بِدَفْعِهِ فَيَنْبَغِي الِاعْتِدَادُ بِنِيَّتِهِ، لَكِنْ عِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ قَيَّدَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِمَنْ هُوَ أَهْلٌ لَهَا بِأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا بَالِغًا عَاقِلًا لَا صَبِيًّا وَلَوْ مُمَيِّزًا وَكَافِرًا كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَلَا رَقِيقًا اهـ. أَقُولُ: يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ فَلَا فَرْقَ فِي الْوَكِيلِ بَيْنَ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ أَوْ لَا، وَقَدْ يُجَابُ أَنَّ مَا سَبَقَ فِي صِحَّةِ التَّوْكِيلِ فِي الدَّفْعِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ التَّفْوِيضُ فِي النِّيَّةِ وَعَلَيْهِ فَيَنْوِي الْمَالِكُ الزَّكَاةَ عِنْدَ الدَّفْعِ لِلصَّبِيِّ أَوْ الْكَافِرِ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمَالِكُ) أَذًى بِإِعْطَاءِ الصَّبِيِّ إلَخْ (قَوْلُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ إخْرَاجُهَا) أَيْ وَتَقَعُ الثَّانِيَةُ تَطَوُّعًا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَنْوِ السُّلْطَانُ) غَايَةُ (قَوْلِهِ وَالسَّاعِي فِي ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالنِّيَّةِ عِنْدَ الدَّفْعِ لَهُ وَعَدَمُ الضَّمَانِ إذَا تَلِفَ الْمَالِيُّ فِي يَدِهِ. (قَوْلُ الْمَتْنِ وَإِنْ نَوَى السُّلْطَانُ) غَايَةُ. (قَوْلِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ نِيَّتَهُ تَكْفِي) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَمَّا السَّفِيهُ فَسَيَأْتِي صِحَّتُهَا مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَأَخَذَهَا صَبِيٌّ أَوْ كَافِرٌ وَدَفَعَهَا لِمُسْتَحِقِّهَا) اُنْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ لَهُمَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَلِمَ الْمَالِكُ بِذَلِكَ أَجْزَأَهُ) أَيْ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا: أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ فَإِنَّهَا لَا تُجْزِئُهُ ظَاهِرًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ ظَاهِرًا أَنْ يُخْرِجَ بَدَلَهَا لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِالْحَالِ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ ذَلِكَ الْقَدْرُ) أَيْ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ وَيَدْفَعَ بَدَلَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا بِقَبْضِ الْمُسْتَحِقِّ لَهُ) أَيْ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ كَمَا هُوَ صَرِيحُ مَا مَرَّ قُبَيْلَهُ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الشِّهَابُ حَجّ

[فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه]

وَالثَّانِي لَا تَكْفِي لِانْتِفَاءِ نِيَّةِ الْمَالِكِ الْمُتَعَبَّدِ بِهَا. وَمَحِلُّ لُزُومِ النِّيَّةِ لِلسُّلْطَانِ مَا لَمْ يَنْوِ الْمُمْتَنِعُ عِنْدَ الْأَخْذِ مِنْهُ قَهْرًا، فَإِنْ نَوَى كَفَى وَبَرِئَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَتَسْمِيَتُهُ حِينَئِذٍ مُمْتَنِعًا بِاعْتِبَارِ مَا سَبَقَ لَهُ مِنْ الِامْتِنَاعِ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِلَّا فَقَدْ صَارَ بِنِيَّتِهِ غَيْرَ مُمْتَنِعٍ، فَلَوْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامُ وَلَا الْمَأْخُوذُ مِنْهُ لَمْ يَبْرَأْ مِنْهَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا، وَيَجِبُ رَدُّ الْمَأْخُوذِ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَبَدَلَهُ إنْ كَانَ تَالِفًا. فَصْلٌ فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ (لَا يَصِحُّ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ) فِي مَالٍ حَوْلِيٍّ (عَلَى مِلْكِ النِّصَابِ) فِي زَكَاةٍ عَيْنِيَّةٍ كَأَنْ مَلَكَ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَعَجَّلَ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ لِتَكُونَ زَكَاةً إذَا تَمَّ النِّصَابُ وَحَالَ الْحَوْلُ عَلَيْهِ وَاتَّفَقَ ذَلِكَ فَلَا يُجْزِئُهُ إذْ لَمْ يُوجَدْ سَبَبُ وُجُوبِهَا لِعَدَمِ الْمَالِ الزَّكَوِيِّ فَأَشْبَهَ أَدَاءَ الثَّمَنِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَالدِّيَةَ قَبْلَ الْقَتْلِ وَالْكَفَّارَةَ قَبْلَ الْيَمِينِ، وَلَوْ مَلَكَ خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ فَعَجَّلَ شَاتَيْنِ فَبَلَغَتْ بِالتَّوَالُدِ عَشْرًا لَمْ يُجْزِهِ مَا عَجَّلَهُ عَنْ النِّصَابِ الَّذِي كَمُلَ الْآنَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْدِيمِ زَكَاةِ الْعَيْنِ عَلَى النِّصَابِ فَهُوَ شَبِيهٌ بِمَا لَوْ أَخْرَجَ زَكَاةَ أَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَلَا يَمْلِكُ إلَّا مِائَتَيْنِ، وَلَوْ عَجَّلَ شَاةً عَنْ أَرْبَعِينَ شَاةً ثُمَّ وَلَدَتْ أَرْبَعِينَ ثُمَّ هَلَكَتْ الْأُمَّهَاتُ لَمْ يُجْزِهِ الْمُعَجَّلُ عَنْ السِّخَالِ لِأَنَّهُ عَجَّلَ الزَّكَاةَ عَنْ غَيْرِهَا فَلَمْ يُجْزِهِ عَنْهَا، وَلَوْ مَلَكَ مِائَةً وَعِشْرِينَ شَاةً فَعَجَّلَ عَنْهَا شَاتَيْنِ فَحَدَثَتْ سَخْلَةٌ قَبْلَ الْحَوْلِ لَمْ يُجْزِهِ مَا عَجَّلَهُ عَنْ النِّصَابِ الَّذِي كَمُلَ الْآنَ كَمَا نَقَلَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ تَصْرِيحِ الْأَكْثَرِينَ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْكَبِيرِ خِلَافًا لِمَا فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَخَرَجَ بِالزَّكَاةِ الْعَيْنِيَّةِ زَكَاةُ التِّجَارَةِ فَيَجُوزُ التَّعْجِيلُ فِيهَا بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ النِّصَابَ فِيهَا مُعْتَبَرٌ بِآخِرِ الْحَوْلِ، فَلَوْ اشْتَرَى عَرَضًا قِيمَتُهُ مِائَةٌ فَعَجَّلَ زَكَاةَ مِائَتَيْنِ أَوْ قِيمَتُهُ مِائَتَانِ فَعَجَّلَ زَكَاةَ أَرْبَعِمِائَةٍ وَحَالَ الْحَوْلُ وَهُوَ يُسَاوِي ذَلِكَ أَجْزَأَهُ وَكَأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا لَهُ تَرَدُّدَ النِّيَّةِ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الزِّيَادَةِ لِضَرُورَةِ التَّعْجِيلِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ تَعْجِيلٌ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا حَالُهُ عِنْدَ آخِرِ الْحَوْلِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSوَمَحِلُّهُ إنْ عَلِمَ الْمَالِكُ نِيَّةَ السُّلْطَانِ فَإِنْ شَكَّ فِيهَا لَمْ يَبْرَأْ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النِّيَّةِ. (قَوْلُهُ: الْمُتَعَبَّدُ بِهَا) أَيْ الَّتِي طَلَبَ الشَّارِعُ مِنْ الْمَالِكِ الْعِبَادَةَ بِهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَوَى كَفَى) أَيْ عِنْدَ الْأَخْذِ مِنْهُ كَفَى وَكَذَا لَوْ نَوَى بَعْدَ أَخْذِ السُّلْطَانِ وَقَبْلَ صَرْفِهِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ أَوْ بَعْدَ أَخْذِهِمْ حَيْثُ مَضَى بَعْدَ نِيَّتِهِ مَا يُمْكِنُ فِيهِ الْقَبْضُ. (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ رَدُّ الْمَأْخُوذِ) أَيْ عَلَى مَنْ الْمَالُ فِي يَدِهِ مِنْ إمَامٍ أَوْ مُسْتَحِقٍّ لَكِنْ لِلْإِمَامِ طَرِيقٌ إلَى إسْقَاطِ الْوُجُوبِ بِأَنْ يَنْوِيَ قَبْلَ التَّفْرِقَةِ. قَالَ حَجّ: تَنْبِيهٌ: أَفْتَى شَارِحُ الْإِرْشَادِ الْكَمَالَ الرِّدَادَ فِيمَنْ يُعْطِي الْإِمَامَ أَوْ نَائِبَهُ الْمَكْسَ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ فَقَالَ: لَا يَجْزِي ذَلِكَ أَبَدًا وَلَا يَبْرَأُ عَنْ الزَّكَاةِ بَلْ هِيَ وَاجِبَةٌ بِحَالِهَا لِأَنَّ الْإِمَامَ إنَّمَا يَأْخُذُ ذَلِكَ مِنْهُمْ فِي مُقَابَلَةِ قِيَامِهِ بِسَدِّ الثُّغُورِ وَقَمْعِ الْقُطَّاعِ وَالْمُتَلَصَّصِينَ عَنْهُمْ وَعَنْ أَمْوَالِهِمْ، وَقَدْ أَوْقَعَ جَمْعٌ مِمَّنْ يُنْسَبُ إلَى الْفُقَهَاءِ وَهُمْ بِاسْمِ الْجَهْلِ أَحَقُّ أَهْلُ الزَّكَوَاتِ وَرَخَّصُوا لَهُمْ فِي ذَلِكَ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا اهـ. وَمَرَّ ذَلِكَ بِزِيَادَةٍ وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ فَإِنَّهُ نَفِيسٌ، وَنُقِلَ عَنْ إفْتَاءِ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ الْإِجْزَاءُ إذَا كَانَ الْآخِذُ مُسْلِمًا، وَنُقِلَ مِثْلُهُ أَيْضًا بِالدَّرْسِ عَنْ الزِّيَادِيِّ بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ. . [فَصْلٌ فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ] (فَصْلٌ) فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ عَلَى الْيَمِينِ أَيْ وَتَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ. (قَوْلُهُ: فَعَجَّلَ زَكَاةَ مِائَتَيْنِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ. (قَوْلُهُ: تَرَدُّدَ النِّيَّةِ) أَيْ التَّرَدُّدَ فِي النِّيَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (فَصْلٌ) فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الزِّيَادَةِ) عِلَّةٌ لِلتَّرَدُّدِ وَقَوْلُهُ لِضَرُورَةِ التَّعْجِيلِ عِلَّةُ الِاغْتِفَارِ

وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا لِلسُّبْكِيِّ هُنَا. (وَيَجُوزُ) تَعْجِيلُهَا فِي الْمَالِ الْحَوْلِيِّ (قَبْلَ) تَمَامِ (الْحَوْلِ) فِيمَا انْعَقَدَ حَوْلُهُ وَوُجِدَ النِّصَابُ فِيهِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْخَصَ فِي التَّعْجِيلِ لِلْعَبَّاسِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ، وَلِأَنَّهُ وَجَبَ بِسَبَبَيْنِ فَجَازَ تَقْدِيمُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا كَتَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْحِنْثِ، وَمَحِلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْوَلِيِّ، أَمَّا هُوَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّعْجِيلُ عَنْ مُوَلِّيهِ سَوَاءٌ الْفِطْرَةُ وَغَيْرُهَا. نَعَمْ إنْ عَجَّلَ مِنْ مَالِهِ فَجَازَ فِيمَا يَظْهَرُ. (وَلَا يُعَجِّلُ لِعَامَيْنِ فِي الْأَصَحِّ) وَلَا لِأَكْثَرَ مِنْهُمَا بِالْأَوْلَى إذْ زَكَاةُ غَيْرِ الْأَوَّلِ لَمْ يَنْعَقِدْ حَوْلُهُ وَالتَّعْجِيلُ قَبْلَ انْعِقَادِ الْحَوْلِ مُمْتَنِعٌ، فَإِنْ عَجَّلَ لِأَكْثَرَ مِنْ عَامٍ أَجْزَأَهُ عَنْ الْأَوَّلِ مُطْلَقًا دُونَ غَيْرِهِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَكَانَ قَدْ مَيَّزَ حِصَّةَ كُلِّ عَامٍ أَمْ لَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ وَالْإِسْنَوِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُمَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ مَنْ عَلَيْهِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ عَشَرَةً وَنَوَى بِهَا الزَّكَاةَ وَالتَّطَوُّعَ وَقَعَ الْكُلُّ تَطَوُّعًا ظَاهِرًا، وَحَمَلَ الْأَصْحَابُ تَسَلُّفَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْعَبَّاسِ صَدَقَةَ عَامَيْنِ عَلَى تَسَلُّفِهَا فِي عَامَيْنِ أَوْ عَلَى صَدَقَةِ مَالَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ حَوْلٌ مُفْرَدٌ. وَالثَّانِي يَجُوزُ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ الْمَارِّ، وَعَلَيْهِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَبْقَى بَعْدَ التَّعْجِيلِ نِصَابٌ كَتَعْجِيلِ شَاتَيْنِ مِنْ ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ شَاةً، وَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّ الْعِرَاقِيِّينَ وَجُمْهُورَ الْخُرَاسَانِيِّينَ إلَّا الْبَغَوِيّ عَلَى الْإِجْزَاءِ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ عَنْ النَّصِّ وَأَنَّ الرَّافِعِيَّ حَصَلَ لَهُ فِي ذَلِكَ انْعِكَاسٌ فِي النَّقْلِ حَالَةَ التَّصْنِيفِ قَالَ: وَلَمْ يَظْفَرْ بِأَحَدٍ صَحَّحَ الْمَنْعَ إلَّا الْبَغَوِيّ بَعْدَ الْفَحْصِ الشَّدِيدِ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ يُرَدُّ بِأَنَّ مَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ. (وَلَهُ) (تَعْجِيلُ الْفِطْرَةِ مِنْ أَوَّلِ) لَيْلَةٍ مِنْ (رَمَضَانَ) لِانْعِقَادِ السَّبَبِ الْأَوَّلِ إذْ هِيَ وَجَبَتْ بِسَبَبَيْنِ رَمَضَانُ وَالْفِطْرُ مِنْهُ وَقَدْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا فَجَازَ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْآخَرِ وَلِأَنَّ التَّقْدِيمَ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ جَائِزٌ بِاتِّفَاقِ الْمُخَالِفِ فَأُلْحِقَ الْبَاقِي بِهِ قِيَاسًا بِجَامِعِ إخْرَاجِهَا فِي جُزْءٍ مِنْهُ (وَالصَّحِيحُ مَنْعُهُ) أَيْ التَّعْجِيلِ (قَبْلَهُ) أَيْ رَمَضَانَ لِأَنَّهُ تَقْدِيمٌ عَلَيْهِمَا مَعًا كَزَكَاةِ الْمَالِ وَكَمَا لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ كَفَّارَةٍ قَبْلَ نَحْوِ يَمِينٍ. وَالثَّانِي يَجُوزُ لِأَنَّ وُجُودَ الْمُخْرَجِ عَنْهُ فِي نَفْسِهِ سَبَبٌ. (وَ) الصَّحِيحُ (أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُ زَكَاةِ الثَّمَرِ قَبْلَ بَدْوِ صَلَاحِهِ وَلَا الْحَبِّ قَبْلَ اشْتِدَادِهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ مَا يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ مِقْدَارِهِ تَحْقِيقًا وَلَا ظَنًّا فَصَارَ كَمَا لَوْ أَخْرَجَ الزَّكَاةَ قَبْلَ خُرُوجِ الثَّمَرِ وَانْعِقَادِ الْحَبِّ، وَلِأَنَّ وُجُوبَهَا بِسَبَبٍ وَاحِدٍ وَهُوَ إدْرَاكُ الثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ فَيَمْتَنِعُ التَّقْدِيمُ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي يَجُوزُ كَزَكَاةِ الْمَوَاشِي وَالنُّقُودِ قَبْلَ الْحَوْلِ وَمَحِلُّ الْخِلَافِ فِيمَا بَعْدَ ظُهُورِهِ أَمَّا قَبْلَهُ فَيَمْتَنِعُ قَطْعًا (وَ) الصَّحِيحُ (أَنَّهُ يَجُوزُ بَعْدَهُمَا) أَيْ بَعْدَ صَلَاحِ الثَّمَرِ وَاشْتِدَادِ الْحَبِّ قَبْلَ الْجَفَافِ وَالتَّصْفِيَةِ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ حُصُولُ النِّصَابِ كَمَا قَالَ فِي الْبَحْرِ لِأَنَّ الْوُجُوبَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ عَجَّلَ مِنْ مَالِهِ جَازَ لَهُ فِيمَا يَظْهَرُ) وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الصَّبِيِّ وَإِنْ نَوَى الرُّجُوعَ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ فِيمَا يَصْرِفُهُ عَنْهُ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ. (قَوْلُهُ: أَجْزَأَهُ عَنْ الْأَوَّلِ مُطْلَقًا) أَيْ مَيَّزَ مَا لِكُلِّ عَامٍ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: وَقَعَ الْكُلُّ تَطَوُّعًا ظَاهِرًا) وَهُوَ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْبَحْرِ جَمَعَ بَيْنَ فَرْضٍ وَنَفْلٍ وَفِي هَذِهِ نَوَى مَا يَجْزِي وَمَا لَا يَجْزِي مِمَّا لَيْسَ عِبَادَةً أَصْلًا فَلَمْ يَصْلُحْ مُعَارِضًا لِمَا نَوَاهُ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ تَعْجِيلُ الْفِطْرَةِ) يُشْعِرُ بِأَنَّ التَّأْخِيرَ أَفْضَلُ وَهُوَ ظَاهِرٌ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَهُ (قَوْلُهُ: رَمَضَانَ وَالْفِطْرِ) أَيْ بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ شَوَّالٍ وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ سم عَلَى أَوَّلِ الْفِطْرَةِ عَلَى حَجّ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ السَّبَبَ الْأَوَّلَ وَهُوَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ رَمَضَانَ كُلِّهِ وَبَعْضِهِ بِشَرْطِ إدْرَاكِ الْجُزْءِ الْأَخِيرِ. (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي يَجُوزُ) أَيْ فِي السَّنَةِ مُحَلِّي فَمَا يُوهِمُهُ إطْلَاقُهُ وَتَعْلِيلُهُ لَيْسَ مُرَادًا. (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْجَفَافِ وَالتَّصْفِيَةِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْإِخْرَاجُ مِنْ غَيْرِ الثَّمَرِ وَالْحَبِّ اللَّذَيْنِ أَرَادَ الْإِخْرَاجَ عَنْهُمَا لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ مِنْ الرُّطَبِ أَوْ الْعِنَبِ قَبْلَ جَفَافِهِ لَا يَجْزِي وَإِنْ جَفَّ وَتَحَقَّقَ أَنَّ الْمُخْرَجَ يُسَاوِي ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ إلَى قَوْلِهِ ظَاهِرًا) أَيْ وَهُوَ أَنَّهُ جَمَعَ فِي هَذَا بَيْنَ فَرْضٍ وَنَفْلٍ بِخِلَافِ ذَاكَ (قَوْلُهُ وَأَنَّ الرَّافِعِيَّ حَصَلَ لَهُ فِي ذَلِكَ انْعِكَاسٌ فِي النَّقْلِ) أَيْ لِأَنَّهُ نَقَلَ مَنْعَ التَّعْجِيلِ لِعَامَيْنِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ: أَيْ وَالْوَاقِعُ أَنَّ الْأَكْثَرِينَ عَلَى الْجَوَازِ كَمَا ادَّعَاهُ

قَدْ ثَبَتَ إلَّا أَنَّ الْإِخْرَاجَ لَا يَجِبُ إلَّا بَعْدَ الْجَفَافِ وَالتَّصْفِيَةِ. وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ لِلْجَهْلِ بِالْقَدْرِ، وَلَوْ أَخْرَجَ مِنْ عِنَبٍ لَا يَتَزَبَّبُ أَوْ رُطَبٍ لَا يَتَتَمَّرُ أَجْزَأَ قَطْعًا إذْ لَا تَعْجِيلَ. (وَشَرْطُ إجْزَاءٍ) أَيْ وُقُوعِ (الْمُعَجَّلِ) زَكَاةً (بَقَاءُ الْمَالِكِ أَهْلًا لِلْوُجُوبِ) عَلَيْهِ (إلَى آخِرِ الْحَوْلِ) وَبَقَاءُ الْمَالِ إلَى آخِرِهِ أَيْضًا، فَلَوْ مَاتَ أَوْ تَلِفَ الْمَالُ أَوْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ وَلَمْ يَكُنْ مَالَ تِجَارَةٍ لَمْ يُجْزِهِ الْمُعَجَّلُ، وَقَدْ يَبْقَى الْمَالُ وَأَهْلِيَّةُ الْمَالِكِ وَلَكِنْ تَتَغَيَّرُ صِفَةُ الْوَاجِبِ كَمَا لَوْ عَجَّلَ بِنْتَ مَخَاضٍ عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَتَوَالَدَتْ قَبْلَ الْحَوْلِ وَبَلَغَتْ سِتًّا وَثَلَاثِينَ فَلَا تَجْزِيهِ الْمُعَجَّلَةُ عَلَى الْأَصَحِّ وَإِنْ صَارَتْ بِنْتَ لَبُونٍ فِي يَدِ الْقَابِضِ بَلْ يَسْتَرِدُّهَا وَيُعِيدُهَا أَوْ يُعْطِي غَيْرَهَا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الشَّرْطِ وُجُودُ الْمَشْرُوطِ، وَإِنْ تَلِفَتْ لَمْ يَلْزَمْ إخْرَاجٌ لِبِنْتِ لَبُونٍ لِأَنَّا إنَّمَا نَجْعَلُ الْمُخْرَجَ كَالْبَاقِي إذَا وَقَعَ مَحْسُوبًا عَنْ الزَّكَاةِ وَإِلَّا فَلَا بَلْ هُوَ كَتَلَفِ بَعْضِ الْمَالِ قَبْلَ الْحَوْلِ، وَلَا تَجْدِيدَ لِبِنْتِ الْمَخَاضِ لِوُقُوعِهَا مَوْقِعَهَا، وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ بَعِيرًا لَيْسَ فِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ فَعَجَّلَ ابْنَ لَبُونٍ ثُمَّ اسْتَفَادَ بِنْتَ مَخَاضٍ فِي آخِرِ الْحَوْلِ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْإِجْزَاءُ كَمَا اخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ خِلَافًا لِلْقَاضِي بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِعَدَمِ بِنْتِ الْمَخَاضِ حَالَ الْإِخْرَاجِ لَا حَالَ الْوُجُوبِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا مَرَّ، وَالْمُرَادُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَكُونَ الْمَالِكُ مُتَّصِفًا بِصِفَةِ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ الْأَهْلِيَّةَ ثَبَتَتْ بِالْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ وَلَا يَلْزَمُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْوَاجِبَ أَوْ يَزِيدُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا تَعْجِيلَ) قَدْ يُقَالُ لَا يَلْزَمُ مِنْ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فِيمَا ذُكِرَ وُجُوبُ الْإِخْرَاجِ، فَإِنَّ الْبُدُوَّ يَحْصُلُ بِالْأَخْذِ فِي الْحُمْرَةِ مَثَلًا، وَالْإِخْرَاجُ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ صَيْرُورَتِهِ رُطَبًا وَعِنَبًا فَلَوْ أَخْرَجَ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَقَبْلَ صَيْرُورَتِهِ رُطَبًا كَانَ تَعْجِيلًا كَمَا لَوْ أَخْرَجَ قَبْلَ التَّتَمُّرِ اهـ. إلَّا أَنْ يُقَالَ كَلَامُهُ فِيمَا قَبْلَ الْجَفَافِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَجْزِي. (قَوْلُهُ: أَوْ يُعْطِي غَيْرَهَا) . [تَنْبِيهٌ] يُتَّجَهُ أَنَّ مَحَلَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ بِاعْتِبَارِ الدَّفْعِ السَّابِقِ وَالنِّيَّةِ السَّابِقَةِ، فَلَوْ نَوَى بَعْدَ أَنْ صَارَتْ بِنْتَ لَبُونٍ وَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْقَبْضُ وَهِيَ بِيَدِ الْمُسْتَحِقِّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ حِينَئِذٍ عَلَى الزَّكَاةِ أَخْذًا مِنْ الْحَاشِيَةِ السَّابِقَةِ فِي الْفَصْلِ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ لَمْ يَجُزْ عَلَى الصَّحِيحِ وَإِنْ نَوَى السُّلْطَانُ اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: فَعَجَّلَ ابْنَ لَبُونٍ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ تَعْجِيلَ بِنْتِ لَبُونٍ عَنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ وَلَمْ يَأْخُذْ جُبْرَانًا وَجَبَ قَبُولُهَا، وَإِذَا وَجَدَ بِنْتَ الْمَخَاضِ بَعْدُ فَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُ بِنْتِ اللَّبُونِ لِأَنَّهُ بِدَفْعِهَا وَقَعَتْ الْمَوْقِعَ وَهُوَ مُتَبَرِّعٌ بِالزَّائِدِ، وَإِنْ أَرَادَ دَفْعَهَا وَطَلَبَ الْجُبْرَانَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى التَّعْجِيلِ وَتَغْرِيمِ الْجُبْرَانِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ، وَبِتَقْدِيرِ الصِّحَّةِ فَلَوْ وَجَدَ بِنْتَ الْمَخَاضِ آخِرَ الْحَوْلِ هَلْ يَجِبُ دَفْعُهَا وَاسْتِرْدَادُ بِنْتِ اللَّبُونِ وَرَدُّ الْجُبْرَانِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَتَوَالَدَتْ قَبْلَ الْحَوْلِ وَبَلَغَتْ سِتًّا وَثَلَاثِينَ) أَيْ: بِاَلَّتِي أَخْرَجَهَا (قَوْلُهُ: بَلْ يَسْتَرِدُّهَا) أَيْ إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الشَّرْطِ وُجُودُ الْمَشْرُوطِ) مُرَادُهُ بِذَلِكَ مَا فِي التُّحْفَةِ لِلشِّهَابِ حَجّ وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَتُهُ قَاصِرَةً عَنْهُ، وَعِبَارَتُهُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الصُّورَةَ الْمَذْكُورَةَ نَصُّهَا: قِيلَ وَلَا تَرِدُ هَذِهِ عَلَى الْمَتْنِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الشَّرْطِ وُجُودُ الْمَشْرُوطِ اهـ. فَيَكُونُ الشَّارِحُ قَدْ ارْتَضَى هَذَا الْقِيلَ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ إلَخْ تَعْلِيلًا لِمُقَدَّرٍ: أَيْ وَلَا تَرِدُ هَذِهِ عَلَى الْمَتْنِ وَذَلِكَ إلَخْ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى كَلَامِ الشَّارِحِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا فِي التُّحْفَةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الشَّرْطِ وَهُوَ هُنَا كَوْنُهَا الْآنَ بِصِفَةِ الْإِجْزَاءِ وُجُودُ الْمَشْرُوطِ وَهُوَ الْإِجْزَاءُ: أَيْ لِقِيَامِ الْمَانِعِ (قَوْلُهُ لَمْ يَلْزَمْ خَرَاجُ بِنْتِ لَبُونٍ) أَنَّ النَّقْصَ الَّذِي يُخْرِجُ عَنْهُ بِتَلَفِ الْمُخْرَجِ عَنْ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَكُونَ الْمَالِكُ مُتَّصِفًا بِصِفَةِ الْوُجُوبِ) يُقَالُ عَلَيْهِ فَحِينَئِذٍ عَطْفُ قَوْلِهِ وَبَقَاءُ الْمَالِ إلَخْ

مِنْ وَصْفِهِ بِالْأَهْلِيَّةِ وَصْفُهُ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ (وَكَوْنُ الْقَابِضِ) لَهُ (فِي آخِرِ الْحَوْلِ مُسْتَحِقًّا) فَلَوْ مَاتَ قَبْلَهُ أَوْ ارْتَدَّ لَمْ يُحْسَبْ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ عَنْ الزَّكَاةِ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْأَهْلِيَّةِ عِنْدَ الْوُجُوبِ. وَالْقَبْضُ السَّابِقُ إنَّمَا يَقَعُ عَنْ هَذَا الْوَقْتِ (وَقِيلَ إنْ) (خَرَجَ عَنْ الِاسْتِحْقَاقِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ) كَأَنْ ارْتَدَّ ثُمَّ عَادَ (لَمْ يُجْزِهِ) أَيْ الْمَالِكَ الْمُعَجَّلُ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْأَخْذِ مُسْتَحِقًّا ثُمَّ صَارَ كَذَلِكَ فِي آخِرِ الْحَوْلِ، وَالْأَصَحُّ الْإِجْزَاءُ اكْتِفَاءً بِالْأَهْلِيَّةِ فِي طَرَفَيْ الْوُجُوبِ وَالْأَدَاءِ، وَقَدْ يُفْهَمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْعِلْمِ بِكَوْنِهِ مُسْتَحِقًّا فِي آخِرِ الْحَوْلِ: أَيْ وَلَوْ بِالِاسْتِصْحَابِ، فَلَوْ غَابَ عِنْدَ الْحَوْلِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ حَيَاتَهُ أَوْ احْتِيَاجَهُ أَجْزَأَهُ الْمُعَجَّلُ كَمَا فِي فَتَاوَى الْحَنَّاطِيِّ وَهُوَ أَقْرَبُ الْوَجْهَيْنِ فِي الْبَحْرِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ حَصَلَ الْمَالُ عِنْدَ الْحَوْلِ بِبَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِ الْقَابِضِ فَإِنَّ الْمَدْفُوعَ يَجْزِي عَنْ الزَّكَاةِ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ غَيْبَةِ الْقَابِضِ عَنْ بَلَدِ الْمَالِ وَخُرُوجِ الْمَالِ عَنْ بَلَدِ الْقَابِضِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْقَابِضُ مُعْسِرًا فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ لَزِمَ الْمَالِكَ دَفْعُ الزَّكَاةِ ثَانِيًا لِلْمُسْتَحِقِّينَ وَهُوَ كَذَلِكَ وَفِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ (وَلَا يَضُرُّ غِنَاهُ بِالزَّكَاةِ) الْمُعَجَّلَةِ لِكَثْرَتِهَا أَوْ تَوَالُدِهَا أَوْ تِجَارَتِهِ فِيهَا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ إذْ الْقَصْدُ بِصَرْفِ الزَّكَاةِ لَهُ غِنَاهُ وَلِأَنَّا لَوْ أَخَذْنَاهَا لَافْتَقَرَ وَاحْتَجْنَا إلَى رَدِّهَا لَهُ، فَإِثْبَاتُ الِاسْتِرْجَاعِ يُؤَدِّي إلَى نَفْيِهِ وَلَوْ مَاتَ الْمُعَجِّلُ لِزَكَاتِهِ لَمْ يَقَعْ مَا عَجَّلَهُ عَنْ زَكَاةِ وَارِثِهِ، وَكَزَكَاةِ الْحَوْلِ فِيمَا ذُكِرَ زَكَاةُ الْفِطْرِ، وَلَوْ اسْتَغْنَى ـــــــــــــــــــــــــــــSالْوُجُوبُ. (قَوْلُهُ: فِي آخِرِ الْحَوْلِ مُسْتَحِقًّا) أَيْ وَإِنْ خَرَجَ عَنْ الِاسْتِحْقَاقِ فِي أَثْنَائِهِ. (قَوْلُهُ: مَا لَوْ حَصَلَ الْمَالُ عِنْدَ الْحَوْلِ) أَيْ آخِرَهُ (قَوْلُهُ: كَمَا اعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ) وَهَلْ يَجْرِي ذَلِكَ فِي الْبَدَنِ فِي الْفِطْرَةِ حَتَّى لَوْ عَجَّلَ الْفِطْرَةَ ثُمَّ كَانَ عِنْدَ الْوُجُوبِ فِي بَلَدٍ آخَرَ أَجْزَأَ أَوْ لَا، وَلَا بُدَّ مِنْ الْإِخْرَاجِ ثَانِيًا إذَا كَانَ عِنْدَ الْوُجُوبِ بِبَلَدٍ آخَرَ، فِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، فَإِنَّ قَضِيَّتَهَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ زَكَاةِ الْمَالِ وَالْبَدَنِ. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ) أَيْ حَيْثُ قَالَ: وَكَوْنُ الْقَابِضِ فِي آخِرِ الْحَوْلِ مُسْتَحِقًّا لِأَنَّ بِمَوْتِهِ قَبْلَ فَرَاغِ الْحَوْلِ يَسْتَلْزِمُ أَنَّهُ آخِرَ الْحَوْلِ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ سَوَاءٌ أَمَاتَ مُعْسِرًا أَوْ مُوسِرًا، وَحَيْثُ لَمْ يَجُزْ بَقِيَتْ الزَّكَاةُ عَلَى الْمَالِكِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يُخْرَجْ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ فُهِمَتْ مِنْ إطْلَاقِ قَوْلِهِ أَوَّلًا فَلَوْ مَاتَ قَبْلَهُ أَوْ ارْتَدَّ إلَخْ، وَلَكِنَّهُ ذَكَرَهَا هُنَا إشَارَةً إلَى أَنَّ إعْسَارَهُ لَا يُسْقِطُ الضَّمَانَ عَنْ الْمَالِكِ فَلَا يُقَالُ: إنَّهُ بِتَعْجِيلِهِ لِقَصْدِ التَّوْسِعَةِ عَلَى الْفُقَرَاءِ لَا يُعَدُّ مُقَصِّرًا فَيَسْقُطُ الضَّمَانُ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: لَوْ مَاتَ الْقَابِضُ مُعْسِرًا) أَيْ أَوْ مُوسِرًا بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّا لَوْ أَخَذْنَاهَا) أَيْ بَعْدَ غِنَاهُ بِهَا. (قَوْلُهُ: لَمْ يَقَعْ مَا عَجَّلَهُ عَنْ زَكَاةِ وَارِثِهِ) أَيْ بَلْ تُسْتَرَدُّ إنْ عَلِمَ الْقَابِضُ التَّعْجِيلَ وَمَحِلُّهُ مَا لَمْ تَكُنْ بِيَدِ الْقَابِضِ وَيَعْلَمُ بِهَا الْوَارِثُ وَيَنْوِي بِهَا الزَّكَاةَ وَيَمْضِي زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْقَبْضُ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ سم فِي قَوْلِهِ تَنْبِيهٌ يُتَّجَهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَكَزَكَاةِ الْحَوْلِ فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمُزَكِّي وَقْتَ الْوُجُوبِ بِصِفَتِهِ وَالْقَابِضِ بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ وَأَنَّهُ لَوْ انْتَقَلَ أَخْرَجَ الزَّكَاةَ إلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ جَيِّدٍ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْقَابِضُ مُعْسِرًا إلَخْ) يُغْنِي عَنْهُ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ فَلَوْ مَاتَ قَبْلَهُ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مُسْتَحَقًّا، لَا أَنَّهُ نَبَّهَ هُنَا عَلَى أَنَّهُ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَذَكَرَ فِيهِ كَلَامَ الْمَجْمُوعِ

بِزَكَاةٍ أُخْرَى مُعَجَّلَةٍ أَوْ غَيْرِ مُعَجَّلَةٍ فَكَاسْتِغْنَائِهِ بِغَيْرِ الزَّكَاةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْفَارِقِيُّ. وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّ عِبَارَةَ الْأُمِّ تَشْهَدُ لَهُ، وَتُتَصَوَّرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِمَا إذَا تَلِفَتْ الْمُعَجَّلَةُ ثُمَّ حَصَلَ غِنَاءٌ مِنْ زَكَاةٍ أُخْرَى وَنَمَتْ فِي يَدِهِ بِقَدْرِ مَا يُوفِي مِنْهَا بَدَلَ التَّالِفِ وَيَبْقَى غِنَاهُ، وَبِمَا إذَا بَقِيَتْ وَكَانَ حَالَةَ قَبْضِهِمَا مُحْتَاجًا إلَيْهِمَا ثُمَّ تَغَيَّرَ حَالُهُ فَصَارَ فِي آخِرِ الْحَوْلِ يَكْتَفِي بِإِحْدَاهُمَا وَهُمَا فِي يَدِهِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ مُعَجَّلَتَيْنِ مَعًا وَكُلٌّ مِنْهُمَا تُغْنِيهِ تَخَيَّرَ فِي دَفْعِ أَيِّهِمَا شَاءَ فَإِنْ أَخَذَهُمَا مُرَتَّبًا اُسْتُرِدَّتْ الْأُولَى عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْفَارِقِيِّ، وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ أَنَّ الثَّانِيَةَ أَوْلَى بِالِاسْتِرْجَاعِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَغَيْرِهِ: لَوْ كَانَ الْمَدْفُوعُ عَلَيْهِ الْمُعَجَّلَةُ غَنِيًّا عِنْدَ الْأَخْذِ فَقِيرًا عِنْدَ الْوُجُوبِ لَمْ يُجْزِهِ قَطْعًا لِفَسَادِ الْقَبْضِ، وَلَوْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ غَيْرَ مُعَجَّلَةٍ فَالْأُولَى هِيَ الْمُسْتَرَدَّةُ وَعَكْسُهُ بِعَكْسِهِ، إذْ لَا مُبَالَاةَ بِعُرُوضِ الْمَانِعِ بَعْدَ قَبْضِ الزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ، وَلَوْ اسْتَغْنَى بِالزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا لَمْ يَضُرَّ أَيْضًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ لِأَنَّهُ بِدُونِهَا لَيْسَ بِغَنِيٍّ خِلَافًا لِلْجُرْجَانِيِّ فِي شَافِيهِ. (وَإِذَا لَمْ يَقَعْ الْمُعَجَّلُ زَكَاةً) لِعُرُوضِ مَانِعٍ وَجَبَتْ ثَانِيًا كَمَا مَرَّ. نَعَمْ لَوْ عَجَّلَ شَاةً مِنْ أَرْبَعِينَ فَتَلِفَتْ فِي يَدِ الْقَابِضِ لَمْ يَجِبْ التَّجْدِيدُ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْقِيمَةُ وَلَا يَكْمُلُ بِهَا نِصَابُ السَّائِمَةِ وَ (اسْتَرَدَّ) الْمَالِكُ (إنْ كَانَ شَرَطَ الِاسْتِرْدَادَ إنْ عَرَضَ مَانِعٌ) عَمَلًا بِالشَّرْطِ لِأَنَّهُ دَفَعَهُ عَمَّا يَسْتَحِقُّهُ الْقَابِضُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَإِذَا عَرَضَ مَانِعُ الِاسْتِحْقَاقِ اسْتَرَدَّ كَمَا إذَا عَجَّلَ أُجْرَةَ الدَّارِ ثُمَّ انْهَدَمَتْ فِي الْمُدَّةِ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ الِاسْتِرْدَادِ قَبْلَ عُرُوضِ الْمَانِعِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِتَبَرُّعِهِ بِالتَّعْجِيلِ فَامْتَنَعَ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ فِيهِ كَمَنْ عَجَّلَ دَيْنًا مُؤَجَّلًا وَعُلِمَ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ الِاسْتِرْدَادَ بِدُونِ مَانِعٍ لَمْ يَسْتَرِدَّ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَالْقَبْضُ حِينَئِذٍ صَحِيحٌ فِيمَا يَظْهَرُ إنْ كَانَ عَالِمًا بِفَسَادِ الشَّرْطِ لِتَبَرُّعِهِ حِينَئِذٍ بِالدَّفْعِ. (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ) (قَالَ) عِنْدَ دَفْعِهِ ذَلِكَ (هَذِهِ زَكَاتِي الْمُعَجَّلَةُ فَقَطْ) أَوْ عَلِمَ الْقَابِضُ أَنَّهَا مُعَجَّلَةٌ عِلْمًا مُقَارِنًا لِقَبْضِ الْمُعَجَّلِ وَكَذَا الْحَادِثُ بَعْدَهُ كَمَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ (اسْتَرَدَّ) فِي كُلٍّ مِنْهُمَا الْمُعَجَّلَ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ الرُّجُوعَ لِلْعِلْمِ بِالتَّعْجِيلِ وَقَدْ بَطَلَ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَعَلِمَ حُكْمَ التَّعْجِيلِ أَمْ لَا كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُ. نَعَمْ لَوْ قَالَ: هَذِهِ زَكَاتِي الْمُعَجَّلَةُ فَإِنْ لَمْ تَقَعْ زَكَاةً فَهِيَ نَافِلَةٌ لَمْ يَسْتَرِدَّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ بِقَوْلِهِ هَذِهِ زَكَاتِي الْمُعَجَّلَةُ مَا لَوْ أَعْلَمَهُ بِأَنَّهَا زَكَاةٌ فَلَا يَكْفِي عَنْ عِلْمِ التَّعْجِيلِ فَلَا يَسْتَرِدُّهَا لِتَفْرِيطِهِ بِتَرْكِ ذَلِكَ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يَسْتَرِدُّ وَيَكُونُ مُتَطَوِّعًا، وَمَحِلُّ الْخِلَافِ فِي دَفْعِ الْمِلْكِ بِنَفْسِهِ فَإِنْ فَرَّقَ الْإِمَامُ اسْتَرَدَّ قَطْعًا إذَا ذَكَرَ التَّعْجِيلَ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ) (إنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلتَّعْجِيلِ) بِأَنْ اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ الزَّكَاةِ كَمَا مَرَّ أَوْ سَكَتَ فَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا (وَلَمْ يَعْلَمْهُ الْقَابِضُ) (لَمْ يَسْتَرِدَّ) وَتَكُونُ تَطَوُّعًا لِتَفْرِيطِ الدَّافِعِ بِسُكُوتِهِ. وَالثَّانِي يَسْتَرِدُّ لِظَنِّهِ الْوُقُوعَ عَنْ الزَّكَاةِ وَلَمْ يَقَعْ عَنْهَا وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذُكِرَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَالِكِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُمَا لَوْ) (اخْتَلَفَا فِي مُثْبِتِ الِاسْتِرْدَادِ) كَعِلْمِ الْقَابِضِ بِالتَّعْجِيلِ أَوْ تَصْرِيحِ الْمَالِكِ بِهِ أَوْ بِاشْتِرَاطِ الرُّجُوعِ عِنْدَ عُرُوضِ مَانِعٍ (صَدَقَ الْقَابِضُ) أَوْ وَارِثُهُ (بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَلِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى انْتِقَالِ الْمِلْكِ وَالْأَصْلُ اسْتِمْرَارُهُ وَلِأَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSغَيْرِ بَلَدِ الْمُسْتَحِقِّ أَجْزَأَتْهُ. (قَوْلُهُ: فَكَاسْتِغْنَائِهِ بِغَيْرِ الزَّكَاةِ) أَيْ فَتُسْتَرَدُّ الْأُولَى. (قَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ التَّجْدِيدُ) أَيْ عَلَى الْمَالِكِ. (قَوْلُهُ: وَاسْتَرَدَّ الْمَالِكُ) أَيْ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلْقَابِضِ فِي مُقَابَلَةِ النَّفَقَةِ لِأَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَى نِيَّةِ أَنْ لَا يَرْجِعَ قِيَاسًا عَلَى الْغَاصِبِ إذَا جَهِلَ كَوْنَهُ مَغْصُوبًا وَعَلَى الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ عَالِمًا بِفَسَادِ الشَّرْطِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِهِ فَالْقَبْضُ فَاسِدٌ. (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ تَقَعْ زَكَاةٌ) مِنْ تَتِمَّةِ صِفَتِهِ. (قَوْلُهُ: إذَا ذَكَرَ التَّعْجِيلَ) أَيْ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَعَكْسُهُ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ هِيَ الْمُعَجَّلَةَ، وَقَوْلُهُ بِعَكْسِهِ: أَيْ فَالثَّانِيَةُ هِيَ الْمُسْتَرَدَّةُ وَهِيَ الْمُعَجَّلَةُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَغْنَى بِالزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا) أَيْ بِمَجْمُوعِهِمَا (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ عَجَّلَ شَاةً مِنْ أَرْبَعِينَ فَتَلِفَتْ فِي يَدِ الْقَابِضِ) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ عَرْضٌ مَانِعٌ مِنْ وُقُوعِهَا زَكَاةً (قَوْلُهُ: كَعِلْمِ الْقَابِضِ بِالتَّعْجِيلِ) سَيَأْتِي أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ

الْغَالِبَ هُوَ الْأَدَاءُ فِي الْوَقْتِ، وَيَحْلِفُ الْقَابِضُ عَلَى الْبَتِّ وَوَارِثُهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَعِبَارَتُهُ شَامِلَةٌ لِمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي نَفْسِ الْمَالِ عَنْ النِّصَابِ أَوْ تَلَفِهِ قَبْلَ الْحَوْلِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِيهِ وَقْفَةٌ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا. وَالثَّانِي يُصَدَّقُ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِقَصْدِهِ، وَلِهَذَا لَوْ أَعْطَى ثَوْبًا لِغَيْرِهِ وَاخْتَلَفَا فِي أَنَّهُ عَارِيَّةٌ أَوْ هِبَةٌ صَدَقَ الدَّافِعُ، وَمَحِلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ عِلْمِ الْقَابِضِ بِالتَّعْجِيلِ أَمَّا فِيهِ فَيُصَدَّقُ الْقَابِضُ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ حَلِفِهِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالتَّعْجِيلِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْمَجْمُوعِ لِأَنَّهُ لَوْ اعْتَرَفَ بِمَا قَالَهُ الدَّافِعُ لَضَمِنَ. (وَمَتَى) (ثَبَتَ) الِاسْتِرْدَادُ (وَالْمُعَجَّلُ تَالِفٌ) (وَجَبَ ضَمَانُهُ) بِبَدَلِهِ مِنْ مِثْلٍ فِي الْمِثْلِيِّ كَالدَّرَاهِمِ وَقِيمَةٍ فِي الْمُتَقَوِّمِ كَالْغَنَمِ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ لِغَرَضِ نَفْسِهِ وَلَا يَجِبُ هُنَا الْمِثْلُ الصُّورِيُّ مُطْلَقًا عَلَى الْأَصَحِّ وَقَوْلُهُمْ مِلْكُ الْمُعَجَّلِ مِلْكُ الْقَرْضِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ مُشَابِهٌ لَهُ فِي كَوْنِهِ مِلْكَهُ بِلَا بَدَلٍ أَوْ لَا (وَالْأَصَحُّ) فِي الْمُتَقَوِّمِ (اعْتِبَارُ قِيمَتِهِ يَوْمَ) أَيْ وَقْتَ (الْقَبْضِ) لَا يَوْمَ التَّلَفِ وَلَا بِأَقْصَى الْقِيَمِ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى قِيمَةِ يَوْمِ الْقَبْضِ زَادَ عَلَى مِلْكِ، الْمُسْتَحِقِّ فَلَا يَضْمَنُهُ. وَالثَّانِي قِيمَتُهُ وَقْتَ التَّلَفِ لِأَنَّهُ وَقْتُ انْتِقَالِ الْحَقِّ إلَى الْقِيمَةِ وَفِي مَعْنَى تَلَفِهِ الْبَيْعُ وَنَحْوُهُ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ إنْ) (وَجَدَهُ نَاقِصًا) نَقْصَ صِفَةٍ كَمَرَضٍ وَهُزَالٍ حَدَثَ قَبْلَ سَبَبِ الرَّدِّ (فَلَا أَرْشَ) لَهُ لِحُدُوثِهِ فِي مِلْكِ الْقَابِضِ فَلَا يَضْمَنُهُ. نَعَمْ لَوْ كَانَ الْقَابِضُ غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ حَالَ الْقَبْضِ اسْتَرَدَّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَخَرَجَ بِنَقْصِ الصِّفَةِ نَقْصُ الْعَيْنِ كَمَنْ عَجَّلَ بَعِيرَيْنِ فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ يَسْتَرِدُّ الْبَاقِيَ وَقِيمَةَ التَّالِفِ وَبِحُدُوثِ ذَلِكَ قَبْلُ لِسَبَبِ حُدُوثِهِ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ فَيَسْتَرِدُّهُ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَهُ أَرْشُهُ لِأَنَّ جُمْلَتَهُ مَضْمُونَةٌ فَكَذَلِكَ جُزْؤُهُ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ) (لَا يَسْتَرِدُّ زِيَادَةً مُنْفَصِلَةً) حَقِيقَةً كَوَلَدٍ وَكَسْبٍ أَوْ حُكْمًا كَلَبَنٍ بِضَرْعٍ وَصُوفٍ عَلَى ظَهْرٍ لِأَنَّهَا حَدَثَتْ فِي مِلْكِهِ. وَالثَّانِي يَسْتَرِدُّهَا مَعَ الْأَصْلِ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ وَاحْتُرِزَ بِالْمُنْفَصِلَةِ عَنْ الْمُتَّصِلَةِ كَسَمْنٍ فَإِنَّهَا تَتْبَعُ الْأَصْلَ، وَلَوْ وُجِدَ الْمُعَجَّلُ بِحَالِهِ وَأَرَادَ الْقَابِضُ رَدَّ بَدَلِهِ وَأَبَى الْمَالِكُ أُجِيبَ الْمَالِكُ كَمَا فِي الْقَرْضِ. ثُمَّ خَتَمَ هَذَا الْبَابَ بِمَسَائِلَ تَتَعَلَّقُ بِهِ دُونَ خُصُوصِ التَّعْجِيلِ وَلَمْ يُتَرْجِمْ لَهَا بِفَصْلٍ وَإِنْ كَانَ فِي أَصْلِهِ اخْتِصَارًا أَوْ اعْتِمَادًا عَلَى ظُهُورِ الْمُرَادِ، عَلَى أَنَّ الْحَقَّ أَنَّ لَهَا تَعَلُّقًا ظَاهِرًا بِالتَّعْجِيلِ إذْ التَّأْخِيرُ ضِدُّهُ، وَسَلَكَ الضِّدَّيْنِ فِي سِيَاقٍ وَاحِدٍ مَعَ تَقْدِيمِ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهُمَا غَيْرَ مَعِيبِ بَلْ هُوَ حَسَنٌ لِمَا فِيهِ مِنْ رِعَايَةِ التَّضَادِّ الَّذِي هُوَ مِنْ أَظْهَرِ أَنْوَاعِ الْبَدِيعِ. وَأَمَّا مَسَائِلُ التَّعَلُّقِ فَلَهَا مُنَاسَبَةٌ بِالتَّعْجِيلِ أَيْضًا إشَارَةً إلَى أَنَّهُمْ وَإِنْ كَانُوا شُرَكَاءَ لَهُ قَطَعَ تَعَلُّقَهُمْ بِالدَّفْعِ لَهُمْ وَلَوْ قَبْلَ الْوُجُوبِ وَمِنْ غَيْرِ الْمَالِ لِأَنَّهَا غَيْرُ شَرِكَةٍ حَقِيقَةً، كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعَصْرِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ الْإِسْنَوِيِّ كَغَيْرِهِ (وَتَأْخِيرُ) الْمَالِكِ أَدَاءَ (الزَّكَاةِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ) وَقَدْ مَرَّ (يُوجِبُ الضَّمَانَ) أَيْ إخْرَاجَ قَدْرِ الزَّكَاةِ لِمُسْتَحِقِّيهِ وَإِنْ لَمْ يَأْثَمْ كَأَنْ أَخَّرَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: صُدِّقَ الدَّافِعُ) أَيْ فِي أَنَّهُ عَارِيَّةٌ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُصَدَّقُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ فِي قَدْرِ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ الْغَارِمُ مَا لَمْ تَكُنْ ثَمَّ بَيِّنَةٌ. (قَوْلُهُ: وَالْمُعَجَّلُ تَالِفٌ) وَبَقِيَ مَا لَوْ وَجَدَهُ مَرْهُونًا وَالْأَقْرَبُ فِيهِ أَخْذُ قِيمَتِهِ لِلْحَيْلُولَةِ أَوْ يَصْبِرُ إلَى فِكَاكِهِ أَخْذًا مِمَّا فِي الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: بِبَدَلِهِ مِنْ مِثْلٍ فِي الْمِثْلِيِّ) أَيْ مِثْلِيًّا أَوْ مُتَقَوِّمًا. (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ هُنَا الْمِثْلُ الصُّورِيُّ مُطْلَقًا) أَيْ مِثْلِيًّا أَوْ مُتَقَوِّمًا (قَوْلُهُ: اسْتَرَدَّ) أَيْ الْأَرْشَ (قَوْلُهُ: وَصُوفٍ عَلَى ظَهْرٍ) أَيْ حَالَ الِاسْتِرْدَادِ فِيهِمَا. (قَوْلُهُ: اخْتِصَارًا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَلَمْ يُتَرْجِمْ لَهَا. (قَوْلُهُ: إشَارَةً) عِلَّةُ الْخَتْمِ (قَوْلُهُ: كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعَصْرِ) مُرَادُهُ حَجّ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلَا يَصِحُّ التَّمْثِيلُ بِهِ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: وَعِبَارَتُهُ شَامِلَةٌ لِمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي نَقْصِ الْمَالِ عَنْ النِّصَابِ أَوْ أَتْلَفَهُ قَبْلَ الْحَوْلِ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إنَّمَا يَحْلِفُ فِي هَذَيْنِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ تَلَفُهُ قَبْلَ الْحَوْلِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ ادَّعَى التَّلَفَ بِسَبَبٍ خَفِيٍّ، وَفِيهِ وَقْفَةٌ لَا تَخْفَى (قَوْلُهُ: حُدُوثُهُ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ فَيَسْتَرِدُّهُ) يَعْنِي يَأْخُذُ الْأَرْشَ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ حَدَثَ النَّقْصُ بِلَا تَقْصِيرٍ كَآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْعَيْنَ فِي ضَمَانِهِ حَتَّى يُسَلِّمَهَا لِمَالِكِهَا لِأَنَّهُ قَبَضَهَا لِغَرَضِ نَفْسِهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: إشَارَةً إلَى أَنَّهُمْ إلَخْ) بَيَانٌ لِلْمُنَاسَبَةِ كَأَنَّهُ قَالَ: فَلَهَا مُنَاسَبَةٌ بِالتَّعْجِيلِ وَتِلْكَ الْمُنَاسَبَةُ هِيَ الْإِشَارَةُ إلَخْ،

لِطَلَبِ الْأَحْوَجِ كَمَا مَرَّ لِحُصُولِ الْإِمْكَانِ وَإِنَّمَا أَخَّرَ لِغَرَضِ نَفْسِهِ فَيَتَقَيَّدُ جَوَازُهُ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ (وَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ) الْمُزَكَّى أَوْ أُتْلِفَ وَبِمَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ مُرَادَهُ بِالضَّمَانِ الْإِخْرَاجُ سَقَطَ الْقَوْلُ بِأَنَّ إدْخَالَ الْوَاوِ عَلَى " لَوْ " خَطَأٌ هَهُنَا سَوَاءٌ جَعَلْت يُوجِبُ بِمَعْنَى يَقْتَضِي أَوْ يُكَلَّفُ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي اشْتَرَاكَ مَا بَعْدَ ذَلِكَ وَمَا قَبْلَهُ فِي الْحُكْمِ وَيَكُونُ مَا بَعْدَهُ أَوْلَى بِعَدَمِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (وَلَوْ تَلِفَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ) مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ (فَلَا) ضَمَانَ سَوَاءٌ كَانَ تَلَفُهُ بَعْدَ الْحَوْلِ أَمْ قَبْلَهُ وَلِهَذَا أَطْلَقَ هُنَا، وَقَيَّدَ فِي الْإِتْلَافِ بِبَعْدِ الْحَوْلِ لِانْتِفَاءِ تَقْصِيرِهِ فَإِنْ قَصَّرَ كَأَنْ وَضَعَهُ فِي غَيْرِ حِرْزِ مِثْلِهِ كَانَ ضَامِنًا. (وَلَوْ) (تَلِفَ بَعْضُهُ) بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ وَبَقِيَ بَعْضُهُ وَلَا تَفْرِيطَ وَكَأَنَّهُ اسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِ هُنَا بِذِكْرِهِ فِيمَا بَعْدَهُ (فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَغْرَمُ قِسْطَ مَا بَقِيَ) بَعْدَ إسْقَاطِ الْوَقْصِ فَلَوْ تَلِفَ وَاحِدٌ مِنْ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ فَفِي الْبَاقِي أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ شَاةٍ، أَوْ مَلَكَ تِسْعَةً حَوْلًا فَهَلَكَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ خَمْسَةٌ وَجَبَ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ شَاةٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّمَكُّنَ شَرْطٌ فِي الضَّمَانِ وَأَنَّ الْأَوْقَاصَ عَفْوٌ وَهُوَ الْأَظْهَرُ فِيهِمَا أَوْ أَرْبَعَةً وَجَبَتْ شَاةٌ، وَالثَّانِي لَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّمَكُّنَ شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ عَلَى أَنَّ الْمَتْنَ قَدْ يَصَّدَّقُ بِهَذِهِ لِأَنَّ الشَّاةَ قِسْطُ الْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ بِمَعْنَى أَنَّهَا وَاجِبُهَا (وَإِنْ) (أَتْلَفَهُ) الْمَالِكُ (بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ) (لَمْ تَسْقُطْ الزَّكَاةُ) سَوَاءٌ أَقُلْنَا: إنَّ التَّمَكُّنَ شَرْطٌ لِلضَّمَانِ أَمْ لِلْوُجُوبِ لِتَعَدِّيهِ بِإِتْلَافٍ، فَإِنْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ وَقُلْنَا: إنَّهُ شَرْطٌ فِي الضَّمَانِ وَأَنَّ الزَّكَاةَ تَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فِيهِمَا انْتَقَلَ الْحَقُّ لِلْقِيمَةِ كَمَا لَوْ قُتِلَ الرَّقِيقُ الْجَانِي الْمَرْهُونُ. (وَهِيَ) أَيْ الزَّكَاةُ (تَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ) الَّذِي تَجِبُ فِي عَيْنِهِ (تَعَلُّقَ شَرِكَةٍ) بِقَدْرِهَا إنْ كَانَ مِنْ الْجِنْسِ كَشَاةٍ مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً وَهِيَ الْوَاجِبُ شَاةٌ لَا بِعَيْنِهَا أَوْ شَائِعٌ أَيْ جُزْءٌ مِنْ كُلِّ شَاةٍ وَجْهَانِ أَقْرَبُهُمَا إلَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ الثَّانِي، إذْ الْقَوْلُ بِالْأَوَّلِ يَقْتَضِي الْجَزْمَ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ لِلْمَالِ لِإِبْهَامِ الْمَبِيعِ، وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ لِلْمَالِكِ تَعْيِينُ وَاحِدَةٍ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا وَمِنْ الْقِيمَةِ إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ كَشَاةٍ فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ، فَإِذَا تَمَّ الْحَوْلُ شَارَكَهُ الْمُسْتَحِقُّ فِيهَا بِقَدْرِ قِيمَةِ الشَّاةِ الْوَاجِبَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَاجِبَ يَتْبَعُ الْمَالَ فِي الصِّفَةِ حَتَّى يُؤْخَذَ مِنْ الْمِرَاضِ مَرِيضَةٌ كَمَا مَرَّ، وَلِأَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ مِنْ الزَّكَاةِ أَخَذَهَا الْإِمَامُ مِنْ الْعَيْنِ كَمَا يُقَسَّمُ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ قَهْرًا إذَا امْتَنَعَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ مِنْ الْقِسْمَةِ، وَإِنَّمَا جَازَ الْأَدَاءُ مِنْ مَالٍ آخَرَ لِبِنَاءِ الزَّكَاةِ عَلَى الرِّفْقِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُشَارِكْ الْمُسْتَحِقُّ الْمَالِكَ فِيمَا يَحْدُثُ مِنْهَا بَعْدَ الْوُجُوبِ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا فِي الشَّرِكَةِ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ (وَفِي قَوْلٍ تَعَلُّقَ رَهْنٍ) بِقَدْرِهَا مِنْهُ فَيَكُونُ الْوَاجِبُ فِي ذِمَّةِ الْمَالِكِ وَالنِّصَابُ مَرْهُونٌ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْأَدَاءِ وَلَمْ يَجِدْ الْوَاجِبَ فِي مَالِهِ بَاعَ الْإِمَامُ بَعْضَهُ وَاشْتَرَى وَاجِبَهُ كَمَا يُبَاعُ الْمَرْهُونُ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ وَلَوْ تَلِفَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ مَاتَ الْمَالِكُ قَبْلَ التَّمَكُّنِ فَلَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ بَلْ يَتَعَلَّقُ الْوَاجِبُ بِتَرْكِهِ. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ تَلَفُهُ بَعْدَ الْحَوْلِ إلَخْ) تَعْمِيمٌ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ لَا بِقَيْدِ الْوُجُوبِ. (قَوْلُهُ قَدْ يُصَدَّقُ بِهَذِهِ) هِيَ قَوْلُهُ أَوْ مَلَكَ تِسْعَةً مِنْهَا حَوْلًا إلَخْ وَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرُهُ عَقِبَهَا. (قَوْلُهُ أَقْرَبُهُمَا إلَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ الثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ أَوْ شَائِعٌ. (قَوْلُهُ: وَمِنْ الْقِيمَةِ إنْ كَانَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِقَدْرِهَا إنْ كَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالنِّصَابُ مَرْهُونٌ بِهِ) يُتَأَمَّلُ مَعَ جَعْلِ الْغَرَضِ أَنَّ التَّعَلُّقَ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَهُوَ بَدَلٌ مِنْ الْمُنَاسَبَةِ أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ كَوْنِهِ عِلَّةً لِلْخَتْمِ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ وَبِمَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُوجِبَ لِلْإِخْرَاجِ إنَّمَا هُوَ التَّأْخِيرُ لَا نَفْسُ التَّمَكُّنِ وَهُوَ خِلَافُ مَا مَرَّ، مَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ التَّكْرَارُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَعَدَمُ تَعَرُّضِهِ لِحُكْمِ الضَّمَانِ فَالْأَصْوَبُ فِي دَفْعِ الِاعْتِرَاضِ جَعْلُ الْوَاوِ لِلْحَالِ (قَوْلُهُ: كَانَ ضَامِنًا) يَعْنِي فِي صُورَةِ مَا إذَا كَانَ التَّلَفُ بَعْدَ الْحَوْلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَكَأَنَّهُ اسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِ) يَعْنِي قَوْلَهُ بَعْدَ الْحَوْلِ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ أَجْلِ بِنَائِهَا عَلَى الرِّفْقِ وَإِلَّا فَكَانَ الْأَخْذُ بِإِطْلَاقِ كَوْنِهَا شَرِكَةً يَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالنِّصَابُ مَرْهُونٌ بِهِ) إنَّمَا يُنَاسِبُ الْقَوْلَ الْآتِيَ أَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِجَمِيعِهِ

الدَّيْنِ، وَقِيلَ: تَتَعَلَّقُ بِجَمِيعِهِ (وَفِي قَوْلٍ) تَتَعَلَّقُ (بِالذِّمَّةِ) وَلَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالْعَيْنِ كَزَكَاةِ الْفِطْرِ. (فَلَوْ) (بَاعَهُ) أَيْ الْمَالَ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ (وَقَبْلَ إخْرَاجِهَا) (فَالْأَظْهَرُ بُطْلَانُهُ) أَيْ الْبَيْعِ (فِي قَدْرِهَا وَصِحَّتُهُ فِي الْبَاقِي) سَوَاءٌ أَبْقَاهُ بِنِيَّةِ صَرْفِهِ إلَى الزَّكَاةِ أَمْ بِغَيْرِهَا كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ بِنَاءً عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَالْقَدْرُ الْبَاقِي بِلَا بَيْعٍ وَنَحْوِهِ فِي صُورَةِ الْبَعْضِ قَدْرُ الزَّكَاةِ مِنْهُ بَاقٍ بِحَالِهِ لِمُسْتَحِقِّهَا، وَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي وَالْمُرْتَهِنُ إنْ جَهِلَ وَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ مَحِلٍّ آخَرَ لِأَنَّهُ وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَالْعَقْدُ لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا فِي قَدْرِهَا، فَإِنْ أَجَازَ الْمُشْتَرِي فِي الْبَاقِي لَزِمَهُ قِسْطُهُ مِنْ الثَّمَنِ وَامْتِنَاعُ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ جَارٍ فِي زَكَاةِ النَّعَمِ وَالنَّقْدِ وَالْمُعَشَّرَاتِ لَا فِي زَكَاةِ التِّجَارَةِ فَلَا يَمْتَنِعُ بَيْعُ مَالِهَا وَرَهْنُهُ لِأَنَّ مُتَعَلِّقَهَا الْقِيمَةُ دُونَ الْعَيْنِ وَهِيَ لَا تَفُوتُ بِالْبَيْعِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ وَهَبَ أَمْوَالَ التِّجَارَةِ فَهُوَ كَبَيْعِ مَا وَجَبَتْ فِي عَيْنِهِ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ بُطْلَانُهُ فِي الْجَمِيعِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ اسْتَثْنَى قَدْرَ الزَّكَاةِ فِي غَيْرِ الْمَاشِيَةِ كَبِعْتُك هَذَا إلَّا قَدْرَ الزَّكَاةِ صَحَّ كَمَا جَزَمَا بِهِ فِي بَابِهِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ أَهُوَ عُشْرٌ أَمْ نِصْفُهُ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ، وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَنْ يَجْهَلُهُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ. أَمَّا الْمَاشِيَةُ فَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ إنْ عَيَّنَ كَقَوْلِهِ إلَّا هَذِهِ الشَّاةَ صَحَّ فِي كُلِّ الْمَبِيعِ وَإِلَّا فَلَا فِي الْأَظْهَرِ وَلَا يُشْكِلُ ذَلِكَ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ بُطْلَانِ الْبَيْعِ فِي قَدْرِهَا وَإِنْ بَقِيَ ذَلِكَ الْقَدْرُ، لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الشَّاةِ الَّتِي هِيَ قَدْرُ الزَّكَاةِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ عَيْنُهَا لَهَا وَأَنَّهُ إنَّمَا بَاعَ مَا عَدَاهَا بِخِلَافِ مَا مَرَّ وَمَحِلُّ مَا تَقَرَّرَ فِي غَيْرِ الثَّمَرِ الْمَخْرُوصِ، أَمَّا هُوَ بَعْدَ التَّضْمِينِ فَيَصِحُّ بَيْعُ جَمِيعِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ثَمَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــSبِقَدْرِهَا مِنْهُ فَإِنَّ الْمُنَاسِبَ عَلَيْهِ أَنْ يُقَالَ: وَقَدْرُهَا مِنْ النِّصَابِ مَرْهُونٌ بِالْوَاجِبِ. (قَوْلُهُ: أَيْ الْبَيْعِ فِي قَدْرِهَا) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْوَاجِبُ مِنْ الْجِنْسِ أَوْ غَيْرِهِ كَشَاةٍ فِي فَمِهِ مِنْ الْإِبِلِ لَكِنْ قَالَ حَجّ فِي هَذِهِ: إنَّ الْأَوْجَهَ الْبُطْلَانُ فِي الْجَمْعِ لِلْجَهْلِ بِقِيمَةِ الشَّاةِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَبَيْعِ مَا وَجَبَتْ فِي عَيْنِهِ) أَيْ فَيَبْطُلُ فِي قَدْرِ الزَّكَاةِ وَمِثْلُ الْهِبَةِ كُلُّ مُزِيلٍ لِلْمِلْكِ بِلَا عِوَضٍ كَالْعِتْقِ وَنَحْوِهِ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي سِرَايَةُ الْعِتْقِ لِلْبَاقِي كَمَا لَوْ أَعْتَقَ جُزْءًا لَهُ مِنْ مُشْتَرَكٍ فَإِنَّهُ يَسْرِي إلَى حِصَّةِ شَرِيكِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا فِي الْأَظْهَرِ) أَيْ فَتَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ لِأَنَّ قَدْرَ الزَّكَاةِ الَّذِي اسْتَثْنَاهُ شَاةٌ مُبْهَمَةٌ وَإِبْهَامُهَا يُؤَدِّي إلَى الْجَهْلِ بِالْمَبِيعِ. (قَوْلُهُ: كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ) أَيْ فِيمَا سَبَقَ. . ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا بِقَدْرِهَا فَقَطْ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَبْقَاهُ بِنِيَّةِ صَرْفِهِ إلَخْ) مَبْنِيٌّ عَلَى كَلَامٍ سَاقِطٍ فِي نُسَخِ الشَّارِحِ وَهُوَ وَإِنْ أَبْقَى ذَلِكَ الْقَدْرَ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي قَدْرِهَا كَمَا وَجَدْت مُلْحَقًا فِي نُسْخَةٍ مِنْهُ وَبِهَا يَنْتَظِمُ الْكَلَامُ الْآتِي فِي قَوْلِهِ فِي صُورَةِ الْبَعْضِ.

[كتاب الصيام]

كِتَابُ الصِّيَامِ هُوَ لُغَةً الْإِمْسَاكُ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى حِكَايَةٌ عَنْ مَرْيَمَ {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} [مريم: 26] أَيْ إمْسَاكًا وَسُكُوتًا عَنْ الْكَلَامِ. وَشَرْعًا: إمْسَاكُ مُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ، سَالِمٍ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْوِلَادَةِ فِي جَمِيعِهِ، وَمِنْ الْإِغْمَاءِ وَالسُّكْرِ فِي بَعْضِهِ. وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ مَعَ مَا يَأْتِي آيَةُ {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: 183] وَالْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ أَيَّامُ شَهْرِ رَمَضَانَ وَجَمَعَهَا جَمْعَ قِلَّةٍ لِيُهَوِّنَهَا، وَقَوْلُهُ {كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: 183] قِيلَ مَا مِنْ أُمَّةٍ إلَّا وَقَدْ فُرِضَ عَلَيْهِمْ رَمَضَانُ إلَّا أَنَّهُمْ ضَلُّوا عَنْهُ أَوْ التَّشْبِيهُ فِي أَصْلِ الصَّوْمِ دُونَ وَقْتِهِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: رَمَضَانُ أَفْضَلُ الْأَشْهُرِ لِحَدِيثِ «رَمَضَانُ سَيِّدُ الشُّهُورِ» وَخَبَرِ «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ» وَفُرِضَ فِي شَعْبَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSكِتَابُ الصِّيَامِ. (قَوْلُهُ إمْسَاكًا وَسُكُوتًا) عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً قَصْدًا لِبَيَانِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ لِلصَّوْمِ. (قَوْلُهُ: عَنْ الْمُفْطِرَاتِ) قِيلَ لَوْ أَبْدَلَهُ بِقَوْلِهِ عَنْ عَيْنٍ لَكَانَ أَوْضَحَ لِأَنَّا لَمْ نَعْلَمْ حَقِيقَةَ الْمُفْطِرِ مَا هُوَ اهـ. أَقُولُ: لَكِنَّهُ لَوْ عَبَّرَ بِهِ لَوَرَدَ عَلَيْهِ مَا لَوْ جَامَعَ أَوْ تَقَايَا أَوْ ارْتَدَّ فَمَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا غَايَتُهُ أَنَّهُ مُجْمَلٌ يُعْلَمُ تَفْصِيلُهُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ فِي جَمِيعِهِ) أَيْ النَّهَارِ الْقَابِلِ لِلصَّوْمِ (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِهِ) هُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ آيَةُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ مَعَ مَا يَأْتِي حَالٌ مِنْ الْخَبَرِ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَيَّامُ شَهْرِ رَمَضَانَ) وَقِيلَ الْمَعْدُودَاتُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَجَرَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْبَهْجَةِ حَيْثُ قَالَ: وَعَشْرُ عِيدِ النَّحْرِ مَعْلُومَاتٌ وَمَا لِتَشْرِيقٍ فَمَعْدُودَاتٌ كَذَا بِهَامِشٍ وَلَعَلَّهُ اشْتِبَاهٌ، فَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ أَيَّامُ رَمَضَانَ بَيَانٌ لِلْمَعْدُودَاتِ فِي قَوْلِهِ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ، وَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْبَهْجَةِ بَيَانٌ لَهَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203] . (قَوْلُهُ: وَفُرِضَ فِي شَعْبَانَ) لَمْ يُبَيِّنْ كَابْنِ حَجَرٍ هَلْ كَانَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِهِ أَوْ آخِرِهِ أَوْ وَسَطِهِ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ) قَالَ حَجّ: وَيَنْقُصُ وَيَكْمُلُ وَثَوَابُهُمَا وَاحِدٌ كَمَا لَا يَخْفَى، وَمَحِلُّهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي الْفَضْلِ الْمُرَتَّبِ عَلَى رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِأَيَّامِهِ، أَمَّا مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى يَوْمِ الثَّلَاثِينَ مِنْ ثَوَابِ وَاجِبِهِ وَمَنْدُوبِهِ عِنْدَ سُحُورِهِ وَفِطْرِهِ فَهُوَ زِيَادَةٌ يَفُوقُ بِهَا النَّاقِصَ، وَكَأَنَّ حِكْمَةَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكْمُلْ لَهُ رَمَضَانُ إلَّا سَنَةً وَاحِدَةً وَالْبَقِيَّةُ نَاقِصَةٌ زِيَادَةُ تَطْمِينِ نُفُوسِهِمْ عَلَى مُسَاوَاةِ النَّاقِصِ لِلْكَامِلِ فِيمَا قَدَّمْنَاهُ اهـ. وَقَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِأَيَّامِهِ قَدْ يُقَالُ الْفَضْلُ الْمُرَتَّبُ عَلَى رَمَضَانَ لَيْسَ إلَّا مَجْمُوعَ الْفَضْلِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى أَيَّامِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ جِدًّا اهـ سم عَلَيْهِ. أَقُولُ: قَدْ يُقَالُ يُمْنَعُ الْحَصْرُ وَأَنَّ لِرَمَضَانَ فَضْلًا مِنْ حَيْثُ هُوَ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ مَجْمُوعِ أَيَّامِهِ كَمَا فِي مَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ لِمَنْ صَامَهُ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا وَالدُّخُولِ مِنْ بَابِ الْجَنَّةِ الْمُعَدِّ لِصَائِمِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا وَرَدَ أَنَّهُ يُكَرَّمُ بِهِ صَوَّامُ رَمَضَانَ، وَهَذَا لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِ رَمَضَانَ نَاقِصًا أَوْ تَامًّا، وَأَمَّا الثَّوَابُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى كُلِّ يَوْمٍ بِخُصُوصِهِ فَأَمْرٌ آخَرُ فَلَا مَانِعَ أَنْ يَثْبُتَ لِلْكَامِلِ بِسَبَبِهِ مَا لَا يَثْبُتُ لِلنَّاقِصِ، وَقَوْلُهُ وَكَأَنَّ حِكْمَةَ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الصِّيَامِ] ِ (قَوْلُهُ: إمْسَاكٌ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ) أَيْ بِنِيَّةٍ (قَوْلُهُ: وَخَبَرِ «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ» ) يَصِحُّ رَفْعُهُ عَطْفًا عَلَى آيَةِ {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: 183] وَجَرُّهُ عَطْفًا عَلَى الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ فَيَكُونُ دَلِيلًا لِأَفْضَلِيَّتِهِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ جَعَلَ صَوْمَهُ أَحَدَ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ فَفُضِّلَ بِاعْتِبَارِ مَا يَقَعُ فِيهِ

وَأَرْكَانُهُ ثَلَاثَةٌ: صَائِمٌ وَنِيَّةٌ وَإِمْسَاكٌ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ (يَجِبُ صَوْمُ رَمَضَانَ) إجْمَاعًا. وَسُمِّيَ رَمَضَانَ مِنْ الرَّمَضِ وَهُوَ شِدَّةُ الْحَرِّ، لِأَنَّ الْعَرَبَ لَمَّا أَرَادَتْ وَضْعَ أَسْمَاءِ الشُّهُورِ وَافَقَ الشَّهْرُ الْمَذْكُورُ شِدَّةَ الْحَرِّ فَسُمِّيَ بِذَلِكَ كَمَا سُمِّيَ الرَّبِيعَانِ لِمُوَافَقَتِهِمَا زَمَنَ الرَّبِيعِ، وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ مَنْ جَحَدَ وُجُوبَهُ كَفَرَ مَا لَمْ يَكُنْ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ، وَمَنْ تَرَكَ صَوْمَهُ غَيْرَ جَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ كَمَرَضٍ وَسَفَرٍ كَأَنْ قَالَ الصَّوْمُ وَاجِبٌ عَلَيَّ وَلَكِنْ لَا أَصُومُ حُبِسَ وَمُنِعَ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ نَهَارًا لِيَحْصُلَ لَهُ صُورَةُ الصَّوْمِ بِذَلِكَ، وَفَهِمَ مِنْ عِبَارَتِهِ عَدَمُ كَرَاهَةِ ذِكْرِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ شَهْرٍ، وَهُوَ الصَّوَابُ فِي الْمَجْمُوعِ وَعَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ لِعَدَمِ ثُبُوتِ نَهْيٍ فِيهِ بَلْ ثَبَتَ ذِكْرُهُ بِدُونِ شَهْرٍ فِي أَخْبَارٍ صَحِيحَةٍ كَخَبَرِ «مَنْ قَامَ» وَفَسَّرُوا قِيَامَهُ بِصَلَاةِ التَّرَاوِيحِ «رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» وَإِنَّمَا يَجِبُ (بِإِكْمَالِ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ) يَوْمًا (أَوْ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ) لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــSالشَّوْبَرِيُّ: كَذَا وَقَعَ لحج هُنَا، وَوَقَعَ لَهُ فِي مَحِلَّيْنِ آخَرَيْنِ أَنَّهُ قَالَ: لَمْ يَصُمْ شَهْرًا كَامِلًا إلَّا سَنَتَيْنِ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُنْذِرِيُّ فِي سُنَنِهِ وَقَالَ: فَمَا وَقَعَ لَهُ هُنَا غَلَطٌ سَبَبُهُ اعْتِمَادُهُ عَلَى حِفْظِهِ اهـ. أَقُولُ: لَا يَلْزَمُ أَنَّ مَا هُنَا غَلَطٌ بَلْ يَحْتَمِلُ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُنْذِرِيُّ مَقَالَةٌ لَمْ يَعْرُجْ عَلَيْهَا الشَّارِحُ لِشَيْءٍ ظَهَرَ لَهُ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الْعَلَامَةَ الَأُجْهُورِيُّ الْمَالِكِيَّ اسْتَوْعَبَ مَا ذُكِرَ ثُمَّ قَالَ نَظْمًا: وَفَرْضُ الصِّيَامُ ثَانِيَ الْهِجْرَةِ فَصَامَ تِسْعَةً نَبِيُّ الرَّحْمَةِ أَرْبَعَةً تِسْعًا وَعِشْرِينَ وَمَا زَادَ عَلَى ذَا بِالْكَمَالِ اتَّسَمَا كَذَا لِبَعْضِهِمْ وَقَالَ الْهَيْتَمِيُّ: " مَا صَامَ كَامِلًا سِوَى شَهْرٍ " اعْلَمْ. وَلِلدَّمِيرِيِّ: " أَنَّهُ شَهْرَانِ وَنَاقِصٌ سِوَاهُ " خُذْ بَيَانِي اهـ. (قَوْلُهُ: وَسُمِّيَ رَمَضَانُ مِنْ الرَّمَضِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ فِي مَادَّةِ ج م د: وَيُحْكَى أَنَّ الْعَرَبَ حِينَ وَضَعَتْ الشُّهُورَ وَافَقَ الْوَضْعَ الْأَزْمِنَةَ، فَاشْتُقَّ لِلشُّهُورِ مَعَانٍ مِنْ تِلْكَ الْأَزْمِنَةِ ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى اسْتَعْمَلُوهَا فِي الْأَهِلَّةِ وَإِنْ لَمْ تُوَافِقْ ذَلِكَ الزَّمَانَ فَقَالُوا رَمَضَانُ لَمَّا أَرْمَضَتْ الْأَرْضُ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ، وَشَوَّالٌ لِمَا شَالَتْ الْإِبِلُ بِأَذْنَابِهَا لِلطُّرُوقِ، وَذُو الْقَعَدَةِ لَمَّا ذَلَّلُوا الْقُعْدَانَ لِلرُّكُوبِ، وَذُو الْحِجَّةِ لَمَّا حَجُّوا، وَالْمُحَرَّمُ لَمَّا حَرَّمُوا الْقِتَالَ أَوْ التِّجَارَةَ، وَالصَّفَرُ لَمَّا غَزَوْا وَتَرَكُوا دِيَارَ الْقَوْمِ صُفْرًا، وَشَهْرُ رَبِيعٍ لَمَّا أَرْبَعَتْ الْأَرْضُ وَأَمْرَعَتْ، وَجُمَادَى لَمَّا جَمَدَ الْمَاءُ، وَرَجَبٌ لَمَّا رَجَوْا الشَّجَرَ، وَشَعْبَانُ لَمَّا أَشَعَبُوا مِثْلَ الْعُودِ اهـ. وَقَالَ حَجّ بَعْدَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ: كَذَا قَالُوهُ وَهُوَ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الضَّعِيفِ أَنَّ اللُّغَاتِ اصْطِلَاحِيَّةٌ، أَمَّا عَلَى أَنَّهَا تَوْقِيفِيَّةٌ: أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ: أَيْ أَنَّ الْوَاضِعَ لَهَا هُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَعَلَّمَهَا جَمِيعَهَا لِآدَمَ عِنْدَ قَوْلِ الْمَلَائِكَةِ لَا عِلْمَ لَنَا فَلَا يَأْتِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: كَمَا سُمِّيَ الرَّبِيعَانِ) أَيْ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: حُبِسَ) أَيْ وَالْحَابِسُ لَهُ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ بَلْ ثَبَتَ ذِكْرُهُ) إنَّمَا يَتِمُّ بِهِ الرَّدُّ عَلَى مَنْ أَطْلَقَ كَرَاهَتَهُ بِدُونِ شَهْرٍ أَمَّا مَنْ قَيَّدَ كَرَاهَتَهُ بِانْتِفَاءِ الْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الشَّهْرُ فَلَا يَتِمُّ الرَّدُّ عَلَيْهِ بِمَا ذُكِرَ لِوُجُودِ الْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَى الْمُرَادِ. (قَوْلُهُ: أَوْ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ) لَوْ رَآهُ حَدِيدُ الْبَصَرِ دُونَ غَيْرِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِهِ الْعُمُومُ وَهَلْ يَثْبُتُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ مَرَّ، وَقَدْ يُقَالُ إنْ كَفَى الْعِلْمُ بِوُجُودِهِ بِلَا رُؤْيَةٍ ثَبَتَ بِرُؤْيَةِ حَدِيدِ الْبَصَرِ بِلَا تَوَقُّفٍ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ بِنَحْوِ أَنَّ لَهَا بَدَلًا حَيْثُ لَا يَلْزَمُ بِسَمَاعِ حَدِيدِ السَّمْعِ أَحَدًا حَتَّى السَّامِعَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَالْأَوْلَى أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْجُمُعَةَ تَسْقُطُ بِالْعُذْرِ وَوُجُوبُ السَّعْيِ إلَيْهَا إذَا سَمِعَ النِّدَاءَ حَدِيدُ السَّمْعِ فِيهِ مَشَقَّةٌ لِبُعْدِ الْمَكَانِ الَّذِي يَسْمَعُ مِنْهُ فَفَرْقٌ فِيهِ بَيْنَ حَدِيدِ السَّمْعِ وَمُعْتَدِلِهِ لِوُجُودِ الْمَشَقَّةِ فِي السَّعْيِ عِنْدَ سَمَاعِ حَدِيدِ السَّمْعِ، وَلَا كَذَلِكَ هُنَا فَإِنَّ الْمَدَارَ فِيهِ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَقَدْ رُئِيَ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ حَدِيدِ الْبَصَرِ وَغَيْرِهِ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ، وَعَلَى هَذَا فَالْقِيَاسُ عَلَى مَا لَوْ أَخْبَرَهُ شَخْصٌ بِوُجُودِهِ وَوُثِقَ بِهِ مِنْ لُزُومِ الصَّوْمِ ثُبُوتُهُ هُنَا عَلَى الْعُمُومِ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ الظَّنُّ بِوُجُودِهِ فَلْيُرَاجَعْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أَوْ عِلْمِ الْقَاضِي لِخَبَرِ «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنَّ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ» . وَيُضَافُ إلَى الرُّؤْيَةِ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَإِكْمَالِ الْعَدَدِ ظَنُّ دُخُولِهِ بِالِاجْتِهَادِ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ عَلَى أَهْلِ نَاحِيَةٍ حَدِيثِ عَهْدِهِمْ بِإِسْلَامٍ أَوْ أَسَارَى وَهَلْ الْأَمَارَةُ الظَّاهِرَةُ الدَّلَالَةِ فِي حُكْمِ الرُّؤْيَةِ مِثْلَ أَنْ يَرَى أَهْلُ الْقَرْيَةِ الْقَرِيبَةِ مِنْ الْبَلَدِ الْقَنَادِيلَ قَدْ عُلِّقَتْ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ بِمَنَابِرَ الْمِصْرِ كَمَا هُوَ الْعَادَةُ؟ الظَّاهِرُ نَعَمْ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُهُمْ الْمَنْعَ، وَمِثْلُ ذَلِكَ الْعَلَامَاتُ الْمُعْتَادَةُ لِدُخُولِ شَوَّالٍ مِنْ إيقَادِ النَّارِ عَلَى الْجِبَالِ أَوْ سَمْعِ ضَرْبِ الطُّبُولِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَعْتَادُونَ فِعْلَهُ لِذَلِكَ، فَمَنْ حَصَلَ لَهُ بِهِ الِاعْتِقَادُ الْجَازِمُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْفِطْرُ كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ فِي أَوَّلِهِ عَمَلًا بِالِاعْتِقَادِ الْجَازِمِ فِيهِمَا كَذَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ أَفْتَى الشَّيْخُ بِعَدَمِ جَوَازِ الْفِطْرِ بِذَلِكَ مُتَمَسِّكًا بِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ رَمَضَانَ وَشَغْلُ الذِّمَّةِ بِالصَّوْمِ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ شَرْعًا، وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ بِذَلِكَ الِاعْتِقَادُ الْجَازِمُ، وَمِمَّنْ أَفْتَى بِالْأَوَّلِ ابْنُ قَاضِي عَجْلُونٍ وَالشَّمْسُ الْجَوْجَرِيُّ. وَمِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى تَعْلِيقُ الْقَنَادِيلِ لَيْلَةَ ثَلَاثِينَ شَعْبَانَ فَتُبَيَّتُ النِّيَّةُ اعْتِمَادًا عَلَيْهَا ثُمَّ تُزَالُ وَيَعْلَمُ بِهَا مَنْ نَوَى ثُمَّ يَتَبَيَّنُ نَهَارًا أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ. وَقَدْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِصِحَّةِ صَوْمِهِ بِالنِّيَّةِ الْمَذْكُورَةِ لِبِنَائِهِ عَلَى أَصْلٍ صَحِيحٍ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، فَإِنْ نَوَى عِنْدَ الْإِزَالَةِ تَرْكَهُ لَزِمَهُ قَضَاؤُهُ وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ عَدَمُ وُجُوبِهِ بِقَوْلِ الْمُنَجِّمِ بَلْ لَا يَجُوزُ نَعَمْ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِحِسَابِهِ وَيَجْزِيهِ عَنْ فَرْضِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِنْ وَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ عَدَمُ إجْزَائِهِ عَنْهُ، وَقِيَاسُ قَوْلِهِمْ إنَّ الظَّنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: أَوْ عَلِمَ الْقَاضِي) أَيْ حَيْثُ كَانَ يَقْضِي بِعِلْمِهِ بِأَنْ كَانَ مُجْتَهِدًا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي بَابِ الْقَضَاءِ فَإِذَا شَهِدَ بِرَمَضَانَ وَكَذَا بِشَهْرٍ نَذَرَ صَوْمَهُ عَدْلٌ عِنْدَ الْقَاضِي كَفِي فِي وُجُوبِ صَوْمِهِ فَهُوَ بِطَرِيقِ الشَّهَادَةِ لَا بِطَرِيقِ الرِّوَايَةِ فَلَا يَكْفِي عَبْدٌ وَلَا امْرَأَةٌ. (قَوْلُهُ: وَيُضَافُ إلَى الرُّؤْيَةِ) أَيْ فِي ثُبُوتِ رَمَضَانَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُهُمْ الْمَنْعَ) عِبَارَةُ حَجّ: وَمُخَالَفَةُ جَمْعٍ فِي هَذِهِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْ الِاجْتِهَادِ الْمُصَرَّحِ فِيهِ بِوُجُوبِ الْعَمَلِ بِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ سَمْعِ ضَرْبِ الطُّبُولِ) أَيْ وَهَذِهِ عَادَةُ أَهْلِ مَكَّةَ. (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ) أَيْ مَا قَالَ الشَّيْخُ (قَوْلُهُ: وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ) قَالَ سم: مَا لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّهَا أُزِيلَتْ لِلشَّكِّ فِي دُخُولِ رَمَضَانَ أَوْ لِتَبَيُّنِ عَدَمِ دُخُولِهِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ عِلْمَهُ بِذَلِكَ مُتَضَمِّنٌ لِرَفْضِ النِّيَّةِ السَّابِقَةِ حُكْمًا وَرَفْضُهَا لَيْلًا يُبْطِلُهَا، لَكِنْ التَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ يُعْلَمْ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الشَّارِحِ وَيُعْلَمُ بِهَا مَنْ نَوَى، فَلَعَلَّ مَا قَالَهُ سم تَعَقُّبٌ لِعِبَارَةٍ لَيْسَ فِيهَا التَّقْيِيدُ بِمَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِحِسَابِهِ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: سُئِلَ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ عَنْ الْمُرَجَّحِ مِنْ جَوَازِ عَمَلِ الْحَاسِبِ بِحِسَابِهِ فِي الصَّوْمِ هَلْ مَحِلُّهُ إذَا قَطَعَ بِوُجُودِهِ وَرُؤْيَتِهِ أَمْ بِوُجُودِهِ وَإِنْ لَمْ يُجَوِّزْ رُؤْيَتَهُ، فَإِنَّ أَئِمَّتَهُمْ قَدْ ذَكَرُوا لِلْهِلَالِ ثَلَاثَ حَالَاتٍ: حَالَةٌ يُقْطَعُ فِيهَا بِوُجُودِهِ وَبِامْتِنَاعِ رُؤْيَتِهِ. وَحَالَةٌ يُقْطَعُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ عَلِمَ الْقَاضِي) لَا مَحَلَّ لَهُ هُنَا عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى عَطْفِهِ عَلَى مَا قَبْلَهُ فَسَادٌ لَا يَخْفَى لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ أَمْرٌ ثَالِثٌ غَيْرُ الْإِكْمَالِ وَالرُّؤْيَةِ، فَالصَّوَابُ ذِكْرُهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَثُبُوتُ رُؤْيَتِهِ بِعَدْلٍ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَيَثْبُتُ الشَّهْرُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ وَيُعْلَمُ بِهَا) أَيْ بِإِزَالَتِهَا احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ أَزَالُوهَا بَعْدَ نَوْمِهِ أَوْ نَحْوِهِ، فَهَذَا غَيْرُ مَا بَحَثَهُ الشِّهَابُ سم فِيمَا إذَا عُلِمَ سَبَبُ إزَالَتِهَا وَأَنَّهُ عَدَمُ ثُبُوتِ الشَّهْرِ مِنْ أَنَّهُ يَضُرُّ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ رَفْضَ النِّيَّةِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَوَى عِنْدَ الْإِزَالَةِ تَرْكَهُ) خَرَجَ بِهِ مَا إذَا حَصَلَ لَهُ تَرَدُّدٌ عِنْدَ الْإِزَالَةِ وَلَمْ يَنْوِ التَّرْكَ فَلَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ لِمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ مِنْ أَنَّ النِّيَّةَ بَعْدَ عَقْدِهَا لَا يُبْطِلُهَا إلَّا رَفْضُهَا أَوْ الرِّدَّةُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِحِسَابِهِ) أَيْ الدَّالِّ عَلَى وُجُودِ الشَّهْرِ وَإِنْ دَلَّ عَلَى عَدَمِ إمْكَانِ الرُّؤْيَةِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي كَلَامِ وَالِدِهِ، وَهُوَ فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ لِأَنَّ الشَّارِعَ إنَّمَا أَوْجَبَ عَلَيْنَا الصَّوْمَ بِالرُّؤْيَةِ لَا بِوُجُودِ الشَّهْرِ، وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ الشَّهْرُ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ أَنَّهُ يَجِبُ الْإِمْسَاكُ مِنْ وَقْتِ دُخُولِهِ، وَلَا أَظُنُّ الْأَصْحَابَ يُوَافِقُونَ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ بَسَطْت الْقَوْلَ عَلَى ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا

يُوجِبُ الْعَمَلَ أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ وَعَلَى مَنْ أَخْبَرَهُ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُ، وَأَيْضًا فَهُوَ جَوَازٌ بَعْدَ حَظْرٍ، وَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعُمُومِ. وَالْحَاسِبُ وَهُوَ مَنْ يَعْتَمِدُ مَنَازِلَ الْقَمَرِ وَتَقْدِيرَ سَيْرِهِ فِي مَعْنَى الْمُنَجِّمِ وَهُوَ مَنْ يَرَى أَنَّ أَوَّلَ الشَّهْرِ طُلُوعُ النَّجْمِ الْفُلَانِيِّ وَلَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِ مَنْ ادَّعَى رُؤْيَتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّهُ أُخْبِرَهُ فِي النَّوْمِ بِأَنَّ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ وَلَا يَصِحُّ الصَّوْمُ بِهِ إجْمَاعًا لَا لِشَكٍّ فِي رُؤْيَتِهِ وَإِنَّمَا هُوَ لِعَدَمِ ضَبْطِ النَّائِمِ. وَيَثْبُتُ الشَّهْرُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ (وَثُبُوتُ رُؤْيَتِهِ) يَحْصُلُ (بِعَدْلٍ) وَإِنْ كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً «لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ أَخْبَرْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنِّي رَأَيْت الْهِلَالَ فَصَامَ وَأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ. وَالْمَعْنَى فِي ثُبُوتِهِ بِالْوَاحِدِ الِاحْتِيَاطُ لِلصَّوْمِ، وَلِأَنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ فَيَكْفِي فِي الْإِخْبَارِ بِدُخُولِ وَقْتِهَا وَاحِدٌ كَالصَّلَاةِ حَتَّى لَوْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ وَلَوْ ذَا الْحَجَّةِ فَشَهِدَ بِرُؤْيَةِ هِلَالِهِ عَدْلٌ كَفَى كَمَا رَجَّحَهُ فِي الْبَحْرِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ، وَيَكْفِي قَوْلُ وَاحِدٍ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ وَغُرُوبِهَا قِيَاسًا عَلَى مَا قَالُوهُ فِي الْقِبْلَةِ وَالْوَقْتِ وَالْأَذَانِ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُفْطِرُ بِقَوْلِهِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ يُعْلَمُ أَنَّ إخْبَارَ الْعَدْلِ الْمُوجِبَ لِلِاعْتِقَادِ الْجَازِمِ بِدُخُولِ شَوَّالٍ يَجِبُ الْفِطْرُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقَوْلُ الرُّويَانِيِّ بِعَدَمِ جَوَازِ اعْتِمَادِهِ فِي الْفِطْرِ آخِرَ النَّهَارِ ضَعِيفٌ، وَلَا أَثَرَ لِلْفَرْقِ بِأَنَّ آخِرَ النَّهَارِ يَجُوزُ فِيهِ الْفِطْرُ بِالِاجْتِهَادِ بِخِلَافِهِ آخِرَ رَمَضَانَ، لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ مُمْكِنٌ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي إذْ مِنْ شَرْطِهِ الْعَلَامَةُ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِيهَا بِوُجُودِهِ وَرُؤْيَتِهِ. وَحَالَةٌ يُقْطَعُ فِيهَا بِوُجُودِهِ وَيُجَوِّزُونَ رُؤْيَتَهُ. فَأَجَابَ بِأَنَّ عَمَلَ الْحَاسِبِ شَامِلٌ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ اهـ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ جَوَازٌ بَعْدَ حَظْرٍ) أَيْ مَنْعٍ فَيُصَدَّقُ بِالْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ ضَبْطِ النَّائِمِ) زَادَ حَجّ: وَفِيهِ وَجْهٌ بِالْوُجُوبِ كَكُلِّ مَا يَأْمُرُ بِهِ وَلَمْ يُخَالِفْ مَا اسْتَقَرَّ فِي شَرْعِهِ، لَكِنَّهُ شَاذٌّ فَقَدْ حَكَى عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى الْأَوَّلِ: أَيْ وَهُوَ عَدَمُ الْعَمَلِ بِقَوْلِهِ فَلَا يُعْمَلُ بِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ أَخْبَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهِ، ثُمَّ إنْ كَانَ لَهُ وَجْهٌ مُجَوِّزٌ لِلْعَمَلِ بِهِ لِكَوْنِهِ نَفْلًا مُنْدَرِجًا تَحْتَ مَا أَمَرَهُ بِهِ الشَّارِعُ أَوْ جَوَّزَهُ جَازَ الْعَمَلُ بِهِ وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ الشَّهْرُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ) وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ اثْنَيْنِ كَمَا ذَكَرَهُ حَجّ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ شَهَادَةَ الْأَصْلِ لَا مَا شَهِدَ بِهِ الْأَصْلُ (قَوْلُهُ: بِعَدْلٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ دَلَّ الْحِسَابُ عَلَى عَدَمِ إمْكَانِ الرُّؤْيَةِ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالْحِسَابِ وَقَطَعَ بِمُقْتَضَى عِلْمِهِ بِعَدَمِ وُجُودِهِ، وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّ لَهُ الْعَمَلَ فِي هَذِهِ بِعِلْمِهِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا. (قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى فِي ثُبُوتِهِ) أَيْ وَالْعِلَّةُ فِي إلَخْ أَوْ وَالسَّبَبُ فِي إلَخْ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ أَمْرًا مَعْنَوِيًّا. (قَوْلُهُ: وَغُرُوبِهَا) أَيْ الشَّمْسِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ يُفْطِرَ بِقَوْلِهِ) أَيْ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلِأَنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ بِدُخُولِ شَوَّالٍ) مُتَعَلِّقٌ بِإِخْبَارٍ (قَوْلُهُ: يُوجِبُ الْفِطْرَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَحَلِّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ذَا الْحِجَّةِ فَشَهِدَ بِرُؤْيَةِ هِلَالِهِ عَدْلٌ) أَيْ أَوْ أَخْبَرَ (قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْقَنَادِيلِ الْمُتَقَدِّمَةِ مِنْ أَنَّ مَنْ حَصَلَ لَهُ بِذَلِكَ الِاعْتِقَادُ الْجَازِمُ وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ فَإِنَّ هَذَا الْكَلَامَ بِرُمَّتِهِ لِلْإِمْدَادِ، وَهُوَ إنَّمَا ذَكَرَهُ عَقِبَ ذَلِكَ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الشَّارِحِ بِمَا تَقَرَّرَ الْكِفَايَةَ بِقَوْلِ الْوَاحِدِ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ وَغُرُوبِ الشَّمْسِ وَوَجْهُ عِلْمِهِ مِنْهُ أَنَّهُ نَظِيرُهُ (قَوْلُهُ: ضَعِيفٌ) أَيْ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ الْمَارِّ وَيَكْفِي قَوْلٌ وَاحِدٌ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ وَغُرُوبِهَا (قَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لِلْفَرْقِ إلَخْ) أَيْ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْإِخْبَارِ بِدُخُولِ شَوَّالٍ وَالْإِخْبَارُ فِي الْفِطْرِ آخِرَ النَّهَارِ: أَيْ بِنَاءً عَلَى الرَّاجِحِ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ فَإِنَّ هُنَاكَ مِمَّنْ يَرَى مُخَالَفَةَ الرُّويَانِيِّ مَنْ يَمْنَعُ الْأَخْذَ بِإِخْبَارِ الْوَاحِدِ فِي دُخُولِ شَوَّالٍ، وَيُفَرِّقُ بِمَا ذُكِرَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قُوَّةِ كَلَامِ الْإِمْدَادِ الَّذِي مَا هُنَا بَعْضُ مَا فِيهِ بِالْحَرْفِ، لَكِنَّهُ عَبَّرَ بَدَلَ قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَا أَثَرَ لِلْفَرْقِ بِقَوْلِهِ وَلَا يُفَرَّقُ بِأَنَّ إلَخْ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ مُمْكِنٌ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي إلَخْ هُوَ وَجْهُ عَدَمِ تَأْثِيرِ الْفَرْقِ فَلَيْسَ مِنْ تَمَامِ الْفَرْقِ خِلَافًا لِمَا وَهِمَ فِيهِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنَّمَا جَازَ الْفِطْرُ بِالِاجْتِهَادِ بِخِلَافِهِ آخِرَ رَمَضَانَ لِعَدَمِ تَأَتِّي الِاجْتِهَادِ فِي الثَّانِي إذْ مِنْ شَرْطِهِ الْعَلَامَةُ وَلَا وُجُودَ لَهَا فِيهِ، بِخِلَافِهَا فِي الْأَوَّلِ، فَعَدَمُ جَوَازِ الْفِطْرِ بِالِاجْتِهَادِ فِيهِ إنَّمَا هُوَ لِعَدَمِ تَأَتِّيهِ لَا أَنَّهُ يُمْكِنُ

فِي ذَاكَ لَا هَذَا خِلَافًا لِمَنْ فَرَّقَ بِهِ (وَفِي قَوْلٍ) يُشْتَرَطُ فِي ثُبُوتِ رُؤْيَتِهِ (عَدْلَانِ) كَغَيْرِهِ مِنْ الشُّهُورِ، وَادَّعَى الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ لِرُجُوعِهِ إلَيْهِ، فَفِي الْأُمِّ قَالَ الشَّافِعِيُّ بَعْدُ: لَا يَجُوزُ عَلَى هِلَالِ رَمَضَانَ إلَّا شَاهِدَانِ. وَنَقَلَ الْبُلْقِينِيُّ مَعَ هَذَا النَّصِّ نَصًّا آخَرَ صِيغَتُهُ: رَجَعَ الشَّافِعِيُّ بَعْدُ فَقَالَ: لَا يُصَامُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ، لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ الصَّيْمَرِيُّ: إنْ صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبِلَ شَهَادَةَ الْأَعْرَابِيِّ وَحْدَهُ أَوْ شَهَادَةَ ابْنِ عُمَرَ قُبِلَ الْوَاحِدُ وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ أَقَلُّ مِنْ اثْنَيْنِ وَقَدْ صَحَّ كُلٌّ مِنْهُمَا. وَعِنْدِي أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ قَبُولُ الْوَاحِدِ، وَإِنَّمَا رَجَعَ إلَى الِاثْنَيْنِ بِالْقِيَاسِ لَمَّا لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ سُنَّةٌ فَإِنَّهُ تَمَسَّكَ لِلْوَاحِدِ بِأَثَرِ عَلِيٍّ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ: وَلَوْ شَهِدَ بِرُؤْيَتِهِ عَدْلٌ رَأَيْت أَنْ أَقْبَلَهُ لِلْأَثَرِ فِيهِ اهـ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِالْأَوَّلِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَمَحِلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَاكِمٌ، فَإِنْ حَكَمَ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ حَاكِمٌ يَرَاهُ فَنُقِلَ فِي الْمَجْمُوعِ الْإِجْمَاعُ عَلَى وُجُوبِ الصَّوْمِ، وَأَنَّهُ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ، وَمَحِلُّ ثُبُوتِ رُؤْيَتِهِ بِعَدْلٍ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّوْمِ وَيَلْحَقُ بِهِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ تَوَابِعَهُ كَالتَّرَاوِيحِ وَالِاعْتِكَافِ وَالْإِحْرَامِ وَالْعُمْرَةِ الْمُعَلَّقِينَ بِدُخُولِ رَمَضَانَ لَا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ ذَلِكَ كَحُلُولِ مُؤَجَّلٍ وَوُقُوعِ طَلَاقٍ وَعِتْقٍ عُلِّقَا بِهِ. لَا يُقَالُ: هَلْ لَا ثَبَتَتْ ضِمْنًا كَمَا ثَبَتَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ وَإِنْ كَانَ صَامَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا فَقَطْ، وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ هَذَا عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الشَّهَادَاتِ: فَصْلٌ لَا يُحْكَمُ بِشَاهِدٍ إلَّا فِي هِلَالِ رَمَضَانَ فَلْيُرَاجَعْ، وَلَعَلَّ مَا هُنَا مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ أَخْبَرَهُ بِدُخُولِ شَوَّالٍ عَدْلٌ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْفِطْرُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَ بِهِ الْعَدْلُ عِنْدَ الْقَاضِي فَلَا يَثْبُتُ بِهِ شَوَّالٌ فَيُوَافِقُ ظَاهِرَ مَا فِي الشَّهَادَاتِ وَيُوَافِقُهُ أَيْضًا مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَرَدُّهُ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يَثْبُتُ ضِمْنًا بِمَا لَا يَثْبُتُ بِهِ مَقْصُودًا فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّا إنَّمَا قُلْنَا بِدُخُولِ شَوَّالٍ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ حَيْثُ كَانَ ذَلِكَ مُتَرَتِّبًا عَلَى شَهَادَةِ الْوَاحِدِ بِهِلَالِ رَمَضَانَ. (قَوْلُهُ: فِي ذَاكَ) هُوَ قَوْلُهُ بِأَنَّ آخِرَ النَّهَارِ يَجُوزُ فِيهِ الْفِطْرُ، وَقَوْلُهُ لَا هَذَا هُوَ قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ آخِرَ رَمَضَانَ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ صَحَّ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ: قَبِلَ شَهَادَةَ الْأَعْرَابِيِّ وَحْدَهُ وَشَهَادَةَ ابْنِ عُمَرَ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَكَمَ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ مَا صُورَةُ الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ فَإِنَّ صُورَةَ الثُّبُوتِ بِهِ كَمَا قَالَهُ حَجّ أَنْ يَقُولَ الْحَاكِمُ ثَبَتَ عِنْدِي أَوْ حَكَمْت بِشَهَادَتِهِ، لَكِنْ لَيْسَ الْمُرَادُ هُنَا حَقِيقَةَ الْحُكْمِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى مُعَيَّنٍ مَقْصُودٍ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ حَقُّ آدَمِيٍّ ادِّعَاءً كَانَ حُكْمًا حَقِيقِيًّا، لَكِنَّهُ إذَا تَرَتَّبَ عَلَى مُعَيَّنٍ لَا يَكْفِي الْوَاحِدُ فِيهِ، وَالْكَلَامُ فِي أَنَّهُ إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ ثَبَتَ الصَّوْمُ قَطْعًا، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ لَكِنْ لَيْسَ الْمُرَادُ إلَخْ الَّذِي حَرَّرَهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ كَالْإِتْحَافِ خِلَافَهُ، وَعِبَارَةُ الْإِتْحَافِ: وَمَحِلُّ الْخِلَافِ فِي قَبُولِ الْوَاحِدِ إذَا لَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَاكِمٌ فَإِنْ حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ يَرَاهُ وَجَبَ الصَّوْمُ عَلَى الْكَافَّةِ وَلَمْ يُنْقَضْ الْحُكْمُ إجْمَاعًا، قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ إلَى أَنْ قَالَ: وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِكَوْنِ اللَّيْلَةِ مِنْ رَمَضَانَ وَحِينَئِذٍ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ رَدُّ قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ: وَلَا يَحْكُمُ الْقَاضِي بِكَوْنِ اللَّيْلَةِ مِنْ رَمَضَانَ مَثَلًا لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إلْزَامٌ لِمُعَيَّنٍ إلَى أَنْ قَالَ: وَمِمَّا يَرُدُّهُ أَيْضًا أَنَّ قَوْلَهُمْ فِي تَعْرِيفِ الْحُكْمِ أَنَّهُ إلْزَامٌ لِمُعَيَّنٍ مُرَادُهُمْ بِهِ غَالِبًا فَقَدْ ذَكَرَ الْعَلَائِيُّ صُوَرًا فِيهَا حُكْمٌ وَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا إلْزَامٌ لِمُعَيَّنٍ إلَّا عَلَى نَوْعٍ مِنْ التَّعَسُّفِ اهـ الْمَقْصُودُ نَقْلُهُ وَأَطَالَ فِيهِ جِدًّا بِنَفَائِسَ لَا يُسْتَغْنَى عَنْهَا، فَعُلِمَ أَنَّهُ هُنَا تَبِعَ الزَّرْكَشِيَّ فِيمَا قَالَهُ وَالْوَجْهُ مَا حَرَّرَهُ هُنَاكَ خُصُوصًا وَكَلَامُ الْمَجْمُوعِ دَالٌّ عَلَيْهِ كَمَا تَقَرَّرَ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ رَجَعَ الشَّاهِدُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ (قَوْلُهُ: لَا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ فَلَا يَثْبُتُ بِوَاحِدٍ قَالَ سم عَلَى بَهْجَةٍ: فَلَوْ انْتَقَلَ الرَّائِي إلَى بَلَدٍ مُخَالِفٍ فِي الْمَطْلَعِ لَمْ يُرَ فِيهِ فَهَلْ يَسْتَمِرُّ وُقُوعُ طَلَاقِهِ الْمُعَلَّقِ مَثَلًا؟ الْوَجْهُ الِاسْتِمْرَارُ خُصُوصًا، وَالْمُقَرَّرُ فِي بَابِ الطَّلَاقِ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ بِبَلَدِ التَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ: طَلَاقٍ وَعِتْقٍ عُلِّقَا بِهِ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُخْبِرُ الْمُعَلِّقَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

شَوَّالٌ بِثُبُوتِ رَمَضَانَ بِوَاحِدٍ وَالنَّسَبُ وَالْإِرْثُ بِثُبُوتِ الْوِلَادَةِ بِالنِّسَاءِ. لِأَنَّا نَقُولُ: الضِّمْنِيُّ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ لَازِمٌ لِلْمَشْهُودِ بِهِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ، وَبِأَنَّ الشَّيْءَ إنَّمَا يَثْبُتُ ضِمْنًا إذَا كَانَ التَّابِعُ مِنْ جِنْسِ الْمَتْبُوعِ كَالصَّوْمِ وَالْفِطْرِ فَإِنَّهُمَا مِنْ الْعِبَادَاتِ، وَكَالْوِلَادَةِ وَالنَّسَبِ وَالْإِرْثِ فَإِنَّهَا مِنْ الْمَالِ وَالْآيِلِ إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ التَّابِعَ مِنْ الْمَالِ أَوْ الْآيِلِ إلَيْهِ وَالْمَتْبُوعِ مِنْ الْعِبَادَاتِ، هَذَا إنْ سَبَقَ التَّعْلِيقَ الشَّهَادَةُ، فَلَوْ سَبَقَ الثُّبُوتُ ذَلِكَ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِهَا بِعَدْلٍ ثُمَّ قَالَ قَائِلٌ: إنْ ثَبَتَ رَمَضَانُ فَعَبْدِي حُرٌّ أَوْ زَوْجَتِي طَالِقٌ وَقَعَا وَمَحِلُّهُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ: مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالشَّاهِدِ فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ ثَبَتَ الِاعْتِرَافُ بِهِ، وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ ثُبُوتَهُ بِالشَّهَادَةِ مَا لَوْ دَلَّ الْحِسَابُ عَلَى عَدَمِ إمْكَانِ الرُّؤْيَةِ، وَانْضَمَّ إلَى ذَلِكَ أَنَّ الْقَمَرَ غَابَ لَيْلَةَ الثَّالِثِ عَلَى مُقْتَضَى تِلْكَ الرُّؤْيَةِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَعْتَمِدْ الْحِسَابَ بَلْ أَلْغَاهُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَلَوْ عَلِمَ فِسْقَ الشُّهُودِ أَوْ كَذِبَهُمْ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ لُزُومِ الصَّوْمِ لَهُ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ جَزْمُهُ بِالنِّيَّةِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ حَيْثُ يَحْرُمُ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ، وَلَوْ عُلِمَ فِسْقُ الْقَاضِي الْمَشْهُودِ عِنْدَهُ وَجُهِلَ حَالُ الْعُدُولِ فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَشْهَدُوا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي أَهْلًا لَكِنَّهُ عَدْلٌ فَالْأَقْرَبُ لُزُومُ الصَّوْمِ تَنْفِيذًا لِحُكْمِهِ حَيْثُ كَانَ مِمَّنْ يَنْفُذُ حُكْمُهُ شَرْعًا وَلَا أَثَرَ لِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ نَهَارًا فَلَا نُفْطِرُ إنْ كَانَ فِي ثَلَاثِينَ رَمَضَانَ، وَلَا نُمْسِكُ إنْ كَانَ فِي ثَلَاثِينَ شَعْبَانَ (وَشَرْطُ الْوَاحِدِ صِفَةُ الْعُدُولِ فِي الْأَصَحِّ لَا عَبْدٌ أَوْ امْرَأَةٌ) فَلْيُتَأَمَّلْ فَلَيْسَا مِنْ عُدُولِ الشَّهَادَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَقُولُ الضِّمْنِيُّ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ لَازِمٌ لِلْمَشْهُودِ بِهِ) وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ نَقْلًا عَنْ الْإِمْدَادِ لحج نَصُّهَا: لَازِمٌ شَرْعِيٌّ لِلْمَشْهُودِ بِهِ وَإِثْبَاتُ اللَّازِمِ الشَّرْعِيِّ ضَرُورَةٌ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ، بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ بِالنِّسْبَةِ لِرَمَضَانَ فَإِنَّهُ لَازِمٌ وَضْعِيٌّ لَهُ إذْ لَمْ يُرَتِّبْهُ الشَّارِعُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا رَتَّبَهُ وَاضِعُهُ فَهُوَ فِي نَفْسِهِ قَابِلٌ لِلِانْفِكَاكِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الْهِلَالِ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى ثُبُوتِ التَّعْلِيقِ وَنَحْوِهِ وَلِأَنَّ الشَّيْءَ إنَّمَا يَثْبُتُ ضِمْنًا إذَا كَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَعَبْدِي حُرٌّ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ ثَبَتَ مَا لَوْ كَانَتْ صُورَةُ التَّعْلِيقِ: إنْ كَانَ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ فَعَبْدِي حُرٌّ فَلَا يُعْتَقُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ فِيمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ الثُّبُوتُ وَقَدْ وُجِدَ وَالْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ فِيمَا لَوْ قَالَ: إنْ كَانَ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ الْكَوْنُ مِنْ رَمَضَانَ وَهُوَ لَمْ يَعْلَمْ فَلَمْ يَحْصُلْ الْعِتْقُ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالشَّاهِدِ) بَقِيَ مَا لَوْ رَأَتْهُ الزَّوْجَةُ دُونَ الزَّوْجِ وَلَمْ يُصَدِّقْهَا هَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهَا تَمْكِينُهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ فَيَجِبُ عَلَيْهَا الْهَرَبُ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْقَضَاءُ يَنْفُذُ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا مِنْ قَوْلِهِ وَيَلْزَمُ الْمَحْكُومَ عَلَيْهَا بِنِكَاحٍ كَاذِبٍ الْهَرَبُ بَلْ وَالْقَتْلُ إنْ قَدَرَتْ عَلَيْهِ كَالصَّائِلِ عَلَى الْبُضْعِ، وَلَا نَظَرَ لِاعْتِقَادِهِ إبَاحَتَهُ كَمَا يَجِبُ دَفْعُ الصَّبِيِّ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُكَلَّفٍ، وَهَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ عُلِّقَ بِرُؤْيَتِهَا، فَإِنْ عُلِّقَ عَلَى ثُبُوتِهِ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِرُؤْيَتِهَا لِأَنَّهُ عُلِّقَ بِصِفَةٍ وَهِيَ الثُّبُوتُ وَلَمْ تُوجَدْ فَيَجِبُ عَلَيْهَا تَمْكِينُهُ لِبَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا. (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ) يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمَوْلَى بِفِسْقِهِ وَيُوَلِّيهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَنْعَزِلُ (قَوْلُهُ: وَشَرْطُ الْوَاحِدِ إلَخْ) لَوْ رَأْي فَاسِقٌ جَهِلَ الْحَاكِمُ فِسْقَهُ الْهِلَالَ فَهَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيَمْتَنِعُ الْفِطْرُ بِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَازِمٌ لِلْمَشْهُودِ بِهِ) لَا يَتَأَتَّى فِي الِاعْتِكَافِ وَالْإِحْرَامِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ نَحْوِ الطَّلَاقِ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَلَيْسَا مَذْكُورَيْنِ فِي عِبَارَةِ الْإِمْدَادِ الَّتِي هِيَ أَصْلُ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: ثُبُوتُهُ بِالشَّهَادَةِ) مَرْفُوعٌ بَدَلٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْمَفْعُولُ قَوْلُهُ مَا لَوْ دَلَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَلْ أَلْغَاهُ بِالْكُلِّيَّةِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُمُورِ الْعَامَّةِ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ لَهُ مِنْ وُجُوبِ الصَّوْمِ بِهِ عَلَى مَنْ وَثِقَ بِهِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ) أَيْ فَالْكَلَامُ فِي غَيْرِ قَاضِي الضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَا مِنْ عُدُولِ الشَّهَادَةِ) أَيْ عَلَى الْإِطْلَاقِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْأَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي

وَإِطْلَاقُ الْعُدُولِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ مُنْصَرِفٌ إلَى الشَّهَادَةِ، فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ وَشَرْطَ الْوَاحِدِ صِفَةُ الْعُدُولِ بَعْدَ قَبُولِهِ بِعَدْلٍ رَكِيكٍ إذْ الْعَدْلُ مَنْ كَانَتْ فِيهِ صِفَةُ الْعُدُولِ وَبِأَنَّ مَا زَعَمَهُ مِنْ أَنَّ الْعَبْدَ وَالْمَرْأَةَ لَيْسَا مِنْ الْعُدُولِ بَاطِلٌ إذَا الْعَدْلُ مَنْ لَمْ يَرْتَكِبْ كَبِيرَةً وَلَا أَصَرَّ عَلَى صَغِيرَةٍ. نَعَمْ لَيْسَا مِنْ أَهْلِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الثُّبُوتَ بِالْوَاحِدِ شَهَادَةٌ أَوْ رِوَايَةٌ فَلَا يَثْبُتُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَعَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الشَّهَادَةِ وَهِيَ شَهَادَةُ حِسْبَةٍ وَتَخْتَصُّ بِمَجْلِسِ الْقَاضِي كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ، وَلَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ وَهِيَ الَّتِي يُرْجَعُ فِيهَا لِقَوْلِ الْمُزَكِّينَ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ بَلْ يُكْتَفَى بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْمَسْتُورِ، وَاكْتَفَى بِهِ وَإِنْ كَانَ شَهَادَةً احْتِيَاطًا لِلصَّوْمِ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ مَا تَقَرَّرَ بِالنِّسْبَةِ لِوُجُوبِ الصَّوْمِ عَلَى عُمُومِ النَّاسِ، أَمَّا وُجُوبُهُ عَلَى الرَّائِي فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى كَوْنِهِ عَدْلًا مَنْ رَأَى هِلَالَ رَمَضَانَ وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا وَمِثْلُهُ مَنْ أَخْبَرَهُ بِهِ عَدَدُ التَّوَاتُرِ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ الْبَغَوِيّ: يَجِبُ الصَّوْمُ عَلَى مَنْ أَخْبَرَهُ مَوْثُوقٌ بِهِ بِالرُّؤْيَةِ إذَا اعْتَقَدَ صِدْقَهُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَلَمْ يُفَرِّعُوهُ عَلَى شَيْءٍ وَمِثْلُهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِزَوْجَتِهِ وَجَارِيَتِهِ وَصَدِيقِهِ، وَيَكْفِي فِي الشَّهَادَةِ أَشْهَدُ أَنِّي رَأَيْت الْهِلَالَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى الشَّهَادَةِ يُتَّجَهُ الْجَوَازُ بَلْ الْوُجُوبُ إنْ تَوَقَّفَ ثُبُوتُ الصَّوْمِ عَلَيْهَا م ر وَسَيَأْتِي نَظِيرُ ذَلِكَ فِي الشَّهَادَاتِ. (قَوْلُهُ: صِفَةُ الْعُدُولِ) أَيْ وَمِنْهَا السَّلَامَةُ مِنْ خَارِمِ الْمُرُوءَةِ. (قَوْلُهُ: مُنْصَرِفٌ إلَى الشَّهَادَةِ) أَيْ إلَى عُدُولِ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ: بَلْ يُكْتَفَى بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ سَلَامَتُهَا هُنَا مِنْ خَارِمِ الْمُرُوءَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، لَكِنْ قَضِيَّةُ قَوْلِ شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ وَطَرِيقِهِ: أَيْ الْعَدْلُ الْوَاحِدُ الشَّهَادَةُ لَا الرِّوَايَةُ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْقَضَاءِ صِفَةُ الشُّهُودِ وَالْأَدَاءِ عِنْدَ الْقَاضِي اهـ خِلَافُهُ. وَكَذَا قَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الثُّبُوتَ بِالْوَاحِدِ شَهَادَةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْمَسْتُورِ) فَسَّرَهُ فِي النِّكَاحِ بِأَنَّهُ الَّذِي لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مُفَسِّقٌ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهُ تَقْوَى ظَاهِرًا وَفَسَّرَهُ حَجّ هُنَا بِأَنَّهُ مَنْ عُرِفَ تَقْوَاهُ ظَاهِرًا. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ مَنْ أَخْبَرَهُ بِهِ عَدَدُ التَّوَاتُرِ) وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِرُؤْيَتِهِ وَتَعَارَضَا فِي مَحِلِّهِ عُمِلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِطْلَاقُ الْعُدُولِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ مُنْصَرِفٌ إلَى الشَّهَادَةِ) أَيْ بِخِلَافِ إطْلَاقِ الْعَدْلِ فَإِنَّهُ يَشْمَلُهُ وَيَشْمَلُ عَدْلَ الرِّوَايَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ وَشَرْطُ الْوَاحِدِ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ انْدِفَاعِ الْأَوَّلِ بِمُجَرَّدِ مَا ذَكَرَهُ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: قِيلَ قَوْلُهُ صِفَةُ الْعُدُولِ بَعْدَ قَوْلِهِ بِعَدْلٍ فِيهِ رِكَّةٌ فَإِنَّ الْعَدْلَ مَنْ فِيهِ صِفَةُ الْعُدُولِ، وَزَعْمُ أَنَّ الْمَرْأَةَ وَالْعَبْدَ غَيْرُ عَدْلَيْنِ مَمْنُوعٌ اهـ. وَلَيْسَ فِي مَحَلِّهِ فَإِنَّ الْعَدْلَ لَهُ إطْلَاقَانِ عَدْلُ رِوَايَةٍ وَعَدْلُ شَهَادَةٍ، وَعَدْلُ الشَّهَادَةِ لَهُ إطْلَاقَانِ عَدْلٌ فِي كُلِّ شَهَادَةٍ وَعَدْلٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى بَعْضِ الشَّهَادَاتِ دُونَ بَعْضٍ كَالْمَرْأَةِ، وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ بِعَدْلٍ مُحْتَمِلًا لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَقَّبَهُ بِمَا يُبَيِّنُ الْمُرَادَ مِنْهُ وَهُوَ عَدَالَةُ الشَّهَادَةِ بِالنِّسْبَةِ لِكُلِّ شَهَادَةٍ، وَنَفْيُ عَدَالَةِ الشَّهَادَةِ عَنْ الْعَبْدِ وَاضِحٌ وَعَنْ الْمَرْأَةِ بِاعْتِبَارِ مَا تَقَرَّرَ أَنَّهَا لَا تُعْطَى حُكْمَ الْعُدُولِ فِي كُلِّ شَهَادَةٍ فَاتَّضَحَ أَنَّهُ لَا غُبَارَ عَلَى عِبَارَتِهِ اهـ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَيْسَا مِنْ أَهْلِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ) أَيْ هُنَا وَلَا حَاجَةَ لِلَفْظِ قَبُولٍ، لَكِنَّ عِبَارَةَ الْمَحَلِّيِّ: وَالْمَرْأَةُ لَا تُقْبَلُ فِي الشَّهَادَةِ وَحْدَهَا انْتَهَتْ، فَهِيَ الْمُرَادَةُ مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا قَلَاقَةٌ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ مَنْ أَخْبَرَهُ بِهِ عَدَدُ التَّوَاتُرِ) يُغْنِي عَنْهُ مَا بَعْدَهُ بِالْأَوْلَى، وَالشِّهَابُ حَجّ إنَّمَا ذَكَرَ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْعُمُومِ: أَيْ فَإِخْبَارُ عَدَدِ التَّوَاتُرِ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَثْبُتُ بِهِ الشَّهْرُ عَلَى الْعُمُومِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ قَاضٍ وَعِبَارَتُهُ: وَكَهَذَيْنِ: أَيْ إكْمَالِ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ وَرُؤْيَةِ الْهِلَالِ لِلْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ بِرُؤْيَتِهِ وَلَوْ مِنْ كُفَّارٍ انْتَهَتْ. نَعَمْ فِي عَطْفِهِ الْمَذْكُورِ نَظِيرٌ يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ أَوْ عَلِمَ الْقَاضِي، وَظَاهِرٌ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمْ أَخْبَرُوا عَنْ رُؤْيَتِهِمْ أَوْ عَنْ رُؤْيَةِ عَدَدِ التَّوَاتُرِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شُرُوطِ عَدَدِ التَّوَاتُرِ الَّذِي يُفِيدُ الْعِلْمَ فَلَيْسَ مِنْهُ إخْبَارُهُمْ عَنْ وَاحِدٍ رَآهُ أَوْ أَكْثَرَ مِمَّنْ لَمْ يَبْلُغْ عَدَدَ التَّوَاتُرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ كَمَا يَقَعُ كَثِيرٌ مِنْ الْإِشَاعَاتِ فَتَنَبَّهْ

فِي صَلَاةِ الْعِيدِ، خِلَافًا لِابْنِ أَبِي الدَّمِ قَالَ: لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ، وَلَا يَكْفِي أَنْ يَقُولَ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ عَارِيًّا عَنْ لَفْظِ أَشْهَدُ وَلَا مَعَ ذِكْرِهَا مَعَ وُجُودِ رِيبَةٍ كَاحْتِمَالِ كَوْنِهِ قَدْ يَعْتَقِدُ دُخُولَهُ بِسَبَبٍ لَا يُوَافِقُهُ عَلَيْهِ الْمَشْهُودُ عِنْدَهُ، بِأَنْ يَكُونَ أَخَذَهُ مِنْ حِسَابٍ، أَوْ يَكُونَ حَنَفِيًّا يَرَى إيجَابَ الصَّوْمِ لَيْلَةَ الْغَيْمِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَلَوْ شَهِدَ الشَّاهِدُ بِالرُّؤْيَةِ فَصَامَ النَّاسُ ثُمَّ رَجَعَ لَزِمَهُمْ الصَّوْمُ عَلَى أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّ الشُّرُوعَ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ الْحُكْمِ بِالشَّهَادَةِ. وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْأَقْرَبُ، وَيُفْطِرُونَ بِإِتْمَامِ الْعِدَّةِ وَإِنْ لَمْ يُرَ الْهِلَالُ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَثُبُوتُ رُؤْيَتِهِ بِعَدْلٍ بَيَانٌ لِأَقَلَّ مَا يَثْبُتُ بِهِ، فَلَا يُنَافِي كَوْنَهُ قَدْ يُثْبِتُ أَكْثَرُ مِنْهُ بَلْ يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِهِ بِالْوَاحِدِ ثُبُوتُهُ بِمَا فَوْقَهُ بِالْأَوْلَى. (وَإِذَا صُمْنَا بِعَدْلٍ وَلَمْ نَرَ الْهِلَالَ بَعْدَ الثَّلَاثِينَ أَفْطَرْنَا فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الشَّهْرَ يَتِمُّ بِمُضِيِّ ثَلَاثِينَ (وَإِنْ كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً) أَيْ لَا غَيْمَ بِهَا لِكَمَالِ الْعَدَدِ بِحُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ، وَأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِي حَالَتَيْ الصَّحْوِ وَالْغَيْمِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِالْإِفْطَارِ فِي حَالِ الْغَيْمِ دُونَ الصَّحْوِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ صَامَ شَخْصٌ بِقَوْلِ مَنْ يَثِقُ بِهِ ثَلَاثِينَ وَلَمْ يَرَ الْهِلَالَ فَإِنَّهُ يُفْطِرُ فِي أَوْجَهِ احْتِمَالَيْنِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يُفْطِرُ لِأَنَّ الْفِطْرَ يُؤَدِّي إلَى ثُبُوتِ شَوَّالٍ بِقَوْلِ وَاحِدٍ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ. وَرَدُّهُ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يَثْبُتُ ضِمْنًا بِمَا لَا يَثْبُتُ بِهِ مَقْصُودًا كَمَا مَرَّ. (وَإِذَا رُئِيَ بِبَلَدٍ لَزِمَ حُكْمُهُ الْبَلَدَ الْقَرِيبَ) مِنْهُ قَطْعًا كَبَغْدَادَ وَالْكُوفَةِ لِأَنَّهُمَا كَبَلْدَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِأَصْلِ الرُّؤْيَةِ فَيَجِبُ الصَّوْمُ لِثُبُوتِ أَصْلِ الرُّؤْيَةِ. (قَوْلُهُ: إذَا اعْتَقَدَ صِدْقَهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْتَقِدْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ حَيْثُ عَرَفَ عَدَالَتَهُ وَجَبَ الْأَخْذُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ خَبَرَ الْعَدْلِ فِي الْعِبَادَاتِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْيَقِينِ، كَمَا لَوْ أَخْبَرَهُ بِطَهَارَةِ الْمَاءِ أَوْ نَجَاسَتِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ اعْتِمَادُ قَوْلِهِ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْ صِدْقَهُ فِيمَا أَخْبَرَهُ بِهِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ مَا نَصُّهُ: بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ مَمْنُوعٌ، وَأَنَّ مَنْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ أَوْ سَمِعَ شَهَادَتَهُ بَيْنَ يَدَيْ الْحَاكِمِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ الْحَاكِمُ ثَبَتَ عِنْدِي وَلَا نَحْوَ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ كَمَا هُوَ قِيَاسُ نَظَائِرِهِ مَا لَمْ يَعْتَقِدْ خَطَأَهُ بِمُوجِبٍ قَامَ عِنْدَهُ اهـ. وَقَوْلُهُ بِمُوجِبٍ: أَيْ كَضَعْفِ بَصَرِهِ أَوْ الْعِلْمِ بِفِسْقِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي فِي الشَّهَادَةِ أَشْهَدُ أَنِّي رَأَيْت الْهِلَالَ) أَيْ كَمَا يَكْفِي أَنْ يَقُولَ أَشْهَدُ أَنَّهُ هَلَّ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِابْنِ أَبِي الدَّمِ) وَلَعَلَّ الْكَافِيَ عَلَى كَلَامِهِ أَنْ يَقُولَ: أَشْهَدُ أَنَّ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ وَلَا رِيبَةَ. وَقَوْلُنَا وَلَا رِيبَةَ الْوَاوُ وَاوُ الْحَالِ: أَيْ وَالْحَالُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ ابْنُ أَبِي الدَّمِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ) تَوْجِيهٌ لِمَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَكُونُ حَنَفِيًّا) صَوَابُهُ حَنْبَلِيًّا لِأَنَّهُ الَّذِي يَرَى وُجُوبَ الصَّوْمِ لَيْلَةَ الْغَيْمِ سم عَلَى حَجّ بِالْمَعْنَى. (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ) قَالَ حَجّ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذُكِرَ: وَمِنْ ثَمَّ لَمْ تَجُزْ مُرَاعَاةُ خِلَافِ مُوجِبِهِ اهـ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ مَحِلَّ عَدَمِ الْجَوَازِ مَا لَمْ يُقَلِّدْ الْقَائِلَ بِهِ فِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الشُّرُوعَ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ الْحُكْمِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَوْ حُكِمَ بِشَهَادَتِهِ وَجَبَ الصَّوْمُ وَإِنْ لَمْ يَشْرَعُوا فِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَعِبَارَةُ ابْنِ سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ لَوْ رَجَعَ الْعَدْلُ عَنْ الشَّهَادَةِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ يُؤَثِّرْ وَكَذَا قَبْلَهُ، وَبَعْدَ الشُّرُوعِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْحُكْمِ وَالشُّرُوعِ جَمِيعًا امْتَنَعَ الْعَمَلُ بِشَهَادَتِهِ مَرَّ، وَإِنْ كَانَ رُجُوعُهُ قَبْلَ الْحُكْمِ وَبَعْدَ الشُّرُوعِ ثُمَّ لَمْ يُرَ الْهِلَالُ بَعْدَ ثَلَاثِينَ وَالسَّمَاءُ مُصْحِيَةٌ فَهَلْ نُفْطِرُ؟ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّا نُفْطِرُ لِأَنَّهُمْ جَوَّزُوا الِاعْتِمَادَ عَلَيْهِ، وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ مَرَّ، وَخَالَفَ شَيْخُنَا فِي إتْحَافِهِ فَمَنَعَ الْفِطْرَ لِأَنَّا إنَّمَا عَوَّلْنَا عَلَيْهِ مَعَ رُجُوعِهِ احْتِيَاطًا وَالِاحْتِيَاطُ عَدَمُ الْفِطْرِ حَيْثُ لَمْ يُرَ الْهِلَالُ كَمَا ذَكَرَهُ اهـ. وَالْقَلْبُ إلَى مَا قَالَهُ فِي الْإِتْحَافِ أَمْيَلُ (قَوْلُهُ: وَيُفْطِرُونَ بِإِتْمَامِ الْعِدَّةِ) ظَاهِرُهُ رُجُوعُهُ لِقَوْلِهِ وَلَوْ شَهِدَ الشَّاهِدُ بِالرُّؤْيَةِ إلَخْ. (قَوْلُهُ مُصْحِيَةٌ) مِنْ أَصْحَتْ السَّمَاءُ انْقَشَعَ عَنْهَا الْغَيْمُ فَهِيَ مُصْحِيَةٌ مُخْتَارٌ. (قَوْلُهُ: وَأَشَارَ بِهِ) أَيْ بِقَوْلِهِ وَإِنْ كَانَتْ السَّمَاءُ إلَخْ (قَوْلُهُ: ضِمْنًا) أَيْ تَبَعًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: خِلَافًا لِابْنِ أَبِي الدَّمِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لَا يَكْفِي (قَوْلُهُ: أَوْ يَكُونُ حَنَفِيًّا) لَعَلَّهُ حَنْبَلِيًّا لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَرَى ذَلِكَ وَرَأَيْته كَذَلِكَ فِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَلَا يُنَافِي كَوْنَهُ قَدْ يَثْبُتُ بِأَكْثَرَ مِنْهُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: بَلْ الثُّبُوتُ فِي صُورَةِ الْأَكْثَرِ إنَّمَا حَصَلَ بِوَاحِدٍ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ فَمَا زَادَ لَمْ يُفِدْ إلَّا التَّأْكِيدَ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مَنْطُوقًا

[إذا الهلال رئي ببلد لزم حكمه البلد القريب]

وَاحِدَةٍ كَمَا فِي حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ (دُونَ الْبَعِيدِ فِي الْأَصَحِّ) كَالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ، وَالثَّانِي يَلْزَمُ فِي الْبَعِيدِ أَيْضًا (وَالْبَعِيدُ مَسَافَةَ الْقَصْرِ) وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِتَعْلِيقِ الشَّرْعِ بِهَا كَثِيرًا مِنْ الْأَحْكَامِ (وَقِيلَ) الْبَعِيدُ (بِاخْتِلَافِ الْمَطَالِعِ. قُلْت: هَذَا أَصَحُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) إذْ أَمْرُ الْهِلَالِ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَلِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ «كُرَيْبٌ قَالَ رَأَيْت الْهِلَالَ بِالشَّامِ، ثُمَّ قَدِمْت الْمَدِينَةَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَتَى رَأَيْتُمْ الْهِلَالَ؟ قُلْت: لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، قَالَ: أَنْتَ رَأَيْته؟ قُلْت: نَعَمْ، وَرَآهُ النَّاسُ وَصَامُوا وَصَامَ مُعَاوِيَةُ، فَقَالَ لَكِنَّا رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْتِ فَلَا نَزَالُ نَصُومُ حَتَّى نُكْمِلَ الْعِدَّةَ، فَقُلْت: أَوَلَا نَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ مُعَاوِيَةَ وَصِيَامِهِ؟ قَالَ: لَا هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَقِيَاسًا عَلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَالشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا وَلِأَنَّ الْمَنَاظِرَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَطَالِعِ وَالْمَعْرُوضِ فَكَانَ اعْتِبَارُهَا أَوْلَى، وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّ اعْتِبَارَ الْمَطَالِعِ يُحْوِجُ إلَى حِسَابِ وَتَحْكِيمِ الْمُنَجِّمِينَ مَعَ عَدَمِ اعْتِبَارِ قَوْلِهِمْ كَمَا مَرَّ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِهِ فِي الْأُصُولِ وَالْأُمُورِ الْعَامَّةِ عَدَمُ اعْتِبَارِهِ فِي التَّوَابِعِ وَالْأُمُورِ الْخَاصَّةِ، وَلَوْ شُكَّ فِي اتِّفَاقِهَا فَهُوَ كَاخْتِلَافِهَا، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُوبِهِ وَلِأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ بِالرُّؤْيَةِ وَلَمْ يَثْبُتْ فِي حَقِّ هَؤُلَاءِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ قُرْبِهِمْ مِنْ بَلَدِ الرُّؤْيَةِ. نَعَمْ لَوْ بَانَ الِاتِّفَاقُ لَزِمَهُمْ الْقَضَاءُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَقَدْ نَبَّهَ التَّاجُ التَّبْرِيزِيُّ عَلَى أَنَّ اخْتِلَافَ الْمَطَالِعِ لَا يُمْكِنُ فِي أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَالْأَوْجَهُ أَنَّهَا تَحْدِيدِيَّةٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ أَيْضًا، وَنَبَّهَ السُّبْكِيُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّهَا إذَا اخْتَلَفَتْ لَزِمَ مِنْ رُؤْيَتِهِ بِالْبَلَدِ الشَّرْقِيِّ رُؤْيَتُهُ بِالْبَلَدِ الْغَرْبِيِّ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ، وَأَطَالَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ: أَيْ حَيْثُ اتَّحَدَتْ الْجِهَةُ وَالْعَرْضُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ مَاتَ مُتَوَارِثَانِ وَأَحَدُهُمَا بِالْمَشْرِقِ وَالْآخَرُ بِالْمَغْرِبِ كُلٌّ وَقْتَ زَوَالِ بَلَدِهِ وَرِثَ الْغَرْبِيُّ الشَّرْقِيَّ لِتَأَخُّرِ زَوَالِ بَلَدِهِ (وَإِذَا لَمْ نُوجِبْ عَلَى أَهْلِ الْبَلَدِ الْآخَرِ) وَهُوَ الْبَعِيدُ (فَصَارَ إلَيْهِ مِنْ بَلَدِ الرُّؤْيَةِ) مَنْ صَامَ بِهِ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُوَافِقُهُمْ) حَتْمًا (فِي الصَّوْمِ آخِرًا) وَإِنْ كَانَ قَدْ أَتَمَّ ثَلَاثِينَ لِأَنَّهُ بِالِانْتِقَالِ إلَيْهِمْ صَارَ مِنْهُمْ، وَرُوِيَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَمَرَ كُرَيْبًا بِذَلِكَ، وَالثَّانِي يُفْطِرُ لِأَنَّهُ لَزِمَهُ حُكْمُ الْبَلَدِ الْأَوَّلِ فَيَسْتَمِرُّ عَلَيْهِ (وَمَنْ سَافَرَ مِنْ الْبَلَدِ الْآخَرِ) أَيْ الَّذِي لَمْ يُرَ فِيهِ (إلَى بَلَدِ الرُّؤْيَةِ) ، (عَيَّدَ مَعَهُمْ) ـــــــــــــــــــــــــــــS [إذَا الْهِلَالُ رُئِيَ بِبَلَدٍ لَزِمَ حُكْمُهُ الْبَلَدَ الْقَرِيبَ] قَوْلُهُ: بِاخْتِلَافِ الْمَطَالِعِ إلَخْ) . [فَرْعٌ] مَا حُكْمُ تَعَلُّمِ اخْتِلَافِ الْمَطَالِعِ؟ يُتَّجَهُ أَنْ يَكُونَ كَتَعَلُّمِ أَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ حَتَّى يَكُونَ فَرْضَ عَيْنٍ فِي السَّفَرِ وَفَرْضَ كِفَايَةٍ فِي الْحَضَرِ وِفَاقًا ل مَرَّ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَالتَّعْبِيرُ بِالسَّفَرِ وَالْحَضَرِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَالْمَدَارُ عَلَى مَحِلٍّ تَكْثُرُ فِيهِ الْحَاضِرُونَ أَوْ تَقِلُّ كَمَا قَدَّمَهُ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُوبِهِ) قَالَ سم عَنْ بَهْجَةٍ قَوْلُهُ فَلَا وُجُوبَ هَلْ يَجُوزُ الْقِيَاسُ لَا (قَوْلُهُ: التَّبْرِيزِيُّ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَالرَّاءِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَالتَّحْتِيَّةِ وَزَايٍ نِسْبَةً إلَى تَبْرِيزَ بَلَدٍ بِأَذْرَبِيجَانَ اهـ لب لِلسُّيُوطِيِّ (قَوْلُهُ: فِي أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا) وَقَدْرُهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ لَكِنْ يَبْقَى الْكَلَامُ فِي مَبْدَإِ الثَّلَاثَةِ بِأَيِّ طَرِيقٍ يُفْرَضُ حَتَّى لَا تَخْتَلِفَ الْمَطَالِعُ بَعْدَهُ رَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: عَيَّدَ مَعَهُمْ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَلَوْ أَفْسَدَ صَوْمَ الْيَوْمِ الْآخَرِ الَّذِي وَافَقَهُمْ فِيهِ لِكَوْنِهِ وَصَلَهُمْ قَبْلَهُ بِحَيْثُ يُبَيِّتُ النِّيَّةَ فَهَلْ يَلْزَمُ قَضَاؤُهُ وَالْكَفَّارَةُ إذَا كَانَ الْإِفْسَادُ لِجِمَاعٍ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ عَدَمُ اللُّزُومِ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ صَوْمُهُ إلَّا بِطَرِيقِ الْمُوَافَقَةِ لَا بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ عَنْ وَاجِبِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْيَوْمُ هُوَ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ مِنْ صَوْمِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ مَا ذُكِرَ، أَوْ يَكُونَ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ فَيَلْزَمُهُ فَلْيُحَرَّرْ، وَقَدْ يُقَالُ: الْأَوْجَهُ اللُّزُومُ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْهُمْ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ فِي أَوَّلِ بَابِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ لِتَأَخُّرِ زَوَالِ بَلَدِهِ) الَّذِي ذَكَرَهُ أَهْلُ هَذَا الشَّأْنِ أَنَّ الزَّوَالَ إنَّمَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الطُّولِ لَا بِاخْتِلَافِ الْعَرْضِ، فَمَتَى اتَّحَدَ الطُّولُ اتَّحَدَ وَقْتُ الزَّوَالِ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْعَرْضُ، وَإِذَا اخْتَلَفَ الطُّولُ اخْتَلَفَ الزَّوَالُ وَإِنْ اتَّحَدَ الْعَرْضُ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ

حَتْمًا لِمَا مَرَّ سَوَاءٌ أَصَامَ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ بِأَنْ كَانَ رَمَضَانُ نَاقِصًا عِنْدَهُمْ أَيْضًا فَوَقَعَ عِيدُهُ مَعَهُمْ فِي التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ صَوْمِهِ أَمْ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ بِأَنْ كَانَ رَمَضَانُ تَامًّا عِنْدَهُمْ (وَقَضَى يَوْمًا) إنْ صَامَ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ إذْ الشَّهْرُ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ صَامَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إذْ الشَّهْرُ يَكُونُ كَذَلِكَ. (وَ) عَلَى الْأَصَحِّ (مَنْ أَصْبَحَ مُعِيدًا فَسَارَتْ سَفِينَتُهُ) مَثَلًا (إلَى بَلْدَةٍ بَعِيدَةٍ أَهْلُهَا صِيَامٌ) (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُمْسِكُ بَقِيَّةَ الْيَوْمِ) حَتْمًا لِمَا مَرَّ، وَالثَّانِي لَا يَجِبُ إمْسَاكُهَا لِعَدَمِ وُرُودِ أَثَرٍ فِيهِ، وَتَجْزِئَةُ الْيَوْمِ الْوَاحِدِ بِإِمْسَاكِ بَعْضِهِ دُونَ بَعْضٍ بَعِيدٌ، وَرَدَّ الرَّافِعِيُّ الِاسْتِبْعَادَ بِيَوْمِ الشَّكِّ إذَا ثَبَتَ الْهِلَالُ فِي أَثْنَائِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ إمْسَاكُ بَاقِيهِ دُونَ أَوَّلِهِ وَنَازَعَ فِيهِ السُّبْكِيُّ، وَتُتَصَوَّرُ الْمَسْأَلَةُ بِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ مِنْ صَوْمِ الْبَلَدَيْنِ لَكِنْ الْمُنْتَقَلُ إلَيْهِمْ لَمْ يَرَوْهُ، وَبِأَنْ يَكُونَ التَّاسِعَ وَالْعِشْرِينَ مِنْ صَوْمِهِمْ لِتَأَخُّرِ ابْتِدَائِهِ بِيَوْمٍ. وَيُسَنُّ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالْأَمْنِ وَالْإِيمَانِ وَالسَّلَامَةِ وَالْإِسْلَامِ وَالتَّوْفِيقِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، رَبُّنَا وَرَبُّك اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ، اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك خَيْرَ هَذَا الشَّهْرِ وَأَعُوذُ بِك مِنْ شَرِّ الْقَدَرِ وَشَرِّ الْمَحْشَرِ، وَمَرَّتَيْنِ هِلَالُ خَيْرٍ وَرُشْدٍ، وَثَلَاثًا آمَنْت بِاَلَّذِي خَلَقَك، ثُمَّ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي ذَهَبَ بِشَهْرِ كَذَا وَجَاءَ بِشَهْرِ كَذَا لِلِاتِّبَاعِ فِي كُلِّ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَوَاقِيتِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَعَشْرُ لَيَالٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ مَا نَصُّهُ: مَا بَيْنَ مُنْتَهَى غُرُوبِ آخِرِ رَمَضَانَ وَفَجْرِ النَّحْرِ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَلَدِ الَّذِي هُوَ فِيهِ فَيَصِحُّ إحْرَامُهُ بِهِ فِيهِ وَإِنْ انْتَقَلَ بَعْدَهُ إلَى بَلَدٍ أُخْرَى تُخَالِفُ مَطْلَعَ تِلْكَ وَوَجَدَهُمْ صِيَامًا عَلَى الْأَوْجَهِ لِأَنَّ وُجُوبَ مُوَافَقَتِهِ لَهُمْ فِي الصَّوْمِ لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَ حَجِّهِ الَّذِي انْعَقَدَ لِشِدَّةِ تَشَبُّثِ الْحَجِّ وَلُزُومِهِ، بَلْ قَالَ فِي الْخَادِمِ نَقْلًا عَنْ غَيْرِهِ: لَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ لَوْ جَامَعَ فِي الثَّانِيَةِ وَإِنْ لَزِمَهُ الْإِمْسَاكُ، قَالَ: وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَا تَجِبُ فِطْرَةُ مَنْ لَزِمَتْهُ فِطْرَتُهُ بِغُرُوبِ شَمْسِهِ، وَعَلَى هَذَا يَصِحُّ الْإِحْرَامُ فِيهِ إعْطَاءً لَهُ حُكْمَ شَوَّالٍ اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْكَفَّارَةِ قَرِيبٌ لِأَنَّهَا تَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ، وَفِي الْفِطْرَةِ يَتَعَيَّنُ فَرْضُهُ فِيمَا إذَا حَدَثَ الْمُؤَدَّى عَنْهُ فِي الْبَلَدِ الْأَوَّلِ قَبْلَ غُرُوبِ الْيَوْمِ الثَّانِي، وَإِلَّا فَالْوَجْهُ لُزُومُهَا لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِيهَا بِمَحِلِّ الْمُؤَدِّي، وَأَمَّا الْإِحْرَامُ فَاَلَّذِي يَتَّجِهُ عَدَمُ صِحَّتِهِ لِأَنَّهُ بَعْدَ أَنْ انْتَقَلَ إلَيْهَا صَارَ مِثْلَهُمْ فِي الصَّوْمِ، فَكَذَا الْحَجُّ لِأَنَّهُ لَا فَارِقَ بَيْنَهُمَا وَلَا تُرَدُّ الْكَفَّارَةُ لِمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ) هُوَ ظَاهِرٌ إذَا رَآهُ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ أَمَّا لَوْ رَآهُ بَعْدَهَا فَالظَّاهِرُ عَدَمُ سَنِّهِ وَإِنْ سَمَّى هِلَالًا فِيهَا بِأَنْ لَمْ تَمْضِ عَلَيْهِ ثَلَاثُ لَيَالٍ وَإِنْ كَانَ عَدَمُ رُؤْيَتِهِ لَهُ لِضَعْفٍ فِي بَصَرِهِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِرُؤْيَتِهِ الْعِلْمُ بِهِ كَالْأَعْمَى إذَا أُخْبِرَ بِهِ وَالْبَصِيرِ الَّذِي لَمْ يَرَهُ لِمَانِعٍ. (قَوْلُهُ: وَشَرِّ الْمَحْشَرِ) عِبَارَةُ مُخْتَارِ الصِّحَاحِ الْمَحْشَرُ بِكَسْرِ الشِّينِ مَوْضِعُ الْحَشْرِ، وَالْقِيَاسُ جَوَازُ الْفَتْحِ أَيْضًا لِأَنَّ فِعْلَهُ جَاءَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَنَصَرَ وَالْفَتْحُ قِيَاسٌ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْحَمْدُ لِلَّهِ) وَأَنْ يَقْرَأَ بَعْدَ ذَلِكَ تَبَارَكَ لِأَثَرٍ فِيهِ وَلِأَنَّهَا الْمُنْجِيَةُ الْوَاقِيَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[فصل في أركان الصوم]

فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ وَكَثِيرًا مَا يُعَبِّرُ الْمُصَنِّفُ بِالشَّرْطِ مُرِيدًا بِهِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَيَشْمَلُ الرُّكْنَ كَمَا هُنَا، وَأَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (النِّيَّةُ شَرْطٌ لِلصَّوْمِ) لِخَبَرِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» وَمَحِلُّهَا الْقَلْبُ، فَلَا تَكْفِي بِاللِّسَانِ قَطْعًا كَمَا لَا يُشْتَرَطُ التَّلَفُّظُ بِهَا قَطْعًا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَلَوْ تَسَحَّرَ لَيَصُومَ أَوْ شَرِبَ لِدَفْعِ الْعَطَشِ عَنْهُ نَهَارًا أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ أَوْ الْجِمَاعِ خَوْفَ طُلُوعِ الْفَجْرِ كَانَ نِيَّةً إنْ خَطَرَ الصَّوْمُ بِبَالِهِ بِصِفَاتِهِ الشَّرْعِيَّةِ لِتَضَمُّنِ كُلٍّ مِنْهَا قَصْدَ الصَّوْمِ (وَيُشْتَرَطُ لِفَرْضِهِ) أَيْ الصَّوْمِ مِنْ رَمَضَانَ وَلَوْ مِنْ صَبِيٍّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَوْ غَيْرِهِ كَقَضَاءٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ اسْتِسْقَاءٍ أَمَرَ بِهِ الْإِمَامُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ أَوْ نَذْرٍ (التَّبْيِيتُ) لِلنِّيَّةِ وَهُوَ إيقَاعُهَا لَيْلًا لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ لَمْ يُبَيِّتْ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَا صِيَامَ لَهُ» وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْفَرْضِ بِقَرِينَةِ الْخَبَرِ الْآتِي، فَإِنْ لَمْ يُبَيِّتْ لَمْ يَقَعْ عَنْ رَمَضَانَ بِلَا خِلَافٍ، وَهَلْ يَقَعُ نَفْلًا؟ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا عَدَمُهُ وَلَوْ مِنْ جَاهِلٍ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظَائِرِهِ بِأَنَّ رَمَضَانَ لَا يَقْبَلُ غَيْرَهُ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْأَوْجَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ نَوَى فِي غَيْرِ رَمَضَانَ صَوْمَ نَحْوِ قَضَاءٍ أَوْ نَذْرٍ قَبْلَ الزَّوَالِ انْعِقَادَهُ نَفْلًا إنْ كَانَ جَاهِلًا. وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ لَوْ قَالَ: أَصُومُ عَنْ الْقَضَاءِ أَوْ تَطَوُّعًا لَمْ يَجُزْ عَنْ الْقَضَاءِ قَطْعًا وَيَصِحُّ نَفْلًا فِي غَيْرِ رَمَضَانَ، وَلَا بُدَّ مِنْ التَّبْيِيتِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ إذْ كُلُّ يَوْمٍ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لِتَخَلُّلِ الْيَوْمَيْنِ بِمَا يُنَاقِضُ الصَّوْمَ كَالصَّلَاةِ يَتَخَلَّلُهَا السَّلَامُ. وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالشَّرْطِ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ عِنْدَ النِّيَّةِ فِي أَنَّهَا مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْفَجْرِ أَوْ لَا لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَقَدُّمِهَا، وَلَوْ نَوَى ثُمَّ شَكَّ هَلْ طَلَعَ الْفَجْرُ أَوْ لَا صَحَّ إذْ الْأَصْلُ بَقَاءُ اللَّيْلِ، وَلَوْ شَكَّ نَهَارًا هَلْ نَوَى لَيْلًا ثُمَّ تَذَكَّرَ وَلَوْ بَعْدَ الْغُرُوبِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ صَحَّ أَيْضًا إذْ هُوَ مِمَّا لَا يَنْبَغِي التَّرَدُّدُ فِيهِ لِأَنَّ نِيَّةَ الْخُرُوجِ لَا تُؤَثِّرُ فَكَيْفَ يُؤَثِّرُ الشَّكُّ فِي النِّيَّةِ، بَلْ مَتَى تَذَكَّرَهَا قَبْلَ قَضَاءِ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يَجِبْ قَضَاؤُهُ، وَالتَّعْبِيرُ بِمَا ذُكِرَ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَذَكُّرُهَا عَلَى الْفَوْرِ، وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ الْغُرُوبِ هَلْ نَوَى أَوْ لَا وَلَمْ يَتَذَكَّرْ لَمْ يُؤَثِّرْ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ فِي الْكُفَّارِ وَلَوْ صَامَ ثُمَّ شَكَّ بَعْدَ الْغُرُوبِ هَلْ نَوَى أَوْ لَا أَجْزَأَهُ، بَلْ صَرَّحَ ـــــــــــــــــــــــــــــS [فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ] ِ. (قَوْلُهُ: وَأَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ) أَيْ إلَى الرُّكْنِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: كَقَضَاءٍ) بَيَانٌ لِلْغَيْرِ. (قَوْلُهُ: لِتَخَلُّلِ الْيَوْمَيْنِ) أَيْ كُلِّ يَوْمَيْنِ وَلَوْ صَرَّحَ بِهِ كَانَ أَوْلَى. (قَوْلُهُ: مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالشَّرْطِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَيُشْتَرَطُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَيْلًا ثُمَّ تَذَكَّرَ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ وَجَبَ الْقَضَاءُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النِّيَّةِ. قَالَ حَجّ: وَلَوْ شَكَّ هَلْ وَقَعَتْ نِيَّتُهُ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُقُوعِهَا لَيْلًا إذْ الْأَصْلُ فِي كُلِّ حَادِثٍ تَقْدِيرُهُ بِأَقْرَبِ زَمَنٍ اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَهَذِهِ الصُّورَةُ مُغَايِرَةٌ لِقَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ: وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالشَّرْطِ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ إلَخْ، لِأَنَّ الشَّكَّ فِي تِلْكَ وَقَعَ مُقَارِنًا لِلنِّيَّةِ وَمَا هُنَا طَرَأَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَشَكَّ فِي الْوَقْتِ الَّذِي نَوَى فِيهِ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ قَضَاءِ ذَلِكَ الْيَوْمِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ التَّذَكُّرُ بَعْدَهُ بِسِنِينَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَامَ ثُمَّ شَكَّ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ [يُسَنُّ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ] (فَصْلٌ) فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ (قَوْلُهُ: وَأَشَارَ لِلْأَوَّلِ) أَيْ لِلرُّكْنِ الْأَوَّلِ بِقَرِينَةِ مَا سَيَأْتِي قُبَيْلَ الْفَصْلِ الْآتِي (قَوْلُهُ بِصِفَاتِهِ الشَّرْعِيَّةِ) أَيْ الَّتِي يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهَا فِي النِّيَّةِ مِمَّا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ مِمَّا لَا يَنْبَغِي التَّرَدُّدُ فِيهِ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعًا إلَى الصَّوْمِ فَالْمَعْنَى أَنَّ الصَّوْمَ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ التَّرَدُّدُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَتَأَثَّرُ بِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا إلَى الْحُكْمِ فَالْمَعْنَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ وَاضِحٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَوَقَّفَ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ فِي الْكَفَّارَةِ) إنَّمَا قَالَ أَخْذًا مَعَ أَنَّ مَا فِي الْكَفَّارَةِ نَصٌّ فِي الْمَسْأَلَةِ

بِهِ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْحَيْضِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُتَحَيِّرَةِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ فِيمَا لَوْ شَكَّ فِي النِّيَّةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا وَلَمْ يَتَذَكَّرْ حَيْثُ تُلْزِمُهُ الْإِعَادَةُ التَّضْيِيقَ فِي نِيَّةِ الصَّلَاةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الْخُرُوجَ مِنْهَا بَطَلَتْ فِي الْحَالِ، وَلَوْ نَوَى قَبْلَ الْغُرُوبِ أَوْ مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ لَمْ يُجْزِهِ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ السَّابِقِ (وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ) فِي التَّبْيِيتِ (النِّصْفُ الْآخَرُ مِنْ اللَّيْلِ) بَلْ يَكْفِي مِنْ أَوَّلِهِ لِإِطْلَاقِ التَّبْيِيتِ فِي الْخَبَرِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ. وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ لِقُرْبِهِ مِنْ الْعِبَادَةِ. (وَ) الصَّحِيحُ (أَنَّهُ لَا يَضُرُّ) (الْأَكْلُ وَالْجِمَاعُ) وَغَيْرُهُمَا مِنْ مُنَافِي الصَّوْمِ (بَعْدَهَا) أَيْ النِّيَّةِ وَقَبْلَ الْفَجْرِ إذْ الْمُنَافِي مُبَاحٌ لِطُلُوعِ الْفَجْرِ، فَلَوْ أَبْطَلَهَا لَامْتَنَعَ إلَى طُلُوعِهِ، وَكَذَا لَوْ حَدَثَ بَعْدَهَا جُنُونٌ أَوْ نِفَاسٌ لَا رِدَّةٌ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا مَالَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ. وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الزَّرْكَشِيّ: لَوْ نَوَى رَفْضَ النِّيَّةِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَجَبَ تَجْدِيدُهَا بِلَا خِلَافٍ، وَوَجْهُهُ أَنَّ رَفْضَ النِّيَّةِ يُنَافِيهَا فَأَثَّرَ فِيهَا قَبْلَ الْفَجْرِ لِضَعْفِهَا حِينَئِذٍ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْجِمَاعِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُنَافِي الصَّوْمَ لَا النِّيَّةَ وَالرِّدَّةُ مُنَافِيَةٌ لِلنِّيَّةِ فَكَانَتْ كَرَفْضِهَا (وَ) الصَّحِيحُ (أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّجْدِيدُ) لَهَا (إذَا) (نَامَ) بَعْدَهَا (ثُمَّ تَنَبَّهْ) لَيْلًا لِأَنَّ النَّوْمَ غَيْرُ مُنَافٍ لِلصَّوْمِ. وَالثَّانِي يَجِبُ تَقْرِيبًا لِلنِّيَّةِ مِنْ الْعِبَادَةِ بِقَدْرِ الْوُسْعِ، فَإِنْ اسْتَمَرَّ النَّوْمُ إلَى الْفَجْرِ لَمْ يَضُرَّ قَطْعًا. (وَيَصِحُّ النَّفَلُ بِنِيَّةٍ قَبْلَ الزَّوَالِ) لِمَا صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِعَائِشَةَ يَوْمًا؟ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ غَدَاءٍ؟ قَالَتْ لَا، قَالَ: فَإِنِّي إذَنْ أَصُومُ، وَيَوْمًا آخَرَ: هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ قَالَتْ نَعَمْ، قَالَ: إذَنْ أُفْطِرُ وَإِنْ كُنْت فَرَضْت الصَّوْمَ» وَاخْتُصَّ بِمَا قَبْلَ الزَّوَالِ لِلْخَبَرِ، إذْ الْغَدَاءُ بِفَتْحِ الْغَيْنِ اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ قَبْلَ الزَّوَالِ وَالْعَشَاءُ اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ بَعْدَهُ وَلِإِدْرَاكِ مُعْظَمِ النَّهَارِ بِهِ غَالِبًا بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ يُرِيدُ صَوْمَ النَّفْلِ كَمَا فِي رَكْعَةِ الْمَسْبُوقِ (وَكَذَا) تَصِحُّ نِيَّتُهُ (بَعْدَهُ فِي) (قَوْلٍ) قِيَاسًا عَلَى مَا قَبْلَهُ تَسْوِيَةً بَيْنَ أَجْزَاءِ النَّهَارِ كَمَا فِي النِّيَّةِ لَيْلًا (وَالصَّحِيحُ اشْتِرَاطُ حُصُولِ شَرْطِ الصَّوْمِ) فِي النِّيَّةِ (مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ) بِأَنْ لَا يَسْبِقَهَا مُنَافٍ بَلْ تَجْتَمِعُ شَرَائِطُ الصَّوْمِ مِنْ الشَّخْصِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ صَائِمٌ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ حَتَّى يُثَابَ عَلَى جَمِيعِهِ إذْ صَوْمُهُ لَا يَتَبَعَّضُ كَمَا فِي الرَّكْعَةِ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ، وَلَوْ أَصْبَحَ وَلَمْ يَنْوِ صَوْمًا ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَلَمْ يُبَالِغْ فَسَبَقَ مَاءُ الْمَضْمَضَةِ إلَى جَوْفِهِ ثُمَّ نَوَى صَوْمَ تَطَوُّعٍ صَحَّ وَكَذَا كُلُّ مَا لَا يَبْطُلُ بِهِ الصَّوْمُ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يُشْتَرَطُ مَا ذُكِرَ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَشَرْطُ الصَّوْمِ هُنَا الْإِمْسَاكُ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ إلَى آخِرِهِ وَدَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ مِثْلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِلنِّيَّةِ مَعَ أَنَّهَا تَقَدَّمَتْ فِي كَلَامِهِ فَلَيْسَتْ مُرَادَةً هُنَا، وَقَوْلُهُ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَهُ: أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ النِّيَّةِ بَعْدَهُ. (وَيَجِبُ) فِي النِّيَّةِ (التَّعْيِينُ فِي الْفَرْضِ) الْمَنْوِيِّ كَرَمَضَانَ أَوْ نَذْرٍ أَوْ قَضَاءٍ أَوْ كَفَّارَةٍ وَفِي نَفْلٍ لَهُ سَبَبٌ كَمَا بَحَثَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ ـــــــــــــــــــــــــــــSهَلْ مِثْلُ الصَّوْمِ بَقِيَّةُ خِصَالِهَا فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ التَّسْوِيَةُ (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ) أَيْ بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَلَا يَضُرُّ نِيَّتَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ التَّبْيِيتَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: جُنُونٌ أَوْ نِفَاسٌ) أَيْ وَزَالَا قَبْلَ الْفَجْرِ (قَوْلُهُ: لِضَعْفِهَا حِينَئِذٍ) لَكِنْ هَذَا قَدْ يَقْتَضِي تَأْثِيرَ النِّفَاسِ وَالْجُنُونِ لِمُنَافَاتِهِمَا النِّيَّةَ (قَوْلُهُ: إنَّهُ لَا يَجِبُ التَّجْدِيدُ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُسَنَّ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كُنْت فَرَضْت) أَيْ قَدَّرْت. (قَوْلُهُ: إذْ الْغَدَاءُ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَأَمَّا بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ فَاسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّ جِدًّا لَكِنْ فِي الْأَيْمَانِ التَّقْيِيدُ بِمَا يُسَمَّى غَدَاءً فِي الْعُرْفِ فَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ لُقَمٍ يَسِيرَةٍ مَنْ حَلَفَ لَا يَتَغَذَّى، وَمِنْهُ مَا اُعْتِيدَ مِمَّا يُسَمُّونَهُ فَطُورًا كَشُرْبِ الْقَهْوَةِ وَأَكْلِ الشَّرِيكِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَلَمْ يُبَالِغْ) أَيْ فَإِنْ بَالَغَ وَوَصَلَ الْمَاءُ إلَى جَوْفِهِ لَمْ تَصِحَّ نِيَّتُهُ بَعْدُ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّهُ إنَّمَا أَفْطَرَ بِهِ فِي الصَّوْمِ لِتَوَلُّدِهِ مِنْ مَكْرُوهٍ، بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ الْمُبَالَغَةَ فِي حَقِّهِ مَنْدُوبَةٌ لِكَوْنِهِ لَيْسَ فِي صَوْمٍ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: مَا لَا يَبْطُلُ بِهِ الصَّوْمُ) أَيْ كَالْأَكْلِ مُكْرَهًا اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: وَفِي نَفْلٍ لَهُ سَبَبٌ) كَصَوْمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَنَّهُ فَرَضَ كَلَامَهُ هُنَا فِي رَمَضَانَ وَإِنْ كَانَ حَمْلُ الْمَتْنِ فِيمَا مَرَّ عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ (قَوْلُهُ لِضَعْفِهَا) أَيْ ضَعْفًا نِسْبِيًّا فَلَا يُشْكِلُ بِعَدَمِ بُطْلَانِهَا بِالْحَيْضِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ إلَخْ) كَذَا فِي النُّسَخِ وَعِبَارَةُ الْإِمْدَادِ لِلْحُكْمِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ إلَخْ

أَوْ مُؤَقَّتٍ عَلَى مَا بَحَثَهُ فِي الْمَجْمُوعِ كَصَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَعَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ وَأَيَّامِ الْبِيضِ وَسِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ. وَرَدَّ بِأَنَّ الصَّوْمَ فِي الْأَيَّامِ الْمُتَأَكَّدِ صَوْمُهَا مُنْصَرِفٌ إلَيْهَا، بَلْ لَوْ نَوَى بِهِ غَيْرَهَا حَصَلَتْ أَيْضًا كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وُجُودُ صَوْمٍ فِيهَا. وَيُسْتَثْنَى مِنْ وُجُوبِ التَّعْيِينِ مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَيْنِ أَوْ صَوْمُ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٌ مِنْ جِهَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ فَنَوَى صَوْمَ غَدٍ عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ أَوْ صَوْمِ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ جَازَ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ عَنْ قَضَاءِ أَيِّهِمَا فِي الْأَوَّلِ وَلَا نَوْعِهِ فِي الْبَاقِي لِأَنَّهُ كُلَّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ؛ وَلَوْ نَوَى صَوْمَ غَدٍ وَهُوَ يَعْتَقِدُهُ الِاثْنَيْنِ فَكَانَ الثُّلَاثَاءَ أَوْ صَوْمَ رَمَضَانَ هَذِهِ السَّنَةَ وَهُوَ يَعْتَقِدُهَا سَنَةَ ثَلَاثٍ فَكَانَتْ سَنَةَ أَرْبَعٍ صَحَّ صَوْمُهُ، وَلَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى صَوْمَ الثُّلَاثَاءِ لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ وَلَمْ يَخْطِرْ بِبَالِهِ صَوْمُ غَدٍ أَوْ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَكَانَتْ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَلَمْ يَخْطِرْ بِبَالِهِ السَّنَةُ الْحَاضِرَةُ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ الْوَقْتَ الَّذِي نَوَى فِي لَيْلَتِهِ وَلَوْ نَوَى صَوْمَ غَدٍ يَوْمَ الْأَحَدِ مَثَلًا وَهُوَ غَيْرُهُ فَوَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ الصِّحَّةُ مِنْ الْغَالِطِ لَا الْعَامِدِ لِتَلَاعُبِهِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ ابْنِ الصَّبَّاغِ الْإِجْزَاءَ. وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُتَوَلِّي: لَوْ كَانَ عَلَيْهِ يَوْمٌ مِنْ رَمَضَانَ مِنْ سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَنَوَى يَوْمًا مِنْ سَنَةٍ أُخْرَى غَلَطًا لَمْ يُجْزِهِ كَمَنْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ قَتْلٍ فَأَعْتَقَ بِنِيَّةِ كَفَّارَةِ ظِهَارٍ لِأَنَّ ذِكْرَ الْغَدِ هُنَا أَوْ نِيَّتَهُ مُعَيَّنٌ فَلَمْ يُؤَثِّرْ مَعَهُ الْغَلَطُ، بِخِلَافِهِ فِيمَا ذُكِرَ فَإِنَّ الصَّوْمَ وَاقِعٌ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ وَلَمْ يَحْصُلْ تَعْيِينُهُ وَلَمْ يَقَعْ الصَّوْمُ عَنْهُ " وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ صَوْمٌ لَمْ يَدْرِ سَبَبَهُ كَفَاهُ نِيَّةُ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَعْيِينًا لِلضَّرُورَةِ، كَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ لَا يَعْرِفُ عَيْنَهَا فَإِنَّهُ يُصَلِّي الْخَمْسَ وَيُجْزِيهِ عَمَّا عَلَيْهِ. لَا يُقَالُ: قِيَاسُ الصَّلَاةِ لُزُومُ صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يَنْوِي وَاحِدًا عَنْ الْقَضَاءِ وَآخَرَ عَنْ النَّذْرِ وَآخَرَ عَنْ الْكَفَّارَةِ. لِأَنَّا نَقُولُ: لَمْ تَشْتَغِلْ هُنَا ذِمَّتُهُ بِالثَّلَاثِ، وَالْأَصْلُ بَعْدَ إتْيَانِ صَوْمِ يَوْمٍ بِنِيَّةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِمَّا زَادَ، بِخِلَافِ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ فَإِنَّ ذِمَّتَهُ اشْتَغَلَتْ بِجَمِيعِهَا وَالْأَصْلُ بَقَاءُ كُلٍّ مِنْهَا، فَإِنْ فُرِضَ أَنَّ ذِمَّتَهُ اشْتَغَلَتْ بِصَوْمِ الثَّلَاثِ وَأَتَى بِاثْنَيْنِ مِنْهَا وَنَسِيَ الثَّالِثَ فَقِيلَ يَلْتَزِمُ ذَلِكَ، وَالْأَوْجَهُ إبْقَاءُ كَلَامِهِمْ عَلَى عُمُومِهِ وَيُوَجَّهُ بِالتَّوَسُّعِ الْمَذْكُورِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكْتَفُوا ثَمَّ بِنِيَّةِ الصَّلَاةِ الْوَاجِبَةِ كَنَظِيرِهَا هُنَا لِأَنَّهُمْ تَوَسَّعُوا هُنَا مَا لَمْ يَتَوَسَّعُوا ثَمَّ بِدَلِيلِ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْمُقَارَنَةِ فِي نِيَّةِ الصَّوْمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ، وَخَرَجَ بِالتَّعْيِينِ مَا لَوْ نَوَى الصَّوْمَ عَنْ فَرْضِهِ أَوْ عَنْ فَرْضِ وَقْتِهِ فَلَا يَكْفِي كَمَا فِي الصَّلَاةِ. (وَكَمَالُهُ) أَيْ التَّعْيِينِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَعَبَّرَ عَنْهُ فِي الرَّوْضَةِ بِكَمَالِ النِّيَّةِ (فِي رَمَضَانَ أَنْ يَنْوِيَ صَوْمَ غَدٍ) أَيْ الْيَوْمِ الَّذِي يَلِي اللَّيْلَةَ الَّتِي يَنْوِي فِيهَا (عَنْ أَدَاءِ فَرْضِ رَمَضَانَ هَذِهِ السَّنَةَ لِلَّهِ تَعَالَى) بِإِضَافَةِ رَمَضَانَ لِتَتَمَيَّزَ عَنْ أَضْدَادِهَا، وَلَفْظُ غَدٍ قَدْ اُشْتُهِرَ فِي كَلَامِهِمْ فِي تَفْسِيرِ التَّعْيِينِ، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ مِنْ حَدِّ التَّعْيِينِ وَإِنَّمَا وَقَعَ ذَلِكَ مِنْ نَظَرِهِمْ إلَى التَّبْيِيتِ فَلَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ بِخُصُوصِهِ لِحُصُولِ التَّعْيِينِ دُونَهُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ نَوَى جَمِيعَ الشَّهْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالِاسْتِسْقَاءِ إذَا لَمْ يَأْمُرْ بِهِ الْإِمَامُ كَصَلَاتِهِ اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: وَرَدَ) أَيْ اشْتِرَاطُ التَّعْيِينِ فِي النَّفْلِ الْمُؤَقَّتِ (قَوْلُهُ: فِي الْأَوَّلِ) أَيْ قَضَاءَ رَمَضَانَيْنِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ إبْقَاءُ كَلَامِهِمْ) هُوَ قَوْلُهُ كَفَاهُ نِيَّةُ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ (قَوْلُهُ فَلَا يَكْفِي كَمَا فِي الصَّلَاةِ) أَيْ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى يَحْتَمِلُ رَمَضَانَ وَغَيْرَهُ وَفِي الثَّانِيَةِ يَحْتَمِلُ الْقَضَاءَ وَالْأَدَاءَ. (قَوْلُهُ: وَعَبَّرَ عَنْهُ فِي الرَّوْضَةِ بِكَمَالِ النِّيَّةِ) أَيْ وَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ التَّعْيِينِ لَكِنَّ الْمُرَادَ مِنْهُمَا وَاحِدٌ. (قَوْلُهُ: لِحُصُولِ التَّعْيِينِ دُونَهُ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا هُنَا مُحَرَّفٌ عَنْهَا مِنْ الْكَتَبَةِ فَإِنَّ مَا هُنَا مِنْ الْإِمْدَادِ حَرْفًا بِحَرْفٍ (قَوْلُهُ: بَلْ نَوَى بِهِ غَيْرَهَا حَصَلَتْ) هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ صَوْمِ الِاثْنَيْنِ: أَيْ أَوْ نَحْوِهِ لِعَدَمِ تَأَتِّيهِ فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَلَيْسَ ذِكْرُ الِاثْنَيْنِ فِي عِبَارَةِ الْمَجْمُوعِ الَّتِي نَقَلَهَا الْمَحَلِّيُّ كَغَيْرِهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقَعْ الصَّوْمُ عَنْهُ) عِبَارَةُ الْإِمْدَادِ فَلَمْ يَقَعْ (قَوْلُهُ: بِالتَّوَسُّعِ الْمَذْكُورِ) أَيْ فِيمَا بَعْدُ (قَوْلُهُ: وَكَمَالُهُ فِي رَمَضَانَ أَنْ يَنْوِيَ صَوْمَ غَدٍ إلَخْ) فَالتَّعْيِينُ هُنَا غَيْرُ الْمُرَادِ بِالتَّعْيِينِ فِيمَا مَرَّ أَيْ هُوَ ثَمَّ كَرَمَضَانَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَلَفْظُ غَدٍ قَدْ اُشْتُهِرَ فِي كَلَامِهِمْ إلَخْ) لَا مَوْقِعَ لَهُ هُنَا لِأَنَّ الْكَمَالَ فِي كَمَالِ التَّعْيِينِ لَا فِي التَّعْيِينِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ

حَصَلَ لَهُ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ. قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يُحْضِرَ فِي الذِّهْنِ صِفَاتِ الصَّوْمِ مَعَ ذَاتِهِ ثُمَّ يَضُمُّ الْقَصْدَ إلَى ذَلِكَ الْمَعْلُومِ، فَلَوْ خَطَرَ بِبَالِهِ الْكَلِمَاتُ مَعَ جَهْلِهِ مَعْنَاهَا لَمْ يَصِحَّ اهـ. وَيُغْنِي عَنْ ذِكْرِ الْأَدَاءِ أَنْ يَقُولَ: عَنْ هَذَا الرَّمَضَانِ، وَاحْتِيجَ لِذِكْرِهِ مَعَ هَذِهِ السَّنَةِ وَإِنْ اتَّحَدَ مُحْتَرِزُهُمَا، إذْ فَرْضُ غَيْرِ هَذِهِ السَّنَةِ لَا يَكُونُ إلَّا قَضَاءً؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْأَدَاءِ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الْفِعْلُ، وَقِيَاسُهُ أَنَّ نِيَّةَ الْأَدَاءِ فِي الصَّلَاةِ لَا تُغْنِي عَنْ ذِكْرِ الْيَوْمِ وَأَنَّهُ يُسَنُّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ ذِكْرُ الْغَدِ يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ السَّنَةِ رَدَّهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ الْيَوْمَ الَّذِي يَصُومُهُ غَيْرُ الْيَوْمِ الَّذِي يَصُومُ عَنْهُ، فَالتَّعَرُّضُ لِلْغَدِ يُفِيدُ الْأَوَّلَ وَلِلسَّنَةِ يُفِيدُ الثَّانِي، إذْ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لِمَنْ نَوَى صَوْمَ الْغَدِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ فَرْضِ رَمَضَانَ صِيَامُك الْيَوْمَ الْمَذْكُورَ هَلْ هُوَ عَنْ فَرْضِ هَذِهِ السَّنَةِ أَوْ عَنْ فَرْضِ سَنَةٍ أُخْرَى؟ فَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ السَّنَةَ إنَّمَا ذَكَرُوهَا آخِرًا لِتَعُودَ إلَى الْمُؤَدَّى بِهِ: أَيْ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ رَمَضَانُ مُضَافًا لِمَا بَعْدَهُ، وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ تَعَيُّنِ التَّعَرُّضِ لَهَا أَوْ لِلْأَدَاءِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ قَبْلَهُ يُرَدُّ بِأَنَّ الْأَصْلَ هُنَا الْقِيَاسُ عَلَى الصَّلَاةِ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ لَا يَتَعَيَّنُ ثَمَّ فَلَا يَتَعَيَّنُ هُنَا، وَسَبَبُهُ أَنَّ الْأَدَاءَ وَالْقَضَاءَ جِنْسُهُمَا وَاحِدٌ وَهُوَ فَرْضُ رَمَضَانَ فَلَا نَظَرَ لِاخْتِلَافِ نَوْعِهِمَا قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْقَفَّالِ (وَفِي الْأَدَاءِ وَالْفَرْضِيَّةِ وَالْإِضَافَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي الصَّلَاةِ) وَتَقَدَّمَ عَدَمُ اشْتِرَاطِ مَا عَدَا الْفَرْضِيَّةَ، أَمَّا هِيَ فَمُقْتَضَى كَلَامِهِ كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا اشْتِرَاطُهَا، لَكِنْ صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ تَبَعًا لِلْأَكْثَرِينَ عَدَمَ اشْتِرَاطِهَا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَفَرَّقَ بِأَنَّ صَوْمَ رَمَضَانَ مِنْ الْبَالِغِ لَا يَقَعُ إلَّا فَرْضًا، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَتَقَعُ الْمُعَادَةُ نَفْلًا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَلَا يَرِدُ اشْتِرَاطُ نِيَّتِهَا فِي الْمُعَادَةِ أَيْضًا كَمَا مَرَّ لِمُحَاكَاةِ مَا فَعَلَهُ أَوَّلًا (وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ السَّنَةِ) كَمَا لَا يُشْتَرَطُ الْأَدَاءُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُمَا وَاحِدٌ، وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ لِيَمْتَازَ ذَلِكَ عَمَّا يَأْتِي بِهِ فِي سَنَةٍ أُخْرَى. وَلَا بُدَّ فِي النِّيَّةِ مِنْ الْجَزْمِ فَلَوْ عَلَّقَهَا بِالْمَشِيئَةِ فَكَمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ أَوْ بِغَيْرِهَا فَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ نَوَى لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ صَوْمَ غَدٍ عَنْ رَمَضَانَ إنْ كَانَ مِنْهُ) وَصَامَهُ (فَكَانَ مِنْهُ لَمْ يَقَعْ عَنْهُ) سَوَاءٌ أَقَالَ مَعَهُ وَإِلَّا فَأَنَا مُفْطِرٌ أَمْ مُتَطَوِّعٌ أَمْ لَا فَلَا يَجْزِيهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ دُخُولِهِ وَلِأَنَّهُ صَامَ شَاكًّا وَلَمْ يَعْتَمِدْ سَبَبًا، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ لَمْ يَأْتِ بِإِنَّ الدَّالَّةَ عَلَى التَّرَدُّدِ فَلَا يَصِحُّ أَيْضًا، وَالْجَزْمُ فِيهِ حَدِيثُ نَفْسٍ لَا اعْتِبَارَ بِهِ إذْ لَمْ يَنْشَأْ عَمَّا يَأْتِي بِهِ مِنْ الْجَزْمِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْخَمِيسَ مَثَلًا عَنْ رَمَضَانَ، أَوْ رَمَضَانَ بِدُونِ ذِكْرِ يَوْمٍ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَحْضُرَ فِي الذِّهْنِ صِفَاتُ الصَّوْمِ) وَمِنْهَا كَوْنُ الشَّهْرِ رَمَضَانَ وَإِلَّا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ وَلَا غَيْرُهُ انْتَهَى سم (قَوْلُهُ: إلَى الْمُؤَدَّى بِهِ) أَيْ لَا الْمُؤَدَّى عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى) أَيْ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ هُنَا (قَوْلُهُ لِمُحَاكَاةِ مَا فَعَلَهُ أَوَّلًا) أَيْ وَلَكِنْ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ وَفَرَّقَ بِأَنَّ صَوْمَ رَمَضَانَ إلَخْ عَدَمُ اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي الْمُعَادَةِ، إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمَنْفِيَّ فِي الْمُعَادَةِ نِيَّةُ الْفَرْضِ الْحَقِيقِيِّ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهَا نِيَّةُ الْفَرْضِ الصُّورِيِّ لِلْمُحَاكَاةِ الْمَذْكُورَةِ. (قَوْلُهُ: فَكَمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ التَّبَرُّكَ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَجْزِيهِ) كَانَ الْأَوْلَى فِي التَّفْرِيعِ أَنْ يَقُولَ وَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ رَمَضَانَ لَا يَقْبَلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ صَوْمُ غَدٍ مِنْ رَمَضَانَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَصْحَابَ لَمَّا صَوَّرُوا التَّعْيِينَ الْوَاجِبَ بِمَا ذُكِرَ تَعَقَّبَهُ الشَّيْخَانِ بِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَاحْتِيجَ لِذِكْرِهِ مَعَ هَذِهِ السَّنَةِ) صَوَابُ الْعِبَارَةِ: وَاحْتِيجَ لِذِكْرِ السَّنَةِ مَعَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَفْظَ الْأَدَاءِ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الْفِعْلُ) يُقَالُ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَمَا الدَّاعِي إلَيْهِ مَعَ ذِكْرِ هَذِهِ السَّنَةِ (قَوْلُهُ: يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ السَّنَةِ) الْأَصْوَبُ عَنْ ذِكْرِ هَذِهِ السَّنَةِ (قَوْلُهُ إنَّمَا ذَكَرُوهَا آخِرًا لِتَعُودَ إلَى الْمُؤَدَّى بِهِ) كَذَا فِي النُّسَخِ وَصَوَابُهُ الْمُؤَدَّى عَنْهُ كَمَا هِيَ عِبَارَةُ الْإِمْدَادِ الَّتِي أَخَذَهَا الشَّارِحُ بِالْحَرْفِ (قَوْلُهُ: قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْقَفَّالِ) فِي الْقِيَاسِ وَقْفَةٌ تُعْلَمُ مِنْ مُرَاجَعَةِ كَلَامِ الْقَفَّالِ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ لَمْ يَأْتِ بِإِنْ الدَّالَّةِ عَلَى التَّرَدُّدِ) أَيْ كَإِنْ أَتَى بِإِذَا أَوْ مَتَى أَوْ نَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ: وَالْجَزْمُ فِيهِ) أَيْ فِي الَّذِي

حَقِيقَةً (إلَّا إذَا اعْتَقَدَ) أَيْ ظَنَّ (كَوْنَهُ مِنْهُ بِقَوْلِ مَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ عَبْدٍ أَوْ امْرَأَةٍ) أَوْ فَاسِقٍ (أَوْ صِبْيَانٍ رُشَدَاءَ) أَيْ مُخْتَبَرِينَ بِالصِّدْقِ إذْ غَلَبَةُ الظَّنِّ هُنَا كَالْيَقِينِ، كَمَا فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ فَتَصِحُّ النِّيَّةُ الْمَبْنِيَّةُ عَلَيْهِ، حَتَّى لَوْ تَبَيَّنَ لَيْلًا كَوْنَ غَدٍ مِنْ رَمَضَانَ لَمْ يَحْتَجْ إلَى نِيَّةٍ أُخْرَى وَجَمْعُ الصِّبْيَانِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، فَفِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَاعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ لَوْ أَخْبَرَهُ بِالرُّؤْيَةِ مَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ فَاسِقٍ أَوْ مُرَاهِقٍ وَنَوَى صَوْمَ رَمَضَانَ فَبَانَ مِنْهُ أَجْزَأَهُ لِأَنَّهُ نَوَاهُ بِظَنٍّ وَصَادَفَهُ فَأَشْبَهَ الْبَيِّنَةَ. نَعَمْ لَوْ قَالَ مَعَ الْإِخْبَارِ الْمَارِّ صَوْمُ غَدًا عَنْ رَمَضَانَ إنْ كَانَ مِنْهُ وَإِلَّا فَتَطَوُّعٌ فَبَانَ مِنْهُ صَحَّ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَالْوَالِدُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، خِلَافًا لِابْنِ الْمُقْرِي لِأَنَّ النِّيَّةَ مَعْنًى قَائِمٌ بِالْقَلْبِ وَالتَّرَدُّدُ حَاصِلٌ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ، وَقَصْدُهُ لِلصَّوْمِ إنَّمَا هُوَ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ مِنْ رَمَضَانَ فَصَارَ كَالتَّرَدُّدِ فِي الْقَلْبِ بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ، وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ نَحْوَهُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا حَكَاهُ عَنْ الْإِمَامِ عَنْ طَوَائِفَ وَكَلَامُهُ مُصَرِّحٌ بِهِ، وَلَا نَقْلَ يُعَارِضُهُ إلَّا دَعْوَاهُ أَنَّهُ ظَاهِرُ النَّصِّ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ وَسَيَأْتِي الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ يَوْمِ الشَّكِّ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَوْ قَالَ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ أَصُومُ غَدًا نَفْلًا إنْ كَانَ مِنْهُ وَإِلَّا فَمِنْ رَمَضَانَ وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّ أَمَارَةٌ فَبَانَ مِنْ شَعْبَانَ صَحَّ صَوْمُهُ نَفْلًا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ أَيْ وَهُوَ مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ صَوْمُهُ، وَإِنْ بَانَ مِنْ رَمَضَانَ لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا (وَلَوْ نَوَى لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ صَوْمَ غَدٍ إنْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَ أَجْزَأَهُ إنْ كَانَ مِنْهُ) عَمَلًا بِالِاسْتِصْحَابِ وَلِأَنَّ تَعْلِيقَ النِّيَّةِ مُضِرٌّ مَا لَمْ يَكُنْ تَصْرِيحًا بِمُقْتَضَى الْحَالِ، أَوْ اسْتَنَدَ إلَى أَصْلٍ وَلَهُ الِاعْتِمَادُ فِي نِيَّتِهِ عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ وَلَوْ بِشَهَادَةِ عَدْلٍ وَلَا أَثَرَ لِتَرَدُّدٍ يَبْقَى بَعْدَ حُكْمِهِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ رَدُّ مَا جَرَى عَلَيْهِ فِي الْإِسْعَادِ، وَتَبِعَهُ الشَّمْسُ الْجَوْجَرِيُّ مِنْ جَعْلِ حُكْمِهِ مُفِيدًا لِلْجَزْمِ. (وَلَوْ) (اشْتَبَهَ) رَمَضَانُ عَلَى مَحْبُوسٍ أَوْ أَسِيرٍ أَوْ نَحْوِهِمَا (صَامَ) وُجُوبًا شَهْرًا (بِالِاجْتِهَادِ) كَمَا فِي اجْتِهَادِهِ لِلصَّلَاةِ فِي الْقِبْلَةِ وَنَحْوِهَا وَذَلِكَ بِأَمَارَةٍ كَخَرِيفٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ، فَلَوْ صَامَ بِغَيْرِ اجْتِهَادٍ فَوَافَقَ رَمَضَانَ لَمْ يُجْزِهِ لِتَرَدُّدِهِ فِي النِّيَّةِ، فَلَوْ اجْتَهَدَ وَتَحَيَّرَ فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ لَمْ يَلْزَمْهُ الصَّوْمُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSغَيْرَهُ (قَوْلُهُ: الْمَبْنِيَّةُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ صَوْمُهُ) أَيْ بِأَنْ وَافَقَ عَادَةً لَهُ (قَوْلُهُ وَلَا أَثَرَ لِتَرَدُّدِ) هَذَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ كَالتَّرَدُّدِ فِي الْقَلْبِ لَكِنَّهُ سَبَقَ هُنَاكَ لِعَدَمِ ضَرَرِ التَّرَدُّدِ مَعَ الظَّنِّ الْمُسْتَنِدِ لِخَبَرِ ثِقَةٍ وَهُنَا لِبَيَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَتَى بِهِ بَدَلَ إنْ الدَّالَّةِ عَلَى التَّرَدُّدِ مِمَّا فِيهِ جَزْمٌ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ قَالَ مَعَ الْإِخْبَارِ إلَخْ) لَا مَوْقِعَ لِلَفْظِ نَعَمْ هُنَا لِاتِّحَادِ الْمُسْتَدْرِكِ مَعَ الْمُسْتَدْرَكِ عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا حَكَاهُ إلَخْ) مِنْ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ، فَلَعَلَّ الْكَتَبَةَ أَسْقَطَتْ لَفْظَ قَالَ قَبْلَ قَوْلِهِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: لِمَا حَكَاهُ عَنْ الْإِمَامِ) الصَّوَابُ إسْقَاطُ لَفْظِ عَنْ فَإِنَّ الْإِمَامَ هُوَ الْحَاكِي. وَأَصْلُ الْعِبَارَةِ لَيْسَ فِيهِ لَفْظُ عَنْ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُ مُصَرِّحٌ بِهِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الَّذِي فِي خَادِمِ الزَّرْكَشِيّ وَكَلَامِ الْأُمِّ مُصَرِّحٌ بِهِ وَنَقَلَهُ كَذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، إلَّا أَنَّ الْكَتَبَةَ حَرَّفَتْهُ فَزَادَتْ مِيمًا وَالْفَاءَ قَبْلَ الْمِيمِ مِنْ الْأُمِّ حَسَبَ مَا رَأَيْته فِي نُسَخٍ مِنْهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ النُّسْخَةَ الَّتِي وَقَفَ عَلَيْهَا الشَّارِحُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ هِيَ النُّسْخَةُ الْمُحَرَّفَةُ فَعَبَّرَ عَنْ لَفْظِ الْإِمَامِ بِالضَّمِيرِ وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي الْإِمْدَادِ. وَعِبَارَةُ الْخَادِمِ قَوْلُهُ: أَيْ الرَّافِعِيِّ: وَلَوْ قَالَ فِي نِيَّتِهِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَصُومُ عَنْ رَمَضَانَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَهُوَ تَطَوُّعٌ فَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ: ظَاهِرُ النَّصِّ أَنْ لَا يَعْتَدَّ بِصَوْمِهِ، إلَى أَنْ قَالَ: أَعْنِي صَاحِبَ الْخَادِمِ فِيهِ أُمُورٌ أَحَدُهَا مَا ادَّعَى الْإِمَامُ أَنَّهُ ظَاهِرُ النَّصِّ مُشْكِلٌ، ثُمَّ بَيَّنَ وَجْهَ إشْكَالِهِ ثُمَّ قَالَ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا نَقَلَهُ عَنْ طَوَائِفَ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَكَلَامُ الْأُمِّ مُصَرِّحٌ بِهِ وَلَا نَقْلَ يُعَارِضُهُ إلَّا دَعْوَى الْإِمَامِ أَنَّهُ ظَاهِرٌ النَّصُّ وَلَيْسَ كَمَا ادَّعَى إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ: فَلَوْ اجْتَهَدَ وَتَحَيَّرَ فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ لَمْ يَلْزَمْهُ الصَّوْمُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ) أَيْ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ الْوُجُوبُ، فَإِنْ تَحَقَّقَهُ وَلَا بُدَّ وَجَبَ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، كَمَا إذَا مَضَى عَلَيْهِ مُدَّةٌ يَقْطَعُ بِأَنَّهُ مَضَى فِيهَا رَمَضَانُ وَلَا بُدَّ فَلْيُرَاجَعْ.

وَيَقْضِي كَالْمُتَحَيِّرِ فِي الْقِبْلَةِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْوُجُوبِ أَوْ ظَنَّهُ، بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ فَقَدْ تَحَقَّقَ دُخُولُ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَعَجَزَ عَنْ شَرْطِهَا فَأُمِرَ بِالصَّلَاةِ عَلَى حَسَبِ الْإِمْكَانِ لِحُرْمَةِ وَقْتِهَا، وَلَمْ يَعْرِفْ اللَّيْلَ مِنْ النَّهَارِ وَاسْتَمَرَّتْ الظُّلْمَةُ لَزِمَهُ التَّحَرِّي وَالصَّوْمُ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، فَلَوْ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ كَانَ يَصُومُ اللَّيْلَ وَيُفْطِرُ النَّهَارَ وَجَبَ الْقَضَاءُ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ (فَإِنْ وَافَقَ) صَوْمُهُ بِالِاجْتِهَادِ رَمَضَانَ وَقَعَ أَدَاءً وَإِنْ نَوَاهُ قَضَاءً لِعُذْرِهِ بِظَنِّهِ خُرُوجَهُ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ أَوْ (مَا بَعْدَ رَمَضَانَ أَجْزَأَهُ) جَزْمًا وَإِنْ نَوَى الْأَدَاءَ كَمَا فِي الصَّلَاةِ (وَهُوَ قَضَاءٌ عَلَى الصَّحِيحِ) لِوُقُوعِهِ بَعْدَ الْوَقْتِ. وَالثَّانِي أَدَاءٌ لِأَنَّ الْعُذْرَ قَدْ يَجْعَلُ غَيْرَ الْوَقْتِ وَقْتًا كَمَا فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ (فَلَوْ نَقَصَ) الشَّهْرُ الَّذِي صَامَهُ بِالِاجْتِهَادِ وَلَمْ يَكُنْ شَوَّالًا وَلَا ذَا الْحَجَّةِ (وَكَانَ رَمَضَانُ تَامًّا لَزِمَهُ يَوْمٌ آخَرُ) لِأَنَّهُ ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ كَامِلًا، فَلَوْ انْعَكَسَ الْحَالُ فَكَانَ مَا صَامَهُ تَامًّا وَرَمَضَانُ نَاقِصًا وَقُلْنَا: إنَّهُ قَضَاءٌ فَلَهُ إفْطَارُ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ إذَا عُرِفَ الْحَالُ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي صَامَهُ وَرَمَضَانُ تَامَّيْنِ أَوْ نَاقِصَيْنِ أَجْزَأَهُ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ وَافَقَ صَوْمُهُ شَوَّالًا فَالصَّحِيحُ مِنْهُ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ إنْ كَانَ كَامِلًا وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ إنْ كَانَ نَاقِصًا. وَلَوْ وَافَقَ ذَا الْحَجَّةَ فَالصَّحِيحُ مِنْهُ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ إنْ كَانَ كَامِلًا وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ إنْ كَانَ نَاقِصًا (وَلَوْ غَلِطَ) فِي اجْتِهَادِهِ وَصَوْمِهِ (بِالتَّقْدِيمِ وَأَدْرَكَ رَمَضَانَ) بَعْدَ تَبَيُّنِ الْحَالِ (لَزِمَهُ صَوْمُهُ) قَطْعًا لِتَمَكُّنِهِ مِنْهُ فِي وَقْتِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ رَمَضَانَ بِأَنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ الْحَالُ إلَّا بَعْدَهُ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ (فَالْجَدِيدُ وُجُوبُ الْقَضَاءِ) لِمَا فَاتَهُ لِإِتْيَانِهِ بِالْعِبَادَةِ قَبْلَ وَقْتِهَا فَلَا يَجْزِيهِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَالْقَدِيمُ لَا يَجِبُ لِلْعُذْرِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ لُزُومِ شَيْءٍ لَهُ حَيْثُ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ الْحَالُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ الظَّاهِرُ صِحَّةُ الِاجْتِهَادِ، وَلَوْ تَحَرَّى لِشَهْرِ نَذْرٍ فَصَامَ شَهْرًا قَضَاءً فَوَافَقَ رَمَضَانَ لَمْ يَسْقُطْ شَيْءٌ مِنْهُمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ إلَّا النَّذْرَ وَرَمَضَانُ لَا يَقْبَلُ غَيْرَهُ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ صَوْمُ قَضَاءٍ فَأَتَى بِهِ فِي رَمَضَانَ، وَلَوْ صَامَ يَوْمَيْنِ أَحَدُهُمَا عَنْ نَفْلٍ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ فِي أَحَدِهِمَا وَلَمْ يَدْرِ أَهُوَ الْفَرْضُ أَوْ النَّفَلُ لَزِمَتْهُ إعَادَةُ الْفَرْضِ. (وَلَوْ) (نَوَتْ الْحَائِضُ) أَوْ النُّفَسَاءُ (صَوْمَ غَدٍ قَبْلَ انْقِطَاعِ دَمِهَا) فِي اللَّيْلِ (ثُمَّ انْقَطَعَ) دَمُهَا (لَيْلًا) (صَحَّ) صَوْمُهَا بِهَذِهِ النِّيَّةِ (إنْ تَمَّ) لَهَا (فِي اللَّيْلِ أَكْثَرُ الْحَيْضِ) أَوْ النِّفَاسِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَادَتُهَا لِأَنَّهَا تَقْطَعُ بِأَنَّ نَهَارَهَا كُلُّهُ طُهْرٌ وَكَلَامُهُ يُوهِمُ اشْتِرَاطَ الِانْقِطَاعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ تَصَوُّرٌ، لِأَنَّهُ مَتَى تَمَّ فِي اللَّيْلِ أَكْثَرُ الْحَيْضِ صَحَّتْ النِّيَّةُ وَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ الدَّمُ لِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْأَكْثَرِ اسْتِحَاضَةٌ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِأَجْلِ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ (وَكَذَا) إنْ تَمَّ لَهَا (قَدْرُ الْعَادَةِ) مِنْ الْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ لَيْلًا فَيَصِحُّ أَيْضًا بِهَذِهِ النِّيَّةِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ اسْتِمْرَارُ الْعَادَةِ سَوَاءٌ اتَّحَدَتْ أَمْ اخْتَلَفَتْ وَاتَّسَقَتْ وَلَمْ تَنْسَ اتِّسَاقَهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا عَادَةٌ وَلَمْ يَتِمَّ أَكْثَرُ الْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ لَيْلًا أَوْ كَانَ لَهَا عَادَاتٌ مُخْتَلِفَةٌ غَيْرُ مُتَّسِقَةٍ أَوْ مُتَّسِقَةٌ وَنَسِيَتْ اتِّسَاقَهَا وَلَمْ يَتِمَّ لَهَا أَكْثَرُ عَادَاتِهَا لَيْلًا لِأَنَّهَا لَمْ تَجْزِمْ وَلَا بَنَتْ عَلَى أَصْلٍ وَلَا أَمَارَةٍ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَقُولُ: قَدْ تَتَخَلَّفُ فَلَا تَكُونُ النِّيَّةُ جَازِمَةً. ثُمَّ أَشَارَ لِلرُّكْنِ الثَّانِي مُعَبِّرًا عَنْهُ بِالشَّرْطِ كَمَا مَرَّ فَقَالَ: ـــــــــــــــــــــــــــــSالْحُكْمِ قَصْدًا. (قَوْلُهُ: لِتَمَكُّنِهِ مِنْهُ فِي وَقْتِهِ) أَيْ وَيَقَعُ مَا فَعَلَهُ أَوَّلًا نَفْلًا مُطْلَقًا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ صَوْمُ فَرْضٍ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ عَنْ الْبَازِرِيِّ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ فَرْضٌ وَقَعَ عَنْهُ، وَمَحِلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يُقَيِّدْهُ بِكَوْنِهِ عَنْ هَذِهِ السَّنَةِ وَإِلَّا فَلَا يَقَعُ عَنْ الْفَرْضِ الْآخَرِ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: فَصَامَ شَهْرًا) الْأَوْلَى أَوْ صَامَ شَهْرًا إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَأَتَى بِهِ فِي رَمَضَانَ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَنَّ رَمَضَانَ لَا يَقْبَلُ غَيْرَهُ فَلَا يَصِحُّ الْقَضَاءُ وَلَمْ يَنْوِهِ حَتَّى يَقَعَ عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا عَنْ نَفْلٍ) أَيْ وَالْآخَرُ عَنْ فَرْضٍ. . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[فصل في شرط الصوم]

[فَصْلٌ فِي شَرْطِ الصَّوْمِ] ِ أَيْ شَرْطِ صِحَّتِهِ مِنْ حَيْثُ الْفِعْلِ (الْإِمْسَاكُ عَنْ الْجِمَاعِ) وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ بِالْإِجْمَاعِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187] وَالرَّفَثُ الْجِمَاعُ (وَالِاسْتِقَاءَةُ) لِخَبَرِ «مَنْ اسْتِقَاء فَلْيَقْضِ» وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ مِنْ عَامِدٍ عَالِمٍ مُخْتَارٍ كَمَا فِي الْجِمَاعِ، فَلَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشْئِهِ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ أَوْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا لَمْ يُفْطِرْ، وَمَالَ فِي الْبَحْرِ إلَى عُذْرِ الْجَاهِلِ مُطْلَقًا وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ (وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَوْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ شَيْءٌ إلَى جَوْفِهِ) بِالِاسْتِقَاءَةِ كَأَنْ تَقَيَّأَ مَنْكُوسًا (بَطَلَ) صَوْمُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا مُفْطِرَةٌ لِعَيْنِهَا لَا لِعَوْدِ شَيْءٍ، وَوَجْهُ مُقَابِلِهِ الْبِنَاءُ عَلَى أَنَّ الْمُفْطِرَ رُجُوعُ شَيْءٍ مِمَّا خَرَجَ وَإِنْ قَلَّ (وَلَوْ غَلَبَهُ الْقَيْءُ فَلَا بَأْسَ) أَيْ لَمْ يَضُرَّ لِخَبَرِ «مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ» أَيْ غَلَبَ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ فِي شُرُوطِ الصَّوْمِ) (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ الْفِعْلِ) أَيْ لَا مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلِ وَالْوَقْتِ (قَوْلُهُ: الْإِمْسَاكُ) تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ أَنَّ هَذَا رُكْنٌ، وَلَكِنْ عَبَّرَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ بِالشَّرْطِ فَلَا تُنَافِي بَيْنَ جَعْلِهِ شَرْطًا مِنْ حَيْثُ الْفِعْلِ هُنَا وَجَعْلِهِ إيَّاهُ رُكْنًا فِيمَا مَرَّ. وَقَالَ حَجّ: وَالْمُرَادُ بِالشَّرْطِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ لَا الِاصْطِلَاحِيُّ وَإِلَّا لَمْ يَبْقَ لِلصَّوْمِ حَقِيقَةٌ إذْ هِيَ النِّيَّةُ وَالْإِمْسَاكُ، وَفِيهِ أَيْضًا: وَيُشْتَرَطُ هُنَا كَوْنُهُ وَاضِحًا فَلَا يُفْطِرُ بِهِ خُنْثَى إلَّا إنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ بِأَنْ تَيَقَّنَ كَوْنَهُ وَاطِئًا أَوْ مَوْطُوءًا (قَوْلُهُ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِالْإِجْمَاعِ (قَوْلُهُ: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ} [البقرة: 187] أَيْ فَدَلَّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى حُرْمَتِهِ نَهَارًا وَالْأَصْلُ فِي التَّحْرِيمِ فِي الْعِبَادَاتِ اقْتِضَاؤُهُ الْفَسَادَ وَقَدَّمَ الْإِجْمَاعَ عَلَى الْآيَةِ لِأَنَّهُ أَصْرَحُ فِي الْمُرَادِ (قَوْلُهُ وَالِاسْتِقَاءَةُ) يَنْبَغِي أَنَّ مِنْ الِاسْتِقَاءَةِ مَا لَوْ أَخْرَجَ ذُبَابَةً دَخَلَتْ إلَى جَوْفِهِ وَأَنَّهُ لَوْ تَضَرَّرَ بِبَقَائِهَا أَخْرَجَهَا وَأَفْطَرَ كَمَا لَوْ أَكَلَ لِمَرَضٍ أَوْ جُوعٍ مُضِرٍّ مَرَّ اهـ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ. وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ شَكَّ هَلْ وَصَلَتْ فِي دُخُولِهَا إلَى الْجَوْفِ أَمْ لَا فَأَخْرَجَهَا عَامِدًا عَالِمًا لَمْ يَضُرَّ، بَلْ قَدْ يُقَالُ بِوُجُوبِ الْإِخْرَاجِ فِي هَذِهِ إذَا خَشِيَ نُزُولَهَا لِلْبَاطِنِ كَالنُّخَامَةِ الْآتِيَةِ. [فَرْعٌ] لَوْ شَرِبَ خَمْرًا بِاللَّيْلِ وَأَصْبَحَ صَائِمًا فَرْضًا فَقَدْ تَعَارَضَ وَاجِبَانِ الْإِمْسَاكُ وَالتَّقَيُّؤُ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ مَرَّ أَنَّهُ يُرَاعِي حُرْمَةَ الصَّوْمِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى وُجُوبِ الْإِمْسَاكِ فِيهِ، وَالِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِ التَّقَيُّؤِ عَلَى غَيْرِ الصَّائِمِ اهـ شَرْحُ الْعُبَابِ. وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي صَوْمِ الْفَرْضِ، وَأَمَّا فِي النَّفْلِ فَلَا يَبْعُدُ عَدَمُ وُجُوبِ التَّقَيُّؤِ وَإِنْ جَازَ مُحَافَظَةً عَلَى حُرْمَةِ الْعِبَادَةِ مَرَّ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْجِمَاعِ وَالِاسْتِقَاءَةِ (قَوْلُهُ: مُخْتَارٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فِطْرَ بِالْجِمَاعِ مَعَ الْإِكْرَاهِ وَإِنْ كَانَ الْإِكْرَاهُ عَلَى الزِّنَا مَعَ أَنَّ الزِّنَا لَا يُبَاحُ بِالْإِكْرَاهِ فَلْيُتَأَمَّلْ هَلْ الْأَمْرُ كَذَلِكَ. وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ تَعْلِيلٌ: أَيْ حَيْثُ قَالَ: وَلِأَنَّ أَكْلَهُ وَوَطْأَهُ لَيْسَ مَنْهِيًّا عَنْهُمَا يَقْتَضِي أَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ كَذَلِكَ: أَيُّ فَيُفْطِرُ بِهِ وَسَيَأْتِي مَا يُوَافِقُهُ فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لِقُرْبِ عَهْدِهِ) وَهَذَا الْقَيْدُ مُعْتَبَرٌ فِي كُلِّ مَا يَأْتِي مِنْ الصُّوَرِ الْمُغْتَفِرَةِ لِلْجَهْلِ، وَقَوْلُهُ عَنْ الْعُلَمَاءِ أَيْ بِهَذِهِ الْأَحْكَامِ الْخَاصَّةِ وَإِنْ لَمْ يُحْسِنُوا غَيْرَهَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ حَجّ بَعِيدًا عَنْ عَالِمَيْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ نَاسِيًا) أَيْ أَوْ غَلَبَهُ الْقَيْءُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَمَالَ فِي الْبَحْرِ إلَى عُذْرِ الْجَاهِلِ) ضَعِيفٌ وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا: أَيْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَوَّلًا نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ أَوْ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصْل: شَرْط الصَّوْم) (قَوْلُهُ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ} [البقرة: 187] أَيْ لِمَفْهُومِهِ

«وَهُوَ صَائِمٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ» (وَكَذَا لَوْ اقْتَلَعَ نُخَامَةً وَلَفَظَهَا) أَيْ رَمَاهَا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ (فِي الْأَصَحِّ) سَوَاءٌ أَقَلَعَهَا مِنْ دِمَاغِهِ أَمْ مِنْ بَاطِنِهِ لِتَكَرُّرِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ فَرَخَّصَ فِيهِ. وَالثَّانِي يُفْطِرُ بِهِ كَالِاسْتِقَاءَةِ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ اقْتَلَعَ عَمَّا لَوْ لَفَظَهَا مَعَ نُزُولِهَا بِنَفْسِهَا أَوْ بِغَلَبَةِ سُعَالٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ جَزْمًا، وَبِلَفْظِهَا عَمَّا لَوْ بَقِيَتْ فِي مَحَلِّهَا فَلَا يُفْطِرُ جَزْمًا، وَعَمَّا لَوْ ابْتَلَعَهَا بَعْدَ خُرُوجِهَا لِلظَّاهِرِ فَيُفْطِرُ جَزْمًا (فَلَوْ نَزَلَتْ مِنْ دِمَاغِهِ وَحَصَلَتْ فِي حَدِّ الظَّاهِرِ مِنْ الْفَمِ) بِأَنْ انْصَبَّتْ مِنْ دِمَاغِهِ فِي الثُّقْبَةِ النَّافِذَةِ مِنْهُ إلَى أَقْصَى الْفَمِ فَوْقَ الْحُلْقُومِ (فَلْيَقْطَعْهَا مِنْ مَجْرَاهَا وَلْيَمُجَّهَا) إنْ أَمْكَنَ حَتَّى لَا يَصِلَ شَيْءٌ إلَى الْبَاطِنِ، فَلَوْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ وَهِيَ فَرْضٌ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَجِّهَا إلَّا بِظُهُورِ حَرْفَيْنِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ بَلْ يَتَعَيَّنُ مُرَاعَاةً لِمَصْلَحَتِهِمَا كَمَا يَتَنَحْنَحُ لِتَعَذُّرِ الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ، كَذَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (فَإِنْ تَرَكَهَا مَعَ الْقُدْرَةِ) عَلَى ذَلِكَ (فَوَصَلَتْ الْجَوْفَ أَفْطَرَ فِي الْأَصَحِّ) لِتَقْصِيرِهِ. وَالثَّانِي لَا يُفْطِرُ فَلَوْ لَمْ تَصِلْ إلَى حَدِّ الظَّاهِرِ مِنْ الْفَمِ وَهُوَ مَخْرَجُ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَذَا الْمُهْمَلَةُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ بِأَنْ كَانَتْ فِي حَدِّ الْبَاطِنِ وَهُوَ مَخْرَجُ الْهَمْزَةِ وَالْهَاءِ أَوْ حَصَلَتْ فِي الظَّاهِرِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى قَلْعِهَا وَمَجِّهَا لَمْ يَضُرَّ، وَمَعْنَى الْحَلْقِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ أَخَصُّ مِنْهُ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْعَرَبِيَّةِ، إذْ الْمُعْجَمَةُ وَالْمُهْمَلَةُ مِنْ حُرُوفِ الْحَلْقِ عِنْدَهُمْ وَإِنْ كَانَ مَخْرَجُ الْمُعْجَمَةِ أَدْنَى مِنْ مَخْرَجِ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ دَاخِلُ الْفَمِ وَالْأَنْفِ إلَى مُنْتَهَى الْغَلْصَمَةِ، وَالْخَيْشُومُ لَهُ حُكْمُ الظَّاهِرِ فِي الْإِفْطَارِ بِاسْتِخْرَاجِ الْقَيْءِ إلَيْهِ وَابْتِلَاعِ النُّخَامَةِ مِنْهُ وَعَدَمُهُ بِدُخُولِ شَيْءٍ فِيهِ وَإِنْ أَمْسَكَهُ، وَإِذَا تَنَجَّسَ وَجَبَ غَسْلُهُ وَلَهُ حُكْمُ الْبَاطِنِ فِي عَدَمِ الْإِفْطَارِ بِابْتِلَاعِ الرِّيقِ مِنْهُ، وَفِي سُقُوطِ غَسْلِهِ مِنْ نَحْوِ الْجُنُبِ وَفَارَقَ وُجُوبَ غَسْلِ النَّجَاسَةِ عَنْهُ بِأَنَّ تَنَجُّسَ الْبَدَنِ أَنْدَرُ مِنْ الْجَنَابَةِ فَضُيِّقَ فِيهِ دُونَهَا (وَ) الْإِمْسَاكُ (عَنْ وُصُولِ الْعَيْنِ) وَإِنْ قَلَّتْ كَسِمْسِمَةٍ أَوْ لَمْ تُؤْكَلْ كَحَصَاةٍ (إلَى مَا يُسَمَّى جَوْفًا) مَعَ الْعَمْدِ وَالْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: مِنْ بَاطِنِهِ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَالْأَوْلَى إسْقَاطُهَا لِيُوَافِقَ قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَقَلَعَهَا مِنْ إلَخْ إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَرَادَ بِالْبَاطِنِ هُنَا مَا قَابَلَ الظَّاهِرَ وَبِالْبَاطِنِ فِيمَا يَأْتِي نَحْوَ الصَّدْرِ (قَوْلُهُ: وَعَمَّا لَوْ ابْتَلَعَهَا بَعْدَ خُرُوجِهَا) أَيْ أَوْ ابْتَلَعَهَا وَهِيَ فِي الْبَاطِنِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى قَلْعِهَا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: لِلظَّاهِرِ) وَهَلْ يَلْزَمُهُ تَطْهِيرُ مَا وَصَلَتْ إلَيْهِ مِنْ حَدِّ الظَّاهِرِ حَيْثُ حَكَمْنَا بِنَجَاسَتِهَا أَوْ يُعْفَى عَنْهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْعَفْوُ مَرَّ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَعَلَيْهِ لَوْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ وَحَصَلَ لَهُ ذَلِكَ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ وَلَا صَوْمُهُ إذَا ابْتَلَعَ رِيقَهُ، وَلَوْ قِيلَ بِعَدَمِ الْعَفْوِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا لِأَنَّ هَذِهِ حُصُولُهَا نَادِرٌ وَهِيَ شَبِيهَةٌ بِالْقَيْءِ وَهُوَ لَا يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ كَلَامَهُ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ اُبْتُلِيَ بِذَلِكَ كَدَمِ اللِّثَةِ إذَا اُبْتُلِيَ بِهِ (قَوْلُهُ إلَّا بِظُهُورِ حَرْفَيْنِ) أَيْ أَوْ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ بَلْ يَتَعَيَّنُ) أَيْ الْقَلْعُ (قَوْلُهُ: لِمَصْلَحَتِهِمَا) أَيْ مَصْلَحَةِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْمُصَنِّفِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَخَصُّ مِنْهُ) أَيْ هُوَ بَعْضُهُ عِنْدَ اللُّغَوِيِّينَ وَلَيْسَ أَخَصَّ بِالْمَعْنَى الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ عِنْدَهُمْ لِأَنَّهُ لَيْسَ جُزْئِيًّا مِنْ جُزْئِيَّاتِ مُطْلَقِ الْحَلْقِ وَإِنَّمَا هُوَ جُزْءٌ مِنْهُ (قَوْلُهُ: مِنْ حُرُوفِ الْحَلْقِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ: وَالْمُعْجَمَةُ تَخْرُجُ مِمَّا قِبَلِ الْغَلْصَمَةِ اهـ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْغَلْصَمَةُ رَأْسُ الْحُلْقُومِ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ النَّاتِئُ فِي الْحَلْقِ وَالْجَمْعُ غَلَاصِمُ اهـ. وَقَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْغَلْصَمَةُ اللَّحْمُ بَيْنَ الرَّأْسِ وَالْعُنُقِ، أَوْ الْعُجْرَةُ عَلَى مُلْتَقَى اللَّهَاةِ وَالْمَرِيءِ، أَوْ رَأْسُ الْحُلْقُومِ بِشَوَارِبِهِ وَحَرْقَدَتِهِ، أَوْ أَصْلُ اللِّسَانِ وَالسَّادَةِ وَالْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ ثُمَّ دَاخِلَ الْفَمِ) أَيْ إلَى مَا وَرَاءَ مَخْرَجِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَدَاخِلَ الْأَنْفِ إلَى مَا وَرَاءَ الْخَيَاشِيمِ (قَوْلُهُ: عَنْ وُصُولِ الْعَيْنِ) . ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَقَلَعَهَا مِنْ دِمَاغِهِ) لَيْسَ قَلْعُهَا مِنْ الدِّمَاغِ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ، وَمِنْ ثَمَّ قَيَّدَ الْمَحَلُّ الْمَسْأَلَةَ بِقَوْلِهِ مِنْ الْبَاطِنِ (قَوْلُهُ: عَمَّا لَوْ بَقِيَتْ فِي مَحَلِّهَا) أَيْ مِنْ الْبَاطِنِ بِأَنْ نَقَلَهَا مِنْ مَحَلِّهَا الْأَصْلِيِّ مِنْهُ إلَى مَحَلٍّ مِنْهُ آخَرَ (قَوْلُهُ: وَالْمُهْمَلَةُ مِنْ حُرُوفِ الْحَلْقِ عِنْدَهُمْ) أَيْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ

وَالِاخْتِيَارُ إجْمَاعًا فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَلِمَا صَحَّ مِنْ خَبَرِ «وَبَالِغْ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ إلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا» وَقِيسَ بِذَلِكَ بَقِيَّةُ مَا يَأْتِي. وَصَحَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ إنَّمَا الْفِطْرُ مِمَّا دَخَلَ وَلَيْسَ مِمَّا خَرَجَ " أَيْ الْأَصْلُ ذَلِكَ، وَخَرَجَ بِالْعَيْنِ الْأَثَرُ كَالرِّيحِ بِالشَّمِّ وَبُرُودَةِ الْمَاءِ وَحَرَارَتِهِ بِاللَّمْسِ وَبِالْجَوْفِ مَا لَوْ دَاوَى جُرْحَهُ عَلَى لَحْمِ السَّاقِ أَوْ الْفَخِذِ فَوَصَلَ الدَّوَاءُ دَاخِلَ الْمُخِّ أَوْ اللَّحْمِ أَوْ غَرَزَ فِيهِ حَدِيدَةً فَإِنَّهُ لَا يُفْطِرُ لِانْتِفَاءِ الْجَوْفِ، وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا لَوْ دَمِيَتْ لِثَتُهُ فَبَصَقَ حَتَّى صَفِيَ رِيقُهُ ثُمَّ ابْتَلَعَهُ حَيْثُ يُفْطِرُ فِي الْأَصَحِّ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ لِجَوْفِهِ سِوَى رِيقِهِ لِأَنَّ الرِّيقَ لَمَّا تَنَجَّسَ حَرُمَ ابْتِلَاعُهُ وَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْعَيْنِ الْأَجْنَبِيَّةِ (وَقِيلَ يُشْتَرَطُ مَعَ هَذَا أَنْ يَكُونَ فِيهِ) أَيْ الْجَوْفِ (قُوَّةٌ تُحِيلُ الْغِذَاءَ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَبِالذَّالِ الْمُعْجَمَتَيْنِ أَوْ الدَّوَاءَ بِالْمَدِّ إذْ مَا لَا تُحِيلُهُ لَا تَتَغَذَّى النَّفْسُ بِهِ وَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْبَدَنُ فَأَشْبَهَ الْوَاصِلَ إلَى غَيْرِ الْجَوْفِ (فَعَلَى الْوَجْهَيْنِ بَاطِنُ الدِّمَاغِ وَالْبَطْنُ وَالْأَمْعَاءُ) أَيْ الْمَصَارِينُ (وَالْمَثَانَةُ) بِالْمُثَلَّثَةِ مَجْمَعُ الْبَوْلِ (مُفْطِرٌ بِالْإِسْعَاطِ) رَاجِعٌ لِلدِّمَاغِ (أَوْ الْأَكْلُ) رَاجِعٌ لِلْبَطْنِ (أَوْ الْحُقْنَةُ) أَيْ الِاحْتِقَانُ رَاجِعٌ لِلْأَمْعَاءِ وَالْمَثَانَةِ فَفِي كَلَامِهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ، وَإِنَّمَا لَمْ تُؤَثِّرْ حُقْنَةُ الصَّبِيِّ بِاللَّبَنِ تَحْرِيمًا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْإِرْضَاعِ إنْبَاتُ اللَّحْمِ وَذَلِكَ مَفْقُودٌ فِي الْحُقْنَةِ وَالْإِفْطَارُ يَتَعَلَّقُ بِالْوُصُولِ إلَى الْجَوْفِ وَقَدْ وَصَلَ (أَوْ الْوُصُولُ مِنْ جَائِفَةٍ) يَرْجِعُ لِلْبَطْنِ أَيْضًا (وَمَأْمُومَةٍ) يَرْجِعُ لِلرَّأْسِ (وَنَحْوِهِمَا) لِأَنَّهُ جَوْفٌ مُحِيلٌ وَقَوْلُهُ بَاطِنُ الدِّمَاغِ مِثَالٌ لَا قَيْدٌ، فَلَوْ كَانَ بِرَأْسِهِ مَأْمُومَةٌ فَوَضَعَ دَوَاءً عَلَيْهَا فَوَصَلَ خَرِيطَةَ الدِّمَاغِ أَفْطَرَ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ بَاطِنَ الْخَرِيطَةِ كَمَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ الْأَمْعَاءُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَائِدَةٌ] قَالَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ: إنَّ مَحَلَّ الْإِفْطَارِ بِوُصُولِ الْعَيْنِ إذَا كَانَتْ مِنْ غَيْرِ ثِمَارِ الْجَنَّةِ جَعَلَنَا اللَّهُ مِنْ أَهْلِهَا، فَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ مِنْ ثِمَارِهَا لَمْ يُفْطِرْ بِهَا. ثُمَّ رَأَيْته فِي الْإِتْحَافِ قَالَ مَا نَصُّهُ: وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي» قِيلَ هُوَ عَلَى حَقِيقَتِهِ، «وَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُؤْتَى بِطَعَامٍ وَشَرَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ كَرَامَةً فِي لَيَالِي صِيَامِهِ» إلَى أَنْ قَالَ: وَلَيْسَ حَمْلُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ عَلَى الْمَجَازِ بِأَوْلَى مِنْ حَمْلِ لَفْظِ أَظَلَّ عَلَى الْمَجَازِ وَعَلَى التَّرْكِ أَوْ عَلَى التَّنَزُّلِ فَلَا يَضُرُّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، لِأَنَّ مَا يُؤْتَى بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " عَلَى سَبِيلِ الْكَرَامَةِ مِنْ طَعَامِ الْجَنَّةِ وَشَرَابِهَا لَا يَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُكَلَّفِينَ عَنْهُ كَمَا فِي غَسْلِ صَدْرِهِ الشَّرِيفِ فِي طَسْتِ الذَّهَبِ مَعَ أَنَّ اسْتِعْمَالَ أَوَانِي الذَّهَبِ الدُّنْيَوِيِّ حَرَامٌ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: أَيْ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ: الَّذِي يُفْطِرُ شَرْعًا إنَّمَا هُوَ الطَّعَامُ الْمُعْتَادُ. وَأَمَّا الْخَارِقُ لِلْعَادَةِ كَالْمَحْضَرِ مِنْ الْجَنَّةِ فَعَلَى غَيْرِ هَذَا الْمَعْنَى، وَلَيْسَ تَعَاطِيهِ مِنْ جِنْسِ الْأَعْمَالِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ جِنْسِ الثَّوَابِ كَأَكْلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ وَالْكَرَامَةُ لَا تَبْطُلُ الْعَادَةَ اهـ بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ الْأَصْلُ ذَلِكَ) أَيْ فَلَا تُرَدُّ الِاسْتِقَاءَةُ. [فَائِدَةٌ] لَا يَضُرُّ بَلْعُ رِيقِهِ إثْرَ مَاءِ الْمَضْمَضَةِ وَإِنْ أَمْكَنَهُ مَجُّهُ لِعُسْرِ التَّحَرُّزِ عَنْهُ اهـ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ (قَوْلُهُ: أَوْ غَرَزَ فِيهِ حَدِيدَةً) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ فِي عَدَمِ الضَّرَرِ مَا لَوْ اُفْتُصِدَ مَثَلًا فِي الْأُنْثَيَيْنِ وَدَخَلَتْ آلَةُ الْفَصْدِ إلَى بَاطِنِهِمَا (قَوْلُهُ: وَالْأَمْعَاءِ) أَيْ وَالْوُصُولُ إلَى الْأَمْعَاءِ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى بَاطِنِهَا عَلَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ بَاطِنَ الْأَمْعَاءِ، وَالْأَمْعَاءُ جَمْعُ مِعًى كَرِضًى. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْمِعَى الْمُصْرَانُ وَقَصْرُهُ أَشْهَرُ مِنْ الْمَدِّ وَجَمْعُهُ أَمْعَاءٌ مِثْلُ عِنَبٍ وَأَعْنَابٍ وَجَمْعُ الْمَمْدُودِ أَمْعِيَةٌ مِثْلُ حِمَارٍ وَأَحْمِرَةٍ، وَقَالَ فِي (مِصْرٍ) الْمَصِيرُ الْمِعَى وَالْجَمْعُ مُصْرَانٌ مِثْلُ رَغِيفٍ وَرُغْفَانٍ ثُمَّ الْمَصَارِينُ جَمْعُ الْجَمْعِ اهـ. وَعَلَيْهِ فَالْمِعَى يُطْلَقُ عَلَيْهِ مَصِيرٌ وَالْأَمْعَاءُ مُصْرَانٌ بِالضَّمِّ (قَوْلُهُ: أَيْ الِاحْتِقَانِ) فُسِّرَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْحُقْنَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَلِمَا صَحَّ مِنْ خَبَرِ وَبَالِغْ إلَخْ) أَيْ لِمَفْهُومِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَفْهُومِهِ (قَوْلُهُ: إذْ مَا لَا تُحِيلُهُ لَا تَتَغَذَّى النَّفْسُ بِهِ) فِيهِ مُسَامَحَةٌ ظَاهِرَةٌ

فَلَوْ وَضَعَ عَلَى جَائِفَةٍ بِبَطْنِهِ دَوَاءً فَوَصَلَ جَوْفَهُ أَفْطَرَ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ بَاطِنَ الْأَمْعَاءِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ. وَيُمْكِنُ دَفْعُ ذَلِكَ بِأَنْ يُقَالَ: إنَّمَا قُيِّدَ بِالْبَاطِنِ لِأَنَّهُ الَّذِي يَأْتِي عَلَى الْوَجْهَيْنِ (وَالتَّقْطِيرُ فِي بَاطِنِ الْأُذُنِ) وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى الدِّمَاغِ (وَ) بَاطِنُ (الْإِحْلِيلِ) وَهُوَ مَخْرَجُ الْبَوْلِ مِنْ الذَّكَرِ وَاللَّبَنِ مِنْ الثَّدْيِ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى الْمَثَانَةِ وَلَمْ يُجَاوِزْ الْحَشَفَةَ أَوْ الْحَلَمَةَ (مُفْطِرٌ) (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى مُسَمَّى الْجَوْفِ. وَالثَّانِي لَا اعْتِبَارَ بِالْإِحَالَةِ وَالْحَلْقُ مُلْحَقٌ بِالْجَوْفِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَيَنْبَغِي الِاحْتِرَازُ حَالَةَ الِاسْتِنْجَاءِ لِأَنَّهُ مَتَى أَدْخَلَ طَرَفَ أُصْبُعِهِ دُبُرَهُ أَفْطَرَ وَمِثْلُهُ فَرْجُ الْأُنْثَى، وَلَوْ طَعَنَ نَفْسَهُ أَوْ طَعَنَهُ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ فَوَصَلَ السِّكِّينُ جَوْفَهُ أَوْ أَدْخَلَ فِي إحْلِيلِهِ أَوْ أُذُنِهِ عُودًا أَوْ نَحْوَهُ فَوَصَلَ إلَى الْبَاطِنِ أَفْطَرَ، وَلَوْ ابْتَلَعَ لَيْلًا طَرَفَ خَيْطٍ وَأَصْبَحَ صَائِمًا فَإِنْ ابْتَلَعَهُ أَوْ نَزَعَهُ أَفْطَرَ وَإِنْ تَرَكَهُ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، فَطَرِيقُهُ فِي صِحَّتِهِمَا أَنْ يَنْزِعَهُ مِنْهُ آخَرُ وَهُوَ غَافِلٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَافِلًا وَتَمَكَّنَ مِنْ دَفْعِ النَّازِعِ أَفْطَرَ، إذْ النَّزْعُ مُوَافِقٌ لِغَرَضِ النَّفْسِ فَهُوَ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ فِي حَالَةِ تَمَكُّنِهِ مِنْ دَفْعِهِ وَبِهَذَا فَارَقَ مَنْ طَعَنَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَتَمَكَّنَ مِنْ مَنْعِهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَدْ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ عَارِفٌ بِهَذَا الطَّرِيقِ وَيُرِيدُ الْخَلَاصَ فَطَرِيقُهُ أَنْ يُجْبِرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى نَزْعِهِ وَلَا يُفْطِرُ لِأَنَّهُ كَالْكُرْهِ، وَمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَبِلَ إنَّهُ لَا يُفْطِرُ بِالنَّزْعِ بِاخْتِيَارِهِ لَمْ يَبْعُدْ تَنْزِيلًا لِإِيجَابِ الشَّرْعِ مَنْزِلَةَ الْإِكْرَاهِ، كَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَطَأَهَا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فَوَجَدَهَا حَائِضًا لَا يَحْنَثُ بِتَرْكِ الْوَطْءِ مَرْدُودٌ بِمَنْعِ الْقِيَاسِ، إذْ الْحَيْضُ لَا مَنْدُوحَةَ لَهُ إلَى الْخَلَاصِ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ، وَحَيْثُ لَمْ يَتَّفِقْ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ يَجِبُ عَلَيْهِ نَزْعُهُ أَوْ ابْتِلَاعُهُ مُحَافَظَةً عَلَى الصَّلَاةِ لِأَنَّ حُكْمَهَا أَغْلَظُ مِنْ حُكْمِ الصَّوْمِ لِقَتْلِ تَارِكِهَا دُونَهُ وَلِهَذَا لَا تُتْرَكُ الصَّلَاةُ بِالْعُذْرِ بِخِلَافِهِ. قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: هَذَا كُلُّهُ إنْ لَمْ يَتَأَتَّ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSاسْمٌ لِلدَّوَاءِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَالتَّقْطِيرُ فِي بَاطِنِ الْأُذُنِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ: لِأَنَّهُ نَافِذٌ إلَى دَاخِلِ قِحْفِ الرَّأْسِ وَهُوَ جَوْفٌ اهـ. وَقَوْلُهُ إلَى الدِّمَاغِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الدِّمَاغُ كَكِتَابٍ مُخُّ الرَّأْسِ أَوْ أُمُّ الْهَامِ أَوْ أُمُّ الرَّأْسِ أَوْ أُمُّ الدِّمَاغِ جُلَيْدَةٌ رَقِيقَةٌ كَخَرِيطَةٍ هُوَ فِيهَا اهـ. وَقَالَ أَيْضًا: الْقِحْفُ بِالْكَسْرِ الْعَظْمُ فَوْقَ الدِّمَاغِ وَمَا انْفَلَقَ مِنْ الْجُمْجُمَةِ فَبَانَ وَلَا يُدْعَى قِحْفًا حَتَّى يَبِينَ أَوْ يَنْكَسِرَ مِنْهُ شَيْءٌ اهـ (قَوْلُهُ: وَاللَّبَنِ مِنْ الثَّدْيِ) أَيْ لِأَنَّ الثَّدْيَ يُطْلَقُ عَلَيْهِ الْإِحْلِيلُ لُغَةً، وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: وَالْإِحْلِيلُ مَخْرَجُ الْبَوْلِ وَمَخْرَجُ اللَّبَنِ مِنْ الضَّرْعِ وَالثَّدْيِ (قَوْلُهُ: وَالْحَلْقِ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ وَالْحَلْقُ الْحُلْقُومُ (قَوْلُهُ: دُبُرَهُ) أَيْ بِأَنْ جَاوَزَ بِهِ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْ الدُّبُرِ وَقُبُلِ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ ابْتَلَعَ لَيْلًا إلَخْ) وَبَحَثَ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِهِ نَزْعُ قُطْنَةٍ مِنْ بَاطِنِ إحْلِيلِهِ أَدْخَلَهَا لَيْلًا اهـ حَجّ. وَيُفْهِمُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا مَرَّ وَعَنْ وُصُولِ عَيْنٍ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ الْجَوْفِ لَا يُفْطِرُ إلَّا الْقَيْءُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ (قَوْلُهُ: أَنْ يَنْزِعَهُ آخَرُ وَهُوَ غَافِلٌ) أَيْ فَلَا يَكُونُ هُوَ سَبَبًا فِي نَزْعِهِ، فَلَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ بِقَلْعِهِ مِنْهُ بَعْدَ غَفْلَتِهِ بَطَلَ صَوْمُهُ (قَوْلُهُ: مَنْ طَعَنَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ) أَيْ حَيْثُ لَا يُفْطِرُ بِذَلِكَ، قَالَ حَجّ: إذْ لَا فِعْلَ لَهُ وَإِنَّمَا نَزَّلُوا تَمَكُّنَ الْمُحْرِمِ مِنْ الدَّفْعِ عَنْ الشَّعْرِ مَنْزِلَةَ فِعْلِهِ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ فَلَزِمَهُ الدَّفْعُ عَنْهَا بِخِلَافِ مَا هُنَا. نَعَمْ يُشْكَلُ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ لَهُ لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَن ذَا الطَّعَامَ غَدًا فَأَتْلَفَهُ مَنْ قَدَرَ عَلَى انْتِزَاعِهِ مِنْهُ وَهُوَ سَاكِتٌ حَنِثَ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمَلْحَظَ ثُمَّ تَفْوِيتَ الْبِرِّ بِاخْتِيَارِهِ وَسُكُوتِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ يُطْلَقُ عَلَيْهِ عُرْفًا أَنَّهُ فَوَّتَهُ وَهُنَا تَعَاطِي مُفْطِرٍ وَهُوَ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ عُرْفًا وَلَا شَرْعًا أَنَّهُ تَعَاطَاهُ، وَفِيمَا مَرَّ فِيمَا إذَا جَرَتْ النُّخَامَةُ بِنَفْسِهَا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى مَجِّهَا إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنْ ثُمَّ فَاعِلًا يُحَالُ عَلَيْهِ الْفِعْلُ فَلَمْ يُنْسَبْ لِسَاكِتٍ شَيْءٌ بِخِلَافِ نُزُولِ النُّخَامَةِ، وَأَيْضًا فَمِنْ شَأْنِ دَفْعِ الطَّاعِنِ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ هَلَاكٌ أَوْ نَحْوُهُ فَلَمْ يُكَلَّفْ الدَّفْعَ وَإِنْ قَدَرَ، بِخِلَافِ مَا عَدَاهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قُدْرَتُهُ عَلَى دَفْعِهِ كَفِعْلِهِ كَمَا يَشْهَدُ لَهُ مَسْأَلَةُ النُّخَامَةِ وَتَقْيِيدُهُمْ عَدَمَ الْفِطْرِ بِفِعْلِ الْغَيْرِ بِالْمُكْرَهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ كَالْمُكْرَهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ ذَهَبَ إلَى الْحَاكِمِ وَأَجْبَرَهُ بِذَلِكَ فَأَكْرَهَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ الْحَاكِمُ بِالْحُكْمِ عَلَيْهِ، وَعَلَى هَذَا فَهَلْ الذَّهَابُ لِلْحَاكِمِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْوُجُوبِ لِأَنَّ الْحَاكِمَ قَدْ لَا يُسَاعِدُهُ (قَوْلُهُ: مُحَافَظَةً عَلَى الصَّلَاةِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

قَطْعُ الْخَيْطِ مِنْ حَدِّ الظَّاهِرِ مِنْ الْفَمِ، فَإِنْ تَأَتَّى وَجَبَ الْقَطْعُ وَابْتِلَاعُ مَا فِي حَدِّ الْبَاطِنِ وَإِخْرَاجُ مَا فِي الظَّاهِرِ، وَإِذَا رَاعَى مَصْلَحَةَ الصَّلَاةِ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَبْتَلِعَهُ وَلَا يُخْرِجَهُ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى تَنَجُّسِ فَمِهِ (وَشَرْطُ الْوَاصِلِ كَوْنُهُ فِي مَنْفَذٍ) بِفَتْحِ الْفَاءِ كَمَا ضَبَطَهُ الْمُصَنِّفُ كَالْمَدْخَلِ وَالْمَخْرَجِ (مَفْتُوحٌ فَلَا يَضُرُّ وُصُولُ الدُّهْنِ) إلَى الْجَوْفِ (بِتَشَرُّبِ الْمَسَامِّ) وَهِيَ ثُقَبُ الْبَدَنِ (وَلَا) يَضُرُّ (الِاكْتِحَالُ وَإِنْ وَجَدَ طَعْمَهُ) أَيْ الْكُحْلِ (بِحَلْقِهِ) كَمَا لَا يَضُرُّ الِانْغِمَاسُ فِي الْمَاءِ وَإِنْ وَجَدَ أَثَرَهُ بِبَاطِنِهِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَكْتَحِلُ بِالْإِثْمِدِ وَهُوَ صَائِمٌ فَلَا يُكْرَهُ الِاكْتِحَالُ لَهُ. وَالْمَسَامُّ جَمْعُ سَمٍّ بِتَثْلِيثِ السِّينِ وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَمَسَامُّ الْجَسَدِ ثُقَبُهُ (وَكَوْنُهُ) أَيْ الْوَاصِلِ (بِقَصْدٍ، فَلَوْ وَصَلَ جَوْفَهُ ذُبَابٌ أَوْ بَعُوضَةٌ أَوْ غُبَارُ الطَّرِيقِ وَغَرْبَلَةُ الدَّقِيقِ لَمْ يُفْطِرْ) وَإِنْ أَمْكَنَهُ اجْتِنَابُ ذَلِكَ بِإِطْبَاقِ الْفَمِ أَوْ غَيْرِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ الشَّدِيدَةِ، بَلْ لَوْ فَتَحَ فَاهُ عَمْدًا حَتَّى دَخَلَ جَوْفَهُ لَمْ يُفْطِرْ أَيْضًا لِأَنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْ جِنْسِهِ، وَشَبَّهَهُ الشَّيْخَانِ بِالْخِلَافِ فِي الْعَفْوِ عَنْ دَمِ الْبَرَاغِيثِ الْمَقْتُولَةِ عَمْدًا، وَقَضِيَّتُهُ تَصْحِيحُ أَنْ مَحَلَّ عَدَمِ الْإِفْطَارِ بِهِ: أَيْ عِنْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَبْطُلُ صَوْمُهُ بِقَلْعِهِ أَوْ ابْتِلَاعِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَهَلْ هُوَ فَوْرِيٌّ أَوْ لَا، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ أَنَّ مَنْ فَاتَهُ صَوْمٌ بِعُذْرٍ لَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ فَوْرًا أَنَّ الْقَضَاءَ هُنَا عَلَى التَّرَاخِي إذَا قُلْنَا بِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا ضَبَطَهُ الْمُصَنِّفُ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: نَوَافِذُ الْإِنْسَانِ كُلُّ شَيْءٍ يُوصِلُ إلَى النَّفْسِ فَرَحًا أَوْ تَرَحًا كَالْأُذُنَيْنِ وَاحِدُهَا نَافِذٌ وَالْفُقَهَاءُ يَقُولُونَ مَنَافِذُ وَهُوَ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ قِيَاسًا فَإِنَّ الْمَنْفِذَ مِثْلُ (مَسْجِدٍ) مَوْضِعُ نُفُوذِ الشَّيْءِ اهـ. وَضَبْطُهُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ بِفَتْحِ الْفَاءِ أَيْضًا وَلَمْ يَعْزُهُ، وَعَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ مَا فِي الْمِصْبَاحِ مِنْ قَوْلِهِ مِثْلُ مَسْجِدٍ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَافَقَ مَا هُنَا وَإِنْ كَانَ بِكَسْرِهَا خَالَفَهُ فَلْيُرَاجَعْ، وَفِي الْقَامُوسِ: وَالْمَسْجَدُ كَمَسْكَنٍ الْجَبْهَةُ وَالْآرَابُ السَّبْعَةُ مَسَاجِدُ. وَالْمَسْجِدُ مَعْرُوفٌ وَيُفْتَحُ (قَوْلُهُ: فَلَا يُكْرَهُ الِاكْتِحَالُ لَهُ) لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا فِي الْحِلْيَةِ، وَقَدْ يُحْمَلُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ لِقُوَّةِ خِلَافِ مَالِكٍ فِيهِ اهـ حَجّ. أَقُولُ: قُوَّةُ الْخِلَافِ لَا تُنَاسِبُ كَوْنَهُ خِلَافَ الْأَوْلَى بَلْ تُؤَيَّدُ الْكَرَاهَةُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالْكَرَاهَةِ فِي عَدَمِ الْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ لِأَنَّ عَدَمَ الْمُرَاعَاةِ خِلَافُ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي غُبَارِ الطَّرِيقِ بَيْنَ الطَّاهِرِ وَالنَّجِسِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ مَرَّ سم خِلَافًا لِحَجِّ وَالزِّيَادِيِّ حَيْثُ قَيَّدَاهُ بِالطَّاهِرِ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى الْبَهْجَةِ أَيْضًا قَوْلُهُ وَغُبَارِ الطَّرِيقِ الْأَوْجَهُ اشْتِرَاطُ طَهَارَتِهِ فَإِنْ كَانَ نَجِسًا أَفْطَرَ مَرَّ اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْهُ لِغِلَظِ أَمْرِ النَّجَاسَةِ وَلِنُدْرَةِ حُصُولِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلطَّاهِرِ. وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ نَصُّهَا: وَقَوْلُهُ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ غُبَارِ الطَّرِيقِ الطَّاهِرِ وَالنَّجِسِ اعْتَمَدَهُ مَرَّ. وَقَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ فِيهِ أَمْرَانِ: الْأَوَّلُ أَنَّهُ يُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ الْقَلِيلُ الْحَاصِلُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ مَرَّ، وَالثَّانِي أَنَّهُ هَلْ يَجِبُ غَسْلُ الْفَمِ مِنْهُ حِينَئِذٍ فَوْرًا أَوْ يُعْفَى عَنْهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ جَزَمَ بَعْضُهُمْ: أَيْ الْخَطِيبُ فِي شَرْحِهِ بِوُجُوبِ الْغَسْلِ فَوْرًا فَلْيُرَاجَعْ، فَإِنْ كَانَ مَنْقُولًا فَذَاكَ وَإِلَّا فَلَا يَبْعُدُ الْعَفْوُ. نَعَمْ إنْ تَعَمَّدَ فَتْحَ فَاهُ لِيَدْخُلَ فَفِي الْعَفْوِ عَلَى هَذَا نَظَرٌ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّاهِرِ وَالنَّجِسِ إلَخْ وَالْأَوْجَهُ الْفِطْرُ فِي النَّجِسِ. أَقُولُ: هَذَا يُعَارِضُ اعْتِمَادَ مَرَّ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْهُ قَرِيبًا أَنَّهُ لَا فَرْقَ تَأَمَّلْ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ دَمِيَتْ لِثَتُهُ وَبَصَقَ حَتَّى صَفَّى رِيقَهُ ثُمَّ ابْتَلَعَهُ أَفْطَرَ وَقَدْ يُفَرَّقُ اهـ. وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا يَبْعُدُ الْعَفْوُ، أَقُولُ: الْأَوْجَهُ وُجُوبُ الْغَسْلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْقُولًا، إذْ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ عَدَمِ الْفِطْرِ وَوُجُوبِ الْغَسْلِ. وَقَوْلُهُ أَقُولُ هَذَا يُعَارِضُ إلَخْ. أَقُولُ: لَا مُعَارَضَةَ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا دَخَلَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَمَا هُنَا مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ فَتَحَ فَاهُ حَتَّى دَخَلَ وَهُوَ بِاخْتِيَارِهِ فَيَضُرُّ (قَوْلُهُ: حَتَّى دَخَلَ جَوْفَهُ لَمْ يُفْطِرْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمَسَامُّ الْجَسَدِ ثُقْبُهُ) تَقَدَّمَ مَا يُغْنِي عَنْهُ

التَّعَمُّدِ إذَا كَانَ قَلِيلًا، وَلَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْأَصْحَابِ عَدَمُ الْفَرْقِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَلَوْ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ وَهُوَ فِي الْمَاءِ فَدَخَلَ جَوْفَهُ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ سَدَّ فَاهُ لَمْ يَدْخُلْ أَفْطَرَ لِقَوْلِ الْأَنْوَارِ: وَلَوْ فَتَحَ فَاهُ فِي الْمَاءِ فَدَخَلَ جَوْفَهُ أَفْطَرَ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ مَا مَرَّ إنَّمَا عُفِيَ عَنْهُ لِعُسْرٍ وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ، وَفِيهِ لَوْ وَضَعَ شَيْئًا فِيهِ عَمْدًا: أَيْ لِغَرَضٍ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي وَابْتَلَعَهُ نَاسِيًا لَمْ يُفْطِرْ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الدَّارِمِيِّ لَوْ كَانَ بِفِيهِ أَوْ أَنْفِهِ مَاءٌ فَحَصَلَ لَهُ نَحْوُ عُطَاسٍ فَنَزَلَ بِهِ الْمَاءُ جَوْفَهُ أَوْ صَعِدَ لِدِمَاغِهِ لَمْ يُفْطِرْ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي مِنْ الْفِطْرِ بِسَبْقِ الْمَاءِ الَّذِي وَضَعَهُ فِي فِيهِ لِأَنَّ الْعُذْرَ هُنَا أَظْهَرُ وَقَدْ مَرَّ عَدَمُ فِطْرِهِ بِالرَّائِحَةِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْأَنْوَارِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ وُصُولَ الدُّخَانِ الَّذِي فِيهِ رَائِحَةُ الْبَخُورِ أَوْ غَيْرِهِ إلَى الْجَوْفِ لَا يُفْطِرُ بِهِ وَإِنْ تَعَمَّدَ فَتْحَ فِيهِ لِأَجْلِ ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَبِهِ أَفْتَى الشَّمْسُ الْبِرْمَاوِيُّ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهَا لَيْسَتْ عَيْنًا: أَيْ عُرْفًا، إذْ الْمَدَارُ هُنَا عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ مُلْحَقَةً بِالْعَيْنِ فِي بَابِ الْإِحْرَامِ. أَلَا تَرَى أَنَّ ظُهُورَ الرِّيحِ وَالطَّعْمِ مُلْحَقٌ بِالْعَيْنِ فِيهِ لَا هُنَا، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ انْفِصَالُ عَيْنٍ هُنَا، وَلَوْ خَرَجَتْ مُقْعَدَةُ الْمَبْسُورِ ثُمَّ عَادَتْ لَمْ يُفْطِرْ، وَكَذَا إنْ أَعَادَهَا عَلَى الْأَصَحِّ لِاضْطِرَارِهِ إلَيْهِ كَمَا لَا يَبْطُلُ طُهْرُ الْمُسْتَحَاضَةِ بِخُرُوجِ الدَّمِ، ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَالْخُوَارِزْمِيّ، وَيُوَجَّهُ أَيْضًا بِأَنَّهُ كَالرِّيقِ إذَا ابْتَلَعَهُ بَعْدَ انْفِصَالِهِ عَنْ الْفَمِ عَلَى اللِّسَانِ وَبِهِ يُفَارِقُ مَا لَوْ أَكَلَ جُوعًا، وَجَمَعَ الْمُصَنِّفُ الذُّبَابَ وَأَفْرَدَ الْبَعُوضَةَ تَبَعًا لِنَظْمِ الْآيَةِ أَوْ لِأَنَّ الْبَعُوضَةَ لَمَّا كَانَتْ أَصْغَرَ جِرْمًا مِنْ الذُّبَابَةِ وَأَسْرَعَ دُخُولًا مِنْهَا مَعَ أَنَّ جَمْعَ الذُّبَابِ مَعَ كِبَرِ جِرْمِهِ وَنُدْرَةِ دُخُولِهِ بِالنِّسْبَةِ لَهَا لَا يَضُرُّ عُلِمَ أَنَّ جَمْعَ الْبَعُوضِ لَا يَضُرُّ بِالْأَوْلَى فَأَفْرَدَ الْبَعُوضَ وَجَمَعَ الذُّبَابَ لِفَهْمِ الْأَوَّلِ مِنْ الثَّانِي بِالْأَوْلَى. (وَلَا يُفْطِرُ بِبَلْعِ رِيقِهِ) الصَّرْفُ (مِنْ مَعْدِنِهِ) أَيْ مَحَلِّهِ وَهُوَ الْفَمُ جَمِيعُهُ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَا نَبَعَ لِتَلْيِينِ مَأْكُولٍ أَوْ تَرْطِيبِ لِسَانٍ أَوْ تَسْهِيلِ نُطْقٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ لِعُسْرِ التَّحَرُّزِ عَنْهُ، وَاحْتُرِزَ بِرِيقِهِ عَمَّا لَوْ مَصَّ رِيقَ غَيْرِهِ وَبَلَعَهُ فَإِنَّهُ يُفْطِرُ جَزْمًا (فَلَوْ خَرَجَ عَنْ الْفَمِ) وَلَوْ إلَى ظَاهِرِ الشَّفَةِ لَا عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSقَالَ سم عَلَى بَهْجَةِ بَعْدَ مِثْلَ مَا ذُكِرَ عَنْ وَالِدِ الشَّارِحِ: وَفِي الْعُبَابِ الْجَزْمُ بِالْفِطْرِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ الْفَرْقِ) أَيْ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ) أَيْ لَوْ فَتَحَ فَاهُ عَمْدًا (قَوْلُهُ: وَفِيهِ) أَيْ الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) فِي أَخْذِ هَذَا مِمَّا مَرَّ نَظَرٌ لِأَنَّهُ قَيَّدَ عَدَمَ الْفِطْرِ ثُمَّ بِوُصُولِ الرِّيحِ بِالشَّمِّ، وَمَا هُنَا لَيْسَ بِالشَّمِّ لَكِنَّهُ لَمْ يَسْتَنِدْ هُنَا لِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ بَلْ نَقَلَهُ عَنْ الْبِرْمَاوِيِّ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ لِمَا تَقَرَّرَ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ شُرْبَ مَا هُوَ الْمَعْرُوفُ الْآنَ بِالدُّخَانِ لَا يُفْطِرُ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْعُرْفِ هُنَا فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى عَيْنًا، كَمَا أَنَّ الدُّخَانَ الْمُخْتَلِطَ بِالْبَخُورِ لَا يُسَمَّاهُ وَلَا يُنَافِيهِ عَدُّهُمْ الدُّخَانَ عَيْنًا فِي بَابِ النَّجَاسَةِ لِمَا أَشَارَ إلَيْهِ مِنْ اخْتِلَافِ مَلْحَظِ الْبَابَيْنِ. وَقَدْ نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي بِذَلِكَ أَوَّلًا ثُمَّ عَرَضَ عَلَيْهِ بَعْضُ تَلَامِذَتِهِ قَصَبَةً مِمَّا يُشْرَبُ فِيهِ وَكَسَرَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَرَاهُ مَا تَجَمَّدَ مِنْ أَثَرِ الدُّخَانِ فِيهَا وَقَالَ لَهُ هَذَا عَيْنٌ، فَرَجَعَ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ حَيْثُ كَانَ عَيْنًا يُفْطِرُ. وَنَاقَشَ فِي ذَلِكَ بَعْضَ تَلَامِذَتِهِ أَيْضًا بِأَنَّ مَا فِي الْقَصَبَةِ إنَّمَا هُوَ مِنْ الرَّمَادِ الَّذِي يَبْقَى مِنْ أَثَرِ النَّارِ لَا مِنْ عَيْنِ الدُّخَانِ الَّذِي يَصِلُ إلَى الدِّمَاغِ، وَقَالَ: الظَّاهِرُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ مِنْ عَدَمِ الْإِفْطَارِ بِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، غَيْرَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ هُنَا وَإِنْ تَعَمَّدَ فَتْحَ فِيهِ لِأَجْلِ ذَلِكَ قَدْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ ابْتَلَعَهُ أَفْطَرَ وَعَدَمُ تَسْمِيَتِهِ عَيْنًا يَقْتَضِي عَدَمَ الْفِطْرِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ أَعَادَهَا) أَيْ وَإِنْ تَوَقَّفَتْ إعَادَتُهَا عَلَى دُخُولِ شَيْءٍ مِنْ أُصْبُعِهِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ انْفِصَالِهِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ لِكَثْرَةِ الِابْتِلَاعِ بِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُفْطِرُ جَزْمًا) قَالَ حَجّ: وَمَا جَاءَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يَمُصُّ لِسَانَ عَائِشَةَ وَهُوَ صَائِمٌ» وَاقِعَةُ حَالٍ فِعْلِيَّةٌ مُحْتَمِلَةٌ أَنْ يَمُصَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَجَمَعَ الْمُصَنِّفُ الذُّبَابَ) فِي أَدَبِ الْكَاتِبِ لِابْنِ قُتَيْبَةَ أَنَّ الذُّبَابَ مُفْرَدٌ وَجَمْعُهُ ذِبَّانٌ كَغُرَابٍ وَغِرْبَانٍ، وَعَلَيْهِ فَلَا حَاجَةَ بَلْ لَا وَجْهَ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، وَعِبَارَةُ الْبَيْضَاوِيِّ فِي الْآيَةِ: وَالذُّبَابُ مِنْ الذَّبِّ لِأَنَّهُ يُذَبُّ وَجَمْعُهُ أَذِبَّةٌ

اللِّسَانِ (ثُمَّ رَدَّهُ) إلَيْهِ بِلِسَانِهِ أَوْ غَيْرِهِ (وَابْتَلَعَهُ أَوْ بَلَّ خَيْطًا بِرِيقِهِ وَرَدَّهُ إلَى فَمِهِ) كَمَا يُعْتَادُ عِنْدَ الْفَتْلِ (وَعَلَيْهِ رُطُوبَةٌ تَنْفَصِلُ) وَابْتَلَعَهَا (أَوْ ابْتَلَعَ رِيقَهُ مَخْلُوطًا بِغَيْرِهِ) الطَّاهِرُ كَمَنْ فَتَلَ خَيْطًا مَصْبُوغًا تَغَيَّرَ بِهِ رِيقُهُ: أَيْ وَلَوْ بِلَوْنٍ أَوْ رِيحٍ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ إطْلَاقِهِمْ إنْ انْفَصَلَتْ عَيْنٌ مِنْهُ لِسُهُولِهِ التَّحَرُّزِ عَنْ ذَلِكَ، وَمِثْلُهُ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ مَا لَوْ اسْتَاكَ وَقَدْ غَسَلَ السِّوَاكَ وَبَقِيَتْ فِيهِ رُطُوبَةٌ تَنْفَصِلُ وَابْتَلَعَهَا، وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْخَيْطِ مَا يَنْفَصِلُ لِقِلَّتِهِ أَوْ عَصْرِهِ أَوْ لِجَفَافِهِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ (أَوْ مُتَنَجِّسًا) كَمَنْ دَمِيَتْ لِثَتُهُ أَوْ أَكَلَ شَيْئًا نَجِسًا وَلَمْ يَغْسِلْ فَمَه حَتَّى أَصْبَحَ (أَفْطَرَ) فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى رَدِّ الرِّيقِ وَابْتِلَاعِهِ، وَيُمْكِنُهُ التَّحَرُّزُ عَنْ ابْتِلَاعِ الْمَخْلُوطِ وَالْمُتَنَجِّسِ مِنْهُ وَلَوْ أَخْرَجَ اللِّسَانَ وَعَلَيْهِ الرِّيقُ ثُمَّ رَدَّهُ وَابْتَلَعَ مَا عَلَيْهِ لَمْ يُفْطِرْ لِأَنَّ اللِّسَانَ كَيْفَ تَقَلَّبَ مَعْدُودٌ مِنْ دَاخِلِ الْفَمِ فَلَمْ يُفَارِقْ مَا عَلَيْهِ مَعْدِنُهُ، (وَلَوْ عَمَّتْ بَلْوَى شَخْصٍ بِدَمِي لِثَتِهِ بِحَيْثُ يَجْرِي دَائِمًا أَوْ غَالِبًا) سُومِحَ بِمَا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ، وَيَكْفِي بَصْقُهُ وَيُعْفَى عَنْ أَثَرِهِ وَلَا سَبِيلَ إلَى تَكْلِيفِهِ غَسْلَهُ جَمِيعَ نَهَارِهِ، إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ يَجْرِي دَائِمًا أَوْ يَتَرَشَّحُ، وَرُبَّمَا إذَا غَسَلَهُ زَادَ جَرَيَانُهُ كَذَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ فِقْهٌ ظَاهِرٌ (وَلَوْ جَمَعَ رِيقَهُ فَابْتَلَعَهُ لَمْ يُفْطِرْ فِي الْأَصَحِّ) كَابْتِلَاعِهِ مُتَفَرِّقًا مِنْ مَعْدِنِهِ. وَالثَّانِي يُفْطِرُ لِخِفَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ وَسَوَاءٌ أَجَمَعَهُ بِشَيْءٍ كَالْعِلْكِ أَمْ لَا، (وَاحْتُرِزَ بِجَمْعِهِ عَمَّا لَوْ اُجْتُمِعَ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ) فَلَا يَضُرُّ قَطْعًا. (وَلَوْ) (سَبَقَ مَاءُ الْمَضْمَضَةِ أَوْ الِاسْتِنْشَاقِ إلَى جَوْفِهِ) الْمَعْرُوفِ أَوْ دِمَاغِهِ (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ إنْ بَالَغَ) فِي ذَلِكَ (أَفْطَرَ) لِأَنَّ الصَّائِمَ مَنْهِيٌّ عَنْهَا كَمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ (وَإِلَّا فَلَا) يُفْطِرُ لِأَنَّهُ تَوَلَّدَ مِنْ مَأْمُورٍ بِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ بِخِلَافِ حَالَةِ الْمُبَالَغَةِ لِمَا مَرَّ، (وَبِخِلَافِ سَبْقِ مَائِهِمَا غَيْرِ الْمَشْرُوعَيْنِ كَأَنْ جَعَلَ الْمَاءَ فِي فَمِهِ أَوْ أَنْفِهِ لَا لِغَرَضٍ) وَبِخِلَافِ ـــــــــــــــــــــــــــــSثُمَّ يَمُجَّهُ أَوْ يَمُصَّهُ وَلَا رِيقَ بِهِ (قَوْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ إطْلَاقِهِمْ) أَقُولُ: أَيْ فَائِدَةً لِلْمُبَالَغَةِ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ بِلَوْنٍ أَوْ رِيحٍ مَعَ قَوْلِهِ إنْ انْفَصَلَتْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ إنْ انْفَصَلَتْ عَيْنٌ مِنْهُ) أَفْهَمُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ ابْتِلَاعُهُ مُتَغَيِّرًا بِلَوْنٍ أَوْ رِيحٍ حَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ انْفِصَالُ عَيْنٍ مِنْ نَحْوِ الصِّبْغِ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ بَعْدُ وَخَرَجَ بِذَلِكَ إلَخْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَيْنِ هُنَا مَا يَنْفَصِلُ مِنْ الرِّيقِ الْمُتَّصِلِ بِالْخَيْطِ، وَعَلَيْهِ فَمَتَى ظَهَرَ فِيهِ تَغَيُّرٌ ضَرَّ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ انْفِصَالُ شَيْءٍ مِنْ الصِّبْغِ لَكِنَّهُ حِينَئِذٍ قَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِلرِّيحِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَغْسِلْ فَمَه حَتَّى أَصْبَحَ أَفْطَرَ) أَيْ وَإِنْ كَانَ خَيَّاطًا كَمَا قَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ خِلَافًا لِمَا فِي الدَّمِيرِيِّ عَنْ الْفَارِقِيِّ فِي م ر انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَخْرَجَ اللِّسَانَ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا لَا عَلَى اللِّسَانِ فَهُوَ تَصْرِيحٌ بِالْمَفْهُومِ (قَوْلُهُ وَابْتَلَعَ مَا عَلَيْهِ) بَقِيَ مَا لَوْ أَخْرَجَ لِسَانَهُ وَعَلَيْهِ نَحْوُ نِصْفِ فِضَّةٍ وَعَلَى النِّصْفِ مِنْ أَعْلَى رِيقٌ ثُمَّ رَدَّهُ إلَى فَمِهِ فَهَلْ يُفْطِرُ أَوْ لَا لِأَنَّهُ لَمْ يُفَارِقْ مَعِدَتَهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مَا يُوَافِقُ مَا قُلْنَاهُ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ، لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ عَلَى اللِّسَانِ قَدْ يَقْتَضِي خِلَافَهُ لِأَنَّ مَا عَلَى ظَاهِرِ النِّصْفِ لَيْسَ عَلَى اللِّسَانِ فِي الْحَقِيقَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ دَاخِلِ الْفَمِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لَهُ وَلِغَيْرِهِ فِيمَا يَظْهَرُ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ مَصُّ لِسَانِ حَلِيلَتِهِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ حَالَةِ الْمُبَالَغَةِ) قَالَ حَتَّى: وَيَظْهَرُ ضَبْطُهَا بِأَنْ يَمْلَأَ فَمَه أَوْ أَنْفَهُ مَاءً بِحَيْثُ يَسْبِقُ غَالِبًا إلَى الْجَوْفِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: قَدْ يُقَالُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ ضَرَرُ السَّبْقِ بِالْمُبَالَغَةِ الْمَعْرُوفَةِ وَإِنْ لَمْ يَمْلَأْ فَمَه أَوْ أَنْفَهُ كَمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: لَا لِغَرَضٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنْ لَا يَكُونَ مَأْمُورًا بِهِ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرَهُ فِي سَبْقِ مَاءِ التَّبَرُّدِ مِنْ الضَّرَرِ لِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ غَيْرَ مَأْمُورٍ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَذِبَّانٌ (قَوْلُهُ: إنْ انْفَصَلَتْ مِنْهُ عَيْنٌ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْعَيْنِ لَا عَلَى لَوْنٍ وَلَا عَلَى رِيحٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْغَايَةِ، بَلْ هِيَ تُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ عَلَى أَنَّ اللَّوْنَ فِي الرِّيقِ لَا يَكُونُ إلَّا عَيْنًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: الْمَعْرُوفُ) أَيْ الْبَطْنُ وَمَا هُوَ طَرِيقٌ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ لِأَنَّ مَاءَ الْمَضْمَضَةِ لَا يَصِلُ إلَّا إلَى ذَلِكَ وَلِيَتَأَتَّى عَطْفُ الدِّمَاغِ عَلَيْهِ

سَبْقِ مَاءِ غَسْلِ التَّبَرُّدِ وَالْمَرَّةِ الرَّابِعَةِ مِنْ الْمَضْمَضَةِ أَوْ الِاسْتِنْشَاقِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِذَلِكَ بَلْ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فِي الرَّابِعَةِ، وَخَرَجَ بِمَا قَرَّرْنَاهُ (سَبْقُ مَاءِ الْغُسْلِ مِنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ جَنَابَةٍ أَوْ مِنْ غُسْلٍ مَسْنُونٍ) فَلَا يُفْطِرُ بِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ غَسَلَ أُذُنَيْهِ فِي الْجَنَابَةِ وَنَحْوِهَا فَسَبَقَ الْمَاءُ إلَى جَوْفِهِ مِنْهُمَا لَا يُفْطِرُ وَلَا نَظَرَ إلَى إمْكَانِ إمَالَةِ الرَّأْسِ بِحَيْثُ لَا يَدْخُلُ شَيْءٌ لِعُسْرِهِ، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ عَادَتَهُ أَنَّهُ يَصِلُ الْمَاءُ مِنْهُ إلَى جَوْفِهِ أَوْ دِمَاغِهِ بِالِانْغِمَاسِ وَلَا يُمْكِنُهُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ الِانْغِمَاسُ وَيُفْطِرُ قَطْعًا. نَعَمْ مَحَلُّهُ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ الْغُسْلِ لَا عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ وَإِلَّا فَلَا يُفْطِرُ فِيمَا يَظْهَرُ، (وَكَذَا لَا يُفْطِرُ بِسَبْقِهِ مِنْ غَسْلِ نَجَاسَةٍ بِفِيهِ وَإِنْ بَالَغَ فِيهَا، وَقِيلَ يُفْطِرُ) مُطْلَقًا لِأَنَّ وُصُولَ الْمَاءِ إلَى الْجَوْفِ بِفِعْلِهِ، وَقِيلَ لَا يُفْطِرُ مُطْلَقًا لِأَنَّ وُصُولَهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ. وَأَصْلُ الْخِلَافِ نَصَّانِ مُطْلَقَانِ بِالْإِفْطَارِ وَعَدَمِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ الْأَوَّلَ عَلَى حَالِ الْمُبَالَغَةِ وَالثَّانِي عَلَى حَالِ عَدَمِهَا، وَالْأَصَحُّ حِكَايَةُ قَوْلَيْنِ فَقِيلَ هُمَا فِي الْحَالَيْنِ، وَقِيلَ هُمَا فِيمَا إذَا بَالَغَ، فَإِنْ لَمْ يُبَالِغْ لَمْ يُفْطِرْ قَطْعًا، وَالْأَصَحُّ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ أَنَّهُمَا فِيمَا إذَا لَمْ يُبَالِغْ فَإِنْ بَالَغَ أَفْطَرَ قَطْعًا وَلَوْ كَانَ نَاسِيًا لِلصَّوْمِ لَمْ يُفْطِرْ بِحَالٍ (وَلَوْ) (بَقِيَ طَعَامٌ بَيْنَ أَسْنَانِهِ فَجَرَى بِهِ رِيقُهُ) مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ (لَمْ يُفْطِرْ إنْ عَجَزَ عَنْ تَمْيِيزِهِ وَمَجِّهِ) لِعُذْرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَعْجِزْ وَوَصَلَ إلَى جَوْفِهِ فَيُفْطِرُ لِتَقْصِيرِهِ (وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْخِلَالُ لَيْلًا إذَا عَلِمَ بَقَايَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ يَجْرِي بِهَا رِيقُهُ نَهَارًا وَلَا يُمْكِنُهُ التَّمْيِيزُ وَالْمَجُّ) الْأَوْجَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ الْوُجُوبِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا يُخَاطَبُ بِوُجُوبِ التَّمْيِيزِ وَالْمَجِّ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمَا فِي حَالِ الصَّوْمِ فَلَا يَلْزَمُهُ تَقْدِيمُ ذَلِكَ عَلَيْهِ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَكَّدَ لَهُ ذَلِكَ لَيْلًا، وَأَشَارَ الْأَذْرَعِيُّ إلَى أَنَّ مَحَلَّ إيجَابِهِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِالْفِطْرِ مِمَّا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَالْمَرَّةُ الرَّابِعَةُ) أَيْ يَقِينًا بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ هَلْ أَتَى بِاثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ فَزَادَ أُخْرَى فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ دُخُولُ مَائِهَا سم عَلَى بَهْجَةٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِذَلِكَ) قَضِيَّتُهُ تَخْصِيصُ الْغَرَضِ الْمُسَوِّغِ لِوَضْعِهِ فِي فَمِهِ بِحَيْثُ يَمْنَعُ مَنْعَ الْإِفْطَارِ بِالْمَأْمُورِ بِهِ، وَعَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ مَعْنَى الْغَرَضِ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْ الْأَنْوَارِ فِيمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَفِيهِ لَوْ وَضَعَ شَيْئًا فِي فِيهِ عَمْدًا: أَيْ لِغَرَضٍ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ ضَوَّرَهُ بِمَا لَوْ وَضَعَهُ لِنَحْوِ الْحِفْظِ وَكَانَ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِوَضْعِهِ فِي الْفَمِ اهـ. وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ النَّحْوِ مَا لَوْ وَضَعَ الْخُبْزَ فِي فَمِهِ لِمَضْغِهِ لِنَحْوِ الطِّفْلِ حَيْثُ احْتَاجَ إلَيْهِ أَوْ وَضَعَ شَيْئًا فِي فَمِهِ لِمُدَاوَاةِ أَسْنَانِهِ بِهِ حَيْثُ لَمْ يَتَحَلَّلْ مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ لِدَفْعِ غَثَيَانٍ خِيفَ مِنْهُ الْقَيْءُ. [فَرْعٌ] أَكَلَ أَوْ شَرِبَ لَيْلًا كَثِيرًا وَعُلِمَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ إذَا أَصْبَحَ حَصَلَ لَهُ جُشَاءٌ يَخْرُجُ بِسَبَبِهِ مَا فِي جَوْفِهِ هَلْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ كَثْرَةُ مَا ذُكِرَ أَوْ لَا، وَهَلْ إذَا خَالَفَ وَخَرَجَ مِنْهُ يُفْطِرُ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ كَثْرَةِ ذَلِكَ لَيْلًا، وَإِذَا أَصْبَحَ وَحَصَلَ لَهُ الْجُشَاءُ الْمَذْكُورُ يَلْفِظُهُ وَيَغْسِلُ فَمَه وَلَا يُفْطِرُ وَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ ذَلِكَ مِرَارًا كَمَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي قَوْلِهِ: وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْخِلَالُ لَيْلًا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ عُرِفَ مِنْ عَادَتِهِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ، فَحَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ سَبْقُ الْمَاءِ بِالِانْغِمَاسِ أَفْطَرَ بِوُصُولِ الْمَاءِ إلَى جَوْفِهِ وَإِلَّا فَلَا، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَبِخِلَافِ سَبْقِ مَاءِ غَسْلِ التَّبَرُّدِ إلَخْ خِلَافُهُ لِأَنَّ الِانْغِمَاسَ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِهِ، وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ حَجّ، وَكَذَا دُخُولُهُ جَوْفَ مُنْغَمِسٍ مِنْ نَحْوِ فَمِهِ أَوْ أَنْفِهِ لِكَرَاهَةِ الْغَمْسِ فِيهِ كَالْمُبَالَغَةِ وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يُعْتَدْ أَنَّهُ يَسْبِقُهُ وَإِلَّا أَثِمَ وَأَفْطَرَ قَطْعًا (قَوْلُهُ: عَدَمُ الْوُجُوبِ) أَيْ لَكِنَّهُ يُنْدَبُ خُرُوجًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَالْمَرَّةُ الرَّابِعَةُ) هِيَ دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِهِ غَيْرُ الْمَشْرُوعَيْنِ (قَوْلُهُ: وَأَشَارَ الْأَذْرَعِيُّ إلَى أَنَّ مَحَلَّ إيجَابِهِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِالْفِطْرِ) لَفْظُ عِنْدَ فِي كَلَامِهِ خَبَرُ إنَّ وَقَوْلُهُ مِمَّا مُتَعَلِّقٌ بِالْفِطْرِ: أَيْ فَالْقَائِلُونَ بِعَدَمِ الْفِطْرِ بِمَا ذُكِرَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّخْلِيلُ، وَالْقَوْلُ بِوُجُوبِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِالْفِطْرِ مِمَّا تَعَذَّرَ تَمْيِيزُهُ وَمَجَّهُ وَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يُمَهِّدَ لِهَذَا مَا يُوَضِّحُهُ

تَعَذَّرَ تَمْيِيزُهُ وَمَجُّهُ، وَقَدْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالْعَجْزِ عَنْ التَّمْيِيزِ وَالْمَجِّ فِي حَالَةِ صَيْرُورَتِهِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى إخْرَاجِهِ مِنْ بَيْنِ أَسْنَانِهِ فَلَمْ يَفْعَلْ (وَلَوْ أَوْجَرَ مُكْرَهًا لَمْ يُفْطِرْ) لِانْتِفَاءِ الْفِعْلِ وَالْقَصْدِ مِنْهُ وَالْإِيجَارُ صَبُّ الْمَاءِ فِي حَلْقِهِ، وَحُكْمُ سَائِرِ الْمُفْطِرَاتِ حُكْمُ الْإِيجَارِ، وَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَأُوجِرَ مُعَالَجَةً لَمْ يُفْطِرْ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ صُبَّ فِي حَلْقِهِ وَهُوَ نَائِمٌ فَكَمَا لَوْ أُوجِرَ قَالَهُ فِي الْكَافِي (فَإِنْ) (أُكْرِهَ حَتَّى أَكَلَ) أَوْ شَرِبَ (أَفْطَرَ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ حَصَلَ مِنْ فِعْلِهِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ فَأَفْطَرَ بِهِ كَمَا لَوْ أَكَلَ لِدَفْعِ الْمَرَضِ أَوْ الْجُوعِ (قُلْت: الْأَظْهَرُ لَا يُفْطِرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَمَا فِي الْحِنْثِ وَلِأَنَّ أَكْلَهُ لَيْسَ مَنْهِيًّا عَنْهُ فَأَشْبَهَ النَّاسِيَ، بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالْأَكْلِ وَنَحْوِهِ لِدَرْءِ الضَّرَرِ كَمَا مَرَّ وَفَارَقَ الْأَكْلَ لِدَفْعِ الْجُوعِ بِأَنَّ الْإِكْرَاهَ قَادِحٌ فِي اخْتِيَارِهِ، بِخِلَافِ الْجُوعِ لَا يَقْدَحُ فِيهِ بَلْ يَزِيدُهُ تَأْثِيرًا، وَظَاهِرًا إطْلَاقهمْ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَحْرُمَ عَلَيْهِ الْفِطْرُ حَالَةَ الِاخْتِيَارِ أَوْ يَجِبَ عَلَيْهِ لَا لِلْإِكْرَاهِ بَلْ لِخَشْيَةِ التَّلَفِ مِنْ جُوعٍ أَوْ عَطَشٍ أَوْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ إنْقَاذُ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ غَرَقٍ أَوْ نَحْوِهِ وَلَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ إلَّا بِالْفِطْرِ فَأُكْرِهَ عَلَيْهِ لِذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ وَهُوَ آثِمٌ بِالِامْتِنَاعِ لِغَيْرِ الْإِكْرَاهِ بَلْ لِتَرْكِ الْوَاجِبِ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْهَادِي لِلْكُنْدَرِيِّ الْمِصْرِيِّ مِنْ أَنَّهُ (لَوْ فَاجَأَهُ الْقُطَّاعُ فَابْتَلَعَ الذَّهَبَ خَوْفًا عَلَيْهِ) فَهُوَ كَالْمُكْرَهِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ (وَإِنْ أَكَلَ نَاسِيًا لَمْ يُفْطِرْ) لِخَبَرِ «مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ» وَفِي رِوَايَةٍ صَحَّحَهَا ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ «وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ» نَصَّ عَلَى الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَعُلِمَ غَيْرُهَا بِالْأَوْلَى (إلَّا أَنْ يَكْثُرَ) فَيُفْطِرَ بِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ النِّسْيَانَ مَعَ الْكَثْرَةِ نَادِرٌ وَلِهَذَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِالْكَلَامِ الْكَثِيرِ نَاسِيًا. قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَالْكَثِيرُ كَثَلَاثِ لُقَمٍ (قُلْت: الْأَصَحُّ لَا يُفْطِرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِعُمُومِ الْحَدِيثِ وَفَارَقَ الصَّلَاةَ بِأَنَّ لَهَا هَيْئَةً تُذَكِّرُ الْمُصَلِّي أَنَّهُ فِيهَا فَيُنْكِرُ ذَلِكَ فِيهَا بِخِلَافِ الصَّوْمِ (وَالْجِمَاعُ كَالْأَكْلِ عَلَى الْمَذْهَبِ) فِي أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ بِالنِّسْيَانِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمُفْطِرَاتِ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي جِمَاعِ الْمُحْرِمِ نَاسِيًا وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْمُحْرِمَ لَهُ هَيْئَةٌ يَتَذَكَّرُ بِهَا الْإِحْرَامُ فَإِذَا نَسِيَ كَانَ مُقَصِّرًا بِخِلَافِ الصَّائِمِ. (وَ) شَرْطُهُ أَيْضًا الْإِمْسَاكُ (عَنْ الِاسْتِمْنَاءِ) وَهُوَ اسْتِخْرَاجُ الْمَنِيِّ بِغَيْرِ الْجِمَاعِ مُحْرِمًا ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ فِي حَالَةِ صَيْرُورَتِهِ) أَيْ جَرَيَانِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَأُوجِرَ مُعَالَجَةً) أَيْ لِيُعَالَجَ بِمَا يَصِلُ إلَى جَوْفِهِ مِنْ الدَّوَاءِ (قَوْلُهُ: لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ) هُوَ ظَاهِرٌ إنْ أُكْرِهَ عَلَى أَكْلٍ مُعَيَّنٍ، وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى أَكْلِ عَيْنَيْنِ كَأَنْ قِيلَ لَهُ إنْ لَمْ تَأْكُلْ مِنْ هَذَا قَتَلْتُك، أَوْ إنْ لَمْ تَأْكُلْ مِنْ هَذَا قَتَلْتُك وَعُلِمَ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ مِنْ الْأَكْلِ قَتَلَهُ فَأَكَلَ مِنْ أَحَدِهِمَا فَهَلْ يُفْطِرُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ قِيلَ لَهُ طَلِّقْ إحْدَى زَوْجَتَيْك فَطَلَّقَ إحْدَاهُمَا حَيْثُ وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لِأَنَّ فِيهِ اخْتِيَارًا لِمَا فَعَلَهُ أَوْ لَا يُفْطِرَا بِذَلِكَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَيْسَ مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَكْلِهِمَا مَعًا فَابْتَدَأَ بِأَحَدِهِمَا فَلَا يُفْطِرُ بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ طَرِيقٌ إلَّا ذَلِكَ (قَوْلُهُ قُلْت الْأَظْهَرُ لَا يُفْطِرُ) أَيْ وَإِنْ أَكَلَ ذَلِكَ بِشَهْوَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: لِدَرْءِ الضَّرَرِ) هَذَا التَّعْلِيلُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ مُكَلَّفٌ، وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ السُّبْكِيّ آخِرًا فِي غَيْرِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ الْأَكْلَ لِدَفْعِ الْجُوعِ) أَيْ حَيْثُ يُفْطِرُ بِهِ، وَقَوْلُهُ قَادِحٌ فِي اخْتِيَارِهِ: أَيْ فَإِنَّ الْمُكْرَهَ يَفْعَلُ لِلْإِكْرَاهِ وَدَفْعِ الْعُقُوبَةِ فَلَا اخْتِيَارَ لَهُ فِي الْفِعْلِ بِخِلَافِ الْجَائِعِ فَإِنَّ جُوعَهُ يَحْمِلُهُ عَلَى اخْتِيَارِ الْأَكْلِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: غَيْرُ صَحِيحٍ) أَيْ فَيُفْطِرُ بِبَلْعِهِ الذَّهَبَ (قَوْلُهُ: وَالْكَثِيرُ كَثَلَاثِ لُقَمٍ) قَالَ حَجّ: وَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُمْ عَدُّوا الثَّلَاثَ كَلِمَاتٍ وَالْأَرْبَعَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ الْقَلِيلِ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ الصَّلَاةَ) أَيْ حَيْثُ تَبْطُلُ بِالْكَثِيرِ نَاسِيًا دُونَ الْقَلِيلِ (قَوْلُهُ وَالْجِمَاعُ كَالْأَكْلِ) لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الزِّنَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُفْطِرَ بِهِ تَنْفِيرًا عَنْهُ. قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ اهـ. كَذَا رَأَيْته بِهَامِشٍ بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ: أَيْ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى الزِّنَا لَا يُبِيحُهُ بِخِلَافِهِ عَلَى الْأَكْلِ وَنَحْوِهِ ثُمَّ رَأَيْته فِي الشَّيْخِ عَمِيرَةَ (قَوْلُهُ فِي أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ بِالنِّسْيَانِ) أَيْ وَلَا بِالْإِكْرَاهِ عَلَيْهِ أَيْضًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

كَانَ كَإِخْرَاجِهِ بِيَدِهِ أَوْ غَيْرَ مُحْرِمٍ كَإِخْرَاجِهِ بِيَدِ زَوْجَتِهِ أَوْ جَارِيَتِهِ (فَيُفْطِرُ بِهِ) لِأَنَّهُ إذَا أَفْطَرَ بِالْجِمَاعِ بِلَا إنْزَالٍ فَبِالْإِنْزَالِ بِمُبَاشَرَةٍ فِيهَا نَوْعُ شَهْوَةٍ أَوْلَى وَمَحَلُّهُ حَيْثُ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا مُخْتَارًا (وَكَذَا) (خُرُوجُ الْمَنِيِّ بِلَمْسٍ وَقُبْلَةٍ وَمُضَاجَعَةٍ) بِلَا حَائِلٍ يُفْطِرُ بِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ بِحَائِلٍ وَإِنْ رَقَّ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ، وَمِثْلُهُ لَمْسُ مَا لَا يُنْقِضُ لَمْسُهُ كَمُحْرِمٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلَا يُفْطِرُ بِلَمْسِهِ وَإِنْ أَنْزَلَ حَيْثُ فَعَلَ ذَلِكَ لِنَحْوِ شَلْقَةٍ أَوْ كَرَامَةٍ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ كَلَمْسِ الْعُضْوِ الْمُبَانِ: أَيْ وَإِنْ اتَّصَلَ بِحَرَارَةِ الدَّمِ حَيْثُ لَمْ يُخَفْ مِنْ قَطْعِهِ مَحْذُورُ تَيَمُّمٍ وَإِلَّا أَفْطَرَ، وَفِيهِ أَنَّهُ لَوْ حَكَّ ذَكَرَهُ لِعَارِضِ سَوْدَاءَ أَوْ حَكَّةٍ فَأَنْزَلَ لَمْ يُفْطِرْ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ تَوَلَّدَ مِنْ مُبَاشَرَةٍ مُبَاحَةٍ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَلَوْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ إذَا حَكَّهُ أَنْزَلَ فَالْقِيَاسُ الْفِطْرُ، وَأَنَّهُ لَوْ قَبَّلَهَا وَفَارَقَهَا سَاعَةً ثُمَّ أَنْزَلَ فَإِنْ كَانَتْ الشَّهْوَةُ مُسْتَصْحَبَةً وَالذَّكَرُ قَائِمًا حَتَّى أَنْزَلَ أَفْطَرَ وَإِلَّا فَلَا، قَالَهُ فِي الْبَحْرِ: وَأَنَّ هَذَا كُلَّهُ فِي الْوَاضِحِ فَلَا يَضُرُّ إمْنَاءُ الْمُشْكِلِ بِأَحَدِ فَرْجَيْهِ وَإِنْ حَصَلَ مِنْ وَطْءٍ لِاحْتِمَالِ زِيَادَتِهِ. نَعَمْ (لَوْ أَمْنَى مِنْ فَرْجِ الرِّجَالِ عَنْ مُبَاشَرَةٍ وَرَأَى الدَّمَ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنْ فَرْجِ النِّسَاءِ وَاسْتَمَرَّ إلَى أَقَلِّ مُدَّةِ الْحَيْضِ بَطَلَ صَوْمُهُ) لِأَنَّهُ أَفْطَرَ يَقِينًا بِالْإِنْزَالِ أَوْ الْحَيْضِ، وَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ خُرُوجَ الْمَنِيِّ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ كَخُرُوجِهِ مِنْ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ مَحَلُّهُ إذَا انْسَدَّ الْأَصْلِيُّ، وَلَوْ قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ فَأَمْذَى وَلَمْ يُمْنِ لَمْ يُفْطِرْ قَطْعًا كَالْبَوْلِ، وَعُلِمَ مِنْ قِيَاسِ مَا مَرَّ مِنْ الْبِنَاءِ عَلَى لَمْسِ مَا لَا يُنْقَضُ أَنَّهُ لَوْ لَمَسَ الْفَرْجَ بَعْدَ انْفِصَالِهِ وَأَنْزَلَ إنْ بَقِيَ اسْمُهُ أَفْطَرَ وَإِلَّا فَلَا، وَبِهِ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (لَا الْفِكْرُ وَالنَّظَرُ بِشَهْوَةٍ) إذْ هُوَ إنْزَالٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَيُفْطِرُ بِهِ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ بِحَائِلٍ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ بِقَصْدِ إخْرَاجِهِ أَشْبَهَ الْجِمَاعَ وَهُوَ مُفْطِرٌ وَلَوْ مَعَ الْحَائِلِ، وَسَيَأْتِي عَنْ سم عَلَى ابْن حَجّ مَا يُصَرِّحُ بِهِ (قَوْلُهُ عَالِمًا مُخْتَارًا) أَيْ فَلَوْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا تَحْرِيمَهُ بِالْقِيلِ الْمَارِّ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَوْ مُكْرَهًا لَمْ يُفْطِرْ (قَوْلُهُ: بِلَا حَائِلٍ) قَيْدٌ فِيمَا بَعْدِ كَذَا خَاصَّةً (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ بِحَائِلٍ) أَيْ فَلَا يُفْطِرُ بِهِ، قَالَ سم عَلَى حَجّ: وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِالْمُضَاجَعَةِ وَنَحْوِهَا إخْرَاجَ الْمَنِيِّ، فَإِنْ قَصَدَ ذَلِكَ أَفْطَرَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ اسْتِمْنَاءٌ مُحَرَّمٌ اهـ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ لَمْسُ مَا لَا يُنْقِضُ لَمْسُهُ) وَمِنْهُ الْأَمْرَدُ وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ: أَيْ حَيْثُ أَرَادَ بِهِ الشَّفَقَةَ أَوْ الْكَرَامَةَ وَإِلَّا أَفْطَرَ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي لِلشَّارِحِ، وَمِنْهُ أَيْضًا الشَّعْرُ وَالسِّنُّ وَالظُّفْرُ (قَوْلُهُ: كَلَمْسِ الْعُضْوِ الْمُبَانِ) وَخَرَجَ بِالْعُضْوِ مَا زَادَ عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا قِيلَ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ بِلَمْسِهِ، وَمِثْلُ مَا زَادَ مَا لَوْ كَانَ الْعُضْوُ ذَكَرًا مُبَانًا أَوْ فَرْجَ امْرَأَةٍ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَلَوْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ) اُنْظُرْ لَوْ ظَنَّهُ سم عَلَى بَهْجَةٍ، وَقَدْ يُقَالُ مُرَادُهُ بِالْعِلْمِ الظَّنُّ لِأَنَّ الْمُسْتَقْبَلَ لَا يُعْلَمُ بِوُقُوعِهِ وَلَا تَقَدُّمِهِ بَلْ حَيْثُ عَبَّرُوا فِيهِ بِالْعِلْمِ أَرَادُوا الظَّنَّ الْقَوِيَّ (قَوْلُهُ: فَالْقِيَاسُ الْفِطْرُ) مُعْتَمَدٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ يَصِلْ إلَى حَدٍّ لَمْ يَقْدِرْ مَعَهُ عَلَى تَرْكِ الْحَكِّ (قَوْلُهُ: بِأَحَدِ فَرْجَيْهِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ خَرَجَ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَلَوْ عَلَى التَّعَاقُبِ فَيَضُرُّ لِتَحَقُّقِ خُرُوجِهِ مِنْ فَرْجٍ أَصْلِيٍّ (قَوْلُهُ: لَمْ يُفْطِرْ قَطْعًا كَالْبَوْلِ) أَيْ عِنْدَنَا وَإِلَّا فَنُقِلَ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَلَوْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ إلَخْ) هَذَا مِنْ عِنْدِ الشَّارِحِ تَقْيِيدًا لِكَلَامِ الْمَجْمُوعِ، وَقَوْلُهُ بَعْدَهُ وَأَنَّهُ لَوْ قَبَّلَهَا إلَخْ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الشِّهَابَ حَجّ قَيَّدَ كَلَامَ الْأَذْرَعِيِّ بِمَا إذَا أَطَاقَ الصَّبْرَ لِمَا مَرَّ مِنْ اغْتِفَارِهِ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِطَاقَةِ وَإِنْ كَثُرَ (قَوْلُهُ: وَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ خُرُوجَ الْمَنِيِّ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ: أَيْ فَلَا يُقَالُ بِالْفِطْرِ هُنَا إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُ مَنِيٌّ خَرَجَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ وَلَهُ حُكْمُ مَا خَرَجَ مِنْ طَرِيقِهِ هَذَا تَقْرِيرُ كَلَامِهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاجَعَ مَا مَرَّ فِيمَنْ انْكَسَرَ صُلْبُهُ فَخَرَجَ مِنْهُ الْمَنِيُّ

مِنْ غَيْرِ مُبَاشَرَةٍ فَأَشْبَهَ الِاحْتِلَامَ وَإِنْ كَانَ تَكَرُّرُهُ بِشَهْوَةٍ حَرَامًا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: يَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ أَحَسَّ بِانْتِقَالِ الْمَنِيِّ وَتَهْيِئَتِهِ لِلْخُرُوجِ بِسَبَبِ اسْتِدَامَةِ النَّظَرِ فَاسْتَدَامَهُ أَنَّهُ يُفْطِرُ قَطْعًا وَكَذَا لَوْ عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ عَادَتِهِ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ التَّرَدُّدُ إذَا بَدَرَهُ الْإِنْزَالُ وَلَمْ يَعْلَمْهُ مِنْ نَفْسِهِ (وَتُكْرَهُ) (الْقُبْلَةُ) فِي الْفَمِ وَغَيْرِهِ (لِمَنْ حُرِّكَتْ شَهْوَتُهُ) لِخَبَرِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَخَّصَ فِي الْقُبْلَةِ لِلشَّيْخِ وَهُوَ صَائِمٌ وَنَهَى عَنْهَا الشَّابَّ وَقَالَ: الشَّيْخُ يَمْلِكُ إرْبَهُ وَالشَّابُّ يُفْسِدُ صَوْمَهُ» فَفَهِمْنَا مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ دَائِرٌ مَعَ تَحْرِيكِ الشَّهْوَةِ وَعَدَمِهَا (وَالْأَوْلَى لِغَيْرِهِ تَرْكُهَا) حَسْمًا لِلْبَابِ إذْ قَدْ يَظُنُّهَا غَيْرَ مُحَرِّكَةٌ وَهِيَ مُحَرِّكَةٌ، وَلِأَنَّ الصَّائِمَ يُسْتَحَبُّ لَهُ تَرْكُ الشَّهَوَاتِ مُطْلَقًا، وَضَابِطُ تَحْرِيكِ الشَّهْوَةِ خَوْفُ الْإِنْزَالِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (قُلْت: هِيَ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ فِي الْأَصَحِّ، اللَّهُ أَعْلَمُ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى لِأَنَّ فِيهِ تَعْرِيضًا لِإِفْسَادِ الْعِبَادَةِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ إذَا كَانَ فِي فَرْضٍ إذْ النَّفَلُ يَجُوزُ قَطْعُهُ بِمَا شَاءَ وَالْمُعَانَقَةُ وَالْمُبَاشَرَةُ بِالْيَدِ كَالتَّقْبِيلِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَعَدَلَ هُنَا، وَفِي الرَّوْضَةِ عَنْ قَوْلِ أَصْلَيْهِمَا تَحَرَّكَ إلَى حُرِّكَتْ لِمَا يَخْفَى ظَاهِرٌ لِأَنَّ (حُرِّكَتْ) مَاضٍ فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ قَدْ جَرَّبَ نَفْسَهُ وَعَرَفَ مِنْهَا ذَلِكَ بِخِلَافِ تَحَرَّكَ فَلَا يُفْهَمُ مِنْهُ مَا ذُكِرَ لِصَلَاحِيَّتِهِ لِلْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ (وَلَا يُفْطِرُ بِالْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ) لِمَا صَحَّ مِنْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ» ، وَقِيسَ بِالْحِجَامَةِ الْفَصْدُ، وَخَبَرُ «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» مَنْسُوخٌ بِالْأَوَّلِ أَوْ الْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَيُعَضِّدُهُ أَيْضًا الْقِيَاسُ وَيُكْرَهَانِ لَهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَجَزَمَ فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ الْمَنْصُوصُ فَقَدْ قَالَ فِي الْأُمِّ: وَتَرْكُهُ أَحَبُّ إلَيَّ. اهـ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُخَالِفُ مَا فِي الرَّوْضَةِ (وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ لَا يَأْكُلَ آخِرَ النَّهَارِ إلَّا بِيَقِينٍ) لِيَأْمَنَ الْغَلَطَ وَذَلِكَ بِأَنْ يَرَى الشَّمْسَ قَدْ غَرَبَتْ، (فَإِنْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغُرُوبِ حَائِلٌ فَبِظُهُورِ اللَّيْلِ مِنْ الْمَشْرِقِ) لِخَبَرِ «دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك» (وَيَحِلُّ) الْأَكْلُ آخِرَهُ (بِالِاجْتِهَادِ) بِوِرْدٍ وَنَحْوِهِ (فِي الْأَصَحِّ) كَوَقْتِ الصَّلَاةِ. وَالثَّانِي لَا لِإِمْكَانِ الصَّبْرِ إلَى الْيَقِينِ وَيَجِبُ إمْسَاكُ جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ لِيَتَحَقَّقَ الْغُرُوبُ (وَيَجُوزُ) الْأَكْلُ (إذَا ظَنَّ بَقَاءَ اللَّيْلِ) بِالِاجْتِهَادِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ (وَلَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ) أَمْسَكَ كَمَا مَرَّ (قُلْت: وَكَذَا لَوْ شَكَّ) فِيهِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ اللَّيْلِ (وَلَوْ) (أَكَلَ بِاجْتِهَادٍ أَوَّلًا) أَيْ أَوَّلَ الْيَوْمِ (أَوْ آخِرًا) أَيْ آخِرَ الْيَوْمِ (وَبَانَ الْغَلَطُ) (بَطَلَ صَوْمُهُ) لِتَحَقُّقِهِ خِلَافَ مَا ظَنَّهُ (وَلَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ) ، فَإِنْ لَمْ يَبِنْ الْغَلَطُ بِأَنْ بَانَ الْأَمْرُ كَمَا ظَنَّهُ أَوْ لَمْ يَبِنْ لَهُ خَطَأٌ وَلَا إصَابَةٌ صَحَّ صَوْمُهُ (أَوْ بِلَا ظَنٍّ) بِأَنْ هَجَمَ وَهُوَ جَائِزٌ فِي آخِرِ اللَّيْلِ حَرَامٌ فِي آخِرِ النَّهَارِ (وَلَمْ يَبِنْ الْحَالُ صَحَّ إنْ وَقَعَ فِي أَوَّلِهِ) يَعْنِي آخِرَ اللَّيْلِ (وَبَطَلَ فِي آخِرِهِ) أَيْ آخِرِ النَّهَارِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِيهِمَا إذْ الْأَصْلُ بَقَاءُ اللَّيْلِ فِي الْأُولَى وَالنَّهَارِ فِي الثَّانِيَةِ. قَالَ الشَّارِحُ: ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ لَوْ مَسَّ بِشَهْوَةٍ فَأَمْذَى بَطَلَ صَوْمُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ تَكَرُّرُهُ بِشَهْوَةٍ) خَرَجَ بِهِ عَدَمُ التَّكَرُّرِ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ كَانَ يُحَرِّكُ شَهْوَتَهُ حَرُمَ قِيَاسًا عَلَى الْقُبْلَةِ الْآتِيَةِ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: بِانْتِقَالِ الْمَنِيِّ وَتَهْيِئَتِهِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُفْطِرُ قَطْعًا) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ عَادَتِهِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَظْهَرُ التَّرَدُّدُ إذَا بَدَرَهُ الْإِنْزَالُ) قَالَ سم عَلَى بَهْجَةٍ بَعْدَ مَا ذُكِرَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ ذَلِكَ فِي الضَّمِّ بِحَائِلٍ مَرَّ. نَعَمْ اُعْتُرِضَ مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ مُنَافٍ لِتَزْيِيفِهِمْ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ إنْ اعْتَادَ الْإِنْزَالَ بِالنَّظَرِ أَفْطَرَ (قَوْلُهُ: خَوْفَ الْإِنْزَالِ) أَيْ فَلَا يَضُرُّ انْتِصَابُ الذَّكَرِ وَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ مَذْيٌ (قَوْلُهُ: «احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ» ) وَلَيْسَ هُوَ مَكْرُوهًا فِي حَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ كُرِهَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنَّهُ فَعَلَهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ بَلْ فِعْلُهُ الْمَكْرُوهُ يُثَابُ عَلَيْهِ ثَوَابَ الْوَاجِبِ، (قَوْلُهُ لَا يُخَالِفُ مَا فِي الرَّوْضَةِ) أَيْ لِأَنَّ الْمَكْرُوهَ قَدْ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ خِلَافُ الْأَوْلَى، بَلْ هُمَا بِمَعْنًى عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَبِنْ لِلْغَلَطِ) هَلْ يَجِبُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ عَلِمَ ذَلِكَ) يَعْنِي خُرُوجَ الْمَنِيِّ بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُخَالِفُ مَا فِي الرَّوْضَةِ) أَيْ لِأَنَّ خِلَافَ الْأَوْلَى مِنْ الْمَكْرُوهِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ كَرَاهَتَهُ خَفِيفَةٌ

وَلَا مُبَالَاةَ بِالتَّسَمُّحِ فِي هَذَا الْكَلَامِ بِظُهُورِ الْمَعْنَى الْمُرَادِ: أَيْ وَهُوَ أَنَّهُ أَدَّى اجْتِهَادُهُ إلَى عَدَمِ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَأَكَلَ أَوْ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ فَأَكَلَ، وَإِنْ بَانَ الْغَلَطُ قَضَى فِيهِمَا أَوْ الصَّوَابُ صَحَّ صَوْمُهُ فِيهِمَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ إذَا تَرَكَ الِاجْتِهَادَ فَأَصَابَهَا أَنَّهُ هُنَاكَ شَكَّ فِي شَرْطِ انْعِقَادِ الْعِبَادَةِ وَهَهُنَا شَكَّ فِي فَسَادِهَا بَعْدَ انْعِقَادِهَا (وَلَوْ) (طَلَعَ الْفَجْرُ) الصَّادِقُ (وَفِي فَمِهِ طَعَامٌ فَلَفَظَهُ) (صَحَّ صَوْمُهُ) وَإِنْ سَبَقَ مِنْهُ شَيْءٌ إلَى جَوْفِهِ لِانْتِفَاءِ الْفِعْلِ وَالْقَصْدِ وَلَوْ أَمْسَكَهُ فِي فِيهِ فَكَمَا لَوْ لَفَظَهُ لَكِنَّهُ لَوْ سَبَقَهُ شَيْءٌ مِنْهُ إلَى جَوْفِهِ أَفْطَرَ كَمَا لَوْ وَضَعَهُ فِي فِيهِ نَهَارًا فَسَبَقَ إلَى جَوْفِهِ كَمَا مَرَّ (وَكَذَا لَوْ) (كَانَ) طُلُوعُ الْفَجْرِ (مُجَامِعًا فَنَزَعَ فِي الْحَالِ) أَيْ عَقِبَ طُلُوعِ الْفَجْرِ لِمَا عَلِمَ بِهِ صَحَّ صَوْمُهُ إذَا كَانَ قَاصِدًا بِنَزْعِهِ تَرْكَ الْجِمَاعِ لَا التَّلَذُّذَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ وَاعْتَمَدَهُ غَيْرُهُمْ وَإِنْ أَنْزَلَ لِتَوَلُّدِهِ مِنْ مُبَاشَرَةٍ مُبَاحَةٍ، وَلِأَنَّ النَّزْعَ تَرْكٌ لِلْجِمَاعِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْجِمَاعِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا وَهُوَ لَابِسُهُ فَنَزَعَهُ حَالًا، وَأَوْلَى مِنْ ذَلِكَ بِالصِّحَّةِ أَنْ يُحِسَّ وَهُوَ مَجَامِعُ بِتَبَاشِيرِ الصُّبْحِ فَيَنْزِعُ بِحَيْثُ يُوَافِقُ آخِرُ النَّزْعِ ابْتِدَاءَ الطُّلُوعِ (فَإِنْ مَكَثَ) بَعْدَ الطُّلُوعِ مُجَامِعًا (بَطَلَ) أَيْ لَمْ يَنْعَقِدْ لِوُجُودِ الْمُنَافِي كَمَا لَوْ أَحْرَمَ مُجَامِعًا، لَكِنْ لَمْ يُنَزِّلُوا مَنْعَ الِانْعِقَادِ مَنْزِلَةَ الْإِفْسَادِ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَيُفَرَّقُ أَنَّ النِّيَّةَ هُنَا مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ فَكَأَنَّ الصَّوْمَ انْعَقَدَ ثُمَّ أُفْسِدَ بِخِلَافِهَا ثُمَّ وَلِهَذَا لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ بِاسْتِدَامَتِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ كَالْجَامِعِ بَعْدَ الطُّلُوعِ بِجَامِعِ مَنْعِ الصِّحَّةِ بِجِمَاعٍ أَثِمَ بِهِ بِسَبَبِ الصَّوْمِ، بِخِلَافِ اسْتِمْرَارِ مُعَلَّقِ الطَّلَاقِ بِالْوَطْءِ لَا يَجِبُ فِيهِ الْمَهْرُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ ابْتِدَاءَ فِعْلِهِ هُنَا لَا كَفَّارَةَ فِيهِ فَتَعَلَّقَتْ بِآخِرِهِ لِئَلَّا يَخْلُوَ جِمَاعُ نَهَارِ رَمَضَانَ عَنْهَا وَالْوَطْءُ ثُمَّ غَيْرُ خَالٍ عَنْ مُقَابَلَةِ الْمَهْرِ إذْ الْمَهْرُ فِي النِّكَاحِ يُقَابِلُ جَمِيعَ الْوَطَآتِ. نَعَمْ إنْ اسْتَدَامَ لِظَنِّ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَيْهِ السُّؤَالُ عَمَّا يَبِينُ غَلَطُهُ أَوْ عَدَمُهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ الْأَصْلَ صِحَّةُ صَوْمِهِ (قَوْلُهُ: فَأَصَابَهَا إلَخْ) أَيْ حَيْثُ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ وَقَالَ حَجّ: وَالْمُرَادُ يَبْطُلُ صَوْمُهُ، وَصَحَّ هُنَا الْحُكْمُ بِهِمَا وَإِلَّا فَالْمَدَارُ عَلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَبَقَ مِنْهُ شَيْءٌ) غَايَةٌ وَيُعْلَمُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالسَّبْقِ أَنَّهُ لَمْ يُقَصِّرْ فِيهِ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ كَأَنْ جَعَلَ الْمَاءَ فِي فَمِهِ أَوْ أَنْفِهِ إلَخْ، وَعَلَيْهِ فَيُقَيَّدُ مَا هُنَا بِمَا لَوْ وَضَعَهُ فِي فِيهِ لَا لِغَرَضٍ، وَحِينَئِذٍ فَلَا تَخَالُفَ بَيْنَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ لِحَمْلِ مَا فِيهِ عَلَى مَا لَوْ وَضَعَهُ لِغَرَضٍ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ قَاصِدًا بِنَزْعِهِ تَرْكَ الْجِمَاعِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ لَا التَّلَذُّذَ خِلَافُهُ، وَيُمْكِنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّلَذُّذِ مَا عَدَا قَصْدَ التَّرْكِ فَيَدْخُلُ فِيهِ حَالَةُ الْإِطْلَاقِ اسْتِصْحَابًا لِمَا هُوَ مَقْصُودُهُ مِنْ الْجِمَاعِ فَيَبْطُلُ صَوْمُهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ مَكَثَ بَعْدَ الطُّلُوعِ مُجَامِعًا بَطَلَ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَلَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ اللَّيْلِ إلَّا مَا يَسَعُ الْإِيلَاجَ لَا النَّزْعَ فَعَنْ ابْنِ خَيْرَانَ مَنْعُ الْإِيلَاجِ وَعَنْ غَيْرِهِ جَوَازُهُ اهـ. وَقَالَ الزِّيَادِيُّ: وَقَيَّدَ الْإِمَامُ ذَلِكَ بِمَا إذَا ظَنَّ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْجِمَاعِ أَنَّهُ بَقِيَ مَا يَسَعُهُ: فَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ ذَلِكَ أَفْطَرَ وَإِنْ نَزَعَ مَعَ الْفَجْرِ لِتَقْصِيرِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَمْ يُنَزِّلُوا) أَيْ فِي الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ اسْتِمْرَارِ مُعَلِّقِ الطَّلَاقِ) كَأَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ وَطِئْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ (قَوْلُهُ: جَمِيعَ الْوَطَآتِ) أَيْ وَمِنْ جَمِيعِ ابْتِدَاءِ الْفِعْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَيْ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ) كَذَا فِي النُّسَخِ وَلَمْ أَفْهَمْ مَعْنَاهُ هُنَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَانَ الْغَلَطُ قُضِيَ فِيهِمَا إلَخْ) مَفْهُومُ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ قَاصِدًا بِنَزْعِهِ تَرْكَ الْجِمَاعِ لَا التَّلَذُّذِ) سَكَتَ عَمَّا لَوْ أَطْلَقَ وَرُبَّمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَلِأَنَّ النَّزْعَ تَرْكٌ لِلْجِمَاعِ إلَخْ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ، وَوَجْهُ فَهْمِهِ مِنْهُ أَنَّ النَّزْعَ مَوْضُوعُهُ التُّرْكُ فَلَا يَخْرُجُ عَنْ مَوْضُوعِهِ إلَّا بِقَصْدِ التَّلَذُّذِ فَلْيُرَاجَعْ.

[فصل شرط صحة الصوم من حيث الفاعل والوقت]

صَوْمَهُ بَطَلَ وَإِنْ نَزَعَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ هَتْكَ الْحُرْمَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، (أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِطُلُوعِهِ حَتَّى طَلَعَ بِأَنْ عَلِمَ بَعْدَ الِاسْتِدَامَةِ فَمَكَثَ أَوْ نَزَعَ حَالًا) فَإِنَّهُ وَإِنْ أَفْطَرَ لِأَنَّ بَعْضَ النَّهَارِ مَضَى وَهُوَ مَجَامِعُ فَأَشْبَهَ الْغَالِطَ بِالْأَكْلِ لَكِنْ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَقَدْ أَجَابَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَمَّا قِيلَ: كَيْفَ يَعْلَمُ الْفَجْرَ بِمُجَرَّدِ طُلُوعِهِ وَطُلُوعُهُ الْحَقِيقِيُّ يَتَقَدَّمُ عَلَى عِلْمِنَا بِهِ بِجَوَابَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهَا مَسْأَلَةٌ وُضِعَتْ عَلَى التَّقْدِيرِ وَلَا يَلْزَمُ وُقُوعُهَا، وَالثَّانِي أَنَّا إنَّمَا تَعَبَّدْنَا بِمَا تَطْلُعُ عَلَيْهِ وَلَا مَعْنَى لِلصُّبْحِ إلَّا ظُهُورُ الضَّوْءِ لِلنَّاظِرِ وَمَا قَبْلَهُ لَا حُكْمَ لَهُ، فَالْعَارِفُ بِالْأَوْقَاتِ وَمَنَازِلِ الْقَمَرِ يُدْرِكُ أَوَّلَ الصُّبْحِ الْمُعْتَبَرِ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ. قُلْت: هَذَا الثَّانِي هُوَ الصَّحِيحُ. فَصْلٌ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلِ وَالْوَقْتِ (الْإِسْلَامُ) فَلَا يَصِحُّ صَوْمُ الْكَافِرِ أَصْلِيًّا كَانَ أَوْ مُرْتَدًّا وَلَوْ نَاسِيًا لِلصَّوْمِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: تَضَمَّنَتْ عِبَارَةُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ لَوْ ارْتَدَّ بِقَلْبِهِ نَاسِيًا لِلصَّوْمِ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي يَوْمِهِ أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ، وَلَا أَحْسِبُ الْأَصْحَابَ يَسْمَحُونَ بِهِ وَلَا أَنَّهُ أَرَادَهُ وَإِنْ شَمِلَهُ لَفْظُهُ اهـ. وَقَدْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْإِسْلَامُ جَمِيعَ النَّهَارِ أَنَّهُ يُفْطِرُ هُنَا (وَالْعَقْلُ) أَيْ التَّمْيِيزُ فَلَا يَصِحُّ صَوْمُ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ كَمَنْ زَالَ عَقْلُهُ وَلَوْ بِشُرْبِ دَوَاءٍ لَيْلًا كَالصَّلَاةِ (وَالنَّقَاءُ عَنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ) إجْمَاعًا فَلَا يَصِحُّ صَوْمُ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا الْإِمْسَاكُ كَمَا قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ (جَمِيعَ النَّهَارِ) هُوَ قَيْدٌ فِي الْأَرْبَعَةِ فَلَوْ طَرَأَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ رِدَّةٌ أَوْ جُنُونٌ أَوْ حَيْضٌ أَوْ نِفَاسٌ بَطَلَ صَوْمُهُ كَمَا لَوْ جُنَّ فِي خِلَالِ صَلَاتِهِ، (وَلَوْ وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ مَا بَطَلَ صَوْمُهَا أَيْضًا) كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقِ (وَلَا يَضُرُّ النَّوْمُ الْمُسْتَغْرِقُ) لِلنَّهَارِ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِبَقَاءِ أَهْلِيَّةِ الْخِطَابِ مَعَهُ إذْ النَّائِمُ يَتَنَبَّهُ إذَا نُبِّهَ، وَلِهَذَا يَجِبُ قَضَاءُ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ بِالنَّوْمِ دُونَ الْفَائِتَةِ بِالْإِغْمَاءِ. وَالثَّانِي يَضُرُّ كَالْإِغْمَاءِ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْإِغْمَاءَ لَا يَضُرُّ إذَا أَفَاقَ لَحْظَةً مِنْ نَهَارِهِ) أَيْ لَحْظَةً كَانَتْ اكْتِفَاءً بِالنِّيَّةِ مَعَ الْإِفَاقَةِ فِي جُزْءٍ لِأَنَّهُ فِي الِاسْتِيلَاءِ عَلَى الْعَقْلِ فَوْقَ النَّوْمِ وَدُونَ الْجُنُونِ، فَلَوْ قُلْنَا إنَّ الْمُسْتَغْرِقَ مِنْهُ لَا يَضُرُّ كَالنَّوْمِ لَأَلْحَقْنَا الْأَقْوَى ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَإِنْ نَزَعَ) غَايَةً (قَوْلُهُ: فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ) أَيْ وَإِنْ بَطَلَ صَوْمُهُ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ: حَاصِلُهُ أَنَّ مَدَارَ الْبُطْلَانِ عَلَى الْمُكْثِ بَعْدَ الطُّلُوعِ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ بِهِ وَمَدَارُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْمُكْثِ بَعْدَهُ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ. (فَصْلُ شَرْطِ الصَّوْمِ) (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُفْطِرُ هُنَا) أَيْ فِيمَا لَوْ ارْتَدَّ بِقَلْبِهِ نَاسِيًا (قَوْلُهُ أَيْ التَّمْيِيزُ) الْأَوْلَى أَنْ يُفَسَّرَ هُنَا بِالْغَرِيزَةِ وَإِنْ فُسِّرَ بِالتَّمْيِيزِ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ وَإِنْ طَرَأَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ رِدَّةٌ) أَيْ وَلَوْ نَاسِيًا كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: لِبَقَاءِ أَهْلِيَّةِ الْخِطَابِ مَعَهُ) أَيْ وَيُثَابُ عَلَى صِيَامِهِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ إذَا أَفَاقَ لَحْظَةً) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْإِغْمَاءُ بِفِعْلِهِ وَفِي حَجّ تَقْيِيدُ عَدَمِ الضَّرَرِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهِ فَإِنْ كَانَ بِفِعْلِهِ بَطَلَ صَوْمُهُ (قَوْلُهُ فَلَوْ قُلْنَا إنَّ الْمُسْتَغْرِقَ) أَيْ الْإِنْمَاءَ الْمُسْتَغْرِقَ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلِ وَالْوَقْتِ] (فَصْلٌ شَرْطُ الصَّوْمِ الْإِسْلَامُ) (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلُ وَالْوَقْتُ) ذِكْرُ الْوَقْتِ هُنَا لَا يُنَاسِبُ كَوْنَ الْإِسْلَامِ وَمَا بَعْدَهُ مِمَّا يَرْجِعُ لِلْفَاعِلِ فَقَطْ هُوَ الْخَبَرَ مَعَ عَدَمِ عَطْفِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْوَقْتِ عَلَيْهِ وَمِنْ ثَمَّ اقْتَصَرَ الْمُحَقِّقُ الْمَحَلِّيُّ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلُ، وَأَمَّا الشِّهَابُ حَجّ فَلَمَّا أَرَادَ إفَادَةَ أَنَّ الْفَصْلَ مَعْقُودٌ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِالْوَقْتِ أَيْضًا حَلَّ الْمَتْنَ عَلَى وَجْهٍ يَصِحُّ مَعَهُ ذَلِكَ، وَعِبَارَتُهُ مَعَ الْمَتْنِ: فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلُ وَالْوَقْتُ، وَكَثِيرٌ مِنْ سُنَنِهِ وَمَكْرُوهَاتِهِ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الزَّمَنُ قَابِلِيَّةُ الْوَقْتِ وَمِنْ حَيْثُ الْفَاعِلُ الْإِسْلَامُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَاسِيًا لِلصَّوْمِ) أَيْ وَلَا يُقَالُ إنَّهُ كَالْأَكْلِ أَوْ

بِالْأَضْعَفِ، وَلَوْ قُلْنَا إنَّ اللَّحْظَةَ مِنْهُ تَضُرُّ كَالْجُنُونِ لَأَلْحَقْنَا الْأَضْعَفَ بِالْأَقْوَى، فَتَوَسَّطْنَا وَقُلْنَا إنَّ الْإِفَاقَةَ فِي لَحْظَةٍ كَافِيَةٌ، وَالثَّانِي يَضُرُّ مُطْلَقًا، وَالثَّالِثُ لَا يَضُرُّ إذَا أَفَاقَ أَوَّلَ النَّهَارِ. وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا: لَوْ شَرِبَ دَوَاءً لَيْلًا فَزَالَ عَقْلُهُ نَهَارًا فَفِي التَّهْذِيبِ إنْ قُلْنَا لَا يَصِحُّ الصَّوْمُ فِي الْإِغْمَاءِ فَهَهُنَا أَوْلَى وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ بِفِعْلِهِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيُعْلَمُ مِنْهُ الصِّحَّةُ فِي شُرْبِ الدَّوَاءِ: أَيْ إذَا أَفَاقَ فِي بَعْضِ النَّهَارِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَلَعَلَّهُ فَهِمَ أَنَّ كَلَامَ الْبَغَوِيّ فِيمَا لَا يُزِيلُ الْعَقْلَ رَأْسًا بَلْ يَغْمُرُهُ كَالْإِغْمَاءِ مَعَ أَنَّ كَلَامَهُ مَفْرُوضٌ فِيمَا يُزِيلُهُ، وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْتَغْرِقِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ بَطَلَ صَوْمُهُ كَمَا لَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ، وَقِيلَ لَا كَمَا لَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ نُسُكِهِ؛ وَلَوْ شَرِبَ الْمُسْكِرَ لَيْلًا وَبَقِيَ سُكْرُهُ جَمِيعَ النَّهَارِ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَإِنْ صَحَّا فِي بَعْضِهِ فَهُوَ كَالْإِغْمَاءِ فِي بَعْضِ النَّهَارِ قَالَهُ فِي التَّتِمَّةِ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ أَنَّ عَقْلَهُ هُنَا لَمْ يَزُلْ (وَلَا يَصِحُّ صَوْمُ الْعِيدِ) أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ وَلَوْ عَنْ وَاجِبٍ لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ (وَكَذَا التَّشْرِيقُ فِي الْجَدِيدِ) وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَ يَوْمِ الْأَضْحَى لِمَا صَحَّ مِنْ النَّهْيِ عَنْ صِيَامِهَا (وَلَوْ كَانَ صَوْمُهَا لِمُتَمَتِّعٍ عَادِمٍ لِلْهَدْيِ لِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْهُ) ، وَفِي الْقَدِيمِ لَهُ صِيَامُهَا عَنْ الثَّلَاثَةِ الْوَاجِبَةِ فِي الْحَجِّ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ فِيهَا (وَلَا يَحِلُّ) (التَّطَوُّعُ) بِالصَّوْمِ (يَوْمَ الشَّكِّ بِلَا سَبَبٍ) يَقْتَضِي صَوْمَهُ لِقَوْلِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ «مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ. قِيلَ وَالْمَعْنَى فِيهِ الْقُوَّةُ عَلَى صَوْمِ رَمَضَانَ، وَضَعَّفَهُ السُّبْكِيُّ بِعَدَمِ كَرَاهَةِ صَوْمِ شَعْبَانَ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ إدْمَانَ الصَّوْمِ يُقَوِّي النَّفْسَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ فِي صَوْمِ شَعْبَانَ إضْعَافٌ بَلْ تَقْوِيَةٌ، بِخِلَافِ صَوْمِ يَوْمٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يُضْعِفُ النَّفْسَ عَمَّا بَعْدَهُ فَيَكُونُ فِيهِ افْتِتَاحٌ لِلْعِبَادَةِ مَعَ كَسَلٍ وَضَعْفٍ وَهُوَ غَيْرُ مُنَاسِبٍ، وَمِنْ ثَمَّ حَرُمَ الصَّوْمُ بَعْدَ نِصْفِ شَعْبَانَ بِلَا سَبَبٍ مِمَّا يَأْتِي إنْ لَمْ يَصِلْهُ بِمَا قَبْلَهُ لِخَبَرِ «إذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلَا تَصُومُوا» وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ (لَوْ صَامَ الْخَامِسَ عَشْرَ وَتَالِيَهُ ثُمَّ أَفْطَرَ السَّابِعَ عَشَرَ) حَرُمَ عَلَيْهِ صَوْمُ الثَّامِنَ عَشَرَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ صَوْمُ يَوْمٍ بَعْدَ النِّصْفِ لَمْ يُوصَلْ بِمَا قَبْلَهُ (فَلَوْ صَامَهُ) تَطَوُّعًا مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: بَطَلَ صَوْمُهُ) أَيْ فَلَا يُعَامَلُ مُعَامَلَةَ الصَّائِمِينَ فِي الْغُسْلِ وَالتَّكْفِينِ بَلْ يُسْتَعْمَلُ الطِّيبُ وَنَحْوُهُ فِي كَفَنِهِ مِمَّا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ لِلصَّائِمِ (قَوْلُهُ: فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ) أَيْ فَلَا يُثَابُ عَلَى مَا فَعَلَهُ مِنْهَا ثَوَابُ الصَّلَاةِ وَلَكِنْ يُثَابُ عَلَى مُجَرَّدِ الذِّكْرِ فَقَطْ، وَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهِ حَيْثُ أَحْرَمَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُهَا (قَوْلُهُ: وَبَقِيَ سُكْرُهُ جَمِيعَ النَّهَارِ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ تَعَدَّى بِسُكْرِهِ أَمْ لَا وَبِهِ صَرَّحَ سم عَلَى بَهْجَةٍ وَصَرَّحَ بِمِثْلِهِ أَيْضًا فِي الْإِغْمَاءِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: مَا صَحَّ مِنْ النَّهْيِ عَنْ صِيَامِهَا) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ وَفِي مُسْلِمٍ «إنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» اهـ. قَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَيُرْوَى أَيْ قَوْلُهُ وَشُرْبٌ بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ وَهُمَا بِمَعْنًى وَالْفَتْحُ أَقَلُّ اللُّغَتَيْنِ وَبِهَا قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو {شُرْبَ الْهِيمِ} [الواقعة: 55] وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ: أَيْ الْإِبِلِ الَّتِي بِهَا الْهُيَامُ: أَيْ بِضَمِّ الْهَاءِ وَهُوَ دَاءٌ يُشْبِهُ الِاسْتِسْقَاءَ جَمْعُ أَهْيَمُ وَهَيْمَاءُ يُرِيدُ أَنَّهَا أَيَّامٌ لَا يَجُوزُ صَوْمُهَا (قَوْلُهُ: حَرُمَ عَلَيْهِ صَوْمُ الثَّامِنَ عَشَرَ) أَيْ فَشَرْطُ الْجَوَازِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْجِمَاعِ أَوْ نَحْوِهِمَا مِمَّا يَنْفَعُ فِيهِ النِّسْيَانُ (قَوْلُهُ: وَيُعْلَمُ مِنْهُ الصِّحَّةُ فِي شُرْبِ الدَّوَاءِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: إنَّ هَذَا هُوَ مَوْضُوعُ كَلَامِ الْبَغَوِيّ إذْ صُورَتُهُ أَنَّهُ أَفَاقَ بَعْضَ النَّهَارِ وَإِلَّا لَمْ تَأْتِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ أَصْلِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُرَاجَعْ أَصْلُ كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّهُ فَهِمَ أَنَّ كَلَامَ الْبَغَوِيّ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْفَهْمَ هُوَ الْمُتَعَيِّنُ فِي كَلَامِ الْبَغَوِيّ بِدَلِيلِ أَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى الْإِغْمَاءِ وَلَمْ يَجْعَلْ الْمُقْتَضِي لِلْبُطْلَانِ بِهِ حَيْثُ جَعَلْنَا الْإِغْمَاءَ غَيْرَ مُبْطِلٍ، إلَّا أَنَّهُ بِفِعْلِهِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْبَغَوِيّ تَجَوَّزَ فِي قَوْلِهِ فَزَالَ عَقْلُهُ فَعَبَّرَ بِالزَّوَالِ عَنْ التَّغْطِيَةِ، عَلَى أَنَّ حَمْلَ الزَّوَالِ فِي كَلَامِهِ حَقِيقَتُهُ يُنَافِيهِ حِكَايَةُ الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا قُلْنَا إنَّ الْإِغْمَاءَ لَا يَضُرُّ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَوْ شَرِبَ الْمُسْكِرَ لَيْلًا) شَمِلَ مَا إذَا كَانَ مُتَعَدِّيًا، وَبِهِ صَرَّحَ الشِّهَابُ سم

غَيْرِ سَبَبٍ (لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ) كَيَوْمِ الْعِيدِ بِجَامِعِ التَّحْرِيمِ. وَالثَّانِي يَصِحُّ لِأَنَّهُ قَابِلٌ لِلصَّوْمِ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا سَيَأْتِي عَقِبَهُ، وَالْخِلَافُ كَالْخِلَافِ فِي الصَّلَاةِ فِي وَقْتِ النَّهْيِ (وَلَهُ) (صَوْمُهُ عَنْ الْقَضَاءِ وَالنَّذْرِ) الْمُسْتَقَرُّ فِي ذِمَّتِهِ وَالْكَفَّارَةُ فَيَحِلُّ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ مُسَارَعَةً إلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ كَنَظِيرِهِ فِي الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تُقَدِّمُوا أَيْ لَا تَتَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ إلَّا رَجُلًا كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ» وَقِيسَ بِالْوِرْدِ الْبَاقِي بِجَامِعِ السَّبَبِ، وَلَا يُشْكَلُ الْخَبَرُ بِخَبَرِ «إذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ» لِتَقَدُّمِ النَّصِّ عَلَى الظَّاهِرِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَلَوْ أَخَّرَ صَوْمًا لِيُوقِعَهُ يَوْمَ الشَّكِّ فَقِيَاسُ كَلَامِهِمْ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا تَحْرِيمُهُ، (وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ قَضَاءَ الْمُسْتَحَبِّ) وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِمْ بِجَوَازِ قَضَاءِ الْفَائِتَةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ وَإِنْ كَانَتْ نَافِلَةً. وَصُورَةُ قَضَاءِ الْمُسْتَحَبِّ هُنَا أَنْ يَشْرَعَ فِي صَوْمِ نَفْلٍ ثُمَّ يُفْسِدُهُ فَإِنَّهُ يُسَنُّ قَضَاؤُهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ صَوْمُهُ احْتِيَاطًا لِرَمَضَانَ إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ لِعَدَمِ وُقُوعِهِ عَنْهُ فَلَا احْتِيَاطَ، وَلَا يَصِحُّ نَذْرُ يَوْمِ الشَّكِّ كَنَذْرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَالْعِيدَيْنِ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ (وَكَذَا لَوْ وَافَقَ عَادَةَ تَطَوُّعِهِ) سَوَاءٌ أَكَانَ يَسْرُدُ الصَّوْمَ أَمْ يَصُومُ يَوْمًا مُعَيَّنًا كَالِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ أَوْ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا فَوَافَقَ صَوْمُهُ يَوْمَ الشَّكِّ فَلَهُ صِيَامُهُ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ، وَتَثْبُتُ عَادَتُهُ الْمَذْكُورَةُ بِمَرَّةٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنْ يَصِلَ الصَّوْمَ إلَى آخِرِ الشَّهْرِ، فَمَتَى أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي حَرُمَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ وَلَمْ يَنْعَقِدْ مَا لَمْ يُوَافِقْ عَادَةً لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. وَبَقِيَ مَا لَوْ صَامَ شَعْبَانَ كُلَّهُ بِقَصْدِ أَنْ لَا يَصُومَ الْيَوْمَ الْأَخِيرَ أَوْ النِّصْفَ كُلَّهُ بِهَذَا الْقَصْدِ ثُمَّ عِنْدَ آخِرِ الشَّهْرِ عَنَّ لَهُ صِيَامُهُ فَهَلْ يَصِحُّ صَوْمُهُ نَظَرًا لِاتِّصَالِ الصَّوْمِ بِمَا قَبْلَهُ أَوْ لَا يَصِحُّ نَظَرًا لِلْقَصْدِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا نَظَرَ لِهَذَا الْقَصْدِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ رَفَضَ النِّيَّةَ نَهَارًا (قَوْلُهُ: فِي وَقْتِ النَّهْيِ) وَالرَّاجِحُ مِنْهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ صَوْمُهُ عَنْ الْقَضَاءِ) وَلَوْ مَنْدُوبًا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: إلَّا رَجُلًا) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ إلَّا رَجُلٌ اهـ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا جَائِزٌ مِنْ حَيْثُ الْعَرَبِيَّةِ وَالْأَفْصَحُ الرَّفْعُ لَكِنْ تُرَاجَعُ الرِّوَايَةُ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْكَلُ الْخَبَرُ) أَيْ حَيْثُ دَلَّ عَلَى جَوَازِ الْوُرُودِ وَنَحْوِهِ بِقَوْلِهِ إلَّا رَجُلٌ إلَخْ، وَدَلَّ خَبَرُ إذَا انْتَصَفَ عَلَى امْتِنَاعِهِ لِإِطْلَاقِهِ وَقَوْلُهُ لِتَقَدُّمِ النَّصِّ: أَيْ هَذَا الْخَبَرُ عَلَى الظَّاهِرِ: أَيْ خَبَرِ إذَا انْتَصَفَ اهـ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَخَّرَ صَوْمًا) أَيْ وَلَوْ وَاجِبًا (قَوْلُهُ: فَقِيَاسُ كَلَامِهِمْ) مُعْتَمَدٌ: أَيْ بَلْ وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ تَحَرَّى تَأْخِيرَهُ لِيُوقِعَهُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ شَعْبَانَ حَرُمَ عَلَيْهِ أَيْضًا وَلَمْ يَنْعَقِدْ (قَوْلُهُ وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْ الْقَضَاءَ بِالْوَاجِبِ (قَوْلُهُ: وَصُورَةُ قَضَاءِ الْمُسْتَحَبِّ) يُتَأَمَّلُ قَصْرُهُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ، فَإِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِمْ يُنْدَبُ قَضَاءُ النَّفْلِ الْمُؤَقَّتِ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِهَذِهِ الصُّورَةِ بَلْ مِثْلُهَا عَاشُورَاءُ وَتَاسُوعَاءُ وَغَيْرُهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ نَذْرُ يَوْمِ الشَّكِّ) أَيْ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ شَكٌّ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ بِذَلِكَ وَقْتُ النَّذْرِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ كَالْخَمِيسِ الْآتِي مَثَلًا ثُمَّ طَرَأَ شَكٌّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ تَبَيَّنَ عَدَمُ انْعِقَادِ نَذْرِهِ فَلَا يَصِحُّ صَوْمُهُ (قَوْلُهُ: وَتَثْبُتُ عَادَتُهُ الْمَذْكُورَةُ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ صَامَ فِي أَوَّلِ شَعْبَانَ يَوْمَيْنِ مُتَفَرِّقَيْنِ ثُمَّ أَفْطَرَ بَاقِيَهُ فَوَافَقَ يَوْمُ الشَّكِّ يَوْمًا لَوْ أَدَامَ الْأَوَّلَ مِنْ صَوْمِ يَوْمٍ وَفِطْرِ يَوْمٍ لَوَقَعَ يَوْمُ الشَّكِّ مُوَافِقًا لِيَوْمِ الصَّوْمِ صَحَّ صَوْمُهُ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ صَامَ يَوْمًا قَبْلَ الِانْتِصَافِ عَلِمَ أَنَّهُ يُوَافِقُ آخِرَ شَعْبَانَ وَاتَّفَقَ أَنَّ آخِرَ شَعْبَانَ حَصَلَ فِيهِ شَكٌّ فَلَا يَحْرُمُ صَوْمُهُ لِأَنَّهُ صَارَ عَادَةً لَهُ (قَوْلُهُ بِمَرَّةٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهَا إلَى آخِرِ عُمْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَفِي فَتَاوَى وَلَدِ الشَّارِحِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي غَيْرِ مَوْضِعٍ خِلَافًا لِلشِّهَابِ حَجّ (قَوْلُهُ وَصُورَةُ قَضَاءِ الْمُسْتَحَبِّ هُنَا أَنْ يَشْرَعَ فِي صَوْمِ نَفْلٍ ثُمَّ يُفْسِدُهُ) أَيْ مَثَلًا وَإِلَّا فَتَصْوِيرُهُ لَا يَنْحَصِرُ فِي ذَلِكَ، إذْ الْمُسْتَحَبُّ الْمُؤَقَّتُ يُسْتَحَبُّ قَضَاؤُهُ مُطْلَقًا كَصَوْمِ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ (قَوْلُهُ: وَتَثْبُتُ عَادَتُهُ الْمَذْكُورَةُ بِمَرَّةٍ) أَيْ بِأَنْ يَصُومَ نَظِيرَ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ نِصْفِ شَعْبَانَ الْأَوَّلِ ثُمَّ يَمْنَعَهُ مِنْ صَوْمِهِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مَانِعٌ لَمْ يَزُلْ إلَّا فِي يَوْمِ الشَّكِّ، وَإِلَّا فَالصَّوْمُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْهُ مُطْلَقًا بِلَا سَبَبٍ مَمْنُوعٌ

وَيَجِبُ أَنْ يُفْطِرَ بَيْنَ الصَّوْمَيْنِ نَفْلًا أَوْ فَرْضًا، إذْ الْوِصَالُ حَرَامٌ وَهُوَ أَنْ يَصُومَ يَوْمَيْنِ فَأَكْثَرَ وَلَا يَتَنَاوَلُ بِاللَّيْلِ مَطْعُومًا عَمْدًا بِلَا عُذْرٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَقَضِيَّتُهُ (أَنَّ الْجِمَاعَ وَنَحْوَهُ لَا يَمْنَعُ الْوِصَالَ) . قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَعْنَى لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْوِصَالِ لِلضَّعْفِ: أَيْ عَنْ الصِّيَامِ وَنَحْوِهِ مِنْ الطَّاعَاتِ، وَتَرْكُ الْجِمَاعِ وَنَحْوِهِ لَا يُضْعِفُ بَلْ يُقَوِّي، لَكِنْ قَالَ فِي الْبَحْرِ: هُوَ أَنْ يَسْتَدِيمَ جَمِيعَ أَوْصَافِ الصَّائِمِينَ، وَذَكَرَ الْجُرْجَانِيُّ وَابْنُ الصَّلَاحِ نَحْوَهُ قَالَ: وَتَعْبِيرُ الرَّافِعِيِّ: أَيْ وَغَيْرِهِ بِأَنْ يَصُومَ يَوْمَيْنِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَأْمُورَ بِالْإِمْسَاكِ كَتَارِكِ النِّيَّةِ لَا يَكُونُ امْتِنَاعُهُ لَيْلًا مِنْ تَعَاطِي الْمُفْطِرِ وِصَالًا لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ صَوْمَيْنِ إلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ (وَهُوَ) أَيْ يَوْمُ الشَّكِّ (يَوْمُ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ) (إذَا تَحَدَّثَ النَّاسُ بِرُؤْيَتِهِ) وَلَمْ يَعْلَمْ مَنْ رَآهُ (أَوْ شَهِدَ بِهَا صِبْيَانٌ أَوْ عَبِيدٌ أَوْ فَسَقَةٌ) أَوْ نِسَاءٌ وَظَنَّ صَدِّقْهُمْ،، أَوْ عَدْلٌ وَلَمْ يَكْتَفِ بِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ عَنْ رَمَضَانَ لِعَدَمِ ثُبُوتِ كَوْنِهِ مِنْهُ. نَعَمْ مَنْ (اعْتَقَدَ صِدْقَ مَنْ قَالَ إنَّهُ رَآهُ مِمَّنْ ذُكِرَ يَصِحُّ مِنْهُ صَوْمُهُ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ) كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ، وَمَرَّ صِحَّةُ نِيَّةِ مُعْتَقِدِ ذَلِكَ وَلَوْ بِقَوْلٍ وَاحِدٍ مِمَّنْ ذَكَرَ وُقُوعَ الصَّوْمِ عَنْ رَمَضَانَ إذَا تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مِنْهُ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ مَا ذُكِرَ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثِ كَمَا زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ، وَأُجِيبَ عَمَّا زَعَمَهُ أَيْضًا بِأَجْوِبَةٍ أُخْرَى فِيهَا نَظَرٌ، وَأَجَابَ الْعِرَاقِيُّ عَنْ ذَلِكَ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ السُّبْكِيّ بِأَنَّ كَلَامَهُمْ هُنَاكَ فِيمَا إذَا تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ وَهُنَا فِيمَا إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ، فَلَيْسَ الِاعْتِمَادُ عَلَى هَؤُلَاءِ فِي الصَّوْمِ بَلْ فِي النِّيَّةِ فَقَطْ، فَإِذَا نَوَى اعْتِمَادًا عَلَى قَوْلِهِمْ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَيْلًا كَوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ نِيَّةٍ أُخْرَى: أَلَا تَرَاهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا هَذَا فِيمَا يَثْبُتُ بِهِ الشَّهْرُ وَإِنَّمَا ذَكَرُوهُ فِيمَا يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ فِي النِّيَّةِ اهـ. وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ فِي يَوْمِ الشَّكِّ فِي عُمُومِ النَّاسِ لَا فِي أَفْرَادِهِمْ، فَيَكُونُ شَكًّا بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِ مَنْ ظُنَّ صِدْقُهُمْ وَهُوَ أَكْثَرُ النَّاسِ دُونَ أَفْرَادِ؛ مَنْ اعْتَقَدَ صِدْقَهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا يُخَالِفُهُ وَنَصُّهَا: سُئِلَ الشَّيْخُ الرَّمْلِيُّ هَلْ الْعِبْرَةُ بِعَادَتِهِ الْقَدِيمَةِ أَوْ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَادَتِهِ فِي السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ لَا الْقَدِيمَةِ، وَكَتَبَ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ قَوْلُهُ بِأَنْ اعْتَادَ إلَخْ قَدْ يُسْتَشْكَلُ تَصْوِيرُ الْعَادَةِ ابْتِدَاءً لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الصَّوْمِ بَعْدَ النِّصْفِ بِلَا سَبَبٍ مُمْتَنِعٌ فَيَحْتَاجُ لِعَادَةٍ وَيُنْقَلُ الْكَلَامُ إلَيْهَا فَيَتَسَلْسَلُ، وَيُجَابُ بِأَنْ يُصَوِّرَ ذَلِكَ بِمَا إذَا صَامَ الِاثْنَيْنِ مَثَلًا قَبْلَ النِّصْفِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ صَوْمَهُ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ صَارَ عَادَةً لَهُ، وَلَوْ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهُ كَأَنْ اعْتَادَ الِاثْنَيْنِ فِي عَامٍ وَالْخَمِيسَ فِي آخَرَ فَهَلْ يُعْتَبَرُ الْأَخِيرُ أَوْ نَقُولُ كُلٌّ صَارَ عَادَةً لَهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الثَّانِي. نَعَمْ إنْ عَزَمَ عَلَى هَجْرِ أَحَدِهِمَا وَالْإِعْرَاضِ عَنْهُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُعْتَبَرَ اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا نُقِلَ عَنْ إفْتَاءِ وَالِدِ الشَّارِحِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ أَنْ يُفْطِرَ) بَيَانُ فَائِدَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْوِصَالُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ فِي الْبَحْرِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ) أَيْ فَلَا فَرْقَ فِي حُرْمَةِ الْوِصَالِ بَيْنَ كَوْنِهِ بَيْنَ صَوْمَيْنِ وَأَنْ لَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكْتَفِ بِهِ) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ السَّابِقِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَبَيَّنَ لَيْلًا كَوْنَهُ مِنْ رَمَضَانَ) قَالَ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهِيَّةِ، قَوْلُهُ لَيْلًا يُتَّجَهُ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ التَّبَيُّنَ نَهَارًا كَذَلِكَ، وَلَعَلَّ اقْتِصَارَ الشَّارِحِ عَلَى قَوْلِهِ لَيْلًا لِيَتَأَتَّى قَوْلُهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ نِيَّةٍ أُخْرَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمَرَّ صِحَّةُ نِيَّةِ مُعْتَقِدِ ذَلِكَ) أَيْ ظَانِّهِ كَمَا مَرَّ تَفْسِيرُهُ بِهِ فِي كَلَامِهِ وَهُوَ الَّذِي يَنْتَفِي بِهِ التَّنَافِي. وَحَاصِلُ ذَلِكَ كَمَا قَرَّرَهُ حَجّ فِي مَبْحَثِ النِّيَّةِ أَنَّ ظَنَّ صِدْقِ هَؤُلَاءِ مُصَحِّحٌ لِلنِّيَّةِ فَقَطْ، ثُمَّ إنْ تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ بِشَهَادَةٍ مُعْتَبَرَةٍ صَحَّ صَوْمُهُ اعْتِمَادًا عَلَى هَذِهِ النِّيَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ فَهُوَ يَوْمُ شَكٍّ يَحْرُمُ صَوْمُهُ، هَذَا إذَا لَمْ يَعْتَقِدْ صِدْقَهُمْ، فَإِنْ اعْتَقَدَ ذَلِكَ بِأَنْ وَقَعَ الْجَزْمُ بِخَبَرِهِمْ؛ صَحَّ الصَّوْمُ اعْتِمَادًا عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: كَمَا زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ) يَعْنِي التَّنَافِي وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَإِنْ زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ كَلَامَهُمْ هُنَاكَ) يَعْنِي فِي مَبْحَثِ النِّيَّةِ فَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ مَوْضِعَيْنِ فَقَطْ عَلَى أَنَّهُ هُوَ عَيْنُ الْجَمْعِ الَّذِي قَبْلَهُ، فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَهُ (قَوْلُهُ: فَإِذَا نَوَى اعْتِمَادًا عَلَى قَوْلِهِمْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْوَاقِعُ مُجَرَّدَ الظَّنِّ كَمَا عُلِمَ (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِ مَنْ ظَنَّ صِدْقَهُمْ)

لِوُثُوقِهِ بِهِمْ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَيْسَ بِشَكٍّ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْ رَآهُ مِنْ الْفُسَّاقِ وَالْعَبِيدِ وَالنِّسَاءِ بَلْ هُوَ رَمَضَانُ فِي حَقِّهِمْ قَطْعًا وَمَرَّ أَنَّ الْجَمْعَ فِي الصِّبْيَانِ وَنَحْوِهِمْ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَالِاثْنَانِ كَذَلِكَ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ يَوْمَ الشَّكِّ يَحْصُلُ بِمَا ذُكِرَ سَوَاءٌ أَطْبَقَ الْغَيْمُ أَمْ لَا، لَكِنْ قَيَّدَهُ صَاحِبُ الْبَهْجَةِ تَبَعًا لِلطَّاوُسِيِّ وَالْبَارِزِيِّ وَالْقُونَوِيِّ بِعَدَمِ إطْبَاقِ الْغَيْمِ فَمَعَ إطْبَاقِهِ لَا يُورِثُ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ الشَّكَّ وَالْأَوَّلُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَوْجَهُ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَالسَّمَاءُ مُصْحِيَةٌ تَبِعَ فِيهِ مَنْ ذُكِرَ، وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى التَّمْثِيلِ وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى كَثِيرًا بِثُبُوتِ هِلَالِ الْحِجَّةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَثَلًا ثُمَّ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ بِرُؤْيَتِهِ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ وَظُنَّ صِدْقُهُمْ وَلَمْ يَثْبُتْ فَهَلْ يُنْدَبُ صَوْمُ يَوْمِ السَّبْتِ لِكَوْنِهِ يَوْمَ عَرَفَةَ عَلَى تَقْدِيرِ كَمَالِ ذِي الْقَعْدَةِ أَمْ يَحْرُمُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ يَوْمَ الْعِيدِ؟ وَقَدْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِالثَّانِي لِأَنَّ دَفْعَ مَفْسَدَةِ الْحَرَامِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى تَحْصِيلِ مَصْلَحَةِ الْمَنْدُوبِ (وَلَيْسَ إطْبَاقُ الْغَيْمِ) لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ (بِشَكٍّ) لِأَنَّا تَعَبَّدْنَا فِيهِ بِإِكْمَالِ الْعِدَّةِ فَلَا يَكُونُ هُوَ يَوْمُ شَكٍّ بَلْ يَكُونُ مِنْ شَعْبَانَ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ، (وَلَا أَثَرَ لِظَنِّنَا رُؤْيَتَهُ لَوْلَا السَّحَابُ لِبُعْدِهِ عَنْ الشَّمْسِ وَلَوْ كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً) وَتَرَاءَى النَّاسُ الْهِلَالَ فَلَمْ يَتَحَدَّثْ بِرُؤْيَتِهِ فَلَيْسَ بِيَوْمِ شَكٍّ، وَقِيلَ هُوَ يَوْمُ شَكٍّ، وَلَوْ كَانَ فِي السَّمَاءِ قِطَعُ سَحَابٍ يُمْكِنُ أَنْ يُرَى الْهِلَالُ مِنْ خِلَالِهَا وَأَنْ يَخْفَى تَحْتَهَا وَلَمْ يَتَحَدَّثْ بِرُؤْيَتِهِ فَقِيلَ هُوَ يَوْمُ شَكٍّ وَقِيلَ لَا، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: الْأَصَحُّ لَيْسَ بِشَكٍّ (وَيُسَنُّ تَعْجِيلُ الْفِطْرِ) بِتَنَاوُلِ شَيْءٍ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ، وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ حُصُولِ سُنَّةِ التَّعْجِيلِ بِالْجِمَاعِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ لِمَا فِيهِ مِنْ إضْعَافِ الْقُوَّةِ وَالضَّرَرِ، وَمَحَلُّ النَّدْبِ إذَا تَحَقَّقَ الْغُرُوبُ أَوْ ظَنَّهُ بِأَمَارَةٍ لِخَبَرِ «لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، (وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُهُ إنْ قَصَدَ ذَلِكَ وَرَأَى أَنَّ فِيهِ فَضِيلَةً) وَإِلَّا فَلَا بَأْسَ بِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ، وَفِيهِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يَتَمَضْمَضَ بِمَاءٍ وَيَمُجُّهُ وَأَنْ يَشْرَبَهُ وَيَتَقَيَّأَهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ، قَالَ: وَكَأَنَّهُ شُبِّهَ بِالسِّوَاكِ لِلصَّائِمِ بَعْدَ الزَّوَالِ لِكَوْنِهِ يُزِيلُ الْخَلُوفَ اهـ. وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ إنَّهُ إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ كَرَاهَةَ السِّوَاكِ لَا تَزُولُ بِالْغُرُوبِ وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى خِلَافِهِ يُرَدُّ بِأَنَّ الظَّاهِرَ تَأْتِيهِ مُطْلَقًا لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا (وَيُسَنُّ الْفِطْرُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَالِاثْنَانِ كَذَلِكَ) وَمِثْلُهُمَا الْوَاحِدُ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ هُوَ يَوْمُ شَكٍّ) اُنْظُرْ مَا فَائِدَةُ الْخِلَافِ مَعَ أَنَّهُ يَحْرُمُ صَوْمُهُ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ، إذْ بِفَرْضِ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَكٍّ هُوَ يَوْمٌ مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ شَعْبَانَ وَصَوْمُهُ حَرَامٌ ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ قَالَ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ وَإِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ حَرُمَ الصَّوْمُ إلَخْ، هَذَا قَدْ يُوجِبُ أَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِيَوْمِ الشَّكِّ لِأَنَّهُ مَعَ الْوَاصِلِ بِمَا قَبْلَهُ يَجُوزُ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ وَغَيْرِهِ، وَمَعَ عَدَمِ الْوَصْلِ يَمْتَنِعُ صَوْمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا أَنْ تُجْعَلَ الْخُصُوصِيَّةُ أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الْوَصْلِ يَحْرُمُ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ مِنْ جِهَتَيْنِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. وَقَدْ يُقَالُ أَيْضًا: فَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي التَّعَالِيقِ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ كَانَ الْيَوْمُ الْفُلَانِيُّ يَوْمَ شَكٍّ فَعَبْدِي حُرٌّ أَوْ نَحْوُهُ فَيُؤَاخَذُ بِذَلِكَ حَيْثُ قُلْنَا إنَّهُ شَكٌّ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ تَعْجِيلُ الْفِطْرِ) يَنْبَغِي سَنُّ ذَلِكَ وَلَوْ مَارًّا بِالطَّرِيقِ، وَلَا تَنْخَرِمُ مُرُوءَتُهُ بِهِ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرُوهُ مِنْ طَلَبِ الْأَكْلِ يَوْمَ عِيدِ الْفِطْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَلَوْ مَارًّا بِالطَّرِيقِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُحْتَمَلٌ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَوْ ظَنَّهُ بِأَمَارَةٍ) قَدْ يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي جَوَازِ الْفِطْرِ إذَا ظَنَّ الْغُرُوبَ بِالِاجْتِهَادِ وَهُوَ مُقْتَضٍ لِنَدْبِ التَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ) أَيْ الصَّائِمَ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَشْرَبَهُ) أَيْ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْفِطْرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا) أَيْ وَهُوَ أَنَّ السِّوَاكَ مُسْتَحَبٌّ وَلَا يُكْرَهُ إلَّا لِسَبَبٍ وَقَدْ زَالَ بِخِلَافِ الْمَضْمَضَةِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مَطْلُوبَةً فَإِزَالَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَعْنِي: اعْتَقَدَهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ حُصُولِ سُنَّةِ التَّعْجِيلِ بِالْجِمَاعِ) وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا عَدَمُ حُصُولِهَا بِالِاسْتِقَاءَةِ، أَوْ إدْخَالِ نَحْوِ عُودٍ فِي أُذُنِهِ، أَوْ إحْلِيلِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّعْلِيلِ يَأْبَى ذَلِكَ، ثُمَّ إنَّ قَضِيَّةَ تَعْبِيرِهِ بِلَفْظِ كَمَا فِي نَقْلِهِ كَلَامَ الْجَوَاهِرِ الْمُؤْذِنَةِ بِأَنَّهُ مُوَافِقٌ لَهُ أَنْ يَعْتَمِدَهُ وَهُوَ لَهُ وَهُوَ مُحْتَمِلٌ يُؤْذِنُ بِأَنَّهُ

عَلَى تَمْرٍ، وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَجِدْهُ (فَمَاءٌ) لِخَبَرِ «إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ صَائِمًا فَلْيُفْطِرْ عَلَى التَّمْرِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ التَّمْرَ فَعَلَى الْمَاءِ فَإِنَّهُ طَهُورٌ» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَوَرَدَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُفْطِرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى رُطَبَاتٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى تَمَرَاتٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَسَا حُسْوَاتٍ مِنْ مَاءٍ» ، وَقَضِيَّةُ هَذَا الْخَبَرِ تَقْدِيمُ الرُّطَبِ عَلَى التَّمْرِ وَأَنَّ السُّنَّةَ تَثْلِيثُ مَا يُفْطِرُ عَلَيْهِ مِنْ رُطَبٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا اقْتَضَاهُ فِي الثَّانِي نَصُّ حَرْمَلَةَ وَتَصْرِيحُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِهِ فِي الْمَاءِ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ بِتَمْرٍ إذْ هُوَ اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٍّ وَتَعْبِيرُ جَمْعٍ بِتَمْرِهِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ يَحْصُلُ بِهَا أَصْلُ السُّنَّةِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَنْ هُوَ بِمَكَّةَ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِلْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ (وَتَأْخِيرُ السُّحُورِ) لِخَبَرِ «لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ وَأَخَّرُوا السَّحُورَ» وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ مُخَالَفَةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَلِأَنَّ تَأْخِيرَ السُّحُورِ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى عَلَى الْعِبَادَةِ وَصَحَّ «تَسَحَّرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ قُمْنَا إلَى الصَّلَاةِ وَكَانَ قَدْرُ مَا بَيْنَهُمَا خَمْسِينَ آيَةً» وَفِيهِ ضَبْطٌ لِقَدْرِ مَا يَحْصُلُ بِهِ سُنَّةُ التَّأْخِيرِ وَيُسَنُّ السَّحُورُ أَيْضًا لِخَبَرِ «تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً» وَلِخَبَرِ الْحَاكِمِ فِي صَحِيحِهِ «اسْتَعِينُوا بِطَعَامِ السَّحَرِ عَلَى صِيَامِ النَّهَارِ وَبِقَيْلُولَةِ النَّهَارِ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ» وَالسَّحُورُ بِفَتْحِ السِّينِ الْمَأْكُولُ وَبِضَمِّهَا الْأَكْلُ حِينَئِذٍ وَيَحْصُلُ بِقَلِيلِ الْمَطْعُومِ وَكَثِيرِهِ لِخَبَرِ «تَسَحَّرُوا وَلَوْ بِجَرْعَةِ مَاءٍ» وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ بِنِصْفِ اللَّيْلِ، وَمَحَلُّ اسْتِحْبَابِهِ إذَا رَجَا بِهِ مَنْفَعَةً أَوْ لَمْ يَخْشَ بِهِ ضَرَرًا كَمَا قَالَهُ الْمَحَامِلِيُّ، وَلِهَذَا قَالَ الْحَلِيمِيُّ: إذَا كَانَ شَبْعَانَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَسَحَّرَ لِأَنَّهُ فَوْقَ الشِّبَعِ اهـ. وَمُرَادُهُ إكْثَارُ الْأَكْلِ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا (مَا لَمْ يَقَعْ فِي شَكٍّ) بِأَنْ يَتَرَدَّدَ فِي بَقَاءِ اللَّيْلِ وَحِينَئِذٍ فَتَرْكُهُ أَوْلَى لِخَبَرِ «دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك» (وَلْيَصُنْ لِسَانَهُ عَنْ الْكَذِبِ وَالْغِيبَةِ) وَنَحْوِهِمَا مِنْ مُشَاتَمَةٍ وَسَائِرَ جَوَارِحِهِ عَنْ الْجَرَائِمِ فَلَا يَبْطُلُ الصَّوْمُ بِارْتِكَابِهَا، بِخِلَافِ ارْتِكَابِ مَا يَجِبُ اجْتِنَابُهُ مِنْ حَيْثُ الصَّوْمِ كَالِاسْتِقَاءَةِ، وَإِنَّمَا طُلِبَ الْكَفُّ عَنْ ذَلِكَ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْخَلُوفِ بِهَا تُعَدُّ عَيْنًا حَيْثُ لَا غَرَضَ (قَوْلُهُ عَلَى تَمْرٍ) وَلْيُنْظَرْ هَلْ يُقَدَّمُ اللَّبَنُ عَلَى الْعَسَلِ. أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَدَّمَ الْعَسَلُ لِأَنَّهُمْ نَظَرُوا لِلْحُلْوِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ بَعْدَ فَقْدِ التَّمْرِ وَالْمَاءِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا وَرَدَ، وَكَتَبَ سم عَلَى مَنْهَجِ عَمِيرَةَ: قِيلَ الْحِكْمَةُ كَوْنُهُ مَدْخُولَ النَّارِ وَقِيلَ تَفَاؤُلًا بِالْحَلَاوَةِ وَقِيلَ لِنَفْعِ الْبَصَرِ اهـ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَمَاءٌ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: وَفِي حُصُولِهِ بِنَحْوِ مِلْحٍ وَمَاءِ مِلْحٍ نَظَرٌ، وَكَذَا بِنَحْوِ تُرَابٍ وَحَجَرٍ لَا يَضُرُّ وَالْحُصُولُ مُحْتَمَلٌ اهـ. أَقُولُ: أَشَارَ بِقَوْلِهِ مُحْتَمَلٌ إلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ أَيْضًا بِعَدَمِ الْحُصُولِ، وَيُوَجَّهُ أَنَّ الْغَرَضَ الْمَطْلُوبَ مِنْ تَعْجِيلِ الْفِطْرِ بِإِزَالَةِ حَرَارَةِ الصَّوْمِ بِمَا يُصْلِحُ الْبَدَنَ وَهُوَ مُنْتَفٍ مَعَ ذَلِكَ مَعَ أَنَّ تَنَاوُلَ التُّرَابِ وَالْمَدَرِ مَعَ انْتِفَاءِ الضَّرَرِ مَكْرُوهٌ فَلَا يَنْبَغِي حُصُولُ السُّنِّيَّةِ بِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى التَّمْرِ) أَيْ وَعَلَى الْعَجْوَةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ) أَيْ حَيْثُ قَالَ: يُقَدِّمُ مَنْ بِمَكَّةَ مَاءَ زَمْزَمَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فَوْقَ الشِّبَعِ) أَيْ مَا يَأْكُلُهُ مَثَلًا (قَوْلُهُ: فَلَا يَبْطُلُ الصَّوْمُ) أَيْ ثَوَابُهُ. [فَرْعٌ] لَوْ تَابَ هَلْ يَسْلَمُ الصَّوْمُ مِنْ النَّقْصِ؟ مَحَلُّ نَظَرٍ، وَيُحْتَمَلُ بَقَاؤُهُ وَأَنْ يَكُونَ غَايَتُهَا دَفْعَ الْإِثْمِ خَادِم ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يَعْتَمِدُ هَذِهِ الْقَضِيَّةَ فَلْيُرَاجَعْ مُخْتَارُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَجِدْهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَفْطَرَ عَلَى الْمَاءِ مَعَ وُجُودِ التَّمْرِ لَا تَحْصُلُ لَهُ سُنَّةُ الْفِطْرِ عَلَى الْمَاءِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ اسْتِحْبَابِهِ إذَا رَجَا مَنْفَعَةً) اُنْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ وَيَأْتِي مِنْ حُصُولِ السُّنَّةِ بِالْقَلِيلِ كَالْكَثِيرِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَخْشَ بِهِ ضَرَرًا) هُوَ كَذَا بِأَوْ فِي النُّسَخِ وَلَعَلَّهُ تَحْرِيفٌ مِنْ الْكَتَبَةِ، وَإِلَّا فَاَلَّذِي فِي الْقُوتِ عَنْ تَجْرِيدِ التَّجْرِيدِ وَلَمْ يَخْشَ بِالْوَاوِ وَهِيَ الْأَصْوَبُ كَمَا لَا يَخْفَى، لَكِنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ إلَّا إذَا رَجَا مَنْفَعَةً (قَوْلُهُ: فَلَا يَبْطُلُ الصَّوْمُ بِارْتِكَابِهَا) هُوَ بِالْفَاءِ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ، وَهُوَ الَّذِي أَلْجَأَ الشَّيْخَ فِي الْحَاشِيَةِ إلَى ضَبْطِ يُبْطِلُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ فَيَكُونُ فَاعِلُهُ ضَمِيرًا يَعُودُ عَلَى الصَّائِمِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا بَعْدَهُ لَا يُلَائِمُهُ، لَكِنْ هُوَ فِي نُسْخَةٍ بِالْوَاوِ بَدَلَ

وَشَرَابَهُ» وَلِخَبَرِ الْحَاكِمِ فِي صَحِيحِهِ «لَيْسَ الصِّيَامُ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَقَطْ الصِّيَامُ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ» وَلِأَنَّهُ يُحْبِطُ الثَّوَابَ، فَالْمُرَادُ أَنَّ كَمَالَ الصَّوْمِ إنَّمَا يَكُونُ بِصِيَانَتِهِ عَنْ اللَّغْوِ وَالْكَلَامِ الرَّدِيءِ لَا أَنَّ الصَّوْمَ يَبْطُلُ بِهِمَا فَإِنْ شَتَمَهُ أَحَدٌ فَلْيَقُلْ إنِّي صَائِمٌ لِخَبَرِ «الصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَإِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ صَائِمًا فَلَا يَرْفُثُ وَلَا يَجْهَلُ، فَإِنْ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إنِّي صَائِمٌ إنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ» يَقُولُهُ بِلِسَانِهِ بِنِيَّةِ وَعْظِ الشَّاتِمِ وَدَفْعِهِ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ كَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ جَمْعٍ وَصَحَّحَهُ، ثُمَّ قَالَ: فَإِنَّ جَمَعَ فِيهِ بَيْنَ لِسَانِهِ وَقَلْبِهِ فَحَسَنٌ. وَقَالَ: إنَّهُ يُسَنُّ تَكْرَارُهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى إمْسَاكِ صَاحِبِهِ. عَنْهُ وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ وَلَا أَظُنُّ أَحَدًا يَقُولُهُ مَرْدُودٌ بِالْخَبَرِ الْمَارِّ (وَنَفْسُهُ عَنْ الشَّهَوَاتِ) مِنْ الْمَسْمُوعَاتِ وَالْمُبْصَرَاتِ وَالْمَشْمُومَاتِ وَالْمَلَابِسِ إذْ ذَلِكَ سِرُّ الصَّوْمِ وَمَقْصُودُهُ الْأَعْظَمُ لِتَنْكَسِرَ نَفْسُهُ عَنْ الْهَوَى وَتَقْوَى عَلَى التَّقْوَى بِكَفِّ جَوَارِحِهِ عَنْ تَعَاطِي مَا يَشْتَهِيهِ. قَالَ فِي الدَّقَائِقِ: وَلَا يَمْتَنِعُ هَذَا الْعَطْفُ لِأَنَّ النَّوْعَيْنِ اشْتَرَكَا فِي الْأَمْرِ بِهِمَا، لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَمْرُ إيجَابٍ، وَالثَّانِي اسْتِحْبَابٌ اهـ. وَالْأَوْجَهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَمَا تَمَحَّلَهُ الشَّارِحُ لِعِبَارَةِ الرَّافِعِيِّ بَعِيدٌ. قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ بِحَقِّ الْخَتْمِ الَّذِي عَلَى فَمِي. (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَغْتَسِلَ مِنْ الْجَنَابَةِ) وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ (قَبْلَ الْفَجْرِ) لِيُؤَدِّيَ الْعِبَادَةَ عَلَى الطَّهَارَةِ وَلِيَخْرُجَ مِنْ خِلَافِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْقَائِلِ بِوُجُوبِهِ، لَكِنْ نُقِلَ عَنْهُ الرُّجُوعُ عَنْ ذَلِكَ، وَخَشْيَةً مِنْ وُصُولِ الْمَاءِ إلَى بَاطِنِ الْأُذُنِ أَوْ الدُّبُرِ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَغْسِلَ هَذِهِ الْمَوَاضِعَ إنْ لَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ الْغُسْلُ الْكَامِلُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَقِيَاسُ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ اسْتِحْبَابُ الْمُبَادَرَةِ إلَى الِاغْتِسَالِ عَقِبَ الِاحْتِلَامِ نَهَارًا. قَالَ الْمَحَامِلِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ: يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ دُخُولُ الْحَمَّامِ: يَعْنِي مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ لِجَوَازِ أَنْ يَضُرَّهُ فَيُفْطِرُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا لِمَنْ يَتَأَذَّى بِهِ دُونَ مَنْ اعْتَادَهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ حَيْثُ انْتِفَاءِ الضَّرَرِ أَمَّا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ تَرَفُّهٌ لَا يُنَاسِبُ الصَّائِمَ فَمَرْدُودٌ (وَأَنْ يَحْتَرِزَ عَنْ الْحِجَامَةِ) وَالْفَصْدِ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِمَا كَمَا مَرَّ (وَالْقُبْلَةِ) وَلَيْسَ مُكَرَّرًا مَعَ مَا مَرَّ إذْ ـــــــــــــــــــــــــــــSاهـ عَمِيرَةَ (قَوْلُهُ: لَيْسَ الصِّيَامُ مِنْ الْأَكْلِ) أَيْ بِأَنْ يَتْرُكَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ جَمَعَ فِيهِ بَيْنَ قَلْبِهِ وَلِسَانِهِ فَحَسَنٌ) . [فَائِدَةٌ] قَالَ حَجّ فِي فَتَاوِيهِ الْحَدِيثِيَّةِ: هَلْ الذِّكْرُ اللِّسَانِيُّ أَفْضَلُ أَوْ غَيْرُهُ؟ وَعِبَارَتُهُ: وَالذِّكْرُ الْخَفِيُّ قَدْ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ مَا هُوَ بِالْقَلْبِ فَقَطْ وَمَا هُوَ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ بِحَيْثُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ وَلَا يَسْمَعُهُ غَيْرُهُ وَمِنْهُ «خَيْرُ الذِّكْرِ الْخَفِيُّ» أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ الرِّيَاءُ، وَأَمَّا حَيْثُ لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ فَلَا يُعَدُّ بِحَرَكَةِ لِسَانِهِ وَإِنَّمَا الْعِبْرَةُ بِمَا فِي قَلْبِهِ عَلَى أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَئِمَّتِنَا وَغَيْرِهِمْ يَقُولُونَ: لَا ثَوَابَ فِي ذِكْرِ الْقَلْبِ وَحْدَهُ وَلَا مَعَ اللِّسَانِ حَيْثُ لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ، وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ لَا ثَوَابَ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الذِّكْرِ الْمَخْصُوصِ، أَمَّا اشْتِغَالُ الْقَلْبِ بِذَلِكَ وَتَأَمَّلْهُ لِمَعَانِيهِ وَاسْتِغْرَاقِهِ فِي شُهُودِهِ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ بِمُقْتَضَى الْأَدِلَّةِ يُثَابُ عَلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ الثَّوَابَ الْجَزِيلَ، وَيُؤَيِّدُهُ خَبَرُ الْبَيْهَقِيّ «الذِّكْرُ الَّذِي لَا تَسْمَعُهُ الْحَفَظَةُ يَزِيدُ عَلَى الذِّكْرِ الَّذِي تَسْمَعُهُ الْحَفَظَةُ سَبْعِينَ ضِعْفًا» اهـ بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: عَنْ الْهَوَى) بِالْقَصْرِ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ بِحَقِّ الْخَتْمِ إلَخْ) وَمِثْلُهُ الْخَاتَمُ الَّذِي عَلَى فَمِ الْعِبَادِ وَوَجْهُ الْكَرَاهَةِ أَنَّهُ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَغْسِلَ هَذِهِ الْمَوَاضِعَ) أَيْ قَبْلَ الْفَجْرِ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْجَنَابَةِ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ لِيُؤَدِّيَ الْعِبَادَةَ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQالْفَاءِ وَلَا غُبَارَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) هَذَا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا قَبْلَهُ وَإِنْ أَوْهَمَهُ كَلَامُهُ وَحَاصِلُ الْمُرَادِ مِنْهُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ عَدَلَ إلَى قَوْلِهِ وَلْيَصُنْ لِسَانَهُ فَاللَّامُ الْأَمْرِ عَنْ عِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ الْمُفِيدَةِ لِاسْتِحْبَابِ ذَلِكَ لِمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الدَّقَائِقِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ لَا مَسْنُونٌ. وَأَجَابَ عَنْهُ الشَّارِحُ الْجَلَالُ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الِاسْتِحْبَابَ مِنْ حَيْثُ الصَّوْمُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ وَاجِبٌ فِي حَدِّ ذَاتِهِ، قَالَ: فَلَا حَاجَةَ إلَى عُدُولِ الْمِنْهَاجِ عَمَّا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، وَاسْتَبْعَدَهُ الشَّارِحُ هُنَا بِمَا تَرَى (قَوْلُهُ: أَمَّا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ تَرَفُّهٌ لَا يُنَاسِبُ الصَّائِمَ فَمَرْدُودٌ) فِي هَذَا الرَّدِّ نَظَرٌ لَا يَخْفَى لِأَنَّ التَّرَفُّهَ إنَّمَا هُوَ

الْأَوَّلُ فِي حُكْمِهَا وَهُنَا فِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَرْكُهَا (وَذَوْقُ الطَّعَامِ) أَوْ غَيْرِهِ خَوْفَ الْوُصُولِ إلَى حَلْقِهِ أَوْ تَعَاطِيهِ لِغَلَبَةِ شَهْوَتِهِ نَعَمْ إنْ احْتَاجَ إلَى مَضْغِ نَحْوِ خُبْزٍ لِطِفْلِ لَمْ يُكْرَهْ (وَالْعِلْكُ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمَضْغُ وَبِكَسْرِهَا الْمَعْلُوكُ لِأَنَّهُ يَجْمَعُ الرِّيقَ، فَإِنْ ابْتَلَعَهُ أَفْطَرَ فِي وَجْهٍ ضَعِيفٍ، وَإِنْ أَلْقَاهُ عَطَّشَهُ وَمِنْ ثَمَّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ مَا يَتَفَتَّتُ، أَمَّا هُوَ فَإِنْ تَيَقَّنَ وُصُولَ بَعْضِ جُرْمِهِ عَمْدًا إلَى جَوْفِهِ أَفْطَرَ وَحِينَئِذٍ يَحْرُمُ مَضْغُهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا شَكَّ أَوْ وَصَلَ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ لِأَنَّهُ مُجَاوِرٌ، وَكَالْعِلْكِ فِي ذَلِكَ اللِّبَانُ الْأَبْيَضُ فَإِنْ كَانَ لَوْ أَصَابَهُ الْمَاءُ يَبِسَ وَاشْتَدَّ كُرِهَ مَضْغُهُ وَإِلَّا حَرُمَ. قَالَهُ الْقَاضِي (وَأَنْ يَقُولَ عِنْدَ) أَيْ عَقِبَ (فِطْرِهِ: «اللَّهُمَّ لَك صُمْت وَعَلَى رِزْقِك أَفْطَرْت» ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ لَكِنَّهُ مُرْسَلٌ، وَرُوِيَ أَيْضًا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كَانَ يَقُولُ حِينَئِذٍ «اللَّهُمَّ ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتْ الْعُرُوقُ وَثَبَتَ الْأَجْرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى» (وَأَنْ يُكْثِرَ الصَّدَقَةَ) وَالْجُودَ وَزِيَادَةَ التَّوْسِعَةِ عَلَى الْعِيَالِ وَالْإِحْسَانَ إلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ وَالْجِيرَانِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ» وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ تَفْرِيغُ قُلُوبِ الصَّائِمِينَ وَالْقَائِمِينَ لِلْعِبَادَةِ بِدَفْعِ حَاجَتِهِمْ، وَمِنْ ثَمَّ سُنَّ أَنْ يُفْطِرَهُمْ بِأَنْ يُعَشِّيَهُمْ لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْءٌ» فَإِنْ عَجَزَ عَنْ عَشَائِهِمْ فَطَّرَهُمْ بِشَرْبَةٍ أَوْ تَمْرَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ فِي رَمَضَانِ) فِي كُلِّ مَكَان غَيْرِ نَحْوِ الْحَشِّ حَتَّى الْحَمَّامِ وَالطَّرِيقِ إنْ لَمْ يَلْتَهِ عَنْهَا بِأَنْ أَمْكَنَهُ تَدَبُّرُهَا لِخَبَرِ «إنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يَلْقَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ» وَهِيَ أَنْ يَقْرَأَ عَلَى غَيْرِهِ وَيَقْرَأَ غَيْرُهُ عَلَيْهِ وَالتِّلَاوَةُ فِي الْمُصْحَفِ أَفْضَلُ، وَيُسَنُّ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَالْجَهْرُ إنْ أَمِنَ الرِّيَاءَ وَلَمْ يُشَوِّشْ عَلَى نَحْوِ مُصَلٍّ أَوْ نَائِمٍ (وَأَنْ يَعْتَكِفَ فِيهِ) أَيْ فِي رَمَضَانَ وَأَنْ يُكْثِرَ مِنْ ذَلِكَ لِلِاتِّبَاعِ. رَوَاهُ الشَّيْخَانِ: وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِصَوْنِ النَّفْسِ عَنْ ارْتِكَابِ مَا لَا يَلِيقُ (لَا سِيَّمَا) بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ، وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا بَعْدَهَا أَوْلَى، بِالْحُكْمِ مِمَّا قَبْلَهَا لَا مُسْتَثْنًى بِهَا، وَالسِّيُّ بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيدِ الْمِثْلُ وَمَا مَوْصُولَةٌ أَوْ زَائِدَةٌ وَيَجُوزُ رَفْعُ مَا بَعْدَهَا عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSالطَّهَارَةُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ احْتَاجَ) قَضِيَّةُ اقْتِصَارِهِ عَلَى ذَلِكَ كَرَاهَةُ ذَوْقِ الطَّعَامِ لِغَرَضِ إصْلَاحِهِ لِمُتَعَاطِيهِ، وَيَنْبَغِي عَدَمُ كَرَاهَتِهِ لِلْحَاجَةِ وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ مُفْطِرٌ غَيْرَهُ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَعْرِفُ إصْلَاحَهُ مِثْلُ الصَّائِمِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ مَا يَتَفَتَّتُ) أَيْ فِي عِلْكِ مَا لَا يَتَفَتَّتُ (قَوْلُهُ وَكَالْعِلْكِ ذَلِكَ) أَيْ فِي ذَلِكَ التَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ اللِّبَانُ الْأَبْيَضُ) وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالشَّامِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ لَوْ أَصَابَهُ الْمَاءُ يَبِسَ) أَيْ مَاءُ الْفَمِ وَهُوَ الرِّيقُ أَوْ مَا يُدْخِلُهُ فَمَه لِإِيبَاسِهِ (قَوْلُهُ: وَاشْتَدَّ كُرْهُ) أَيْ بِحَيْثُ لَا يَتَحَلَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: كَانَ يَقُولُ) أَيْ فَيَجْمَعُ الصَّائِمُ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُكْثِرَ الصَّدَقَةَ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنْ يُعَالِجَ نَفْسَهُ عَلَى جَعْلِ ذَلِكَ كَالطَّبِيعَةِ لَهُ بِاعْتِيَادِهِ لِلصَّدَقَةِ فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبِّبِ (قَوْلُهُ: وَيَقْرَأُ غَيْرَهُ) أَيْ وَلَوْ غَيَّرَ مَا قَرَأَهُ الْأَوَّلُ، فَمِنْهُ مَا يُسَمَّى بِالْمُدَارَسَةِ الْآنَ وَهِيَ الْمُعَبَّرُ عَنْهَا فِي كَلَامِهِمْ بِالْإِدَارَةِ (قَوْلُهُ: وَالتِّلَاوَةُ) أَيْ وَإِنْ قَوِيَ حِفْظُهُ لِأَنَّهُ يُجْمَعُ فِيهِ بَيْنَ النَّظَرِ فِي الْمُصْحَفِ وَبَيْنَ الْقِرَاءَةِ. وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَذْهَبْ خُشُوعُهُ وَتَدَبُّرُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQخِلَافُ السُّنَّةِ لَا مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ: وَذَوْقُ الطَّعَامِ) وَهُوَ مَكْرُوهٌ بِدَلِيلِ الِاسْتِدْرَاكِ الْآتِي، وَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَ حُكْمَ الْكَرَاهِيَةِ هُنَا تَمْهِيدًا لِلِاسْتِدْرَاكِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَيَقَّنَ وُصُولَ بَعْضِ جِرْمِهِ عَمْدًا) قَدْ يُقَالُ: قِيَاسُ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ وَضَعَ مَاءً فِي فَمِهِ لِغَيْرِ غَرَضٍ مِنْ الْفِطْرِ مُطْلَقًا أَنَّهُ يُفْطِرُ هُنَا وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ (قَوْلُهُ: وَمَا مَوْصُولَةٌ أَوْ زَائِدَةٌ) أَيْ أَوْ نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ كَمَا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ، وَهُوَ الَّذِي يُنَزَّلُ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي عَنْ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ وَيَجُوزُ رَفْعُ مَا بَعْدَهَا: أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا مَوْصُولَةٌ، أَوْ مَوْصُوفَةٌ، وَقَوْلُهُ وَنَصْبُهُ: أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ

[فصل في شروط وجوب صوم رمضان وما يبيح ترك صومه]

وَنَصْبُهُ وَجَرُّهُ وَهُوَ الْأَرْجَحُ عَلَى الْإِضَافَةِ (فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْهُ) فَهِيَ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِ لِلِاتِّبَاعِ، «وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا دَخَلَ الْعَشْرُ الْأَخِيرُ أَحْيَا اللَّيْلَ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ وَشَدَّ الْمِئْزَرَ» وَيُسَنُّ أَنْ يَمْكُثَ مُعْتَكِفًا إلَى صَلَاةِ الْعِيدِ وَأَنْ يَعْتَكِفَ قَبْلَ دُخُولِ الْعَشْرِ فَفِيهَا لَا فِي غَيْرِهَا كَمَا نَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ عَلَيْهِ اتِّفَاقَ الْفُقَهَاءِ لَيْلَةَ الْقَدْرِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ الْآتِي. فَصْلٌ فِي شُرُوطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَمَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِهِ (شَرْطُ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ) وَالْإِسْلَامُ وَلَوْ فِيمَا مَضَى كَالصَّلَاةِ، فَلَا يَجِبُ عَلَى مَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَسَكْرَانَ وَكَافِرٍ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ فِي الصَّلَاةِ لِخَبَرِ «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ» (وَإِطَاقَتُهُ) لَهُ صِحَّةً وَإِقَامَةً أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فَلَا يَجِبُ عَلَى مَنْ لَا يُطِيقُهُ حِسًّا أَوْ شَرْعًا لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ أَوْ حَيْضٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَعَلَى مُسَافِرٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَوُجُوبُهُ عَلَيْهِمَا، وَعَلَى السَّكْرَانِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْحَائِضِ وَنَحْوِهَا عِنْدَ مَنْ عَبَّرَ بِوُجُوبِهِ عَلَيْهِمْ وُجُوبَ انْعِقَادِ سَبَبٍ كَمَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فِي الْأُصُولِ لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِمْ كَمَا سَيَأْتِي، وَمَنْ أَلْحَقَ بِهِمْ الْمُرْتَدَّ فِي ذَلِكَ فَقَدْ سَهَا فَإِنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِقِرَاءَتِهِ فِي الْمُصْحَفِ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ أَفْضَلَ (قَوْلُهُ: وَنَصْبُهُ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ لِفِعْلٍ لِمَحْذُوفٍ وَهُوَ صِلَةٌ لِمَا: أَيْ لَا سِيَّ الَّذِي أَعْنِيهِ أَوْ أُرِيدُهُ زَيْدًا (قَوْلُهُ: وَشَدَّ الْمِئْزَرَ) كِنَايَةٌ عَنْ التَّهَيُّؤِ لِلْعِبَادَةِ وَالْإِقْبَالِ عَلَيْهَا بِهِمَّةٍ وَنَشَاطٍ (فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ وَمَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِهِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ الْإِمْسَاكِ وَالْفِدْيَةِ (قَوْلُهُ: وَالْبُلُوغُ) أَيْ وَالنَّقَاءُ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ أَيْضًا، فَالْجُنُونُ وَالصِّبَا وَالْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ مَانِعَةٌ مِنْ الْوُجُوبِ، بَلْ مَا عَدَا الصِّبَا مَانِعٌ مِنْ الصِّحَّةِ إنْ تَقَدَّمَ عَلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَمُبْطِلٌ لِلصَّوْمِ إنْ طَرَأَ عَلَيْهِ. لَا يُقَالُ: لَا يُتَصَوَّرُ بُطْلَانُ الصَّوْمِ بِطُرُوِّ النِّفَاسِ لِأَنَّهُ مَسْبُوقٌ بِالْوِلَادَةِ وَهِيَ مُبْطِلَةٌ لِلصَّوْمِ، فَالنِّفَاسُ إنَّمَا حَصَلَ بَعْدَ بُطْلَانِهِ لِأَنَّهُ الدَّمُ الْخَارِجُ بَعْدَ فَرَاغِ الرَّحِمِ مِنْ الْحَمْلِ. لِأَنَّا نَقُولُ: يُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِمَا لَوْ أَلْقَتْ وَلَدًا جَافًّا فَبَطَلَ بِهِ صَوْمُهَا ثُمَّ رَأَتْ الدَّمَ نَهَارًا وَهِيَ صَائِمَةٌ قَبْلَ مُضِيِّ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِنَّهُ نِفَاسٌ، وَالْأَحْكَامُ مُتَرَتِّبَةٌ عَلَيْهِ مِنْ وَقْتِ رُؤْيَةِ الدَّمِ وَمُدَّةُ النِّفَاسِ مَحْسُوبَةٌ مِنْ الْوِلَادَةِ، فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا نَوَتْ الصَّوْمَ بَعْدَ الْوِلَادَةِ حُكِمَ بِصِحَّتِهِ وَيَبْطُلُ بِرُؤْيَتِهِ الدَّمَ نَهَارًا وَيُعْتَدُّ بِمَا فَعَلَتْهُ مِنْ الْعِبَادَةِ مِنْ صَوْمٍ وَغَيْرِهِ قَبْلَ رُؤْيَتِهِ أَوْ يُصَوَّرُ أَيْضًا بِمَا لَوْ وَلَدَتْ وَلَدًا جَافًّا لَيْلًا ثُمَّ نَوَتْ الصَّوْمَ وَطَرَقَهَا الدَّمُ نَهَارًا فَإِنَّ أَحْكَامَ النِّفَاسِ إنَّمَا تَتَرَتَّبُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ (وَجَرُّهُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا زَائِدَةٌ. وَاعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ أَمَّا فِيهَا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ كَوْنُ مَا مَوْصُولَةً وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ صِلَتُهَا فَلَا مَحَلَّ لَهُ مِنْ الْإِعْرَابِ، وَالتَّقْدِيرُ لَا مِثْلُ الِاعْتِكَافِ الَّذِي فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ. [فَصْلٌ فِي شُرُوطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَمَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِهِ] (فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ: وَسَكْرَانُ) أَيْ بِلَا تَعَدٍّ وَسَكَتَ عَنْ مُحْتَرَزِ الْبُلُوغِ (قَوْلُهُ وَوُجُوبُهُ عَلَيْهِمَا) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إلَى الْمَرِيضِ الَّذِي هُوَ مُحْتَرَزُ الصِّحَّةِ وَإِلَى الْمُسَافِرِ، لَكِنَّ لَفْظَ الْمَرِيضِ سَاقِطٌ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ وَلَعَلَّهُ مِنْ الْكَتَبَةِ فَإِنَّهُ مَوْجُودٌ فِي عِبَارَةِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ الَّتِي هِيَ أَصْلُ مَا هُنَا بِالْحَرْفِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ أَلْحَقَ بِهِمْ الْمُرْتَدَّ) تَعْرِيضٌ بِالْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ كَمَا سَيَأْتِي لَهُ

وُجُوبَهُ عَلَيْهِ وُجُوبُ تَكْلِيفٍ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ. نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ كَلَامِ الشَّارِحِ بِأَنَّ وُجُوبَ انْعِقَادِ السَّبَبِ فِي حَقِّهِ لَا يُنَافِي الْقَوْلَ بِكَوْنِ الْخِطَابِ لَهُ خِطَابَ تَكْلِيفٍ (وَيُؤْمَرُ بِهِ الصَّبِيُّ لِسَبْعٍ إذَا أَطَاقَ) وَمَيَّزَ وَيُضْرَبُ عَلَى تَرْكِهِ لِعَشْرٍ لِيَتَمَرَّنَ عَلَيْهِ وَالصَّبِيَّةُ كَالصَّبِيِّ، وَالْأَمْرُ وَالضَّرْبُ وَاجِبَانِ عَلَى الْوَلِيِّ كَمَا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ خِلَافًا لِلْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ حَيْثُ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا (وَيُبَاحُ تَرْكُهُ لِلْمَرِيضِ إذَا وَجَدَ بِهِ ضَرَرًا) شَدِيدًا وَهُوَ مَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ وَإِنْ تَعَدَّى بِسَبَبِهِ بِأَنْ تَعَاطِي لَيْلًا مَا يُمْرِضُهُ نَهَارًا قَصْدًا وَفَارَقَ مَنْ شَرِبَ مُجَنِّنًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الصَّلَاةِ، لِأَنَّ ذَلِكَ فِيهِ تَسَبُّبٌ بِمَا يُؤَدِّي لِلْإِسْقَاطِ وَهَذَا لَيْسَ فِيهِ تَسَبُّبٌ إلَّا بِمَا يُؤَدِّي إلَى التَّأْخِيرِ وَهُوَ أَخَفُّ فَلَمْ يُضَيِّقْ فِيهِ كَذَا قِيلَ وَنُظِرَ فِيهِ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ فِي الْحَقِيقَةِ وَشَمِلَ الضَّرَرُ مَا لَوْ زَادَ مَرَضُهُ أَوْ خَشِيَ مِنْهُ طُولَ الْبُرْءِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] وَعَلَى الْمَرِيضِ مِنْ حَيْثُ خَفَّ مَرَضُهُ بِحَيْثُ لَا يُبَاحُ مَعَهُ تَرْكُ الصَّوْمِ أَنْ يَنْوِيَ قُبَيْلَ الْفَجْرِ، فَإِنْ عَادَ لَهُ الْمَرَضُ كَالْحُمَّى أَفْطَرَ وَإِلَّا فَلَا، إنْ عُلِمَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهَا سَتَعُودُ لَهُ عَنْ قُرْبٍ، وَأَفْتَى الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْحَصَّادِينَ تَبْيِيتُ النِّيَّةِ فِي رَمَضَانَ كُلَّ لَيْلَةٍ، ثُمَّ مَنْ لَحِقَهُ مِنْهُمْ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ أَفْطَرَ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ كَانَ الْمَرَضُ مُطْبِقًا فَلَهُ تَرْكُ النِّيَّةِ مِنْ اللَّيْلِ. قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَلَا أَثَرَ لِلْمَرَضِ الْيَسِيرِ كَصُدَاعٍ وَوَجَعِ الْأُذُنِ وَالسِّنِّ إلَّا أَنْ يَخَافَ الزِّيَادَةَ بِالصَّوْمِ فَيُفْطِرَ، وَمَنْ خَافَ الْهَلَاكَ لِتَرْكِ الْأَكْلِ حَرُمَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ. قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْمُسْتَصْفَى ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى رُؤْيَةِ الدَّمِ كَمَا ذَكَرَهُ وَإِنْ حَسِبَتْ الْمُدَّةَ مِنْ الْوِلَادَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا الْإِشَارَةُ إلَيْهِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ فِيمَا مَضَى (قَوْلُهُ: حَيْثُ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا) لَعَلَّهُ يَقُولُ بِوُجُوبِ الضَّرَرِ لِلصَّلَاةِ وَلَا يَجِبُ لِلصَّوْمِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ عَلَى الصَّبِيِّ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَيُبَاحُ تَرْكُهُ) وَيَنْبَغِي قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي التَّيَمُّمِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِإِخْبَارِ طَبِيبٍ عَدْلٍ مُسْلِمٍ وَإِلَّا فَلَا يُبَاحُ لَهُ التَّرْكُ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِقِيَامِ الْمَرَضِ وَتَأْثِيرِهِ فِي الْبَدَنِ فَيُدْرَكُ الْأَلَمُ الْحَاصِلُ بِالصَّوْمِ الْمُقْتَضِي لِلْفِطْرِ هُنَا بِخِلَافِهِ، ثُمَّ فَإِنَّ أَلَمَ الْغُسْلِ الْحَاصِلِ مِنْ الْوُضُوءِ إنَّمَا يَحْصُلُ بَعْدَهُ فَاحْتِيجَ فِيهِ لِلسُّؤَالِ (قَوْلُهُ: وَنُظِرَ فِيهِ) وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ لُزُومَ الْقَضَاءِ لِلْمَجْنُونِ إذَا تَعَدَّى إنَّمَا هُوَ لِلتَّغْلِيظِ وَإِلَّا فَأَصْلُ الْجُنُونِ لَا قَضَاءَ مَعَهُ لِانْتِفَاءِ تَكْلِيفِهِ، بِخِلَافِ الْمَرَضِ فَإِنَّ الْقَضَاءَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ مُطْلَقًا. وَحَاصِلُ الْفَرْقِ أَنَّهُ فَصْلٌ فِي الْمَجْنُونِ بَيْنَ التَّعَدِّي بِسَبَبِ الْجُنُونِ وَعَدَمِهِ، وَعُمِّمَ فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَى الْمَرِيضِ بِمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: حَيْثُ خَفَّ مَرَضُهُ) أَيْ قُبَيْلَ الْفَجْرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْبَقَ مَرَضُهُ أَوْ كَانَ وَقْتَ الْفَجْرِ مَحْمُومًا فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ النِّيَّةُ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْحَصَّادِينَ) وَمِثْلُهُمْ غَيْرُهُمْ مِنْ سَائِرِ الْعَمَلَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَنْ لَحِقَهُ مِنْهُمْ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ يَحْصُدُ لِنَفْسِهِ أَوْ بِأُجْرَةٍ أَوْ تَبَرُّعًا وَإِنْ لَمْ يَنْحَصِرْ الْأَمْرُ فِيهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْمُرْضِعَةِ إنْ خَافَ عَلَى الْمَالِ إنْ صَامَ وَتَعَذَّرَ الْعَمَلُ لَيْلًا أَوْ لَمْ يُغْنِهِ فَيُؤَدِّي لِتَلَفِهِ أَوْ نَقْصِهِ نَقْصًا لَا يَتَغَابَنُ بِهِ، هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ وَسَيَأْتِي فِي إنْقَاذِ الْمُحْتَرَمِ مَا يُؤَيِّدُهُ خِلَافًا لِمَنْ أَطْلَقَ فِي نَحْوِ الْحَصَادِ الْمَنْعُ وَلِمَنْ أَطْلَقَ الْجَوَازُ اهـ حَجّ. وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تُبَحْ التَّيَمُّمُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ حَجّ: إنْ خَافَ عَلَى الْمَالِ إنْ صَامَ، وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِمُبِيحِ التَّيَمُّمِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْمَرَضُ مُطْبِقًا) أَيْ أَوْ كَانَ مَحْمُومًا وَقْتَ الْفَجْرِ اهـ مُحَلًّى (قَوْلُهُ لِتَرْكِ الْأَكْلِ) أَيْ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ مَثَلًا (قَوْلُهُ حَرُمَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُخَفْ الْهَلَاكُ لَكِنْ خَافَ بُطْءَ الْبُرْءِ أَوْ الشَّيْنَ الْفَاحِشَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّصْرِيحُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ) هُوَ مُخَالِفٌ فِي هَذَا لِلشِّهَابِ حَجّ فَإِنَّهُ جَعَلَهُ شَرْطًا لِوُجُوبِ الْفِطْرِ لَا لِمُجَرَّدِ إبَاحَتِهِ (قَوْلُهُ: وَنَظَرَ فِيهِ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ) هَذَا النَّظَرُ لَا يُلَاقِي غَرَضَ الْفَارِقِ، فَإِنَّ غَرَضَهُ أَنَّ مَنْ تَعَاطَى مَا يُمْرِضُهُ لِيُفْطِرَ لَمْ نُعَامِلْهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ وَنُلْزِمْهُ الصَّوْمَ بَلْ أَبَحْنَا لَهُ الْفِطْرَ. وَمَنْ تَعَاطَى الْمُجَنِّنَ لِيَسْقُطَ عَنْهُ قَضَاءُ الصَّلَاةِ عَامَلْنَاهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ وَأَلْزَمْنَاهُ الْقَضَاءَ (قَوْلُهُ ثُمَّ مَنْ لَحِقَهُ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ، وَلَعَلَّ الْأَذْرَعِيَّ يَرَى مَا رَآهُ الشِّهَابُ حَجّ، وَقِيَاسُ طَرِيقَةِ الشَّارِحِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَنَّهَا تُبِيحُ التَّيَمُّمَ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَخَافَ الزِّيَادَةَ) .

وَالْجُرْجَانِيُّ فِي التَّحْرِيرِ. فَإِنْ صَامَ فَفِي انْعِقَادِهِ احْتِمَالَانِ، أَوْجَهُهُمَا انْعِقَادُهُ مَعَ الْإِثْمِ وَلِمَنْ غَلَبَهُ الْجُوعُ أَوْ الْعَطَشُ حُكْمُ الْمَرِيضِ (وَ) يُبَاحُ (تَرْكُهُ لِلْمُسَافِرِ سَفَرًا طَوِيلًا مُبَاحًا) سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ رَمَضَانَ أَمْ مِنْ غَيْرِهِ نَذْرًا وَلَوْ تَعَيَّنَ أَوْ كَفَّارَةً أَوْ قَضَاءً، بِخِلَافِ السَّفَرِ الْقَصِيرِ وَسَفَرِ الْمَعْصِيَةِ لِمَا مَرَّ فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ قِيَاسًا عَلَى الْمُحْصَرِ يُرِيدُ التَّحَلُّلَ وَلِيَتَمَيَّزَ الْفِطْرُ الْمُبَاحُ مِنْ غَيْرِهِ، وَبَحَثَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ تَقْيِيدَ الْفِطْرِ بِهِ بِمَنْ يَرْجُو إقَامَةً يَقْضِي فِيهَا، بِخِلَافِ مُدِيمِ السَّفَرِ أَبَدًا لِأَنَّ فِي تَجْوِيزِ الْفِطْرِ لَهُ تَغْيِيرَ حَقِيقَةِ الْوُجُوبِ بِخِلَافِ الْقَصْرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ، وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مَا لَوْ كَانَ الْمُسَافِرُ يُطِيقُ الصَّوْمَ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ إلَى أَنْ يَقْضِيَهُ لِمَرَضٍ مَخُوفٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَلَوْ) (أَصْبَحَ) الْمُقِيمُ (صَائِمًا فَمَرِضَ) (أَفْطَرَ) لِوُجُودِ الْمَعْنَى الْمُحَوِّجِ إلَى الْفِطْرِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَلِمَا صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْطَرَ بَعْدَ الْعَصْرِ بِكُرَاعِ الْغَمِيمِ يَقْدَحُ مَاءً لِمَا قِيلَ لَهُ إنَّ النَّاسَ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ الصِّيَامُ» (وَإِنْ سَافَرَ فَلَا) يُفْطِرُ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ اجْتَمَعَ فِيهَا الْحَضَرُ وَالسَّفَرُ فَغَلَّبْنَا جَانِبَ الْحَضَرِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَلَوْ نَوَى لَيْلًا ثُمَّ سَافَرَ وَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ سَافَرَ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ امْتَنَعَ الْفِطْرُ أَيْضًا لِلشَّكِّ فِي مُبِيحِهِ، فَإِنْ فَارَقَ الْعُمْرَانَ إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ سُورٍ، وَالسُّورُ إنْ كَانَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَهُ الْفِطْرُ، وَشَمِلَ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ جَوَازَ الْفِطْرِ لِلْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ مَا لَوْ نَذَرَ إتْمَامَهُ، وَبِهِ صَرَّحَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَوْ زِيَادَةَ الْمَرَضِ لَمْ يَحْرُمْ لَكِنْ تَقَدَّمَ مَعَ ذَلِكَ حُرْمَةُ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ، وَعَلَيْهِ فَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ لِلْمَاءِ بَدَلًا تُفْعَلُ بِهِ الصَّلَاةُ فِي وَقْتِهَا فَمُنِعَ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ الْمُؤَدِّي لِلضَّرَرِ مَعَ إمْكَانِ الْعُدُولِ عَنْهُ، بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَإِنَّ الْإِفْطَارَ يُؤَدِّي إلَى تَأْخِيرِ الْعِبَادَةِ عَنْ وَقْتِهَا وَإِنْ أَمْكَنَ الْقَضَاءُ، لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ أَنَّهُ مَتَى خَافَ مَرَضًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ وَجَبَ الْفِطْرُ، وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُبَاحُ تَرْكُهُ لِلْمَرِيضِ: أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا وَجَدَ بِهِ ضَرَرًا شَدِيدًا بِحَيْثُ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ. وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ خَوْفِ الْمَرَضِ أَوْ زِيَادَتِهِ مَا لَوْ قَدِمَ الْكُفَّارُ بَلْدَةً مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ مَثَلًا وَاحْتَاجُوا فِي دَفْعِهِمْ إلَى الْفِطْرِ وَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الْقِتَالِ إلَّا بِهِ جَازَ لَهُمْ، بَلْ قَدْ يَجِبُ إنْ تَحَقَّقُوا تَسَلُّطَ الْكُفَّارِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حَيْثُ لَمْ يُقَاتِلُوهُمْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مُدِيمِ السَّفَرِ) قَالَ حَجّ: وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ فَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ اهـ. وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ لِلصَّوْمِ بَدَلًا وَهُوَ الْإِطْعَامُ فَبِتَقْدِيرِ فِطْرِهِ لَا يَفُوتُ النَّذْرُ (قَوْلُهُ: تَغْيِيرَ حَقِيقَةِ الْوُجُوبِ) قَدْ يُقَالُ لَا يَلْزَمُ مِنْ فِطْرِهِ ذَلِكَ لِجَوَازِ اخْتِلَافِ أَحْوَالِ السَّفَرِ فَقَدْ يُصَادِفُ أَنَّ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ مَشَقَّةً قَوِيَّةً كَشِدَّةِ حَرٍّ فَيُفْطِرُ وَيَقْضِيهِ فِي زَمَنٍ لَيْسَ فِيهِ تِلْكَ الْمَشَقَّةُ كَزَمَنِ الشِّتَاءِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ بِسَبَبِ الصَّوْمِ ضَرَرٌ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ وَإِلَّا جَازَ لَهُ الْفِطْرُ بَلْ وَجَبَ (قَوْلُهُ: «أَفْطَرَ بَعْدَ الْعَصْرِ» ) لَا يُقَالُ: إنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَصَلَ لَهُ مَرَضٌ أَفْطَرَ لِأَجْلِهِ لِأَنَّا نَقُولُ: يَجُوزُ أَنَّ فِطْرَهُ لِسَبَبٍ آخَرَ اتَّفَقَ حُصُولُهُ إذْ ذَاكَ وَيَحْصُلُ مَعَهُ الْمَقْصُودُ لِأَنَّهُ جَعَلَ فِطْرَهُ سَبَبًا لِفِطْرِ النَّاسِ لِلْمَشَقَّةِ الْحَاصِلَةِ لَهُمْ، هَذَا وَقَدْ يُقَالُ إنْ كَانُوا مُسَافِرِينَ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِدْلَال بِمَا ذُكِرَ عَلَى أَنَّ طُرُوُّ الْمَرَضِ يُبِيحُ الْفِطْرَ لِأَنَّ السَّفَرَ فِي نَفْسِهِ مُبِيحٌ وَإِنْ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَائِمًا، وَجَعَلَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِطْرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا ذُكِرَ دَلِيلًا لِجَوَازِ الْفِطْرِ لِلْمُقِيمِ الَّذِي نَوَى لَيْلًا ثُمَّ سَافَرَ قَبْلَ الْفَجْرِ (قَوْلُهُ: بِكُرَاعِ الْغَمِيمِ) هُوَ مَوْضِعٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْ عُسْفَانَ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ نَذَرَ إتْمَامَهُ) أَيْ إتْمَامَ رَمَضَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقِيَاسُ مَا مَرَّ لِلشَّارِحِ أَنَّ الْمُرَادَ زِيَادَةُ الْمَرَضِ لَا زِيَادَةُ مُجَرَّدِ الْوَجَعِ (قَوْلُهُ قِيَاسًا عَلَى الْمُحْصَرِ يُرِيدُ التَّحَلُّلَ وَلِيَتَمَيَّزَ الْفِطْرُ إلَخْ) لَا مَحَلَّ لَهُ هُنَا وَإِنَّمَا مَحَلُّهُ عِنْدَ قَوْلِهِ الْآتِي نَعَمْ يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ التَّرَخُّصِ نِيَّتُهُ فَإِنَّ هَذَيْنِ تَعْلِيلَانِ لَهُ كَمَا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَلِمَا صَحَّ مِنْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْطَرَ بَعْدَ الْعَصْرِ» إلَخْ) مَحَلُّهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ الْآتِي وَلَوْ أَصْبَحَ الْمُسَافِرُ وَالْمَرِيضُ صَائِمَيْنِ ثُمَّ أَرَادَ الْفِطْرَ جَازَ كَمَا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ

الرُّويَانِيُّ لِأَنَّ إيجَابَ الشَّرْعِ أَقْوَى مِنْهُ وَلَا كَرَاهَةَ فِي التَّرَخُّصِ فِيمَا مَرَّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. نَعَمْ يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ التَّرَخُّصِ نِيَّتُهُ كَالْمُحْصَرِ يُرِيدُ التَّحَلُّلَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي فَصْلِ الْكَفَّارَةِ وَذَكَرَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِمَا فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ (وَلَوْ أَصْبَحَ الْمُسَافِرُ وَالْمَرِيضُ صَائِمَيْنِ ثُمَّ أَرَادَ الْفِطْرَ جَازَ) لَهُمَا لِدَوَامِ عُذْرِهِمَا (فَلَوْ أَقَامَ) الْمُسَافِرُ (وَشُفِيَ) الْمَرِيضُ (حَرُمَ) عَلَيْهِمَا (الْفِطْرُ عَلَى الصَّحِيحِ) لِانْتِفَاءِ الْمُبِيحِ. وَالثَّانِي لَا يَحْرُمُ اعْتِبَارًا بِأَوَّلِ الْيَوْمِ، وَلِهَذَا لَوْ أَصْبَحَ صَائِمًا ثُمَّ سَافَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْفِطْرُ (وَإِذَا أَفْطَرَ الْمُسَافِرُ وَالْمَرِيضُ قَضَيَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] التَّقْدِيرُ: فَأَفْطَرَ فَعِدَّةٌ (وَكَذَا الْحَائِضُ) إجْمَاعًا وَالنُّفَسَاءُ فِي ذَلِكَ مِثْلُهَا (وَالْمُفْطِرُ بِلَا عُذْرٍ) لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ عَلَى الْمَعْذُورِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى (وَتَارِكُ النِّيَّةِ) الْوَاجِبَةِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا لِتَوَقُّفِ صِحَّتِهِ عَلَيْهَا. وَلَا يَجِبُ التَّتَابُعُ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ لَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ كَغَيْرِهِ تَعْجِيلًا لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَقَدْ يَجِبُ بِطَرِيقِ الْعَرْضِ وَذَلِكَ فِي صُورَتَيْنِ ضِيقِ الْوَقْتِ وَتَعَمُّدِ التَّرْكِ، وَرُدَّ بِمَنْعِ تَسْمِيَتِهِ تَتَابُعًا، إذْ لَوْ وَجَبَ لَزِمَ كَوْنُهُ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّوْمِ كَصَوْمِ الْكَفَّارَةِ وَإِنَّمَا يُسَمَّى هَذَا وَاجِبًا مُضَيِّقًا، وَقَدْ يَمْنَعُ الْأَوَّلُ الْمُلَازَمَةَ وَيُسْنَدُ الْمَنْعُ بِأَنَّهُ قَدْ يَجِبُ وَلَا يَكُونُ شَرْطًا كَمَا فِي صَوْمِ رَمَضَانَ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ تَسْمِيَتِهِ ذَلِكَ تَتَابُعًا كَوْنُهُ وَاجِبًا مُضَيِّقًا (وَيَجِبُ قَضَاءُ مَا فَاتَ بِالْإِغْمَاءِ) لِأَنَّهُ نَوْعُ مَرَضٍ فَانْدَرَجَ تَحْتَ قَوْلِهِ {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا} [البقرة: 184] الْآيَةَ، وَإِنَّمَا سَقَطَ قَضَاءُ الصَّلَاةِ لِتَكَرُّرِهَا وَلِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُكَلَّفِ (وَالرِّدَّةُ) لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْوُجُوبَ بِالْإِسْلَامِ وَقَدَرَ عَلَى الْأَدَاءِ فَهُوَ كَالْمُحْدِثِ (دُونَ الْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ) بِالْإِجْمَاعِ لِمَا فِي وُجُوبِهِ مِنْ التَّنْفِيرِ عَنْ الْإِسْلَامِ (وَالصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ) لِارْتِفَاعِ الْقَلَمِ عَنْهُمَا، وَلَوْ ارْتَدَّ ثُمَّ جُنَّ أَوْ سَكِرَ ثُمَّ جُنَّ فَالْأَصَحُّ فِي الْمَجْمُوعِ فِي الْأُولَى قَضَاءُ الْجَمِيعِ وَفِي الثَّانِيَةِ أَيَّامُ السُّكْرِ لِأَنَّ حُكْمَ الرِّدَّةِ مُسْتَمِرٌّ بِخِلَافِ السُّكْرِ (وَلَوْ) (بَلَغَ) الصَّبِيُّ بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلصِّبْيَةِ كَمَا مَرَّ (بِالنَّهَارِ صَائِمًا) بِأَنْ نَوَى لَيْلًا (وَجَبَ عَلَيْهِ إتْمَامُهُ بِلَا قَضَاءٍ) لِصَيْرُورَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ فِي أَثْنَاءِ الْعِبَادَةِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ دَخَلَ فِي صَوْمِ تَطَوُّعٍ ثُمَّ نَذَرَ إتْمَامَهُ، وَلَوْ جَامَعَ بَعْدَ بُلُوغِهِ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ (وَلَوْ) (بَلَغَ) الصَّبِيُّ (فِيهِ) أَيْ النَّهَارِ (مُفْطِرًا أَوْ أَفَاقَ) فِيهِ الْمَجْنُونُ (أَوْ أَسْلَمَ) فِيهِ الْكَافِرُ (فَلَا قَضَاءَ) عَلَيْهِمْ (فِي الْأَصَحِّ) لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ زَمَنٍ يَسَعُ الْأَدَاءَ وَالتَّكْمِيلَ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَبَقِيَ مَا لَوْ نَذَرَ الْمُسَافِرُ فِي السَّفَرِ صَوْمَ تَطَوُّعٍ هَلْ يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إنْ كَانَ صَوْمُهُ أَفْضَلَ بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ فِيهِ مَشَقَّةٌ أَصْلًا انْعَقَدَ نَذْرُهُ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: فِي جَوَازِ التَّرَخُّصِ نِيَّتُهُ) مَفْهُومُهُ الْإِثْمُ إذَا لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُمْنَعُ الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ وَقَدْ يَجِبُ بِطَرِيقِ الْعَرْضِ وَقَوْلُهُ الْمُلَازَمَةُ هِيَ قَوْلُهُ إذْ لَوْ وَجَبَ لَزِمَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ قَضَاءُ مَا فَاتَ بِالْإِغْمَاءِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّ بِهِ بِخِلَافِ الْجُنُونِ (قَوْلُهُ: دُونَ الْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ) أَيْ فَلَوْ خَالَفَ وَقَضَاهُ لَمْ يَنْعَقِدْ قِيَاسًا عَلَى مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَضَاهَا لَا تَنْعَقِدُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ طَوِيلٍ مَا نَصُّهُ: ثُمَّ نَقَلَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ إفْتَاءً بِأَنَّ الصَّلَوَاتِ الْفَائِتَةَ فِي الْكُفْرِ لَا يَجِبُ قَضَاؤُهَا وَلَا يُسْتَحَبُّ اهـ. وَقِيَاسُهُ عَدَمُ صِحَّةِ قَضَاءِ مَا فَاتَ مِنْ الصَّوْمِ فِي الْكُفْرِ، وَقَدَّمْنَا فِي فَصْلٍ إنَّمَا تَجِبُ الصَّلَاةُ عَنْ إفْتَاءِ السُّيُوطِيّ صِحَّةَ قَضَاءِ الْكَافِرِ الصَّلَاةَ، وَقِيَاسُهُ صِحَّةُ قَضَاءِ الصَّوْمِ اهـ (قَوْلُهُ عَنْهُمَا) أَيْ عَنْ صَاحِبِهِمَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ ارْتَدَّ ثُمَّ جُنَّ) بَقِيَ مَا لَوْ قَارَنَ الْجُنُونُ الرِّدَّةَ بِأَنْ قَارَنَ قَوْلُهُ الْمُكَفِّرُ الْجُنُونَ فَهَلْ يَغْلِبُ الْجُنُونُ أَوْ الرِّدَّةُ أَوْ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالِارْتِدَادِ فِيهِ نَظَرٌ، كَذَا بِهَامِشٍ عَنْ بَعْضِهِمْ. أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ بَلْ الْمُتَعَيَّنُ الثَّالِثُ لِأَنَّ جُنُونَهُ حَيْثُ قَارَنَ نُزِّلَ مَنْزِلَةَ السَّابِقِ عَلَى الرِّدَّةِ لِأَنَّ مُقَارَنَتَهُ لَمَّا ارْتَدَّ بِهِ تُمْنَعُ مِنْ قَصْدِهِ لِمَا فَعَلَهُ حَالَةَ الْفِعْلِ وَالْقَصْدُ السَّابِقُ عَلَى الْفِعْلِ لَا أَثَرَ لَهُ (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) هِيَ مَسْأَلَةُ الِارْتِدَادِ، وَقَوْلُهُ وَفِي الثَّانِيَةِ هِيَ مَسْأَلَةُ السُّكْرِ. (قَوْلُهُ: لِصَيْرُورَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ) وَهَلْ يُثَابُ عَلَى جَمِيعِهِ ثَوَابَ الْوَاجِبِ أَوْ يُثَابُ عَلَى مَا فَعَلَهُ فِي زَمَنِ الصِّبَا ثَوَابَ الْمَنْدُوبِ وَمَا فَعَلَهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ ثَوَابَ الْوَاجِبِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ الصَّوْمَ وَإِنْ كَانَ خَصْلَةً وَاحِدَةً لَا يَتَبَعَّضُ لَكِنَّ الثَّوَابَ الْمُتَرَتِّبَ عَلَيْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

عَلَيْهِ غَيْرُ مُمْكِنٍ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَدْرَكَ مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ رَكْعَةً ثُمَّ جُنَّ. وَالثَّانِي يَجِبُ الْقَضَاءُ لِإِدْرَاكِهِمْ جُزْءًا مِنْ وَقْتِ الْفَرْضِ وَلَا يُمْكِنُ فِعْلُهُ إلَّا بِيَوْمٍ فَيَكْمُلُ كَمَا يَصُومُ فِي الْجَزَاءِ عَنْ بَعْضِ مُدٍّ يَوْمًا (وَلَا يَلْزَمُهُمْ) يَعْنِي هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ (إمْسَاكُ بَقِيَّةِ النَّهَارِ فِي الْأَصَحِّ) لِإِفْطَارِهِمْ بِعُذْرٍ فَأَشْبَهُوا الْمُسَافِرَ وَالْمَرِيضَ. وَالثَّانِي يَلْزَمُهُمْ لِإِدْرَاكِهِمْ وَقْتَ الْإِمْسَاكِ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكُوا وَقْتَ الصَّوْمِ. نَعَمْ يُسْتَحَبُّ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ. وَيُسَنُّ لِمَنْ زَالَ عُذْرُهُ إخْفَاءُ الْفِطْرِ عِنْدَ مَنْ يُجْهَلُ حَالُهُ لِئَلَّا يَتَعَرَّضَ لِلتُّهْمَةِ وَالْعُقُوبَةِ، وَعُلِمَ مِنْ نَدْبِ الْإِمْسَاكِ أَنَّهُ لَا جُنَاحَ عَلَيْهِ فِي جِمَاعِ مُفْطِرَةٍ كَصَغِيرَةٍ وَمَجْنُونَةٍ وَكَافِرَةٍ وَحَائِضٍ اغْتَسَلَتَا لِأَنَّهُمَا مُفْطِرَانِ فَأَشْبَهَا الْمُسَافِرِينَ وَالْمَرْضَى (وَيَلْزَمُ) الْإِمْسَاكُ (مَنْ تَعَدَّى بِالْفِطْرِ) عُقُوبَةً لَهُ وَمُعَارَضَةً لِتَقْصِيرِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْفِطْرِ الْفِطْرُ الشَّرْعِيُّ فَيَشْمَلُ الْمُرْتَدَّ (أَوْ نَسِيَ النِّيَّةَ) مِنْ اللَّيْلِ لِأَنَّ نِسْيَانَهُ يُشْعِرُ بِتَرْكِ الِاهْتِمَامِ بِأَمْرِ الْعِبَادَةِ فَهُوَ ضَرْبُ تَقْصِيرٍ (لَا مُسَافِرًا وَمَرِيضًا زَالَ عُذْرُهُمَا بَعْدَ الْفِطْرِ) بِأَنْ أَكَلَا: أَيْ لَا يَلْزَمُهُمَا الْإِمْسَاكُ لَكِنْ يُنْدَبُ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ، فَإِنْ أَكَلَا فَلِيُخْفِيَاهُ كَيْ لَا يَتَعَرَّضَا لِلتُّهْمَةِ وَعُقُوبَةِ السُّلْطَانِ كَمَا مَرَّ (وَلَوْ زَالَ) عُذْرُهُمَا (قَبْلَ أَنْ يَأْكُلَا وَلَمْ يَنْوِيَا فَكَذَا فِي الْمَذْهَبِ) أَيْ لَا يَلْزَمُهُمَا الْإِمْسَاكُ لِأَنَّ تَارِكَ النِّيَّةِ مُفْطِرٌ حَقِيقَةً فَكَانَ كَمَا لَوْ أَكَلَ. وَقِيلَ فِيهِ وَجْهَانِ، وَمُرَادُهُ بِقَبْلِ أَنْ يَأْكُلَا مَا يَحْصُلُ بِهِ الْفِطْرُ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ: وَلَمْ يَنْوِيَا عَمَّا لَوْ نَوَيَا فَأَصْبَحَا صَائِمَيْنِ فَيَلْزَمُ الْإِمْسَاكُ، وَلَوْ طَهُرَتْ نَحْوُ حَائِضٍ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ لَمْ يَلْزَمْهَا الْإِمْسَاكُ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَلْزَمُ) الْإِمْسَاكُ (مِنْ أَكَلَ يَوْمِ الشَّكِّ ثُمَّ ثَبَتَ كَوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ) . وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ لِأَنَّ صَوْمَهُ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِمْ إلَّا أَنَّهُمْ جَهِلُوهُ، ثُمَّ إنْ ثَبَتَ قَبْلَ نَحْوِ أَكْلِهِمْ نُدِبَ لَهُمْ نِيَّةُ الصَّوْمِ: أَيْ الْإِمْسَاكُ لِيَتَمَيَّزَ عَمَّنْ أَمْسَكَ غَافِلًا، بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ إذَا قَدِمَ بَعْدَ الْإِفْطَارِ لِأَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ الْأَكْلُ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ كَمَا مَرَّ، وَمُرَادُهُ بِيَوْمِ الشَّكِّ هُنَا يَوْمُ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ سَوَاءٌ أَكَانَ تَحْدُثُ بِرُؤْيَتِهِ أَمْ لَا، بِخِلَافِ يَوْمِ الشَّكِّ الَّذِي يَحْرُمُ صَوْمُهُ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي لَا لِأَنَّهُ أَفْطَرَ بِعُذْرٍ فَأَشْبَهَ الْمُسَافِرَ إذَا قَدِمَ بَعْدَ الْإِفْطَارِ وَرُدَّ بِمَا مَرَّ وَالْمَأْمُومُ بِالْإِمْسَاكِ يُثَابُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ فِي صَوْمٍ شَرْعِيٍّ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِنَّمَا أُثِيبَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَامَ بِوَاجِبٍ، وَلَوْ ارْتَكَبَ فِيهِ مَحْظُورًا لَمْ يَلْزَمْهُ سِوَى الْإِثْمِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSيُمْكِنُ تَبْعِيضُهُ، وَنَظِيرُهُ مَا مَرَّ فِي الْجَمَاعَةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا قَارَنَ فِي بَعْضِ الْأَفْعَالِ فَاتَتْ الْفَضِيلَةُ فِيهِ دُونَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَمُعَارَضَةً) عَطْفُ مُغَايِرٍ (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُ الْإِمْسَاكُ) أَيْ الْإِتْمَامُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهَا الْإِمْسَاكُ) وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْمُسَافِرِ نَدْبُ الْإِمْسَاكِ (قَوْلُهُ: نُدِبَ لَهُمْ نِيَّةُ الصَّوْمِ) أَيْ الْإِمْسَاكُ لِيَتَمَيَّزَ عَمَّنْ أَمْسَكَ غَافِلًا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ نِيَّةُ الصَّوْمِ الْحَقِيقِيِّ لَكِنْ إذَا كَانَ فِي وَقْتٍ تَصِحُّ فِيهِ النِّيَّةُ فِي بَعْضِ الْمَذَاهِبِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِي صَوْمٍ شَرْعِيٍّ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ الصَّائِمِينَ فَيُكْرَهُ لَهُ شَمُّ الرَّيَاحِينِ وَنَحْوِهَا، وَيُؤَيِّدُهُ كَرَاهَةُ السِّوَاكِ فِي حَقِّهِ بَعْدَ الزَّوَالِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: اغْتَسَلَتَا) كَذَا فِي النُّسَخِ، وَالْأَصْوَبُ اغْتَسَلَتْ: أَيْ الْحَائِضُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا مُفْطِرَانِ) اُنْظُرْ مَا مَرْجِعُ ضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْوَاطِئَ وَالْمَوْطُوءَةَ لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فَأَشْبَهَا الْمُسَافِرِينَ وَالْمَرْضَى إذْ لَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِي نَحْوِ الصَّبِيَّةِ وَالْمَجْنُونَةِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَأَصْلُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: لَكِنَّ ضَمِيرَ التَّثْنِيَةِ فِيهِ رَاجِعٌ لِلْمَرِيضِ إذَا شُفِيَ وَالْمُسَافِرِ إذَا حَضَرَ، فَقَوْلُهُ فِيهِ فَأَشْبَهَا الْمُسَافِرِينَ إلَخْ: أَيْ مَنْ قَامَ بِهِ السَّفَرُ وَالْمَرَضُ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُنْدَبُ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ) هَذَا شَمِلَهُ قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ. وَيُسَنُّ لِمَنْ زَالَ عُذْرُهُ نَهَارًا إخْفَاءُ الْفِطْرِ (قَوْلُهُ: أَيْ الْإِمْسَاكُ) قَدْ يُقَالُ: إذَا كَانَ الْمُرَادُ بِنِيَّةِ الصَّوْمِ نِيَّةُ الْإِمْسَاكِ فَمَا وَجْهُ تَقْيِيدِ اسْتِحْبَابِ النِّيَّةِ بِكَوْنِ الثُّبُوتِ قَبْلَ نَحْوِ الْأَكْلِ، هَذَا وَالْمَشْهُورُ إبْقَاءُ نِيَّةِ الصَّوْمِ عَلَى ظَاهِرِهَا لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ بِوُجُوبِهَا حِينَئِذٍ: أَيْ إذَا كَانَ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ

[فصل في فدية الصوم الواجب]

وَكَلَامُهُ يُفْهِمُ أَنَّ مَنْ لَمْ يَأْكُلْ ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ مِنْ بَابٍ أَوْلَى، لَكِنْ قَدْ يَتَبَادَرُ إلَى الذِّهْنِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ وَهُوَ قَضِيَّةُ نَقْلِ ابْنِ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَاَلَّذِي قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ صَاحِبِ التَّتِمَّةِ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ فِيمَا إذَا بَانَ مِنْ رَمَضَانَ قَبْلَ الْأَكْلِ فَإِنْ بَانَ بَعْدَهُ فَإِنْ قُلْنَا الْإِمْسَاكُ لَا يَجِبُ هُنَاكَ أَوْلَى وَإِلَّا فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْوُجُوبُ (وَإِمْسَاكُ بَقِيَّةِ النَّهَارِ مِنْ خَوَاصِّ رَمَضَانَ) لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَلِأَنَّهُ اُخْتُصَّ بِفَضَائِلَ لَمْ يُشَارِكْهُ غَيْرُهُ فِيهَا إذْ هُوَ سَيِّدُ الشُّهُورِ وَيَوْمٌ مِنْهُ أَفْضَلُ مِنْ يَوْمِ عِيدِ الْفِطْرِ (بِخِلَافِ النَّذْرِ وَالْقَضَاءِ) وَالْكَفَّارَةِ فَلَا إمْسَاكَ عَلَى مُتَعَدٍّ فِيهَا لِانْتِفَاءِ شَرَفِ الْوَقْتِ كَمَا لَا كَفَّارَةَ فِيهَا. فَصْلٌ فِي فِدْيَةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ (مَنْ) (فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْ رَمَضَانَ) أَوْ غَيْرِهِ مِنْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ بِعُذْرٍ (فَمَاتَ قَبْلَ إمْكَانِ الْقَضَاءِ) كَأَنْ اسْتَمَرَّ مُسَافِرًا أَوْ مَرِيضًا أَوْ الْمَرْأَةُ حَامِلًا أَوْ مُرْضِعًا إلَى قَابِلٍ (فَلَا تَدَارُكَ لَهُ) بِفِدْيَةٍ وَلَا قَضَاءٍ (وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ) مَا دَامَ عُذْرُهُ بَاقِيًا وَإِنْ اسْتَمَرَّ سِنِينَ لِأَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِي الْأَدَاءِ بِالْعُذْرِ عَلَى الْقَضَاءِ بِهِ أَوْلَى، أَمَّا غَيْرُ الْمَعْذُورِ وَهُوَ الْمُتَعَدِّي بِالْفِطْرِ فَإِنَّهُ يَأْثَمُ وَيُتَدَارَكُ عَنْهُ بِالْفِدْيَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ النَّذْرِ فِي نَذْرِ صَوْمِ الدَّهْرِ (وَإِنْ) (مَاتَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ) مِنْ الْقَضَاءِ وَلَمْ يَقْضِ (لَمْ يَصُمْ عَنْهُ وَلِيُّهُ فِي الْجَدِيدِ) أَيْ لَا يَصِحُّ إذْ الصَّوْمُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ لَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ فِي الْحَيَاةِ فَكَذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ كَالصَّلَاةِ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَا فَاتَ بِعُذْرٍ أَمْ بِغَيْرِهِ، وَعُلِمَ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمَوْتِ عَدَمُ صِحَّةِ الصَّوْمِ عَنْ حَيٍّ تَعَذَّرَ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ) فِي فِدْيَةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ (قَوْلُهُ: فِي فِدْيَةِ الصَّوْمِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَعَدَمِ فِعْلِ الصَّلَاةِ وَالِاعْتِكَافِ عَمَّنْ مَاتَ وَقَوْلُهُ الْوَاجِبُ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ لَا لِلِاحْتِرَازِ (قَوْلُهُ: بِعُذْرٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ مَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ: وَلَا قَضَاءَ) هَذَا قَدْ يُخَالِفُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ مَنْ أَفْطَرَ لِهَرَمٍ أَوْ عَجْزٍ عَنْ صَوْمٍ وَاجِبٍ لِزَمَانَةٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ مُدٌّ لِكُلِّ يَوْمٍ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَا يَأْتِي فِيمَنْ لَا يَرْجُو الْبُرْءَ وَمَا هُنَا فِي خِلَافِهِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا نَصُّهُ: لَا يُشْكَلُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ الشَّيْخُ اللَّهُمَّ إذَا مَاتَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ وَلِأَنَّ وَاجِبَهُ أَصَالَةُ الْفِدْيَةِ بِخِلَافِ هَذَا ذَكَرَ الْفَرْقَ الْقَاضِي اهـ (قَوْلُهُ بَاقِيًا) أَيْ إلَى مَوْتِهِ (قَوْلُهُ: بِالْفِدْيَةِ) زَادَ حَجّ أَوْ الصَّوْمِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ) أَيْ وَقَدْ فَاتَ بِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ أَثِمَ كَمَا أَفْهَمَهُ الْمَتْنُ وَصَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ، وَأَجْرَوْا ذَلِكَ فِي كُلِّ عِبَادَةٍ وَجَبَ قَضَاؤُهَا وَأَخَّرَهُ مَعَ التَّمَكُّنِ إلَى أَنْ مَاتَ قَبْلَ الْفِعْلِ وَإِنْ ظَنَّ السَّلَامَةَ فَيَعْصِي مِنْ آخِرِ زَمَنِ الْإِمْكَانِ كَالْحَجِّ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَعْلَمْ الْآخَرُ كَانَ التَّأْخِيرُ لَهُ مَشْرُوطًا بِسَلَامَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يُجْزِئُهُ عَنْ صِيَامِ ذَلِكَ الْيَوْمِ إلَّا إنْ قَلَّدَهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُ يُفْهِمُ) أَيْ مَفْهُومُهُ مُوَافَقَةُ أَوْلَوِيٍّ. [فَصْلٌ فِي فِدْيَةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ] (فَصْلٌ) فِي فِدْيَةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: إلَى قَابِلٍ) صَوَابُهُ إلَى الْمَوْتِ وَهُوَ سَبْقُ نَظَرٍ مِنْ مَسْأَلَةِ التَّأْخِيرِ الْآتِيَةِ إلَى مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ وَكَذَا قَوْلُهُ الْآتِي مَا دَامَ عُذْرُهُ بَاقِيًا إلَخْ، وَسَيُعِيدُ الْعِبَارَتَيْنِ بِلَفْظِهِمَا فِي مَسْأَلَةِ التَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ: وَيُتَدَارَكُ عَنْهُ بِالْفِدْيَةِ) اُنْظُرْ هَلْ يُتَدَارَكُ عَنْهُ بِالصَّوْمِ أَيْضًا عَلَى الْقَدِيمِ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمَوْتِ إلَخْ) فِي هَذَا السِّيَاقِ تَهَافُتٌ، وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يُؤَخِّرَ هَذَا عَنْ حِكَايَةِ الْقَدِيمِ ثُمَّ يَقُولُ: وَعُلِمَ مِنْ فَرْضِ الْخِلَافِ فِي الْمَيِّتِ أَنَّ الْحَيَّ إلَخْ.

صَوْمُهُ بِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ. وَلَوْ مَأْيُوسًا مِنْ بُرْئِهِ، وَادَّعَى فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ، وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ إجْمَاعٌ (بَلْ يُخْرَجُ مِنْ تَرِكَتِهِ لِكُلِّ يَوْمٍ) فَاتَهُ صَوْمُهُ (مُدُّ طَعَامٍ) مِنْ غَالِبِ قُوتِ بَلَدِهِ وَالْقَدِيمُ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الْإِطْعَامُ بَلْ يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ الصَّوْمُ عَنْهُ بَلْ يُسْتَحَبُّ لَهُ ذَلِكَ كَمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِخَبَرِ «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» وَسَيَأْتِي تَرْجِيحُهُ هَذَا كُلُّهُ فِيمَنْ مَاتَ مُسْلِمًا، فَإِنْ ارْتَدَّ وَمَاتَ لَمْ يُصَمْ عَنْهُ وَيَتَعَيَّنُ الْإِطْعَامُ قَطْعًا (وَكَذَا النَّذْرُ وَالْكَفَّارَةُ) بِأَنْوَاعِهَا فِي تَدَارُكِهِمَا الْقَوْلَانِ وَتَقْيِيدُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ الْكَفَّارَةَ بِالْقَتْلِ غَرِيبٌ بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِهِ (قُلْت: الْقَدِيمُ هُنَا أَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَعَبَّرَ عَنْهُ فِي التَّصْحِيحِ بِالْمُخْتَارِ وَفِي الرَّوْضَةِ (بِالصَّوَابِ) وَأَنَّهُ الَّذِي يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَلَيْسَ لِلْجَدِيدِ حُجَّةٌ مِنْ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثُ الْوَارِدُ بِالْإِطْعَامِ ضَعِيفٌ اهـ. وَنَقَلَ الْبَنْدَنِيجِيُّ أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأَمَالِي أَيْضًا فَقَالَ: إنْ صَحَّ الْحَدِيثُ قُلْت بِهِ، وَالْأَمَالِي مِنْ كُتُبِهِ الْجَدِيدَةِ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَوْ وَقَفَ الشَّافِعِيُّ عَلَى جَمِيعِ طُرُقِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَتَظَاهُرِهَا لَمْ يُخَالِفْهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهُوَ كَمَا قَالَ وَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُخْتَارُ وَالْمُفْتَى بِهِ (وَالْوَلِيُّ) الَّذِي يَصُومُ عَلَى الْقَدِيمِ (كُلُّ قَرِيبٍ) أَيْ أَيُّ قَرِيبٍ كَانَ (عَلَى الْمُخْتَارِ) لِأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ الْوَلْيِ بِإِسْكَانِ اللَّامِ وَهُوَ الْقُرْبُ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثًا وَلَا وَلِيَّ مَالٍ وَلَا عَاصِبًا. وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي خَادِمِهِ اشْتِرَاطُ بُلُوغِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْآذِنِ وَالْمَأْذُونِ لَهُ الْحُرِّيَّةُ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّ الْقِنَّ مِنْ أَهْلِ فَرْضِ الصَّوْمِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ، وَيُؤَيِّدُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْعَاقِبَةِ، بِخِلَافِ الْمُؤَقَّتِ الْمَعْلُومِ الطَّرَفَيْنِ لِأَنَّهُ أَثِمَ فِيهِ بِالتَّأْخِيرِ عَنْ زَمَنِ إمْكَانِ أَدَائِهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَأْيُوسًا مِنْ بُرْئِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَخْبَرَ بِهِ مَعْصُومٌ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم عَلَى حَجّ فِي الْعُبَابِ. [فَرْعٌ] لَا يُصَامُ عَنْ حَيٍّ وَإِنْ أَيِسَ مِنْهُ، قَالَ فِي شَرْحِهِ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ خِلَافًا لِجَمْعِ قَوْلِ الْإِمَامِ، وَتَبِعَهُ الشَّيْخَانِ فِيمَنْ نَذَرَ صَوْمَ الدَّهْرِ وَأَفْطَرَ مُتَعَدِّيًا الظَّاهِرُ أَنَّ وَلِيَّهُ يَصُومُ عَنْهُ فِي حَيَاتِهِ اهـ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ إجْمَاعٌ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: مِنْ غَالِبِ قُوتِ بَلَدِهِ) قَالَ حَجّ وَيُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ فِي الْفِطْرَةِ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِالْبَلَدِ الَّتِي يُعْتَبَرُ غَالِبُ قُوتِهَا الْمَحَلُّ الَّذِي هُوَ فِيهِ عِنْدَ أَوَّلِ مُخَاطَبَتِهِ بِالْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ) قَالَ حَجّ: وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُسَنُّ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِطْعَامِ وَهُوَ بَعِيدٌ كَيْفَ وَفِي إجْزَائِهِ الْخِلَافُ الْقَوِيُّ وَالْإِطْعَامُ لَا خِلَافَ فِيهِ فَالْوَجْهُ أَنَّ الْإِطْعَامَ أَفْضَلُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يُصَمْ عَنْهُ) أَيْ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَةِ الْآنَ (قَوْلُهُ: وَيَتَعَيَّنُ الْإِطْعَامُ) أَيْ مِمَّا خَلْفَهُ (قَوْلُهُ: وَتَقْيِيدُ الْحَاوِي إلَخْ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي الزِّيَادِيِّ وَعِبَارَتِهِ، أَمَّا كَفَّارَةُ ظِهَارٍ فَالْإِطْعَامُ فِيهِ وَاجِبٌ أَصَالَةً لَا بَدَلًا لِخُصُوصِ الْمَوْتِ اهـ. أَيْ بَلْ لِعَجْزِهِ عَنْ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ حَيْثُ عَجَزَ عَنْهُ انْتَقَلَ لِلْإِطْعَامِ وَلَوْ فِي الْحَيَاةِ، وَوَجْهُ الْمُخَالَفَةِ أَنَّ مَا هُنَا يُفِيدُ أَنَّ الصَّوْمَ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ إلَى الْمَوْتِ وَبِمَوْتِهِ يَجِبُ الْإِطْعَامُ فِي تَرِكَتِهِ بَدَلًا عَنْ الصَّوْمِ أَوْ يَصُومُ الْوَلِيُّ عَنْهُ عَلَى الْخِلَافِ. وَمَا فِي الزِّيَادِيِّ يُفِيدُ أَنَّ الْإِطْعَامَ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ: أَيْ وَالْوِقَاعُ أَصْلٌ لَا بَدَلٌ (قَوْلُهُ: وَتَظَاهُرِهَا) التَّظَاهُرُ التَّعَاوُنُ اهـ مُخْتَارٌ. وَالْمُرَادُ هُنَا أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُخْتَارُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَيُّ قَرِيبٍ كَانَ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يُعْرَفَ نَسَبُهُ مِنْهُ وَيُعَدُّ فِي الْعَادَةِ قَرِيبًا لَهُ شوبرى اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ. وَظَاهِرُهُ وَلَوْ رَقِيقًا. وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ مَاتَ إلَخْ: نَعَمْ لَوْ قِيلَ فِي حُرُمَاتٍ وَلَهُ قَرِيبٌ رَقِيقٌ لَهُ الصَّوْمُ عَنْهُ لَمْ يَبْعُدْ لِأَنَّ الْمَيِّتَ أَهْلٌ لِلْإِنَابَةِ عَنْهُ، وَأَيْ فِي كَلَامِهِ بِالرَّفْعِ بَدَلٌ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ لِكُلِّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثًا) أَيْ بِالْقَرَابَةِ الْخَاصَّةِ كَابْنِ الْخَالِ وَقَوْلُهُ وَلَا وَلِيَّ مَالٍ: أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ وَصِيًّا وَلَا قَيِّمًا مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقِنَّ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ فَإِنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَا يُشْتَرَطُ فِي الْآذِنِ وَالْمَأْذُونِ) كَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ الْمَتْنِ الْآتِي

مَا يَأْتِي مِنْ اشْتِرَاطِ بُلُوغِ مَنْ يَحُجُّ عَنْ الْغَيْرِ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَتْ حُرِّيَّتُهُ ثُمَّ لِأَنَّ الْقِنَّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ ثَمَّ كَالصَّبِيِّ بِخِلَافِهِ هُنَا (وَلَوْ صَامَ أَجْنَبِيٌّ) عَلَى هَذَا الْقَوْلِ (بِإِذْنِ الْوَلِيِّ صَحَّ) وَوَقَعَ عَنْ الْمَيِّتِ سَوَاءٌ أَكَانَ بِأُجْرَةٍ وَهِيَ عِنْدَ اسْتِئْجَارِ الْوَارِثِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ دُونَهُمَا لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ الْمَارِّ وَخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِامْرَأَةٍ قَالَتْ لَهُ إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ أَفَأَصُومُ عَنْهَا؟ فَقَالَ لَهَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: صُومِي عَنْ أُمِّك» . قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَهَذَا يُبْطِلُ احْتِمَالَ وِلَايَةِ الْمَالِ وَالْعُصُوبَةِ اهـ. وَبِمَا يُبْطِلُ الْإِرْثَ خَبَرُ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد «أَنَّ امْرَأَةً رَكِبَتْ الْبَحْرَ فَنَذَرَتْ إنْ نَجَّاهَا اللَّهُ أَنْ تَصُومَ شَهْرًا فَلَمْ تَصُمْ حَتَّى مَاتَتْ، فَجَاءَتْ قَرَابَةٌ لَهَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَتْ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: صُومِي عَنْهَا» فَعَدَمُ اسْتِفْصَالِهِ عَنْ إرْثِهَا وَعَدَمِهِ يَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ، وَفِي الْمَجْمُوعِ أَيْضًا مَذْهَبُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ لَوْ صَامَ عَنْهُ بِالْإِذْنِ ثَلَاثُونَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ أَجْزَأَ وَهُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي اعْتَقَدَهُ، وَلَكِنْ لَمْ أَرَ فِيهِ كَلَامًا لِأَصْحَابِنَا اهـ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَأَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ الْأُسْتَاذِ تَفَقُّهًا، وَيَشْهَدُ لَهُ نَظِيرُهُ فِي الْحَجِّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ: أَيْ فِيمَا إذَا وَجَبَ صِيَامٌ بَدَلًا عَنْ أَمْدَادٍ وَجَبَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَصُومَ فَإِنَّهُ إذَا صَامَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ بِعَدَدِ الْأَمْدَادِ أَجْزَأَهُ. وَاسْتَشْهَدَ لَهُ الْبَارِزِيُّ أَيْضًا بِمَا لَوْ اُسْتُؤْجِرَ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَاحِدٌ وَآخَرُ لِنَذْرٍ وَآخَرُ لِقَضَاءٍ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ، وَسَوَاءٌ فِي جَوَازِ فِعْلِ الصَّوْمِ أَكَانَ قَدْ وَجَبَ فِيهِ التَّتَابُعُ أَمْ لَا لِأَنَّ التَّتَابُعَ إنَّمَا وَجَبَ فِي حَقِّ الْمَيِّتِ لِمَعْنًى لَا يُوجَدُ فِي حَقِّ الْقَرِيبِ، وَلِأَنَّهُ الْتَزَمَ صِفَةً زَائِدَةً عَلَى أَصْلِ الصَّوْمِ فَسَقَطَتْ بِمَوْتِهِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ اسْتِوَاءُ مَأْذُونِ الْمَيِّتِ وَالْقَرِيبِ فَلَا يُقَدَّمُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ. أَمَّا إذَا لَمْ يُخَلِّفْ تَرِكَةً ـــــــــــــــــــــــــــــSوَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّوْمِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ فَرْضِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَامَ أَجْنَبِيٌّ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ أَذِنَ الْأَجْنَبِيُّ الْمَأْذُونُ لَهُ لِأَجْنَبِيٍّ آخَرَ فَلَا يُعْتَدُّ بِإِذْنِهِ (قَوْلُهُ: بِإِذْنِ الْوَلِيِّ) أَيْ السَّابِقِ الَّذِي يَصُومُ عَلَى الْقَدِيمِ، وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ فِيهِ لِلْعَهْدِ فَيَصْدُقُ بِكُلِّ قَرِيبٍ وَإِنْ بَعُدَ وَلَمْ يَكُنْ وَارِثًا، وَقَدْ يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ بَعُدَ وَلَوْ قَامَ بِالْقَرِيبِ مَا يَمْنَعُ الْإِذْنَ كَصِبَا إلَخْ حَيْثُ لَمْ يُعَبِّرْ فِيهِ بِالْوَلِيِّ، وَيُحْتَمَلُ تَخْصِيصُ الْوَلِيِّ هُنَا بِمَنْ لَهُ وِلَايَةُ الْمَالِ كَالْأَبِ وَالْجَدِّ لِلْمَيِّتِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْوَلِيِّ هُنَا وَتَقْيِيدُهُ لِلْوَلِيِّ فِيمَا مَرَّ بِقَوْلِهِ الَّذِي يَصُومُ عَلَى الْقَدِيمِ، لَكِنْ يَمْنَعُ هَذَا الِاحْتِمَالُ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِذْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ جَائِزًا أَوْ غَيْرَهُ وَاسْتَأْجَرَ بِإِذْنِ بَاقِي الْوَرَثَةِ وَإِلَّا كَانَ مَا زَادَ عَلَى مَا يَخُصُّهُ تَبَرُّعًا مِنْهُ فَلَا تَعَلُّقَ لِشَيْءٍ مِنْهُ بِالتَّرِكَةِ (قَوْلُهُ: فَقَالَ لَهَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا قَالَ لِامْرَأَةٍ إلَخْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ إسْقَاطَ قَوْلِهِ فَقَالَ لَهَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَمِثْلُهُ فِي الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: وَبِمَا يُبْطِلُ الْإِرْثَ) أَيْ يُبْطِلُ اشْتِرَاطَ كَوْنِ مَنْ يَصُومُ عَنْ الْمَيِّتِ وَارِثًا (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ فِي جَوَازِ فِعْلِ الصَّوْمِ) أَيْ الْوَاقِعِ مِنْ جَمَاعَةٍ فِي يَوْمٍ عَنْ شَخْصٍ (قَوْلُهُ: صِفَةٍ زَائِدَةٍ) هِيَ التَّتَابُعُ (قَوْلُهُ: وَالْقَرِيبِ) أَيْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُقَدَّمُ أَحَدُهُمَا) أَيْ لِأَنَّ الْقَرِيبَ قَائِمٌ مَقَامَ الْمَيِّتِ فَكَأَنَّهُ أَذِنَ لَهُمَا، وَعَلَيْهِ فَلَوْ صَامَ عَنْ الْمَيِّتِ قَدْرَ مَا عَلَيْهِ فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ مُرَتَّبًا وَقَعَ الْأَوَّلُ عَنْهُ وَالثَّانِي نَفْلًا لِلصَّائِمِ، وَلَوْ وَقَعَا مَعًا احْتَمَلَ أَنْ يُقَالَ وَقَعَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَنْ الْمَيِّتِ لَا بِعَيْنِهِ وَالْآخَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَهِيَ عِنْدَ اسْتِئْجَارِ الْوَارِثِ إلَخْ) خَرَجَ بِالْوَارِثِ غَيْرُهُ فَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَسَيَأْتِي مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ لِلْوَارِثِ أَخْذُ الْأُجْرَةِ إذَا صَامَ (قَوْلُهُ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ إلَخْ) اسْتِدْلَالٌ لِأَصْلِ مَسْأَلَةِ الصِّيَامِ عَلَى الْقَدِيمِ وَأَخَّرَهُ إلَى هُنَا حَتَّى تَمَّمَ الْمَسْأَلَةَ (قَوْلُهُ: فَعَدَمُ اسْتِفْصَالِهِ عَنْ إرْثِهَا وَعَدَمُهُ) أَيْ أَنَّهُ يُسْأَلُ عَنْ كَوْنِهَا إرْثَهُ أَوْ هُنَاكَ مَنْ يَحْجُبُهَا لَا عَنْ سَبَبِ إرْثِهَا مِنْ كَوْنِهَا بِالْبِنْتِيَّةِ أَوْ الْأُخْتِيَّةِ مَثَلًا فَلَا يُقَالُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ يَعْرِفُ جِهَةَ قَرَابَتِهَا (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ الْتِزَامُ صِفَةٍ زَائِدَةٍ) فِي التَّعْبِيرِ بِالِالْتِزَامِ تَسَاهُلٌ (قَوْلُهُ فَسَقَطَتْ بِمَوْتِهِ) مُجَرَّدُ دَعْوَى لَمْ يُقَدِّمْ عَلَيْهَا دَلِيلًا، وَلَعَلَّ الْمَقِيسَ عَلَيْهِ سَاقِطٌ مِنْ النُّسَخِ مِنْ الْكَتَبَةِ

فَلَا يَلْزَمُ الْوَارِثَ إطْعَامٌ وَلَا صَوْمٌ بَلْ يُسَنُّ لَهُ ذَلِكَ. وَيَنْبَغِي نَدْبُهُ لِمَنْ عَدَّ الْوَرَثَةَ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَقَارِبِ إذَا يُخَلِّفُ تَرِكَةً أَوْ خَلَّفَهَا وَتَعَدَّى الْوَارِثُ بِتَرْكِ ذَلِكَ (لَا مُسْتَقِلًّا فِي الْأَصَحِّ) فَلَا يَجُوزُ لَهُ الصَّوْمُ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ بِهِ نَصٌّ، وَلَا هُوَ فِي مَعْنًى وَرَدَ بِهِ النَّصُّ، وَفَارَقَ نَظِيرُهُ فِي الْحَجِّ بِأَنَّ لَهُ بَدَلًا وَهُوَ الْإِطْعَامُ وَبِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ فِي الْحَيَاةِ فَضُيِّقَ فِيهِ بِخِلَافِ الْحَجِّ، وَهَلْ لَهُ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِالْإِطْعَامِ لِأَنَّهُ مَحْضُ مَالٍ كَالدَّيْنِ أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ هُنَا بَدَلٌ عَمَّا لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ؟ الْأَقْرَبُ لِكَلَامِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ الثَّانِي. وَلَوْ قَامَ بِالْقَرِيبِ مَا يَمْنَعُ الْإِذْنَ كَصِبًا وَجُنُونٍ، أَوْ امْتَنَعَ الْأَهْلُ مِنْ الْإِذْنِ أَوْ الصَّوْمِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ قَرِيبٌ أَذِنَ الْحَاكِمُ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِمَنْ اسْتَوْجَهَ عَدَمَهُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَيُقْتَصَرُ فِيهِ فَتَتَعَيَّنُ الْفِدْيَةُ، وَلَوْ قَالَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ أَنَا أَصُومُ وَآخُذُ الْأُجْرَةَ جَازَ، أَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ نُطْعِمُ وَبَعْضُهُمْ نَصُومُ أُجِيبَ الْأَوَّلُونَ كَمَا رَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ لِأَنَّ إجْزَاءَ الطَّعَامِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ. وَيُؤَيِّدُ إجَابَةَ مَنْ طَلَبَ التَّكْفِينَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ تَكْمِيلًا لِحَقِّ الْمَيِّتِ، وَلَوْ تَعَدَّدَ الْوَارِثُ وَلَمْ يَصُمْ عَنْهُ قَرِيبٌ وُزِّعَتْ عَلَيْهِمْ الْأَمْدَادُ عَلَى قَدْرِ إرْثِهِمْ ثُمَّ مَنْ خَصَّهُ شَيْءٌ لَهُ إخْرَاجُهُ وَالصَّوْمُ عَنْهُ وَيُجْبَرُ الْكَسْرُ. نَعَمْ لَوْ كَانَ الْوَاجِبُ يَوْمًا لَمْ يَجُزْ تَبْعِيضُ وَاجِبِهِ صَوْمًا وَإِطْعَامًا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ كَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَصِحُّ كَمَا يُوَفَّى دَيْنُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ (وَلَوْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَلَاةٌ أَوْ اعْتِكَافٌ لَمْ يُفْعَلْ ذَلِكَ عَنْهُ وَلَا فِدْيَةَ لَهُ) لِعَدَمِ وُرُودِهَا بَلْ نَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَنْهُ. نَعَمْ لَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَنْ الصَّائِمِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُ الْوَارِثَ) وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الصَّوْمُ لِكَوْنِ الْمَيِّتِ لَمْ يُخَلِّفْ تَرِكَةً يَتَعَلَّقُ بِهَا الْوَاجِبُ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَجِبْ الصَّوْمُ عَلَى وَارِثِ مَنْ خَلَّفَ تَرِكَةً، وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ سَقَطَ التَّعَلُّقُ بِالتَّرِكَةِ بِصَوْمِهِ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي الْحَجِّ) أَيْ حَيْثُ يَصِحُّ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْمَيِّتِ وَلَا مِنْ الْقَرِيبِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ لَهُ) أَيْ الصَّوْمَ (قَوْلُهُ: فِي الْحَيَاةِ) أَيْ بِخِلَافِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ يَقْبَلُهَا حَيْثُ كَانَ الْمُسْتَنِيبُ مَغْصُوبًا (قَوْلُهُ وَهَلْ لَهُ) أَيْ لِلْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ: أَذِنَ الْحَاكِمُ) أَيْ وُجُوبًا لِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً لِلْمَيِّتِ وَالْحَاكِمُ يَجِبُ عَلَيْهِ رِعَايَتُهَا وَالْكَلَامُ فِيمَا لَوْ اسْتَأْذَنَهُ مَنْ يَصُومُ أَوْ يُطْعِمُ عَنْ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا) لِمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ: فَإِنْ قَامَ بِالْقَرِيبِ مَا يَمْنَعُ الْإِذْنَ كَصِبًا وَجُنُونٍ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِذْنِ وَالصَّوْمِ أَوْ لَمْ يَكُنْ قَرِيبٌ فَهَلْ يَأْذَنُ الْحَاكِمُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَوْجَهُ الْمَنْعُ لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَيُقْتَصَرُ عَلَيْهِ فَتَتَعَيَّنُ الْفِدْيَةُ اهـ كَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ، إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ وَالْأَوْجَهُ الْمَنْعُ إلَخْ الْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَأْذَنُ لَهُ وَيَسْتَأْجِرُ مِنْ التَّرِكَةِ مَرَّ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ اسْتَوْجَبَهُ) مَشَى عَلَيْهِ حَجّ (قَوْلُهُ: فَيُقْتَصَرُ فِيهِ) أَيْ عَلَى الْوَارِدِ (قَوْلُهُ: وَآخُذُ الْأُجْرَةَ جَازَ) أَيْ حَيْثُ رَضِيَ بِذَلِكَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ أَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: أُجِيبَ الْأَوَّلُونَ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِقَدْرِ حِصَّتِهِمْ فَقَطْ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ ثُمَّ مَنْ خَصَّهُ شَيْءٌ لَهُ إخْرَاجُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ إجْزَاءَ الْإِطْعَامِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْإِطْعَامَ أَفْضَلُ مِنْ الصَّوْمِ وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ حَيْثُ قَالَ: فَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ يُسَنُّ أَنَّهُ: أَيْ الصَّوْمُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِطْعَامِ، وَهُوَ بَعِيدٌ كَيْفَ وَفِي إجْزَائِهِ الْخِلَافُ وَالْإِطْعَامُ لَا خِلَافَ فِيهِ فَالْوَجْهُ أَنَّ الْإِطْعَامَ أَفْضَلُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ تَبْعِيضٌ) أَيْ فَالطَّرِيقُ أَنْ يَتَّفِقُوا عَلَى صَوْمٍ وَاحِدٍ أَوْ يُخْرِجُوا مُدَّ طَعَامٍ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَى الْحَاكِمِ إجْبَارُهُمْ عَلَى الْفِدْيَةِ أَوْ أَخْذُ مُدٍّ مِنْ تَرِكَتِهِ وَإِخْرَاجُهُ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ وُرُودِهَا) أَيْ وَهَلْ تُسَنُّ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ فِي الصَّلَاةِ الْمَذْكُورَةِ عَنْ حَجّ الْآتِي قَرِيبًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَيُقْتَصَرُ فِيهِ) عِبَارَةُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ: وَهُوَ الَّذِي عَرَّضَ بِهِ الشَّارِحُ فَيُقْتَصَرُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيُجْبَرُ الْكَسْرُ) أَيْ فِي الصَّوْمِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ تَبْعِيضُ وَاجِبِهِ صَوْمًا وَإِطْعَامًا) وَلَعَلَّ الْمَانِعَ مِنْ وُقُوعِ الصَّوْمِ الَّذِي صَامَهُ مَنْ خَصَّهُ الصَّوْمُ عَنْ الْمَيِّتِ كَوْنُهُ نَوَاهُ عَنْ خُصُوصِ حِصَّتِهِ

صَائِمًا اعْتَكَفَ عَنْهُ وَلِيُّهُ صَائِمًا. قَالَهُ فِي التَّهْذِيبِ، وَمِثْلُهُ رَكْعَتَا الطَّوَافِ فَيَجُوزُ تَبَعًا لِلْحَجِّ (وَفِي الِاعْتِكَافِ قَوْلٌ) أَنَّهُ يَعْتَكِفُ عَنْهُ قِيَاسًا عَلَى الصَّوْمِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كُفَّ وَمُنِعَ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) (وَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ الْمُدِّ) عَنْ كُلِّ يَوْمٍ (عَلَى مَنْ) (أَفْطَرَ) مِنْ رَمَضَانَ (لِكِبَرٍ) كَأَنْ صَارَ شَيْخًا هَرَمًا لَا يُطِيقُ الصَّوْمَ فِي زَمَنِ الْأَزْمَانِ، وَإِلَّا لَزِمَهُ إيقَاعُهُ فِيمَا يُطِيقُهُ فِيهِ، وَمِثْلُهُ كُلُّ عَاجِزٍ عَنْ صَوْمٍ وَاجِبٍ سَوَاءٌ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ لِزَمَانَةٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ أَوْ مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ تَلْحَقُهُ وَلَمْ يَتَكَلَّفْهُ، قَالَ تَعَالَى {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] أَيْ لَا يُطِيقُونَهُ أَوْ يُطِيقُونَهُ حَالَ الشَّبَابِ ثُمَّ يَعْجِزُونَ عَنْهُ حَالَ الْكِبَرِ، أَوْ يُطِيقُونَهُ: أَيْ يُكَلَّفُونَهُ فَلَا يُطِيقُونَهُ كَمَا مَرَّ، وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْ مِنْ ذِكْرِ قَضَاءٍ إذَا قَدَرَ بَعْدَ ذَلِكَ لِسُقُوطِ الصَّوْمِ عَنْهُ وَعَدَمُ مُخَاطَبَتِهِ بِهِ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ أَنَّ الْفِدْيَةَ وَاجِبَةٌ فِي حَقِّهِ ابْتِدَاءً لَا بَدَلًا عَنْ الصَّوْمِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ نَذَرَ صَوْمَ مَا لَمْ يَصِحَّ نَذْرُهُ وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْفِطْرِ لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاؤُهُ، بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْحَجِّ عَنْ مَغْضُوبٍ قَدَرَ بَعْدُ لِأَنَّهُ خُوطِبَ بِالْحَجِّ، وَلَوْ تَكَلَّفَ الصَّوْمَ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ كَمَا لَوْ تَكَلَّفَ مَنْ سَقَطَتْ عَنْهُ الْجُمُعَةُ فِعْلَهَا حَيْثُ أَجْزَأَتْهُ عَنْ وَاجِبِهِ فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ قِيَاسُ مَا صَحَّحُوهُ مِنْ أَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالْفِدْيَةِ ابْتِدَاءُ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالصَّوْمِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا أَنَّ مَنْ ذُكِرَ إذَا عَجَزَ عَنْ الْفِدْيَةِ ثَبَتَتْ فِي ذِمَّتِهِ كَالْكَفَّارَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَمَا بَحَثَهُ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي هُنَا عَكْسُهُ كَالْفِطْرَةِ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ حَالَ التَّكْلِيفِ بِالْفِدْيَةِ وَلَيْسَتْ فِي مُقَابَلَةِ جِنَايَةٍ وَنَحْوِهَا رُدَّ بِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى الْمَالِيَّ إذَا عَجَزَ عَنْهُ الْعَبْدُ وَقْتَ الْوُجُوبِ اسْتَقَرَّ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى جِهَةِ الْبَدَلِ إذَا كَانَ بِسَبَبٍ مِنْهُ وَهُوَ هُنَا كَذَلِكَ إذْ سَبَبُهُ فِطْرُهُ بِخِلَافِ زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَلَوْ أَخَّرَ نَحْوُ الْهَرَمِ الْفِدْيَةَ عَنْ السَّنَةِ الْأُولَى لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِلتَّأْخِيرِ، وَلَيْسَ لَهُ وَلَا لِلْحَامِلِ أَوْ الْمُرْضِعِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: اعْتَكَفَ عَنْهُ وَلِيُّهُ صَائِمًا) أَيْ جَازَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَائِمًا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ بَقِيَ الِاعْتِكَافُ فِي ذِمَّةِ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: وَفِي الِاعْتِكَافِ قَوْلُهُ) قَالَ حَجّ: وَفِي الصَّلَاةِ قَوْلٌ أَيْضًا أَنَّهَا تُفْعَلُ عَنْهُ أَوْصَى بِهَا أَوْ لَا. حَكَاهُ الْعَبَّادِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرُهُ عَنْ إِسْحَاقَ وَعَطَاءٍ لِخَبَرٍ فِيهِ لَكِنَّهُ مَعْلُولٌ، بَلْ نَقَلَ ابْنُ بُرْهَانَ عَنْ الْقَدِيمِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْوَلِيَّ: أَيْ إنْ خَلَّفَ تَرِكَةً أَنْ يُصَلِّيَ عَنْهُ كَالصَّوْمِ، وَوَجَّهَ عَلَيْهِ كَثِيرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يُطْعِمُ عَنْ كُلِّ صَلَاةٍ مُدًّا، وَاخْتَارَ جَمْعٌ مِنْ مُحَقِّقِي الْمُتَأَخِّرِينَ الْأَوَّلَ. وَفَعَلَ بِهِ السُّبْكِيُّ عَنْ بَعْضِ أَقَارِبِهِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ يُعْلَمُ أَنَّ نَقْلَ جَمْعِ شَافِعِيَّةٍ وَغَيْرِهِمْ الْإِجْمَاعَ فِي الْمَنْعِ الْمُرَادُ بِهِ إجْمَاعُ الْأَكْثَرِ، وَقَوْلُهُ وَاخْتَارَ جَمْعٌ مِنْ مُحَقِّقِي الْمُتَأَخِّرِينَ الْأَوَّلَ: أَيْ أَنَّ الصَّلَاةَ تُفْعَلُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: لِكِبَرٍ) تَعْبِيرُهُ بِالْكِبَرِ يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ أَصَابَهُ مَرَضٌ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ وَعَجَزَ مَعَهُ عَنْ الصَّوْمِ وَلَمْ يَبْلُغْ سِنَّ الْكِبَرِ وَأَفْطَرَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْمُدُّ بَلْ لَا يُعْتَدُّ بِهِ مِنْهُ، ثُمَّ إنْ اسْتَمَرَّ كَذَلِكَ حَتَّى مَاتَ أُخْرِجَ عَنْهُ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ يَقْتَضِيه قَوْلُ الشَّارِحِ أَوَّلَ الْفَصْلِ وَعُلِمَ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمَوْتِ عَدَمُ صِحَّةِ الصَّوْمِ عَنْ حَيٍّ إلَخْ، لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِي وَمِثْلُهُ كُلُّ عَاجِزٍ عَنْ صَوْمٍ وَاجِبٍ إلَخْ يَقْتَضِي خِلَافَهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: أَوْ مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ تَلْحَقُهُ) لَمْ يُبَيِّنْ ضَابِطَ الْمَشَقَّةِ هُنَا الْمُبِيحَةِ لِلْفِدْيَةِ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْمَرَضِ أَنَّهَا الَّتِي يُخْشَى مِنْهَا مَحْذُورٌ تَيَمَّمَ (قَوْلُهُ: أَيْ لَا يُطِيقُونَهُ) أَيْ فَلَا مَقْدِرَةَ، فَإِنْ قُلْت: أَيُّ قَرِينَةٍ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ ذَلِكَ؟ قُلْت: يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَدْ وُجِدَتْ عِنْدَ النُّزُولِ قَرِينَةٌ حَالِيَّةٌ فُهِمَ مِنْهَا ذَلِكَ، وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ بَقَائِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْ مِنْ ذِكْرِ قَضَاءٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ الْفِدْيَةُ بَاقِيَةً فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَصِحَّ نَذْرُهُ) أَيْ لِعَجْزِهِ عَنْهُ حَالَ النَّذْرِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ خُوطِبَ بِالْحَجِّ) وَيَقَعُ الْحَجُّ الْأَوَّلُ لِلنَّائِبِ وَيَسْتَرِدُّ مِنْهُ مَا دَفَعَهُ إلَيْهِ مِنْ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَمَا بَحَثَهُ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي هُنَا عَكْسُهُ) أَيْ وَهُوَ عَدَمُ ثُبُوتِهَا فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَخْرَجَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ خُوطِبَ بِالْحَجِّ) أَيْ ابْتِدَاءً فَلَا يُقَالُ إنَّ كَوْنَهُ مُخَاطَبًا بِالْحَجِّ هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ

الِاثْنَيْنِ تَعْجِيلُ فِدْيَةِ يَوْمَيْنِ فَأَكْثَرَ، وَلَهُمْ تَعْجِيلُ فِدْيَةِ يَوْمٍ فِيهِ أَوْ فِي لَيْلَتِهِ وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ الْمَنْعُ لِأَنَّهُ أَفْطَرَ لِأَجْلِ نَفْسِهِ بِعُذْرٍ فَأَشْبَهَ الْمُسَافِرَ وَالْمَرِيضَ إذَا مَاتَا قَبْلَ انْقِضَاءِ السَّفَرِ وَالْمَرَضِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الشَّيْخَ لَا يَتَوَقَّعُ زَوَالَ عُذْرِهِ بِخِلَافِهِمَا (وَأَمَّا) (الْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ فَإِنْ أَفْطَرَتَا خَوْفًا) مِنْ الصَّوْمِ (عَلَى نَفْسَيْهِمَا) وَلَوْ مَعَ وَلَدَيْهِمَا تَغْلِيبًا لِلْمُسْقِطِ وَعَمَلًا بِالْأَصْلِ مِنْ حُصُولِ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ بِالصَّوْمِ كَالضَّرَرِ الْحَاصِلِ مِنْ الصَّوْمِ لِلْمَرِيضِ (وَجَبَ) عَلَيْهِمَا (الْقَضَاءُ بِلَا فِدْيَةٍ) كَالْمَرِيضِ الْمَرْجُوِّ الْبُرْءِ (أَوْ عَلَى الْوَلَدِ) وَحْدَهُ وَلَوْ مِنْ غَيْرِهَا بِأَنْ خَافَتْ الْحَامِلُ مِنْ إسْقَاطِهِ وَخَافَتْ الْمُرْضِعُ مِنْ أَنْ يَقِلَّ اللَّبَنُ فَيَهْلِكُ الْوَلَدُ (لَزِمَتْهُمَا) مَعَ الْقَضَاءِ (الْفِدْيَةُ فِي الْأَظْهَرِ) فِي مَالِهِمَا وَإِنْ كَانَتَا مُسَافِرَتَيْنِ أَوْ مَرِيضَتَيْنِ، نَعَمْ إنْ أَفْطَرَتَا لِأَجْلِ السَّفَرِ أَوْ الْمَرَضِ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِمَا وَكَذَا إنْ أُطْلِقَتَا فِي الْأَصَحِّ ثُمَّ الْكَلَامُ فِي الْحُرَّةِ أَمَّا الْقِنَّةُ فَسَتَأْتِي وَفِي غَيْرِ الْمُرْضِعِ الْمُتَحَيِّرَةِ، وَأَمَّا هِيَ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهَا لِلشَّكِّ وَكَذَا الْحَامِلُ الْمُتَحَيِّرَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَامِلَ تَحِيضُ، ثُمَّ مَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي الْمُتَحَيِّرَةِ إذَا أَفْطَرَتْ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَقَلَّ، فَإِنْ أَفْطَرَتْ أَزْيَدَ مِنْ ذَلِكَ وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ لِمَا زَادَ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ مَا يُحْتَمَلُ فَسَادُهُ بِالْحَيْضِ حَتَّى لَوْ أَفْطَرَتْ كُلَّ رَمَضَانَ لَزِمَهَا مَعَ الْقَضَاءِ فِدْيَةُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا، نَبَّهَ عَلَيْهِ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ، وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْمُسْتَأْجَرَةَ لِلْإِرْضَاعِ، وَإِنَّمَا لَزِمَهَا وَلَمْ يَلْزَمْ الْأَجِيرَ دَمُ التَّمَتُّعِ لِأَنَّ الدَّمَ ثَمَّ مِنْ تَتِمَّةِ الْحَجِّ الْوَاجِبِ عَلَى الْمُسْتَأْجَرِ وَهُنَا الْفِطْرُ مِنْ تَتِمَّةِ إيصَالِ الْمَنَافِعِ اللَّازِمَةِ لِلْمُرْضِعِ، وَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ مَا ذُكِرَ فِي الْمُسْتَأْجَرَةِ وَالْمُتَطَوِّعَةِ إذَا لَمْ تُوجَدْ مُرْضِعَةٌ مُفْطِرَةٌ أَوْ صَائِمَةٌ لَا يَضُرُّهَا الْإِرْضَاعُ، مَحْمُولٌ فِي الْمُسْتَأْجَرَةِ عَلَى مَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهَا احْتِيَاجُهَا إلَى الْإِفْطَارِ قَبْلَ الْإِجَارَةِ، وَإِلَّا فَالْإِجَارَةُ لِلْإِرْضَاعِ لَا تَكُونُ إلَّا إجَارَةَ عَيْنٍ، وَلَا يَجُوزُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ بَعْدَ مُضِيِّ سَنَتَيْنِ مَثَلًا لِأَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ فِدْيَةَ السَّنَةِ الْأُولَى فِيهَا لَمْ يَكُنْ تَأْخِيرٌ حَتَّى يُقَالَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِلتَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ: الْآتِيَيْنِ تَعْجِيلُ) أَيْ وَإِذَا قُلْنَا بِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِمَا عَجَّلَهُ هَلْ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْآخِذُ بِكَوْنِهَا مُعَجَّلَةً أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِيمَا لَوْ أَخْرَجَ غَيْرَ الْجِنْسِ فَإِنَّهُ يُسْتَرَدُّ مِنْهُ مُطْلَقًا لِفَسَادِ الْقَبْضِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ كُلُّ مَا لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ وَكَانَ قَبْضُهُ فَاسِدًا، وَكَذَا لَوْ عَجَّلَ لَيْلًا الْفِطْرَ لِلْكِبَرِ أَوْ الْمَرَضِ ثُمَّ تَحَمَّلَ الْمَشَقَّةَ وَصَامَ صَبِيحَةَ لَيْلَةِ التَّعْجِيلِ فَيَتَبَيَّنُ عَدَمُ وُقُوعِ مَا عَجَّلَهُ الْمَوْقِعَ وَيَسْتَرِدُّهُ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْحَامِلُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْحَمْلُ مِنْ زِنًا أَوْ بِغَيْرِ آدَمِيٍّ وَلَا فَرْقَ فِي الرَّضِيعِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ آدَمِيًّا أَوْ حَيَوَانًا مُحْتَرَمًا ثُمَّ رَأَيْته فِي الزِّيَادِيِّ (قَوْلُهُ مِنْ حُصُولِ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ) أَيْ مِنْ كُلِّ ضَرَرٍ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ حَجّ. أَقُولُ: وَيَنْبَغِي فِي اعْتِمَادِ الْخَوْفِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إخْبَارِ طَبِيبٍ مُسْلِمٍ عَدْلٍ وَلَوْ عَدْلَ رِوَايَةٍ أَخْذًا مِمَّا قِيلَ فِي التَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى الْوَلَدِ) أَيْ وَلَوْ حَرْبِيًّا عَلَى الْأَوْجَهِ لِأَنَّهُ مُحْتَرَمٌ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ اهـ إيعَابٌ. وَقَوْلُهُ وَلَوْ حَرْبِيًّا: أَيْ بِأَنْ اُسْتُؤْجِرَتْ امْرَأَةٌ مُسْلِمَةٌ لِإِرْضَاعِ وَلَدِ حَرْبِيٍّ مَثَلًا (قَوْلُهُ: فَيَهْلَكُ الْوَلَدُ) مِثْلُ الْهَلَاكِ غَيْرُهُ مِمَّا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ أُطْلِقَتَا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُرِيدَا بِالْفِطْرِ خُصُوصَ الْوَلَدِ وَلَا السَّفَرَ أَوْ الْمَرَضَ (قَوْلُهُ: وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ لِمَا زَادَ) أَيْ عَلَى سِتَّةَ عَشْرَ (قَوْلُهُ: كُلَّ رَمَضَانَ) أَيْ مِنْ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ الْمُسْتَأْجَرَةَ) وَكَذَا الْمُتَبَرِّعَةُ اهـ حَجّ. وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَتَعَيَّنْ لِلْإِرْضَاعِ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ فِي قَوْلِهِ وَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهَا) أَيْ فَلَا يَجُوزُ لَهَا حَيْثُ عَلِمَتْ بِذَلِكَ الْإِيجَارِ وَتَبْطُلُ الْإِجَارَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مِنْ حُصُولِ مَرَضٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ خَوْفًا، وَقَوْلُهُ كَالضَّرَرِ وَصْفٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ: أَيْ ضَرَرًا كَالضَّرَرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْقِنَّةُ فَسَتَأْتِي) اُنْظُرْ أَيْنَ تَأْتِي (قَوْلُهُ: وَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ مَا ذُكِرَ) يَعْنِي جَوَازَ الْفِطْرِ (قَوْلُهُ: وَيُتَدَارَكُ عَنْهُ بِالْفِدْيَةِ) اُنْظُرْ هَلْ يُتَدَارَكُ عَنْهُ بِالصَّوْمِ أَيْضًا عَلَى الْقَدِيمِ الْآتِي (قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ فِي الْمُسْتَأْجِرَةِ عَلَى مَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهَا إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ لِعَدَمِ قُدْرَتِهَا عَلَى تَسْلِيمِ الْمَنْفَعَةِ شَرْعًا، وَخَرَجَ بِذَلِكَ

إبْدَالُ الْمُسْتَوْفَى مِنْهُ فِيهَا وَالْفِطْرُ فِيمَا ذُكِرَ جَائِزٌ بَلْ وَاجِبٌ إنْ خِيفَ نَحْوُ هَلَاكِ الْوَلَدِ وَلَا تَتَعَدَّدُ الْفِدْيَةُ بِتَعَدُّدِ الْأَوْلَادِ لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ الصَّوْمِ، بِخِلَافِ الْعَقِيقَةِ لِأَنَّهَا فِدَاءٌ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ لَا يَلْزَمُهُمَا كَالْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ لِأَنَّ فِطْرَهُمَا لِعُذْرٍ، وَقِيلَ يَجِبُ عَلَى الْمُرْضِعِ دُونَ الْحَامِلِ لِأَنَّ فِطْرَهَا لِمَعْنًى فِيهَا كَالْمَرِيضِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُلْحَقُ بِالْمُرْضِعِ) فِي إيجَابِ الْفِدْيَةِ مَعَ الْقَضَاءِ (مَنْ) (أَفْطَرَ لِإِنْقَاذِ) مُحْتَرَمٍ (مُشْرِفٍ عَلَى هَلَاكٍ) بِغَرَقٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ عَلَى إتْلَافِ عُضْوٍ أَوْ مَنْفَعَتِهِ أَخْذًا مِنْ نَظَائِرِهِ وَتَوَقَّفَ الْإِنْقَاذُ عَلَى الْفِطْرِ فَأَفْطَرَ وَلَمْ تَكُنْ امْرَأَةً مُتَحَيِّرَةً لِأَنَّهُ فِطْرٌ ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ وَإِنْ وَجَبَ كَمَا مَرَّ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ النَّفْسِ وَالْمَالِ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ كَمَا فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ عَدَمُ لُزُومِ ذَلِكَ فِي الْمَالِ وَلَوْ مَالَ غَيْرِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ حَيَوَانًا وَإِنْ كَانَ الْقَفَّالُ فَرَضَهُ فِي مَالِ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ فِطْرٌ ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصٌ وَاحِدٌ، بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ الْمُحْتَرَمِ وَلَوْ بَهِيمَةً فَإِنَّهُ ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ، وَمَحَلُّهُ فِي مُنْقِذٍ لَا يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ لَوْلَا الْإِنْقَاذُ. أَمَّا مَنْ يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ لِعُذْرٍ كَسَفَرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَأَفْطَرَ فِيهِ لِلْإِنْقَاذِ وَلَوْ بِلَا نِيَّةِ التَّرَخُّصِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فِدْيَةَ، وَيُتَّجَهُ تَقْيِيدُهُ بِمَا مَرَّ آنِفًا فِي الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ وَالثَّانِي لَا يُلْحَقُ بِهِمَا لِأَنَّ إيجَابَ الْفِدْيَةِ مَعَ الْقَضَاءِ بَعِيدٌ مِنْ الْقِيَاسِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا بِهِ فِي حَقِّ الْمُرْضِعِ وَالْحَامِلِ لِوُرُودِ الْأَخْبَارِ بِهِ فَبَقِيَ مَا عَدَاهُمَا عَلَى الْأَصْلِ وَالْفِطْرُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَاجِبٌ كَمَا مَرَّ إنْ لَمْ يُمْكِنْ تَخْلِيصُهُ إلَّا بِهِ (لَا الْمُتَعَدِّي بِفِطْرِ رَمَضَانَ بِغَيْرِ جِمَاعٍ) فَلَا يُلْحَقُ بِهَا لِعَدَمِ وُرُودِهِ وَفَارَقَ لُزُومَهَا لِلْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ بِمَا مَرَّ وَبِأَنَّ الْفِدْيَةَ غَيْرُ مُتَقَيِّدَةٍ بِالْإِثْمِ بَلْ إنَّمَا هِيَ حِكْمَةٌ اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِهَا. أَلَا تَرَى أَنَّ الرِّدَّةَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ أَفْحَشُ مِنْ الْوَطْءِ مَعَ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا، وَفَارَقَ ذَلِكَ أَيْضًا لُزُومَ الْكَفَّارَةِ فِي الْيَمِينِ الْغَمُوسِ وَفِي الْقَتْلِ عَمْدًا عُدْوَانًا بِأَنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ وَالْكَفَّارَةُ فِيهَا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَيُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَ فِيهِ نَصٌّ أَوْ كَانَ فِي مَعْنَاهُ بِخِلَافِهَا فِي تَيْنِكَ. نَعَمْ يَلْزَمُهُ التَّعْزِيرُ (وَمَنْ) (أَخَّرَ قَضَاءَ رَمَضَانَ) أَوْ شَيْئًا مِنْهُ (مَعَ إمْكَانِهِ) بِأَنْ كَانَ صَحِيحًا مُقِيمًا (حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ آخَرُ) (لَزِمَهُ مَعَ الْقَضَاءِ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ) وَهُوَ آثِمٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لِخَبَرٍ فِيهِ ضَعِيفٍ لَكِنَّهُ رُوِيَ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَوْ صَدَرَتْ مِنْهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِعَجْزِهَا عَنْ تَسْلِيمِ مَنْفَعَةِ نَفْسِهَا بِوُجُودِ مَنْ لَا يَضُرُّهَا الْإِرْضَاعُ (قَوْلُهُ: بِمَا مَرَّ آنِفًا) أَيْ بِأَنْ أَفْطَرَ لِنَحْوِ السَّفَرِ لَا لِلْإِنْقَاذِ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ أَوَّلًا لِلْإِنْقَاذِ مَعْنَاهُ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: وَالْمُرْضِعُ) أَيْ وَذَلِكَ بِأَنْ أَفْطَرَتْ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهَا عَلَى مَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ بِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَلْزَمُهُ) أَيْ الْمُتَعَدِّي (قَوْلُهُ: صَحِيحًا مُقِيمًا) أَيْ وَحُرًّا لِمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ: أَمَّا الْقِنُّ إلَخْ، وَلَا فَرْقَ فِي الْحُرِّ بَيْنَ كَوْنِهِ حُرَّ الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِ الِاحْتِرَازِ بِالْحُرِّ عَنْ الرَّقِيقِ لِأَنَّهُ لَا تَرِكَةَ لَهُ فَيُخْرَجُ عَنْ الْمُبَعَّضِ مِمَّا خَلَّفَهُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ كَمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا إذَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهَا مَا ذُكِرَ فَتَصِحُّ الْإِجَارَةُ وَيَجُوزُ لَهَا الْفِطْرُ، بَلْ يَجِبُ وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهَا دَفْعُ الطِّفْلِ لِغَيْرِهَا، وَهَذَا مَوْضُوعُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَهُوَ حَاصِلُ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَالْإِجَارَةُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِطْرٌ ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ) هَذَا وَجْهُ إلْحَاقِهِ بِالْمَوْضِعِ فَهُوَ الْجَامِعُ فِي الْقِيَاسِ لَا حِكْمَةُ إيجَابِ الْفِدْيَةِ، وَإِلَّا فَسَيَأْتِي أَنَّ الْفِدْيَةَ حِكْمَةٌ اسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا. لَا يُقَالُ: يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنَّ الْمَقِيسَ عَلَيْهِ تَعَبُّدِيٌّ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَقِيسُ عَلَيْهِ تَعَبُّدِيًّا. لِأَنَّا نَقُولُ: الَّذِي اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِهِ إنَّمَا هُوَ إنَاطَةُ الْحُكْمِ بِخُصُوصِ هَذِهِ الْعِلَّةِ فَالْحُكْمُ مُعَلَّلٌ لَا تَعَبُّدِيٌّ فَهُوَ كَالطَّعْمِ فِي الرِّبَوِيَّاتِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ كَمَا فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ عَدَمُ لُزُومِ ذَلِكَ) أَيْ الْفِدْيَةِ (قَوْلُهُ: فَأَفْطَرَ فِيهِ لِلْإِنْقَاذِ) لَيْسَ فِي كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ فَيَجِبُ حَذْفُهُ لِذَلِكَ وَلِيَتَأَتَّى قَوْلُهُ بَعْدُ وَيَتَّجِهُ تَقْيِيدُهُ بِمَا مَرَّ آنِفًا فِي الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ، وَنَصُّ عِبَارَةِ الْأَذْرَعِيِّ: وَكُلُّ مَا سَبَقَ فِي مُنْقِذٍ لَا يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ لَوْلَا الْإِنْقَاذُ أَمَّا لَوْ كَانَ يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ لِعُذْرِ سَفَرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ وَلَا شَكَّ فِيهِ إذَا نَوَى الْفِطْرَ بِذَلِكَ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَالْكَفَّارَةُ فِيهَا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ) يَعْنِي الْفِدْيَةَ

مَوْقُوفًا عَلَى رَاوِيهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَيُعَضِّدُهُ إفْتَاءُ سِتَّةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ وَلِتَعَدِّيهِ بِحُرْمَةِ التَّأْخِيرِ حِينَئِذٍ، وَإِنَّمَا جَازَ تَأْخِيرُ قَضَاءِ الصَّلَاةِ إلَى مَا بَعْدَ صَلَاةٍ أُخْرَى مِثْلِهَا بَلْ إلَى سِنِينَ، لِأَنَّ تَأْخِيرَ الصَّوْمِ إلَى رَمَضَانَ آخَرَ تَأْخِيرٌ إلَى زَمَنٍ لَا يَقْبَلُهُ وَلَا يَصِحُّ فِيهِ فَهُوَ كَتَأْخِيرِهِ عَنْ الْوَقْتِ، بِخِلَافِ قَضَاءِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ، وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَقْتَضِي مَجِيءَ الْحُكْمِ فِيمَا هُوَ قُبَيْلَ عِيدِ النَّحْرِ إذْ التَّأْخِيرُ إلَيْهِ تَأْخِيرٌ لِزَمَنٍ لَا يَقْبَلُهُ لِأَنَّ الْمُرَادَ تَأْخِيرُهُ إلَى زَمَنٍ هُوَ نَظِيرُهُ لَا يَقْبَلُهُ فَانْتَفَى الْعِيدُ عَلَى أَنَّ إيرَادَ ذَلِكَ غَفْلَةٌ عَنْ قَوْلِهِمْ فِي الْإِشْكَالِ مِثْلُهَا، وَخَرَجَ بِإِمْكَانِهِ مَا لَوْ أَخَّرَهُ بِعُذْرٍ كَأَنْ اسْتَمَرَّ مُسَافِرًا أَوْ مَرِيضًا أَوْ الْمَرْأَةُ حَامِلًا أَوْ مُرْضِعًا إلَى قَابِلٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِالتَّأْخِيرِ مَا دَامَ الْعُذْرُ بَاقِيًا وَإِنْ اسْتَمَرَّ سِنِينَ لِأَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِي الْأَدَاءِ بِالْعُذْرِ فَفِي الْقَضَاءِ بِهِ أَوْلَى، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا كَغَيْرِهِمَا، وَصَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ بَيْنَ مَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ بِعُذْرٍ وَغَيْرِهِ، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ تَبَعًا لِمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ التَّهْذِيبِ وَأَقَرَّهُ أَنَّ التَّأْخِيرَ لِلسَّفَرِ حَرَامٌ، وَقَضِيَّتُهُ لُزُومُهَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: لَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُرْمَةِ الْفِدْيَةُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا أَنَّهُ لَوْ شَفَى أَوْ أَقَامَ مُدَّةً تَمَكَّنَ فِيهَا مِنْ الْقَضَاءِ ثُمَّ سَافَرَ فِي شَعْبَانَ مَثَلًا وَلَمْ يَقْضِ فِيهِ لُزُومُ الْفِدْيَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ، وَأَخَذَ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ التَّأْخِيرَ جَهْلًا أَوْ نِسْيَانًا عُذْرٌ فَلَا فِدْيَةَ بِهِ، وَسَبَقَهُ لِذَلِكَ الرُّويَانِيُّ لَكِنْ خَصَّهُ بِمَنْ أَفْطَرَ بِعُذْرٍ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْفَرْقِ، وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ سُقُوطَ الْإِثْمِ بِهِ دُونَ الْفِدْيَةِ وَمِثْلُهُمَا الْإِكْرَاهُ كَمَا فِي نَظَائِرِ ذَلِكَ وَمَوْتُهُ أَثْنَاءَ يَوْمٍ يَمْنَعُ تَمَكُّنَهُ فِيهِ (وَالْأَصَحُّ تَكَرُّرُهُ) أَيْ الْمُدِّ إذَا لَمْ يُخْرِجْهُ (بِتَكَرُّرِ السِّنِينَ) لِأَنَّ الْحُقُوقَ الْمَالِيَّةَ لَا تَتَدَاخَلُ بِخِلَافِهِ فِي نَحْوِ الْهَرَمِ لَا يَتَكَرَّرُ بِذَلِكَ لِانْتِفَاءِ التَّقْصِيرِ. أَمَّا الْقِنُّ فَلَا تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ قَبْلَ الْعِتْقِ بِتَأْخِيرِ الْقَضَاءِ كَمَا أَخَذَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي نَظِيرِهِ، لِأَنَّ هَذِهِ فِدْيَةٌ مَالِيَّةٌ لَا مَدْخَلَ لِلصَّوْمِ ـــــــــــــــــــــــــــــSتُقْضَى دُيُونُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَلَا فَرْقَ فِي وُجُوبِ الْمُدِّ لِكُلِّ يَوْمٍ بَيْنَ كَوْنِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةً أَمْ لَا: أَيْ وَلَمْ تَكُنْ الْمَرْأَةُ حَامِلًا أَوْ مُرْضِعًا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ وَيَأْتِي (قَوْلُهُ: قَضَاءِ الصَّلَاةِ) أَيْ حَيْثُ فَاتَتْهُ بِعُذْرٍ (قَوْلُهُ: إذْ التَّأْخِيرُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى يَوْمِ عِيدِ النَّحْرِ (قَوْلُهُ: لَا يَقْبَلُهُ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِإِمْكَانِهِ مَا لَوْ أَخَّرَهُ بِعُذْرٍ كَأَنْ اسْتَمَرَّ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْهُ مَا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ شَعْبَانَ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَفَاتَتْهُ شَيْءٌ مِنْ رَمَضَانَ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ قَضَائِهِ حَتَّى دَخَلَ شَعْبَانُ فَيُعْذَرُ فِي تَأْخِيرِ قَضَاءِ رَمَضَانَ إلَى شَوَّالٍ مَثَلًا لِأَنَّ صَوْمَ شَعْبَانَ اُسْتُحِقَّ عَلَيْهِ بِالنَّذْرِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِ صَوْمِهِ عَنْ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي لُزُومِ الْفِدْيَةِ بِالتَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ بَيْنَ مَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَنَّ التَّأْخِيرَ) أَيْ تَأْخِيرَ قَضَاءِ رَمَضَانَ بِسَبَبِ السَّفَرِ (قَوْلُهُ: أَنَّ التَّأْخِيرَ جَهْلًا) وَمُرَادُهُ الْجَهْلُ بِحُرْمَةِ التَّأْخِيرِ وَإِنْ كَانَ مُخَالِطًا لِلْعُلَمَاءِ لِخَفَاءِ ذَلِكَ لَا بِالتَّكَرُّرِ فَلَا يُعْذَرُ لِجَهْلِهِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ عَلِمَ حُرْمَةَ التَّنَحْنُحِ وَجَهِلَ الْبُطْلَانَ بِهِ اهـ حَجّ اهـ زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْفَرْقِ) أَيْ بَيْنَ مَنْ أَفْطَرَ لِعُذْرٍ وَغَيْرِهِ، فَكُلٌّ مِنْ الْجَهْلِ وَالنِّسْيَانِ عُذْرٌ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ سُقُوطَ الْإِثْمِ بِهِ) أَيْ الْجَهْلِ (قَوْلُهُ: وَمَوْتُهُ أَثْنَاءَ يَوْمٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مُفْطِرًا لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ صَوْمِ ذَلِكَ الْيَوْمِ (قَوْلُهُ: يُمْنَعُ تَمَكُّنُهُ فِيهِ) أَيْ فَلَا يَكُونُ سَبَبًا فِي تَكَرُّرِ الْفِدْيَةِ (قَوْلُهُ بِتَكَرُّرِ السِّنِينَ) أَيْ بِقَيْدِهِ الْمَارِّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ الْإِمْكَانُ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ: إذَا تَكَرَّرَ التَّأْخِيرُ هَلْ يُعْتَبَرُ الْإِمْكَانُ فِي كُلِّ عَامٍ أَمْ يَكْفِي لِتَكَرُّرِ الْفِدْيَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: غَفْلَةً عَنْ قَوْلِهِمْ فِي الْإِشْكَالِ) أَيْ الْمُقَدَّرِ فِي قَوْلِهِ وَإِنَّمَا جَازَ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ إلَى مَا بَعْدَ صَلَاةٍ أُخْرَى مِثْلِهَا إذْ هُوَ جَوَابٌ عَنْ إشْكَالٍ مُقَدَّرٍ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي عَدَمِ لُزُومِ الْفِدْيَةِ فِي التَّأْخِيرِ لِعُذْرٍ (قَوْلُهُ: إنَّ التَّأْخِيرَ لِلسَّفَرِ حَرَامٌ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْفَوَاتُ لِغَيْرِ عُذْرٍ (قَوْلُهُ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ سُقُوطَ الْإِثْمِ بِهِ) الضَّمِيرُ لِمَا ذَكَرَ مِنْ الْجَهْلِ وَالنِّسْيَانِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْقِنُّ إلَخْ) كَأَنَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّهُ قَيَّدَ فِيمَا مَرَّ لُزُومَ الْفِدْيَةِ بِالْحُرِّ، وَأَنَّهُ سَقَطَ مِنْ النُّسَخِ وَإِلَّا

فِيهَا وَالْعَبْدُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا لَكِنْ هَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ بَعْدَ عِتْقِهِ؟ وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْوُجُوبِ. وَقِيلَ نَعَمْ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ وَلَزِمَتْ ذِمَّةُ عَاجِزٍ وَمَا فَرَّقَ بِهِ الْبَغَوِيّ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْفِدْيَةِ وَقْتَ الْفِطْرِ بِخِلَافِ الْحُرِّ صَحِيحٌ، وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْكَفَّارَةِ بِوَقْتِ الْأَدَاءِ لَا بِوَقْتِ الْوُجُوبِ لِظُهُورِ الْفَرْقِ وَهُوَ أَنَّ الْمُكَفِّرَ ثُمَّ أَهْلٌ لِلْوُجُوبِ فِي حَالَتَيْهِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ وَصْفُهُ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ غَيْرُ أَهْلٍ لِالْتِزَامِ الْفِدْيَةِ وَقْتَ الْوُجُوبِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا تَتَكَرَّرُ كَالْحُدُودِ. (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَوْ) (أَخَّرَ الْقَضَاءَ) أَيْ قَضَاءَ رَمَضَانَ (مَعَ إمْكَانِهِ فَمَاتَ) (أُخْرِجَ مِنْ تَرِكَتِهِ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدَّانِ مُدٌّ لِلْفَوَاتِ) مَا لَمْ يَصُمْ عَنْهُ أَحَدٌ كَمَا أُمِرَ (وَمُدٌّ لِلتَّأْخِيرِ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُوجَبٌ عِنْدَ الِانْفِرَادِ فَكَذَا عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ. وَالثَّانِي يَكْفِي مُدٌّ وَهُوَ لِلْفَوَاتِ، وَعُلِمَ أَنَّهُ مَتَى تَحَقَّقَ الْفَوَاتُ وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ وَلَمْ يَدْخُلْ رَمَضَانُ فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ فَمَاتَ لِبَوَاقِي خَمْسٍ مِنْ شَعْبَانَ لَزِمَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ مُدًّا عَشَرَةٌ لِأَصْلِ الصَّوْمِ وَخَمْسَةٌ لِلتَّأْخِيرِ لِأَنَّهُ لَوْ عَاشَ لَمْ يُمْكِنْهُ إلَّا قَضَاءُ خَمْسَةٍ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ لُزُومُ الْفِدْيَةِ حَالًا عَمَّا لَا يَسَعُهُ، وَهُوَ مَا صَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا بَعْدُ مِنْ عَدَمِ اللُّزُومِ حَتَّى يَدْخُلَ رَمَضَانُ كَمَنْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الرَّغِيفَ غَدًا فَتَلِفَ بِغَيْرِ إتْلَافِهِ قَبْلَ الْغَدِ فَلَا يَحْنَثُ، وَأَخَذَ ابْنُ الْعِمَادِ بِالْقَضِيَّةِ الثَّانِيَةِ وَفَرَّقَ بَيْنَ صُورَةِ الْمَيِّتِ وَالْحَيِّ بِأَنَّ الْأَزْمِنَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ يُقَدَّرُ حُضُورُهَا بِالْمَوْتِ كَمَا يَحِلُّ الْأَجَلُ بِهِ، وَهَذَا مَفْقُودٌ فِي الْحَيِّ إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَى تَعْجِيلِ الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ فِي حَقِّهِ، وَلَوْ عَجَّلَ فِدْيَةَ التَّأْخِيرِ لِيُؤَخِّرَ الْقَضَاءَ مَعَ الْإِمْكَانِ أَجْزَأَتْهُ وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ التَّأْخِيرُ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْهَرَمِ وَالزَّمِنِ وَمَنْ اشْتَدَّتْ مَشَقَّةُ الصَّوْمِ عَلَيْهِ لِتَأْخِيرِ الْفِدْيَةِ إذَا أَخَّرَهَا عَنْ السَّنَةِ الْأُولَى (وَمَصْرِفُ الْفِدْيَةِ الْفُقَرَاءُ وَالْمَسَاكِينُ) دُونَ غَيْرِهِمَا مِنْ مُسْتَحَقِّي الزَّكَاةِ لِأَنَّ الْمِسْكِينَ ذُكِرَ فِي الْآيَةِ وَالْخَبَرِ وَالْفَقِيرُ أَسْوَأُ حَالًا مِنْهُ أَوْ دَاخِلٌ فِيهِ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا إذَا ـــــــــــــــــــــــــــــSوُجُودُ الْإِمْكَانِ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُ الْبَغَوِيّ أَنَّ الْمُتَعَدِّي بِالْفِطْرِ لَا يُعْذَرُ بِالسَّفَرِ فِي الْقَضَاءِ اهـ. الَّذِي تَحَرَّرَ فِي مَجْلِسٍ مَرَّ مَعَهُ بِحَضْرَةِ الْعَلَّامَةِ الطَّبَلَاوِيِّ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: مَعَ إمْكَانِهِ) وَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْإِمْكَانِ مَا لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا يَصُومُ قَبْلَ رَمَضَانَ لِتَقْصِيرِهِ بِالْيَمِينِ فَتَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ إذَا أَخَّرَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا صَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْنَثُ) أَيْ قَبْلَ الْغَدِ (قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ عَلَى الْهَرَمِ) تَقَدَّمَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلَا مَوْقِعَ لِلتَّعْبِيرِ بِأَمَّا هُنَا (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا بَعْدُ مِنْ عَدَمِ اللُّزُومِ إلَخْ) أَيْ بِأَنَّهُ مَاتَ هُنَا عَاصِيًا بِالتَّأْخِيرِ وَتَحَقَّقَ الْيَأْسُ بِفَوَاتِ الْبَعْضِ فَلَزِمَهُ بَدَلُهُ بِخِلَافِهِ ثُمَّ فِيهِمَا، أَمَّا الْأَوَّلُ فَوَاضِحٌ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِجَوَازِ مَوْتِهِ قَبْلَ الْغَدِ فَلَا يَحْنَثُ، هَذَا نَصُّ عِبَارَةِ الْإِمْدَادِ الَّذِي مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ إلَى آخِرِ السِّوَادَةِ عِبَارَتُهُ بِالْحَرْفِ إلَّا أَنَّهُ أَسْقَطَ مِنْهَا مَا ذَكَرْته، وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا بَعْدُ مِنْ عَدَمِ اللُّزُومِ إلَخْ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ مَسْأَلَتَيْ الصِّيَامِ وَأَنَّ الزَّرْكَشِيَّ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ وَأَنَّ تَصْوِيبَهُ فِي خُصُوصِ مَسْأَلَةِ الْمَيِّتِ مَعَ أَنَّ مَا ذَكَرَ مِنْ الْفَرْقِ إنَّمَا هُوَ بَيْنَ الصِّيَامِ وَالْحَلْقِ، وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ وَأَخَذَ ابْنُ الْعِمَادِ بِالْقَضِيَّةِ الثَّانِيَةِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الزَّرْكَشِيَّ غَيْرُ قَائِلٍ بِالْفَرْقِ وَكُلُّ ذَلِكَ تَنَاقُضٌ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَأَخَذَ ابْنُ الْعِمَادِ بِالْقَضِيَّةِ الثَّانِيَةِ لَا يَخْفَى أَنَّ الْقَضِيَّةَ الثَّانِيَةَ إنَّمَا هِيَ عَدَمُ اللُّزُومِ مُطْلَقًا، وَابْنُ الْعِمَادِ لَا يَقُولُ بِعَدَمِ اللُّزُومِ مُطْلَقًا بَلْ إنَّمَا يَقُولُ بِهِ فِي الْحَيِّ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بَاقِي الْكَلَامِ، وَبِالْجُمْلَةِ فَفِي هَذَا السِّيَاقِ مُؤَاخَذَاتٌ لَا تَخْفَى، وَحَاصِلُ مَا فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنَّ الشَّيْخَيْنِ لَمَّا ذَكَرَا الْمَسْأَلَةَ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ لِبَوَاقِي خَمْسٍ مِنْ شَعْبَانَ الَّتِي مَرَّتْ الْمُقْتَضِيَةُ لُزُومَ الْفِدْيَةِ فِي تَرِكَتِهِ حَالًا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَاللَّفْظُ لِلرَّوْضَةِ، وَإِذَا لَمْ يَبْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَمَضَانِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مَا يَتَأَتَّى فِيهِ قَضَاءُ جَمِيعِ الْفَائِتِ فَهَلْ تَلْزَمُهُ فِي الْحَالِ الْفِدْيَةُ عَمَّا لَا يَسَعُهُ الْوَقْتُ أَمْ لَا تَلْزَمُهُ إلَّا بَعْدَ دُخُولِ رَمَضَانَ؟ فِيهِ وَجْهَانِ كَالْوَجْهَيْنِ فِيمَنْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الرَّغِيفَ غَدًا فَتَلِفَ

ذُكِرَ مُنْفَرِدًا يَشْمَلُ الْآخَرَ وَلَا يَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا (وَلَهُ) (صَرْفُ أَمْدَادٍ) مِنْهَا (إلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ) بِخِلَافِ الْمُدِّ الْوَاحِدِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ صَرْفُهُ إلَى شَخْصَيْنِ لِأَنَّ كُلَّ مُدٍّ كَفَّارَةٌ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَجُزْ إعْطَاؤُهُ مِنْ أَمْدَادِ الْكَفَّارَةِ الْوَاحِدَةِ أَكْثَرَ مِنْ مُدٍّ، أَمَّا إعْطَاءُ دُونَ الْمُدِّ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ مُدٍّ كَامِلٍ فَيَمْتَنِعُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ صَوْمِ يَوْمٍ وَهُوَ لَا يَتَبَعَّضُ، بِخِلَافِهِ فِي كَفَّارَةِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ أَصْلٌ، وَأَيْضًا فَالْمَغْرُومُ ثُمَّ قَدْ يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ مُدٍّ بِلَا ضَرُورَةٍ بِخِلَافِهِ هُنَا (وَجِنْسُهَا) أَيْ الْفِدْيَةِ (جِنْسُ الْفِطْرَةِ) الَّتِي مَرَّ الْكَلَامُ عَلَيْهَا وَمَرَّ فِيهَا أَنَّ الْمُدَّ رِطْلٌ وَثُلُثٌ وَأَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْكَيْلُ لَا الْوَزْنُ. ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي نَحْوِ الْهَرَمِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَهُ صَرْفُ أَمْدَادٍ) التَّعْبِيرُ بِهِ مُشْعِرٌ بِأَنَّ صَرْفَهُ لِأَشْخَاصٍ مُتَعَدِّدِينَ أَوْلَى وَهُوَ كَذَلِكَ وَيُؤَيِّدُهُ مَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ أَنَّ سَدَّ جَوْعَةِ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ أَفْضَلُ مِنْ سَدِّ جَوْعَةِ وَاحِدٍ عَشَرَةَ أَيَّامٍ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمُنَاوِيِّ عَلَى مَنْظُومَةِ الْأَكْلِ لِابْنِ الْعِمَادِ قَبْلَ قَوْلِهِ وَإِنْ دَعَوْت صُوفِيًّا إلَخْ مَا نَصُّهُ: فَائِدَةٌ: لَوْ سَدَّ جَوْعَةَ مِسْكِينٍ عَشَرَةَ أَيَّامٍ هَلْ أَجْرُهُ كَأَجْرِ مَنْ سَدَّ جَوْعَةَ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ؟ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: لَا فَقَدْ يَكُونُ فِي الْجَمْعِ وَلِيٌّ وَقَدْ حَثَّ اللَّهُ عَلَى الْإِحْسَانِ لِلصَّالِحِينَ وَهَذَا لَا يَتَحَقَّقُ فِي وَاحِدٍ، وَلِأَنَّهُ يُرْجَى مِنْ دُعَاءِ الْجَمْعِ مَا لَا يُرْجَى مِنْ دُعَاءِ الْوَاحِدِ، وَمِنْ ثَمَّ أَوْجَبَ الشَّافِعِيُّ دَفْعَ الزَّكَاةِ إلَى الْأَصْنَافِ لِمَا فِيهِ مِنْ دَفْعِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْمَفَاسِدِ وَجَلْبِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْمَصَالِحِ، إنَّ دَفْعَ الْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ نَوْعٌ مُخَالِفٌ لِدَفْعِ الرِّقِّ عَنْ الْمُكَاتَبِ وَالْغُرْمِ عَنْ الْغَارِمِ وَالْغُرْبَةِ وَالِانْقِطَاعِ عَنْ ابْنِ السَّبِيلِ اهـ (قَوْلُهُ: مِنْهَا إلَى شَخْصٍ) أَيْ وَلَهُ نَقْلُهَا أَيْضًا لِأَنَّ حُرْمَةَ النَّقْلِ خَاصَّةٌ بِالزَّكَاةِ بِخِلَافِ الْكَفَّارَاتِ (قَوْلُهُ: فَيُمْتَنَعُ) أَيْ فِي الدُّونِ وَفِيمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ: وَجِنْسُهَا) قَالَ الْقَفَّالُ: وَيُعْتَبَرُ فَضْلُهَا عَمَّا يُعْتَبَرُ ثَمَّ. اهـ حَجّ أَقُولُ: يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ كَوْنِ الْفَرْضِ أَنَّهُ مَاتَ وَأَنَّ الْوَاجِبَ تَعَلَّقَ بِالتَّرِكَةِ وَبَعُدَ التَّعَلُّقُ بِالتَّرِكَةِ، فَأَيُّ شَيْءٍ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ يَحْتَاجُ فِي إخْرَاجِ الْكَفَّارَةِ إلَى زِيَادَةِ مَا يُخْرِجُهُ عَنْهُ، بَلْ الْقِيَاسُ أَنْ يُقَالَ: يُعْتَبَرُ الْوُجُوبُ الْإِخْرَاجُ فَضْلُ مَا يُخْرِجُهُ مِنْ مُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ، وَيُقَدَّمُ ذَلِكَ عَلَى دَيْنِ الْآدَمِيِّ إنْ فُرِضَ أَنَّ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا. نَعَمْ مَا ذَكَرَهُ ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ أَفْطَرَ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَبْلَ الْغَدِ هَلْ يَحْنَثُ فِي الْحَالِ أَمْ بَعْدَ مَجِيءِ الْغَدِ انْتَهَى. وَقَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ بِمَسْأَلَةِ الْحَلِفِ عَدَمُ اللُّزُومِ فِي الْحَالِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ مَفْرُوضَةٌ فِي الْحَيِّ كَمَا لَا يَخْفَى، فَرَمَاهُمَا الْإِسْنَوِيُّ كَالسُّبْكِيِّ بِالتَّنَاقُضِ فِي ذَلِكَ، فَالزَّرْكَشِيُّ صَوَّبَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا أَوَّلًا مِنْ اللُّزُومِ حَالًا: أَيْ فِي مَسْأَلَتَيْ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ وَفَرَّقَ بَيْنَ مَسْأَلَتَيْ الصَّوْمِ وَالْحَلِفِ، وَأَمَّا ابْنُ الْعِمَادِ فَاعْتَمَدَ كُلًّا مِنْ الْقَضِيَّتَيْنِ وَفَرَّقَ بَيْنَ مَسْأَلَتَيْ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ بَعْدَ سَوْقِ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ، وَإِثْبَاتِ التَّنَاقُضِ بَيْنَهُمَا وَنِسْبَتِهِ لِلسُّبْكِيِّ وَالْإِسْنَوِيِّ نَصُّهَا: وَرَدَّهُ أَيْ مَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ بِأَنْ لَا مُخَالَفَة فَإِنَّ الْأَزْمِنَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ بِقَدْرِ حُضُورِهَا بِالْمَوْتِ كَمَا يَحِلُّ الْأَجَلُ بِهِ، وَهَذَا مَفْقُودٌ فِي الْحَيِّ إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَى تَعْجِيلِ الزَّمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ فِي حَقِّهِ وَالزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ الصَّوَابَ هُوَ الْأَوَّلُ: أَيْ لُزُومُ الْفِدْيَةِ فِي الْحَالِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ التَّشْبِيهِ بِمَسْأَلَةِ الرَّغِيفِ خِلَافُهُ، ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَ صُورَتَيْ الصَّوْمِ وَصُورَةِ الْيَمِينِ بِأَنَّهُ مَاتَ هُنَا عَاصِيًا بِالتَّأْخِيرِ فَلَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ فِي الْحَالِ بِخِلَافِ صُورَةِ الْيَمِينِ، وَبِأَنَّهُ هُنَا قَدْ تَحَقَّقَ الْيَأْسُ بِفَوَاتِ الْبَعْضِ فَلَزِمَهُ بَدَلُهُ بِخِلَافِهِ فِي الْيَمِينِ لِجَوَازِ مَوْتِهِ قَبْلَ الْغَدِ فَلَا يَحْنَثُ انْتَهَتْ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْفَرْقَ الْأَوَّلَ مِنْ فَرْقَيْ الزَّرْكَشِيّ قَاصِرٌ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ وَبِهَذَا تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ كَالْإِمْدَادِ.

[فصل في موجب كفارة الصوم]

فَصْلٌ فِي مُوجِبِ كَفَّارَةِ الصَّوْمِ (تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِإِفْسَادِ صَوْمِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ) يَقِينًا وَخَرَجَ بِهِ الْوَطْءُ فِي أَوَّلِهِ إذَا صَامَهُ بِالِاجْتِهَادِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ مِنْهُ أَوْ فِي صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ حَيْثُ جَازَ فَبَانَ مِنْ رَمَضَانَ (بِجِمَاعٍ) وَلَوْ لِوَاطًا وَإِتْيَانَ بَهِيمَةٍ أَوْ مَيِّتٍ وَإِنْ لَمْ يَنْزِلْ (أَثِمَ بِهِ بِسَبَبِ الصَّوْمِ) أَيْ لِأَجْلِهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ هَلَكْتُ، قَالَ: وَمَا أَهْلَكَكَ؟ قَالَ وَاقَعْتُ امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ، قَالَ: هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً؟ قَالَ لَا، قَالَ: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَالَ لَا، قَالَ: فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَالَ لَا، ثُمَّ جَلَسَ، فَأَتَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعَرَقٍ» وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَتَيْنِ مِكْتَلٌ يُنْسَجُ مِنْ خُوصِ النَّخْلِ، «فِيهِ تَمْرٌ فَقَالَ: تَصَدَّقْ بِهَذَا، فَقَالَ: عَلَى أَفْقَرَ مِنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَوَاَللَّهِ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ إلَيْهِ مِنَّا، فَضَحِكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ ثُمَّ قَالَ: اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَك» وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ «فَأَعْتِقْ رَقَبَةً فَصُمْ شَهْرَيْنِ فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا» بِلَفْظِ الْأَمْرِ. وَرِوَايَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــS [فَصْلٌ فِي مُوجِبِ كَفَّارَةِ الصَّوْمِ] ِ) (قَوْلُهُ: كَفَّارَةِ الصَّوْمِ) أَيْ وَبَيَانُهَا وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِهِ) أَيْ بِقَوْلِهِ يَقِينًا (قَوْلُهُ: حَيْثُ جَازَ) أَيْ بِأَنْ أَخْبَرَهُ مَوْثُوقٌ بِهِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ فَصَامَ اعْتِمَادًا عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِجِمَاعٍ) قَدْ يَخْرُجُ مَا لَوْ قَارَنَ الْجِمَاعَ مُفْطِرٌ آخَرُ كَأَكْلٍ فَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَلَمْ يَتَمَحَّضْ الْجِمَاعُ لِلْهَتْكِ اهـ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ. فَلَوْ أَوْلَجَ فِي فَرْجٍ مَقْطُوعٍ هَلْ يَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ وَيَفْسُدُ الصَّوْمُ كَمَا يَجِبُ الْغُسْلُ بِالْإِيلَاجِ فِيهِ أَوْ لَا وَيُفَرَّقُ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى مُسَمَّى الْجِمَاعِ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِيهِ، بِخِلَافِ الْغُسْلِ فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيهِ مَنُوطٌ بِمُسَمَّى الْفَرْجِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِوَاطًا) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْجِمَاعَ يَشْمَلُ ذَلِكَ لَكِنَّهُ قَالَ فِي الْإِيعَابِ بَعْدَ تَعْبِيرِ الْمَتْنِ بِالْجِمَاعِ الْأَوْلَى بِوَطْءٍ لِيَشْمَلَ اللِّوَاطَ وَإِتْيَانَ الْبَهِيمَةِ وَالْمَيْتَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَفْسِيرُ مُرَادٍ فَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ فِي الْإِيعَابِ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ جَاءَ رَجُلٌ) وَاسْمُهُ سَلَمَةُ بْنُ صَخْرٍ الْبَيَاضِيُّ (قَوْلُهُ: قَالَ «هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ؟» ) أَيْ تَسْتَطِيعُ وَمَا مَصْدَرِيَّةٌ (قَوْلُهُ «فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ؟» ) مَا مَصْدَرِيَّةٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَتَيْنِ) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَةِ وَاللُّغَةِ، وَحَكَاهُ الْقَاضِي عَنْ رِوَايَةِ الْجُمْهُورِ ثُمَّ قَالَ: وَرَوَاهُ كَثِيرٌ مِنْ شُيُوخِنَا وَغَيْرُهُمْ بِإِسْكَانِ الرَّاءِ، قَالَ: وَالصَّوَابُ الْفَتْحُ، وَيُقَالُ الْعَرَقُ الزَّبِيلُ بِفَتْحِ الزَّايِ مِنْ غَيْرِ نُونٍ وَالزِّنْبِيلُ بِكَسْرِ الزَّايِ وَزِيَادَةِ نُونٍ، وَيُقَالُ لَهُ الْقُفَّةُ وَالْمِكْتَلُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقٍ وَالسَّفِيفَةُ بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْفَاءَيْنِ. قَالَ الْقَاضِي: قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: تُسَمَّى زِنْبِيلًا لِأَنَّهُ يُحْمَلُ فِيهِ الزِّبْلُ، وَالْعَرَقُ عِنْدَ الْفُقَهَاء مَا يَسَعُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا وَهُوَ سِتُّونَ مُدًّا لِسِتِّينَ مِسْكِينًا لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ اهـ شَرْحُ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ. وَأَمَّا الْفَرَقُ بِالْفَاءِ وَالرَّاءِ الْمَفْتُوحَتَيْنِ فَهُوَ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ مِكْيَالٌ يُقَالُ إنَّهُ يَسَعُ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا (قَوْلُهُ: مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا) وَهُمَا الْحَرَّتَانِ أَيْ الْجَبَلَانِ الْمُحِيطَانِ بِالْمَدِينَةِ وَفِي رِوَايَةٍ ذَكَرَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مَصْرِفُ فِدْيَةُ الصَّوْم] (فَصْلٌ فِي مُوجِبِ كَفَّارَةِ الصَّوْمِ) (قَوْلُهُ: يَقِينًا) يَعْنِي ظَنًّا مُسْتَنِدًا إلَى رُؤْيَةٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَوْ فِي صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ إلَخْ) سَيَأْتِي أَنَّهُ يُورِدُ ذَلِكَ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَيُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّهُ خَارِجٌ بِقَيْدِ الْإِفْسَادِ فَلَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِ الشَّارِحِ يَقِينًا هُنَا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ إنَّمَا يَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ إنْ جَعَلَ قَوْلَهُ مِنْ رَمَضَانَ وَصْفًا لِيَوْمٍ، فَإِنْ جُعِلَ وَصْفًا لِصَوْمٍ لَمْ يَرِدْ فَتَأَمَّلْ.

«أَنَّهُ كَانَ فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا» كَمَا قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ أَصَحُّ مِنْ رِوَايَةِ «أَنَّهُ كَانَ فِيهِ عِشْرُونَ صَاعًا» وَسَتَأْتِي الْقُيُودُ مَشْرُوحَةً فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. وَأُورِدَ عَلَى هَذَا الضَّابِطِ أُمُورٌ أَحَدُهَا إذَا جَامَعَ الْمُسَافِرُ وَنَحْوُهُ امْرَأَتَهُ فَفَسَدَ صَوْمُهَا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ بِإِفْسَادِهِ عَلَى الْأَظْهَرِ فَيَنْبَغِي التَّقْيِيدُ بِصَوْمِ نَفْسِهِ وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْكَفَّارَةَ إذَا لَمْ تَلْزَمْ بِإِفْسَادِهَا صَوْمَهَا بِالْجِمَاعِ كَمَا يَأْتِي فَبِالْأَوْلَى إفْسَادُ غَيْرِهَا لَهُ. الثَّانِي لَوْ ظَنَّ غُرُوبَ الشَّمْسِ مِنْ غَيْرِ أَمَارَةٍ فَجَامَعَ ثُمَّ بَانَ نَهَارًا فَلَا كَفَّارَةَ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْهَتْكَ. قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيُّ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَبِهِ قَطَعَ الْأَصْحَابُ إلَّا الْإِمَامُ فَإِنَّهُ قَالَ: مَنْ أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ عَلَى النَّاسِي يُوجِبُهَا هَهُنَا. وَقَالَ الرَّافِعِيُّ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا مُفَرَّعًا عَلَى تَجْوِيزِ الْإِفْطَارِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ، وَإِلَّا فَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ وَفَاءً بِالضَّابِطِ الْمَذْكُورِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيِّ مُصَرَّحٌ بِالْمَعْصِيَةِ وَعَدَمِ الْكَفَّارَةِ، قَالَ الْقَاضِي: لِأَنَّهَا تُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ كَالْحَدِّ. قَالَ: وَلَوْ بَانَ أَنَّ الشَّمْسَ قَدْ غَرَبَتْ خَرَجَ وَلَا قَضَاءَ فَلَا يَصِحُّ الْحَمْلُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ اهـ. وَيُجَابُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ بِأَنَّهَا إنَّمَا سَقَطَتْ بِالشُّبْهَةِ وَهِيَ عَدَمُ تَحَقُّقِ الْمُوجِبِ عِنْدَ الْجِمَاعِ الْمُعْتَضِدِ بِأَصْلِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ لَا تَجْوِيزَ الْإِفْطَارِ لِأَنَّهُ حَرَامٌ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ. الثَّالِثُ لَوْ شَكَّ فِي النَّهَارِ هَلْ نَوَى لَيْلًا أَمْ لَا ثُمَّ جَامَعَ فِي حَالِ الشَّكِّ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ نَوَى فَإِنَّهُ يَبْطُلُ صَوْمُهُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَيُجَابُ عَنْهُ بِمَا قَبْلَهُ. الرَّابِعُ إذَا نَوَى صَوْمَ يَوْمِ الشَّكِّ عَنْ قَضَاءٍ أَوْ نَذْرٍ ثُمَّ أَفْسَدَهُ نَهَارًا بِجِمَاعٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ بَعْدَ الْإِفْسَادِ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ أَفْسَدَ صَوْمَ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ بِجِمَاعٍ أَثِمَ بِهِ لِأَجْلِ الصَّوْمِ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهِ عَنْ رَمَضَانَ وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ مُفْطِرٌ حَقِيقَةً لِتَبَيُّنِ عَدَمِ صِحَّةِ صَوْمِهِ مِنْ غَيْرِ رَمَضَانَ وَعَنْهُ أَيْضًا لِانْتِفَاءِ نِيَّتِهِ لَهُ. الْخَامِسُ، وَهُوَ وَارِدٌ عَلَى عَكْسِ الضَّابِطِ إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ وَهُوَ مَجَامِعُ فَاسْتَدَامَ فَإِنَّ الْأَصَحَّ فِي الْمَجْمُوعِ عَدَمُ انْعِقَادِ صَوْمِهِ. وَتَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُفْسِدْ صَوْمًا، وَيُجَابُ بِعَدَمِ وُرُودِهِ إنْ فَسَّرَ الْإِفْسَادَ بِمَا يَمْنَعُ الِانْعِقَادَ تَجَوُّزًا بِخِلَافِ تَفْسِيرِهِ بِمَا يَرْفَعُهُ، عَلَى أَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يُفْسِدْهُ فَهُوَ فِي مَعْنَى مَا يُفْسِدُهُ فَكَأَنَّهُ انْعَقَدَ ثُمَّ فَسَدَ، وَزَادَ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِلْغَزَالِيِّ تَامٌّ احْتِرَازًا عَنْ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهَا تُفْطِرُ بِدُخُولِ شَيْءٍ مِنْ الذَّكَرِ فَرْجَهَا وَلَوْ دُونَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ مِنْ رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ «وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا بَيْنَ طُنُبَيْ الْمَدِينَةِ» وَهُوَ تَثْنِيَةٌ طُنُبٍ بِضَمِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ أَحَدُ أَطْنَابِ الْخَيْمَةِ وَاسْتَعَارَهُ لِلطَّرَفِ، وَقَوْلُهُ (أَهْلُ) هُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ أَحْوَجُ وَبَيْنَ لَابَتَيْهَا حَالٌ وَيَجُوزُ كَوْنُ مَا حِجَازِيَّةً أَوْ تَمِيمِيَّةً، فَعَلَى الْأَوَّلِ أَحْوَجُ مَنْصُوبٌ وَعَلَى الثَّانِي مَرْفُوعٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ خَبَرًا مُقَدَّمًا وَأَهْلُ مُبْتَدَأٌ وَأَحْوَجُ صِفَةٌ لِأَهْلُ، وَيَتَعَيَّنُ عَلَى هَذَا رَفْعُ أَحْوَجَ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ وَيَجُوزُ نَصْبُهُ عَلَى أَنَّهُ حَالٌ، وَيَسْتَوِي عَلَى هَذَا الْحِجَازِيَّةُ وَالتَّمِيمِيَّةُ لِسَبْقِ الْخَبَرِ (قَوْلُهُ: خَرَجَ) أَيْ مِنْ الصَّوْمِ (قَوْلُهُ وَيُجَابُ عَنْهُ بِمَا قَبْلَهُ) هُوَ قَوْلُهُ وَيُجَابُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ بِأَنَّهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: إنْ فَسَّرَ الْإِفْسَادَ بِهِمَا يُمْنَعُ الِانْعِقَادُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِمَا يَشْمَلُ مَعَ الِانْعِقَادِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَكَأَنَّهُ انْعَقَدَ إلَخْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَسَتَأْتِي الْقُيُودُ) يَعْنِي مَفْهُومَاتُهَا (قَوْلُهُ يُجَابُ بِأَنَّ الْكَفَّارَةَ إذَا لَمْ تَلْزَمْ بِإِفْسَادِهَا صَوْمَهَا إلَخْ) فِي هَذَا الْجَوَابِ تَسْلِيمُ الْإِيرَادِ، وَلَا يَخْفَى انْدِفَاعُهُ بِقَيْدِ الْجِمَاعِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ مَعَ أَنَّهُ يَرِدُ عَلَى مَا قَالَهُ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى فِي الْحُدُودِ بِالْمَفَاهِيمِ (قَوْلُهُ حَرِجَ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ أَثِمَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ الْحَمْلُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ) هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ فَالضَّمِيرُ فِي ذِكْرِهِ لِلرَّافِعِيِّ الَّذِي تَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ: أَيْ حَيْثُ كَانَ كَلَامُ الْقَاضِي مُصَرِّحًا بِالْإِثْمِ فَلَا يَصِحُّ مَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ. (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ بِأَنَّهَا إنَّمَا سَقَطَتْ بِالشُّبْهَةِ إلَخْ) هَذَا الْجَوَابُ لَا يَدْفَعُ الْإِيرَادَ وَكَذَا الَّذِي بَعْدَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: لَا تَجْوِيزُ الْإِفْطَارِ) أَيْ الَّذِي بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ فِيمَا مَرَّ وَهَذَا لَا دَخْلَ لَهُ فِي الْجَوَابِ (قَوْلُهُ إنْ فُسِّرَ الْإِفْسَادُ بِمَا يَمْنَعُ الِانْعِقَادَ تَجَوُّزًا) فِيهِ أَنَّ الضَّوَابِطَ تُصَانُ عَنْ التَّجَوُّزِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ عَلَى أَنَّهُ إلَخْ

الْحَشَفَةِ. وَالتَّامُّ يَحْصُلُ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ، فَإِذَا مَكَّنَتْهُ مِنْهُ فَالْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ دُونَهَا وَزَيَّفَهُ كَثِيرٌ بِخُرُوجِ ذَلِكَ الْجِمَاعِ إذْ الْفَسَادُ فِيهِ بِغَيْرِهِ وَبِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ فَسَادُ صَوْمِهَا بِالْجِمَاعِ بِأَنْ يُولِجَ فِيهَا نَائِمَةً أَوْ نَاسِيَةً أَوْ مُكْرَهَةً ثُمَّ تَسْتَيْقِظُ أَوْ تَتَذَكَّرُ أَوْ تَقْدِرُ عَلَى الدَّفْعِ وَتَسْتَدِيمُ فَفَسَادُهُ فِيهَا بِالْجِمَاعِ، إذْ اسْتِدَامَةُ الْوَطْءِ هُنَا وَطْءٌ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا فِي الْخَبَرِ إلَّا الرَّجُلُ الْمُجَامِعُ مَعَ الْحَاجَةِ إلَى الْبَيَانِ وَلِأَنَّهَا غُرْمٌ مَالِيٌّ يَتَعَلَّقُ بِالْجِمَاعِ فَيَخْتَصُّ بِالرَّجُلِ الْوَاطِئِ كَالْمَهْرِ، فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَوْطُوءَةِ فِي الْقُبُلِ أَوْ الدُّبُرِ وَلَا عَلَى الرَّجُلِ الْمَوْطُوءِ لِمَا نَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ (فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى نَاسٍ) أَوْ جَاهِلٍ تَحْرِيمَهُ أَوْ مُكْرَهٍ لِأَنَّ صَوْمَهُ لَمْ يَفْسُدْ بِذَلِكَ كَمَا مَرَّ، وَقَدْ اُحْتُرِزَ عَنْهُ بِإِفْسَادٍ بَلْ لَا كَفَّارَةَ أَيْضًا عَلَى الصَّحِيحِ وَإِنْ جَعَلْنَاهُ مُفْسِدًا لِانْتِفَاءِ الْإِثْمِ، وَلَوْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ وَجَهِلَ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ وَجَبَتْ قَطْعًا (وَلَا مُفْسِدَ غَيْرُ رَمَضَانَ) مِنْ نَحْوِ نَذْرٍ وَقَضَاءٍ لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ أَفْضَلُ الشُّهُورِ وَمَخْصُوصٌ بِفَضَائِلَ لَمْ يُشَارِكْهُ فِيهَا غَيْرُهُ فَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ غَيْرِهِ عَلَيْهِ. وَقَدْ اُحْتُرِزَ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ مِنْ رَمَضَانَ (أَوْ بِغَيْرِ جِمَاعٍ) كَأَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ لِوُرُودِ النَّصِّ فِي الْجِمَاعِ وَهُوَ أَغْلَظُ مِنْ غَيْرِهِ وَقَدْ اُحْتُرِزَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ بِجِمَاعٍ (وَلَا) عَلَى صَائِمٍ (مُسَافِرٍ جَامَعَ بِنِيَّةِ التَّرَخُّصِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَأْثَمْ لِوُجُودِ الْقَصْدِ مَعَ الْإِبَاحَةِ (وَكَذَا بِغَيْرِهَا فِي الْأَصَحِّ) لِإِبَاحَةِ الْإِفْطَارِ لَهُ فَصَارَ شُبْهَةً فِي دَرْءِ الْكَفَّارَةِ، وَالثَّانِي تَلْزَمُهُ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ لَا تَحْصُلُ بِدُونِ قَصْدِهَا. أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا أَخَّرَ الظُّهْرَ إلَى الْعَصْرِ فَإِنْ كَانَ بِنِيَّةِ الْجَمْعِ جَمَعَ وَإِلَّا فَلَا، وَجَوَابُهُ أَنَّ الْفِطْرَ يَحْصُلُ بِلَا نِيَّةٍ بِدَلِيلِ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَلَا كَذَلِكَ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ، وَالْمَرِيضُ فِي ذَلِكَ كَالْمُسَافِرِ، وَقَدْ اُحْتُرِزَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ أَثِمَ، إذْ كَلَامُهُ فِي آثِمٍ لَا يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ بِحَالٍ، وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ جِمَاعِ الصَّبِيِّ (وَلَا عَلَى مَنْ ظَنَّ) وَقْتَ الْجِمَاعِ (اللَّيْلَ) فَجَامَعَ (فَبَانَ نَهَارًا) لِانْتِفَاءِ الْإِثْمِ (وَلَا عَلَى مَنْ جَامَعَ) عَامِدًا (بَعْدَ الْأَكْلِ نَاسِيًا وَظَنَّ أَنَّهُ أَفْطَرَ بِهِ) أَيْ الْأَكْلُ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ غَيْرُ صَائِمٍ وَقَوْلُهُ نَاسِيًا مُتَعَلِّقٌ بِالْأَكْلِ (وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ بُطْلَانَ صَوْمِهِ) بِهَذَا الْجِمَاعِ كَمَا لَوْ جَامَعَ عَلَى ظَنِّ بَقَاءِ اللَّيْلِ فَبَانَ خِلَافُهُ. وَالثَّانِي لَا يَبْطُلُ كَمَا لَوْ سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ نَاسِيًا ثُمَّ تَكَلَّمَ عَامِدًا لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَالْفَرْقُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ هُنَا صَائِمٌ وَقْتَ الْجِمَاعِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَزَيَّفَهُ كَثِيرٌ) أَيْ أَفْسَدَهُ (قَوْلُهُ: إذْ اسْتِدَامَةُ الْوَطْءِ إلَخْ) اُنْظُرْهُ مَعَ مَا قَرَّرُوهُ فِي بَابِ الْأَيْمَانِ وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ ثُمَّ: وَاسْتِدَامَةُ طِيبٍ لَيْسَتْ تَطْيِيبًا فِي الْأَصَحِّ وَكَذَا وَطْءٌ وَصَوْمٌ وَصَلَاةٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ. إلَّا أَنْ يُرَادَ أَنَّ اسْتِدَامَةَ الْجِمَاعِ لَهَا حُكْمُ الْجِمَاعِ هُنَا، وَيُؤَيِّدُهُ مَا تَقَدَّمَ فِي النَّزْعِ مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ قَصْدُ التَّرْكِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ اهـ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ، وَكَتَبَ بِهَامِشِهِ الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ مَا نَصُّهُ: عِبَارَةُ الْأَمْدَادِ فِي بَابِ الظِّهَارِ وَاسْتِمْرَارِ الْوَطْءِ وَطْءٌ: أَيْ فِي الْحُرْمَةِ لَا مُطْلَقًا لِمَا يَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ اهـ. وَهِيَ تُؤَيِّدُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُحَشَّى مِنْ الْحَمْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ جَاهِلِ تَحْرِيمِهِ) أَيْ وَقَدْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّ صَوْمَهُ لَمْ يَفْسُدْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلِمَ بِالتَّحْرِيمِ) شَمِلَ مَا لَوْ عَلِمَ بِالتَّحْرِيمِ وَجَهِلَ إبْطَالَهُ لِلصَّوْمِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ اُحْتُرِزَ عَنْهُ) أَيْ عَمَّا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ غُرُوبِ الشَّمْسِ) أَيْ فَإِنَّهُ يُفْطِرُ بِمُجَرَّدِ غُرُوبِهَا وَإِنْ لَمْ يَتَعَاطَ مُفْطِرًا، وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَجَابَ بِهِ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يُفْطِرُ عَلَى حَارٍّ وَلَا عَلَى بَارِدٍ لَمْ يَحْنَثْ بِتَنَاوُلِ أَحَدِهِمَا بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لِأَنَّهُ حُكِمَ بِفِطْرِهِ قَبْلَ التَّنَاوُلِ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي تِلْكَ الْحِنْثِ لِأَنَّ مَبْنَى الْأَيْمَانِ عَلَى الْعُرْفِ (قَوْلُهُ: عَنْ جِمَاعِ الصَّبِيِّ) عِبَارَةُ سم ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إذْ كَلَامُهُ فِي آثِمٍ لَا يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ بِحَالٍ) يُقَالُ عَلَيْهِ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ جِمَاعِ الصَّبِيِّ) أَيْ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ هُنَا صَائِمٌ وَقْتَ الْجِمَاعِ إلَخْ) فِي هَذَا الْفَرْقِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَمَا فِي

وَهُنَاكَ غَيْرُ مُصَلٍّ فِي حَالَةِ الْكَلَامِ. أَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ بِهِ ثُمَّ جَامَعَ فِي يَوْمِهِ فَيُفْطِرُ وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ جَزْمًا. وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الَّذِي ظَنَّ الْفِطْرَ فِي مَسْأَلَتِنَا فَجَامَعَ إنْ عَلِمَ وُجُوبَ الْإِمْسَاكِ عَنْ الْجِمَاعِ وَغَيْرِهِ فَإِثْمُهُ لَا بِسَبَبِ الصَّوْمِ فَيَخْرُجُ بِالْقَيْدِ الْأَخِيرِ وَإِنْ ظَنَّ الْإِبَاحَةَ خَرَجَ بِقَوْلِهِ أَثِمَ بِهِ. (وَلَا) عَلَى (مَنْ زَنَى نَاسِيًا) لِلصَّوْمِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْثَمْ بِسَبَبِ الصَّوْمِ، وَهَذَا دَاخِلٌ فِيمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ (وَلَا نَاسٍ) ، فَعَدَمُ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ لِعَدَمِ فِطْرِهِ، لَا جَرَمَ أَنَّ الرَّافِعِيَّ فَرَّعَهُ فِي الشَّرْحِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْجِمَاعَ نَاسِيًا مُفْسِدٌ، وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ بَيَانًا لِمَا اُحْتُرِزَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ بِسَبَبِ الصَّوْمِ لِأَنَّ الْإِثْمَ بِسَبَبِ الزِّنَا خَاصَّةً (وَلَا) عَلَى (مُسَافِرٍ أَفْطَرَ بِالزِّنَا مُتَرَخِّصًا) لِأَنَّ الْفِطْرَ جَائِزٌ لَهُ وَإِثْمُهُ بِسَبَبٍ الزِّنَا لَا بِالصَّوْمِ فَيَكُونُ أَيْضًا بَيَانًا لِمَا بَيَّنَ بِهِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَقَوْلُهُ مُتَرَخِّصًا مِثَالٌ لَا قَيْدٌ، فَلَوْ لَمْ يَنْوِ التَّرْخِيصَ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ (وَالْكَفَّارَةُ عَلَى الزَّوْجِ عَنْهُ) دُونَهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ بِهَا زَوْجَةَ الْمُجَامِعِ مَعَ مُشَارَكَتِهَا لَهُ فِي السَّبَبِ لِأَنَّهُ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ «هَلَكْت وَأَهْلَكْت» وَلَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهَا لَبَيَّنَهُ كَمَا مَرَّ (وَفِي قَوْلٍ عَنْهُ وَعَنْهَا) أَيْ يَلْزَمُهُمَا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَيَتَحَمَّلُهَا الزَّوْجُ، وَعَلَى هَذَا قِيلَ يَجِبُ كَمَا قَالَ الْمَحَامِلِيُّ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُهَا ثُمَّ يَتَحَمَّلُ الزَّوْجُ مَا وَجَبَ عَلَيْهَا، وَقِيلَ يَجِبُ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا كَفَّارَةٌ تَامَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَلَكِنْ يَحْمِلُهَا الزَّوْجُ عَنْهَا ثُمَّ يَتَدَاخَلَانِ وَهَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ (وَفِي قَوْلٍ عَلَيْهَا كَفَّارَةٌ أُخْرَى) قِيَاسًا عَلَى الرَّجُلِ لِتَسَاوِيهِمَا فِي السَّبَبِ وَالْإِثْمِ كَحَدِّ الزِّنَا وَمَحَلُّ هَذَا فِي غَيْرِ الْمُتَحَيِّرَةِ. أَمَّا هِيَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا، وَمَحَلُّ هَذَا الْقَوْلِ أَيْضًا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ إذَا مَكَّنَتْهُ طَائِعَةً عَالِمَةً، فَلَوْ كَانَتْ مُفْطِرَةً أَوْ نَائِمَةً صَائِمَةً فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا قَطْعًا وَلَا يَبْطُلُ صَوْمُهَا، وَمَحَلُّ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا مِنْ أَصْلِهِ إذَا لَمْ يَكُونَا مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ لِكَوْنِهِمَا مُعْسِرَيْنِ أَوْ مَمْلُوكَيْنِ لَزِمَ كُلَّ وَاحِدٍ صَوْمُ شَهْرَيْنِ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ الْبَدَنِيَّةَ لَا تُتَحَمَّلُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِتْقِ أَوْ الْإِطْعَامِ وَهِيَ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ: قَوْلُهُ كَجِمَاعِ الْمُسَافِرِ إلَخْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَخْرُجَ بِهِ: أَيْ بِقَوْلِهِ أَثِمَ بِهِ لِلصَّوْمِ مَا لَوْ جَامَعَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ صَبِيٌّ ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ كَانَ بَالِغًا عِنْدَ الْجِمَاعِ لِعَدَمِ إثْمِهِ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافًا لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ مَعْرِفَةِ حَالِهِ، وَقَدْ يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَسْأَلَةُ ظَنِّ بَقَاءِ اللَّيْلِ اهـ. وَكَتَبَ بِهَامِشِهِ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ: اعْتِقَادُ الصَّبِيِّ لَا يُبِيحُ الْجِمَاعَ فِي رَمَضَانَ، وَسُقُوطُ الْإِثْمِ لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ لَا يَقْتَضِي الْإِبَاحَةَ فَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ كَمَا يُمْنَعُ مِنْ الزِّنَا فَالْوَجْهُ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ، وَلَا تَأْيِيدَ فِيمَا ذَكَرَهُ لِلْفَرْقِ الظَّاهِرِ بَيْنَ إبَاحَةِ الْإِقْدَامِ وَعَدَمِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَاهُ وُجُوبُ الْحَدِّ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ زَانِيًا حِينَئِذٍ اهـ. أَقُولُ: وَفِيهِ نَظَرٌ، أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ الصَّبِيَّ حَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ بِبُلُوغِهِ لَا إثْمَ عَلَيْهِ كَمَنْ ظَنَّ بَقَاءَ اللَّيْلِ بَلْ هَذَا أَوْلَى لِعُسْرِ مَعْرِفَةِ الْبُلُوغِ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ مَعْرِفَةِ بَقَاءِ اللَّيْلِ لِسُهُولَةِ الْبَحْثِ عَنْهَا، وَأَمَّا ثَانِيًا فَحُرْمَةُ الْفِطْرِ لَا تَسْتَلْزِمُ الْكَفَّارَةَ كَمَا يَأْتِي فِي ظَنِّ دُخُولِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ، وَمَعَ ذَلِكَ إذَا جَامَعَ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ وَإِنْ حَرُمَ جِمَاعُهُ، وَأَمَّا كَوْنُهُ يُحَدُّ حَيْثُ زَنَى ظَانًّا صِبَاهُ فَبَانَ خِلَافُهُ فَوَجْهُهُ أَنَّ الزِّنَا مَعْصِيَةٌ فِي نَفْسِهِ وَمِنْ ثَمَّ يَمْنَعُهُ مِنْهُ الْحَاكِمُ وَيُؤَدَّبُ عَلَيْهِ، وَفِطْرُ الصَّبِيِّ لَيْسَ فِي نَفْسِهِ مَعْصِيَةٌ وَأَمْرُ وَلِيِّهِ لَهُ بِهِ وَضَرْبُهُ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ لِيَعْتَادَهُ فَلَا يَتْرُكُهُ بَعْدُ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهِ صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ فِي كِتَابِ الزِّنَا بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَحُدَّ الْمُحْصَنُ بِقَوْلِهِ نَعَمْ لَوْ أَوْلَجَ ظَانًّا أَنَّهُ غَيْرُ بَالِغٍ فَبَانَ كَوْنُهُ بَالِغًا وَجَبَ الْحَدُّ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ (قَوْلُهُ: وَهُنَاكَ غَيْرُ مُصَلٍّ إلَخْ) أَيْ لِخُرُوجِهِ بِالسَّلَامِ مِنْ الصَّلَاةِ ظَاهِرًا فَلَا يُقَالُ إنَّ سَلَامَهُ لَغْوٌ لِكَوْنِهِ نَاسِيًا فَهُوَ بَاقٍ فِي صَلَاتِهِ كَمَا أَنَّ الْجَامِعَ صَائِمٌ بَعْدَ أَكْلِهِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ بِهِ) أَيْ بِالْأَكْلِ (قَوْلُهُ أَوْ نَائِمَةً) أَيْ أَوْ مُكْرَهَةً (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ وَفِي قَوْلٍ عَنْهُ وَعَنْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQحَاشِيَةِ الشَّيْخِ لَا يَدْفَعُهُ (قَوْلُهُ: فِي قَوْلِهِ وَلَا نَاسٍ) صَوَابُهُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَى نَاسٍ (قَوْلُهُ: بَيَانًا لِمَا بَيَّنَ بِهِ الَّذِي قَبْلَهُ) صَوَابُهُ لِمَا بَيَّنَهُ بِاَلَّذِي قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَفِي قَوْلٍ عَلَيْهَا كَفَّارَةٌ أُخْرَى) أَيْ وَيَتَحَمَّلُهَا الزَّوْجُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ صَاحِبِ الْمُعَايَاةِ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَكُونَا مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ) أَيْ فِي الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ: لَزِمَ كُلَّ وَاحِدٍ صَوْمُ شَهْرَيْنِ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى تَفْسِيرِ

أَهْلِ الصِّيَامِ فَأَعْتَقَ أَوْ أَطْعَمَ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُجْزِئُ عَنْهُمَا، إلَّا أَنْ تَكُونَ أَمَةً فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ الْعِتْقُ عَنْهَا عَلَى الصَّحِيحِ، وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا كَانَتْ زَوْجَةً كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُهُ عَلَى الزَّوْجِ. أَمَّا الْمَوْطُوءَةُ بِشُبْهَةٍ وَالْمَزْنِيُّ بِهَا فَلَا يُتَحَمَّلُ عَنْهَا قَطْعًا وَتَجِبُ عَلَيْهَا، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ مَجْنُونًا لَمْ يَلْزَمْهَا شَيْءٌ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَيَلْزَمُهَا عَلَى الثَّانِي لِأَنَّ الزَّوْجَ غَيْرُ أَهْلٍ لِلتَّحَمُّلِ هَذَا وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ وُجُوبِ شَيْءٍ عَلَيْهَا مِنْ ذَلِكَ مُطْلَقًا (وَتَلْزَمُ مَنْ) (انْفَرَدَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَجَامَعَ فِي يَوْمِهِ) بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي الصَّوْمِ وَإِنْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ كَمَا مَرَّ لِأَنَّهُ هَتَكَ حُرْمَةِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ عِنْدَهُ بِإِفْسَادِهِ صَوْمَهُ بِالْجِمَاعِ فَأَشْبَهَ سَائِرَ الْأَيَّامِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مِثْلَهُ مَنْ صَدَّقَهُ فِي ذَلِكَ لِمَا مَرَّ مِنْ وُجُوبِ الصَّوْمِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، فَإِنْ رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ وَحْدَهُ لَزِمَهُ الْفِطْرُ وَيُخْفِيهِ نَدْبًا فِيمَا يَظْهَرُ فَإِنْ شَهِدَ فَرُدَّ ثُمَّ أَفْطَرَ لَمْ يُعْذَرْ وَإِنْ أَفْطَرَ ثُمَّ شَهِدَ رُدَّ وَعُزِّرَ، وَاسْتَشْكَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ صِدْقَهُ مُحْتَمَلٌ وَالْعُقُوبَةُ تُدْرَأُ بِدُونِ هَذَا. قَالَ: وَلِمَ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مَنْ عُلِمَ دِينُهُ وَأَمَانَتُهُ وَمَنْ يُعْلَمُ مِنْهُ ضِدُّ ذَلِكَ؟ وَيُجَابُ بِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ لِرَمَضَانَ مَعَ وُجُودِ قَرِينَةِ التُّهْمَةِ اقْتَضَى وُجُوبَ التَّشْدِيدِ فِيهِ وَعَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الصَّالِحِ وَغَيْرِهِ. (وَمَنْ جَامَعَ فِي يَوْمَيْنِ لَزِمَهُ كَفَّارَتَانِ) سَوَاءٌ أَكَفَّرَ عَنْ الْأَوَّلِ قَبْلَ الثَّانِي أَمْ لَا لِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ عِبَادَةٌ مُنْفَرِدَةٌ فَلَا تَتَدَاخَلُ كَفَّارَتَاهُمَا كَحَجَّتَيْنِ جَامَعَ فِيهِمَا، بِخِلَافِ الْحُدُودِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى الْإِسْقَاطِ فَإِنْ تَكَرَّرَ الْجِمَاعُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَلَا تَعَدُّدَ وَإِنْ كَانَ لِأَرْبَعِ زَوْجَاتٍ عَلَى الْمَذْهَبِ. أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِمَا وَيَتَحَمَّلُهَا فَعَلَيْهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ (وَحُدُوثُ السَّفَرِ) وَلَوْ طَوِيلًا (بَعْدَ الْجِمَاعِ لَا يُسْقِطُ الْكَفَّارَةَ) لِأَنَّ السَّفَرَ لَا يُنَافِي الصَّوْمَ فَيَتَحَقَّقُ هَتْكُ حُرْمَتِهِ، وَلِأَنَّ طُرُوَّهُ لَا يُبِيحُ الْفِطْرَ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيمَا وَجَبَ مِنْ الْكَفَّارَةِ (وَكَذَا الْمَرَضُ) عَلَى الْمَذْهَبِ لِهَتْكِهِ حُرْمَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَتَجِبُ عَلَيْهَا) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ مِنْ ذَلِكَ مُطْلَقًا) أَيْ حُرَّةٌ أَوْ أَمَةٌ زَوْجَةٌ أَوْ غَيْرُهَا (قَوْلُهُ: وَتَلْزَمُ مَنْ انْفَرَدَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ) خَرَجَ بِهِ الْحَاسِبُ وَالْمُنَجِّمُ إذَا دَلَّ الْحِسَابُ عِنْدَهُمَا عَلَى دُخُولِ رَمَضَانَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِمَا، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَيَقَّنَا بِذَلِكَ دُخُولَ الشَّهْرِ فَأَشْبَهَا مَا لَوْ اجْتَهَدَ مَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ فَأَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى شَهْرٍ فَصَامَهُ وَجَامَعَ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ مِنْ وُجُوبِ الصَّوْمِ) يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ مَنْ ظَنَّ بِالِاجْتِهَادِ دُخُولَ رَمَضَانَ يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ مَعَ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ اهـ سم. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ تَصْدِيقَ الرَّائِي أَقْوَى مِنْ الِاجْتِهَادِ لِأَنَّهُ بِتَصْدِيقِهِ نُزِّلَ مَنْزِلَةَ الرَّائِي وَالرَّائِي مُتَيَقِّنٌ فَمَنْ صَدَّقَهُ مِثْلُهُ حُكْمًا وَلَا كَذَلِكَ الْمُجْتَهِدُ. هَذَا وَمَا ذُكِرَ مِنْ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ هُنَا قَدْ يُخَالِفُهُ عُمُومُ قَوْلِهِ السَّابِقِ أَوْ فِي صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ حَيْثُ جَازَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَحُدُوثُ السَّفَرِ) لَوْ حَدَثَ وُصُولُهُ إلَى مَحَلٍّ مُخْتَلِفِ الْمَطْلَعِ مَعَ مَحَلِّهِ فَوَجَدَ أَهْلَهُ مُعَيِّدِينَ عَيَّدَ مَعَهُمْ وَسَقَطَتْ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ، كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ لِتَبَيُّنِ عَدَمِ وُجُوبِ صَوْمِ ذَلِكَ الْيَوْمِ عَلَيْهِ بَلْ عَدَمُ جَوَازِهِ اهـ. فَلَوْ عَادَ لِمَحَلِّهِ فِي بَقِيَّةِ الْيَوْمِ فَهَلْ يَتَبَيَّنُ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّهَا إنَّمَا كَانَتْ سَقَطَتْ لِصَيْرُورَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلِّ الْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ بِوُصُولِهِ إلَيْهِ وَقَدْ لَغَا ذَلِكَ بِعَوْدِهِ فِي يَوْمِهِ إلَى مَحَلِّهِ، إذْ قَدْ يَتَبَيَّنُ بِعَوْدِهِ إلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ حُكْمِهِ وَمُجَرَّدُ الْوُصُولِ إلَى الْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ مَعَ عَدَمِ اسْتِكْمَالِهِ ذَلِكَ الْيَوْمَ فِيهِ لَا يَصْلُحُ شُبْهَةً لِسُقُوطِ الْكَفَّارَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُتَوَلِّي، أَمَّا عَلَى تَفْسِيرِ الْمَحَامِلِيِّ فَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ شَهْرًا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ مَجْنُونًا لَمْ يَلْزَمْهَا شَيْءٌ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُونَا مِنْ أَهْلِ الصَّوْمِ. أَمَّا إذَا كَانَا مِنْ أَهْلِهِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَلْزَمُهَا الصَّوْمُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ وَحْدَهُ إلَخْ) هَذَا اسْتِطْرَادٌ وَإِلَّا فَهُوَ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا نَحْنُ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهَا وَيَتَحَمَّلُهَا) يَعْنِي الْقَوْلَ الثَّانِيَ، وَوَجْهُهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ عَنْ صَاحِبِ الْمُعَايَاةِ أَنَّ وَاحِدَةً عَنْ وَطْئِهِ الْأَوَّلِ عَنْهُ وَعَنْهَا وَثَلَاثًا عَنْ الْبَاقِيَاتِ لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ إلَّا فِي مَوْضِعٍ يُوجِبُ تَحَمُّلَ الْبَاقِي. قَالَ: وَيَلْزَمُهُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّالِثِ خَمْسُ كَفَّارَاتٍ كَفَّارَتَانِ عَنْهُ وَعَنْهَا بِالْوَطْءِ الْأَوَّلِ: أَيْ وَالثَّلَاثُ عَنْ الْبَاقِيَاتِ

الصَّوْمِ بِذَلِكَ، وَالثَّانِي تَسْقُطُ لِأَنَّ حُدُوثَ الْمَرَضِ يُبِيحُ الْفِطْرَ فَيَتَبَيَّنُ بِهِ أَنَّ الصَّوْمَ لَمْ يَقَعْ وَاجِبًا، وَمِثْلُ طُرُوِّ الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ الرِّدَّةُ، فَلَوْ ارْتَدَّ بَعْدَ جِمَاعِهِ فِي يَوْمِهِ لَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ بِلَا خِلَافٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ التَّغْلِيظُ عَلَيْهِ فَلَا يُنَاسِبُهُ التَّخْفِيفُ وَتَسْقُطُ إذَا جُنَّ أَوْ مَاتَ يَوْمَ الْجِمَاعِ لِأَنَّهُ بِطُرُوِّ ذَلِكَ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي صَوْمٍ لِمُنَافَاتِهِ لَهُ، وَلَوْ سَافَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ جُنُونٌ أَوْ مَوْتٌ فَالظَّاهِرُ أَيْضًا سُقُوطُ الْإِثْمِ. قَالَ النَّاشِرِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْقُطَ عَنْهُ إثْمُ تَرْكِ الْجُمُعَةِ وَإِنْ سَقَطَ عَنْهُ إثْمُ عَدَمِ الْإِتْيَانِ بِهَا كَمَا إذَا وَطِئَ زَوْجَتَهُ ظَانًّا أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ وَمَا ذَكَرَهُ ظَاهِرٌ (وَيَجِبُ) عَلَى الْوَاطِئِ (مَعَهَا) أَيْ الْكَفَّارَةِ (قَضَاءُ يَوْمِ الْإِفْسَادِ) (عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ عَلَى الْمَعْذُورِ فَعَلَى غَيْرِهِ أَوْلَى، وَلِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِهِ الْأَعْرَابِيَّ» ، وَالثَّانِي لَا يَجِبُ لِجَبْرِ الْخَلَلِ بِالْكَفَّارَةِ (وَهِيَ) يَعْنِي كَفَّارَةَ الْوِقَاعِ فِي رَمَضَانَ كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ فَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُظَاهِرِ» وَكَفَّارَةُ الظِّهَارِ مُرَتَّبَةٌ بِالْإِجْمَاعِ وَلِأَنَّ فِيهَا صَوْمًا مُتَتَابِعًا فَكَانَتْ مُرَتَّبَةً كَالْقَتْلِ وَلِأَنَّهَا كَفَّارَةٌ ذُكِرَ فِيهَا الْأَغْلَظُ أَوَّلًا وَهُوَ الْعِتْقُ فَكَانَتْ مُرَتَّبَةً بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى تَرْتِيبِهَا بِقَوْلِهِ (عِتْقُ رَقَبَةٍ) مُؤْمِنَةٍ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) هَا (فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ) صَوْمَهُمَا (فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا) أَوْ فَقِيرًا لِلْخَبَرِ الْمَارِّ أَوَّلَ الْفَصْلِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى صِفَتِهَا فِي كِتَابِ الْكَفَّارَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَوْ شَرَعَ فِي الصَّوْمِ ثُمَّ وَجَدَ الرَّقَبَةَ نُدِبَ لَهُ عِتْقُهَا، وَلَوْ شَرَعَ فِي الْإِطْعَامِ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الصَّوْمِ نُدِبَ لَهُ (فَلَوْ عَجَزَ عَنْ الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ خِصَالِهَا الْمَذْكُورَةِ (اسْتَقَرَّتْ) الْكَفَّارَةُ (فِي ذِمَّتِهِ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ الْأَعْرَابِيَّ بِأَنْ يُكَفِّرَ بِمَا دَفَعَهُ إلَيْهِ مَعَ إخْبَارِهِ بِعَجْزِهِ فَدَلَّ عَلَى ثُبُوتِهَا فِي الذِّمَّةِ كَمَا مَرَّ إيضَاحُهُ، وَالثَّانِي لَا بَلْ تَسْقُطُ كَزَكَاةِ الْفِطْرِ (فَإِذَا قَدَرَ عَلَى خَصْلَةٍ) مِنْهَا (فَعَلَهَا) كَمَا لَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَعَ تَعَدِّيهِ الْإِفْسَادَ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ الْأَوَّلُ. وَلَوْ بَيَّتَ النِّيَّةَ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ لِعَدَمِ ثُبُوتِ هِلَالِ شَوَّالٍ وَأَصْبَحَ صَائِمًا فَثَبَتَ شَوَّالٌ نَهَارًا، ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ مُخَالِفٍ لِلْأَوَّلِ فِي الْمَطْلَعِ، أَهْلُهُ صِيَامٌ مِنْ غَيْرِ تَنَاوُلِ مُفْطِرٍ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَيْهِ فَهَلْ يُحْسَبُ لَهُ صَوْمُ هَذَا الْيَوْمِ لِأَنَّهُ بِانْتِقَالِهِ إلَيْهِ صَارَ وَاجِبُهُ الصَّوْمُ وَقَدْ شَرَعَ فِيهِ بِنِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ وَثُبُوتُ شَوَّالٍ قَبْلَ انْتِقَالِهِ لَا يُفْسِدُ نِيَّتَهُ وَصَوْمَهُ لِزَوَالِ أَثَرِ الثُّبُوتِ فِي حَقِّهِ بِانْتِقَالِهِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ اهـ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ (قَوْلُهُ: لَمْ تَسْقُطْ الْكَفَّارَةُ بِلَا خِلَافٍ) أَيْ وَإِنْ اتَّصَلَ بِهَا الْجُنُونُ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ (قَوْلُهُ: لِمُنَافَاتِهِ لَهُ) بَقِيَ مَا لَوْ شَرِبَ دَوَاءً لَيْلًا يَعْلَمُ أَنَّهُ يُجَنِّنُهُ فِي النَّهَارِ ثُمَّ أَصْبَحَ صَائِمًا ثُمَّ جَامَعَ ثُمَّ حَصَلَ الْجُنُونُ مِنْ ذَلِكَ الدَّوَاءِ فَهَلْ تَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُخَاطَبًا بِالصَّوْمِ حِينَ التَّعَاطِي. وَبَقِيَ مَا لَوْ تَعَدَّى بِالْجُنُونِ نَهَارًا بَعْدَ الْجِمَاعِ كَأَنْ أَلْقَى نَفْسَهُ مِنْ شَاهِقٍ فَجُنَّ بِسَبَبِهِ هَلْ تَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ فِيهِ أَيْضًا سُقُوطُ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّهُ وَإِنْ تَعَدَّى بِهِ لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَفْسَدَ صَوْمَ يَوْمٍ لِأَنَّهُ بِجُنُونِهِ خَرَجَ عَنْ أَهْلِيَّةِ الصَّوْمِ وَإِنْ أَثِمَ بِالسَّبَبِ الَّذِي صَارَ بِهِ مَجْنُونًا (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ) أَيْ النَّاشِرِيُّ (قَوْلُهُ: ذُكِرَ فِيهَا الْأَغْلَظُ) لَعَلَّهُ فِي قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْمَارِّ «هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ بِهِ رَقَبَةً» (قَوْلُهُ: نُدِبَ لَهُ عِتْقُهَا) أَيْ وَيَتْرُكُ صَوْمَ بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ وَيَقَعُ لَهُ مَا صَامَهُ نَفْلًا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: نُدِبَ لَهُ) أَيْ وَسَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ قَرِيبًا فَيَتْرُكُ مَا بَقِيَ مِنْ الْإِطْعَامِ وَيَقَعُ لَهُ مَا أَطْعَمَهُ نَفْلًا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ فِي الْأَظْهَرِ) زَادَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ وَلِأَنَّ حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى الْمَالِيَّةَ إذَا عَجَزَ عَنْهَا وَقْتَ وُجُوبِهَا، فَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلِأَنَّ فِيهَا صَوْمًا مُتَتَابِعًا إلَخْ) اُنْظُرْ مَا الدَّاعِي إلَى الِاسْتِدْلَالِ عَلَى كَفَّارَةِ الظِّهَارِ هُنَا مَعَ أَنَّ لَهَا مَحَلًّا يَخُصُّهَا، وَمَعَ أَنَّ رِوَايَاتِ حَدِيثِ الْبَابِ كَافِيَةٌ فِي الْمَقْصُودِ هُنَا وَالْأَمْرُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَى الْقِيَاسِ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ إيضَاحُهُ) الَّذِي مَرَّ إنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ لَفْظِ الْحَدِيثِ وَلَمْ يُقَدِّمْ لَهُ إيضَاحًا.

[باب صوم التطوع]

كَانَ قَادِرًا عَلَيْهَا حَالَ الْوُجُوبِ، وَكَلَامُ التَّنْبِيهِ يَقْتَضِي أَنَّ الثَّابِتَ فِي ذِمَّتِهِ هُوَ الْخَصْلَةُ الْأَخِيرَةُ، وَكَلَامُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ يَقْتَضِي أَنَّهُ إحْدَى الْخِصَالِ الثَّلَاثِ وَأَنَّهَا مُخَيَّرَةٌ، وَكَلَامُ الْجُمْهُورِ أَنَّهَا الْكَفَّارَةُ وَأَنَّهَا مُرَتَّبَةٌ فِي الذِّمَّةِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، ثُمَّ إنْ قَدَرَ عَلَى خَصْلَةٍ فَعَلَهَا أَوْ أَكْثَرَ رَتَّبَ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ الْعُدُولَ عَنْ الصَّوْمِ إلَى الْإِطْعَامِ لِشِدَّةِ الْغُلْمَةِ) بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَضْمُومَةٍ وَلَامٍ سَاكِنَةٍ شِدَّةُ الْحَاجَةِ لِلنِّكَاحِ، لِأَنَّ حَرَارَةَ الصَّوْمِ وَشِدَّةَ الْغُلْمَةِ قَدْ يُفْضِيَانِ بِهِ إلَى الْوِقَاعِ وَلَوْ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مِنْ الشَّهْرَيْنِ وَذَلِكَ مُقْتَضٍ لِاسْتِئْنَافِهِمَا وَفِيهِ حَرَجٌ شَدِيدٌ، وَالثَّانِي لَا لِقُدْرَتِهِ عَلَى الصَّوْمِ فَامْتَنَعَ عَلَيْهِ الْعُدُولُ عَنْهُ كَصَوْمِ رَمَضَانَ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ) (لَا يَجُوزُ لِلْفَقِيرِ صَرْفُ كَفَّارَتِهِ إلَى عِيَالِهِ) الَّذِينَ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُمْ كَالزَّكَوَاتِ وَسَائِرِ الْكَفَّارَاتِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الْخَبَرِ «أَطْعِمْهُ أَهْلَك» فَفِي الْأُمِّ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمَّا أَخْبَرَهُ بِفَقْرِهِ صَرَفَهُ لَهُ صَدَقَةً أَوْ أَنَّهُ مَلَّكَهُ إيَّاهُ وَأَمَرَهُ بِالتَّصَدُّقِ، فَلَمَّا أَخْبَرَهُ بِفَقْرِهِ أَذِنَ لَهُ فِي صَرْفِهَا لَهُمْ لِلْإِعْلَامِ بِإِنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ بَعْدَ الْكِفَايَةِ أَوْ أَنَّهُ تَطَوُّعٌ بِالتَّكْفِيرِ عَنْهُ، وَسَوَّغَ لَهُ صَرْفَهَا لِأَهْلِهِ إعْلَامًا بِأَنَّ لِغَيْرِ الْمُكَفِّرِ التَّطَوُّعَ بِالتَّكْفِيرِ عَنْهُ بِإِذْنِهِ وَأَنَّ لَهُ صَرْفَهَا لِأَهْلِ الْمُكَفَّرِ عَنْهُ: أَيْ وَلَهُ فَيَأْكُلُ هُوَ وَهُمْ مِنْهَا كَمَا نَقَلَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَحَاصِلُ الِاحْتِمَالَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ أَنَّهُ صَرَفَ لَهُ ذَلِكَ تَطَوُّعًا. قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمُصَنِّفُ احْتَرَزَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِقَوْلِهِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْفَقِيرِ صَرْفُ كَفَّارَتِهِ إلَى عِيَالِهِ لِأَنَّ الصَّارِفَ فِيهَا إنَّمَا هُوَ الْأَجْنَبِيُّ. نَعَمْ يَبْقَى الْكَلَامُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي الْعَدَدِ الْمَصْرُوفِ إلَيْهِ فَيَجُوزُ كَوْنُ عَدَدِ الْأَهْلِ سِتِّينَ مِسْكِينًا. بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ التَّطَوُّعُ التَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا لَيْسَ بِفَرْضٍ مِنْ الْعِبَادَاتِ، وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَاعَدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» وَفِي الْحَدِيثِ «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» وَالصَّحِيحُ تَعَلُّقُ الْغُرَمَاءِ بِهِ كَسَائِرِ الْأَعْمَالِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ، وَحِينَئِذٍ فَتَخْصِيصُهُ بِكَوْنِهِ لَهُ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ الرِّيَاءِ مِنْ غَيْرِهِ، وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهُ عَلَى أَقْوَالٍ تَزِيدُ عَلَى خَمْسِينَ قَوْلًا (يُسَنُّ صَوْمُ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ) لِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSكَانَتْ لَا لِسَبَبٍ مِنْ الْعَبْدِ كَزَكَاةِ الْفِطْرِ لَمْ تَسْتَقِرَّ فِي ذِمَّتِهِ، وَإِنْ كَانَتْ بِسَبَبٍ مِنْهُ اسْتَقَرَّتْ فِي ذِمَّتِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ عَلَى وَجْهِ الْبَدَلِ كَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَفِدْيَةِ الْحَلْقِ أَمْ لَا كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ وَالْيَمِينِ وَالْجِمَاعِ وَدَمِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ اهـ. وَتَقَدَّمَ نَحْوُهُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ الْمُدِّ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ إلَخْ وَمَا بَحَثَهُ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي هُنَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ حَرَجٌ شَدِيدٌ) وَوَرَدَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أُمِرَ الْمُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ «قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهَلْ أَتَيْت إلَّا مِنْ الصَّوْمِ؟ فَأَمَرَهُ بِالْإِطْعَامِ» اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ كَوْنُ عَدَدِ الْأَهْلِيِّ) أَيْ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِمْ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُمْ. (بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ) (قَوْلُهُ: التَّطَوُّعُ: التَّقَرُّبُ إلَخْ) أَيْ شَرْعًا (قَوْلُهُ «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ» ) أَيْ الْجِهَادِ وَفِيهِ دَلَالَةُ فَضْلِ صَوْمِ التَّطَوُّعِ (قَوْلُهُ: كَسَائِرِ الْأَعْمَالِ) أَيْ فُرُوضِهَا وَسُنَنِهَا وَمَا ضُوعِفَ مِنْهَا (قَوْلُهُ يُسَنُّ صَوْمُ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ) سُئِلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ] قَوْلُهُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ) الَّذِي فِي التُّحْفَةِ كَالدَّمِيرِيِّ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ، وَلَفْظُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَنْ الْمُفْلِسُ؟ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ رَجُلٌ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقَدْ ظَلَمَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَانْتَهَكَ عِرْضَ هَذَا، وَيَأْتِي وَلَهُ صَلَاةٌ وَزَكَاةٌ وَصَوْمٌ، قَالَ: فَيَأْخُذُ هَذَا بِكَذَا، إلَى أَنْ قَالَ: وَهَذَا بِصَوْمِهِ»

[صوم يوم عرفة]

صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَتَحَرَّى صَوْمَهُمَا وَقَالَ إنَّهُمَا يَوْمَانِ تُعْرَضُ فِيهِمَا الْأَعْمَالُ فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُسَنُّ أَيْضًا الْمُحَافَظَةُ عَلَى صَوْمِهِمَا وَالْمُرَادُ عَرْضُهَا عَلَى اللَّهِ، وَأَمَّا رَفْعُ الْمَلَائِكَةِ لَهَا فَإِنَّهُ بِاللَّيْلِ مَرَّةً وَبِالنَّهَارِ مَرَّةً، وَرَفْعُهَا فِي شَعْبَانَ، الثَّابِتُ بِخَبَرِ أَحْمَدَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ إكْثَارِهِ الصَّوْمَ فِي شَعْبَانَ فَقَالَ: إنَّهُ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» مَحْمُولٌ عَلَى رَفْعِ الْأَعْمَالِ جُمْلَةً، وَسُمِّيَ الِاثْنَيْنِ لِأَنَّهُ ثَانِي الْأُسْبُوعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَوَّلَهُ الْأَحَدُ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ عَنْ الْأَكْثَرِينَ، لَكِنْ الَّذِي صَوَّبَهُ السُّهَيْلِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ كَافَّةِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ السَّبْتُ وَهُوَ الْأَصَحُّ. (وَ) صَوْمُ يَوْمِ (عَرَفَةَ) وَهُوَ تَاسِعُ الْحِجَّةِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ» وَالْمُرَادُ بِالسَّنَةِ الَّتِي قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ السَّنَةُ الَّتِي تَتِمُّ بِفَرَاغِ شَهْرِهِ وَبِالسَّنَةِ الَّتِي بَعْدَهُ السَّنَةُ أَوَّلُهَا الْمُحَرَّمُ الَّذِي يَلِي الشَّهْرَ الْمَذْكُورَ، إذْ الْخِطَابُ الشَّرْعِيُّ مَحْمُولٌ عَلَى عُرْفِ الشَّرْعِ وَعُرْفُهُ فِيهَا مَا ذَكَرْنَاهُ وَلِكَوْنِ السَّنَةِ الَّتِي قَبْلَهُ لَمْ تَتِمَّ إذْ بَعْضُهَا مُسْتَقْبَلٌ كَالسَّنَةِ الَّتِي بَعْدَهُ أَتَى مَعَ الْمُضَارِعِ بِأَنَّ الْمَصْدَرِيَّةِ الَّتِي تُخَلِّصُهُ لِلِاسْتِقْبَالِ، وَإِلَّا فَلَوْ تَمَّتْ الْأُولَى كَانَ الْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرَ فِيهَا بِلَفْظِ الْمَاضِي: قَالَ الْإِمَامُ: (وَالْمُكَفَّرُ الصَّغَائِرُ دُونَ الْكَبَائِرِ) . قَالَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ: وَهَذَا مِنْهُ تَحَكُّمٌ يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ وَالْحَدِيثُ عَامٌّ وَفَضْلُ اللَّهِ وَاسِعٌ لَا يُحْجَرُ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» : هَذَا قَوْلٌ عَامٌّ يُرْجَى أَنَّهُ يُغْفَرُ لَهُ جَمِيعُ ذُنُوبِهِ صَغِيرُهَا وَكَبِيرُهَا. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلِلتَّكْفِيرِ تَأْوِيلَانِ أَحَدُهُمَا الْغُفْرَانُ وَالثَّانِي الْعِصْمَةُ حَتَّى لَا يُعْصَى، ثُمَّ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّكْفِيرِ مَحَلُّهُ فِيمَنْ لَهُ صَغَائِرُ وَإِلَّا زِيدَ فِي حَسَنَاتِهِ، وَيَوْمُ عَرَفَةَ أَفْضَلُ الْأَيَّامِ لِأَنَّ صَوْمَهُ كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَلِأَنَّ الدُّعَاءَ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ، وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ» وَأَمَّا خَبَرُ «خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ» فَمَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ يَوْمِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالشَّيْخُ الرَّمْلِيُّ عَنْ الْأَفْضَلِ هَلْ هُوَ صَوْمُ الْخَمِيسِ أَوْ الِاثْنَيْنِ؟ فَأَجَابَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِأَنَّ صَوْمَ الِاثْنَيْنِ أَفْضَلُ اهـ. كَذَا رَأَيْته بِهَامِشٍ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ فِيهِ بَعْثَتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَمَاتَهُ وَسَائِرَ أَطْوَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: عَرَفَةَ) وَوَرَدَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ: «أَنَّ الْوُحُوشَ فِي الْبَادِيَةِ تَصُومُهُ» حَتَّى أَنَّ بَعْضَهُمْ أَخَذَ لَحْمًا وَذَهَبَ بِهِ إلَى الْبَادِيَةِ وَرَمَاهُ لِنَحْوِ الْوُحُوشِ فَأَقْبَلَتْ عَلَيْهِ وَلَمْ تَأْكُلْ وَصَارَتْ تَنْظُرُ إلَى الشَّمْسِ وَتَنْظُرُ إلَى اللَّحْمِ حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ أَقْبَلَتْ إلَيْهِ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ. اهـ كَذَا بِهَامِشٍ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ: أَحْتَسِبُ) أَيْ أَرْجُو وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ احْتَسَبَ الْأَجْرَ عَلَى اللَّهِ ادَّخَرَهُ عِنْدَهُ لَا يَرْجُو ثَوَابَ الدُّنْيَا وَقَوْلُهُ عَلَى اللَّهِ هِيَ بِمَعْنًى مِنْ (قَوْلُهُ بِلَفْظِ الْمَاضِي) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ احْتَسَبَ (قَوْلُهُ وَالْمُكَفَّرُ الصَّغَائِرُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلِلتَّكْفِيرِ تَأْوِيلَانِ) أَيْ إذَا وَقَعَتْ الذُّنُوبُ (قَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا الْغُفْرَانُ) أَيْ فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا زِيدَ فِي حَسَنَاتِهِ) أَيْ وَيُخَفَّفُ مِنْ إثْمِ كَبَائِرِهِ (قَوْلُهُ وَيَوْمُ عَرَفَةَ أَفْضَلُ الْأَيَّامِ) أَيْ حَتَّى مِنْ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ رَمَضَانَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ أَوَّلَ كِتَابِ الصَّوْمِ: أَيْ لَا مِنْ جَمِيعِهِ وَلَا مِنْ الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ] قَوْلُهُ: وَلِكَوْنِ السَّنَةِ الَّتِي قَبْلَهُ لَمْ تَتِمَّ إلَخْ) يُعَارِضُ هَذَا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبَّرَ بِمِثْلِ هَذَا التَّعْبِيرِ فِي خَبَرِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ مَعَ أَنَّ السَّنَةَ فِيهِ قَدْ مَضَى جَمِيعُهَا بَلْ وَزِيَادَةً، وَالْوَجْهُ أَنَّ حِكْمَةَ التَّعْبِيرِ بِذَلِكَ فِيهِمَا كَوْنُ التَّفْكِيرِ مُطْلَقًا مُسْتَقْبَلٌ بِالنِّسْبَةِ لِوَقْتِ تَرْغِيبِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صَوْمِهِمَا لِأَنَّهُ مُرَتَّبٌ عَلَى الصَّوْمِ الَّذِي سَيُفْعَلُ لِتَرْغِيبِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَنَّ مَعْنَى الْمَاضِي هُنَا غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا لَا يَخْفَى، فَالْمُضَارِعُ هُوَ الْمُتَعَيِّنُ لِأَدَاءِ الْمَعْنَى الْمُرَادِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَا ذَكَرَ مِنْ التَّكْفِيرِ مَحَلُّهُ فِيمَنْ لَهُ صَغَائِرُ) هَذَا مِنْهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَخْتَارُ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَلَمْ يُبَالِ بِمَا رُدَّ بِهِ مِمَّا مَرَّ

عَرَفَةَ بِقَرِينَةِ مَا ذُكِرَ وَأَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ عَشْرَ رَمَضَانَ أَفْضَلُ مِنْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ لِأَنَّ رَمَضَانَ سَيِّدُ الشُّهُورِ، وَيُسَنُّ صَوْمُ الثَّمَانِيَةِ أَيَّامٍ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْحَاجُّ وَغَيْرُهُ، أَمَّا الْحَاجُّ فَلَا يُسَنُّ لَهُ صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ يَلِ يُسْتَحَبُّ لَهُ فِطْرُهُ وَلَوْ كَانَ قَوِيًّا لِلِاتِّبَاعِ. رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَلِيَقْوَى عَلَى الدُّعَاءِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ اسْتِحْبَابُ صَوْمِهِ لِحَاجٍّ لَا يَصِلُ عَرَفَةَ إلَّا لَيْلًا، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ، وَنَقَلَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَأَنَّ صَوْمَهُ لِمَنْ وَصَلَهَا نَهَارًا خِلَافُ الْأَوْلَى، بَلْ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ. وَأَمَّا الْمُسَافِرُ وَالْمَرِيضُ فَيُسَنُّ لَهُمَا فِطْرُهُ مُطْلَقًا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ طَوِيلِ السَّفَرِ وَقَصِيرِهِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَيُحْتَمَلُ التَّقْيِيدُ بِالطَّوِيلِ كَنَظَائِرِهِ، وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ إقَامَةً لِلْمَظِنَّةِ مَقَامَ الْمَئِنَّةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ انْتِفَاءِ خِلَافِ الْأَوْلَى أَوْ الْكَرَاهَةُ بِصَوْمِ مَا قَبْلَهُ، لَكِنْ يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي فِي صَوْمِ الْجُمُعَةِ مَعَ اتِّحَادِ الْعِلَّةِ فِيهِمَا، بَلْ هَذَا أَوْلَى لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي خِلَافِ الْأَوْلَى مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَكْرُوهِ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْقُوَّةَ الْحَاصِلَةَ بِالْفِطْرِ هُنَا مِنْ مُكَمِّلَاتِ الْمَغْفِرَةِ الْحَاصِلَةِ بِالْحَجِّ لِجَمِيعِ مَا مَضَى مِنْ الْعُمْرِ، وَلَيْسَ فِي ضَمِّ صَوْمِ مَا قَبْلَهُ إلَيْهِ جَابِرٌ بِخِلَافِ الْفِطْرِ ثُمَّ فَإِنَّهُ مِنْ مُكَمِّلَاتِ الْمَغْفِرَةِ تِلْكَ الْجُمُعَةِ فَقَطْ، وَفِي ضَمِّ صَوْمِ يَوْمٍ لَهُ جَابِرٌ، فَإِنْ قِيلَ قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ صَوْمَ هَذَا أَوْلَى بِالْكَفَّارَةِ مِنْ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، قُلْنَا: صَدَّ عَنْ ذَلِكَ وُرُودُ النَّهْيِ الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ ثُمَّ بِخِلَافِهِ هُنَا (وَ) صَوْمُ (عَاشُورَاءَ) بِالْمَدِّ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ وَهُوَ عَاشِرُ الْمُحَرَّمِ لِخَبَرِ «أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ» وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ صَوْمُهُ لِلْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى الْأَمْرِ بِصَوْمِهِ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ وَلَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكُمْ صِيَامُهُ، فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْ» وَحَمَلُوا الْأَخْبَارَ الْوَارِدَةَ بِالْأَمْرِ بِصَوْمِهِ عَلَى تَأَكُّدِ الِاسْتِحْبَابِ وَإِنَّمَا كَانَ صَوْمُ عَرَفَةَ بِسَنَتَيْنِ وَعَاشُورَاءَ بِسَنَةِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَوْمٌ مُحَمَّدِيٌّ، وَالثَّانِي يَوْمٌ مُوسَوِيٌّ، وَنَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلُ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ فَكَانَ يَوْمُهُ بِسَنَتَيْنِ (وَ) صَوْمُ (تَاسُوعَاءَ) وَهُوَ تَاسِعُ الْمُحَرَّمِ لِخَبَرِ «لَئِنْ بَقِيتُ إلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ» فَمَاتَ قَبْلَهُ، وَالْحِكْمَةُ فِي صَوْمِهِ مَعَ عَاشُورَاءَ الِاحْتِيَاطُ لَهُ لِاحْتِمَالِ الْغَلَطِ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ، وَلِلْمُخَالَفَةِ لِلْيَهُودِ فَإِنَّهُمْ يَصُومُونَ الْعَاشِرَ، وَلِلِاحْتِرَازِ مِنْ إفْرَادِهِ كَمَا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلِذَلِكَ يُسَنُّ أَنْ يَصُومَ مَعَهُ الْحَادِيَ عَشَرَ إنْ لَمْ يَصُمْ التَّاسِعَ، بَلْ فِي الْأُمِّ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ يُنْدَبُ صَوْمُ الثَّلَاثَةِ لِحُصُولِ الِاحْتِيَاطِ بِهِ وَإِنْ صَامَ التَّاسِعَ إذْ الْغَلَطُ قَدْ يَكُونُ بِالتَّقْدِيمِ وَبِالتَّأْخِيرِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُسَنُّ هُنَا صَوْمُ الثَّامِنِ احْتِيَاطًا لِحُصُولِهِ بِالتَّاسِعِ وَلِكَوْنِهِ كَالْوَسِيلَةِ لِلْعَاشِرِ فَلَمْ يَتَأَكَّدْ أَمْرُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَأَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ عَشْرَ رَمَضَانَ) أَيْ الْأَخِيرَ (قَوْلُهُ: لَا يَصِلُ عَرَفَةَ إلَّا لَيْلًا) أَيْ بِأَنْ لَا يَكُونَ مُسَافِرًا بِالنَّهَارِ وَيَقْصِدَ عَرَفَةَ لَيْلًا فَلَا يُخَالِفُ مَا يَأْتِي مِنْ سَنِّ فِطْرِهِ لِلْمُسَافِرِ (قَوْلُهُ: خِلَافُ الْأَوْلَى) أَيْ لِعَدَمِ صِحَّةِ النَّهْيِ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَيُسَنُّ لَهُمَا فِطْرُهُ مُطْلَقًا) كَأَنَّ مَعْنَاهُ سَوَاءٌ كَانَ حَاجًّا أَوْ لَا، فَلَا يُنَافِي قَوْلَ الْأَذْرَعِيِّ عَنْ النَّصِّ مَحْمُولٌ عَلَى مُسَافِرٍ جَهَدَهُ الصَّوْمُ، وَقَوْلُهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: النَّصُّ مَحْمُولٌ عَلَى مُسَافِرٍ جَهَدَهُ الصَّوْمُ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ (قَوْلُهُ مَقَامَ الْمَئِنَّةِ) أَنَّ إقَامَةً لِمَحَلِّ الظَّنِّ مَقَامَ مَحَلِّ الْيَقِينِ (قَوْلُهُ: عَاشُورَاءَ) قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ اللُّغَوِيُّ: وَلَمْ يَجِئْ فَاعُولَاءُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ إلَّا عَاشُورَاءُ، وَالضَّارُورَاءُ اسْمُ الضَّرَّاءِ وَالسَّارُورَاءُ اسْمُ السَّرَّاءِ وَالدَّالُولَاءُ اسْمٌ لِلدَّالَةِ وَخَابُورَاءُ اسْمُ مَوْضِعٍ، وَقَوْلُهُ اسْمٌ لِلدَّالَةِ: أَيْ النَّوْبَةِ (قَوْلُهُ: إلَى قَابِلٍ) هُوَ مَصْرُوفٌ، وَوَقَعَ لِبَعْضِهِمْ خِلَافُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ عَشْرَ رَمَضَانَ أَفْضَلُ مِنْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِلْمَجْمُوعِ وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّ يَوْمَ عَرَفَةَ أَفْضَلُ الْأَيَّامِ الصَّادِقَةِ بِكُلِّ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْحَاجُّ) لَمْ يُقَيِّدْ فِيمَا مَرَّ بِغَيْرِ الْحَاجِّ حَتَّى يَتَأَتَّى لَهُ التَّعْبِيرُ بِأَمَّا هَهُنَا وَكَأَنَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّهُ قَيْدٌ (قَوْلُهُ: لِحَاجٍّ لَا يَصِلُ عَرَفَةَ إلَّا لَيْلًا) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ غَيْرُ مُسَافِرٍ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي

[صوم أيام الليالي البيض]

حَتَّى يُطْلَبَ لَهُ احْتِيَاطٌ بِخُصُوصِهِ. نَعَمْ يُسَنُّ صَوْمُ الثَّمَانِيَةِ قَبْلَهُ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْحِجَّةِ ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ، وَظَاهِرُ مَا ذُكِرَ مِنْ تَشْبِيهِهِ بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ إفْرَادُهُ لَكِنْ فِي الْأُمِّ لَا بَأْسَ بِإِفْرَادِهِ. (وَ) صَوْمُ (أَيَّامِ) اللَّيَالِي (الْبِيضِ) مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَهِيَ الثَّالِثَ عَشَرَ وَتَالِيَاهُ لِمَا صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ أَبَا ذَرٍّ بِصِيَامِهَا» ، وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، فَصَوْمُ الثَّلَاثَةِ كَصَوْمِ الشَّهْرِ وَمِنْ ثَمَّ صَوْمُ ثَلَاثَةٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَلَوْ غَيْرَ أَيَّامِ الْبِيضِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ وَالْحَاصِلُ كَمَا أَفَادَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يُسَنُّ صَوْمُ ثَلَاثَةٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَأَنْ تَكُونَ أَيَّامَ الْبِيضِ، فَإِنْ صَامَهَا أَتَى بِالسَّنَتَيْنِ، فَمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ مِنْ أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ هِيَ الْمَأْمُورُ بِصِيَامِهَا مِنْ كُلِّ شَهْرٍ فِيهِ نَظَرٌ وَإِنْ تَبِعَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَصُومُ مِنْ الْحِجَّةِ السَّادِسَ عَشَرَ لِأَنَّ صَوْمَ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ ذَلِكَ حَرَامٌ، وَالْأَحْوَطُ أَنْ يَصُومَ مَعَ الثَّلَاثَةِ الثَّانِي عَشَرَ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ قَالَ إنَّهُ أَوَّلُ الثَّلَاثَةِ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَيُسَنُّ صَوْمُ أَيَّامِ السُّودِ وَهِيَ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ وَتَالِيَاهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُصَامَ مَعَهَا السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ احْتِيَاطًا. قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ: وَلَا يَخْفَى سُقُوطُ الثَّالِثِ مِنْهَا إذَا كَانَ الشَّهْرُ نَاقِصًا، وَلَعَلَّهُ يُعَوَّضُ عَنْهُ بِأَوَّلِ الشَّهْرِ الَّذِي يَلِيهِ وَهُوَ مِنْ أَوَّلِ أَيَّامِ السُّودِ أَيْضًا لِأَنَّ لَيْلَتَهُ كُلَّهَا سَوْدَاءُ، وَخُصَّتْ أَيَّامُ الْبِيضِ وَأَيَّامُ السُّودِ بِذَلِكَ لِتَعْمِيمِ لَيَالِي الْأُولَى بِالنُّورِ وَلَيَالِي الثَّانِيَةِ بِالسَّوَادِ، فَنَاسَبَ تَزْوِيدَهُ بِذَلِكَ لِإِشْرَافِهِ عَلَى الرَّحِيلِ وَشُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى فِي الْأُولَى وَطَلَبًا لِكَشْفِ السَّوَادِ فِي الثَّانِيَةِ (وَ) صَوْمُ (سِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ) لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ» وَقَوْلُهُ «صِيَامُ رَمَضَانَ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ وَصِيَامُ سِتَّةِ أَيَّامٍ بِشَهْرَيْنِ فَذَلِكَ صِيَامُ السَّنَةِ» أَيْ كَصِيَامِهَا فَرْضًا وَإِلَّا فَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِصَوْمِ رَمَضَانَ وَسِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ لِأَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشَرَةِ أَمْثَالِهَا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ التَّنْبِيهِ وَكَثِيرِينَ أَنَّ مَنْ لَمْ يَصُمْ رَمَضَانَ لِعُذْرٍ أَوْ سَفَرٍ أَوْ صِبًا أَوْ جُنُونٍ أَوْ كُفْرٍ لَا يُسَنُّ لَهُ صَوْمُ سِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ: أَيْ بَلْ يُحَصِّلُ أَصْلَ سُنَّةِ الصَّوْمِ وَإِنْ لَمْ يُحَصِّلْ الثَّوَابَ الْمَذْكُورَ لِتَرَتُّبِهِ فِي الْخَبَرِ عَلَى صِيَامِ رَمَضَانَ. وَإِنْ أَفْطَرَ رَمَضَانَ تَعَدِّيًا حَرُمَ عَلَيْهِ صَوْمُهَا. وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الْمَحَامِلِيِّ تَبَعًا لِشَيْخِهِ الْجُرْجَانِيِّ (يُكْرَهُ لِمَنْ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِالصَّوْمِ كَرَاهَةُ صَوْمِهَا لِمَنْ أَفْطَرَهُ بِعُذْرٍ) فَيُنَافِي مَا مَرَّ، إلَّا أَنْ يُجْمَعَ بِأَنَّهُ ذُو وَجْهَيْنِ، أَوْ يُحْمَلُ ذَاكَ عَلَى مَنْ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ كَصَبِيٍّ بَلَغَ وَكَافِرٍ أَسْلَمَ وَهَذَا عَلَى مَنْ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَإِذَا تَرَكَهَا فِي شَوَّالٍ لِذَلِكَ أَوْ غَيْرِهِ سُنَّ قَضَاؤُهَا مِمَّا بَعْدَهُ وَتَحْصُلُ السُّنَّةُ بِصَوْمِهَا مُتَفَرِّقَةً (وَ) لَكِنْ (تَتَابُعُهَا) وَاتِّصَالُهَا بِيَوْمِ الْعِيدِ (أَفْضَلُ) مُبَادَرَةً إلَى الْعِبَادَةِ وَلِمَا فِي التَّأْخِيرِ مِنْ الْآفَاتِ وَلَوْ صَامَ فِي شَوَّالٍ قَضَاءً أَوْ نَذْرًا أَوْ غَيْرَهُمَا أَوْ فِي نَحْوِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ حَصَلَ لَهُ ثَوَابُ تَطَوُّعِهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ـــــــــــــــــــــــــــــSفَاحْذَرْهُ فَإِنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ [صَوْمُ أَيَّامِ اللَّيَالِي الْبِيضِ] (قَوْلُهُ وَشُكْرًا لِلَّهِ) أَيْ إنَّهَا تَقَعُ شُكْرًا لِلَّهِ لَا أَنَّهُ يَنْوِي بِهَا ذَلِكَ، إذْ لَنَا صَوْمٌ يُسَمَّى بِهِ الِاسْمُ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَنَا صَلَاةٌ تُسَمَّى صَلَاةَ الشُّكْرِ [صَوْمُ سِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ] (قَوْلُهُ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ» ) أَيْ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَأَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَذَلِكَ أَمَّا لَوْ صَامَ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ فِي بَعْضِ السِّنِينَ دُونَ بَعْضٍ فَالسَّنَةُ الَّتِي صَامَ السِّتَّ فِيهَا يَكُونُ صَوْمُهَا كَسَنَةٍ وَاَلَّتِي لَمْ يَصُمْ فِيهَا تَكُونُ كَعَشَرَةِ أَشْهُرٍ (قَوْلُهُ: وَتَحْصُلُ السُّنَّةُ بِصَوْمِهَا مُتَفَرِّقَةً) أَيْ وَتَكُونُ كُلُّهَا أَدَاءً لِأَنَّ الشَّهْرَ كُلَّهُ مَحَلُّهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ [صَوْمُ عَاشُورَاءَ] قَوْلُهُ: بَلْ يَحْصُلُ أَصْلُ سُنَّةِ الصَّوْمِ) يَعْنِي مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ سِتَّةَ شَوَّالٍ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الثَّوَابُ الْكَامِلُ، وَإِلَّا فَصَاحِبُ التَّنْبِيهِ وَالْأَكْثَرُونَ لَا يَسَعُهُمْ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ أَصْلِ الصَّوْمِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَفْطَرَ رَمَضَانَ تَعَدِّيًا حَرُمَ عَلَيْهِ صَوْمُهَا) أَيْ مَا لَمْ يَقْضِ رَمَضَانَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ صَرْفُ الزَّمَنِ لِقَضَائِهِ (قَوْلُهُ: فَيَأْتِي مَا مَرَّ) لَعَلَّهُ مُحَرَّفٌ عَنْ قَوْلِهِ فَيُنَافِي مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَوْ يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى مَنْ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ) هَذَا يُنَافِي النَّصَّ فِيمَا مَرَّ عَلَى الْمَعْذُورِ وَالْمُسَافِرِ.

[إفراد يوم الجمعة بالصوم]

تَبَعًا لِلْبَارِزِيِّ وَالْأَصْفُونِيِّ وَالنَّاشِرِيِّ وَالْفَقِيهِ عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ الْحَضْرَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ، لَكِنْ لَا يَحْصُلُ لَهُ الثَّوَابُ الْكَامِلُ الْمُرَتَّبُ عَلَى الْمَطْلُوبِ لَا سِيَّمَا مَنْ فَاتَهُ رَمَضَانُ وَصَامَ عَنْهُ شَوَّالًا لِأَنَّهُ لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ الْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمُ، وَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْضًا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ فَاتَهُ رَمَضَانُ وَصَامَ عَنْهُ شَوَّالًا أَنْ يَصُومَ سِتًّا مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ قَضَاءُ الصَّوْمِ الرَّاتِبِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ قَصَدَ فِعْلَهَا بَعْدَ صَوْمِ شَوَّالٍ فَيَكُونُ صَارِفًا عَنْ حُصُولِهَا عَنْ السُّنَّةِ، فَسَقَطَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ صَوْمَهَا لَا يَحْصُلُ بِغَيْرِهَا، أَمَّا إذَا قُلْنَا بِحُصُولِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَلَا يُسْتَحَبُّ قَضَاؤُهَا، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ سِتَّةٌ بِإِثْبَاتِ التَّاءِ مَعَ حَذَفَ الْمَعْدُودِ لُغَةً، وَالْأَفْصَحُ حَذْفُهَا كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ، وَيُسَنُّ صَوْمُ آخِرِ كُلِّ شَهْرٍ كَمَا مَرَّ فِي صَوْمِ أَيَّامِ السُّودِ، فَإِنْ صَامَهَا أَتَى بِالسَّنَتَيْنِ، وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ فَإِنَّهُ آخِرُ شَهْرٍ لِتَقَدُّمِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ (وَيُكْرَهُ) (إفْرَادُ) يَوْمِ (الْجُمُعَةِ) بِالصَّوْمِ لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَصُمْ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلَّا أَنْ يَصُومَ يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ يَوْمًا بَعْدَهُ» وَلِكَوْنِهِ يَوْمَ عِيدٍ، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي كَرَاهَةِ إفْرَادِهِ بَيْنَ مَنْ يُرِيدُ اعْتِكَافَهُ وَغَيْرَهُ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَا يُرَاعَى خِلَافُ مَنْ مَنَعَ الِاعْتِكَافَ مَعَ الْفِطْرِ لِأَنَّ شَرْطَ رِعَايَةِ الْخِلَافِ أَنْ لَا يَقَعَ فِي مُخَالَفَةِ سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ، وَلِيَتَقَوَّى بِفِطْرِهِ عَلَى الْوَظَائِفِ الْمَطْلُوبَةِ فِيهِ، وَمِنْ هُنَا خَصَّصَهُ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ نَقْلًا عَنْ الْمَذْهَبِ بِمَنْ يَضْعُفُ بِهِ عَنْ الْوَظَائِفِ، لَكِنْ يَرُدُّهُ مَا مَرَّ مِنْ نَدْبِ فِطْرِ عَرَفَةَ وَلَوْ لِمَنْ لَمْ يَضْعُفْ بِهِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الصَّوْمِ الضَّعْفَ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ كَرَاهَةَ صَوْمِهِ لَيْسَتْ ذَاتِيَّةً بَلْ لِأَمْرٍ عَارِضٍ، وَيُؤَيِّدُهُ انْعِقَادُ نَذْرِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي النُّذُورِ وَيُقَاسُ بِهِ الْيَوْمَانِ الْآخَرَانِ إذْ لَا تَخْتَصُّ كَرَاهَةُ الْإِفْرَادِ بِالْجُمُعَةِ (وَإِفْرَادُ السَّبْتِ) أَوْ الْأَحَدِ بِالصَّوْمِ كَذَلِكَ بِجَامِعِ أَنَّ الْيَهُودَ تُعَظِّمُ الْأَوَّلَ وَالنَّصَارَى تُعَظِّمُ الثَّانِي فَقَصَدَ الشَّارِعُ بِذَلِكَ مُخَالَفَتَهُمْ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ إذَا لَمْ يُوَافِقْ إفْرَادُ كُلِّ يَوْمٍ مِنْ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ عَادَةً لَهُ وَإِلَّا كَأَنْ كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا أَوْ يَصُومُ عَاشُورَاءَ أَوْ عَرَفَةَ فَوَافَقَ يَوْمَ صَوْمِهِ فَلَا كَرَاهَةَ كَمَا فِي صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ. ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ أَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِخِلَافِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّشْبِيهِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ إفْرَادُهَا بِنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ وَقَضَاءٍ وَخَرَجَ بِإِفْرَادِ مَا لَوْ صَامَ أَحَدُهُمَا مَعَ يَوْمٍ قَبْلَهُ أَوْ يَوْمٍ بَعْدَهُ فَلَا كَرَاهَةَ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ إذْ لَمْ يَذْهَبْ أَحَدٌ مِنْهُمْ لِتَعْظِيمِ الْمَجْمُوعِ، وَقَضِيَّةُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَلَا يُسْتَحَبُّ قَضَاؤُهَا) وَبِتَقْدِيرِ الْقَضَاءِ فَهَلْ يُثَابُ ثَوَابَ الْفَرْضِ عَلَى الْجَمِيعِ كَمَا لَوْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ قَالَ سم فِيهِ نَظَرٌ. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ حُصُولُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَحْكِي الْأَدَاءَ. وَنُقِلَ عَنْ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ بِالدَّرْسِ أَنَّهُ يُثَابُ عَلَى السِّتَّةِ ثَوَابَ النَّفْلِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ ثَوَابَ الْفَرْضِ فِي الْخَبَرِ مُقَيَّدٌ بِكَوْنِهَا مِنْ شَوَّالٍ وَهَذِهِ لَيْسَتْ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَيُقَاسُ بِهِ الْيَوْمَانِ) وَهُمَا السَّبْتُ وَالْأَحَدُ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّشْبِيهِ) هُوَ قَوْلُهُ كَمَا فِي صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ إفْرَادُهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ وَالسَّبْتِ وَالْأَحَدِ (قَوْلُهُ: فَلَا كَرَاهَةَ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ) بَقِيَ مَا لَوْ عَزَمَ عَلَى صَوْمِ الْجُمُعَةِ وَالسَّبْتِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ قَصَدَ فِعْلَهَا بَعْدَ صَوْمِ شَوَّالَ) قَدْ يُقَالُ: هَلَّا أَبْقَى كَلَامَ وَالِدِهِ عَلَى إطْلَاقِهِ مَعَ أَنَّ وَجْهَهُ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ يَبْعُدُ وُقُوعُ الصَّوْمِ عَنْ الْمَتْبُوعِ وَهُوَ رَمَضَانُ وَالتَّابِعُ وَهِيَ سِتُّ شَوَّالٍ مَعًا وَتَفُوتُ التَّبَعِيَّةُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهَا فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَأَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ» فَتَأَمَّلْ. [إفْرَادُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِالصَّوْمِ] (قَوْلُهُ: لِأَنَّ شُرُوطَ رِعَايَةِ الْخِلَافِ) كَذَا فِي النُّسَخِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ وَلَعَلَّ الْوَاوَ زَائِدَةٌ مِنْ الْكَتَبَةِ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَإِفْرَادُ السَّبْتِ) إنَّمَا أَعَادَ لَفْظَ إفْرَادِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ إرَادَةُ إفْرَادِ مَجْمُوعِ الْجُمُعَةِ وَالسَّبْتِ (قَوْلُهُ: بِجَامِعِ أَنَّ الْيَهُودَ إلَخْ) هَذَا جَامِعٌ لِقِيَاسِ الْأَحَدِ عَلَى السَّبْتِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَصُومُ عَاشُورَاءَ أَوْ عَرَفَةَ فَوَافَقَ يَوْمَ صَوْمِهِ) فِي هَذَا الْعَطْفِ تَسَاهُلٌ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَدْخُولِ الْعَادَةِ وَلَيْسَ مُرَادًا (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْإِفْرَادِ مَا لَوْ صَامَ أَحَدُهُمَا) أَيْ السَّبْتَ وَالْأَحَدَ

التَّعْلِيلِ بِالتَّقَوِّي بِالْفِطْرِ فِي كَرَاهَةِ إفْرَادِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ إفْرَادِهِ وَجَمْعِهِ، لَكِنَّهُ إذَا جَمَعَهُمَا حَصَلَ لَهُ بِفَضِيلَةِ صَوْمِ غَيْرِهِ مَا يُجْبَرُ مَا حَصَلَ فِيهِ مِنْ النَّقْصِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. (وَصَوْمُ الدَّهْرِ غَيْرُ الْعِيدِ) مِنْ فِطْرٍ وَنَحْرٍ (وَ) أَيَّامِ (التَّشْرِيقِ) (مَكْرُوهٌ لِمَنْ خَافَ بِهِ ضَرَرًا أَوْ فَوْتَ حَقٍّ) وَاجِبٍ أَوْ مَنْدُوبٍ لِمَا صَحَّ مِنْ «قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَبِي الدَّرْدَاءِ لَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ فَتَبَذَّلَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ إنَّ لِرَبِّك عَلَيْك حَقًّا، وَلِأَهْلِك عَلَيْك حَقًّا، وَلِجَسَدِك عَلَيْك حَقًّا فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ وَائْتِ أَهْلَك وَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ» أَمَّا صَوْمُ الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَوْ شَيْءٍ مِنْهَا فَحَرَامٌ كَمَا مَرَّ (وَمُسْتَحَبٌّ لِغَيْرِهِ) لِإِطْلَاقِ الْأَدِلَّةِ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ صَامَ الدَّهْرَ ضُيِّقَتْ عَلَيْهِ جَهَنَّمُ وَعَقَدَ تِسْعِينَ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَمَعْنَى ضُيِّقَتْ عَلَيْهِ، أَيْ عَنْهُ فَلَمْ يَدْخُلْهَا أَوْ لَا يَكُونُ لَهُ فِيهَا مَوْضِعٌ، وَخَبَرُ «لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ» مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ صَامَ الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ أَوْ شَيْئًا مِنْهَا، وَمَعَ نَدْبِهِ فَصَوْمُ يَوْمٍ وَفِطْرُ يَوْمٍ أَفْضَلُ مِنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُمَا خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ كَالْغَزَالِيِّ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَفْضَلُ الصِّيَامِ صِيَامُ دَاوُد كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَفِيهِ لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ» وَمَا احْتَجَّ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ أَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا وَمِنْ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْخَبَرِ لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ: أَيْ لَكَ يُرَدُّ بِأَنَّ صِيَامَ دَاوُد أَشَقُّ عَلَى النَّفْسِ وَأَفْضَلُ الْأَعْمَالِ أَشَقُّهَا، وَبِأَنَّ تَأْوِيلَهُ لِلْخَبَرِ فِيهِ صَرْفٌ لَهُ عَنْ ظَاهِرِهِ مِنْ غَيْرِ قَرِينَةٍ تُعَضِّدُهُ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الِاسْتِحْبَابِ لِغَيْرِهِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَا يُخَالِفُهُ تَعْبِيرُ الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ لِصِدْقِهِ بِالِاسْتِحْبَابِ، وَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ الدَّهْرِ انْعَقَدَ نَذْرُهُ مَا لَمْ يَكُنْ مَكْرُوهًا كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ (وَمَنْ تَلَبَّسَ بِصَوْمِ تَطَوُّعٍ أَوْ صَلَاتِهِ فَلَهُ قَطْعُهُمَا) مَا لَمْ يُنْذِرْ إتْمَامَهُ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ فِي نِيَّةِ الصَّوْمِ، وَلِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الصَّائِمُ الْمُتَطَوِّعُ أَمِيرُ نَفْسِهِ، إنْ شَاءَ صَامَ وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ» وَيُقَاسُ بِالصَّوْمِ غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ النَّوَافِلِ غَيْرُ مَا سَيَأْتِي كَاعْتِكَافٍ وَطَوَافٍ وَوُضُوءٍ وَقِرَاءَةِ سُورَةِ الْكَهْفِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ أَوْ يَوْمَهَا وَالتَّسْبِيحَاتِ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ. نَعَمْ يُكْرَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ لِظَاهِرٍ قَوْله تَعَالَى {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] أَمَّا لِعُذْرٍ كَمُسَاعَدَةِ ضَيْفٍ عَزَّ عَلَيْهِ امْتِنَاعُ مُضَيِّفِهِ مِنْهُ أَوْ عَكْسُهُ فَيُسَنُّ، فَإِنْ لَمْ يُعَزَّ عَلَى أَحَدِهِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSمَعًا، أَوْ السَّبْتِ وَالْأَحَدِ مَعًا ثُمَّ صَامَ الْأَوَّلَ وَعَنَّ لَهُ تَرْكُ الْيَوْمِ الثَّانِي فَهَلْ تَنْتَفِي الْكَرَاهَةُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِكَرَاهَةِ الْإِفْرَادِ قَصْدُهُ قَبْلَ الصَّوْمِ، وَإِنَّمَا الْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا صَامَ السَّبْتَ كُرِهَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ قَصَدَهُ أَوَّلًا أَوْ لَا (قَوْله «ضُيِّقَتْ عَلَيْهِ جَهَنَّمُ» ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ هَكَذَا: وَعَقَدَ تِسْعِينَ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَعَقَدَ تِسْعِينَ قَالَ الْمَحَلِّيُّ: هُوَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِبْهَامَ وَيَجْعَلَ السَّبَّابَةَ دَاخِلَةً تَحْتَهُ مَطْبُوقَةً جِدًّا (قَوْلُهُ: صَوْمُ يَوْمٍ وَفِطْرُ يَوْمٍ أَفْضَلُ) وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَنْ فَعَلَهُ فَوَافَقَ فِطْرُهُ يَوْمًا سُنَّ صَوْمُهُ كَالِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ، وَالْبِيضُ يَكُونُ فِطْرُهُ فِيهِ أَفْضَلَ لِيَتِمَّ لَهُ صَوْمُ يَوْمٍ وَفِطْرُ يَوْمٍ، لَكِنْ بَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّ صَوْمَهُ لَهُ أَفْضَلُ. اهـ حَجّ. وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ مُوَافَقَةَ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الِاسْتِحْبَابِ لِغَيْرِهِ) أَيْ لِغَيْرِ مَنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا وَلَا فَوْتَ حَقٍّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ الدَّهْرِ انْعَقَدَ) أَيْ وَحَيْثُ انْعَقَدَ لَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ مَا يَشُقُّ مَعَهُ الصَّوْمُ أَوْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ خَوْفُ فَوْتِ حَقٍّ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يَمْنَعُ انْعِقَادَ النَّذْرِ هَلْ يُؤَثِّرُ أَوْ لَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ مَعَ الْمَشَقَّةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِعَجْزِهِ عَنْ فِعْلِ مَا الْتَزَمَهُ وَلَيْسَ لَهُ وَقْتٌ يُمْكِنُ قَضَاؤُهُ فِيهِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ السَّابِقِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ النَّذْرِ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ لِلْكِبَرِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ نَذَرَ صَوْمًا لَمْ يَصِحَّ نَذْرُهُ لَوْ قَدَرَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْفِطْرِ لَمْ يَلْزَمْ قَضَاؤُهُ (قَوْلُهُ: «أَمِيرُ نَفْسِهِ» ) هُوَ بِالرَّاءِ وَرُوِيَ بِالنُّونِ أَيْضًا اهـ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ (قَوْلُهُ: «إنْ شَاءَ صَامَ» ) أَيْ أَتَمَّ صَوْمَهُ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُكْرَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ) هُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ فِي كَرَاهَةِ إفْرَادِهِ) أَيْ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَكَانَ الْمَقَامُ يَقْتَضِي الْإِظْهَارَ وَإِنَّمَا أَخَّرَهُ إلَى هُنَا لِمُنَاسَبَةِ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ إذَا جَمَعَهُمَا حَصَلَ لَهُ بِفَضِيلَةِ صَوْمِ غَيْرِهِ مَا يَجْبُرُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ بَاقِيَةٌ لَكِنْ حَصَلَ بِصَوْمِ الْيَوْمِ الْآخَرِ مَا يُوَازِيهَا

[وصوم الدهر غير العيد]

امْتِنَاعُ الْآخَرِ مِنْ ذَلِكَ فَالْأَفْضَلُ عَدَمُ خُرُوجِهِ مِنْهُ، وَإِذَا أَفْطَرَ لَمْ يُثَبْ عَلَى مَا مَضَى إنْ خَرَجَ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَإِلَّا أُثِيبَ، وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ قَوْلُ الْمُتَوَلِّي إنَّهُ لَا يُثَابُ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ لَمْ تَتِمَّ، وَمَا حُكِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُثَابُ وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي تَطَوُّعِ غَيْرِ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ، أَمَّا تَطَوُّعُهُمَا فَيَجِبُ إتْمَامُهُ لِمُخَالَفَتِهِمَا غَيْرَهُمَا فِي لُزُومِ الْإِتْمَامِ وَإِنْ فَسَدَا وَالْكَفَّارَةُ بِالْجِمَاعِ، وَسَيَأْتِي أَنَّ مَنْ أَفْسَدَهُمَا أَوْ تَحَلَّلَ لِفَوَاتِ الْحَجِّ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ (وَلَا قَضَاءَ) عَلَيْهِ حَتْمًا بِسَبَبِ قَطْعِهِ ذَلِكَ بَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ، وَإِنْ خَرَجَ بِعُذْرٍ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَ قَضَاءَهُ، أَمَّا مَنْ فَاتَهُ وَلَهُ عَادَةٌ بِصِيَامِهِ كَالِاثْنَيْنِ فَلَا يُسَنُّ لَهُ قَضَاؤُهُ لِفَقْدِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَكِنَّهُ مُعَارَضٌ بِمَا مَرَّ مِنْ إفْتَائِهِ بِقَضَاءِ سِتٍّ مِنْ الْقَعْدَةِ عَنْ سِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ مُعَلِّلًا لَهُ بِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ قَضَاءُ الصَّوْمِ الرَّاتِبِ وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ. (وَمَنْ) (تَلَبَّسَ بِقَضَاءٍ) لِصَوْمِ يَوْمٍ فَاتَ عَنْ وَاجِبٍ (حَرُمَ عَلَيْهِ قَطْعُهُ) جَزْمًا (إنْ كَانَ) قَضَاؤُهُ (عَلَى الْفَوْرِ وَهُوَ صَوْمُ مَنْ تَعَدَّى) بِالْفِطْرِ تَدَارُكًا لِمَا ارْتَكَبَهُ مِنْ الْإِثْمِ، وَلِأَنَّ التَّخْفِيفَ بِجَوَازِ التَّأْخِيرِ لَا يَلِيقُ بِحَالِ الْمُتَعَدِّي، وَشَمِلَ ذَلِكَ قَضَاءَ يَوْمِ الشَّكِّ لِوُجُوبِ قَضَائِهِ فَوْرًا إذْ هُوَ مَنْسُوبٌ بِعَدَمِ الْبَحْثِ عَنْ الْهِلَالِ إلَى تَقْصِيرٍ فِي الْجُمْلَةِ، وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ وُجُوبُ الْقَضَاءِ عَلَى مَنْ نَسِيَ النِّيَّةَ عَلَى الْفَوْرِ وَالْمُصَرَّحُ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي بِلَا خِلَافٍ (وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْفَوْرِ) يَحْرُمُ قَطْعُهُ (فِي الْأَصَحِّ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ تَعَدَّى بِالْفِطْرِ) لِتَلَبُّسِهِ بِالْفَرْضِ وَلَا عُذْرَ لَهُ فِي الْخُرُوجِ فَلَزِمَهُ إتْمَامُهُ كَمَا لَوْ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ. وَالثَّانِي لَا يَحْرُمُ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِالشُّرُوعِ فِيهِ فَأَشْبَهَ الْمُسَافِرَ يَشْرَعُ فِي الصَّوْمِ ثُمَّ يُرِيدُ الْخُرُوجَ مِنْهُ وَلَا تَتَقَيَّدُ الْفَوْرِيَّةُ بِمَا ذَكَرَهُ إذْ مِنْهُ مَا لَوْ ضَاقَ وَقْتُهُ فَلَمْ يَبْقَ مِنْ شَعْبَانَ إلَّا مَا يَسَعُ الْقَضَاءَ فَقَطْ وَإِنْ فَاتَ بِعُذْرٍ، وَيَتَأَتَّى انْقِسَامُ الْقَضَاءِ إلَى مَا يَكُونُ بِالتَّعَدِّي وَإِلَى غَيْرِهِ أَيْضًا فِي الصَّلَاةِ وَفِي الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ. وَاعْلَمْ أَنَّ أَفْضَلَ الشُّهُورِ لِلصَّوْمِ بَعْدَ رَمَضَانَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ وَأَفْضَلُهَا الْمُحَرَّمُ ثُمَّ رَجَبٌ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ فَضَّلَهُ عَلَى الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ ثُمَّ بَاقِيهَا وَظَاهِرُهُ الِاسْتِوَاءُ ثُمَّ شَعْبَانُ لِخَبَرِ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ» وَخَبَرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSهُوَ ظَاهِرٌ فِي الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ لِارْتِبَاطِ بَعْضِ أَجْزَائِهِمَا بِبَعْضٍ، وَأَمَّا قِرَاءَةُ سُورَةِ الْكَهْفِ وَالتَّسْبِيحَاتِ وَنَحْوِهِمَا فَهَلْ الْمُرَادُ بِالْخُرُوجِ مِنْهُ الْإِعْرَاضُ عَنْهُ وَالْإِشْغَالُ بِغَيْرِهِ وَتَرْكُ إتْمَامِهِ وَالْمُرَادُ مَا يَشْمَلُ قَطْعَهُ بِكَلَامٍ وَإِنْ لَمْ يَطُلْ ثُمَّ الْعَوْدُ إلَيْهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي مَا لَمْ يَكُنْ الْكَلَامُ مَطْلُوبًا كَرَدِّ السَّلَامِ وَإِجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا أُثِيبَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُثَابُ عَلَى مَا مَضَى ثَوَابَ بَعْضِ الْعِبَادَةِ الَّتِي بَطَلَتْ (قَوْلُهُ: أَمَّا تَطَوُّعُهُمَا) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْفَاعِلُ لَهُمَا عَبْدًا أَوْ صَبِيًّا، وَعَلَيْهِ فَالْوُجُوبُ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّبِيِّ مُتَعَلِّقٌ بِالْوَلِيِّ (قَوْلُهُ كَالِاثْنَيْنِ فَلَا يُسَنُّ لَهُ قَضَاؤُهُ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ لِفَقْدِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ) هِيَ قَوْلُهُ وَإِنْ خَرَجَ بِعُذْرٍ (قَوْلُهُ: لِصَوْمِ يَوْمٍ) أَفْهَمَ التَّقْيِيدُ بِالصَّوْمِ أَنَّ غَيْرَهُ مِمَّا يَتَبَعَّضُ كَالصَّدَقَةِ الْمَالِيَّةِ وَالْمَنْذُورِ لَا يَحْرُمُ قَطْعُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالْحَجِّ (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ) هُوَ قَوْلُهُ بِأَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ وُجُوبُ الْقَضَاءِ إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ قُبَيْلَ فَصْلِ الْفِدْيَةِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ ثَبَتَ كَوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ: وَمَا ذَكَرْته مِنْ وُجُوبِ الْفَوْرِ مَعَ عَدَمِ التَّحَدُّثِ هُوَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ، بَلْ تَعْلِيلُ الْأَصْحَابِ وُجُوبَ الْفَوْرِيَّةِ بِوُجُوبِ الْإِمْسَاكِ صَرِيحٌ فِيهِ، وَإِنَّمَا خَالَفْنَا ذَلِكَ فِي نَاسِي النِّيَّةِ لِأَنَّ عُذْرَهُ أَعَمُّ وَأَظْهَرُ مِنْ نِسْبَتِهِ لِلتَّقْصِيرِ، فَكَفَى فِي عُقُوبَتِهِ وُجُوبُ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ فَحَسْبُ (قَوْلُهُ: إنَّهُ) أَيْ مَنْ نَسِيَ النِّيَّةَ عَلَى التَّرَاخِي مُعْتَمَدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [وَصَوْمُ الدَّهْرِ غَيْرُ الْعِيدِ] قَوْلُهُ: لِفَقْدِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ) أَيْ الْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ إذْ لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ أَحَدٌ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ مُعَارَضٌ بِمَا مَرَّ مِنْ إفْتَائِهِ بِقَضَاءِ سِتِّ ذِي الْقِعْدَةِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: لَا مُعَارَضَةَ لِلْفَرْقِ الظَّاهِرِ بَيْنَهُمَا، أَلَا تَرَى أَنَّ سِتَّ شَوَّالٍ يُسْتَحَبُّ قَضَاؤُهَا لِكُلِّ أَحَدٍ وَلَوْ لَمْ يَعْتَدْهَا بِخِلَافِ صَوْمِ مَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ) أَيْ عَلَى بَاقِيهَا (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ الِاسْتِوَاءُ)

«كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إلَّا قَلِيلًا» قَالَ الْعُلَمَاءُ: اللَّفْظُ الثَّانِي مُفَسِّرٌ لِلْأَوَّلِ وَالْمُرَادُ كُلُّهُ غَالِبُهُ، وَقِيلَ كَانَ يَصُومُهُ تَارَةً مِنْ أَوَّلِهِ وَتَارَةً مِنْ آخِرِهِ وَتَارَةً مِنْ وَسَطِهِ وَلَا يَتْرُكُ مِنْهُ شَيْئًا بِلَا صِيَامٍ لَكِنْ فِي أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ، وَإِنَّمَا أَكْثَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الصَّوْمِ فِي شَعْبَانَ مَعَ كَوْنِ الْمُحَرَّمِ أَفْضَلَ مِنْهُ لِأَنَّهُ كَانَتْ تُعْرَضُ لَهُ فِيهِ أَعْذَارٌ تَمْنَعُهُ مِنْ إكْثَارِ الصَّوْمِ فِيهِ، أَوْ لَعَلَّهُ لَمْ يَعْلَمْ فَضْلَ الْمُحَرَّمِ إلَّا فِي آخِرِ حَيَاتِهِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ صَوْمِهِ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - «مَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطْعًا إلَّا رَمَضَانَ» قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَسْتَكْمِلْ ذَلِكَ لِئَلَّا يُظَنَّ وُجُوبُهُ ، وَيَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ صَوْمُ تَطَوُّعٍ مِنْ غَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا وَهُوَ حَاضِرٌ، فَلَوْ صَامَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ صَحَّ وَإِنْ كَانَ حَرَامًا كَالصَّلَاةِ فِي دَارٍ مَغْصُوبَةٍ وَعِلْمُهَا بِرِضَاهُ كَإِذْنِهِ، وَسَيَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ عَدَمُ حُرْمَةِ صَوْمِ نَحْوِ عَاشُورَاءَ عَلَيْهَا، أَمَّا صَوْمُهَا فِي غَيْبَةِ زَوْجِهَا عَنْ بَلَدِهَا فَجَائِزٌ قَطْعًا، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ صَوْمُهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ مَعَ حُضُورِهِ نَظَرًا لِجَوَازِ إفْسَادِهِ عَلَيْهَا لِأَنَّ الصَّوْمَ يُهَابُ عَادَةً فَيَمْنَعُهُ التَّمَتُّعُ بِهَا، وَلَا يُلْحَقُ بِالصَّوْمِ صَلَاةُ التَّطَوُّعِ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ لِقِصَرِ زَمَنِهَا، وَالْأَمَةُ الْمُبَاحَةُ لِلسَّيِّدِ كَالزَّوْجَةِ وَغَيْرُ الْمُبَاحَةِ كَأُخْتِهِ، وَالْعَبْدُ إنْ تَضَرَّرَ، بِصَوْمِ التَّطَوُّعِ لِضَعْفٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ وَإِلَّا جَازَ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ صَوْمُ تَطَوُّعٍ) خَرَجَ بِهِ الْفَرْضُ فَلَا يَحْرُمُ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ قَطْعُهُ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لِنَذْرٍ مُطْلَقٍ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ (قَوْلُهُ: صَحَّ) أَيْ وَتُثَابُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ عَدَمُ حُرْمَةِ صَوْمِ نَحْوِ عَاشُورَاءَ) أَيْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَقَوْلُهُ نَحْوِ عَاشُورَاءَ أَيْ مِمَّا لَا يَكْثُرُ وُقُوعُهُ (قَوْلُهُ مَعَ حُضُورِهِ) وَلَوْ جَرَتْ عَادَتُهُ بِأَنْ يَغِيبَ عَنْهَا مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إلَى آخِرِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَطْرَأَ لَهُ قَضَاءُ وَطَرِهِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ عَلَى خِلَافِ عَادَتِهِ (قَوْلُهُ: صَلَاةُ التَّطَوُّعِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَثُرَ مَا نَوَتْهُ لِأَنَّ الصَّلَاةَ مِنْ شَأْنِهَا قَصْرُ زَمَنِهَا (قَوْلُهُ: وَالْأَمَةُ الْمُبَاحَةُ لِلسَّيِّدِ) أَيْ الَّتِي أَعَدَّهَا لِلتَّمَتُّعِ بِأَنْ تَسَرَّى بِهَا، أَمَّا أَمَةُ الْخِدْمَةِ الَّتِي لَمْ يَسْبِقْ لِلسَّيِّدِ تَمَتُّعٌ بِهَا وَلَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهَا إرَادَتُهُ مِنْهَا فَلَا يَنْبَغِي مَنْعُهَا مِنْ الصَّوْمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ فِي غَيْرِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ لِمَا مَرَّ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يَتْرُكُ مِنْهُ شَيْئًا بِلَا صِيَامٍ) فَإِنْ قُلْت: هَذَا لَا يُلَاقِي قَوْلَهُ فِيهِ إلَّا قَلِيلًا. " قُلْت: يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ كُلُّهُ بِالنَّظَرِ لِمَجْمُوعِ السِّنِينَ كَمَا قَرَّرَهُ، وَقَوْلُهُ إلَّا قَلِيلًا بِالنَّظَرِ لِكُلِّ سَنَةٍ عَلَى حِدَتِهَا، بِمَعْنَى أَنَّهُ كَانَ تَارَةً يَشْرَعُ فِي الصَّوْمِ فِيهِ مِنْ أَوَّلِهِ وَيَسْرُدُ الصَّوْمَ ثُمَّ يُفْطِرُ قَلِيلًا مِنْ آخِرِهِ، وَتَارَةً يَتْرُكُ الصَّوْمَ قَلِيلًا مِنْ أَوَّلِهِ ثُمَّ يَسْرُدُ الصَّوْمَ إلَخْ، وَتَارَةً يَتْرُكُ قَلِيلًا مِنْ أَوَّلِهِ ثُمَّ يَسْرُدُ لِصَوْمٍ ثُمَّ يَتْرُكُ الصَّوْمَ قَلِيلًا مِنْ آخِرِهِ فَتَأَمَّلْ

[كتاب الاعتكاف]

كِتَابُ الِاعْتِكَافِ هُوَ لُغَةً: اللُّبْثُ وَالْحَبْسُ وَالْمُلَازَمَةُ عَلَى الشَّيْءِ وَلَوْ شَرًّا، يُقَالُ اعْتَكَفَ وَعَكَفَ يَعْكُفُ بِضَمِّ الْكَافِ وَكَسْرِهَا عَكْفًا وَعُكُوفًا وَعَكَفْته أَعْكِفُهُ بِكَسْرِ الْكَافِ عَكْفًا لَا غَيْرُ، يُسْتَعْمَلُ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا كَرَجَعَ وَرَجَعْته وَنَقَصَ وَنَقَصْته. وَشَرْعًا: لُبْثٌ فِي مَسْجِدٍ بِقَصْدِ الْقُرْبَةِ مِنْ مُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ عَاقِلٍ طَاهِرٍ عَنْ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ صَاحٍ كَافٍ نَفْسَهُ عَنْ شَهْوَةِ الْفَرْجِ مَعَ الذِّكْرِ وَالْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ، وَأَصْلُهُ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] وَأَخْبَارٌ صَحِيحَةٌ مِنْهَا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأُوَلَ مِنْ رَمَضَانَ، ثُمَّ الْأَوْسَطَ، ثُمَّ الْأَخِيرَ وَلَازَمَهُ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنَّهُ اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ» وَفِي رِوَايَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــS [كِتَابُ الِاعْتِكَافِ] (قَوْلُهُ: وَالْمُلَازَمَةُ عَلَى الشَّيْءِ) رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: يُقَالُ) أَيْ فِي اللُّغَةِ (قَوْلُهُ: فِي مَسْجِدٍ) أَيْ خَالِصٍ (قَوْلُهُ: مِنْ مُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ عَاقِلٍ إلَخْ) ذِكْرُهُ بَعْدَ التَّمْيِيزِ مُجَرَّدُ إيضَاحٍ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ أَحَدِهِمَا الْآخَرُ وَلِذَلِكَ لَمْ يَجْمَعْ الْمُصَنِّفُ بَيْنَهُمَا فِيمَا يَأْتِي، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمَجْنُونَ إذَا كَانَ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ لَا يَصِحُّ اعْتِكَافُهُ لِانْتِفَاءِ الْعَقْلِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلِلْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ) أَيْ وَعَدَمُ الْإِكْرَاهِ وَكَوْنُهُ وَاضِحًا كَمَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْأَوْسَطَ إلَخْ) قَالَ الدَّمَامِينِيُّ فِي مَصَابِيحِ الْجَامِعِ الصَّحِيحِ مَا نَصُّهُ: الْعَشْرُ الْأَوْسَطُ جَاءَ هُنَا عَلَى لَفْظِ الْعَشْرُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى مُفْرَدَاتِهِ وَلَفْظُهُ مُذَكَّرٌ فَيَصِحُّ وَصْفُهُ بِالْأَوْسَطِ، وَإِلَّا فَلَوْ أُرِيدَ وَصْفُهُ بِاعْتِبَارِ آحَادِهِ لَقِيلَ الْوُسْطَى وَالْوُسَطُ بِضَمِّ الْوَاوِ وَفَتْحِ السِّينِ كَكُبْرَى وَكُبَرٍ وَقَدْ رُوِيَ بِهِ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ، وَرُوِيَ أَيْضًا الْوُسُطُ بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ وَاسِطٍ كَبَازِلٍ وَبُزُلٍ كَذَا فِي الزَّرْكَشِيّ. قُلْت: وَأَوْسَطُ هَذَا مُذَكَّرٌ وَوَاحِدُ الْعَشْرِ مُؤَنَّثٌ فَكَانَ قِيَاسُهُ أَوَاسِطُ جَمْعُ وَاسِطَةٍ كَأَوَاخِرَ جَمْعُ آخِرَةٍ اهـ: وَقَالَ الْإِمَامُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأَوْسَطَ، كَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النَّسْخِ، وَالْمَشْهُورُ فِي الِاسْتِعْمَالِ تَأْنِيثُ الْعَشْرِ كَمَا قَالَ فِي أَكْثَرِ الْأَحَادِيثِ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ: وَتَذْكِيرُهُ أَيْضًا لُغَةٌ صَحِيحَةٌ بِاعْتِبَارِ الْأَيَّامِ، أَوْ بِاعْتِبَارِ الْوَقْتِ وَالزَّمَانِ، وَيَكْفِي فِي صِحَّتِهَا ثُبُوتُ اسْتِعْمَالِهَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْتَهَى. وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: وَالْيَوْمُ الْأَوْسَطُ وَاللَّيْلَةُ الْوُسْطَى، وَبِجَمْعِ الْأَوْسَطِ عَلَى الْأَوَاسِطِ مِثْلُ الْأَفْضَلِ وَالْأَفَاضِلِ تُجْمَعُ الْوُسْطَى عَلَى الْوُسَطِ مِثْلُ الْفُضْلَى وَالْفُضَلِ، وَإِذَا أُرِيدَ اللَّيَالِي قِيلَ الْعَشْرُ الْوُسَطُ، وَإِذَا أُرِيدَ الْأَيَّامُ قِيلَ الْعَشْرُ الْأَوَاسِطُ، وَقَوْلُهُمْ الْعَشْرُ الْأَوْسَطُ عَامِّيٌّ، وَلَا عِبْرَةَ بِمَا فَشَا عَلَى أَلْسِنَةِ الْعَوَامّ مُخَالِفًا لِمَا نَقَلَهُ أَئِمَّةُ اللُّغَةِ، فَقَدْ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ وَجَمَاعَةٌ: إنَّ أَلْفَاظَ الْحَدِيثِ تَنَاقَلَتْهُ أَيْدِي الْعَجَمِ حَتَّى فَشَا فِيهِ اللَّحْنُ وَتَلَعَّبَتْ بِهِ الْأَلْسُنُ اللُّكْنُ حَتَّى حَرَّفُوا بَعْضَهُ مِنْ مَوَاضِعِهِ، وَمَا هَذِهِ سَبِيلُهُ فَلَا يُحْتَجُّ بِأَلْفَاظِهِ الْمُخْتَلِفَةِ لِأَنَّ النَّقَلَةَ لَمْ يَنْقُلُوا الْحَدِيثَ بِضَبْطِ الْحُفَّاظِ حَتَّى يُحْتَجَّ بِهَا بَلْ بِمَعَانِيهَا فَإِنَّهُمْ أَجَازُوا نَقْلَ الْحَدِيثِ بِالْمَعْنَى، وَلِهَذَا تَخْتَلِفُ أَلْفَاظُ الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا: وَلِأَنَّ الْعَشْرَ جَمْعٌ وَالْأَوْسَطُ مُفْرَدٌ وَلَا يُخْبَرُ عَنْ الْجَمْعِ بِمُفْرَدٍ، عَلَى أَنَّهُ يُحْتَمَلُ غَلَطُ الْكَاتِبِ بِسُقُوطِ الْأَلِفِ مِنْ الْأَوَاسِطِ وَالْهَاءِ مِنْ الْعَشَرَةِ: وَقَوْلُهُ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأُوَلَ إلَخْ: أَيْ فِي بَعْضِ السِّنِينَ ثُمَّ الْأَوْسَطَ فِي بَعْضٍ آخَرَ إلَخْ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [صَوْمُ تَطَوُّعٍ مِنْ غَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا وَهُوَ حَاضِرٌ] كِتَابُ الِاعْتِكَافِ

«فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْهُ» وَهُوَ مِنْ الشَّرَائِعِ الْقَدِيمَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ} [البقرة: 125] وَسُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ لَا تَخْتَصُّ بِزَمَنٍ كَمَا قَالَ (هُوَ مُسْتَحَبٌّ كُلَّ وَقْتٍ) فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَلِإِطْلَاقِ الْأَدِلَّةِ وَيَجِبُ بِالنَّذْرِ. (وَهُوَ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ أَفْضَلُ) مِنْهُ فِي غَيْرِهِ، وَلَيْسَ هَذَا مُكَرَّرًا بِمَا مَرَّ فِي الْبَابِ السَّابِقِ إذْ ذَاكَ فِي اسْتِحْبَابِهِ فِي رَمَضَانَ وَمَا هُنَا فِي الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِكَوْنِهِ فِيهِ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ، وَأَشَارَ إلَى حِكْمَةِ أَفْضَلِيَّتِهِ هُنَا بِقَوْلِهِ (لِطَلَبِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ) الَّتِي هِيَ فِيهِ أَيْ فَيُحْيِيهَا بِالصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ وَكَثْرَةِ الدُّعَاءِ فَإِنَّهَا أَفْضَلُ لَيَالِي السَّنَةِ قَالَ تَعَالَى {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3] أَيْ الْعَمَلُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْعَمَلِ فِي أَلْفِ شَهْرٍ لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ. وَفِي الصَّحِيحِ «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» (وَهِيَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ) وَاَلَّتِي يُفْرَقُ فِيهَا كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ وَبَاقِيَةٌ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إجْمَاعًا وَتُرَى حَقِيقَةً فَيَتَأَكَّدُ طَلَبُهَا وَالِاجْتِهَادُ فِي إدْرَاكِهَا كُلَّ عَامٍ وَإِحْيَاءُ لَيْلِهَا كُلِّهِ بِالْعِبَادَةِ وَالدُّعَاءِ، وَالْمُرَادُ بِرَفْعِهَا فِي خَبَرِ «فَرُفِعَتْ وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ» رُفِعَ عِلْمُ عَيْنِهَا وَإِلَّا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِالْتِمَاسِهَا، وَمَعْنَى «عَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ» : أَيْ لِتَرْغَبُوا فِي طَلَبِهَا وَالِاجْتِهَادِ فِي كُلِّ اللَّيَالِي وَلِيَكْثُرَ فِيهَا وَفِي يَوْمِهَا مِنْ الْعِبَادَةِ بِإِخْلَاصٍ وَصِحَّةِ يَقِينٍ، وَمِنْ قَوْلِهِ: «اللَّهُمَّ إنَّك عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنَّا» ، وَيُسَنُّ لِمَنْ رَآهَا أَنْ يَكْتُمَهَا، وَمَا نُقِلَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ مِنْ أَنَّهُ لَا يَنَالُ فَضْلَهَا إلَّا مَنْ اطَّلَعَ عَلَيْهَا، فَمَنْ قَامَهَا وَلَمْ يَشْعُرْ بِهَا لَمْ يَنَلْ فَضْلَهَا، رَدَّهُ جَمْعٌ بِتَصْرِيحِ الْمُتَوَلِّي بِخِلَافِهِ وَبِأَنَّ فِي مُسْلِمٍ «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَوَافَقَهَا» وَتَفْسِيرُ الْمُوَافَقَةِ بِالْعِلْمِ غَيْرُ مُسَاعِدٍ عَلَيْهِ مِنْ اللُّغَةِ، وَفِيهِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ " مَنْ يَقُمْ الْحَوْلَ يُصِبْهَا " وَبِقَوْلِ أَصْحَابِنَا: يُسَنُّ التَّعَبُّدُ فِي كُلِّ لَيَالِي الشَّهْرِ لِيَحُوزَ الْفَضِيلَةَ بِيَقِينٍ. نَعَمْ يُحْمَلُ قَوْلُ مَنْ قَالَ لَمْ يَنَلْ فَضْلَهَا عَلَى الْكَامِلِ فَلَا يُنَافِيهِ مَا ذُكِرَ. وَسُمِّيَتْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لِأَنَّهَا لَيْلَةُ الْحُكْمِ وَالْفَصْلِ، وَقِيلَ لِعِظَمِ قَدْرِهَا (وَمَيْلُ الشَّافِعِيِّ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (إلَى أَنَّهَا لَيْلَةُ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ) ـــــــــــــــــــــــــــــSوَهَلْ اعْتِكَافُهُ الْعَشْرَ الْأُوَلَ كَانَ فِي سَنَةٍ أَوْ سِنِينَ وَهَلْ الْأَوْسَطُ كَذَلِكَ أَوْ لَا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ {أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ} [البقرة: 125] أَيْ نَزِّهَاهُ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ كُلَّ وَقْتٍ) أَيْ حَتَّى أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ وَإِنْ تَحَرَّاهَا (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ بِالنَّذْرِ) ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِمَسَائِلِ النَّذْرِ الْآتِيَةِ وَإِلَّا فَمَعْلُومٌ مِنْ كَوْنِهِ مُسْتَحَبًّا أَنَّهُ يَصِحُّ نَذْرُهُ (قَوْلُهُ: مُكَرَّرًا بِمَا مَرَّ) أَيْ مَعَ مَا مَرَّ فَالْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ (قَوْلُهُ: «إيمَانًا وَاحْتِسَابًا» ) أَيْ تَصْدِيقًا بِأَنَّهَا حَقٌّ وَطَاعَةٌ، وَاحْتِسَابًا: أَنَّ طَلَبًا لِرِضَاءِ اللَّهِ وَثَوَابِهِ لَا رِيَاءَ وَسُمْعَةَ وَنَصْبُهُمَا عَلَى الْمَفْعُولِ لَهُ أَوْ التَّمْيِيزِ أَوْ الْحَالِ بِتَأْوِيلِ الْمَصْدَرِ بِاسْمِ الْفَاعِلِ وَعَلَيْهِ فَهُمَا حَالَانِ مُتَدَاخِلَانِ أَوْ مُتَرَادِفَانِ، وَالنُّكْتَةُ فِي وُقُوعِ الْجَزَاءِ مَاضِيًا مَعَ أَنَّهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَنَّهُ مُتَيَقَّنُ الْوُقُوعِ فَضْلًا مِنْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ اهـ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ (قَوْلُهُ: وَلِيَكْثُرَ فِيهَا) أَيْ حَيْثُ اطَّلَعَ عَلَيْهَا أَوْ كَانَتْ مِنْ اللَّيَالِي الَّتِي تُرْجَى أَنَّهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ كَالْحَادِي وَالْعِشْرِينَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ لِمَنْ رَآهَا إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهَا كَالْكَرَامَةِ وَهِيَ يُسْتَحَبُّ كَتْمُهَا، وَعِبَارَةُ حَجّ فِي الْحَجِّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَهِيَ نَوْعَانِ مَا نَصُّهُ: تَعْلِيلًا لِكَلَامٍ قَرَّرَهُ وَلِإِطْبَاقِهِمْ كَمَا قَالَ الْيَافِعِيُّ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ: أَيْ الْوَلِيِّ التَّنَزُّهُ عَنْ قَصْدِ الْكَرَامَةِ وَفِعْلُهَا مَا أَمْكَنَ اهـ. لَكِنَّهُ لَا يُفِيدُ طَلَبُ كَتْمِهَا إذَا اتَّفَقَ ظُهُورُهَا عَلَى يَدِهِ (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ لَيَالِي الشَّهْرِ) فِي نُسْخَةٍ الْعَشْرُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَيْلَةُ الْحُكْمِ) أَيْ وَأَمَّا مَا يَقَعُ لَيْلَةَ نِصْفِ شَعْبَانَ إنْ صَحَّ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ ابْتِدَاءَ الْكِتَابَةِ فِيهَا وَتَمَامَ الْكِتَابَةِ وَتَسْلِيمَ الصُّحُفِ لِأَرْبَابِهَا إنَّمَا هُوَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (قَوْلُهُ إلَى أَنَّهَا لَيْلَةُ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ إلَخْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ فَيُحْيِيهَا بِالصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ إلَخْ) هَذَا نَتِيجَةُ الطَّلَبِ فَهُوَ مُفَرَّعٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِحْيَاءُ لَيْلِهَا كُلِّهِ بِالْعِبَادَةِ وَالدُّعَاءِ) هَذَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا إلَّا قَوْلَهُ كُلِّهِ فَهُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ ذِكْرِ هَذَا هُنَا (قَوْلُهُ: وَلْيُكْثِرْ فِيهَا وَفِي يَوْمِهَا مِنْ الْعِبَادَةِ)

(أَوَالثَّالِثُ وَالْعِشْرِينَ) مِنْهُ يَدُلُّ عَلَى الْأَوَّلِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ وَعَلَى الثَّانِي خَبَرُ مُسْلِمٍ وَهَذَا نَصُّ الْمُخْتَصَرِ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّ مَيْلَهُ إلَى أَنَّهَا لَيْلَةُ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ لَا غَيْرُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تَلْزَمُ لَيْلَةً بِعَيْنِهَا وَأَرْجَاهَا بَعْدَ مَا مَرَّ بَقِيَّةٌ أَوْ تَارَةٌ وَفِيهَا لِلْعُلَمَاءِ نَحْوُ ثَلَاثِينَ قَوْلًا، وَعَلَامَتُهَا عَدَمُ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ فِيهَا، وَأَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ صَبِيحَتَهَا بَيْضَاءَ بِلَا كَثِيرِ شُعَاعٍ، وَحِكْمَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ عَلَامَةٌ لَهَا، أَوْ أَنَّ ذَلِكَ لِكَثْرَةِ اخْتِلَافِ الْمَلَائِكَةِ وَنُزُولِهَا وَصُعُودِهَا فِيهَا فَسَتَرَتْ بِأَجْنِحَتِهَا وَأَجْسَامِهَا اللَّطِيفَةِ ضَوْءَ الشَّمْسِ وَشُعَاعَهَا " وَفَائِدَةُ مَعْرِفَةِ صِفَتِهَا بَعْدَ فَوْتِهَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَنَّهُ يُسَنُّ أَنْ يَكُونَ اجْتِهَادُهُ فِي يَوْمِهَا كَاجْتِهَادِهِ فِيهَا، وَلِيَجْتَهِدَ فِي مِثْلِهَا مِنْ قَابِلٍ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ انْتِقَالِهَا، وَقَدْ نُقِلَ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ عَنْ نَصِّهِ فِي الْقَدِيمِ أَنَّ مَنْ شَهِدَ الْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَقَدْ أَخَذَ بِحَظِّهِ مِنْهَا. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَقَدْ أَدْرَكَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ» وَلِلِاعْتِكَافِ أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ: مَسْجِدٌ وَلُبْثٌ وَنِيَّةٌ وَمُعْتَكِفٌ، وَقَدْ شَرَعَ فِي أَوَّلِهَا فَقَالَ (وَإِنَّمَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ، فِي الْمَسْجِد) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِلْإِجْمَاعِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] إذْ ذِكْرُ الْمَسَاجِدِ لَا جَائِزَ أَنْ يَكُونَ لِجَعْلِهَا شَرْطًا فِي مَنْعِ مُبَاشَرَةِ الْمُعْتَكِفِ ـــــــــــــــــــــــــــــSثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا تَكُونُ عِنْدَ كُلِّ قَوْمٍ بِحَسَبِ لَيْلِهِمْ، فَإِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ عِنْدَنَا نَهَارًا لِغَيْرِنَا تَأَخَّرَتْ الْإِجَابَةُ وَالثَّوَابُ إلَى أَنْ يَدْخُلَ اللَّيْلُ عِنْدَهُمْ، وَيُحْتَمَلُ لُزُومُهَا لِوَقْتٍ وَاحِدٍ وَإِنْ كَانَ نَهَارًا بِالنِّسْبَةِ لِقَوْمٍ وَلَيْلًا بِالنِّسْبَةِ لِآخَرِينَ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِيَنْطَبِقَ عَلَيْهِ مُسَمَّى اللَّيْلِ عِنْدَ كُلٍّ مِنْهُمَا أَخْذًا مِمَّا قِيلَ فِي سَاعَةِ الْإِجَابَةِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَنَّهَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَوْقَاتِ الْخُطَبِ (قَوْلُهُ: يَدُلُّ عَلَى الْأَوَّلِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ) مِنْهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنِّي أُرِيتهَا اللَّيْلَةَ وَأَرَانِي أَسْجُدُ فِي صَبِيحَتِهَا فِي الطِّينِ وَالْمَاءِ، فَأَصْبِحُوا مِنْ لَيْلَةِ إحْدَى وَعِشْرِينَ وَقَدْ قَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الصُّبْحِ فَمَطَرَتْ السَّمَاءُ فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ فَخَرَجَ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَجَبِينُهُ وَأَرْنَبَتُهُ أَيْ أَنْفُهُ فِيهِمَا أَثَرُ الْمَاءِ وَالطِّينِ» وَرَوَى مُسْلِمٌ مِثْلَ هَذَا عَنْ لَيْلَةِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ اهـ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تَلْزَمُ لَيْلَةً بِعَيْنِهَا) أَيْ مِنْ الْعَشْرِ الْأَخِيرِ (قَوْلُهُ وَأَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ صَبِيحَتَهَا بَيْضَاءَ) أَيْ وَيَسْتَمِرُّ ذَلِكَ إلَى أَنْ تَرْتَفِعَ كَرُمْحٍ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ، ذَكَرَهُ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِهِ الصَّغِيرِ عَلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عِنْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَبِيحَةَ لَيْلَةِ الْقَدْرِ تَطْلُعُ الشَّمْسُ لَا شُعَاعَ لَهَا كَأَنَّهَا طَسْتٌ حَتَّى تَرْتَفِعَ» وَقَوْلُهُ كَأَنَّهَا طَسْتٌ أَيْ مِنْ نُحَاسٍ أَبْيَضِ مُنَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَنُزُولُهَا وَصُعُودُهَا فِيهَا) لَا يُقَالُ: اللَّيْلَةَ تَنْقَضِي بِطُلُوعِ الْفَجْرِ فَكَيْفَ تَسْتُرُ بِصُعُودِهَا وَنُزُولِهَا فِي اللَّيْلِ ضَوْءَ الشَّمْسِ. لِأَنَّا نَقُولُ: يَجُوزُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَنْتَهِي بِطُلُوعِ الْفَجْرِ بَلْ كَمَا يَكُونُ فِي لَيْلَتِهَا يَكُونُ فِي يَوْمِهَا، وَبِتَقْدِيرِ أَنَّهُ يَنْتَهِي نُزُولُهَا بِطُلُوعِ الْفَجْرِ فَيَجُوزُ أَنَّ الصُّعُودَ مُتَأَخِّرٌ وَبِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ لَيْلًا فَيَجُوزُ أَنَّهَا إذَا صَعِدَتْ تَكُونُ مُحَاذَاتُهَا لِلشَّمْسِ وَقْتَ مُرُورِهَا فِي مُقَابَلَتِهَا نَهَارًا (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ اجْتِهَادُهُ فِي يَوْمِهَا إلَخْ) وَهَلْ الْعَمَلُ فِي يَوْمِهَا خَيْرٌ مِنْ الْعَمَلِ فِي أَلْفِ شَهْرٍ لَيْسَ فِيهَا صَبِيحَةُ يَوْمِ قُدِّرَ قِيَاسًا عَلَى اللَّيْلَةِ ظَاهِرُ التَّشْبِيهِ أَنَّهُ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى نَقْلٍ صَرِيحٍ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَقَدْ نَقَلَ) أَيْ النَّوَوِيُّ وَقَوْلُهُ عَنْ نَصِّهِ: أَيْ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: الْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ) أَيْ وَاتَّفَقَ أَنَّ تِلْكَ اللَّيْلَةَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَلَكِنْ لَا يَتِمُّ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِمُلَازَمَةِ جَمِيعِ الشَّهْرِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ خَبَرَ «مَنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ حَتَّى يَنْقَضِيَ رَمَضَانُ فَقَدْ أَخَذَ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ بِحَظٍّ وَافِرٍ» (قَوْلُهُ: فِي الْمَسْجِدِ) أَيْ وَلَوْ ظَنًّا فِيمَا يَظْهَرُ وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي بَابِ الْغُسْلِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَاللُّبْثُ بِالْمَسْجِدِ لَا عُبُورَهُ نَصُّهَا: وَهَلْ شَرْطُ الْحُرْمَةِ تَحَقُّقُ الْمَسْجِدِيَّةِ أَوْ يُكْتَفَى بِالْقَرِينَةِ؟ فِيهِ احْتِمَالٌ، وَالْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِهِمْ الْأَوَّلُ، وَعَلَيْهِ فَالِاسْتِفَاضَةُ كَافِيَةٌ مَا لَمْ يُعْلَمْ أَصْلُهُ كَالْمَسَاجِدِ الْمُحْدَثَةِ بِمِنًى اهـ ـــــــــــــــــــــــــــــQذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ وَإِلَّا فَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَزَادَ هُنَا تَقْيِيدَهُ بِالْإِخْلَاصِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ) مُتَعَلِّقٌ بِفَوْتٍ

لِمَنْعِهِ مِنْهَا وَلَوْ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَلِمَنْعِ غَيْرِهِ مِنْهَا فِيهَا فَتَعَيَّنَ كَوْنُهَا شَرْطًا لِصِحَّةِ الِاعْتِكَافِ، (وَلَا يَفْتَقِرُ شَيْءٌ مِنْ الْعِبَادَاتِ إلَى الْمَسْجِدِ إلَّا التَّحِيَّةَ وَالِاعْتِكَافَ وَالطَّوَافَ) ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ سَطْحِهِ وَصَحْنِهِ وَرَحْبَتِهِ الْمَعْدُودَةِ مِنْهُ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ صِحَّتِهِ فِيمَا وَقَفَ جُزْؤُهُ شَائِعًا مَسْجِدًا أَوْ فِي مَسْجِدٍ أَرْضُهُ مُسْتَأْجَرَةٌ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَمَا رَجَّحَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ: (لَوْ بَنَى فِيهِ مَسْطَبَةً وَوَقَفَهَا مَسْجِدًا صَحَّ) كَمَا يَصِحُّ عَلَى سَطْحِهِ وَجُدْرَانِهِ ظَاهِرٌ وَإِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ بِالصِّحَّةِ وَإِنْ لَمْ يَبْنِهَا بِهِ إذْ الْمَسْجِدُ هُوَ الْبِنَاءُ الَّذِي فِي تِلْكَ الْأَرْضِ لَا الْأَرْضُ وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ (صِحَّةُ وَقْفِ الْعُلُوِّ دُونَ السُّفْلِ) مَسْجِدًا كَعَكْسِهِ وَعَدَمُ صِحَّةِ وَقْفِ الْمَنْقُولِ مَسْجِدًا كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْوَقْفِ. قَالَ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: (لَوْ اعْتَكَفَ فِيمَا ظَنَّهُ مَسْجِدًا) فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فِي الْبَاطِنِ فَلَهُ أَجْرُ قَصْدِهِ وَاعْتِكَافِهِ وَإِلَّا فَقَصْدُهُ فَقَطْ (وَ) الْمَسْجِدُ (الْجَامِعُ) وَهُوَ مَا تُقَامُ الْجُمُعَةُ فِيهِ (أَوْلَى) بِالِاعْتِكَافِ مِنْ غَيْرِهِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ فِي إيجَابِهِ لِكَثْرَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: الْمَعْدُودَةِ مِنْهُ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُتَّصِلَةُ بِهِ، فَإِنْ خَرَجَ إلَى رَحْبَتِهِ الْمُنْفَصِلَةِ مِنْهُ انْقَطَعَ اعْتِكَافُهُ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي فِي خُرُوجِ الْمُؤَذِّنِ الرَّاتِبِ إلَى مَنَارَةِ بَابِهَا فِيهِ أَوْ فِي رَحْبَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّ الْمُنْفَصِلَةَ عَنْهُ يَنْقَطِعُ تَتَابُعُهُ بِالْخُرُوجِ إلَى الْمَنَارَةِ الَّتِي بَابُهَا بِالْمُنْفَصِلَةِ. [فَرْعٌ] شَجَرَةٌ أَصْلُهَا بِالْمَسْجِدِ وَأَغْصَانُهَا خَارِجُهُ هَلْ يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ عَلَى الْأَغْصَانِ أَوْ لَا؟ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ الصِّحَّةُ وَلَوْ انْعَكَسَ الْحَالُ فَكَانَ أَصْلُ الشَّجَرَةِ خَارِجَهُ وَأَغْصَانُهَا دَاخِلُهُ فَفِيهِ نَظَرٌ، وَيُتَّجَهُ الصِّحَّةُ أَيْضًا أَخْذًا مِنْ صَرِيحِ كَلَامِ سم عَلَى حَجّ فِي بَابِ الْحَجِّ فِي فَصْلِ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَوْ مَنْصُوبِهِ أَنْ يَخْطُبَ بِمَكَّةَ إلَخْ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَوَاجِبُ الْوُقُوفِ حُضُورُهُ بِجُزْءٍ مِنْ أَرْضِ عَرَفَاتٍ حَيْثُ ذَكَرَ مَا يُفِيدُ التَّسْوِيَةَ، فِي الِاعْتِكَافِ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ. وَالتَّفْرِقَةُ فِي الْحَجِّ بَيْنَ مَا أَصْلُهَا فِي الْحَرَمِ وَأَغْصَانُهَا خَارِجُهُ فَلَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ عَلَى الْأَغْصَانِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ، لَكِنْ يُرَاجَعُ قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ إلَخْ وَلَعَلَّهُ فَلَا يَصِحُّ الْوُقُوفُ (قَوْلُهُ: فِيمَا وَقَفَ جُزْؤُهُ شَائِعًا مَسْجِدًا) وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الِاعْتِكَافِ وَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ حَيْثُ صَحَّتْ فِيمَا وَقَفَ جُزْؤُهُ شَائِعًا أَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ التَّعْظِيمُ وَهُوَ حَاصِلٌ بِذَلِكَ، وَأَيْضًا صِحَّةُ الصَّلَاةِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْمَسْجِدِيَّةِ بِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي مَسْجِدٍ أَرْضُهُ مُسْتَأْجَرَةٌ) وَمِنْهُ الْأَرْضُ الْمُحْتَكَرَةُ، وَصُورَةُ مَسْأَلَةِ الِاسْتِئْجَارِ أَنْ لَا يُفْرَشَ بِالْبَلَاطِ مَثَلًا ثُمَّ يُوقَفُ مَا فُرِشَ بِأَرْضِهِ مَسْجِدًا (قَوْلُهُ: لَوْ بَنَى فِيهِ) أَيْ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي أَرْضُهُ مُسْتَأْجَرَةٌ (قَوْلُهُ: مَسْطَبَةً) أَيْ أَوْ سَمَّرَ فِيهِ دِكَّةً مِنْ خَشَبٍ أَوْ نَحْوِ سَجَّادَةٍ مَرَّ اهـ سم عَلَى حَجّ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي مِلْكِهِ (قَوْلُهُ: إذْ الْمَسْجِدُ) تَوْجِيهٌ لِقَوْلِهِ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ صِحَّةُ وَقْفِ الْعُلُوِّ إلَخْ) وَمِنْهُ الْخَلَاوِي وَالْبُيُوتُ الَّتِي تُوجَدُ فِي بَعْضِ الْمَسَاجِدِ وَهِيَ مَشْرُوطَةٌ لِلْإِمَامِ أَوْ نَحْوِهِ وَيَسْكُنُونَ فِيهَا بِزَوْجَاتِهِمْ، فَإِنْ عُلِمَ أَنَّ الْوَاقِفَ وَقَفَ مَا عَدَاهَا مَسْجِدًا جَازَ الْمُكْثُ فِيهَا مَعَ الْحَيْضِ وَالْجَنَابَةِ وَالْجِمَاعِ فِيهَا وَإِلَّا حَرُمَ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْمَسْجِدِيَّةُ (قَوْلُهُ مَسْجِدًا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَا الْأَرْضُ نَفْسُهَا (قَوْلُهُ وَعَدَمُ صِحَّتِهِ وَقْفُ الْمَنْقُولِ مَسْجِدًا) ظَاهِرٌ وَإِنْ أَثْبَتَ، وَنُقِلَ عَنْ فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ خِلَافُهُ فَلْيُرَاجَعْ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَقَصْدُهُ إلَخْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ صِحَّتِهِ فِيمَا وُقِفَ جُزْؤُهُ شَائِعًا) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى مَسْجِدًا بِالْإِطْلَاقِ فَهُوَ خَارِجٌ بِإِطْلَاقِهِ الْمَسْجِدَ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ بِالصِّحَّةِ) أَيْ اكْتِفَاءً بِكَوْنِهِ فِي هَوَاءِ السَّقْفِ وَالْجُدْرَانِ (قَوْلُهُ: لَوْ اعْتَكَفَ فِيمَا ظَنَّهُ مَسْجِدًا إلَخْ) هَلْ يُقَاسُ بِهِ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ الظَّاهِرُ لَا لِلتَّرَدُّدِ فِي نِيَّةِ الصَّلَاةِ وَبَابُهَا أَضْيَقُ.

لِكَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ فِيهِ وَلِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْ الْخُرُوجِ لِلْجُمُعَةِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ الْأُولَى مَا لَوْ كَانَ غَيْرُهُ أَكْثَرَ جَمَاعَةٍ مِنْهُ وَكَانَ زَمَانُ الِاعْتِكَافِ دُونَ أُسْبُوعٍ أَوْ كَانَ الْمُعْتَكِفُ مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ، وَإِنْ اقْتَضَى قَوْلُ الرَّافِعِيِّ إنَّ مُرَاعَاةَ الْجُمُعَةِ أَظْهَرَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ خِلَافَهُ إذْ الْخُرُوجُ مِنْ الْخِلَافِ أَوْلَى، (وَالنَّصُّ عَلَى أَنَّ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ يَعْتَكِفُ حَيْثُ شَاءَ مِنْ الْمَسَاجِدِ) لَا يُؤَيِّدُ اعْتِبَارَ مُرَاعَاةِ الْجُمُعَةِ لِأَنَّ مُرَادَ النَّصِّ سَلْبُ وُجُوبِ الْجَامِعِ مُطْلَقًا عَلَى مَنْ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَقَدْ تَجِبُ عَلَيْهِ، وَلِذَلِكَ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَأَطْلَقَ أَوْلَوِيَّةَ الْجَامِعِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ. نَعَمْ قَدْ (يَجِبُ الْجَامِعُ فِي الِاعْتِكَافِ كَأَنْ نَذَرَ زَمَنًا مُتَتَابِعًا فِيهِ يَوْمُ جُمُعَةٍ) وَهُوَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ وَلَمْ يُشْتَرَطْ الْخُرُوجُ لَهَا، إذْ خُرُوجُهُ لَهَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ اعْتِكَافِهِ فِي الْجَامِعِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَدَمُ بُطْلَانِ تَتَابُعِهِ بِالْخُرُوجِ لَهَا فِيمَا لَوْ كَانَتْ الْجُمُعَةُ تُقَامُ بَيْنَ أَبْنِيَةِ الْقَرْيَةِ فِي غَيْرِ جَامِعٍ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا تَنْعَقِدُ الْجُمُعَةُ بِأَهْلِهَا فَأُحْدِثَ بِهَا جَامِعٌ وَجَمَاعَةٌ بَعْدَ نَذْرِهِ وَاعْتِكَافِهِ، (وَلَوْ اُسْتُثْنِيَ الْخُرُوجُ لَهَا وَفِي الْبَلْدَةِ جَامِعَانِ فَمَرَّ عَلَى أَحَدِهِمَا وَذَهَبَ إلَى الْآخَرِ) لَمْ يَضُرَّ إنْ كَانَ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ يُصَلِّي فِيهِ أَوَّلًا، فَإِنْ صَلَّى أَهْلُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي ذَلِكَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بَطَلَ تَتَابُعُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ، أَمَّا إذَا لَمْ يُشْرَطْ التَّتَابُعُ فَلَا يَجِبُ الْجَامِعُ لِصِحَّةِ اعْتِكَافِهِ فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ لِمُسَاوَاتِهَا لَهُ فِي الْأَحْكَامِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ أَوْلَوِيَّةِ الْجَامِعِ مَا لَوْ عَيَّنَ غَيْرَهُ فَالْمُعَيَّنُ أَوْلَى إنْ لَمْ يَحْتَجْ لِخُرُوجِهِ لِلْجُمُعَةِ. (وَالْجَدِيدُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اعْتِكَافُ الْمَرْأَةِ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَمِثْلُ ذَلِكَ كُلُّ عِبَادَةٍ تَلَبَّسَ بِهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ فِيهَا خَلَلٌ يَقْتَضِي فَسَادَهَا (قَوْلُهُ: وَلِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْ الْخُرُوجِ لِلْجُمُعَةِ) بَلْ يَتَعَيَّنُ فِيمَا نَذْرُ اعْتِكَافِ مُدَّةِ مُتَتَابِعَةٍ يَتَخَلَّلُهَا جُمُعَةٌ وَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا لِأَنَّ الْخُرُوجَ لَهَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ اهـ شَرْحُ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ. ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ الْآتِي نَعَمْ قَدْ يَجِبُ الْجَامِعُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ جَمَاعَةٍ إلَخْ وَالْعِلَّةُ الثَّانِيَةُ هِيَ قَوْلُهُ وَلِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْ الْخُرُوجِ لِلْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: أَكْثَرَ جَمَاعَةً) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ انْتَفَتْ الْجَمَاعَةُ مِنْهُ بِالْمَرَّةِ كَأَنْ هَجَرَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ أَوْلَى، وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ إذْ الْخُرُوجُ مِنْ الْخِلَافِ أَوْلَى لِأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يُعَارِضْهُ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ، وَالْجَمَاعَةُ أَقْوَى لِأَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ وَالْخُرُوجُ مِنْ الْخِلَافِ سُنَّةٌ وَإِذَا تَعَارَضَ الْوَاجِبُ وَغَيْرُهُ قُدِّمَ الْوَاجِبُ (قَوْلُهُ: إنَّ مُرَاعَاةَ الْجُمُعَةِ) لَعَلَّهُ الْجَمَاعَةُ (قَوْلُهُ: لِتَقْصِيرِهِ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ نَوَى اعْتِكَافَ تِلْكَ الْمُدَّةِ هَلْ تَبْطُلُ نِيَّتُهُ أَوْ لَا تَبْطُلُ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ لِأَجْلِ الْجُمُعَةِ بَعْدُ وَإِنْ قُطِعَ التَّتَابُعُ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: عَدَمُ بُطْلَانِ تَتَابُعِهِ بِالْخُرُوجِ لَهَا إلَخْ) أَيْ وَيَنْبَغِي أَنْ يُغْتَفَرَ لَهُ بَعْدَ فِعْلِهَا مَا وَرَدَ الْحَثُّ عَلَى طَلَبِهِ مِنْ الْفَاتِحَةِ وَالْإِخْلَاصِ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ دُونَ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ كَالسُّنَّةِ الْبَعْدِيَّةِ وَالتَّسْبِيحَاتِ وَصَلَاةِ الظُّهْرِ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهُ مِنْ مَحَلِّ اعْتِكَافِهِ لِلْجُمُعَةِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُمْكِنُهُ إدْرَاكُ الْجُمُعَةِ فِيهِ دُونَ مَا زَادَ عَلَيْهَا وَإِنْ فَوَّتَ التَّبْكِيرَ لِأَنَّ فِي الِاعْتِكَافِ جَابِرًا لَهُ (قَوْله إنْ كَانَ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ يُصَلِّي فِيهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ جَازَ التَّعَدُّدُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، لِأَنَّ الْجُمُعَةَ صَحِيحَةٌ فِي السَّابِقَةِ اتِّفَاقًا وَمُخْتَلَفٌ فِيهَا فِي الثَّانِيَةِ وَإِنْ اُحْتِيجَ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: بَطَلَ تَتَابُعُهُ) أَيْ بِمُجَاوَزَتِهِ لِلْأَوَّلِ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ أَخْلَفَ ذَلِكَ بِأَنْ تَقَدَّمَ فِعْلُ أَهْلِ الثَّانِي عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ فَيَتَبَيَّنُ بِهِ عَدَمُ بُطْلَانِ اعْتِكَافِهِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَحْتَجْ لِخُرُوجِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ الْمُدَّةُ تَنْقَضِي قَبْلَ مَجِيءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِكَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ فِيهِ) لَعَلَّهُ سَقَطَ قَبْلَهُ وَاوٌ مِنْ الْكَتَبَةِ وَإِلَّا فَهُوَ لَيْسَ عِلَّةً لِلْإِيجَابِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَمِثْلُهُ فِي الْإِمْدَادِ، لَكِنَّ الَّذِي فِي كَلَامِ غَيْرِهِمَا أَنَّهُ عِلَّةٌ ثَانِيَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ كَانَ غَيْرُهُ أَكْثَرَ جَمَاعَةً) أَيْ فَقَوْلُهُ قَبْلَهُ لِكَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ فِيهِ بِالنَّظَرِ لِلْغَالِبِ (قَوْلُهُ: سَلَبَ وُجُوبَ الْجَامِعِ مُطْلَقًا عَلَى مَنْ لَا تَلْزَمُهُ) عَلَى فِيهِ بِمَعْنَى عَنْ

الْمُعْتَزَلِ الْمُهَيَّأِ لِلصَّلَاةِ) لِانْتِفَاءِ الْمَسْجِدِيَّةِ بِدَلِيلِ جَوَازِ تَغْيِيرِهِ وَمُكْثِ الْجُنُبِ فِيهِ، وَلِأَنَّ نِسَاءَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُنَّ يَعْتَكِفْنَ فِي الْمَسْجِدِ وَلَوْ كَفَى بُيُوتُهُنَّ لَكَانَتْ أَسْتَرَ لَهُنَّ، وَالْقَدِيمُ يَصِحُّ لِأَنَّهُ مَكَانُ صَلَاتِهَا كَمَا أَنَّ الْمَسْجِدَ مَكَانُ صَلَاةِ الرَّجُلِ. وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ غَيْرُ مُخْتَصَّةٍ بِمَحَلٍّ بِخِلَافِ الِاعْتِكَافِ وَالْخُنْثَى كَالرَّجُلِ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ اعْتِكَافِهَا فِي بَيْتِهَا يَكُونُ الْمَسْجِدُ لَهَا أَفْضَلَ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ (وَلَوْ) (عَيَّنَ) النَّاذِرُ (الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فِي نَذْرِهِ الِاعْتِكَافَ) (تَعَيَّنَ) وَلَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ لِتَعَلُّقِ النُّسُكِ بِهِ وَزِيَادَةِ فَضْلِهِ لِكَثْرَةِ تَضَاعُفِ الصَّلَاةِ فِيهِ، فَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ صَلَاةٍ فِي مَسْجِدِي» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: إنَّهُ ثَابِتٌ لَا مَطْعَنَ فِيهِ، وَالْمُرَادُ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الْكَعْبَةُ وَالْمَسْجِدُ حَوْلَهَا كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَعَلَيْهِ لَا يَتَعَيَّنُ جُزْءٌ مِنْ الْمَسْجِدِ بِالتَّعْيِينِ وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَجْزَاءِ. فَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافًا فِي الْكَعْبَةِ أَجْزَأَهُ فِي أَطْرَافِ الْمَسْجِدِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ نَذَرَ صَلَاةً فِيهَا فَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ الظَّاهِرُ تَعَيُّنُهَا ضَعِيفٌ، وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَجْمُوعِ بِالْمَسْجِدِ حَوْلَهَا جَمِيعُ الْمَسْجِدِ، وَقَوْلُ الْجَوْجَرِيِّ إنَّهُ الْمَطَافُ لَا جَمِيعُ الْمَسْجِدِ، إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ (حَوْلَهَا) فَائِدَةٌ يُرَدُّ بِأَنَّهُ مُنَافٍ لِكَلَامِهِمْ وَبِأَنَّ فَائِدَةَ قَوْلِهِ (حَوْلَهَا) الِاحْتِرَازُ عَنْ بَقِيَّةِ مَسَاجِدِ الْحَرَمِ لَا عَنْ بَقِيَّةِ أَجْزَاءِ الْمَسْجِدِ الْخَارِجَةِ عَنْ الْمَطَافِ (وَكَذَا مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ وَالْأَقْصَى فِي الْأَظْهَرِ) يَتَعَيَّنَانِ بِالنَّذْرِ وَلَا يُجْزِئُ غَيْرُهُمَا لِأَنَّهُمَا مَسْجِدَانِ تُشَدُّ إلَيْهِمَا الرِّحَالُ فَأَشْبَهَا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهُمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا نُسُكٌ فَأَشْبَهَا بَقِيَّةَ الْمَسَاجِدِ، وَإِلْحَاقُ الْبَغَوِيّ بِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ سَائِرَ مَسَاجِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْخَبَرَ وَكَلَامَ غَيْرِهِ يَأْبَيَانِهِ، وَبِهِ يُعْلَمُ رَدُّ إلْحَاقِ بَعْضِهِمْ مَسْجِدَ قُبَاءَ بِالثَّلَاثَةِ وَإِنْ صَحَّ خَبَرُ «صَلَاةٌ فِيهِ كَعُمْرَةٍ» وَالْمُرَادُ بِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ مَا كَانَ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَالتَّفْصِيلُ وَالتَّضْعِيفُ مُخْتَصٌّ بِهِ دُونَ الْقَدْرِ الَّذِي زِيدَ فِيهِ كَمَا رَآهُ الْمُصَنِّفُ لِلْإِشَارَةِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ مَسْجِدِي هَذَا، وَرَأَى جَمَاعَةٌ عَدَمَ الِاخْتِصَاصِ وَأَنَّهُ لَوْ وُسِّعَ مَهْمَا وُسِّعَ فَهُوَ مَسْجِدُهُ كَمَا فِي مَسْجِدِ مَكَّةِ إذَا وُسِّعَ فَتِلْكَ الْفَضِيلَةُ ثَابِتَةٌ لَهُ، وَلَوْ خَصَّ نَذْرَهُ بِوَاحِدٍ مِنْ الْمَسَاجِدِ الَّتِي أُلْحِقَتْ بِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ فَالْأَوْجَهُ قِيَامُ غَيْرِهِ مِنْهَا مَقَامَهُ لِتَسَاوِيهَا فِي فَضِيلَةِ نِسْبَتِهَا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَوْ شَرَعَ فِي اعْتِكَافٍ مُتَتَابِعٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: وَزِيَادَةُ فَضْلِهِ) عِبَارَةُ حَجّ لِزِيَادَةِ فَضْلِهِ وَالْمُضَاعَفَةِ فِيهِ، إذْ الصَّلَاةُ فِيهِ بِمِائَةِ أَلْفِ أَلْفِ أَلْفٍ ثَلَاثًا فِيمَا سِوَى الْمَسْجِدَيْنِ الْآتِيَيْنِ كَمَا أَخَذْتُهُ مِنْ الْأَحَادِيثِ وَبَسَطْته فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ لِكَثْرَةِ تَضَاعُفِ الصَّلَاةِ فِيهِ) ظَاهِرُهُ اخْتِصَاصُ الْمُضَاعَفَةِ بِالصَّلَاةِ فَقَطْ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ شَيْخُنَا الْحَلَبِيُّ فِي سِيرَتِهِ، وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ عَدَمُ اخْتِصَاصِ الْمُضَاعَفَةِ بِهَا بَلْ تَشْمَلُ جَمِيعَ الطَّاعَاتِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَالْمَسْجِدُ حَوْلَهَا) شَامِلٌ لِمَا زِيدَ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى مَا كَانَ فِي زَمَنِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ الْآتِي كَمَا فِي مَسْجِدِ مَكَّةَ إذَا وُسِّعَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ) أَيْ الْجُزْءُ الَّذِي عَيَّنَهُ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ. بَقِيَ هَلْ مَحَلُّ تَعَيُّنِ مَسْجِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا إذَا عَيَّنَهُ كَأَنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي مَسْجِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي كَانَ فِي زَمَنِهِ، أَوْ أَرَادَ بِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ ذَلِكَ. بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ لَفْظًا وَنِيَّةً فَلَا يَتَعَيَّنُ لِصِدْقِهِ بِالزِّيَادَةِ الَّتِي حُكْمُهَا كَسَائِرِ الْمَسَاجِدِ لِعَدَمِ الْمُضَاعَفَةِ فِيهَا فِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ حَمْلُهُ عَلَى مَا كَانَ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْفَضْلُ الْمَذْكُورُ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ لَفْظُ النَّاذِرِ، إذْ الظَّاهِرُ مِنْ تَخْصِيصِهِ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ بِالذِّكْرِ إنَّمَا هُوَ لِإِرَادَةِ زِيَادَةِ الثَّوَابِ (قَوْلُهُ: وَرَأَى جَمَاعَةٌ عَدَمَ الِاخْتِصَاصِ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي مَسْجِدِ مَكَّةَ إذَا وُسِّعَ إلَخْ) أَيْ مَا لَمْ يَصِلْ إلَى الْحِلِّ، وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُ ذَلِكَ بِأَنْ يَقِفَ أَهْلُ أَحَدِ جِهَاتِ دُورِهِمْ وَيَزِيدُونَهَا فِي الْمَسْجِدِ يَتَّصِل ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فِي مَسْجِدٍ غَيْرِ الثَّلَاثَةِ تَعَيَّنَ لِئَلَّا يَقْطَعَ التَّتَابُعَ. نَعَمْ لَوْ عَدَلَ لَمَّا خَرَجَ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ مِثْلُ مَسَافَتِهِ فَأَقَلَّ جَازَ الِانْتِفَاءُ الْمَحْذُورُ (وَيَقُومُ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ مَقَامَهَا) لِمَزِيدِ فَضْلِهِ عَلَيْهَا وَتَعَلُّقِ النُّسُكِ بِهِ (وَلَا عَكْسَ) أَيْ لَا يَقُومَانِ مَقَامَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لِأَنَّهُمَا دُونَهُ فِي الْفَضْلِ (وَيَقُومُ مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ مَقَامَ الْأَقْصَى) لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهُ فَقَدْ صَحَّ أَنَّ الصَّلَاةَ فِيهِ بِأَلْفِ صَلَاةٍ كَمَا مَرَّ وَفِي الْأَقْصَى بِخَمْسِمِائَةٍ، وَرُوِيَ أَنَّ الصَّلَاةَ فِيهِ بِأَلْفٍ وَعَلَيْهِ فَهُمَا مُتَسَاوِيَانِ (وَلَا عَكْسَ) لِمَا سَبَقَ وَلَوْ عَيَّنَ لِلِاعْتِكَافِ زَمَنًا تَعَيَّنَ فَلَوْ قَدَّمَهُ لَمْ يَصِحَّ أَوْ أَخَّرَهُ فَقَضَاهُ وَأَثِمَ بِتَعَمُّدِهِ الرُّكْنُ الثَّانِي اللُّبْثُ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الِاعْتِكَافِ لُبْثُ قَدْرٍ يُسَمَّى عُكُوفًا) أَيْ إقَامَةٍ وَلَوْ بِلَا سُكُونٍ بِحَيْثُ يَكُونُ زَمَنُهَا فَوْقَ زَمَنِ الطُّمَأْنِينَةِ فِي الرُّكُوعِ وَنَحْوِهِ فَلَا يَكْفِي قَدْرُهَا، وَالْخِلَافُ رَاجِعٌ لِأَصْلِ اللُّبْثِ وَقَدْرِهِ، وَقَدْ ذُكِرَ مُقَابِلُ الْأَوَّلِ، فَقَالَ (وَقِيلَ يَكْفِي الْمُرُورُ بِلَا لُبْثٍ) كَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَمُقَابِلُ الثَّانِي بِقَوْلِهِ (وَقِيلَ يُشْتَرَطُ مُكْثُ نَحْوِ يَوْمٍ) أَيْ قَرِيبٍ مِنْهُ إذْ مَا دُونَهُ مُعْتَادٌ لِلْحَاجَةِ الَّتِي تَعِنُّ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي طَرِيقِهِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ فَلَا تَصْلُحُ لِلْقَرْيَةِ، وَعَلَى الْأَصَحِّ يَصِحُّ نَذْرُ اعْتِكَافِهِ سَاعَةً وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافًا مُطْلَقًا كَفَاهُ لَحْظَةٌ. نَعَمْ يُسَنُّ يَوْمٌ كَمَا يُسَنُّ لَهُ نِيَّةُ الِاعْتِكَافِ كُلَّمَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ (وَيَبْطُلُ) الِاعْتِكَافُ (بِالْجِمَاعِ) مِنْ عَامِدٍ عَالِمٍ بِتَحْرِيمِهِ وَاضِحٍ مُخْتَارٍ سَوَاءٌ أَجَامَعَ فِي الْمَسْجِدِ أَمْ لَا لِمُنَافَاتِهِ لَهُ وَلِلْآيَةِ السَّابِقَةِ، وَيَحْرُمُ ذَلِكَ فِي الِاعْتِكَافِ الْوَاجِبِ مُطْلَقًا وَفِي الْمُسْتَحَبِّ فِي الْمَسْجِدِ، كَمَا يَحْرُمُ فِيهِ عَلَى غَيْرِهِ لَا خَارِجَهُ لِجَوَازِ قَطْعِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ. أَمَّا الْمَاضِي فَيَبْطُلُ حُكْمُهُ إنْ كَانَ مُتَتَابِعًا وَيَسْتَأْنِفُهُ وَإِلَّا فَلَا سَوَاءٌ أَكَانَ فَرْضًا أَمْ نَفْلًا، وَلَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ بِغِيبَةٍ أَوْ شَتْمٍ أَوْ أَكْلٍ أَوْ حَرَامٍ. نَعَمْ يَبْطُلُ ثَوَابُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِمَا يَلِيهِ إلَى أَنْ يَصِلَ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: فَقَدْ صَحَّ أَنَّ الصَّلَاةَ فِيهِ) أَيْ وَلَوْ نَفْلًا (قَوْلُهُ: وَرُوِيَ أَنَّ الصَّلَاةَ فِيهِ بِأَلْفٍ) أَيْ الْأَقْصَى (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ فَهُمَا مُتَسَاوِيَانِ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَأَثِمَ بِتَعَمُّدِهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ فَاتَهُ بِعُذْرٍ لَا إثْمَ فِيهِ وَيَجِبُ الْقَضَاءُ وَعَلَيْهِ فَلَوْ عَيَّنَ فِي نَذْرِهِ أَحَدَ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ لَمْ يَقُمْ غَيْرُهَا مَقَامَهَا بَلْ يَنْتَظِرُ إمْكَانَ الذَّهَابِ إلَيْهَا فَمَتَى أَمْكَنَهُ فِعْلُهُ ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ عَيَّنَ فِي نَذْرِهِ زَمَنًا فَظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ عَيَّنَ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الِاعْتِكَافُ فِيهِ صَارَ قَضَاءً وَيَجِبُ فِعْلُهُ مَتَى أَمْكَنَ (قَوْلُهُ: لَبِثَ قَدْرًا يُسَمَّى عُكُوفًا) وَعَلَيْهِ فَلَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَاصِدًا الْجُلُوسَ فِي مَحَلٍّ مِنْهُ اُشْتُرِطَ لِصِحَّةِ الِاعْتِكَافِ تَأْخِيرُ النِّيَّةِ إلَى مَوْضِعِ جُلُوسِهِ أَوْ مُكْثِهِ عَقِبَ دُخُولِهِ قَدْرًا يُسَمَّى عُكُوفًا لِتَكُونَ نِيَّتُهُ مُقَارِنَةً لِلِاعْتِكَافِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى حَالَ دُخُولِهِ وَهُوَ سَائِرٌ لِعَدَمِ مُقَارَنَةِ النِّيَّةِ لِلِاعْتِكَافِ كَذَا بُحِثَ فَلْيُرَاجَعْ. أَقُولُ: وَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ مُطْلَقًا لِتَحْرِيمِهِمْ ذَلِكَ عَلَى الْجُنُبِ حَيْثُ جَعَلُوهُ مُكْثًا أَوْ بِمَنْزِلَتِهِ وَتَنْعَطِفُ النِّيَّةُ عَلَى مَا مَضَى فَيُثَابُ عَلَيْهِ مِنْ أَوَّلِهِ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الْإِيعَابِ لِابْنِ حَجَرٍ مَا نَصُّهُ: وَيُشْتَرَطُ مُقَارَنَتُهَا لِلُّبْثِ فَلَا تَصِحُّ إثْرَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ بِقَصْدِ اللُّبْثِ قَبْلَ وُجُودِهِ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ، لِأَنَّ شَرْطَ النِّيَّةِ أَنَّ تَقْتَرِنَ بِأَوَّلِ الْعِبَادَةِ وَأَوَّلُ الِاعْتِكَافِ اللُّبْثُ أَوْ نَحْوُ التَّرَدُّدِ لَا مَا قَبْلَهُمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْأَوَّلِ، وَفِيهِ أَنَّهُ يَكْفِي فِي الِاعْتِكَافِ التَّرَدُّدُ وَإِنْ لَمْ يَمْكُثْ فَتَصِحُّ النِّيَّةُ مَعَهُ، فَلَيْسَ فَرْقٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ قَصَدَ مَحَلًّا مُعَيَّنًا حَيْثُ يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ الْمُرُورُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: يَصِحُّ نَذْرُ اعْتِكَافِهِ سَاعَةً) وَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى السَّاعَةِ الْفَلَكِيَّةِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي فَيَخْرُجُ مِنْ عُهْدَةِ ذَلِكَ بِلَحْظَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ حَمْلًا عَلَى السَّاعَةِ اللُّغَوِيَّةِ (قَوْلُهُ: كَفَاهُ لَحْظَةٌ) أَيْ فَلَوْ مَكَثَ زِيَادَةً عَلَيْهَا وَقَعَ كُلُّهُ وَاجِبًا، وَقِيَاسُ مَا قِيلَ فِيمَا لَوْ طَوَّلَ الرُّكُوعَ وَنَحْوُهُ زِيَادَةٌ عَلَى قَدْرِ الْوَاجِبِ وَهُوَ قَدْرُ الطُّمَأْنِينَةِ أَنَّ مَا زَادَ يَكُونُ مَنْدُوبًا أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ ذَلِكَ فِي الِاعْتِكَافِ الْوَاجِبِ مُطْلَقًا) مَسْجِدًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَبْطُلُ ثَوَابُهُ) ظَاهِرُهُ بُطْلَانُ ثَوَابِ الْجَمِيعِ لَا ثَوَابِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَا سُكُونٍ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: بَلْ يَصِحُّ اعْتِكَافُهُ قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا أَوْ مُتَرَدِّدًا فِي أَطْرَافِ الْمَسْجِدِ

كَمَا فِي الْأَنْوَارِ، وَلَوْ أَوْلَجَ فِي دُبُرِ خُنْثَى بَطَلَ اعْتِكَافُهُ أَوْ أَوْلَجَ فِي قُبُلِهِ، أَوْ أَوْلَجَ الْخُنْثَى فِي رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ خُنْثَى فَفِي بُطْلَانِ اعْتِكَافِهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ (وَأَظْهَرُ الْأَقْوَالِ أَنَّ) (الْمُبَاشَرَةَ بِشَهْوَةٍ) فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ (كَلَمْسٍ وَقُبْلَةٍ تُبْطِلُهُ) أَيْ الِاعْتِكَافَ (إنْ أَنْزَلَ وَإِلَّا فَلَا) تُبْطِلُهُ لِمَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ وَالثَّانِي تُبْطِلُهُ مُطْلَقًا وَالثَّالِثُ لَا مُطْلَقًا، وَعَلَى كُلِّ قَوْلٍ هِيَ حَرَامٌ فِي الْمَسْجِدِ، وَاحْتُرِزَ بِالْمُبَاشَرَةِ عَمَّا إذَا نَظَرَ أَوْ تَفَكَّرَ فَأَنْزَلَ فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ، وَبِالشَّهْوَةِ عَمَّا إذَا قَبَّلَ بِقَصْدِ الْإِكْرَامِ وَنَحْوِهِ أَوْ بِلَا قَصْدٍ فَلَا يَبْطُلُ إذَا أَنْزَلَ جَزْمًا، وَالِاسْتِمْنَاءُ كَالْمُبَاشَرَةِ، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ التَّفْصِيلِ اسْتِثْنَاءُ الْخُنْثَى مِنْ بُطْلَانِ الِاعْتِكَافِ بِالْجِمَاعِ، وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِنْزَالُ مِنْ فَرْجَيْهِ (وَلَوْ) (جَامَعَ نَاسِيًا) لِلِاعْتِكَافِ (فَكَجِمَاعِ الصَّائِمِ) نَاسِيًا صَوْمَهُ فَلَا يَضُرُّ كَمَا مَرَّ، وَالْمُبَاشَرَةُ بِشَهْوَةٍ فِي ذَلِكَ كَالْجِمَاعِ. (وَلَا يَضُرُّ) فِي الِاعْتِكَافِ (الطِّيبُ وَالتَّزَيُّنُ) بِاغْتِسَالٍ وَقَصٍّ نَحْوِ شَارِبٍ وَتَسْرِيحِ شَعْرٍ وَلِبْسِ ثِيَابٍ حَسَنَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ دَوَاعِي الْجِمَاعِ لِعَدَمِ وُرُودِ تَرْكِهِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا الْأَمْرِ بِهِ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْإِبَاحَةِ، وَلَهُ التَّزَوُّجُ وَالتَّزْوِيجُ بِخِلَافِ الْمُحْرِمِ، وَلَا يُكْرَهُ لِلْمُعْتَكِفِ الصَّنْعَةُ فِي الْمَسْجِدِ كَخِيَاطَةٍ إلَّا إنْ كَثُرَتْ وَلَمْ تَكُنْ كِتَابَةَ عِلْمٍ، وَلَهُ الْأَمْرُ بِإِصْلَاحِ مَعَاشِهِ وَتَعَهُّدِ ضِيَاعِهِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَغَسْلِ الْيَدِ، وَالْأَوْلَى الْأَكْلُ فِي نَحْوِ سُفْرَةٍ وَالْغَسْلِ فِي إنَاءٍ حَيْثُ يَبْعُدُ عَنْ نَظَرِ النَّاسِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَزْرِ بِهِ ذَلِكَ وَإِلَّا حَرُمَ كَالْحِرْفَةِ فِيهِ حِينَئِذٍ، وَتَكْرَهُ الْمُعَاوَضَةُ فِيهِ بِلَا حَاجَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSزَمَنِ الْغَيْبَةِ خَاصَّةً وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ يَنْتَفِي أَصْلُ الثَّوَابِ بِذَلِكَ لِإِكْمَالِهِ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ: يُتَأَمَّلُ مَا فِي الْأَنْوَارِ فَإِنَّهُ قَدْ يَعْتَكِفُ شَهْرًا مُتَوَالِيًا مَثَلًا ثُمَّ يَقَعُ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرَهُ فِي آخِرِ يَوْمٍ مَثَلًا فَهَلْ يَبْطُلُ جَمِيعُ الْمُدَّةِ أَوْ آخِرُ يَوْمٍ أَوْ وَقْتٌ وَقَعَ فِيهِ ذَلِكَ؟ أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يَبْطُلَ ثَوَابُ مَا وَقَعَ فِيهِ ذَلِكَ فَقَطْ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ قَارَنَ فِي الْأَفْعَالِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ فِي كَمَالِ الثَّوَابِ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ يَبْطُلُ ثَوَابُهُ لِإِمْكَانِ أَنَّ الْأَصْلَ كَمَالُ ثَوَابِهِ أَوْ ثَوَابُهُ الْكَامِلُ، وَيَكُونُ حِينَئِذٍ كَالصَّلَاةِ فِي الْحَمَّامِ أَوْ الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ الْفَائِتَ فِيهَا كَمَالُ الثَّوَابِ لَا أَصْلُهُ (قَوْلُهُ أَوْ أَوْلَجَ الْخُنْثَى فِي رَجُلٍ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْخُنْثَى إذَا أَوْلَجَ فِي قُبُلِ امْرَأَةٍ أَوْ خُنْثَى وَنَزَلَ مَنِيُّهُ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ، وَفِيهِ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ كَوْنُهُ امْرَأَةً، وَمُجَرَّدُ خُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ أَحَدِ فَرْجَيْهِ لَا يَنْفِي إشْكَالُهُ وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ إلَخْ مَا يُصَرِّحُ بِعَدَمِ بُطْلَانِ اعْتِكَافِهِ بِنُزُولِ الْمَنِيِّ مِنْ أَحَدِ فَرْجَيْهِ فَيَحْصُلُ مَا هُنَا عَلَى مَا لَوْ أَنْزَلَ مِنْ فَرْجَيْهِ (قَوْلُهُ: هِيَ حَرَامٌ فِي الْمَسْجِدِ) أَيْ أَمَّا خَارِجُهُ فَإِنْ كَانَ فِي اعْتِكَافٍ وَاجِبٍ أَوْ مَنْدُوبٍ وَقَصَدَ الْمُحَافَظَةَ عَلَى الِاعْتِكَافِ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا يَحْرُمُ لِجَوَازِ قَطْعِ النَّفْلِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَيَحْرُمُ ذَلِكَ فِي الِاعْتِكَافِ (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِمْنَاءُ كَالْمُبَاشَرَةِ) أَيْ وَلَوْ بِحَائِلٍ (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ فِيهِ) أَيْ بُطْلَانُ اعْتِكَافِهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَكُنْ كِتَابَةَ عِلْمٍ) أَيْ وَلَوْ لِغَيْرِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ شَرَفُ مَا يُشْغَلُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَالْغُسْلُ فِي إنَاءٍ حَيْثُ يَبْعُدُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ هَذَا قَيْدٌ لِمَا قَبْلَهُ وَيُصَرِّحُ بِهِ عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ حَيْثُ قَالَ: وَالْأَوْلَى أَنْ يَأْكُلَ فِي سُفْرَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَأَنْ يَغْسِلَ يَدَهُ فِي طَسْتٍ أَوْ نَحْوِهَا لِيَكُونَ أَنْظَفَ لِلْمَسْجِدِ وَأَصْوَنَ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَأَنْ يَغْسِلَهَا حَيْثُ يَبْعُدُ عَنْ نَظَرِ النَّاسِ اهـ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَزْرِ بِهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: بِلَا حَاجَةٍ) وَلَيْسَ مِنْهَا مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ أَنَّ مَنْ بَيْنَهُمْ تَشَاجُرٌ أَوْ مُعَامَلَةٌ وَيُرِيدُونَ الْحِسَابَ فَيَدْخُلُونَ الْمَسْجِدَ لِفَصْلِ الْأَمْرِ بَيْنَهُمْ فِيهِ فَإِنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ تَشْوِيشٌ عَلَى مَنْ فِي الْمَسْجِدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ أَوْلَجَ فِي قُبُلِهِ) أَوْ إذَا أَنْزَلَ مِنْ فَرْجَيْهِ جَمِيعًا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلْيُشْتَرَطْ فِيهِ) يَعْنِي فِي بُطْلَانِ اعْتِكَافِهِ (قَوْلُهُ وَالْغَسْلُ فِي إنَاءٍ) أَيْ غَسْلُ الْيَدِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَزِرْ بِهِ) أَيْ بِالْمَسْجِدِ

وَإِنْ قُلْت، وَيَحْرُمُ نَضْحُهُ بِمَاءٍ مُسْتَعْمَلٍ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ فِيهِ وَإِسْقَاطُ مَائِهِ فِي أَرْضِهِ، فَقَدْ فَرَّقَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ التَّوَضُّؤَ وَغَسْلَ الْيَدِ يَحْتَاجُ إلَيْهِمَا، وَمِنْ ثَمَّ نَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَلَى جَوَازِ الْوُضُوءِ فِيهِ، بِخِلَافِ النَّضْحِ فَإِنَّهُ يُفْعَلُ قَصْدًا مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، وَالشَّيْءُ يُغْتَفَرُ فِيهِ ضِمْنًا مَا لَا يُغْتَفَرُ قَصْدًا، وَبِأَنَّ مَاءَ الْوُضُوءِ بَعْضُهُ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ وَمَاءُ غَسْلِ الْيَدِ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ بِخِلَافِ مَاءِ النَّضْحِ. وَمَا تَقَرَّرَ فِي النَّضْحِ مِنْ الْحُرْمَةِ هُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْبَغَوِيّ، وَاخْتَارَ فِي الْمَجْمُوعِ الْجَوَازَ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي، وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَا لَوْ أَدَّى إلَى اسْتِقْذَارِهِ بِذَلِكَ، وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَحْتَجِمَ أَوْ يُفْتَصَدَ فِيهِ فِي إنَاءٍ مَعَ الْكَرَاهَةِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَفِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَيُلْحَقُ بِهِمَا سَائِرُ الدِّمَاءِ الْخَارِجَةِ مِنْ الْآدَمِيِّ كَالِاسْتِحَاضَةِ لِلْحَاجَةِ، فَإِنْ لَوَّثَهُ أَوْ بَالَ أَوْ تَغَوَّطَ وَلَوْ فِي إنَاءٍ حَرُمَ وَلَوْ عَلَى نَحْوِ سَلَسٍ لِأَنَّ الْبَوْلَ أَفْحَشُ مِنْ الدَّمِ إذْ لَا يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ بِحَالٍ بِهِ وَيَحْرُمُ أَيْضًا إدْخَالُ نَجَاسَةٍ فِيهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، فَإِنْ كَانَتْ فَلَا، بِدَلِيلِ جَوَازِ إدْخَالِ النَّعْلِ الْمُتَنَجِّسَةِ فِيهِ مَعَ أَمْنِ التَّلْوِيثِ، وَالْأَوْلَى بِالْمُعْتَكِفِ: الِاشْتِغَالُ بِالْعِبَادَةِ كَعِلْمٍ وَمُجَالَسَةِ أَهْلِهِ وَقِرَاءَةٍ وَسَمَاعِ نَحْوِ الْأَحَادِيثِ وَالرَّقَائِقِ وَالْمَغَازِي الَّتِي هِيَ غَيْرُ مَوْضُوعَةٍ وَتَحْتَمِلُهَا أَفْهَامُ الْعَامَّةِ. أَمَّا قَصَصُ الْأَنْبِيَاءِ وَحِكَايَاتُهُمْ الْمَوْضُوعَةُ وَفُتُوحُ الشَّامِ وَنَحْوِهَا الْمَنْسُوبُ لِلْوَاقِدِيِّ فَتَحْرُمُ قِرَاءَتُهَا وَالِاسْتِمَاعُ لَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَسْجِدِ. (وَلَا) يَضُرُّهُ (الْفِطْرُ بَلْ يَصِحُّ اعْتِكَافُ اللَّيْلِ وَحْدَهُ) وَالْعِيدِ وَالتَّشْرِيقِ لِخَبَرِ أَنَسٍ «لَيْسَ عَلَى الْمُعْتَكِفِ صِيَامٌ إلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ (وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ هُوَ فِيهِ صَائِمٌ لَزِمَهُ) الِاعْتِكَافُ يَوْمَ صَوْمِهِ لِأَنَّهُ بِهِ أَفْضَلُ، فَإِذَا الْتَزَمَهُ بِالنَّذْرِ لَزِمَهُ كَالتَّتَابُعِ، وَلَيْسَ لَهُ إفْرَادُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ لِعَدَمِ الْوَفَاءِ بِالْمُلْتَزَمِ سَوَاءٌ كَانَ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ أَمْ غَيْرِهِ وَلَوْ نَذْرًا لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ صَوْمًا بَلْ اعْتِكَافًا بِصِفَةٍ وَقَدْ وُجِدَتْ، فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْجَوْجَرِيِّ: لَا يَكْفِي صَوْمُ النَّفْلِ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ إلَّا بِفِعْلٍ وَاجِبٍ. (وَلَوْ نَذْرَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَائِمًا أَوْ يَصُومَ مُعْتَكِفًا) أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSلِكَوْنِهِ وَقْتَ صَلَاةٍ وَإِلَّا يَحْرُمُ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ نَضْحُهُ) أَيْ رَشُّهُ وَغَسْلُ الْيَدِ: أَيْ الَّذِي عُلِمَ جَوَازُهُ مِنْ قَوْلِهِ وَالْأَوْلَى الْأَكْلُ فِي نَحْوِ سُفْرَةٍ وَالْغَسْلُ فِي إنَاءٍ إلَخْ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ جَوَازِ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ تَقْذِيرٌ لِلْمَسْجِدِ وَإِلَّا حَرُمَ (قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْأَوَّلِ) أَيْ الْقَوْلُ بِالْحُرْمَةِ أَنْ لَا يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ تَقَدَّمَ فِي الِاسْتِحَاضَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَتْ فَلَا بِدَلِيلٍ إلَخْ) وَمِنْهَا قُرْبُ الطَّرِيقِ لِمَنْ بَيْتُهُ بِجِوَارِ الْمَسْجِدِ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ دُخُولُهُ حَامِلًا لِلنَّجِسِ بِقَصْدِ الْمُرُورِ مِنْ الْمَسْجِدِ حَيْثُ أَمِنَ التَّلْوِيثَ، وَكَذَا لَوْ احْتَاجَ لِإِدْخَالِ الْجَمْرِ الْمُتَّخَذِ مِنْ النَّجَاسَةِ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالرَّقَائِقِ) أَيْ حِكَايَاتِ الصَّالِحِينَ (قَوْلُهُ: وَتَحْتَمِلُهَا أَفْهَامُ الْعَامَّةِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ تَحْتَمِلْهَا حَرُمَ قِرَاءَتُهَا لَهُمْ لِوُقُوعِهِمْ فِي لَبْسٍ أَوْ اعْتِقَادٍ بَاطِلٍ (قَوْلُهُ: هُوَ فِيهِ صَائِمٌ) بِأَنْ قَالَ أَنْ أَعْتَكِفَ يَوْمًا وَأَنَا فِيهِ صَائِمٌ أَوْ أَنَا فِيهِ صَائِمٌ بِلَا وَاوٍ اهـ حَجّ. ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَ الْحَالِ إذَا كَانَتْ جُمْلَةً وَبَيْنَهَا إذَا كَانَتْ مُفْرَدَةً بِكَلَامٍ حَسَنٍ فَرَاجِعْهُ، وَعِبَارَتُهُ تَنْبِيهٌ: مَا ذُكِرَ فِي أَنَا صَائِمٌ هُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَيُشْكَلُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ فِي صَائِمًا وَإِنْ كَانَ الْحَالُ مُفَادُهَا مُفْرَدَةً أَوْ جُمْلَةً كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَنَّ الْمُفْرَدَةَ غَيْرُ مُسْتَقِلَّةٍ فَدَلَّتْ عَلَى الْتِزَامِ إنْشَاءِ صَوْمٍ بِخِلَافِ الْجُمْلَةِ، وَأَيْضًا فَتِلْكَ قَيْدٌ لِلِاعْتِكَافِ فَدَلَّتْ عَلَى إنْشَاءِ صَوْمٍ بِقَيْدِهِ وَهَذِهِ قَيْدٌ لِلْيَوْمِ الظَّرْفِ لَا لِلِاعْتِكَافِ الْمَظْرُوفِ فِيهِ، وَتَقْيِيدُ الْيَوْمِ يَصْدُقُ بِإِيقَاعِ اعْتِكَافٍ فِيهِ وَهُوَ مَصُومٌ عَنْ نَحْوِ رَمَضَانَ اهـ بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: يَوْمُ صَوْمِهِ) أَيْ بِتَمَامِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ إفْرَادُ أَحَدِهِمَا) الْأَنْسَبُ وَلَيْسَ لَهُ إفْرَادُهُ: أَيْ الِاعْتِكَافِ عَنْ الصَّوْمِ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُلْتَزَمُ (قَوْلُهُ: أَمْ مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ نَذْرًا) كَانَ الْأَوْلَى وَلَوْ نَفْلًا لِيَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ مِنْ الرَّدِّ عَلَى الْجَوْجَرِيِّ

بِاعْتِكَافٍ (لَزِمَاهُ) أَيْ الِاعْتِكَافُ وَالصَّوْمُ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُمَا لِأَنَّ الْحَالَ قَيْدٌ فِي عَامِلِهَا وَمُبَيِّنَةٌ لِهَيْئَةِ صَاحِبِهَا بِخِلَافِ الصِّفَةِ فَإِنَّهَا مُخَصِّصَةٌ لِمَوْصُوفِهَا (وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ جَمْعِهِمَا) لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ فَلَزِمَ بِالنَّذْرِ كَمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ بِسُورَةِ كَذَا وَفَارَقَ مَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ مُصَلِّيًا أَوْ عَكْسُهُ حَيْثُ لَا يَلْزَمُ جَمْعُهُمَا بِأَنَّ الصَّوْمَ يُنَاسِبُ الِاعْتِكَافَ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْكَفِّ وَالصَّلَاةِ أَفْعَالٌ مُبَاشَرَةٌ لَا تُنَاسِبُ الِاعْتِكَافَ، وَلَوْ نَذَرَ الْقِرَانَ بَيْنَ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ فَلَهُ تَفْرِيقُهُمَا وَهُوَ أَفْضَلُ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا لِأَنَّهُمَا عِبَادَتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ اعْتَكَفَ صَائِمًا نَفْلًا أَوْ وَاجِبًا بِغَيْرِ هَذَا النَّذْرِ لَمْ يُجْزِهِ لِعَدَمِ الْوَفَاءِ بِالْمُلْتَزَمِ، وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ الِاكْتِفَاءَ بِاعْتِكَافِ لَحْظَةٍ مِنْ الْيَوْمِ فِيمَا ذُكِرَ وَنَحْوُهُ وَلَا يَجِبُ اسْتِيعَابُهُ، وَهُوَ كَمَا قَالَ وَإِنْ كَانَ كَلَامُهُمْ قَدْ يُوهِمُ خِلَافَهُ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَصْدُقُ عَلَى الْكَثِيرِ وَالْقَلِيلِ، نَعَمْ يُسَنُّ اسْتِيعَابُهُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ جَعَلَ الْيَوْمَ شَرْطًا لِصِحَّةِ الِاعْتِكَافِ، وَقَوْلُ الْجَوْجَرِيِّ: (لُزُومُ اعْتِكَافِ جَمِيعِ الْيَوْمِ فِيمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ مُعْتَكِفًا) وَاضِحٌ، لِأَنَّهُ إذَا خَلَا مِنْهُ جُزْءٌ عَنْ الِاعْتِكَافِ صُدِّقَ أَنَّهُ لَمْ يَصُمْ مُعْتَكِفًا، إذْ الصَّوْمُ إمْسَاكُ جَمِيعِ النَّهَارِ فِيهِ نَظَرٌ، وَمَا عُلِّلَ بِهِ مَمْنُوعٌ، وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ أَيَّامٍ وَلَيَالٍ مُتَتَابِعَةٍ صَائِمًا فَجَامَعَ لَيْلًا اسْتَأْنَفَ لِانْتِفَاءِ الْجَمْعِ، وَلَوْ عَيَّنَ وَقْتًا غَيْرَ قَابِلٍ لِلصَّوْمِ كَالْعِيدِ اعْتَكَفَهُ وَلَا يَقْضِي الصَّوْمَ. قَالَهُ الدَّارِمِيُّ . الرُّكْنُ الثَّالِثُ: النِّيَّةُ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالشَّرْطِ فِي قَوْلِهِ (وَيُشْتَرَطُ نِيَّةُ الِاعْتِكَافِ) يَعْنِي لَا بُدَّ فِيهِ مِنْهَا ابْتِدَاءً كَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْعِبَادَاتِ سَوَاءٌ الْمَنْذُورُ وَغَيْرُهُ تَعَيَّنَ زَمَانُهُ أَمْ لَا (وَيَنْوِي) حَتْمًا (فِي النَّذْرِ الْفَرْضِيَّةِ) لِيَتَمَيَّزَ عَنْ النَّفْلِ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ سَبَبِ وُجُوبِهِ وَهُوَ النَّذْرُ، بِخِلَافِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ لِأَنَّ وُجُوبَهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالنَّذْرِ بِخِلَافِهِمَا، وَالْأَشْبَهُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ الِاكْتِفَاءُ بِذِكْرِ النَّذْرِ عَنْ ذِكْرِ الْفَرْضِ لِأَنَّ الْوَفَاءَ بِهِ وَاجِبٌ فَكَأَنَّهُ نَوَى الِاعْتِكَافَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الذَّخَائِرِ وَلَا يَجِبُ تَعْيِينُ الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ، وَلَوْ نَوَى الْخُرُوجَ مِنْ الِاعْتِكَافِ بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهِ لَمْ يَبْطُلْ كَالصَّوْمِ (وَإِذَا) (أَطْلَقَ) نِيَّةَ الِاعْتِكَافِ وَلَمْ يُعَيِّنْ مُدَّةً (كَفَتْهُ نِيَّتُهُ) هَذِهِ (وَإِنْ طَالَ مُكْثُهُ) لِشُمُولِ النِّيَّةِ الْمُطْلَقَةِ لِذَلِكَ (لَكِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: حَيْثُ لَا يَلْزَمُ جَمْعُهُمَا) أَيْ فَيَبْرَأُ بِفِعْلِهِمَا وَلَوْ مُنْفَرِدَيْنِ (قَوْلُهُ فَلَهُ تَفْرِيقُهُمَا) أَيْ وَلَا يَلْزَمُهُ دَمٌ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ الِاكْتِفَاءَ) أَيْ فِيمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَائِمًا إلَخْ (قَوْلُهُ: بِاعْتِكَافِ لَحْظَةٍ) أَيْ فَلَوْ مَكَثَ زِيَادَةً عَلَيْهَا هَلْ تَقَعُ الزِّيَادَةُ وَاجِبَةً أَوْ مَنْدُوبَةً؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ تَحْصِيلَ الِاعْتِكَافِ وَهُوَ كَمَا يَتَحَقَّقُ فِي الزَّمَنِ الْيَسِيرِ يَتَحَقَّقُ فِيمَا زَادَ فَيَقَعُ كُلُّهُ وَاجِيًا وَبِبَعْضِ الْهَوَامِشِ عَنْ بَعْضِهِمْ وَهُوَ الشَّيْخُ سَالِمٌ الشَّبْشِيرِيُّ: أَنَّ مَا زَادَ عَلَى اللَّحْظَةِ يَقَعُ مَنْدُوبًا قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ مَسَحَ جَمِيعَ الرَّأْسِ، أَوْ طُولِ الرُّكُوعِ فَإِنَّ مَا زَادَ عَلَى أَقَلِّ مُجْزِئٍ يَقَعُ مَنْدُوبًا وَكَذَا كُلُّ مَا أَمْكَنَ تَجَزُّؤُهُ وَهُوَ يَزِيدُ عَلَى قَدْرِ الْوَاجِبِ. اهـ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ ذَاكَ خُوطِبَ فِيهِ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ كَمِقْدَارِ الطُّمَأْنِينَةِ فِي الرُّكُوعِ، فَمَا زَادَ عَلَى مِقْدَارِهَا مُتَمَيِّزٌ يُثَابُ عَلَيْهِ ثَوَابَ الْمَنْدُوبِ، وَمَا هُنَا خُوطِبَ فِيهِ بِالِاعْتِكَافِ الْمُطْلَقِ وَهُوَ كَمَا يَتَحَقَّقُ فِي الْيَسِيرِ يَتَحَقَّقُ فِيمَا زَادَ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَمَا قَالَ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ وَمَا عُلِّلَ بِهِ مَمْنُوعٌ) أَيْ بِقَوْلِهِ السَّابِقِ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَصْدُقُ عَلَى الْكَثِيرِ وَالْقَلِيلِ (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ نِيَّةُ الِاعْتِكَافِ) آخِرُ النِّيَّةِ إلَى هُنَا لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَصْوِيرِ الْمَنْوِيِّ قَبْلَ تَعْلِيقِ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ) أَيْ فَلَا بُدَّ فِيهِمَا مِنْ تَعْيِينِ سَبَبِ الْوُجُوبِ وَهُوَ النَّذْرُ، فَلَوْ قَالَ فِي نِيَّةِ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ لَمْ يَكْفِ، وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ لِأَنَّ وُجُوبَهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالنَّذْرِ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ الضُّحَى أَوْ الْعِيدَ مَثَلًا ثُمَّ قَالَ فِي نِيَّتِهِ: نَوَيْت صَلَاةَ الْعِيدِ أَوْ الضُّحَى الْمَفْرُوضَةَ كَفَاهُ ذَلِكَ لِأَنَّ فَرْضِيَّةَ الصَّلَاةِ الْمَذْكُورَةَ لَا تَكُونُ إلَّا بِالنَّذْرِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ طَالَ مُكْثُهُ) وَيَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ النَّذْرِ بِلَحْظَةٍ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا فِي وُقُوعِهِ وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا مَا قَدَّمْنَاهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ لِأَنَّ الْحَالَ قَيْدٌ فِي عَامِلِهَا إلَخْ) فِي التَّعْلِيلِ بِهَذَا هُنَا نَظَرٌ لَا يَخْفَى وَكَأَنَّهُ مُقَدَّمٌ مِنْ تَأْخِيرٍ، وَإِلَّا فَحَقُّهُ أَنْ يَكُونَ تَعْلِيلًا لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ جَمْعِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَلَهُ تَفْرِيقُهُمَا) شَمِلَ التَّمَتُّعَ فَانْظُرْ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ

[شروط المعتكف]

لَوْ خَرَجَ) مِنْ الْمَسْجِدِ (وَعَادَ) إلَيْهِ (احْتَاجَ) إنْ لَمْ يَعْزِمْ عِنْدَ خُرُوجِهِ عَلَى الْعَوْدِ (إلَى الِاسْتِئْنَافِ) لِنِيَّةِ الِاعْتِكَافِ حَتْمًا سَوَاءٌ أَخَرَجَ لِخَلَاءٍ أَمْ غَيْرِهِ إذْ الثَّانِي اعْتِكَافٌ جَدِيدٌ، فَإِنْ خَرَجَ عَازِمًا عَلَى عَوْدِهِ: أَيْ مِنْ أَجْلِ الِاعْتِكَافِ لَمْ يَجِبْ تَجْدِيدُهَا كَمَا صَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَنِيَّةِ الْمُدَّتَيْنِ ابْتِدَاءً كَمَا فِي زِيَادَةِ عَدَدِ رَكَعَاتِ النَّافِلَةِ، وَبِهِ يُعْلَمُ الْجَوَابُ عَنْ تَنْظِيرِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا فِيهِ أَنَّ اقْتِرَانَ النِّيَّةِ بِأَوَّلِ الْعِبَادَةِ شَرْطٌ فَكَيْفَ يُكْتَفَى بِعَزِيمَةٍ سَابِقَةٍ، وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ الصَّلَاةِ لَمْ يَتَخَلَّلْ فِيهَا بَيْنَ الْمَزِيدِ وَالْمَزِيدِ عَلَيْهِ مَا يُنَافِيهَا، وَهُنَا تَخَلَّلَ الْخُرُوجُ الْمُنَافِي لِمُطْلَقِ الِاعْتِكَافِ لِأَنَّ تَخَلُّلَ النَّافِي هُنَا مُغْتَفَرٌ حَيْثُ اُسْتُثْنِيَ زَمَنُهُ فِي النِّيَّةِ، وَنِيَّةُ الْعَوْدِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ صَيَّرَتْ مَا بَعْدَ الْخُرُوجِ مَعَ مَا قَبْلَهُ كَاعْتِكَافٍ وَاحِدٍ وَاسْتُثْنِيَ زَمَنُ الْمُنَافِي فِيهِ وَهُوَ الْخُرُوجُ (وَلَوْ) (نَوَى مُدَّةً) أَيْ اعْتِكَافَهَا كَيَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ نَفْلًا أَوْ نَذْرًا لِمُدَّةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ لَمْ يَشْتَرِطْ فِيهَا تَتَابُعًا ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ بِقَصْدِ وَفَاءِ نَذْرِهِ (فَخَرَجَ) مِنْهُ (فِيهَا) أَيِّ الْمُدَّةِ (وَعَادَ) إلَيْهِ (فَإِنْ خَرَجَ) مِنْهُ (لِغَيْرِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ) مِنْ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ (لَزِمَهُ الِاسْتِئْنَافُ) لِلنِّيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَطُلْ الزَّمَنُ لِقَطْعِهِ الِاعْتِكَافَ، أَمَّا الْعَوْدُ فَغَيْرُ لَازِمٍ لَهُ فِي النَّفْلِ لِجَوَازِ خُرُوجِهِ مِنْهُ (أَوْ) خَرَجَ (لَهَا) أَيْ الْحَاجَةِ (فَلَا) يَلْزَمُهُ اسْتِئْنَافُ النِّيَّةِ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ فَهُوَ كَالْمُسْتَثْنَى عِنْدَ النِّيَّةِ (وَقِيلَ إنْ طَالَتْ مُدَّةُ خُرُوجِهِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ أَوْ لِغَيْرِهَا) (اسْتَأْنَفَ) النِّيَّةَ لِتَعَذُّرِ الْبِنَاءِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَطُلْ (وَقِيلَ لَا يَسْتَأْنِفُ) النِّيَّةَ (مُطْلَقًا) لِأَنَّ النِّيَّةَ شَامِلَةٌ لِجَمِيعِ الْمُدَّةِ بِالتَّعْيِينِ (وَلَوْ نَذَرَ مُدَّةً مُتَتَابِعَةً فَخَرَجَ لِعُذْرٍ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ) كَأَكْلٍ وَقَضَاءِ حَاجَةٍ وَحَيْضٍ وَخُرُوجٍ لِنَحْوِ سَهْوٍ (لَمْ يَجِبْ اسْتِئْنَافُ النِّيَّةِ) عِنْدَ عَوْدِهِ لِشُمُولِهَا جَمِيعَ الْمُدَّةِ وَتَلْزَمُهُ مُبَادَرَةٌ لِعَوْدٍ عِنْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ، فَإِنْ أَخَّرَ عَامِدًا عَالِمًا انْقَطَعَ التَّتَابُعُ وَتَعَذَّرَ الْبِنَاءُ (وَقِيلَ إنْ خَرَجَ لِغَيْرِ) قَضَاءِ (الْحَاجَةِ وَ) غَيْرِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَجَبَ (اسْتِئْنَافُ النِّيَّةِ) لِخُرُوجِهِ عَنْ الْعِبَادَةِ بِمَا عَرَضَ مِنْ الْأَعْذَارِ الَّتِي لَهُ بُدٌّ عَنْهَا، بِخِلَافِ الْخُرُوجِ لِحَاجَةٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ (إلْحَاقُ كُلِّ مَا لَا بُدَّ لِلْخُرُوجِ مِنْهُ بِقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَلَوْ أَكْلًا) ، فَإِنَّهُ مَعَ إمْكَانِهِ فِي الْمَسْجِدِ يَجُوزُ الْخُرُوجُ مِنْ أَجْلِهِ لِلِاسْتِحْيَاءِ مِنْ فِعْلِهِ فِيهِ، وَالْمَشَقَّةُ بِخِلَافِ الشُّرْبِ فَلَا يُسْتَحَى مِنْهُ فِيهِ فَيَمْتَنِعُ الْخُرُوجُ لَهُ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ عَمَّا يَقْطَعُهُ فَإِنَّهَا تَجِبُ قَطْعًا. . الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْمُعْتَكِفُ وَقَدْ أَشَارَ لِشُرُوطِهِ فَقَالَ (وَشَرْطُ الْمُعْتَكِفِ: الْإِسْلَامُ وَالْعَقْلُ وَالنَّقَاءُ عَنْ الْحَيْضِ) وَالنِّفَاسِ (وَالْجَنَابَةِ) فَلَا يَصِحُّ اعْتِكَافُ الْكَافِرِ وَغَيْرِ الْعَاقِلِ كَالْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالسَّكْرَانِ وَغَيْرِ الْمُمَيِّزِ إذْ لَا نِيَّةَ لَهُمْ وَلَا حَائِضَ وَنُفَسَاءَ وَجُنُبَ لِحُرْمَةِ مُكْثِهِمْ فِيهِ، وَقَضِيَّةُ مَا تَقَرَّرَ عَدَمُ صِحَّةِ اعْتِكَافِ كُلِّ مَنْ حَرُمَ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالْأَحْوَطُ فِي حَقِّهِ أَنْ يَقُولَ فِي نَذْرِهِ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ مَا دُمْت فِيهِ، ثُمَّ يَنْوِي الِاعْتِكَافَ الْمَنْذُورَ فَيَكُونُ مُتَعَلِّقُ النِّيَّةِ جَمِيعَ الْمُدَّةِ الَّتِي يَمْكُثُهَا (قَوْلُهُ: كَنِيَّةِ الْمُدَّتَيْنِ) أَيْ مُدَّةِ مَا قَبْلَ الْخُرُوجِ وَمَا بَعْدَ الْعَوْدِ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى اعْتِكَافَ يَوْمِ الْخَمِيسِ وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ دُونَ اللَّيْلِ صَحَّ فَلَا يَحْتَاجُ إذَا خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ لَيْلًا لِنِيَّةِ اعْتِكَافِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ إذَا رَجَعَ إلَى الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: أَيْ الْحَاجَةِ) بَقِيَ مَا لَوْ شَرِكَ مَعَ الْحَاجَةِ غَيْرَهَا هَلْ يَلْزَمُهُ الِاسْتِئْنَافُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ قَصَدَ الْجُنُبُ بِالْقِرَاءَةِ الذِّكْرَ وَالْإِعْلَامَ (قَوْلُهُ: لِلِاسْتِحْيَاءِ مِنْ فِعْلِهِ فِيهِ) أُخِذَ مِنْهُ أَنَّ الْمَهْجُورَ الَّذِي يَنْدُرُ طَارِقُوهُ يَأْكُلُ فِيهِ اهـ زِيَادِيٌّ: أَيْ فَلَوْ خَرَجَ لِلْأَكْلِ فِي غَيْرِهِ انْقَطَعَ تَتَابُعُهُ وَمُقْتَضَى الْعِلَّةِ أَيْضًا أَنَّ أَهْلَ الْمَسْجِدِ لَوْ كَانُوا مُجَاوِرِينَ بِهِ اعْتَادُوا الْأَكْلَ فِيهِ مَعَ اجْتِمَاعِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ لَمْ يَجُزْ الْخُرُوجُ مِنْهُ لِأَجْلِ الْأَكْلِ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مِنْ شَأْنِ الْأَكْلِ بِحُضُورِ النَّاسِ الِاسْتِحْيَاءُ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ أَهْلِ الْمَسْجِدِ مُجَاوِرِينَ أَمْ لَا وَهَذَا أَقْرَبُ [شُرُوطُ الْمُعْتَكِفِ] (قَوْلُهُ: لِحُرْمَةِ مُكْثِهِمْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ جَازَ لَهُمْ الْمُكْثُ لِضَرُورَةٍ اقْتَضَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ الْمُرَادُ خُصُوصُ الْإِفْرَادِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَنِيَّةِ الْمُدَّتَيْنِ ابْتِدَاءً) يُفِيدُ أَنَّهُ تَصِحُّ نِيَّةُ الْمُدَّتَيْنِ ابْتِدَاءً، وَانْظُرْ مَا صُورَتُهُ

عَلَيْهِ الْمُكْثُ فِي الْمَسْجِدِ كَذِي جُرْحٍ وَقُرُوحٍ وَاسْتِحَاضَةٍ وَنَحْوِهَا حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ حِفْظُ الْمَسْجِدِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ مَوْضِعُ نَظَرٍ. نَعَمْ لَوْ اعْتَكَفَ فِي مَسْجِدِ وَقْفٍ عَلَى غَيْرِهِ دُونَهُ صَحَّ اعْتِكَافُهُ فِيهِ وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ لُبْثُهُ فِيهِ كَمَا لَوْ تَيَمَّمَ بِتُرَابٍ مَغْصُوبٍ، وَيُقَاسُ عَلَيْهِ مَا يُشْبِهُهُ، وَلَا يُرَدُّ ذَلِكَ عَلَى مَنْ قَيَّدَ بِالْحِلِّ لِأَنَّ مُكْثَهُ إنَّمَا حَرُمَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ: أَعْنِي اسْتِيفَاءَ حَقِّ الْغَيْرِ وَهُوَ حَرَامٌ وَلَوْ بِغَيْرِ مُكْثٍ، فَالْمُكْثُ فِي هَذَا لَمْ يَحْرُمْ لِذَاتِهِ، ثُمَّ مَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ فِي الِابْتِدَاءِ فَإِنْ طَرَأَ عَلَيْهِ فِي أَثْنَاءِ اعْتِكَافِهِ لَمْ يَبْطُلْ وَيُحْسَبُ زَمَنُهُ مِنْ الِاعْتِكَافِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ وَيَصِحُّ مِنْ الْمُمَيِّزِ وَالْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ وَإِنْ كُرِهَ لِذَوَاتِ الْهَيْئَةِ كَخُرُوجِهِنَّ لِلْجَمَاعَةِ، وَحَرُمَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدٍ وَزَوْجٍ. نَعَمْ إنْ لَمْ تَفُتْ بِهِ مَنْفَعَةٌ كَأَنْ حَضَرَ الْمَسْجِدَ: بِإِذْنِهِمَا فَنَوَيَاهُ جَازَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ، وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ زَمَنٍ مُعَيَّنٍ بِالْإِذْنِ ثُمَّ انْتَقَلَ الْعَبْدُ لِآخَرَ بِنَحْوِ بَيْعٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ طَلُقَتْ وَتَزَوَّجَتْ آخَرَ جَازَ لَهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ الثَّانِي لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَحَقًّا قَبْلَ وُجُودِهِ، لَكِنْ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إنْ جَهِلَ ذَلِكَ وَلَهُمَا إخْرَاجُهُمَا وَلَوْ مِنْ النَّذْرِ مَا لَمْ يَأْذَنَا فِيهِ وَفِي الشُّرُوعِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ زَمَنُهُ مُعَيَّنًا وَلَا مُتَتَابِعًا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا وَزَمَنُهُ مُعَيَّنٌ، وَكَذَا إنْ أَذِنَا فِي الشُّرُوعِ فِيهِ فَقَطْ وَهُوَ مُتَتَابِعٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ زَمَنُهُ مُعَيَّنًا فَلَا يَجُوزُ لَهُمَا إخْرَاجُهُمَا فِي الْجَمِيعِ لِإِذْنِهِمَا فِي الشُّرُوعِ مُبَاشَرَةً أَوْ بِوَاسِطَةٍ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي النَّذْرِ الْمُعَيَّنِ إذْنٌ فِي الشُّرُوعِ فِيهِ، وَالْمُعَيَّنُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ وَالْمُتَتَابِعُ لَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ مِنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ الْعِبَادَةِ الْوَاجِبَةِ بِلَا عُذْرٍ، وَيَجُوزُ مِنْ الْمُكَاتَبِ بِلَا إذْنٍ إنْ أَمْكَنَ كَسْبُهُ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ كَانَ لَا يُخِلُّ بِهِ وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ وَلَا مُهَايَأَةَ كَالْقِنِّ وَإِلَّا كَانَ فِي نَوْبَتِهِ كَحُرٍّ وَفِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ كَقِنٍّ. (وَلَوْ ارْتَدَّ الْمُعْتَكِفُ أَوْ سَكِرَ) مُعْتَدِيًا (بَطَلَ) اعْتِكَافُهُ زَمَنَ رِدَّتِهِ وَسُكْرِهِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ، أَمَّا غَيْرُ الْمُتَعَدِّي فَيُشْبِهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ (وَالْمَذْهَبُ بُطْلَانُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُكْثَ صِحَّةُ الِاعْتِكَافِ، وَلَوْ قِيلَ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمْ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ لُبْثُهُ فِيهِ) ظَاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ جُلُوسِهِ فِيهِ يُنْقِصُ مَنْفَعَةَ أَهْلِهِ أَوْ لَا وَفِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ قُبَيْلَ فَصْلِ الْمَعْدِنِ إلَخْ وَلِغَيْرِ أَهْلِ الْمَدْرَسَةِ مَا اُعْتِيدَ فِيهَا مِنْ نَحْوِ نَوْمٍ بِهَا وَطُهْرٍ وَشُرْبٍ مِنْ مَائِهَا مَا لَمْ يَنْقُصْ الْمَاءُ عَنْ حَاجَةِ أَهْلِهَا فِيمَا يَظْهَرُ، وَعَلَيْهِ فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى مِثْلِ ذَاكَ وَيُمْكِنُ اسْتِفَادَةُ التَّعْمِيمِ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ حَرُمَ إذْ الْمَعْنَى سَوَاءٌ حَرُمَ أَوْ لَا فَالْحُرْمَةُ حَيْثُ شَوَّشَ عَلَى أَهْلِهِ وَعَدَمُهَا حَيْثُ انْتَفَى ذَلِكَ، وَأَشَارَ إلَى هَذَا حَجّ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ إثْمَهُ: أَيْ الِاعْتِكَافِ فِيمَا وَقَفَ عَلَى طَائِفَةٍ لَيْسَ هُوَ مِنْهُمْ إنْ فُرِضَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كُرِهَ لِفَوَاتِ الْهَيْئَةِ) وَهَلْ يَلْحَقُ بِهِنَّ الْخُنْثَى الشَّابُّ فَيُكْرَهُ لَهُ الْخُرُوجُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ احْتِيَاطًا لِعَدَمِ مُخَالَطَتِهِ لِلرِّجَالِ، لَكِنَّ إلْحَاقَهُ فِيمَا مَرَّ بِالرَّجُلِ مِنْ عَدَمِ جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي اعْتِكَافِهِ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهِ قَدْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي حَقِّهِ، إذْ لَوْ كُرِهَ اعْتِكَافُهُ فِي الْمَسْجِدِ لَأُلْحِقَ بِالْمَرْأَةِ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ لِتَعَذُّرِ الْمَسْجِدِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ إذْنِ الثَّانِي) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ نَذَرَتْ صَوْمًا وَهِيَ خَلِيَّةٌ أَوْ مُتَزَوِّجَةٌ ثُمَّ طَلُقَتْ وَتَزَوَّجَتْ بِآخَرَ فَلَهَا أَنْ تَصُومَ بِحُضُورِ الزَّوْجِ وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَهُمَا إخْرَاجُهُمَا) أَيْ وَلَا إثْمَ عَلَيْهِمَا حِينَئِذٍ وَبَقِيَ مَا لَوْ اخْتَلَفَ اعْتِقَادُ السَّيِّدِ وَالْعَبْدِ هَلْ الْعِبْرَةُ بِاعْتِقَادِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي سُتْرَةِ الْمُصَلِّي مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِاعْتِقَادِ الْفَاعِلِ (قَوْلُهُ: وَفِي الشُّرُوعِ فِيهِ) أَيْ وَمِنْ الشُّرُوعِ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ لَا يُخِلُّ بِهِ) أَيْ بِالْكَسْبِ: أَيْ أَوْ كَانَ مَعَهُ مَا بَقِيَ بِالنُّجُومِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا كَانَ فِي نَوْبَتِهِ كَحُرٍّ) أَيْ بِأَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ (قَوْلُهُ: وَفِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ) اُنْظُرْ لَوْ أَرَادَ اعْتِكَافًا مَنْذُورًا مُتَتَابِعًا أَوْ لَا تَسَعُهُ نَوْبَتُهُ وَكَانَ نَذْرُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَصِيرُ كَنِيَّةِ كُلِّ مُدَّةٍ مِنْهُمَا فِي ابْتِدَائِهَا (قَوْلُهُ فَالْمُكْثُ فِي هَذَا لَمْ يَحْرُمْ لِذَاتِهِ) قَدْ يُقَالُ هَلَّا قِيلَ كَذَلِكَ فِيمَا مَرَّ فِي ذِي الْجُرُوحِ وَالْقُرُوحِ وَالِاسْتِحَاضَةِ وَنَحْوِهَا؟ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ ذَاكَ وَإِنْ كَانَتْ الْحُرْمَةُ فِيهِ أَيْضًا

مَا مَضَى مِنْ اعْتِكَافِهِمَا الْمُتَتَابِعِ) وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ لِأَنَّ ذَلِكَ أَشَدُّ مِنْ خُرُوجِهِ بِلَا عُذْرٍ وَهُوَ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِئْنَافِهِ، وَالثَّانِي لَا يَبْطُلُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَيُبْنَيَانِ، أَمَّا فِي الرِّدَّةِ فَتَرْغِيبًا فِي الْإِسْلَامِ، وَأَمَّا فِي السُّكْرِ فَإِلْحَاقًا لَهُ بِالنَّوْمِ، وَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ عَدَمِ بُطْلَانِ اعْتِكَافِ الْمُرْتَدِّ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْمُتَتَابِعِ حَتَّى إذَا أَسْلَمَ يَبْنِي عَلَى أَنَّهُ مَرْجُوحٌ عَنْهُ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبُطْلَانِ عَدَمُ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ لَا حُبُوطُهُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ مِنْ حَيْثُ التَّتَابُعِ، وَتَثْنِيَةُ الْمُصَنِّفِ الضَّمِيرَ فِي اعْتِكَافِهِمَا مَعَ عَطْفِهِ بِأَوْ وَإِتْيَانِهِ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ مُفْرَدًا فِي إنْ لَمْ يَخْرُجْ صَحِيحٌ لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ بِأَوْ هُوَ الْفِعْلُ وَالضَّمِيرُ لَيْسَ عَائِدًا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا هُوَ عَائِدٌ عَلَى الْمُرْتَدِّ وَالسَّكْرَانِ الْمَفْهُومَيْنِ مِنْ لَفْظِ الْفِعْلِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِمَا فَصَحَّ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَيْهِمَا (وَلَوْ) (طَرَأَ جُنُونٌ أَوْ إغْمَاءٌ) عَلَى الْمُعْتَكِفِ (لَمْ يَبْطُلْ مَا مَضَى) مِنْ اعْتِكَافِهِ الْمُتَتَابِعِ (إنْ لَمْ يُخْرَجْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ مِنْ الْمَسْجِدِ لِعُذْرِهِ بِمَا عَرَضَ لَهُ، فَإِنْ أُخْرِجَ مَعَ تَعَذُّرِ ضَبْطِهِ فِي الْمَسْجِدِ لَمْ يَبْطُلْ أَيْضًا كَمَا لَوْ حُمِلَ الْعَاقِلُ مُكْرَهًا، وَكَذَا إنْ أَمْكَنَ بِمَشَقَّةٍ عَلَى الصَّحِيحِ فَهُوَ كَالْمَرِيضِ (وَيُحْسَبُ زَمَنُ الْإِغْمَاءِ مِنْ الِاعْتِكَافِ) الْمُتَتَابِعِ كَمَا فِي الصَّائِمِ إذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ بَعْضَ النَّهَارِ (دُونَ) زَمَنِ (الْجُنُونِ) فَلَا يُحْسَبُ مِنْهُ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ الْبَدَنِيَّةَ لَا تَصِحُّ مِنْهُ (أَوْ) طَرَأَ (الْحَيْضُ) أَوْ النِّفَاسُ عَلَى مُعْتَكِفَةٍ (وَجَبَ) عَلَيْهَا (الْخُرُوجُ) مِنْ الْمَسْجِدِ لِحُرْمَةِ الْمُكْثِ عَلَيْهَا (وَكَذَا الْجَنَابَةُ) بِمَا لَا يُبْطِلُ الِاعْتِكَافَ كَالِاحْتِلَامِ إذَا طَرَأَتْ عَلَى الْمُعْتَكِفِ (إنْ تَعَذَّرَ) عَلَيْهِ (الْغُسْلُ فِي الْمَسْجِدِ) فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ مِنْهُ لِحُرْمَةِ الْمُكْثِ فِيهِ عَلَيْهِ، وَلَوْ احْتَاجَ لِلتَّيَمُّمِ لِفَقْدِ الْمَاءِ أَوْ غَيْرِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ لِأَجْلِهِ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَإِنْ أَمْكَنَهُ فِعْلُهُ فِيهِ بِغَيْرِ تُرَابِهِ لِتَضَمُّنِهِ اللُّبْثَ فِيهِ إلَى فَرَاغِهِ، فَلَوْ أَمْكَنَهُ فِيهِ مَارًّا مِنْ غَيْرِ مُكْثٍ وَلَا تَرَدُّدَ لَمْ يَجِبْ خُرُوجُهُ لَهُ لِعَدَمِ حُرْمَةِ الْمُرُورِ فِيهِ (فَلَوْ أَمْكَنَهُ) الْغُسْلُ فِيهِ (جَازَ) لَهُ (الْخُرُوجُ لَهُ وَلَا يَلْزَمُ) ذَلِكَ مِنْ أَجْلِهِ بَلْ لَهُ فِعْلُهُ فِي الْمَسْجِدِ إنْ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ نَحْوُ مُكْثٍ مُحَرَّمٍ وَكَلَامُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَبْلَ الْمُهَايَأَةِ أَوْ بَعْدَهَا فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ أَوْ فِي نَوْبَةِ نَفْسِهِ وَهِيَ لَا تَسَعُهُ، وَيُتَّجَهُ حِينَئِذٍ الْمَنْعُ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ، نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ مُتَتَابِعًا فَلَهُ اعْتِكَافُ قَدْرِ نَوْبَتِهِ فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ مَرْجُوعٌ) عِلَاوَةٌ (قَوْلُهُ: لَا حُبُوطَهُ بِالْكُلِّيَّةِ) أَمَّا عَدَمُ حُبُوطٍ فِي الْمُرْتَدِّ فَهُوَ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُعَاقَبُ عَلَى مَا فَاتَهُ مِنْ الِاعْتِكَافِ، وَأَمَّا ثَوَابُهُ فَيَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ رِدَّتِهِ كَسَائِرِ أَعْمَالِهِ، وَأَمَّا فِي غَيْرِهِ فَهَلْ يُثَابُ عَلَيْهِ ثَوَابَ الْوَاجِبِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي. وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ وُقُوعِهِ نَفْلًا مُطْلَقًا مَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ اعْتِكَافٌ آخَرُ وَاجِبٌ وَإِلَّا وَقَعَ عَنْهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ خُرُوجُهُ) قَضِيَّتُهُ جَوَازُ الْخُرُوجِ لِذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَعِبَارَةُ حَجّ: لَمْ يَجُزْ لَهُ الْخُرُوجُ لِعَدَمِ إلَخْ، وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْغُسْلِ مِنْ جَوَازِ الْخُرُوجِ وَإِنْ أَمْكَنَ فِي الْمَسْجِدِ بِلَا مُكْثٍ جَوَازُهُ هُنَا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِعَدَمِ طُولِ زَمَنِ التَّيَمُّمِ عَادَةً فَامْتَنَعَ الْخُرُوجُ لِأَجْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQغَيْرَ ذَاتِيَّةٍ إلَّا أَنَّ الْمَلْحَظَ فِي الْمَنْعِ فِيهِ صِيَانَةُ الْمَسْجِدِ عَنْ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ لَا حُبُوطَةَ بِالْكُلِّيَّةِ) أَيْ فَيَسْتَمِرُّ ثَوَابُهُ وَلَوْ فِي الْمُرْتَدِّ حَيْثُ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ إذْ الرِّدَّةُ إنَّمَا تُحْبِطُ الْعَمَلَ إذَا اتَّصَلَتْ بِالْمَوْتِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ هُوَ الْفِعْلُ) أَيْ فِي الْأَوَّلِ أَيْ بِخِلَافِ الثَّانِي فَإِنَّ الْمَعْطُوفَ فِيهِ الْفَاعِلُ وَكَانَ الْأَوْلَى عَدَمَ الذِّكْرِ الثَّانِي فِي الْإِشْكَالِ إذْ لَا إشْكَالَ فِيهِ لِأَنَّهُ أَتَى عَلَى الْأَصْلِ عَلَى أَنَّ إيرَادَ الْإِشْكَالِ وَالْجَوَابِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ فِيهِمَا وَتَثْنِيَةُ الضَّمِيرِ فِي اعْتِكَافِهِمَا مَعَ أَنَّ مَرْجِعَهُ لَفْظُ الْمُعْتَكِفِ وَهُوَ مُفْرَدٌ بِالنَّظَرِ لَا تَصِفُهُ بِوَصْفَيْ الرِّدَّةِ وَالسُّكْرِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ مَعَ تَعَذُّرِ ضَبْطِهِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ: أَيْ وَلَمْ يَشُقَّ بَطَلَ (قَوْلُهُ فَلَوْ أَمْكَنَهُ مَارًّا) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْمُرُورَ لِأَجْلِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَرَدَّدَ كَمَا لَا يَخْفَى فَيَنْبَغِي أَنْ يُصَوَّرَ بِمَا إذَا عَقَدَ نِيَّتَهُ عَلَى الْخُرُوجِ حَقِيقَةً ثُمَّ عَنَّ لَهُ ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ خُرُوجِهِ وَهُوَ مَارٌّ

[فصل في حكم الاعتكاف المنذور]

الشَّارِحِ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا مُرَاعَاةً لِلتَّتَابُعِ. نَعَمْ لَوْ كَانَ الْجُنُبُ مُسْتَجْمِرًا بِالْحَجَرِ وَنَحْوِهِ وَجَبَ خُرُوجُهُ وَتَحْرُمُ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ فِي الْمَسْجِدِ، وَيَجِبُ أَيْضًا إذَا حَصَلَ بِالْغُسَالَةِ ضَرَرٌ لِلْمَسْجِدِ أَوْ الْمُصَلِّينَ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَيَلْزَمُهُ الْمُبَادَرَةُ بِغُسْلِهِ لِئَلَّا يَبْطُلَ تَتَابُعُ اعْتِكَافِهِ (وَلَا يُحْسَبُ زَمَنُ الْحَيْضِ) وَالنِّفَاسِ (وَلَا) زَمَنُ (الْجَنَابَةِ) مِنْ الِاعْتِكَافِ إنْ اتَّفَقَ الْمُكْثُ مَعَهُمَا فِي الْمَسْجِدِ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ لِمُنَافَاةِ ذَلِكَ لِلِاعْتِكَافِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الْحَائِضِ هَلْ تَبْنِي عَلَى مَا مَضَى أَوْ لَا؟ . أَمَّا الْمُسْتَحَاضَةُ فَإِنْ أَمِنَتْ تَلْوِيثَهُ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ اعْتِكَافِهَا فَإِنْ خَرَجَتْ بَطَلَ تَتَابُعُهُ. . فَصْلٌ فِي حُكْمِ الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ (إذَا نَذَرَ مُدَّةً مُتَتَابِعَةً) كَ لِلَّهِ عَلَيَّ اعْتِكَافُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةٍ (لَزِمَهُ) التَّتَابُعُ فِيهَا إنْ صَرَّحَ بِهِ لَفْظًا؛ لِأَنَّهُ وَصْفٌ مَقْصُودٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُبَادَرَةِ لِلْبَاقِي عَقِبَ الْإِتْيَانِ بِبَعْضِهِ، فَإِنْ نَوَى التَّتَابُعَ بِقَلْبِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ، كَمَا لَوْ نَذَرَ أَصْلَ الِاعْتِكَافِ بِقَلْبِهِ كَمَا صَحَّحَاهُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا جَرَى عَلَيْهِ فِي الْإِرْشَادِ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ لَيُوَافِقَ مَا تَقَرَّرَ فِي عَشَرَةٍ بِلَيَالٍ، وَقَوْلُهُمْ: لَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ أَيَّامَ شَهْرٍ أَوْ شَهْرًا نَهَارًا لَمْ تَلْزَمْهُ اللَّيَالِي حَتَّى يَنْوِيَهَا كَمَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ لَا يَلْزَمُهُ ضَمُّ اللَّيْلَةِ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهَا اهـ. وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ نَقْلًا عَنْ الْغَزَالِيِّ وَجَمَاعَةٍ وَمُغْنِي؛ لِأَنَّ اللَّيَالِيَ إذَا وَجَبَتْ بِالنِّيَّةِ مَعَ أَنَّ فِي ذَلِكَ وَقْتًا زَائِدًا فَوُجُوبَ التَّتَابُعِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ وَصْفٍ، وَصَحَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ لَكِنَّ الْمُصَحَّحَ عِنْدَهُمَا وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الْحَاوِي عَدَمَ وُجُوبِ التَّتَابُعِ بِنِيَّتِهِ. وَأَجَابَ الْبَدْرُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ قَوْلِهِمْ الْمَذْكُورِ بِأَنَّ صُورَتَهُ أَنْ يَنْذُرَ أَيَّامًا مُعَيَّنَةً فَتَجِبُ اللَّيَالِي الْمُتَخَلِّلَةُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَحَاطَ بِهَا وَاجِبَانِ، كَمَا لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ وَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ صُورَتَهُ فَالْأَوْلَى مَا أَجَابَ بِهِ الشَّيْخُ مِنْ أَنَّ التَّتَابُعَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الزَّمَنِ الْمَنْذُورِ، بِخِلَافِ اللَّيَالِي بِالنِّسْبَةِ لِلْأَيَّامِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إيجَابِ الْجِنْسِ بِنِيَّةِ التَّتَابُعِ إيجَابُ غَيْرِهِ بِهَا، وَفَارَقَ أَيْضًا تَأْثِيرَ النِّيَّةِ فِي قَوْلِهِمْ الْمَذْكُورِ عَدَمَ تَأْثِيرِهَا فِيمَا لَوْ اسْتَثْنَى مِنْ الشَّهْرِ وَنَحْوِهِ الْأَيَّامَ أَوْ اللَّيَالِي بِقَلْبِهِ فَإِنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ بِأَنَّ فِي ذَلِكَ احْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَبِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ النِّيَّةِ هُنَاكَ إدْخَالُ مَا قَدْ يُرَادُ مِنْ اللَّفْظِ؛ لِأَنَّ الْيَوْمَ قَدْ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الْيَوْمَ بِلَيْلَتِهِ، وَهُنَا إخْرَاجُ مَا شَمِلَهُ اللَّفْظُ، وَلَوْ الْتَزَمَ بِالنَّذْرِ التَّفْرِيقَ أَجْزَأَهُ التَّتَابُعُ وَفَارَقَ مَا لَوْ نَذَرَ صَوْمًا مُتَفَرِّقًا حَيْثُ لَا يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَتِهِ بِالْمُتَوَالِي كَعَكْسِهِ بِأَنَّ الشَّارِعَ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: وَجَبَ خُرُوجُهُ) أَيْ لِيَغْتَسِلَ خَارِجَهُ احْتِرَازًا مِنْ وُصُولِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي النَّجَاسَةِ لِلْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: وَتَحْرُمُ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ فِي الْمَسْجِدِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُحْكَمْ بِنَجَاسَةِ الْغُسَالَةِ حَجّ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ أَيْضًا) أَيْ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَسْجِدِ. (فَصْلٌ) فِي حُكْمِ الِاعْتِكَافِ (قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ التَّتَابُعِ) قَضَيْتُهُ وُجُوبُ اللَّيَالِيِ بِنِيَّةِ التَّتَابُعِ لِلْأَيَّامِ وَإِنْ لَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِ اللَّيَالِي، وَقَوْلُهُ لَمْ تَلْزَمْهُ اللَّيَالِيُ حَتَّى يَنْوِيَهَا ظَاهِرٌ فِي خِلَافِهِ، فَلَعَلَّ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ هُنَا بِنِيَّةِ التَّتَابُعِ اللَّازِمِ لِنِيَّةِ اللَّيَالِيِ التَّتَابُعُ لَا التَّتَابُعُ الْمَنْوِيِّ بِمُجَرَّدِهِ (قَوْلُهُ: التَّفْرِيقُ مَرَّةً إلَخْ) أَيْ وَذَلِكَ فِي دَمِ التَّمَتُّعِ وَنَحْوِهِ وَالتَّتَابُعُ أُخْرَى فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَنَحْوِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي حُكْمِ الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ] ِ (قَوْلُهُ لِيُوَافِقَ مَا تَقَرَّرَ إلَخْ) هَذَا مِنْ جَانِبِ الْمُخَالِفِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إيجَابِ الْجِنْسِ بِنِيَّةِ التَّتَابُعِ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى هَذَا التَّعْبِيرِ، وَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ: وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إيجَابِ الْجِنْسِ بِالنِّيَّةِ إيجَابُ غَيْرِهِ بِهَا

اعْتَبَرَ فِي الصَّوْمِ التَّفْرِيقَ مَرَّةً وَالتَّتَابُعَ أُخْرَى، بِخِلَافِ الِاعْتِكَافِ لَمْ يَطْلُبْ فِيهِ التَّفْرِيقَ أَصْلًا، وَقَوْلُ الْغَزَالِيِّ: لَوْ نَوَى أَيَّامًا مُعَيَّنَةً كَسَبْعَةِ أَيَّامٍ مُتَفَرِّقَةٍ أَوَّلُهَا غَدًا تَعَيَّنَ تَفْرِيقُهَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى رَأْيِهِ مِنْ كَوْنِ النِّيَّةِ تُؤَثِّرُ كَاللَّفْظِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ تَأْثِيرِهَا كَمَا مَرَّ (وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّتَابُعُ بِلَا شَرْطٍ) إذْ لَفْظُ الْأُسْبُوعِ وَنَحْوِهِ صَادِقٌ عَلَى الْمُتَتَابِعِ وَغَيْرِهِ فَلَا يَجِبُ أَحَدُهُمَا بِخُصُوصِهِ إلَّا بِدَلِيلٍ، نَعَمْ يُسَنُّ التَّتَابُعُ. وَالثَّانِي يَجِبُ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا شَهْرًا، وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْيَمِينِ الْهَجْرُ وَلَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِ التَّتَابُعِ، وَحُكْمُ الْأَيَّامِ مَعَ نَذْرِ اللَّيَالِي كَحُكْمِ اللَّيَالِيِ مَعَ نَذْرِ الْأَيَّامِ فِيمَا مَرَّ (وَ) الْأَصَحُّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ (أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ يَوْمًا لَمْ يَجُزْ تَفْرِيقُ سَاعَاتِهِ) مِنْ أَيَّامٍ بَلْ عَلَيْهِ الدُّخُولُ قَبْلَ الْفَجْرِ وَاللُّبْثُ إلَى مَا بَعْدَ الْغُرُوبِ، إذْ الْمَفْهُومُ مِنْ لَفْظِ الْيَوْمِ الِاتِّصَالُ، فَقَدْ قَالَ الْخَلِيلُ: إنَّ الْيَوْمَ اسْمٌ لِمَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَغُرُوبِ الشَّمْسِ: وَالثَّانِي يَجُوزُ تَنْزِيلًا لِلسَّاعَاتِ مِنْ الْيَوْمِ مَنْزِلَةَ الْأَيَّامِ مِنْ الشَّهْرِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ يُعَيِّنْ يَوْمًا، فَإِنْ عَيَّنَهُ امْتَنَعَ التَّفْرِيقُ جَزْمًا وَلَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِي أَثْنَائِهِ وَمَكَثَ إلَى مِثْلِهِ مِنْ الْغَدِ مَعَ اللَّيْلَةِ الْمُتَخَلِّلَةِ أَجْزَأَ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ لِحُصُولِ التَّتَابُعِ بِالْبَيُّوتَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ ذَهَبَ أَبُو إِسْحَاقَ إلَى عَدَمِ إجْزَائِهِ، وَقَالَ الشَّيْخَانِ: إنَّهُ الْوَجْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِيَوْمٍ مُتَوَاصِلِ السَّاعَاتِ وَاللَّيْلَةُ لَيْسَتْ مِنْ الْيَوْمِ، وَلَوْ نَذَرَ يَوْمًا أَوَّلُهُ مِنْ الزَّوَالِ مَثَلًا امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ لَيْلًا بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُعَيِّنْ مُدَّةً كَأُسْبُوعٍ) عَيَّنَهُ كَهَذَا الْأُسْبُوعِ أَوْ هَذِهِ السَّنَةِ (وَتَعَرَّضَ لِلتَّتَابُعِ) فِيهَا لَفْظًا (وَفَاتَتْهُ لَزِمَهُ التَّتَابُعُ فِي الْقَضَاءِ) لِالْتِزَامِهِ إيَّاهُ. وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ لِوُقُوعِ التَّتَابُعِ ضَرُورَةً فَلَا أَثَرَ لِتَصْرِيحِهِ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْأُسْبُوعَ لَمْ يَتَصَوَّرْ فِيهِ فَوَاتٌ؛ لِأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي. وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَالْأَصَحُّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ أَشَارَ بِهِ لِقُوَّةِ الْخِلَافِ وَأَنَّهُ غَيْرُ مَعْطُوفٍ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ دُخُولِ الصَّحِيحِ فَيُفِيدُ ضَعْفَهُ (وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ) أَيْ التَّتَابُعِ (لَمْ يَلْزَمْهُ فِي الْقَضَاءِ) قَطْعًا لِوُقُوعِ التَّتَابُعِ فِيهِ غَيْرُ مَقْصُودٍ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ ضَرُورَةِ تَعَيُّنِ الْوَقْتِ فَأَشْبَهَ التَّتَابُعَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ مُعَيَّنٍ فَفَاتَهُ فَقَضَاهُ لَيْلًا أَجْزَأَهُ، بِخِلَافِ الْيَوْمِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَيَّامًا مُعَيَّنَةٍ كَسَبْعَةِ) أَيْ كَأَنْ نَذَرَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَنَوَى أَنَّهَا مُتَفَرِّقَةٌ (قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ) أَيْ فِي أَنَّهُ إنْ نَوَى الْأَيَّامَ فِي نَذْرِهِ اللَّيَالِي وَجَبَتْ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ تَفْرِيقُ سَاعَاتِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ نَوَى قَدْرَ الْيَوْمِ وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ وَأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَوْ أَطْلَقَ فَإِنْ نَوَى يَوْمًا كَامِلًا وَجَبَ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ نَوَى قَدْرَ الْيَوْمِ اكْتَفَى بِهِ وَلَوْ مِنْ أَيَّامٍ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ اسْتَعْمَلَ الْيَوْمَ فِي سَاعَاتٍ تُسَاوِيهِ مَجَازًا أَوْ أَنَّهُ قَدْرٌ مُضَافًا فِي الْكَلَامِ وَكِلَاهُمَا لَا مَانِعَ مِنْهُ. وَبَقِيَ مَا لَوْ نَذَرَ يَوْمًا مِنْ أَيَّامِ الدَّجَّالِ هَلْ يَخْرُجُ مِنْ عُهْدَةِ النَّذْرِ بِأَنْ يُقَدَّرَ لَهُ يَوْمًا مِنْ الْأَيَّامِ الَّتِي قَبْلَ خُرُوجِهِ كَمِائَةِ دَرَجَةٍ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ «اُقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ» أَوْ يُحْمَلُ عَلَى الْيَوْمِ الْحَقِيقِيِّ مِنْ أَيَّامِهِ وَيَخْرُجُ مِنْ الْعُهْدَةِ وَلَوْ بِآخِرِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ) وَلَوْ نَذَرَ أَيَّامًا كَعَشَرَةٍ وَجَعَلَ مَبْدَأَهَا مِنْ وَقْتِ النَّذْرِ كَأَنْ قَالَ أَعْتَكِفُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ مِنْ هَذَا الْوَقْتِ كَمَّلَ مِمَّا انْكَسَرَ مِنْ الْحَادِيَ عَشَرَ، كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ فِي نَحْو بُرٍّ وَأَجَّلَ بِمُدَّةٍ كَشَهْرٍ فَإِنَّهُ يَحْسِبُ الْمُنْكَسِرُ وَيُكَمِّلُ مِمَّا يَلِي انْتِهَاءَ الثَّلَاثِينَ مِمَّا بَعْدَهُ وَهُوَ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ، وَيُفَرِّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمِ قُدُومِ زَيْدٍ وَقَدِمَ نَهَارًا حَيْثُ كَفَّاهُ اعْتِكَافُ بَقِيَّةِ يَوْمِهِ بِأَنَّ مَا فَاتَ قَبْلَ قُدُومِ زَيْدٍ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ وُجُوبٌ أَصْلًا، وَمَا هُنَا تَعَلَّقَ بِنَذْرِهِ بِمَا يُسَمَّى أَيَّامًا وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إلَّا بِإِتْمَامِ الْكَسْرِ (قَوْلُهُ وَإِنْ ذَهَبَ أَبُو إِسْحَاقَ) أَيْ الْمَرْوَزِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْغَزَالِيِّ لَوْ نَوَى أَيَّامًا مُعَيَّنَةً) أَيْ كَأَنْ قَالَ سَبْعَةَ أَثَانِينَ مَثَلًا، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ مُعَيَّنَةً وَمِنْ قَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ فِي تَأْيِيدِهِ: وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ لِتَعَيُّنِ زَمَنِ الِاعْتِكَافِ بِالتَّعْيِينِ اهـ. وَحِينَئِذٍ فَالِاعْتِرَاضُ عَلَى الْغَزَالِيِّ إنَّمَا هُوَ فِي كَوْنِ النِّيَّةِ بِمُجَرَّدِهَا تَكْفِي فِي ذَلِكَ، أَمَّا لَوْ تَلَفَّظَ بِذَلِكَ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَلْزَمُ فَلْيُرَاجَعْ

الْمُطْلَقِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْوَفَاءِ بِنَذْرِهِ عَلَى صِفَتِهِ الْمُلْتَزَمَةِ، وَلَا كَذَلِكَ الْمُعَيَّنُ كَنَظِيرِهِ فِي الصَّلَاةِ فِي الْقِسْمَيْنِ. حَكَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِ فِيهِ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا سَاوَتْ اللَّيْلَةُ الْيَوْمَ وَإِلَّا لَمْ يَكْفِهِ وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمِ قُدُومِ زَيْدٍ فَقَدِمَ لَيْلًا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِعَدَمٍ وُجُودِ الصِّفَةِ، وَيُسَنُّ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الصَّوْمِ قَضَاءُ اعْتِكَافِ يَوْمٍ شُكْرًا كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ، فَإِنْ قَدِمَ نَهَارًا أَجْزَأَهُ مَا بَقِيَ مِنْهُ وَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا مَضَى مِنْهُ، إذْ الْوُجُوبُ إنَّمَا ثَبَتَ مِنْ وَقْتِ قُدُومِهِ وَفَارَقَ الصَّوْمَ بِصِحَّةِ تَبْعِيضِ مَا هُنَا بِخِلَافِ مَا ذَكَرَ. نَعَمْ يُسَنُّ قَضَاءُ يَوْمٍ كَامِلٍ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِلْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُزَنِيّ فِي مَوْضِعٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ صُحِّحَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ لُزُومُ قَضَائِهِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي بَابِ النَّذْرِ، وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ إنْ قَدِمَ حَيًّا مُخْتَارًا فَلَوْ قَدِمَ بِهِ مَيِّتًا أَوْ مُكْرَهًا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ كَمَا قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْحُكْمَ عَلَى الْقُدُومِ، وَفِعْلُ الْمُكْرَهِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ هُنَا شَرْعًا. وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ الْعَشْرِ الْأَخِيرِ دَخَلَتْ لَيَالِيِهِ حَتَّى أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْهُ وَيُجْزِئُهُ وَإِنْ نَقَصَ الشَّهْرُ لِوُقُوعِ الِاسْمِ عَلَى مَا بَعْدَ الْعِشْرِينَ إلَى انْتِهَاءِ الشَّهْرِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَذَرَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ مِنْ آخِرِهِ وَكَانَ نَاقِصًا لَا يُجْزِئُهُ لِتَجْرِيدِ قَصْدِهِ لَهَا فَعَلَيْهِ اعْتِكَافُ يَوْمٍ بَعْدَهُ، وَيُسَنُّ لَهُ فِي هَذِهِ اعْتِكَافُ يَوْمٍ قَبْلَ الْعَشْرِ لِاحْتِمَالِ نُقْصَانِ الشَّهْرِ فَيَكُونُ ذَلِكَ الْيَوْمُ دَاخِلًا فِي نَذْرِهِ إذْ هُوَ أَوَّلُ الْعَشَرَةِ مَعَ آخِرِهِ، فَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ ثُمَّ بَانَ النَّقْصُ أَجْزَأَهُ عَنْ قَضَاءِ يَوْمٍ كَمَا قَطَعَ بِهِ الْبَغَوِيّ، وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْخِلَافُ فِيمَنْ تَيَقَّنَ طُهْرًا وَشَكَّ فِي ضِدِّهِ فَتَوَضَّأَ مُحْتَاطًا فَبَانَ مُحْدِثًا: أَيْ فَلَا يُجْزِئُهُ (وَإِذَا ذَكَرَ) النَّاذِرُ (التَّتَابُعَ) فِي نَذْرِهِ لَفْظًا (وَشَرَطَ الْخُرُوجَ لِعَارِضٍ) مُبَاحٍ مَقْصُودٍ غَيْرِ مُنَافٍ لِلِاعْتِكَافِ (صَحَّ الشَّرْطُ فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ إنَّمَا لَزِمَ بِالِالْتِزَامِ فَكَانَ عَلَى حَسَبِ مَا الْتَزَمَ، فَلَوْ عَيَّنَ نَوْعًا أَوْ فَرْدًا كَعِيَادَةِ الْمَرْضَى أَوْ زَيْدٍ خَرَجَ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ، فَلَوْ أَطْلَقَ الْعَارِضَ أَوْ الشُّغْلَ خَرَجَ لِكُلِّ مُهِمٍّ دِينِيٍّ كَالْجُمُعَةِ أَوْ دُنْيَوِيٍّ مُبَاحٍ كَلِقَاءِ الْأَمِيرِ، وَالثَّانِي بُطْلَانُ الشَّرْطِ لِمُخَالَفَتِهِ لِمُقْتَضَاهُ فَلَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ شَرَطَ الْخُرُوجَ لِلْجِمَاعِ، وَخَرَجَ بِشَرْطِ الْخُرُوجِ لِعَارِضٍ مَا لَوْ شَرَطَ قَطْعَ الِاعْتِكَافِ لَهُ، فَإِنَّهُ وَإِنْ صَحَّ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ عِنْدَ زَوَالِ الْعَارِضِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرَطَ الْخُرُوجَ لِلْعَارِضِ فَيَجِبُ عَوْدُهُ، وَلَوْ قَالَ: إلَّا أَنْ يَبْدُوَا لِي لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ لِتَعْلِيقِهِ عَلَى مُجَرَّدِ الْخِيرَةِ وَهُوَ مُنَافٍ لِلِالْتِزَامِ، وَكَذَا النَّذْرُ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَهُوَ الْأَشْبَهُ فِي الصَّغِيرِ، وَلَمْ يُصَرِّحْ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بِتَرْجِيحٍ، وَبِمُبَاحٍ مَا لَوْ شَرَطَهُ لِمُحْرِمٍ كَسَرِقَةٍ، وَبِمَقْصُودِهِ مَا لَوْ شَرَطَهُ لِغَيْرِهِ كَنُزْهَةٍ، وَبِغَيْرِ مُنَافٍ لِلِاعْتِكَافِ مَا لَوْ شَرَطَهُ لِمُنَافٍ لَهُ كَقَوْلِهِ: إنْ اخْتَرْت جَامَعْت أَوْ إنْ اتَّفَقَ لِي جِمَاعٌ جَامَعْت، فَلَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْمُحْرِمِ وَالْجِمَاعِ وَمِثْلُهُمَا الْبَقِيَّةُ (وَالزَّمَانُ الْمَصْرُوفُ إلَيْهِ) أَيْ الْعَارِضُ الْمَذْكُورُ (لَا يَجِبُ تَدَارُكُهُ إنْ عَيَّنَ الْمُدَّةَ كَهَذَا الشَّهْرِ) لِأَنَّ النَّذْرَ فِي الْحَقِيقَةِ لِمَا عَدَاهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُعَيِّنْهَا كَشَهْرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ يَكْفِهِ) أَيْ فَيَحْتَاجُ إلَى مُكْثِ مَا يُتِمُّ بِهِ مِقْدَارُ الْيَوْمِ (قَوْلُهُ: اعْتِكَافُ يَوْمٍ شُكْرًا) أَيْ بِنِيَّةِ الْقَضَاءِ وَيَقَعُ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى لَا أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ أَنْ يَقُولَ شُكْرًا (قَوْلُهُ: مَا بَقِيَ مِنْهُ) أَيْ وَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ مِنْ وُصُولِهِ مَا يَنْقَطِعُ بِهِ سَفَرُهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا ذَكَرَ) أَيْ ثُمَّ (قَوْلُهُ كَمَا قَطَعَ بِهِ الْبَغَوِيّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: صَحَّ الشَّرْطُ فِي الْأَظْهَرِ) وَلَوْ نَذَرَ نَحْوَ صَلَاةٍ أَوْ صَوْمٍ أَوْ حَجٍّ وَشَرَطَ الْخُرُوجَ لِعَارِضٍ فَكَمَا تَقَرَّرَ. كَذَا بِهَامِشٍ وَعَلَيْهِ فَلَوْ نَوَى الصَّلَاةَ بَعْدَ النَّذْرِ جَازَ أَنْ يَقُولَ فِي نِيَّتِهِ وَأَخْرُجُ مِنْهَا إنْ عَرَضَ لِي كَذَا، لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ، نِيَّتُهُ مَحْمُولَةٌ عَلَيْهِ، فَمَتَى عَرَضَ لَهُ مَا اسْتَثْنَاهُ جَازَ لَهُ الْخُرُوجُ وَإِنْ كَانَ فِي تَشَهُّدِ الصَّلَاةِ وَجَازَ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْ الصَّوْمِ وَإِنْ كَانَ قَرِيبَ الْغُرُوبِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: كَلِقَاءِ الْأَمِيرِ) أَيْ لِحَاجَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا سَاوَتْ اللَّيْلَةُ الْيَوْمَ وَإِلَّا لَمْ يَكْفِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ اللَّيْلَةُ أَقْصَرَ: أَيْ فَيُكَمِّلُ عَلَيْهَا مِنْ النَّهَارِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ، وَانْظُرْ لَوْ كَانَتْ أَطْوَلَ هَلْ يُكْتَفَى بِمِقْدَارِ الْيَوْمِ مِنْهَا أَوْ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِيعَابِهَا (قَوْلُهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ) خِلَافًا لِحَجِّ

مُطْلَقٍ (فَيَجِبُ) تَدَارُكُهُ لِتَتِمَّ الْمُدَّةُ، وَيَكُونُ فَائِدَةُ الشَّرْطِ تَنْزِيلُ ذَلِكَ الْعَارِضِ مَنْزِلَةَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ فِي أَنَّ التَّتَابُعَ لَا يَنْقَطِعُ بِهِ (وَيَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ) زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ (بِالْخُرُوجِ) مِنْ الْمَسْجِدِ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ أَوْ بِمَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ مِنْ نَحْوِ يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ أَوْ رَأْسِهِ قَائِمًا أَوْ مُنْحَنِيًا أَوْ مِنْ الْعَجُزِ قَاعِدًا أَوْ مِنْ الْجَنْبِ مُضْطَجِعًا (بِلَا عُذْرٍ) مِنْ الْأَعْذَارِ الْآتِيَةِ وَإِنْ قَلَّ زَمَنُهُ لِمُنَافَاتِهِ اللُّبْثَ إذْ هُوَ فِي مُدَّةِ الْخُرُوجِ الْمَذْكُورِ غَيْرُ مُعْتَكِفٍ وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ مُخْتَارًا (وَلَا يَضُرُّ) فِي تَتَابُعِ اعْتِكَافِهِ (إخْرَاجُ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ) مِنْ الْمَسْجِدِ كَرَأْسِهِ أَوْ يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى خَارِجًا، فَقَدْ وَرَدَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُدْنِي رَأْسَهُ إلَى عَائِشَةَ فَتُرَجِّلُهُ: أَيْ تُسَرِّحُهُ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فِي الْمَسْجِدِ» ، فَلَوْ أَخْرَجَ إحْدَى رِجْلَيْهِ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا لَمْ يَضُرَّ فِيمَا يَظْهَرُ لِعَدَمِ صِدْقِ الْخُرُوجِ عَلَيْهِ، فَقَدْ قَالَ فِي الْبَسِيطِ: قَضِيَّةُ تَعْلِيلِ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ. قُلْت: وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَأَدْخَلَ إحْدَى رِجْلَيْهِ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فَعَمِلْنَا بِالْأَصْلِ فِيهِمَا. (وَلَا) يَضُرُّ (الْخُرُوجُ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ) مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ وَمِثْلُهُمَا الرِّيحُ فِيمَا يَظْهَرُ إذْ لَا بُدَّ مِنْهُ وَإِنْ أَكْثَرَ خُرُوجَهُ لِذَلِكَ لِعَارِضٍ نَظَرًا إلَى جِنْسِهِ، وَلَا يَشْتَرِطُ أَنْ يَصِلَ لِحَدِّ الضَّرُورَةِ، وَإِذَا خَرَجَ لَا يُكَلَّفُ الْإِسْرَاعَ بَلْ يَمْشِي عَلَى سَجِيَّتِهِ، فَإِنْ تَأَنَّى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ بَطَلَ كَمَا فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَحْرِ، وَيَجُوزُ لَهُ الْوُضُوءُ بَعْدَ قَضَائِهَا خَارِجَ الْمَسْجِدِ تَبَعًا لَهَا وَاجِبًا كَانَ أَوْ مَنْدُوبًا، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْخُرُوجُ وَحْدَهُ وَلَوْ عَنْ حَدَثٍ حَيْثُ أَمْكَنَهُ فِي الْمَسْجِدِ وَاقْتِصَارُهُ عَلَى قَضَاءِ الْحَاجَةِ مِثَالٌ فَغَيْرُهَا كَذَلِكَ كَغُسْلِ جَنَابَةٍ وَإِزَالَةِ نَجَاسَةٍ وَرُعَافٍ وَأَكْلٍ (مَا يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ الْخُرُوجُ لَهُ) ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحْيِي مِنْهُ فِي الْمَسْجِدِ وَإِنْ أَمْكَنَهُ الْأَكْلُ فِيهِ، بِخِلَافِ الشُّرْبِ كَمَا مَرَّ إذَا وُجِدَ الْمَاءُ فِيهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ كَمَا أَفَادَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ الْكَلَامَ فِي مَسْجِدٍ مَطْرُوقٍ، بِخِلَافِ الْمُخْتَصِّ وَالْمَهْجُورِ الَّذِي يَنْدُرُ طَارِقُوهُ، فَلَوْ خَرَجَ لِلشُّرْبِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ فِيهِ انْقَطَعَ تَتَابُعُهُ، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَنَّ الْوُضُوءَ الْمَنْدُوبَ لِغُسْلِ الِاحْتِلَامِ مُغْتَفِرٌ كَالتَّثْلِيثِ فِي الْوُضُوءِ الْوَاجِبِ (وَلَا يَجِبُ فِعْلُهَا فِي غَيْرِ دَارِهِ) الَّتِي يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهَا كَسِقَايَةِ الْمَسْجِدِ وَدَارِ صَدِيقٍ لَهُ بِجِوَارِ الْمَسْجِدِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ وَخَرْمِ الْمُرُوءَةِ، وَتَزِيدُ دَارُ الصَّدِيقِ بِالْمِنَّةِ بِهَا، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ لَا تَخْتَلُّ مُرُوءَتُهُ بِالسِّقَايَةِ وَلَا يَشُقُّ عَلَيْهِ تَكْلِيفُهَا إنْ كَانَتْ أَقْرَبُ مِنْ دَارِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَتْ السِّقَايَةُ الْمَصُونَةُ مُخْتَصَّةٌ بِالْمَسْجِدِ لَا يَدْخُلُهَا إلَّا أَهْلُ ذَلِكَ الْمَكَانِ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ (وَلَا يَضُرُّ بُعْدُهَا) أَيْ دَارِهِ الْمَذْكُورَةِ عَنْ الْمَسْجِدِ مُرَاعَاةً لِمَا مَرَّ مِنْ الْمَشَقَّةِ وَالْمِنَّةِ (إلَّا أَنْ يَفْحُشَ) بُعْدَهَا عَنْهُ وَثَمَّ لَائِقٍ بِهِ أَوْ تَرَكَ الْأَقْرَبَ مِنْ دَارَيْهِ وَذَهَبَ إلَى أَبْعَدِهِمَا وَضَابِطُ الْفُحْشِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ أَنْ يَذْهَبَ أَكْثَرُ الْوَقْتِ فِي التَّرَدُّدِ لِلْمَنْزِلِ (فَيَضُرُّ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ فِي عَوْدِهِ أَيْضًا إلَى الْبَوْلِ فَيُمْضِي يَوْمَهُ فِي الذَّهَابِ وَالْإِيَابِ وَلِاغْتِنَائِهِ بِالْأَقْرَبِ مِنْ دَارَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فِي طَرِيقِهِ مَكَانًا أَوْ وَجَدَهُ وَلَمْ يَلِقْ بِهِ دُخُولُهُ لَمْ يَضُرَّ فُحْشُ الْبُعْدِ. وَالثَّانِي لَا يَضُرُّ فُحْشُ ذَلِكَ مُطْلَقًا لِمَا مَرَّ مِنْ مَشَقَّةِ الدُّخُولِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ فِي غَيْرِ دَارِهِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ ـــــــــــــــــــــــــــــSاقْتَضَتْ خُرُوجَهُ لِلِقَائِهِ لَا مُجَرَّدِ التَّفَرُّجِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا بُدَّ مِنْهُ) أَيْ وَإِخْرَاجُهُ فِي الْمَسْجِدِ مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَأَتَّى أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ وَيَرْجِعُ فِي ذَلِكَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ عَلَى عِبَادَتِهِ (قَوْلُهُ أَنْ يَذْهَبَ أَكْثَرُ الْوَقْتِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ أَنْ يَذْهَبَ أَكْثَرُ الْوَقْتِ فِي التَّرَدُّدِ لِلْمَنْزِلِ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْوَقْتِ هُنَا، ثُمَّ رَأَيْت الزِّيَادِيَّ صَرَّحَ بِأَنَّهُ الْوَقْتُ الَّذِي نَذَرَ اعْتِكَافَهُ.

لِنَوْمٍ أَوْ غُسْلِ نَحْوِ جُمُعَةٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ (وَلَوْ عَادَ مَرِيضًا) أَوْ زَارَ قَادِمًا (فِي طَرِيقِهِ) لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ (لَمْ يَضُرَّ مَا لَمْ يَطُلْ وُقُوفُهُ) بِأَنْ لَمْ يَقِفْ أَصْلًا أَوْ وَقَفَ يَسِيرًا كَأَنْ اقْتَصَرَ عَلَى السَّلَامِ وَالسُّؤَالِ (أَوْ) لَمْ (يَعْدِلْ عَنْ طَرِيقِهِ) بِأَنْ كَانَ الْمَرِيضُ وَالْقَادِمُ فِيهَا «لِخَبَرِ عَائِشَةَ إنِّي كُنْت أَدْخُلُ الْبَيْتَ لِلْحَاجَةِ أَيْ التَّبَرُّزِ وَالْمَرِيضُ فِيهِ فَمَا أَسْأَلُ عَنْهُ إلَّا وَأَنَا مَارَّةٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي أَبِي دَاوُد مَرْفُوعًا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَمُرُّ بِالْمَرِيضِ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فَيَمُرُّ كَمَا هُوَ يَسْأَلُ عَنْهُ وَلَا يَعْرُجُ» فَإِنْ طَالَ وُقُوفُهُ عُرْفًا أَوْ عَدَلَ عَنْ طَرِيقِهِ وَإِنْ قَلَّ ضَرَّ وَلَوْ صَلَّى فِي طَرِيقِهِ عَلَى جِنَازَةٍ فَإِنْ لَمْ يَنْتَظِرْهَا وَلَمْ يَعْدِلْ عَنْ طَرِيقِهِ إلَيْهَا جَازَ وَإِلَّا فَلَا، وَهَلْ عِيَادَةُ الْمَرِيضِ وَنَحْوُهَا لَهُ أَفْضَلُ أَوْ تَرْكُهَا أَوْ هُمَا سَوَاءٌ؟ وُجُوهٌ أَرْجَحُهَا أَوَّلُهَا (وَلَا يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ) بِخُرُوجِهِ (لِمَرَضٍ يُحْوِجُ إلَى الْخُرُوجِ) لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ لَهُ كَمَا فِي قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَالْمُحْوِجُ لِذَلِكَ مَا يَشُقُّ مَعَهُ الْمُقَامُ فِي الْمَسْجِدِ لِحَاجَةِ فُرُشٍ وَخَادِمٍ وَتَرَدُّدِ طَبِيبِ، أَوْ بِأَنْ يَخَافَ مِنْهُ تَلْوِيثَ الْمَسْجِدِ كَإِسْهَالٍ وَإِدْرَارِ بَوْلٍ، بِخِلَافِ مَرَضٍ لَا يُحْوِجُ إلَى الْخُرُوجِ كَصُدَاعٍ وَحُمَّى خَفِيفَةٍ فَيَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ بِالْخُرُوجِ لَهُ، وَفِي مَعْنَى مَا ذَكَرَ فِي الْمَرَضِ الْخَوْفُ مِنْ نَحْوِ لِصٍّ أَوْ حَرِيقٍ، فَإِنْ زَالَ خَوْفُهُ عَادَ لِمَكَانِهِ وَبَنَى عَلَيْهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَعَلَّهُ فِيمَنْ لَمْ يَجِدْ مَسْجِدًا قَرِيبًا يَأْمَنُ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ. (وَ) لَا يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ (بِحَيْضٍ إنْ طَالَتْ مُدَّةُ الِاعْتِكَافِ) بِحَيْثُ لَا يَخْلُو عَنْهُ غَالِبًا كَصَوْمِ شَهْرَيْ كَفَّارَةِ قَتْلٍ لِعُرُوضِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا، وَضُبِطَ جَمْعُ الْمُدَّةِ الَّتِي لَا تَخْلُو عَنْهُ غَالِبًا بِأَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَتَبِعَهُمْ الْمُصَنِّفُ وَنَظَرَ فِيهِ آخَرُونَ بِأَنَّ الْعِشْرِينَ وَالثَّلَاثَةَ وَعِشْرِينَ تَخْلُو عَنْهُ غَالِبًا إذْ هِيَ غَالِبُ الطُّهْرِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقْطَعَهَا وَمَا دُونَهَا الْحَيْضُ وَلَا يَقْطَعُ مَا فَوْقَهَا، وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَالِبِ هُنَا أَنْ لَا يَسَعَ زَمَنَ أَقَلَّ الطُّهْرِ الِاعْتِكَافُ لَا الْغَالِبُ الْمَفْهُومُ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِ الْحَيْضِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ مَتَى زَادَ مِنْ الِاعْتِكَافِ عَلَى أَقَلِّ الطُّهْرِ كَانَتْ مُعَرَّضَةً لِطُرُوقِ الْحَيْضِ فَعُذِرَتْ لِأَجْلِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ تَحِيضُ وَتَطْهُرُ غَالِبَ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْغَالِبُ قَدْ يَتَجَزَّأُ. أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ تَحِيضُ أَقَلَّ الْحَيْضِ لَا يَنْقَطِعُ اعْتِكَافُهَا بِهِ إذَا زَادَتْ مُدَّةُ اعْتِكَافِهَا عَلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُهَا إيقَاعُهُ فِي زَمَنِ طُهْرِهَا، فَكَذَلِكَ هَذِهِ لَا يَلْزَمُهَا إيقَاعُهُ فِي زَمَنِ طُهْرِهَا، وَإِنْ وَسِعَهُ، وَلَا نَظَرَ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ طُهْرَ تِلْكَ عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ، بِخِلَافِ هَذِهِ؛ لِأَنَّهُمْ تَوَسَّعُوا ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الَّذِي نَذَرَ اعْتِكَافُهُ اهـ زِيَادِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ طَالَ وُقُوفُهُ عُرْفًا) أَيْ بِأَنْ زَادَ فِي قَدْرِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ: أَيْ أَقَلُّ مُجْزِئٌ مِنْهَا فِيمَا يَظْهَرُ اهـ حَجّ. أَمَّا قَدْرُهَا فَيُحْتَمَلُ لِجَمِيعِ الْأَعْرَاضِ (قَوْلُهُ: جَازَ) أَيْ الْوُقُوفُ وَلَمْ يَقْطَعْ التَّتَابُعُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) وَهَلْ لَهُ تَكْرِيرُ هَذِهِ كَالْعِيَادَةِ عَلَى مَوْتَى أَوْ مَرْضَى مَرَّ بِهِمْ فِي طَرِيقِهِ بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورِينَ أَخَذَا مِنْ جَعْلِهِمْ قَدْرُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ مَعْفُوًّا عَنْهُ بِكُلِّ غَرَضٍ فِيمَنْ خَرَجَ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ أَوْ لَا يَفْعَلُ إلَّا وَاحِدًا لِأَنَّهُمْ عَلَّلُوا فِعْلَهُ لِنَحْوِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بِأَنَّهُ يَسِيرٌ وَوَقَعَ تَابِعًا لَا مَقْصُودًا؟ كُلٌّ مُحْتَمَلُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ نَحْوِ الْعِيَادَةِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَزِيَارَةِ الْقَادِمِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ. وَمَعْنَى التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ أَنَّ كُلًّا عَلَى حِدَتِهِ تَابِعٌ وَزَمَنُهُ يَسِيرٌ، فَلَا نَظَرَ لِضَمِّهِ إلَى غَيْرِهِ الْمُقْتَضِي لِطُولِ الزَّمَنِ، وَنَظِيرُهُ مَا مَرَّ فِيمَنْ عَلَى بَدَنِهِ دَمٌ قَلِيلٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَتَكَرَّرَ بِحَيْثُ لَوْ جَمَعَ لَكَثُرَ فَهَلْ يَقْدِرُ الِاجْتِمَاعُ حَتَّى يَضُرَّ أَوْ لَا حَتَّى يَسْتَمِرَّ الْعَفْوُ؟ فِيهِ خِلَافٌ لَا يَبْعُدُ مَجِيئُهُ هُنَا وَإِنْ أَمْكَنَ الْفَرْقُ بِأَنَّهُ يُحْتَاطُ لِلصَّلَاةِ بِالنَّجَاسَةِ مَا لَا يُحْتَاطُ هُنَا وَأَيْضًا فَمَا هُنَا فِي التَّابِع وَهُوَ يُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَقْصُودِ. اهـ حَجّ (قَوْلُهُ أَرْجَحُهَا أَوَّلُهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَرِيضُ جَارًا لِلْمُعْتَكِفِ وَلَا نَحْوَ صَدِيقٍ، وَعِبَارَةُ حَجّ قُبَيْلَ الْكِتَابِ وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ الْخُرُوجَ لِعِيَادَةٍ نَحْوَ رَحِمٍ وَجَارٍ وَصَدِيقٍ أَفْضَلُ اهـ وَالْمُوَافِقُ لِكَلَامِ حَجّ أَنْ يَجْعَلَ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ لَهُ لِلْمُعْتَكِفِ لَا لِمَنْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ (قَوْلُهُ: قَدْ يَتَجَزَّأُ) أَيْ بِأَنْ يُوجَدُ تَارَةً فِي شَهْرٍ قَدْرٌ مَخْصُوصٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

هُنَا فِي الْأَعْذَارِ بِمَا يَقْتَضِي أَنَّ مُجَرَّدَ إمْكَانِ طُرُوُّ الْحَيْضِ عُذْرٌ فِي عَدَمِ الِانْقِطَاعِ فَتَبْنِي عَلَى مَا سَبَقَ إذَا طَهُرَتْ؛ لِأَنَّهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا (فَإِنْ كَانَتْ) مُدَّةُ الِاعْتِكَافِ (بِحَيْثُ تَخْلُو عَنْهُ) أَيْ الْحَيْضِ (انْقَطَعَ) التَّتَابُعُ (فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهَا بِسَبِيلٍ مِنْ أَنْ تَشْرَعَ كَمَا طَهُرَتْ وَكَالْحَيْضِ النِّفَاسُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. وَالثَّانِي لَا يَنْقَطِعُ؛ لِأَنَّ جِنْسَ الْحَيْضِ مِمَّا يَتَكَرَّرُ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي التَّتَابُعِ كَقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَلَا تَخْرُجُ لِاسْتِحَاضَةِ بَلْ تَحْتَرِزُ عَنْ تَلْوِيثِ الْمَسْجِدِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ إنْ سَهُلَ احْتِرَازُهَا وَإِلَّا خَرَجَتْ وَلَا انْقِطَاعَ (وَلَا) يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ (بِالْخُرُوجِ) مِنْ الْمَسْجِدِ (نَاسِيًا) اعْتِكَافَهُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) الْمَقْطُوعِ بِهِ أَوْ مُكْرَهًا عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ كَمَا فِي الْجِمَاعِ نَاسِيًا وَمِثْلُ ذَلِكَ الْجَاهِلُ الَّذِي يَخْفَى عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ لِخَبَرِ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» وَكَالْإِكْرَاهِ مَا لَوْ حُمِلَ وَأُخْرِجَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَإِنْ أَمْكَنَهُ التَّخَلُّصُ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَيُحْتَمَلُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُمْكِنُهُ ذَلِكَ، وَلَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ، فَإِنْ أُخْرِجَ مُكْرَهًا بِحَقٍّ كَالزَّوْجَةِ وَالْعَبْدِ يَعْتَكِفَانِ بِلَا إذْنٍ أَوْ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ لِحَقٍّ لَزِمَهُ أَوْ خَرَجَ خَوْفَ غَرِيمٍ لَهُ وَهُوَ غَنِيٌّ مُمَاطِلٌ أَوْ مُعْسِرٌ، وَلَهُ بَيِّنَةٌ: أَيْ وَثَمَّ حَاكِمٌ يَقْبَلُهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ انْقَطَعَ تَتَابُعُهُ لِتَقْصِيرِهِ. وَلَوْ خَرَجَ لِأَدَاءِ شَهَادَةٍ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ تَحَمُّلُهُ وَأَدَاؤُهَا لَمْ يَنْقَطِعْ تَتَابُعُهُ لِاضْطِرَارِهِ إلَى الْخُرُوجِ وَإِلَى سَبَبِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا أَوْ تَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ مُسْتَغْنٍ عَنْ الْخُرُوجِ وَإِلَّا فَتَحَمُّلُهُ لَهَا إنَّمَا يَكُونُ لِلْأَدَاءِ فَهُوَ بِاخْتِيَارِهِ، وَقَيَّدَهُ الشَّيْخُ بَحْثًا بِمَا إذَا تَحَمَّلَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الِاعْتِكَافِ وَإِلَّا فَلَا يَنْقَطِعُ الْوَلَاءُ كَمَا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ الدَّهْرِ فَفَوَّتَهُ لِصَوْمِ كَفَّارَةٍ لَزِمَتْهُ قَبْلَ النَّذْرِ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَلَوْ خَرَجَ لِإِقَامَةِ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ لَمْ يَقْطَعْ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْجَرِيمَةَ لَا تُرْتَكَبُ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ، بِخِلَافِ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ إنَّمَا يَكُونُ لِلْأَدَاءِ كَمَا مَرَّ، بِخِلَافِ مَا إذَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ إذَا أَتَى بِمُوجِبِ الْحَدِّ قَبْلَ الِاعْتِكَافِ، فَإِنْ أَتَى بِهِ حَالَ الِاعْتِكَافِ كَمَا لَوْ قَذَفَ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَقْطَعُ الْوَلَاءَ. وَلَا يَقْطَعُهُ خُرُوجُ امْرَأَةٍ لِأَجْلِ قَضَاءَ عِدَّةِ حَيَاةٍ أَوْ وَفَاةٍ وَإِنْ كَانَتْ مُخْتَارَةً لِلنِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ لِلْعِدَّةِ، بِخِلَافِ التَّحَمُّلِ كَمَا مَرَّ مَا لَمْ تَكُنْ بِسَبَبِهَا كَأَنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا بِتَفْوِيضِ ذَلِكَ لَهَا أَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِمَشِيئَتِهَا فَشَاءَتْ وَهِيَ مُعْتَكِفَةٌ فَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ لِاخْتِيَارِهَا الْخُرُوجَ، فَإِنْ أَذِنَ لَهَا الزَّوْجُ فِي اعْتِكَافِ مُدَّةٍ مُتَتَابِعَةٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا فِيهَا أَوْ مَاتَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا فَيَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ بِخُرُوجِهَا قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ الَّتِي قَدَّرَهَا لَهَا زَوْجُهَا، إذْ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْخُرُوجُ قَبْلَ انْقِضَائِهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَكَذَا لَوْ اعْتَكَفَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَأَذِنَ لَهَا فِي إتْمَامِ اعْتِكَافِهَا فَيَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ بِخُرُوجِهَا. (وَلَا) يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ (بِخُرُوجِ الْمُؤَذِّنِ الرَّاتِبِ إلَى مَنَارَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ لِلْمَسْجِدِ (مُنْفَصِلَةٍ عَنْ الْمَسْجِدِ) بِأَنْ لَا يَكُونَ بَابُهَا فِيهِ وَلَا فِي رَحْبَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ قَرِيبَةٍ مِنْهُ (لِلْأَذَانِ فِي الْأَصَحِّ) لِإِلْفِهِ صُعُودَهَا لِلْأَذَانِ وَإِلْفِ النَّاسِ صَوْتَهُ، بِخِلَافِ خُرُوجِ غَيْرِ الرَّاتِبِ لِلْأَذَانِ وَخُرُوجِ الرَّاتِبِ لِغَيْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَفِي آخَرَ دُونَهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَمِثْلُ ذَلِكَ الْجَاهِلُ) وَمِثْلُهُ جَاهِلٌ يُعْذَرُ بِجَهْلِهِ اهـ حَجّ. وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِهِ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَمْ لَا، نَشَأْ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ أَمْ لَا وَهِيَ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ لَمْ يَنْقَطِعْ تَتَابُعُهُ) أَيْ وَإِنْ طَالَ زَمَنُ خُرُوجِهِ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ عَلَيْهِ شَرْعًا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ) هَذَا لَا يَتَأَتَّى مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي وَمَحِلُّ مَا تَقَرَّرَ إذَا أَتَى بِمُوجِبِ الْحَدِّ إلَخْ فَإِنَّهُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّقْيِيدِ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ يَصِيرُ حُكْمُ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاحِدًا، فَالشَّهَادَةُ قَبْلَ الِاعْتِكَافِ كَمُوجِبِ الْحَدِّ قَبْلَهُ فِي أَنَّ الْخُرُوجَ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ أَوْ الْحَدِّ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ، وَهُمَا بَعْدَ الِاعْتِكَافِ يَقْطَعَانِ التَّتَابُعَ إذَا خَرَجَ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ أَوْ الْحَدِّ (قَوْلُهُ: وَلَا بِخُرُوجِ الْمُؤَذِّنِ الرَّاتِبِ) وَمِثْلُ الرَّاتِبِ نَائِبُهُ حَيْثُ اسْتَنَابَهُ لِعُذْرٍ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ حَيْثُ كَانَ النَّائِبُ كَالْأَصِيلِ فِيمَا طَلَبَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: قَرِيبَةٌ مِنْهُ) صِفَةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَنَارَةٌ مُنْفَصِلَةٌ (قَوْلُهُ لِلْأَذَانِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الْأَذَانِ مَا اُعْتِيدَ مِنْ التَّسْبِيحِ الْمَعْرُوفِ الْآنَ، وَمِنْ أُولَى الْجُمُعَةِ وَثَانِيَتِهَا لِاعْتِيَادِ النَّاسِ التَّهَيُّؤِ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ أَوْ الْجُمُعَةِ بِذَلِكَ فَيُلْحَقُ بِالْأَذَانِ (قَوْلُهُ: لِإِلْفِهِ صُعُودَهَا) قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الْأَذَانِ وَلَوْ بِحُجْرَةٍ بَابُهَا فِي الْمَسْجِدِ أَوْ لِلْأَذَانِ لَكِنْ بِمَنَارَةٍ لَيْسَتْ لِلْمَسْجِدِ أَوْ لَهُ لَكِنْ بَعِيدَةٌ عَنْهُ وَعَنْ رَحْبَتِهِ. وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ امْتِنَاعَ الْخُرُوجِ لِلْمَنَارَةِ فِيهَا إذَا حَصَلَ الشِّعَارُ بِالْأَذَانِ بِظَهْرِ السَّطْحِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَكَالْمَنَارَةِ مَحَلٌّ عَالٍ بِقُرْبِ الْمَسْجِدِ اُعْتِيدَ الْأَذَانُ لَهُ عَلَيْهِ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ عَالِيًا لَكِنْ تَوَقَّفَ الْإِعْلَامُ عَلَيْهِ لِكَوْنِ الْمَسْجِدِ فِي مُنْعَطَفٍ مَثَلًا، وَإِضَافَةُ الْمَنَارَةِ إلَى الْمَسْجِدِ لِلِاخْتِصَاصِ وَإِنْ لَمْ تُبْنَ لَهُ كَأَنْ خَرِبَ مَسْجِدٌ وَبَقِيَتْ مَنَارَتُهُ فَجُدِّدَ مَسْجِدٌ قَرِيبٌ مِنْهَا وَاعْتِيدَ الْأَذَانُ عَلَيْهَا لَهُ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْمَبْنِيَّةِ لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. وَقَوْلُ الْمَجْمُوعِ: إنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ فِي مَنَارَةٍ مَبْنِيَّةٍ لَهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ، أَمَّا مَنَارَةُ الْمَسْجِدِ الَّتِي بَابُهَا فِيهِ أَوْ فِي رَحْبَتِهِ فَلَا يَضُرُّ صُعُودُهَا وَلَوْ لِغَيْرِ الْأَذَانِ وَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ سَمْتُ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ كَمَا رَجَّحَاهُ وَتَرْبِيعِهِ إذْ هِيَ فِي حُكْمِ الْمَسْجِدِ كَمَنَارَةٍ مَبْنِيَّةٍ فِيهِ مَالَتْ إلَى الشَّارِعِ فَيَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَكِفُ فِي هَوَاءِ الشَّارِعِ، وَأَخَذَ الزَّرْكَشِيُّ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ اُتُّخِذَ لِلْمَسْجِدِ جَنَاحٌ إلَى الشَّارِعِ فَاعْتَكَفَ فِيهِ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لَهُ صَحِيحٌ، وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْجَنَاحِ وَالْمَنَارَةِ لَائِحٌ أَيْ لِكَوْنِ الْمَنَارَةِ تُنْسَبُ إلَى الْمَسْجِدِ، وَيُحْتَاجُ إلَيْهَا غَالِبًا فِي إقَامَةِ شَعَائِرِهِ بِخِلَافِ الْجَنَاحِ فِيهِمَا وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِضَبْطِ الْبَعِيدَةِ، وَالْأَقْرَبُ الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ لِلْعُرْفِ، وَإِنْ ضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِكَوْنِهَا خَارِجَةٌ عَنْ جِوَارِ الْمَسْجِدِ وَجَارُهُ أَرْبَعُونَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَبَعْضٌ آخَرُ بِمَا جَاوَزَ حَرِيمُ الْمَسْجِدِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَنْقَطِعُ بِخُرُوجِهِ مُطْلَقًا لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا بِسَطْحِهِ وَفِي ثَالِثٍ يُفَرِّقُ بَيْنَ الرَّاتِبِ وَغَيْرِهِ (وَيَجِبُ) (قَضَاءُ أَوْقَاتِ الْخُرُوجِ) مِنْ الْمَسْجِدِ مَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ مُتَتَابِعٍ (بِالْأَعْذَارِ) السَّابِقَةِ الَّتِي لَا يَنْقَطِعُ بِهَا التَّتَابُعُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَكِفٍ فِيهَا (إلَّا أَوْقَاتُ قَضَاءِ الْحَاجَةِ) ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى إذْ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَاقْتِصَارُهُ عَلَى قَضَاءِ الْحَاجَةِ مِثَالٌ إذْ الْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ تَبَعًا لِجَمْعٍ مُتَقَدِّمِينَ جَرَيَانُهُ فِي كُلِّ مَا يُطْلَبُ الْخُرُوجُ لَهُ وَلَمْ يَطُلْ زَمَنُهُ عَادَةً كَأَكْلٍ وَغُسْلِ جَنَابَةٍ وَأَذَانِ مُؤَذِّنٍ رَاتِبٍ، بِخِلَافِ مَا يَطُولُ زَمَنُهُ كَمَرَضٍ وَعِدَّةٍ وَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ، وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ عَدَمُ لُزُومِ تَجْدِيدِ النِّيَّةِ لِمَنْ خَرَجَ لِمَا ذَكَرَ بَعْدَ عَوْدِهِ إنْ خَرَجَ لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ وَإِنْ طَالَ زَمَنُهُ كَتَبَرُّزٍ وَغُسْلٍ وَاجِبٍ وَأَذَانٍ جَازَ الْخُرُوجُ لَهُ أَوْ لِمَا مِنْهُ بُدٌّ لِشُمُولِ النِّيَّةِ جَمِيعِ الْمُدَّةِ، وَلَوْ عَيَّنَ مُدَّةً وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلتَّتَابُعِ فَجَامَعَ أَوْ خَرَجَ بِلَا عُذْرٍ ثُمَّ عَادَ لِتَتْمِيمِ الْبَاقِي جَدَّدَ النِّيَّةَ، وَلَوْ أَحْرَمَ مُعْتَكِفٌ بِنُسُكٍ فَإِنْ لَمْ يَخْشَ الْفَوَاتَ أَتَمَّهُ، وَإِلَّا خَرَجَ وَلَهُ وَلَا يَبْنِي بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ النُّسُكِ عَلَى اعْتِكَافِهِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ فَبَانَ انْقِضَاؤُهُ قَبْلَ نَذْرِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِأَنَّ اعْتِكَافَ شَهْرٍ قَدْ مَضَى مُحَالٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــSحَجّ: وَبِمَا تَقَرَّرَ فِي الْمَنَارَةِ فَارَقَتْ الْخَلْوَةُ الْخَارِجَةُ عَنْ الْمَسْجِدِ الَّتِي بَابُهَا فِيهِ فَيَنْقَطِعُ بِدُخُولِهَا قَطْعًا (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ امْتِنَاعَ الْخُرُوجِ) عِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ فِي أَثْنَاءِ قَوْلِهِ وَانْظُرْ بَحْثَ الْأَذْرَعِيُّ مَعَ أَنَّ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ نَظَرُ لِلِاسْتِغْنَاءِ بِالسَّطْحِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[كتاب الحج]

[كِتَابُ الْحَجِّ] ِّ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا لُغَةً: الْقَصْدُ، وَشَرْعًا: قَصْدُ الْكَعْبَةِ لِلْأَفْعَالِ الْآتِيَةِ. قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّهُ نَفْسُ الْأَفْعَالِ الْآتِيَةِ وَاسْتَدَلَّ بِخَبَرِ: «الْحَجُّ عَرَفَةَ» وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُوَافِقَ لِلْغَالِبِ الْأَوَّلِ مِنْ أَنَّ الْمَعْنَى الشَّرْعِيَّ يَكُونُ مُشْتَمِلًا عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ بِزِيَادَةٍ، وَلَا دَلَالَةَ لَهُ فِي الْخَبَرِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ مُعْظَمُ الْمَقْصُودِ مِنْهُ عَرَفَةَ، لَكِنْ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ: أَرْكَانُ الْحَجِّ خَمْسَةٌ أَوْ سِتَّةٌ. وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذِهِ أَرْكَانٌ لِلْمَقْصُودِ لَا لِلْقَصْدِ الَّذِي هُوَ الْحَجُّ فَتَسْمِيَتُهَا أَرْكَانُ الْحَجِّ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] وَخَبَرُ «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ» قَالَ الْقَاضِي: وَهُوَ مِنْ الشَّرَائِعِ الْقَدِيمَةِ، وَهُوَ أَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْمَالِ وَالْبَدَنِ إلَّا الصَّلَاةَ كَمَا مَرَّ أَنَّهَا أَفْضَلُ. وَرُوِيَ ـــــــــــــــــــــــــــــSكِتَابُ الْحَجِّ (قَوْلُهُ: لُغَةً الْقَصْدُ) أَوْ كَثْرَتُهُ إلَى مَنْ يُعَظِّمُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُوَافِقَ لِلْغَالِبِ إلَخْ) أَيْ وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى الشَّرْعِيُّ مُبَايِنًا لِلُّغَوِيِّ لَكِنْ بَيْنَهُمَا مُنَاسَبَةٌ، وَعِبَارَةُ حَجّ اعْتِرَاضًا عَلَى تَفْسِيرِهِ بِالْأَفْعَالِ لَكِنْ يُعَكَّرُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمَعْنَى الشَّرْعِيَّ يَجِبُ اشْتِمَالُهُ عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ بِزِيَادَةٍ، وَذَلِكَ غَيْرُ مَوْجُودٌ هُنَا إلَّا أَنْ يُقَال: إنَّ ذَلِكَ أَغْلَبِيٌّ أَوْ أَنَّ مِنْهَا النِّيَّةَ، وَهِيَ مِنْ جُزَيْئَاتِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، وَنَظِيرُهُ الصَّلَاةُ الشَّرْعِيَّةُ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الدُّعَاءِ اهـ. يُعْنَى فَيَكُونُ إطْلَاقُ الْحَجِّ عَلَى الْأَفْعَالِ مَجَازًا مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الْكُلِّ بِاسْمِ جُزْئِهِ، وَقَوْلُهُ الْأَوَّلُ: أَيْ قَصْدُ الْكَعْبَةِ إلَى آخِرِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ) أَيْ قَوْلُهُ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مِنْ الشَّرَائِعِ الْقَدِيمَةِ) بَلْ مَا مِنْ نَبِيٍّ إلَّا وَحَجَّ خِلَافًا لِمَنْ اسْتَثْنَى هُودًا وَصَالِحًا اهـ زِيَادِي وحج. وَقَوْلُهُ مَا مِنْ نَبِيٍّ شَمِلَ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِهِ صَرَّحَ السُّيُوطِيّ فِي رِسَالَتِهِ الْمُسَمَّاةُ بِالْإِعْلَامِ بِحُكْمِ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فَقَالَ عِيسَى مَعَ بَقَاءِ نُبُوَّتِهِ مَعْدُودٌ فِي أُمَّةِ النَّبِيِّ وَدَاخِلٌ فِي زُمْرَةِ الصَّحَابَةِ فَإِنَّهُ اجْتَمَعَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ حَيٌّ مُؤْمِنًا بِهِ وَمُصَدِّقًا، وَكَانَ اجْتِمَاعُهُ بِهِ مَرَّاتٍ فِي غَيْرِ لَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ مِنْ جُمْلَتِهَا بِمَكَّةَ. رَوَى ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ عَنْ «أَنَسٍ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ إذْ رَأَيْنَا بَرْدًا وَيَدًا، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذَا الْبَرْدُ الَّذِي رَأَيْنَا وَالْيَدُ؟ قَالَ: قَدْ رَأَيْتُمُوهُ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: ذَاكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ سَلَّمَ عَلَيَّ» . وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ عَنْ «أَنَسٍ قَالَ كُنْت أَطُوفُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَوْلَ الْكَعْبَةِ إذْ رَأَيْته صَافَحَ شَيْئًا وَلَا نَرَاهُ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْنَاك صَافَحْت شَيْئًا وَلَا نَرَاهُ، قَالَ: ذَاكَ أَخِي عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ انْتَظَرْته حَتَّى قَضَى طَوَافَهُ فَسَلَّمْت عَلَيْهِ» اهـ بِحُرُوفِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ) قَالَ الزِّيَادِيُّ: وَالْحَجُّ يُكَفِّرُ الْكَبَائِرَ وَالصَّغَائِرَ حَتَّى التَّبَعَاتِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إنَّ مَاتَ فِي حَجِّهِ أَوْ بَعْدِهِ وَقَبْلِ تُمَكِّنْهُ مِنْ أَدَائِهَا (قَوْلُهُ: لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْمَالِ) وَهُوَ مَا يَجِبُ أَوْ يُنْدَب مِنْ الدِّمَاءِ الْآتِيَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQكِتَابُ الْحَجِّ (قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذِهِ أَرْكَانٌ لِلْمَقْصُودِ إلَخْ) هَذَا الْجَوَابُ لِلشِّهَابِ حَجّ فِي إمْدَادِهِ، وَلَكِنْ قَالَ الشِّهَابُ سم: إنَّهُ تَكَلُّفٌ بَعِيدٌ.

«أَنَّ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا حَجَّ قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: إنَّ الْمَلَائِكَةَ كَانُوا يَطُوفُونَ قَبْلَكَ بِهَذَا الْبَيْتِ بِسَبْعَةِ آلَافِ سَنَةٍ» وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَمْ يَجِبْ إلَّا عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ لَكِنْ قَالَ جَمْعٌ: إنَّهُ غَرِيبٌ، بَلْ وَجَبَ عَلَى غَيْرِهَا أَيْضًا. . ثُمَّ النُّسُكُ: إمَّا فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى مَنْ لَمْ يَحُجَّ بِشَرْطِهِ أَوْ كِفَايَةٍ لِلْأَحْيَاءِ أَوْ تَطَوُّعٍ وَيُتَصَوَّرُ فِي الْأَرِقَّاءِ وَالصِّبْيَانِ، إذْ فَرْضُ الْكِفَايَةِ لَا يَتَوَجَّهُ إلَيْهِمْ. نَعَمْ لَوْ تَطَوَّعَ مِنْهُمْ مَنْ تَحْصُلُ بِهِ الْكِفَايَةُ احْتَمَلَ أَنْ يَسْقُطَ بِفِعْلِهِمْ الْحَرَجُ عَنْ الْمُكَلَّفِينَ كَمَا فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، لَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي إيضَاحِهِ اعْتِبَارُ التَّكْلِيفِ فِيمَنْ يَسْقُطُ بِفِعْلِهِ الْفَرْضُ حَيْثُ قَالَ: وَلَا يُشْتَرَطُ لِعَدَدِ الْمُحَصِّلِينَ لِهَذَا الْفَرْضِ قَدْرٌ مَخْصُوصٌ، بَلْ الْفَرْضُ أَنْ يُوجَدَ فِيهَا فِي الْجُمْلَةِ مِنْ بَعْضِ الْمُكَلَّفِينَ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً (هُوَ فَرْضٌ) أَيْ مَفْرُوضٌ بِالشَّرَائِطِ الْآتِيَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: 97] الْآيَةَ، وَلِخَبَرِ «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ» وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ يَكْفُرُ جَاحِدُهُ إنْ لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ وَفُرِضَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ كَمَا صَحَّحَاهُ فِي السِّيَرِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ الرَّافِعِيُّ هُنَا بِأَنَّهُ سَنَةَ خَمْسٍ، وَجَمَعَ بَيْن الْكَلَامَيْنِ بِأَنَّ الْفَرِيضَةَ قَدْ تَنْزِلُ وَيَتَأَخَّرُ الْإِيجَابُ عَلَى الْأُمَّةِ وَهَذَا كَقَوْلِهِ {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [الأعلى: 14] فَإِنَّهَا آيَةٌ مَكِّيَّةٌ، وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ مَدَنِيَّةٌ، وَلَا يَجِبُ بِأَصْلِ الشَّرْعِ سِوَى مَرَّةِ فِي الْعُمْرِ، وَيَجِبُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لِعَارِضٍ كَنَذْرٍ وَقَضَاءٍ عِنْدَ إفْسَادِ التَّطَوُّعِ. (وَكَذَا الْعُمْرَةُ) فَرْضٌ (فِي الْأَظْهَرِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] أَيْ ائْتُوا بِهِمَا تَامَّيْنِ، وَلِخَبَرِ «عَائِشَةَ قَالَتْ: قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ عَلَى النِّسَاءِ جِهَادٌ؟ قَالَ: نَعَمْ جِهَادٌ لَا قِتَالَ فِيهِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: بَلْ وَجَبَ عَلَى غَيْرِهَا) مُعْتَمَدٌ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ أَوَّلًا وَهُوَ مِنْ الشَّرَائِعِ الْقَدِيمَةِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ هَذَا الْقَائِلِ مَنْدُوبًا (قَوْلُهُ: فِي الْأَرِقَّاءِ وَالصَّبِيَّانِ) أَيْ وَالْمَجَانِينِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْله اعْتِبَارُ التَّكْلِيفِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ) وَحَجّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَبَعْدَهَا وَقَبْلَ الْهِجْرَةِ حُجَجًا لَا يُدْرَى عَدَدُهَا، وَتَسْمِيَةُ هَذِهِ حُجَجًا إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الصُّورَةِ إذْ لَمْ يَكُنْ عَلَى قَوَانِينِ الْحَجِّ الشَّرْعِيِّ بِاعْتِبَارِ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ مِنْ النَّسِيءِ وَغَيْرِهِ بَلْ قِيلَ فِي حَجَّةِ أَبِي بَكْرٍ فِي التَّاسِعَةِ ذَلِكَ لَكِنْ الْوَجْهُ خِلَافُهُ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَأْمُرُ إلَّا بِحَجٍّ شَرْعِيٍّ، وَكَذَا يُقَال فِي الثَّامِنَةِ الَّتِي أَمَرَ فِيهَا عَتَّابَ بْنَ أُسَيْدَ أَمِيرَ مَكَّةَ وَبَعْدَهَا حَجَّةُ الْوَدَاعِ لَا غَيْرُ اهـ حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ: وَحَجَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ قَضِيَّةُ صَنِيعِهِ أَنَّ حَجَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَعْدَ النُّبُوَّةِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ لَمْ يَكُنْ حَجًّا شَرْعِيًّا، وَهُوَ مُشَكِّلٌ جِدًّا اهـ. وَقَدْ يُقَالُ لَا إشْكَالَ فِيهِ لِأَنَّ فِعْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ النُّبُوَّةِ قَبْلَ فَرْضِهِ لَمْ يَكُنْ شَرْعِيًّا بِهَذَا الْوَجْهِ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ، فَيُحْمَلُ قَوْلَ حَجّ إذْ لَمْ يَكُنْ عَلَى قَوَانِينِ الشَّرْعِ إلَخْ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى قَوَانِينِ الشَّرْعِ بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ. وَأَمَّا فِعْلُهُ قَبْلَ الْمَبْعَثِ فَلَا إشْكَالَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِوَحْيٍ بَلْ بِإِلْهَامٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَمْ يَكُنْ شَرْعِيًّا بِهَذَا الْمَعْنَى لِعَدَمِ وُجُودِ شَرْعٍ إذْ ذَاكَ، وَلَكِنَّهُ كَانَ مَصُونًا كَسَائِرِ أَفْعَالِهِ عَنْ أَفْعَالِ الْجَاهِلِيَّةِ الْبَاطِلَةِ. (وَقَوْلُهُ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ) يُشَكِّلُ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّ مَكَّةَ إنَّمَا فُتِحَتْ فِي السَّنَةِ الثَّامِنَةِ، فَبَعَثَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بَكْرٍ لِيَحُجَّ بِالنَّاسِ فِي التَّاسِعَةِ وَحَجَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الْعَاشِرَةِ، وَقَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ لَمْ يَكُنْ الْمُسْلِمُونَ مُتَمَكِّنِينَ مِنْ الْحَجِّ إلَّا أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِمَا أَجَابَ بِهِ الشَّارِحُ عَنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّ الْفَرْضِيَّةَ قَدْ تَنْزِلُ وَيَتَأَخَّرُ الْإِيجَابُ، لَكِنْ فِي كَلَامِ الزِّيَادِيِّ مَا يُخَالِفُ هَذَا الْجَوَابَ حَيْثُ قَالَ جَمْعًا بَيْنَ الْأَقْوَالِ بِأَنَّ الْفَرْضَ وَقَعَ سَنَةَ خَمْسِ، وَالطَّلَبُ إنَّمَا تَوَجَّهَ سَنَةُ سِتٍّ، وَبَعَثَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بَكْرٍ سَنَةِ تِسْعٍ فَحَجَّ بِالنَّاسِ اهـ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ أَيْضًا عَنْ كَلَامِ الزِّيَادِيِّ بِأَنَّهُ يَشْتَرِطُ لِوُجُوبِ الْمُبَاشَرَةِ الِاسْتِطَاعَةُ كَمَا يَأْتِي وَهِيَ لَمْ تَحْصُلْ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ، فَعَدَمُ فِعْلِهِمْ لِعَدَمِ اسْتِطَاعَتِهِمْ لَا لِعَدَمِ الطَّلَبِ (قَوْلُهُ: «وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ» ) إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِيَتِمَّ بِهَا الِاسْتِدْلَال فَإِنَّ ظَاهِرَهَا وُجُوبُ الْإِتْمَامِ إذَا شَرَعَ وَذَلِكَ لَا يَسْتَلْزِمُ وُجُوبُ الشَّرْعِ، فَإِنَّ الْمَعْنَى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ. وَأَمَّا خَبَرُ «سُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْعُمْرَةِ أَوَاجِبَةٌ هِيَ؟ قَالَ: لَا وَأَنْ تَعْتَمِرَ خَيْرٌ لَك» فَضَعِيفٌ اتِّفَاقًا. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَا يُغْتَرُّ بِقَوْلِ التِّرْمِذِيِّ فِيهِ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَلَا يُغْنِي عَنْهَا الْحَجُّ وَإِنْ اشْتَمَلَ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا أَغْنَى الْغُسْلُ عَنْ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّهُ أَصْلٌ إذْ هُوَ الْأَصْلُ فِي حَقِّ الْمُحْدِثِ، وَإِنَّمَا حَطَّ عَنْهُ إلَى الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ تَخْفِيفًا، فَأَغْنَى عَنْ بَدَنِهِ، وَالْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ أَصْلَانِ. وَالْعُمْرَةُ لُغَةً: الزِّيَارَةُ. وَشَرْعًا: قَصْدُ الْبَيْتِ لِلْأَفْعَالِ الْآتِيَةِ أَوْ نَفْسِ الْأَفْعَالِ كَمَا مَرَّ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهَا سُنَّةٌ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ وَلَا تَجِبُ بِأَصْلِ الشَّرْعِ فِي الْعُمْرِ سِوَى مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ الْحَجَّ فَحُجُّوا، فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَسَكَتَ، حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا، فَقَالَ: لَوْ قُلْت نَعَمْ لَوَجَبَ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَسُمِّيَتْ عُمْرَةً؛ لِأَنَّهَا تُفْعَلُ فِي الْعُمْرِ كُلِّهِ وَصَحَّ «عَنْ سُرَاقَةَ قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ عُمْرَتُنَا هَذِهِ لِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِلْأَبَدِ؟ فَقَالَ: لَا بَلْ لِلْأَبَدِ» أَوْ وُجُوبُهُمَا مِنْ حَيْثُ الْأَدَاءِ عَلَى التَّرَاخِي فَلِمَنْ وَجَبَا عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ تَأْخِيرُهُمَا بَعْدَ سَنَةِ الْإِمْكَانِ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ فُرِضَ سَنَةَ سِتٍّ وَلَمْ يَحُجَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا سَنَةَ عَشْرٍ وَمَعَهُ مَيَاسِيرُ لَا عُذْرَ بِهِمْ، وَقِيسَ بِهِ الْعُمْرَةُ وَتَضْيِيقُهُمَا بِنَذْرٍ أَوْ خَوْفِ عَضْبٍ أَوْ تَلَفِ مَالٍ أَوْ قَضَاءِ عَارِضٍ، ثُمَّ مَحَلُّ جَوَازِ التَّأْخِيرِ إنْ عَزَمَ عَلَى فِعْلِهِمَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا لَمْ تُؤَثِّرْ فِيهِمَا الرِّدَّةُ بَعْدَهُمَا؛ لِأَنَّهَا لَا تُحْبِطُ الْعَمَلَ إلَّا إنْ اتَّصَلَتْ بِالْمَوْتِ وَإِنْ أَحْبَطَتْ ثَوَابَ الْعَمَلِ مُطْلَقًا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْأُمِّ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَصِيرُ عَلَيْهِ إنْ شَرَعْتُمْ فَأَتَمُّوا (قَوْلُهُ: قَالَ لَا وَأَنْ تَعْتَمِرَ) بِفَتْحِ أَنْ الْمَصْدَرِيَّةِ وَهِيَ وَمَا بَعْدهَا مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ خَيْرٌ، وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ وَإِنْ تَعْتَمِرَ فَهُوَ أَفْضَلُ فَهِيَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ شَرْطِيَّةٌ وَجَوَابُهَا قَوْلُهُ فَهُوَ أَفْضَلُ فَلَعَلَّ الرِّوَايَةَ مُخْتَلِفَةٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اشْتَمَلَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى أَعْمَالِهَا (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ) أَيْ الْغُسْلُ (قَوْلُهُ: فِي حَقِّ الْمُحَدِّثِ) يَعْنِي أَنَّ الْمُحَدِّثَ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ لِلصَّلَاةِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَنْ لَمْ يُحَدِّثْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ غُسْلٌ مَا دَامَتْ طَهَارَتُهُ بَاقِيَةٌ، وَمِنْهُ يَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ كَانَ الْغُسْلُ وَاجِبًا فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ لِكُلِّ صَلَاةٍ الْمُرَادُ بِهَا عَلَى الْمُحَدِّثِ (قَوْلُهُ: لُغَةً الزِّيَارَةُ) وَقِيلَ الْقَصْدُ إلَى مَكَان عَامِرَ اهـ شَرْحُ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ (قَوْلُهُ: فَقَالَ رَجُلٌ) هُوَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ، هَكَذَا رَأَيْته بِهَامِشِ صَحِيحٍ ثُمَّ رَأَيْته فِي الْمَوَاهِبِ اللَّدُنْيَّةِ فِي النَّوْعِ السَّادِسِ فِي حَجِّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - (قَوْلُهُ: حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا) أَيْ هَذِهِ الْمَقَالَةُ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ (قَوْلُهُ «لَوْ قُلْت نَعَمْ لَوَجَبَ» ) أَيْ الْحَجُّ، وَفِي الْمَنْهَجِ لَوَجَبَتْ: أَيْ الْخَصْلَةُ أَوْ الْفَرِيضَةُ، ثُمَّ قَوْلُهُ «لَوْ قُلْت نَعَمْ لَوَجَبَ» يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْوُجُوبُ مُعَلَّقًا عَلَى قَوْلِهِ ذَلِكَ فَلَا يُقَالُ هُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُشَرِّعٌ لَا مُوجِبٌ. ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ «لَوْ قُلْت نَعَمْ لَوَجَبَتْ» أَيْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ: أَيْ مُقْتَضَاهَا وَهُوَ الْوُجُوبُ عَلَى كُلٍّ كُلَّ عَامٍ، وَلَعَلَّهُ كَانَ الْوُجُوبُ عَلَى كُلٍّ كُلَّ عَامٍ مُعَلَّقًا عَلَى قَوْلِهِ نَعَمْ، وَهَذَا كُلُّهُ ظَاهِرٌ مِنْ الْحَدِيثِ وَسِيَاقُهُ، فَمَا يُقَالُ مِنْ أَنَّهُ وَاجِبٌ كُلَّ عَامٍ عَلَى الْكِفَايَةِ فَكَيْفَ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ وُجُوبِهِ كُلَّ عَامٍ؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ نَعَمْ لَوَجَبَ لَا مَنْشَأَ لَهُ إلَّا الْوَهْمُ فَلْيَتَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ: وَمَعَهُ مَيَاسِيرُ لَا عُذْرَ بِهِمْ) فِيهِ أَنَّ مَكَّةَ إنَّمَا فُتِحَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ فَلَمْ يَتَمَكَّنُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ مِنْ الْحَجِّ فِي السَّادِسَةِ وَالسَّابِعَةِ نَعَمْ فِي عَدَمِ حَجِّهِ سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعٍ دَلَالَةٌ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ عَلَى الْفَوْرِ (قَوْلُهُ أَوْ تَلِفَ مَالٌ) بِقَرِينَةٍ وَلَوْ ضَعِيفَةٌ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: إنْ عَزَمَ عَلَى فِعْلِهِمَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ) وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَزْمُ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ خَطَبَنَا إلَخْ) هَذَا لَا دَلِيلَ فِيهِ لِلْعُمْرَةِ فَكَانَ الصَّوَابُ ذِكْرَهُ عَقِبَ قَوْلِهِ فِي الْحَجِّ وَلَا يَجِبُ بِأَصْلِ الشَّرْعِ سِوَى مَرَّةٍ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ الْأَدَاءُ) أَيْ أَمَّا مِنْ حَيْثُ التَّعَلُّقُ فَهُوَ حَاصِلٌ بِالتَّكْلِيفِ مَعَ الِاسْتِطَاعَةِ عَلَى

[شروط صحة الحج والعمرة]

إعَادَتُهُمَا إذَا عَادَ لِلْإِسْلَامِ. . ثُمَّ لَهُمَا مَرَاتِبُ خَمْسٌ: صِحَّةٌ مُطْلَقَةٌ وَصِحَّةٌ مُبَاشِرَةٌ وَوُقُوعٌ عَنْ النَّذْرِ أَوْ عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ وَوُجُوبِهِمَا، وَلِكُلِّ مَرْتَبَةٍ شُرُوطٌ، فَيُشْتَرَطُ مَعَ الْوَقْتِ الْإِسْلَامُ وَحْدَهُ لِلصِّحَّةِ وَمَعَ التَّمْيِيزِ لِلْمُبَاشَرَةِ وَمَعَ التَّكْلِيفِ لِلنَّذْرِ وَمَعَ الْحُرِّيَّةِ لِوُقُوعِهِ عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ وَعُمْرَتِهِ وَمَعَ الِاسْتِطَاعَةِ لِلْوُجُوبِ، وَقَدْ شَرَعَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ فَقَالَ (وَشَرْطُ صِحَّتِهِ) أَيْ صِحَّةُ مَا ذَكَرَ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (الْإِسْلَامُ) فَقَطْ فَلَا يَصِحَّانِ مِنْ كَافِرٍ وَلَا عَنْهُ أَصْلِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْعِبَادَةِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ جَمْعٍ صِحَّةُ حَجِّ مُسْلِمٍ بِالتَّبَعِيَّةِ، وَإِنْ اعْتَقَدَ الْكُفْرَ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ اعْتِقَادُهُ مِنْهُ لَغْوٌ. نَعَمْ إنْ اعْتَقَدَهُ مَعَ إحْرَامِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ كَنِيَّةِ الْإِبْطَالِ، وَهِيَ هُنَا تُؤَثِّرُ فِي الِابْتِدَاءِ دُونَ الدَّوَامِ وَبِذَلِكَ يُجْمَعُ بَيْنَ قَوْلِ الرُّويَانِيِّ بِالْبُطْلَانِ وَقَوْلِ وَالِدِهِ بِالصِّحَّةِ، وَعَلَّلَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا قَالَهُ بِمَا يُفْهَمُ مِمَّا تَقَرَّرَ، وَتَوَقُّفُهَا عَلَى دُخُولِ الْوَقْتِ مَعْلُومٌ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي فِي الْمَوَاقِيتِ وَعَلَى مَعْرِفَةِ الْأَعْمَالِ وَالْعِلْمِ بِهَا بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا عَالِمًا أَنَّهُ يَفْعَلُهَا عَنْ النُّسُكِ، فَلَوْ جَرَتْ اتِّفَاقًا لَمْ يَصِحَّ مَرْدُودٌ فِيهِمَا بِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي الْأَوَّلِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ لِإِمْكَانِ الْعِلْمِ بِهَا بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ هُنَا تَعْيِينُ الْمَنْوِيِّ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فِيهِمَا وَفِي الثَّانِي بِأَنَّ غَيْرَ الْإِحْرَامِ مِنْ الْأَرْكَانِ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ تَخُصُّهُ فَالْوَاجِبُ فِيهِ عَدَمُ الصَّارِفِ لَا الْقَصْدُ. (فَلِلْوَلِيِّ) أَيْ وَلِيِّ الْمَالِ (أَنْ يُحْرِمَ عَنْ الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ) ؛ لِأَنَّ مُبَاشَرَتَهُ بِنَفْسِهِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ إذْ لَا نِيَّةَ لَهُ لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقِيَ رَكْبًا بِالرَّوْحَاءِ فَرَفَعَتْ امْرَأَةٌ إلَيْهِ صَبِيًّا فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ: نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ» وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد «فَأَخَذَتْ بِعَضُدِ صَبِيٍّ وَرَفَعَتْهُ مِنْ مِحَفَّتِهَا» وَالْغَالِبُ أَنَّ مَنْ يُحْمَلُ بِعَضُدِهِ وَيُخْرَجُ مِنْ الْمِحَفَّةِ لَا تَمْيِيزَ لَهُ، وَيُكْتَبُ لِلصَّبِيِّ ثَوَابُ مَا عَمِلَهُ مِنْ الطَّاعَاتِ وَلَا يُكْتَبُ عَلَيْهِ مَعْصِيَةٌ إجْمَاعًا. (وَ) أَنْ يُحْرِمَ (عَنْ الْمَجْنُونِ) الْوَلِيُّ قِيَاسًا عَلَى الصَّبِيِّ سَوَاءٌ أَبَلَغَ مَجْنُونًا أَمْ عَاقِلًا ثُمَّ جُنَّ، وَسَوَاءٌ أَحَجَّ الْوَلِيُّ عَنْ نَفْسِهِ أَمْ أَحْرَمَ عَنْهَا أَمْ لَا فَيَنْوِي الْوَلِيُّ بِقَلْبِهِ جَعْلَ كُلٍّ مِنْهُمَا مُحْرِمًا أَوْ يَقُولُ أَحْرَمْت عَنْهُمَا، وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُهُمَا وَلَا مُوَاجَهَتُهُمَا بِالْإِحْرَامِ وَلَا يَصِيرُ الْوَلِيُّ بِذَلِكَ مُحْرِمًا وَيَجُوزُ لِلْوَلِيِّ الْإِحْرَامُ عَنْ الْمُمَيِّزِ أَيْضًا، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى غَيْرِ الْمُمَيِّزِ دَفْعًا لِمَا عَسَاهُ أَنْ يُتَوَهَّمَ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الْإِحْرَامِ عَنْهُ لِمُنَافَاةِ حَالِهِ الْعِبَادَاتِ، وَلَوْ أَذِنَ لِلْمُمَيَّزِ فِي الْإِحْرَامِ جَازَ فَإِنْ أَحْرَمَ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَمْ يَصِحَّ، وَمُرَادُهُ بِالصَّبِيِّ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ صِحَّةِ إحْرَامِ غَيْرِ الْوَلِيِّ كَالْجَدِّ مَعَ وُجُودِ الْأَبِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ بِهِ مَانِعٌ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا ـــــــــــــــــــــــــــــSالْحَجِّ فِي أَوَّلِ سِنِي الْيَسَارِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ) هِيَ الرَّابِعَةُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ فَيَشْتَرِطُ إلَخْ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ: فَيَشْتَرِطُ مَعَ الْوَقْتِ) أَيْ الْمَعْلُومِ مِنْ بَابِ الْمَوَاقِيتِ الْآتِي (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ اعْتَقَدَهُ مَعَ إحْرَامِهِ) يَخْرُجُ مَا لَوْ اعْتَقَدَهُ مَعَ إحْرَامِ وَلِيِّهِ فَلَا أَثَرَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَهِيَ هُنَا تُؤَثِّرُ إلَخْ) وَمِثْلُ ذَلِكَ الصَّوْمُ وَالِاعْتِكَافُ فَلَا يَنْقَطِعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِنِيَّةِ الْإِبْطَالِ (قَوْلُهُ مَرْدُودٌ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْأَعْمَالِ وَالْعِلْمِ (قَوْلُهُ: أَيْ وَلِيِّ الْمَالَ) أَيْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ بَلْ هُوَ مَنْدُوبٌ لِأَنَّ فِيهِ مَعُونَةً عَلَى حُصُولِ الثَّوَابِ لِلصَّبِيِّ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ مَنْدُوبٌ وَمَعْلُومٌ أَنَّ إحْرَامَهُ عَنْهُ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ تَجْرِيدِهِ مِنْ الثِّيَابِ (قَوْلُهُ: وَلَك أَجْرٌ) أَيْ عَلَى تَرْبِيَتِهِ فَلَا يُنَافَى أَنَّ الْأُمَّ لَا وِلَايَةَ لَهَا أَوْ يُقَالُ يَجُوزُ أَنَّهَا كَانَتْ وَصِيَّةٌ (قَوْلُهُ: ثَوَابُ مَا عَمِلَهُ) أَيْ أَوْ عَمِلَهُ بِهِ وَلِيُّهُ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ) لَكِنَّهُ يُكْرَهُ الْإِحْرَامُ عَنْهُمَا فِي غِيبَتِهِمَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَرْتَكِبَا شَيْئًا مِنْ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ لِعَدَمِ عِلْمِهِمَا وَيُمَكَّنُ الْوَلِيُّ مِنْ مَنَعَهُمَا اهـ سم فِي شَرْحِ الْغَايَةِ (قَوْلُهُ: حُضُورُهُمَا) أَيْ وَلَوْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ ثُمَّ بَعُدَ ذَلِكَ عَلَى وَلِيِّهِ إحْضَارُهُ لِأَعْمَالِ الْحَجِّ فَإِنْ لَمْ يُحْضِرْهُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَا تَرَتَّبَ عَلَى مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ أَوْ مُنِعَ مِنْ الْوُصُولِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَذِنَ لِلْمُمَيِّزِ) أَيْ الْوَلِيُّ مِنْ أَبٍ أَوْ جَدٍّ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا يَأْتِي. [شُرُوط صِحَّة الْحَجّ وَالْعُمْرَة] (قَوْلُهُ: أَوْ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ) هِيَ الرُّتْبَةُ الرَّابِعَةُ وَتُفَارِقُ مَا قَبْلَهَا فِي الرَّقِيقِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ شَرَعَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ) أَيْ مَا عَدَا صُورَةَ النَّذْرِ (قَوْلُهُ أَوْ يَقُولُ أَحْرَمْت عَنْهُمَا) أَيْ بِقَلْبِهِ أَيْضًا

مَا أَوْهَمَهُ ظَاهِرُ الْخَبَرِ الْمَارِّ مِنْ جَوَازِ إحْرَام الْأُمِّ عَنْهُ فَأَجَابُوا عَنْهُ بِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا وَصِيَّةً، أَوْ أَنَّ الْأَجْرَ الْحَاصِلَ لَهَا بِاعْتِبَارِ أَجْرِ الْحَمْلِ وَالنَّفَقَةِ لِعَدَمِ التَّصْرِيحِ فِي الْخَبَرِ بِأَنَّهَا أَحْرَمَتْ عَنْهُ، أَوْ أَنَّ الْوَلِيَّ أَذِنَ لَهَا فِي الْإِحْرَامِ عَنْ الصَّبِيِّ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ. وَلَوْ أَحْرَمَ بِهِ الْوَلِيُّ ثُمَّ أَعْطَاهُ لِمَنْ يَحْضُرُ بِهِ النُّسُكَ صَحَّ جَزْمًا، وَيُعْلَمُ مِنْ اعْتِبَارِ وِلَايَةِ الْمَالِ عَدَمُ صِحَّةِ إحْرَامِهِ عَنْ مُغْمًى عَلَيْهِ كَمَرِيضٍ يُرْجَى بُرْؤُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ بِسَبَبِ الْإِغْمَاءِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُحْرِمَ عَنْ عَبْدِهِ الْبَالِغِ: أَيْ الْعَاقِلِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُحْرِمُ عَنْ الصَّغِيرِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ: وَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ: الْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَتَزْوِيجِهِ، وَالْإِسْنَوِيُّ رَأَيْتُ فِي الْأُمِّ الْجَزْمَ بِالصِّحَّةِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِالصَّغِيرِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ كَلَامَ الْأُمِّ مَحْمُولٌ كَمَا أَفَادَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَلَى غَيْرِ الْمُكَلَّفِ وَهُوَ مَا فَهِمَهُ السُّبْكِيُّ، وَبِالْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَمَنْعَ تَزْوِيجِهِ بِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى تَحْصِيلِ الثَّوَابِ فَسُومِحَ بِهِ مَا لَمْ يُسَامَحْ بِهِ ثَمَّ، وَمِنْ ثَمَّ جَازَ لِنَحْوِ الْوَصِيِّ هُنَا الْإِحْرَامُ عَنْ الصَّبِيِّ لَا تَزْوِيجُهُ، وَوَلِيُّ الصَّبِيِّ يَأْذَنُ لَقِنِّهِ أَوْ يُحْرِمُ عَنْهُ حَيْثُ جَازَ إحْجَامُهُ. ثُمَّ إذَا جَعَلَ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ مُحْرِمًا بِإِحْرَامِ الْوَلِيِّ أَوْ مَأْذُونِهِ أَوْ بِإِحْرَامِهِ وَهُوَ مُمَيِّزٌ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ فَعَلَى الْوَلِيِّ مَنْعُهُ مِنْ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ وَعَلَيْهِ إحْضَارُهُ الْمَوَاقِفَ كُلَّهَا وُجُوبًا فِي الْوَاجِبَةِ وَنَدْبًا فِي الْمَنْدُوبَةِ كَعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ لِإِمْكَانِ فِعْلِهَا مِنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلَوْ أَحْرَمَ بِهِ) أَيْ عَنْهُ أَوْ بِسَبَبِهِ (قَوْلُهُ: وَيَعْلَمُ مِنْ اعْتِبَارِ إلَخْ) أَيْ الْمَارِّ فِي قَوْلِهِ أَيْ وَلِيُّ الْمَالِ (قَوْلُهُ عَنْ مُغْمًى عَلَيْهِ) يَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ بِمَا إذَا رَجَى زَوَالَهُ عَنْ قُرْبٍ، وَالْأَصَحُّ إحْرَامُهُ عَنْهُ كَالْمَجْنُونِ عَلَى مَا يُفِيدُهُ التَّعْلِيلُ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ فَإِنَّ مَحِلَّهِ حَيْثُ رَجَى زَوَالَهُ عَنْ قُرْبٍ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُحْرِمَ عَنْ عَبْدِهِ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَحْرَمَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ بِلَا إذْنٍ هَلْ يَصِحُّ إحْرَامُهُ وَلِلسَّيِّدِ تَحْلِيلُهُ أَمْ لَا لِكَوْنِهِ مَمْنُوعًا مِنْ الْفِعْلِ بِلَا إذْنٍ؟ جَزَمَ بِالصِّحَّةِ سم فِي شَرْحِ الْغَايَةِ حَيْثُ قَالَ: يَصِحُّ مُبَاشَرَةُ الْعَبْدِ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ سَيِّدُهُ، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي بَابِ الْإِحْصَارِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: أَنْ يُحْرِمَ عَنْ عَبْدِهِ الْبَالِغِ) وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي الْمُبَعَّضِ الصَّغِيرِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِي النِّكَاحِ، وَحِينَئِذٍ فَيُحْرِمُ عَنْهُ وَلِيُّهُ وَسَيِّدُهُ مَعًا لَا أَحَدُهُمَا وَإِنْ كَانَتْ مُهَايَأَةً إذْ لَا دَخْلَ لَهَا إلَّا فِي الْأَكْسَابِ وَمَا يَتْبَعُهَا كَزَكَاةِ الْفِطْرِ لِإِنَاطَتِهَا بِمَنْ تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ وَتَحْتَمِلُ صِحَّةُ إحْرَامِ أَحَدِهِمَا عَنْهُ وَلِلسَّيِّدِ إذَا كَانَ الْمُحْرِمَ الْوَلِيُّ تَحْلِيلُهُ. وَالْأَوَّلُ الْأَقْرَبُ اهـ حَجّ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم. قَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ قَدْ يَسْتَشْكِلُ، الْأَوَّلُ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَتَأَتَّى إحْرَامُهُ عَنْهُ لِأَنَّهُ لَا جَائِزَ أَنْ يُرَادَ بِهِ جَعْلُ جُمْلَتِهِ مُحْرِمًا إذْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إذْ وِلَايَتُهُ عَلَى بَعْضِ الْجُمْلَةِ لَا عَلَى كُلِّهَا، وَلَا جَعْلُ بَعْضِهِ مُحْرِمًا إذْ إحْرَامُ بَعْضِ الشَّخْصِ دُونَ بَعْضٍ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَعَيَّنَ إذْنُ أَحَدِهِمَا لِلْآخِرِ فِي الْإِحْرَامِ عَنْهُ لِيَكُونَ إحْرَامُهُ عَنْ جُمْلَتِهِ بِوِلَايَتِهِ وَوِلَايَةُ مُوكِلِهِ اهـ. أَقُولُ: أَوْ يَتَّفِقَا عَلَى أَنْ يَتَقَارَنَا فِي الصِّيغَةِ بِأَنْ يُوقِعَاهَا مَعًا (قَوْلُهُ: لِنَحْوِ الْوَصِيِّ) أَيْ وَاحِدًا كَانَ أَوْ مُتَعَدِّدًا ثُمَّ فِي التَّعَدُّدِ إنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُسْتَقِلًّا صَحَّ إحْرَامُ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا إنَّ تَرَتَّبَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَقِلًّا لَمْ يَصِحَّ إحْرَامُ أَحَدِهِمَا إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ فَيَكُونُ مُبَاشِرًا عَنْ نَفْسِهِ وَوَكِيلًا عَنْ الْآخِرِ، وَلَهَا الْإِذْنُ لِثَالِثٍ يُحْرِمُ عَنْ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَيَكُونُ وَكِيلًا عَنْهُمَا فِي الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ يَأْذَنُ لِقِنِّهِ) أَيْ الصَّبِيِّ (قَوْلُهُ: جَازَ إحْجَاجُهُ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُفَوِّتْ مَصْلَحَةً عَلَى الصَّبِيِّ وَإِلَّا لَزِمَ عَلَيْهِ غُرْمُ زِيَادَةٍ عَلَى نَفَقَةِ الْحَضَرِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ إحْضَارِهِ الْمَوَاقِفَ كُلَّهَا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا أَحْضَرَهُ الْأَجْنَبِيُّ لَا يُعْتَدُّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ) لَمْ يَمُرَّ لَهُ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ ذَلِكَ وَكَأَنَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّهُ قَدَّمَ أَوْ مَأْذُونُهُ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَلِلْوَلِيِّ كَمَا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ أَوْ أَنَّهُ ذَكَرَهُ هُنَاكَ وَسَقَطَ مِنْ الْكَتَبَةِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ جَازَ إحْجَاجُهُ) أَيْ الْعَبْدِ بِأَنْ لَمْ يُفَوِّتْ مَصْلَحَةً عَلَى الصَّبِيِّ، وَإِلَّا لَزِمَ عَلَيْهِ غُرْمُ زِيَادَةٍ عَلَى نَفَقَةِ الْحَضَرِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا

وَلَا يُغْنِي حُضُورُهُ عَنْهُ وَعَلَيْهِ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا كَمَا ذَكَرَ أَمْرَهُ بِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ أَفْعَالِ النُّسُكِ كَغُسْلٍ وَتَجَرُّدٍ عَنْ مَخِيطٍ وَلُبْسِ إزَارٍ وَرِدَاءٍ أَوْ غَيْرِهَا وَإِنَابَةٍ عَنْهُ فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ فَيُنَاوِلُهُ هُوَ أَوْ نَائِبُهُ الْحَجَرَ لِيَرْمِيَ بِهِ إنْ قَدَرَ وَإِلَّا رَمَى عَنْهُ بَعْدَ رَمْيِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَإِلَّا وَقَعَ لِلرَّامِي وَإِنْ نَوَى بِهِ الصَّبِيَّ. وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ: يُسَنُّ وَضْعُ الْحَصَاةِ فِي يَدِهِ ثُمَّ يَأْخُذُ بِيَدِهِ وَيَرْمِي بِهَا، وَإِلَّا فَيَأْخُذُهَا مِنْ يَدِهِ ثُمَّ يَرْمِي بِهَا، وَلَوْ رَمَاهَا عَنْهُ ابْتِدَاءً جَازَ، وَكَذَلِكَ إذَا قَدَرَ عَلَى الطَّوَافِ أَوْ السَّعْيِ عَلَّمَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا طَافَ وَسَعَى، وَلَوْ أَرْكَبَهُ دَابَّةً اُشْتُرِطَ أَنْ يَكُونَ سَائِقًا أَوْ قَائِدًا إنْ كَانَ الرَّاكِبُ غَيْرَ مُمَيَّزٍ، وَلَا يَكْفِي السَّعْيُ وَالطَّوَافُ مِنْ غَيْرِ اسْتِصْحَابِهِ وَإِنَّمَا يَفْعَلُهُمَا بِهِ بَعْدَ فِعْلِهِمَا عَنْ نَفْسِهِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الرَّمْيِ، إذْ مَبْنَى الْحَجِّ عَلَى عَدَمِ التَّبَرُّعِ بِهِ مَعَ قِيَامِ الْفَرْضِ، وَلَوْ تَبَرَّعَ وَقَعَ فَرْضًا لَا تَبَرُّعًا، وَيُصَلِّي عَنْ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ رَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ وَالطَّوَافِ اسْتِحْبَابًا، وَيُشْتَرَطُ لِلطَّوَافِ طَهَارَتُهُ مِنْ الْخَبَثِ وَسَتْرُ عَوْرَتِهِ، وَكَذَا وُضُوءُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُمَيِّزًا كَمَا اعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَيُغْتَفَرُ صِحَّةُ وُضُوئِهِ هُنَا لِلضَّرُورَةِ كَمَا اُغْتُفِرَ صِحَّةُ طُهْرِ مَجْنُونَةٍ انْقَطَعَ حَيْضُهَا لِتَحِلَّ لِحَلِيلِهَا، وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّشْبِيهِ أَنَّ الْوَلِيَّ يَنْوِي عَنْهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَلَا بُدَّ مِنْ طُهْرِ الْوَلِيِّ وَسَتْرِ عَوْرَتِهِ أَيْضًا وَإِذَا صَارَ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ مُحْرِمًا غَرِمَ وَلِيُّهُ دُونَهُ زِيَادَةَ نَفَقَةٍ احْتَاجَ إلَيْهَا بِسَبَبِ النُّسُكِ فِي السَّفَرِ وَغَيْرِهِ عَلَى نَفَقَةِ الْحَضَرِ إذْ هُوَ الْمَوْقِعُ لَهُ فِي ذَلِكَ كَمَا يَغْرَمُ مَا يَجِبُ بِسَبَبِهِ كَدَمِ قِرَانٍ أَوْ تَمَتُّعٍ أَوْ فَوَاتٍ، وَكَفِدْيَةِ شَيْءٍ مِنْ مَحْظُورَاتِهِ كَفِدْيَةِ جَمَاعَةٍ وَحَلْقِهِ وَقَلْمِهِ وَلُبْسِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَا يُغْنِي حُضُورُهُ) أَيْ الْوَلِيُّ وَقَوْلُهُ عَنْهُ أَيْ الصَّبِيِّ (قَوْلُهُ لِيُرْمَى بِهِ إلَخْ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ اسْتَقَلَّ بِالرَّمْيِ بِنَفْسِهِ لَا يَكْفِي وَهُوَ قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ رَمْيِهِ إلَخْ) قَضَيْتُهُ أَنَّ الْمُنَاوَلَةَ لَا يُشْتَرَطُ لِلِاعْتِدَادِ بِهَا كَوْنُ الْمُنَاوِلِ رَمَى عَنْ نَفْسِهِ، وَبَحَثَ حَجّ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ رَمَى عَنْ نَفْسِهِ لِأَنَّ مُنَاوَلَةَ الْحَجَرِ مِنْ مُقَدَّمَاتِ الرَّمْيِ فَتُعْطَى حُكْمُهُ اهـ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَوَى بِهِ الصَّبِيُّ) قَضَيْته أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ الصَّرْفُ وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ عَنْ الرَّامِي لِصَرْفِهِ إيَّاهُ بِقَصْدِ الرَّمْيِ عَنْ الصَّبِيِّ (قَوْلُهُ فِي يَدِهِ) أَيْ الصَّبِيِّ (قَوْلُهُ: اشْتَرَطَ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) أَيْ الْوَلِيُّ وَمِثْلُهُ مَأْذُونُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَفْعَلُهُمَا) أَيْ السَّعْيَ وَالطَّوَافَ (قَوْلُهُ: بَعْدَ فِعْلِهِمَا عَنْ نَفْسِهِ) قَضَيْته اشْتِرَاطُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ مُبَاشِرًا لِلْأَعْمَالِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَمَّا اُشْتُرِطَتْ مُصَاحَبَةُ الْوَلِيِّ لَهُ نَزَلَتْ مَنْزِلَةُ فِعْلِهِ، وَقَدْ يَشْكُلُ عَلَى هَذَا مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا حَمَلَ مُحْرِمًا لَمْ يَطُفْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَنْ نَفْسِهِ وَدَخَلَ وَقْتُ طَوَافِهِ وَنَوَاهُ الْحَامِلُ لِلْمَحْمُولِ وَقَعَ لِلْمَحْمُولِ ثُمَّ يَطُوفُ الْحَامِلُ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الطِّفْلَ لَمَّا لَمْ يُعْتَدُّ بِإِحْرَامِهِ مُسْتَقِلًّا أُلْغِيَ فِعْلُهُ وَنَزَلَ فِعْلُ الْحَامِلِ مَنْزِلَةَ فِعْلِ الْمَحْمُولِ فَلَوْ أَوْقَعْنَاهُ عَنْ الطِّفْلِ لَزِمَ إلْغَاءُ فِعْلِ الْحَامِلِ مَعَ أَنَّ الْقَصْدَ إنَّمَا هُوَ فِعْلُهُ بِخِلَافِ مَا سَيَأْتِي فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَهُ قَصْدٌ صَحِيحٌ وَتَعَارَضَ فِعْلَاهُمَا غَلَبَ جَانِبُ الْمَحْمُولِ فَأُلْغِيَ مَعَهُ فِعْلُ الْحَامِلِ عَلَى نَفْسِهِ لِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ الدَّابَّةِ أَوْ أَنَّ مَا هُنَا مُصَوِّرٌ بِمَا لَوْ أَطْلَقَ وَمَا يَأْتِي مُصَوِّرٌ بِمَا إذَا قَصَدَ الْمَحْمُولَ وَحْدَهُ. وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْجَوَابَ مَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ ثُمَّ مِنْ قَوْلِهِ وَسَوَاءٌ فِي الصَّغِيرِ حَمَلَهُ وَلِيُّهُ الَّذِي أَحْرَمَ عَنْهُ أَمْ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا وُضُوءُهُ إلَخْ) وَإِذَا وَضَّأَهُ الْوَلِيُّ وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ ثُمَّ بَلَغَ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ وَهُوَ بِطَهَارَةِ الْوَلِيِّ أَوْ كَانَ مَجْنُونًا فَأَفَاقَ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُمَا نَاقِضٌ لِلْوُضُوءِ هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهَا لِأَنَّهَا طَهَارَةٌ مُعْتَدٌّ بِهَا أَوْ لَا يَصِحُّ أَنْ يُصَلِّيَ بِهَا؟ تُرَدَّدَ فِيهِ سم عَلَى حَجّ ثُمَّ قَالَ: يُحْتَمَلُ الْأَوَّلُ وَيُحْتَمَلُ الثَّانِي وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ اهـ. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الشَّارِعَ نَزَّلَ فِعْلَ وَلِيِّهِ مَنْزِلَةَ فِعْلِهِ فَاعْتَدَّ بِهِ وَصَارَ كَأَنَّهُ فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ طُهْرِ الْوَلِيِّ) اُنْظُرْ الْحِكْمَةَ فِي اشْتِرَاطِهِمَا مِنْ الْوَلِيِّ مَعَ أَنَّهُ آلَةٌ لِلطَّوَافِ بِغَيْرِهِ فَهُوَ كَالدَّابَّةِ، وَقَدْ يُقَالُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمَّا اُشْتُرِطَتْ مُصَاحَبَتُهُ لَهُ نَزَلَ مَنْزِلَةَ الْمُبَاشَرَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَمَا يَغْرَمُ مَا يَجِبُ بِسَبَبِهِ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ مُمَيِّزٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْحَاصِلِ

وَتَطَيُّبِهِ سَوَاءٌ أَفْعَلَهُ بِنَفْسِهِ أَمْ فَعَلَهُ بِهِ الْوَلِيُّ وَلَوْ لِحَاجَةِ الصَّبِيِّ لِمَا مَرَّ مَعَ اسْتِغْنَائِهِ عَنْهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قِيلَ لَهُ نِكَاحًا؛ لِأَنَّ الْمَنْكُوحَةَ قَدْ تَفُوتُ، وَالنُّسُكُ يُمْكِنُ تَأْخِيرُهُ إلَى الْبُلُوغِ، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ لُزُومِ جَمِيعِ ذَلِكَ لِلْوَلِيِّ إذَا كَانَ مُمَيِّزًا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا صُرِّحَا بِهِ كَغَيْرِهِمَا خِلَافًا لِمَا فِي الْإِسْعَادِ تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ، وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ أَنَّ فِدْيَةَ الْحَلْقِ وَالْقَلْمِ عَلَى الْمُمَيِّزِ لَعَلَّهُ فَرَّعَهُ عَلَى مَرْجُوحٍ وَهُوَ صِحَّةُ إحْرَامِهِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ لِيُوَافِقَ كَلَامَهُمْ، وَقَوْلُ الْقَائِلِ تَبَعًا لِلزَّرْكَشِيِّ بِأَنَّهَا وَجَبَتْ عَلَى الصَّبِيِّ ثُمَّ تَحَمَّلَهَا عَنْهُ الْوَلِيُّ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْأَصَحَّ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ الصَّبِيَّ لَا يَكُونُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ بَلْ فِي الْمَجْمُوعِ هُنَا أَنَّهَا فِي مَالِ الْوَلِيِّ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا فِي الْإِسْعَادِ عَلَى التَّفْرِيعِ الْمَارِّ، وَلَا يُنَافِي مَا قَرَّرْنَاهُ قَوْلُهُمْ يَضْمَنُ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ الصَّيْدَ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ مَحْرَمٍ بِأَنْ أَتْلَفَهُ فِي الْحَرَمِ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ مِنْ الْوَلِيِّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى فَعَلَ مَحْظُورًا وَهُوَ غَيْرُ مُمَيِّزٍ فَلَا فِدْيَةَ عَلَى أَحَدٍ أَوْ مُمَيِّزٍ بِأَنْ تَطَيَّبَ أَوْ لَبِسَ نَاسِيًا فَكَذَلِكَ، وَمِثْلُهُ الْجَاهِلُ الْمَعْذُورُ كَمَا لَا يَخْفَى، وَإِنْ تَعَمَّدَ أَوْ حَلَقَ أَوْ قَلَّمَ أَوْ قَتَلَ صَيْدًا وَلَوْ سَهْوًا فَالْفِدْيَةُ فِي مَالِ الْوَلِيِّ، وَفَارَقَ الْوُجُوبَ هُنَا فِي مَالِ الْوَلِيِّ أُجْرَةُ تَعْلِيمِهِ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ حَيْثُ وَجَبَتْ فِي مَالِ الصَّبِيِّ بِأَنَّ مَصْلَحَةَ التَّعْلِيمِ كَالضَّرُورَةِ وَإِذَا لَمْ يَفْعَلْهَا الْوَلِيُّ فِي الصَّغِيرِ احْتَاجَ إلَى اسْتِدْرَاكِهَا بَعْدَ بُلُوغِهِ بِخِلَافِ الْحَجِّ، وَلَوْ فَعَلَ بِهِ أَجْنَبِيٌّ وَلَوْ لِحَاجَةٍ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ كَالْوَلِيِّ، وَيُفْسَدُ حَجُّ الصَّبِيِّ بِجِمَاعِهِ الَّذِي يُفْسَدُ بِهِ حَجُّ الْكَبِيرِ (وَإِنَّمَا تَصِحُّ مُبَاشَرَتُهُ مِنْ الْمُسْلِمِ الْمُمَيِّزِ) وَلَوْ صَغِيرًا أَوْ رَقِيقًا كَبَقِيَّةِ الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ (وَإِنَّمَا يَقَعُ عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ) وَعُمْرَتِهِ بِالْمُبَاشَرَةِ أَوْ النِّيَابَةِ (إذَا بَاشَرَهُ) الْمُسْلِمُ (الْمُكَلَّفُ) أَيْ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ (الْحُرُّ) وَإِنْ لَمْ يُكَلَّفْ بِالْحَجِّ إذْ هُوَ مُكَلَّفٌ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (فَيُجْزِي) (حَجُّ الْفَقِيرِ) وَكُلُّ عَاجِزٍ حَيْثُ اجْتَمَعَ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ وَالتَّكْلِيفُ كَمَا لَوْ تَكَلَّفَ الْمَرِيضُ حُضُورَ الْجُمُعَةِ أَوْ الْغَنِيُّ خَطَرَ الطَّرِيقِ وَحَجَّ. وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ تَعْبِيرَهُ بِالْمُبَاشَرَةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ إذْ النِّيَابَةُ عَنْ غَيْرِهِ لِمَوْتٍ أَوْ عَضْبٍ كَذَلِكَ، وَلَوْ تَكَلَّفَ الْفَقِيرُ الْحَجَّ وَأَفْسَدَهُ ثُمَّ قَضَاهُ كَفَاهُ عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَلَوْ تَكَلَّفَ وَأَحْرَمَ بِنَفْلٍ وَقَعَ عَنْ فَرْضِهِ أَيْضًا فَلَوْ أَفْسَدَهُ ثُمَّ قَضَاهُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ (دُونَ حَجِّ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ) إذَا كَمَّلَا بَعْدَهُ إجْمَاعًا لِخَبَرِ «أَيُّمَا صَبِيٍّ حَجَّ ثُمَّ بَلَغَ فَعَلَيْهِ حِجَّةٌ أُخْرَى، وَأَيُّمَا عَبْدٍ حَجَّ ثُمَّ عَتَقَ فَعَلَيْهِ حِجَّةٌ أُخْرَى» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْحَجَّ وَظِيفَةُ الْعُمْرِ لَا تَكَرُّرَ فِيهِ فَاعْتُبِرَ وُقُوعُهُ فِي حَالَةِ الْكَمَالِ، فَإِنْ كَمُلَا قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ الْوُقُوفِ بِالْبُلُوغِ وَالْعِتْقِ وَهُمَا فِي الْمَوْقِفِ وَأَدْرَكَا زَمَنًا يُعْتَدُّ بِهِ فِي الْوُقُوفِ أَوْ بَعْدَهُ ثُمَّ عَادَا لَهُ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهِ أَجْزَأَهُمَا لِخَبَرِ «الْحَجُّ عَرَفَةَ» ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ مُعْظَمَ الْحَجِّ فَصَارَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ قِيلَ لَهُ نِكَاحًا) أَيْ فَإِنَّ مُؤَنَ النِّكَاحِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ دُونَ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ وَلَوْ لِحَاجَةٍ) كَأَنْ رَآهُ بَرْدَانًا مَثَلًا فَأَلْبَسَهُ (قَوْلُهُ لَزِمَتْهُ) أَيْ الْأَجْنَبِيُّ (قَوْلُهُ: الَّذِي يَفْسُدُ بِهِ حَجّ الْكَبِيرُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ عَامِدًا عَالَمًا مُخْتَارًا، وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ مِنْ مَالِ الْوَلِيِّ إذَا تَعَمَّدَ الْحَلْقُ أَوْ الْقَلَمُ إلَخْ وُجُوبُ الْقَضَاءِ هُنَا أَيْضًا مِنْ مَالِ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ: الْحُرُّ) أَيْ وَلَوْ بِالتَّبَيُّنِ وَإِنْ كَانَ حَالَ الْفِعْلِ قِنًّا ظَاهِرًا اهـ حَجّ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ صَبِيًّا ظَاهِرًا وَتَبَيَّنَ بُلُوغُهُ كَمَا شَمْلَهُ عُمُومُ قَوْلِهِ وَلَوْ بِالتَّبَيُّنِ (قَوْلُهُ وَلَوْ تُكَلَّفَ وَأَحْرَمَ بِنَفْلٍ) اُنْظُرْ مَا صُورَتُهُ، وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِأَنْ يَقْصِدَ حَجًّا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ النِّيَابَةُ) عَطْفُ هَذَا عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِالْمُبَاشَرَةِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الشَّرْطَيْنِ الْآتِيَيْنِ شَرْطَانِ فِي الْمَحْجُوجِ عَنْهُ وَيُصَرِّحُ بِهِ أَيْضًا قَوْلُهُ الْآتِي، وَإِنْ لَمْ يُكَلَّفْ بِالْحَجِّ إذْ هُوَ مُكَلَّفٌ فِي الْجُمْلَةِ وَحِينَئِذٍ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إذَا بَاشِرَهُ قَوْلُهُ أَوْ أَنَابَ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا فَهِمَهُ الشِّهَابُ حَجّ مِنْ جَعْلِ الشَّرْطَيْنِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ شَرْطَيْنِ فِي الْمُبَاشِرِ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ غَيْرِهِ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ كَلَامِهِ فِي تُحْفَتِهِ (قَوْلُهُ إذْ النِّيَابَةُ عَنْ غَيْرِهِ لِمَوْتٍ أَوْ عَضْبٍ كَذَلِكَ) هَذَا لَا يَصِحُّ تَرْتِيبُهُ عَلَى أَنَّ تَعْبِيرَ الْمُصَنِّفِ بِالْمُبَاشَرَةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَلَا مَا قَدَّمَهُ هُوَ فِي حَلِّ الْمَتْنِ كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ، فَكَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ: إذْ مَنْ وَقَعَتْ الِاسْتِنَابَةُ عَنْهُ لِمَوْتٍ أَوْ عَضْبٍ كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ) كَانَ الْأَصْوَبَ

كَمَا لَوْ أَدْرَكَ الرُّكُوعَ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُدْرِكْ الْوُقُوفَ وَيُعِيدُ مَنْ ذَكَرَ السَّعْيَ إنْ كَانَ قَدْ سَعَى بَعْدَ الْقُدُومِ لِوُقُوعِهِ فِي حَالِ النُّقْصَانِ وَيُخَالِفُ الْإِحْرَامَ فَإِنَّهُ مُسْتَدَامٌ بَعْدَ الْكَمَالِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ إجْزَاؤُهُ عَنْ فَرْضِهِ أَيْضًا إذَا تَقَدَّمَ الطَّوَافُ أَوْ الْحَلْقُ وَأَعَادَهُ بَعْدَ إعَادَةِ الْوُقُوفِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ تَجِبُ إعَادَتُهُ لِتَبَيُّنِ وُقُوعِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، وَلَوْ كَمَّلَ مَنْ ذَكَرَ فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ فَهُوَ كَمَا لَوْ كَمَّلَ قَبْلَهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ: أَيْ وَيُعِيدُ مَا مَضَى قَبْلَ كَمَالِهِ، بَلْ لَوْ كَمَّلَ بَعْدَهُ ثُمَّ أَعَادَهُ كَفَى فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا لَوْ أَعَادَ الْوُقُوفَ بَعْدَ الْكَمَالِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الرَّوْضِ، وَالطَّوَافُ فِي الْعُمْرَةِ كَالْوُقُوفِ فِي الْحَجِّ اهـ. وَوُقُوعُ الْكَمَالِ فِي أَثْنَاءِ الْعُمْرَةِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَارِّ، وَالطَّوَافُ فِيهَا كَالْوُقُوفِ فِي الْحَجِّ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ بِإِتْيَانِهِ بِالْإِحْرَامِ فِي حَالِ النَّقْصِ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَى الْمِيقَاتِ كَامِلًا؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا فِي وُسْعِهِ وَلَا إسَاءَةَ، وَفَارَقَ الْكَافِرَ الْآتِيَ إذَا لَمْ يَعُدْ إلَى الْمِيقَاتِ بِأَنَّهُ كَانَ قَادِرًا عَلَى إزَالَةِ نَقْصِهِ حِينَ مَرَّ بِهِ، وَحَيْثُ أَجْزَأَهُ مَا أَتَى بِهِ عَنْ فَرْضِ الْإِسْلَامِ وَقَعَ إحْرَامُهُ أَوَّلًا تَطَوُّعًا، وَانْقَلَبَ عَقِبَ الْكَمَالِ فَرْضًا عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْمَجْمُوعِ. . وَفِيهِ عَنْ الدَّارِمِيِّ: لَوْ فَاتَ الصَّبِيَّ الْحَجُّ فَإِنْ بَلَغَ قَبْلَ الْفَوَاتِ فَعَلَيْهِ حِجَّةٌ وَاحِدَةٌ تُجْزِئُ عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ وَالْقَضَاءِ، أَوْ بَعْدَهُ لَزِمَهُ حَجَّتَانِ حِجَّةٌ لِلْفَوَاتِ وَأُخْرَى لِلْإِسْلَامِ، وَيَبْدَأُ بِحِجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَلَوْ أَفْسَدَ الْحُرُّ الْبَالِغُ قَبْلَ الْوُقُوفِ حَجَّهُ ثُمَّ فَاتَهُ أَجْزَأَتْهُ وَاحِدَةٌ عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ وَالْفَوَاتِ وَالْقَضَاءِ، وَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ لِلْإِفْسَادِ وَأُخْرَى لِلْفَوَاتِ. وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ جَمْعٍ مِنْ الْأَصْحَاب مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ دَمٍ عَلَى الرَّقِيقِ قَيَّدَهُ الزَّرْكَشِيُّ بَحْثًا بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ قَضَاءٌ عَنْ وَاجِبِ نَذْرٍ أَوْ قَضَاءٍ أَفْسَدَهُ وَإِلَّا وَجَبَ، قَالَ: بَلْ يَنْبَغِي وُجُوبُهُ إذَا قَدَرَ عَلَى الْحُرِّيَّةِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الصِّفَةِ الْمُعَلَّقَةِ هِيَ عَلَيْهَا تَنْزِيلًا لِلْمُتَوَقَّعِ مَنْزِلَةَ الْوَاقِعِ، وَاسْتَظْهَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــSغَيْرَ الْقَضَاءِ فَيَكُونُ نَفْلًا مِنْ حَيْثُ الِابْتِدَاءِ وَوَاجِبًا مِنْ حَيْثُ حُصُولِ إحْيَاءِ الْكَعْبَةِ بِهِ فَيَلْغُو ذَلِكَ الْقَصْدُ وَيَقَعُ عَنْ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ) أَيْ وَقَعَ عَنْ فَرْضِهِ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يُدْرِكْ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ إجْزَاؤُهُ) أَيْ الْحَجِّ (قَوْلُهُ: إذَا تَقَدَّمَ الطَّوَافُ أَوْ الْحَلْقُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُمَا لَوْ تَقَدَّمَا وَأَعَادَهُمَا بَعْدَ الْبُلُوغِ لَا يُجْزِئُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ وَقَعَ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ فَكَانَ حَجَّهُ ثَمَّ فِي حَالَةِ نُقْصَانِهِ، لَكِنْ فِي حَجّ مَا نَصُّهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجْزِيهِ عَوْدُهُ وَلَوْ بَعْدَ التَّحَلُّلَيْنِ وَإِنْ جَامَعَ بَعْدَهُمَا وَهُوَ مُحْتَمَلٌ فَيُعِيدُ مَا فَعَلَهُ بَعْدَ وُقُوفِهِ لِيَقَعَ فِي حَالِ الْكَمَالِ، وَعَلَيْهِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ إحْرَامُهُ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَ فَلْيُرَاجَعْ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ الْحَلْقِ وَالطَّوَافِ تُجْزِئُ إعَادَتُهُمَا وَيُعْتَدُّ بِهِ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ. وَقَوْلُهُ الطَّوَافُ: أَيْ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّهُ تَجِبُ إعَادَتُهُ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يُعِدْ اسْتَقَرَّتْ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ فِي ذِمَّتِهِ لِتَفْوِيتِهِ لَهَا مَعَ إمْكَانِ الْفِعْلِ عَلَى مَا اسْتَقَرَّ بِهِ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ كَمَّلَ قَبْلَهُ) أَيْ فَيَكْفِيهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَتِهِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ بَعْدَ: أَيْ وَيُعِيدُ مَا مَضَى قَبْلَ كَمَالِهِ فَإِنَّهُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ شَرْحًا لِكَلَامِ الْمَجْمُوعِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: إنَّ الْمُتَّجَهَ الِاكْتِفَاءُ بِمَا أَدْرَكَهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَتِهِ، فَلَعَلَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ قَوْلِهِ أَيْ وَيُعِيدُ إلَخْ صَرْفٌ لِكَلَامِ الْمَجْمُوعِ عَنْ ظَاهِرِهِ، وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ عِنْدَهُ أَنَّ مَا فَعَلَهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ حَيْثُ لَمْ يُعِدْهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ (قَوْلُهُ: عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَارِّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ كَمَّلَ مَنْ ذَكَرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَوْ فَاتَ الصَّبِيَّ الْحَجُّ) أَيْ بِأَنْ أَحْرَمَ بِهِ وَفَاتَهُ الْوُقُوفُ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ (قَوْلُهُ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ دَمٍ عَلَى الرَّقِيقِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ إذَا قَدَرَ عَلَى الْحُرِّيَّةِ) أَيْ بِأَنْ عَلَّقَ سَيِّدُهُ إعْتَاقَهُ عَلَى مَا يُمَكِّنهُ فِعْلُهُ أَوْ كَانَ مُكَاتَبًا وَقَدَرَ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنْ يَقُولَ أَوْ نَفَرًا، ثُمَّ عَادَ لِأَنَّ هَذَا قَسِيمُ قَوْلِهِ وَهُمَا فِي الْمَوْقِفِ لَا قَسِيمُ قَوْلِهِ قَبْلَ الْخُرُوجِ وَقْتَ الْوُقُوفِ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ (قَوْلُهُ: إذَا تَقَدَّمَ الطَّوَافُ أَوْ الْحَلْقُ) أَيْ عَلَى الْكَمَالِ، وَكَذَا لَوْ تَقَدَّمَا مَعًا كَمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَمَّلَ مَنْ ذُكِرَ فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ) يَعْنِي فِي الْعُمْرَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَمَا لَوْ كَمَّلَ قَبْلَهُ) أَيْ فَتُجْزِئُهُ عُمْرَتُهُ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ (قَوْلُهُ: وَيُعِيدُ مَا مَضَى) أَيْ مِنْ الطَّوَافِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَوُقُوعُ الْكَمَالِ فِي أَثْنَاءِ الْعُمْرَةِ إلَخْ) هَذَا فِيهِ نَوْعُ تَكْرَارٍ مَعَ مَا قَبْلَهُ إلَّا أَنَّهُ أَعَمُّ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فَاتَ الصَّبِيَّ الْحَجُّ) يَعْنِي مَنْ أَحْرَمَ صَبِيًّا لِيَتَأَتَّى قَوْلُهُ فَإِنْ

الشَّيْخُ بَحْثَهُ الثَّانِيَ دُونَ الْأَوَّلِ، وَقَدْ يَسْتَبْعِدُ الثَّانِيَ أَيْضًا إذْ لَا دَلِيلَ عَلَى هَذَا التَّنْزِيلِ. نَعَمْ يُؤَيِّدُهُ الْفَرْقُ الْمُتَقَدِّمُ بَيْنَ الْكَافِرِ وَغَيْرِهِ، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِفُحْشِ الْكُفْرِ وَمُنَافَاتِهِ لِلْعِبَادَةِ بِذَاتِهِ فَلَا يُقَاسُ غَيْرُهُ بِهِ. . قَالَ: وَسَكَتَ الرَّافِعِيُّ عَنْ إفَاقَةِ الْمَجْنُونِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ عَنْهُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالصَّبِيِّ فِي حُكْمِهِ انْتَهَى. وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلهمْ لَوْ خَرَجَ بِهِ وَلِيُّهُ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الْفَرْضِ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَفَاقَ وَأَحْرَمَ وَأَتَى بِالْأَرْكَانِ مُفِيقًا أَجْزَأَهُ عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ وَسَقَطَ عَنْ الْوَلِيِّ زِيَادَةُ النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى مَا عَلَيْهِ، وَإِلَّا لَمْ يُجْزِئْهُ عَنْهَا وَلَا يَسْقُطُ عَنْ الْوَلِيِّ ذَلِكَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي: إذْ لَيْسَ لَهُ السَّفَرُ بِهِ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْإِفَاقَةِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ لِسُقُوطِ الزِّيَادَةِ عَنْ الْوَلِيِّ لَا لِلْوُقُوعِ عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ كَنَظِيرِهِ فِي الصَّبِيِّ، وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ: إنْ كَانَ مُدَّةُ إفَاقَةِ مَنْ يُجَنُّ وَيُفِيقُ يَتَمَكَّنُ فِيهَا مِنْ الْحَجِّ وَوُجِدَتْ فِيهَا الشُّرُوطُ الْبَاقِيَةُ لَزِمَهُ الْحَجُّ وَإِلَّا فَلَا هَذَا، وَاَلَّذِي فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مُفِيقًا وَقْتَ الْإِحْرَامِ وَالطَّوَافِ وَالْوُقُوفِ وَالسَّعْيِ. وَلَوْ أَحْرَمَ كَافِرٌ مِنْ الْمِيقَاتِ أَوْ جَاوَزَهُ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ ثُمَّ أَسْلَمَ لَزِمَهُ دَمٌ إنْ حَجَّ مِنْ سَنَتِهِ وَإِلَّا فَلَا، وَمِثْلُهُ فِيمَا ذَكَرَ الصَّبِيُّ وَالْعَبْدُ كَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ. (وَشَرْطُ) أَيْ وَشُرُوطِ (وُجُوبِهِ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (الْإِسْلَامُ وَالتَّكْلِيفُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالِاسْتِطَاعَةُ) إجْمَاعًا، وَقَالَ تَعَالَى {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: 97] ـــــــــــــــــــــــــــــSتَوْفِيَةِ النُّجُومِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُسْتَبْعَدُ الثَّانِي) هُوَ الْمُتَعَمَّدُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْإِفَاقَةِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ) هُوَ مَا قَبْلُ إلَّا فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا لَمْ يَجْزِهِ عَنْهَا (قَوْلُهُ: مُفِيقًا وَقْتَ الْإِحْرَامِ) هُوَ ضَعِيفٌ أَوْ يُقَالُ هَذَا مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا لَمْ يُحْرِمْ عَنْهُ وَلِيُّهُ وَيَأْتِي بِالْأَعْمَالِ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ أَبِي الدَّمِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَحْرَمَ كَافِرٌ مِنْ الْمِيقَاتِ) أَيْ بِأَنْ تَلَبَّسَ بِإِحْرَامٍ بَاطِلٍ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ فِيمَا ذَكَرَ الصَّبِيُّ) يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَفَارَقَ الْكَافِرُ الْآتِي إلَخْ، وَأَمَّا الْعَبْدُ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ السَّابِقِ وَقَدْ يُسْتَبْعَدُ إلَخْ، ثُمَّ رَأَيْت بِهَامِشِ نُسْخَةٍ وَعَلَيْهِ تَصْحِيحُ مَا نَصَّهُ: أَيْ إذَا جَازُوا مَعَ الْإِرَادَةِ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ لِأَنَّهُ فِيمَا إذَا كَانَ بِدُونِ إذْنِهِ اهـ. وَبِهِ يَنْدَفِعُ التَّنَافِي فِي الْمُجَاوَزَةِ لَكِنْ يَبْقَى الْكَلَامُ فِيمَا لَوْ أَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ ثُمَّ بَلَغَ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ إحْرَامُهُ بِدُونِ إذْنِ الْوَلِيِّ، وَيُمْكِنُ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَلَغَ قَبْلَ الْفَوَاتِ (قَوْلُهُ: وَسَكَتَ الرَّافِعِيُّ عَنْ إفَاقَةِ الْمَجْنُونِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ عَنْهُ) أَيْ هَلْ يُجْزِئُهُ الْحَجُّ مَثَلًا عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَوْ لَا. وَاعْلَمْ أَنَّ فِي نِسْبَةِ السُّكُوتِ فِي هَذَا لِلرَّافِعِيِّ غَفْلَةٌ عَمَّا سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ عَنْ الشَّيْخَيْنِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ حَجّ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالصَّبِيِّ فِي حُكْمِهِ) يَعْنِي تَفْصِيلَهُ الْمُتَقَدِّمَ أَوَائِلَ السِّوَادَةِ وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَ هَذَا عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْإِفَاقَةِ إلَخْ) هُوَ وَجْهُ عَدَمِ الْمُنَافَاةِ وَهُوَ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ تَأْوِيلٌ لَا تَقْبَلُهُ الْعِبَارَةُ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ حَجّ (قَوْلُهُ: فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ) أَيْ شِقِّ الْمَنْطُوقِ (قَوْلُهُ: هَذَا وَاَلَّذِي فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ عَقِبَ كَلَامِ ابْنِ أَبِي الدَّمِ وَهُوَ كَمَا قَالَ إنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَحْرَمَ كَافِرٌ مِنْ الْمِيقَاتِ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ إحْرَامَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَسْلَمَ) أَيْ وَأَحْرَمَ بَعْدَ ذَلِكَ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: فَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ لَا جَامِعَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ حَتَّى يُحْكَمَ بَيْنَهُمَا بِالتَّنَافِي الْمُحْوِجِ إلَى الْجَوَابِ، لِأَنَّ مَا مَرَّ لَا مُجَاوَزَةَ فِيهِ لِلْمِيقَاتِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ شَرْعِيٍّ، إذْ صُورَتُهُ أَنَّهُ أَحْرَمَ إحْرَامًا شَرْعِيًّا مِنْ الْمِيقَاتِ لَكِنْ فِي حَالِ نَقْصِهِ فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الدَّمُ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ كَوْنِهِ أَتَى بِمَا فِي وُسْعِهِ وَلَا إسَاءَةَ، وَأَمَّا مَا هُنَا فَصُورَتُهُ أَنَّهُ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ بِلَا إحْرَامٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ أَيْ إذَا جَاوَزَ إلَخْ إنَّمَا هُوَ مُلْحَقٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ سَيَأْتِي لَهُ فِي الْبَابِ الْآتِي تَصْحِيحُ إطْلَاقِ عَدَمِ لُزُومِ الدَّمِ لِلصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَبَعًا لِابْنَيْ شُهْبَةَ وَقَاسِمٍ فَلْيُحَرَّرْ.

فَلَا يَجِبُ عَلَى كَافِرٍ أَصْلِيٍّ وُجُوبَ مُطَالَبَةٍ بِهِمَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى لَوْ أَسْلَمَ وَهُوَ مُعْسِرٌ بَعْدَ اسْتِطَاعَتِهِ فِي الْكُفْرِ فَإِنَّهُ لَا أَثَرَ لَهَا، بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ فَإِنَّ النُّسُكَ يَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ بِاسْتِطَاعَتِهِ فِي الرِّدَّةِ، وَلَا عَلَى غَيْرِ مُكَلَّفٍ كَبَقِيَّةِ الْعِبَادَاتِ، وَلَا عَلَى مَنْ فِيهِ رِقٌّ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ مُسْتَحَقَّةٌ فَهُوَ غَيْرُ مُسْتَطِيعٍ وَلَا عَلَى غَيْرِ الْمُسْتَطِيعِ لِمَفْهُومِ الْآيَةِ (وَهِيَ) أَيْ الِاسْتِطَاعَةُ (نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا اسْتِطَاعَةُ مُبَاشَرَةٍ) لِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ بِنَفْسِهِ (وَلَهَا شُرُوطٌ) سَبْعَةٌ يُؤْخَذُ غَالِبُهَا مِنْ كَلَامِهِ، وَقَدْ عَدَّ أَرْبَعَةً مِنْهَا فَقَالَ (أَحَدُهَا وُجُودُ الزَّادِ) الَّذِي يَكْفِيهِ وَلَوْ مِنْ أَهْلِ الْحَرَمِ (وَأَوْعِيَتُهُ) وَلَوْ سُفْرَةٍ إذَا احْتَاجَ لِذَلِكَ (وَمُؤْنَةٌ) أَيْ كُلْفَةُ (ذَهَابِهِ) لِمَكَّةَ (وَإِيَابِهِ) أَيْ رُجُوعِهِ مِنْهَا إلَى مَحَلِّهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ أَهْلٌ وَعَشِيرَةٌ (وَقِيلَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِبَلَدِهِ) بِهَاءِ الضَّمِيرِ (أَهْلٌ) أَيْ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ كَزَوْجَةٍ وَقَرِيبٍ (وَعَشِيرَةٌ) أَيْ أَقَارِبٌ، وَلَوْ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ: أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا (لَمْ يُشْتَرَطْ) فِي حَقِّهِ (نَفَقَةُ الْإِيَابِ) الْمَذْكُورَةُ مِنْ الزَّادِ وَغَيْرِهِ إذْ الْمَحَالُّ كُلُّهَا فِي حَقِّهِ سَوَاءٌ، وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ لِمَا فِي الْغُرْبَةِ مِنْ الْوَحْشَةِ، وَالْوَجْهَانِ جَارِيَانِ أَيْضًا فِي الرَّاحِلَةِ لِلرُّجُوعِ، وَالْمُؤْنَةُ تَشْمَل الزَّادَ وَأَوْعِيَتَهُ فَذِكْرُهَا بَعْدَهُمَا مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ عَدَمِ مَسْكَنٍ لَهُ بِبَلَدِهِ وَوَجَدَ فِي الْحِجَازِ حِرْفَةً تَقُومُ بِمُؤْنَتِهِ وَإِلَّا اُشْتُرِطَتْ مُؤْنَةُ الْإِيَابِ جَزْمًا، وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلْمَعَارِفِ وَالْأَصْدِقَاءِ لِتَيَسُّرِ اسْتِبْدَالِهِمْ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ (فَلَوْ) لَمْ يَجِدْ مَا ذَكَرَ وَلَكِنْ (كَانَ يَكْسِبُ) فِي سَفَرِهِ (مَا يَفِي بِزَادِهِ) أَيْ بِمُؤْنَتِهِ (وَسَفَرُهُ طَوِيلٌ) مَرْحَلَتَانِ فَأَكْثَرُ (لَمْ يُكَلَّفْ الْحَجَّ) وَإِنْ كَانَ يَكْسِبُ فِي يَوْمٍ كِفَايَةَ أَيَّامٍ لِاحْتِمَالِ انْقِطَاعِ كَسْبِهِ لِعَارِضِ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ انْقِطَاعِهِ فَالْجَمْعُ بَيْنَ تَعَبِ السَّفَرِ وَالْكَسْبِ فِيهِ مَشَقَّةٌ عَظِيمَةٌ (وَإِنْ قَصُرَ) السَّفَرُ كَانَ بِمَكَّةَ أَوْ عَلَى دُونِ مَرْحَلَتَيْنِ (وَهُوَ يَكْسِبُ فِي يَوْمٍ كِفَايَةَ أَيَّامٍ) أَيْ أَيَّامِ الْحَجِّ (كُلِّفَ) الْحَجَّ بِأَنْ يَخْرُجَ لَهُ حِينَئِذٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSتَخْصِيصُ قَوْلِهِ وَمِثْلُهُ فِيمَا ذُكِرَ الصَّبِيُّ بِمَا لَوْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ فَيَخْرُجُ مَا لَوْ أَحْرَمَ مِنْهُ ثُمَّ كَمَّلَ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى مَنْ فِيهِ رِقٌّ) أَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الْمُبَعَّضُ، وَقَدْ يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ وَنَوْبَةُ الْمُبَعَّضِ فِيهَا تَسَعُ الْحَجَّ فَلَا يَتِمُّ قَوْلُهُ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ مُسْتَحَقَّةٌ إلَخْ، لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَسْتَحِقُّ مَنَافِعَهُ فِي نَوْبَةِ الْحُرِّيَّةِ كَذَا بِهَامِشٍ عَنْ شَيْخِنَا الْحَلَبِيِّ. أَقُولُ: وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ لَا تَلْزَمُ بَلْ لِأَحَدِ الْمُتَهَايِئِينَ الرُّجُوعُ وَلَوْ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْآخِرِ وَيَغْرَمُ لَهُ حِصَّةُ مَا اسْتَوْفَاهُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ، وَعَلَيْهِ فَمُجَرَّدُ الْمُهَايَأَةِ لَا تُفَوِّتُ اسْتِحْقَاقِ الْمَنْفَعَةِ بَلْ يَجُوزُ رُجُوعُ السَّيِّدِ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ حِصَّتِهِ وَيُمْنَعُ الْمُبَعَّضُ مِنْ اسْتِقْلَالِهِ بِالْكَسْبِ فِي حِصَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَهَا شُرُوطٌ سَبْعَةٌ) ظَاهِرُهُ بَلْ صَرِيحُهُ كَسَائِرِ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِقُدْرَةِ وَلِيِّ عَلَى الْوُصُولِ إلَى مَكَّةَ وَعَرَفَةَ فِي لَحْظَةِ كَرَامَةٍ، وَإِنَّمَا الْعِبْرَةُ بِالْأَمْرِ الظَّاهِرِ الْعَادِيِّ، فَلَا يُخَاطِبُ ذَلِكَ الْوَلِيُّ بِالْوُجُوبِ إلَّا إنْ قَدَرَ كَالْعَادَةِ، ثُمَّ رَأَيْت مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ وَهُوَ مَا سَأَذْكُرُهُ أَوَاخِرُ الرَّهْنِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي قَبْضِهِ مِنْ الْإِمْكَانِ الْعَادِيِّ. نَصَّ عَلَيْهِ. قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ بِمَا يُمْكِنُ مِنْ كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ. اهـ حَجّ. وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: قَوْلُهُ وَلَا فَرْضَ عَلَى غَيْرِ الْمُسْتَطِيعِ لَوْ كَانَ هَذَا مِنْ أَرْبَابِ الْخُطْوَةِ فَاخْتَارَ شَيْخُنَا الطَّبَلَاوِيُّ وُجُوبَ الْحَجِّ عَلَيْهِ اهـ. وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ حَجّ (قَوْلُهُ: عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ) قَالَ حَجّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَحِكْمَةُ ذِكْرِ الْخَاصِّ وُرُودُهُ فِي الْخَبَرِ الَّذِي صَحَّحَهُ جَمْعٌ وَضَعَّفَهُ آخَرُونَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - سُئِلَ عَنْ السَّبِيلِ فِي الْآيَةِ فَقَالَ: الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ» . [فَرْعٌ اسْتِطْرَادِيٌّ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا فِي مُخَاطَبَاتِ النَّاسِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ مِنْ قَوْلِهِمْ لِمَنْ لَمْ يَحُجَّ يَا حَاجَّ فُلَانٍ تَعْظِيمًا لَهُ هَلْ هُوَ حَرَامٌ أَوْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ الْحُرْمَةُ لِأَنَّهُ كَذَبَ، إنَّ مَعْنَى يَا حَاجُّ: يَامَنَ أَتَى بِالنُّسُكِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَخْصُوصِ. نَعَمْ إنْ أَرَادَ بِيَا حَاجُّ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ وَقَصَدَ بِهِ مَعْنًى صَحِيحًا، كَأَنْ أَرَادَ بِيَا حَاجُّ يَا قَاصِدَ التَّوَجُّهِ إلَى كَذَا كَالْجَمَاعَةِ أَوْ غَيْرِهَا فَلَا حُرْمَةَ (قَوْلُهُ وَهُوَ يَكْسِبُ فِي يَوْمٍ كِفَايَةَ أَيَّامٍ) أَيْ كَسْبًا لَائِقًا بِهِ لِأَنَّ فِي تَعَاطِيهِ غَيْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[شروط وجوب الحج والعمرة]

لِاسْتِغْنَائِهِ بِكَسْبِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ يَكْسِبُ كِفَايَةَ يَوْمٍ بِيَوْمٍ لِانْقِطَاعِهِ عَنْ الْكَسْبِ أَيَّامَ الْحَجِّ. وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ السَّابِقِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَتَيَسَّرَ لَهُ الْكَسْبُ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ خُرُوجِهِ، وَالْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَقْدِرُ فِي الْحَضَرِ عَلَى أَنْ يَكْسِبَ فِي يَوْمٍ مَا يَكْفِيهِ لَهُ وَلِلْحَجِّ لَزِمَهُ إنْ قَصُرَ السَّفَرُ؛ لِأَنَّهُمْ إذَا أَلْزَمُوهُ بِهِ فِي السَّفَرِ فَفِي الْحَضَرِ أَوْلَى وَكَذَا إنْ طَالَ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ كَسْبَهُ فِي الْحَضَرِ تَحْصِيلٌ لِسَبَبِ الْوُجُوبِ وَهُوَ غَيْرُ وَاجِبٍ كَمَا يَأْتِي فَلَا يُكَلَّفُ الْكَسْبَ فِي الْحَضَرِ مُطْلَقًا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْكَسْبِ فِي السَّفَرِ بِأَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ مُسْتَطِيعًا فِي السَّفَرِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ وَلَوْ قَبْلَ تَحْصِيلِ الْكَسْبِ، وَهَذَا لَا يُعَدُّ مُسْتَطِيعًا لَهُ إلَّا بَعْدَ حُصُولِ الْكَسْبِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْكَسْبِ فِي السَّفَرِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَحْصِيلُهُ لِمَا مَرَّ، وَأَيْضًا؛ فَلِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْكَسْبُ لِإِيفَاءِ حَقِّ الْآدَمِيِّ فَلَأَنْ لَا يَجِبَ لِإِيفَاءِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى أَوْلَى. وَقَدْ نَقَلَ الْخُوَارِزْمِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ اكْتِسَابِ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ الطَّوِيلِ وَالْقَصِيرِ، وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا فِيمَا إذَا قَصُرَ السَّفَرُ وَكَانَ يَكْسِبُ فِي يَوْمٍ كِفَايَةَ أَيَّامٍ كَمَا مَرَّ، وَأَيَّامُ الْحَجِّ سِتَّةٌ إذْ هِيَ مِنْ زَوَالِ سَابِعِ الْحِجَّةِ إلَى زَوَالِ ثَالِثَ عَشَرِهِ، وَقَوْلُ الْمَجْمُوعِ إنَّهَا سَبْعَةٌ مَعَ تَحْدِيدِهِ بِذَلِكَ فِيهِ اعْتِبَارُ الطَّرَفَيْنِ، وَاسْتَنْبَطَ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ التَّعْلِيلِ بِانْقِطَاعِهِ عَنْ الْكَسْبِ أَيَّامَ الْحَجِّ أَنَّهَا مِنْ خُرُوجِ النَّاسِ غَالِبًا وَهُوَ مِنْ أَوَّلِ الثَّامِنِ إلَى آخِرِ الثَّالِثَ عَشَرَ وَهَذَا فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَنْفِرْ النَّفْرَ الْأَوَّلَ، وَمَا ادَّعَاهُ فِي الْإِسْعَادِ مِنْ كَوْنِ تَقْدِيرِهَا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ النَّقِيبِ أَقْرَبُ؛ لِأَنَّ تَحْصِيلَ أَعْمَالِ الْحَجِّ تَمَتُّعًا وَإِفْرَادًا مُمْكِنٌ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَالْمُرَادُ بِالْأَعْمَالِ الْأَرْكَانِ وَرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ؛ لِأَنَّ لَهُ مَدْخَلًا فِي التَّحَلُّلِ مِنْ الْحَجِّ، وَالْقَارِنُ يُمْكِنُهُ تَحْصِيلُ أَعْمَالِهِمَا فِي يَوْمِ عَرَفَةَ وَيَوْمِ النَّحْرِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمُكْتَسَبَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ السِّتَّةِ لَا يَجِدُ مَنْ يَسْتَعْمِلُهُ، وَلِأَنَّ إلْزَامَ الْكَسْبِ لَهُ يَوْمَ الثَّامِنِ يُفَوِّتُ عَلَيْهِ سُنَنًا كَثِيرَةً، وَفِي الْحَادِيَ عَشَرَ وَالثَّانِيَ عَشَرَ وَالثَّالِثَ عَشَرَ إنْ لَمْ يَنْفِرْ يَفُوتُ عَلَيْهِ أَيْضًا الرَّمْيُ فِي الْوَقْتِ الْفَاضِلِ وَتَحْصِيلُ سُنَنِهِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي يَفُوتُ فِيهَا نَحْوُ ثُلُثِ النَّهَارِ فَكَانَ اعْتِبَارُ السِّتَّةِ أَوْلَى، وَيَظْهَرُ فِي الْعُمْرَةِ الِاكْتِفَاءُ بِمَا يَسَعُ أَفْعَالُهَا غَالِبًا وَهُوَ نَحْوُ ثُلُثَيْ يَوْمٍ. (الثَّانِي) مِنْ شُرُوطِ الِاسْتِطَاعَةِ (وُجُودُ الرَّاحِلَةِ) الصَّالِحَةِ لِمِثْلِهِ بِشِرَاءٍ أَوْ اسْتِئْجَارٍ بِثَمَنٍ أَوْ أُجْرَةِ مِثْلٍ لَا بِزِيَادَةٍ وَإِنْ قَلَّتْ وَقَدَرَ عَلَيْهَا أَوْ رُكُوبِ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ إنْ قَبِلَهُ أَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ وَصَحَّحْنَاهُ أَوْ مُوصًى بِمَنْفَعَتِهِ إلَى ذَلِكَ، وَالْأَوْجَهُ الْوُجُوبُ عَلَى مَنْ حَمَلَهُ الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَأَهْلِ وَظَائِفِ الرَّكْبِ مِنْ الْقُضَاةِ أَوْ غَيْرِهِمْ وَمَحَلُّ ذَلِكَ (لِمَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَتَانِ) فَأَكْثَرَ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْمَشْيِ. نَعَمْ يُسَنُّ لَهُ الْمَشْيُ حِينَئِذٍ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــSاللَّائِقِ بِهِ عَارًا وَذُلًّا شَدِيدًا أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي النَّفَقَاتِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَكْتَسِبُ بِغَيْرِ لَائِقٍ بِهِ كَانَ لِزَوْجَتِهِ الْفَسْخُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ خُرُوجِهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ فِي الْحَضَرِ مُطْلَقًا) أَيْ قَصُرَ السَّفَرُ أَوْ طَالَ (قَوْلُهُ: الصَّالِحَةِ) عِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: وَإِنْ لَمْ تَلِقْ بِهِ، وَمِثْلُهُ فِي حَجّ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ رُكُوبٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِشِرَاءِ (قَوْلُهُ: إنْ قَبِلَهُ) وَهَلْ يَجِبُ الْقَبُولُ فَيَأْثَمُ بِتَرْكِهِ أَوَّلًا لِمَا فِي قَبُولِ الْوَقْفِ مِنْ الْمِنَّةِ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِمَالٍ وَمَاتَ الْمُوصِي هَلْ يَجِبُ قَبُولُ الْوَصِيَّةِ أَوَّلًا لِمَا تَقَدَّمَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ فِيهِمَا عَدَمُ الْوُجُوبِ لِمَا ذَكَرَ، وَيَحْتَمِلُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَقْفِ وَالْوَصِيَّةِ لِأَنَّ الْوَقْفَ يَصِيرُ مِلْكًا لِلَّهِ تَعَالَى وَيَنْتَقِلُ عَنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِمَوْتِهِ وَاخْتِلَالُ شَرْطٍ فِيهِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِبَيْعٍ وَلَا غَيْرِهِ مِمَّا فِي مَعْنَاهُ فَتَضْعُفُ الْمِنَّةُ فِيهِ، بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ الْمُوصَى بِهِ مِلْكًا مُطْلَقًا فَأَشْبَهَ الْهِبَةَ (قَوْلُهُ: وَصَحَّحْنَاهُ) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ حَمَلَهُ الْإِمَامُ) أَيْ كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ إذَا حَمَلَهُ الْإِمَامُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [شُرُوط وُجُوب الْحَجّ وَالْعُمْرَة] قَوْلُهُ أَوْ مُوصًى بِمَنْفَعَتِهِ إلَى ذَلِكَ) الظَّاهِرُ أَنَّ مَرْجِعَ الْإِشَارَةِ سَقَطَ مِنْ الْكَتَبَةِ، فَإِنَّ الْعِبَارَةَ لِلْإِمْدَادِ وَلَفْظُهَا بَعْدَ

وَمُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ عَدَمُ الْفَرْقِ فِي اسْتِحْبَابِ الْمَشْيِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهُوَ كَذَلِكَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: لَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْأَةِ الْخُرُوجُ مَاشِيَةً لِأَنَّهَا عَوْرَةٌ، وَرُبَّمَا تَظْهَرُ لِلرِّجَالِ عِنْدَ مَشْيِهَا وَلِوَلِيِّهَا عَلَى الْأَوَّلِ مَنْعُهَا كَمَا قَالَهُ فِي التَّقْرِيبِ. وَالرُّكُوبُ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ أَفْضَلُ لِلِاتِّبَاعِ، وَالْأَفْضَلُ أَيْضًا لِمَنْ قَدَرَ أَنْ يَرْكَبَ عَلَى الْقَتَبِ وَالرَّحْلِ فِعْلَ ذَلِكَ، وَأَصْلُ الرَّاحِلَةِ النَّاقَةُ الصَّالِحَةُ لِلْحَمْلِ وَتُطْلَقُ عَلَى مَا يُرْكَبُ مِنْ الْإِبِلِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُرَادُهُمْ هُنَا، وَأَلْحَقَ الطَّبَرِيُّ بِهَا كُلَّ دَابَّةٍ اُعْتِيدَ الْحَمْلُ عَلَيْهَا مِنْ نَحْوِ بَغْلٍ أَوْ حِمَارٍ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَإِنَّمَا يُعْتَادُ ذَلِكَ فِي مَرَاحِلَ يَسِيرَةٍ دُونَ الْمَسَافَةِ الشَّاسِعَةِ إذْ لَا يَقْوَى عَلَيْهَا إلَّا الْإِبِلُ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَسَافَةَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الدَّوَابِّ فَلْيُعْتَبَرْ قُدْرَتُهُ عَلَى الدَّابَّةِ اللَّائِقَةِ لَهَا، وَإِنَّمَا اعْتَبَرُوا مَسَافَةَ الْقَصْرِ هُنَا مِنْ مَبْدَإِ سَفَرِهِ إلَى مَكَّةَ لَا إلَى الْحَرَمِ عَكْسَ مَا اعْتَبَرُوهُ فِي حَاضِرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِي الْمُتَمَتِّعِ رِعَايَةً لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ فِيهِمَا (فَإِنْ لَحِقَهُ بِالرَّاحِلَةِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ) بِأَنْ تَكُونَ كَالْمَشَقَّةِ بَيْنَ الْمَشْيِ وَالرُّكُوبِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْجُوَيْنِيِّ، وَالْأَقْرَبُ ضَبْطُهَا بِمُبِيحِ تَيَمُّمٍ (اُشْتُرِطَ وُجُودُ مَحْمِلٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ وَقِيلَ عَكْسُهُ، وَهُوَ خَشَبٌ وَنَحْوُهُ يُجْعَلُ فِي جَانِبِ الْبَعِيرِ لِلرُّكُوبِ فِيهِ بِبَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ بِعِوَضِ مِثْلٍ دَفْعًا لِلضَّرَرِ، فَإِنْ أُلْحِقَ مَنْ ذُكِرَ فِي رُكُوبِ الْمَحْمِلِ الْمَشَقَّةُ الْمَذْكُورَةُ اُعْتُبِرَ فِي حَقِّهِ الْكَنِيسَةُ، وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ الْآنَ بِالْمَحَارَةِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الرُّكُوبِ فِيهَا فَمِحَفَّةٌ، فَإِنْ عَجَزَ فَسَرِيرٌ يَحْمِلُهُ رِجَالٌ وَإِنْ بَعُدَ مَحَلُّهُ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى مُؤَنِ ذَلِكَ، وَأَنَّهَا فَاضِلَةٌ عَمَّا يَأْتِي، أَمَّا الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى فَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي حَقِّهِمَا وَإِنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ؛ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهُمَا، وَتَقْيِيدُ الْأَذْرَعِيُّ مَا ذَكَرَ فِيهِمَا بِمَنْ لَا يَلِيقُ بِهَا رُكُوبُهَا بِدُونِهِ أَوْ كَانَتْ تَمَشَّى وَإِلَّا فَكَالرِّجْلِ مَحَلُّ نَظَرٍ، إذْ الْأُنْثَى مَأْمُورَةٌ بِالسِّتْرِ مَا أَمْكَنَ فَلَا نَظَرَ لِعَادَتِهَا (وَاشْتُرِطَ) فِي حَقِّ رَاكِبِ الْمَحْمِلِ وَنَحْوِهِ أَيْضًا (شَرِيكٌ يَجْلِسُ فِي الشِّقِّ الْآخَرِ) يَكُونُ عَدْلًا تَلِيقُ بِهِ مُجَالَسَتُهُ لَيْسَ بِهِ نَحْوُ بَرَصٍ وَلَا جُذَامٍ، وَيُوَافِقُهُ عَلَى الرِّضَا بِالرُّكُوبِ بَيْنَ الْمَحْمِلَيْنِ عِنْدَ نُزُولِهِ لِنَحْوِ قَضَاءِ حَاجَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ فِي الْكُلِّ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلَا وُجُوبَ وَإِنْ وَجَدَ مُؤْنَةَ الْمَحْمِلِ بِتَمَامِهِ إذْ بَذْلُ الزَّائِدِ خُسْرَانٌ لَا مُقَابِلَ لَهُ كَمَا فِي الْوَسِيطِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ مَا يَحْتَاجُهُ مِنْ زَادٍ وَغَيْرِهِ إذَا أَمْكَنَتْ الْمُعَادَلَةُ بِهِ، يَقُومُ مَقَامَ الشَّرِيكِ، وَرَجَّحَ ابْنُ الْعِمَادِ تَعَيُّنَ الشَّرِيكِ إذْ الْمُعَادَلَةُ بِغَيْرِهِ لَا تَقُومُ مَقَامَهُ فِي السُّهُولَةِ عِنْدَ النُّزُولِ وَالرُّكُوبِ، وَرَجَّحَ الزَّرْكَشِيُّ الْأَوَّلَ بِأَنَّهُ ظَاهِرُ النَّصِّ وَكَلَامُ الْجُمْهُورِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ إنْ سَهُلَتْ الْمُعَادَلَةُ بِهِ بِحَيْثُ لَمْ يَخْشَ مَيْلًا وَرَأَى مَنْ يُمْسِكُهُ لَهُ لَوْ مَالَ عِنْدَ نُزُولِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَنْبَغِي وُجُوبُ السُّؤَالِ إذَا ظَنَّ الْإِجَابَةَ (قَوْلُهُ وَلِوَلِيِّهَا عَلَى الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ الطَّبَرِيُّ بِهَا) أَيْ وَكَانَتْ تَلِيقُ بِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ (الصَّالِحَةُ لِمِثْلِهِ) (قَوْلُهُ: مِنْ نَحْوِ بَغْلٍ أَوْ حِمَارٍ) وَإِنْ لَمْ يَلِقْ بِهِ زِيَادِي وَحَجَّ. أَقُولُ: وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْحَجُّ لَا بَدَّلَ لَهُ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ، وَيُفَرَّقُ بَيْن ذَلِكَ وَبَيْنَ الْعَادِلِ الْآتِي حَيْثُ اُشْتُرِطَتْ فِيهِ اللِّيَاقَةُ بِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الضَّرَرُ بِمُجَالَسَتِهِ بِخِلَافِ الدَّابَّةِ (قَوْله الشَّاسِعَةِ) هُوَ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَة وَالسِّينِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَتَيْنِ: أَيْ الْبَعِيدَةِ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: بِالْمَحَارَةِ) أَيْ وَهِيَ الْمَعْرُوفَةُ الْآنَ بِالشُّقَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَا جُذَامٍ) قَالَ الزِّيَادِيُّ: وَلَا شَدِيدُ الْعَدَاوَةِ لَهُ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْوَلِيمَةِ، بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ هُنَا أَعْظَمُ بِطُولِ مُصَاحَبَتِهِ (قَوْلُهُ: يَقُومُ مَقَامَ الشَّرِيكِ) مُعْتَمَدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلِهِ وَصَحَّحْنَاهُ أَوْ عَلَى الْحَمْلِ إلَى مَكَّةَ أَوْ مُوصًى إلَخْ (قَوْلُهُ: فَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ) أَيْ وُجُودُ الْمَحْمَلِ (قَوْلُهُ وَتَقْيِيدُ الْأَذْرَعِيِّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَنْ لَا يَلِيقُ بِهَا رُكُوبُهَا أَوْ يَشُقُّ عَلَيْهَا، أَمَّا غَيْرُهَا فَالْأَشْبَهُ أَنَّهَا كَالرَّجُلِ

لِنَحْوِ قَضَاءِ حَاجَةٍ اكْتَفَى بِهَا؛ وَإِلَّا فَالْأَقْرَبُ، تَعَيُّنُ الشَّرِيكِ. (وَمَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا) أَيْ مَكَّةَ (دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ وَهُوَ قَوِيٌّ عَلَى الْمَشْيِ) (يَلْزَمُهُ الْحَجُّ) لِانْتِفَاءِ الْمَشَقَّةِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ وُجُودُ الرَّاحِلَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا، وَأَشْعَرَ تَعْبِيرَهُ بِالْمَشْيِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْحَبْوُ وَالزَّحْفُ وَإِنْ أَطَاقَهُمَا وَهُوَ كَذَلِكَ (فَإِنْ ضَعُفَ) عَنْ الْمَشْيِ بِأَنْ عَجَزَ أَوْ لَحِقَهُ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ (فَكَالْبَعِيدِ) عَنْ مَكَّةَ فَيُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ مَا مَرَّ (وَيُشْتَرَطُ) (كَوْنُ) مَا ذَكَرَ مِنْ (الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ) مَعَ مَا يُعْتَبَرُ مَعَهُمَا (فَاضِلَيْنِ عَنْ دَيْنِهِ) وَلَوْ مُؤَجَّلًا أَوْ أُمْهِلَ بِهِ رَبُّهُ سَوَاءٌ أَكَانَ لِآدَمَ أَمْ لِلَّهِ تَعَالَى كَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ، وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ فِي ذِمَّةِ غَيْرِهِ وَأَمْكَنَ تَحْصِيلُهُ فِي الْحَالِ فَكَالْحَاصِلِ عِنْدَهُ وَإِلَّا فَكَالْمَعْدُومِ (وَ) عَنْ (مُؤْنَةِ) أَيْ كُلْفَةِ (مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُمْ مُدَّةُ ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ) عَلَى الْوَجْهِ اللَّائِقِ بِهِ وَبِهِمْ مِنْ كِسْوَةٍ وَمَسْكَنٍ وَخَادِمٍ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ وَإِعْفَافِ الْأَبِ، وَأُجْرَةِ الطَّبِيبِ وَثَمَنِ الْأَدْوِيَةِ إذَا اُحْتِيجَ إلَيْهَا لِئَلَّا يَضِيعُوا فَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَفَى بِالْمَرْءِ إثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُولُ» وَمَا أَوْهَمَهُ كَلَامُهُمَا مِنْ جَوَازِ الْحَجِّ عِنْدَ فَقْدِ مُؤْنَةِ مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ لِجَعْلِهَا ذَلِكَ شَرْطًا لِلْوُجُوبِ لَيْسَ بِمُرَادٍ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، إذْ لَا يَجُوزُ لَهُ حَتَّى يَتْرُكَ لَهُمْ نَفَقَةَ الذَّهَابِ وَالْإِيَابِ وَإِلَّا فَيَكُونُ مُضَيِّعًا لَهُمْ كَمَا فِي الِاسْتِذْكَارِ وَغَيْرِهِ (وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ كَوْنِهِ) أَيْ جَمِيعِ مَا مَرَّ (فَاضِلًا) أَيْضًا (عَنْ مَسْكَنِهِ) اللَّائِقِ بِهِ الْمُسْتَغْرِقِ لِحَاجَتِهِ (وَ) عَنْ (عَبْدٍ) يَلِيقُ بِهِ وَ (يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِخِدْمَتِهِ) لِمَنْصِبٍ أَوْ، عَجْزٍ كَمَا يَبْقَيَانِ فِي الْكَفَّارَةِ. وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ بَلْ يُبَاعَانِ قِيَاسًا عَلَى الدَّيْنِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَأْتِي هُنَا مَا إذَا تَضَيَّقَ عَلَيْهِ الْحَجُّ لِخَوْفِ عَضْبٍ أَوْ قَضَاءٍ عَلَى الْفَوْرِ هَلْ يَبْقَيَانِ كَالْحَجِّ لِلتَّرَاخِي أَوْ لَا كَالدَّيْنِ وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَتْ الدَّارُ مُسْتَغْرِقَةً لِحَاجَتِهِ وَكَانَتْ مَسْكَنَ مِثْلِهِ، وَالْعَبْدُ يَلِيقُ بِهِ، فَلَوْ كَانَا نَفِيسَيْنِ لَا يَلِيقَانِ بِهِ لَزِمَهُ إبْدَالُهَا بِلَائِقٍ إنْ وَفَّى الزَّائِدُ بِمُؤْنَةٍ نُسُكِهِ وَمِثْلُهُمَا الثَّوَابُ النَّفِيسُ، وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ الْمَأْلُوفَيْنِ، وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي الْكَفَّارَةِ بِأَنَّ لَهَا بَدَلًا فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يُنْتَقَضُ بِالْمَرْتَبَةِ الْأَخِيرَةِ بِخِلَافِ الْحَجِّ، وَلَوْ أَمْكَنَ بَيْعُ بَعْضِ الدَّارِ بِأَنْ كَانَ الْبَاقِي مِنْهَا يَكْفِيهِ وَلَوْ غَيْرُ نَفِيسَةٍ وَوَفَّى ثَمَنَهُ بِمُؤْنَةِ نُسُكِهِ لَزِمَهُ أَيْضًا، وَأَلْحَقَ الْإِسْنَوِيُّ بَحْثًا الْأَمَةَ النَّفِيسَةَ الَّتِي لِلْخِدْمَةِ بِالْعَبْدِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِلْخِدْمَةِ بِأَنْ كَانَتْ لِلِاسْتِمْتَاعِ فَكَالْعَبْدِ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ؛ لِأَنَّ الْعَلَقَةَ فِيهَا كَالْعَلَقَةِ فِيهِ، وَأَيَّدَهُ الشَّيْخُ بِمَا يَأْتِي فِي حَاجَةِ النِّكَاحِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَكَلَامُهُمْ يَشْمَلُ الْمَرْأَةَ الْمَكْفِيَّةَ بِإِسْكَانِ الزَّوْجِ وَإِخْدَامِهِ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ لِاحْتِمَالِ انْقِطَاعِ الزَّوْجِيَّةِ فَتَحْتَاجُ إلَيْهِمَا، وَكَذَا الْمَسْكَنُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: يَلْزَمُهُ الْحَجُّ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَلِقْ بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُؤَجَّلًا) قَالَ الْمَحَلِّيِّ: لِأَنَّهُ إذَا صَرَفَ مَا مَعَهُ إلَى الْحَجِّ فَقَدْ يَحِلُّ الْأَجَلُ وَلَا يَجِدُ مَا يَقْضِي بِهِ الدَّيْنَ وَقَدْ تَخْتَرِمُهُ الْمُنْيَةُ فَتَبْقَى ذِمَّتُهُ مَرْهُونَةٌ اهـ. أَقُولُ: يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّهُ إذَا صَرَفَ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ جِهَةٌ يَرْجُو الْوَفَاءَ مِنْهَا عِنْدَ حُلُولِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَتْرُكَ لَهُمْ إلَخْ) هَذَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْجِهَادِ مِنْ أَنَّ الْمُتَّجَهَ أَنَّهُ إذَا تَرَكَ لَهُمْ نَفَقَةَ يَوْمِ الْخُرُوجِ جَازَ سَفَرُهُ وَعِبَارَتُهُ ثُمَّ بَعْدُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا كِفَايَةٌ فِي الْأَصَحِّ مَا نَصُّهُ: وَلَوْ لَزِمَتْهُ كِفَايَةُ أَصْلِهِ احْتَاجَ لِإِذْنِهِ إنْ لَمْ يُنِبْ مَنْ يُمَوِّنُهُ مِنْ مَالٍ حَاضِرٍ، وَأَخَذَ مِنْهُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ الْفَرْعَ لَوْ لَزِمَتْ أَصْلُهُ مُؤْنَتَهُ اُمْتُنِعَ سَفَرُهُ إلَّا بِإِذْنِ فَرْعِهِ إنْ لَمْ يُنَبْ كَمَا مَرَّ، ثُمَّ بُحِثَ أَنَّهُ لَوْ أَدَّى نَفَقَةَ يَوْمٍ حَلَّ لَهُ السَّفَرُ فِيهِ كَالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ بَعْضُهُمْ اهـ. وَفِي كَلَامِ الزِّيَادِيِّ أَنَّ عَدَمَ الْجَوَازِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، أَمَّا فِي ظَاهِرِ الشَّرْعِ فَلَا يُكَلَّفُ بِدَفْعِهَا لِأَنَّهَا تَجِبُ يَوْمًا بِيَوْمٍ أَوْ فَصْلًا بِفَصْلٍ، وَعَلَيْهِ فَمَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ بَاطِنًا، وَمَا فِي السِّيَرِ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ مَحْمُولٌ عَلَى الْجَوَازِ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ: هَلْ يَبْقَيَانِ كَالْحَجِّ إلَخْ) وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمَتْنِ تَبْقِيَّتُهُمَا (قَوْله فَتَحْتَاجُ إلَيْهِمَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ) جَزَمَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ لِلْبَهْجَةِ بِمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَذْكُرَ مَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ.

لِأَهْلِ بُيُوتِ الْمَدَارِسِ وَنَحْوَ الرُّبُطِ اهـ. وَرَدَّهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ الْمُتَّجَهَ أَنَّ هَؤُلَاءِ مُسْتَطِيعُونَ لِاسْتِغْنَائِهِمْ فِي الْحَالِ فَإِنَّهُ الْمُعْتَبَرُ، وَلِهَذَا تَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى الْغَنِيِّ لَيْلَةَ الْعِيدِ فَقَطْ وَمَا ذَكَرَهُ حَسَنٌ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ فِي غَيْرِ الزَّوْجَةِ، فَجَزَمَ الْجَوْجَرِيُّ بِمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِيهِ نَظَرٌ، وَفِي الْمَجْمُوعِ، لَا يَلْزَمُ الْفَقِيهَ بَيْعُ كُتُبِهِ لِحَاجَتِهِ لَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مِنْ كِتَابٍ نُسْخَتَانِ فَيَلْزَمُهُ بَيْعُ إحْدَاهُمَا لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ يَأْتِي هُنَا مَا يَأْتِي فِي قِسْمِ الصَّدَقَاتِ فِيمَا لَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا أَبْسَطُ، وَالْأُخْرَى أَوْجَزُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ بَيْعِ كُتُبِ تَارِيخٍ فِيهِ مَحْضُ الْحَوَادِثِ أَوْ شِعْرٌ لَيْسَ فِيهِ وَعْظٌ وَسِلَاحُ الْجُنْدِيِّ وَآلَةُ الْمُحْتَرَفِ كَذَلِكَ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ، وَثَمَنُ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ مِمَّا ذَكَرَ كَهُوَ فَلَهُ صَرْفُهُ فِيهِ وَالْحَاجَةُ إلَى النِّكَاحِ لَا تَمْنَعُ الْوُجُوبَ وَلَا الِاسْتِقْرَارَ وَإِنْ خَافَ الْعَنَتَ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مِنْ الْمَلَاذِّ، نَعَمْ تَقْدِيمُهُ عَلَى النُّسُكِ لِأَجْلِ خَوْفِ الْوُقُوعِ فِي الزِّنَا أَوْلَى، لِأَنَّ حَاجَةَ النِّكَاحِ نَاجِزَةٌ وَالْحَجُّ عَلَى التَّرَاخِي، وَمَعَ ذَلِكَ إذَا مَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ يُقْضَى مِنْ تَرِكَتِهِ؛ لِأَنَّهُ تَأْخِيرٌ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ أَمَّا غَيْرُ خَائِفِ الْعَنَتِ فَتَقْدِيمُ الْحَجِّ لَهُ أَوْلَى (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ يَلْزَمُهُ صَرْفُ مَالِ تِجَارَتِهِ إلَيْهِمَا) أَيْ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا، وَثَمَنُ ضَيْعَتِهِ الَّتِي يَسْتَغِلُّهَا إلَى الْمُؤَنِ وَإِنْ بَطَلَتْ تِجَارَتُهُ وَمُسْتَغِلَّاتُهُ كَمَا يَلْزَمُ صَرْفُهَا فِي دَيْنِهِ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ لِمَا مَرَّ، وَفَارَقَ الْمَسْكَنَ وَالْخَادِمَ بِاحْتِيَاجِهِ لَهُمَا حَالًا وَمَا نَحْنُ فِيهِ يُتَّخَذُ ذَخِيرَةً لِلْمُسْتَقْبَلِ وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ مَا ذُكِرَ لِئَلَّا يَلْتَحِقَ بِالْمَسَاكِينِ، وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الْمَسْكَنِ وَالْعَبْدِ (قَوْلُهُ: إنَّ هَؤُلَاءِ) أَيْ أَهْلَ بُيُوتِ الْمَدَارِسِ (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ) أَيْ ابْنُ الْعِمَادِ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فِيمَا لَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا أُبْسَطُ إلَخْ) وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ نُسْخَةٌ مِنْ كِتَابٍ نَفِيسَةٍ وَكَانَ يُمْكِنُهُ بَيْعُهَا وَتَحْصِيلُ نُسْخَةٍ تَقُومُ مَقَامُهَا بِبَعْضِ ثَمَنِهَا هَلْ يُكَلَّفُ بَيْعُهَا وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ كَانَ الْمَسْكَنُ وَالْعَبْدُ نَفِيسَيْنِ لَا يَلِيقَانِ بِهِ حَيْثُ لَزِمَهُ إبْدَالُهُمَا إلَخْ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ حَيْثُ اسْتَوَيَا فِي إفَادَةِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْكِتَابِ، فَلَوْ كَانَتْ النَّفِيسَةُ بِخَطِّ مَنْ يُوثَقُ بِهِ أَوْ ضَبْطَهُ أَوْ بِتَصْحِيحَاتٍ مُعْتَمَدَةٍ خَلَتْ عَنْهَا الْأُخْرَى لَمْ يُكَلَّفْ بَيْعُ النَّفِيسَةِ (قَوْلُهُ: وَآلَةُ الْمُحْتَرَفِ كَذَلِكَ) أَيْ فَلَا يُكَلَّفُ؛ بَيْعُهَا، وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَأْتِي فِي مَالِ التِّجَارَةِ بِأَنَّ الْمُحْتَرِفَ مُحْتَاجٌ إلَى الْآلَةِ حَالًا، بِخِلَافِ مَالِ التِّجَارَةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ فِي الْحَالِ (قَوْلُهُ: وَمَعَ ذَلِكَ إذَا مَاتَ إلَخْ) وَهَلْ يَتَبَيَّنُ عِصْيَانُهُ مِنْ آخَرِ سِنِي الْإِمْكَانِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ. ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ صَرَّحَ بِمَا قُلْنَاهُ نَقْلًا عَنْ مَرَّ وَعِبَارَتُهُ: لَوْ قَدِمَ النِّكَاحُ وَمَاتَ عَقِبَ سَنَةِ التَّمَكُّنِ عَصَى وَفَسَقَ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ وَإِنَّ كَانَ بِسَبَبِ تَقْدِيمِ النِّكَاحِ الْمَطْلُوبِ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ مَرَّ اهـ بِحُرُوفِهِ. لَكِنْ فِي حَوَاشِي الرَّوْضِ لِوَالِدِ الشَّارِحِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا مَاتَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَأْثَمُ كَمَا فِي قَوَاعِدِ الزَّرْكَشِيّ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَأْذُونًا فِيهِ مِنْ قِبَلِ الشَّارِعِ. [تَنْبِيهٌ] قِيَاسُ مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمَدِينِ النُّزُولُ عَنْ وَظَائِفِهِ بِعِوَضٍ إذَا أَمْكَنَهُ ذَلِكَ لِغَرَضِ وَفَاءِ الدَّيْنِ وُجُوبُ الْحَجِّ عَلَى مَنْ بِيَدِهِ وَظَائِفُ أَمْكَنَهُ النُّزُولُ عَنْهَا بِمَا يَكْفِيهِ لِلْحَجِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا هِيَ، وَلَوْ أَمْكَنَهُ الْحَجُّ بِمَوْقُوفٍ لِمَنْ يَحُجُّ وَجَبَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحِلَّهُ حَيْثُ لَا يَلْحَقُهُ مِنْهُ مَشَقَّةٌ فِي تَحْصِيلِهِ مِنْ نَحْوِ نَاظِرِ الْوَقْفِ وَإِلَّا فَلَا وُجُوبَ مَرَّ. وَفِي فَتَاوَى الْجَلَالِ السُّيُوطِيّ: رَجُلٌ لَا مَالَ لَهُ وَلَهُ وَظَائِفُ فَهَلْ يَلْزَمُهُ النُّزُولُ عَنْهَا بِمَالٍ لِيَحُجَّ؟ الْجَوَابُ لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ، وَلَيْسَ هُوَ مِثْلُ بَيْعِ الضَّيْعَةِ الْمُعَدَّةِ لِلنَّفَقَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ مُعَاوَضَةٌ مَالِيَّةٌ، وَالنُّزُولُ عَنْ الْوَظَائِفِ إنْ صَحَّحْنَاهُ مِثْلَ التَّبَرُّعَاتِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ مَرَّ. وَمِثْلُ الْوَظَائِفِ الْجَوَامِكِ وَالْمَحِلَّاتِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَيْهِ إذَا انْحَصَرَ الْوَقْفُ فِيهِ وَكَانَ لَهُ وِلَايَةُ الْإِيجَارِ فَيُكَلَّفُ إيجَارُهُ مُدَّةً تَفِي بِمُؤَنِ الْحَجِّ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ مَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ، وَظَاهِرُهُ فِي النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ وَلَوْ تَعَطَّلَتْ الشَّعَائِرُ بِنُزُولِهِ عَنْهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَصْحِيحُ عِبَادَةُ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: يُتَّخَذُ ذَخِيرَةً) الذَّخِيرَةُ بِالْمُعْجَمَةِ وَاحِدَةُ الذَّخَائِرِ وَفِعْلُهُ ذَخَرَ يَذْخَرُ بِالْفَتْحِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَغَيْرِهِ شَامِلٌ لَمَنْ لَا كَسْبَ لَهُ أَيْضًا وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِيهِ بُعْدٌ. قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ: مَنْ اسْتَطَاعَ الْحَجَّ وَلَمْ يَحُجَّ حَتَّى أَفْلَسَ فَعَلَيْهِ الْخُرُوجُ إلَى الْحَجِّ، وَإِنْ عَجَزَ لِلْإِفْلَاسِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَكْتَسِبَ قَدْرَ الزَّادِ، فَإِنْ عَجَزَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْأَلَ الزَّكَاةَ وَالصَّدَقَةَ وَيَحُجَّ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَمَاتَ مَاتَ عَاصِيًا اهـ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ النُّسُكَ بَاقٍ عَلَى أَصْلِهِ إذْ لَا يَتَضَيَّقُ إلَّا بِوُجُودِ مُسَوِّغِ ذَلِكَ، فَمُرَادُهُمْ بِمَا ذُكِرَ اسْتِقْرَارُ الْوُجُوبِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي، وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْفَقُ لِكَلَامِهِمْ فِي الدِّينِ عَدَمُ وُجُوبِ سُؤَالِ الصَّدَقَةِ وَنَحْوِهَا وَعَدَمُ وُجُوبِ الْكَسْبِ عَلَيْهِ لِأَجْلِهِ مَا لَمْ يَتَضَيَّقْ. (الثَّالِثُ) مِنْ شُرُوطِ الِاسْتِطَاعَةِ (أَمْنُ الطَّرِيقِ) وَلَوْ ظَنًّا بِحَسَبِ مَا يَلِيقُ بِهِ (فَلَوْ خَافَ) فِي طَرِيقِهِ (عَلَى نَفْسِهِ) أَوْ عُضْوٍ أَوْ بَضْعٍ (أَوْ مَالِهِ) وَلَوْ يَسِيرًا. نَعَمْ يَنْبَغِي كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَحْثًا تَقْيِيدُهُ بِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ لِلنَّفَقَةِ وَالْمُؤَنِ، فَلَوْ أَرَادَ اسْتِصْحَابَ مَالٍ خَطِيرٍ لِلتِّجَارَةِ وَكَانَ الْخَوْفُ لِأَجْلِهِ لَمْ يَكُنْ عُذْرًا وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ أَمِنَ عَلَيْهِ لَوْ تَرَكَهُ فِي بَلَدِهِ (سَبُعًا أَوْ عَدُوًّا أَوْ رَصَدِيًّا) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِهَا وَهُوَ مَنْ يَرْصُدُ: أَيْ يَرْقُبُ مَنْ يَمُرُّ لِيَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا (وَلَا طَرِيقَ) لَهُ (سَوَاءٌ لَمْ يَجِبْ) عَلَيْهِ (الْحَجُّ) أَوْ الْعُمْرَةُ لِحُصُولِ الضَّرَرِ وَلِهَذَا جَازَ التَّحَلُّلُ بِذَلِكَ كَمَا يَأْتِي، وَالْمُرَادُ بِالْخَوْفِ الْخَوْفُ الْعَامُّ، وَكَذَا الْخَاصُّ فِي الْأَرْجَحِ، فَلَوْ اخْتَصَّ الْخَوْفُ بِوَاحِدٍ لَمْ يُقْضَ مِنْ تَرِكَتِهِ، خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ النَّصِّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّمِنِ وَالنِّكَاحِ حَيْثُ لَا تَمْنَعُ الْحَاجَةُ إلَيْهِ الْوُجُوبَ كَمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ الزَّمِنَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الْحَجِّ بِنَائِبِهِ بِخِلَافِ هَذَا، وَبِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ النِّكَاحَ مِنْ الْمَلَاذِّ فَلَمْ تَكُنْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ مَانِعَةٌ لِإِمْكَانِ الْحَجِّ مَعَهَا بِخِلَافِ هَذَا، وَسَوَاءٌ فِيمَنْ خَافَ مِنْهُ أَكَانَ مُسْلِمًا أَمْ كَافِرًا. . نَعَمْ إنْ كَانُوا كُفَّارًا وَأَطَاقَ الْخَائِفُونَ مُقَاوَمَتَهُمْ اُسْتُحِبَّ لَهُمْ الْخُرُوجُ لِلنُّسُكِ وَمُقَاتَلَتُهُمْ لِيَنَالُوا ثَوَابَ النُّسُكِ وَالْجِهَادِ أَوْ مُسْلِمِينَ فَلَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ قِتَالُ الْكُفَّارِ عِنْدَ عَدَمِ زِيَادَتِهِمْ عَلَى مِثْلَيْنَا؛ لِأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ عِنْدَ الْتِقَاءِ الصَّفَّيْنِ وَهَذَا بِخِلَافِهِ، وَمَحَلُّ عَدَمِ الْوُجُوبِ إذَا كَانَ هُوَ الْمُعْطِي لِلْمَالِ فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ وَجَبَ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ، بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ لِلْمِنَّةِ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ لَكِنْ أَطَالَ ابْنُ الْعِمَادِ فِي رَدِّهِ، وَقَوْلُ الْجَوْجَرِيِّ: بَذْلُهُ عَنْ الْجَمِيعِ يُضَعِّفُ الْمِنَّةَ جِدًّا بِالنِّسْبَةِ لِكُلِّ فَرْدٍ فَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ الْوُجُوبَ وَاضِحٌ وَإِنْ قِيلَ بِمَنْعِهِ، وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنَّ مَنْ بَذَلَ مَالًا لِرَكْبٍ يَشْتَرُونَ بِهِ مَاءً لِطَهَارَتِهِمْ يَلْزَمُهُمْ الْقَبُولُ وَكَلَامُهُمْ يَأْبَاهُ، وَحِينَئِذٍ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَالَ الْمَبْذُولَ لِلطَّهَارَةِ يَدْخُلُ تَحْتَ يَدِهِمْ وَلَهُمْ التَّصَرُّفُ فِيهِ فَقَوِيَتْ الْمِنَّةُ، وَلَا كَذَلِكَ الْمَبْذُولُ فِي دَفْعِ مَنْ ذَكَرَ عَنْهُمْ فَإِنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي يَدِهِمْ، وَيُكْرَهُ إعْطَاؤُهُ مَالًا وَلَوْ مُسْلِمًا لَكِنْ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، إذْ لَا حَاجَةَ لِارْتِكَابِ الذُّلِّ حِينَئِذٍ بِخِلَافِهِ بَعْدَهُ لَا يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ مِنْ قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ التَّحَلُّلِ، فَعُلِمَ أَنَّ إطْلَاقَ الرَّافِعِيِّ وَالْمُصَنِّفِ الْكَرَاهَةَ هُنَا لَا يُنَافِي تَخْصِيصَهُمَا لَهَا بِالْكَافِرِ فِي بَابِ الْإِحْصَارِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَحَلُّهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَهَذَا قَبْلَهُ كَمَا تَقَرَّرَ، أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ طَرِيقٌ آخَرُ آمِنٌ لَزِمَهُ سُلُوكُهُ وَلَوْ أَبْعَدَ مِنْ الْأَوَّلِ (وَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ) (رُكُوبِ الْبَحْرِ) بِسُكُونِ الْحَاءِ وَيَجُوزُ فَتْحَهَا لِمَنْ لَا لَهُ طَرِيقٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِيهِمَا ذُخْرًا بِالضَّمِّ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَتَضَيَّقْ) أَيْ بِأَنْ خَافَ الْعَضَبُ أَوْ الْمَوْتُ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ هُوَ الْمُعْطِي لِلْمَالِ) إطْلَاقُهُ الْمَالَ يَشْمَلُ الْيَسِيرَ وَهُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ أَوْ مَالُهُ وَلَوْ يَسِيرًا (قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ إعْطَاؤُهُ) أَيْ الرَّصَدِيُّ (قَوْلُهُ لِمَنْ لَا لَهُ طَرِيقٌ إلَخْ) أَيْ لِمَنْ لَا طَرِيقَ لَهُ يُمَكِّنُهُ التَّوَصُّلُ مِنْهَا إلَى مَكَّةَ بِأَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ بِحَسَبِ مَا يَلِيقُ بِهِ) عِبَارَةُ الْإِمْدَادِ وَمَعَ أَمْنٍ لَائِقٍ بِالسَّفَرِ وَمِثْلُهُ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ قِتَالُ الْكُفَّارِ) أَيْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَكَانَ حَقُّ الْمَقَامِ الْإِضْمَارَ لِأَنَّ الْإِظْهَارَ مُوهِمٌ. وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا لَمْ يَعْبُرُوا بِلَادَنَا أَمَّا إذَا عَبَرُوهَا فَتَجِبُ مُقَاتَلَتُهُمْ مُطْلَقًا كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ، لَا جَرَمَ عَلَّلَ ابْنُ حَجَرٍ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْحُجَّاجِ عَدَمُ اجْتِمَاعِ كَلِمَتِهِمْ وَضَعْفُ جَانِبِهِمْ فَلَوْ كُلِّفُوا الْوُقُوفَ لَهُمْ كَانُوا طُعْمَةً لَهُمْ وَذَلِكَ يَبْعُدُ وُجُوبُهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ بَعْدَهُ لَا يُكْرَهُ)

غَيْرُهُ وَلَوْ عَلَى امْرَأَةٍ وَجَبَانٍ (إنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ) فِي رُكُوبِهِ كَسُلُوكِ طَرِيقِ الْبَرِّ عِنْدَ غَلَبَتِهَا، فَإِنْ غَلَبَ الْهَلَاكُ لِخُصُوصِ ذَلِكَ الْبَحْرِ أَوْ لِهَيَجَانِ الْأَمْوَاجِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ أَوْ اسْتَوَيَا حَرُمَ الرُّكُوبُ لِلْحَجِّ كَغَيْرِهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْغَزْوِ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ بِشَرْطِ عَدَمِ عِظَمِ الْخَطَرِ فِيهِ بِحَيْثُ تَنْدُرُ النَّجَاةُ وَإِلَّا حَرُمَ حَتَّى لِلْغَزْوِ، فَإِنْ رَكِبَ لِلْحَجِّ أَيْ فِي غَيْرِ الْحَالَةِ الْأَخِيرَةِ فِيمَا يَظْهَرُ وَمَا بَيْنَ يَدَيْهِ أَكْثَرُ مِمَّا قَطَعَهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ لِقُرْبِهِ مِنْ مَقْصِدِهِ، أَوْ أَقَلَّ أَوْ اسْتَوَيَا وَوَجَدَ بَعْدَ الْحَجِّ طَرِيقًا آخَرَ فِي الْبَرِّ فِيمَا إذَا كَانَ لَهُ وَطَنٌ يُرِيدُ الرُّجُوعَ إلَيْهِ لَزِمَهُ التَّمَادِي لِاسْتِوَاءِ الْجِهَتَيْنِ فِي حَقِّهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْكَثْرَةِ وَالتَّسَاوِي الْمُتَبَادَرِ مِنْهُ النَّظَرُ إلَى الْمَسَافَةِ وَهُوَ صَحِيحٌ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْخَوْفِ فِي جَمِيعِ الْمَسَافَةِ، أَمَّا لَوْ اخْتَلَفَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ إلَى الْمَوْضِعِ الْمَخُوفِ وَغَيْرِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ أَمَامَهُ أَقَلَّ مَسَافَةٍ لَكِنَّهُ أَخْوَفُ أَوْ هُوَ الْمَخُوفُ لَا يَلْزَمُهُ التَّمَادِي وَإِنْ كَانَ أَطْوَلَ مَسَافَةً وَلَكِنَّهُ سَلِيمٌ وَخَلَّفَ الْمَخُوفَ وَرَاءَهُ لَزِمَهُ ذَلِكَ اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا يُقَالُ: الْخُرُوجُ مِنْ الْمَعْصِيَةِ وَاجِبٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: عَارَضَهُ مَا هُوَ أَهَمُّ مِنْهُ وَهُوَ قَصْدُ النُّسُكِ مَعَ تَضْيِيقِهِ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي، عَلَى أَنَّا نَمْنَعُ دَوَامَ الْمَعْصِيَةِ إذْ هِيَ فِي ابْتِدَاءِ الرُّكُوبِ فَقَطْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ فِي الْأَوَّلِ لَهُ الرُّجُوعُ، وَفَارَقَ مَا هُنَا جَوَازُ تَحَلُّلِ مُحْصَرٍ أَحَاطَ بِهِ الْعَدُوُّ مُطْلَقًا بِأَنَّ الْمُحْرِمَ مَحْبُوسٌ، وَعَلَيْهِ فِي مُصَابَرَةِ الْإِحْرَامِ مَشَقَّةٌ، بِخِلَافِ رَاكِبِ الْبَحْرِ وَلَوْ مُحْرِمًا فَلَا يَكُونُ كَالْمُحْصَرِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْ الرُّجُوعِ مَعَ أَنَّ الْحَجَّ عَلَى التَّرَاخِي؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ فِيمَنْ خَشِيَ الْعَضْبَ أَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَضَاقَ وَقْتُهُ أَوْ نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ فِي ذَلِكَ الْعَامِ أَوْ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِمَا ذُكِرَ اسْتِقْرَارُ الْوُجُوبِ. نَعَمْ لَوْ نُذِرَتْ السَّلَامَةُ مِنْهُ فَالْأَوْجَهُ وُجُوبُ الرُّجُوعِ فِي حَالَةِ جَوَازِهِ فِي غَيْرِهَا وَخَرَجَ بِالْبَحْرِ أَيْ الْمِلْحِ إذْ هُوَ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ الْأَنْهَارِ الْعَظِيمَةِ كَسَيْحُونَ وَجَيْحُونَ وَالدِّجْلَةِ فَيَجِبُ رُكُوبُهَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْمُقَامَ فِيهَا لَا يَطُولُ وَخَطَرُهَا لَا يَعْظُمُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَطْعِهَا طُولًا أَوْ عَرْضًا وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ وَتَبِعَهُ فِي الْإِسْعَادِ؛ وَلِأَنَّ جَانِبَهَا قَرِيبٌ يُمْكِنُ الْخُرُوجُ إلَيْهِ سَرِيعًا بِخِلَافِهِ فِي الْبَحْرِ. نَعَمْ يَظْهَرُ إلْحَاقُهَا بِالْبَحْرِ فِي زَمَنِ زِيَادَتِهَا وَشِدَّةِ هَيَجَانِهَا وَغَلَبَةِ الْهَلَاكِ فِيهَا إذَا رَكِبَهَا طُولًا وَيُمْكِنُ حَمَلَ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ عَلَيْهِ، وَسَيَأْتِي فِي الْحَجْرِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بَيَانُ أَحْكَامِ إرْكَابِ الصَّبِيِّ وَمَالِهِ وَالْبَهِيمَةِ وَالرَّقِيقِ وَرُكُوبِ الْحَامِلِ الْبَحْرَ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ يَجِبُ مُطْلَقًا لَا يَجِبُ مُطْلَقًا يَجِبُ فِي الرَّجُلِ دُونَ الْمَرْأَةِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَإِذَا قُلْنَا لَا يَجِبُ اُسْتُحِبَّ عَلَى الْأَصَحِّ إنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ تَفْرِيعٌ عَلَى مُقَابِل الْأَظْهَرِ. (وَ) الْأَظْهَرُ (أَنَّهُ تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْبَذْرَقَةِ) بِمُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَذَالٍ سَاكِنَةٍ وَمُهْمَلَةٍ عَجَمِيَّةٌ مُعَرَّبَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا يَكُونَ لَهُ طَرِيقٌ أَصْلًا غَيْرُ الْبَحْرِ أَوْ لَهُ طَرِيقٌ لَكِنْ تَعَذَّرَ سُلُوكُهُ إمَّا لِعَدُوٍّ أَوْ لِقِلَّةِ مَا يَصْرِفُهُ فِي مُؤَنِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ رُكُوبُ الْبَحْرِ الْآنَ لِأَنَّهُ لَا طَرِيقَ لَهُ غَيْرُهُ، وَهُوَ حِينَئِذٍ نَظِيرُ مَا لَوْ كَانَ لَهُ طَرِيقَانِ خَافَ مِنْ سَلُّوك أَحَدِهِمَا وَأَمْكَنَهُ فِي الْآخِرِ فَإِنَّهُ يَجِبُ سُلُوكُهُ وَإِنْ كَانَ أَبْعَدَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ مَنَعَ مِنْ الذَّهَابِ وَالْعَوْدِ أَوْ الذَّهَابِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ) أَيْ قَوْلُهُ أَوْ عَرَضًا ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ لِلْمُسْلِمِ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: لِقُرْبِهِ مِنْ مَقْصِدِهِ) هَذَا مُقَدَّمٌ مِنْ تَأْخِيرٍ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَمَا بَيْنَ يَدَيْهِ أَكْثَرُ مِمَّا قَطَعَهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ أَوْ أَقَلُّ أَوْ اسْتَوَيَا، إلَى أَنْ قَالَ: لَزِمَهُ التَّمَادِي لِقُرْبِهِ مِنْ مَقْصِدِهِ فِي الْأَوَّلِ وَاسْتِوَاءِ الْجِهَتَيْنِ فِي حَقِّهِ فِي الثَّانِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَقُولُ عَارَضَهُ مَا هُوَ أَهَمُّ مِنْهُ إلَخْ) لَعَلَّ الْأَوْلَى الْجَوَابُ بِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ الْمَعْصِيَةِ يَتَحَقَّقُ بِخُرُوجِهِ مِنْ الْبَحْرِ وَهُوَ كَمَا يَحْصُلُ بِعَوْدِهِ يَحْصُلُ بِمُضِيِّهِ إلَى مَقْصِدِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُحْرِمًا) غَرَضُهُ مِنْهُ الرَّدُّ عَلَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ الَّذِي أَرَادَهُ بِقَوْلِهِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ حَيْثُ قَالَ: نَعَمْ إنْ كَانَ مُحْرِمًا كَانَ كَالْمُحْصَرِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْبَذْرَقَةِ) أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ وُجْدَانِهَا فِي وُجُوبِ الْحَجِّ

وَهِيَ الْخِفَارَةُ الَّتِي يَأْمَنُ مَعَهَا؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ مَنْ آهَبَ النُّسُكَ فَاشْتُرِطَ فِي وُجُوبِهِ الْقُدْرَةُ عَلَيْهَا إنْ طُلِبَتْ وَكَانَتْ أُجْرَةُ مِثْلِهِ لَا أَكْثَرَ، وَهَذَا مَا صَحَّحَاهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقَوْلُ أَكْثَرِ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْخُرَاسَانِيِّينَ لَا تَجِبُ أُجْرَتُهُ؛ لِأَنَّهُ خُسْرَانٌ لِدَفْعِ الظُّلْمِ، وَلِأَنَّ مَا يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَا زَادَ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ وَأُجْرَتِهِ، حَمَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخِفَارَةِ مَا يَأْخُذُهُ الرَّصَدِيُّ قَالَ: فَإِنْ أَرَادُوا الْخِفَارَةَ أَيْضًا كَانَ الْأَصَحُّ خِلَافَ مَا ذَكَرُوهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ أَطَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْأَخْذِ بِإِطْلَاقِهِمْ مِنْ عَدَمِ الْوُجُوبِ. (وَيُشْتَرَطُ) فِي وُجُوبِ النُّسُكِ (وُجُودُ الْمَاءِ وَالزَّادِ فِي الْمَوَاضِعِ الْمُعْتَادِ حَمْلُهَا مِنْهَا بِثَمَنِ الْمِثْلِ) فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْهُمَا كَأَنْ كَانَ زَمَنُ جَدْبٍ وَخَلَا بَعْضُ الْمَنَازِلِ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ انْقَطَعَتْ الْمِيَاهُ أَوْ وُجِدَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ النُّسُكُ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَحْمِلْ ذَلِكَ مَعَهُ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ وَإِنْ حَمَلَهُ عَظُمَتْ الْمُؤْنَةُ. نَعَمْ تُغْتَفَرُ الزِّيَادَةُ الْيَسِيرَةُ وَلَا يَجْرِي فِيهِ كَمَا قَالَهُ الدَّمِيرِيّ الْخِلَافُ فِي شِرَاءِ مَاءِ الطَّهَارَةِ؛ لِأَنَّ لَهَا بَدَلًا بِخِلَافِ الْحَجِّ (وَهُوَ) أَيْ ثَمَنُ الْمِثْلِ (الْقَدْرُ اللَّائِقُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ) وَإِنْ غَلَتْ الْأَسْعَارُ، وَيَجِبُ حَمْلُ الْمَاءِ وَالزَّادِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ كَحَمْلِ الزَّادِ مِنْ الْكُوفَةِ إلَى مَكَّةَ وَحَمْلُ الْمَاءِ مَرْحَلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَكَانَ هَذَا عَادَةُ طَرِيقِ الْعِرَاقِ، وَإِلَّا فَعَادَةُ الشَّامِ حَمْلُهُ غَالِبًا بِمَفَازَةِ تَبُوكَ وَهِيَ عَلَى ضَعْفِ ذَلِكَ اهـ وَالضَّابِطُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْعُرْفُ، وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّوَاحِي فِيمَا يَظْهَرُ، وَإِلَّا فَجَرَتْ عَادَةُ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ عَلَى حَمْلِهِ إلَى الْعَقَبَةِ (وَ) وُجُودُ (عَلَفِ الدَّابَّةِ) بِفَتْحِ اللَّامِ (فِي كُلِّ مَرْحَلَةٍ) وَلَا يُشْتَرَطُ حَمْلُهُ مَعَهُ لِعِظَمِ تَحَمُّلِ الْمُؤْنَةِ، وَبَحَثَ فِي الْمَجْمُوعِ اعْتِبَارَ الْعَادَةِ فِيهِ كَالْمَاءِ، وَسَبْقُهُ إلَيْهِ سَلِيمٌ، وَاعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا فِي الْمِنْهَاجِ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَدِمَ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ جَازَ لَهُ الرُّجُوعُ، وَلَوْ جَهِلَ مَانِعَ الْوُجُوبِ مِنْ نَحْوِ وُجُودِ عَدُوٍّ أَوْ عَدَمِ زَادٍ اسْتَصْحَبَ الْأَصْلَ وَعَمِلَ بِهِ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا وَجَبَ الْخُرُوجُ، إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الْمَانِعِ، وَيَتَبَيَّنُ وُجُوبُ الْخُرُوجِ بِتَبَيُّنِ عَدَمِ الْمَانِعِ، فَلَوْ ظَنَّهُ فَتَرَكَ الْخُرُوجَ مِنْ أَجْلِهِ ثُمَّ بَانَ عَدَمُهُ لَزِمَهُ النُّسُكُ. وَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ النُّسُكِ أَيْضًا كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَئِمَّةِ وَصَوَّبَهُ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ تَمَكُّنَهُ مِنْ السَّيْرِ إلَيْهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَعْهُودِ بِأَنْ يَبْقَى مِنْ الزَّمَنِ عِنْدَ وُجُودِ الزَّادِ وَنَحْوِهِ مِقْدَارٌ يَفِي بِذَلِكَ، فَلَوْ احْتَاجَ إلَى قَطْعِ أَكْثَرَ مِنْ مَرْحَلَةٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ أَوْ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ، فَلَوْ مَاتَ لَمْ يُقْضَ مِنْ تَرِكَتِهِ. وَذَهَبَ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَى أَنَّهُ شَرْطٌ لِاسْتِقْرَارِهِ فِي ذِمَّتِهِ لَا لِوُجُوبِهِ بَلْ مَتَى وُجِدَتْ الِاسْتِطَاعَةُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ وُجُوبِهِ لَزِمَهُ فِي الْحَالِ كَالصَّلَاةِ تَجِبُ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنٍ يَسَعُهَا وَتَسْتَقِرُّ فِي الذِّمَّةِ بِمُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِعْلُهَا فِيهِ، وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِإِمْكَانِ تَتْمِيمِهَا بَعْدَهُ بِخِلَافِ الْحَجِّ، وَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ رُفْقَةٍ تَخْرُجُ مَعَهُ ذَلِكَ الْوَقْتِ الْمُعْتَادِ، فَإِنْ تَقَدَّمُوا بِحَيْثُ زَادَتْ أَيَّامُ السَّفَرِ أَوْ تَأَخَّرُوا بِحَيْثُ احْتَاجَ أَنْ يَقْطَعَ مَعَهُمْ فِي يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ مَرْحَلَةٍ فَلَا وُجُوبَ لِزِيَادَةِ الْمُؤْنَةِ فِي الْأَوَّلِ وَتَضَرُّرَهُ فِي الثَّانِي وَمَحَلُّ اعْتِبَارِ الرُّفْقَةِ عِنْدَ خَوْفِ الطَّرِيقِ، فَإِنْ كَانَتْ آمِنَةً بِحَيْثُ لَا يَخَافُ فِيهَا الْوَاحِدُ لَزِمَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَهِيَ الْخِفَارَةُ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: خَفَرْت الرَّجُلَ حَمِيَّتُهُ وَأَجَرْته مِنْ طَالِبِهِ فَأَنَا خَفِيرٌ، وَالِاسْمُ الْخِفَارَةُ بِضَمِّ الْخَاءِ وَكَسْرِهَا وَالْخِفَارَةُ مُثَلَّثَةٌ الْخَاءِ جُعْلُ الْخَفِيرِ (قَوْلُهُ: لَا أَكْثَرَ) أَيْ وَإِنَّ قُلْت الزِّيَادَةُ (قَوْلُهُ: وَخَلَا بَعْضُ إلَخْ) أَيْ وَالْحَالُ (قَوْلُهُ نَعَمْ يُغْتَفَرُ الزِّيَادَةُ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا ضَابِطُهَا، وَلَعَلَّهُ مَا يُعَدُّ عَدَمِ بَذْلِهِ فِي تَحْصِيلِ مِثْلِ هَذَا الْغَرَضِ بِالنِّسْبَةِ لِدَافِعِهِ رُعُونَةً، وَاغْتِفَارُ الزِّيَادَةِ الْيَسِيرَةِ هُنَا يُشَكِّلُ بِمَا مَرَّ لِلشَّارِحِ فِي ثَمَنِ الرَّاحِلَةِ وَأُجْرَتِهَا إذَا زَادَ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ وَإِنْ قَلَّتْ الزِّيَادَةُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمَاءَ وَالزَّادَ لِكَوْنِهِمَا لَا تَقُومُ الْبِنْيَةُ بِدُونِهِمَا لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُمَا سَفَرًا وَلَا حَضَرًا لَمْ تَعُدْ الزِّيَادَةُ الْيَسِيرَةُ خُسْرَانًا بِخِلَافِ الرَّاحِلَةِ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ النُّسُكُ) أَيْ اسْتَقَرَّ فِي ذِمَّتِهِ، وَكَذَا لَوْ افْتَقَرَ بَعْدَ حَجَّتِهِمْ وَقَبْلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَعَمِلَ بِهِ إنْ وُجِدَ) أَيْ الْأَصْلُ مِنْ وُجُودِ الْمَانِعِ أَوْ عَدَمِهِ، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ

[ما يشترط في وجوب نسك المرأة]

وَإِنْ اسْتَوْحَشَ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَفَارَقَ التَّيَمُّمَ وَغَيْرَهُ بِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لِمَا هُنَا بِخِلَافِهِ ثُمَّ، وَتُعْتَبَرُ الِاسْتِطَاعَةُ الْمَارَّةُ فِي الْوَقْتِ، فَلَوْ اسْتَطَاعَ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ افْتَقَرَ فِي شَوَّالٍ فَلَا اسْتِطَاعَةَ، وَكَذَا لَوْ افْتَقَرَ بَعْدَ حَجِّهِمْ وَقَبْلَ الرُّجُوعِ لِمَنْ يُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ الْإِيَابُ. (وَ) يُشْتَرَطُ (فِي) وُجُوبِ نُسُكِ (الْمَرْأَةِ) زِيَادَةٌ عَلَى مَا مَرَّ فِي الرَّجُلِ لَا لِلِاسْتِقْرَارِ (أَنْ يَخْرُجَ مَعَهَا زَوْجٌ أَوْ مَحْرَمٌ) بِنَسَبٍ أَوْ غَيْرِهِ لِتَأْمَنَ عَلَى نَفْسِهَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ يَوْمَيْنِ إلَّا وَمَعَهَا زَوْجُهَا» وَلِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» وَلَمْ يُحْمَلْ هَذَا الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ نَحْوِ الْبَرِيدِ مِنْ بَابِ ذِكْرِ بَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ وَهُوَ لَا يُخَصِّصُهُ، وَيَكْفِي الْمَحْرَمُ الذَّكَرُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثِقَةً فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْوَازِعَ الطَّبِيعِيَّ أَقْوَى مِنْ الشَّرْعِيِّ، وَمِثْلُهُ عَبْدَهَا الثِّقَةَ إنْ كَانَتْ ثِقَةً أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحِلُّ لَهُ نَظَرُهَا وَالْخَلْوَةُ بِهَا حِينَئِذٍ كَمَا يَأْتِي فِي النِّكَاحِ، وَالْمَمْسُوحُ مِثْلُهُ فِي ذَلِكَ. وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمْ مُرَاهِقًا أَوْ أَعْمَى لَهُ وَجَاهَةٌ وَفِطْنَةٌ بِحَيْثُ تَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهَا مَعَهُ كَفَى فِيمَا يَظْهَرُ. وَاشْتِرَاطُ الْعَبَّادِيُّ الْبَصَرَ فِيهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَا فِطْنَةَ مَعَهُ، وَإِلَّا فَكَثِيرٌ مِنْ الْعُمْيَانِ أَعْرَفُ بِالْأُمُورِ وَأَدْفَعُ لِلتُّهَمِ وَالرِّيَبِ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الْبُصَرَاءِ، وَالْأَوْجَهُ اشْتِرَاطُ مُصَاحَبَةِ مَنْ يَخْرُجُ مَعَهَا لَهَا بِحَيْثُ يَمْنَعُ تَطَلُّعَ أَعْيُنَ الْفَجَرَةِ إلَيْهَا وَإِنْ بَعُدَ عَنْهَا قَلِيلًا فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ، وَيُعْتَبَرُ فِي الْأَمْرَدِ الْجَمِيلِ خُرُوجُ مَنْ يَأْمَنُ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ مَعَهُ مِنْ قَرِيبٍ وَنَحْوِهِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ (أَوْ نِسْوَةٌ) بِكَسْرِ النُّونِ وَضَمِّهَا جَمْعُ امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ لَفْظِهَا (ثِقَاتٌ) جَمَعْنَ صِفَاتِ الْعَدَالَةِ وَإِنْ كُنَّ إمَاءً، سَوَاءٌ الْعَجَائِزُ وَغَيْرُهُنَّ، وَمِنْ ثَمَّ جَازَ خَلْوَةُ رَجُلٍ بِامْرَأَتَيْنِ وَلَا عَكْسَ، وَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ مِنْ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِغَيْرِ الثِّقَاتِ ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ الْمَحَارِمِ. أَمَّا فِيهِنَّ فَلَا عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ فِي الذُّكُورِ. نَعَمْ إنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ حَمْلُهُنَّ لَهَا عَلَى مَا هُنَّ عَلَيْهِ اُعْتُبِرَ فِيهِنَّ الثِّقَةُ أَيْضًا. وَيُتَّجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِالْمُرَاهِقَاتِ عِنْدَ حُصُولِ الْأَمْنِ بِهِنَّ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ اعْتِبَارَ ثَلَاثٍ غَيْرَهَا، لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ: يَكْفِي اثْنَتَانِ غَيْرُهَا، وَهُوَ الْأَوْجَهُ لِانْقِطَاعِ الْأَطْمَاعِ بِاجْتِمَاعِهِنَّ، وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيُّ: تَكْفِي الْوَاحِدَةُ فِي الْوُجُوبِ مَرْدُودٌ وَإِنْ أَطَالَ فِيهِ وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، ثُمَّ اعْتِبَارُ الْعَدَدِ بِالنِّسْبَةِ لِلْوُجُوبِ الَّذِي كَلَامُنَا فِيهِ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِجَوَازِ خُرُوجِهَا فَلَهَا ذَلِكَ مَعَ وَاحِدَةٍ لِفَرْضِ الْحَجِّ كَمَا فِي شَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ وَمُسْلِمٍ، وَمِثْلُهُ الْعُمْرَةُ، وَكَذَا وَحْدَهَا إذَا أَمِنَتْ، وَعَلَيْهِ حَمَلَ مَا دَلَّ مِنْ الْأَخْبَارِ عَلَى جَوَازِ سَفَرِهَا وَحْدَهَا. أَمَّا سَفَرُهَا وَإِنْ قَصُرَ لِغَيْرِ فَرْضٍ فَحَرَامٌ مَعَ النِّسْوَةِ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ حَمَلَ الشَّافِعِيُّ الْخَبَرَ السَّابِقَ، وَفَارَقَ الْوَاجِبَ غَيْرَهُ بِأَنَّ مَصْلَحَةَ تَحْصِيلِهِ اقْتَضَتْ الِاكْتِفَاءَ بِأَدْنَى مَرَاتِبِ مَظِنَّةِ الْأَمْنِ، بِخِلَافِ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَاحْتِيطَ مَعَهُ فِي تَحْصِيلِ الْأَمْنِ. وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ كَالْمَرْأَةِ حَتَّى فِي النِّسَاءِ الْأَجْنَبِيَّاتِ لِجَوَازِ خَلْوَةِ رَجُلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSالرُّجُوعِ خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ مَاتَ بَعْدَ حَجَّتِهِمْ وَقَبْلَ الرُّجُوعِ فَإِنَّ الْحَجَّ يَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ: لَا لِلِاسْتِقْرَارِ) أَيْ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا وَلَا يَسْتَقِرُّ (قَوْلُهُ: يَوْمَيْنِ) وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ فِي أَبِي دَاوُد بَدَلُ الْيَوْمَيْنِ «بَرِيدًا» شَرْحُ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ (قَوْلُهُ إلَّا وَمَعَهَا زَوْجُهَا) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: أَوْ مَحْرَمٌ اهـ شَرْحُ مَنْهَجِهِ (قَوْلُهُ: وَلَمَّا صَحَّ إلَخْ) إنَّمَا ذَكَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ بَعْدَ الْأُولَى لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ الْأُولَى لَيْسَتْ مُتَّفِقًا عَلَيْهَا، وَأَخَّرَهَا لِقِلَّتِهَا وَعَدَمِ شُمُولِهَا لِلزَّوْجِ. وَقَوْلُهُ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ: أَيْ ذِي مَحْرَمِيَّةٍ، وَإِلَّا فَلَا يَظْهَرُ لِقَوْلِهِ صَاحِبُ مَحْرَمٍ مَعْنَى إذْ ذِي بِمَعْنَى صَاحِبٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْوَازِعَ) أَيْ الْمَيْلَ (قَوْلُهُ وَلَا عَكَسَ) أَيْ لَا يَجُوزُ خَلْوَةُ رَجُلَيْنِ بِامْرَأَةٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَصُرَ لِغَيْرِ فَرْضٍ إلَخْ) وَمِنْهُ خُرُوجُهُنَّ لِزِيَارَةِ الْقُبُورِ حَيْثُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مَا يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ نُسُكِ الْمَرْأَةِ] قَوْلُهُ لَا لِلِاسْتِقْرَارِ) مُتَعَلِّقٌ بِوُجُوبٍ (قَوْلُهُ: أَنْ يَخْرُجَ مَعَهَا زَوْجٌ أَوْ مَحْرَمٌ) أَيْ بِأَنْ تَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ خَرَجَتْ لَخَرَجَ مَعَهَا مَنْ ذَكَرَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذِكْرَ نَحْوِ الْبَرِيدِ إلَخْ) فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَقِبَ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ الْمَارَّةِ مَا لَفْظُهُ: وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ فِي أَبِي دَاوُد بَدَلَ الْيَوْمَيْنِ بَرِيدًا، فَكَأَنَّهَا سَقَطَتْ مِنْ الْكَتَبَةِ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ

بِنِسْوَةٍ ثِقَاتٍ لَا مَحْرَمَ لَهُ فِيهِنَّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ مُعْتَرِضًا بِهِ قَوْلَ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ بِالْحُرْمَةِ، وَبِهِ اسْتَغْنَى عَنْ تَضْعِيفِ مَا قَدَّمَهُ عَنْ الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ مِنْ حُرْمَةِ ذَلِكَ عَلَى الْخُنْثَى؛ لِأَنَّهُ إذَا بَيَّنَ جَوَازَ خَلْوَةِ الرَّجُلِ بِهِنَّ فَالْخُنْثَى الَّذِي يُحْتَمَلُ كَوْنُهُ أُنْثَى بِالْجَوَازِ أَوْلَى فَانْدَفَعَ مَا فِي الْإِسْعَادِ. وَلَوْ تَطَوَّعَتْ بِحَجٍّ وَمَعَهَا مَحْرَمٌ فَمَاتَ فَلَهَا إتْمَامُهُ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ: أَيْ إنْ أَمِنَتْ عَلَى نَفْسِهَا فِي الْمُضِيِّ وَحَرُمَ عَلَيْهَا التَّحَلُّلَ حِينَئِذٍ وَإِلَّا جَازَ لَهَا التَّحَلُّلُ، وَظَاهِرُ تَعْبِيرِهِ بِالْإِتْمَامِ لُزُومُ الرُّجُوعِ لَهَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ إحْرَامِهَا، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ بِشَرْطِ أَنْ تَأْمَنَ عَلَى نَفْسِهَا فِي الرُّجُوعِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ لَهَا الْإِحْرَامَ مُطْلَقًا (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ مُحْرِمٍ) أَوْ نَحْوِهِ (لِإِحْدَاهُنَّ) لِانْقِطَاعِ الْأَطْمَاعِ بِاجْتِمَاعِهِنَّ وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَنُوبُهُنَّ أَمْرٌ فَيَسْتَعِنَّ بِهِ. (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ) (تَلْزَمُهَا أُجْرَةُ الْمَحْرَمِ إذَا لَمْ يَخْرُجْ) مَعَهَا (إلَّا بِهَا) وَهِيَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَوَجَدْتَهَا فَاضِلَةً عَمَّا مَرَّ كَأُجْرَةِ الْبَذْرَقَةِ وَأَوْلَى بِاللُّزُومِ لِرُجُوعِ ذَلِكَ إلَى مَعْنًى فِيهَا، فَكَانَ شَبِيهًا بِمُؤْنَةِ الْحَمْلِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ وَأُجْرَةِ الزَّوْجِ كَالْمَحْرَمِ كَمَا فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْأَوْجَهُ إلْحَاقُ النِّسْوَةِ فِي ذَلِكَ بِالْمَحْرَمِ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ، وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ الْحَجُّ إلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ فَرْضًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَلَوْ امْتَنَعَ مَحْرَمُهَا مِنْ الْخُرُوجِ بِالْأُجْرَةِ لَمْ يُجْبَرْ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ حَدِّ الزِّنَا، وَمِثْلُهُ الزَّوْجُ فِي ذَلِكَ. نَعَمْ لَوْ كَانَ قَدْ أَفْسَدَ حَجَّهَا وَوَجَبَ عَلَيْهَا الْإِحْجَاجُ بِهَا لَزِمَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أُجْرَةٍ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَوْ كَانَ عَبْدُهَا مَحْرَمًا لَهَا أَجْبَرَتْهُ عَلَى الْخُرُوجِ، وَفَائِدَةُ لُزُومِ الْأُجْرَةِ مَعَ كَوْنِ النُّسُكِ عَلَى التَّرَاخِي عِصْيَانُهَا بِالْمَوْتِ وَوُجُوبُ قَضَائِهِ مِنْ تَرَكْتهَا أَوْ تَكُونُ قَدْ نَذَرَتْ الْحَجَّ فِي سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ خَشِيَتْ الْعَضْبَ، فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهَا نُسُكٌ. (الرَّابِعُ) مِنْ شُرُوطِ الِاسْتِطَاعَةِ (أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ) أَوْ نَحْوِهَا (بِلَا مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ) فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهَا أَصْلًا أَوْ ثَبَتَ فِي مَحْمَلٍ بِمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ لِكِبَرٍ أَوْ نَحْوِهِ لَوْ يَكُنْ مُسْتَطِيعًا بِنَفْسِهِ. نَعَمْ تُغْتَفَرُ مَشَقَّةٌ تُحْتَمَلُ عَادَةً. (وَعَلَى الْأَعْمَى الْحَجُّ) أَيْ النُّسُكُ (إنْ وَجَدَ) مَعَ مَا مَرَّ (قَائِدًا) يَقُودُهُ وَيَهْدِيهِ وَيُعِينُهُ عِنْدَ حَاجَتِهِ لِذَلِكَ (وَهُوَ) فِي حَقِّهِ (كَالْمَحْرَمِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ) فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ، وَالْأَوْجَهُ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مَكِّيًّا وَأَحْسَنَ الْمَشْيِ بِالْعَصَا وَلَا يَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي الْجُمُعَةِ عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ عَنْ مَكَانِ الْجُمُعَةِ غَالِبًا، وَلَوْ أَمْكَنَ مَقْطُوعُ الْأَطْرَافِ الثُّبُوتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ لَزِمَهُ بِشَرْطِ وُجُودِ مُعِينٍ لَهُ، وَالْمُرَادُ بِالرَّاحِلَةِ هُنَا الْبَعِيرُ بِمَحْمَلٍ أَوْ غَيْرِهِ، خِلَافُ الرَّاحِلَةِ فِيمَا مَرَّ فَإِنَّهَا الْبَعِيرُ الْخَالِي عَنْ الْمَحْمَلِ. (وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ كَغَيْرِهِ) فِي وُجُوبِ النُّسُكِ عَلَيْهِ وَلَوْ بِنَحْوِ نَذْرٍ قَبْلَ الْحَجْرِ، وَإِنْ أَحْرَمَ بِهِ بَعْدَهُ أَوْ نَفْلٍ شَرَعَ فِيهِ قَبْلَ الْحَجْرِ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ النَّفَقَةِ حِينَئِذٍ بِسَبَبِ السَّفَرِ تَكُونُ فِي مَالِهِ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ فَيَصِحُّ إحْرَامُهُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ (لَكِنْ لَا يَدْفَعُ الْمَالَ إلَيْهِ) لِئَلَّا يُضَيِّعَهُ (بَلْ يَخْرُجُ مَعَهُ الْوَلِيُّ) بِنَفْسِهِ إنْ شَاءَ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ (أَوْ يُنَصِّبَ شَخْصًا لَهُ) ثِقَةً يَنُوبُ عَنْ الْوَلِيِّ وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ إنْ لَمْ يَجِدْ مُتَبَرِّعًا كَافِيًا لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ فِي الطَّرِيقِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ أُجْرَتَهُ كَأُجْرَةِ مَنْ يَخْرُجُ مَعَ الْمَرْأَةِ، وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ قَصُرَتْ مُدَّةُ السَّفَرِ، وَلَا يَرُدُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُسَلِّمَهُ نَفَقَةَ أُسْبُوعٍ فَأُسْبُوعٍ إذَا كَانَ لَا يُتْلِفُهَا؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ فِي الْحَضَرِ يُرَاقِبُهُ، فَإِنْ أَتْلَفَهَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ السَّفَرِ فَرُبَّمَا أَتْلَفَهَا وَلَا يَجِدُ مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ فَيَضِيعَ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، فَإِنْ تَبَرَّعَ الْوَلِيُّ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ السَّفِيهَ مِنْ غَيْرِ تَمْلِيكٍ فَلَا مَنْعَ مِنْهُ. (النَّوْعُ الثَّانِي ـــــــــــــــــــــــــــــSكَانَ خَارِجُ السُّوَرِ وَلَوْ بِإِذْنِ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ بِشَرْطٍ أَنْ تَأْمَنَ عَلَى نَفْسِهَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْإِحْجَاجُ) وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لَسَفَهٍ إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ بِفَلْسٍ لَيْسَ كَذَلِكَ فَيُمْنَعُ مِنْهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِأَمْوَالِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْحَاجُّ فَوْرِيًّا بِأَنْ أَفْسَدَ الْحَجَّ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ بِالْفَلْسِ فَلِيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجُهُ أَنَّ أُجْرَتَهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَعْطَاهُ السَّفِيهُ مِنْ غَيْرِ تَمْلِيكٍ) هَذَا الْقَيْدُ لِلْوَاقِعِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ إذْ لَا يَتَأَتَّى تَمْلِيكُهُ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَبُولُهُ التَّمْلِيكَ وَالْوَلِيُّ

اسْتِطَاعَةُ تَحْصِيلِهِ) أَيْ الْحَجِّ لَا بِالْمُبَاشَرَةِ بَلْ (بِغَيْرِهِ فَمَنْ مَاتَ) غَيْرُ مُرْتَدٍّ (وَفِي ذِمَّتِهِ حَجٌّ) وَاجِبٌ مُسْتَقِرٌّ وَلَوْ بِنَحْوِ نَذْرٍ بِأَنْ تَمَكَّنَ بَعْدَ قُدْرَتِهِ عَلَى فِعْلِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَذَلِكَ بَعْدَ انْتِصَافِ لَيْلَةِ النَّحْرِ وَمَضَى إمْكَانُ الرَّمْيِ وَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ إنْ دَخَلَ الْحَاجُّ بَعْدَ الْوُقُوفِ ثُمَّ مَاتَ أَثِمَ وَلَوْ شَابًّا، وَإِنْ لَمْ تَرْجِعْ الْقَافِلَةُ وَ (وَجَبَ الْإِحْجَاجُ عَنْهُ) وَزَادَ عَلَى الْمُحَرَّرِ قَوْلُهُ (مِنْ تَرِكَتِهِ) وَلَا بُدَّ مِنْهُ كَمَا يُقْضَى مِنْهَا دَيْنُهُ سَوَاءٌ فِي الْمُتَصَرِّفِ فِيهَا أَكَانَ وَارِثًا أَمْ وَصِيًّا أَمْ حَاكِمًا، وَالْعُمْرَةُ إذَا اسْتَقَرَّتْ كَالْحَجِّ فِيمَا تَقَرَّرَ وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ اُسْتُحِبَّ لِوَارِثِهِ الْحَجُّ عَنْهُ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ وَلِأَجْنَبِيٍّ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْوَارِثُ وَيَبْرَأُ بِهِ الْمَيِّتُ وَفَارَقَ الصَّوْمَ حَيْثُ تُوَقَّفَ عَلَى إذْنٍ مِنْهُ بِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ مَحْضَةٌ بِخِلَافِ الْحَجِّ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا صَحَّ «أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ» وَمَا صَحَّ أَيْضًا «أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَلَمْ تَحُجَّ قَطُّ أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: حُجِّي عَنْهَا، وَأَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أُخْتِي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ وَمَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تَحُجَّ أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: لَوْ كَانَ عَلَى أُخْتِكَ دَيْنٌ أَكُنْتَ قَاضَيْتَهُ؟ قَالَ نَعَمْ، قَالَ فَاقْضُوا حَقَّ اللَّهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ» فَشَبَّهَ الْحَجَّ بِالدَّيْنِ الَّذِي لَا يَسْقُطُ بِالْمَوْتِ فَوَجَبَ أَنْ يُعْطَى حُكْمُهُ، أَمَّا الْمُرْتَدُّ فَلَا تَصِحُّ الْإِنَابَةُ عَنْهُ، وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِتَرِكَتِهِ إذْ الْمُرْتَدُّ لَا تَرِكَةَ لَهُ لِتَبَيُّنِ زَوَالِ مِلْكِهِ بِالرِّدَّةِ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ يَلْزَمُ مِنْ صِحَّتِهَا وُقُوعُهَا لِلْمُسْتَنَابِ عَنْهُ وَهُوَ مُسْتَحِيلٌ، وَبِهِ فَارَقَ إخْرَاجَ الزَّكَاةِ مِنْ تَرِكَتِهِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ وَفِي ذِمَّتِهِ حَجُّ التَّطَوُّعِ فَلَا تَلْزَمُ فِيهِ نِيَابَةٌ عَنْ الْمَيِّتِ، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ اعْتِبَارِ إمْكَانِ الرَّمْيِ هُوَ مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ التَّهْذِيبِ وَأَقَرَّهُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَا بُدَّ مِنْ زَمَنِ الْحَلْقِ أَوْ التَّقْصِيرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ رُكْنٌ وَيُعْتَبَرُ الْأَمْنُ فِي السَّيْرِ إلَى مَكَّةَ لِلطَّوَافِ لَيْلًا اهـ. وَهُوَ مَرْدُودٌ إذْ الْحَلْقُ أَوْ التَّقْصِيرُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى زَمَنٍ يَخُصُّهُ؛ لِأَنَّ تَقْصِيرَ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ أَوْ حَلْقَهَا أَوْ نَتْفَهَا كَافٍ، وَيُمْكِنُ فِعْلُهُ وَهُوَ سَائِرٌ إلَى مَكَّةَ فَيَنْدَرِجُ زَمَنُهُ فِي زَمَنِ السَّيْرِ إلَيْهَا، وَلَوْ تَمَكَّنَ مِنْ النُّسُكِ سِنِينَ وَلَمْ يَفْعَلْهُ حَتَّى مَاتَ أَوْ عُضِبَ عَصَى مِنْ آخَرِ سِنِي الْإِمْكَانِ فَيَتَبَيَّنُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ عَضْبِهِ فِسْقُهُ فِي الْأَخِيرَةِ بَلْ وَفِيمَا بَعْدَهَا فِي الْمَعْضُوبِ إلَى أَنْ يَفْعَلَ عَنْهُ فَلَا يُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَيُنْقَضُ مَا شَهِدَ بِهِ فِي الْأَخِيرَةِ بَلْ وَفِيمَا بَعْدَهَا فِي الْمَعْضُوبِ إلَى مَا ذَكَرَ كَمَا فِي نَقْضِ الْحُكْمِ بِشُهُودٍ بَانَ فِسْقُهُمْ، وَعَلَى كُلٍّ مَنْ الْوَارِثِ أَوْ الْمَعْضُوبِ الِاسْتِنَابَةُ فَوْرًا لِلتَّقْصِيرِ. . نَعَمْ لَوْ بَلَغَ مَعْضُوبًا جَازَ لَهُ تَأْخِيرُ الِاسْتِنَابَةِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ (وَالْمَعْضُوبُ) بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ مِنْ الْعَضْبِ وَهُوَ الْقَطْعُ كَأَنَّهُ قُطِعَ عَنْ كَمَالِ الْحَرَكَةِ وَبِصَادٍ مُهْمَلَةٍ كَأَنَّهُ قُطِعَ عَصَبُهُ وَوَصَفَهُ بِقَوْلِهِ (الْعَاجِزُ عَنْ الْحَجِّ بِنَفْسِهِ) حَالًا وَمَآلًا لِكِبَرٍ أَوْ زَمَانَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَهُوَ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ فِي مَعْنَى التَّفْسِيرِ لِلْمَعْضُوبِ وَلَيْسَتْ خَبَرًا لَهُ بَلْ الْخَبَرُ جُمْلَتَا الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ فِي قَوْلِهِ (إنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ أُجْرَةُ كُلٍّ مِنْ الْوَلِيِّ أَوْ مَنْصُوبِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ تَرِكَتِهِ) وَلَا يَشْتَرِطُ فِيمَنْ يَحُجُّ عَنْ غَيْرِهِ مُسَاوَاتُهُ لِلْمَحْجُوجِ عَنْهُ فِي الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ فَيَكْفِي حَجُّ الْمَرْأَةِ عَنْ الرَّجُلِ كَعَكْسِهِ أَخْذًا مِنْ الْحَدِيثِ الْآتِي (قَوْله إذْ الْمُرْتَدُّ لَا تَرِكَةَ لَهُ) أَيْ مَوْرُوثٌ عَنْهُ، وَإِلَّا فَلَوْ خَلَّفَ مَالًا قُضِيَ مِنْهُ دِينُهُ وَمَا فَضَلَ يَكُونُ فَيْئًا (قَوْلُهُ: مِنْ آخِرِ سِنِي الْإِمْكَانِ) وَالْعِصْيَانُ ابْتِدَاؤُهُ مِنْ وَقْتِ خُرُوجِ قَافِلَةِ بَلَدِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: جَازَ لَهُ تَأْخِيرُ الِاسْتِنَابَةِ) أَيْ فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يَسْتَنِبْ عَصَى مِنْ آخِرِ سِنِي الْإِمْكَانِ (قَوْلُهُ الْعَاجِزُ عَنْ الْحَجِّ) هَلْ يَكْفِي فِي الْعَجْزِ عِلْمُهُ مِنْ نَفْسِهِ بِذَلِكَ أَوْ يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يَصِحُّ أَنْ يَتَوَلَّى لَهُ الطَّرَفَيْنِ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) يَعْنِي الْمَوْتَ وَكَانَ الْأَوْلَى إسْقَاطَ هَذِهِ الْإِشَارَةِ لِإِيهَامِهَا (قَوْلُهُ: إنْ دَخَلَ الْحَاجُّ) يَعْنِي إلَى مَكَّةَ، وَهُوَ قَيْدٌ فِي الِاكْتِفَاءِ بِمُضِيِّ إمْكَانِ الرَّمْيِ وَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَاتَ) الصَّوَابُ حَذْفُهُ (قَوْلُهُ: أَثِمَ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ حَيْثُ جَعَلَ هَذَا جَوَابَ الشَّرْطِ فِي الْمَتْنِ أَنْ يَزِيدَ وَاوًا مِنْهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَجَبَ الْإِحْجَاجُ عَنْهُ

وَجَدَ أُجْرَةَ مَنْ يَحُجَّ عَنْهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ) أَيْ مِثْلُ مُبَاشَرَةٍ فَمَا دُونُهَا (لَزِمَهُ) الْحَجُّ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَطِيعٌ بِغَيْرِهِ إذْ الِاسْتِطَاعَةُ كَمَا تَكُونُ بِالنَّفْسِ تَكُون بِبَذْلِ الْمَالِ وَطَاعَةِ الرِّجَالِ، وَلِهَذَا يُقَالُ لِمَنْ لَا يُحْسِنُ الْبِنَاءَ: إنَّكَ مُسْتَطِيعٌ بِنَاءَ دَارِكَ إذَا كَانَ مَعَهُ مَا يَفِي بِبِنَائِهَا، وَإِذَا صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُسْتَطِيعٌ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ. نَعَمْ لَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ أَقَلَّ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ كَانَ بِمَكَّةَ لَزِمَهُ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ لِقِلَّةِ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ، فَإِذَا انْتَهَى حَالُهُ لِشِدَّةِ الضَّنَا إلَى حَالَةٍ لَا يَحْتَمِلُ مَعَهَا الْحَرَكَةَ بِحَالٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ الِاسْتِنَابَةُ فِي ذَلِكَ كَمَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَوْ لَمْ يَجِدْ الْمَعْضُوبُ سِوَى أُجْرَةَ مَاشٍ، وَالسَّفَرُ طَوِيلٌ لَزِمَهُ اسْتِئْجَارُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا بِالْمَشْيِ لَوْ فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ إذْ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي مَشْيِ غَيْرِهِ مَا لَمْ يَكُنْ أَصْلًا أَوْ فَرْعًا فَلَا يَلْزَمُهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْمُطَاعِ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ فَحَجَّ عَنْهُ ثُمَّ شُفِيَ لَمْ يُجْزِئْهُ وَلَمْ يَقَعْ عَنْهُ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْأَجِيرُ أُجْرَةً كَمَا رَجَّحَاهُ هُنَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّهُ الصَّوَابُ وَإِنْ رَجَّحَا قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ اسْتِحْقَاقَهُ. (وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهَا) أَيْ الْأُجْرَةِ السَّابِقَةِ (فَاضِلَةٌ عَنْ الْحَاجَاتِ) (الْمَذْكُورَةُ فِيمَنْ حَجَّ بِنَفْسِهِ) وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهَا (لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ نَفَقَةُ الْعِيَالِ) وَلَا غَيْرُهَا مِنْ مُؤْنَتِهِمْ (ذَهَابًا وَإِيَابًا) لِإِقَامَتِهِ عِنْدَهُمْ وَتَمَكُّنِهِ مِنْ تَحْصِيلِ مُؤْنَتِهِ وَمُؤْنَتِهِمْ. نَعَمْ يَشْتَرِطُ كَوْنِ الْأُجْرَةِ فَاضِلَةً عَنْ مُؤْنَتِهِ وَمُؤْنَتِهِمْ يَوْمَ الِاسْتِئْجَارِ (وَلَوْ) وَجَدَ دُونَ الْأُجْرَةِ وَرَضِيَ الْأَجِيرُ بِهِ لَزِمَهُ الِاسْتِئْجَارُ لِاسْتِطَاعَتِهِ، وَالْمِنَّةُ فِيهِ دُونَ الْمِنَّةِ فِي الْمَالِ فَلَوْ لَمْ يَجِدْ أُجْرَةً وَ (بَذَلَ) بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ أَعْطَى لَهُ (وَلَدُهُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ مَالًا لِلْأُجْرَةِ لَمْ يَجِبْ قَبُولُهُ فِي الْأَصَحِّ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْمِنَّةِ. وَالثَّانِي يَجِبُ كَبَذْلِ الطَّاعَةِ وَالْأَبُ كَالِابْنِ فِي أَصَحِّ احْتِمَالَيْ الْإِمَامِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ كَانَ الْوَلَدُ الْمُطِيعُ عَاجِزًا عَنْ الْحَجِّ أَيْضًا وَقَدَرَ عَلَى أَنْ يَسْتَأْجِرَ لَهُ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ وَبَذَلَ لَهُ ذَلِكَ وَجَبَ الْحَجُّ عَنْ الْمَبْذُولِ لَهُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَجَمَاعَةٍ. وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ تَصْحِيحِ الْمُتَوَلِّي: لَوْ اسْتَأْجَرَ الْمُطِيعُ إنْسَانًا لِلْحَجِّ عَنْ الْمُطَاعِ الْمَعْضُوبِ فَالْمَذْهَبُ لُزُومُهُ إنْ كَانَ الْمُطِيعُ وَلَدًا لِتَمَكُّنِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمُطِيعُ أَجْنَبِيًّا فَوَجْهَانِ اهـ. وَالْأَوْجَهُ عَدَمِ اللُّزُومِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ، ـــــــــــــــــــــــــــــSإخْبَارِ طَبِيبٍ عَدْلٍ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقِيَاسُ نَظَائِرِهِ مِنْ التَّيَمُّمِ وَنَحْوِهِ الثَّانِي، وَقَدْ يُقَالُ: بَلْ الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ إنَّمَا اُحْتِيجَ لِإِخْبَارِ الطَّبِيبِ ثُمَّ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ تَرْكِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِعْلُهُ كَالْوُضُوءِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ عَمَلٌ بِمُقْتَضَى الْوُجُوبُ إذْ خُوطِبَ بِهِ عِنْدَ وُجُودِ شُرُوطِهِ وَقَدْ وُجِدَتْ، وَالتَّضْيِيقُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ تَرْكُ وَاجِبٍ بَلْ وَلَا مَطْلُوبٍ وَإِنَّمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ تَعْجِيلُ مَا طُلِبَ مِنْهُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الْعُبَابِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إخْبَارِ طَبِيبَيْنِ عَدْلَيْنِ (قَوْلُهُ: بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ) أَيْ فَلَا يُكَلَّفُ الزِّيَادَةُ وَإِنْ قَلَّتْ قِيَاسًا عَلَى أُجْرَةِ الرَّاحِلَةِ وَيَسْتَرِدُّ مِنْهُ الْأُجْرَةَ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَقَعْ عَنْهُ) أَيْ وَيَقَعُ عَنْ الْأَجِيرِ (قَوْلُهُ: لَوْ كَانَ الْوَلَدُ الْمُطِيعُ عَاجِزًا) فُهِمَ أَنَّ الْقَادِرَ إذَا بَذَلَ ذَلِكَ لَا يَجِبُ قَبُولُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ اللُّزُومِ) أَيْ عَدَمُ لُزُومِ قَبُولِ ذَلِكَ مِنْ الْوَلَدِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ فِيهِمَا وَالْكَلَامُ فِي الْوَلَدِ الْقَادِرِ لِمَا مَرَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَعَلَّهُ زَادَهَا وَسَقَطَتْ مِنْ الْكَتَبَةِ (قَوْلُهُ: وَبَذَلَ لَهُ) أَيْ الْأَجِيرُ (قَوْلُهُ لَوْ كَانَ الْوَلَدُ الْمُطِيعُ عَاجِزًا) قَالَ فِي التُّحْفَةِ: أَوْ قَادِرًا اهـ. وَأَخَذَ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ بِمَفْهُومِ هَذَا الْقَيْدِ ثُمَّ اسْتَظْهَرَهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بِحَسَبِ مَا فَهِمَ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَى مَا قَالَهُ فِي التُّحْفَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَبْذُولِ لَهُ) اللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ الْمَبْذُولِ لِأَجْلِهِ (قَوْلُهُ وَفِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) صَدْرُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ هُوَ مَا فِي الْبَيَانِ وَإِنَّمَا سَاقَهُ بَعْدَهُ لِبَيَانِ حُكْمِ الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ) أَيْ مِنْ الْوَجْهَيْنِ فَهُوَ فِي الْأَجْنَبِيِّ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ رُجُوعِهِ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ. وَقَالَ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ إنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ قَبُولُ الْمَالِ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ إذَا قَالَ رَجُلٌ لِلْمَعْضُوبِ ائْذَنْ لِي حَتَّى أَسْتَأْجِرَ مَنْ يَحُجُّ عَنْك يَلْزَمُ كَمَا بَذَلَ لَهُ الطَّاعَةَ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ لِأَنَّهُ فِي ضِمْنِهِ تَقْلِيدُ مِنَّةِ الْمَالِ اهـ وَهُوَ كَمَا قَالَ. وَادَّعَى

وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ أَبِي حَامِدٍ لُزُومَهُ وَكَالْوَلَدِ فِي هَذَا الْوَالِدُ (وَلَوْ بَذَلَ الْوَلَدُ) وَإِنْ سَفَلَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (الطَّاعَةَ) فِي فِعْلِ النُّسُكِ بِنَفْسِهِ (وَجَبَ قَبُولُهُ) وَهُوَ الْإِذْنُ لَهُ ذَلِكَ لِحُصُولِ الِاسْتِطَاعَةِ مَعَ خِفَّةِ الْمِنَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ، فَإِنْ امْتَنَعَ لَمْ يَأْذَنْ عَنْهُ الْحَاكِمُ فِي الْأَصَحِّ إذْ مَبْنَى الْحَجِّ عَلَى التَّرَاخِي، كَذَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَوَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ الْحَاكِمَ يَلْزَمُهُ بِالْإِنَابَةِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ وَلَمْ نَرَ مَنْ قَالَ بِهِ، وَالْمُدْرِكُ فِي الْإِنَابَةِ وَالِاسْتِئْجَارِ وَاحِدٌ، وَاعْتَرَضَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي خَادِمِهِ (وَكَذَا الْأَجْنَبِيُّ) لَوْ بَذَلَ الطَّاعَةَ يَجِبُ قَبُولُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا ذُكِرَ وَالْأَبُ وَالْأُمُّ وَالْأَخُ فِي بَذْلِ الطَّاعَةِ كَالْأَجْنَبِيِّ. وَالثَّانِي لَا لِكَوْنِ الْوَلَدِ بَضْعَةٌ مِنْهُ فَنَفْسُهُ كَنَفْسِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَمَحَلُّ اللُّزُومِ إذَا وُثِقَ بِهِمْ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ حَجٌّ وَلَوْ نَذْرًا وَكَانُوا مِمَّنْ يَصِحُّ مِنْهُمْ فَرْضُ الْإِسْلَامِ وَلَا عَضْبَ بِهِمْ. وَلَوْ تَوَسَّمَ طَاعَةَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَزِمَهُ سُؤَالُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرِهِ وَلَا يَلْزَمُ الْوَلَدَ طَاعَتُهُ، بِخِلَافِ إعْفَافِهِ لِعَدَمِ الضَّرَرِ عَلَى الْوَالِدِ هُنَا بِامْتِنَاعِ وَلَدِهِ مِنْ الْحَجِّ إذْ هُوَ حَقُّ الشَّرْعِ، فَإِذَا عَجَزَ عَنْهُ لَمْ يَأْثَمْ وَلَمْ يُكَلَّفْ بِهِ بِخِلَافِهِ ثُمَّ فَإِنَّهُ لِحَقِّ الْوَالِدِ وَضَرَرِهِ عَلَيْهِ فَأَشْبَهَ النَّفَقَةَ. قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَمَتَى كَانَ الْأَصْلُ وَإِنْ عَلَا أَوْ الْفَرْعُ وَإِنْ سَفَلَ مَاشِيًا أَوْ مُعَوِّلًا عَلَى الْكَسْبِ أَوْ السُّؤَالِ وَلَوْ رَاكِبًا أَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَمِنْ الْأَجْنَبِيِّ مُغَرِّرًا بِنَفْسِهِ بِأَنْ يَرْكَبَ مَفَازَةً لَا كَسْبَ بِهَا وَلَا سُؤَالَ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولٌ فِي ذَلِكَ لِمَشَقَّةِ مَشْيِ مَنْ ذُكِرَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَشْيِ الْأَجْنَبِيِّ، وَالْكَسْبُ قَدْ يَنْقَطِعُ وَالسَّائِلُ قَدْ يُمْنَعُ وَالتَّغْرِيرُ بِالنَّفْسِ حَرَامٌ، وَمَرَّ أَنَّ الْقَادِرَ عَلَى الْمَشْيِ وَالْكَسْبِ فِي يَوْمٍ كِفَايَةُ أَيَّامٍ غَيْرُ مَعْذُورٍ فِي السَّفَرِ الْقَصِيرِ فَيَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وُجُوبُ الْقَبُولِ فِي الْمَكِّيِّ وَنَحْوِهِ، وَحَيْثُ أَجَابَ الْمُطَاعُ لَمْ يَرْجِعْ، وَكَذَا الْمُطِيعُ إنْ أَحْرَمَ، وَلَوْ مَاتَ الْمُطِيعُ أَوْ الْمُطَاعُ أَوْ رَجَعَ الْمُطِيعُ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ إمْكَانِ الْحَجِّ سَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ الْمُطَاعُ أَمْ لَا كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ اسْتَقَرَّ الْوُجُوبُ فِي ذِمَّةِ الْمُطَاعِ وَإِلَّا فَلَا، وَاقْتِضَاءُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ أَنَّ الِاسْتِقْرَارَ إنَّمَا هُوَ فِي ذِمَّةِ الْمُطِيعِ غَيْرُ مُرَادٍ وَإِنْ اغْتَرَّ بِهِ فِي الْإِسْعَادِ إذْ كَيْفَ يَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ مَعَ جَوَازِ الرُّجُوعِ كَمَا مَرَّ، وَوُجُوبُ قَبُولِ الْمُطِيعِ خَاصٌّ بِالْمَعْضُوبِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْحَاوِي، فَلَوْ تَطَوُّعَ آخَرُ عَنْ مَيِّتٍ بِفِعْلِ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْوَارِثِ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ الِاسْتِقْلَالَ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَوْ مَنْ يُطِيعُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِطَاعَتِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَمَا اسْتَشْكَلَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ أَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِالِاسْتِطَاعَةِ وَلَا اسْتِطَاعَةَ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِالْمَالِ وَالطَّاعَةِ يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ: إمَّا اسْتِطَاعَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُبَاشَرَةِ وَهَذِهِ مُنْتَفِيَةٌ مَعَ الْجَهْلِ وَإِمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلِاسْتِقْرَارِ وَهِيَ غَيْرُ مُنْتَفِيَةٍ فِيهِ وَتَجُوزُ النِّيَابَةُ فِي نُسُكِ التَّطَوُّعِ كَمَا فِي النِّيَابَةِ عَنْ الْمَيِّتِ إذَا أَوْصَى بِهِ وَلَوْ كَانَ النَّائِبُ فِيهِ صَبِيًّا مُمَيِّزًا أَوْ عَبْدًا، بِخِلَافِ الْفَرْضِ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ التَّطَوُّعِ بِالنُّسُكِ لِأَنْفُسِهِمَا، وَيَجُوزُ أَنْ يَحُجَّ عَنْ غَيْرِهِ بِالنَّفَقَةِ وَهِيَ الْكِفَايَةُ كَمَا يَجُوزُ بِالْإِجَارَةِ وَالْجَعَالَة وَإِنْ اسْتَأْجَرَ بِهَا لَمْ يَصِحَّ لِجَهَالَةِ الْعِوَضِ، وَلَوْ قَالَ مَعْضُوبٌ: مَنْ حَجَّ عَنِّي فَلَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ، فَمَنْ حَجَّ عَنْهُ مِمَّنْ سَمِعَهُ أَوْ سَمِعَ مَنْ أَخْبَرَهُ عَنْهُ اسْتَحَقَّهَا وَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي الْعَاجِزِ (قَوْلُهُ: بَضْعَةٌ مِنْهُ) بِفَتْحِ الْبَاءِ، قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: وَالْبَضْعَةُ بِالْفَتْحِ: الْقِطْعَةُ مِنْ اللَّحْمِ وَالْجَمْعُ بَضْعٌ مِثْلَ تَمْرَةٌ وَتَمْرٌ، وَقِيلَ بِضَعٌ مِثْلُ بَدْرَةٍ وَبَدَرٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَوَسَّمْ) أَيْ جَوَّزَ (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ أَجَابَ الْمُطَاعُ لَمْ يَرْجِعْ) أَيْ لَمْ يَجُزْ لَهُ الرُّجُوعُ حَتَّى لَوْ رَجَعَ وَتَرَتَّبَ عَلَى رُجُوعِهِ امْتِنَاعُ الْمُطِيعِ مِنْ الْفِعْلِ تَبَيَّنَ عِصْيَانُهُ وَاسْتِقْرَارُ الْحَجِّ فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ وَهِيَ غَيْرُ مُنْتَفِيَةٌ فِيهِ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ لِعُذْرِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ سَمِعَ مَنْ أَخْبَرَهُ عَنْهُ) أَيْ وَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالرُّويَانِيُّ أَنَّ الْمَذْهَبَ مَا قَالَهُ أَبُو حَامِدٍ اهـ كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ الْمُطَاعُ أَمْ لَا) هَذَا لَا يُنَافِيهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ حَجُّهُ عَنْهُ إلَّا بِإِذْنِهِ، لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي مُجَرَّدِ الِاسْتِقْرَارِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَوُجُوبُ قَبُولِ الْمُطِيعِ) الْمَصْدَرُ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ.

[باب المواقيت للنسك زمانا ومكانا]

أَحْرَمَ عَنْهُ اثْنَانِ مُرَتَّبًا اسْتَحَقَّهَا الْأَوَّلُ، فَإِنْ أَحْرَمَا مَعًا أَوْ جُهِلَ السَّابِقُ مِنْهُمَا مَعَ جَهْلِ سَبْقِهِ أَوْ بِدُونِهِ وَقَعَ حَجُّهُمَا عَنْهُمَا وَلَا شَيْءَ لَهُمَا عَلَى الْقَائِلِ إذَا لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ، وَلَوْ عَلِمَ سَبْقَ أَحَدِهِمَا ثُمَّ نَسِيَ وَقَفَ الْأَمْرُ عَلَى قِيَاسِ نَظَائِرِهِ وَلَوْ كَانَ الْعِوَضُ مَجْهُولًا كَقَوْلِهِ مَنْ حَجَّ عَنِّي فَلَهُ ثَوْبٌ وَقَعَ الْحَجُّ عَنْهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ. وَالِاسْتِئْجَارُ فِيمَا مَرَّ ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا إجَارَةُ عَيْنٍ كَاسْتَأْجَرْتُكَ عَنِّي أَوْ عَنْ مَيِّتِي هَذِهِ السَّنَةَ، فَإِنْ عَيَّنَ غَيْرَ السَّنَةِ الْأُولَى لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ وَإِنْ أَطْلَقَ صَحَّ وَحَمَلَ عَلَى السَّنَةِ الْحَاضِرَةِ، فَإِنْ كَانَ لَا يَصِلُ إلَى مَكَّةَ إلَّا لِسَنَتَيْنِ فَأَكْثَرَ فَالْأُولَى مِنْ سِنِي إمْكَانِ الْوُصُولِ، وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ قُدْرَةُ الْأَجِيرِ عَلَى الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ وَاتِّسَاعِ الْمُدَّةِ لَهُ وَالْمَكِّيُّ وَنَحْوُهُ يَسْتَأْجِرُهُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ. وَالثَّانِي ذِمَّةٌ كَقَوْلِهِ أَلْزَمْت ذِمَّتَكَ تَحْصِيلَ حِجَّةٍ، وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ فِي هَذَا الضَّرْبِ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ فَإِنْ أَطْلَقَ حُمِلَ عَلَى الْحَاضِرَةِ فَيَبْطُلُ إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ، وَلَا يُشْتَرَطُ قُدْرَتُهُ عَلَى السَّفَرِ لِإِمْكَانِ الِاسْتِنَابَةِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ وَلَوْ قَالَ أَلْزَمْت ذِمَّتَكَ لِتَحُجَّ عَنِّي بِنَفْسِك صَحَّ، وَتَكُونُ إجَارَةَ عَيْنٍ عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ هُنَا عَنْ الْبَغَوِيّ، وَقَالَ الْإِمَامُ بِبُطْلَانِهَا وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، لِأَنَّ الدِّينِيَّةَ مَعَ الرَّبْطِ بِمُعَيَّنٍ مُتَنَاقِضَانِ كَمَنْ أَسْلَمَ فِي ثَمَرِ بُسْتَانٍ بِعَيْنِهِ وَإِنْ أُجِيبَ عَنْهُ بِمَا فِيهِ نَظَرٌ، وَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ أَعْمَالِ الْحَجِّ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ مِنْ أَرْكَانٍ وَوَاجِبَاتٍ وَسُنَنٍ؛ لِأَنَّهُ مَعْقُودٌ عَلَيْهِ حَتَّى يَحُطَّ التَّفَاوُتُ لِمَا فَوَّتَهُ مِنْ السُّنَنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَا يَجِبُ ذِكْرُ الْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ لِلْمَحْجُوجِ عَنْهُ، وَتُحْمَلُ حَالَةُ الْإِطْلَاقِ عَلَى الْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ لِلْقِرَانِ فَالدَّمُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، فَإِنْ شَرَطَهُ عَلَى الْأَجِيرِ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ، وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ لِلْقِرَانِ مُعْسِرًا فَالصَّوْمُ الَّذِي هُوَ بَدَلُ الدَّمِ عَلَى الْأَجِيرِ، وَجِمَاعُ الْأَجِيرِ يُفْسِدُ الْحَجَّ وَتَنْفَسِخُ بِهِ إجَارَةُ الْعَيْنِ لَا الذِّمَّةِ لِعَدَمِ اخْتِصَاصِهَا بِزَمَنٍ، وَيَنْقَلِبُ فِيهِمَا الْحَجَّ لِلْأَجِيرِ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ الْمَطْلُوبَ لَا يَحْصُلُ بِالْحَجِّ الْفَاسِدِ فَانْقَلَبَ لَهُ كَمُطِيعِ الْمَعْضُوبِ إذَا جَامَعَ فَسَدَ حَجُّهُ وَانْقَلَبَ لَهُ وَعَلَيْهِ الْمُضِيُّ فِي فَاسِدٍ وَالْكَفَّارَةُ، وَيَلْزَمهُ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ أَنْ يَأْتِيَ بَعْدَ الْقَضَاءِ عَنْ نَفْسِهِ بِحَجٍّ آخَرَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي عَامٍ آخَرَ أَوْ يَسْتَنِيبَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ فِي ذَلِكَ الْعَامِ أَوْ غَيْرِهِ وَلِلْمُسْتَأْجَرِ الْخِيَارُ فِيهِمَا عَلَى التَّرَاخِي لِتَأَخُّرِ الْمَقْصُودِ، وَلَوْ حَجَّ أَوْ اعْتَمَرَ بِمَالٍ حَرَامٍ عَصَى وَسَقَطَ فَرْضُهُ. . بَابُ الْمَوَاقِيتِ لِلنُّسُكِ زَمَانًا وَمَكَانًا جَمْعُ مِيقَاتٍ وَهُوَ لُغَةً: الْحَدُّ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا زَمَانُ الْعِبَادَةِ وَمَكَانُهَا، وَقَدْ بَدَأَ بِالْأَوَّلِ فَقَالَ (وَقْتُ) إحْرَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــSصِدْقُهُ (قَوْلُهُ: مَعَ جَهْلٍ سَبَقَهُ) أَيْ بِأَنْ احْتَمَلَ السَّبَقَ وَالْمَعِيَّةَ، وَقَوْلُهُ أَوْ بِدُونِهِ: أَيْ بِأَنْ عَلِمَ السَّبَقَ وَلَمْ يَعْلَمْ عَيْنَ السَّابِقِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي ذِمَّةٌ) أَيْ إجَارَةُ ذِمَّةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنَّ أُجِيبَ عَنْهُ) أَيْ الِاعْتِرَاضُ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَحُطَّ التَّفَاوُتَ) أَيْ الْمُسَمَّى بِاعْتِبَارِ الْقِسْطِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَجِيرِ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الصَّوْمَ يَقَعُ بَعْضُهُ فِي الْحَجِّ، وَهُوَ لَا يَتَأَتَّى مِنْ الْمُسْتَأْجَرِ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ مَعْضُوبٌ وَأَنَّهُ فِي غَيْرِ مَكَّةَ. [بَابُ الْمَوَاقِيتِ لِلنُّسُكِ زَمَانًا وَمَكَانًا] [الْمِيقَات الزَّمَانِيّ] (بَابُ الْمَوَاقِيتِ) (قَوْلُهُ: وَهُوَ لُغَةً: الْحَدُّ) وَلَمْ يَقُلْ وَاصْطِلَاحًا لِعَدَمِ اخْتِصَاصِ الْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيِّ بِمَا ذَكَرَ، وَمَعَ ذَلِكَ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ مَعْنَاهُ اصْطِلَاحًا (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِ) أَيْ شَرْعًا، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَشَرْعًا هُنَا زَمَنُ الْعِبَادَةِ وَمَكَانُهَا (قَوْلُهُ: وَمَكَانُهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQبَابُ الْمَوَاقِيتِ) (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْحَجُّ الْمُضَافُ إلَيْهِ أَشْهُرٌ

(الْحَجِّ) لِمَكِّيٍّ أَوْ غَيْرِهِ (شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ) بِفَتْحِ الْقَافِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا سُمِّيَ بِذَلِكَ لِقُعُودِهِمْ عَنْ الْقِتَالِ فِيهِ (وَعَشْرُ لِيَالٍ) بِالْأَيَّامِ بَيْنَهَا وَهِيَ تِسْعَةٌ فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ: أَشْهُرُ الْحَجِّ شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَتِسْعٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَهُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ، فَمَنْ لَمْ يُدْرِكْهُ إلَى الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ. وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ دَاوُد بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ الْأَيَّامَ فَلْيَقُلْ وَتِسْعَةٌ أَوْ اللَّيَالِي فَهِيَ عَشْرٌ. وَأَجَابَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْأَيَّامُ وَاللَّيَالِي جَمِيعًا وَغَلَبَ التَّأْنِيثُ فِي الْعَدَدِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ: وَلَيْسَ فِيهِ جَوَابٌ عَنْ السُّؤَالِ وَهُوَ إخْرَاجُ اللَّيْلَةِ الْعَاشِرَةِ، وَالْأَحْسَنُ الْجَوَابُ بِإِرَادَةِ الْأَيَّامِ، وَلَا يُحْتَاجُ لِذِكْرِ التَّاءِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ مَعَ ذِكْرِ الْمَعْدُودِ فَمَعَ حَذْفِهِ يَجُوزُ الْأَمْرَانِ. ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَالسُّؤَالُ مَعَهُ بَاقٍ فِي إخْرَاجِ اللَّيْلَةِ الْعَاشِرَةِ اهـ. وَأَفَادَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ جَوَابُ السُّؤَالِ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ جَوَابٌ عَنْهُ ثَانٍ، وَأَمَّا اللَّيْلَةُ الْعَاشِرَةُ فَقَدْ أَفَادَهَا قَوْلُهُ فَمَنْ لَمْ يُدْرِكْهُ إلَى آخِرِهِ (مِنْ ذِي الْحِجَّةَ) بِكَسْرِ الْحَاء أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا سُمِّيَ بِذَلِكَ لِوُقُوعِ الْحَجِّ فِيهِ، وَقَدْ فَسَّرَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - قَوْله تَعَالَى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] بِذَلِكَ: أَيْ وَقْتُ الْإِحْرَامِ بِهِ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ إذْ فِعْلُهُ لَا يَحْتَاجُ لِأَشْهُرٍ، وَأَطْلَقَهَا عَلَى شَهْرَيْنِ وَبَعْضَ شَهْرٍ تَغْلِيبًا أَوْ إطْلَاقًا لِلْجَمْعِ عَلَى مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ صِحَّةُ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ مَعَ ضِيقِ زَمَنِ الْوُقُوفِ عَنْ إدْرَاكِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَالَ حَجّ: فَإِطْلَاقُهُ عَلَيْهِ حَقِيقِيٌّ إلَّا عِنْدَ مَنْ يَخُصُّ التَّوْقِيتَ بِالْحَدِّ لِلْوَقْتِ فَتُوَسِّعَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ) أَيْ آخِرِهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِلْحَجِّ عَلَى مَعْنَى أَنَّ مُعْظَمَهُ عَرَفَةُ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْحَجُّ عَرَفَةَ» (قَوْلُهُ: وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ دَاوُد) أَيْ اعْتَرَضَ مَا فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ مِنْ قَوْلِهِ وَتِسْعٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ (قَوْلُهُ: وَالْأَحْسَنُ الْجَوَابُ) الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا الْجَوَابِ وَمَا تَقَدَّمَهُ أَنَّ الْمُرَادَ عَلَى الْأَوَّلِ بِالتِّسْعِ الْأَيَّامُ مَعَ اللَّيَالِيِ، وَعَلَى هَذَا الْأَيَّامُ وَحْدَهَا وَاللَّيَالِي مَسْكُوتٌ عَنْهَا فَلَا يَكُونُ فِي كَلَامِهِ إخْرَاجٌ لِلَّيْلَةِ الْعَاشِرَةِ لِعَدَمِ ذِكْرِ اللَّيَالِيِ وَحُكْمُهَا يُعْلَمُ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ حَقِيقَةُ قَوْلِ الشَّارِحِ وَالسُّؤَالُ مَعَهُ بَاقٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا) قَالَ حَجّ: مَا بَيْنَ مُنْتَهَى غُرُوبِ آخَرِ رَمَضَانَ وَفَجْرُ النَّحْرِ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَلَدِ الَّذِي هُوَ فِيهِ فَيَصِحُّ إحْرَامُهُ بِهِ فِيهِ وَإِنْ انْتَقَلَ بَعْدَهُ إلَى بَلَدٍ أُخْرَى تُخَالِفُ مَطْلِعَ تِلْكَ وَوَجَدَهُمْ صِيَامًا عَلَى الْأَوْجُهِ، لِأَنَّ وُجُوبُ مُوَافَقَتِهِ لَهُمْ فِي الصَّوْمِ لَا يَقْتَضِي بُطْلَانُ حَجِّهِ الَّذِي انْعَقَدَ لِشِدَّةِ تَثَبُّتِ الْحَجِّ وَلُزُومِهِ، بَلْ قَالَ فِي الْخَادِمِ نَقْلًا عَنْ غَيْرِهِ: لَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ لَوْ جَامَعَ فِي الثَّانِيَةِ وَإِنْ لَزِمَهُ الْإِمْسَاكُ. قَالَ: وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَا تَجِبُ فِطْرَةٌ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ فِطْرَتُهُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ، وَعَلَى هَذَا يَصِحُّ الْإِحْرَامُ فِيهِ إعْطَاءَ لَهُ حُكْمَ شَوَّالٍ. اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْكَفَّارَةِ قَرِيبٌ لِأَنَّهَا تَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ، وَفِي الْفِطْرَةِ يَتَعَيَّنُ فَرْضُهُ فِيمَا إذَا حَدَّثَ الْمُؤَدَّى عَنْهُ فِي الْبَلَدِ الْأَوَّلِ قَبْلَ غُرُوبِ الْيَوْمِ الثَّانِي، وَإِلَّا فَالْوَجْهُ لُزُومِهَا لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِيهَا بِمَحِلِّ الْمُؤَدَّى عَنْهُ، وَأَمَّا الْإِحْرَامُ فَاَلَّذِي يَتَّجِهُ عَدَمُ صِحَّته لِأَنَّهُ بَعْدَ أَنْ انْتَقَلَ إلَيْهَا صَارَ مِثْلَهُمْ فِي الصَّوْمِ، فَكَذَا الْحَجُّ لِأَنَّهُ لَا فَارِقَ بَيْنَهُمَا وَلَا تُرَدُّ الْكَفَّارَةُ لِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ) أَيْ فِي مَقَامِ اخْتِصَارِ كَلَامِ الْمُهِمَّاتِ فَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَالسُّؤَالُ مَعَهُ بَاقٍ لِأَنَّهُ تَعَقُّبٌ مِنْهُ لِكَلَامِ صَاحِبِ الْمُهِمَّاتِ فَانْدَفَعَ مَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ التَّنَافِي فِي طَرَفَيْ كَلَامِهِ. (قَوْلُهُ: أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ جَوَابٌ عَنْ السُّؤَالِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ حَاصِلَ جَوَابَيْ الْأَصْحَابِ وَصَاحِبِ الْمُهِمَّاتِ وَاحِدٌ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الشِّقِّ الْأَوَّلِ مِنْ شِقَّيْ التَّرْدِيدِ فِي كَلَامِ ابْنِ دَاوُد، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْأَصْحَابَ يَقُولُونَ حَذَفَ التَّاءَ تَغْلِيبًا لِلَّيَالِيِ الْمُرَادَةِ مَعَ الْأَيَّامِ، فَالْمُرَادُ بِاللَّيَالِيِ فِي كَلَامِهِمْ لَيَالِي تِلْكَ الْأَيَّامِ التِّسْعَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ وَالِدِ الشَّارِحِ وَإِنَّمَا لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلَّيْلَةِ الْعَاشِرَةِ لِأَنَّ الْمُسْتَشْكِلَ لَمْ يَسْأَلْ عَنْهَا، خِلَافُ مَا يُوهِمُهُ قَوْلُ ابْنِ الْعِرَاقِيِّ، وَالسُّؤَالُ بَاقٍ مَعَهُ إلَخْ، وَصَاحِبُ الْمُهِمَّاتِ يَقُولُ: حَذَفَ التَّاءَ لِحَذْفِ الْمَعْدُودِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ فِي هَذِهِ الْقَوْلَةِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا يُعْلَمُ مَا وَقَعَ فِي

كَأَنْ أَحْرَمَ بِهِ فِي لَيْلَةِ النَّحْرِ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ زَمَنِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ مَا يَصِحُّ مَعَهُ إدْرَاكُهُ، وَبِهِ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ قَالَ: وَهَذَا بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْجُمُعَةِ لِبَقَاءِ الْحَجِّ حَجًّا بِفَوَاتِ الْوُقُوفِ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ اهـ. وَمُرَادُهُمْ أَنَّ هَذَا وَقْتُهُ مَعَ إمْكَانِهِ فِي بَقِيَّةِ الْوَقْتِ حَتَّى لَوْ أَحْرَمَ مِنْ مِصْرَ يَوْمَ عَرَفَةَ لَمْ يَنْعَقِدْ الْحَجُّ بِلَا شَكٍّ. قَالَهُ فِي الْخَادِمِ قَالَ: وَفِي انْعِقَادِهِ عُمْرَةً تَرَدُّدٌ وَالْأَرْجَحُ نَعَمْ. وَلَوْ نَوَى لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ الْحَجَّ إنْ كَانَتْ مِنْ شَوَّالٍ وَإِلَّا فَعُمْرَةٌ فَبَانَتْ مِنْ شَوَّالٍ فَحَجٌّ وَإِلَّا فَعُمْرَةٌ، وَمَنْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ يَعْتَقِدُ تَقَدُّمَهُ عَلَى وَقْتِهِ فَبَانَ فِيهِ أَجْزَأَهُ، وَلَوْ أَخْطَأَ الْوَقْتَ كُلُّ الْحَجِيجِ فَهَلْ يُغْتَفَرُ كَخَطَأِ الْوُقُوفِ أَوْ يَنْعَقِدُ عُمْرَةً؟ وَجْهَانِ، أَوْفَقُهُمَا الثَّانِي أَخْذًا بِعُمُومِ كَلَامِهِمْ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْغَلَطَ ثَمَّ يَقَعُ كَثِيرًا فَاقْتَضَتْ الْحَاجَةُ بَلْ الضَّرُورَةُ الْمُسَامَحَةُ بِهِ، وَهُنَا لَا يَقَعُ إلَّا نَادِرًا فَلَمْ يُغْتَفَرْ وَلَوْ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَجِيجِ الْعَامِّ، وَأَيْضًا فَالْغَلَطُ هُنَا إنَّمَا يَنْشَأُ عَنْ تَقْصِيرٍ بِخِلَافِهِ ثَمَّ، فَإِنَّهُ يَنْشَأُ عَنْ كَوْنِ الْهِلَالِ غُمَّ عَلَيْهِمْ وَلَا حِيلَةَ لَهُمْ فِي دَفْعِهِ، وَأَيْضًا فَالْغَلَطُ هُنَا إنْ كَانَ بِتَقْدِيمِ الْعِبَادَةِ عَلَى وَقْتِهَا فَهُوَ كَالْوُقُوفِ فِي الثَّامِنِ، وَإِنْ كَانَ بِتَأْخِيرِهَا عَنْهُ فَهُوَ كَالْوُقُوفِ فِي الْحَادِي عَشَرَ وَسَيَأْتِي أَنَّهُمَا لَا يُجْزِئَانِ (وَفِي لَيْلَةِ النَّحْرِ) وَهِيَ الْعَاشِرَةُ (وَجْهٌ) أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ وَقْتِهِ؛ لِأَنَّ اللَّيَالِيَ تَبَعٌ لِلْأَيَّامِ وَيَوْمُ النَّحْرِ لَا يَصِحُّ فِيهِ الْإِحْرَامُ فَكَذَا لَيْلَتُهُ (فَلَوْ) (أَحْرَمَ بِهِ) أَيْ الْحَجِّ حَلَالٌ (فِي غَيْرِ وَقْتِهِ) كَرَمَضَانَ أَوْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا (انْعَقَدَ) إحْرَامُهُ بِذَلِكَ (عُمْرَةً) مُجْزِئَةً عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ (عَلَى الصَّحِيحِ) سَوَاءٌ أَكَانَ عَالِمًا أَمْ جَاهِلًا لِشِدَّةِ تَعَلُّقِ الْإِحْرَامِ وَلُزُومِهِ، فَإِذَا لَمْ يَقْبَلْ الْوَقْتُ مَا أَحْرَمَ بِهِ انْصَرَفَ؛ لِمَا يَقْبَلُهُ وَهُوَ الْعُمْرَةُ، وَلِأَنَّهُ إذَا بَطَلَ قَصْدُ الْحَجِّ فِيمَا إذَا نَوَاهُ بَقِيَ مُطْلَقُ الْإِحْرَامِ، وَالْعُمْرَةُ تَنْعَقِدُ بِمُجَرَّدِ الْإِحْرَامِ كَمَا مَرَّ، وَالثَّانِي لَا يَنْعَقِدُ عُمْرَةً كَمَا لَوْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَتَحَلَّلَ بِأَعْمَالِ عُمْرَةٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّمَانَيْنِ لَيْسَ وَقْتًا لِلْحَجِّ، فَإِنْ كَانَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ ثُمَّ أَحْرَمَ بِحَجٍّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ حَجًّا لِوُقُوعِهِ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ وَلَا عُمْرَةً، ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلِمْت اهـ بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: مَا يَصِحُّ مَعَهُ) أَيْ مَا يَتَأَتَّى مَعَهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْجُمُعَةِ) أَيْ فَإِنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ إذَا ضَاقَ وَقْتُهَا (قَوْلُهُ وَمُرَادُهُمْ أَنَّ هَذَا) قَدْ يَتَوَقَّفُ فِي أَنَّ هَذَا مُرَادُهُمْ بَعْدَ فَرْضِ الْكَلَامِ فِيمَنْ أَحْرَمَ فِي لَيْلَةِ النَّحْرِ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يُمْكِنُ مَعَهُ الْوُقُوفُ فَلْيُتَأَمَّلْ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: كَلَامُ الرُّويَانِيِّ مَفْرُوضٌ فِيمَنْ لَمْ يَصِحَّ مِنْهُ الْوُقُوفُ لِمَانِعٍ قَامَ بِخُصُوصِهِ، كَمَا لَوْ أَحْرَمَ بِمَكَّةَ أَوْ مَا يَقْرُبُ مِنْهَا لَيْلَةَ النَّحْرِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْوُقُوفَ لِمَا قَامَ بِهِ مِنْ الْمَانِعِ مَعَ إمْكَانِ الْوُقُوفِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ لِمَنْ أَحْرَمَ ثَمَّةَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَ الْخَادِمِ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ كَلَامَ الرُّويَانِيِّ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ إذْ هُوَ مَفْرُوضٌ فِيمَنْ أَمْكَنَهُ لَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَعُمْرَةٌ) هَذَا يُشْكَلُ بِنَظِيرِهِ فِي صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ حَيْثُ لَا يُجْزِئُهُ عَنْ رَمَضَانَ إذَا نَوَى لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ فِي شَعْبَانَ صَوْمُهُ عَنْ رَمَضَانَ إنْ كَانَ مِنْهُ وَإِلَّا فَنَفْلٌ فَبَانَ مِنْ رَمَضَانَ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ صَلَاحِيَةُ الْوَقْتِ لِكُلٍّ مِنْ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَلَا يَرُدُّ أَنَّ الصَّوْمَ صَالِحٌ لِوُقُوعِهِ عَنْ رَمَضَانَ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ مِنْهُ لِعَدَمِ جَزْمِهِ بِالنِّيَّةِ، وَلِأَنَّ الْإِحْرَامَ أَشَدُّ تَعَلُّقًا بِالزَّمَانِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَخْطَأَ الْوَقْتَ) أَيْ وَقْتَ دُخُولِ وَقْتِ الْحَجِّ (قَوْلُهُ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ) أَيْ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِأَعْمَالِهَا (قَوْلُهُ: وَتَحَلَّلَ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ التَّحَلُّلِ وَأَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَاشِيَةِ الشَّيْخِ هُنَا (قَوْلُهُ: وَمُرَادُهُمْ أَنَّ هَذَا وَقْتُهُ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا مُرَادُ الشَّارِحِ بِسِيَاقِ هَذَا عَقِبَ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ هَلْ مُرَادُهُ تَعَقُّبُهُ بِهِ أَوْ مُجَرَّدُ إثْبَاتِ الْمُنَافَاةِ بَيْنَهُمَا أَوْ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّهُمَا مُتَغَايِرَانِ، وَحِينَئِذٍ فَمَا وَجْهُ الْمُغَايِرَةِ وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ لَا يَشْفِي فَلْيُحَرَّرْ، وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الْآتِي مَا يَدُلُّ عَلَى اخْتِيَارِهِ لِكَلَامِ الرُّويَانِيِّ. (قَوْلُهُ: وَأَيْضًا فَالْغَلَطُ هُنَا إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا فَرْقٌ بِالْحُكْمِ إذْ حَاصِلُهُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ هُنَا مُطْلَقًا بِخِلَافِهِ فِي خَطَإِ الْوُقُوفِ وَهُوَ الْحُكْمُ الْمُدَّعَى الَّذِي هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ، وَالْفَرْقُ إنَّمَا يَكُونُ بِشَيْءٍ يَرْجِعُ إلَى الْمَعْنَى كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَهُوَ كَالْوُقُوفِ فِي الثَّامِنِ) هَذَا التَّشْبِيهُ كَاَلَّذِي بَعْدَهُ يَقْتَضِي بُطْلَانَ الْإِحْرَامِ مِنْ أَصْلِهِ، وَهُوَ خِلَافُ الْمُدَّعَى مِنْ انْعِقَادِهِ عُمْرَةً

[الميقات المكاني]

لِأَنَّ الْعُمْرَةَ لَا تَدْخُلُ عَلَى الْعُمْرَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ. وَلَوْ أَحْرَمَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ شَكَّ هَلْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَهُوَ عُمْرَةٌ، أَوْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ ثُمَّ شَكَّ هَلْ كَانَ إحْرَامُهُ فِي أَشْهُرِهِ أَمْ قَبْلَهَا قَالَ الصَّيْمَرِيُّ: كَانَ حَجًّا؛ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ إحْرَامَهُ الْآنَ وَشَكَّ فِي تَقَدُّمِهِ. قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالْمِيقَاتُ الزَّمَانِيُّ لِلْعُمْرَةِ جَمِيعُ السَّنَةِ كَمَا قَالَ (وَجَمِيعُ السَّنَةِ وَقْتٌ لِإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ) وَجَمِيعُ أَفْعَالِهَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتَمَرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ فِي ذِي الْقِعْدَةِ: أَيْ فِي ثَلَاثَةِ أَعْوَامٍ، وَأَنَّهُ اعْتَمَرَ عُمْرَةً فِي رَجَبٍ» كَمَا رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ وَإِنْ أَنْكَرَتْهُ عَلَيْهِ عَائِشَةُ، وَأَنَّهُ قَالَ: «عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حِجَّةً» وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا «حِجَّةٌ مَعِي» وَرُوِيَ «أَنَّهُ اعْتَمَرَ فِي رَمَضَانَ وَفِي شَوَّالٍ» فَدَلَّتْ السُّنَّةُ عَلَى عَدَمِ التَّأْقِيتِ، وَقَدْ يُمْتَنَعُ الْإِحْرَامُ بِهَا فِي أَوْقَاتٍ كَمَا لَوْ كَانَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ وَقَدْ مَرَّ أَوْ كَانَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ إذْ الْعُمْرَةُ لَا تَدْخُلُ عَلَيْهِ أَوْ أَحْرَمَ بِهَا قَبْلَ نَفْرِهِ لِاشْتِغَالِهِ بِالرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ فَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ الِاشْتِغَالِ بِعَمَلِهَا، وَلِأَنَّ بَقَاءَ أَثَرِ الْإِحْرَامِ كَبَقَائِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الرَّمْيُ وَالْمَبِيتُ وَمَنْ سَقَطَا عَنْهُ: أَيْ وَلَمْ يَنْفِرْ فَتَعْبِيرٌ كَثِيرٌ بِمِنًى إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ وَالْغَالِبِ، وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ حَجَّتَانِ فِي عَامٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مَا فِي الْأُمِّ وَجَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ وَحَكَى فِيهِ الْإِجْمَاعَ، وَتَصْوِيرُ الزَّرْكَشِيّ وُقُوعَهُمَا فِي عَامٍ وَاحِدٍ مَرْدُودٌ، أَمَّا إحْرَامُهُ بِهَا بَعْدَ نَفْرِهِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي فَصَحِيحٌ مُطْلَقًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَإِنْ بَقِيَ وَقْتُ الرَّمْيِ فِي الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ بِهِ خَرَجَ مِنْ الْحَجِّ وَصَارَ كَمَا لَوْ مَضَى وَقْتُ الرَّمْيِ، وَلَا يُكْرَهُ تَكْرِيرُهَا بَلْ يُسَنُّ الْإِكْثَارُ مِنْهَا «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتَمَرَ فِي عَامٍ مَرَّتَيْنِ» وَكَذَلِكَ عَائِشَةُ وَابْنُ عُمَرَ، وَيَتَأَكَّدُ فِي رَمَضَانَ وَفِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَهِيَ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ وَالْعِيدِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَيْسَتْ كَفَضْلِهَا فِي غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الْأَفْضَلَ فِعْلُ الْحَجِّ فِيهَا وَشُغْلُ الزَّمَنِ بِالِاعْتِمَارِ أَفْضَلُ مِنْ صَرْفِ قَدْرِهِ فِي الطَّوَافِ عَلَى الْأَصَحِّ. . ثُمَّ شَرَعَ فِي الْمَكَانِ فَقَالَ (وَالْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ لِلْحَجِّ) وَلَوْ بِقِرَانٍ (فِي حَقِّ مَنْ بِمَكَّةَ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا (نَفْسُ مَكَّةَ) لِلْخَبَرِ الْآتِي (وَقِيلَ كُلُّ الْحُرُمِ) ؛ لِأَنَّ مَكَّةَ وَسَائِرَ الْحَرَمِ فِي الْحُرْمَةِ سَوَاءٌ، فَلَوْ أَحْرَمَ بَعْدَ مُفَارَقَةِ بُنْيَانِ مَكَّةَ وَلَمْ يَرْجِعْ إلَيْهَا إلَّا بَعْدَ الْوُقُوفِ أَسَاءَ عَلَى الْأَوَّلِ وَلَزِمَهُ دَمٌ دُونَ الثَّانِي. نَعَمْ بَحَثَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاتِهَا فَلَا إسَاءَةَ وَلَا دَمَ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاةِ سَائِرِ الْمَوَاقِيتِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ، وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ مَحَلَّ الْإِسَاءَةِ فِيمَا ذَكَرَ إذَا لَمْ يَصِلْ إلَى مِيقَاتٍ، فَإِنْ عَادَ إلَيْهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ وَلَمْ يَصِلْ فِي خُرُوجِهِ مَسَافَةَ الْقَصْرِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الدَّمُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ وَصَلَ إلَيْهَا فَلَا يَسْقُطُ إلَّا بِوُصُولِهِ لِمِيقَاتِ الْآفَاقِيِّ صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ، وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّ مَنْ مَسْكَنُهُ بَعْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ وَلِأَنَّ بَقَاءَ أَثَرِ الْإِحْرَامِ إلَخْ (قَوْلُهُ بِمِنًى) أَيْ حَيْثُ قَالُوا وَلَوْ أَحْرَمَ بِهَا بِمِنًى (قَوْلُهُ: وَتَصْوِيرُ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَأْتِيَ مَكَّةَ نِصْفَ اللَّيْلَةِ وَيَطُوفُ وَيَسْعَى بَعْدَ الْوُقُوفِ ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى مِنًى لِحُصُولِ التَّحَلُّلَيْنِ بِمَا فَعَلَهُ، وَوَجْهُ رَدِّهِ بَقَاءُ أَثَرِ الْإِحْرَامِ الْمَانِعِ مِنْ حَجِّهِ الْحِجَّةُ الثَّانِيَةُ مِنْ الْمَبِيتِ بِمِنًى وَرَمْيُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ (قَوْلُهُ: لَيْسَتْ كَفَضْلِهَا فِي غَيْرِهَا) أَيْ بَلْ فَضْلُهَا فِيهَا دُونَهُ فِي غَيْرِهَا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَفْضَلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَشُغْلُ الزَّمَنِ بِالِاعْتِمَارِ أَفْضَلُ) أَيْ لِأَنَّهَا لَا تَقَعُ مِنْ الْمُكَلَّفِ الْحُرِّ إلَّا فَرْضًا وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ التَّطَوُّعِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَا دَمَ) خِلَافًا لحج حَيْثُ قَالَ: عَلَيْهِ دَمٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ أَيْ فِي ثَلَاثَةِ أَعْوَامٍ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ مُتَفَرِّقَاتٍ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ حَجَّتَانِ) مَعْطُوفٌ عَلَى عَدَمِ الْفَرْقِ (قَوْلُهُ: وَيَتَأَكَّدُ فِي رَمَضَانَ وَفِي أَشْهُرِ الْحَجِّ) قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي مِنْ أَفْضَلِيَّتِهِ الْإِفْرَادُ عَلَى التَّمَتُّعِ أَنَّ مَحَلَّ التَّأَكُّدِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فِيمَنْ لَمْ يُرِدْ الْحَجَّ فِي عَامِهِ فَلْيُرَاجَعْ. [الْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ] (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَادَ إلَيْهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ إلَخْ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ فَلَوْ أَحْرَمَ بَعْدَ مُفَارَقَةِ بُنْيَانِ مَكَّةَ وَلَمْ يَرْجِعْ إلَيْهَا إلَخْ فَلَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا قَبْلَهُ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ وَصَلَ إلَيْهَا) أَيْ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ

الْمِيقَاتِ وَلَوْ فِي الْحَرَمِ يَكُونُ مَحَلُّهُ مِيقَاتُهُ، وَالْأَفْضَلُ لِلْمَكِّيِّ أَنْ يُصَلِّيَ بِالْمَسْجِدِ سُنَّةَ الْإِحْرَامِ ثُمَّ يَأْتِيَ إلَى بَابِ دَارِهِ وَيُحْرِمَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ غَيْرُ مُسْتَحَبٍّ عَقِبَ الصَّلَاةِ بَلْ عِنْدَ الْخُرُوجِ إلَى عَرَفَاتٍ ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ لِطَوَافِ الْوَدَاعِ، فَانْدَفَعَ اسْتِشْكَالُ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ بِالْإِحْرَامِ مِنْ بَابِ دَارِهِ وَلَا يُسَنُّ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الطَّرَفِ الْأَبْعَدِ مِنْ مَكَّةَ لِيَقْطَعَ الْبَاقِيَ مُحْرِمًا، بِخِلَافِ مَنْ مِيقَاتُهُ قَرْيَتُهُ أَوْ حِلَّتُهُ لِأَنَّ ذَاكَ يَقْصِدُ مَكَانًا أَشْرَفَ مِمَّا هُوَ بِهِ وَهَذَا بِعَكْسِهِ. (وَأَمَّا غَيْرُهُ) وَهُوَ مَنْ لَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ عِنْدَ إرَادَتِهِ الْحَجَّ فَمِيقَاتُهُ مُخْتَلِفٌ بِحَسَبِ النَّوَاحِي (فَمِيقَاتُ الْمُتَوَجِّهِ مِنْ الْمَدِينَةِ ذُو الْحُلَيْفَةِ) وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الْآنَ بِأَبْيَارِ عَلِيٍّ وَهُوَ عَلَى نَحْوِ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْ الْمَدِينَةِ، وَتَصْحِيحُ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا عَلَى سِتَّةِ أَمْيَالٍ لَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ أَقْصَى عُمْرَانِ الْمَدِينَةِ وَحَدَائِقِهَا مِنْ جِهَةِ تَبُوكَ أَوْ خَيْبَرَ، وَالرَّافِعِيُّ أَنَّهَا عَلَى مِيلٍ لَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ عُمْرَانِهَا الَّذِي كَانَ مِنْ جِهَةِ الْحُلَيْفَةِ وَهِيَ أَبْعَدُ الْمَوَاقِيتِ مِنْ مَكَّةَ (وَ) الْمُتَوَجِّهُ (مِنْ الشَّامِ) بِالْهَمْزِ وَالْقَصْرِ، وَيَجُوزُ تَرْكُ الْهَمْزِ وَالْمَدِّ مَعَ فَتْحِ الشِّينِ ضَعِيفٌ وَأَوَّلُهُ نَابُلُسْ وَآخِرُهُ الْعَرِيشُ. قَالَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَقَالَ غَيْرُهُ: حَدُّهُ طُولًا مِنْ الْعَرِيشِ إلَى الْفُرَاتِ وَعَرْضًا مِنْ جَبَلِ طَيٍّ مِنْ نَحْوِ الْقِبْلَةِ إلَى بَحْرِ الرُّومِ وَمَا سَامَتَ ذَلِكَ مِنْ الْبِلَادِ، وَهُوَ مُذَكِّرٌ عَلَى الْمَشْهُورِ (وَ) مِنْ (مِصْرَ) وَهِيَ الْمَدِينَةُ الْمَعْرُوفَةُ تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ وَحَدُّهَا طُولًا مِنْ بَرْقَةَ الَّتِي فِي جَنُوبِ الْبَحْرِ الرُّومِيِّ إلَى أَيْلَةَ وَمَسَافَةُ ذَلِكَ قَرِيبٌ مِنْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَعَرْضُهُ مِنْ مَدِينَةِ أُسْوَانَ وَمَا سَامَتَهَا مِنْ الصَّعِيدِ الْأَعْلَى إلَى رَشِيدٍ وَمَا حَاذَاهَا مِنْ مَسَاقِطِ النِّيلِ فِي بَحْرِ الرُّومِ وَمَسَافَةُ ذَلِكَ قَرِيبٌ مِنْ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، سُمِّيَتْ بِاسْمِ مَنْ سَكَنَهَا أَوَّلًا وَهُوَ مِصْرُ بْنُ بَيْصَرَ بْنِ نُوحٍ (وَ) مِنْ (الْمَغْرِبِ الْجُحْفَةُ) قَرْيَةٌ كَبِيرَةٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَقَدْ خَرِبَتْ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ السَّيْلَ أَجْحَفَهَا وَهِيَ عَلَى سِتِّ مَرَاحِلَ مِنْ مَكَّةَ، وَقَوْلُ الْمَجْمُوعِ عَلَى ثَلَاثٍ لَعَلَّهُ بِسَيْرِ الْبِغَالِ النَّفِيسَةِ (وَمِنْ تِهَامَةَ الْيَمَنِ) بِكَسْرِ التَّاءِ اسْمٌ لِكُلِّ مَا نَزَلَ عَنْ نَجْدٍ مِنْ بِلَادِ الْحِجَازِ وَالْيَمَنُ إقْلِيمٌ مَعْرُوفٌ (يَلَمْلَمُ) وَيُقَالُ لَهُ أَلَمْلَمُ وَهُوَ أَصْلُهُ قُلِبَتْ الْهَمْزَةُ يَاءً وَيُرَمْرِمُ بِرَاءَيْنِ وَهِيَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ (وَ) مِنْ (نَجْدٍ الْيَمَنُ) (وَ) نَجْدٌ (الْحِجَازُ قَرْنُ) بِسُكُونِ الرَّاءِ وَيُقَالُ لَهُ قَرْنُ الْمَنَازِلِ وَقَرْنُ الثَّعَالِبِ وَهُوَ جَبَلٌ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ، وَغَلَطَ الْجَوْهَرِيُّ فِي أَنَّ رَاءَهُ مُحَرَّكَةٌ وَأَنَّ إلَيْهِ يُنْسَبُ أَوَيْسُ الْقَرَنِيُّ إذْ هُوَ مَنْسُوبٌ إلَى قَرَنٍ قَبِيلَةٌ مِنْ مُرَادٍ كَمَا فِي مُسْلِمٍ، وَنَجْدٌ فِي الْأَصْلِ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ، وَيُسَمَّى الْمُنْخَفِضُ غَوْرًا، وَحَيْثُ أَطْلَقَ نَجْدٌ فَالْمُرَادُ نَجْدُ الْحِجَازِ (وَمِنْ الْمَشْرِقِ) الْعِرَاقِ وَغَيْرِهِ (ذَاتُ عِرْقٍ) وَهِيَ قَرْيَةٌ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ وَقَدْ خَرِبَتْ، وَفَوْقَهَا وَادٍ يُقَالُ لَهُ الْعَقِيقُ، وَالْأَوْلَى لِهَؤُلَاءِ الْإِحْرَامُ مِنْهُ لِلِاحْتِيَاطِ، وَلِمَا حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَشْرِقِ الْعَقِيقَ» لَكِنْ رَدَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ فَفِيهِ ضَعْفٌ. وَالْأَصْلُ فِي الْمَوَاقِيتِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ» ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ) أَيْ نَدْبًا وَلَوْ مَكِّيًّا (قَوْلُهُ: قَرْيَتُهُ أَوْ حِلَّتُهُ) أَيْ فَإِنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ الطَّرَفِ الْأَبْعَدِ (قَوْلُهُ: ذُو الْحُلَيْفَةِ) قَالَ حَجّ: تَصْغِيرُ حَلَفَةَ بِفَتْحِ أَوَّلِيهِ وَاحِدَةُ الْحُلَفَاءِ نَبَاتٌ مَعْرُوفٌ اهـ. وَقَالَ فِي الْمُخْتَارِ: كَقَصَبَةِ وَطَرَفَةِ. وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: حَلِفَةُ بِكَسْرِ اللَّامِ اهـ (قَوْلُهُ: مِنْ مَدِينَةِ أُسْوَانَ) قَالَ فِي لُبِّ الْأَلْبَابِ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَالْوَاوِ وَسُكُونِ السِّينِ بَلَدٌ بِصَعِيدِ مِصْرَ قُلْت: الصَّحِيحُ ضَمُّ أَوَّلِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى لِهَؤُلَاءِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِالْإِحْرَامِ مِنْ بَابِ دَارِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِاسْتِشْكَالٍ (قَوْلُهُ: وَالْمَدُّ مَعَ فَتْحِ الشَّيْنِ) أَيْ وَمَعَ الْهَمْزِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَحْدَهَا طُولًا) أَيْ حَدُّ إقْلِيمِهَا وَمَا يُنْسَبُ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: ابْنُ بَيْصَرِ بْنِ نُوحٍ) عِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ، ابْنُ بَيْصَرِ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ فَلَعَلَّ قَوْلَهُ ابْنِ سَامٍ سَقَطَ مِنْ الشَّرْحِ مِنْ النُّسَّاخِ (قَوْلُهُ: لِكُلِّ مَا نَزَلَ عَنْ نَجْدٍ مِنْ بِلَادِ الْحِجَازِ) كَذَا فِي النُّسَخِ،

وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمُ وَقَالَ: هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ " زَادَ الشَّافِعِيُّ " وَلِأَهْلِ الْمَغْرِبِ الْجُحْفَةَ " وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا لَكِنْ قَامَ الْإِجْمَاعُ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ، وَتَوْقِيتُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ذَاتَ عِرْقٍ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ اجْتِهَادٌ مِنْهُ وَافَقَ النَّصَّ، وَقَوْلُ الْبَارِزِيِّ إحْرَامُ الْحَاجِّ الْمِصْرِيِّ مِنْ رَابِغٍ الْمُحَاذِيَةِ لِلْجُحْفَةِ مُشْكِلٌ، وَكَانَ يَنْبَغِي إحْرَامُهُمْ مِنْ بَدْرٍ؛ لِأَنَّهُمْ يَعْبُرُونَ عَلَيْهِ وَهُوَ مِيقَاتٌ لِأَهْلِهِ، كَمَا أَنَّ الشَّامِيَّ يُحْرِمُ مِنْ الْحُلَيْفَةِ وَلَا يَصْبِرُ لِلْجُحْفَةِ مَرْدُودٌ لِمُخَالَفَتِهِ النَّصَّ؛ وَلِأَنَّ أَهْلَ الشَّامِ يَمُرُّونَ عَلَى مِيقَاتٍ مَنْصُوصٍ عَلَيْهِ بِخِلَافِ أَهْلِ مِصْرَ، وَلَا أَثَرَ لِلْمُحَاذَاةِ مَعَ تَعْيِينِ مِيقَاتٍ لَهُمْ عَلَى أَنَّ بَدْرًا لَيْسَ مِيقَاتًا لِأَهْلِهِ بَلْ مِيقَاتُهُمْ الْجُحْفَةُ كَمَا يَأْتِي، وَالْعِبْرَةُ فِي هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ بِالْبُقْعَةِ لَا بِمَا بَنَى وَلَوْ قَرِيبًا مِنْهَا بِنَقْضِهَا وَإِنْ سُمِّيَ بِاسْمِهَا: وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْأَجِيرُ فَإِنْ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ مِيقَاتِ الْمَنُوبِ عَنْهُ، فَإِنْ مَرَّ بِغَيْرِ ذَلِكَ الْمِيقَاتِ أَحْرَمَ مِنْ مَوْضِعٍ بِإِزَائِهِ إذَا كَانَ أَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ الْمِيقَاتِ مِنْ مَكَّةَ، حَكَاهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْفُورَانِيِّ وَأَقَرَّهُ وَقْتَ أَقَتَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَوَاقِيتَ عَامَ حَجِّهِ. (وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ أَوَّلِ الْمِيقَاتِ) وَهُوَ طَرَفُهُ الْأَبْعَدُ عَنْ مَكَّةَ لَا مِنْ وَسَطِهِ وَلَا آخِرِهِ لِيَقْطَعَ الْبَاقِيَ مُحْرِمًا. قَالَ السُّبْكِيُّ: إلَّا ذَا الْحُلَيْفَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إحْرَامُهُ مِنْ الْمَسْجِدِ الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا حَقٌّ إنْ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ الْمَسْجِدَ هُوَ الْمَوْجُودُ آثَارُهُ الْيَوْمَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ هُوَ (وَيَجُوزُ مِنْ آخِرِهِ) لِوُقُوعِ الِاسْمِ عَلَيْهِ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا لَا يَنْتَهِي إلَى مِيقَاتٍ) مِمَّا ذُكِرَ (فَإِنْ حَاذَى) بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ سَامَتَ (مِيقَاتًا) مِنْهَا يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً سَوَاءٌ أَكَانَ فِي الْبَرِّ أَمْ فِي الْبَحْرِ لَا مِنْ ظَهْرِهِ أَوْ وَجْهِهِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ وَرَاءَهُ وَالثَّانِي أَمَامَهُ (أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاتِهِ) لِمَا صَحَّ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَدَّ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ لَمَّا قَالُوا لَهُ: إنَّ قَرْنًا الْمُؤَقَّتُ لِأَهْلِ نَجْدٍ جَوْرٌ: أَيْ مَائِلٌ عَنْ طَرِيقِنَا وَإِنْ أَرَدْنَاهُ شَقَّ عَلَيْنَا وَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ، فَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ الْمِيقَاتُ أَوْ مَوْضِعُ مُحَاذَاتِهِ تَحَرَّى إنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُخْبِرُهُ عَنْ عِلْمٍ وَلَا يُقَلِّدُ غَيْرَهُ فِي التَّحَرِّي إلَّا أَنْ يَعْجِزَ عَنْهُ كَالْأَعْمَى. وَيُسَنُّ لَهُ أَنْ يَسْتَظْهِرَ حَتَّى يَتَيَقَّنَ أَنَّهُ حَاذَاهُ أَوْ أَنَّهُ فَوْقَهُ. نَعَمْ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ إنْ تَحَيَّرَ فِي اجْتِهَادِهِ لَزِمَهُ الِاسْتِظْهَارُ إنْ خَافَ فَوْتَ الْحَجِّ أَوْ كَانَ قَدْ تَضَيَّقُ عَلَيْهِ (أَوْ) حَاذَى (مِيقَاتَيْنِ) عَلَى التَّرْتِيبِ أَحْرَمَ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ مَعًا أَحْرَمَ مِنْ أَقْرَبِهِمَا إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الْآخِرُ أَبْعَدَ إلَى مَكَّةَ إذْ لَوْ كَانَ أَمَامَهُ مِيقَاتٌ فَإِنَّهُ مِيقَاتُهُ وَإِنْ حَاذَى مِيقَاتًا أَبْعَدَ فَكَذَا مَا هُوَ بِقُرْبِهِ فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ إلَيْهِ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ مُحَاذَاةِ أَبْعَدِهِمَا مِنْ مَكَّةَ) وَإِنْ حَاذَى ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ أَهْلُ الْمَشْرِقِ (قَوْلُهُ وَقَالَ هُنَّ لَهُنَّ) أَيْ لِأَهْلِهِنَّ وَلِمَنْ إلَخْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمْ يَعْبُرُونَ) أَيْ يَمُرُّونَ (قَوْلُهُ: أَنْ يُحْرِمَ مِنْ مِيقَاتِ الْمَنُوبِ عَنْهُ) أَيْ أَوْ مَا قُيِّدَ بِهِ مِنْ أَبْعَدِ كَمَا يَعْلَمُ مِنْ كِتَابِ الْوَصِيَّةِ اهـ شَرْحُ مَنْهَجٍ. أَقُولُ: فَإِنْ جَاوَزَهُ بِغَيْرِ إحْرَامٍ فَهَلْ يَلْزَمُهُ دَمٌ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إنْ أَحْرَمَ مَنْ مِثْلُهُ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَفِي حَجّ مَا يُوَافِقُهُ. أَمَّا لَوْ عُيِّنَ لَهُ مَكَانُ لَيْسَ مِيقَاتًا لِأَحَدٍ كَأَنَّ قِيلَ لَهُ أَحْرِمْ مِنْ مِصْرَ فَهَلْ يَلْزَمُهُ دَمٌ بِمُجَاوَزَتِهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ اللُّزُومِ لَكِنْ يُحَطُّ قِسْطٌ مِنْ الْمُسَمَّى بِاعْتِبَارِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، فَإِنْ كَانَتْ أُجْرَةُ مِثْلِ الْمُدَّةِ بِتَمَامِهَا مِنْ مِصْرَ مَثَلًا عَشَرَةٌ وَمِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ تِسْعَةٌ حَطَّ مِنْ الْمُسْمَى عَشَرَةٌ (قَوْلُهُ: عَامُ حَجِّهِ) وَكَانَ فِي السُّنَّةِ الْعَاشِرَةِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: جَوْرُ) أَيْ مَائِلٌ عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ بِالرَّاءِ، وَفِي الصِّحَاحِ الْجَوْرُ الْمَيْلُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَصَوَابُهُ كَمَا فِي الدَّمِيرِيِّ: لِكُلِّ مَا نَزَلَ عَنْ نَجْدٍ إلَى بِلَادِ الْحِجَازِ (قَوْلُهُ: اجْتِهَادٌ مِنْهُ وَافَقَ النَّصَّ) مُرَادُهُ بِهِ الْجَمْعُ بَيْنَ مَا وَقَعَ لِلْأَصْحَابِ مِنْ الْخِلَافِ فِي أَنَّ ذَلِكَ بِالنَّصِّ أَوْ بِاجْتِهَادِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَمَا حَكَاهُ الْأَذْرَعِيُّ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: لَا خِلَافَ بَيْنَ الْأَصْحَابِ فِي الْمَعْنَى، لَكِنَّ اسْتِدْلَالَهُ فِيمَا يَأْتِي لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: فَإِنْ حَاذَى مِيقَاتًا أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاتِهِ بِقَوْلِهِ لِمَا صَحَّ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَدَّ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ إلَخْ، صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَيْسَ إلَّا بِاجْتِهَادِ عُمَرَ،

الْأَقْرَبَ إلَيْهَا أَوَّلًا كَأَنْ كَانَ الْأَبْعَدُ مُنْحَرِفًا أَوْ وَعِرًا، فَلَوْ جَاوَزَهُمَا مُرِيدًا لِلنُّسُكِ وَلَمْ يَعْرِفْ مَوْضِعَ الْمُحَاذَاةِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْأَبْعَدِ أَوْ إلَى مِثْلِ مَسَافَتِهِ سَقَطَ الدَّمُ أَوْ إلَى الْآخِرِ لَمْ يَسْقُطْ، فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ إلَيْهَا وَإِلَيْهِ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاتِهَا إنْ لَمْ يُحَاذِ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخِرِ وَإِلَّا فَمِنْ مُحَاذَاةِ الْأَوَّلِ وَلَا يَنْتَظِرُ مُحَاذَاةَ الْآخِرِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَارِّ عَلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ أَنْ يُؤَخِّرَ إحْرَامَهُ إلَى الْجُحْفَةِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ فَإِنْ شَاءَ أَحْرَمَ مِنْ الْمَوْضِعِ الْمُحَاذِي لِأَبْعَدِهِمَا وَإِنْ شَاءَ لِأَقْرَبِهِمَا. (وَإِنْ لَمْ يُحَاذِ) مِيقَاتًا مِمَّنْ سَبَقَ كَالْجَائِي مِنْ الْبَحْرِ مِنْ جِهَةِ سَوَاكِنَ فَإِنَّهُ قَدْ لَا يُحَاذِي مِيقَاتًا، فَقَوْلُ ابْنُ يُونُسَ وَمَنْ تَبِعَهُ: الْمُرَادُ بِعَدَمِ الْمُحَاذَاةِ فِي عِلْمِهِ دُونَ نَفْسِ الْأَمْرِ فَإِنَّ الْمَوَاقِيتَ تَعُمُّ جِهَاتِ مَكَّةَ فَلَا بُدَّ أَنْ يُحَاذِيَ أَحَدَهَا مَرْدُودٌ (أَحْرَمَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ) إذْ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْمَوَاقِيتِ أَقَلَّ مَسَافَةً مِنْ هَذَا الْمِقْدَارِ (وَمَنْ مَسْكَنُهُ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمِيقَاتِ فَمِيقَاتُهُ) لِلنُّسُكِ (مَسْكَنُهُ) مِنْ قَرْيَةٍ أَوْ حِلَّةٍ لِمَا مَرَّ فِي الْخَبَرِ «وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ» هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مِيقَاتٌ آخَرُ، وَإِلَّا كَأَهْلِ بَدْرٍ وَالصَّفْرَاءِ فَإِنَّهُمْ بَعْدَ الْحُلَيْفَةِ وَقَبْلَ الْجُحْفَةِ فَمِيقَاتُهُمْ الثَّانِي وَهُوَ الْجُحْفَةُ. (وَمَنْ بَلَغَ) يَعْنِي جَاوَزَ (مِيقَاتًا) مِنْ الْمَوَاقِيتِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا أَوْ مَوْضِعًا جَعَلْنَاهُ مِيقَاتًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِيقَاتًا أَصْلِيًّا (غَيْرُ مُرِيدٍ نُسُكًا ثُمَّ أَرَادَهُ فَمِيقَاتُهُ مَوْضِعُهُ) وَلَا يُكَلَّفُ الْعَوْدَ إلَى الْمِيقَاتِ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ (وَمَنْ بَلَغَهُ) أَيْ وَصَلَ (مُرِيدًا) نُسُكًا (لَمْ تَجُزْ مُجَاوَزَتُهُ) إلَى جِهَةِ الْحَرَمِ (بِغَيْرِ إحْرَامٍ) إجْمَاعًا وَيَجُوزُ إلَى جِهَةِ الْيَمْنَةِ أَوْ الْيَسْرَةِ وَيُحْرِمُ مِنْ مِثْلِ مِيقَاتِ بَلَدِهِ أَوْ أَبْعَدَ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (فَإِنْ) خَالَفَ وَ (فَعَلَ) مَا مُنِعَ مِنْهُ بِأَنْ جَاوَزَهُ إلَى جِهَةِ الْحَرَمِ (لَزِمَهُ الْعَوْدُ لِيُحْرِمَ مِنْهُ) ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ مِنْهُ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ فَتَرَكَهُ وَقَدْ أَمْكَنَهُ تَدَارَكَهُ فَيَأْتِي بِهِ، وَقَوْلُهُ مِنْهُ مِثَالٌ فَلَوْ عَادَ إلَى مِثْلِ مَسَافَتِهِ مِنْ مِيقَاتٍ آخَرَ جَازَ. قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ، وَيُؤَيِّدُهُ تَجْوِيزُهُمْ فِي قَضَاءِ الْمُفْسِدِ تَرْكَ الْمِيقَاتِ الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ فِي الْأَدَاءِ مَعَ وُجُوبِ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَالْإِحْرَامُ مِنْ مِثْلِ مَسَافَتِهِ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ، وَلَا يَجِبُ تَأْخِيرُ الْإِحْرَامِ إلَى الْعَوْدِ؛ لِأَنَّا إذَا قُلْنَا بِالْأَصَحِّ أَنَّ الْعَوْدَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ يُسْقِطُ الدَّمَ كَانَ لَهُ الْإِحْرَامُ ثُمَّ يَعُودُ إلَى الْمِيقَاتِ مُحْرِمًا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ قَطْعُ الْمَسَافَةِ مُحْرِمًا كَالْمَكِّيِّ وَلَوْ أَرَادَ الِاعْتِمَارَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْإِحْرَامُ مِنْ مَكَّةَ ثُمَّ يَخْرُجُ إلَى الْحِلِّ عَلَى الصَّحِيحِ. نَعَمْ يَتَّجِهُ الِاكْتِفَاءُ بِقَدْرِ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَا عَادَ إلَيْهِ مِيقَاتًا، وَمَا أَوْهَمَهُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْعَوْدِ إذَا أَحْرَمَ لِجَعْلِهِ الْعِلَّةَ فِي عَوْدِهِ إنْشَاءَ الْإِحْرَامِ وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ وَلَوْ بَعْدَ الْإِحْرَامِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْمُجَاوَزَةِ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ وَالْعِلْمِ وَالْجَهْلِ إذْ الْمَأْمُورَاتُ لَا يَفْتَرِقُ فِيهَا الْحَالُ بَيْنَ الْعَمْدِ وَغَيْرِهِ كَنِيَّةِ الصَّلَاةِ لَكِنْ لَا إثْمَ عَلَى الْجَاهِلِ وَالنَّاسِي، وَلَا يَقْدَحُ فِيمَا ذُكِرَ فِي السَّاهِي أَنَّهُ بِسَهْوِهِ عَنْ الْإِحْرَامِ يَسْتَحِيلُ كَوْنُهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ إذْ يُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِمَنْ أَنْشَأَ سَفَرَهُ مِنْ مَحَلِّهِ قَاصِدًا لَهُ وَقَصْدُهُ مُسْتَمِرٌّ فَسَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَوْ إلَى الْآخِرِ لَمْ يَسْقُطْ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْأَقْرَبُ. (قَوْلُهُ مِنْ مَكَّةَ) أَيْ وَتَحْصُلُ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ يَعْرِفُ تِلْكَ الْمَسَافَةَ أَوْ بِأَنْ يَجْتَهِدَ فِيهَا (قَوْلُهُ لِلنُّسُكِ) أَشَارَ بِهِ إلَى تَصْحِيحِ إضَافَةِ الْمِيقَاتِ لِضَمِيرِهِ وَهُوَ أَنَّ الْإِضَافَةَ تَكُونُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ (قَوْلُهُ: مِنْ مِيقَاتٍ آخَرَ) سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ نَعَمْ يَتَّجِهُ الِاكْتِفَاءُ بِقَدْرِ ذَلِكَ إلَخْ فَمَا هُنَا مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِلَّا لَمْ يَتِمَّ بِهِ الدَّلِيلُ لِمَا ذُكِرَ كَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: فَلَوْ جَاوَزَهُمَا مُرِيدًا لِلنُّسُكِ إلَخْ) هَذَا هُوَ ثَمَرَةُ كَوْنِهِ يُحْرِمُ مِنْ أَبْعَدِهِمَا مِنْ مَكَّةَ، وَإِلَّا فَالصُّورَةُ أَنَّ الْمَحَلَّ الَّذِي يُحْرِمُ مِنْهُ فِيهِ مُحَاذَاةُ الْمِيقَاتَيْنِ مَعًا فَلَا وَجْهَ لِنِسْبَةِ الْإِحْرَامِ لِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: فَإِنْ قِيلَ فَإِذَا اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ فَكِلَاهُمَا مِيقَاتُهُ، قُلْنَا: لَا بَلْ مِيقَاتُهُ الْأَبْعَدُ إلَى مَكَّةَ، وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِيمَا لَوْ جَاوَزَهُمَا مُرِيدًا لِلنُّسُكِ وَلَمْ يَعْرِفْ مَوْضِعَ الْمُحَاذَاةِ إلَخْ

عَنْهُ حِينَ الْمُجَاوَزَةِ، ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ لُزُومِ الْعَوْدِ قَوْلُهُ (إلَّا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ) عَنْ الْعَوْدِ إلَى الْمِيقَاتِ (أَوْ كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا) أَوْ كَانَ مَعْذُورًا بِمَرَضٍ شَاقٍّ أَوْ خَافَ انْقِطَاعًا عَنْ رُفْقَتِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ حِينَئِذٍ بَلْ يُرِيقُ دَمًا، وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ تَحْرِيمُ عَوْدِهِ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَوْ عَادَ لَفَاتَ الْحَجُّ وَلَوْ كَانَ مَاشِيًا وَلَمْ يَتَضَرَّرْ بِالْمَشْيِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ أَوْ لَا؟ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ لُزُومُهُ، وَنَظَرَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ وَقَالَ: الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ عَلَى دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ لَزِمَهُ وَإِلَّا فَلَا كَمَا قُلْنَا فِي الْحَجِّ مَاشِيًا اهـ. قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: بَلْ الْمُتَّجَهُ لُزُومُ الْعَوْدِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ قَضَاءٌ لِمَا تَعَدَّى فِيهِ فَأَشْبَهَ وُجُوبَ قَضَاءِ الْحَجِّ الْفَاسِدِ وَإِنْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ قَدْ تَعَدَّى بِمُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِهِ وَإِلَّا فَالْمُتَّجَهُ مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ (فَإِنْ لَمْ يَعُدْ) لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ (لَزِمَهُ) بِتَرْكِهِ الْإِحْرَامَ مِنْ الْمِيقَاتِ (دَمٌ) لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَنْ نَسِيَ مِنْ نُسُكِهِ شَيْئًا أَوْ تَرَكَهُ فَلْيُهْرِقْ دَمًا. رَوَاهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَمَحَلُّ لُزُومِهِ إنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ مُطْلَقًا أَوْ بِحَجٍّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فَإِنْ لَمْ يُحْرِمْ أَصْلًا فَلَا إذْ لُزُومُهُ لِنُقْصَانِ النُّسُكِ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَكَذَا إنْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ فِي سَنَةٍ أُخْرَى إذْ إحْرَامُ سَنَةً لَا يَصْلُحُ لِإِحْرَامِ غَيْرِهَا، وَاقْتَضَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُسَاوَاةَ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمِ فِيمَا لَوْ جَاوَزَهُ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ ثُمَّ أَسْلَمَ وَأَحْرَمَ دُونَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ مَا لَوْ مَرَّ صَبِيٌّ أَوْ عَبْدٌ بِالْمِيقَاتِ غَيْرَ مُحْرِمٍ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ ثُمَّ بَلَغَ أَوْ عَتَقَ قَبْلَ الْوُقُوفِ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ عَلَى الصَّحِيحِ. أَفَادَهُ الْبَدْرُ بْنُ شُهْبَةَ فِي الْعَبْدِ وَابْنُ قَاسِمٍ فِيهِمَا فِي شَرْحَيْهِمَا الْكِتَابِ. (وَإِنْ أَحْرَمَ) مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُحْرِمٍ (ثُمَّ عَادَ) لَهُ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ عَادَ) إلَيْهِ (قَبْلَ تَلَبُّسِهِ بِنُسُكٍ سَقَطَ الدَّمُ) عَنْهُ: أَيْ لَمْ يَجِبْ لِقَطْعِهِ الْمَسَافَةَ مِنْ الْمِيقَاتِ مُحْرِمًا وَفِعْلِهِ جَمِيعَ الْمَنَاسِكِ بَعْدَهُ فَكَانَ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ مِنْهُ سَوَاءٌ أَدَخَلَ مَكَّةَ أَمْ لَا؟ (وَإِلَّا) بِأَنْ عَادَ بَعْدَ تَلَبُّسِهِ بِنُسُكٍ وَلَوْ طَوَافِ قُدُومٍ (فَلَا) يَسْقُطُ الدَّمُ عَنْهُ لِتَأَدِّي النُّسُكِ بِإِحْرَامٍ نَاقِصٍ، وَحَيْثُ لَمْ يَجِبْ بِعَوْدِهِ لَمْ تَكُنْ مُجَاوَزَتُهُ مُحَرَّمَةٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَحَامِلِيُّ وَالرُّويَانِيُّ. نَعَمْ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْمُجَاوَزَةُ بِنِيَّةِ الْعَوْدِ كَمَا قَالَهُ الْمَحَامِلِيُّ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ إطْلَاقُ الْغَزَالِيِّ وَطَائِفَةٍ وَجْهَيْنِ فِي سُقُوطِ الدَّمِ وَجْهٌ عَدَمُهُ تَأَكُّدُ الْإِسَاءَةِ بِإِنْشَاءِ الْإِحْرَامِ مِنْ غَيْرِ مَوْضِعِهِ. (وَالْأَفْضَلُ) لِمَنْ فَوْقَ الْمِيقَاتِ (أَنْ يُحْرِمَ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ عَمَلًا إلَّا نَحْوَ حَائِضٍ فَالْأَفْضَلُ لَهَا الْإِحْرَامُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْله أَوْ كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا) أَيْ بِأَنْ خَافَ فِيهِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ وَدَخَلَ فِي الْمَالِ مَا لَوْ كَانَ الْقَدْرُ الَّذِي يَخَافُ عَلَيْهِ فِي رُجُوعِهِ بِقَدْرِ قِيمَةِ الدَّمِ الَّذِي يَلْزَمُهُ حَيْثُ لَمْ يَعُدْ أَوْ دُونَهَا، وَقِيَاسُ مَا فِي التَّيَمُّمِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ خَافَ عَلَى مَال يُسَاوِي ثَمَنَ مَاءِ الطَّهَارَةِ لَا يُعْتَبَرُ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ فَيَجِبُ الْعَوْدُ وَإِنْ خَافَ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مَا هُنَا إسْقَاطٌ لِمَا ارْتَكَبَهُ وَمَا فِي التَّيَمُّمِ طَرِيقٌ لِلطَّهَارَةِ الَّتِي هِيَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ وَهِيَ أَضْيَقُ مِمَّا هُنَا فَلَا يَجِبُ الْعَوْدُ وَلَا إثْمَ بِعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: بِمَرَضٍ شَاقٍّ) أَيْ لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً وَإِنْ لَمْ يُبَحْ التَّيَمُّمُ (قَوْلُهُ: الْمُتَّجَهُ لُزُومُ الْعَوْدِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ فَوْقَهَا (قَوْلُهُ بِعُمْرَةٍ مُطْلَقًا) أَيْ وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ سَنَتِهِ (قَوْلُهُ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ إلَخْ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عِنْدَ الْمُجَاوَزَةِ غَيْرُ أَهْلٍ لِلْإِرَادَةِ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ. اهـ حَجّ: أَيْ الْقِنُّ وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي الصَّبِيِّ. قَالَ حَجّ: أَيْ وَمُجَاوَزَةُ الْوَلِيِّ بِمُوَلِّيهِ مُرِيدِ النُّسُكِ بِهِ فِيهَا الدَّمُ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: إلَّا نَحْوَ حَائِضٍ) كَالْجُنُبِ أَيْ لِكَرَاهَةٍ الْإِحْرَامِ مَعَ الْحَيْضِ وَنَحْوِهِ كَمَا يَأْتِي فِي فَصْلِ الْمُحْرِمِ يَنْوِي وَيُلَبِّي مِنْ قَوْلِهِ وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ: أَيْ الْغُسْلِ وَإِحْرَامُهُ جُنُبًا (قَوْلُهُ: فَالْأَفْضَلُ لَهَا الْإِحْرَامُ) هُوَ ظَاهِرٌ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ مَا لَوْ مَرَّ صَبِيٌّ أَوْ عَبْدٌ بِالْمِيقَاتِ غَيْرُ مُحْرِمٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا عَنْ ابْنِ شُهْبَةَ وَقَاسِمٍ فِي الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ فِيهِمَا فِي الْبَابِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ النَّصِّ مِنْ لُزُومِ الدَّمِ لَهُمَا حِينَئِذٍ، لَكِنْ يُؤْخَذُ مِمَّا أَلْحَقَهُ هُنَاكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ كَمَا قَدَّمْنَا التَّنْبِيهَ عَلَيْهِ أَنَّ مَحَلَّ مَا هُنَا إذَا خَرَجَا بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ وَالسَّيِّدِ وَمَا هُنَاكَ فِيمَا إذَا خَرَجَا بِإِذْنِهِمَا وَإِنْ كَانَ الشَّارِحُ وَضَعَهُ هُنَاكَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ

مِنْ الْمِيقَاتِ (وَفِي قَوْلٍ) الْأَفْضَلُ أَنْ يُحْرِمَ (مِنْ الْمِيقَاتِ) تَأَسِّيًا بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قُلْت: الْمِيقَاتُ) أَيْ الْإِحْرَامُ مِنْهُ إنْ لَمْ يَلْتَزِمْ بِالنَّذْرِ الْإِحْرَامُ مِمَّا قَبْلَهُ (أَظْهَرُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِمَا صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْرَمَ بِحَجَّتِهِ وَبِعُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ مِنْ الْحُلَيْفَةِ» ، وَإِنَّمَا جَازَ قَبْلَ الْمِيقَاتِ الْمَكَانِيِّ دُونَ الزَّمَانِيِّ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ تَعَلُّقَ الْعِبَادَةِ بِالْوَقْتِ أَشَدُّ مِنْهُ بِالْمَكَانِ، وَلِأَنَّ الْمَكَانِيَّ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ بِخِلَافِ الزَّمَانِيِّ وَالْأَفْضَلُ لِلْمَكِّيِّ الْإِحْرَامُ مِنْهَا وَأَنْ لَا يُحْرِمَ مِنْ خَارِجِهَا فِي جِهَةِ الْيَمَنِ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ إحْرَامُ الْمِصْرِيِّينَ مِنْ رَابِغٍ مَفْضُولًا، وَإِنْ كَانَتْ قَبْلَ الْمِيقَاتِ؛ لِأَنَّهُ لِعُذْرٍ وَهُوَ إبْهَامُ الْجُحْفَةِ عَلَى أَكْثَرِهِمْ وَعَدَمُ وُجُودِ مَاءٍ فِيهَا وَخَشْيَةُ مَنْ قَصَدَهَا عَلَى مَالِهِ وَنَحْوِهِ. (وَمِيقَاتُ الْعُمْرَةِ) الْمَكَانِيِّ (لِمَنْ هُوَ خَارِجُ الْحَرَمِ) (مِيقَاتُ الْحَجِّ) لِلْخَبَرِ الْمَارِّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ (وَمَنْ) هُوَ (بِالْحَرَمِ) مَكِّيًّا أَوْ غَيْرَهُ (يَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ إلَى أَدْنَى الْحِلِّ وَلَوْ بِخُطْوَةٍ) أَيْ بِقَلِيلِ مِنْ أَيِّ جَانِبٍ شَاءَ لِلْجَمْعِ فِيهَا بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ لِمَا صَحَّ مِنْ «أَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَائِشَةَ بِالْخُرُوجِ إلَيْهِ لِلْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ بِرَحِيلِ الْحَاجِّ» (فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ) إلَى أَدْنَى الْحِلِّ (وَأَتَى بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ) بَعْدَ إحْرَامِهِ بِهَا فِي الْحَرَمِ انْعَقَدَتْ عُمْرَتُهُ جَزْمًا وَ (أَجْزَأَتْهُ) هَذِهِ الْعُمْرَةُ عَنْ عُمْرَتِهِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِانْعِقَادِ إحْرَامِهِ وَإِتْيَانِهِ بَعْدَهُ بِالْوَاجِبَاتِ (وَ) لَكِنْ (عَلَيْهِ دَمٌ) لِتَرْكِهِ الْإِحْرَامَ عَنْ الْمِيقَاتِ. وَالثَّانِي لَا تُجْزِؤُهُ لِأَنَّ الْعُمْرَةَ أَحَدُ النُّسُكَيْنِ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا الْجَمْعُ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ كَالْحَجِّ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْحِلِّ وَهُوَ عَرَفَةَ (فَلَوْ خَرَجَ) عَلَى الْأَوَّلِ (إلَى) أَدْنَى (الْحِلِّ بَعْدَ إحْرَامِهِ) وَقَبْلَ طَوَافِهِ وَسَعْيِهِ (سَقَطَ الدَّمُ) أَيْ لَمْ يَجِبْ (عَلَى الْمَذْهَبِ) كَمَا لَوْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ مُحْرِمًا، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالسُّقُوطِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ ذَاكَ قَدْ انْتَهَى إلَى الْمِيقَاتِ عَلَى قَصْدِ النُّسُكِ ثُمَّ جَاوَزَهُ فَكَانَ مُسِيئًا حَقِيقَةً وَهَذَا الْمَعْنَى غَيْرُ مَوْجُودٍ هَهُنَا فَكَانَ شَبِيهًا بِمَنْ أَحْرَمَ قَبْلَ الْمِيقَاتِ. (وَأَفْضَلُ بِقَاعِ الْحِلِّ) لِلْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ (الْجِعْرَانَةُ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَهِيَ بِإِسْكَانِ الْعَيْنِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِ الْعَيْنِ وَتَثْقِيلِ الرَّاءِ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمُحَدِّثِينَ، وَهِيَ فِي طَرِيقِ الطَّائِفِ عَلَى سِتَّةِ فَرَاسِخَ مِنْ مَكَّةَ، وَيُحْكَى أَنَّهُ أَحْرَمَ مِنْهَا ثَلَاثُمِائَةِ نَبِيٍّ صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ (ثُمَّ التَّنْعِيمُ) لِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالِاعْتِمَارِ مِنْهُ، وَقَدَّمَهُ عَلَى الْجِعْرَانَةِ لِضِيقِ الْوَقْتِ أَوْ لِبَيَانِ الْجَوَازِ مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ وَهُوَ عِنْدَ الْمَسَاجِدِ الْمَعْرُوفَةِ بِمَسَاجِدِ عَائِشَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ فَرْسَخٌ فَهُوَ أَقْرَبُ أَطْرَافِ الْحِلِّ إلَى مَكَّةَ. سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَلَى يَمِينِهِ جَبَلًا يُقَال لَهُ نَعِيمٌ وَعَلَى يَسَارِهِ جَبَلًا يُقَالُ لَهُ نَاعِمٌ وَالْوَادِي نُعْمَانُ (ثُمَّ الْحُدَيْبِيَةُ) بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ فِي الْأَفْصَحِ، وَهِيَ اسْمٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSانْقِطَاعُ دَمِهَا قَبْلَ مُجَاوَزَتِهَا الْمِيقَاتِ بِزَمَنٍ يُمَكِّنُهَا فِيهِ الِاغْتِسَالُ وَالْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ لَهَا التَّأْخِيرُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تُحْرِمَ مِنْ الْمِيقَاتِ مَعَ الْحَيْضِ (قَوْلُهُ: الْإِحْرَامُ بِمَا قَبْلَهُ) أَيْ أَمَّا إذَا الْتَزَمَ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ مِمَّا الْتَزَمَهُ، وَلَا يُقَالُ: إنَّ هَذَا مَفْضُولٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمِيقَاتِ فَكَيْفَ انْعَقَدَ. لِأَنَّا نَقُولُ: الْمَانِعُ مِنْ الِانْعِقَادِ هُوَ الْمَكْرُوهُ لَا مَا كَانَ غَيْرَهُ أَفْضَلُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ لِلْمَكِّيِّ الْإِحْرَامُ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ وَالْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ لِلْحَجِّ فِي حَقِّ مَنْ بِمَكَّةَ نَفْسُ مَكَّةَ (قَوْلُهُ: سَقَطَ الدَّمُ عَلَى الْمَذْهَبِ) قَضَيْته وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْخُرُوجَ إلَى الْحِلِّ حَالَةَ الْإِحْرَامِ وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا سَبَقَ مِنْ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ أَنَّهُ هُنَا بِنَفْسِ الْإِحْرَامِ لَمْ تَتَحَقَّقْ الْإِسَاءَةُ حَتَّى يَحْتَاجَ لِمَسْقَطٍ لِلْإِثْمِ بِهَا وَفِيهَا سَبَقَ يُقَالُ مُجَاوَزَتُهُ لِلْمِيقَاتِ بِلَا إحْرَامٍ مَمْنُوعَةٌ فَاحْتَاجَ لِنِيَّةِ الْعَوْدِ لِيَمْنَعَ مِنْ تَرَتُّبِ الْإِثْمِ عَلَيْهَا: ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ قَوْلُهُ فَلَا دَمَ: أَيْ وَأَمَّا الْإِثْمُ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ إذَا أَحْرَمَ بِهَا قَبْلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ) بَدَلٌ مِنْ لَفْظِ الْخَبَرِ

[باب الإحرام]

لِبِئْرٍ بَيْنَ طَرِيقِ جُدَّةَ وَطَرِيقِ الْمَدِينَةِ بَيْنَ جَبَلَيْنِ عَلَى ثَلَاثَةِ فَرَاسِخَ مِنْ مَكَّةَ عَلَى مَا قِيلَ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَمَّ بِالِاعْتِمَارِ مِنْهَا فَصَدَّهُ الْكُفَّارُ فَقَدَّمَ فِعْلَهُ ثُمَّ أَمْرَهُ ثُمَّ هَمَّهُ، وَإِنْ زَادَتْ مَسَافَةُ الْمَفْضُولِ عَلَى الْفَاضِلِ، وَالتَّعْبِيرُ بِالْهَمِّ الْمَذْكُورِ قَالَهُ الْغَزَالِيُّ، وَصَوَّبَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ أَحْرَمَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَإِنَّمَا هَمَّ بِالدُّخُولِ إلَى مَكَّةَ مِنْ الْحُدَيْبِيَةِ. وَيُجَابُ بِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ هَمَّ أَوَّلًا بِالِاعْتِمَارِ مِنْهَا ثُمَّ بَعْدَ إحْرَامِهِ هَمَّ بِالدُّخُولِ مِنْهَا، وَيُنْدَبُ لِمَنْ لَمْ يُحْرِمْ مِنْ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَرَمِ بَطْنُ وَادٍ ثُمَّ يُحْرِمُ. وَيُسَنُّ الْخُرُوجُ عَقِبَ الْإِحْرَامِ مِنْ أَيِّ مَحَلٍّ كَانَ مِنْ غَيْرِ مُكْثٍ بَعْدَهُ. بَابُ الْإِحْرَامِ هُوَ نِيَّةُ الدُّخُولِ فِي النُّسُكِ بِالْإِجْمَاعِ، وَهُوَ كَمَا يُطْلَقُ شَرْعًا عَلَى هَذِهِ النِّيَّةِ يُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الدُّخُولِ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ فِيهِمَا أَوْ فِيمَا يَصْلُحُ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا وَهُوَ الْمُطْلَقُ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ: الْإِحْرَامُ رُكْنٌ، وَالْمُرَادُ هُنَا الثَّانِي وَهُوَ الْمَعْنَى بِقَوْلِهِمْ يَنْعَقِدُ الْإِحْرَامُ بِالنِّيَّةِ، وَلَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ هُنَا لِلْفَرْضِ اتِّفَاقًا. سُمِّيَ بِذَلِكَ إمَّا لِاقْتِضَائِهِ دُخُولُ الْحَرَمِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ أَحْرَمَ إذَا دَخَلَ الْحَرَمَ كَأَنْجَدَ إذَا دَخَلَ نَجْدًا أَوْ لِاقْتِضَائِهِ تَحْرِيمَ الْأَنْوَاعِ الْآتِيَةِ (يَنْعَقِدُ) الْإِحْرَامُ (مُعَيَّنًا بِأَنْ يَنْوِيَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً أَوْ كِلَيْهِمَا) لِمَا صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ» ، وَلَوْ نَوَى حَجَّتَيْنِ أَوْ نِصْفَ حِجَّةٍ انْعَقَدَ حِجَّةً أَوْ عُمْرَتَيْنِ أَوْ نِصْفَ عُمْرَةٍ انْعَقَدَ عُمْرَةً قِيَاسًا عَلَى الطَّلَاقِ فِي مَسْأَلَتِي النِّصْفِ وَإِلْغَاءٌ لِلْإِضَافَةِ إلَى ثِنْتَيْنِ فِي مَسْأَلَتَيْ الْحَجَّتَيْنِ وَالْعُمْرَتَيْنِ لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ فَصَحَّ فِي وَاحِدَةٍ كَمَا لَوْ تَيَمَّمَ لِفَرْضَيْنِ لَا يَسْتَبِيحُ إلَّا وَاحِدًا كَمَا مَرَّ، وَفَارَقَ عَدَمَ الِانْعِقَادِ فِي نَظِيرِهِمَا مِنْ الصَّلَاةِ بِأَنَّ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ يُحَافِظُ عَلَيْهِ مَا أَمْكَنَ، وَلِهَذَا لَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ انْعَقَدَ عُمْرَةً كَمَا مَرَّ (وَ) يَنْعَقِدُ أَيْضًا (مُطْلَقًا) وَذَلِكَ (بِأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى نَفْسِ الْإِحْرَامِ) بِأَنْ يَنْوِيَ الدُّخُولَ فِي النُّسُكِ الصَّالِحِ لِلْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ أَوْ يَقْتَصِرَ عَلَى قَوْلِهِ أَحْرَمْت. رَوَى الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ مُهِلِّينَ يَنْتَظِرُونَ الْقَضَاءَ: أَيْ نُزُولَ الْوَحْيِ، فَأَمَرَ مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْخُرُوجِ عَازِمًا عَلَى الْخُرُوجِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَلَا إثْمَ وَإِلَّا أَثِمَ، وَظَنِّيٌّ أَنَّ النَّقْلَ كَذَلِكَ فَلْيُرَاجِعْ (قَوْلُهُ: بَيْنَ طَرِيقِ جُدَّةَ) أَيْ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ حَجّ (قَوْلُهُ: فَقَدَّمَ فِعْلَهُ) أَيْ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ لِلِاتِّبَاعِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ جَمِيعَ إحْرَامَاتِهِ بِالْعُمْرَةِ كَانَ مِنْ الْجِعْرَانَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بَطْنَ وَادٍ) أَيْ: أَيُّ وَادٍ كَانَ. [بَابُ الْإِحْرَامِ] (قَوْلُهُ: هُوَ نِيَّةُ الدُّخُولِ إلَخْ) أَيْ شَرْعًا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ) أَيْ نِيَّةُ الدُّخُولِ، وَالثَّانِي هُوَ الدُّخُولُ فِي النُّسُكِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ هُنَا إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْحَجَّ لَا يَقَعُ مِنْ الْبَالِغِ الْحُرِّ إلَّا فَرْضًا بِخِلَافِهَا (قَوْلُهُ: فِي نَظِيرِهِمَا مِنْ الصَّلَاةِ) أَيْ وَذَلِكَ فِيمَا لَوْ نَوَى صَلَاتَيْنِ أَوْ نِصْفَ صَلَاةٍ فَإِنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ (قَوْلُهُ: مُهِلِّينَ) أَيْ مُحْرِمِينَ (قَوْلُهُ: فَأَمَرَ مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُمْ أَحْرَمُوا مُطْلَقِينَ، لَكِنْ سَيَأْتِي لَهُ فِي أَرْكَانِ الْحَجِّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ وَإِنْ كَانَ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ أَنْ يَجْعَلَ حَجَّهُ عُمْرَةٍ» ، وَذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَابُ الْإِحْرَامِ) (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ يُحَافَظُ عَلَيْهِ مَا أَمْكَنَ) الْأَوْلَى حَذْفُ لَفْظِ الْحَجِّ

يَجْعَلَ إحْرَامَهُ عُمْرَةً وَمَنْ مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يَجْعَلَهُ حَجًّا» ، وَمُنَاسَبَةُ ذَلِكَ ظَاهِرَةٌ، وَهُوَ أَنَّ الْحَجَّ أَكْمَلُ النُّسُكَيْنِ، وَمَنْ سَاقَ الْهَدْيَ تَقَرُّبًا أَكْمَلُ حَالًا مِمَّنْ لَمْ يَسُقْهُ فَنَاسَبَ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَكْمَلُ النُّسُكَيْنِ، وَأَمَّا كَوْنُ ظَاهِرِ الْخَبَرِ أَنَّ الْإِهْدَاءَ يَمْنَعُ الِاعْتِمَارَ فَغَيْرُ مُرَادٍ إجْمَاعًا، وَيُفَارِقُ الصَّلَاةَ حَيْثُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُحْرِمَ بِهَا مُطْلَقًا بِأَنَّ التَّعْيِينَ لَيْسَ شَرْطًا فِي انْعِقَادِ النُّسُكِ، وَلِهَذَا لَوْ أَحْرَمَ بِنُسُكِ نَفْلٍ وَعَلَيْهِ نُسُكُ فَرْضٍ انْصَرَفَ إلَى الْفَرْضِ، وَلَوْ قَيَّدَ الْإِحْرَامَ بِزَمَنٍ كَيَوْمٍ أَوْ أَكْثَرَ انْعَقَدَ مُطْلَقًا كَالطَّلَاقِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ بَحَثَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي هَذَا وَفِي مَسْأَلَتَيْ النِّصْفِ عَدَمُ الِانْعِقَادِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْعِبَادَاتِ وَالنِّيَّةُ الْجَازِمَةُ شَرْطٌ فِيهَا بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْغَلَبَةِ وَالسِّرَايَةِ وَيَقْبَلُ الْأَخْطَارَ وَيَدْخُلُهُ التَّعْلِيقُ. (وَالتَّعْيِينُ أَفْضَلُ) مِنْ الْإِطْلَاقِ لِيَعْرِفَ مَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ. قَالُوا: وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْإِخْلَاصِ (وَفِي قَوْلٍ الْإِطْلَاقُ) أَفْضَلُ مِنْ التَّعْيِينِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا حَصَلَ عَارِضٌ مِنْ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ صَرْفِهِ إلَّا مَا لَا يَخَافُ فَوْتَهُ (فَإِنْ أَحْرَمَ) إحْرَامًا (مُطْلَقًا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ) (صَرَفَهُ بِالنِّيَّةِ) لَا بِاللَّفْظِ فَقَطْ (إلَى مَا شَاءَ مِنْ النُّسُكَيْنِ أَوْ إلَيْهِمَا) مَعًا إنْ كَانَ الْوَقْتُ صَالِحًا لَهُمَا (ثُمَّ اشْتَغَلَ) بَعْدَ الصَّرْفِ (بِالْأَعْمَالِ) فَلَا يُجْزِئُ الْعَمَلُ قَبْلَهُ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ تَعْبِيرُهُ بِثُمَّ، لَكِنْ لَوْ طَافَ ثُمَّ صَرَفَهُ لِلْحَجِّ وَقَعَ طَوَافُهُ عَنْ الْقُدُومِ وَإِنْ كَانَ مِنْ سُنَنِ الْحَجِّ، وَلَوْ سَعَى بَعْدَهُ فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِأَنَّهُ رُكْنٌ فَيُحْتَاطُ لَهُ وَإِنْ وَقَعَ تَبَعًا، فَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ بِأَنْ فَاتَ وَقْتُ الْحَجِّ فَالْأَوْجَهُ صَرْفُهُ إلَى الْعُمْرَةِ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ، وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ الْأَقْرَبُ وَإِنْ قَالَ الْقَاضِي: إنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَتَعَيَّنَ عُمْرَةً وَأَنْ يَبْقَى مُبْهَمًا، فَإِنْ عَيَّنَهُ لِعُمْرَةٍ فَذَاكَ أَوْ لِحَجٍّ فَكَمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ. قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذَا الِاحْتِمَالُ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ فَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ أَنَّ لَهُ صَرْفَهُ إلَى مَا شَاءَ وَيَكُونُ كَمَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ. قَالَ الْقَاضِي: وَلَوْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا ثُمَّ أَفْسَدَهُ قَبْلَ التَّعْيِينِ فَأَيُّهُمَا عَيَّنَهُ كَانَ مُفْسِدًا لَهُ. (وَإِنْ أَطْلَقَ) الْإِحْرَامَ (فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ) أَيْ الْحَجِّ (فَالْأَصَحُّ انْعِقَادُهُ عُمْرَةً فَلَا يَصْرِفُهُ إلَى الْحَجِّ فِي أَشْهُرِهِ) ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ لَا يَقْبَلُ غَيْرَ الْعُمْرَةِ. وَالثَّانِي يَنْعَقِدُ مُبْهَمًا فَلَهُ صَرْفُهُ إلَى عُمْرَةٍ وَبَعْدَ دُخُولِ أَشْهُرِ الْحَجِّ إلَى النُّسُكَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا، فَإِنْ صَرَفَهُ إلَى الْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِهِ كَانَ كَإِحْرَامِهِ قَبْلَهَا فَيَنْعَقِدُ عُمْرَةً عَلَى الصَّحِيحِ. (وَلَهُ) أَيْ لِلشَّخْصِ (أَنْ يُحْرِمَ كَإِحْرَامِ زَيْدٍ) كَقَوْلِهِ أَحْرَمْتُ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ زَيْدٌ أَوْ كَإِحْرَامِهِ، «لِأَنَّ أَبَا مُوسَى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَهَلَّ بِإِهْلَالٍ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَلَمَّا أَخْبَرَهُ قَالَ لَهُ: أَحْسَنْتَ طُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَصْحَابِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: وَمُنَاسَبَةُ ذَلِكَ) أَيْ أَمَرَ مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِنُسُكٍ نَفْلٌ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الِابْتِدَاءِ بِهِ بِأَنْ سَبَقَ مِنْهُ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ. أَمَّا بَعْدَ فِعْلِهِ فَلَا يَكُونُ إلَّا فَرْضًا وَإِنْ تَكَرَّرَ فَإِنَّ الْحَجَّ مِنْ الْبَالِغِ الْحُرِّ لَا يَكُونُ إلَّا فَرْضًا وَلَا يَقَعُ وُقُوعُهُ نَفْلًا إلَّا مِنْ الصَّبِيِّ وَالرَّقِيقِ وَالْمَجْنُونِ إذَا أَحْرَمَ عَنْهُ وَلِيُّهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْعِبَادَاتِ) تَوْجِيهٌ لِكَلَامِ الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ) أَيْ لِأَنَّهُ إذَا أَحْرَمَ مُطْلَقًا كَانَ الْأَمْرُ مَوْكُولًا إلَى خِيرَتِهِ فَيَفْعَلُ مَا تَمِيلُ إلَيْهِ نَفْسُهُ فَفِيهِ ضَرْبٌ مِنْ غَرَضِ النَّفْسِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) بِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا مَصْدَرٌ أَوْ حَالٌ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: فَيُحْتَاطُ لَهُ) أَيْ فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ إلَّا إذَا وَقَعَ بَعْدَ طَوَافِ عِلْمٍ أَنَّهُ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ فَرْضًا أَوْ سُنَّةً (قَوْلُهُ فَالْأَوْجَهُ صَرْفُهُ إلَى الْعُمْرَةِ) أَيْ بِالنِّيَّةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ قَالَ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: وَهَذَا الِاحْتِمَالُ) هُوَ مَعْنَى كَوْنِهِ عُمْرَةٌ بِالْفَوَاتِ (قَوْلُهُ: فِي تِلْكَ الْحَالَةِ) أَيْ وَهُوَ يَنْعَقِدُ وَيَفُوتُهُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ فَيَتَحَلَّلُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وَيَقْضِيهِ مَنْ قَابَلَ (قَوْلُهُ كَانَ مُفْسِدًا لَهُ) أَيْ فَيَقْضِيهِ دُونَ الْآخِرِ وَيَجِبُ الْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهِ (قَوْلُهُ: طُفْ بِالْبَيْتِ) هُوَ ظَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْرَمَ مُطْلَقًا، لِأَنَّ إحْرَامَ أَبِي مُوسَى كَإِحْرَامِهِ يَنْعَقِدُ مُطْلَقًا فَيَصْرِفُهُ لِمَا شَاءَ، فَيَجُوزُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى الْأَنْسَبَ لِأَبِي مُوسَى الْعُمْرَةُ فَأَمَرَهُ بِهَا. وَإِمَّا عَلَى مَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ عَنْ الْمَجْمُوعِ فِي أَرْكَانِ الْحَجِّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَفِي قَوْلِ التَّمَتُّعِ أَفْضَلُ مِنْ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ صَرْفُهُ إلَى الْعُمْرَةِ) أَيْ بِالنِّيَّةِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَيَكُون كَمَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ) أَيْ حَيْثُ

وَأَحِلَّ» ، وَكَذَا فَعَلَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَكِلَاهُمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ زَيْدٌ مُحْرِمًا) أَصْلًا أَوْ أَتَى بِصُورَةِ إحْرَامٍ فَاسِدٍ لِكُفْرِهِ أَوْ جِمَاعِهِ (انْعَقَدَ إحْرَامُهُ مُطْلَقًا) وَلَغَتْ الْإِضَافَةُ إلَى زَيْدٍ؛ لِأَنَّهُ قَيَّدَ الْإِحْرَامَ بِصِفَةٍ، فَإِذَا انْتَفَتْ بَقِيَ أَصْلُ الْإِحْرَامِ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ عَنْ نَفْسِهِ وَمُسْتَأْجَرِهِ؛ وَلِأَنَّ أَصْلَ إحْرَامِهِ مَجْزُومٌ بِهِ (وَقِيلَ إنْ عَلِمَ عَدَمَ إحْرَامِ زَيْدٍ لَمْ يَنْعَقِدْ) إحْرَامُهُ كَمَا لَوْ عَلَّقَ فَقَالَ إنْ كَانَ مُحْرِمًا فَقَدْ أَحْرَمْت فَلَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا، وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ تَعْلِيقُ أَصْلِ الْإِحْرَامِ فَلَيْسَ جَازِمًا بِهِ، بِخِلَافِ الْمَقِيسِ فَإِنَّهُ جَازِمٌ بِالْإِحْرَامِ فِيهِ (وَإِنْ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا) بِإِحْرَامٍ صَحِيحٍ (انْعَقَدَ إحْرَامُهُ كَإِحْرَامِهِ) مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ كِلَيْهِمَا فَيَتْبَعُهُ فِي تَفْصِيلٍ أَتَى بِهِ ابْتِدَاءً لَا فِي تَفْصِيلٍ أَحْدَثَهُ بَعْدَ إحْرَامِهِ، كَأَنْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا وَصَرَفَهُ لِحَجٍّ ثُمَّ أَحْرَمَ كَإِحْرَامِهِ، وَلَا فِيمَا لَوْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهَا الْحَجَّ ثُمَّ أَحْرَمَ كَإِحْرَامِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ فِي الْأُولَى أَنْ يَصْرِفَهُ لِمَا صَرَفَ لَهُ زَيْدٌ، وَلَا فِي الثَّانِيَةِ إدْخَالُ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ التَّشْبِيهَ بِهِ فِي الْحَالِ فِي الصُّورَتَيْنِ، فَيَكُونُ فِي الْأُولَى حَاجًّا وَفِي الثَّانِيَةِ قَارِنًا. وَلَوْ أَحْرَمَ كَإِحْرَامِهِ قَبْلَ صَرْفِهِ فِي الْأُولَى وَقَبْلَ إدْخَالِهِ الْحَجَّ فِي الثَّانِيَةِ وَقَصَدَ التَّشْبِيهَ بِهِ فِي حَالِ تَلَبُّسِهِ بِإِحْرَامِهِ الْحَاضِرِ وَالْآتِي صَحَّ كَمَا اقْتَضَاهُ مَا فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَغَوِيّ، وَلَيْسَ فِيهِ مَعْنَى التَّعْلِيقِ بِمُسْتَقْبَلٍ؛ لِأَنَّهُ جَازِمٌ بِهِ فِي الْحَالِ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ يُغْتَفَرُ فِي الْكَيْفِيَّةِ لَا فِي الْأَصْلِ. وَلَوْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ بِنِيَّةِ التَّمَتُّعِ كَانَ هَذَا مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ وَلَا يَلْزَمُهُ التَّمَتُّعُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَمَتَى أَخْبَرَهُ زَيْدٌ بِكَيْفِيَّةِ إحْرَامِهِ لَزِمَهُ الْأَخْذُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ فَاسِقًا فِيمَا يَظْهَرُ وَإِنْ ظَنَّ خِلَافَهُ، إذْ لَا يَعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ، فَإِنْ أَخْبَرَهُ بِعُمْرَةٍ فَبَانَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ كَانَ إحْرَامُ هَذَا بِحَجٍّ تَبَعًا لَهُ، وَعِنْدَ فَوْتِ الْحَجِّ يَتَحَلَّلُ لِلْفَوَاتِ وَيُرِيقُ دَمًا وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى زَيْدٍ وَإِنْ غَرَّهُ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ لَهُ، وَلَوْ أَخْبَرَهُ بِنُسُكٍ ثُمَّ ذَكَرَ خِلَافَهُ فَإِنْ تَعَمَّدَ لَمْ يَعْمَلْ بِخَبَرِهِ الثَّانِي لِعَدَمِ الثِّقَةِ بِقَوْلِهِ: أَيْ مَعَ سَبْقِ مَا يُنَاقِضُهُ، وَإِلَّا فَيَعْمَلُ بِهِ. قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ وَغَيْرِهِ. . وَلَوْ عَلَّقَ إحْرَامَهُ عَلَى إحْرَامِ زَيْدٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَإِذَا أَوْ مَتَى، أَوْ إنْ أَحْرَمَ زَيْدٌ فَأَنَا مُحْرِمٌ لَمْ يَنْعَقِدْ إحْرَامُهُ مُطْلَقًا كَإِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَأَنَا مُحْرِمٌ؛ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ لَا تَتَعَلَّقُ بِالْأَخْطَارِ، أَوْ إنْ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا فَأَنَا مُحْرِمٌ، أَوْ فَقَدْ أَحْرَمْت وَكَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا انْعَقَدَ إحْرَامُهُ، وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِحَاضِرٍ أَقَلُّ غَرَرًا لِوُجُودِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالصَّوَابَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْرَمَ بِالْحَجِّ ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهِ الْعُمْرَةَ، وَخَصَّ بِجَوَازِهِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ لِلْحَاجَةِ فَمُشْكِلٌ لِأَنَّهُ حَيْثُ أَحْرَمَ كَإِحْرَامِهِ انْعَقَدَ إحْرَامُهُ حَجًّا، إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ إحْرَامَهُ وَإِنْ انْعَقَدَ حَجًّا، لَكِنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَصُّوا بِجَوَازِ فَسْخِ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ ثُمَّ، وَعَلَيْهِ فَأَمْرُهُ لَهُ بِالْعُمْرَةِ أَمْرٌ بِفَسْخِ الْحَجِّ إلَيْهَا وَهُوَ جَائِزٌ لِأَصْحَابِهِ خُصُوصِيَّةٌ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ أَحْرَمَ عَنْ نَفْسِهِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَنْ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا امْتَنَعَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا تَعَيَّنَ مَا هُوَ الْأَصْلُ فِي الْإِحْرَامِ وَهُوَ كَوْنُهُ عَنْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَقِيسِ) هُوَ قَوْلُهُ أَحْرَمْت بِمَا أَحْرَمَ بِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهُ فِي الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ كَأَنْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا، وَالثَّانِيَةُ هِيَ قَوْلُهُ وَلَا فِيمَا لَوْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: صَحَّ كَمَا اقْتَضَاهُ إلَخْ) أَيْ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَتْبَعَ زَيْدًا فِيمَا يَفْعَلُهُ بَعْدُ (قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ التَّمَتُّعِ) أَيْ بِأَنْ قَصَدَ أَنْ يَأْتِي بِالْحَجِّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ أَعْمَالِهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَمَّدَ) أَيْ بِأَنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى تَعَمُّدِهِ (قَوْلُهُ: انْعَقَدَ إحْرَامُهُ) أَيْ فَلَوْ شَكَّ هَلْ قَالَ إنْ كَانَ زَيْدٌ إلَخْ أَوْ قَالَ إنَّ أَحْرَمَ أَوْ إذَا أَوْ مَتَى فَيَنْبَغِي أَنْ تَلْغُوَ نِيَّتُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمِ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) لَا يُقَال: هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ كَمَا لَوْ عَلَّقَ فَقَالَ إنْ كَانَ مُحْرِمًا فَقَدْ أَحْرَمْت إلَخْ. لِأَنَّا نَقُولُ: مَا مَرَّ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ زَيْدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَنْعَقِدُ كَمَا قَدَّمَهُ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَهَذَا الْبِنَاءُ هُنَا عَلَيْهِ يَدُلُّ عَلَى اخْتِيَارِهِ لَهُ (قَوْلُهُ: بِصُورَةِ إحْرَامٍ فَاسِدٍ) أَيْ بَاطِلٍ. أَمَّا فِي الْكُفْرِ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا فِي الْجِمَاعِ فَصُورَتُهُ أَنْ يُحْرِمَ مُجَامِعًا، وَيَجُوزُ بَقَاءُ الْفَسَادِ بِالنِّسْبَةِ لِلْجِمَاعِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَصُورَتُهُ أَنْ يُجَامِعَ مُعْتَمِرًا ثُمَّ يَقْرِنَ فَإِنَّ إحْرَامَهُ بِالْحَجِّ يَقَعُ فَاسِدًا

فِي الْوَاقِعِ فَكَانَ قَرِيبًا مِنْ أَحْرَمْت كَإِحْرَامِ زَيْدٍ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْمُعَلَّقِ بِمُسْتَقْبَلٍ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) أَيْ تَعَسَّرَ كَمَا فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهُ يُعَبِّرُ عَنْ التَّعَسُّرِ بِالتَّعَذُّرِ كَثِيرًا نَعَمْ يُمْكِنُ حَمَلَ التَّعَذُّرِ عَلَى ظَاهِرِهِ بِمَا إذَا كَانَ يَرْجُو اتِّضَاحَ الْحَالِ فَيُمْتَنَعُ عَلَيْهِ نِيَّةُ الْإِفْرَادِ؛ لِأَنَّهُ يُوَرِّطُ نَفْسَهُ فِي إبْهَامِ وَتَعَاطِي مَا يَحْتَمِلُ الْحُرْمَةَ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةِ (مَعْرِفَةِ إحْرَامِهِ بِمَوْتِهِ) أَوْ جُنُونِهِ أَوْ نِسْيَانِهِ مَا أَحْرَمَ بِهِ أَوْ غِيبَتِهِ الطَّوِيلَةِ لَمْ يَتَحَرَّ لِتَلَبُّسِهِ بِالْإِحْرَامِ يَقِينًا فَلَا يَتَحَلَّلُ إلَّا بِيَقِينِ الْإِتْيَانِ بِالْمَشْرُوعِ فِيهِ كَمَا لَوْ شَكَّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ لَا يَتَحَرَّى، وَإِنَّمَا تَحَرَّى فِي الْأَوَانِي وَالْقِبْلَةِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ أَدَاءَ الْعِبَادَةِ ثَمَّ لَا يَحْصُلُ بِيَقِينٍ إلَّا بَعْدَ فِعْلٍ مَحْظُورٍ وَهُوَ صَلَاتُهُ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ أَوْ اسْتِعْمَالُهُ نَجَسًا وَهُنَا يَحْصُلُ الْأَدَاءُ بِيَقِينٍ مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ مَحْظُورٍ (جَعَلَ نَفْسَهُ قَارِنًا) بِأَنْ يَنْوِيَ الْقِرَانَ لِمَا مَرَّ (وَعَمِلَ أَعْمَالَ النُّسُكَيْنِ) لِيَتَحَقَّقَ الْخُرُوجَ عَنْ عُهْدَةِ مَا هُوَ فِيهِ فَتَبْرَأَ ذِمَّتُهُ مِنْ الْحَجِّ بَعْدَ إتْيَانِهِ بِأَعْمَالِهِ إذْ هُوَ إمَّا مُحْرِمٌ بِهِ أَوْ مُدْخِلٌ لَهُ عَلَى الْعُمْرَةِ، وَلَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ عَنْ الْعُمْرَةِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِحَجٍّ وَيُمْتَنَعُ إدْخَالُهَا عَلَيْهِ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ فِي الْحَالَيْنِ إذْ الْحَاصِلُ لَهُ الْحَجُّ فَقَطْ، وَاحْتِمَالُ حُصُولِ الْعُمْرَةِ فِي صُورَةِ الْقِرَانِ لَا يُوجِبُهُ إذْ لَا وُجُوبَ بِالشَّكِّ. نَعَمْ يُسَنُّ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فَيَكُون قَارِنًا، ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي. أَمَّا لَوْ لَمْ يَقْرِنْ وَلَا أَفْرَدَ بِأَنْ اقْتَصَرَ عَلَى أَعْمَالِ الْحَجِّ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ حَصَلَ لَهُ التَّحَلُّلُ لَا الْبَرَاءَةُ مِنْ شَيْءٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ أَتَى بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَتَعَيَّنْ السَّاقِطُ مِنْهُمَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِهِمَا كَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ لَا يَعْلَمُ عَيْنَهَا، أَوْ عَلَى عَمَلِ الْعُمْرَةِ لَمْ يَحْصُلْ التَّحَلُّلُ أَيْضًا، وَإِنْ نَوَاهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِحَجٍّ وَلَمْ يُتِمَّ أَعْمَالَهُ مَعَ أَنَّ وَقْتَهُ بَاقٍ. وَلَوْ أَحْرَمَ كَإِحْرَامِ زَيْدٍ وَبَكْرٍ صَارَ مِثْلَهُمَا فِي إحْرَامِهِمَا إنْ اتَّفَقَا فِيمَا أَحْرَمَا بِهِ، وَإِلَّا صَارَ قَارِنًا لِيَأْتِيَ بِمَا يَأْتِيَانِ بِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ إحْرَامُهَا فَاسِدًا انْعَقَدَ إحْرَامُهُ مُطْلَقًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَوْ أَحْرَمَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ، فَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَنَّ إحْرَامَهُ يَنْعَقِدُ صَحِيحًا فِي الصَّحِيحِ وَمُطْلَقًا فِي الْفَاسِدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSمُحْرِمًا وَهُوَ عَيْنُ قَوْلِهِ هُنَا وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ نَعَمْ يُمْكِنُ حَمْلُ التَّعَذُّرِ إلَخْ) فِي هَذَا الْحَمْلِ نَظَرٌ لِأَنَّ مَعْنَى التَّعَذُّرِ اسْتِحَالَةُ مَعْرِفَةِ الْوَاقِعِ وَمَنْ يَرْجُو الْمَعْرِفَةَ لَا تَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ، فَلَعَلَّ الْعِبَارَةَ إذَا كَانَ لَا يَرْجُو اتِّضَاحَ إلَخْ (قَوْلُهُ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ نِيَّةُ الْإِفْرَادِ) يَتَأَمَّلُ هَذَا فَإِنَّهُ لَا يَنْتَظِمُ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي، أَمَّا لَوْ لَمْ يَقْرِنْ وَلَا أَفْرَدَ بِأَنْ اقْتَصَرَ عَلَى أَعْمَالِ الْحَجِّ إلَخْ، وَالْمُوَافِقُ لِمَا يَأْتِي أَنْ يَقُولَ فَيَنْوِي الْإِفْرَادَ أَوْ يَجْعَلُ نَفْسَهُ قَارِنًا، وَعِبَارَةُ حَجّ فِي جَوَابِ قَوْلِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ إلَخْ: لَمْ يَتَحَرَّ إذْ لَا مَجَالَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ وَنَوَى الْحَجَّ أَوْ جَعَلَ نَفْسَهُ قَارِنًا إلَخْ (قَوْلُهُ: جَعَلَ نَفْسَهُ قَارِنًا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَجَعَلَ بِزِيَادَةِ الْوَاوِ لِأَنَّهُ جَعَلَ جَوَابَ الشَّرْطِ قَوْلُهُ السَّابِقُ لَمْ يَتَحَرَّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُسَنُّ) أَيْ الدَّمِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَيَقَّنَ) أَيْ وَالْحَالُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمُطْلَقًا فِي الْفَاسِدِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ الصَّحِيحُ حَجًّا وَالْفَاسِدُ عُمْرَةً انْعَقَدَ إحْرَامُهُ حَجًّا نَظَرًا لِلصَّحِيحِ، وَيَتَخَيَّرُ فِي الْفَاسِدِ بَيْنَ الْعُمْرَةِ فَيَصِيرُ قَارِنًا وَبَيْنَ الْحَجِّ فَيَكُونُ تَأْكِيدًا لِلصَّحِيحِ وَلَا يَلْزَمُ بِهِ شَيْءٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَيْ تَعَسَّرَ) هَذَا لَا يَقْبَلُهُ الْمَتْنُ بَعْدَ قَوْلِهِ بِمَوْتِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ لِمُجَرَّدِ التَّمْثِيلِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُمْكِنُ حَمْلُ التَّعَذُّرِ عَلَى ظَاهِرِهِ إلَخْ) كَلَامٌ غَيْرُ مُنْتَظِمٍ بِحَسَبِ مَا رَأَيْته فِي النُّسَخِ وَأَصْلُ ذَلِكَ مِنْ الْإِمْدَادِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْحَاوِيَ الصَّغِيرَ عَبَّرَ بِالتَّعَسُّرِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الشَّرْحِ فَعَدَلَ عَنْهُ الْإِرْشَادُ فِي اخْتِصَارِهِ إلَى لَفْظِ التَّعَذُّرِ لِمَا بَيَّنَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَمْشِيَتِهِ، فَرَدَّهُ الشِّهَابُ حَجّ فِي إمْدَادِهِ ثُمَّ قَالَ: نَعَمْ لَوْ قِيلَ فَائِدَةُ التَّعْبِيرِ بِالتَّعَذُّرِ أَنَّهُ مَا دَامَ يَرْجُو اتِّضَاحَ الْحَالِ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ نِيَّةُ الْإِفْرَادِ وَالْقِرَانِ لِأَنَّهُ يُوَرِّطُ نَفْسَهُ فِي إبْهَامٍ وَتَعَاطِي مَا يَحْتَمِلُ الْحُرْمَةَ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، فَكَانَ التَّعْبِيرُ لِأَجْلِ ذَلِكَ بِالتَّعَذُّرِ أَصْوَبَ مِنْهُ بِالتَّعَسُّرِ لَمْ يَبْعُدْ اهـ. فَتَصَرَّفَ فِيهِ الشَّارِحُ بِمَا تَرَى فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَحَرَّ) لَا يَخْفَى أَنَّ جَعْلَ هَذَا جَوَابَ الشَّرْطِ مُحْوِجٌ إلَى وَاوٍ قَبْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ جَعَلَ نَفْسَهُ قَارِنًا (قَوْلُهُ: جَعَلَ نَفْسَهُ قَارِنًا) أَيْ أَوْ مُفْرِدًا، وَكَأَنَّ الشَّارِحَ ذَكَرَهُ وَسَقَطَ مِنْ النُّسَّاخِ بِدَلِيلِ أَخْذِهِ مَفْهُومَهُ فِيمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَمَّا إذَا لَمْ يَقْرِنْ وَلَا أَفْرَدَ (قَوْلُهُ: فِي الْحَالَيْنِ) يَعْنِي عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ.

[فصل في ركن الإحرام وما يطلب للمحرم من الأمور الآتية]

فَصْلٌ فِي رُكْنِ الْإِحْرَامِ وَمَا يُطْلَبُ لِلْمُحْرِمِ مِنْ الْأُمُورِ الْآتِيَةِ (الْمُحْرِمُ) أَيْ مُرِيدُ الْإِحْرَامِ (يَنْوِي) بِقَلْبِهِ وُجُوبًا دُخُولَهُ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ كِلَيْهِمَا أَوْ مَا يَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْهُمَا وَهُوَ الْإِحْرَامُ الْمُطْلَقُ (وَيُلَبِّي) مَعَ النِّيَّةِ فَيَنْوِي بِقَلْبِهِ وَيَقُولُ بِلِسَانِهِ: نَوَيْت الْحَجَّ مَثَلًا وَأَحْرَمْت بِهِ لِلَّهِ تَعَالَى لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ إلَى آخِرِهِ، وَلَا يَجْهَرُ بِهَذِهِ التَّلْبِيَةِ، وَيُنْدَبُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَتَبِعَهُ فِي الْأَذْكَارِ وَنَقَلَهُ فِي الْإِيضَاحِ عَنْ الْجُوَيْنِيِّ وَأَقَرَّهُ أَنْ يَذْكُرَ فِي هَذِهِ التَّلْبِيَةِ لَا غَيْرِهَا مَا أَحْرَمَ بِهِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، لَكِنْ نَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ النَّصّ عَدَمَ نَدْبِهِ وَصَوَّبَهُ، وَالْعِبْرَةُ بِمَا نَوَاهُ لَا بِمَا ذَكَرَهُ فِي تَلْبِيَتِهِ. وَيُسَنُّ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِمَا يُرِيدُهُ وَأَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ عِنْدَ إحْرَامِهِ وَأَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ أَحْرَمَ لَك شَعْرِي وَبَشَرِي وَلَحْمِي وَدَمِي (فَإِنْ لَبَّى بِلَا نِيَّةٍ لَمْ يَنْعَقِدْ إحْرَامُهُ) لِخَبَرِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» ـــــــــــــــــــــــــــــS [فَصْلٌ فِي رُكْنِ الْإِحْرَامِ وَمَا يُطْلَبُ لِلْمُحْرِمِ مِنْ الْأُمُورِ الْآتِيَةِ] فَصْلٌ) فِي رُكْنِ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ: فِي رُكْنِ الْإِحْرَامِ) أَيْ فِي الرُّكْنِ الَّذِي هُوَ الْإِحْرَامُ وَهُوَ النِّيَّةُ فَالْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ، أَوْ فِي الرُّكْنِ الْمُحَصِّلِ لِلْإِحْرَامِ إنْ حُمِلَ الْإِحْرَامُ عَلَى الدُّخُولِ فِي النُّسُكِ. [تَنْبِيهٌ] سُئِلْت عَنْ مُلْتَصِقِينَ ظَهْرُ أَحَدِهِمَا فِي ظَهْرِ الْآخِرِ وَلَمْ يُمْكِنْ انْفِصَالُهُمَا، فَأَحْرَمَا بِالْحَجِّ ثُمَّ أَرَادَ أَحَدُهُمَا تَقْدِيمُ السَّعْيَ عَقِبَ طَوَافِ الْقُدُومِ وَالْآخَرُ تَأْخِيرَهُ إلَى مَا بَعْدَ طَوَافِ الرُّكْنِ فَمَنْ الْمُجَابُ، وَهَلْ إذَا فَعَلَ أَحَدُهُمَا مَا لَزِمَهُ مِنْ الْأَرْكَانِ وَالْوَاجِبَاتِ بِمُوَافَقَةِ الْآخَرَ ثُمَّ أَرَادَ الْآخَرُ ذَلِكَ يَلْزَمُ الْأَوَّلُ مُوَافَقَتَهُ وَالْمَشْيَ وَالرُّكُوبَ مَعَهُ إلَى الْفَرَاغِ أَيْضًا أَوْ لَا، وَهَلْ يَلْزَمُ كُلًّا أَنْ يَفْعَلَ مَعَ الْآخَرِ وَاجِبَهُ مِنْ نَحْوِ صَلَاةٍ سَوَاءٌ أَوْجَبَ عَلَيْهِ نَظِيرَ مَا وَجَبَ عَلَى صَاحِبِهِ أَوْ لَا ضَاقَ الْوَقْتُ أَوْ لَا؟ فَأَجَبْت بِقَوْلِي: الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ قَوَاعِدِنَا أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى أَحَدِهِمَا مُوَافَقَةُ الْآخِرِ فِي فِعْلِ شَيْءٍ أَرَادَهُ مِمَّا يَخُصُّهُ أَوْ يُشَارِكُهُ الْآخَرُ فِيهِ، لِأَنَّ تَكْلِيفَ الْإِنْسَانِ بِفِعْلٍ لِأَجَلِ غَيْرِهِ لَا مَعَ نِسْبَتِهِ لِتَقْصِيرٍ وَلَا لِسَبَبٍ فِيهِ مِنْهُ لَا نَظِيرَ لَهُ وَلَا نَظَرَ لِضِيقِ الْوَقْتِ لِأَنَّ صَلَاتَهُمَا مَعًا لَا تُمْكِنُ لِأَنَّ الْفَرْضَ تَحَالُفُ وَجْهَيْهِمَا. فَإِنْ قُلْت: لَمْ لَا نَجْبُرهُ وَنُلْزِمُ الْآخَرَ بِالْأُجْرَةِ كَمَا هُوَ قِيَاسُ مَسَائِلَ ذَكَرُوهَا؟ قُلْت: تِلْكَ لَيْسَتْ نَظِيرَ مَسْأَلَتِنَا لِأَنَّهَا تَرْجِعُ إلَى حِفْظِ النَّفْسِ تَارَةً كَمُرْضِعَةٍ تَعَيَّنَتْ وَالْمَالِ أُخْرَى كَوَدِيعٍ تَعَيَّنَ، وَمَا هُوَ؟ إنَّمَا هُوَ إجْبَارٌ لِمَحْضِ عِبَادَةٍ وَهِيَ يُغْتَفَرُ فِيهَا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِيهِمَا. فَإِنْ قُلْت: عَهْدُنَا الْإِجْبَارُ بِالْأُجْرَةِ لِلْعِبَادَةِ كَتَعْلِيمِ الْفَاتِحَةِ بِالْأُجْرَةِ، قُلْت: يُفَرَّقُ بِأَنَّ ذَاكَ أَمْرٌ يَدُومُ نَفْعُهُ بِفِعْلٍ قَلِيلٍ لَا يَتَكَرَّرُ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ تُكَرَّرُ الْإِجْبَارِ بَلْ دَوَامُهُ مَا بَقِيَتْ الْحَيَاةُ وَهَذَا أَمْرٌ لَا يُطَاقُ فَلَا يُتَّجَهُ إيجَابُهُ، فَإِنْ رُفِعَا لِلْحَاكِمِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَعْرَضَ عَنْهُمَا إلَى أَنْ يَصْطَلِحَا عَلَى شَيْءٍ يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرُوهُ أَوَاخِرَ الْعَارِيَّةِ بَلْ أَوْلَى فَيَتَأَمَّلُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ اهـ حَجّ فِي بَابِ الْفَرَائِضِ قُبَيْلَ فَصْلِ الْحُجُبِ، لَكِنْ نَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: الْمُصَنِّفُ لَمْ يَنْعَقِدْ إحْرَامُهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصْلٌ) فِي رُكْنِ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِمَا يُرِيدُهُ) مُكَرَّرٌ مَعَ مَا مَرَّ قَرِيبًا

(وَإِنْ نَوَى وَلَمْ يُلَبِّ انْعَقَدَ عَلَى الصَّحِيحِ) كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ. وَالثَّانِي لَا يَنْعَقِدُ لِإِطْبَاقِ الْأُمَّةِ عَلَيْهَا عِنْدَ الْإِحْرَامِ كَالصَّلَاةِ لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ. (وَيُسَنُّ الْغُسْلُ لِلْإِحْرَامِ) أَيْ عِنْدَ إرَادَتِهِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ بِهِمَا أَوْ مُطْلَقًا وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ امْرَأَةً وَحَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ؛ لِأَنَّهُ غُسْلٌ لِمُسْتَقْبَلٍ كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ، وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ وَإِحْرَامُهُ جُنُبًا، وَيَغْسِلُ الْوَلِيُّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ؛ لِأَنَّ حِكْمَةَ هَذَا الْغُسْلِ التَّنْظِيفُ وَلِهَذَا سُنَّ لِلْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ، وَإِذَا اغْتَسَلَتَا نَوَتَا، وَالْأَوْلَى لَهُمَا تَأْخِيرُ الْإِحْرَامِ إلَى طُهْرِهِمَا إنْ أَمْكَنَهُمَا الْمُقَامُ بِالْمِيقَاتِ لِيَقَعَ إحْرَامُهُمَا فِي أَكْمَلِ أَحْوَالِهِمَا. وَيُنْدَبُ لِمُرِيدِ الْإِحْرَامِ التَّنْظِيفُ بِإِزَالَةِ نَحْوِ شَعْرِ إبْطٍ وَعَانَةٍ وَظُفْرٍ وَوَسَخٍ وَغَسْلِ رَأْسِهِ بِسِدْرٍ وَنَحْوِهِ، وَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ تَقْدِيمُ هَذِهِ الْأُمُورِ عَلَى الْغُسْلِ كَمَا فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ اهـ: أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمَجْمُوعُ، وَإِلَّا فَإِزَالَةُ نَحْوِ الشَّعْرِ لَا تُطْلَبُ فِيهِ كَمَا مَرَّ، وَيُنْدَبُ لَهُ تَلْبِيدُ شَعْرِهِ بِصَمْغٍ أَوْ نَحْوِهِ لِئَلَّا يَتَوَلَّدَ فِيهِ الْقَمْلُ وَلَا يَتَشَعَّثَ فِي مُدَّةِ إحْرَامِهِ وَيَكُونَ بَعْدَ غُسْلِهِ. (فَإِنْ) (عَجَزَ) مُرِيدُ الْإِحْرَامِ عَنْ الْغُسْلِ وَمِثْلُهُ بَقِيَّةُ الْأَغْسَالِ الْآتِيَةِ لِفَقْدِ مَاءٍ أَوْ قِيَامِ مَانِعٍ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ (تَيَمَّمَ) ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ يُرَادُ لِلْقُرْبَةِ وَالنَّظَافَةِ، فَإِذَا تَعَذَّرَ أَحَدُهُمَا بَقِيَ الْآخَرُ، وَلِأَنَّهُ يَنُوبُ عَنْ الْغُسْلِ الْوَاجِبِ فَعَنْ الْمَنْدُوبِ أَوْلَى وَلَوْ وَجَدَ مَاءً لَا يَكْفِي غُسْلَهُ وَهُوَ كَافٍ وُضُوئِهِ تَوَضَّأَ بِهِ وَتَيَمَّمَ عَنْ الْغُسْلِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ كَافٍ لِوُضُوئِهِ أَيْضًا اسْتَعْمَلَهُ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، وَيَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ عَنْ الْغُسْلِ وَبَقِيَّةُ الْأَعْضَاءِ إنْ نَوَى بِمَا اسْتَعْمَلَهُ مِنْ الْمَاءِ الْغُسْلَ، وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ فَتَيَمَّمَ عَنْ بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ وَآخَرُ عَنْ الْغُسْلِ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (وَ) يُسَنُّ لِدُخُولِ الْحَرَمِ (وَلِدُخُولِ مَكَّةَ) وَلَوْ حَلَالًا لِلِاتِّبَاعِ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ هَذَا مِنْ أَغْسَالِ الْحَجِّ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَرْعٌ] شَكَّ بَعْدَ جَمِيعِ أَفْعَالِ الْحَجِّ هَلْ كَانَ نَوَى أَوْ لَا؟ ، فَالْقِيَاسُ عَدَمُ صِحَّتِهِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ، وَفَرَّقَ بَعْضُ النَّاسِ بِأَنَّ قَضَاءَ الْحَجِّ يَشُقُّ لَا أَثَرَ لَهُ بَلْ هُوَ وَهْمٌ اهـ سم عَلَى حَجّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. أَقْوَالٌ: وَقَدْ يُقَالُ الْأَقْرَبُ عَدَمُ الْقَضَاءِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ شَكَّ فِي النِّيَّةِ بَعْدَ فَرَاغِ الصَّوْمِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ بِأَنَّهُمْ تَوَسَّعُوا فِي نِيَّةِ الْحَجِّ مَا لَمْ يَتَوَسَّعُوهُ فِي نِيَّةِ الصَّلَاةِ فَقَالُوا: لَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فِي رَمَضَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ انْعَقَدَ عُمْرَةً، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى الظُّهْرَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهِ عَالَمًا بِذَلِكَ لَمْ يَنْعَقِدْ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا. وَقَالُوا: لَوْ نَوَى الْحَجَّ ظَانًّا بَقَاءَ رَمَضَانَ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ أَحْرَمَ فِي شَوَّالٍ اُعْتُدَّ بُنَيَّتِهِ عَمَلًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ. وَقَالُوا: لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ أَحْرَمَ وَتَرَدَّدَ فِي وَقْتِ إحْرَامِهِ هَلْ هُوَ قَبْلُ شَوَّالٍ أَوْ فِيهِ اُعْتُدَّ بُنَيَّتِهِ، وَيَبْرَأُ مِنْ الْحَجِّ إذَا أَتَى بِأَعْمَالِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ غَسَلَ لِمُسْتَقْبَلٍ كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ الْغُسْلِ لِلْمَاضِي كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ كَذَا قِيلَ، وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ، غُسْلَ الْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ إذَا أَفَاقَا وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي غُسْلِ الْجُمُعَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْله لَا تَطْلُبُ فِيهِ) أَيْ الْمَيِّتُ (قَوْلُهُ: وَيَنْدُبُ لَهُ تَلْبِيدُ شَعْرِهِ) أَيْ شَعْرِ رَأْسِهِ ظَاهِرُهُ وَإِنْ خَشِيَ عُرُوضَ جَنَابَةٍ بِاحْتِلَامٍ أَوْ خَشِيَتْ الْمَرْأَةُ حُصُولَ حَيْضٍ، وَيَنْبَغِي عَدَمُ اسْتِحْبَابِهِ فِيهِمَا لِأَنَّ عُرُوضَ مَا ذُكِرَ يُحْوِجُ إلَى الْغُسْلِ وَإِيصَالُ الْمَاءِ إلَى مَا تَحْتَ الشَّعْرِ وَإِزَالَةُ نَحْوَ الصَّمْغِ وَهُوَ قَدْ يُؤَدِّي إلَى إزَالَةِ بَعْضِ الشَّعْرِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ يَنُوبُ عَنْ الْغُسْلِ) أَيْ فَفِيهِ ضَرْبٌ مِنْ الْعِبَادَةِ فَلَمْ يَنْظُرْ لِمَا يَحْصُلُ بِهِ مِنْ التَّشْوِيهِ (قَوْلُهُ: اسْتَعْمَلَهُ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي) سَبْقُ نَظَرٍ وَإِلَّا فَهُوَ مَنْقُولُ الْمَذْهَبِ، وَابْنُ الْمُقْرِي إنَّمَا قَالَ مَسْأَلَةَ مَا إذَا لَمْ يَكْفِ لِلْوُضُوءِ أَيْضًا الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ عَقِبَ هَذِهِ، وَعِبَارَةُ ابْنِ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ عَلَى مَا فِي بَعْضِ نُسَخِهِ نَصُّهَا: وَالْعَاجِزُ عَنْهُ يَتَيَمَّمُ مَعَ الْوُضُوءِ أَوْ بَعْضِهِ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ انْتَهَتْ. قَالَ شَارِحُهُ: وَقَاسَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْوُضُوءِ بَعْضَهُ إذَا عَجَزَ عَنْ إتْمَامِهِ ثُمَّ قَالَ وَعَلَيْهِ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ عَنْ بَقِيَّةِ الْوُضُوءِ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ ثَانِيًا عَنْ الْغُسْلِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَيَمَّمَ تَيَمُّمًا وَاحِدًا عَنْ الْغُسْلِ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ إنْ لَمْ يَنْوِ بِمَا اسْتَعْمَلَهُ مِنْ الْمَاءِ الْغُسْلَ وَإِلَّا فَالثَّانِي اهـ فَلَخَّصَهُ الشَّارِحُ هُنَا فِيمَا ذَكَرَهُ (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلِدُخُولِ مَكَّةَ) أَيْ إذَا لَمْ يَغْتَسِلْ لِدُخُولِ الْحَرَمِ مِنْ مَحَلٍّ قَرِيبٍ مِنْ مَكَّةَ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي

إلَّا مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يَقَعُ فِيهِ، وَلَوْ فَاتَ لَمْ يَبْعُدْ نَدْبُ قَضَائِهِ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَيُلْحَقُ بِهِ بَقِيَّةُ الْأَغْسَالِ قِيَاسًا عَلَى قَضَاءِ النَّوَافِلِ وَالْأَوْرَادِ، هَذَا وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ أَنَّ الْأَغْسَالَ الْمَسْنُونَةَ إذَا فَاتَتْ لَا تُقْضَى؛ لِأَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِسَبَبٍ وَقَدْ زَالَ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ أَحْرَمَ الْمَكِّيُّ بِعُمْرَةٍ مِنْ قَرِيبٍ كَالتَّنْعِيمِ وَاغْتَسَلَ فَلَا يُسَنُّ لَهُ الْغُسْلُ لِدُخُولِ مَكَّةَ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْحَجِّ إذَا أَحْرَمَ بِهِ مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ لِكَوْنِهِ لَمْ يَخْطُرْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا هُنَاكَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ لِكَوْنِهِ مُقِيمًا هُنَاكَ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَقَعْ تَغَيُّرٌ لِرِيحِهِ عِنْدَ الدُّخُولِ وَإِلَّا سُنَّ الْغُسْلُ عِنْدَهُ. (وَ) يُسَنُّ بَعْدَ الزَّوَالِ (لِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ) وَالْأَفْضَلُ كَوْنُهُ بِنَمِرَةَ وَيَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ فِي غَيْرِهَا وَقَبْلَ الزَّوَالِ بَعْدَ الْفَجْرِ؛ وَلِهَذَا قَالَ فِي التَّنْبِيهِ: فَإِذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ عَلَى ثَبِيرٍ سَارُوا إلَى الْوُقُوفِ وَاغْتَسَلَ لِلْوُقُوفِ وَأَقَامَ بِنَمِرَةَ، فَإِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ خَطَبَ الْإِمَامُ. وَقَوْلُ ابْنِ الْوَرْدِيِّ فِي بَهْجَتِهِ: وَلِلْوُقُوفِ فِي عَشِيِّ عَرَفَةَ، لَا يُخَالِفُ هَذَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي عَشِيِّ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لِلْوُقُوفِ، لَكِنْ تَقْرِيبُهُ مِنْ وُقُوفِهِ أَفْضَلُ كَتَقْرِيبِهِ مِنْ ذَهَابِهِ فِي غُسْلِ الْجُمُعَةِ، وَسُمِّيَتْ عَرَفَةَ؛ لِأَنَّ آدَمَ وَحَوَّاءَ تَعَارَفَا ثُمَّ، وَقِيلَ؛ لِأَنَّ جِبْرِيلَ عَرَّفَ فِيهَا إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَنَاسِكَهُ وَقِيلَ غَيْرَ ذَلِكَ. (وَ) يُسَنُّ بَعْدَ نِصْفِ لَيْلَةِ النَّحْرِ لِلْوُقُوفِ (بِمُزْدَلِفَةَ) عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ (غَدَاةَ) يَوْمِ (النَّحْرِ) أَيْ بَعْدَ فَجْرِهِ. (وَ) يُسَنُّ (فِي) كُلِّ يَوْمٍ مِنْ (أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) الثَّلَاثَةِ بَعْدَ الزَّوَالِ (لِلرَّمْيِ) أَيْ رَمْيِ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ لِآثَارٍ وَرَدَتْ فِيهَا وَلِأَنَّهَا مَوَاضِعُ اجْتِمَاعٍ فَأَشْبَهَ غُسْلَ الْجُمُعَةِ، وَيُسَنُّ لِدُخُولِ الْبَيْتِ لَا لِلْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ لَقُرْبِهِ مِنْ غُسْلِ عَرَفَةَ، وَلَا لِرَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ اكْتِفَاءً بِغُسْلِ الْعِيدِ، وَلَا لِطَوَافِ الْقُدُومِ لَقُرْبِهِ مِنْ غُسْلِ الدُّخُولِ، وَلَا لِلْحَلْقِ وَطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَطَوَافِ الْوَدَاعِ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ وَالْمُصَنِّفِ فِي أَكْثَرِ كُتُبِهِ وَإِنْ جَزَمَ فِي مَنَاسِكِهِ الْكُبْرَى بِاسْتِحْبَابِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ (وَ) يُسَنُّ (أَنْ) (يُطَيِّبَ) مُرِيدُ الْإِحْرَامِ (بَدَنَهُ لِلْإِحْرَامِ) ذَكَرًا أَمْ غَيْرَهُ شَابَّةً أَمْ عَجُوزًا خَلِيَّةً أَمْ لَا لِلِاتِّبَاعِ، وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ فِي الْجُمُعَةِ مِنْ عَدَمِ سَنِّ التَّطَيُّبِ فِي ذَهَابِ الْأُنْثَى لَهَا بِأَنَّ زَمَانَ الْجُمُعَةِ وَمَكَانَهَا ضَيِّقٌ وَلَا يُمْكِنُهَا تَجَنُّبُ الرِّجَالِ بِخِلَافِ الْإِحْرَامِ. نَعَمْ لَا تَطَيَّبُ الْمُحِدَّةُ (وَكَذَا ثَوْبُهُ) مِنْ إزَارِ الْإِحْرَامِ وَرِدَائِهِ يُسَنُّ تَطْيِيبُهُ (فِي الْأَصَحِّ) كَالْبَدَنِ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّ الثَّوْبَ يُنْزَعُ وَيُلْبَسُ وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي اسْتِحْبَابِ تَطْيِيبِ الثَّوْبِ الْمُحَرَّرَ لَكِنْ صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ كَوْنُهُ مُبَاحًا وَقَالَ: لَا يُنْدَبُ جَزْمًا، وَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا الْجَوَازَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (وَلَا بَأْسَ بِاسْتِدَامَتِهِ) أَيْ الطِّيبِ فِي الثَّوْبِ (بَعْدَ الْإِحْرَامِ) كَالْبَدَنِ لِمَا رُوِيَ «عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفْرِقِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُحْرِمٌ» ، وَالْوَبِيصُ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَ الْوَاوِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ هُوَ الْبَرِيقُ، وَالْمَفْرِقُ هُوَ وَسَطُ الرَّأْسِ وَمَحَلُّ نَدْبِهِ بَعْدَ غُسْلِهِ وَيَحْصُلُ بِأَيِّ طِيبٍ كَانَ وَالْأَفْضَلُ الْمِسْكُ وَأَنْ يَخْلِطَهُ بِمَاءِ الْوَرْدِ وَنَحْوِهِ، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ جَوَازِ الِاسْتِدَامَةِ مَا إذَا لَزِمَهَا الْإِحْدَادُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي بَعْضِهَا لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ غَيْرُ كَافٍ لِجُمْلَتِهَا (قَوْلُهُ أَنَّهُ يَقَعُ فِيهِ) أَيْ فِي الْحَجِّ أَيْ زَمَنِهِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ) ظَرْفٌ لِلْوُقُوفِ كَقَوْلِ الْمُصَنِّفِ غَدَاةَ النَّحْرِ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِ الشَّارِحِ بَعْدَ نِصْفِ لَيْلَةِ النَّحْرِ (قَوْلُهُ: اكْتِفَاءٌ بِغُسْلِ الْعِيدِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ حَصَلَ لَهُ تَغَيُّرٌ فِي بَدَنِهِ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي اسْتِحْبَابِهِ لِدُخُولِ مَكَّةَ فِي حَقِّ مَنْ اغْتَسَلَ لِدُخُولِ الْحَرَمِ قُرْبَ مَكَّةَ حَيْثُ تَغَيُّرِ رِيحُهُ، اسْتِحْبَابُهُ هُنَا، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ غُسْلَ الْعِيدِ يَدْخُلُ بِنِصْفِ اللَّيْلِ كَغُسْلِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَغُسْلِ الْعِيدِ مُحَصَّلٌ بِغُسْلِ الرَّمْيِ لِفِعْلِهِمَا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا تَطَيُّبَ) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهَا ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا الْجَوَازُ) أَيْ الْإِبَاحَةُ (قَوْلُهُ: فِي مَفْرَقِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا مَرَّ) اُنْظُرْ مَا مُرَادُهُ بِمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: إنَّ الْأَغْسَالَ الْمَسْنُونَةَ إذَا فَاتَتْ لَا تُقْضَى) هَذَا مُصَادَرَةٌ إذْ هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ

بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَتَلْزَمُهَا إزَالَتُهُ كَمَا عَبَّرَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ لَزِمَهَا إزَالَتُهُ فِي وَجْهٍ (وَلَا بِطِيبٍ لَهُ جِرْمٌ) لِلْخَبَرِ الْمَارِّ (لَكِنْ) (لَوْ نَزَعَ ثَوْبَهُ الْمُطَيَّبُ) وَرَائِحَةُ الطِّيبِ مَوْجُودَةٌ فِيهِ (ثُمَّ لَبِسَهُ) (لَزِمَهُ الْفِدْيَةُ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا لَوْ ابْتَدَأَ لُبْسَ ثَوْبٍ مُطَيَّبٍ أَوْ أَخَذَ الطِّيبَ مِنْ بَدَنِهِ ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ. وَالثَّانِي لَا؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِي الثَّوْبِ خَلْعَهُ وَلُبْسَهُ فَجُعِلَ عَفْوًا، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رَائِحَةُ الثَّوْبِ مَوْجُودَةً وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ أَلْقَى عَلَيْهِ مَاءً ظَهَرَتْ رَائِحَتُهُ امْتَنَعَ لُبْسُهُ بَعْدَ نَزْعِهِ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ مَسَّهُ عَمْدًا بِيَدِهِ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ وَيَكُونُ مُسْتَعْمِلًا لِلطِّيبِ ابْتِدَاءً جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَا عِبْرَةَ بِانْتِقَالِ الطِّيبِ بِإِسَالَةِ الْعَرَقِ وَلَوْ تَعَطَّرَ ثَوْبُهُ مِنْ بَدَنِهِ لَمْ يَضُرَّ جَزْمًا، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ نَدْبَ الْجِمَاعِ إنْ أَمْكَنَهُ قَبْلَ إحْرَامِهِ؛ لِأَنَّ الطِّيبَ مِنْ دَوَاعِيهِ. (وَ) يُسَنُّ (أَنْ) (تُخَضِّبَ الْمَرْأَةُ) غَيْرَ الْمُحِدَّةِ (لِلْإِحْرَامِ) أَيْ لِإِرَادَتِهِ (يَدَهَا) أَيْ كُلَّ يَدٍ مِنْهَا إلَى الْكُوعِ فَقَطْ بِالْحِنَّاءِ وَلَوْ خَلِيَّةً وَشَابَّةً لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: إنَّ ذَلِكَ مِنْ السُّنَّةِ، وَلِأَنَّهُمَا قَدْ يَنْكَشِفَانِ، وَتَمْسَحُ وَجْهَهَا بِشَيْءٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِكَشْفِهِ فَتَسْتُرُ بَشَرَتَهُ بِلَوْنِ الْحِنَّاءِ، وَمَحَلُّ الِاسْتِحْبَابِ بِالْحِنَّاءِ إذَا كَانَ تَعْمِيمًا دُونَ التَّطْرِيفِ وَالنَّقْشِ وَالتَّسْوِيدِ أَمَّا بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَيُكْرَهُ لَهَا ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الزِّينَةِ وَإِزَالَةِ الشُّعْثِ، لَكِنْ لَا فِدْيَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطِيبٍ وَخَرَجَ الرَّجُلُ وَالْخُنْثَى فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا ذَلِكَ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَالْمُحِدَّةُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا أَيْضًا. وَيُسَنُّ لِغَيْرِ الْمُحْرِمَةِ أَيْضًا لَكِنَّهُ لِلْمُحْرِمَةِ آكَدُ. نَعَمْ يُكْرَهُ لِلْخَلِيَّةِ مِنْ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ. (وَيَتَجَرَّدُ الرَّجُلُ) بِالرَّفْعِ كَمَا فِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ فَقَدْ قَالَ السُّبْكِيُّ: رَأَيْت فِي الْأَصْلِ الَّذِي قَابَلْتُهُ عَلَى خَطِّ الْمُصَنِّفِ وَيَتَجَرَّدُ مَضْبُوطًا بِضَمِّ الدَّالِ: أَيْ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ فَلَا يُعْطَفُ عَلَى السُّنَنِ، وَصَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ بِالْوُجُوبِ كَالرَّافِعِيِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ بِسُنَّتِهِ وَاسْتَحْسَنَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ تَبَعًا لِلطَّبَرِيِّ (لِإِحْرَامِهِ) بِخِلَافِ الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى إذْ لَا نَزْعَ عَلَيْهِمَا فِي غَيْرِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ (عَنْ مَخِيطٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَالْمُرَادُ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْهُ مِنْ كُلِّ مُحِيطٍ بِضَمِّ الْمِيمِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَلَوْ لُبَدًا وَمَنْسُوجًا (الثِّيَابُ) وَنَحْوُهَا مِنْ خُفٍّ وَنَعْلٍ لِيَنْتَفِيَ عَنْهُ لُبْسُهُ فِي الْإِحْرَامِ الَّذِي هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ إنَّ الْمُتَّجَهَ اسْتِحْبَابُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ كَالْمُحَرَّرِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا فَهِمَهُ مِنْ كَوْنِ عِبَارَتِهِ بِالنَّصْبِ، وَمَا عَلَّلَ بِهِ كَلَامَهُ مِنْ أَنَّ سَبَبَ وُجُوبِهِ وَهُوَ الْإِحْرَامُ لَمْ يُوجَدْ، وَلِهَذَا لَوْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَأَنْت طَالِقٌ لَمْ يُمْتَنَعْ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا، وَإِنَّمَا يَجِبُ النَّزْعُ عَقِبَهُ، ثُمَّ إنَّ الشَّيْخَيْنِ ذَكَرَا فِي الصَّيْدِ عَدَمَ وُجُوبِ إزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ مَعَ أَنَّ الْمُدْرَكَ فِيهِمَا وَاحِدٌ أُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْوَطْءَ يَقَعُ فِي النِّكَاحِ فَلَا يَحْرُمُ وَإِنَّمَا يَجِبُ النَّزْعُ عَقِبَهُ؛ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَلِأَنَّ مُوجِبَهُ لَيْسَ الْوَطْءُ بَلْ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ إلْحَاقُ عَدَمِ التَّجَرُّدِ بِالْوَطْءِ، وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الصَّيْدَ يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ بِالْإِحْرَامِ كَمَا يَأْتِي، بِخِلَافِ نَزْعِ الثَّوْبِ لَا يَحْصُلُ بِهِ فَيَجِبُ قَبْلَهُ كَمَا يَجِبُ السَّعْيُ إلَى الْجُمُعَةِ قَبْلَ وَقْتِهَا عَلَى بَعِيدِ الدَّارِ، وَلِأَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلَوْ مَسَّهُ عَمْدًا بِيَدِهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَقْ بِيَدِهِ مِنْهُ شَيْءٌ، لَكِنْ عِبَارَتُهُ فِي بَابِ مُحْرِمَاتِ الْإِحْرَامِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ إلَخْ نَصَّهَا: وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِعَبَقِ الرِّيحِ فَقَطْ بِنَحْوِ مَسِّهِ وَهُوَ يَابِسٌ أَوْ جُلُوسُهُ فِي دُكَّانِ عَطَّارٍ أَوْ عِنْدَ مَتْجَرٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ تَطْيِيبًا (قَوْلُهُ: وَتَمْسَحُ وَجْهَهَا) أَيْ نَدْبًا (قَوْله وَالتَّسْوِيدُ) زَادَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَتَحْمِيرُ الْوَجْنَةِ بَلْ يَحْرُمُ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ عَلَى خَلِيَّةٍ وَمَنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهَا حَلِيلُهَا (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَجِبُ النَّزْعُ عَقِبَهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَمَا عَبَّرَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ لَزِمَهَا إلَخْ) فِيهِ أَنَّ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ لَيْسَ فِي خُصُوصِ الْمُحِدَّةِ بَلْ فِي عُمُومِ الْمُعْتَدَّةِ وَالْوَجْهَانِ فِيهَا مَذْكُورَانِ حَتَّى فِي كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ الْبَاحِثِ مَا ذَكَرَ، وَعِبَارَتُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ جَوَازِ الِاسْتِدَامَةِ مَا إذَا لَزِمَهَا الْإِحْدَادُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ، وَكَذَا الْمَبْتُوتَةُ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، فَفِي وُجُوبِ إزَالَتِهِ عَلَيْهَا وَجْهَانِ اهـ وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ الْمَحَلِّيِّ: وَلَوْ تَطَيَّبَتْ الْمَرْأَةُ ثُمَّ لَزِمَتْهَا عِدَّةٌ يَلْزَمُهَا إزَالَةُ الطِّيبِ فِي وَجْهٍ، لِأَنَّ فِي الْعِدَّةِ حَقَّ آدَمِيٍّ فَالْمُضَايَقَةُ فِيهِ أَكْثَرُ انْتَهَتْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ الْمَحَلِّيِّ لَيْسَ عِبَارَةً عَنْ بَحْثِ الْأَذْرَعِيِّ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ

إتْلَافُ مَالٍ قَبْلَ وُجُودِ الْمُقْتَضَى؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَحْرُمُ لِأَنَّ إرْسَالَ الصَّيْدِ بِغَيْرِ سَبَبٍ يَقْتَضِيهِ حَرَامٌ، بِخِلَافِ التَّجَرُّدِ فَإِنَّهُ مُقَدِّمَةُ الْعِبَادَةِ، وَشَأْنُهَا التَّقَدُّمُ عَلَيْهَا كَالطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ. نَعَمْ قَدْ يُقَالُ بِعَدَمِ وُجُوبِهِ أَخْذًا مِمَّا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبِسُ ثَوْبًا وَهُوَ لَابِسُهُ فَنَزَعَ فِي الْحَالِ لَمْ يَحْنَثْ، وَمِمَّا لَوْ وَطِئَ أَوْ أَكَلَ لَيْلًا مَنْ أَرَادَ الصَّوْمَ لَا يَلْزَمُهُ تَرْكُهُمَا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ. وَأَجَابَ الشَّيْخُ بِأَنَّ الْإِحْرَامَ عِبَادَةٌ طُلِبَ فِيهَا أَنْ يَكُونَ الْمُحْرِمُ أَشْعَثَ أَغْبَرَ وَلَا يَكُونَ كَذَلِكَ إلَّا إذَا نَزَعَ قَبْلَهُ، بِخِلَافِ الْحَلِفِ وَتَرْكِ الْمُفْطِرِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ فَاحْتِيطَ لَهُ مَا لَمْ يُحْتَطْ لَهُمَا وَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَ النَّزْعُ بَعْدَ التَّطَيُّبِ. (وَ) يُسَنُّ (أَنْ) (يَلْبِسَ) الرَّجُلُ قَبْلَ إحْرَامِهِ (إزَارًا وَرِدَاءً) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (أَبْيَضَيْنِ) لِخَبَرِ «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضَ» وَيُسَنُّ كَوْنُهُمَا جَدِيدَيْنِ وَإِلَّا فَمَغْسُولَيْنِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْأَحْوَطُ أَنْ يَغْسِلَ الْجَدِيدَ الْمَقْصُورَ لِنَشْرِ الْقَصَّارِينَ لَهُ عَلَى الْأَرْضِ. وَقَدْ اسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ غَسْلَ حَصَى الْجِمَارِ احْتِيَاطًا، وَهَذَا أَوْلَى بِهِ، وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِ أَنَّ غَيْرَ الْمَقْصُودِ كَذَلِكَ: أَيْ إذَا تُوُهِّمَتْ نَجَاسَتُهُ لَا مُطْلَقًا لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَيُكْرَهُ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ الْمَصْبُوغُ وَلَوْ بِنِيلَةٍ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ وَإِنْ قَلَّ فِيمَا يَظْهَرُ إلَّا الْمُزَعْفَرَ فَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ كَمَا مَرَّ، وَإِنَّمَا كُرِهَ الْمَصْبُوغُ هُنَا بِخِلَافِ مَا قَالُوهُ ثَمَّ؛ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ فَلَا يُنَاسِبُهُ الْمَصْبُوغُ مُطْلَقًا، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَصْبُوغِ قَبْلَ النَّسْجِ وَبَعْدَهُ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ فِي تَقْيِيدِهِ بِمَا صُبِغَ بَعْد النَّسْجِ وَإِنْ تَبِعَهُ الرُّويَانِيُّ. (وَ) يُسَنُّ لُبْسُ (نَعْلَيْنِ) لِخَبَرِ «لِيُحْرِمَ أَحَدُكُمْ فِي إزَارٍ وَرِدَاءٍ وَنَعْلَيْنِ» (وَ) يُسَنُّ (أَنْ) (يُصَلِّيَ) لِلْإِحْرَامِ قَبْلَهُ (رَكْعَتَيْنِ) لِمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَحْرَمَ» وَيُحْرِمَانِ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ فِي غَيْرِ حَرَمِ مَكَّةَ وَتُغْنِي عَنْهُمَا فَرِيضَةٌ أَوْ نَافِلَةٌ كَالتَّحِيَّةِ، وَمَا نَظَرَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ كَوْنِهَا مَقْصُودَةً فَلَا تَنْدَرِجُ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ رَدَّهُ السُّبْكِيُّ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَتِمُّ إذَا أَثْبَتْنَا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لِلْإِحْرَامِ خَاصَّةً» وَلَمْ يَثْبُتْ، بَلْ الَّذِي ثَبَتَ وَدَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ وُقُوعُ الْإِحْرَامِ إثْرَ صَلَاةٍ. وَيُنْدَبُ أَنْ يَقْرَأَ فِيهِمَا بَعْدَ الْفَاتِحَةِ سُورَتَيْ الْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصُ وَأَنْ يُصَلِّيَهُمَا فِي مَسْجِدِ الْمِيقَاتِ إنْ كَانَ ثَمَّ مَسْجِدٌ وَلَا فَرْقَ فِي صَلَاتِهِمَا بَيْنَ الذَّكَرِ وَغَيْرِهِ. (ثُمَّ الْأَفْضَلُ أَنْ) (يُحْرِمَ) الشَّخْصُ إنْ كَانَ رَاكِبًا (إذَا انْبَعَثَتْ) أَيْ اسْتَوَتْ (بِهِ رَاحِلَتُهُ) أَيْ دَابَّتُهُ قَائِمَةً إلَى طَرِيقِ مَكَّةَ (أَوْ) يُحْرِمُ إذَا (تَوَجَّهَ لِطَرِيقِهِ) حَالَ كَوْنِهِ (مَاشِيًا) لِلِاتِّبَاعِ فِي الْأَوَّلِ وَقِيَاسًا عَلَيْهِ فِي الثَّانِي، رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـــــــــــــــــــــــــــــSوَرَاجَعَ عَقِبَ الْإِيلَاءِ لَا يُغْنِي عَنْ وُجُوبِ النَّزْعِ لِأَنَّهُ مُسْتَدِيمٌ زَمَنَ الْمُرَاجَعَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْله فَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ) أَيْ حَيْثُ كَثُرَ عَلَى مَا مَرَّ فِي اللِّبَاسِ (قَوْلُهُ وَأَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ إلَخْ) وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّنْ نَذَرَ رَكْعَتَيْنِ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ فِي الْحَرَمِ هَلْ يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ أَوْ لَا لِأَنَّ النَّافِلَةَ فِي ذَلِكَ خِلَافَ الْأَوْلَى، وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِالِانْعِقَادِ لِأَنَّ النَّافِلَةَ قُرْبَةٌ فِي نَفْسِهَا وَكَوْنِهَا خِلَافَ الْأَوْلَى أَمْرٌ عَارِضٌ فَلَا يَمْنَعُ الِانْعِقَادَ فَلْيَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: الْأَقْرَبُ عَدَمُ الِانْعِقَادِ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ النَّذْرِ كَوْنُ الْمَنْذُورِ قُرْبَةً، وَخِلَافَ الْأَوْلَى مَنْهِيٌّ عَنْهُ فِي حَدِّ ذَاتِهِ وَهُوَ كَالْمَكْرُوهِ غَايَتُهُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ فِيهِ خَفِيفَةٌ، فَالْقَائِلُ بِانْعِقَادِ النَّذْرِ فِيهِ يَلْزَمُهُ الْقَوْلُ بِانْعِقَادِ نَذْرِ الصَّلَاةِ فِي الْحَمَّامِ وَأَعْطَانِ الْإِبِلِ وَنَحْوِهِمَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَقُولُ بِهِ فَلْيَتَأَمَّلْ، وَلَا يَرِدُ انْعِقَادُ نَذْرِ صَوْمِ يَوْمِ جُمُعَةٍ مَعَ كَرَاهَتِهِ لِأَنَّا نَقُولُ: الْمَكْرُوهُ إفْرَادُهُ لَا صَوْمُهُ (قَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ أَنْ يَقْرَأَ فِيهِمَا) أَيْ سِرًّا وَلَوْ لَيْلًا إلْحَاقًا بِالنَّوَافِلِ، بِخِلَافِ رَكْعَتِي الطَّوَافِ فَإِنَّهُ يَجْهَرُ بِهِمَا لَيْلًا كَمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا قَالُوهُ ثَمَّ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ لِشَرْحِ الرَّوْضِ، لَكِنَّ ذَاكَ قَدَّمَ مَا يُسَوِّغُ لَهُ هَذِهِ الْإِحَالَةَ بِخِلَافِ الشَّارِحِ وَعِبَارَتُهُ: وَمَحَلُّهُ أَيْ كَرَاهَةِ الْمَصْبُوغِ فِيمَا صُبِغَ بِغَيْرِ زَعْفَرَانٍ أَوْ عُصْفُرٍ لِمَا مَرَّ فِي بَابِ مَا لَا يَجُوزُ لُبْسُهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ لُبْسُ الْمَصْبُوغِ بِهِمَا. وَإِنَّمَا كَرِهُوا هُنَا الْمَصْبُوغَ بِغَيْرِهِمَا خِلَافَ مَا قَالُوهُ ثَمَّ إلَخْ (قَوْلُهُ رَوَى مُسْلِمٌ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَرَوَى مُسْلِمٌ بِوَاوِ الْعَطْفِ، وَلَعَلَّهَا سَقَطَتْ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ مِنْ الْكَتَبَةِ، وَخَبَرُ مُسْلِمٍ هَذَا دَلِيلٌ

لَمَّا أَهْلَلْنَا أَنْ نُحْرِمَ إذَا تَوَجَّهْنَا» (وَفِي قَوْلٍ) يُحْرِمُ (عَقِبَ الصَّلَاةِ) جَالِسًا لِلِاتِّبَاعِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَنْ يُحْرِمُ مِنْ مَكَّةَ أَوْ غَيْرِهَا. نَعَمْ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَخْطُبَ يَوْمَ السَّابِعِ بِمَكَّةَ كَمَا سَيَأْتِي وَأَنْ يُحْرِمَ قَبْلَ الْخُطْبَةِ فَيَتَقَدَّمُ إحْرَامُهُ مَسِيرَهُ بِيَوْمٍ؛ لِأَنَّ مَسِيرَهُ لِلنُّسُكِ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ. قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَلَامُ غَيْرَهُ يُنَازِعُهُ. وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ غَرِيبٌ وَمُحْتَمَلٌ. (وَيُسْتَحَبُّ) لِلْمُحْرِمِ (إكْثَارُ التَّلْبِيَةِ) وَلَوْ حَائِضًا وَجُنُبًا لِلِاتِّبَاعِ وَلِأَنَّهَا شِعَارُ النُّسُكِ (وَرَفْعُ صَوْتِهِ) أَيْ الذِّكْرِ (بِهَا) رَفْعًا لَا يَضُرُّ بِنَفْسِهِ (فِي دَوَامِ إحْرَامِهِ) هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِإِكْثَارِ وَرَفْعِ: أَيْ مَا دَامَ مُحْرِمًا فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ لِمَا صَحَّ «أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالْإِهْلَالِ» أَمَّا رَفْعُ صَوْتِهِ بِهَا فِي ابْتِدَاءِ الْإِحْرَامِ فَلَا يُسَنُّ بَلْ يُسْمِعُ نَفْسَهُ فَقَطْ، وَالْمَرْأَةُ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى تُسْمِعُ نَفْسَهَا فَقَطْ، فَإِنْ جَهَرَتْ كُرِهَ حَيْثُ يُكْرَهُ جَهْرُهَا فِي الصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا حَرُمَ أَذَانُهَا لِلْأَمْرِ بِالْإِصْغَاءِ إلَيْهِ كَمَا مَرَّ، وَهُنَا كُلُّ وَاحِدٍ مُشْتَغِلٌ بِتَلْبِيَةِ نَفْسِهِ عَنْ تَلْبِيَةِ غَيْرِهِ وَيُكْرَهُ رَفْعٌ مُضِرٌّ بِنَحْوِ قَارِئٍ أَوْ نَائِمٍ أَوْ مُصَلٍّ سَوَاءٌ الْمَسْجِدُ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ. . وَيُسَنُّ لِلْمُلَبِّي إدْخَالُ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ حَالَ التَّلْبِيَةِ كَمَا فِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ (وَخَاصَّةً) هُوَ اسْمُ فَاعِلٍ مَخْتُومٌ بِالتَّاءِ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ وَهُوَ خُصُوصًا، وَلِهَذَا قَالَ الشَّارِحُ بِمَعْنَى خُصُوصًا؛ لِأَنَّ الْخَاصَّةَ تُطْلَقُ عَلَى خِيَارِ الشَّيْءِ، يُقَالُ خَاصَّةُ الْأَمِيرِ: أَيْ خِيَارُ جَمَاعَتِهِ وَلَيْسَ فِيهِ كَبِيرُ أَمْرٍ هُنَا، بِخِلَافِ الْخُصُوصِ إذْ يُفِيدُ تَأْكِيدَ الطَّلَبِ وَهُوَ لَائِقٌ بِالْمَقَامِ: أَيْ يَتَأَكَّدُ (عِنْدَ تَغَايُرِ الْأَحْوَالِ) مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الْمُحَرَّرِ (كَرُكُوبٍ وَنُزُولٍ وَصُعُودٍ وَهُبُوطٍ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا اسْمُ مَكَانِ الْفِعْلِ مِنْهُمَا وَبِضَمِّهِ مَصْدَرٌ وَكُلٌّ مِنْهُمَا صَحِيحٌ هُنَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَاخْتِلَاطُ رُفْقَةٍ) أَوْ غَيْرِهِمْ: أَيْ اجْتِمَاعٌ وَافْتِرَاقٌ وَرُكُوبٌ وَنُزُولٌ وَفَرَاغٌ مِنْ صَلَاةٍ وَعِنْدَ نَوْمٍ أَوْ يَقَظَةٍ، وَإِقْبَالِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، وَهُبُوبِ رِيحٍ، وَزَوَالِ شَمْسٍ. . وَيُكْرَهُ فِي مَوَاضِعِ النَّجَاسَاتِ وَفِي حَالِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ فِي تَحْرِيمِهَا حِينَئِذٍ، وَيَتَأَكَّدُ اسْتِحْبَابُهَا فِي الْمَسَاجِدِ كَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الْخَيْفِ وَمَسْجِدِ إبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ تَغَايُرِ الْأَحْوَالِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَلَا تُسْتَحَبُّ) التَّلْبِيَةُ (فِي طَوَافِ الْقُدُومِ) أَوْ غَيْرِهِ كَإِفَاضَةٍ وَتَطَوُّعٍ وَسَعْيٍ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ فِيهَا أَذْكَارًا خَاصَّةً، وَإِنَّمَا خَصَّ طَوَافَ الْقُدُومِ بِالذِّكْرِ لِذِكْرِهِ الْخِلَافَ فِيهِ بِقَوْلِهِ (وَفِي الْقَدِيمِ تُسْتَحَبُّ فِيهِ) وَفِي السَّعْيِ بَعْدَهُ وَفِي الْمُتَطَوِّعِ بِهِ فِي أَثْنَاءِ الْإِحْرَامِ لَكِنْ (بِلَا جَهْرٍ) فِي ذَلِكَ لِإِطْلَاقِ الْأَدِلَّةِ. وَأَمَّا طَوَافُ الْإِفَاضَةِ وَالْوَدَاعِ فَلَا تُسْتَحَبُّ فِيهِمَا قَطْعًا. (وَلَفْظُهَا لَبَّيْكَ) أَيْ أَنَا مُقِيمٌ عَلَى طَاعَتِكِ مَأْخُوذٌ مِنْ لَبَّ بِالْمَكَانِ لَبًّا وَأَلَبَّ بِهِ إلْبَابًا إذَا أَقَامَ بِهِ، وَزَادَ الْأَزْهَرِيُّ: أَيْ إقَامَةً بَعْد إقَامَةٍ وَإِجَابَةً بَعْدَ إجَابَةٍ وَهُوَ مُثَنًّى مُضَافٌ أُرِيدَ بِهِ التَّكْثِيرُ سَقَطَتْ نُونُهُ لِإِضَافَةِ (اللَّهُمَّ) أَصْلُهُ يَا اللَّهُ حُذِفَ حَرْفُ النِّدَاءِ وَعُوِّضَ عَنْهُ الْمِيمُ (لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَك لَبَّيْكَ) أَرَادَ بِنَفْيِ الشَّرِيكِ مُخَالَفَةَ الْمُشْرِكِينَ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ لَا شَرِيكَ لَك إلَّا شَرِيكًا هُوَ لَك تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ (إنَّ الْحَمْدَ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ وَهُوَ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ أَصَحُّ وَأَشْهَرُ، وَيَجُوزُ فَتْحُهَا عَلَى التَّعْلِيلِ: أَيْ لِأَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَأْتِي (قَوْلُهُ: لَا يَضُرُّ بِنَفْسِهِ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ مِنْ أَضَرَّ لَتَعْدِيَتِهِ بِالْبَاءِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ يُكْرَهُ جَهْرُهَا فِي الصَّلَاةِ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ بِحَضْرَةِ أَجَانِبَ، فَإِنْ كَانَتْ بِحَضْرَةِ مَحْرَمٍ أَوْ خَالِيَةٍ فَلَا كَرَاهَةَ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ رَفْعُ مُضِرٍّ) أَيْ ضَرَرًا يَحْتَمِلُ فِي الْعَادَةِ وَإِلَّا حُرِّمَ (قَوْلُهُ: وَفَرَاغٌ مِنْ صَلَاةِ) وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْأَذْكَارِ عَلَى التَّلْبِيَةِ لِاتِّسَاعِ وَقْتِ التَّلْبِيَةِ وَعَدَمِ فَوَاتِهَا وَتَقْدِيمُ إجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ وَمَا يُقَالُ عَقِبَ الْأَذَانِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ فِي مَوَاضِعَ النَّجَاسَاتِ) أَيْ الْمُعَدَّةُ لِذَلِكَ، وَيَنْبَغِي أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْمَسْأَلَتَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِلْقِيَاسِ (قَوْلُهُ: أَيْ اجْتِمَاعٌ) تَفْسِيرٌ لِلِاخْتِلَاطِ، وَقَوْلُهُ وَافْتِرَاقٌ لَيْسَ مِنْ مَدْخُولِ التَّفْسِيرِ بَلْ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَرُكُوبٌ وَنُزُولٌ فَهُوَ مُكَرَّرٌ مَعَ مَا مَرَّ فِي الْمَتْنِ.

الْحَمْدَ (وَالنِّعْمَةَ لَكَ) بِنَصْبِ النِّعْمَةِ فِي الْأَشْهَرِ، وَيَجُوزُ رَفْعُهَا عَلَى الِابْتِدَاءِ وَحِينَئِذٍ فَخَبَرُ إنَّ مَحْذُوفٌ وَلِذَا قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيُّ وَإِنْ شِئْت جَعَلْت خَبَرَ إنَّ مَحْذُوفًا: أَيْ إنَّ الْحَمْدَ لَكَ وَالنِّعْمَةَ مُسْتَقِرَّةٌ لَكَ (وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَك) لِلِاتِّبَاعِ، وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَاتِ وَلَا يَنْقُصُ عَنْهَا فَإِنْ زَادَ لَمْ يُكْرَهْ، فَقَدْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - يَزِيدُ كَمَا فِي مُسْلِمٍ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ بِيَدَيْك وَالرَّغْبَاءُ إلَيْك وَالْعَمَلُ، وَتُسَنُّ وَقْفَةٌ لَطِيفَةٌ عَلَى وَالْمُلْكَ، ثُمَّ يَبْتَدِئُ بِلَا شَرِيكَ لَكَ وَأَنْ يُكَرِّرَ التَّلْبِيَةَ جَمِيعَهَا ثَلَاثًا (وَإِذَا رَأَى مَا يُعْجِبُهُ) أَوْ يَكْرَهُهُ وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ اكْتِفَاءً بِذِكْرِ مُقَابِلِهِ كَمَا فِي {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [النحل: 81] أَيْ وَالْبَرْدَ (قَالَ) نَدْبًا (لَبَّيْكَ إنَّ الْعَيْشَ) أَيْ الْحَيَاةَ الْمَطْلُوبَةَ الدَّائِمَةَ الْهَنِيَّةَ (عَيْشُ) أَيْ حَيَاةُ الدَّارِ (الْآخِرَةِ) فَقَدْ قَالَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حِينَ وَقَفَ بِعَرَفَاتٍ وَرَأَى جَمْعَ الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَهُ فِي أَشَدِّ أَحْوَالِهِ فِي حَفْرِ الْخَنْدَقِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِيهِمَا. . وَمَنْ لَا يُحْسِنُ التَّلْبِيَةُ بِالْعَرَبِيَّةِ يُلَبِّي بِلِسَانِهِ وَهَلْ يَجُوزُ لِلْقَادِرِ؟ وَجْهَانِ كَتَسْبِيحِ الصَّلَاةِ، وَقَضِيَّتُهُ الْحُرْمَةُ وَالْأَوْجَهُ خِلَافَهُ كَمَا أَفَادَهُ الْأَذْرَعِيُّ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ مُفْسِدٌ فِي الصَّلَاةِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ بِخِلَافِ التَّلْبِيَةِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْبِنَاءِ الِاتِّحَادُ فِي التَّرْجِيحِ وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ فِي أَثْنَاءِ تَلْبِيَتِهِ. نَعَمْ يَرُدُّ السَّلَامَ نَدْبًا وَإِنْ كُرِهَ التَّسْلِيمُ عَلَيْهِ وَقَدْ يَجِبُ الْكَلَامُ فِي أَثْنَائِهَا لِعَارِضٍ كَإِنْقَاذِ نَحْوِ أَعْمَى يَقَعُ فِي مُهْلِكٍ. (وَإِذَا فَرَغَ مِنْ تَلْبِيَتِهِ صَلَّى) وَسَلَّمَ (عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) عَقِبَ فَرَاغِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: 4] أَيْ لَا أُذْكَرُ إلَّا وَتُذْكَرُ مَعِي لِطَلَبِي ذَلِكَ، وَيَقُولُ ذَلِكَ بِصَوْتٍ أَخْفَضُ مِنْ صَوْتِ التَّلْبِيَةِ، قَالَ الزَّعْفَرَانِيُّ: وَيُصَلِّي عَلَى آلِهِ (وَسَأَلَ اللَّهَ) بَعْدَ ذَلِكَ (الْجَنَّةَ وَرِضْوَانَهُ وَاسْتَعَاذَ بِهِ مِنْ النَّارِ) وَيُسَنُّ أَنْ يَدْعُوَ بِمَا شَاءَ مِنْ دِينٍ وَدُنْيَا. قَالَ الزَّعْفَرَانِيُّ: فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لَكَ وَلِرَسُولِكَ وَآمَنُوا بِك وَوَثِقُوا بِوَعْدِك وَوَفَوْا بِعَهْدِك وَاتَّبَعُوا أَمْرَك. اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ وَفْدِكَ الَّذِينَ رَضِيت وَارْتَضَيْت. اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي أَدَاءَ مَا نَوَيْت وَتَقَبَّلْ مِنِّي يَا كَرِيمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــSيُرَادَ بِهَا النَّجَاسَةَ الْمُحَقِّقَةَ (قَوْلُهُ فِي حَفْرِ الْخَنْدَقِ) ظَاهِرُهُ كَشَرْحِ الْمَنْهَجِ أَنَّهُ قَالَ لَبَّيْكَ إنَّ الْعَيْشَ إلَخْ، وَعِبَارَةُ الزِّيَادَيْ: قَوْلُهُ لَبَّيْكَ إلَخْ، وَيَظْهَرُ تَقْيِيدُ الْإِتْيَانِ بِلَبَّيْكَ بِالْمُحْرِمِ فَغَيْرُهُ يَقُول: اللَّهُمَّ إنَّ الْعَيْشَ إلَخْ كَمَا جَاءَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخَنْدَقِ حَجّ اهـ (قَوْلُهُ: وَمَنْ لَا يُحْسِنُ التَّلْبِيَةَ بِالْعَرَبِيَّةِ يُلَبِّي بِلِسَانِهِ) أَيْ بِلُغَتِهِ (قَوْلُهُ: وَإِذَا فَرَغَ مِنْ تَلْبِيَتِهِ) . [تَنْبِيهٌ] ظَاهِرُ الْمَتْنِ أَنَّ الْمُرَادَ بِتَلْبِيَتِهِ مَا أَرَادَهَا، فَلَوْ أَرَادَهَا مَرَّاتٍ كَثِيرَةِ لَمْ تُسَنَّ لَهُ الصَّلَاةُ ثُمَّ الدُّعَاءُ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الْكُلِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِأُصَلِّ السُّنَّةِ. وَأَمَّا كَمَالُهَا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْصُلَ إلَّا بِأَنْ يُصَلِّيَ ثُمَّ يَدْعُو عَقِبَ كُلِّ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ فَيَأْتِي بِالتَّلْبِيَةِ ثَلَاثًا ثُمَّ الدُّعَاءِ ثُمَّ الصَّلَاةِ ثَلَاثًا وَهَكَذَا، ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَةَ إيضَاحِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ ظَاهِرَةٌ فِيمَا ذَكَرْته اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ بِأَيِّ صِيغَةٍ أَرَادَ. قَالَ حَجّ: وَالْأَوْلَى صَلَاةُ التَّشَهُّدِ الْكَامِلَةِ (قَوْلُهُ: وَاسْتَعَاذَ بِهِ مِنْ النَّارِ) كَأَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك رِضَاك وَالْجَنَّةَ وَأَعُوذُ بِك مِنْ النَّارِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[باب دخول المحرم مكة]

بَابُ دُخُولِهِ أَيْ الْمُحْرِمِ مَكَّةَ زَادَهَا اللَّهُ شَرَفًا وَبِرًّا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ يُقَالُ مَكَّةَ وَبَكَّةَ بِالْبَاءِ لُغَتَانِ، وَلَهَا نَحْوُ ثَلَاثِينَ اسْمًا وَلِهَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ: لَا نَعْلَمُ بَلَدًا أَكْثَرُ أَسْمَاءً مِنْ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ لِكَوْنِهِمَا أَفْضَلُ الْأَرْضِ وَكَثْرَةُ الْأَسْمَاءِ تَدُلُّ عَلَى شَرَفِ الْمُسَمَّى وَمَكَّةُ أَفْضَلُ الْأَرْضِ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي لَا تَقْبَلُ النِّزَاعَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرِهِ، وَأَفْضَلُ بِقَاعِهَا الْكَعْبَةُ الْمُشَرَّفَةُ ثُمَّ بَيْتُ خَدِيجَةَ بَعْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. نَعَمْ التُّرْبَةُ الَّتِي ضَمَّتْ أَعْضَاءَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ مَا مَرَّ حَتَّى مِنْ الْعَرْشِ وَتُسْتَحَبُّ الْمُجَاوَرَةُ بِمَكَّةَ كَمَا قَالَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْإِيضَاحِ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ وُقُوعَ مَحْذُورٍ مِنْهُ بِهَا (الْأَفْضَلُ) لِلْمُحْرِمِ بِالْحَجِّ وَلَوْ قَارِنًا (دُخُولُهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ) بِعَرَفَةَ إنْ لَمْ يَخْشَ فَوْتَهُ لِلِاتِّبَاعِ وَلِكَثْرَةِ مَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ السُّنَنِ الْآتِيَةِ (وَأَنْ يَغْتَسِلَ دَاخِلُهَا) بِالرَّفْعِ فَاعِلُ يَغْتَسِلُ الْجَائِي (مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ) وَالشَّامِ وَمِصْرَ وَالْمَغْرِبِ إذَا كَانَ مُحْرِمًا وَلَوْ بِعُمْرَةٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَإِنْ أَوْهَمَتْ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ اخْتِصَاصَهُ بِالْحَاجِّ، وَظَاهِرُ خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ اسْتِحْبَابُهُ لِمُحْرِمٍ وَحَلَالٍ (بِذِي طُوًى) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَهِيَ بِالْقَصْرِ وَتَثْلِيثِ الطَّاءِ وَالْفَتْحِ أَجْوَدُ: وَادٍ بِمَكَّةَ بَيْنَ الثَّنِيَّتَيْنِ. سُمِّيَ بِذَلِكَ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى بِئْرٍ مَطْوِيَّةٍ بِالْحِجَارَةِ: يَعْنِي مَبْنِيَّةٍ بِهَا، إذْ الطَّيُّ الْبِنَاءُ، وَيَجُوزُ فِيهَا الصَّرْفُ وَعَدَمُهُ عَلَى إرَادَةِ الْمَكَانِ أَوْ الْبُقْعَةِ. أَمَّا الْغُسْلُ لِدُخُولِ مَكَّةَ فَقَدْ مَرَّ فِي الْبَابِ السَّابِقِ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا أَعَادَهُ لِبَيَانِ مَحَلِّهِ وَهُوَ كَوْنُهُ مِنْ ذِي طُوًى وَأَمَّا الْجَائِي مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ كَالْيَمَنِيِّ فَيَغْتَسِلُ مِنْ نَحْوِ تِلْكَ الْمَسَافَةِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ إنَّهُ لَوْ قِيلَ بِاسْتِحْبَابِهِ لِكُلِّ حَاجٍّ وَمُعْتَمِرٍ لَمْ يَبْعُدْ، وَإِطْلَاقُهُمْ يَشْمَلُ الرَّجُلَ وَغَيْرَهُ (وَ) أَنْ (يَدْخُلَهَا مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءٍ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْمَدِّ وَالتَّنْوِينِ: وَهِيَ الثَّنِيَّةُ الْعُلْيَا وَهِيَ مَوْضِعٌ بِأَعْلَى مَكَّةَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِطَرِيقِهِ كَمَا صَوَّبَهُ الْمُصَنِّفُ، خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَرَجَ إلَيْهَا قَصْدًا كَمَا قَالَهُ الْجُوَيْنِيُّ، وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْغُسْلِ بِذِي طُوًى بِأَنَّ حِكْمَةَ الدُّخُولِ مِنْ كَدَاءٍ غَيْرُ حَاصِلَةٍ بِسُلُوكِ غَيْرِهَا، وَحِكْمَةَ الْغُسْلِ النَّظَافَةُ، وَهِيَ حَاصِلَةٌ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ (وَ) أَنْ (يَخْرُجَ مِنْ ثَنِيَّةِ كُدًى) بِضَمِّ الْكَافِ وَالْقَصْرِ وَالتَّنْوِينِ، وَهِيَ الثَّنِيَّةُ السُّفْلَى، وَالثَّنِيَّةُ: الطَّرِيقُ الضَّيِّقُ بَيْن الْجَبَلَيْنِ. وَالْمَعْنَى فِيهِ وَفِي الدُّخُولِ مِمَّا مَرَّ الذَّهَابُ مِنْ طَرِيقٍ وَالْإِيَابُ مِنْ أُخْرَى كَمَا فِي الْعِيدِ وَغَيْرِهِ، وَخُصَّتْ الْعُلْيَا بِالدُّخُولِ لِقَصْدِ الدَّاخِلِ مَوْضِعًا عَالِي الْمِقْدَارِ وَالْخَارِجُ عَكْسُهُ، وَلِأَنَّ الْعُلْيَا مَحَلُّ دُعَاءِ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِقَوْلِهِ اجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنْ النَّاسِ تَهْوِي إلَيْهِمْ كَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فَكَانَ الدُّخُولُ مِنْهَا أَبْلَغُ فِي تَحْقِيقِ اسْتِجَابَةِ دُعَاءِ إبْرَاهِيمَ، وَلِأَنَّ الدَّاخِلَ مِنْهَا يَكُونُ مُوَاجِهًا لِبَابِ الْكَعْبَةِ، وَجِهَتُهُ أَفْضَلُ الْجِهَاتِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَقَضِيَّةُ ـــــــــــــــــــــــــــــS [بَابُ دُخُولِ الْمُحْرِمِ مَكَّةَ] بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ) (قَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) كَدُخُولِ الْمَسْجِدِ مِنْ بَابِ بَنَى شَيْبَةَ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) سَكَتَ عَنْ بَاقِي مَكَّةَ وَقَضِيَّتُهُ اسْتِوَاؤُهُمَا فِي الْفَضْلِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَغْلِبَ) وَظَاهِرُهُ وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إنْ فَارَقَهَا وَقَعَ مِنْهُ الْمَحْذُورُ فِي غَيْرِهَا أَيْضًا، بَلْ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الْمَحْذُورُ فِي غَيْرِهَا أَكْثَرُ مِنْهَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ قِيلَ بِتَضَاعُفِ السَّيِّئَةِ فِيهَا وَهُوَ مَرْجُوحٌ، لَكِنَّا وَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِالْمُضَاعَفَةِ فَمُفَارَقَتِهَا فِيهِ صَوْنٌ لَهَا عَنْ انْتِهَاكِهَا بِالْمَعَاصِي مَعَ شَرَفِهَا (قَوْلُهُ دَاخِلُهَا) أَيْ مَرِيدُ دُخُولِهَا (قَوْلُهُ: مُسْتَحَبٌّ مُطْلَقًا) أَيْ لِحَلَالٍ أَوْ مُحَرَّمٍ (قَوْلُهُ: لَوْ قِيلَ بِاسْتِحْبَابِهِ) أَيْ مِنْ ذِي طَوَى ـــــــــــــــــــــــــــــQبَابُ دُخُولِ مَكَّةَ)

ذَلِكَ اسْتِحْبَابُ مَا ذُكِرَ لِغَيْرِ الْمُحْرِمِ. قَالَهُ السُّهَيْلِيُّ، وَالْأَفْضَلُ دُخُولُهَا نَهَارًا وَأَوَّلُهُ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَمَاشِيًا وَحَافِيًا إنْ لَمْ تَلْحَقْهُ مَشَقَّةٌ وَلَمْ يَخَفْ تَنَجُّسَ رِجْلِهِ وَبِخُضُوعِ قَلْبٍ وَجَوَارِح، وَمَعَ الدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ وَاجْتِنَابِ الْمُزَاحَمَةِ وَالْإِيذَاءِ وَالتَّلَطُّفِ بِمَنْ يُزَاحِمُهُ، وَفَارَقَ الْمَشْيُ هُنَا الْمَشْيَ فِي بَقِيَّةِ الطَّرِيقِ بِأَنَّهُ هُنَا أَشْبَهُ بِالتَّوَاضُعِ وَالْأَدَبِ، وَلَيْسَ فِيهِ فَوَاتُ مُهِمٍّ وَلِأَنَّ الرَّاكِبَ فِي الدُّخُولِ يَتَعَرَّضُ لِلْإِيذَاءِ بِدَابَّتِهِ فِي الزَّحْمَةِ، وَالْأَفْضَلُ لِلْمَرْأَةِ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى دُخُولُهَا فِي هَوْدَجِهَا وَنَحْوِهِ. (وَ) أَنْ (يَقُولَ) دَاخِلُهَا (إذَا أَبْصَرَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ) أَيْ أَحَسَّ بِهِ وَلَوْ أَعْمَى أَوْ فِي ظُلْمَةٍ بَعْدَ رَفْعِ يَدَيْهِ وَاسْتِحْضَارِ مَا يُمْكِنُهُ مِنْ الْخُضُوعِ وَالذِّلَّةِ وَالْمَهَابَةِ وَالْإِجْلَالِ (اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا الْبَيْتَ تَشْرِيفًا) أَيْ تَرَفُّعًا وَعُلُوًّا (وَتَعْظِيمًا) أَيْ تَبْجِيلًا (وَتَكْرِيمًا) أَيْ تَفْضِيلًا (وَمَهَابَةً) أَيْ تَوْقِيرًا وَإِجْلَالًا (وَزِدْ مِنْ شَرَفِهِ وَعِظَمِهِ مِمَّنْ حَجَّهُ أَوْ اعْتَمَرَهُ تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا وَتَعْظِيمًا وَبِرًّا) هُوَ الِاتِّسَاعُ فِي الْإِحْسَانِ وَالزِّيَادَةِ فِيهِ لِلِاتِّبَاعِ. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ مُنْقَطِعٌ (اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ) أَيْ ذُو السَّلَامَةِ مِنْ النَّقْصِ (وَمِنْك) السَّلَامُ أَيْ ابْتِدَاؤُهُ مِنْك وَمَنْ أَكْرَمْتُهُ بِالسَّلَامِ فَقَدْ سَلِمَ (فَحَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ) أَيْ سَلِّمْنَا بِتَحِيَّتِك مِنْ جَمِيعِ الْآفَاتِ وَيَدْعُو بَعْدَ ذَلِكَ بِمَا أَحَبَّ مِنْ الْمُهِمَّاتِ وَأَهَمُّهَا الْمَغْفِرَةُ وَأَنْ يَدْعُوَ وَاقِفًا، وَالْبَيْتُ كَأَنَّ الدَّاخِلَ مِنْ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا يَرَاهُ مِنْ رَأْسِ الرَّدْمِ وَالْآنَ لَا يُرَى إلَّا مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ، فَالسُّنَّةُ الْوُقُوفُ فِيهِ لَا فِي رَأْسِ الرَّدْمِ لِذَلِكَ بَلْ لِكَوْنِهِ مَوْقِفُ الْأَخْيَارِ (ثُمَّ يَدْخُلُ) عَقِبَ ذَلِكَ (الْمَسْجِدَ) الْحَرَامَ وَإِنْ كَانَ حَلَالًا فِيمَا يَظْهَرُ (مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي طَرِيقِهِ لِلِاتِّبَاعِ وَلِأَنَّهُ مِنْ جِهَةِ الْبَابِ وَهِيَ أَفْضَلُ الْجِهَاتِ وَرُوِيَ أَيْضًا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ مِنْهُ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى طَرِيقِهِ وَإِنَّمَا الَّذِي كَانَ عَلَيْهَا بَابُ إبْرَاهِيمَ. كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، وَاعْتَرَضَ بِأَنَّهُ عَرَجَ لِلدُّخُولِ مِنْ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا فَيَلْزَمُ أَنَّهُ عَلَى طَرِيقِهِ وَرُدَّ بِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بِأَنَّ التَّعْرِيجَ إنَّمَا كَانَ فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ فَلَا يُنَافِي مَا فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ، وَلِأَنَّ الدَّوَرَانَ إلَيْهِ لَا يَشُقُّ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَجْرِ هُنَا خِلَافٌ بِخِلَافٍ نَظِيرِهِ فِي التَّعْرِيجِ لِلثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا (وَيَبْدَأُ) اسْتِحْبَابًا أَوَّلُ دُخُولِهِ الْمَسْجِدَ قَبْلَ تَغْيِيرِ ثِيَابِهِ وَاكْتِرَاءِ مَنْزِلِهِ وَنَحْوِهِمَا (بِطَوَافِ الْقُدُومِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الطَّوَافَ تَحِيَّةُ الْبَيْتِ لَا الْمَسْجِدِ فَلِذَلِكَ يَبْدَأُ بِهِ، إلَّا لِعُذْرٍ كَإِقَامَةِ جَمَاعَةٍ وَضِيقِ وَقْتِ صَلَاةٍ وَتَذَكُّرِ فَائِتَةٍ مَفْرُوضَةٍ وَإِنْ لَمْ يَعْصِ بِتَأْخِيرِهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ فَائِتَةَ النَّفْلِ كَذَلِكَ فَتُقَدَّمُ عَلَى الطَّوَافِ وَلَوْ كَانَ فِي أَثْنَائِهِ؛ لِأَنَّ مَا سِوَى الْفَائِتَةِ يَفُوتُ وَالطَّوَافُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَتَعْظِيمًا) كَأَنَّ حُكْمَهُ تَقْدِيمُ التَّعْظِيمِ عَلَى التَّكْرِيمِ فِي الْبَيْتِ وَعَكْسُهُ فِي قَاصِدِهِ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالذَّاتِ فِي الْبَيْتِ إظْهَارُ عَظَمَتِهِ فِي النُّفُوسِ حَتَّى تَخْضَعَ لِشَرَفِهِ وَتَقُومَ بِحُقُوقِهِ ثُمَّ كَرَامَتِهِ بِإِكْرَامِ زَائِرِهِ بِإِعْطَائِهِمْ مَا طَلَبُوهُ وَإِنْجَازِهِمْ مَا أَمْلُوهُ وَفِي زَائِرِهِ وُجُودُ كَرَامَتِهِ عِنْدَ اللَّه تَعَالَى بِإِسْبَاغِ رِضَاهُ عَلَيْهِ وَعَفْوِهِ عَمَّا جَنَاهُ وَاقْتَرَفَهُ ثُمَّ عَظَمَتُهُ بَيْنَ أَبْنَاءِ جِنْسِهِ بِظُهُورِ تَقْوَاهُ وَهِدَايَتِهِ، وَيُرْشِدُ إلَى هَذَا خَتْمُ دُعَاءِ الْبَيْتِ بِالْمَهَابَةِ النَّاشِئَةِ عَنْ تِلْكَ الْعَظَمَةِ، إذْ هِيَ التَّوْقِيرُ وَالْإِجْلَالُ وَدُعَاءُ الزَّائِرِ بِالْبِرِّ النَّاشِئِ عَنْ ذَلِكَ التَّكْرِيمِ، إذْ هُوَ الْإِتْسَاعُ فِي الْإِحْسَانِ فَتَأَمَّلْهُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: فِي الْإِحْسَانِ) أَيْ فِي فِعْلِ الْحَسَنِ (قَوْلُهُ وَالزِّيَادَةُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: بَلْ لِكَوْنِهِ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَقِيلَ لِكَوْنِهِ إلَخْ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَلَعَلَّ فِي الْعِبَارَةِ سَقْطًا (قَوْلُهُ: كَإِقَامَةِ جَمَاعَةٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَا فِي رَأْسِ الرَّدْمِ لِذَلِكَ بَلْ لِكَوْنِهِ مَوْقِفَ الْأَخْيَارِ) لَفْظُ لِذَلِكَ عِلَّةٌ لِلْوُقُوفِ الْمُقَدَّرِ الْمَنْفِيِّ: أَيْ لَا الْوُقُوفُ فِي رَأْسِ الرَّدْمِ فَلَا يُسَنُّ لِأَجْلِ الدُّعَاءِ الْمُتَقَدِّمِ لِانْتِفَاءِ سَبَبِهِ مِنْ رُؤْيَةِ الْبَيْتِ بَلْ إنَّمَا يُسَنُّ لِكَوْنِهِ مَوْقِفَ الْأَخْيَارِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ سَنَّ الْوُقُوفِ بِهِ لِأَمْرَيْنِ الدُّعَاءُ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبَيْتِ وَكَوْنُهُ مَوْقِفَ الْأَخْيَارِ فَحَيْثُ زَالَ الْأَوَّلُ بَقِيَ الثَّانِي فَيُسْتَحَبُّ الْوُقُوفُ لَهُ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ الْحُكْمِ عَلَى نُسَخِ الشَّارِحِ بِأَنَّ فِيهَا سَقْطًا

لَا يَفُوتُ، وَلَا يَفُوتُ بِالْجُلُوسِ فِي الْمَسْجِدِ وَتَشْبِيهُ ذَلِكَ بِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِ صُوَرِهَا، وَذَهَبَ الْأَذْرَعِيُّ فِي غَنِيَّتِهِ إلَى أَنَّ الْقِيَاسَ فِيمَا لَوْ أَخَّرَهُ بَعْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ بِلَا عُذْرِ الْفَوَاتِ. قَالَ: وَهَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ أَصْلًا وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ أَوْ يَفْعَلُ قَضَاءً كَالرَّوَاتِبِ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ لِلْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ وَلَا بِالتَّأْخِيرِ. نَعَمْ يَفُوتُ بِالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ كَمَا سَيَأْتِي وَكَمَا يُسَمَّى طَوَافَ الْقُدُومِ يُسَمَّى طَوَافَ الْقَادِمِ وَطَوَافَ الْوُرُودِ وَطَوَافَ الْوَارِدِ وَطَوَافَ التَّحِيَّةِ، وَلَوْ قَدِمَتْ امْرَأَةٌ نَهَارًا وَهِيَ ذَاتُ جَمَالٍ أَوْ شَرَفٍ وَهِيَ الَّتِي لَا تَبْرُزُ لِلرِّجَالِ سُنَّ لَهَا أَنْ تُؤَخِّرَهُ إلَى اللَّيْلِ، وَهُوَ مُقَيَّدٌ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا أَمِنَتْ حَيْضًا يَطُولُ زَمَنُهُ وَالْخُنْثَى كَالْأُنْثَى كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَوْ جَلَسَ بَعْدَ الطَّوَافِ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْهِ فَاتَتْ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهَا تَفُوتُ بِالْجُلُوسِ عَمْدًا وَإِنْ قَصُرَ. (وَيَخْتَصُّ طَوَافُ الْقُدُومِ) فِي الْمُحْرِمِ (بِحَاجٍّ) وَلَوْ قَارِنًا (دَخَلَ مَكَّةَ قَبْلَ الْوُقُوفِ) فَلَا يُطْلَبُ مِنْ الدَّاخِلِ بَعْدَهُ وَلَا مِنْ الْمُعْتَمِرِ لِدُخُولِ وَقْتِ الطَّوَافِ الْمَفْرُوضِ عَلَيْهِمَا، فَلَا يَصِحُّ قَبْلَ أَدَائِهِ تَطَوُّعَهُمَا بِطَوَافٍ قِيَاسًا عَلَى أَصْلِ النُّسُكِ، وَبِهَذَا فَارَقَ مَا نَحْنُ فِيهِ الصَّلَاةَ حَيْثُ أُمِرَ بِالتَّحِيَّةِ قَبْلَ الْفَرْضِ، وَاقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْحَاجِّ مِثَالٌ فَالْحَلَالُ مَسْنُونٌ لَهُ أَيْضًا، وَإِدْخَالُهُ الْبَاءَ عَلَى بِحَاجٍّ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ الْأَفْصَحُ خِلَافَهُ إذْ دُخُولُهَا عَلَى الْمَقْصُورِ أَكْثَرِيٌّ لَا كُلِّيٌّ. (وَمَنْ قَصَدَ مَكَّةَ) أَوْ الْحَرَمَ وَلَوْ مَكِّيًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ أُنْثَى لَمْ يَأْذَنْ لَهُمَا سَيِّدٌ أَوْ زَوْجٌ فِي دُخُولِ الْحَرَمِ، إذْ الْحُرْمَةِ مِنْ جِهَةٍ لَا تُنَافِي النَّدْبَ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى (لَا لِنُسُكٍ) بَلْ لِنَحْوِ زِيَارَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ (اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِحَجٍّ) إنْ كَانَ فِي أَشْهُرِهِ وَيُمْكِنُهُ إدْرَاكُهُ (أَوْ عُمْرَةٍ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي أَشْهُرِهِ كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ لِدَاخِلِهِ وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ لِلْخِلَافِ فِي وُجُوبِهِ (وَفِي قَوْلٍ يَجِبُ) لِإِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَيْهِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَالسُّنَنُ يَنْدُرُ فِيهَا الِاتِّفَاقُ الْعَمَلِيُّ، مَعْنَاهُ أَنَّ اتِّفَاقَ النَّاسِ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ دَالٌّ عَلَى وُجُوبِهِ لِنُدْرَةِ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى السُّنَنِ (إلَّا أَنْ يَتَكَرَّرَ دُخُولُهُ كَحَطَّابٍ وَصَيَّادٍ) فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا جَزْمًا لِلْمَشَقَّةِ بِالتَّكَرُّرِ، وَلِلْوُجُوبِ فِي غَيْرِهِ شُرُوطٌ: أَنْ يَجِيءَ مِنْ خَارِجِ الْحَرَمِ فَأَهْلُهُ لَا إحْرَامَ عَلَيْهِمْ قَطْعًا، وَأَنْ لَا يَدْخُلَهَا لِقِتَالٍ مُبَاحٍ وَلَا خَائِفًا، فَإِنْ دَخَلَهَا لِقِتَالِ بَاغٍ أَوْ قَاطِعِ طَرِيقٍ أَوْ غَيْرِهِمَا أَوْ خَائِفًا مِنْ ظَالِمٍ أَوْ غَرِيمٍ يَحْبِسُهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ لَا يُمْكِنُهُ الظُّهُورُ لِأَدَاءِ النُّسُكِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِحْرَامُ قَطْعًا، ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ وَلَوْ مَفْضُولَةً (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا سِوَى الْفَائِتَةِ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَذْكُرَ لِتَقْدِيمِ الْفَائِتَةِ حِكْمَةً (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ) وَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ مَا فُعِلَ لِسَبَبٍ كَالْكُسُوفِ إذَا فَاتَ لَا يُقْضَى، يُرَجِّحُهُ. (قَوْلُهُ: مِنْ الدَّاخِلِ بَعْدَهُ) أَيْ الْوُقُوفِ (قَوْلُهُ لِدُخُولِ وَقْتِ الطَّوَافِ) وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ مَكَّةَ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَقَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ سُنَّ لَهُ طَوَافُ الْقُدُومِ لِعَدَمِ دُخُولِ طَوَافِهِ الْمَفْرُوضِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ رَأَيْت حَجّ صَرَّحَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْفَرْضِ) أَيْ قَبْلَ فِعْلِ الْفَرْضِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَكِّيًّا إلَخْ) أَيْ وَتَكَرَّرَ دُخُولُهُ كَالْحَطَّابِ وَالصَّيَّادِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَفِي قَوْلٍ يَجِبُ إلَّا أَنْ. إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَذَهَبَ الْأَذْرَعِيُّ فِي غُنْيَتِهِ إلَخْ) أَيْ وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ ضَعِيفٌ بِدَلَالَةِ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَلَا بِالتَّأْخِيرِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا يَفُوتُ بِالْجُلُوسِ (قَوْلُهُ: فَاتَتْ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ) أَيْ فَإِذَا لَمْ يَجْلِسْ وَصَلَّى رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ فَلَا تَفُوتُ بِمَعْنَى أَنَّهَا تَنْدَرِجُ فِيهِمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي أَشْهُرِهِ) أَيْ أَوْ كَانَ وَلَمْ يُمْكِنْهُ إدْرَاكُهُ ثُمَّ إنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ الْحَجَّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَإِلَّا لَنَاقَضَ مَا قَدَّمَهُ مِنْ اسْتِحْبَابِ إكْثَارِ الِاعْتِمَارِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَقَدْ قَدَّمْنَا تَقْيِيدَهُ أَخْذًا مِنْ تَفْضِيلِهِمْ الْإِفْرَادَ عَلَى التَّمَتُّعِ بِمَا إذَا لَمْ يُرِدْ الْحَجَّ مِنْ سَنَتِهِ، فَلْيُحْمَلْ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا أَرَادَ الْحَجَّ مِنْ سَنَتِهِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُوجَدُ فِي نُسَخٍ وَاوٌ قَبْلَ قَوْلِهِ: إنْ لَمْ يَكُنْ، وَالصَّوَابُ حَذْفُهَا

[فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن]

أَنْ يَكُونَ حُرًّا فَالْعَبْدُ لَا إحْرَامَ عَلَيْهِ قَطْعًا وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ، وَعَلَى الْوُجُوبِ لَوْ دَخَلَ غَيْرُ مُحْرِمٍ لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاءٌ إذْ الْإِحْرَامُ تَحِيَّةُ الْبُقْعَةِ فَلَا تُقْضَى كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، وَلَا يُجْبَرُ بِالدَّمِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَحْرَمَ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ فَعَلَيْهِ دَمٌ فَصْلٌ فِيمَا يُطْلَبُ فِي الطَّوَافِ مِنْ وَاجِبَاتٍ وَسُنَنٍ (لِلطَّوَافِ بِأَنْوَاعِهِ) مِنْ قُدُومٍ وَرُكْنٍ وَوَدَاعٍ وَمَا يَتَحَلَّلُ بِهِ فِي الْفَوَاتِ وَالطَّوَافِ نَذْرٍ وَتَطَوُّعٍ (وَاجِبَاتٌ) لَا يَصِحُّ إلَّا بِهَا سَوَاءٌ أَكَانَتْ شُرُوطًا أَمْ أَرْكَانًا (وَسُنَنٌ) يَصِحُّ بِدُونِهَا (أَمَّا) (الْوَاجِبُ) فِي الطَّوَافِ فَثَمَانِيَةٌ: أَحَدُهَا مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (فَيُشْتَرَطُ) لَهُ (سَتْرُ الْعَوْرَةِ) كَمَا فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ طَافَ عَارِيًّا وَأَجْزَأَهُ كَمَا لَوْ صَلَّى كَذَلِكَ (وَ) ثَانِيهَا (طَهَارَةُ الْحَدَثِ وَالنَّجَسِ) فِي بَدَنِهِ وَثَوْبِهِ وَمَطَافِهِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ لِخَبَرِ «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ» لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مَعَ خَبَرِ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» وَرَوَى «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِعَائِشَةَ لَمَّا حَاضَتْ وَهِيَ مُحْرِمَةٌ: اصْنَعِي مَا يَصْنَعُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَغْتَسِلِي» فَلَوْ طَافَ مُحْدِثًا أَوْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهَا لَمْ يَصِحَّ طَوَافُهُ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَزَرْقُ الطُّيُورِ وَغَلَبَتُهَا مِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى فِي الْمَطَافِ. وَقَدْ اخْتَارَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ الْمُحَقِّقِينَ الْعَفْوَ عَنْهَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: يُعْفَى عَمَّا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ: أَيْ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَكُونَ رَطْبَةً وَلَا يُعْتَمَدُ الْمَشْيُ عَلَيْهَا كَمَا مَرَّ، وَقَدْ عَدَّ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ الْبِدَعِ غُسْلُ بَعْضِ النَّاسِ الْمَطَافَ. وَيَصِحُّ طَوَافُ النَّائِمِ الْمُمَكِّنِ مَقْعَدَهُ بِمَقَرِّهِ وَيَعْتَمِدُ فِي الْعَدَدِ عَلَى يَقِينِهِ إذَا اسْتَيْقَظَ قَبْلَ تَكْمِيلِ طَوْفَتِهِ أَوْ أَخْبَرَهُ بِهِ جَمْعٌ مُتَوَاتِرٌ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الصَّلَاةِ، وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ الْقِيَاسَ مَنْعُ الْمُتَيَمِّمِ وَالْمُتَنَجِّسِ الْعَاجِزِ عَنْ الْمَاءِ مِنْ طَوَافِ الرُّكْنِ لِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ فَلَا فَائِدَةَ فِي فِعْلِهِ؛ وَلِأَنَّ وَقْتَهُ لَيْسَ مَحْدُودًا كَالصَّلَاةِ، وَقَطَعَ فِي طَوَافِ النَّفْلِ وَالْوَدَاعِ بِأَنَّ لَهُ فِعْلُهُمَا مَعَ ذَلِكَ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْأَوْجَهَ الَّذِي يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ أَنَّ لَهُ فِعْلَ طَوَافِ الرُّكْنِ بِالتَّيَمُّمِ لِفَقْدِ مَاءٍ أَوْ لِجُرْحٍ عَلَيْهِ جَبِيرَةٌ فِي أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا تَجِبُ مَعَهُ الْإِعَادَةُ حَيْثُ لَمْ يُرْجَ الْبُرْءُ أَوْ الْمَاءُ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ فِعْلِهِ عَلَى وَجْهٍ مُجْزِئٍ عَنْ الْإِعَادَةِ لِشِدَّةِ الْمَشَقَّةِ فِي بَقَائِهِ مُحْرِمًا مَعَ عَوْدِهِ إلَى وَطَنِهِ، وَتَجِبُ إعَادَتُهُ إذَا تَمَكَّنَ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ) فِيمَا يُطْلَبُ فِي الطَّوَافِ (قَوْلُهُ: مِنْ وَاجِبَاتٍ وَسُنَنٍ) أَيْ وَفِيمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَوُقُوعِ الطَّوَافِ لِلْمَحْمُولِ (قَوْلُهُ: وَمَا يَتَحَلَّلُ بِهِ) أَيْ وَطَوَافٌ يَتَحَلَّلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ) أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَيُشْتَرَطُ إلَخْ وَصَرَّحَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الْوُجُوبِ تَوَقُّفُ الصِّحَّةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: عَلَى يَقِينِهِ) أَيْ فَإِنْ شَكَّ فِي عَدَدِ مَا أَتَى بِهِ بَنَى عَلَى الْأَقَلِّ كَمَا فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: جَمْعٌ مُتَوَاتِرٌ) أَيْ وَلَوْ مِنْ كُفَّارٍ وَصِبْيَانٍ وَفَسَقَةٍ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ لَهُ) أَيْ الْمُتَيَمِّمِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ الْآتِي وَبِالنَّجَاسَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَحَاصِلُهُ) أَيْ حَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ، وَفِيهِ تَضْعِيفٌ لِبَحْثِ الْإِسْنَوِيِّ (قَوْلُهُ: بِالتَّيَمُّمِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ بِالنَّجَاسَةِ إذَا عَجَزَ عَنْ إزَالَتِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِيمَا يُطْلَبُ فِي الطَّوَافِ مِنْ وَاجِبَاتٍ وَسُنَنٍ] [وَاجِبَات الطَّوَاف] فَصْلٌ) فِيمَا يُطْلَبُ فِي الطَّوَافِ (قَوْلُهُ وَحَاصِلُهُ) هُوَ تَابِعٌ فِي الْإِتْيَانِ بِالضَّمِيرِ لِلْإِمْدَادِ مِنْ جُمْلَةِ مَا تَبِعَهُ فِيهِ فِي هَذِهِ السِّوَادَةِ فَإِنَّهَا لَهُ، لَكِنَّ ذَاكَ لَمَّا ذَكَرَ كَلَامَ الْإِسْنَوِيِّ قَالَ عَقِبَهُ: وَفِيهِ كَلَامٌ ذَكَرَتْهُ الْحَاشِيَةُ: يَعْنِي حَاشِيَتَهُ عَلَى إيضَاحِ الْمَنَاسِكِ، ثُمَّ قَالَ: وَحَاصِلُهُ إلَخْ، فَالضَّمِيرُ يَرْجِعُ إلَى الْكَلَامِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْحَاشِيَةِ، بِخِلَافِ الشَّارِحِ فَإِنَّهُ لَمْ يُقَدِّمْ لَهُ مَرْجِعًا وَإِنْ صَحَّ فِي عِبَارَتِهِ فِي حَدِّ ذَاتِهَا مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ تَبَعِيَّتِهِ لِلْإِمْدَادِ أَنْ يُقَالَ: الضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِلْحُكْمِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَقَامِ: أَيْ

بِأَنْ عَادَ إلَى مَكَّةَ لِزَوَالِ الضَّرُورَةِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ حَلَالًا بِالنِّسْبَةِ لِإِبَاحَةِ الْمَحْظُورَاتِ لَهُ قَبْلَ الْعَوْدِ لِلضَّرُورَةِ إلَّا أَنَّهُ مُحْرِمٌ بِالنِّسْبَةِ لِبَقَاءِ الطَّوَافِ فِي ذِمَّتِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يُعِيدُ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ الطَّوَافَ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ إحْرَامٍ وَلَمْ أَرَ تَصْرِيحًا بِذَلِكَ، وَمَا قَالَهُ فِي طَوَافِ النَّفْلِ صَحِيحٌ. أَمَّا طَوَافُ الْوَدَاعِ فَالْأَقْرَبُ فِيهِ جَوَازُهُ بِهِ أَيْضًا نَعَمْ يَمْتَنِعَانِ عَلَى فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ كَطَوَافِ الرُّكْنِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِ مَعَ النُّدْرَةِ فَلَا فَائِدَةَ فِي فِعْلِهِ، وَإِنَّمَا فَعَلَ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ كَذَلِكَ لِحُرْمَةِ وَقْتِهَا، وَالطَّوَافُ لَا آخِرَ لِوَقْتِهِ. وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ إذَا صَلَّى ثُمَّ قَدَرَ عَلَى التَّيَمُّمِ بَعْدَ الْوَقْتِ لَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ فِي الْحَضَرِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ مَعَ أَنَّ حُرْمَةَ الصَّلَاةِ أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَتِهِ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ طَوَافُ الْوَدَاعِ بِذَلِكَ وَبِالنَّجَاسَةِ الَّتِي لَا يَقْدِرُ عَلَى طُهْرِهَا وَلَا دَمَ عَلَيْهِ كَالْحَائِضِ، وَسَيَأْتِي أَيْضًا أَنَّ مَنْ حَاضَتْ قَبْلَ طَوَافِ الرُّكْنِ وَلَمْ تُمْكِنْهَا الْإِقَامَةُ حَتَّى تَطْهُرَ لَهَا أَنْ تَرْحَلَ، فَإِذَا وَصَلَتْ إلَى مَحَلٍّ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهَا الرُّجُوعُ مِنْهُ إلَى مَكَّةَ جَازَ لَهَا حِينَئِذٍ أَنْ تَتَحَلَّلَ كَالْمُحْصَرِ وَتَحِلُّ حِينَئِذٍ مِنْ إحْرَامِهَا وَيَبْقَى الطَّوَافُ فِي ذِمَّتِهَا إلَى أَنْ تَعُودَ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي وَأَنَّهَا تَحْتَاجُ عِنْدَ فِعْلِهِ إلَى إحْرَامٍ لِخُرُوجِهَا مِنْ نُسُكِهَا بِالتَّحَلُّلِ بِخِلَافِ مَنْ طَافَ بِتَيَمُّمٍ تَجِبُ مَعَهُ الْإِعَادَةُ لِعَدَمِ تَحَلُّلِهِ حَقِيقَةً، وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ لَيْسَ لَهَا أَنْ تُسَافِرَ حَتَّى تَطُوفَ، قَالَ غَيْرُهُ: إنَّهُ غَلَطٌ مِنْهُ (فَلَوْ) (أَحْدَثَ فِيهِ تَوَضَّأَ) أَيْ تَطَهَّرَ (وَبَنَى) مِنْ مَوْضِعِ الْحَدَثِ سَوَاءٌ أَكَانَ عِنْدَ الرُّكْنِ أَمْ لَا (وَفِي قَوْلٍ يَسْتَأْنِفُ) كَمَا فِي الصَّلَاةِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ فِيهِ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي الصَّلَاةِ كَالْفِعْلِ الْكَثِيرِ وَالْكَلَامِ، وَلَوْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فَخِلَافٌ مُرَتَّبٌ عَلَى الْعَمْدِ وَأَوْلَى بِالْبِنَاءِ وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ، وَلَوْ تَنَجَّسَ ثَوْبُهُ أَوْ بَدَنُهُ أَوْ مَطَافُهُ بِمَا لَا يُعْفَى عَنْهُ أَوْ انْكَشَفَ شَيْءٌ مِنْ عَوْرَتِهِ كَأَنْ بَدَا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَعَلَيْهِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَالْحَائِضِ فَيَخْرُجُ مَعَهُ رُفْقَتُهُ إلَى حَيْثُ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ فَيَتَحَلَّلُ كَالْمُحْصَرِ، فَإِذَا عَادَ إلَى مَكَّةَ أَحْرَمَ وَطَافَ (قَوْلُهُ: بِأَنْ عَادَ إلَى مَكَّةَ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ (قَوْلُهُ: لِبَقَاءِ الطَّوَافِ فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ إذَا مَاتَ وَجَبَ الْإِحْجَاجُ عَنْهُ بِشَرْطِهِ اهـ حَجّ: أَيْ وَهُوَ التَّمَكُّنُ مِنْ الْعَوْدِ وَلَمْ يَعُدْ وَأَنْ يُوجَدَ فِي تَرِكَتِهِ مَا يَفِي بِأُجْرَةِ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا أَنَّهُ مُحْرِمٌ بِالنِّسْبَةِ لِبَقَاءِ الطَّوَافِ إلَخْ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ إحْرَامِهِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَمَا قَالَهُ) أَيْ الْإِسْنَوِيُّ (قَوْلُهُ: جَوَازُهُ بِهِ) أَيْ بِالتَّيَمُّمِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ وَبِالنَّجَاسَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَمْتَنِعَانِ) أَيْ طَوَافُ النَّفْلِ وَالْوَدَاعِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالْحَائِضِ فَيَسْقُطُ الطَّوَافُ عَنْهُمَا (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ مَعَ فَقْدِ الطَّهُورَيْنِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْوَقْتِ) أَيْ أَمَّا فِيهِ فَيُعِيدُ لِتَبَيُّنِ أَنَّ صَلَاتَهُ الْأُولَى غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهَا إذْ لَا يَجُوزُ لَهُ الْفِعْلُ إلَّا عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ بِفَقْدِ الطَّهُورَيْنِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ طَوَافِ الرُّكْنِ) أَيْ الْمُسَمَّى بِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ (قَوْلُهُ: كَالْمُحْصَرِ) أَيْ بِأَنْ تَذْبَحَ وَتَحْلِقَ أَوْ تُقَصِّرَ بِنِيَّةِ التَّحَلُّلِ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ) أَيْ الْعَوْدُ، وَإِذَا مَاتَتْ وَلَمْ تَعُدْ وَجَبَ الْإِحْجَاجُ عَنْهَا بِشَرْطِهِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ حَجّ (قَوْلُهُ: إلَى إحْرَامٍ) أَيْ لِلْإِتْيَانِ بِالطَّوَافِ فَقَطْ دُونَ مَا فَعَلْته قَبْلُ كَالْوُقُوفِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَنْ طَافَ بِتَيَمُّمٍ) أَيْ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ: تَجِبُ مَعَهُ الْإِعَادَةُ) أَيْ إعَادَةُ الطَّوَافِ (قَوْلُهُ: وَبَنَى) ع قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الْخَارِجُ بِالْإِغْمَاءِ نَصُّ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّهُ يَسْتَأْنِفُ الْوُضُوءَ وَالطَّوَافَ قَرِيبًا كَانَ أَوْ بَعِيدًا وَالْفَرْقُ زَوَالُ التَّكْلِيفِ بِخِلَافِ الْمُحْدِثِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجِ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مِثْلَ الْإِغْمَاءِ الْجُنُونُ بِالْأَوْلَى، وَمِثْلُهُ أَيْضًا السَّكْرَانُ سَوَاءٌ تَعَدَّى بِهِمَا أَمْ لَا، لَكِنْ سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ فِي مَبْحَثِ الْوُقُوفِ فِيمَنْ حَضَرَ الْمَوْقِفَ وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَحَاصِلُ الْحُكْمِ فِي الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ إلَخْ) فِي هَذَا التَّعْلِيلِ رُجُوعٌ إلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ مَحَلُّ الْفَرْقِ قَوْلَهُ مَعَ النُّدْرَةِ (قَوْلُهُ: وَيَسْقُطُ عَنْهُ طَوَافُ الْوَدَاعِ بِذَلِكَ) أَيْ بِفَقْدِ الطَّهُورَيْنِ، وَقَوْلُهُ بِالنَّجَاسَةِ إلَخْ: أَيْ وَإِنْ كَانَ لَهُ فِعْلُهُمَا مَعًا كَمَا مَرَّ

شَيْءٌ مِنْ شَعْرِ رَأْسِ الْحُرَّةِ أَوْ ظُفْرٌ مِنْ رِجْلِهَا لَمْ يَصِحَّ الْمَفْعُولُ بَعْدُ، فَإِنْ زَالَ الْمَانِعُ بَنَى عَلَى مَا مَضَى كَالْمُحْدِثِ وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ كَمَا مَرَّ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْوَلَاءِ فِيهِ كَالْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عِبَادَةٌ يَجُوزُ أَنْ يَتَخَلَّلَهَا مَا لَيْسَ مِنْهَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ، وَيُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَسْتَأْنِفَ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ (وَ) ثَالِثُهَا (أَنْ يَجْعَلَ) الطَّائِفُ (الْبَيْتَ) فِي طَوَافِهِ (عَنْ يَسَارِهِ) مَارًّا تِلْقَاءَ وَجْهِهِ إلَى جِهَةِ الْبَابِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مَعَ خَبَرِ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» فَإِنْ جَعَلَهُ عَنْ يَمِينِهِ وَمَشْي أَمَامَهُ أَوْ اسْتَقْبَلَهُ أَوْ اسْتَدْبَرَهُ وَطَافَ مُعْتَرِضًا أَوْ جَعَلَهُ مِنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ وَمَشَى الْقَهْقَرَى لَمْ يَصِحَّ طَوَافُهُ لِمُنَابَذَتِهِ لِمَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِهِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ مَتَى كَانَ الْبَيْتُ عَنْ يَسَارِهِ صَحَّ وَإِنْ لَمْ يَطُفْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَعْهُودِ كَأَنْ جَعَلَ رَأْسَهُ لِأَسْفَل وَرِجْلَيْهِ لِأَعْلَى أَوْ وَجْهَهُ لِلْأَرْضِ وَظَهْرَهُ لِلسَّمَاءِ، وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ الْمُتَّجَهَ عَدَمُ الْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُ مُنَابِذٌ لِلشَّرْعِ، وَقَيَّدَهُ الْجَوْجَرِيُّ تَبَعًا لِابْنِ النَّقِيبِ بِمَا إذَا قَدَرَ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمَشْرُوعَةِ، وَلَوْ قِيلَ بِالْجَوَازِ مُطْلَقًا لَمْ يَبْعُدْ كَمَا لَوْ طَافَ زَحْفًا أَوْ حَبْوًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْمَشْيِ، وَلِوُجُودِ الْبَيْتِ عَنْ يَسَارِهِ مَعَ وُجُودِ أَصْلِ الْهَيْئَةِ الْوَارِدَةِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اسْتِقْبَالُ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فِي ابْتِدَاءِ طَوَافِهِ كَمَا سَيَأْتِي وَرَابِعُهَا كَوْنُهُ (مُبْتَدِئًا) فِي ذَلِكَ (بِالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (مُحَاذِيًا) بِالْمُعْجَمَةِ (لَهُ) الْحَجَرِ أَوْ بَعْضِهِ (فِي مُرُورِهِ) عَلَيْهِ ابْتِدَاءً (بِجَمِيعِ بَدَنِهِ) أَيْ بِجَمِيعِ الشِّقِّ الْأَيْسَرِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ بِأَنْ لَا يُقَدِّمَ جُزْءًا مِنْ بَدَنِهِ عَلَى جُزْءٍ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSمُغْمًى عَلَيْهِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ حَجَّهُ لَا يَقَعُ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا. بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ وَالسَّكْرَانِ إذَا زَالَ عَقْلُهُ فَيَقَعُ حَجُّهُمَا نَفْلًا، بِخِلَافِ السَّكْرَانِ إذَا لَمْ يَزُلْ عَقْلُهُ فَيَقَعُ حَجُّهُ فَرْضًا اهـ. وَعَلَيْهِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُفَرِّقَ هُنَا بَيْنَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمَجْنُونِ فَلَا يَبْطُلُ مَا مَضَى مِنْ طَوَافِ الْمَجْنُونِ بِخِلَافِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ. وَقَالَ الشَّارِحُ: ثُمَّ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَجْنُونِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُغْمَى عَلَيْهِ وَلِيٌّ يُحْرِمُ عَنْهُ وَلَا كَذَلِكَ الْمَجْنُونُ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْفَرْضَ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ أَنَّهُ أَحْضُرُ الْمَوَاقِفِ بِلَا إحْرَامٍ مِنْهُ بِأَنْ أَحْرَمَ عَنْهُ غَيْرُهُ. وَأَمَّا مَا نَحْنُ فِيهِ وَصُورَتُهُ أَنَّهُ أَحْرَمَ ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ مَرَّةً ثُمَّ أَفَاقَ مِنْ إغْمَائِهِ فَيَسْتَأْنِفُ الطَّوَافَ وَيَبْنِي عَلَى مَا سَبَقَ لَهُ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجَّةِ. وَبَقِيَ مَا لَوْ ارْتَدَّ هَلْ يَنْقَطِعُ طَوَافُهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ عَدَمُ بُطْلَانِ مَا مَضَى مِنْهُ سَوَاءٌ طَالَ أَوْ قَصُرَ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ فِيهِ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَهُوَ بَاقٍ عَلَى تَكْلِيفِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلْعِبَادَةِ فِي زَمَنِ الرِّدَّةِ فَإِذَا أَسْلَمَ بَنَى عَلَى مَا فَعَلَهُ قَبْلَ الرِّدَّةِ بِنِيَّةٍ جَدِيدَةٍ لِبُطْلَانِ النِّيَّةِ الْأُولَى بِالرِّدَّةِ، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فِي مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا يُفْسِدُ الْحَجَّةَ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ إلَخْ، أَنَّ الْحَجَّ يَبْطُلُ بِالرِّدَّةِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ، وَفَرْقٌ ثَمَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ ارْتَدَّ فِي أَثْنَاءِ وُضُوئِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى مَا مَضَى بِالنِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ تَوْزِيعُهَا عَلَى أَعْضَائِهِ فَلَمْ يَلْزَمْ مِنْ بُطْلَانِ بَعْضِهَا بُطْلَانُ كُلِّهَا، بِخِلَافِهَا فِي الْحَجَّ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَوْزِيعُهَا عَلَى أَجْزَائِهِ اهـ. وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الطَّوَافَ يَبْطُلُ بِالرِّدَّةِ لِشُمُولِ قَوْلِهِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ لَهُ؛ وَلِأَنَّ نِيَّتَهُ لَا يُمْكِنُ تَوْزِيعُهَا عَلَى أَجْزَائِهِ؛ لِأَنَّ الْأُسْبُوعَ كَالرَّكْعَةِ وَهُوَ لَوْ نَوَى بَعْضَ رَكْعَةٍ لَمْ يَصِحَّ فَكَذَا الطَّوَافُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ الْمَفْعُولُ بَعْدُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ تَنَجُّسِ الثَّوْبِ أَوْ الْبَدَنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ) أَيْ وَلَوْ سِنِينَ (قَوْلُهُ: عَنْ يَسَارِهِ) شَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ طَافَ بِصَغِيرٍ حَامِلًا لَهُ فَيَجْعَلُ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِ الطِّفْلِ وَيَدُورُ بِهِ. وَفِي حَجّ: أَنَّ الْمَرِيضَ لَوْ لَمْ يَتَأَتَّ حَمْلُهُ إلَّا وَوَجْهُهُ أَوْ ظَهْرُهُ لِلْبَيْتِ صَحَّ طَوَافُهُ لِلضَّرُورَةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ إلَّا التَّقَلُّبُ عَلَى جَنْبَيْهِ يَجُوزُ طَوَافُهُ كَذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ رَأْسُهُ لِلْبَيْتِ أَمْ رِجْلَاهُ لِلضَّرُورَةِ هُنَا أَيْضًا، وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَحْمِلُهُ يَجْعَلُ يَسَارَهُ لِلْبَيْتِ وَإِلَّا لَزِمَهُ وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ فَاضِلَةٍ عَمَّا مَرَّ فِي نَحْوِ قَائِدِ الْأَعْمَى كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي الطِّفْلِ الْمَحْمُولِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قِيلَ بِالْجَوَازِ مُطْلَقًا لَمْ يَبْعُدْ) مُعْتَمَدٌ جَزَمَ بِهِ ابْنُ كَجٍّ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ قُدِّرَ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمَشْرُوعَةِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: بِجَمِيعِ الشِّقِّ الْأَيْسَرِ) [تَنْبِيهٌ] يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالشِّقِّ الْأَيْسَرِ أَعْلَاهُ الْمُحَاذِي لِلصَّدْرِ وَهُوَ الْمَنْكِبُ، فَلَوْ انْحَرَفَ عَنْهُ بِهَذَا وَحَاذَاهُ مَا تَحْتَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الْحَجَرِ، وَاكْتَفَى بِمُحَاذَاتِهِ بَعْضَهُ كَمَا يَكْتَفِي بِتَوَجُّهِهِ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ بِجُزْءٍ مِنْ الْكَعْبَةِ فِي الصَّلَاةِ. وَصِفَةُ الْمُحَاذَاةِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْبَيْتَ وَيَقِفَ بِجَانِبِ الْحَجَرِ مِنْ جِهَةِ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِ بِحَيْثُ يَصِيرُ جَمِيعُ الْحَجَرِ عَنْ يَمِينِهِ وَمَنْكِبُهُ الْأَيْمَنُ عِنْدَ طَرَفِهِ ثُمَّ يَنْوِي الطَّوَافَ ثُمَّ يَمْشِي مُسْتَقْبِلَ الْحَجَرِ مَارًّا إلَى جِهَةِ يَمِينِهِ حَتَّى يُجَاوِزَهُ، فَإِذَا جَاوَزَهُ انْفَتَلَ وَجَعَلَ يَسَارَهُ إلَى الْبَيْتِ، وَلَوْ فَعَلَ هَذَا مِنْ الْأَوَّلِ وَتَرَكَ اسْتِقْبَالَ الْحَجَرِ جَازَ لَكِنْ فَاتَتْهُ الْفَضِيلَةُ. قَالَ: وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الطَّوَافِ يَجُوزُ مَعَ اسْتِقْبَالِ الْبَيْتِ إلَّا مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ مُرُورِهِ فِي الِابْتِدَاءِ، وَذَلِكَ سُنَّةٌ فِي الطَّوْفَةِ الْأُولَى لَا غَيْرَ: أَيْ بَلْ هُوَ مَمْنُوعٌ فِي غَيْرِهَا، وَهَذَا غَيْرُ الِاسْتِقْبَالِ الْمُسْتَحَبِّ عِنْدَ لِقَاءِ الْحَجَرِ قَبْلَ أَنْ يَبْدَأَ بِالطَّوَافِ فَإِنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ قَطْعًا وَسُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، وَإِذَا اسْتَقْبَلَ الْبَيْتَ لِنَحْوِ دُعَاءٍ فَلْيَحْتَرِزْ عَنْ أَنْ يَمُرَّ مِنْهُ أَدْنَى جُزْءٍ قَبْلَ عَوْدِهِ إلَى جَعْلِ الْبَيْتِ عَنْ يَسَارِهِ، وَيُقَاسُ بِالْحَجَرِ فِيمَا تَقَرَّرَ مَنْ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَ، وَلَوْ أُزِيلَ الْحَجَرُ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ وَجَبَ لِمَحَلِّهِ مَا وَجَبَ لَهُ. قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَقَالَ غَيْرُهُ: الْمُرَادُ بِالرُّكْنِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ طَوَافِ الرَّاكِبِ وَمَنْ فِي السَّطْحِ، وَلَا بُدَّ مِنْ مُقَارَنَةِ النِّيَّةِ حَيْثُ وَجَبَتْ لِمَا تَجِبُ مُحَاذَاتُهُ مِنْ الْحَجَرِ، ثُمَّ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ مِنْ إجْزَاءِ الِانْفِتَالِ بَعْدَ مُفَارَقَةِ جَمِيعِ الْحَجَرِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ أَبِي الطَّيِّبِ وَالرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِمَا، وَإِنْ بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ خِلَافَهُ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ قَبْلَ مُفَارَقَةِ جَمِيعِهِ؛ لِأَنَّهُمْ تَوَسَّعُوا فِي ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ مَا لَمْ يَتَوَسَّعُوا فِي دَوَامِهِ (فَلَوْ) (بَدَأَ) فِي طَوَافِهِ (بِغَيْرِ الْحَجَرِ) كَأَنْ بَدَأَ بِالْبَابِ (لَمْ يُحْسَبْ) مَا طَافَهُ وَلَوْ سَهْوًا (فَإِذَا انْتَهَى إلَيْهِ) أَيْ الْحَجَرِ (ابْتَدَأَ مِنْهُ) وَلَوْ حَاذَاهُ بِبَعْضِ بَدَنِهِ وَبَعْضُهُ مُجَاوِزٌ إلَى جَانِبِ الْبَابِ لَمْ يُعْتَدَّ بِطَوْفَتِهِ وَلَوْ حَاذَى بِجَمِيعِ الْبَدَنِ بَعْضَ الْحَجَرِ دُونَ بَعْضٍ أَجْزَأَهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ فِيهِمَا عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ، وَفِي الْمَجْمُوعِ فِي الثَّانِيَةِ إنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ وَظَاهِرٌ، كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ أَنَّ الْمُرَادَ بِمُحَاذَاةِ الْحَجَرِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ اسْتِقْبَالُهُ وَإِنْ عَدِمَ الصِّحَّةَ فِي الْأُولَى لِعَدَمِ الْمُرُورِ بِجَمِيعِ الْبَدَنِ عَلَى الْحَجَرِ فَلَا بُدَّ فِي اسْتِقْبَالِهِ الْمُعْتَدِّ بِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ وَهُوَ أَنْ لَا يُقَدِّمَ جُزْءًا مِنْ بَدَنِهِ عَلَى جُزْءٍ مِنْ الْحَجَرِ الْمَذْكُورِ. (وَلَوْ) (مَشَى عَلَى الشَّاذَرْوَانِ) بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ الْخَارِجُ عَنْ عَرْضِ جِدَارِ الْبَيْتِ قَدْرَ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ تَرَكَتْهُ قُرَيْشٌ لِضِيقِ النَّفَقَةِ وَهُوَ كَمَا فِي الْمَنَاسِكِ وَغَيْرِهَا عَنْ الْأَصْحَابِ ظَاهِرٌ فِي جَوَانِبِ الْبَيْتِ لَكِنْ لَا يَظْهَرُ عِنْدَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، وَكَأَنَّهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ الشِّقِّ الْأَيْسَرِ لَمْ يَكْفِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: بِمُحَاذَاتِهِ) أَيْ الطَّائِفِ (قَوْلُهُ: كَمَا يَكْتَفِي إلَخْ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِمَا ذُكِرَ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ قَطْعًا) مُغَايَرَةُ هَذَا لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَثَانِيهَا أَنْ يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ أَوَّلَ طَوَافِهِ إلَخْ، يَقْتَضِي أَنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا فَيَسْتَلِمُ الْحَجَرَ أَوَّلًا عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الْآتِيَةِ ثُمَّ يَتَأَخَّرُ بِحَيْثُ يَكُونُ طَرَفُ مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ عِنْدَ طَرَفِ الْحَجَرِ ثُمَّ يَمُرُّ إلَى أَنْ يُجَاوِزَهُ فَيَنْفَتِلَ (قَوْلُهُ: حَيْثُ وَجَبَتْ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ الطَّوَافُ فِي ضِمْنِ حَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ (قَوْلُهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ) خِلَافًا لِحَجَّ (قَوْلُهُ وَلَوْ حَاذَاهُ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا بِأَنْ لَمْ يُقَدِّمْ جُزْءًا مِنْ بَدَنَةٍ إلَخْ، وَلَعَلَّهُ ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَاذَى بِجَمِيعِ الْبَدَنِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ نَحِيفًا، وَهَذَا عُلِمَ أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَاكْتَفَى بِمُحَاذَاتِهِ بَعْضَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي جَوَانِبِ الْبَيْتِ) مُعْتَمَدٌ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ فِي جَمِيعِ جَوَانِبِ الْبَيْتِ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ حَجّ وَعِبَارَتُهُ: وَهُوَ مِنْ الْجِهَةِ الْغَرْبِيَّةِ وَالْيَمَانِيَةِ، وَكَذَا مِنْ جِهَةِ الْبَابِ كَمَا حَرَّرْتُهُ فِي الْحَاشِيَةِ، فَفِي مُوَازَنَتِهِ الْآتِيَةِ بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ وَاسْتِثْنَاءِ مَا عِنْدَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ عَلَى الْقَوَاعِدِ يُرَدُّ بِأَنَّ كَوْنَهُ كَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ النَّقْصَ مِنْ عَرْضِهِ عِنْدَ ارْتِفَاعِ الْبِنَاءِ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالشَّاذَرْوَانِ فِي الْجَمِيعِ فَهُوَ عَامٌّ فِي كُلِّهَا حَتَّى عِنْدَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَعِنْدَ الْيَمَانِيِ اهـ (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا يَظْهَرُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ لِأَنَّهُمْ تَوَسَّعُوا إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلْأَوَّلِ

تَرَكُوا رَفْعَهُ لِتَهْوِينِ الِاسْتِلَامِ، وَقَدْ حَدَثَ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ عِنْدَهُ شَاذَرْوَانُ (أَوْ) أَدْخَلَ جُزْءًا مِنْ بَدَنِهِ فِي جُزْءٍ مِنْ الْبَيْتِ كَأَنْ (مَسَّ الْجِدَارَ) الْكَائِنَ (فِي مُوَازَاتِهِ) أَيْ الشَّاذَرْوَانِ أَوْ أَدْخَلَ جُزْءًا مِنْهُ فِي هَوَاءِ الشَّاذَرْوَانِ أَوْ هَوَاءِ غَيْرِهِ مِنْ أَجْزَاءِ الْبَيْتِ (أَوْ دَخَلَ مِنْ إحْدَى فَتْحَتَيْ الْحِجْرِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَإِسْكَانِ الْجِيمِ الْمَحُوطِ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ الشَّامِيَّيْنِ بِجِدَارٍ قَصِيرٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كُلٍّ مِنْ الرُّكْنَيْنِ فَتْحَةً أَوْ خَلَفَ مِنْهُ قَدْرَ الَّذِي مِنْ الْبَيْتِ وَاقْتَحَمَ الْجِدَارَ (وَخَرَجَ مِنْ) الْجَانِبِ (الْآخَرِ لَمْ تَصِحَّ طَوْفَتُهُ) أَيْ بَعْضُهَا فِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا طَافَ خَارِجَ الْحَجَرِ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ عَائِشَةَ سَأَلَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْجَدْرِ» ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «عَنْ الْحَجَرِ: أَمِنَ الْبَيْتِ هُوَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَتْ: فَمَا بَالُهُمْ لَمْ يُدْخِلُوهُ فِي الْبَيْتِ؟ قَالَ: إنَّ قَوْمَك قَصَّرَتْ بِهِمْ النَّفَقَةُ، قَالَتْ: فَمَا شَأْنُ بَابِهِ مُرْتَفِعًا؟ قَالَ: فَعَلَ ذَلِكَ قَوْمُك لِيُدْخِلُوا مَنْ شَاءُوا وَيَمْنَعُوا مَنْ شَاءُوا، وَلَوْلَا أَنَّ قَوْمَك حَدِيثُو عَهْدٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَخَافُ أَنْ تُنْكِرَ قُلُوبُهُمْ أَنْ أُدْخِلَ الْجَدْرَ فِي الْبَيْتِ وَأَنْ أُلْصِقَ بَابَهُ فِي الْأَرْضِ لَفَعَلْت» وَظَاهِرُهُ أَنَّ جَمِيعَ الْحَجَرِ مِنْ الْبَيْتِ. قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ: وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِنَا وَظَاهِرُ نَصِّ الْمُخْتَصَرِ، لَكِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الَّذِي فِيهِ مِنْ الْبَيْتِ قَدْرُ سِتَّةِ أَذْرُعٍ تَتَّصِلُ بِالْبَيْتِ، وَقِيلَ سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ، وَلَفْظُ الْمُخْتَصَرِ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا، وَمَعَ ذَلِكَ يَجِبُ الطَّوَافُ خَارِجَهُ لِمَا مَرَّ وَعُلِمَ مِنْ مَنْعِ مُرُورِ بَعْضِ الْبَدَنِ عَلَى الشَّاذَرْوَانِ أَنَّ مُرُورَ بَعْضِ ثِيَابِهِ لَا يَضُرُّ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَوْ مَسَّ الْجِدَارَ الَّذِي فِي جِهَةِ الْبَابِ لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوَازِيهِ شَاذَرْوَانُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ كُلُّ جِدَارٍ لَا شَاذَرْوَانَ بِهِ (وَفِي مَسْأَلَةِ الْمَسِّ وَجْهٌ) بِصِحَّةِ الطَّوَافِ؛ لِأَنَّ مُعْظَمَ بَدَنِهِ خَارِجٌ فَيَصْدُقُ أَنَّهُ طَائِفٌ بِالْبَيْتِ. (وَ) خَامِسُهَا (أَنْ يَطُوفَ) بِالْبَيْتِ (سَبْعًا) يَقِينًا وَلَوْ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا وَإِنْ كَانَ رَاكِبًا لِغَيْرِ عُذْرٍ، فَلَوْ تَرَكَ مِنْهَا شَيْئًا وَإِنْ قَلَّ لَمْ يُجْزِئْهُ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَلَوْ شَكَّ فِي الْعَدَدِ بَنَى عَلَى الْأَقَلِّ كَعَدَدِ الصَّلَاةِ، فَلَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ طَافَ سَبْعًا فَأَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِأَنَّهُ سِتٌّ سُنَّ لَهُ الْعَمَلُ بِقَوْلِهِ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ وَجَزَمَ بِهِ السُّبْكِيُّ وَيُفَارِقُ عَدَدَ رَكَعَاتِ الصَّلَاةِ بِأَنَّ زِيَادَةَ الرَّكَعَاتِ مُبْطِلَةٌ بِخِلَافِ الطَّوَافِ، وَلَا بُدَّ أَيْضًا مِنْ مُحَاذَاتِهِ شَيْئًا مِنْ الْحَجَرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ وَإِلَّا فَهُوَ فِيهِ لَكِنَّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ (قَوْلُهُ: الْأَزْمَانُ عِنْدَهُ) أَيْ الْحَجَرِ (قَوْلُهُ فِي مُوَازَاتِهِ) يُفْهَمُ أَنَّ الشَّاذَرْوَانَ لَيْسَ فِي جَمِيعِ الْجَوَانِبِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الشَّارِحِ قَبْلُ ظَاهِرٌ فِي جَوَانِبِ الْبَيْتِ الظَّاهِرِ فِي الْجَمِيعِ عَلَى مَا مَرَّ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ تَقْيِيدَ الْمُصَنِّفِ بِمَا ذُكِرَ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ كَمَا قَالَهُ حَجّ لَا لِلِاحْتِرَازِ، لَكِنْ يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ كُلُّ جِدَارٍ إلَخْ مَا يُوَافِقُ كَلَامَ الْمَتْنِ يَأْتِي مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: بِجِدَارٍ قَصِيرٍ) أَيْ يَزِيدُ عَلَى الْقَامَةِ (قَوْلُهُ: قَدْرَ الَّذِي مِنْ الْبَيْتِ) وَقَدْرُهُ سِتَّةُ أَذْرُعٍ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا طَافَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ خِلَافًا لَحَجّ (قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ كُلُّ جِدَارٍ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي جَوَانِبِ الْبَيْتِ، وَعِبَارَةُ ابْنِ قَاسِمٍ الْعَبَّادِيِّ فِي شَرْحِ أَبِي شُجَاعٍ: وَقَوْلُ جَمْعٍ مِنْهُمْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ لَوْ مَسَّ الْجِدَارَ الَّذِي فِي جِهَةِ الْبَاب؛ لِأَنَّهُ لَا يُوَازِيهِ شَاذَرْوَانُ مَمْنُوعٍ. [فَائِدَةٌ] قَالَ حَجّ: وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي الرَّفْرَفِ الَّذِي بِحَائِطِ الْحَجَر هَلْ هُوَ مِنْهُ أَوْ لَا؟ ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ جَمَاعَةٍ حَدَّدَ عَرْضَ جِدَارِ الْحَجَرِ بِمَا لَا يُطَابِقُ الْخَارِجَ الْآنَ إلَّا بِدُخُولِ ذَلِكَ الرَّفْرَفِ، فَلَا يَصِحُّ طَوَافُ مَنْ جَعَلَ أُصْبُعَهُ عَلَيْهِ وَلَا مَنْ مَسَّ جِدَارَ الْحَجَرِ الَّذِي تَحْتَ ذَلِكَ الرَّفْرَفِ، وَقَدْ أَطْلَقَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وُجُوبَ الْخُرُوجِ عَنْ جِدَارِ الْحَجَرِ وَهُوَ يُؤَيِّدُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَلَوْ اعْتَقَدَ) أَيْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ (قَوْلُهُ فَأَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِأَنَّهُ سِتٌّ إلَخْ) أَيْ أَمَّا لَوْ أَخْبَرَهُ بِأَنَّهُ طَافَ سَبْعًا وَفِي ظَنِّهِ أَنَّهُ سِتٌّ لَمْ يَأْخُذْ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ لِقَوْلِ غَيْرِهِ فِي التَّرْكِ إذَا بَلَغَ عَدَدَ التَّوَاتُرِ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ نَامَ فِي طَوَافِهِ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ (قَوْلُهُ: وَيُفَارِقُ عَدَدَ رَكَعَاتِ الصَّلَاةِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَعْمَلْ فِيهَا بِقَوْلِ غَيْرِهِ مَا لَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[سنن الطواف]

بَعْدَ الطَّوْفَةِ السَّابِعَةِ مِمَّا حَاذَاهُ أَوَّلًا. .: وَسَادِسُهَا كَوْنُهُ (دَاخِلَ الْمَسْجِدِ) لِلِاتِّبَاعِ وَإِنْ وَسَّعَ حَتَّى بَلَغَ طَرَفَ الْحَرَمِ أَوْ حَالَ حَائِلٌ بَيْنَ الطَّائِفِ وَالْبَيْتِ كَالسَّوَارِي أَوْ طَافَ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ وَإِنْ ارْتَفَعَ عَلَى الْبَيْتِ كَالصَّلَاةِ عَلَى جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ مَعَ ارْتِفَاعِهِ عَنْ الْبَيْتِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ فَرَّقَ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الصَّلَاةِ جِهَةُ بِنَائِهَا، فَإِذَا عَلَا كَانَ مُسْتَقْبِلًا، وَالْمَقْصُودُ فِي الطَّوَافِ نَفْسُ بِنَائِهَا فَإِذَا عَلَا لَمْ يَكُنْ طَائِفًا بِهِ، فَلَوْ طَافَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَلَوْ بِالْحَرَمِ لَمْ يَصِحَّ. نَعَمْ لَوْ زِيدَ فِيهِ حَتَّى بَلَغَ الْحِلَّ فَطَافَ فِيهِ فِي الْحِلِّ لَمْ يَصِحَّ كَمَا هُوَ الْقِيَاسُ فِي الْمُهِمَّاتِ، «وَأَوَّلُ مَنْ وَسَّعَ الْمَسْجِدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاِتَّخَذَ لَهُ جِدَارًا، ثُمَّ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِدُورٍ اشْتَرَاهَا وَزَادَهَا فِيهِ وَاتَّخَذَ لَهُ جِدَارًا دُونَ الْقَامَةِ، ثُمَّ وَسَّعَهُ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَاِتَّخَذَ لَهُ الْأَرْوِقَةَ، ثُمَّ وَسَّعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ثُمَّ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ثُمَّ الْمَنْصُورُ ثُمَّ الْمَهْدِيُّ» ، وَعَلَيْهِ اسْتَقَرَّ بِنَاؤُهُ إلَى وَقْتِنَا كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا، وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ وَسَّعَهُ قَبْلَ وَلَدِهِ وَبِأَنَّ الْمَأْمُونَ زَادَ فِيهِ بَعْدَ الْمَهْدِيِّ، وَبِمَا تَقَرَّرَ أَوَّلًا يُعْلَمُ أَنَّ أَلْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِلْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ: أَيْ الْمَوْجُودِ الْآنَ أَوْ حَالَ الطَّوَافِ لَا مَا كَانَ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَطْ. وَسَابِعُهَا نِيَّةُ الطَّوَافِ إنْ لَمْ يَشْمَلْهُ نُسُكٌ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ، وَطَوَافُ الْوَدَاعِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ نِيَّةٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِوُقُوعِهِ بَعْدَ التَّحَلُّلِ؛ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَنَاسِكِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي، بِخِلَافِ مَا شَمِلَهُ نُسُكٌ وَهُوَ طَوَافُ الرُّكْنِ وَالْقُدُومِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ لِشُمُولِ نِيَّةِ النُّسُكِ لَهُ، وَثَامِنُهَا عَدَمُ صَرْفِهِ لِغَيْرِهِ كَطَلَبِ غَرِيمٍ كَمَا فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ صَرَفَهُ انْقَطَعَ. (وَأَمَّا) (السُّنَنُ) الْمَطْلُوبَةُ لِلطَّائِفِ فَثَمَانِيَةٌ: أَحَدُهَا مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (فَأَنْ يَطُوفُ) الْقَادِرُ (مَاشِيًا) وَلَوْ امْرَأَةً لِلِاتِّبَاعِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ؛ وَلِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِالتَّوَاضُعِ وَالْأَدَبِ فَالرُّكُوبُ بِلَا عُذْرٍ وَلَوْ عَلَى أَكْتَافِ الرِّجَالِ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَمُنَازَعَةُ الْإِسْنَوِيِّ فِيهِ وَغَيْرِهِ مَرْدُودَةٌ لَا مَكْرُوهٌ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الْجُمْهُورِ. نَعَمْ إنْ كَانَ بِهِ عُذْرٌ كَمَرَضٍ أَوْ احْتِيَاجٍ إلَى ظُهُورِهِ لِيَسْتَفْتِيَ فَلَا بَأْسَ بِهِ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِأُمِّ سَلَمَةَ وَكَانَتْ مَرِيضَةً: طُوفِي وَرَاءَ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ» وَأَنَّهُ طَافَ رَاكِبًا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ لِيَظْهَرَ فَيَسْتَفْتِي، ثُمَّ مَحَلُّ جَوَازِ إدْخَالِ الْبَهِيمَةِ الْمَسْجِدَ عِنْدَ أَمْنِ تَلْوِيثِهَا وَإِلَّا كَانَ حَرَامًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَقَوْلُ الْإِمَامِ وَفِي الْقَلْبِ مِنْ إدْخَالِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي لَا يُؤْمَنُ تَلْوِيثُهَا الْمَسْجِدَ شَيْءٌ، فَإِنْ أَمْكَنَ الِاسْتِيثَاقُ فَذَاكَ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَإِلَّا فَإِدْخَالُهَا مَكْرُوهٌ مَحْمُولٌ عَلَى كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ لِمَا سَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ أَنَّ إدْخَالَ الْبَهَائِمِ الَّتِي لَا يُؤْمَنُ تَلْوِيثُهَا الْمَسْجِدَ حَرَامٌ، وَمَا فَرَّقَ بِهِ مِنْ أَنَّ إدْخَالَ الْبَهِيمَةِ إنَّمَا هُوَ لِحَاجَةِ إقَامَةِ السُّنَّةِ كَمَا فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِطْلَاقِهِ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَخَفْ تَلْوِيثَهَا، وَلَا يُقَاسُ إدْخَالُ الصِّبْيَانِ الْمُحْرِمِينَ الْمَسْجِدَ مَعَ الْأَمْنِ عَلَى الْبَهَائِمِ مَعَ ذَلِكَ لِإِمْكَانِ الْفَرْقِ بِأَنَّ ذَلِكَ ضَرُورِيٌّ، وَأَيْضًا فَالِاحْتِرَازُ فِيهِمْ بِالتَّحَفُّظِ وَنَحْوِهِ أَكْثَرُ وَلَا كَذَلِكَ الْبَهِيمَةُ، هَذَا وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ الْكَرَاهَةِ مَعَ أَمْنِ التَّلْوِيثِ عَلَى الْإِدْخَالِ فِيهِمَا بِدُونِ حَاجَةٍ وَعَدَمُهَا عَلَى الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَطَوَافُ الْمَعْذُورِ مَحْمُولًا أَوْلَى مِنْهُ رَاكِبًا صِيَانَةً لِلْمَسْجِدِ مِنْ الدَّابَّةِ، وَرُكُوبُ الْإِبِلِ أَيْسَرُ حَالًا مِنْ رُكُوبِ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ، وَيُكْرَهُ الزَّحْفُ لِلْقَادِرِ عَلَى الْمَشْيِ وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ: وَيَنْبَغِي عَدَمُ الْإِجْزَاءِ فِي الْفَرْضِ لِلِاتِّبَاعِ وَكَأَدَاءِ الْمَكْتُوبَةِ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ صَلَاةٌ يُرَدُّ بِأَنَّ حَقِيقَةَ الطَّوَافِ قَطْعُ الْمَسَافَةِ بِالسَّيْرِ فَلَا يُقَاسُ بِالصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ، ـــــــــــــــــــــــــــــSيَبْلُغُ عَدَدَ التَّوَاتُرِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَسَّعَ حَتَّى بَلَغَ طَرَفَ الْحَرَمِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ وَسَّعَ إلَى الْحِلِّ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ زِيدَ فِيهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: وَاعْتَرَضَ) أَيْ عَلَى الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ صَرَفَهُ) أَيْ لِنَحْوِ طَلَبِ الْغَرِيمِ لَا لِلطَّوَافِ كَمَا يَأْتِي لَهُ [سُنَن الطَّوَاف] (قَوْلُهُ: بِإِطْلَاقِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَمْنُوعٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ صَلَاةٌ) أَيْ كَالصَّلَاةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: هَذَا وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ الْكَرَاهَةِ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا مُرَادُهُ بِالْكَرَاهَةِ

وَقَدْ ثَبَتَ جَوَازُ الرُّكُوبِ بِلَا حَاجَةٍ، فَالزَّحْفُ مِثْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْغَرَضِ مِنْهُ وَأَدْخَلُ فِي التَّعْظِيمِ. (وَيُسْتَحَبُّ الْحَفَا فِي الطَّوَافِ مَا لَمْ يَتَأَذَّ بِهِ) كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَأَنْ يَقْصُرَ فِي الْمَشْيِ لِتَكْثُرَ خُطَاهُ رَجَاءَ كَثْرَةِ الْأَجْرِ لَهُ. (وَ) ثَانِيهَا أَنْ (يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ) الْأَسْوَدَ بَعْدَ اسْتِقْبَالِهِ أَيْ بِلَمْسِهِ بِيَدِهِ (أَوَّلَ طَوَافِهِ وَيُقَبِّلَهُ) دُونَ رُكْنِهِ وَقَوْلُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا فِي الِاسْتِلَامِ وَالتَّقْبِيلِ رَدَّهُ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى الْحَجَرِ وَالْكَلَامُ حَيْثُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ مَحَلِّهِ إلَّا ثَبَتَ لِمَحَلِّهِ كَمَا مَرَّ وَيُسَنُّ تَخْفِيفُ الْقُبْلَةِ بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ لَهَا صَوْتٌ، وَلَا يُسَنُّ لِلْمَرْأَةِ اسْتِلَامٌ وَلَا تَقْبِيلٌ وَلَا قُرْبٌ مِنْ الْبَيْتِ إلَّا عِنْدَ خُلُوِّ الْمَطَافِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، وَتَخْصِيصُهُ فِي الْكِفَايَةِ بِاللَّيْلِ مِثَالٌ وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ (وَيَضَعُ) بَعْدَ ذَلِكَ (جَبْهَتَهُ عَلَيْهِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَيُسَنُّ كَوْنُ التَّقْبِيلِ وَالسُّجُودِ ثَلَاثًا (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ تَقْبِيلِهِ وَوَضْعِ جَبْهَتِهِ عَلَيْهِ لِنَحْوِ زَحْمَةٍ (اسْتَلَمَ بِيَدِهِ) فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الِاسْتِلَامِ بِيَدِهِ فَبِنَحْوِ عَصًا ثُمَّ يُقَبِّلُ مَا اسْتَلَمَهُ بِهِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ " أَنَّ ابْنَ عُمَرَ اسْتَلَمَهُ ثُمَّ قَبَّلَ يَدَهُ وَقَالَ: مَا تَرَكْته مُنْذُ رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " وَظَاهِرُهُ كَأَخْبَارٍ أُخَرَ أَنَّهُ يُقَبِّلُ يَدَهُ بَعْدَ الِاسْتِلَامِ وَإِنْ قَبَّلَ الْحَجَرَ، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّلَاحِ لَكِنْ خَصَّهُ الشَّيْخَانِ بِتَعَذُّرِ تَقْبِيلِهِ، وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ اسْتِلَامِهِ بِيَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا (أَشَارَ) إلَيْهِ (بِيَدِهِ) أَوْ بِشَيْءٍ فِيهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَالْيُمْنَى فِي جَمِيعِ ذَلِكَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْيُسْرَى كَمَا أَفَادَهُ الزَّرْكَشِيُّ (وَيُرَاعِي ذَلِكَ) أَيْ الِاسْتِلَامَ وَمَا بَعْدَهُ (فِي كُلِّ طَوْفَةٍ) مِنْ الطَّوْفَاتِ السَّبْعِ، وَهُوَ فِي الْأَوْتَارِ آكَدُ (وَلَا يُقَبِّلُ الرُّكْنَيْنِ الشَّامِيَّيْنِ) وَهُمَا اللَّذَانِ عِنْدَهُمَا الْحِجْرُ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ (وَلَا يَسْتَلِمُهُمَا) بِيَدِهِ وَلَا بِشَيْءٍ فِيهَا: أَيْ لَا يُسَنُّ ذَلِكَ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَا يَسْتَلِمُ إلَّا الْحَجَرَ وَالرُّكْنَ الْيَمَانِيَ» (وَيَسْتَلِمُ) الرُّكْنَ (الْيَمَانِيَ) نَدْبًا فِي كُلِّ طَوْفَةٍ (وَلَا يُقَبِّلُهُ) لِعَدَمِ نَقْلِهِ. نَعَمْ يُقَبِّلُ مَا اسْتَلَمَهُ بِهِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ اسْتِلَامِهِ أَشَارَ إلَيْهِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ خِلَافًا لِابْنِ أَبِي الصَّيْفِ؛ لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْهُ لِتَرَتُّبِهَا عَلَيْهِ عِنْدَ الْعَجْزِ فِي الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فَكَذَا هُنَا، وَمُقْتَضَى الْقِيَاسِ أَنَّهُ يُقَبِّلُ مَا أَشَارَ بِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ تَقْبِيلِ الْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ إنَّمَا هُوَ نَفْيُ كَوْنِهِ سُنَّةً، فَلَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ الْحَفَا) بِالْقَصْرِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَتَأَذَّ بِهِ) أَيْ أَوْ يَخْشَ انْتِقَاضَ طَهَارَتِهِ بِلَمْسِ النِّسَاءِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا ثَبَتَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الِاسْتِلَامِ وَالتَّقْبِيلِ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ تَخْفِيفُ الْقِبْلَةِ) أَيْ لِلْحَجَرِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ فِي ذَلِكَ كُلُّ مَا طُلِبَ تَقْبِيلُهُ مِنْ يَدِ عَالِمٍ وَوَلِيٍّ وَوَالِدٍ وَأَضْرِحَةٍ (قَوْلُهُ: وَيَضَعُ) أَيْ بِلَا حَائِلٍ كَمَا فِي سُجُودِ الصَّلَاةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ: أَيْ الْأَكْمَلُ ذَلِكَ. [فَرْعٌ] لَوْ تَعَارَضَ التَّقْبِيلُ وَوَضْعُ الْجَبْهَةِ بِأَنْ أَمْكَنَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا كَأَنْ خَافَ هَلَاكًا بِالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا دُونَ أَحَدِهِمَا فَهَلْ يُؤْثَرُ التَّقْبِيلَ لِسَبْقِهِ أَوْ وَضْعَ الْجَبْهَةِ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْخُضُوعِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكْفِيَ وَضْعُ الْجَبْهَةِ وَلَوْ بِحَائِلٍ لَكِنَّ الْأَكْمَلَ الْوَضْعُ بِلَا حَائِلٍ. [تَنْبِيهٌ] قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ يُسَنُّ تَقْبِيلُ يَدِ الصَّالِحِ بَلْ وَرِجْلِهِ فَلَوْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ فَهَلْ يَأْتِي فِيهِ مَا يُمْكِنُ مِنْ نَظِيرِ مَا هُنَا حَتَّى يَسْتَلِمَ الْيَدَ أَوْ الرِّجْلَ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ تَقْبِيلِهَا ثُمَّ يُقَبِّلُ مَا اسْتَلَمَ بِهِ وَحَتَّى يُشِيرَ إلَيْهَا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ اسْتِلَامِهَا أَيْضًا ثُمَّ يُقَبِّلُ مَا أَشَارَ بِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: الْأَقْرَبُ عَدَمُ سَنِّ ذَلِكَ، وَالْفَرْقُ أَنَّ أَعْمَالَ الْحَجِّ يَغْلِبُ عَلَيْهَا الِاتِّبَاعُ فِيمَا وَرَدَ فِعْلُهُ عَنْ الشَّارِعِ وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِغَيْرِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ، وَلَا كَذَلِكَ يَدُ الصَّالِحِ فَإِنَّ تَقْبِيلَهَا شُرِعَ تَعْظِيمًا لَهُ وَتَبَرُّكًا بِهَا فَلَا يَتَعَدَّاهُ إلَى غَيْرِهَا، وَقَوْلُهُ قَبْلَ التَّنْبِيهِ فَهَلْ يُؤْثَرُ التَّقْبِيلُ الظَّاهِرُ نَعَمْ لِثُبُوتِهِ فِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى رِوَايَةِ وَضْعِ الْجَبْهَةِ (قَوْلُهُ: مَا تَرَكْتُهُ مُنْذُ رَأَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ يُقَبِّلُهُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ خَصَّهُ الشَّيْخَانِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُقَبِّلُ مَا اسْتَلَمَهُ بِهِ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ التَّقْبِيلَ قَدْ يَخْرُجُ بِهِ عَنْ جَعْلِ الْبَيْتِ عَنْ يَسَارِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

قَبَّلَهَا أَوْ غَيْرَهَا مِنْ الْبَيْتِ لَمْ يَكُنْ مَكْرُوهًا وَلَا خِلَافَ الْأَوْلَى بَلْ يَكُونُ حَسَنًا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِقَوْلِهِ: وَأَيُّ الْبَيْتِ قَبَّلَ فَحَسَنٌ غَيْرَ أَنَّا نُؤْمَرُ بِالِاتِّبَاعِ، وَالْمُرَادُ بِالْحَسَنِ فِيهِ الْمُبَاحُ، فَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ غَيْرَ أَنَّا نُؤْمَرُ بِالِاتِّبَاعِ، وَالْيَمَانِيُ نِسْبَةً إلَى الْيَمَنِ وَتَخْفِيفُ يَائِهِ لِكَوْنِ الْأَلْفِ بَدَلًا مِنْ إحْدَى يَاءَيْ النَّسَبِ أَكْثَرُ مِنْ تَشْدِيدِهَا الْمَبْنِيِّ عَلَى زِيَادَةِ الْأَلْفِ. وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِ الْأَرْكَانِ فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ أَنَّ الرُّكْنَ الَّذِي فِيهِ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ فِيهِ فَضِيلَتَانِ كَوْنُ الْحَجَرِ فِيهِ، وَكَوْنُهُ عَلَى قَوَاعِدِ سَيِّدِنَا إبْرَاهِيمَ، وَالْيَمَانِيُ فِيهِ فَضِيلَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهُوَ كَوْنُهُ عَلَى قَوَاعِدِ أَبِينَا إبْرَاهِيمَ، وَأَمَّا الشَّامِيَّانِ فَلَيْسَ لَهُمَا شَيْءٌ مِنْ الْفَضِيلَتَيْنِ. (وَ) ثَالِثُهَا الدُّعَاءُ الْمَأْثُورُ فَيُسَنُّ (أَنْ يَقُولَ أَوَّلَ طَوَافِهِ) وَكَذَا فِي كُلِّ طَوْفَةٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لَكِنَّ الْأَوَّلَ آكَدُ (بِسْمِ اللَّهِ) أَطُوفُ (وَاَللَّهُ أَكْبَرُ) وَاسْتَحَبَّ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ رَفْعَ الْيَدَيْنِ عِنْدَ التَّكْبِيرِ (اللَّهُمَّ) أَطُوفُ (إيمَانًا بِك وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِك وَوَفَاءً) أَيْ تَمَامًا (بِعَهْدِكَ) وَهُوَ الْمِيثَاقُ الَّذِي أَخَذَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْنَا بِامْتِثَالِ أَمْرِهِ وَاجْتِنَابِ نَهْيِهِ (وَاتِّبَاعًا لِسُنَّةِ نَبِيِّك مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَإِيمَانًا وَمَا بَعْدَهُ مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ، وَالتَّقْدِيرُ: أَفْعَلُهُ إيمَانًا بِك إلَى آخِرِهِ. وَأَفَادَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ آدَمَ اسْتَخْرَجَ مِنْ صُلْبِهِ ذُرِّيَّتَهُ، وَقَالَ {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172] فَأَمَرَ أَنْ يُكْتَبَ بِذَلِكَ عَهْدٌ وَيُدْرَجَ فِي الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ (وَلْيَقُلْ) نَدْبًا (قُبَالَةَ الْبَابِ) بِضَمِّ الْقَافِ: أَيْ فِي الْجِهَةِ الَّتِي تُقَابِلُهُ (اللَّهُمَّ الْبَيْتَ بَيْتُك وَالْحَرَمَ حَرَمُكَ وَالْأَمْنَ أَمْنُك، وَهَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِك مِنْ النَّارِ) وَيُشِيرُ إلَى مَقَامِ إبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا فِي الْأَنْوَارِ خِلَافًا لِابْنِ الصَّلَاحِ حَيْثُ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ يَعْنِي نَفْسَهُ. وَعِنْدَ الِانْتِهَاءِ إلَى الرُّكْنِ الْعِرَاقِيِّ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الشَّكِّ وَالشِّرْكِ وَالنِّفَاقِ وَالشِّقَاقِ وَسُوءِ الْأَخْلَاقِ وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ وَالْوَلَدِ؛ وَعِنْدَ الِانْتِهَاءِ إلَى تَحْتِ الْمِيزَابِ: اللَّهُمَّ أَظَلَّنِي فِي ظِلِّك يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّك، وَاسْقِنِي بِكَأْسِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَرَابًا هَنِيئًا لَا أَظْمَأُ بَعْدَهُ أَبَدًا يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، وَبَيْنَ الرُّكْنِ الشَّامِيّ وَالْيَمَانِي: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا وَذَنْبًا مَغْفُورًا وَسَعْيًا مَشْكُورًا وَعَمَلًا مَقْبُولًا وَتِجَارَةً لَنْ تَبُورَ يَا عَزِيزُ يَا غَفُورُ: أَيْ وَاجْعَلْ ذَنْبِي مَغْفُورًا وَقِسْ بِهِ الْبَاقِيَ، وَالْمُنَاسِبُ لِلْمُعْتَمِرِ أَنْ يَقُولَ عُمْرَةً مَبْرُورَةً، وَيَحْتَمِلُ اسْتِحْبَابَ التَّعْبِيرِ بِالْحَجِّ مُرَاعَاةً لِلْخَبَرِ وَيَقْصِدُ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ وَهُوَ الْقَصْدُ نَبَّهَ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: رَفْعُ الْيَدَيْنِ) يَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَرَفْعِ الصَّلَاةِ، وَيَحْتَمِلُ غَيْرَهُ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ، ثُمَّ رَأَيْت حَجّ جَزَمَ بِذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: وَفِي الرَّوْنَقِ يُسَنُّ رَفْعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ فِي الِابْتِدَاءِ كَالصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: اسْتَخْرَجَ مِنْ صُلْبِهِ ذُرِّيَّتَهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّ جُمْلَةَ الذُّرِّيَّةِ خَرَجَتْ مِنْ نَفْسِ صُلْبِ آدَمَ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الأعراف: 172] . وَفِي تَفْسِيرِ الْخَطِيبِ مَا نَصُّهُ: أَيْ بِأَنْ أَخْرَجَ بَعْضَهُمْ مِنْ صُلْبِ بَعْضٍ نَسْلًا بَعْدَ نَسْلٍ كَنَحْوِ مَا يَتَوَالَدُونَ كَالذَّرِّ وَنَصَبَ لَهُمْ دَلَائِلَ عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ وَرَكَّبَ فِيهِمْ عَقْلًا عَرَفُوهُ بِهِ كَمَا جَعَلَ لِلْجِبَالِ عُقُولًا حَتَّى خُوطِبُوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ} [سبأ: 10] وَكَمَا جَعَلَ لِلْبَعِيرِ عَقْلًا حَتَّى سَجَدَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ قَالَ: وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ مَسَحَ ظَهْرَهُ فَسَقَطَ مِنْ ظَهْرِهِ كُلُّ نَسَمَةٍ وَهُوَ خَالِقُهَا مِنْ ذُرِّيَّتِهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ جَعَلَ بَيْنَ عَيْنَيْ كُلِّ إنْسَانٍ وَبِيصًا مِنْ نُورٍ وَعَرَضَهُمْ عَلَى آدَمَ، قَالَ: أَيْ رَبِّ مَنْ هَؤُلَاءِ قَالَ: ذُرِّيَّتُك، فَرَأَى رَجُلًا مِنْهُمْ فَأَعْجَبَهُ وَبِيصُ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَبِّ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: دَاوُد، قَالَ: يَا رَبِّ كَمْ جَعَلْت عُمْرَهُ؟ قَالَ: سِتِّينَ سَنَةً، قَالَ: يَا رَبِّ زِدْهُ مِنْ عُمْرِي أَرْبَعِينَ سَنَةً، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فَلَمَّا انْقَضَى عُمَرُ آدَمَ إلَّا أَرْبَعِينَ سَنَةً جَاءَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ، فَقَالَ آدَم: أَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ عُمْرِي أَرْبَعُونَ سَنَةً؟ قَالَ: أَوَلَمْ تُعْطِهَا ابْنَكَ دَاوُد؟ فَجَحَدَ آدَم فَجَحَدَتْ ذُرِّيَّتُهُ، وَنَسِيَ آدَم فَأَكَلَ مِنْ الشَّجَرَةِ فَنَسِيَتْ ذُرِّيَّتُهُ، وَخَطِئَ فَخَطِئَتْ ذُرِّيَّتُهُ» أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ: وَيُشِيرُ إلَى مَقَامِ إبْرَاهِيمَ) أَيْ إشَارَةً قَلْبِيَّةً (قَوْلُهُ: إلَى الرُّكْنِ الْعِرَاقِيِّ) هُوَ أَوَّلُ الشَّامِيَّيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الْإِسْنَوِيُّ فِي الدُّعَاءِ الْآتِي فِي الرَّمَلِ، وَمَحَلُّ الدُّعَاءِ بِهَذَا إذَا كَانَ فِي ضِمْنِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَإِلَّا فَيَدْعُو بِمَا أَحَبَّ (وَبَيْنَ الْيَمَانِيَيْنِ: اللَّهُمَّ) وَفِي الْمَجْمُوعِ رَبَّنَا (آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً) قِيلَ هِيَ الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ، وَقِيلَ الْعِلْمُ، وَقِيلَ غَيْرَ ذَلِكَ (وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً) قِيلَ هِيَ الْجَنَّةُ، وَقِيلَ الْعَفْوُ، وَقِيلَ غَيْرَ ذَلِكَ (وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَهَذَا أَحَبُّ مَا يُقَالُ فِي الطَّوَافِ إلَيَّ وَأُحِبُّ أَنْ يُقَالَ فِي كُلِّهِ: أَيْ الطَّوَافِ (وَلْيَدْعُ بِمَا شَاءَ) فِي جَمِيعِ طَوَافِهِ فَهُوَ سُنَّةٌ مَأْثُورًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَإِنْ كَانَ الْمَأْثُورُ أَفْضَلُ كَمَا قَالَ (وَمَأْثُورُ الدُّعَاءِ) بِالْمُثَلَّثَةِ: أَيْ الْمَنْقُولُ مِنْ الدُّعَاءِ فِي الطَّوَافِ (أَفْضَلُ) مِنْ غَيْرِهِ وَ (مِنْ الْقِرَاءَةِ) فِيهِ لِلِاتِّبَاعِ (وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِ مَأْثُورِهِ) ؛ لِأَنَّ الْمَوْضِعَ مَوْضِعُ ذِكْرٍ، وَالْقُرْآنُ أَفْضَلُ الذِّكْرِ لِخَبَرِ «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: مَنْ شَغَلَهُ ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ، وَفَضْلُ كَلَامِ اللَّهِ عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ كَفَضْلِ اللَّهِ عَلَى سَائِرِ خَلْقِهِ» . وَيُسَنُّ إسْرَارُ مَا ذَكَرَ؛ لِأَنَّهُ أَجْمَعُ لِلْخُشُوعِ وَيُرَاعِي ذَلِكَ فِي كُلِّ طَوْفَةٍ اغْتِنَامًا لِلثَّوَابِ وَهُوَ فِي الْأَوَّلِ ثُمَّ فِي الْأَوْتَارِ آكَدُ. (وَ) رَابِعُهَا (أَنْ يَرْمُلَ) الذَّكَرُ وَلَوْ صَبِيًّا (فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ) مُسْتَوْعِبًا بِهِ الْبَيْتَ، وَيُكْرَهُ تَسْمِيَةُ الطَّوْفَاتِ أَشْوَاطًا كَمَا نُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَإِنْ اخْتَارَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ عَدَمَهَا، وَلَا يَخْتَصُّ الرَّمَلُ بِالْمَاشِي بَلْ الْمَحْمُولُ يَرْمُلُ بِهِ حَامِلُهُ وَالرَّاكِبُ يُحَرِّكُ دَابَّتَهُ (بِأَنْ يُسْرِعَ) الطَّائِفُ (مَشْيُهُ مُقَارِبًا خُطَاهُ) لَا عَدْوَ فِيهِ وَلَا وَثْبَ، وَمَنْ قَالَ إنَّهُ دُونَ الْخَبَبِ فَقَدْ غَلِطَ (وَيَمْشِي فِي الْبَاقِي) مِنْ طَوَافِهِ عَلَى هَيِّنَتِهِ لِمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا طَافَ بِالْبَيْتِ الطَّوَافَ الْأَوَّلَ خَبَّ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا» وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْهُ قَالَ «رَمَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْحَجَرِ إلَى الْحَجَرِ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا» وَالْحِكْمَةُ فِي اسْتِحْبَابِ الرَّمَلِ مَعَ زَوَالِ الْمَعْنَى الَّذِي شُرِعَ لِأَجْلِهِ، وَهُوَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ وَقَدْ وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: إنَّهُ يَقْدُمُ عَلَيْكُمْ غَدًا قَوْمٌ قَدْ وَهَنَتْهُمْ الْحُمَّى فَلَقُوا مِنْهَا شِدَّةً فَجَلَسُوا مِمَّا يَلِي الْحِجْرَ بِكَسْرِ الْحَاءِ، فَأَطْلَعَ اللَّهُ نَبِيَّهُ عَلَى مَا قَالُوهُ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ وَأَنْ يَمْشُوا أَرْبَعًا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ لِيَرَى الْمُشْرِكُونَ جَلَدَهُمْ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّ الْحُمَّى قَدْ وَهَنَتْهُمْ هَؤُلَاءِ أَجْلَدُ مِنْ كَذَا وَكَذَا أَنَّ فَاعِلَهُ يَسْتَحْضِرُ بِهِ سَبَبَ ذَلِكَ، وَهُوَ ظُهُورُ أَمْرِهِمْ فَيَتَذَكَّرُ نِعْمَةَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى إعْزَازِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ» . وَيُكْرَهُ تَرْكُ الرَّمَلِ بِلَا عُذْرٍ، وَلَوْ تَرَكَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ لَمْ يَقْضِهِ فِي الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِيَةِ؛ لِأَنَّ هَيْئَتَهَا السُّكُونُ فَلَا تُغَيَّرُ كَالْجَهْرِ لَا يُقْضَى فِي الْأَخِيرَتَيْنِ، بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ مَعَ الْمُنَافِقِينَ فِي ثَانِيَةِ الْجُمُعَةِ لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ فِي بَعْضِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ أَتَى بِهِ فِي بَاقِيهَا (وَيَخْتَصُّ الرَّمَلُ) وَيُسَمَّى خَبَبًا (بِطَوَافٍ يَعْقُبُهُ سَعْيٌ) مَطْلُوبٌ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَإِنْ كَانَ مَكِّيًّا لِلِاتِّبَاعِ، فَإِنْ رَمَلَ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ وَسَعَى بَعْدَهُ لَا يَرْمُلُ فِي طَوَافِ الرُّكْنِ؛ لِأَنَّ السَّعْيَ بَعْدَهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ مَطْلُوبٍ، وَلَا رَمَلَ فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ لِذَلِكَ (وَفِي قَوْلٍ) يَخْتَصُّ (بِطَوَافِ الْقُدُومِ،) (وَلْيَقُلْ فِيهِ) أَيْ فِي رَمَلِهِ نَدْبًا (اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ) أَيْ مَا أَنَا فِيهِ مِنْ الْعَمَلِ (حَجًّا مَبْرُورًا) وَهُوَ الَّذِي لَا يُخَالِطُهُ مَعْصِيَةٌ مَأْخُوذٌ مِنْ الْبِرِّ وَهُوَ الطَّاعَةُ، وَقِيلَ مُتَقَبَّلًا (وَذَنْبًا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَفِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ بَدَلُ اللَّهُمَّ وَفِي الْمَحَلِّيِّ مَا نَصُّهُ: وَفِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ رَبَّنَا: أَيْ بَدَلَ اللَّهُمَّ وَفِي الرَّوْضَةِ اللَّهُمَّ رَبَّنَا (قَوْلُهُ: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً) عِبَارَةُ حَجّ فِيهِمَا أَقْوَالٌ كُلٌّ مِنْهَا عَيَّنَ أَهَمَّ أَنْوَاعِ الْحَسَنَةِ عِنْدَهُ وَهُوَ كَالتَّحَكُّمِ فَالْوَجْهُ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْأَوَّلِ كُلُّ خَيْرٍ دُنْيَوِيٍّ يَجُرُّ لِخَيْرٍ أُخْرَوِيٍّ، وَبِالثَّانِيَةِ كُلُّ مُسْتَلَذٍّ أُخْرَوِيٍّ يَتَعَلَّقُ بِالْبَدَنِ وَالرُّوحِ (قَوْلُهُ وَيُسَنُّ إسْرَارُ مَا ذَكَرَ) أَيْ مَا لَمْ يَخْشَ الْغَلَطَ عِنْدَ الْإِسْرَارِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ قَالَ إنَّهُ دُونَ الْخَبَبِ فَقَدْ غَلِطَ) أَيْ بَلْ الصَّوَابُ أَنَّهُ الْخَبَبُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ فِي بَعْضٍ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ بِأَيِّ طَرِيقٍ أَفْهَمَهُ (قَوْلُهُ وَهُوَ الَّذِي لَا يُخَالِطُهُ مَعْصِيَةٌ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مَغْفُورًا) أَيْ اجْعَلْ ذَنْبِي مَغْفُورًا (وَسَعْيًا مَشْكُورًا) وَالسَّعْيُ هُوَ الْعَمَلُ، وَالْمَشْكُورُ هُوَ الْمُتَقَبَّلُ هَذَا إنْ كَانَ حَاجًّا. أَمَّا الْمُعْتَمِرُ فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي دُعَاءِ الْمَطَافِ، وَيَقُولُ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ: رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمْ إنَّكَ أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ. اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (وَ) خَامِسُهَا (أَنْ يَضْطَبِعَ) الذَّكَرُ وَلَوْ صَبِيًّا (فِي جَمِيعِ كُلِّ طَوَافٍ يَرْمُلُ فِيهِ) لِلِاتِّبَاعِ (وَكَذَا) يَضْطَبِعُ (فِي السَّعْيِ عَلَى الصَّحِيحِ) قِيَاسًا عَلَى الطَّوَافِ بِجَامِعِ قَطْعِ مَسَافَةٍ مَأْمُورٍ بِتَكْرِيرِهَا وَسَوَاءٌ اضْطَبَعَ فِي الطَّوَافِ قَبْلَهُ أَمْ لَا. وَالثَّانِي لَا لِعَدَمِ وُرُودِهِ، وَقَدْ يُفْهِمُ كَلَامُهُ عَدَمَ اسْتِحْبَابِهِ فِي رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ لِكَرَاهَةِ الِاضْطِبَاعِ فِي الصَّلَاةِ فَيُزِيلُهُ عِنْدَ إرَادَتِهَا وَيُعِيدُهُ عِنْدَ إرَادَةِ السَّعْيِ، وَلَا يُسَنُّ فِي طَوَافٍ لَا يُسَنُّ فِيهِ رَمَلٌ (وَهُوَ جَعْلُ وَسَطِ رِدَائِهِ) بِفَتْحِ السِّينِ فِي الْأَفْصَحِ (تَحْتَ مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ) مَكْشُوفًا (وَ) جَعْلُ (طَرَفَيْهِ عَلَى الْأَيْسَرِ) كَدَأْبِ أَهْلِ الشَّطَارَةِ، وَالِاضْطِبَاعُ افْتِعَالٌ مُشْتَقٌّ مِنْ الضَّبُعِ بِإِسْكَانِ الْبَاءِ، وَهُوَ الْعَضُدِ (وَلَا تَرْمُلُ الْمَرْأَةُ) وَلَوْ لَيْلًا فِي خَلْوَةٍ (وَلَا تَضْطَبِعُ) أَيْ لَا يُطْلَبُ مِنْهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ بِالرَّمَلِ تَتَبَيَّنُ أَعْطَافُهَا، وَبِالِاضْطِبَاعِ يَنْكَشِفُ مَا هُوَ عَوْرَةٌ مِنْهَا، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُحَرِّرِ تَحْرِيمُ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: وَلَيْسَ لِلنِّسَاءِ رَمَلٌ وَلَا اضْطِبَاعٌ فَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُرَادُ فَسَبَبُهُ مَا فِيهِ مِنْ التَّشْبِيهِ بِالرِّجَالِ بَلْ بِأَهْلِ الشَّطَارَةِ مِنْهُمْ، لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمَا فِي بَقِيَّةِ كُتُبِهِمَا يَأْبَى ذَلِكَ، فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ التَّحْرِيمِ عِنْدَ انْتِفَاءِ قَصْدِ التَّشْبِيهِ. (وَ) سَادِسُهَا (أَنْ يَقْرُبَ مِنْ الْبَيْتِ) لِشَرَفِهِ؛ وَلِأَنَّهُ أَيْسَرُ فِي الِاسْتِلَامِ وَالتَّقْبِيلِ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَالِاحْتِيَاطُ الْإِبْعَادُ عَنْ الْبَيْتِ بِقَدْرِ ذِرَاعٍ، وَالْكَرْمَانِيُّ بِقَدْرِ ثَلَاثِ خُطُوَاتٍ لِيَأْمَنَ الطَّوَافَ عَلَى الشَّاذَرْوَانِ، وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَبْعُدُ بِأَرْبَعِ خَطَوَاتٍ وَهُوَ غَرِيبٌ، وَكَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ ظُهُورِ الشَّاذَرْوَانِ أَمَّا حِينَ ظُهُورِهِ فَلَا احْتِيَاطَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَمَحَلُّ اسْتِحْبَابِ الْقُرْبِ مِنْ الْبَيْتِ مَا لَمْ يَتَأَذَّ أَوْ يُؤْذِ بِالزِّحَامِ وَإِلَّا فَالْبُعْدُ أَوْلَى. وَمِنْ ثَمَّ نُدِبَ لَهُ تَرْكُ الِاسْتِلَامِ وَالتَّقْبِيلِ حِينَئِذٍ، وَقَوْلُ الْإِمَامِ إلَّا فِي ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ أَوْ آخِرِهِ فَأُحِبُّ لَهُ الِاسْتِلَامُ وَلَوْ بِالزِّحَامِ مُرَادُهُ خِلَافًا لِمَا وَهَمَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ الزِّحَامَ الْيَسِيرَ الَّذِي لَا تَأَذِّي فِيهِ وَلَا إيذَاءَ فَيَتَوَقَّاهُ إلَّا فِي ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ أَوْ آخِرِهِ. وَيُسَنُّ لِلْأُنْثَى وَالْخُنْثَى أَنْ لَا يَقْرَبَا فِي حَالِ طَوَافِ الذُّكُورِ بَلْ يَكُونُ كُلٌّ مِنْهَا فِي حَاشِيَةِ الْمَطَافِ بِحَيْثُ لَا تَحْصُلُ مُخَالَطَتُهُمْ (فَلَوْ) (فَاتَ الرَّمَلُ بِالْقُرْبِ) مِنْ الْبَيْتِ (لِزَحْمَةٍ) أَوْ نَحْوِهَا وَلَمْ يَرْجُ فُرْجَةً مَعَ الْقُرْبِ يَرْمُلُ فِيهَا لَوْ انْتَظَرَ (فَالرَّمَلُ مَعَ بُعْدٍ) عَنْهُ إلَى حَاشِيَةِ الْمَطَافِ (أَوْلَى) ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِنَفْسِ الْعِبَادَةِ وَالْقُرْبُ مُتَعَلِّقٌ بِمَكَانِهَا وَالْمُتَعَلِّقُ بِنَفْسِهَا أَوْلَى كَمَا أَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي الْبَيْتِ أَوْلَى مِنْ الِانْفِرَادِ فِي الْمَسْجِدِ، وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ الْبُعْدَ الْمُوجِبَ لِلطَّوَافِ مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ وَالْمَقَامِ مَكْرُوهٌ فَتَرْكُ الرَّمَلِ أَوْلَى مِنْ ارْتِكَابِهِ، فَإِنْ رَجَا فُرْجَةً وَقَفَ لِيَرْمُلَ فِيهَا إنْ لَمْ يُؤْذِ أَحَدًا بِوُقُوفِهِ فِيهَا (إلَّا أَنْ يَخَافَ صَدْمَ النِّسَاءِ) بِأَنْ كُنَّ فِي حَاشِيَةِ الْمَطَافِ (فَالْقُرْبُ بِلَا رَمَلٍ أَوْلَى) مِنْ الْبُعْدِ مَعَ الرَّمَلِ لِئَلَّا يَنْتَقِضَ طُهْرُهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ بِالْقُرْبِ أَيْضًا نِسَاءٌ وَتَعَذَّرَ الرَّمَلُ فِي جَمِيعِ الْمَطَافِ لِخَوْفِ لَمْسِهِنَّ فَتَرْكُ الرَّمَلِ أَوْلَى. وَيُسَنُّ أَنْ يَتَحَرَّكَ فِي مَشْيِهِ وَيَرَى مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَهُ الرَّمَلُ كَمَا فِي الْعَدْوِ فِي السَّعْيِ. (وَ) سَابِعُهَا (أَنْ يُوَالِيَ) الطَّائِفُ (طَوَافَهُ) لِلِاتِّبَاعِ وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ، وَيَجُوزُ الْكَلَامُ فِيهِ وَلَا يَبْطُلُ بِهِ لِخَبَرِ «إلَّا أَنَّ اللَّهَ أَحَلَّ فِيهِ الْمَنْطِقَ» غَيْرَ أَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ إلَّا فِي خَيْرٍ كَأَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ وَنَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ وَتَعْلِيمِ جَاهِلٍ وَجَوَابِ مُسْتَفْتٍ، وَيُكْرَهُ الْبَصْقُ فِيهِ بِلَا عُذْرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ بِالِاتِّسَاعِ فِي الْإِحْسَانِ وَالزِّيَادَةِ فِيهِ (قَوْلُهُ: كَدَأْبِ أَهْلِ الشَّطَارَةِ) الشَّاطِرُ الَّذِي أَعْيَا أَهْلَهُ خُبْثًا اهـ مُخْتَصَرُ صِحَاحٍ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجُهُ عَدَمُ التَّحْرِيمِ) أَيْ فَيَكُونُ مَكْرُوهًا (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَقْرُبَا) هُوَ بِضَمِّ الرَّاءِ مِنْ قَرُبَ مِنْ كَذَا وَبِفَتْحِهَا مِنْ قَرِّبْهُ بِكَسْرِ الرَّاءِ مُتَعَدِّيًا، وَالتَّقْدِيرُ عَلَى الْأَوَّلِ أَلَّا يَقْرُبَا مِنْهُ، وَعَلَى الثَّانِي أَنْ لَا يَقْرَبَاهُ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ إلَّا أَنَّ اللَّهَ أَحَلَّ فِيهِ الْمَنْطِقَ) عِبَارَةُ الْمُحَلَّى إلَّا أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَلَّ فِيهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ الْبَصْقُ فِيهِ) أَيْ فِي الطَّوَافِ وَإِذَا فَعَلَهُ فَلْيَكُنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَجَعْلُ يَدَيْهِ خَلْفَ ظَهْرِهِ مُتَكَتِّفًا وَوَضْعُ يَدِهِ عَلَى فِيهِ إلَّا فِي حَالَةِ تَثَاؤُبِهِ فَيُسْتَحَبُّ وَتَشْبِيكُ أَصَابِعِهِ أَوْ تَفَرْقُعُهَا وَكَوْنُهُ حَاقِبًا أَوْ حَاقِنًا أَوْ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ تَتُوقُ نَفْسُهُ لَهُ وَكَوْنُ الْمَرْأَةِ مُتَنَقِّبَةً وَلَيْسَتْ مُحْرِمَةً وَيَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى تَنْقِيبٍ بِلَا حَاجَةٍ بِخِلَافِهِ لَهَا كَوُجُودِ مَنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُ إلَيْهَا وَالْأَكْلُ وَالشُّرْبُ فِيهِ وَكَرَاهَةُ الشُّرْبِ أَخَفُّ وَتَطَوُّعُهُ فِي الْمَسْجِدِ بِالصَّلَاةِ أَفْضَلُ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ مِنْ الطَّوَافِ. . (وَ) ثَامِنُهَا (أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَهُ رَكْعَتَيْنِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَيُجْزِئُ عَنْهُمَا غَيْرُهُمَا بِتَفْصِيلِهِ السَّابِقِ فِي رَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبَا لِخَبَرِ «هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: لَا إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» وَالْأَفْضَلُ كَوْنُهُمَا (خَلْفَ الْمَقَامِ) لِلِاتِّبَاعِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ فِعْلَهُمَا خَلْفَهُ أَفْضَلُ مِنْهُ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ فَضِيلَةَ الِاتِّبَاعِ تَزِيدُ عَلَى فَضِيلَةِ الْبَيْتِ كَمَا أَنَّ مَا عَدَاهُمَا مِنْ النَّوَافِلِ يَكُونُ فِعْلُهُ فِي بَيْتِ الْإِنْسَانِ أَفْضَلُ مِنْهُ فِي الْكَعْبَةِ لِمَا ذُكِرَ. وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ رَدُّ قَوْلِ مَنْ ادَّعَى أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِهِمْ أَنَّ خَلْفَ الْمَقَامِ أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ بِقَاعِ الْمَسْجِدِ يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ فِي اللِّعَانِ: أَفْضَلُ بِقَاعِهِ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ؛ لِأَنَّ أَفْضَلِيَّةَ فِعْلِهِمَا خَلْفَ الْمَقَامِ لَيْسَتْ لِأَفْضَلِيَّتِهِ بَلْ لِلِاتِّبَاعِ، وَإِلَّا لَكَانَتْ فِي الْكَعْبَةِ أَفْضَلِ مُطْلَقًا، ثُمَّ بِالْحَجَرِ تَحْتَ الْمِيزَابِ، ثُمَّ مَا قَرُبَ مِنْهُ إلَى الْبَيْتِ. ثُمَّ فِي بَقِيَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ الْمَسْجِدِ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْكَعْبَةُ مَفْتُوحَةً كَانَ فِعْلُهُمَا فِيهَا أَفْضَلُ مِنْهُ فِي الْحِجْرِ وَفِي سَائِرِ الْمَسْجِدِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، إذْ تَقْدِيمُ الْحِجْرِ لِكَوْنِهِ مِنْ الْكَعْبَةِ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ ظَنِّيٌّ فَتَقْدِيمُ الْكَعْبَةِ عَلَيْهِ أَوْلَى، ثُمَّ إلَى وَجْهِ الْكَعْبَةِ؛ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ الْجِهَاتِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَلَيْسَ فِيهِ إشْعَارٌ خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ الْجَوْجَرِيُّ بِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ الْحَجَرِ؛ لِأَنَّ الْحَجَرَ مِنْ الْكَعْبَةِ وَلَيْسَ فِي تَقْدِيمِهِمْ لِلْحَجَرِ عَلَى جِهَةِ الْكَعْبَةِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ جِهَتَهُ أَفْضَلُ مِنْ جِهَتِهَا خِلَافًا لِمَا زَعَمَهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ أَفْضَلِيَّةَ فِعْلِهَا فِيهِ لَيْسَتْ لِأَفْضَلِيَّةِ جِهَتِهِ بَلْ لِكَوْنِهِ مِنْ الْبَيْتِ كَمَا مَرَّ، ثُمَّ مَا قَرُبَ مِنْهَا، ثُمَّ بَقِيَّةُ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ الْحَرَمِ، ثُمَّ فِي بَيْتِ خَدِيجَةَ، ثُمَّ فِي بَقِيَّةِ مَكَّةَ فِيمَا يَظْهَرُ فِيهِمَا، ثُمَّ بِالْحَرَمِ، ثُمَّ حَيْثُ شَاءَ مِنْ الْأَمْكِنَةِ فِيمَا شَاءَ مِنْ الْأَزْمِنَةِ، وَلَا يَفُوتَانِ إلَّا بِمَوْتِهِ. وَيُسَنُّ لِمَنْ أَخَّرَهُمَا إرَاقَةُ دَمٍ وَإِنْ صَلَّاهُمَا فِي الْحَرَمِ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا وَيَظْهَرُ أَنَّهُ كَدَمِ التَّمَتُّعِ وَيُصَلِّيهِمَا الْوَلِيُّ عَنْ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ، وَالْأَجِيرُ عَنْ مُسْتَأْجِرِهِ وَلَوْ مَعْضُوبًا، ـــــــــــــــــــــــــــــSبِطَرَفِ ثَوْبِهِ. أَمَّا إلْقَاؤُهُ فِي أَرْضِ الْمَطَافِ فَحُرِّمَ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ (قَوْلُهُ: وَجَعْلُ يَدَيْهِ خَلْفَ ظَهْرِهِ إلَخْ) وَهَلْ يُكْرَهُ ذَلِكَ فِي غَيْرِهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ فِيهِ مُنَافَاةٌ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ هَيْئَةُ الْمُتَقَدِّمِينَ (قَوْلُهُ: وَالْأَكْلُ وَالشُّرْبُ) أَيْ مَا لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ (قَوْلُهُ: مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ) أَيْ بِاعْتِبَارِ الزَّمَنَيْنِ (قَوْلَةُ أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَهُ) أَيْ مُتَّصِلًا بِهِ عُرْفًا (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَا قَرُبَ مِنْهُ إلَى الْبَيْتِ ثُمَّ فِي بَقِيَّتِهِ) حَجّ وَزَادَ فَالْحَطِيمُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إلَى وَجْهِ الْكَعْبَةِ) أَيْ ثُمَّ بَعْدَ الْحَجَرِ إلَى وَجْهٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ) زَادَ فِي حَجّ فَبَيْنَ الْيَمَانِيَيْنِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ أَفْضَلِيَّةَ فِعْلِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ ثُمَّ مَا قَرُبَ مِنْهَا) أَيْ الْكَعْبَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يَفُوتَانِ إلَّا بِمَوْتِهِ) فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ هَذَا مَعَ أَنَّهُ يُغْنِي عَنْهُمَا فَرِيضَةٌ وَنَافِلَةٌ؟ قُلْت: لَا يَضُرُّ هَذَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ بَعْدَ الطَّوَافِ أَصْلًا، أَوْ صَلَّى لَكِنْ بَقِيَ سُنَّةُ الطَّوَافِ (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ أَنَّهُ كَدَمِ التَّمَتُّعِ) أَيْ فَيَكُونُ فِي حَقِّ الْقَادِرِ بِشَاةٍ وَفِي حَقِّ غَيْرِهِ بِصِيَامِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ ثَلَاثَةٌ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٌ إذَا رَجَعَ (قَوْلُهُ: وَالْأَجِيرُ عَنْ مُسْتَأْجِرِهِ) أَيْ فَلَوْ تَرَكَهُمَا الْوَلِيُّ لَهُمَا وَالْأَجِيرُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُسَنَّ دَمٌ وَيَسْقُطَ مِنْ أُجْرَةِ الْأَجِيرِ مَا يُقَابِلُ الرَّكْعَتَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَنَّ خَلْفَ الْمَقَامِ أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ بِقَاعِ الْمَسْجِدِ) خَبَرُ إنَّ، وَمُرَادُهُ بِكَلَامِهِمْ مَا قَالُوهُ فِي أَفْضَلِيَّةِ فِعْلِ الرَّكْعَتَيْنِ خَلْفَ الْمَقَامِ (قَوْلُهُ: يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ إلَخْ) مِنْ جُمْلَةِ مَقُولِ قَوْلِ مَنْ ادَّعَى، وَكَانَ اللَّائِقُ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ بِالْفَاءِ أَوْ الْوَاوِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ أَفْضَلِيَّةَ فِعْلِهِمَا إلَخْ) هُوَ وَجْهُ الرَّدِّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَا قَرُبَ مِنْهُ إلَى الْبَيْتِ) أَيْ مِنْ الْحَجَرِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إلَى وَجْهِ الْكَعْبَةِ) صَادِقٌ مَعَ الْبُعْدِ فَيُفِيدُ مَعَ الْمَرْتَبَةِ الْآتِيَةِ أَنَّ صَلَاتَهُمَا فِي أُخْرَيَاتِ الْمَسْجِدِ مِنْ جِهَةِ الْبَابِ أَفْضَلُ مِنْهَا بِالْقُرْبِ وَلَوْ جِدًّا مِنْ الْكَعْبَةِ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْبَابِ فَانْظُرْ هَلْ هُوَ مُرَادٌ (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَقِيَّةُ الْمَسْجِدِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْبَابِ عَلَى مَا مَرَّ

وَفَارَقَ صَلَاةَ الْمُمَيِّزِ لَهُمَا وَإِنْ أَحْرَمَ عَنْهُ وَلِيُّهُ بِأَنَّهُ مُحْرِمٌ حَقِيقَةً بِخِلَافِ الْمَعْضُوبِ، لَهُ بِلَا كَرَاهَةٍ أَنْ يُوَالِيَ بَيْنَ أَسَابِيعَ وَبَيْنَ رَكَعَاتِهَا وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَ عَقِبَ كُلِّ طَوَافٍ رَكْعَتَيْهِ. . وَمِنْ سُنَنِ الطَّوَافِ نِيَّتُهُ إنْ كَانَ طَوَافَ نُسُكٍ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ، فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ طَوَافُ إفَاضَةٍ أَوْ نَذْرٍ وَلَوْ لَمْ يَتَعَيَّنْ زَمَنُهُ دَخَلَ وَقْتُ مَا عَلَيْهِ فَنَوَى غَيْرُهُ عَنْ غَيْرِهِ أَوْ عَنْ نَفْسِهِ تَطَوُّعًا أَوْ قُدُومًا أَوْ وَدَاعًا وَقَعَ عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ أَوْ النَّذْرِ كَمَا فِي وَاجِبَاتِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَقَوْلُهُمْ إنَّ الطَّوَافَ يَقْبَلُ الصَّرْفَ: أَيْ إذَا صَرَفَهُ لِغَيْرِ طَوَافٍ آخَرَ كَطَلَبِ غَرِيمٍ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ لِذَلِكَ، وَ (يَقْرَأُ فِي الْأُولَى) مِنْهُمَا سُورَةَ (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَ) يَقْرَأُ (فِي الثَّانِيَةِ) سُورَةَ (الْإِخْلَاصِ) لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلِمَا فِي قِرَاءَتِهِمَا مِنْ الدَّلَالَةِ عَلَى الْإِخْلَاصِ الْمُنَاسِبِ لِمَا هُنَا؛ لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ (وَيَجْهَرُ) فِيهِمَا (لَيْلًا) مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ إلَى طُلُوعِهَا، وَقَوْلُهُمْ الْأَفْضَلُ فِي النَّافِلَةِ الْمَفْعُولَةِ لَيْلًا التَّوَسُّطُ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْإِسْرَارِ مَحَلُّهُ فِي النَّافِلَةِ الْمُطْلَقَةِ كَمَا مَرَّ. (وَفِي قَوْلٍ) (تَجِبُ الْمُوَالَاةُ) بَيْنَ أَشْوَاطِهِ وَأَبْعَاضِهَا (وَ) تَجِبُ (الصَّلَاةُ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَتَى بِالْأَمْرَيْنِ وَقَالَ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ. أَمَّا الْمُوَالَاةُ فَلِمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ لِاتِّحَادِ الْخِلَافِ فِيهِمَا، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي تَفْرِيقِ كَثِيرٍ بِلَا عُذْرٍ، فَلَوْ كَانَ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا بِعُذْرٍ لَمْ يَضُرَّ جَزْمًا كَالْوُضُوءِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَالْكَثِيرُ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ بِتَرْكِهِ تَرْكُ الطَّوَافِ، إمَّا بِالْإِضْرَابِ عَنْهُ أَوْ بِظَنِّ أَنَّهُ أَتَمَّهُ، وَمِنْ الْعُذْرِ إقَامَةُ مَكْتُوبَةٍ لَا جِنَازَةٍ وَرَاتِبَةٍ بَلْ يُكْرَهُ قَطْعُ الطَّوَافِ الْوَاجِبِ لَهُمَا. وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَلِلْخَبَرِ الْمَارِّ وَالْقَوْلَانِ فِي وُجُوبِ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ إذَا كَانَ فَرْضًا، فَإِنْ كَانَ نَفْلًا فَسُنَّةٌ قَطْعًا، وَعَلَى الْوُجُوبِ يَصِحُّ الطَّوَافُ بِدُونِهِمَا لِانْتِفَاءِ رُكْنِيَّتِهِمَا وَشَرْطِيَّتِهِمَا، وَلَا يَتَعَيَّنُ عَلَى الْمُحْرِمِ أَنْ يَطُوفَ بِنَفْسِهِ. (وَ) لِهَذَا (لَوْ) (حَمَلَ الْحَلَالُ مُحْرِمًا) بِهِ عُذْرٌ مِنْ صِغَرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ لَمْ يَطُفْ الْمُحْرِمُ عَنْ نَفْسِهِ لِإِحْرَامِهِ وَلَمْ يَصْرِفْهُ عَنْ نَفْسِهِ (فَطَافَ بِهِ) وَلَمْ يَنْوِهِ لِنَفْسِهِ أَوْ لَهُمَا (حُسِبَ) الطَّوَافُ (لِلْمَحْمُولِ) عَنْ الطَّوَافِ الَّذِي لِإِحْرَامِهِ كَرَاكِبٍ بَهِيمَةً، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ حُسِبَ لِلْمَحْمُولِ بِشَرْطِهِ، أَيْ الطَّوَافُ فِي حَقِّ الْمَحْمُولِ مِنْ طُهْرٍ وَسَتْرِ عَوْرَةٍ وَدُخُولِ وَقْتٍ، وَهَذَا لَا بُدَّ مِنْهُ وَإِلَّا وَقَعَ لِلْحَامِلِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ طَافَ عَنْ نَفْسِهِ لِإِحْرَامِهِ فَكَمَا لَوْ حَمَلَ حَلَالًا وَسَيَأْتِي أَوْ صَرَفَهُ عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يَقَعْ عَنْهُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ، وَإِنْ نَوَاهُ الْحَامِلُ لِنَفْسِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: إذَا صَرَفَهُ لِغَيْرِ طَوَافٍ آخَرَ) وَمِنْ الْغَيْرِ مَسْأَلَةُ الْمَحْمُولِ الْآتِيَةُ وَالْمُرَادُ بِالطَّوَافِ الَّذِي لَا يُعَدُّ صَارِفًا أَنْ يَقْصِدَ بِفِعْلِهِ الطَّوَافَ لَكِنْ عَنْ غَيْرِ الْفَرْضِ، فَلَا يُقَالُ يُشْكِلُ مَا هُنَا بِمَا لَوْ جَهِلَ مُحْرِمًا وَنَوَى بِفِعْلِهِ الْمَحْمُولَ فَقَطْ حَيْثُ وَقَعَ لِلْمَحْمُولِ؛ لِأَنَّ مَا هُنَاكَ لَمْ يَجْعَلْ فِيهِ طَوَافَهُ عَنْ غَيْرِهِ بَلْ جَعَلَ دَوَرَانَهُ غَيْرَ طَوَافٍ حَيْثُ جَعَلَ نَفْسَهُ كَالدَّابَّةِ (قَوْلُهُ: مَحَلُّهُ فِي النَّافِلَةِ الْمُطْلَقَةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَجْهَرُ بِرَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ لَيْلًا وَقَدْ قَدَّمْنَا خِلَافَهُ (قَوْلُهُ: لَا جِنَازَةَ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ تَعَيَّنَ وَيُعْذَرُ فِي التَّأْخِيرِ إلَى فَرَاغِهِ، فَإِنْ خِيفَ تَغَيُّرُ الْمَيِّتِ فَيَنْبَغِي وُجُوبُ قَطْعِهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا لَا بُدَّ مِنْهُ) وَقَضِيَّةُ اشْتِرَاطِهِمْ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمَحْمُولِ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ فِي الْحَامِلِ فَيَجُوزُ كَوْنُهُ مُحْدِثًا وَعَارِيًّا، لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ كَانَ الْحَامِلُ وَلِيًّا أَوْ مَأْذُونَهُ فَتُشْتَرَطُ فِيهِ الطَّهَارَةُ لِمَا مَرَّ، ثُمَّ قَالَ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْوَلِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ مُبَاشَرَةَ الْوَلِيِّ أَوْ مَأْذُونِهِ تَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ بِتَرْكِهِ تَرْكُ الطَّوَافِ) كَذَا فِي النُّسَخِ. وَلَعَلَّ لَفْظَ بِتَرْكِهِ مُحَرَّفٌ عَنْ قَوْلِهِ بِارْتِكَابِهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا لَا بُدَّ مِنْهُ وَإِلَّا وَقَعَ لِلْحَامِلِ) فِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَنْوِهِ لِنَفْسِهِ وَلَا لَهُمَا: أَيْ بِأَنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا أَوْ نَوَاهُ لِلْمَحْمُولِ أَوْ أَطْلَقَ، وَهُوَ فِي الْأَخِيرَةِ قَرِيبٌ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي بِخِلَافِهِ فِي الْأَوَّلَيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ شَرْطَ وُقُوعِهِ لَهُ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِفًا بِشَرْطِ الطَّوَافِ.

أَوْ لَهُمَا وَقَعَ لَهُ عَمَلًا بِنِيَّتِهِ فِي حَقِّهِ (وَكَذَا) يُحْسَبُ لِلْمَحْمُولِ أَيْضًا (لَوْ) (حَمَلَهُ مُحْرِمٌ قَدْ طَافَ عَنْ نَفْسِهِ) لِإِحْرَامِهِ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ طَوَافِهِ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ الْمُحْرِمُ الْحَامِلُ طَافَ عَنْ نَفْسِهِ وَدَخَلَ وَقْتُ طَوَافِهِ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ قَصَدَهُ لِلْمَحْمُولِ فَلَهُ) فَقَطْ تَنْزِيلًا لِلْحَامِلِ مَنْزِلَةَ الدَّابَّةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقَعْ لِلْحَامِلِ لِصَرْفِهِ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ اشْتِرَاطِ عَدَمِ صَرْفِهِ الطَّوَافَ لِغَرَضٍ آخَرَ وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَالثَّانِي لِلْحَامِلِ فَقَطْ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ عَنْ غَيْرِهِ، وَعَلَيْهِ فَرْضُهُ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ ضَرَرِ الصَّارِفِ، وَقِيلَ يَقَعُ لَهُمَا جَمِيعًا (وَإِنْ قَصَدَهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لَهُمَا) أَوْ أَطْلَقَ (فَلِلْحَامِلِ فَقَطْ) وَإِنْ قَصَدَ مَحْمُولُهُ نَفْسَهُ؛ لِأَنَّهُ الطَّائِفُ وَلَمْ يَصْرِفْهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ حَمَلَ حَلَالٌ حَلَالًا وَنَوَيَا وَقَعَ لِلْحَامِلِ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَيُقَاسُ بِالْمُحْرِمَيْنِ الْحَلَالَانِ النَّاوِيَانِ فَيَقَعُ لِلْحَامِلِ مِنْهُمَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَسَوَاءٌ فِي الصَّغِيرِ حَمَلَهُ وَلِيُّهُ الَّذِي أَحْرَمَ عَنْهُ أَمْ غَيْرُهُ، لَكِنْ يَنْبَغِي كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ فِي حَمْلِ غَيْرِ الْوَلِيِّ أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَ إذَا طَافَ رَاكِبًا لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ وَلِيُّهُ أَوْ نَائِبُهُ سَائِقًا أَوْ قَائِدًا كَمَا مَرَّ، وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْمُمَيِّزِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ حَمَلَ مَا لَوْ جَعَلَهُ فِي شَيْءٍ مُوضَعٍ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ سَفِينَةٍ وَجَذَبَهُ فَيَقَعُ لِلْحَامِلِ وَالْمَحْمُولِ مُطْلَقًا، إذْ لَا تَعَلُّقَ لِطَوَافِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِطَوَافِ الْآخَرِ لِانْفِصَالِهِ عَنْهُ، وَتَصْوِيرُ الْمُصَنِّفِ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا كَانَ الْمَحْمُولُ وَاحِدًا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ الْمَحْمُولُ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ لَمْ يَخْتَلِفْ الْحُكْمُ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْكَافِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي أَحْكَامِ الْمَحْمُولِ بَيْنَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ، إذْ لَا وَجْهَ لِلنَّظَرِ مَعَ كَوْنِهِ يُشْتَرَطُ فِيهِ عَدَمُ الصَّارِفِ كَالطَّوَافِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ أَبُو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُ تَبَعًا لِلشَّيْخِ الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ، لَكِنْ سَيَأْتِي عَنْ الشَّيْخِ أَنَّهُ كَالْوُقُوفِ وَإِنْ حَمَلَهُ فِي الْوُقُوفِ أَجْزَأَ فِيهِمَا: يَعْنِي مُطْلَقًا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ ثَمَّ السُّكُونُ: أَيْ الْحُضُورُ، وَقَدْ وُجِدَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَهُنَا الْفِعْلُ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُمَا. وَلَوْ طَافَ مُحْرِمٌ بِالْحَجِّ مُعْتَقِدًا أَنَّ إحْرَامَهُ عُمْرَةٌ فَبَانَ حَجًّا وَقَعَ عَنْهُ كَمَا لَوْ طَافَ عَنْ غَيْرِهِ وَعَلَيْهِ طَوَافٌ، وَمَا ذُكِرَ فِيمَا إذَا نَوَى نَفْسَهُ وَمَحْمُولَهُ هُوَ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي كُتُبِهِمَا وَاعْتَرَضَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِمَا رَدَّ عَلَيْهِ فِيهِ وَبِأَنَّ الَّذِي رَجَّحَهُ الْأَصْحَابُ مَا مَرَّ لِمُوَافَقَتِهِ نَصَّ الْإِمْلَاءِ، وَالْقِيَاسِ فِي أَنَّهُ لَوْ نَوَى الْحَجَّ لَهُ وَلِغَيْرِهِ وَقَعَ لَهُ فَكَذَا رُكْنُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــSصِحَّةُ طَوَافِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ (قَوْلُهُ: عَمَلًا بِنِيَّتِهِ فِي حَقِّهِ) أَيْ وَإِلْغَاءُ نِيَّةِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ قَصَدَهُ لِلْمَحْمُولِ فَلَهُ) هَذَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَلِلْوَلِيِّ أَنْ يُحْرِمَ عَنْ الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ إلَخْ، مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَكْفِي الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ مِنْ غَيْرِ اسْتِصْحَابِهِ وَإِنَّمَا يَفْعَلُهُمَا بِهِ بَعْدَ فِعْلِهِمَا عَنْ نَفْسِهِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الرَّمْيِ اهـ. أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ يُمْكِنُ تَصْوِيرُ مَا هُنَاكَ بِمَا لَوْ أَطْلَقَ وَمَا هُنَا مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا قَصَدَ الْمَحْمُولَ وَحْدَهُ سَوَاءٌ كَانَ بَالِغًا أَمْ صَبِيًّا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَسَوَاءٌ فِي الصَّغِيرِ حَمَلَهُ وَلِيُّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ سَفِينَةٌ وَجَذَبَهُ إلَخْ) نَعَمْ إنْ قَصَدَ الْجَاذِبُ الْمَشْيَ لِأَجْلِ الْجَذْبِ بَطَلَ طَوَافُهُ؛ لِأَنَّهُ صَرَفَهُ اهـ حَجّ وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا: أَيْ سَوَاءٌ نَوَى الْحَامِلُ نَفْسَهُ أَوْ هُمَا أَوْ أَطْلَقَ أَمَّا لَوْ نَوَى الْمَحْمُولَ فَقَطْ فَقَدْ صَرَفَ فِعْلَهُ عَنْ طَوَافِ نَفْسِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَقْبَلُ الصَّرْفَ حَيْثُ قَصَدَ بِهِ غَيْرَ الطَّوَافِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ حَجّ نَعَمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ كَالْوُقُوفِ) أَيْ فِي عَدَمِ قَبُولِ الصَّرْفِ وَهُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: إذَا نَوَى نَفْسَهُ وَمَحْمُولَهُ) أَيْ مِنْ وُقُوعِهِ لِلْحَامِلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَجْزَأَ فِيهِمَا) لَعَلَّ فِي بِمَعْنَى عَنْ.

[فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي]

فَصْلٌ فِيمَا يَخْتِمُ بِهِ الطَّوَافَ وَبَيَانُ كَيْفِيَّةِ السَّعْيِ (لِيَسْتَلِمَ الْحَجَرَ) الْأَسْوَدَ نَدْبًا بِشَرْطِهِ فِي الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى (بَعْدَ الطَّوَافِ) وَقَوْلُهُ (وَصَلَاتُهُ) مَزِيدٌ عَلَى الْمُحَرِّرِ لِلِاتِّبَاعِ، وَلِيَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ مَا ابْتَدَأَ بِهِ، وَاقْتِصَارُهُ عَلَى الِاسْتِلَامِ يَقْتَضِي عَدَمَ سُنِّيَّةِ تَقْبِيلِ الْحَجَرِ وَالسُّجُودِ عَلَيْهِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَلَعَلَّ سَبَبَهُ الْمُبَادَرَةُ لِلسَّعْيِ اهـ. وَالظَّاهِرُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ سَنُّ ذَلِكَ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَعِبَارَةُ الشَّافِعِيِّ تُشِيرُ إلَيْهِ (ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ بَابِ الصَّفَا) نَدْبًا (لِلسَّعْيِ) بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اسْعَوْا فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كَتَبَ عَلَيْكُمْ السَّعْيَ» . (وَشَرْطُهُ) أَيْ شُرُوطُهُ (أَنْ) (يَبْدَأَ بِالصَّفَا) وَيَخْتِمَ بِالْمَرْوَةِ لِلِاتِّبَاعِ مَعَ خَبَرِ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» وَخَبَرِ «ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» فَلَوْ بَدَأَ بِالْمَرْوَةِ لَمْ يُحْسَبْ مُرُورُهُ مِنْهَا إلَى الصَّفَا مَرَّةً وَيُكْمِلُ سَبْعًا بِأُخْرَى، وَلَوْ نَسِيَ السَّابِعَةَ بَدَأَ بِهَا مِنْ الصَّفَا، أَوْ السَّادِسَةِ حُسِبَتْ لَهُ الْخَمْسُ قَبْلَهَا دُونَ السَّابِعَةِ؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ شَرْطٌ فَيَلْزَمُهُ سَادِسَةٌ مِنْ الْمَرْوَةِ وَسَابِعَةٌ مِنْ الصَّفَا، أَوْ الْخَامِسَةَ جُعِلَتْ بَدَلَهَا السَّابِعَةُ وَلَغَتْ السَّادِسَةُ ثُمَّ يَأْتِي بِهَا وَسَابِعَةٍ (وَأَنْ يَسْعَى سَبْعًا) لِلِاتِّبَاعِ (ذَهَابُهُ مِنْ الصَّفَا إلَى الْمَرْوَةِ مَرَّةٌ) بِالرَّفْعِ خَبَرُ ذَهَابِهِ (وَعَوْدُهُ مِنْهَا إلَيْهِ أُخْرَى) وَلَوْ مَنْكُوسًا أَوْ كَانَ يَمْشِي الْقَهْقَرَى فَمَا يَظْهَرُ إذْ الْقَصْدُ قَطْعُ الْمَسَافَةِ، وَيُشْتَرَطُ قَطْعُ الْمَسَافَةِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ كُلَّ مَرَّةٍ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَطْعُ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ بَطْنِ الْوَادِي وَهُوَ الْمَسْعَى الْمَعْرُوفُ الْآنَ، وَإِنْ كَانَ فِي كَلَامِ الْأَزْرَقِيِّ مَا يُوهِمُ خِلَافَهُ فَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ زَمَنِ الْأَزْرَقِيِّ إلَى الْآنَ عَلَى ذَلِكَ، وَلَمْ أَرَ فِي كَلَامِهِمْ ضَبْطُ عَرْضِ الْمَسْعَى وَسُكُوتُهُمْ عَنْهُ لِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ، فَإِنَّ الْوَاجِبَ اسْتِيعَابُ الْمَسَافَةِ الَّتِي بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ كُلَّ مَرَّةٍ، وَلَوْ الْتَوَى فِي سَعْيِهِ عَنْ مَحَلِّ السَّعْيِ يَسِيرًا لَمْ يَضُرَّ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَأَنْ يُلْصِقَ عَقِبَهُ بِأَصْلِ مَا يَذْهَبُ مِنْهُ وَرُءُوسَ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ بِمَا يَذْهَبُ إلَيْهِ مِنْهُمَا وَإِنْ كَانَ رَاكِبًا سَيَّرَ دَابَّتَهُ حَتَّى يُلْصِقَ حَافِرَهَا بِذَلِكَ وَبَعْضُ دَرَجِ الصَّفَا مُحْدَثٌ فَلْيَحْذَرْ مِنْ تَخَلُّفِهَا وَرَاءَهُ، وَيُسَنُّ فِيهِ الطَّهَارَةُ وَالسِّتْرُ وَالْمَشْيُ وَالْمُوَالَاةُ فِيهِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّوَافِ وَالرَّمْيِ، وَالذِّكْرُ الْمَأْثُورِ كَمَا يَأْتِي، وَيُكْرَهُ وُقُوفُ السَّاعِي فِي أَثْنَاءِ سَعْيِهِ بِلَا عُذْرٍ لِحَدِيثٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَأَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَهُ رَكْعَتَيْنِ لَا الرُّكُوبُ اتِّفَاقًا، وَلَا يَجْرِي فِيهِ خِلَافُ الرُّكُوبِ فِي الطَّوَافِ. قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، لَكِنْ نُقِلَ عَنْ النَّصِّ كَرَاهَتُهُ، وَيُؤَيِّدُهَا مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ خِلَافُ سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ وَهِيَ رُكُوبُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَعْضِهِ وَسَعْيُ غَيْرِهِ بِلَا عُذْرٍ لِصِغَرٍ أَوْ مَرَضٍ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَالْمَرْوَةُ: أَفْضَلُ مِنْ الصَّفَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ؛ لِأَنَّهَا مُرُورُ السَّاعِي فِي سَعْيِهِ أَرْبَعُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ فِيمَا يُخْتَمُ بِهِ الطَّوَافُ) (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ) وَهُوَ خُلُوُّ الْمَطَافِ (قَوْلُهُ: وَخَبَرُ ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ ابْدَأْ بِمَا إلَخْ مَحَلِّيٌّ (قَوْلُهُ: لَا الرُّكُوبُ اتِّفَاقًا) مُعْتَمَدٌ أَيْ فَلَا يُكْرَهُ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ سَنِّ الْمَشْيِ فِيهِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا مُرُورُ السَّاعِي) ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِيمَا يَخْتِمُ بِهِ الطَّوَافَ وَبَيَانُ كَيْفِيَّةِ السَّعْيِ] فَصْلٌ) فِيمَا يُخْتَمُ بِهِ الطَّوَافُ (قَوْلُهُ بِشَرْطِهِ) أَيْ خُلُوِّ الْمَطَافِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْوَاجِبَ اسْتِيعَابُ الْمَسَافَةِ إلَخْ) فِي هَذَا التَّعْلِيلِ الْمَقْصُودِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى لِصِدْقِهِ بِقَطْعِ الْمَسَافَةِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لَا مِنْ الْمَحَلِّ الْمَعْرُوفِ كَالْمَسْجِدِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَبَعْضُ دَرَجِ الصَّفَا مُحْدَثٌ فَلْيُحْذَرْ إلَخْ) بَيَّنَ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ أَنَّ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِأَزْمِنَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ، وَإِلَّا فَالْآنَ قَدْ ارْتَدَمَتْ تِلْكَ الدَّرَجُ بَلْ وَبَعْضُ

مَرَّاتٍ وَالصَّفَا مُرُورُهُ فِيهِ ثَلَاثًا فَإِنَّهُ أَوَّلُ مَا يَبْدَأُ بِاسْتِقْبَالِ الْمَرْوَةِ ثُمَّ يَخْتِمُ بِهِ، وَمَا أَمَرَ اللَّهُ بِمُبَاشَرَتِهِ فِي الْقُرْبَةِ أَكْثَرُ فَهُوَ أَفْضَلُ، وَبُدَاءَتُهُ بِالصَّفَا وَسِيلَةٌ إلَى اسْتِقْبَالِ الْمَرْوَةِ، قَالَ: وَالطَّوَافُ أَفْضَلُ أَرْكَانِ الْحَجِّ حَتَّى الْوُقُوفَ اهـ. وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ أَفْضَلَهَا الْوُقُوفُ لِخَبَرِ «الْحَجُّ عَرَفَةَ» وَلِهَذَا لَا يَفُوتُ الْحَجُّ إلَّا بِفَوَاتِهِ، وَلَمْ يَرِدْ غُفْرَانٌ فِي شَيْءٍ مَا وَرَدَ فِي الْوُقُوفِ، فَالصَّوَابُ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ أَفْضَلُ الْأَرْكَانِ، فَقَدْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ الطَّوَافَ قُرْبَةٌ فِي نَفْسِهِ وَجُمَلُهُ الشَّارِعِ بِمَنْزِلَةِ الصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ أَعْظَمُ عِبَادَاتِ الْبَدَنِ بَعْدَ الْإِيمَانِ بِخِلَافِ الْوُقُوفِ، وَقَدْ يُقَالُ بِأَنَّ الطَّوَافَ أَفْضَلُ مِنْ حَيْثُ ذَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ مُشَبَّهٌ بِالصَّلَاةِ وَقُرْبَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، وَالْوُقُوفُ أَفْضَلُ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِ رُكْنًا لِلْحَجِّ لِفَوَاتِهِ بِهِ وَتَوَقُّفِ صِحَّتِهِ عَلَيْهِ وَاخْتِصَاصِهِ بِهِ، وَيُحْمَلُ كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى الْأَوَّلِ وَالزَّرْكَشِيِّ عَلَى الثَّانِي، وَمَا نَظَرَ بِهِ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ أَيْضًا بِأَنَّ الصَّفَا قُدِّمَتْ فِي الْقُرْآنِ وَالْأَصْلُ فِيمَا قُدِّمَ فِيهِ أَنَّهُ لِلِاهْتِمَامِ بِهِ الْمُشْعِرِ بِشَرَفِهِ إلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ وَبِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ لَيْسَ ظَاهِرًا فِي الدَّلَالَةِ لِمَا قَالَهُ، بَلْ قَدْ يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ بِأَنْ يُقَالَ: مَا أَمَرَ الشَّرْعُ بِمُبَاشَرَتِهِ بِالْعِبَادَةِ قَبْلَ نَظِيرِهِ وَعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِمُبَاشَرَةِ نَظِيرِهِ قَبْلَهُ يَكُونُ أَفْضَلَ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَغَيْرُهُ تَابِعٌ لَهُ وَالضَّرُورَةُ قَاضِيَةٌ بِتَفْضِيلِ الْمَتْبُوعِ، وَقَدْ بَانَ بِمَا ذَكَرْته أَنَّ الصَّفَا هِيَ الْأَصْلُ، إذْ لَا يُعْتَدُّ بِالْمَرْوَةِ قَبْلَهَا فَتَكُونُ تَابِعَةً لَهَا صِحَّةً وَوُجُوبًا فَكَانَتْ الصَّفَا أَفْضَلُ، وَدَعْوَى أَنَّهَا وَسِيلَةٌ مَمْنُوعَةٌ إذْ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهَا حَدُّهَا كَمَا لَا يَخْفَى، يُرَدُّ بِأَنَّ الْبُدَاءَةَ بِالصَّفَا لِبَيَانِ التَّرْتِيبِ وَضَرُورَتِهِ فَلَا إشْعَارَ فِي تَقْدِيمِهَا بِأَفْضَلِيَّتِهَا، وَبِأَنَّ الْبُدَاءَةَ بِالشَّيْءِ لَا تَسْتَلْزِمُ أَفْضَلِيَّةَ الْمَبْدَإِ عَلَى الْآخِرِ كَصَوْمِ رَمَضَانَ آخِرُهُ أَفْضَلُ مِنْ أَوَّلِهِ. (وَأَنْ يَسْعَى بَعْدَ طَوَافٍ رُكْنٍ أَوْ) طَوَافِ (قُدُومٍ) ؛ لِأَنَّهُ الْوَارِدُ مِنْ فِعْلِهِ، وَنَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ (بِحَيْثُ لَا يَتَخَلَّلُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ السَّعْيِ وَطَوَافِ الْقُدُومِ (الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ) وَإِنْ تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا زَمَنٌ طَوِيلٌ، فَلَوْ وَقَفَ بِهَا لَمْ يَجُزْ السَّعْيُ إلَّا بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ لِدُخُولِ وَقْتِ طَوَافِ الْفَرْضِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَسْعَى بَعْدَ طَوَافِ نَفْلٍ مَعَ إمْكَانِهِ بَعْدَ طَوَافِ فَرْضٍ، وَلَوْ نَوَى بِطَوَافِهِ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَانْتِصَافِ لَيْلَةِ النَّحْرِ طَوَافَ قُدُومٍ لَغَتْ نِيَّتُهُ وَانْصَرَفَ لِطَوَافِ الرُّكْنِ، وَكَذَا لَوْ نَوَاهُ مُعْتَمِرًا انْصَرَفَ لِطَوَافِ عُمْرَتِهِ وَيَحْصُلُ بِطَوَافِهِمَا لِلْفَرْضِ ثَوَابُ طَوَافِ الْقُدُومِ كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، وَلَوْ دَخَلَ حَلَالٌ مَكَّةَ فَطَافَ لِلْقُدُومِ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فَهَلْ لَهُ السَّعْيُ حِينَئِذٍ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ أَوَّلًا، وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَى مَا لَوْ صَدَرَ طَوَافُ الْقُدُومِ حَالَ الْإِحْرَامِ لِشُمُولِ نِيَّةِ الْحَجِّ لَهُمَا حِينَئِذٍ فَكَانَتْ التَّبَعِيَّةُ صَحِيحَةً لِوُجُودِ الْمُجَانَسَةِ بِخِلَافِهِ فِي تِلْكَ. فَالْمُجَانَسَةُ مُنْتَفِيَةٌ بَيْنَهُمَا كُلٌّ مُحْتَمِلٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْآتِي فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ يُؤَيِّدُ الثَّانِي وَهُوَ الظَّاهِرُ. وَلَوْ طَافَ لِلْقُدُومِ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَسْعَى بَعْدَهُ بَعْضَ السَّعْيِ وَيُكْمِلَهُ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَطَوَافِ الرُّكْنِ فِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا، وَالْأَقْرَبُ لِكَلَامِهِمْ الْمَنْعُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ؛ لِأَنَّ فِي الْوُصُولِ إلَيْهَا مُرُورٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَالصَّوَابُ الْقَطْعُ) مِنْ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ (قَوْلُهُ: يُرَدُّ) خَبَرُ قَوْلِهِ وَمَا نَظَرَ بِهِ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِدُخُولِ وَقْتِ طَوَافِ الْفَرْضِ) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ امْتِنَاعِ السَّعْيِ قَبْلَ انْتِصَافِ لَيْلَةِ النَّحْرِ، وَلَيْسَ مُرَادًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ حَيْثُ قَالَ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ وَيُفَرِّقُ بَيْنَهُ: أَيْ السَّعْيِ وَبَيْنَ مَنْ عَادَ لِمَكَّةَ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَقَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ يُسَنُّ لَهُ الْقُدُومُ، وَلَا يُجْزِئُهُ السَّعْيُ حِينَئِذٍ بِأَنَّ السَّعْيَ مَتَى أُخِّرَ عَنْ الْوُقُوفِ وَجَبَ وُقُوعُهُ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ (قَوْلُهُ: انْصَرَفَ لِطَوَافِ عُمْرَتِهِ) كُلٌّ مِنْ هَذَيْنِ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ طَوَافُ إفَاضَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQالدَّرَجِ الْأَصْلِيَّةِ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ رُكْنًا) أَيْ فَأَفْضَلِيَّتُهُ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَمَا نَظَّرَ بِهِ) الْمُنَظِّرُ هُوَ الشِّهَابُ فِي إمْدَادِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ قَدْ يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: بَلْ قَدْ يُعَارَضُ بِنَظِيرِهِ بِأَنْ يُقَالَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقَدْ بَانَ بِمَا ذَكَرْته) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ قَالَ: أَيْ الْمُنَظِّرُ وَمَا ذَكَرْته إلَخْ (قَوْلُهُ: يُرَدُّ بِأَنَّ الْبُدَاءَةَ) فِي هَذَا الرَّدِّ نَظَرٌ لَا يَخْفَى

(وَمَنْ سَعَى بَعْدَ) طَوَافِ (قُدُومٍ لَمْ يُعِدْهُ) أَيْ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ إعَادَتُهُ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ، بَلْ تُكْرَهُ إعَادَتُهُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ إذْ هُوَ بِدْعَةٌ، لَكِنَّ الْأَفْضَلَ تَأْخِيرُهُ عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: لِأَنَّ لَنَا وَجْهًا بِاسْتِحْبَابِ إعَادَتِهِ بَعْدَهُ. نَعَمْ يَجِبُ عَلَى نَحْوِ صَبِيٍّ بَلَغَ بِعَرَفَة إعَادَتُهُ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ أَخَّرَهُ إلَى مَا بَعْدَ طَوَافِ الْوَدَاعِ لَمْ يُعْتَدَّ بِوَدَاعِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُؤْتَى بِهِ بَعْدَ فَرَاغِ الْمَنَاسِكِ وَلَا فَرَاغَ قَبْلَ السَّعْيِ، وَلَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الِاعْتِدَادِ بَيْنَ أَنْ يَبْلُغَ قَبْلَ سَعْيِهِ مَسَافَةَ الْقَصْرِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ بَقِيَ السَّعْيُ فَإِحْرَامُهُ بَاقٍ؛ لِأَنَّهُ رُكْنٌ لَمْ يَحْلِلْ بِدُونِهِ وَلَا يُجْبَرُ بِدَمٍ فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُعْتَدَّ بِوَدَاعِهِ، وَاعْتَرَصَ فِي الْمُهِمَّاتِ قَوْلَهُمَا لَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهُ بَعْدَ طَوَافِ الْوَدَاعِ بِتَصَوُّرِهِ بَعْدَهُ بِأَنْ يُحْرِمَ مِنْ مَكَّةَ بِحَجٍّ ثُمَّ يَقْصِدَ الْخُرُوجَ لِحَاجَةٍ قَبْلَ الْوُقُوفِ: أَيْ إلَى مَسَافَةِ قَصْرٍ لِمَا يَأْتِي فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِطَوَافِ الْوَدَاعِ فَإِذَا عَادَ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْعَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ؛ لِأَنَّ الْمُوَالَاةَ بَيْنَهُمَا لَيْسَتْ بِشَرْطٍ. قَالَ: وَكَذَا لِمَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ إذَا طَافَ لِلْوَدَاعِ لِخُرُوجِهِ إلَى مِنًى أَنْ يَسْعَى بَعْدَهُ اهـ. وَفِي نَصِّ الْبُوَيْطِيِّ وَكَلَامِ الْخَفَّافِ مَا يُوَافِقُهُ، وَمَعَ ذَلِكَ فَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ رَدًّا عَلَيْهِمَا مِنْ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْأَصْحَابِ اخْتِصَاصُهُ بِمَا بَعْدَ الْقُدُومِ وَالْإِفَاضَةِ، وَقَوْلُهُمَا إنَّ ذَلِكَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَيْ بِحَسَبِ مَا فَهِمَاهُ، فَلَا يُقَالُ كَيْفَ يَدْفَعُ بِكَلَامِهِ نَقْلَهُمَا الصَّرِيحَ، وَصَوَّبَ الْإِسْنَوِيُّ أَيْضًا وُقُوعَهُ بَعْدَ طَوَافِ نَفْلٍ بِأَنْ يُحْرِمَ الْمَكِّيُّ بِالْحَجِّ ثُمَّ يَتَنَفَّلُ بِطَوَافٍ ثُمَّ يَسْعَى بَعْدَهُ، وَقَدْ جَزَمَ بِالْإِجْزَاءِ فِي هَذِهِ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ شَرْطَهُ أَنْ يَقَعَ بَعْدَ طَوَافٍ وَلَوْ نَفْلًا إلَّا طَوَافَ الْوَدَاعِ، وَيَرُدُّهُ مَا مَرَّ عَنْ الْمَجْمُوعِ أَيْضًا. (وَيُسْتَحَبُّ) لِلذَّكَرِ (أَنْ يَرْقَى عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَدْرَ قَامَةٍ) «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَقِيَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. أَمَّا الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى فَلَا يُسَنُّ لَهُمَا الرُّقِيُّ: أَيْ إلَّا إنْ خَلَا الْمَحَلُّ عَنْ غَيْرِ الْمَحَارِمِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ وَعَلَى الْخُنْثَى الْإِسْنَوِيُّ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ تِلْمِيذُهُ أَبُو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُ، وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ مِنْ أَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْ الْمَرْأَةِ وَمِثْلِهَا الْخُنْثَى إخْفَاءُ شَخْصِهَا مَا أَمْكَنَ وَإِنْ كَانَتْ فِي خَلْوَةٍ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يُسَنُّ لَهَا التَّخْوِيَةُ فِي الصَّلَاةِ وَلَوْ فِي خَلْوَةٍ يُرَدُّ بِأَنَّ الرُّقِيَّ مَطْلُوبٌ لِكُلِّ أَحَدٍ غَيْرَ أَنَّهُ سَقَطَ عَنْ الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى طَلَبًا لِلسِّتْرِ، فَإِذَا وُجِدَ ذَلِكَ مَعَ الرُّقِيِّ صَارَ مَطْلُوبًا، إذْ الْحُكْمُ يَدُورُ مَعَ الْعِلَّةِ وُجُودًا وَعَدَمًا، وَبِأَنَّ قِيَاسَ مَا نَحْنُ فِيهِ عَلَى التَّخْوِيَةِ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهَا مُثِيرَةٌ لِلشَّهْوَةِ وَمُحَرِّكَةٌ لِلْفِتْنَةِ وَلَا كَذَلِكَ الرُّقِيُّ فَلَا تَصِلُ لَهُ، وَيُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ مَا مَرَّ فِي الْجَهْرِ بِالصَّلَاةِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ إخْفَاءَ الشَّخْصِ يُحْتَاطُ لَهُ فَوْقَ الصَّوْتِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ سَمَاعَ الصَّوْتِ قَدْ يَكُونُ سَبَبًا لِحُضُورِ مَنْ سَمِعَهُ مِنْ بُعْدٍ وَلَا كَذَلِكَ الرُّقِيُّ فِي الْخَلْوَةِ (فَإِذَا رَقِيَ) بِكَسْرِ الْقَافِ (قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ) مِنْ كُلِّ شَيْءٍ (وَلِلَّهِ الْحَمْدُ) أَيْ عَلَى كُلِّ حَالٍ لَا لِغَيْرِهِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ تَقْدِيمُ الْخَبَرِ (اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا) أَيْ دَلَّنَا عَلَى طَاعَتِهِ بِالْإِسْلَامِ وَغَيْرِهِ (وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا أَوْلَانَا) مِنْ نِعَمِهِ الَّتِي لَا حَصْرَ لَهَا (لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ) تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي خُطْبَةِ الْكِتَابِ (لَهُ الْمُلْكُ) أَيْ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا لِغَيْرِهِ (وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ بِيَدِهِ) أَيْ قُدْرَتِهِ (الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا بَدَأَ بِالصَّفَا فَرَقَى عَلَيْهِ حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ فَاسْتَقْبَلَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَوْ نَذْرٍ لَمْ يَتَعَيَّنْ زَمَنُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يُسَنُّ لَهَا التَّخْوِيَةُ) هِيَ رَفْعُ الْبَطْنِ عَنْ الْفَخِذَيْنِ وَإِبْعَادُ الْمِرْفَقَيْنِ عَنْ الْجَنْبَيْنِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَصِلُ إلَيْهِ) أَيْ لَا تُسَاوِيهِ فِي الْعِلَّةِ حَتَّى يُمْنَعَ قِيَاسًا عَلَيْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَكَذَا لِمَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ إذَا طَافَ لِلْوَدَاعِ إلَخْ) فِي هَذَا التَّصْوِيرِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يُبْطِلُ حِينَئِذٍ كَوْنَهُ وَدَاعًا (قَوْلُهُ: رَدًّا عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الْبَنْدَنِيجِيِّ وَالْعِمْرَانِيِّ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الرُّقِيَّ مَطْلُوبٌ لِكُلِّ أَحَدٍ) فِيهِ مُصَادَرَةٌ لِأَنَّ الْخَصْمَ لَا يُسَلِّمُهُ.

[فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه]

الْقِبْلَةَ وَوَحَّدَ اللَّهَ وَكَبَّرَهُ وَقَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ أَنْجَزَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ، ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ، قَالَ هَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ نَزَلَ إلَى الْمَرْوَةِ حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ فَفَعَلَ عَلَى الْمَرْوَةِ مَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا» وَفِيهِ زِيَادَةٌ وَنُقْصَانٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ (ثُمَّ يَدْعُو بِمَا شَاءَ دِينًا وَدُنْيَا) ؛ لِأَنَّهَا أَمْكِنَةٌ يُسْتَجَابُ فِيهَا الدُّعَاءُ وَكَانَ عُمَرُ يُطِيلُ الدُّعَاءَ هُنَالِكَ وَاسْتَحَبُّوا مِنْ دُعَائِهِ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ إنَّك قُلْت اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ وَأَنْتَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ وَإِنِّي أَسْأَلُك كَمَا هَدَيْتنِي بِالْإِسْلَامِ أَنْ لَا تَنْزِعَهُ عَنِّي حَتَّى تَتَوَفَّانِي وَأَنَا مُسْلِمٌ (قُلْت: وَيُعِيدُ الذِّكْرَ وَالدُّعَاءَ ثَانِيًا وَثَالِثًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِلِاتِّبَاعِ. (وَ) يُسَنُّ (أَنْ يَمْشِيَ) عَلَى هَيِّنَتِهِ وَسَجِيَّتِهِ (أَوَّلَ السَّعْيِ وَآخِرَهُ) (وَ) أَنْ (يَعْدُوَ الذَّكَرُ) أَيْ يَسْعَى سَعْيًا شَدِيدًا فَوْقَ الرَّمَلِ (فِي الْوَسَطِ) الَّذِي بَيْنَهُمَا لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ أَمَّا الْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى فَلَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَقْصِدَ بِذَلِكَ السُّنَّةَ لَا اللَّعِبَ وَمُسَابِقَةَ أَصْحَابِهِ فَيَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ سَعْيًا بِقَصْدِ الْمُسَابَقَةِ، وَالرَّاكِبُ يُحَرِّكُ دَابَّتَهُ بِحَيْثُ لَا يُؤْذِي الْمُشَاةَ (وَمَوْضِعُ النَّوْعَيْنِ) أَيْ الْمَشْيِ وَالْعَدْوِ (مَعْرُوفٌ) هُنَاكَ فَيَمْشِي حَتَّى يَبْقَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمِيلِ الْأَخْضَرِ الْمُعَلَّقِ بِرُكْنِ الْمَسْجِدِ عَلَى يَسَارِهِ قَدْرَ سِتَّةِ أَذْرُعٍ فَيَعْدُو حَتَّى يَتَوَسَّطَ بَيْنَ الْمِيلَيْنِ الْأَخْضَرَيْنِ اللَّذَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي رُكْنِ الْمَسْجِدِ وَالْآخَرُ مُتَّصِلٌ بِجِدَارِ الْعَبَّاسِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَيَمْشِي حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى الْمَرْوَةِ، فَإِذَا عَادَ مِنْهَا إلَى الصَّفَا مَشَى فِي مَحَلِّ مَشْيِهِ وَسَعَى فِي مَحَلِّ سَعْيِهِ وَيُسَنُّ أَنْ يَقُولَ فِي السَّعْيِ وَلَوْ أُنْثَى: رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمْ إنَّك أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ. فَصْلٌ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ (يُسْتَحَبُّ) (لِلْإِمَامِ) الْأَعْظَمِ إنْ خَرَجَ مَعَ الْحَجِيجِ (أَوْ مَنْصُوبُهُ) لَهُمْ إنْ لَمْ يَخْرُجْ الْإِمَامُ (أَنْ يَخْطُبَ بِمَكَّةَ فِي سَابِعِ ذِي الْحِجَّةِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا الْمُسَمَّى بِيَوْمِ الزِّينَةِ لِتَزْيِينِهِمْ فِيهِ هَوَادِجَهُمْ وَتَكُونُ عِنْدَ الْكَعْبَةِ وَإِنَّمَا يَخْطُبُ (بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ) أَوْ الْجُمُعَةِ إنْ كَانَ يَوْمَهَا (خُطْبَةً فَرْدَةً) وَلَا تَكْفِي عَنْهَا خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِيهِ التَّأْخِيرُ عَنْ الصَّلَاةِ كَمَا تَقَرَّرَ؛ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَا التَّعْلِيمُ لَا الْوَعْظُ وَالتَّخْوِيفُ فَلَمْ يُشَارِكْ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ بِخِلَافِ خُطْبَةِ الْكُسُوفِ. وَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَ مُحْرِمًا كَمَا مَرَّ وَيَفْتَتِحُهَا بِالتَّلْبِيَةِ وَالْحَلَالُ بِالتَّكْبِيرِ (يَأْمُرُهُمْ فِيهَا بِالْغُدُوِّ) فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ الْمُسَمَّى يَوْمَ التَّرْوِيَةِ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَرَوَّوْنَ فِيهِ الْمَاءَ (إلَى مِنًى) بِكَسْرِ الْمِيمِ بِالصَّرْفِ وَعَدَمِهِ، وَتُذَكَّرُ وَهُوَ الْأَغْلَبُ، وَقَدْ تُؤَنَّثُ، وَتَخْفِيفُ نُونِهَا أَشْهَرُ مِنْ تَشْدِيدِهَا. سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ مَا يُمْنَى: أَيْ يُرَاقُ فِيهَا مِنْ الدِّمَاءِ (وَيُعَلِّمُهُمْ) ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ) أَيْ بَيْنَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّوْحِيدِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ نَزَلَ إلَى الْمَرْوَةِ) أَيْ وَسَارَ حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ (قَوْلُهُ: فَيَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ سَعْيًا) هُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّهُ يَقْبَلُ الصَّرْفَ، أَمَّا عَلَى مَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ فَلَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أُنْثَى) لَمْ يَظْهَرْ لِأَخْذِهَا غَايَةُ هُنَا مَعْنًى، إذْ الصِّيغَةُ بِالنِّسْبَةِ لَهَا سَوَاءٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ التَّعْمِيمُ. [فَصْلٌ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ] (فَصْلٌ) فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ (قَوْلُهُ: فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ) قَدَّمَهُ مَعَ أَنَّهُ مُؤَخَّرٌ لَفْظًا؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ (قَوْلُهُ كَانَ يَوْمَهَا) أَيْ يَوْمَ السَّابِعِ (قَوْلُهُ:؛ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَا التَّعَلُّمُ) أَخَذَ بَعْضُهُمْ مِنْ هَذَا أَنَّهُ تُكَرَّرُ الْخُطْبَةُ أَوْ تَعَدَّدَ الْخُطَبَاءُ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيمَ لَا يَحْصُلْ إلَّا بِذَلِكَ لِلْكَثْرَةِ أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِخُطْبَةٍ وَاحِدَةٍ أَخْذًا بِإِطْلَاقِهِمْ (قَوْلُهُ أَشْهَرُ مِنْ تَشْدِيدِهَا) أَيْ مَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصْلٌ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

فِيهَا (مَا أَمَامَهُمْ مِنْ الْمَنَاسِكِ) رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، فَإِنْ كَانَ فَقِيهًا قَالَ: هَلْ مِنْ سَائِلٍ، وَخُطَبُ الْحَجِّ أَرْبَعٌ هَذِهِ وَخُطْبَةُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَيَوْمِ النَّحْرِ وَيَوْمِ النَّفْرِ الْأَوَّلِ وَكُلُّهَا فُرَادَى وَبَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ إلَّا يَوْمَ عَرَفَةَ فَثِنْتَانِ وَقَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مَعْلُومٌ مِنْ كَلَامِهِ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُخْبِرُهُمْ فِي كُلِّ خُطْبَةٍ بِجَمِيعِ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مِنْ الْمَنَاسِكِ، وَأَطَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الِانْتِصَارِ لَهُ لَكِنَّ الَّذِي ذَكَرَاهُ أَنَّهُ يُخْبِرُهُمْ فِي كُلِّ خُطْبَةٍ بِمَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مِنْ الْمَنَاسِكِ إلَى الْخُطْبَةِ الْأُخْرَى، وَهُوَ مَحْمُولٌ أَخْذًا مِنْ النَّصِّ عَلَى أَنَّهُ لِبَيَانِ الْأَقَلِّ، وَالْأَوَّلُ لِبَيَانِ الْأَكْمَلِ وَلَوْ تَوَجَّهُوا لِلْمَوْقِفِ قَبْلَ دُخُولِ مَكَّةَ اُسْتُحِبَّ لِإِمَامِهِمْ أَنْ يَفْعَلَ كَمَا يَفْعَلُ إمَامُ مَكَّةَ قَالَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَيَأْمُرُ فِيهَا أَيْضًا الْمُتَمَتِّعِينَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَالْمَكِّيِّينَ بِطَوَافِ الْوَدَاعِ قَبْلَ خُرُوجِهِمْ وَبَعْدَ إحْرَامِهِمْ كَمَا اقْتَضَاهُ نَقْلُ الْمَجْمُوعِ لَهُ عَنْ الْبُوَيْطِيِّ وَالْأَصْحَابِ، بِخِلَافِ الْمُفْرِدِ وَالْقَارِنِ الْآفَاقِيَّيْنِ لَا يُؤْمَرَانِ بِطَوَافِ وَدَاعٍ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَحَلَّلَا مِنْ مَنَاسِكِهِمَا وَلَيْسَتْ مَكَّةُ مَحَلَّ إقَامَتِهِمَا. (وَيَخْرُجُ) نَدْبًا (بِهِمْ مِنْ غَدٍ) بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ إنْ لَمْ يَكُنْ يَوْمَ جُمُعَةٍ (إلَى مِنًى) بِحَيْثُ يُصَلُّونَ الظُّهْرَ وَبَاقِي الْخَمْسِ بِهَا، فَإِنْ كَانَ يَوْمَ جُمُعَةٍ نُدِبَ أَنْ يَخْرُجَ بِهِمْ قَبْلَ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّ السَّفَرَ يَوْمَهَا بِلَا عُذْرٍ كَتَخَلُّفٍ عَنْ رُفْقَتِهِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَبْلَ فِعْلِهَا إلَى حَيْثُ لَا يُصَلِّي الْجُمُعَةَ حَرَامٌ فَمَحَلُّهُ فِيمَنْ تَلْزَمُهُ وَلَمْ تُمْكِنْهُ إقَامَتُهَا بِمِنًى وَإِلَّا بِأَنْ أَحْدَثَ ثَمَّ قَرْيَةٍ وَاسْتَوْطَنَهَا أَرْبَعُونَ كَامِلُونَ جَازَ خُرُوجُهُ بَعْدَ الْفَجْرِ لِيُصَلِّيَ مَعَهُمْ وَإِنْ حَرُمَ الْبِنَاءُ ثَمَّ (وَيَبِيتُوا) نَدْبًا (بِهَا) فَلَيْسَ بِرُكْنٍ وَلَا وَاجِبٍ. وَمِنْ الْبِدَعِ الْقَبِيحَةِ مَا اعْتَادَهُ بَعْضُ النَّاسِ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ مِنْ إيقَادِ الشُّمُوعِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى مُنْكَرَاتٍ. قَالَ الزَّعْفَرَانِيُّ: يُسَنُّ الْمَشْيُ مِنْ مَكَّةَ إلَى الْمَنَاسِكِ كُلِّهَا إلَى انْقِضَاءِ الْحَجِّ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، وَأَنْ يَقْصِدَ مَسْجِدَ الْخَيْفِ فَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ وَيُكْثِرُ التَّلْبِيَةَ قَبْلَهُمَا وَبَعْدَهُمَا وَيُصَلِّي مَكْتُوبَاتِ يَوْمِهِ وَصُبْحِ غَدِهِ فِي مَسْجِدِهَا (فَإِذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ) عَلَى ثَبِيرٍ بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ جَبَلٌ كَبِيرٌ بِمُزْدَلِفَةَ عَلَى يَمِينِ الذَّاهِبِ مِنْ مِنًى إلَى عَرَفَاتٍ (قَصَدُوا عَرَفَاتٍ) مُكْثِرِينَ مِنْ التَّلْبِيَةِ وَالدُّعَاءِ مَارِّينَ عَلَى طَرِيقِ ضَبٍّ وَهُوَ الْجَبَلُ الْمُطِلُّ عَلَى مِنًى، وَيَعُودُوا عَلَى طَرِيقِ الْمَأْزِمَيْنِ وَهُوَ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ لِلِاتِّبَاعِ وَيُسَنُّ لِلسَّائِرِ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ إلَيْك تَوَجَّهْت وَإِلَى وَجْهِك الْكَرِيمِ أَرَدْت فَاجْعَلْ ذَنْبِي مَغْفُورًا وَحَجِّي مَبْرُورًا وَارْحَمْنِي وَلَا تُخَيِّبنِي إنَّك عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَأَنْ يَعُودَ فِي طَرِيقٍ غَيْرِ الَّذِي ذَهَبَ فِيهِ. قُلْت كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَلَا يَدْخُلُونَهَا بَلْ يُقِيمُونَ بِنَمِرَةَ) ـــــــــــــــــــــــــــــSالصَّرْفِ وَعَدَمِهِ وَالتَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ عَلَى مَا يُسْتَفَادُ مِنْ إطْلَاقِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ هَلْ مِنْ سَائِلٍ) أَيْ حَالَ الْخُطْبَةِ (قَوْلُهُ كَمَا يَفْعَلُ إمَامُ مَكَّةَ) أَيْ بِأَنْ يَخْطُبَ فِي سَابِعِ ذِي الْحِجَّةِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ وَيَأْمُرَ فِيهَا أَيْضًا الْمُتَمَتِّعِينَ قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَهَذَا الطَّوَافُ مَسْنُونٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَرُمَ الْبِنَاءُ) ثُمَّ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا صِحَّةُ الْجُمُعَةِ فِي السنانية الْكَائِنَةِ بِبُولَاقَ وَإِنْ كَانَتْ فِي حَرِيمِ النَّهْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ الْحَرَمِ وَصِحَّةِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ: أَيْ وَلَمْ يَخَفْ تَأَذِّيًا وَلَا نَجَاسَةً (قَوْلُهُ: فِي مَسْجِدِهَا) أَيْ مَسْجِدِ مِنًى وَهُوَ مَسْجِدُ الْخِيفِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِطَرِيقِ مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ الْمُسَاوِي فَمَا لَمْ يَذْكُرْهُ مَقِيسٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ، وَلِهَذَا جَعَلَهُ مِنْ قَضِيَّةِ كَلَامِهِ لَا مِنْ صَرِيحِهِ. (قَوْلُهُ: نُدِبَ أَنْ يَخْرُجَ بِهِمْ قَبْلَ الْفَجْرِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ هَذَا الْمَنْدُوبَ وَتَخَلَّفَ إلَى مَا بَعْدَ الْفَجْرِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْمُكْثُ إلَى صَلَاةِ الْجُمُعَةِ إنْ لَمْ تَتَأَتَّ لَهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ، فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ نَدْبِ الْخُرُوجِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَبَيْنَ حُرْمَةِ السَّفَرِ بَعْدَهُ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: كَتَخَلُّفٍ) أَيْ أَوْ كَخَوْفِ تَخَلُّفٍ فَهُوَ مِثَالٌ لِلْعُذْرِ (قَوْلُهُ: فِي مَسْجِدِهَا) أَيْ مِنًى وَهُوَ مَسْجِدُ الْخَيْفِ وَكَانَ الْأَوْلَى خِلَافَ هَذَا التَّعْبِيرِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَعُودَ فِي طَرِيقٍ غَيْرِ الَّذِي ذَهَبَ فِيهِ) لَيْسَ هَذَا مُكَرَّرًا مَعَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَذْهَبُ مِنْ طَرِيقِ ضَبٍّ وَيَرْجِعُ مِنْ طَرِيقِ الْمَأْزِمَيْنِ لِأَنَّ هَذَا أَعَمُّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ السُّنَّةَ ذَهَابُهُ مِنْ طَرِيقٍ وَرُجُوعُهُ مِنْ أُخْرَى، وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ الذَّهَابُ مِنْ طَرِيقِ ضَبٍّ وَالرُّجُوعُ مِنْ

وَهِيَ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَيَجُوزُ إسْكَانُهَا مَعَ فَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا مَوْضِعٌ (بِقُرْبِ عَرَفَاتٍ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَيُسَنُّ أَنْ يَغْتَسِلَ بِنَمِرَةَ لِلْوُقُوفِ فَإِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ ذَهَبُوا إلَى مَسْجِدِ إبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَصَدْرُهُ مِنْ عُرَنَةَ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَآخِرُهُ مِنْ عَرَفَةَ وَيُمَيِّزُ بَيْنَهُمَا صَخَرَاتٌ كِبَارٌ فُرِشَتْ هُنَاكَ. قَالَ الْبَغَوِيّ وَصَدْرُهُ مَحَلُّ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ (ثُمَّ يَخْطُبُ الْإِمَامُ) أَوْ مَنْصُوبُهُ (بَعْدَ الزَّوَالِ) بِهِمْ عَلَى مِنْبَرٍ أَوْ مُرْتَفَعٍ فِيهِ لَا فِي عَرَفَاتٍ قَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ (خُطْبَتَيْنِ) خَفِيفَتَيْنِ وَتَكُونُ الثَّانِيَةُ أَخَفَّ مِنْ الْأُولَى يُبَيِّنُ لَهُمْ فِي الْأُولَى الْمَنَاسِكَ كَكَيْفِيَّةِ الْوُقُوفِ وَشَرْطِهِ وَالدَّفْعِ إلَى مُزْدَلِفَةَ وَالْمَبِيتِ بِهَا وَالدَّفْعِ إلَى مِنًى وَالرَّمْيِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ وَيَحُثُّهُمْ عَلَى إكْثَارِ الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ وَالتَّلْبِيَةِ بِالْمَوْقِفِ وَيَجْلِسُ بَعْدَ فَرَاغِهَا بِقَدْرِ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ، وَحِينَ يَقُومُ إلَى الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ يُؤَذِّنُ لِلظُّهْرِ فَيَفْرُغُ مِنْ الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ مَعَ فَرَاغِ الْمُؤَذِّنِ مِنْ الْأَذَانِ لِلِاتِّبَاعِ: رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَلَمَّا كَانَ الْقَصْدُ بِالثَّانِيَةِ إنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ، وَالتَّعْلِيمُ إنَّمَا هُوَ فِي الْأُولَى شُرِعَتْ مَعَ الْأَذَانِ وَإِنْ مَنَعَ سَمَاعَهَا قَصْدًا لِلْمُبَادَرَةِ بِالصَّلَاةِ (ثُمَّ) بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْخُطْبَتَيْنِ (يُصَلِّي بِالنَّاسِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمْعًا) تَقْدِيمًا لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَيُقَصِّرُهُمَا أَيْضًا، وَالْجَمْعُ وَالْقَصْرُ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي بِالْمُزْدَلِفَةِ لِلسَّفَرِ لَا لِلنُّسُكِ فَيَخْتَصَّانِ بِسَفَرِ الْقَصْرِ، فَالْمَكِّيُّونَ وَمَنْ سَفَرُهُ قَصِيرٌ يَقُولُ لَهُمْ الْإِمَامُ بَعْدَ سَلَامِهِ أَتِمُّوا وَلَا تَجْمَعُوا مَعَنَا فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ أَنَّ الْحُجَّاجَ إذَا دَخَلُوا مَكَّةَ وَنَوَوْا أَنْ يُقِيمُوا بِهَا أَرْبَعًا لَزِمَهُمْ الْإِتْمَامُ، فَإِذَا خَرَجُوا يَوْمَ التَّرْوِيَةِ إلَى مِنًى وَنَوَوْا الذَّهَابَ إلَى أَوْطَانِهِمْ عِنْدَ فَرَاغِ نُسُكِهِمْ كَانَ لَهُمْ الْقَصْرُ مِنْ حِينِ خَرَجُوا؛ لِأَنَّهُمْ أَنْشَئُوا سَفَرًا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ اهـ. وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِيمَا كَانَ مَعْهُودًا فِي الزَّمَنِ الْقَدِيمِ مِنْ سَفَرِهِمْ بَعْدَ نَفْرِهِمْ مِنْ مِنًى بِيَوْمٍ وَنَحْوِهِ وَأَمَّا الْآنَ فَاطَّرَدَتْ عَادَةُ أَكْثَرِهِمْ بِإِقَامَةِ أَمِيرِهِمْ بَعْدَ النَّفْرِ فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ كَوَامِلَ، فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِمَّنْ عَزَمَ عَلَى السَّفَرِ مَعَهُمْ قَصْرٌ وَلَا جَمْعٌ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُنْشِئُوا حِينَئِذٍ سَفَرًا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ، ثُمَّ بَعْدَ فَرَاغِهِمْ مِنْ الصَّلَاةِ يَذْهَبُونَ إلَى الْمَوْقِفِ وَيُعَجِّلُونَ السَّيْرَ إلَيْهِ، وَأَفْضَلُهُ لِلذِّكْرِ مَوْقِفُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عِنْدَ الصَّخَرَاتِ الْكِبَارِ الْمُفْتَرِشَةِ فِي أَسْفَلِ جَبَلِ الرَّحْمَةِ وَهُوَ الْجَبَلُ الَّذِي بِوَسَطِ أَرْضِ عَرَفَةَ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهَا لِزَحْمَةٍ قَرُبَ مِنْهَا بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ، وَبَيْنَ مَسْجِدِ إبْرَاهِيمَ وَمَوْقِفِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَحْوُ مِيلٍ. أَمَّا الْأُنْثَى فَيُنْدَبُ لَهَا الْجُلُوسُ، فِي حَاشِيَةِ الْمَوْقِفِ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا نَحْوُ هَوْدَجٍ فَالْأَوْلَى لَهَا الرُّكُوبُ فِيمَا يَظْهَرُ. (وَ) يُسَنُّ (أَنْ يَقِفُوا) أَيْ الْإِمَامُ أَوْ مَنْصُوبُهُ وَالنَّاسُ (بِعَرَفَةَ إلَى الْغُرُوبِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَالْأَفْضَلُ بَقَاؤُهُمْ بَعْدَهُ حَتَّى تَزُولَ الصُّفْرَةُ قَلِيلًا، وَظَاهِرٌ أَنَّ أَصْلَ الْوُقُوفِ وَاجِبٌ مَعَ أَنَّهُ بِالنَّصْبِ فِي كَلَامِهِ لِعَطْفِهِ لَهُ عَلَى يَخْطُبُ الْمُقْتَضِي لِاسْتِحْبَابِهِ، وَهُوَ صَحِيحٌ مِنْ حَيْثُ طَلَبُ اسْتِمْرَارَهُ إلَى الْغُرُوبِ إذْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ حِينَئِذٍ (وَأَنْ يَذْكُرُوا اللَّهَ تَعَالَى وَيَدْعُوهُ) بِإِكْثَارٍ (وَيُكْثِرُوا التَّهْلِيلَ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَصَحَّ «أَفْضَلُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَأَفْضَلُ مَا قُلْت أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَأَفْضَلُهُ لِلذِّكْرِ مَوْقِفُهُ) أَيْ الْمَحَلُّ الْمَعْرُوفُ بِأَنَّهُ مَوْقِفُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا خُصُوصُ الْمَكَانِ الَّذِي وَقَفَ فِيهِ بِعَيْنِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQطَرِيقِ الْمَأْزِمَيْنِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِيمَا كَانَ مَعْهُودًا إلَخْ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُمْ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ يَقْصُرُونَ وَيَجْمَعُونَ فِي مَكَّةَ إذَا دَخَلُوهَا وَبَعْدَ خُرُوجِهِمْ مِنْهَا إلَى عَرَفَاتٍ حَتَّى يَرْجِعُوا إلَيْهَا بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى، لِأَنَّ بِدُخُولِهِمْ إلَى مَكَّةَ قَبْلَ الْوُقُوفِ لَا يَنْقَطِعُ سَفَرُهُمْ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَنْوُوا الْإِقَامَةَ بِهَا فِي هَذَا الدُّخُولِ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ صِحَاحٍ، لِأَنَّ دُخُولَهُمْ إلَيْهَا الْآنَ فِي الْغَالِبِ إمَّا فِي الْخَامِسِ أَوْ الرَّابِعِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ ثُمَّ يَخْرُجُوا إلَى عَرَفَاتٍ فِي الثَّامِنِ (قَوْلُهُ: وَأَفْضَلُ مَا قُلْت إلَخْ)

كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا وَفِي سَمْعِي نُورًا وَفِي بَصَرِي نُورًا، اللَّهُمَّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي، اللَّهُمَّ لَك الْحَمْدُ كَاَلَّذِي نَقُولُ وَخَيْرًا مِمَّا نَقُولُ» إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَدْعِيَةِ الْمَعْرُوفَةِ، وَيُكَرِّرُ كُلَّ دُعَاءٍ ثَلَاثًا وَيَفْتَتِحُهُ بِالتَّحْمِيدِ وَالتَّمْجِيدِ وَالتَّسْبِيحِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَخْتِمُهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ مَعَ التَّأْمِينِ، وَيُكْثِرُ مِنْ الْبُكَاءِ فَهُنَاكَ تُسْكَبُ الْعَبَرَاتُ وَتُقَالُ الْعَثَرَاتُ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْأَصْحَابِ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يُكْثِرَ مِنْ قِرَاءَةِ سُورَةِ الْحَشْرِ، وَلْيَحْرِصْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَاَلَّذِي بَعْدَهُ عَلَى الْحَلَالِ الْمُتَقَرَّبِ إنْ تَيَسَّرَ، وَإِلَّا فَمَا قَلَّتْ شُبْهَتُهُ فَإِنَّ الْمُتَكَفِّلَ بِاسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ هُوَ خُلُوصُ النِّيَّةِ وَحِلُّ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ مَعَ مَزِيدِ الْخُضُوعِ وَالِانْكِسَارِ، وَيُسَنُّ رَفْعُ يَدَيْهِ وَلَا يُجَاوِزُ بِهِمَا رَأْسَهُ، وَالْإِفْرَاطُ فِي الْجَهْرِ بِالدُّعَاءِ وَغَيْرِهِ مَكْرُوهٌ، وَأَنْ يَبْرُزَ لِلشَّمْسِ إلَّا لِعُذْرٍ كَنَقْصِ دُعَاءٍ أَوْ اجْتِهَادٍ إذْ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَظَلَّ هُنَا مَعَ أَنَّهُ صَحَّ أَنَّهُ ظُلِّلَ عَلَيْهِ بِثَوْبٍ وَهُوَ يَرْمِي الْجَمْرَةَ، وَأَنْ يُفْرِغَ قَلْبَهُ مِنْ الشَّوَاغِلِ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَأَنْ يَتَجَنَّبَ الْوُقُوفَ فِي الطَّرِيقِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ الْوَاقِفُ بِعَرَفَةَ مُتَطَهِّرًا مِنْ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ مَسْتُورَ الْعَوْرَةِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ رَاكِبًا، وَلْيَحْذَرْ مِنْ الْمُخَاصَمَةِ وَالْمُشَاتَمَةِ وَالْكَلَامِ الْمُبَاحِ مَا أَمْكَنَهُ وَانْتِهَارِ السَّائِلِ وَاحْتِقَارِ أَحَدٍ. وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ كَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَغَيْرِهِ وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ بِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي التَّعْرِيفِ بِغَيْرِ عَرَفَةَ، وَكَرِهَهُ آخَرُونَ كَمَالِكٍ لَكِنَّهُمْ لَمْ يُلْحِقُوهُ بِفَاحِشَاتِ الْبِدَعِ بَلْ يُخَفِّفُ أَمْرَهُ إذَا خَلَا عَنْ اخْتِلَاطِ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ أَفْحَشِهَا (فَإِذَا غَرُبَتْ الشَّمْسُ) يَوْمَ عَرَفَةَ (قَصَدُوا مُزْدَلِفَةَ) مَارِّينَ عَلَى طَرِيقِ الْمَأْزِمَيْنِ وَعَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ، وَمَنْ وَجَدَ فُرْجَةً أَسْرَعَ وَهِيَ كُلُّهَا مِنْ الْحَرَمِ، وَحَدُّهَا مَا بَيْنَ مَأْزِمَيْ عَرَفَةَ وَوَادِي مُحَسِّرٍ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الِازْدِلَافِ وَهُوَ التَّقَرُّبُ؛ لِأَنَّ الْحُجَّاجَ يَتَقَرَّبُونَ مِنْهَا إلَى مِنًى، وَالِازْدِلَافُ: التَّقْرِيبُ، وَتُسَمَّى أَيْضًا جَمْعًا بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْمِيمِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ بِهَا (وَأَخَّرُوا الْمَغْرِبَ لِيُصَلُّوهَا مَعَ الْعِشَاءِ بِمُزْدَلِفَةَ جَمْعًا) لِلِاتِّبَاعِ وَهُوَ لِلسَّفَرِ كَمَا مَرَّ، وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ نَدْبَ التَّأْخِيرِ إلَيْهَا، وَقَيَّدَهُ جَمْعٌ تَبَعًا لِلنَّصِّ بِمَا إذَا لَمْ يَخْشَ فَوْتَ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ لِلْعِشَاءِ فَإِنْ خَشِيَهُ صَلَّى بِهِمْ فِي الطَّرِيقِ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَعَلَّ إطْلَاقَ الْأَكْثَرِينَ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا، وَفِيهِ أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يُصَلُّوا قَبْلَ حَطِّ رِحَالِهِمْ بِأَنْ يُنِيخَ كُلٌّ جَمَلَهُ وَيَعْقِلَهُ ثُمَّ يُصَلُّونَ لِلِاتِّبَاعِ. رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَيُصَلِّي كُلٌّ رَوَاتِبَ الصَّلَاتَيْنِ كَمَا مَرَّ قُبَيْلَ بَابِ الْجُمُعَةِ وَلَا يَتَنَفَّلُ نَفْلًا مُطْلَقًا، وَيَتَأَكَّدُ إحْيَاءُ هَذِهِ اللَّيْلَةِ لَهُمْ كَغَيْرِهِمْ بِالذِّكْرِ وَالشُّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالْحِرْصِ عَلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ بِمُزْدَلِفَةَ لِلِاتِّبَاعِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَسَافَةَ مِنْ مَكَّةَ إلَى مِنًى وَمِنْ مُزْدَلِفَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا) أَيْ اهْتِدَاءً لِلْحَقِّ (قَوْلُهُ: وَفِي بَصَرِي نُورًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ أَعْمَى (قَوْلُهُ وَالتَّمْجِيدُ) أَيْ التَّعْظِيمُ (قَوْلُهُ: تُسْكَبُ الْعَبَرَاتُ) أَيْ الدُّمُوعُ (قَوْلُهُ: إلَّا لِعُذْرٍ كَنَقْصِ دُعَاءٍ) أَيْ لِمَا تُؤَثِّرُ فِيهِ الشَّمْسُ مِنْ الْبُرُوزِ لَهَا (قَوْلُهُ: مُسْتَقْبِلٌ الْقِبْلَةَ رَاكِبًا) أَيْ حَيْثُ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى تَيَسَّرَ لَهَا الرُّكُوبُ فِي الْهَوْدَجِ لِمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَمَّا الْأُنْثَى فَيُنْدَبُ لَهَا الْجُلُوسُ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَى أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي التَّعْرِيفِ) مُعْتَمَدٌ وَهُوَ جَمْعُ النَّاسِ يَوْمَ عَرَفَةَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ لِلدُّعَاءِ وَذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ كَمَا يَفْعَلُ أَهْلُ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَنَفَّلُ نَفْلًا مُطْلَقًا) أَيْ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ كَمَا فِي رِوَايَاتٍ (قَوْلُهُ وَقَالَ أَحْمَدُ لَا بَأْسَ بِهِ) يَنْبَغِي تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ إلَى أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي التَّعْرِيفِ بِغَيْرِ عَرَفَةَ، وَإِلَّا فَهُوَ يُوهِمُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي بِهِ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ يَرْجِعُ إلَى نَفْيِ الْكَرَاهَةِ، وَلَيْسَ بِمُرَادٍ لِأَنَّ كَلَامَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي أَصْلِ التَّعْرِيفِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: وَالِازْدِلَافُ التَّقْرِيبُ) كَذَا فِي النُّسَخِ بِيَاءٍ تَحْتِيَّةٍ قَبْلَ الْبَاءِ، وَلَعَلّ هَا زَائِدَةٌ مِنْ الْكَتَبَةِ وَإِلَّا فَالْقِيَاسُ حَذْفُهَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ آنِفًا، عَلَى أَنَّ هَذَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ ذَاكَ، ثُمَّ رَأَيْتهَا مَحْذُوفَةً فِي نُسْخَةٍ (قَوْلُهُ: كَغَيْرِهِمْ) أَيْ وَإِنْ زَادَ غَيْرُهُمْ بِصَلَاةِ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ الْمَنْفِيِّ عَنْهُمْ فِيمَا مَرَّ

إلَى كُلٍّ مِنْ عَرَفَةَ وَمِنًى فَرْسَخٌ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ (وَوَاجِبُ الْوُقُوفِ) بِعَرَفَةَ (حُضُورُهُ) أَيْ الْمُحْرِمُ أَدْنَى لَحْظَةٍ بَعْدَ زَوَالِ يَوْمِ عَرَفَةَ (بِجُزْءٍ مِنْ أَرْضِ عَرَفَاتٍ) لِخَبَرِ «وَقَفْت هَهُنَا وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَحُدُودُ عَرَفَةَ مَعْرُوفَةٌ وَلَيْسَ مِنْهَا نَمِرَةُ وَلَا عُرَنَةَ، وَدَلِيلُ الْوُقُوفِ «الْحَجُّ عَرَفَةَ مَنْ جَاءَ لَيْلَةَ جَمْعٍ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَلَا يُشْتَرَطُ الْمُكْثُ بِهَا كَمَا قَالَ (وَإِنْ كَانَ مَارًّا فِي طَلَبِ آبِقٍ وَنَحْوِهِ) كَغَرِيمٍ وَدَابَّةٍ شَارِدَةٍ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ صَرْفُهُ لِجِهَةٍ أُخْرَى وَلَا جَهْلُهُ بِالْبُقْعَةِ أَوْ الْيَوْمِ. (وَ) لَكِنْ (يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ) مُحْرِمًا (أَهْلًا لِلْعِبَادَةِ) إذَا أَحْرَمَ بِنَفْسِهِ (لَا مُغْمًى عَلَيْهِ) جَمِيعُ وَقْتِ الْوُقُوفِ كَمَا فِي الصَّوْمِ، لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمْ لِلْعِبَادَةِ فَيَقَعُ حَجُّ الْمَجْنُونِ نَفْلًا كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ التَّتِمَّةِ وَأَقَرَّاهُ، وَمِثْلُهُ سَكْرَانُ غُلِبَ عَلَى عَقْلِهِ فَزَالَ لِدُخُولِهِ فِي الْجُنُونِ وَإِنْ تَعَدَّى بِسُكْرِهِ، بِخِلَافِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَلَا يَقَعُ حَجُّهُ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَجْنُونِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُغْمَى عَلَيْهِ وَلِيٌّ يُحْرِمُ عَنْهُ وَلَا كَذَلِكَ الْمَجْنُونُ (وَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: حُضُورُهُ بِجُزْءٍ مِنْ أَرْضِ عَرَفَاتٍ) [فَرْعٌ] شَجَرَةٌ أَصْلُهَا بِعَرَفَةَ خَرَجَتْ أَغْصَانُهَا لِغَيْرِهَا هَلْ يَصِحُّ الْوُقُوفُ عَلَى الْأَغْصَانِ كَمَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ عَلَى أَغْصَانِ شَجَرَةٍ خَرَجَتْ مِنْ الْمَسْجِدِ الَّذِي أَصْلُهَا فِيهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيُتَّجَهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَلَوْ انْعَكَسَ الْحَالُ فَكَانَ أَصْلُ الشَّجَرَةِ خَارِجَةً وَأَغْصَانُهَا دَاخِلَةً فَفِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا وَيُتَّجَهُ الصِّحَّةُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ مَا لَوْ طَارَ فِي هَوَاءِ عَرَفَةَ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ نَقَلَ مِثْلَهُ عَنْ مَرَّ، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَنْ طَارَ فِي الْهَوَاءِ حَيْثُ لَمْ يَصِحَّ وُقُوفُهُ وَبَيْنَ مَنْ وَقَفَ عَلَى الْأَغْصَانِ الدَّاخِلَةِ فِي الْحَرَمِ فَيَصِحُّ بِأَنَّهُ مُسْتَقِرٌّ فِي نَفْسِهِ عَلَى جِرْمٍ فِي هَوَاءِ عَرَفَةَ فَأَشْبَهَ الْوَاقِفَ فِي أَرْضِهِ هَذَا، وَلَكِنْ نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ الشَّوْبَرِيِّ فِي حَوَاشِي التَّحْرِيرِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ. أَقُولُ: وَلَوْ قِيلَ بِالصِّحَّةِ فِي الصُّورَتَيْنِ تَنْزِيلًا لِهَوَائِهِ مَنْزِلَةَ أَرْضِهِ لَمْ يَبْعُدْ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمْ) أَيْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَجَمَعَهُ بِاعْتِبَارِ أَفْرَادِهِ وَلَوْ قَالَ أَهْلِيَّتِهِ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ طَرَأَ الْإِغْمَاءُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَقَعَ حَجُّهُ صَحِيحًا وَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ جَمِيعُ مُدَّةِ الْوُقُوفِ. قَالَ حَجّ: وَيَبْطُلُ الْفَرْقُ عَلَى مَا يَأْتِي أَوَائِلَ الْحَجْرِ أَنَّهُ يُوَلَّى عَلَيْهِ إذَا أَيِسَ مِنْ إفَاقَتِهِ فَالْحَقُّ أَنَّهُ وَالْمَجْنُونُ سَوَاءٌ كَمَا تَقَدَّمَ اهـ. وَبِهِ يَتَأَيَّدُ مَا ذَكَرْنَا فِيمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مِنْ أَرْضِ عَرَفَاتٍ) ظَاهِرُ التَّقْيِيدِ بِالْأَرْضِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الْهَوَاءُ كَأَنْ مَرَّ بِهَا طَائِرًا وَكَأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِاعْتِكَافِ أَنَّ الْمَسْجِدَ يَثْبُتُ حُكْمُهُ إلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، بِخِلَافِ عَرَفَةَ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ نَفْسُ الْبُقْعَةِ، وَلَمْ أَرَ لَهُمْ تَصْرِيحًا بِأَنَّ لِهَوَائِهَا حُكْمَهَا فَلْيُرَاجَعْ ثُمَّ رَأَيْت سم نَقَلَ عَنْ الشَّارِحِ عَدَمَ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمْ) عِبَارَةُ الْإِمْدَادِ الَّتِي هِيَ أَصْلُ هَذِهِ عَقِبَ قَوْلِ الْإِرْشَادِ وَلَوْ بِنَوْمٍ لَا إغْمَاءٍ نَصُّهَا: أَوْ جُنُونٍ أَوْ سُكْرٍ كَمَا فِي الصَّوْمِ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا إلَخْ فَمَرْجِعُ الضَّمِيرِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمَجْنُونُ وَالسَّكْرَانُ، فَلَعَلَّ الْأَخِيرَ سَقَطَ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ مِنْ الْكَتَبَةِ، ثُمَّ قَالَ فِي الْإِمْدَادِ عَقِبَ مَا مَرَّ: فَيَقَعُ حَجٌّ مِنْ الْمَجْنُونِ نَفْلًا كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ التَّتِمَّةِ وَأَقَرَّاهُ، فَيَبْنِي الْوَلِيُّ بَقِيَّةَ الْأَعْمَالِ عَلَى إحْرَامِهِ السَّابِقِ، وَقِيلَ لَا يَقَعُ وَأَطَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الِانْتِصَارِ لَهُ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ، فَصُورُ وُقُوعِهِ لِلْمَجْنُونِ نَفْلًا إذَا بَنَى لَهُ الْوَلِيُّ عَلَى إحْرَامِهِ السَّابِقِ، فَأَفْهَمَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي حُضُورُ الْمَجْنُونِ بِنَفْسِهِ، وَكَأَنَّهُ إنَّمَا صَوَّرَهُ بِذَلِكَ لِقَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ رَدًّا عَلَى كَلَامِ التَّتِمَّةِ، وَاَلَّذِي تُفْهِمُهُ نُصُوصُ الشَّافِعِيِّ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ أَنَّ كُلَّ مَنْ خَرَجَ عَنْ الْأَهْلِيَّةِ بِجُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ فَاتَهُ الْحَجُّ كَمَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ رَأْسًا، وَحُضُورُهُ عَرَفَةَ كَعَدَمِهِ، ثُمَّ سَاقَ نَصَّ الشَّافِعِيِّ فِي الْإِمْلَاءِ الصَّرِيحِ فِيمَا قَالَهُ، لَكِنْ فِي النَّصِّ الْمَذْكُورِ التَّصْرِيحُ بِمَا يَرُدُّ هَذَا التَّصْوِيرَ الَّذِي صَوَّرَ بِهِ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ أَيْضًا كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَتِهِ، وَكَأَنَّهُ أَخَذَ هَذَا التَّصْوِيرَ مِنْ تَشْبِيهِ صَاحِبِ التَّتِمَّةِ لِلْمَجْنُونِ الْمَذْكُورِ بِالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ، وَلْيُنْظَرْ مَا وَجْهُ التَّفْرِيعِ

بَأْسَ بِالنَّوْمِ) وَلَوْ مُسْتَغْرِقًا كَمَا فِي الصَّوْمِ. (وَوَقْتُ الْوُقُوفِ مِنْ) حِينِ (الزَّوَالِ) لِلشَّمْسِ (يَوْمَ عَرَفَةَ) وَهُوَ تَاسِعُ الْحِجَّةِ لِمَا صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَفَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَأَنَّهُ قَالَ مَنْ أَدْرَكَ عَرَفَةَ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ» وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ هُنَا مُضِيُّ قَدْرِ الْخُطْبَتَيْنِ وَالصَّلَاةِ بَعْدَ الزَّوَالِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى اعْتِبَارِ الزَّوَالِ بَلْ جَوَّزَهُ أَحْمَدُ قَبْلَهُ فَالْوَجْهُ الْقَائِلُ بِاشْتِرَاطِ ذَلِكَ كَمَا فِي الْأُضْحِيَّةِ شَاذٌّ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ التَّسْهِيلُ عَلَى الْحَاجِّ لِكَثْرَةِ أَعْمَالِهِ فَوَسَّعَ لَهُ الْوَقْتَ وَلَمْ يُضَيِّقْ عَلَيْهِ بِاشْتِرَاطِ تَوَقُّفِهِ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ بَعْدَ الزَّوَالِ بِخِلَافِ الْمُضَحِّي (وَالصَّحِيحُ بَقَاؤُهُ إلَى الْفَجْرِ يَوْمَ النَّحْرِ) لِلْخَبَرِ الْمَارِّ، وَالثَّانِي لَا يَبْقَى إلَى ذَلِكَ بَلْ يَخْرُجُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ (وَلَوْ) (وَقَفَ نَهَارًا) بَعْدَ الزَّوَالِ (ثُمَّ فَارَقَ عَرَفَةَ قَبْلَ الْغُرُوبِ) وَلَمْ يَعُدْ إلَيْهَا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ وَ (أَرَاقَ دَمًا اسْتِحْبَابًا) كَدَمِ التَّمَتُّعِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ وُجُوبِ الْجَمْعِ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ (وَفِي قَوْلٍ يَجِبُ) لِتَرْكِهِ نُسُكًا وَهُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَالْأَصْلُ فِي تَرْكِ النُّسُكِ وُجُوبُ الدَّمِ إلَّا مَا خَرَجَ بِدَلِيلِ (وَإِنْ عَادَ) إلَيْهَا (فَكَانَ بِهَا عِنْدَ الْغُرُوبِ بِلَا دَمٍ) يُؤْمَرُ بِهِ جَزْمًا لِجَمْعِهِ بَيْنَهُمَا (وَكَذَا إنْ عَادَ) إلَيْهَا (لَيْلًا) فَلَا دَمَ عَلَيْهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا مَرَّ. وَالثَّانِي يَجِبُ الدَّمُ؛ لِأَنَّ النُّسُكَ الْوَارِدَ الْجَمْعُ بَيْنَ آخِرِ النَّهَارِ وَأَوَّلِ اللَّيْلِ وَقَدْ فَوَّتَهُ (وَلَوْ) (وَقَفُوا الْيَوْمَ الْعَاشِرَ غَلَطًا) أَيْ لِأَجْلِ الْغَلَطِ لِظَنِّهِمْ أَنَّهُ التَّاسِعُ كَأَنْ غُمَّ عَلَيْهِمْ هِلَالُ الْحِجَّةِ فَأَكْمَلُوا الْحِجَّةَ ثَلَاثِينَ ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ، وَإِنْ كَانَ وُقُوفُهُمْ بَعْدَ تَبَيُّنِ أَنَّهُ الْعَاشِرُ كَمَا إذَا ثَبَتَ لَيْلًا وَلَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ الْوُقُوفِ فِيهِ فَيَصِحُّ لِلْإِجْمَاعِ؛ وَلِأَنَّهُمْ لَوْ كُلِّفُوا بِالْقَضَاءِ لَمْ يَأْمَنُوا وُقُوعَ مِثْلِهِ فِيهِ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ مَشَقَّةً عَامَّةً، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ غَلَطًا مَفْعُولٌ لَهُ لَا حَالٌ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ بِأَنْ غُمَّ عَلَيْهِمْ هِلَالُ ذِي الْقِعْدَةِ: أَيْ الْهِلَالُ الْفَاصِلُ بَيْنَ ذِي الْقِعْدَةِ وَالْحِجَّةِ، وَلَيْسَ مِنْ الْغَلَطِ الْمُرَادِ لَهُمْ مَا إذَا وَقَعَ ذَلِكَ بِسَبَبِ الْحِسَابِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ (أَجْزَأَهُمْ) وُقُوفُهُمْ وَإِذَا وَقَفُوا الْعَاشِرَ غَلَطًا لَمْ يَصِحَّ وُقُوفُهُمْ فِيهِ قَبْلَ الزَّوَالِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ بَلْ بَعْدَهُ، وَلَا يَصِحُّ رَمْيُ يَوْمِ نَحْرِهِ إلَّا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ وَتَقَدَّمَ الْوُقُوفُ وَلَا ذَبْحَ إلَّا بَعْدَ طُلُوعِ شَمْسِ الْحَادِي عَشَرَ وَمُضِيِّ قَدْرِ رَكْعَتَيْنِ وَخُطْبَتَيْنِ خَفِيفَاتٍ، وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ تَمْتَدُّ عَلَى حِسَابِ وُقُوفِهِمْ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَقَدْ قَالَ الْمُتَوَلِّي: إنَّ وُقُوفَهُمْ فِي الْعَاشِرِ يَقَعُ أَدَاءً لَا قَضَاءً؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُهُ الْقَضَاءُ أَصْلًا، وَقَدْ قَالُوا: لَيْسَ يَوْمُ الْفِطْرِ أَوَّلُ شَوَّالٍ مُطْلَقًا بَلْ يَوْمَ يُفْطِرُ النَّاسُ، وَكَذَا يَوْمُ النَّحْرِ يَوْمَ يُضَحِّي النَّاسُ، يَوْمُ عَرَفَةَ الْيَوْمُ الَّذِي يَظْهَرُ لَهُمْ أَنَّهُ يَوْمُ عَرَفَةَ سَوَاءٌ التَّاسِعُ وَالْعَاشِرُ لِخَبَرِ «الْفِطْرُ يَوْمَ يُفْطِرُ النَّاسُ وَالْأَضْحَى يَوْمَ يُضَحِّي النَّاسُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَفِي رِوَايَةٍ لِلشَّافِعِيِّ «وَعَرَفَةُ يَوْمُ يَعْرِفُ النَّاسُ» . وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُمْ لَوْ وَقَفُوا لَيْلَةَ الْحَادِيَ عَشَرَ لَا يُجْزِئُ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ، لَكِنْ بَحَثَ السُّبْكِيُّ الْإِجْزَاءَ كَالْعَاشِرِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَتِمَّتِهِ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَفُرُوعِهِ وَإِفْتَاءِ الْوَالِدِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَمَنْ رَأَى الْهِلَالَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ وَشَهِدَ بِهِ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ يَقِفُ ـــــــــــــــــــــــــــــSتَقَدَّمَ فِي إحْرَامِ الْوَلِيِّ عَنْ مَحْجُورِهِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِجَمْعِهِ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: بِسَبَبِ الْحِسَابِ) أَيْ فَلَا يَجْزِيهِمْ حَجُّهُمْ لِتَقْصِيرِهِمْ بَعْدَ تَحْرِيرِ الْحِسَابِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ بَحَثَ السُّبْكِيُّ الْإِجْزَاءَ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي قَوْلِ الشَّارِحِ كَالشِّهَابِ الْمَذْكُورِ فَيَقَعُ حَجُّ الْمَجْنُونِ نَفْلًا (قَوْلُهُ: لَا حَالٌ) أَيْ لِأَنَّ الْحَالَ مُقَيَّدَةٌ فَيُفِيدُ أَنَّ الْحُكْمَ قَاصِرٌ عَلَى مَا لَوْ كَانَ الْوُقُوفُ فِي حَالِ الْغَلَطِ فَتَخْرُجُ الصُّورَةُ الْمَارَّةُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: مَا إذَا رَفَعَ ذَلِكَ بِسَبَبِ الْحِسَابِ) أَيْ فَلَا يُجْزِئُهُمْ وَوَجْهُهُ نِسْبَتُهُمْ إلَى التَّقْصِيرِ فِي الْحِسَابِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُهُ الْقَضَاءُ أَصْلًا) بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي غَيْرِ يَوْمِهِ الْمَخْصُوصِ فِي غَيْرِ الْغَلَطِ الْمَارِّ وَإِلَّا فَهُوَ يَقْضِي بِالْإِفْسَادِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَشَهِدَ بِهِ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ)

[فصل في المبيت بالمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معهما]

قَبْلَهُمْ لَا مَعَهُمْ يُجْزِئُهُ إذْ الْعِبْرَةُ فِي دُخُولِ وَقْتِ عَرَفَةَ وَخُرُوجِهِ بِاعْتِقَادِهِ، وَهَذَا كَمَنْ شَهِدَ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ، وَقِيَاسُهُ وُجُوبُ الْوُقُوفِ عَلَى مَنْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ وَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهُ (إلَّا إنْ نَقَلُوا عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ فَيَقْضُونَ فِي الْأَصَحِّ) لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ الْعَامَّةِ وَالثَّانِي لَا قَضَاءَ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَأْمَنُونَ مِثْلَهُ فِي الْقَضَاءِ (وَإِنْ وَقَفُوا فِي) الْيَوْمِ (الثَّامِنِ) غَلَطًا بِأَنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ ذِي الْحِجَّةِ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ الْقِعْدَةِ ثُمَّ بَانَا كَافِرَيْنِ أَوْ فَاسِقَيْنِ (وَعَلِمُوا قَبْلَ) فَوْتِ (الْوُقُوفِ) (وَجَبَ الْوُقُوفُ فِي الْوَقْتِ) تَدَارُكًا لَهُ (وَإِنْ عَلِمُوا بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ فَوْتِ وَقْتِ الْوُقُوفِ (وَجَبَ الْقَضَاءُ) لِهَذِهِ الْحِجَّةِ فِي عَامٍ آخَرَ (فِي الْأَصَحِّ) لِنُدْرَةِ الْغَلَطِ، وَفَارَقَ الْعَاشِرَ بِأَنَّ تَأْخِيرَ الْعِبَادَةِ عَنْ وَقْتِهَا أَقْرَبُ إلَى الْحِسَابِ مِنْ تَقْدِيمِهَا عَلَيْهِ، وَبِأَنَّ الْغَلَطَ بِالتَّقَدُّمِ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقَعُ لِغَلَطٍ فِي الْحِسَابِ أَوْ خَلَلٍ فِي الشُّهُودِ الَّذِينَ شَهِدُوا بِتَقْدِيمِ الْهِلَالِ، وَالْغَلَطُ بِالتَّأْخِيرِ قَدْ يَكُونُ بِالْغَيْمِ الَّذِي لَا حِيلَةَ فِي دَفْعِهِ. وَالثَّانِي لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ عَلَيْهِمْ قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا غَلِطُوا بِالتَّأْخِيرِ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِمَا مَرَّ، وَلَوْ غَلِطُوا يَوْمَيْنِ فَأَكْثَرَ أَوْ فِي الْمَكَانِ لَمْ يَصِحَّ جَزْمًا لِنُدْرَةِ ذَلِكَ. (فَصْلٌ فِي الْمَبِيتِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَالدَّفْعِ مِنْهَا وَفِيمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا وَيَبِيتُونَ بِمُزْدَلِفَةَ) بَعْدَ دَفْعِهِمْ مِنْ عَرَفَةَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَهُوَ وَاجِبٌ لَيْسَ بِرُكْنٍ عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا وَالْوَاجِبُ مَبِيتُ جُزْءٍ كَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ حُصُولُهُ فِيهَا لَحْظَةً مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ اللَّيْلِ لَا لِكَوْنِهِ يُسَمَّى مَبِيتًا، إذْ الْأَمْرُ بِالْمَبِيتِ لَمْ يُرَدْ هُنَا، بِخِلَافِ الْمَبِيتِ بِمِنًى لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ مُعْظَمِ اللَّيْلِ لِوُرُودِ الْمَبِيتِ فِيهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيتُ بِمَكَانٍ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِمُعْظَمِ اللَّيْلِ وَيُسَنُّ الْإِكْثَارُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ مِنْ التِّلَاوَةِ وَالذِّكْرِ وَالصَّلَاةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ) فِي الْمَبِيتِ بِالْمُزْدَلِفَةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ وَاجِبٌ لَيْسَ بِرُكْنٍ) هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ مُغْمًى عَلَيْهِ جَمِيعَ النِّصْفِ الثَّانِي كَمَا فِي وُقُوفِ عَرَفَةَ وَعَلَيْهِ فَلَوْ بَقِيَ مُغْمًى عَلَيْهِ جَمِيعَ النِّصْفِ الثَّانِي هَلْ يَسْقُطُ الدَّمُ لِأَنَّ الْإِغْمَاءَ عُذْرٌ وَالْمَبِيتُ يَسْقُطُ بِالْعُذْرِ بِخِلَافِ وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ مَجْنُونًا وَعَلَيْهِ لَوْ بَقِيَ مَجْنُونًا فِي جَمِيعِ النِّصْفِ الثَّانِي فَهَلْ يَسْقُطُ الدَّمُ وَيُجْعَلُ الْجُنُونُ عُذْرًا وَالْمَبِيتُ يَسْقُطُ بِالْعُذْرِ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُجْعَلَ عُذْرًا لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ. نَعَمْ إنْ كَانَ لَهُ وَلِيٌّ أَحْرَمَ عَنْهُ وَجَبَ عَلَيْهِ إحْضَارُهُ، وَإِلَّا فَعَلَى الْوَلِيِّ الدَّمُ اهـ سم عَلَى حَجّ وَقَوْلُهُ أَحْرَمَ عَنْهُ إلَخْ يُخْرِجُ مَا لَوْ أَحْرَمَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ الْجُنُونُ أَوْ الْإِغْمَاءُ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا دَمَ عَلَى الْوَلِيِّ إذَا لَمْ يُحْضِرْهُ، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا لَوْ أَحْرَمَ عَنْهُ وَلَمْ يُحْضِرْهُ وَبَيَّنَ هَذِهِ بِأَنَّهُ إذَا أَحْرَمَ عَنْهُ عَرَّضَهُ لِمُوجِبِ الدَّمِ فَيَلْزَمُهُ إنْ قَصَّرَ فِيهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْجُنُونُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ حُصُولُهُ فِيهَا لَحْظَةً) أَيْ وَلَوْ مَارًّا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَالذِّكْرُ وَالصَّلَاةُ) أَيْ صَلَاةُ النَّافِلَةِ، لَكِنْ فِي حَجٍّ بَعْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَيْسَ بِقَيْدٍ فَالْمَدَارُ عَلَى أَنَّهُ رَآهُ (قَوْلُهُ قَبْلَهُمْ لَا مَعَهُمْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْوُقُوفُ إلَّا مَعَهُمْ (قَوْلُهُ وَقِيَاسُهُ وُجُوبُ الْوُقُوفِ عَلَى مَنْ أَخْبَرَهُ) وَانْظُرْ هَلْ يَجْرِي هُنَا مَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ بِالْعَمَلِ بِالْحِسَابِ. [فَصْلٌ فِي الْمَبِيتِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَالدَّفْعِ مِنْهَا وَفِيمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا] (فَصْلٌ) فِي الْمَبِيتِ بِالْمُزْدَلِفَةِ (قَوْلُهُ مِنْ التِّلَاوَةِ وَالذِّكْرِ وَالصَّلَاةِ) الْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ هُنَا الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ الْمُرَادِفُ لِلدُّعَاءِ الْمَارِّ فِي كَلَامِهِ، وَيَدُلّ

وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي عَرَفَةَ مِنْ جَهْلِهِ بِالْمَكَانِ وَحُصُولِهِ فِيهِ لِطَلَبِ آبِقٍ وَنَحْوِهِ فِيمَا يَظْهَرُ. (وَمَنْ) (دَفَعَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ مُزْدَلِفَةَ (بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ) وَلَمْ يَعُدْ (أَوْ قَبْلَهُ) وَلَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ (وَعَادَ) إلَيْهَا (قَبْلَ الْفَجْرِ) (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ لَا دَمَ عَلَيْهِ، أَمَّا الْحَالَةُ الْأُولَى فَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ سَوْدَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ - أَفَاضَتَا فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ بِإِذْنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَأْمُرْهُمَا وَلَا مَنْ كَانَ مَعَهُمَا بِدَمٍ» وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَكَمَا لَوْ دَفَعَ مِنْ عَرَفَةَ قَبْلَ الْغُرُوبِ (ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا قَبْلَ الْفَجْرِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا فِي النِّصْفِ الثَّانِي) سَوَاءٌ أَكَانَ بِهَا فِي الْأَوَّلِ أَمْ لَا (أَرَاقَ دَمًا وَفِي وُجُوبِهِ) أَيْ الدَّمِ بِتَرْكِ الْمَبِيتِ (الْقَوْلَانِ) السَّابِقَانِ فِي وُجُوبِهِ عَلَى مَنْ لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ بِعَرَفَةَ، وَقَضِيَّةُ هَذَا الْبِنَاءِ عَدَمُ وُجُوبِ الدَّمِ فَيَكُونُ مُسْتَحَبًّا كَمَا لَوْ تَرَكَ الْمَبِيتَ بِمِنًى لَيْلَةَ عَرَفَةَ، لَكِنْ رَجَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي بَقِيَّةِ كُتُبِهِ الْوُجُوبَ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّهُ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ وَالصَّحِيحُ مِنْ جِهَةِ الْمَذْهَبِ: أَيْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْبِنَاءِ الِاتِّحَادُ فِي التَّرْجِيحِ وَيَسْقُطُ الْمَبِيتُ بِهَا فَلَا إثْمَ بِتَرْكِهِ وَلَا دَمَ لِعُذْرٍ مِمَّا يَأْتِي فِي مَبِيتِ مِنًى قِيَاسًا عَلَيْهِ، وَمِنْ الْعُذْرِ هُنَا الِاشْتِغَالُ بِالْوُقُوفِ بِأَنْ انْتَهَى إلَى عَرَفَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ وَاشْتَغَلَ بِالْوُقُوفِ بِهَا لِاشْتِغَالِهِ بِالْأَهَمِّ، وَقَيَّدَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الدَّفْعُ إلَى مُزْدَلِفَةَ لَيْلًا وَإِلَّا وَجَبَ جَمْعًا بَيْنَ الْوَاجِبَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَوْ أَفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ إلَى مَكَّةَ لِطَوَافِ الرُّكْنِ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ وَفَاتَ الْمَبِيتُ لِأَجْلِ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِاشْتِغَالِهِ بِالطَّوَافِ كَاشْتِغَالِهِ بِالْوُقُوفِ، وَنَظَرَ فِيهِ الْإِمَامُ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُضْطَرٍّ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْوُقُوفِ، وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ عَنْ الزَّرْكَشِيّ وَإِنْ رُدَّ ذَلِكَ بِأَنَّ كَثْرَةَ الْأَعْمَالِ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَيَوْمِهَا اقْتَضَتْ مُسَامَحَتَهُ بِذَلِكَ لِجَرَيَانِ ذَلِكَ فِي الْأُولَى أَيْضًا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: ظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَمُرَّ بِمُزْدَلِفَةَ أَمْ لَا: أَيْ قَبْلَ النِّصْفِ، وَإِلَّا فَمُرُورُهُ بِهَا بَعْدَهُ يَحْصُلُ الْمَبِيتُ، وَبَحَثَ أَنَّ الْأَعْذَارَ هُنَا تُحَصِّلُ ثَوَابَ الْحُضُورِ كَمَا مَرَّ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ، وَاَلَّذِي مَرَّ أَنَّ الْمَذْهَبَ عَدَمُ الْحُصُولِ وَالْمُخْتَارُ الْحُصُولُ، عَلَى أَنَّ الْفَرْقَ أَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ أَوْ السُّنَّةِ يُسَامَحُ فِيهِ مَا لَا يُسَامَحُ فِي فَرْضِ الْعَيْنِ فَلَا قِيَاسَ وَمِنْ ثَمَّ كَثُرَتْ الْأَعْذَارُ ثُمَّ لَا هُنَا. وَلَوْ بَادَرَتْ الْمَرْأَةُ إلَى مَكَّةَ لِطَوَافِ الرُّكْنِ خَوْفًا ـــــــــــــــــــــــــــــSكَلَامٍ ذَكَرَهُ. وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُسَنَّ لَهُ التَّنَفُّلُ الْمُطْلَقُ فِيهَا اهـ. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا، فَإِنْ أُرِيدَ بِالصَّلَاةِ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ لَمْ يُخَالِفْهُ إلَّا أَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَتَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ مَا يُوَافِقُ حَجّ حَيْثُ قَالَ: وَلَا يَتَنَفَّلُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي عَرَفَةَ) أَيْ فَيَكْفِي حُضُورُهُ هُنَا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِكَوْنِ الْمَكَانِ مُزْدَلِفَةَ (قَوْلُهُ: أَوْ قَبْلَهُ) أَيْ نِصْفِ اللَّيْلِ (قَوْلُهُ: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ -) أَيْ عَائِشَةُ وَسَوْدَةُ وَأُمُّ سَلَمَةَ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَقَيَّدَهُ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ إلَخْ) أَيْ فَيُقَيَّدُ هُنَا عَدَمُ لُزُومِ الدَّمِ بِمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الْعَوْدُ لِمُزْدَلِفَةَ بَعْدَ الطَّوَافِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ رُدَّ ذَلِكَ) أَيْ مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ (قَوْلُهُ: لِجَرَيَانِ ذَلِكَ فِي الْأُولَى) أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَهِيَ الِاشْتِغَالُ بِالْوُقُوفِ (قَوْلُهُ: وَالْمُخْتَارُ الْحُصُولُ) أَيْ هُنَاكَ فَيَكُونُ مَا هُنَا مِثْلُهُ (قَوْلُهُ فِي فَرْضِ الْعَيْنِ) أَيْ كَالْمَبِيتِ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى الْمُحْرِمِ قَوْلُهُ (وَلَوْ بَادَرَتْ الْمَرْأَةُ إلَخْ) هَذَا مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ وَلَوْ أَفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ إلَخْ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى هَذَا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الدُّعَاءَ كَمَا ذَكَرَهُ فِيمَا مَرَّ، وَمُرَادُهُ بِالصَّلَاةِ الرَّوَاتِبُ غَيْرُ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ حَتَّى لَا يُنَافِيَ مَا مَرَّ لَهُ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ حَمْلِ الشَّيْخِ لَهَا عَلَى الصَّلَاةِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا بِالذِّكْرِ، ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا مُكَرَّرٌ مَعَ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فَكَمَا لَوْ دَفَعَ مِنْ عَرَفَةَ ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا) أَيْ عَلَى الضَّعِيفِ، أَوْ الْمُرَادُ التَّشْبِيهُ فِي أَصْلِ الطَّلَبِ الصَّادِقِ بِالنَّدْبِ (قَوْلُهُ وَيَأْتِي فِيهِ) أَيْ فِي أَصْلِ الْحُكْمِ الْمُنَظَّرِ فِيهِ وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَ هَذَا عَلَى النَّظَرِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ رُدَّ) أَيْ النَّظَرُ وَالرَّادُّ لَهُ هُوَ الشِّهَابُ حَجّ فِي إمْدَادِهِ، وَهَذَا مِنْ الشَّارِحِ تَصْرِيحٌ بِالرِّضَا بِالنَّظَرِ (قَوْلُهُ: وَالْمُخْتَارُ الْحُصُولُ) أَيْ هُنَاكَ، وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ هُنَاكَ وَلَا تَحْصُلُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَاخْتَارَ غَيْرُهُ مَا عَلَيْهِ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ مِنْ حُصُولِهَا إنْ قَصَدَهَا لَوْلَا الْعُذْرُ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْفَرْقَ إلَخْ) هَذَا تَرَقٍّ فِي الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْحُصُولِ هُنَا: أَيْ وَإِنْ قُلْنَا

مِنْ طُرُوِّ حَيْضِهَا أَوْ نِفَاسِهَا لَمْ يَلْزَمْهَا دَمٌ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُلَقِّنِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ (وَيُسَنُّ تَقْدِيمُ النِّسَاءِ وَالضَّعَفَةِ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ إلَى مِنًى) لِيَرْمُوا جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ زَحْمَةِ النَّاسِ، وَلِمَا مَرَّ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ أَنَا مِمَّنْ قَدَّمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ فِي ضَعَفَةِ أَهْلِهِ» (وَيَبْقَى غَيْرُهُمْ حَتَّى يُصَلُّوا الصُّبْحَ) بِمُزْدَلِفَةَ (مُغْلِسِينَ) لِلِاتِّبَاعِ، وَيَتَأَكَّدُ التَّغْلِيسُ هُنَا عَلَى بَقِيَّةِ الْأَيَّامِ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ، وَلِيَتَّسِعَ الْوَقْتُ لِمَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مِنْ أَعْمَالِ يَوْمِ النَّحْرِ وَيَنْبَغِي الْحِرْصُ عَلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ هُنَاكَ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ (ثُمَّ يَدْفَعُونَ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ (إلَى مِنًى) وَشِعَارُهُمْ مَعَ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ النِّسَاءِ وَالضَّعَفَةِ التَّلْبِيَةُ وَالتَّكْبِيرُ تَأَسِّيًا بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَيَأْخُذُونَ) عَطْفًا عَلَى يَبِيتُونَ لِيَعُمَّ الضَّعَفَةَ وَغَيْرَهُمْ لَا عَلَى يَدْفَعُونَ؛ لِأَنَّهُ يُقَصِّرُ النَّدْبَ عَلَى غَيْرِ الضَّعَفَةِ وَالنِّسَاءِ (مِنْ مُزْدَلِفَةَ) نَدْبًا (حَصَى الرَّمْيِ) لِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَهُوَ سَبْعُ حَصَيَاتٍ لِمَا صَحَّ مِنْ أَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْفَضْلِ بِأَنْ يَلْتَقِطَ لَهُ مِنْهَا حَصًى، قَالَ: فَالْتَقَطْت لَهُ حَصَيَاتٍ مِثْلَ حَصَى الْحَذْفِ؛ وَلِأَنَّ بِهَا جَبَلًا فِي أَحْجَارِهِ رَخَاوَةٌ؛ وَلِأَنَّ السُّنَّةَ أَنْ لَا يُعَرِّجَ عِنْدَ دُخُولِهِ مِنًى عَلَى غَيْرِ الرَّمْيِ فَأُمِرَ بِذَلِكَ لِئَلَّا يَشْتَغِلَ عَنْهُ، وَالسُّنَّةُ أَخْذُهُ لَيْلًا لِفَرَاغِهِمْ فِيهِ كَمَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ وَإِنْ قَالَ الْبَغَوِيّ نَهَارًا بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَرَجَّحَهُ الْإِسْنَوِيُّ. وَالِاحْتِيَاطُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنْ يَزِيدَ عَلَى السَّبْعِ فَرُبَّمَا سَقَطَ مِنْهَا شَيْءٌ، وَيَجُوزُ أَخْذُ حَصَى رَمْيِ النَّحْرِ وَغَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ الْبِقَاعِ. نَعَمْ يُكْرَهُ مِنْ الْحِلِّ وَالْمَسْجِدِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَقْفًا عَلَيْهِ أَوْ جُزْءًا مِنْهُ وَإِلَّا حَرُمَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَكَلَامُهُمَا فِي الْكَرَاهَةِ السَّابِقَةِ مَحْمُولٌ عَلَى انْتِفَاءِ ذَلِكَ، وَمِنْ الْمِرْحَاضِ لِنَجَاسَتِهِ، وَمِثْلُهُ كُلُّ مَوْضِعٍ نَجِسٍ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ، وَمِمَّا رَمَى بِهِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ الْمَقْبُولَ يُرْفَعُ وَالْمَرْدُودَ يُتْرَكُ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَسَدَّ مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ، فَإِنْ رَمَى بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَجْزَأَ، وَفَارَقَ إجْزَاءَ مَا رَمَى بِهِ عَدَمُ جَوَازِ طُهْرٍ بِمَاءٍ تَطَهَّرَ بِهِ بِأَنَّ الطُّهْرَ بِالْمَاءِ إتْلَافٌ لَهُ كَالْعِتْقِ فَلَمْ يَتَطَهَّرْ بِهِ أُخْرَى كَمَا لَا يُعْتَقُ الْعَبْدُ عَنْ الْكَفَّارَةِ مَرَّتَيْنِ، وَالْحَجَرُ كَالثَّوْبِ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ صَلَوَاتٍ، وَسَكَتَ الْجُمْهُورُ عَنْ مَوْضِعِ أَخْذِ حَصَى الْجِمَارِ لِأَيَّامِ التَّشْرِيقِ إذَا قُلْنَا بِالْأَصَحِّ إنَّهَا لَا تُؤْخَذُ مِنْ مُزْدَلِفَةَ فَقَالَ ابْنُ كَجٍّ تُؤْخَذُ مِنْ بَطْنِ مُحَسِّرٍ وَارْتَضَاهُ الْأَذْرَعِيُّ. وَقَالَ السُّبْكِيُّ: لَا يُؤْخَذُ لِأَيَّامِ التَّشْرِيقِ إلَّا مِنْ مِنًى نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْإِمْلَاءِ اهـ. وَالْأَوْجَهُ حُصُولُ السُّنَّةِ بِالْأَخْذِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا. (فَإِذَا) دَفَعُوا إلَى مِنًى وَ (بَلَغُوا الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ) هُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ فِي الْأَشْهَرِ وَحُكِيَ كَسْرُهَا: جَبَلٌ صَغِيرٌ آخِرُ الْمُزْدَلِفَةِ اسْمُهُ قُزَحٌ بِضَمِّ الْقَافِ وَبِالزَّايِ، وَسُمِّيَ مَشْعَرًا لِمَا فِيهِ مِنْ الشِّعَارِ وَهِيَ مَعَالِمُ الدِّينِ (الْحَرَامِ) أَيْ الْمُحَرَّمِ (وَقَفُوا) عَلَيْهِ نَدْبًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَقَدْ يُقَالُ أَشَارَ بِذِكْرِهِ إلَى أَنَّهُ لَا يَأْتِي فِيهِ تَنْظِيرُ الْإِمَامِ السَّابِقِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ زَحْمَةِ النَّاسِ) إنْ أَرَادُوا تَعْجِيلَ الرَّمْيِ وَإِلَّا فَالسُّنَّةُ لَهُمْ تَأْخِيرُهُ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ كَغَيْرِهِمْ اهـ حَجّ: أَيْ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ قَبْلَ زَحْمَةِ النَّاسِ فِي سَيْرِهِمْ مِنْ مُزْدَلِفَةَ إلَى مِنًى، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمْ إذَا فَعَلُوا ذَلِكَ كَانُوا مُتَمَكِّنِينَ مِنْ الرَّمْيِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ قَبْلَ مَجِيءِ غَيْرِهِمْ وَازْدِحَامِهِمْ مَعَهُ (قَوْلُهُ: مُغْلِسِينَ) أَيْ بِأَنْ يَصِلُوا عَقِبَ الْفَجْرِ فَوْرًا (قَوْلُهُ: مِثْلُ حَصَى الْخَذْفِ) وَهُوَ بِإِعْجَامِ الْخَاءِ وَالذَّالِ السَّاكِنَةِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ وَقْفًا عَلَيْهِ) أَيْ الْمَسْجِدُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ الْمِرْحَاضِ) اسْمٌ لِلْحُشِّ ظَاهِرُهُ وَإِنْ غَسَلَهُ (قَوْلُهُ: بِالْأَخْذِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا) وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ مِنْ الشِّعَارِ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: وَالشِّعَارُ أَعْمَالُ الْحَجِّ وَكُلُّ مَا جُعِلَ عَلَمًا لِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى. وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: الْوَاحِدَةُ شَعِيرَةٌ. قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ شِعَارَةٌ، ثُمَّ قَالَ: وَالشِّعَارُ بِالْكَسْرِ مَا وَلِيَ الْجَسَدَ مِنْ الثِّيَابِ، وَشِعَارُ الْقَوْمِ فِي الْحَرْبِ عَلَامَتُهُمْ لِيَعْرِفَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَعَلَيْهِ فَكَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْحُصُولِ هُنَاكَ عَلَى مَا اخْتَارَهُ غَيْرُ صَاحِبِ الْمَجْمُوعِ فَلَا نَقُولُ بِهِ هُنَا لِلْفَرْقِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: عَطْفًا عَلَى يَبِيتُونَ) يَلْزَمُ عَلَيْهِ إيهَامُ أَنَّهُ وَاجِبٌ كَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ) أَيْ الْحَصَى وَقْفًا عَلَى الْمَسْجِدِ

وَوُقُوفُهُمْ عَلَيْهِ أَفْضَلُ مِنْ وُقُوفِهِمْ بِغَيْرِهِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ وَمِنْ مُرُورِهِمْ مِنْ غَيْرِ وُقُوفٍ وَذَكَرُوا اللَّهَ تَعَالَى (وَدَعَوْا إلَى الْأَسْفَارِ) مُسْتَقْبِلِينَ الْقِبْلَةَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ؛ وَلِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْجِهَاتِ وَيُكْثِرُونَ مِنْ قَوْلِهِمْ: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، وَمَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ صُعُودِ الْجَبَلِ وَقَفَ بِجَنْبِهِ، وَلَوْ فَاتَتْ هَذِهِ السُّنَّةُ لَمْ تُجْبَرْ بِدَمٍ، وَيَكُونُ مِنْ جُمْلَةِ دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ كَمَا أَوْقَفْتنَا فِيهِ وَأَرَيْتنَا إيَّاهُ فَوَفِّقْنَا لِذِكْرِك كَمَا هَدَيْتنَا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا كَمَا وَعَدْتنَا بِقَوْلِك وَقَوْلُك الْحَقُّ {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة: 198] إلَى قَوْلِهِ {وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 199] وَمِنْ جُمْلَةِ ذِكْرِهِ: اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ (ثُمَّ يَسِيرُونَ) قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ وَشِعَارُهُمْ التَّلْبِيَةُ وَالذِّكْرُ، وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُ السَّيْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَإِذَا وَجَدُوا فُرْجَةً أَسْرَعُوا، فَإِذَا بَلَغُوا وَادِيَ مُحَسِّرٍ وَرَاءَ مَوْضِعٍ فَاصِلٍ بَيْنَ مُزْدَلِفَةَ وَمِنًى أَسْرَعَ كُلٌّ رَاكِبًا أَوْ مَاشِيًا قَدْرَ رَمْيَةِ حَجَرٍ حَتَّى يَقْطَعَ عَرْضَ الْوَادِي «؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمَّا أَتَى بَطْنَ مُحَسِّرٍ حَرَّكَ قَلِيلًا» وَبَعْدَ قَطْعِهِمْ وَادِيَ مُحَسِّرٍ يَسِيرُونَ بِسَكِينَةٍ (فَيَصِلُونَ مِنًى بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) وَارْتِفَاعِهَا قَدْرَ رُمْحٍ (فَيَرْمِي كُلُّ شَخْصٍ) رَاكِبًا أَوْ مَاشِيًا (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ وُصُولِهِ (سَبْعَ حَصَيَاتٍ) أَيْ رَمَيَاتٍ (إلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ) لِلِاتِّبَاعِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَهُوَ تَحِيَّةُ مِنًى فَلَا يُبْتَدَأُ فِيهَا بِغَيْرِهِ، وَتُسَمَّى أَيْضًا الْجَمْرَةُ الْكُبْرَى وَلَيْسَتْ مِنْ مِنًى بَلْ حَدُّ مِنًى مِنْ الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ جِهَةَ مَكَّةَ، وَالسُّنَّةُ لِرَامِي هَذِهِ الْجَمْرَةِ أَنْ يَسْتَقْبِلَهَا وَيَجْعَلَ مَكَّةَ عَنْ يَسَارِهِ وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ كَمَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ إنَّهُ يَسْتَقْبِلُ الْجَمْرَةَ وَيَسْتَدْبِرُ الْكَعْبَةَ، هَذَا فِي رَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ. أَمَّا فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى اسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ كَمَا فِي بَقِيَّةِ الْجَمَرَاتِ وَيَحْسُنُ إذَا وَصَلَ إلَى مِنًى أَنْ يَقُولَ مَا رُوِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ: اللَّهُمَّ هَذِهِ مِنًى قَدْ أَتَيْتُهَا وَأَنَا عَبْدُك وَابْنُ عَبْدِك أَسْأَلُك أَنْ تَمُنَّ عَلَيَّ بِمَا مَنَنْت بِهِ عَلَى أَوْلِيَائِك، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْحِرْمَانِ وَالْمُصِيبَةِ فِي دِينِي يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، قَالَ: وَرُوِيَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ وَابْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُمَا لَمَّا رَمَيَا جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَالَا: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا وَذَنْبًا مَغْفُورًا. (وَيَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الرَّمْيِ) أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا لَهُ دَخْلٌ فِي التَّحَلُّلِ لِأَخْذِهِ فِي أَسْبَابِهِ، كَمَا أَنَّ الْمُعْتَمِرَ يَفْعَلُ ذَلِكَ عِنْدَ ابْتِدَاءِ طَوَافِهِ، وَقَدْ عَلِمَ أَنْ يَقْطَعَهَا عِنْدَ أَوَّلِ أَسْبَابِ تَحَلُّلِهِ (وَيُكَبِّرُ) بَدَلَ التَّلْبِيَةِ (مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ) أَيْ رَمْيَةٍ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَيَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَيُسَنُّ أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يُعَبِّرَ بِالشَّعَائِرِ (قَوْلُهُ: الْمُحْرِمُ) بِمَعْنَى الْمَمْنُوعِ مِنْ انْتِهَاكِهِ جَاهِلِيَّةً وَإِسْلَامًا (قَوْلُهُ: مُحَسِّرٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِ السِّينِ الْمُشَدَّدَةِ الْمُهْمَلَتَيْنِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِيلَ أَصْحَابِ الْفِيلِ حُسِّرَ فِيهِ: أَيْ أُعْيِيَ وَكَلَّ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ} [الملك: 4] انْتَهَى شَرْحُ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ، وَعِبَارَةُ حَجّ هُوَ أَعْنِي: مُحَسِّرٌ مَا بَيْنَ مُزْدَلِفَةَ وَمِنًى اهـ. فَلَعَلَّ الْمُضَافَ إلَيْهِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مَحْذُوفٌ وَالْأَصْلُ وَرَاءَهَا وَهُوَ مَوْضِعٌ إلَخْ (قَوْلُهُ حُرِّكَ قَلِيلًا) وَالْحِكْمَةُ فِيهِ عَلَى مَا قِيلَ أَنَّهُ الْمَوْضِعُ الَّذِي حُسِّرَ فِيهِ الْفِيلُ وَرُمِيَ أَصْحَابُ الْفِيلِ فِيهِ بِالْحِجَارَةِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا نَصُّهُ: وَحِكْمَتُهُ أَنَّ أَصْحَابَ الْفِيلِ أُهْلِكُوا، ثُمَّ عَلَى قَوْلِ الْأَصَحِّ خِلَافُهُ وَأَنَّهُمْ لَمْ يَدْخُلُوا الْحَرَمَ وَإِنَّمَا أُهْلِكُوا قُرْبَ أَوَّلِهِ هـ، وَأَنَّ رَجُلًا اصْطَادَ ثَمَّ فَنَزَلَتْ نَارٌ أَحْرَقَتْهُ وَمِنْ ثَمَّ تُسَمِّيهِ أَهْلُ مَكَّةَ وَادِي النَّارِ، فَهُوَ لِكَوْنِهِ مَحَلَّ نُزُولِ عَذَابٍ كَدِيَارِ ثَمُودَ الَّتِي صَحَّ أَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمَارِّينَ بِهَا أَنْ يُسْرِعُوا لِئَلَّا يُصِيبَهُمْ مَا أَصَابَ أَهْلَهَا، وَمِنْ ثَمَّ يَنْبَغِي الْإِسْرَاعُ فِيهِ لِغَيْرِ الْحَاجِّ أَيْضًا، أَوْ أَنَّ النَّصَارَى كَانَتْ تَقِفُ ثَمَّ وَأُمِرْنَا بِالْمُبَالَغَةِ فِي مُخَالَفَتِهِمْ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوُهُ) كَالْحَلْقِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمِنْ جُمْلَةِ ذِكْرِهِ) يَصِحُّ رُجُوعُ الضَّمِيرِ إلَيْهِ تَعَالَى وَإِلَى الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَإِلَى الشَّخْصِ وَهُوَ أَضْعَفُهَا

يَرْمِيَ بِيَدِهِ إلَى مِنًى رَافِعًا لَهَا حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إبْطِهِ، أَمَّا الْمَرْأَةُ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى فَلَا تَرْفَعُ وَلَا يَقِفُ الرَّامِي لِلدُّعَاءِ عِنْدَ هَذِهِ الْجَمْرَةِ، وَسَيَأْتِي شُرُوطُ الرَّمْيِ وَمُسْتَحَبَّاتُهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى رَمْيِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، ثُمَّ بَعْدَ الرَّمْيِ يَنْصَرِفُونَ فَيَنْزِلُونَ مَوْضِعًا بِمِنًى، وَالْأَفْضَلُ مِنْهَا مَنْزِلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا قَارَبَهُ. قَالَ الْأَزْرَقِيُّ: وَمَنْزِلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمِنًى عَنْ يَسَارِ مُصَلَّى الْإِمَامِ (ثُمَّ يَذْبَحُ مَنْ مَعَهُ هَدْيٌ) بِإِسْكَانِ الدَّالِ وَكَسْرِهَا مَعَ تَخْفِيفِ الْيَاءِ فِي الْأُولَى وَتَشْدِيدِهَا فِي الثَّانِيَةِ لُغَتَانِ فَصِيحَتَانِ، وَهُوَ اسْمٌ لِمَا يُهْدَى لِمَكَّةَ تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ نَعَمٍ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَمْوَالِ نَذْرًا كَانَ أَوْ تَطَوُّعًا، لَكِنَّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ اسْمٌ لِلْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ (ثُمَّ يَحْلِقُ) الذَّكَرُ (أَوْ يُقَصِّرُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: 27] وَلِلِاتِّبَاعِ فِي الْأَوَّلِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَالثَّانِي فِي مَعْنَاهُ (وَ) لَكِنَّ (الْحَلْقَ) لَهُ (أَفْضَلُ) إجْمَاعًا، فَإِنَّ الْعَرَبَ تَبْدَأُ بِالْأَهَمِّ وَالْأَفْضَلِ وَرَوَى الشَّيْخَانِ خَبَرَ «اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالْمُقَصِّرِينَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ، قَالَ فِي الرَّابِعَةِ: وَالْمُقَصِّرِينَ» (وَتُقَصِّرُ الْمَرْأَةُ) وَلَا تُؤْمَرُ بِالْحَلْقِ وَالْخُنْثَى مِثْلُهَا. رَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ «لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ حَلْقٌ إنَّمَا عَلَى النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ» وَكُرِهَ الْحَلْقُ وَنَحْوُهُ مِنْ إحْرَاقٍ أَوْ إزَالَةِ بِنُورَةٍ أَوْ نَتْفٍ لِغَيْرِ ذَكَرٍ مِنْ أُنْثَى وَخُنْثَى؛ لِأَنَّهُ لَهُمَا مُثْلَةٌ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ نَذَرَهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَنْعَقِدْ بِخِلَافِ التَّقْصِيرِ، وَمُرَادُهُ بِالْمَرْأَةِ الْأُنْثَى فَيَشْمَلُ الصَّغِيرَةَ؛ لِأَنَّهَا إذَا أُطْلِقَتْ فِي مُقَابَلَةِ الرَّجُلِ كَمَا هُنَا تَنَاوَلَتْهَا وَهُوَ الْأَوْفَقُ لِكَلَامِهِمْ، وَإِنْ بَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ وَاعْتَمَدَهُ غَيْرُهُ اسْتِثْنَاءُ الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَمْ تَنْتَهِ إلَى زَمَنٍ يُتْرَكُ فِيهِ شَعْرُهَا، وَلَوْ مَنَعَ السَّيِّدُ الْأَمَةَ مِنْهُ حَرُمَ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَمْنَعْ وَلَمْ يَأْذَنْ كَمَا بَحَثَهُ أَيْضًا، قِيلَ وَهُوَ مُتَّجَهٌ إنْ لَزِمَ مِنْهُ فَوَاتُ تَمَتُّعٍ أَوْ نَقْصِ قِيمَةٍ وَإِلَّا فَالْإِذْن لَهَا فِي النُّسُكِ إذْنٌ فِي فِعْلِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ التَّحَلُّلُ وَإِنْ كَانَ مَفْضُولًا، وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْإِذْنَ الْمُطْلَقَ مُنَزَّلٌ عَلَى حَالَةِ نَفْيِ النَّهْيِ، وَالْحَلْقُ فِي حَقِّهَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَيَحْرُمُ عَلَى الْحُرَّةِ الْمُزَوِّجَةِ إنْ مَنَعَهَا الزَّوْجُ، وَكَانَ فِيهِ فَوَاتُ اسْتِمْتَاعٍ أَيْضًا فِيمَا يَظْهَرُ، وَبَحَثَ أَيْضًا أَنَّهُ يَمْتَنِعُ بِمَنْعِ الْوَالِدِ لَهَا وَفِيهِ وَقْفَةٌ بَلْ الْأَوْجَهُ خِلَافُهُ إلَّا أَنْ يَقْتَضِيَ نَهْيُهُ مَصْلَحَتَهَا، وَالْأَوْلَى كَوْنُ التَّقْصِيرِ بِقَدْرِ أُنْمُلَةٍ مِنْ جَمِيعِ الرَّأْسِ وَشَمِلَ مَا مَرَّ الْمَرْأَةَ الْكَافِرَةَ إذَا أَسْلَمَتْ فَلَا تَحْلِقُ رَأْسَهَا، وَأَمَّا خَبَرُ «أَلْقِ عَنْك شَعْرَ الْكُفْرِ ثُمَّ اغْتَسِلْ» فَمَحْمُولٌ عَلَى الذَّكَرِ، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ اسْتِثْنَاءُ حَلْقِ رَأْسِ الصَّغِيرَةِ يَوْمَ سَابِعِ وِلَادَتِهَا لِلتَّصَدُّقِ بِزِنَتِهِ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي بَابِ الْعَقِيقَةِ، وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ مِنْ كَرَاهَةِ الْحَلْقِ لِلْمَرْأَةِ مَا لَوْ كَانَ بِرَأْسِهَا أَذًى لَا يُمْكِنُ زَوَالُهُ إلَّا بِالْحَلْقِ لِمُعَالَجَةِ حَبٍّ وَنَحْوِهِ، وَمَا لَوْ حَلَقَتْ رَأْسَهَا لِتُخْفِي كَوْنَهَا امْرَأَةً خَوْفًا عَلَى نَفْسِهَا مِنْ الزِّنَا وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلِهَذَا يُبَاحُ لَهَا لُبْسُ الرِّجَالِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَالْخُنْثَى فِي ذَلِكَ كَالْأُنْثَى، وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَوْنِ الْحَلْقِ أَفْضَلُ لِلذَّكَرِ مَا لَوْ اعْتَمَرَ قَبْلَ الْحَجِّ فِي وَقْتٍ لَوْ حَلَقَ فِيهِ جَاءَ يَوْمُ النَّحْرِ وَلَمْ يَسْوَدَّ رَأْسُهُ مِنْ الشَّعْرِ فَالتَّقْصِيرُ لَهُ أَفْضَلُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْإِمْلَاءِ، وَإِطْلَاقُ شَرْحِ مُسْلِمٍ اسْتِحْبَابَ الْحَلْقِ فِي الْحَجِّ وَالتَّقْصِيرِ فِي الْعُمْرَةِ لِيَقَعَ الْحَلْقُ فِي أَكْمَلِ الْعِبَادَتَيْنِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَسْوَدَّ رَأْسُهُ قَبْلَ الْحَجِّ، وَإِلَّا حَلَقَ فِي الْعُمْرَةِ أَيْضًا أَخْذًا مِنْ التَّفْصِيلِ الَّذِي قَبْلَهُ وَأَخَذَ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ النَّصِّ أَنَّ مِثْلَهُ يَأْتِي فِيمَا لَوْ قَدَّمَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ، وَكَلَامُ شَرْحِ مُسْلِمٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالطَّوَافِ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الرَّابِعَةِ) أَيْ بَعْدَ قَوْلِهِ فِي الثَّالِثَةِ اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلَّقِينَ (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ الْحَلْقُ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي نُسُكٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ الْآتِي وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ مِنْ كَرَاهَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَنَعَ السَّيِّدُ الْأَمَةَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْحَلْقِ (قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ أَيْضًا) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إنْ مَنَعَهَا الزَّوْجُ إلَخْ) وَقِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْأَمَةِ أَنَّ مِثْلَ الْمَنْعِ مَا لَوْ لَمْ يَأْذَنْ وَلَمْ يَنْهَ وَأَنَّ الْمَنْعَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى فَوَاتِ اسْتِمْتَاعٍ؛ لِأَنَّ الْحَلْقَ فِي حَقِّهَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ (قَوْلُهُ: مِنْ جَمِيعِ الرَّأْسِ) قَالَ حَجّ: إلَّا الذَّوَائِبَ؛ لِأَنَّ قَطْعَ بَعْضَهَا يَشِينُهَا (وَقَوْلُهُ فَمَحْمُولٌ عَلَى الذَّكَرِ) فِي نُسْخَةٍ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: وَالْأَوْجَهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الذَّكَرِ فِي ذَلِكَ: أَيْ فِي سَنِّ الْحَلْقِ، وَتَقَدَّمَ فِي الْجُمُعَةِ مَا يُوَافِقُ هَذِهِ النُّسْخَةَ (قَوْلُهُ: وَالْخُنْثَى فِي ذَلِكَ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الْمَذْكُورُ يُنَازِعُ فِيهِ. . وَلَوْ خُلِقَ لَهُ رَأْسَانِ فَحَلَقَ أَحَدَهُمَا فِي الْعُمْرَةِ وَالْآخَرَ فِي الْحَجِّ لَمْ يُكْرَهْ لِانْتِفَاءِ الْقَزَعِ، ثُمَّ مَحَلُّ أَفْضَلِيَّةِ الْحَلْقِ مَا لَمْ يَنْذُرْهُ، فَإِنْ نَذَرَهُ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ تَعَيَّنَ وَلَمْ يُجْزِهِ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ فِي حَقِّهِ قُرْبَةٌ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى وَلَوْ اسْتَأْصَلَهُ بِمَا لَا يُسَمَّى حَلْقًا حَصَلَ بِهِ التَّحَلُّلُ وَإِنْ أَثِمَ وَلَزِمَهُ دَمٌ كَمَا لَوْ نَذَرَ الْمَشْيَ فَرَكِبَ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَلْقُ لَوْ طَلَعَ شَعْرُهُ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ النُّسُكَ إنَّمَا هُوَ إزَالَةُ شَعْرٍ يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ، ثُمَّ نَاذِرُ الْحَلْقِ قَدْ يُطْلِقْهُ كَعَلَيَّ الْحَلْقُ أَوْ أَنْ أَحْلِقَ فَيَكْفِيهِ ثَلَاثُ شَعَرَاتٍ، وَقَدْ يُصَرِّحُ بِالِاسْتِيعَابِ فَيَلْزَمُهُ حَلْقُ الْجَمِيعِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ حَلْقُ رَأْسِي فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ مَعَ مُلَاحَظَةِ الْعُرْفِ تُفِيدُ الْعُمُومَ وَبِهِ فَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْآيَةِ، وَيَكْفِي فِي الْحَلْقِ الْوَاجِبِ مُسَمَّاهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْإِمْعَانُ فِي الِاسْتِئْصَالِ وَيَقْرُبُ الرُّجُوعُ إلَى اعْتِبَارِ عَدَمِ رُؤْيَةِ الشَّعْرِ قَالَهُ الْإِمَامُ. وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ رُؤْيَتُهُ لِذِي النَّظَرِ الْمُعْتَدِلِ عَنْ قُرْبِهِ مِنْ الرَّأْسِ (وَالْحَلْقُ) أَيْ إزَالَةُ شَعْرِ الرَّأْسِ أَوْ التَّقْصِيرُ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فِي وَقْتِهِ (نُسُكٌ عَلَى الْمَشْهُورِ) فَيُثَابُ عَلَيْهِ إذْ هُوَ لِلذَّكَرِ أَفْضَلُ مِنْ التَّقْصِيرِ، وَالتَّفْضِيلُ إنَّمَا يَقَعُ فِي الْعِبَادَاتِ دُونَ الْمُبَاحَاتِ وَعَلَى هَذَا هُوَ رُكْنٌ كَمَا سَيَأْتِي وَقِيلَ وَاجِبٌ، وَالثَّانِي هُوَ اسْتِبَاحَةُ مَحْظُورٍ فَلَا يُثَابُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُحْرِمٌ فِي الْإِحْرَامِ فَلَمْ يَكُنْ نُسُكًا كَلُبْسِ الْمَخِيطِ (وَأَقَلُّهُ) أَيْ إزَالَةُ شَعْرِ الرَّأْسِ أَوْ التَّقْصِيرِ (ثَلَاثُ شَعَرَاتٍ) مِنْ رَأْسِهِ فَلَا يُجْزِئُ شَعْرُ غَيْرِهِ وَإِنْ وَجَبَتْ فِيهِ الْفِدْيَةُ أَيْضًا لِوُرُودِ لَفْظِ الْحَلْقِ أَوْ التَّقْصِيرِ فِيهِ وَاخْتِصَاصُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَادَةً بِشَعْرِ الرَّأْسِ وَشَمِلَ ذَلِكَ الْمُسْتَرْسِلَ عَنْهُ وَمَا لَوْ أَخَذَهَا مُتَفَرِّقَةً كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَالْمَنَاسِكِ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الرَّوْضَةِ خِلَافَهُ حَيْثُ بَنَاهُ عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ عَدَمِ تَكْمِيلِ الدَّمِ بِإِزَالَتِهَا الْمُحَرَّمَةِ إذْ يَلْزَمُ مِنْ الْبِنَاءِ الِاتِّحَادُ فِي التَّصْحِيحِ نَعَمْ يَزُولُ بِالتَّفْرِيقِ الْفَضِيلَةُ وَالْأَحْوَطُ تَوَالِيهَا وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: 27] وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَحْلِقُوا أَوْ يُقَصِّرُوا» وَإِطْلَاقُهُ يَقْتَضِي الِاكْتِفَاءَ بِحُصُولِ أَقَلِّ مُسَمَّى اسْمِ الْجِنْسِ الْجَمْعِيِّ الْمُقَدَّرِ فِي مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ: أَيْ شَعْرًا لِرُءُوسِكُمْ، إذْ هِيَ لَا تُحْلَقُ، وَأَقَلُّ مُسَمَّاهُ ثَلَاثٌ، وَلَا يُعَارِضُهُ فِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُقْتَضِي لِلتَّعْمِيمِ؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى بَيَانِ الْأَفْضَلِ، وَاسْتِدْلَالُ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنَّ الْإِجْمَاعَ قَامَ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ التَّعْمِيمِ صَحِيحٌ، إذْ الْمُرَادُ بِهِ إجْمَاعُ الْخَصْمَيْنِ وَهُوَ لَا يَقْتَضِي إجْمَاعَ الْكُلِّ خِلَافًا لِمَنْ فَهِمَ ذَلِكَ فَلَا يُعَكِّرُ عَلَيْهِ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي الِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُكْرَهْ لِانْتِفَاءِ الْقَزَعِ) هَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَ أَصْلِيَّيْنِ وَإِلَّا فَفِيهِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَأْصَلَهُ) أَيْ أَزَالَهُ جَمِيعًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَثِمَ) أَيْ حَيْثُ نَذَرَهُ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ أَمَّا إذَا لَمْ يَنْذُرْهُ فَالْوَاجِبُ مُجَرَّدُ الْإِزَالَةِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: تُفِيدُ الْعُمُومَ) قَدْ يَتَوَقَّفُ فِي إفَادَةِ مَا ذُكِرَ لِلْعُمُومِ مَعَ عَدَمِ إفَادَةِ الْآيَةِ فَإِنَّ الْآيَةَ سِيقَتْ لِلْإِيجَابِ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ مُجَرَّدُ مُلَاحَظَةِ الْفَرْضِيَّةِ مُوجِبَةٌ لِلْعُمُومِ لَزِمَ أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ كَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ الْعُمُومُ هُنَا (قَوْلُهُ: ثَلَاثُ شَعَرَاتٍ) كُلًّا أَوْ بَعْضًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ تَقْصِيرًا (قَوْلُهُ: فَلَا يُجْزِئُ شَعْرُ غَيْرِهِ إلَخْ) قِيَاسُ مَا فِي الْوُضُوءِ أَنَّهُ لَوْ خُلِقَ لَهُ رَأْسَانِ فَإِنْ كَانَا أَصْلِيَّيْنِ اكْتَفَى بِإِزَالَةِ الشَّعْرِ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَإِنْ عُلِمَتْ زِيَادَةُ أَحَدِهِمَا لَمْ يَكْفِ الْأَخْذُ مِنْهُ وَإِنْ اشْتَبَهَ وَجَبَ الْأَخْذُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ ذَلِكَ الْمُسْتَرْسِلَ) أَيْ فَيَكْفِي وَإِنْ طَالَ (قَوْلُهُ: أَوْ تَقْصِيرًا) فَسَّرَهُ فِي الْقَامُوسِ بِأَنَّهُ كَفُّ الشَّعْرِ، وَالْقَصُّ بِأَنَّهُ الْأَخْذُ مِنْهُ بِالْمِقَصِّ: أَيْ الْمِقْرَاضِ، فَعَطْفُهُ عَلَيْهِ الْآتِي مِنْ عَطْفِ الْأَخَصِّ تَأْكِيدًا، وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ التَّقْصِيرَ حَيْثُ أُطْلِقَ فِي كَلَامِهِمْ أُرِيدَ بِهِ الْمَعْنَى الْأَوَّلُ وَهُوَ الْأَخْذُ مِنْ الشَّعْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمَا لَوْ أَخَذَهَا مُتَفَرِّقَةً) أَيْ فِي الزَّمَانِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْبِنَاءِ) التَّرْجِيحُ لَا يُنَاسِبُ مَا صَدَّرَ بِهِ الْعِبَارَةَ مِنْ اعْتِرَافِهِ بِأَنَّ الرَّوْضَةَ تَقْتَضِي ذَلِكَ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُبَدَّلَ الِاقْتِضَاءُ بِالْإِيهَامِ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ شَعْرًا لِرُءُوسِكُمْ) إنَّمَا لَمْ يُقَدِّرْ الْمَحْذُوفَ مُضَافًا فِرَارًا مِنْ زَعْمِ الْإِسْنَوِيِّ الْآتِي، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: إنَّ هَذَا غَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّ فِيهِ

أَحْمَدَ وَغَيْرَهُ قَائِلُونَ بِوُجُوبِهِ، وَزَعَمَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ الْآيَةَ تَقْتَضِي التَّعْمِيمَ؛ لِأَنَّ شَعْرَ الْمُقَدَّرِ فِيهَا مُضَافٌ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ أَخْذُ شَعْرَةٍ عَلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَقَدْ نُقِلَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يُجْزِي أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ مِنْ شَعْرِ الرَّأْسِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِرَأْسِهِ شَعْرَةٌ أَوْ شَعْرَتَانِ فَقَطْ كَانَ الرُّكْنُ فِي حَقِّهِ إزَالَةُ ذَلِكَ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَيَكْفِي فِي الْإِزَالَةِ أَخْذُ الشَّعْرِ (حَلْقًا أَوْ تَقْصِيرًا أَوْ نَتْفًا أَوْ إحْرَاقًا أَوْ قَصًّا) أَوْ أَخْذُهُ بِنُورَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْإِزَالَةُ وَكُلٌّ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ طَرِيقٌ إلَيْهَا (وَمَنْ لَا شَعْرَ) كَائِنٌ (بِرَأْسِهِ) أَوْ بَعْضِهِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنْ خُلِقَ كَذَلِكَ أَوْ كَانَ قَدْ حَلَقَ وَاعْتَمَرَ مِنْ سَاعَتِهِ كَمَا مَثَّلَهُ الْعُمْرَانِيُّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. نَعَمْ (يُسْتَحَبُّ) لَهُ (إمْرَارُ الْمُوسَى عَلَيْهِ) إنْ كَانَ ذَكَرًا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَوْ أَخَذَ مِنْ لِحْيَتِهِ أَوْ شَارِبِهِ شَيْئًا كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ لِئَلَّا يَخْلُوَ عَنْ أَخْذِ الشَّعْرِ، وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي أَنَّ سَائِرَ مَا يُزَالُ لِلْفِطْرَةِ كَذَلِكَ، بَلْ الْوَجْهُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَدَمُ التَّقْيِيدِ بِمَا يُزَالُ فِيهَا، وَصَرَّحَ الْقَاضِي بِأَنَّهُ يُنْدَبُ لِلْمُقَصِّرِ أَيْضًا مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَصَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا حَلَقَ رَأْسَهُ قَصَّ أَظْفَارَهُ» : أَيْ فَيُسَنُّ لِلْحَالِقِ أَيْضًا، وَإِنَّمَا وَجَبَ مَسْحُ الرَّأْسِ فِي الْوُضُوءِ عِنْدَ فَقْدِ شَعْرِهِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ تَعَلَّقَ ثَمَّ بِالرَّأْسِ وَهُنَا بِشَعْرِهِ، وَلَوْ عَجَزَ عَنْ أَخْذِهِ لِنَحْوِ جِرَاحَةٍ صَبَرَ إلَى قُدْرَتِهِ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ، وَيُسَنُّ لِلْحَالِقِ الْبُدَاءَةُ بِشِقِّهِ الْأَيْمَنِ فَيَسْتَوْعِبُهُ بِالْحَلْقِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ، وَأَنْ يَسْتَقْبِلَ الْمَحْلُوقُ الْقِبْلَةَ وَأَنْ يُكَبِّرَ بَعْدَ فَرَاغِهِ وَأَنْ يَدْفِنَ شَعْرَهُ لَا سِيَّمَا الْحَسَنُ لِئَلَّا يُؤْخَذَ لِلْوَصْلِ، وَأَنْ يَسْتَوْعِبَ الْحَلْقَ أَوْ التَّقْصِيرَ وَأَنْ يَكُونَ بَعْدَ كَمَالِ الرَّمْيِ، وَغَيْرُ الْمُحْرِمِ مِثْلُهُ فِيمَا ذُكِرَ غَيْرَ التَّكْبِيرِ، وَأَنْ يَبْلُغَ بِالْحَلْقِ إلَى الْعَظْمَتَيْنِ مِنْ الْأَصْدَاغِ، وَأَنْ لَا يُشَارِطَ عَلَيْهِ وَأَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ ظُفْرِهِ عِنْدَ فَرَاغِهِ، وَأَنْ يَقُولَ بَعْدَ فَرَاغِهِ: اللَّهُمَّ آتِنِي بِكُلِّ شَعْرَةٍ حَسَنَةٍ، وَامْحُ عَنِّي بِهَا سَيِّئَةً، وَارْفَعْ لِي بِهَا دَرَجَةً، وَاغْفِرْ لِي وَلِلْمُحَلِّقِينَ وَالْمُقَصِّرِينَ وَجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ. (فَإِذَا حَلَقَ أَوْ قَصَّرَ دَخَلَ مَكَّةَ وَطَافَ طَوَافَ الرُّكْنِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَالسُّنَّةُ أَنْ يَرْمِيَ بَعْدَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ قَدْرَ رُمْحٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِمِقَصٍّ أَوْ غَيْرِهِ اهـ حَجّ وَعِبَارَةُ الْقَامُوسِ: كَفَّ مِنْهُ: أَيْ أَخَذَ وَبِهَذَا يَظْهَرُ مَعْنَى قَوْلِهِ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ التَّقْصِيرَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ ذَكَرًا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْأُنْثَى لَا تَفْعَلُ ذَلِكَ، وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّ لَهَا ذَلِكَ أَيْضًا كَالرَّجُلِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا (قَوْلُهُ لِلْفِطْرَةِ) أَيْ الْخِلْقَةِ وَالْمُرَادُ مَا يُزَالُ لِتَحْسِينِ الْهَيْئَةِ (قَوْلُهُ: لِنَحْوِ جِرَاحَةٍ) أَيْ يُتَوَقَّعُ زَوَالُهَا عَنْ قُرْبٍ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ لِلْحَالِقِ) أَيْ مُطْلَقًا مُحْرِمًا أَوْ غَيْرَهُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُكَبِّرَ بَعْدَ فَرَاغِهِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَا يُكَبِّرُ حَالَ الْحَلْقِ. وَفِي الدَّمِيرِيِّ مَا نَصُّهُ: وَأَنْ يُكَبِّرَ إلَى أَنْ يَفْرُغَ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ: وَفِي مُثِيرِ الْغَرَامِ السَّاكِنِ عَنْ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ قَالَ: أَخْطَأْت فِي حَلْقِ رَأْسِي فِي خَمْسَةِ أَحْكَامٍ عَلَّمَنِيهَا حَجَّامٌ، وَذَلِكَ أَنِّي أَتَيْت إلَى حَجَّامٍ بِمِنًى فَقُلْت لَهُ: بِكَمْ تَحْلِقُ رَأْسِي؟ فَقَالَ: أَعِرَاقِيٌّ أَنْتَ؟ قُلْت نَعَمْ، قَالَ: النُّسُكُ لَا يُشَارَطُ عَلَيْهِ، قَالَ فَجَلَسْت مُنْحَرِفًا عَنْ الْقِبْلَةِ فَقَالَ لِي: حَوِّلْ وَجْهَك إلَى الْقِبْلَةِ، فَحَوَّلْته وَأَدَرْتُهُ أَنْ يَحْلِقَ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ فَقَالَ لِي: أَدِرْ الْيَمِينَ فَأَدَرْتُهُ فَجَعَلَ يَحْلِقُ وَأَنَا سَاكِتٌ، فَقَالَ: كَبِّرْ كَبِّرْ، فَكَبَّرْت فَلَمَّا فَرَغْت قُمْت لِأَذْهَبَ فَقَالَ: صَلِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ امْضِ. قُلْت لَهُ: مِنْ أَيْنَ مَا أَمَرْتنِي بِهِ؟ قَالَ: رَأَيْت عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ يَفْعَلُهُ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: غَيْرُ التَّكْبِيرِ) أَيْ وَغَيْرُ الرَّمْيِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يُشَارِطَ عَلَيْهِ) أَيْ أَنْ لَا يَشْرِطَ لِلْحَالِقِ أُجْرَةً مَعْلُومَةً، وَعِبَارَةُ حَجّ كَذَا أَطْلَقُوهُ، وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُمْ أَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَيَانُ أَنَّ الْإِضَافَةَ عَلَى مَعْنَى اللَّامِ فَلَمْ يَخْرُجْ عَمَّا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضَهُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ) مُرَادُهُ بِذَلِكَ أَنَّ الشَّعْرَ لَوْ كَانَ بِبَعْضِ رَأْسِهِ فَقَطْ يُسَنُّ لَهُ إمْرَارُ الْمُوسَى عَلَى الْبَاقِي، وَإِنْ كَانَ سِيَاقُهُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ صَحِيحٍ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ الْقَاضِي بِأَنَّهُ يُنْدَبُ لِلْمُقَصِّرِ أَيْضًا إلَخْ) هَذَا لَيْسَ فِي خُصُوصِ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ كَوْنِهِ لَا شَعْرَ بِرَأْسِهِ،

ثُمَّ يَنْحَرَ ثُمَّ يَحْلِقَ، ثُمَّ يَطُوفَ ضَحْوَةً وَلِهَذَا الطَّوَافِ أَسْمَاءٌ غَيْرُ ذَلِكَ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ يَوْمَ النَّحْرِ، وَيُسَنُّ أَنْ يَشْرَبَ بَعْدَهُ مِنْ سِقَايَةِ الْعَبَّاسِ مِنْ زَمْزَمَ لِلِاتِّبَاعِ (وَسَعَى) بَعْدَهُ (إنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى) بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ كَمَا مَرَّ وَهَذَا السَّعْيُ رُكْنٌ كَمَا سَيَأْتِي (ثُمَّ يَعُودُ) مِنْ مَكَّةَ (إلَى مِنًى) قَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ بِحَيْثُ يُصَلِّي بِهَا الظُّهْرَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَلَا يُعَارِضُهُ مَا رَوَاهُ أَيْضًا عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلَّى الظُّهْرَ يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ» فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنَّهُ صَلَّى بِمَكَّةَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى مِنًى فَصَلَّى بِهَا ثَانِيًا إمَامًا لِأَصْحَابِهِ كَمَا صَلَّى بِهِمْ فِي بَطْنِ نَخْلٍ مَرَّةً بِطَائِفَةٍ وَمَرَّةً بِأُخْرَى، فَرَوَى ابْنُ عُمَرَ صَلَاتَهُ بِمِنًى وَجَابِرٌ صَلَاتَهُ بِمَكَّةَ، وَأَمَّا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَّرَ طَوَافَ يَوْمِ النَّحْرِ إلَى اللَّيْلِ» فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ أَخَّرَ طَوَافَ نِسَائِهِ وَذَهَبَ مَعَهُنَّ (وَهَذَا) الَّذِي يُفْعَلُ يَوْمَ النَّحْرِ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ أَرْبَعَةٌ وَهِيَ (الرَّمْيُ وَالذَّبْحُ وَالْحَلْقُ وَالطَّوَافُ وَيُسَنُّ تَرْتِيبُهَا) (كَمَا ذَكَرْنَا) وَلَا يَجِبُ لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ «أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي حَلَقْت قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ، فَقَالَ: ارْمِ وَلَا حَرَجَ، وَأَتَاهُ آخَرُ فَقَالَ: إنِّي أَفَضْت إلَى الْبَيْتِ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ، فَقَالَ: ارْمِ وَلَا حَرَجَ» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ يَوْمئِذٍ قُدِّمَ وَلَا أُخِّرَ إلَّا قَالَ: افْعَلْ وَلَا حَرَجَ» (وَيَدْخُلُ وَقْتُهَا) مَا سِوَى ذَبْحِ الْهَدْيِ (بِنِصْفِ لَيْلَةِ النَّحْرِ) لِمَنْ وَقَفَ قَبْلَهُ لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَرْسَلَ أُمَّ سَلَمَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ فَرَمَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَفَاضَتْ» وَقِيسَ الطَّوَافُ وَالْحَلْقُ عَلَى الرَّمْيِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْ أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ، وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ الْخَبَرِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَّقَ الرَّمْيَ بِمَا قَبْلَ الْفَجْرِ، وَهُوَ صَالِحٌ لِجَمِيعِ اللَّيْلِ وَلَا ضَابِطَ لَهُ، فَجَعَلَ النِّصْفَ ضَابِطًا؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْحَقِيقَةِ مِمَّا قَبْلَهُ؛ وَلِأَنَّهُ وَقْتٌ لِلدَّفْعِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ وَلِأَذَانِ الصُّبْحِ فَكَانَ وَقْتًا لِلرَّمْيِ كَمَا بَعْدَ الْفَجْرِ، وَيُسَنُّ تَأْخِيرُهَا إلَى بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ لِلِاتِّبَاعِ، أَمَّا إذَا فَعَلَهَا بَعْدَ انْتِصَافِ اللَّيْلِ وَقَبْلَ الْوُقُوفِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَتُهَا، وَأَمَّا ذَبْحُ الْهَدْيِ الْمَسُوقِ تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَيَدْخُلُ وَقْتُهُ بِدُخُولِ وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ كَمَا سَيَأْتِي. (وَيَبْقَى وَقْتُ الرَّمْيِ إلَى آخِرِ يَوْمِ النَّحْرِ) لِمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ: «أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنِّي رَمَيْت بَعْدَمَا أَمْسَيْت، فَقَالَ: لَا حَرَجَ» وَالْمَسَاءُ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ مِنْ خُرُوج وَقْتِهِ بِالْغُرُوبِ مَحْمُولٌ عَلَى وَقْتِ الِاخْتِيَارِ، وَإِلَّا فَلَوْ أَخَّرَ رَمْيَ يَوْمٍ إلَى مَا بَعْدَهُ مِنْ أَيَّامِ الرَّمْيِ وَقَعَ أَدَاءً، وَصَرَّحَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ وَقْتَ ـــــــــــــــــــــــــــــSيُعْطِيهِ ابْتِدَاءً مَا تَطِيبُ بِهِ نَفْسُهُ فَإِنْ رَضِيَ وَإِلَّا زَادَهُ، لَا أَنَّهُ يَسْكُتُ إلَى فَرَاغِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ رُبَّمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ نِزَاعٌ إذَا لَمْ يَرْضَ الْحَلَّاقُ بِمَا يُعْطِيهِ لَهُ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا الطَّوَافِ أَسْمَاءٌ) مِنْهَا طَوَافُ الْإِفَاضَةِ وَطَوَافُ الزِّيَارَةِ وَطَوَافُ الْفَرْضِ وَطَوَافُ الصَّدَرِ بِفَتْحِ الصَّادِ وَالدَّالِ اهـ شَرْحُ الْمُهَذَّبِ (قَوْلُهُ: فَرَمَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ) أَيْ بِأَمْرٍ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: وَهُوَ صَالِحٌ) أَيْ مَا قَبْلَ الْفَجْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَلْ هُوَ وَمَا بَعْدَهُ حُكْمٌ عَامٌّ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي فِي الْجَمْعِ (قَوْلُهُ وَهِيَ الرَّمْيُ إلَخْ) هَذَا الْحَلُّ مِنْ الشَّارِحِ يُوجِبُ أَنْ يَصِيرَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ يُسَنُّ تَرْتِيبُهَا الَّذِي كَانَ خَبَرًا لِهَذَا فِي كَلَامِهِ خَبَرًا ثَانِيًا لِقَوْلِهِ هُوَ وَهِيَ وَخَبَرُهُ الْأَوَّلُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الرَّمْيُ (قَوْلُهُ: وَقِيسَ الطَّوَافُ وَالْحَلْقُ إلَخْ) كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي مَحَلٍّ لَكِنَّهُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ سَاقَ خَبَرَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ أُمَّ سَلَمَةَ لِتَطُوفَ قَبْلَ الْفَجْرِ» ، وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُقَالُ: الطَّوَافُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَصْرَحُ مِنْ الرَّمْيِ فَهَلَّا جُعِلَ أَصْلًا، وَقِيسَ عَلَيْهِ هَلْ يُحْتَاجُ لِلْقِيَاسِ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ عَلَى أَنَّ النَّصَّ هُنَا غَيْرُ مُسَلَّمٍ كَمَا يَأْتِي إلَّا أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ قَبْلَ الْفَجْرِ مُتَعَلِّقٌ بِبَعَثَ (قَوْلُهُ: إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَّقَ إلَخْ) فِيهِ أَنْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُعَلِّقْ، بَلْ الَّذِي فِي الْخَبَرِ أَنَّهُ أَرْسَلَ أُمَّ سَلَمَةَ فَوَقَعَ أَنَّهَا رَمَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ

الْفَضِيلَةِ لِرَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ يَنْتَهِي بِالزَّوَالِ فَيَكُونُ لِرَمْيِهِ ثَلَاثَةُ أَوْقَاتٍ: وَقْتُ فَضِيلَةٍ إلَى الزَّوَالِ، وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ إلَى الْغُرُوبِ وَوَقْتُ جَوَازٍ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. (وَلَا يَخْتَصُّ الذَّبْحُ) لِلْهَدْيِ الْمُتَقَرَّبِ بِهِ (بِزَمَنٍ) لَكِنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْحَرَمِ بِخِلَافِ الضَّحَايَا فَتَخْتَصُّ بِالْعِيدِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ (قُلْت: الصَّحِيحُ اخْتِصَاصُهُ بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ، وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ بَابِ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ عَلَى الصَّوَابِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَعِبَارَتُهُ هُنَاكَ: وَوَقْتُهُ وَقْتُ الْأُضْحِيَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقَدْ بَنَاهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا فَهِمَهُ مِنْ كَوْنِ مُرَادِ الرَّافِعِيِّ بِالْهَدْيِ هُنَا الْمُسَاقُ تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مُرَادُهُ هُنَا دَمُ الْجُبْرَانَاتِ وَالْمَحْظُورَاتِ فَلَا يَخْتَصُّ بِزَمَنٍ كَوَفَاءِ سَائِرِ الدُّيُونِ، وَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا ثُمَّ يَذْبَحُ مَنْ مَعَهُ مُدًّا مَا يُسَاقُ تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَيَخْتَصُّ بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي آخِرِ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ فَلَمْ يَتَوَارَدْ كَلَامُهُمَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ حَتَّى يُعَدَّ تَنَاقُضًا نَعَمْ اعْتِرَاضُهُ مُتَوَجِّهٌ عَلَى الرَّافِعِيِّ مِنْ حَيْثُ إطْلَاقُهُ الْهَدْيَ وَهُوَ مُشْتَرَكٌ كَمَا مَرَّ (وَالْحَلْقُ) بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ أَوْ التَّقْصِيرُ (وَالطَّوَافُ وَالسَّعْيُ) إنْ لَمْ يَكُنْ فُعِلَ بَعْدَ طَوَافِ قُدُومٍ (لَا آخِرَ لِوَقْتِهَا) إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ التَّأْقِيتِ، وَيَبْقَى مَنْ عَلَيْهِ ذَلِكَ مُحْرِمًا حَتَّى يَأْتِيَ بِهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ نَعَمْ الْأَفْضَلُ فِعْلُهَا فِي يَوْمِ النَّحْرِ، وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُهَا عَنْ يَوْمِهِ وَعَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَشَدُّ كَرَاهَةً وَعَنْ خُرُوجِهِ مِنْ مَكَّةَ أَشَدُّ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي جَوَازِ تَأْخِيرِهَا عَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَا يُقَالُ: بَقَاؤُهُ عَلَى إحْرَامِهِ يُشْكِلُ بِقَوْلِهِمْ لَيْسَ لِصَاحِبِ الْفَوَاتِ مُصَابَرَةُ الْإِحْرَامِ إلَى قَابِلٍ إذْ اسْتِدَامَةُ الْإِحْرَامِ كَابْتِدَائِهِ وَابْتِدَاؤُهُ غَيْرُ جَائِزٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: هُوَ غَيْرُ مُسْتَفِيدٍ فِي تِلْكَ بِبَقَائِهِ عَلَى إحْرَامِهِ شَيْئًا سِوَى مَحْضِ تَعْذِيبِ نَفْسِهِ لِخُرُوجِ وَقْتِ الْوُقُوفِ فَحَرُمَ بَقَاؤُهُ عَلَى إحْرَامِهِ وَأُمِرَ بِالتَّحَلُّلِ، وَأَمَّا هُنَا فَوَقْتُ مَا أَخَّرَهُ بَاقٍ فَلَا يَحْرُمُ بَقَاؤُهُ عَلَى إحْرَامِهِ وَلَا يُؤْمَرُ بِالتَّحَلُّلِ، وَهُوَ بِمَثَابَةِ مَنْ أَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا ثُمَّ مَدَّهَا بِالْقِرَاءَةِ إلَى خُرُوجِ وَقْتِهَا، فَإِنْ كَانَ طَافَ لِلْوَدَاعِ وَخَرَجَ وَقَعَ عَنْ طَوَافِ الْفَرْضِ، وَإِنْ لَمْ يَطُفْ لِوَدَاعٍ وَلَا غَيْرِهِ لَمْ يَسْتَبِحْ النِّسَاءَ وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ لِبَقَائِهِ مُحْرِمًا (وَإِذَا قُلْنَا الْحَلْقُ نُسُكٌ) وَهُوَ الْمَشْهُورُ (فَفَعَلَ اثْنَيْنِ مِنْ الرَّمْيِ) أَيْ يَوْمَ النَّحْرِ (وَالْحَلْقِ) أَوْ التَّقْصِيرِ (وَالطَّوَافُ) الْمَتْبُوعَ بِالسَّعْيِ إنْ لَمْ يَكُنْ فُعِلَ قَبْلُ (حَصَلَ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ) مِنْ تَحَلُّلَيْ الْحَجِّ (وَحَلَّ بِهِ اللُّبْسُ) وَسَتْرُ الرَّأْسِ لِلذَّكَرِ وَالْوَجْهِ لِلْأُنْثَى (وَالْحَلْقُ) إنْ لَمْ يَفْعَلْ وَإِنْ لَمْ تَجْعَلْهُ نُسُكًا (وَالْقَلْمُ) وَالطِّيبُ بَلْ يُسَنُّ التَّطَيُّبُ لِخَبَرِ عَائِشَةَ «طَيَّبْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ، وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَالدُّهْنُ يُلْحَقُ بِالتَّطَيُّبِ وَكَذَا الْبَاقِي بِجَامِعِ الِاشْتِرَاكِ فِي الِاسْتِمْتَاعِ (وَكَذَا) يَحِلُّ (الصَّيْدُ وَعَقْدُ النِّكَاحِ) وَكَذَا الْمُبَاشَرَةُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ كَالْقُبْلَةِ وَالْمُلَامَسَةِ (فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ الَّتِي يُوجِبُ تَعَاطِيهَا إفْسَادًا فَأَشْبَهَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَهُوَ مُشْتَرَكٌ كَمَا مَرَّ) لَيْسَ فِيمَا مَرَّ إطْلَاقُهُ عَلَى دَمِ الْجُبْرَانِ الَّذِي جَعَلَهُ الشَّارِحُ مُرَادًا هُنَا مِنْ الْهَدْيِ وَيُمْكِنُ أَنَّهُ أَرَادَ مَا مَرَّ فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: وَيَبْقَى مَنْ عَلَيْهِ ذَلِكَ مُحْرِمًا) أَيْ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ (قَوْلُهُ: لِبَقَائِهِ مُحْرِمًا) ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِنْ كَانَ الظَّنُّ بِهَا أَنَّهَا لَمْ تَفْعَلْ ذَلِكَ إلَّا عَنْ إذْنٍ (قَوْلُهُ: وَعِبَارَتُهُ) أَيْ الْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِلْمُحَرَّرِ بِمَعْنَاهُ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَتَوَارَدْ كَلَامُهُمَا) كَذَا فِي النُّسَخِ، وَلَعَلَّ مَا زَائِدَةٌ مِنْ النُّسَّاخِ، وَالصَّوَابُ كَلَامُهُ: أَيْ الرَّافِعِيِّ، وَيَجُوزُ رُجُوعُ الضَّمِيرِ إلَى الْمَوْضِعَيْنِ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَفْعَلْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَلْقِ هُنَا حَلْقُ الرَّأْسِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا الْحَلْقَ لَمْ يَحِلَّ لَهُ إلَّا بَعْدَ فِعْلِ الْآخَرِينَ فَيُنَافِي مَا الْكَلَامُ فِيهِ وَهُوَ تَابِعٌ فِيهِ لِلْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ وَمَا الْمَانِعُ مِنْ إرَادَةِ بَاقِي شُعُورِ الْبَدَنِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْهُ نُسُكًا) اُنْظُرْ مَا مَوْقِعُهُ، وَلَعَلَّ كَلِمَةَ إنْ بَعْدَ الْوَاوِ زَائِدَةٌ وَمَعَ ذَلِكَ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَنَافٍ فِي أَطْرَافِ الْكَلَامِ كَمَا يُدْرَكُ بِالتَّأَمُّلِ (قَوْلُهُ الَّتِي يُوجِبُ تَعَاطِيهَا) كَذَا فِي النُّسَخِ، وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْهُ كَلِمَةُ لَا قَبْلَ قَوْلِهِ يُوجِبُ مِنْ النُّسَّاخِ حَتَّى يُوَافِقَ كَلَامَ غَيْرِهِ وَالْمَعْنَى

[المبيت بمنى ليالي أيام التشريق]

الْحَلْقَ، وَصُحِّحَ هَذَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ (قُلْت: الْأَظْهَرُ لَا يَحِلُّ عَقْدُ النِّكَاحِ) وَكَذَا الْمُبَاشَرَةُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِخَبَرِ «إذَا رَمَيْتُمْ الْجَمْرَةَ فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ» (وَإِذَا فَعَلَ الثَّالِثَ) بَعْدَ الِاثْنَيْنِ (حَصَلَ التَّحَلُّلُ الثَّانِي وَحَلَّ بِهِ بَاقِي الْمُحَرَّمَاتِ) إجْمَاعًا، وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِمَا بَقِيَ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ وَهُوَ الرَّمْيُ وَالْمَبِيتُ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُحْرِمٍ كَمَا يَخْرُجُ الْمُصَلِّي بِالتَّسْلِيمَةِ الْأُولَى مِنْ صَلَاتِهِ وَيُطْلَبُ مِنْهُ الثَّانِيَةُ وَإِنْ كَانَ الْمَطْلُوبُ وَاجِبًا وَثَمَّ مَنْدُوبًا، وَيُسَنُّ تَأْخِيرُ الْوَطْءِ عَنْ بَاقِي أَيَّامِ الرَّمْيِ لِيَزُولَ عَنْهُ أَثَرُ الْإِحْرَامِ، وَلَا يُعَارِضُهُ خَبَرُ «أَيَّامُ مِنًى أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَبِعَالٍ» لِجَوَازِ ذَلِكَ فِيهَا، إنَّمَا اُسْتُحِبَّ لِلْحَاجِّ تَرْكُ الْجِمَاعِ لِمَا ذُكِرَ، وَمَنْ فَاتَهُ رَمْيُ يَوْمِ النَّحْرِ بِأَنْ أَخَّرَهُ عَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَلَزِمَهُ بَدَلُهُ تَوَقَّفَ التَّحَلُّلُ عَلَى الْبَدَلِ وَلَوْ صَوْمًا لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ، وَيُفَارِقُ الْمُحْصَرَ الْعَادِمَ لِلْهَدْيِ حَيْثُ لَمْ يَتَوَقَّفْ تَحَلُّلُهُ عَلَى بَدَلِهِ وَهُوَ الصَّوْمُ بِأَنَّ الْمُحْصَرَ لَيْسَ لَهُ إلَّا تَحَلُّلٌ وَاحِدٌ، فَلَوْ تَوَقَّفَ تَحَلُّلُهُ عَلَى الْبَدَلِ لَشَقَّ عَلَيْهِ الْمُقَامُ عَلَى سَائِرِ مُحَرَّمَاتِ الْحَجِّ إلَى الْإِتْيَانِ بِالْبَدَلِ، وَاَلَّذِي يَفُوتُهُ الرَّمْيُ يُمْكِنُهُ الشُّرُوعُ فِي التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ، فَإِذَا أَتَى بِهِ حَلَّ لَهُ مَا عَدَا النِّكَاحِ وَمُقَدِّمَاتِهِ وَعَقْدِهِ فَلَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي الْإِقَامَةِ عَلَى إحْرَامِهِ حَتَّى يَأْتِيَ بِالْبَدَلِ، هَذَا فِي تَحَلُّلِ الْحَجِّ، أَمَّا الْعُمْرَةُ فَلَيْسَ لَهَا سِوَى تَحَلُّلٍ وَاحِدٍ، إذْ الْحَجُّ يَطُولُ زَمَنُهُ وَتَكْثُرُ أَعْمَالُهُ فَأُبِيحَ بَعْضُ مُحَرَّمَاتِهِ فِي وَقْتٍ وَبَعْضُهَا فِي وَقْتٍ آخَرَ بِخِلَافِ الْعُمْرَةِ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ الْحَيْضُ، وَالْجَنَابَةُ لَمَّا طَالَ زَمَنُ الْحَيْضِ جُعِلَ لِارْتِفَاعِ مَحْظُورَاتِهِ مَحِلَّانِ انْقِطَاعٌ الدَّمِ وَالِاغْتِسَالُ وَالْجَنَابَةُ لَمَّا قَصُرَ زَمَنُهَا جُعِلَ لِارْتِفَاعِ مَحْظُورَاتِهَا مَحَلٌّ وَاحِدٌ. . فِي الْمَبِيتِ بِمِنًى لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ الَّتِي عَقِبَ يَوْمِ الْعِيدِ وَفِيمَا يُذْكَرُ مَعَهُ (إذَا عَادَ إلَى مِنًى) بَعْدَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ إنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى بَعْدَ قُدُومٍ (بَاتَ بِهَا) حَتْمًا (لَيْلَتَيْ) يَوْمَيْ (التَّشْرِيقِ) وَالثَّالِثَةُ أَيْضًا لِلِاتِّبَاعِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ مَعَ خَبَرِ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» وَالْوَاجِبُ فِيهِ مُعْظَمُ اللَّيْلِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيتُ بِمَكَانٍ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِمُعْظَمِ اللَّيْلِ، وَإِنَّمَا اُكْتُفِيَ بِسَاعَةٍ فِي نِصْفِهِ الثَّانِي بِمُزْدَلِفَةَ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ فِيهَا بِخُصُوصِهَا عَلَى ذَلِكَ إذْ بَقِيَّةُ الْمَنَاسِكِ يَدْخُلُ وَقْتُهَا بِنِصْفِهِ وَهِيَ كَثِيرَةٌ مَشَقَّةٌ فَسُومِحَ فِي التَّخْفِيفِ لِأَجْلِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَهَلْ لَهُ إذَا تَعَذَّرَ عَوْدُهُ إلَى مَكَّةَ التَّحَلُّلَ كَالْمُحْصَرِ أَوْ لَا لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الطَّوَافِ مَعَ تَمَكُّنِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يُبْعِدُ الْأَوَّلُ قِيَاسَ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْحَائِضِ وَإِنْ كَانَتْ مَعْذُورَةً، وَتَقْصِيرُهُ بِتَرْكِ الطَّوَافِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ. لَا يَمْنَعُ لِقِيَامِ الْعُذْرِ بِهِ الْآنَ كَمَنْ كَسَرَ رِجْلَيْهِ عَمْدًا فَعَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ حَيْثُ يُصَلِّي جَالِسًا وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لَوْ شُفِيَ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَبِعَالٍ) أَيْ جِمَاعٍ (قَوْلُهُ: لِمَا ذُكِرَ) أَيْ قَوْلُهُ لِيَزُولَ عَنْهُ أَثَرُ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ: مَحَلٌّ وَاحِدٌ) أَيْ وَهُوَ الِاغْتِسَالُ. (فَصْلٌ) فِي الْمَبِيتِ بِمِنًى (قَوْلُهُ: وَفِيمَا يُذْكَرُ مَعَهُ) كَزِيَارَةِ قَبْرِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَطَوَافِ الْوَدَاعِ (قَوْلُهُ: وَالْوَاجِبُ فِيهِ مُعْظَمُ اللَّيْلِ) هَذَا يَتَحَقَّقُ بِمَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ وَلَوْ بِلَحْظَةٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا يُسَمَّى مُعْظَمًا فِي الْعُرْفِ فَلَا يَكْفِي ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْمَبِيتِ بِمِنًى لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ] فَصْلٌ) فِي الْمَبِيتِ بِمِنًى (قَوْلُهُ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نَصَّ فِيهَا بِخُصُوصِهَا عَلَى ذَلِكَ) أَيْ وَمُسْتَنَدُ نَصِّهِ مَا مَرَّ فِي الشَّارِحِ مِنْ أَنَّهُ

وَهَذِهِ الْأَيَّامُ هِيَ الْمَعْدُودَاتُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203] وَأَمَّا الْمَعْلُومَاتُ فَهِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي سُورَةِ الْحَجِّ فِي قَوْله تَعَالَى {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحج: 28] وَهِيَ الْعَشْرُ الْأُوَلُ مِنْ الْحِجَّةِ. (وَرَمْيُ كُلُّ يَوْمٍ) مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ حَادِي عَشَرَ الْحِجَّةِ وَتَالِيَاهُ (إلَى الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ) وَإِنْ كَانَ الرَّامِي فِيهَا وَالْأُولَى مِنْهَا تَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ، وَهِيَ الْكُبْرَى وَالثَّانِيَةُ الْوُسْطَى وَالثَّالِثَةُ جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ وَيَرْمِي (كُلَّ جَمْرَةٍ سَبْعَ حَصَيَاتٍ) لِلِاتِّبَاعِ فَمَجْمُوعُ الْمَرْمِيِّ بِهِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ثَلَاثٌ وَسِتُّونَ حَصَاةً (فَإِذَا) (رَمَى الْيَوْمَ) الْأَوَّلَ (وَ) الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ (وَأَرَادَ النَّفْرَ) مَعَ النَّاسِ (قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ) فِي الْيَوْمِ الثَّانِي (جَازَ وَسَقَطَ مَبِيتُ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ وَرَمَى يَوْمَهَا) وَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 203] وَلِإِتْيَانِهِ بِمُعْظَمِ الْعِبَادَةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا بَاتَ اللَّيْلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فَلَوْ لَمْ يَبِتْهُمَا لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ مَبِيتُ الثَّالِثَةِ وَلَا رَمْيُ يَوْمِهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ فِيمَنْ لَا عُذْرَ لَهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الرُّويَانِيِّ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَكَذَا لَوْ نَفَرَ بَعْدَ الْمَبِيتِ وَقَبْلَ الرَّمْيِ كَمَا يَفْهَمُهُ تَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ بِبُعْدِ الرَّمْيِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْعُمْرَانِيُّ عَنْ الشَّرِيفِ الْعُثْمَانِيِّ قَالَ: لِأَنَّ هَذَا النَّفْرَ غَيْرُ جَائِزٍ، قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: وَهُوَ صَحِيحٌ مُتَّجَهٌ، وَاسْتَظْهَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَالشَّرْطُ أَنْ يَنْفِرَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَالرَّمْيِ، قَالَ الْأَصْحَابُ: الْأَفْضَلُ تَأْخِيرُ النَّفْرِ إلَى الثَّالِثِ لَا سِيَّمَا لِلْإِمَامِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لِلِاتِّبَاعِ إلَّا لِعُذْرٍ كَغَلَاءٍ وَنَحْوِهِ، بَلْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: لَيْسَ لِلْإِمَامِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَتْبُوعٌ فَلَا يَنْفِرُ إلَّا بَعْدَ كَمَالِ الْمَنَاسِكِ، حَكَاهُ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَيَتْرُكُ حَصَى الْيَوْمِ الثَّالِثِ أَوْ يَدْفَعُهَا لِمَنْ لَمْ يَرْمِ وَلَا يَنْفِرُ بِهَا، وَأَمَّا مَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ مِنْ دَفْنِهَا فَلَا أَصْلَ لَهُ. (فَإِنْ) (لَمْ يَنْفِرْ) بِكَسْرِ الْفَاءِ وَضَمِّهَا أَيْ يَذْهَبْ (حَتَّى غَرَبَتْ) أَيْ الشَّمْسُ (وَجَبَ مَبِيتُهَا وَرَمْيُ الْغَدِ) وَلَوْ غَرَبَتْ وَهُوَ فِي شُغْلِ الِارْتِحَالِ فَلَهُ النَّفْرُ؛ لِأَنَّ فِي تَكْلِيفِهِ حَلَّ الرَّحْلِ وَالْمَتَاعِ مَشَقَّةٌ عَلَيْهِ، كَذَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِأَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الرَّافِعِيِّ، وَهُوَ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: غَلَطٌ سَبَبُهُ سُقُوطُ شَيْءٍ مِنْ نُسَخِ الْعَزِيزِ، وَالْمُصَحَّحُ فِيهِ وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَمَنَاسِكِ الْمُصَنِّفِ امْتِنَاعُ النَّفْرِ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ ارْتَحَلَ وَغَرَبَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ انْفِصَالِهِ مِنْ مِنًى فَإِنَّ لَهُ النَّفْرَ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: يَخْرُجُ مِنْ هَذَا مَسْأَلَةٌ حَسَنَةٌ تَعُمُّ بِهَا الْبَلْوَى، وَهِيَ أَنَّ أُمَرَاءَ الْحَجِيجِ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ يَبِيتُونَ بِمُعْظَمِ الْحَجِيجِ بِمِنَى اللَّيْلَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَهَذِهِ الْأَيَّامُ) أَيْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْكُبْرَى) وَتَقَدَّمَ أَنَّ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ تُسَمَّى الْكُبْرَى فَلَفْظُ الْكُبْرَى مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ وَجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْفِرُ بِهَا) أَيْ لَا يَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الْفَاءِ وَضَمِّهَا) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ نَفَرَتْ الدَّابَّةُ تَنْفِرُ بِالْكَسْرِ نِفَارًا وَتَنْفُرُ بِالضَّمِّ نُفُورًا وَنَفَرَ الْحَاجُّ مِنْ مِنًى مِنْ بَابِ ضَرَبَ. اهـ. وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ كحج إلَّا أَنْ يُقَالَ مَا ذَكَرَاهُ طَرِيقَةٌ أُخْرَى فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: امْتِنَاعُ النَّفْرِ) مُعْتَمَدٌ حَجّ، وَقُوَّةُ كَلَامِ الشَّارِحِ تَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِيمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي أَنَّهُ غَلِطَ وَوَسَّطَ بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ كَلَامَ الْأَذْرَعِيِّ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ: أَيْ إذَا غَرَبَتْ وَهُوَ فِي شُغْلِ الِارْتِحَالِ إلَخْ (قَوْلُهُ: يَخْرُجُ مِنْ هَذَا) أَيْ مِنْ سُقُوطِ الْعَوْدِ لِلْمَشَقَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَمْ يَرِدْ فِيهَا الْمَبِيتُ بِخِلَافِ مِنًى (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الرَّامِي فِيهَا) لَعَلَّ الْمُرَادَ وَإِنْ كَانَ وَاقِفًا فِي مَحَلِّ الرَّمْيِ لَكِنَّ هَذَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: يَخْرُجُ مِنْ هَذَا مَسْأَلَةُ إلَخْ) مَرْجِعُ الْإِشَارَةِ فِي كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ هُوَ الْآتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بَعْدُ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ نَفَرَ قَبْلَ الْغُرُوبِ ثُمَّ عَادَ إلَى مِنًى لِحَاجَةٍ إلَخْ، فَكَانَ الصَّوَابُ ذِكْرَهُ قَبْلَ هَذَا لِيَنْتَظِمَ الْكَلَامُ. وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ: وَلَوْ نَفَرَ قَبْلَ الْغُرُوبِ ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَلَهُ النَّفْرُ فِي الْأَصَحِّ، فَلَوْ تَبَرَّعَ بِالْمَبِيتِ لَمْ يَلْزَمْهُ رَمْيُ الْغَدِ، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَيَخْرُجُ مِنْهُ مَسْأَلَةٌ حَسَنَةٌ إلَخْ. وَحَاصِلُ مُرَادِهِ أَنَّ هَذَا الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ حِيلَةٌ فِي دَفْعِ الْإِثْمِ وَالْفِدْيَةِ فِيمَا كَانَ يُفْعَلُ فِي زَمَنِهِ مِنْ نَفْرِ أَمِيرِ الْحَجِيجِ ضَحْوَةَ الثَّالِثِ

الثَّالِثَةَ مِنْ التَّشْرِيقِ ثُمَّ يَنْفِرُونَ غَالِبًا بُكْرَةَ الثَّالِثِ وَيَدَعُونَ الرَّمْيَ بَعْدَ الزَّوَالِ، فَلَا يُمْكِنُ التَّخَلُّفُ عَنْهُمْ خَوْفًا عَلَى النَّفْسِ وَالْمَالِ وَالِانْقِطَاعِ، وَلَوْ نَفَرَ قَبْلَ الْغُرُوبِ ثُمَّ عَادَ إلَى مِنًى لِحَاجَةٍ كَزِيَارَةٍ فَغَرُبَتْ أَوْ غَرُبَتْ فَعَادَ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى فَلَهُ النَّفْرُ وَسَقَطَ عَنْهُ الْمَبِيتُ وَالرَّمْيُ، بَلْ لَوْ بَاتَ هَذَا مُتَبَرِّعًا سَقَطَ عَنْهُ الرَّمْيُ لِحُصُولِ الرُّخْصَةِ لَهُ بِالرَّمْيِ، وَلَوْ عَادَ لِلْمَبِيتِ وَالرَّمْيِ فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّا جَعَلْنَا عَوْدَهُ لِذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ مِنًى، وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّا نَجْعَلُهُ كَالْمُسْتَدِيمِ لِلْفِرَاقِ وَنَجْعَلُ وُجُودَهُ كَعَدَمِهِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّمْيُ وَلَا الْمَبِيتُ. وَيَجِبُ دَمٌ بِتَرْكِ مَبِيتِ مِنًى لِتَرْكِهِ الْمَبِيتَ الْوَاجِبَ كَنَظِيرِهِ فِي تَرْكِ مَبِيتِ مُزْدَلِفَةَ، وَفِي تَرْكِ مَبِيتِ لَيْلَةٍ مِنْ مِنًى مُدٌّ، وَلَيْلَتَيْنِ مُدَّانِ مِنْ الطَّعَامِ، وَفِي تَرْكِ الثَّلَاثِ مَعَ لَيْلَةِ مُزْدَلِفَةَ دَمَانِ لِاخْتِلَافِ الْمَبِيتَيْنِ مَكَانًا، وَيُفَارِقُ مَا يَأْتِي فِي تَرْكِ الرَّمْيَيْنِ بِأَنَّ تَرْكَهُمَا يَسْتَلْزِمُ تَرْكَ مَكَانَيْنِ وَزَمَانَيْنِ، وَتَرْكُ الرَّمِيَّيْنِ لَا يَسْتَلْزِمُ إلَّا تَرْكَ زَمَانَيْنِ، فَلَوْ نَفَرَ مَعَ تَرْكِهِ مَبِيتَ لَيْلَتَيْنِ مِنْ أَيَّامِ مِنًى فِي الثَّانِي أَوْ فِي الْأَوَّلِ فَدَمٌ، وَيَسْقُطُ الْمَبِيتُ بِمُزْدَلِفَةَ وَمِنًى وَالدَّمُ عَنْ الرِّعَاءِ إنْ خَرَجُوا مِنْهُمَا قَبْلَ الْغُرُوبِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَخَّصَ لِرِعَاءِ الْإِبِلِ أَنْ يَتْرُكُوا الْمَبِيتَ بِمِنًى، وَقِيسَ بِمِنًى مُزْدَلِفَةَ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجُوا قَبْلَ الْغُرُوبِ بِأَنْ كَانُوا بِهِمَا بَعْدَهُ لَزِمَهُمْ مَبِيتُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَالرَّمْيُ مِنْ الْغَدِ، وَصُورَةُ ذَلِكَ فِي مَبِيتِ مُزْدَلِفَةَ أَنْ يَأْتِيَهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْهَا حِينَئِذٍ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ وَعَنْ أَهْلِ السِّقَايَةِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدِ خُرُوجِهِمْ بِقَبْلِ الْغُرُوبِ وَلَوْ كَانَتْ مُحْدَثَةً، إذْ غَيْرُ الْعَبَّاسِ مِمَّنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ السِّقَايَةِ فِي مَعْنَاهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَبَّاسِيًّا، وَإِنَّمَا لَمْ يُقَيِّدْ خُرُوجَهُمْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَمَلَهُمْ بِاللَّيْلِ بِخِلَافِ الرِّعَاءِ، وَلِأَهْلِ الرِّعَاءِ وَالسِّقَايَةِ تَأْخِيرُ الرَّمْيِ يَوْمًا فَقَطْ يُؤَدُّونَهُ فِي تَالِيهِ قَبْلَ رَمْيِهِ لَا رَمْيَ يَوْمَيْنِ مُتَوَالِيَيْنِ بِالنِّسْبَةِ لِوَقْتِ الِاخْتِيَارِ وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ بَقَاءُ وَقْتِ الْجَوَازِ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَيُعْذَرُ فِي تَرْكِ الْمَبِيتِ وَعَدَمِ لُزُومِ الدَّمِ أَيْضًا خَائِفٌ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ أَوْ فَوْتِ مَطْلُوبٍ كَآبِقٍ أَوْ ضَيَاعِ مَرِيضٍ بِتَرْكِ تَعَهُّدِهِ أَوْ مَوْتِ نَحْوِ قَرِيبِهِ فِي غَيْبَتِهِ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ ذُو عُذْرٍ فَأَشْبَهَ الرِّعَاءَ وَأَهْلَ السِّقَايَةِ، وَلَهُ أَنْ يَنْفِرَ بَعْدَ الْغُرُوبِ، وَاسْتَنْبَطَ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ مِنْ شَرْطِ مَبِيتِهِ فِي مَدْرَسَةٍ مَثَلًا خَارِجَهَا لِخَوْفٍ عَنْ نَفْسٍ أَوْ زَوْجَةٍ أَوْ مَالٍ أَوْ نَحْوِهَا لَمْ يَسْقُطْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: خَوْفًا عَلَى النَّفْسِ إلَخْ) أَيْ فَيَسْقُطُ عَنْهُمْ الرَّمْيُ لِاضْطِرَارِهِمْ لِلِارْتِحَالِ (قَوْلُهُ: سَقَطَ عَنْهُ الرَّمْيُ) أَيْ وَإِنْ بَقِيَ لِلزَّوَالِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ دَمٌ بِتَرْكِ مَبِيتِ مِنًى) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَبِتْ أَصْلًا (قَوْلُهُ: فِي الثَّانِي) أَيْ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: أَوْ فِي الْأَوَّلِ فَدَمٌ) لَعَلَّهُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى تَرْكِ الرَّمْيِ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ فِي تَرْكِ اللَّيْلَتَيْنِ مُدَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ مُحْدَثَةً) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ السِّقَايَةُ مُحْدَثَةً لَهُ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يُقَيِّدْ خُرُوجَهُمْ بِذَلِكَ) أَيْ بِقَبْلِ الْغُرُوبِ (قَوْلُهُ: خَائِفٌ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ مَالٌ لَهُ وَقَعَ فَلَا يُؤَثِّرُ الْخَوْفُ عَلَى أَقَلِّ مُتَمَوِّلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِأَنْ يَنْفِرُوا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي ثُمَّ يَعُودُونَ إلَى مِنًى، فَإِذَا بَاتُوا اللَّيْلَةَ الثَّالِثَةَ فَهُمْ مُتَبَرِّعُونَ بِهَا فَلَا يَلْزَمُهُمْ رَمْيُ الثَّالِثِ، وَقَدْ أَفْصَحَ هُوَ بِهَذَا الْمُرَادِ فِيمَا بَعْدُ حَيْثُ قَالَ: وَطَرِيقُ مَنْ أَرَادَ الْمَبِيتَ بِمِنًى اللَّيْلَةَ الثَّالِثَةَ وَلَا يُمْكِنُهُ النَّفْرُ الْأَوَّلُ أَنْ يُفَارِقَ مِنًى بَعْدَ رَمْيِ الْيَوْمِ الثَّانِي قَبْلَ الْغُرُوبِ ثُمَّ يَعُودَ إلَيْهَا وَيَبِيتَ بِهَا، فَإِذَا أَصْبَحَ بِهَا فَلَا رَمْيَ عَلَيْهِ فَيَنْفِرُ مَتَى شَاءَ وَيُحْرِمُ بِالْعُمْرَةِ مَتَى شَاءَ اهـ. وَقَدْ يُقَالُ: لِمَ لَا يَكُونُ الْخَوْفُ الْمَذْكُورُ عُذْرًا مُسْقِطًا لِلْإِثْمِ وَالْفِدْيَةِ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ: وَيُعْذَرُ فِي تَرْكِ الْمَبِيتِ وَعَدَمِ لُزُومِ الدَّمِ أَيْضًا خَائِفٌ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ إلَخْ، فَإِذَا سَقَطَ الْمَبِيتُ الْمَتْبُوعُ بِالرَّمْيِ مِنْ أَصْلِهِ بِهَذِهِ الْأَعْذَارِ فَسُقُوطُ بَعْضٍ تَابِعٌ أَوْلَى فَلْيُحَرَّرْ، وَبِمَا تَقَرَّرَ يُعْلَمُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَاسْتَنْبَطَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) تَعَقَّبَهُ الشِّهَابُ حَجّ فِي التُّحْفَةِ ثُمَّ قَالَ: وَسَيَأْتِي آخِرَ الْجِعَالَةِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ الرَّاجِحِ فِي ذَلِكَ.

مِنْ جَامِكِيَّتِهِ شَيْءٌ كَمَا لَا يُجْبَرُ تَرْكُ الْمَبِيتِ لِلْعُذْرِ بِالدَّمِ قَالَ: وَهُوَ مِنْ النَّفَائِسِ الْحُسْنَى وَلَمْ أُسْبَقْ إلَيْهِ. وَيُنْدَبُ لِلْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ أَنْ يَخْطُبَ بِالنَّاسِ بَعْدَ صَلَاةِ ظُهْرِ يَوْمِ النَّحْرِ بِمِنًى خُطْبَةً يُعَلِّمُهُمْ فِيهَا حُكْمَ الطَّوَافِ وَالرَّمْيِ وَالنَّحْرِ وَالْمَبِيتِ وَمَنْ يُعْذَرُ فِيهِ، ثُمَّ يَخْطُبُ بِهِمْ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ بِمِنًى خُطْبَةً ثَانِيَةً ثَانِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لِلِاتِّبَاعِ وَيُعَلِّمُهُمْ فِيهَا جَوَازَ النَّفْرِ فِيهِ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ طَوَافِ الْوَدَاعِ وَغَيْرِهِ وَيُوَدِّعُهُمْ وَيَأْمُرُهُمْ بِخَتْمِ الْحَجِّ بِطَاعَةِ اللَّهِ، وَهَاتَانِ الْخُطْبَتَانِ لَمْ نَرَ مَنْ يَفْعَلُهُمَا فِي زَمَانِنَا (وَيَدْخُلُ رَمْيُ) كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ (التَّشْرِيقِ بِزَوَالِ الشَّمْسِ) مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ لِلِاتِّبَاعِ، وَيُسَنُّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ تَقْدِيمُهُ عَلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ إنْ لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ وَإِلَّا قَدَّمَ الصَّلَاةَ مَا لَمْ يَكُنْ مُسَافِرًا فَيُؤَخِّرُهَا بِنِيَّةِ الْجَمْعِ (وَيَخْرُجُ) أَيْ وَقْتُهُ الِاخْتِيَارِيُّ (بِغُرُوبِهَا) مِنْ كُلِّ يَوْمٍ. أَمَّا وَقْتُ الْجَوَازِ فَيَبْقَى إلَى غُرُوبِ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ كَمَا مَرَّ (وَقِيلَ يَبْقَى إلَى الْفَجْرِ) كَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَمَحَلُّ هَذَا الْوَجْهِ فِي غَيْرِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ، أَمَّا هُوَ فَيَخْرُجُ وَقْتُ رَمْيِهِ بِغُرُوبِ شَمْسِهِ جَزْمًا لِخُرُوجِ وَقْتِ الْمَنَاسِكِ بِغُرُوبِ شَمْسِهِ. وَلِلرَّمْيِ شُرُوطٌ ذَكَرَهَا فِي قَوْلِهِ (وَيُشْتَرَطُ رَمْيُ) الْحَصَيَاتِ (السَّبْعِ وَاحِدَةً وَاحِدَةً) سَبْعَ مَرَّاتٍ لِلِاتِّبَاعِ مَعَ خَبَرِ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» وَلَوْ بِتَكْرِيرِ حَصَاةٍ كَمَا لَوْ دَفَعَ مُدًّا لِفَقِيرٍ عَنْ كَفَّارَتِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَدَفَعَهُ لِآخَرَ، وَعَلَى هَذَا تَتَأَدَّى الرَّمَيَاتُ كُلُّهَا بِحَصَاةٍ وَاحِدَةٍ، فَلَوْ رَمَى حَصَاتَيْنِ مَعًا وَلَوْ بِرَمْيِ إحْدَاهُمَا بِالْيَمِينِ وَالْأُخْرَى بِالْيَسَارِ وَتَرَتَّبَتَا فِي الْوُقُوعِ أَوْ وَقَعَتَا مَعًا فَوَاحِدَةٌ أَوْ رَمَاهُمَا مُتَرَتِّبَتَيْنِ فَوَقَعَتَا مَعًا أَوْ مُتَرَتِّبَتَانِ فَاثْنَتَانِ اعْتِبَارًا بِالرَّمْيِ، وَكَذَا إنْ وَقَعَتْ الثَّانِيَةُ قَبْلَ الْأُولَى (وَ) يُشْتَرَطُ (تَرْتِيبُ الْجَمَرَاتِ) فِي رَمْيِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بِأَنْ يَبْدَأَ بِالْجَمْرَةِ الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ ثُمَّ الْوُسْطَى ثُمَّ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ لِلِاتِّبَاعِ كَمَا فِي السَّعْيِ، فَلَا يُعْتَدُّ بِرَمْيِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْأُولَى وَلَا بِالثَّالِثَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْأُولَيَيْنِ، وَلَوْ تَرَكَ حَصَاةً وَشَكَّ فِي مَحَلِّهَا مِنْ الثَّلَاثِ جَعَلَهَا مِنْ الْأُولَى احْتِيَاطًا فَيَرْمِي بِهَا إلَيْهَا وَيُعِيدُ رَمْيَ الْجَمْرَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ، إذْ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ الرَّمْيِ فِي الْجَمَرَاتِ غَيْرُ وَاجِبَةٍ وَإِنَّمَا تُسَنُّ فَقَطْ كَمَا فِي الطَّوَافِ، وَلَوْ تَرَكَ حَصَاتَيْنِ وَلَمْ يَعْلَمْ مَحَلَّهُمَا جَعَلَ وَاحِدَةً مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ وَوَاحِدَةً مِنْ ثَالِثِهِ وَهُوَ يَوْمُ النَّفْرِ الْأَوَّلِ مِنْ أَيِّ جَمْرَةٍ كَانَتْ أَخْذًا بِالْأَسْوَإِ وَحَصَلَ رَمْيُ يَوْمِ النَّحْرِ وَأَحَدُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الرَّمْيِ بِيَدِهِ لَا بِقَوْسٍ وَرِجْلٍ لِعَدَمِ انْطِلَاقِ اسْمِ الرَّمْيِ عَلَى ذَلِكَ وَلَا بِالرَّمْيِ بِالْمِقْلَاعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَلَوْ وَضَعَهَا فِي فِيهِ وَلَفَظَهَا إلَى الْمَرْمَى لَمْ يُجْزِئْهُ، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَا نَقْلَ فِيهِ وَيَحْتَمِلُ الْإِجْزَاءَ (وَكَوْنُ الْمَرْمِيِّ حَجَرًا) وَلَوْ يَاقُوتًا وَحَجَرَ حَدِيدٍ وَبِلَّوْرٍ وَعَقِيقٍ وَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ نَعَمْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: يَظْهَرُ تَحْرِيمُ الرَّمْيِ بِالْيَاقُوتِ وَنَحْوِهِ إذَا كَانَ الرَّمْيُ يَكْسِرُهَا وَيُذْهِبُ مُعْظَمَ مَالِيَّتِهَا وَلَا سِيَّمَا النَّفِيسُ مِنْهَا لِمَا فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ وَالسَّرَفِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ غَصَبَهُ أَوْ سَرَقَهُ وَرَمَى بِهِ كَفَى، ثُمَّ رَأَيْت الْقَاضِيَ ابْنَ كَجٍّ جَزَمَ بِهِ قَالَ: كَالصَّلَاةِ فِي الْمَغْصُوبِ، وَخَرَجَ الرَّمْيُ بِغَيْرِهِ كَلُؤْلُؤٍ وَتِبْرٍ وَإِثْمِدٍ وَنُورَةٍ وَزِرْنِيخٍ وَمَدَرٍ وَجِصٍّ وَآجُرٍّ وَخَزَفٍ وَمِلْحٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ لِلْإِمَامِ) أَيْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مُعْظَمَ الْحُجَّاجِ لَمْ يَطُفْ (قَوْلُهُ: وَأَحَدُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) أَيْ وَيَبْقَى عَلَيْهِ رَمْيُ يَوْمٍ فَإِنْ تَدَارَكَهُ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ وَإِلَّا لَمْ يَسْقُطْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَضَعَهَا فِي فِيهِ وَلَفَظَهَا إلَى الْمَرْمَى لَمْ يُجْزِئْهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَوْ عَجَزَ عَنْ الْيَدِ وَقَدَرَ عَلَى الرَّمْيِ بِقَوْسٍ فِيهَا وَبِفَمٍ وَبِرِجْلٍ تَعَيَّنَ الْأَوَّلُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَوْ قَدَرَ عَلَى الْأَخِيرَيْنِ فَقَطْ فَهَلْ يَتَخَيَّرُ أَوْ يَتَعَيَّنُ الْفَمُ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْيَدِ، وَالتَّعْظِيمُ لِلْعِبَادَةِ أَوْ الرِّجْلِ؛ لِأَنَّ الرَّمْيَ بِهَا مَعْهُودٌ فِي الْحَرْبِ؛ وَلِأَنَّ فِيهَا زِيَادَةُ تَحْقِيرٍ لِلشَّيْطَانِ الْمَقْصُودُ مِنْ الرَّمْيِ تَحْقِيرُهُ؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَلَعَلَّ الثَّالِثَ أَقْرَبُ، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الْقَوْسِ بِالْفَمِ وَالرِّجْلِ فَهُوَ كَمَحَلِّهِ فِيمَا ذُكِرَ اهـ حَجّ. وَقَالَ سم عَلَيْهِ: فَرْعٌ هَلْ يُجْزِي الرَّمْيُ بِالْيَدِ الزَّائِدَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْيَدِ فَلَا يَعْدِلُ إلَى غَيْرِهَا، وَيَحْتَمِلُ الْإِجْزَاءَ لِوُجُودِ مُسَمَّى الْيَدِ (قَوْلُهُ تَعَيَّنَ الْأَوَّلُ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ يَدٌ زَائِدَةٌ فَإِنْ كَانَتْ لَمْ يَكْفِ بِالْقَوْسِ لِتَشَبُّهِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَجَوَاهِرَ مُنْطَبِعَةٍ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَنُحَاسٍ وَرَصَاصٍ وَحَدِيدٍ فَلَا يُجْزِئُ وَيُجْزِئُ حَجَرُ نُورَةٍ لَمْ يُطْبَخْ بِخِلَافِ مَا طُبِخَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُسَمَّى حَجَرًا بَلْ نُورَةً وَقَدْ مَرَّ آنِفًا (وَأَنْ يُسَمَّى رَمْيًا) فَلَا يَكْفِي الْوَضْعُ فِي الْمَرْمَى؛ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ الرَّمْيُ فَلَا بُدَّ مِنْ صِدْقِ الِاسْمِ عَلَيْهِ، وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِوَضْعِ الْيَدِ مَبْلُولَةً عَلَى الرَّأْسِ بِأَنَّ مَبْنَى الْحَجِّ عَلَى التَّعَبُّدِ وَبِأَنَّ الْوَاضِعَ هُنَا لَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الرَّمْي بِخِلَافِ مَا هُنَاكَ فِيهِمَا، وَذِكْرِهِ اشْتِرَاطَ الرَّمْيِ هُنَا مَعَ فَهْمِهِ مِمَّا مَرَّ فِي قَوْلِهِ: وَيُشْتَرَطُ رَمْيُ السَّبْعِ وَاحِدَةً وَاحِدَةً لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ ذَلِكَ سِيقَ لِبَيَانِ التَّعَدُّدِ لَا لِلْكَيْفِيَّةِ فَنَصَّ عَلَيْهِ هُنَا احْتِيَاطًا وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا قَصْدُ الْجَمْرَةِ بِالرَّمْيِ، فَلَوْ رَمَى إلَى غَيْرِهَا كَأَنْ رَمَى فِي الْهَوَاءِ فَوَقَعَ فِي الْمَرْمَى لَمْ يَكْفِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ رَمَى إلَى الْعَلَمِ الْمَنْصُوبِ فِي الْجَمْرَةِ أَوْ الْحَائِطِ الَّتِي بِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فَأَصَابَهُ ثُمَّ وَقَعَ فِي الْمَرْمَى لَا يُجْزِئُ، قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدِي، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ فِيهِ بِفِعْلِهِ مَعَ قَصْدِ الرَّمْيِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ وَالثَّانِي مِنْ احْتِمَالَيْهِ أَقْرَبُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ بَعْضُهُمْ مُدَّعِيًا أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى تَعْلِيلِ الْإِجْزَاءِ فِيهِ، كَمَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ رَمَى إلَى غَيْرِ الْمَرْمَى فَوَقَعَ فِيهِ يُجْزِئُ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِخِلَافِهِ فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ. قَالَ الطَّبَرِيُّ: وَلَمْ يَذْكُرُوا فِي الْمَرْمَى حَدًّا مَعْلُومًا غَيْرَ أَنَّ كُلَّ جَمْرَةٍ عَلَيْهَا عَلَمٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَرْمِيَ تَحْتَهُ عَلَى الْأَرْضِ وَلَا يَبْعُدُ عَنْهُ احْتِيَاطًا وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: الْجَمْرَةُ مُجْتَمَعُ الْحَصَى لَا مَا سَالَ مِنْ الْحَصَى، فَمَنْ أَصَابَ مُجْتَمَعَهُ أَجْزَأَهُ، وَمَنْ أَصَابَ سَائِلَهُ لَمْ يُجْزِهِ، وَمَا حَدَّ بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَنَّ مَوْضِعَ الرَّمْيِ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ مِنْ سَائِرِ الْجَوَانِبِ إلَّا فِي جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا وَجْهٌ وَاحِدٌ، وَرَمْيُ كَثِيرِينَ مِنْ أَعْلَاهَا بَاطِلٌ قَرِيبٌ مِمَّا تَقَدَّمَ. (وَالسُّنَّةُ) فِي رَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ وَغَيْرِهِ (أَنْ يَرْمِيَ) الْجَمْرَةَ لَا بِحَجَرٍ كَبِيرٍ وَلَا صَغِيرٍ جِدًّا بَلْ (بِقَدْرِ حَصَى الْخَذْفِ) وَهُوَ دُونَ الْأُنْمُلَةِ طُولًا وَعَرْضًا فِي قَدْرِ الْبَاقِلَا، فَلَوْ رَمَى بِأَكْبَرَ مِنْهُ أَوْ بِأَصْغَرَ كُرِهَ وَأَجْزَأَهُ وَهَيْئَةُ الْحَذْفِ أَنْ يَضَعَ الْحَصَى عَلَى بَطْنِ إبْهَامِهِ وَيَرْمِيَهُ بِرَأْسِ السَّبَّابَةِ وَيُسَنُّ أَنْ يَرْمِيَ رَاجِلًا لَا رَاكِبًا إلَّا فِي يَوْمِ السَّفَرِ، فَالسُّنَّةُ أَنْ يَرْمِيَ رَاكِبًا لِيَنْفِرَ عَقِبَهُ، وَأَنْ يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي، وَأَنْ يَرْمِيَ الْجَمْرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ عُلْوٍ، وَأَنْ يَدْنُوَ مِنْ الْجَمْرَةِ فِي رَمْيِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بِحَيْثُ لَا يَبْلُغُهُ حَصَى الرَّامِينَ، (وَلَا يُشْتَرَطُ بَقَاءُ الْحَجَرِ فِي الْمَرْمَى) فَلَا يَضُرُّ تَدَحْرُجُهُ بَعْدَ الْوُقُوعِ فِيهِ لِحُصُولِ اسْمِ الرَّمْيِ (وَلَا كَوْنُ الرَّامِي خَارِجًا عَنْ الْجَمْرَةِ) فَلَوْ وَقَفَ فِي بَعْضِهَا وَرَمَى إلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ مِنْهَا صَحَّ لِمَا مَرَّ مِنْ حُصُولِ اسْمِ الرَّمْيِ، وَلَوْ رَمَى بِحَجَرٍ فَأَصَابَ شَيْئًا كَأَرْضٍ أَوْ مَحْمَلٍ فَارْتَدَّ إلَى الْمَرْمَى لَا بِحَرَكَةِ مَا أَصَابَهُ أَجْزَأَهُ لِحُصُولِهِ فِي الْمَرْمَى بِفِعْلِهِ بِلَا مُعَاوَنَةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ ارْتَدَّ بِحَرَكَةِ مَا أَصَابَهُ، وَيُشْتَرَطُ إصَابَةُ الْمَرْمَى يَقِينًا، فَلَوْ شَكَّ فِيهَا لَمْ يَكْفِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُقُوعِ فِيهِ وَبَقَاءُ الرَّمْيِ عَلَيْهِ وَصَرْفُ الرَّمْيِ بِالنِّيَّةِ لِغَيْرِ الْحَجِّ كَأَنْ رَمَى إلَى شَخْصٍ أَوْ دَابَّةٍ فِي الْجَمْرَةِ كَصَرْفِ الطَّوَافِ بِهَا إلَى غَيْرِهِ فَيَنْصَرِفُ إلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ بَحَثَ فِي الْمُهِمَّاتِ إلْحَاقَ الرَّمْيِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِالْأَمْثَلِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَجَوَاهِرُ مُنْطَبِعَةٌ) أَيْ بِالْفِعْلِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي مِنْ احْتِمَالَيْهِ) هُوَ قَوْلُهُ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ) مِنْ كَلَامِ الْمُنَظِّرِ (قَوْلُهُ: قَرِيبٌ مِمَّا تَقَدَّمَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ فَمَنْ أَصَابَ مُجْتَمَعَهُ أَجْزَأَهُ (قَوْلُهُ: لَا بِحَرَكَةِ مَا أَصَابَهُ أَجْزَأَهُ) أَيْ إنْ غَلَبَ ظَنُّهُ ذَلِكَ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ فَإِنْ شَكَّ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكْفِي (قَوْلُهُ: كَصَرْفِ الطَّوَافِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ) أَيْ قَائِلًا ذَلِكَ الْمُدَّعَى فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ. ِ (قَوْلُهُ: وَهَيْئَةُ الْحَذْفِ) أَيْ وَهِيَ مَكْرُوهَةٌ أَيْضًا، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَيُكْرَهُ بِأَكْبَرَ وَأَصْغَرَ مِنْهُ وَبِهَيْئَةِ الْحَذْفِ لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْهَا الشَّامِلِ لِلْحَجِّ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَصَرْفُ الرَّمْيِ بِالنِّيَّةِ لِغَيْرِ الْحَجِّ كَأَنْ رَمَى إلَى شَخْصٍ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا قَصْدُ الْجَمْرَةِ بِالرَّمْيِ فَلَوْ رَمَى إلَى غَيْرِهَا إلَخْ أَنَّهُ هُنَا رَمَى إلَى الْجَمْرَةِ، لَكِنْ صُرِفَ هَذَا الرَّمْيُ عَنْ رَمْيِ الْحَجِّ بِقَصْدِهِ

بِالْوُقُوفِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يُتَقَرَّبُ بِهِ وَحْدَهُ كَرَمْيِ الْعَدُوِّ فَأَشْبَهَ الطَّوَافَ بِخِلَافِ الْوُقُوفِ، وَأَمَّا السَّعْيُ فَالظَّاهِرُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَخْذًا مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ كَالْوُقُوفِ. (وَمَنْ) (عَجَزَ عَنْ الرَّمْيِ) لِعِلَّةٍ لَا يُرْجَى زَوَالُهَا قَبْلَ فَوَاتِ وَقْتِ الرَّمْيِ كَمَرَضٍ أَوْ حَبْسٍ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا فِيمَا يَظْهَرُ (اسْتَنَابَ) مَنْ يَرْمِي عَنْهُ وُجُوبًا كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ فَاضِلَةٍ عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي الْفِطْرَةِ فِيمَا يَظْهَرُ حَلَالًا كَانَ النَّائِبُ أَوْ مُحْرِمًا إذْ الِاسْتِنَابَةُ جَائِزَةٌ فِي النُّسُكِ، فَكَذَلِكَ فِي أَبْعَاضِهِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ الْعَجْزُ الَّذِي يَنْتَهِي إلَى الْيَأْسِ كَمَا فِي اسْتِنَابَةِ الْحَجِّ، وَلَا فَرْقَ فِي الْحَبْسِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِحَقٍّ أَوْ لَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، لَكِنْ شَرَطَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنْ يُحْبَسَ بِحَقٍّ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ بَاطِلٌ نَقْلًا وَمَعْنًى، وَصُورَةُ الْمَحْبُوسِ بِحَقٍّ أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ قَوَدٌ لِصَغِيرٍ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يَبْلُغَ، وَمَا أَشْبَهَهَا وَقَدْ حَكَى ذَلِكَ الْبَنْدَنِيجِيُّ عَنْ النَّصِّ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ الَّذِي فِي الْحَاوِي وَالتَّتِمَّةِ وَالْبَيَانِ وَغَيْرِهَا، وَسَيَأْتِي فِي الْحَصْرِ أَنَّهُ إذَا حُبِسَ بِحَقٍّ لَا يُبَاحُ لَهُ التَّحَلُّلُ، قَالَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا إذْ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ فِي حَقِّ عَاجِزٍ عَنْ أَدَائِهِ وَمَفْهُومُ النَّصِّ وَغَيْرِهِ فِي حَقِّ قَادِرٍ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ إنْ اسْتَنَابَ مَنْ قَدْ رَمَى عَنْ نَفْسِهِ أَوْ حَلَالًا فَرَمَى عَنْهُ وَقَعَ عَنْهُ كَمَا فِي طَوَافِ الْحَامِلِ لِغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ النَّائِبُ لَمْ يَرْمِ عَنْ نَفْسِهِ وَلَوْ بَعْضَ الْجَمَرَاتِ فَرَمَى وَقَعَ عَنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ رَمْيَهُ يَقَعُ عَنْهُ دُونَ الْمُسْتَنِيبِ كَالْحَجِّ. لَكِنْ يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي الطَّوَافِ عَنْ الْغَيْرِ إذَا كَانَ مُحْرِمًا فَإِنَّهُ يَقَعُ عَنْ الْغَيْرِ إذَا نَوَاهُ لَهُ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الطَّوَافَ لَمَّا كَانَ مِثْلَ الصَّلَاةِ أَثَّرَتْ فِيهِ نِيَّةُ الصَّرْفِ إلَى غَيْرِهِ، بِخِلَافِ الرَّمْيِ فَإِنَّهُ لَيْسَ شَبِيهًا بِالصَّلَاةِ، وَقِيَاسُ السَّعْيِ أَنْ يَكُونَ كَالرَّمْيِ وَيَحْتَمِلُ إلْحَاقَهُ بِالطَّوَافِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّاهُ طَوَافًا بِقَوْلِهِ {أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158] وَإِذَا اسْتَنَابَ عَنْهُ مَنْ رَمَى أَوْ حَلَالًا سُنَّ لَهُ أَنْ يُنَاوِلَهُ الْحَصَى، وَيُكَبِّرَ كَذَلِكَ إنْ أَمْكَنَهُ وَإِلَّا تَنَاوَلَهَا النَّائِبُ وَكَبَّرَ بِنَفْسِهِ، وَلَا يَنْعَزِلُ نَائِبُهُ فِي الرَّمْيِ عَنْهُ بِإِغْمَائِهِ وَالْمَجْنُونُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ، صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ، فَيُجْزِئُهُ رَمْيُهُ عَنْهُ، وَلَوْ بَرِئَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فَيَنْصَرِفُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يُتَقَرَّبُ بِهِ وَحْدَهُ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لِصَرْفِ الطَّوَافِ فَهُوَ رَدٌّ عَلَى الْإِسْنَوِيِّ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ كَالْوُقُوفِ) أَيْ فَلَا يَقْبَلُ الصَّرْفَ وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ عَنْ الْكَافِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ قَصَدَهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لَهُمَا إلَخْ فَمَا قَدَّمَهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَمَا أَشْبَهَهَا) كَأَنْ حُبِسَتْ الْحَامِلُ لِقَوَدٍ حَتَّى تَضَعَ (قَوْلُهُ: وَقَعَ عَنْ نَفْسِهِ) أَيْ فَيَرْمِي عَنْ الْمُسْتَنِيبِ بَعْدُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الرَّمْيِ فَإِنَّهُ إلَخْ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ وَصَرْفُ الرَّمْيِ بِالنِّيَّةِ إلَخْ، ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّخْصَ الَّذِي هُوَ فِيهَا مَثَلًا، وَأَمَّا هُنَاكَ فَإِنَّهُ رَمَى إلَى غَيْرِ الْجَمْرَةِ وَإِنْ وَقَعَ فِيهَا. فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ هُنَاكَ صَرَفَهُ عَنْ الْمَرْمِيِّ وَهُنَا صَرَفَهُ عَنْ الرَّمْيِ: أَيْ الْمُعْتَبَرِ (قَوْلُهُ: وَصُورَةُ الْمَحْبُوسِ بِحَقٍّ) أَيْ الَّذِي لَهُ الِاسْتِنَابَةُ بِأَنْ يَكُونَ عَاجِزًا عَنْهُ، وَهُوَ الْحَقُّ الْمُرَادُ فِي كَلَامِ الْمَجْمُوعِ لَا الْحَقُّ الَّذِي هُوَ مَفْهُومُ مَا فِي النَّصِّ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَأْتِي، كَمَا يُعْلَمُ مِنْ جَمْعِ وَالِدِهِ الْآتِي، وَكَانَ الْأَصْوَبُ تَأْخِيرَ هَذَا إلَى مَا هُنَاكَ وَجَعْلَهُ مِثَالًا فِي كَلَامِ وَالِدِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ حَكَى ذَلِكَ) يَعْنِي مَا شَرَطَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ أَيْضًا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ عِبَارَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَنَصُّهَا: قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَوْ بِحَقٍّ بِالِاتِّفَاقِ، لَكِنْ شَرَطَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنْ يُحْبَسَ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَذَكَرَ أَنَّ الْبَنْدَنِيجِيَّ حَكَاهُ عَنْ النَّصِّ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ الَّذِي فِي الْحَاوِي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي فِي الْمُحْصَرِ) هَذَا مِنْ الزَّرْكَشِيّ تَقْوِيَةٌ لِكَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْمُحْصَرِ. (قَوْلُهُ: إذْ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ فِي حَقِّ عَاجِزٍ) يَجُوزُ قِرَاءَتُهُ بِالْإِضَافَةِ، فَحَقٌّ هُنَا بِغَيْرِ مَعْنَى الْحَقِّ فِيمَا تَقَدَّمَ فَكَأَنَّهُ قَالَ: بِالنِّسْبَةِ لِعَاجِزٍ عَنْ أَدَائِهِ، وَيَجُوزُ قِرَاءَتُهُ بِالتَّنْوِينِ فَيَكُونُ الْحَقُّ بِمَعْنَاهُ الْمُتَقَدِّمِ، لَكِنْ يَتَعَيَّنُ فِي عَاجِزِ الرَّفْعِ، وَالتَّقْدِيرُ فِي حَقٍّ هُوَ عَاجِزٌ عَنْ أَدَائِهِ، وَلَا يَجُوزُ فِيهِ الْجَرُّ حِينَئِذٍ وَصْفًا لِلْحَقِّ كَمَا لَا يَخْفَى. وَأَمَّا قَوْلُهُ الْآتِي فِي حَقِّ قَادِرٍ عَلَى ذَلِكَ

مِنْ عُذْرِهِ فِي الْوَقْتِ بَعْدَ الرَّمْيِ لَمْ تَلْزَمْهُ إعَادَتُهُ لَكِنَّهَا تُسَنُّ، وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي الْحَجِّ بِأَنَّ الرَّمْيَ تَابِعٌ وَيُجْبَرُ تَرْكُهُ بِدَمٍ بِخِلَافِ الْحَجِّ فِيهِمَا وَبِأَنَّ الرَّمْيَ عَلَى الْفَوْرِ وَقَدْ ظَنَّ الْعَجْزَ حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ وَالْحَجُّ عَلَى التَّرَاخِي أَمَّا إغْمَاءُ النَّائِبِ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِهِ وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَكَلَامُهُمْ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ ظَنَّ الْقُدْرَةَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ، وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ أَنَّ أَيَّامَ الرَّمْيِ كَيَوْمٍ وَاحِدٍ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ لَهُ الِاسْتِنَابَةُ وَلَوْ عَجَزَ الْأَجِيرُ عَلَى عَيْنِهِ عَنْ الرَّمْيِ هَلْ يَسْتَنِيبُ هُنَا لِلضَّرُورَةِ أَوْ لَا كَسَائِرِ الْأَعْمَالِ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ الْأَقْرَبَ الثَّانِي وَيُرِيقُ دَمًا، وَمَا ذُكِرَ فِي هَذَا الْفَصْلِ مِنْ شُرُوطِ الرَّمْيِ وَمُسْتَحَبَّاتِهِ يَأْتِي فِي رَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ (وَإِذَا) (تَرَكَ رَمْيَ يَوْمٍ) أَوْ يَوْمَيْنِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا (تَدَارَكَهُ فِي بَاقِي الْأَيَّامِ) مِنْهَا (فِي الْأَظْهَرِ) بِالنَّصِّ فِي الرِّعَاءِ وَأَهْلِ السِّقَايَةِ وَبِالْقِيَاسِ فِي غَيْرِهِمْ، إذْ لَوْ كَانَتْ بَقِيَّةُ الْأَيَّامِ غَيْرُ صَالِحَةٍ لِلرَّمْيِ لَمْ يَفْتَرِقْ الْحَالُ فِيهَا بَيْنَ الْمَعْذُورِ وَغَيْرِهِ كَمَا فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَالْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ وَالْمُتَدَارَكُ أَدَاءً كَمَا مَرَّ، وَلَوْ تَدَارَكَ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ لَيْلًا أَجْزَأَهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَوَّلِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ وَالْمَنَاسِكِ وَاقْتَضَاهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَبِالثَّانِي ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي شَامِلِهِ وَابْنُ الصَّلَاحِ وَالْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِمَا وَإِنْ جَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِجَمْعٍ بِخِلَافِهِ فِيهِمَا، إذْ جُمْلَةُ أَيَّامِ الرَّمْيِ بِلَيَالِيِهَا كَوَقْتٍ وَاحِدٍ، وَكُلُّ يَوْمٍ لِرَمْيِهِ وَقْتُ اخْتِيَارٍ لَكِنْ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ رَمْيِ كُلِّ يَوْمٍ عَنْ زَوَالِ شَمْسِهِ كَمَا مَرَّ، وَيَجِبُ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَمْيِ يَوْمِ التَّدَارُكِ بَعْدَ الزَّوَالِ، فَلَوْ خَالَفَ وَقَعَ عَنْ الْمَتْرُوكِ، فَلَوْ رَمَى إلَى كُلِّ جَمْرَةٍ أَرْبَعَ عَشَرَةَ حَصَاةً سَبْعًا عَنْ أَمْسِهِ وَسَبْعًا عَنْ يَوْمِهِ لَمْ يُجْزِهِ عَنْ يَوْمِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي النَّائِبِ أَنْ يَرْمِيَ عَنْ نَفْسِهِ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ قَبْلَ مُنِيبِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَمَا اقْتَضَاهُ هَذَا الْكَلَامُ الْمَارُّ مِنْ جَوَازِ رَمْيِ يَوْمَيْنِ وَوُقُوعِهِ أَدَاءً بِالتَّدَارُكِ لَا يُشْكِلُ بِقَوْلِهِمْ لَيْسَ لِلْمَعْذُورِينَ أَنْ يَدَعُوا أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَأَنَّهُمْ يَقْضُونَ مَا فَاتَهُمْ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي تَارِكِ الرَّمْيِ فَقَطْ وَهُنَاكَ فِي تَارِكِهِ مَعَ الْمَبِيتِ بِمِنًى، وَالتَّعْبِيرُ بِالْقَضَاءِ لَا يُنَافِي الْأَدَاءَ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ (وَلَا دَمَ) مَعَ التَّدَارُكِ سَوَاءٌ أَجَعَلْنَاهُ أَدَاءً أَمْ قَضَاءً لِحُصُولِ الِانْجِبَارِ بِالْمَأْتِيِّ بِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَتَدَارَكْهُ (فَعَلَيْهِ دَمٌ) فِي رَمْيِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ أَوْ يَوْمِ النَّحْرِ مَعَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لِاتِّحَادِ جِنْسِ الرَّمْيِ فَأَشْبَهَ حَلْقَ الرَّأْسِ، وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ اضْطِرَابًا وَاخْتِلَافًا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (وَالْمَذْهَبُ تَكْمِيلُ الدَّمِ فِي ثَلَاثِ حَصَيَاتٍ) لِوُقُوعِ الْجَمْعِ عَلَيْهَا كَمَا لَوْ أَزَالَ ثَلَاثَ شَعَرَاتٍ مُتَوَالِيَةٍ لِمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «مَنْ تَرَكَ نُسُكًا فَعَلَيْهِ دَمٌ» وَقِيلَ إنَّمَا يُكْمِلُ فِي وَظِيفَةِ جَمْرَةٍ كَمَا يُكْمِلُ فِي وَظِيفَةِ جَمْرَةٍ يَوْمَ النَّحْرِ، وَفِي الْحَصَاةِ أَوْ الْحَصَاتَيْنِ عَلَى الطَّرِيقَيْنِ الْأَقْوَالُ فِي حَلْقِ الشَّعْرَةِ وَالشَّعْرَتَيْنِ أَظْهَرُهَا أَنَّ فِي الْحَصَاةِ الْوَاحِدَةِ مُدَّ طَعَامٍ وَالثَّانِي دِرْهَمًا وَالثَّالِثُ ثُلُثَ دَمٍ عَلَى الْأَوَّلِ وَسُبْعَهُ عَلَى الثَّانِي. (وَإِذَا) (أَرَادَ) بَعْدَ قَضَاءِ مَنَاسِكِهِ (الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ) لِسَفَرٍ وَلَوْ مَكِّيًّا طَوِيلٍ أَوْ قَصِيرٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (طَافَ لِلْوَدَاعِ) طَوَافًا كَامِلًا بِرَكْعَتَيْهِ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا فَرَغَ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ طَافَ لِلْوَدَاعِ» وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ خَبَرَ «لَا يَنْفِرُ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ» أَيْ الطَّوَافُ بِهِ فَلَا وَدَاعَ عَلَى مُرِيدِ الْإِقَامَةِ وَإِنْ أَرَادَ السَّفَرَ بَعْدَهُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ، وَلَا عَلَى مُرِيدِ السَّفَرِ قَبْلَ فَرَاغِ الْأَعْمَالِ، وَلَا عَلَى الْمُقِيمِ بِمَكَّةَ الْخَارِجِ لِلتَّنْعِيمِ وَنَحْوِهِ، وَهَذَا فِيمَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSإلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّمَا تَقَدَّمَ فِي الصَّرْفِ لِغَيْرِ أَعْمَالِ الْحَجِّ بِخِلَافِ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ) أَيْ إلَى أَنْ يَخْرُجَ إلَخْ (قَوْلُهُ: قَبْلَ فَرَاغِ الْأَعْمَالِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ لَهَا وَهَذَا عُلِمَ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَيَتَعَيَّنُ فِيهِ الْإِضَافَةُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَبِالثَّانِي ابْنُ الصَّبَّاغِ) الْمُنَاسِبُ وَبِهِ فِي الثَّانِي ابْنُ الصَّبَّاغِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَعْدَ قَضَاءِ مَنَاسِكِهِ) أَيْ إنْ كَانَ فِي مَنَاسِكَ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ مَا دَامَ فِي الْمَنَاسِكِ، وَإِلَّا فَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مَنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ

خَرَجَ لِحَاجَةٍ ثُمَّ يَعُودُ، وَمَا مَرَّ عَنْ الْمَجْمُوعِ فِيمَنْ أَرَادَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فِيمَنْ خَرَجَ إلَى مَنْزِلِهِ أَوْ مَحَلٍّ يُقِيمُ فِيهِ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْعُمْرَانِيِّ وَغَيْرِهِ فَلَا تَنَافِي بَيْنَهُمَا. وَلَوْ نَفَرَ مِنْ مِنًى وَلَمْ يَطُفْ الْوَدَاعَ جَبَرَ بِالدَّمِ لِتَرْكِهِ نُسُكًا وَاجِبًا، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الرُّجُوعَ إلَى بَلَدِهِ مِنْ مِنًى لَزِمَهُ طَوَافُ الْوَدَاعِ وَإِنْ كَانَ قَدْ طَافَهُ قَبْلَ عَوْدِهِ مِنْ مَكَّةَ إلَى مِنًى كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ (وَلَا يَمْكُثُ بَعْدَهُ) مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ رَكْعَتَيْهِ وَالدُّعَاءِ الْمَحْبُوبِ عَقِبَهُ عِنْدَ الْمُلْتَزِمِ وَإِتْيَانِ زَمْزَمَ وَالشُّرْبِ مِنْ مَائِهَا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ، فَإِنْ مَكَثَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ أَوْ حَاجَةٍ لَا تَتَعَلَّقُ بِالسَّفَرِ كَالزِّيَارَةِ وَالْعِيَادَةِ وَقَضَاءِ الدَّيْنِ فَعَلَيْهِ إعَادَتُهُ، لَا إنْ اشْتَغَلَ بِرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ أَوْ بِأَسْبَابِ الْخُرُوجِ كَشِرَاءِ الزَّادِ وَأَوْعِيَتِهِ وَشَدِّ الرَّحْلِ أَوْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَصَلَّاهَا مَعَهُمْ كَمَا فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ، قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَتَقَدَّمَ فِي الِاعْتِكَافِ أَنَّ عِيَادَةَ الْمَرِيضِ إذَا لَمْ يُعَرِّجْ لَهَا لَا تَقْطَعُ الْوَلَاءَ بَلْ يُغْتَفَرُ صَرْفُ قَدْرِهَا فِي سَائِرِ الْأَغْرَاضِ، وَكَذَا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ فَيَجْرِي ذَلِكَ هُنَا بِالْأَوْلَى، وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْإِمْلَاءِ، وَلَوْ مَكَثَ مُكْرَهًا بِأَنْ ضُبِطَ أَوْ هُدِّدَ بِمَا يَكُونُ إكْرَاهًا فَهَلْ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ مَكَثَ مُخْتَارًا فَيَبْطُلُ الْوَدَاعُ أَوْ نَقُولُ الْإِكْرَاهُ يَسْقُطُ إثْرَ هَذَا اللُّبْثِ، فَإِذَا أَطْلَقَ وَانْصَرَفَ فِي الْحَالِ جَازَ وَلَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ، وَمِثْلُهُ لَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ عَقِبَ الْوَدَاعِ أَوْ جُنَّ لَا بِفِعْلِهِ الْمَأْثُومِ بِهِ، وَالْأَوْجَهُ لُزُومُ الْإِعَادَةِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إنْ تَمَكَّنَ مِنْهَا وَإِلَّا فَلَا، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ وَلَا الْعُمْرَةِ كَمَا قَالَاهُ بَلْ هُوَ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ خِلَافًا لِأَكْثَرِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي أَنَّهُ هَلْ يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ أَوْ لَا وَفِي أَنَّهُ هَلْ يَلْزَمُ الْأَجِيرَ فِعْلُهُ أَوْ لَا، وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَطْوِفَةِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ طَوَافٍ يَخُصُّهُ، حَتَّى لَوْ أَخَّرَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَفَعَلَهُ بَعْدَ أَيَّامٍ وَأَرَادَ الْخُرُوجَ عَقِبَهُ لَمْ يَكْفِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي أَثْنَاءِ تَعْلِيلِ (وَهُوَ وَاجِبٌ) لِخَبَرِ «أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ إلَّا أَنَّهُ قَدْ خُفِّفَ عَنْ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ» (يُجْبَرُ تَرْكُهُ بِدَمٍ) وُجُوبًا كَسَائِرِ الْوَاجِبَاتِ (وَفِي قَوْلٍ سُنَّةٍ لَا يُجْبَرُ) بِدَمٍ كَطَوَافِ الْقُدُومِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ طَوَافَ الْقُدُومِ تَحِيَّةُ الْبُقْعَةِ فَلَيْسَ مَقْصُودًا فِي نَفْسِهِ وَلِذَلِكَ يَدْخُلُ تَحْتَ غَيْرِهِ، وَفِي الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ نَفْيُ الْخِلَافِ فِي الْجَبْرِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي كَوْنِهِ وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا خِلَافًا لِمَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ الْكِتَابِ (فَإِنْ أَوْجَبْنَاهُ فَخَرَجَ) مِنْ مَكَّةَ أَوْ مِنًى (بِلَا وَدَاعٍ) عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا بِوُجُوبِهِ (وَعَادَ) بَعْدَ خُرُوجِهِ (قَبْلَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ) مِنْ مَكَّةَ أَوْ مِنًى وَطَافَ لِلْوَدَاعِ (سَقَطَ الدَّمُ) ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُقِيمِ وَكَمَا لَوْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُحْرِمٍ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ، وَلَا يُنَافِي التَّعْلِيلَ بِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُقِيمِ بِتَسْوِيَتِهِمْ السَّفَرَ الطَّوِيلَ وَالْقَصِيرَ فِي وُجُوبِ الْوَدَاعِ إذْ سَفَرُهُ هُنَا لَمْ يَتِمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلَوْ نَفَرَ مِنْ مِنًى) أَيْ بِأَنْ أَرَادَ التَّوَجُّهَ إلَى مَنْزِلِهِ (قَوْلُهُ: نُسُكًا وَاجِبًا) أَيْ عِبَادَةً وَاجِبَةً، وَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ لَيْسَ مِنْهَا إلَّا أَنْ لَا يَكُونَ نُسُكًا مُسْتَقِلًّا (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لَا يَنْصَرِفُ أَحَدٌ (قَوْلُهُ: أَنَّ عِيَادَةَ الْمَرِيضِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ تَعَذَّرَ وَتَقَدَّمَ مِثْلُهُ فِي تَعَدُّدِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ فِي الِاعْتِكَافِ (قَوْلُهُ: لَا يَفْعَلُهُ الْمَأْثُومُ بِهِ) أَيْ الَّذِي لَحِقَهُ بِهِ إثْمٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ لُزُومُ الْإِعَادَةِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَلَوْ مَكَثَ مُكْرَهًا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ) أَيْ طَوَافُ الْوَدَاعِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ غَيْرِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQمَكَّةَ وَلَوْ حَلَالًا بِقَيْدِهِ الْآتِي بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ الْآتِي أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ وَلَا الْعُمْرَةِ فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ) دَلِيلٌ لِمَا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: لَا إنْ اشْتَغَلَ بِرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ) هَذَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَرْتَضِي مَا فِي الْمُهِمَّاتِ بِدَلِيلِ اقْتِصَارِهِ عَلَى مُجَرَّدِ نَقْلِهِ عَنْهَا بَعْدَ جَزْمِهِ بِأَنَّ الْعِبَادَةَ وَنَحْوَهَا تَضُرُّ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَفِي أَنَّهُ يَلْزَمُ الْأَجِيرَ فِعْلُهُ) أَيْ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ بِحَيْثُ إذَا تَرَكَهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِسْطٍ مِنْ الْأُجْرَةِ وَإِلَّا فَهُوَ وَاجِبٌ مُطْلَقًا كَمَا عُلِمَ

لِعَوْدِهِ بِخِلَافِهِ هُنَاكَ، أَمَّا لَوْ عَادَ لِيَطُوفَ فَمَاتَ قَبْلَ الطَّوَافِ لَمْ يَسْقُطْ الدَّمُ (أَوْ) عَادَ (بَعْدَهَا) وَطَافَ (فَلَا) يَسْقُطُ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِاسْتِقْرَارِهِ بِالسَّفَرِ الطَّوِيلِ، وَلَا يَجِبُ الْعَوْدُ عَلَى مَنْ وَصَلَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ لِلْمَشَقَّةِ، بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَصِلْهَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ، وَإِنْ خَرَجَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا لِطَوَافِ الْوَدَاعِ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ بُلُوغَهَا كَمُجَاوَزَتِهَا وَقَدْ صُرِّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ يَسْقُطُ كَالْحَالَةِ الْأُولَى. (وَلِلْحَائِضِ النَّفْرُ بِلَا) طَوَافِ (وَدَاعٍ) لِلْخَبَرِ الْمَارِّ، وَخَبَرِ عَائِشَةَ «أَنَّ صَفِيَّةَ حَاضَتْ فَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تَنْصَرِفَ بِلَا وَدَاعٍ» نَعَمْ إنْ طَهُرَتْ قَبْلَ مُفَارَقَةِ بُنْيَانِ مَكَّةَ لَزِمَهَا الْعَوْدُ لِتَطُوفَ، بِخِلَافِ مَا إذَا طَهُرَتْ خَارِجَ مَكَّةَ وَلَوْ فِي الْحَرَمِ النُّفَسَاءُ كَالْحَائِضِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَوْ رَجَعَتْ لِحَاجَةٍ بَعْدَمَا طَهُرَتْ اتَّجَهَ وُجُوبُ الطَّوَافِ وَهَلْ يَلْحَقُ الْمَعْذُورُ لِخَوْفِ ظَالِمٍ أَوْ فَوْتِ رُفْقَةٍ بِالْحَائِضِ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ لِلطَّبَرِيِّ؛ لِأَنَّ الرُّخَصَ لَا تُقَاسُ، وَالْأَظْهَرُ الْإِلْحَاقُ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ وَبَحَثَ لُزُومَ الْفِدْيَةِ قَالَ: لِأَنَّ مَنْعَ الْحَائِضِ الْمَسْجِدَ عَزِيمَةٌ وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ، أَمَّا الْمُتَحَيِّرَةُ فَلَهَا أَنْ تَطُوفَ، فَلَوْ لَمْ تَطُفْ لِلْوَدَاعِ فَلَا دَمَ عَلَيْهَا لِلْأَصْلِ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ، وَالْمُسْتَحَاضَةُ غَيْرُ الْمُتَحَيِّرَةِ لَا عَوْدَ عَلَيْهَا إنْ نَفَرَتْ فِي حَيْضِهَا، فَإِنْ نَفَرَتْ فِي طُهْرِهَا لَزِمَهَا الْعَوْدُ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ التَّفْصِيلِ، وَمَنْ حَاضَتْ قَبْلَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ تَبْقَى عَلَى إحْرَامِهَا وَإِنْ مَضَى عَلَيْهَا أَعْوَامٌ نَعَمْ لَوْ عَادَتْ إلَى بَلَدِهَا وَهِيَ مُحْرِمَةٌ عَادِمَةَ النَّفَقَةِ وَلَمْ يُمْكِنْهَا الْوُصُولُ لِلْبَيْتِ الْحَرَامِ كَانَ حُكْمُهَا كَالْمُحْصَرِ فَتَتَحَلَّلُ بِذَبْحِ شَاةٍ وَتُقَصِّرُ وَتَنْوِي التَّحَلُّلَ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَأُيِّدَ بِكَلَامٍ فِي الْمَجْمُوعِ كَمَا سَيَأْتِي. وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ شَافِعِيَّةً تُقَلِّدُ الْإِمَامَ أَبَا حَنِيفَةَ أَوْ أَحْمَدَ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عِنْدَهُ فِي أَنَّهَا تَهْجُمُ وَتَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَيَلْزَمُهَا بَدَنَةٌ وَتَأْثَمُ بِدُخُولِهَا الْمَسْجِدَ حَائِضًا، وَيُجْزِيهَا هَذَا الطَّوَافُ عَنْ الْفَرْضِ لِمَا فِي بَقَائِهَا عَلَى الْإِحْرَامِ مِنْ الْمَشَقَّةِ، وَإِذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِ الْوَدَاعِ الْمَتْبُوعِ بِرَكْعَتَيْهِ اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ الْبَيْتَ مَا لَمْ يُؤْذِ أَوْ يَتَأَذَّ بِزِحَامٍ أَوْ غَيْرِهِ وَأَنْ يَكُونَ حَافِيًا وَأَنْ لَا يَرْفَعَ بَصَرَهُ إلَى سَقْفِهِ وَلَا يَنْظُرَ إلَى أَرْضِهِ تَعْظِيمًا لِلَّهِ وَحَيَاءً مِنْهُ، وَأَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ وَلَوْ رَكْعَتَيْنِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَقْصِدَ مُصَلَّى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ يَمْشِيَ بَعْدَ دُخُولِهِ الْبَابَ حَتَّى يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ الَّذِي قِبَلَ وَجْهِهِ قَرِيبًا مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ وَأَنْ يَدْعُوَ فِي جَوَانِبِهِ. قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يُسَنُّ لِمَنْ فَرَغَ مِنْ طَوَافِ الْوَدَاعِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُلْتَزَمَ فَيُلْصِقُ بَطْنَهُ وَصَدْرَهُ بِحَائِطِ الْبَيْتِ وَيَبْسُطُ يَدَيْهِ عَلَى الْجِدَارِ فَيَجْعَلُ الْيُمْنَى مِمَّا يَلِي الْبَابَ وَالْيُسْرَى مِمَّا يَلِي الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ وَيَدْعُوَ بِمَا أَحَبَّ: أَيْ بِالْمَأْثُورِ وَغَيْرِهِ، لَكِنَّ الْمَأْثُورَ أَفْضَلُ وَمِنْهُ: اللَّهُمَّ الْبَيْتَ بَيْتُك وَالْعَبْدَ عَبْدُك وَابْنُ أَمَتِك، حَمَلْتنِي عَلَى مَا سَخَّرْت لِي مِنْ خَلْقِك حَتَّى صَيَّرْتنِي ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ وَفِي أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ الْعَوْدُ) يُشْعِرُ بِجَوَازِهِ وَبِتَقْدِيرِهِ فَلَا فَائِدَةَ لَهُ لِعَدَمِ سُقُوطِ الدَّمِ بِالْعَوْدِ نَعَمْ تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ عَلَى مُقَابِلِ الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الرُّخَصَ لَا تُقَاسُ) الَّذِي فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَجَرَى عَلَيْهِ سم تَبَعًا لَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ دُخُولُ الْقِيَاسِ فِيهَا. (قَوْلُهُ: فَلَا دَمَ عَلَيْهَا لِلْأَصْلِ) أَيْ مِنْ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ وَعَدَمِ لُزُومِ الدَّمِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ عَادَتْ) أَيْ شَرَعَتْ فِي الْعَوْدِ لِبَلَدِهَا (قَوْلُهُ: فَتَتَحَلَّلُ بِذَبْحِ شَاةٍ) أَيْ وَيَبْقَى الطَّوَافُ فِي ذِمَّتِهَا إلَى أَنْ تَعُودَ فَتُحْرِمَ وَتَأْتِيَ بِهِ فَإِنْ مَاتَتْ وَلَمْ تَعُدْ حَجَّ عَنْهَا كَمَا تَقَدَّمَ. [مَسْأَلَةٌ] قَالَ الشَّيْخُ مَنْصُورٌ الطَّبَلَاوِيُّ: سُئِلَ شَيْخِنَا سم عَنْ امْرَأَةٍ شَافِعِيَّةِ الْمَذْهَبِ طَافَتْ لِلْإِفَاضَةِ بِغَيْرِ سُتْرَةٍ مُعْتَبَرَةٍ جَاهِلَةً بِذَلِكَ أَوْ نَاسِيَةٍ ثُمَّ تَوَجَّهَتْ إلَى بِلَادِ الْيَمَنِ فَنَكَحَتْ شَخْصًا ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهَا فَسَادُ طَوَافِهَا فَأَرَادَتْ أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الرُّخَصَ لَا تُقَاسُ) لَعَلَّهُ سَقَطَ قَبْلَهُ مِنْ النُّسَخِ أَحَدُهُمَا لَا يُلْحَقُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْكَتَبَةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الرُّخَصَ لَا تُقَاسُ) هَذِهِ طَرِيقَةٌ عَلَى أَنَّ هَذَا قَدْ يُنَافِي مَا سَيَأْتِي عَقِبَهُ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ

فِي بَلَدِك، وَبَلَّغْتنِي بِنِعْمَتِك حَتَّى أَعَنْتَنِي عَلَى قَضَاءِ مَنَاسِكِك، فَإِنْ كُنْت رَضِيت عَنِّي فَازْدَدْ عَنِّي رِضًا، وَإِلَّا فَمُنَّ عَلَيَّ الْآنَ قَبْلَ أَنْ تَنْأَى عَنْ بَيْتِك دَارِي وَيَبْعُدَ عَنْهُ مَزَارِي، هَذَا أَوَانُ انْصِرَافِي إنْ أَذِنْت لِي غَيْرَ مُسْتَبْدِلٍ بِك وَلَا بَيْتِك وَلَا رَاغِبٍ عَنْك وَلَا عَنْ بَيْتِك، اللَّهُمَّ فَأَصْحِبْنِي الْعَافِيَةَ فِي بَدَنِي وَالْعِصْمَةَ فِي دِينِي وَأَحْسِنْ مُنْقَلَبِي وَارْزُقْنِي الْعَمَلَ بِطَاعَتِك مَا أَبْقَيْتنِي، وَمَا زَادَ فَحَسِّنْ فِيهِ، وَقَدْ زِيدَ: وَاجْمَعْ لِي خَيْرَيْ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إنَّك قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ. ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ وَلَوْ كَانَتْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ اُسْتُحِبَّ لَهَا الْإِتْيَانُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ بِبَابِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ تَمْضِي، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا كَلَامًا فِي أَنَّ الْمُوَدِّعَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ يَخْرُجُ، وَقَالَ بَعْضُ الْعَصْرِيِّينَ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ بَابِ بَنِي سَهْمٍ وَيُسَنُّ الْإِكْثَارُ مِنْ الِاعْتِمَارُ وَالطَّوَافِ تَطَوُّعًا وَأَنْ يَزُورَ الْأَمَاكِنَ الْمَشْهُورَةَ بِالْفَضْلِ بِمَكَّةَ وَهِيَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا. وَأَنْ يُكْثِرَ النَّظَرَ إلَى الْبَيْتِ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا لِمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ: إنَّ لِلَّهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ عِشْرِينَ وَمِائَةَ رَحْمَةٍ تَنْزِلُ عَلَى هَذَا الْبَيْتِ سِتُّونَ لِلطَّائِفِينَ وَأَرْبَعُونَ لِلْمُصَلِّينَ وَعِشْرُونَ لِلنَّاظِرِينَ وَحِكْمَةُ ذَلِكَ كَمَا أَفَادَهَا السَّرَّاجُ الْبُلْقِينِيُّ ظَاهِرَةٌ، إذْ الطَّائِفُونَ جَمَعُوا بَيْنَ ثَلَاثٍ: طَوَافٍ وَصَلَاةٍ وَنَظَرٍ فَصَارَ لَهُمْ بِذَلِكَ سِتُّونَ، وَالْمُصَلُّونَ فَاتَهُمْ الطَّوَافُ فَصَارَ لَهُمْ أَرْبَعُونَ، وَالنَّاظِرُونَ فَاتَهُمْ الطَّوَافُ وَالصَّلَاةُ فَصَارَ لَهُمْ عِشْرُونَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُكْثِرَ مِنْ الصَّدَقَةِ وَأَنْوَاعِ الْبِرِّ وَالْقُرُبَاتِ فَإِنَّ الْحَسَنَةَ هُنَاكَ بِمِائَةِ أَلْفِ حَسَنَةٍ، وَنُقِلَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ يُسْتَجَابُ الدُّعَاءَ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا بِمَكَّةَ: فِي الطَّوَافِ وَالْمُلْتَزَمِ وَتَحْتَ الْمِيزَابِ وَفِي الْبَيْتِ وَعِنْدَ زَمْزَمَ وَعَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَفِي السَّعْيِ وَخَلْفَ الْمَقَامِ وَفِي عَرَفَاتٍ وَمُزْدَلِفَةَ وَمِنًى وَعِنْدَ الْجَمَرَاتِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الدَّاعِي فِي نُسُكٍ أَوْ لَا. (وَيُسَنُّ شُرْبُ مَاءِ زَمْزَمَ) ؛ لِأَنَّهَا مُبَارَكَةٌ طَعَامُ طَعْمٍ وَشِفَاءُ سَقَمٍ وَيُسَنُّ أَنْ يَشْرَبَهُ لِمَطْلُوبِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَأَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ عِنْدَ شُرْغبِهِ، وَأَنْ يَتَضَلَّعَ مِنْهُ، وَأَنْ يَقُولَ عِنْدَ شُرْبِهِ: اللَّهُمَّ إنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي عَنْ نَبِيِّك مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ» وَأَنَا أَشْرَبُهُ لِكَذَا، وَيَذْكُرُ مَا يُرِيدُ دِينًا وَدُنْيَا، اللَّهُمَّ فَافْعَلْ بِي، ثُمَّ يُسَمِّي اللَّهَ تَعَالَى وَيَشْرَبُ وَيَتَنَفَّسُ ثَلَاثًا ـــــــــــــــــــــــــــــSتُقَلِّدَ أَبَا حَنِيفَةَ فِي صِحَّتِهِ لِتَصِيرَ بِهِ حَلَالًا وَتَتَبَيَّنَ صِحَّةَ النِّكَاحِ، وَحِينَئِذٍ فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ وَتَتَضَمَّنُ صِحَّةَ التَّقْلِيدِ بَعْدَ الْعَمَلِ؟ فَأَفْتَى بِالصِّحَّةِ وَأَنَّهُ لَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ، وَلَمَّا سَمِعْتُ عَنْهُ ذَلِكَ اجْتَمَعْتُ بِهِ فَإِنِّي كُنْت أَحْفَظُ عَنْهُ خِلَافَهُ فِي الْعَامِ الَّذِي قَبْلَهُ فَقَالَ: هَذَا هُوَ الَّذِي أَعْتَقِدُهُ مِنْ الصِّحَّةِ، وَأَفْتَى بِهِ بَعْضُ الْأَفَاضِلِ أَيْضًا تَبَعًا لَهُ وَهُوَ مَسْأَلَةٌ مُهِمَّةٌ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ وَأَشْبَاهُهَا، وَمُرَادُهُ بِأَشْبَاهِهَا كُلُّ مَا كَانَ مُخَالِفًا لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ مَثَلًا وَهُوَ صَحِيحٌ عَلَى بَعْضِ الْمَذَاهِبِ الْمُعْتَبَرَةِ، فَإِذَا فَعَلَهُ عَلَى وَجْهٍ فَاسِدٍ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَصَحِيحٍ عِنْدَ غَيْرِهِ ثُمَّ عَلِمَ بِالْحَالِ جَازَ لَهُ أَنْ يُقَلِّدَ الْقَائِلَ بِصِحَّتِهِ فِيمَا مَضَى وَفِيمَا يَأْتِي فَتَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُهُ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ جِدًّا، وَيَنْبَغِي أَنَّ إثْمَ الْإِقْدَامِ بَاقٍ حَيْثُ فَعَلَهُ عَالِمًا (قَوْلُهُ: قَبْلَ أَنْ تَنْأَى) أَيْ تَبْعُدَ (قَوْلُهُ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ بَابِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَأَرْبَعُونَ لِلْمُصَلِّينَ إلَخْ) هَذَا الْحَدِيثُ يَقْتَضِي أَنَّ الطَّوَافَ أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ وَتَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: بِمِائَةِ أَلْفِ حَسَنَةٍ) هَذَا رَأْيٌ وَالثَّانِي أَنَّ الْمُضَاعَفَةَ خَاصَّةٌ بِالصَّلَاةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: خَمْسَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا بِمَكَّةَ) وَتَوَابِعِهَا لِمَا يَأْتِي مِنْ عَدِّ عَرَفَاتٍ وَمَا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ الْجَمَرَاتِ) أَيْ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ: مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ) هُوَ شَامِلٌ لِمَا لَوْ شَرِبَهُ بِغَيْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقَالَ بَعْضُ الْعَصْرِيِّينَ) مِنْ جُمْلَةِ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: بِمَكَّةَ) أَيْ غَالِبًا، وَإِلَّا فَسَيَأْتِي أَنَّ مِنْ تِلْكَ الْمَوَاضِعِ عَرَفَاتٌ وَمَا بَعْدَهَا.

كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ إذَا شَرِبَهُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك عِلْمًا نَافِعًا وَرِزْقًا وَاسِعًا وَشِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ، فَقَدْ شَرِبَهُ جَمَاعَةٌ وَمِنْ الْعُلَمَاءِ فَنَالُوا مَطْلُوبَهُمْ وَيُسَنُّ الدُّخُولُ إلَى الْبِئْرِ وَالنَّظَرِ فِيهَا، وَأَنْ يَنْزِعَ مِنْهَا بِالدَّلْوِ الَّذِي عَلَيْهَا وَيَشْرَبَ، وَأَنْ يَنْضَحَ مِنْهُ عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَصَدْرِهِ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَأَنْ يَتَزَوَّدَ مِنْ مَائِهَا وَيَسْتَصْحِبَ مِنْهُ مَا أَمْكَنَهُ لِلِاتِّبَاعِ، وَأَنْ يَشْرَبَ مِنْ نَبِيذِ سِقَايَةِ الْعَبَّاسِ مَا لَمْ يُسْكِرْ، وَأَنْ يَخْتِمَ الْقُرْآنَ بِمَكَّةَ، وَأَنْ يَنْصَرِفَ تِلْقَاء وَجْهِهِ مُسْتَدْبِرَ الْبَيْتِ كَمَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ وَصَوَّبَهُ فِي مَجْمُوعِهِ، وَيُكْثِرُ الِالْتِفَاتَ إلَى أَنْ يَغِيبَ عَنْهُ كَالْمُتَحَزِّنِ الْمُتَأَسِّفِ عَلَى فِرَاقِهِ وَيَقُولُ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْ مَكَّةَ: اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، آيِبُونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ (وَ) يُسَنُّ (زِيَارَةُ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَنْ زَارَ قَبْرِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي» وَمَفْهُومُهُ أَنَّهَا جَائِزَةٌ لِغَيْرِ زَائِرِهِ وَخَبَرُ «مَنْ جَاءَنِي زَائِرًا لَمْ تَنْزِعْهُ حَاجَةٌ إلَّا زِيَارَتِي كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ أَكُونَ لَهُ شَفِيعًا أَوْ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَخَبَرُ «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ عِنْدَ قَبْرِي وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ مَلَكًا يُبَلِّغُنِي وَكُفِيَ أَمْرَ دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ وَكُنْت لَهُ شَفِيعًا أَوْ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» فَزِيَارَةُ قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَهَمِّ الْقُرُبَاتِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَ نُسُكًا لَكِنَّهَا مُتَأَكِّدَةٌ فِيمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (بَعْدَ فَرَاغِ الْحَجِّ) إذْ الْغَالِبُ عَلَى الْحَجِيجِ وُرُودُهُمْ مِنْ آفَاقٍ بَعِيدَةٍ، فَإِذَا قَرُبُوا مِنْ الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ يَقْبُحُ تَرْكُهُمْ الزِّيَارَةَ، وَلِخَبَرِ «مَنْ حَجَّ وَلَمْ يَزُرْنِي فَقَدْ جَفَانِي» فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى تَأَكُّدِهَا لِلْحَاجِّ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ، وَحُكْمُ الْمُعْتَمِرِ كَالْحَاجِّ فِي تَأَكُّدِهَا لَهُ وَتُسَنُّ زِيَارَةُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَزِيَارَةُ الْخَلِيلِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا تَعَلُّقَ لِذَلِكَ بِالْحَجِّ. وَيُسَنُّ لِمَنْ قَصَدَ الْمَدِينَةَ الشَّرِيفَةَ لِزِيَارَةِ قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُكْثِرَ فِي طَرِيقِهِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَزِيدُ فِيهَا إذَا أَبْصَرَ أَشْجَارَهَا مَثَلًا وَيَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَهُ بِهَذِهِ الزِّيَارَةِ وَيَتَقَبَّلَهَا مِنْهُ، وَأَنْ يَغْتَسِلَ قَبْلَ دُخُولِهِ كَمَا مَرَّ وَيَلْبَسَ أَنْظَفَ ثِيَابِهِ، فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَصَدَ الرَّوْضَةَ وَهِيَ مَا بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ وَصَلَّى تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَحِلِّهِ (قَوْلُهُ: إذَا شَرِبَهُ يَقُولُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالشَّارِبِ نَفْسِهِ فَلَا يَتَعَدَّاهُ إلَى غَيْرِهِ، وَيَحْتَمِلُ تَعَدِّي ذَلِكَ إلَى الْغَيْرِ، فَإِذَا شَرِبَهُ إنْسَانٌ بِقَصْدِ وَلَدِهِ وَأَخِيهِ مَثَلًا حَصَلَ لَهُ ذَلِكَ الْمَطْلُوبُ، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ إذَا شَرِبَهُ بِنِيَّةٍ صَادِقَةٍ. وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ الشَّوْبَرِيِّ مَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرْنَاهُ فَلْيُرَاجَعْ، وَعِبَارَتُهُ فِي هَوَامِشِ فَتْوَى حَجّ الْفِقْهِيَّةِ الْكُبْرَى نَصَّهَا عِنْدَ قَوْلِهِ «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ» إلَخْ: هَلْ وَلَوْ كَانَ طَلَبُ التَّحْصِيلِ بِهِ لِغَيْرِ شَارِبِهِ بِأَنْ شَرِبَهُ لِيَحْصُلَ لِوَلَدِهِ الْعِلْمُ أَوْ الشِّفَاءُ أَوْ يُفَرِّقَ بَيْنَ مَنْ يَكُونُ لَهُ وِلَايَةٌ أَوْ وَكَالَةٌ بِأَنْ وَكَّلَ فِي ذَلِكَ وَبَيْنَ غَيْرِ مَنْ ذَكَرَ وَلَيْسَ مُوَافِقًا لِمَا نُقِلَ عَنْهُ (قَوْلُهُ: فَقَدْ شَرِبَهُ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَيُسَنُّ أَنْ يَشْرَبَهُ لِمَطْلُوبِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَمْ تَنْزِعْهُ حَاجَةٌ) أَيْ تُهْمَةٌ (قَوْلُهُ وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ مَلَكًا يُبَلِّغُنِي إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ لَا يَسْمَعُهُ بِلَا وَاسِطَةِ الْمَلِكِ، وَقَدْ قَدَّمْنَاهُ فِي بَابِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ أَنَّهُ يَسْمَعُ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْقَبْرِ بِلَا وَاسِطَةٍ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ أَوْ غَيْرِهَا، فَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا هُنَا عَلَى أَنَّهُ يُبَلِّغُ مَعَ السَّمَاعِ. ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالْجَوْهَرِ الْمُنَظَّمِ فِي زِيَارَةِ الْقَبْرِ الْمُعَظَّمِ مَا نَصُّهُ: تَنْبِيهٌ: يُجْمَعُ بَيْنَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الظَّاهِرَةِ التَّعَارُضِ بِبَادِئِ الرَّأْيِ وَأَحَادِيثَ أُخَرَ وَرَدَتْ بِمَعْنَاهَا أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُبَلَّغُ الصَّلَاةَ وَالسَّلَامَ إذَا صَدَرَا مِنْ بُعْدٍ وَيَسْمَعُهُمَا إذَا كَانَ عِنْدَ قَبْرِهِ الشَّرِيفِ بِلَا وَاسِطَةٍ وَإِنْ وَرَدَ أَنَّهُ يُبَلَّغُهُمَا هُنَا أَيْضًا كَمَا مَرَّ، إذْ لَا مَانِعَ أَنَّ مَنْ عِنْدَ قَبْرِهِ يُخَصُّ بِأَنَّ الْمَلِكَ يُبَلِّغُ صَلَاتَهُ وَسَلَامَهُ مَعَ سَمَاعِهِ لَهُمَا إشْعَارًا بِمَزِيدِ خُصُوصِيَّتِهِ وَالِاعْتِنَاءِ بِشَأْنِهِ وَالِاسْتِمْدَادِ لَهُ بِذَلِكَ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا، إذْ الْمُقَيَّدُ يُقْضَى بِهِ عَلَى الْمُطْلَقِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ الَّتِي ظَاهِرُهَا التَّعَارُضُ وَاجِبٌ حَيْثُ أَمْكَنَ، وَأَفْتَى النَّوَوِيُّ فِيمَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْمَعُ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ هَلْ يَحْنَثُ؟ بِأَنَّهُ لَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِالْحِنْثِ لِلشَّكِّ فِي ذَلِكَ وَالْوَرَعُ أَنَّهُ يَلْتَزِمُ الْحِنْثَ اهـ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بِجَنْبِ الْمِنْبَرِ وَشَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى بَعْدَ فَرَاغِهِمَا عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ، ثُمَّ يَأْتِي الْقَبْرَ الشَّرِيفَ فَيَسْتَقْبِلُ رَأْسَهُ وَيَسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةَ وَيَبْعُدَ عَنْهُ نَحْوَ أَرْبَعَةِ أَذْرُعٍ وَيَقِفُ نَاظِرًا إلَى أَسْفَلَ مَا يَسْتَقْبِلُهُ فِي مَقَامِ الْهَيْبَةِ وَالْإِجْلَالِ فَارِغَ الْقَلْبِ مِنْ عَلَائِقِ الدُّنْيَا وَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِخَبَرِ «مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ» وَأَقَلُّ السَّلَامِ عَلَيْهِ: السَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ تَأَدُّبًا مَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا كَانَ فِي حَيَاتِهِ، ثُمَّ يَتَأَخَّرُ إلَى صَوْبِ يَمِينِهِ قَدْرَ ذِرَاعٍ فَيُسَلِّمُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّ رَأْسَهُ عِنْدَ مَنْكِبِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ يَتَأَخَّرُ قَدْرَ ذِرَاعٍ آخَرَ فَيُسَلِّمُ عَلَى عُمَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ دَخَلَ الْمَسْجِدَ ثُمَّ أَتَى الْقَبْرَ الشَّرِيفَ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْك يَا أَبَا بَكْرٍ السَّلَامُ عَلَيْك يَا أَبَتَاهُ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى مَوْقِفِهِ الْأَوَّلِ قُبَالَةَ وَجْهِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَتَوَسَّلُ بِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَلْيَسْتَشْفِعْ بِهِ إلَى رَبِّهِ، ثُمَّ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَيَدْعُو لِنَفْسِهِ وَلِمَنْ شَاءَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنْ يَأْتِيَ سَائِرَ الْمَشَاهِدِ بِالْمَدِينَةِ، وَهِيَ نَحْوُ ثَلَاثِينَ مَوْضِعًا يَعْرِفُهَا أَهْلُ الْمَدِينَةَ. وَيُسَنُّ زِيَارَةُ الْبَقِيعِ وَقُبَاءَ، وَأَنْ يَأْتِيَ بِئْرَ أَرِيسٍ فَيَشْرَبَ مِنْهَا وَيَتَوَضَّأَ وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ الْآبَارِ السَّبْعَةِ وَقَدْ نَظَّمَهَا بَعْضُهُمْ، فَقَالَ: أَرِيسٌ وَغَرْسٌ رُومَةٌ وَبُضَاعَةٌ ... كَذَا بَصَّةٌ قُلْ بِئْرُ جَامِعِ الْعِهْنِ وَيَنْبَغِي الْمُحَافَظَةُ عَلَى الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِهِ الَّذِي كَانَ فِي زَمَنِهِ فَالصَّلَاةُ فِيهِ بِأَلْفِ صَلَاةٍ، وَلْيَحْذَرْ مِنْ الطَّوَافِ بِقَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِنْ الصَّلَاةِ دَاخِلَ الْحُجْرَةِ بِقَصْدِ تَعْظِيمِهِ وَيُكْرَهُ إلْصَاقُ الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ بِجِدَارِ الْقَبْرِ كَرَاهَةً شَدِيدَةً وَمَسْحُهُ بِالْيَدِ وَتَقْبِيلُهُ، بَلْ الْأَدَبُ أَنْ يَبْعُدَ عَنْهُ كَمَا لَوْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَيَاتِهِ وَيُسَنُّ أَنْ يَصُومَ بِالْمَدِينَةِ مَا أَمْكَنَهُ، وَأَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى جِيرَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُقِيمِينَ وَالْغُرَبَاءِ بِمَا أَمْكَنَهُ، وَإِذَا أَرَادَ السَّفَرَ اُسْتُحِبَّ أَنْ يُوَدِّعَ الْمَسْجِدَ بِرَكْعَتَيْنِ، وَيَأْتِيَ الْقَبْرَ الشَّرِيفَ وَيُعِيدَ السَّلَامَ الْأَوَّلَ وَيَقُولَ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ حَرَمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيَسِّرْ لِي الْعَوْدَ إلَى الْحَرَمَيْنِ سَبِيلًا سَهْلًا وَارْزُقْنِي الْعَفْوَ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ (قَوْلُهُ: وَشُكْرُ اللَّهِ) أَيْ بِالثَّنَاءِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) لَوْ قَالَ لَهُ إنْسَانٌ: سَلِّمْ لِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِ كَمَا يَجِبُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى مَنْ قَالَ لَهُ سَلِّمْ عَلَى فُلَانٍ أَوْ يُفَرِّقَ؟ وَالْفَرْقُ أَقْرَبُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّلَامِ بَيْنَ النَّاسِ التَّوَدُّدُ وَالْمَحَبَّةُ، وَالْمُرَادُ بِالسَّلَامِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الشَّفَاعَةُ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ أَنْ يَشْفَعَ لَهُ عِنْدَهُ اهـ كَذَا بِهَامِشٍ عَنْ حَجّ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ. وَعِبَارَتُهُ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالدُّرِّ الْمُنَظَّمِ فِي زِيَارَةِ الْقَبْرِ الْمُعَظَّمِ نَصُّهَا: وَأَمَّا إرْسَالُ السَّلَامِ إلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَالْقَصْدُ مِنْهُ الِاسْتِمْدَادُ مِنْهُ وَعَوْدُ الْبَرَكَةِ عَلَى الْمُسْلِمِ، فَتَرْكُهُ لَيْسَ فِيهِ إلَّا عَدَمُ اكْتِسَابِ فَضِيلَةٍ لِلْغَيْرِ فَلَمْ يَكُنْ لِتَحْرِيمِهِ سَبَبٌ يَقْتَضِيهِ فَاتَّجَهَ أَنَّ ذَلِكَ التَّبْلِيغَ سُنَّةٌ لَا وَاجِبٌ. فَإِنْ قُلْت: صَرَّحُوا بِأَنَّ تَفْوِيتَ الْفَضَائِلِ عَلَى الْغَيْرِ حَرَامٌ كَإِزَالَةِ دَمِ الشَّهِيدِ قُلْت: هَذَا اشْتِبَاهٌ، إذْ فَرْقٌ وَاضِحٌ بَيْنَ عَدَمِ اكْتِسَابِ الْفَضِيلَةِ لِلْغَيْرِ وَتَفْوِيتِ الْفَضِيلَةِ الْحَاصِلَةِ عَلَى الْغَيْرِ فَمِنْ ثَمَّ حَرُمَ هَذَا التَّفْوِيتُ وَلَمْ يَحْرُمْ بِتَرْكِ ذَلِكَ الِاكْتِسَابِ فَافْهَمْهُ اهـ. وَفِيمَا عَلَّلَ بِهِ وَقْفَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ لَيْسَ شَافِعًا بَلْ مَأْمُورٌ بِالتَّبْلِيغِ لِمَنْ يَشْفَعُ، فَحَيْثُ الْتَزَمَ ذَلِكَ وَلَمْ يُؤَدِّهِ فَالْقِيَاسُ وُجُوبُ التَّبْلِيغِ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ الْتَزَمَ إيصَالَهَا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: إلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ رُوحِي) أَيْ نُطْقِي فَلَا يُرَدُّ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ أَحْيَاءٌ فِي قُبُورِهِمْ (قَوْلُهُ وَتَقْبِيلُهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ التَّعْظِيمَ، لَكِنْ مَرَّ فِي الْجَنَائِزِ بَعْدَ نَقْلِ كَرَاهَةِ تَقْبِيلِ التَّابُوتِ مَا نَصُّهُ: نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِتَقْبِيلِ أَضْرِحَتِهِمْ التَّبَرُّكَ لَمْ يُكْرَهْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَيَحْتَمِلُ مَجِيءَ ذَلِكَ هُنَا، وَيَحْتَمِلُ الْفَرْقَ بِأَنَّهُمْ حَافَظُوا عَلَى التَّبَاعُدِ عَنْ التَّشَبُّهِ بِالنَّصَارَى هُنَا حَيْثُ بَالَغُوا فِي تَعْظِيمِ عِيسَى حَتَّى ادَّعَوْا فِيهِ مَا ادَّعَوْا، وَمِنْ ثَمَّ حَذَّرُوا كُلَّ التَّحْذِيرِ مِنْ الصَّلَاةِ دَاخِلَ الْحُجْرَةِ بِقَصْدِ التَّعْظِيمِ. . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[فصل في بيان أركان الحج والعمرة وبيان أوجه أدائهما مع ما يتعلق بذلك]

وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَرُدَّنَا إلَى أَهْلِنَا سَالِمِينَ غَانِمِينَ وَيَنْصَرِفُ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ وَلَا يَمْشِي الْقَهْقَرَى، وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ اسْتِصْحَابَ شَيْءٍ مِنْ الْأُكَرِ الْمَعْمُولَةِ مِنْ تُرَابِ الْحَرَمَيْنِ وَلَا مِنْ الْأَبَارِيقِ وَالْكِيزَانِ الْمَعْمُولَةِ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْ الْبِدَعِ تَقَرُّبُ الْعَوَامّ بِأَكْلِ التَّمْرِ الصَّيْحَانِيِّ فِي الرَّوْضَةِ. . فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَبَيَانِ أَوْجُهِ أَدَائِهِمَا مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ (أَرْكَانُ الْحَجِّ خَمْسَةٌ) بَلْ سِتَّةٌ: أَحَدُهَا (الْإِحْرَامُ بِهِ) أَيْ نِيَّةُ الدُّخُولِ فِيهِ لِخَبَرِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» (وَ) ثَانِيهَا (الْوُقُوفُ) بِعَرَفَةَ إجْمَاعًا لِخَبَرِ «الْحَجُّ عَرَفَةَ» (وَ) ثَالِثُهَا (الطَّوَافُ) بِالْكَعْبَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29] وَالْمُرَادُ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ (وَ) رَابِعُهَا (السَّعْيُ) بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِخَبَرِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فِي السَّعْيِ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اسْعَوْا فَإِنَّ السَّعْيَ قَدْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ» (وَ) خَامِسُهَا (الْحَلْقُ) أَوْ التَّقْصِيرُ (إذَا جَعَلْنَاهُ نُسُكًا) وَهُوَ الْمَشْهُورُ لِتَوَقُّفِ التَّحَلُّلِ عَلَيْهِ مَعَ عَدَمِ جَبْرِ تَرْكِهِ بِدَمٍ كَالطَّوَافِ وَسَادِسُهَا التَّرْتِيبُ فِي مُعْظَمِ هَذِهِ الْأَرْكَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــS [فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَبَيَانِ أَوْجُهِ أَدَائِهِمَا مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ] َ (قَوْلُهُ أَيْ نِيَّةُ الدُّخُولِ فِيهِ) ع قَدَّرَهُ فِيمَا سَبَقَ بِالدُّخُولِ فِي النُّسُكِ وَعَدَلَ هُنَا إلَى نِيَّةِ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهُ الْمُلَائِمُ لِلرُّكْنِيَّةِ، وَفِي سم عَلَى حَجّ: فَرْعٌ: هَلْ يَأْتِي فِيمَنْ لَمْ يُمَيِّزْ الْفُرُوضَ مِنْ السُّنَنِ مَا تَقَرَّرَ فِي نَحْوِ الصَّلَاةِ حَتَّى لَوْ اعْتَقَدَ بِفَرْضٍ مُعَيَّنٍ نَفْلًا لَمْ يَصِحَّ: أَوْ يُفَرِّقُ بِأَنَّ النُّسُكَ شَدِيدُ التَّعَلُّقِ وَلِهَذَا لَوْ نَوَى بِهِ النَّفَلَ وَقَعَ عَنْ نُسُكِ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ يَتَّجِهُ الْفَرْقُ فَيَصِحُّ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يُمَيِّزْ وَلَا اعْتَقَدَ بِفَرْضٍ مُعَيَّنٍ نَفْلًا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. أَقُولُ: الْأَقْرَبُ عَدَمُ الْفَرْقِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ حَجّ أَوَّلُ الْحَجِّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَشَرْطُ صِحَّتِهِ الْإِسْلَامُ إلَخْ، عَلَى أَنَّهُ اعْتَرَضَ بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَيْضًا الْوَقْتُ وَالنِّيَّةُ وَالْعِلْمُ وَالْكَيْفِيَّةُ حَتَّى لَوْ جَرَتْ أَفْعَالُ النُّسُكِ مِنْهُ اتِّفَاقًا لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا، لَكِنْ رَدَّ ذِكْرَ النِّيَّةِ بِأَنَّهَا رُكْنٌ وَيُرَدُّ ذِكْرُ الْوَقْتِ بِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ صَرِيحِ كَلَامِهِ الْآتِي فِي الْمَوَاقِيتِ، وَذَكَرَ الْعِلْمَ بِأَنَّهُ لَوْ حَصَلَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَقَبْلَ تَعَاطِي الْأَفْعَالِ كَفَى فَلَيْسَ شَرْطًا لِانْعِقَادِ الْإِحْرَامِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ بَلْ يَكْفِي لِانْعِقَادِهِ تَصَوُّرُهُ بِوَجْهٍ اهـ. وَوَجْهُ التَّأْيِيدِ أَنَّ قَوْلَهُ بِأَنَّهُ لَوْ حَصَلَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَقَبْلَ تَعَاطِي الْأَفْعَالِ كَفَى، صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الْعِلْمُ بِالْكَيْفِيَّةِ لَا قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَلَا بَعْدَهُ لَمْ يَكْفِ، وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ الْمُعْتَبَرُ فِيهِ عَيْنُ مَا يُعْتَبَرُ فِي الصَّلَاةِ بِلَا فَرْقٍ غَايَتُهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الصَّلَاةِ حَالُ النِّيَّةِ، وَفِي الْحَجِّ لَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فِي السَّعْيِ) ع هَذَا الْحَدِيثُ ضَعَّفَهُ النَّوَوِيُّ: قَالَ السُّبْكِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَالدَّلِيلُ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ مَعَ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ الْحَدِيثِ بِوَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ مُبَيِّنٌ لِمَا وَقَعَ فِي الْآيَةِ الشَّرِيفَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ إنَّ الصَّفَا إلَخْ، وَبَيَانُ الْمُرَادِ مِنْ الْآيَاتِ يَجُوزُ الِاسْتِدْلَال عَلَيْهِ بِالْأَحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ (قَوْلُهُ: وَسَادِسُهَا التَّرْتِيبُ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجِ: قَوْلُهُ وَسَادِسُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ (قَوْلُهُ مَعَ عَدَمِ جَبْرِ تَرْكِهِ بِدَمٍ) أَيْ حَتَّى لَا يَرِدَ نَحْوُ الرَّمْيِ.

بَحَثَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَإِنْ عَدَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ شَرْطًا بِأَنْ يُقَدِّمَ الْإِحْرَامَ عَلَى الْجَمِيعِ وَيُؤَخِّرَ السَّعْيَ عَنْ طَوَافِ رُكْنٍ أَوْ قُدُومٍ، وَيُقَدِّمَ الْوُقُوفَ عَلَى طَوَافِ الرُّكْنِ وَالْحَلْقِ أَوْ التَّقْصِيرِ لِلِاتِّبَاعِ مَعَ خَبَرِ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» (وَلَا تُجْبَرُ) هَذِهِ الْأَرْكَانُ وَلَا شَيْءٌ مِنْهَا (بِدَمٍ) بَلْ يَتَوَقَّفُ الْحَجُّ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْمَاهِيَّةَ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِجَمِيعِ أَرْكَانِهَا وَأَمَّا وَاجِبَاتُهُ فَخَمْسَةٌ أَيْضًا: الْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ وَالرَّمْيُ فِي يَوْمِ النَّحْرِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَالْمَبِيتُ بِمُزْدَلِفَةَ وَالْمَبِيتُ بِلَيَالِي مِنًى وَاجْتِنَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ وَأَمَّا طَوَافُ الْوَدَاعِ فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَنَاسِكِ، فَعَلَى هَذَا لَا يُعَدُّ مِنْ الْوَاجِبَاتِ فَهَذِهِ تُجْبَرُ بِدَمٍ وَتُسَمَّى بَعْضًا وَغَيْرُهَا يُسَمَّى هَيْئَةً (وَمَا سِوَى الْوُقُوفِ) مِنْ هَذِهِ السِّتَّةِ (أَرْكَانٌ فِي الْعُمْرَةِ أَيْضًا) لِشُمُولِ الْأَدِلَّةِ السَّابِقَةِ لَهَا، نَعَمْ التَّرْتِيبُ مُعْتَبَرٌ فِي جَمِيعِ أَرْكَانِهَا فَيَجِبُ تَأْخِيرُ الْحَلْقِ أَوْ التَّقْصِيرِ عَنْ سَعْيِهَا وَوَاجِبُ الْعُمْرَةِ شَيْئَانِ: الْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ، وَاجْتِنَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ. (وَيُؤَدِّي النُّسُكَانِ عَلَى) ثَلَاثَةِ (أَوْجُهٍ) فَقَطْ وَلِهَذَا عَبَّرَ بِجَمْعِ الْقِلَّةِ وَوَجْهُ الْحَصْرِ فِي الثَّلَاثَةِ أَنَّ الْإِحْرَامَ إنْ كَانَ بِالْحَجِّ أَوَّلًا فَالْإِفْرَادُ، أَوْ بِالْعُمْرَةِ فَالتَّمَتُّعُ، أَوْ بِهِمَا مَعًا فَالْقِرَانُ عَلَى تَفْصِيلٍ وَشُرُوطٍ لِبَعْضِهَا سَتَأْتِي، وَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِنُسُكٍ عَلَى حِدَتِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأَوْجُهِ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ النُّسُكَانِ بِالتَّثْنِيَةِ، أَمَّا أَدَاءُ النُّسُكِ مِنْ حَيْثُ هُوَ فَعَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ: الثَّلَاثَةُ الْمَذْكُورَةُ، وَأَنْ يُحْرِمَ بِحَجٍّ فَقَطْ، أَوْ عُمْرَةٍ فَقَطْ (أَحَدُهُمَا الْإِفْرَادُ) الْأَفْضَلُ وَيَحْصُلُ (بِأَنْ يَحُجَّ) أَيْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ مِنْ مِيقَاتِهِ وَيَفْرُغَ مِنْهُ (ثُمَّ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ) مِنْ عَامِهِ (كَإِحْرَامِ الْمَكِّيِّ) بِأَنْ يَخْرُجَ إلَى أَدْنَى الْحِلِّ فَيُحْرِمَ بِهَا (وَيَأْتِيَ بِعَمَلِهَا) أَمَّا غَيْرُ الْأَفْضَلِ فَلَهُ صُورَتَانِ: إحْدَاهُمَا أَنْ يَأْتِيَ بِالْحَجِّ وَحْدَهُ فِي سَنَةٍ، الثَّانِيَةُ أَنْ يَعْتَمِرَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ يَحُجَّ مِنْ الْمِيقَاتِ عَلَى مَا يَأْتِي وَأَمَّا الْإِفْرَادُ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ فَسَيَأْتِي بَيَانُهُ. (الثَّانِي الْقِرَانُ) الْأَكْمَلُ وَيَحْصُلُ (بِأَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا) ـــــــــــــــــــــــــــــSالتَّرْتِيبُ إلَخْ، أَقُولُ: لِي هُنَا شُبْهَةٌ وَهِيَ أَنَّ شَأْنَ رُكْنِ الشَّيْءِ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ انْعَدَمَ انْعَدَمَ ذَلِكَ الشَّيْءُ وَلَا شُبْهَةَ فِي أَنَّهُ إذَا حَلَقَ قَبْلَ الْوُقُوفِ ثُمَّ وَقَفَ وَأَتَى بِبَقِيَّةِ الْأَعْمَالِ حَصَلَ الْحَجُّ وَكَانَ الْحَلْقُ سَاقِطًا لِعَدَمِ إمْكَانِهِ وَإِنْ أَثِمَ بِفِعْلِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَتَفْوِيتِهِ فَقَدْ حَصَلَ لَهُ الْحَجُّ مَعَ انْتِفَاءِ التَّرْتِيبِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ انْدِفَاعُ هَذِهِ الشُّبْهَةِ بِأَنْ يُقَالَ: الْحَلْقُ إنَّمَا سَقَطَ لِعَدَمِ شَعْرٍ بِرَأْسِهِ لَا لِتَقَدُّمِهِ عَلَى الْوُقُوفِ؛ لِأَنَّ حَلْقَهُ قَبْلَهُ لَمْ يَقَعْ رُكْنًا، وَالْإِثْمُ إنَّمَا هُوَ لِتَرَفُّهِهِ بِإِزَالَةِ الشَّعْرِ قَبْلَ الْوُقُوفِ، وَهَذَا كَمَا لَوْ اعْتَمَرَ وَحَلَقَ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ عَقِبَهُ. فَلَمْ يَكُنْ بِرَأْسِهِ شَعْرٌ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْحَلْقِ فَإِنَّ الْحَلْقَ سَاقِطٌ عَنْهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ اكْتِفَاءً بِحَلْقِ الْعُمْرَةِ بَلْ لِعَدَمِ شَعْرٍ يُزِيلُهُ (قَوْلُهُ: الْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ) أَيْ كَوْنُ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ، أَمَّا نَفْسُ الْإِحْرَامِ فَرُكْنٌ كَمَا مَرَّ اهـ (قَوْلُهُ: وَيُؤَدَّى النُّسُكَانِ) أَيْ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِنُسُكٍ) أَيْ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ عُمْرَةٍ) أَيْ وَبِعَدَمِهَا عَلَى الْإِتْيَانِ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَأْتِيَ بِالْحَجِّ وَحْدَهُ فِي سَنَةٍ) أَيْ ثُمَّ بِالْعُمْرَةِ فِي أُخْرَى (قَوْلُهُ: فَسَيَأْتِي بَيَانُهُ) قَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي قَوْلِهِ أَحَدُهَا الْإِفْرَادُ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنْ يَأْتِيَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ التَّفْصِيلِ وَبَيَانِ أَفْضَلِيَّتِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا مَعًا) أَيْ وَسَوَاءٌ قَدَّمَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ أَمْ لَا كَمَا هُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِنُسُكٍ عَلَى حِدَتِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ إلَخْ) أَيْ حَقِيقَةً، وَإِلَّا فَهُوَ إفْرَادٌ مَجَازِيٌّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشِّهَابُ حَجّ كَغَيْرِهِ وَسَيُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ أَمَّا غَيْرُ الْأَفْضَلِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُحْرِمَ بِحَجٍّ فَقَطْ أَوْ عُمْرَةٍ فَقَطْ) أَيْ وَلَا يَأْتِي بِالْآخَرِ مِنْ عَامِهِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْإِفْرَادُ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ فَسَيَأْتِي بَيَانُهُ) صَوَابُهُ فَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ، إذْ الْآتِي إنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ ذِكْرِ أَنَّ الْإِفْرَادَ أَفْضَلُ، وَأَمَّا بَيَانُهُ فَهُوَ الَّذِي مَرَّ عَلَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا مِنْ أَصْلِهِ

مَعًا (مِنْ الْمِيقَاتِ) لِلْحَجِّ وَغَيْرُ الْأَكْمَل أَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا مِنْ دُونِ الْمِيقَاتِ وَإِنْ لَزِمَهُ الدَّمُ فَتَقْيِيدُهُ بِالْمِيقَاتِ لِكَوْنِهِ أَكْمَلُ لَا لِكَوْنِ الثَّانِي لَا يُسَمَّى قِرَانًا (وَيَعْمَلُ عَمَلَ الْحَجِّ) فَقَطْ؛ لِأَنَّ عَمَلَ الْحَجِّ أَكْثَرُ (فَيَحْصُلَانِ) وَيَدْخُلُ عَمَلُ الْعُمْرَةِ فِي عَمَلِ الْحَجِّ فَيَكْفِيهِ طَوَافٌ وَاحِدٌ وَسَعْيٌ وَاحِدٌ لِخَبَرِ «مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَجْزَأَهُ طَوَافٌ وَاحِدٌ وَسَعْيٌ وَاحِدٌ عَنْهُمَا حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا» وَهَذِهِ الصُّورَةُ الْأَصْلِيَّةُ لِلْقِرَانِ ثُمَّ ذَكَرَ غَيْرَهَا بِقَوْلِهِ (وَإِنْ) (أَحْرَمَ بِعُمْرَةِ) صَحِيحَةٍ (فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ) أَحْرَمَ (بِحَجٍّ قَبْلَ) الشُّرُوعِ فِي (الطَّوَافِ) (كَانَ قَارِنًا) إجْمَاعًا فَيَكْفِيهِ عَمَلُ الْحَجِّ لِخَبَرِ عَائِشَةَ «أَنَّهَا أَحْرَمَتْ بِعُمْرَةٍ فَدَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَجَدَهَا تَبْكِي، فَقَالَ: مَا شَأْنُك؟ قَالَتْ: حِضْت وَقَدْ حَلَّ النَّاسُ وَلَمْ أَحِلَّ وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَهِلِّي بِالْحَجِّ، فَفَعَلَتْ وَوَقَفَتْ الْمَوَاقِفَ حَتَّى إذَا طَهُرَتْ طَافَتْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: قَدْ حَلَلْت مِنْ حَجِّك وَعُمْرَتِك جَمِيعًا» وَلَوْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهَا الْحَجَّ فِي أَشْهُرِهِ صَحَّ وَكَانَ قَارِنًا كَمَا صَحَّحَهُ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ قَبْلَ الطَّوَافِ عَمَّا لَوْ طَافَ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ أَوْ شَرَعَ فِيهِ وَلَوْ بِخُطْوَةٍ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِاتِّصَالِ إحْرَامِهَا بِمَقْصُودِهِ وَهُوَ أَعْظَمُ أَفْعَالِهَا فَلَا يَنْصَرِفُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى غَيْرِهَا؛ وَلِأَنَّهُ أَخَذَ فِي التَّحَلُّلِ الْمُقْتَضِي لِنُقْصَانِ الْإِحْرَامِ فَلَا يَلِيقُ بِهِ إدْخَالُ الْإِحْرَامِ الْمُقْتَضِي لِفَوَاتِهِ، وَلَوْ اسْتَلَمَ الْحَجَرَ بِنِيَّةِ الطَّوَافِ فَفِي صِحَّةِ الْإِدْخَالِ وَجْهَانِ: أَوْجَهُهُمَا كَمَا بَحَثَهُ فِي الْمَجْمُوعِ الْجَوَازُ إذْ هُوَ مُقَدِّمَتُهُ لَا بَعْضُهُ، وَعُلِمَ مِنْ تَقْيِيدِ الْعُمْرَةِ بِالصَّحِيحَةِ أَنَّهُ لَوْ أَفْسَدَ الْعُمْرَةَ ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهَا الْحَجَّ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ بِهِ فَاسِدًا وَهُوَ الْأَصَحُّ وَنَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ هَلْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ أَوْ بَعْدَهُ صَحَّ إحْرَامُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ جَوَازُ إدْخَالِ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ حَتَّى يَتَعَيَّنَ الْمَنْعُ فَصَارَ كَمَنْ أَحْرَمَ وَتَزَوَّجَ وَلَمْ يَدْرِ هَلْ كَانَ إحْرَامُهُ قَبْلَ تَزَوُّجِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ تَزَوُّجُهُ (وَلَا يَجُوزُ عَكْسُهُ) وَهُوَ إدْخَالُ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ (فِي الْجَدِيدِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَفِيدُ بِهِ شَيْئًا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ يَسْتَفِيدُ بِهِ الْوُقُوفَ وَالرَّمْيَ وَالْمَبِيتَ؛ وَلِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ إدْخَالُ الضَّعِيفِ عَلَى الْقَوِيِّ كَفِرَاشِ النِّكَاحِ مَعَ فِرَاشِ الْمِلْكِ لِقُوَّتِهِ عَلَيْهِ جَازَ ـــــــــــــــــــــــــــــSظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ (قَوْلُهُ: الْأَكْمَلُ) احْتَرَزَ بِهِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ فَتَقْيِيدُهُ بِالْمِيقَاتِ (قَوْلُهُ وَاحِدٌ عَنْهُمَا) أَيْ لِحُصُولِهِمَا، قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: وَهَلْ هُمَا: أَيْ الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مَعًا أَوْ لِلْحَجِّ فَقَطْ وَالْعُمْرَةُ لَا حُكْمَ لَهَا لِانْغِمَارِهَا أَيْ فِي الْحَجِّ؟ لَمْ يُصَرِّحْ الْأَصْحَابُ بِذَلِكَ، لَكِنَّ الْأَقْرَبَ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ الثَّانِي اهـ سم (قَوْلُهُ: فَقَالَ مَا شَأْنُك) أَيْ أَيُّ شَيْءٍ شَأْنُك؟ فَهُوَ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ (قَوْلُهُ: وَعُمْرَتُك جَمِيعًا) أَيْ وَعَلَيْهِ فَالْعُمْرَةُ الَّتِي أَمَرَهَا بِالْخُرُوجِ فِيهَا إلَى التَّنْعِيمِ كَانَتْ تَطَوُّعًا (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ أَفْسَدَ) أَيْ بِأَنْ جَامَعَ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ بِهِ فَاسِدًا) أَيْ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْمُضِيُّ فِيهِ ثُمَّ قَضَاؤُهُ مِنْ قَابِلٍ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ) أَيْ الطَّوَافِ (قَوْلُهُ: صَحَّ إحْرَامُهُ) أَيْ بِالْحَجِّ وَيَبْرَأُ بِذَلِكَ مِنْ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَقَدْ يُقَالُ: قِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ أَنْ أَحْرَمَ كَإِحْرَامِ زَيْدٍ وَتَعَذَّرَتْ عَلَيْهِ مَعْرِفَةُ مَا أَحْرَمَ بِهِ أَنْ يَنْوِيَ الْقِرَانَ وَلَا يَبْرَأَ بِهِ مِنْ الْعُمْرَةِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَيَمْتَنِعُ إدْخَالُهَا عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ شَكَّ فِي إحْرَامِ نَفْسِهِ هَلْ قَرَنَ أَوْ أَحْرَمَ بِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ حَيْثُ لَا يَبْرَأُ مِنْ الْعُمْرَةِ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ هُنَا مِنْ الْحَجِّ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ إحْرَامُهُ بَعْدَ طَوَافِ الْعُمْرَةِ، فَلَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يُقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَلَا يَنْصَرِفُ) أَيْ الْإِحْرَامُ (قَوْلُهُ وَعُلِمَ مِنْ تَقْيِيدِ الْعُمْرَةِ بِالصَّحِيحَةِ أَنَّهُ لَوْ أَفْسَدَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ خُصُوصَ الِانْعِقَادِ فَاسِدًا لَمْ يُعْلَمْ مِنْ هَذَا التَّقْيِيدِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ الْأَصْوَبُ عَدَمَ التَّقْيِيدِ لِيَشْمَلَ الْمَتْنُ الْقِرَانَ الصَّحِيحَ وَالْفَاسِدَ كَمَا صَنَعَ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ) أَيْ فِي الطَّوَافِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ جَوَازُ إدْخَالِ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ) يَعْنِي أَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ مَا أَتَى بِهِ مِنْ إدْخَالِ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ وَقَعَ جَائِزًا (قَوْلُهُ: لِقُوَّتِهِ) أَيْ فِرَاشِ النِّكَاحِ

إدْخَالُهُ عَلَيْهِ دُونَ الْعَكْسِ حَتَّى لَوْ نَكَحَ أُخْتَ أَمَتِهِ جَازَ وَطْؤُهَا بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَالْقَدِيمُ الْجَوَازُ، وَصَحَّحَهُ الْإِمَامُ كَعَكْسِهِ فَيَجُوزُ مَا لَمْ يَشْرَعْ فِي أَسْبَابِ تَحَلُّلِهِ وَيَجُوزُ الْقِرَانُ بِمَكَّةَ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ إلَى الْحِلِّ تَغْلِيبًا لِلْحَجِّ مَعَ أَنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ بِوُقُوفِ عَرَفَةَ. (الثَّالِثُ التَّمَتُّعُ) وَيَحْصُلُ (بِأَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ) فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ (مِنْ مِيقَاتِ بَلَدِهِ) أَوْ غَيْرِهِ (وَيَفْرُغَ مِنْهَا ثُمَّ يُنْشِئُ حَجًّا مِنْ مَكَّةَ) أَوْ مِنْ الْمِيقَاتِ الَّذِي أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْهُ أَوْ مِنْ مِثْلِ مَسَافَتِهِ أَوْ مِيقَاتٍ أَقْرَبَ مِنْهُ، وَسُمِّيَ مُتَمَتِّعًا لِتَمَتُّعِ صَاحِبِهِ بِمَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ بَيْنَهُمَا أَوْ لِتَمَتُّعِهِ بِسُقُوطِ الْعَوْدِ إلَى الْمِيقَاتِ لِلْحَجِّ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ قَوْلَهُ مِنْ بَلَدِهِ وَمِنْ مَكَّةَ مِثَالٌ لَا قَيْدٌ (وَأَفْضَلُهَا) أَيْ أَوْجُهُ أَدَاءِ النُّسُكَيْنِ الْمُتَقَدِّمَةِ (الْإِفْرَادُ) إنْ اعْتَمَرَ عَامَهُ فَإِنْ أَخَّرَهَا عَنْهُ كَانَ الْإِفْرَادُ مَكْرُوهًا إذْ تَأْخِيرُهَا عَنْهُ مَكْرُوهٌ، وَالْمُرَادُ بِالْعَامِ مَا بَقِيَ مِنْ الْحِجَّةِ الَّذِي هُوَ شَهْرُ حَجِّهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ السُّبْكِيّ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ اعْتَمَرَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ فَيُسَمَّى إفْرَادًا أَيْضًا وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيُّ، وَكَانَ مُرَادُهُمَا أَنَّهُ يُسَمَّى بِذَلِكَ حَيْثُ إنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ التَّمَتُّعِ الْمُوجِبِ لِلدَّمِ، وَإِلَّا فَمُطْلَقُ التَّمَتُّعِ يَشْمَلُ ذَلِكَ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ، بَلْ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ ذَلِكَ يُسَمَّى تَمَتُّعًا (وَبَعْدَهُ التَّمَتُّعُ وَبَعْدَ التَّمَتُّعِ الْقِرَانُ) ؛ لِأَنَّ الْمُتَمَتِّعَ يَأْتِي بِعَمَلَيْنِ كَامِلَيْنِ غَيْرِ أَنَّهُ لَا يُنْشِئُ لَهُمَا مِيقَاتَيْنِ، وَأَمَّا الْقَارِنُ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِعَمَلٍ وَاحِدٍ مِنْ مِيقَاتٍ وَاحِدٍ (وَفِي قَوْلٍ التَّمَتُّعُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِفْرَادِ) وَمُنْشَأُ الْخِلَافِ اخْتِلَافُ الرُّوَاةِ فِي إحْرَامِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهُ صَحَّ عَنْ جَابِرٍ وَعَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْرَدَ الْحَجَّ» وَعَنْ أَنَسٍ «أَنَّهُ قَرَنَ» وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ تَمَتَّعَ» وَرُجِّحَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ رُوَاتَهُ أَكْثَرُ وَبِأَنَّ جَابِرًا مِنْهُمْ أَقْدَمُ صُحْبَةً وَأَشَدُّ عِنَايَةً بِضَبْطِ الْمَنَاسِكِ وَأَفْعَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ لَدُنْ خُرُوجِهِ مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى أَنْ تَحَلَّلَ، وَبِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اخْتَارَهُ أَوَّلًا كَمَا يَأْتِي، وَبِالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَبِأَنَّ الْمُفْرِدَ لَمْ يَرْبَحْ مِيقَاتًا وَلَا اسْتَبَاحَ الْمَحْظُورَاتِ كَالْمُتَمَتِّعِ، وَلِانْدِرَاجِ أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ تَحْتَ الْحَجِّ كَالْقَارِنِ فَهُوَ أَشُقُّ عَمَلًا، وَأَمَّا تَمَنِّيهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ «لَوْ اسْتَقْبَلْت مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْت ـــــــــــــــــــــــــــــSقُوِّيَ جَانِبُ الْبَرَاءَةِ بِكَوْنِ الْأَصْلِ عَدَمُ الطَّوَافِ عَنْ الْعُمْرَةِ فَصَحَّ إحْرَامُهُ بِالْحَجِّ (قَوْلُهُ: جَازَ وَطْؤُهَا) أَيْ أُخْتِ أَمَتِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْعَامِ) أَيْ الَّذِي يُكْرَهُ تَأْخِيرُ الْعُمْرَةِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَلِانْدِرَاجِ أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ) لَعَلَّهُ وَلَا إدْرَاجَ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ كَلَامَ الْمَتْنِ مَعَ أَنَّ التَّمَتُّعَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي التَّمَتُّعِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ فِي تَأْدِيَةِ النُّسُكَيْنِ، فَهُوَ نَظِيرُ تَقْيِيدِهِ الْإِفْرَادَ بِالْأَفْضَلِ وَالْقِرَانَ بِالْأَكْمَلِ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ اعْتَمَرَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ إلَخْ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ لِلْإِمْدَادِ، لَكِنَّ شُمُولَ الْإِرْشَادِ لِمَا ذَكَرَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ صَوَّرَ التَّمَتُّعَ وَالْقِرَانَ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ مَا سِوَاهُمَا إفْرَادٌ فَشَمِلَ ذَلِكَ فَصَحَّ لِلْإِمْدَادِ مَا قَالَهُ، بِخِلَافِ مَا فِي الْكِتَابِ فَإِنَّهُ صَوَّرَ الْإِفْرَادَ بِصُورَةٍ خَاصَّةٍ لَا شُمُولَ فِيهَا (قَوْلُهُ: أَنَّ قَوْلَهُ مِنْ بَلَدِهِ وَمِنْ مَكَّةَ مِثَالٌ لَا قَيْدٌ) هُمَا قَيْدَانِ لِلتَّمَتُّعِ الْمُوجِبِ لِلدَّمِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ فِي تَأْدِيَةِ النُّسُكَيْنِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَأَفْضَلُهَا الْإِفْرَادُ) أَيْ الْمُتَقَدِّمُ فِي كَلَامِهِ الَّذِي هُوَ الْأَفْضَلُ، وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الشَّارِحِ إنْ اعْتَمَرَ مِنْ عَامِهِ لِأَنَّهُ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ. (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ الْمُفْرِدَ لَمْ يَرْبَحْ مِيقَاتًا وَلَا اسْتَبَاحَ الْمَحْظُورَاتِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِمْدَادِ: وَبِأَنَّ الْمُفْرِدَ لَمْ يَرْبَحْ مِيقَاتًا وَلَا اسْتِبَاحَةَ الْمَحْظُورَاتِ كَالْمُتَمَتِّعِ وَلَا انْدِرَاجَ أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ تَحْتَ الْحَجِّ كَالْقَارِنِ انْتَهَتْ. فَلَعَلَّ اسْتَبَاحَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بِكَسْرِ التَّاءِ مَصْدَرًا مَفْعُولًا لِيَرْبَحْ وَأَسْقَطَتْ الْكَتَبَةُ أَلِفًا بَعْدَ كَلِمَةِ لَا مِنْ قَوْلِهِ وَلَا انْدِرَاجَ: أَيْ وَلَا رَبِحَ اسْتَبَاحَ الْمَحْظُورَاتِ وَلَا رَبِحَ انْدِرَاجَ إلَخْ فَتَرْجِعُ لِكَلَامِ الْإِمْدَادِ (قَوْلُهُ: فَلِتَطْيِيبِ قُلُوبِ أَصْحَابِهِ) أَيْ بَعْضِهِمْ وَهْم الَّذِينَ تَمَتَّعُوا كَمَا يُعْلَمُ

مَا سُقْت الْهَدْيَ وَلَجَعَلْتهَا عُمْرَةً» فَلِتَطْيِيبِ قُلُوبِ أَصْحَابِهِ لِمَا حَزِنُوا عَلَى عَدَمِ مُوَافَقَتِهِ عِنْدَ أَمْرِهِ لَهُمْ بِالِاعْتِمَارِ لِعَدَمِ الْهَدْيِ وَالْمُوَافَقَةِ لِتَحْصِيلِهَا هَذَا الْمَعْنَى أَهَمُّ عِنْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ فَضِيلَةٍ خَاصَّةٍ بِالنُّسُكِ. وَلِلْمُصَنَّفِ فِي مَجْمُوعِهِ كَلَامٌ فِي حَجِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَجُّ أَصْحَابِهِ لَمْ يُسْبَقْ إلَيْهِ لِنَفَاسَتِهِ وَلَا اعْتِبَارَ بِالْمُنَازَعَةِ فِيهِ حَيْثُ قَالَ: الصَّوَابُ الَّذِي نَعْتَقِدُهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْرَمَ بِالْحَجِّ ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهِ الْعُمْرَةَ» ، وَخُصَّ بِجَوَازِهِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ لِلْحَاجَةِ، وَبِهَذَا يَسْهُلُ الْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ، فَعُمْدَةُ رُوَاةِ الْإِفْرَادِ وَهُمْ الْأَكْثَرُ أَوَّلَ الْإِحْرَامَ وَرُوَاةَ الْقِرَانِ آخِرَهُ، وَمَنْ رَوَى التَّمَتُّعَ أَرَادَ التَّمَتُّعَ اللُّغَوِيَّ وَهُوَ انْتِفَاعٌ وَقَدْ انْتَفَعَ بِالِاكْتِفَاءِ بِفِعْلٍ وَاحِدٍ. وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَعْتَمِرْ فِي تِلْكَ السَّنَةِ عُمْرَةً مُفْرَدَةً، وَلَوْ جُعِلَتْ حَجَّتُهُ مُفْرَدَةً لَكَانَ غَيْرَ مُعْتَمِرٍ فِي تِلْكَ السَّنَةِ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّ الْحَجَّ وَحْدَهُ أَفْضَلُ مِنْ الْقِرَانِ فَانْتَظَمَتْ الرِّوَايَاتُ فِي حَجَّتِهِ فِي نَفْسِهِ. وَأَمَّا الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَكَانُوا ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ أَحْرَمُوا بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ أَوْ بِحَجٍّ وَمَعَهُمْ هَدْيٌ، وَقِسْمٌ بِعُمْرَةٍ وَفَرَغُوا مِنْهَا ثُمَّ أَحْرَمُوا بِحَجٍّ، وَقِسْمٌ بِحَجٍّ مِنْ غَيْرِ هَدْيٍ مَعَهُمْ أَمَرَهُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَقْلِبُوهُ عُمْرَةً، وَهُوَ مَعْنَى فَسْخِ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ وَهُوَ خَاصٌّ بِالصَّحَابَةِ، أَمَرَهُمْ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبَيَانِ مُخَالَفَةِ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْجَاهِلِيَّةُ مِنْ تَحْرِيمِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ إيقَاعَهَا فِيهِ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ، كَمَا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَدْخَلَ الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ لِذَلِكَ وَدَلِيلُ التَّخْصِيصِ خَبَرُ أَبِي دَاوُد عَنْ الْحَارِثِ بْنِ بِلَالٍ عَنْ أَبِيهِ «قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت فَسْخَ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ لَنَا خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّةً؟ فَقَالَ: بَلْ لَكُمْ خَاصَّةً» فَانْتَظَمَتْ فِي إحْرَامِهِمْ أَيْضًا، فَمَنْ رَوَى أَنَّهُمْ كَانُوا قَارِنِينَ أَوْ مُتَمَتِّعِينَ أَوْ مُفْرِدِينَ أَرَادَ بَعْضَهُمْ وَهُمْ الَّذِينَ عُلِمَ مِنْهُمْ ذَلِكَ وَظُنَّ أَنَّ الْبَقِيَّةَ مِثْلُهُمْ، وَكَرِهَ جَمْعٌ تَسْمِيَةَ حَجِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَجَّةَ الْوَدَاعِ، وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهُ غَلَطٌ فَاحِشٌ نَابِذٌ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي تَسْمِيَتِهَا بِذَلِكَ، وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِنَحْوِ مَا مَرَّ فِي تَسْمِيَةِ الطَّوَافِ شَوْطًا وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ تَبَعًا لِلْبَارِزِيِّ أَنَّ الْقَارِنَ الَّذِي اعْتَمَرَ قَبْلَ قِرَانِهِ أَوْ بَعْدَهُ يَكُونُ قِرَانُهُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِفْرَادِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى مَقْصُودِهِ مَعَ زِيَادَةِ عُمْرَةٍ أُخْرَى كَمُتَيَمِّمٍ يَرْجُو الْمَاءَ آخِرَ الْوَقْتِ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ أَوَّلَهُ ثُمَّ بِالْوُضُوءِ آخِرَهُ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا يُلَاقِي مَا نَحْنُ فِيهِ إذْ الْكَلَامُ فِي الْمُفَاضَلَةِ بَيْنَ كَيْفِيَّاتِ أَدَاء النُّسُكَيْنِ الْمُسْقِطِ لِطَلَبِهِمَا لَا بَيْنَ أَدَاءِ النُّسُكَيْنِ فَقَطْ وَأَدَائِهِمَا مَعَ زِيَادَةِ نُسُكٍ مُتَطَوِّعٍ بِهِ، وَيُرَدُّ أَيْضًا بِأَنَّا لَوْ سَلَّمْنَا أَنَّ كَلَامَهُمْ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ نَقُولُ الْإِفْرَادُ أَفْضَلُ حَتَّى مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فِي تِلْكَ السَّنَةِ لِلْحَاجَةِ) أَيْ وَهِيَ مُشَارَكَةُ أَصْحَابِهِ فِيمَا أَتَوْا بِهِ مِنْ الْعُمْرَةِ الْمُنَبَّهِ عَلَى جَوَازِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مَعَ أَنَّ الْجَاهِلِيَّةَ كَانُوا لَا يُزَاحِمُونَ بِهَا الْحَجَّ فِي وَقْتِ إمْكَانِهِ (قَوْلُهُ فَانْتَظَمَتْ) أَيْ الرَّوِيَّاتُ (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ مَا مَرَّ) لَمْ يَتَقَدَّمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: عِنْدَ أَمْرِهِ) تَعْلِيلٌ فِي الْمَعْنَى لِعَدَمِ الْمُوَافَقَةِ. يَعْنِي إنَّمَا كَانَ عَدَمُ مُوَافَقَتِهِمْ لَهُ لِأَجْلِ أَمْرِهِ لَهُمْ بِالِاعْتِمَادِ (قَوْلُهُ: وَالْمُوَافَقَةُ لِتَحْصِيلِهَا هَذَا الْمَعْنَى إلَخْ) أَيْ فَمُوَافَقَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُمْ فِي التَّمَتُّعِ لِمَا فِيهَا مِنْ تَطَيُّبِ قُلُوبِهِمْ أَهَمُّ عِنْدَهُ مِنْ فَضِيلَةٍ خَاصَّةٍ بِالنُّسُكِ وَهِيَ الْإِفْرَادُ الَّذِي أَتَى بِهِ وَلِذَلِكَ تَمَنَّى مُوَافَقَتَهُمْ (قَوْلُهُ: كَمَا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَدْخَلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ» ) صَوَابُهُ أَدْخَلَ الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِنَحْوِ مَا مَرَّ إلَخْ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِلْإِمْدَادِ، لَكِنَّ ذَاكَ تَقَدَّمَ الْجَوَابُ فِي كَلَامِهِ ثَمَّ بِخِلَافِ الشَّارِحِ، وَعِبَارَتُهُ ثَمَّ أَعْنِي الْإِمْدَادَ وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ كَرَاهَةُ تَسْمِيَةِ الطَّوْفَةِ شَوْطًا وَدَوْرًا إذْ لَمْ يَرِدْ لِأَنَّ الشَّوْطَ الْهَلَاكُ، ثُمَّ اخْتَارَ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لِوُرُودِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ مِنْ قَوْلِ الرَّاوِي، وَلَوْ ثَبَتَ رَفْعُهُ جَازَ حَمْلُهُ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ كَتَسْمِيَةِ الْعِشَاءِ عَتَمَةً مَعَ كَرَاهَتِهِ. وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ إلَّا لِدَلِيلٍ خَاصٍّ، وَكَوْنُ الشَّوْطِ الْهَلَاكَ لَا يَقْتَضِي بِمُجَرَّدِهِ كَرَاهَةً انْتَهَتْ

الْقِرَانِ مَعَ الْعُمْرَةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّ فِي فَضِيلَةِ الِاتِّبَاعِ مَا يَرْبُو عَلَى زِيَادَةٍ فِي الْعَمَلِ كَمَا لَا يَخْفَى مِنْ فُرُوعٍ ذَكَرُوهَا، وَبِمَا تَقَرَّرَ يُعْلَمُ أَنَّ مَنْ اسْتَنَابَ وَاحِدًا لِلْحَجِّ وَآخَرَ لِلْعُمْرَةِ لَا تَحْصُلُ لَهُ كَيْفِيَّةُ الْإِفْرَادِ الْفَاضِلِ؛ لِأَنَّ كَيْفِيَّةَ الْإِفْرَادِ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ. (وَعَلَى الْمُتَمَتِّعِ دَمٌ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] وَالْمَعْنَى فِي إيجَابِ الدَّمِ كَوْنُهُ رَبِحَ مِيقَاتًا، إذْ لَوْ كَانَ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ أَوَّلًا مِنْ مِيقَاتِ بَلَدِهِ لَكَانَ يَحْتَاجُ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْحَجِّ إلَى خُرُوجِهِ إلَى أَدْنَى الْحِلِّ لِيُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ، وَإِذَا تَمَتَّعَ اسْتَغْنَى عَنْ الْخُرُوجِ لِكَوْنِهِ يُحْرِمُ بِالْحَجِّ مِنْ جَوْفِ مَكَّةَ، وَالْوَاجِبُ شَاةٌ مُجْزِئَةٌ فِي الْأُضْحِيَّةِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا مِنْ سُبْعِ بَدَنَةٍ أَوْ سُبْعِ بَقَرَةٍ، وَكَذَا جَمِيعُ الدِّمَاءِ الْوَاجِبَةِ فِي الْحَجِّ إلَّا جَزَاءَ الصَّيْدِ كَمَا سَيَأْتِي مَبْسُوطًا (بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 196] إذْ اسْمُ إشَارَةٍ لِلْهَدْيِ وَالصَّوْمِ عِنْدَ فَقْدِهِ، وَلِمَنْ مَعْنَاهُ عَلَى مَنْ (وَحَاضِرُوهُ مِنْ) مَسَاكِنِهِمْ (دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ) ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ الْمَذْكُورَ فِي الْآيَةِ لَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَتُهُ اتِّفَاقًا بَلْ الْحَرَمُ عِنْدَ قَوْمٍ وَمَكَّةُ عِنْدَ آخَرِينَ، وَحَمْلُهُ عَلَى مَكَّةَ أَقَلُّ تَجَوُّزًا مِنْ حَمْلِهِ عَلَى جَمِيعِ الْحَرَمِ (قُلْت: الْأَصَحُّ مِنْ الْحَرَمِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) إذْ كُلُّ مَوْضِعٍ ذَكَرَ اللَّهُ فِيهِ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَهُوَ الْحَرَمُ إلَّا قَوْله تَعَالَى {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144] فَهُوَ نَفْسُ الْكَعْبَةِ، فَإِلْحَاقُ هَذَا بِالْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ أَوْلَى، وَالْقَرِيبُ مِنْ الشَّيْءِ يُقَالُ إنَّهُ حَاضِرُهُ، قَالَ تَعَالَى {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ} [الأعراف: 163] أَيْ قَرِيبَةً مِنْهُ. وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمْ يَرْبَحُوا مِيقَاتًا: أَيْ عَامًا لِأَهْلِهِ وَلِمَنْ مَرَّ بِهِ فَلَا يَشْكُلُ بِمَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ أَوْ الْحَرَمِ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ إذَا عَنَّ لَهُ النُّسُكَ ثُمَّ فَاتَهُ وَإِنْ رَبِحَ مِيقَاتًا بِتَمَتُّعِهِ لَكِنَّهُ لَيْسَ مِيقَاتًا عَامًّا لِأَهْلِهِ وَلِمَنْ مَرَّ بِهِ، وَلَا يَشْكُلُ أَيْضًا بِأَنَّهُمْ جَعَلُوا مَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ كَالْمَوْضِعِ الْوَاحِدِ فِي هَذَا وَلَمْ يَجْعَلُوهُ فِي مَسْأَلَةِ الْإِسَاءَةِ وَهُوَ إذَا كَانَ مَسْكَنُهُ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْ الْحَرَمِ وَجَاوَزَهُ وَأَحْرَمَ كَالْمَوْضِعِ الْوَاحِدِ حَتَّى لَا يَلْزَمُهُ الدَّمُ كَالْمَكِّيِّ إذَا أَحْرَمَ مِنْ سَائِرِ بِقَاعِ مَكَّةَ بَلْ أَلْزَمُوهُ الدَّمَ وَجَعَلُوهُ مُسِيئًا كَالْآفَاقِيِّ؛ لِأَنَّ مَا خَرَجَ عَنْ مَكَّةَ مِمَّا ذُكِرَ تَابِعٌ لَهَا وَالتَّابِعُ لَا يُعْطَى حُكْمَ الْمَتْبُوعِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ وَلِأَنَّهُمْ عَمِلُوا بِمُقْتَضَى الدَّلِيلِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، فَهُنَا لَا يَلْزَمُهُ دَمٌ لِعَدَمِ إسَاءَتِهِ لِعَدَمِ عَوْدِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْحَاضِرِينَ بِمُقْتَضَى الْآيَةِ، وَهُنَاكَ يَلْزَمُهُ دَمٌ لِإِسَاءَتِهِ بِمُجَاوَزَتِهِ مَا عُيِّنَ لَهُ بِقَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ: وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ، عَلَى أَنَّ الْمَسْكَنَ الْمَذْكُورَ كَالْقَرْيَةِ بِمَنْزِلَةِ مَكَّةَ فِي جَوَازِ الْإِحْرَامِ مِنْ سَائِرِ بِقَاعِهِ وَعَدَمِ جَوَازِ مُجَاوَزَتِهِ بِلَا إحْرَامٍ لِمُرِيدِ النُّسُكِ، فَلَوْ كَانَ لِلْمُتَمَتِّعِ مَسْكَنَانِ بَعِيدٌ وَقَرِيبٌ اُعْتُبِرَ فِي كَوْنِهِ مِنْ الْحَاضِرِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ كَثْرَةُ إقَامَتِهِ بِأَحَدِهِمَا، ثُمَّ إنْ اسْتَوَتْ إقَامَتُهُ بِهِمَا اُعْتُبِرَ بِالْأَهْلِ وَالْمَالِ، فَإِنْ كَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَهُ ثَمَّ جَوَابٌ عَنْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ سَاقِطًا فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ (قَوْلُهُ: مَا يَرْبُو) أَيْ يَزِيدُ (قَوْلُهُ: مِنْ فُرُوعٍ ذَكَرُوهَا) مِنْهَا مَنْ صَلَّى لِلْوَتْرِ ثَلَاثًا أَفْضَلُ مِمَّنْ صَلَّى عَشْرًا (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ كَيْفِيَّةَ الْإِفْرَادِ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ) هَذَا ظَاهِرٌ إنْ وَقَعَا مَعًا أَوْ تَقَدَّمَتْ الْعُمْرَةُ عَلَى الْحَجِّ. أَمَّا لَوْ تَأَخَّرَتْ الْعُمْرَةُ عَنْ الْحَجِّ فَفِي عَدَمِ حُصُولِ الْإِفْرَادِ الْفَاضِلِ لَهُ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: إلَّا جَزَاءُ الصَّيْدِ) أَيْ فَإِنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ مِثْلُ مَا قَتَلَهُ مِنْ الصَّيْدِ: أَيْ وَإِلَّا دَمُ الْجِمَاعِ الْمُفْسِدِ فَإِنَّهُ بَدَنَةٌ (قَوْلُهُ: وَلِمَنْ) أَيْ مِنْ قَوْله تَعَالَى {ذَلِكَ لِمَنْ} [البقرة: 196] وَقَوْلُهُ وَلِمَنْ مُبْتَدَأٌ؛ لِأَنَّهُ أُرِيدَ لَفْظُهُ وَمَعْنَاهُ مُبْتَدَأٌ ثَانٍ وَعَلَى مَنْ خَبَرُ الثَّانِي وَالثَّانِي وَخَبَرُهُ خَبَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ لِأَنَّ مَا خَرَجَ عَنْ مَكَّةَ مِمَّا ذَكَرَ تَابِعٌ لَهَا إلَخْ) هَذَا لَا يُلَاقِي الْإِشْكَالَ، لِأَنَّهُ لَيْسَ الْإِشْكَالُ بَيْنَ مَكَّةَ وَمَا هُنَا حَتَّى يُجَابَ عَنْهُ بِمَا ذَكَرَ، بَلْ الْإِشْكَالُ بَيْنَ مَسْأَلَتَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا مُتَعَلِّقٌ بِخَارِجِ مَكَّةَ. وَحَاصِلُهُ لِمَ جَعَلُوا إحْدَاهُمَا كَمَكَّةَ فِي أَنَّ سَائِرَ بِقَاعِهَا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ وَلَمْ يَجْعَلُوا الْأُخْرَى كَذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ لِأَنَّ مَا خَرَجَ عَنْ مَكَّةَ مِمَّا ذَكَرَ تَابِعٌ إلَخْ مَوْجُودٌ فِي كِلَا الْمَسْأَلَتَيْنِ فَلَمْ يَنْدَفِعْ الْإِشْكَالُ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُمْ عَمِلُوا بِمُقْتَضَى الدَّلِيلِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ إلَخْ) حَاصِلُ

أَهْلُهُ بِأَحَدِهِمَا وَمَالُهُ بِالْآخَرِ اُعْتُبِرَ بِمَكَانِ الْأَهْلِ، ذَكَرَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ. قَالَ وَالْمُرَادُ بِالْأَهْلِ الزَّوْجَةُ وَالْأَوْلَادُ الَّذِينَ تَحْتَ حِجْرِهِ دُونَ الْآبَاءِ وَالْإِخْوَةِ، فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي ذَلِكَ اُعْتُبِرَ بِعَزْمِ الرُّجُوعِ إلَى أَحَدِهِمَا لِلْإِقَامَةِ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَزْمٌ فِيمَا خَرَجَ مِنْهُ، قَالَ فِي الذَّخَائِرِ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَزْمٌ وَاسْتَوَيَا فِي كُلِّ شَيْءٍ اُعْتُبِرَ بِمَوْضِعِ إحْرَامِهِ، وَلِغَرِيبٍ مُسْتَوْطِنٍ فِي الْحَرَمِ أَوْ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ حُكْمُ الْبَلَدِ الَّذِي هُوَ فِيهِ، وَيَلْزَمُ الدَّمُ آفَاقِيًّا تَمَتَّعَ نَاوِيًا الِاسْتِيطَانَ بِمَكَّةَ وَلَوْ بَعْدَ الْعُمْرَةِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيطَانَ لَا يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، وَعَلَّلَهُ فِي الذَّخَائِرِ بِأَنَّهُ الْتَزَمَ بِمُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ. أَمَّا الْعَوْدُ أَوْ الدَّمُ فِي إحْرَامِ سُنَّتِهِ فَلَا يَسْقُطُ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ (وَأَنْ تَقَعَ عُمْرَتُهُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ سَنَتِهِ) أَيْ الْحَجِّ فَلَوْ وَقَعَتْ قَبْلَ أَشْهُرِهِ وَأَتَمَّهَا وَلَوْ فِي أَشْهُرِهِ ثُمَّ حَجَّ لَمْ يَلْزَمْهُ دَمٌ لِعَدَمِ جَمْعِهِ بَيْنَهُمَا فِي وَقْتِ الْحَجِّ فَأَشْبَهَ الْمُفْرَدَ وَأَنْ يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ، فَمَنْ لَمْ يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ الَّذِي اعْتَمَرَ فِيهِ لَا دَمَ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَرَّرَ الْمُتَمَتِّعُ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَهَلْ يَتَكَرَّرُ الدَّمُ أَمْ لَا؟ أَفْتَى الرِّيمِيُّ صَاحِبُ التَّفْقِيهِ الَّذِي هُوَ شَرْحُ التَّنْبِيهِ بِالتَّكَرُّرِ، وَأَفْتَى بَعْضُ مَشَايِخِ النَّاشِرِيِّ بِعَدَمِهِ قَالَ: وَهُوَ الظَّاهِرُ (وَأَنْ لَا يَعُودَ لِإِحْرَامِ الْحَجِّ إلَى الْمِيقَاتِ) الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ لِلْعُمْرَةِ أَوْ مِيقَاتٍ آخَرَ وَلَوْ أَقْرَبَ إلَى مَكَّةَ مِنْ مِيقَاتِ عُمْرَتِهِ أَوْ إلَى مِثْلِ مَسَافَةِ مِيقَاتِهَا، فَإِذَا عَادَ إلَيْهِ وَأَحْرَمَ مِنْهُ بِالْحَجِّ لَمْ يَلْزَمْهُ دَمٌ إذْ الْمُقْتَضِي لِلُزُومِهِ رِبْحُ مِيقَاتٍ وَقَدْ زَالَ بِعَوْدِهِ لَهُ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الدَّمِ نِيَّةُ التَّمَتُّعِ وَلَا وُقُوعُ النُّسُكَيْنِ عَنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ وَلَا بَقَاؤُهُ حَيًّا وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَوْ خَرَجَ الْمُتَمَتِّعُ لِلْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ وَأَحْرَمَ خَارِجَهَا وَلَمْ يَعُدْ إلَى الْمِيقَاتِ وَلَا إلَى مَسَافَتِهِ وَلَا إلَى مَكَّةَ لَزِمَهُ دَمٌ أَيْضًا لِلْإِسَاءَةِ الْحَاصِلَةِ بِخُرُوجِهِ مِنْ مَكَّةَ بِلَا إحْرَامٍ مَعَ عَدَمِ عَوْدِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ الْمَذْكُورَةَ مُعْتَبَرَةٌ لِوُجُوبِ الدَّمِ وَالْأَشْهَرُ أَنَّهَا غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فِي تَسْمِيَتِهِ تَمَتُّعًا. (وَوَقْتُ وُجُوبِ الدَّمِ) عَلَيْهِ (إحْرَامُهُ بِالْحَجِّ) ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَصِيرُ مُتَمَتِّعًا بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ الْأَصَحُّ جَوَازُ ذَبْحِهِ إذَا فَرَغَ مِنْ الْعُمْرَةِ وَلَا يَتَأَقَّتُ ذَبْحُهُ بِوَقْتٍ كَسَائِرِ دِمَاءِ الْجُبْرَانَاتِ (وَ) لَكِنَّ (الْأَفْضَلَ ذَبْحُهُ يَوْمَ النَّحْرِ) لِلِاتِّبَاعِ وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ فِيهِ، وَلَوْلَا هَذَانِ لَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ تَأْخِيرُهُ عَنْ وَقْتِ الْوُجُوبِ وَالْإِمْكَانِ كَالزَّكَاةِ. (فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ) حِسًّا بِأَنْ فَقَدَهُ وَثَمَنَهُ أَوْ شَرْعًا بِأَنْ وَجَدَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ أَوْ كَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ أَوْ إلَى ثَمَنِهِ أَوْ غَابَ عَنْهُ مَالُهُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ (فِي مَوْضِعِهِ) وَهُوَ الْحَرَمُ سَوَاءٌ أَقَدَرَ عَلَيْهِ بِبَلَدِهِ أَمْ بِغَيْرِهِ أَمْ لَا، بِخِلَافِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْأَوَّلِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ) بَقِيَ مَا لَوْ كَانَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مَالٌ بِلَا أَهْلٍ أَوْ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا أَهْلٌ وَلَا مَالَ لَهُ أَوْ لَيْسَ لَهُ أَهْلٌ وَلَا مَالٌ فِي أَحَدِهِمَا، وَالْحُكْمُ فِي الْجَمِيعِ أَنَّهُ كَمَا اسْتَوَيَا فِي الْمَالِ وَالْأَهْلِ، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي ذَلِكَ إلَخْ (قَوْلُهُ: دُونَ الْآبَاءِ وَالْإِخْوَةِ) أَيْ وَالْأَوْلَادِ الرُّشَدَاءِ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ التَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ قَبْلُ: تَحْتَ حِجْرِهِ (قَوْلُهُ: أَفْتَى الرِّيمِيُّ) بِفَتْحِ الرَّاءِ إلَى رَيْمَةَ نَاحِيَةٌ بِالْيَمَنِ اهـ أَنْسَابٌ. وَعِبَارَةُ الْقَامُوسِ: وَرَيْمَةٌ بِالْفَتْحِ: مِخْلَافٌ بِالْيَمَنِ وَحِصْنٌ بِالْيَمَنِ اهـ (قَوْلُهُ قَالَ) أَيْ النَّاشِرِيُّ وَهُوَ الظَّاهِرُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَلَا وُقُوعُ النُّسُكَيْنِ عَنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ) أَيْ بَلْ يَجِبُ وَإِنْ كَانَ النُّسُكَانِ عَنْ اثْنَيْنِ غَيْرِ الْمُحْرِمِ أَوْ أَحَدُهُمَا لِلْمُحْرِمِ وَالْآخَرُ لِغَيْرِهِ، وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ الْفَصْلِ بَيَانُ مَنْ عَلَيْهِ الدَّمُ (قَوْلُهُ: لِلْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ) أَيْ فَلَا يَسْتَقِرُّ قَبْلَهُ فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَا إلَى مَسَافَتِهِ) نُسْخَةٌ مُسَامَتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْلَا هَذَانِ) هُمَا قَوْلُهُ لِلِاتِّبَاعِ وَقَوْلُهُ وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِأَنْ وَجَدَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّ بِحَيْثُ يَتَغَابَنُ بِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ لَكِنْ يَنْبَغِي وُجُوبُهُ بِزِيَادَةٍ لَا يَتَغَابَنُ بِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ) وَيَظْهَرُ أَنْ يَأْتِيَ هُنَا مَا ذَكَرُوهُ فِي الْكَفَّارَةِ مِنْ ضَابِطِ الْحَاجَةِ وَمِنْ اعْتِبَارِ سِنِّهِ أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذَا الْجَوَابِ أَنَّ الْحُكْمَ تَعَبُّدِيٌّ عَمَلًا بِالدَّلِيلِ فَلَا يُسْأَلُ عَنْ مَعْنَاهُ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الذَّخَائِرِ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) هُوَ مُقَابِلٌ لِمَا قَبْلَهُ لَا عَيْنُهُ، لَكِنَّ عِبَارَةَ الشِّهَابِ حَجّ: ثُمَّ مَا خَرَجَ مِنْهُ ثُمَّ مَا أَحْرَمَ مِنْهُ انْتَهَتْ

كَفَّارَةِ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ الْهَدْيَ يَخْتَصُّ ذَبْحُهُ بِالْحَرَمِ دُونَ الْكَفَّارَةِ (صَامَ) بَدَلَهُ حَتْمًا (عَشَرَةَ أَيَّامٍ ثَلَاثَةً فِي الْحَجِّ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ} [البقرة: 196] أَيْ الْهَدْيَ {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 196] أَيْ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِهِ فَيَمْتَنِعُ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْإِحْرَامِ بِخِلَافِ الدَّمِ، إذْ الصَّوْمُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ فَامْتَنَعَ تَقْدِيمُهَا عَلَى وَقْتِهَا كَالصَّلَاةِ، وَالدَّمُ عِبَادَةٌ مَالِيَّةٌ كَالزَّكَاةِ، وَلَوْ عَدِمَ الْهَدْيُ فِي الْحَالِ وَعُلِمَ وُجُودُهُ قَبْلَ فَرَاغِ الصَّوْمِ فَلَهُ الصَّوْمُ فِي الْأَظْهَرِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَعْجِزْ فِي مَوْضِعِهِ، وَلَوْ رَجَا وُجُودَهُ جَازَ لَهُ الصَّوْمُ وَفِي اسْتِحْبَابِ انْتِظَارِهِ مَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ وَلَكِنْ (تُسْتَحَبُّ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ) ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْحَاجِّ فِطْرُهُ كَمَا مَرَّ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ فَيُحْرِمُ قَبْلَ سَادِسِ الْحِجَّةِ وَيَصُومُهُ وَتَالِيَيْهِ، وَإِذَا أَحْرَمَ فِي زَمَنٍ يَسَعُ الثَّلَاثَةَ وَجَبَ عَلَيْهِ تَقْدِيمُهَا عَلَى يَوْمِ النَّحْرِ، فَإِنْ أَخَّرَهَا عَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عَصَى وَصَارَتْ قَضَاءً، وَإِنْ أَخَّرَ الطَّوَافَ وَصَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ فِي الْحَجِّ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَهُ نَادِرٌ فَلَا يَكُونُ مُرَادًا مِنْ الْآيَةِ، وَلَيْسَ السَّفَرُ عُذْرًا فِي تَأْخِيرِ صَوْمِهَا؛ لِأَنَّ صَوْمَهَا يَتَعَيَّنُ إيقَاعُهُ فِي الْحَجِّ بِالنَّصِّ، وَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا فَلَا يَكُونُ السَّفَرُ عُذْرًا، بِخِلَافِ رَمَضَانَ فَلَا يَجُوزُ صَوْمُهَا فِي يَوْمِ النَّحْرِ وَالتَّشْرِيقِ كَمَا مَرَّ، وَإِذَا فَاتَهُ صَوْمُ الثَّلَاثَةِ فِي الْحَجِّ لَزِمَهُ قَضَاؤُهَا وَلَا دَمَ عَلَيْهِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ الْإِحْرَامِ بِزَمَنٍ يَتَمَكَّنُ مِنْ صَوْمِ الثَّلَاثَةِ فِيهِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ إذْ لَا يَجِبُ تَحْصِيلُ سَبَبِ الْوُجُوبِ، وَيَجُوزُ أَنْ لَا يَحُجَّ فِي هَذَا الْعَامِ، وَيُسَنُّ لِلْمُوسِرِ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَهُوَ ثَامِنُ الْحِجَّةِ لِلِاتِّبَاعِ، وَهَذَا الصَّوْمُ تَرْكٌ لَا يُتَصَوَّرُ فِي تَرْكِ الرَّمْيِ وَلَا فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ وَلَا فِي الْفَوَاتِ، فَيَجِبُ صَوْمُ الثَّلَاثَةِ بَعْدَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فِي الرَّمْيِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْإِمْكَانِ بَعْدَ الْوُجُوبِ (وَ) صَامَ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ (سَبْعَةً إذَا رَجَعَ إلَى) وَطَنِهِ وَ (أَهْلِهِ) (فِي الْأَظْهَرِ) إنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ إلَيْهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: 196] وَخَبَرُ «فَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ» فَلَا يَجُوزُ صَوْمُهَا فِي الطَّرِيقِ لِذَلِكَ، فَلَوْ أَرَادَ الْإِقَامَةَ بِمَكَّةَ صَامَهَا بِهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ. وَالثَّانِي إذَا فَرَغَ مِنْ الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ بِالرُّجُوعِ فَكَأَنَّهُ بِالْفَرَاغِ رَجَعَ عَمَّا كَانَ مُقْبِلًا عَلَيْهِ (وَيُنْدَبُ تَتَابُعُ) الْأَيَّامِ (الثَّلَاثَةِ) أَدَاءً أَوْ قَضَاءً (وَ) كَذَا (السَّبْعَةُ) بِالرَّفْعِ بِخَطِّهِ، وَيُنْدَبُ تَتَابُعُهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ فِيهِ مُبَادَرَةً لِأَدَاءِ الْوَاجِبِ وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ. نَعَمْ لَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ سَادِسِ الْحِجَّةِ لَزِمَهُ أَنْ يُتَابِعَ فِي الثَّلَاثَةِ لِضِيقِ الْوَقْتِ لَا لِلتَّتَابُعِ نَفْسِهِ (وَلَوْ) (فَاتَهُ الثَّلَاثَةُ فِي الْحَجِّ) بِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ) قَضَاؤُهَا لِمَا مَرَّ (وَأَنْ يُفَرِّقَ فِي قَضَائِهَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ السَّبْعَةِ) بِقَدْرِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ يَوْمِ النَّحْرِ، وَالتَّشْرِيقِ، وَمُدَّةُ إمْكَانِ السَّيْرِ إلَى أَهْلِهِ عَلَى الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ كَمَا فِي الْأَدَاءِ، فَلَوْ صَامَ عَشَرَةً وَلَاءً حَصَلَتْ الثَّلَاثَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْعُمُرِ الْغَالِبِ وَقْتَ الْأَدَاءِ إلَّا الْوُجُوبُ اهـ حَجّ اهـ زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ) أَيْ فَإِنْ تَيَقَّنَ وُجُودَهُ فَانْتِظَارُهُ أَفْضَلُ وَإِلَّا فَالتَّعْجِيلُ أَفْضَلُ (قَوْلُهُ: فَيُحْرِمُ قَبْلَ سَادِسِ الْحِجَّةِ) أَيْ وَالْأَوْلَى لَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ قَضَاؤُهَا) أَيْ وَلَوْ مُسَافِرًا كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَيْسَ السَّفَرُ عُذْرًا فِي تَأْخِيرِ صَوْمِهَا (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ أَنْ لَا يَحُجَّ فِي هَذَا الْعَامِ) أَيْ يُمْكِنُ (قَوْلُهُ: إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ) أَيْ وَإِنْ بَعُدَ وَطَنُهُ كَالْمَغَارِبَةِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: صَامَهَا) أَيْ السَّبْعَةَ وَجَازَ الشُّرُوعُ فِيهَا عَقِبَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ حَيْثُ صَامَ الثَّلَاثَةَ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ وَإِلَّا صَامَ الثَّلَاثَةَ ثُمَّ السَّبْعَةَ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ تَتَابُعُهَا أَيْضًا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: أَيْ يُنْدَبُ إلَخْ؛ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ تَفْسِيرٌ لِلتَّشْبِيهِ الْمُفَادِ بِقَوْلِهِ وَكَذَا السَّبْعَةُ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ أَشَارَ إلَى أَنَّهُ كَمَا يُنْدَبُ تَتَابُعُ الثَّلَاثَةِ وَالسَّبْعَةِ يُنْدَبُ تَتَابُعُ الْعَشَرَةِ بِأَنْ لَا يَفْصِلَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ وَالسَّبْعَةِ إلَّا بِمُدَّةِ السَّيْرِ إلَى أَهْلِهِ (قَوْلُهُ: بِقَدْرِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) أَيْ فَلَوْ اسْتَوْطَنَ مَكَّةَ وَلَمْ يَصُمْ الثَّلَاثَةَ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ فَرَقَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ وَالسَّبْعَةِ بِأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ: وَمُدَّةُ إمْكَانِ السَّيْرِ إلَى أَهْلِهِ عَلَى الْعَادَةِ) أَقُولُ: وَمِنْ ذَلِكَ إقَامَةُ الْحُجَّاجِ بِمَكَّةَ بَعْدَ أَعْمَالِ الْحَجِّ لِقَضَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهَا كَمَا مَرَّ) كَذَا فِي النُّسَخِ بِالْكَافِ وَلَعَلَّ صَوَابَهُ لِمَا مَرَّ بِاللَّامِ

[باب محرمات الإحرام]

يُعْتَدُّ بِالْبَقِيَّةِ لِعَدَمِ التَّفْرِيقِ. . وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ التَّفْرِيقُ (وَعَلَى الْقَارِنِ دَمٌ) لِوُجُوبِهِ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ بِالنَّصِّ وَفِعْلُ الْمُتَمَتِّعِ أَكْثَرُ مِنْ فِعْلِ الْقَارِنِ فَإِذَا لَزِمَهُ الدَّمُ قَارَنَ أَوْلَى لِخَبَرِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَبَحَ عَنْ نِسَائِهِ الْبَقَرَ يَوْمَ النَّحْرِ قَالَتْ عَائِشَةُ: وَكُنَّ قَارِنَاتٍ» (كَدَمِ التَّمَتُّعِ) فِي أَحْكَامِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ جِنْسًا وَسِنًّا وَبَدَلًا عِنْدَ الْعَجْزِ؛ لِأَنَّهُ فَرْعٌ عَنْ دَمِ التَّمَتُّعِ (قُلْت) كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ) الْقَارِنُ (مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) وَمَرَّ بَيَانُ حَاضِرِيهِ وَأَنْ لَا يَعُودَ قَبْلَ الْوُقُوفِ لِلْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ عَنْ الْمِيقَاتِ فَإِنْ عَادَ سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ؛ لِأَنَّ دَمَ الْقِرَانِ فَرْعٌ عَنْ دَمِ التَّمَتُّعِ وَدَمُ التَّمَتُّعِ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَى الْحَاضِرِ فَفَرْعُهُ كَذَلِكَ، وَذِكْرُ هَذَا الشَّرْطِ إيضَاحٌ، وَإِلَّا فَتَشْبِيهُهُ بِدَمِ التَّمَتُّعِ كَمَا مَرَّ يُغْنِي عَنْهُ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ اثْنَانِ آخَرَ أَحَدُهُمَا لِحَجٍّ وَالْآخَرُ لِعُمْرَةٍ فَتَمَتَّعَ عَنْهُمَا أَوْ اعْتَمَرَ أَجْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ حَجَّ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ تَمَتَّعَ بِالْإِذْنِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا فِي الْأُولَى وَمِنْ الْمُسْتَأْجِرِ فِي الثَّانِيَةِ فَعَلَى كُلٍّ مِنْ الْآذِنَيْنِ أَوْ الْآذِنُ وَالْأَجِيرُ نِصْفُ الدَّمِ إنْ أَيْسَرَا وَإِنْ أَعْسَرَا أَوْ أَحَدُهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ فَالصَّوْمُ عَلَى الْأَجِيرِ، أَوْ تَمَتَّعَ بِلَا إذْنٍ مِمَّنْ ذَكَرَ لَزِمَهُ دَمَانِ دَمٌ لِلتَّمَتُّعِ وَدَمٌ لِأَجْلِ الْإِسَاءَةِ بِمُجَاوَزَتِهِ الْمِيقَاتَ، وَلَوْ وَجَدَ الْمُتَمَتِّعُ الْفَاقِدُ لِلْهَدْيِ الْهَدْيَ بَيْنَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَالصَّوْمِ لَزِمَهُ الْهَدْيُ لَا إنْ وَجَدَهُ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي الصَّوْمِ فَلَا يَلْزَمُهُ وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ. . بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ أَيْ الْمُحَرَّمَاتِ بِهِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ الْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ كَخَبَرِ «سُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِّيَابِ؟ فَقَالَ: لَا يَلْبَسُ الْقُمُصَ وَلَا الْعَمَائِمَ وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ وَلَا الْبَرَانِسَ وَلَا الْخِفَافَ إلَّا أَحَدٌ لَا يَجِدُ نَعْلَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــSحَوَائِجِهِمْ، فَإِذَا أَقَامَ بِمَكَّةَ فَرَقَ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَبِقَدْرِ السَّيْرِ الْمُعْتَادِ إلَى أَهْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ التَّوَجُّهُ إلَيْهِمْ بِدُونِ خُرُوجِ الْحَاجِّ فَهِيَ ضَرُورِيَّةٌ بِالنِّسْبَةِ لَهُ كَالْإِقَامَةِ الَّتِي تُفْعَلُ فِي الطَّرِيقِ وَمِنْ ذَلِكَ عَشَرَةُ أَيَّامٍ لِدُورِهِ الْمَعْرُوفَةِ فَيُفَرِّقُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ فَرْعٌ عَنْ دَمِ التَّمَتُّعِ) أَيْ مَبْنِيٌّ عَلَى دَمِ التَّمَتُّعِ (قَوْلُهُ: لِأَجْلِ الْإِسَاءَةِ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَعُدْ لِلْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ مِنْ الْمِيقَاتِ (قَوْلُهُ: لَا إنْ وَجَدَهُ بَعْدَ شُرُوعِهِ إلَخْ) أَيْ وَإِذَا فَعَلَهُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ فَهَلْ يَسْقُطُ بَقِيَّتُهُ لِفِعْلِهِ مَا هُوَ الْأَصْلُ وَيَقَعُ مَا فَعَلَهُ نَفْلًا مُطْلَقًا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ عَجَزَ عَنْ الْإِعْتَاقِ فِي كَفَّارَةِ الْوِقَاعِ أَوْ الظِّهَارِ وَشَرَعَ فِي الصَّوْمِ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْإِعْتَاقِ فَفَعَلَهُ فَإِنَّ مَا صَامَهُ يَقَعُ نَفْلًا مُطْلَقًا. (بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ) أَيْ الْمُحَرَّمَاتُ بِهِ [فَائِدَةٌ] مُحَصِّلُ مَا فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ لِلشَّارِحِ أَنَّ كُلًّا مِنْ إتْلَافِ الْحَيَوَانِ الْمُحْتَرَمِ وَمِنْ الْجِمَاعِ فِي الْحَجِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِخَبَرِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَبَحَ عَنْ نِسَائِهِ الْبَقَرَ» ) لَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْهُ وَاوُ الْعَطْفِ قَبْلَ لَفْظِ لِخَبَرِ مِنْ الْكَتَبَةِ وَكَأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يُقَدِّمْهُ عَلَى الْقِيَاسِ كَمَا صَنَعَ فِي التُّحْفَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ نَصًّا فِي أَنَّ الذَّبْحَ عَنْ الْقِرَانِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَأْتِ بِهِ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ إلَّا لِمُجَرَّدِ الِاسْتِئْنَاسِ لِلْقِيَاسِ حَيْثُ عَبَّرَ عَنْهُ بَعْدَ تَصْدِيرِهِ الْقِيَاسَ الْمَارَّ بِقَوْلِهِ وَرَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ فَعَلَى كُلٍّ مِنْ الْآذِنَيْنِ) أَيْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ أَوْ الْآذِنُ وَالْأَجِيرُ. [بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ]

فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ، وَلَا يَلْبَسُ مِنْ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ أَوْ وَرْسٌ، وَلَا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ» وَإِنَّمَا وَقَعَ الْجَوَابُ عَمَّا لَا يَلْبَسُ؛ لِأَنَّهُ مَحْصُورٌ بِخِلَافِ مَا يَلْبَسُ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمَسْئُولُ عَنْهُ إذْ الْأَصْلُ الْإِبَاحَةُ، وَتَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي السُّؤَالُ عَمَّا لَا يَلْبَسُ، وَأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْجَوَابِ مَا يُحَصِّلُ الْمَقْصُودَ وَإِنْ لَمْ يُطَابِقْ السُّؤَالَ صَرِيحًا لِخَبَرِ «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ لُبْسِ الْقُمُصِ وَالْأَقْبِيَةِ وَالسَّرَاوِيلَاتِ وَالْخِفَافِ إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ النَّعْلَيْنِ» وَقَدْ عَدَّ الْمُحَرَّمَاتِ فِي الرَّوْنَقِ وَاللُّبَابِ عِشْرِينَ شَيْئًا، وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَدْرِيبِهِ، وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ: إنَّهَا عَشْرَةٌ: أَيْ وَالْبَاقِيَةُ مُتَدَاخِلَةٌ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ بَالَغَ فِي اخْتِصَارِ أَحْكَامِ الْحَجِّ لَا سِيَّمَا هَذَا الْبَابُ وَأَتَى فِيهِ بِصِيغَةٍ تَدُلُّ عَلَى حَصْرِ الْمُحَرَّمَاتِ فِيمَا ذَكَرَهُ، وَالْمُحَرِّرُ سَالِمٌ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ: يَحْرُمُ فِي الْإِحْرَامِ أُمُورٌ مِنْهَا كَذَا وَكَذَا اهـ. وَالْمُصَنِّفُ عَدَّهَا سَبْعَةً فَقَالَ (أَحَدُهَا سَتْرُ بَعْضِ رَأْسِ الرَّجُلِ) وَإِنْ قَلَّ كَبَيَاضِ خَلْفِ أُذُنِهِ فَيَجِبُ كَشْفُ جَمِيعِهِ مِنْهُ مَعَ كَشْفِ جُزْءٍ مِمَّا يُحَاذِيهِ مِنْ الْجَوَانِبِ، إذْ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ، وَلَيْسَتْ الْأُذُنُ مِنْ الرَّأْسِ خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ، وَلَوْ جَاوَزَ شَعْرُ رَأْسِهِ حَدَّهُ بِحَيْثُ لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ عَلَيْهِ فَهَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ سَتْرُهُ هُنَا كَمَا يُجْزِئُ تَقْصِيرُهُ أَوْ لَا كَمَا لَا يُجْزِئُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ؟ مَحَلُّ احْتِمَالٍ، وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي (بِمَا يُعَدُّ سَاتِرًا) عُرْفًا وَإِنْ لَمْ يُحِطْ بِهِ كَقَلَنْسُوَةٍ وَطِينٍ وَمَرْهَمٍ وَحِنَّاءَ ثَخِينٍ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي خَرَّ عَنْ بَعِيرِهِ مَيِّتًا: لَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» بِخِلَافِ مَا لَا يُعَدُّ سَاتِرًا كَخَيْطٍ شَدَّهُ بِهِ وَلَمْ يَكُنْ عَرِيضًا كَالْعِصَابَةِ وَمَحْمُولٌ كَقُفَّةِ وَضَعَهَا عَلَى رَأْسِهِ لَا بِقَصْدِ السِّتْرِ وَإِلَّا لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ كَمَا جَزَمَ بِهِ جَمْعٌ وَمُقْتَضَاهُ الْحُرْمَةُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ نَحْوَ الْقُفَّةِ لَوْ اسْتَرْخَى عَلَى رَأْسِهِ بِحَيْثُ صَارَ كَالْقَلَنْسُوَةِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ يُحْمَلُ يَحْرُمُ وَتَجِبُ الْفِدْيَةُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ سِتْرَهُ، فَإِنْ انْتَفَى شَرْطٌ مِمَّا ذَكَرَ لَمْ يَحْرُمْ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ، وَمَاءٍ غَطَسَ فِيهِ وَلَوْ كَدِرًا أَوْ طِينًا وَحِنَّاءَ رَقِيقَيْنِ وَلَبَنٍ وَعَسَلٍ رَقِيقٍ وَهَوْدَجٍ اسْتَظَلَّ بِهِ وَإِنْ مَسَّهُ أَوْ قَصَدَ السِّتْرَ بِذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ وَفَارَقَ نَحْوَ الْقُفَّةِ بِأَنَّ تِلْكَ يُقْصَدُ السِّتْرُ بِهَا عُرْفًا بِخِلَافِ هَذِهِ وَنَحْوِهَا، وَتَوَسَّدَ وِسَادَةً أَوْ عِمَامَةً وَسَتَرَهُ بِمَا لَا يُلَاقِيهِ كَأَنْ رَفَعَهُ بِنَحْوِ عُودٍ بِيَدِهِ أَوْ بِيَدِ غَيْرِهِ وَإِنْ قَصَدَ السِّتْرَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَإِنَّمَا عَدَّ نَحْوَ الْمَاءِ الْكَدِرِ سَاتِرًا فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى مَا مَنَعَ إدْرَاكَ لَوْنِ الْبَشَرَةِ وَهُنَا عَلَى السَّاتِرِ الْعُرْفِيِّ وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ إدْرَاكَهَا، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ السِّتْرُ بِالزُّجَاجِ هُنَا كَغَيْرِهِ، فَانْدَفَعَ مَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ اتِّحَادِ الْبَابَيْنِ، وَمَا بَنَاهُ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ السَّاتِرَ الرَّقِيقَ الَّذِي يَحْكِي الْبَشَرَةَ لَا يَضُرُّ هُنَا فَقَدْ صَرَّحَ الْإِمَامُ هُنَا بِأَنَّهُ يَضُرُّ، وَلَا اعْتِبَارَ بِمَا فِي نُكَتِ النَّسَائِيّ مِمَّا يَقْتَضِي ضَعْفَهُ، وَلَوْ شَدَّ خِرْقَةً عَلَى جُرْحٍ بِرَأْسِهِ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ بِخِلَافِهِ فِي الْبَدَنِ؛ لِأَنَّ الرَّأْسَ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ الْبَدَنِ وَأَفْهَمَتْ عِبَارَتُهُ جَوَازَ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَبِيرَةٌ، وَأَنَّ بَقِيَّةَ الْمُحَرَّمَاتِ صَغِيرَةٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُهُ وَمِنْ الْجِمَاعِ ظَاهِرُهُ وَلَوْ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَقَوْلُهُ فِي الْحَجِّ قَدْ يُخْرِجُ الْعُمْرَةَ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي) وَعَلَيْهِ فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّقْصِيرِ أَنَّ الْبَشَرَةَ هُنَا هِيَ الْمَقْصُودَةُ بِالْحُكْمِ كَالْوُضُوءِ، وَإِنَّمَا أَجْزَأَ تَقْصِيرُهُ؛ لِأَنَّهُ مَنُوطٌ بِالشَّعْرِ لَا الْبَشَرَةِ فَلَمْ يُشْبِهْ مَا نَحْنُ فِيهِ حَجّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَا يُعَدُّ سَاتِرًا كَخَيْطٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قُصِدَ بِهِ السِّتْرُ وَيَدُلُّ لَهُ مَا سَيَأْتِي مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ نَحْوِ الْقُفَّةِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ كَقُفَّةٍ) وَمِثْلُ الْقُفَّةِ فِيمَا ذَكَرَ وَضْعُ الْيَدِ عَلَى رَأْسِهِ بِقَصْدِ السِّتْرِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ) أَيْ بِأَنْ قَصَدَ السِّتْرَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَاهُ) أَيْ مُقْتَضَى قَوْلِهِ وَإِلَّا لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ (قَوْلُهُ: مِمَّا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنْ انْتَفَى شَرْطٌ مِمَّا ذَكَرَ) أَيْ بِأَنْ لَمْ تَسْتَرْخِ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ يُحْمَلُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَدَّ خِرْقَةً عَلَى جُرْحٍ بِرَأْسِهِ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ حُرْمَةٍ كَمَا يَأْتِي

سَتْرِ وَجْهِهِ، وَعَلَيْهِ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ وَخَبَرُ مُسْلِمٍ فِي الَّذِي وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ «لَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ وَلَا وَجْهَهُ» قَالَ السُّهَيْلِيُّ: ذِكْرُ الْوَجْهِ فِيهِ وَهْمٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ. قَالَ فِي الشَّامِلِ: هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَجِبُ كَشْفُهُ مِنْ الْوَجْهِ لِتَحَقُّقِ كَشْفِ الرَّأْسِ وَصَحَّ خَمِّرُوا وَجْهَهُ وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ (إلَّا) سِتْرَ بَعْضِ رَأْسِ الرَّجُلِ أَوْ كُلِّهِ (لِحَاجَةٍ) مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ مُدَاوَاةٍ كَأَنْ جُرِحَ رَأْسُهُ فَشَدَّ عَلَيْهِ خِرْقَةً فَيَجُوزُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] نَعَمْ تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ كَمَا مَرَّ قِيَاسًا عَلَى الْحَلْقِ بِسَبَبِ الْأَذَى (وَلُبْسِ الْمَخِيطِ) كَقَمِيصٍ وَخُفٍّ وَقُفَّازٍ وَخِبَاءٍ، وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ يَدَيْهِ مِنْ كُمِّهِ وَخَرِيطَةٍ لِخِضَابِ لِحْيَتِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْقُفَّازَيْنِ وَسَرَاوِيلَ وَتُبَّانٍ (وَالْمَنْسُوجِ) كَدِرْعٍ مِنْ زَرَدٍ سَوَاءٌ أَكَانَ السَّاتِرُ خَاصًّا بِمَحَلِّ السَّتْرِ كَكِيسِ اللِّحْيَةِ أَوْ لَا، كَأَنْ سَتَرَ بِبَعْضِهِ بَعْضَ الْبَدَنِ عَلَى وَجْهٍ جَائِزٍ وَبِبَعْضِهِ الْآخَرِ بَعْضَهُ عَلَى وَجْهٍ مُمْتَنِعٍ، كَإِزَارٍ شَقَّهُ نِصْفَيْنِ وَلَفَّ عَلَى سَاقٍ نِصْفَهُ بِعَقْدٍ أَوْ خَيْطٍ وَإِنْ لَمْ يَلُفَّ النِّصْفَ الْآخَرَ عَلَى السَّاقِ الْآخَرِ فِيمَا يَظْهَرُ وَإِنْ أَوْهَمَ تَعْبِيرُهُمَا كَغَيْرِهِمَا بِقَوْلِهِمْ أَوْ شَقَّهُ نِصْفَيْنِ وَلَفَّ كُلَّ نِصْفٍ عَلَى سَاقٍ وَعَقَدَهُ خِلَافَهُ (وَالْمَعْقُودُ) كَجُبَّةِ لَبَدٍ سَوَاءً فِي ذَلِكَ الْمُتَّخَذُ مِنْ قُطْنٍ وَكَتَّانٍ وَغَيْرِهِمَا لِلْخَبَرِ السَّابِقِ (فِي سَائِرِ) أَيْ جَمِيعِ أَجْزَاءِ (بَدَنِهِ) وَالْمُعْتَبَرُ فِي اللُّبْسِ الْعَادَةُ فِي كُلِّ مَلْبُوسٍ إذْ بِهِ يَحْصُلُ التَّرَفُّهُ، فَلَوْ ارْتَدَى بِالْقَمِيصِ أَوْ الْقَبَاءِ أَوْ الْتَحَفَ بِهِمَا أَوْ ائْتَزَرَ بِالسَّرَاوِيلِ فَلَا فِدْيَةَ، كَمَا لَوْ ائْتَزَرَ بِإِزَارٍ لَفَّقَهُ مِنْ رِقَاعٍ أَوْ أَدْخَلَ رِجْلَيْهِ فِي سَاقَيْ الْخُفِّ، وَيَلْحَقُ بِهِ لُبْسُ السَّرَاوِيلِ فِي إحْدَى رِجْلَيْهِ أَوْ أَلْقَى قَبَاءً أَوْ فَرَجِيَّة عَلَيْهِ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ قَامَ أَوْ قَعَدَ لَمْ يَسْتَمْسِكْ عَلَيْهِ إلَّا بِمَزِيدِ أَمْرٍ، وَلَوْ زَرَّ الْإِزَارَ أَوْ خَاطَهُ حَرُمَ نَصَّ عَلَيْهِ أَوْ عَقَدَهُ بِتِكَّةٍ فِي حُجْزَةِ لِحَاجَةِ إحْكَامِهِ فَلَا، لَكِنَّهُ يُكْرَهُ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، وَلَهُ شَدُّهُ بِخَيْطٍ وَلَوْ مَعَ عَقْدِ الْإِزَارِ لِحَاجَةِ ثُبُوتِهِ، بِخِلَافِ عَقْدِ الْإِزَارِ فِي عُرًى إنْ تَقَارَبَتْ وَعَقْدُ الرِّدَاءِ كَذَلِكَ وَإِنْ تَبَاعَدَتْ وَعَقْدُ طَرَفَيْ رِدَائِهِ بِخَيْطٍ أَوْ دُونَهُ أَوْ خَلَّلَهُمَا بِخِلَالٍ كَمَا مَرَّ فَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِنْهَا لِشِبْهِهِ بِالسَّرَاوِيلِ أَوْ الْمَخِيطِ مِنْ حَيْثُ اسْتِمْسَاكِهِ بِنَفْسِهِ، وَفَارَقَ الْإِزَارُ الرِّدَاءَ فِيمَا ذَكَرَ بِأَنَّ الْأَزْرَارَ الْمُتَبَاعِدَةَ تُشْبِهُ الْعَقْدَ وَهُوَ فِيهِ مُمْتَنِعٌ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ إلَيْهِ غَالِبًا بِخِلَافِ الْإِزَارِ، وَلَهُ شَدُّ طَرَفِ إزَارِهِ فِي طَرَفِ رِدَائِهِ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ، وَلَهُ بِلَا حَاجَةِ تَقْلِيدٍ نَحْوُ سَيْفٍ وَشَدُّ نَحْوُ هِمْيَانٍ وَمِنْطَقَةٍ وَلَفُّ عِمَامَةٍ بِوَسَطِهِ وَلَا يَعْقِدُهَا وَلُبْسُ خَاتَمٍ وَإِدْخَالُ يَدِهِ فِي كُمٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَوْنِهِ يُعَدُّ سَاتِرًا عُرْفًا أَوْ لَا يُعَدُّ وَقَصَدَ بِنَحْوِ الْقُفَّةِ السِّتْرَ (قَوْلُهُ: وَمَاءٌ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَخَيْطٍ شَدَّهُ (قَوْلُهُ: إلَّا لِحَاجَةٍ) وَيَظْهَرُ ضَبْطُهَا فِي هَذَا الْبَابِ بِمَا لَا يُطَاقُ الصَّبْرُ عَلَيْهِ عَادَةً وَإِنْ لَمْ يُبَحْ التَّيَمُّمُ كَحَرٍّ وَبَرْدٍ إلَخْ اهـ حَجّ وَبِبَعْضِ الْهَوَامِشِ الصَّحِيحَةِ عَنْ سم مَا نَصُّهُ: سَأَلْت بَعْضَ شُيُوخِ الْحِجَازِ عَنْ الْمُحْرِمِ إذَا لَبِسَ عِمَامَتَهُ لِلْعُذْرِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ نَزْعُهَا لِأَجْلِ مَسْحِ كُلِّ الرَّأْسِ وَهَلْ تَكَرُّرُ ذَلِكَ لَلسُّنَّةِ وَهَلْ تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ لِلنَّزْعِ وَالتَّكْرَارِ، أَوْ لِلنَّزْعِ فَقَطْ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ نَزْعُهَا لِذَلِكَ وَلَهُ التَّكْرِيرُ، وَتَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ لِلنَّزْعِ وَلَا تَلْزَمُهُ لِلتَّكْرِيرِ فِي الْوُضُوءِ الْوَاحِدِ اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ قَرِيبٌ (قَوْلُهُ: وَتُبَّانٌ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: وَالتُّبَّانُ بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ سِرْوَالٌ صَغِيرٌ مِقْدَارُ شِبْرٍ يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ الْمُغَلَّظَةَ وَقَدْ يَكُونُ لِلْمَلَّاحِينَ اهـ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَلُفَّ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: مِنْ بَابِ رَدِّ (قَوْلُهُ: أَوْ الْقَبَاءَ) بِأَنْ وَضَعَ أَسْفَلَهُ عَلَى عَاتِقِيهِ اهـ حَجّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ جَعَلَ غِشَاءً عَلَى عَاتِقِيهِ وَبِطَانَتُهُ إلَى خَارِجٍ كَانَ سَاتِرًا فَتَجِبُ فِيهِ الْفِدْيَةُ وَهُوَ قَرِيبٌ (قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ بِهِ) أَيْ إدْخَالُ رِجْلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ زَرَّ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِزِرٍّ وَاحِدٍ أَوْ أَزْرَارٍ مُتَبَاعِدَةٍ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ إنَّمَا يَضُرُّ زَرُّهُ بِالْأَزْرَارِ إنْ تَقَارَبَتْ فِي عُرًى بِخِلَافِ الْمُتَبَاعِدَةِ فَلَعَلَّ مَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَوْ عَقَدَهُ بِتِكَّةٍ) التِّكَّةُ بِكَسْرِ التَّاءِ وَالْحُجْزَةُ بِإِثْبَاتِ الْجِيمِ كَمَا هُنَا وَبِحَذْفِهَا كَمَا فِي الْمُهَذَّبِ لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ ذَكَرَهُمَا صَاحِبُ الْمُجْمَلِ وَالصِّحَاحِ وَآخَرُونَ وَهِيَ الَّتِي تُجْعَلُ فِيهَا التِّكَّةُ اهـ مَجْمُوعٌ لِلنَّوَوِيِّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ فِيهِ) أَيْ الرِّدَاءِ (قَوْلُهُ: هِمْيَانٌ) اسْمٌ لِكِيسِ الدَّرَاهِمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ زَرَّ الْإِزَارَ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي قَرِيبًا بِأَنْ تَكُونَ فِي عُرًى مُتَقَارِبَةٍ، فَالْإِطْلَاقُ هُنَا لِلِاتِّكَالِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ أَوْ خَلَّلَهُمَا بِخِلَالٍ كَمَا مَرَّ) لَمْ يَمُرَّ لَهُ هَذَا.

مُنْفَصِلٍ عَنْهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ الِاحْتِبَاءِ بِحَبْوَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَقَدْ أَبْدَى بَعْضُ الْعُلَمَاءِ حِكْمَةً فِي تَحْرِيمِ لُبْسِ الْمَخِيطِ وَغَيْرِهِ مِمَّا مُنِعَ مِنْهُ الْمُحْرِمُ وَهِيَ خُرُوجُ الْإِنْسَانِ عَنْ عَادَتِهِ فَيَكُونَ مُذَكِّرًا لَهُ مَا هُوَ فِيهِ مِنْ عِبَادَةِ رَبِّهِ فَيَشْتَغِلَ بِهَا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَخَرِيطَةُ اللِّحْيَةِ لَا تَدْخُلُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ اللِّحْيَةَ لَا تَدْخُلُ فِي مُسَمَّى الْبَدَنِ (إلَّا إذَا) كَانَ لُبْسُهُ لِحَاجَةٍ كَحَرٍّ وَبَرْدٍ فَيَجُوزُ مَعَ الْفِدْيَةِ أَوْ (لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ) أَيْ الْمَخِيطِ وَنَحْوِهِ فَيَجُوزُ لَهُ مِنْ غَيْرِ فِدْيَةٍ لُبْسُ السَّرَاوِيلِ الَّتِي لَا يَتَأَتَّى الِاتِّزَارُ بِهَا عِنْدَ فَقْدِ الْإِزَارِ، فَإِنْ تَأَتَّى حَرُمَ لُبْسُهُ حِينَئِذٍ وَلُبْسُ خُفٍّ قُطِعَ أَسْفَلُ كَعْبَيْهِ أَوْ مُكَعَّبٍ: أَيْ مَدَاسٍ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالزُّرْمُوزَةِ، أَوْ زُرْبُولٍ لَا يَسْتُرُ الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ اسْتَتَرَ ظَهْرُ الْقَدَمَيْنِ لِمَا صَحَّ مِنْ «قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خُطْبَةِ عَرَفَاتٍ السَّرَاوِيلُ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْإِزَارَ وَالْخِفَافُ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ النَّعْلَيْنِ» أَيْ مَعَ قَطْعِ الْخُفَّيْنِ أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ بِقَرِينَةِ الْخَبَرِ الْمَارِّ، وَالْأَصْلُ فِي مُبَاشَرَةِ الْجَائِزِ نَفْيُ الضَّمَانِ وَاسْتِدَامَةُ لُبْسِ ذَلِكَ بَعْدَ قُدْرَتِهِ عَلَى النَّعْلِ وَالْإِزَارُ مُوجِبَةٌ لِلدَّمِ وَخَرَجَ بِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْوَاجِدُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ لُبْسُ ذَلِكَ لِلْخَبَرِ، وَالْمُرَادُ بِالنَّعْلِ التَّاسُومَةُ وَمِثْلُهَا قَبْقَابٌ لَمْ يَسْتُرْ سَيْرُهُ جَمِيعَ الْأَصَابِعِ، أَمَّا الْمَدَاسُ الْمَعْرُوفُ الْآنَ فَيَجُوزُ لُبْسُهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحِيطٍ بِالْقَدَمِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَأَتَّى مِنْ السَّرَاوِيلِ إزَارٌ أَوْ لَا لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ وَإِضَاعَةِ الْمَالِ بِجَعْلِهِ إزَارًا فِي بَعْضِ صُوَرِهِ وَلِتَأَتِّي الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ مِنْ النَّعْلِ بَعْدَ قَطْعِهِ مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ بِخِلَافِ الْخُفِّ، وَلِوُرُودِ الْأَمْرِ بِقَطْعِهِ وَجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِسُهُولَةِ أَمْرِهِ وَالْمُسَامَحَةِ فِيهِ بِخِلَافِ السَّرَاوِيلِ فَسَقَطَ الْقَوْلُ بِإِشْكَالِهِ، وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ جَوَازِ قَطْعِهِ إذَا وُجِدَ الْمُكَعَّبُ؛ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ وَهُوَ مُتَّجَهٌ، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى أَنْ يَسْتَبْدِلَ بِهِ إزَارًا مِثْلَهُ قِيمَةً وَجَبَ إنْ لَمْ يَمْضِ زَمَنٌ تَبْدُو فِيهِ عَوْرَتُهُ وَإِلَّا فَلَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَوْ بِيعَ مِنْهُ إزَارٌ أَوْ نَعْلٌ نَسِيئَةً أَوْ وُهِبَا لَهُ وَلَوْ مِنْ أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ أَوْ أُعِيرَ لَهُ لَزِمَهُ. وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ يَجِيءُ حِينَئِذٍ فِي الشِّرَاءِ نَسِيئَةً، وَفِي قَرْضِ الثَّمَنِ مَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ لُبْسُ الْخُفِّ الْمَقْطُوعِ وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ وَهُوَ بَعِيدٌ، بَلْ الْأَوْجَهُ عَدَمُهُ إلَّا لِحَاجَةٍ كَخَشْيَةِ تَنَجُّسِ رِجْلَيْهِ أَوْ نَحْوِ بَرْدٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ كَوْنِ الْحَفَاءِ غَيْرَ لَائِقٍ بِهِ، وَلَا فَرْقَ فِي جَمِيعِ مَا تَقَرَّرَ بَيْنَ الْبَالِغِ وَالصَّبِيِّ إلَّا أَنَّ الْإِثْمَ يَخْتَصُّ بِالْمُكَلَّفِ، وَيَأْثَمُ الْوَلِيُّ إذَا أَقَرَّ الصَّبِيَّ عَلَى ذَلِكَ وَلَا بَيْنَ طُولِ زَمَنِ اللُّبْسِ وَقِصَرِهِ (وَوَجْهُ الْمَرْأَةِ) وَلَوْ أَمَةً كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (كَرَأْسِهِ) أَيْ الرَّجُلِ فِي حُرْمَةِ السَّتْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: جَوَازَ الِاحْتِبَاءِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: عِنْدَ فَقْدِ الْإِزَارِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ بِفَتْقِهِ وَفِي حَجّ أَنَّ مَحَلَّ جَوَازِ ذَلِكَ إنْ نَقَصَ بِفَتْقِهِ وَإِلَّا وَجَبَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَتَرَ ظَهْرُ الْقَدَمَيْنِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ اسْتَتَرَ الْعَقِبُ وَعَلَيْهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى قَطْعِ مَا يَسْتُرُ الْأَصَابِعَ مِنْ الزُّرْمُوزَةِ أَوْ الزُّرْبُورِ (قَوْلُهُ: وَاسْتِدَامَةُ لُبْسِهِ) أَيْ وَإِنْ قَلَّتْ (قَوْلُهُ: مُوجِبَةٌ لِلدَّمِ) أَيْ وَحُرْمَةُ الِاسْتِدَامَةِ كَمَا يَأْتِي فِي سَاتِرِ وَجْهِ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَسْتُرْ سَيْرُهُ جَمِيعَ الْأَصَابِعِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا سَتَرَ جَمِيعَ الْأَصَابِعِ ضَرَّ، وَهُوَ مُشْكِلٌ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ حُرْمَةِ الزُّرْمُوزَةِ مَعَ أَنَّهَا سَاتِرَةٌ لِظَهْرِ الْقَدَمِ مَعَ جَمِيعِ الْأَصَابِعِ إلَّا أَنْ يُعَلَّلَ مَا مَرَّ بِمَا إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا فَاغْتُفِرَ لُبْسُهَا لِلْحَاجَةِ بِخِلَافِ مَا هُنَا، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمَدَاسُ الْمَعْرُوفُ الْآنَ) وَهُوَ مَا يَكُونُ اسْتِمْسَاكُهُ بِسُيُورٍ عَلَى الْأَصَابِعِ (قَوْلُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ فِي النَّسِيئَةِ لِأَجَلٍ يُوسِرُ فِيهِ كَأَنْ أُجِّلَ مُدَّةً يَصِلُ فِيهَا إلَى مَالِهِ وَقِيَاسُ مَا فِي التَّيَمُّمِ خِلَافُهُ ثُمَّ رَأَيْتُ قَوْلَهُ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَفِي فَرْضِ الثَّمَنِ مَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ) أَيْ فَيَجِبُ حَيْثُ كَانَ لِأَجَلٍ مَعَ زِيَادَةٍ تَلِيقُ بِالْأَجَلِ وَكَانَ مُوسِرًا وَقْتَ حُلُولِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ مُكَعَّبٍ إلَخْ) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ فَاقِدٌ لِلنَّعْلِ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَتَرَ ظَهْرُ الْقَدَمَيْنِ) أَيْ وَلَوْ مَعَ الْأَصَابِعِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا قَبْقَابٌ) أَيْ فَيَجُوزُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَلِتَأَتِّي الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ مِنْ النَّعْلِ إلَخْ) تُرَاجَعُ لَهُ نُسْخَةٌ صَحِيحَةٌ، وَعِبَارَةُ الْإِمْدَادِ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَأْتِيَ مِنْ السَّرَاوِيلِ أَزْرَارٌ أَوْ لَا لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ وَإِضَاعَةِ الْمَالِ بِجَعْلِهِ أَزْرَارًا فِي بَعْضِ صُوَرِهِ وَفَارَقَ الْخُفُّ لِلْأَمْرِ بِقَطْعِهِ وَلِجَرَيَانِ الْعَادَةِ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ جَوَازِ قَطْعِهِ) أَيْ

لِوَجْهِهَا أَوْ بَعْضِهِ إلَّا لِحَاجَةٍ فَيَجُوزُ مَعَ الْفِدْيَةِ، وَعَلَى الْحُرَّةِ أَنْ تَسْتُرَ مِنْهُ مَا لَا يَتَأَتَّى سِتْرُ جَمِيعِ رَأْسِهَا إلَّا بِهِ احْتِيَاطًا لِلرَّأْسِ، إذْ لَا يُمْكِنُ اسْتِيعَابُ سِتْرِهِ إلَّا بِسِتْرِ قَدْرٍ يَسِيرٍ مِمَّا يَلِيهِ مِنْ الْوَجْهِ، وَالْمُحَافَظَةُ عَلَى سِتْرِهِ بِكَمَالِهِ لِكَوْنِهِ عَوْرَةً أَوْلَى مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى كَشْفِ ذَلِكَ الْقَدْرِ مِنْ الْوَجْهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْأَمَةَ لَا تَسْتُرُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ رَأْسَهَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ، وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْإِسْعَادِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْمَجْمُوعِ: مَا ذُكِرَ فِي إحْرَامِ الْمَرْأَةِ وَلُبْسِهَا لَمْ يُفَرِّقُوا فِيهِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِهِ وَشَذَّ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فَحَكَى وَجْهًا أَنَّ الْأَمَةَ كَالرَّجُلِ، وَوَجْهَيْنِ فِي الْمُبَعَّضَةِ هَلْ هِيَ كَالْأَمَةِ أَوْ كَالْحُرَّةِ اهـ. وَعَلَى ظَاهِرِ الْمَجْمُوعِ يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الِاعْتِنَاءَ بِالرَّأْسِ حَتَّى مِنْ الْأَمَةِ أَكْثَرُ، وَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تُرْخِيَ عَلَى وَجْهِهَا ثَوْبًا مُتَجَافِيًا عَنْهُ بِنَحْوِ خَشَبَةٍ وَإِنْ لَمْ يُحْتَجْ لِذَلِكَ لِحَرٍّ وَفِتْنَةٍ، فَإِنْ وَقَعَتْ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ فَأَصَابَ وَجْهَهَا فَإِنْ رَفَعَتْهُ فَوْرًا فَلَا فِدْيَةَ وَإِلَّا أَثِمَتْ وَوَجَبَتْ، وَلَا يَبْعُدُ جَوَازُ السِّتْرِ مَعَ الْفِدْيَةِ حَيْثُ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِدَفْعِ نَظَرِ مُحْرِمٍ (وَلَهَا) أَيْ لِلْمَرْأَةِ (لُبْسُ الْمَخِيطِ) وَغَيْرِهِ فِي الرَّأْسِ وَغَيْرِهِ (إلَّا الْقُفَّازَ) فَلَيْسَ لَهَا سِتْرُ الْكَفَّيْنِ وَلَا أَحَدِهِمَا بِهِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِلْخَبَرِ الْمَارِّ؛ وَلِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الذَّكَرِ مَلْبُوسُ عُضْوٍ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ فَأَشْبَهَهُ خُفُّ الرَّجُلِ وَخَرِيطَةُ لِحْيَتِهِ، إذْ هُوَ شَيْءٌ يُعْمَلُ لِلْيَدَيْنِ يُحْشَى بِقُطْنٍ وَيَكُونُ لَهُ مَا يُزَرُّ بِهِ عَلَى السَّاعِدَيْنِ مِنْ الْبَرْدِ وَتَلْبَسُهُ الْمَرْأَةُ فِي يَدَيْهَا، وَمُرَادُ الْفُقَهَاءِ مَا يَشْمَلُ الْمَحْشُوَّ وَالْمَزْرُورَ وَغَيْرَهُمَا وَبِكَوْنِهِ مَلْبُوسَ عُضْوٍ غَيْرِ عَوْرَةٍ فِي الصَّلَاةِ فَارَقَ خُفَّهَا وَأُلْحِقَتْ الْأَمَةُ بِالْحُرَّةِ احْتِيَاطًا، وَخَرَجَ بِهِ سِتْرُ يَدِ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِهِ كَكُمٍّ وَخِرْقَةٍ لَفَتَّهَا عَلَيْهَا بِشَدٍّ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا صَحَّحَاهُ فَيَجُوزُ لَهَا جَمِيعُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُحْتَجْ لِخِطَابٍ وَنَحْوِهِ؛ وَلِأَنَّ عِلَّةَ تَحْرِيمِ الْقُفَّازِ عَلَيْهَا مَا مَرَّ وَهِيَ غَيْرُ مَوْجُودَةٍ هُنَا، وَالرَّجُلُ مِثْلُهَا فِي مُجَرَّدِ لَفِّ الْخِرْقَةِ، وَيَحْرُمُ عَلَى الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ سَتْرُ وَجْهِهِ مَعَ رَأْسِهِ وَتَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ، وَلَيْسَ لَهُ سَتْرُ وَجْهِهِ مَعَ كَشْفِ رَأْسِهِ خِلَافًا لِمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ، وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ إذْ لَا نُوجِبُهَا بِالشَّكِّ نَعَمْ لَوْ أَحْرَمَ بِغَيْرِ حَضْرَةِ الْأَجَانِبِ جَازَ لَهُ كَشْفُ رَأْسِهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَيُسَنُّ أَنْ يَسْتَتِرَ بِالْمَخِيطِ لِجَوَازِ كَوْنِهِ رَجُلًا وَيُمْكِنُهُ سِتْرُهُ بِغَيْرِهِ، هَكَذَا ذَكَرَهُ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: لَا خِلَافَ أَنَّا نَأْمُرُهُ بِالسَّتْرِ وَلُبْسِ الْمَخِيطِ كَمَا نَأْمُرُهُ بِأَنْ يَسْتَتِرَ فِي صَلَاتِهِ كَالْمَرْأَةِ. وَفِي أَحْكَامِ الْخَنَاثَى لِابْنِ الْمُسْلِمِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتُرَ رَأْسَهُ وَأَنْ يَكْشِفَ وَجْهَهُ وَأَنْ يَسْتُرَ بَدَنَهُ إلَّا الْمَخِيطَ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ احْتِيَاطًا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَالْإِسْنَوِيِّ وَمَا قَالَهُ حَسَنٌ اهـ. وَلَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ عَنْ الْمَجْمُوعِ. (الثَّانِي) مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ (اسْتِعْمَالُ الطِّيبِ) لِلْمُحْرِمِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَلَوْ أَخْشَمَ بِمَا يُقْصَدُ مِنْهُ رِيحُهُ غَالِبًا وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ كَمِسْكٍ وَعُودٍ وَكَافُورٍ وَوَرْسٍ وَزَعْفَرَانٍ وَرَيْحَانٍ وَوَرْدٍ وَيَاسَمِينٍ وَنَرْجِسَ وَآسٍ وَسَوْسَنٍ وَمَنْثُورٍ وَنَمَّامٍ وَغَيْرِهَا مِمَّا يُتَطَيَّبُ بِهِ وَلَا يُتَّخَذُ مِنْهُ الطِّيبُ وَشَرْطُ الرَّيَاحِينِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ رَأْسَهَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَوَجَبَتْ) أَيْ وَتَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَا يَبْعُدُ جَوَازُ السِّتْرِ) أَيْ بَلْ يَنْبَغِي وُجُوبُهُ وَلَا يُنَافِيهِ التَّعْبِيرُ بِالْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُ جَوَازٌ بَعْدَ مَنْعٍ فَيَصْدُقَ بِالْوَاجِبِ (قَوْلُهُ: وَالرَّجُلُ مِثْلُهَا فِي مُجَرَّدِ لَفٍّ) أَيْ فِي لَفِّهَا مَعَ الشَّدِّ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ حُرْمَةِ شَدِّ نِصْفِ الْإِزَارِ بِسَاقِهِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا نُوجِبُهَا بِالشَّكِّ) وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ سَتَرَ وَجْهَهُ وَلَبِسَ الْمَخِيطَ فِي إحْرَامٍ وَاحِدٍ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ لِتَحَقُّقِ مُوجِبِهَا هُنَا أَيْضًا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ عَنْ الْمَجْمُوعِ) أَيْ فَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخُفِّ. (قَوْلُهُ: مِمَّا يُتَطَيَّبُ بِهِ وَلَا يُتَّخَذُ مِنْهُ الطَّيِّبُ) عِبَارَةُ الْإِمْدَادِ مَعَ مَتْنِ الْإِرْشَادِ بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ نَصُّهَا: وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ التَّطَيُّبَ إنَّمَا يَحْرُمُ بِمَا يُقْصَدُ رِيحُهُ: أَيْ بِأَنْ يَكُونَ مُعْظَمُ الْمَقْصُودِ مِنْهُ ذَلِكَ بِالتَّطَيُّبِ بِهِ أَوْ بِاِتِّخَاذِ الطِّيبِ مِنْهُ أَوْ يَظْهَرُ فِيهِ هَذَا الْغَرَضُ كَزَعْفَرَانٍ وَوَرْدٍ وَيَاسَمِينٍ وَوَرْسٍ وَهُوَ أَشْهَرُ طِيبٍ فِي بِلَادِ الْيَمَنِ وَغَيْرِهَا مِنْ كُلِّ مَا يُطْلَبُ

كَوْنُهَا رَطْبَةً وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ النَّصِّ أَنَّ الْكَاذِيَ بِالْمُعْجَمَةِ وَلَوْ يَابِسًا طِيبٌ وَلَعَلَّهُ أَنْوَاعٌ، وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ نَوْعٍ إذَا رُشَّ عَلَيْهِ مَاءٌ ظَهَرَ رِيحُهُ، وَمِثْلُهُ الْفَاغِيَةُ وَهِيَ ثَمَرُ الْحِنَّاءِ، لَكِنْ إنْ كَانَتْ رَطْبَةً فِيمَا يَظْهَرُ وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ حُرْمَةُ مَا هُوَ طِيبٌ بِنَفْسِهِ بِالْأَوْلَى كَدُهْنِ بَنَفْسَجٍ أَوْ وَرْدٍ أَوْ يَاسَمِينٍ أَوْ آسٍ أَوْ كَاذِيٍّ، وَالْمُرَادُ بِهِ نَحْوُ شَيْرَجٍ يُطْرَحُ فِيهِ ذَلِكَ، أَمَّا لَوْ طُرِحَ نَحْوُ الْبَنَفْسَجِ عَلَى نَحْوِ السِّمْسِمِ أَوْ اللَّوْزِ فَأَخَذَ رَائِحَتَهُ ثُمَّ اُسْتُخْرِجَ دُهْنُهُ فَلَا حُرْمَةَ فِيهِ وَلَا فِدْيَةَ، وَسَوَاءٌ فِي حُرْمَةِ مَا ذُكِرَ أَكَانَ اشْتِمَالُهُ لِذَلِكَ (فِي) مَلْبُوسِهِ مِنْ (ثَوْبِهِ) أَوْ غَيْرِهِ كَخُفٍّ أَوْ نَعْلٍ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ (أَوْ) فِي (بَدَنِهِ) قِيَاسًا عَلَى ثَوْبِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَلَوْ بَاطِنًا بِأَكْلٍ أَوْ إسْعَاطٍ أَوْ احْتِقَانٍ فَيَجِبُ مَعَ التَّحْرِيمِ فِي ذَلِكَ الْفِدْيَةُ إذَا كَانَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ فِي ذَلِكَ الطِّيبِ، فَلَوْ شَدَّ نَحْوَ مِسْكٍ أَوْ عَنْبَرٍ فِي طَرَفِ ثَوْبِهِ أَوْ وَضَعَتْهُ الْمَرْأَةُ فِي جَيْبِهَا أَوْ لَبِسَتْ حُلِيًّا مَحْشُوًّا بِهِ حَرُمَ كَمَا يَأْتِي، وَلَا يَضُرُّ وَضْعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى هَيْئَتِهِ الْمُعْتَادَةِ، وَشَمُّهُ وَلَا شَمُّ مَاءِ الْوَرْدِ إذْ التَّطَيُّبُ بِهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَحْوُ مِسْكٍ إنَّمَا يَكُونُ بِصَبِّهِ عَلَى بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ وَلَا حَمْلُ الْعُودِ وَأَكْلُهُ وَالْإِلْصَاقُ بِبَاطِنِ الْبَدَنِ كَهُوَ بِظَاهِرِهِ، فَلَوْ كَانَ فِي مَأْكُولٍ بَقِيَ فِيهِ رِيحُ الطِّيبِ أَوْ طَعْمُهُ حَرُمَ؛ لِأَنَّ الرِّيحَ هُوَ الْغَرَضُ الْأَعْظَمُ مِنْ الطِّيبِ وَالطَّعْمُ مَقْصُودٌ مِنْهُ أَيْضًا، بِخِلَافِ اللَّوْنِ وَحْدَهُ، وَمِنْهُ إدْخَالُهُ فِي الْإِحْلِيلِ وَالِاكْتِحَالِ بِنَحْوِ إثْمِدٍ مُطَيَّبٍ وَلَوْ خَفِيَتْ رَائِحَةُ الطِّيبِ لِنَحْوِ غُبَارٍ، فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ أَصَابَهُ مَاءٌ فَاحَتْ حَرُمَ اسْتِعْمَالُهُ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنَّمَا عُفِيَ عَنْ رَائِحَةِ النَّجَاسَةِ بَعْدَ غَسْلِهَا؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ إزَالَةُ الْعَيْنِ وَقَدْ حَصَلَتْ. وَالْقَصْدُ مِنْ الطِّيبِ الرَّائِحَةُ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَا لَا يُدْرِكُهُ الطَّرْفُ مِنْ الطِّيبِ كَغَيْرِهِ إذَا ظَهَرَ لَهُ رِيحٌ وَإِلَّا فَلَا، وَلَا تَطَيُّبَ بِفَاكِهَةٍ كَتُفَّاحٍ وَسَفَرْجَلٍ وَأُتْرُجٍّ وَنَارِنْجٍ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّهَا تُقْصَدُ لِلْأَكْلِ غَالِبًا، وَلَا بِنَحْوِ دَوَاءٍ كَقُرُنْفُلٍ وَقِرْفًا وَسُنْبُلَ وَدَارِ صِينِيٍّ وَعَفْصٍ وَحَبٍّ مُحْلَبٍ وَمُصْطَكَا وَسَائِرِ الْأَبَازِيرِ الطَّيِّبَةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا غَالِبًا التَّدَاوِي بِهَا، وَلَا بِنَحْوِ زَهْرِ بَادِيَةٍ كَشِيحٍ وَقَيْصُومٍ وَشَقَائِقَ إذْ لَا يُقْصَدُ مِنْهَا الطِّيبُ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَوْنُ الْبُعَيْثِرَانِ طِيبًا؛ لِأَنَّهُ مُسْتَنْبَتٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَوْ كَاذِي) وَدُهْنُ أُتْرُجٍّ بِأَنْ أُغْلِيَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ الْأُتْرُجُّ غَيْرَ طِيبٍ إذْ لَا تَلَازُمَ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَشَمَّهُ) أَيْ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ أَخْذِهَا بِيَدِهِ وَشَمِّهَا أَوْ وَضْعِ أَنْفِهِ عَلَيْهَا لِلشَّمِّ كَمَا شَرَطَهُ ابْنُ كَجٍّ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ وَلَا حَمْلُ الْعُودِ وَأَكْلُهُ) قَدْ يُنَافِي هَذَا مَا تَقَدَّمَ فِي جَعْلِ ضَابِطِ مَا يَحْرُمُ التَّطَيُّبَ بِهِ أَنَّهُ كُلُّ مَا تُقْصَدُ رَائِحَتُهُ كَالْمِسْكِ وَالْعُودِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ بِأَكْلٍ أَوْ إسْعَاطٍ أَوْ احْتِقَانٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ أَكْلَ الْعُودِ لَمَّا لَمْ يُعَدَّ مِنْ التَّطَيُّبِ بِهِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي اسْتِعْمَالِهِ لَمْ يَحْرُمْ (قَوْلُهُ: وَالْإِلْصَاقُ بِبَاطِنِ الْبَدَنِ) وَهُوَ دَاخِلُ الْجَوْفِ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ فِي مَعْنَى التَّعْلِيلِ لِقَوْلِهِ وَأَكْلُهُ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ التَّطَيُّبُ (قَوْلُهُ: عَنْ رَائِحَةِ النَّجَاسَةِ) أَيْ حَيْثُ عَسُرَ زَوَالُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلتَّطَيُّبِ وَاِتِّخَاذِ الطِّيبِ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ طِيبًا، وَرَيْحَانٌ فَارِسِيٌّ وَغَيْرُهُ، وَنَرْجِسُ وَآسٌ وَسَوْسَنٌ وَمَنْثُورٌ وَنَمَّامٌ وَغَيْرُهُ مِمَّا يُتَطَيَّبُ بِهِ وَلَا يُتَّخَذُ مِنْهُ الطِّيبِ انْتَهَى الْمَقْصُودُ مِنْهَا، وَبِهَا تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ الْخَلَلِ. وَاعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ هَذِهِ السِّوَادَةِ لَفْظُ الْإِمْدَادِ مَعَ مَتْنِهِ إلَّا قَلِيلًا (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ) عِبَارَةُ الْإِمْدَادِ: وَعُلِمَ بِهَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ حُرْمَةُ إلَخْ وَمُرَادُهُ بِالنَّوْعَيْنِ مَا قَدَّمَهُمَا فِيمَا نَقَلْنَاهُ عَنْهُ فِي الْقَوْلَةِ السَّابِقَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ وَضْعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ إلَخْ) سَقَطَ قَبْلَهُ كَلَامٌ هُوَ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ مِنْ النُّسَخِ، وَعِبَارَةُ الْإِمْدَادِ بَعْدَ قَوْلِهِ كَمَا يَأْتِي نَصُّهَا: وَشَمُّ نَحْوِ الْوَرْدِ تَطَيُّبٌ إنْ أَلْصَقَهُ بِأَنْفِهِ وَلَا تَضُرُّ مُمَاسَّتُهُ لِبَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ وَلَا جُلُوسُهُ بِدُكَّانٍ وَكَانَ يَقْصِدُ شَمَّ ذَلِكَ وَلَا وَضْعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالْإِلْصَاقُ بِبَاطِنِ الْبَدَنِ إلَخْ) أَيْ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِمْدَادِ: وَلَا بِنَحْوِ زَهْرِ بَادِيَةٍ كَشِيحٍ وَقَيْصُومٍ وَشَقَائِقَ وَإِذْخِرٍ وَخِزَامًا إذْ لَا يُقْصَدُ مِنْهَا الطِّيبُ وَإِلَّا لَاسْتُنْبِتَتْ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ إلَخْ، فَلَعَلَّ قَوْلَهُ وَإِلَّا لَاسْتُنْبِتَتْ سَقَطَ مِنْ النُّسَخِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْأَخْذِ، ثُمَّ قَالَ فِي الْإِمْدَادِ: وَالْمَدَارُ فِي الِاسْتِنْبَاتِ عَلَى مَا مِنْ شَأْنِهِ

وَمِثْلُهَا نَحْوُ الْعُصْفُرِ وَالْحِنَّاءِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ لَوْنُهَا وَنَوْرُ نَحْوِ التُّفَّاحِ وَالْأُتْرُجِّ وَالنَّارِنْجِ وَالْكُمَّثْرَى بِجَامِعِ عَدَمِ قَصْدِ الطِّيبِ مِنْهُ وَلَا بِنَحْوِ بَانٍ وَدُهْنِهِ عَلَى مَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ عَنْ النَّصِّ وَاعْتَمَدَهُ، وَأَطْلَقَ الْجُمْهُورُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا طِيبٌ، وَحَمَلَ الشَّيْخَانِ الْخِلَافَ عَلَى تَوَسُّطٍ ذَكَرَهُ جَمَاعَاتٌ، وَنَقَلَهُ الْمَحَامِلِيُّ عَنْ النَّصِّ وَهُوَ أَنَّ دُهْنَ الْبَانِ الْمَنْشُوشِ وَهُوَ الْمَغْلِيِّ فِي الطِّيبِ طِيبٌ وَغَيْرَ الْمَنْشُوشِ لَيْسَ بِطِيبٍ، وَالْإِغْلَاءُ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى الطَّرْحِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي دُهْنِ الْبَنَفْسَجِ، وَأَيَّدَهُ الْقُونَوِيُّ بِقَوْلِ الْإِمَامِ الْأَدْهَانُ نَوْعَانِ: دُهْنُ طِيبٍ مِثْلُ الْبَانِ الْمَنْشُوشِ بِطِيبٍ، وَدُهْنٌ لَيْسَ بِطِيبٍ مِثْلُ سَلِيخَةِ الْبَانِ غَيْرُ مَنْشُوشٍ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ تَبَعًا لِابْنِ الْمُلَقِّنِ: إنَّمَا يَأْتِي هَذَا الْحَمْلُ فِي دُهْنِ الْبَانِ دُونَ الْبَانِ نَفْسِهِ فَالْخِلَافُ فِيهِ مُحَقَّقٌ، وَرَدَّهُ الْجَوْجَرِيُّ بِأَنَّ هَذَا الدُّهْنَ كَمَا يَكُونُ إذَا أُغْلِيَ فِيهِ الطِّيبُ طِيبًا، كَذَلِكَ الْبَانُ إذَا أُغْلِيَ فِي الطِّيبِ الَّذِي هُوَ دُهْنٌ كَمَاءِ الْوَرْدِ يَكُونُ طِيبًا ثُمَّ نَظَرَ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ طَائِفَةٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا تَعَلُّقَ لَهُمَا بِالطِّيبِ أَصْلًا فَإِنَّ نَحْوَ الشَّيْرَجِ إذَا أُغْلِيَ فِيهِ الْوَرْدُ يَصِيرُ طِيبًا بِوَاسِطَةِ الْوَرْدِ، أَوْ أُلْقِيَ السِّمْسِمُ فِي مَاءِ الْوَرْدِ وَأُغْلِيَ يَصِيرُ طِيبًا فَكَيْفَ يَتَّضِحُ الْقَوْلُ بِأَنَّهُمَا طِيبَانِ عَلَى أَنَّ الطِّيبَ فِي الْبَانِ مَحْسُوسٌ، وَقَدْ يُقَالُ قَدْ نَقَلَا عَنْ اتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ فِي دُهْنِ الْبَنَفْسَجِ أَنَّهُ طِيبٌ، وَقَدْ قَطَعَ الدَّارِمِيُّ، وَأَقَرَّاهُ فِي دُهْنِ الْأُتْرُجِّ: أَنَّهُ مِثْلُهُ مَعَ كَوْنِ الْأُتْرُجِّ لَيْسَ بِطِيبٍ قَطْعًا، فَأَوْلَى أَنْ يَكُونَ دُهْنُ الْبَانِ كَذَلِكَ لِلْخِلَافِ فِي أَنَّ الْبَانَ طِيبٌ، فَالتَّحْقِيقُ تَأْوِيلُ كَلَامِهِمَا بِأَنْ يُقَالَ مُرَادُهُمَا بِالطِّيبِ الْمَغْلِيِّ فِي الطِّيبِ الْبَانُ، وَأَبْرَزَ الضَّمِيرَ لِنُكْتَةِ تَسْمِيَتِهِ طِيبًا إذْ هِيَ مَحَلُّ الْخِلَافِ، فَحِينَئِذٍ يُطَابِقُ مَا قَالَاهُ فِي الْبَنَفْسَجِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِدُهْنِهِ مَا أُغْلِيَ فِيهِ، وَعَلَى نَظِيرِهِ فِي دُهْنِ الْبَانِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْجُمْهُورِ لَا أَنَّهَا تُرَوَّحُ سِمْسِمُهُ بِهِ. وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ وَإِمَامِهِ وَمَا رَدَّ بِهِ عَلَى أَبِي زُرْعَةَ مَحَلُّ نَظَرٍ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ كَلَامَهُمَا غَيْرُ مُتَأَتٍّ فِي الْبَانِ وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِيهِ أَنَّهُ طِيبٌ نَعَمْ مَنْ قَالَ إنَّهُ لَيْسَ بِطِيبٍ يَحْمِلُ عَلَى يَابِسٍ لَا يَظْهَرُ رِيحُهُ بِرَشِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ. وَيَعْتَبِرُ لِوُجُوبِ الْفِدْيَةِ بِشَيْءٍ مِمَّا مَرَّ كَوْنَ الْمُحْرِمِ عَامِدًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ وَبِالْإِحْرَامِ وَبِكَوْنِهِ طِيبًا وَإِنْ جَهِلَ وُجُوبَ الْفِدْيَةِ فِي كُلِّ أَنْوَاعِهِ أَوْ جَهِلَ الْحُرْمَةَ فِي بَعْضِهَا مُخْتَارًا عَاقِلًا إلَّا السَّكْرَانَ لِحُرْمَةِ التَّطَيُّبِ حِينَئِذٍ، بِخِلَافِ النَّاسِي وَإِنْ كَثُرَ مِنْهُ قِيَاسًا عَلَى أَكْلِهِ فِي الصَّوْمِ، وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَى الصَّلَاةِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى أَفْعَالٍ مُتَجَدِّدَةٍ مُبَايِنَةٍ لِلْعِبَادَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ فَوُقُوعُ الْفِعْلِ مَعَ ذَلِكَ يُشْعِرُ بِمَزِيدِ التَّقْصِيرِ، بِخِلَافِ الْإِحْرَامِ فَإِنَّهُ مُجَرَّدُ اسْتِدَامَةِ التَّجَرُّدِ الَّذِي يَقَعُ فِي الْعَادَةِ كَثِيرًا فَهَيْئَتُهُ غَيْرُ مُذَّكَّرَةٍ كَهَيْئَتِهَا، بَلْ قَدْ لَا يُوجَدُ تَذَكُّرٌ أَصْلًا كَمَا لَوْ كَانَ غَيْرَ مُتَجَرِّدٍ، وَبِخِلَافِ الْجَاهِلِ بِالتَّحْرِيمِ أَوْ بِكَوْنِهِ طِيبًا فَلَا حُرْمَةَ وَلَا فِدْيَةَ لِمَا صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُوجِبْ الْفِدْيَةَ عَلَى مَنْ لَبِسَ مُطَيَّبًا جَاهِلًا. قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: وَلَوْ ادَّعَى فِي زَمَانِنَا الْجَهْلَ بِتَحْرِيمِ الطِّيبِ وَاللُّبْسِ فَفِي قَبُولِهِ وَجْهَانِ اهـ. وَالْأَوْجَهُ عَدَمُهُ إنْ كَانَ مُخَالِطًا لِلْعُلَمَاءِ بِحَيْثُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ عَادَةً وَإِلَّا قُبِلَ، وَلَوْ لَطَّخَهُ غَيْرُهُ بِطِيبٍ فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْمُلَطِّخِ: أَيْ وَكَذَا عَلَيْهِ إنْ تَوَانَى فِي إزَالَتِهِ، وَتَجِبُ بِنَقْلِ طِيبٍ أَحْرَمَ بَعْدَهُ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ لَا إنْ انْتَقَلَ بِوَاسِطَةِ نَحْوِ عَرَقٍ أَوْ حَرَكَةٍ، وَتَجِبُ أَيْضًا بِسَبَبِ مَسِّ طِيبٍ كَأَنْ دَاسَهُ عَالِمًا بِهِ وَبِلَزْقِ عَيْنِهِ بِهِ وَعَبِقَتْ بِهِ الْعَيْنُ أَوْ عَبِقَتْ بِهِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ فَعَلِمَ وَتَوَانَى فِي قَلْعِهِ لَا إنْ مَسَّهُ وَقَدْ عَلِمَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا) أَيْ زُهُورُ الْبَادِيَةِ (قَوْلُهُ: أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا) أَيْ الْبَانَ وَدُهْنَهُ (قَوْلُهُ: وَأَبْرَزَ الضَّمِيرَ) اُنْظُرْ أَيَّ مَوْضِعٍ أَرَادَ بِإِبْرَازِ الضَّمِيرِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ: وَإِنَّمَا أَبْدَلَ الضَّمِيرَ بِالظَّاهِرِ فِي قَوْلِهِ مِثْلَ الْبَانِ الْمَنْشُوشِ بِالطِّيبِ مَعَ أَنَّهُ كَانَ الظَّاهِرُ عَلَى مُقْتَضَى الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَقُولَ مِثْلَ دُهْنِ الْبَانِ الْمَنْشُوشِ بِهِ (قَوْلُهُ: لِوُجُوبِ الْفِدْيَةِ بِشَيْءٍ مِمَّا مَرَّ) أَيْ وَمِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَطَّخَهُ غَيْرُهُ بِطِيبٍ) أَيْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْحَلْقِ، وَلَلْمُحْرِم مُطَالَبَةُ الْمُطَيِّبِ بِالْفِدْيَةِ أَخْذًا مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَعَبِقَتْ بِهِ) الْعَبَقُ مَصْدَرُ عَبِقَ بِهِ الطِّيبُ: أَيْ لَزِقَ وَبَابُهُ طَرِبَ اهـ مُخْتَارٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

عَبَقَ رِيحِهِ فَقَطْ بِأَنْ عَلِمَ بِهِ وَظَنَّ كَوْنَهُ يَابِسًا لَا يَعْبَقُ بِهِ عَيْنُهُ وَكَانَ رَطْبًا وَعَبِقَتْ بِهِ فَدَفَعَهُ فَوْرًا فَلَا فِدْيَةَ كَمَا رَجَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ، وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا أَثَرَ بِعَبَقِ الرِّيحِ فَقَطْ بِنَحْوِ مَسِّهِ وَهُوَ يَابِسٌ أَوْ جُلُوسِهِ فِي دُكَّانِ عَطَّارٍ أَوْ عِنْدَ مُتَجَمِّرٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ تَطْيِيبًا، بِخِلَافِ احْتِوَائِهِ عَلَى مِجْمَرَةٍ بِأَنْ يَجْعَلَهَا تَحْتَهُ؛ لِأَنَّ التَّطَيُّبَ بِهِ لَيْسَ إلَّا بِذَلِكَ، لَكِنْ جَزَمَ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّهُ لَوْ طَرَحَهُ فِي نَارٍ أَمَامَهُ وَلَمْ يَجْعَلْهُ تَحْتَهُ حَرُمَ، وَلَا مُنَافَاةَ؛ لِأَنَّهُ مَتَى عَبِقَتْ الْعَيْنُ بِبَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ حَرُمَ وَإِنْ كَانَ أَمَامَهُ وَمَتَى عَبِقَ الرِّيحُ فَقَطْ فَلَا وَإِنْ كَانَ تَحْتَهُ، وَالْمَاءُ الْمُبَخَّرُ كَالثَّوْبِ فِيمَا ذَكَرَ، وَتَجِبُ بِنَوْمٍ أَوْ جُلُوسٍ أَوْ وُقُوفٍ بِفِرَاشٍ أَوْ مَكَان مُطَيَّبٍ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ وَبِسَبَبِ تَوَانٍ فِي دَفْعِ مَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ مِنْ الطِّيبِ بِنَفْضٍ أَوْ غَيْرِهِ مَعَ الْإِمْكَانِ وَلَوْ كَانَ الْمُلْقَى رِيحًا، إذْ الِاسْتِدَامَةُ هُنَا كَالِابْتِدَاءِ بِخِلَافِ الْإِيمَانِ، وَإِنَّمَا جَازَ الدَّفْعُ بِنَفْسِهِ وَإِنْ اسْتَلْزَمَ الْمُمَاسَّةَ وَطَالَ زَمَنُهَا؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ الْإِزَالَةُ. وَمِنْ ثَمَّ جَازَ لَهُ نَزْعُ الثَّوْبِ مِنْ رَأْسِهِ وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَقُّهُ وَإِنْ تَعَدَّى بِلُبْسِهِ كَمَا اقْتَصَّاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَظَاهِرُ تَعْبِيرِهِمْ بِلَمْ يَلْزَمْهُ أَنَّهُ يَجُوزُ وَإِنْ نَقَصَتْ بِذَلِكَ قِيمَتُهُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ مُبَادَرَتَهُ لِلْخُرُوجِ عَنْ الْمَعْصِيَةِ قَطَعَتْ النَّظَرَ عَنْ كَوْنِهِ إضَاعَةَ مَالٍ. نَعَمْ الْأَوْلَى أَنْ يَأْمُرَ مَنْ يُزِيلُهُ حَيْثُ لَا تَرَاخِيَ فِيهِ. أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ لِنَحْوِ زَمَانَةٍ وَفَقْدِ مَنْ يُزِيلُهُ أَوْ أُجْرَتِهِ بِأَنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْهُ شَيْءٌ مِمَّا يَلْزَمُهُ صَرْفُهُ فِي الْفِطْرَةِ أَوْ كَوْنُهَا زَائِدَةً عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَلَا فِدْيَةَ، وَلَوْ تَوَقَّفَتْ إزَالَتُهُ عَلَى الْمَاءِ وَلَمْ يَجِدْ إلَّا مَا يَكْفِيهِ لِلْوُضُوءِ فَإِنْ كَفَى مَاؤُهُ لِإِزَالَتِهِ تَوَضَّأَ بِهِ ثُمَّ أَزَالَهُ وَإِلَّا قَدَّمَهُ، وَإِطْلَاقُ جَمْعٍ كَنَصِّ الْأُمِّ تَقْدِيمَ إزَالَتِهِ مَحْمُولٌ عَلَى الشِّقِّ الْأَخِيرِ أَوْ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ بِهِ الْمَاءُ، وَلَا تَجِبُ بِحَمْلِ مِسْكٍ فِي فَارَةٍ لَمْ تُشَقَّ عَنْهُ أَوْ وَرْدٍ فِي نَحْوِ مِنْدِيلٍ وَإِنْ شَمَّ الرِّيحَ أَوْ قَصَدَ التَّطَيُّبَ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ إذْ لَا يُعَدُّ بِذَلِكَ مُتَطَيِّبًا، فَإِنْ فُتِحَتْ الْخِرْقَةُ أَوْ شُقَّتْ الْفَارَةُ وَجَبَتْ كَمَا قَالُوهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الشَّيْخَانِ، وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ أَنَّ حَمْلَ الْفَارَةِ الْمَشْقُوقَةِ أَوْ الْمَفْتُوحَةِ لِمُجَرَّدِ النَّقْلِ لَا يَضُرُّ غَيْرُ بَعِيدٍ إنْ لَمْ يَشُدَّهَا فِي ثَوْبِهِ وَقَصَرَ الزَّمَنُ بِحَيْثُ لَا يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ مُتَطَيِّبًا، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ مُجَرَّدَ مَسِّ الْيَابِسِ لَا يَضُرُّ إلَّا إنْ لَزِقَ بِهِ عَيْنُهُ أَوْ حَمَلَهُ بِنَحْوِ يَدِهِ أَوْ خِرْقَةٍ غَيْرِ مَشْدُودَةٍ وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ النَّقْلَ بِشَرْطِهِ الْمَارِّ. وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ لِمَنْ طَهُرَتْ مِنْ نَحْوِ حَيْضٍ، وَهِيَ مُحْرِمَةٌ أَنْ تَسْتَعْمِلَ قَلِيلَ قُسْطٍ، أَوْ أَظْفَارٍ لِإِزَالَةِ الرِّيحِ الْكَرِيهِ لَا لِلتَّطَيُّبِ كَالْمُعْتَدَّةِ وَأَوْلَى؛ لِأَنَّ أَمْرَ الطِّيبِ أَخَفُّ لِوُجُوبِ إزَالَتِهِ عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ لَا الْإِحْرَامِ، لَكِنَّ فِي بَابِ الْغُسْلِ مَنَعَ الْمُحْرِمَةَ مِنْ الطِّيبِ مُطْلَقًا، وَفِي الْجَوَاهِرِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ شِرَاءُ الطِّيبِ وَمَخِيطٍ وَأَمَةٍ اهـ. وَبِمَا أَطْلَقَهُ فِي الْأَمَةِ أَفْتَى الْبَارِزِيُّ، لَكِنْ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ: يُكْرَهُ لَهُ شِرَاؤُهَا، وَظَاهِرُهُ عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ مَنْ لِلْخِدْمَةِ وَالتَّسَرِّي وَوُجِّهَ بِأَنَّهَا بِالْقَصْدِ تَتَأَهَّلُ لِلْفِرَاشِ (وَدُهْنُ شَعْرِ الرَّأْسِ) لِلْمُحْرِمِ (أَوْ اللِّحْيَةِ) وَلَوْ لِامْرَأَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُطَيِّبًا كَسَمْنٍ وَزُبْدٍ وَشَحْمٍ وَشَمْعٍ ذَائِبَيْنِ وَمُعْتَصَرٍ مِنْ نَحْوِ حَبٍّ كَزَيْتٍ وَشَيْرَجٍ، وَأَلْحَقَ بِهِمَا الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ سَائِرَ شُعُورِ الْوَجْهِ قَالَ: وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ النَّقِيبِ: لَا يَلْحَقُ بِهَا الْحَاجِبُ وَالْهُدْبُ وَمَا يَلِي الْوَجْهَ اهـ. قِيلَ وَمَا قَالَهُ فِي الْأَخِيرِ ظَاهِرٌ، وَمِثْلُهُ شَعْرُ الْخَدِّ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَيُوَجَّهُ) أَيْ الْجَوَازُ (قَوْلُهُ: مِمَّا يَلْزَمُهُ صَرْفُهُ فِي الْفِطْرَةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ فَاضِلًا عَنْ دِينِهِ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ فَيُشْتَرَطُ هُنَا فَضْلُهُ عَنْ الدِّينِ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ فِي الْفِطْرَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى الشِّقِّ الْأَخِيرِ) هُوَ قَوْلُهُ وَإِلَّا قَدَّمَهُ (قَوْلُهُ: مِنْ الطِّيبِ مُطْلَقًا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: يُكْرَهُ لَهُ شِرَاؤُهَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) مُعْتَمَدٌ، وَعِبَارَةُ حَجّ: إلَّا شَعْرَ الْخَدِّ وَالْجَبْهَةِ، وَيُوَجَّهُ بِمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَمَا قَالَهُ فِي الْأَخِيرِ ظَاهِرٌ) هُوَ قَوْلُهُ وَمَا يَلِي الْوَجْهَ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ) . ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِلَّا قَدَّمَهُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَاءُ الْوُضُوءِ بَعْدُ لِلْوُضُوءِ يَكْفِي الْإِزَالَةُ لِلتَّطَيُّبِ وَكَانَ يَكْفِي إزَالَتُهُ إنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ قَدَّمَ إزَالَةَ التَّطَيُّبِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ شَعْرُ الْخَدِّ) مِنْ تَمَامِ الْقِيلِ وَالْقَائِلُ هُوَ الشِّهَابُ حَجّ فِي إمْدَادِهِ

إذْ لَا يُقْصَدُ تَنْمِيَتُهُمَا بِحَالٍ، وَسَوَاءٌ فِي الشَّعْرِ أَكَانَ كَثِيرًا أَمْ قَلِيلًا إذْ التَّحْرِيمُ مَنُوطٌ بِمَا يَصْدُقُ بِهِ التَّزَيُّنُ فَإِنَّهُمْ عَلَّلُوهُ بِمَا فِيهِ مِنْ التَّزَيُّنِ الْمُنَافِي لِحَالِ الْمُحْرِمِ. فَإِنَّ الْحَاجَّ أَشْعَثُ أَغْبَرُ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ وَالْكِتَابِ وَالْأَنْوَارِ وَغَيْرِهَا دُهْنُ شَعْرِ الرَّأْسِ أَوْ اللِّحْيَةِ انْتَهَى. فَظَاهِرُهَا شُمُولُ الْجَمِيعِ، وَبِتَقْدِيرِ عَدَمِهِ فَالشَّعْرُ جَمْعٌ وَأَقَلُّهُ ثَلَاثُ شَعَرَاتٍ، وَعِبَارَةُ كَثِيرِينَ: وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَدْهُنَ رَأْسَهُ أَوْ لِحْيَتَهُ، كَذَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَسَوَاءٌ أَيْضًا الرَّأْسُ وَاللِّحْيَةُ الْمَحْلُوقَانِ وَغَيْرُهُمَا لِمَا فِيهِ مِنْ تَزْيِينِ الشَّعْرِ وَتَنْمِيَتِهِ الْمُنَافِيَيْنِ لِخَبَرِ «الْمُحْرِمُ أَشْعَثُ أَغْبَرُ» أَيْ شَأْنُهُ الْمَأْمُورُ بِهِ ذَلِكَ، بِخِلَافِ اللَّبَنِ وَإِنْ كَانَ يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ السَّمْنُ، أَمَّا رَأْسُ الْأَقْرَعِ وَالْأَصْلَعِ وَذَقَنُ الْأَمْرَدِ فَلَا لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى، وَإِنَّمَا حَرُمَ تَطْيِيبُ الْأَخْشَمِ وَلَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى هُنَا مُنْتَفٍ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ، فَإِنَّ الْمَعْنَى فِيهِ التَّرَفُّهُ بِالطِّيبِ وَإِنْ كَانَ الْمُتَطَيِّبُ أَخْشَمَ عَلَى أَنَّ لَطِيفَةَ الشَّمِّ قَدْ يَبْقَى مِنْهَا بَقِيَّةٌ وَإِنْ قُلْت؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَزُلْ وَإِنَّمَا عَرَضَ مَانِعٌ فِي طَرِيقِهَا فَحَصَلَ الِانْتِفَاعُ بِالشَّمِّ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنْ قَلَّ، وَلَوْ كَانَ بَعْضُ الرَّأْسِ أَصْلَعَ جَازَ دَهْنُهُ هُوَ فَقَطْ دُونَ الْبَاقِي وَخَرَجَ بِالرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِمَا مَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ الْبَدَنِ ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا وَسَائِرُ شُعُورِهِ وَأَكْلُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُصِيبَ اللِّحْيَةَ أَوْ الشَّارِبَ أَوْ الْعَنْفَقَةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَجَعَلَهُ فِي شَجَّةٍ بِنَحْوِ رَأْسِهِ لِمَا مَرَّ وَفَارَقَ حُرْمَةَ الْإِسْعَاطِ بِالطِّيبِ بِأَنَّ الْقَصْدَ هُنَا تَنْمِيَةُ الشَّعْرِ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ شَيْءٌ بِوَجْهٍ وَهُنَاكَ ظُهُورُ الرَّائِحَةِ وَهِيَ تَظْهَرُ بِالْجُشَاءِ وَغَيْرِهِ، وَالْمَحْرَمُ هُنَا يُوجِبُ الْفِدْيَةَ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ، أَمَّا خَضْبُ شَعْرِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ بِحِنَّاءٍ رَقِيقٍ وَنَحْوِهِ فَلَا يُوجِبُهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطِيبٍ وَلَا فِي مَعْنَاهُ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الدُّهْنَ عَقِبَ الطِّيبِ لِتَقَارُبِهِمَا فِي الْمَعْنَى بِجَامِعِ التَّرَفُّهِ مِنْ غَيْرِ إزَالَةِ عَيْنٍ، وَإِلَّا فَهُوَ قِسْمٌ مُسْتَقِلٌّ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ عَدَمِ الْفَرْقِ فِي الدَّهْنِ بَيْنَ الْمُطَيِّبِ وَغَيْرِهِ. الدَّهْنُ بِفَتْحِ الدَّالِ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى التَّدْهِينِ وَتَعْبِيرُهُ بِأَوْ يُفِيدُ التَّنْصِيصَ عَلَى تَحْرِيمِ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى انْفِرَادِهِ (وَلَا يُكْرَهُ غَسْلُ بَدَنِهِ وَرَأْسِهِ بِخَطْمِيٍّ وَنَحْوِهِ) كَسِدْرٍ مِنْ غَيْرِ نَتْفِ شَعْرٍ إذْ الْقَصْدُ مِنْهُ إزَالَةُ الْوَسَخِ لَا التَّنْمِيَةُ. نَعَمْ الْأَوْلَى تَرْكُهُ، وَاكْتِحَالٌ بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ لَيْسَ فِيهِ زِينَةٌ كَالتُّوتْيَا، بِخِلَافِ مَا فِيهِ زِينَةٌ كَالْإِثْمِدِ فَيُكْرَهُ إلَّا لِحَاجَةِ رَمَدٍ وَنَحْوِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْجُمْهُورِ. وَقَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: إنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَالْكَرَاهَةُ فِي الْمَرْأَةِ أَشَدُّ، وَلِلْمُحْرِمِ احْتِجَامٌ وَفَصْدٌ مَا لَمْ يَقْطَعْ بِهِمَا شَعْرًا وَلَمْ يُضْطَرَّ إلَيْهِمَا حِينَئِذٍ، وَإِنْشَادُ شِعْرٍ مُبَاحٍ، وَنَظَرٌ فِي مِرْآةٍ وَتَسْرِيحُ شَعْرِهِ بِرِفْقٍ خَشْيَةَ الِانْتِتَافِ الْمُوجِبِ لِلدَّمِ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ إنْ شَكَّ هَلْ نَتَفَ الْمُشْطُ شَيْئًا مِنْ شَعْرِهِ حَالَ التَّسْرِيحِ أَوْ اُنْتُتِفَ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ. نَعَمْ يُكْرَهُ حَكُّ شَعْرِهِ لَا جَسَدِهِ بِأَظْفَارِهِ لَا بِأَنَامِلِهِ وَتَسْرِيحُهُ وَتَفْلِيَتُهُ. (الثَّالِثُ) مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ (إزَالَةُ الشَّعْرِ) مِنْ الرَّأْسِ أَوْ غَيْرِهِ بِحَلْقٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ إحْرَاقٍ أَوْ قَصٍّ أَوْ نُورَةٍ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مُحْرِمٍ آخَرَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] وَقِيسَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ مِثْلَ مَا يَلِي الْوَجْهَ عَلَى هَذَا الْقِيلِ (قَوْلُهُ وَأَقَلُّهُ ثَلَاثُ شَعَرَاتٍ) هَذَا التَّأْوِيلُ يَقْتَضِي جَوَازَ مَا دُونَ الثَّلَاثِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ عَلَى مَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ إلَخْ (قَوْلُهُ وَمَا أُلْحِقَ بِهِمَا) أَيْ مِنْ بَقِيَّةِ شُعُورِ الْوَجْهِ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَأَكْلُهُ) . ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَظَاهِرُهَا شُمُولُ الْجَمِيعِ) أَيْ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ الْمَارِّ، وَمُرَادُهُ بِالْقَلِيلِ مَا يَشْمَلُ الشَّعْرَةَ وَبَعْضَهَا وَإِنْ كَانَ خِلَافَ ظَاهِرِ عِبَارَتِهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ لَفْظَ السُّؤَالِ الَّذِي أَجَابَ عَنْهُ وَالِدُهُ بِمَا ذَكَرَ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي دَهْنِ الشَّعْرِ أَنْ يَكُونَ ثَلَاثَ شَعَرَاتٍ أَوْ يَحْصُلُ بِالْوَاحِدَةِ أَوْ بَعْضِهَا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ اهـ. ثُمَّ إنَّ فِي فَهْمِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْإِفْتَاءِ الْمَذْكُورِ حَزَازَةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ مُحْرِمٌ آخَرُ) لَا خَفَاءَ أَنَّ حُرْمَةَ حَلْقِ شَعْرِ الْمُحْرِمِ الْآخَرِ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِإِحْرَامِ نَفْسِهِ، بَلْ هِيَ مِنْ حَيْثُ إحْرَامُ الْمَحْلُوقِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْحَلَالَ الْحَالِقَ كَذَلِكَ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي

بِشَعْرِ الرَّأْسِ شَعْرُ سَائِرِ الْجَسَدِ لَا إنْ أَبَانَهُ مَعَ جِلْدِهِ وَإِنْ حَرُمَتْ إبَانَةُ الْجِلْدِ مِنْ حَيْثِيَّةٍ أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ. نَعَمْ تُسَنُّ الْفِدْيَةُ وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الظُّفُرُ (أَوْ الظُّفُرُ) مِنْ يَدِهِ أَوْ رِجْلِهِ أَوْ مِنْ مُحْرِمٍ آخَرَ قَلْمًا أَوْ غَيْرَهُ قِيَاسًا عَلَى الْحَلْقِ بِجَامِعِ التَّرَفُّهِ وَالْمُرَادُ بِالظُّفُرِ وَالشَّعْرِ الْجِنْسُ فَيَصْدُقُ بِالْوَاحِدِ وَبِبَعْضِهِ (وَتَكْمُلُ الْفِدْيَةُ فِي) إزَالَةِ (ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ جَمْعُ شَعْرَةٍ بِسُكُونِهَا وَلَاءً (أَوْ) إزَالَةُ (ثَلَاثَةِ أَظْفَارٍ) كَذَلِكَ بِأَنْ اتَّحَدَ الزَّمَانُ وَالْمَكَانُ وَحُكْمُ مَا فَوْقَ الثَّلَاثِ حُكْمُهَا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى حَتَّى لَوْ حَلَقَ شَعْرَ رَأْسِهِ وَشَعْرَ بَدَنِهِ وَلَاءً أَوْ أَزَالَ أَظْفَارَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ كَذَلِكَ لَزِمَهُ فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ فِعْلًا وَاحِدًا، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ النَّاسِي لِلْإِحْرَامِ وَالْجَاهِلُ بِالْحُرْمَةِ لِعُمُومِ الْآيَةِ كَسَائِرِ الْإِتْلَافَاتِ، وَهَذَا بِخِلَافِ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ فِي التَّمَتُّعِ بِاللُّبْسِ وَالطِّيبِ وَالدُّهْنِ وَالْجِمَاعِ وَمُقَدَّمَاتِهِ لِاعْتِبَارِ الْعِلْمِ وَالْقَصْدِ فِيهِ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِيهَا. نَعَمْ لَوْ أَزَالَهَا مَجْنُونٌ أَوْ مُغْمَى عَلَيْهِ أَوْ صَبِيٌّ غَيْرُ مُمَيِّزٍ لَمْ تَلْزَمْهُ الْفِدْيَةُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَؤُلَاءِ وَبَيْنَ الْجَاهِل وَالنَّاسِي أَنَّهُمَا يَعْقِلَانِ فِعْلَهُمَا فَنُسِبَا إلَى تَقْصِيرٍ بِخِلَافِ هَؤُلَاءِ، عَلَى أَنَّ الْجَارِيَ عَلَى قَاعِدَةِ الْإِتْلَافِ وُجُوبُهَا عَلَيْهِمْ أَيْضًا، وَمِثْلُهُمْ فِي ذَلِكَ النَّائِمُ، وَلَوْ حَلَقَ مُحْرِمٌ أَوْ حَلَالٌ رَأْسَ مُحْرِمٍ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهِ فَالدَّمُ عَلَى الْحَالِقِ كَمَا لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ بِنَائِمٍ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ غَيْرِ مُمَيِّزٍ أَوْ مُغْمَى عَلَيْهِ إذْ هُوَ الْمُقَصِّرُ؛ وَلِأَنَّ الشَّعْرَ فِي يَدِ الْمُحْرِمِ كَالْوَدِيعَةِ لَا الْعَارِيَّةِ، وَضَمَانُ الْأُولَى مُخْتَصٌّ بِالْمُتْلِفِ وَلِلْمَحْلُوقِ الْمُطَالَبَةُ بِهِ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّ الْمُودَعَ لَا يُخَاصَمُ؛ لِأَنَّ نُسُكَهُ يَتِمُّ بِأَدَائِهِ وَلِوُجُوبِهِ بِسَبَبِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ لِلزَّوْجَةِ مُطَالَبَةُ زَوْجِهَا بِإِخْرَاجِ فِطْرَتِهَا؛ لِأَنَّ الْفِدْيَةَ فِي مُقَابَلَةِ إتْلَافِ جُزْءٍ مِنْهُ فَسَاغَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ، وَلَوْ أَخْرَجَهُ الْمَحْلُوقُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْحَالِقِ لَمْ يَسْقُطُ، بِخِلَافِ قَضَاءِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْفِدْيَةَ شَبِيهَةٌ بِالْكَفَّارَةِ. أَمَّا لَوْ كَانَ بِأَمْرِهِ أَوْ مَعَ سُكُوتِهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى الدَّفْعِ فَالْفِدْيَةُ عَلَيْهِ لِتَفْرِيطِهِ فِيمَا عَلَيْهِ حِفْظُهُ؛ وَلِأَنَّهُمَا وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي الْحُرْمَةِ فِي صُورَةِ الْأَمْرِ فَقَدْ انْفَرَدَ الْمَحْلُوقُ بِالتَّرَفُّهِ، وَمَحَلُّ قَوْلِهِمْ الْمُبَاشَرَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْأَمْرِ مَا لَمْ يَعُدْ النَّفْعُ عَلَى الْآمِرِ، أَلَا تَرَى ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الدُّهْنَ (قَوْلُهُ: لَا إنْ أَبَانَهُ مَعَ جِلْدِهِ) وَقِيَاسُ مَا ذُكِرَ عَدَمُ التَّحَلُّلِ بِهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وُجُوبُهَا عَلَيْهِمْ أَيْضًا) لَكِنْ لَمَّا كَانَ فِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ خُفِّفَ عَنْهُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَالسَّبَبُ فِي خُرُوجِ ذَلِكَ عَنْ الْقَاعِدَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ إنْ حَلَقَهُ بِاخْتِيَارِهِ كَانَ الدَّمُ عَلَى الْمَحْلُوقِ وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: فَالدَّمُ عَلَى الْحَالِقِ) أَيْ مَعَ إثْمِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْحَالِقِ لَمْ يَسْقُطْ) اُنْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ فِي الْفِطْرَةِ عَنْ سَمِّ عَلَى مَنْهَجٍ فِيمَا لَوْ كَانَ الزَّوْجُ مُوسِرًا وَأَخْرَجَتْ الزَّوْجَةُ عَنْ نَفْسِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ مِنْ أَنَّهَا لَا رُجُوعَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا مُتَبَرِّعَةٌ؛ وَلِأَنَّهَا عَلَى الزَّوْجِ كَالْحَوَالَةِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَالْمُحِيلُ لَوْ أَدَّى بِغَيْرِ إذْنِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ انْتَهَى. فَإِنَّ مَفْهُومَهُ السُّقُوطُ عَنْ الزَّوْجِ وَالْحَالُ أَنَّهَا أَدَّتْ بِغَيْرٍ إذْنٍ مِنْهُ، وَلَعَلَّهُ أَنَّ الصَّوْمَ ثَمَّ مُعَلَّقٌ عَلَى إخْرَاجِ الْفِطْرَةِ فَلَهَا غَرَضٌ فِي ذَلِكَ لِرَفْعِ صَوْمِهَا، وَبِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَتْ الْفِطْرَةُ عَلَيْهَا أَصَالَةً وَتَحَمَّلَهَا الزَّوْجُ عَنْهَا سِيَّمَا إذَا قُلْنَا إنَّ تَحَمُّلَهُ مِنْ بَابِ الضَّمَانِ فَإِنَّ الْفِطْرَةَ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ تَكُونُ مُتَعَلِّقَةً بِهَا حَتَّى يَدْفَعَهَا الزَّوْجُ صَحَّ إخْرَاجُهَا عَنْ نَفْسِهَا لِمُلَاقَاةِ الْوُجُوبِ لَهَا ابْتِدَاءً، بِخِلَافِ الْحَالِقِ فَإِنَّ ضَمَانَهُ لِبَدَلِ الشَّعْرِ مِنْ قَبِيلِ ضَمَانِ مَا أَتْلَفَهُ، فَالضَّمَانُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ خَاصَّةً وَلَمْ يَتَعَلَّقْ مِنْهُ أَثَرٌ بِالْمَحْلُوقِ فَقَوِيَ شَبَهُهُ بِالْكَفَّارَةِ، وَهِيَ لَوْ أَخْرَجَهَا غَيْرُ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ بِلَا إذْنٍ لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا لِانْتِفَاءِ النِّيَّةِ وَهِيَ لَا تَصِحُّ بِدُونِهَا (قَوْلُهُ فَقَدْ انْفَرَدَ الْمَحْلُوقُ) وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْحَالِقَ لَا يُطَالَبُ بِشَيْءٍ فَلَيْسَ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَعُدْ النَّفْعُ عَلَى الْآمِرِ) بِهَذَا فَارَقَ مَا لَوْ جَرَحَهُ غَيْرُهُ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ دَفْعِهِ حَيْثُ لَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ عَنْ الْجَارِحِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ مَنْفَعَةٌ تَعُودُ عَلَى الْمَجْرُوحِ وَإِنَّمَا يَلْحَقُهُ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِتَكْمِيلِ الْفِدْيَةِ، أَمَّا الِاقْتِصَارُ عَلَى فِدْيَةٍ وَاحِدَةٍ فَأَمْرٌ آخَرُ (قَوْلُهُ: لِاعْتِبَارِ الْعِلْمِ وَالْقَصْدِ فِيهِ) يُشْبِهُ الْمُصَادَرَةَ.

أَنَّهُ لَوْ أَمَرَ الْغَاصِبُ قَصَّابًا بِذَبْحِ شَاةٍ غَصَبَهَا لَمْ يَضْمَنْهَا إلَّا الْغَاصِبُ: أَيْ ضَمَانًا مُسْتَقِرًّا وَإِلَّا فَهُوَ طَرِيقٌ فِيهِ، وَلَوْ طَارَتْ نَارٌ إلَى شَعْرِهِ فَأَحْرَقَتْهُ وَأَطَاقَ الدَّفْعَ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ أَزَالَ الْمُحْرِمُ ذَلِكَ مِنْ حَلَالٍ لَمْ تَجِبُ فِدْيَةٌ عَلَى الْمُحْرِمِ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ إذْ لَا حُرْمَةَ لِشَعْرِهِ مِنْ حَيْثُ الْإِحْرَامُ. وَاسْتُثْنِيَ مِنْ إطْلَاقِ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ عَلَى الْحَالِفِ مَا لَوْ أَمَرَ حَلَالٌ حَلَالًا بِحَلْقِ مُحْرِمٍ نَائِمٍ أَوْ نَحْوِهِ، فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْآمِرِ إنْ جَهِلَ الْحَالِقُ أَوْ أُكْرِهَ أَوْ أَكَانَ أَعْجَمِيًّا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ آمِرِهِ وَإِلَّا فَعَلَى الْحَالِقِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَمَرَ مُحْرِمٌ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالٌ مُحْرِمًا أَوْ عَكْسُهُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ، وَصَرِيحُ مَا تَقَرَّرَ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا مَعْذُورَيْنِ فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْحَالِقِ، وَقِيَاسُهُ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا غَيْرَ مَعْذُورَيْنِ أَنْ تَكُونَ عَلَى الْحَالِقِ أَيْضًا وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ فِي) إزَالَةِ (الشَّعْرَةِ) الْوَاحِدَةِ أَوْ الظُّفُرِ الْوَاحِدِ أَوْ بَعْضِ شَيْءٍ مِنْ أَحَدِهِمَا (مُدَّ طَعَامٍ وَفِي الشَّعْرَتَيْنِ) أَوْ الظُّفُرَيْنِ (مُدَّيْنِ) إذْ تَبْعِيضُ الدَّمِ فِيهِ عَسِرٌ، وَالشَّارِعُ قَدْ عَدَلَ الْحَيَوَانَ بِالْإِطْعَامِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ وَغَيْرِهِ، وَالشَّعْرَةُ الْوَاحِدَةُ هِيَ النِّهَايَةُ فِي الْقِلَّةِ، وَالْمُدُّ أَقَلُّ مَا وَجَبَ فِي الْكَفَّارَاتِ فَقُوبِلَتْ الشَّعْرَةُ بِهِ، وَالثَّانِي فِي الشَّعْرَةِ دِرْهَمٌ وَفِي الشَّعْرَتَيْنِ دِرْهَمَانِ؛ لِأَنَّ الشَّاةَ كَانَتْ تُقَوَّمُ فِي عَصْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَاعْتُبِرَتْ تِلْكَ الْقِيمَةُ عِنْدَ الْحَاجَةِ لِلتَّوْزِيعِ. وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَخْتَارَ أُدُمًا أَوْ لَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، خِلَافًا لِلْعِمْرَانِيِّ فَقَدْ بَسَطَ الْكَلَامَ عَلَى رَدِّ التَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ جَمْعٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ كَالْبُلْقِينِيِّ وَابْنِ الْعِمَادِ وَتَمَسَّكُوا بِإِطْلَاقِ الشَّيْخَيْنِ (وَلِلْمَعْذُورِ) فِي الْحَلْقِ لِإِيذَاءِ قُمَّلٍ أَوْ وَسَخٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ جِرَاحَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (أَنْ يَحْلِقَ وَيَفْتَدِيَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا} [البقرة: 196] الْآيَةَ، وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ فِي أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، أَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: اُدْنُ، فَدَنَوْت مِنْهُ، فَقَالَ: اُدْنُ، فَدَنَوْت، فَقَالَ: أَيُؤْذِيك هَوَامُّ رَأْسِك؟ قَالَ ابْنُ عَوْفٍ: وَأَظُنُّهُ قَالَ نَعَمْ، قَالَ: فَأَمَرَنِي بِفِدْيَةٍ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نَسْكِ نَسِيكَةٍ» قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَكَذَا يَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ فِي كُلِّ مُحْرِمٍ أُبِيحَ لِلْحَاجَةِ إلَّا لُبْسَ السَّرَاوِيلِ وَالْخُفَّيْنِ الْمَقْطُوعَيْنِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ سِتْرَ الْعَوْرَةِ وَوِقَايَةَ الرِّجْلِ عَنْ النَّجَاسَةِ مَأْمُورٌ بِهِمَا فَخَفَّفَ فِيهِمَا وَالْحَصْرُ فِيمَا قَالَهُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ مَمْنُوعٌ، فَقَدْ اسْتَثْنَى صُوَرًا لَا فِدْيَةَ فِيهَا كَإِزَالَةِ شَعْرٍ نَبَتَ فِي بَاطِنِ عَيْنٍ وَتَضَرَّرَ بِهِ وَكَقَتْلِ صَيْدٍ صَائِلٍ وَحَيَوَانٍ مُؤْذٍ وَكَقَطْعِ مَا انْكَسَرَ مِنْ ظُفُرِهِ وَتَأَذَّى بِهِ فَقَطَعَ الْمُؤْذِي مِنْهُ فَقَطْ، وَإِنَّمَا لَزِمَتْهُ فِي حَلْقِ الشَّعْرِ لِكَثْرَةِ الْقَمْلِ؛ لِأَنَّ الْأَذَى حَصَلَ مِنْ غَيْرِ الْمُزَالِ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ طَالَ شَعْرُ حَاجِبِهِ أَوْ رَأْسِهِ وَغَطَّى عَيْنَيْهِ جَازَ لَهُ قَطْعُ الْمُغَطِّي فَقَطْ وَلَا فِدْيَةَ. (الرَّابِعُ) مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالضَّرَرُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهُوَ) أَيْ الْقَصَّابُ طَرِيقٌ فِيهِ وَمَحَلُّ عَدَمِ الْقَرَارِ عَلَى الْقَصَّابِ حَيْثُ جَهِلَ الْغَصْبَ وَإِلَّا فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ الْإِحْرَامُ) أَمَّا مِنْ حَيْثُ التَّصَرُّفُ فِي بَدَنِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَيَحْرُمُ وَيُعَزَّرُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي إزَالَةِ الشَّعْرَةِ (قَوْلُهُ: لِإِيذَاءِ قُمَّلٍ إلَخْ) أَيْ لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً، وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا مَرَّ فِي نَحْوِ الْمُنْكَسِرِ وَشَعْرِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ أَنَّهُ لَا يَصْبِرُ عَلَيْهِ فَاكْتَفَى فِيهِ بِأَدْنَى تَأَذٍّ بِخِلَافِ هَذَا وَمِنْ ثَمَّ لَمْ تَجِبْ هُنَاكَ فِدْيَةٌ انْتَهَى حَجّ (قَوْلُهُ أَنْ يَحْلِقَ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَتَضَرَّرَ بِهِ) وَلَوْ أَدْنَى ضَرَرٍ انْتَهَى حَجّ (قَوْلُهُ وَتَأَذَّى) أَيْ وَإِنْ قَلَّ التَّأَذِّي انْتَهَى حَجّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالشَّعْرَةُ الْوَاحِدَةُ هِيَ النِّهَايَةُ فِي الْقِلَّةِ) مُرَادُهُ بِالشَّعْرَةِ هُنَا مَا يَشْمَلُ بَعْضَهَا (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْعِمْرَانِيِّ) أَيْ فِي تَقْيِيدِهِ ذَلِكَ بِمَا إذَا اخْتَارَ الدَّمَ، فَإِنْ اخْتَارَ صَوْمًا وَجَبَ يَوْمٌ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ إطْعَامًا فَصَاعٌ أَوْ صَاعَانِ (قَوْلُهُ التَّقْيِيدُ الْمَذْكُورُ) يَعْنِي الْمَعْلُومَ مِمَّا ذَكَرَ (قَوْلُهُ وَحَيَوَانٍ مُؤْذٍ) أَيْ كَالْقَمْلِ، لَكِنَّ اسْتِثْنَاءَ هَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمُحَرَّمِ الَّذِي أُبِيحَ بَلْ هُوَ حَلَالٌ مُطْلَقًا

(الْجِمَاعُ) بِالْإِجْمَاعِ عَلَى الْمُحْرِمِ إحْرَامًا مُطْلَقًا أَوْ بِحَجٍّ أَوْ بِعُمْرَةٍ أَوْ بِهِمَا وَلَوْ بِبَهِيمَةٍ فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ بِذَكَرٍ مُتَّصِلٍ أَوْ بِمَقْطُوعٍ وَلَوْ مِنْ بَهِيمَةٍ أَوْ بِقَدْرِ الْحَشَفَةِ مِنْ فَاقِدِهَا حَتَّى يَحْرُمَ عَلَى الْمَرْأَةِ الْحَلَالِ تَمْكِينُ الْمُحْرِمِ مِنْهُ، وَيَحْرُمُ عَلَى الْحَلَالِ أَيْضًا حَالَ إحْرَامِ الْمَرْأَةِ مَا لَمْ يُرِدْ بِهِ تَحْلِيلَهَا بِشَرْطِهِ الْآتِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ} [البقرة: 197] أَيْ فَلَا تَرْفُثُوا وَلَا تَفْسُقُوا، فَلَفْظُهُ خَبَرٌ وَمَعْنَاهُ النَّهْيُ، إذْ لَوْ بَقِيَ عَلَى الْخَبَرِ امْتَنَعَ وُقُوعُهُ فِي الْحَجِّ؛ لِأَنَّ إخْبَارَ اللَّهِ صِدْقٌ قَطْعًا مَعَ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ كَثِيرًا. وَالْأَصْلُ فِي النَّهْيِ الْفَسَادُ، وَالرَّفَثُ فَسَّرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالْجِمَاعِ وَتَحْرُمُ بِهِ مُقَدِّمَاتُهُ أَيْضًا كَقُبْلَةٍ وَنَظَرٍ وَلَمْسٍ وَمُعَانَقَةٍ بِشَهْوَةٍ وَلَوْ مَعَ عَدَمِ إنْزَالٍ أَوْ مَعَ حَائِلٍ، وَلَا دَمَ فِي النَّظَرِ بِشَهْوَةٍ وَالْقُبْلَةِ بِحَائِلٍ وَإِنْ أَنْزَلَ، بِخِلَافِ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ فَإِنَّ فِيهَا الدَّمَ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ إنْ بَاشَرَ عَمْدًا بِشَهْوَةٍ وَالِاسْتِمْنَاءِ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الدَّمِ فِيهِ مِنْ الْإِنْزَالِ. وَفِي الْأَنْوَارِ أَنَّهَا تَجِبُ فِي تَقْبِيلِ الْغُلَامِ بِشَهْوَةٍ، وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ تَصْوِيرِ الْمُصَنِّفِ فِيمَنْ قَبَّلَ زَوْجَتَهُ لِوَدَاعٍ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ الْإِكْرَامَ أَوْ أَطْلَقَ فَلَا فِدْيَةَ أَوْ لِلشَّهْوَةِ أَثِمَ وَفَدَى، وَيَنْدَرِجُ دَمُ الْمُبَاشَرَةِ فِي بَدَنَةِ الْجِمَاعِ الْوَاقِعِ بَعْدَهَا: أَيْ أَوْ بَدَلَهَا، وَكَذَا فِي شَاتِهِ كَالْوَاقِعِ بَعْدَ الْجِمَاعِ الْمُفْسِدِ أَوْ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ فِيمَا يَظْهَرُ سَوَاءٌ أَطَالَ الزَّمَنُ بَيْنَ الْمُقَدِّمَاتِ وَالْجِمَاعِ أَمْ قَصَرَ، وَذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى حُرْمَةِ الْعَقْدِ الْآتِي بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا تَدْعُو إلَى الْوَطْءِ الْمُحَرَّمِ أَكْثَرَ مِنْهُ، أَمَّا حَيْثُ لَا شَهْوَةَ فَلَا حُرْمَةَ وَلَا فِدْيَةَ اتِّفَاقًا (وَتَفْسُدُ بِهِ الْعُمْرَةُ) الْمُفْرَدَةُ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْهَا، أَمَّا غَيْرُ الْمُفْرَدَةِ فَهِيَ تَابِعَةٌ لِلْحَجِّ صِحَّةً وَفَسَادًا (وَكَذَا) يَفْسُدُ (الْحَجُّ) بِالْجِمَاعِ الْمَذْكُورِ (قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ) سَوَاءٌ أَكَانَ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَهُوَ إجْمَاعٌ أَوْ بَعْدَهُ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ، وَسَوَاءٌ أَفَاتَهُ الْحَجُّ أَمْ لَا كَمَا فِي الْأُمِّ، وَلَوْ كَانَ الْمُجَامِعُ فِي النُّسُكِ رَقِيقًا أَمْ صَبِيًّا مُمَيِّزًا، إذْ عَمْدُ الصَّبِيِّ عَمْدٌ وَالرَّقِيقُ مُكَلَّفٌ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ النُّسُكُ مُتَطَوَّعًا بِهِ أَمْ مَفْرُوضًا بِنَذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ كَالْأَجِيرِ. أَمَّا النَّاسِي وَالْمَجْنُونُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالنَّائِمُ وَالْمُكْرَهُ وَالْجَاهِلُ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشْئِهِ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ فَلَا يَفْسُدُ بِجِمَاعِهِمْ، وَلَوْ جَامَعَ بَعْدَ الْإِفْسَادِ لَزِمَهُ شَاةٌ. وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ يَفْسُدُ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ مُجَامِعًا وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَوْ أَحْرَمَ حَالَ نَزْعِهِ انْعَقَدَ صَحِيحًا عَلَى أَوْجَهِ الْأَوْجُهِ؛ لِأَنَّ النَّزْعَ لَيْسَ بِجِمَاعٍ، وَكَذَا رَدُّهُ فَإِنَّهَا إذَا وُجِدَتْ أَثْنَاءَ الْعُمْرَةِ أَوْ الْحَجِّ وَلَوْ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ تُفْسِدُهُ وَإِنْ قَصُرَ زَمَنُهَا لِمُنَافَاتِهَا لَهُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ، وَلَا يُشْكِلْ هَذَا بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ ارْتَدَّ فِي أَثْنَاءِ وُضُوئِهِ لَمْ يَبْطُلْ مَا مَضَى بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ كَمَّلَ بِنِيَّةٍ مَعَ أَنَّهُ لَا يُكْمِلُ هُنَا؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ فِي الْوُضُوءِ يُمْكِنُ تَوْزِيعُهَا عَلَى أَعْضَائِهِ فَلَمْ يَلْزَمْ مِنْ بُطْلَانِ بَعْضِهَا بُطْلَانُ كُلِّهَا، بِخِلَافِهَا فِي الْحَجِّ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَوْزِيعُهَا عَلَى أَجْزَائِهِ فَكَانَ الْمُنَافِي لَهَا مُبْطِلًا لَهَا مِنْ أَصْلِهَا فَنَاسَبَ فَسَادُهُ بِهَا مُطْلَقًا، وَقَوْلُهُ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ قَيْدٌ فِي الْحَجِّ خَاصَّةً كَمَا تَقَرَّرَ، إذْ الْعُمْرَةُ لَيْسَ لَهَا إلَّا تَحَلُّلٌ وَاحِدٌ كَمَا مَرَّ (وَتَجِبُ بِهِ) أَيْ الْجِمَاعِ الْمُفْسِدِ لِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَلَوْ نَفْلًا لَا بِرِدَّةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَتَحْرُمُ بِهِ مُقَدِّمَاتُهُ) أَيْ وَيَجِبُ فِيهَا الدَّمُ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَنْزَلَ) أَيْ وَإِنْ تَعَمَّدَ وَعَلِمَ الْإِنْزَالَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: الْجِمَاعُ الْوَاقِعُ بَعْدَهَا) مَفْهُومُهُ أَنَّ الْمُبَاشَرَةَ بَعْدَ الْجِمَاعِ لَا يَنْدَرِجُ دَمُهَا فِي بَدَنَةِ الْجِمَاعِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَنَقَلَ بِالدَّرْسِ عَنْ سَمِّ عَلَى الْغَايَةِ التَّصْرِيحَ بِهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا حَيْثُ لَا شَهْوَةَ) أَيْ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَفْسُدُ بِجِمَاعِهِمْ) أَيْ بِالْجِمَاعِ مِنْ الرَّجُلِ وَبِدُخُولِ الْحَشَفَةِ فِي فَرْجِ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ شَاةٌ) وَتَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ النَّزْعَ لَيْسَ بِجِمَاعٍ) أَيْ حَيْثُ قَصَدَ بِالنَّزْعِ التَّرْكَ قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ كَمَّلَ بِنِيَّةٍ) جَدِيدَةٍ غَيْرِ الْأُولَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ بِمَقْطُوعٍ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْأَةِ: أَيْ بِأَنْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرًا مَقْطُوعًا فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا وَيَفْسُدُ حَجُّهَا وَإِنْ كَانَتْ لَا تَجِبُ عَلَيْهَا الْفِدْيَةُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِمْنَاءُ) أَيْ وَبِخِلَافِ الِاسْتِمْنَاءِ (قَوْلُهُ: قِيَاسًا عَلَى حُرْمَةِ الْعَقْدِ الْآتِي) دَلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَتَحْرُمُ مُقَدِّمَاتُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: تُفْسِدُهُ) بِمَعْنَى تُبْطِلُهُ

(بَدَنَةً) مِنْ الْإِبِلِ ذَكَرًا كَانَتْ أَوْ أُنْثَى لِفَتْوَى جَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْرَفَ لَهُمْ مُخَالِفٌ، وَخَرَجَ بِالْمُفْسِدِ مَا لَوْ جَامَعَ فِي الْحَجِّ بَيْنَ التَّحْلِيلَيْنِ أَوْ ثَانِيًا بَعْدَ جِمَاعِهِ الْأُولَى قَبْلَ التَّحَلُّلَيْنِ فَتَجِبُ بِهِ شَاةٌ وَالْوُجُوبُ فِي الْجَمِيعِ عَلَى الرَّجُلِ دُونَهَا، وَإِنْ فَسَدَ نُسُكُهَا بِأَنْ كَانَتْ مُحْرِمَةً مُمَيِّزَةً مُخْتَارَةً عَامِدَةً عَالِمَةً بِالتَّحْرِيمِ كَمَا فِي كَفَّارَةِ الصَّوْمِ فَهِيَ عَنْهُ فَقَطْ سَوَاءٌ أَكَانَ الْوَاطِئُ زَوْجًا أَمْ سَيِّدًا أَمْ وَاطِئًا بِشُبْهَةٍ أَمْ زَانِيًا، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ حِكَايَةِ الِاتِّفَاقِ عَلَى لُزُومِ الْبَدَنَةِ لَهَا طَرِيقَةٌ مَرْجُوحَةٌ، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْبَدَنَةَ حَيْثُ أُطْلِقَتْ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ أَوْ الْفِقْهِ فَالْمُرَادُ بِهَا كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ الْبَعِيرُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَشَرْطُهَا سِنٌّ يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ، وَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ أَوْ أَكْثَرِهِمْ: تُطْلَقُ عَلَى الْبَعِيرِ وَالْبَقَرَةِ، وَالْمُرَادُ هُنَا مَا مَرَّ فَإِنَّ الْبَقَرَةَ لَا تُجْزِئُ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْبَدَنَةِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْبَقَرَةِ أَيْضًا فَسَبْعُ شِيَاهٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا قَوَّمَ الْبَدَنَةَ بِالنَّقْدِ الْغَالِبِ، وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ بِسِعْرِ مَكَّةَ فِي غَالِبِ الْأَحْوَالِ، كَذَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ نَصِّ الْمُخْتَصَرِ وَعَنْ الْقَاضِيَيْنِ أَبِي الطَّيِّبِ وَالْحُسَيْنِ، وَفِي شَرْحِ السُّبْكِيّ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ بِسِعْرِ مَكَّةَ حَالَ الْوُجُوبِ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَابْنُ النَّقِيبِ، وَلَيْسَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي الشَّرْحَيْنِ وَلَا فِي الرَّوْضَةِ، وَيَشْتَرِي بِهِ طَعَامًا وَيَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ، وَأَقَلُّ مَا يُجْزِئْ أَنْ يَدْفَعَ الْوَاجِبَ إلَى ثَلَاثَةٍ إنْ قَدَرَ، وَالْمُرَادُ بِالطَّعَامِ الْمُجْزِئِ فِي الْفِطْرَةِ، فَإِنْ عَجَزَ صَامَ عَنْ كُلٍّ مُدٍّ يَوْمًا (وَ) يَجِبُ عَلَى مَنْ أَفْسَدَ نُسُكَهُ بِوَطْءٍ لَا بِرِدَّةٍ (الْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهِ) بِأَنْ يَأْتِيَ بِجَمِيعِ مُعْتَبَرَاتِهِ وَيَجْتَنِبَ سَائِرَ مَنْهِيَّاتِهِ وَإِلَّا لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ أَيْضًا لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] إذْ هُوَ يَشْمَلُ الْفَاسِدَ أَيْضًا، وَبِهِ أَفْتَى جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ، بِخِلَافِ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ لِلْخُرُوجِ مِنْهَا بِالْفَسَادِ إذْ لَا حُرْمَةَ لَهَا بَعْدَهُ. نَعَمْ يَجِبُ الْإِمْسَاكُ بَقِيَّةَ النَّهَارِ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ لِحُرْمَةِ زَمَانِهِ كَمَا مَرَّ، أَمَّا مَا فَسَدَ بِالرِّدَّةِ فَلَا يَجِبُ إتْمَامُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ فَوْرًا؛ لِأَنَّهَا أَحْبَطَتْهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَلِذَلِكَ لَمْ تَجِبْ فِيهَا كَفَّارَةٌ (وَ) يَجِبُ مَعَ الْإِتْمَامِ وَالْكَفَّارَةِ (الْقَضَاءُ) اتِّفَاقًا (وَإِنْ كَانَ نُسُكَهُ تَطَوُّعًا) مِنْ صَبِيٍّ أَوْ قِنٍّ لِفَتْوَى الصَّحَابَةِ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مُخَالِفٍ؛ وَلِأَنَّ إحْرَامَ الصَّبِيِّ صَحِيحٌ وَتَطَوُّعَهُ كَتَطَوُّعِ الْبَالِغِ فِي اللُّزُومِ بِالشُّرُوعِ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَإِيجَابُهُ عَلَيْهِ لَيْسَ إيجَابَ تَكْلِيفٍ بَلْ مَعْنَاهُ تَرَتُّبُهُ فِي ذِمَّتِهِ كَغَرَامَةِ مَا أَتْلَفَ، وَلَوْ كَانَ مَا فَسَدَ بِالْجِمَاعِ قَضَاءً وَجَبَ قَضَاءُ الْمَقْضِيِّ لَا الْقَضَاءِ، فَلَوْ أَحْرَمَ بِالْقَضَاءِ عَشْرَ مَرَّاتٍ وَأَفْسَدَ الْجَمِيعَ لَزِمَهُ قَضَاءٌ وَاحِدٍ عَنْ الْأَوَّلِ وَكَفَّارَةٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَشْرِ، وَيَلْزَمُ الْمُفْسِدَ فِي الْقَضَاءِ الْإِحْرَامُ مِمَّا أَحْرَمَ مِنْهُ فِي الْأَدَاءِ مِنْ مِيقَاتٍ أَوْ قَبْلَهُ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ أَوْ غَيْرِهَا، وَإِنْ كَانَ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ وَلَوْ غَيْرَ مُرِيدٍ نُسُكًا لَزِمَهُ فِي الْقَضَاءِ الْإِحْرَامُ مِنْهُ إلًّا إنْ سَلَكَ فِيهِ غَيْرَ طَرِيقِ الْأَدَاءِ فَإِنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَتْ مُحْرِمَةً مُمَيِّزَةً مُخْتَارَةً) أَيْ فَلَوْ كَانَتْ مُكْرَهَةً أَوْ نَاسِيَةً أَوْ جَاهِلَةً لَمْ يَفْسُدْ نُسُكُهَا (قَوْلُهُ: كَمَا فِي كَفَّارَةِ الصَّوْمِ فَهِيَ عَنْهُ) لِلصَّيْمَرِيِّ مَا لَوْ كَانَ حَلَالًا وَهِيَ مُحْرِمَةٌ أَوْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ لِكَوْنِهِ مَجْنُونًا وَعِبَارَةُ حَجّ: وَلَمْ يُبَيِّنْ مَنْ تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ وَهُوَ الرَّجُلُ خَاصَّةً كَمَا بَسَطَتْهُ فِي الْحَاشِيَةِ إنْ كَانَ زَوْجًا مُكَلَّفًا مُحْرِمًا وَإِلَّا فَعَلَيْهَا حَيْثُ لَمْ يُكْرِهَا كَمَا لَوْ زَنَتْ أَوْ مَكَّنَتْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ اهـ. وَعِبَارَةُ سَمِّ عَلَى مَنْهَجٍ قَالَ مَرَّ. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهَا مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ الْوَاطِئُ غَيْرَ مُحْرِمٍ زَوْجًا أَوْ أَجْنَبِيًّا كَالصَّوْمِ اهـ (قَوْلُهُ: وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَفِي شَرْحِ السُّبْكِيّ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ بِسِعْرِ مَكَّةَ إلَخْ) قَالَ حَجّ بَعْدَمَا ذَكَرَ وَأَوْجَهُ مِنْهُمَا اعْتِبَارُ حَالَةِ الْأَدَاءِ كَمَا يَأْتِي فِي الْكَفَّارَاتِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَجَزَ صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا) وَهَلْ الْعِبْرَةُ فِي قِيمَةِ الطَّعَامِ بِوَقْتِ الْأَدَاءِ أَوْ بِسِعْرِ مَكَّةَ غَالِبَ الْأَحْوَالِ كَمَا اُعْتُبِرَ ذَلِكَ فِي قِيمَةِ الْبَدَنَةِ أَمْ وَقْتَ الْوُجُوبِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ اعْتِبَارُ غَالِبِ الْأَحْوَالِ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَإِيجَابُهُ) أَيْ الْقَضَاءُ عَلَيْهِ أَيْ الصَّبِيِّ (قَوْلُهُ: وَجَبَ قَضَاءُ الْمَقْضِيِّ) . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

يُحْرِمُ مِنْ قَدْرِ مَسَافَةِ الْإِحْرَامِ فِي الْأَدَاءِ إنْ لَمْ يَكُنْ جَاوَزَ فِيهِ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُحْرِمٍ وَإِلَّا أَحْرَمَ مِنْ قَدْرِ مَسَافَةِ الْمِيقَاتِ، وَعَلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أَفْرَدَ الْحَجَّ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ ثُمَّ أَفْسَدَهَا كَفَاهُ أَنْ يُحْرِمَ فِي قَضَائِهَا مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ وَأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ سُلُوكُ طَرِيقِ الْأَدَاءِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ قَدْرِ مَسَافَتِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ فِي الْقَضَاءِ أَنْ يُحْرِمَ فِي الزَّمَنِ الَّذِي أَحْرَمَ فِيهِ بَلْ لَهُ التَّأْخِيرُ عَنْهُ وَالتَّقْدِيمُ عَلَيْهِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَجُوزُ الْإِحْرَامُ فِيهِ وَفَارَقَ الْمَكَانَ فَإِنَّهُ يَنْضَبِطُ بِخِلَافِ الزَّمَانِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ) أَيْ قَضَاءُ الْفَاسِدِ (عَلَى الْفَوْرِ) لِقَوْلِ جَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْ غَيْرِ مُخَالِفٍ كَأَنْ يَأْتِيَ بِالْعُمْرَةِ عَقِبَ التَّحَلُّلِ وَتَوَابِعِهِ وَبِالْحَجِّ فِي سَنَتِهِ إنْ أَمْكَنَهُ بِأَنْ يَحْصُرَهُ الْعَدُوُّ بَعْدَ الْإِفْسَادِ فَيَتَحَلَّلَ ثُمَّ يَزُولَ الْحَصْرُ وَبِأَنْ يَرْتَدَّ بَعْدَهُ أَوْ يَتَحَلَّلَ كَذَلِكَ لِمَرَضٍ شُرِطَ التَّحَلُّلُ بِهِ ثُمَّ يُشْفَى وَالْوَقْتُ بَاقٍ فَيَشْتَغِلُ بِالْقَضَاءِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ أَتَى بِهِ مِنْ قَابِلٍ، وَلَا يُشْكِلُ تَسْمِيَةُ مَا ذُكِرَ قَضَاءً وَإِنْ وَقَعَ فِي وَقْتِهِ وَهُوَ الْعُمُرُ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ هُنَا مَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إنَّهُ أَدَاءٌ لَا قَضَاءٌ؛ وَلِأَنَّهُ بِالْإِحْرَامِ بِالْأَدَاءِ تَضِيقُ وَقْتِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَفْسَدَ الصَّلَاةَ فَإِنَّهَا لَا تَتَضَيَّقُ وَإِنْ قَالَ جَمْعٌ مِنْهُمْ الْقَاضِي بِخِلَافِهِ؛ لِأَنَّ آخِرَ وَقْتِهَا لَمْ يَتَعَيَّنْ بِالشُّرُوعِ فِيهَا فَلَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهَا بَعْدَ الْإِفْسَادِ مُوقِعًا لَهَا فِي غَيْرِ وَقْتِهَا وَالنُّسُكُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ تَضَيَّقَ وَقْتُهُ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً فَإِنَّهُ يَنْتَهِي بِوَقْتِ الْفَوَاتِ فَكَانَ فِعْلُهُ فِي السُّنَّةِ الثَّانِيَةِ خَارِجَ وَقْتِهِ فَصَحَّ وَصْفُهُ بِالْقَضَاءِ، وَلَوْ خَرَجَتْ الْمَرْأَةُ لِقَضَاءِ نُسُكِهَا لَزِمَ الزَّوْجَ زِيَادَةُ نَفَقَةِ السَّفَرِ مِنْ زَادٍ وَرَاحِلَةٍ ذَهَابًا وَإِيَابًا؛ لِأَنَّهَا غَرَامَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالْجِمَاعِ فَلَزِمَتْهُ كَالْكَفَّارَةِ وَلَوْ غَضِبَتْ لَزِمَهُ الْإِنَابَةُ عَنْهَا مِنْ مَالِهِ، وَمُؤْنَةُ الْمَوْطُوءَةِ بِزِنًا أَوْ شُبْهَةٍ عَلَيْهَا، وَأَمَّا نَفَقَةُ الْحَضَرِ فَلَا تَلْزَمُ الزَّوْجَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهَا، وَيُسَنُّ افْتِرَاقُهُمَا مِنْ حِينِ الْإِحْرَامِ إلَى أَنْ يَفْرَعَ التَّحَلُّلَانِ وَافْتِرَاقُهُمَا فِي مَكَانِ الْجِمَاعِ آكَدُ لِلِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِهِ، وَلَوْ أَفْسَدَ مُفْرِدُ نُسُكِهِ فَتَمَتَّعَ فِي الْقَضَاءِ أَوْ قَرَنَ جَازَ وَكَذَا عَكْسُهُ، وَلَوْ أَفْسَدَ الْقَارِنُ نُسُكَهُ لَزِمَهُ بَدَنَةٌ وَاحِدَةٌ لِانْغِمَارِ الْعُمْرَةِ فِي الْحَجِّ وَلَزِمَهُ دَمٌ لِلْقِرَانِ الَّذِي أَفْسَدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَزِمَ بِالشُّرُوعِ فَلَا يَسْقُطُ بِالْإِفْسَادِ وَلَزِمَهُ دَمٌ آخَرُ لِلْقِرَانِ الَّذِي الْتَزَمَهُ بِالْإِفْسَادِ فِي الْقَضَاءِ وَلَوْ أَفْرَدَهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِالْإِفْرَادِ، وَلَوْ فَاتَ الْقَارِنَ الْحَجُّ لِفَوَاتِ الْوُقُوفِ فَاتَتْ الْعُمْرَةُ تَبَعًا لَهُ وَلَزِمَهُ دَمَانِ دَمٌ لِلْفَوَاتِ وَدَمٌ لِأَجْلِ الْقِرَانِ وَفِي الْقَضَاءِ دَمٌ ثَالِثٌ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي كَالْأَدَاءِ. (الْخَامِسُ) مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ (اصْطِيَادُ كُلِّ) ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ وَهُوَ الْأَصْلِيُّ حَجًّا كَانَ أَوْ عُمْرَةً (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ فِي الْقَضَاءِ إلَخْ) قِيلَ وَكَأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِ الْقَاضِي يَلْزَمُ الْأَجِيرَ رِعَايَةُ زَمَنِ الْأَدَاءِ أَنَّ هَذَا حَقٌّ آدَمِيٌّ. وَرُدَّ بِأَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى وُقُوعِ الْقَضَاءِ لِلْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقَضَاءَ هُنَا مَعْنَاهُ) أَيْ الْمُرَادُ بِهِ مَعْنَاهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَرَجَتْ الْمَرْأَةُ لِقَضَاءِ نُسُكِهَا) أَيْ الَّذِي أَفْسَدَهُ الزَّوْجُ بِوَطْئِهِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا غَرَامَةٌ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَابُ مَا تَوَقَّفَ فِيهِ سَمِّ فِيمَا تَقَدَّمَ مِمَّا حَاصِلُهُ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ مُخْتَارَةً فَهِيَ مُقَصِّرَةٌ فَلَا شَيْءَ عَلَى الزَّوْجِ وَإِنْ كَانَتْ مُكْرَهَةً لَمْ يَفْسُدْ حَجُّهَا. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنْ تَخْتَارَ الْأَوَّلَ، وَنَقُولُ هَذِهِ الْغَرَامَةُ لَمَّا نَشَأَتْ مِنْ الْجِمَاعِ الَّذِي هُوَ فِعْلُهُ لَزِمَتْهُ، وَهَذَا قَرِيبٌ مِنْ لُزُومِ الزَّوْجِ مَاءُ غُسْلِهَا مِنْ الْجَنَابَةِ حَيْثُ حَصَلَتْ بِجِمَاعِهِ (قَوْلُهُ: وَافْتِرَاقُهُمَا فِي مَكَانِ الْجِمَاعِ) أَيْ الْمُفْسِدِ لِلْحَجِّ الْأَوَّلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ سُلُوكُ طَرِيقِ الْأَدَاءِ) لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْمَسْأَلَةِ قَبْلَهُ بَلْ هُوَ رَاجِعٌ لِأَصْلِ الْحُكْمِ: أَيْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ إلَّا إنْ سَلَكَ فِيهِ غَيْرَ طَرِيقِ الْأَدَاءِ إلَخْ أَنَّ لَهُ أَنْ يَسْلُكَ فِي الْقَضَاءِ غَيْرَ طَرِيقِ الْأَدَاءِ، لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ قَدْرِ مَسَافَتِهِ (قَوْلُهُ مِنْ قَدْرِ مَسَافَتِهِ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ جَاوَزَ فِي الْأَدَاءِ الْمِيقَاتَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: كَأَنْ يَأْتِيَ بِالْعُمْرَةِ عَقِبَ التَّحَلُّلِ) الْكَافُ بِالنِّسْبَةِ لِلْعُمْرَةِ اسْتِقْصَائِيَّةٌ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَنْتَهِي بِوَقْتِ الْفَوَاتِ إلَخْ) هُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ قَضَاهُ مِنْ قَابِلٍ وَالْمُدَّعَى أَعَمُّ كَمَا مَرَّ.

صَيْدٍ (مَأْكُولٍ بَرِّيٍّ) مِنْ طَيْرٍ أَوْ غَيْرِهِ كَبَقَرِ وَحْشٍ وَجَرَادٍ وَكَذَا إوَزٍّ، لَكِنْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَالْبَطُّ الَّذِي لَا يَطِيرُ مِنْ الْإِوَزِّ لَا جَزَاءَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِصَيْدٍ (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَكَذَا مُتَوَلِّدٌ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَأْكُولِ الْبَرِّيِّ الْوَحْشِيِّ بِأَنْ يَكُونَ مِنْ أَحَدِ أُصُولِهِ وَإِنْ بَعُدَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ (وَمِنْ غَيْرِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَمُتَوَلِّدٍ بَيْنَ حِمَارٍ وَحْشِيٍّ وَحِمَارٍ أَهْلِيٍّ وَبَيْنَ شَاةٍ وَظَبْيٍ أَوْ بَيْنَ ضَبُعٍ وَذِئْبٍ؛ لِأَنَّهُ الِاحْتِيَاطُ، وَمِنْ ثَمَّ غَلَبَ حُكْمُ الْبَرِّ فِيمَا لَوْ كَانَ يَعِيشُ فِيهِ وَفِي الْبَحْرِ كَمَا يَأْتِي، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ فِي الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ الزَّكَوِيِّ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ الْمُوَاسَاةِ، وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ الْبَحْرِيُّ وَهُوَ مَا لَا يَعِيشُ إلَّا فِي الْبَحْرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} [المائدة: 96] وَلَوْ كَانَ الْبَحْرُ فِي الْحَرَمِ، وَكَالْبَحْرِ الْغَدِيرِ وَالْبِئْرِ وَالْعَيْنِ إذْ الْمُرَادُ بِهِ الْمَاءُ، فَإِنْ عَاشَ فِي الْبَرِّ أَيْضًا فَبَرِّيٌّ كَطَيْرِهِ الَّذِي يَغُوصُ فِيهِ إذْ لَوْ تُرِكَ فِيهِ لَهَلَكَ، وَالْإِنْسِيُّ كَنَعَمٍ وَإِنْ تَوَحَّشَ إذْ لَا يُسَمَّى صَيْدًا وَغَيْرُ الْمَأْكُولِ، وَالْمُتَوَلِّدُ مِنْ ذَلِكَ مِنْهُ مَا هُوَ مُؤْذٍ طَبْعًا فَيُنْدَبُ قَتْلُهُ كَالْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ فَقَدْ صَحَّ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَتْلِ خَمْسٍ فَوَاسِقَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ: الْغُرَابُ الَّذِي لَا يُؤْكَلُ وَالْحِدَأَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ، وَأُلْحِقَ بِهَا الْأَسَدُ وَالنَّمِرُ وَالذِّئْبُ وَالدُّبُّ وَالنَّسْرُ وَالْعُقَابُ وَالْبُرْغُوثُ وَالْبَقُّ وَالزُّنْبُورُ وَكُلُّ مُؤْذٍ. وَلَا يُكْرَهُ تَنْحِيَةُ قَمْلٍ عَنْ بَدَنِ مُحْرِمٍ أَوْ ثِيَابِهِ، بَلْ بَحَثَ بَعْضُهُمْ سَنَّ قَتْلِهِ كَالْبُرْغُوثِ، نَعَمْ قُمَّلُ رَأْسِهِ أَوْ لِحْيَتِهِ يُكْرَهُ التَّعَرُّضُ لَهُ لِئَلَّا يَنْتِفَ الشَّعْرَ، فَإِنْ قَتَلَهُ فَدَى الْوَاحِدَةَ وَلَوْ بِلُقْمَةٍ نَدْبًا وَقَوْلُهُمْ لَا يُكْرَهُ تَنْحِيَتُهُ صَرِيحٌ فِي جَوَازِ رَمْيِهِ حَيًّا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَسْجِدٍ وَكَالْقَمْلِ الصِّئْبَانِ وَهُوَ بِيضُهُ، وَمِنْهُ مَا يَنْفَعُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَكَذَا إوَزٌّ) مُعْتَمَدٌ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْبَطِّ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ الْمُوَاسَاةِ) أَيْ وَمَا هُنَا مِنْ بَابِ ضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ (قَوْلُهُ: إذْ لَوْ تُرِكَ فِيهِ لَهَلَكَ) يُتَأَمَّلْ قَوْلُهُ إذْ لَوْ تُرِكَ فِيهِ إلَخْ، فَإِنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ الَّذِي يَعِيشُ فِيهِمَا أَنَّهُ إذَا تُرِكَ فِي أَحَدِهِمَا عَلَى الدَّوَامِ اسْتَمَرَّ حَيًّا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ يَعِيشُ فِيهِ أَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِأَنَّهُ إذَا نَزَلَ الْمَاءَ لَا يُسْرِعُ إلَيْهِ الْمَوْتُ كَغَيْرِهِ مِنْ الطُّيُورِ بَلْ يَمْكُثُ مُدَّةً لَا يَلْحَقُهُ ضَرَرٌ بِهَا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ إذَا تُرِكَ فِيهِ دَائِمًا يَمُوتُ (قَوْلُهُ: وَالْإِنْسِيُّ كَنَعَمٍ) دَخَلَ فِيهِ الْبَقَرُ (بِنَوْعَيْهِ قَوْلُهُ وَغَيْرُ الْمَأْكُولِ) إنَّمَا أَخْرَجَ غَيْرَ الْمَأْكُولِ مِنْ الْأَقْسَامِ الْآتِيَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِهَا لِلْعِلْمِ بِحُكْمِهِ مِمَّا مَرَّ وَهُوَ حُرْمَةُ التَّعَرُّضِ لَهُ إنْ تَوَلَّدَ بَيْنَ بَرِّيٍّ وَوَحْشِيٍّ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ، فَكَانَ الْأَوْلَى عَدَمَ ذِكْرِهِ (قَوْلُهُ: وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ) عِبَارَةُ حَجّ: بَلْ يَجِبُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَتْلُ الْعَقُورِ اهـ. وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ حَجّ عَلَى حَالَةِ الصِّيَالِ فَيُوَافِقَ مَا أَفْتَى بِهِ مَرَّ (قَوْلُهُ: وَكُلُّ مُؤْذٍ) وَمِنْهُ الْقَمْلُ فَيُنْدَبُ قَتْلُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يُكْرَهُ تَنْحِيَةُ قَمْلٍ عَنْ بَدَنِ مُحْرِمٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِمَحَلٍّ كَثُرَ شَعْرُهُ كَالْعَانَةِ وَالصَّدْرِ وَالْإِبْطِ، وَقِيَاسُ الْكَرَاهَةِ فِي شَعْرِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ الْكَرَاهَةُ هُنَا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ هَذَا يَنْدُرُ انْتِتَافُهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بَلْ بَحَثَ بَعْضُهُمْ) جَزَمَ بِهِ حَجّ (قَوْلُهُ: صَرِيحٌ فِي جَوَازِ رَمْيِهِ حَيًّا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَسْجِدٍ) أَيْ وَهُوَ كَذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مَأْكُولٍ بَرِّيٍّ) أَوْ وَحْشِيٍّ وَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ ذِكْرِ الِاصْطِيَادِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ حَجّ وَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَهُ لِيَتَأَتَّى لَهُ ذِكْرُ مَفْهُومِهِ الْآتِي (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَطُّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِمْدَادِ كَالْقُوتِ وَكَذَا إوَزٌّ، لَكِنْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنْ نَهَضَ بِجَنَاحِهِ وَإِلَّا فَكَالدَّجَاجِ قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَهُوَ الْقِيَاسُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَالْبَطُّ الَّذِي لَا يَطِيرُ مِنْ الْإِوَزِّ لَا جَزَاءَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِصَيْدٍ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ غَلَبَ حُكْمُ الْبَرِّ فِيمَا لَوْ كَانَ يَعِيشُ فِيهِ وَفِي الْبَحْرِ) اُنْظُرْ مَعَ مَا يَأْتِي فِي الْأَطْعِمَةِ مِنْ أَنَّ مَا يَعِيشُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ غَيْرُ مَأْكُولٍ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ هُنَا مِنْ حَيَوَانِ الْبَرِّ فَلْيُنْظَرْ مَا صُورَتُهُ وَسَيَأْتِي مَا فِي طَيْرِ الْمَاءِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: وَغَيْرُ الْمَأْكُولِ وَالْمُتَوَلَّدِ مِنْهُ) أَيْ وَخَرَجَ ذَلِكَ أَيْضًا، وَقَوْلُهُ مِنْهُ مَا هُوَ مُؤْذٍ إلَخْ لَعَلَّهُ سَقَطَ قَبْلَ لَفْظِ فَإِنَّ مِنْ النُّسَّاخِ. وَعِبَارَةُ الْإِمْدَادِ: وَغَيْرُ الْمَأْكُولِ وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ فَإِنَّ مِنْهُ مَا هُوَ مُؤْذٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالْمُتَوَلِّدُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ غَيْرِ الْمَأْكُولِ بِأَنْ كَانَ كُلٌّ مِنْ أَبَوَيْهِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَسْجِدٍ)

وَيَطِيرُ كَصَقْرٍ وَبَازٍ فَلَا يُسَنُّ قَتْلُهُ وَلَا يُكْرَهُ، وَمِنْهُ مَا لَا يَظْهَرُ فِيهِ نَفْعٌ وَلَا ضَرَرَ كَخَنَافِسَ وَجِعْلَانٍ وَسَرَطَانٍ وَرَخَمَةٍ فَيُكْرَهُ قَتْلُهُ، وَيَحْرُمُ قَتْلُ النَّمْلِ السُّلَيْمَانِيِّ وَالنَّحْلِ وَالْخُطَّافِ وَالضُّفْدُعُ وَالْهُدْهُدُ وَالْقِرْدُ، أَمَّا غَيْرُ السُّلَيْمَانِيِّ وَهُوَ الصَّغِيرُ الْمُسَمَّى بِالذَّرِّ فَيَجُوزُ قَتْلُهُ بِغَيْرِ الْإِحْرَاقِ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَالْخَطَّابِيِّ، وَكَذَا بِالْإِحْرَاقِ إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِدَفْعِهِ، وَخَرَجَ مَا تَوَلَّدَ بَيْنَ وَحْشِيٍّ غَيْرِ مَأْكُولٍ وَإِنْسِيٍّ مَأْكُولٍ كَمُتَوَلِّدٍ بَيْنَ ذِئْبٍ وَشَاةٍ، وَمَا تَوَلَّدَ بَيْنَ غَيْرِ مَأْكُولَيْنِ أَحَدُهُمَا وَحْشِيٍّ كَمُتَوَلِّدٍ بَيْنَ حِمَارٍ وَذِئْبٍ فَلَا يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لِشَيْءٍ مِنْهَا، وَالْمَشْكُوكِ فِي تَوَحُّشِهِ أَوْ أَكْلِهِ أَوْ أَكَلَ أَوْ تَوَحَّشَ أَحَدُ أُصُولِهِ نَعَمْ يُنْدَبُ فِدَاؤُهُ (وَكَذَا يَحْرُمُ ذَلِكَ) الِاصْطِيَادُ الْمَذْكُورُ (فِي الْحَرَمِ عَنْ الْحَلَالِ) وَلَوْ كَافِرًا مُلْتَزِمًا لِلْإِجْمَاعِ الْمُسْتَنِدِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ} [المائدة: 96] أَيْ أَخْذُهُ " مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَلِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ «إنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ، لَا يُعْضَدُ شَجَرُهُ وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ» الْحَدِيثَ، وَقِيسَ بِمَكَّةَ بَاقِي الْحَرَمِ وَبِالتَّنْفِيرِ غَيْرُهُ مِنْ نَحْوِ الْإِمْسَاكِ وَالْجَرْحِ بِالْأَوْلَى. (فَإِنْ أَتْلَفَ) مَنْ حَرُمَ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ (صَيْدًا) مِمَّا ذُكِرَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا (ضَمِنَهُ) بِمَا يَأْتِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا} [المائدة: 95] الْآيَةَ، وَقِيسَ بِالْمُحْرِمِ الْحَلَالِ فِي الْحَرَمِ، وَلَا فَرْقَ فِي الضَّمَانِ بَيْنَ النَّاسِي لِلْإِحْرَامِ أَوْ كَوْنِهِ فِي الْحَرَمِ وَجَاهِلِ الْحُرْمَةِ وَإِنْ عُذِرَ بِقُرْبِ إسْلَامٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَقَيَّدَ الْمُتَعَمِّدَ فِي الْآيَةِ وَمِنْكُمْ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَيَحْرُمَ التَّعَرُّضُ لِشَيْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ مِنْ لَبَنٍ وَبَيْضٍ وَشَعْرٍ وَيَضْمَنُهَا بِالْقِيمَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ فِي وَرَقِ شَجَرِ الْحَرَمِ جَزَاءً؛ لِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ الشَّجَرَ، وَجَزُّ الشَّعْرِ يَضُرُّ الْحَيَوَانَ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ، وَلَوْ حَصَلَ مَعَ تَعَرُّضِهِ لِنَحْوِ اللَّبَنِ نَقْصٌ فِي الصَّيْدِ ضَمِنَهُ أَيْضًا، فَقَدْ سُئِلَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّنْ حَلَبَ عَنْزًا مِنْ الظِّبَاءِ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ: تَقُومُ الْعَنْزُ بِلَبَنٍ وَبِلَا لَبَنٍ وَيَنْظُرُ نَقْصَ مَا بَيْنَهُمَا فَيَتَصَدَّقُ بِهِ وَهَذَا النَّصُّ لَا يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ الضَّمَانِ بِحَالَةِ النَّقْصِ كَمَا فَهِمَهُ الْإِسْنَوِيُّ بَلْ هُوَ لِبَيَانِ كَيْفِيَّةِ التَّقْوِيمِ وَمَعْرِفَةِ الْمَغْرُومِ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى مَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ فِيمَا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُسَنُّ قَتْلُهُ وَلَا يُكْرَهُ) أَيْ فَيَكُونُ مُبَاحًا (قَوْلُهُ: فَيُكْرَهُ قَتْلُهُ) قَضِيَّتُهُ جَوَازُ قَتْلِ الْكَلْبِ الَّذِي لَا نَفْعَ فِيهِ وَلَا ضَرَرَ، وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الشَّارِحِ حُرْمَةُ قَتْلِهِ، وَعِبَارَتُهُ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ نَصُّهَا: وَخَرَجَ بِالْمُحْتَرَمِ الْحَرْبِيُّ وَالْمُرْتَدُّ وَالزَّانِي الْمُحْصَنُ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ، وَأَمَّا غَيْرُ الْعَقُورِ فَمُحْتَرَمٌ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَمِثْلُ غَيْرِ الْعَقُورِ الْهِرَّةُ فَيَحْرُمُ قَتْلُهَا (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ قَتْلُ النَّمْلِ السُّلَيْمَانِيِّ) هَذَا الْقِسْمُ لَمْ يُجْعَلُ لَهُ ضَابِطًا يُعْلَمُ مِنْهُ كُلُّ مَا يَحْرُمُ، بَلْ قَضِيَّةُ التَّقْسِيمِ السَّابِقِ عَدَمُ حُرْمَةِ قَتْلِ مَا ذُكِرَ إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُ لَا نَفْعَ فِيهِ وَلَا ضَرَرَ وَقَدْ جَعَلَ قَتْلَهُ مَكْرُوهًا (قَوْلُهُ: وَالْخُطَّافِ) أَيْ الْمُسَمَّى بِعُصْفُورِ الْجَنَّةِ (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ قَتْلُهُ) بَلْ يُنْدَبُ لِكَوْنِهِ مِنْ الْمُؤْذِيَاتِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُنْدَبُ فِدَاؤُهُ) أَيْ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ لَهُ مِثْلٌ وَإِلَّا فَبِقِيمَتِهِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: لَا يُعْضَدُ شَجَرُهُ) أَيْ لَا يُقْطَعُ، قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: يُقَالُ عَضَدَ الشَّجَرَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ قَطَعَهُ وَعَضَّدَهُ مِنْ بَابِ نَصَرَ أَعَانَهُ. (قَوْلُهُ: وَيَضْمَنُهَا بِالْقِيمَةِ) هَذَا وَاضِحٌ فِيمَا لَهُ قِيمَةٌ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ هَلْ تَسْقُطُ أَوْ لَا؟ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ قِيمَتُهُ فِي مَحَلِّ الْإِتْلَافِ وَزَمَانِهِ (قَوْلُهُ: وَمَعْرِفَةُ الْمَغْرُومِ) أَيْ فَلَوْ لَمْ تَنْقُصْ الْأُمُّ قُوِّمَ اللَّبَنُ مُسْتَقِلًّا وَغَرِمَ قِيمَتَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQلَيْسَ مِنْ جُمْلَةِ مَا صَرَّحَ بِهِ كَلَامُهُمْ الْمَذْكُورُ وَإِنَّمَا هُوَ تَقْيِيدٌ لَهُ مِنْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: لِلْإِجْمَاعِ الْمُسْتَنِدِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: 96] إلَخْ) هُوَ دَلِيلٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا مَرَّ الْخَامِسُ اصْطِيَادُ كُلِّ مَأْكُولٍ إلَخْ، وَقَوْلُهُ لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ دَلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَيَحْرُمُ ذَلِكَ فِي الْحَرَمِ عَلَى الْحَلَالِ. (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ} [المائدة: 95] إلَخْ) لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ لِلْحَلَالِ بِالْحَرَمِ، فَهُوَ إنَّمَا قِيسَ عَلَى الْمُحْرِمِ كَمَا يَأْتِي وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِهِ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَمِنْكُمْ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ) أَيْ وَإِلَّا فَالْكَافِرُ حُكْمُهُ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ، وَصَرَّحَ الشِّهَابُ حَجّ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ كَالشَّارِحِ وَمِنْكُمْ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ

وَمَحَلُّ ضَمَانِ الْبَيْضِ مَا لَمْ يَكُنْ مَذَرًا أَوْ مَذَرًا مِنْ النَّعَامِ، وَإِنْ كَانَ مَذَرًا مِنْهُ ضَمِنَ قِشْرَهُ؛ لِأَنَّ لَهُ قِيمَةً إذْ يُنْتَفَعُ بِهِ، بِخِلَافِ الْمَذَرِ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَوْ كَسَرَهُ عَنْ فَرْخٍ فَمَاتَ وَجَبَ مِثْلُهُ مِنْ النَّعَمِ أَوْ طَارَ وَسَلِمَ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ، وَلَوْ نَفَّرَهُ عَنْ بَيْضِهِ أَوْ أَحْضَنَ بَيْضَهُ دَجَاجَةٌ وَفَسَدَ بِبَعْضِ الصَّيْدِ ضَمِنَهُ حَتَّى لَوْ تَفَرَّخَ كَانَ مِنْ ضَمَانِهِ حَتَّى يَمْتَنِعَ، فَإِنْ كَانَ الصَّيْدُ مَمْلُوكًا لَزِمَهُ مَعَ الضَّمَانِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى الضَّمَانُ لِلْآدَمِيِّ وَإِنْ أَخَذَهُ مِنْهُ بِرِضَاهُ كَعَارِيَّةٍ، لَكِنَّ الْمَغْرُومَ لِحَقِّ اللَّهِ مَا يَأْتِي مِنْ الْمِثْلِ ثُمَّ الْقِيمَةِ، وَالْمَغْرُومُ لِحَقِّ الْآدَمِيِّ الْقِيمَةُ مُطْلَقًا. وَقَدْ أَلْغَزَ ابْنُ الْوَرْدِيِّ بِذَلِكَ فَقَالَ: عِنْدِي سُؤَالٌ حَسَنٌ مُسْتَظْرَفٌ ... فَرْعٌ عَلَى أَصْلَيْنِ قَدْ تَفَرَّعَا قَابِضُ شَيْءٍ بِرِضَا مَالِكِهِ ... وَيَضْمَنُ الْقِيمَةَ وَالْمِثْلَ مَعًا وَخَرَجَ بِمَا مَرَّ الصَّيْدُ الْمَمْلُوكُ فِي الْحَرَمِ بِأَنْ صَادَهُ فِي الْحِلِّ فَمَلَكَهُ ثُمَّ دَخَلَ بِهِ الْحَرَمَ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى حَلَالٍ، التَّعَرُّضُ لَهُ بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ أَكْلٍ أَوْ ذَبْحٍ، بِخِلَافِ الْمُحْرِمِ لِإِحْرَامِهِ، وَيَزُولُ مِلْكُ الْمُحْرِمِ عَنْ صَيْدٍ أَحْرَمَ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ بِإِحْرَامِهِ فَيَلْزَمُهُ إرْسَالُهُ، وَإِنْ تَحَلَّلَ حَتَّى لَوْ قَتَلَهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ ضَمِنَهُ وَيَصِيرُ مُبَاحًا فَلَا غُرْمَ لَهُ إذَا قَتَلَ أَوْ أَرْسَلَ، وَمَنْ أَخَذَهُ وَلَوْ قَبْلَ إرْسَالِهِ وَلَيْسَ مُحْرِمًا مَلَكَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ لِلدَّوَامِ فَتَحْرُمُ اسْتِدَامَتُهُ كَاللِّبَاسِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَلَوْ مَاتَ فِي يَدِهِ ضَمِنَهُ وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إرْسَالِهِ إذَا كَانَ يُمْكِنُهُ إرْسَالُهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، وَلَوْ أَحْرَمَ أَحَدُ مَالِكَيْهِ تَعَذَّرَ إرْسَالُهُ فَيَلْزَمُهُ رَفْعُ يَدِهِ عَنْهُ. قَالَ الْإِمَامُ: وَلَمْ يُوجِبُوا عَلَيْهِ السَّعْيَ فِي مِلْكِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ لِيُطْلِقَهُ لَكِنْ تَرَدَّدُوا فِي أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ هَلْ يَضْمَنُ نَصِيبَهُ اهـ. تَرَدَّدَ الزَّرْكَشِيُّ فِيمَا لَوْ كَانَ يَمْلِكُ الصَّبِيُّ صَيْدًا هَلْ يَلْزَمُ الْوَلِيَّ إرْسَالُهُ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ كَمَا يَغْرَمُ قِيمَةَ النَّفَقَةِ الزَّائِدَةِ بِالسَّفَرِ؟ وَالْأَوْجَهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ مَحْظُورَاتِ إحْرَامِهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إرْسَالُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مَذَرًا مِنْهُ) أَيْ مِنْ النَّعَامِ (قَوْلُهُ: أَوْ طَارَ وَسَلِمَ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ) أَيْ بَدَلَ الْفَرْخِ أَمَّا الْبَيْضُ فَإِنْ كَانَ مِنْ النَّعَامِ ضَرَّ قِشْرَهُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَمْتَنِعَ) أَيْ يَسْتَقِلَّ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ فَرْعٌ عَلَى أَصْلَيْنِ) أَيْ قَاعِدَتَيْنِ (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ قَتَلَهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ) وَانْظُرْ هَلْ يَصِيرُ مَيْتَةً كَمَذْبُوحِ الْمُحْرِمِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِانْتِفَاءِ إحْرَامِ الذَّابِحِ وَكَوْنِ الصَّيْدِ لَيْسَ حَرَمِيًّا (قَوْلُهُ: فَتَحْرُمُ اسْتِدَامَتُهُ) أَيْ بِإِحْرَامِ مَالِكِهِ فَلَا غُرْمَ بِإِرْسَالِ غَيْرِهِ لَهُ أَوْ قَتْلِهِ (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ رَفْعُ يَدِهِ عَنْهُ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَالْقِيَاسُ أَنَّ الشَّرِيكَ غَيْرَ الْمُحْرِمِ لَهُ الِاسْتِيلَاءُ عَلَيْهِ بِتَمَامِهِ فَيَمْلِكُهُ وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ بِمَا أَرَادَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ وَمَنْ أَخَذَهُ وَلَوْ قَبْلَ إرْسَالِهِ وَلَيْسَ مُحْرِمًا مَلَكَهُ وَأَمَّا لَوْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ غَيْرُ الشَّرِيكِ فَيَصِيرُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّرِيكِ الْقَدِيمِ (قَوْلُهُ فِي مِلْكِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ) بِأَنْ يَتَمَلَّكَهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ لِيُطْلِقَهُ) أَيْ مَالِكُهُ (قَوْلُهُ: هَلْ يَضْمَنُ نَصِيبَهُ) الظَّاهِرُ عَدَمُ الضَّمَانِ لِعَدَمِ اسْتِيلَائِهِ عَلَى حِصَّةِ شَرِيكِهِ لَكِنْ قَالَ سَمِّ عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ: وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ تَرْجِيحُهُ مِنْهُ أَخْذًا مِمَّا قَرَّرْته آنِفًا أَنَّهُ يَضْمَنُ نَصِيبَهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ إزَالَةُ مِلْكِهِ عَنْ نَصِيبِهِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، وَتَعْبِيرُ الْإِمَامِ بِلُزُومِ الدَّفْعِ يَقْتَضِي ذَلِكَ، إذْ الْأَصْلُ فِي مُبَاشَرَةِ مَا لَا يَجُوزُ الْفِدْيَةُ، وَلَا نَظَرَ لِمَا ذَكَرَ مِنْ عَدَمِ تَأَتِّي إطْلَاقِ حِصَّتِهِ عَلَى مَا بَقِيَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ إزَالَةُ مِلْكِهِ عَنْ نَصِيبِهِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَلَوْ بِنَحْوِ وَقْفِهِ فَلَا يُقَالُ قَدْ لَا يَجِدُ مَنْ يَهَبُهُ لَهُ أَوْ يَرْضَى بِشِرَائِهِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُرْسِلْهُ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ فِي خُرُوجِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَكِنْ لَك مَنْعُهُ بِأَنَّ الْآيَةَ فِي خُصُوصِ الْمُحْرِمِ وَعَامَّةٌ فِي صَيْدِ الْحَرَمِ وَغَيْرِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَيَصِيرُ مُبَاحًا) يَعْنِي يَسْتَمِرُّ عَلَى إبَاحَتِهِ الْمُسْتَصْحَبَةِ مِنْ حَالِ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ لِلدَّوَامِ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ فَيَلْزَمُهُ إرْسَالُهُ

وَيَغْرَمُ قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُوَرِّطُ لَهُ فِي ذَلِكَ وَمَنْ مَاتَ عَنْ صَيْدٍ وَلَهُ قَرِيبٌ مُحْرِمٌ وَرِثَهُ كَمَا يَمْلِكُهُ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ إلَّا بِإِرْسَالِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَيَجِبُ إرْسَالُهُ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ، وَلَوْ بَاعَهُ صَحَّ وَضَمِنَ الْجَزَاءَ مَا لَمْ يُرْسِلْ حَتَّى لَوْ مَاتَ فِي يَدِ الْمُشْتَرَى لَزِمَ الْبَائِعَ الْجَزَاءُ، وَفَرَّقَ ابْنُ الْمُقْرِي بَيْنَ مَا كَانَ فِي مِلْكِهِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ حَيْثُ تَوَقَّفَ عَلَى الْإِرْسَالِ بِأَنَّهُ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ قَهْرًا بِالْإِرْثِ فَلَا يَزُولُ قَهْرًا، وَدُخُولُهُ فِي الْإِحْرَامِ رِضًا بِزَوَالِ مِلْكِهِ. وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ الْجَوْجَرِيُّ مِنْ كَوْنِ الْمَمْلُوكِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْإِرْثِ يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ بِالْإِحْرَامِ قَهْرًا مَعَ أَنَّهُ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ قَهْرًا، فَكَوْنُهُ فِي الْإِحْرَامِ لَا تَأْثِيرَ لَهُ، وَمِنْ أَنَّ دُخُولَهُ فِي الْإِحْرَامِ رِضًا بِزَوَالِ مِلْكِهِ عَمَّا فِي مِلْكِهِ وَعَمَّا سَيَمْلِكُهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ يُرَدُّ بِمَنْعِ مَا ذَكَرَهُ إذْ الِابْتِدَاءُ أَقْوَى مِنْ الدَّوَامِ، فَكَانَ ابْتِدَاءُ طُرُوُّ الْإِحْرَامِ عَلَى الْمَمْلُوكِ وَلَوْ بِالْإِرْثِ مُزِيلًا لِمِلْكِهِ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْهُ، بِخِلَافِ مَا تَجَدَّدَ حَالَ الْإِحْرَامِ بِنَحْوِ الْإِرْثِ فَإِنَّ الْإِحْرَامَ ضَعْفٌ عَنْ مَنْعِ دُخُولِهِ فِي الْمِلْكِ فَلْيَضْعُفَ عَنْ إزَالَةِ الْمِلْكِ بَعْدَ وُجُودِهِ بِالْأَوْلَى. وَقَوْلُهُ دُخُولُهُ فِي الْإِحْرَامِ إلَخْ مَمْنُوعٌ أَيْضًا إذْ مَا سَيَمْلِكُهُ غَيْرُ مُحَقَّقٍ وَلَا مَظْنُونٍ غَالِبًا فَلَا أَثَرَ لِهَذَا الرِّضَا إنْ سَلِمَ وُجُودُهُ، وَكَمَا مَنَعَ الْإِحْرَامُ دَوَامَ الْمِلْكِ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَهُ اخْتِيَارًا كَشِرَاءٍ وَهِبَةٍ وَقَبُولِ وَصِيَّةٍ وَحِينَئِذٍ فَيَضْمَنُهُ بِقَبْضٍ نَحْوَ شِرَاءٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ وَدِيعَةٍ لَا نَحْوَ هِبَةٍ، ثُمَّ إنْ أَرْسَلَهُ ضَمِنَ قِيمَتَهُ لِلْمَالِكِ وَسَقَطَ الْجَزَاءُ بِخِلَافِهِ فِي الْهِبَةِ لَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الْفَاسِدَ كَالصَّحِيحِ فِي الضَّمَانِ، وَالْهِبَةُ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ، وَإِنْ رَدَّهُ لِمَالِكِهِ سَقَطَتْ الْقِيمَةُ وَضَمِنَهُ بِالْجَزَاءِ حَتَّى يُرْسِلَهُ فَيَسْقُطَ ضَمَانُ الْجَزَاءِ، وَلَوْ بَاعَهُ ثُمَّ أَحْرَمَ ثُمَّ أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ لَكِنْ يَبْقَى حَقُّهُ حَتَّى يَتَحَلَّلَ فَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ فِيهِ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ فَيَكُونَ تَعَذُّرُ الرُّجُوعِ فِي الْحَالِ عُذْرًا فِي التَّأْخِيرِ، وَعَلَيْهِ لَوْ وَجَدَ الْمُحْرِمُ بِثَمَنِ الصَّيْدِ الَّذِي بَاعَهُ قَبْلُ عَيْبًا كَانَ لَهُ الرَّدُّ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ، وَشَرْطُ الضَّمَانِ فِيمَا مَرَّ بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا عَلَى خِلَافِ الْقَاعِدَةِ فِي خِطَابِ الْوَضْعِ كَوْنُ الصَّائِدِ مُمَيِّزًا لِيَخْرُجَ الْمَجْنُونُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالنَّائِمُ وَالطِّفْلُ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ، وَمَنْ انْقَلَبَ عَلَى فَرْخٍ وَضَعَهُ الصَّيْدُ فِي فِرَاشِهِ جَاهِلًا بِهِ وَأَتْلَفَهُ. وَالسَّبَبُ فِي خُرُوجِ ذَلِكَ عَنْ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّهُ حَقُّ اللَّه تَعَالَى فَفَرَّقَ بَيْنَ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ التَّمْيِيزِ وَغَيْرِهِ، وَمَعْنَى كَوْنِهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى: أَيْ أَصَالَةً وَفِي بَعْضِ حَالَاتِهِ، إذْ مِنْهَا الصِّيَامُ فَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ الْفِدْيَةِ تُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ، ثُمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَنْ مِلْكِهِ بِالْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ مَاتَ) أَيْ شَخْصٌ غَيْرُ مُحْرِمٍ (قَوْلُهُ: وَرِثَهُ) أَيْ الْمُحْرِمُ (قَوْلُهُ: حَيْثُ تَوَقَّفَ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَتَوَقَّفْ زَوَالُ مِلْكِهِ عَلَى إرْسَالٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ حَيْثُ إلَخْ، وَلَعَلَّ فِي الْعِبَارَةِ سَقْطًا، وَالْأَصْلُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ حَيْثُ لَمْ يَتَوَقَّفْ زَوَالُ مِلْكِهِ عَلَى إرْسَالٍ وَبَيْنَ مَا دَخَلَ فِي مِلْكِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ (قَوْلُهُ: وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ) أَيْ عَلَى الْفَرْقِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ لَوْ وَجَدَ الْمُحْرِمُ بِثَمَنِ الصَّيْدِ) : أَيْ الْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ أَمَّا مَا فِي الذِّمَّةِ فَلَا يَتَوَقَّفُ رَدُّهُ عَلَى التَّحَلُّلِ، وَلَيْسَ رَدُّهُ فَوْرِيًّا؛ لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يُمْلَكُ إلَّا بِالتَّرَاضِي (قَوْلُهُ: وَضْعُهُ الصَّيْدَ فِي فِرَاشِهِ) أَيْ أَوْ وَقَعَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَفِي بَعْضِ حَالَاتِهِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كَيْفَ كَانَ الصَّيْدُ حَقًّا لِلَّهِ مَعَ أَنَّ بَدَلَهُ يُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ؟ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ وَجَبَ أَصَالَةً لِلَّهِ تَعَالَى وَقَدْ جَعَلَهُ الشَّارِعُ لِلْفُقَرَاءِ فَكَأَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِدَفْعِ مَا مَلَكَهُ لِلْفُقَرَاءِ، وَمِنْ ثَمَّ لَا يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِمْ كَالْوَكِيلِ فِي الْقَبْضِ إذَا أَسْقَطَ الدَّيْنَ عَنْ الْمَدِينِ، وَهَذَا الْجَوَابُ يَطَّرِدُ فِي كُلِّ مَا وَجَبَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَمَا لَوْ أَحْرَمَ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ) التَّشْبِيهُ فِي مُجَرَّدِ وُجُوبِ الْإِرْسَالِ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ مَاتَ فِي يَد الْمُشْتَرِي لَزِمَ الْبَائِعَ الْجَزَاءُ) كَأَنَّ هَذِهِ الْغَايَةَ بَيَانٌ لِلْمُرَادِ مِنْ الضَّمَانِ الْمَذْكُورِ قَبْلَهَا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ فَيَضْمَنُهُ بِقَبْضٍ بِنَحْوِ شِرَاءٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَإِنْ قَبَضَهُ بِشِرَاءٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ وَدِيعَةٍ لَا هِبَةٍ وَأَرْسَلَهُ ضَمِنَ قِيمَتَهُ لِلْمَالِكِ وَإِنْ رَدَّهُ لِمَالِكِهِ سَقَطَتْ الْقِيمَةُ لَا الْجَزَاءُ مَا لَمْ يُرْسِلْ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: بِثَمَنِ الصَّيْدِ) أَيْ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ: مِنْهَا الصِّيَامُ) بَيَانٌ لِبَعْضِ حَالَاتِهِ

ضَمَانُ السَّيِّدِ هُنَا: إمَّا بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ سَبَبٍ أَوْ وَضْعِ يَدٍ، فَالْأَوَّلُ كَالْقَتْلِ وَنَحْوِهِ، وَالثَّانِي هُوَ مَا أَثَّرَ فِي التَّلَفِ وَلَمْ يُحَصِّلْهُ فَيَضْمَنَ مَا تَلِفَ مِنْ الصَّيْدِ بِنَحْوِ صِيَاحِهِ أَوْ وُقُوعِ حَيَوَانٍ أَصَابَهُ سَهْمٌ عَلَيْهِ أَوْ وُقُوعِهِ بِشَبَكَةٍ نَصَبَهَا فِي الْحَرَمِ أَوْ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَإِنْ نَصَبَهَا بِمِلْكِهِ أَوْ وَقَعَ الصَّيْدُ بِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ بَعْدَ التَّحَلُّلِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ، قَالَ لِتَعَدِّيهِ حَالَ نَصْبِهَا، وَأَخَذَ مِنْهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ نَصَبَهَا بِغَيْرِ الْحَرَمِ وَهُوَ حَلَالٌ لَمْ يَضْمَنْ مَا تَلِفَ بِهَا وَإِنْ أَحْرَمَ؛ وَلَوْ أَرْسَلَ مُحْرِمٌ كَلْبًا مُعَلَّمًا عَلَى صَيْدٍ أَوْ حَلَّ رِبَاطَهُ وَالسَّيِّدُ حَاضِرٌ ثُمَّ أَوْ غَائِبٌ ثُمَّ ظَهَرَ فَقَتَلَهُ ضَمِنَ كَحَلَالٍ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الْحَرَمِ، وَكَذَا يَضْمَنُ لَوْ انْحَلَّ رِبَاطُهُ بِتَقْصِيرِهِ فِي الرَّبْطِ فَقَتَلَ صَيْدًا حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا ثُمَّ ظَهَرَ، وَفَارَقَ مَا ذُكِرَ عَدَمَ الضَّمَانِ بِإِرْسَالِ الْكَلْبِ لِقَتْلِ آدَمِيٍّ بِأَنَّ الْكَلْبَ مُعَلَّمٌ لِلِاصْطِيَادِ فَاصْطِيَادُهُ بِإِرْسَالِهِ كَاصْطِيَادِهِ بِنَفْسِهِ وَلَيْسَ مُعَلَّمًا لِقَتْلِ الْآدَمِيِّ فَلَمْ يَكُنْ الْقَتْلُ مَنْسُوبًا إلَى الْمُرْسِلِ بَلْ إلَى اخْتِيَارِ الْكَلْبِ، وَلِهَذَا لَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا غَيْرَ مُعَلَّمٍ عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَعَزَاهُ إلَى نَصِّهِ فِي الْإِمْلَاءِ، وَحَكَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ فَقَطْ، ثُمَّ قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَهُ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ اهـ. قَالَ فِي الْخَادِمِ: قَضِيَّةُ إطْلَاقِ غَيْرِهِمْ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْمُعَلَّمِ وَغَيْرِهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ كَلَامِ هَؤُلَاءِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْكَلْبُ ضَارِبًا، وَقَضِيَّةُ الْفَرْقِ السَّابِقِ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْكَلْبُ مُعَلَّمًا لِقَتْلِ الْآدَمِيِّ فَأُرْسِلَ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ ضَمِنَ كَالضَّارِي، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَوْ اسْتَرْسَلَ كَلْبٌ فَزَادَ عَدْوُهُ بِإِغْرَاءِ مُحْرِمٍ لَمْ يَضْمَنْهُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الِاسْتِرْسَالِ لَا يَنْقَطِعُ بِالْإِغْرَاءِ وَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ مِنْهُ بِحَفْرِ بِئْرٍ حَفَرَهَا وَهُوَ مُحْرِمٌ بِالْحِلِّ أَوْ الْحَرَمِ وَهُوَ مُتَعَدٍّ بِالْحَفْرِ كَأَنْ حَفَرَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ، أَوْ وَهُوَ حَلَالٌ فِي الْحَرَمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا بِهِ كَأَنْ حَفَرَهَا بِمِلْكِهِ، أَوْ مَوَاتٍ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْحَرَمِ لَا تَخْتَلِفُ فَصَارَ كَنَصْبِ شَبَكَةٍ فِيهِ فِي مِلْكِهِ، بِخِلَافِ حُرْمَةِ الْمُحْرِمِ فَلَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ مِنْ ذَلِكَ بِمَا حَفَرَهُ خَارِجَ الْحَرَمِ بِغَيْرِ عُدْوَانٍ كَمَا لَوْ تَلِفَ بِهِ بَهِيمَةٌ أَوْ آدَمِيٌّ، وَلَوْ دَلَّ الْمُحْرِمُ آخَرَ عَلَى صَيْدٍ لَيْسَ فِي يَدِهِ فَقَتَلَهُ أَوْ أَعَانَهُ بِآلَةٍ أَوْ نَحْوِهَا أَثِمَ وَلَا ضَمَانَ، أَوْ بِيَدِهِ وَالْقَاتِلُ حَلَالٌ ضَمِنَ الْمُحْرِمُ؛ لِأَنَّ حِفْظَهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْقَاتِلِ، وَلَوْ رَمَاهُ قَبْلَ إحْرَامِهِ فَأَصَابَهُ بَعْدَهُ أَوْ عَكْسٌ ضَمِنَ تَغْلِيبًا الْإِحْرَامِ فِيهِمَا وَإِنَّمَا أُهْدِرَ مُسْلِمٌ رَمَاهُ فَارْتَدَّ لِتَقْصِيرِهِ، وَلَوْ رَمَى صَيْدًا فَنَفَذَ مِنْهُ إلَى صَيْدٍ آخَرَ ضَمِنَهُمَا وَالثَّالِثُ التَّعَدِّي ـــــــــــــــــــــــــــــSلِلَّهِ تَعَالَى مِنْ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ وَغَيْرِهِمَا. (قَوْلُهُ: إمَّا بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ سَبَبٍ) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الشَّرْطَ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَمْسَكَهُ مُحْرِمٌ حَتَّى قَتَلَهُ حَلَالٌ لَزِمَهُ الْجَزَاءُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِهِ عَلَى الْقَاتِلِ (قَوْلُهُ: أَصَابَهُ) صِفَةُ حَيَوَانٍ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ: أَيْ عَلَى الصَّيْدِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ نَصَبَهَا بِغَيْرِ الْحَرَمِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ صَاحَ لِدَفْعِ صَائِلٍ مَثَلًا فَمَاتَ صَيْدٌ أَوْ رَمَى سَهْمًا لِبَعِيرٍ نَدَّ فَوَقَعَ الْبَعِيرُ عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَهُ عَدَمُ الضَّمَانِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ وُقُوعُ حَيَوَانٍ أَصَابَهُ سَهْمٌ عَلَيْهِ أَنَّ تِلْكَ مُصَوَّرَةٌ بِمَا إذَا تَعَدَّى الْمُحْرِمُ بِرَمْيِ الْحَيَوَانِ بِالسَّهْمِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَلَوْ تَلِفَ بِهِ فِي نِفَارِهِ صَيْدٌ ضَمِنَهُ أَيْضًا، بِخِلَافِ هَذِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ فِيهَا بِرَمْيِ السَّهْمِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَحْرَمَ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: فَقَتَلَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَعَزَاهُ إلَى نَصِّهِ) أَيْ الشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَرْسَلَ كَلْبٌ) أَيْ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ أَثِمَ وَلَا ضَمَانَ) عَلَى الدَّالِّ وَالْمُعِينِ. وَأَمَّا الْمَدْلُولُ وَالْمُعَانُ، فَإِنْ كَانَ مُحْرِمًا ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: أَوْ بِيَدِهِ) أَيْ الدَّالِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ سَبَبٍ) مُرَادُهُ بِهِ مَا يَشْمَلُ الشَّرْطَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ أَمْثِلَتِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُتَعَدٍّ) مَفْهُومُهُ سِيَّمَا مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي فِي الْحَلَالِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا أَنَّهُ إنْ كَانَ مُحْرِمًا وَحَفَرَ فِي الْحَرَمِ لَا يَضْمَنُ إلَّا إذَا كَانَ مُتَعَدِّيًا وَلَيْسَ مُرَادًا إذْ كَيْفَ يَضْمَنُ الْحَلَالُ بِالْحَفْرِ فِي الْحَرَمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا وَلَا يَضْمَنُ الْمُحْرِمُ بِالْحَفْرِ فِي الْحَرَمِ إلَّا مَعَ التَّعَدِّي مَعَ تَعَدُّدِ الْمُقْتَضِي فِيهِ وَسَيَأْتِي

بِوَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهِ فَيَضْمَنَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ بِتَلَفٍ حَصَلَ لَهُ وَهُوَ فِي يَدِهِ وَلَوْ بِنَحْوِ وَدِيعَةٍ كَالْغَاصِبِ أَوْ بِمَا فِي يَدِهِ كَأَنْ تَلِفَ بِنَحْوِ رَفْسِ مَرْكُوبِهِ كَمَا لَوْ هَلَكَ بِهِ آدَمِيٌّ أَوْ بَهِيمَةٌ، وَلَوْ كَانَ مَعَ الرَّاكِبِ سَائِقٌ وَقَائِدٌ فَالْأَوْجَهُ اخْتِصَاصُ الضَّمَانِ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْيَدَ لَهُ، وَلَا يَضْمَنَ مَا تَلِفَ بِإِتْلَافِ بَعِيرِهِ وَإِنْ فَرَّطَ أَخْذًا مِمَّا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَأَقَرَّهُ، أَنَّهُ لَوْ حَمَلَ مَا يُصَادُ بِهِ فَانْفَلَتَ بِنَفْسِهِ وَقُتِلَ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ فَرَّطَ وَفَارَقَ انْحِلَالَ رِبَاطِ الْكَلْبِ بِتَقْصِيرِهِ بِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الرَّبْطِ غَالِبًا دَفْعُ الْأَذَى فَإِذَا انْحَلَّ بِتَقْصِيرِهِ فَوَّتَ الْغَرَضَ بِخِلَافِ حَمْلِهِ، وَلَوْ رَمَاهُ بِسَهْمٍ فَأَخْطَأَهُ أَوْ أَرْسَلَ عَلَيْهِ كَلْبًا فَلَمْ يَقْتُلْهُ أَثِمَ وَلَا جَزَاءَ، وَلَوْ كَانَ الْمُتْلِفُ لِمَا فِي يَدِ الْمُحْرِمِ مُحْرِمًا ضَمِنَ وَكَانَ ذُو الْيَدِ طَرِيقًا عَلَى الْأَصَحِّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ حَلَالًا فَإِنَّ الضَّامِنَ وَهُوَ ذُو الْيَدِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُتْلِفِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ ضَمَانِ الصَّيْدِ وَلَوْ أُكْرِهَ مُحْرِمٌ عَلَى قَتْلِهِ ضَمِنَهُ وَرَجَعَ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى مُكْرِهِهِ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ فِي يَدِهِ إنْ كَانَ أَخَذَهُ لِغَيْرِ مَصْلَحَةِ الصَّيْدِ لَا إنْ أَخَذَهُ لِمَصْلَحَتِهِ كَمُدَاوَاتِهِ أَوْ تَخْلِيصِهِ مِنْ نَحْوِ سَبُعٍ أَوْ هِرَّةٍ اخْتَطَفَتْهُ فَمَاتَ فِي يَدِهِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: لِأَنَّهُ قَصَدَ الْمَصْلَحَةَ فَجُعِلَتْ يَدُهُ يَدَ وَدِيعَةٍ كَمَا لَوْ أَخَذَ الْمَغْصُوبُ مِنْ الْغَاصِبِ لِيَرُدَّهُ إلَى مَالِكِهِ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ وَكَانَ الْغَاصِبُ حَرْبِيًّا أَوْ رَقِيقًا لِلْمَالِكِ، وَلَا يُنَافَى هَذَا قَوْلَهُمَا أَنَّ الْوَدِيعَ يَضْمَنُ كَمَا مَرَّ، إذْ مَعْنَى هَذَا أَنَّ قَصْدَهُ مَصْلَحَةَ الصَّيْدِ أَخْرَجَ الْيَدَ عَنْ وَضْعِهَا الْأَصْلِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَلْحَقَهَا بِيَدِ الْوَدِيعِ الْمَبْحُوثِ عَنْهَا فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ، فَلَيْسَ مَعْنَى قَوْلِ الرَّافِعِيِّ فَجُعِلَتْ يَدُهُ يَدَ وَدِيعَةٍ أَنَّ يَدَهُ صَارَتْ كَالْيَدِ الْمُسْتَوْدَعَةِ صَيْدًا بَلْ كَالْمُسْتَوْدَعَةِ غَيْرَهُ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ لِلْمَعْنَى الْمَذْكُورِ، وَلَا يَضْمَنُ أَيْضًا بِإِتْلَافِهِ لِمَا صَالَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ لِأَجْلِ دَفْعٍ لَهُ عَنْ نَفْسٍ مُحْتَرَمَةٍ أَوْ عُضْوٍ كَذَلِكَ أَوْ مَالٍ بَلْ أَوْ اخْتِصَاصٍ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الصِّيَالَ أَلْحَقَهُ بِالْمُؤْذِيَاتِ، وَلَوْ قَتَلَهُ لِلدَّفْعِ رَاكِبُهُ الصَّائِلُ عَلَيْهِ ضَمِنَهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ دَفْعُ رَاكِبِهِ إلَّا بِقَتْلِهِ؛ لِأَنَّ الْأَذَى لَيْسَ مِنْهُ كَمَا فِي إيجَابِ الْفِدْيَةِ بِحَلْقِ شَعْرِ رَأْسِهِ لِإِيذَاءِ الْقُمَّلِ. نَعَمْ يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الرَّاكِبِ وَلَا ضَمَانَ وَلَا إثْمَ بِقَتْلِ جَرَادٍ عَمَّ طَرِيقَهُ، وَلَمْ يَطَأْ إلَّا مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْ وَطْئِهِ؛ لِأَنَّهُ مُلْجَأٌ إلَى ذَلِكَ فَأَشْبَهَ دَفْعَهُ لِصِيَالِهِ، وَكَالْجَرَادِ مَا لَوْ بَاضَ بِفِرَاشِهِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ دَفْعُهُ إلَّا بِالتَّعَرُّضِ لِبَيْضِهِ فَإِذَا نَحَّاهُ وَفَسَدَ لَمْ يَضْمَنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ فَالْأَوْجَهُ اخْتِصَاصُ الضَّمَانِ بِالْأَوَّلِ) أَيْ الرَّاكِبِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَضْمَنُ) أَيْ الْمُحْرِمُ وَقَوْلُهُ لِمَا تَلِفَ: أَيْ مِنْ الصَّيْدِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَرَّطَ) أَيْ أَوْ أَغْرَاهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أُكْرِهَ مُحْرِمٌ عَلَى قَتْلِهِ) أَيْ الصَّيْدِ، وَقَوْلُهُ ضَمِنَهُ: أَيْ الْمُحْرِمُ (قَوْلُهُ عَلَى مُكْرِهِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الْمُكْرَهُ حَلَالًا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْحَلَالَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ ضَمَانِ الصَّيْدِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي هَذَا) أَيْ عَدَمُ الضَّمَانِ فِيمَا لَوْ أَخَذَ الصَّيْدَ لِمَصْلَحَتِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ اخْتِصَاصٌ) أَيْ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الصِّيَالَ أَلْحَقَهُ بِالْمُؤْذِيَاتِ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ الْحَيَوَانُ مَأْكُولًا وَصَادَفَ أَنْ دَفَعَهُ بِآلَةٍ قَطَعَتْ حُلْقُومَهُ وَمَرِيئَهُ فَهَلْ يَكُونُ مَيْتَةً أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ ثُمَّ رَأَيْت سَمِّ عَلَى حَجّ تَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ وَكَتَبَ عَلَى مَيْتَةٍ مَرَّ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِي وَمَذْبُوحُ الْمُحْرِمِ إلَخْ وَمَا يَأْتِي بِهَامِشِهِ عَنْ حَجّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الرَّاكِبِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الرَّاكِبَ بِصِيَالِهِ أَلْجَأَهُ إلَى قَتْلِ الْمَرْكُوبِ فَيَضْمَنُ (قَوْلُهُ: وَلَا إثْمَ بِقَتْلِ جَرَادٍ) أَيْ وَلَوْ وَجَدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّ حُرْمَةَ الْحَرَمِ لَا تَخْتَلِفُ (قَوْلُهُ فَيَضْمَنُ الْمُحْرِمُ صَيْدًا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ) أَيْ بِالْجَزَاءِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَا فِي يَدِهِ) لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى بِتَلَفٍ أَوْ وَهُوَ فِي يَدِهِ، وَأَيًّا مَا كَانَ فَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ الصَّيْدَ الَّذِي رَفَسَتْهُ دَابَّتُهُ مَثَلًا إلَّا إنْ كَانَ الصَّيْدُ فِي يَدِهِ أَيْضًا، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْحُكْمَ أَعَمُّ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ بِتَلَفٍ إلَخْ تَفْسِيرًا لِوَضْعِ الْيَدِ وَيَدَّعِي أَنَّ رَفْسَ الدَّابَّةِ مَثَلًا وَضْعُ يَدٍ بِالْقُوَّةِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَيَضْمَنُ الصَّيْدَ بِالْيَدِ أَوْ بِاَلَّذِي فِيهَا انْتَهَتْ

وَمِنْهُ يُؤْخَذُ تَنْفِيرُهُ إذَا أَضَرَّ بِأَكْلِهِ مَتَاعَهُ مَثَلًا أَوْ بِبَوْلِهِ، وَيَضْمَنُ حَلَالٌ فَرْخًا حَبَسَ أُمَّهُ حَتَّى تَلِفَ وَالْفَرْخُ فِي الْحَرَمِ دُونَ أُمِّهِ؛ لِأَنَّ حَبْسَهَا جِنَايَةٌ عَلَيْهِ، وَلَا يَضْمَنُهَا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا مِنْ الْحِلِّ أَوْ هِيَ فِي الْحَرَمِ دُونَهُ ضَمِنَهُمَا، أَمَّا هُوَ فَكَمَا لَوْ رَمَاهُ مِنْ الْحَرَمِ إلَى الْحِلِّ، وَأَمَّا هِيَ فَلِكَوْنِهَا فِي الْحَرَمِ وَالْفَرْخُ، مِثَالٌ إذْ كُلُّ صَيْدٍ وَوَلَدُهُ كَذَلِكَ إذَا كَانَ يَتْلَفُ لِانْقِطَاعِ مُتَعَهِّدِهِ وَخَرَجَ بِالْحَلَالِ الْمُحْرِمُ فَيَضْمَنُ مُطْلَقًا، وَلَوْ نَفَّرَ مُحْرِمٌ صَيْدًا وَلَوْ فِي الْحِلِّ أَوْ نَفَّرَهُ حَلَالٌ فِي الْحَرَمِ فَهَلَكَ بِسَبَبِ التَّنْفِيرِ بِنَحْوِ صَدْمَةٍ أَوْ أَخْذِ سَبُعٍ أَوْ قَتْلِ حَلَالٍ لَهُ فِي الْحِلِّ ضَمِنَهُ وَيَسْتَمِرُّ فِي ضَمَانِهِ حَتَّى يَسْكُنَ، وَلَوْ تَلِفَ بِهِ فِي نِفَارِهِ صَيْدٌ آخَرُ ضَمِنَهُ أَيْضًا، وَيَضْمَنُ حَلَالٌ أَيْضًا بِإِرْسَالِهِ وَهُوَ فِي الْحِلِّ إلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ أَيْضًا سَهْمًا مَرَّ فِي الْحَرَمِ فَأَصَابَهُ وَقَتَلَهُ أَوْ بِإِرْسَالِهِ وَهُمَا فِي الْحِلِّ أَيْضًا كَلْبًا مُعَلَّمًا تَعَيَّنَ الْحَرَمُ عِنْدَ الْإِرْسَالِ لِطَرِيقِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ هِيَ الطَّرِيقَ الْمَأْلُوفَةَ؛ لِأَنَّهُ أَلْجَأَهُ إلَى الدُّخُولِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ؛ لِأَنَّ لَهُ اخْتِيَارًا وَلَا كَذَلِكَ السَّهْمُ. وَلَوْ دَخَلَ صَيْدٌ رُمِيَ إلَيْهِ أَوْ إلَى غَيْرِهِ وَهُوَ فِي الْحِلِّ الْحَرَمَ فَقَتَلَهُ السَّهْمُ فِيهِ ضَمِنَهُ، وَكَذَا لَوْ أَصَابَ صَيْدًا فِيهِ كَانَ مَوْجُودًا فِيهِ قَبْلَ رَمْيِهِ إلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ، وَلَا يَضْمَنُ مُرْسِلُ الْكَلْبِ بِذَلِكَ إلَّا إنْ عَدِمَ الصَّيْدُ مَلْجَأً غَيْرَ الْحَرَمِ عِنْدَ هَرَبِهِ. وَنَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا أَوْ سَهْمًا مِنْ الْحِلِّ إلَى صَيْدٍ فِيهِ فَوَصَلَ إلَيْهِ فِي الْحِلِّ وَتَحَامَلَ الصَّيْدُ بِنَفْسِهِ أَوْ نَقَلَ الْكَلْبُ لَهُ فِي الْحَرَمِ فَمَاتَ فِيهِ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَلَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ احْتِيَاطًا لِحُصُولِ قَتْلِهِ فِي الْحَرَمِ، وَلَوْ رَمَى فِي الْحِلِّ صَيْدًا كُلَّهُ أَوْ قَوَائِمَهُ فِي الْحَرَمِ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهَا أَوْ عَكْسَهُ ضَمِنَهُ تَغْلِيبًا لِلْحُرْمَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ مَنْ سَعَى مِنْ الْحَرَمِ إلَى الْحِلِّ أَوْ مِنْ الْحِلِّ إلَى الْحِلِّ، لَكِنْ سَلَكَ فِي أَثْنَاءِ سَعْيِهِ الْحَرَمَ فَقَتَلَ الصَّيْدَ مِنْ الْحِلِّ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الصَّيْدِ مِنْ حِينِ الرَّمْيِ أَوْ نَحْوِهِ لَا مِنْ حِينِ السَّعْيِ، فَإِنْ أَخْرَجَ يَدَهُ مِنْهُ وَنَصَبَ شَبَكَةً لَمْ يَضْمَنْ مَا يَنْعَقِلُ بِهَا، وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ الْحَرَمِ وَرَمَى إلَى صَيْدٍ فَقَتَلَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَلَا أَثَرَ لِكَوْنِ غَيْرِ قَوَائِمِهِ فِي الْحَرَمِ كَرَأْسِهِ إنْ أَصَابَ مَا فِي الْحِلِّ وَإِلَّا ضَمِنَهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ، هَذَا فِي الْقَائِمِ فَغَيْرُهُ الْعِبْرَةُ بِمُسْتَقَرِّهِ، وَلَوْ كَانَ نِصْفُهُ فِي الْحِلِّ وَنِصْفُهُ فِي الْحَرَمِ حَرُمَ ـــــــــــــــــــــــــــــSطَرِيقًا غَيْرَهُ عَلَى مَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ يُؤْخَذُ تَنْفِيرُهُ) أَيْ جَوَازُ تَنْفِيرِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: إذَا أَضَرَّ بِأَكْلِهِ مَتَاعَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ: فِي جُمْلَةِ مَا يَجُوزُ التَّنْفِيرُ لِأَجْلِهِ أَوْ كَانَ يُنَجِّسُ مَتَاعَهُ بِمَا يَنْقُصُ قِيمَتُهُ لَوْ لَمْ يُنَفِّرْهُ، فَأَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَنْقُصُ قِيمَتُهُ لَمْ يَجُزْ تَنْفِيرُهُ وَإِطْلَاقُ الشَّارِحِ يُخَالِفُهُ وَفِي سَمِّ عَلَى مَنْهَجٍ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ مَا نَصُّهُ: وَهَلْ يَلْحَقُ بِذَلِكَ أَيْضًا مَا لَوْ اسْتَوْطَنَ الْمَسْجِدَ الْحَرَام وَصَارَ يُلَوِّثُ الْمَسْجِدَ بِرَوْثِهِ فَيَجُوزُ تَنْفِيرُهُ عَنْ الْمَسْجِدِ صَوْنًا لَهُ عَنْ رَوْثِهِ وَإِنْ عُفِيَ عَنْهُ بِشَرْطِهِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. أَقُولُ: الْأَقْرَبُ أَنَّهُ كَذَلِكَ وَلَوْ مَعَ الْعَفْوِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا تُوجَدُ شُرُوطُهُ وَتَقْذِيرُ الْمَسْجِدِ مِنْهُ صِيَالٌ عَلَيْهِ فَيُمْنَعَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءً أَخَذَ أُمَّهُ مِنْ الْحِلِّ أَوْ الْحَرَمِ كَانَتْ أُمُّهُ فِي الْحَرَمِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَيَسْتَمِرُّ فِي ضَمَانِهِ حَتَّى يَسْكُنَ) أَيْ فَلَوْ انْفَلَتَ وَلَمْ يَعْرِفْ لَهُ حَالًا بَعْدُ فَيَنْبَغِي عَدَمُ الضَّمَانِ لِكَوْنِهِ الْأَصْلَ (قَوْلُهُ: كَلْبًا مُعَلَّمًا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ بِإِرْسَالِ غَيْرِ الْمُعَلَّمِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِكَلَامٍ الْمَاوَرْدِيُّ السَّابِقِ وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ وَالْمُتَبَادَرُ مِنْهُ عَدَمُ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ) وَإِنْ أَصَابَهُ السَّهْمُ خَارِجَ الْحَرَمِ (قَوْلُهُ: كَانَ مَوْجُودًا فِيهِ) أَيْ وَاسْتَمَرَّ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ رَمَى إلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ فَدَخَلَ بَعْدَ الرَّمْيِ صَيْدُ الْحَرَمِ فَأَصَابَهُ السَّهْمُ فِي مُرُورِهِ فَلَا ضَمَانَ لِعَدَمِ تَقْصِيرِ الرَّامِي، إلَّا أَنَّ هَذَا يُشْكِلُ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُ الشَّارِحِ فَقَتَلَهُ السَّهْمُ فِيهِ ضَمِنَهُ (قَوْلُهُ تَغْلِيبًا لِلْحُرْمَةِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَقَتَلَهُ السَّهْمُ فِيهِ) إنْ كَانَتْ الصُّورَةُ أَنَّ السَّهْمَ أَصَابَهُ خَارِجَ الْحَرَمِ ثُمَّ دَخَلَ الْحَرَمَ فَسَيَأْتِي فِيمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ، وَإِنْ كَانَتْ الصُّورَةُ أَنَّهُ إنَّمَا أَصَابَهُ فِي الْحَرَمِ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ أَصْلِهَا لِعِلْمِهَا بِالْأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَيَضْمَنُ حَلَالٌ أَيْضًا بِإِرْسَالِهِ وَهُوَ فِي الْحِلِّ إلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ أَيْضًا سَهْمًا مَرَّ فِي الْحَرَمِ فَلْتُحَرَّرْ.

كَمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ تَغْلِيبًا لِلْحُرْمَةِ. وَيَضْمَنُ الْمُحْرِمُ وَمَنْ بِالْحَرَمِ الصَّيْدَ بِمِثْلِهِ مِنْ النَّعَمِ لَا مِنْ نَوْعِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95] وَالْمُرَادُ بِهِ ذَلِكَ تَقْرِيبًا لَا تَحْقِيقًا وَفِي الصُّورَةِ لَا فِي الْقِيمَةِ، فَيَفْدِي الْكَبِيرَ وَالصَّغِيرَ وَالصَّحِيحَ وَالْمَرِيضَ وَالسَّمِينَ وَالْهَزِيلَ وَالْمَعِيبَ بِمِثْلِهِ رِعَايَةً لِلْمُمَاثَلَةِ الَّتِي اقْتَضَتْهَا الْآيَةُ، وَأَيْضًا كَمَا اُعْتُبِرَتْ الْمُمَاثَلَةُ الصُّورِيَّةُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْأَجْنَاسِ فَكَذَلِكَ تُعْتَبَرُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْأَسْنَانِ وَالصِّفَاتِ وَلَوْ أَعْوَرَ يَمِينٍ بِيَسَارٍ، وَلَا يُؤَثِّرُ اخْتِلَافُ نَوْعِ الْعَيْبِ، وَيُجْزِئُ الذَّكَرُ عَنْ الْأُنْثَى وَعَكْسُهُ وَالذَّكَرُ أَفْضَلُ، وَفِي الْحَامِلِ حَامِلٌ وَلَا تُذْبَحُ بَلْ تُقَوَّمُ بِمَكَّةَ مَحَلَّ ذَبْحِهَا، وَيَتَصَدَّقُ بِقِيمَتِهَا طَعَامًا أَوْ يَصُومُ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا، فَإِنْ أَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا وَمَاتَتْ فَكَقَتْلِ الْحَامِلِ، وَإِنْ عَاشَتْ ضَمِنَ نَقْصَهَا أَوْ حَيًّا أَوْ مَاتَا ضَمِنَهُمَا أَوْ مَاتَ دُونَهَا وَضَمِنَ نَقْصَهَا وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ مِثْلَ الصَّيْدِ مِنْ النَّعَمِ يُعْرَفُ إمَّا بِنَصٍّ أَوْ بِحُكْمِ عَدْلَيْنِ مِنْ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ وَاحْتِيجَ إلَى بَيَانِ مَا نُقِلَ إلَيْنَا مِنْ ذَلِكَ (فَفِي) إتْلَافِ (النَّعَامَةِ) بِفَتْحِ النُّونِ ذَكَرًا كَانَتْ أَوْ أُنْثَى (بَدَنَةٌ) كَمَا حَكَمَ بِهِ عُمَرُ وَعَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَمُعَاوِيَةُ فَلَا تُجْزِئُ بَقَرَةٌ وَلَا سَبْعُ شِيَاهٍ أَوْ أَكْثَرُ؛ لِأَنَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ تُرَاعَى فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ كَمَا مَرَّ. (وَفِي) وَاحِدٍ مِنْ (بَقَرِ الْوَحْشِ وَ) فِي وَاحِدٍ مِنْ (حِمَارِهِ) أَيْ الْوَحْشِ (بَقَرَةٌ) أَيْ وَاحِدٌ مِنْ الْبَقَرِ (وَ) فِي (الْغَزَالِ عَنْزٌ) وَهِيَ أُنْثَى الْمَعْزِ الَّتِي تَمَّ لَهَا سَنَةٌ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: وَفِي الظَّبْيِ تَيْسٌ إذْ الْعَنْزُ إنَّمَا هُوَ وَاجِبُ الظَّبْيَةِ: أَيْ أَصَالَةً لَكِنَّهُمْ جَرَوْا فِي التَّعْبِيرِ بِذَلِكَ عَلَى وَفْقِ الْأَثَرِ الْآتِي، وَوَلَدُ الظَّبْيَةِ يُسَمَّى غَزَالًا مِنْ وِلَادَتِهِ إلَى أَنْ يَقْوَى وَيَطْلُعَ قَرْنَاهُ ثُمَّ يُسَمَّى الذَّكَرُ ظَبْيًا وَالْأُنْثَى ظَبْيَةً، وَهُمَا اللَّذَانِ وَاجِبُهُمَا الْعَنْزُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ أَمَّا الْغَزَالُ فَوَاجِبُهُ إنْ كَانَ ذَكَرًا جَدْيٌ أَوْ جَفْرٌ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ جِسْمُ الصَّيْدِ وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَعَنَاقٌ أَوْ جَفْرَةٌ ذَلِكَ لِمَا صَحَّ أَنَّ عُمَرَ قَضَى فِي الْكُلِّ بِذَلِكَ إلَّا الْوَبْرَ فَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ أَنَّهُمَا حَكَمَا فِيهِ بِشَاةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ حُرْمَةِ الْحَرَمِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُؤَثِّرُ اخْتِلَافُ نَوْعِ الْعَيْبِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ اخْتِلَافُ مَحَلِّهِ حَيْثُ اتَّحَدَ نَوْعُهُ. وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ حُرْمَةٌ عَطْفًا عَلَى مَا يُجْزِئُ: وَالْمَعِيبُ بِالْمَعِيبِ إذَا اتَّحَدَ جِنْسُ الْعَيْبِ كَالْعَوَرِ وَإِنْ كَانَ عَوَرُ أَحَدِهِمَا فِي الْيَمِينِ وَالْآخَرُ فِي الْيَسَارِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ كَالْعَوَرِ وَالْجَرَبِ فَلَا (قَوْلُهُ: فَكَقَتْلِ الْحَامِلِ) أَيْ فَتُضْمَنُ بِحَامِلٍ مِثْلِهَا لَكِنْ لَا تُذْبَحُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُمَا حَكَمَا فِيهِ بِشَاةٍ) ضَعِيفٌ وَيَأْتِي قَرِيبًا أَنَّ فِيهِ جَلُولَاءَ فَمَا نُقِلَ عَنْ عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ مَذْهَبُهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ مِثْلَ الصَّيْدِ مِنْ النَّعَمِ يُعْرَفُ إمَّا بِنَصٍّ إلَخْ) لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ تَقْرِيرُ هَذَا وَهُوَ إنَّمَا سَيَأْتِي بَعْدُ وَعُذْرُهُ أَنَّهُ تَابِعٌ لِلْإِمْدَادِ، لَكِنَّ ذَاكَ قَدْ تَقَدَّمَ لَهُ تَقْرِيرُ هَذَا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: فَفِي إتْلَافِ النَّعَامَةِ إلَخْ) مُرَادُهُ بِالْإِتْلَافِ هُنَا مَا يَشْمَلُ نَحْوَ التَّلَفِ فِي الْيَدِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ وَفِي الظَّبْيِ تَيْسٌ إلَخْ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِلْإِمْدَادِ لَكِنَّ عِبَارَةَ الْإِرْشَادِ: وَفِي الظَّبْيِ عَنْزٌ، وَهِيَ الَّتِي قَالَ الْإِمْدَادُ عَقِبَهَا: وَالْأَوْلَى إلَخْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ تَابِعٌ فِي هَذِهِ السِّوَادَةِ بِلَفْظِهَا لِلْإِمْدَادِ مَعَ أَنَّ بَعْضَهَا غَيْرُ مُنَاسِبٍ هُنَا وَبَعْضُهَا غَيْرُ صَوَابٍ كَمَا يُعْرَفُ بِالتَّأَمُّلِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَثَرَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَفْقَ الْأَثَرِ الْآتِي هُوَ مَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَضَى فِي الضَّبُعِ بِكَبْشٍ وَفِي الْغَزَالِ بِعَنْزٍ وَفِي الْأَرْنَبِ بِعَنَاقٍ وَفِي الْيَرْبُوعِ بِجَفَرَةٍ اهـ. ثُمَّ إنَّهُ تَابِعٌ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ لِلْإِمْدَادِ، وَالصَّوَابُ إسْقَاطُ قَوْلِهِ هُنَا فِي الْكُلِّ أَوْ تَأْخِيرُ الْأَثَرِ عَمَّا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَفِي الظَّبْيِ تَيْسٌ) أَيْ أَوْ عَنْزٌ كَمَا عُلِمَ مِنْ جَوَازِ الْأُنْثَى عَنْ الذَّكَرِ وَعَكْسُهُ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ أَصَالَةً، وَإِنَّمَا قَالَ وَالْأَوْلَى وَلَمْ يَقُلْ وَالصَّوَابُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ بِالْغَزَالِ الظَّبْيَةَ تَجَوُّزًا، وَلَوْ قَالَ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ وَفِي الظَّبْيِ عَنْزٌ لَكَانَ أَنْسَبَ، لَكِنَّ عُذْرَهُ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: إلَّا الْوَبَرَ) هُوَ تَابِعٌ فِيهِ لِلْإِمْدَادِ أَيْضًا، لَكِنَّ الْوَبَرَ مَذْكُورٌ فِي مَتْنِ الْإِرْشَادِ لَا هُنَا (قَوْلُهُ: بِمَا

(وَ) فِي (الْأَرْنَبِ عَنَاقٌ) وَهِيَ أُنْثَى الْمَعْزِ إذَا قَوِيَتْ مَا لَمْ تَبْلُغْ سَنَةً كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَحْرِيرِهِ وَغَيْرِهِ، وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهَا أُنْثَى الْمَعْزِ مِنْ حِينِ تُولَدُ حَتَّى تَرْعَى (وَ) فِي (الْيَرْبُوعِ) أَوْ الْوَبْرِ بِإِسْكَانِ الْمُوَحَّدَةِ (جَفْرَةٌ) وَهِيَ أُنْثَى الْمَعْزِ إذَا بَلَغَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَفَصَلَتْ عَنْ أُمِّهَا وَالذَّكَرُ جَفْرٌ؛ لِأَنَّهُ جَفَرَ جَنْبَاهُ: أَيْ عَظُمَا، قَالَ بَعْدَ تَفْسِيرِ الْعَنَاقِ وَالْجَفْرَةُ بِمَا ذُكِرَ: هَذَا مَعْنَاهُمَا لُغَةً، لَكِنْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْجَفْرَةِ هُنَا مَا دُونَ الْعَنَاقِ إذْ الْأَرْنَبُ خَيْرٌ مِنْ الْيَرْبُوعِ اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْيَرْبُوعِ غَيْرُ جَفْرَةٍ؛ لِأَنَّهَا بِمُقْتَضَى التَّفْسِيرِ الْمَذْكُورِ وَإِنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ سِنِّ الْعَنَاقِ وَادَّعَى أَنَّ ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ وَالدَّلِيلُ. قَالَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْجَفْرَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا دُونَ الْعَنَاقِ، إذْ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي تَفْسِيرِهَا مَا فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْرِيرِ وَغَيْرِهِمَا، وَفِي الضَّبُعِ كَبْشٌ وَالثَّعْلَبِ شَاةٌ وَالضَّبِّ وَأُمِّ حُبَيْنٍ جَدْيٌ. (وَمَا لَا نَقْلَ فِيهِ) مِنْ الصَّيْدِ عَنْ السَّلَفِ (يَحْكُمُ بِمِثْلِهِ) مِنْ النَّعَمِ (عَدْلَانِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 95] أَيْ وَلَوْ ظَاهِرًا أَوْ بِلَا اسْتِبْرَاءِ سَنَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ كَانَا قَاتِلَيْهِ خَطَأً أَوْ لِاضْطِرَارٍ لَا تَعَدِّيًا، وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُمَا فَقِيهَيْنِ بِهَذَا الْبَابِ فَطِنَيْنِ، وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ اسْتِحْبَابَ الْفِقْهِ مَحْمُولٌ عَلَى زِيَادَتِهِ، وَمُقْتَضَى قَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ ذَلِكَ حُكْمٌ فَلَا يَجُوزُ بِقَوْلِ مَنْ لَا يُجَوِّزُ حُكْمَهُ اشْتِرَاطُ ذُكُورِيَّتِهِمَا وَحُرِّيَّتِهِمَا وَهُوَ كَذَلِكَ، أَمَّا قَاتَلَاهُ عُدْوَانًا مَعَ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ فَلَا يَحْكُمَانِ لِفِسْقِهِمَا إلَّا إنْ تَابَا وَأَصْلَحَا، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي كَوْنِ ذَلِكَ كَبِيرَةً، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إتْلَافُ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلَا فَائِدَةٍ، فَقَوْلُ الْقُونَوِيِّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِفِسْقٍ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَلَوْ حَكَمَ عَدْلَانِ بِالْمِثْلِ وَآخَرَانِ بِالْقِيمَةِ أَوْ بِمِثْلٍ آخَرَ قُدِّمَ مَنْ حَكَمَ بِالْمِثْلِ فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّ مَعَهُمَا زِيَادَةَ عِلْمٍ بِمَعْرِفَةِ دَقِيقِ الشَّبَهِ وَيُخَيَّرُ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا فِي اخْتِلَافِ الْمُفْتِينَ، وَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ حَكَمَ صَحَابِيٌّ وَسَكَتَ الْبَاقُونَ عُمِلَ بِهِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ حُكْمِ عَدْلَيْنِ. وَفِي مَعْنَاهُ قَوْلُ كُلِّ مُجْتَهِدٍ غَيْرِ صَحَابِيٍّ مَعَ سُكُوتِ الْبَاقِينَ (وَ) وَجَبَ (فِيمَا لَا مِثْلَ لَهُ) مِمَّا لَا نَقْلَ فِيهِ كَالْجَرَادِ وَبَقِيَّةِ الطُّيُورِ غَيْرِ الْحَمَامِ سَوَاءٌ أَكَانَ أَكْبَرَ جُثَّةً مِنْهُ أَمْ أَصْغَرَ أَمْ مِثْلَهُ (الْقِيمَةُ) عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِي الْمُتَقَوِّمَاتِ وَقَدْ حَكَمَتْ الصَّحَابَةُ بِهَا فِي الْجَرَادِ، أَمَّا مَا لَا مِثْلَ لَهُ مِمَّا فِيهِ نَقْلٌ وَهُوَ الْحَمَامُ وَالْمُرَادُ مَا عَبَّ وَهَدَرَ كَالْفَوَاخِتِ وَالْيَمَامِ وَالْقُمْرِيِّ وَكُلِّ ذِي طَوْقٍ، سَوَاءً اتَّفَقَا ذُكُورَةً أَمْ أُنُوثَةً أَمْ اخْتَلَفَا شَاةً مِنْ ضَأْنٍ أَوْ مَعْزٍ بِحُكْمِ الصَّحَابَةِ وَمُسْتَنِدُهُ تَوْقِيفٌ بَلَغَهُمْ وَإِلَّا فَالْقِيَاسُ إيجَابُ الْقِيمَةِ، وَلَوْ أَتْلَفَ مُحْرِمَانِ قَارِنَانِ صَيْدًا وَجَبَ عَلَيْهِمَا جَزَاءٌ وَاحِدٌ لِاتِّحَادِ الْمُتْلَفِ، وَإِنْ تَعَدَّدَتْ أَسْبَابُ الْجَزَاءِ بِتَعَدُّدِ الْجَمَاعَةِ الْمُتْلِفِينَ، وَكَوْنُهُمْ قَارِنِينِ وَكَوْنُهُ فِي الْحَرَمِ كَمَا يَتَّحِدُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَحْرِيرِهِ وَغَيْرِهِ) مِنْهُ الْمَجْمُوعُ (قَوْلُهُ: وَفِي الضَّبُعِ كَبْشٌ) عِبَارَةُ حَجّ: الضَّبُعُ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى عِنْدَ جَمْعٍ وَلِلْأُنْثَى فَقَطْ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، وَأَمَّا الذَّكَرُ فَضِبْعَانٌ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِاضْطِرَارٍ لَا تَعَدِّيًا) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمُحْرِمَ الْمُضْطَرَّ إذَا ذَبَحَ صَيْدًا لِاضْطِرَارِهِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ كَمَا تَجِبُ عَلَى الْمُضْطَرِّ بَدَلَ مَا أَكَلَهُ مِنْ طَعَامِ غَيْرِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَهْجَةِ وَشَرْحِهَا وَسَيَأْتِي أَنَّ مَذْبُوحَهُ لِذَلِكَ لَا يَكُونُ مَيْتَةً بَلْ يَحِلُّ لَهُ وَلِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا إنْ تَابَا وَأَصْلَحَا) أَيْ فَيُحَكَّمَانِ بِهِ حَالًا وَلَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى اسْتِبْرَاءٍ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَكَمَ عَدْلَانِ) أَيْ بِأَنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ فِيهِ الْقِيمَةُ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي اخْتِلَافِ الْمُفْتِينَ) أَيْ الْمُجْتَهِدِينَ أَمَّا غَيْرُهُمَا فَيَنْبَغِي أَنَّ مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُ فِي إصَابَةِ الْمَنْقُولِ أَخَذَ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا لَمْ يَأْخُذْ بِقَوْلِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلتَّعَارُضِ بِلَا مُرَجِّحٍ (قَوْلُهُ: مَا عَبَّ) بَابُهُ رَدَّ قَالَهُ فِي مُخْتَارِ الصِّحَاحِ (وَقَوْلُهُ وَهَدَرَ) مُضَارِعُهُ يَهْدِرُ بِالْكَسْرِ (قَوْلُهُ: وَالْقُمْرِيُّ) هُوَ بِضَمِّ الْقَافِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: شَاةٌ مِنْ ضَأْنٍ) أَيْ فَفِيهِ شَاةٌ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQذَكَرَ) يَعْنِي بِمَا هُنَا فِي الْجَفَرَةِ وَبِمَا مَرَّ عَنْ أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْعَنَاقِ أَمَّا عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ عَنْ التَّحْرِيرِ وَغَيْرِهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى هَذَا الْمُرَادِ (قَوْلُهُ: شَاةٌ مِنْ ضَأْنٍ) لَعَلَّهُ سَقَطَ قَبْلَ لَفْظِ فِيهِ مِنْ الْكَتَبَةِ (قَوْلُهُ: وَكَوْنُهُمْ) أَيْ الصَّيْدِ وَالْقَارِنَانِ،

تَغْلِيظُ الدِّيَةِ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ أَسْبَابُهُ، بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الْآدَمِيِّ فَإِنَّهَا تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْقَاتِلِينَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَجَزَّأُ، وَلَوْ قَتَلَهُ حَلَالٌ وَمُحْرِمٌ لَزِمَ الْمُحْرِمَ نِصْفُ الْجَزَاءِ فَقَطْ، إذْ شَرِيكُ الْحَلَالِ يَلْزَمُهُ بِقِسْطِهِ بِحَسَبِ الرُّءُوسِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ التَّوْزِيعَ هُنَا عَلَى الرُّءُوسِ فِي الْجِرَاحَاتِ وَالضَّرَبَاتِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي فِي الْجِنَايَاتِ فِي الضَّرَبَاتِ؛ لِأَنَّهَا ثَمَّ يَظْهَرُ تَأْثِيرُهَا فَأَمْكَنَ التَّوْزِيعُ عَلَيْهَا بِخِلَافِهِ هُنَا، إذْ الصَّيْدُ لَيْسَ لَهُ سَطْحُ بَدَنٍ تَظْهَرُ فِيهِ الضَّرَبَاتُ فَاسْتَوَى فِيهِ الْجَارِحُ وَالضَّارِبُ، أَوْ أَتْلَفَ مُحْرِمَانِ قَارِنَانِ أَحَدَ امْتِنَاعَيْ نَعَامَةٍ وَجَبَ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا عَلَيْهِمَا بَلْ بَعْضُ الِامْتِنَاعِ كَذَلِكَ فَيَجِبُ النَّقْصُ لِإِجْزَاءٍ كَامِلٍ، وَلَوْ جَرَحَ ظَبْيًا وَانْدَمَلَ جُرْحُهُ بِلَا أَزْمَانٍ فَنَقَصَ عُشْرُ قِيمَتِهِ فَعَلَيْهِ عُشْرُ شَاةٍ شَاةً لَا عَشَرَةُ قِيمَتِهَا، فَإِنْ بَرِئَ وَلَا نَقْصَ فِيهِ، فَالْأَرْشُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ كَالْحُكُومَةِ إلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْآدَمِيِّ، فَيُقَدِّرُ الْحَاكِمُ فِيهِ شَيْئًا بِاجْتِهَادِهِ مُرَاعِيًا فِي الِاجْتِهَادِ مِقْدَارَ مَا أَصَابَهُ مِنْ الْوَجَعِ، وَعَلَيْهِ فِي غَيْرِ الْمِثْلِيِّ أَرْشُهُ. وَلَوْ أَزْمَنَ صَيْدًا لَزِمَهُ جَزَاؤُهُ كَامِلًا، فَإِنْ قَتَلَهُ مُحْرِمٌ آخَرُ فَعَلَى الْقَاتِلِ جَزَاؤُهُ مُزْمِنًا، أَوْ قَتَلَهُ الْمُزْمِنُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ فَعَلَيْهِ جَزَاءٌ وَاحِدٌ، أَوْ بَعْدَهُ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ مُزْمِنًا، وَلَوْ جَرَحَ صَيْدًا فَغَابَ فَوَجَدَهُ مَيِّتًا وَشَكَّ أَمَاتَ بِجُرْحِهِ أَمْ بِحَادِثٍ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ غَيْرُ الْأَرْشِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ عَمَّا زَادَ. وَمَذْبُوحُ الْمُحْرِمِ مِنْ الصَّيْدِ مَيْتَةٌ فَلَا يَحِلُّ لَهُ وَإِنْ تَحَلَّلَ وَلَا لِغَيْرِهِ إنْ كَانَ حَلَالًا كَصَيْدٍ حَرَمِيٍّ ذَبَحَهُ حَلَالٌ فَيَكُونُ مَيْتَةً؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَمْنُوعٌ مِنْ الذَّبْحِ لِمَعْنًى فِيهِ كَالْمَجُوسِيِّ، فَإِنْ كَانَ الْمَذْبُوحُ مَمْلُوكًا لَزِمَهُ أَيْضًا الْقِيمَةُ لِمَالِكِهِ، وَلَوْ كَسَرَ أَحَدُهُمَا بَيْضَ صَيْدٍ أَوْ قَتَلَ جَرَادًا حُرِّمَ عَلَيْهِ تَغْلِيظًا كَمَا نَقَلَهُ فِي الْبَيْضِ الْمُصَنِّفُ فِي مَجْمُوعِهِ عَنْ جَمْعٍ وَالْقَطْعُ بِهِ عَنْ آخَرِينَ، وَقَالَ بَعْدَهُ بِأَوْرَاقٍ: إنَّهُ الْأَصَحُّ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ دُونَ الْحَلَالِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSالضَّأْنِ إلَخْ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهَا إجْزَاؤُهَا فِي الْأُضْحِيَّةِ. أَقُولُ: وَقِيَاسُ قَوْلِهِمْ فِيمَا لَهُ مِثْلٌ فِي الصَّيْدِ أَنَّ فِي الْكَبِيرِ كَبِيرَةٌ وَفِي الصَّغِيرِ صَغِيرَةٌ أَنَّهُ يَجِبُ هُنَا فِي الْحَمَامَةِ الْكَبِيرَةِ شَاةٌ مُجْزِئَةٌ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَفِي الْحَمَامَةِ الصَّغِيرَةِ شَاةٌ صَغِيرَةٌ غَيْر مُجْزِئَة فِي الْأُضْحِيَّةِ (قَوْلُهُ: لَزِمَ الْمُحْرِمَ نِصْفُ الْجَزَاءِ) أَيْ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْحَلَالِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ لَهُ سَطْحُ بَدَنٍ إلَخْ) أَيْ غَالِبًا (قَوْلُهُ: أَحَدَ امْتِنَاعَيْ نَعَامَةٍ) وَهُوَ الْعَدْوُ وَالطَّيَرَانُ (قَوْلُهُ: وَجَبَ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا) وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الظَّبْيِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِمَا لَزِمَهُمَا جُزْءَ بَدَنَةٍ نِسْبَتُهَا إلَيْهِ كَنِسْبَةِ مَا نَقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ لِجُمْلَتِهَا (قَوْلُهُ: مِقْدَارَ مَا أَصَابَهُ مِنْ الْوَجَعِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِقْدَارٌ أَصْلًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي مُقَابَلَتِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَحِلُّ لَهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ اُضْطُرَّ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَمَذْبُوحُ الْمُحْرِمِ وَمَنْ بِالْحَرَمِ لِصَيْدٍ لَمْ يُضْطَرَّ أَحَدُهُمَا لِذَبْحِهِ مَيْتَةٌ، ثُمَّ قَالَ: وَمَفْهُومُ لَمْ يُضْطَرَّ الْمَذْكُورُ أَنَّهُ لَوْ ذَبَحَهُ لِلِاضْطِرَارِ حَلَّ لَهُ وَلِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ حَلَالًا) أَيْ أَوْ مُحْرِمًا بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَسَرَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْمُحْرِمُ وَالْحَلَالُ بِالْحَرَمِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ دُونَ الْحَلَالِ) أَيْ فَيَحِلُّ لَهُ تَنَاوُلُ مَا كَسَرَهُ الْمُحْرِمُ مِنْ الْبَيْضِ وَإِنْ حَرُمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَفِي نُسَخٍ كَوْنُهُ بِالْإِفْرَادِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْ الصُّورَةَ فِيمَا مَرَّ بِالْحَرَمِ وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ الْكَتَبَةِ بِدَلِيلِ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: لَيْسَ لَهُ سَطْحُ بَدَنٍ) أَيْ لَا يَظْهَرُ بَدَنُهُ لِاسْتِتَارِهِ بِالرِّيشِ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ: حَرُمَ عَلَيْهِ تَغْلِيظًا) أَيْ أَكْلُهُ (قَوْلُهُ: كَمَا نَقَلَهُ فِي الْبَيْضِ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِمْدَادِ: وَلَوْ كَسَرَ أَحَدُهُمَا بَيْضَ صَيْدٍ أَوْ قَتَلَ جَرَادًا حَرُمَ عَلَيْهِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ لَا عَلَى غَيْرِهِ، كَمَا نَقَلَ فِي الْمَجْمُوعِ تَصْحِيحَهُ فِي الْبَيْضِ عَنْ جَمْعٍ وَالْقَطْعُ بِهِ عَنْ آخَرِينَ، وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَوْرَاقٍ: إنَّهُ أَصَحُّ، لَكِنْ قَالَ هُنَا: إنَّ الْأَشْهَرَ الْحُرْمَةُ. وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ إبَاحَةَ ذَلِكَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى فِعْلٍ بِدَلِيلِ حِلِّ ابْتِلَاعِهِ بِدُونِهِ، ثُمَّ رَأَيْت الْقَمُولِيَّ جَرَى عَلَى الثَّانِي فَقَالَ: إذَا حَلَبَ الْمُحْرِمُ لَبَنَ صَيْدِ حَرَمٍ عَلَى غَيْرِهِ كَكَسْرِ الْبَيْضِ وَغَيْرِهِ، وَغَيْرُهُ اعْتَرَضَهُ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَيْضِ وَجْهٌ فَقَدْ صَوَّبَ فِي الْمَجْمُوعِ حِلَّهُ انْتَهَتْ. وَبِهَا يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فَإِنَّ كَلَامَ الْمَجْمُوعِ كُلَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْغَيْرِ عَكْسُ مَا صَنَعَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: دُونَ الْحَلَالِ) أَيْ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ

[ما يحل من شجر الحرم وما يحرم]

إذْ إبَاحَةُ ذَلِكَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى فِعْلٍ بِدَلِيلِ حِلِّ ابْتِلَاعِهِ بِدُونِهِ وَإِنْ قَالَ هُنَا إنَّ الْأَشْهَرَ الْحُرْمَةُ، وَلِلْمُحْرِمِ أَكْلُ صَيْدٍ غَيْرِ حَرَمِيُّ إنْ لَمْ يَدُلَّ أَوْ يُعِنْ عَلَيْهِ، فَإِنْ دَلَّ أَوْ صِيدَ لَهُ وَلَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَعَلِمَهُ حَرُمَ عَلَيْهِ الْأَكْلُ مِنْهُ وَأَثِمَ بِالدَّلَالَةِ وَبِالْأَكْلِ وَإِنَّمَا حَرُمَتْ دَلَالَتُهُ لَلْحَلَال عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهَا دَلَالَةٌ عَلَى مُبَاحٍ لَلْحَلَال؛ لِأَنَّهَا تَعَرُّضٌ مِنْهُ لِلصَّيْدِ وَإِيذَاءٌ لَهُ وَجِنَايَةٌ عَلَيْهِ فَدَخَلَتْ فِي عُمُومِ التَّعَرُّضِ الَّذِي مَرَّ تَحْرِيمُهُ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهِ، لَكِنْ لَا جَزَاءَ عَلَيْهِ بِدَلَالَتِهِ وَلَا بِإِعَانَتِهِ وَلَا بِأَكْلِهِ مِمَّا صِيدَ لَهُ؛ وَلَوْ أَمْسَكَهُ مُحْرِمٌ حَتَّى قَتَلَهُ حَلَالٌ لَزِمَهُ الْجَزَاءُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِهِ عَلَى الْقَاتِلِ أَوْ مُحْرِمٌ رَجَعَ كَمَا مَرَّ. ، (وَيَحْرُمُ) عَلَى مُحْرِمٍ وَحَلَالٍ (قَطْعُ) أَوْ قَلْعُ (نَبَاتِ الْحَرَمِ) الرَّطْبِ وَكَانَ بَعْضُ أَصْلِهِ فِيهِ: أَيْ فِي الْحَرَمِ مُبَاحًا كَانَ أَوْ مَمْلُوكًا (الَّذِي لَا يُسْتَنْبَتُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ: أَيْ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ لَا يَسْتَنْبِتَهُ الْآدَمِيُّونَ بِأَنْ يَنْبُتَ بِنَفْسِهِ كَالطَّرْفَاءِ شَجَرًا أَوْ غَيْرَهُ لِقَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ الْمَارِّ «وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهُ» أَيْ لَا يُقْطَعُ «وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهُ» وَهُوَ بِالْقَصْرِ الْحَشِيشُ الرَّطْبُ وَقِيسَ بِمَكَّةَ بَاقِي الْحَرَمِ، وَفُهِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ غُرِسَتْ شَجَرَةٌ حَرَمِيَّةٌ فِي الْحِلِّ أَوْ عَكْسُهُ لَمْ تَنْتَقِلْ الْحُرْمَةُ عَنْهَا فِي الْأُولَى وَلَا إلَيْهَا فِي الثَّانِيَةِ، بِخِلَافِ صَيْدٍ دَخَلَ الْحَرَمَ، إذْ لِلشَّجَرِ أَصْلٌ ثَابِتٌ فَاعْتُبِرَ مَنْبَتُهُ، بِخِلَافِ الصَّيْدِ فَاعْتُبِرَ مَكَانُهُ وَلَا تُضْمَنُ حَرَمِيَّةٌ نُقِلَتْ مِنْ الْحَرَمِ إلَيْهِ إنْ نَبَتَتْ وَكَذَا إلَى الْحِلِّ، لَكِنْ يَجِبُ رَدُّهَا مُحَافَظَةً عَلَى حُرْمَتِهَا وَإِلَّا ضَمِنَهَا كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ وَاعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ: أَيْ بِمَا بَيْنَ قِيمَتِهَا مُحْتَرَمَةً وَغَيْرَ مُحْتَرَمَةٍ، وَمَنْ قَلَعَهَا مِنْ الْحِلِّ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ ضَمَانُهَا وَفُهِمَ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ غُصْنًا فِي الْحَرَمِ أَصْلُهُ فِي الْحِلِّ نَظَرًا لِأَصْلِهِ وَإِنْ ضَمِنَ صَيْدًا فَوْقَهُ لِذَلِكَ. قَالَ الْفُورَانِيُّ: وَلَوْ غَرَسَ فِي الْحِلِّ نَوَاةَ شَجَرَةٍ حَرَمِيَّةٍ ثَبَتَ لَهَا حُكْمُ الْأَصْلِ، وَيَحْرُمُ قَطْعُ شَجَرَةٍ أَصْلُهَا فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ تَغْلِيبًا لِلْحُرْمَةِ، وَخَرَجَ بِالرَّطْبِ الْيَابِسُ، فَلَا يَحْرُمُ قَطْعُهُ وَلَا قَلْعُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ نَابِتًا فِي الْحَرَمِ بَلْ مَغْرُوزٌ فِيهِ بِشَرْطِ مَوْتِ أَصْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى الْمُحْرِمِ، وَكَذَا مَا قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ مِنْ الْجَرَادِ وَمِثْلُهُمَا مَا حَلَبَهُ الْمُحْرِمُ مِنْ اللَّبَنِ اهـ حَجّ. وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَ أَنَّ مَا جَزَّهُ الْمُحْرِمُ مِنْ الشَّعْرِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ دُونَ الْحَلَالِ، هَذَا وَقَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِالْحَلَالِ حُرْمَةُ أَكْلِهِ عَلَى مُحْرِمٍ آخَرَ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِ حَجّ الْحِلُّ لِغَيْرٍ كَأَسْرِهِ مِنْ حَلَالٍ أَوْ مُحْرِمٍ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ) أَيْ الْمُحْرِمَ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ قَطْعُ نَبَاتِ الْحَرَمِ) أَيْ مَا نَبَتَ فِيهِ وَإِنْ نُقِلَ إلَى غَيْرِهِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَلَا يَحْرُمُ وَإِنْ نُقِلَ إلَى الْحَرَمِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَفُهِمَ مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ نَبَاتُ الْحَرَمِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ صَيْدٍ دَخَلَ الْحَرَمَ) أَيْ أَوْ أُخْرِجَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لَا يَضْمَنُ غُصْنًا فِي الْحَرَمِ أَصْلُهُ فِي الْحِلِّ) أَيْ بِخِلَافِ عَكْسِهِ فِيهِمَا فَيَضْمَنُ أَغْصَانَ شَجَرَةٍ فِي الْحِلِّ أَصْلُهَا فِي الْحَرَمِ، وَلَا يَضْمَنُ صَيْدًا عَلَى أَغْصَانِهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمُحْرِمِ (قَوْلُهُ وَإِنْ ضَمِنَ صَيْدًا فَوْقَهُ لِذَلِكَ) أَيْ لِكَوْنِهِ فِي هَوَاءِ الْحَرَمِ (قَوْلُهُ: ثَبَتَ لَهَا حُكْمُ الْأَصْلِ) وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَقُولَ دُونَ غَيْرِهِ كَمَا فِي الْإِمْدَادِ. [مَا يَحِلّ مِنْ شجر الحرم وَمَا يحرم] (قَوْلُهُ: وَكَانَ بَعْضُ أَصْلِهِ فِيهِ) لَعَلَّهُ أَوْ كَانَ بَعْضُ أَصْلِهِ فِيهِ بِزِيَادَةِ هَمْزَةٍ قَبْلَ الْوَاوِ وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِتَقْيِيدِهِ الْمَتْنَ بِذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَلَا يَضْمَنُ حَرَمِيُّهُ نَقَلْت إلَخْ) أَنْ لَا يَضْمَنَهَا الضَّمَانَ الْآتِيَ بِالْبَقَرَةِ أَوْ الشَّاةِ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا ضَمِنَهَا كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُرِدْهَا. وَالصُّورَةُ أَنَّهَا نَبَتَتْ فَمَعْنَى ضَمَانِهَا تَعَلُّقُهُ بِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا إذَا لَمْ تَنْبُتْ أَنَّهُ يَضْمَنُهَا بِالْبَقَرَةِ أَوْ الشَّاةِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ قَطَعَهَا مِنْ الْحِلِّ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ قَلَعَهَا، وَالْمُرَادُ مِنْ قَطْعِهَا أَوْ قَلْعِهَا مِنْ الْحِلِّ بَعْدَ غَرْسِ الْأَوَّلِ لَهَا فِيهِ يَكُونُ فِعْلُهُ قَاطِعًا لِحُكْمِ فِعْلِ الْأَوَّلِ وَيَنْتَقِلُ الضَّمَانُ إلَيْهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَفُهِمَ أَيْضًا إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِمْدَادِ: وَأَفْهَمَ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ غُصْنًا فِي الْحَرَمِ أَصْلُهُ فِي الْحِلِّ نَظَرًا لِأَصْلِهِ وَإِنْ ضَمِنَ صَيْدًا فَوْقَهُ نَظَرًا لِمَكَانِهِ، وَأَنَّهُ يَضْمَنُ غُصْنًا فِي الْحِلِّ أَصْلُهُ فِي الْحَرَمِ وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ الصَّيْدَ فَوْقَهُ لِذَلِكَ انْتَهَتْ. فَلَعَلَّ الْجُمْلَةَ الْأُولَى سَقَطَتْ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ، إذْ مِنْ جُمْلَتِهَا مَرْجِعُ الضَّمِيرِ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ قَطْعُ شَجَرَةٍ أَصْلُهَا فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ) تَقَدَّمَ هَذَا فِي كَلَامِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ مَوْتِ أَصْلِهِ) هُنَا سَقْطٌ فِي

وَلَمْ يُرْجَ نَبَاتُهُ وَإِلَّا لَمْ يَحِلَّ بِخِلَافِ قَطْعِهِ فَيَحِلُّ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا لَمْ يَأْتِ نَظِيرُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي الشَّجَرِ الْيَابِسِ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَخْلَفُ مَعَ الْقَطْعِ وَلَا كَذَلِكَ الشَّجَرُ، فَإِنَّ فِي الْمَجْمُوعِ: وَإِطْلَاقُ الْحَشِيشِ عَلَى الرَّطْبِ مَجَازٌ فَإِنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْيَابِسِ وَإِنَّمَا يُقَالُ لِلرَّطْبِ كَلَأٌ وَعُشْبٌ، وَلَوْ أَخَذَ غُصْنًا مِنْ شَجَرَةٍ حَرَمِيَّةٍ فَأَخْلَفَ مِثْلَهُ فِي سَنَتِهِ بِأَنْ كَانَ لَطِيفًا كَالسِّوَاكِ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يُخْلِفْ أَوْ أَخْلَفَ لَا مِثْلَهُ أَوْ مِثْلَهُ لَا فِي سَنَتِهِ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ، فَإِنْ أَخْلَفَ مِثْلَهُ بَعْدَ وُجُوبِ ضَمَانِهِ لَمْ يَسْقُطْ الضَّمَانُ كَمَا لَوْ قَلَعَ سِنَّ مَثْغُورٍ فَنَبَتَتْ، وَيَجُوزُ أَخْذُ أَوْرَاقِ الشَّجَرِ بِلَا خَبْطٍ لِئَلَّا يَضُرَّ بِهَا، إذْ خَبْطُهَا حَرَامٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ، وَنَقَلَ اتِّفَاقَهُمْ عَلَى جَوَازِ أَخْذِ ثَمَرِهَا وَعُودِ السِّوَاكِ وَنَحْوِهِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْغُصْنَ اللَّطِيفَ وَإِنْ لَمْ يُخْلِفْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ. قَالَ الشَّيْخُ: لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ انْتَهَى، وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ مَا هُنَا عَلَى مَا هُنَاكَ (وَالْأَظْهَرُ تَعَلُّقُ الضَّمَانِ بِهِ) أَيْ بِقَطْعِ نَبَاتِ الْحَرَمِ الرَّطْبِ، وَهُوَ شَامِلٌ لِلشَّجَرِ كَمَا مَرَّ فَقَوْلُهُ (وَبِقَطْعِ أَشْجَارِهِ) مِنْ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ لِلِاهْتِمَامِ (فَفِي) أَيْ يَجِبُ فِي قَطْعِ أَوْ قَلْعِ (الشَّجَرَةِ) الْحَرَمِيَّةِ (الْكَبِيرَةِ) بِأَنْ تُسَمَّى كَبِيرَةً عُرْفًا (بَقَرَةٌ) كَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَلَا يُقَالُ مِثْلُهُ إلَّا بِتَوْقِيفٍ، وَسَوَاءٌ أَخْلَفَتْ الشَّجَرَةُ أَمْ لَا، وَالْبَدَنَةُ فِي مَعْنَى الْبَقَرَةِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَسْمَحُوا بِهَا عَنْ الْبَقَرَةِ وَلَا عَنْ الشَّاةِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ لِمُرَاعَاتِهِمْ الْمِثْلِيَّةَ فِيهِ بِخِلَافِهِ هُنَا (وَ) فِي (الصَّغِيرَةِ) إنْ قَارَبَتْ سُبُعَ الْكَبِيرَةِ (شَاةٌ) فَإِنْ صَغُرَتْ جِدًّا فَفِيهَا الْقِيمَةُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَسَكَتَ الرَّافِعِيُّ عَمَّا جَاوَزَ سُبُعَ الْكَبِيرَةِ وَلَمْ يَنْتَهِ إلَى حَدِّ الْكِبَرِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ فِيهِ شَاةٌ أَعْظَمُ مِنْ الْوَاجِبَةِ فِي سُبُعِ الْكَبِيرَةِ اهـ. وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْوَاجِبِ فِي غَيْرِ الشَّجَرِ مِنْ النَّبَاتِ، وَالْوَاجِبُ فِيهِ الْقِيمَةُ؛ لِأَنَّهُ الْقِيَاسُ وَلَمْ يَرِدْ نَصٌّ بِدَفْعِهِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ كَالرَّافِعِيِّ لِسِنِّ الْبَقَرَةِ وَالشَّاةِ. وَالْأَوْجَهُ اشْتِرَاطُ إجْزَائِهِمَا فِي الْأُضْحِيَّةِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَإِنْ جَرَى الْإِسْنَوِيُّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الشَّاةِ وَالْبَقَرَةِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْبَقَرَةِ أَوْ الشَّاةِ بِمُجَرَّدِ الْقَطْعِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَلْعِ الشَّجَرَةِ، وَكَلَامُ التَّنْبِيهِ يَقْتَضِي التَّوَقُّفَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُصَرِّحَا فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ بِالْمَسْأَلَةِ نَعَمْ عَبَّرَ الرَّافِعِيُّ بِالتَّامَّةِ، وَلَعَلَّهُ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ قَطْعِ الْغُصْنِ (قُلْت: وَ) كَذَا (الْمُسْتَنْبَتُ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSلَوْ غَرَسَ فِي الْحَرَمِ نَوَاةً مِنْ شَجَرَةِ حِلْيَةٍ لَمْ تَثْبُتْ الْحُرْمَةُ لَهَا، وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَقَلَ تُرَابَ الْحِلِّ إلَى الْحَرَمِ، لَمْ تَثْبُتْ الْحُرْمَةُ اعْتِبَارًا بِأَصْلِهِ، وَقَدْ يَشْمَلُ ذَلِكَ قَوْلَ حَجّ. أَمَّا مَا اسْتُنِبْتَ فِي الْحَرَمِ مِمَّا أَصْلُهُ مِنْ الْحِلِّ فَلَا شَيْءَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَحِلَّ) أَيْ وَإِلَّا يَرْجُ نَبَاتَهُ لَمْ تَحِلَّ (قَوْلُهُ: فَيَحِلُّ مُطْلَقًا) مَاتَ أَصْلُهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: فَإِنَّ حَقِيقَةَ إلَخْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنَّ حَقِيقَةَ الْيَابِسِ (قَوْلُهُ: أَوْ مِثْلُهُ لَا فِي سَنَتِهِ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ) أَيْ بِالْقِيمَةِ عَلَى مَا يَأْتِي، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَوْ اخْتَلَفَتْ فِي سَنَتِهِ دُونَهُ ضَمِنَهَا ضَمَانَ الْكُلِّ لَا التَّفَاوُتُ بَيْنَ قِيمَةِ الْمَقْطُوعِ وَمَا أَخْلَفَ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُضِرَّ بِهَا) مِنْ أَضَرَّ فَهُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ أَخْلَفَتْ الشَّجَرَةُ أَمْ لَا) وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ الشَّجَرَةِ وَالْغُصْنِ بِأَنَّ الْغُصْنَ اللَّطِيفَ مِنْ شَأْنِهِ الْإِخْلَافُ وَلَا كَذَلِكَ الشَّجَرَةُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا نَصُّهُ: وَكَانَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ: أَيْ الْحَشِيشِ وَبَيْنَ غُصْنِ الشَّجَرَةِ حَيْثُ فَصَلُوا فِيهِ بَيْنَ الشَّجَرِ إذَا أُخِذَ مِنْ أَصْلِهِ يُضْمَنُ وَإِنْ أَخْلَفَ فِي سَنَتِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ أَيْضًا أَنَّ الشَّجَرَ يُحْتَاطُ لَهُ أَكْثَرُ، إذْ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْمُسْتَنْبَتِ وَغَيْرِهِ وَيُضْمَنُ بِالْحَيَوَانِ بِخِلَافِ الْحَشِيشِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَالْبَدَنَةُ فِي مَعْنَى الْبَقَرَةِ) أَيْ بَلْ هِيَ أَفْضَلُ مِنْ الْبَقَرَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَسْمَحُوا بِهَا عَنْ الْبَقَرَةِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولُوا بِإِجْزَائِهَا عَنْهَا (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَسَكَتَ الرَّافِعِيُّ) لَعَلَّ الْمُرَادَ سَكَتَ عَنْ التَّصْرِيحِ بِهِ، وَإِلَّا فَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ عَلَى مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْهُ أَنَّ مَا دُونَ الْكَبِيرَةِ يُضْمَنُ بِشَاةٍ صَادِقٌ بِالْقَرِيبَةِ مِنْ الْكَبِيرَةِ. (قَوْلُهُ: أَعْظَمُ مِنْ الْوَاجِبَةِ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاعَى فِي الْعِظَمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالنُّسَخِ، وَلَعَلَّ السَّاقِطَ عَقِبَ قَوْلِهِ بَلْ هُوَ مَغْرُوزٌ فِيهِ نَحْوُ قَوْلِهِ كَقَلْعِ حَشِيشِهِ وَقَطْعِهِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَحْرُمُ إنْ كَانَ أَخْضَرَ، بِخِلَافِ الْيَابِسِ فَإِنَّهُ يَحِلُّ قِطْعَةُ بِشَرْطِ إلَخْ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْإِرْشَادِ وَشَرْحِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ قُلْت)

وَهُوَ مَا اسْتَنْبَتَهُ الْآدَمِيُّونَ مِنْ الشَّجَرِ (كَغَيْرِهِ) فِي الْحُرْمَةِ وَالضَّمَانِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَهُوَ الْقَوْلُ الْأَظْهَرُ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ تَشْبِيهًا لَهُ بِالزَّرْعِ: أَيْ كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالْبُقُولِ وَالْخَضْرَاوَاتِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَطْعُهُ وَلَا ضَمَانَ فِيهِ بِلَا خِلَافٍ. قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَكَالزَّرْعِ مَا نَبَتَ بِنَفْسِهِ (وَيَحِلُّ) مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ (الْإِذْخِرُ) قَلْعًا وَقَطْعًا لِاسْتِثْنَائِهِ فِي الْخَبَرِ الْمَارِّ. قَالَ الْعَبَّاسُ «يَا رَسُولَ اللَّهِ إلَّا الْإِذْخِرَ فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا الْإِذْخِرَ» وَمَعْنَى كَوْنِهِ لِبُيُوتِهِمْ أَنَّهُمْ يَسْقُفُونَهَا بِضَمِّ الْقَافِ فَوْقَ الْخَشَبِ، وَالْقَيْنُ الْحَدَّادُ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ جَوَازَ تَصَرُّفِ الْآخِذِ لِذَلِكَ بِجَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَهُوَ مَا عَبَّرَ بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَتَاوِيهِ بِقَوْلِهِ قَدْ يُقَالُ يَجُوزُ بَيْعُهُ لِخَبَرِ الْعَبَّاسِ: إلَّا الْإِذْخِرَ، فَيَشْمَلُ مَنْ أَخَذَهُ لِيَنْتَفِعَ بِثَمَنِهِ، وَقَدْ قَالُوا: إنَّ الْإِذْخِرَ مُبَاحٌ، ثُمَّ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا أُبِيحَ لِحَاجَةٍ فِي جِهَةٍ خَاصَّةٍ، وَقَدْ قَالُوا: لَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ وَالْبَقِيعِ (وَكَذَا) (الشَّوْكُ) يَحِلُّ شَجَرُهُ (كَالْعَوْسَجِ) جَمْعُ عَوْسَجَةٍ نَوْعٌ مِنْ الشَّوْكِ (وَغَيْرُهُ) مِنْ كُلِّ مُؤْذٍ كَالْمُنْتَشِرِ مِنْ الْأَغْصَانِ الْمُضِرَّةِ فِي طَرِيقِ النَّاسِ (عِنْدَ الْجُمْهُورِ) كَالصَّيْدِ الْمُؤْذِي، وَقَدْ أَجَابَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «وَلَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ» بِأَنَّهُ مُخَصَّصٌ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ، وَمَا اعْتَرَضَهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ غَيْرَهُ فَكَيْفَ يَجِيءُ التَّخْصِيصُ؟ يُرَدُّ بِأَنَّهُ مُتَنَاوِلٌ لِمَا فِي الطُّرُقَاتِ وَغَيْرِهِ فَيُخَصُّ بِغَيْرِ مَا فِي الطُّرُقَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْذِي، وَقِيلَ يَحْرُمُ وَيَجِبُ الضَّمَانُ بِقَطْعِهِ، وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّيُودِ الْمُؤْذِيَةِ بِأَنَّهَا تَقْصِدُ الْأَذَى بِخِلَافِ الشَّجَرِ. وَيَجُوزُ رَعْيُ حَشِيشِ الْحَرَمِ بَلْ وَشَجَرُهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ بِالْبَهَائِمِ؛ لِأَنَّ الْهَدَايَا كَانَتْ تُسَاقُ فِي عَصْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَمَا كَانَتْ تُسَدُّ أَفْوَاهُهَا فِي الْحَرَمِ (وَالْأَصَحُّ حِلُّ أَخْذِ نَبَاتِهِ) مِنْ حَشِيشٍ أَوْ نَحْوِهِ (لِعَلْفِ الْبَهَائِمِ) بِسُكُونِ اللَّامِ كَمَا يَجُوزُ تَسْرِيحُهَا فِيهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَلِلدَّوَاءِ) بِالْمَدِّ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَحَنْظَلٍ وَسَنَى وَتَغَذٍّ كَرَجْلَةٍ وَبَقْلَةٍ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ فِي مَعْنَى الزَّرْعِ وَلَا يُقْطَعُ لِذَلِكَ إلَّا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَجُزْ قَطْعُهُ لِلْبَيْعِ مِمَّنْ يَعْلِفُ بِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ؛ لِأَنَّهُ كَطَعَامٍ أُبِيحَ أَكْلُهُ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ـــــــــــــــــــــــــــــSالنِّسْبَةُ بَيْنَ الصَّغِيرَةِ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَنْتَهِ إلَى حَدِّ الْكَبِيرَةِ، فَإِذَا كَانَ قِيمَةُ الْمُجْزِئَةِ فِي الصَّغِيرَةِ دِرْهَمًا وَالزَّائِدَةُ عَلَيْهَا فِي الْمِقْدَارِ بَلَغَتْ نِصْفَ الشَّجَرَةِ اُعْتُبِرَ فِي الشَّاةِ الْمُجْزِئَة فِيهَا أَنْ تُسَاوِيَ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَنِصْفَ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَةَ بِسَبْعِ مِنْ الْكَبِيرَةِ تَقْرِيبًا وَهَذِهِ مِقْدَارُ النِّصْفِ، وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا سُبْعَانِ وَنِصْفُ سُبْعٍ، وَنَظِيرُ هَذَا مَا مَرَّ فِي الزَّكَاةِ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْفَصِيلِ أَوْ ابْنِ اللَّبُونِ زِيَادَةُ قِيمَتِهِ عَلَى الْمَأْخُوذِ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ بِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ التَّفَاوُتِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا اسْتَنْبَتَهُ الْآدَمِيُّونَ مِنْ الشَّجَرِ) أَيْ مِنْ الزَّرْعِ (قَوْلُهُ: وَكَالزَّرْعِ مَا نَبَتَ بِنَفْسِهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ مِمَّا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَسْتَنْبِتَهُ النَّاسُ كَحِنْطَةٍ حَمَلَهَا سَيْلٌ أَوْ هَوَاءٌ (قَوْلُهُ: الْإِذْخِرَ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ انْتَهَى مَحَلِّيٌّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ قَالُوا لَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ) أَيْ فَيَحْرُمُ بَيْعُهُ وَلَا يَصِحُّ خِلَافًا لِحَجِّ (قَوْلُهُ مِنْ الْأَغْصَانِ الْمُضِرَّةِ فِي طَرِيقِ النَّاسِ) مَفْهُوهُهُ أَنَّ الْأَغْصَانَ الْمُضِرَّةَ بِالشَّجَرِ نَفْسِهِ كَكَثْرَةِ جَرِيدِ النَّخْلِ مَثَلًا لَا يَجُوزُ قَطْعُهُ، وَيَنْبَغِي الْجَوَازُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِصْلَاحِ (قَوْلُهُ: يُرَدُّ بِأَنَّهُ إلَخْ) لَكِنْ هَذَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُرْمَةِ قَطْعِ السِّوَاكِ مِنْ غَيْرِ الطَّرِيقِ. وَقَضِيَّةُ الْمَتْنِ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: بَلْ وَشَجَرُهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَطْعُهُ لِلدَّوَابِّ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ الْآتِي مِنْ حَشِيشٍ أَوْ نَحْوِهِ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: كَرَجْلَةٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ الْأَوْلَى حَذْفُهُ (قَوْلُهُ: يُرَدُّ بِأَنَّهُ مُتَنَاوِلٌ لِمَا فِي الطَّرَقَاتِ وَغَيْرِهِ) هَذَا الرَّدُّ لَا يُلَاقِي اعْتِرَاضَ السُّبْكِيّ، إذْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الشَّوْكَ كُلَّهُ مُؤْذٍ: أَيْ إمَّا بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْقُوَّةِ، وَمِنْ ثَمَّ رَدَّ الشِّهَابُ حَجّ هَذَا الرَّدَّ بِقَوْلِهِمْ: لَا فَرْقَ

وَغَيْرُهُ أَنَّا حَيْثُ جَوَّزْنَا أَخْذَ السِّوَاكِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ جَوَازَ أَخْذِهِ لِلدَّوَاءِ وَالْعَلَفِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُودِ السَّبَبِ حَتَّى يَجُوزَ أَخْذُهُ لِيَسْتَعْمِلَهُ عِنْدَ وُجُودِهِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ وَهُوَ الْمُتَّجَهُ، وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ بَعْضَهُمْ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَمْنَعُ ذَلِكَ وُقُوفًا مَعَ ظَاهِرِ الْخَبَرِ، وَاقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى النَّبَاتِ يُفْهِمُ عَدَمَ التَّعَدِّي لِغَيْرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَيَحْرُمَ نَقْلُ تُرَابِ الْحَرَمِ وَحَجَرِهِ إلَى الْحِلِّ فَيَجِبَ رَدُّهُ إلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِنَامٍ فَأَشْبَهَ الْكَلَأَ الْيَابِسَ، وَنَقْلُ تُرَابِ الْحِلِّ وَأَحْجَارِهِ إلَى الْحَرَمِ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ لِئَلَّا يُحْدِثَ لَهُ حُرْمَةً لَمْ تَكُنْ، وَلَا يُقَالُ مَكْرُوهٌ لِعَدَمِ ثُبُوتِ النَّهْيِ فِيهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ لِحَاجَةِ بِنَاءٍ وَنَحْوِهِ وَإِنْ ذَهَبَ فِي الرَّوْضَةِ إلَى الْكَرَاهَةِ، وَيَحْرُمُ أَخْذُ طِيبِ الْكَعْبَةِ أَوْ سُتْرَتِهَا، وَيَجِبُ رَدُّ مَا أَخَذَ مِنْهُمَا فَإِنْ أَرَادَ التَّبَرُّكَ بِهَا أَتَى بِطِيبٍ مَسَحَهَا بِهِ ثُمَّ أَخَذَهُ، وَفِي الرَّوْضَةِ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ: الْأَمْرُ فِي سُتْرَتِهَا إلَى الْإِمَامِ يَصْرِفُهَا فِي بَعْضِ مَصَارِفِ بَيْتِ الْمَالِ بَيْعًا وَعَطَاءً؛ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَقِسْهُمَا عَلَى الْحَاجِّ وَهُوَ حَسَنٌ مُتَعَيِّنٌ لِئَلَّا تَتْلَفَ بِالْبِلَى. ثُمَّ نُقِلَ عَنْ جَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ جَوَّزُوا ذَلِكَ وَلَهُ لُبْسُهَا وَلَوْ لِنَحْوِ حَائِضٍ وَكَذَا اسْتَحْسَنَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، لَكِنْ نَبَّهَ فِي الْمُهِمَّاتِ عَلَى أَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا وَافَقَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ آخِرَ الْوَقْفِ أَنَّهَا تُبَاعُ إذَا لَمْ يَبْقَ فِيهَا جَمَالٌ وَيُصْرَفُ ثَمَنُهَا فِي مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ وَحَمَلَهُ عَلَى مَا إذَا وُقِفَتْ لِلْكِسْوَةِ، وَكَلَامُ ابْنِ الصَّلَاحِ وَعَلَى مَا إذَا كَسَاهَا الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ وُقِفَتْ تَعَيَّنَ صَرْفُهَا فِي مَصَالِحِ الْكَعْبَةِ جَزْمًا، وَأَمَّا إذَا مَلَّكَهَا مَالِكُهَا لِلْكَعْبَةِ فَلِقَيِّمِهَا مَا يَرَاهُ مِنْ تَعْلِيقِهَا عَلَيْهَا أَوْ بَيْعِهَا وَصَرْفِ ثَمَنِهَا لِمَصَالِحِهَا، فَإِنْ وُقِفَ شَيْءٌ عَلَى أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ رِيعِهِ وَشَرَطَ الْوَاقِفُ شَيْئًا مِنْ بَيْعٍ أَوْ إعْطَاءٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ اُتُّبِعَ، وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يَقِفْهَا النَّاظِرُ فَلَهُ بَيْعُهَا وَصَرْفُ ثَمَنِهَا فِي كِسْوَةٍ أُخْرَى، فَإِنْ وَقَفَهَا فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ مِنْ الْخِلَافِ فِي الْبَيْعِ. قَالَ: وَبَقِيَ قِسْمٌ آخَرُ وَهُوَ الْوَاقِعُ الْيَوْمَ، وَهُوَ أَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَشْتَرِطْ شَيْئًا وَشَرَطَ تَجْدِيدَهَا كُلَّ سَنَةٍ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ بَنِي شَيْبَةَ كَانُوا يَأْخُذُونَهَا كُلَّ سَنَةٍ لَمَّا كَانَتْ تُكْسَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَرَجَّحَ فِي هَذَا أَنَّ لَهُمْ أَخْذَهَا الْآنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ وَخُبَّيْزَةٍ (قَوْلُهُ: حَيْثُ جَوَّزَنَا أَخْذَ السِّوَاكِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ) مُعْتَمَدٌ وَهَلْ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ عِوَضٍ فِي مُقَابَلَةِ رَفْعِ الْيَدِ عَنْ الِاخْتِصَاصِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ نَقْلُ تُرَابِ الْحَرَمِ وَحَجَرِهِ إلَى الْحِلِّ) أَيْ دُونَ مَائِهِ (قَوْلُهُ: فَأَشْبَهَ الْكَلَأَ الْيَابِسَ) أَيْ فِي مُجَرَّدِ عَدَمِ الضَّمَانِ فَلَا يُنَافِي الْكَلَأَ الْيَابِسَ لَا يَحْرُمُ قَطْعُهُ لَكِنْ هَلْ يَحْرُمُ نَقْلُهُ إلَى غَيْرِ الْحَرَمِ كَتُرَابِهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِحَاجَةِ بِنَاءٍ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ كَانَ لِذَلِكَ كَانَ مُبَاحًا (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ أَخْذُ طِيبِ الْكَعْبَةِ أَوْ سُتْرَتِهَا) أَيْ يَحْرُمُ عَلَى الْآحَادِ الِاسْتِقْلَالُ بِأَخْذِهَا، وَأَمْرُهَا لِلْإِمَامِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ لِمَا وَافَقَ عَلَيْهِ) أَيْ النَّوَوِيُّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وُقِفَتْ تَعَيَّنَ صَرْفُهَا) مُعْتَمَدٌ وَلَيْسَ مِنْ وَقْفِهَا مَا اُعْتِيدَ فِي زَمَانِنَا مِنْ أَخْذِ غَلَّةِ مَا وُقِفَ عَلَيْهَا ثُمَّ يَشْتَرِي بِهِ وَالْأَمْرُ فِيهَا لِلْإِمَامِ (قَوْلُهُ: فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ مِنْ الْخِلَافِ) لَمْ يَتَقَدَّمْ هُنَا حِكَايَةُ خِلَافٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَيْنَ مَا فِي الطَّرِيقِ وَغَيْرِهَا الصَّرِيحُ فِي أَنَّ الْمُرَادَ الْمُؤْذِي بِالْفِعْلِ أَوْ الْقُوَّةِ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ أَخْذُ طِيبِ الْكَعْبَةِ أَوْ سُتْرَتِهَا) أَيْ اسْتِبْدَادًا وَإِلَّا فَالْأَمْرُ فِي ذَاكَ لِلْإِمَامِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ حَسَنٌ مُتَعَيِّنٌ) مِنْ جُمْلَةِ كَلَامِ الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وُقِفَتْ تَعَيَّنَ صَرْفُهَا فِي مَصَالِحِ الْكَعْبَةِ جَزْمًا) سَقَطَ قَبْلَهُ كَلَامٌ مِنْ نُسَخِ الشَّرْحِ، وَعِبَارَةُ الْإِمْدَادِ كَشَرْحِ الرَّوْضِ، وَحَمَلَهُ عَلَى مَا إذَا وُقِفَتْ لِلْكِسْوَةِ، وَكَلَامُ ابْنِ الصَّلَاحِ عَلَى مَا إذَا كَسَاهَا الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ حَيْثُ ذَكَرَ أَنَّهَا إمَّا أَنْ تُوقَفَ عَلَى الْكَعْبَةِ وَحُكْمُهَا مَا مَرَّ وَخَطَّأَهُ غَيْرُهُ بِأَنَّ مَا مَرَّ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا كُسِيَتْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ وُقِفَتْ تَعَيَّنَ

وَقَالَ الْعَلَائِيُّ: لَا تَرَدُّدَ فِي جَوَازِ بَيْعِهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ، وَحُدُودُ الْحَرَمِ مَعْرُوفَةٌ نَظَمَ بَعْضُهُمْ مَسَافَتَهَا بِالْأَمْيَالِ فِي قَوْلِهِ: وَلِلْحَرَمِ التَّحْدِيدُ مِنْ أَرْضٍ طَيْبَةَ ... ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ إذَا رُمْت إتْقَانَهْ وَسَبْعَةُ أَمْيَالٍ عِرَاقٌ وَطَائِفٌ ... وَجُدَّةُ عَشْرٌ ثُمَّ تِسْعٌ جِعْرَانَهْ بِتَقْدِيمِ السِّينِ فِي الْأُولَى بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ: وَمِنْ يَمَنٍ سَبْعٌ بِتَقْدِيمِ سِينِهِ ... وَقَدْ كَمُلَتْ فَاشْكُرْ لِرَبِّك إحْسَانَهْ. (وَصَيْدُ) حَرَمِ (الْمَدِينَةِ) وَأَخْذُ نَبَاتِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (حَرَامٌ) وَكَذَا وَجُّ وَادٍ بِالطَّائِفِ لِخَبَرِ «إنِّي حَرَّمْت الْمَدِينَةَ» أَيْ أَحْدَثْت حُرْمَتَهَا «كَمَا حَرَّمَ إبْرَاهِيمُ مَكَّةَ» أَيْ أَظْهَرَ حُرْمَتَهَا إذْ الْأَصَحُّ أَنَّهَا حُرِّمَتْ مِنْ حِينِ خُلِقَتْ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَعَرْضُ الْحَرَمِ مَا بَيْنَ حَرَّتَيْهَا وَهِيَ الْحِجَارَةُ السُّودُ، وَطُولُهُ مَا بَيْنَ عَيْرٍ وَثَوْرٍ وَهُوَ جَبَلٌ صَغِيرٌ وَرَاءَ أُحُدٍ (وَلَا يُضْمَنُ) الصَّيْدُ وَلَا النَّبَاتُ (فِي الْجَدِيدِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلًّا لِلنُّسُكِ بِخِلَافِ حَرَمِ مَكَّةَ، وَالْقَدِيمُ أَنَّهُ يُضْمَنُ بِسَلْبِ الصَّائِدِ وَالْقَاطِعِ لِشَجَرِهِ، وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَجْمُوعِ وَتَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ لِثُبُوتِ ذَلِكَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الشَّجَرِ وَأَبُو دَاوُد فِي الصَّيْدِ وَعَلَى هَذَا فَقِيلَ إنَّهُ كَسَلْبِ الْقَتِيلِ الْكَافِرِ، وَقِيلَ ثِيَابُهُ فَقَطْ، وَقِيلَ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ يُتْرَكُ لِلْمَسْلُوبِ مَا يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ السَّلْبَ لِلسَّالِبِ، وَقِيلَ لِفُقَرَاء الْمَدِينَةِ، وَقِيلَ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَالنَّقِيعُ بِالنُّونِ وَقِيلَ بِالْبَاءِ لَيْسَ بِحَرَمٍ، وَلَكِنْ حَمَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِنَعَمِ الصَّدَقَةِ وَنَعَمِ الْجِزْيَةِ فَلَا يُمْلَكُ شَيْءٌ مِنْ نَبَاتِهِ وَلَا يَحْرُمُ صَيْدُهُ وَلَا يُضْمَنُ، وَيَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ مِنْ نَبَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهُ فَيَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ قَالَ الشَّيْخَانِ: وَمَصْرِفُهَا مَصْرِفُ نَعَمِ الْجِزْيَةِ وَالصَّدَقَةِ، وَبَحَثَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهَا لِبَيْتِ الْمَالِ ، ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ الدِّمَاءِ وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ؛ لِأَنَّ الدَّمَ إمَّا مُخَيَّرٌ أَوْ مُرَتَّبٌ وَكُلٌّ مِنْهُمَا إمَّا مُعَدَّلٌ أَوْ مُقَدَّرٌ، وَسَتَأْتِي مَجْمُوعَةٌ آخِرَ هَذَا الْبَابِ. وَقَدْ بَدَأَ بِالْمُخَيَّرِ الْمُعَدَّلِ فَقَالَ (وَيُتَخَيَّرُ فِي) جَزَاءِ إتْلَافِ (الصَّيْدِ الْمِثْلِيِّ بَيْنَ) ثَلَاثَةِ أُمُورٍ (ذَبْحُ) بِمُعْجَمَةٍ (مِثْلِهِ) بِمُثَلَّثَةٍ (وَ) بَيْنَ (الصَّدَقَةِ بِهِ) بِأَنْ يُفَرِّقَ لَحْمَهُ مَعَ النِّيَّةِ حَتْمًا (عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ) وَعَلَى فُقَرَائِهِ أَوْ يُمَلِّكَهُمْ جُمْلَتَهُ مَذْبُوحًا، وَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ حَيًّا وَلَا أَكْلُ شَيْءٍ مِنْهُ (وَبَيْنَ أَنْ يُقَوِّمَ الْمِثْلَ) بِالنَّقْدِ الْغَالِبِ (دَرَاهِمَ) أَوْ غَيْرَهَا (وَيَشْتَرِيَ بِهَا طَعَامًا لَهُمْ) مِمَّا يُجْزِي فِي الْفِطْرَةِ أَوْ يُخْرِجَ مِقْدَارَهَا مِنْ طَعَامِهِ إذْ الشِّرَاءُ مِثَالٌ (أَوْ يَصُومَ) فِي أَيِّ مَكَان شَاءَ (عَنْ كُلِّ مُدٍّ) مِنْ الطَّعَامِ (يَوْمًا) وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95] الْآيَةَ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ ذَبْحُ الْمِثْلِ مَا لَوْ قَتَلَ صَيْدًا مِثْلِيًّا حَامِلًا فَلَا يَجُوزُ ذَبْحُ مِثْلِهِ كَمَا مَرَّ بَلْ يُقَوِّمُ الْمِثْلَ حَامِلًا وَيَتَصَدَّقُ بِقِيمَتِهِ طَعَامًا وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ عَدَمُ اخْتِصَاصِ التَّقْوِيمِ بِالدَّرَاهِمِ. وَقَوْلُهُ لَهُمْ: أَيْ لِأَجْلِهِمْ إذْ الشِّرَاءُ لَا يَقَعُ لَهُمْ، وَدَرَاهِمَ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ، وَلَوْ بَقِيَ مِنْ الطَّعَامِ أَقَلُّ مِنْ مُدٍّ صَامَ عَنْهُ يَوْمًا تَكْمِيلًا لِلْمُنْكَسِرِ، وَقَدْ مَرَّ مُسَاوَاةُ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ فَيُتَخَيَّرُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فَقَطْ (وَغَيْرُ الْمِثْلِيِّ) مِمَّا لَا نَقْلَ فِيهِ مِنْ الصَّيْدِ يُتَخَيَّرُ فِي جَزَاءِ إتْلَافِهِ بَيْنَ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَقَالَ الْعَلَائِيُّ لَا تَرَدُّدَ فِي جَوَازِ بَيْعِهَا) مُعْتَمَدٌ مِمَّنْ يَأْخُذُ وَهُمْ بَنُو شَيْبَةَ (قَوْلُهُ: وَلِلْحَرَمِ التَّحْدِيدُ) وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ حُدُودَ الْحَرَمِ دُونَ الْمَوَاقِيتِ إذْ أَقَلُّ مَوَاقِيتِهِ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ وَلَا شَيْءَ مِنْ الْحُدُودِ يَقْرَبُ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَجُدَّةَ) بِضَمِّ الْجِيمِ. (قَوْلُهُ: وَصَيْدُ الْمَدِينَةِ حَرَامٌ) وَيَصِيرُ حَرَامًا كَمَذْبُوحِ الْمُحْرِمِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا) أَيْ الْقَدِيمِ (قَوْلُهُ: قَالَ الشَّيْخَانِ وَمَصْرِفُهَا إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إنَّهَا لِبَيْتِ الْمَالِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ أَنَّ نَعَمَ الْجِزْيَةِ تُصْرَفُ لِأَهْلِ الْفَيْءِ خَاصَّةً ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَخْ (قَوْلُهُ: بِنَزْعِ الْخَافِضِ) أَيْ وَيُعْرَبُ فِيمَا صَنَعَهُ الشَّارِحُ بَدَلًا مِنْ النَّقْدِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَقِيَ مِنْ الطَّعَامِ أَقَلُّ مِنْ مُدٍّ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الصَّوْمِ (قَوْلُهُ: مِمَّا لَا نَقْلَ فِيهِ) أَخْرَجَ الْحَمَامَ

[أنواع الدماء في الحج]

(يَتَصَدَّقُ بِقِيمَتِهِ) أَيْ بِقَدْرِهَا (طَعَامًا) عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ وَفُقَرَائِهِ فَلَا يَتَصَدَّقُ بِالدَّرَاهِمِ. وَثَانِيهِمَا مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ يَصُومَ) عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا وَيُكْمِلَ الْمُنْكَسِرَ كَمَا مَرَّ وَالْعِبْرَةُ فِي قِيمَةِ غَيْرِ الْمِثْلِيِّ بِمَحِلِّ الْإِتْلَافِ وَزَمَانِهِ قِيَاسًا عَلَى كُلِّ مُتْلَفٍ مُتَقَوِّمٍ، وَفِي قِيمَةِ مِثْلِ الْمِثْلِيِّ بِمَكَّةَ وَقْتَ إرَادَةِ تَقْوِيمِهِ؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ ذَبْحِهِ لَوْ أُرِيدَ، وَالْمُعْتَبَرُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْفُورَانِيُّ فِي الْعُدُولِ إلَى الطَّعَامِ سِعْرُهُ بِمَكَّةَ. (وَيُتَخَيَّرُ فِي فِدْيَةِ الْحَلْقِ) لِثَلَاثِ شَعَرَاتٍ مُتَوَالِيَةٍ فَأَكْثَرَ وَفِي قَلْمِ أَظْفَارٍ كَذَلِكَ وَفِي التَّطَيُّبِ وَاللُّبْسِ وَالِادِّهَانِ وَمُقَدَّمَاتِ الْجِمَاعِ بِشَهْوَةٍ وَشَاةُ الْجِمَاعِ بَعْدَ الْجِمَاعِ الْأَوَّلِ وَالْجِمَاعُ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ (بَيْنَ) ثَلَاثَةِ أُمُورٍ (ذَبْحُ شَاةٍ) مُجْزِئَةٍ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَيَقُومُ مَقَامَهَا بَدَنَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ أَوْ سُبُعٌ مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا (وَ) بَيْنَ التَّصَدُّقِ: بِ (ثَلَاثَةِ آصُعٍ) بِالْمَدِّ جَمْعُ صَاعٍ وَآصُعٌ أَصْلُهُ أَصُوعُ أُبْدِلَ مِنْ وَاوِهِ هَمْزَةٌ مَضْمُومَةٌ قُدِّمَتْ عَلَى الصَّادِ وَنُقِلَتْ ضَمَّتُهَا إلَيْهَا وَقُلِبَتْ هِيَ أَلْفًا (لِسِتَّةِ مَسَاكِينَ) لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ (وَ) بَيْنَ (صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} [البقرة: 196] أَيْ فَحَلَقَ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ، وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ: أَيُؤْذِيك هَوَامُّ رَأْسِك؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: اُنْسُكْ شَاةً أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ فَرَقًا مِنْ الطَّعَامِ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ» وَالْفَرَقُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالرَّاءِ ثَلَاثَةُ آصُعٍ، وَقِيسَ بِالْحَلْقِ وَبِالْمَعْذُورِ غَيْرُهُمَا وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْكَفَّارَاتِ مَا يُزَادُ الْمِسْكِينُ فِيهَا عَلَى مُدٍّ سِوَى هَذِهِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ الدَّمَ فِي تَرْكِ الْمَأْمُورِ) الَّذِي لَا يَفُوتُ بِهِ الْحَجُّ (كَالْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ) أَوْ مِمَّا يَلْزَمُ مِنْهُ الْإِحْرَامُ لَوْ أَحْرَمَ مِنْ غَيْرِهِ وَالرَّمْيُ وَالْمَبِيتُ بِمُزْدَلِفَةَ أَوْ بِمِنًى لِيَالِي التَّشْرِيقِ وَطَوَافُ الْوَدَاعِ (دَمُ تَرْتِيبٍ) إلْحَاقًا لَهُ بِدَمِ التَّمَتُّعِ لِمَا فِي التَّمَتُّعِ مِنْ تَرْكِ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ وَقِيسَ بِهِ تَرْكُ بَاقِي الْمَأْمُورَاتِ (فَإِذَا عَجَزَ) عَنْ الدَّمِ (اشْتَرَى بِقِيمَةِ الشَّاةِ طَعَامًا) أَوْ أَخْرَجَهُ مِنْ طَعَامِهِ كَمَا مَرَّ وَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ وَفُقَرَائِهِ (فَإِنْ عَجَزَ صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ) مِنْ الطَّعَامِ (يَوْمًا) وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ كَالْإِمَامِ وَالْأَصَحُّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ إذَا عَجَزَ عَنْ الدَّمِ يَصُومُ كَالْمُتَمَتِّعِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعَ، فَهُوَ مُرَتَّبٌ مُقَدَّرٌ. (وَ) دَمُ (الْفَوَاتِ) لِلْحَجِّ بِفَوَاتِ الْوُقُوفِ (كَدَمِ التَّمَتُّعِ) فِي صِفَتِهِ وَسَائِرِ أَحْكَامِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ، إذْ دَمُ التَّمَتُّعِ لِتَرْكِ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ، وَالْوُقُوفُ الْمَتْرُوكُ فِي الْفَوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ (وَيَذْبَحُهُ فِي حَجَّةِ الْقَضَاءِ فِي الْأَصَحِّ) حَتْمًا لَا فِي سَنَةِ الْفَوَاتِ لِفَتْوَى عُمَرَ بِذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي. وَالثَّانِي يَجُوزُ ذَبْحُهُ فِي سَنَةِ الْفَوَاتِ قِيَاسًا عَلَى دَمِ الْإِفْسَادِ، وَوَقْتُ الْوُجُوبِ عَلَى الْأَوَّلِ مَنُوطٌ بِالتَّحَرُّمِ بِالْقَضَاءِ، كَمَا أَنَّ دَمَ التَّمَتُّعِ مَنُوطٌ بِالتَّحَرُّمِ بِالْحَجِّ، وَعَلَيْهِ لَوْ كَفَّرَ بِالصَّوْمِ لَا يُقَدِّمُ صَوْمَ الثَّلَاثَةِ فِي الْقَضَاءِ وَيَصُومُ السَّبْعَةَ إذَا رَجَعَ مِنْهُ، وَلَوْ أَخْرَجَ دَمَ الْفَوَاتِ بَيْنَ تَحَلُّلِهِ وَالْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْإِحْرَامِ بِالْقَضَاءِ أَجْزَأَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَكَلَامُ الْعِرَاقِيِّينَ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَأَمْوَالُ بَيْتِ الْمَالِ لَا تَخْتَصُّ بِأَهْلِ الْفَيْءِ بَلْ يَصْرِفُهَا الْإِمَامُ فِيمَا يَرَاهُ مِنْ الْمَصَالِحِ. [أَنْوَاعِ الدِّمَاءِ فِي الْحَجّ] (قَوْلُهُ: بِمَحَلِّ الْإِتْلَافِ) هُوَ ظَاهِرٌ إنْ أَتْلَفَ حَالًا، فَلَوْ أَمْسَكَهُ مُدَّةً ثُمَّ أَتْلَفَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ ضَمَانَ الْمَغْصُوبِ (قَوْلُهُ: سِعْرَهُ بِمَكَّةَ) لَمْ يُبَيِّنْ الْوَقْتَ الَّذِي يُعْتَبَرُ سِعْرُهَا فِيهِ هَلْ هُوَ وَقْتُ التَّقْوِيمِ أَوْ الْوُجُوبِ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَقَدْ مَرَّ لَهُ فِي تَقْوِيمِ بَدَنَةِ الْجِمَاعِ اعْتِبَارُ سِعْرِ مَكَّةَ فِي غَالِبِ الْأَحْوَالِ، وَعَنْ السُّبْكِيّ اعْتِبَارُ وَقْتِ الْوُجُوبِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُجْرَى مِثْلُهُ هُنَا. (قَوْلُهُ: أَيْ فَحَلَقَ) قَدْرَهُ أَخْذًا مِنْ صَدْرِ الْآيَةِ، وَلِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الْمَرَضَ بِمُجَرَّدِهِ يُوجِبُ الْفِدْيَةَ وَلَيْسَ مُرَادًا (قَوْلُهُ: سِوَى هَذِهِ) أَيْ الْكَفَّارَةِ الَّتِي هِيَ دَمُ تَخْيِيرٍ وَتَعْدِيلٍ فَيَدْخُلَ فِيهِ جَمِيعُ الِاسْتِمْتَاعَاتِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا عَجَزَ عَنْ الدَّمِ) ضَعِيفٌ، وَكَذَا قَوْلُهُ وَإِنْ عَجَزَ صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا. (قَوْلُهُ: مَنُوطٌ بِالتَّحَرُّمِ) أَيْ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ لَا يُقَدَّمُ صَوْمُ الثَّلَاثَةِ) أَيْ عَلَى الْإِحْرَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ إذَا عَجَزَ عَنْ الدَّمِ يَصُومُ) أَيْ بِلَا إطْعَامٍ

وَنَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ (وَالدَّمُ الْوَاجِبُ) عَلَى مُحْرِمٍ (بِفِعْلِ حَرَامٍ) وَإِنْ لَمْ يَحْرُمْ ذَلِكَ الْوَقْتِ كَالْحَلْقِ لِعُذْرٍ (أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ) عَلَيْهِ غَيْرِ رُكْنٍ أَوْ غَيْرِهِمَا كَدَمِ الْجُبْرَانَاتِ (لَا يَخْتَصُّ) إجْزَاؤُهُ (بِزَمَانٍ) بَلْ يُفْعَلُ فِي أَيَّامِ التَّضْحِيَةِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّخْصِيصِ، وَلَمْ يَرِدْ مَا يُخَالِفُهُ لَكِنْ تُنْدَبُ إرَاقَتُهُ أَيَّامَ التَّضْحِيَةِ. قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ: وَيَنْبَغِي وُجُوبُ الْمُبَادَرَةِ إلَيْهَا إذَا حَرُمَ السَّبَبُ كَمَا فِي الْكَفَّارَةِ فَيُحْمَلُ مَا أَطْلَقُوهُ عَلَى الْإِجْزَاءِ، أَمَّا الْجَوَازُ فَأَحَالُوهُ عَلَى مَا قَرَّرُوهُ فِي الْكَفَّارَةِ (وَيَخْتَصُّ ذَبْحُهُ) بِأَيِّ مَكَان (بِالْحَرَمِ فِي الْأَظْهَرِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95] وَلِخَبَرِ «نَحَرْت هَهُنَا» وَأَشَارَ إلَى مَوْضِعِ النَّحْرِ مِنْ مِنًى «وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ مَنْحَرٌ» ؛ وَلِأَنَّ الذَّبْحَ حَقٌّ يَتَعَلَّقُ بِالْهَدْيِ فَيَخْتَصُّ بِالْحَرَمِ كَالتَّصَدُّقِ. وَالثَّانِي يَجُوزُ أَنْ يَذْبَحَ خَارِجَ الْحَرَمِ بِشَرْطِ أَنْ يُنْقَلَ وَيُفَرَّقَ لَحْمُهُ فِيهِ قَبْلَ تَغَيُّرِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ اللَّحْمُ فَإِذَا وَقَعَتْ تَفْرِقَتُهُ عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ حَصَلَ الْغَرَضُ " وَيَجِبُ صَرْفُ لَحْمِهِ " وَجِلْدِهِ وَبَقِيَّةِ أَجْزَائِهِ مِنْ شَعْرِهِ وَغَيْرِهِ، فَاقْتِصَارُهُ عَلَى اللَّحْمِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِيمَا يُقْصَدُ مِنْهُ فَهُوَ مِثَالٌ لَا قَيْدٌ (إلَى مَسَاكِينِهِ) أَيْ الْحَرَمِ وَفُقَرَائِهِ الْقَاطِنِينَ مِنْهُمْ وَالْغُرَبَاءِ وَالصَّرْفُ إلَى الْأَوَّلِ أَوْلَى إلَّا أَنْ تَشْتَدَّ حَاجَةُ الثَّانِي فَيَكُونَ أَوْلَى، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ عَدَمُ جَوَازِ أَكْلِهِ شَيْئًا مِنْهُ، وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْأُضْحِيَّةِ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُفَرِّقَ الْمَذْبُوحَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعْطِيَهُ بِجُمْلَتِهِ لَهُمْ وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ أَيْضًا فِي الْكَلَامِ عَلَى تَحْرِيمِ الصَّيْدِ، وَيَكْفِي الِاقْتِصَارُ عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْ فُقَرَائِهِ أَوْ مَسَاكِينِهِ وَإِنْ انْحَصَرُوا؛ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ أَقَلُّ الْجَمْعِ، فَلَوْ دَفَعَ إلَى اثْنَيْنِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى ثَالِثٍ ضَمِنَ لَهُ أَقَلَّ مُتَمَوِّلٍ كَنَظِيرِهِ مِنْ الزَّكَاةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ اسْتِيعَابُهُمْ عِنْدَ الِانْحِصَارِ كَمَا فِي الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا حُرْمَةُ الْبَلَدِ وَثَمَّ سَدُّ الْخَلَّةِ، وَتَجِبُ النِّيَّةُ عِنْدَ التَّفْرِقَةِ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّشْبِيهِ بِالزَّكَاةِ الِاكْتِفَاءُ بِالْمُتَقَدِّمَةِ عَلَيْهَا وَاقْتِصَارُهُ فِيمَا مَرَّ عَلَى الدَّمِ الْوَاجِبِ بِفِعْلِ حَرَامٍ أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ مِثَالٌ إذْ دَمُ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ كَذَلِكَ. وَأَمَّا دَمُ الْإِحْصَارِ فَسَيَأْتِي وَدَفْعُ الطَّعَامِ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ لَا يَتَعَيَّنُ لِكُلٍّ مِنْهُمْ مُدٌّ فِي دَمِ التَّمَتُّعِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَيْسَ دَمُهُ دَمَ تَخْيِيرٍ وَتَقْدِيرٍ، أَمَّا دَمُ الِاسْتِمْتَاعَاتِ وَنَحْوِهَا مِمَّا دَمُهُ دَمُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَحْرُمْ ذَلِكَ) أَيْ الْفِعْلُ (قَوْلُهُ عَلَى مَا قَرَّرَهُ فِي الْكَفَّارَةِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ إنْ عَصَى بِالسَّبَبِ وَجَبَ الْفَوْرُ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَيَخْتَصُّ ذَبْحُهُ بِالْحَرَمِ) أَيْ فَلَوْ ذَبَحَ خَارِجَهُ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ وَلَوْ فَرَّقَهُ فِيهِ، وَمَحَلُّ اخْتِصَاصِهِ بِالْحَرَمِ مَا لَمْ يُحْصَرْ وَإِلَّا ذَبَحَ مَوْضِعَ الْحَصْرِ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: إلَى مَسَاكِينِهِ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ: وَيَجِبُ تَفْرِيقُ لُحُومِ وَجُلُودِ هَذِهِ الدِّمَاءِ وَبَدَلِهَا مِنْ الطَّعَامِ عَلَى الْمَسَاكِينِ فِي الْحَرَمِ، قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إعْطَاؤُهُمْ خَارِجَهُ، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ كَمَا مَرَّ لَكِنْ يُؤَيِّدُهُ تَعْلِيلُ الْكِفَايَةِ وَغَيْرِهَا، ذَلِكَ بِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الذَّبْحِ هُوَ إعْظَامُ الْحَرَمِ بِتَفْرِقَةِ اللَّحْمِ فِيهِ لَا تَلْوِيثِهِ بِالدَّمِ وَالْفَرْثِ إذْ هُوَ مَكْرُوهٌ اهـ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِتَفْرِقَتِهِ فِيهِ صَرْفُهُ لِأَهْلِهِ اهـ. وَخَالَفَهُ مَرَّ فَصَمَّمَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ صَرْفُهُ خَارِجَهُ وَلَا لِمَنْ هُوَ فِيهِ بِأَنْ خَرَجَ هُوَ وَهُمْ عَنْهُ ثُمَّ فَرَّقَهُ عَلَيْهِمْ خَارِجَهُ ثُمَّ دَخَلُوهُ اهـ سَمِّ عَلَى حَجّ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ صَرْفُ لَحْمِهِ إلَى مَسَاكِينِهِ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى صَرْفِهِ لَهُمْ وَلَوْ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ، لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِي قُبَيْلَ الْبَابِ، وَكُلُّ هَذِهِ الدِّمَاءِ وَبَدَلِهَا تَخْتَصُّ تَفْرِقَتُهُ بِالْحَرَمِ عَلَى مَسَاكِينِهِ، يُوَافِقُ مَا نَقَلَهُ سَمِّ عَنْهُ وَصَمَّمَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَثَمَّ سَدُّ الْخَلَّةِ) بِالْفَتْحِ الْخَصْلَةُ وَهِيَ أَيْضًا الْحَاجَةُ وَالْفَقْرُ انْتَهَى مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَتَجِبُ النِّيَّةُ عِنْدَ التَّفْرِقَةِ إلَخْ) قَالَ حَجّ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّ الذَّبْحَ لَا تَجِبُ النِّيَّةُ عِنْدَهُ، وَهُوَ مُشْكِلٌ بِالْأُضْحِيَّةِ وَنَحْوِهَا، إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّ الْقَصْدَ هُنَا إعْظَامُ الْحَرَمِ بِتَفْرِقَةِ اللَّحْمِ فِيهِ كَمَا مَرَّ فَوَجَبَ اقْتِرَانُهَا بِالْمَقْصُودِ دُونَ وَسِيلَتِهِ. وَثَمَّ إرَاقَةُ الدَّمِ لِكَوْنِهَا فِدَاءً عَنْ النَّفْسِ، وَلَا تَكُونُ كَذَلِكَ إلَّا إنْ قَارَنَتْ نِيَّةَ الْقُرْبَةِ فَتَأَمَّلْهُ انْتَهَى (قَوْلُهُ: الِاكْتِفَاءَ بِالْمُتَقَدِّمَةِ) أَيْ النِّيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ لَا يَتَعَيَّنُ لِكُلٍّ مِنْهُمْ مُدٌّ فِي دَمِ التَّمَتُّعِ وَنَحْوِهِ) لَعَلَّ الصَّوَابَ فِي غَيْرِ دَمِ التَّمَتُّعِ وَنَحْوِهِ، فَلَفْظُ غَيْرِ

تَخْيِيرٍ وَتَقْدِيرٍ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ سِتَّةِ مَسَاكِينَ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ ثَلَاثَةِ آصُعٍ كَمَا مَرَّ وَلَوْ ذَبَحَ الدَّمَ الْوَاجِبَ بِالْحَرَمِ ثُمَّ سُرِقَ أَوْ غُصِبَ مِنْهُ قَبْلَ التَّفْرِقَةِ لَمْ يُجْزِئْهُ. نَعَمْ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ ذَبْحِ آخَرَ وَهُوَ أَوْلَى أَوْ شِرَاءِ بَدَلِهِ لَحْمًا وَالتَّصَدُّقِ بِهِ؛ لِأَنَّ الذَّبْحَ قَدْ وُجِدَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَتَقَيَّدْ ذَلِكَ بِمَا لَوْ قَصَّرَ فِي التَّفْرِقَةِ وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُ كَمَا لَوْ سُرِقَ الْمَالُ الْمُتَعَلِّقُ بِهِ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّ الدَّمَ مُتَعَلِّقٌ بِالذِّمَّةِ وَالزَّكَاةُ بِعَيْنِ الْمَالِ وَلَوْ عَدِمَ الْمَسَاكِينَ فِي الْحَرَمِ أَخَّرَ الْوَاجِبَ الْمَالِيَّ حَتَّى يَجِدَهُمْ وَامْتَنَعَ النَّقْلُ، بِخِلَافِ الزَّكَاةِ حَيْثُ جَازَ النَّقْلُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا نَصٌّ صَرِيحٌ بِتَخْصِيصِ الْبَلَدِ بِهَا بِخِلَافِ هَذَا. (وَأَفْضَلُ بُقْعَةٍ) مِنْ الْحَرَمِ (لِذَبْحِ الْمُعْتَمِرِ) غَيْرِ الْمُمْتَنِعِ وَالْقَارِنِ (الْمَرْوَةُ) ؛ لِأَنَّهَا مَوْضِعُ تَحَلُّلِهِ (وَ) لِذَبْحِ (الْحَاجِّ) وَلَوْ قَارِنًا أَوْ مُرِيدًا إفْرَادًا أَوْ مُتَمَتِّعًا وَلَوْ عَنْ دَمِ تَمَتُّعِهِ (مِنْهَا) ؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ تَمَتُّعِهِ وَالْأَحْسَنُ فِي بُقَعِهِ فَتْحُ الْقَافِ وَكَسْرُ الْعَيْنِ عَلَى لَفْظِ الْجَمْعِ الْمُضَافِ لِضَمِيرِ الْحَرَمِ، قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (وَكَذَا حُكْمُ مَا سَاقَا) أَيْ الْمُعْتَمِرُ وَالْحَاجُّ (مِنْ هَدْيِ) نَذْرٍ أَوْ نَفْلٍ (مَكَانًا) فِي الِاخْتِصَاصِ وَالْأَفْضَلِيَّةِ (وَوَقْتُهُ) أَيْ ذَبْحُ هَذَا الْهَدْيِ (وَقْتُ الْأُضْحِيَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ) قِيَاسًا عَلَيْهَا، وَالثَّانِي لَا يَخْتَصُّ بِوَقْتٍ كَدِمَاءِ الْجُبْرَانَاتِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ أَخَّرَ الذَّبْحَ حَتَّى مَضَى وَقْتُ الْأُضْحِيَّةِ نُظِرَ إنْ كَانَ وَاجِبًا ذَبَحَهُ حَتْمًا قَضَاءً أَوْ تَطَوُّعًا فَاتَ إنْ لَمْ يُعَيِّنْ غَيْرَهَا هَذِهِ الْأَيَّامِ، فَإِنْ عَيَّنَ لِهَدْيِ التَّقَرُّبِ غَيْرَ زَمَنِ الْأُضْحِيَّةِ لَمْ يَتَعَيَّنْ لَهُ وَقْتٌ إذْ لَيْسَ فِي تَعْيِينِ الْيَوْمِ قُرْبَةٌ، نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْهَدْيُ كَمَا يُطْلَقُ عَلَى مَا يَسُوقُهُ الْمُحْرِمُ يُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى مَا يَلْزَمُهُ مِنْ دَمِ الْجُبْرَانَاتِ، وَهَذَا الثَّانِي غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ كَمَا مَرَّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اخْتِصَاصُ مَا يَسُوقُهُ الْمُعْتَمِرُ بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ حَيْثُ أَطْلَقَ الدَّمَ فِي الْمَنَاسِكِ فَالْمُرَادُ بِهِ مَا يُجْزِي فِي الْأُضْحِيَّةِ، فَتُجْزِي الْبَدَنَةُ أَوْ الْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةِ دِمَاءٍ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَسْبَابُهَا، فَلَوْ ذَبَحَهَا عَنْ دَمٍ وَاجِبٍ فَالْفَرْضُ سُبُعُهَا فَلَهُ إخْرَاجُهُ عَنْهُ وَأَكْلُ الْبَاقِي ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلَوْ ذَبَحَ الدَّمَ الْوَاجِبَ بِالْحَرَمِ ثُمَّ سُرِقَ أَوْ غُصِبَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ السَّارِقُ وَالْغَاصِبُ مِنْ فُقَرَاءِ الْحَرَمِ أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَعِبَارَتُهُ كَمَا نَقَلَهُ سَمِّ عَلَى مَنْهَجٍ عَنْهُ: وَلَوْ سَرَقَهُ مَسَاكِينُ الْحَرَمِ، فَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَحْثًا أَنَّهُ لَا يُجْزِي سَوَاءً وُجِدَتْ نِيَّةُ الدَّفْعِ أَمْ لَا، قَالَ: لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةُ الدَّفْعِ إلَيْهِمْ وَهُمْ إنَّمَا يَمْلِكُونَهُ بِهِ (قَوْلُهُ: جَازَ النَّقْلُ فِيهَا) أَيْ لِلْمَالِكِ حَيْثُ لَمْ يُوجَدُوا ثَمَّ. (قَوْلُهُ: وَوَقْتُهُ وَقْتُ الْأُضْحِيَّةِ) أَيْ فَيَحْرُمُ تَأْخِيرُ ذَبْحِهِ عَنْ أَيَّامِهَا، وَعَلَيْهِ فَلَوْ عَدِمَتْ الْفُقَرَاءُ فِي أَيَّامِ التَّضْحِيَةِ أَوْ امْتَنَعُوا مِنْ الْأَخْذِ لِكَثْرَةِ اللَّحْمِ ثَمَّ فَهَلْ يُعْذَرُ بِذَلِكَ فِي تَأْخِيرِهِ عَنْ أَيَّامِ التَّضْحِيَةِ أَوْ يَجِبُ ذَبْحُهُ فِيهَا وَيَدَّخِرُهُ قَدِيدًا إلَى أَنْ يُوجَدَ مَنْ يَأْخُذُهُ مِنْ الْفُقَرَاءِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَمُقْتَضِي إطْلَاقِهِمْ وُجُوبُ الذَّبْحِ فِي أَيَّامِ التَّضْحِيَةِ الثَّانِي، وَهُوَ ظَاهِرٌ بَقِيَ مَا لَوْ كَانَ ادِّخَارُهُ يُتْلِفُهُ فَهَلْ يَبِيعُهُ وَيَحْفَظُ ثَمَنَهُ إذَا أَشْرَفَ عَلَى التَّلَفِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ هَذَا، وَقَضِيَّةُ تَخْصِيصِ ذَبْحِ الْهَدْيِ بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَسَاقَ هَدْيًا أَوْ سَاقَ الْهَدْيَ إلَى مَكَّةَ بِلَا إحْرَامٍ وُجُوبُ تَأْخِيرِ ذَبْحِهِ إلَى وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ كَأَنْ سَاقَهُ فِي رَجَبٍ مَثَلًا وَهُوَ قَرِيبٌ ظَاهِرٌ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إلَخْ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي وُجُوبِ التَّأْخِيرِ (قَوْله لَمْ يَتَعَيَّنْ لَهُ وَقْتٌ) أَيْ فَيَذْبَحُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQسَاقِطٌ مِنْ النُّسَخِ مِنْ الْكَتَبَةِ. وَالْحَاصِلُ حِينَئِذٍ أَنَّ دَمَ التَّعْدِيلِ يَجُوزُ النَّقْصُ فِيهِ عَنْ الْمُدِّ وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ أَكَانَ مُرَتَّبًا أَوْ مُخَيَّرًا، وَأَنَّ دَمَ التَّقْدِيرِ إنْ كَانَ مُخَيَّرًا فَالزِّيَادَةُ عَلَى الْمُدِّ ثَابِتَةٌ بِالنَّصِّ لِأَنَّهُ يُعْطِي لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ، وَإِنْ كَانَ مُرَتَّبًا فَلَا إطْعَامَ فِيهِ عَلَى الْأَصَحِّ الْمَارِّ فَلْيُرَاجَعْ. ثُمَّ إنَّ مُرَادَهُ بِدَمِ التَّمَتُّعِ دَمُ الِاسْتِمْتَاعِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ: وَأَمَّا دَمُ الِاسْتِمْتَاعَاتِ، وَهَذَا الْمَفْهُومُ صَرِيحٌ فِيمَا قَدَّمَتْهُ مِنْ أَنَّ لَفْظَ غَيْرِ سَاقِطٌ مِنْ النُّسَخِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مَحَلُّ تَمَتُّعِهِ) أَيْ بِمَا كَانَ مَحْظُورًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَحْسَنُ فِي بُقَعِهِ) أَيْ عَلَى خِلَافِهِ مَا سَلَكَهُ هُوَ فِي الْحِلِّ

إلَّا فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ الْمِثْلِيِّ فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ كَالْأُضْحِيَّةِ؛ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الصَّغِيرِ صَغِيرٌ وَالْكَبِيرِ كَبِيرٌ وَالْمَعِيبِ مَعِيبٌ بَلْ لَا تُجْزِي الْبَدَنَةُ عَنْ شَاتِهِ، وَحَاصِلُ الدِّمَاءِ تَرْجِعُ بِاعْتِبَارِ حُكْمِهَا إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: دَمُ تَرْتِيبٍ وَتَقْدِيرٍ، وَدَمُ تَرْتِيبٍ وَتَعْدِيلٍ، وَدَمُ تَخْيِيرٍ وَتَقْدِيرٍ، وَدَمُ تَخْيِيرٍ وَتَعْدِيلٍ. فَالْأَوَّلُ يَشْتَمِلُ عَلَى دَمِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ وَالْفَوَاتِ، وَالْمَنُوطُ بِتَرْكِ مَأْمُورٍ وَهُوَ تَرْكُ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ وَالرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ وَمِنًى وَطَوَافِ الْوَدَاعِ، فَهَذِهِ الدِّمَاءُ دِمَاءُ تَرْتِيبٍ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الذَّبْحُ وَلَا يَجُوزُ الْعُدُولُ إلَى غَيْرِهِ مَا لَمْ يَعْجِزْ عَنْهُ، وَتَقْدِيرٍ بِمَعْنَى أَنَّ الشَّرْعَ قَدَّرَ مَا يَعْدِلُ إلَيْهِ تَقْدِيرًا لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ. وَالثَّانِي يَشْتَمِلُ عَلَى دَمِ الْجِمَاعِ فَهُوَ دَمُ تَرْتِيبٍ وَتَعْدِيلٍ، بِمَعْنَى أَنَّ الشَّرْعَ أَمَرَ فِيهِ بِالتَّقْوِيمِ وَالْعُدُولِ إلَى غَيْرِهِ وَبِحَسَبِ الْقِيمَةِ فَتَجِبُ فِيهِ بَدَنَةٌ ثُمَّ بَقَرَةٌ ثُمَّ سَبْعُ شِيَاهٍ، فَإِنْ عَجَزَ قَوَّمَ الْبَدَنَةَ بِدَرَاهِمَ وَالدَّرَاهِمَ بِطَعَامٍ وَتَصَدَّقَ بِهِ. فَإِنْ عَجَزَ صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا وَيُكْمِلُ الْمُنْكَسِرَ كَمَا مَرَّ، وَعَلَى دَمِ الْإِحْصَارِ فَعَلَيْهِ شَاةٌ ثُمَّ طَعَامٌ بِالتَّعْدِيلِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الطَّعَامِ صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا. وَالثَّالِثُ يَشْتَمِلُ عَلَى دَمِ الْحَلْقِ وَالْقَلْمِ فَهُوَ دَمُ تَخْيِيرٍ، بِمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْعُدُولُ إلَى غَيْرِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَيُتَخَيَّرُ إذَا حَلَقَ ثَلَاثَ شَعَرَاتٍ أَوْ قَلَمَ ثَلَاثَةَ أَظْفَارٍ وَلَاءً بَيْنَ ذَبْحِ دَمٍ وَإِطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ وَصَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّام وَعَلَى دَمِ الِاسْتِمْتَاعِ وَهُوَ التَّطَيُّبُ، وَالدَّهْنُ بِفَتْحِ الدَّالِ لِلرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ وَشَعْرِ الْوَجْهِ عَلَى مَا مَرَّ وَاللُّبْسُ وَمُقَدَّمَاتُ الْجِمَاعِ وَالِاسْتِمْنَاءُ وَالْجِمَاعُ غَيْرُ الْمُفْسِدِ. وَالرَّابِعُ يَشْتَمِلُ عَلَى دَمِ جَزَاءِ الصَّيْدِ وَالشَّجَرِ، فَجُمْلَةُ هَذِهِ الدِّمَاءِ عِشْرُونَ دَمًا: ثَمَانِيَةٌ مُتَرَتِّبَةٌ مُقَدَّرَةٌ، وَثَمَانِيَةٌ مُخَيَّرَةٌ مُقَدَّرَةٌ، وَدَمَانِ فِيهِمَا تَرْتِيبٌ وَتَعْدِيلٌ، وَدَمَانِ فِيهِمَا تَخْيِيرٌ وَتَعْدِيلٌ، وَقَدْ أَشَارَ الدَّمِيرِيِّ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ: خَاتِمَةٌ مِنْ الدِّمَاءِ مَا الْتُزِمْ ... مُرَتَّبًا وَمَا بِتَخْيِيرٍ لَزِمْ وَالصِّفَتَانِ لَا اجْتِمَاعَ لَهُمَا ... كَالْعَدْلِ وَالتَّقْدِيرِ حَيْثُ فُهِمَا وَالدَّمُ بِالتَّرْتِيبِ وَالتَّقْدِيرِ فِي ... تَمَتُّعِ فَوْتِ قِرَانٍ اُقْتُفِيَ وَتَرْكُ مِيقَاتٍ وَرَمْيٍ وَوَدَاعْ ... مَعَ الْمَبِيتَيْنِ بِلَا عُذْرٍ مَشَاع ثُمَّ مُرَتَّبٌ بِتَعْدِيلٍ سَقَطْ ... فِي مُفْسِدِ الْجِمَاعِ وَالْحَصْرِ فَقَطْ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ كَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ قَبْلُ فَاتَ إنْ لَمْ يُعَيِّنْ هَذِهِ الْأَيَّامَ (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَشَارَ الدَّمِيرِيِّ لِذَلِكَ إلَخْ) وَنَظَمَهَا ابْنُ الْمُقْرِي فَقَالَ: أَرْبَعَةٌ دِمَاءٌ حَجٍّ يُحْصَرُ ... الْأَوَّلُ الْمُرَتَّبُ الْمُقَدَّرُ تَمَتُّعٌ فَوْتٌ وَحَجٌّ قُرِنَا ... وَتَرْكُ رَمْيٍ وَالْمَبِيتُ بِمِنَى وَتَرْكُهُ الْمِيقَاتَ وَالْمُزْدَلِفَهْ ... أَوْ لَمْ يُوَدِّعْ أَوْ كَمَشْيٍ أَخْلَفَهْ نَاذِرُهُ بِصَوْمٍ إنْ دَمًا فَقَدْ ... ثَلَاثَةً فِيهِ وَسَبْعًا فِي الْبَلَدْ وَالثَّانِ تَرْتِيبٌ وَتَعْدِيلٌ وَرَدْ ... فِي مُحْصَرٍ وَوَطْءِ حَجٍّ إنْ فَسَدْ إنْ لَمْ يَجِدْ قَوَّمَهُ ثُمَّ اشْتَرَى ... بِهِ طَعَامًا مَا طُعْمَةً لِلْفُقَرَا ثُمَّ لِعَجْزِ عَدْلٍ ذَاكَ صَوْمَا ... أَعَنَى بِهِ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا وَالثَّالِثُ التَّخْيِيرُ وَالتَّعْدِيلُ فِي ... صَيْدٍ وَأَشْجَارٍ بِلَا تَكَلُّفِ إنْ شِئْت فَاذْبَحْ أَوْ فَعَدْلٌ مِثْلَ مَا ... عَدَلْت فِي قِيمَةِ مَا تَقَدَّمَا وَخَيِّرَنْ وَقَدِّرَنْ فِي الرَّابِعِ ... فَاذْبَحْهُ أَوْ جُدْ بِثَلَاثِ آصُعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[باب الإحصار والفوات]

مُخَيَّرٌ مُقَدَّرٌ دَهْنُ لِبَاسِ ... وَالْحَلْقُ وَالْقَلْمُ وَطِيبٌ فِيهِ بَاسِ وَالْوَطْءُ حَيْثُ الشَّاةُ وَالْمُقَدَّمَاتُ ... مُخَيَّرٌ مُعَدَّلٌ صَيْدٌ نَبَاتُ وَهَذِهِ الدِّمَاءُ كُلُّهَا لَا تَخْتَصُّ بِوَقْتٍ كَمَا مَرَّ وَتُرَاقُ فِي النُّسُكِ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ، وَدَمُ الْفَوَاتِ يُجْزِئُ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْإِحْرَامِ بِالْقَضَاءِ كَالتَّمَتُّعِ إذَا فَرَغَ مِنْ عُمْرَتِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الذَّبْحُ قَبْلَ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ قَالَ ابْنُ الْمُقْرِي: إنَّهُ لَا يُجْزِئُ إلَّا بَعْدَ إحْرَامِهِ بِالْقَضَاءِ، وَكُلُّ هَذِهِ الدِّمَاءِ وَبَدَلُهَا تَخْتَصُّ تَفْرِقَتُهَا بِالْحَرَمِ عَلَى مَسَاكِينِهِ، وَأَمَّا دَمُ الْإِحْصَارِ فَسَيَأْتِي. وَيُسْتَحَبُّ لِقَاصِدِ مَكَّةَ بِنُسُكٍ أَنْ يُهْدِيَ لَهَا شَيْئًا مِنْ النَّعَمِ لِلِاتِّبَاعِ، وَلَا يَجِبُ إلَّا بِالنَّذْرِ فَإِنْ كَانَ بَدَنًا سُنَّ إشْعَارُهَا فَيَجْرَحُ صَفْحَةَ سَنَامِهَا إلَى مِنًى أَوْ مَا يَقْرُبُ مِنْ مَحَلِّهِ فِي الْبَقَرِ فِيمَا يَظْهَرُ بِحَدِيدَةٍ وَهِيَ مُسْتَقْبِلَةٌ الْقِبْلَةَ وَيُلَطِّخُهَا بِدَمِهَا عَلَامَةً عَلَى أَنَّهَا هَدْيٌ لِتُجْتَنَبَ، وَأَنْ يُقَلِّدَهَا نَعْلَيْنِ، وَأَنْ يَكُونَ لَهُمَا قِيمَةٌ لِيَتَصَدَّقَ بِهِمَا، وَيُقَلِّدَ الْغَنَمَ عُرَى الْقُرْبِ وَلَا يُشْعِرْهَا لِضَعْفِهَا وَلَا يَلْزَمُ بِذَلِكَ ذَبْحُهَا. . بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ هُوَ فِي الِاصْطِلَاحِ: الْمَنْعُ مِنْ إتْمَامِ أَرْكَانِ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ وَالْفَوَاتُ لِلْحَجِّ؛ لِأَنَّ الْعُمْرَةَ لَا تَفُوتُ إلَّا فِي حَقِّ الْقَارِنِ خَاصَّةً تَبَعًا لِفَوَاتِ الْحَجِّ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ: وَمَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ. وَمَوَانِعُ إتْمَامِ النُّسُكِ سِتَّةٌ: الْأَوَّلُ وَالثَّانِي الْحَصْرُ الْعَامُّ وَالْخَاصُّ وَقَدْ ذَكَرَهُمَا بِقَوْلِهِ (مَنْ أُحْصِرَ) عَنْ إتْمَامِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ قِرَانٍ مِنْ جَمِيعِ الطُّرُقِ (تَحَلَّلَ) أَيْ جَازَ لَهُ التَّحَلُّلُ، وَسَيَأْتِي مَا يَحْصُلُ بِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَنْعُ بِقَطْعِ طَرِيقٍ أَمْ بِغَيْرِهِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمَانِعُ كَافِرًا أَمْ مُسْلِمًا وَسَوَاءٌ أَمْكَنَ الْمُضِيُّ بِقِتَالٍ أَوْ بَذْلِ مَالٍ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ، إذْ لَا يَجِبُ احْتِمَالُ الظُّلْمِ فِي أَدَاءِ النُّسُكِ، وَسَوَاءٌ أَحَصَلَ إحْيَاءُ ـــــــــــــــــــــــــــــSلِلشَّخْصِ نِصْفٌ أَوْ فَصُمْ ثَلَاثَا ... تَجْتَثُّ مَا أَجْتَثَثْته اجْتِثَاثَا فِي الْحَلْقِ وَالْقَلْمِ وَلُبْسِ دُهْنِ ... طِيبٍ وَتَقْبِيلٍ وَوَطْءٍ ثُنِيَ أَوْ بَيْنَ تَحْلِيلَيْ ذَوِي إحْرَامِ ... هَذِي دِمَاءُ الْحَجِّ بِالتَّمَامِ اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَوْلُ النَّظْمِ تَجْتَثُّ أَيْ تُزِيلُ أَثَرَ جِنَايَتِك. (بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ) (قَوْلُهُ: الْمَنْعُ مَعَ إتْمَامِ الْحَجِّ) أَيْ وَأَمَّا فِي اللُّغَةِ فَهُوَ الْمَنْعُ مِنْ الْمَقْصُودِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَوْ بَذْلُ مَالٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَدَمُ الْفَوَاتِ يُجْزِئُ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْإِحْرَامِ) قَدْ مَرَّ هَذَا آنِفًا، (بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ) [بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ] (قَوْلُهُ: بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ) كَذَا فِي النُّسَخِ، وَلَعَلَّ لَفْظَ الْفَوَاتِ هُنَا زَائِدٌ مِنْ الْكَتَبَةِ وَيَكُونُ لَفْظُ الْفَوَاتِ الَّذِي هُوَ مِنْ الْمَتْنِ هُوَ الْآتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَالْفَوَاتُ لِلْحَجِّ إلَخْ فَيُكْتَبُ بِالْأَحْمَرِ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي التُّحْفَةِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ هُوَ فِي الِاصْطِلَاحِ إذْ الضَّمِيرُ لِلْإِحْصَارِ، فَلَوْ كَانَ لَفْظُ الْفَوَاتِ هُنَا فِي مَرْكَزِهِ؛ لَكَانَ الْوَاجِبُ الْإِتْيَانَ بِالظَّاهِرِ لَا بِالضَّمِيرِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى أَنَّ الْفَوَاتَ لِلْحَجِّ: أَيْ أَصَالَةً (قَوْلُهُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي الْحَصْرُ الْعَامُّ وَالْخَاصُّ وَقَدْ ذَكَرَهُمَا إلَخْ) وَحِينَئِذٍ فَالرِّقُّ وَنَحْوُهُ لَيْسَ مِنْ الْحَصْرِ فَيَكُونُ زَائِدًا عَلَى مَا فِي التَّرْجَمَةِ

الْكَعْبَةِ فِي ذَلِكَ الْعَامِ أَمْ لَا، سَوَاءٌ أَكَانَ الْعَدُوُّ فِرَقًا أَمْ فِرْقَةً وَاحِدَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} [البقرة: 196] أَيْ وَأَرَدْتُمْ التَّحَلُّلَ {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] أَيْ فَعَلَيْكُمْ ذَلِكَ. وَالْآيَةُ نَزَلَتْ بِالْحُدَيْبِيَةِ حِينَ «صَدَّ الْمُشْرِكُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْبَيْتِ وَكَانَ مُعْتَمِرًا فَنَحَرَ ثُمَّ حَلَقَ ثُمَّ رَجَعَ وَهُوَ حَلَالٌ وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ، قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا» ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ذَلِكَ؛ وَلِأَنَّ فِي مُصَابَرَةِ الْإِحْرَامِ إلَى أَنْ يَأْتُوا بِالْأَعْمَالِ مَشَاقَّ وَحَرَجًا، وَقَدْ رَفَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنَّا، وَلَاسْتَفَادَتْهُمْ بِهِ الْأَمْنَ مِنْ الْعَدُوِّ الَّذِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، وَلَوْ مُنِعُوا مِنْ الرُّجُوعِ أَيْضًا جَازَ لَهُمْ التَّحَلُّلُ فِي الْأَصَحِّ، أَمَّا إذَا تَمَكَّنُوا بِغَيْرِ قِتَالٍ وَبَذْلِ مَالٍ كَأَنْ كَانَ لَهُمْ طَرِيقٌ آخَرُ يُمْكِنُ سُلُوكُهُ وَوُجِدَتْ شُرُوطُ الِاسْتِطَاعَةِ فِيهِ لَزِمَهُمْ سُلُوكُهُ سَوَاءٌ أَطَالَ الزَّمَانُ أَمْ قَصُرَ وَإِنْ تَيَقَّنُوا الْفَوَاتَ، فَلَوْ فَاتَهُمْ الْوُقُوفُ بِطُولِ الطَّرِيقِ الْمَسْلُوكِ أَوْ نَحْوِهِ تَحَلَّلُوا بِعَمَلِ عُمْرَةٍ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِمْ فِي الْأَظْهَرِ، وَيُكْرَهُ بَذْلُ مَالٍ لِلْكُفَّارِ لِمَا فِيهِ مِنْ الصَّغَارِ بِلَا ضَرُورَةٍ، وَلَا يَحْرُمُ كَمَا لَا تَحْرُمُ الْهِبَةُ لَهُمْ، أَمَّا الْمُسْلِمُونَ فَلَا يُكْرَهُ بَذْلُهُ لَهُمْ، وَالْأَوْلَى قِتَالُ الْكُفَّارِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ لِيَجْمَعُوا بَيْنَ الْجِهَادِ وَنُصْرَةِ الْإِسْلَامِ وَإِتْمَامِ النُّسُكِ، فَإِنْ عَجَزُوا عَنْ قِتَالِهِمْ أَوْ كَانَ الْمَانِعُونَ مُسْلِمِينَ فَالْأَوْلَى لَهُمْ أَنْ يَتَحَلَّلُوا وَيَتَجَاوَزُوا عَنْ الْقِتَالِ تَحَرُّزًا عَنْ سَفْكِ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَجُوزُ لَهُمْ إنْ أَرَادُوا الْقِتَالَ لُبْسَ الدِّرْعِ وَنَحْوِهِ مِنْ آلَاتِ الْحَرْبِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ الْفِدْيَةُ كَمَا لَوْ لَبِسَ الْمُحْرِمُ الْمَخِيطَ لِدَفْعِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ وَالْأَفْضَلُ تَأْخِيرُ التَّحَلُّلِ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِاحْتِمَالِ زَوَالِ الْإِحْصَارِ، وَإِنْ ضَاقَ فَالْأَوْلَى التَّعْجِيلُ مَخَافَةَ أَنْ يَفُوتَهُمْ الْحَجُّ فَيَلْزَمَهُمْ الْقَضَاءُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ. نَعَمْ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِمْ انْكِشَافُهُ فِي مُدَّةِ الْحَجِّ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُمْ إدْرَاكُهُ أَوْ فِي الْعُمْرَةِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَمْ يَجُزْ لَهُمْ التَّحَلُّلُ، وَكَذَا لَوْ مُنِعُوا عَنْ غَيْرِ الْأَرْكَانِ كَالرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ؛ لِأَنَّهُمْ مُتَمَكِّنُونَ مِنْ التَّحَلُّلِ بِالطَّوَافِ وَالْحَلْقِ، وَيَقَعُ حَجُّهُمْ مُجْزِئًا عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَيُجْبَرُ الرَّمْيُ وَالْمَبِيتُ بِالدَّمِ وَإِنْ مُنِعُوا مِنْ عَرَفَةَ دُونَ مَكَّةَ وَجَبَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا وَيَتَحَلَّلُوا بِعَمَلِ عُمْرَةٍ وَإِنْ مُنِعُوا مِنْ مَكَّةَ دُونَ عَرَفَةَ وَقَفُوا ثُمَّ تَحَلَّلُوا وَلَا قَضَاءَ فِيهِمَا فِي الْأَظْهَرِ، وَالْحَصْرِ الْخَاصِّ كَأَنْ حُبِسَ ظُلْمًا أَوْ بِدَيْنٍ وَهُوَ مُعْسِرٌ بِهِ وَعَاجِزٌ عَنْ إثْبَاتِ إعْسَارِهِ بِهِ؛ لِأَنَّ مَشَقَّةَ كُلِّ أَحَدٍ لَا تَخْتَلِفُ بَيْنَ أَنْ يَتَحَمَّلَ غَيْرُهُ مِثْلَهَا وَأَنْ لَا يَتَحَمَّلَ، وَالْحَائِضُ إذَا لَمْ تَطُفْ لِلْإِفَاضَةِ وَلَمْ يُمْكِنْهَا الْإِفَاضَةُ حَتَّى تَطْهُرَ وَجَاءَتْ بَلَدَهَا وَهِيَ مُحْرِمَةٌ وَعَدِمَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ امْتَنَعَ مَالِكُ الرَّاحِلَةِ أَوْ الزَّادِ إلَّا بِزِيَادَةٍ تَافِهَةٍ حَيْثُ يَجِبُ شِرَاؤُهَا بِالزِّيَادَةِ لِتَفَاهَتِهَا بِأَنَّ الْمَبْذُولَ هُنَا ظُلْمٌ مَحْضٌ، بِخِلَافِ فِيمَا مَرَّ فَإِنَّهُ يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ (قَوْلُهُ: وَأَجْمَع الْمُسْلِمُونَ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى جَوَازِ التَّحَلُّلِ بِالْإِحْصَارِ (قَوْلُهُ: جَازَ لَهُمْ التَّحَلُّلُ) أَيْ وَفَائِدَتُهُ دَفْعُ مَشَقَّةِ الْإِحْرَامِ كَالْحَلْقِ وَالْقَلْمِ وَنَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِمْ فِي الْأَظْهَرِ) أَيْ لِأَنَّهُ فَوَاتٌ نَشَأَ عَنْ حَصْرٍ فَلَا يُشْكِلُ بِمَا يَأْتِي مِنْ وُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَى مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فَوَاتٌ لَمْ يَنْشَأْ عَنْ حَصْرٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْرُمُ كَمَا لَا تَحْرُمُ الْهِبَةُ) قَدْ يَمْنَع الْقِيَاسُ بِأَنَّ فِي الْهِبَةِ عُلُوَّ الْوَاهِبِ وَشَرَفَهُ لِإِنْعَامِهِ عَنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ، بِخِلَافِ بَذْلِ الْمَالِ لِهَذَا الْغَرَضِ فَإِنَّ فِيهِ إظْهَارَ الْعَجْزِ عَنْ رَفْعِ الْكَافِرِ وَهَوْلِ ذُلٍّ، (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُمْ الْقَضَاءُ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَالْحَائِضُ إذَا لَمْ تَطُفْ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مَتَى وَصَلَتْ إلَى مَحَلٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَك أَنْ تَقُولَ: مَا الْمَانِعُ مِنْ جَعْلِ ذَلِكَ مِنْ الْحَصْرِ الْخَاصِّ أَيْضًا لِاتِّحَادِ الْحُكْمِ وَلِانْطِبَاقِ التَّعْرِيفِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَقَفُوا ثُمَّ تَحَلَّلُوا) أَيْ وَلَا حُكْمَ لِهَذَا الْوُقُوفِ فَلَيْسَ لَهُ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ حَتَّى يَقَعَ عَنْ نَحْوِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ فِي وَقْتٍ آخَرَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي قُبَيْلَ الْمَانِعِ الْخَامِسِ. (قَوْلُهُ: كَأَنَّ حَبَسَ) خَيْر قَوْلِهِ وَالْحَصْرُ الْخَاصُّ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ فِي صَدْرِ الْبَابِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي الْحَصْرُ الْعَامُّ وَالْخَاصُّ بَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ الْعَامَّ فِي ضِمْنِ قَوْلِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَنْعُ بِقَطْعِ طَرِيقٍ إلَخْ. ثُمَّ بَيَّنَ الثَّانِيَ بِقَوْلِهِ وَالْحَصْرُ الْخَاصُّ إلَخْ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَنْ أُحْصِرَ وَإِنْ كَانَ فِي سِيَاقِ الشَّارِحِ قَلَاقَةٌ، وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ قَوْلِهِ وَالْحَصْرُ الْخَاصُّ إلَخْ عَنْ الْقِيلِ الْآتِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَشَقَّةَ كُلِّ أَحَدٍ إلَخْ)

النَّفَقَةَ وَلَمْ يُمْكِنْهَا الْوُصُولُ إلَى الْبَيْتِ تَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ وَالذَّبْحِ وَالْحَلْقِ كَالْمُحْصَرِ كَمَا مَرَّ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ. (وَقِيلَ لَا تَتَحَلَّلُ الشِّرْذِمَةُ) بِالْمُعْجَمَةِ لِاخْتِصَاصِهَا بِالْإِحْصَارِ كَمَا لَوْ أَخْطَأَتْ الطَّرِيقَ أَوْ مَرِضَتْ، وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ كَمَا فِي الْحَصْرِ الْعَامِّ لِمَا مَرَّ، وَفَارَقَ جَوَازُ التَّحَلُّلِ بِالْحَبْسِ عَدَمَهُ بِالْمَرَضِ بِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْإِتْمَامَ بِخِلَافِ الْحَبْسِ، وَقَالَ الْمُصَنِّفُ: إنَّ الْأَشْهَرَ فِي اللُّغَةِ أَحَصَرَهُ الْمَرَضُ وَحَصَرَهُ الْعَدُوُّ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّ الْمَشْهُورَ مِنْ كَلَامِ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ الْإِحْصَارَ: الْمَنْعُ مِنْ الْمَقْصُودِ، سَوَاءٌ أَمَنَعَهُ مَرَضٌ أَمْ عَدُوٌّ أَمْ حَبْسٌ، وَالْحَصْرُ: التَّضْيِيقُ (وَلَا يَتَحَلَّلُ بِالْمَرَضِ) إذَا لَمْ يَشْرِطْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْإِتْمَامَ وَلَا يَزُولُ بِالتَّحَلُّلِ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَهُوَ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -: بَلْ يَصْبِرُ حَتَّى يَزُولَ، فَإِنْ كَانَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ أَتَمَّهَا أَوْ بِحَجٍّ وَفَاتَهُ تَحَلُّلٌ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ (فَإِنْ شَرَطَهُ) أَيْ التَّحَلُّلَ بِالْمَرَضِ مُقَارِنًا لِلْإِحْرَامِ (تَحَلَّلَ بِهِ) أَيْ بِسَبَبِ الْمَرَضِ (عَلَى الْمَشْهُورِ) كَمَا لَهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الصَّوْمِ فِيمَا لَوْ نَذَرَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ بِعُذْرٍ، وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ «دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ لَهَا: أَرَدْت الْحَجَّ، فَقَالَتْ: وَاَللَّهِ مَا أَجِدُنِي إلَّا وَجِعَةً فَقَالَ لَهَا: حُجِّي وَاشْتَرِطِي، وَقُولِي: اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي» وَقِيسَ بِالْحَجِّ الْعُمْرَةُ، وَالِاحْتِيَاطُ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ. وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ لَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ مِنْهَا بِغَيْرِ عُذْرٍ فَلَا يَجُوزُ بِالشُّرُوطِ كَالصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ، وَقَائِلُهُ أَجَابَ عَنْ الْحَدِيثِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَبْسِ الْمَوْتُ أَوْ هُوَ خَاصٌّ بِضُبَاعَةَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَغَيْرُ الْمَرَضِ مِنْ سَائِرِ الْأَعْذَارِ كَضَالِّ الطَّرِيقِ وَنَفَاذِ النَّفَقَةِ وَالْخَطَأِ فِي الْعَدَدِ كَالْمَرَضِ فِي ذَلِكَ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ الِاكْتِفَاءُ بِوُجُودٍ مُطْلَقِ الْمَرَضِ وَإِنْ خَفَّ فِي تَحَلُّلِ مَنْ شَرَطَ ذَلِكَ بِالْمَرَضِ، وَيُحْتَمَلُ تَقْيِيدُهُ بِمُبِيحِ التَّيَمُّمِ، وَالْأَوْجَهُ ضَبْطُهُ بِمَا يَحْصُلُ مَعَهُ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً فِي إتْمَامِ النُّسُكِ، ثُمَّ إنْ شَرَطَ بِلَا هَدْيٍ لَمْ يَلْزَمْهُ هَدْيٌ عَمَلًا بِشَرْطِهِ، وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ لِعَدَمِ شَرْطِهِ وَلِظَاهِرِ خَبَرِ ضُبَاعَةَ، فَالتَّحَلُّلُ فِيهِمَا يَكُونُ بِالنِّيَّةِ فَقَطْ وَإِنْ شَرَطَهُ بِهَدْيٍ لَزِمَهُ عَمَلًا بِشَرْطِهِ، وَلَوْ قَالَ: إنْ مَرِضْت فَأَنَا حَلَالٌ فَمَرِضَ صَارَ حَلَالًا بِالْمَرَضِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ، وَعَلَيْهِ حَمَلُوا خَبَرَ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرِجَ فَقَدْ حَلَّ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ» وَإِنْ شَرَطَ قَلْبَ حَجِّهِ عُمْرَةً بِالْمَرَضِ أَوْ نَحْوِهِ جَازَ بَلْ كَمَا لَوْ شَرَطَ التَّحَلُّلَ بِهِ بَلْ أَوْلَى، وَلِقَوْلِ عُمَرَ لِأَبِي أُمَيَّةَ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَشُقُّ عَلَيْهَا الْعَوْدُ مِنْهُ جَازَ لَهَا التَّحَلُّلُ وَإِنْ لَمْ تَصِلْ لِبَلَدِهَا (قَوْلُهُ: مُقَارِنًا لِلْإِحْرَامِ) عِبَارَةُ ابْنِ عَبْدِ الْحَقّ: فَإِنْ شَرَطَهُ: أَيْ لَفْظًا اهـ. أَيْ وَاللَّفْظُ هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ مَحَلِّي) بِفَتْحِ الْحَاءِ: أَيْ مَوْضِعَ أَحِلُّ، وَقَوْلُهُ حَبَسَتْنِي بِفَتْحِ السِّينِ: أَيْ الْعِلَّةُ وَالشِّكَايَةُ كَذَا قَالَهُ صَاحِبُ الْوَافِي مِنْ الْخَادِمِ لِلزَّرْكَشِيِّ. وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ فِي قَوْلِهِ مَحِلِّي بِكَسْرِ الْحَاءِ: كَذَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيُّ فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الرَّافِعِيِّ اهـ زِيَادِي. وَفِي الْمُخْتَارِ مَا يُوَافِقُ كَلَامَ الْوَافِي حَيْثُ قَالَ: وَحَلَّ بِالْمَكَانِ مِنْ بَابِ رَدَّ وَحُلُولًا وَمَحَلًّا أَيْضًا بِفَتْحِ الْحَاءِ، وَالْمَحِلُّ: أَيْضًا الْمَكَانُ الَّذِي تَحِلُّهُ (قَوْلُهُ: وَنَفَادُ النَّفَقَةِ) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ (قَوْلُهُ: يَكُونُ بِالنِّيَّةِ فَقَطْ) عِبَارَةُ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ تَبَعًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ بِالنِّيَّةِ وَالْحَلْقِ فَقَطْ اهـ. وَمَا قَالَاهُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ شَرَطَ التَّحَلُّلَ بِهِ بَلْ أَوْلَى) عِبَارَةُ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ تَنْبِيهٌ كَمَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ التَّحَلُّلِ أَوْ صَيْرُورَتُهُ حَلَالًا بِمَا ذَكَرَ، كَذَلِكَ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ قَلْبِهِ، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: أَوْ انْقِلَابُ حَجِّهِ عُمْرَةً بِمَا ذَكَرَ أَيْضًا فَلَهُ فِي الْأُولَى إذَا وَجَدَ أَنْ يَقْلِبَ حَجَّهُ عُمْرَةً بِالنِّيَّةِ وَيَنْقَلِبَ فِي الثَّانِيَةِ كَذَلِكَ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ، وَتُجْزِيهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ، بِخِلَافِ عُمْرَةِ التَّحَلُّلِ بِالْإِحْصَارِ مَثَلًا لَا تُجْزِيهِ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَعْلِيلٌ لِمَخْذُوفٍ أَيْ إنَّهُ كَالْعَامِّ لِأَنَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: صَارَ حَلَالًا بِالْمَرَضِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَفِيهِ مَا مَرَّ

حُجَّ وَاشْتَرِطْ وَقُلْ: اللَّهُمَّ الْحَجَّ أَرَدْت وَلَهُ عَمِلْت، فَإِنْ تَيَسَّرَ وَإِلَّا فَعُمْرَةٌ. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ ، وَلِقَوْلِ عَائِشَةَ لِعُرْوَةِ: هَلْ تَسْتَثْنِ إذَا حَجَجْت؟ فَقَالَ: مَاذَا أَقُولُ؟ قَالَتْ: قُلْ اللَّهُمَّ الْحَجَّ أَرَدْت وَلَهُ عَمَدْت، فَإِنْ يَسَّرْتَهُ فَهُوَ الْحَجُّ وَإِنْ حَبَسَنِي حَابِسٌ فَهُوَ عُمْرَةٌ. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، فَلَهُ فِي ذَلِكَ إذَا وَجَدَ الْعُذْرَ أَنْ يَقْلِبَ حَجَّهُ عُمْرَةً وَتُجْزِئُهُ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ. وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْخُرُوجُ إلَى أَدْنَى الْحِلِّ وَلَوْ بِيَسِيرٍ، إذْ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ، وَلَوْ شَرَطَ أَنْ يَقْلِبَ حَجَّهُ عُمْرَةً عِنْدَ الْعُذْرِ فَوَجَدَ الْعُذْرَ انْقَلَبَ حَجُّهُ عُمْرَةً وَأَجْزَأَتْهُ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ عُمْرَةِ التَّحَلُّلِ بِالْإِحْصَارِ لَا تُجْزِئُ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَتْ عُمْرَةً وَإِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُ عُمْرَةٍ، وَحُكْمُ التَّحَلُّلِ بِالْمَرَضِ وَنَحْوِهِ حُكْمُ التَّحَلُّلِ بِالْإِحْصَارِ. (وَمَنْ تَحَلَّلَ) أَيْ أَرَادَ التَّحَلُّلَ: أَيْ الْخُرُوجَ مِنْ النُّسُكِ بِالْإِحْصَارِ وَلَوْ مَعَ شَرْطِهِ أَنْ يَتَحَلَّلَ إذَا أُحْصِرَ وَلَوْ بِلَا هَدْيٍ (ذَبَحَ) لُزُومًا لِلْآيَةِ وَالْخَبَرِ السَّابِقَيْنِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَثِّرْ شَرْطُهُ التَّحَلُّلَ بِالْإِحْصَارِ فِي إسْقَاطِ الدَّمِ كَمَا أَثَّرَ فِيهِ شَرْطُهُ التَّحَلُّلَ بِمَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ؛ لِأَنَّ التَّحَلُّلَ بِالْإِحْصَارِ جَائِزٌ بِلَا شَرْطٍ فَشَرْطُهُ لَاغٍ (شَاةً) مُجْزِئَةً فِي الْأُضْحِيَّةِ (حَيْثُ أُحْصِرَ) مِنْ حِلٍّ أَوْ حَرَمٍ، وَفَرَّقَ لَحْمَهَا عَلَى مَسَاكِينِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَيُقَاسُ بِهِمْ فُقَرَاؤُهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ إذَا أُحْصِرَ فِي الْحِلِّ أَنْ يَبْعَثَ بِهَا إلَى الْحَرَمِ، فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَبَحَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ بِالْحُدَيْبِيَةِ وَهِيَ مِنْ الْحِلِّ، وَيَقُومُ مَقَامَ الشَّاةِ بَدَنَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ أَوْ سُبُعُ أَحَدِهِمَا، وَكَذَلِكَ يَذْبَحُ هُنَاكَ مَا لَزِمَهُ مِنْ دِمَاءِ الْمَحْظُورَاتِ قَبْلَ الْإِحْصَارِ وَمَا مَعَهُ مِنْ هَدْيِ التَّطَوُّعِ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ جَوَازُ الذَّبْحِ فِي مَوْضِعِهِ إذَا أُحْصِرَ فِي الْحِلِّ وَلَوْ تَمَكَّنَ مِنْ بَعْضِ الْحَرَمِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَلَيْسَ فِي نَصِّ الشَّافِعِيِّ مَا يُخَالِفُهُ وَإِنْ زَعَمَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ حَيْثُ أُحْصِرَ أَنَّهُ لَوْ أُحْصِرَ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْحِلِّ وَأَرَادَ أَنْ يَذْبَحَ بِمَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ لَمْ يَجُزْ، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَوْضِعَ الْإِحْصَارِ قَدْ صَارَ فِي حَقِّهِ كَنَفْسِ الْحَرَمِ وَهُوَ نَظِيرُ مَنْعِ الْمُتَنَفِّلِ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ مِنْ التَّحَوُّلِ إلَى جِهَةٍ أُخْرَى، وَاتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ إيصَالِهِ إلَى الْحَرَمِ لَكِنَّهُ لَا يَتَحَلَّلُ حَتَّى يَعُمَّ بِنَحْرِهِ، وَأَفْهَمَ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ أُحْصِرَ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْحَرَمِ لَمْ يَجُزْ نَقْلُهُ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْحَرَمِ، وَالْمَنْقُولُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ جَمِيعَ الْحَرَمِ كَالْبُقْعَةِ الْوَاحِدَةِ انْتَهَى. وَقُوَّةُ الْكَلَامِ تُعْطِي حُصُولَ التَّحَلُّلِ ـــــــــــــــــــــــــــــSعُمْرَةً بَلْ أَفْعَالَ عُمْرَةٍ (قَوْلُهُ: وَقُلْ اللَّهُمَّ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: انْقَلَبَ حَجُّهُ عُمْرَةً) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَنْقَلِبُ حَيْثُ شَرَطَ الْقَلْبَ وَإِنْ لَمْ يَقْلِبْهُ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ أَنْ يَنْقَلِبَ وَعَلَيْهَا فَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ عُمْرَةِ التَّحَلُّلِ بِالْإِحْصَارِ) أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَا هَدْيٍ) لَا يُخَالِفُ هَذَا مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ نَعَمْ إنْ شَرَطَهُ بِلَا هَدْيٍ إلَخْ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي الْمَرَضِ وَهَذَا فِي الْحَصْرِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مَا ذَكَرَهُ حَجّ حَيْثُ قَالَ: وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي نَحْوِ الْمَرَضِ بِأَنَّ هَذَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى شَرْطٍ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ الشَّرْطُ بِخِلَافِ ذَاكَ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ وَإِنَّمَا لَمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ لَحْمَهَا) ظَاهِرُهُ فِي امْتِنَاعِ نَقْلِهِ إلَى غَيْرِ مَحَلِّ الْإِحْصَارِ وَلَوْ إلَى الْحَرَمِ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ إذَا أُحْصِرَ إلَخْ خِلَافُهُ وَسَيَأْتِي أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ بَعْثِهِ: يَعْنِي حَيًّا إلَى الْحَرَمِ، وَلَوْ فَقَدَ الْفُقَرَاءَ بِمَحَلِّ الْإِحْصَارِ فَهَلْ يُؤَخِّرُ الذَّبْحَ إلَى وُجُودِهِمْ وَلَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ: فَلَوْ فَقَدُوا ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ: فَعَلَى مَسَاكِينِ أَقْرَبِ مَحَلٍّ إلَيْهِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ، وَلَا يُخَالِفُهُ مَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ عَدِمَتْ الْمَسَاكِينُ فِي الْحَرَمِ أَخَّرَهُ حَتَّى يَجِدَهُمْ كَمَنْ قَدَرَ عَلَى فُقَرَاءِ بَلَدٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَوَّزَ هُنَا الذَّبْحَ وَالتَّفْرِقَةَ فِي الْحِلِّ لِمَشَقَّةِ الْإِحْصَارِ، فَإِنْ وَجَدَ فِي مَحَلِّهِ مَسَاكِينَ فَرَّقَ عَلَيْهِمْ وَإِلَّا نَقَلَهُ بَعْدَ الذَّبْحِ فِيهِ إلَى فُقَرَاءِ أَقْرَبِ مَحَلٍّ إلَيْهِ، وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ انْتِقَالَهُ حِينَئِذٍ إلَى الصَّوْمِ وَهُوَ أَسْهَلُ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ إلَى الْفَرْضِ اهـ (قَوْلُهُ: أَنَّ جَمِيعَ الْحَرَمِ كَالْبُقْعَةِ) مُعْتَمَدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقُوَّةُ الْكَلَامِ تُعْطِي حُصُولَ التَّحَلُّلِ بِالذَّبْحِ) أَيْ وَحْدَهُ، وَقَوْلُهُ وَلِهَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ: أَيْ اسْتِدْرَاكًا عَلَيْهِ: فَهُوَ بَيَانٌ

بِالذَّبْحِ وَلِهَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ (قُلْت: إنَّمَا يَحْصُلُ التَّحَلُّلُ بِالذَّبْحِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] وَبُلُوغُهُ مَحِلَّهُ نَحْوُهُ (وَنِيَّةُ التَّحَلُّلِ) عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ الذَّبْحَ قَدْ يَكُونُ لِلتَّحَلُّلِ وَقَدْ يَكُونُ لِغَيْرِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدٍ صَارِفٍ (وَكَذَا الْحَلْقُ إنْ جَعَلْنَاهُ نُسُكًا) وَهُوَ الْمَشْهُورُ؛ لِأَنَّهُ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ قَدَرَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ فَلَا يَسْقُطُ، وَلَا بُدَّ مِنْ مُقَارَنَةِ نِيَّةِ التَّحَلُّلِ لِلذَّبْحِ وَالْحَلْقِ وَمِنْ تَقْدِيمِ الذَّبْحِ عَلَى الْحَلْقِ لِلْآيَةِ (فَإِنْ فَقَدَ الدَّمَ) حِسًّا أَوْ شَرْعًا كَأَنْ احْتَاجَ إلَيْهِ أَوْ إلَى ثَمَنِهِ أَوْ وَجَدَهُ غَالِيًا (فَالْأَظْهَرُ أَنَّ لَهُ بَدَلًا) كَغَيْرِهِ مِنْ الدِّمَاءِ الْوَاجِبَةِ عَلَى الْمُحْرِمِ، وَالثَّانِي لَا بَدَلَ لَهُ لِعَدَمِ وُرُودِهِ فَيَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ (وَ) الْأَظْهَرُ عَلَى الْأَوَّلِ (أَنَّهُ) أَيْ بَدَلَهُ (طَعَامٌ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْحَيَوَانِ مِنْ الصِّيَامِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْمَالِيَّةِ فَكَانَ الرُّجُوعُ إلَيْهِ عِنْدَ الْفَقْدِ أَوْلَى (بِقِيمَةِ الشَّاةِ) مُرَاعَاةً لِلْقُرْبِ فَتُقَوَّمُ الشَّاةُ بِدَرَاهِمَ وَيُخْرِجُ بِقِيمَتِهَا طَعَامًا (فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا) كَمَا فِي الدَّمِ الْوَاجِبِ بِالْإِفْسَادِ (لَهُ) إذَا انْتَقَلَ إلَى الصَّوْمِ (لِلتَّحَلُّلِ فِي الْحَالِ فِي الْأَظْهَرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) بِالْحَلْقِ وَالنِّيَّةِ عِنْدَهُ، وَمُقَابِلُهُ يَتَوَقَّفُ التَّحَلُّلُ عَلَى الصَّوْمِ كَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِطْعَامِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الصَّوْمَ يَطُولُ زَمَانُهُ فَتَعْظُمَ الْمَشَقَّةُ فِي الصَّبْرِ عَلَى الْإِحْرَامِ إلَى فَرَاغِهِ الْمَانِعِ. . الثَّالِثُ الرِّقُّ وَقَدْ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَإِذَا) (أَحْرَمَ الْعَبْدُ) وَفِي مَعْنَاهُ الْأَمَةُ (بِلَا إذْنٍ) وَهُوَ حَرَامٌ مَعَ صِحَّتِهِ (فَلِسَيِّدِهِ تَحْلِيلُهُ) وَكَذَا لِمُشْتَرِيهِ وَإِنْ جَهِلَ إحْرَامَهُ ثُمَّ عَلِمَهُ وَأَجَازَ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ يُرِيدَانِ مِنْهُ مَا لَا يُبَاحُ لِلْمُحْرِمِ كَالِاصْطِيَادِ وَإِصْلَاحِ الطِّيبِ وَقُرْبَانِ الْأَمَةِ، وَفِي مَنْعِهِمَا مِنْ ذَلِكَ إضْرَارٌ بِهِمَا، وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَكِنَّ الْأَوْلَى لَهُمَا أَنْ يَأْذَنَا لَهُ فِي إتْمَامِ نُسُكِهِ وَحَيْثُ جَازَ لِسَيِّدِهِ تَحْلِيلَهُ جَازَ لِلْعَبْدِ التَّحَلُّلُ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ إذَا أَمَرَهُ بِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَإِنْ كَانَ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَعْصِيَةِ وَاجِبًا لِكَوْنِهِ تَلَبَّسَ بِعِبَادَةٍ فِي الْجُمْلَةِ مَعَ جَوَازِ رِضَا السَّيِّدِ بِدَوَامِهِ، وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ وَالْمُبَعَّضُ وَمُعَلَّقُ الْعِتْقِ بِصِفَةٍ كَالْقِنِّ وَيُصَدَّقُ السَّيِّدُ بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ الْإِذْنِ، وَفِي تَصْدِيقِهِ فِي تَقَدُّمِ رُجُوعِهِ عَلَى الْإِحْرَامِ تَرَدُّدٌ، وَالْأَوْجَهُ مِنْهُ تَصْدِيقُ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا يَدَّعِيهِ، وَيَأْتِي فِيهِ مَا ذُكِرَ فِي اخْتِلَافِ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ فِي الرَّجْعَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَوْ وَجَدَهُ غَالِبًا) أَيْ بِزِيَادَةٍ لَهَا وَقَعَ فِيمَا يَظْهَرُ قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ مِنْ شِرَاءِ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ بِزِيَادَةٍ تَافِهَةٍ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: بِقِيمَةِ الشَّاةِ) أَيْ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا مِنْ سُبُعِ الْبَدَنَةِ أَوْ الْبَقَرَةِ اهـ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ وَهَذَا غَيْرُ قَوْلِ الشَّارِحِ وَيَقُومُ مَقَامَ الشَّاةِ إلَخْ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِي بَيَانِ مَا يُخْرِجُهُ مِنْ اللَّحْمِ وَهَذَا فِي بَيَانُ مَا يُخْرِجُهُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ اللَّحْمِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ اللَّحْمِ بَيْنَ تَقْوِيمِ الشَّاةِ وَتَقْوِيمِ سُبُعِ الْبَدَنَةِ أَوْ الْبَقَرَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الدَّمِ الْوَاجِبِ) أَيْ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْفَوْرُ بِالصَّوْمِ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَلِمَهُ وَأَجَازَ الْبَيْعَ) مُقْتَضَاهُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لَهُ وَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي، وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا هُنَا مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا بَاعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِإِحْرَامِهِ حَالَ الْعَقْدِ ثُمَّ عَلِمَهُ، وَأَجَازَ مِنْ حَيْثُ الشَّرْطُ لَا مِنْ حَيْثُ ظُهُورُ الْعَيْبِ أَوْ يُقَالَ: وَهُوَ أَوْلَى: مَا يَأْتِي مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ أَحْرَمَ بِلَا إذْنٍ مِنْ السَّيِّدِ وَمَا هُنَا فِيمَا لَوْ أَحْرَمَ بِإِذْنٍ مِنْهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ حَيْثُ أَحْرَمَ بِلَا إذْنٍ قَدَرَ الْمُشْتَرِي عَلَى تَحْلِيلِهِ فَلَا يَلْحَقُهُ ضَرَرٌ بَعْدَ ثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَحْرَمَ بِإِذْنٍ فَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ حَيْثُ اشْتَرَطَ جَاهِلًا بِإِحْرَامِهِ لِمَنْعِهِ مِنْ تَحْلِيلِهِ فَيَتَضَرَّرُ بَقَاءَ الْإِحْرَامِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَفِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ شَيْءٌ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: جَازَ لِلْعَبْدِ التَّحَلُّلُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا يَدَّعِيهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQلِوَجْهِ الِاسْتِدْرَاكِ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا أَحْرَمَ الْعَبْدُ بِلَا إذْنٍ) أَيْ وَلَوْ بِأَنْ خَالَفَ فِي صِفَةِ الْإِحْرَامِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَفِي مَنْعِهِمَا) أَيْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي، وَكَانَ الْأَوْلَى إفْرَادُ الضَّمِيرِ لِيَرْجِعَ إلَى مُطْلَقِ السَّيِّدِ الْأَعَمِّ (قَوْلُهُ: وَالْمُكَاتَبُ وَالْمُبَعَّضُ) أَيْ عَلَى مَا يَأْتِي فِيهِمَا

وَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي إحْرَامٍ مُطْلَقٍ فَفَعَلَ وَأَرَادَ صَرْفَهُ لِنُسُكٍ وَالسَّيِّدُ لِغَيْرِهِ فَفِي الْمُجَابِ وَجْهَانِ، أَوْجَهُهُمَا إجَابَةُ السَّيِّدِ حَيْثُ طَلَبَ الْأَقَلَّ، وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِحْرَامِ ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ إحْرَامِهِ فَأَحْرَمَ غَيْرَ عَالِمٍ بِرُجُوعِهِ، وَمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِحْرَامِ فِي وَقْتٍ فَأَحْرَمَ قَبْلَهُ فَإِنَّ لَهُ تَحْلِيلَهُ مَا لَمْ يَدْخُلْ ذَلِكَ الْوَقْتُ. وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِحْرَامِ مِنْ مَكَان بَعِيدٍ فَأَحْرَمَ مِنْ أَبْعَدَ مِنْهُ، وَمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ فَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ فَوْقَهَا، وَمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي التَّمَتُّعِ وَرَجَعَ بَيْنَهُمَا وَمَا لَوْ أَحْرَمَ بِإِذْنٍ ثُمَّ أَفْسَدَهُ بِجِمَاعٍ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْقَضَاءِ بِلَا إذْنٍ، أَمَّا إذَا أَحْرَمَ بِإِذْنِهِ فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهُ وَإِنْ أَفْسَدَ نُسُكَهُ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ لَازِمٌ عُقِدَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَلَمْ يَمْلِكْ إخْرَاجَهُ مِنْهُ كَالنِّكَاحِ وَلَا لِمُشْتَرِيهِ ذَلِكَ، وَلَكِنْ لَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ إنْ جَهِلَ إحْرَامَهُ، وَكَذَا لَوْ أَحْرَمَ بِغَيْرِ إذْنِهِ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فِي إتْمَامِهِ أَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْحَجِّ فَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ أَوْ أَذِنَ لَهُ فِي التَّمَتُّعِ أَوْ فِي الْحَجِّ أَوْ الْإِفْرَادِ فَقَرَنَ، إذْ لَوْ جَازَ لَهُ تَحْلِيلُهُ لَزِمَ أَنْ يُحَلِّلَهُ فِيمَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ تَحْلِيلِهِ مِمَّا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهِ الْمُبَعَّضُ الْمُهَايَأُ إذَا وَسِعَتْ نَوْبَتُهُ أَدَاءَ النُّسُكِ فَأَحْرَمَ بِهِ فِيهَا، وَالْمُكَاتَبُ كِتَابَةً صَحِيحَةً إذَا لَمْ يَحْتَجْ فِي تَأْدِيَةِ نُسُكِهِ إلَى سَفَرٍ فَأَحْرَمَ بِهِ أَوْ احْتَاجَ وَلَمْ يَحُلَّ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ النُّجُومِ فَأَحْرَمَ بِهِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُقْرِي، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ كَالْقِنِّ مُطْلَقًا وَعَبْدُ الْحَرْبِيِّ إذَا أَسْلَمَ ثُمَّ أَحْرَمَ بِغَيْرِ إذْنِهِ ثُمَّ غَنِمْنَاهُ وَالنَّاذِرُ لِنُسُكٍ فِي عَامٍ مُعَيَّنٍ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى غَيْرِهِ فَأَحْرَمَ بِهِ فِي وَقْتِهِ، وَلَوْ كَانَ الرَّقِيقُ مُؤَجَّرًا أَوْ مُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ فَالْمُعْتَبَرُ إذَنْ مَالِكِ الْمَنْفَعَةِ دُونَ الرَّقَبَةِ، وَتَحَلُّلُ الرَّقِيقِ يَكُونُ بِالنِّيَّةِ وَالْحَلْقِ، وَالْمُرَادُ بِتَحْلِيلِ سَيِّدِهِ أَنَّهُ يَأْمُرُهُ بِهِ لَا أَنَّهُ يَتَعَاطَى الْأَسْبَابَ بِنَفْسِهِ إذْ غَايَتُهُ أَنْ يَسْتَخْدِمَهُ وَيَمْنَعَهُ الْمُضِيَّ وَيَأْمُرَهُ بِفِعْلِ الْمَحْظُورَاتِ أَوْ يَفْعَلُهَا بِهِ وَلَا يَرْتَفِعُ الْإِحْرَامُ بِذَلِكَ، فَإِنْ امْتَنَعَ ارْتَفَعَ الْمَانِعُ بِالنِّسْبَةِ إلَى السَّيِّدِ حَتَّى يَجُوزَ لَهُ اسْتِخْدَامُهُ فِي مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ بَقَائِهِ عَلَى إحْرَامِهِ. وَقَوْلُهُمْ مَذْبُوحُ الْمُحْرِمِ مِنْ الصَّيْدِ مَيْتَةٌ أَنَّهُ لَوْ ذَبَحَ صَيْدًا وَلَوْ بِأَمْرِ سَيِّدِهِ لَمْ يَحِلَّ وَبِهِ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَصْرِ، وَمَا لَزِمَهُ مِنْ دَمٍ بِفِعْلِ مَحْظُورٍ كَاللُّبْسِ أَوْ بِالْفَوَاتِ لَا يَلْزَمُ سَيِّدَهُ وَلَوْ أَحْرَمَ بِإِذْنِهِ، بَلْ لَا يُجْزِئُهُ إذَا ذَبَحَ عَنْهُ إذْ لَا ذَبْحَ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا، وَإِنْ مَلَكَهُ سَيِّدُهُ وَوَاجِبُهُ الصَّوْمُ وَلَهُ مَنْعُهُ مِنْهُ إنْ كَانَ يَضْعُفُ بِهِ عَنْ الْخِدْمَةِ أَوْ يَنَالُهُ بِهِ ضَرَرٌ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي مُوجِبِهِ فَإِنْ وَجَبَ بِتَمَتُّعٍ أَوْ قِرَانٍ أَذِنَ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ: حَيْثُ طَلَبَ الْأَقَلَّ) بِخِلَافِ مَا إذَا طَلَبَ السَّيِّدُ الْحَجَّ وَالْعَبْدُ الْعُمْرَةَ فَإِنَّ الْعَبْدَ الْمُجَابُ (قَوْلُهُ: فَأَحْرَمَ مِنْ أَبْعَدَ مِنْهُ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَكُنْ وَصَلَ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي أَذِنَ لَهُ بِالْإِحْرَامِ مِنْهُ أَخْذًا مِمَّا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ أَحْرَمَ) أَيْ لَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهُ (قَوْلُهُ: إذَا وَسِعَتْ نَوْبَتُهُ أَدَاءَ النُّسُكِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ احْتَاجَ إلَى سَفَرٍ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ السَّفَرَ قَدْ يَتَوَلَّدُ مِنْهُ مَرَضٌ فَيَضُرَّ بِالسَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَالْمُكَاتَبُ إلَخْ) وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ هَذَا: وَالْمُكَاتَبُ كَالْقِنِّ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ) أَيْ الْمُكَاتَبُ كَالرَّقِيقِ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَعَبْدُ الْحَرْبِيِّ إلَخْ) أَيْ وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَالْمُعْتَبَرُ إذْنُ مَالِكٍ) هَلْ اُعْتُبِرَ إذْنُ مَالِكِ الرَّقَبَةِ أَيْضًا لِمِلْكِهِ الْعَيْنَ مَعَ احْتِمَالِ حُصُولِ ضَرَرٍ لَهُ بِأَعْمَالِ الْحَجِّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَ الْأَصْلُ السَّلَامَةَ، وَقَدْ نَقَلَ حَقَّهُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ، وَذَلِكَ يَسْتَدْعِي أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ الْمُسْتَأْجِرُ بِمَا أَرَادَ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَإِنْ اُحْتُمِلَ مَعَهُ الضَّرَرُ لِلْعَبْدِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِأَمْرِ سَيِّدِهِ لَمْ يَحِلَّ) أَيْ الصَّيْدُ خِلَافًا لحج، وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ حَيْثُ كَانَ مَيْتَةً لَمْ يَبْقَ لِجَوَازِ أَمْرِ السَّيِّدِ لَهُ بِالذَّبْحِ فَائِدَةٌ بَلْ يَكُونُ أَمْرُهُ وَسِيلَةً إلَى إضَاعَةِ الْمَالِ وَقَتْلِ الْحَيَوَانِ بِلَا سَبَبٍ (قَوْلُهُ: بَلْ لَا يُجْزِئُهُ) أَيْ الْعَبْدَ إذَا ذَبَحَ عَنْهُ: أَيْ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ) غَايَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا إجَابَةُ السَّيِّدِ حَيْثُ طَلَبَ الْأَقَلَّ) وَمَفْهُومُهُ عَدَمُ إجَابَتِهِ حَيْثُ طَلَبَ الْأَثْقَلَ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ الْعَبْدَ طَالَبَ الْأَخَفَّ، فَلَوْ قَالَ إجَابَةُ طَالِبِ الْأَخَفِّ لَشَمِلَهُمَا مَنْطُوقًا وَلَكَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ إذْ غَايَتُهُ) أَيْ التَّعَاطِي

فِيهِ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْهُ لِإِذْنِهِ فِي مُوجِبِهِ، وَإِنْ ذَبَحَ عَنْهُ السَّيِّدُ بَعْدَ مَوْتِهِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ الْيَأْسُ عَنْ تَكْفِيرِهِ، وَالتَّمْلِيكُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَلِهَذَا لَوْ تَصَدَّقَ عَنْ مَيِّتٍ جَازَ، وَقَدْ «أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَعْدًا أَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْ أُمِّهِ بَعْدَ مَوْتِهَا» ، فَإِنْ عَتَقَ الرَّقِيقُ وَقَدَرَ عَلَى الدَّمِ لَزِمَهُ اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْأَدَاءِ، وَالْمُكَاتَبُ يُكَفِّرُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ كَالْحُرِّ؛ لِأَنَّهُ يُمْلَكُ، وَعَلَيْهِ فَيُجْزِئُهُ أَنْ يَذْبَحَ عَنْهُ وَلَوْ فِي حَيَاتِهِ، وَلَوْ أَحْرَمَ الْمُبَعَّضُ فِي نَوْبَتِهِ وَارْتَكَبَ الْمَحْظُورَ فِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ أَوْ عَكْسُهُ اُعْتُبِرَ وَقْتُ ارْتِكَابِ الْمَحْظُورِ. . الْمَانِعُ الرَّابِعُ الزَّوْجِيَّةُ وَقَدْ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَلِلزَّوْجِ تَحْلِيلُهَا) أَيْ زَوْجَتِهِ (مِنْ حَجِّ تَطَوُّعٍ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ) لِئَلَّا يَتَعَطَّلَ حَقُّهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ وَالْعُمْرَةُ كَالْحَجِّ (وَكَذَا مِنْ الْفَرْضِ) بِلَا إذْنٍ (فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ عَلَى الْفَوْرِ وَالنُّسُكَ عَلَى التَّرَاخِي، وَيُخَالِفُ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ لِطُولِ مُدَّتِهِ بِخِلَافِهِمَا. وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَنْطَلِقَ إلَى الْحَجِّ إلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا» وَالثَّانِي لَا لِعُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَمْنَعُوا إمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ» قَالَ النَّوَوِيُّ: وَأَجَابُوا عَنْهُ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ نَهْيُ تَنْزِيهٍ أَوْ عَلَى غَيْرِ الْمُزَوَّجَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِنَّ حَقٌّ عَلَى الْفَوْرِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ لَا تَمْنَعُوهُنَّ مَسَاجِدَ الْبَلَدِ لِلصَّلَاةِ وَهَذَا ظَاهِرُ سِيَاقِ الْخَبَرِ وَالْأَمَةُ فِي ذَلِكَ كَالْحُرَّةِ وَإِنْ أَذِنَ لَهَا السَّيِّدُ وَلِلزَّوْجِ مَنْعُ زَوْجَتِهِ مِنْ الِابْتِدَاءِ بِالتَّطَوُّعِ جَزْمًا، وَبِالْفَرْضِ فِي الْأَظْهَرِ وَالرَّجْعِيَّةُ وَإِنْ كَانَتْ زَوْجَةً لَيْسَ لَهَا تَحْلِيلُهَا إلَّا إنْ رَاجَعَهَا، لَكِنَّ لَهُ حَبْسَهَا وَحَبْسَ الْبَائِنِ فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ خَشِيَتْ الْفَوَاتَ أَوْ أَحْرَمَتْ بِإِذْنِهِ، وَحَيْثُ حَلَّلَهَا فَلْيُحْلِلْهَا كَالرَّقِيقِ بِأَنْ يَأْمُرَهَا بِالتَّحَلُّلِ، وَيَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَتَحَلَّلَ بِأَمْرِ زَوْجِهَا كَتَحَلُّلِ الْمُحْصَرِ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ، فَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهَا لَمْ يَجُزْ لَهَا التَّحَلُّلُ، فَإِنْ امْتَنَعَتْ مِنْ تَحَلُّلُهَا مَعَ تَمَكُّنِهَا مِنْهُ جَازَ لَهُ وَطْؤُهَا وَسَائِرُ الِاسْتِمْتَاعَاتِ بِهَا وَالْإِثْمُ عَلَيْهَا لَا عَلَيْهِ، كَمَا فِي الْحَائِضِ إذَا امْتَنَعَتْ مِنْ غُسْلِ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ تَغْسِيلُهَا، وَوَطْؤُهَا مَعَ بَقَاءِ حَدَثِهَا، وَالْإِثْمُ عَلَيْهَا، فَإِنْ أَحْرَمَتْ بِإِذْنِهِ أَوْ أَذِنَ لَهَا فِي إتْمَامِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَحْلِيلُهَا، وَلَوْ قَالَ طَبِيبَانِ عَدْلَانِ إنْ لَمْ تَحُجَّ الْآنَ عَضِبَتْ صَارَ الْحَجُّ فَوْرِيًّا فَلَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ وَلَا التَّحْلِيلُ مِنْهُ، وَلَوْ نَكَحَتْ بَعْدَ تَحَلُّلِهَا مِنْ الْفَائِتِ فَلَا مَنْعَ وَلَا تَحْلِيلَ مِنْهُ لِلتَّضْيِيقِ، وَلَوْ حَجَّتْ خَلِيَّةٌ فَأَفْسَدَتْهُ ثُمَّ نَكَحَتْ أَوْ مُزَوَّجَةٌ بِإِذْنٍ فَأَفْسَدَتْهُ ثُمَّ أَحْرَمَتْ بِالْقَضَاءِ لَمْ يَمْلِكْ مَنْعَهَا وَلَا تَحْلِيلَهَا مِنْهُ، وَلَوْ نَذَرَتْهُ فِي سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ ثُمَّ نَكَحَتْ أَوْ فِي النِّكَاحِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلِهِ وَعَلَيْهِ فَيُجْزِئُهُ) أَيْ الْمُكَاتَبُ أَنْ يَذْبَحَ أَيْ السَّيِّدُ عَنْهُ ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ الْمُكَاتَبِ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ إذْ الذَّبْحُ يَتَوَقَّفُ عَلَى النِّيَّةِ وَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا لَا يَصِحُّ إلَّا بِإِذْنٍ مِمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ وَقْتُ ارْتِكَابِ الْمَحْظُورِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ فِي نَوْبَتِهِ لَزِمَهُ الدَّمُ أَوْ فِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ كَفَّرَ بِالصَّوْمِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَمَا لَزِمَهُ مِنْ دَمٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَبِالْفَرْضِ فِي الْأَظْهَرِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَخْبَرَهَا طَبِيبٌ بِالْعَضْبِ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ طَبِيبَانِ عَدْلَانِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهَا لَمْ يَجُزْ لَهَا التَّحَلُّلُ) وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَالْقِنِّ حَيْثُ جَازَ لَهُ التَّحَلُّلُ قَبْلَ أَمْرِ السَّيِّدِ أَنَّ الزَّوْجَةَ لَمَّا كَانَتْ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ وَهِيَ مُخَاطَبَةٌ بِالْحَجِّ فِي الْجُمْلَةِ كَانَ أَمْرُهَا آكَدَ مِنْ الرَّقِيقِ، فَإِنَّ حَجَّهُ بِتَقْدِيرِ تَمَامِهِ يَقَعُ نَفْلًا، بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّ حَجَّهَا إذَا تَمَّ وَقَعَ فَرْضًا مُطْلَقًا وَخَرَجَتْ بِهِ عَنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ، بَلْ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الزَّوْجِ أَنَّهُ يَسْتَمِرُّ عَلَى عَدَمِ طَلَبِ التَّحَلُّلِ بَلْ الْحَيَاءُ قَدْ يَحْمِلُهُ عَلَى الْإِذْنِ لَهَا فِي بَقَاءِ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ وَالْإِثْمُ عَلَيْهَا) أَيْ وَيَفْسُدُ بِذَلِكَ حَجُّهَا قَالَ ع: وَعَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ، وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ سَمِّ نَقْلًا عَنْ مَرَّ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَذَرَتْهُ فِي سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ) أَيْ نَذَرَتْ حَجًّا غَيْرَ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَجِبُ بِهِ الْحَجُّ وَأَمَّا نَذْرُ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ فَالْوَاجِبُ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ وَقْتُ ارْتِكَابِ الْمَحْظُورِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ فِي نَوْبَتِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَوْ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ فَلَا وُجُوبَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهَا لَمْ يَجُزْ لَهَا التَّحَلُّلُ) أَيْ لِأَنَّ إحْرَامَهَا بِغَيْرِ الْإِذْنِ لَيْسَ حَرَامًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَبِهِ فَارَقَتْ الرَّقِيقَ (قَوْلُهُ: فَلَا مَنْعَ وَلَا تَحْلِيلَ مِنْهُ)

بِإِذْنِ الزَّوْجِ ثُمَّ أَحْرَمَتْ بِهِ فِي وَقْتِهِ لَمْ يَمْلِكْ تَحْلِيلَهَا، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ نَذَرَتْ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ فِي هَذَا الْعَامِ ثُمَّ نَكَحَتْ فِيهِ وَلَوْ خَرَجَ مَكِّيٌّ يَوْمَ عَرَفَةَ إلَيْهَا فَأَحْرَمَتْ مَعَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَحْلِيلُهَا، وَلَوْ سَافَرَتْ مَعَهُ أَحْرَمَتْ بِحَيْثُ لَمْ تُفَوِّتْ عَلَيْهِ اسْتِمْتَاعًا بِأَنْ كَانَ مُحْرِمًا لَمْ يَكُنْ لَهُ تَحْلِيلُهَا، وَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ صَغِيرَةً لَا تُطِيقُ الْجِمَاعَ فَأَحْرَمَ عَنْهَا وَلِيُّهَا لِكَوْنِهَا غَيْرَ مُمَيِّزَةٍ أَوْ أَذِنَ لَهَا فِيهِ لِكَوْنِهَا مُمَيِّزَةً لَمْ يَجُزْ لَهُ تَحْلِيلُهَا. وَيُسْتَحَبُّ لِلزَّوْجِ أَنْ يَحُجَّ بِامْرَأَتِهِ لِلْأَمْرِ بِهِ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ. وَيُسْتَحَبُّ لَهَا أَنْ لَا تُحْرِمَ بِنُسُكِهَا إلَّا بِإِذْنِهِ، وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا فِي الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ مِنْ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهَا الْإِحْرَامُ بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا وَسَيِّدِهَا؛ لِأَنَّ الْحَجَّ لَازِمٌ لِلْحُرَّةِ: أَيْ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ وَلَوْ فَقِيرَةً فِيمَا يَظْهَرُ، وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ فَتَعَارَضَ فِي حَقِّهَا وَاجِبَانِ الْحَجُّ وَطَاعَةُ الزَّوْجِ، فَجَازَ لَهَا الْإِحْرَامُ وَنُدِبَ لَهَا الِاسْتِئْذَانُ، بِخِلَافِ الْأَمَةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْحَجُّ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا يَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ مِنْ أَنَّ الزَّوْجَةَ يَحْرُمُ عَلَيْهَا الشُّرُوعُ فِي صَوْمِ النَّفْلِ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ بِخِلَافِ الْفَرْضِ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ إحْرَامُهَا بِالنَّفْلِ بِغَيْرِ إذْنٍ. (وَلَا قَضَاءَ عَلَى الْمُحْصَرِ الْمُتَطَوِّعِ) إذَا تَحَلَّلَ لِعَدَمِ وُرُودِهِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ لَبُيِّنَ فِي الْقُرْآنِ أَوْ الْخَبَرِ؛ لِأَنَّ الْفَوَاتَ نَشَأَ عَنْ الْإِحْصَارِ الَّذِي لَا صُنْعَ لَهُ فِيهِ، وَلِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ: لَا قَضَاءَ عَلَى الْمُحْصَرِ، وَقَدْ أُحْصِرَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفٌ وَأَرْبَعُمِائَةٍ وَلَمْ يَعْتَمِرْ مَعَهُ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ إلَّا نَفَرٌ يَسِيرٌ أَكْثَرُ مَا قِيلَ أَنَّهُمْ سَبْعُمِائَةٍ، وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ أَمَرَ مَنْ تَخَلَّفَ بِالْقَضَاءِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْحَصْرِ عَامًّا وَبَيْنَ كَوْنِهِ خَاصًّا أَتَى بِنُسُكٍ سِوَى الْإِحْرَامِ أَوْ لَمْ يَأْتِ بِهِ، وَاسْتَثْنَى ابْنُ الرِّفْعَةِ مَا لَوْ أَفْسَدَ النُّسُكَ ثُمَّ أُحْصِرَ، وَرَدَّ بِأَنَّ الْقَضَاءَ هُنَا لِلْإِفْسَادِ لَا لِلْإِحْصَارِ (فَإِنَّ) (كَانَ) نُسُكُهُ (فَرْضًا مُسْتَقِرًّا) عَلَيْهِ كَحَجَّةِ الْإِسْلَامِ فِيمَا بَعْدَ السَّنَةِ الْأُولَى مِنْ سِنِي الْإِمْكَانِ وَكَالنَّذْرِ وَالْقَضَاءِ (بَقِيَ فِي ذِمَّتِهِ) كَمَا لَوْ شَرَعَ فِي صَلَاةِ فَرْضٍ وَلَمْ يُتِمَّهَا تَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ (أَوْ غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ) كَحَجَّةِ الْإِسْلَامِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنْ سِنِي الْإِمْكَانِ (اُعْتُبِرَتْ الِاسْتِطَاعَةُ بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ زَوَالِ الْإِحْصَارِ إنْ وُجِدَتْ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا، فَإِنْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يُمْكِنُ فِيهِ الْحَجُّ فَالْأَوْلَى أَنْ يُحْرِمَ، وَيَسْتَقِرُّ الْوُجُوبُ بِمُضِيِّهِ، نَعَمْ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إنْ أَخَّرَهُ عَنْهُ عَجَزَ عَنْهُ لَزِمَهُ الْإِحْرَامُ فِيهِ وَلَهُ التَّحَلُّلُ بِالْإِحْصَارِ قَبْلَ ـــــــــــــــــــــــــــــSتَعْجِيلُ الْحَجِّ لَا أَصْلُهُ، وَمِنْ ثَمَّ أَفْرَدَهُ بَعْدُ بِالذِّكْرِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ لَهُ تَحْلِيلُهَا) وَظَاهِرُهُ وَإِنْ أَطَاقَتْ الْوَطْءَ وَلَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ مُحْرِمًا وَأَرَادَ تَحْلِيلَهَا، وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ فِي زَمَنٍ لَا تَحْتَمِلُ فِيهِ الْوَطْءُ نَزَلَ إذْنُ الشَّارِعِ لَهُ فِي الْإِحْرَامِ مَنْزِلَةَ إذْنِ الزَّوْجِ وَهُوَ بَعْدَ إذْنِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّحْلِيلُ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ لِلزَّوْجِ أَنْ يَحُجَّ بِامْرَأَتِهِ) وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ فِيهِ إعَانَةً لَهَا عَلَى أَدَاءِ النُّسُكِ وَصَوْنًا لَهَا عَنْ الِاحْتِيَاجِ إلَى مَنْ يَقُومُ بِأَمْرِهَا فِي غَيْبَتِهِ وَأَنَّ فِيهِ تَسَبُّبًا فِي عِفَّتِهِ فِي الطَّرِيقِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَطُولُ سَفَرُهُ وَيَحْتَاجُ لِلْمُوَاقَعَةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأَمَةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْحَجُّ) أَيْ فَامْتَنَعَ الْإِحْرَامُ بِدُونِ الِاسْتِئْذَانِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: إحْرَامُهَا بِالنَّفْلِ بِغَيْرِ إذْنٍ) أَمَّا الْفَرْضُ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا الْإِحْرَامُ بِهِ، وَلَا يُغْنِي عَنْ هَذَا قَوْلُهُ السَّابِقُ: وَلِلزَّوْجِ مَنْعُ زَوْجَتِهِ مِنْ الِابْتِدَاءِ بِالتَّطَوُّعِ جَزْمًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ مَنْعِهِ مَنْعُهَا بِالْإِحْرَامِ بِلَا إذْنٍ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: إلَّا نَفَرٌ يَسِيرٌ) إطْلَاقُ النَّفَرِ عَلَى مَنْ ذَكَرَ مَجَازٌ، فَفِي الْمُخْتَارِ وَالنَّفَرُ بِفَتْحَتَيْنِ: عِدَّةُ رِجَالٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ إلَى عَشَرَةٍ (قَوْلُهُ: وَكَالنَّذْرِ) أَيْ حَيْثُ اسْتَقَرَّ فِي ذِمَّتِهِ بِأَنَّ نَذْرَهُ فِي سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَقُوَّتِهِ فِيهَا مَعَ الْإِمْكَانِ أَوْ أَطْلَقَ وَمَضَى مَا يُمْكِنُهُ فِيهِ النُّسُكُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إلَخْ) قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الزَّوْجَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا طَبِيبَانِ عَدْلَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَعْنِي مِنْ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ لَهَا أَيْ لَا تُحْرِمُ بِنُسُكِهَا إلَّا بِإِذْنِهِ) هَذَا فِي مُطْلَقِ الزَّوْجَةِ وَلَيْسَ خَاصًّا بِالْمَسْأَلَةِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ فِيمَا يَظْهَرُ فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْغَايَةِ فَقَطْ، وَقَوْلُهُ فَتَعَارَضَ إلَخْ رَاجِعٌ لِأَصْلِ قَوْلِهِ لِأَنَّ الْحَجَّ لَازِمٌ لِلْحُرَّةِ (قَوْلُهُ: إلَّا نَفَرٌ يَسِيرٌ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ كَانَ مَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِلَّا فَنَحْوُ هَذَا

الْوُقُوفِ وَبَعْدَهُ، فَإِنْ بَقِيَ عَلَى إحْرَامِهِ غَيْرَ مُتَوَقِّعٍ زَوَالَ الْإِحْصَارِ حَتَّى فَاتَهُ الْوُقُوفُ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ لِفَوَاتِ الْحَجِّ، كَمَا لَوْ فَاتَهُ بِخَطَأِ الطَّرِيقِ أَوْ الْعَدَدِ وَتَحَلَّلَ بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ إنْ أَمْكَنَهُ التَّحَلُّلُ بِهَا وَلَزِمَهُ دَمٌ لِلْفَوَاتِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ تَحَلَّلَ بِهَدْيٍ وَلَزِمَهُ مَعَ الْقَضَاءِ دَمُ التَّحَلُّلِ وَدَمٌ آخَرُ لِلْفَوَاتِ فَإِنْ أُحْصِرَ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَتَحَلَّلَ ثُمَّ أُطْلِقَ مِنْ إحْصَارِهِ فَأَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ وَيَبْنِيَ لَمْ يَجُزْ الْبِنَاءُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ. . الْمَانِعُ الْخَامِسُ الْأُبُوَّةُ، وَيُسْتَحَبُّ اسْتِئْذَانُ أَبَوَيْهِ فِي النُّسُكِ فَرْضًا وَتَطَوُّعًا، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا وَإِنْ عَلَا وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْأَبَوَيْنِ فِي الْأَصَحِّ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى مَنَعَهُ مِنْ نُسُكِ التَّطَوُّعِ؛ لِأَنَّهُ أَوْلَى بِاعْتِبَارِ الْإِذْنِ مِنْ فَرْضِ الْكِفَايَةِ الْمُعْتَبَرِ فِيهِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لِرَجُلٍ اسْتَأْذَنَهُ فِي الْجِهَادِ أَلِك أَبَوَانِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَسْتَأْذَنْتَهُمَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ» وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ وَلَهُمَا تَحْلِيلُهُ مِنْ نُسُكِ التَّطَوُّعِ إذَا أَحْرَمَ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَتَحْلِيلُهُمَا لَهُ كَتَحْلِيلِ السَّيِّدِ رَقِيقَهُ، وَيَلْزَمُهُ التَّحَلُّلُ بِأَمْرِهِمَا وَمَحَلُّهُ فِي الْآفَاقِيِّ وَلَمْ يَكُنْ مُصَاحِبًا لَهُ فِي السَّفَرِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الرَّقِيقَ كَالْحُرِّ فِي أَنَّ لَهُ الْمَنْعَ وَلَيْسَ لَهُمَا مَنْعُهُ مِنْ نُسُكِ الْفَرْضِ لَا ابْتِدَاءً وَلَا إتْمَامًا كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ، وَيُفَارِقُ الْجِهَادَ بِأَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ، وَلَيْسَ الْخَوْفُ فِيهِ كَالْخَوْفِ فِي الْجِهَادِ مَعَ أَنَّ فِي تَأْخِيرِهِ حَظْرَ الْفَوَاتِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ كَانَ لِأَبَوَيْهَا مَنْعُهَا مِنْ نُسُكِ التَّطَوُّعِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ رِضَا الزَّوْجِ لَا يُسْقِطُ حَقَّ الْأَصْلِ إلَّا أَنْ يُسَافِرَ مَعَهَا الزَّوْجُ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَوْ مَنَعَهُ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى مَنْعِهِ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ. . الْمَانِعُ السَّادِسُ الدَّيْنُ، فَلِصَاحِبِهِ مَنْعُ الْمَدْيُونِ مِنْ السَّفَرِ لِيَسْتَوْفِيَهُ إلَّا إنْ كَانَ مُعْسِرًا أَوْ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا أَوْ يَسْتَنِيبُ مَنْ يَقْضِيهِ مِنْ مَالٍ حَاضِرٍ، وَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهُ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي إحْرَامِهِ (وَمَنْ) (فَاتَهُ الْوُقُوفُ) وَبِفَوَاتِهِ يَفُوتُ الْحَجُّ (تَحَلَّلَ) وُجُوبًا لِئَلَّا يَصِيرَ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ فَتَحْرُمَ عَلَيْهِ اسْتِدَامَةُ إحْرَامِهِ إلَى قَابِلٍ، فَلَوْ اسْتَدَامَهُ حَتَّى حَجَّ بِهِ مِنْ قَابِلٍ لَمْ يُجْزِئْهُ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ: تَحَلَّلَ جَوَازًا مُرَادُهُ بِهِ الْجَوَازُ بَعْدَ الْمَنْعِ فَيَصْدُقَ بِالْوَاجِبِ (بِطَوَافٍ وَسَعْيٍ) إنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ، فَإِنْ سَعَى لَمْ يُعِدْهُ (وَحَلَقَ وَفِيهِمَا) أَيْ السَّعْيِ وَالْحَلْقِ (قَوْلٌ) أَنَّهُمَا لَا يَجِبَانِ فِي التَّحَلُّلِ أَمَّا السَّعْيُ فَلِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ وَلِهَذَا صَحَّ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْوُقُوفِ عَقِبَ طَوَافِ الْقُدُومِ، وَأَمَّا الْحَلْقُ فَمَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِنُسُكٍ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّحَلُّلِ بِمَا ذَكَرَهُ أَرَادَ بِهِ التَّحَلُّلَ الثَّانِيَ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَفِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِوَاحِدٍ مِنْ الطَّوَافِ وَالْحَلْقِ يَعْنِي مَعَ السَّعْيِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا فَاتَهُ الْوُقُوفُ سَقَطَ عَنْهُ حُكْمُ الرَّمْيِ وَصَارَ كَمَنْ رَمَى، وَلَا تُجْزِئُهُ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ إحْرَامَهُ انْعَقَدَ بِنُسُكٍ فَلَا يَنْصَرِفُ لِآخَرَ كَعَكْسِهِ، وَلَا يَجِبُ الرَّمْيُ وَالْمَبِيتُ بِمِنًى وَإِنْ بَقِيَ وَقْتُهُمَا، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ الْعُمْرَةِ وَإِنْ احْتَاجَ إلَى نِيَّةِ التَّحَلُّلِ (وَعَلَيْهِ دَمٌ) لِلْفَوَاتِ (وَالْقَضَاءُ) بِمَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ وَهُوَ الْأَدَاءُ وَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSإلَخْ اعْتِبَارُ مِثْلِهِ هُنَا، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ عَرَفَ مِنْ نَفْسِهِ لِكَوْنِهِ طَبِيبًا، وَتَعْبِيرُهُ بِغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ شَامِلٌ لِذَلِكَ بَلْ وَلِمَا لَوْ أَخْبَرَهُ بِهِ طَبِيبٌ وَاحِدٌ. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ) فِي حَاشِيَةِ الزِّيَادِيِّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: كَتَحْلِيلِ السَّيِّدِ رَقِيقَهُ) أَيْ فَيَأْمُرُهُ بِفِعْلِ مَا يَخْرُجُ بِهِ مِنْ الْحَجِّ، وَهُوَ الذَّبْحُ وَالْحَلْقُ كَالْمُحْصَرِ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ كَتَحْلِيلِ إلَخْ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ أَمَرَهُ بِفِعْلِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَفِيهِ وَقْفَةٌ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الرَّقِيقَ) أَيْ الْأَبَ الرَّقِيقَ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُجْزِئْهُ) قَالَا حَجّ؛ لِأَنَّ إحْرَامَ سَنَةٍ لَا يَصْلُحُ لِإِحْرَامِ أُخْرَى (قَوْلُهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ) بَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعَدَدُ لَيْسَ بِيَسِيرٍ (قَوْلُهُ: وَبَعْدَهُ) أَيْ إذَا كَانَ مُتَوَقَّعًا زَوَالُ الْإِحْصَارِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: مُرَادُهُ بِهِ الْجَوَازُ بَعْدَ الْمَنْعِ) فِيهِ مُسَامَحَةٌ، إذْ الْوَاقِعُ أَنَّهُ جَوَازٌ بَعْدَ مَنْعٍ فَلَا حَاجَةَ لِلْإِرَادَةِ، وَكَانَ بِالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: أَرَادَ بِالْجَوَازِ الْوُجُوبَ إذْ هُوَ بَعْدَ مَنْعٍ فَيَصْدُقُ بِهِ.

وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ " أَنَّ هَبَّارَ بْنَ الْأَسْوَدِ جَاءَ يَوْمَ النَّحْرِ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَنْحَرُ هَدْيَهُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: أَخْطَأْنَا الْعَدَّ وَكُنَّا نَظُنُّ أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمُ عَرَفَةَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: اذْهَبْ إلَى مَكَّةَ فَطُفْ بِالْبَيْتِ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ، وَاسْعَوْا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَانْحَرُوا هَدْيًا إنْ كَانَ مَعَكُمْ، ثُمَّ احْلِقُوا أَوْ قَصِّرُوا ثُمَّ ارْجِعُوا، فَإِذَا كَانَ عَامٌ قَابِلٌ فَحُجُّوا وَأَهْدُوا، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةٍ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعَ " وَاشْتَهَرَ ذَلِكَ فِي الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكَرْ؛ وَلِأَنَّ الْفَوَاتَ سَبَبٌ يَجِبُ بِهِ الْقَضَاءُ فَيَجِبَ الْهَدْيُ كَالْإِفْسَادِ، وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ نَشَأَ الْفَوَاتُ عَنْ الْحَصْرِ بِأَنْ حُصِرَ فَسَلَكَ طَرِيقًا آخَرَ فَفَاتَهُ لِصُعُوبَةِ الطَّرِيقِ مَثَلًا أَوْ صَابَرَ الْإِحْرَامَ مُتَوَقِّعًا زَوَالَ الْحَصْرِ فَلَمْ يَزُلْ حَتَّى فَاتَهُ الْحَجُّ تَحَلَّلَ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ وَلَمْ يَقْضِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مِنْ عُلَقِ السَّفَرِ اسْتِحْبَابَ حَمْلِ الْمُسَافِرِ لِأَهْلِهِ هَدِيَّةً لِلْخَبَرِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ. وَيُسَنُّ عِنْدَ قُرْبِهِ وَطَنَهُ إرْسَالُ مَنْ يُعْلِمُهُمْ بِقُدُومِهِ وَأَلَّا أَنْ يَكُونَ فِي قَافِلَةٍ اشْتَهَرَ عِنْدَ أَهْلِ الْبَلَدِ وَقْتَ دُخُولِهَا، وَيُكْرَهُ أَنْ يَطْرُقَهُمْ لَيْلًا، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُتَلَقَّى الْمُسَافِرُ، وَأَنْ يُقَالَ لَهُ إنْ كَانَ حَاجًّا: قَبِلَ اللَّهُ حَجَّكَ وَغَفَرَ ذَنْبَك وَأَخْلَفَ نَفَقَتَك، فَإِنْ كَانَ غَازِيًا قِيلَ لَهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَصَرَك وَأَكْرَمَك وَأَعَزَّك. وَالسُّنَّةُ أَنْ يَبْدَأَ عِنْدَ دُخُولِهِ بِأَقْرَبِ مَسْجِدٍ فَيُصَلِّيَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ بِنِيَّةِ صَلَاةِ الْقُدُومِ، وَتُسَنُّ النَّقِيعَةُ، وَهِيَ طَعَامٌ يُفْعَلُ لِقُدُومِ الْمُسَافِرِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهَا فِي الْوَلِيمَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ، وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ. وَقَدْ تَمَّ شَرْحُ الرُّبْعِ الْأَوَّلِ بِحَمْدِ الْمَلِكِ الْوَهَّابِ وَعَوْنِهِ وَحُسْنِ تَوْفِيقِهِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ الْمُبَارَكِ، تَاسِعَ عَشَرَ رَجَبِ الْفَرْدِ الْأَصَمِّ الْحَرَامِ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَتِسْعِمِائَةٍ، عَلَى يَدِ مُؤَلَّفِهِ فَقِيرِ عَفْوِ رَبِّهِ، وَأَسِيرِ وَصْمَةِ ذَنْبِهِ " مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الرَّمْلِيِّ " الْأَنْصَارِيِّ الشَّافِعِيِّ، غَفَرَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ وَلِوَالِدِيهِ وَلِمَشَايِخِهِ وَلِمُحِبِّيهِ وَلِذَوِيهِ وَلِمَنْ دَعَا لَهُمْ بِالْحُسْنَى وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَنَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ قَرَأَهُ أَوْ نَقَلَ مِنْهُ أَوْ طَالَعَ فِيهِ وَدَعَا لِمَنْ كَانَ سَبَبًا فِي ذَلِكَ بِالْمَوْتِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ. وَنَتَوَسَّلُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِسَائِرِ أَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَأَخِصَّائِهِ أَنْ يُدِيمَ لَنَا رِضَاهُ، وَأَنْ يُصْلِحَ مِنَّا مَا أَفْسَدْنَاهُ، وَأَنْ يَمُنَّ عَلَيْنَا بِقُرْبِهِ، وَأَنْ يُتْحِفَنَا بِحَقَائِق حُبِّهِ، وَأَنْ لَا يَجْعَلَ أَعْمَالَنَا حَسْرَةً عَلَيْنَا وَنَدَامَةً، وَأَنْ يَجْعَلَنَا مَعَ سَادَاتِنَا فِي أَعْلَى فَرَادِيسِ الْكَرَامَةِ، وَأَنْ يُعِينَنَا عَلَى إتْمَامِ بَقِيَّةِ شَرْحِ الْكِتَابِ كَمَا أَعَانَنَا عَلَى ابْتِدَائِهِ، فَإِنَّهُ مُجِيبُ الدُّعَاءِ، لَا يَرُدُّ مَنْ قَصَدَهُ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِ، وَلَا مَنْ عَوَّلَ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ عَلَيْهِ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSوَأَقُولُ] حَرَّرْته مُجْتَهِدًا ... وَلَيْسَ يَخْلُو عَنْ غَلَطٍ قُلْ لِلَّذِي يَلُومُنِي ... مَنْ ذَا الَّذِي مَا سَاءَ قَطُّ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقِيَاسُ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ مَا يَأْتِي بِهِ مِنْ أَعْمَالِهَا لَا تَحْصُلُ بِهِ عُمْرَةٌ وَإِنْ نَوَاهَا (قَوْلُهُ: وَأَهْدَوْا) بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ، يُقَالُ: أَهْدَى لَهُ وَإِلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ غَازِيًا قِيلَ لَهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ فَتْحٌ عَلَى يَدِهِ لِإِعْزَازِ الْإِسْلَامِ بِنَفْسِ الْغَزْوِ وَخِذْلَانِ الْكُفَّارِ بِعَوْدِهِ (قَوْلُهُ: وَالسُّنَّةُ أَنْ يَبْدَأَ عِنْدَ دُخُولِهِ بِأَقْرَبِ مَسْجِدٍ) أَيْ إلَى مَنْزِلِهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ لَهُ مَنْزِلٌ غَيْرُ الْمَسْجِدِ، فَلَوْ كَانَ بَيْتُهُ بِالْمَسْجِدِ أَوْ كَانَ مِنْ مُجَاوِرِيهِ فِعْلُهُمَا فِيهِ عِنْدَ دُخُولِهِ (قَوْلُهُ: وَتُسَنُّ النَّقِيعَةُ) أَيْ يُسَنُّ لِلْمُسَافِرِ بَعْدَ حُضُورِهِ أَنْ يَفْعَلَهَا (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُتْحِفَنَا) أَيْ وَيَخُصَّنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ الْمَآبُ. تَمَّ تَجْرِيدُ رُبُعِ الْعِبَادَاتِ مِنْ هَوَامِشِ شَرْحِ الرَّمْلِيِّ الْعَلَّامَةِ نُورِ الدِّينِ عَلِيٍّ الشبراملسي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

[كتاب البيع]

كِتَابُ الْبَيْعِ هُوَ لُغَةً: مُقَابَلَةُ شَيْءٍ بِشَيْءٍ، قَالَ الشَّاعِرُ: مَا بِعْتُكُمْ مُهْجَتِي إلَّا بِوَصْلِكُمْ ... وَلَا أُسَلِّمُهَا إلَّا يَدًا بِيَدِ وَشَرْعًا: عَقْدٌ يَتَضَمَّنُ مُقَابَلَةَ مَالٍ بِمَالٍ بِشَرْطِهِ الْآتِي لِاسْتِفَادَةِ مِلْكِ عَيْنٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ مُؤَبَّدَةٍ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِالتَّرْجَمَةِ هُنَا، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى قَسِيمِ الشِّرَاءِ فَيُحَدُّ بِأَنَّهُ نَقْلُ مِلْكٍ بِثَمَنٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSكِتَابُ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ مُقَابَلَةُ شَيْءٍ بِشَيْءٍ) زَادَ بَعْضُهُمْ عَلَى وَجْهِ الْمُعَاوَضَةِ لِيَخْرُجَ بِهِ مِثْلُ ابْتِدَاءِ السَّلَامِ وَرَدِّهِ وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ فَإِنَّ فِيهِ مُقَابَلَةُ شَيْءٍ بِشَيْءٍ لَكِنْ لَا عَلَى وَجْهِ الْمُعَاوَضَةِ، لَكِنْ يَرُدُّ عَلَى هَذَا قَوْلُ الشَّاعِرِ: مَا بِعْتُكُمْ إلَخْ. فَإِنَّهُ قَدْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُعَاوَضَةَ لَا تُشْتَرَطُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَ انْقِيَادُهُ إلَيْهِمْ يُصَيِّرُهُ كَرَقِيقِهِمْ نَزَلَ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ الْمُعَاوَضَةِ (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا عَقْدٌ يَتَضَمَّنُ إلَخْ) أَيْ يَقْتَضِي انْتِقَالَ الْمِلْكِ فِي الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي وَفِي الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ، وَمِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الْمَنْهَجِ: هُوَ شَرْعًا مُقَابَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ فِيهِ مُسَامَحَةٌ، إذْ الْعَقْدُ لَيْسَ نَفْسَ الْمُقَابَلَةِ لَكِنْ يَسْتَلْزِمُهَا. قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَلَعَلَّ الْمُرَادَ عَقْدٌ يَتَضَمَّنُ مُقَابَلَةَ شَيْءٍ بِشَيْءٍ، وَفِيهِ بُعْدٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ هَذَا حِكْمَةُ إسْقَاطِ الشَّارِحِ الْعَقْدَ مِنْ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَذِكْرِهِ فِي الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ) أَيْ بِشُرُوطِهِ الْآتِيَةِ؛ لِأَنَّهُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ (قَوْلُهُ: لِاسْتِفَادَةِ) عِلَّةٍ لِقَوْلِهِ مُقَابَلَةُ (قَوْلُهُ: مِلْكِ عَيْنٍ) كَالثِّيَابِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْفَعَةٍ) وَكَذَا يُعْتَبَرُ التَّأْبِيدُ فِي الْعَيْنِ لِإِخْرَاجِ الْقَرْضِ، وَلَعَلَّهُ اسْتَغْنَى عَنْهُ بِقَوْلِهِ بِشَرْطِهِ، وَلَك أَنْ تَقُولَ التَّأْبِيدُ حَاصِلٌ فِي الْقَرْضِ لِجَوَازِ انْتِفَاعِ الْمُقْتَرِضِ بِهِ لَا إلَى غَايَةٍ، وَرُجُوعُ الْمُقْرِضِ فِيهِ فَسْخٌ لَهُ وَهُوَ إنَّمَا يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اطَّلَعَ الْبَائِعُ عَلَى عَيْبٍ فِي الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ فَرَدَّهُ وَفَسَخَ الْعَقْدَ، وَلَمْ يَخْرُجْ بِهِ الْبَيْعُ عَنْ كَوْنِهِ مُفِيدًا لِذَلِكَ الْمِلْكِ عَلَى التَّأْبِيدِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْفَسْخُ لَا يَنْفُذُ بِدُونِ سَبَبٍ يَقْتَضِيهِ، بِخِلَافِ الرُّجُوعِ فِي الْقَرْضِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ مَا دَامَ الْمُقْرَضُ فِي يَدِ الْمُقْتَرِضِ (قَوْلُهُ: مُؤَبَّدَةٍ) كَحَقِّ الْمَمَرِّ إذَا عُقِدَ عَلَيْهِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى قَسِيمِ الشِّرَاءِ) وَقَدْ يُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الِانْعِقَادِ أَوْ الْمِلْكِ النَّاشِئِ عَنْ الْعَقْدِ كَمَا فِي قَوْلِك فَسَخْت الْبَيْعَ، إذْ الْعَقْدُ الْوَاقِعُ لَا يُمْكِنُ فَسْخُهُ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ فَسْخُ مَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ حَجّ ا. هـ. سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فَيُحَدُّ بِأَنَّهُ) أَيْ الْبَيْعَ (قَوْلُهُ: نَقْلُ مِلْكٍ) أَيْ قَبُولُ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْبَيْعِ] [شُرُوط الْبَيْع] [أَلْفَاظ الْبَيْع] ِ (قَوْلُهُ: عَقْدٌ يَتَضَمَّنُ مُقَابَلَةَ مَالٍ بِمَالٍ إلَخْ) فِيهِ أُمُورٌ: الْأَوَّلُ أَنَّ قَوْلَهُ مَالٌ بِمَالٍ يَشْمَلُ غَيْرَ الْمُتَمَوَّلِ؛ الثَّانِي أَنَّهُ يَخْرُجُ عَنْهُ الْمَنْفَعَةُ الْمُؤَبَّدَةُ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى مَالًا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ، فَهَذَا مَعَ قَوْلِهِ بَعْدُ أَوْ مَنْفَعَةٌ مُؤَبَّدَةٌ كَالْمُتَنَافِي إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْأَيْمَانَ مَبْنَاهَا غَالِبًا عَلَى الْعُرْفِ، فَالْمَنْفَعَةُ هُنَا مِنْ الْأَمْوَالِ فَلْيُرَاجَعْ: وَالثَّالِثُ أَنَّ قَوْلَهُ بِشَرْطِهِ الْآتِي فِيهِ أَنَّ الشُّرُوطَ لَا دَخْلَ لَهَا فِي التَّعَارِيفِ الْمَقْصُودِ بِهَا بَيَانُ الْمَاهِيَّةِ، الرَّابِعُ أَنَّ قَوْلَهُ لِاسْتِفَادَةِ مِلْكِ عَيْنٍ إلَخْ هُوَ فَائِدَةٌ الْبَيْعِ فَلَا دَخْلَ لَهُ فِي أَصْلِ تَعْرِيفِهِ، وَقَدْ سُلِّمَ مِنْ جَمِيعِ هَذِهِ الْإِيرَادَاتِ قَوْلُ بَعْضِهِمْ: عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ تُفِيدُ مِلْكَ عَيْنٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ عَلَى التَّأْبِيدِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُطْلَقُ) أَيْ مُطْلَقُ لَفْظِ الْبَيْعِ لَا الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ فِي التَّرْجَمَةِ فَفِيهِ شَبَهُ اسْتِخْدَامٍ.

عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ وَالشِّرَاءُ بِأَنَّهُ قَبُولُهُ عَلَى أَنَّ لَفْظَ كُلٍّ يَقَعُ عَلَى الْآخَرِ، وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282] وقَوْله تَعَالَى {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] وَأَظْهَرُ قَوْلَيْ إمَامِنَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ عَامَّةٌ تَتَنَاوَلُ كُلَّ بَيْعٍ، إلَّا مَا خَرَجَ لِدَلِيلٍ فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بُيُوعٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْجَائِزَ، وَالثَّانِي أَنَّهَا مُجْمَلَةٌ وَالسُّنَّةُ مُبَيِّنَةٌ لَهَا وَأَحَادِيثُ كَخَبَرِ «سُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيُّ الْكَسْبِ أَطْيَبُ؟ فَقَالَ: عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ» أَيْ لَا غِشَّ فِيهِ وَلَا خِيَانَةَ. رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَخَبَرِ «إنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ» وَأَفْرَدَ لَفْظَهُ؛ لِأَنَّ إفْرَادَهُ هُوَ الْأَصْلُ إذْ هُوَ مَصْدَرٌ فَسَقَطَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ فِعْلُ ذَلِكَ لِإِرَادَتِهِ نَوْعًا مِنْهُ وَهُوَ بَيْعُ الْأَعْيَانِ إذْ إرَادَةُ ذَلِكَ تُعْلَمُ مِنْ إفْرَادِهِ السَّلَمَ، وَسَيَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ بَيْعُ الْمَنَافِعِ. وَالنَّظَرُ أَوَّلًا فِي صِحَّتِهِ، وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّهَا تُقَارِنُ آخِرَ اللَّفْظِ الْمُتَأَخِّرِ وَأَنَّ انْتِقَالَ الْمِلْكِ يُقَارِنُهَا ثُمَّ لُزُومُهُ ثُمَّ حُكْمُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالنَّقْلِ فَفِي الْكَلَامِ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ (قَوْلُهُ: عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ) يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ لَا مَفْهُومَ لَهُ إذْ التَّمْلِيكُ بِالثَّمَنِ لَا يَكُونُ إلَّا بَيْعًا، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ أَشَارَ بِهِ إلَى مَا يُعْتَبَرُ شَرْعًا فَهُوَ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ لَا لِلِاحْتِرَازِ، أَوْ أَنَّهُ اسْتَعْمَلَ الثَّمَنَ فِي مُطْلَقِ الْعِوَضِ فَيَكُونُ احْتِرَازًا عَنْ غَيْرِهِ مِنْ نَحْوِ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ قَبُولُهُ) أَيْ نَقْلِهِ (قَوْلُهُ: يَقَعُ عَلَى الْآخَرِ) أَيْ فَيُطْلَقُ الْبَيْعُ عَلَى التَّمَلُّكِ وَالشِّرَاءُ عَلَى التَّمْلِيكِ (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ) أَيْ الدَّلِيلُ عَلَى صِحَّتِهِ وَجَوَازِهِ (قَوْلُهُ: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ) بَيَّنَ بِهَذِهِ الْآيَةِ الْحِلَّ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُبَيِّنْ الْجَائِزَ) أَيْ فَدَلَّ عَدَمُ بَيَانِهِ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبُيُوعِ الْحِلُّ وَهُوَ. مُقْتَضَى الْآيَةِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي أَنَّمَا مُجْمَلَةٌ) أَيْ فَلَا يُسْتَدَلُّ بِهَا إلَّا بَعْدَ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ: وَكُلُّ بَيْعٍ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ اسْتِوَاؤُهُمَا فِي الْأَفْضَلِيَّةِ وَهُوَ كَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِمَا وَغَيْرِ الزِّرَاعَةِ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِأَنْفُسِهِمَا فَهُمَا مُتَفَاوِتَانِ فَإِنَّ أَفْضَلَ طُرُقِ الْمَكَاسِبِ الزِّرَاعَةُ وَإِنْ لَمْ يُبَاشِرْهَا بِيَدِهِ ثُمَّ عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ ثُمَّ التِّجَارَةُ (قَوْلُهُ أَيْ لَا غِشَّ) تَفْسِيرٌ لِمَبْرُورٍ وَلَيْسَ مِنْ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ وَلَا خِيَانَةَ) عَطْفٌ مُغَايِرٌ؛ لِأَنَّ الْغِشَّ مَا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ الْمَبِيعُ مِمَّا يُقْتَضَى خُرُوجَهُ عَمَّا يَظُنُّهُ الْبَائِعُ، وَالْخِيَانَةُ كَأَنْ يُخْبِرُ بِزِيَادَةٍ فِي الثَّمَنِ كَاذِبًا وَكَكِتْمَانِ الْعَيْبِ عَنْ الْمُشْتَرِي، زَادَ الْمُنَاوِيُّ: أَوْ مَعْنَاهُ مَقْبُولٌ فِي الشَّرْعِ بِأَنْ لَا يَكُونَ فَاسِدًا أَوْ مَقْبُولٌ عِنْدَ اللَّهِ بِأَنْ يَكُونَ مُثَابًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ مَصْدَرٌ) رَدَّهُ سم بِأَنَّ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ لَيْسَ مُرَادًا هُنَا، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ اللَّفْظُ الَّذِي يَنْعَقِدُ بِهِ الْبَيْعُ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَصْدَرًا فِي الْأَصْلِ كَانَ الْأَصْلُ فِيهِ الْإِفْرَادُ (قَوْلُهُ: إنَّهَا تُقَارِنُ آخِرَ اللَّفْظِ) وَتَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الزَّوَائِدُ الْحَاصِلَةُ بَعْدَ ذَلِكَ وَمُقَابِلُهُ أَنَّهَا عَقِبُهُ. وَقِيلَ يَتَبَيَّنُ بِآخِرِهِ حُصُولُهُ مِنْ أَوَّلِهِ، وَتَجْرِي هَذِهِ الْأَقْوَالُ فِي كُلِّ مَا سَبَّبَهُ قَوْلٌ كَبَقِيَّةِ صِيَغِ الْعُقُودِ وَالْحُلُولِ وَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ ا. هـ. حَجّ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَأَجْرُوهُ فِي السَّبَبِ الْفِعْلِيِّ اهـ حَجّ أَيْضًا، وَالسَّبَبُ الْفِعْلِيُّ كَالرَّضَاعِ (قَوْلُهُ: يُقَارِنُهَا) أَيْ الصِّحَّةَ غَالِبًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إذْ إرَادَةُ ذَلِكَ تُعْلَمُ إلَخْ) فِيهِ تَسْلِيمٌ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا خُصُوصُ بَيْعِ الْأَعْيَانِ وَيَرِدُ عَلَيْهِ الْمَنَافِعُ الْمُؤَبَّدَةُ. فَإِنْ قُلْت: مُرَادُهُ بِالْأَعْيَانِ مَا يُقَابِلُ مَا فِي الذِّمَّةِ فَيَشْمَلُ الْمَنَافِعَ. قُلْت يَرُدُّ هَذَا قَوْلُهُ بَعْدُ وَسَيَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ بَيْعُ الْمَنَافِعِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَيْضًا بَيْعُ مَا فِي الذِّمَّةِ إذَا لَمْ يَكُنْ بِلَفْظِ السَّلَمِ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ إذْ إرَادَةُ ذَلِكَ تُعْلَمُ إلَخْ لَا يَصْلُحُ لِلرَّدِّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، بَلْ هَذَا الْإِفْرَادُ دَلِيلُ تِلْكَ الْإِرَادَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ انْتِقَالَ الْمِلْكِ يُقَارِنُهَا) هَذَا لَا يُوَافِقُ قَوْلَ جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَبِصِحَّةِ الْعَقْدِ تَرَتَّبَ أَثَرُهُ الصَّرِيحُ فِي أَنَّ الْأَثَرَ الَّذِي هُوَ انْتِقَالُ الْمِلْكِ مُتَرَتِّبٌ عَلَى الصِّحَّةِ فَيَقَعُ عَقِبَهَا لَا أَنَّهُ يُقَارِنُهَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: هَذَا التَّرَتُّبُ مِنْ حَيْثُ الرُّتْبَةُ لَا مِنْ حَيْثُ الزَّمَانُ، فَلَا يُنَافِي مُقَارَنَتَهُ لَهَا فِي الزَّمَانِ بِنَاءً عَلَى مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ أَنَّ الْعِلَّةَ تُقَارِنُ مَعْلُولَهَا فِي الزَّمَانِ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا بِقَوْلِهِ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ إلَخْ لَيْسَ هُوَ مَا فِي شَرْحِ الشِّهَابِ حَجّ، لِأَنَّ ذَلِكَ فِي أَنَّ الْمِلْكَ هَلْ يُوجَدُ مُقَارِنًا لِأَخْذِ حَرْفٍ مِنْ حُرُوفِ الصِّيغَةِ أَوْ يَقَعُ

ثُمَّ فِي أَلْفَاظٍ تُطْلَقُ فِيهِ ثُمَّ فِي التَّخَالُفِ ثُمَّ فِي مُعَامَلَةِ الْعَبِيدِ، وَقَدْ رَتَّبَهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ مُبْتَدِئًا مِنْهَا بِالْكَلَامِ عَلَى الْأَرْكَانِ وَهِيَ عَاقِدٌ وَمَعْقُودٌ عَلَيْهِ وَصِيغَةٌ. وَكَثِيرًا مَا يُعَبِّرُ الْمُصَنِّفُ بِالشَّرْطِ مُرِيدًا بِهِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَيَشْمَلُ الرُّكْنَ كَمَا هُنَا، وَقَدَّمَهَا عَلَى الْعَاقِدِ وَالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ إذْ لَيْسَ الْمَقْصُودُ تَقَدُّمَ ذَاتِ الْعَاقِدِ إلَّا بَعْدَ اتِّصَافِ كَوْنِهِ عَاقِدًا، وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ كَذَلِكَ بَعْدَ إتْيَانِهِ بِالصِّيغَةِ، وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا أَجَابَ بِهِ الشَّارِحُ بِأَنَّ تَقْدِيمَهَا لِكَوْنِهَا أَهَمَّ لِلْخِلَافِ فِيهَا (شَرْطُهُ) الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ لِوُجُودِ صُورَتِهِ الشَّرْعِيَّةِ فِي الْوُجُودِ. وَلَوْ فِي بَيْعِ مَالِهِ لِوَلَدِهِ مَحْجُورِهِ وَعَكْسِهِ أَوْ بَيْعِهِ مَالَ أَحَدِ مَحْجُورِيهِ لِلْآخَرِ، وَكَذَا فِي الْبَيْعِ الضِّمْنِيِّ لَكِنْ تَقْدِيرًا كَأَعْتِقْ عَبْدَك عَنَى بِأَلْفٍ فَيَقْبَلُ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ بِهِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ فِي الظِّهَارِ لِتَضَمُّنِهِ الْبَيْعَ فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ هُنَا وَهَلْ يَأْتِي فِي غَيْرِ الْعِتْقِ كَتَصَدَّقْ بِدَارِك عَنَى عَلَى أَلْفٍ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا قُرْبَةٌ، أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ تَشَوُّفَ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ أَكْثَرُ فَلَا يُقَاسَ غَيْرُهُ بِهِ؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَمِيلُ كَلَامِهِمْ إلَى الثَّانِي أَكْثَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَلَا يَرُدُّ مَا لَوْ بَاعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ فَإِنَّ الْمِلْكَ لَا يَنْتَقِلُ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْخِيَارِ عَلَى الْأَظْهَرِ الْآتِي (قَوْلُهُ: فِي أَلْفَاظٍ تُطْلَقُ) أَيْ تُحْمَلُ (قَوْلُهُ: وَقَدَّمَهَا) أَيْ الصِّيغَةَ (قَوْلُهُ: وَهَذَا أَوْلَى) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ رِعَايَةَ الْخِلَافِ بِمُجَرَّدِهِ تَقْتَضِي اسْتِحْقَاقَهُ التَّقَدُّمَ مِنْ حَيْثُ ذَاتِهِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ) هَذَا اخْتِيَارٌ لِأَحَدِ شِقَّيْنِ ذَكَرَهُمَا الرَّافِعِيُّ فِي تَرْدِيدٍ لَهُ فِي الْمُرَادِ بِكَوْنِهِمَا شَرْطَيْنِ، ثَانِيهِمَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّرْطِ أَنَّهُ مَا لَا بُدَّ مِنْ تَصَوُّرِهِ لِتَصَوُّرِ الْبَيْعِ، وَقَدْ بَسَطَ الْكَلَامَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الْبَهْجَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي بَيْعِ مَالِهِ لِوَلَدِهِ) قَدْ يَشْمَلُ سَفِيهًا طَرَأَ سَفَهُهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ رَشِيدًا إذَا كَانَ الْقَاضِي أَبَاهُ أَوْ جَدَّهُ وَهُوَ مُتَّجِهٌ، وَكَذَا إذَا كَانَ غَيْرَهُمَا وَأَذِنَ لَهُمَا فِي التَّصَرُّفِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ سم عَلَى حَجّ، لَكِنَّ هَذِهِ الثَّانِيَةَ قَدْ يُخْرِجُهَا قَوْلُ الشَّارِحِ مَحْجُورِهِ لِأَنَّهُ مَحْجُورُ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: مَحْجُورِهِ) هَذَا فِي الْأَبِ وَالْجَدِّ، وَيَتَّجِهُ أَنَّ الْأُمَّ إذَا كَانَتْ وَصِيَّةً كَذَلِكَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ فِي بَابِ الْحَجْرِ اهـ سم عَلَى حَجّ وَدَخَلَ فِي مَحْجُورِهِ الطِّفْلُ وَالسَّفِيهُ وَالْمَجْنُونُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي الْبَيْعِ الضِّمْنِيِّ لَكِنْ تَقْدِيرًا إلَخْ) بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ إلْحَاقُ التَّدْبِيرِ بِالْعِتْقِ، وَفِيهِ وَقْفَةٌ بِأَنَّ التَّدْبِيرَ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِالْمَوْتِ وَالْوَكِيلُ فِي التَّعْلِيقِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْيَمِينِ (قَوْلُهُ: كَأَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِأَلْفٍ) بَقِيَ مَا لَوْ قَالَ بِعْنِيهِ وَأَعْتِقْهُ فَقَالَ أَعْتَقْته عَنْك هَلْ يَصِحُّ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِعَدَمِ مُطَابَقَةِ الْقَبُولِ لِلْإِيجَابِ، وَهَلْ يُعْتَقُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى الْمَالِكِ وَيَلْغُو قَوْلُهُ: عَنْك أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ) أَيْ الْبَيْعُ الضِّمْنِيُّ لِقَوْلِهِ وَكَذَا فِي الْبَيْعِ إلَخْ فَلَا إيرَادَ وَلَا اسْتِثْنَاءَ كَمَا فَعَلَ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ: وَمَيْلُ كَلَامِهِمْ إلَى الثَّانِي أَكْثَرُ) مُعْتَمَدٌ، وَسَيَأْتِي لَهُ فِي الظِّهَارِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ أَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا كُلَّ مِسْكِينٍ مُدًّا مِنْ الْحِنْطَةِ عَنْ كَفَّارَتِي وَنَوَاهَا بِقَلْبِهِ فَفَعَلَ أَجُزْأَهُ فِي الْأَصَحِّ، وَلَا يَخْتَصُّ بِالْمَجْلِسِ وَالْكِسْوَةِ كَالْإِطْعَامِ قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ انْتَهَى: وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ الْبَيْعِ الضِّمْنِيِّ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى التَّمْلِيكِ مِنْ مَالِكِ الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَلِعَدَمِ اشْتِرَاطِ رُؤْيَةِ مَا أَمَرَهُ بِالتَّصَدُّقِ بِهِ بَلْ هَذَا مِثْلُ مَا لَوْ أَمَرَ الْأَسِيرُ غَيْرَهُ بِاسْتِنْقَاذِهِ أَوْ بِعِمَارَةِ دَارِهِ وَشَرَطَ لَهُ الرُّجُوعَ بِمَا صَرَفَ وَهُوَ أَنَّهُ قَرْضٌ حُكْمِيٌّ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَقِبَهَا أَوْ يَتَبَيَّنُ بِآخِرِهَا وُقُوعُهُ مِنْ الْأَوَّلِ، وَعِبَارَتُهُ: تَنْبِيهٌ: اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي السَّبَبِ الْعُرْفِيِّ كَصِيَغِ الْعُقُودِ وَالْحُلُولِ وَأَلْفَاظِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ هَلْ يُوجَدُ الْمُسَبِّبُ كَالْمُلْكِ هُنَا عِنْدَ آخِرِ حَرْفٍ مِنْ حُرُوفِ أَسْبَابِهَا أَوْ عَقِبَهُ عَلَى الِاتِّصَالِ أَوْ يَتَبَيَّنُ بِآخِرِهِ حُصُولُهُ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ فَلَا تَعَرُّضَ فِيهِ لِلصِّحَّةِ أَصْلًا خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَقَدَّمَهَا) يَعْنِي الصِّيغَةَ (قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ اتِّصَافِ كَوْنِهِ إلَخْ) فِيهِ قَلَاقَةٌ لَا تَخْفَى، وَالْأَصْوَبُ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ كَوْنُهُ عَاقِدًا وَهُوَ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِالصِّيغَةِ

(الْإِيجَابُ) مِنْ الْبَائِعِ وَهُوَ صَرِيحًا مَا يَدُلُّ عَلَى التَّمْلِيكِ بِعِوَضٍ دَلَالَةً ظَاهِرَةً، مِمَّا اُشْتُهِرَ وَكُرِّرَ عَلَى أَلْسِنَةِ حَمَلَةِ الشَّرْعِ وَسَتَأْتِي الْكِتَابَةُ وَسَوَاءٌ أَكَانَ هَازِلًا أَمْ لَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29] مَعَ الْخَبَرِ الصَّحِيحِ «إنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ» وَالرِّضَا أَمْرٌ خَفِيٌّ لَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَيْهِ، فَجُعِلَتْ الصِّيغَةُ دَلِيلًا عَلَى الرِّضَا فَلَا يَنْعَقِدُ بِالْمُعَاطَاةِ وَهِيَ أَنْ يَتَرَاضَيَا وَلَوْ مَعَ السُّكُوتِ مِنْهُمَا. وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ كَجَمْعِ انْعِقَادِهِ بِهَا فِي كُلِّ مَا يَعُدُّهُ النَّاسُ بِهَا بَيْعًا وَآخَرُونَ فِي مُحَقَّرٍ كَرَغِيفٍ. أَمَّا الِاسْتِجْرَارُ مِنْ بَيَّاعٍ فَبَاطِلٌ اتِّفَاقًا: أَيْ حَيْثُ لَمْ يُقَدِّرُ الثَّمَنَ كُلَّ مَرَّةٍ عَلَى أَنَّ الْغَزَالِيَّ سَامَحَ فِيهِ أَيْضًا بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الْمُعَاطَاةِ، وَعَلَى الْأَصَحِّ لَا مُطَالَبَةَ بِهَا فِي الْآخِرَةِ: أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمَالِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSوَمَعَ ذَلِكَ فِيهِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: الْإِيجَابُ مِنْ الْبَائِعِ) الْإِيجَابُ مِنْ أَوْجَبَ بِمَعْنَى أَوْقَعَ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} [الحج: 36] وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي قَوْلِهِ وَمِنْهُ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ فِي الْآيَةِ بِالْوُجُوبِ السُّقُوطُ، وَالْمُرَادُ هُنَا إيجَادُ الشَّيْءِ وَتَحْصِيلُهُ لَا سُقُوطُهُ. وَفِي الْمِصْبَاحِ وَوَجَبَ الْحَائِطُ وَنَحْوُهُ وَجْبَةَ سَقَطٍ، وَأَوْجَبْت الْبَيْعَ بِالْأَلِفِ فَوَجَبَ وَلَا يُبَيِّنُ مَدْلُولَهُ، لَكِنْ ذِكْرُهُ بَعْدَ وَوَجَبَ الْحَائِطُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ غَيْرُ السُّقُوطِ الَّذِي مِنْهُ فَإِذَا وَجَبَتْ جَنُوبُهَا إذْ الْمُرَادُ مِنْ سُقُوطِ الْحَائِطِ انْهِدَامُهُ وَزَوَالُهُ، وَمِنْ إيجَابِ الْبَيْعِ تَحْصِيلُهُ فِي الْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ وَهُوَ مُقْتَضٍ لِزَوَالِ مِلْكِ الْبَائِعِ عَنْ الْمَبِيعِ وَزَوَالِ مِلْكِ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: جَعَلَهُ مِنْهُ لِمُجَرَّدِ الْمُنَاسَبَةِ فِي السُّقُوطِ، فَقَوْلُهُ: بِعْتُك كَأَنَّهُ أَسْقَطَ مِلْكَهُ عَنْ الْمَبِيعِ، وَقَوْلُهُ: اشْتَرَيْتُ أَسْقَطَ بِهِ مِلْكَهُ عَنْ الثَّمَنِ، وَقَدْ يُقَالُ الْأَقْرَبُ جَعْلُهُ مِنْ وَجَبَ بِمَعْنَى ثَبَتَ فَإِنَّهُ يُقَالُ لُغَةً: وَجَبَ الشَّيْءُ وَجْبَةً سَقَطَ، وَوَجَبَ الشَّيْءُ وُجُوبًا ثَبَتَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْإِيجَابُ (قَوْلُهُ: بِعِوَضٍ) لَمْ يَذْكُرْهَا حَجّ، وَلَعَلَّهُ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْعِوَضِ شَرْطٌ لِلِاعْتِدَادِ بِالصِّيغَةِ لَا لِصَرَاحَتِهَا، وَقَوْلُهُ: بِعْتُك دَالٌّ عَلَى التَّمْلِيكِ دَلَالَةً ظَاهِرَةً (قَوْلُهُ: مِمَّا اُشْتُهِرَ) أَيْ مَأْخَذَ الصَّرَاحَةِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ أَكَانَ هَازِلًا أَمْ لَا) هَلْ الِاسْتِهْزَاءُ كَالْهَزْلِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَتَّجِهُ الْفَرْقُ الْآنَ فِي الْهَزْلِ قَصْدُ اللَّفْظِ لِمَعْنَاهُ غَيْرَ أَنَّهُ لَيْسَ رَاضِيًا، وَلَيْسَ مِنْ الِاسْتِهْزَاءِ قَصْدُ اللَّفْظِ بِمَعْنَاهُ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الِاسْتِهْزَاءَ يَمْنَعُ الِاعْتِدَادَ بِالْإِقْرَارِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى) عِلَّةٌ لِاشْتِرَاطِ الْإِيجَابِ وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ فِيمَا أَنَّهُ اقْتَصَرَ فِيهَا عَلَى مُجَرَّدِ التَّرَاضِي، وَالْمُرَادُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فَيَشْمَلُ الْهَزْلَ وَغَيْرَهُ (قَوْلُهُ: وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلُ (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ مَا) أَيْ عُقِدَ، وَقَوْلُهُ: بِهَا: أَيْ بِتِلْكَ الْأَلْفَاظِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ قَوْلِ الرَّوْضِ فِي كُلِّ مَا: أَيْ بِكُلِّ مَا انْتَهَى، وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ جَعَلَ فِي بِمَعْنَى الْبَاءِ الْمُفِيدَةِ لِكَوْنِ مَجْرُورِهَا هُوَ سَبَبُ الِانْعِقَادِ، وَعَلَيْهِ فَالْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ مُتَبَايِنَةٌ، وَلَا تَتَقَيَّدُ الْمُعَاطَاةُ بِالسُّكُوتِ بَلْ كَمَا تَشْمَلُهُ تَشْمَلُ غَيْرَهُ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْغَيْرِ الْمَذْكُورَةِ فِي كَلَامِهِمْ لِلصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ (قَوْلُهُ: بِهَا) أَيْ الْمُعَاطَاةِ (قَوْلُهُ: فَبَاطِلٌ اتِّفَاقًا) أَيْ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يُقَدِّرْ الثَّمَنَ إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يَكُنْ مِقْدَارُهُ مَعْلُومًا لِلْعَاقِدَيْنِ بِاعْتِبَارِ الْعَادَةِ فِي بَيْعِ مِثْلِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، فَلَوْ قَدَّرَ مِنْ غَيْرِ صِيغَةِ عَقْدٍ كَانَ مِنْ الْمُعَاطَاةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْغَزَالِيَّ سَامَحَ فِيهِ) أَيْ الِاسْتِجْرَارِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَصَحِّ لَا مُطَالَبَةَ بِهَا) أَيْ بِسَبَبِ الْمُعَاطَاةِ: أَيْ بِمَا يَأْخُذُهُ كُلٌّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ بِالْمُعَاطَاةِ إلَخْ. قَالَ حَجّ فِي الزَّوَاجِرِ: وَعَقْدُ الْمُعَاطَاةِ مِنْ الْكَبَائِرِ، وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ صَغِيرَةٌ وَأَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لحج. [فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ وَقَعَ بَيْعٌ بِمُعَاطَاةٍ بَيْنَ مَالِكِيٍّ وَشَافِعِيٍّ، هَلْ يَحْرُمُ عَلَى الْمَالِكِيِّ ذَلِكَ لِإِعَانَتِهِ الشَّافِعِيَّ عَلَى مَعْصِيَةٍ فِي اعْتِقَادِهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الْأَقْرَبَ الْحُرْمَةُ كَمَا لَوْ لَعِبَ الشَّافِعِيُّ مَعَ الْحَنَفِيِّ الشِّطْرَنْجَ حَيْثُ قِيلَ يَحْرُمُ عَلَى الشَّافِعِيِّ لِإِعَانَتِهِ الْحَنَفِيَّ عَلَى مَعْصِيَةٍ فِي اعْتِقَادِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ هَذَا إنَّمَا يَرْجِعُ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فِي كُلِّ مَا يَعُدُّهُ النَّاسُ بِهَا بَيْعًا) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ لِمَتْنِ الرَّوْضِ وَفِي فِيهِ بِمَعْنَى الْبَاءِ لِيُوَافِقَ قَوْلَ الرَّوْضَةِ

بِخِلَافِ تَعَاطِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ إذَا لَمْ يُوجَدْ لَهُ مُكَفِّرٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِلرِّضَا. أَمَّا فِي الدُّنْيَا فَيَجِبُ عَلَى كُلٍّ رَدُّ مَا أَخَذَهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَبَدَلُهُ إنْ تَلِفَ وَيَجْرِي خِلَافُهَا فِي سَائِرِ الْعُقُودِ الْمَالِيَّةِ ثُمَّ الصَّرِيحُ هُنَا (كَبِعْتُكَ) ذَا بِكَذَا وَهَذَا مَبِيعٌ مِنْك بِكَذَا أَوْ أَنَا بَائِعُهُ لَك بِكَذَا كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قِيَاسًا عَلَى الطَّلَاقِ (وَمَلَّكْتُكَ) وَوَهَبَتْك كَذَا بِكَذَا فَالْوَاوُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَى أَوْ، وَكَوْنُهُمَا صَرِيحَيْنِ فِي الْهِبَةِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ عَدَمِ ذِكْرِ ثَمَنٍ وَفَارَقَ أَدْخَلْته فِي مِلْكِك حَيْثُ كَانَ كِنَايَةً بِاحْتِمَالِ الْمِلْكِ الْحِسِّيِّ وَشَرَيْت وَعَوَّضْت وَفَعَلْت وَرَضِيت وَاشْتَرِ مِنِّي وَكَذَا بِعْنِي وَلَك عَلَيَّ وَبِعْتُك وَلِي عَلَيْك أَوْ عَلَى أَنْ لِي عَلَيْك أَوْ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي كَذَا إنْ نَوَى بِهِ الثَّمَنَ، وَاسْتُفِيدَ مِنْ كَافٍ الْخِطَابِ أَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSلِمَذْهَبِ الْمَالِكِيِّ هَلْ يَقُولُ بِحُرْمَةِ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ فِي الدَّرْسِ الْآتِي قَالَ مَا نَصُّهُ: فَرْعٌ: بَاعَ شَافِعِيٌّ لِنَحْوِ مَالِكِيٍّ مَا يَصِحُّ بَيْعُهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ دُونَهُ مِنْ غَيْرِ تَقْلِيدٍ مِنْهُ لِلشَّافِعِيِّ يَنْبَغِي أَنْ يَحْرُمَ، وَيَصِحُّ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ مُعِينٌ لَهُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ وَهُوَ تَعَاطِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ، وَيَجُوزُ لِلشَّافِعِيِّ أَنْ يَأْخُذَ الثَّمَنَ عَمَلًا بِاعْتِقَادِهِ رم (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ تَعَاطِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ) أَيْ فِي الْمُعَاطَاةِ (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِلرِّضَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّ غَيْرَهَا مِنْ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ كَذَلِكَ انْتَهَى. سم عَلَى حَجّ. لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ حَجّ لِلرِّضَا وَلِلْخِلَافِ فِيهَا أَنَّ مَا اُتُّفِقَ عَلَى فَسَادِهِ فِيهِ الْمُطَالَبَةُ (قَوْلُهُ: وَبَدَلُهُ إنْ تَلِفَ) وَهُوَ الْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ وَأَقْصَى الْقِيَمِ فِي الْمُتَقَوِّمِ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: ثُمَّ الْمَقْبُوضُ بِعَقْدِ الْمُعَاطَاةِ كَالْمَقْبُوضِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ (قَوْلُهُ: كَبِعْتُكَ) قَالَ حَجّ: وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ مِنْ الْعَامِّيِّ فَتْحُ التَّاءِ فِي التَّكَلُّمِ وَضَمُّهَا فِي التَّخَاطُبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا، وَمِثْلُ ذَلِكَ إبْدَالُ الْكَافِ أَلِفًا وَنَحْوُهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْكَافِ مِنْ الْعَامِّيِّ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِهَا مِنْ غَيْرِ الْعَامِّيِّ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ قَدَرَ عَلَى النُّطْقِ بِالْكَافِ (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ) أَيْ بِمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ قَوْلِهِ وَهَذَا مَبِيعٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَوَهَبْتُك) أَيْ بِخِلَافِ مَا رَادَفَهَا كَأَعْمَرْتُكَ كَمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً (قَوْلُهُ: وَكَوْنُهُمَا) أَيْ مَلَّكْتُك وَوَهَبْتُك (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ مَلَّكْتُك لِأَنَّهُ الْمُحْتَاجُ لِلْفَرْقِ دُونَ وَهَبْتُك (قَوْلُهُ: وَشَرَيْت) عَطْفٌ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَهُوَ مِنْ الصَّرِيحِ (قَوْلُهُ: وَرَضِيت) ظَاهِرُهُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ وَلَوْ مَعَ تَقَدُّمِ لَفْظِ الْبَائِعِ وَفِيهِ خَفَاءٌ بِالنِّسْبَةِ لِفَعَلْتُ وَرَضِيت فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَأَخَّرَا عَنْ لَفْظِ الْمُشْتَرِي، وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِنَحْوِ رَضِيت أَوْ فَعَلْت بَيْعَ هَذَا مِنْك بِكَذَا (قَوْلُهُ: وَبِعْتُك) وَمِثْلُهُ هُوَ لَك بِكَذَا عَلَى أَحَدِ احْتِمَالَيْنِ ثَانِيهِمَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَعَلْته لَك الْآتِيَ بِأَنَّ الْجَعْلَ ثَمَّ مُحْتَمَلٌ وَهُنَا لَا احْتِمَالَ انْتَهَى حَجّ. وَنَازَعَ سم فِي قَوْلِهِ وَهُنَا إلَخْ، وَقَضِيَّتُهُ إقْرَارُ كَوْنِهِ كِنَايَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَنْعَقِدُ بِكُلِّ مَا يَعُدُّهُ النَّاسُ بَيْعًا، وَمِنْ ثَمَّ حَوَّلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ قَوْلَ الرَّوْضِ فِي كُلٍّ إلَى قَوْلِهِ بِكُلٍّ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يُوجَدْ لَهُ مُكَفِّرٌ) هَذَا التَّعْبِيرُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمُعَاطَاةَ مِنْ الصَّغَائِرِ وَهُوَ مَا ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا فِي الزَّوَاجِرِ (قَوْلُهُ: فَالْوَاوُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ) لَا مَوْقِعَ لِلتَّفْرِيعِ هُنَا فَكَانَ الْأَوْلَى التَّعْبِيرَ بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ: بِاحْتِمَالِ الْمِلْكِ الْحِسِّيِّ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ كَبَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ لِاحْتِمَالِ الْمِلْكِ الْحِسِّيِّ (قَوْلُهُ وَفَعَلْت وَرَضِيت) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ تَأَخَّرَ لَفْظُ الْبَائِعِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ نَظِيرِهِ الْآتِي فِي الْقَبُولِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَكَذَا بِعْنِي وَلَك عَلَيَّ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مِنْ جَانِبِ الْمُشْتَرَى فَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ إلَى مَسَائِلِ الْقَبُولِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُوجَدُ فِي كَثِيرٍ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ: أَوْ بِعْتُك وَلِي عَلَيْك، وَهَذَا كَأَنَّ الشَّارِحَ أَوَّلًا تَبِعَ فِيهِ التُّحْفَةَ ثُمَّ شَطَبَ عَلَيْهِ وَأَلْحَقَهُ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي كَجَعَلْتُهُ لَك فَجَعَلَهُ مِنْ الْكِنَايَةِ وَأَسْنَدَهُ إلَى الشَّيْخَيْنِ فِي الْخُلْعِ

لَا بُدَّ مِنْ إسْنَادِ الْبَيْعِ إلَى جُمْلَةِ الْمُخَاطَبِ وَلَوْ كَانَ نَائِبًا عَنْ غَيْرِهِ، فَلَوْ قَالَ بِعْت لِيَدِك أَوْ نِصْفِكِ أَوْ لِابْنِك أَوْ مُوَكِّلِك لَمْ يَصِحَّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَنَحْوِ الْكَفَالَةِ وَاضِحٌ. نَعَمْ لَا يُعْتَبَرُ الْخِطَابُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُتَوَسِّطِ كَقَوْلِ شَخْصٍ لِلْبَائِعِ بِعْت هَذَا بِكَذَا فَيَقُولُ نَعَمْ، أَوْ بِعْت وَمِثْلُهَا جِيرٌ أَوْ أَجَلٌ أَوْ إي بِالْكَسْرِ وَيَقُولُ لِلْآخَرِ اشْتَرَيْت فَيَقُولُ: نَعَمْ، أَوْ اشْتَرَيْت لِانْعِقَادِ الْبَيْعِ بِوُجُودِ الصِّيغَةِ، فَلَوْ كَانَ الْخِطَابُ مِنْ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ الْحَاوِي وَمَنْ تَبِعَهُ إذْ الْمُتَوَسِّطُ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُخَاطَبَةِ وَلَمْ تُوجَدْ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُتَوَسِّطِ أَهْلِيَّةُ الْبَيْعِ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، وَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا بِكَذَا فَقَالَ الْبَائِعُ: نَعَمْ أَوْ قَالَ بِعْتُك فَقَالَ الْمُشْتَرِي: نَعَمْ صَحَّ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي النِّكَاحِ اسْتِطْرَادًا، وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ الشَّيْخَ فِي الْغَرَرِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ لَا الْتِمَاسَ فَلَا جَوَابَ، وَلَوْ بَاعَ مَالَهُ لِوَلَدِهِ مَحْجُورِهِ لَمْ يَتَأَتَّ هُنَا خِطَابٌ بَلْ يَتَعَيَّنُ بِعْته لِابْنِي وَقَبِلْته لَهُ، وَعُلِمَ مِنْ كَافٍ التَّشْبِيهِ عَدَمُ انْحِصَارِ الصِّيَغِ فِيمَا ذَكَرَهُ، فَمِنْهَا صَارَفْتُكَ فِي بَيْعِ النَّقْدِ بِالنَّقْدِ وَقَرَّرْتُك بَعْدَ الِانْفِسَاخِ وَوَلَّيْتُك وَأَشْرَكْتُك (وَالْقَبُولُ) مِنْ الْمُشْتَرِي وَهُوَ صَرِيحًا مَا دَلَّ عَلَى التَّمَسُّكِ دَلَالَةً قَوِيَّةً كَمَا مَرَّ (كَاشْتَرَيْتُ وَتَمَلَّكْت وَقَبِلْت) وَفَعَلْت ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَلَوْ قَالَ بِعْت لِيَدِك لَمْ يَصِحَّ) أَيْ مَا لَمْ يُرِدْ بِالْجُزْءِ الْكُلَّ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَنَحْوِ الْكَفَالَةِ وَاضِحٌ) أَيْ حَيْثُ قَالُوا: إنْ تَكَفَّلَ بِجُزْءٍ لَا يَعِيشُ بِدُونِهِ كَالرَّأْسِ صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ إحْضَارَ مَا لَا يَعِيشُ بِدُونِهِ مُتَعَذِّرٌ بِدُونِ بَاقِيهِ حَيًّا (قَوْلُهُ: وَنَحْوِ الْكَفَالَةِ) اقْتَصَرَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ عَلَى الْكَفَالَةِ فَلْيُنْظَرْ مَا أَرَادَهُ هُنَا بِنَحْوِ الْكَفَالَةِ، وَقَدْ يُقَالُ: أَرَادَ أَنَّ مِثْلَ الْكَفَالَةِ ضَمَانُ إحْضَارِ الرَّقِيقِ وَنَحْوِهِ مِنْ سَائِرِ أَعْيَانِ الْحَيَوَانَاتِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ الْخِطَابُ مِنْ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ) كَأَنْ قَالَ بِعْتنِي هَذَا بِكَذَا فَقَالَ: نَعَمْ فَلَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ، وَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْت مِنْك إلَخْ لِوُجُودِ الصِّيغَةِ مِنْ الْمُبْتَدِئِ ثُمَّ بِخِلَافِهِ هُنَا. وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ مَا يَرْبِطُهَا بِالْمُشْتَرِي، فَلَوْ قَالَ: بِعْتنِي هَذَا بِكَذَا فَقَالَ: نَعَمْ فَقَالَ: اشْتَرَيْت صَحَّ، فَلَوْ قَالَ بِعْت هَذَا بِكَذَا فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ اشْتَرَيْت قَدْ يَتَّجِهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ وِفَاقًا لمر لِعَدَمِ رَبْطِ بِعْت بِالْمُشْتَرِي فَلْيُتَأَمَّلْ جِدًّا: أَيْ بِخِلَافِ بِعْتنِي الْمُتَقَدِّمِ فَإِنَّ فِيهِ رَبْطٌ بِالْمُشْتَرِي حَيْثُ أَوْقَعَ الْبَيْعَ عَلَى ضَمِيرِهِ بِخِلَافِهِ فِي هَذِهِ (قَوْلُهُ: أَهْلِيَّةُ الْبَيْعِ) كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ لَهُمَا نَوْعُ تَمْيِيزٍ اهـ سم عَلَى حَجّ عَنْ رم (قَوْلُهُ: وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ الشَّيْخَ فِي الْغَرَرِ) أَيْ شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَأَتَّ هُنَا خِطَابٌ) أَيْ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَلَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْخِطَابُ وَلَا عَدَمُهُ (قَوْلُهُ: وَقَبِلْته لَهُ) . [فَرْعٌ] قَالَ بِعْت مَالِي لِوَلَدِي وَلَهُ أَوْلَادٌ وَنَوَى وَاحِدًا يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ وَيَرْجِعَ إلَيْهِ فِي تَعْيِينِهِ مَرَّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَوَلَّيْتُك) أَيْ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ: وَالْقَبُولُ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْقَبُولِ فَقَالَ أَوْجَبْت وَلَمْ تَقْبَلْ وَقَالَ الْمُشْتَرِي قَبِلَتْ صَدَقَ بِيَمِينِهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ وحج (قَوْلُهُ: وَهُوَ صَرِيحًا) أَيْ حَالَ كَوْنِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى التَّمَلُّكِ) أَيْ بِعِوَضٍ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ مِمَّا كُرِّرَ وَاشْتُهِرَ عَلَى أَلْسِنَةِ حَمَلَةِ الشَّرْعِ (قَوْلُهُ: وَقَبِلْت) قَضِيَّتُهُ الِاكْتِفَاءُ بِمَا ذَكَرَ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْعِوَضَ تَنْزِيلًا عَلَى مَا قَالَهُ الْبَائِعُ، وَقَضِيَّةُ الْمَحَلِّيِّ خِلَافُهُ حَيْثُ قَالَ: فَيَقُولُ اشْتَرَيْته بِهِ انْتَهَى فَلْيُتَأَمَّلْ. وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ أَنَّهُ يَجِبُ ذِكْرُ الثَّمَنِ مِنْ الْمُبْتَدِئِ وَسَكَتَ عَنْ الْمَبِيعِ، فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ مِنْهُمَا وَلَعَلَّ مَا هُنَا أَقْرَبُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَفَعَلْت) أَيْ جَوَابًا لِقَوْلِ الْبَائِعِ بِعْتُك وَيُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: الْآتِي وَقَدْ فَعَلْت فِي جَوَابِ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَعُلِمَ مِنْ كَافِ التَّشْبِيهِ) الْأَصْوَبُ كَافُ التَّمْثِيلِ (قَوْلُهُ: فَمِنْهَا صَارَفْتُكَ) وَمِنْهَا مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ أَيْضًا مِنْ الصِّيَغِ فَكَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُ هَذَا عَلَيْهِ

وَأَخَذْت وَابْتَعْت وَصَارَفْتُ وَتَقَرَّرْتُ بَعْدَ الِانْفِسَاخِ فِي جَوَابِ قَرَّرَتْك وَتَعَوَّضْت فِي جَوَابِ عَوَّضَتْك وَقَدْ فَعَلْت فِي جَوَابِ اشْتَرِ مِنَى ذَا بِكَذَا كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي النِّكَاحِ وَفِي جَوَابِ بِعْتُك كَمَا نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ زِيَادَاتِ الْعَبَّادِيِّ، وَمَعَ صَرَاحَةِ مَا تَقَرَّرَ يُصَدَّقُ فِي قَوْلِهِ لَمْ أَقْصِدْ بِهَا جَوَابًا، أَيْ بَلْ قَصَدْت غَيْرَهُ. نَعَمْ الْأَوْجَهُ اشْتِرَاطُ أَنْ لَا يَقْصِدَ عَدَمَ قَبُولِهِ سَوَاءٌ أَقَصَدَ قَبُولَهُ أَمْ أَطْلَقَ هَذَا إنْ أَتَى بِهِ بِلَفْظِ الْمَاضِي كَمَا أَشْعَرَ بِهِ التَّصْوِيرُ، فَلَوْ قَالَ أَقْبَلُ أَوْ أَشْتَرِي أَوْ أَبْتَاعُ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الْإِيجَابُ (وَيَجُوزُ) (تَقَدُّمُ لَفْظِ الْمُشْتَرِي) وَلَوْ بِقَبِلْتُ بَيْعَ هَذَا بِكَذَا إلَيَّ أَوْ لِمُوَكِّلِي كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْكِيلِ فِي النِّكَاحِ لِصِحَّةِ مَعْنَاهَا حِينَئِذٍ، لِأَنَّ النِّكَاحَ يُحْتَاطُ فِيهِ مَا لَا يُحْتَاطُ فِي الْبَيْعِ، بِخِلَافِ فَعَلْت وَنَحْوُ نَعَمْ إلَّا فِيمَا مَرَّ (وَلَوْ قَالَ بِعْنِي) أَوْ اشْتَرِ مِنِّي هَذَا بِكَذَا (فَقَالَ بِعْتُك) أَوْ اشْتَرَيْت (انْعَقَدَ الْبَيْعُ فِي الْأَظْهَرِ) لِدَلَالَةِ ذَلِكَ عَلَى الرِّضَا فَلَا يَحْتَاجُ بَعْدَهُ لِنَحْوِ اشْتَرَيْت أَوْ ابْتَعْت أَوْ بِعْتُك وَاحْتِمَالُهُ لِاسْتِبَانَةِ الرَّغْبَةِ بَعِيدٌ بِخِلَافِ أَتَبِيعُنِي وَتَبِيعُنِي وَاشْتَرَيْت مِنِّي وَتَشْتَرِي مِنِّي وَنَحْوُ اشْتَرَيْت مِنْك إذَا تَقَدَّمَ لَا خِلَافَ فِي صِحَّتِهِ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا إذَا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ اشْتَرَيْت أَوْ قَبِلْت، وَظَاهِرُ تَمْثِيلِهِ بِبِعْنِي يَدُلُّ عَلَى تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ بِالِاسْتِدْعَاءِ بِالصَّرِيحِ، وَالْأَوْجَهُ جَرَيَانُهُ فِي الِاسْتِدْعَاءِ بِالْكِنَايَةِ، وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ إلْحَاقَ مَا دَلَّ عَلَى الْأَمْرِ بِهِ كَالْمُضَارِعِ الْمَقْرُونِ فَاللَّامُ الْأَمْرِ قَالَ: وَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا ثُمَّ مَا ذُكِرَ صَرِيحٌ وَاسْتَغْنَى عَنْ التَّصْرِيحِ بِهِ لِلْعِلْمِ بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ (وَيَنْعَقِدُ) الْبَيْعُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: قَرَّرْتُك وَتَعَوَّضْت) قَضِيَّتُهُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكْفِي بَعْدَ الِانْفِسَاخِ فِي جَوَابِ بِعْتُك وَنَحْوِهِ وَهُوَ قَرِيبٌ (قَوْلُهُ: فِي جَوَابِ عَوَّضْتُك) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ هُوَ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ وَكَذَا قَوْلُهُ: فِي جَوَابِ اشْتَرِ مِنِّي (قَوْلُهُ: بَلْ قَصَدْت غَيْرَهُ) أَيْ فَلَوْ قَالَ أَطْلَقْت حُمِلَ عَلَى الْقَبُولِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ الْأَوْجَهُ إلَخْ) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَيْسَ كِنَايَةً وَإِنَّمَا هُوَ صَرِيحٌ يَقْبَلُ الصَّرْفَ وَقَدْ يُخَالِفُهُ مَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ فِي فَصْلِ أَرْكَانِ النِّكَاحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ قَالَ زَوَّجْتُك فَقَالَ قَبِلْت لَمْ يَنْعَقِدْ عَلَى الْمَذْهَبِ مِمَّا نَصَّهُ، وَفِي قَوْلٍ: يَنْعَقِدُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى مَا أَوْجَبَهُ الْوَلِيُّ فَإِنَّهُ كَالْمَعَادِ لَفْظًا كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْبَيْعِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْقَبُولَ وَإِنْ انْصَرَفَ إلَى مَا أَوْجَبَهُ الْبَائِعُ إلَّا أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْكِنَايَاتِ وَالنِّكَاحُ لَا يَنْعَقِدُ بِهَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ تَقَدُّمُ إلَخْ) أَيْ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْوَاوِ فِي قَوْلِهِ وَالْقَبُولُ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ تَقَدُّمُ الضَّرَرِ فِي الْمُقَارَنَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: مَا ذَكَرَاهُ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى مَا ذَكَرَاهُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ النِّكَاحَ عِلَّةٌ لِلْقِيَاسِ (قَوْلُهُ: لِصِحَّةِ مَعْنَاهَا) أَيْ الصِّيغَةِ (قَوْلُهُ: مَا لَا يُحْتَاطُ فِي الْبَيْعِ) أَيْ وَاكْتَفَوْا فِيهِ بِتَقَدُّمِ قَبِلْت فَيُكْتَفَى بِهَا هُنَا بِالطَّرِيقِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: أَيْ فِيمَا مَرَّ) أَيْ بِأَنْ كَانَا مَعَ التَّوَسُّطِ وَإِلَّا فَلَا يَكْفِي التَّقَدُّمُ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ أَتَبِيعُنِي) أَيْ فَلَا يَصِحُّ بِشَيْءٍ مِنْهَا وَمَحَلُّهُ فِي تَبِيعُنِي وَتَشْتَرِي مِنِّي حَيْثُ لَمْ يَنْوِ بِهِمَا الْبَيْعَ لِمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ هَذَا إنْ أَتَى بِهِ بِلَفْظِ الْمَاضِي إلَخْ (قَوْلُهُ: بِالْكِنَايَةِ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي اجْعَلْ لِي هَذَا بِكَذَا نَاوِيًا الشِّرَاءَ فَيَقُولُ الْبَائِعُ جَلَعْته لَك بِهِ أَيْ نَاوِيًا الْبَيْعَ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: الْمَقْرُونُ فَاللَّامُ الْأَمْرِ) كَقَوْلِهِ لِتَبِعْنِي ذَا بِكَذَا، وَكَذَا يُقَالُ فِي جَانِبِ الْبَائِعِ لَوْ قَالَ لِتَشْتَرِ مِنِّي ذَا بِكَذَا قِيَاسًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: وَيَنْعَقِدُ الْبَيْعُ) عِبَارَةُ حَجّ: وَيَنْعَقِدُ الْبَيْعُ مِنْ غَيْرِ السَّكْرَانِ الَّذِي لَا يَدْرِي؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ النِّيَّةِ عَلَى كَلَامٍ يَأْتِي فِيهِ فِي الطَّلَاقِ، وَسِيَاتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ انْعِقَادُهَا انْتَهَى. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمَعَ صَرَاحَةِ مَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ جَمِيعِ صَيْعِ الْقَبُولِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ نَعَمْ الْأَوْجَهُ إلَخْ) لَا مَوْقِعَ لِلَفْظِ الِاسْتِدْرَاكِ هُنَا، فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: إذْ الْأَوْجَهُ إلَخْ لِيَكُونَ تَعْلِيلًا لِلتَّفْسِيرِ الَّذِي ذَكَرَهُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ النِّكَاحَ يُحْتَاطُ فِيهِ) تَعْلِيلٌ لِمَحْذُوفٍ: أَيْ فَهَذَا أَوْلَى لِأَنَّ النِّكَاحَ يُحْتَاطُ فِيهِ

[ينعقد البيع بالكناية مع النية]

(بِالْكِنَايَةِ) مَعَ النِّيَّةِ إذَا اقْتَرَنَتْ بِكُلِّ اللَّفْظِ أَوْ بِنَظِيرِ مَا يَأْتِي فِي الطَّلَاقِ، كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَالثَّانِي ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ هَذَا الْبَابَ أَحْوَطُ (كَجَعَلْتُهُ لَك) أَوْ بِعْتُك وَلِي عَلَيْك كَذَا كَمَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ فِي الْخُلْعِ أَوْ خُذْهُ أَوْ تَسَلَّمْهُ وَلَوْ بِدُونِ مِنِّي أَوْ بَارَكَ اللَّهُ لَك فِيهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي جَوَابِ بِعْته وَمَنْ ذَكَرَ ذَلِكَ فَهُوَ مِثَالٌ لَا قَيْدٌ، وَثَامَنْتُكَ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوهُ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِبَنِي النَّجَّارِ: ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ هَذَا، فَقَالُوا: وَاَللَّهِ لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إلَّا إلَى اللَّهِ. وَأَبْعَدَ الزَّرْكَشِيُّ حَيْثُ بَحَثَ صَرَاحَتَهُ أَوْ هَذَا لَك بِكَذَا أَوْ عَقَدْت مَعَك بِكَذَا أَوْ سَلَّطْتُك عَلَيْهِ أَوْ بَاعَك اللَّهُ، بِخِلَافِ طَلَّقَك اللَّهُ أَوْ أَعْتَقَك اللَّهُ أَوْ أَبْرَأَك حَيْثُ كَانَ صَرِيحًا، لِأَنَّ مَا بَعْدَ الْبَيْعِ مِمَّا يَسْتَقِلُّ بِهِ مِنْ غَيْرِ مُشَارِكٍ لَهُ فِيهِ فَتَكُونُ إضَافَتُهُ إلَى اللَّهِ صَرِيحَةً، وَأَمَّا الْبَيْعُ وَنَحْوُهُ فَلَا يَسْتَقِلُّ بِهِ فَتَكُونُ إضَافَتُهُ حِينَئِذٍ كِنَايَةً، وَلَيْسَ مِنْهَا أَبَحْتُكَهُ وَلَوْ مَعَ ذِكْرِ الثَّمَنِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الْإِبَاحَةِ مَجَّانًا لَا غَيْرَ، فَذِكْرُ الثَّمَنِ مُنَاقِضٌ لَهُ، وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَرَاحَةِ وَهَبْتُك هُنَا لِأَنَّ الْهِبَةَ قَدْ تَكُونُ بِثَوَابٍ وَقَدْ تَكُونُ مَجَّانًا فَلَمْ يُنَافِهَا ذِكْرُ الثَّمَنِ بِخِلَافِ الْإِبَاحَةِ (بِكَذَا) لِتَوَقُّفِ الصِّحَّةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ وَلَوْ مَعَ الصَّرِيحِ وَسَكَتَ عَنْهُ ثُمَّ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا هُنَا، وَلَا تَكْفِي نِيَّتُهُ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَهَلْ الْكِنَايَةُ الصِّيغَةُ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ ذِكْرِ الْعِوَضِ؟ وَهُوَ مَا صَوَّرَهَا بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــSوَقَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ السَّكْرَانِ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: إذَا اقْتَرَنْت بِكُلِّ اللَّفْظِ) جَزَمَ بِهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِنَظِيرِ مَا يَأْتِي فِي الطَّلَاقِ) وَهُوَ الِاكْتِفَاءُ بِمُقَارَنَةِ جُزْءٍ مِنْ الصِّيغَةِ عَلَى الرَّاجِحِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ) فِي نُسْخَةٍ وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَنَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْهُ أَنَّهُ مَالَ لِمَا فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ وَجَزَمَ بِهِ حَجّ قَالَ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَيْ الْبَيْعِ وَالطَّلَاقِ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ هَذَا الْبَابَ أَحْوَطُ) أَيْ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ مَحْضَةٌ وَسَبَبٌ لِحُصُولِ الْمِلْكِ الْمُقْتَضِي لِلتَّصَرُّفِ وَذَلِكَ حَلٌّ لِقَيْدِ النِّكَاحِ فَيَتَوَسَّعُ فِيهِ، لَكِنْ يُعَارِضُ هَذَا تَعْلِيلُهُمْ عَدَمَ الْوُقُوعِ فِيمَا لَوْ شَكَّ بِأَنَّ الْعِصْمَةَ مُحَقَّقَةٌ فَلَا تَزُولُ إلَّا بِيَقِينٍ (قَوْلُهُ: أَوْ بِعْتُك وَلِي عَلَيْك كَذَا كَمَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ فِي الْخُلْعِ) هَذِهِ سَاقِطَةٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ، وَسُقُوطُهَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ صَرِيحٌ عَلَى مَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ رُجُوعِ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ إنْ نَوَى بِهِ الثَّمَنَ لِقَوْلِهِ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي، لَكِنْ فِي كَلَامِ سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا يَقْتَضِي رُجُوعَهُ لَهُ، وَلِمَا قَبْلَهُ وَعَلَيْهِ فَلَا يَمْتَنِعُ ذِكْرُهَا هُنَا غَايَتُهُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهَا مَعَ مَا مَرَّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: إنَّ مُجَرَّدَ نِيَّةِ الثَّمَنِ لَا يَقْتَضِي نِيَّةَ الْبَيْعِ بِقَوْلِهِ بِعْتُك سِيَّمَا حَيْثُ قُلْنَا تُشْتَرَطُ مُقَارَنَةُ النِّيَّةِ لِجَمِيعِ اللَّفْظِ فَالْمُخَالَفَةُ ظَاهِرَةٌ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ خُذْهُ) مَا لَمْ يَقُلْ بِمِثْلِهِ وَإِلَّا كَانَ صَرِيحَ قَرْضٍ حَجّ. قَالَ سم: ظَاهِرُهُ وَإِنْ نَوَى الْبَيْعَ بِهِ وَهَلْ مِثْلُهُ مَلَّكْتُك هَذَا بِمِثْلِهِ، ثُمَّ قَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ فِي كَلَامِ حَجّ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ يَقُلْ خُذْهُ بِمِثْلِهِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: خُذْ هَذَا الدِّينَارَ بِدِينَارٍ وَنَوَى بِهِ الْبَيْعَ كَانَ بَيْعًا إنْ كَانَ الدِّينَارُ مِثْلَ مَا بَذَلَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِدُونِ مِنِّي) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ: إلَّا إلَى اللَّهِ) أَيْ لَا نَأْخُذُ لَهُ ثَمَنًا وَإِنَّمَا نُعْطِيهِ لَك هِبَةً (قَوْلُهُ: أَوْ هَذَا لَك بِكَذَا) وَمِنْ الْكِنَايَةِ أَيْضًا هُنَاكَ اللَّهُ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَعَ بَعْدِ الْبَيْعِ) مِنْ قَوْلِهِ بِخِلَافِ طَلَّقَك اللَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَتَكُونُ إضَافَتُهُ) أَيْ إلَى اللَّهِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِنْهَا) أَيْ الْكِنَايَةِ (قَوْلُهُ: أَبَحْتُكَهُ) أَيْ فَهُوَ لَغْوٌ (قَوْلُهُ: وَبَيْنَ صَرَاحَةِ وَهَبْتُك) أَيْ فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ لِلْعِلْمِ بِهِ) أَيْ فِي الصَّرِيحِ (قَوْلُهُ: وَلَا تَكْفِي نِيَّتُهُ) أَيْ الثَّمَنِ لَا فِي الصَّرِيحِ وَلَا فِي الْكِنَايَةِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) مُرَادُهُ حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ ذِكْرِ الْعِوَضِ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّرْدِيدِ الْجَزْمُ بِأَنَّ الْمَفْعُولَ مِنْ الصِّيغَةِ فَتَكْفِي مُقَارَنَةُ النِّيَّةِ لَهُ إنْ قُلْنَا تَكْفِي مُقَارَنَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ] (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِبَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي» إلَخْ) قَدْ يُقَالُ الْمُتَبَادِرُ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ الْمُسَاوَمَةُ: أَيْ اتَّفِقُوا مَعِي عَلَى ثَمَنٍ، وَلِهَذَا لَمْ يَقُلْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكَذَا الَّذِي لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ فِي الصِّيغَةِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْإِيجَابَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا صَوَّرَهَا بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ) أَيْ وَهُنَا

وَفِيهِ الْتِفَاتٌ إلَى أَنَّ مَأْخَذَ صَرَاحَةِ لَفْظِ الْخُلْعِ فِي الطَّلَاقِ ذِكْرُ الْعِوَضِ أَوْ كَثْرَةُ الِاسْتِعْمَالِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ فَتَكُونُ صُورَةُ الْكِنَايَةِ الصِّيغَةَ وَحْدَهَا، وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ بِهَا مَعَ ذِكْرِ الْعِوَضِ وَإِنَّمَا انْعَقَدَ بِهَا مَعَ النِّيَّةِ (فِي الْأَصَحِّ) مَعَ احْتِمَالِهَا قِيَاسًا عَلَى نَحْوِ الْكِتَابَةِ وَالْخُلْعِ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ ذِكْرُ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ إرَادَةُ الْبَيْعِ فَلَا يَكُونُ الْمُتَأَخِّرُ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ قَابِلًا مَا لَا يَدْرِيهِ، وَلَا يَنْعَقِدُ بِهَا بَيْعٌ أَوْ شِرَاءُ وَكِيلٍ لَزِمَهُ إشْهَادٌ عَلَيْهِ بِقَوْلِ مُوَكِّلِهِ لَهُ بِعْ بِشَرْطٍ أَوْ عَلَى أَنْ تُشْهِدَ، بِخِلَافِ بِعْ وَأَشْهِدْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَرْعَشِيُّ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ غَيْرِهِ مَا لَمْ تَتَوَفَّرْ الْقَرَائِنُ الْمُفِيدَةُ لِغَلَبَةِ الظَّنِّ وَفَارَقَ النِّكَاحَ بِشِدَّةِ الِاحْتِيَاطِ لَهُ وَالْكِتَابَةِ لَا عَلَى مَائِعٍ أَوْ هَوَاءٍ كِنَايَةً فَيَنْعَقِدُ بِهَا مَعَ النِّيَّةِ وَلَوْ لِحَاضِرٍ كَمَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ، فَلْيَقْبَلْ فَوْرًا عِنْدَ عِلْمِهِ، وَيَمْتَدُّ خِيَارُهُمَا لِانْقِضَاءِ مَجْلِسِ قَبُولِهِ وَلَوْ بَاعَ مِنْ غَائِبٍ كَبِعْتُ دَارِي لِفُلَانٍ وَهُوَ غَائِبٌ فَقِبَلَ حِينَ بَلَغَهُ الْخَبَرُ صَحَّ كَمَا لَوْ كَاتَبَهُ بَلْ أَوْلَى، وَيَنْعَقِدُ الْبَيْعُ أَوْ نَحْوُهُ بِالْعَجَمِيَّةِ وَلَوْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ، وَاسْتَثْنَى ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ انْعِقَادِهِ بِالنِّيَّةِ السَّكْرَانَ إذْ لَا نِيَّةَ لَهُ كَطَلَاقِهِ وَالْأَوْجَهُ صِحَّتُهُ مِنْهُ فِيهِمَا، إذْ قَوْلُهُ نَوَيْت إقْرَارٌ مِنْهُ بِهَا وَهُوَ مُؤَاخَذٌ بِالْأَقَارِيرِ فَكَلَامُهُمْ صَرِيحٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْجُزْءِ، وَفِيهِ تَرَدُّدٌ فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ الْتِفَاتٌ) أَيْ ابْتِنَاءٌ وَالْأَوْلَى حَذْفُ الْوَاوِ؛ لِأَنَّهُ جَوَابُ السُّؤَالِ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَهَلْ الْكِنَايَةُ الصِّيغَةُ وَحْدَهَا ثُمَّ رَأَيْته كَذَلِكَ فِي نُسْخَةٍ (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ) هُوَ قَوْلُهُ: إنَّ مَأْخَذَ الصَّرَاحَةِ فِي الْعِوَضِ لَفْظُ الْخُلْعِ، وَعَلَيْهِ فَلَا تَكْفِي النِّيَّةُ عِنْدَ ذِكْرِ الْعِوَضِ مَعَ خُلُوِّ نَحْوِ جَعَلْته لَك عَنْ النِّيَّةِ، وَمَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْأَصَحُّ قَدْ يُخَالِفُهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ مَأْخَذَ الصَّرَاحَةِ الِاشْتِهَارُ وَالتَّكَرُّرُ عَلَى لِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرْعِ (قَوْلُهُ: فَتَكُونُ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَالْأَوَّلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَهَذَا إلَخْ (قَوْلُهُ: مَعَ احْتِمَالِهَا) أَيْ لِغَيْرِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: عَلَى نَحْوِ الْكِتَابَةِ) مِنْ النَّحْوِ الْإِجَارَةُ، وَعِبَارَةُ حَجّ: عَلَى نَحْوِ الْإِجَارَةِ وَالْخُلْعِ (قَوْلُهُ: وَالْخُلْعُ) أَيْ وَقَدْ جَزَمُوا فِيهِمَا بِالصِّحَّةِ مَعَ الْكِنَايَةِ (قَوْلُهُ: اُشْتُرِطَ ذِكْرُ الثَّمَنِ) أَيْ مَعَ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْعَقِدُ بِهَا) أَيْ بِالْكِنَايَةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ بِعْ وَأَشْهِدْ) فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ فِيهِ الْإِشْهَادُ وَيَنْعَقِدُ بِالْكِنَايَةِ. قَالَ سم عَلَى حَجّ: لَوْ ادَّعَى الْمُوَكِّلُ هُنَا أَنَّهُ أَرَادَ الِاشْتِرَاطَ فَيَنْبَغِي قَبُولُهُ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ. وَعَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ شِرَاءُ الْوَكِيلِ بِالْكِنَايَةِ وَلَوْ ادَّعَى ذَلِكَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَحَلَفَ عَلَيْهِ تَبَيَّنَ عَدَمُ الصِّحَّةِ، فَيَكُونُ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ تَصْدِيقِ مُدَّعِي الصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا (قَوْلُهُ: مَا لَوْ تَتَوَفَّرُ الْقَرَائِنُ) أَيْ لِلْجِنْسِ فَيُصَدَّقُ بِالْقَرِينَةِ الْوَاحِدَةِ (قَوْلُهُ: لِغَلَبَةِ الظَّنِّ) كَأَنْ تَقَعَ مُسَاوِمَةٌ بَيْنَهُمَا ثُمَّ يَتَّفِقَانِ عَلَى ثَمَنٍ وَيَقْصِدُ بِهِ لَفْظَ الْكِنَايَةِ فَيَصِحُّ حِينَئِذٍ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ بِهَا كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا لَوْ قَالَ بِعْنِي فَقَالَ: بِعْتُك حَيْثُ جَرَى فِي الصِّحَّةِ بِهِ الْقَوْلَانِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ زَوِّجْنِي فَقَالَ زَوَّجْتُك حَيْثُ انْعَقَدَ بِلَا خِلَافٍ بِأَنَّ النِّكَاحَ غَالِبًا يَسْبِقُهُ خِطْبَةٌ بِخِلَافِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ النِّكَاحَ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَنْعَقِدْ بِالْكِنَايَةِ (قَوْلُهُ: لَا عَلَى مَائِعٍ أَوْ هَوَاءٍ) أَيْ أَمَّا عَلَيْهِمَا فَلَغْوٌ (قَوْلُهُ: وَيَمْتَدُّ خِيَارُهُمَا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ لِلْكَاتِبِ مَجْلِسٌ مُعَيَّنٌ وَإِنْ عَلِمَ وَقْتَ قَبُولِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ فَلْيُنْظَرْ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: لِانْقِضَاءِ مَجْلِسِ قَبُولِهِ) أَيْ الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: فِيهِمَا) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِقَوْلِ مُوَكِّلِهِ لَهُ بِعْ) أَيْ أَوْ اشْتَرِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَتَوَفَّرْ الْقَرَائِنُ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَنْعَقِدُ بِهَا بَيْعٌ أَوْ شِرَاءُ وَكِيلٍ إلَخْ: أَيْ مَا لَمْ تَتَوَفَّرْ الْقَرَائِنُ عَلَى نِيَّتِهِ الْبَيْعَ كَأَنْ حَصَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَاقِدِهِ مُسَاوَمَةٌ وَاطَّلَعَ عَلَيْهَا الشُّهُودُ ثُمَّ عَقَدَا عَلَى ذَلِكَ بِالْكِنَايَةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ غَائِبٌ) مُكَرَّرٌ بَلْ مُوهِمٌ (قَوْلُهُ: مِنْ انْعِقَادِهِ بِالنِّيَّةِ) لَعَلَّ صَوَابَهُ بِالْكِنَايَةِ (قَوْلُهُ: إذْ قَوْلُهُ نَوَيْت إقْرَارٌ مِنْهُ بِهَا) أَيْ فَهُوَ إنَّمَا أَخَذْنَاهُ مِنْ جِهَةِ الْإِقْرَارِ وَإِلَّا فَالسَّكْرَانُ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ نِيَّةٌ، فَالِاسْتِثْنَاءُ ظَاهِرٌ

فِي رَدِّ كَلَامِهِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ عَدَمُ الِانْعِقَادِ بِهَا؛ لِأَنَّ الْمُخَاطَبَ لَا يَدْرِي أَخُوطِبَ بِبَيْعٍ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَرُدَّ بِأَنَّ ذِكْرَ الْعِوَضِ ظَاهِرٌ فِي إرَادَةِ الْبَيْعِ (وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا) يَتَخَلَّلَ لَفْظٌ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْعَقْدِ وَلَوْ يَسِيرًا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ مُقْتَضَاهُ وَلَا مِنْ مَصَالِحِهِ وَلَا مِنْ مُسْتَحَبَّاتِهِ كَمَا فَسَّرَهُ بِذَلِكَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ، فَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ تَقَدُّمِ الْإِيجَابِ بِسْمِ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، قَبِلْتُ صَحَّ، وَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ. أَمَّا عَلَى مَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ النِّكَاحِ فَهُوَ غَيْرُ مُسْتَحَبٍّ لَكِنَّهُ غَيْرُ مُضِرٍّ كَمَا فِي النِّكَاحِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ النِّكَاحَ يُحْتَاطُ لَهُ أَكْثَرُ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ اسْتِحْبَابِهِ ثُمَّ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَبْطَلَ بِهِ عَدَمَ اسْتِحْبَابِهِ هُنَا، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ كَانَ اللَّفْظُ مِمَّنْ يُطْلَبُ جَوَابُهُ لِتَمَامِ الْعَقْدِ وَغَيْرِهِ. وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُهُ فِي كِتَابِ الْخُلْعِ أَنَّ الْمَشْهُورَ خِلَافُهُ، وَشَمِلَ أَيْضًا قَوْلُنَا لَفْظَ الْحَرْفِ الْوَاحِدِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ إنْ أَفْهَمَ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ وَإِنْ أَمْكَنَ الْفَرْقُ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ هُنَا تَخَلُّلُ الْيَسِيرِ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا إنْ عُذِرَ وَهُوَ مُتَّجِهٌ نَعَمْ لَا يَضُرُّ تَخَلُّلٌ قَدْ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ: أَيْ لِأَنَّهَا لِلتَّحْقِيقِ فَلَيْسَتْ بِأَجْنَبِيَّةٍ وَأَنْ لَا (يَطُولَ الْفَصْلُ بَيْنَ لَفْظَيْهِمَا) أَوْ إشَارَتَيْهِمَا أَوْ لَفْظِ أَحَدِهِمَا وَكِتَابَةِ أَوْ إشَارَةِ الْآخَرِ، وَالْعِبْرَةُ فِي التَّخَلُّلِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْبَيْعِ وَالطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: فِي رَدِّ كَلَامِهِ) أَيْ ابْنِ الرِّفْعَةِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ مُقْتَضَاهُ) وَمِنْهُ إجَابَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا يَظْهَرُ وَمَا لَوْ رَأَى أَعْمَى يَقَعُ فِي بِئْرٍ فَأَرْشَدَهُ (قَوْلُهُ: وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَضُرَّ، ثُمَّ رَأَيْت الزِّيَادِيَّ نَاقِلًا لَهُ عَنْ الْأَنْوَارِ وَيَتَّجِهُ ضَرَرُ الِاسْتِعَاذَةِ (قَوْلُهُ: صَحَّ) وَمِثْلُهُ فِي الصِّحَّةِ مَا لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ قَبِلْت فَيَصِحُّ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ غَيْرُ مُضِرٍّ) أَيْ فَيَكُونُ مِنْ مَصَالِحِهِ اهـ زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: لِتَمَامِ الْعَقْدِ وَغَيْرِهِ) أَيْ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فَلَا يَضُرُّ التَّخَلُّلُ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَاقِدٍ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْيَسِيرِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّنْ يُرِيدُ أَنْ يُتِمَّ الْعَقْدَ أَوْ مِمَّنْ انْقَضَى لَفْظُهُ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ حَجّ: وَأَنْ لَا يَطُولَ الْفَصْلُ بِسُكُوتِ مُرِيدِ الْجَوَابِ أَوْ كَلَامِ مَنْ انْقَضَى لَفْظُهُ بِحَيْثُ يُشْعِرُ بِالْإِعْرَاضِ لِأَنَّهُ إنَّمَا اُعْتُبِرَ الْحَيْثِيَّةُ لِكَوْنِهِ فِي مَقَامِ تَصْوِيرِ طُولِ الْفَصْلِ، وَهُوَ لَا يَقْتَضِي؛ عَدَمَ الضَّرَرِ عِنْدَ كَوْنِ الْفَاصِلِ يَسِيرًا لِأَنَّهُ عَمَّهُمْ فِي الْفَاصِلِ مِنْ الْكَلَامِ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ أَنْ لَا يَتَخَلَّلَ لَفْظٌ إلَخْ، لَكِنْ نَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَنَّ الْكَثِيرَ يَضُرُّ مِمَّنْ فَرَغَ كَلَامُهُ بِخِلَافِ الْيَسِيرِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) وَوَجْهُهُ أَنَّ التَّخَلُّلَ إنَّمَا ضَرَّ لِإِشْعَارِهِ بِالْإِعْرَاضِ وَالْإِعْرَاضُ مُضِرٌّ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، فَإِنْ غَيَّرَ الْمَطْلُوبُ جَوَابَهُ لَوْ رَجَعَ قَبْلَ لَفْظِ الْآخَرِ أَوْ مَعَهُ ضَرَّ فَكَذَا لَوْ وُجِدَ مِنْهُ مَا يُشْعِرُ بِالرُّجُوعِ وَالْإِعْرَاضِ فَتَأَمَّلْهُ يَظْهَرُ لَك وَجَاهَةُ مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا انْتَهَى. سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: الْحَرْفُ الْوَاحِدُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُحْتَمَلٌ إنْ أَفْهَمَ) عِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ عَطْفًا عَلَى مَا شَمِلَتْهُ الْعِبَارَةُ: وَكَذَا بِغَيْرِ الْمُفْهِمِ وَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ (قَوْلُهُ: إنْ عُذِرَ) الْمُرَادُ بِالْعُذْرِ هُنَا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ وَلَا نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا يَضُرُّ تَخَلُّلُ قَدْ) عِبَارَةُ حَجّ إلَّا نَحْوَ قَدْ وَإِنَّ (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحُوا بِهِ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ بِهَا التَّحْقِيقَ؛ لِأَنَّ الْأَلْفَاظَ إذَا أُطْلِقَتْ حُمِلَتْ عَلَى مَعَانِيهَا، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ أَتَى بِهَا الثَّانِي بَعْدَ تَمَامِ الصِّيغَةِ مِنْ الْأَوَّلِ وَبَقِيَ مَا لَوْ قَالَ بِعْتُك بِعَشْرَةٍ قَدْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَضُرُّ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ أَنَّهَا لِلتَّحْقِيقِ، وَبِبَعْضِ الْهَوَامِشِ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى فَقَطْ حَتَّى كَأَنَّهُ قَالَ بِعْتُك بِكَذَا دُونَ غَيْرِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ هَذَا الْمَعْنَى لَيْسَ مُسْتَفَادًا مِنْ اللَّفْظِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: اسْتِفَادَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَغَيْرُهُ) يَعْنِي خُصُوصَ الْبَادِئِ بِالْعَقْدِ، وَكَانَ الْأَصْوَبُ حَذْفَهُ مِنْ هُنَا كَمَا حَذَفَهُ الشِّهَابُ حَجّ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي قَرِيبًا فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا يَطُولُ الْفَصْلُ بَيْنَ لَفْظَيْهِمَا الْأَنْسَبُ بِهِ مِمَّا هُنَا كَمَا لَا يَخْفَى

فِي الْغَائِبِ بِمَا يَقَعُ مِنْهُ عَقِبَ عِلْمِهِ أَوْ ظَنِّهِ بِوُقُوعِ الْبَيْعِ لَهُ بِسُكُوتٍ يُشْعِرُ بِالْإِعْرَاضِ وَلَوْ لِمَصْلَحَةٍ أَوْ كَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ وَلِشَائِبَةِ التَّعْلِيقِ أَوْ الْجَعَالَةِ فِي الْخُلْعِ اُغْتُفِرَ فِيهِ الْيَسِيرُ مُطْلَقًا وَلَوْ أَجْنَبِيًّا، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ السُّكُوتَ الْيَسِيرَ ضَارٍ إذَا قُصِدَ بِهِ الْقَطْعُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْفَاتِحَةِ وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ وَيُفَرَّقُ (وَأَنْ) يَذْكُرَ الْمُبْتَدِي الثَّمَنَ فَلَا تَكْفِي نِيَّتُهُ كَمَا مَرَّ، وَأَنْ تَبْقَى أَهْلِيَّتُهُمَا لِتَمَامِ الْعَقْدِ، وَأَنْ لَا يُغَيِّرَ شَيْئًا مِمَّا تَلَفَّظَ بِهِ إلَى تَمَامِ الشِّقِّ الْآخَرِ، وَأَنْ يَتَكَلَّمَ كُلٌّ بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ مَنْ بِقُرْبِهِ عَادَةً إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَانِعٌ وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ الْآخَرُ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ حَمَلَتْهُ الرِّيحُ، وَأَنْ يُتِمَّ الْمُخَاطَبُ لَا وَكِيلُهُ أَوْ مُوَكِّلُهُ أَوْ وَارِثُهُ وَلَوْ فِي الْمَجْلِسِ، وَأَنْ لَا يُؤَقِّتَ وَلَوْ بِنَحْوِ حَيَاتِك أَوْ أَلْفِ سَنَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ كَالنِّكَاحِ كَمَا يَأْتِي، وَلَا يُعَلِّقُ إلَّا بِالْمَشِيئَةِ فِي اللَّفْظِ الْمُتَقَدِّمِ كَبِعْتُكَ إنْ شِئْت فَيَقُولُ اشْتَرَيْت مَثَلًا لَا شِئْت مَا لَمْ يَنْوِ بِهِ الشِّرَاءَ بِخِلَافِ إنْ شِئْت بِعْتُك فَلَا يَصِحُّ كَمَا أَفَادَهُ السُّبْكِيُّ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، لِأَنَّ مَأْخَذَ الصِّحَّةِ أَنَّ الْمُعَلَّقَ تَمَامُ الْبَيْعِ لَا أَصْلُهُ، فَاَلَّذِي مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ وَهُوَ إنْشَاءُ الْبَيْعِ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ. وَتَمَامُهُ وَهُوَ الْقَبُولُ مَوْقُوفُ مَشِيئَةِ الْمُشْتَرِي وَبِهِ تَكْمُلُ حَقِيقَةُ الْبَيْعِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَعَانِي مِنْ الْأَلْفَاظِ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا وَضْعِيَّةً بَلْ يَكْفِي انْفِهَامُ الْمَعْنَى مِنْهَا كَمَا فِي مُحَرَّفَاتِ الْعَوَامّ وَهُوَ قَرِيبٌ (قَوْلُهُ: عَقِبَ عِلْمِهِ) أَمَّا الْحَاضِرُ فَلَا يَضُرُّ تَكَلُّمُهُ قَبْلَ عِلْمِ الْغَائِبِ وَكَذَا لَوْ قَالَ بِعْت مِنْ فُلَانٍ وَكَانَ حَاضِرًا لَا يَضُرُّ تَكَلُّمُهُ قَبْلَ عِلْمِهِ انْتَهَى. سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ مَرَّ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ مِنْ فُلَانٍ أَنَّهُ لَوْ خَاطَبَهُ بِالْبَيْعِ فَلَمْ يَسْمَعْ فَتَكَلَّمَ قَبْلَ عِلْمِهِ ضَرَّ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَأَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْغَائِبِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ الْحَاضِرَ يَسْمَعُ مَا خُوطِبَ بِهِ (قَوْلُهُ: بِسُكُوتٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَنْ لَا يَطُولَ الْفَصْلُ (قَوْلُهُ: أَوْ كَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ) عَطْفٌ عَلَى بِسُكُوتٍ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) عَمْدًا أَوْ سَهْوًا (قَوْلُهُ: أَنَّ السُّكُوتَ الْيَسِيرَ ضَارٌّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إذَا قَصَدَ بِهِ الْقَطْعَ) عِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: وَلَوْ قَصَدَ بِهِ الْقَطْعَ بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ مَحْضَةٌ وَهِيَ أَضْيَقُ مِنْ غَيْرِهَا انْتَهَى. وَهِيَ تُفِيدُ الصِّحَّةَ مَعَ قَصْدِ الْقَطْعِ فَتُوَافِقُ قَوْلَهُ هُنَا وَيُفَرِّقُ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ) أَيْ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِكَذَا مِنْ قَوْلِهِ وَلَا تَكْفِي نِيَّتُهُ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ (قَوْلُهُ: وَأَنْ تَبْقَى أَهْلِيَّتُهُمَا) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ عَمِيَ بَيْنَهُمَا وَكَانَ مُذْ عَمِيَ ذَاكِرًا فَلَا يَضُرُّ، وَمَعْلُومٌ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهَا مَوْجُودَةٌ فِي ابْتِدَائِهِ (قَوْلُهُ: لِتَمَامِ الْعَقْدِ) أَيْ فَيَضْرُرُ زَوَالُهَا مَعَ التَّمَامِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ الْآخَرُ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ خَاطَبَهُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ وَجَهَرَ بِهِ بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ مَنْ بِقُرْبِهِ وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ صَاحِبُهُ وَقَبِلَ اتِّفَاقًا أَوْ بَلَّغَهُ غَيْرُهُ صَحَّ. وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ: حَتَّى لَوْ قَبِلَ عَبَثًا فَبَانَ بَعْدَ صُدُورِ بَيْعٍ لَهُ صَحَّ كَمَنْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ الظَّانِّ حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيْتًا انْتَهَى. وَقَوْلُ سم صَحَّ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ طُولِ الزَّمَنِ وَقِصَرِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَتِمَّ الْمُخَاطَبُ) هَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ: وَأَنْ يَكُونَ الْقَبُولُ مِمَّنْ صَدَرَ مَعَهُ الْخِطَابُ لِشُمُولِ هَذَا لِمَا لَوْ سَبَقَ الِاسْتِيجَابُ (قَوْلُهُ: كَالنِّكَاحِ) عِبَارَةُ حَجّ: أَوْ أَلْفِ سَنَةٍ عَلَى الْأَوْجَهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النِّكَاحِ عَلَى مَا يَأْتِي فِيهِ بِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَنْتَهِي بِالْمَوْتِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ، لَكِنْ جَزَمَ الشَّارِحُ ثُمَّ بِفَسَادِ النِّكَاحِ مَعَ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ: هُنَا كَالنِّكَاحِ كَمَا يَأْتِي وَعَلَّلَهُ ثُمَّ بِأَنَّ الْمَوْتَ لَا يَرْفَعُ آثَارَ النِّكَاحِ كُلَّهَا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَنْوِ بِهِ الشِّرَاءَ) أَيْ فَيَكُونُ كِنَايَةً (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِسُكُوتٍ) مُتَعَلِّقٌ بِالْفَصْلِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَلَامِ أَجْنَبِيٍّ) أَيْ مِمَّنْ انْقَضَى لَفْظُهُ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي التُّحْفَةِ وَعَلَى مَا فِي الشَّرْحِ فَهُوَ مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ أَوْ غَيْرُهُ، بَلْ إنْ أَخَذَهُ عَلَى عُمُومِهِ كَانَ التَّكْرِيرُ فِي الطَّرَفَيْنِ كَمَا لَا يَخْفَى. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشِّهَابَ حَجّ اقْتَصَرَ فِيمَا مَرَّ عَلَى قَوْلِهِ مِمَّا يُطْلَبُ جَوَابُهُ لِتَمَامِ الْعَقْدِ، وَاقْتَصَرَ هُنَا عَلَى قَوْلِهِ أَوْ كَلَامُ مَنْ انْقَضَى لَفْظُهُ، وَخَصَّصَ كُلًّا بِمَحَلِّهِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِيهِ لِلْمُنَاسَبَةِ الَّتِي لَا تَخْفَى

وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَقَوْلِهِ إنْ كَانَ مِلْكِي فَقَدْ بِعْتُكَهُ أَنَّ الشَّرْطَ فِي هَذَا أَثْبَتَهُ اللَّهُ فِي أَصْلِ الْبَيْعِ فَيَكُونُ اشْتِرَاطُهُ كَتَحْصِيلِ الْحَاصِلِ إذْ لَا يَقَعُ عَقْدُ الْبَيْعِ لَهُ إلَّا فِي مِلْكِهِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَكَّلْتُك فِي طَلَاقِ زَيْنَبَ إنْ شَاءَتْ جَازَ أَوْ إنْ شَاءَتْ فَقَدْ وَكَّلْتُك فِي طَلَاقِهَا فَلَا، وَهَذَا بِخِلَافِ بِعْتُكُمَا إنْ شِئْتُمَا فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ بِعْتُك إنْ شِئْت بَعْدَ اشْتَرَيْت مِنْك وَإِنْ قِيلَ بَعْدَهُ أَوْ قَالَ شِئْت؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَعْلِيقٌ مَحْضٌ وَكَشِئْت مُرَادِفُهَا كَأَحْبَبْتَ وَالْأَوْجَهُ امْتِنَاعُ ضَمِّ التَّاءِ مِنْ النَّحْوِيِّ مُطْلَقًا لِوُجُودِ حَقِيقَةِ التَّعْلِيقِ فِيهِ وَبِالْمِلْكِ كَإِنْ كَانَ مِلْكِي فَقَدْ بِعْتُكَهُ كَمَا مَرَّ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ إنْ كُنْت أَمَرْتُك بِشِرَائِهَا بِعِشْرِينَ فَقَدْ بِعْتُكهَا بِهَا كَمَا يَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ وَإِنْ كَانَ وَكِيلِي اشْتَرَاهُ لِي فَقَدْ بِعْتُكَهُ وَقَدْ أَخْبَرَ بِهِ، وَصَدَقَ الْمُخَبِّرُ؛ لِأَنَّ إنْ حِينَئِذٍ كَإِذْ نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِي النِّكَاحِ، وَكَمَا فِي بَعْضِ صُوَرِ الْبَيْعِ الضِّمْنِيِّ كَأَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِكَذَا إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ، وَيَصِحُّ بِعْتُك هَذَا بِكَذَا عَلَى أَنَّ لِي نِصْفَهُ؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى إلَّا نِصْفَهُ وَأَنْ (يَقْبَلَ عَلَى وَفْقِ الْإِيجَابِ) فِي الْمَعْنَى كَالْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالصِّفَةِ وَالْعَدَدِ وَالْحُلُولِ وَالْأَجَلِ وَإِنْ اخْتَلَفَ لَفْظُهُمَا صَرِيحًا وَكِنَايَةً. (فَلَوْ) (قَالَ بِعْتُك) كَذَا (بِأَلْفٍ مُكَسَّرَةٍ) أَوْ مُؤَجَّلَةٍ (فَقَالَ قَبِلْت بِأَلْفٍ صَحِيحَةٍ) أَوْ حَالَّةٍ، أَوْ إلَى أَجَلٍ أُقَصِّرُ، أَوْ أُطَوِّلُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ إنْ شِئْت بِعْتُك (قَوْلُهُ: فَقَدْ بِعْتُكَهُ) أَيْ حَيْثُ صَحَّ مَعَ التَّقَدُّمِ (قَوْلُهُ: أَنَّ الشَّرْطَ) وَهُوَ الْمِلْكُ (قَوْلُهُ: فِي هَذَا) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ إنْ كَانَ مِلْكِي (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ) أَيْ الْفَرْقَ بَيْنَ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ لِلْمَشِيئَةِ (قَوْلُهُ: جَازَ) أَيْ اُعْتُدَّ بِهِ؛ لِأَنَّ الْجَوَازَ يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الْحِلِّ وَالصِّحَّةِ مَعًا كَمَا ذَكَرَهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يُشْتَرَطُ لِرَفْعِ الْحَدَثِ وَالنَّجَسِ مَاءٌ مُطْلَقٌ، ثُمَّ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَ الْوَكِيلُ بَعْدَ قَوْلِ الزَّوْجِ إنْ شَاءَتْ لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ وَإِنْ شَاءَتْ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ إذَا بَطَلَ خُصُوصُ الْوَكَالَةِ نَفَذَ تَصَرُّفُ الْوَكِيلِ بِعُمُومِ الْإِذْنِ وُقُوعَ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) جَزَمَ بِهِ حَجّ، فَفِي قَوْلِ الشَّارِحِ فِيمَا يَظْهَرُ تَعْرِيضٌ لحج حَيْثُ جَزَمَ مَعَ كَوْنِ الْمَسْأَلَةِ لَيْسَتْ مَنْقُولَةً (قَوْلُهُ: تَعْلِيقٌ مَحْضٌ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) قَابِلًا أَوْ مُجِيبًا (قَوْلُهُ: وَبِالْمِلْكِ) عَطْفٌ عَلَى بِالْمَشِيئَةِ انْتَهَى. سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَصَدَقَ الْمُخْبِرُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيمَا لَوْ قَالَ إنْ كَانَ مِلْكِي ظَنَّ مِلْكَهُ لَهُ حِينَ التَّعْلِيقِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ بَاعَ مَالَ مُوَرِّثِهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيْتًا، وَعَلَيْهِ فَيُشْكِلُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ قَالَ إنْ كَانَ وَكِيلِي اشْتَرَاهُ لِي. إلَخْ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ يَرْجِعُ إلَى إنْ كَانَ مِلْكِي (قَوْلُهُ: إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ فِي بَابِ الْكَفَّارَةِ: فَرْعٌ: قَالَ إذَا جَاءَ الْغَدُ فَأَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي عَلَى أَلْفٍ فَفَعَلَ صَحَّ وَلَزِمَ الْمُسَمَّى، وَكَذَا لَوْ قَالَ الْمَالِكُ أَعْتِقُهُ عَنْك عَلَى أَلْفٍ إذَا جَاءَ الْغَدُ وَقَبِلَ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: فَفَعَلَ صَحَّ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فَصَبَرَ حَتَّى جَاءَ الْغَدُ فَأَعْتَقَهُ عَنْهُ. حَكَى صَاحِبُ التَّقْرِيبِ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ الْعِتْقُ عَنْهُ وَيَثْبُتُ الْمُسَمَّى عَلَيْهِ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: وَقَبِلَ قَالَ فِي شَرْحِهِ فِي الْحَالِ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُهُ: حَتَّى جَاءَ الْغَدُ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ حَالًا قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ إذَا جَاءَ الْغَدُ أَعْتَقْته عَنْك عَدَمُ الصِّحَّةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي التَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَقْبَلَ إلَخْ) تَعْبِيرُهُ بِالْقَبُولِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ تَأَخُّرِهِ عَنْ الْإِيجَابِ وَإِلَّا فَحُكْمُ الْإِيجَابِ التَّأَخُّرُ أَوْ الِاسْتِيجَابُ كَحُكْمِ الْقَبُولِ (قَوْلُهُ: فِي الْمَعْنَى) أَيْ لَا فِي اللَّفْظِ حَتَّى لَوْ قَالَ وَهَبْتُك فَقَالَ اشْتَرَيْت أَوْ عَكَسَ. صَحَّ مَعَ اخْتِلَافِ صِيغَتَيْهِمَا لَفْظًا أَوْ كَانَتْ صِيغَةُ أَحَدِهِمَا صَرِيحًا وَالْآخَرُ كِنَايَةً انْتَهَى حَجّ. لَكِنْ يَنْبَغِي فِيمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك ذَا بِكَذَا فَقَالَ اتَّهَبْت أَنْ يَقُولَ بِذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ لِانْصِرَافِهِ إلَى الْهِبَةِ فَلَا يَكُونُ الْقَبُولُ عَلَى وَفْقِ الْإِيجَابِ (قَوْلُهُ: وَالصِّفَةُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ) أَيْ مَا مَرَّ فِي الْمَشِيئَةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ بِعْتُكُمَا) أَيْ فَلَا يَصِحُّ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ عَلَّقَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَشِيئَتِهِ وَمَشِيئَةِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمِلْكُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ آنِفًا بِالْمَشِيئَةِ، وَفِي نُسَخٍ وَبِالْمِلْكِ، وَهِيَ أَوْضَحُ

أَوْ بِأَلْفٍ أَوْ أُلُوفٍ أَوْ قَبِلْت نِصْفَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ (لَمْ يَصِحَّ) كَعَكْسِهِ الْمَفْهُومِ بِالْأَوْلَى الْمَذْكُورِ بِأَصْلِهِ لِقَبُولِهِ مَا لَمْ يُخَاطَبْ بِهِ نَعَمْ فِي قَبِلْت نِصْفَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ وَنِصْفَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ إنْ أَرَادَ تَفْصِيلَ مَا أَجْمَلَهُ الْبَائِعُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا لِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ حِينَئِذٍ فَيَصِيرُ قَابِلًا لِمَا لَمْ يُخَاطَبْ بِهِ، وَفِي بِعْتُك هَذَا بِأَلْفٍ وَهَذِهِ بِمِائَةٍ وَقَبِلَ أَحَدُهُمَا بِعَيْنِهِ تَرَدُّدٌ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ لِانْتِفَاءِ مُطَابَقَةِ الْإِيجَابِ لِلْقَبُولِ وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّ كُلًّا عَقْدٌ مُسْتَقِلٌّ فَهُوَ كَمَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ بَيْعٍ وَنِكَاحٍ مَثَلًا، وَلَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِالْأَلْفَاظِ الْمُرَادِفَةِ لِلَفْظِ الْهِبَةِ كَأَعْمَرْتُكَ وَأَرْقَبْتُك، كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّعْلِيقَةِ تَبَعًا لِأَبِي عَلِيٍّ الطَّبَرِيِّ فَلَا تَكُونُ صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَلَوْ قَالَ: أَسْلَمْت إلَيْك فِي هَذَا الثَّوْبِ مَثَلًا فَقَبِلَ لَمْ يَنْعَقِدْ بَيْعًا وَلَا سَلَمًا كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ اللَّفْظِ لِمَعْنَاهُ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الطَّلَاقِ، فَلَوْ سَبَقَ ـــــــــــــــــــــــــــــSتَخْتَلِفْ الْقِيمَةُ، أَوْ كَانَتْ قِيمَةُ مَا قَبِلَ بِهِ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ: صَحَّ) بَقِيَ مَا لَوْ قَالَ بِعْتُك نِصْفَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ وَنِصْفُهُ بِخَمْسِمِائَةٍ فَقَالَ قَبِلْته بِأَلْفٍ هَلْ يَصِحُّ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَنَقَلَ بِالدَّرْسِ عَنْ الْأَنْوَارِ الصِّحَّةَ قَالَ: فَإِنْ أَطْلَقَ أَوْ قَصَدَ التَّعَدُّدَ لَمْ يَصِحَّ اهـ. وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِقَصْدِ الْإِجْمَالِ فِي كَلَامِ الْأَنْوَارِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَصَدَ بَقَاءَ التَّعَدُّدِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْبَائِعُ عَلَى حَالِهِ وَأَنَّ مَجْمُوعَ الثَّمَنَيْنِ أَلْفٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) شَمِلَ مَا لَوْ أَطْلَقَ، لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ سم نَقْلًا عَنْ الشَّارِحِ أَنَّ الْمُتَّجِهَ الصِّحَّةُ فِي هَذِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ) خِلَافًا لحج حَيْثُ اسْتَوْجَهَ الصِّحَّةَ وَقَالَ: ثُمَّ رَأَيْت الْقَاضِيَ قَالَ الْأَظْهَرُ الصِّحَّةُ، وَيُؤَيِّدُ مَا هُنَا مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ أَنَّهُ لَوْ أَوْجَبَ وَاحِدٌ لِاثْنَيْنِ فَقَبِلَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَصِحَّ اهـ. مَعَ أَنَّهُ تَعَدَّدَتْ الصَّفْقَةُ، وَقِيَاسُ الْبُطْلَانِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي وَلِيَّ يَتِيمٍ وَقَدْ قَصَدَ الشِّرَاءَ لِلْيَتِيمِ ثُمَّ تَبَيَّنَ زِيَادَةُ ثَمَنِ أَحَدِهِمَا عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ بَطَلَ الْعَقْدُ فِيهِمَا جَمِيعًا، إذْ لَوْ صَحَّ فِي الْآخَرِ لَزِمَ صِحَّةُ قَبُولِ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فَلْيُتَأَمَّلْ الْجَمْعَ بَيْنَ بَيْعٍ وَنِكَاحٍ حَيْثُ يَجُوزُ فِيهِ قَبُولُ أَحَدِهِمَا فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: أَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ النِّكَاحَ لَيْسَ مُعَاوَضَةً مَحْضَةً وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَتَأَثَّرْ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ حَيْثُ لَمْ تَخِلَّ؛ بِمَقْصُودِ النِّكَاحِ، لَكِنْ يُشْكِلُ مَا ذَكَرَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْوَلِيِّ مِنْ الْفَسَادِ عَلَى مَا لَوْ بَاعَ خَلًّا وَخَمْرًا أَوْ عَبْدًا وَحُرًّا وَقَبِلَهُمَا الْمُشْتَرِي فَإِنَّ قَبُولَهُ لَاغٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْخَمْرِ وَالْحُرِّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْخَمْرِ وَالْحُرِّ لَا يَقْبَلُ الْعَقْدَ كَانَ ذِكْرُهُ فِي الْعَقْدِ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) مُرَادُهُ حَجّ حَيْثُ جَعَلَهُمَا كِنَايَتَيْنِ، بَلْ نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ صَرَاحَتُهُمَا، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَيْنِ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ صِحَّةِ وَهَبْتُك ذَا بِكَذَا أَنَّ لَفْظَ الْهِبَةِ لَمْ يَشْتَمِلْ عَلَى مَا يُنَافَى الْبَيْعَ، بِخِلَافِ هَذَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَشْتَمِلَانِ عَلَى التَّعْلِيقِ الْمُنَافِي لِلْبَيْعِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَنْعَقِدْ بَيْعًا) أَيْ؛ لِأَنَّ السَّلَمَ يَقْتَضِي الدَّيْنِيَّةَ وَالْعَقْدَ عَلَى مُعَيَّنٍ فَلَا يَنْعَقِدُ بَيْعًا لِفَسَادِ صِيغَتِهِ وَلَا سَلَمًا لِانْتِفَاءِ كَوْنِهِ دَيْنًا (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ اللَّفْظِ) وَيَصْدُقُ فِي ذَلِكَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ قَبِلَ، وَمَعَ صَرَاحَةِ مَا تَقَرَّرَ يَصْدُقُ فِي قَوْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَعَكْسِهِ) يَعْنِي عَكْسَ مَا فِي الْمَتْنِ خَاصَّةً (قَوْلُهُ: عَلَى مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ) يَعْنِي الشِّهَابَ حَجّ، وَهَذَا التَّبَرِّي رَاجِعٌ إلَى التَّقْيِيدِ بِإِرَادَةِ تَفْصِيلِ مَا أَجْمَلَهُ الْبَائِعُ خَاصَّةً بِدَلِيلِ ذِكْرِهِ عَقِبَهُ فَلَيْسَ رَاجِعًا لِأَصْلِ الصِّحَّةِ، وَإِلَّا لَذَكَرَهُ عَقِبَ قَوْلِهِ صَحَّ فَالشَّارِحُ مُوَافِقٌ لِمَا اعْتَمَدَهُ الزِّيَادِيُّ كَابْنِ قَاسِمٍ مِنْ الصِّحَّةِ سَوَاءٌ قَصَدَ تَفْصِيلَ مَا أَجْمَلَهُ الْبَائِعُ أَوْ أَطْلَقَ. نَعَمْ عِبَارَتُهُ تَشْمَلُ الصِّحَّةَ إنْ أَرَادَ تَعَدُّدَ الْعَقْدِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ بِدَلِيلِ تَعْلِيلِهِ لِلْمَفْهُومِ الْآتِي بِقَوْلِهِ وَلِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ حِينَئِذٍ لَكِنْ فِي ذِكْرِهِ الْمَفْهُومَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بُعْدُ التَّقْيِيدِ الَّذِي تَبَرَّأَ مِنْهُ فِيمَا مَرَّ قَلَاقَةٌ لَا تَخْفَى وَمُلَخَّصُ الْمُرَادِ مِنْهُ أَنَّ الدَّاخِلَ تَحْتَ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا مَا إذَا أَرَادَ تَعَدُّدَ الْعَقْدِ خَاصَّةً بِدَلِيلِ تَعْلِيلِهِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَمَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ بَيْعٍ وَنِكَاحٍ مَثَلًا) مِنْ جُمْلَةِ الْمَنْفِيِّ فَكَانَ يَنْبَغِي إسْقَاطُ لَفْظِ وَهُوَ

[شروط العاقد]

لِسَانُهُ إلَيْهِ أَوْ قَصَدَهُ لَا لِمَعْنَاهُ كَتَلَفُّظٍ أَعْجَمِيٍّ بِهِ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةِ مَدْلُولِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ عَلَى مَا سَيَأْتِي ثُمَّ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ (وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ) وَكِتَابَتُهُ (بِالْعَقْدِ) مَالِيًّا أَوْ غَيْرَهُ وَبِالْحِلِّ وَبِالْحَلِفِ وَالنَّذْرِ وَغَيْرِهَا إلَّا فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِهَا وَالشَّهَادَةِ وَالْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ عَلَى تَرْكِ الْكَلَامِ فَلَيْسَتْ فِيهَا كَالنُّطْقِ؛ وَلِهَذَا صَحَّ نَحْوُ بَيْعِهِ بِهَا فِي صَلَاتِهِ وَلَمْ تَبْطُلْ (كَالنُّطْقِ) بِهِ مِنْ غَيْرِهِ لِلضَّرُورَةِ، وَسَيَأْتِي فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ إنْ فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ فَصَرِيحَةٌ أَوْ الْفَطِنُ وَحْدَهُ فَكِنَايَةٌ، وَحِينَئِذٍ فَيَحْتَاجُ إلَى إشَارَةٍ أُخْرَى. ثُمَّ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الثَّانِي وَهُوَ الْعَقْدُ، وَقَدَّمَهُ عَلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لِتَقَدُّمِ الْفَاعِلِ عَلَى الْمَفْعُولِ طَبْعًا، فَقَالَ (وَشَرْطُ الْعَاقِدِ) بَائِعًا أَوْ مُشْتَرِيًا الْإِبْصَارُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ، وَ (الرُّشْدُ) يَعْنِي عَدَمَ الْحَجْرِ لِيَشْمَلَ مَنْ بَلَغَ مُصْلِحًا لِدَيْنِهِ وَمَالِهِ ثُمَّ بَذَرَ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ، وَمَنْ لَمْ يُعْهَدْ لَهُ تَقَدُّمُ تَصَرُّفٍ عَلَيْهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَجَهْلِ حَالِهِ، فَإِنَّ الْأَقْرَبَ صِحَّةُ تَصَرُّفِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَمَنْ جُهِلَ رِقُّهُ وَحُرِّيَّتُهُ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ الْحَجْرِ كَالْحُرِّيَّةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSلَمْ أَقْصِدْ بِهَا جَوَابًا (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةِ مَدْلُولِهِ) أَيْ أَمَّا مَعَ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ فَيَنْعَقِدُ بِهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَيُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ حَيْثُ لَا قَرِينَةَ تَدُلُّ عَلَى مَا ادَّعَاهُ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ) شَمِلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ النِّكَاحَ فَيُقْبَلُ وَيُزَوِّجُ مُوَلِّيَتَهُ بِالْإِشَارَةِ إذَا فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ، وَفِيهِ فِي النِّكَاحِ كَلَامٌ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: بِهَا) أَيْ الْإِشَارَةِ (قَوْلُهُ: فَكِنَايَةٌ) وَإِذَا كَانَتْ كِنَايَةً تَعَذَّرَ بَيْعُهُ مَثَلًا بِهَا بِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِهِ ظَاهِرًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، إذْ لَا عِلْمَ بِنِيَّتِهِ، وَتَوَفُّرُ الْقَرَائِنِ لَا يُفِيدُ كَمَا مَرَّ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ يَكْفِي هُنَا نَحْوُ كِتَابَةٍ أَوْ إشَارَةٍ بِأَنَّهُ نَوَى لِلضَّرُورَةِ اهـ حَجّ. وَيُفِيدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ فَيَحْتَاجُ إلَى إشَارَةٍ إلَخْ [شُرُوط الْعَاقِدِ] (قَوْلُهُ: لِتَقَدُّمِ الْفَاعِلِ) أَيْ وَهُوَ الْعَاقِدُ بِصِفَةِ كَوْنِهِ عَاقِدًا (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَفْعُولِ) أَيْ وَهُوَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَعْقُودًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بَائِعًا أَوْ مُشْتَرِيًا) اقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا لِكَوْنِ الْكَلَامِ فِي الْبَيْعِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ عَدَمَ الْحَجْرِ مُعْتَبَرٌ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ، وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: وَشَرَطَ الْعَاقِدُ الْبَائِعَ أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: يَعْنِي عَدَمَ الْحَجْرِ) أَيْ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ كَمَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِغَيْرِ مُؤَثِّمٍ فَإِنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم عَلَى حَجّ: يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ الرُّشْدُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا اهـ. أَقُولُ: وَهُوَ يَرْجِعُ فِي الْمَعْنَى لِمَا ذَكَرَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ يَعْنِي عَدَمَ الْحَجْرِ (قَوْلُهُ: لِيَشْمَلَ مَنْ بَلَغَ مُصْلِحًا لِدِينِهِ) أَيْ وَيَتَحَقَّقُ ذَلِكَ بِمُضِيِّ زَمَانٍ يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِيهِ بِأَنَّهُ مُصْلِحٌ عُرْفًا، فَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِوَقْتِ الْبُلُوغِ خَاصَّةً حَتَّى لَوْ بَلَغَ قَبْلَ الزَّوَالِ مَثَلًا وَلَمْ يَتَعَاطَ مُفَسِّقًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ثُمَّ تَعَاطَى مَا يُفَسَّقُ بِهِ بَعْدُ صَحَّ تَصَرُّفُهُ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَذَرَ) أَيْ أَوْ فَسَقَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ بِالْفِسْقِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ لَمْ يُعْهَدْ لَهُ تَقَدُّمُ تَصَرُّفٍ عَلَيْهِ) وَجْهُ الشُّمُولِ لِهَذِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَحْجُورِ مَنْ عُلِمَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُعْلَمْ انْفِكَاكُهُ، وَهَذَا لَمْ يُعْلَمْ بَعْدُ بُلُوغُهُ حُجِرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ بِالْبُلُوغِ ذَهَبَ حَجْرُ الصِّبَا وَلَمْ يُعْلَمْ حَجْرٌ يَخْلُفُهُ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ عُهِدَ عَلَيْهِ ذَلِكَ لَا تَجُوزُ مُعَامَلَتُهُ إلَّا إذَا عَلِمْنَا رُشْدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: كَالْحُرِّيَّةِ) نَعَمْ لَوْ ادَّعَى وَالِدُ بَائِعٍ بَقَاءَ حَجْرِهِ عَلَيْهِ صَدَقَ بِيَمِينِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ لِأَصْلِ دَوَامِهِ حِينَئِذٍ. نَعَمْ يَنْبَغِي فِيمَنْ اُشْتُهِرَ رُشْدُهُ عَدَمُ شَرْعِ دَعْوَاهُ حِينَئِذٍ اهـ حَجّ وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِتَقَدُّمِ الْفَاعِلِ عَلَى الْمَفْعُولِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ هُوَ الثَّمَنُ أَوْ الْمُثَمَّنُ لَا نَفْسُ الْعَقْدِ إذْ هُوَ الصِّيغَةُ وَقَدْ مَرَّتْ وَالْعَاقِدُ لَيْسَ فَاعِلًا لِلثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ وَإِنَّمَا هُوَ فَاعِلٌ لِلْعَقْدِ وَهُوَ الصِّيغَةُ. فَإِنْ قُلْت: مُرَادُهُ بِكَوْنِهِ فَاعِلَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَوْنُهُ عَاقِدًا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا اتَّصَفَ بِكَوْنِهِ مَعْقُودًا عَلَيْهِ بَعْدَ إجْرَاءِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ مِنْ الْعَاقِدِ فَيَلْزَمُ تَقَدُّمُهُ عَلَيْهِ: بِهَذَا الْمَعْنَى. قُلْت: وَهُوَ إنَّمَا يُسَمَّى عَاقِدًا بَعْدَ وُجُودِ مَعْقُودٍ عَلَيْهِ أَجْرَى عَلَيْهِ الْعَقْدَ فَهُمَا مِنْ الْأُمُورِ النِّسْبِيَّةِ

وَمَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ إذَا عَقَدَ فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ صَبِيٍّ وَلَوْ مُرَاهِقًا وَمَجْنُونٍ وَمَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ مُطْلَقًا وَفَلَسٍ بِالنِّسْبَةِ لِبَيْعِ عَيْنِ مَالِهِ، وَإِنَّمَا صَحَّ بَيْعُ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ عَتَاقَةٍ، وَلَوْ أَتْلَفَ الصَّبِيُّ أَوْ تَلِفَ عِنْدَهُ مَا ابْتَاعَهُ أَوْ اقْتَرَضَهُ مِنْ رَشِيدٍ وَأَقْبَضَهُ لَهُ لَمْ يَضْمَنْ ظَاهِرًا وَكَذَا بَاطِنًا وَإِنْ نُقِلَ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ خِلَافُهُ، وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، إذْ الْقَبْضُ مُضَيِّعٌ لِمَالِهِ أَوْ مِنْ صَبِيٍّ مِثْلِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ الْوَلِيَّانِ ضَمِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا قَبَضَ مِنْ الْآخَرِ، فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِمَا فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا فَقَطْ لِوُجُودِ التَّسْلِيطِ مِنْهُمَا، وَعَلَى بَائِعِ الصَّبِيِّ رَدُّ الثَّمَنِ لِوَلِيِّهِ، فَلَوْ رَدَّهُ لِصَبِيٍّ وَلَوْ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ وَهُوَ مِلْكُ الصَّبِيِّ لَمْ يَبْرَأْ مِنْهُ. نَعَمْ إنْ رَدَّهُ بِإِذْنِهِ وَلَهُ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِبَدَنِهِ كَمَأْكُولٍ وَمَشْرُوبٍ وَنَحْوِهِمَا بَرِئَ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَلَوْ قَالَ مَالِكُ وَدِيعَةٍ سَلِّمْ وَدِيعَتِي لَلصَّبِيِّ أَوْ أَلْقِهَا فِي الْبَحْرِ فَفَعَلَ بَرِئَ لِامْتِثَالِ أَمْرِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ دَيْنًا، إذْ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ، وَلَوْ أَعْطَى صَبِيٌّ دِينَارًا لِمَنْ يَنْقُدُهُ أَوْ مَتَاعًا لِمَنْ يُقَوِّمُهُ ضَمِنَ الْآخِذُ إنْ لَمْ يَرُدَّهُ لِوَلِيِّهِ إنْ كَانَ مِلْكَ الصَّبِيِّ أَوْ لِمَالِكِهِ إنْ كَانَ لِغَيْرِهِ، وَلَوْ أَوْصَلَ صَبِيٌّ هَدِيَّةً إلَى غَيْرِهِ وَقَالَ هِيَ مِنْ زَيْدٍ مَثَلًا أَوْ أَخْبَرَ بِالدُّخُولِ عَمِلَ بِخَبَرِهِ مَعَ مَا يُفِيدُ الْعِلْمَ أَوْ الظَّنَّ مِنْ قَرِينَةٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــSوَمَنْ لَمْ يُعْهَدْ لَهُ تَقَدُّمُ تَصَرُّفٍ إلَخْ عَدَمُ تَصْدِيقِ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ: إذَا عُقِدَ فِي الذِّمَّةِ) هُوَ بِهَذَا الْقَيْدِ لَا يَحْتَاجُ فِي دُخُولِهِ إلَى التَّأْوِيلِ الْمَذْكُورِ. نَعَمْ يَحْتَاجُ لِلتَّأْوِيلِ لِإِخْرَاجِ الْمُفْلِسِ إذَا تَصَرَّفَ فِي أَعْيَانِ مَالِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُرَاهِقًا) قَالَ حَجّ: وَاخْتِيَارُ صِحَّةِ مَا اُعْتِيدَ مِنْ عَقْدِ الْمُمَيَّزِينَ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَمَجْنُونٍ) عُمُومُهُ شَامِلٌ لِمَا لَوْ حَصَلَتْ لَهُ حَالَةُ تَمْيِيزٍ بِحَيْثُ يَعْرِفُ الْأَوْقَاتَ وَالْعُقُودَ وَنَحْوَهُمَا إلَّا أَنْ تَعْرِضَ لَهُ حَالَةٌ إذَا حَصَلَتْ مِمَّنْ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ جُنُونٌ حُمِلَتْ عَلَى حِدَّةِ الْخَلْقِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ أَفَاقَ مِنْ جُنُونِهِ وَهُوَ بِتِلْكَ الْحَالَةِ اسْتِصْحَابًا لِحُكْمِ الْجُنُونِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ حَصَلَتْ لَهُ تِلْكَ الْحَالَةُ ابْتِدَاءً اسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي بَابِ الْحَجْرِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا صَحَّ بَيْعُ الْعَبْدِ) أَيْ وَلَوْ سَفِيهًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ لَكِنَّ كَوْنَهُ عَقْدَ عَتَاقَةٍ يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ الرُّشْدِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ،، وَنَقَلَ بِالدَّرْسِ عَنْ حَجّ فِي مُعَامَلَةِ الرَّقِيقِ مَا يُصَرِّحُ بِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ عَقْدُ عَتَاقَةٍ) هَذَا التَّعْلِيلُ لَا يَتَأَتَّى فِيمَا لَوْ وَكَّلَ شَخْصٌ الْعَبْدَ فِي أَنْ يَشْتَرِيَ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ لِمُوَكِّلِهِ مَعَ أَنَّ بَعْضَهُمْ ذَكَرَ الصِّحَّةَ فِيهَا، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ مَنْعَ تَصَرُّفِهِ إنَّمَا هُوَ لَحِقَ السَّيِّدَ وَقَدْ زَالَ بِعَقْدِهِ مَعَهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَ الرَّاهِنُ الْعَيْنَ الْمَرْهُونَةَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ لِعَدَمِ تَفْوِيتِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ. (قَوْلُهُ: أَوْ اقْتَرَضَهُ) وَمِثْلُهُمَا مَا يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ مِنْ الْعُقُودِ (قَوْلُهُ: بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ) مِنْهُمْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي بَابِ الْحَجْرِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَأْذَنْ الْوَلِيَّانِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ عَلِمَ الْوَلِيُّ بِذَلِكَ وَأَقَرَّهُ، وَلَوْ قِيلَ بِالضَّمَانِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا (قَوْلُهُ: ضَمِنَ كُلٌّ) أَيْ لِعَدَمِ إذْنِ الْوَلِيِّ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَثْبُتُ الْبَدَلُ فِي ذِمَّةِ الصَّبِيِّ وَيُؤَدِّي الْوَلِيُّ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ، وَعَلَيْهِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ يَضْمَنُ فِي مَالِهِ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ عَيْنُ الْمَالِ كَتَعَلُّقِ الْأَرْشِ بِالْجَانِي (قَوْلُهُ: فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا) أَيْ الْوَلِيَّيْنِ أَوْ بِإِذْنِ أَحَدِهِمَا فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ فِيمَا أَذِنَ فِيهِ لِمُوَلِّيهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مِلْكُ الصَّبِيِّ) أَيْ أَمَّا إذَا كَانَ مِلْكَ الْوَلِيِّ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ هُوَ الْمُضَيِّعُ لِمَالِهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ رَدَّهُ) أَيْ الْبَائِعُ بِإِذْنِهِ أَيْ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ الصَّبِيِّ (قَوْلُهُ: بَرِئَ) أَيْ الْبَالِغُ (قَوْلُهُ: سَلِّمْ وَدِيعَتِي لَلصَّبِيِّ) سَوَاءٌ عَيَّنَهُ أَوْ أَطْلَقَ (قَوْلُهُ: فَفَعَلَ بَرِئَ) أَيْ وَإِنْ أَثِمَ، فَلَوْ أَنْكَرَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ الْإِذْنَ صَدَقَ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ دَيْنًا) أَيْ فَلَا يَبْرَأُ مِنْهُ، وَكَالدَّيْنِ خُبْزُ الْوَظَائِفِ وَدَرَاهِمُ الْجَامِكِيَّةِ إذَا دَفَعَهُمَا مَنْ هُمَا تَحْتَ يَدِهِ لَلصَّبِيِّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَنْقُدْهُ) بَابُهُ نَصَرَ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: عُمِلَ بِخَبَرِهِ) أَيْ فَإِنْ تَبَيَّنَ كَذِبُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ إلَخْ) هَذَا لَا يَحْتَاجُ فِي شُمُولِهِ إلَى التَّحْوِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَعَطْفُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ فِيهِ مُسَاهَلَةٌ.

وَكَالصَّبِيِّ فِي ذَلِكَ الْفَاسِقِ، وَيَصِحُّ بَيْعُ السَّكْرَانِ الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ مَعَ عَدَمِ تَكْلِيفِهِ عَلَى الرَّاجِحِ، وَلِوُرُودِهِ عَلَى مَفْهُومِ قَوْلِ أَصْلِهِ التَّكْلِيفُ كَالسَّفِيهِ عَلَى مَنْطُوقِهِ أَبْدَلَهُ بِالرُّشْدِ لِيَشْمَلَهُ بِالْمَعْنَى الَّذِي قَرَّرْنَاهُ، وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِغَيْرِ مُؤَثِّمٍ لِكَوْنِهِ مُلْحَقًا بِالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ (قُلْت: وَعَدَمُ الْإِكْرَاهِ بِغَيْرِ حَقٍّ) فَلَا يَصِحُّ عَقْدُ مُكْرَهٍ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ لِعَدَمِ الرِّضَا وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29] بِخِلَافِهِ بِحَقِّ كَأَنْ أَكْرَهَ رَقِيقَهُ عَلَيْهِ أَوْ أَكْرَهَ غَيْرَهُ وَلَوْ بِبَاطِلٍ عَلَى بَيْعِ مَالِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ إذْ هُوَ أَبْلَغُ فِي الْإِذْنِ فِيهِمَا، أَوْ تَعَيَّنَ بَيْعُ مَالِهِ لِوَفَاءِ دَيْنِهِ أَوْ شِرَاءِ مَالٍ أُسْلِمَ إلَيْهِ فِيهِ فَأَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSإنْ كَانَ بَاقِيًا وَرَدُّ بَدَلِهِ إنْ كَانَ تَالِفًا (قَوْلُهُ: وَكَالصَّبِيِّ فِي ذَلِكَ) أَيْ إيصَالِ الْهَدِيَّةِ وَالْإِخْبَارِ بِالدُّخُولِ (قَوْلُهُ: وَالْفَاسِقُ) وَمِثْلُهُ الْكَافِرُ (قَوْلُهُ: وَلِوُرُدِهِ) أَيْ السَّكْرَانِ (قَوْلُهُ: بِالْمَعْنَى الَّذِي قَرَّرْنَاهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ يَعْنِي عَدَمَ الْحَجْرِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ عَقْدُ مُكْرَهٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَقْصِدْ إيقَاعَ الْبَيْعِ، وَالْأَصَحُّ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ آخِذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى إيقَاعِ الطَّلَاقِ فَقَصَدَ إيقَاعَهُ صَحَّ لِقَصْدِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُهُ: فِي مَالِهِ: أَيْ وَكَذَا فِي مَالِ غَيْرِهِ حَيْثُ كَانَ الْمُكْرِهُ لَهُ غَيْرُ مَالِكِهِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ أَكْرَهَ غَيْرَهُ إلَخْ. وَيُؤْخَذُ مِنْ تَشْبِيهِهِ بِالطَّلَاقِ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى بَيْعِ أَحَدِ هَذَيْنِ فَبَاعَ وَاحِدًا مِنْهُمَا بِعَيْنِهِ فَإِنَّ تَعْيِينَهُ مُشْعِرٌ بِاخْتِيَارِهِ كَمَا لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى طَلَاقِ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا. وَأَمَّا لَوْ عَيَّنَ لَهُ هُنَا أَحَدَهُمَا وَأَكْرَهَهُ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ: فِي مَالِهِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي التَّقْيِيدُ بِهَذَا الْقَيْدِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ عُمُومَهُ شَامِلٌ لِمَا لَوْ أَكْرَهَ غَيْرَهُ عَلَى بَيْعِ مَالِ نَفْسِهِ فَيَبْطُلُ بِهِ الْبَيْعُ وَلَيْسَ مُرَادًا فَإِنَّ عَقْدَهُ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الرِّضَا) قَالَ حَجّ: وَلَيْسَ مِنْهُ: أَيْ مِنْ الْإِكْرَاهِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ قَوْلُ مُجْبِرٍ لَهَا لَا أُزَوِّجُك إلَّا إنْ بِعْتنِي مَثَلًا كَذَا اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم كَأَنْ وَجَّهَهُ أَنَّ لَهَا مَنْدُوحَةً عَنْ الْبَيْعِ لَهُ؛ لِأَنَّهَا إذَا طَلَبَتْ التَّزْوِيجَ فَامْتَنَعَ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ، لَكِنْ اُنْظُرْ لَوْ جَهِلَتْ أَنَّ لَهَا مَنْدُوحَةً وَاعْتَقَدَتْ أَنْ لَا طَرِيقَ إلَّا الْبَيْعُ هَلْ يَصِحُّ أَوْ لَا اهـ. أَقُولُ: قَدْ يُقَالُ الْأَقْرَبُ عَدَمُ الصِّحَّةِ لِاضْطِرَارِهَا إلَيْهِ حِينَئِذٍ فَكَوْنُ امْتِنَاعِهِ مِنْ تَزْوِيجِهَا كَمَا لَوْ هَدَّدَهَا بِإِتْلَافِ مَالٍ لَهَا بَلْ أَوْلَى، فَلَا يُقَالُ إنَّ امْتِنَاعَهُ لَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ مَعْنَى الْإِكْرَاهِ؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ هُوَ التَّهْدِيدُ بِعُقُوبَةٍ عَاجِلًا ظُلْمًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَيْسَتْ الْعُقُوبَةُ خَاصَّةً بِنَحْوِ الضَّرْبِ بَلْ شَامِلَةٌ لِمِثْلِ الْغَصْبِ، وَهَذَا فِي مَعْنَاهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ بِحَقٍّ) وَمِنْ الْإِكْرَاهِ بِحَقٍّ مَا لَوْ أَكْرَهَهُ الْحَاكِمُ فِي زَمَنٍ مِنْ الْغَلَاءِ عَلَى بَيْعِ مَا زَادَ عَلَى حَاجَتِهِ النَّاجِزَةِ، وَمِنْهُ أَيْضًا مَا لَوْ طَالَبَهُ الْمُسْتَحِقُّ بِبَيْعِ مَالِهِ وَوَفَاءِ دَيْنِهِ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ فَأَكْرَهَهُ الْحَاكِمُ عَلَى الْبَيْعِ فَبَاعَ صَحَّ، وَهُوَ مُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ حَجّ فِي بَابِ الطَّلَاقِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا فَأَكْرَهَهُ الْحَاكِمُ عَلَى تَكْلِيمِهِ لَمْ يَحْنَثْ عَدَمُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ هُنَا لِوُجُودِ الْإِكْرَاهِ، لَكِنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّارِحِ ثُمَّ الْحِنْثُ (قَوْلُهُ: كَأَنْ أَكْرَهَ رَقِيقَهُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى بَيْعِ عَيْنِ مَالِهِ أَوْ الشِّرَاءِ بِعَيْنِ الْمَالِ، وَمِثْلُ رَقِيقَةِ مَنْ يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهُ كَمُوصَى لَهُ بِهَا وَمُؤَجِّرٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِبَاطِلٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَ غَيْرَ مَالِكٍ لِمَنْفَعَتِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى بَيْعِ مَالِ نَفْسِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إكْرَاهُ الْوَلِيِّ فِي مَالِ مُوَلِّيهِ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِمَالِهِ مَا لَهُ عَلَيْهِ وِلَايَةٌ فَيَدْخُلُ الْمَوْلَى فِي مَالِ مُوَلِّيهِ وَالْحَاكِمُ فِي مَالِ الْمُمْتَنِعِ أَخْذًا مِنْ الْغَلَّةِ، وَمَحَلُّهُ فِي الْوَلِيِّ حَيْثُ جَازَ لَهُ التَّوْكِيلُ كَأَنْ عَجَزَ عَنْ الْمُبَاشَرَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ صَحَّ) أَيْ وَلَا يَحْنَثُ لَوْ كَانَ حَلَفَ أَنْ لَا يَبِيعَ؛ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ وَفِعْلُهُ كَلَا فِعْلٍ (قَوْلُهُ: فَأَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لَوْ بَاعَهُ بِإِكْرَاهِ غَيْرِ الْحَاكِمِ، وَلَوْ كَانَ الْمُكْرِهُ مُسْتَحِقَّ الدَّيْنِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لَأَنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ. نَعَمْ إنْ تَعَذَّرَ الْحَاكِمُ فَيَتَّجِهُ الصِّحَّةُ بِإِكْرَاهِ الْمُسْتَحِقِّ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّنْ لَهُ قُدْرَةٌ أَوْ بِتَعَاطِيهِ الْبَيْعَ بِنَفْسِهِ كَمَنْ لَهُ شَوْكَةٌ مِثْلُ شَادِّ الْبَلَدِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إيصَالُ الْحَقِّ لِمُسْتَحِقِّهِ. هَذَا وَلِصَاحِبِ الْحَقِّ أَنْ يَأْخُذَ مَالَهُ وَيَتَصَرَّفَ فِيهِ بِالْبَيْعِ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ وَيُحَصِّلُ حَقَّهُ بِهِ، وَأَنْ يَتَمَلَّكَهُ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ؛ لِأَنَّهُ ظَافِرٌ، وَمِنْهُ مَا يَقَعُ فِي مِصْرِنَا أَنَّ بَعْضَ الْمُلْتَزِمِينَ بِالْبِلَادِ يَأْخُذُ غِلَالَ الْفَلَّاحِينَ وَنَحْوِهَا لِامْتِنَاعِهِمْ مِنْ أَدَاءِ الْمَالِ أَوْ هَرَبِهِمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[شراء الكافر المصحف]

بِالضَّرْبِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ صَحَّ بَيْعُ الْحَاكِمِ لَهُ لِتَقْصِيرِهِ، وَيَصِحُّ بَيْعُ الْمُصَادَرِ مُطْلَقًا، إذْ لَا إكْرَاهُ ظَاهِرًا (وَلَا يَصِحُّ شِرَاءُ) يَعْنِي تَمَلُّكَ (الْكَافِرِ) وَلَوْ مُرْتَدًّا لِنَفْسِهِ أَوْ لِمِثْلِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَكِيلِهِ وَلَوْ مُسْلِمًا (الْمُصْحَفَ) يَعْنِي مَا فِيهِ قُرْآنٌ وَإِنْ قَلَّ وَلَوْ كَانَ فِي ضِمْنٍ نَحْوَ تَفْسِيرٍ أَوْ عِلْمٍ فِيمَا يَظْهَرُ. نَعَمْ يَتَسَامَحُ بِتَمَلُّكِ الْكَافِرِ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ الَّتِي عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ، وَيُلْحَقُ بِهَا فِيمَا يَظْهَرُ مَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى أَيْضًا مِنْ شِرَاءِ أَهْلِ الذِّمَّةِ الدُّورَ وَقَدْ كُتِبَ فِي سَقْفِهَا شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ فَيَكُونُ مُغْتَفَرًا لِلْمُسَامَحَةِ بِهِ غَالِبًا إذْ لَا يُقْصَدُ بِهِ الْقُرْآنِيَّةُ كَمَا وَسَمُوا نَعَمَ الْجِزْيَةِ بِذِكْرِ اللَّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَيَصِحُّ بَيْعُ الْمُلْتَزِمِ لَهُ وَيَحِلُّ الْأَخْذُ مِنْهُ حَيْثُ وُجِدَتْ شُرُوطُ الظَّفَرِ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ بَيْعُ مَالِ الْمُصَادِرِ مُطْلَقًا) أَيْ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا عُلِمَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ أَوْ لَا قَالَ حَجّ: وَيَحْرُمُ الشِّرَاءُ مِنْهُ، وَأَقَرَّهُ سم، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي الْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّ غَرَضَ الْبَائِعِ الْآنَ تَحْصِيلُ مَا يَتَخَلَّصُ بِهِ فَأَشْبَهَ بَيْعَهُ لِمَا يَحْتَاجُهُ لِنَفَقَةِ عِيَالِهِ وَقَدْ قَالَ فِيهَا بِالْجَوَازِ، بَلْ لَوْ قِيلَ بِإِثَابَةِ الْمُشْتَرِي حَيْثُ قَصَدَ بِالشِّرَاءِ مِنْهُ إنْقَاذَهُ مِنْ الْعُقُوبَةِ لَمْ يَبْعُدْ (قَوْلُهُ: الْكَافِرِ) أَيْ يَقِينًا، فَلَوْ كَانَ مَشْكُوكًا فِي كُفْرِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ صَحَّ وَإِنْ كَانَ فِي دَارِ الْكُفْرِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْكُفْرِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ كَمَنْ جُهِلَ رِقُّهُ وَحُرِّيَّتُهُ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ الْحَجْرِ. ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامِ سم عَلَى بَهْجَةٍ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ: وَبِهَدْيِ مَنْ تُشْتَرَى لَهُ السُّنَنُ إلَخْ لَوْ شَكَّ فِي إسْلَامِهِ، فَإِنْ كَانَ بِدَارِ الْإِسْلَامِ فَيَتَّجِهُ الصِّحَّةُ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ شَرْعًا بِإِسْلَامِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي دَارِ الْكُفْرِ فَهَلْ يَصِحُّ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ مَانِعٌ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمَانِعِ أَوْ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ هَذَا الْبَيْعِ، وَهُوَ مَشْكُوكٌ فِيهِ؛ وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مَحْكُومٌ بِكُفْرِ مَنْ بِدَارِ الْكُفْرِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِكُفْرِ اللَّقِيطِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهَا مُسْلِمٌ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَعَلَّ الْمُتَّجِهَ الثَّانِيَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ: الْمُصْحَفِ) خَرَجَ جِلْدُهُ الْمُنْفَصِلُ عَنْهُ فَإِنَّهُ وَإِنْ حَرُمَ مَسُّهُ لِلْمُحْدِثِ يَصِحُّ بَيْعُهُ لِلْكَافِرِ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. [فَرْعٌ] اشْتَرَى مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ مُصْحَفًا فَالْمُعْتَمَدُ صِحَّتُهُ لِلْمُسْلِمِ فِي نِصْفِهِ مَرَّ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: مَا فِيهِ قُرْآنٌ) وَلَوْ تَمِيمَةً، ثُمَّ قَالَ: وَهَلْ يَشْمَلُ مَا فِيهِ قُرْآنٌ وَلَوْ حَرْفًا. وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْحَرْفَ إنْ أَثْبَتَ فِيهِ بِقَصْدِ الْقُرْآنِيَّةِ امْتَنَعَ الْبَيْعُ حِينَئِذٍ، وَإِلَّا فَلَا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُتَسَامَحُ إلَخْ) هَلْ يَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْخَاتَمِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ قَصَدَ بِهِ التَّمْيِيزَ جَازَ بَيْعُهُ لَهُ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ) أَيْ لِحَاجَتِهِمْ إلَى ذَلِكَ وَالْمَنْعُ لَهُمْ مِنْ التَّعَامُلِ بِهَا إضْرَارٌ لَهُمْ وَقَدْ أُمِرْنَا بِعَدَمِهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ غَيْرُهَا وَتَيَسَّرَتْ الْمُعَامَلَةُ بِهِ لِمَا فِي الْمَنْعِ مِنْ الْإِضْرَارِ لَهُمْ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ شِرَاءِ أَهْلِ الذِّمَّةِ إلَخْ) خِلَافًا لحج هُنَا، لَكِنَّهُ وَافَقَ مَرَّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ سم حَيْثُ قَالَ بِالْبُطْلَانِ فِيمَا كُتِبَ عَلَيْهِ قُرْآنٌ مِنْهَا دُونَ غَيْرِهِ تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ كُتِبَ فِي سَقْفِهَا) أَيْ أَوْ جُدُرِهَا لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ مُتَغَفَّرًا) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَرَادَ الْبَائِعُ مَحْوَ الْآيَاتِ بَعْدَ الْبَيْعِ فَهَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْحُرْمَةُ لِأَنَّهُ بِالْبَيْعِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِيهَا، وَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي لَهُ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي لَهُ لَزِمَهُ أَرْشُ نَقْصِهِ إنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِلْمُسَامَحَةِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ الثَّوْبِ الْمَكْتُوبِ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ لِعَدَمِ قَصْدِ الْقُرْآنِيَّةِ بِمَا يُكْتَبُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْغَالِبُ فِيمَا يُكْتَبُ عَلَى الثِّيَابِ أَنْ يُقْصَدَ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [شِرَاء الْكَافِر الْمُصْحَف] (قَوْلُهُ إذْ لَا يَقْصِدُ بِهِ الْقُرْآنِيَّةَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ إلَّا بَيْعُ مَا قُصِدَ بِهِ الْقُرْآنِيَّةُ، وَيَرِدُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ مِنْ الْقُرْآنِ الْمَكْتُوبِ فِي ضِمْنِ عِلْمٍ أَوْ نَحْوِهِ، ثُمَّ إنَّ كَوْنَ مَا ذَكَرَ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ الْقُرْآنِيَّةُ فِي مَقَامِ الْمَنْعِ إذْ لَا صَارِفَ لَهُ عَنْ الْقُرْآنِيَّةِ، بَلْ إنَّمَا كُتِبَ لِلتَّبَرُّكِ بِالْقُرْآنِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ قُرْآنٌ كَمَا لَا يَخْفَى. نَعَمْ هُوَ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الدِّرَاسَةَ فَلَوْ عَلَّلَ بِهِ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ

مَعَ أَنَّهَا تَتَمَرَّغُ فِي النَّجَاسَةِ، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ، وَمِثْلُ الْقُرْآنِ الْحَدِيثُ وَلَوْ ضَعِيفًا فِيمَا يَظْهَرُ إذْ هُوَ أَوْلَى مِنْ الْآثَارِ الْآتِيَةِ وَكُتُبُ الْعِلْمِ الَّتِي بِهَا آثَارُ السَّلَفِ لِتَعْرِيضِهَا لِلِامْتِهَانِ، بِخِلَافِ مَا إذَا خَلَتْ عَنْ الْآثَارِ وَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِالشَّرْعِ كَكُتُبِ نَحْوٍ وَلُغَةٍ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، وَيُمْنَعُ الْكَافِرُ مِنْ وَضْعِ يَدِهِ عَلَى الْمُصْحَفِ لِتَجْلِيدِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَإِنْ رُجِيَ إسْلَامُهُ، بِخِلَافِ تَمْكِينِهِ مِنْ الْقِرَاءَةِ لِمَا فِي تَمْكِينِهِ مِنْ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ مِنْ الْإِهَانَةِ وَيُكْرَهُ بَيْعُ الْمُصْحَفِ بِلَا حَاجَةٍ لَا شِرَاؤُهُ (وَ) لَا تَمَلُّكُ الْكَافِرِ وَلَوْ بِوَكِيلِهِ (الْمُسْلِمَ) وَلَوْ بِطَرِيقِ تَبَعِيَّتِهِ لِغَيْرِهِ، وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الْمُرْتَدُّ لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ فِيهِ أَوْ بَعْضِ أَحَدِهِمَا وَإِنْ قَلَّ وَلَوْ بِشَرْطِ عِتْقِهِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِمَا فِيهِ مِنْ إدْلَالِ الْمُسْلِمِ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ يَصِحُّ ذَلِكَ وَيُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ. وَحَكَى فِي الرَّوْضَةِ الْقَطْعَ بِالْبُطْلَانِ فِي الْمُصْحَفِ، وَفَرَّقَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ بِرَجَاءِ الْعِتْقِ وَالرَّافِعِيُّ بِأَنَّ الْعَبْدَ يُمْكِنُهُ الِاسْتِغَاثَةُ وَدَفْعُ الذُّلِّ عَنْ نَفْسِهِ وَلَوْ اشْتَرَى الْكَافِرُ مَا ذُكِرَ لِمُسْلِمٍ صَحَّ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالسِّفَارَةِ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ، وَيُفَارِقُ مَنْعَ إنَابَةِ الْمُسْلِمَ كَافِرًا فِي قَبُولِ نِكَاحِ مُسْلِمَةٍ بِاخْتِصَاصِ النِّكَاحِ بِالتَّعَبُّدِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالتَّبَرُّكُ لِلَابِسٍ فَأَشْبَهَ التَّمَائِمَ، عَلَى أَنَّ فِي مُلَابَسَتِهِ لِبَدَنِ الْكَافِرِ امْتِهَانًا لَهُ، وَلَا كَذَلِكَ مَا يُكْتَبُ عَلَى السَّفُوفِ. وَفِي حَجّ مَا نَصُّهُ: أَوْ عَلَى نَحْوِ ثَوْبٍ أَوْ جِدَارٍ مَا عَدَا النَّقْدَ لِلْحَاجَةِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْقُرْآنِ الْحَدِيثُ) وَلَا فَرْقَ فِي الْقُرْآنِ بَيْنَ كَوْنِهِ مَنْسُوخَ التِّلَاوَةِ وَلَوْ مَعَ نَسْخِ الْحُكْمِ وَغَيْرِهِ، قَالَ سم: وَمِثْلُ الْمُصْحَفِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ فَيَمْتَنِعُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ تَغْيِيرَهُمَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ ضَعِيفًا) أَيْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّا لَمْ نَقْطَعْ بِنَفْيِ نِسْبَتِهِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخَرَجَ بِالتَّضْعِيفِ الْمَوْضُوعُ (قَوْلُهُ: وَكُتُبُ الْعِلْمِ الَّتِي بِهَا آثَارُ السَّلَفِ) كَالْحِكَايَاتِ الْمَأْثُورَةِ عَنْ الصَّالِحِينَ اهـ زِيَادِيٌّ. وَفِي سم عَلَى حَجّ: وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ أَسْمَاءَ الْأَنْبِيَاءِ سِيَّمَا نَبِيِّنَا كَالْآثَارِ ا. هـ. وَنُقِلَ عَنْ الْعَلَّامَةِ شَيْخِنَا سُلَيْمَانَ الْبَابِلِيِّ تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِمَنْ لَا يَعْتَقِدُ تَعْظِيمَ ذَلِكَ النَّبِيِّ كَالنَّصَارَى بِالنِّسْبَةِ لِسَيِّدِنَا مُوسَى انْتَهَى. أَقُولُ: وَفِيهِ وَقْفَةٌ وَيَنْبَغِي الْأَخْذُ بِإِطْلَاقِهِمْ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ أَسْمَاءُ صُلَحَاءِ الْمُؤْمِنِينَ حَيْثُ وُجِدَ مَا يُعَيِّنُ الْمُرَادَ بِهَا كَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ (قَوْلُهُ: لِتَعْرِيضِهَا لِلِامْتِهَانِ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا بِالْأَوْلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ إذَا اسْتَفْتَاهُ ذِمِّيٌّ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ فِي السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ لَفْظُ الْجَلَالَةِ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا الْخَطَأُ فِيهِ (قَوْلُهُ: كَكُتُبِ نَحْوٍ) أَيْ إنْ خَلَتْ عَنْ بِسْمِ اللَّهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ) تَبِعَهُ حَجّ (قَوْلُهُ: لِتَجْلِيدِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ اُحْتِيجَ لِلتَّجْلِيدِ وَانْحَصَرَ فِي الْكَافِرِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ غَايَةَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى عَدَمِ تَمْكِينِهِ مِنْهُ نُقْصَانُ وَرَقِهِ أَوْ تَلَفِهِ وَلَمْ يَنْظُرُوا لَهُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ تَمْكِينِهِ مِنْ الْقِرَاءَةِ) أَيْ إذَا رُجِيَ إسْلَامُهُ بِأَنْ فُهِمَ ذَلِكَ مِنْ حَالِهِ. أَمَّا إذَا لَمْ يُرْجَ إسْلَامُهُ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْهَا، وَالْمُخَاطَبُ بِالْمَنْعِ الْحَاكِمُ لَا الْآحَادُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْفِتْنَةِ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ بَيْعُ الْمُصْحَفِ) خَرَجَ بِهِ الْمُشْتَمِلُ عَلَى تَفْسِيرٍ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ التَّفْسِيرُ أَقَلَّ مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ أَكْثَرَ وَكُتُبُ الْعِلْمِ وَالْحَدِيثِ وَلَوْ قُدْسِيًّا فَلَا يُكْرَهُ بَيْعُهُ (قَوْلُهُ: بِلَا حَاجَةٍ) أَيْ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ لِحَاجَةٍ، وَقَوْلُهُ: لَا شِرَاؤُهُ: أَيْ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ مُطْلَقًا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَالْمُسْلِمُ) أَيْ الْمُنْفَصِلَ فَيَصِحُّ بَيْعُ الْأَمَةِ الْحَامِلِ بِمُسْلِمٍ عَنْ شُبْهَةٍ لَا تَقْتَضِي حُرِّيَّةَ الْوَلَدِ بِأَنْ ظَنَّهَا الْمُسْلِمُ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ لِانْتِفَاءِ الْإِذْلَالِ عَنْهُ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ مَا دَامَ الْحَمْلُ ثُمَّ بَعْدَ انْفِصَالِهِ يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ يَجْعَلُهُ تَحْتَ يَدِ مُسْلِمٍ، ثُمَّ رَأَيْته فِي سم عَلَى حَجّ وَيُفْهَمُ مِنْهُ بِالْأَوْلَى أَنَّ سَيِّدَهَا لَا يُكَلَّفُ بَيْعَهَا إزَالَةً لِلْمِلْكِ عَنْ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ: لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ فِيهِ) خَرَجَ بِالْمُرْتَدِّ الْمُنْتَقِلِ مِنْ دِينٍ إلَى آخَرَ فَإِنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ لِلْكَافِرِ انْتَهَى. زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضُ أَحَدِهِمَا) أَيْ الْمُسْلِمِ وَالْمُرْتَدِّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالسِّفَارَةِ) أَيْ وَنَوَى بِذَلِكَ الْمُوَكِّلَ ع اهـ سم عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: نَعَمْ الْجِزْيَةُ) صَوَابُهُ نَعَمْ الصَّدَقَةُ، وَقَوْلُهُ بِذِكْرِ اللَّهِ الْأَوْضَحُ بِاسْمِ اللَّهِ (قَوْلُهُ: كَكُتُبِ نَحْوٍ وَلُغَةٍ) أَيْ وَفِقْهٍ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ

لِحُرْمَةِ الْأَبْضَاعِ وَبِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يُتَصَوَّرُ نِكَاحُهُ لِمُسْلِمَةٍ بِخِلَافِ مِلْكِهِ لِمُسْلِمٍ كَمَا سَيَأْتِي (إلَّا أَنْ يَعْتِقَ) أَيْ يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ (عَلَيْهِ) بِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ كَبَعْضِهِ أَوْ أَصْلِهِ، وَمَنْ قَرَأَ أَوْ شَهِدَ بِحُرِّيَّتِهِ وَمَنْ قَالَ لِمَالِكِهِ أَعْتِقْهُ عَنِّي وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا إذْ الْهِبَةُ كَالْبَيْعِ (فَيَصِحُّ) بِالرَّفْعِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ: أَيْ فَإِنَّهُ يَصِحُّ شِرَاؤُهُ لِفَسَادِ مَعْنَى النَّصْبِ، إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ مِنْ مَدْخُولِ الِاسْتِثْنَاءِ فَيَلْزَمُ اسْتِثْنَاءُ الشَّيْءِ مِنْ نَقِيضِهِ: أَيْ يَلْزَمُ اسْتِثْنَاءُ الصِّحَّةِ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ وَهُوَ فَاسِدٌ (فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ إذْلَالِهِ لِعِتْقِهِ، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ إذْ لَا يَخْلُو عَنْ الْإِذْلَالِ (وَلَا) تَمَلُّكُ الذِّمِّيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَا (الْحَرْبِيِّ) وَلَوْ مُسْتَأْمَنًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ الْأَمَانَ عَارِضٌ وَالْحِرَابَةُ فِيهِ مُتَأَصِّلَةٌ (سِلَاحًا) وَهُوَ هُنَا كُلُّ نَاقِعٍ فِي الْحَرْبِ وَلَوْ دِرْعًا وَفَرَسًا، بِخِلَافِهِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ لِاخْتِلَافِ مَلْحَظِهِمَا أَوْ بَعْضِهِ لِأَنَّهُ يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى قِتَالِنَا، فَالْمَنْعُ مِنْهُ لِأَمْرٍ لَازِمٍ لِذَاتِهِ فَأُلْحِقَ بِالذَّاتِيِّ فِي اقْتِضَاءِ مَنْعِ الْفَسَادِ، بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ بِدَارِنَا لِكَوْنِهِ فِي قَبْضَتِنَا، وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا لَمْ يُخْشَ دَسُّهُ إلَى أَهْلِ الْحَرْبِ، وَيَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ ذَلِكَ بِقَرِينَةٍ وَالْبَاغِي وَقَاطِعُ الطَّرِيقِ لِسُهُولَةِ تَدَارُكِ أَمْرِهِمَا، وَأَصْلُ السِّلَاحِ كَالْحَدِيدِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَجْعَلَهُ غَيْرَ سِلَاحٍ، فَإِنْ ظَنَّ جَعْلَهُ سِلَاحًا حُرِّمَ وَصَحَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَنْهَجٍ. وَمَفْهُومُهُ الْبُطْلَانُ حَيْثُ لَمْ يُصَرِّحْ بِالسِّفَارَةِ وَلَا نَوَى الْمُوَكِّلَ وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ مُسْلِمٍ أَوْ مُصْحَفٍ بِعَيْنِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَفِي الْمُخْتَارِ: سَفَرَ بَيْنَ الْقَوْمِ يُسْفِرُ بِكَسْرِ الْفَاءِ سِفَارَةً بِالْكَسْرِ: أَيْ أَصْلَحَ بَيْنَ الْقَوْمِ انْتَهَى. وَمِثْلُهُ فِي الْمِصْبَاحِ وَالصِّحَاحِ وَالْقَامُوسِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلسِّفَارَةِ بِمَعْنَى الْوِكَالَةِ الْمَعْبَرِ بِهَا هُنَا فَلْتُرَاجَعْ هَلْ هِيَ بِكَسْرِ السِّينِ أَيْضًا أَوْ بِفَتْحِهَا (قَوْلُهُ: وَمَنْ أَقَرَّ أَوْ شَهِدَ) أَيْ صُورَةً، وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ: أَيْ وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ شَهَادَتُهُ إذْ لَا تُنْقَصُ عَنْ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ قَالَ) أَيْ الْكَافِرُ (قَوْلُهُ: إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ) أَيْ بِالنَّصْبِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُسْتَأْمَنًا) أَيْ مُعَاهَدًا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بِدَارِنَا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ اقْتِصَارُهُ فِي بَيَانِ الْمَفْهُومِ عَلَى الذِّمِّيِّ بِدَارِنَا الْآتِي فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ فِي دَارِنَا. [فَرْعٌ] لَوْ بَاعَ الْعَبْدَ الْكَافِرَ مِنْ حَرْبِيٍّ فَالظَّاهِرُ امْتِنَاعُهُ بِقِيَاسِ الْأَوْلَى عَلَى آلَةِ الْحَرْبِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْغَرَضُ الظَّاهِرُ مِنْ الْآلَةِ وَالْخَيْلِ الْقِتَالُ وَلَا كَذَلِكَ الْعَبْدُ انْتَهَى. وَهَذَا الثَّانِي هُوَ مُقْتَضَى تَعْلِيلِ صِحَّةِ بَيْعِ الْحَدِيدِ بِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ جَعْلُهُ عِدَّةَ حَرْبٍ، وَقَدْ جَزَمَ شَيْخُنَا، فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بِنَقْلِ الصِّحَّةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: سِلَاحًا) كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ فِي الْمَنَاهِي انْتَهَى مَحَلِّيّ. أَقُولُ: نَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الْمُحَرَّرِ لَا عَلَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ مُطْلَقًا بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ. وَقَالَ سم عَلَى حَجّ: هَلْ كَالسِّلَاحِ السُّفُنُ لِمَنْ يُقَاتِلُ فِي الْبَحْرِ أَوْ لَا لِعَدَمِ تَعَيُّنِهَا لِلْقِتَالِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَتَّجِهُ الْأَوَّلُ كَالْخَيْلِ مَعَ عَدَمِ تَعَيُّنِهَا لِلْقِتَالِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ) أَيْ السِّلَاحِ (قَوْلُهُ: فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ) أَيْ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ ثَمَّ مَا يَدْفَعُ لَا مَا يَمْنَعُ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضِهِ) أَيْ شَائِعًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَسْتَعِينُ) أَيْ مَظِنَّةَ الِاسْتِعَانَةِ لِيَكُونَ لَازِمًا اهـ سم عَلَى حَجّ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ إذَا حُمِلَتْ الِاسْتِعَانَةُ عَلَى ظَاهِرِهَا لَمْ تَكُنْ لَازِمَةً لِلْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ الصِّحَّةِ. قَالَ حَجّ: وَيَرُدُّهُ مَا يَأْتِي فِي جَعْلِ الْحَدِيدِ سِلَاحًا فَالْمُتَّجِهِ أَنَّهُ مِثْلُهُ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْحَدِيدَ لَا يُصْلَحُ بِذَاتِهِ لِلْحَرْبِ وَلَا كَذَلِكَ السِّلَاحُ فَإِنَّهُ بِذَاتِهِ صَالِحٌ. وَحَيْثُ خَشِيَ دَسَّهُ لَهُمْ كَانَ بِمَنْزِلَةِ بَيْعِهِ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: وَيَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ ذَلِكَ) أَيْ الدَّسَّ (قَوْلُهُ: وَالْبَاغِي) عَطْفٌ عَلَى الذِّمِّيِّ (قَوْلُهُ: وَأَصْلُ) أَيْ وَبِخِلَافِ (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا، وَهِيَ أَنَّ طَائِفَةً مِنْ الْحَرْبِيِّينَ أَسْرَوْا جُمْلَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَجَاءُوا بِهِمْ إلَى مَحَلَّةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَطَلَبُوا مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْمَحَلَّةِ أَنْ يَفْتَدُوا أُولَئِكَ الْأَسْرَى بِمَالٍ فَوَافَوْهُمْ عَلَى قَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ، ثُمَّ لَمَّا شَرَعُوا فِي إحْضَارِ الدَّرَاهِمِ اخْتَلَفُوا وَامْتَنَعُوا مِنْ قَبُولِهَا وَقَالُوا لَا نُطْلِقُهُمْ إلَّا بِبُرٍّ وَنَحْوِهِ مِمَّا ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ أَوْ أَصْلُهُ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَعْدَ قَوْلِهِ كَبَعْضِهِ (قَوْلُهُ أَيْ يَلْزَمُ اسْتِثْنَاءُ الصِّحَّةِ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ) أَيْ لِأَنَّ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يَصِحَّ

كَبَيْعِهِ لِبَاغٍ أَوْ قَاطِعِ طَرِيقٍ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) أَمَّا ارْتِهَانُ وَاسْتِيدَاعُ وَاسْتِعَارَةُ الْمُسْلِمِ وَنَحْوُ الْمُصْحَفِ فَجَائِزٌ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ فَإِنْ اسْتَأْجَرَ عَيْنَهُ كُرِهَ. نَعَمْ يُؤْمَرُ بِوَضْعِ الْمَرْهُونِ عِنْدَ عَدْلٍ وَيَسْتَنِيبُ مُسْلِمًا فِي قَبْضِ الْمُصْحَفِ لِحَدَثِهِ وَبِإِيجَارِ الْمُسْلِمِ لِمُسْلِمٍ كَمَا يُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ وَلَوْ بِنَحْوِ وَقْفٍ عَلَى غَيْرِ كَافِرٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوْ بِكِتَابَةِ الرَّقِيقِ وَإِنْ لَمْ يَزَلْ بِهَا الْمِلْكُ لِإِفَادَتِهَا الِاسْتِقْلَالَ، وَبِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَمَّنْ أَسْلَمَ فِي يَدِهِ أَوْ مَلَكَهُ قَهْرًا بِنَحْوِ إرْثٍ أَوْ اخْتِيَارًا بِنَحْوِ إقَالَةٍ أَوْ فَسْخٍ أَوْ رُجُوعِ أَصْلِ وَاهِبٍ أَوْ مُقْرِضٍ فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ رَفْعِ مِلْكِهِ عَنْهُ بَاعَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ وَلَا يَكْفِي التَّدْبِيرُ وَالرَّهْنُ وَالْإِجَارَةُ وَالتَّزْوِيجُ وَالْحَيْلُولَةُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ رَاغِبًا فِيهِ صَبَرَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا إلَى أَنْ يُوجَدَ وَيَسْتَكْسِبُ لَهُ عِنْدَ ثِقَةٍ كَمَا فِي مُسْتَوْلِدَتِهِ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ إجْبَارِهِ عَلَى بَيْعِهَا مِنْ نَفْسِهَا بِثَمَنِ الْمِثْلِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِجْحَافِ بِالْمَالِكِ بِتَأْخِيرِ الثَّمَنِ فِي الذِّمَّةِ، فَإِنْ طَلَبَ غَيْرُهُ افْتِدَاءَهَا مِنْهُ بِقَدْرِ قِيمَتِهَا لَمْ يُجْبَرْ أَيْضًا خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ إذْ هُوَ بَيْعٌ لَهَا، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَعَيُّنُ بَيْعِهِ عَلَى الْحَاكِمِ لِمَصْلَحَةِ الْمَالِكِ بِقَبْضِ الثَّمَنِ حَالًّا وَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ مُخَيَّرًا ـــــــــــــــــــــــــــــSنَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى الذَّهَابِ إلَى بِلَادِنَا، وَإِلَّا فَنَذْهَبُ بِهِمْ حَيْثُ شِئْنَا، فَوَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ ذَلِكَ: هَلْ يَجُوزُ أَوْ يَحْرُمُ لِمَا فِيهِ مِنْ إعَانَتِهِمْ عَلَى قِتَالِنَا؟ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ قِيَاسَ مَا هُنَا مِنْ جَوَازِ بَيْعِ الْحَدِيدِ لَهُمْ جَوَازُ الِافْتِدَاءِ بِمَا طَلَبُوهُ مِنْ الْقَمْحِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ آلَةِ الْحَرْبِ وَلَا يَصْلُحُ لَهَا بَلْ يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي الْجِهَادِ مِنْ اسْتِحْبَابِ افْتِدَاءِ الْأَسْرَى بِمَالٍ اسْتِحْبَابُ هَذَا وَتَوَهُّمُ أَنَّهُمْ يَسْتَعِينُونَ بِهِ عَلَى قِتَالِنَا مَفْسَدَةٌ مُتَوَهَّمَةٌ وَاسْتِخْلَاصُ الْأَسْرَى مَصْلَحَةٌ مُحَقَّقَةٌ فَلَا تَتْرُكُ لِلْمَفْسَدَةِ الْمُتَوَهَّمَةِ فَاحْفَظْهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَجْعَلَهُ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ مَعْصُومٌ بِجَعْلِهِمْ لَهُ عِدَّةَ حَرْبٍ عَدَمُ صِحَّةِ بَيْعِهِ لَهُمْ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ نَامَ غَيْرَ مُمْكِنٍ وَأَخْبَرَهُ مَعْصُومٌ بِعَدَمِ خُرُوجِ شَيْءٍ مِنْهُ حَيْثُ قِيلَ فِيهِ بِالنَّقْضِ بِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ النَّوْمَ نَفْسَهُ نَاقِضًا إقَامَةً لِلْمَظِنَّةِ مَقَامَ الْيَقِينِ (قَوْلُهُ: وَصَحَّ كَبَيْعِهِ) وَلَعَلَّهُ لَمْ يَنْظُرْ إلَى هَذَا الظَّنِّ لِعَدَمِ صَلَاحِيَتِهِ لِلْحَرْبِ بِهَيْئَتِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ خِيفَ دَسُّهُ إلَيْهِمْ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِصَلَاحِيَتِهِ لِلْحَرْبِ بِتِلْكَ الْهَيْئَةِ (قَوْلُهُ: أَمَّا ارْتِهَانُ) أَيْ الْكَافِرُ ذَلِكَ مِنْ مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُ الْمُصْحَفِ) أَيْ بِأَنْ رُجِيَ إسْلَامُهُ وَاسْتَعَارَهُ لِيَدْفَعَهُ لِمُسْلِمٍ يُلَقِّنُهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَأْجَرَ عَيْنَهُ) أَيْ وَلَوْ لِخِدْمَةِ مَسْجِدٍ لِلْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ فِيهِ إذْلَالًا لَهُ (قَوْلُهُ: لِحَدَثِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ يَقْبِضُ الْمُسْلِمُ بِنَفْسِهِ، وَيُخَالِفُهُ مَا ذَكَرَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ حَيْثُ قَالَ: إنَّ الْحَاكِمَ هُوَ الَّذِي يَقْبِضُهُ (قَوْلُهُ: وَبِإِيجَازِ الْمُسْلِمِ لِمُسْلِمٍ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي أَنْ يُؤَجِّرَهُ لِكَافِرٍ ثُمَّ يُؤْمَرُ ذَلِكَ الْكَافِرُ أَيْضًا بِإِيجَارِهِ وَهَكَذَا، وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَلَعَلَّهُ حَيْثُ فُهِمَ مِنْ حَالِهِ أَنَّ الْغَرَضَ مِنْ ذَلِكَ التَّلَاعُبُ بِالْمُسْلِمِينَ وَإِبْقَاؤُهُ فِي سَلْطَنَةِ الْكُفَّارِ، وَإِلَّا فَلَا مَانِعَ مِنْ إيجَارِهِ إلَى كَافِرٍ، وَهُوَ يُؤَجِّرُهُ إلَى كَافِرٍ آخَرَ إنْ ظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ وَسِيلَةً إلَى إيجَارِهِ لِمُسْلِمٍ هَذَا وَبَقِيَ مَا لَوْ اسْتَعَارَهُ أَوْ اسْتَوْدَعَهُ فَهَلْ يُمَكَّنُ مِنْ اسْتِخْدَامِهِ فِي الْعَارِيَّةِ وَحِفْظُهُ فِي الْوَدِيعَةِ أَوْ يَتَعَيَّنُ أَنْ يَسْتَنِيبَ مُسْلِمًا فِي حِفْظِهِ وَدَفْعِهِ إلَى مُسْلِمٍ يَخْدُمُهُ فِيمَا تَعُودُ مَنْفَعَتُهُ عَلَى الْكَافِرِ مَثَلًا كَكَوْنِ الْمُسْلِمِ أَبًا لِلْكَافِرِ أَوْ فَرْعًا لَهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الثَّانِي ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى بَهْجَةٍ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِإِفَادَتِهَا) أَيْ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: بَاعَهُ الْحَاكِمُ) وُجُوبًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ رَاغِبًا فِيهِ) أَيْ فِي شِرَائِهِ (قَوْلُهُ: صَبَرَ) أَيْ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: عِنْدَ ثِقَةٍ) وَلَوْ امْتَنَعَ الثِّقَةُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِأُجْرَةٍ جَازَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ سَيِّدِهِ فِيمَا يَظْهَرُ فَيُجْبَرُ عَلَى دَفْعِهَا لَهُ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي مُسْتَوْلِدَتِهِ) أَيْ الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَتْ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ إجْبَارِهِ عَلَى بَيْعِهَا) أَيْ الْمُسْتَوْلَدَةِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) مُرَادُهُ حَجّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَبِإِزَالَةِ مِلْكِهِ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ كَلَفْظِ عَنْهُ فِيمَا مَرَّ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ عَمَّنْ أَسْلَمَ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ كَمَا يُؤْمَرُ بِإِزَالَةٍ فَإِنَّ مَا صَنَعَهُ الشَّارِحُ مَعَ تَكْرِيرِهِ يُوهِمُ غَيْرَ الْمُرَادِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ كَمَا يُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ وَلَوْ بِنَحْوِ وَقْفٍ عَلَى غَيْرِ كَافِرٍ أَوْ بِكِتَابَةِ الْقِنِّ عَمَّنْ أَسْلَمَ إلَخْ (قَوْلُهُ لَمْ يُجْبَرْ أَيْضًا) أَيْ وَلَوْ فَعَلَ لَمْ يَصِحَّ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ الْآتِي (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ بَيْعٌ لَهَا)

[شروط المبيع]

بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكِتَابَةِ. وَلَوْ طَرَأَ إسْلَامُ الْقِنِّ بَعْدَ تَدْبِيرِ سَيِّدِهِ لَهُ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى بَيْعِهِ عَلَى الْأَصَحِّ حَذَرًا مِنْ تَفْوِيتِ غَرَضِهِ، فَلَوْ كَانَ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ قَبْلَ إسْلَامِهِ فَهُوَ كَالْقِنِّ عَلَى الْأَقْرَبِ، وَقَدْ أَوْصَلَ بَعْضُهُمْ صُوَرَ دُخُولِ الْمُسْلِمِ فِي مِلْكِ الْكَافِرِ ابْتِدَاءً إلَى نَحْوِ خَمْسِينَ صُورَةً وَهِيَ رَاجِعَةٌ لِقَوْلِ بَعْضِهِمْ أَسْبَابُ دُخُولِ الْمُسْلِمِ فِي مِلْكِ الْكَافِرِ ثَلَاثَةٌ: مَا يُفِيدُ الْمِلْكَ الْقَهْرِيَّ وَالْفَسْخَ وَاسْتِعْقَابَ الْعِتْقِ وَهُوَ ضَابِطٌ مُهِمٌّ، وَيُعْتَبَرُ فِي مُشْتَرِي الصَّيْدِ أَنْ يَكُونَ حَلَالًا. . ثُمَّ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ، وَهُوَ الْمَبِيعُ ثَمَنًا أَوْ مُثَمَّنًا ذَاكِرًا لِشُرُوطِهِ فَقَالَ (وَلِلْمَبِيعِ شُرُوطٌ) خَمْسَةٌ وَيَزِيدُ الرِّبَوِيُّ بِمَا يَأْتِي فِيهِ وَلَا يُرَدُّ نَحْوُ جِلْدِ الْأُضْحِيَّةَ وَحَرِيمِ الْمِلْكِ وَحْدَهُ لِلْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِهَا شَرْعًا وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ قَيْدَ الْمِلْكِ يُغْنِي عَنْ الطَّهَارَةِ؛ لِأَنَّ نَجِسِ الْعَيْنِ لَا يُمْلَكُ رُدَّ بِأَنَّ إغْنَاءَهُ عَنْهَا لَا يَسْتَدْعِي عَدَمَ ذِكْرِهَا لِإِفَادَتِهِ تَحْرِيرَ مَحَلِّ الْخِلَافِ وَالْوِفَاقِ مَعَ الْإِشَارَةِ لِرَدِّ مَا عَلَيْهِ الْمُخَالِفُ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِهَا مِنْ أَصْلِهَا (أَحَدُهَا طَهَارَةُ عَيْنِهِ) شَرْعًا وَلَوْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ غَالِبَةً فِي مِثْلِهِ، (فَلَا يَصِحُّ) (بَيْعُ الْكَلْبِ) وَلَوْ مُعَلَّمًا (وَالْخَمْرِ) يَعْنِي الْمُسْكِرَ وَسَائِرَ نَجِسِ الْعَيْنِ وَنَحْوَهُ كَمُشْتَبَهَيْنِ لَمْ تَظْهَرْ طَهَارَةُ أَحَدِهِمَا فَإِنْ ظَهَرَتْ وَلَوْ بِاجْتِهَادٍ صَحَّ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ بَلْ لَا يَجُوزُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَهُوَ غَيْرُ إلَخْ، لَكِنْ قَدْ يَتَوَقَّفُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّ اقْتِدَاءَهَا بَيْعٌ، وَيُقَالُ إنَّ مَا يَدْفَعُهُ فِي مُقَابَلَةِ تَنْجِيزِهِ الْعِتْقَ وَهُوَ تَبَرُّعٌ مِنْ الدَّافِعِ (قَوْلُهُ: حَذَرًا مِنْ تَفْوِيتِ غَرَضِهِ) أَيْ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَالْقِنِّ) أَيْ فَيُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ خِلَافًا لحج حَيْثُ أَلْحَقَهُ بِالْمُسْتَوْلَدَةِ، وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ حَجّ، قَالَ: لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ فَرْقٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُدَبَّرِ الَّذِي طَرَأَ إسْلَامُهُ (قَوْلُهُ: مَا يُفِيدُ الْمِلْكَ الْقَهْرِيَّ) أَيْ كَالْإِرْثِ (قَوْلُهُ: وَاسْتِعْقَابُ الْعِتْقِ) بِأَنْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ [شُرُوط الْمَبِيع] [مِنْ شُرُوط الْمَبِيع طَهَارَة عَيْنه] (قَوْلُهُ: بِمَا يَأْتِي فِيهِ) مِنْ اشْتِرَاطِ الْحَوْلِ وَالتَّقَابُضِ وَالْمُمَاثَلَةِ عَلَى مَا يَأْتِي فِيهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُرَدُّ) أَيْ عَلَى مَا فُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ مِنْ أَنَّ مَا اجْتَمَعَتْ فِيهِ هَذِهِ الشُّرُوطُ صَحَّ بَيْعُهُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْكَلْبِ) . [فَرْعٌ] عَدَمُ دُخُولِ مَلَائِكَةِ الرَّحْمَةِ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ هَلْ وَإِنْ جَازَ اقْتِنَاؤُهُ أَوْ وَجَبَ كَمَا لَوْ عُلِمَ أَنَّهُ يُقْتَلُ لَوْلَا اقْتِنَاؤُهُ لِحِرَاسَةٍ. قَالَ مَرَّ: ظَاهِرُ مَا وَرَدَ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ حَائِضٌ مَعَ أَنَّهَا مَعْذُورَةٌ لَا صُنْعَ لَهَا فِي الْحَيْضِ عَدَمُ الدُّخُولِ هُنَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: كَمُشْتَبَهَيْنِ) أَيْ مِنْ الْمَاءِ وَالْمَائِعِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِنَحْوِ اجْتِهَادٍ صَحَّ) . ـــــــــــــــــــــــــــــQتَوَقَّفَ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ فِي كَوْنِ الِافْتِدَاءِ مَبِيعًا: أَيْ لِأَنَّهُمْ فِيمَا لَا يُحْصَى مِنْ كَلَامِهِمْ يَجْعَلُونَهُ مُقَابِلًا لِلْبَيْعِ، وَمِنْ ثَمَّ أَجَازَ الشِّهَابُ حَجّ فِي تُحْفَتِهِ هَذَا الِافْتِدَاءَ، وَعِبَارَتُهُ: وَالْأَوْجَهُ إجْبَارُهُ عَلَى قَبُولِ فِدَاءِ أَجْنَبِيٍّ لَهَا بِمُسَاوِي قِيمَتِهَا وَكَذَا لَوْ تَمَحَّضَ الرِّقُّ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. لَكِنْ قَالَ الشِّهَابُ سم فِي حَوَاشِيهِ: قَوْلُهُ فِدَاءُ الْأَجْنَبِيِّ إلَخْ، اُنْظُرْ هَذَا الْفِدَاءَ هُنَا وَفِي تَمَحَّضَ الرِّقِّ الْآتِي هَلْ هُوَ عَقْدُ عَتَاقَةٍ وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا أَوْ لَا فِيهِمَا فَمَا حُكْمُ الرَّقِيقِ حِينَئِذٍ، هَلْ انْقَطَعَ الْمِلْكُ عَنْهُ وَهُوَ مُشْكِلٌ إذْ لَا مَمْلُوكَ بِلَا مَالِكٍ أَوْ عَقْدِ عَتَاقَةٍ هُنَا لَا فِي تَمَحَّضَ الرِّقِّ بَلْ يَمْلِكُهُ فِيهِ الْمُفْتَدِي؟ وَالْوَجْهُ امْتِنَاعُ ذَلِكَ فِي الْمُسْتَوْلَدَةِ إذْ لَا جَائِزَ أَنْ يَكُونَ افْتِدَاؤُهَا عَقْدَ عَتَاقَةٍ، بَلْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَيْهَا مَعَ غَيْرِهَا مُمْتَنِعٌ وَإِنْ أَدَّى إلَى الْعِتْقِ وَإِنَّمَا هُوَ عَقْدُ بَيْعٍ وَبَيْعُهَا لِغَيْرِهَا مُمْتَنِعٌ، وَأَمَّا فِي تَمَحَّضَ الرِّقِّ فَهُوَ بَيْعٌ كَسَائِرِ الْبُيُوعِ اهـ فَأَشَارَ إلَى أَنَّ افْتِدَاءَهَا هُنَا لَا يَكُونُ إلَّا بَيْعًا لَهَا لِمَا ذَكَرَهُ وَإِنْ كَانَ الِافْتِدَاءُ مُقَابِلَ الْبَيْعِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ فَظَهَرَ قَوْلُ الشَّارِحِ إذْ هُوَ بَيْعٌ لَهَا، وَحَصَلَ الْجَوَابُ عَنْ تَوَقُّفِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ نَحْوُ جِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ وَحَرِيمِ الْمِلْكِ وَحْدَهُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ تَوَفُّرُ الشُّرُوطِ الْآتِيَةِ فِيهِمَا: أَيْ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِهِمَا فَهُمَا وَارِدَانِ عَلَى الْمَنْطُوقِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ مَنْعُ كَوْنِ ذَلِكَ مُسْتَوْفِيًا لِلشُّرُوطِ (قَوْلُهُ: شَرْعًا وَلَوْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ غَالِبَةً فِي مِثْلِهِ) يَعْنِي أَنَّ الشَّرْطَ

نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَقَالَ «إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ» وَقِيسَ بِهَا مَا فِي مَعْنَاهَا، وَقَوْلُ الْجَوَاهِرِ وَمَنْ تَبِعَهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ لَبَنِ الرَّجُلِ إذْ لَا يَحِلُّ شُرْبُهُ بِحَالٍ بِنَاءٌ عَلَى نَجَاسَتِهِ وَهُوَ مَرْدُودٌ (وَ) لَا بَيْعُ (الْمُتَنَجِّسِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ) (كَالْخَلِّ وَاللَّبَنِ) وَالصَّبْغِ وَالْآجُرِّ الْمَعْجُونِ بِالزِّبْلِ إذْ هُوَ فِي مَعْنَى نَجِسِ الْعَيْنِ لَا دَارٍ بُنِيَتْ بِهِ وَأَرْضٍ سُمِّدَتْ بِنَجِسٍ وَقُنَّ عَلَيْهِ وَشُمَّ وَإِنْ وَجَبَتْ إزَالَتُهُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ لِوُقُوعِ النَّجَسِ تَابِعًا مَعَ دُعَاءِ الْحَاجَةِ لِذَلِكَ وَيُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِ (وَكَذَا الدُّهْنُ فِي الْأَصَحِّ) لِتَعَذُّرِ تَطْهِيرِهِ كَمَا مَرَّ بِدَلِيلِهِ وَأَعَادَهُ هُنَا لِيُبَيِّنَ جَرَيَانَ الْخِلَافِ فِي صِحَّتِهِ بِنَاءً عَلَى إمْكَانِ تَطْهِيرِهِ وَإِنْ كَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ لَكِنْ يَعْلَمُ الْمُشْتَرِي بِالْحَالِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ اعْتِمَادًا عَلَى اجْتِهَادِ الْبَائِعِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدًا آخَرَ. وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ: قَوْلُهُ: بِنَحْوِ اجْتِهَادٍ قَضِيَّتُهُ صِحَّةُ بَيْعِ مَا ظَهَرَتْ طَهَارَتُهُ بِاجْتِهَادِهِ وَإِنْ امْتَنَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ: أَيْ مَا لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّقْلِيدُ وَلَا يَخْلُو عَنْ شَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِلْحُكْمِ بِالطَّهَارَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ، ثُمَّ اُنْظُرْ هَلْ يَجِبُ إعْلَامُهُ بِالْحَالِ؟ الْوَجْهُ نَعَمْ إنْ لَمْ يَجُزْ لَهُ تَقْلِيدُهُ هَذَا. وَيُجَابُ عَمَّا مَرَّ بِأَنَّ مِنْ فَوَائِدِهِ جَوَازُ بَيْعِهِ لِمَنْ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ وَيَجْرِي ذَلِكَ كُلُّهُ فِي مُخَالِفِ بَاعَ مَا هُوَ ظَاهِرٌ عِنْدَهُ فَقَطْ كَمَا مَرَّ، وَقَوْلُ سم: لَكِنْ يَعْلَمُ إلَخْ: أَيْ فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْهُ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ عِنْدَ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَيْبٌ فِي الْمَبِيعِ يُنْقِصُ الرَّغْبَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ: نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ) أَيْ وَالنَّهْيُ عَنْ ثَمَنِهِ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ بَيْعِهِ (قَوْلُهُ: وَقِيسَ بِهَا) أَيْ بِالْمَذْكُورَاتِ فِي الْحَدِيثَيْنِ (قَوْلُهُ: بَنَاهُ) أَيْ بَنَى عَدَمَ حِلِّ شُرْبِهِ عَلَى نَجَاسَتِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَرْدُودٌ) أَيْ الْقَوْلُ بِنَجَاسَتِهِ (قَوْلُهُ: وَالصَّبْغِ وَالْآجُرِّ) مِثْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ أَوَانِي الْخَزَفِ إذَا عُلِمَ أَنَّهَا عُجِنَتْ بِزِبْلٍ مَرَّ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ قُلْنَا بِعَدَمِ الْعَفْوِ عَنْهُ أَمَّا إذَا قُلْنَا بِهِ فَالْقِيَاسُ جَوَازُهُ؛ لِأَنَّهُ طَاهِرٌ حُكْمًا. [فَائِدَةٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَنْ الدُّخَانِ الْمَعْرُوفِ فِي زَمَانِنَا هَلْ يَصِحُّ بَيْعُهُ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّهُ طَاهِرٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ لِتَسْخِينِ الْمَاءِ وَنَحْوِهِ كَالتَّظْلِيلِ بِهِ (قَوْلُهُ: بُنِيَتْ بِهِ) أَيْ بِالنَّجَسِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَجَبَتْ إزَالَتُهُ) أَيْ بِأَنْ تَعَدَّى بِفِعْلِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ (قَوْلُهُ: لِوُقُوعِ النَّجَسِ تَابِعًا) . [فَرْعٌ] مَشَى مَرَّ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُ الدَّارِ الْمَبْنِيَّةِ بِاللَّبِنَاتِ النَّجِسَةِ وَإِنْ كَانَتْ أَرْضُهَا غَيْرَ مَمْلُوكَةٍ كَالْمُحْتَكَرَةِ وَيَكُونُ الْعَقْدُ وَارِدًا عَلَى الطَّاهِرِ مِنْهَا وَالنَّجِسُ تَابِعًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيَكُونُ الْعَقْدُ وَارِدًا إلَخْ أَنَّ الْكَلَامَ فِي دَارٍ اشْتَمَلَتْ عَلَى طَاهِرٍ كَالسَّقْفِ وَنَجِسٍ كَاللَّبِنَاتِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُحْتَكَرَةً وَجَمِيعُ الْبِنَاءِ نَجِسٌ لَمْ يَظْهَرْ لِلصِّحَّةِ وَجْهٌ بَلْ الْعَقْدُ بَاطِلٌ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَيُغْتَفَرُ فِيهِ) أَيْ فِي التَّابِعِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الدُّهْنُ) أَيْ لَا يَصِحُّ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنْ يَكُونَ مِمَّا حَكَمَ الشَّرْعُ بِطَهَارَتِهِ وَإِنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ غَالِبَةً فِي مِثْلِهِ (قَوْلُهُ: وَالصَّبْغُ) أَيْ مَعَ أَنَّهُ يَظْهَرُ الْمَصْبُوغُ بِهِ بِالْغُسْلِ كَذَا فِي الرَّوْضِ قَالَ الشِّهَابُ سم: وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الصَّبْغَ الْمَائِعَ الْمُتَنَجِّسَ إذَا صُبِغَ بِهِ شَيْءٌ ثُمَّ غُسِلَ ذَلِكَ الشَّيْءُ طَهُرَ بِالْغُسْلِ، وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا ظَهَرَ لَنَا فِيمَا ذَكَرُوهُ فِي أَبْوَابِ الطَّهَارَةِ مِنْ أَنَّ الْمَصْبُوغَ بِنَجِسٍ لَا يَطْهُرُ إلَّا إذَا انْفَصَلَ عَنْهُ الصَّبْغُ مِنْ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى صَبْغٍ نَجِسِ الْعَيْنِ، أَوْ فِيهِ نَجَاسَةٌ عَيْنِيَّةٌ ثُمَّ ظَهَرَ مَنْعُ تَأْيِيدِ هَذَا لِمَا ذَكَرَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِطُهْرِ الْمَصْبُوغِ بِهِ بِالْغُسْلِ طُهْرُهُ إذَا انْفَصَلَ عَنْهُ بِدَلِيلِ تَعْبِيرِ الرَّوْضِ فِي بَابِ النَّجَاسَةِ بِقَوْلِهِ وَيَطْهُرُ بِالْغُسْلِ مَصْبُوغٌ بِمُتَنَجِّسٍ انْفَصَلَ وَلَمْ يَزِدْ وَزْنًا بَعْدَ الْغَسْلِ فَإِنْ لَمْ يَنْفَصِلْ لِتَعَقُّدِهِ لَمْ يَطْهُرْ انْتَهَى فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّ قَوْلَ شَرْحِهِ تَوْطِئَةٌ لَهُ، وَلَا أَثَرَ لِلِانْتِفَاعِ بِالصَّبْغِ الْمُتَنَجِّسِ فِي صَبْغِ شَيْءٍ بِهِ وَإِنْ طَهُرَ الْمَصْبُوغُ بِهِ بِالْغُسْلِ ظَاهِرٌ فِي تَأْيِيدِ مَا كَانَ ظَهَرَ لَنَا اهـ مَا قَالَهُ سم (قَوْلُهُ لِتَعَذُّرِ تَطْهِيرِهِ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا الدُّهْنُ: أَيْ لَا يَصِحُّ

الْأَصَحُّ مِنْهُ عَدَمَ الصِّحَّةِ فَلَا تَكْرَارَ فِي كَلَامِهِ خِلَافًا لِمَنْ ادَّعَاهُ، وَكَمَاءٍ تَنَجَّسَ وَإِمْكَانُ طُهْرِ قَلِيلِهِ بِالْمُكَاثَرَةِ وَكَثِيرِهِ بِزَوَالِ التَّغَيُّرِ كَإِمْكَانِ طُهْرِ الْخَمْرِ بِالتَّخَلُّلِ وَجِلْدِ الْمَيْتَةِ بِالدِّبَاغِ إذْ طُهْرُ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْإِحَالَةِ لَا مِنْ بَابِ التَّطْهِيرِ وَالثَّانِي يَصِحُّ كَالثَّوْبِ الْمُتَنَجِّسِ، أَمَّا مَا يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ وَلَوْ مَعَ التُّرَابِ كَثَوْبٍ تَنَجَّسَ بِمَا لَا يَسْتُرُ شَيْئًا مِنْهُ فَيَصِحُّ وَيَصِحُّ بَيْعُ الْقَزِّ وَفِيهِ الدُّودُ وَلَوْ مَيِّتًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ مُصْلِحَتِهِ كَالْحَيَوَانِ بِبَاطِنِهِ النَّجَاسَةُ، وَيُبَاعُ جُزَافًا وَوَزْنًا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، فَالدُّودُ فِيهِ كَنَوَى التَّمْرِ وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ فِي صِحَّتِهِ وَزْنًا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي الذِّمَّةِ أَوْ لَا، وَهُوَ الْأَوْجَهُ خِلَافًا لِمَا فِي الْكِفَايَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّلَمِ لَائِحٌ، وَيَصِحُّ بَيْعُ فَأْرَةِ الْمِسْكِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ طَهَارَتِهَا وَيَحِلُّ اقْتِنَاءُ ـــــــــــــــــــــــــــــSبَيْعُهُ لِتَعَذُّرِ تَطْهِيرِهِ: أَيْ بِنَاءً عَلَى الرَّاجِحِ، وَكَذَا لَوْ قُلْنَا بِإِمْكَانِ تَطْهِيرِهِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ، وَعَلَيْهِ فَالْمُصَنِّفُ لَمْ يَذْكُرْ الْخِلَافَ بِنَاءً عَلَى إمْكَانِ التَّطْهِيرِ فَفِي قَوْلِهِ وَأَعَادَهُ مُسَامَحَةً (قَوْلُهُ: بِمَا لَا يَسْتُرُ شَيْئًا) أَيْ أَوْ بِمَا سَتَرَهُ لَكِنْ سَبَقَتْ رُؤْيَتُهُ عَلَى تَنْجِيسِهِ وَلَمْ يَمْضِ زَمَنٌ يَغْلِبُ تَغَيُّرُهُ فِيهِ. وَقَالَ سم عَلَى حَجّ: هَلَّا قَالُوا بِمَا لَا يَسْتُرُ مَا تَجِبُ رُؤْيَتُهُ مِنْهُ، فَإِنَّ الْكِرْبَاسَ تَكْفِي رُؤْيَةُ أَحَدِ وَجْهَيْهِ اهـ. وَأَقُولُ: يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ رُؤْيَةَ بَاطِنِهِ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ فَهِيَ فِي حُكْمِ الْمَرْئِيَّةِ لِعَدَمِ اخْتِلَافِ ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ عَادَةً، وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ فِي مَظِنَّةِ الرُّؤْيَةِ لِسُهُولَتِهَا فَبِتَقْدِيرِ ظُهُورِ عَيْبٍ فِي بَاطِنِهِ يُمْكِنُ رَدُّهُ وَظُهُورُ قَرِيبٍ إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَا يَمْنَعُ رُؤْيَتَهُ. أَقُولُ: أَيْ أَوْ بِمَا سَتَرَهُ لَكِنْ سَبَقَتْ رُؤْيَتُهُ عَلَى تَنَجُّسِهِ وَلَمْ يَمْضِ زَمَنٌ يَغْلِبُ تَغَيُّرُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ احْتَاجَ فِي تَطْهِيرِهِ إلَى مُؤْنَةٍ لَهَا وَقَعَ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَأْتِي فِي الْمَغْصُوبِ حَيْثُ اُشْتُرِطَ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ خِفَّةُ الْمُؤْنَةِ أَنَّ نَجَاسَةَ الْمَبِيعِ لَا تَمْنَعُ دُخُولَ الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَلَا انْتِفَاعَهُ بِهِ فَقَدْ لَا يُطَهِّرُهُ أَصْلًا، بِخِلَافِ الْمَغْصُوبِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّ مَا يَبْذُلُهُ فِيهِ طَرِيقٌ إلَى دُخُولِهِ فِي يَدِهِ فَهُوَ مُلْجَأٌ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيُبَاعُ) أَيْ الْقَزُّ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا فِي الْكِفَايَةِ) أَيْ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِهِ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَابِ السَّلَمِ لَائِحٌ) أَيْ وَهُوَ أَنَّ بَابَ السَّلَمِ أَضْيَقُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ بَيْعُ فَأْرَةِ الْمِسْكِ) أَيْ وَحْدَهَا أَوْ بِمَا فِيهَا حَيْثُ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَيْعُهُ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ وَكَذَا الدُّهْنُ لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ الَّذِي حَمَلَهُ عَلَيْهِ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشَّارِحَ هُنَا حَمَلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ الْبَيْعِ حِكَايَةُ مُقَابِلِهِ الْآتِي. وَاعْلَمْ أَنَّ الْجَلَالَ الْمَحَلِّيَّ إنَّمَا حَمَلَ الْمَتْنَ عَلَى مَا مَرَّ لَهُ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ ظَاهِرِهِ حَتَّى لَا يُخَالِفَ طَرِيقَةَ الْجُمْهُورِ. وَحَاصِلُ مَا فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنَّ الْجُمْهُورَ بَنَوْا خِلَافَ صِحَّةِ بَيْعِ الدُّهْنِ الْمُتَنَجِّسِ عَلَى الضَّعِيفِ مِنْ إمْكَانِ تَطْهِيرِهِ: أَيْ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ مِنْ عَدَمِ إمْكَانِهِ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ قَوْلًا وَاحِدًا، وَخَالَفَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ فَبَنَيَاهُ عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ عَدَمِ إمْكَانِ تَطْهِيرِهِ: أَيْ فَإِنْ قُلْنَا بِالضَّعِيفِ صَحَّ بَيْعُهُ قَوْلًا وَاحِدًا، وَغَلَّطَهُمَا فِي الرَّوْضَةِ قَالَ: وَكَيْفَ يَصِحُّ مَا لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ انْتَهَى. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَكَلَامُ الْكِتَابِ: أَيْ الْمِنْهَاجِ يُفْهِمُ مُوَافَقَةَ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ انْتَهَى. أَيْ لِأَنَّ فَرْضَ كَلَامِهِ فِيمَا لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ، فَالْجَلَالُ أَخْرَجَهُ عَنْ ظَاهِرِهِ وَفَرْضُ الْخِلَافِ فِيهِ فِي أَنَّهُ هَلْ يُمْكِنُ تَطْهِيرُ الدُّهْنِ الْمُتَنَجِّسِ أَوْ لَا فَلَا تَعَرُّضَ فِيهِ لِمَسْأَلَةِ الْبَيْعِ حِينَئِذٍ وَمِنْ ثَمَّ زَادَهَا عَلَيْهِ فِي الشَّارِحِ بَعْدُ، وَأَمَّا الشَّارِحُ هُنَا كَالشِّهَابِ حَجّ فَأَبْقَيَاهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، لَكِنْ وَقَعَ فِي كَلَامِهِمَا تَنَاقُضٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُمَا لِتَعَذُّرِ تَطْهِيرِهِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْخِلَافَ مَبْنِيٌّ عَلَى تَعَذُّرِ الطَّهَارَةِ الَّذِي هُوَ طَرِيقَةُ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ الَّتِي هِيَ ظَاهِرُ الْمَتْنِ، فَيُنَاقِضُهُ قَوْلُهُمَا بَعْدَ وَأَعَادَهُ هُنَا لِيُبَيِّنَ جَرَيَانَ الْخِلَافِ فِي صِحَّتِهِ بِنَاءً عَلَى إمْكَانِ تَطْهِيرِهِ إلَخْ، وَمِنْ ثَمَّ تَوَقَّفَ الشِّهَابُ سم فِي كَلَامِ الشِّهَابِ حَجّ الْمُوَافِقِ لَهُ مَا فِي الشَّارِحِ هُنَا لَكِنْ بِمُجَرَّدِ الْفَهْمِ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّلَمِ لَائِحٌ) أَيْ وَهُوَ أَنَّ بَابَ السَّلَمِ أَضْيَقُ بِدَلِيلِ عَدَمِ صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ وَنَحْوِهِ وَفِيهِ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ فِي الذِّمَّةِ، كَذَا ذَكَرَهُ الشِّهَابُ سم،

[من شروط المبيع النفع]

السِّرْجِينِ وَتَرْبِيَةُ الزَّرْعِ بِهِ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَاقْتِنَاءُ الْكَلْبِ لِمَنْ يَصِيدُ بِهِ أَوْ يَحْفَظُ بِهِ نَحْوَ مَاشِيَةٍ وَدَرْبٍ وَتَرْبِيَةُ الْجَرْوِ الْمُتَوَقَّعِ تَعْلِيمُهُ لَا اقْتِنَاؤُهُ لِمَنْ يَحْتَاجُ إلَيْهِ مَآلًا، وَيَمْتَنِعُ اقْتِنَاءُ الْخِنْزِيرِ مُطْلَقًا وَيَحِلُّ اقْتِنَاءُ فَهْدٍ وَفِيلٍ وَغَيْرِهِمَا. (الثَّانِي) مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (النَّفْعُ) بِهِ شَرْعًا وَلَوْ مَآلًا كَجَحْشٍ صَغِيرٍ مَاتَتْ أُمُّهُ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ بَذْلَ الْمَالِ فِيمَا لَا نَفْعَ فِيهِ سَفَهٌ وَأَخْذُهُ أَكْلٌ لَهُ بِالْبَاطِلِ (فَلَا يَصِحُّ) (بَيْعُ الْحَشَرَاتِ) وَهِيَ صِغَارُ دَوَابِّ الْأَرْضِ كَفَأْرَةٍ وَخُنْفُسَاءَ وَحَيَّةٍ وَعَقْرَبٍ وَنَمْلٍ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا يُذْكَرُ مِنْ مَنَافِعِهَا فِي الْخَوَاصِّ وَيُسْتَثْنَى نَحْوُ يَرْبُوعٍ وَضَبٍّ مِمَّا يُؤْكَلُ وَنَحْلٌ وَدُودُ قَزٍّ وَعَلَقٌ لِمَنْفَعَةِ امْتِصَاصِ الدَّمِ (وَ) بَيْعُ (كُلِّ) طَيْرٍ وَ (سَبُعٍ لَا يَنْفَعُ) لِنَحْوِ صَيْدٍ أَوْ حِرَاسَةٍ كَنَمِرٍ لَا يُرْجَى تَعَلُّمُهُ الصَّيْدَ لِكِبَرِهِ مَثَلًا فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي فِي الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ، بِخِلَافِ نَحْوِ فَهْدٍ لِصَيْدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSرُئِيَ قَبْلَ وَضْعِهِ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَتَرْبِيَةُ الزَّرْعِ بِهِ مَعَ الْكَرَاهَةِ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهَا حَيْثُ صَلَحَ نَبَاتُهُ بِدُونِهَا أَمَّا لَوْ تَوَقَّفَ صَلَاحُهُ عَادَةً عَلَى التَّرْبِيَةِ بِهِ فَلَا كَرَاهَةَ، وَلَيْسَ مِنْ صَلَاحِهِ زِيَادَتُهُ فِي النُّمُوِّ عَلَى أَمْثَالِهِ (قَوْلُهُ: وَتَرْبِيَةُ الْجِرْوِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: وَالْجِرْوُ بِالْكَسْرِ وَلَدُ الْكَلْبِ وَالسِّبَاعِ وَالْفَتْحُ وَالضَّمُّ لُغَةٌ (قَوْلُهُ: لَا اقْتِنَاؤُهُ لِمَنْ يَحْتَاجُ إلَيْهِ) وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ اقْتَنَاهُ لِحِفْظِ مَاشِيَةٍ بِيَدِهِ فَمَاتَتْ أَوْ بَاعَهَا وَفِي نِيَّتِهِ تَجْدِيدُ بَدَلِهَا لَمْ يَجُزْ بَقَاؤُهُ فِي يَدِهِ بَلْ يَلْزَمُهُ رَفْعُ يَدِهِ عَنْهُ. وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ. فَرْعٌ: اقْتَنَى كَلْبًا لِمَاشِيَةٍ ثُمَّ بَاعَهَا أَوْ مَاتَتْ وَقَصَدَ أَنْ يُجَدِّدَهَا هَلْ يَجُوزُ لَهُ اقْتِنَاؤُهُ إلَى أَنْ يَحْصُلَ التَّجْدِيدُ أَوْ لَا مَالَ مَرَّ لِلثَّانِي؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاقْتِنَاءُ إلَّا إنْ كَانَتْ الْحَاجَةُ نَاجِزَةً اهـ. وَمِنْ الْحَاجَةِ النَّاجِزَةِ احْتِيَاجُهُ فِي بَعْضِ الْفُصُولِ دُونَ بَعْضٍ فَلَا يُكَلَّفُ رَفْعُ يَدِهِ فِي مُدَّةِ عَدَمِ احْتِيَاجِهِ لَهُ (قَوْلُهُ: وَيَمْتَنِعُ اقْتِنَاءُ الْخِنْزِيرِ مُطْلَقًا) احْتَاجَ إلَيْهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِمَا) أَيْ مِمَّا فِيهِ نَفْعٌ وَلَوْ مُتَوَقَّعًا (قَوْلُهُ: مَاتَتْ أُمُّهُ) أَيْ أَوْ اسْتَغْنَى عَنْهَا (قَوْلُهُ: الْحَشَرَاتِ) جَمْعُ حَشَرَةٍ بِالْفَتْحِ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: كَفَأْرَةٍ) الْفَارَةُ بِالْهَمْزِ وَتَرْكِهِ نَافِجَةُ الْمِسْكِ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ الْمَعْرُوفِ فَإِنَّهُ بِالْهَمْزَةِ فَقَطْ اهـ قَامُوسٌ بِالْمَعْنَى. لَكِنْ فِي الْمِصْبَاحِ: الْفَارَةُ تُهْمَزُ وَلَا تُهْمَزُ وَتَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالْجَمْعُ فَأْرٌ مِثْلُ تَمْرَةٍ وَتَمْرٍ، ثُمَّ قَالَ: وَفَارَةُ الْمِسْكِ مَهْمُوزَةٌ وَيَجُوزُ تَخْفِيفُهَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ فَارِسٍ، وَقَالَ الْفَارَابِيُّ فِي بَابِ الْمَهْمُوزِ: وَهِيَ الْفَأْرَةُ وَفَأْرَةُ الْمِسْكِ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: غَيْرُ مَهْمُوزَةٍ مِنْ فَارَ يَفُورُ وَالْأَوَّلُ أَثْبَتُ (قَوْلُهُ: نَحْوُ يَرْبُوعٍ) أَيْ مِنْ كُلِّ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ ع (قَوْلُهُ: مِمَّا يُؤْكَلُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يُعْتَدْ أَكْلُهُ كَبِنْتِ عِرْسٍ (قَوْلُهُ: وَبَيْعُ كُلِّ طَيْرٍ وَسَبُعٍ لَا يَنْفَعُ) عِبَارَةُ حَجّ: وَكُلُّ سَبُعٍ لَا يَنْفَعُ كَالْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: قَوْلُهُ: كَالْفَوَاسِقِ إلَخْ لَوْ عَلِمَ بَعْضَ الْفَوَاسِقِ كَالْحِدَأَةِ أَوْ الْغُرَابِ لِلِاصْطِيَادِ فَهَلْ يَصِحُّ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُنْتَفَعًا بِهِ وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَزُولُ عَنْهُ حُكْمُ الْفَوَاسِقِ حَتَّى لَا يُنْدَبَ قَتْلُهُ أَوْ يَسْتَمِرَّ عَلَيْهِ حُكْمُهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْفَوَاسِقَ لَا تُمْلَكُ بِوَجْهٍ وَلَا تُقْتَنَى، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بَعْدَ كَلَامِ الْأُمِّ وَظَاهِرَةُ حُرْمَةُ اقْتِنَائِهَا: أَيْ الْفَوَاسِقَ وَهُوَ مُتَّجَهٌ اهـ. لَكِنَّهُ يُمْكِنُ الْحَمْلُ عَلَى مَا فِيهِ ضَرَرٌ مِنْهَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَحْوِ فَهْدٍ) أَيْ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ، قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْفَهْدُ سَبُعٌ مَعْرُوفٌ وَالْأُنْثَى ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ غَيْرُ سَدِيدٍ إذْ الْمَبِيعُ فِي الذِّمَّةِ لَا يَصِحُّ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ كَالْمُسْلِمِ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي. [مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ النَّفْعُ] (قَوْلُ الْمَتْنِ الثَّانِي النَّفْعُ) أَيْ بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الشِّرَاءُ فِي حَدِّ ذَاتِهِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ بِمُجَرَّدِهِ وَإِنْ تَأَتَّى النَّفْعُ بِهِ بِضَمِّهِ إلَى غَيْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي نَحْوِ حَبَّتَيْ حِنْطَةٍ أَنَّ عَدَمَ النَّفْعِ إمَّا لِلْقِلَّةِ كَحَبَّتَيْ بُرٍّ وَإِمَّا لِلْخِسَّةِ كَالْحَشَرَاتِ، وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي تَعْلِيلِ شَيْخِنَا فِي الْحَاشِيَةِ صِحَّةُ بَيْعِ الدُّخَانِ الْمَعْرُوفِ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ بِنَحْوِ تَسْخِينِ مَاءٍ إذْ مَا يُشْتَرَى بِنَحْوِ نِصْفٍ أَوْ نِصْفَيْنِ لَا يُمْكِنُ التَّسْخِينُ بِهِ لِقِلَّتِهِ كَمَا لَا يَخْفَى فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ بَيْعُهُ فَاسِدًا، وَالْحَقُّ فِي التَّعْلِيلِ أَنَّهُ مُنْتَفَعٌ بِهِ فِي الْوَجْهِ الَّذِي يُشْتَرَى لَهُ وَهُوَ شُرْبُهُ إذْ هُوَ مِنْ الْمُبَاحَاتِ لِعَدَمِ قِيَامِ دَلِيلٍ عَلَى حُرْمَتِهِ، فَتَعَاطِيهِ انْتِفَاعٌ بِهِ فِي وَجْهٍ مُبَاحٍ، وَلَعَلَّ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مَبْنِيٌّ عَلَى حُرْمَتِهِ،

وَلَوْ بِأَنْ يُرْجَى تَعَلُّمُهُ لَهُ وَقِيلَ لِقِتَالٍ وَقِرْدٍ لِحِرَاسَةٍ وَهِرَّةٍ لِدَفْعِ نَحْوِ فَأْرٍ وَنَحْوِ عَنْدَلِيبِ لِلْأُنْسِ بِصَوْتِهِ وَطَاوُسٍ لِلْأُنْسِ بِلَوْنِهِ وَإِنْ زِيدَ فِي ثَمَنِهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، وَيَصِحُّ بَيْعُ رَقِيقٍ زَمِنٍ لِأَنَّهُ يَتَقَرَّبُ عِتْقُهُ بِخِلَافِ حِمَارٍ زَمِنٍ وَلَا أَثَرَ لِمَنْفَعَةِ جِلْدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ (وَلَا) بَيْعُ (حَبَّتَيْ الْحِنْطَةِ) وَنَحْوِهَا كَشَعِيرٍ وَزَبِيبٍ وَنَحْوِ عِشْرِينَ حَبَّةِ خَرْدَلٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مَا لَا يُقَابَلُ فِي الْعُرْفِ بِمَالٍ فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ لِانْتِفَاءِ النَّفْعِ بِذَلِكَ لِقِلَّتِهِ وَلِهَذَا لَمْ يَضْمَنْ لَوْ تَلِفَ وَإِنْ حُرِّمَ غَصْبُهُ وَوَجَبَ رَدُّهُ وَكُفِّرَ مُسْتَحِلُّهُ وَعُدَّ مَالًا بِضَمِّهِ لِغَيْرِهِ أَوْ لِنَحْوِ غَلَاءٍ كَالِاصْطِيَادِ بِحَبَّةٍ فِي فَخٍّ. وَمَا نُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ جَوَازِ أَخْذِ الْخِلَالِ وَالْخِلَالَيْنِ مِنْ خَشَبِ الْغَيْرِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا عُلِمَ رِضَاهُ، وَيَحْرُمُ بَيْعُ السُّمِّ إنْ قَتَلَ كَثِيرُهُ وَقَلِيلُهُ، فَإِنْ نَفَعَ قَلِيلُهُ وَقَتَلَ كَثِيرُهُ كَالْأَفْيُونِ جَازَ (وَ) لَا بَيْعُ (آلَةِ اللَّهْوِ) الْمُحَرَّمِ كَطُنْبُورِ وَشَبَّابَةٍ وَصَنَمٍ وَصُورَةِ حَيَوَانٍ وَصَلِيبٍ فِيمَا يَظْهَرُ إنْ أُرِيدَ بِهِ مَا هُوَ شِعَارُهُمْ الْمَخْصُوصُ بِتَعْظِيمِهِمْ وَلَوْ مِنْ نَقْدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَهْدَةٌ وَالْجَمْعُ فُهُودٌ مِثْلُ فَلْسٍ وَفُلُوسٍ، وَقِيَاسُ جَمْعِ الْأُنْثَى إذَا أُرِيدَ تَحْقِيقُ التَّأْنِيثِ فَهَدَاتٌ مِثْلُ كَلْبَةٍ وَكَلْبَاتٍ اهـ. وَفِي حَاشِيَةِ الْبَكْرِيِّ: وَالْفَهِدُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِ الْهَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِأَنْ يُرْجَى تَعَلُّمُهُ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ لِلصِّحَّةِ أَنْ يَكُونَ مُعَلَّمًا بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَهِرَّةٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ أَهْلِيَّةً، أَمَّا الْهِرُّ الْوَحْشِيُّ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ إلَّا إنْ كَانَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ كَهِرِّ الزَّبَادِ وَقَدَرَ عَلَى تَسْلِيمِهِ بِحَبْسِهِ أَوْ رَبْطِهِ مَثَلًا اهـ حَجّ. وَلَعَلَّ إسْقَاطَ الشَّارِحِ لِذَلِكَ لِلِاكْتِفَاءِ بِقَوْلِهِ لِدَفْعِ نَحْوِ فَارٍ وَبَقِيَ هَلْ يَصِحُّ إيجَارُهَا لِلصَّيْدِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الِاصْطِيَادَ بِهَا لَيْسَ مِنْ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ قِيَاسًا عَلَى اسْتِئْجَارِ الْفَحْلِ لِلضِّرَابِ (قَوْلُهُ: لِدَفْعِ نَحْوِ فَارٍ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ حَالًّا فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهَا إذَا كَانَتْ غَيْرَ مُعَلَّمَةٍ لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَلَوْ مَآلًا صِحَّةُ بَيْعِهَا إذَا رُجِيَ تَعْلِيمُهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَعَلَّ عَدَمَ ذِكْرِهِ هَذَا الْقَيْدَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرْجَى فِيهَا غَالِبًا التَّعْلِيمُ (قَوْلُهُ: وَعَنْدَلِيبِ) هُوَ مَأْكُولٌ وَلَعَلَّهُ لَمْ يَجْعَلْ الْعِلَّةَ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ حِلَّ أَكْلِهِ لِأَنَّ أَكْلَهُ وَإِنْ جَازَ يَنْدُرُ قَصْدُهُ، بِخِلَافِ الْأُنْسِ بِصَوْتِهِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الزِّيَادَةَ فِي ثَمَنِهِ (قَوْلُهُ: وَطَاوُسٍ) اُسْتُشْكِلَ الْقَطْعُ بِحِلِّ بَيْعِهِ وَحِكَايَتُهُمْ الْخِلَافُ فِي إيجَارِهِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِضَعْفِ مَنْفَعَتِهِ وَحْدَهَا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ) أَيْ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ السُّمِّ إنْ قَتَلَ كَثِيرُهُ، وَكَذَا إنْ ضَرَّ كَثِيرُهُ وَقَلِيلُهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَفَعَ قَلِيلُهُ) قَضِيَّتُهُ الْحُرْمَةِ فِيمَا لَوْ لَمْ يَنْفَعْ قَلِيلُهُ وَضَرَّ كَثِيرُهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا غَيْرُ مُرَادَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْحُرْمَةِ مَعَ انْتِفَاءِ الضَّرَرِ. نَعَمْ قَدْ يُقَالُ بِفَسَادِ الْبَيْعِ وَبِالْحُرْمَةِ لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهِ كَالْحَشَرَاتِ وَحَبَّتَيْ الْحِنْطَةِ فَإِنَّ بَيْعَهَا بَاطِلٌ لِعَدَمِ النَّفْعِ وَإِنْ انْتَفَى الضَّرَرُ فَمَا هُنَا أَوْلَى لِوُجُودِ الضَّرَرِ فِيهِ، وَهَلْ الْعِبْرَةُ بِالْمُتَعَاطِي لَهُ حَتَّى لَوْ كَانَ الْقَدْرُ الَّذِي يَتَنَاوَلُهُ لَا يَضُرُّ لِاعْتِيَادِهِ عَلَيْهِ وَيَضُرُّ غَيْرُهُ لَمْ يَحْرُمْ أَوْ الْعِبْرَةُ بِغَالِبِ النَّاسِ فَيَحْرُمُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَضُرَّهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَقَتَلَ كَثِيرُهُ) أَيْ أَوْ ضَرَّ (قَوْلُهُ: جَازَ) أَيْ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ: وَشَبَّابَةٍ) وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ الْآنَ بِالْغَابَةِ (قَوْلُهُ: إنْ أُرِيدَ بِهِ مَا هُوَ شِعَارُهُمْ) أَيْ أَمَّا لَوْ لَمْ يُرِدْ بِهَا ذَلِكَ كَالصُّوَرِ الَّتِي تُتَّخَذُ مِنْ الْحَلْوَى لِتَرْوِيجِهَا فَلَا يَحْرُمُ بَيْعُهَا وَلَا فِعْلُهَا، ثُمَّ رَأَيْت الشَّيْخَ عَمِيرَةَ نَقَلَ ذَلِكَ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ فَلْيُرَاجَعْ، وَفِي الْعَلْقَمِيِّ عَلَى الْجَامِعِ عِنْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ» إلَخْ مَا نَصُّهُ: قَالَ النَّوَوِيُّ: قَالَ الْعُلَمَاءُ: تَصْوِيرُ صُورَةِ الْحَيَوَانِ حَرَامٌ شَدِيدُ الْحُرْمَةِ وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ؛ لِأَنَّهُ مُتَوَعَّدٌ عَلَيْهِ بِهَذَا الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ، وَسَوَاءٌ صَنَعَهُ لِمَا يَمْتَهِنُ أَمْ لِغَيْرِهِ فَصَنْعَتُهُ حَرَامٌ بِكُلِّ حَالٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ فِي ثَوْبٍ أَوْ بِسَاطٍ أَوْ دِرْهَمٍ أَوْ دِينَارٍ أَوْ فَلْسٍ أَوْ إنَاءٍ أَوْ حَائِطٍ أَوْ غَيْرِهَا، فَأَمَّا تَصْوِيرُ مَا لَيْسَ فِيهِ صُورَةُ حَيَوَانٍ مَثَلًا فَلَيْسَ بِحَرَامٍ اهـ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَعُدَّ مَالًا) أَيْ مُتَمَوَّلًا (قَوْلُهُ: وَصَنَمٌ وَصُورَةُ حَيَوَانٍ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى آلَةِ لَهْوٍ (قَوْلُهُ إنْ أُرِيدَ بِهِ) أَيْ بِالصَّلِيبِ

وَكُتُبِ عِلْمٍ مُحَرَّمٍ إذَا لَا نَفْعَ بِهَا شَرْعًا يَصِحُّ بَيْعُ نَرْدٍ صَلَحَ لِبَيَادِقِ شِطْرَنْجٍ مِنْ غَيْرِ كَبِيرِ كُلْفَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ وَبَيْعُ جَارِيَةِ غِنَاءٍ مُحَرَّمٍ وَكَبْشٍ نِطَاحٍ وَإِنْ زِيدَ فِي ثَمَنِهِمَا لِذَلِكَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَصَالَةُ الْحَيَوَانِ (وَقِيلَ يَصِحُّ) الْبَيْعُ (فِي الْآلَةِ) أَيْ وَمَا ذَكَرَ مَعَهَا (إنْ عَدَّ رُضَاضَهَا) بِضَمِّ الرَّاءِ مَكْسِرِهَا (مَا لَا) لِأَنَّ فِيهَا نَفْعًا مُتَوَقَّعًا كَالْجَحْشِ الصَّغِيرِ وَرُدَّ بِأَنَّهَا مَا دَامَتْ عَلَى هَيْئَتِهَا لَا يُقْصَدُ مِنْهَا سِوَى الْمَعْصِيَةِ، وَبِهِ فَارَقَتْ صِحَّةَ بَيْعِ إنَاءِ النَّقْدِ قَبْلَ كَسْرِهِ. وَالْمُرَادُ بِبَقَائِهَا عَلَى هَيْئَتِهَا أَنْ تَكُونَ بِحَالَةٍ بِحَيْثُ إذَا أُرِيدَ مِنْهَا مَا هِيَ لَهُ لَا تَحْتَاجُ إلَى صَنْعَةٍ وَتَعَبٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ بَابِ الْغَصْبِ فَتَعْبِيرُ بَعْضِهِمْ هُنَا بِحِلِّ بَيْعِ الْمُرَكَّبَةِ إذَا فُكَّ تَرْكِيبُهَا مَحْمُولٌ عَلَى فَكٍّ لَا تَعُودُ بَعْدَهُ لِهَيْئَتِهَا إلَّا بِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَسْكَنٍ بِلَا مَمَرٍّ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَمَرٌّ أَوْ كَانَ وَنَفَاهُ فِي بَيْعِهِ لِتَعَذُّرِ الِانْتِفَاعِ بِهِ سَوَاءٌ أَتَمَكَّنُ الْمُشْتَرِي مِنْ اتِّخَاذِ مَمَرٍّ لَهُ مِنْ شَارِعٍ أَوْ مَلَكَهُ أَمْ لَا كَمَا قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ وَإِنْ شَرَطَ الْبَغَوِيّ عَدَمَ تَمَكُّنِهِ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ دَارًا وَاسْتَثْنَى بَيْتًا مِنْهَا وَنَفَى الْمَمَرَّ صَحَّ إنْ أَمْكَنَهُ اتِّخَاذُ مَمَرٍّ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ وَهُوَ دَوَامُ الْمِلْكِ هُنَا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ؛ وَإِذَا بِيعَ عَقَارٌ وَخُصِّصَ الْمُرُورُ إلَيْهِ بِجَانِبٍ اُشْتُرِطَ تَعْيِينُهُ فَلَوْ احْتَفَّ بِمِلْكِهِ مِنْ كُلِّ الْجَوَانِبِ وَشَرَطَ لِلْمُشْتَرِي حَقَّ الْمُرُورِ إلَيْهِ مِنْ جَانِبٍ لَمْ يُعَيِّنْهُ بَطَلَ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِاخْتِلَافِ الْجَوَانِبِ، فَإِنْ لَمْ يُخَصِّصْ بِأَنْ شَرَطَهُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ أَوْ قَالَ بِحُقُوقِهَا أَوْ أَطْلَقَ صَحَّ وَمَرَّ إلَيْهِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ. نَعَمْ مَحِلُّهُ فِي الْأَخِيرَةِ مَا لَمْ يُلَاصِقْ الشَّارِعَ أَوْ مِلْكَهُ وَإِلَّا مَرَّ مِنْهُ فَقَطْ، ـــــــــــــــــــــــــــــSوَعُمُومُ قَوْلِهِ أَمْ لِغَيْرِهِ يُفِيدُ خِلَافَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ، وَيُوَافِقُ مَا فِي الْعَلْقَمِيِّ مِنْ الْحُرْمَةِ مُطْلَقًا مَا كَتَبَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ بِهَامِشِ الْمَحَلِّيِّ مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ مِنْ الصُّوَرِ مَا يُجْعَلُ مِنْ الْحَلْوَى بِمِصْرَ عَلَى صُورَةِ الْحَيَوَانِ وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِبَيْعِ ذَلِكَ وَهُوَ بَاطِلٌ اهـ. وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى مَا يُوَافِقُهُ بِجَعْلِ ضَمِيرِ بِهِ رَاجِعًا إلَى الصَّلِيبِ وَتَكُونُ حُرْمَةُ تَصْوِيرِ الْحَيَوَانِ بَاقِيَةٌ عَلَى إطْلَاقِهَا، وَجَرَى عَلَيْهِ حَجّ حَيْثُ قَالَ: وَفِي إلْحَاقِ الصَّلِيبِ بِهِ: أَيْ بِالنَّقْدِ الَّذِي عَلَيْهِ صُوَرٌ أَوْ بِالصَّنَمِ تَرَدُّدٌ، وَيَتَّجِهُ الثَّانِي إنْ أُرِيدَ بِهِ مَا هُوَ شِعَارُهُمْ الْمَخْصُوصَةُ بِتَعْظِيمِهِمْ وَالْأَوَّلُ إنْ أُرِيدَ بِهِ مَا هُوَ مَعْرُوفٌ (قَوْلُهُ: وَكُتُبِ عِلْمٍ) أَيْ وَلَا بَيْعَ كُتُبِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِضَمِّ الرَّاءِ) أَيْ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ وَالْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ كَسْرِهِ) فَإِنَّهُ قَدْ يُبَاحُ اسْتِعْمَالُهُ لِفَقْدِ غَيْرِهِ مَثَلًا فَلَا يَكُونُ اسْتِعْمَالُهُ مَعْصِيَةً، وَيُرَدُّ عَلَى هَذَا أَنَّ آلَةَ اللَّهْوِ قَدْ يُبَاحُ اسْتِعْمَالُهَا بِأَنْ أَخْبَرَ طَبِيبٌ عَدْلٌ مَرِيضًا بِأَنَّهُ لَا يُزِيلُ مَرَضَهُ إلَّا سَمَاعُ الْآلَةِ وَلَمْ يُوجَدْ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ إلَّا الْآلَةُ الْمُحَرَّمَةُ، أَوْ يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْآلَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يُنْظَرُ إلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا نَادِرَةٌ وَلِأَنَّهَا تُشْبِهُ صِغَارَ دَوَابِّ الْأَرْضِ إذْ ذَكَرَ لَهَا مَنَافِعَ فِي الْخَوَاصِّ حَيْثُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا مَعَ ذَلِكَ، بِخِلَافِ الْآنِيَةِ فَإِنَّ الِاحْتِيَاجَ إلَيْهَا أَكْثَرُ وَالِانْتِفَاعُ بِهَا قَدْ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إخْبَارِ طَبِيبٍ كَمَا لَوْ اُضْطُرَّ إلَى الشُّرْبِ وَلَمْ يَجِدْ مَعَهُ إلَّا هِيَ (قَوْلُهُ: مِنْ اتِّخَاذِ مَمَرٍّ لَهُ إلَخْ) وَطَرِيقُهُ فِي هَذِهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِيمَنْ أَرَادَ شِرَاءَ ذِرَاعٍ مِنْ ثَوْبٍ نَفِيسٍ أَنْ يُحْدِثَ الْمَمَرَّ هُنَا فِي مِلْكِ مَرِيدِ الشِّرَاءِ أَوْ فِي شَارِعٍ بِالتَّرَاضِي مِنْهُمَا ثُمَّ يَشْتَرِي مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: نَعَمْ مَحَلُّهُ فِي الْأَخِيرَةِ) أَيْ قَوْلُهُ أَوْ أَطْلَقَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا مَرَّ مِنْهُ) هَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِ قَبْلُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ مَسْكَنٍ بِلَا مَمَرٍّ وَإِنْ أَمْكَنَهُ إلَخْ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ مَا هُنَا مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا كَانَ لَهَا مَمَرٌّ بِالْفِعْلِ مِنْ مِلْكِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِذَا بِيعَ عَقَارٌ إلَخْ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ وَغَيْرِهِ لَوْ بَاعَ عَقَارًا يُحِيطُ بِهِ مِلْكُهُ جَازَ، وَمَمَرُّ الْمُشْتَرِي مِنْ أَيِّ جِهَاتِهِ شَاءَ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِعْته بِحُقُوقِهِ فَإِنْ شَرَطَ لَهُ الْمَمَرَّ مِنْ جِهَةٍ مُعَيَّنَةٍ صَحَّ وَتَعَيَّنَتْ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ لَمْ يَصِحَّ إلَى آخِرِ الْمَسْأَلَةِ فَجَعَلَ أَصْلَ الْمُقْسَمِ مَا إذَا أَحَاطَ مِلْكُ الْبَائِعِ بِهِ (قَوْلُهُ نَعَمْ مَحَلُّهُ فِي الْأَخِيرَةِ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم فِيهِ: مَعَ كَوْنِ الْمُقْسَمِ أَنَّهُ احْتَفَّ بِمِلْكِ الْبَائِعِ مِنْ جَمِيعِ الْجَوَانِبِ مُسَامَحَةٌ اهـ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: لَا يَلْزَمُ مِنْ احْتِفَافِهِ بِهِ أَنْ يَكُونَ مُسْتَغْرِقًا لِكُلِّ جَانِبٍ مِنْهُ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّ لِلْبَائِعِ فِي كُلِّ جَانِبٍ مِلْكًا وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْرِقْ الْجَانِبَ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُلَاصِقْ الشَّارِعَ) أَيْ وَلَهُ إلَيْهِ مَمَرٌّ بِالْفِعْلِ وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ

[من شروط المبيع إمكان تسليمه]

وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ فَإِنَّ لَهُ الْمَمَرَّ إلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ مَمَرَّانِ تَخَيَّرَ الْبَائِعُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ تَخَيَّرَ الْمُشْتَرِي وَلَهُ وَجْهٌ فَإِنَّ الْقَصْدَ مُرُورُ الْبَائِعِ لِمِلْكِهِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا اسْتَوَيَا سَعَةً وَنَحْوَهَا وَإِلَّا تَعَيَّنَ مَا لَا ضَرَرَ فِيهِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا وَقَوْلُهُمْ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِاخْتِلَافِ الْجَوَانِبِ أَنَّ مَنْ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ فِي مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ مِنْ مِلْكِ غَيْرِهِ لَوْ أَرَادَ غَيْرُهُ نَقْلَهُ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ مِنْهُ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِرِضَا الْمُسْتَحِقِّ، وَإِنْ اسْتَوَى الْمَمَرَّانِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ أَخْذَهُ بَدَلَ مُسْتَحِقِّهِ مُعَاوَضَةٌ وَشَرْطُهَا الرِّضَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَقَدْ أَفْتَى بَعْضُهُمْ بِذَلِكَ فِيمَنْ لَهُ مَجْرَى فِي أَرْضِ آخَرَ فَأَرَادَ الْآخَرُ أَنْ يَنْقُلَهُ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ مِنْهَا مُسَاوٍ لِلْأَوَّلِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَلَوْ اتَّسَعَ الْمَمَرُّ بِزَائِدٍ عَلَى حَاجَةِ الْمُرُورِ فَهَلْ لِلْمَالِكِ تَضْيِيقُهُ بِالْبِنَاءِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ حَالًا عَلَى الْمَارِّ أَوْ لَا لِأَنَّهُ قَدْ يَزْدَحِمُ فِيهِ مَعَ مَنْ لَهُ الْمُرُورُ مِنْ الْمَالِكِ أَوْ مَارٍّ آخَرَ؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَالْأَوْجَهُ الْجَوَازُ إنْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ لِلْمَارِّ تَضَرُّرٌ بِذَلِكَ التَّضْيِيقِ وَإِنْ فُرِضَ الِازْدِحَامُ فِيهِ وَإِلَّا فَلَا (وَيَصِحُّ) (بَيْعُ الْمَاءِ عَلَى الشَّطِّ) وَالْحَجَرِ عِنْدَ الْجَبَلِ (وَالتُّرَابِ بِالصَّحْرَاءِ) مِمَّنْ حَازَهَا (فِي الْأَصَحِّ) لِظُهُورِ النَّفْعِ فِيهَا وَإِنْ سَهُلَ تَحْصِيلُ مِثْلِهَا، وَلَا يَقْدَحُ فِيهِ مَا قَالَهُ الثَّانِي مِنْ إمْكَانِ تَحْصِيلِ مِثْلِهَا مِنْ غَيْرِ تَعَبٍ وَلَا مُؤْنَةٍ، فَإِنْ اخْتَصَّ بِوَصْفٍ زَائِدٍ كَتَبْرِيدِ الْمَاءِ صَحَّ قَطْعًا، وَيَصِحُّ بَيْعُ نِصْفِ دَارٍ شَائِعٍ بِمِثْلِهِ الْآخَرِ، وَمِنْ فَوَائِدِهِ مَنْعُ رُجُوعِ الْوَالِدِ وَبَائِعِ الْمُفْلِسِ. . الشَّرْطُ (الثَّالِثُ) مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (إمْكَانُ) يَعْنِي قُدْرَةَ الْبَائِعِ حِسًّا وَشَرْعًا عَلَى (تَسْلِيمِهِ) بِلَا كَبِيرِ مَشَقَّةٍ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ، وَسَيَذْكُرُ مَحَلَّ الْخِلَافِ وَهُوَ قُدْرَةُ الْمُشْتَرِي عَلَى تَسَلُّمِهِ مِمَّنْ هُوَ عِنْدَهُ لِتَوَقُّفِ الِانْتِفَاعِ بِهِ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا تُرَدُّ صِحَّتُهُ فِي نَقْدٍ يَعِزُّ وُجُودُهُ لِصِحَّةِ الِاسْتِبْدَالِ عَنْهُ كَمَا سَيَأْتِي، وَفِي بَيْعِ نَحْوِ مَغْصُوبٍ وَضَالٍّ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، أَوْ بَيْعًا ضِمْنِيًّا لِقُوَّةِ الْعِتْقِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَوْ شَارِعٌ وَمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ احْتَاجَ إلَى إحْدَاثِ مَمَرٍّ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ) أَيْ السَّابِقِ فِي قَوْلِهِ صَحَّ إنْ أَمْكَنَهُ اتِّخَاذُ مَمَرٍّ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: تَخَيَّرَ الْمُشْتَرِي) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ أَطْلَقَ صَحَّ وَمَرَّ إلَيْهِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ بِتَخَيُّرِ الْمُشْتَرِي ثُبُوتَ الْحَقِّ لَهُ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَمَرَّيْنِ، وَأَنَّ مَعْنَى التَّخَيُّرِ أَنَّهُ يَمُرُّ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَرَادَ وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إلَخْ) هَذَا مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ السَّابِقِ وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا بَاعَ دَارًا وَاسْتَثْنَى لِنَفْسِهِ بَيْتًا مِنْهَا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْمَمَرِّ لَا إثْبَاتًا وَلَا نَفْيًا وَلَهَا مَمَرَّانِ تَخَيَّرَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: مَا لَا ضَرَرَ فِيهِ) أَيْ عَلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: لَوْ أَرَادَ غَيْرُهُ نَقْلَهُ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ) أَيْ أَوْ شِرَاءَهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ حَالًّا) وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الدَّرْبُ مَثَلًا مَمْلُوكًا كُلُّهُ لِمَنْ هُوَ مُتَصَرِّفٌ فِيهِ، وَلِغَيْرِهِ الْمُرُورُ فِي ذَلِكَ لِنَحْوِ صَلَاةٍ بِمَسْجِدٍ أَحْدَثَهُ صَاحِبُ الدَّرْبِ أَوْ فُرْنٍ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ التَّوَقُّفُ الْآتِي قَرِيبًا، أَوْ أَنَّ الدَّرْبَ بِتَمَامِهِ مَمْلُوكٌ لِوَاحِدٍ ثُمَّ بَاعَ حَقَّ الْمُرُورِ فِيهِ لِغَيْرِهِ وَأَرَادَ بَعْدَ الْبَيْعِ الْبِنَاءَ لِمَا يَضِيقُ بِهِ الْمَمَرُّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ فُرِضَ الِازْدِحَامُ فِيهِ) وَقَدْ يُقَالُ: بَلْ الْأَوْجَهُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ بِبَيْعِ مَالِكِهِ لِلدَّارِ تَبِعَهَا جُزْءٌ مِنْ الْمَمَرِّ فَصَارَ الْمَمَرُّ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ امْتِنَاعُ تَضْيِيقِهِ بِغَيْرِ رِضًا مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَا تُرَدُّ صِحَّتُهُ) أَيْ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: فِي نَقْدٍ) أَيْ بِنَقْدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَسْكَنٍ بِلَا مَمَرٍّ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ فَإِنَّ لَهُ الْمَمَرَّ إلَيْهِ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا بَاعَ دَارًا وَاسْتَثْنَى لَهُ بَيْتًا مِنْهَا وَهُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِلشِّهَابِ حَجّ، لَكِنَّهُ لَمْ يُقَدِّمْ مَا قَدَّمَهُ الشِّهَابُ حَجّ فِيهَا الْمُصَحِّحُ لِهَذَا الْكَلَامِ، وَعِبَارَتُهُ: وَفَارَقَ مَا ذَكَرَ أَوَّلًا مَا لَوْ بَاعَ دَارًا وَاسْتَثْنَى لِنَفْسِهِ بَيْتًا مِنْهَا فَإِنَّ لَهُ الْمَمَرَّ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ الْبَيْتُ بِمِلْكِهِ أَوْ شَارِعٍ فَإِنْ نَفَاهُ صَحَّ إلَخْ، وَبِهَذَا يُعْلَمُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ فِي قَوْلَتَيْنِ مِمَّا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي غَيْرِ صُورَةِ الْبَيْتِ الْمَذْكُورَةِ [مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ إمْكَانُ تَسْلِيمِهِ] (قَوْلُهُ: بِلَا كَبِيرِ مَشَقَّةٍ) قَضِيَّتُهُ وَإِنْ احْتَاجَ إلَى مُؤْنَةٍ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ) أَيْ التَّسَلُّمِ (قَوْلُهُ: فِي نَقْدٍ)

مَعَ كَوْنِهِ يُغْتَفَرُ فِي الضِّمْنِيِّ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِ، وَالْإِمْكَانُ يُطْلَقُ تَارَةً فِي مُقَابَلَةِ التَّعَذُّرِ وَتَارَةً فِي مُقَابَلَةِ التَّعَسُّرِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بِأَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ (فَلَا يَصِحُّ) (بَيْعُ الضَّالِّ) كَبَعِيرٍ نَدَّ وَطَيْرٍ فِي الْهَوَاءِ وَإِنْ اعْتَادَ الْعَوْدُ إلَى مَحَلِّهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ، وَلِأَنَّهُ لَا يَوْثُقُ بِهِ لِعَدَمِ عَقْلِهِ وَبِهَذَا فَارَقَ الْعَبْدَ الْمُرْسَلَ فِي حَاجَةٍ، هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ نَحْلًا أَوْ كَانَ وَأُمُّهُ خَارِجُ الْخَلِيَّةِ، فَإِنْ كَانَتْ فِيهَا صَحَّ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لِلْوُثُوقِ بِعَوْدِهِ وَفَارَقَ بَقِيَّةَ الطُّيُورِ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ لِلْجَوَارِحِ وَبِأَنَّهُ لَا يَأْكُلُ عَادَةً إلَّا مِمَّا يَرْعَاهُ، فَلَوْ تَوَقَّفَتْ صِحَّةُ بَيْعِهِ عَلَى حَبْسِهِ لَرُبَّمَا أَضَرَّ بِهِ أَوْ تَعَذَّرَ بَيْعُهُ بِخِلَافِ سَائِرِ الطُّيُورِ، وَلَا يَصِحُّ أَيْضًا بَيْعُ نَحْوِ سَمَكٍ بِبِرْكَةٍ وَاسِعَةٍ يَتَوَقَّف أَخْذُهُ مِنْهَا عَلَى كَبِيرِ كُلْفَةٍ عُرْفًا، فَإِنْ سَهُلَ صَحَّ إنْ لَمْ يَمْنَعْ الْمَاءُ رُؤْيَتَهُ (وَالْآبِقِ) وَلَوْ مِمَّنْ عُرِفَ مَحَلُّهُ، وَلَا يُطْلَقُ إلَّا عَلَى الْآدَمِيِّ (وَالْمَغْصُوبِ) وَلَوْ لِمَنْفَعَةِ الْعِتْقِ لِلْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِهَا أَوْ تَسَلُّمِهَا حَالًّا لِوُجُودِ حَائِلٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِانْتِفَاعِ فَلَا يُنَافِيهِ صِحَّةُ شِرَاءِ الزَّمِنِ لِمَنْفَعَةِ الْعِتْقِ، إذْ لَيْسَ ثَمَّ مَنْفَعَةٌ حِيلَ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَهَا حَتَّى لَوْ فُرِضَ أَنْ لَا مَنْفَعَةَ فِيمَا ذَكَرَ سِوَى الْعِتْقِ لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَوْلُهُ الْكَافِي: يَصِحُّ بَيْعُ الْعَبْدِ التَّائِهِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِعِتْقِهِ تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ الْحِمَارِ التَّائِهِ مَرْدُودٌ (فَإِنْ بَاعَهُ) أَيْ الْمَغْصُوبَ، وَمِثْلُهُ مَا ذَكَرَ فَيَشْمَلُ الثَّلَاثَةَ (لِقَادِرٍ عَلَى انْتِزَاعِهِ) أَوْ رَدِّهِ (صَحَّ عَلَى الصَّحِيحِ) حَيْثُ لَمْ تَتَوَقَّفْ الْقُدْرَةُ عَلَى مُؤْنَةٍ لَهَا وَقْعٌ لِتَيَسُّرِ وُصُولِهِ إلَيْهِ حِينَئِذٍ وَإِلَّا فَلَا كَمَا قَالَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الضَّالِّ) يُؤْخَذُ مِنْ الْمُخْتَارِ أَنَّ الضَّالَّةَ بِالْهَاءِ خَاصَّةٌ بِالْبَهِيمَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْحَيَوَانِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ، وَفِي الْمِصْبَاحِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْإِنْسَانَ يُقَالُ فِيهِ ضَالٌّ، وَغَيْرُهُ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ يُقَالُ فِيهِ ضَالَّةٌ، وَعِبَارَتُهُ: وَالْأَصْلُ فِي الضَّلَالِ الْغَيْبَةُ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْحَيَوَانِ الضَّائِعِ ضَالَّةٌ بِالْهَاءِ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالْجَمْعُ الضَّوَالُّ مِثْلُ دَابَّةٍ وَدَوَابَّ، وَيُقَالُ لِغَيْرِ الْحَيَوَانِ ضَائِعٌ وَلُقَطَةٌ. ثُمَّ قَالَ: وَقَوْلُ الْغَزَالِيِّ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْآبِقِ وَالضَّالِّ إنْ كَانَ الْمُرَادُ الْإِنْسَانَ، فَاللَّفْظُ صَحِيحٌ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ غَيْرَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ وَالضَّالَّةُ بِالْهَاءِ فَإِنَّ الضَّالَّ هُوَ الْإِنْسَانُ، وَالضَّالَّةُ الْحَيَوَانُ الضَّائِعُ انْتَهَى. وَعَلَيْهِ فَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَجَوُّزٌ، إمَّا بِاسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ، وَإِمَّا بِاسْتِعْمَالِهِ فِي مَفْهُومٍ كُلِّيٍّ يَعُمُّهُمَا وَهُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ بِعُمُومِ الْمَجَازِ (قَوْلُهُ: رُؤْيَتُهُ) وَيَكْفِي فِي الرُّؤْيَةِ الرُّؤْيَةُ الْعُرْفِيَّةُ فَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُطْلَقُ إلَّا عَلَى الْآدَمِيِّ) لَكِنَّهُ مَخْصُوصٌ فِي اللُّغَةِ عَلَى مَا فِي الْمِصْبَاحِ بِمَنْ هَرَبَ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا كَدِّ تَعَبٍ. أَمَّا مَنْ هَرَبَ الْوَاحِدُ مِنْهُمَا فَيُقَالُ لَهُ هَارِبٌ لَا آبِقٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِمَنْفَعَةٍ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ الْآبِقِ وَالْمَغْصُوبِ (قَوْلُهُ: فِيمَا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ الضَّالِّ وَالْآبِقِ وَالْمَغْصُوبِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) أَيْ بَيْعُهُ إلَّا لِمَنْ قَدَرَ عَلَى انْتِزَاعِهَا (قَوْلُهُ: مَرْدُودٌ) أَيْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْحِمَارِ فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ إلَّا لِمَنْ قَدَرَ عَلَى رَدِّهِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ مَا ذَكَرَ مِنْ الضَّالِّ وَالْآبِقِ) وَعِبَارَةُ حَجّ: وَمِثْلُهُ الْآخَرَانِ أَوْ مَا ذَكَرَ اهـ. وَهِيَ أَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: لَهَا وَقَعَ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِأَنْ كَانَ ثَمَنًا فِي الذِّمَّةِ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُسْتَبْدَلُ عَنْهُ فَفِي بِمَعْنَى الْبَاءِ (قَوْلُهُ: كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بِأَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ) أَيْ وَأَشَارَ إلَيْهِ هُوَ أَيْضًا بِقَوْلِهِ يَعْنِي قَدَّرَهُ الْبَائِعُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ لِلْجَوَارِحِ) أَيْ فَلَا يَخْشَى عَدَمَ عَوْدِهِ بِأَنْ أَكَلَهُ الْجَوَارِحُ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنَّهُ لَا يَقْصِدُ بِالْجَوَارِحِ اهـ. وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ أَعَمُّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِمَّنْ عُرِفَ مَحَلُّهُ) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى رَدِّهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِمَنْفَعَةِ الْعِتْقِ) أَيْ بِأَنْ اشْتَرَاهُ لِيَعْتِقَهُ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ صِحَّةِ شِرَاءِ مِنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ مَا ذَكَرَ فَيَشْمَلُ الثَّلَاثَةَ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ أَيْ الْمَغْصُوبِ، وَمِثْلُ الْآخَرَانِ أَوْ مَا ذَكَرَ فَيَشْمَلُ الثَّلَاثَةَ انْتَهَتْ، فَالشُّمُولُ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْجَوَابِ الثَّانِي، وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ الشَّارِحِ مِنْ الْكَتَبَةِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ تَتَوَقَّفْ الْقُدْرَةُ عَلَى مُؤْنَةٍ) أَيْ أَوْ مَشَقَّةٍ كَمَا بَحَثَهُ الشِّهَابُ سم أَخْذًا مِنْ

فِي الْمَطْلَبِ. وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ وَاجِبٌ عَلَى الْبَائِعِ وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْهُ، وَلَوْ جَهِلَ الْقَادِرُ غَصْبَهُ عِنْدَ الْبَيْعِ تَخَيَّرَ إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى مُؤْنَةٍ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ عَنْ الْمَطْلَبِ، وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَسْأَلَةِ الصُّبْرَةِ إذَا بَاعَهَا وَتَحْتَهَا دَكَّةٌ وَهُوَ جَاهِلٌ بِهَا أَنَّ عِلَّةَ الْبُطْلَانِ فِي مَسْأَلَتِنَا هَذِهِ الِاحْتِيَاجُ فِي تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ إلَى مُؤْنَةٍ، وَهِيَ لَا تَخْتَلِفُ بِالْعِلْمِ وَالْجَهْلِ وَفِي تِلْكَ حَالَةِ الْعِلْمِ بِالدَّكَّةِ مَنَعَهَا تَخْمِينُ الْقَدْرِ فَيَكْثُرُ الْغَرَرُ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ حَالَ الْجَهْلِ بِهَا وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْعَجْزِ حَلَفَ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ قَالَ: كُنْت أَظُنُّ الْقُدْرَةَ فَبَانَ عَدَمُهَا حَلَفَ وَبَانَ عَدَمُ انْعِقَادِ الْبَيْعِ، وَتَصِحُّ كِتَابَةُ الْآبِقِ وَالْمَغْصُوبِ إنْ تَمَكَّنَا مِنْ التَّصَرُّفِ كَمَا يَصِحُّ تَزْوِيجُهُمَا وَعِتْقُهُمَا، فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنَا مِنْهُ فَلَا. (وَلَا يَصِحُّ) (بَيْعُ) مَا يَعْجَزُ عَنْ تَسْلِيمِهِ أَوْ تَسَلُّمِهِ شَرْعًا كَجِذْعٍ فِي بِنَاءٍ وَفَصٍّ فِي خَاتَمٍ (وَنِصْفٍ) مَثَلًا (مُعَيَّنٍ) خَرَجَ الشَّائِعُ لِانْتِفَاءِ إضَاعَةِ الْمَالِ عَنْهُ (مِنْ الْإِنَاءِ وَالسَّيْفِ) لِبُطْلَانِ نَفْعِهِمَا بِكَسْرِهِمَا (وَنَحْوِهِمَا) مِمَّا تَنْقُصُ قِيمَتُهُ أَوْ قِيمَةُ بَاقِيهِ بِكَسْرِهِ أَوْ قَطْعِهِ نَقْصًا يَحْتَفِلُ بِمِثْلِهِ كَثَوْبٍ غَيْرِ غَلِيظٍ وَكَجِدَارٍ وَأُسْطُوَانَةٍ فَوْقُهُمَا شَيْءٌ أَوْ كُلُّهُ قِطْعَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ نَحْوِ طِينٍ أَوْ خَشَبٍ أَوْ صُفُوفٍ مِنْ لَبِنٍ أَوْ آجُرٍّ وَلَمْ تُجْعَلْ النِّهَايَةُ صَفًّا وَاحِدًا، وَكَجُزْءٍ مُعَيَّنٍ مِنْ حَيٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــSاحْتَاجَ إلَى مُؤْنَةٍ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) مِنْهُمْ حَجّ (قَوْلُهُ: بَيْنَ هَذِهِ) الْإِشَارَةُ رَاجِعَةٌ لِقَوْلِهِ وَلَوْ جَهِلَ الْقَادِرُ نَحْوَ غَصْبِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَسْأَلَةِ الصُّبْرَةِ) أَيْ حَيْثُ قُلْنَا بِالصِّحَّةِ فِيهَا عِنْدَ الْجَهْلِ بِالدَّكَّةِ دُونَ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ: حَلَفَ) أَيْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَى الِابْتِدَاءِ إذْ لَا يَعْلَمُ إلَّا مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَبِأَنْ عَدَمَ انْعِقَادِ الْبَيْعِ) وَعَلَى هَذَا اسْتَثْنَى هَذِهِ مِنْ قَاعِدَةِ مُدَّعِي الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: كَمَا يَصِحُّ تَزْوِيجُهُمَا) أَيْ بِأَنْ يَأْذَنَ السَّيِّدُ لِلْآبِقِ أَوْ الْمَغْصُوبِ فِي النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنَا مِنْهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ رُجِيَ زَوَالُ الْغَصْبِ عَلَى قُرْبٍ وَتَمَكَّنَ الْآبِقُ مِنْ الْعَدَدِ بِلَا كَبِيرِ مَشَقَّةٍ، وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ فِيهِمَا، وَقِيَاسُ عَدَمِ صِحَّةِ كِتَابَةِ الْمُؤَجَّرِ عَدَمُ الصِّحَّةِ هُنَا لِعَجْزِهِ عَنْ الْكَسْبِ حَالًا (قَوْلُهُ: أَوْ تَسَلُّمِهِ) الْأَوْلَى حَذْفُ الْأَلِفِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْإِنَاءِ) يَتَّجِهُ أَنْ يُسْتَثْنَى إنَاءُ النَّقْدِ فَيَصِحُّ بَيْعُ نِصْفٌ مُعَيَّنٌ مِنْهُ لِحُرْمَةِ اقْتِنَائِهِ وَوُجُوبِ كَسْرِهِ، فَالنَّقْصُ الْحَاصِلُ فِيهِ مُوَافِقٌ لِلْمَطْلُوبِ فِيهِ فَلَا يَضُرُّ مَرَّ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ لِحُرْمَةِ اقْتِنَائِهِ إلَخْ أَنَّ الْكَلَامَ فِي إنَاءٍ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، أَمَّا إنَاءٌ اُحْتِيجَ لِاسْتِعْمَالِهِ لِدَوَاءٍ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ نِصْفٍ مُعَيَّنٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ: يُحْتَفَلُ بِمِثْلِهِ) أَيْ يُهْتَمُّ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: حَفَلْت بِفُلَانٍ قُمْت بِأَمْرِهِ، وَلَا تَحْتَفِلْ بِأَمْرِهِ: أَيْ لَا تُبَالِ وَلَا تَهْتَمَّ بِهِ وَاحْتَفَلْت بِهِ اهْتَمَمْت بِهِ. قَالَ حَجّ: تَنْبِيهٌ: هَلْ يُضْبَطُ الِاحْتِفَالُ هُنَا بِمَا فِي نَحْوِ الْوَكَالَةِ وَالْحَجْرِ مِنْ اغْتِفَارِ وَاحِدٍ فِي عَشَرَةٍ لَا أَكْثَرَ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي، أَوْ يُقَالُ الْأَمْرُ هُنَا أَوْسَعُ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الضَّيَاعَ هُنَاكَ مُحَقَّقٌ فَاحْتِيطَ لَهُ بِخِلَافِهِ هُنَا، كُلٌّ مُحْتَمَلٌ: وَهَلْ الْمُرَادُ النَّقْصُ بِالنِّسْبَةِ لِمَحَلِّ الْعَقْدِ وَإِنْ خَالَفَ سِعْرُهُ سِعْرَ بَقِيَّةِ أَمْثَالِهِ مِنْ الْبَلَدِ أَوْ بِالنِّسْبَةِ لِأَغْلِبْ مَحَالِّهَا، كُلٌّ مُحْتَمَلٌ أَيْضًا، وَلَوْ قِيلَ فِي الْأُولَى بِالْأَوَّلِ وَفِي الثَّانِيَةِ بِالثَّانِي لَمْ يَبْعُدْ (قَوْلُهُ: وَأُسْطُوَانَةٍ) أَيْ عَمُودٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةِ السَّمَكِ فِي الْبِرْكَةِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) يَعْنِي شَيْخَ الْإِسْلَامِ وَتَبِعَهُ حَجّ، وَقَوْلُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ يَعْنِي مَسْأَلَةَ الْمُؤْنَةِ حَيْثُ سَوَّى فِيهَا فِي الْبُطْلَانِ بَيْنَ حَالَةِ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الدَّكَّةِ حَيْثُ فَرَّقَ فِيهَا بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ، وَإِنَّمَا فَرَضَ الْفَرْقَ فِي حَالَةِ الْجَهْلِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ بَعْدَ قَوْلِ الرَّوْضِ: وَلَهُ الْخِيَارُ إنْ جَهِلَ نَصَّهَا، وَقَضِيَّتُهُ صِحَّةُ الْعَقْدِ فِي حَالَةِ الْجَهْلِ مَعَ الِاحْتِيَاجِ فِي التَّحْصِيلِ إلَى مُؤْنَةٍ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمَطْلَبِ إذْ ذَاكَ عِنْدَ الْعِلْمِ بِالْحَالِ وَهَذَا عِنْدَ الْجَهْلِ بِهِ، فَأَشْبَهَ مَا إذَا بَاعَ صُبْرَةً تَحْتَهَا دَكَّةٌ انْتَهَتْ، فَمُرَادُ الشَّارِحِ رَدُّ هَذَا التَّشْبِيهِ (قَوْلُهُ: كَمَا يَصِحُّ تَزْوِيجُهُمَا) أَيْ كَمَا يَصِحُّ تَزْوِيجُ السَّيِّدِ إيَّاهُمَا بِأَنْ تَكُونَا أَمَتَيْنِ فَهُوَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ، وَهَذَا هُوَ الْأَنْسَبُ بِمَا قَبْلَهُ وَبِمَا بَعْدَهُ مِنْ الْكِتَابَةِ وَالْعِتْقِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْجَمِيعَ مِنْ فِعْلِ السَّيِّدِ،

لَا مُذَكًّى لِلْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِ كُلِّ ذَلِكَ شَرْعًا لِتَوَقُّفِهِ عَلَى فِعْلِ مَا يُنْقِصُ مَالِيَّتَهُ، وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ، وَيُفَارِقُ بَيْعَ نَحْوِ أَحَدِ زَوْجَيْ خُفٍّ وَذِرَاعٍ مُعَيَّنٍ مِنْ أَرْضٍ لَا مَكَان بَلْ سُهُولَةُ تَدَارُكِ نَقْصِهَا إنْ فُرِضَ ضِيقُ مَرَافِقِ الْأَرْضِ بِالْعَلَامَةِ (وَيَصِحُّ) الْبَيْعُ لِلْبَعْضِ الْمُعَيَّنِ (فِي الثَّوْبِ الَّذِي لَا يَنْقُصُ بِقَطْعِهِ) كَغَلِيظِ الْكِرْبَاسِ (فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ كَمَا مَرَّ، وَفِي النَّفِيسِ بِطَرِيقِهِ وَهِيَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ مُوَاطَأَتُهُمَا عَلَى شِرَاءِ الْبَعْضِ ثُمَّ يَقْطَعُ الْبَائِعُ ثُمَّ يَعْقِدَانِ فَيَصِحُّ اتِّفَاقًا وَاغْتُفِرَ لَهُ قَطْعُهُ مَعَ أَنَّ فِيهِ نَقْصًا وَاحْتِمَالُ عَدَمِ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْجَأْ إلَيْهِ بِعَقْدٍ، وَإِنَّمَا فَعَلَ رَجَاءَ الرِّبْحِ فَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ ظَاهِرٌ. وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْقَطْعَ لَا يَخْلُو عَنْ تَغْيِيرِ الْمَبِيعِ، وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ ثَلْجٍ وَجَمَدٍ وَهُمَا يَسِيلَانِ قَبْلَ وَزْنِهِمَا إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمَا عِنْدَ السَّيْلَانِ قِيمَةٌ، وَإِلَّا فَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ عَدَمُ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ وَإِنْ زَالَ الِاسْمُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى بِيضًا فَفَرَّخَ قَبْلَ قَبْضِهِ. (وَلَا يَصِحُّ) (بَيْعُ) عَيْنٍ تَعَلَّقَ بِهَا حَقٌّ يَفُوتُ بِالْبَيْعِ لِلَّهِ تَعَالَى كَمَاءٍ تَعَيَّنَ لِلطُّهْرِ، أَوْ لِآدَمِيٍّ كَثَوْبٍ اسْتَحَقَّ الْأَجِيرُ حَبْسَهُ لِقَبْضِ أُجْرَةٍ نَحْوِ قَصْرِهِ أَوْ إتْمَامِ الْعَمَلِ فِيهِ وَنَحْوِ (الْمَرْهُونِ) جُعْلًا بَعْدَ الْقَبْضِ أَوْ شَرْعًا بِغَيْرِ إذْنِ مُرْتَهِنِهِ إلَّا أَنْ يُبَاعَ مِنْهُ (وَلَا) الْقِنِّ (الْجَانِي الْمُتَعَلِّقِ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ) لِكَوْنِهَا خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ أَوْ عَمْدًا وَعُفِيَ عَلَى مَالٍ أَوْ أَتْلَفَ مَالًا بِغَيْرِ إذْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ كَمَا أَرْشَدَ إلَيْهِ مَا قَبْلَهُ أَوْ تَلِفَ مَا سَرَقَهُ (فِي الْأَظْهَرِ) لِتَعَلُّقِ حَقِّهِمَا بِالرَّقَبَةِ، وَمَحَلُّ الثَّانِي إنْ بِيعَ لِغَيْرِ غَرَضِ الْجِنَايَةِ وَلَمْ يُفِدْهُ السَّيِّدُ وَلَمْ يَخْتَرْ فِدَاءَهُ مَعَ كَوْنِهِ مُوسِرًا، وَالْأَصَحُّ لِانْتِقَالِ الْحَقِّ إلَى ذِمَّتِهِ فِي الْأَخِيرَةِ وَإِنْ كَانَ الرُّجُوعُ عَنْهُ جَائِزًا مَا دَامَ الْقِنُّ بَاقِيًا بِمِلْكِهِ عَلَى أَوْصَافِهِ لَتَبَيَّنَ بُطْلَانُ بَيْعِهِ حِينَئِذٍ وَبَقَاءُ التَّعْلِيقِ، فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ أُجْبِرَ عَلَى دَفْعِ أَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْأَرْشِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ لِفَلِسِهِ أَوْ تَأَخُّرِ غَيْبَتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: كَغَلِيظِ الْكِرْبَاسِ) أَيْ الْقُطْنِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ) أَيْ طَرِيقِهِ (قَوْلُهُ: فَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ ظَاهِرٌ) أَيْ ثُمَّ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا غَيْرَ مَرِيدٍ لِلشِّرَاءِ بَاطِنًا حَرُمَ عَلَيْهِ مُوَاطَأَةُ الْبَائِعِ لِتَغْرِيرِهِ بِمُوَاطَأَتِهِ وَإِنْ كَانَ مُرِيدًا ثُمَّ عَرَضَ لَهُ عَدَمُ الشِّرَاءِ بَعْدُ لَمْ تَحْرُمْ الْمُوَاطَأَةُ وَلَا عَدَمُ الشِّرَاءِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي النَّقْصِ الْحَاصِلِ بِالْقَطْعِ فِيهِمَا وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ (قَوْلُهُ: عَدَمُ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ) لَا تَظْهَرُ مُقَابَلَةُ هَذَا لِمَا قَبْلَهُ، فَإِنَّ مُقَابِلَ عَدَمِ الصِّحَّةِ هُوَ الصِّحَّةُ دُونَ عَدَمِ الِانْفِسَاخِ بَلْ حَقُّ الْمُقَابَلَةِ وَإِلَّا فَيَصِحُّ وَلَا يَنْفَسِخُ (قَوْلُهُ: فَفَرَّخَ قَبْلَ قَبْضِهِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ بَيْعُهُ (قَوْلُهُ: كَمَاءٍ تَعَيَّنَ لِلطُّهْرِ) أَيْ بِأَنْ دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَلَيْسَ ثُمَّ مَا يَتَطَهَّرُ بِهِ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِ الْمَرْهُونِ جُعْلًا) بِأَنْ يَرْهَنَهُ مَالِكُهُ عِنْدَ رَبِّ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: أَوْ شَرْعًا) بِأَنْ مَاتَ مَنْ عَلَيْهِ وَتَعَلَّقَ الْحَقُّ بِتَرِكَتِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُبَاعَ مِنْهُ) أَيْ لِأَنَّ فِي قَبُولِهِ لِلشِّرَاءِ إذْنًا وَزِيَادَةً (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الثَّانِي) ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمَا صَوَّرَهُ بِهِ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمَصْدَرَ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ. (قَوْلُهُ: بِالْعَلَامَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِضَيِّقٍ لَا بِتَدَارُكٍ كَمَا لَا يَخْفَى، وَلَعَلَّ التَّدَارُكَ يَحْصُلُ بِشِرَاءِ قِطْعَةِ أَرْضٍ بِجَانِبِهَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ ثَلْجٍ وَجَمَدٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ جَمَدٍ وَثَلْجٍ وَزْنًا وَهُوَ يَنْمَاعُ قَبْلَ وَزْنِهِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ) اُنْظُرْهُ مَعَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ إذْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) مُتَعَلِّقٌ بِبَيْعِ الْمُقَدَّرِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَيْ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْجَانِي الْمَذْكُورِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ كَمَا أَرْشَدَ إلَيْهِ مَا قَبْلَهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ تَقْيِيدِهِ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَرْهُونِ بِغَيْرِ الْإِذْنِ، لَكِنْ كَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يُقَدِّمَ مَسْأَلَةَ السَّرِقَةِ عَلَى هَذَا كَمَا صَنَعَ حَجّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ) أَيْ وَبَاعَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ إذْ مَحَلُّ الْإِجْبَارِ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ الْبَيْعِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ كَغَيْرِهِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ قَوْلُهُ الْآتِي فُسِخَ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ: أَوْ تَأَخَّرَ غَيْبَتُهُ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: أَوْ تَأَخَّرَ لِغَيْبَتِهِ انْتَهَتْ، فَالتَّأَخُّرُ قَسِيمُ التَّعَذُّرِ لَا قِسْمٌ مِنْهُ

[من شروط المبيع الملك]

أَوْ صَبَّرَهُ عَلَى الْحَبْسِ فُسِخَ الْبَيْعُ وَبِيعَ فِي الْجِنَايَةِ. نَعَمْ إنْ أَسْقَطَ الْفَسْخُ حَقَّهُ كَأَنْ كَانَ وَارِثَ الْبَائِعِ فَلَا فَسْخَ إذْ بِهِ يَرْجِعُ الْعَبْدُ إلَى مِلْكِهِ فَيَسْقُطُ الْأَرْشُ، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ يَصِحُّ فِي الْمُوسِرِ، وَقِيلَ وَالْمُعْسِرِ (وَلَا يَضُرُّ) فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ (تَعَلُّقُهُ) أَيْ الْمَالُ بِكَسْبِهِ كَأَنْ زَوَّجَهُ سَيِّدُهُ وَلَا (بِذِمَّتِهِ) كَأَنْ اشْتَرَى فِيهَا شَيْئًا مِنْ غَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَأَتْلَفَهُ لِانْتِفَاءِ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالرَّقَبَةِ الَّتِي هِيَ مَحَلُّ الْبَيْعِ وَلَا حَجْرَ لِلسَّيِّدِ عَلَى ذِمَّةِ عَبْدِهِ (وَكَذَا) لَا يَضُرُّ (تَعَلُّقُ الْقِصَاصِ) بِرَقَبَتِهِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ مَرْجُوُّ السَّلَامَةِ بِالْعَفْوِ عَنْهُ كَرَجَاءِ عِصْمَةِ الْمُرْتَدِّ وَالْحَرْبِيِّ وَشِفَاءِ الْمَرِيضِ، بَلْ لَوْ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ فِي قَطْعِ طَرِيقٍ لِقَتْلِهِ وَأَخْذِهِ الْمَالَ كَانَ كَذَلِكَ نَظَرًا لِحَالَةِ الْبَيْعِ. أَمَّا تَعَلُّقُهُ بِبَعْضِ أَعْضَائِهِ فَلَا يَضُرُّ جَزْمًا، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ يَجُوزُ لَهُ الْعَفْوُ عَلَى مَالٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ تَعَلُّقَ الْمَالِ مَانِعٌ، فَلَوْ عَفَا بَعْدَ الْبَيْعِ عَلَى مَالٍ بَطَلَ الْبَيْعُ كَمَا رَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ. (الرَّابِعُ) مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (الْمِلْكُ) فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ التَّامِّ، فَخَرَجَ بَيْعُ نَحْوِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ إذْ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ كَمَا سَيَأْتِي (لِمَنْ لَهُ الْعَقْدُ) الْوَاقِعُ مِنْ عَاقِدٍ أَوْ مُوَكِّلِهِ أَوْ مُوَلِّيَةِ فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ الْحَاكِمُ فِي بَيْعِ مَالِ الْمُمْتَنِعِ وَالْمُلْتَقَطِ لِمَا يُخَافُ تَلَفُهُ وَالظَّافِرُ بِغَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ (فَبَيْعُ الْفُضُولِيِّ) وَشِرَاؤُهُ وَسَائِرُ عُقُودِهِ فِي عَيْنٍ لِغَيْرِهِ أَوْ فِي ذِمَّةِ غَيْرِهِ كَقَوْلِهِ اشْتَرَيْت لَهُ كَذَا بِأَلْفٍ فِي ذِمَّتِهِ وَهُوَ مَنْ لَيْسَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ مَحَلُّ عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الثَّانِي وَهُوَ الْجَانِي (قَوْلُهُ: فُسِخَ الْبَيْعُ) لَعَلَّ الْفَاسِخَ لَهُ الْحَاكِمُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْفَاسِخَ لَهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ. ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ: وَالْفَاسِخُ لَهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ اهـ (قَوْلُهُ: وَبِيعَ فِي الْجِنَايَةِ) أَيْ وَيَكُونُ الْبَائِعَ لَهُ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: كَأَنْ كَانَ) أَيْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَلَا فَسْخَ) أَيْ فَلَا يَفْسَخُهُ الْحَاكِمُ وَلَوْ فَسَخَ لَمْ يَنْفُذْ فَسْخُهُ (قَوْلُهُ: إلَى مِلْكِهِ) أَيْ الْمُوَرِّثَ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَا يَضُرُّ تَعَلُّقُ الْقِصَاصِ بِرَقَبَتِهِ) فَلَوْ قُتِلَ قِصَاصًا بَعْدَ الْبَيْعِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَفِيهِ تَفْصِيلٌ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضِ كَأَصْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ. حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ جَاهِلًا انْفَسَخَ الْبَيْعُ وَرَجَعَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَتَجْهِيزِهِ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَمْ يَفْسَخْ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ اهـ. وَقَوْلُهُ: إنْ كَانَ جَاهِلًا: أَيْ وَاسْتَمَرَّ جَهْلُهُ إلَى الْقَتْلِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَسْتَمِرَّ فَإِنَّهُ إنْ فَسَخَ عِنْدَ الْعِلْمِ فَلَا كَلَامَ وَإِلَّا لَمْ يَرْجِعْ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ أَوْ بَعْدَ إلَخْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: بِالْعَفْوِ عَنْهُ) أَيْ مَجَّانًا (قَوْلُهُ: كَانَ كَذَلِكَ) أَيْ كَالْمُتَعَلِّقِ بِرَقَبَتِهِ قِصَاصٌ (قَوْلُهُ: فَلَوْ عَفَا) أَيْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: التَّامُّ) أَخَذَهُ بِحَمْلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الشَّيْءَ إذَا أُطْلِقَ انْصَرَفَ لِفَرْدِهِ الْكَامِلِ (قَوْلُهُ: فَخَرَجَ) أَيْ بِقَوْلِهِ التَّامُّ (قَوْلُهُ: نَحْوِ الْمَبِيعِ) كَصَدَاقِ الْمَرْأَةِ وَعِوَضِ الْخُلْعِ الْمُعَيَّنَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ كُلِّ مَا ضُمِنَ بِعَقْدٍ: أَيْ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَالُ مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَتِهِ وَقْتَ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُوَلِّيهِ) وَجْهُ الدُّخُولِ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْوَلِيِّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الشَّارِعُ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَالظَّافِرُ وَنَحْوُهُ لَا وِلَايَةَ لَهُمَا عَلَى الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ أَنَّهُ إلَخْ) إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِيَكُونَ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ إذْ الْمِلْكُ مِنْ صِفَاتِ الْعَاقِدِ وَالْكَلَامُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ) أَيْ مُوَلِّيهِ (قَوْلُهُ: وَسَائِرُ عُقُودِهِ) لَوْ عَبَّرَ بِالتَّصَرُّفِ كَانَ أَعَمَّ لِيَشْمَلَ الْحِلَّ أَيْضًا كَأَنْ طَلَّقَ أَوْ أَعْتَقَ اهـ زِيَادِيٌّ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا عَبَّرَ بِالْعَاقِدِ فِيمَا مَرَّ لِيَشْمَلَ الْبَائِعَ وَغَيْرَهُ نَاسَبَ التَّعْبِيرَ هُنَا بِقَوْلِهِ وَسَائِرُ إلَخْ أَوْ أَنَّ الْخِلَافَ بِالْأَصَالَةِ إنَّمَا هُوَ فِي الْعُقُودِ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي ذِمَّةِ غَيْرِهِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِهِ لِغَيْرِهِ أَوْ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ قَالَ فِي الذِّمَّةِ أَوْ أَطْلَقَ لِغَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ فَإِنَّ الْعَقْدَ يَقَعُ لَهُ وَتَلْغُو التَّسْمِيَةُ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِإِذْنِهِ صَحَّ لِلْغَيْرِ وَيَكُونُ الْمَدْفُوعُ قَرْضًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فُسِخَ الْبَيْعُ) أَيْ لَوْ كَانَ بَاعَهُ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ الْفِدَاءَ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ أَسْقَطَ الْفَسْخُ حَقَّهُ) يَعْنِي الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ [مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ الْمِلْكُ] (قَوْلُهُ: أَوْ مُوَلِّيهِ) أَيْ وَلَوْ فِي خُصُوصِ هَذَا الْمَالِ حَيْثُ جَعَلَ الشَّارِحُ لَهُ وِلَايَةً عَلَيْهِ، وَهَذَا هُوَ وَجْهُ الدُّخُولِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بَعْدُ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ أَنَّهُ) أَيْ الْمَبِيعُ: أَيْ لِأَنَّ الْكَلَامَ إنَّمَا هُوَ فِي شُرُوطِهِ لَا فِي شُرُوطِ الْعَاقِدِ

بِوَكِيلٍ وَلَا وَلِيٍّ لِلْمَالِكِ (بَاطِلٌ) لِخَبَرِ «لَا بَيْعَ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ إنَّهُ حَسَنٌ. لَا يُقَالُ عُدُولُهُ عَنْ التَّعْبِيرِ بِالْعَاقِدِ إلَى مَنْ لَهُ الْعَقْدُ وَإِنْ أَفَادَ مَا ذَكَرَ مِنْ شُمُولِهِ الْعَاقِدَ وَمُوَكِّلَهُ وَمُوَلِّيَهُ يَدْخُلُ فِيهِ الْفُضُولِيُّ، وَمُرَادُهُ إخْرَاجُهُ فَإِنَّ الْعَقْدَ يَقَعُ لِلْمَالِكِ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَتِهِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِصِحَّتِهِ. لِأَنَّا نَقُولُ: الْمُرَادُ الْوَاقِعُ لَهُ الْعَقْدُ وَلِهَذَا أَشَارَ الشَّارِحُ لِرَدِّ الْإِيرَادِ بِقَوْلِهِ الْوَاقِعُ لِيُفِيدَ بِهِ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَى الْإِجَازَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ تَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ الصِّحَّةُ لَا أَنَّهَا نَاجِزَةٌ، وَالْمَوْقُوفُ الْمِلْكُ كَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ، وَحَكَاهُ عَنْهُ كُلٌّ مِنْ الْعَلَائِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ، وَإِنْ نَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ الصِّحَّةَ نَاجِزَةٌ وَالْمُتَوَقِّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ هُوَ الْمِلْكُ، وَأَفَادَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الشَّيْخَيْنِ صَرَّحَا فِي بَابِ الْعَدَدِ بِأَنَّ الْمَوْقُوفَ الصِّحَّةُ (وَفِي الْقَدِيمِ) وَحَكَى عَنْ الْجَدِيدِ أَيْضًا عَقْدَهُ (مَوْقُوفٌ) عَلَى رِضَا الْمَالِكِ بِمَعْنَى أَنَّهُ (إنْ أَجَازَ مَالِكُهُ) أَوْ وَلِيُّهُ الْعَقْدَ (نَفَذَ وَإِلَّا فَلَا) وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِظَاهِرِ خَبَرِ عُرْوَةَ. وَأُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ عُرْوَةَ كَانَ وَكِيلًا مُطْلَقًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِدَلِيلِ أَنَّهُ بَاعَ الشَّاةَ وَسَلَّمَهَا، وَعِنْدَ الْقَائِلِ بِالْجَوَازِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الْفُضُولِيُّ (قَوْلُهُ: وَلَا وَلِيَّ لِلْمَالِكِ) يَدْخُلُ فِيهِ الظَّافِرُ وَالْمُلْتَقِطُ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَيْسَ بِوَكِيلٍ وَلَا وَلَيٍّ. وَيُجَابُ بِمَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِوَلِيِّ الْمَالِكِ مَنْ أَذِنَ لَهُ الشَّرْعُ فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ، وَعَلَيْهِ فَكُلٌّ مِنْ الظَّافِرِ وَالْمُلْتَقِطِ وَكِيلٌ عَنْ الْمَالِكِ بِإِذْنِ الشَّرْعِ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يَدْخُلُ فِيهِ) أَيْ مَنْ لَهُ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ: مَنْ يَقَعُ لَهُ الْعَقْدُ) أَيْ حَالًّا بِأَنْ يَكُونَ نَاجِزًا، وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ كَوْنِهِ يَقَعُ لَهُ الْعَقْدُ لَا يَدْفَعُ الِاعْتِرَاضَ، وَعِبَارَةُ حَجّ: مَنْ يَقَعُ لَهُ الْعَقْدُ بِنَفْسِهِ، وَعَلَى الْقَدِيمِ لَا يَقَعُ إلَّا بِالْإِجَازَةِ فَلَا يُرَدُّ (قَوْلُهُ: كَمَا نَقَلَهُ) أَيْ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَى الْإِجَازَةِ الصِّحَّةُ لَا الْمِلْكُ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمَوْقُوفَ الصِّحَّةُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: عَلَى رِضَا الْمَالِكِ) لَعَلَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ لِوُقُوعِهِ فِي تَعْلِيلِ الْقَدِيمِ أَوْ أَنَّهُ رَاعَى قَوْلَهُ فِي الْحَدِيثِ «إنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ» وَإِلَّا فَقَوْلُهُ: بِمَعْنَى أَنَّهُ يُغْنِي عَنْهُ (قَوْلُهُ: إنْ أَجَازَ مَالِكُهُ) وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ تَكُونَ الْإِجَازَةُ فَوْرِيَّةً. وَفِي الْأَنْوَارِ: لَوْ قَالَ لِمَدِينِهِ اشْتَرِ لِي عَبْدًا مِمَّا فِي ذِمَّتِك صَحَّ لِلْمُوَكِّلِ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْعَبْدَ وَبَرِئَ مِنْ دَيْنِهِ وَرُدَّ وَإِنْ جَرَى عَلَيْهِ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ جَوَازُ اتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبَضِ، وَإِنَّمَا اُغْتُفِرَ فِي صَرْفِ الْمُسْتَأْجِرِ فِي الْعِمَارَةِ لِأَنَّهُ وَقَعَ تَابِعًا لَا مَقْصُودًا، وَلَك أَنْ تَقُولَ: إنَّمَا يَتَّجِهُ تَضْعِيفُهُ إنْ أَرَادُوا حُسْبَانَ مَا أَقَبَضَهُ مِنْ الدَّيْنِ الْمُصَرَّحِ بِهِ قَوْلُهُ: وَبَرِئَ مِنْ دَيْنِهِ. أَمَّا وُقُوعُ شِرَاءِ الْعَبْدِ لِلْآذِنِ وَيَكُونُ مَا أَقَبَضَهُ قَرْضًا عَلَيْهِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فَيَقَعُ التَّقَاصُّ بِشَرْطِهِ فَلَا وَجْهَ لِرَدِّهِ اهـ حَجّ أَقُولُ: وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّهُ إنَّمَا أَذِنَ لَهُ لِيَشْتَرِيَ بِمَا لَهُ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ لَا بِمَالٍ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ، وَالْوَكِيلُ إذَا خَالَفَ فِي الشِّرَاءِ بِمَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ الْمُوَكِّلُ لَمْ يَصِحَّ شِرَاؤُهُ لِلْمُوَكِّلِ، وَالْقِيَاسُ وُقُوعُهُ لِلْوَكِيلِ وَبَقَاءُ الدَّيْنِ بِحَالِهِ، وَقَوْلُهُ: وَهُوَ جَوَازُ اتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبَضِ: أَيْ؛ وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ الْإِنْسَانُ وَكِيلًا عَنْ غَيْرِهِ فِي إزَالَةِ مِلْكِ نَفْسِهِ، وَقَوْلُهُ: فَيَقَعُ التَّقَاصُّ بِشَرْطِهِ أَيْ وَهُوَ اتِّحَادُ الْجِنْسِ (قَوْلُهُ: أَوْ وَلِيُّهُ) أَيْ أَوْ وَكِيلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَعَلَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ لِأَنَّ فِيهِ تَفْصِيلًا وَهُوَ أَنَّهُ إذَا وَكَّلَهُ فِي جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ أَوْ خُصُوصِ مَا ذَكَرَ صَحَّ تَنْفِيذُهَا وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: نَفَذَ) مِنْهُ تَنْفِيذُ الْقَاضِي وَمُضَارِعُهُ مَضْمُومٌ بِخِلَافِ نَفِدَ الْمُهْمَلِ وَمُضَارِعُهُ مَفْتُوحٌ، وَمَعْنَاهُ الْفَرَاغُ اهـ ع (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ بِأَنْ رَدَّ صَرِيحًا أَوْ سَكَتَ (قَوْلُهُ: وَاسْتَدَلَّ لَهُ) أَيْ الْقَدِيمِ (قَوْلُهُ: بِظَاهِرِ خَبَرِ عُرْوَةَ) وَهُوَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ شَاةٍ فَاشْتَرَى لَهُ شَاتَيْنِ ثُمَّ بَاعَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا» (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ الْقَائِلِ بِالْجَوَازِ) صَرِيحٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلَفْظُ فِيهِ مُقَدَّرٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْعَقْدَ يَقَعُ لِلْمَالِكِ مَوْقُوفًا) يَجِبُ حَذْفُ لَفْظِ يَقَعُ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ الْجَوَابُ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا أَشَارَ الشَّارِحُ) أَيْ وَأَشَارَ إلَيْهِ هُوَ أَيْضًا فِيمَا مَرَّ

يَمْتَنِعُ التَّسْلِيمُ بِدُونِ إذْنِ الْمَالِكِ، وَالْمُعْتَبَرُ إجَازَةُ مَنْ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ عِنْدَ الْعَقْدِ، فَلَوْ بَاعَ مَالَ الطِّفْلِ فَبَلَغَ وَأَجَازَ لَمْ يَنْفُذْ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ يَحْضُرْ الْمَالِكُ، فَلَوْ بَاعَ مَالَ غَيْرِهِ بِحَضْرَتِهِ وَهُوَ سَاكِتٌ لَمْ يَصِحَّ قَطْعًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَأُورِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَشَارِحِيهِ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ: يَجُوزُ شِرَاءُ وَلَدِ الْمُعَاهَدِ مِنْهُ وَيَمْلِكُ لَا سَبْيُهُ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِأَمَانِ أَبِيهِ اهـ. وَرُدَّ بِأَنَّ إرَادَتَهُ بَيْعَهُ تَتَضَمَّنُ قَطْعَ تَبَعِيَّتِهِ لِأَمَانِهِ وَبِانْقِطَاعِهَا يَمْلِكُهُ مَنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ إنْ قُلْنَا إنَّ الْمَتْبُوعَ يَمْلِكُ قَطْعَ أَمَانِ التَّابِعِ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، وَبِتَسْلِيمِهِ فَالْمُشْتَرِي لَمْ يَمْلِكْهُ بِشِرَاءٍ صَحِيحٍ بَلْ بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ، فَمَا بَذَلَهُ إنَّمَا هُوَ فِي مُقَابَلَةِ تَمْكِينِهِ مِنْهُ لَا غَيْرَ، وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى مِنْ حَرْبِيٍّ وَلَدَهُ بِدَارِ الْحَرْبِ لَمْ يَمْلِكْهُ بِالشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ إذْ بِدُخُولِهِ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ عِنْدَ قَصْدِهِ الِاسْتِيلَاءَ عَلَيْهِ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بَلْ بِالِاسْتِيلَاءِ فَيَلْزَمُهُ تَخْمِيسُهُ أَوْ تَخْمِيسُ فِدَائِهِ إنْ اخْتَارَهُ الْإِمَامُ، بِخِلَافِ شِرَاءِ نَحْوِ أَخِيهِ مِمَّنْ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ مِنْهُ وَمُسْتَوْلِدَتِهِ إذَا قَصَدَ الِاسْتِيلَاءَ عَلَيْهِمَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ فَيَمْلِكُهُمَا الْمُشْتَرِي وَلَا يَلْزَمُهُ تَخْمِيسُهُمَا وَقَدْ أَفَادَ مَعْنَى ذَلِكَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَتَاوِيهِ (وَلَوْ) (بَاعَ مَالَ مُوَرِّثِهِ) أَوْ غَيْرِهِ أَوْ أَعْتَقَ رَقِيقَهُ أَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ (ظَانًّا حَيَاتَهُ) أَوْ عَدَمَ إذْنِ الْغَيْرِ لَهُ (فَبَانَ مَيْتًا) بِسُكُونِ الْيَاءِ فِي الْأَفْصَحِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي جَوَازِ الْإِقْدَامِ عَلَى الْعَقْدِ عَلَى الْقَدِيمِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ عَلَى الْمَالِكِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِهِ وَلَا أَلْزَمَ ذِمَّتَهُ بِشَيْءٍ، وَقَدْ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ لِمَنْ يَقَعُ لَهُ الْعَقْدُ، وَبِهَذَا فَارَقَ مَا بَحَثَ مِنْ حُرْمَةِ الْإِقْدَامِ، وَإِنْ قُلْنَا بِالصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ بَاعَ مَالَ مُوَرِّثِهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ تَعَدِّيًا فِي مَالِ الْغَيْرِ سِيَّمَا وَبَيْعُهُ مُقْتَضٍ عَادَةً لِتَسْلِيمِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَتَفْوِيتُهُ عَلَى مَالِكِهِ (قَوْلُهُ: يَمْتَنِعُ) أَيْ فَلَا دَلَالَةَ فِي خَبَرِ عُرْوَةَ (قَوْلُهُ: فَبَلَغَ) أَيْ الطِّفْلُ وَأَجَازَ وَهَلْ تَنْعَقِدُ الْإِجَازَةُ مِنْ الْوَلِيِّ حِينَئِذٍ لِمِلْكِهِ التَّصَرُّفَ حَالَ الْعَقْدِ أَمْ لَا لِانْعِزَالِهِ بِبُلُوغِ الطِّفْلِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ الْأَوَّلُ. وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مِنْ آثَارِ تَصَرُّفِهِ الْأَوَّلِ نَزَلَ مَنْزِلَةَ الْوَاقِعِ قَبْلَ بُلُوغِهِ (قَوْلُهُ: بِحَضْرَتِهِ) أَيْ مَعَ تَيَسُّرِ مُرَاجَعَتِهِ بِلَا مَشَقَّةٍ فِيمَا يَظْهَرُ وَإِلَّا كَانَ كَالْغَائِبِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ) وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ فِي الْغَائِبِ رُبَّمَا تَقْتَضِي الْمَصْلَحَةُ الْبَيْعَ فِي غِيبَتِهِ وَالتَّأْخِيرُ إلَى مُرَاجَعَتِهِ يُفَوِّتُ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْحَاضِرِ (قَوْلُهُ: وَارِدٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ) أَيْ حَيْثُ قَالَ: الرَّابِعُ الْمِلْكُ مِمَّنْ لَهُ الْعَقْدُ وَوَلَدُ الْمُعَاهَدِ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لِأَبِيهِ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ) أَيْ إيرَادُهُ عَلَى الْمُصَنِّفِ، وَرَدُّ الْإِيرَادِ يَسْتَلْزِمُ تَسْلِيمَ الْحُكْمِ فَيَكُونُ الشَّارِحُ قَائِلًا بِصِحَّةِ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) أَيْ وَفِي كَوْنِ الْمَتْبُوعِ يَمْلِكُ قَطْعَ أَمَانِ التَّابِعِ (قَوْلُهُ: بَلْ بِالِاسْتِيلَاءِ) أَيْ لَمْ يَمْلِكْهُ بِالشِّرَاءِ وَإِنَّمَا مَلَكَهُ بِالِاسْتِيلَاءِ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ تَخْمِيسُهُ) أَيْ كُلٌّ مِنْ وَلَدِ الْمُعَاهَدِ وَالْحَرْبِيِّ (قَوْلُهُ: أَوْ تَخْمِيسُ فِدَائِهِ) وَهَذَا يَجْرِي فِي شِرَاءِ وَلَدِ الْمُعَاهَدِ لِمَا عَلَّلَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ بِالشِّرَاءِ (قَوْلُهُ: إنْ اخْتَارَهُ الْإِمَامُ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَنْ أَسَرَ حَرْبِيًّا لَا يَسْتَقِلُّ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ إلَّا بَعْدَ اخْتِيَارِ الْإِمَامِ الْفِدَاءَ أَوْ غَيْرَهُ. وَعِبَارَةُ حَجّ فِي السِّيَرِ تُصَرِّحُ بِذَلِكَ حَيْثُ قَالَ فِي فَصْلِ نِسَاءِ الْكُفَّارِ وَصِبْيَانِهِمْ إلَخْ: فَإِنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ ذَكَرًا كَامِلًا تَخَيَّرَ الْإِمَامُ فِيهِ، وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ أَيْضًا فِي فَصْلِ الْغَنِيمَةِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا لَوْ أَسَرَهُ: أَيْ فَإِنَّ لَهُ سَلَبَهُ، نَصُّهَا: نَعَمْ لَا حَقَّ لَهُ: أَيْ لِلْآسِرِ فِي رَقَبَتِهِ وَفِدَائِهِ لِأَنَّ اسْمَ السَّلَبِ لَا يَقَعُ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: نَحْوُ أَخِيهِ) أَيْ أَخِي الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ بِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ (قَوْلُهُ: إذَا قَصَدَ) أَيْ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ: أَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ) يَحْتَمِلُ أَنَّ الْأَمَةَ مِثَالٌ فَمِثْلُهَا بِنْتُ مُوَرِّثِهِ الَّتِي هِيَ أُخْتُهُ بِأَنْ أَذِنَتْ لَهُ انْتَهَى. سم عَلَى مَنْهَجٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَرُدَّ بِأَنَّ إرَادَتَهُ إلَخْ) لَيْسَ فِي هَذَا اعْتِمَادٌ مِنْ الشَّارِحِ لِكَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ كَمَا يُعْلَمُ بِتَأَمُّلِ بَقِيَّةِ الْكَلَامِ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: بَلْ بِالِاسْتِيلَاءِ) فِي هَذَا السِّيَاقِ تَسَمُّحٌ لَمْ يُرِدْ الشَّارِحُ حَقِيقَةَ مَدْلُولِهِ وَحَاصِلُ الْمُرَادِ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ بِالشِّرَاءِ وَإِنَّمَا يَصِيرُ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهِ فَهُوَ غَنِيمَةٌ يَخْتَارُ الْإِمَامُ إحْدَى الْخِصَالِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَيَلْزَمُهُ تَخْمِيسُهُ أَوْ تَخْمِيسُ فِدَائِهِ، فَانْدَفَعَ قَوْلُ الشِّهَابِ سم قَدْ يُشْكِلُ قَوْلُهُ: أَيْ الشِّهَابِ حَجّ إذْ مَا هُنَا كَعِبَارَتِهِ أَوْ تَخْمِيسُ فِدَائِهِ إنْ اخْتَارَهُ الْإِمَامُ لِأَنَّهُ إذَا مَلَكَهُ بِالِاسْتِيلَاءِ صَارَ رَقِيقًا فَمَا مَعْنَى اخْتِيَارِ الْإِمَامِ وَالْفِدَاءِ (قَوْلُهُ مِمَّنْ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ) مِنْ بَيَانِيَّةٌ لِلنَّحْوِ.

[من شروط المبيع العلم به]

أَوْ أَذِنَا لَهُ (صَحَّ) الْبَيْعُ وَغَيْرُهُ (فِي الْأَظْهَرِ) اعْتِبَارًا فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهَا لِنِيَّةٍ فَانْتِفِي، التَّلَاعُبُ وَبِفَرْضِهِ لَا يَضُرُّ لِصِحَّةِ نَحْوِ بَيْعِ الْهَازِلِ، الْوَقْفُ هُنَا وَقْفُ تَبَيُّنٍ لَا وَقْفُ صِحَّةٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ تَزْوِيجُ الْخُنْثَى وَإِنْ بَانَ وَاضِحًا وَلَا نِكَاحُ الْمُشْتَبِهَةِ عَلَيْهِ بِمَحْرَمِهِ، وَلَوْ بَانَتْ أَجْنَبِيَّةً لِوُجُودِ الشَّكِّ فِي حِلِّ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ يُحْتَاطُ لَهُ فِي النِّكَاحِ مَا لَا يُحْتَاطُ لِوِلَايَةِ الْعَاقِدِ وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي الرُّكْنِيَّةِ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ عَدَمُ الِاخْتِصَاصِ بِظَنِّ الْمِلْكِ، وَأَنَّ الضَّابِطَ فِقْدَانُ الشَّرْطِ كَظَنِّ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ فَبَانَ بِخِلَافِهِ وَهَذَا مُرَادُهُمْ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ. (الْخَامِسُ) مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (الْعِلْمُ بِهِ) أَيْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عَيْنًا فِي الْمُعَيَّنِ وَقَدْرًا وَصِفَةً فِيمَا فِي الذِّمَّةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَهُوَ مَا احْتَمَلَ أَمْرَيْنِ أَغْلَبُهُمَا أَخْوَفُهُمَا: أَيْ مَنْ شَأْنُهُ ذَلِكَ فَلَا يَعْتَرِضْ بِمُخَالَفَتِهِ لِقَضِيَّةِ كَلَامِهِمْ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ نَحْوِ الْمَغْصُوبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْأَغْلَبُ عَدَمَ الْعَوْدِ، وَقِيلَ مَا انْطَوَتْ عَنَّا عَاقِبَتُهُ، وَقَدْ يُغْتَفَرُ الْجَهْلُ لِلضَّرُورَةِ أَوْ الْمُسَامَحَةِ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ فِي اخْتِلَاطِ حَمَامِ الْبُرْجَيْنِ وَكَمَا فِي بَيْعِ الْفُقَّاعِ وَمَاءِ السِّقَاءِ فِي الْكُوزِ، قَالَ جَمْعٌ: وَلَوْ لِشُرْبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: صَحَّ) أَيْ مَعَ الْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ: فِي الْأَظْهَرِ) هَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَتْ الصِّيغَةُ عَلَى سَبِيلِ الْجَزْمِ، أَمَّا لَوْ قَالَ إنْ كَانَ أَبِي مَاتَ فَقَدْ بِعْتُكهَا، فَقِيَاسُ مَا مَرَّ لِلشَّارِحِ فِيمَا لَوْ قَالَ: إنْ كَانَ اشْتَرَاهُ لِي وَكِيلِي بِكَذَا فَقَدْ بِعْتُكَهُ أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يُخْبِرَ بِهِ وَيُصَدَّقُ الْمُخْبِرُ فَيَصِحُّ، وَبَيْنَ مَا إذَا لَمْ يُخْبِرْ بِهِ أَوْ أَخْبَرَ وَلَمْ يُصَدَّقْ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَلَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْوَكِيلِ مُشْكِلَةٌ بِظَاهِرِ مَا تَقَدَّمَ فِي إنْ كَانَ مِلْكِي فَقَدْ بِعْتُكَهُ، وَتَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ الْفَرْقُ ثُمَّ بِأَنَّ الشَّرْطَ فِي هَذِهِ أَثْبَتَهُ اللَّهُ فِي أَصْلِ الْبَيْعِ فَيَكُونُ اشْتِرَاطُهُ كَتَحْصِيلِ الْحَاصِلِ، إذْ لَا يَقَعُ عَقْدُ الْبَيْعِ لَهُ إلَّا فِي مِلْكِهِ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِيمَا ذَكَرَ وَنَحْوُهُ قَالَ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ ابْنِ الصَّبَّاغِ فِي هَذِهِ وَنَظَائِرِهَا وَلَمْ يَذْكُرْ مُقَابِلَ الْأَظْهَرِ، وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِظَنِّهِ أَنَّهُ لَيْسَ مِلْكَهُ (قَوْلُهُ: اعْتِبَارًا فِي الْعُقُودِ) وَمِثْلُهَا الْعِبَادَاتُ، فَالْعِبْرَةُ فِيمَا، بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَظَنِّ الْمُكَلَّفِ بِالنِّسْبَةِ لِسُقُوطِ الْقَضَاءِ لَا لِلِاتِّصَافِ بِالصِّحَّةِ فَإِنَّ الْعِبْرَةَ بِالنِّسْبَةِ لَهَا أَيْضًا بِمَا فِي ظَنِّ الْمُكَلَّفِ، فَمَنْ ظَنَّ أَنَّهُ مُتَطَهِّرٌ ثُمَّ بَانَ حَدَثُهُ حُكِمَ عَلَى صَلَاتِهِ بِالصِّحَّةِ وَسُقُوطِ الطَّلَبِ بِهَا، وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الْمَحَلِّيِّ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ (قَوْلُهُ: وَبِفَرْضِهِ) أَيْ التَّلَاعُبِ (قَوْلُهُ: وَالْوَقْفُ هُنَا وَقْفُ تَبَيُّنٍ) وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ الزَّوَائِدُ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ تَزْوِيجُ الْخُنْثَى) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ زَوْجًا أَوْ زَوْجَةً، بِخِلَافِ مَا لَوْ زَوَّجَ أُخْتَهُ مَثَلًا بِإِذْنِهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِرُجُوعِ التَّرَدُّدِ فِي أَمْرِهِ لِلشَّكِّ فِي وِلَايَةِ الْعَاقِدِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَانَ وَاضِحًا) لَا حَاجَةَ إلَى الْوَاوِ هُنَا وَلَا فِي قَوْلِهِ بَعْدَ، وَلَوْ بَانَتْ إلَخْ بَلْ تَرْكُهَا أَظْهَرُ لِوُضُوحِ الْبُطْلَانِ عِنْدَ عَدَمِ التَّبَيُّنِ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ صِحَّةِ بَيْعِ مَالِ مُوَرِّثِهِ إلَخْ فَإِنَّ الْحَاصِلَ فِيهَا عِنْدَ الْعَقْدِ ظَنُّ عَدَمِ الْمِلْكِ (قَوْلُهُ: مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الثَّمَنَ (قَوْلُهُ: وَالْعِلْمُ بِهِ) هَلْ يَكْفِي عِلْمُ الْمُشْتَرِي حَالَ الْقَبُولِ فَقَطْ دُونَ حَالِ الْإِيجَابِ؟ وَالْوَجْهُ لَا انْتَهَى. سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُنَازَعُ فِيهِ بِمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي التَّوْلِيَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْجَاهِلُ بِالثَّمَنِ وَلَّيْتُك الْعَقْدَ وَعَلِمَ الْمُوَلَّى بِهِ قَبْلَ الْقَبُولِ صَحَّ فَإِنَّ قِيَاسَهُ هُنَا الصِّحَّةُ، إلَّا أَنْ يُفَرَّقُ، بِأَنَّ التَّوْلِيَةَ لَمَّا سَبَقَ تَعَلُّقُ الْعِلْمِ بِهَا كَانَتْ كَالْمَعْلُومِ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِالْمُقَارَنَةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْغَرَرُ (قَوْلُهُ: لِلضَّرُورَةِ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ (قَوْلُهُ: وَكَمَا فِي بَيْعِ الْفُقَّاعِ) . قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْفُقَّاعُ كَرُمَّانٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: عَدَمُ الِاخْتِصَاصِ بِظَنِّ الْمِلْكِ إلَخْ) يَعْنِي عَدَمَ اخْتِصَاصِ هَذَا الْحُكْمِ بِظَنِّ عَدَمِ الْمِلْكِ بَلْ يَجْرِي فِي ظَنِّ فَقْدِ سَائِرِ [مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ الْعِلْمُ بِهِ] الشُّرُوطِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْأَغْلَبُ عَدَمَ الْعَوْدِ) أَيْ كَأَنْ كَانَ الْغَاصِبُ غَيْرَ قَوِيِّ الشَّوْكَةِ لَكِنْ يَحْتَاجُ لِلتَّخْلِيصِ مِنْهُ لِمُؤَنِهِ (قَوْلُهُ: وَكَمَا فِي بَيْعِ الْفُقَّاعِ إلَخْ) أَيْ فَالْبَيْعُ مَحْكُومٌ بِصِحَّتِهِ وَاغْتُفِرَ فِيهِ عَدَمُ الْعِلْمِ لِلْمُسَامَحَةِ كَمَا لَا يَخْفَى.

دَابَّةٍ وَكُلِّ مَا الْمَقْصُودُ لُبُّهُ وَلَوْ انْكَسَرَ ذَلِكَ الْكُوزُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي بِلَا تَقْصِيرٍ كَانَ ضَامِنًا لِقَدْرِ كِفَايَتِهِ مِمَّا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ دُونَ مَا زَادَ عَلَيْهَا وَدُونَ الْكُوزِ لِكَوْنِهِمَا أَمَانَةً فِي يَدِهِ، فَإِنْ أَخَذَهُ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّهُ عَارِيَّةٌ دُونَ مَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَابَلٍ بِشَيْءٍ فَهُوَ فِي مَعْنَى الْإِبَاحَةِ وَلَوْ كَانَ لَهُ جُزْءٌ مِنْ دَارٍ يَجْهَلُ قَدْرَهُ فَبَاعَ كُلَّهَا صَحَّ فِي صِحَّتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSهَذَا الَّذِي يُشْرَبُ سُمِّيَ بِهِ لِمَا يَرْتَفِعُ فِي رَأْسِهِ مِنْ الزَّبَدِ انْتَهَى. وَهُوَ مَا يُتَّخَذُ مِنْ الزَّبِيبِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ مَعَ قَوْلِهِ وَقَدْ يُغْتَفَرُ الْجَهْلُ فِي أَنَّ مُقْتَضَاهُ صِحَّةُ الْعَقْدِ عَلَى مَا ذَكَرَ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: وَجْهُ الِاغْتِفَارِ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ يُؤْخَذُ فِي الْعَادَةِ بِلَا صِيغَةٍ فَهُوَ مِنْ الْمُعَاطَاةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَخَذَهُ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ) وَيَأْتِي مِثْلُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي فِنْجَانِ الْقَهْوَةِ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ أَخَذَهُ بِلَا عِوَضٍ مِنْ الْمَالِكِ وَلَوْ بِمَأْذُونِهِ ضَمِنَ الظَّرْفَ دُونَ مَا فِيهِ، أَوْ بِعِوَضٍ ضَمِنَ مَا فِيهِ دُونَهُ. وَمِنْ الْمَأْخُوذِ بِعِوَضٍ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْآنَ مِنْ أَمْرِ بَعْضِ الْحَاضِرِينَ لِسَاقِي الْقَهْوَةِ بِدَفْعِهِ لِشَخْصٍ آخَرَ بِلَا عِوَضٍ فَهُوَ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى الْآخِذِ، لِأَنَّ مَالِكَهُ إنَّمَا أَبَاحَ الشُّرْبَ مِنْهُ بِعِوَضٍ فَكَانَ كَمَا لَوْ سَلَّمَهُ لَهُ بِالْعِوَضِ. وَبَقِيَ مَا لَوْ اخْتَلَفَ الدَّافِعُ وَالْآخِذُ فِي الْعِوَضِ وَعَدَمِهِ هَلْ يُصَدَّقُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ تَصْدِيقُ الْآخِذِ؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مُوَافِقٌ لِلْغَالِبِ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ضَمَانِ الظَّرْفِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ تُوجَدْ قَرِينَةٌ بِصِدْقِ الدَّافِعِ كَكَوْنِ الْآخِذِ مِنْ الْفُقَرَاءِ الَّذِينَ جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِأَنَّهُمْ لَا يَدْفَعُونَ ثَمَنًا (قَوْلُهُ: صَحَّ فِي حِصَّتِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ) لَا يُنَاسِبُ مَا صَرَّحَ بِهِ كَلَامُهُ مِنْ الصِّحَّةِ فِيمَا ذَكَرَ كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ، وَلَعَلَّهُ بَنَى الْكَلَامَ هُنَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ بَدَلٌ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ، وَحِينَئِذٍ فَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَنَّ الْإِطْلَاقَ يَقْتَضِي الْبَدَلَ لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ بِهِ، وَإِنْ أَشَارَ الشِّهَابُ سم فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ إلَى التَّوَقُّفِ فِيهِ، وَوَجْهُ صَرَاحَةِ كَلَامِ الشَّارِحِ فِيمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ مَحْمُولٌ كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ بَدَلًا لِيَكُونَ فَاسِدًا حَتَّى يُوَافِقَ مَا قَدَّمَهُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ الْبَدَلُ مِمَّنْ شَرِبَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ إذَا أَمَرَ السَّقَّاءُ بِإِسْقَائِهِ، وَمِنْهُ الْجُبَّا الْمُتَعَارَفُ فِي الْقَهْوَةِ إذْ مَا هُنَا يُجْرَى فِيهَا حَرْفٌ بِحَرْفٍ، هَذَا كُلُّهُ فِيمَا إذَا انْكَسَرَ الْفِنْجَانُ مَثَلًا مِنْ يَدِ الشَّارِبِ، أَمَّا إذَا انْكَسَرَ مِنْ يَدِ غَيْرِهِ بِأَنْ دَفَعَهُ إلَى آخَرِ فَسَقَطَ مِنْ يَدِهِ فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ مُطْلَقًا وَالْقَرَارُ عَلَى مَنْ سَقَطَ مِنْ يَدِهِ. وَوَجْهُهُ فِي صُورَةِ الْقَرْضِ مَا سَيَأْتِي أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ إجَارَةً فَاسِدَةً ضَامِنٌ كَغَيْرِهِ وَأَمَّا إذَا انْكَسَرَ مِنْ يَدِ السَّاقِي فَاعْلَمْ أَنَّ السَّاقِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ: فَقِسْمٌ يَسْتَأْجِرُهُ صَاحِبُ الْقَهْوَةِ لِيَسْقِيَ عِنْدَهُ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فَهُوَ أَجِيرٌ لَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِيَدِهِ مِنْ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ لَهُ إلَّا بِتَقْصِيرٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ، وَقِسْمٌ يَشْتَرِي الْقَهْوَةَ لِنَفْسِهِ بِحَسَبِ الِاتِّفَاقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِ الْقَهْوَةِ مِنْ أَنَّ كُلَّ كَذَا وَكَذَا مِنْ الْفَنَاجِينِ بِكَذَا وَكَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ، فَهَذَا يَجْرِي فِيهِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فِي كَلَامِهِ، إذْ الْقَهْوَةُ مَقْبُوضَةٌ لَهُ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ وَالْفَنَاجِينُ مَقْبُوضَةٌ بِالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ. وَبَقِيَ قِسْمٌ ثَالِثٌ حَدَثَ الْآنَ وَهُوَ أَنَّ صَاحِبَ الْقَهْوَةِ يَخْشَى الضَّيَاعَ عَلَى الْفَنَاجِينِ فَيُسَلِّمُ لِلسَّاقِي مِقْدَارًا مَعْلُومًا مِنْ الْفَنَاجِينِ وَيَقْبِضُهُ لَهُ وَيَجْعَلُهُ فِي تَسْلِيمِهِ. فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ قَهْوَةً يَأْتِي بِفِنْجَانٍ مِنْ تِلْكَ الْفَنَاجِينِ الَّتِي سَلَّمَهَا لَهُ يَأْخُذُ فِيهِ الْقَهْوَةَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْفَنَاجِينَ مَقْبُوضَةٌ لَهُ حِينَئِذٍ بِالْعَارِيَّةِ إذْ لَمْ يَقَعْ بَدَلٌ وَلَا فِي الْعُرْفِ حَتَّى يَكُونَ فِي نَظِيرِ اسْتِعْمَالِهَا، وَإِنَّمَا الْبَدَلُ فِي نَظِيرِ الْقَهْوَةِ لَا غَيْرُ، وَحِينَئِذٍ إذَا تَلِفَ مِنْهُ يَضْمَنُهَا ضَمَانَ الْعَارِيَّةِ وَيَضْمَنُ مَا فِيهَا بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ، هَذَا إذَا تَلِفَتْ فِي يَدِهِ، أَمَّا إذَا تَلِفَتْ فِي يَدِ الشَّارِبِ فَيَأْتِي فِيهِ مَا سَيَأْتِي فِي الْعَارِيَّةِ فِيمَا إذَا تَلِفَ الْمُعَارُ فِي يَدِ مَنْ أَخَذَهُ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ هَكَذَا ظَهَرَ لِي فَلْيُتَأَمَّلْ.

كَمَا قَطَعَ بِهِ الْقَفَّالُ وَصَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَالرُّويَانِيُّ، وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ التَّهْذِيبِ الْبُطْلَانُ، وَقَدْ يَدُلُّ لِلْأَوَّلِ قَوْلُهُمْ لَوْ بَاعَ عَبْدًا ثُمَّ ظَهَرَ اسْتِحْقَاقُ بَعْضِهِ صَحَّ فِي الْبَاقِي، وَلَمْ يَفْصِلُوا بَيْنَ عِلْمِ الْبَائِعِ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ وَجَهْلِهِ بِهِ، وَهَلْ لَوْ بَاعَ حِصَّةً فَبَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ حِصَّتِهِ صَحَّ فِي حِصَّتِهِ الَّتِي يَجْهَلُ قَدْرَهَا كَمَا لَوْ بَاعَ الدَّارَ كُلَّهَا، أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ هُنَا لَمْ يَتَيَقَّنْ حَالَ الْبَيْعِ أَنَّهُ بَاعَ جَمِيعَ حِصَّتِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ الدَّارَ كُلَّهَا كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، لَعَلَّ الثَّانِيَ أَوْجُهُ، وَفِي الْبَحْرِ يَصِحُّ بَيْعُ غَلَّتِهِ مِنْ الْوَقْفِ إذَا عَرَفَهَا وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ كَبَيْعِ رِزْقِ الْأَجْنَادِ (فَبَيْعُ) اثْنَيْنِ عَبْدَيْهِمَا لِثَالِثٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSمُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَالْمَفْهُومُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ حَجّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَدُلُّ لِلْأَوَّلِ) أَيْ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ لَوْ بَاعَ حِصَّةً) أَيْ مِنْ دَارٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ يَجْهَلُ قَدْرَ حِصَّتِهِ مِنْهَا (قَوْلُهُ: أَوْ يُفَرَّقُ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ هُنَا لَمْ يَتَيَقَّنْ إلَخْ) وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ تَيَقَّنَ بَيْعُ الْكُلِّ كَأَنْ عَلِمَ أَنَّ لَهُ دُونَ النِّصْفِ كَانَ كَبَيْعِ الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّ الثَّانِيَ) هُوَ قَوْلُهُ: أَوْ يُفَرَّقُ (قَوْلُهُ: إذَا عَرَفَهَا) أَيْ بِإِفْرَازِهَا لَهُ أَوْ بِعِلْمِهِ بِقَدْرِهَا بِالْجُزْئِيَّةِ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْجَمِيعِ لِلْعَاقِدَيْنِ (قَوْلُهُ: كَبَيْعِ رِزْقِ الْأَجْنَادِ) وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَهُ بَيْعُ مَا لَهُ فِي يَدِ غَيْرِهِ أَمَانَةً كَوَدِيعَةٍ مَا نَصُّهُ: وَيَلْحَقُ بِهِ مَا أَفْرَزَهُ السُّلْطَانُ لِجُنْدِيٍّ تَمْلِيكًا كَمَا لَا يَخْفَى فَلَهُ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ بَيْعُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ رِفْقًا بِالْجُنْدِيِّ نَصَّ عَلَيْهِ وَمِنْ ثَمَّ مَلَكَهُ بِمُجَرَّدِ الْإِفْرَازِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: فَبَيْعُ اثْنَيْنِ عَبْدَيْهِمَا إلَخْ) هَذَا كَقَوْلِ الْبَهْجَةِ: لَا أَنَّ بَيْعَ عَبِيدِ جَمْعٍ بِثَمَنٍ أَيْ فَلَا يَصِحُّ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: قَيَّدَهُ فِي التَّنْبِيهِ بِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ كُلٌّ مَا يُقَابِلُ عَبْدَهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَمَشَى عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَدْرِيبِهِ، وَنَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ التَّنْبِيهِ وَأَقَرَّهُ، قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا عَلِمَ التَّوْزِيعَ قَبْلَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَعَلَيْهِ يَدُلُّ كَلَامُهُمْ وَاسْتَدَلَّ بِفَرْعٍ ذَكَرُوهُ فِي الْوَكَالَةِ قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ احْتَرَزَ عَمَّا إذَا فَصَّلَ الثَّمَنَ مِثْلُ بِعْتُك الْعَبْدَيْنِ بِمِائَةٍ سِتُّونَ لِهَذَا وَأَرْبَعُونَ لِهَذَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: لَيْسَ الثَّمَنُ هُنَا وَاحِدًا بَلْ ثَمَنَيْنِ. اهـ شَرْحُ الْعُبَابِ. أَقُولُ: وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالْعِلْمِ بِالتَّوَافُقِ قَبْلَ الْعَقْدِ أَنَّهُ لَوْ تَوَافَقَ مَعَهُ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ دَرَاهِمَ وَخَمْسِمِائَةٍ دَنَانِيرَ مَثَلًا ثُمَّ قَالَ بِعْتُك بِأَلْفٍ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ صَحَّ وَحُمِلَ عَلَى مَا تَوَافَقَا عَلَيْهِ، وَكَذَا نَظَائِرُهُ مِنْ كُلِّ مَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِهِ وَذَكَرَهُ فِي الْعَقْدِ إذَا تَوَافَقَا عَلَيْهِ قَبْلُ، وَهَذَا يَجْرِي فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ يُقَالُ فِيهَا بِالْبُطْلَانِ عِنْدَ عَدَمِ ذِكْرِهَا فِي الْعَقْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَصَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَالرُّويَانِيُّ وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ التَّهْذِيبِ الْبُطْلَانُ) هَذَا سَاقِطٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَإِسْقَاطُهُ هُوَ الصَّوَابُ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ الْبَغَوِيّ مِمَّنْ يَقُولُ بِالْبُطْلَانِ لَا بِالصِّحَّةِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ التَّهْذِيبِ إذْ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ هُوَ الْبَغَوِيّ وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ مِنْ التَّنَاقُضِ فِي النِّسْبَةِ لِلْبَغَوِيِّ (قَوْلُهُ أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ هُنَا لَمْ يَتَيَقَّنْ حَالَ الْبَيْعِ أَنَّهُ بَاعَ جَمِيعَ حِصَّتِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ تَيَقَّنَ ذَلِكَ بِأَنْ عَلِمَ أَنَّ مَا بَاعَهُ يَزِيدُ عَلَى حِصَّتِهِ أَنَّهُ يَصِحُّ وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّ مَا بَاعَهُ أَقَلُّ مِنْ حِصَّتِهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَتَيَقَّنْ حَالَ الْبَيْعِ أَنَّهُ بَاعَ جَمِيعَ حِصَّتِهِ كَمَا إذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَمْلِكُ فَوْقَ النِّصْفِ لَكِنَّهُ بَاعَ النِّصْفَ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الْبُعْدِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ لَا أَثَرَ لِهَذَا الْفَرْقِ فِي الْحُكْمِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَفِي الْبَحْرِ يَصِحُّ بَيْعُ غَلَّتِهِ مِنْ الْوَقْفِ) أَيْ إذَا أُفْرِزَتْ أَوْ عُيِّنَتْ بِالْجُزْئِيَّةِ وَكَانَ قَدْ رَأَى الْجَمِيعَ: أَيْ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الْبَيْعِ عَدَمُ قَبْضِهِ إيَّاهَا، لَكِنْ سَيَأْتِي لَهُ فِي بَابِ الْهِبَةِ مَا نَصُّهُ: وَلَوْ تَبَرَّعَ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ لِآخَرَ لَمْ يَصِحَّ، لِأَنَّهَا قَبْلَ قَبْضِهَا وَإِمَّا غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ أَوْ مَجْهُولَةٍ، فَإِنْ قَبَضَ أَوْ وَكِيلُهُ مِنْهَا شَيْئًا قَبْلَ التَّبَرُّعِ وَعَرَفَ حِصَّتَهُ مِنْهُ وَرَآهُ هُوَ أَوْ وَكِيلُهُ وَأَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِهِ وَقَبَضَهُ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْهِبَةِ مُلَخَّصٌ مِنْ إفْتَاءِ الْمُحَقِّقِ أَبِي زُرْعَةَ نَقَلَهُ عَنْهُ الْمُنَاوِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ فِي بَابِ الْهِبَةِ مِنْ الْكِتَابِ السَّادِسِ،

بِثَمَنٍ وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ مَا لِكُلٍّ مِنْهُ وَبَيْعُ (أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ) أَوْ الْعَبْدَيْنِ مَثَلًا وَإِنْ اسْتَوَتْ قِيمَتُهُمَا (بَاطِلٌ) كَمَا لَوْ بَاعَ بِأَحَدِهِمَا لِلْجَهْلِ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنِ، وَقَدْ تَكُونُ الْإِشَارَةُ وَالْإِضَافَةُ كَافِيَةً عَنْ التَّعْيِينِ كَدَارِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهَا وَكَهَذِهِ الدَّارُ وَلَوْ غَلِطَ فِي حُدُودِهَا. (وَيَصِحُّ بَيْعُ صَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ) وَهِيَ الْكَوْمُ مِنْ الطَّعَامِ وَمِثْلُ ذَلِكَ بَيْعُ صَاعٍ مِنْ جَانِبٍ مِنْهَا مُعَيَّنٍ، وَخَرَجَ بِهَا نَحْوُ أَرْضٍ وَثَوْبٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (تُعْلَمُ صِيعَانُهَا) لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ كَعَشْرَةٍ لِانْتِفَاءِ الْغَرَرِ وَيَنْزِلُ ذَلِكَ عَلَى الْإِشَاعَةِ فَلَوْ تَلِفَ بَعْضُهَا تَلِفَ بِقَدْرِهِ مِنْ الْبَيْعِ (وَكَذَا إنْ جُهِلَتْ) صِيعَانُهَا لَهُمَا يَصِحُّ الْبَيْعُ (فِي الْأَصَحِّ) لِتَسَاوِي أَجْزَائِهَا فَلَا غَرَرَ، وَلِلْمَالِكِ أَنْ يُعْطِيَ مِنْ أَسْفَلِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَرْئِيًّا إذْ رُؤْيَةُ ظَاهِرِ الصُّبْرَةِ كَرُؤْيَةِ بَاطِنِهَا وَيَنْزِلُ عَلَى صَاعٍ مُبْهَمٍ، حَتَّى لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْهَا غَيْرُهُ تَعَيَّنَ وَإِنْ صَبَّ عَلَيْهَا مِثْلَهَا أَوْ أَكْثَرَ لِتَعَذُّرِ الْإِشَاعَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ جِدًّا، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي. نَعَمْ إنْ كَانَ ثَمَّ عَهْدٌ أَوْ قَرِينَةٌ بِأَنْ اتَّفَقَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَلِطَ فِي حُدُودِهَا) أَيْ إمَّا بِتَغَيُّرِهَا كَجَعْلِ الشَّرْقِيِّ غَرْبِيًّا وَعَكْسِهِ، أَوْ فِي مِقْدَارِ مَا يَنْتَهِي إلَيْهِ الْحَدُّ الشَّرْقِيُّ مَثَلًا لِتَقْصِيرِ الْغَالِطِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي تَحْرِيرِ مَا حَدَّدَ بِهِ قَبْلُ؛ لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ لِلْمَبِيعِ شَرْطٌ قَبْلَ الْعَقْدِ، فَلَوْ رَآهَا وَظَنَّ أَنَّ حُدُودَهَا تَنْتَهِي إلَى مَحَلَّةِ كَذَا فَبَانَ خِلَافُهُ فَالتَّقْصِيرُ مِنْهُ حَيْثُ لَمْ يُمْعِنْ النَّظَرَ فِيمَا يَنْتَهِي إلَيْهِ الْحَدُّ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اشْتَرَى زُجَاجَةً ظَنَّهَا جَوْهَرَةً فَإِنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ وَإِنْ غَرَّهُ الْبَائِعُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ وَلَوْ غَلِطَ فِي حُدُودِهَا: أَيْ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي لِعَدَمِ الْخَلَلِ فِي ذَاتِ الْمَبِيعِ وَبَقِيَ مَا لَوْ أَشَارَ إلَيْهَا وَشَرَطَ أَنَّ مِقْدَارَهَا كَذَا مِنْ الْأَذْرُعِ كَأَنْ قَالَ بِعْتُك وَأَجَّرْتُك هَذِهِ الدَّارَ أَوْ الْأَرْضَ عَلَى أَنَّهَا عِشْرُونَ ذِرَاعًا، وَسَيَأْتِي مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ صِحَّةُ الْعَقْدِ وَثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي إنْ نَقَصَتْ وَالْبَائِعُ إنْ زَادَتْ فِي قَوْلِهِ وَيَتَخَيَّرُ الْبَائِعُ فِي الزِّيَادَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْكَوْمُ مِنْ الطَّعَامِ) أَيْ الْبُرُّ وَنَحْوُهُ مِمَّا تَكْفِي رُؤْيَةُ ظَاهِرِهِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْكَوْمَ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَنَحْوِهَا لَا يُسَمَّى صُبْرَةً، وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: وَالصُّبْرَةُ مِنْ الطَّعَامِ جَمْعُهَا صُبَرٌ مِثْلُ غَرْفَةٍ وَغُرَفٍ، وَعَنْ ابْنِ دُرَيْدٍ: اشْتَرَيْت الشَّيْءَ صُبْرَةً: أَيْ بِلَا كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ اخْتِصَاصِ الصُّبْرَةِ بِكَوْنِهَا مِنْ الطَّعَامِ، وَيَأْتِي فِي الرِّبَا مَا يُوَافِقُهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّارِحِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ بَاعَ جُزَافًا إلَخْ مِمَّا نَصُّهُ: أَوْ صُبْرَةً دَرَاهِمَ بِأُخْرَى مُوَازَنَةً اهـ. وَقَدْ يُقَالُ: مَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ دُرَيْدٍ مَعْنًى آخَرُ لِلصُّبْرَةِ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ عَدَمِ الْعِلْمِ بِقَدْرِ الْمَبِيعِ فَلَا يُفِيدُ اخْتِصَاصَهَا بِالطَّعَامِ وَلَا عَدَمَهُ (قَوْلُهُ: لَهُمَا) أَيْ أَوْ لِأَحَدِهِمَا حَجّ. وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ الْعَالِمَ مِنْهُمَا بِقَدْرِهَا صِيغَتُهُ مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّ الْمَبِيعَ جُزْءٌ شَائِعٌ وَصِيغَةُ الْجَاهِلِ مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَيَّ صَاعٍ كَانَ فَلَمْ يَكُنْ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَعْلُومًا لَهُمَا فَالْقِيَاسُ الْبُطْلَانُ، وَقَدْ يُؤَيِّدُهُ إسْقَاطُ الشَّارِحِ لَهُ (قَوْلُهُ: أَنْ يُعْطِيَ مِنْ أَسْفَلِهَا) أَيْ فِي صُورَةِ الْجَهْلِ فَقَطْ، بِخِلَافِ صُورَةِ الْعِلْمِ فَإِنَّ الْبَيْعَ فِيهَا يَنْزِلُ عَلَى الْإِشَاعَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ صَبَّ عَلَيْهَا) هَلْ يَجْرِي فِي مَعْلُومَةِ الصِّيعَانِ مَعَ الْإِشَاعَةِ فَإِذَا تَلِفَ مِنْ الْجُمْلَةِ تَلِفَ مِنْ الْمَبِيعِ بِقَدْرِهِ يَنْبَغِي نَعَمْ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ صَاعًا مِنْ عَشَرَةٍ وَانْصَبَّ عَلَيْهَا عَشَرَةٌ أُخْرَى مَثَلًا وَتَلِفَ بَعْضُهَا وَبَقِيَتْ الْعَشَرَةُ فَهَلْ يُحْكَمُ بِأَنَّ الْبَاقِيَ شَرِكَةٌ عَلَى الْإِشَاعَةِ وَحُصْرُ التَّالِفِ فِيهَا يَخُصُّ الْبَائِعَ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ انْفِسَاخِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ لَا يُنَافِي مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ هُنَا عَنْ الْبَحْرِ لِأَنَّ مَا هُنَا فِي الْغَلَّةِ نَحْو الثَّمَرَة وَمَا يَأْتِي فِي الْأُجْرَةِ إذْ هِيَ دَيْنٌ عِنْدَ الْمُسْتَأْجِرِ وَالدَّيْنُ إنَّمَا يُمْلَكُ بِقَبْضٍ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ: بَيَانُ مَا لِكُلٍّ) أَيْ مِنْ الْعَبْدَيْنِ أَوْ الْمَالِكَيْنِ، وَقَوْلُهُ مِنْهُ: أَيْ مِنْ الثَّمَنِ

مَعَ الْجَهْلِ، وَيُفَارِقُ بَيْعَ ذِرَاعٍ مِنْ نَحْوِ أَرْضٍ مَجْهُولَةٍ الذُّرْعَانِ وَشَاءَ مِنْ قَطِيعٍ وَبَيْعِ صَاعٍ مِنْهَا بَعْدَ تَفْرِيقِ صِيعَانِهَا وَلَوْ بِالْكَيْلِ بِتَفَاوُتِ أَجْزَاءِ نَحْوِ الْأَرْضِ غَالِبًا وَبِأَنَّهَا بَعْدَ التَّفْرِيقِ صَارَتْ أَعْيَانًا مُتَمَيِّزَةً لَا دَلَالَةَ لِإِحْدَاهَا عَلَى الْأُخْرَى فَصَارَ كَبَيْعِ أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ، وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ هُنَا حَيْثُ لَمْ يُرِيدَا صَاعًا مُعَيَّنًا مِنْهَا أَوْ لَمْ يَقُلْ مِنْ بَاطِنِهَا أَوْ إلَّا مِنْهَا وَأَحَدُهُمَا يَجْهَلُ كَيْلَهَا لِلْجَهْلِ بِالْمَبِيعِ بِالْكُلِّيَّةِ وَحَيْثُ عَلِمَ بِأَنَّهَا تَفِي بِالْمَبِيعِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ لِلشَّكِّ فِي وُجُودِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ، صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْفَارِقِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَنَظَرَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ هُنَا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَقَطْ فَلَا أَثَرَ لِلشَّكِّ فِي ذَلِكَ إذْ لَا تَعَبُّدَ هُنَا، وَلَوْ كَانَتْ الصُّبْرَةُ عَلَى مَوْضِعٍ فِيهِ ارْتِفَاعٌ وَانْخِفَاضٌ فَإِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ فَهُوَ كَبَيْعِ الْغَائِبِ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ يَمْنَعُ الرُّؤْيَةَ عَنْ إفَادَةِ التَّخْمِينِ؛ وَلِأَنَّهُ يَضْعُفُ فِي حَالَةِ الْعِلْمِ، فَإِنْ ظَنَّ الِاسْتِوَاءَ صَحَّ فِي الْأَصَحِّ وَثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ. قَالَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ: وَلَوْ كَانَ تَحْتَهَا حُفْرَةٌ صَحَّ الْبَيْعُ وَمَا فِيهَا لِلْبَائِعِ، لَكِنْ رَدَّهُ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنَّ الْغَزَالِيَّ وَغَيْرَهُ جَزَمُوا بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا، لَكِنَّ الْخِيَارَ فِي هَذِهِ لِلْبَائِعِ وَفِي تِلْكَ لِلْمُشْتَرِي وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَيُكْرَهُ بَيْعُ الصُّبْرَةِ الْمَجْهُولَةِ لِأَنَّهُ يُوقِعُ فِي النَّدَمِ لِتَرَاكُمِ الصُّبْرَةِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ غَالِبًا إلَّا الْمَذْرُوعَ لِأَنَّهُ لَا تَرَاكُمَ فِيهِ إذْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ رُؤْيَةِ جَمِيعِهِ لِأَجْلِ صِحَّةِ الْبَيْعِ فَيَقِلُّ الْغَرَرُ، بِخِلَافِ الصُّبْرَةِ فَإِنَّهُ يَكْفِي رُؤْيَةُ أَعْلَاهَا، وَلَوْ قَالَ بِعْتُك نِصْفَهَا وَصَاعًا مِنْ النِّصْفِ الْآخَرِ صَحَّ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إلَّا صَاعًا مِنْهُ لِضَعْفِ الْحَزْرِ، وَلَوْ قَالَ بِعْتُك كُلَّ صَاعٍ مِنْ نِصْفِهَا بِدِرْهَمٍ وَكُلَّ صَاعٍ مِنْ نِصْفِهَا الْآخَرِ بِدِرْهَمَيْنِ صَحَّ (وَلَوْ بَاعَ بِمَلِيءٍ) أَوْ مِلْءِ (ذَا الْبَيْتِ حِنْطَةً أَوْ بِزِنَةِ) أَوْ زِنَةِ (هَذِهِ الْحَصَاةِ ذَهَبًا أَوْ بِمَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ) وَأَحَدُهُمَا يَجْهَلُ قَدْرَ ذَلِكَ (أَوْ بِأَلْفٍ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ لَمْ يَصِحَّ) الْبَيْعُ لِلْجَهْلِ بِأَصْلِ الْمِقْدَارِ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ وَبِمِقْدَارِ كُلٍّ مِنْ النَّوْعَيْنِ فِيهَا، وَإِنَّمَا حُمِلَ عَلَى التَّنْصِيفِ فِي نَحْوِ وَالرِّبْحُ بَيْنَنَا وَهَذَا لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو؛ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ ثُمَّ لَا هُنَا، وَلِهَذَا لَوْ عَلِمْنَا قَبْلَ الْعَقْدِ مِقْدَارَ الْبَيْتِ وَالْحَصَاةِ وَثَمَنَ الْفَرَسِ كَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْعَقْدِ (قَوْلُهُ: وَيُفَارِقُ بَيْعَ ذَارِعٍ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ: صَاعًا مُعَيَّنًا) أَيْ وَمُبْهَمًا أَيْضًا وَيُصَوَّرُ ذَلِكَ بِمَا لَوْ اخْتَلَطَتْ وَرَقَةٌ مِنْ شَرْحِ الْمَحَلِّيِّ مَثَلًا بِشَرْحِ الْمَنْهَجِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَأَحَدُهُمَا) أَيْ وَالْحَالُ (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ عُلِمَ) عَطْفٌ عَلَى حَيْثُ لَمْ يُرِيدَا إلَخْ (قَوْلُهُ: صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَنَظَرَ فِيهِ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: فَلَا أَثَرَ لِلشَّكِّ إلَخْ) قَالَ حَجّ: فَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّهُ مَتَى بَانَ أَكْثَرُ مِنْهَا كَبِعْتُكَ مِنْهَا عَشَرَةً فَبَانَتْ تِسْعَةً بَانَ بُطْلَانُ الْبَيْعِ، وَكَذَا إذَا بَانَا سَوَاءً؛ لِأَنَّهُ خِلَافٌ صَرِيحٌ، مِنْ التَّبْعِيضِيَّةِ بَلْ وَالِابْتِدَائِيَّة (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ) أَيْ بِالْإِخْبَارِ دُونَ الشَّهَادَةِ، أَمَّا إذَا عَلِمَ بِالْمُشَاهَدَةِ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ تَحْتَهَا حُفْرَةٌ) أَيْ بِالْإِخْبَارِ نَظِيرُ مَا تَقَدَّمَ فِي الدَّكَّةِ (قَوْلُهُ: وَمَا فِيهَا) أَيْ وَيَكُونُ مَا فِيهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: جَزَمُوا بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا) أَيْ الْحُفْرَةَ وَالدَّكَّةَ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْخِيَارَ فِي هَذِهِ) أَيْ الْحُفْرَةَ (قَوْلُهُ: وَفِي تِلْكَ) أَيْ مَوْضِعٌ فِيهِ ارْتِفَاعٌ (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ) خِلَافًا لحج حَيْثُ أَقَرَّ كَلَامَ الْبَغَوِيّ وَقَالَ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحُفْرَةِ وَالِانْخِفَاضِ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ: إلَّا الْمَذْرُوعَ) الْأَوْلَى لَا الْمَذْرُوعَ (قَوْلُهُ: إلَّا صَاعًا مِنْهُ) أَيْ مِنْ النِّصْفِ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ بِعْتُك كُلُّ صَاعٍ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَتَمَيَّزَ كُلٌّ مِنْ نِصْفَيْ الصُّبْرَةِ كَأَنْ يَقُولَ بِعْتُك كُلُّ صَاعٍ مِنْ الشَّرْقِيِّ بِكَذَا وَكُلُّ صَاعٍ مِنْ الْغَرْبِيِّ بِكَذَا، وَعَلَيْهِ فَلَوْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِي الْمَبِيعِ فَهَلْ لَهُ رَدُّ أَحَدِ النِّصْفَيْنِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ، لَكِنْ يَبْقَى الْكَلَامُ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَ هَلْ الْمَرْدُودُ النِّصْفُ الَّذِي يُقَابَلُ كُلُّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ لِلشَّكِّ) أَيْ إنْ وَفَّتْ بِالْمَبِيعِ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعِبْرَةَ هُنَا إلَخْ) أَيْ الصُّورَةُ أَنَّهَا وَفَّتْ بِالْمَبِيعِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ بِعْتُك كُلَّ صَاعٍ مِنْ نِصْفِهَا بِدِرْهَمٍ وَكُلَّ صَاعٍ مِنْ نِصْفِهَا الْآخَرِ بِدِرْهَمَيْنِ صَحَّ) لَعَلَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ اشْتَرَى

صَحِيحًا، إنْ قَالَ بِمَا بَاعَ بِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمِثْلَ وَلَا نَوَاهُ؛ لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ. نَعَمْ لَوْ انْتَقَلَ ثَمَنُ الْفَرَسِ إلَى الْمُشْتَرِي فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ الْعَالِمُ: بِأَنَّهُ عِنْدَهُ بِعْتُك بِمَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ اتَّجَهَ صِحَّتُهُ وَتَنْزِيلُ الثَّمَنِ عَلَيْهِ فَيَتَعَيَّنُ وَيَمْتَنِعُ إبْدَالُهُ كَمَا أَفَادَهُ الْعَلَّامَةُ الْأَذْرَعِيُّ، وَكَمَا أَنَّ لَفْظَةَ الْمِثْلِ مُقَدَّرَةٌ فِيمَا ذَكَرَ تُقَدَّرُ زِيَادَتُهَا فِي نَحْوِ عَوَّضْتهَا عَنْ نَظِيرِ مِثْلِ صَدَاقِهَا عَلَى كَذَا فَيَصِحُّ عَنْ الصَّدَاقِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ اُعْتِيدَتْ زِيَادَةُ لَفْظَةِ الْمِثْلِ فِي نَحْوِ ذَلِكَ وَخَرَجَ بِنَحْوِ حِنْطَةٍ وَذَهَبٍ مُنَكَّرًا الْمُشِيرِ إلَى أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ فِي الذِّمَّةِ الْمُعَيَّنُ كَبِعْتُكَ مِلْءَ أَوْ بِمِلْءِ ذَا الْكُوزِ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ أَوْ الذَّهَبِ فَيَصِحُّ، وَإِنْ جَهِلَ قَدْرَهُ لِإِحَاطَةِ التَّخْمِينِ بِرُؤْيَتِهِ مَعَ إمْكَانِ الْأَخْذِ قَبْلَ تَلَفِهِ فَلَا غَرَرَ (وَلَوْ بَاعَ بِنَقْدٍ) دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ وَعَيَّنَ شَيْئًا اتَّبَعَ وَإِنْ عَزَّ، فَإِنْ كَانَ مَعْدُومًا أَصْلًا وَلَوْ مُؤَجَّلًا أَوْ مَعْدُومًا فِي الْبَلَدِ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا إلَى أَجَلٍ لَا يُمْكِنُ ـــــــــــــــــــــــــــــSصَاعٍ مِنْهُ بِدِرْهَمٍ أَوْ مِمَّا يُقَابَلُ كُلُّ صَاعٍ مِنْهُ بِدِرْهَمَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ) هِيَ غَايَةٌ (قَوْلُهُ: فَيَتَعَيَّنُ إلَخْ) وَلَوْ قَصَدَا مِثْلَهُ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي عَيْنِ مَا بَاعَ بِهِ وَالصَّرِيحُ لَا يَنْصَرِفُ عَنْ مَعْنَاهُ بِالنِّيَّةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ مَرَّ. أَقُولُ: قَوْلُ سم وَالصَّرِيحُ إلَخْ قَدْ يَتَوَقَّفُ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَوْ أَتَى بِصَرِيحِ الْبَيْعِ وَقَالَ أَرَدْت خِلَافَهُ قُبِلَ مِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَيَمْتَنِعُ إبْدَالُهُ) أَيْ فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى الْعِلْمِ بِأَصْلِهِ فَيَنْبَغِي التَّحَالُفُ كَمَا لَوْ سَمَّيَا ثَمَنًا وَاخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِهِ بَعْدُ ثُمَّ يَفْسَخَانِهِ هُمَا أَوَأَحَدُهُمَا أَوْ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: عَنْ نَظِيرٍ مِثْلِ صَدَاقِهَا) إلَخْ عِبَارَةُ حَجّ: عَنْ نَظِيرٍ أَوْ مِثْلٍ اهـ، وَهِيَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ وَإِنْ جَهِلَ قَدْرَهُ إلَخْ) قَدْ يُشْعِرُ قَوْلُهُ: أَوْ بِمِلْءِ ذَا الْكُوزِ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْكُوزُ وَالْبَيْتُ أَوْ الْبُرُّ غَائِبًا عَنْهُمَا لَمْ يَصِحَّ، وَلَيْسَ مُرَادًا؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى التَّعْيِينِ حَاضِرًا كَانَ أَوْ غَائِبًا عَنْ الْبَلَدِ حَتَّى لَوْ قَالَ بِعْتُك مِلْءَ الْكُوزِ الْفُلَانِيِّ مِنْ الْبُرِّ الْفُلَانِيِّ وَكَانَا غَائِبَيْنِ بِمَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ صَحَّ الْعَقْدُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَخَرَجَ بِنَحْوِ إلَخْ فَإِنَّهُ جَعَلَ فِيهِ مُجَرَّدَ التَّعْيِينِ كَافِيًا، لَكِنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ تَلَفُ الْكُوزِ أَوْ الْبُرِّ قَبْلَ الْوُصُولِ إلَى مَحَلِّهِمَا إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْغَرَرَ فِي الْمُعَيَّنِ دُونَ الْغَرَرِ فِيمَا فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: وَعَيَّنَ شَيْئًا اُتُّبِعَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إبْدَالُهُ بِغَيْرِهِ وَإِنْ سَاوَاهُ فِي الْقِيمَةِ، وَيُوَافِقُهُ مَا فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ عِنْدَ قَوْلِهِ فَقَبِلَ بِصَحِيحِهِ لَمْ يَصِحَّ مِمَّا نَصُّهُ مِثْلُهُ مَا لَوْ أَوْجَبَ بِأَلْفٍ مِنْ نَقْدٍ فَقَبِلَ بِأَلْفٍ مِنْ نَقْدٍ آخَرَ مُخَالِفٍ لِلْأَوَّلِ فِي السِّكَّةِ دُونَ الْقِيمَةِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ مَرَّ، لَكِنْ قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا سَيَذْكُرُ عَنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا اتَّحَدَ النَّقْدُ وَاخْتَلَفَ مِقْدَارُ الْمَضْرُوبِ فَقَطْ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: مَا ذَكَرَهُ سم وَجْهُ الْبُطْلَانِ فِيهِ كَوْنُ الْقَبُولِ لَيْسَ عَلَى وَفْقِ الْإِيجَابِ، وَهُوَ يُفْسِدُ الصِّيغَةَ فَلْيُتَأَمَّلْ. قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: فَرْعٌ: وَإِنْ بَاعَ شَخْصٌ شَيْئًا بِدِينَارٍ صَحِيحٍ فَأَعْطَاهُ صَحِيحَيْنِ بِوَزْنِهِ: أَيْ الدِّينَارِ أَوْ عَكْسِهِ: أَيْ بَاعَهُ بِدِينَارَيْنِ صَحِيحَيْنِ فَأَعْطَاهُ دِينَارًا صَحِيحًا بِوَزْنِهِمَا لَزِمَهُ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ لَا يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ وَصُورَةُ الْعَكْسِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ فِيهَا فَأَعْطَاهُ دِينَارًا بِوَزْنِهِمَا لَا إنْ أَعْطَاهُ فِي الْأُولَى صَحِيحًا أَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ كَأَنْ يَكُونَ وَزْنُهُ دِينَارًا وَنِصْفًا فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ إلَّا بِالتَّرَاضِي فَيَجُوزُ، فَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا كَسْرَهُ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ لِضَرَرِ الْقِسْمَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مَعْدُومًا إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ وَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــQجَمِيعَ الصُّبْرَةِ وَإِلَّا فَأَيُّ نِصْفٍ يَكُونُ الصَّاعُ مِنْهُ بِدِرْهَمٍ أَوْ بِدِرْهَمَيْنِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا لَوْ عُلِمَا إلَخْ) رَاجِعٌ لِلتَّعْلِيلِ الَّذِي عَلَّلَ بِهِ الْمَتْنَ (قَوْلُهُ: الْعَالِمُ بِأَنَّهُ عِنْدَهُ) أَيْ مَعَ كَوْنِهِ رَآهُ الرُّؤْيَةَ الْكَافِيَةَ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ إذْ هُوَ حِينَئِذٍ بَيْعٌ بِمُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ: وَعَيَّنَ شَيْئًا) أَيْ وَإِنْ عَزَّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ

فِيهِ نَقْلُهُ إلَى الْبَلَدِ بِشَرْطِهِ لَمْ يَصِحَّ، أَوْ إلَى أَجَلٍ يُمْكِنُ فِيهِ النَّقْلُ عَادَةً صَحَّ، وَمِنْهُ مَا فُقِدَ بِمَحَلِّ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ يُنْقَلُ إلَيْهِ لَكِنْ لِغَيْرِ الْبَيْعِ فَلَا وَإِنْ أَطْلَقَ (وَفِي الْبَلَدِ) أَيْ بَلَدِ الْبَيْعِ سَوَاءٌ أَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ أَهْلِهَا وَيَعْلَمُ نُقُودَهَا أَوْ لَا عَلَى مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ (نَقْدٌ غَالِبٌ) مِنْ ذَلِكَ وَغَيْرِ غَالِبٍ (تَعَيَّنَ) الْغَالِبُ وَإِنْ كَانَ مَغْشُوشًا أَوْ نَاقِصَ الْوَزْنِ إذْ الظَّاهِرُ إرَادَتُهُمَا لَهُ، فَإِنْ تَفَاوَتَتْ قِيمَةُ أَنْوَاعِهِ وَرَوَاجُهَا وَجَبَ التَّعْيِينُ، وَذِكْرُهُ النَّقْدَ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ أَوْ الْمُرَادُ مِنْهُ مُطْلَقُ الْعِوَضِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ غَلَبَ بِمَحَلِّ الْبَيْعِ عَرْضٌ كَفُلُوسٍ وَحِنْطَةٍ تَعَيَّنَ وَلَوْ مَعَ جَهْلِ وَزْنِهِ وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْفُلُوسَ لَا تَدْخُلُ فِي النَّقْدِ إلَّا مَجَازًا وَإِنْ أَوْهَمَتْ عِبَارَةُ الشَّارِحِ كَابْنِ الْمُقْرِي أَنَّهَا مِنْهُ، وَيَدْفَعُ الْإِيهَامَ أَنْ يُجْعَلُ قَوْلُهُ أَوْ فُلُوسٍ عَطْفًا عَلَى نَقْدٍ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمَحَلُّ الْحَمْلِ عَلَى الْفُلُوسِ إذَا سَمَّاهَا، أَمَّا إذَا سَمَّى الدَّرَاهِمَ فَلَا وَإِنْ رَاجَتْ؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يَنْصَرِفُ إلَى الْفِضَّةِ. نَعَمْ الْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِإِنْصَافٍ رَجَعَ فِي ذَلِكَ لِلْمُقِرِّ أَوْ بَاعَ بِهَا وَاخْتَلَفَتْ قِيمَتُهَا وَجَبَ الْبَيَانُ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ أَوْ اتَّفَقَتْ وَاخْتَلَفَا فِيمَا وَقَعَ الْعَقْدُ بِهِ تَحَالَفَا، وَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ بِعْتُك بِمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ صَرْفِ عِشْرِينَ بِدِينَارٍ حَيْثُ لَمْ يَصِحَّ لِلْجَهْلِ بِنَوْعِ الدَّرَاهِمِ وَإِنَّمَا عَرَّفَهَا بِالتَّقْوِيمِ وَهُوَ غَيْرُ مُنْضَبِطٍ وَلِهَذَا صَحَّ بِمِائَةٍ دَرَاهِمَ مِنْ دَرَاهِمِ الْبَلَدِ الَّتِي قِيمَةُ عِشْرِينَ مِنْهَا دِينَارٌ لِأَنَّهَا مُعَيَّنَةٌ حِينَئِذٍ، وَلَا تَصْرِيحُهُمْ فِي الْكِتَابَةِ الَّتِي بِدَرَاهِمَ أَنَّ السَّيِّدَ لَوْ وَضَعَ عَنْهُ دِينَارَيْنِ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت مَا يُقَابِلُهُمَا مِنْ الدَّرَاهِمِ صَحَّ وَلَوْ جَهِلَاهُ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي سَائِرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSتُرَدُّ صِحَّتُهُ فِي نَقْدٍ يَعِزُّ وُجُودُهُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّهُ مِنْ الْعِزَّةِ يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ بِخِلَافِ الْمَعْدُومِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) لِلْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِهِ وَقْتَ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ فِي الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: بِمَحَلِّ الْعَقْدِ) أَيْ وَاعْتِيدَ نَقْلُهُ لِلْبَيْعِ مِنْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) قَسِيمُ قَوْلِهِ أَوْ مُؤَجَّلًا إلَخْ (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ الْبَيْعِ فَلَا) يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ اُعْتِيدَ نَقْلُهُ لِلْهَدِيَّةِ وَكَانَ الْمُهْدَى إلَيْهِ يَبِيعُهُ عَادَةً فَيَصِحُّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَطْلَقَ) قَسِيمُ قَوْلِهِ وَعَيَّنَ شَيْئًا اُتُّبِعَ (قَوْلُهُ: وَغَيْرِ غَالِبٍ تَعَيَّنَ) هُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ الْغَالِبُ مَثَلًا النِّصْفَ مِنْ هَذَا وَالنِّصْفَ مِنْ هَذَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: إذْ الظَّاهِرُ) هَذِهِ الْعِلَّةُ لَا تَتَأَتَّى فِي قَوْلِهِ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: إرَادَتُهُمَا لَهُ) أَيْ وَلَا خِيَارَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَرَوَاجُهَا) أَيْ أَوْ رَوَاجُهَا (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ كَفُلُوسٍ تَمْثِيلًا لِلْعَرْضِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَوْهَمَتْ) إنَّمَا قَالَ أَوْهَمَتْ لِإِمْكَانِ عَطْفِ الْفُلُوسِ عَلَى قَوْلِهِ نَقْدٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَيَدْفَعُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ) يَنْبَغِي تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَحْدُثْ عُرْفٌ بِاسْتِعْمَالِ الدَّرَاهِمِ فِي غَيْرِ الْفِضَّةِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا يُصَرِّحُ بِهِ حَيْثُ قَالَ: بَلْ لَوْ اطَّرَدَ عُرْفُهُمْ بِالتَّعْبِيرِ بِالدِّينَارِ وَالْأَشْرَفِيِّ الْمَوْضُوعَيْنِ أَصَالَةً لِلذَّهَبِ كَمَا هُوَ الْمَنْقُولُ فِي الْأَوَّلِ، وَقَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ فِي الثَّانِي عَنْ عَدَدٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْفِضَّةِ مَثَلًا بِحَيْثُ لَا يُطْلِقُونَهُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ انْصَرَفَ لِذَلِكَ الْعَدَدِ عَلَى الْأَوْجَهِ كَمَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُمْ بِأَنَّ الظَّاهِرَ إرَادَتُهُمَا لِلْغَالِبِ وَلَوْ نَاقِصًا (قَوْلُهُ: أَوْ بَاعَ بِهَا) أَيْ بِأَنْصَافٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ) قَدْ يُقَالُ لَا مُعَارِضَةَ مِنْهُ أَصْلًا لِأَنَّ مَسْأَلَةَ التَّحَالُفِ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا لَوْ عَيَّنَا نَوْعًا وَاخْتَلَفَا بَعْدَ الْعَقْدِ فِيهِ أَهُوَ مِنْ الْفُلُوسِ مَثَلًا أَوْ الْفِضَّةِ، فَالِاخْتِلَافُ بَعْدَ صِحَّةِ الْعَقْدِ وَفِيمَا لَوْ قَالَ وَزْنُ كُلِّ عِشْرِينَ بِدِينَارٍ لَمْ يَقَعْ تَعْيِينٌ لِشَيْءٍ لَا لَفْظًا وَلَا غَيْرَهُ، وَقَدْ يُقَالُ هُوَ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ وَفِي الْبَلَدِ نَقْدٌ غَالِبٌ تَعَيَّنَ إنْ أَخَّرَ مَا فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ جَهِلَاهُ) اُنْظُرْهُ مَعَ أَنَّهُ إبْرَاءٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَلَعَلَّهُمْ تَسَامَحُوا فِي ذَلِكَ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ، لَكِنَّ هَذَا لَا يَدْفَعُ الْإِشْكَالَ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي سَائِرِ الدُّيُونِ إلَخْ، فَالْأَوْلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ بِشَرْطِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ يُنْقَلُ لِلْبَيْعِ (قَوْلُهُ: عَادَةً) أَيْ بِأَنْ كَانَ يُنْقَلُ لِلْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَعْدُومِ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ، وَلِهَذَا قَالَ بَعْدَهُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ: فَلَا يَصِحُّ، عَلَى أَنَّ هَذَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ مَا قَبْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ يُنْقَلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ وَالْمُرَادُ مُطْلَقُ الْعِوَضِ لِأَنَّهُ لَوْ غَلَبَ إلَخْ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التُّحْفَةِ

الدُّيُونِ إذْ الْحَطُّ تَبَرُّعٌ مَحْضٌ لَا مُعَاوَضَةَ فِيهِ فَاعْتُبِرَ نِيَّةُ الدَّائِنِ فِيهِ، وَلَوْ بَاعَ بِوَزْنِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ مِنْ فِضَّةٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَهِيَ مَضْرُوبَةٌ أَمْ تِبْرٌ لَمْ يَصِحَّ لِتَرَدُّدِهِ وَلَوْ بَاعَهُ بِالدَّرَاهِمِ فَهَلْ يَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَى ثَلَاثَةٍ، أَوْ يَبْطُلُ وَجْهَانِ فِي الْجَوَاهِرِ، وَجَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِالْبُطْلَانِ لَكِنَّهُ عَبَّرَ بِدَرَاهِمَ وَلَا فَرْقَ، بَلْ الْبُطْلَانُ مَعَ التَّعْرِيفِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ أَلْ فِيهِ إنْ جُعِلَتْ لِلْجِنْسِ أَوْ لِلِاسْتِغْرَاقِ زَادَ الْإِيهَامُ أَوْ لِلْعَهْدِ فَلَا عَهْدَ هُنَا. نَعَمْ إنْ كَانَ ثَمَّ عَهْدٌ أَوْ قَرِينَةٌ بِأَنْ اتَّفَقَا عَلَى ثَلَاثَةٍ مَثَلًا، ثُمَّ قَالَ: بِعْتُك بِالدَّرَاهِمِ وَأَرَادَ الْمَعْهُودَةَ احْتَمَلَ الْقَوْلَ بِالصِّحَّةِ (أَوْ) فِي الْبَلَدِ (نَقْدَانِ) فَأَكْثَرَ أَوْ عَرْضَانِ كَذَلِكَ (وَلَمْ يُغَلِّبْ أَحَدُهُمَا) وَتَفَاوَتَا قِيمَةً أَوْ رَوَاجًا (اُشْتُرِطَ التَّعْيِينُ) لِأَحَدِهِمَا لَفْظًا لَا نِيَّةً فَلَا تَكْفِي بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْخُلْعِ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ هُنَا، وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ الِاكْتِفَاءُ بِنِيَّةِ الزَّوْجَةِ فِي النِّكَاحِ كَمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ تَمَّ ضَرْبٌ مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَهُنَا ذَاتُ الْعِوَضِ فَاغْتُفِرَ ثُمَّ مَا لَمْ يُغْتَفَرْ هُنَا وَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ مَبْنَاهُ عَلَى الِاحْتِيَاطِ وَالتَّعَبُّدِ أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ اتَّفَقَتْ النُّقُودُ وَنَحْوُهَا وَلَوْ صِحَاحًا وَمُكَسَّرَةً بِأَنْ لَمْ تَتَفَاوَتْ قِيمَةً وَغَلَبَةً صَحَّ الْعَقْدُ بِهَا مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ وَيُسَلِّمُ الْمُشْتَرِي مَا شَاءَ مِنْهَا، وَلَوْ أَبْطَلَ السُّلْطَانُ مَا بَاعَ بِهِ أَوْ أَقْرَضَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ بِحَالٍ نَقَصَ سِعْرُهُ أَمْ زَادَ أَمْ عَزَّ وُجُودُهُ، فَإِنْ فُقِدَ وَلَهُ مِثْلٌ وَجَبَ وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ وَقْتَ الْمُطَالَبَةِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدْ عَمَّتْ بِهَا الْبَلْوَى فِي زَمَنِنَا فِي الدِّيَارِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْجَوَابُ بِأَنَّهُمْ لَمْ يُبَالُوا بِالْجَهْلِ بِهِ لِإِمْكَانِ مَعْرِفَتِهِ بِالتَّقْوِيمِ بَعْدُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَ الْمُشْتَرِكُ بَعْدَ إذْنِ شَرِيكِهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ قَدْرَ حِصَّتِهِ مِنْهُ حَيْثُ صَحَّ الْبَيْعُ مَعَ الْعِلْمِ بِعَدَمِ مَعْرِفَةِ مَا يَخُصُّهُ حَالَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: دَرَاهِمَ مِنْ فِضَّةٍ) بَيَانٌ لِمَا بَاعَ بِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ بَاعَهُ بِفِضَّةٍ وَزْنُهَا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ (قَوْلُهُ: احْتَمَلَ الْقَوْلَ بِالصِّحَّةِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَوْ عَرَضَانِ كَذَلِكَ) أَيْ فَأَكْثَرَ (قَوْلُهُ: اُشْتُرِطَ التَّعْيِينُ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ تَبَايَعَ بِطَرَفَيْ بَلَدَيْنِ وَاخْتَلَفَ نَقْدُهُمَا فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِبَلَدِ الْمُبْتَدِئِ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ. [فَرْعٌ] لَوْ قَالَ بِعْتُك بِقِرْشٍ اُشْتُرِطَ تَعْيِينُ الْمُرَادِ مِنْهُ فِي الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الرِّيَالِ وَعَلَى الْكَلْبِ وَنَحْوِهِمَا مَا لَمْ يَغْلِبْ اسْتِعْمَالُهُ فِي نَوْعٍ مَخْصُوصٍ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَكْفِي) أَيْ النِّيَّةُ وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَحَدِ النَّقْدَيْنِ قَبْلَ الْعَقْدِ ثُمَّ نَوَيَاهُ عِنْدَهُ فَلَا يُكْتَفَى بِهِ، لَكِنْ فِي السَّلَمِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُشْتَرَطُ ذِكْرُهَا: أَيْ الصِّفَاتِ فِي الْعَقْدِ مَا نَصُّهُ: ثُمَّ لَوْ تَوَافَقَا قَبْلَ الْعَقْدِ وَقَالَا أَرَدْنَا فِي حَالَةِ الْعَقْدِ مَا كُنَّا اتَّفَقْنَا عَلَيْهِ صَحَّ عَلَى مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ نَظِيرُ مَنْ لَهُ بَنَاتٌ وَقَالَ لِآخَرَ زَوَّجْتُك بِنْتِي وَنَوَيَا مُعَيَّنَةً لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ اهـ. وَقِيَاسُهُ أَنْ يُقَالَ هُنَا كَذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الصِّفَاتِ لَمَّا كَانَتْ تَابِعَةً اُكْتُفِيَ فِيهَا بِالنِّيَّةِ عَلَى مَا ذَكَرَ ثُمَّ بِخِلَافِ الثَّمَنِ هُنَا فَإِنَّهُ نَفْسُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَلَمْ يُكْتَفَى بِنِيَّتِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِيهِ) أَيْ فِي الْخُلْعِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ) أَيْ فَإِنْ عَيَّنَ شَيْئًا اُتُّبِعَ كَمَا مَرَّ فَلَيْسَ لَهُ دَفْعُ غَيْرِهِ وَلَوْ أَعْلَى قِيمَةً مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَيُسَلِّمُ الْمُشْتَرِي مَا شَاءَ مِنْهَا) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُعَيِّنْ الْبَائِعُ أَحَدَهَا وَإِلَّا وَجَبَ مَا عَيَّنَهُ وَلَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ وَإِنْ اتَّحِدَا رَوَاجًا وَقِيمَةً أَخْذًا مِمَّا مَرَّ لسم عَنْ الشَّارِحِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قِيلَ بِغَيْرِ الْمُعَيَّنِ مَعَ اخْتِلَافِهَا سِكَّةً لَا قِيمَةً لَمْ يَصِحَّ، وَمِمَّا مَرَّ لِلشَّارِحِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ نَقْدًا اُتُّبِعَ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ، لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الرَّوْضِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ بِدِينَارٍ صَحِيحٍ وَدَفَعَ دِينَارَيْنِ صَغِيرَيْنِ بِوَزْنِهِ وَجَبَ قَبُولُهُمَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا قَبِلَ بِمُعَيَّنٍ وَجَبَ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ غَيْرِ مَا عَيَّنَهُ مِمَّا خَالَفَهُ فِي السِّكَّةِ أَوْ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَبْطَلَ السُّلْطَانُ مَا بَاعَ بِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ بِمُعَيَّنٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ وَقْتَ الْمُطَالَبَةِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مِنْ فِضَّةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِبَاعَ (قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ الزَّوْجَةِ) أَيْ كَأَنْ قَالَ زَوَّجْتُك بِنْتِي وَلَهُ بَنَاتٌ وَقَصَدَا مُعَيَّنَةً (قَوْلُهُ: وَلَهُ مِثْلٌ) لَعَلَّ صُورَتَهُ كَمَا إذَا كَانَ الرِّيَالُ مَثَلًا أَنْوَاعًا وَأُبْطِلَ نَوْعٌ مِنْهَا

الْمِصْرِيَّةِ فِي الْفُلُوسِ، وَيَجُوزُ التَّعَامُلُ بِالْمَغْشُوشَةِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ وَإِنْ جُهِلَ قَدْرُ غِشِّهَا سَوَاءٌ أَكَانَتْ لَهُ قِيمَةٌ لَوْ انْفَرَدَ أَمْ لَا اسْتَهْلَكَ فِيهَا أَمْ لَا، وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ رَوَاجُهَا فَتَكُونُ كَبَعْضِ الْمَعَاجِينِ الْمَجْهُولَةِ الْأَجْزَاءِ أَوْ مَقَادِيرِهَا وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ بَيْعُ تُرَابِ الْمَعْدِنِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ النَّقْدُ وَهُوَ مَجْهُولٌ، وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي انْتِفَاءِ الصِّحَّةِ بَيْعُ لَبَنٍ خُلِطَ بِمَاءٍ، وَنَحْوُ مِسْكٍ خُلِطَ بِغَيْرِهِ لِغَيْرِ تَرْكِيبٍ. نَعَمْ بَحَثَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ أَنَّ الْمَاءَ لَوْ قُصِدَ خَلْطُهُ بِاللَّبَنِ لِنَحْوِ حُمُوضَتِهِ وَكَانَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَخَلْطِ غَيْرِ الْمِسْكِ بِهِ لِلتَّرْكِيبِ، وَمَتَى جَازَتْ الْمُعَامَلَةُ بِهَا وَضُمِنَتْ بِمُعَامَلَةٍ أَوْ إتْلَافٍ فَالْوَاجِبُ مِثْلُهَا إذْ هِيَ مِثْلِيَّةٌ لَا قِيمَتُهَا إلَّا إنْ فُقِدَ الْمِثْلُ فَتَجِبُ قِيمَتُهَا، وَحَيْثُ وَجَبَتْ الْقِيمَةُ أُخِذَتْ قِيمَةُ الدَّرَاهِمِ ذَهَبًا وَعَكْسُهُ. (وَيَصِحُّ بَيْعُ الصُّبْرَةِ) مِنْ أَيِّ نَوْعٍ كَانَتْ (الْمَجْهُولَةِ الصِّيعَانِ) لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ وَالْقَطِيعِ الْمَجْهُولِ الْعَدَدِ وَالْأَرْضِ أَوْ الثَّوْبِ الْمَجْهُولِ الذَّرْعِ (كُلَّ) بِالنَّصْبِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَيَصِحُّ جُزْءُ أَيْضًا (صَاعٍ) أَوْ رَأْسٌ أَوْ ذِرَاعٌ (بِدِرْهَمٍ) لِأَنَّ الْمَبِيعَ مُشَاهَدٌ وَلَا يَضُرُّ الْجَهْلُ بِجُمْلَةِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ بِالتَّفْصِيلِ وَالْغَرَرُ مُرْتَفِعٌ بِهِ كَمَا إذَا بَاعَ بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ جُزَافًا وَفَارَقَ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ بَاعَ ثَوْبًا بِمَا رُقِّمَ: أَيْ كُتِبَ عَلَيْهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ الْمَجْهُولَةِ الْقَدْرِ بِأَنَّ الْغَرَرَ مُنْتَفٍ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ مَا قَابَلَ كُلَّ صَاعٍ مَعْلُومُ الْقَدْرِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِهِ فِي تِلْكَ، وَلَوْ قَالَ بِعْتُك صَاعًا مِنْهَا بِدِرْهَمٍ وَمَا زَادَ بِحِسَابِهِ صَحَّ فِي صَاعٍ فَقَطْ إذْ هُوَ الْمَعْلُومُ، أَوْ بِعْتُكهَا وَهِيَ عَشَرَةُ آصُعٍ كُلُّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ، وَمَا زَادَ بِحِسَابِهِ صَحَّ فِي الْعَشَرَةِ فَقَطْ لِمَا مَرَّ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ فِيهِمَا: عَلَى أَنَّ مَا زَادَ بِحِسَابِهِ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ شَرْطُ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ بَعْضُ صَاعٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ حَيْثُ أَمْكَنَ تَقْوِيمُهُ وَإِلَّا اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ فِي آخِرِ أَوْقَاتِ وُجُودِهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَيُرْجَعُ لِلْغَارِمِ فِي بَيَانِ الْقَدْرِ حَيْثُ لَاقَ بِهِ عَادَةً إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يَعْرِفُهُ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ تَعَيَّنَ الْغَالِبُ وَإِنْ كَانَ مَغْشُوشًا (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَكَانَتْ لَهُ قِيمَةٌ) أَيْ الْغِشِّ (قَوْلُهُ: وَكَانَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ صَحَّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَمَتَى جَازَتْ الْمُعَامَلَةُ بِهَا) أَيْ بِالْمَغْشُوشَةِ (قَوْلُهُ: فَالْوَاجِبُ مِثْلُهَا) أَيْ صُورَةً فَالْفِضَّةُ الْعَدَدِيَّةُ تُضْمَنُ بِعَدَدِهَا مِنْ الْفِضَّةِ، وَلَا يَكْفِي مَا يُسَاوِيهَا قِيمَةً مِنْ الْقُرُوشِ إلَّا بِالتَّعْوِيضِ إنْ وُجِدَتْ شُرُوطُهُ، وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي عَكْسِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي غَيْرِ الْفِضَّةِ الْمَقْصُوصَةِ أَمَّا هِيَ فَلَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِهَا فِي الذِّمَّةِ وَلَوْ بِالْوَزْنِ لِتَفَاوُتِهَا فِي الْقَصِّ وَاخْتِلَافِ قِيمَتِهَا. وَأَمَّا الْبَيْعُ بِالْمُعَيَّنِ مِنْهَا فَلَا مَانِعَ مِنْهُ إذَا عُرِفَ كُلُّ نِصْفٍ مِنْهَا عَلَى حِدَتِهِ لِاخْتِلَافِ الْقَصِّ أَخْذًا مِنْ بَيْعِ الْوَرَقِ الْأَبْيَضِ الْآتِي (قَوْلُهُ: أُخِذَتْ قِيمَةُ الدَّرَاهِمِ ذَهَبًا) أَيْ حَذَرًا مِنْ الْوُقُوعِ فِي الرِّبَا فَإِنَّهُ لَوْ أَخَذَ بَدَلَ الدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ فِضَّةً خَالِصَةً كَانَ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ الْآتِيَةِ وَهِيَ بَاطِلَةٌ (قَوْلُهُ: وَعَكْسُهُ) أَيْ قِيمَةُ الذَّهَبِ دَرَاهِمَ (قَوْلُهُ: مِنْ أَيِّ نَوْعٍ كَانَتْ) أَيْ مِنْ أَنْوَاعِ الطَّعَامِ (قَوْلُهُ: كُلَّ بِالنَّصْبِ) لَعَلَّهُ عَلَى الْحَالِ كَبِعْهُ مُدًّا بِكَذَا، أَوْ عَلَى بَدَلِ الْمُفَصَّلِ مِنْ الْمُجْمَلِ، وَكَوْنُ الْمُبْدَلِ عَلَى نِيَّةِ تَكْرَارِ الْعَامِلِ لَا يُنَافِي كَوْنَ الْكَلَامِ وَاحِدًا وَالصِّيغَةُ وَاحِدَةً وَلَعَلَّ هَذَا أَقْرَبُ تَأَمُّلٍ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: الْمَجْهُولَةِ الْقَدْرِ) أَيْ لِلْعَاقِدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: وَهِيَ عَشَرَةُ آصُعٍ إلَخْ) مِنْ جُمْلَةِ الصِّيغَةِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ إذْ هُوَ الْمَعْلُومُ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ إلَخْ) مُتَّصِلٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ كُلُّ صَاعٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَوْ خَرَجَ بَعْضُ صَاعٍ إلَخْ) يَتَبَادَرُ مِنْ ذَلِكَ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا خَرَجَتْ صِيعَانًا وَبَعْضَ صَاعٍ، فَلَوْ خَرَجَتْ بَعْضَ صَاعٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مِنْ أَيِّ نَوْعٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَنْوَاعِ الطَّعَامِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمْ يُجْعَلْ قَسِيمَ ذَلِكَ إلَّا الْقَطِيعُ وَالْأَرْضُ وَالثَّوْبُ فَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الطَّعَامِ نَظَرَ فِيهِ إلَى مُجَرَّدِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ مِنْ أَنَّ الصُّبْرَةَ هِيَ الْكَوْمُ مِنْ الطَّعَامِ. وَلَا يَخْفَى أَنَّا لَوْ أَرَدْنَاهُ لَمْ يَكُنْ لِهَذَا الْبَيَانِ مِنْ الشَّارِحِ كَبِيرُ فَائِدَةٍ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ بَعْضُ صَاعٍ) أَيْ فِي صُورَةِ الْمَتْنِ

صَحَّ الْبَيْعُ فِيهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ (وَلَوْ بَاعَهَا) أَيْ قَابَلَ جُمْلَةَ الصُّبْرَةِ أَوْ نَحْوَهَا كَأَرْضٍ وَثَوْبٍ بِجُمْلَةِ الثَّمَنِ وَبَعْضَهَا بِتَفْصِيلِهِ (بِمِائَةِ دِرْهَمٍ كُلُّ صَاعٍ) أَوْ رَأْسٍ أَوْ ذِرَاعٍ (بِدِرْهَمٍ صَحَّ) الْبَيْعُ (إنْ خَرَجَتْ مِائَةً) لِمُوَافَقَةِ الْجُمْلَةِ وَالتَّفْصِيلِ فَلَا غَرَرَ. (وَإِلَّا) أَيْ لَمْ تَخْرُجْ مِائَةً بِأَنْ خَرَجَتْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ (فَلَا) يَصِحُّ الْبَيْعُ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنَ جُمْلَةِ الثَّمَنِ وَتَفْصِيلِهِ، وَالثَّانِي يَصِحُّ تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ، وَلَا يُرَدُّ عَلَى الْأَوَّلِ مَا لَوْ بَاعَ صُبْرَةَ بُرٍّ بِصُبْرَةِ شَعِيرٍ مُكَايَلَةً فَإِنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ وَإِنْ زَادَتْ إحْدَاهُمَا، ثُمَّ إنْ تَوَافَقَا فَذَاكَ وَإِلَّا فُسِخَ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ هُنَا عُيِّنَتْ كَمِيَّتُهُ، فَإِذَا اخْتَلَّ عَنْهَا صَارَ مُبْهَمًا بِخِلَافِهِ ثُمَّ؛ وَلِأَنَّ مُكَايَلَةَ وَقَعَ مُخَصَّصًا لِمَا قَبْلَهُ وَمُبِينًا أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ إلَّا كَيْلًا فِي مُقَابَلَةِ كَيْلٍ وَهَذَا لَا يُنَافِيهِ الصِّحَّةُ مَعَ زِيَادَةِ إحْدَاهُمَا، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ الزِّيَادَةَ أَوْ النَّقْصَ تُلْغِي قَوْلَهُ بِمِائَةٍ أَوْ كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ فَأَبْطَلَ، وَيَتَخَيَّرُ الْبَائِعُ فِي الزِّيَادَةِ وَالْمُشْتَرِي فِي النَّقْصِ أَيْضًا فِي بِعْتُك هَذَا عَلَى أَنَّ قَدْرَهُ كَذَا فَزَادَ أَوْ نَقَصَ وَالْمُشْتَرِي فَقَطْ إنْ زَادَ الْبَائِعُ قَوْلُهُ فَإِنْ نَقَصَ فَعَلَيَّ وَإِنْ زَادَ فَلَكَ وَإِنَّمَا لَمْ يَتَخَيَّرْ الْبَائِعُ هُنَا فِي الزِّيَادَةِ لِدُخُولِهَا فِي الْمَبِيعِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ فِي عَلَى أَنَّ لِي نِصْفَهُ أَنَّهُ بِمَعْنَى إلَّا نِصْفَهُ، فَكَذَا الْمَعْنَى هُنَا بِعْتُك هَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــSفَقَطْ فَهَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ بِبَعْضِ دِرْهَمٍ أَوْ لَا لِعَدَمِ صِدْقِ كُلِّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ فِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَلَا يَبْعُدُ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَقْدِيرُ مَا يُقَابِلُ قَدْرَ الصَّاعِ (قَوْلُهُ: صَحَّ الْبَيْعُ فِيهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّرَاهِم) وَفَارَقَ بَيْعَ الْقَطِيعِ كُلُّ شَاةٍ بِدِرْهَمٍ فَبَقِيَ بَعْضُ شَاةٍ بِأَنْ خَرَجَ بَاقِيهَا لِغَيْرِهِ فَإِنَّ الْبَيْعَ يَبْطُلُ فِيهِ بِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ فِي التَّوْزِيعِ عَلَى الْمِثْلِيِّ لِعَدَمِ النَّظَرِ فِيهِ إلَى الْقِيمَةِ بِمَا لَمْ يُتَسَامَحْ بِهِ فِي التَّوْزِيعِ عَلَى الْمُتَقَوِّمِ اهـ حَجّ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ بِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ فِي التَّوْزِيعِ إلَخْ الْبُطْلَانُ فِيمَا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ أَرْضًا أَوْ ثَوْبًا فِي ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ فَخَرَجَ بَعْضُ ذِرَاعٍ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّمَا بَطَلَ فِي مَسْأَلَةِ الشَّاةِ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ الْحَاصِلَةِ فِيهَا (قَوْلُهُ: بِتَفْصِيلِهِ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَأَنْ قَالَ بِمِائَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ تَوَافَقَا) أَيْ الْمُتَبَايِعَانِ بِأَنْ سَمَحَ رَبُّ الزَّائِدَةِ بِهِ أَوْ رَضِيَ رَبُّ النَّاقِصَةِ بِأَخْذِ قَدْرِهَا مِنْ الْأُخْرَى، وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي بَابِ الرِّبَا وَلَوْ بَاعَ صُبْرَةَ بُرٍّ بِصُبْرَةِ شَعِيرٍ جُزَافًا جَازَ لِانْتِفَاءِ اشْتِرَاطِ الْمُمَاثَلَةِ، فَإِنْ بَاعَهَا بِهَا مُكَايَلَةً وَخَرَجَتَا سَوَاءً صَحَّ، وَإِنْ تَفَاضَلَتَا وَسَمَحَ رَبُّ الزَّائِدِ بِإِعْطَائِهِ أَوْ رَضِيَ رَبُّ النَّاقِصِ بِقَدْرِهِ مِنْ الزَّائِدِ أُقِرَّ الْبَيْعُ، وَإِنْ تَشَاحَّا فُسِخَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الثَّمَنَ هُنَا) أَيْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ ثُمَّ) أَيْ فَإِنَّ الثَّمَنَ لَمْ تُعَيَّنْ كَمِيَّتُهُ بَلْ قُوبِلَتْ إحْدَى الصُّبْرَتَيْنِ مُجْمَلَةً بِالْأُخْرَى فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الصُّبْرَةَ بِشَرْطِ تَسَاوِيهِمَا فَكَانَ كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ بِشَرْطِ كَوْنِهِ كَاتِبًا فَلَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ، وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ إذَا أَخْلَفَ الشَّرْطَ. لَا يُقَالُ: الْكِتَابَةُ وَالْحَمْلُ خَارِجَانِ عَنْ كَمْيَّةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُكَايَلَةِ أَوْ الْكَيْلِ بِالْكَيْلِ فَإِنَّهُمَا يُفِيدَانِ أَمْرًا يَتَعَلَّقُ بِكَمِّيَّةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ. لِأَنَّا نَقُولُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الشَّرْطَ يَجِبُ خُرُوجُهُ عَنْ ذَاتِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ مَا لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الثَّوْبَ عَلَى أَنَّهُ عِشْرُونَ ذِرَاعًا مَثَلًا فَبَانَ زَائِدًا أَوْ نَاقِصَهَا فَإِنَّ الْبَيْعَ فِيهِ صَحِيحٌ، وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ إنْ بَانَ زَائِدًا وَلِلْمُشْتَرِي إنْ نَقَصَ (قَوْلُهُ: وَيَتَخَيَّرُ الْبَائِعُ إلَخْ) هُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ ثَوْبًا أَوْ أَرْضًا. أَمَّا لَوْ كَانَ أَشْيَاءَ مُتَعَدِّدَةً كَالثِّيَابِ فَيَبْطُلُ الْبَيْعُ إنْ خَرَجَ زَائِدًا عَلَى مَا قَدَّرَهُ وَيَصِحُّ بِقِسْطِهِ مِنْ الْمُسَمَّى إنْ نَقَصَ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى بَهْجَةٍ: قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الرِّزْمَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ بَعَّضَهَا) الظَّاهِرُ أَنَّهُ بِالتَّشْدِيدِ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ مَعْطُوفًا عَلَى قَابَلَ، وَإِلَّا فَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَيْضًا مَا فِي هَذَا الْحَلِّ مِنْ الرَّكَاكَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ تَوَافَقَا) أَيْ الْعَاقِدَانِ فِي صُورَةِ الزِّيَادَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ لِلصُّبْرَتَيْنِ بِمَعْنَى الْمَبِيعَيْنِ فَهُوَ تَفْصِيلٌ لِمَا أَفَادَتْهُ الْغَايَةُ مِنْ الشِّقَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَالْمُشْتَرَى فِي النَّقْصِ أَيْضًا) تَبِعَ فِي ذِكْرِهِ لَفْظَةَ أَيْضًا الْمُقْتَضِي سَبْقَ نَظِيرِهِ الشِّهَابِ حَجّ، لَكِنَّ ذَاكَ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ تَخَيَّرَ الْمُشْتَرَى عَلَى مُقَابِلِ الصَّحِيحِ الَّذِي قَالَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ

الَّذِي قَدْرُهُ كَذَا، وَمَا زَادَ عَلَيْهِ وَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ طَرْحِ شَيْءٍ عِنْدَ نَحْوِ الْوَزْنِ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ الْمَبِيعِ لَا يَعْمَلُ بِهِ، ثُمَّ إنْ شَرَطَ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ بَطَلَ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ وَإِلَّا فَلَا، وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ مَثَلًا مِنْ أَرْضٍ لَيَحْفِرَهَا وَيَأْخُذَ تُرَابَهَا لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَخْذُ التُّرَابِ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْهَا. وَسَيَأْتِي بَيَانُ الذِّرَاعِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ (وَمَتَى كَانَ الْعِوَضُ) ثَمَنًا أَوْ مُثَمَّنًا (مُعَيَّنًا) قَالَ الشَّارِحُ: أَيْ مُشَاهَدًا لِأَنَّ الْمُعَيِّنَ صَادِقٌ بِمَا عَيَّنَ بِوَصْفِهِ، وَبِمَا هُوَ مُشَاهَدٌ: أَيْ مُعَايَنٌ، فَالْأَوَّلُ مِنْ التَّعْيِينِ وَالثَّانِي مِنْ الْمُعَايَنَةِ: أَيْ الْمُشَاهَدَةِ، وَهُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ (كَفَتْ مُعَايَنَتُهُ) وَإِنْ جَهِلَا قَدْرَهُ؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُحِيطَ التَّخْمِينُ بِهِ. وَعُلِمَ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالْمُعَايَنَةِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الشَّمِّ وَالذَّوْقِ فِي الْمَشْمُومِ وَالْمَذُوقِ. (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ) فِي غَيْرِ نَحْوِ الْفُقَّاعِ كَمَا مَرَّ (بَيْعُ الْغَائِبِ) وَهُوَ مَا لَمْ يَرَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSكُلُّ ثَوْبٍ بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنَّهَا عَشَرَةُ أَثْوَابٍ وَقَدْ شَاهَدَ كُلَّ ثَوْبٍ مِنْهَا فَخَرَجَتْ تِسْعَةً صَحَّ وَلَزِمَهُ تِسْعَةُ دَرَاهِمَ، وَإِنْ خَرَجَتْ أَحَدَ عَشَرَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ، بَطَلَ فِي الْكُلِّ قَطْعًا، بِخِلَافِ الْأَرْضِ وَالثَّوْبِ إذَا بَاعَهُ مُذَارَعَةً لِأَنَّ الثِّيَابَ تَخْتَلِفُ فَلَا يُمْكِنُ جَعْلُ الزَّائِدِ شَائِعًا فِي جَمِيعِهَا، وَمَا زَادَ فِي الْأَرْضِ مُشَبَّهً لِبَاقِيهِ فَأَمْكَنَ جَعْلُهُ مُشَاعًا فِي جَمِيعِهَا اهـ. ثُمَّ قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَلَوْ بَاعَ صُبْرَةً أَوْ أَرْضًا أَوْ ثَوْبًا أَوْ قَطِيعًا عَلَى أَنَّهُ كَذَا فَزَادَ أَوْ نَقَصَ صَحَّ الْبَيْعُ وَيَتَخَيَّرُ الْبَائِعُ إنْ زَادَ وَالْمُشْتَرِي إنْ نَقَصَ إلَخْ اهـ فَلْيُحَرَّرْ الْفَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا تَقَدَّمَ فِي الرِّزْمَةِ، وَلَا سِيَّمَا وَالْقَطِيعُ شَدِيدُ التَّفَاوُتِ كَأَثْوَابِ الرِّزْمَةِ أَوْ بِأَشَدَّ، وَمُجَرَّدُ تَفْصِيلِ الثَّمَنِ أَوْ إجْمَالِهِ لَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بِهِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الرِّزْمَةِ وَغَيْرِهَا مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ الرِّزْمَةَ لَمَّا كَانَتْ أَشْيَاءَ مُتَعَدِّدَةً غَلَبَ فِيهَا التَّفَاوُتُ وَلَا كَذَلِكَ الثَّوْبُ الْوَاحِدُ مَثَلًا (قَوْلُهُ: مِنْ الثَّمَنِ) كَمَا لَوْ اشْتَرَى بِقِرْشٍ مَثَلًا وَدَفَعَ لَهُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ نِصْفًا (قَوْلُهُ: لَا يُعْمَلُ بِهِ) وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْآنَ مِنْ طَرْحِ قَدْرٍ مُعْتَادٍ بَعْدَ الْوَزْنِ، وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَنْوَاعِ كَحَطِّهِمْ لِكُلِّ مِائَةِ رِطْلٍ خَمْسَةً مَثَلًا مِنْ السَّمْنِ أَوْ الْجُبْنِ، وَهَلْ يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْأَمَانَةِ عِنْدَهُ أَوْ حُكْمَ الْغَصْبِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُمَيِّزَ الزَّائِدَ وَيَتَصَرَّفَ فِيمَا عَدَاهُ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي بَابِ الْغَصْبِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ اخْتَلَطَ مَالُهُ بِمَالِ غَيْرِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ فِعْلُ ذَلِكَ، وَطَرِيقُ الصِّحَّةِ فِي ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ بِعْتُك الْمِائَةَ وَالْخَمْسَةَ مَثَلًا بِكَذَا (قَوْلُهُ: فَالْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ: بِوَصْفِهِ وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ: وَبِمَا هُوَ مُشَاهَدٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَهِلَا قَدْرَهُ) أَيْ أَوْ جِنْسَهُ أَوْ صِفَتَهُ، لَعَلَّ اقْتِصَارَ الشَّارِحِ كَالْمَحَلِّيِّ عَلَى الْقَدْرِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مَنْ رَأَى شَيْئًا عَرَفَ جِنْسَهُ وَصِفَتَهُ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَقَوْلُهُ: كَفَتْ مُعَايَنَتُهُ يَدْخُلُ فِيهِ مَعْرِفَةُ صِفَتِهِ مِنْ الْجِنْسِ وَغَيْرِهِ، فَلَوْ عَايَنَهُ وَشَكَّ أَشَعِيرٌ هُوَ أَوْ أُرْزٌ مَثَلًا هَلْ يَصِحُّ وَلَعَلَّ الْوَجْهَ الصِّحَّةُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى زُجَاجَةً ظَنَّهَا جَوْهَرَةً اهـ. وَقَوْلُهُ: كَمَا لَوْ اشْتَرَى إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَتَرَجَّحَ عِنْدَهُ فِي الْمَبِيعِ صِفَةٌ تَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ مِنْ نَوْعِ كَذَا لِيَتِمَّ تَشْبِيهُهُ بِالزُّجَاجَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَالظَّاهِرُ: أَيْ مِنْ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَنْ شَأْنُهُ أَنْ يُحِيطَ التَّخْمِينُ بِهِ) أَيْ فَلَوْ خَرَجَ مَا ظَنَّهُ الْبَائِعُ كَأَنْ خَرَجَ نُحَاسًا صَحَّ الْبَيْعُ وَلَا خِيَارَ لَهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى زُجَاجَةً ظَنَّهَا جَوْهَرَةً، وَهَذَا مَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ اشْتَرَيْت بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ، فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ حُمِلَتْ عَلَى الْفِضَّةِ، فَلَوْ بَانَ فُلُوسًا بَطَلَ الْعَقْدُ لِخُرُوجِهِ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ. وَأَمَّا لَوْ بَانَ مِنْ الْفِضَّةِ الْمَغْشُوشَةِ بِحَيْثُ يُقَالُ فِيهَا نُحَاسٌ صَحَّ الْعَقْدُ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ لَمْ يَنْتِفْ بِالْكُلِّيَّةِ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرَهُ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فِيمَا لَوْ بَاعَ ثَوْبًا سَمَّاهُ حَرِيرًا فَبَانَ مُشْتَمِلًا عَلَى غَزْلٍ وَحَرِيرٍ وَالْحَرِيرُ أَكْثَرُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِمَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ: نَحْوِ الْفُقَّاعِ) كَحَمَامِ الْبُرْجَيْنِ وَمَاءِ السِّقَاءِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا لَمْ يَرَهُ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ إلَخْ) لَعَلَّ الصُّورَةَ أَنَّ الثَّلَاثَةَ الْأَذْرُعَ فِي الطُّولِ وَالْعَرْضِ وَالسُّمْكِ وَإِلَّا جَاءَ الْبُطْلَانُ مِنْ جِهَةِ الْجَهْلِ أَيْضًا وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ تَعْلِيلُ الْبُطْلَانِ هُنَا أَيْضًا بِأَنَّ تُرَابَ الْأَرْضِ مُخْتَلِفٌ فَلَا تَكْفِي رُؤْيَةُ ظَاهِرِهِ

الْمُتَعَاقِدَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا ثَمَنًا أَوْ مُثَمَّنًا، وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ وَبَالِغًا فِي وَصْفِهِ أَوْ سَمْعِهِ بِطَرِيقِ التَّوَاتُرِ كَمَا يَأْتِي أَوْ رَآهُ فِي ضَوْءٍ إنْ سَتَرَ الضَّوْءُ لَوْنَهُ كَوَرَقٍ أَبْيَضَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ مِنْ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِالرُّؤْيَةِ الْعُرْفِيَّةِ مَعَ أَنَّ هَذَا مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْعُرْفُ الْمُطَّرِدُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ كَلَامَهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْعَيْبُ ظَاهِرًا بِحَيْثُ يَرَاهُ كُلُّ مَنْ نَظَرَ إلَى الْمَبِيعِ، وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَادُ بِالرُّؤْيَةِ الْعُرْفِيَّةِ هِيَ مَا تَظْهَرُ لِلنَّاظِرِ مِنْ غَيْرِ مَزِيدِ تَأَمُّلٍ، وَرُؤْيَةُ نَحْوِ الْوَرَقِ لَيْلًا فِي ضَوْءٍ يَسْتُرُ مَعْرِفَةَ بَيَاضَهُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ أَوْ مِنْ وَرَاءِ نَحْوِ زُجَاجٍ وَكَذَا مَاءٌ صَافٍ إلَّا الْأَرْضَ وَالسَّمَكَ؛ لِأَنَّ بِهِ صَلَاحُهُمَا، وَصَحَّتْ إجَارَةُ أَرْضٍ مَسْتُورَةٍ بِمَاءٍ وَلَوْ كَدِرًا لِأَنَّهَا أَوْسَعُ بِقَبُولِهَا التَّأْقِيتَ وَوُرُودِهَا عَلَى مُجَرَّدِ الْمَنْفَعَةِ وَذَلِكَ لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ؛ لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ تُفِيدُ مَا لَمْ تُفِدْهُ الْعِبَارَةُ كَمَا يَأْتِي (وَالثَّانِي) وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ (يَصِحُّ) الْبَيْعُ إنْ ذَكَرَ جِنْسَهُ وَإِنْ لَمْ يَرَيَاهُ (وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ) لِلْمُشْتَرِي (عِنْدَ الرُّؤْيَةِ) لِحَدِيثٍ فِيهِ ضَعِيفٍ بَلْ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالرُّؤْيَةُ الْمُعْتَبَرَةُ شَرْعًا (قَوْلُهُ: أَوْ رَآهُ فِي ضَوْءٍ إلَخْ) أَيْ نُورٍ نَاشِئٍ مِنْ نَحْوِ النَّارِ أَوْ الشَّمْسِ بِحَيْثُ لَا يَتَمَكَّنُ الرَّائِي مَعَهُ مِنْ مَعْرِفَةِ حَقِيقَةِ مَا رَآهُ، وَعِبَارَةُ حَجّ: أَوْ رَآهُ لَيْلًا وَلَوْ فِي ضَوْءٍ إنْ سَتَرَ إلَخْ، فَلَعَلَّ إسْقَاطَ الشَّارِحِ لَيْلًا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى كَوْنِ الضَّوْءِ يَسْتُرُ لَوْنَهُ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا (قَوْلُهُ: مَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَخْ) وَعِبَارَتُهُ: لَوْ طَلَبَ الرَّدَّ بِعَيْبٍ فِي عُضْوٍ ظَاهِرٍ قَالَ لَمْ أَرَهُ إلَى الْآنَ فَلَهُ الرَّدُّ؛ لِأَنَّ رُؤْيَةَ الْمَبِيعِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّحَقُّقُ بَلْ تَكْفِي الرُّؤْيَةُ الْعُرْفِيَّةُ اهـ حَجّ. وَمَحَلُّهُ كَمَا يَأْتِي فِي عَيْبٍ يُمْكِنُ عَدَمُ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ مَعَ الرُّؤْيَةِ الْعُرْفِيَّةِ. أَمَّا إذَا بَعُدَ ذَلِكَ كَأَنْ بَاعَ مَجْذُوعَ الْأَنْفِ وَادَّعَى عَدَمَ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ حِينَ رَآهُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ذَلِكَ، وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الرُّؤْيَةِ وَعَدَمِهَا صَدَقَ مُدَّعِيهَا؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى رُؤْيَةِ الْمَبِيعِ وَاخْتَلَفَا فِي رُؤْيَةِ الْعَيْبِ فَقَطْ فَيُصَدَّقُ الْمُنْكِرُ؛ لِأَنَّ رُؤْيَتَهُ الْعُرْفِيَّةَ لَا تَسْتَلْزِمُ رُؤْيَةَ كُلِّ جُزْءٍ عَلَى التَّحْقِيقِ بِحَيْثُ يَبْعُدُ إنْكَارُهَا (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ هَذَا) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ أَوْ رَآهُ فِي ضَوْءٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَيْسَ الْعُرْفُ الْمُطَّرِدُ ذَلِكَ) أَيْ الرُّؤْيَةَ فِي الضَّوْءِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ كَلَامَهُ) أَيْ كَلَامَ ابْنِ الصَّلَاحِ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ رُؤْيَةً عُرْفِيَّةً (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ وَرَاءِ نَحْوِ زُجَاجٍ) أَيْ أَوْ الرُّؤْيَةَ مِنْ وَرَاءِ زُجَاجٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ بِهِ) أَيْ الْمَاءَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَدِرًا) أَيْ فَتَكْفِي الرُّؤْيَةُ مِنْ وَرَاءَهُ فِي الْإِجَارَةِ دُونَ الْبَيْعِ، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ نَبَّهَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَكْتَفِ بِصِحَّةِ بَيْعِهَا تَحْتَ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا أَوْسَعُ) أَيْ مَعَ كَوْنِ الْمَاءِ مِنْ مَصَالِحِهَا كَمَا تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا يَصِحُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي إلَخْ) لَعَلَّ وَجْهَ حِكَايَةِ الثَّانِي مِنْ الْمُصَنِّفِ قُوَّةُ الْخِلَافِ فِيهِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بِهِ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ (قَوْلُهُ: إنْ ذَكَرَ جِنْسَهُ) قَالَ فِي الْكَنْزِ أَوْ نَوْعَهُ، وَعَلَيْهِ فَالْوَاوُ فِي كَلَامِ الْمَحَلِّيِّ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَرَيَاهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ بَاعَهُ ثَوْبًا مَطْوِيًّا رَأَيَا ظَاهِرَهُ فَقَطْ وَذَكَرَ لَهُ الْبَائِعُ أَنَّهُ كُلَّهُ بِالصِّفَةِ الْفُلَانِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي) وَكَذَا الْبَائِعُ عَلَى خِلَافٍ فِيهِ اهـ حَجّ. قَالَ ع: اعْتَمَدَ الثَّانِيَ الْإِسْنَوِيُّ (قَوْلُهُ: لِحَدِيثٍ فِيهِ ضَعِيفٍ) لَفْظُهُ كَمَا فِي الْمَحَلِّيِّ «مَنْ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ فَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَنْ بَاطِنِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ رَآهُ فِي ضَوْءٍ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ أَوْ رَآهُ لَيْلًا وَلَوْ فِي ضَوْءٍ إنْ سَتَرَ الضَّوْءُ لَوْنَهُ انْتَهَتْ. وَهِيَ الَّتِي يَتَنَزَّلُ عَلَيْهَا قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَرُؤْيَةُ نَحْوِ الْوَرَقِ لَيْلًا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: فَإِنْ قُلْت: صَرَّحَ ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّ الرُّؤْيَةَ الْعُرْفِيَّةَ كَافِيَةٌ، وَهَذَا مِنْهَا، وَعِبَارَتُهُ: وَلَوْ طَلَبَ الرَّدَّ بِعَيْبٍ فِي عُضْوٍ ظَاهِرٍ قَالَ لَمْ أَرَهُ إلَّا الْآنَ فَلَهُ الرَّدُّ، لِأَنَّ رُؤْيَةَ الْمَبِيعِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّحْقِيقُ بَلْ تَكْفِي الرُّؤْيَةُ الْعُرْفِيَّةُ. قُلْت: لَيْسَ الْعُرْفُ ذَلِكَ إلَخْ، فَأَسْنَدَ كَوْنَ الطَّرْدِ هَذَا مِنْ الرُّؤْيَةِ الْعُرْفِيَّةِ إلَى قَوْلِ الْمُسْتَشْكِلِ ثُمَّ مَنَعَ عَلَيْهِ دَعْوَاهُ فِي الْجَوَابِ، بِخِلَافِ الشَّارِحِ فَإِنَّهُ جَزَمَ بِكَوْنِ هَذَا مِنْ الرُّؤْيَةِ

الدَّارَقُطْنِيّ بَاطِلٌ، وَيَنْفُذُ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ الْفَسْخُ دُونَ الْإِجَازَةِ، وَيَمْتَدُّ الْخِيَارُ امْتِدَادَ مَجْلِسِ الرُّؤْيَةِ، وَكَالْبَيْعِ: الصُّلْحُ وَالرَّهْنُ وَالْهِبَةُ وَالْإِجَارَةُ وَنَحْوُهَا بِخِلَافِ نَحْوِ الْوَقْفِ. وَلَا يُنَافِيهِ مَا نُقِلَ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ مِنْ الْجَزْمِ بِالْمَنْعِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ فِي وَقْفِ مَا لَمْ يَرَهُ مِمَّا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ مِلْكُهُ كَأَنْ وَرِثَهُ أَوْ اشْتَرَاهُ لَهُ وَكِيلُهُ، وَكَلَامُ الْقَفَّالِ فِيمَا لَمْ يَسْتَقِرَّ عَلَيْهِ مِلْكُهُ (وَ) عَلَى الْأَظْهَرِ (تَكْفِي) فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ (الرُّؤْيَةُ قَبْلَ الْعَقْدِ) وَلَوْ لِمَنْ عَمِيَ وَقْتَهُ (فِيمَا لَا) يَظُنُّ أَنَّهُ (يَتَغَيَّرُ غَالِبًا إلَى وَقْتِ الْعَقْدِ) كَأَرْضٍ وَحَدِيدٍ وَنُحَاسٍ وَآنِيَةٍ اكْتِفَاءً بِتِلْكَ الرُّؤْيَةِ، وَالْغَالِبُ بَقَاؤُهُ عَلَى مَا شَاهَدَهُ عَلَيْهِ. نَعَمْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ ذَاكِرًا حَالَ الْعَقْدِ لِأَوْصَافِهِ الَّتِي رَآهَا كَأَعْمَى اشْتَرَى مَا رَآهُ قَبْلَ الْعَمَى وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَأَقَرَّهُ الْمُتَأَخِّرُونَ وَقَوْلُ الْمَجْمُوعِ إنَّهُ غَرِيبٌ: أَيْ نَقْلًا عَلَى أَنَّ غَيْرَهُ صَرَّحَ بِهِ أَيْضًا لَا مُدْرَكًا، إذْ النِّسْيَانُ يَجْعَلُ السَّابِقَ كَالْعَدَمِ فَيُفَوِّتُ شَرْطَ الْعِلْمِ بِالْمَبِيعِ فَلَا يُنَافِي تَصْحِيحَ غَيْرِهِ وَجَعْلَهُ تَقْيِيدًا لِإِطْلَاقِهِمْ وَانْتِصَارُ بَعْضِهِمْ لِتَضْعِيفِهِ بِجَعْلِهِمْ النِّسْيَانَ غَيْرَ دَافِعٍ لِلْحُكْمِ السَّابِقِ فِي مَسَائِلَ كَإِنْكَارِ الْمُوَكِّلِ الْوَكَالَةَ لِنِسْيَانٍ فَلَا يَكُونُ عَزْلًا، وَكَمَا لَوْ نَسِيَ فَأَكَلَ فِي صَوْمِهِ أَوْ جَامَعَ فِي إحْرَامِهِ فَلَا يَفْسُدُ، وَكَمَا لَوْ رَأَى الْمَبِيعَ ثُمَّ الْتَفَتَ عَنْهُ وَاشْتَرَاهُ غَافِلًا عَنْ أَوْصَافِهِ فَيَصِحُّ مَرْدُودٌ بِأَنَّ مَدَارَ الْعَزْلِ عَلَى مَا يُشْعِرُ بِعَدَمِ الرِّضَا بِالتَّصَرُّفِ، وَبُطْلَانُ الصَّوْمِ وَالْحَجِّ عَلَى مَا يُنَافِيهِمَا مِمَّا فِيهِ تَعَدٍّ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ، وَمَدَارُ الْبَيْعِ عَلَى عَدَمِ الْغَرَرِ وَبِالنِّسْيَانِ يَقَعُ فِيهِ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْفَرْعِ الْأَخِيرِ هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ فَلَا يُسْتَدَلُّ بِهِ، وَبِفَرْضِ كَوْنِ الْمَنْقُولِ فِيهِ مَا ذَكَرَ فَالْقَوْلُ فِيهِ ضَعِيفٌ جَدَّا فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ، وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَوْ رَأَى الثَّمَرَةَ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ رُؤْيَةٍ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ قَرُبَتْ الْمُدَّةُ، إلَّا أَنَّهَا تَتَغَيَّرُ بِنَحْوِ اللَّوْنِ فَكَانَتْ أَوْلَى مِمَّا يَغْلِبُ تَغَيُّرُهُ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ لِعَارِضٍ كَمَا يَأْتِي. وَإِذَا صَحَّ فَوَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا عَمَّا رَآهُ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِالْخِيَارِ إذَا رَآهُ» (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهَا) لَعَلَّ مِنْ النَّحْوِ عِوَضُ الْخُلْعِ وَالصَّدَاقُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَحْوِ الْوَقْفِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَلَعَلَّ مِنْ نَحْوِ الْوَقْفِ الْعِتْقُ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ جَزَمَ بِالتَّمْثِيلِ بِهِ. هَذَا وَفِي كَلَامِ ع التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْوَقْفِ وَغَيْرِهِ فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْجَزْمِ بِالْمَنْعِ) أَيْ فِي الْوَقْفِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَوَّلَ) أَيْ وَهُوَ الْقَوْلُ بِالصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْقَفَّالِ فِيمَا لَمْ يَسْتَقِرَّ مِلْكُهُ) كَوَقْفِ مَا اشْتَرَاهُ لَهُ وَكِيلُهُ وَلَمْ يَرَهُ وَلَمْ يَقْبِضْهُ، لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا يَأْتِي فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ فِي كَلَامِهِمْ مِنْ صِحَّةِ إعْتَاقِ وَقْفِ مَا لَمْ يَقْبِضْهُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: ذَاكَ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا لَمْ يَقْبِضْهُ وَقَدْ رَآهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَمَا هُنَا بِخِلَافِهِ وَمَعَ ذَلِكَ فِيهِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِمَنْ عَمِيَ وَقْتَهُ) أَيْ فَالْإِبْصَارُ وَقْتَ الْعَقْدِ إنَّمَا يُشْتَرَطُ لِلْعِلْمِ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، فَحَيْثُ عَلِمَهُ قَبْلُ وَاسْتَمَرَّ عِلْمُهُ لَا يُشْتَرَطُ إبْصَارُهُ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَوْجَبَ ثُمَّ عَمِيَ وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي بَعْدُ أَوْ عَكْسُهُ صَحَّ الْعَقْدُ، وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ اشْتِرَاطِ بَقَاءِ الْأَهْلِيَّةِ إلَى تَمَامِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ هَذَا أَهْلِيَّتُهُ بَاقِيَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا مَا يَتَمَكَّنُ مَعَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ وَهَذَا مَوْجُودٌ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَيْ نَقْلًا) خَبَرٌ لِقَوْلِهِ وَقَوْلِ الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: لَا مُدْرِكًا) بِضَمِّ الْمِيمِ مِنْ أَدْرَكَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ: لِتَضْعِيفِهِ) أَيْ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَ فِي الْفَرْعِ الْأَخِيرِ) هُوَ مَا لَوْ رَأَى الْمَبِيعَ ثُمَّ الْتَفَتَ عَنْهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَإِذَا صَحَّ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مِمَّا لَا يَتَغَيَّرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعُرْفِيَّةِ وَلَمْ يَجْعَلْهُ عَلَى لِسَانِ مُسْتَشْكِلٍ فَيُنَاقِضُهُ حَاصِلُ الْجَوَابِ كَمَا لَا يَخْفَى، ثُمَّ إنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَ مَسْأَلَةَ ابْنِ الصَّلَاحِ الْمَذْكُورَةَ لِيَتَنَزَّلَ عَلَيْهَا قَوْلُهُ فِيمَا بَعْدُ عَلَى أَنَّ كَلَامَهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْعَيْبُ ظَاهِرًا إلَخْ (قَوْلُهُ: الصُّلْحُ) أَيْ فِي بَعْضِ أَقْسَامِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي بَابِهِ (قَوْلُهُ: وَقْتَهُ) أَيْ الْعَقْدِ، وَالْمُرَادُ أَنَّ الشَّرْطَ تَقَدُّمُ الرُّؤْيَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي فَلَا يَضُرُّ كَوْنُ الْعَاقِدِ أَعْمَى عِنْدَ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: كَأَعْمَى) أَيْ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَاكِرًا لِلْأَوْصَافِ فَلَيْسَ مُكَرَّرًا مَعَ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ فَلَا يُنَافِي تَصْحِيحَ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ صَاحِبِ الْمَجْمُوعِ، وَلَعَلَّ لَفْظَ لَهُ بَعْدَ لَفْظِ غَيْرِهِ سَاقِطٌ مِنْ النُّسَخِ (قَوْلُهُ: وَبُطْلَانِ الصَّوْمِ) بِالْجَرِّ

تَخَيَّرَ فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي تَغَيُّرِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ وَيَتَخَيَّرُ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَدَّعِي عَلَيْهِ أَنَّهُ رَآهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ الْمَوْجُودَةِ الْآنَ وَرَضِيَ بِهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا صَدَقَ الْبَائِعُ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي عَيْبٍ يُمْكِنُ حُدُوثُهُ؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ اتَّفَقَا عَلَى وُجُودِهِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُودِهِ فِي يَدِ الْبَائِعِ (دُونَ مَا) يَظُنُّ أَنَّهُ (يَتَغَيَّرُ غَالِبًا) لِطُولِ مُدَّةٍ أَوْ عُرُوضِ أَمْرٍ آخَرَ كَالْأَطْعِمَةِ الَّتِي يُسْرِعُ لَهَا الْفَسَادُ، إذْ لَا ثِقَةَ حِينَئِذٍ بِبَقَائِهِ حَالَ الْعَقْدِ عَلَى أَوْصَافِهِ الْمَرْئِيَّةِ، وَلَا مُنَافَاةَ فِي كَلَامِهِ فِيمَا يَحْتَمِلُ التَّغَيُّرَ وَعَدَمَهُ عَلَى السَّوَاءِ كَمَا ادَّعَاهُ بَعْضُهُمْ مُعَلِّلًا بِأَنَّ قَضِيَّةَ مَفْهُومِ أَوَّلِهِ الْبُطْلَانُ وَآخِرُهُ الصِّحَّةُ وَالْأَصَحُّ فِيهِ الصِّحَّةُ كَالْأَوَّلِ بِشَرْطِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْمَرْئِيِّ بِحَالِهِ؛ لِأَنَّا نَمْنَعُ مُدَّعَاهُ، بَلْ هُوَ دَاخِلٌ فِي مَنْطُوقِ أَوَّلِ كَلَامِهِ وَمَفْهُومِ آخِرِهِ؛ لِأَنَّ الْقَيْدَ هُنَا لِلْمَنْفِيِّ كَمَا هُوَ الْأَصْلُ لَا لِلنَّفْيِ: أَيْ مَا لَا يَغْلِبُ تَغَيُّرُهُ سَوَاءٌ أَغَلَبَ عَدَمُ تَغَيُّرِهِ أَمْ اسْتَوَيَا دُونَ مَا يَغْلِبُ تَغَيُّره فَهُوَ دَاخِلٌ فِي مَنْطُوقِ الْأَوَّلِ وَمَفْهُومِ الثَّانِي فَلَا تَنَافِيَ كَذَا قِيلَ، وَقَدْ أَوْرَدَ الشَّارِحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُدْخِلْهَا فِي كَلَامِهِ إذْ إدْخَالُهَا فِيهِ يَقْتَضِي إثْبَاتَ الْخِلَافِ فِيهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَالْأَوْجَهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَحِّحُ وَالْإِدْخَالُ حِينَئِذٍ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ لَا مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ، وَجَعْلُ الْحَيَوَانِ مِثَالًا هُوَ مَا دَرَجُوا عَلَيْهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. فَمَا ذَكَرَهُ فِي الْأَنْوَارِ مِنْ أَنَّهُ قَسِيمٌ لَهُ وَحُكْمُهُمَا وَاحِدٌ مَحَلُّ نَظَرٍ، وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّهُ لَمَّا شَكَّ فِيهِ هَلْ هُوَ مِمَّا يَسْتَوِي فِيهِ الْأَمْرَانِ أَوْ لَا أُلْحِقَ بِالْمُسْتَوِي لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمَانِعِ وَجُعِلَ قَسِيمًا لَهُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الِاسْتِوَاءِ فِيهِ، وَمُقْتَضَى إنَاطَتِهِمْ التَّغَيُّرَ وَعَدَمُهُ بِالْغَالِبِ لَا بِوُقُوعِهِ بِالْفِعْلِ عَدَمُ النَّظَرِ لِهَذَا حَتَّى لَوْ غَلَبَ التَّغَيُّرُ فَلَمْ يَتَغَيَّرْ أَوْ عَدَمُهُ فَتَغَيَّرَ أَوْ اسْتَوَى فِيهِ الْأَمْرَانِ فَتَغَيَّرَ أَوْ لَمْ يَتَغَيَّرْ لَمْ يُؤَثِّرْ فِيمَا قَالُوهُ فِي كُلٍّ مِنْ الْأَقْسَامِ مِنْ الْبُطْلَانِ فِي الْأَوَّلِ وَالصِّحَّةِ فِي الْأَخِيرَيْنِ، وَوَجْهُهُ اعْتِبَارُ الْغَلَبَةِ وَعَدَمُهَا حَالَةَ الْعَقْدِ دُونَ الطَّارِئِ بَعْدَهُ. (وَتَكْفِي) فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ (رُؤْيَةُ بَعْضِ الْمَبِيعِ إنْ دَلَّ عَلَى بَاقِيهِ) ( ـــــــــــــــــــــــــــــSغَالِبًا (قَوْلُهُ: تَخَيَّرَ) أَيْ فَوْرًا فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ خِيَارُ عَيْبٍ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا قَدْ اتَّفَقَا عَلَى وُجُودِهِ) هَذِهِ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي تَغَيُّرِهِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْأُولَى مُصَوَّرَةٌ بِمَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا تُنَافِي هَذِهِ لَكِنَّ عُمُومَ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُصَوَّرَ مَا هُنَا بِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ هَذِهِ الصِّفَةَ كَانَتْ مَوْجُودَةً عِنْدَ الْعَقْدِ وَاخْتَلَفَا فِي مُجَرَّدِ عِلْمِ الْمُشْتَرِي بِهَا فَصَدَقَ الْمُشْتَرِي عَمَلًا بِالْأَصْلِ كَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْبَائِعَ يَدَّعِي عَلَيْهِ أَنَّهُ رَآهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَفْهُومِ أَوَّلِهِ) هُوَ قَوْلُهُ: فِيمَا لَا يَتَغَيَّرُ غَالِبًا (قَوْلُهُ: وَآخِرُهُ) هُوَ قَوْلُهُ: دُونَ مَا يَتَغَيَّرُ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ فِيهِ) أَيْ فِيمَا يَحْتَمِلُ التَّغَيُّرَ وَعَدَمَهُ عَلَى السَّوَاءِ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ) أَيْ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ حَالَ الْعَقْدِ ذَاكِرًا لِأَوْصَافِهِ (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي إثْبَاتَ إلَخْ) هَكَذَا فِي نُسَخٍ مُتَعَدِّدَةٍ، وَصَوَابُهُ عَدَمُ إثْبَاتِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَحِّحُ) هُوَ ابْنُ قَاضِي عَجْلُونٍ مِنْ إدْخَالِ مَسْأَلَةِ الِاسْتِوَاءِ فِي الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَجَعْلُ الْحَيَوَانِ مِثَالًا) أَيْ لِمَا اسْتَوَى فِيهِ الْأَمْرَانِ (قَوْلُهُ: يُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ) أَيْ مَا فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْبُطْلَانِ فِي الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ: لَوْ غَلَبَ التَّغَيُّرُ وَقَوْلُهُ: وَالصِّحَّةُ فِي الْآخَرَيْنِ هُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا قَدْ اتَّفَقَا إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّهُمَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى تَغَيُّرٍ بَلْ الْمُشْتَرِي يَدَّعِيهِ وَالْبَائِعُ يُنْكِرُ وُجُودَهُ مِنْ أَصْلِهِ فَافْتَرَقَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ فَانْدَفَعَ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي إثْبَاتَ الْخِلَافِ فِيهَا) صَوَابُهُ يَقْتَضِي عَدَمَ ثُبُوتِ الْخِلَافِ فِيهَا: أَيْ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الِاسْتِوَاءِ فِيهَا خِلَافٌ أَوْرَدَهُ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ، بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لَا خِلَافَ فِيهَا، وَلَعَلَّ لَفْظَ عَدَمِ أَسْقَطَهُ النُّسَّاخُ (قَوْلُهُ: وَجَعَلَ الْحَيَوَانَ مِثَالًا) يَعْنِي لِلْمُسْتَوِي: أَيْ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: لِهَذَا) أَيْ التَّغَيُّرِ بِالْفِعْلِ

كَظَاهِرِ الصُّبْرَةِ) مِنْ نَحْوِ بُرٍّ وَلَوْزٍ وَأَدِقَّةٍ وَمِسْكٍ وَعَجْوَةٍ وَكَبِيسٍ فِي نَحْوِ قَوْصَرَّةٍ وَقُطْنٍ فِي عِدْلٍ وَبُرٍّ فِي بَيْتٍ وَإِنْ رَآهُ مِنْ كَوَّةٍ، وَكَذَلِكَ تَكْفِي رُؤْيَةُ أَعْلَى الْمَائِعَاتِ فِي ظُرُوفِهَا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ اسْتِوَاءُ ظَاهِرِ ذَلِكَ وَبَاطِنِهِ، فَإِنْ تَخَالَفَا ثَبَتَ الْخِيَارُ، بِخِلَافِ صُبْرَةٍ نَحْوِ سَفَرْجَلٍ وَرُمَّانٍ وَبِطِّيخٍ لَا يَكْفِي فِيهَا مَا مَرَّ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ جَمِيعِ كُلِّ وَاحِدَةٍ وَإِنْ غَلَبَ عَدَمُ تَفَاوُتِهَا، فَإِنْ رَأَى أَحَدَ جَانِبَيْ نَحْوِ بِطِّيخَةٍ كَانَ كَبَيْعِ الْغَائِبِ كَالثَّوْبِ الصَّفِيقِ يَرَى أَحَدَ وَجْهَيْهِ وَكَذَا تُرَابُ الْأَرْضِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ بَاعَهُ قَدْرَ ذِرَاعٍ طُولًا وَعُمْقًا مِنْ أَرْضٍ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ تُرَابَ الْأَرْضِ مُخْتَفٍ (وَ) تَكْفِي رُؤْيَةُ بَعْضِ الْمَبِيعِ الدَّالِّ عَلَى بَاقِيهِ نَحْوِ (أَنَمُوذَجً) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَهَذَا هُوَ الشَّائِعُ لَكِنْ قَالَ صَاحِبُ الْقَامُوسِ: إنَّهُ لَحْنٌ إنَّمَا هُوَ بِفَتْحِ النُّونِ وَضَمِّ الْمِيمِ الْمُشَدَّدَةِ وَفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ (الْمُتَمَاثِلِ) أَيْ الْمُتَسَاوِي ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَوْ عَدَمُهُ فَتَغَيَّرَ وَقَوْلُهُ: أَوْ اسْتَوَى فِيهِ الْأَمْرَانِ (قَوْلُهُ: وَأَدِقَّةٍ) جَمْعُ دَقِيقٍ (قَوْلُهُ: وَعَجْوَةٍ) أَيْ مَنْسُولَةٍ أَمَّا الَّتِي فِيهَا النَّوَى فَلَا يَكْفِي فِيهَا ذَلِكَ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَيُحْتَمَلُ الْعُمُومُ أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِ الشَّارِحِ، وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لَهُ إذَا اخْتَلَفَ الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ، وَلَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ: فِي نَحْوِ قَوْصَرَّةٍ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: إنْ عَرَفَ عُمْقَ ذَلِكَ وَسِعَتَهُ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَهَذَا الشَّرْطُ لَا يَخْتَصُّ بِهَذِهِ الصُّورَةِ بَلْ يَأْتِي فِي رُؤْيَةِ الْحَبِّ مِنْ كُوَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ صَنِيعُهُ، عَلَى أَنَّ الْمَانِعَ مِنْ صِحَّةِ الْبَيْعِ فِي ذَلِكَ الْجَهْلُ بِالْمِقْدَارِ لَا عَدَمُ الرُّؤْيَةِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ مَحَلَّ الِاكْتِفَاءِ بِالْمُعَايَنَةِ فِي الْمُعَيَّنِ عَنْ مَعْرِفَةِ الْقَدْرِ حَيْثُ أَمْكَنَ مَعْرِفَةُ الْقَدْرِ مَعَ تِلْكَ الرُّؤْيَةِ وَإِلَّا فَلَا تَكْفِي (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ تَكْفِي رُؤْيَةُ أَعْلَى الْمَائِعَاتِ إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ: وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مِسْكٍ فِي فَأْرَتِهِ مَعَهَا أَوْ دُونَهَا إلَّا إنْ فَرَّغَهَا وَرَآهُمَا أَوْ رَآهَا فَارِغَةً ثُمَّ رَأَى أَعْلَاهُ بَعْدَ مِلْئِهَا مِنْهُ، وَيَصِحُّ بَيْعُ نَحْوِ سَمْنٍ رَآهُ فِي ظَرْفِهِ مَعَهُ مُوَازَنَةً إنْ عَلِمَا زِنَةَ كُلٍّ وَكَانَ لِلظَّرْفِ قِيمَةٌ، وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا قَصَدَ الظَّرْفَ أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِهِمْ الْبُطْلَانَ بِشَرْطِ بَذْلِ مَالٍ فِي مُقَابَلَةِ غَيْرِ مَالٍ. وَيُرَدُّ بِأَنَّ ذِكْرَهُ يُشْعِرُ بِقَصْدِهِ فَلَا نَظَرَ لِقَصْدِهِ الْمُخَالِفِ لَهُ انْتَهَى. فَقَوْلُهُ: إنْ عَلِمَا زِنَةَ كُلٍّ مَفْهُومُهُ بُطْلَانُ الْبَيْعِ مَعَ الْجَهْلِ. وَيُشْكِلُ ذَلِكَ بِالصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ بَاعَ صُبْرَةً مَجْهُولَةَ الصِّيعَانِ كُلُّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ اكْتِفَاءً بِتَفْضِيلِ الثَّمَنِ، وَأَشَارَ لِلْجَوَابِ عَنْ مِثْلِهِ سم عَلَى مَنْهَجٍ حَيْثُ قَالَ: وَأَقُولُ لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ السَّمْنُ وَالْمِسْكُ وَالْجَهْلُ بِوَزْنِهِمَا يُورِثُ الْجَهْلَ بِالْمَبِيعِ كَاللَّبَنِ الْمَشُوبِ بِالْمَاءِ تَأَمَّلْ ا. هـ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَخَالَفَا) أَيْ الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ صُبْرَةٍ نَحْوُ سَفَرْجَلٍ إلَخْ) مِنْ النَّحْوِ الْعِنَبُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ وَنُوزِعَا فِيهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَلَعَلَّ وَجْهَ الْمُنَازَعَةِ أَنَّ الْعِنَبَ كَاللَّوْزِ وَنَحْوِهِ فِي عَدَمِ شِدَّةِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ حَبَّاتِهِ بِخِلَافِ الْبِطِّيخِ، وَلَعَلَّ وَجْهَ مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ مَنْعُ عَدَمِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ حَبَّاتِهِ فِي الْغَالِبِ بَلْ الْمُشَاهَدُ كَثْرَةُ التَّفَاوُتِ سِيَّمَا عِنْدَ اخْتِلَافِ الْأَشْجَارِ (قَوْلُهُ: لَا يَكْفِي فِيهَا مَا مَرَّ) هُوَ رُؤْيَةُ الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ: بَلْ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ جَمِيعِ كُلِّ وَاحِدَةٍ) أَيْ الرُّؤْيَةِ الْعُرْفِيَّةِ فَلَا يُشْتَرَطُ قَلْبُهَا وَرُؤْيَةُ وَجْهَيْهَا إلَّا إذَا غَلَبَ اخْتِلَافُ أَحَدِ وَجْهَيْهَا عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: كَالثَّوْبِ الصَّفِيقِ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّشْبِيهِ أَنَّ عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِرُؤْيَةِ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَتْ جَوَانِبُهَا (قَوْلُهُ: إنَّهُ لَحْنٌ) قَالَ النَّوَاجِيُّ: هَذِهِ دَعْوَةٌ لَا تَقُومُ عَلَيْهَا حُجَّةٌ فَمَا زَالَتْ الْعُلَمَاءُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا يَسْتَعْمِلُونَ هَذَا اللَّفْظَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، حَتَّى إنَّ الزَّمَخْشَرِيّ وَهُوَ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ سَمَّى كِتَابَهُ فِي النَّحْوِ الْأُنْمُوذَجُ، وَكَذَلِكَ الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ الْقَيْرَوَانِيُّ وَهُوَ إمَامُ الْمَغْرِبِ فِي اللُّغَةِ سَمَّى بِهِ كِتَابَهُ فِي صِنَاعَةِ الْأَدَبِ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْمِنْهَاجِ: وَأُنْمُوذَجُ الْمُتَمَاثِلِ، وَلَمْ يُعَقِّبْهُ أَحَدٌ مِنْ الشُّرَّاحِ بَلْ نَقَلَ ابْنُ الْمُلَقِّنِ فِي إشَارَاتِ الْمِنْهَاجِ عَنْ كِتَابِ الْمُغْرِبِ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ لِنَاصِرِ بْنِ عَبْدِ السَّيِّدِ الْمُطَرِّزِيُّ شَارِحِ الْمَقَامَاتِ أَنَّهُ قَالَ: النَّمَاذِجُ بِالْفَتْحِ وَالْأُنْمُوذَجُ بِالضَّمِّ تَعْرِيبُ نَمُوذَهْ. قَالَ ابْنُ خِلِّكَانِ: وَلَهُ عَلَيْهِ شَرْحٌ سَمَّاهُ الْمُعَرَّبَ بِالْمُهْمَلَةِ فِي شَرْحِ الْمُغْرِبِ وَهُوَ كَبِيرٌ قَلِيلُ الْوُجُودِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا هُوَ بِفَتْحِ النُّونِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ الْهَمْزَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ (وَمِسْكٍ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى صُبْرَةٍ

الْأَجْزَاءِ كَالْحُبُوبِ وَيُسَمَّى بِالْعَيِّنَةِ. نَعَمْ يُشْتَرَطُ إدْخَالُهُ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ وَإِذَا لَمْ يَرُدَّهُ إلَى الْمَبِيعِ وَاعْتِبَارُ الْإِسْنَوِيِّ خَلْطُهُ بِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ رُؤْيَتَهُ كَظَاهِرِ الصُّبْرَةِ وَأَعْلَى الْمَائِعِ فِي دَلَالَةِ كُلٍّ عَلَى الْبَاقِي، وَدَعْوَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَرُدَّهُ إلَيْهِ يَكُونُ كَبَيْعِ عَيْنَيْنِ رَأَى إحْدَاهُمَا غَيْرَ صَحِيحَةٍ لِظُهُورِ الْفَرْقِ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا فِي الْمُتَمَاثِلِ وَالْعَيِّنَتَانِ لَيْسَتَا كَذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يُدْخِلْهُ فِي الْبَيْعِ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ رَدَّهُ لِلْمَبِيعِ لِانْتِفَاءِ رُؤْيَةِ الْمَبِيعِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْهُ كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك مِنْ هَذَا النَّوْعِ كَذَا (أَوْ) لَمْ يَدُلَّ عَلَى بَاقِيهِ بَلْ (كَانَ صِوَانًا) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَيَجُوزُ ضَمُّهُ (لِلْبَاقِي خِلْقَةً كَقِشْرِ) قَصَبِ السُّكْرِ الْأَعْلَى وَطَلْعِ النَّخْلِ (الرُّمَّانِ وَالْبِيضِ) وَالْقُطْنِ بَعْدَ تَفَتُّحِهِ وَامْتِنَاعِ السَّلَمِ فِيهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِانْتِفَاءِ انْضِبَاطِهِ (وَالْقِشْرَةِ السُّفْلَى) وَهِيَ الَّتِي تُكْسَرُ عِنْدَ الْأَكْلِ وَكَذَا الْعُلْيَا إنْ لَمْ تَنْعَقِدْ (لِلْجَوْزِ وَاللَّوْزِ) لِأَنَّ صَلَاحَ بَاطِنِهِ فِي بَقَائِهِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَدُلَّ هُوَ عَلَيْهِ، فَقَوْلُهُ أَوْ كَانَ قَسِيمَ قَوْلِهِ إنْ دَلَّ، وَتَعْبِيرُهُ كَأَصْلِهِ بِخِلْقَةٍ صِفَةٌ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ فِي الْأَمْثِلَةِ الْمَذْكُورَةِ وَنَحْوِهَا أَوْ اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ جِلْدِ الْكِتَابِ فَلَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ جَمِيعِ أَوْرَاقِهِ، وَمِثْلُهُ الْوَرَقُ الْأَبْيَضُ. وَلَا يُرَدُّ عَلَى طَرْدِهِ بَيْعُ الْقُطْنِ فِي جَوْزِهِ وَالدُّرِّ فِي صَدَفِهِ وَالْمِسْكِ فِي فَأْرَتِهِ: أَيْ حَيْثُ لَمْ يَرَهَا فَارِغَةً ثُمَّ يُعَادُ إلَيْهَا فَإِنَّهُ يَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ أَعْلَاهَا كَمَا مَرَّ، وَعَلَى عَكْسِهِ الْفُقَّاعُ فِي كُوزِهِ وَالْخُشْكَنَانُ وَنَحْوُهُ وَالْجُبَّةُ الْمَحْشُوَّةُ بِالْقُطْنِ لِبُطْلَانِ بَيْعِ الْأَوَّلِ مَعَ أَنَّ صِوَانَهَا خِلْقِيٌّ دُونَ الْآخَرِ مَعَ أَنَّ صِوَانَهَا غَيْرُ خِلْقِيٍّ. لِأَنَّا نَقُولُ: الْغَالِبُ فِي الْخِلْقِيِّ أَنَّ بَقَاءَهُ فِيهِ مِنْ مَصَالِحِهِ فَأُرِيدَ بِهِ مَا هُوَ الْغَالِبُ فِيهِ وَمِنْ شَأْنِهِ، وَتَرَدَّدَ الْأَذْرَعِيُّ فِي إلْحَاقِ الْفُرُشِ وَاللُّحُفِ بِمَا مَرَّ، وَرَجَّحَ غَيْرُهُ كَالْبَدْرِ ابْنِ شُهْبَةَ عَدَمَهُ؛ لِأَنَّ الْقُطْنَ فِيهَا مَقْصُودٌ لِذَاتِهِ بِخِلَافِ الْجُبَّةِ، وَبَحَثَ الدَّمِيرِيِّ الْإِلْحَاقَ، وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ نَحْوِ لُبِّ جَوْزٍ وَحْدَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: كَظَاهِرِ الصُّبْرَةِ) أَيْ كَرُؤْيَةِ ظَاهِرِ الصُّبْرَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهَا كَافِيَةٌ (قَوْلُهُ: بَلْ كَانَ صِوَانًا) الْأَوْلَى لَكِنَّهُ كَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ الْحَالَةِ) أَيْ فِي جَوْزِهِ بَعْدَ تَفَتُّحِهِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ الْوَرَقُ الْأَبْيَضُ) أَيْ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ جَمِيعِهِ (قَوْلُهُ: وَالْجُبَّةُ الْمَحْشُوَّةُ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُ تَكْفِي رُؤْيَةُ ظَاهِرِهَا وَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ شَيْءٍ مِمَّا فِي الْبَاطِنِ. [فَرْعٌ] سُئِلَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ عَنْ بَيْعِ السُّكَّرِ فِي قُدُورِهِ هَلْ يَصِحُّ وَيُكْتَفَى بِرُؤْيَةِ أَعْلَاهُ مِنْ رُءُوسِ الْقُدُورِ؟ . فَأَجَابَ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ بَقَاؤُهُ فِي الْقُدُورِ مِنْ مَصَالِحِهِ صَحَّ وَكَفَى رُؤْيَةُ أَعْلَاهُ مِنْ رُءُوسِ الْقُدُورِ وَإِلَّا فَلَا اهـ. وَلَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّ رُؤْيَةَ أَعْلَاهُ لَا تَدُلُّ عَلَى بَاقِيهِ لَكِنَّهُ اكْتَفَى بِهَا إذَا كَانَ بَقَاؤُهُ فِي الْقُدُورِ مِنْ مَصَالِحِهِ لِلضَّرُورَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ. ثُمَّ إنْ اخْتَلَفَ الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ ثَبَتَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ (قَوْلُهُ: الْأَوَّلِ) أَيْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْقُطْنُ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: دُونَ الْآخَرِ: أَيْ الْقِسْمِ الْآخَرِ، وَهُوَ الْفُقَّاعُ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ نَحْوِ الْجُبَّةِ الْمَحْشُوَّةِ (قَوْلُهُ: كَالْبَدْرِ بْنِ شُهْبَةَ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: عَدَمَهُ) أَيْ الْإِلْحَاقَ فَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ رُؤْيَةُ بَاطِنِهِ وَيَكْفِي فِيهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْقُطْنِ بَعْدَ تَفَتُّحِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ إيرَادَهُ هُنَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ تَكْفِي رُؤْيَةُ صُوَانِهِ بَعْدَ تَفَتُّحِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ تَفَتُّحِهِ إذْ لَا مَعْنَى لَهُ إلَّا التَّمَكُّنُ مِنْ رُؤْيَةِ بَعْضِهِ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ لَا مِنْ الثَّانِي. وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَتُكْفَى رُؤْيَةُ الصُّوَانِ كَرُمَّانٍ إلَخْ. قَالَ شَارِحُهُ: بِخِلَافِ جَوَازِ الْقُطْنِ اهـ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَنْعَقِدْ) يَعْنِي السُّفْلَى (قَوْلُهُ: الْقُطْنُ فِي جَوْزِهِ) أَيْ قَبْلَ تَفَتُّحِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ حَيْثُ لَمْ يَرَهَا فَارِغَةً) أَيْ الْفَأْرَةَ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) الَّذِي مَرَّ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِرُؤْيَةِ أَعْلَى الْمِسْكِ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَرَ الْفَأْرَةَ فَارِغَةً فَفِي قَوْلِهِ كَمَا مَرَّ مُسَامَحَةٌ (قَوْلُهُ: وَالْأُوَلُ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ جَمْعُ أَوَّلَ وَكَذَلِكَ الْأُخَرُ خِلَافُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: فَأُرِيدَ بِهِ مَا هُوَ الْغَالِبُ فِيهِ) أَيْ فَلَيْسَ الْمُرَادُ عُمُومَ الصُّوَانِ الْخِلْقِيِّ بَلْ نَوْعٌ مِنْهُ وَهُوَ مَا بَقَاؤُهُ فِيهِ مِنْ مَصَالِحِهِ، وَحِينَئِذٍ فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ قَوْلِهِ وَمِنْ شَأْنِهِ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِرُؤْيَةِ الصُّوَانِ الَّذِي لَيْسَ الْبَقَاءُ فِيهِ مِنْ الْمَصَالِحِ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ أَنَّ الْبَقَاءَ فِيهِ مِنْ الْمَصَالِحِ، ثُمَّ إنَّ هَذَا الْجَوَابَ لَا يَدْفَعُ مَا وَرَدَ عَلَى الْعَكْسِ

فِي قِشْرِهِ لِأَنَّ تَسْلِيمَهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ بِدُونِ كَسْرِ قِشْرِهِ فَيُؤَدِّي لِنَقْصِ عَيْنِ الْمَبِيعِ. (وَتُعْتَبَرُ) (رُؤْيَةُ كُلِّ شَيْءٍ) غَيْرِ مَا مَرَّ (عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ) عُرْفًا، وَضَبَطَهُ فِي الْكَافِي بِأَنْ يَرَى مَا يَخْتَلِفُ مُعْظَمُ الْمَالِيَّةِ بِاخْتِلَافِهِ، فَفِي الدَّارِ رُؤْيَةُ الْبُيُوتِ وَالسُّقُوفِ وَالسُّطُوحِ وَالْجُدَرَانِ وَالْمُسْتَحَمِّ وَالْبَالُوعَةِ، وَكَذَا رُؤْيَةُ الطَّرِيقِ، وَفِي الْبُسْتَانِ رُؤْيَةُ أَشْجَارِهِ وَمَجْرَى مَائِهِ، وَكَذَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ الْمَالِ الَّذِي تَدُورُ بِهِ الرَّحَى كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ خِلَافًا لِابْنِ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ، وَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ أَسَاسِ جُدَرَانِ الْبُسْتَانِ وَلَا عُرُوقُ الْأَشْجَارِ وَنَحْوُهُمَا وَيُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ وَنَحْوِهِ رُؤْيَةُ الْأَرْضِ، وَلَوْ رَأَى آلَةَ بِنَاءِ الْحَمَّامِ وَأَرْضَهَا قَبْلَ بِنَائِهَا لَمْ يَكْفِ عَنْ رُؤْيَتِهَا كَمَا لَا يَكْفِي فِي التَّمْرِ رُؤْيَتُهُ رُطَبًا كَمَا لَوْ رَأَى سَخْلَةً أَوْ صَبِيًّا فَكَمُلَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُمَا بِلَا رُؤْيَةٍ أُخْرَى، وَلَا بُدَّ فِي السَّفِينَةِ مِنْ رُؤْيَةِ جَمِيعِهَا حَتَّى مَا فِي الْمَاءِ مِنْهَا كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ، وَفِي الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ كَالشَّعْرِ وَفِي الدَّابَّةِ جَمِيعِ أَجْزَائِهَا لَا رُؤْيَةُ لِسَانِ حَيَوَانٍ وَلَوْ آدَمِيًّا وَأَسْنَانِهِ وَأَجْزَاءٍ نَحْوُ فَرَسٍ وَبَاطِنِ حَافِرٍ وَقَدَمٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَخِيرَةِ خِلَافًا لِلْأَزْرَقِيِّ، وَلِهَذَا أَطْلَقُوا عَدَمَ اشْتِرَاطِ قَلْعِ النَّعْلِ وَفِي ثَوْبٍ وَنَشْرِهِ مَطْوِيٍّ وَرُؤْيَةِ وَجْهَيْهِ إنْ اخْتَلَفَا كَبِسَاطٍ وَكُلِّ مُنَقَّشٍ وَإِلَّا كَكِرْبَاسٍ كَفَتْ رُؤْيَةُ أَحَدِهِمَا، وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ وَإِنْ حُلِبَ مِنْهُ شَيْءٌ وَرُئِيَ قَبْلَ الْبَيْعِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ وَلِاخْتِلَاطِهِ بِالْحَادِثِ وَلِعَدَمِ تَيَقُّنِ وُجُودِ قَدْرِ اللَّبَنِ الْمَبِيعِ وَلِعَدَمِ رُؤْيَتِهِ، وَلَا بَيْعُ الصُّوفِ قَبْلَ جَزِّهِ أَوْ تَذْكِيَتِهِ لِاخْتِلَافِهِ بِالْحَادِثِ؛ وَلِأَنَّ تَسْلِيمَهُ إنَّمَا يُمْكِنُ بِاسْتِئْصَالِهِ وَهُوَ مُؤْلِمٌ لِلْحَيَوَانِ، فَإِنْ قَبَضَ قِطْعَةً وَقَالَ بِعْتُك هَذِهِ صَحَّ قَطْعًا، وَلَا بَيْعُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْبَعْضُ (قَوْلُهُ: لِنَقْصِ عَيْنِ الْمَبِيعِ) وَهُوَ الْقِشْرُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقِشْرَ وَاللُّبَّ فِيهِ يُرْغَبُ فِيهِ حِفْظُ اللُّبِّ فَتَزِيدُ قِيمَتُهُ وَبَعْدَ الْكَسْرِ إنَّمَا يُرَادُ لِمُجَرَّدِ الْوَقُودِ وَقِيمَتُهُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ تَافِهَةٌ (قَوْلُهُ: وَالسُّطُوحِ) جَمْعُ سَطْحٍ قَالَ فِي الْمُخْتَارِ وَسَطْحُ كُلِّ شَيْءٍ أَعْلَاهُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا رُؤْيَةُ الطَّرِيقِ) أَيْ الَّتِي يُتَوَصَّلُ مِنْهَا إلَى الدَّارِ (قَوْلُهُ: لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ) أَيْ بِقُوَّتِهِ وَضَعْفِهِ (قَوْلُهُ: لَا بُدَّ فِي السَّفِينَةِ مِنْ رُؤْيَةِ جَمِيعِهَا) أَيْ وَلَوْ كَبِيرَةً جِدًّا كَالْمَلَاحِيِّ، وَلَوْ اُحْتِيجَ فِي رُؤْيَتِهَا إلَى صَرْفِ دَرَاهِمَ لِمَنْ يُقَلِّبُ السَّفِينَةَ مِنْ جَانِبٍ إلَى آخَرَ لِتَتَأَتَّى رُؤْيَتُهَا لَمْ تَجِبْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعَيْنِهِ، بَلْ إنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي التَّوَصُّلَ إلَى الرُّؤْيَةِ وَفَعَلَ ذَلِكَ كَانَ تَبَرُّعًا مِنْهُ، وَأَرَادَ الْبَائِعُ ذَلِكَ لِإِرَاءَةِ الْمُشْتَرِي أَوْ لِرُؤْيَةِ نَفْسِهِ لِيَصِحَّ الْبَيْعُ لَمْ يَرْجِعْ بِمَا صَرَفَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي. نَعَمْ لَوْ اسْتَحَالَ قَلْبُهَا وَرُؤْيَةُ أَسْفَلِهَا فَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِظَاهِرِهَا مِمَّا لَمْ يَسْتُرْهُ الْمَاءُ وَجَمِيعُ الْبَاطِنِ فَلَوْ تَبَيَّنَ بَعْدَهُ تَغَيُّرُهَا ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ (قَوْلُهُ: مَا فِي الْمَاءِ مِنْهَا) وَلَا تَكْفِي رُؤْيَتُهَا فِي الْمَاءِ وَلَوْ صَافِيًا (قَوْلُهُ: لَا رُؤْيَةَ إلَخْ) لَا هُنَا بِمَنْزِلَةِ إلَّا (قَوْلُهُ: فِي الْأَخِيرَةِ) وَهِيَ قَوْلُهُ: وَقَدَّمَ (قَوْلَهُ: خِلَافًا لِلْأَزْرَقِيِّ) فِي نُسْخَةٍ لِلْأَزْرَقِ وَمِثْلُهَا فِي حَجّ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا أَطْلَقُوا عَدَمَ اشْتِرَاطِ إلَخْ) وَفِي نُسْخَةٍ أَطْبَقُوا عَلَى عَدَمِ وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِأَنَّ تَسْلِيمَهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ) أَيْ وَلِأَنَّ الْمَبِيعَ حِينَئِذٍ غَيْرُ مَرْئِيٍّ أَصْلًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ الْمَاءِ الَّذِي تَدُورُ بِهِ الرَّحَى) أَيْ فِيمَا إذَا اشْتَرَى رَحًى تَدُورُ بِالْمَاءِ (قَوْلُهُ: وَلِاخْتِلَاطِهِ بِالْحَادِثِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ اشْتَرَى جَمِيعَ مَا فِي الضَّرْعِ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَلِعَدَمِ تَيَقُّنِ وُجُودِ قَدْرِ اللَّبَنِ الْمَبِيعِ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ قَدْرًا مُعَيَّنًا، وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْبُطْلَانِ بَيْنَ أَنْ يَشْتَرِيَ الْكُلَّ أَوْ الْبَعْضَ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ: بَيْعُ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ بَاطِلٌ، فَلَوْ قَالَ بِعْتُك مِنْ اللَّبَنِ الَّذِي فِي ضَرْعِ هَذِهِ الْبَقَرَةِ كَذَا لَمْ يَجُزْ عَلَى الْمَذْهَبِ لِعَدَمِ تَيَقُّنِ وُجُودِ ذَلِكَ الْقَدْرِ، وَقِيلَ فِيهِ قَوْلَا بَيْعِ الْغَائِبِ وَلَوْ طَلَبَ شَيْئًا مِنْ اللَّبَنِ فَأَرَاهُ ثُمَّ بَاعَهُ رِطْلًا مِمَّا فِي الضَّرْعِ فَوَجْهَانِ كَالْأُنْمُوذَجِ، وَذَكَرَ الْغَزَالِيُّ وَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ قَبَضَ قَدْرًا مِنْ الضَّرْعِ وَأَحْكَمَ شَدَّهُ وَبَاعَ مَا فِيهِ. قُلْت الْأَصَحُّ فِي الصُّورَتَيْنِ الْبُطْلَانُ لِأَنَّهُ يَخْتَلِطُ بِغَيْرِهِ مِمَّا يَنْصَبُّ فِي الضَّرْعِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَلِعَدَمِ رُؤْيَتِهِ) لَا مَوْقِعَ لَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ حُلِبَ مِنْهُ شَيْءٌ وَرُئِيَ قَبْلَ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَبَضَ قَبَضَهُ)

الْأَكَارِعِ وَالرُّءُوسِ قَبْلَ الْإِبَانَةِ وَلَا الْمَذْبُوحِ أَوْ جِلْدِهِ أَوْ لَحْمِهِ قَبْلَ السَّلْخِ أَوْ السَّمْطِ لِجَهَالَتِهِ، وَكَذَا مَسْلُوخٌ لَمْ يُنَقَّ جَوْفُهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَبِيعَ وَزْنًا فَإِنْ بِيعَ جُزَافًا صَحَّ، بِخِلَافِ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ فَيَصِحُّ مُطْلَقًا لِقِلَّةِ مَا فِي جَوْفِهِ وَلَوْ بَاعَ ثَوْبًا عَلَى مِنْسَجٍ قَدْ نُسِجَ بَعْضُهُ عَلَى أَنْ يَنْسِجَ الْبَائِعُ بَاقِيَهُ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ جَزْمًا (وَالْأَصَحُّ إنْ وَصَفَهُ) أَيْ الْمُعَيَّنَ الَّذِي يُرَادُ بَيْعُهُ (بِصِفَةِ السَّلَمِ لَا يَكْفِي) عَنْ الرُّؤْيَةِ وَإِنْ بَالَغَ فِيهَا وَوَصَلَتْ حَدَّ التَّوَاتُرِ لِأَنَّهَا تُفِيدُ أُمُورًا تَقْصُرُ عَنْهَا الْعِبَارَةُ، وَفِي الْخَبَرِ «لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْعِيَانِ» وَالثَّانِي يَكْفِي، وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ ثَمَرَةَ الرُّؤْيَةِ الْمَعْرِفَةُ وَالْوَصْفُ يُفِيدُهَا، وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِنَا الْمُعَيَّنِ عَدَمُ مُنَافَاةِ هَذَا لِمَا يَأْتِي لَهُ أَوْ السَّلَمُ فِي ثَوْبٍ صِفَتُهُ كَذَا لِأَنَّهُ فِي مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ. وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ كُلَّ عَقْدٍ اُشْتُرِطَتْ فِيهِ الرُّؤْيَةُ لَا يَصِحُّ مِنْ الْأَعْمَى، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إلَّا شِرَاءَ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الْعِتْقُ وَمُقْتَضَاهُ إلْحَاقُ الْبَصِيرِ بِهِ فِي ذَلِكَ (وَ) مِنْ ثَمَّ (يَصِحُّ سَلَمُ الْأَعْمَى) مُسْلِمًا إلَيْهِ أَوْ مُسْلِمًا؛ لِأَنَّهُ يَعْرِفُ الْأَوْصَافَ وَالسَّلَمُ يَعْتَمِدُ الْوَصْفَ دُونَ الرُّؤْيَةِ. نَعَمْ لَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مُعَيَّنًا ابْتِدَاءً وَكُلُّ مَنْ يَقْبِضُ لَهُ وَعَنْهُ وَإِلَّا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَالرُّءُوسُ قَبْلَ الْإِبَانَةِ) وَلَوْ مِنْ الْمَذْبُوحِ لِاسْتِتَارِ بَعْضِ أَجْزَائِهِ قَبْلَ الْقَطْعِ (قَوْلُهُ: لِجَهَالَتِهِ) أَيْ جَهَالَةِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ فَإِنَّ الْجِلْدَ يَخْتَلِفُ ثِخَنًا وَرِقَّةً، وَكَذَلِكَ أَجْزَاءُ الْحَيَوَانِ (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ مُطْلَقًا) أَيْ وَزْنًا وَجُزَافًا ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا وَكَثُرَ مَا فِي جَوْفِهِ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: لِقِلَّةِ مَا فِي إلَخْ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ مَنْ شَأْنُهُ الْقِلَّةُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاعَ ثَوْبًا عَلَى مِنْسَجٍ) كَمَذْهَبٍ وَمَجْلِسٍ وَبَابُهُ ضَرَبَ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ يَنْسِجَ الْبَائِعُ) أَيْ أَوْ غَيْرُهُ وَفِي الْمُخْتَارِ أَنْ يَنْسِجَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ (قَوْلُهُ: لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْعِيَانِ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ، وَرَوَى كَثِيرُونَ مِنْهُمْ أَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ خَبَرَ «يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى لَيْسَ الْمُعَايِنُ كَالْخَبَرِ أَخْبَرَهُ رَبُّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّ قَوْمَهُ فُتِنُوا بَعْدَهُ فَلَمْ يُلْقِ الْأَلْوَاحَ، فَلَمَّا رَآهُمْ وَعَايَنَهُمْ أَلْقَى الْأَلْوَاحَ فَتَكَسَّرَ مِنْهَا مَا تَكَسَّرَ» اهـ حَجّ. وَقَوْلُهُ: الْمُعَايَنُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا مِيمِيًّا بِمَعْنَى الْعِيَانِ، فَإِنَّ مَا كَانَ مِنْ الْمَزِيدِ بِصِيغَةِ الْمَفْعُولِ اسْتَوَى فِيهِ الْمَصْدَرُ وَاسْمُ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالْمَفْعُولُ، وَيَتَعَيَّنُ الْمُرَادُ بِالْقَرَائِنِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ كَالْمُخْبِرِ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ، وَعَلَيْهِ فَالْمُعَايِنُ بِكَسْرِ الْيَاءِ اسْمُ فَاعِلٍ (قَوْلُهُ: إلَّا شِرَاءَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَوْ شِرَاءً غَيْرَ ضِمْنِيٍّ. وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الزَّرْكَشِيّ أَنَّهُ يَصِحُّ شِرَاؤُهُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَبَيْعُهُ الْعَبْدَ مِنْ نَفْسِهِ قَالَ: وَنَقَلَ مَرَّ أَنَّ بَعْضَهُمْ جَوَّزَ صِحَّةَ شِرَائِهِ الضِّمْنِيِّ اهـ. وَمَفْهُومُهُ أَنَّ غَيْرَ الضِّمْنِيِّ لَا يَصِحُّ مِنْهُ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا اقْتَضَاهُ مَا نَقَلَهُ عَنْ الزَّرْكَشِيّ، وَقَوْلُهُ: مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ: أَيْ يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ عَلَيْهِ فَيَدْخُلُ فِيهِ مَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ أَوْ شَهِدَ بِهَا وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَاهُ إلْحَاقُ الْبَصِيرِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: مُسْلَمًا إلَيْهِ أَوْ مُسْلِمًا) قِيلَ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَصْدَرَ مُضَافٌ إلَى فَاعِلِهِ وَمَفْعُولِهِ فَيَكُونُ الْأَعْمَى فَاعِلًا فِي مَحَلِّ رَفْعٍ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلٌ لِلسَّلَمِ وَمَفْعُولًا فِي مَحَلِّ نَصْبٍ، وَنَظَرَ فِيهِ عَلَى أَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يَجُوزُ عَرَبِيَّةً؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ الْوَاحِدَ لَا يَكُونُ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ لِأَمْرَيْنِ مُتَبَايِنَيْنِ، فَمُرَادُ الشَّارِحِ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ وَأَنَّهُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ. لَكِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ نَظِيرُ قَوْله تَعَالَى {وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ} [الأنبياء: 78] مِنْ أَنَّهُ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ وَمَفْعُولِهِ مَعًا (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ) هَذَا الِاسْتِدْرَاكُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ قَضِيَّتَهُ صِحَّةُ عَقْدِهِ عَلَى الْمُعَيَّنِ، وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ لِلتَّوْكِيلِ فِي الْقَبْضِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ عَقْدُهُ إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ فِي الذِّمَّةِ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ الَّذِي أَرَادَ إقْبَاضَهُ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ كَانَ مُعَيَّنًا بِيَدِهِ قَبْلُ لَا أَنَّهُ عَقَدَ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُعَيَّنٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَكُلُّ مَنْ يُقْبَضُ لَهُ وَعَنْهُ) أَيْ وَيُقْبَضُ عَنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَلَيْسَتْ عَلَى حَدِّ اللَّحْمِ كَمَا عُرِفَ مِمَّا قَدَّمَهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: قَبْلَ السَّلْخِ) أَيْ لِمَا يُسْلَخُ، وَقَوْلُهُ أَوْ السَّمْطِ: أَيْ لِمَا يُسْمَطُ (قَوْلُهُ: وَوَصَلَتْ حَدَّ التَّوَاتُرِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ وُصِلَ إلَيْهِ مِنْ طَرِيقِ التَّوَاتُرِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مُعَيَّنًا إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَصِحُّ فِي الْمُعَيَّنِ مِنْ الْأَعْمَى وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَمَحَلُّهُ: أَيْ صِحَّةِ

[باب الربا]

لَمْ يَصِحَّ لِاعْتِمَادِهِ الرُّؤْيَةَ حَالَ الْعَقْدِ، وَلَا تَصِحُّ الْمُقَابَلَةُ مَعَ الْأَعْمَى فَقَدْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْإِقَالَةِ مِنْ الْعِلْمِ بِالْمُقَايَلِ فِيهِ بَعْدَ نَصِّهِ عَلَى أَنَّهَا فَسْخٌ، وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَقِيلَ إنْ عَمِيَ قَبْلَ تَمْيِيزِهِ) بَيْنَ الْأَشْيَاءِ أَوْ خُلِقَ أَعْمَى (فَلَا) يَصِحُّ سَلَمُهُ وَلَهُ شِرَاءُ نَفْسِهِ وَإِيجَارُهَا إذْ لَا يَجْهَلُهَا وَبَيْعُ مَا رَآهُ قَبْلَ عَمَاهُ إنْ كَانَ ذَاكِرًا لِأَوْصَافِهِ وَهُوَ مِمَّا لَا يَتَغَيَّرُ غَالِبًا، وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا ثُمَّ عَمِيَ قَبْلَ قَبْضِهِ لَمْ يَبْطُلْ الشِّرَاءُ، وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ نَحْوِ جَزَرٍ وَبَصَلٍ فِي أَرْضِهِ لِلْغَرَرِ، وَمِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى مَعَ عَدَمِ صِحَّتِهِ بَيْعُ نَصِيبٍ مِنْ الْجَارِي مِنْ نَهْرٍ وَنَحْوِهِ لِلْجَهْلِ بِقَدْرِهِ؛ وَلِأَنَّ الْجَارِيَ إنْ كَانَ غَيْرَ مَمْلُوكٍ فَذَاكَ وَإِلَّا فَلَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ لِاخْتِلَاطِ غَيْرِ الْمَبِيعِ بِهِ فَطَرِيقُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْقَنَاةَ أَوْ سَهْمًا مِنْهَا، فَإِذَا مَلَكَ الْقَرَارَ كَانَ أَحَقَّ بِالْمَاءِ، وَإِنْ اشْتَرَى الْقَرَارَ مَعَ الْمَاءِ لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا فِيهِمَا لِلْجَهَالَةِ، وَلَوْ رَأَى ثَوْبَيْنِ تَسَاوَتْ قِيمَتُهُمَا وَوَصْفُهُمَا وَقَدْرُهُمَا كَنِصْفَيْ كِرْبَاسٍ فَسُرِقَ أَحَدُهُمَا وَاشْتَرَى الْآخَرَ غَائِبًا عَنْهُ وَلَا يُعْلَمُ أَيُّهُمَا الْمَسْرُوقُ صَحَّ لِحُصُولِ الْعِلْمِ إلَّا إنْ اخْتَلَفَتْ الْأَوْصَافُ الْمَذْكُورَةُ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الرُّؤْيَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِيهَا بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْإِقْدَامَ عَلَى الْعَقْدِ اعْتِرَافٌ بِصِحَّتِهِ، وَهُوَ جَارٍ عَلَى الْقَاعِدَةِ فِي دَعْوَى الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ خِلَافًا لِمَا فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ وَتَبِعَهُ الْوَالِدُ أَوَّلًا ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ. بَابُ الرِّبَا بِكَسْرِ الرَّاءِ وَالْقَصْرِ وَبِفَتْحِهَا وَالْمَدِّ وَأَلِفُهُ بَدَلٌ مِنْ وَاوٍ وَيُكْتَبُ بِهِمَا وَبِالْيَاءِ، وَهُوَ لُغَةً: الزِّيَادَةُ، قَالَ تَعَالَى ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: مَعَ الْأَعْمَى) أَيْ فَطَرِيقُ الصِّحَّةِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهَا فَسْخٌ) لَعَلَّهُ إنَّمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ عَدَمَ صِحَّةِ الْإِقَالَةِ مِنْ الْأَعْمَى مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ) أَيْ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ وَقِيَاسُ بُطْلَانِ إقَامَتِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا فَسْخٌ عَدَمُ نُفُوذِ الْفَسْخِ مِنْهُ بِغَيْرِ لَفْظِ الْإِقَالَةِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْإِقَالَةَ تَسْتَدْعِي التَّوَافُقَ عَلَيْهَا مِنْ الْمُتَقَابِلَيْنِ وَلَا كَذَلِكَ الْفَسْخُ فَإِنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِهِ مَنْ يَثْبُتُ لَهُ مَا يُجَوِّزُهُ (قَوْلُهُ: وَلَهُ شِرَاءُ نَفْسِهِ) أَيْ وَلَوْ لِغَيْرِهِ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ عَنْ الْغَيْرِ وَبِهَذَا يُجَابُ عَمَّا تَوَقَّفَ فِيهِ سم عَلَى حَجّ مِنْ أَنَّ هَذَا عَقْدُ عَتَاقَةٍ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَبْطُلْ الشِّرَاءُ) أَيْ وَيُوَكِّلُ فِي الْقَبْضِ (قَوْلُهُ: أَوْ سَهْمًا مِنْهَا) أَيْ جُزْءًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَأَى ثَوْبَيْنِ) أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الرُّؤْيَةِ) أَيْ فِي أَصْلِهَا كَأَنْ قَالَ الْمُشْتَرِي لَمْ أَرَهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ: مُدَّعِيهَا) أَيْ الرُّؤْيَةَ. (بَابُ الرِّبَا) (قَوْلُهُ: وَأَلِفُهُ بَدَلُ مِنْ وَاوٍ) صَرِيحٌ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي كَوْنِ أَلِفِهِ مُنْقَلِبَةً عَنْ وَاوٍ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي رَسْمِهِ، وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: الرِّبَا الْفَضْلُ وَالزِّيَادَةُ وَهُوَ مَقْصُورٌ عَلَى الْأَشْهَرِ، وَيُثَنَّى رِبَوَانِ بِالْوَاوِ عَلَى الْأَصْلِ، وَقَدْ يُقَالُ رِبَيَانِ عَلَى التَّخْفِيفِ ا. هـ. فَقَوْلُهُ عَلَى الْأَصْلِ وَقَوْلُهُ عَلَى التَّخْفِيفِ يَدُلَّانِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ مِنْ عَدَمِ الْخِلَافِ فِي كَوْنِ أَصْلِ الْأَلِفِ وَاوًا (قَوْلُهُ: وَيُكْتَبُ بِهِمَا) أَيْ بِالْوَاوِ وَالْأَلِفِ مَعًا كَمَا نَقَلَهُ عُلَمَاءُ الرَّسْمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQسَلَمِ الْأَعْمَى حَيْثُ لَمْ يَكُنْ رَأْسُ الْمَالِ مُعَيَّنًا ابْتِدَاءً وَحِينَئِذٍ يُوَكِّلُ مَنْ يَقْبِضُ لَهُ أَوْ عَنْهُ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ مِنْهُ لِاعْتِمَادِهِ إلَخْ، فَقَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ: أَيْ حِينَ صِحَّةِ السَّلَمِ بِأَنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ فِي الذِّمَّةِ، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا: أَيْ بِأَنْ كَانَ مُعَيَّنًا، وَالشَّارِحُ فَهِمَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ وَحِينَئِذٍ: أَيْ حِينَ كَانَ مُعَيَّنًا فَتَصَرَّفَ فِي عِبَارَتِهِ بِمَا تَرَى (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْأَشْيَاءِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّمْيِيزِ هُنَا غَيْرُ التَّمْيِيزِ الشَّرْعِيِّ. [بَابُ الرِّبَا]

{اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} [الحج: 5] أَيْ نَمَتْ وَزَادَتْ. وَشَرْعًا: عَقْدٌ عَلَى عِوَضٍ مَخْصُوصٍ غَيْرِ مَعْلُومِ التَّمَاثُلِ فِي مِعْيَارِ الشَّرْعِ حَالَةَ الْعَقْدِ أَوْ مَعَ تَأْخِيرٍ فِي الْبَدَلَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا وَالْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِهِ وَأَنَّهُ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَمْ يَحِلَّ فِي شَرِيعَةٍ قَطُّ، وَلَمْ يُؤْذِنْ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ عَاصِيًا بِالْحَرْبِ سِوَى آكِلِهِ، وَلِهَذَا قِيلَ إنَّهُ عَلَامَةٌ عَلَى سُوءِ الْخَاتِمَةِ كَإِيذَاءِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ صَحَّ فِيهَا الْإِيذَانُ بِذَلِكَ وَظَاهِرُ الْأَخْبَارِ هُنَا أَنَّهُ أَعْظَمُ إثْمًا مِنْ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ، لَكِنْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِخِلَافِهِ وَتَحْرِيمُهُ تَعَبُّدِيٌّ وَمَا أَبْدَى لَهُ إنَّمَا يَصْلُحُ حِكْمَةً لَا عِلَّةً. وَهُوَ إمَّا رِبَا فَضْلٍ بِأَنْ يَزِيدَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ وَمِنْهُ رِبَا الْقَرْضِ بِأَنْ يُشْتَرَطَ فِيهِ مَا فِيهِ نَفْعٌ لِلْمُقْرِضِ غَيْرَ نَحْوِ الرَّهْنِ، أَوْ رِبَا يَدٍ بِأَنْ يُفَارِقَ أَحَدُهُمَا مَجْلِسَ الْعَقْدِ قَبْلَ التَّقَابُضِ، أَوْ رِبَا نَسَاءٍ بِأَنْ يُشْرَطَ أَجَلٌ فِي أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ وَكُلُّهَا مُجْمَعٌ عَلَيْهَا، وَالْقَصْدُ بِهَذَا الْبَابِ بَيَانُ مَا يُعْتَبَرُ فِي بَيْعِ الرِّبَوِيِّ زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ، ثُمَّ الْعِوَضَانِ إنْ اتَّفَقَا جِنْسًا اُشْتُرِطَ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ، أَوْ عِلَّةً وَهِيَ الطُّعْمُ وَالنَّقْدِيَّةُ اُشْتُرِطَ شَرْطَانِ، وَإِلَّا كَبَيْعِ طَعَامٍ بِنَقْدٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ حَيَوَانٍ بِحَيَوَانٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يُشْتَرَطْ شَيْءٌ مِنْ تِلْكَ الثَّلَاثَةِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ (إذَا) (بِيعَ الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ) أَوْ النَّقْدُ بِالنَّقْدِ كَمَا سَيَأْتِي (إنْ كَانَا) أَيْ الثَّمَنُ وَالْمُثَمَّنُ، وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ أَلِفٍ (جِنْسًا) وَاحِدًا بِأَنْ جَمَعَهُمَا اسْمٌ خَاصٌّ مِنْ أَوَّلِ دُخُولِهِمَا فِي الرِّبَا وَاشْتَرَكَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَزَادَتْ) تَفْسِيرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا عَقْدٌ إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ: وَشَرْعًا قَالَ الرُّويَانِيُّ عَقْدٌ (قَوْلُهُ غَيْرِ مَعْلُومِ التَّمَاثُلِ) يَصْدُقُ بِمَعْلُومٍ عَدَمُ التَّمَاثُلِ وَأَلْ فِي التَّمَاثُلِ لِلْعَهْدِ: أَيْ التَّمَاثُلِ الْمُعْتَبَرُ شَرْعًا وَذَلِكَ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَلَيْسَ حَمْلُهَا عَلَى الْعَهْدِ بِأَبْعَدَ مِنْ حَمْلِ قَوْلِنَا عَلَى عِوَضٍ مَخْصُوصٍ عَلَى الْأَنْوَاعِ الْمَخْصُوصَةِ الَّتِي هِيَ مَحَلُّ الرِّبَا، وَقَوْلُهُ أَوْ مَعَ تَأْخِيرٍ يُمْكِنُ عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى عِوَضٍ، وَتُحْمَلُ أَلْ فِي الْبَدَلَيْنِ عَلَى الْمَعْهُودِ شَرْعًا: أَيْ وَهُوَ الْأَنْوَاعُ الْمَخْصُوصَةُ الَّتِي هِيَ مَحَلُّ الرِّبَا كَمَا حُمِلَ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ عَلَى عِوَضٍ مَخْصُوصٍ وَإِنْ كَانَ أَعَمَّ مِنْهُ، وَيَشْمَلُ هَذَا الْقِسْمُ مَا كَانَ الْجِنْسُ فِيهِ مُتَّحِدًا وَمَا كَانَ مُخْتَلِفًا وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ مَعْلُومُ التَّمَاثُلِ وَمَا كَانَ مَجْهُولُهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ تَأْخِيرٍ) أَيْ أَوْ عَقْدٍ مَعَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُؤْذِنْ) أَيْ لَمْ يُعْلِمُ اللَّهُ (قَوْلَهُ كَإِيذَاءِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ) أَيْ وَلَوْ أَمْوَاتًا (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ صَحَّ فِيهَا) أَيْ فِي أَذِيَّةِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَلَوْ قَالَ فِيهِ لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ الْأَخْبَارِ هُنَا) أَيْ فِي هَذَا الْبَابِ (قَوْلُهُ: إنَّهُ أَعْظَمُ إثْمًا) لَا يُنَافِي هَذَا مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ التَّبْعِيضُ بِالنِّسْبَةِ لِمَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ هَذِهِ كَالشِّرْكِ بِاَللَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ: مِنْ الزِّنَا) وَمِنْهُ اللِّوَاطُ (قَوْلُهُ وَالسَّرِقَةُ) أَيْ وَإِنْ قَلَّتْ (قَوْلُهُ: وَمَا أَبْدَى لَهُ) أَيْ مِنْ كَوْنِهِ يُؤَدِّي لِلتَّضْيِيقِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ إنَّمَا يَصْلُحُ حِكْمَةً) يُفِيدُ أَنَّ مُجَرَّدَ الْحِكْمَةِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ تَعَبُّدِيًّا فَلْيُرَاجَعْ فَإِنَّ فِيهِ نَظَرًا ظَاهِرًا اهـ سم. أَقُولُ: قَوْلُهُ نَظَرًا ظَاهِرًا: أَيْ لِتَصْرِيحِ بَعْضِهِمْ بِأَنَّ التَّعَبُّدِيَّ هُوَ الَّذِي لَمْ يُدْرَكْ لَهُ مَعْنًى، وَقَدْ يُجَابُ عَنْ كَلَامِ الشَّارِحِ بِأَنَّهُمْ قَدْ يُطْلِقُونَ التَّعَبُّدِيَّ عَلَى مَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ عِلَّةٌ مُوجِبَةٌ لِلْحُكْمِ وَإِنْ ظَهَرَ لَهُ حِكْمَةٌ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَزِيدَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ) أَيْ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ ا. هـ. شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ رِبَا الْقَرْضِ) إنَّمَا جُعِلَ رِبَا الْقَرْضِ مِنْ رِبَا الْفَضْلِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا شُرِطَ نَفْعًا لِلْمُقْرِضِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ أَنَّهُ بَاعَ مَا أَقْرَضَهُ بِمَا يَزِيدُ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِهِ فَهُوَ مِنْهُ حُكْمًا (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَشْتَرِطَ فِيهِ مَا فِيهِ نَفْعٌ) وَمِنْهُ مَا لَوْ أَقْرَضَهُ بِمِصْرَ وَأَذِنَ لَهُ فِي دَفْعِهِ لِوَكِيلِهِ بِمَكَّةَ مَثَلًا (قَوْلُهُ: غَيْرَ نَحْوِ الرَّهْنِ) مِنْ النَّحْوِ الْكَفَالَةُ وَالشَّهَادَةُ (قَوْلُهُ: أَوْ رِبَا نَسَاءٍ) بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ ا. هـ. شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ، وَفِي الْمِصْبَاحِ: النَّسِيءُ مَهْمُوزًا عَلَى فَعِيلٍ التَّأْخِيرُ وَالنَّسِيئَةُ عَلَى فَعِيلَةٍ مِثْلُهُ، وَهُوَ اسْمَانِ مِنْ نَسَأَ اللَّهُ أَجَلَهُ مِنْ بَابِ نَفَعَ وَأَنْسَأَهُ بِالْأَلِفِ إذَا أَخَّرَهُ اهـ. وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ مِنْ بَابِ نَفَعَ أَنَّ مَصْدَرَهُ بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ السِّينِ (قَوْلُهُ: وَكُلُّهَا مُجْمَعٌ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى بُطْلَانِهَا (قَوْلُهُ: زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ) مِنْ كَوْنِهِ ظَاهِرًا مُنْتَفَعًا بِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْعِوَضَانِ) أَيْ الرِّبَوِيَّانِ وَغَيْرُهَا (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ الْعِلَّةُ (قَوْلُهُ: وَالنَّقْدِيَّةُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ أَلِفٍ) قَالَ حَجّ: وَهُوَ فَاسِدٌ، قَالَ سم " وَفِي جَزْمِهِ بِالْفَسَادِ مَعَ احْتِمَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فِيهِ اشْتِرَاكًا مَعْنَوِيًّا كَتَمْرٍ بَرْنِيِّ وَمَعْقِلِيٍّ، وَخَرَجَ بِالْخَاصِّ الْعَامُّ كَالْحَبِّ وَبِمَا بَعْدَهُ الْأَدِقَّةُ فَإِنَّهَا دَخَلَتْ فِي الرِّبَا قَبْلَ طُرُوُّ هَذَا الِاسْمِ لَهَا فَكَانَتْ أَجْنَاسًا كَأُصُولِهَا، وَبِالْأَخِيرِ الْبِطِّيخُ الْهِنْدِيُّ وَالْأَصْفَرُ فَإِنَّهُمَا جِنْسَانِ كَالتَّمْرِ وَالْجَوْزِ الْهِنْدِيَّيْنِ مَعَ التَّمْرِ وَالْجَوْزِ الْمَعْرُوفَيْنِ، إذْ إطْلَاقُ الِاسْمِ عَلَيْهِمَا لَيْسَ لِقَدْرٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا: أَيْ لَيْسَ مَوْضُوعًا لِحَقِيقَةٍ وَاحِدَةٍ بَلْ لِحَقِيقَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ، وَهَذَا الضَّابِطُ مَعَ أَنَّهُ أَوْلَى مَا قِيلَ مُنْتَقَضٌ بِاللُّحُومِ وَالْأَلْبَان لِصِدْقِهِ عَلَيْهَا مَعَ كَوْنِهَا أَجْنَاسًا كَأُصُولِهَا (اُشْتُرِطَ الْحُلُولُ) مِنْ الْجَانِبَيْنِ بِالْإِجْمَاعِ لِاشْتِرَاطِ الْقَابِضَةِ فِي الْخَبَرِ وَمِنْ لَازِمِهَا الْحُلُولُ غَالِبًا، فَمَتَى اقْتَرَنَ بِأَحَدِهِمَا تَأْجِيلٌ وَإِنْ قَلَّ زَمَنُهُ وَحَلَّ قَبْلَ تُفَرِّقْهُمَا لَمْ يَصِحَّ (وَالْمُمَاثَلَةُ) مَعَ الْعِلْمِ بِهَا وَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ خِلَافٍ لِبَعْضِ الصَّحَابَةِ قَدْ انْقَرَضَ وَاسْتَقَرَّ الْإِجْمَاعُ عَلَى خِلَافِهِ (وَالتَّقَابُضُ) يَعْنِي الْقَبْضَ الْحَقِيقِيَّ فَلَا تَكْفِي نَحْوُ حَوَالَةٍ وَإِنْ حَصَلَ مَعَهَا الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ، وَيَكْفِي قَبْضُ الْوَكِيلِ فِيهِ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا وَهُمَا بِالْمَجْلِسِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSرُجُوعِ الضَّمِيرِ لِلطَّعَامِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ جِنْسًا أَوْ لِلْمَذْكُورِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ اهـ (قَوْلُهُ: اشْتِرَاكًا مَعْنَوِيًّا) مَعْنَاهُ أَنْ يُوضَعَ اسْمٌ لِحَقِيقَةٍ وَاحِدَةٍ تَحْتَهَا أَفْرَادٌ كَثِيرَةٌ كَالْقَمْحِ مَثَلًا، أَمَّا اللَّفْظِيُّ فَهُوَ مَا وُضِعَ فِيهِ اللَّفْظُ لِكُلٍّ مِنْ الْمَعَانِي بِخُصُوصِهِ فَيَتَعَدَّدُ الْوَضْعُ فِيهِ بِتَعَدُّدِ مَعَانِيه كَالْأَعْلَامِ الشَّخْصِيَّةِ وَكَالْقُرْءِ فَإِنَّهُ وُضِعَ لِكُلٍّ مِنْ الطُّهْرِ وَالْحَيْضِ (قَوْلُهُ: كَتَمْرٍ إلَخْ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: قَوْلُهُ كَتَمْرٍ إلَخْ يُتَأَمَّلُ انْطِبَاقُ الضَّابِطِ عَلَى ذَلِكَ اهـ. أَقُولُ: أَيْ؛ لِأَنَّ هَذَا الِاسْمَ حَدَثَ لَهُمَا بَعْدَ دُخُولِهِمَا فِي بَابِ الرِّبَا لِثُبُوتِ الرِّبَا فِيهِمَا بُسْرًا وَنَحْوَهُ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ مِنْ وَقْتِ دُخُولِهِمَا فِي بَابِ الرِّبَا جَمَعَهُمَا اسْمٌ خَاصٌّ كَالطَّلْعِ ثُمَّ الْخَلَّالُ وَإِنْ اخْتَلَفَ الِاسْمُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ (قَوْلُهُ: وَبِمَا بَعْدَهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ مِنْ أَوَّلِ إلَخْ (قَوْلُهُ: هَذَا الِاسْمُ) أَيْ وَهُوَ الدَّقِيقُ (قَوْلُهُ: وَبِالْأَخِيرِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ اشْتَرَكَا فِيهِ اشْتِرَاكًا مَعْنَوِيًّا إلَخْ (قَوْلُهُ الْبِطِّيخُ الْهِنْدِيُّ) أَيْ الْأَخْضَرُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا الضَّابِطُ) هُوَ قَوْلُهُ بِأَنْ جَمَعَهُمَا اسْمٌ خَاصٌّ إلَخْ (قَوْلُهُ: مُنْتَقَضٌ) وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ حَقِيقَةَ كُلٍّ مِنْ الْأَلْبَانِ وَاللُّحُومِ مُخَالِفَةٌ لِغَيْرِهَا فَلَا يَكُونُ الِاشْتِرَاكُ بَيْنَهُمَا مَعْنَوِيًّا، ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ عَبْدِ الْحَقِّ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: وَلَك ادِّعَاءُ خُرُوجِهَا بِالْقَيْدِ الْأَخِيرِ اهـ: أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ اشْتَرَكَا فِيهِ إلَخْ، لَكِنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ الضَّأْنُ وَالْمَعْزُ فَإِنَّهُمَا مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ طَبَائِعُهُمَا مُخْتَلِفَةٌ بِالْحَرَارَةِ وَالْبُرُودَةِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ ذَلِكَ الِاخْتِلَافَ لِعَوَارِضَ تَعْرِضُ لَهُمَا مَعَ اتِّحَادِ حَقِيقَتِهِمَا (قَوْلُهُ: لِاشْتِرَاطِ الْمُقَابَضَةِ) مُسْتَنَدُ الْإِجْمَاعِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ لَازَمَهَا الْحُلُولُ) الضَّمِيرُ فِي لَازَمَهَا لِلْمُقَابَضَةِ، وَقَالَ سم عَلَى حَجّ: قَدْ يُقَالُ لَا يَلْزَمُ إرَادَةُ اللَّازِمِ اهـ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ أَلْفَاظَ الشَّارِعِ إذَا وَرَدَتْ مِنْهُ تُحْمَلُ عَلَى الْغَالِبِ فِيهِ وَالْأُمُورُ النَّادِرَةُ لَا تُحْمَلُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَلَّ زَمَنُهُ) أَيْ كَدَرَجَتَيْنِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَالْمُمَاثَلَةُ مَعَ الْعِلْمِ بِهَا) أَيْ حَالَ الْعَقْدِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَلَوْ بَاعَ جِزَافًا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا تَكْفِي نَحْوُ حَوَالَةٍ) وَمِنْهُ الْإِبْرَاءُ وَالضَّمَانُ لَكِنَّهُ يُبْطِلُ الْعَقْدَ بِالْحَوَالَةِ وَالْإِبْرَاءِ لِتَضَمُّنِهِمَا الْإِجَازَةَ، وَهِيَ قَبْلَ التَّقَابُضِ مُبْطِلَةٌ لِلْعَقْدِ، وَأَمَّا الضَّمَانُ فَلَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ بِمُجَرَّدِهِ، بَلْ إنْ حَصَلَ التَّقَابُضُ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ فَذَاكَ وَإِلَّا بَطَلَ بِالتَّفَرُّقِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْعَاقِدَيْنِ) مُتَعَلِّقٌ بِوَكِيلٍ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَيَكْفِي قَبْضُ وَارِثَيْهِمَا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ بَعْدَ مَوْتِهِمَا وَهُمَا فِيهِ وَمَأْذُونِيهِمَا لَا غَيْرِهِمَا اهـ. أَقُولُ: وَهِيَ تُفِيدُ أَنَّ الْوَكِيلَ لَوْ أَذِنَ لِمُوَكِّلِهِ فِي الْقَبْضِ وَأَنَّ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ لَهُ لَوْ أَذِنَ لِسَيِّدِهِ فِي الْقَبْضِ صَحَّ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: حَاصِلُ هَذَا الْكَلَامِ كَمَا تَرَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ قَبْضُ الْمَأْذُونَيْنِ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْآذِنَيْنِ، وَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ الْوَارِثَيْنِ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْمَوْرُوثَيْنِ الْمَيِّتَيْنِ مَعَ الْفَرْقِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مِنْ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِكُلٍّ مِنْ قَبْضِ وَالْوَكِيلِ

وَكَذَا قَبْضُ الْوَارِثِ بَعْدَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ فِي الْمَجْلِسِ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْوَارِثُ مَعَهُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُكْرَهِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ فِي آخِرِ كَلَامٍ لَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْعَاقِدُ عَبْدًا مَأْذُونًا لَهُ فَقَبَضَ سَيِّدُهُ أَوْ وَكِيلًا فَقَبْضُ مُوَكِّلِهِ لَا يَكْفِي (قَبْلَ التَّفَرُّقِ) وَلَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْعِوَضُ مُعَيَّنًا كَفَى الِاسْتِقْلَالُ بِقَبْضِهِ وَلَوْ قَبَضَا الْبَعْضَ صَحَّ فِيهِ تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ (أَوْ جِنْسَيْنِ كَحِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ جَازَ التَّفَاضُلُ) بَيْنَهُمَا (وَاشْتُرِطَ الْحُلُولُ) مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَمَا مَرَّ (وَالتَّقَابُضُ) يَعْنِي الْقَبْضَ كَمَا تَقَرَّرَ لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَجْنَاسُ فَبِيعُوا كَيْفَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُوَرِّثَ بِالْمَوْتِ خَرَجَ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْخِطَابِ مِنْ الْقَبْضِ وَعَدَمِهِ وَالْتَحَقَ بِالْجَمَادَاتِ بِخِلَافِ الْآذِنِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا قَبْضُ الْوَارِثِ) أَيْ ثُمَّ إنْ اتَّحَدَ فَظَاهِرٌ وَإِنْ تَعَدَّدَ اُعْتُبِرَ مُفَارَقَةُ آخِرِهِمْ، وَلَا يَضُرُّ مُفَارَقَةُ بَعْضِهِمْ لِقِيَامِ الْجُمْلَةِ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ فَمُفَارَقَةُ بَعْضِهِمْ كَمُفَارَقَةِ بَعْضِ أَعْضَاءِ الْمُوَرِّثِ لِمَجْلِسِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ حُصُولِ الْإِقْبَاضِ مِنْ الْكُلِّ وَلَوْ بِإِذْنِهِمْ لِوَاحِدٍ يَقْبِضُ عَنْهُمْ، فَلَوْ أَقْبَضَ الْبَعْضَ دُونَ الْبَعْضِ، فَيَنْبَغِي الْبُطْلَانُ فِي حِصَّةِ مَنْ لَمْ يَقْبِضْ كَمَا لَوْ أَقْبَضَ الْمُوَرِّثُ بَعْضَ عِوَضِهِ وَتَفَرَّقَ قَبْلَ قَبْضِ الْبَاقِي (قَوْلُهُ: فِي الْمَجْلِسِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَوْتٍ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الْوَارِثُ فِي مَعْنَى الْمُكْرَهِ: أَيْ بِمَوْتِ مُوَرِّثِهِ (قَوْلُهُ: فِي آخِرِ كَلَامٍ لَهُ) فِي نُسْخَةٍ بَعْدَ مَا ذَكَرَ وَيَكُونُ مَحَلُّ بُلُوغِهِ الْخَبَرَ بِمَنْزِلَةِ مَجْلِسِ الْعَقْدِ، فَإِمَّا أَنْ يُحْضِرَ الْمَبِيعَ لَهُ فِيهِ أَوْ يُوَكِّلَ مَنْ يَقْبِضُهُ قَبْلَ مُفَارَقَتِهِ اهـ. وَنَقَلَ سم عَلَى حَجّ عَنْ مَرَّ مَا يُوَافِقُ هَذِهِ النُّسْخَةَ وَفَرَّقَ وَأَطَالَ فَلْيُرَاجَعْ. وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ وَيَكُونُ إلَخْ: أَيْ وَأَمَّا الْحَيُّ فَيُعْتَبَرُ بَقَاؤُهُ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْعَقْدُ، وَقَوْلُهُ بِمَنْزِلَةِ مَجْلِسِ الْعَقْدِ مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ فَإِمَّا أَنْ يُحْضِرَ الْمَبِيعَ هُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ حَاضِرًا فَإِنْ كَانَ غَائِبًا عَنْ الْبَلَدِ فَمَا حُكْمُهُ رَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: فَقَبَضَ سَيِّدُهُ) أَيْ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْهُ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ حَجّ السَّابِقُ وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا مَجْلِسَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ فَقَبَضَ مُوَكِّلُهُ) أَيْ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَقَوْلُهُ لَا يَكْفِي: أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَقْبِضُ عَنْ نَفْسِهِ لَا عَنْ الْعَاقِدِ، ثُمَّ إنْ حَصَلَ الْقَبْضُ مِنْ الْوَكِيلِ وَالْعَبْدِ فِي الْمَجْلِسِ اسْتَمَرَّتْ الصِّحَّةُ وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ التَّقَابُضِ بَطَلَ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ) يُتَأَمَّلُ أَخْذُ هَذِهِ غَايَةً، وَلَعَلَّهُ دَفَعَ مَا قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّ دَارَ الْحَرْبِ يَتَسَامَحُ فِيهَا لِجَوَازِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ كَانَ) غَايَةً مُرَتَّبَةً عَلَى التَّقَابُضِ الْمُفَسَّرِ بِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ يَعْنِي الْقَبْضَ الْحَقِيقِيَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ يَعْنِي الْقَبْضَ الْحَقِيقِيَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ إلَخْ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَأْكِيدًا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمُسَاوَاةَ فِي الْمِقْدَارِ حَقِيقَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ تَصْدُقُ بِهَا فِي الْجُمْلَةِ وَبِحَسَبِ الْحَزْرِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: قَوْلُ سم وَيَجُوزُ إلَخْ وَجْهُ الْمُغَايَرَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ أَنَّ التَّأْكِيدَ الْغَرَضُ مِنْهُ تَحْقِيقُ الْأَوَّلِ وَإِثْبَاتُهُ، وَقَوْلُهُ وَيَجُوزُ بِمَنْزِلَةِ الصِّفَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَقَبَضَ مُوَكِّلُهُ لَا يَكْفِي) وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ مَا لَمْ يُوَكِّلْهُمَا الْعَبْدَ وَالْوَكِيلَ حَيْثُ كَانَ لَهُمَا التَّوْكِيلُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ) أَيْ وَلَا يُقَالُ: إنَّهُمَا مَأْمُورَانِ بِالْخُرُوجِ مِنْهَا فَهُمَا مُكْرَهَانِ شَرْعًا عَلَى التَّفَرُّقِ وَيُحْتَمَلُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّقَابُضِ وَلَوْ كَانَ الْعَاقِدُ مَعَ حَرْبِيٍّ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَلَا يُقَالُ: إنَّهُ يَجُوزُ لَنَا الِاسْتِيلَاءُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ فَلَا عَقْدَ فِي الْحَقِيقَةِ وَعَلَيْهِ فَهُوَ خَاصٌّ بِمَا إذَا كَانَ الْعَقْدُ مَعَ حَرْبِيٍّ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ: يَجْرِي الرِّبَا فِي دَارِ الْحَرْبِ جَرَيَانَهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ سَوَاءٌ فِيهِ الْكَافِرُ وَالْمُسْلِمُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبَضَا الْبَعْضَ) يَظْهَرُ أَنَّ مِنْهُ مَا لَوْ قَبَضَ أَحَدُهُمَا جَمِيعَ الْبَدَلِ وَالْآخَرُ بَعْضَهُ فَيَصِحُّ فِي ذَلِكَ الْبَعْضِ بِنَظِيرِهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الدِّينَارِ

شِئْتُمْ إنْ كَانَ يَدًا بِيَدٍ» أَيْ مُقَابَضَةً وَمِنْ لَازِمِهَا الْحُلُولُ كَمَا مَرَّ، وَمَا اقْتَضَاهُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْمُقَابَضَةِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْعِلَّةُ أَوْ كَانَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ غَيْرَ رِبَوِيٍّ فَغَيْرُ مُرَادٍ بِالْإِجْمَاعِ، وَالْأَوَّلَانِ شَرْطَانِ لِلصِّحَّةِ ابْتِدَاءً وَالتَّقَابُضُ شَرْطٌ لَهَا دَوَامًا وَمِنْ ثَمَّ ثَبَتَ فِيهِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ، وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ بِالتَّفَرُّقِ إذَا وَقَعَ بِالِاخْتِيَارِ فَلَا أَثَرَ لَهُ مَعَ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّ تَفَرُّقَهُمَا حِينَئِذٍ كَالْعَدَمِ، خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ السُّبْكِيُّ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ، وَالتَّخَايُرُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَهُوَ إلْزَامُ الْعَقْدِ كَالتَّفَرُّقِ فِي الْبُطْلَانِ هُنَا وَإِنْ حَصَلَ الْقَبْضُ بَعْدَهُ فِي الْمَجْلِسِ كَمَا صَحَّحَاهُ هُنَا، وَمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْخِيَارِ مِنْ أَنَّهُمَا لَوْ تَقَابَضَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ لَمْ يَبْطُلْ ضَعِيفٌ، إذْ هُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى رَأْيِ ابْنِ سُرَيْجٍ وَهُوَ لَا يَرَى أَنَّ التَّخَايُرَ بِمَنْزِلَةِ التَّفَرُّقِ، وَمَا جَمَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَإِنَّمَا هُوَ تَضْعِيفٌ لِكَلَامِهِمَا هُنَا؛ وَلَوْ اشْتَرَى مِنْ غَيْرِهِ نِصْفًا شَائِعًا مِنْ دِينَارٍ قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ صَحَّ، وَيُسَلِّمُهُ الْبَائِعُ لَهُ لِيَقْبِضَ النِّصْفَ وَيَكُونُ نِصْفُهُ الثَّانِي أَمَانَةً فِي يَدِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ بِهِ عَلَيْهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَأَعْطَاهُ عَشَرَةً فَوُجِدَتْ زَائِدَةَ الْوَزْنِ ضَمِنَ الزَّائِدَ الْمُعْطِي؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ أَقْرَضَهُ الْبَائِعُ فِي صُورَةِ الشِّرَاءِ تِلْكَ الْخَمْسَةَ بَعْدَ أَنْ قَبَضَهَا مِنْهُ فَاشْتَرَى بِهَا النِّصْفَ الْآخَرَ مِنْ الدِّينَارِ جَازَ كَغَيْرِهَا، وَإِنْ اشْتَرَى كُلَّ الدِّينَارِ مِنْ غَيْرِهِ بِعَشَرَةٍ وَسَلَّمَهُ مِنْهَا خَمْسَةً ثُمَّ اسْتَقْرَضَهَا ثُمَّ رَدَّهَا إلَيْهِ عَنْ الثَّمَنِ بَعْدَ الْعَقْدِ فِي الْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ مَعَ الْعَاقِدِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ إجَازَةٌ وَهِيَ مُبْطِلَةٌ كَمَا مَرَّ، فَكَأَنَّهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُخَصِّصَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اُحْتُمِلَتْ الْمُمَاثَلَةُ الْمُرَادُ وَغَيْرُهُ كَانَ قَوْلُهُ " سَوَاءٌ " كَالنَّعْتِ الْمُخَصِّصِ (قَوْلُهُ أَيْ مُقَابَضَةً) مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَمَا اقْتَضَاهُ) أَيْ الْحَدِيثُ (قَوْلُهُ: غَيْرَ رِبَوِيٍّ) فِي اقْتِضَائِهِ هَذَا نَظَرٌ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الْأَجْنَاسِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِهَذِهِ الْأَجْنَاسِ رِبَوِيَّةٌ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَغَيْرُ مُرَادٍ) هَذَا دَلِيلٌ قَاطِعٌ عَلَى أَنَّ شُمُولَ الْعِبَارَةِ لِغَيْرِ الْمُرَادِ لَا يَقْدَحُ فِي صِحَّتِهَا وَهَذَا مِمَّا يَنْفَعُ الْمُصَنِّفِينَ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلَانِ) الْحُلُولُ وَالْمُمَاثَلَةُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ ثَبَتَ فِيهِ) أَيْ عَقْدُ الرِّبَا (قَوْلُهُ: فَلَا أَثَرَ لَهُ مَعَ الْإِكْرَاهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَضُرُّ مَعَ النِّسْيَانِ وَالْجَهْلِ، وَبِهِ جَزَمَ سم عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ حَيْثُ قَالَ قَوْلُهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ شَامِلٌ لِلتَّفَرُّقِ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ) عِبَارَةُ حَجّ: نَعَمْ التَّفَرُّقُ هُنَا مَعَ الْإِكْرَاهِ مُبْطِلٌ لِضِيقِ بَابِ الرِّبَا، قَالَ سم: قَوْلُهُ مَعَ الْإِكْرَاهِ مُبْطِلٌ، قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: وَكَالْإِكْرَاهِ النِّسْيَانُ كَمَا فِي الْأُمِّ وَالْجَهْلُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ سم فِي النِّسْيَانِ وَالْجَهْلِ، لَكِنْ مَا تَقَدَّمَ لَا يُفِيدُهُ؛ لِأَنَّ مُحَصِّلَهُ أَنَّ قَوْلَهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ شَامِلٌ لَهُ، وَمُجَرَّدُ قَوْلِهِ شَامِلٌ إلَخْ لَا يَقْتَضِي اعْتِمَادَهُ وَلَا أَنَّهُ الْمَنْقُولُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ تَفَرُّقَهُمَا) أَيْ ثَمَّ إذَا زَالَ الْإِكْرَاهُ اُعْتُبِرَ مَوْضِعُهُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَالتَّخَايُرُ) أَيْ وَلَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَهُوَ إلَخْ (قَوْلُهُ: قَبْلَ التَّفَرُّقِ) أَيْ وَبَعْدَ التَّخَايُرِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ بِصَحِيحٍ) مَشَى عَلَيْهِ حَجّ (قَوْلُهُ: بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ) أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: لِيَقْبِضَ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: ضَمِنَ الزَّائِدَ) أَيْ الْقَابِضُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ اسْتَقْرَضَهَا) خَرَجَ مَا لَوْ اسْتَقْرَضَ مِنْهُ غَيْرَهَا ثُمَّ رَدَّهَا إلَيْهِ فَلَا يَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَبَضَ جَمِيعَ الدَّرَاهِمِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ (قَوْلُهُ: بَطَلَ الْعَقْدُ) وَفَارَقَتْ هَذِهِ مَا قَبْلَهَا بِأَنَّ الْمَبِيعَ فِيهَا ثَمَّ نِصْفُ الدِّينَارِ فَقَطْ وَقَدْ قَبَضَ مُقَابِلَهُ، فَإِقْرَاضُهُ لِصَاحِبِهِ وَقَعَ بَعْدَ تَمَامِ الْقَبْضِ لِلْمَبِيعِ فَلَمْ تُؤَثِّرْ الْإِجَازَةُ فِي الْأَوَّلِ وَالثَّانِي عَقْدٌ مُسْتَقِلٌّ، وَلَا كَذَلِكَ الثَّانِيَةُ فَإِنَّ الْإِجَازَةَ فِيهَا قَبْلَ قَبْضِ مَا يُقَابِلُ النِّصْفَ الثَّانِي (قَوْلُهُ: فِي الْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ) أَيْ فِيمَا يُقَابِلُهَا مِنْ الدِّينَارِ وَهُوَ النِّصْفُ وَيَصِيرُ النِّصْفُ الثَّانِي ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمِنْ لَازِمِهَا الْحُلُولُ) أَيْ غَالِبًا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ غَيْرَ رِبَوِيٍّ) لَك أَنْ تَمْنَعَ كَوْنَ هَذَا قَضِيَّةَ الْخَبَرِ مَعَ أَنَّ الْإِشَارَةَ فِيهِ إنَّمَا هِيَ لِخُصُوصِ هَذِهِ الْأَجْنَاسِ. ثُمَّ رَأَيْت الشِّهَابَ سم سَبَقَ إلَى هَذَا الْمَنْعِ

تَفَرَّقَا قَبْلَ التَّقَابُضِ. وَلَا يُقَالُ: تَصَرُّفُ الْبَائِعِ فِيمَا قَبَضَهُ مِنْ الثَّمَنِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ، أَمَّا مَعَ الْعَاقِدِ فَصَحِيحٌ، وَعَلَى الْمُتَعَاقِدَيْنِ إثْمُ تَعَاطِي عَقْدِ الرِّبَا إنْ تَفَرَّقَا عَنْ تَرَاضٍ، فَإِنْ فَارَقَ أَحَدُهُمَا أَثِمَ فَقَطْ (وَالطَّعَامُ) الَّذِي هُوَ بِاعْتِبَارِ قِيَامِ الطُّعْمِ بِهِ أَحَدُ الْعِلَّتَيْنِ فِي الرِّبَا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ مِثْلًا بِمِثْلٍ» وَتَعَلُّقُ الْحُكْمِ بِمُشْتَقٍّ يَدُلُّ عَلَى تَعَلُّقِهِ بِمَا مِنْهُ الِاشْتِقَاقُ (مَا قُصِدَ لِلطُّعْمِ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ مَصْدَرُ طَعِمَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ: أَيْ لِطُعْمِ الْآدَمِيِّ بِأَنْ يَكُونَ أَظْهَرُ مَقَاصِدِهِ تَنَاوُلُ الْآدَمِيِّ لَهُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَضْمُونًا عَلَيْهِ فِي يَدِهِ ضَمَانَ يَدٍ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَقْبُوضًا بِعَقْدٍ صَحِيحٍ ثُمَّ فَسَدَ وَلَيْسَ أَمَانَةً كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: قَبْلَ التَّقَابُضِ) أَيْ فِيمَا يُقَابِلُ النِّصْفَ الثَّانِي (قَوْلُهُ: بَاطِلٌ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ شِرَاءُ النِّصْفِ الثَّانِي فِي الْأُولَى وَلَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي الْخَمْسَةِ الَّتِي قَبَضَهَا فِي الثَّانِيَةِ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْقَرْضِ (قَوْلُهُ: إثْمُ تَعَاطِي عَقْدِ الرِّبَا) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُشْتَرِي مَا لَمْ يُضْطَرَّ إلَيْهِ، فَإِنْ اُضْطُرَّ إلَيْهِ كَانَ الْإِثْمُ عَلَى الْبَائِعِ فَقَطْ وَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ الزِّيَادَةُ (قَوْلُهُ: إنْ تَفَرَّقَا عَنْ تَرَاضٍ) أَيْ مَعَ التَّذَكُّرِ وَالْعِلْمِ، وَهَلَّا جَعَلَ التَّفَرُّقَ قَائِمًا مَقَامَ التَّلَفُّظِ بِالْفَسْخِ حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ انْفِسَاخُ الْعَقْدِ فَيَكُونُ فَسْخًا حُكْمًا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: تَفَرُّقُهُمَا عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمَا تَفَرَّقَا عَلَى نِيَّةِ بَقَاءِ الْعَقْدِ قَائِمًا لِذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَفَرَّقَا أَوْ أَحَدُهُمَا بِقَصْدِ الْفَسْخِ فَلَا إثْمَ وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِمُشْتَقٍّ إلَخْ) إذْ الطَّعَامُ بِمَعْنَى الْمَطْعُومِ اهـ حَجّ. وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ الطَّعَامُ اسْمُ عَيْنٍ فَلَا يَكُونُ مُشْتَقًّا (قَوْلُهُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ) قَالَ عِ أَيْ فَالطُّعْمُ بِالضَّمِّ الْأَكْلُ، وَأَمَّا بِالْفَتْحِ فَهُوَ مَا يُدْرَكُ بِالذَّوْقِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِقَصْدٍ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ مِنْ أَيْنَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ أَظْهَرَ مَقَاصِدِهِ تَنَاوُلُ الْآدَمِيِّ) فَهُوَ مِنْهُ بِالْأَوْلَى مَا إذَا لَمْ يُقْصَدْ إلَّا لِتَنَاوُلِ الْآدَمِيِّ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ أَنَّهُ مِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا قَصَدَ لِلنَّوْعَيْنِ بِشَرْطِهِ الْآتِي، وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا إذَا قُصِدَ لِطُعْمِ الْبَهَائِمِ: أَيْ بِأَنْ كَانَ أَظْهَرَ مَقَاصِدِهِ طُعْمُهَا نَظِيرَ مَا فَسَّرَ بِهِ هُنَا طُعْمَ الْآدَمِيِّ وَحِينَئِذٍ فَيَشْمَلُ صُورَتَيْنِ مَا إذَا لَمْ يُقْصَدْ إلَّا لِطُعْمِهَا وَمَا إذَا كَانَ أَظْهَرَ مَقَاصِدِهِ ذَلِكَ وَكُلٌّ مِنْ الصُّورَتَيْنِ غَيْرُ رِبَوِيٍّ لِشَرْطِهِ الْآتِي فِي كَلَامِهِ فَهَذِهِ خَمْسُ صُوَرٍ بِالنَّظَرِ إلَى الْقَصْدِ، وَيَأْتِي مِثْلُهَا بِالنَّظَرِ إلَى التَّنَاوُلِ كَمَا لَا يَخْفَى بِأَنْ لَا يَتَنَاوَلَهُ إلَّا الْآدَمِيُّونَ أَوْ يَغْلِبَ تَنَاوُلُهُمْ لَهُ أَوْ يَسْتَوِيَ الْأَمْرَانِ أَوْ لَا يَتَنَاوَلَهُ إلَّا الْبَهَائِمُ أَوْ يَغْلِبَ تَنَاوُلُهَا لَهُ، فَيَتَلَخَّصُ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ صُورَةً حَاصِلَةً مِنْ ضَرْبِ خَمْسَةِ الْقَصْدِ فِي خَمْسَةِ التَّنَاوُلِ وَكُلُّهَا تُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ إمَّا بِالْمَنْطُوقِ أَوْ بِمَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ أَوْ الْمُخَالَفَةِ كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ وَكُلُّهَا يَثْبُتُ فِيهَا الرِّبَا إلَّا فِي سِتِّ صُوَرٍ. وَإِيضَاحُ ذَلِكَ أَنَّهُ أَطْلَقَ فِيمَا يَكُونُ أَظْهَرَ مَقَاصِدِهِ تَنَاوُلُ الْآدَمِيِّ لَهُ أَنَّهُ رِبَوِيٌّ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ بِالْأَوْلَى مَا إذَا لَمْ يُقْصَدْ إلَّا لِتَنَاوُلِ الْآدَمِيِّ فَهُمَا صُورَتَانِ بِالنَّظَرِ إلَى الْقَصْدِ تَحْتَهُمَا عَشْرُ صُوَرٍ بِالنَّظَرِ إلَى التَّنَاوُلِ وَكُلُّهَا فِيهِ الرِّبَا، وَذَكَرَ فِيمَا يَسْتَوِي فِيهِ النَّوْعَانِ مِنْ حَيْثُ الْقَصْدُ أَنَّهُ رِبَوِيٌّ بِشَرْطِ عَدَمِ غَلَبَةِ تَنَاوُلِ الْبَهَائِمِ لَهُ فَدَخَلَ فِيهِ مِنْ خَمْسَةِ التَّنَاوُلِ مَا إذَا لَمْ يَتَنَاوَلْهُ غَيْرُ الْآدَمِيِّ وَمَا إذَا غَلَبَ تَنَاوُلُهُ وَمَا إذَا اسْتَوَى الْأَمْرَانِ فَتَبْلُغُ صُوَرُ الرِّبَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ، وَخَرَجَ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فِيهِ مَا إذَا غَلَبَ تَنَاوُلُ الْبَهَائِمِ لَهُ وَمَا إذَا لَمْ يَتَنَاوَلْهُ إلَّا الْبَهَائِمُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، فَهَاتَانِ صُورَتَانِ لَا رِبَا فِيهِمَا، وَذَكَرَ فِي مَطْعُومِ الْبَهَائِمِ أَنَّهُ غَيْرُ رِبَوِيٍّ بِشَرْطِ غَلَبَةِ تَنَاوُلِهَا لَهُ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ قَوْلَهُ فِيهِ إنْ قُصِدَ لِطُعْمِهَا مُنْطَوٍ عَلَى صُورَتَيْنِ مَا إذَا لَمْ يُقْصَدْ إلَّا لَهَا، وَمَا إذَا كَانَ أَظْهَرَ مَقَاصِدِهِ تَنَاوُلُهَا نَظِيرَ مَا مَرَّ لَهُ فِي مَطْعُومِ الْآدَمِيِّ، فَدَخَلَ فِي كُلٍّ مِنْ الصُّورَتَيْنِ مَا إذَا غَلَبَ تَنَاوُلُ الْبَهَائِمِ لَهُ وَمَا إذَا لَمْ يَتَنَاوَلْهُ إلَّا الْبِهَامُ بِالْأَوْلَى، فَهِيَ أَرْبَعُ صُوَرٍ حَاصِلَةٌ مِنْ ضَرْبِ اثْنَيْنِ فِي اثْنَيْنِ تُضَافُ إلَى الصُّورَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ فَتَصِيرُ صُوَرُ عَدَمِ الرِّبَا سِتًّا، وَخَرَجَ فِي صُورَتَيْ مَطْعُومِ الْبَهَائِمِ مَا إذَا لَمْ يَتَنَاوَلْهُ إلَّا الْآدَمِيُّ وَمَا إذَا غَلَبَ تَنَاوُلُهُ لَهُ وَمَا إذَا اسْتَوَى الْأَمْرَانِ. فَيَحْصُلُ سِتُّ صُوَرٍ حَاصِلَةٌ مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَةٍ فِي اثْنَيْنِ

وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْهُ إلَّا نَادِرًا ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلِمَ أَنَّهُ مَقْصُودٌ لِلْآدَمِيِّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْهُ) أَيْ الْآدَمِيُّ إلَّا نَادِرًا: أَيْ بَلْ أَوْ لَمْ يَأْكُلْهُ أَصْلًا لَكِنْ يَبْقَى الْكَلَامُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيهِمَا الرِّبَا تُضَافُ إلَى الثَّلَاثَةَ عَشَرَ الْمُتَقَدِّمَةِ تَصِيرُ صُوَرُ الرِّبَا تِسْعَةَ عَشَرَ وَهِيَ تَمَامُ الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ، وَيَجْمَعُهَا هَذَا الْجَدْوَلُ: مَا اُخْتُصَّ بِهِ الْآدَمِيُّ قَصْدًا وَتَنَاوُلًا رِبَوِيٌّ، مَا اُخْتُصَّ بِهِ الْآدَمِيُّ قَصْدًا وَغَلَبَ فِيهِ وَتَنَاوُلًا رِبَوِيٌّ، مَا اُخْتُصَّ بِهِ الْآدَمِيُّ قَصْدًا وَاسْتَوَى فِيهِ مَعَ غَيْرِهِ تَنَاوُلًا رِبَوِيٌّ، مَا اُخْتُصَّ بِهِ الْآدَمِيُّ قَصْدًا وَغَلَبَ فِيهِ غَيْرُهُ تَنَاوُلًا رِبَوِيٌّ، مَا اُخْتُصَّ بِهِ الْآدَمِيُّ قَصْدًا وَاخْتُصَّ بِهِ غَيْرُهُ تَنَاوُلًا رِبَوِيٌّ، مَا كَانَ أَظْهَرَ مَقَاصِدِهِ الْآدَمِيُّ وَاخْتُصَّ بِهِ تَنَاوُلًا رِبَوِيٌّ، مَا كَانَ أَظْهَرَ مَقَاصِدِهِ الْآدَمِيُّ وَغَلَبَ فِيهِ تَنَاوُلًا رِبَوِيٌّ، مَا كَانَ أَظْهَرَ مَقَاصِدِهِ الْآدَمِيُّ وَاسْتَوَى فِيهِ مَعَ غَيْرِهِ تَنَاوُلًا رِبَوِيٌّ، مَا كَانَ أَظْهَرَ مَقَاصِدِهِ الْآدَمِيُّ وَغَلَبَ فِيهِ غَيْرُهُ تَنَاوُلًا رِبَوِيٌّ، مَا كَانَ أَظْهَرَ مَقَاصِدِهِ الْآدَمِيُّ وَاخْتُصَّ بِهِ غَيْرُهُ تَنَاوُلًا رِبَوِيٌّ، مَا اسْتَوَى فِيهِ النَّوْعَانِ قَصْدًا وَاخْتُصَّ بِهِ الْآدَمِيُّ تَنَاوُلًا رِبَوِيٌّ، مَا اسْتَوَى فِيهِ النَّوْعَانِ قَصْدًا وَغَلَبَ فِيهِ الْآدَمِيُّ تَنَاوُلًا رِبَوِيٌّ، مَا اسْتَوَى فِيهِ النَّوْعَانِ قَصْدًا وَتَنَاوُلًا رِبَوِيٌّ، مَا اسْتَوَى فِيهِ النَّوْعَانِ قَصْدًا وَغَلَبَ فِيهِ غَيْرُ الْآدَمِيِّ تَنَاوُلًا غَيْرُ رِبَوِيٍّ، مَا اسْتَوَى فِيهِ النَّوْعَانِ قَصْدًا وَاخْتُصَّ بِهِ غَيْرُ الْآدَمِيِّ تَنَاوُلًا غَيْرَ رِبَوِيٍّ، مَا اُخْتُصَّ بِهِ غَيْرُ الْآدَمِيِّ قَصْدًا وَتَنَاوُلًا غَيْرُ رِبَوِيٍّ، مَا اُخْتُصَّ بِهِ غَيْرُ الْآدَمِيِّ قَصْدًا وَغَلَبَ فِيهِ تَنَاوُلًا غَيْرُ رِبَوِيٍّ، مَا اُخْتُصَّ بِهِ غَيْرُ الْآدَمِيِّ قَصْدًا وَاسْتَوَى فِيهِ النَّوْعَانِ تَنَاوُلًا رِبَوِيٌّ، مَا اُخْتُصَّ بِهِ غَيْرُ الْآدَمِيِّ قَصْدًا وَغَلَبَ فِيهِ الْآدَمِيُّ تَنَاوُلًا رِبَوِيٌّ، مَا اُخْتُصَّ بِهِ غَيْرُ الْآدَمِيِّ قَصْدًا وَاخْتُصَّ بِهِ الْآدَمِيُّ تَنَاوُلًا رِبَوِيٌّ، مَا كَانَ أَظْهَرَ مَقَاصِدِهِ غَيْرُ الْآدَمِيِّ وَاخْتُصَّ بِهِ غَيْرُ الْآدَمِيِّ تَنَاوُلًا غَيْرَ رِبَوِيٍّ، مَا كَانَ أَظْهَرُ مَقَاصِدِهِ غَيْرَ الْآدَمِيِّ وَغَلَبَ فِيهِ غَيْرُ الْآدَمِيِّ تَنَاوُلًا غَيْرُ رِبَوِيٍّ مَا كَانَ أَظْهَرَ مَقَاصِدِهِ غَيْرُ الْآدَمِيِّ وَاسْتَوَى فِيهِ النَّوْعَانِ تَنَاوُلًا رِبَوِيٌّ، مَا كَانَ أَظْهَرَ مَقَاصِدِهِ غَيْرُ الْآدَمِيِّ وَغَلَبَ فِيهِ الْآدَمِيُّ تَنَاوُلًا رِبَوِيٌّ، مَا كَانَ أَظْهَرُ مَقَاصِدِهِ غَيْرَ الْآدَمِيِّ وَاخْتُصَّ بِهِ الْآدَمِيُّ تَنَاوُلًا رِبَوِيٌّ، هَكَذَا ظَهَرَ لِي مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ فَلْيُحَرَّرْ. وَاعْلَمْ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِمْ قُصِدَ الْآدَمِيُّ مَثَلًا أَنْ يَكُونَ الْآدَمِيُّ يَقْصِدُهُ لِلتَّنَاوُلِ مِنْهُ. وَهَذَا غَيْرُ التَّنَاوُلِ بِالْفِعْلِ وَإِلَّا فَمَا مَعْنَى كَوْنِ الطِّينِ الْأَرْمَنِيِّ مَقْصُودًا لِلْآدَمِيِّ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ قُصِدَ لِلْآدَمِيِّ مَثَلًا أَنَّهُ يَظْهَرُ مِنْ الْحِكْمَةِ الْأَزَلِيَّةِ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَمْ يَخْلُقْ هَذَا إلَّا لِطُعْمِ الْآدَمِيِّ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَحْدَهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ) حَالَانِ

كَالْبَلُّوطِ أَوْ شَارَكَهُ فِيهِ الْبَهَائِمُ (اقْتِيَاتًا) كَبُرٍّ وَحِمَّصٍ وَمَاءٍ عَذْبٍ إذْ هُوَ مَطْعُومٌ، قَالَ تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} [البقرة: 249] بِخِلَافِ الْمَاءِ الْمِلْحِ فَلَا يَكُونُ رِبَوِيًّا، وَالْأَوْجَهُ إنَاطَةُ مُلُوحَتِهِ وَعُذُوبَتِهِ بِالْعُرْفِ (أَوْ تَفَكُّهًا) كَتِينٍ وَزَبِيبٍ وَتَمْرٍ وَغَيْرِهَا مِمَّا يُقْصَدُ بِهِ تَأَدُّمٌ أَوْ تَحَلٍّ أَوْ تَحَرُّفٌ أَوْ تَحَمُّضٌ مِمَّا يَأْتِي كَثِيرٌ مِنْهُ فِي الْأَيْمَانِ فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ الْحَلْوَا (أَوْ تَدَاوِيًا) كَمِلْحٍ وَكُلُّ مَا يَصْلُحُ مِنْ الْبَهَارَاتِ وَالْأَبَازِيرِ وَالْأَدْوِيَةِ كَطِينٍ أَرْمَنِيٍّ وَدُهْنٍ نَحْوُ خِرْوَعٍ وَوَرْدٍ وَلُبَانٍ وَصَمْغٍ وَحَبِّ حَنْظَلٍ وَزَعْفَرَانٍ وَسَقَمُونْيَا لِلْخَبَرِ الْمَارِّ فَإِنَّهُ نَصَّ فِيهِ عَلَى الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُمَا التَّقَوُّتُ فَأَلْحَقَ بِهِمَا مَا فِي مَعْنَاهُمَا كَالْأَرُزِّ وَالذُّرَةِ وَعَلَى التَّمْرِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ التَّفَكُّهُ وَالتَّأَدُّمُ فَأُلْحِقَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ كَالتِّينِ وَالزَّبِيبِ وَعَلَى الْمِلْحِ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ الْإِصْلَاحُ فَأُلْحِقَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي الْعِلْمِ بِكَوْنِ أَظْهَرَ مَقَاصِدِهِ الطُّعْمَ حَيْثُ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ الْآدَمِيُّ إلَّا نَادِرًا أَوْ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ أَصْلًا مِنْ أَيْنَ يُؤْخَذُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ حَيْثُ الْمَنَافِعُ الَّتِي اشْتَمَلَ عَلَيْهَا كَكَوْنِهِ قُوتَا، فَيُعْلَمُ أَنَّ الِاقْتِيَاتَ مِنْهُ هُوَ الْمَقْصُودُ فَلَا يَضُرُّ فِي كَوْنِهِ مَقْصُودًا لِلْآدَمِيِّ اخْتِصَاصُ الْبَهَائِمِ بِهِ أَوْ غَلَبَةُ تَنَاوُلِهِمْ لَهُ (قَوْلُهُ كَالْبَلُّوطِ) وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الْآنَ بِتَمْرِ الْفُؤَادِ، وَهُوَ يُشْبِهُ الْبَلَحَ فِي الصُّورَةِ (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ مَطْعُومٌ) أَيْ لُغَةً فَفِي الْمِصْبَاحِ وَيَقَعُ: أَيْ الطُّعْمُ بِمَعْنَى الْمَطْعُومِ عَلَى كُلِّ مَا يُسَاغُ حَتَّى عَلَى الْمَاءِ وَذَوْقِ الشَّيْءِ. ثُمَّ قَالَ: وَفِي الْعُرْفِ الطَّعَامُ: اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ مِثْلُ الشَّرَابِ اسْمٌ لِمَا يُشْرَبُ (قَوْلُهُ بِالْعُرْفِ) الْمُرَادُ بِالْعُرْفِ عُرْفُ بَلَدِ الْعَقْدِ حَجّ، وَالْمُرَادُ بِبَلَدِ الْعَقْدِ مَحَلَّتُهُ بَلَدًا كَانَ أَوْ غَيْرَهَا. وَقَالَ سم عَلَيْهِ: قَوْلُهُ بَلَدِ الْعَقْدِ: أَيْ وَإِنْ لَزِمَ أَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يَكُونُ رِبَوِيًّا فِي بَلَدٍ وَغَيْرَ رِبَوِيٍّ فِي آخَرَ، وَلَا يَخْلُو مِنْ غَرَابَةٍ وَنَظَرٍ اهـ. أَيْ فَالْأَوْلَى مَا قَالَهُ مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُرْفِ الْعُرْفُ الْعَامُّ كَأَنْ يُقَالَ: الْعَذْبُ: مَا يُسَاغُ عَادَةً مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى مَحَلَّةٍ دُونَ أُخْرَى (قَوْلُهُ: الْحَلْوَا) بِالْقَصْرِ وَالْمَدِّ، وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: الْحَلْوَا الَّتِي تُؤْكَلُ تُمَدُّ وَتُقْصَرُ، وَجَمْعُ الْمَمْدُودِ حَلَاوِي مِثْلُ صَحَارِي وَصَحَارِيٌّ بِالتَّشْدِيدِ، وَجَمْعُ الْمَقْصُورِ حَلَاوَى بِفَتْحِ الْوَاوِ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الْحَلْوَا اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ مِنْ الطَّعَامِ إذَا كَانَ مُعَالَجًا بِحَلَاوَةٍ اهـ (قَوْلُهُ: كَمِلْحٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَائِيًّا أَوْ جَبَلِيًّا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُقْصَدُ لِلْإِصْلَاحِ فَهُمَا كَالْبُرِّ الْبُحَيْرِيِّ وَالصَّعِيدِيِّ (قَوْلُهُ: وَكُلُّ مَا يُصْلِحُ) أَيْ الْبَدَنَ (قَوْلُهُ: مِنْ الْبَهَارَاتِ) فِي الْمِصْبَاحِ: وَالْبَهَارُ وَازِنُ سَلَامٍ الطِّيبُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِأَزْهَارِ الْبَادِيَةِ بَهَارٌ. قَالَ ابْنُ سَيِّدَهُ: وَالْبُهَارُ بِالضَّمِّ: شَيْءٌ يُوزَنُ بِهِ اهـ. وَفِي الْمُخْتَارِ: وَالْبَهَارُ بِالْفَتْحِ: الْعَرَارُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ عَيْنُ الْبَقَرِ، وَهُوَ بَهَارُ الْبُرِّ، وَهُوَ نَبْتٌ جَعْدٌ وَتُفَّاحَةٌ صَفْرَاءُ يَنْبُتُ أَيَّامَ الرَّبِيعِ يُقَالُ لَهُ الْعَرَارَةُ اهـ. وَمِنْهُمَا يُعْلَمُ أَنَّ الزَّنْجَبِيلَ لَا يُسَمَّى بَهَارًا، وَهُوَ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ عُرْفُ النَّاسِ (قَوْلُهُ: والْأَبَارِيزِ) وَمِنْهَا الْحُلْبَةُ الْيَابِسَةُ بِخِلَافِ الْحُلْبَةِ الْخَضْرَاءِ كَذَا بِهَامِشٍ، وَعَلَيْهِ فَمِثْلُهَا الْكَبَرُ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْصِيلِ فِيمَا يَظْهَرُ، لَكِنَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ فِي أَوَاخِرِ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ قُبَيْلَ وَيُرَخَّصُ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا نَصُّهَا: وَلِهَذَا لَوْ بَاعَ زَرْعًا غَيْرَ رِبَوِيٍّ قَبْلَ ظُهُورِ الْحَبِّ بِحَبٍّ أَوْ بُرًّا صَافِيًا بِشَعِيرٍ وَتَقَابَضَا فِي الْمَجْلِسِ جَازَ إذْ لَا رِبًا، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ رِبَوِيًّا كَأَنْ اُعْتِيدَ أَكْلُهُ كَالْحُلْبَةِ امْتَنَعَ بَيْعُهُ بِحَبِّهِ وَبِهِ جَزَمَ الزَّرْكَشِيُّ، وَمِثْلُ الْبَهَارَاتِ وَالْأَبَازِيرِ غَيْرُهُمَا بِدَلِيلِ مَا مَثَّلَ بِهِ مِنْ الطِّينِ وَمَا مَعَهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْبَهَارَاتِ وَلَا الْأَبَازِيرِ مَعَ كَوْنِهِ رِبَوِيًّا لَكِنَّهُ مِنْ الْأَدْوِيَةِ (قَوْلُهُ: خِرْوَعٍ) وَازِنُ مِقْوَدٍ اهـ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ: وَوَرْدٍ) أَيْ وَدُهْنِ وَرْدٍ. أَمَّا الْخِرْوَعُ وَالْوَرْدُ وَمَاؤُهُ فَلَيْسَتْ رِبَوِيَّةً؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُقْصَدْ لِلطَّعْمِ اهـ حَجّ وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَى حُكْمِ بَقِيَّةِ الْمِيَاهِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا رِبَوِيَّةٌ؛ لِأَنَّهَا تُقْصَدُ لِلتَّدَاوِي (قَوْلُهُ فَأُلْحِقَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ) . ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ فِي لَهُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ عِبَارَةِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهَا.

كَالْمُصْطَكَى وَالسَّقَمُونْيَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا يُصْلِحُ الْغِذَاءَ أَوْ يُصْلِحُ الْبَدَنَ فَإِنَّ الْأَغْذِيَةَ لِحِفْظِ الصِّحَّةِ وَالْأَدْوِيَةَ لِرَدِّهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرُوا الدَّوَاءَ فِيمَا يَتَنَاوَلُهُ الطَّعَامُ فِي الْأَيْمَانِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَنَاوَلُهُ فِي الْعُرْفِ الْمَبْنِيَّةِ هِيَ عَلَيْهِ وَلَا رِبَا فِي الْحَيَوَانِ مُطْلَقًا، وَإِنْ جَازَ بَلْعُهُ كَصِغَارِ السَّمَكِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ لِلْأَكْلِ عَلَى هَيْئَتِهِ، وَأَشَارَ بِقَصْدِ إلَى أَنَّهُ لَا رِبَا فِيمَا يَجُوزُ أَكْلُهُ وَلَكِنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ كَعَظْمٍ رَخْوٍ وَأَطْرَافِ قُضْبَانِ عِنَبٍ وَجُلُودٍ لَا تُؤْكَلُ غَالِبًا بِأَنْ خَشُنَتْ وَغَلُظَتْ وَمَطْعُومِ بَهَائِمَ إنْ قُصِدَ لِطَعْمِهَا وَغَلَبَ تَنَاوُلُهَا لَهُ كَعَلَفٍ رَطْبٍ قَدْ يَتَنَاوَلُهُ الْآدَمِيُّ، فَإِنْ قُصِدَ لِلنَّوْعَيْنِ فَرِبَوِيٌّ إلَّا إنْ غَلَبَ تَنَاوُلُ الْبَهَائِمِ لَهُ فِيمَا يَظْهَرُ، فَعُلِمَ مِنْ هَذَا كَقَوْلِنَا السَّابِقِ بِأَنْ يَكُونَ أَظْهَرُ مَقَاصِدِهِ إلَى آخِرِهِ أَنَّ الْفُولَ رِبَوِيٌّ. بَلْ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ: إنَّ النَّصَّ عَلَى الشَّعِيرِ يُفْهِمُهُ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ، وَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ الْمُشَاحَّةِ فِي كَوْنِ الْفُولِ مِمَّا غَلَبَ تَنَاوُلُ الْبَهَائِمِ لَهُ، مَحْمُولٌ عَلَى بِلَادٍ غَلَبَ فِيهَا لِئَلَّا يُخَالِفَ كَلَامَ الْأَصْحَابِ (وَأَدِقَّةُ الْأُصُولِ الْمُخْتَلِفَةِ الْجِنْسِ وَخُلُولُهَا وَأَدْهَانُهَا) بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى الْأَدِقَّةِ (أَجْنَاسُ) لِأَنَّهَا فُرُوعٌ لِأُصُولٍ مُخْتَلِفَةٍ فَأُعْطِيَتْ حُكْمَ أُصُولِهَا فَيَجُوزُ بَيْعُ دَقِيقِ الْبُرِّ بِدَقِيقِ الشَّعِيرِ، ثُمَّ كُلُّ خَلَّيْنِ لَا مَاءَ فِيهِمَا وَاتَّحَدَ جِنْسَيْهِمَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا الْمُمَاثَلَةُ، وَكُلُّ خَلَّيْنِ فِيهِمَا مَاءٌ لَا يُبَاعُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُمَا مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ وَكُلُّ خَلَّيْنِ فِي أَحَدِهِمَا مَاءٌ إنْ اتَّحَدَا الْجِنْسَ لَمْ يُبَعْ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ لِمَنْعِ الْمَاءِ لِلْمُمَاثَلَةِ وَإِلَّا بِيعَ وَخَرَجَ بِالْمُخْتَلِفَةِ الْجِنْسِ الْمُتَّحِدَةُ الْجِنْسِ كَأَدِقَّةِ أَنْوَاعِ الْبُرِّ فَهِيَ جِنْسٌ وَاحِدٌ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يُبَاعُ بَعْضُ ذَلِكَ بِبَعْضٍ وَلَوْ بِقَدْرِهِ لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ وَبِأَدْهَانِهَا دُهْنُ نَحْوِ الْوَرْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــS [فَرْعٌ] اُنْظُرْ التُّرْمُسَ هَلْ هُوَ رِبَوِيٌّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ رِبَوِيًّا؛ لِأَنَّهُ يُؤْكَلُ بَعْدَ نَقْعِهِ فِي الْمَاءِ وَأَظُنُّهُ يُتَدَاوَى بِهِ قَبْلُ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَمِثْلُهُ الْقُرْطُمُ اهـ دَمِيرِيٌّ. وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الْقُرْطُمِ دُهْنُهُ وَدُهْنُ الْخَسِّ والثَّلْجَمِ (قَوْلُهُ: كَالْمُصْطَكَى) بِضَمِّ الْمِيمِ وَالْقَصْرِ اهـ (قَوْلُهُ: وَالسَّقَمُونْيَا) بِخِلَافِ دُهْنِ السَّمَكِ وَالْكَتَّانِ؛ لِأَنَّهُمَا يُعَدَّانِ لِلِاسْتِصْبَاحِ دُونَ الْأَكْلِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ الشَّرَفِ الْمُنَاوِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ النَّطْرُونِ هَلْ هُوَ رِبَوِيٌّ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ رِبَوِيٌّ؛ لِأَنَّهُ يُقْصَدُ بِهِ الْإِصْلَاحُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ فَلْيُرَاجَعْ. أَقُولُ: وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ فَإِنَّا لَا نَعْلَمُ أَيَّ إصْلَاحٍ يُرَادُ مِنْهُ مِمَّا هُوَ مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْمَطْعُومِ مِنْ الِاقْتِيَاتِ وَالتَّفَكُّهِ وَالتَّأَدُّمِ وَالتَّدَاوِي، وَاَلَّذِي يُسْتَعْمَلُ فِيهِ إنَّمَا هُوَ عَلَى سَبِيلِ الْغِشِّ فِي الْبِضَاعَةِ الَّتِي يُضَافُ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَلَا رِبًا فِي الْحَيَوَانِ مُطْلَقًا) أَيْ مَأْكُولًا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْحَيِّ (قَوْلُهُ كَصِغَارِ السَّمَكِ) أَيْ وَالْجَرَادِ (قَوْلُهُ: وَأَطْرَافِ قُضْبَانِ عِنَبٍ) وَمِثْلُهَا وَرَقُهُ وَمِثْلُهَا أَيْضًا أَطْرَافُ قُضْبَانِ الْعُصْفُرِ (قَوْلُهُ: كَعَلَفٍ رَطْبٍ) كَالْبِرْسِيمِ. [فَرْعٌ] قَالَ مَرَّ: الْمَطْعُومَاتُ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ: مَا يَخْتَصُّ بِالْآدَمِيِّينَ: أَيْ مِنْ حَيْثُ الْقَصْدِ، مَا يَغْلِبُ، مَا يَسْتَوِي فِيهِ الْآدَمِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ، مَا يَخْتَصُّ بِغَيْرِهِمْ، مَا يَغْلِبُ فِي غَيْرِهِمْ، فَالثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ فِيهَا الرِّبَا، وَالْبَاقِيَانِ لَا رِبًا فِيهِمَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى بِلَادٍ غَلَبَ فِيهَا إلَخْ) هَذَا يُؤَدِّي إلَى أَنَّ الشَّيْءَ يَكُونُ رِبَوِيًّا فِي بَعْضِ الْبِلَادِ دُونَ بَعْضٍ وَهُوَ مُشْكِلٌ. قَالَ سم عَلَى حَجّ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذُكِرَ: وَلَا يَخْلُو عَنْ غَرَابَةٍ وَنَظَرٍ اهـ. وَقَدْ يُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى أَنَّ هَذَا فِي مُقَابَلَةِ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ الْمُشَاحَّةِ عَلَى مَعْنَى أَنَّ غَلَبَةَ تَنَاوُلِ الْبَهَائِمِ الْفُولَ مَمْنُوعَةٌ، وَلَئِنْ سَلَّمَ ذَلِكَ فَمَا اسْتَنَدْت إلَيْهِ مِنْ الْغَلَبَةِ إنَّمَا هُوَ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ وَلَا اعْتِبَارَ لِذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ فَالْفُولُ رِبَوِيٌّ دَائِمًا. (قَوْلُهُ: فِيهِمَا مَاءٌ) أَيْ رِبَوِيٌّ اهـ عِرَاقِيٌّ (قَوْلُهُ: لَا يُبَاعُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ مُطْلَقًا) أَيْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: لِمَنْعِ الْمَاءِ إلَخْ) وَمَحَلُّهُ إنْ كَانَ الْمَاءُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِدَقِيقِ الشَّعِيرِ) أَيْ مُطْلَقًا وَلَوْ مُتَفَاضِلًا (قَوْلُهُ: وَكُلُّ خَلَّيْنِ فِيهِمَا مَاءٌ) أَيْ عَذْبٌ.

وَالْبَنَفْسَجِ فَكُلُّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ أَصْلَهَا الشَّيْرَجُ وَقَوْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ: يَجُوزُ بَيْعُ دُهْنِ الْبَنَفْسَجِ بِدُهْنِ الْوَرْدِ مُتَفَاضِلًا يُحْمَلُ عَلَى دُهْنَيْنِ اخْتَلَفَ أَصْلَاهُمَا وَإِنْ لَمْ يُعْهَدْ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الشَّيْرَجِ (وَاللُّحُومُ وَالْأَلْبَانُ) وَالْأَسْمَانُ وَالْبُيُوضُ كُلٌّ مِنْهَا (كَذَلِكَ) أَيْ أَجْنَاسٌ (فِي الْأَظْهَرِ) كَأُصُولِهَا فَيَجُوزُ بَيْعُ لَحْمِ أَوْ لَبَنِ الْبَقَرِ بِلَحْمِ أَوْ لَبَنِ الضَّأْنِ مُتَفَاضِلًا وَلَحْمِ وَلَبَنِ الْجَوَامِيسِ مَعَ الْبَقَرِ وَالضَّأْنِ مَعَ الْمَعْزِ جِنْسٌ. وَالثَّانِي أَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الِاسْمِ الَّذِي لَا يَقَعُ التَّمْيِيزُ بَعْدَهُ إلَّا بِالْإِضَافَةِ، فَأَشْبَهَتْ أَنْوَاعَ الثِّمَارِ كَالْمَعْقِلِيِّ وَالْبَرْنِيِّ، وَلَيْسَ مِنْ الْبَقَرِ الْبَقَرُ الْوَحْشِيُّ؛ لِأَنَّ الْوَحْشِيَّ وَالْإِنْسِيَّ مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ جِنْسَانِ. أَمَّا لَحْمُ الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ بَقَرٍ وَغَنَمٍ مَثَلًا فَهَلْ يُجْعَلُ جِنْسًا بِرَأْسِهِ أَوْ يُجْعَلُ مَعَ لَحْمِ أَبَوَيْهِ كَالْجِنْسِ الْوَاحِدِ احْتِيَاطًا فَيَحْرُمُ بَيْعُ لَحْمِهِ بِلَحْمِهِمَا مُتَفَاضِلًا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ، وَيَظْهَرُ الثَّانِي لِضِيقِ بَابِ الرِّبَا. وَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ وَالْقَلْبُ وَالْكَرِشُ وَالرِّئَةُ وَالْمُخُّ أَجْنَاسٌ وَلَوْ مِنْ حَيَوَانٍ وَاحِدٍ لِاخْتِلَافِ أَسْمَائِهَا وَصِفَاتِهَا، وَشَحْمُ الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ وَاللِّسَانُ وَالرَّأْسُ وَالْأَكَارِعُ أَجْنَاسٌ، وَالْجَرَادُ لَيْسَ بِلَحْمٍ، وَالْبِطِّيخُ الْأَصْفَرُ وَالْأَخْضَرُ وَالْخِيَارُ وَالْقِثَّاءُ أَجْنَاسٌ (وَالْمُمَاثَلَةُ تُعْتَبَرُ فِي الْمَكِيلِ) كَلَبَنٍ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهِ وَإِنْ تَفَاوَتَ بَعْضُهَا وَزْنًا كَحَلِيبٍ بِرَائِبٍ كَالْبُرِّ الصَّلْبِ بِالرَّخْوِ وَحَبٌّ وَتَمْرٌ وَخَلٌّ وَعَصِيرٌ وَدُهْنٌ مَائِعٌ لَا جَامِدٌ، أَمَّا قَطْعُ الْمِلْحِ الْكِبَارِ الْمُتَجَافِيَةِ فِي الْمِكْيَالِ فَمَوْزُونَةٌ وَإِنْ أَمْكَنَ سَحْقُهَا (كَيْلًا) وَإِنْ كَانَ بِمَا لَا يُعْتَادُ كَقَصْعَةٍ (وَ) فِي (الْمَوْزُونِ) كَنَقْدٍ وَعَسَلٍ وَدُهْنٍ جَامِدٍ (وَزْنًا) وَلَوْ بِقَبَّانٍ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِ الْمَكِيلِ بِبَعْضٍ وَزْنًا، وَلَا بَيْعُ بَعْضِ الْمَوْزُونِ بِبَعْضٍ كَيْلًا وَإِنْ كَانَ الْوَزْنُ أَضْبَطَ، إذْ الْغَالِبُ فِي بَابِ الرِّبَا التَّعَبُّدُ وَمِنْ ثَمَّ كَفَى الْوَزْنُ بِالْمَاءِ فِي نَحْوِ الزَّكَاةِ وَأَدَاءُ الْمُسْلِمِ فِيهِ لَا هُنَا، وَلَا يَضُرُّ مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْكَيْلِ التَّفَاوُتُ وَزْنًا وَلَا عَكْسُهُ، وَيُؤَثِّرُ قَلِيلُ نَحْوِ تُرَابٍ فِي وَزْنٍ لَا كَيْلٍ (وَالْمُعْتَبَرُ) فِي كَوْنِ الشَّيْءِ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا (غَالِبُ عَادَةِ الْحِجَازِ) (فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) لِظُهُورِ أَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَأَقَرَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSرِبَوِيًّا؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ حِينَئِذٍ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ (قَوْلُهُ وَالْبَنَفْسَجِ) هُوَ كَسَفَرْجَلِ (قَوْلُهُ: فَكُلُّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ) أَيْ فَيُبَاعُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ إنْ عُلِمَتْ الْمُمَاثَلَةُ، وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفِي حُبُوبِ الدُّهْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ أَصْلَهَا الشَّيْرَجُ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الشَّيْرَجُ مُعَرَّبٌ مِنْ شيره وَهُوَ دُهْنُ السِّمْسِمِ. وَرُبَّمَا قِيلَ لِلدُّهْنِ الْأَبْيَضِ وَلِلْعَصِيرِ قَبْلَ أَنْ يَتَغَيَّرَ شَيْرَجٌ تَشْبِيهًا بِهِ لِصَفَائِهِ وَهُوَ بِفَتْحِ الشِّينِ مِثَالُ زَيْنَبَ وَصَيْقَلَ وَعَيْطَلَ. وَهَذَا الْبَابُ بِاتِّفَاقٍ مُلْحَقٌ بِبَابِ فَعْلَلٌّ نَحْوُ جَعْفَرٍ، وَلَا يَجُوزُ كَسْرُ الشِّينِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مِنْ بَابِ دِرْهَمَ وَهُوَ قَلِيلٌ وَمَعَ قِلَّتِهِ فَأَمْثِلَتُهُ مَحْصُورَةٌ وَلَيْسَ هَذَا مِنْهَا (قَوْلُهُ: اخْتَلَفَ أَصْلَاهُمَا) أَيْ كَشَيْرَجٍ وَزَيْتٍ (قَوْلُهُ: مَعَ لَحْمِ أَبَوَيْهِ) أَيْ لَحْمِ كُلٍّ مِنْ أَبَوَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ الثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ أَوْ يُجْعَلُ وَظَاهِرُهُ أَيْ وَإِنْ اشْتَدَّ شَبَهُهُ بِأَحَدِهِمَا فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ. وَبَقِيَ مَا لَمْ تَوَلَّدْ أَحَدُهُمَا بَيْنَ بَقَرٍ وَغَنَمٍ وَالثَّانِي بَيْنَ بَقَرٍ وَإِبِلٍ فَهَلْ هُمَا كَالْجِنْسِ الْوَاحِدِ أَوْ كَجِنْسَيْنِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ: يَحْرُمُ بَيْعُهُ مُتَفَاضِلًا بِمَا شَارَكَهُ فِي أَحَدِ أَصْلَيْهِ، فَيَحْرُمُ بَيْعُ لَحْمِ الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ بَقَرٍ وَإِبِلٍ بِلَحْمِ الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ بَقَرٍ وَغَنَمٍ وَلَا يَحْرُمُ بَيْعُ لَحْمِهِ بِلَحْمِ الْغَنَمِ الْخَالِصِ؛ لِأَنَّ الْغَنَمَ لَمْ تُشَارِكْ الْمُتَوَلِّدَ بَيْنَ وَاحِدٍ مِنْ أَصْلَيْهِ، وَكَذَا يَحْرُمُ بَيْعُ الْمُتَوَلِّدِ مِنْ بَقَرٍ وَغَنَمٍ بِالْبَقَرِ. وَلَا يَحْرُمُ بَيْعُهُ بِلَحْمِ الْإِبِلِ. وَأَمَّا الْفَرْعَانِ الْمُتَوَلِّدُ أَحَدِهِمَا مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْآخَرُ مِنْ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ فَيَحْرُمُ بَيْعُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِلَحْمِ الْآخَرِ مُتَفَاضِلًا (قَوْلُهُ: وَالْأَكَارِعُ أَجْنَاسٌ) أَيْ وَلَوْ مِنْ حَيَوَانٍ وَاحِدٍ أَيْضًا (قَوْلُهُ لَيْسَ بِلَحْمٍ) أَيْ مَا دَامَ حَيًّا فَيُبَاعُ بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا (قَوْلُهُ: كَالْبُرِّ الصَّلْبِ بِالرَّخْوِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَتَنَاهَ نُضْجُهُ بِأَنْ جَفَّ وَلَمْ يَتَنَاهَ نُضْجُهُ (قَوْلُهُ لَا جَامِدٌ) أَيْ أَمَّا هُوَ فَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ الْوَزْنُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: جَامِدٌ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْعَسَلِ وَالدُّهْنِ (قَوْلُهُ: غَالِبُ عَادَةِ الْحِجَازِ) وَالْحِجَازُ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ، وَالْيَمَامَةُ مَدِينَةٌ عَلَى أَرْبَعِ مَرَاحِلَ مِنْ مَكَّةَ وَمَرْحَلَتَيْنِ وَمِنْ الطَّائِفِ وَقُرَاهَا: أَيْ الثَّلَاثَةِ كَالطَّائِفِ وَجُدَّةَ وَخَيْبَرَ وَالْيَنْبُعِ اهـ مَتْنُ الْمِنْهَاجِ وَشَرْحُهُ لِلشَّارِحِ فِي بَابِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[المماثلة تعتبر في المكيل]

فَلَا عِبْرَةَ بِمَا أُحْدِثَ بَعْدَهُ (وَمَا) لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْعَهْدِ أَوْ كَانَ وَ (جُهِلَ) حَالُهُ وَلَوْ لِنِسْيَانٍ أَوْ كَانَ وَلَمْ يَكُنْ بِالْحِجَازِ أَوْ اُسْتُعْمِلَ الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ فِيهِ سَوَاءٌ أَوْ لَمْ يُسْتَعْمَلَا فِيهِ أَوْ غَلَبَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَتَعَيَّنْ يُعْتَبَرُ فِيهِ عُرْفُ الْحِجَازِ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، لَكِنَّ تَعْلِيلَ الْأَصْحَابِ السَّابِقَ يُخَالِفُهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِيهِ عُرْفٌ فَإِنْ كَانَ أَكْبَرَ مِنْ التَّمْرِ الْمُعْتَدِلِ فَمَوْزُونٌ جَزْمًا إذْ لَمْ يُعْهَدْ فِي ذَلِكَ الْعَهْدِ الْكَيْلُ فِي ذَلِكَ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ كَاللَّوْزِ، أَوْ دُونَهُ فَأَمْرُهُ مُحْتَمَلٌ، لَكِنَّ قَاعِدَةَ أَنَّ مَا لَمْ يُحَدُّ شَرْعًا يُحَكَّمُ فِيهِ الْعُرْفُ قَاضِيَةٌ بِأَنَّهُ (تُرَاعَى فِيهِ عَادَةُ بَلَدِ الْبَيْعِ) حَالَةَ الْبَيْعِ فَإِنْ اخْتَلَفَ اُعْتُبِرَ فِيهِ الْأَغْلَبُ فِيمَا يَظْهَرُ، فَإِنْ فُقِدَ الْأَغْلَبُ أُلْحِقَ بِالْأَكْثَرِ بِهِ شَبَهًا، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ جَازَ فِيهِ الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ (وَقِيلَ الْكَيْلُ) إذْ أَغْلَبُ مَا وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ مَكِيلٌ (وَقِيلَ الْوَزْنُ) لِأَنَّهُ أَحْصَرُ وَأَقَلُّ تَفَاوُتًا (وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ) لِلتَّسَاوِي (وَقِيلَ إنْ كَانَ لَهُ أَصْلٌ) مَعْلُومُ الْمِعْيَارِ (اُعْتُبِرَ أَصْلُهُ) فَعَلَيْهِ دُهْنُ السِّمْسِمِ مَكِيلٌ وَدُهْنُ اللَّوْزِ مَوْزُونٌ، كَذَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَرْجُوحِ وَإِنْ كَانَ مُوهِمًا إذْ الْأَصَحُّ أَنَّ اللَّوْزَ مَكِيلٌ فَدُهْنُهُ كَذَلِكَ (وَالنَّقْدُ بِالنَّقْدِ) أَيْ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَإِنْ كَانَا غَيْرَ مَضْرُوبَيْنِ، وَعِلَّةُ الرِّبَا فِيهِ جَوْهَرِيَّةُ الثَّمَنِ فَلَا رِبَا فِي الْفُلُوسِ وَلَوْ رَاجَتْ (كَطَعَامٍ بِطَعَامٍ) فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ فَفِي ذَهَبٍ بِمِثْلِهِ أَوْ فِضَّةٍ بِمِثْلِهَا تُعْتَبَرُ الثَّلَاثَةُ وَفِي أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ يُعْتَبَرُ شَرْطَانِ وَهَذَا يُسَمَّى صَرْفًا، وَقُدِّمَ الْكَلَامُ عَلَى الطَّعَامِ عَلَى الْكَلَامِ عَلَى النَّقْدِ عَكْسُ الْوَارِدِ فِي الْخَبَرِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الطَّعَامِ أَكْثَرُ فَقُدِّمَ لِذَلِكَ، وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إنَّ تَقْدِيمَ مَا يَقِلُّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ أَوْلَى فَإِنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ الْمَقَاصِدِ، وَلَا فَرْقَ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ بَيْنَ كَوْنِ الْعِوَضَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ أَوْ فِي الذِّمَّةِ أَوْ أَحَدِهِمَا مُعَيَّنًا وَالْآخَرُ فِي الذِّمَّةِ كَبِعْتُكَ هَذَا بِمَا صِفَتُهُ كَذَا ثُمَّ يُعَيِّنُ وَيَقْبِضُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ، وَيَجُوزُ إطْلَاقُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ إذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ غَالِبٌ مُنْضَبِطٌ (وَلَوْ) (بَاعَ) طَعَامًا أَوْ نَقْدًا بِجِنْسِهِ وَقَدْ سَاوَاهُ فِي مِيزَانٍ وَنَقَصَ عَنْهُ فِي أُخْرَى أَوْ (جِزَافًا) بِتَثْلِيثِ الْجِيمِ وَاقْتِصَارُ الشَّارِحِ هُنَا عَلَى كَسْرِهَا لِأَنَّهُ أَفْصَحُ وَإِلَّا فَقَدْ ضَبَطَهَا بِالتَّثْلِيثِ فِي الشُّفْعَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْجِزْيَةِ (قَوْلُهُ: وَمَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْعَهْدِ) أَيْ لَا فِي الْحِجَازِ وَلَا غَيْرِهَا بَلْ حَدَثٌ لَا يُنَافِي قَوْلَهُ أَوْ كَانَ وَلَمْ يَكُنْ بِالْحِجَازِ (قَوْلُهُ: يُعْتَبَرُ فِيهِ عُرْفُ الْحِجَازِ) يَعْنِي الْآنَ فَلَا يُنَافِي أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ صُوَرِهِ كَوْنُهُ غَيْرَ مَوْجُودٍ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُقَيِّدْ هَذَا وَلَا مَا عُهِدَ فِيهِ شَيْءٌ فِي عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَدْرٍ مِنْ التَّمْرِ وَلَا غَيْرِهِ، وَلَكِنَّ قَوْلَهُ بَعْدَ إذْ لَمْ يُعْلَمْ فِي ذَلِكَ الْعَهْدِ إلَخْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا كِيلَ فِي عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ كَانَ عُرْفَ الْحِجَازِ فِيهِ ذَلِكَ لَا يَزِيدُ عَلَى قَدْرِ التَّمْرِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: تَعْلِيلُ الْأَصْحَابِ السَّابِقِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِظُهُورِ أَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَمَوْزُونٌ جَزْمًا) وَمِنْهُ اللَّيْمُونُ فَالْعِبْرَةُ فِيهِ بِالْوَزْنِ (قَوْلُهُ: يَحْكُمُ فِيهِ الْعُرْفُ) ظَاهِرٌ فِي أَنَّ اللُّغَةَ مُؤَخَّرَةٌ عَنْ الْعُرْفِ، وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ جَازَ فِيهِ الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ) وَيَظْهَرُ فِي مُتَبَايِعَيْنِ بِطَرَفَيْ بَلَدَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْعَادَةِ التَّخْيِيرُ أَيْضًا اهـ حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: لَوْ تَبَايَعَا كَذَلِكَ شَيْئًا بِنَقْدٍ مَعَ اخْتِلَافِ نَقْدِ الْبَلَدَيْنِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ نَقْدُ بَلَدِ الْإِيجَابِ أَوْ الْقَبُولِ أَوْ يَجِبُ التَّعْيِينُ اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؟ أَقُولُ: الْأَقْرَبُ وُجُوبُ التَّعْيِينِ، وَيُحْتَمَلُ اعْتِبَارُ بَلَدِ الْمُبْتَدِئِ بِالصِّيغَةِ مُوجِبًا كَانَ أَوْ قَابِلًا؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ يُحْمَلُ عَلَى عُرْفِهِ الْمُطَّرِدِ فَيَكُونُ الْجَوَابُ لِمَا سَبَقَ مِنْ الصِّيغَةِ. (قَوْلُهُ جَوْهَرِيَّةُ الثَّمَنِ) أَيْ عِزَّتُهُ وَشَرَفُهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَاجَتْ) أَيْ فَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْمُمَاثَلَةُ تُعْتَبَرُ فِي الْمَكِيلِ] (قَوْلُهُ: فَلَا عِبْرَةَ بِمَا أُحْدِثَ بَعْدَهُ) أَيْ مِنْ أَصْلِ مِعْيَارٍ أَوْ غَلَبَتِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي) اُنْظُرْ مَا مُعْتَمَدُ الشَّارِحِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ هَذَا التَّبَرِّي هَلْ هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمَتْنُ فِي صُورَةِ الْجَهْلِ أَوْ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِيهِ عُرْفٌ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُتَوَلِّي: يُعْتَبَرُ فِيهِ عُرْفُ الْحِجَازِ فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى كَلَامِ الْمُتَوَلِّي الَّذِي تَبَرَّأَ مِنْهُ، بَلْ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: كَاللَّوْزِ) الْمَقْصُودُ مِنْهُ مُجَرَّدُ التَّمْثِيلِ لِمَا جِرْمُهُ مُمَاثِلٌ لِجِرْمِ التَّمْرِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ حَجّ، وَإِلَّا فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مَكِيلٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ كَوْنُ اللَّوْزِ مَوْزُونًا (قَوْلُهُ: فَإِنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ الْمَقَاصِدِ) عِبَارَةٌ قَاصِرَةٌ

(تَخْمِينًا) أَيْ حَزْرًا لِلتَّسَاوِي وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ بِالِاجْتِهَادِ (لَمْ يَصِحَّ) الْبَيْعُ (وَإِنْ خَرَجَا سَوَاءٌ) لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الصُّبْرَةِ مِنْ التَّمْرِ لَا يُعْلَمُ مَكِيلُهَا بِالْكَيْلِ الْمُسَمَّى مِنْ التَّمْرِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَقِيسَ النَّقْدُ عَلَى الْمَطْعُومِ لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ عِنْدَ الْبَيْعِ إذْ هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ الْجَهْلُ بِالْمُمَاثَلَةِ كَحَقِيقَةِ الْمُفَاضَلَةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْبُطْلَانُ عِنْدَ انْتِهَاءِ التَّخْمِينِ بِالْأَوْلَى وَلَوْ عَلِمَا تَمَاثُلَ الصُّبْرَتَيْنِ جَازَ الْبَيْعُ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَلَا حَاجَةَ حِينَئِذٍ إلَى كَيْلٍ، وَلَوْ عَلِمَ أَحَدُهُمَا مِقْدَارَهُمَا وَأَخْبَرَ الْآخَرَ بِهِ فَصَدَّقَهُ فَكَمَا لَوْ عَلِمَا. قَالَهُ الرُّويَانِيُّ، وَهُوَ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ الْإِخْبَارُ مِنْ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ أَوْ مِنْ ثَالِثٍ وَخَرَجَ بِتَخْمِينًا مَا لَوْ بَاعَ صُبْرَةً صُغْرَى بِكَيْلِهَا مِنْ كُبْرَى أَوْ صُبْرَةً بِأُخْرَى مُكَايَلَةً أَوْ كَيْلًا بِكَيْلٍ أَوْ صُبْرَةً دَرَاهِمَ بِأُخْرَى مُوَازَنَةً أَوْ وَزْنًا بِوَزْنٍ فَيَصِحُّ إنْ تَسَاوَيَا وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ تَفَرَّقَ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا فِي حَالَةِ صِحَّةِ الْبَيْعِ بَعْدَ قَبْضِ الْجُمْلَتَيْنِ وَقِيلَ الْكَيْلُ أَوْ الْوَزْنُ لِحُصُولِ الْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ وَمَا فَضَلَ مِنْ الْكَبِيرَةِ بَعْدَ الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ لِصَاحِبِهَا فَالْمُعْتَبَرُ هُنَا مَا يَنْقُلُ الضَّمَانَ فَقَطْ لَا مَا يُفِيدُ التَّصَرُّفَ أَيْضًا لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ قَبْضَ مَا بِيعَ مِقْدَارًا إنَّمَا يَكُونُ بِالتَّقْدِيرِ، وَلَوْ بَاعَ صُبْرَةَ بُرٍّ بِصُبْرَةِ شَعِيرٍ جِزَافًا جَازَ لِانْتِفَاءِ اشْتِرَاطِ الْمُمَاثَلَةِ، فَإِنْ بَاعَهَا بِهَا مُكَايَلَةً وَخَرَجَتَا سَوَاءٌ صَحَّ، وَإِنْ تَفَاضَلَتَا وَسَمَحَ رَبُّ الزَّائِدِ بِإِعْطَائِهِ أَوْ رَضِيَ رَبُّ النَّاقِصِ بِقَدْرِهِ مِنْ الزَّائِدِ أُقِرَّ الْبَيْعُ، وَإِنْ تَشَاحَّا فُسِخَ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا فِي كَامِلَيْنِ، وَضَابِطُ الْكَمَالِ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ بِحَيْثُ يَصْلُحُ لِلِادِّخَارِ كَسَمْنٍ، أَوْ يَتَهَيَّأُ لِأَكْثَرِ الِانْتِفَاعَاتِ بِهِ كَلَبَنٍ (وَ) مِنْ ثَمَّ لَا تُعْتَبَرُ (الْمُمَاثَلَةُ) فِي نَحْوِ حَبٍّ وَثَمَرٍ إلَّا (وَقْتَ الْجَفَافِ) لِيَصِيرَ كَامِلًا وَتَنْقِيَتُهَا شَرْطٌ لِلْمُمَاثَلَةِ لَا لِلْكَمَالِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ فَقَالَ «أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إذَا يَبِسَ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ، فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ، أَشَارَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ أَيَنْقُصُ إلَى أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ حَالَ الْجَفَافِ، وَإِلَّا ـــــــــــــــــــــــــــــSبِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلِمَا) أَيْ حَقِيقَةً بِأَنْ كَالَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا وَأَخْبَرَ صَاحِبَهُ بِذَلِكَ وَصَدَّقَهُ فَلَا يَكْفِي ظَنٌّ لَمْ يَسْتَنِدْ إلَى إخْبَارٍ، ثُمَّ إنْ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ تَبَيَّنَ الْبُطْلَانُ، وَهَذَا خَارِجٌ بِقَوْلِهِ تَخْمِينًا. قَالَ حَجّ: وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ قَبْلَ الْبَيْعِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عِلْمِهِمَا بِذَلِكَ عِنْدَ ابْتِدَاءِ التَّلَفُّظِ بِالصِّيغَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَفَرَّقَا فِي هَذِهِ) هِيَ قَوْلُهُ أَوْ صُبْرَةً بِأُخْرَى مُكَايَلَةً أَوْ كَيْلًا بِكَيْلٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا) هِيَ مَا لَوْ بَاعَ صُبْرَةً صُغْرَى بِكَيْلِهَا مِنْ كُبْرَى (قَوْلُهُ: بِصُبْرَةِ شَعِيرٍ جُزَافًا جَازَ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ لَا تُعْتَبَرُ مَعَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَاعَهَا) أَيْ صُبْرَةَ الْبُرِّ بِصُبْرَةِ الشَّعِيرِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَتَهَيَّأُ لِأَكْثَرِ الِانْتِفَاعَاتِ بِهِ) أَيْ مَعَ إمْكَانِ الْعِلْمِ بِالْمُمَاثَلَةِ فَلَا يُرَدُّ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ مَا لَا جَفَافَ لَهُ كَالْقِثَّاءِ وَبَاقِي الْخَضْرَاوَاتِ لَا يُبَاعُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ. (قَوْلُهُ: فِي نَحْوِ حَبٍّ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ النَّحْوِ الْبَصَلَ إذَا وَصَلَ إلَى الْحَالَةِ الَّتِي يُخَزَّنُ فِيهَا عَادَةً (قَوْلُهُ: وَثَمَرٍ) هُوَ بِالْمُثَلَّثَةِ كَمَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُ إلَّا وَقْتَ الْجَفَافِ، إذْ لَوْ قُرِئَ بِالْمُثَنَّاةِ لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ إلَّا وَقْتَ الْجَفَافِ مَعْنًى بِالنِّسْبَةِ لِلتَّمْرِ (قَوْلُهُ: وَتَنْقِيَتُهَا) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ لَا بُدَّ بَعْدَ الْجَفَافِ مِنْ التَّنْقِيَةِ أَيْضًا لِصِحَّةِ بَيْعِ أَحَدِ الْجَافَّيْنِ بِمِثْلِهِ (قَوْلُهُ: فَقَالَ أَيَنْقُصُ الرَّطْبُ) اسْتِفْهَامٌ تَقْرِيرِيٌّ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَأَشَارَ إلَخْ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ وَقْتَ الْكَمَالِ (قَوْلُهُ: فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ) وَصُورَةُ النَّهْيِ هُنَا كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَلَا إذَنْ: أَيْ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ (قَوْلُهُ: وَأَشَارَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَجْهُ الْإِشَارَةِ أَنَّ نُقْصَانَ الرَّطْبِ بِالْجَفَافِ أَوْضَحُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِلَّا فَتَقْدِيمُ الْأَكْثَرِ كَلَامًا إنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ الْمَقَاصِدِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَأُخْبِرَ الْآخَرُ بِهِ فَصَدَّقَهُ) لَعَلَّ لَفْظَ أُخْبِرَ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ وَالضَّمِيرُ فِي فَصَدَّقَهُ لِلْمَخْبَرِ الْمَفْهُومِ مِنْ أُخْبِرَ حَتَّى يَتَأَتَّى قَوْلُهُ أَوْ مِنْ ثَالِثٍ (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ إنْ تَسَاوَيَا) أَيْ فِي غَيْرِ الْأُولَى (قَوْلُهُ أَشَارَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) الْأَوْلَى أَوْمَأَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ هَذَا مِنْ دَلَالَةِ الْإِيمَاءِ لَا مِنْ دَلَالَةِ الْإِشَارَةِ

فَالنُّقْصَانُ أَوْضَحُ مِنْ أَنْ يُسْأَلَ عَنْهُ، وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ عَدَمُ نَزْعِ نَوَى التَّمْرِ لِأَنَّهُ يُعَرِّضُهُ لِلْفَسَادِ غَالِبًا، فَلَا عِبْرَةَ بِخِلَافِهِ فِي بَعْضِ النَّوَاحِي إلَّا عَلَى مَا يَأْتِي فِي نَحْوِ الْقِثَّاءِ عَنْ جَمْعٍ، وَلَا يُؤَثِّرُ ذَلِكَ فِي نَحْوِ مِشْمِشٍ، وَفِي اللَّحْمِ انْتِفَاءُ عَظْمٍ وَمِلْحٍ يُؤَثِّرُ فِي وَزْنٍ وَتَنَاهِي جَفَافِهِ؛ لِأَنَّهُ مَوْزُونٌ وَقَلِيلُ الرُّطُوبَةِ يُؤَثِّرُ فِيهِ بِخِلَافِ نَحْوِ التَّمْرِ، وَمِنْ ثَمَّ بَيْعُ جَدِيدِهِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ رُطُوبَةٌ تُؤَثِّرُ فِي الْكَيْلِ بِعَتِيقِهِ لَا بُرٍّ بِبُرٍّ ابْتَلَّا. وَإِنْ جَفَّا. وَاعْلَمْ أَنَّ شُرَّاحَ هَذَا الْكِتَابِ قَدْ اخْتَلَفُوا فِي فَهْمِ قَوْلِهِ (وَقَدْ يُعْتَبَرُ الْكَمَالُ) الْمُقْتَضِي لِصِحَّةِ بَيْعِ الشَّيْءِ بِمِثْلِهِ (أَوَّلًا) فَمَنْ ذَاهِبٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِمَّا مَرَّ الْمُقْتَضِي لِلنَّظَرِ إلَى آخِرِ الْأَحْوَالِ مُطْلَقًا الْعَرَايَا الْآتِيَةِ، لِأَنَّ الْكَمَالَ فِيهَا بِتَقْدِيرِ جَفَافِ الرَّطْبِ اُعْتُبِرَ أَوَّلُ أَحْوَالِهِ عِنْدَ الْبَيْعِ، أَوْ نَحْوُ عَصِيرِ الرُّطَبِ أَوْ الْعِنَبِ لِاعْتِبَارِ كَمَالِهِ عِنْدَ أَوَّلِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَإِنْ كَانَا غَيْرَ كَامِلَيْنِ أَوْ اللَّبَنِ الْحَلِيبِ؛ لِأَنَّهُ كَامِلٌ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْ الضَّرْعِ، وَقَدْ قَالَ بِكُلٍّ مِنْ ذَلِكَ جَمْعٌ، وَالْأَوْجَهُ صِحَّةُ كُلٍّ مِنْهَا، غَيْرَ أَنَّ أَقْرَبَهَا أَوَّلُهَا كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ، إذْ كَمَالُ الْأَخِيرَيْنِ وَتَعَدُّدُهُ بِتَعَدُّدِ أَحْوَالِهِمَا مَعْلُومٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي هَذَا الْبَابِ فَلَا يُحْتَاجُ لِذِكْرِهِ بِخِلَافِ الْعَرَايَا، وَأَيْضًا فَهِيَ رُخْصَةٌ أُبِيحَتْ مَعَ انْتِفَاءِ الْكَمَالِ فِيهَا عِنْدَ الْبَيْعِ بِخِلَافِهِمَا فَهِيَ أَحْرَى بِالِاسْتِثْنَاءِ، بَلْ رُبَّمَا إذَا نَظَرَ لِهَذَا لَمْ يَصِحَّ اسْتِثْنَاءُ غَيْرِهَا وَإِذَا تَقَرَّرَ اشْتِرَاطُ الْمُمَاثَلَةِ وَقْتَ الْجَفَافِ (فَلَا يُبَاعُ رَطْبٌ بِرَطْبٍ) بِفَتْحِ الرَّاءَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ أَنْ يُسْأَلَ عَنْهُ، فَكَانَ الْغَرَضُ مِنْ السُّؤَالِ الْإِشَارَةُ إلَى هَذَا وَمِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّ امْتِنَاعَ بَيْعِ الرَّطْبِ بِالْجَفَافِ لِتَحَقُّقِ النُّقْصَانِ وَامْتِنَاعَ الرَّطْبِ بِالرَّطْبِ لِجَهْلِ الْمُمَاثَلَةِ كَذَا فِي الْإِسْنَوِيِّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَمَحَلُّ تَحَقُّقِ النُّقْصَانِ فِي بَيْعِ الرَّطْبِ بِالْجَفَافِ إذَا بِيعَ بِمِثْلِهِ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ مُوَازَنَةً، أَمَّا لَوْ اُعْتُبِرَ جَفَافُ الرَّطْبِ تَقْدِيرًا فَهُوَ مِنْ جَهْلِ الْمُمَاثَلَةِ (قَوْلُهُ فَالنُّقْصَانُ أَوْضَحُ) أَيْ لِكَوْنِهِ مَعْلُومًا لِكُلِّ أَحَدٍ (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ) أَنَّ الْجَفَافَ لِحُصُولِ الْمُمَاثَلَةِ وَاسْتِمْرَارِ الْكَمَالِ. (قَوْلُهُ: عَدَمُ نَزْعِ نَوَى التَّمْرِ) هَلْ مِنْهُ الْعَجْوَةُ الْمَنْزُوعَةُ النَّوَى فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهَا عَلَى هَذِهِ الْهَيْئَةِ تُدَّخَرُ عَادَةً وَلَا يُسْرِعُ إلَيْهَا الْفَسَادُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ نَزْعَ نَوَاهَا يُعَرِّضُهَا لِلْفَسَادِ مَعَ أَنَّهَا لَا تَخْلُو مِنْ أَنْ تَكُونَ رُطَبًا نُزِعَ نَوَاهُ أَوْ تَمْرًا، فَإِنْ كَانَتْ مِنْ التَّمْرِ فَعَدَمُ الصِّحَّةِ فِيهَا مُسْتَفَادٌ مِمَّا ذُكِرَ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الرُّطَبِ فَالْفَسَادُ فِيهَا مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِمْ لَا يُبَاعُ رَطْبٌ بِرَطْبٍ وَلَا بِجَافٍّ وَالرُّطُوبَةُ فِيهَا مُتَفَاوِتَةٌ، وَمِثْلُهَا بِالْأَوْلَى الَّتِي بِنَوَاهَا؛ لِأَنَّ النَّوَى فِيهَا غَيْرُ كَامِنٍ (قَوْلُهُ: فَلَا عِبْرَةَ) أَيْ فَلَا يُبَاعُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ وَقَوْلُهُ إلَّا عَلَى مَا يَأْتِي فِي نَحْوِ إلَخْ: أَيْ فَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ الْآتِي (قَوْلُهُ فِي نَحْوِ مِشْمِشٍ) مِنْ النَّحْوِ الْخَوْخُ (قَوْلُهُ: وَفِي اللَّحْمِ انْتِفَاءُ عَظْمٍ) أَيْ مُطْلَقًا كَثُرَ أَوْ قَلَّ؛ لِأَنَّ قَلِيلَهُ يُؤَثِّرُ فِي الْوَزْنِ كَكَثِيرِهِ، وَمِنْ الْعَظْمِ مَا يُؤْكَلُ مِنْهُ مَعَ اللَّحْمِ كَأَطْرَافِهِ الرِّقَاقِ (قَوْلُهُ يُؤَثِّرُ) قَيْدٌ فِي الْمِلْحِ؛ لِأَنَّهُ يُقْصَدُ لِلْإِصْلَاحِ فَاغْتُفِرَ قَلِيلُهُ دُونَ كَثِيرِهِ (قَوْلُهُ: وَقَلِيلُ الرُّطُوبَةِ يُؤَثِّرُ فِيهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ قَلِيلَةً جِدًّا كَانَتْ كَالْمِلْحِ فَلَا تَضُرُّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَحْوِ التَّمْرِ) أَيْ مِمَّا مِعْيَارُهُ الْكَيْلُ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ تَنَاهِي جَفَافِهِ. (قَوْلُهُ: بَيْعُ جَدِيدِهِ) أَيْ التَّمْرِ (قَوْلُهُ: ابْتَلَّا) أَيْ أَوْ أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَفَّا) أَيْ أَوْ أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ: عِنْدَ أَوَّلِ كُلٍّ مِنْهُمَا) عِبَارَةُ حَجّ: عِنْدَ أَوَّلِ خُرُوجِهِ مِنْهُمَا اهـ. وَهِيَ وَاضِحَةٌ (قَوْلُهُ غَيْرَ أَنَّ أَقْرَبَهَا أَوَّلُهَا) أَيْ الْعَرَايَا لَمْ يَصْلُحْ اسْتِثْنَاءُ غَيْرِهَا: أَيْ وَلِهَذَا جَرَى عَلَيْهِ فِي الْمَنْهَجِ كَالشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُبَاعُ رَطْبٌ بِرَطْبٍ) تَفْرِيعٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ نَحْوُ عَصِيرِ الرُّطَبِ أَوْ الْعِنَبِ) الْمُنَاسِبُ فِي هَذَا وَفِيمَا بَعْدَهُ تَصْدِيرُهُ بِقَوْلِهِ وَمِنْ ذَاهِبٍ، وَإِلَّا فَهَذَا الصَّنِيعُ يُوهِمُ أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ أَمْثِلَةٌ لِمَذْهَبٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: لِاعْتِبَارِ كَمَالِهِ عِنْدَ أَوَّلِ كُلٍّ مِنْهُمَا) عِبَارَةٌ مَقْلُوبَةٌ، وَالْمُنَاسِبُ لِاعْتِبَارِ كَمَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا عِنْدَ أَوَّلِهِ (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الرَّاءَيْنِ) هَذَا يَأْبَاهُ مُقَابَلَتُهُ بِخُصُوصِ التَّمْرِ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ الْخُصُوصُ، وَتَكُونُ مُقَابَلَتُهُ بِالتَّمْرِ قَرِينَةَ هَذِهِ الْإِرَادَةِ

وَضَمِّهِمَا وَعَلَيْهِ يَدُلُّ السِّيَاقُ (وَلَا بِتَمْرٍ وَلَا عِنَبٍ بِعِنَبٍ وَلَا بِزَبِيبٍ) وَلَا بُسْرٍ بِبُسْرٍ وَلَا بِرُطَبٍ وَلَا بِتَمْرٍ وَلَا طَلْعِ إنَاثٍ بِأَحَدِهَا وَلَا بِمِثْلِهِ لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ الْآنَ وَقْتَ الْجَفَافِ وَلِلْخَبَرِ الْمَارِّ، وَأُلْحِقَ بِالرَّطْبِ فِي ذَلِكَ طَرِيُّ اللَّحْمِ فَلَا يُبَاعُ بِطَرِيِّهِ وَلَا بِقَدِيدِهِ مِنْ جِنْسِهِ، وَيُبَاعُ قَدِيدُهُ بِقَدِيدِهِ بِلَا عَظْمٍ وَلَا مِلْحٍ يَظْهَرُ فِي الْوَزْنِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَمَا لَا جَفَافَ لَهُ كَالْقِثَّاءِ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَبِالْمُثَلَّثَةِ وَالْمَدِّ (وَالْعِنَبُ الَّذِي لَا يَتَزَبَّبُ لَا يُبَاعُ) بَعْضُهُ بِبَعْضٍ (أَصْلًا) لِتَعَذُّرِ الْعِلْمِ بِالْمُمَاثَلَةِ وَيُبَاعُ الزَّيْتُونُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ حَالَ اسْوِدَادِهِ وَنُضْجِهِ لِأَنَّهُ كَامِلٌ وَلَا يُسْتَثْنَى لِأَنَّهُ جَافٌّ، وَتِلْكَ الرُّطُوبَاتُ الَّتِي فِيهِ إنَّمَا هِيَ الزَّيْتُ وَلَا مَائِيَّةَ فِيهِ، وَلَوْ كَانَ فِيهِ مَائِيَّةٌ لَجَفَّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِمَا يَجِفُّ مِنْ نَحْوِ الْقِثَّاءِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ النَّظَرَ فِيهِ لِلْغَالِبِ، لَكِنَّ الَّذِي أَوْرَدَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُمَا الْجَوَازُ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّهُ الْأَقْيَسُ (وَفِي قَوْلٍ) مُخَرَّجٍ (تَكْفِي مُمَاثَلَتُهُ رَطْبًا) بِفَتْحِ الرَّاءِ؛ لِأَنَّ مُعْظَمَ مَنَافِعِهِ رُطُوبَتُهُ فَكَانَ كَاللَّبَنِ فَيُبَاعُ وَزْنًا وَإِنْ أَمْكَنَ كَيْلُهُ وَرُدَّ بِوُضُوحِ الْفَرْقِ. (وَلَا تَكْفِي مُمَاثَلَةُ) مَا تَوَلَّدَ مِنْ الْحَبِّ نَحْوُ (الدَّقِيقِ وَالسَّوِيقِ) أَيْ دَقِيقِ الشَّعِيرِ وَنَحْوِهِمَا كَالنَّشَا (وَالْخُبْزِ) فَلَا يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْهَا بِمِثْلِهِ وَلَا بِأَصْلِهِ، إذْ الدَّقِيقُ وَنَحْوُهُ يَتَفَاوَتُ فِي النُّعُومَةِ، وَالْخُبْزُ وَنَحْوُهُ يَتَفَاوَتُ فِي تَأْثِيرِ النَّارِ، وَلَا تُبَاعُ حِنْطَةٌ مَقْلِيَّةٌ بِحِنْطَةٍ مُطْلَقًا لِاخْتِلَافِ تَأْثِيرِ النَّارِ فِيهَا، وَلَا حِنْطَةٌ بِمَا يُتَّخَذُ مِنْهَا، وَلَا بِمَا فِيهِ شَيْءٌ مِمَّا يُتَّخَذُ مِنْهَا، وَيَجُوزُ بَيْعُ الْحَبِّ بِالنُّخَالَةِ وَالْحَبِّ الْمُسَوَّسِ إذَا لَمْ يَبْقَ فِيهِ لُبٌّ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى قَوْلِهِ وَقْتَ الْجَفَافِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ وَضَمِّهِمَا) وَمِثْلُ ذَلِكَ الرُّمَّانُ فَلَا يُبَاعُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ يَدُلُّ السِّيَاقُ) سِيَاقُ قَوْلِهِ وَلَا بِتَمْرٍ (قَوْلُهُ: وَلَا بُسْرٌ بِبُسْرٍ إلَخْ) وَكَالْبُسْرِ فِيمَا ذُكِرَ فِيهِ الْخَلَّالُ وَالْبَلَحُ (قَوْلُهُ: بِأَحَدِهِمَا) أَيْ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ الْبُسْرُ وَالرُّطَبُ وَالتَّمْرُ (قَوْلُهُ وَلَا بِمِثْلِهِ) أَيْ أَمَّا إذَا بِيعَ بِطَلْعِ الذُّكُورِ فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ. وَقَالَ سم عَلَى حَجّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ امْتِنَاعُ بَيْعِ طَلْعِ الذُّكُورِ بِمِثْلِهِ (قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بِالرَّطْبِ فِي ذَلِكَ إلَخْ) إنَّمَا جَعَلَهُ مُلْحَقًا وَلَمْ يَجْعَلْهُ مِنْ الرَّطْبِ، فَيَكُونُ دَاخِلًا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ عُرْفًا لَهُ رَطْبٌ وَإِنَّمَا يُقَالُ طَرِيٌّ، وَلَكِنَّ اللُّغَةَ تُطْلِقُ عَلَيْهِ الرَّطْبَ، فَفِي الْمُخْتَارِ الرَّطْبُ بِالْفَتْحِ خِلَافُ الْيَابِسِ، رَطُبَ الشَّيْءُ مِنْ بَابِ سَهُلَ فَهُوَ رَطْبٌ وَرَطِيبٌ (قَوْلُهُ: قَدِيدُهُ بِقَدِيدِهِ) أَيْ مِنْ جِنْسِهِ (قَوْلُهُ وَلَا مِلْحٍ يَظْهَرُ فِي الْوَزْنِ) قَيَّدَ فِي الْمِلْحِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ خُلُوُّهُ مِنْ الْعَظْمِ فَلَمْ يُغْتَفَرْ مِنْهُ شَيْءٌ بِخِلَافِ الْمِلْحِ فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ مِنْ مَصَالِحِهِ اُغْتُفِرَ الْقَلِيلُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَفِي اللَّحْمِ انْتِفَاءُ عَظْمٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ أَوَّلِهِ) أَيْ وَبِضَمِّهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ فِيهِ مَائِيَّةٌ لَجَفَّ) قَالَ زي: وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ. أَقُولُ: وَجْهُهُ أَنَّهُ إذَا وُضِعَ عَلَيْهِ مِلْحٌ خَرَجَ مِنْهُ مَاءٌ صِرْفٌ يُشَاهَدُ (قَوْلُهُ: وَيُوَجَّهُ) أَيْ يُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ فَلَا يُنَافِي أَنَّ مَا بَعْدَهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُمَا الْجَوَازُ) أَيْ فِيمَا يَجِفُّ مِنْ نَحْوِ الْقِثَّاءِ وَلَمْ يَخْرُجْ بِالْجَفَافِ عَنْ كَوْنِهِ مَطْعُومًا، بِخِلَافِ الْقَرْعِ فَإِنَّهُ بَعْدَ جَفَافِهِ لَا يَصْلُحُ لِلْأَكْلِ وَإِنَّمَا يُسْتَعَانُ بِهِ عَلَى السِّبَاحَةِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ: وَقَالَ السُّبْكِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدُ عَمِيرَةَ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِوُضُوحِ الْفَرْقِ) وَهُوَ أَنَّ مَا فِيهِ مِنْ الرُّطُوبَةِ يَمْنَعُ الْعِلْمَ بِالْمُمَاثَلَةِ بِخِلَافِ اللَّبَنِ. (قَوْلُهُ: أَيْ دَقِيقُ الشَّعِيرِ) أَيْ أَوْ الْحِنْطَةِ، وَعَلَيْهِ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ. وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: وَالسَّوِيقُ مَا يُعْمَلُ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرُ مَعْرُوفٌ اهـ. وَفِي قَوْلِهِ يُعْمَلُ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ عِبَارَةً عَنْ الدَّقِيقِ بِمُجَرَّدِهِ (قَوْلُهُ: بِحِنْطَةٍ مُطْلَقًا) مَقْلِيَّةً أَمْ لَا (قَوْلُهُ: مِمَّا يُتَّخَذُ مِنْهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّ جِدًّا، وَعَلَيْهِ فَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ خَلْطِ اللَّبَنِ أَوْ الْعَسَلِ بِالنَّشَا لِيَعْمَلَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَخْصُوصِ الْمُسَمَّى بِالْحَلْوَا والهيطلية فَبَيْعُهُ بِالْحِنْطَةِ بَاطِلٌ لِتَأْثِيرِ النَّارِ فِيهِ. ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى مَنْهَجٍ قَالَ مَا نَصُّهُ: وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْحَبِّ بِشَيْءٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُمَا كَالنَّشَا) لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ نَحْوِهِمَا مَعَ لَفْظِ نَحْوِ الَّذِي دَخَلَ بِهِ عَلَى الْمَتْنِ.

أَصْلًا لِأَنَّهُمَا غَيْرُ رِبَوِيَّيْنِ (بَلْ تُعْتَبَرُ الْمُمَاثَلَةُ فِي الْحُبُوبِ) الَّتِي يَتَنَاهَى جَفَافُهَا وَهِيَ مُنَقَّاةٌ مِنْ نَحْوِ تِبْنٍ وَزُوَانٍ (حَبًّا) لِتَحَقُّقِهَا فِيهَا وَقْتَ الْجَفَافِ (وَ) تُعْتَبَرُ (فِي حُبُوبِ الدُّهْنِ كَالسِّمْسِمِ) بِكَسْرِ سِينِهِ (حَبًّا أَوْ دُهْنًا) أَوْ كُسْبًا خَالِصًا مِنْ نَحْوِ دُهْنٍ وَمِلْحٍ فَيُبَاعُ السِّمْسِمُ بِمِثْلِهِ وَالشَّيْرَجُ بِمِثْلِهِ، وَلَيْسَ لِلطَّحِينَةِ الْمَعْرُوفَةِ قَبْلَ اسْتِخْرَاجِ دُهْنِهَا حَالَةُ كَمَالٍ فَلَا يُبَاعُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، وَلَا يُبَاعُ سِمْسِمٌ بِشَيْرَجٍ إذْ هُوَ فِي مَعْنَى بَيْعِ كُسْبٍ وَدُهْنٍ بِدُهْنٍ وَهُوَ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ، وَالْكُسْبُ الْخَالِصُ وَالشَّيْرَجُ جِنْسَانِ. وَحَاصِلُ مَا فِي الْكُسْبِ بِالْكُسْبِ أَنَّهُ إنْ كَانَ مِمَّا يَأْكُلُهُ الدَّوَابُّ فَقَطْ كَكُسْبِ الْكَتَّانِ جَازَ مُتَفَاضِلًا وَمُتَسَاوِيًا، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَأْكُلُهُ النَّاسُ كَكُسْبِ السِّمْسِمِ وَاللَّوْزِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ خَلْطٌ يَمْنَعُ التَّمَاثُلَ لَمْ يَجُزْ وَإِلَّا فَيَجُوزُ، وَالْأَدْهَانُ الْمُطَيِّبَةُ كُلُّهَا مُسْتَخْرَجَةٌ مِنْ السِّمْسِمِ، ثُمَّ إنْ رُبَّى السِّمْسِمُ فِيهَا ثُمَّ اُسْتُخْرِجَ دُهْنُهُ جَازَ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا بِشَرْطِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا أَجْنَاسٌ كَأُصُولِهَا، وَإِنْ اُسْتُخْرِجَ الدُّهْنُ ثُمَّ طُرِحَتْ أَوْرَاقُهَا فِيهِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا؛ لِأَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ أَصْلَهَا الشَّيْرَجُ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى الْحَالَةِ الْأُولَى كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَى حَمْلِهِ أَيْضًا. وَقَوْلُنَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا إلَى آخِرِهِ: أَيْ وَلَا مُتَمَاثِلًا، وَلَا يُنَافِيه تَعْلِيلُهُمْ بِأَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ اتِّحَادِ الْجِنْسِ جَوَازُ بَيْعِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ مُتَمَاثِلًا لِقِيَامِ مَانِعٍ هُنَا وَهُوَ عَدَمُ تَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةِ (وَ) تُعْتَبَرُ (فِي الْعِنَبِ زَبِيبًا أَوْ خَلَّ عِنَبٍ وَكَذَا الْعَصِيرُ) مِنْ نَحْوِ عِنَبٍ وَرُطَبٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِمَّا يُتَّخَذُ مِنْهُ كَالدَّقِيقِ بِمَا يُتَّخَذُ مِنْهُ كَالْحَلْوَا الْمَعْمُولَةِ بِالنَّشَا وَالْمَصْلِ (قَوْلُهُ: وَاَلَّتِي يَتَنَاهَى جَفَافُهَا) قَدْ يُشْكِلُ اعْتِبَارُ التَّنَاهِي هُنَا بِقَوْلِهِ قَبْلُ بِخِلَافِ نَحْوِ التَّمْرِ: أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ تَنَاهِي الْجَفَافِ؛ لِأَنَّهُ مَكِيلٌ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِنَحْوِ التَّمْرِ الْمِشْمِشُ وَنَحْوُهُ مِمَّا لَا يَتَنَاهَى جَفَافُهُ عَادَةً بِخِلَافِ نَحْوِ الْبُرِّ، لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ مَا مَرَّ لَهُ أَيْضًا مِنْ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ التَّفَاوُتُ وَزْنًا بَعْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْكَيْلِ كَالْبُرِّ الصَّلْبِ بِالرَّخْوِ وَقَدْ يُقَالُ أَيْضًا: الْمُرَادُ بِتَنَاهِي الْجَفَافِ فِي الْحَبِّ وُصُولُهُ إلَى حَالَةٍ يَتَأَتَّى فِيهَا ادِّخَارُهُ عَادَةً. هَذَا وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: وَلَا يُعْتَبَرُ فِي التَّمْرِ وَالْحَبِّ تَنَاهِي جَفَافِهِمَا اهـ. وَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِي الْمُخَالَفَةِ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ اهـ. وَكَتَبَ سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا نَصُّهُ: يَنْبَغِي أَنَّ ضَابِطَ جَفَافِهِمَا أَنْ لَا يَظْهَرَ بِزَوَالِ الرُّطُوبَةِ الْبَاقِيَةِ أَثَرٌ فِي الْمِكْيَالِ اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا قُلْنَاهُ (قَوْله لِتَحَقُّقِهَا) أَيْ الْمُمَاثَلَةِ. (قَوْلُهُ: كَكُسْبِ الْكَتَّانِ) وَفِي نُسْخَةِ الْقُرْطُمِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ فِيهِ خَلْطٌ) أَيْ بِأَنْ بَقِيَ فِيهِ دُهْنٌ يُمْكِنُ فَصْلُهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ رَبَّى السِّمْسِمَ) أَيْ بِأَنْ خُلِطَ السِّمْسِمُ بِوَرَقِ الْوَرْدِ وَتُرِكَ حَتَّى تَرَوَّحَ ثُمَّ عُصِرَ مُجَرَّدًا عَنْ الْوَرْدِ (قَوْلُهُ: مُتَفَاضِلًا بِشَرْطِهِ) أَيْ مِنْ الْحُلُولِ وَالتَّقَابُضِ، وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ جَوَازِهِ؛ لِأَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ، أَمَّا إذَا بِيعَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ مُتَمَاثِلًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَلَا مَانِعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مَا يَمْنَعُ الْعِلْمَ بِالْمُمَاثَلَةِ، وَمُجَرَّدُ التَّرَوُّحِ لَا أَثَرَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَيْنًا (قَوْلُهُ كَأُصُولِهَا) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا أَجْنَاسٌ، أَيْ وَالْحَقُّ أَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّهَا كُلَّهَا مِنْ السِّمْسِمِ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ) أَيْ الْمَذْكُورِ فِيمَا تَقَدَّمَ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَدِقَّةُ الْأُصُولُ إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ وَدُهْنُ الْبَنَفْسَجِ بِدُهْنِ الْوَرْدِ كَذَلِكَ: أَيْ أَجْنَاسٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ عَدَمُ تَحَقُّقِ إلَخْ) أَيْ لِاخْتِلَاطِهِ بِمَا يَتَحَاتَّ مِمَّا طُيِّبَ بِهِ، وَبِهَذَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَوْلِ بِالْفَسَادِ هُنَا وَالصِّحَّةِ فِي الْحَالَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ إنْ رَبَّى السِّمْسِمَ فِيهَا) أَيْ مَا يَطِيبُ بِهِ الْمَفْهُومُ مِنْ الْمُطَيَّبَةِ بِاعْتِبَارِ أَفْرَادِهِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا أَجْنَاسٌ) أَيْ وَالْحَقُّ أَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَى حَمْلِهِ أَيْضًا) أَيْ عَلَى أَنَّهُ فِي دُهْنَيْنِ اخْتَلَفَ أَصْلَاهُمَا وَذَلِكَ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَأَدِقَّةُ الْأُصُولِ الْمُخْتَلِفَةِ الْجِنْسِ إلَخْ

وَرُمَّانٍ وَغَيْرِهَا (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ ذَلِكَ حَالَاتُ كَمَالٍ فَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِ كُلٍّ مِنْهَا بِبَعْضِهِ إلَّا نَحْوَ خَلِّ زَبِيبٍ أَوْ تَمْرٍ لِأَنَّ فِيهِ مَا يَمْنَعُ لِلْعِلْمِ بِالْمُمَاثَلَةِ كَمَا مَرَّ فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِلشَّيْءِ حَالَتَا كَمَالٍ فَأَكْثَرُ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَيْسَ لِلْعَصِيرِ حَالَةُ كَمَالٍ لِانْتِفَاءِ كَوْنِهِ عَلَى هَيْئَةِ كَمَالِ الْمَنْفَعَةِ وَالْمِعْيَارُ فِي الْخَلِّ وَالْعَصِيرِ الْكَيْلُ (وَ) تُعْتَبَرُ (فِي اللَّبَنِ) أَيْ مَاهِيَّةُ هَذَا الْجِنْسِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى لَبَنٍ وَغَيْرِهِ (لَبَنًا أَوْ سَمْنًا أَوْ مَخِيضًا) بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهَا (صَافِيًا) مِنْ الْمَاءِ مَثَلًا فَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِ أَنْوَاعِ اللَّبَنِ الَّذِي لَمْ يَغْلِ بِالنَّارِ بِبَعْضٍ كَيْلًا بَعْدَ سُكُونِ رَغْوَتِهِ، وَلَا مُبَالَاةَ بِكَوْنِ الْخَاثِرِ أَثْقَلَ وَزْنًا، أَمَّا مَا فِيهِ فَلَا يُبَاعُ بِمِثْلِهِ وَلَا بِخَالِصٍ، وَمَا قَيَّدَ بِهِ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ ذَلِكَ بِغَيْرِ مَاءٍ يَسِيرٍ مَحْمُولٌ عَلَى يَسِيرٍ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْكَيْلِ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَخِيضِ الْخَالِي مِنْ الْمَاءِ مِنْ اعْتِبَارِ أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ زُبْدٌ وَإِلَّا لَمْ يُبَعْ بِمِثْلِهِ وَلَا بِزُبْدٍ وَلَا سَمْنٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَة لَا لِعَدَمِ كَمَالِهِ مَحَلُّ نَظَرٍ؛ لِأَنَّ الْمَخِيضَ اسْمٌ لِمَا نُزِعَ زُبْدُهُ فَلَا حَاجَةَ لِمَا ذَكَرَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــSالْأُولَى وَهِيَ قَرِيبَةُ السِّمْسِمِ فِي الْأَوْرَاقِ. (قَوْلُهُ: إلَّا نَحْوَ خَلِّ زَبِيبٍ) وَحَاصِلُ مَسْأَلَةِ الْخُلُولِ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ فِيهِمَا مَاءٌ امْتَنَعَ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ مُطْلَقًا: أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ أَمْ لَا، وَإِنْ كَانَ فِي أَحَدِهِمَا فَإِنْ كَانَ الْآخَرُ مِنْ جِنْسِهِ امْتَنَعَ وَإِلَّا فَلَا فَعَلَى هَذَا يُبَاعُ خَلُّ عِنَبٍ بِمِثْلِهِ وَخَلُّ رُطَبٍ بِمِثْلِهِ وَخَلُّ عِنَبٍ بِخَلِّ رُطَبٍ وَخَلُّ زَبِيبٍ بِخَلِّ رُطَبٍ وَخَلُّ تَمْرٍ بِخَلِّ عِنَبٍ وَيَمْتَنِعُ بَيْعُ خَلِّ عِنَبٍ بِخَلِّ زَبِيبٍ وَخَلُّ تَمْرٍ بِخَلِّ رُطَبٍ وَخَلُّ زَبِيبٍ بِخَلِّ تَمْرٍ وَخَلُّ تَمْرٍ بِمِثْلِهِ وَخَلُّ زَبِيبٍ بِمِثْلِهِ انْتَهَى زِيَادِيُّ. (قَوْلُهُ: الَّذِي لَمْ يَغْلِ بِالنَّارِ) أَيْ فَيُبَاعُ اللَّبَنُ الَّذِي لَمْ يُمْنَعْ زُبْدُهُ بِمِثْلِهِ، وَلَا يُبَاعُ بِالسَّمْنِ وَلَا بِالزُّبْدِ وَلَا بِالْمَخِيضِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ يَشْتَمِلُ عَلَى الْمَخِيضِ وَالسَّمْنِ، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ الزُّبْدُ بِالْمَخِيضِ لِاشْتِمَالِ الزُّبْدِ عَلَى سَمْنٍ وَمَخِيضٍ، لَكِنْ نَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الْخَادِمِ عَنْ الْإِمَامِ جَوَازَهُ وَتَوَقَّفَ فِيهِ فَلْيُرَاجَعْ انْتَهَى. وَجَزَمَ الزِّيَادِيُّ بِمَا قَالَهُ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ: وَلَا مُبَالَاةَ بِكَوْنِ الْخَاثِرِ) هُوَ بِالْمُثَلَّثَةِ مَا بَيْنَ الْحَلِيبِ وَالرَّائِبِ وَلَا يَضُرُّ فِي ذَلِكَ تَفَاوُتُ الْحُمُوضَةِ فِي أَحَدِهِمَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ عَدَمِ الضَّرَرِ فِي الْخَاثِرِ إذَا كَانَ ذَلِكَ بِغَيْرِ انْضِمَامِ شَيْءٍ إلَيْهِ بِأَنْ خَثَرَ بِنَفْسِهِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ لِمُخَالَطَةِ الْإِنْفَحَةِ إلَخْ حَيْثُ جُعِلَ ذَلِكَ عِلَّةً لِلْبُطْلَانِ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَا فِيهِ مَاءٌ) فَيَدْخُلُ فِيهِ مَا لَوْ خُلِطَ بِالسَّمْنِ غَيْرُهُ مِمَّا لَا يُقْصَدُ لِلْبَيْعِ مَعَ السَّمْنِ كَالدَّقِيقِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَخْلُوطِ بِهِ لَا بِمِثْلِهِ وَلَا بِدَرَاهِمَ؛ لِأَنَّ الْخَلْطَ يَمْنَعُ مِنْ الْعِلْمِ بِالْمَقْصُودِ (قَوْلُهُ: وَلَا بِخَالِصٍ) أَيْ وَلَا بِدَرَاهِمَ عَلَى مَا مَرَّ لَهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ نَقْدَانِ إلَخْ. [فَائِدَةٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَنْ بَيْعِ الدَّقِيقِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى النُّخَالَةِ بِالدَّرَاهِمِ هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا لِاشْتِمَالِهِ عَلَى النُّخَالَةِ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّ النُّخَالَةَ قَدْ تُقْصَدُ أَيْضًا لِلدَّوَابِّ وَنَحْوِهَا، وَيُمْكِنُ تَمْيِيزُهَا مِنْ الدَّقِيقِ بِخِلَافِ اللَّبَنِ الْمَخْلُوطِ بِالْمَاءِ فَإِنَّ مَا فِي اللَّبَنِ مِنْ الْمَاءِ لَا يُقْصَدُ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَحْدَهُ أَلْبَتَّةَ لِتَعَذُّرِ تَمْيِيزِهِ. (قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى يَسِيرٍ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْكَيْلِ) أَيْ أَوْ عَلَى شَيْءٍ قُصِدَ بِهِ حُمُوضَتُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَصَالِحِهِ عَلَى مَا مَرَّ لَهُ عَنْ الْعِرَاقِيِّ (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ) أَيْ السُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ: وَلَا بِزُبْدٍ وَلَا سَمْنٍ؛ لِأَنَّهُ إلَخْ) سَيَأْتِي أَنَّ مَحَلَّ الضَّرَرِ فِيهِ إذَا لَمْ يَكُنْ الرِّبَوِيُّ ضِمْنًا فِي الطَّرَفَيْنِ وَإِلَّا فَيَصِحُّ كَبَيْعِ اللَّبَنِ بِاللَّبَنِ وَالسِّمْسِمِ بِالسِّمْسِمِ. وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّهُ إنَّمَا لَمْ يَصِحَّ بَيْعُ الْمَخِيضِ بِمِثْلِهِ حَيْثُ لَمْ يَخْلُ مِنْ الزُّبْدِ؛ لِأَنَّ مَخْضَهُ وَإِخْرَاجَ الزُّبْدِ مِنْهُ أَوْرَثَ عَدَمَ الْعِلْمِ بِمِقْدَارِ مَا يَبْقَى مِنْ الزُّبْدِ فِي الْمَخِيضِ وَصَيَّرَ الزُّبْدَ الْكَامِلَ فِيهِ كَالْمُنْفَصِلِ فَأَثَّرَ (قَوْلُهُ: فَلَا حَاجَةَ لِمَا ذَكَرَهُ) أَيْ مِنْ اشْتِرَاطٍ؛ لِأَنَّ مَا فِيهِ زُبْدٌ لَا يُسَمَّى مَخِيضًا، وَعَلَيْهِ فَالْمُنَازَعَةُ فِي مُجَرَّدِ ذِكْرِهِ لَا فِي الْحُكْمِ وَإِلَّا فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَقَدْ يُقَالُ ذَكَرَهُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ مُعْظَمُ الزُّبْدِ بِحَيْثُ يُسَمَّى الْمُشْتَمِلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَا فِيهِ مَاءٌ فَلَا يُبَاعُ بِمِثْلِهِ وَلَا بِخَالِصٍ) أَيْ وَلَا بِغَيْرِ ذَلِكَ كَالدَّرَاهِمِ كَمَا مَرَّ فِي كَلَامِهِ

ثُمَّ جَعَلَ الْمُصَنِّفُ لَهُ قَسِيمًا لِلَّبَنِ مَعَ أَنَّهُ قِسْمٌ مِنْهُ، مُرَادُهُ بِذَلِكَ أَنَّهُ بِاعْتِبَارِ مَا حَدَثَ لَهُ مِنْ الْمَخْضِ حَتَّى صَارَ كَأَنَّهُ قَسِيمٌ لَهُ وَإِنْ كَانَ فِي الْحَقِيقَةِ قِسْمًا فَانْدَفَعَ اعْتِرَاضُ كَثِيرٍ بِذَلِكَ مِمَّنْ شَرَحَ الْكِتَابَ، وَمَرَّ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ السَّمْنَ إنْ كَانَ مَائِعًا فَمِعْيَارُهُ الْكَيْلُ أَوْ جَامِدًا فَالْوَزْنُ كَمَا هُوَ تَوَسُّطٌ بَيْنَ وَجْهَيْنِ وَاسْتَحْسَنَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ عَبَّرَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِصِيغَةِ قِيلَ (وَلَا تَكْفِي الْمُمَاثَلَةُ فِي سَائِرِ) أَيْ بَاقِي (أَحْوَالِهِ كَالْجُبْنِ) بِإِسْكَانِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا مَعَ تَشْدِيدِ النُّونِ وَتَرْكِهِ (وَالْأَقِطِ) وَالْمَصْلِ وَالزُّبْدِ لِمُخَالَطَةِ الْإِنْفَحَةِ أَوْ الْمِلْحِ أَوْ الدَّقِيقِ أَوْ الْمَخِيضِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ كُلٍّ مِنْهَا بِمِثْلِهِ، وَلَا بِخَالِصٍ لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ، وَلَا بَيْعُ زُبْدٍ بِسَمْنٍ وَلَا لَبَنٍ بِمَا اُتُّخِذَ مِنْهُ كَسَمْنٍ وَمَخِيضٍ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ صِحَّةُ بَيْعِ اللَّبَنِ بِبَعْضِهِ مَعَ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا زُبْدًا؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ حِينَئِذٍ مُمْتَزِجَةٌ فَلَا عِبْرَةَ بِهَا. وَخَالَفَ الْعَسَلُ بِشَمَعِهِ لِامْتِيَازِ الْعَسَلِ عَنْ الشَّمَعِ (وَلَا تَكْفِي مُمَاثَلَةُ مَا أَثَّرَتْ فِيهِ النَّارُ بِالطَّبْخِ) كَاللَّحْمِ (أَوْ الْقَلْيِ) كَالسِّمْسِمِ (أَوْ الشَّيِّ) كَالْبَيْضِ أَوْ الْعَقْدِ كَالدِّبْسِ وَالسُّكَّرِ وَالْفَانِيدِ وَاللِّبَا لِأَنَّ تَأْثِيرَ النَّارِ لَا غَايَةَ لَهُ فَيُؤَدِّي إلَى الْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ. فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ، وَإِنَّمَا صَحَّ السَّلَمُ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ لِلَطَافَةِ نَارِهَا: أَيْ انْضِبَاطِهَا وَلِأَنَّهُ أَوْسَعُ وَخَرَجَ بِالطَّبْخِ وَمَا بَعْدَهُ مَا أَثَّرَتْ فِيهِ الْحَرَارَةُ فَقَطْ كَالْمَاءِ الْمَغْلِيِّ فَيُبَاعُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ وَتَأْثِيرُ التَّمْيِيزِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَلَا يَضُرُّ تَأْثِيرُ تَمْيِيزٍ) لِلنَّارِ (كَالْعَسَلِ وَالسَّمْنِ) وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، إذْ ذَلِكَ فِي الْعَسَلِ لِتَمْيِيزِ الشَّمْعِ وَفِي السَّمْنِ لِتَمْيِيزِ اللَّبَنِ وَفِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِتَمْيِيزِ الْغِشِّ فَيُبَاعُ كُلٌّ بِمِثْلِهِ بَعْدَ التَّمْيِيزِ لَا قَبْلَهُ، وَفَارَقَ بَيْعُ التَّمْرِ بِبَعْضِهِ وَفِيهِ نَوَاهُ بِأَنَّ النَّوَى غَيْرُ مَقْصُودٍ، بِخِلَافِ الشَّمْعِ فِي الْعَسَلِ فَاجْتِمَاعُهُمَا مُفْضٍ لِلْجَهَالَةِ. نَعَمْ لَوْ فُرِضَ أَنَّهَا عُقِدَتْ أَجْزَاءُ السَّمْنِ لَمْ يُبَعْ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ. (وَإِذَا) (جَمَعَتْ الصَّفْقَةُ) أَيْ عَقْدَ الْمَبِيعِ سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْعَاقِدَيْنِ كَانَ يَصْفِقُ يَدَ الْآخَرِ عِنْدَ الْبَيْعِ. وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا إذَا تَعَدَّدَتْ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ كَأَنْ قَابَلَا الْمُدَّ بِالْمُدِّ وَالدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَلَوْ تَعَدَّدَتْ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي لَمْ يَصِحَّ، وَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ كَوْنِ نِيَّةِ التَّفْصِيلِ كَذِكْرِهِ، وَأَقَرَّهُ جَمْعٌ مَحَلُّ نَظَرٍ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ نَقْدَانِ مُخْتَلِفَانِ لَمْ تَكْفِ نِيَّةُ أَحَدِهِمَا، وَلَا يُنَافِيه مَا مَرَّ مِنْ صِحَّةِ الْبَيْعِ بِالْكِنَايَةِ لِلِاغْتِفَارِ فِي الصِّيغَةِ مَا لَمْ يُغْتَفَرْ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ (رِبَوِيًّا) أَيْ جِنْسًا وَاحِدًا غَيْرَ تَابِعٍ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْمَقْصُودِ (مِنْ الْجَانِبَيْنِ) وَلَوْ ضِمْنًا كَسِمْسِمٍ بِدُهْنِهِ، إذْ بُرُوزُ مِثْلِ الْكَامِنِ فِيهِ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى الْقَلِيلِ مِنْهُ مَخِيضًا (قَوْلُهُ: ثُمَّ جَعَلَ الْمُصَنِّفُ لَهُ) أَيْ الْمَخِيضِ (قَوْلُهُ: حَتَّى صَارَ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ حَتَّى (قَوْلُهُ: وَمَرَّ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَدُهْنٌ مَائِعٌ لَا جَامِدٌ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: كَالْجُبْنِ بِإِسْكَانِ الْبَاءِ) أَيْ مَعَ ضَمِّ الْجِيمِ وَتَخْفِيفِ النُّونِ (قَوْلُهُ: وَالْمَصْلُ) الْمَصْلُ وَالْمُصَالَةُ: مَا سَالَ مِنْ الْأَقِطِ إذَا طُبِخَ ثُمَّ عُصِرَ اهـ (قَوْلُهُ: وَلَا بِخَالِصٍ) أَيْ بِلَبَنٍ خَالِصٍ (قَوْلُهُ: وَلَا بَيْعُ زُبْدٍ بِسَمْنٍ) أَيْ وَلَا بَيْعُ سَمْنٍ بِجُبْنٍ (قَوْلُهُ: وَخَالَفَ الْعَسَلُ بِشَمْعِهِ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ (قَوْلُهُ: عَنْ الشَّمْعِ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: الشَّمَعُ بِفَتْحَتَيْنِ الَّذِي يُسْتَصْبَحُ بِهِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: هَذَا كَلَامُ الْعَرَبِ وَالْمُوَلِّدُونَ يُسَكِّنُونَهُ وَالشَّمْعَةُ أَخَصُّ مِنْهُ اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الشَّمْعَةَ بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْضًا وَأَنَّهُ مِمَّا يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاحِدِهِ بِالتَّاءِ. (قَوْلُهُ: كَالدِّبْسِ) بِكَسْرِ الدَّالِ وَسُكُونِ الْبَاءِ وَبِكِسْرَتَيْنِ عَسَلُ التَّمْرِ وَعَسَلُ النَّحْلِ قَامُوس (قَوْلُهُ: وَاللِّبَا) بِالْقَصْرِ (قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ) هِيَ الدِّبْسُ وَالسُّكَّرُ إلَخْ (قَوْلُهُ مَا أَثَّرَتْ) أَيْ النَّارُ (قَوْلُهُ: كَالْمَاءِ الْمَغْلِيِّ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَثَّرُ بِالنَّارِ تَأَثُّرَ غَيْرِهِ اهـ حَجّ عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَتَأْثِيرُ التَّمْيِيزِ) أَيْ وَخَرَجَ تَأْثِيرُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ بَيْعُ التَّمْرِ) أَيْ جَوَازُ بَيْعٍ (قَوْلُهُ: فَاجْتِمَاعُهُمَا) أَيْ الشَّمَعُ مَعَ الْعَسَلِ (قَوْلُهُ: أَنَّهَا عُقِدَتْ) أَيْ النَّارُ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ يَصْفِقَ) بَابُهُ ضَرَبَ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: مِنْ كَوْن نِيَّةِ التَّفْصِيلِ) أَيْ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ مَعَ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَلَوْ ضِمْنًا) أَيْ فِي أَحَدِهِمَا كَمَا مَثَّلَ. أَمَّا إذَا كَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ أَنَّهُ بِاعْتِبَارِ مَا حَدَثَ لَهُ) خَبَرُ قَوْلِهِ مُرَادُهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الصِّفَةَ حِينَئِذٍ مُمْتَزِجَةٌ) فِي هَذَا التَّعْبِيرِ مُسَامَحَةٌ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ: لَوْ تَعَدَّدَتْ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ إلَخْ) أَيْ فَمَفْهُومُ الْمَتْنِ فِيهِ تَفْصِيلٌ (قَوْلُهُ: مِنْ كَوْنِ نِيَّةِ التَّفْصِيلِ) أَيْ فِي الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ضِمْنًا)

ذَلِكَ الْكَامِلِ، بِخِلَافِهِ بِمِثْلِهِ فَإِنَّهُ مُسْتَتِرٌ فِيهِمَا فَلَا مُقْتَضَى لِتَقْدِيرِ بُرُوزِهِ، وَمَرَّ أَنَّ الْمَاءَ رِبَوِيٌّ لَكِنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِمَقْصُودٍ دَارٌ بِهَا بِئْرُ مَاءٍ عَذْبٍ بِيعَتْ بِمِثْلِهَا مَقْصُودٌ تَبَعًا فَلَمْ تَجْرِ فِيهِ الْقَاعِدَةُ الْآتِيَةُ لِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مَقْصُودًا فِي نَفْسِهِ، كَمَا ذَكَرُوا فِي بَابِ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لِدُخُولِهِ فِي بَيْعِ دَارٍ بِهَا بِئْرُ مَاءٍ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ لِاخْتِلَاطِ الْمَاءِ الْمَوْجُودِ لِلْبَائِعِ بِالْحَادِثِ لِلْمُشْتَرِي، وَمَنْ ادَّعَى أَنَّ كَلَامَهُمْ ثَمَّ مَفْرُوضٌ فِي بِئْرِ مَاءٍ مَبِيعَةٍ وَحْدَهَا فَيَكُونُ مَاؤُهَا حِينَئِذٍ مَقْصُودًا فَقَدْ غَلِطَ بَلْ صَرَّحُوا بِمَا ذَكَرْنَاهُ الْمَعْلُومُ مِنْهُ أَنَّ التَّابِعَ هُنَا غَيْرُ التَّابِعِ ثَمَّ وَهُوَ مَا يَكُونُ جُزْءًا أَوْ مُنَزَّلًا مَنْزِلَتَهُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ بَيْعُ بُرٍّ بِشَعِيرٍ وَفِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا حَبَّاتٌ مِنْ الْآخَرِ يَسِيرَةٌ بِحَيْثُ لَا يُقْصَدُ تَمْيِيزُهَا لِتُسْتَعْمَلَ وَحْدَهَا وَإِنْ أَثَّرَتْ فِي الْكَيْلَيْنِ، وَبَيْعُ دَارٍ فِيهَا مَعْدِنٌ ذَهَبٌ مَثَلًا جَهِلَاهُ بِذَهَبٍ لِأَنَّ الْمَعْدِنَ مَعَ الْجَهْلِ بِهِ تَابِعٌ بِالْإِضَافَةِ إلَى مَقْصُودِ الدَّارِ، فَالْمُقَابَلَةُ بَيْنَ الدَّارِ وَالذَّهَبِ خَاصَّةٌ فَصَحَّ، وَقَوْلُهُمْ لَا أَثَرَ لِلْجَهْلِ بِالْمُفْسِدِ فِي بَابِ الرِّبَا مَحِلُّهُ فِي غَيْرِ التَّابِعِ. أَمَّا التَّابِعُ فَيُتَسَامَحُ بِجَهْلِهِ، وَالْمَعْدِنُ مِنْ تَوَابِعِ الْأَرْضِ كَالْحَمَلِ يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ، وَلَا يُنَافِيه عَدَمُ صِحَّةِ بَيْعِ ذَاتِ لَبَنٍ بِمِثْلِهَا؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَ اللَّبَنَ فِي الضَّرْعِ كَهُوَ فِي الْإِنَاءِ بِخِلَافِ الْمَعْدِنِ؛ وَلِأَنَّ ذَاتَ اللَّبَنِ الْمَقْصُودُ مِنْهَا اللَّبَنُ وَالْأَرْضُ لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا الْمَعْدِنُ فَلَا بُطْلَانَ. أَمَّا لَوْ عَلِمَا بِالْمَعْدِنِ أَوْ أَحَدِهِمَا أَوْ كَانَ فِيهَا تَمْوِيهُ ذَهَبٍ يَتَحَصَّلُ مِنْهُ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ بِالْمُقَابَلَةِ فَجَرَتْ فِيهِ الْقَاعِدَةُ. (وَاخْتَلَفَ الْجِنْسُ) أَيْ جِنْسُ الْمَبِيعِ (مِنْهُمَا) جَمِيعُهُمَا بِأَنْ اشْتَمَلَ أَحَدُهُمَا عَلَى جِنْسَيْنِ اشْتَمَلَ الْآخَرُ عَلَيْهِمَا (كَمُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ بِمُدٍّ) عَجْوَةٍ (وَدِرْهَمٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــSضِمْنًا فِيهِمَا فَيَصِحُّ لِمَا يَأْتِي مِنْ صِحَّةِ بَيْعِ السِّمْسِمِ بِمِثْلِهِ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ أَنَّ الْمَاءَ رِبَوِيٌّ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: حَرَّرَ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَنَّ الصَّحِيحَ جَوَازُ بَيْعِ خُبْزِ الْبُرِّ بِخُبْزِ الشَّعِيرِ وَإِنْ اشْتَمَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى مَاءٍ وَمِلْحٍ لِاسْتِهْلَاكِهِمَا فَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ اهـ. أَقُولُ: قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَسْأَلَةُ الْخُلُولِ حَيْثُ قَالُوا فِيهَا: مَتَى كَانَ فِيهِمَا مَاءَانِ امْتَنَعَ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ مُطْلَقًا مِنْ جِنْسِهِ أَوْ غَيْرِ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمَاءَ فِي الْخُبْزِ لَا وُجُودَ لَهُ أَلْبَتَّةَ، وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ إنَّمَا هُوَ جَمْعُ أَجْزَاءِ الدَّقِيقِ، بِخِلَافِ الْخَلِّ فَإِنَّ الْمَاءَ مَوْجُودٌ فِيهِ بِعَيْنِهِ وَإِنَّمَا تَغَيَّرَتْ صِفَتُهُ بِمَا أُضِيفَ إلَيْهِ فَلَمْ تَضْمَحِلَّ أَجْزَاؤُهُ (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ التَّبَعِيَّةِ (قَوْلُهُ: لِدُخُولِهِ) أَيْ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: أَنَّ التَّابِعَ هُنَا) وَهُوَ مَا لَا يُقْصَدُ بِالْمُقَابَلَةِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ ثَمَّ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ) أَيْ فِي الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَثَّرَتْ فِي الْكَيْلَيْنِ) قَالَ سم عَلَى بَهْجَةٍ: قَوْلُهُ بِأَنْ يَكُونَ قَدْرًا لَوْ مُيِّزَ لَظَهَرَ إلَخْ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ هَذَا أَنْ يَنْظُرَ إلَى مَا يَحْوِيه كُلُّ صَاعٍ مَثَلًا فَيَعْتَبِرُ ظُهُورَهُ وَعَدَمَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ مَا يَحْوِيه الْمِكْيَالُ، فَتَارَةً قَدْ يَحْتَوِي عَلَى كَثِيرٍ مِنْ الْخَلِيطِ، وَتَارَةً عَلَى الْقَلِيلِ، بَلْ الْمُرَادُ النَّظَرُ لِمِقْدَارِ الْخَلِيطِ الَّذِي خُلِطَ عَلَيْهِ الْمَبِيعُ لَوْ مُيِّزَ جَمِيعُهُ هَلْ يَظْهَرُ فِي الْمِكْيَالِ نَقْصٌ لِوَكِيلِ الْخَالِصِ عَلَى انْفِرَادِهِ أَمْ لَا. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَوْ كَانَ النُّقْصَانُ لَا يَتَبَيَّنُ فِي الْمِقْدَارِ وَيَتَبَيَّنُ فِي الْكَثِيرِ. قَالَ الْإِمَامُ: فَالْمُمْتَنِعُ النُّقْصَانُ فَإِنْ كَانَ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ بِحَيْثُ لَوْ مُيِّزَ التُّرَابُ مِنْهُ لَمْ يَبِنْ النَّقْصُ صَحَّ وَإِنْ كَانَ لَوْ جُمِعَ لَمَلَأَ صَاعًا أَوْ آصُعًا فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ اهـ بِرّ. وَكَتَبَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ: أَيْ الْقَلِيلَ مِنْ التِّبْنِ وَنَحْوِهِ لَا يَظْهَرُ فِي الْمِكْيَالِ لَوْ كَانَ يَظْهَرُ فِيهِ لَكِنْ لَا قِيمَةَ لَهُ وَكَانَ الْخَالِصُ مِنْهُ مَعْلُومَ الْمُمَاثَلَةِ فَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ (قَوْلُهُ بَيْنَ الدَّارِ وَالذَّهَبِ خَاصَّةً) أَيْ لَا بَيْنَ الدَّارِ وَالْمَعْدِنِ بِالذَّهَبِ (قَوْلُهُ: الْمَقْصُودُ مِنْهَا اللَّبَنُ) أَيْ فَأَثَّرَ سَوَاءٌ عَلِمَاهُ أَوْ جَهِلَاهُ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ فِيهَا) مُحْتَرَزٌ قَوْلُهُ غَيْرَ تَابِعٍ بِالْإِضَافَةِ (قَوْلُهُ: يَتَحَصَّلُ مِنْهُ) أَيُّ شَيْءٍ. (قَوْلُهُ: كَمُدِّ عَجْوَةٍ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ تَمْرٌ مِنْ أَجْوَدِ تَمْرِ الْمَدِينَةِ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يَكُونُ جُزْءًا) أَيْ كَالسَّقْفِ مَثَلًا، وَقَوْلُهُ أَوْ مُنَزَّلًا مَنْزِلَتَهُ: أَيْ كَمِفْتَاحِ الْغَلْقِ، بِخِلَافِ الْمَاءِ فَلَا يَدْخُلُ فِي مُسَمَّى الدَّارِ مَثَلًا فَلَا بُدَّ مِنْ النَّصِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: عَجْوَةً) بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ بِمَدٍّ يُقْرَأُ بِالنَّصْبِ

وَكَثَوْبٍ وَدِرْهَمٍ بِثَوْبٍ وَدِرْهَمٍ أَوْ مَجْمُوعِهِمَا بِأَنْ اشْتَمَلَ أَحَدُهُمَا عَلَى جِنْسَيْنِ اشْتَمَلَ الْآخَرُ عَلَى أَحَدِهِمَا فَقَطْ كَثَوْبٍ مُطَرَّزٍ بِذَهَبٍ أَوْ قِلَادَةٍ فِيهَا خَرَزٌ وَذَهَبٌ بِيعَ أَوْ بِيعَتْ بِذَهَبٍ، فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ فِضَّةً اُشْتُرِطَ تَسْلِيمُ الذَّهَبِ وَمَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ فِي الْمَجْلِسِ (وَكَمُدٍّ وَدِرْهَمٍ بِمُدَّيْنِ أَوْ دِرْهَمَيْنِ) وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ سَابِقًا بِقَوْلِنَا وَاحِدًا الْمَذْكُورِ بِأَصْلِهِ وَاسْتَغْنَى عَنْهُ بِالتَّنْكِيرِ الْمُشْعِرِ بِالتَّوْحِيدِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ اسْتَغْنَى عَنْهُ بِمَا عَلِمَ مِنْ أَوَّلِ الْبَابِ أَنَّهُ حَيْثُ اخْتَلَفَتْ الْعِلَّةُ لَا رِبًا انْدَفَعَ مَا أَوْرَدَ عَلَيْهِ مِنْ بَيْعِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ بِبُرٍّ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ شَعِيرٍ أَوْ مَعَهُمَا فَإِنَّهُ لَمْ يَتَّحِدْ جِنْسٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (أَوْ اخْتَلَفَ النَّوْعُ) يَعْنِي غَيْرَ الْجِنْسِ بِاخْتِلَافِ الصِّفَةِ مَثَلًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ جَمِيعِهِمَا بِأَنْ اشْتَمَلَ أَحَدُهُمَا مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ عَلَى مَوْصُوفَيْنِ بِصِفَتَيْنِ اشْتَمَلَ الْآخَرُ عَلَيْهِمَا كَجَيِّدٍ وَرَدِيءٍ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا بِشَرْطِ تَمْيِيزِهِمَا إذْ لَا يَتَأَتَّى التَّوْزِيعُ إلَّا حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَمَيَّزَا. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الصِّحَّةُ هُنَا وَإِنْ كَثُرَتْ حَبَّاتُ الْآخَرِ وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إذْ الْفَرْقُ بَيْنَ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ أَنَّ الْحَبَّاتِ إذَا كَثُرَتْ فِي الْجِنْسِ لَمْ تَتَحَقَّقْ الْمُمَاثَلَةُ، بِخِلَافِ النَّوْعِ أَوْ مَتْبُوعِهِمَا بِأَنْ اشْتَمَلَ أَحَدُهُمَا عَلَى مَوْصُوفَيْنِ بِصِفَتَيْنِ اشْتَمَلَ الْآخَرُ عَلَى أَحَدِهِمَا فَقَطْ (كَصِحَاحٍ وَمُكَسَّرَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالصَّيْحَانِيُّ مِنْهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَمِثْلُ ذَلِكَ الْعَجْوَةُ الْمَعْرُوفَةُ حَيْثُ جَمَعَ فِيهَا بَيْنَ جِنْسَيْنِ كَبَيْعِ مُدٍّ مِنْهَا وَدِرْهَمٍ بِمُدٍّ وَدِرْهَمٍ غَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ وَكَثَوْبٍ وَدِرْهَمٍ) نَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيمَا يَخْتَلِفُ بِهِ الْجِنْسُ بَيْنَ الرِّبَوِيِّ وَغَيْرِهِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَا فَرْقَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي الْمَجْلِسِ) قَدْ يُشْكِلُ هَذَا بِأَنَّ مُقَابِلَ الذَّهَبِ لَمْ يَتَعَيَّنْ فِي الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْعَقْدَ وَاحِدٌ فَكَيْفَ يَتَأَتَّى مَا يُقَابِلُ الذَّهَبَ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ عَيْنٌ بِالتَّرَاضِي مِنْهُمَا بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: يَعْنِي غَيْرَ الْجِنْسِ) جُمْلَةٌ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ كَصِحَاحٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِاخْتِلَافِ الصِّفَةِ مَثَلًا) يُرِيدُ أَنَّ مُرَادَهُ هُنَا بِالنَّوْعِ مَا لَيْسَ بِجِنْسٍ فَيَشْمَلُ اخْتِلَافَ الصِّفَةِ وَالنَّوْعِ اهـ ع. أَقُولُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاخْتِلَافَ حَيْثُ كَانَ بِتَعَدُّدِ الْجِنْسِ أَوْ النَّوْعِ أَوْ الصِّفَةِ إمَّا فِي الطَّرَفَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا كَانَ الْحَاصِلُ مِنْ ذَلِكَ تِسْعُ صُوَرٍ تَعَدُّدُ الْجِنْسِ أَوْ النَّوْعِ أَوْ الصِّفَةِ فِي كُلٍّ مِنْ الطَّرَفَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا، وَالْمُدُّ الْمُعْتَبَرُ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ إمَّا أَنْ تَزِيدَ قِيمَتُهُ عَلَى الدَّرَاهِمِ أَوْ تَنْقُصَ أَوْ تَسَاوِي، فَتِلْكَ ثَلَاثُ صُوَرٍ تُضْرَبُ فِي التِّسْعِ الْمَذْكُورَةِ تَبْلُغُ سَبْعًا وَعِشْرِينَ صُورَةً، وَالْعَقْدُ فِي جَمِيعِهَا بَاطِلٌ إلَّا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ صِحَاحًا وَمُكَسَّرَةً بِمِثْلِهَا أَوْ بِصِحَاحٍ فَقَطْ أَوْ بِمُكَسَّرَةٍ فَقَطْ قِيمَةُ الْمُكَسَّرِ كَقِيمَةِ الصَّحِيحِ فَإِنَّ الْعَقْدَ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الصِّحَّةُ هُنَا) أَيْ فِي اخْتِلَاطِ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ بِالْآخَرِ (قَوْلُهُ: بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ) مِنْهُمْ حَجّ تَبَعًا لِمَا فِي الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ النَّوْعِ) قَدْ يُمْنَعُ بِأَنَّ اخْتِلَافَ النَّوْعِ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ يُوجِبُ تَوْزِيعَ مَا فِي الْآخَرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى التَّمْيِيزِ إبْقَاءً لِتَنْوِينِ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَحْدَهُ أَوْ مَعَ شَعِيرٍ أَوْ مَعَهُمَا) الصَّوَابُ إسْقَاطُ لَفْظِ أَوْ مَعَهُمَا (قَوْلُهُ: مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ) اُنْظُرْ مَا الدَّاعِي إلَى هَذَا التَّقْيِيدِ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ أَعَمُّ، وَأَيْضًا فَهُوَ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ الْآتِيَ وَإِنْ كَثُرَتْ حَبَّاتُ الْآخَرِ إلَخْ، ثُمَّ إنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ ذِكْرُ لَفْظِ، وَلَوْ قِيلَ قَوْلُهُ بِاخْتِلَافِ الصِّفَةِ وَإِلَّا فَهَذَا الْقَصْرُ فِيهِ مَا لَا يَخْفَى وَإِنْ دَخَلَ النَّوْعُ بِقَوْلِهِ مَثَلًا. وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَبَّاتِ الْآتِيَةَ فِي كَلَامِهِ مِنْ اخْتِلَافِ النَّوْعِ لَا مِنْ اخْتِلَافِ الصِّفَةِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: يَعْنِي غَيْرَ الْجِنْسِ سَوَاءٌ أَكَانَ نَوْعًا حَقِيقًا كَجَيِّدٍ وَرَدِيءٍ إلَى أَنْ قَالَ فِي الدُّخُولِ عَلَى الْمَتْنِ أَمْ صِفَةً مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا كَصِحَاحٍ وَمُكَسَّرَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَجَيِّدٍ وَرَدِيءٍ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا) ذِكْرُ أَحَدِهِمَا لَا يُوَافِقُ مَا أَصَّلَهُ مِنْ اشْتِمَالِ الصَّفْقَةِ عَلَى مُخْتَلِفَيْنِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَإِنَّمَا يَتَأَتَّى فِي الْقِسْمِ الْآتِي قَوْلُهُ بِشَرْطِ تَمْيِيزِهِمَا قَيْدٌ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، إذْ الْقَاعِدَةُ جَارِيَةٌ فِيهِمَا مَعَ الِاخْتِلَاطِ وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي نَحْوِ الْحُبُوبِ (قَوْلُهُ: اشْتَمَلَ الْآخَرُ عَلَى أَحَدِهِمَا فَقَطْ) لَا يُلَاقِي قَوْلَ الْمَتْنِ بِهِمَا

بِهِمَا) أَيْ بِصِحَاحٍ وَمُكَسَّرَةٍ (أَوْ بِأَحَدِهِمَا) أَيْ بِصِحَاحٍ فَقَطْ أَوْ بِمُكَسَّرَةٍ فَقَطْ، وَقِيمَةُ الْمُكَسَّرَةِ دُونَ قِيمَةِ الصِّحَاحِ فِي الْكُلِّ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ؛ لِأَنَّ التَّوْزِيعَ الْآتِي إنَّمَا يَتَأَتَّى حِينَئِذٍ وَمَا ذَكَرَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ أَنَّ مِنْ ذَلِكَ بَيْعُ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ وَأَحَدُهُمَا خَشِنٌ أَوْ أَسْوَدُ غَيْرُ صَحِيحٍ، إذْ السَّوَادُ وَالْخُشُونَةُ لَيْسَ عَيْنًا أُخْرَى مَضْمُومَةً لِذَلِكَ الطَّرَفِ بَلْ هُوَ عَيْبٌ فِي الْعِوَضِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مُرَادَ الطَّبَرِيِّ أَنَّ أَحَدَ الطَّرَفَيْنِ اشْتَمَلَ عَلَى عَيْنَيْنِ مِنْ الذَّهَبِ إحْدَاهُمَا الْخَشِنَةُ أَوْ سَوْدَاءُ، وَكَذَا لَوْ بَانَتْ إحْدَاهُمَا مُخْتَلِطَةً بِنَحْوِ نُحَاسٍ (فَبَاطِلَةٌ) وَلَا يَجِيءُ هُنَا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ وَالْقَائِلُ بِتَفْرِيقِهَا غَالِطٌ، إذْ شَرْطُ الصِّحَّةِ عِلْمُ التَّسَاوِي حَالَ الْعَقْدِ فِيمَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ وَذَلِكَ مَفْقُودٌ هُنَا فَهُوَ مِنْ الْقَاعِدَةِ؛ وَلِأَنَّ الْفَسَادَ لِلْهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ كَالْعَقْدِ عَلَى خَمْسِ نِسْوَةٍ مَعًا لِخَبَرِ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ «أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ خَيْبَرَ بِقِلَادَةٍ فِيهَا خَرَزٌ مُعَلَّقٌ بِذَهَبٍ ابْتَاعَهَا رَجُلٌ بِتِسْعَةِ دَنَانِيرَ أَوْ سَبْعَةٍ، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا حَتَّى يُمَيِّزَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا قَالَ فَضَالَةُ: فَرَدَّهُ حَتَّى مَيَّزَ بَيْنَهُمَا» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَلِأَنَّ قَضِيَّةَ اشْتِمَالِ أَحَدِ طَرَفَيْ الْعَقْدِ عَلَى مَالَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ أَنْ يُوَزَّعَ مَا فِي الطَّرَفِ الْآخَرِ عَلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ وَالتَّوْزِيعُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ يُؤَدِّي إلَى الْمُفَاضَلَةِ أَوْ عَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةِ، فَفِي بَيْعِ مُدٍّ وَدِرْهَمٍ بِمُدٍّ وَدِرْهَمٍ إنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَةُ الْمُدِّ مِنْ الطَّرَفَيْنِ كَدِرْهَمَيْنِ وَدِرْهَمٍ فَحَدُّ الدِّرْهَمَيْنِ ثُلُثَا طَرَفِهِ فَيُقَابِلُهُ ثُلُثَا مُدٍّ وَثُلُثَا دِرْهَمٍ مِنْ الطَّرَفِ الْآخَرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَيْهِ وَهُوَ مَانِعٌ مِنْ الْعِلْمِ بِالْمُمَاثَلَةِ (قَوْلُهُ دُونَ قِيمَةِ الصِّحَاحِ فِي الْكُلِّ) أَيْ أَمَّا لَوْ بَاعَ رَدِيئًا وَجَيِّدًا بِمِثْلِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا فَلَا يَصِحُّ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّدِيءِ دُونَ قِيمَةِ الْجَيِّدِ أَمْ لَا. وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: قَوْلُهُ وَقِيمَةُ الرَّدِيءِ إلَخْ قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: هَذَا الشَّرْطُ لَمْ أَرَهُ لِلْأَصْحَابِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الصِّحَاحِ وَالْمُكَسَّرَةِ خَاصَّةً، فَكَأَنَّ الشَّيْخَ أَلْحَقَ هَذَا نَظَرًا إلَى أَنَّ الْجَوْدَةَ وَالرَّدَاءَةَ مُجَرَّدُ صِفَةٍ اهـ. وَأَقُولُ: لَا يَخْلُو هَذَا الْإِلْحَاقُ عَنْ شَيْءٍ وَالْفَرْقُ مُمْكِنٌ اهـ. أَقُولُ: لَعَلَّهُ أَنَّ الصِّحَاحَ وَالْمُكَسَّرَةَ لَمَّا كَانَتْ مِنْ صِفَاتِ النَّقْدِ الَّذِي بِهِ التَّعَامُلُ كَانَتْ الْمُسَاوَاةُ فِيهِ مُحَقَّقَةً فَصَحَّ فِي حَالَةِ التَّسَاوِي، بِخِلَافِ الْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ فَإِنَّ الْمُسَاوَاةَ بَيْنَهُمَا تَعْتَمِدُ التَّخْمِينَ، فَبَطَلَ فِي صُورَةِ الْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ مُطْلَقًا وَفِي صُورَةِ الصِّحَاحِ وَالْمُكَسَّرَةِ حَيْثُ كَانَتْ قِيمَةُ الْمُكَسَّرَةِ دُونَ قِيمَةِ الصِّحَاحِ فَتَأَمَّلْهُ، هَذَا وَالْمُعْتَمَدُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ وَالصَّحِيحِ وَالْمُكَسَّرِ فَحَيْثُ تَسَاوَيَا فِي الْقِيمَةِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: أَنَّ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ (قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ عَيْبٌ فِي الْعِوَضِ) كَذَا قِيلَ: أَيْ فَلَا يَمْنَعُ مِنْ الصِّحَّةِ، وَقَوْلُهُ وَمَعْلُومٌ مُرَادُهُ بِهِ دَفْعُ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الطَّبَرِيِّ وَجَعْلُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْقَاعِدَةِ فَلَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ مُرَادَ الطَّبَرِيِّ إلَخْ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مُرَادَ إلَخْ دَعْوَى ظُهُورِ ذَلِكَ مَعَ تَعْبِيرِهِ بِقَوْلِهِ وَأَحَدُهُمَا خَشِنٌ أَوْ أَسْوَدُ لَا يَخْفَى مَا فِيهَا. أَقُولُ: قَدْ يُقَالُ قَوْلُهُ مِنْ ذَلِكَ يُعَيِّنُ أَنَّ مُرَادَهُ مَا ذُكِرَ ضَرُورَةً أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ عَيْنَيْنِ فِي كُلٍّ مِنْ الطَّرَفَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ نُحَاسٍ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ أَيْضًا (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ فَضَالَةَ) دَلِيلٌ نَقْلِيٌّ (قَوْلُهُ: مُعَلَّقٌ بِذَهَبٍ) أَيْ مَعَ ذَهَبٍ (قَوْلُهُ: ابْتَاعَهَا رَجُلٌ) ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ وَقَعَ صُورَةُ الْبَيْعِ مِنْ الرَّجُلِ، وَعِبَارَةُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي مَنْهَجِهِ بِقِلَادَةٍ فِيهَا خَرَزٌ وَذَهَبٌ تُبَاعُ اهـ. وَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِي أَنَّهَا كَانَتْ مُعَرَّضَةً لِلْبَيْعِ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا صُورَةُ عَقْدٍ، وَلَا مَانِعَ مِنْ ظَاهِرِ كَلَامِ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ ذَلِكَ يَكُونُ غَرَضُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيَانَ أَنَّ الْعَقْدَ الَّذِي صَدَرَ فَاسِدٌ وَأَنَّ الطَّرِيقَ فِي صِحَّةِ بَيْعِهَا إفْرَادُ كُلٍّ مِنْ الذَّهَبِ وَالْخَرَزِ بِعَقْدٍ (قَوْلُهُ: لَا حَتَّى يُمَيِّزَ) عِبَارَةُ حَجّ: «نَهَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ قِلَادَةٍ فِيهَا خَرَزٌ وَذَهَبٌ بِذَهَبٍ حَتَّى يُمَيِّزَ بَيْنَهُمَا، فَقَالَ الْمُشْتَرِي: إنَّمَا أَرَدْت الْحِجَارَةَ فَقَالَ لَا حَتَّى: يُمَيِّزَ» إلَخْ (قَوْلُهُ فَرَدَّهُ) أَيْ الْبَيْعَ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: حَتَّى مَيَّزَ بَيْنَهُمَا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ فَصَلَ كُلًّا مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ فِي الْخَارِجِ لَكِنْ لَا تَتَوَقَّفُ الصِّحَّةُ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَهُوَ مِنْ الْقَاعِدَةِ) الْأَصْوَبُ حَذْفُهُ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ فَضَالَةَ) تَعْلِيلٌ لِأَصْلِ الْمَتْنِ

فَتَتَحَقَّقُ الْمُفَاضَلَةُ بِمُقَابَلَةِ ثُلُثَيْ مُدٍّ بِنِصْفِ مُدٍّ وَإِنْ اسْتَوَتْ قِيمَةُ الْمُدِّ مِنْ الطَّرَفَيْنِ فَالْمُمَاثَلَةُ غَيْرُ مُحَقَّقَةٍ؛ لِأَنَّهَا تَعْتَمِدُ التَّقْوِيمَ وَهُوَ تَخْمِينٌ قَدْ يُخْطِئُ، وَلَا فَرْقَ فِي الْجِنْسِ الْمَضْمُومِ إلَى الرِّبَوِيِّ الْمُتَّحِدِ الْجِنْسِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ رِبَوِيًّا أَمْ لَا، وَمَا قَدَّرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ فِي الْجِنْسِ هُنَا بِالرِّبَوِيِّ يُوهِمُ الصِّحَّةَ فِي بَيْعِ دِرْهَمٍ وَثَوْبٍ بِمِثْلِهِمَا؛ لِأَنَّ جِنْسَ الرِّبَوِيِّ غَيْرُ مُخْتَلِفٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ هُوَ حِينَئِذٍ مِنْ الْقَاعِدَةِ؛ لِأَنَّ جِنْسَ الْمَبِيعِ اخْتَلَفَ وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِي الْمُعَيَّنِ لِيَخْرُجَ بِهِ مَا فِي الذِّمَّةِ فَلَا يَأْتِي جَمِيعُ مَا فِي غَيْرِهِ فِيهِ فَلَا يُشْكِلُ بِمَا سَيَأْتِي فِي الصُّلْحِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَخَمْسُونَ دِينَارًا فَصَالَحَ عَنْهَا بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ جَازَ، وَخَرَجَ بِالصُّلْحِ مَا لَوْ عَوَّضَ دَائِنَهُ عَنْ دَيْنِهِ النَّقْدِ نَقْدًا مِنْ جِنْسِهِ وَغَيْرِهِ أَوْ وَفَّاهُ بِهِ غَيْرَ لَفْظِ تَعْوِيضٍ لَكِنْ بِمَعْنَاهُ مَعَ الْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ فَلَا يَصِحُّ، وَفَارَقَ صِحَّةَ الصُّلْحِ عَنْ أَلْفٍ بِخَمْسِمِائَةٍ بِأَنَّ لَفْظَهُ يَقْتَضِي قَنَاعَةَ الْمُسْتَحِقِّ بِالْقَلِيلِ عَنْ الْكَثِيرِ فَيَتَضَمَّنُ الْإِبْرَاءَ عَنْ الْبَاقِي وَبِأَنَّ الْمَأْخُوذَ فِيهِ بِصِفَةِ الدَّيْنِ بِخِلَافِهِ هُنَا فِيهِمَا. وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ يَغْفُلُ عَنْ دَقِيقِهِ فَلَا بَأْسَ بِالتَّفَطُّنِ لَهَا، وَهِيَ أَنَّهُ عَلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ بُطْلَانَ بَيْعِ نَحْوِ دِينَارٍ فِيهِ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ بِمِثْلِهِ أَوْ بِأَحَدِهِمَا وَلَوْ خَالِصًا وَإِنْ قَلَّ الْخَلِيطُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي الْوَزْنِ مُطْلَقًا، فَإِنْ فُرِضَ عَدَمُ تَأْثِيرِهِ فِيهِ وَلَمْ يَظْهَرْ بِهِ تَفَاوُتٌ فِي الْقِيمَةِ صَحَّ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ بِالْأَوْلَى بُطْلَانُ مَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى مِنْ دَفْعِ دِينَارٍ مَغْرِبِيٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــSذَلِكَ بَلْ يَكْفِي التَّفْصِيلُ فِي الْعَقْدِ كَمَا مَرَّ، وَيُمْكِنُ شُمُولُ الْحَدِيثِ لِذَلِكَ بِأَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ لَا حَتَّى يُمَيِّزَ عَلَى الْأَعَمِّ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي الْعَقْدِ وَفِي الْخَارِجِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ تَخْمِينٌ قَدْ يُخْطِئُ) وَيُقَالُ مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَ النَّوْعُ أَوْ الصِّفَةُ (قَوْلُهُ: لِيَخْرُجَ بِهِ مَا فِي الذِّمَّةِ فَلَا يَأْتِي إلَخْ) يَعْنِي مَا فِي الذِّمَّةِ فِيهِ تَفْصِيلٌ، وَحَاصِلُهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي أَنَّهُ يَصِحُّ الصُّلْحُ دُونَ غَيْرِهِ هَذَا وَكَانَ يُمْكِنُ إجْرَاءُ الْكَلَامِ عَلَى عُمُومِهِ وَتُجْعَلُ صُورَةُ الصُّلْحِ مُسْتَثْنَاةً فَلَا تُرَدُّ (قَوْلُهُ: فَصَالِحٌ عَنْهَا) أَيْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ (قَوْلُهُ لَكِنْ بِمَعْنَاهُ) كَأَنْ قَالَ: خُذْهَا عَنْ دَيْنِك (قَوْلُهُ: بِأَنَّ لَفْظَهُ) أَيْ الصُّلْحِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي الْوَزْنِ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ الْمُعَامَلَةِ بِالْمَغْشُوشِ وَإِنْ جَهِلَ قَدْرَ الْغِشِّ وَكَوْنُهُ مِثْلِيًّا وَثُبُوتُهُ فِي الذِّمَّةِ حَيْثُ ضُمِنَ بِمُعَامَلَةٍ أَوْ إتْلَافٍ فَلْيُتَأَمَّلْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا هُنَاكَ لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِبَيْعِ الْمَغْشُوشِ بِمِثْلِهِ بَلْ يَجُوزُ تَصْوِيرُهُ بِبَيْعِهِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَظْهَرْ بِهِ تَفَاوُتٌ فِي الْقِيمَةِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُمَا لَوْ تَفَاوَتَا فِي الْقِيمَةِ لَمْ يَصِحَّ وَهُوَ مُشْكِلٌ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا نَظَرَ لِتَفَاوُتِ الْقِيمَتَيْنِ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ: لَا يُقَالُ: إنَّمَا نَظَرَ لِاخْتِلَافِ الْقِيمَتَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِي الْمُعَيَّنِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ الصُّلْحِ الْآتِيَةِ مُعَيَّنًا لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ الْمَذْكُورُ وَهُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الصِّحَّةُ، وَعَلَيْهِ فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ مَا فِي الذِّمَّةِ: أَيْ وَلَوْ بِالنِّسْبَةِ لِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ لِيُوَافِقَ الْمُعْتَمَدَ الْآتِيَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ جَمِيعُ مَا فِي غَيْرِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَتَأَتَّى فِيهِ بَعْضُ مَا فِي غَيْرِهِ وَلَيْسَ مُرَادًا، فَفِي الْعِبَارَةِ مُسَامَحَةٌ لَا تَخْفَى (قَوْلُهُ: نَقْدًا مِنْ جِنْسِهِ) لَعَلَّهُ سَقَطَ عَقِبَهُ لَفْظُ وَغَيْرِهِ مِنْ النُّسَّاخِ لِيَكُونَ مِنْ الْقَاعِدَةِ الَّتِي الْكَلَامُ فِيهَا، وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ بِلَفْظِهَا فِي حَاشِيَةِ الزِّيَادِيِّ وَفِيهَا لَفْظُ وَغَيْرِهِ وَكَذَلِكَ مَعْنَاهَا فِي التُّحْفَةِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِيهَا بِالصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: مَعَ الْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ) قَضِيَّتُهُ الصِّحَّةُ عِنْدَ الْعِلْمِ بِالْمُمَاثَلَةِ، هَذَا إنْ كَانَ لَفْظُ وَغَيْرِهِ الَّذِي نَبَّهْنَا عَلَيْهِ أَسْقَطَهُ الشَّارِحُ قَصْدًا وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ خُرُوجُ الْمَسْأَلَةِ عَنْ الْقَاعِدَةِ، فَإِنْ كَانَ إسْقَاطُهُ مِنْ النُّسَّاخِ فَقَوْلُهُ مَعَ الْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ قَيْدٌ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ إذْ لَا يَتَأَتَّى الْعِلْمُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ صِحَّةَ الصُّلْحِ إلَخْ) هَذَا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ الْقَاعِدَةِ عَلَى أَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِي الْمُعَيَّنِ لِيَخْرُجَ بِهِ مَا فِي الذِّمَّةِ إلَخْ

مَثَلًا وَعَلَيْهِ تَمَامُ مَا يَبْلُغُ بِهِ دِينَارًا جَدِيدًا مِنْ فِضَّةٍ أَوْ فُلُوسٍ وَأَخْذِ دِينَارٍ جَدِيدٍ بَدَلَهُ جَرْيًا عَلَى الْقَاعِدَةِ؛ وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ قَالَ لِصَيْرَفِيٍّ اصْرِفْ لِي بِنِصْفِ هَذَا الدِّرْهَمِ فِضَّةً وَبِالنِّصْفِ الْآخَرِ فُلُوسًا جَازَ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ نِصْفًا فِي مُقَابَلَةِ الْفِضَّةِ وَنِصْفًا فِي مُقَابَلَةِ الْفُلُوسِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: اصْرِفْ لِي بِهَذَا الدِّرْهَمِ نِصْفَ فِضَّةٍ وَنِصْفَ فُلُوسٍ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَسَّطَ عَلَيْهِمَا ذَلِكَ احْتَمَلَ التَّفَاضُلَ وَكَانَ مِنْ صُوَرِ مُدِّ عَجْوَةٍ. وَتُكْرَهُ الْحِيلَةُ الْمُخَلِّصَةُ مِنْ صُوَرِ الرِّبَا بِسَائِرِ أَنْوَاعِهِ وَإِنْ خَصَّهَا بَعْضُهُمْ بِالتَّخَلُّصِ مِنْ رِبَا الْفَضْلِ وَيَجُوزُ بَيْعُ الْجَوْزِ بِالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ بِاللَّوْزِ كَيْلًا وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْقُشُورُ كَمَا سَيَأْتِي فِي السَّلَمِ وَبَيْعِ لُبٍّ كُلٌّ بِمِثْلِهِ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ بَيْعُ مَا نُزِعَ نَوَاهُ مِنْ التَّمْرِ لِبُطْلَانِ كَمَالِهِ وَسُرْعَةِ فَسَادِهِ بِخِلَافِ لُبِّ مَا مَرَّ، وَيَجُوزُ بَيْعُ الْبَيْضِ مَعَ قِشْرِهِ بِبَيْضٍ كَذَلِكَ وَزْنًا إنْ اتَّحَدَ الْجِنْسُ، فَإِنْ اخْتَلَفَ جَازَ مُتَفَاضِلًا. (وَيَحْرُمُ) وَيَبْطُلُ (بَيْعُ اللَّحْمِ) وَلَوْ لَحْمَ سَمَكٍ وَمَا فِي مَعْنَى اللَّحْمِ كَشَحْمٍ وَكَبِدٍ وَطِحَالٍ وَقَلْبٍ وَأَلْيَةٍ وَجِلْدِ صَغِيرٍ يُؤْكَلُ غَالِبًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (بِالْحَيَوَانِ) وَلَوْ سَمَكًا وَجَرَادًا (مِنْ جِنْسِهِ) كَبَيْعِ لَحْمِ ضَأْنٍ بِضَأْنٍ (وَكَذَا) يَحْرُمُ (بِغَيْرِ جِنْسِهِ مِنْ مَأْكُولٍ) كَبَيْعِ لَحْمِ بَقَرٍ بِضَأْنٍ وَلَحْمِ شَاةٍ بِبَعِيرٍ (وَغَيْرِهِ) وَلَوْ آدَمِيًّا كَلَحْمِ ضَأْنٍ بِحِمَارٍ (فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ» وَإِرْسَالُهُ مَجْبُورٌ بِإِسْنَادِ التِّرْمِذِيِّ لَهُ وَمُعْتَضَدٌ بِالنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْ بَيْعِ الشَّاةِ بِاللَّحْمِ وَبِأَنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ مُرْسَلُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْنَدِ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ نِزَاعٍ وَبِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ: وَقَدْ نَحَرْت جَزُورَ فِي عَهْدِهِ فَجَاءَ رَجُلٌ بِعَنَاقٍ يَطْلُبُ بِهَا لَحْمًا لَا يَصْلُحُ هَذَا وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ الْجَوَازُ ـــــــــــــــــــــــــــــSهُنَا لِاشْتِمَالِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ عَلَى ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَمَا مَرَّ فِيمَا إذَا كَانَا الْعِوَضَانِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْكَلَامُ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا لَمْ يُؤَثِّرُ الْخَلِيطُ فِي الْوَزْنِ أَصْلًا كَاشْتِمَالِ الْعِوَضَيْنِ عَلَى زِنَةِ شَعْرَةٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَيُفْرَضُ أَنَّهَا لَا وُجُودَ لَهَا فَكَأَنَّهُ بَاعَ ذَهَبًا خَالِصًا بِذَهَبٍ خَالِصٍ، وَإِنْ اشْتَمَلَ أَحَدُهُمَا عَلَى قَلِيلٍ مِنْ فِضَّةٍ لَا تُؤَثِّرُ فِي الْوَزْنِ وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: تَتِمَّةٌ: لَوْ بَاعَ فِضَّةً مَغْشُوشَةً بِمِثْلِهَا أَوْ خَالِصَةً إنْ كَانَ الْغِشُّ قَدْرًا يَظْهَرُ فِي الْوَزْنِ امْتَنَعَ وَإِلَّا جَازَ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا بِهَامِشِ الْمَحَلِّيِّ اهـ. فَلَمْ يَفْصِلْ فِي الْقَلِيلِ بَيْنَ مَا لَهُ قِيمَةٌ وَبَيْنَ مَا لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ مَثَلًا) أَيْ أَوْ إبْرَاهِيمِيٌّ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ وَمَعَهُ مِنْ الْفِضَّةِ تَمَامُ إلَخْ (قَوْلُهُ: هَذَا الدِّرْهَمُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ خَالِصٌ مِنْ النُّحَاسِ. (قَوْلُهُ: وَاللَّوْزُ بِاللَّوْزِ كَيْلًا) قَضِيَّةُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى جِرْمِ التَّمْرِ مَوْزُونٌ أَنْ يَكُونَ الْجَوْزُ مَوْزُونًا، وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ: وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ يُوزَنُ إنْ كَانَ أَكْبَرَ جِرْمًا مِنْ تَمْرٍ كَجَوْزٍ وَبَيْضٍ إلَخْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ: الْجَوْزُ بِالْجَوْزِ وَزْنًا، وَعَلَيْهَا فَلَا إشْكَالَ، وَفَائِدَةُ ذِكْرِ هَذِهِ الصُّوَرِ هُنَا دَفْعُ تَوَهُّمِ أَنَّ نَحْوَ الْجَوْزِ بِالْجَوْزِ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ لِاشْتِمَالِ الْعَقْدِ عَلَى رِبَوِيٍّ مِنْ الطَّرَفَيْنِ وَهُوَ اللُّبُّ وَاخْتِلَافُ الْمَبِيعِ بِانْضِمَامِ الْقِشْرِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ لُبِّ مَا مَرَّ) مِنْ الْجَوْزِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَزْنًا إنْ اتَّحَدَ الْجِنْسُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ جِرْمًا مِنْ التَّمْرِ كَبَيْضِ الْعَصَافِيرِ وَالْيَمَامِ، وَقَضِيَّةُ تَمْثِيلِ الْمَنْهَجِ لِمَا كَانَ أَكْبَرَ جِرْمًا مِنْ التَّمْرِ بِالْبَيْضِ تَخْصِيصُ اعْتِبَارِ الْوَزْنِ فِي الْبَيْضِ بِبَيْضِ نَحْوِ الدَّجَاجِ كَالْإِوَزِّ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَحْمَ سَمَكٍ) أَخْذُهُ غَايَةٌ لِلْإِشَارَةِ إلَّا أَنَّ السَّمَكَ لَا يُعَدُّ لَحْمًا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَلَوْ سَمَكًا) أَيْ حَيًّا؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ لَحْمًا وَمِنْ ثَمَّ جَازَ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ حَيًّا وَإِنْ جَازَ بَيْعُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لَا يَصْلُحُ) مَقُولُ الْقَوْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) أَيْ لِكَوْنِهِ مِنْ الْقَاعِدَةِ (قَوْلُهُ: وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ الْجَوَازُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ الْجَوَازُ، أَمَّا فِي الْمَأْكُولِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ اللُّحُومَ أَجْنَاسٌ فَبِالْقِيَاسِ عَلَى بَيْعِ اللَّحْمِ بِاللَّحْمِ، وَأَمَّا فِي غَيْرِهِ فَوُجِّهَ بِأَنَّ سَبَبَ الْمَنْعِ إلَخْ

[باب البيوع المنهي عنها وما يتبعها]

بِنَاءً فِي الْمَأْكُولِ عَلَى أَنَّ اللُّحُومَ أَجْنَاسٌ، وَالْقِيَاسُ عَلَى بَيْعِ اللَّحْمِ بِاللَّحْمِ وَفِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْمَنْعِ بَيْعُ مَالِ الرِّبَا بِأَصْلِهِ الْمُشْتَمِلِ عَلَيْهِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ هُنَا، وَيَصِحُّ بَيْعُ لَبَنِ شَاةٍ بِشَاةٍ حُلِبَ لَبَنُهَا وَإِنْ بَقِيَ فِيهَا لَبَنٌ لَا يُقْصَدُ حَلْبُهُ، فَإِنْ قُصِدَ لِكَثْرَتِهِ أَوْ بَاعَ ذَاتَ لَبَنٍ مَأْكُولَةً بِذَاتِ لَبَنٍ كَذَلِكَ مِنْ جِنْسِهَا لَمْ يَصِحَّ، إذْ اللَّبَنُ فِي الضَّرْعِ يَأْخُذُ قِسْطًا مِنْ الثَّمَنِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجِبُ التَّمْرُ فِي مُقَابَلَتِهِ فِي الْمُصَرَّاةِ، بِخِلَافِ الْآدَمِيَّةِ ذَاتِ اللَّبَنِ فَفِي الْبَيَانِ عَنْ الشَّاشِيِّ الْجَوَازُ فِيهَا، وَفَرَّقَ بِأَنَّ لَبَنَ الشَّاةِ فِي الضَّرْعِ لَهُ حُكْمُ الْعَيْنِ وَلِهَذَا امْتَنَعَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ لَبَنِ الْآدَمِيَّةِ فَلَهُ حُكْمُ الْمَنْفَعَةِ؛ وَلِهَذَا جَازَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ، وَلَوْ بَاعَ لَبَنَ بَقَرَةٍ بِشَاةٍ فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ صَحَّ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ، أَمَّا بَيْعُ ذَاتِ لَبَنٍ بِغَيْرِ ذَاتِ لَبَنٍ فَصَحِيحٌ، وَبَيْعُ بَيْضِ دَجَاجَةٍ بِدَجَاجَةٍ كَبَيْعِ لَبَنِ شَاةٍ، فَإِنْ كَانَ فِي الدَّجَاجَةِ بَيْضٌ وَالْبَيْضُ الْمَبِيعُ بَيْضُ دَجَاجَةٍ لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ، وَبَيْعُ دَجَاجَةٍ فِيهَا بَيْضٌ بِدَجَاجَةٍ كَذَلِكَ بَاطِلٌ كَبَيْعِ ذَاتِ لَبَنٍ بِمِثْلِهَا. (بَابٌ) بِالتَّنْوِينِ فِي الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَمَا يَتْبَعُهَا ثُمَّ النَّهْيُ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا مَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ وَالْحُرْمَةَ؛ لِأَنَّ تَعَاطِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ: أَيْ مَعَ الْعِلْمِ بِفَسَادِهِ أَوْ مَعَ التَّقْصِيرِ فِي تَعَلُّمِهِ لِكَوْنِهِ مِمَّا لَا يَخْفَى، وَهُوَ مُخَالِطٌ لِلْمُسْلِمِينَ بِحَيْثُ يَبْعُدُ جَهْلُهُ بِذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ) عَطْفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ لِلْبِنَاءِ وَالْقِيَاسِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ سَبَبَ) الْأُولَى عَلَى أَنَّ سَبَبَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَقِيَ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ مَأْكُولَةٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ لَبَنِ الْآدَمِيَّةِ) وَمِثْلُهَا الْفَرَسُ ذَاتُ اللَّبَنِ فَتُبَاعُ بِمِثْلِهَا؛ لِأَنَّ لَبَنَهَا غَيْرُ مَقْصُودٍ بِالْعِوَضِ وَإِنْ قُصِدَ فِي نَفْسِهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُرَدُّ بَدَلُهُ فِي الْمُصَرَّاةِ صَاعُ تَمْرٍ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَإِنْ نُوزِعُوا فِيهِ اهـ حَجّ. وَعُمُومُ قَوْلِ الشَّارِحِ مَأْكُولَةٌ يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: فَلَهُ حُكْمُ الْمَنْفَعَةِ) قَدْ يُقَالُ: قِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ بَيْعِ دَارٍ بِهَا بِئْرُ مَاءٍ بِمِثْلِهَا؛ لِأَنَّ الْمَاءَ فِيهَا تَابِعٌ لَا مَقْصُودُ جَوَازِ بَيْعِ الشَّاةِ الْمَذْكُورَةِ بِمِثْلِهَا؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ فِي الضَّرْعِ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِالْعَقْدِ كَالْمَاءِ فِي الْبِئْرِ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الشَّارِعَ لَمَّا أَوْجَبَ الصَّاعَ فِي مُقَابَلَتِهِ عِنْدَ الرَّدِّ جَعَلَهُ مَقْصُودًا بِالْعَقْدِ كَالشَّاةِ وَلَا كَذَلِكَ الْبِئْرُ (قَوْلُهُ بِغَيْرِ ذَاتِ لَبَنٍ) أَيْ وَلَوْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ وَبَيْعُ دَجَاجَةٍ فِيهَا بَيْضٌ) أَيْ بِقَصْدِ أَكْلِهِ مُسْتَقِلًّا كَأَنْ تَصَلَّبَ. (بَابٌ) فِي الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا. (قَوْلُهُ: وَمَا يَتْبَعُهَا) مِنْهُ تَلَقِّي الرُّكْبَانِ وَالنَّجْشُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ النَّهْيُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ فِي هَذَا الْبَابِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ تَعَاطِيَ الْعَقْدِ) عِلَّةٌ لِلْحُرْمَةِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ التَّحْرِيمَ إنَّمَا نَشَأَ مِنْ فَسَادِ الْعَقْدِ فَلَيْسَ هُوَ مُقْتَضَى النَّهْيِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: النَّهْيُ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ رَجَعَ لِذَاتِ الْعَقْدِ أَوْ لَازِمِهِ أَوْ مَعْنًى خَارِجٍ أَوْ كَانَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ غَيْرَ عَقْدٍ وَيَقْتَضِي الْفَسَادَ إنْ رَجَعَ لِذَاتِ الْعَقْدِ أَوْ لَازِمِهِ، وَيَحْرُمُ مِنْ حَيْثُ تَعَاطِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ كَمَا أَنَّهُ يَحْرُمُ لِكَوْنِهِ مَنْهِيًّا عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ التَّقْصِيرِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ مَعَ التَّقْصِيرِ يَأْثَمُ بِتَعَاطِي الْعَقْدِ كَمَا يَأْثَمُ بِتَرْكِ التَّعَلُّمِ، فَلَيْسَ الْإِثْمُ بِالتَّقْصِيرِ دُونَ تَعَاطِي الْعَقْدِ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ مُرَادُ حَجّ بِقَوْلِهِ حَرَامٌ عَلَى الْمَنْقُولِ الْمُعْتَمَدِ: يَعْنِي أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ تَعَاطِيَ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ مَعَ الْجَهْلِ بِفَسَادِهِ حَرَامٌ حَيْثُ قَصَّرَ فِي التَّعَلُّمِ فَلَيْسَتْ الْحُرْمَةُ مَخْصُوصَةً بِالتَّقْصِيرِ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَبْعُدُ جَهْلُهُ بِذَلِكَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَاب الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَمَا يَتْبَعُهَا] (بَابٌ) فِي الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا

حَرَامٌ أَيْضًا سَوَاءٌ مَا فَسَادُهُ بِالنَّصِّ أَوْ الِاجْتِهَادِ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا حَصَلَ بِسَبَبِ مَفْسَدَةٍ نَشَأَتْ مِنْ اخْتِلَالِ أَحَدِ أَرْكَانِ الْعَقْدِ كَالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَبَيْعِ الْخَمْرِ وَالْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ فَإِنَّ مَنْشَأَ الْمَفْسَدَةِ الدَّاعِيَةِ إلَى النَّهْيِ عَنْهُ فِي الْأَوَّلِ إنَّمَا هُوَ أُمُورٌ رَاجِعَةٌ إلَى الْعَاقِدِ وَفِي الثَّانِي إلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَفِي الثَّالِثِ إلَى الصِّيغَةِ وَقَيَّدَ ذَلِكَ الْغَزَالِيُّ وَاعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِمَا إذَا قُصِدَ بِهِ تَحْقِيقُ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ دُونَ إجْرَاءِ اللَّفْظِ مِنْ غَيْرِ تَحْقِيقِ مَعْنَاهُ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ، ثُمَّ إنْ كَانَ لَهُ مَحْمَلٌ كَمُلَاعَبَةِ الزَّوْجَةِ بِنَحْوِ بِعْتُك نَفْسَك لَمْ يَحْرُمْ وَإِلَّا حَرُمَ إذْ لَا مَحْمَلَ لَهُ غَيْرَ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ، وَقَدْ يَجُوزُ لِاضْطِرَارِ تَعَاطِيهِ كَأَنْ امْتَنَعَ ذُو طَعَامٍ مِنْ بَيْعِهِ مِنْهُ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَلَهُ الِاحْتِيَالُ بِأَخْذِهِ مِنْهُ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ حَتَّى لَا يَلْزَمَهُ إلَّا الْمِثْلُ أَوْ الْقِيمَةُ وَثَانِيهِمَا مَا كَانَ النَّهْيُ عَنْهُ بِسَبَبٍ عَارِضٍ لِهَذِهِ الْحَقِيقَةِ خَارِجٍ عَنْهُ فَلَا يُوجِبُ الْفَسَادَ كَالْبَيْعِ وَقْتَ ـــــــــــــــــــــــــــــSيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَا يَقَعُ كَثِيرًا فِي قُرَى مِصْرِنَا مِنْ بَيْعِ الدَّوَابِّ وَيُؤَجَّلُ الثَّمَنُ إلَى أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ أَوْلَادِ الدَّابَّةِ الْمُسَمَّى بِبَيْعِ الْمُقَاوَمَةِ لَا إثْمَ عَلَى فَاعِلِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا يَخْفَى فَيُعْذَرُ فِيهِ (قَوْلُهُ: حَرَامٌ أَيْضًا) أَيْ كَاَلَّذِي عَلِمَ بِفَسَادِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِ) أَيْ بِمَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ وَالْحُرْمَةَ (قَوْلُهُ: نَشَأَتْ مِنْ اخْتِلَالِ أَحَدِ أَرْكَانِ الْعَقْدِ) أَيْ أَوْ شُرُوطِهِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ كَالْجَهْلِ بِمُدَّةِ الْخِيَارِ أَوْ الْأَجَلِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْمَفْسَدَةُ سَبَبُهَا فَقْدُ الرُّكْنِ مِنْ أَصْلِهِ كَالصِّيغَةِ أَوْ فَقْدُهُ أَوْ فَقْدُ مَا يُعْتَبَرُ فِي الرُّكْنِ كَالْعَجْزِ عَنْ التَّسْلِيمِ. (قَوْلُهُ: فِي الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ كَالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ وَالثَّانِي بَيْعُ الْخَمْرِ وَالثَّالِثُ الْمُلَامَسَةُ (قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ أُمُورٌ) لَعَلَّهُ أَرَادَ الْأُمُورَ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ إذْ سَبَبُ الْمَفْسَدَةِ عَدَمُ الْمِلْكِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَمْرَانِ (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَ ذَلِكَ) أَيْ كَوْنَ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ حَرَامًا (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَحْقِيقٍ) أَيْ بِأَنْ أَطْلَقَ أَوْ قَصَدَ غَيْرَ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ (قَوْلُهُ: مَحْمَلَ) أَيْ عُرْفًا (قَوْلُهُ: إذْ لَا مَحْمَلَ لَهُ) هُوَ وَاضِحٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، أَمَّا لَوْ قَصَدَ غَيْرَ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ فَفِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي عَدَمُ الْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَجُوزُ) أَيْ الْعَقْدُ الْفَاسِدُ (قَوْلُهُ: كَأَنْ امْتَنَعَ ذُو طَعَامٍ) أَيْ أَوْ ذُو دَابَّةٍ مِنْ إيجَارِهَا (قَوْلُهُ: فَلَهُ الِاحْتِيَالُ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ بَلْ اشْتَرَاهُ بِمَا سَمَّاهُ الْبَائِعُ لَزِمَهُ الْمُسَمَّى وَاضْطِرَارُهُ لَا يَجْعَلُهُ مُكْرَهًا عَلَى الْعَقْدِ بِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: أَوْ الْقِيمَةُ) قَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِالْقِيمَةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَقْصَى الْقِيَمِ، وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ جَوَازَ ذَلِكَ لَهُ أَخْرَجَهُ عَنْ نَظَائِرِهِ مِنْ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِيمَةِ أَقْصَى الْقِيَمِ وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الظَّاهِرُ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَتْلَفَ حَالًا أَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ لِإِذْنِ الشَّارِعِ لَهُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: خَارِجٍ عَنْهُ) أَيْ بِأَنْ لَا يَكُونَ بِفَقْدِ رُكْنٍ وَلَا شَرْطٍ وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ بِأَنْ لَا يَكُونَ لِذَاتِهِ وَلَا اللَّازِمَةِ بِقَرِينَةِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: فَلَا يُوجِبُ الْفَسَادَ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِ مَا حَصَلَ بِسَبَبِ مَفْسَدَةٍ نَشَأَتْ مِنْ أَحَدِ أَرْكَانِ الْعَقْدِ) صَادِقٌ بِأَنْ تَكُونَ الْمَفْسَدَةُ بِسَبَبِ انْتِفَاءِ ذَاتِ الرُّكْنِ أَوْ انْتِفَاءِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهِ، وَهَذَا مُرَادُهُ بِدَلِيلِ أَمْثِلَتِهِ الْآتِيَةِ، فَهُوَ مُسَاوٍ لِقَوْلِ الشِّهَابِ حَجّ ثُمَّ النَّهْيُ إنْ كَانَ لِذَاتِ الْعَقْدِ أَوْ لَازِمِهِ بِأَنْ فَقَدَ بَعْضَ أَرْكَانِهِ أَوْ شُرُوطِهِ اقْتَضَى بُطْلَانَهُ وَحُرْمَتَهُ إلَخْ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى زِيَادَةٍ أَوْ شُرُوطِهِ بَعْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ مِنْ أَحَدِ أَرْكَانِ الْعَقْدِ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ أُمُورٌ رَاجِعَةٌ إلَى الْعَاقِدِ) أَيْ كَعَدَمِ الْمِلْكِ وَعَدَمِ الْوِلَايَةِ وَعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ شَرْعًا، فَالْجَمْعِيَّةُ عَلَى بَابِهَا خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَ ذَلِكَ الْغَزَالِيُّ) يَعْنِي الْحُرْمَةَ (قَوْلُهُ: أَوْ الْقِيمَةُ) بَحَثَ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّ الْمُرَادَ قِيمَةُ يَوْمِ التَّلَفِ لَا أَقْصَى الْقِيَمِ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْبُوضُ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ كَالْمَغْصُوبِ كَمَا يَأْتِي وَهُوَ وَجِيهٌ وَيُصَرِّحُ بِهِ مَا يَأْتِي فِي تَعْلِيلِ ضَمَانِ الْمَقْبُوضِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ ضَمَانَ الْمَغْصُوبِ مِنْ أَنَّهُ مُطَالَبٌ بِرَدِّهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ إذْ هَذَا مَنْفِيٌّ هُنَا كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَثَانِيهِمَا مَا كَانَ النَّهْيُ عَنْهُ بِسَبَبٍ عَارِضٍ) هَذَا قَسِيمُ قَوْلِهِ أَحَدُهُمَا مَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ وَالْحُرْمَةَ الَّذِي الْمُرَادُ بِهِ مَا حَصَلَ بِسَبَبِ مَفْسَدَةٍ نَشَأَتْ مِنْ أَحَدِ أَرْكَانِ الْعَقْدِ الْمُسَاوِي لِقَوْلِ غَيْرِهِ إنْ كَانَ لِذَاتٍ أَوْ لَازِمِهِ فَالْمُقَابَلَةُ مَعْنَوِيَّةٌ لَا لَفْظِيَّةٌ

النِّدَاءِ. وَقَدْ أَشَارَ إلَى أَشْيَاءَ مِنْ الْأَوَّلِ فَقَالَ (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ عَسْبِ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ لِلْمُهْمَلَتَيْنِ وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ (الْفَحْلِ) رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَهُوَ ضِرَابُهُ) بِكَسْرِ الضَّادِ: أَيْ طُرُوقُهُ لِلْأُنْثَى وَهَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ وَمِنْ ثَمَّ حَكَى مُقَابِلِيهِ بِيُقَالُ (وَيُقَالُ مَاؤُهُ) وَكُلٌّ مِنْ هَذَيْنِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ نَهْيٌ، فَالتَّقْدِيرُ عَنْ بَدَلِ عَسْبٍ مِنْ أُجْرَةِ ضِرَابِهِ وَثَمَنِ مَائِهِ: أَيْ إعْطَاءُ ذَلِكَ وَأَخْذُهُ وَإِلَّا فَالْعَسْبُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ النَّهْيُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ (وَيُقَالُ أُجْرَةُ ضِرَابِهِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَالْأَوَّلِ أَنَّ الْأُجْرَةَ ثَمَّ مُقَدَّرَةٌ مَعَ عُمُومِهِ وَهُنَا ظَاهِرَةٌ وَهَذِهِ حِكْمَةُ اقْتِصَارِ الشَّارِحِ عَلَى ذِكْرِ التَّقْدِيرِ فِي الْأَوَّلَيْنِ مَعَ أَنَّهُ جَارٍ فِي الثَّلَاثَةِ مَعَ أَنَّ الْأَوَّلَيْنِ فِيهِمَا تَقْدِيرَانِ وَفِي الثَّالِثِ وَاحِدٌ (فَيَحْرُمُ ثَمَنُ مَائِهِ) وَيَبْطُلُ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ وَلَا مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَلَا مَعْلُومٍ (وَكَذَا) تَحْرُمُ (أُجْرَتُهُ) لِلضِّرَابِ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَلَكِنَّهُ حَرَامٌ. (قَوْلُهُ: عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: قَدْ وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِالنَّهْيِ عَنْ ثَمَنِهِ فِي رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ فِي الْمُخْتَصَرِ كَذَا بِهَامِشِ الْمَحَلِّيِّ لِشَيْخِنَا اهـ أَيْ فَيَكُونُ الْحَمْلُ أَوْلَى: أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِتَقْدِيرِ مُضَافٍ وَقَدْ يُجَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ اخْتَارَ مَا ذَكَرَهُ لِشُمُولِهِ لِلْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي مَعْنَى الْعَسْبِ (قَوْلُهُ: رَوَاهُ الشَّيْخَانِ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمِثْلُهُ فِي الْخَطِيبِ، وَعِبَارَةُ حَجّ كَعِبَارَةِ الشَّارِحِ، وَلَعَلَّ مَنْ اقْتَصَرَ عَلَى الرِّوَايَةِ عَنْ الْبُخَارِيِّ أَنَّ رِوَايَتَهُ هَكَذَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ، بِخِلَافِ مَنْ رَوَى عَنْهُمَا فَإِنَّهُ نَظَرَ إلَى أَنَّهُ وَرَدَ فِي مُسْلِمٍ نَهَى عَنْ بَيْعِ عَسْبِ الْفَحْلِ فَكَانَ مُسَاوِيًا لِلنَّهْيِ عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ، أَوْ أَنَّ الْبُخَارِيَّ رَوَاهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَمُسْلِمًا عَنْ غَيْرِهِ، فَمَنْ رَوَاهُ عَنْهُمَا نُظِرَ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى رِوَايَتِهِ وَمَنْ خَصَّهُ بِالْبُخَارِيِّ نَظَرَ إلَى رِوَايَتِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ (قَوْلُهُ بِكَسْرِ الضَّادِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: ضَرَبَ الْفَحْلُ النَّاقَةَ ضِرَابًا بِالْكَسْرِ نَزَا عَلَيْهَا اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الضِّرَابَ مَصْدَرُ ضَرَبَ وَعَلَيْهِ فَهُوَ مَصْدَرٌ سَمَاعِيٌّ، وَإِلَّا فَالضِّرَابُ وِزَانُ فِعَالٍ بِالْكَسْرِ وَهُوَ مَصْدَرٌ لِفَاعِلٍ، فَقِيَاسُهُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا لِضَارِبٍ لَا لِضَرَبَ (قَوْلُهُ: إعْطَاءُ ذَلِكَ) أَيْ وَالْعَقْدُ الْمُقْتَضِي لِذَلِكَ أَيْضًا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَيُقَالُ أُجْرَةُ ضِرَابِهِ) أَسْقَطَهُ الشَّيْخُ مِنْ شَرْحِ مَنْهَجِهِ، وَلَعَلَّ سَبَبَ ذَلِكَ رُجُوعُهُ فِي الْمَعْنَى إلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أُجْرَةُ ضِرَابِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ وَهُوَ ضِرَابُهُ (قَوْلُهُ: مَعَ عُمُومِهِ) أَيْ الْمُقَدَّرِ بِمَعْنَى احْتِمَالِهِ لِغَيْرِ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ) أَيْ الْحِكْمَةُ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ وَالْفَرْقُ إلَخْ حِكْمَةٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ) أَيْ لَا قِيمَةَ لَهُ شَرْعًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مَا قَابَلَ الْمِثْلِيَّ (قَوْلُهُ وَكَذَا تَحْرُمُ أُجْرَتُهُ) أَيْ إيجَارُهُ وَهَلْ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ كَمَا فِي الْإِجَارَاتِ الْفَاسِدَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ طُرُوقَهُ لِلْأُنْثَى لَا مِثْلَ لَهُ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ، وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ لَوْ اُسْتُعْمِلَ فِيمَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ كَالْحَرْثِ مُدَّةَ وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ لِلِانْتِفَاعِ الْمَذْكُورِ، وَيُحْتَمَلُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ نَفْسَهُ مِمَّا لَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ، وَمَحَلُّ حُرْمَةِ الِاسْتِئْجَارِ حَيْثُ اسْتَأْجَرَهُ لِلضِّرَابِ قَصْدًا فَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَنْتَفِعَ بِهِ مَا شَاءَ جَازَ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ فِي الْإِنْزَاءِ تَبَعًا لِاسْتِحْقَاقِهِ الْمَنْفَعَةَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْحَرْثِ أَوْ نَحْوِهِ فَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْإِنْزَاءِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَذِنَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ جَارٍ فِي الثَّلَاثَةِ) اعْلَمْ أَنَّ الَّذِي قَدَّرَهُ الشَّارِحُ الْجَلَالُ فِي الْأَوَّلَيْنِ هُوَ لَفْظُ بَدَلٌ مِنْ أُجْرَةٍ أَوْ ثَمَنٍ وَهُوَ لَا يَجْرِي فِي الثَّالِثِ إذْ الْبَدَلُ فِيهِ مَذْكُورٌ، وَالْجَارِي فِي الثَّلَاثَةِ إنَّمَا هُوَ الْمُضَافُ الثَّانِي وَهُوَ الْأَخْذُ أَوْ الْعَطَاءُ، وَقَدْ قَدَّرَهُ الشَّارِحُ الْجَلَالُ بَعْدُ أَيْضًا وَعِبَارَتُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلَيْنِ يُقَدَّرُ فِي الْحَدِيثِ مُضَافٌ لِيَصِحَّ النَّهْيُ: أَيْ نَهْيٌ عَنْ بَدَلِ عَسْبِ الْفَحْلِ مِنْ أُجْرَةِ ضِرَابِهِ أَوْ ثَمَنِ مَائِهِ: أَيْ بَذْلِ ذَلِكَ وَأَخْذِهِ انْتَهَتْ، فَقَوْلُهُ أَيْ بَدَلِ ذَلِكَ وَأَخْذِهِ هُوَ الْمُضَافُ الثَّانِي وَهُوَ رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ الْأَوَّلَيْنِ فِيهِمَا تَقْدِيرَانِ) لَا مَوْقِعَ لِلتَّعْبِيرِ بِالْمَعِيَّةِ هُنَا

فِعْلَ الضِّرَابِ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ لِلْمَالِكِ. وَالثَّانِي يَجُوزُ كَالِاسْتِئْجَارِ لِتَلْقِيحِ النَّخْلِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْإِيجَارَ لِتَلْقِيحِ النَّخْلِ فِي الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ هُوَ فِعْلُ الْأَجِيرِ الَّذِي هُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ الْإِهْدَاءُ لِصَاحِبِ الْفَحْلِ وَتُسْتَحَبُّ إعَارَتُهُ لِلضِّرَابِ. (وَعَنْ حَبَلِ الْحَبَلَةِ) رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (هُوَ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ فِيهَا وَغَلِطَ مَنْ سَكَّنَهُمَا جَمْعُ حَابِلٍ وَقِيلَ مُفْرَدٌ، وَهَاؤُهُ لِلْمُبَالَغَةِ (نِتَاجُ النِّتَاجِ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِهِ، وَهُوَ الْمَوْجُودُ فِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ، وَعَلَيْهِ عُرْفُ الْفُقَهَاءِ، وَفِي هَذَا تَجُوزُ مِنْ حَيْثُ إطْلَاقِ الْحَبَلِ عَلَى الْبَهَائِمِ مَعَ أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالْآدَمِيَّاتِ وَمِنْ حَيْثُ إطْلَاقُ الْمَصْدَرِ عَلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ: أَيْ الْمَحْبُولِ (بِأَنْ يَبِيعَ نِتَاجَ النِّتَاجِ) كَمَا عَلَيْهِ أَهْلُ اللُّغَةِ (أَوْ بِثَمَنٍ إلَى نِتَاجِ النِّتَاجِ) كَمَا فَسَّرَهُ رَاوِيهِ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: أَيْ إلَى أَنْ تَلِدَ هَذِهِ الدَّابَّةُ وَيَلِدَ وَلَدُهَا مِنْ نُتِجَتْ النَّاقَةُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لَا غَيْرَ، ـــــــــــــــــــــــــــــSلَهُ فِي اسْتِعْمَالِهِ فِيمَا سَمَّاهُ لَهُ مِنْ حَرْثٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ) وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ لِلضِّرَابِ، فَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يُنْزِي فَحْلَهُ عَلَى أُنْثَى أَوْ إنَاثٍ صَحَّ، قَالَهُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ مُبَاحٌ وَعَمَلَهُ مَضْبُوطٌ عَادَةً، وَيَتَعَيَّنُ الْفَحْلُ الْمُعَيَّنُ فِي الْعَقْدِ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهِ، فَإِنْ تَلِفَ: أَيْ أَوْ تَعَذَّرَ إنْزَاؤُهُ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ لحج، وَقَالَ سم عَلَى حَجّ بَعْدَ مَا ذَكَر وَقَدْ يَسْتَشْكِلُ هَذَا مَعَ تَفْسِيرِهِ الضِّرَابَ بِالطُّرُوقِ، وَيُقَالُ لَمْ تَظْهَرْ مُغَايَرَتُهُ لِلْإِنْزَاءِ الْمَذْكُورِ، وَلَا إشْكَالَ؛ لِأَنَّ الطُّرُوقَ فِعْلُ الْفَحْلِ، بِخِلَافِ الْإِنْزَاءِ فَإِنَّهُ فِعْلُ صَاحِبِ الْفَحْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. لَكِنْ قَدْ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْإِنْزَاءَ وَإِنْ كَانَ مِنْ فِعْلِ صَاحِبِ الْفَحْلِ إلَّا أَنَّ نَزَوَانَ الْفَحْلِ بِاخْتِيَارِهِ وَصَاحِبُهُ عَاجِزٌ عَنْ تَسْلِيمِهِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْإِجَارَةَ وَاقِعَةٌ عَلَى فِعْلِ الْمُكَلَّفِ الَّذِي هُوَ الْإِنْزَاءُ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ مُحَاوَلَةُ صُعُودِ الْفَحْلِ عَلَى الْأُنْثَى عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ، وَفِعْلُ الْفَحْلِ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمَقْصُودُ لَكِنَّهُ لَيْسَ مَعْقُودًا عَلَيْهِ فَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ إذَا حَصَلَ الطُّرُوقُ بِالْفِعْلِ، فَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ لَمْ يَسْتَحِقَّ أُجْرَةً فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ الْإِهْدَاءُ لِصَاحِبِ الْفَحْلِ) بَلْ لَوْ قِيلَ يُنْدَبُ لَمْ يَبْعُدْ اهـ حَجّ. وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ قَالَ مَرَّ: وَيُسْتَحَبُّ هَذَا الْإِعْطَاءُ اهـ. وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ إعْطَاءِ الْفَحْلِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَتُسْتَحَبُّ إعَارَتُهُ لِلضِّرَابِ) وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَتَعَيَّنْ وَإِلَّا وَجَبَ، وَكَانَ الِامْتِنَاعُ مِنْهَا كَبِيرَةً حَيْثُ لَا ضَرُورَةَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَلَا فَرْقَ فِي حُرْمَةِ الِامْتِنَاعِ حَيْثُ تَعَيَّنَ الْفَحْلُ بَيْنَ امْتِنَاعِهِ مِنْ إعَارَتِهِ لِعَامَّةِ النَّاسِ أَوْ بَعْضِهِمْ، وَتَجِبُ الْإِعَارَةُ مَجَّانًا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُصْحَفِ حَيْثُ لَا تَجِبُ إعَارَتُهُ مَجَّانًا وَإِنْ تَعَيَّنَ لِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ غَيْرُهُ بِأَنَّ الْمُصْحَفَ لَهُ بَدَلٌ بِأَنْ يُلَقِّنَهُ غَيْبًا بِخِلَافِ هَذَا وَبِأَنَّ الْمُصْحَفَ تُمْكِنُ إجَارَتُهُ بِخِلَافِ الْفَحْلِ، وَيَنْبَغِي وُجُوبُ اتِّخَاذِ الْفَحْلِ عَلَى أَهْلِ الْبَلَدِ حَيْثُ تَعَيَّنَ لِبَقَاءِ نَسْلِ دَوَابِّهِمْ عَلَى الْكِفَايَةِ حَيْثُ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُمْ اسْتِعَارَتُهُ مِمَّا يَقْرُبُ مِنْ بَلْدَتِهِمْ عُرْفًا. (قَوْلُهُ: وَغَلِطَ مَنْ سَكَنَهَا) ظَاهِرُهُ فِيهِمَا (قَوْلُهُ وَهَاؤُهُ لِلْمُبَالَغَةِ) وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُفْرَدِ وَجَمْعِهِ بِالْهَاءِ (قَوْلُهُ: مِنْ نُتِجَتْ النَّاقَةُ إلَخْ) قَالَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنَّ نُتِجَ وَإِنْ كَانَ فِي صُورَةِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ لَكِنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ فَنُتِجَتْ النَّاقَةُ كَقَوْلِك: وَلَدَتْ النَّاقَةُ، فَالنَّاقَةُ فَاعِلٌ وَنُتِجَتْ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ لَكِنَّهُ غُيِّرَ إلَى صُورَةِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ اهـ. وَيَرُدُّهُ قَوْلُهُمْ فِي بَابِ النَّائِبِ عَنْ الْفَاعِلِ: إنَّ لِلْعَرَبِ أَفْعَالًا الْتَزَمُوا مَجِيئَهَا مَبْنِيَّةً لِلْمَفْعُولِ وَلَمْ يَذْكُرُوا لَهَا فَاعِلًا، وَعِبَارَةُ شَيْخِ مَشَايِخِنَا الشَّنَوَانِيِّ فِي حَوَاشِي الْأَزْهَرِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَمَا فَسَّرَهُ رِوَايَةُ ابْنِ عُمَرَ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ: كَمَا فَسَّرَهُ رَاوِيهِ ابْنُ عُمَرَ بِهَاءِ الضَّمِيرِ وَبِتَقْدِيمِ الْأَلْفِ عَلَى الْوَاوِ وَهِيَ أَصْوَبُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَإِنَّمَا اُخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ، فَالْأَوَّلُ تَفْسِيرُ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَالثَّانِي تَفْسِيرُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَاوِيَ النَّهْيِ قَالَ: وَكَانَ بَيْعًا يَتَبَايَعُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ الرَّجُلُ يَبْتَاعُ الْجُذُورَ إلَى أَنْ تُنْتِجَ النَّاقَةُ ثُمَّ تُنْتِجَ الَّتِي فِي بَطْنِهَا.

وَوَجْهُ الْبُطْلَانِ ثَمَّ انْعِدَامُ شُرُوطِ الْبَيْعِ وَهُنَا جَهَالَةُ الْأَجَلِ. (وَعَنْ الْمَلَاقِيحِ) جَمْعُ مَلْقُوحَةٍ (وَهِيَ) (مَا فِي الْبُطُونِ) مِنْ الْأَجِنَّةِ (وَ) عَنْ (الْمَضَامِينِ) جَمْعُ مَضْمُونٍ (وَهِيَ مَا فِي أَصْلَابِ الْفُحُولِ) مِنْ الْمَاءِ، رَوَاهُ مَالِكٌ مُرْسَلًا وَالْبَزَّارُ مُسْنَدًا وَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ لِفَقْدِ شُرُوطِ الْبَيْعِ وَإِطْلَاقُ الْمَلَاقِيحِ عَلَى مَا فِي بُطُونِ الْإِبِلِ وَغَيْرِهَا الَّذِي يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُ سَائِغٌ لُغَةً أَيْضًا خِلَافًا لِلْجَوْهَرِيِّ. (وَ) عَنْ (الْمُلَامَسَةِ) رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (بِأَنْ يَلْمُسَ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا، وَمَا اشْتَهَرَ عَلَى الْأَلْسِنَةِ مِنْ الْفَتْحِ فَلَا وَجْهَ لَهُ؛ لِأَنَّهَا فِي الْمَاضِي مَفْتُوحَةٌ وَلَيْسَتْ حَرْفَ حَلْقٍ (ثَوْبًا مَطْوِيًّا) أَوْ فِي ظُلْمَةٍ (ثُمَّ يَشْتَرِيه عَلَى أَنْ لَا خِيَارَ لَهُ إذَا رَآهُ) أَوْ عَلَى أَنَّهُ يَكْتَفِي بِلَمْسِهِ عَنْ رُؤْيَتِهِ (أَوْ يَقُولُ إذَا لَمَسْته فَقَدْ بِعْتُكَهُ) اكْتِفَاءً بِلَمْسِهِ عَنْ الصِّيغَةِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ مَتَى لَمَسَهُ انْقَطَعَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ أَوْ الشَّرْطِ. (وَ) عَنْ (الْمُنَابَذَةِ) بِالْمُعْجَمَةِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (بِأَنْ يَجْعَلَا النَّبْذَ) أَيْ الطَّرْحَ (بَيْعًا) اكْتِفَاءً بِهِ عَنْ الصِّيغَةِ أَوْ يَقُولَ: إذَا نَبَذْته فَقَدْ بِعْتُكَهُ، أَوْ مَتَى نَبَذْته انْقَطَعَ الْخِيَارُ، أَوْ عَلَى أَنَّك تَكْتَفِي بِنَبْذِهِ عَنْ رُؤْيَتِهِ وَبُطْلَانُهُ لِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ أَوْ الصِّيغَةِ أَوْ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ. (وَ) عَنْ (بَيْعِ الْحَصَاةِ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ (بِأَنْ يَقُولَ: بِعْتُك مِنْ هَذِهِ الْأَثْوَابِ مَا تَقَعُ هَذِهِ الْحَصَاةُ عَلَيْهِ، أَوْ يَجْعَلَا الرَّمْيَ لَهَا بَيْعًا، أَوْ بِعْتُك) عَطْفٌ عَلَى بِعْتُك فَقَوْلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSنَصُّهَا: وَذَهَبَ قَوْمٌ إلَى أَنَّ الْمَبْنِيَّ لِلْمَفْعُولِ أَصْلٌ بِرَأْسِهِ، إذْ لَنَا أَفْعَالٌ لَمْ تُبْنَ قَطُّ لِفَاعِلٍ نَحْوُ جُنَّ وَحُمَّ اهـ. وَعِبَارَةُ الْمُرَادِيِّ أَيْضًا: وَهَذَا مِنْ الْأَفْعَالِ الَّتِي الْتَزَمَ فِيهَا حَذْفُ الْفَاعِلِ وَجَاءَتْ عَلَى صِيغَةِ الْمَفْعُولِ نَحْوِ سُرَّ وَجُنَّ وَزُكِمَ، وَفِي الْمُخْتَارِ: نُتِجَتْ النَّاقَةُ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ تَنْتِجُ نِتَاجًا وَنَتَجَهَا أَهْلُهَا مِنْ بَابِ ضَرَبَ اهـ. هَذَا وَفِي الْمِصْبَاحِ وَالْقَامُوسِ مَا قَدْ يُخَالِفُهُ فَرَاجِعْهُمَا (قَوْلُهُ: وَوَجْهُ الْبُطْلَانِ ثَمَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ بِأَنْ يَبِيعَ نِتَاجَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُنَا جَهَالَةٌ) أَيْ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِثَمَنٍ إلَى نِتَاجٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: جَمْعُ مَلْقُوحَةٍ) أَيْ مَلْقُوحٍ بِهَا فَفِيهِ حَذْفٌ وَإِيصَالٌ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَا فِي الْبُطُونِ) هَذَا تَفْسِيرٌ لَهُ شَرْعًا، أَمَّا لُغَةً فَهُوَ جَنِينُ النَّاقَةِ خَاصَّةً كَمَا فِي الْمَنْهَجِ، وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ. ثُمَّ تَفْسِيرُ الْمَلَاقِيحِ إنْ شَمَلَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى اُحْتِيجَ إلَى الْمُسَامَحَةِ فِي قَوْلِهِ جَمْعُ مَلْقُوحَةٍ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَعَنْ الْمَضَامِينِ) قَالَ عَمِيرَةُ: قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ أَوْدَعَهَا ظُهُورَهَا فَكَأَنَّهَا ضَمِنَتْهَا اهـ. وَفَسَّرَهَا الْإِسْنَوِيُّ بِمَا تَحْمِلُهُ مِنْ ضِرَابِ الْفَحْلِ فِي عَامٍ أَوْ عَامَيْنِ مَثَلًا وَنَحْوُهُ فِي الْقُوتِ، كَذَا بِهَامِشِ الْمَحَلِّيِّ بِخَطِّ شَيْخِنَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: مِنْ الْمَاءِ) إنْ قُلْت: حِينَئِذٍ يُسْتَغْنَى عَنْ هَذَا بِمَا تَقَدَّمَ فِي الصَّبِّ فَمَا وَجْهُ ذِكْرِهِ، قُلْت: وَجْهُهُ وُرُودُ النَّهْيِ عَلَى خُصُوصِ الصِّيغَتَيْنِ، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى إحْدَاهُمَا فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ مُخَالَفَةُ الْمَتْرُوكَةِ لِلْمَذْكُورَةِ مَعَ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَعْنًى آخَرَ بِهِ تُفَارِقُ الْأُخْرَى فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَالَ فِي حَاشِيَةِ حَجّ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذُكِرَ: وَحِينَئِذٍ فَمَا سَبَقَ لَا يُغْنِي عَنْ هَذَا الِاحْتِمَالِ أَنْ يُفَسَّرَ بِغَيْرِهِ: أَيْ كَضِرَابِهِ أَوْ أُجْرَةِ ضِرَابِهِ، وَهَذَا لَا يُغْنِي عَمَّا سَبَقَ؛ لِأَنَّ لَهُ مَعْنًى آخَرَ يُصَاحِبُهُ الْبُطْلَانُ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ اهـ. وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْ كَلَامِهِ الْمَعْنَى الثَّانِي لِلْمَضَامِينِ الْمُغَايِرِ لِمَعَانِي عَسْبِ الْفَحْلِ هَذَا، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الْأَوَّلُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَاءَهُ مُطْلَقًا. وَالثَّانِي أَنْ يَشْتَرِيَ مَا تَحْمِلُهُ الْأُنْثَى مِنْ ضِرَابِهِ فِي عَامٍ أَوْ عَامَيْنِ وَعَلَيْهِ فَهُمَا مَعْنَيَانِ مُخْتَلِفَانِ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا فِي الْمَاضِي مَفْتُوحَةٌ) نَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ فِي بَابِ الْإِحْدَاثِ الْكَسْرَ فِي الْمَاضِي وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ الْمُضَارِعُ بِالْفَتْحِ، فَلَعَلَّ الشَّارِحَ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَشْهَرِ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَقُولُ إذَا نَبَذْته) قَالَ عَمِيرَةُ: تَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِضَمِّ التَّاءِ وَبِفَتْحِهَا وَكَذَا كُلُّ صُوَرِهَا أَيْ التَّاءِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ رَمْيِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ أَوْ الصِّيغَةِ) يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ قَوْلَهُ فَقَدْ بِعْتُكَهُ صِيغَةٌ فَكَانَ الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْبُطْلَانَ فِي هَذِهِ لِلتَّعْلِيقِ لَا لِعَدَمِ الصِّيغَةِ. وَأَجَابَ عَمِيرَةُ بِأَنَّهُ يُعْلَمُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ قَوْلَهُ فَقَدْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ فَلَا وَجْهَ لَهُ) هَذَا بَنَاهُ كَمَا تَرَى عَلَى أَنَّ الْمَاضِيَ بِالْفَتْحِ لَا غَيْرُ، لَكِنْ ذَكَرَ الْإِسْنَوِيُّ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ أَنَّهُ سَمِعَ لَمِسَ بِكَسْرِ الْمِيمِ فَاتَّضَحَ وَجْهُ الْفَتْحِ فِي الْمُضَارِعِ

أَوْ يَجْعَلَا شِبْهُ اعْتِرَاضٍ وَمِثْلُهُ شَائِعٌ لَا يَخْفَى (وَلَك) أَوْ لِي أَوْ لَنَا (الْخِيَارُ إلَى رَمْيِهَا) لِنَحْوِ مَا مَرَّ فِيمَا قَبْلَهَا. (وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ (بِأَنْ يَقُولَ: بِعْتُك بِأَلْفٍ نَقْدًا أَوْ أَلْفَيْنِ إلَى سَنَةٍ) فَخُذْ بِأَيِّهِمَا شِئْت أَنْتَ أَوْ أَنَا أَوْ شَاءَ فُلَانٌ لِلْجَهَالَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ بِأَلْفٍ نَقْدًا وَأَلْفَيْنِ إلَى سَنَةٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَكُونُ الثَّمَنُ ثَلَاثَةَ آلَافٍ حَالَّةً وَأَلْفَانِ مُؤَجَّلَةً لِسَنَةٍ (أَوْ بِعْتُك ذَا الْعَبْدَ) مَثَلًا (بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ تَبِيعَنِي) أَوْ فُلَانَ (دَارَك بِكَذَا) أَوْ تَشْتَرِيَ مِنِّي أَوْ مِنْ فُلَانٍ كَذَا بِكَذَا لِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ. (وَعَنْ بَيْعٍ كَشَرْطٍ كَبَيْعٍ بِشَرْطِ بَيْعٍ) كَمَا مَرَّ (أَوْ) بَيْعِ دَارٍ بِأَلْفٍ بِشَرْطِ (قَرْضِ) مِائَةٍ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْأَلْفَ وَرَفَقَ الْعَقْدَ الثَّانِي ثَمَنًا وَاشْتِرَاطُهُ فَاسِدٌ فَبَطَلَ مُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَهُوَ مَجْهُولٌ فَصَارَ الْكُلُّ مَجْهُولًا، ثُمَّ إذَا عُقِدَ الثَّانِي مَعَ عِلْمِهِمَا بِفَسَادِ الْأَوَّلِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَلَوْ اشْتَرَى زَرْعًا بِشَرْطِ أَنْ يَحْصُدَهُ) بِضَمِّ الصَّادِ وَكَسْرِهَا (الْبَائِعُ أَوْ ثَوْبًا يَخِيطُهُ) الْبَائِعُ أَوْ بِشَرْطِ أَنْ يَخِيطَهُ كَمَا بِأَصْلِهِ وَعَدَلَ عَنْهُ لَيُبَيِّنَ عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ التَّصْرِيحِ بِالشَّرْطِ وَالْإِتْيَانِ بِهِ عَلَى صُورَةِ الْإِخْبَارِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي مَجْمُوعِهِ وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ خَلْطَهُ بِالْأَمْرِ لَا يَكُونُ شَرْطًا، وَيَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا أَرَادَ مُجَرَّدَ الْأَمْرِ لَا الشَّرْطَ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ خِطْهُ وَتَخِيطُهُ بِأَنَّ الْأَمْرَ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِعْتُكَهُ إخْبَارٌ لَا إنْشَاءٌ اهـ: أَيْ أَوْ أَنَّهُ جَعَلَ الصِّيغَةَ مَفْقُودَةً لِانْتِفَاءِ شَرْطِهَا وَهُوَ عَدَمُ التَّعْلِيقِ. (قَوْلُهُ: شِبْهَ اعْتِرَاضٍ) إنَّمَا جَعَلَهُ شِبْهَ اعْتِرَاضٍ وَلَمْ يَجْعَلْهُ اعْتِرَاضًا؛ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى يَقُولُ وَالْعَامِلُ فِيهِ أَنَّ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ الْمُفْرَدِ فِي الْحَقِيقَةِ وَالِاعْتِرَاضُ شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ بِجُمْلَةٍ لَا مَحَلَّ لَهَا مِنْ الْإِعْرَابِ، قَالَ سم عَلَى حَجّ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْمُولًا لِمَحْذُوفٍ مَعْطُوفٍ عَلَى يَقُولُ: أَيْ أَوْ يَقُولُ بِعْتُك، وَقَدْ يَنْظُرُ فِيهِ بِأَنَّ عَطْفَ مِثْلِ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِ الْوَاوِ، وَقَدْ يَجْعَلُ قَوْلَهُ أَوْ يَجْعَلُ إلَخْ الْمَعْطُوفُ عَلَى يَقُولُ مُقَدَّمًا عَلَى مَا بَعْدَهُ الْمَعْطُوفُ عَلَى بِعْتُك مِنْ تَأْخِيرٍ. (قَوْلُهُ: وَعَنْ بِيعَتَيْنِ) بِكَسْرِ الْبَاءِ عَلَى مَعْنَى الْهَيْئَةِ وَيَجُوزُ الْفَتْحُ كَمَا فِي فَتْحِ الْبَارِي، وَقَوْلُهُ فِي بَيْعِهِ بِفَتْحِ الْبَاءِ لَا غَيْرَ (قَوْلُهُ: وَأَلْفَيْنِ سَنَةً) لَوْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَخُذْ بِأَيِّهِمَا شِئْت إلَخْ، فَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَنَّ الَّذِي يَتَّجِهُ الْبُطْلَانُ وَإِنْ تَرَدَّدَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَخُذْ إلَخْ مُبْطِلٌ لِإِيجَابِهِ فَبَطَلَ الْقَبُولُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهِ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَلْفٍ حَالَةً) التَّأْنِيثُ لِتَأْوِيلِ الْأَلْفِ بِالدَّرَاهِمِ أَوْ نَحْوِهَا وَإِلَّا فَالْأَلْفُ مُذَكَّرٌ، قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ (قَوْلُهُ: أَوْ فُلَانٌ) عِبَارَةُ حَجّ: أَوْ فُلَانًا اهـ. وَلَعَلَّ الشَّارِحَ أَشَارَ إلَى أَنَّ مِثْلَ شَرْطِ بَيْعِ الْمُشْتَرِي شَرْطُ بَيْعِ غَيْرِهِ كَأَنْ يَقُولَ: بِعْتُك هَذَا بِشَرْطِ أَنْ يَبِيعَنِي زَيْدٌ عَبْدَهُ أَوْ دَارِهِ. (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ قَرْضِ) أَيْ مِثْلًا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ) عِبَارَةُ حَجّ هُنَا بَعْدَ مَا ذَكَرَهُ نَصُّهَا: وَمَا وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا مِنْ صِحَّةِ الرَّهْنِ فِيمَا لَوْ رَهَنَ بِدَيْنٍ قَدِيمٍ مَعَ ظَنِّ صِحَّةِ شَرْطِهِ فِي بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ بِأَنَّ فَسَادَهُ ضَعِيفٌ أَوْ أَنَّ الرَّهْنَ مُسْتَثْنًى؛ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ تَوَثُّقٍ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ ظَنُّ الصِّحَّةِ إذْ لَا جَهَالَةَ تَمْنَعُهُ بِخِلَافِ مَا هُنَا اهـ. أَقُولُ: وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ حَجّ اعْتِمَادُ أَنَّ الرَّهْنَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الرَّهْنِ، فَلَوْ رَهَنَهُ بَعْدُ بِلَا شَرْطٍ مُفْسِدٍ صَحَّ اهـ. وَوَجْهُ الْأَخْذِ أَنَّهُ أَطْلَقَ فِي صِحَّةِ الرَّهْنِ فَشَمَلَ مَا لَوْ عَلِمَا فَسَادَ الْأَوَّلِ وَمَا لَوْ ظَنَّا صِحَّتَهُ، وَيُوَافِقُهُ مَا نَقَلَهُ سم عَلَى حَجّ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يُضَعِّفْهُ بَلْ فَرَّقَ (قَوْلُهُ: أَوْ ثَوْبًا وَيَخِيطُهُ) عِبَارَةُ حَجّ: وَالْبَائِعُ يَخِيطُهُ، ثُمَّ قَالَ: تَنْبِيهٌ: قَدَّرْت مَا مَرَّ قَبْلَ يَخِيطُهُ رَدًّا لِمَا يُقَالُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهَا جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِعِيَّةَ الْمُثْبَتَةَ لَا تَدْخُلُ عَلَيْهَا وَاوُ الْحَالِ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم أَنَّ الْوَاوَ مِنْ الْمُصَنِّفِ فَيُصَدَّقُ بِوُجُودِهَا مِنْ الْمُشْتَرِي وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: لَا الشَّرْطُ) وَمِثْلُهُ الْإِطْلَاقُ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ هَذَا الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ الْحَمْلِ الْمَذْكُورِ، وَيَشْكُلُ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ وَتَخِيطُهُ الِاسْتِئْنَافَ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ قَصْدَ الِاسْتِئْنَافِ مُنَافٍ لِلْحَالِيَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْبُطْلَانِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَ خَطَّهُ وَتَخَيَّطَهُ) أَيْ حَيْثُ انْصَرَفَ الثَّانِي إلَى الشَّرْطِيَّةِ وَإِنْ صُرِفَ عَنْهَا، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ كَمَا هُوَ

بِشَيْءٍ مُبْتَدَأٍ غَيْرُ مُقَيِّدٍ لِمَا قَبْلَهُ، بِخِلَافِ الثَّانِي فَإِنَّهُ حَالٌ وَهِيَ مُقَيِّدَةٌ لِمَا قَبْلَهَا فَكَانَتْ فِي مَعْنَى الشَّرْطِ (فَالْأَصَحُّ بُطْلَانُهُ) أَيْ الشِّرَاءِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شَرْطٍ عَمَلٍ فِيمَا لَمْ يَمْلِكْهُ الْمُشْتَرِي إلَى الْآنَ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ تَضَمَّنَ إلْزَامَهُ بِالْعَمَلِ فِيمَا يَمْلِكُهُ كَأَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا بِشَرْطِ أَنْ يَبْنِيَ حَائِطَهُ صَحَّ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ، بَلْ الْأَوْجَهُ الْبُطْلَانُ هُنَا قَطْعًا كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِشَرْطِ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ إذْ هُمَا مِثَالَانِ، فَبَيْعٌ بِشَرْطِ إجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ بَاطِلٌ لِذَلِكَ، سَوَاءٌ أَقَدَّمَ ذِكْرَ الثَّمَنِ عَلَى الشَّرْطِ أَمْ أَخَّرَهُ عَنْهُ، وَإِنَّمَا جَرَى الْخِلَافُ فِي صُورَةِ الْمَتْنِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ فِي الْمَبِيعِ وَقَعَ تَابِعًا لِمَبِيعِهِ فَاغْتُفِرَ عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ الْقَائِلِ إنَّ فِيهِ جَمْعًا بَيْنَ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ، وَقِيلَ يَبْطُلُ الشَّرْطُ، وَفِي الْبَيْعِ قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، وَلَوْ اشْتَرَى حَطَبًا مَثَلًا عَلَى دَابَّةٍ بِشَرْطِ إيصَالِهِ مَنْزِلَهُ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ عَرَفَ الْمَنْزِلَ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ بِشَرْطٍ، وَإِنْ أَطْلَقَ صَحَّ الْعَقْدُ وَلَمْ يُكَلَّفْ إيصَالَهُ مَنْزِلَهُ وَلَوْ اُعْتِيدَ بَلْ يُسَلِّمُهُ لَهُ فِي مَوْضِعِهِ. وَالْحَاصِلُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ كُلَّ شَرْطٍ مُنَافٍ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ إنَّمَا يُبْطِلُهُ إذَا وَقَعَ فِي صُلْبِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ لُزُومِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ وَلَوْ فِي مَجْلِسِهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَحَيْثُ صَحَّ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى فَسْخِهِ بِوَجْهٍ، وَمَا قُبِضَ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ مَضْمُونٌ بَدَلًا وَمَهْرًا وَقِيمَةُ وَلَدٍ وَأُجْرَةُ ضَمَانِ الْمَغْصُوبِ إذْ هُوَ مُخَاطَبٌ بِرَدِّهِ كُلَّ لَحْظَةٍ وَمَتَى وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي لَمْ يُحَدَّ وَلَوْ مَعَ عِلْمِهِ بِالْفَسَادِ إلَّا أَنْ يُعْلِمَهُ وَالثَّمَنُ مَيْتَةٌ أَوْ دَمٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَمْلِكُ بِهِ أَصْلًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الثَّمَنُ نَحْوَ خَمْرٍ كَخِنْزِيرٍ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ بِهِ يُفِيدُ الْمِلْكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَوْ كَانَتْ بِكْرًا فَهُوَ مَهْرُ بِكْرٍ كَالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ لِإِتْلَافِهَا، بِخِلَافِهِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ إذْ فَاسِدُ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSفَلَعَلَّ الْفَرْقَ بِمَا ذُكِرَ وَاقِعٌ فِي كَلَامِ غَيْرِ الشَّارِحِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ الْحَمْلِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَالْأَصَحُّ بُطْلَانُهُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: إنْ اشْتَرَى زَرْعًا أَوْ ثَوْبًا مَثَلًا بِعَشَرَةٍ بِشَرْطِ حَصْدِهِ وَخِيَاطَتِهِ لَهُ بِدِرْهَمٍ لَمْ يَصِحَّ الشِّرَاءُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شَرْطِ عَمَلٍ لَهُ فِيمَا لَمْ يَمْلِكْهُ بَعْدُ سَوَاءٌ شَرَطَ الْعَمَلَ عَلَى الْبَائِعِ أَمْ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ، فَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِهِ الْأَصْلَ بِالْبَائِعِ. وَإِنْ قَالَ اشْتَرَيْته بِعَشَرَةٍ وَاسْتَأْجَرْتُك لِحَصْدِهِ أَوْ لِخِيَاطَتِهِ بِدِرْهَمٍ وَقَبِلَ بِأَنْ قَالَ بِعْت وَأَجَّرْت صَحَّ الْبَيْعُ وَحْدَهُ: أَيْ دُونَ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ قَبْلَ الْمِلْكِ لِمَحَلِّ الْعَمَلِ، وَإِنْ اشْتَرَاهُ وَاسْتَأْجَرَهُ بِالْعَشَرَةِ فَقَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي الْبَيْعِ وَتَبْطُلُ الْإِجَارَةُ وَلَا تَصِحُّ فِي الْأَصْلِ فَإِنَّهُ قَالَ فَطَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ وَالثَّانِي تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ، وَفِي الْبَيْعِ قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فَلْيُرَاجَعْ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ، فَلَوْ جَمَعَهَا مَعَ الَّتِي قَبْلَهَا بِأَنْ قَالَ قَبْلَ قَوْلِهِ وَقَبِلَ أَوْ اشْتَرَاهُ وَاسْتَأْجَرَهُ بِالْعَشَرَةِ كَانَ أَحْسَنَ وَأَخْصَرَ (قَوْلُهُ: فِيمَا لَمْ يَمْلِكْهُ الْمُشْتَرِي إلَى الْآنَ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُهُ بَعْدَ تَمَامِ الصِّيغَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ) غَايَةً (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ صَحَّ) أَيْ الْعَقْدُ وَهُوَ فَائِدَةٌ مُجَرَّدَةٌ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِشَرْحِ الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ لَمْ يُجْبَرْ: أَيْ الْعَاقِدُ (قَوْلُهُ: وَأُجْرَةُ ضَمَانِ الْمَغْصُوبِ) وَيَقْلَعُ غَرْسَ وَبِنَاءَ الْمُشْتَرِي هُنَا مَجَّانًا عَلَى مَا فِي مَوْضِعٍ مِنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ مُعْتَمَدٌ وَرَجَّحَهُ جَامِعُهَا، لَكِنَّ صَرِيحَ مَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ رُجُوعِ مُشْتَرٍ مِنْ غَاصِبٍ بِالْأَرْشِ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ بِهِ هُنَا عَلَى الْبَائِعِ بِالْأَوْلَى لِعُذْرِهِ مَعَ شُبْهَةِ إذْنِ الْمَالِكِ ظَاهِرًا فَأَشْبَهَ الْمُسْتَعِيرَ اهـ شَرْحُ حَجّ. وَكَتَبَ سم عَلَى قَوْلِهِ مَجَّانًا ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا، وَقَوْلُهُ الْآتِي بِعُذْرِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ فِي الْجَاهِلِ اهـ. أَقُولُ: وَقَوْلُهُ بِالْأَوْلَى قَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ التَّغْرِيرَ مُحَقَّقٌ مِنْ الْغَاصِبِ، وَلَا كَذَلِكَ هُنَا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْفَسَادُ نَشَأَ مِنْ تَقْصِيرِ الْمُشْتَرِي. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ عِلْمِهِ بِالْفَسَادِ) أَيْ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهٍ يَقُولُ بِالْمِلْكِ مَعَهُ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ عَلَى مَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُعْلِمَهُ وَالثَّمَنُ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِمَّا لَا يُمْلَكُ) اُنْظُرْ مَا ضَابِطُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ (قَوْلُهُ: فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ) أَيْ فَإِنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَاصِلُ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: حَطَبًا عَلَى دَابَّةٍ) أَيْ مَثَلًا

[الصور المستثناة من النهي عن بيع وشرط]

وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ مَضْمُونٌ فِي صَحِيحِ الْبَيْعِ دُونَ صَحِيحِ النِّكَاحِ، وَهَذَا مَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ. وَالْأَصَحُّ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وُجُوبُ مَهْرِ مِثْلِ ثَيِّبٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي فِي الْغَصْبِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى بِكْرًا مَغْصُوبَةً وَوَطِئَهَا جَاهِلًا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَعَ أَرْشِ الْبَكَارَةِ مَهْرُ ثَيِّبٍ لِوُجُودِ الْعَقْدِ الْمُخْتَلِفِ فِي حُصُولِ الْمِلْكِ بِهِ هُنَا كَمَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ، وَلَوْ حَذَفَ الْعَاقِدَانِ الْمُفْسِدَ لِلْعَقْدِ وَلَوْ فِي مَجْلِسِ الْخِيَارِ لَمْ يَنْقَلِبْ صَحِيحًا، إذْ لَا عِبْرَةَ لِفَاسِدٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَلْحَقَا شَرْطًا صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا فِي مَجْلِسِ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ يَلْحَقُ الْعَقْدَ؛ لِأَنَّ مَجْلِسَ الْعَقْدِ كَالْعَقْدِ. (وَيُسْتَثْنَى) مِنْ النَّهْيِ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ (صُوَرٌ) تَصِحُّ (كَالْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ أَوْ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعَيْبِ أَوْ بِشَرْطِ قَطْعِ الثَّمَرِ) وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي مَحَالِّهَا (وَ) بِشَرْطِ (الْأَجَلِ) فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ لِأَوَّلِ آيَةِ الدَّيْنِ. وَشَرْطُ الصِّحَّةِ أَنْ يُحَدِّدَهُ بِمَعْلُومٍ لَهُمَا كَإِلَى صَفَرٍ أَوْ رَجَبٍ لَا إلَى الْحَصَادِ وَنَحْوِهِ كَمَا يَأْتِي فِي السَّلَمِ بِتَفْضِيلِهِ الْمُطَّرِدِ هُنَا كَمَا لَا يَخْفَى، وَأَنْ لَا يَبْعُدَ بَقَاءُ الدُّنْيَا إلَيْهِ كَأَلْفِ سَنَةٍ وَإِلَّا بَطَلَ الْبَيْعُ لِلْعِلْمِ حَالَ الْعَقْدِ بِسُقُوطِ بَعْضِهِ، وَهُوَ يُؤَدِّي إلَى الْجَهْلِ بِهِ الْمُسْتَلْزِمِ لِلْجَهْلِ بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ يُقَابِلُهُ قِسْطٌ مِنْهُ، وَقَوْلُ بَعْضِ الْأَصْحَابِ يَجُوزُ إيجَارُ الْأَرْضِ أَلْفَ سَنَةٍ شَاذٌّ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ، وَإِذَا صَحَّ كَأَنْ أَجَّلَ بِمَا لَا يَبْعُدُ بَقَاءُ الدُّنْيَا إلَيْهِ وَإِنْ بَعُدَ بَقَاءُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إلَيْهِ كَمِائَتَيْ سَنَةٍ انْتَقَلَ بِمَوْتِ الْبَائِعِ لِوَارِثِهِ وَحَلَّ بِمَوْتِ الْمُشْتَرِي، وَلَا يَقْدَحُ السُّقُوطُ بِمَوْتِهِ إذْ هُوَ أَمْرٌ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ حَالَ الْعَقْدِ فَلَمْ يُنْظَرْ إلَيْهِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ بِأَجَلٍ طَوِيلٍ لِمَنْ يُعْلَمُ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا أَرْشَ فِيهِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي النِّكَاحِ) يَقْتَضِي أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَقْبُوضِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ وَالْمَغْصُوبَةِ، وَقَوْلُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَقْتَضِي أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَغْصُوبَةِ وَالْمَوْطُوءَةِ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ؛ لِأَنَّهَا الْمُخْتَلَفُ فِي وَاجِبِهَا (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ مَجْلِسَ الْعَقْدِ كَالْعَقْدِ) أَيْ غَالِبًا. (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ النَّهْيِ إلَخْ) أَيْ مِنْ الْبُطْلَانِ اللَّازِمِ لِلنَّهْيِ الْمَذْكُورِ، وَلَوْ قَالَ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْقَوْلِ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ مَعَ الشَّرْطِ صُوَرٌ إلَخْ لَكَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ) أَفَادَ تَقْيِيدَهُ بِذَلِكَ فِي الْأَجَلِ دُونَ الرَّهْنِ، وَالْكَفِيلُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْعِوَضِ الَّذِي يُشْتَرَطُ فِيهِ الرَّهْنُ، أَوْ الْكَفِيلُ بَيْنَ كَوْنِهِ رِبَوِيًّا أَوْ غَيْرَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَشَرْطُ الصِّحَّةِ) أَيْ صِحَّةِ الْعَقْدِ مَعَ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ بِمَعْلُومٍ لَهُمَا) أَيْ فَلَا يَكْفِي عِلْمُ أَحَدِهِمَا وَلَا عِلْمُ غَيْرِهِمَا كَمَا يُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِهِ، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي السَّلَمِ أَنَّهُ يَكْفِي عِلْمُ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ عِلْمُ عَدْلَيْنِ غَيْرِهِمَا، وَقِيَاسُهُ أَنْ يُقَالَ بِمِثْلِهِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ أَضْيَقُ مِنْ الْبَيْعِ فَيَكْفِي عِلْمُ غَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: كَإِلَى صَفَرٍ إلَخْ) زَادَ حَجّ لَا فِيهِ (قَوْلُهُ: إلَى الْحَصَادِ) وَمِثْلُ ذَلِكَ التَّأْجِيلُ بِنُزُولِ سَيِّدِنَا عِيسَى؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ) أَيْ مَا لَمْ يُرِيدَا وَقْتَهُ الْمُعْتَادَ وَيَعْلَمَانِهِ (قَوْلُهُ: بِسُقُوطِ بَعْضِهِ) أَيْ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ: شَاذٌّ) أَيْ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْعَقْدِ أَنْ لَا يُبْعِدَ بَقَاءَ الدُّنْيَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَقْدَحُ السُّقُوطُ) أَيْ لِلْأَجَلِ. (قَوْلُهُ: بِمَوْتِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ أَمْرٌ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ إلَخْ) هَذَا مُكَابَرَةٌ ظَاهِرَةٌ إذْ لَا شُبْهَةَ إذَا كَانَ التَّأْجِيلُ بِمِائَتَيْ سَنَةٍ مَثَلًا فِي تَيَقُّنِ الْعَاقِدَيْنِ عِنْدَ الْعَقْدِ السُّقُوطُ إذَا كَانَ كُلٌّ قَدْ بَلَغَ مِائَةَ سَنَةٍ مَثَلًا لِتَيَقُّنِهِمَا أَنَّهُمَا لَا يَعِيشَانِ الْمِائَتَيْنِ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ ظَنَّ عَدَمِ الْحَيَاةِ هُنَا نَاشِئٌ مِنْ الْعَادَةِ وَهِيَ غَيْرُ قَطْعِيَّةٍ، بِخِلَافِ عَدَمِ بَقَاءِ الدُّنْيَا فَإِنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْأَدِلَّةِ، فَالظَّنُّ فِيهَا أَقْوَى فَنَزَلَ مَنْزِلَةَ الْيَقِينِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ نَظَرَ إلَيْهِ وَقِيلَ بِالْبُطْلَانِ (قَوْلُهُ لِمَنْ يَعْلَمُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْعِلْمِ هُنَا الظَّنُّ وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ الْمُلَازَمَةُ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ إلَخْ: أَيْ وَلَوْ نَظَرَ إلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ إنَّمَا هُمَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ. أَمَّا الشِّرَاءُ الْفَاسِدُ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا قَوْلٌ وَاحِدٌ وَالْكَلَامُ فِيهِ فَالصَّوَابُ إسْقَاطُ قَوْلِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ، وَهَذَا الْفَرْقُ لِشَرْحِ الرَّوْضِ وَهُوَ يَقْتَضِي عَكْسَ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَيَقْتَضِي أَنَّ عَقْدَ الْبَيْعِ لَوْ كَانَ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ يَجِبُ فِيهِ مَهْرُ ثَيِّبٍ فَتَأَمَّلْ [الصُّوَر المستثناة مِنْ النَّهْي عَنْ بَيْع وَشَرْط] (قَوْلُهُ: انْتَقَلَ بِمَوْتِ الْبَائِعِ) أَيْ أَوْ الْمُشْتَرِي فِيمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مُؤَجَّلًا (قَوْلُهُ: وَحَلَّ بِمَوْتِ الْمُشْتَرِي) أَيْ أَوْ الْبَائِعِ

عَادَةً أَنَّهُ لَا يَعِيشُ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَقَدْ صَرَّحُوا بِخِلَافِهِ (وَالرَّهْنُ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ لَا سِيَّمَا فِي مُعَامَلَةِ مَنْ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ، وَشَرْطُهُ الْعِلْمَ بِهِ إمَّا بِالْمُشَاهَدَةِ أَوْ الْوَصْفِ بِصِفَاتِ السَّلَمِ، ثُمَّ الْكَلَامُ هُنَا فِي وَصْفٍ لَمْ يَرِدْ عَلَى عَيْنٍ مُعَيَّنَةٍ فَهُوَ مُسَاوٍ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْوَصْفَ لَا يَجْزِي عَنْ الرُّؤْيَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي مُعَيَّنٍ لَا مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فِيهِ وَأَنْ يَكُونَ غَيْرَ الْمَبِيعِ، فَلَوْ شَرَطَ رَهْنَهُ إيَّاهُ وَلَوْ بَعْدَ قَبْضِهِ فَسَدَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بَعْدَ الْبَيْعِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ اسْتِثْنَاءِ مَنْفَعَةٍ فِي الْمَبِيعِ، فَلَوْ رَهَنَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ بِلَا شَرْطٍ مُفْسِدٍ صَحَّ. (وَالْكَفِيلُ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ أَيْضًا، وَشَرْطُهُ الْعِلْمُ بِهِ بِالْمُشَاهَدَةِ، وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّهَا لَا تُعْلَمُ بِحَالِهِ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الْبَحْثِ مَعَهَا تَقْصِيرٌ؛ وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ عِنْوَانُ الْبَاطِنِ أَوْ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ، وَلَا يَكْفِي وَصْفُهُ بِمُوسِرٍ ثِقَةٍ إذْ الْأَحْرَارُ لَا يُمْكِنُ الْتِزَامُهُمْ فِي الذِّمَّةِ لِانْتِفَاءِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ، بِخِلَافِ الْمَرْهُونِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ، وَهَذَا جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَقَدْ يَكُونُ الضَّامِنُ رَقِيقًا مَعَ صِحَّةِ الْتِزَامِهِ فِي الذِّمَّةِ وَصِحَّةُ ضَمَانِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَأَيْضًا فَكَمْ مِنْ مُوسِرٍ يَكُونُ مُمَاطِلًا، فَالنَّاسُ مُخْتَلِفُونَ فِي الْإِيفَاءِ وَإِنْ اتَّفَقُوا يَسَارًا وَعَدَالَةً، فَانْدَفَعَ بَحْثُ الرَّافِعِيِّ أَنَّ الْوَصْفَ بِهَذَيْنِ أَوْلَى مِنْ مُشَاهَدَةِ مَنْ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْأَجَلِ وَالرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ (الْمُعَيَّنَاتُ) بِمَا ذَكَرْنَاهُ وَإِلَّا فَسَدَ الْبَيْعُ وَغَلَبَ غَيْرُ الْعَاقِدِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ، إذْ الْأَكْثَرُ فِي الرَّهْنِ كَوْنُهُ غَيْرَ عَاقِلٍ، فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ صَوَابُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSغَيْرِ الْمُتَيَقَّنِ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ إلَخْ. وَلَنَا فِي ذَلِكَ مَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ مِنْ الضَّرَرِ فِي الْمُتَيَقَّنِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: عَادَةً) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ عُلِمَ مَوْتُهُ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ مَثَلًا بِإِخْبَارِ مَعْصُومٍ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ اعْتِبَارًا بِمَا هُوَ الْغَالِبُ فِي أَحْوَالِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ) أَيْ وَهُوَ الصِّحَّةُ (قَوْلُهُ: إمَّا بِالْمُشَاهَدَةِ) أَيْ وَيَحْصُلُ الْعِلْمُ إمَّا بِالْمُشَاهَدَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ الْوَصْفِ بِصِفَاتِ السَّلَمِ) سَيَأْتِي فِيهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي ذَلِكَ مِنْ مَعْرِفَةِ الْعَاقِدَيْنِ وَعَدْلَيْنِ بِالْوَصْفِ، فَقِيَاسُهُ أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُهُ هُنَا، وَقَدْ يُفَرَّقُ عَلَى بَعْدُ أَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ مَعْقُودٌ عَلَيْهِ فَضُويِقَ فِيهِ مَا لَمْ يُضَايَقْ فِي الرَّهْنِ وَبِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُمْكِنْ إثْبَاتُ الصِّفَاتِ عِنْدَ التَّنَازُعِ هُنَا لَمْ يَفُتْ إلَّا مُجَرَّدُ التَّوَثُّقِ مَعَ بَقَاءِ الْحَقِّ (قَوْلُهُ مِنْ أَنَّ) بَيَانٌ لِمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ) أَيْ الْمَرْهُونُ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ رَهَنَهُ) أَيْ الْمَبِيعَ بَعْدَ قَبْضِهِ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي الْمَجْلِسِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ مَعَ الْآخَرِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ إجَازَةٌ (قَوْلُهُ: بِلَا شَرْطٍ) أَيْ فِي الرَّهْنِ الْمَأْتِيِّ بِهِ كَأَنْ يَرْهَنَهُ بِشَرْطِ أَنْ تَحْدُثَ زَوَائِدُهُ مَرْهُونَةً (قَوْلُهُ عِنْوَانُ الْبَاطِنِ) أَيْ غَالِبًا (قَوْلُهُ: أَوْ بِاسْمِهِ) كَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمَا يَعْرِفَانِ ذَلِكَ الْمُسَمَّى الْمَنْسُوبَ وَإِلَّا كَانَ مِنْ قَبِيلِ الْغَائِبِ الْمَجْهُولِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَهَذَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ) أَيْ فَلَا فَرْقَ فِي الضَّامِنِ بَيْنَ كَوْنِهِ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا بِإِذْنِهِ وَالْإِشَارَةُ رَاجِعَةٌ إلَى قَوْلِهِ إذْ الْأَحْرَارُ لَا يُمْكِنُ الْتِزَامُهُمْ (قَوْلُهُ: وَعَدَالَةً) فَإِنْ قُلْت: إذَا اتَّفَقُوا فِي الْعَدَالَةِ وَالْيَسَارِ، فَمَا مَعْنَى اخْتِلَافِهِمْ فِي الْوَفَاءِ مَعَ وُجُوبِهِ عَلَى الْمَدِينِ بِمُجَرَّدِ الطَّلَبِ؟ قُلْت: إنَّ اخْتِلَافَهُمْ لَيْسَ عَلَى وَجْهٍ مُحَرَّمٍ، وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ الْمَدِينِينَ قَدْ يُوَفِّي مَا عَلَيْهِ بِلَا طَلَبٍ مِنْ صَاحِبِ الْحَقِّ وَالْآخَرُ لَا يُوَفِّي إلَّا بَعْدَ الطَّلَبِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ عَدَالَتَهُ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْوَفَاءِ عَلَيْهِ بِلَا طَلَبٍ، وَمِنْهُ أَيْضًا أَنَّ بَعْضَ الْمَدِينِينَ إذَا طُولِبَ بِسَعْيٍ فِي الْوَفَاءِ وَلَوْ بِبَيْعِ بَعْضِ مَالِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ جِنْسُ الدَّيْنِ بِمَالِهِ وَتَحْصِيلُ جِنْسِ الدَّيْنِ مَعَ الْمُسَاهَلَةِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالسَّعْيِ فِي تَحْصِيلِ جِنْسِ الدَّيْنِ وَلَوْ بِمَشَقَّةٍ وَبَعْضُهُمْ بِخِلَافِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِهَذَيْنِ) أَيْ بِمُوسِرٍ ثِقَةٍ (قَوْلُهُ كَوْنُهُ غَيْرَ عَاقِلٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بَعْدَ قَبْضِهِ بِلَا شَرْطٍ) أَيْ بِلَا شَرْطِهِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ فَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ فَلَوْ شَرَطَ رَهْنَهُ إيَّاهُ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ التَّعْلِيلُ (قَوْلُهُ: مَعَ صِحَّةِ الْتِزَامِهِ فِي الذِّمَّةِ) أَيْ فِي حَدِّ ذَاتِهِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَصِحَّةُ ضَمَانِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ. وَأَجَابَ الشِّهَابُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ بِأَنَّ صِحَّةَ الْتِزَامِ الرَّقِيقِ إنَّمَا هِيَ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ رَقِيقًا لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ كَفِيلًا وَهُوَ بِمَعْنَى مَا أَشَرْت إلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَكَمْ مِنْ مُوسِرٍ يَكُونُ مُمَاطِلًا) قَضِيَّتُهُ الصِّحَّةُ إذَا

الْمُعَيَّنِينَ "، وَشَرْطُ كُلٍّ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ (لِثَمَنٍ) أَيْ عِوَضٍ (فِي الذِّمَّةِ) إذْ الْأَعْيَانُ لَا تَقْبَلُ التَّأْجِيلَ ثَمَنًا وَلَا مُثَمَّنًا وَلَا يَرْتَهِنُ بِهَا وَلَا تُضْمَنُ أَصَالَةً كَمَا يَأْتِي، فَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْت بِهَذَا عَلَى أَنْ أُسَلِّمَهُ وَقْتَ كَذَا، أَوْ أَرْهَنُ بِهِ كَذَا، أَوْ يَكْفُلُنِي بِهِ زَيْدٌ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ تِلْكَ إنَّمَا شُرِعَتْ لِتَحْصِيلِ مَا فِي الذِّمَّةِ وَالْمُعَيَّنُ حَاصِلٌ، وَلَا يَرُدُّ عَلَى ذَلِكَ صِحَّةُ ضَمَانِ الْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ وَالثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ بَعْدَ الْقَبْضِ فِيهِمَا. وَكَذَا سَائِرُ الْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي فِي بَابِ الضَّمَانِ، وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ سِلْعَةٍ مِنْ اثْنَيْنِ عَلَى أَنْ يَتَضَامَنَا كَمَا فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ وَالْوَسِيطِ وَغَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ عَلَى كُلِّ ضَمَانٍ غَيْرَهُ وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ مَصْلَحَةِ عَقْدِهِ، وَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْته بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ يَضْمَنَهُ زَيْدٌ إلَى شَهْرٍ صَحَّ، وَإِذَا ضَمِنَهُ زَيْدٌ مُؤَجَّلًا تَأَجَّلَ فِي حَقِّهِ وَكَذَا فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ. نَعَمْ مُقْتَضَى قَاعِدَةِ الشَّافِعِيِّ رُجُوعُ الْقَيْدِ وَهُوَ هُنَا إلَى شَهْرٍ لِجَمِيعِ مَا قَبْلَهُ وَهُوَ اشْتَرَيْت يُرَجِّحُهُ، وَيَصِحُّ شَرْطُ الثَّلَاثَةِ أَيْضًا فِي مَبِيعٍ فِي الذِّمَّةِ، وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ ذِكْرَ الثَّمَنِ مِثَالٌ بَلْ قَدْ يُطْلَقُ عَلَى مَا يَشْمَلُ الْمَبِيعَ كَمَا قَرَّرْنَاهُ. (وَالْإِشْهَادُ) لِلْأَمْرِ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282] وَلِلْحَاجَةِ إلَيْهِ (وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الشُّهُودِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ ثُبُوتُ الْحَقِّ وَهُوَ حَاصِلٌ بِأَيِّ عُدُولٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فَلَا يُرَدُّ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عَبْدًا وَهُوَ عَاقِلٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يُرَدُّ عَلَى ذَلِكَ) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ إنَّمَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: صِحَّةُ ضَمَانِ الْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ) وَهُوَ الْمُسَمَّى بِضَمَانِ الدَّرَكِ الْآتِي (قَوْلُهُ: لِلْعِلْمِ بِهِ) قَدْ يُقَالُ: لَا يَنْدَفِعُ الِاعْتِرَاضُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ غَرَضَ الْمُعْتَرِضِ الْمُنَازَعَةُ فِي التَّعْلِيلِ بِصِحَّةِ ضَمَانِ الْأَعْيَانِ وَإِنْ كَانَتْ آتِيَةً فِي كَلَامِهِ، وَإِنَّمَا يَنْدَفِعُ لَوْ كَانَ مُرَادُهُ أَنَّ التَّعْلِيلَ بِمَا ذُكِرَ يَقْتَضِي عَدَمَ صِحَّةِ ضَمَانِ الْأَعْيَانِ، فَالْأَوْلَى فِي التَّعْلِيلِ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ لَمَّا كَانَ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ ضَمَانِهَا كَوْنُهَا بَعْدَ الْقَرْضِ أَشْبَهَتْ مَا فِي الذِّمَّةِ، هَذَا وَالْأَوْلَى أَنْ تَجْعَلَ فِي قَوْلِهِ وَلَا يُرَدُّ عَلَى ذَلِكَ رَاجِعَةً إلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ يَتَضَامَنَا) زَادَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ اهـ. وَنَظَرَ فِيهِ وَالِدُ الشَّارِحِ وَقَالَ: اُنْظُرْ مَا صُورَتُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ خِلَافًا فِي تَصْوِيرِهِ وَاسْتَقْرَبَ مِنْهُ أَنْ يَبِيعَ اثْنَانِ وَاحِدًا شَيْئًا بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ يَشْرِطُ كُلٌّ مِنْ الْبَائِعَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ أَنْ يَضْمَنَ لَهُ الْمُشْتَرِي أَيْ بِكَسْرِ الرَّاءِ اهـ. وَنَظَرَ فِيهِ بِأَنَّ هَذَا التَّصْوِيرَ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي نَفْسِهِ لَكِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي بَلْ بَيْنَ الْبَائِعَيْنِ، وَهُمَا بِالنَّظَرِ لِلضَّمَانِ أَجْنَبِيَّانِ عَنْ الْعَقْدِ فَلَا يَصْلُحُ حَمْلُ الْعَكْسِ عَلَى ذَلِكَ لِكَوْنِهِ لَيْسَ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ اكْتَفَى بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ لِكَوْنِهِ صَحِيحًا فِي نَفْسِهِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهِ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ فَيُحْمَلُ الْعَكْسُ عَلَى مُجَرَّدِ التَّخَالُفِ فَقَطْ. وَمَحَلُّ عَدَمِ الصِّحَّةِ إذَا وَقَعَ ذَلِكَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَ لُزُومِهِ. أَمَّا إذَا تَضَامَنَا بَعْدَ لُزُومِ الْعَقْدِ فَيَصِحُّ (قَوْلُهُ: تَأَجَّلَ فِي حَقِّهِ) أَيْ الضَّامِنِ. (قَوْلُهُ: مُقْتَضَى قَاعِدَةِ الشَّافِعِيِّ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَنْ يَتَأَجَّلَ فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْهُ زَيْدٌ وَهُوَ خِلَافُ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ وَإِذَا ضَمِنَهُ زَيْدٌ إلَخْ اهـ سم أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ قَضِيَّةُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: يُرَجِّحُهُ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: خَالَفَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ فَقَالَ الَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّهُ لَا يَتَأَجَّلُ؛ لِأَنَّهُ لَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ الْأَصِيلِ وَالضَّامِنِ فِي الْحُلُولِ وَالتَّأْجِيلِ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْأَجَلِ فِي حَقِّ الضَّامِنِ اشْتِرَاطُهُ فِي حَقِّ الْأَصِيلِ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ زَيْدًا أَنْشَأَ بَعْدَ الْبَيْعِ ضَمَانًا مُسْتَقِلًّا إلَى شَهْرٍ اهـ (قَوْلُهُ وَيَصِحُّ شَرْطُ الثَّلَاثَةِ) أَيْ الْأَجَلِ وَالرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: كَمَا قَرَّرْنَاهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ عِوَضٍ. (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الشُّهُودِ) أَيْ وَلَا كَوْنُ الْعِوَضِ فِي الذِّمَّةِ سم عَلَى مَنْهَجٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــQالْتَزَمَ كَوْنَهُ حَسَنَ الْإِيفَاءِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ يَضْمَنَهُ) أَيْ الْأَلْفَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ اشْتَرَيْت) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَهُوَ بِأَلْفٍ وَيَضْمَنُ انْتَهَتْ، وَهِيَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ وَيَصِحُّ شَرْطُ الثَّلَاثَةِ أَيْضًا فِي مَبِيعٍ فِي الذِّمَّةِ) لَا حَاجَةَ

كَانُوا، وَلِهَذَا لَوْ عَيَّنَهُمْ لَمْ يَتَعَيَّنُوا وَلَوْ امْتَنَعُوا لَمْ يَتَخَيَّرْ، وَلَا أَثَرَ لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ بِتَفَاوُتِهِمْ وَجَاهَةً وَنَحْوَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَغْلِبُ قَصْدٌ وَلَا تَخْتَلِفُ بِهِ الْمَالِيَّةُ اخْتِلَافًا ظَاهِرًا، بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ، وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ كَمَا فِي الرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ. (فَإِنْ) (لَمْ يَرْهَنْ) الْمُشْتَرِي مَا شُرِطَ عَلَيْهِ رَهْنُهُ وَإِنْ أَتَى بِرَهْنٍ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَلَوْ أَعْلَى قِيمَةً مِنْهُ كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُمْ، إذْ الْأَعْيَانُ لَا تَقْبَلُ الْأَبْدَالَ لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ بِذَوَاتِهَا، أَوْ لَمْ يُشْهِدْ مَنْ شُرِطَ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ كَأَنْ مَاتَ قَبْلَهُ (أَوْ لَمْ يَتَكَفَّلْ الْعَيْنَ) بِأَنْ امْتَنَعَ أَوْ مَاتَ قَبْلَهُ وَإِنْ أَقَامَ لَهُ الْمُشْتَرِي ضَامِنًا غَيْرَهُ ثِقَةً (فَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ) إنْ شَرَطَ لَهُ، وَإِنْ شَرَطَ لِلْمُشْتَرِي فَلَهُ عِنْدَ فَوَاتِ الْمَشْرُوطِ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ، وَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ؛ لِأَنَّهُ خِيَارُ نَقْصٍ، وَلَا يُجْبَرُ مَنْ شُرِطَ عَلَيْهِ ذَلِكَ عَلَى الْقِيَامِ بِالْمَشْرُوطِ لِزَوَالِ الضَّرَرِ بِالْفَسْخِ، وَيَتَخَيَّرُ أَيْضًا فِيمَا إذَا لَمْ يُقْبِضْهُ الرَّهْنَ لِهَلَاكِهِ أَوْ غَيْرِهِ كَتَخَمُّرِهِ أَوْ تَعَلَّقَ أَرْشُ جِنَايَةٍ بِرَقَبَتِهِ أَوْ ظَهَرَ عَيْبٌ قَدِيمٌ بِهِ كَوَلَدٍ لِلدَّابَّةِ الْمَشْرُوطِ رَهْنُهَا وَكَظُهُورِ الْمَشْرُوطِ رَهْنُهُ جَانِيًا وَإِنْ عَفَا عَنْهُ مَجَّانًا أَوْ تَابَ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ، خِلَافًا لِمَا فِي الْأَنْوَارِ إذْ نَقْصُ قِيمَتِهِ غَيْرُ مُنْجَبِرٍ بِمَا حَدَثَ بَعْدَ جِنَايَتِهِ مِنْ نَحْوِ تَوْبَةٍ وَعَفْوٍ كَمَا يَأْتِي، لَا إنْ مَاتَ بِمَرَضٍ سَابِقٍ أَوْ كَانَ عَيْنَيْنِ وَتَسَلَّمَ إحْدَاهُمَا فَمَاتَ أَوْ تَعَيَّبَ وَامْتَنَعَ الرَّاهِنُ مِنْ تَسْلِيمِ الْأُخْرَى ـــــــــــــــــــــــــــــSوَيُفِيدُهُ عَدَمُ تَقْيِيدِهِ فِي الْمَعْطُوفِ وَهُوَ قَوْلُهُ وَالْإِشْهَادُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَعَيَّنُوا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَيَجُوزُ إبْدَالُهُمْ بِمِثْلِهِمْ أَوْ فَوْقَهُمْ فِي الصِّفَاتِ، وَقَدْ يُقَالُ قِيَاسُ قَوْلِهِ وَلَا نَظَرَ لِتَفَاوُتِ إلَخْ جَوَازُ إبْدَالِهِمْ بِدُونِهِمْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهَا) كَاشْتِهَارِهِ بِالصَّلَاحِ (قَوْلُهُ قَصَدَهُ) أَيْ التَّفَاوُتَ. (قَوْلُهُ: إذْ الْأَعْيَانُ لَا تَقْبَلُ الْأَبْدَالَ) أَيْ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ بَدَلِ مَا شُرِطَ رَهْنُهُ، وَلَوْ أَعْلَى قِيمَةً، أَمَّا لَوْ تَرَاضَيَا بِالْإِبْدَالِ وَأَسْقَطَ الْبَائِعُ الْخِيَارَ فَيَصِحُّ وَيَكُونُ رَهْنَ تَبَرُّعٍ، وَمِنْ فَوَائِدِهِ أَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ مِنْ إقْبَاضِهِ أَوْ بَانَ مَعِيبًا لَمْ يَثْبُتْ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ مَاتَ قَبْلَهُ) وَكَذَا لَوْ امْتَنَعَ مِنْ الِاعْتِرَافِ بِالْحَقِّ عِنْدَ الشُّهُودِ فَمَا ذَكَرَهُ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ وَمِنْ ثَمَّ عَبَّرَ بِالْكَافِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ. وَوَجْهُ النَّظَرِ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الشُّهُودِ ثُبُوتُ الْحَقِّ وَإِقْرَارُ الْوَارِثِ بِشِرَاءِ مُوَرِّثِهِ وَإِشْهَادُهُ عَلَيْهِ كَإِشْهَادِ الْمُوَرِّثِ فِي إثْبَاتِ الْحَقِّ، فَالْقِيَاسُ الصِّحَّةُ، وَوَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ اشْتَرَى مَجُوسِيَّةً بِشَرْطِ عَدَمِ الْوَطْءِ هَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ إنْ شَرَطَ عَدَمَ الْوَطْءِ مُطْلَقًا لَمْ يَصِحَّ، أَوْ مَا دَامَ الْمَانِعُ قَائِمًا بِهَا صَحَّ أَخْذًا مِمَّا لَوْ بَاعَهُ ثَوْبَ حَرِيرٍ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَلْبَسَهُ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَوْ مَاتَ قَبْلَهُ) أَيْ أَوْ أَعْسَرَ عَلَى مَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ الْقِيَاسُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْخِيَارُ (قَوْلُهُ: كَتَخَمُّرِهِ) أَيْ فَلَوْ تَخَلَّلَ قَبْلَ فَسْخِ الْبَائِعِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ خَلَا مِنْ قِيمَتِهِ عَصِيرًا لَمْ يَتَخَيَّرْ وَإِلَّا تَخَيَّرَ (قَوْلُهُ: أَوْ تَعَلَّقَ) أَيْ قَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: أَوْ غَيْرِهِ عَطْفٌ عَلَى هَلَاكِهِ، وَقَوْلُهُ كَتَخَمُّرٍ أَوْ تَعَلُّقٍ أَمْثِلَةٌ لَهُ، وَقَوْلُهُ لِهَلَاكِهِ مُتَعَلِّقٌ بِيَقْبِضُهُ (قَوْلُهُ: بِرَقَبَتِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّ جِدًّا، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ تَعَلُّقَ الْجِنَايَةِ بِهِ قَدْ يُوَرِّثُ نَقْصًا فِي قِيمَتِهِ مِنْ حَيْثُ الْجِنَايَةُ (قَوْلُهُ: أَوْ ظَهَرَ عَيْبٌ) عَطْفٌ عَلَى لَمْ يَقْبِضْهُ (قَوْلُهُ كَوَلَدٍ لِلدَّابَّةِ الْمَشْرُوطِ رَهْنُهَا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَحْتَاجُ إلَى الْبَيْعِ، وَيَتَعَذَّرُ لِحُرْمَةِ التَّفْرِيقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَلَدِهَا (قَوْلُهُ: لَا إنْ مَاتَ) أَيْ بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَا خِيَارَ (قَوْلُهُ: فَمَاتَ) أَيْ الَّذِي تَسَلَّمَهُ (قَوْلُهُ: وَامْتَنَعَ الرَّاهِنُ مِنْ تَسْلِيمِ الْآخَرِ) أَيْ فَلَا خِيَارَ؛ لِأَنَّا لَوْ أَثْبَتْنَاهُ لَقُلْنَا لَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ وَرَدُّ الْمَرْهُونِ وَهُوَ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى رَدِّهِ بِمَوْتِهِ، وَهَلْ يُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى تَسْلِيمِ الْعَيْنِ الْأُخْرَى أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَمُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمْ عَدَمُ الْإِجْبَارِ بِأَنَّ لِلْبَائِعِ مَنْدُوحَةً عَنْهُ بِالْفَسْخِ الْأَوَّلِ لِتَعَذُّرِ الْفَسْخِ عَلَيْهِ بِسُقُوطِ الْخِيَارِ ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ الْمَارِّ فِي حَلِّ الْمَتْنِ: أَيْ عِوَضٌ، فَكَانَ الْأَوْلَى غَيْرَ هَذَا التَّعْبِيرِ . (قَوْلُهُ إنْ شَرَطَ لَهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ

وَتَغَيَّرَ حَالُ الْكَفِيلِ بِإِعْسَارٍ أَوْ غَيْرِهِ قَبْلَ تَكَفُّلِهِ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ تَغَيَّرَ قَبْلَهُ مُلْحَقٌ بِالرَّهْنِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ الْقِيَاسُ. (وَلَوْ) (بَاعَ عَبْدًا) أَيْ رَقِيقًا (بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ) عَنْ الْمُشْتَرِي أَوْ أَطْلَقَ (فَالْمَشْهُورُ صِحَّةُ الْبَيْعِ وَالشَّرْطِ) لِخَبَرِ بَرِيرَةَ الْمَشْهُورِ وَلِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ، عَلَى أَنَّ فِيهِ مَنْفَعَةً لِلْمُشْتَرِي فِي الدُّنْيَا بِالْوَلَاءِ وَفِي الْآخِرَةِ بِالثَّوَابِ وَلِلْبَائِعِ بِالتَّسَبُّبِ فِيهِ وَالثَّانِي لَا يَصِحَّانِ كَمَا لَوْ شَرَطَ بَيْعَهُ أَوْ هِبَتَهُ، وَقِيلَ يَصِحُّ الْبَيْعُ دُونَ الشَّرْطِ كَمَا فِي النِّكَاحِ، أَمَّا لَوْ شَرَطَ إعْتَاقَهُ عَنْ الْبَائِعِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ وَخَرَجَ بِإِعْتَاقِ الْمَبِيعِ شَرْطُ إعْتَاقِ غَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ مَعَهُ لِانْتِفَاءِ كَوْنِهِ مِنْ مَصَالِحِهِ وَشَرْطِ إعْتَاقِ بَعْضِهِ. نَعَمْ لَوْ عَيَّنَ الْمِقْدَارَ الْمَشْرُوطَ فَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ الصِّحَّةُ، وَلَوْ بَاعَ بَعْضَهُ بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ صَحَّ ذَلِكَ الْبَعْضُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْبَهْجَةِ وَأَصْلُهَا، وَمَحَلُّ صِحَّةِ شَرْطِ الْعِتْقِ حَيْثُ كَانَ الْمَشْرُوطُ عَلَيْهِ يَتَمَكَّنُ مِنْ الْوَفَاءِ، فَلَوْ شَرَطَ إعْتَاقَ قَرِيبِهِ مِنْ أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: بِالرَّهْنِ) فَيَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ. (قَوْله وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا) هَلْ مِثْلُ الْبَيْعِ السَّلَمُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي عَدَمُ الصِّحَّةِ أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِهِمْ بِالْعِتْقِ النَّاجِزِ وَتَأَخُّرِ الْقَبْضِ فِي السَّلَمِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ تَعْلِيقِ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: أَيْ رَقِيقًا) إنَّمَا فَسَّرَ بِذَلِكَ لِيَشْمَلَ الْأَمَةَ، وَعِبَارَةُ حَجّ: أَيْ قِنًّا. وَفَسَّرَ بِذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقِنَّ هُوَ الرَّقِيقُ، وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: الْقِنُّ الرَّقِيقُ يُطْلَقُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ عَلَى الْوَاحِدِ وَغَيْرِهِ، وَرُبَّمَا جُمِعَ عَلَى أَقْنَانٍ وَأَقِنَّةٍ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: الْقِنُّ مَنْ يُمْلَكُ هُوَ وَأَبَوَاهُ، وَأَمَّا مَنْ يَغْلِبُ عَلَيْهِ وَيُسْتَعْبَدُ فَهُوَ عَبْدُ مُمَلِّكِهِ. وَمَنْ كَانَتْ أُمُّهُ أَمَةً وَأَبُوهُ عَرَبِيًّا فَهُوَ هَجِينٌ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ) وَمِثْلُهُ الْقَرْضُ وَالْهِبَةُ فَيَصِحُّ كُلٌّ مِنْهُمَا بِشَرْطِ الْعِتْقِ عَنْ الْمُقْتَرِضِ وَالْمُتَّهِبِ كَذَا قِيلَ، وَقَدْ يُقَالُ: الْأَقْرَبُ فِيهِمَا عَدَمُ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ هُنَا لَا يَحْصُلُ إلَّا بَعْدَ قَبْضِ الْمُقْرَضِ وَالْمَوْهُوبِ. لَا يُقَالُ: قَدْ يَكُونُ الْمُقْرَضُ وَالْمَوْهُوبُ فِي يَدِ الْمُقْتَرِضِ وَالْمُتَّهِبِ قَبْلَ الْعَقْدِ فَيَحْصُلُ الْقَبْضُ فِيهِمَا عَقِبَهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْقَبْضُ فِيهِمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنٍ مِنْ الْمَالِكِ فِي الْقَبْضِ عَنْ الْهِبَةِ وَالْقَرْضِ، وَعَلَى مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْقَبْضُ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَا يَتِمُّ الْقَبْضُ فِيهِمَا بَعْدَ الْعَقْدِ أَصْلًا، وَقَدْ يُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّهُ إذَا شُرِطَ إعْتَاقُ الْبَعْضِ لَمْ يَضُرَّ مَعَ أَنَّ اعْتَاقَ غَيْرِ الْمَبِيعِ إنَّمَا حَصَلَ بِالسِّرَايَةِ مِنْ إعْتَاقِ الْجُزْءِ الْمَبِيعِ، وَوَجْهُ التَّأْيِيدِ مَا قَالَهُ حَجّ مِنْ أَنَّهُ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ يُسَمَّى عِتْقًا لِلْكُلِّ حَالًّا مُنَجَّزًا وَهُوَ الْمَقْصُودُ. (قَوْلُهُ: عَنْ الْمُشْتَرِي) لَا فَرْقَ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ مَعَ مَا ذُكِرَ وَلُزُومِ الْعِتْقِ لِلْمُشْتَرِي بَيْنَ كَوْنِ الْمُبْتَدِي بِالشَّرْطِ هُوَ الْبَائِعُ وَوَافَقَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ عَكْسُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ سم عَلَى حَجّ مِنْ جُمْلَةِ كَلَامٍ طَوِيلٍ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ كَوْنِهِ مِنْ مَصَالِحِهِ) وَمِنْهُ مَا لَوْ بَاعَ أَحَدُ شَرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ مِنْ شَرِيكِهِ بِشَرْطِ أَنْ يُعْتِقَ الشَّرِيكُ الْكُلَّ فَلَا يَصِحُّ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شَرْطِ عِتْقِ غَيْرِ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ: وَشَرْطِ إعْتَاقِ بَعْضِهِ) أَيْ بَعْضِ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ عَيَّنَ الْمِقْدَارَ إلَخْ) فَإِنْ أَبْهَمَهُ فَلَهُ خِلَافًا لحج حَيْثُ قَالَ: لَا فَرْقَ فِي الْبَعْضِ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ حَتَّى لَوْ بَاعَهُ بِشَرْطِ إعْتَاقٍ جَزْمًا صَحَّ الْبَيْعُ وَحَصَلَ بِهِ الْمَقْصُودُ مِنْ عِتْقِ الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ جُزْءًا وَإِنْ قَلَّ سَرَى إلَى بَاقِيه لِكَوْنِ الْجَمِيعِ فِي مِلْكِهِ اهـ. وَيُمْكِنُ رَدُّ مَا قَالَهُ بِأَنَّ الْمُبْهَمَ لَا تَتَأَتَّى الْمُطَابَقَةُ وَالدَّعْوَى بِهِ مِنْ الْبَائِعِ لِانْتِفَاءِ كَوْنِ الْمُدَّعَى بِهِ مَعْلُومًا فَامْتَنَعَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ لِلْإِبْهَامِ، قِيلَ عَلَى أَنَّهُ قَدْ لَا تَتَأَتَّى السِّرَايَةُ عِنْدَ الْإِعْتَاقِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَبِيعَ أَكْثَرَهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ، فَإِذَا أَعْتَقَ الْبَاقِي لَا يَسْرِي، لَكِنَّ هَذَا جَارٍ فِي الْبَعْضِ مُعَيَّنًا كَانَ أَوْ مُبْهَمًا، وَقَدْ يُقَالُ بِعَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ شَيْءٍ مِنْهُ فِيمَا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ إعْتَاقَ شَيْءٍ مِنْهُ مُعَيَّنًا كَانَ أَوْ مُبْهَمًا؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ قِيلَ بِصِحَّةِ الشَّرْطِ نَزَلَ شَرْطُ إعْتَاقِ الْبَعْضِ مَنْزِلَةَ شَرْطِ إعْتَاقِ الْكُلِّ، وَهُوَ إذَا شَرَطَ إعْتَاقَ الْكُلِّ لَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْهُ قَبْلَ الْعِتْقِ. (قَوْلُهُ: صَحَّ ذَلِكَ الْبَعْضُ) أَيْ حَيْثُ كَانَ بَاقِيه حُرًّا أَوْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْعِتْقِ كَرَهْنٍ أَوْ لِغَيْرِهِ وَهُوَ مُوسِرٌ وَإِلَّا فَلَا لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْعِتْقِ لِكُلِّهِ حَالًّا اهـ حَجّ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْبَهْجَةِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الشَّارِحَ مُتَشَوِّفٌ إلَى الْعِتْقِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَشْرُوطِ عِتْقَهُ يُؤَدِّي إلَى تَخْلِيصِ الرَّقَبَةِ مِنْ الرِّقِّ وَبَيْنَ كَوْنِهِ قَاصِرًا عَلَى مَا اشْتَرَاهُ، وَقِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى كُلَّهُ بِشَرْطِ إعْتَاقِ بَعْضٍ مُعَيَّنٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[باع عبدا بشرط إعتاقه]

لِتَعَذُّرِ وَفَائِهِ بِالشَّرْطِ لِكَوْنِهِ يَعْتِقُ عَلَيْهِ قَبْلَ إعْتَاقِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَبْدَى لِلصِّحَّةِ احْتِمَالًا وَيَكُونُ شَرْطُهُ تَوْكِيدًا لِلْمَعْنَى. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ شِرَاءَ مَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ أَوْ شَهِدَ بِهَا أَوْ بَيْعَهُ بِشَرْطِ الْعِتْقِ كَشِرَاءِ الْقَرِيبِ: وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ لِلْبَائِعِ) وَيُظْهِرُ إلْحَاقَ وَارِثِهِ بِهِ (مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي بِالْإِعْتَاقِ) ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى لَكِنْ لَهُ غَرَضٌ فِي تَحْصِيلِهِ لِإِثَابَتِهِ عَلَى شَرْطِهِ وَبِهِ فَارَقَ الْآحَادَ، وَأَمَّا قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ: لِمَ لَا يُقَالُ لِلْآحَادِ الْمُطَالَبَةُ بِهِ حِسْبَةً لَا سِيَّمَا عِنْدَ مَوْتِ الْبَائِعِ أَوْ جُنُونِهِ، يَرُدُّهُ مَا سَيَأْتِي فِي الْمُمَاثَلَةِ فِي الْقِصَاصِ مِمَّا يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ مِنْ امْتِنَاعِ الْمُطَالَبَةِ، وَأَنَّ النَّظَرَ فِي مِثْلِهِ لِلْحَاكِمِ، وَلَا يَلْزَمُهُ عِتْقُهُ فَوْرًا إلَّا عِنْدَ الطَّلَبِ (أَوْ ظَنِّ فَوَاتِهِ) فَإِنْ امْتَنَعَ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَرْفَعْهُ إلَيْهِ الْبَائِعُ بَلْ وَإِنْ أَسْقَطَ هُوَ أَوْ الْقِنُّ حَقَّهُ، فَإِنْ أَصَرَّ أَعْتَقَهُ عَلَيْهِ كَمَا يُطْلَقُ عَنْ الْمَوْلَى وَالْوَلَاءُ مَعَ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي، وَلَهُ قَبْلَ عِتْقِهِ وَطْؤُهَا وَاسْتِخْدَامُهُ وَكَسْبُهُ وَقِيمَتُهُ إنْ قُتِلَ، وَلَا يَلْزَمُهُ صَرْفُهَا لِشِرَاءِ مِثْلِهِ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ عِتْقُ وَلَدِ الْحَامِلِ لِانْقِطَاعِ التَّبَعِيَّةِ لَا نَحْوُ بَيْعٍ وَوَقْفٍ وَإِجَارَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ الصِّحَّةِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى نِصْفَهُ بِشَرْطِ إعْتَاقِ رُبْعِهِ صَحَّ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ) مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ أَوْ بَيْعِهِ) أَيْ أَوْ شَهِدَ بِبَيْعِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ الْعِتْقِ) أَيْ إذَا شَهِدَ بِشِرَائِهِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ فَلَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ لَهُ وَلَوْ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ مُؤَلِّفٌ (قَوْلُهُ كَشِرَاءِ الْقَرِيبِ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ فِي الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ) قَالَ حَجّ: وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ فِي الْكُلِّ حَيْثُ قَصَدَ شَرْطَ إنْشَاءِ الْعِتْقِ وَإِلَّا صَحَّ، وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ يُحْمَلُ قَوْلُ مَنْ قَالَ بِالصِّحَّةِ وَمَنْ قَالَ بِالْمَنْعِ اهـ بِالْمَعْنَى. قَالَ سم عَلَيْهِ: وَالْمَنْقُولُ الْبُطْلَانُ مُطْلَقًا اهـ. وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّ لِلْبَائِعِ) أَيْ بَعْدَ لُزُومِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي قَبْلَهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الْفَسْخِ (قَوْلُهُ: فِي تَحْصِيلِهِ لِإِثَابَتِهِ) قَدْ يُخْرِجُ مَسْأَلَةَ ابْتِدَاءِ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُوَافَقَةُ الْبَائِعِ كَشَرْطِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: يَرُدُّهُ) مَا سَيَأْتِي خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ عِتْقُهُ فَوْرًا) وَالْقِيَاسُ اللُّزُومُ فِيمَا لَوْ شَرَطَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي إعْتَاقَهُ فَوْرًا عَمَلًا بِالشَّرْطِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ قَبْلَ عِتْقِهِ وَطْؤُهَا) أَيْ وَإِنْ حَبِلَتْ وَيُجْبَرُ عَلَى إعْتَاقِهَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَكَسْبُهُ) قَدْ يُشْكِلُ بِمَا لَوْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ رَقِيقٍ فَتَأَخَّرَ عِتْقُهُ عَنْ الْمَوْتِ حَتَّى حَصَلَ مِنْهُ إكْسَابٌ فَإِنَّهَا لَهُ لَا لِلْوَارِثِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْعِتْقِ بَعْدَ الْمَوْتِ أَلْزَمُ مِنْ الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ، إذْ لَا يُمْكِنُ بَعْدَ الْمَوْتِ رَفْعُهَا بِالِاخْتِيَارِ وَالْبَيْعُ بِشَرْطِ الْعِتْقِ يُمْكِنُ رَفْعُهُ بِالِاخْتِيَارِ بِالتَّقَايُلِ وَفَسْخُهُ بِالْخِيَارِ وَالْعَيْبِ وَنَحْوِهِمَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ صَرْفُهَا) أَيْ؛ لِأَنَّ مَصْلَحَةَ الْحُرِّيَّةِ لَهُ وَقَدْ فَاتَتْ، بِخِلَافِ مَصْلَحَةِ الْأُضْحِيَّةَ الْمَنْذُورَةِ فَإِنَّهَا لِلْفُقَرَاءِ فَلِذَا وَجَبَ شِرَاءُ مِثْلِهَا بِقِيمَتِهَا إذَا تَلِفَتْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَدِ الْحَامِلِ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: عِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَإِنْ شَرَطَ عِتْقَ حَامِلٍ فَوَلَدَتْ ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَفِي عِتْقِ الْوَلَدِ وَجْهَانِ اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَالْأَصَحُّ مِنْهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ الْمَنْعُ لِانْقِطَاعِ التَّبَعِيَّةِ بِالْوِلَادَةِ اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ أَنَّ الْمُعَلَّقَ عِتْقُهَا يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا فِي الْعِتْقِ إنْ كَانَ حَمْلًا عِنْدَ التَّعْلِيقِ أَوْ الصِّفَةِ، وَأَنَّ فِي الرَّوْضِ فِي بَابِ الرَّهْنِ مَا نَصُّهُ: وَالْحَمْلُ الْمُقَارِنُ لِلْعَقْدِ لَا لِلْقَبْضِ مَرْهُونٌ فَتُبَاعُ بِحَمْلِهَا وَكَذَا إنْ انْفَصَلَ اهـ. وَهَذَا يُشْكِلُ عَلَى مَا هُنَا فَلْيُتَأَمَّلْ الْفَرْقُ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ نَظِيرَ دُخُولِهِ فِي الرَّهْنِ وَبَيْعِهِ مَعَهَا مُطْلَقًا دُخُولُهُ هُنَا فِي الْمَبِيعِ وَثُبُوتُ أَحْكَامِ الْمَبِيعِ لَهُ، وَأَمَّا الْعِتْقُ فَخَارِجٌ عَنْ أَحْكَامِ الْمَبِيعِ فَلَا حَاجَةَ لِفَرْقٍ وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: لَا نَحْوُ بَيْعٍ) أَيْ وَلَوْ بِشَرْطِ الْعِتْقِ أَوْ لِمَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَاعَ عَبْدًا بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ] قَوْلُهُ: أَوْ بَيْعِهِ) هُوَ بِالْجَرِّ وَفِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ عَنْ الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ: أَيْ شَهِدَ بِشِرَائِهِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ فَلَا يَصِحُّ بَعْدَ ذَلِكَ شِرَاؤُهُ لَهُ وَلَوْ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ اهـ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ الْعِتْقِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهُ فِي مَسْأَلَةٍ مَا لَوْ أَقَرَّ بِبَيْعِهِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ أَوْ شَهِدَ بِذَلِكَ بِدُونِ شَرْطِ الْعِتْقِ أَنَّهُ يَصِحُّ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي قَرِيبًا فِي كَلَامِهِ، ثُمَّ إنَّ مَا ذُكِرَ هُنَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّ شِرَاءَ مَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ افْتِدَاءً وَلَيْسَ بَيْعًا حَقِيقِيًّا، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الِافْتِدَاءَ لَيْسَ مِنْ الْعُقُودِ الَّتِي تَتَأَثَّرُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فَلْيُنْظَرْ مَعَهُ.

وَلَوْ جَنَى قَبْلَ إعْتَاقِهِ لَزِمَهُ فِدَاؤُهُ كَأُمِّ الْوَلَدِ، وَلَوْ أَعْتَقَهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ لَمْ يَجْزِهِ عَنْهَا وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْبَائِعُ فِيهِ لِاسْتِحْقَاقِهِ الْعِتْقَ بِجِهَةِ الشَّرْطِ فَلَا يُصْرَفُ إلَى غَيْرِهَا كَمَا لَا يُعْتَقُ الْمَنْذُورُ عَنْ الْكَفَّارَةِ، وَلَوْ مَاتَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ إعْتَاقِهِ فَالْقِيَاسُ أَنَّ وَارِثَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ مَنْ اسْتَوْلَدَهَا. أَمَّا هِيَ فَالْأَوْجَهُ عِتْقُهَا بِمَوْتِهِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلُهُمْ إنَّ الِاسْتِيلَادَ لَا يَجْزِي؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِعْتَاقٍ، إذْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يُسْقِطُ عَنْهُ طَلَبَ الْعِتْقِ لَا أَنَّهَا لَا تُعْتَقُ بِمَوْتِهِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ إلَى الْعِتْقِ مَا أَمْكَنَ وَالْحَقُّ فِي ذَلِكَ لِلَّهِ تَعَالَى لَا لِلْبَائِعِ، فَعِتْقُهَا بِمَوْتِهِ أَوْلَى مِنْ أَنْ تَأْمُرَ الْوَارِثَ بِإِعْتَاقِهَا، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ إذْ لَا وَلَاءَ لَهُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى. (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ) أَيْ الْبَائِعَ (لَوْ شَرَطَ مَعَ الْعِتْقِ الْوَلَاءَ لَهُ أَوْ شَرَطَ تَدْبِيرَهُ أَوْ كِتَابَتَهُ) أَوْ تَعْلِيقَ عِتْقِهِ بِصِفَةٍ (أَوْ إعْتَاقَهُ بَعْدَ شَهْرٍ) أَوْ لَحْظَةٍ أَوْ وَقَفَهُ وَلَوْ حَالًّا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ) لِمُخَالَفَةِ الْأَوَّلِ مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الشَّرْعُ مِنْ أَنَّ الْوَلَاءَ مَنْ أَعْتَقَهُ وَالْبَقِيَّةُ لِغَرَضِ الشَّارِعِ مِنْ تَنْجِيزِ الْعِتْقِ وَأَجَابَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ خَبَرِ «وَاشْتَرِطِي لَهُمْ الْوَلَاءَ» بِأَنَّ لَهُمْ بِمَعْنَى عَلَيْهِمْ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7] وَالثَّانِي يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ، وَلَوْ بَاعَ رَقِيقًا بِشَرْطِ أَنْ يَبِيعَهُ الْمُشْتَرِي بِشَرْطِ الْإِعْتَاقِ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى دَارًا بِشَرْطِ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَكَذَا مِنْ نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ عَبْدَ عَتَاقَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الْعِوَضِ خِلَافُ قَضِيَّةِ شَرْطِ الْعِتْقِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّ مِثْلَ بَيْعِهِ مِنْ نَفْسِهِ مَا لَوْ وَهَبَهُ لِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَوْ بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَجْزِهِ) وَهَلْ يَعْتِقُ عَنْ جِهَةِ شَرْطٍ أَوْ يَلْغُو مَا أَتَى بِهِ فَيَسْتَمِرُّ عَلَى الرِّقِّ وَيُطَالِبُ بِعِتْقِهِ ثَانِيًا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَطَلَ خُصُوصُ كَوْنِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ بَقِيَ مُطْلَقُ الْعِتْقِ وَقَدْ يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ عَنْهَا. وَبَقِيَ مَا لَوْ بَاعَهُ ابْتِدَاءً بِشَرْطِ الْإِعْتَاقِ عَنْ كَفَّارَةِ الْمُشْتَرِي هَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ فِي الْخَبَرِ [فَرْعٌ] لَوْ اشْتَرَى رَقِيقًا بِشَرْطِ إعْتَاقِ يَدِهِ مَثَلًا فَهَلْ يَصِحُّ وَيُعْتَقُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَنَقَلَ سم عَنْ مَرَّ عَلَى حَجّ عَدَمَ الصِّحَّةِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْعُضْوَ الْمُعَيَّنَ قَدْ يَسْقُطُ قَبْلَ إعْتَاقِهِ فَلَا يُمْكِنُ إعْتَاقُهُ بَعْدَ سُقُوطِهِ وَمَعَ هَذَا فَالْأَقْرَبُ الصِّحَّةُ، وَيَكُونُ شَرْطُ ذَلِكَ شَرْطًا لِإِعْتَاقِ الْجُمْلَةِ إمَّا مِنْ بَابِ التَّعْبِيرِ بِالْجُزْءِ عَنْ الْكُلِّ وَإِمَّا مِنْ بَابِ السِّرَايَةِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ سُقُوطِ الْعُضْوِ وَبِتَقْدِيرِ سُقُوطِهِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يَجِبُ إعْتَاقُ الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِالْتِزَامِ إعْتَاقِ الْيَدِ (قَوْلُهُ: يَقُومُ مَقَامَهُ) أَيْ فَيُجْبَرُ عَلَى إعْتَاقِهِ إنْ امْتَنَعَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ عِتْقُهَا) أَيْ عَنْ الشَّرْطِ وَمِثْلُهَا أَوْلَادُهَا الْحَاصِلُونَ بَعْدَ الْإِيلَادِ فَيُعْتَقُونَ بِمَوْتِهِ. (قَوْلُهُ: الْوَلَاءَ لَهُ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: قَوْلُهُ الْوَلَاءُ إلَخْ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: إنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْبَيْعِ الضِّمْنِيِّ، أَمَّا الْبَيْعُ الضِّمْنِيُّ كَأَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي عَلَى كَذَا بِشَرْطِ أَنَّ الْوَلَاءَ لَك فَيَصِحُّ الْعَقْدُ وَيَلْغُو الشَّرْطُ وَيَقَعُ الْعِتْقُ عَنْ الْمُسْتَدْعِي وَتَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ. ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْكَفَّارَةِ نَقْلًا عَنْ التَّتِمَّةِ اهـ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ مَعْنَى قَوْلِهِ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ إلَخْ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ مَعَ فَسَادِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَزِمَ الثَّمَنُ لَا الْقِيمَةُ فَفِي قَوْلِهِ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ مُسَامَحَةً، وَعَلَيْهِ فَالْبَيْعُ الضِّمْنِيُّ كَغَيْرِهِ فِي الْفَسَادِ حَيْثُ شَرْطُ الْوَلَاءِ لِغَيْرِ الْمُعْتِقِ، لَكِنَّهُمَا يَفْتَرِقَانِ فِي أَنَّ غَيْرَ الضِّمْنِيِّ لَا يُعْتَقُ فِيهِ الْمَبِيعُ، بِخِلَافِ الضِّمْنِيِّ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ فِيهِ لِإِتْيَانِهِ فِيهِ بِصِيغَةِ الْعِتْقِ، وَكَثِيرًا مَا تَجِبُ الْقِيمَةُ مُتَرَتِّبَةً عَلَى الْعِتْقِ بِدُونِ الْبَيْعِ، ثُمَّ رَأَيْت عَنْ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ فِي حَوَاشِي الرَّوْضِ أَنَّهُ قَالَ: لَا اسْتِثْنَاءَ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ كَانَ لُزُومُهَا دَلِيلًا عَلَى فَسَادِ الْبَيْعِ اهـ. وَهُوَ غَيْرُ مَا قُلْنَاهُ (قَوْلُهُ: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7] وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ الشَّرْطَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أَنْ يَقِفَهَا أَوْ ثَوْبًا بِشَرْطِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ. (وَلَوْ شَرَطَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ كَالْقَبْضِ وَالرَّدِّ بِعَيْبٍ صَحَّ) يَعْنِي لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمَا أَوْجَبَهُ الشَّارِعُ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ ضَمِيرُ صَحَّ عَائِدًا عَلَى الْعَقْدِ الْمَقْرُونِ بِهَذَا الشَّرْطِ، بَلْ يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ فِي الَّذِي بَعْدَهُ كَمَا يَأْتِي وَحِينَئِذٍ فَهُوَ بِمَعْنَى لَمْ يَضُرَّ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ صِحَّةُ الشَّرْطِ هُنَا وَثَمَّ وَبَنَى عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ رَدًّا عَلَى مَنْ قَالَ الْخِلَافُ لَفْظِيٌّ مَا لَوْ تَعَذَّرَ قَبْضُ الْمَبِيعِ لِمَنْعِ الْبَائِعِ مِنْهُ فَيَتَخَيَّرُ إنْ قُلْنَا بِصِحَّتِهِ لَا فَسَادِهِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لِمُجَرَّدِ التَّأْكِيدِ فَلَا خِيَارَ بِفَقْدِهِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ صَحَّ الْعَقْدُ فِيهِمَا وَلَغَا الشَّرْطُ فِي الثَّانِي، إلَّا أَنْ يُرِيدَ مَا قُلْنَاهُ أَنَّ الثَّانِيَ لَمْ يُفِدْ شَيْئًا أَصْلًا وَالْأَوَّلُ أَفَادَ التَّأْكِيدَ. (أَوْ) شَرَطَ (مَا لَا غَرَضَ فِيهِ) أَيْ عُرْفًا فَلَا عِبْرَةَ بِغَرَضِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا فِيمَا يَظْهَرُ وَسَيَأْتِي مَا يُصَرِّحُ بِهِ (كَشَرْطِ أَنْ لَا يَأْكُلَ) أَوْ لَا يَلْبَسَ (إلَّا كَذَا) وَلَوْ حَرِيرًا (صَحَّ) الْعَقْدُ وَلَغَا الشَّرْطُ، وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ جَمْعٌ مِنْ أَنَّ مَحَلَّهُ أَنْ لَا تَأْكُلَ إلَّا كَذَا بِالْفَوْقِيَّةِ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي لَا غَرَضَ فِيهِ أَلْبَتَّةَ، بِخِلَافِهِ بِالتَّحْتِيَّةِ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ حِينَئِذٍ فَيَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ مَرْدُودٌ، إذْ الصَّحِيحُ عَدَمُ الْفَرْقِ لِانْتِفَاءِ غَرَضِ الْبَائِعِ بَعْدَ خُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهِ فِي تَعْيِينِ غِذَاءٍ مَعَ أَنَّهُ يَحْصُلُ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ مِنْ إطْعَامِهِ، وَلِهَذَا لَوْ شَرَطَ مَا لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ أَصْلًا كَجَمْعِهِ بَيْنَ أُدْمَيْنِ أَوْ صَلَاتِهِ لِلنَّوَافِلِ وَكَذَا لِلْفَرْضِ أَوَّلَ وَقْتِهِ فَسَدَ الْعَقْدُ كَبَيْعِ سَيْفٍ بِشَرْطِ أَنْ يَقْطَعَ بِهِ الطَّرِيقَ، بِخِلَافِ بَيْعِ ثَوْبٍ حَرِيرٍ بِشَرْطِ لُبْسِهِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْمَعْصِيَةُ فِيهِ لِجَوَازِهِ فِي الْجُمْلَةِ لِأَعْذَارٍ فَانْدَفَعَ مَا لِلزَّرْكَشِيِّ هُنَا فِيمَا لَوْ شَرَطَ أَنْ يُلْبِسَهُ الْحَرِيرَ وَكَانَ بَالِغًا، وَلَوْ بَاعَهُ إنَاءً بِشَرْطِ أَنْ لَا يَجْعَلَ فِيهِ مُحَرَّمًا أَوْ سَيْفًا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَقْطَعَ بِهِ الطَّرِيقَ أَوْ عَبْدًا بِشَرْطِ أَنْ لَا يُعَاقِبَهُ بِمَا لَا يَجُوزُ صَحَّ الْبَيْعُ وَيُقَاسُ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ. (وَلَوْ) (شَرَطَ) الْبَائِعُ مَعَ مُوَافَقَةِ الْمُشْتَرِي حَبْسَ الْمَبِيعِ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْحَالُّ لَا الْمُؤَجَّلُ، وَخَافَ فَوْتَ الثَّمَنِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ صَحَّ؛ لِأَنَّ حَبْسَهُ حِينَئِذٍ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا أَوْ حَالًّا وَلَمْ يَخَفْ فَوْتَهُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّ الْبُدَاءَةَ حِينَئِذٍ فِي التَّسْلِيمِ بِالْبَائِعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSكَانَ خَارِجَ الْعَقْدِ وَهَذَا أَوْلَى. (قَوْلُهُ: بَلْ يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ إلَى صَحَّ عَائِدًا (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ) أَيْ الشَّرْطَ (قَوْلُهُ: فَلَا خِيَارَ) وَطَرِيقُهُ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ لِيُلْزِمَهُ بِالْإِقْبَاضِ (قَوْلُهُ أَنَّ الثَّانِيَ) أَيْ شَرْطُ مَا لَا غَرَضَ فِيهِ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ) هُوَ شَرْطُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ حَرِيرًا) أَيْ حَيْثُ أَطُلِقَ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي عَنْ سم مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ زَادَ مِنْ غَيْرِ إلَخْ (قَوْلُهُ إذْ الصَّحِيحُ عَدَمُ الْفَرْقِ) أَيْ بَيْنَ التَّحْتِيَّةِ وَالْفَوْقِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا لَوْ شَرَطَ) غَرَضُهُ مِنْهُ رَدُّ مَا اعْتَرَضَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى الرَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَى الْبُطْلَانِ فِيمَا لَوْ شَرَطَ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا، وَوَجْهُ الرَّدِّ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ أُدْمَيْنِ لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ بِحَالٍ، بِخِلَافِ شَرْطِهِ أَنْ لَا يَأْكُلَ إلَّا كَذَا فَإِنَّ الْمَشْرُوطَ مِنْ جِنْسِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ زِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ فَإِنْ زَادَ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ وَلَا حَاجَةٍ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ اهـ سم. (قَوْلُهُ: مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ) كَانَ الْأَوْلَى لَهُ إدْخَالَهَا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ شَرَطَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَخَفْ فَوْتَهُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ إلَخْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ فَهُوَ بِمَعْنَى لَمْ يَضُرَّ) تَوَقَّفَ فِيهِ الشِّهَابُ سم مَعَ جَعْلِ الضَّمِيرِ رَاجِعًا إلَى الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي لَا غَرَضَ فِيهِ أَلْبَتَّةَ) مَبْنِيٌّ عَلَى أَخْذِ الْمَتْنِ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ لِلشَّارِحِ تَخْصِيصُهُ بِالْعُرْفِ وَأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِغَرَضِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ غَرَضِ الْبَائِعِ) فِي هَذَا الْجَوَابِ تَسْلِيمُ أَنَّ غَرَضَ الْبَائِعِ مُعْتَبَرٌ فَيُنَافِي مَا قَدَّمَهُ، فَكَانَ حَقُّ الرَّدِّ الْمُوَافِقِ لِمَا قَدَّمَهُ أَنْ يَقُولَ مَا ذُكِرَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ غَرَضٌ إلَّا أَنَّهُ لِخُصُوصِ الْبَائِعِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ (قَوْلُهُ: فَيَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ) أَيْ فِي خُصُوصِ هَذِهِ الصُّورَةِ، وَإِلَّا فَلَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ اخْتِلَافِ الْغَرَضِ وَالْفَسَادِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ) أَيْ مَا عَيَّنَهُ مِنْ الْمَأْكُولِ

وَإِنْ شَرَطَ (وَصْفًا يُقْصَدُ كَكَوْنِ الْعَبْدِ كَاتِبًا أَوْ الدَّابَّةِ) أَوْ الْأَمَةِ بَلْ يُمْكِنُ شُمُولُ كَلَامِهِ لَهَا حَمْلًا لِلدَّابَّةِ عَلَى مَعْنَاهَا لُغَةً (حَامِلًا أَوْ لَبُونًا) أَيْ ذَاتَ لَبَنٍ (صَحَّ) الْعَقْدُ مَعَ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يَتَعَلَّقُ بِمَصْلَحَةِ الْعَقْدِ وَهُوَ الْعِلْمُ بِصِفَاتِ الْمَبِيعِ الَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الْأَغْرَاضُ؛ وَلِأَنَّهُ الْتَزَمَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ الْتِزَامُهُ عَلَى إنْشَاءِ أَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ فَلَا يَدْخُلُ فِي النَّهْيِ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ وَإِنْ سُمِّيَ شَرْطًا تَجَوُّزًا فَإِنَّ الشَّرْطَ لَا يَكُونُ إلَّا مُسْتَقْبَلًا، وَيَكْفِي أَنْ يُوجَدَ مِنْ الْوَصْفِ الْمَشْرُوطِ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ إلَّا إنْ شَرَطَ الْحُسْنَ فِي شَيْءٍ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ حَسَنًا عُرْفًا وَإِلَّا تَخَيَّرَ، وَلَوْ قُيِّدَ بِحَلْبِ أَوْ كِتَابَةِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ كُلَّ يَوْمٍ وَإِنْ عَلِمَ قُدْرَتَهُ عَلَيْهِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَلَا يَأْتِي هُنَا بَحْثُ السُّبْكِيّ الْآتِي فِي الْجَمْعِ فِي الْإِجَارَةِ بَيْنَ الْعَمَلِ وَالزَّمَانِ، وَلَوْ تَعَذَّرَ الْفَسْخُ فِي مَحَلِّ ثُبُوتِهِ لِنَحْوِ حُدُوثِ عَيْبٍ عِنْدَهُ فَلَهُ الْأَرْشُ بِتَفْصِيلِهِ الْآتِي، وَلَوْ مَاتَ الْمَبِيعُ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ فِي فَقْدِ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى عَيْبًا قَدِيمًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ، وَلَا يُنَافِي مَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي كَوْنِ الْحَيَوَانِ حَامِلًا صُدِّقَ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَسَلُّطِ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِالرَّدِّ بِدَلِيلِ مَا سَيَأْتِي فِي دَعْوَى الْمُشْتَرِي قِدَمَ الْعَيْبِ مَعَ احْتِمَالِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا مَرَّ فِي مَوْتِ الرَّقِيقِ قَبْلَ اخْتِبَارِهِ وَمَا هُنَا فِي شَيْءٍ يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَدَعْوَى أَنَّ ذِكْرَ الْمَوْتِ تَصْوِيرٌ مَمْنُوعَةٌ عَلَى أَنَّ الْكِتَابَةَ أَمْرٌ مُشَاهَدٌ لَا يَخْفَى وَلَا كَذَلِكَ الْحَمْلُ فَلَا قِيَاسَ، وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّهُ يَتَيَقَّنُ وُجُودَ الْحَمْلِ عِنْدَهُ بِانْفِصَالِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْهُ مُطْلَقًا أَوْ لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا تُوطَأَ وَطْئًا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ، وَيَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي حَمْلِ الْبَهِيمَةِ لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ فَيَكُونُ هُنَا كَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ، ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فَلَا يَصِحُّ، وَقَدْ يُقَالُ مَا الْمَانِعُ مِنْ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَصَالِحِ الْعَقْدِ؛ وَلِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَخْشَ فَوْتَ الثَّمَنِ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي تَعْجِيلِ الْقَبْضِ. . (قَوْلُهُ: وَإِنَّ شَرَطَ) الْأَوْلَى أَوْ (قَوْلُهُ: كَكَوْنِ الْعَبْدِ كَاتِبًا) . [فَائِدَةٌ] لَوْ شَرَطَ كَوْنَ الْمَبِيعِ عَالِمًا هَلْ يَكْفِي مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ أَمْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ عَالِمًا عُرْفًا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِانْتِفَاءِ صِدْقِ الْعَالِمِ عَلَى مَنْ اشْتَغَلَ بِالْعِلْمِ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ قَدْرًا يُسَمَّى بِهِ عَالِمًا عُرْفًا وَهَلْ يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْعَالِمِ فَإِذَا تَعَدَّدَتْ الْعُلُومُ الَّتِي يَشْتَغِلُونَ بِهَا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا، وَالظَّاهِرُ الثَّانِي، وَيُكْتَفَى بِمَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ فِي عُرْفِ أَهْلِ بَلَدِهِ أَنَّهُ عَالِمٌ. وَبَقِيَ مَا لَوْ شَرَطَ كَوْنَهُ قَارِئًا وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْتَفَى فِيهِ بِالْقِرَاءَةِ الْعُرْفِيَّةِ بِأَنْ يَكُونَ يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ وَالْقِرَاءَةَ وَلَوْ فِي الْمُصْحَفِ مَا لَمْ يَشْرِطْ حِفْظَهُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ (قَوْلُهُ: أَيْ ذَاتَ لَبَنٍ) كَأَنَّهُ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ كَثْرَةَ لَبَنِهَا لَمْ يَصِحَّ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: قَدْ يُقَالُ بِصِحَّةِ الشَّرْطِ وَيُحْمَلُ عَلَى الْكَثْرَةِ عُرْفًا كَمَا لَوْ شَرَطَ كَوْنَهُ كَاتِبًا كِتَابَةً حَسَنَةً فَيَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَى الْحُسْنِ الْعُرْفِيِّ، بَلْ قَدْ يَشْمَلُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي إلَّا إنْ شَرَطَ الْحُسْنَ إلَخْ، قَالَ حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: لَوْ شَرَطَ كَوْنَهُ كَاتِبًا فَهَلْ يَجِبُ كَوْنُ تِلْكَ الْكِتَابَةِ عَرَبِيَّةً أَوْ غَيْرَهَا أَوْ لَا؟ وَعَلَى الثَّانِي فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْكِتَابَةِ الْعَرَبِيَّةِ أَوْ يُكْتَفَى بِكَوْنِهِ يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ بِأَيِّ قَلَمٍ كَانَ؟ أَوْ يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى الْمُتَعَارَفِ الْآتِي فِي مَحَلِّ الْعَقْدِ؟ لِلنَّظَرِ فِيهِ مَجَالٌ، وَلَا يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ بِالْإِطْلَاقِ وَيَكُونُ يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ بِأَيِّ قَلَمٍ كَانَ مَا لَمْ تَكُنْ الْأَغْرَاضُ فِي مَحَلِّ الْعَقْدِ مُخْتَلِفَةً لِاخْتِلَافِ الْأَقْلَامِ فَيَجِبُ التَّعْيِينُ (قَوْلُهُ: مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ) وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ كَوْنَهَا ذَاتَ لَبَنٍ وَتَبَيَّنَ أَنَّهَا كَذَلِكَ لَكِنْ مَا تَحْلِبُهُ قَلِيلٌ جِدًّا بِالنِّسْبَةِ لِأَمْثَالِهَا مِنْ جِنْسِهَا اُكْتُفِيَ بِذَلِكَ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ مِثْلَ هَذَا يُعَدُّ عَيْبًا، وَقَدْ يَشْمَلُهُ قَوْلُ حَجّ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ قَدْرٍ مِنْهُ: أَيْ اللَّبَنِ يُقْصَدُ بِالشَّرْطِ عُرْفًا فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْعَمَلِ وَالزَّمَانِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ بِإِمْكَانِ فِعْلِهِ عَادَةً صَحَّ وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَمَدُ ثَمَّ خِلَافَهُ (قَوْلُهُ: عِنْدَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: قَبْلَ اخْتِبَارِهِ) أَيْ وَلَا طَرِيقَ إلَى إمْكَانِ مَعْرِفَتِهِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ) أَيْ فِي غَيْرِ الْحَمْلِ لِمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ تُوطَأُ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ) أَيْ فَلَوْ فُقِدُوا فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ الْمُشْتَرِي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَيَكْتَفِي بِرَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ (وَلَهُ الْخِيَارُ إنْ أُخْلِفَ) الشَّرْطُ لِتَضَرُّرِهِ بِذَلِكَ لَوْ لَمْ نُخَيِّرْهُ، أَمَّا مَا لَا يُقْصَدُ كَالسَّرِقَةِ فَلَا خِيَارَ بِفَوَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْبَائِعِ إعْلَامٌ بِعَيْبِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي رِضًا بِهِ، وَأَمَّا إذَا أُخْلِفَ إلَى مَا هُوَ أَعْلَى كَأَنْ شَرَطَ ثُيُوبَتَهَا فَخَرَجَتْ بِكْرًا فَلَا خِيَارَ أَصْلًا وَلَا أَثَرَ لِفَوَاتِ غَرَضِهِ لِنَحْوِ ضَعْفِ آلَتِهِ إذْ الْعِبْرَةُ فِي الْأَعْلَى وَضِدُّهُ بِالْعُرْفِ لَا يُغَيِّرُهُ وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا لَوْ شَرَطَ كَوْنَهُ خَصِيًّا فَبَانَ فَحْلًا تَخَيَّرَ؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ عَلَى الْحُرَمِ وَمُرَادُهُمْ الْمَمْسُوحُ الَّذِي يُبَاحُ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهِنَّ فَانْدَفَعَ تَنْظِيرُ الْبَدْرِ بْنِ شُهْبَةَ فِيهِ (وَفِي قَوْلٍ يَبْطُلُ الْعَقْدُ فِي الدَّابَّةِ) إذَا شُرِطَ فِيهَا مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ وَيُرَدُّ بِأَنَّهُمْ أَعْطَوْهُ حُكْمَ الْمَعْلُومِ عَلَى أَنَّهُ تَابِعٌ، إذْ الْقَصْدُ الْوَصْفُ بِذَلِكَ لَا إدْخَالُهُ فِي الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِيهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ. (وَلَوْ) (قَالَ بِعْتُكهَا وَحَمْلَهَا) أَوْ بِحَمْلِهَا أَوْ مَعَ حَمْلِهَا (بَطَلَ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُكهَا وَلَبَنَ ضَرْعِهَا. وَالثَّانِي يَجُوزُ لِدُخُولِهِ فِي الْعَقْدِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَلَمْ يَضُرَّ التَّنْصِيصُ عَلَيْهِ، وَيُفَارِقُ الْبُطْلَانُ الصِّحَّةَ فِيمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الْجِدَارَ وَأُسَّهُ أَوْ بِأُسِّهِ أَوْ مَعَ أُسِّهِ بِدُخُولِهِ فِي مُسَمَّاهُ لَفْظًا فَلَمْ يَلْزَمْ عَلَى ذِكْرِهِ مَحْذُورٌ وَالْحَمْلُ لَيْسَ دَاخِلًا فِي مُسَمَّى ـــــــــــــــــــــــــــــSلِمَا عُلِّلَ بِهِ قَبْلُ مِنْ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُودِ الْوَصْفِ فِي الْمَبِيعِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِفَقْدِهِمْ فَقْدُهُمْ فِي مَحَلِّ الْعَقْدِ فَلَا يُكَلَّفُ السَّفَرُ لَهُمْ لَوْ وُجِدُوا فِي غَيْرِهِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ مَحَلِّ الْعَقْدِ مَا دُونَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى؛ لِأَنَّ مَنْ بِهَا بِمَنْزِلَةِ الْحَاضِرِ بِدَلِيلِ وُجُوبِ حُضُورِهِ إذَا اسْتَعْدَى عَلَيْهِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي حَمْلِ الْأَمَةِ، أَمَّا الْبَهِيمَةُ فَقَدْ يُقَالُ لَا يَثْبُتُ حَمْلُهَا بِالنِّسَاءِ الْخُلَّصِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا تَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا. [فَائِدَةٌ] قَالَ حَجّ: فَرْعٌ: اخْتَلَفَ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ فِيمَنْ اشْتَرَى حَبًّا لِلْبَذْرِ بِشَرْطِ أَنَّهُ يَنْبُتُ، وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ فِيهِ أَنَّهُ إنْ شَهِدَ قَبْلَ بَذْرِهِ بِعَدَمِ إنْبَاتِهِ خَبِيرَانِ تَخَيَّرَ فِي رَدِّهِ، وَلَا نَظَرَ لِإِمْكَانِ عِلْمِ عَدَمِ إنْبَاتِهِ بِبَذْرٍ قَلِيلٍ مِنْهُ لَا يُمْكِنُ الْعِلْمُ بِدُونِهِ، وَلَيْسَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى بِطِّيخًا فَغَرَزَ إبْرَةً فِي وَاحِدَةٍ مِنْهَا فَوَجَدَهَا مَعِيبَةً يَرُدُّ الْجَمِيعَ؛ لِأَنَّهُ ثَمَّ لَمْ يَتْلَفْ مِنْ عَيْنِ الْمَبِيعِ شَيْءٌ، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَا يَنْبُتُ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي فَقْدِ الشَّرْطِ، فَإِنْ انْتَفَى ذَلِكَ كُلُّهُ بِأَنْ بَذَرَهُ كُلَّهُ فَلَمْ يَنْبُتْ شَيْئًا مَعَ صَلَاحِيَّةِ الْأَرْضِ وَتَعَذَّرَ إخْرَاجُهُ مِنْهَا أَوْ صَارَ غَيْرَ مُتَقَوِّمٍ أَوْ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ فَلَهُ الْأَرْشُ، وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ حَبًّا نَابِتًا وَحَبًّا غَيْرَ نَابِتٍ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى بَقَرَةً بِشَرْطِ أَنَّهَا لَبُونٌ فَمَاتَتْ فِي يَدِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا لَبُونٌ وَحَلَفَ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ لَبُونٍ لَهُ الْأَرْشُ وَالْمَبِيعُ تَلِفَ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا إطْلَاقُ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْبُتْ يَلْزَمُ الْبَائِعَ جَمِيعُ مَا خَسِرَهُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ كَأُجْرَةِ الْبَاذِرِ وَنَحْوِ الْحِرَاثَةِ وَبَعْضِهِمْ أُجْرَةِ الْبَاذِرِ فَقَطْ فَبَعِيدٌ جِدًّا، وَالْوَجْهُ بَلْ الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَلَيْسَ مُجَرَّدُ شَرْطِ الْإِنْبَاتِ تَغْرِيرًا مُوجِبًا لِذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي بَابِ خِيَارِ النِّكَاحِ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا أَفْتَى فِي بَيْعِ بَذْرٍ عَلَى أَنَّهُ بَذْرُ قِثَّاءٍ فَزَرَعَهُ الْمُشْتَرِي فَأَوْرَقَ وَلَمْ يُثْمِرْ بِأَنَّهُ لَا يَتَخَيَّرُ وَإِنْ أَوْرَقَ غَيْرَ وَرَقِ الْقِثَّاءِ فَلَهُ الْأَرْشُ، وَقَوْلُهُ لَا يُمْكِنُ الْعِلْمُ بِدُونِهِ: أَيْ فَلَوْ بَذَرَ قَلِيلًا مِنْهُ لِيَخْتَبِرَهُ فَلَمْ يَنْبُتْ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الرَّدُّ قَهْرًا. (قَوْلُهُ: وَلَهُ الْخِيَارُ) قَالَ حَجّ فَوْرًا اهـ قَالَ سم عَلَيْهِ: لَوْ شَرَطَ كَوْنَهَا حَامِلًا فَتَبَيَّنَ أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ الْعَقْدِ غَيْرَ حَامِلٍ لَكِنْ حَمَلَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ فَهَلْ يَسْقُطُ الْخِيَارُ كَمَا لَوْ دَرَّ اللَّبَنُ عَلَى الْحَدِّ الَّذِي أَشْعَرَتْ بِهِ التَّصْرِيَةُ بِجَامِعِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ السُّقُوطُ اهـ. وَقَدْ يُقَالُ: بَلْ الْأَقْرَبُ عَدَمُ سُقُوطِ الْخِيَارِ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْحَمْلِ قَدْ يُنْقِصُ الرَّغْبَةَ فِي الْحَامِلِ بِتَأْخِيرِ الْوَضْعِ فَيَفُوتُ غَرَضُ الْمُشْتَرِي، وَلَا كَذَلِكَ الْمُصَرَّاةُ فَإِنَّهُ حَيْثُ دَرَّ اللَّبَنُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَشْعَرَتْ بِهِ التَّصْرِيَةُ حَصَلَ بِهِ غَرَضُ الْمُشْتَرِي، وَقِيَاسُ مَا فِي الْمُصَرَّاةِ أَنَّ الْعَبْدَ لَوْ تَعَلَّمَ الْكِتَابَةَ بَعْدَ الْعَقْدِ الصِّحَّةُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقَوْلُهُ لَكِنْ حَمَلَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ مَفْهُومُهُ الضَّرَرُ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ وَيُقَالُ الْأَقْرَبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ مَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَمَا بَعْدَهُ، فَإِمَّا أَنْ يُقَالَ بِالسُّقُوطِ فَبِهِمَا أَوْ بِعَدَمِهِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: إنْ أَخْلَفَ الشَّرْطَ) وَمِنْهُ مَا لَوْ شَرَطَ كَوْنَ الْعَبْدِ نَصْرَانِيًّا فَتَبَيَّنَ إسْلَامُهُ فَلَهُ الْخِيَارُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الْخَصِيَّ. . (قَوْلُهُ: بِدُخُولِهِ فِي مُسَمَّاهُ لَفْظًا إلَخْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الْبَهِيمَةِ، كَذَلِكَ فَيَلْزَمُ مِنْ ذِكْرِهِ تَوْزِيعُ الثَّمَنِ عَلَيْهِمَا، وَهُوَ مَجْهُولٌ وَإِعْطَاؤُهُ حُكْمَ الْمَعْلُومِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ كَوْنِهِ تَبَعًا لَا مَقْصُودًا وَكَالْجِدَارِ وَأُسِّهِ الْجُبَّةُ وَحَشْوُهَا. (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْحَمْلِ وَحْدَهُ) كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ مِنْ بُطْلَانِ بَيْعِ الْمَلَاقِيحِ، وَإِنَّمَا ذِكْرُهُ تَوْطِئَةٌ لِقَوْلِهِ (وَلَا) بَيْعُ (الْحَامِلِ دُونَهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ لِتَعَذُّرِ اسْتِئْذَانِهِ؛ لِأَنَّهُ كَعُضْوٍ مِنْهَا، وَمَا أَوْرَدَهُ الْبَدْرُ بْنُ شُهْبَةَ عَلَى مَفْهُومِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَ مَالِكُ الْحَمْلِ مَالِكَ الْأُمِّ فَبَاعَهُمَا دَفْعَةً فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْعَقْدَ بِنَفْسِهِ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ التَّوْكِيلُ فِيهِ ظَاهِرُ الْفَسَادِ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ. (وَلَا) يَصِحُّ بَيْعُ (الْحَامِلِ بِحُرٍّ) أَوْ رَقِيقٍ لِغَيْرِ مَالِكِ الْأُمِّ إلْحَاقًا لِلِاسْتِثْنَاءِ الشَّرْعِيِّ بِالْحِسِّيِّ، وَإِنَّمَا صَحَّ بَيْعُ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَيْسَتْ عَيْنًا مُسْتَثْنَاةً وَالْحَمْلُ جُزْءٌ مُتَّصِلٌ فَلَمْ يَصِحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ، وَأَيْضًا فَالْمَنْفَعَةُ يَصِحُّ إيرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهَا وَحْدَهَا فَصَحَّ اسْتِثْنَاؤُهَا بِخِلَافِ الْحَمْلِ. (وَلَوْ) (بَاعَ حَامِلًا مُطْلَقًا) مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِدُخُولٍ وَعَدَمِهِ (دَخَلَ الْحَمْلُ فِي الْبَيْعِ) إنْ كَانَ مَالِكُهُمَا مُتَّحِدًا وَإِلَّا بَطَلَ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ بِيعَتْ فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ مَالِكِهَا أَوْ خَرَجَ بَعْضُهُ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ اشْتَرَى سَمَكَةً فَوَجَدَ فِي بَطْنِهَا أُخْرَى، وَلَوْ وَضَعَتْ ثُمَّ بَاعَهَا فَوَلَدَتْ آخَرَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْأَوَّلِ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي لِانْفِصَالِهِ فِي مِلْكِهِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ فِي الْكِتَابَةِ وَإِنْ نُقِلَ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُمَا حَمْلٌ وَاحِدٌ، إذْ الْمَدَارُ فِي الِاسْتِتْبَاعِ عَلَى حَالَةِ الْبَيْعِ وَمَا انْفَصَلَ لَا اسْتِتْبَاعَ فِيهِ، بِخِلَافِ مَا اتَّصَلَ فَأُعْطِيَ كُلٌّ حُكْمَهُ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ غَيْرُ مُسْتَثْنَاةٍ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ اسْتَثْنَاهَا فَقَدْ وَهِمَ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأُسِّ طَرَفُهُ النَّابِتُ فِي الْأَرْضِ، وَأَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ مَعَ أُسِّهِ الْحَامِلِ لَهُ مِنْ الْأَرْضِ لَمْ يَصِحَّ، وَالْأَقْرَبُ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَعْلُومٌ يُقَابَلُ بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ، وَيُغْتَفَرُ عَدَمُ رُؤْيَةِ الْأُسِّ لِتَعَذُّرِ رُؤْيَتِهِ حَيْثُ بِيعَ مَعَ الْجِدَارِ فَهُوَ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِالذَّاتِ بِالنِّسْبَةِ لِجُمْلَةِ الْمَبِيعِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَحَشْوُهَا) أَيْ أَوْ بِحَشْوِهَا أَوْ مَعَ حَشْوِهَا فَيَصِحُّ وَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ شَيْءٍ مِنْ الْحَشْوِ، وَهَذَا بِخِلَافِ اللُّحُفِ وَالْفُرُشِ فَلَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ الْبَعْضِ مِنْ الْبَاطِنِ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمِثْلُهُ الْمُجَوَّزَةُ وَحَشْوُهَا فَيَصِحُّ. (قَوْلُهُ: لَوْ وَكَّلَ مَالِكُ الْحَمْلِ مَالِكَ الْأُمِّ) أَيْ كَأَنْ أَوْصَى بِحَمْلِهَا (قَوْلُهُ: بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ) وَكَانَ وَجْهُ فَسَادِهِ أَنَّ هَذَا الْمَفْهُومَ قَدْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِحُكْمِهِ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ بِعْتُكهَا وَحَمْلَهَا بَطَلَ فِي الْأَصَحِّ فَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: أَوْ رَقِيقٍ) أَيْ أَوْ مُغَلَّظٍ اهـ حَجّ: أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَابَلُ بِمَالٍ فَهُوَ كَالْحُرِّ وَاعْتَمَدَ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ الصِّحَّةَ فِيهِ اهـ كَذَا بِهَامِشٍ صَحِيحٍ. أَقُولُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُوَافِقُهُ اقْتِصَارُ الشَّارِحِ فِي الْبُطْلَانِ عَلَى مَا لَوْ كَانَ الْحَمْلُ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا لِغَيْرِ مَالِكِ الْأُمِّ، وَقَدْ يُوَجَّهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ تَبَعًا لِوَالِدِهِ مِنْ الصِّحَّةِ بِمَا يَأْتِي فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ مِنْ أَنَّهُ مَتَى كَانَ الْحَرَامُ غَيْرَ مَقْصُودٍ كَالدَّمِ كَانَ الْبَيْعُ فِي الْحَالِ صَحِيحًا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَيَلْغُو ذِكْرُ غَيْرِهِ لِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَقْصُودًا. (قَوْلُهُ: أَوْ خَرَجَ بَعْضُهُ) أَيْ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْبَيْعِ) أَيْ أَوْ مَعَهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَاعَهَا) أَيْ بَعْدَ مَوْتِ الْوَلَدِ الْمُنْفَصِلِ لِحُرْمَةِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا حَتَّى يُمَيِّزَ أَوْ بَاعَهُمَا مَعًا (قَوْلُهُ: فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ غَيْرُ مُسْتَثْنَاةٍ) أَيْ لِدُخُولِهِ فِي بَيْعِهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ: لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ فَلَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ (قَوْلُهُ: ظَاهِرُ الْفَسَادِ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ) قَالَ الشِّهَابُ سم: وَكَانَ وَجْهُ فَسَادِهِ أَنَّ هَذَا الْمَفْهُومَ قَدْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِحُكْمِهِ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ بِعْتُكهَا وَحَمَلَهَا بَطَلَ فِي الْأَصَحِّ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ: أَوْ اشْتَرَى سَمَكَةً إلَخْ) فِي شُمُولِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِهَذِهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، لِأَنَّ السَّمَكَةَ الَّتِي ابْتَلَعَتْهَا لَيْسَتْ حَمْلَهَا وَلَا يَتَأَتَّى فِي السَّمَكِ حَمْلٌ.

[فصل في القسم الثاني من المنهيات التي لا يقتضي النهي فسادها كما قال]

فَصْلٌ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْمَنْهِيَّاتِ الَّتِي لَا يَقْتَضِي النَّهْيُ فَسَادَهَا كَمَا قَالَ (وَمِنْ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ مَا) أَيُّ نَوْعٍ أَوْ بَيْعٍ يُغَايِرُ الْأَوَّلَ (لَا يَبْطُلُ) بِفَتْحٍ ثُمَّ ضَمٍّ كَمَا نُقِلَ عَنْ ضَبْطِهِ: أَيْ بَيْعُهُ لِدَلَالَةِ السِّيَاقِ عَلَيْهِ، وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ بِضَمٍّ فَكَسْرٍ كَمَا نُقِلَ عَنْ ضَبْطِهِ أَيْضًا أَيْ يُبْطِلُهُ النَّهْيُ لِفَهْمِهِ مِنْ الْمَنْهِيِّ وَمِنْ ثَمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ ضَمِيرَ رُجُوعِهِ، وَيَصِحُّ عَلَى بَعْدِ الضَّمِّ ثُمَّ الْفَتْحِ (لِرُجُوعِهِ) أَيْ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ (إلَى مَعْنًى) خَارِجٍ عَنْ ذَاتِهِ وَلَازِمِهَا غَيْرَ أَنَّهُ (يَقْتَرِنُ بِهِ) نَظِيرُ الْبَيْعِ بَعْدَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِذَاتِهِ وَلَا لَازِمِهَا بَلْ لِخَشْيَةِ تَفْوِيتِهَا. (كَبَيْعِ ـــــــــــــــــــــــــــــS (فَصْلٌ) فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْمَنْهِيَّاتِ (قَوْلُهُ: الَّتِي لَا يَقْتَضِي النَّهْيَ) الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ الَّذِي لَا يَقْتَضِي النَّهْيُ فَسَادَهُ لِيَكُونَ وَصْفًا لِلْقِسْمِ الثَّانِي لَا مُطْلَقَ الْمَنْهِيَّاتِ فَإِنَّهَا شَامِلَةٌ لِمَا يَقْتَضِي النَّهْيُ فَسَادَهُ وَلِغَيْرِهِ فَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مِنْ بَيَانِيَّةٌ، وَيُجْعَلُ قَوْلُهُ الَّتِي إلَخْ صِفَةً لِلْقِسْمِ وَالتَّأْنِيثُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ مَنْهِيَّاتٍ مَخْصُوصَةٍ هِيَ بَعْضُ مُطْلَقِ الْمَنْهِيَّاتِ (قَوْلُهُ: فَسَادَهَا) صِفَةٌ لَازِمَةٌ وَإِلَّا فَقَدْ عُلِمَ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: نَوْعٌ) أَيْ مِنْ الْبُيُوعِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَيْعٌ يُغَايِرُ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ نَوْعٌ وَقَوْلِهِ بَيْعٌ وَمَقْصُودُهُمَا وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) قَدَّمَ الْمَحَلِّيُّ هَذَا. وَقَالَ عَمِيرَةُ: وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْوَجْهَ الْأَوَّلَ الَّذِي سَلَكَهُ الشَّارِحُ أَحْسَنُ مِنْ الثَّانِي وَمِنْ ضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الطَّاءِ مِنْ حَيْثُ شُمُولِ الْعِبَارَةِ عَلَيْهِ مَا لَا يَتَّصِفُ بِالْبُطْلَانِ وَلَا بِعَدَمِهِ، وَإِنَّمَا يَتَّصِفُ بِعَدَمِ الْإِبْطَالِ كَتَلَقِّي الرُّكْبَانِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَأْتِي فِي الْفَصْلِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْفَتْحُ) هُوَ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا لَكِنَّهُ مُسَاوٍ فِي الْمَعْنَى لِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الطَّاءِ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ بُنِيَ لِلْمَفْعُولِ كَانَ الْمَعْنَى لَا يُبْطِلُهُ النَّهْيُ فَحُذِفَ الْفَاعِلُ وَأُقِيمَ الْمَفْعُولُ مَقَامَهُ، وَعَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَجْهُ الْبُعْدِ وَلَعَلَّهُ أَنَّ فِيهِ ارْتِكَابَ خِلَافِ الْأَصْلِ بِلَا مُقْتَضٍ لَهُ (قَوْلُهُ: بَعْدَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ) جَعَلَهُ نَظِيرًا وَلَمْ يَجْعَلْهُ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ مَعَ أَنَّهُ مِنْهُ، لَعَلَّهُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْمَنْهِيَّاتِ الَّتِي وَرَدَ فِيهَا نَهْيٌ بِخُصُوصِهَا، وَالْمُرَادُ بِالنِّدَاءِ النِّدَاءُ بَيْنَ يَدِي الْخَطِيبِ، وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ ثَمَّ وَشَرْحُهُ لِلشَّارِحِ: وَيَحْرُمُ عَلَى ذِي الْجُمُعَةِ التَّشَاغُلُ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْأَذَانِ بَيْنَ يَدِي الْخَطِيبِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: 9] الْآيَةَ، وَقِيسَ بِالْبَيْعِ نَحْوُهُ مِنْ الْعُقُودِ وَغَيْرِهَا مِمَّا مَرَّ: أَيْ مِمَّا شَأْنُهُ أَنْ يَشْغَلَ بِجَامِعِ التَّفْوِيتِ وَتَقْيِيدُ الْأَذَانِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي كَانَ فِي عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا مَرَّ فَانْصَرَفَ النِّدَاءُ فِي الْآيَةِ إلَيْهِ اهـ (قَوْلُهُ: تَفْوِيتُهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ. (قَوْلُهُ: كَبَيْعِ حَاضِرٍ) فِي تَسْمِيَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْمَنْهِيَّاتِ الَّتِي لَا يَقْتَضِي النَّهْيُ فَسَادَهَا كَمَا قَالَ] (فَصْلٌ) فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْمَنْهِيَّاتِ (قَوْلُهُ أَيْ بَيْعُهُ) هَذَا التَّفْسِيرُ ظَاهِرٌ عَلَى تَفْسِيرِ مَا بِالنَّوْعِ: أَيْ نَوْعٌ لَا يَبْطُلُ بَيْعُهُ: أَيْ الْبَيْعُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهِ كَتَلَقِّي الرُّكْبَانِ مَثَلًا وَلَكِنْ فِيهِ تَسَمُّحٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَيْعِ عَلَى بَيْعِ الْغَيْرِ وَنَحْوِهِ، إذْ هَذَا النَّوْعُ لَا يَصِحُّ إضَافَةُ بَيْعٍ إلَيْهِ كَمَا لَا يَخْفَى. وَأَمَّا عَلَى تَفْسِيرِهَا بِبَيْعٍ فَلَا يَتَأَتَّى هَذَا التَّفْسِيرُ، وَالشِّهَابُ حَجّ اقْتَصَرَ فِي حَلِّ الْمَتْنِ عَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ قَدَّرَ لَهُ هَذَا الْمُضَافَ وَفِيهِ التَّسَمُّحُ الَّذِي ذَكَرْته. ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ مَا وَاقِعَةٌ عَلَى بَيْعٍ فَالْفَاعِلُ مَذْكُورٌ اهـ. وَقَوْلُهُ فَالْفَاعِلُ مَذْكُورٌ فِيهِ حَذْفُ مُضَافٍ، أَيْ فَمَرْجِعُ الْفَاعِلِ مَذْكُورٌ أَوْ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْفَاعِلِ الْفَاعِلُ

حَاضِرٍ لِبَادٍ) ذَكَرَهُمَا لِلْغَالِبِ، وَالْحَاضِرَةُ الْمُدُنُ وَالْقُرَى وَالرِّيفُ وَهُوَ أَرْضٌ فِيهَا زَرْعٌ وَخِصْبٌ، وَالْبَادِيَةُ مَا عَدَا ذَلِكَ (بِأَنْ يَقْدَمَ غَرِيبٌ) أَوْ غَيْرُهُ فَهُوَ مِثَالٌ، وَالْمُرَادُ كُلُّ جَالِبٍ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَقَدْ يَكُونُ اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الدَّاخِلِ إلَى وَطَنِهِ (بِمَتَاعٍ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْكُولًا (تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ) أَيْ حَاجَةُ أَهْلِ الْبَلَدِ مَثَلًا بِأَنْ يَكُونَ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ بِبَيْعِهِ سَعَةٌ بِالْبَلَدِ لِقِلَّتِهِ أَوْ عُمُومِ وُجُودِهِ وَرُخْصِ السِّعْرِ أَوْ كِبَرِ الْبَلَدِ (لِيَبِيعَهُ بِسِعْرِ يَوْمِهِ فَيَقُولُ) لَهُ (بَلَدِي) مَثَلًا (اُتْرُكْهُ عِنْدِي لِأَبِيعَهُ) أَوْ لِيَبِيعَهُ فُلَانٌ مَعِي لَك (عَلَى التَّدْرِيجِ) أَيْ شَيْئًا فَشَيْئًا (بِأَغْلَى) مِنْ بَيْعِهِ حَالًّا لِخَبَرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا ذُكِرَ بَيْعًا تَجَوُّزٌ فَإِنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ الْإِرْشَادُ لَا الْبَيْعُ، لَكِنَّهُ سَمَّاهُ بَيْعًا لِكَوْنِهِ سَبَبًا لَهُ فَهُوَ مَجَازٌ بِإِطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الرِّيفُ (قَوْلُهُ: وَخِصْبٌ) بِكَسْرِ الْخَاءِ، وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: الْخِصْبُ وِزَانُ حِمْلٍ النَّمَاءُ وَالْبَرَكَةُ وَهُوَ خِلَافُ الْجَدْبِ، وَهُوَ اسْمٌ مِنْ أَخْصَبَ الْمَكَانُ بِالْأَلِفِ فَهُوَ مُخْصَبٌ. وَفِي لُغَةٍ خَصِبَ يَخْصَبُ مِنْ بَابِ تَعِبَ فَهُوَ خَصِيبٌ، وَأَخْصَبَ اللَّهُ الْمَوْضِعَ إذَا أَنْبَتَ بِهِ الْعُشْبَ وَالْكَلَأَ (قَوْلُهُ: مَا عَدَا ذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ الْمُدُنُ وَالْقُرَى وَالرِّيفُ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ كُلُّ جَالِبٍ) وَيَظْهَرُ أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْبَلَدِ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ مَتَاعٌ مَخْزُونٌ فَأَخْرَجَهُ لِيَبِيعَهُ بِسِعْرِ يَوْمِهِ فَتَعَرَّضَ لَهُ مَنْ يُفَوِّضُهُ لَهُ لِيَبِيعَهُ لَهُ تَدْرِيجًا بِأَغْلَى حَرُمَ أَيْضًا لِلْعِلَّةِ الْآتِيَةِ انْتَهَى حَجّ. وَقَدْ يُفِيدُ ذَلِكَ مَفْهُومُ قَوْلِ الشَّارِحِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَقَدْ يَكُونُ إلَخْ، لَكِنْ كَتَبَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ بِهَامِشِ حَجّ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا عَدَمُ الْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ لَهَا تَشَوُّفٌ لِمَا يُقْدَمُ بِهِ بِخِلَافِ الْحَاضِرِ (قَوْلُهُ: احْتَرَزَ بِهِ) أَيْ الْغَرِيبِ (قَوْلُهُ: تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ) أَيْ تَكْثُرُ، وَقَدْ يَشْمَلُ النَّقْدَ خِلَافًا لِقَوْلِ حَجّ إنَّ النَّقْدَ مِمَّا لَا تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ اهـ حَلَبِيٌّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحِقَ بِذَلِكَ الِاخْتِصَاصَاتِ فِيمَا يَظْهَرُ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهَا، وَأَنَّ مِثْلَ الْبَيْعِ الْإِجَارَةُ، فَلَوْ أَرَادَ شَخْصٌ أَنْ يُؤَجِّرَ مَحَلًّا حَالًا فَأَرْشَدَهُ شَخْصٌ إلَى تَأْخِيرِ الْإِجَارَةِ لِوَقْتِ كَذَا كَزَمَنِ النِّيلِ مَثَلًا حَرُمَ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ إيذَاءِ الْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ: حَاجَةُ أَهْلِ الْبَلَدِ) قَدْ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ احْتَاجَتْ إلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنْ الْبَلَدِ لِاعْتِيَادِهِمْ الِانْتِفَاعَ بِهِ دُونَ غَيْرِهِمْ كَانَ الْحُكْمُ فِيهِمْ مِثْلَهُ فِي احْتِيَاجِ عَامَّةِ أَهْلِ الْبَلَدِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الطَّائِفَةِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ، وَمَفْهُومُهُ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ أَهْلُ الْبَلَدِ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُهُ غَيْرُهُمْ كَالْوَدَعِ، الْمَعْرُوفُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ مَثَلًا) نَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّ الْبَلَدَ لَيْسَتْ بِقَيْدٍ، وَأَنَّ جَمِيعَ أَهْلِ الْبَلَدِ لَيْسَ بِقَيْدٍ أَيْضًا وَسَوَاءٌ احْتَاجُوهُ لِأَنْفُسِهِمْ أَوْ دَوَابِّهِمْ حَالًا أَوْ مَآلًا. (قَوْلُهُ: بِسِعْرِ يَوْمِهِ) يَظْهَرُ أَنَّهُ تَصْوِيرٌ، فَلَوْ قَدِمَ لِيَبِيعَهُ بِسِعْرِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَثَلًا فَقَالَ لَهُ اُتْرُكْهُ لِأَبِيعَهُ لَك بِسِعْرِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ مَثَلًا حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِلْمَعْنَى الْآتِي فِيهِ، وَيُحْتَمَلُ التَّقْيِيدُ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنْ يُرِيدَ بَيْعَهُ بِسِعْرِ الْوَقْتِ الْحَاضِرِ فَسَأَلَهُ تَأْخِيرَهُ عَنْهُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ التَّضْيِيقُ إلَّا حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ إنَّمَا تَتَشَوَّفُ لِلشَّيْءِ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ اهـ حَجّ. وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِظُهُورِ الْعِلَّةِ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِيَبِيعَهُ فُلَانٌ مَعِي) أَيْ أَوْ بِنَظَرِي فِيمَا يَظْهَرُ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ اهـ حَجّ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِهِمَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ حَتَّى لَوْ قَالَ اُتْرُكْهُ لِيَبِيعَهُ لَك فُلَانٌ فَقَطْ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَك) أَيْ لِأَجْلِك (قَوْلُهُ: شَيْئًا فَشَيْئًا) أَيْ فَهُوَ كَالصَّاعِدِ فِي دَرَجٍ شَيْخُنَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: بِأَغْلَى) لَمْ يَتَعَرَّضْ حَجّ وَلَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ لِكَوْنِهِ قَيْدًا مُعْتَبَرًا أَمْ لَا، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدُ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَكُونُ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الدَّاخِلِ إلَى وَطَنِهِ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَاهُ مَعَ بَقِيَّةِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ قَوْلِهِ لِيَبِيعَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَقْدَمَ غَرِيبٌ إلَخْ) صَرِيحُ هَذَا التَّفْسِيرِ أَنَّ هَذَا حَقِيقَةُ بَيْعِ الْحَاضِرِ الْبَادِي شَرْعًا وَإِنْ لَمْ يَقَعْ بَيْعٌ بِالْفِعْلِ، وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ جَعْلِهِ مَجَازًا مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبِّبِ عَلَى السَّبَبِ نَظَرَ فِيهِ إلَى حَقِيقَةِ اللُّغَةِ

الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ» زَادَ مُسْلِمٌ «دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ» وَالْمَعْنَى فِي التَّحْرِيمِ التَّضْيِيقُ عَلَى النَّاسِ، فَإِنْ الْتَمَسَهُ الْبَادِي مِنْهُ بِأَنْ قَالَ لَهُ ابْتِدَاءً أَتْرُكُهُ عِنْدَك لِتَبِيعَهُ بِالتَّدْرِيجِ أَوْ انْتَفَى عُمُومُ الْحَاجَةِ إلَيْهِ بِأَنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ أَصْلًا أَوْ إلَّا نَادِرًا أَوْ عَمَّتْ وَقَصَدَ الْبَدْوِيُّ بَيْعَهُ بِالتَّدْرِيجِ فَسَأَلَهُ الْحَضَرِيُّ أَنْ يُفَوِّضَهُ إلَيْهِ أَوْ قَصَدَ بَيْعَهُ بِسِعْرِ يَوْمِهِ فَقَالَ لَهُ اُتْرُكْهُ عِنْدِي لِأَبِيعَهُ كَذَلِكَ لَمْ يَحْرُمْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَضُرَّ بِالنَّاسِ، وَلَا سَبِيلَ إلَى مَنْعِ الْمَالِكِ مِنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِهِ، وَلِهَذَا اخْتَصَّ الْإِثْمُ بِالْحَضَرِيِّ كَمَا نَقَلَهُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْقَفَّالِ وَأَقَرَّهُ، وَإِنَّمَا حَرُمَ عَلَى الْمَرْأَةِ الْحَلَالِ تَمْكِينُ الْمُحْرِمِ مِنْ الْوَطْءِ مَعَ أَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ هُنَا مِثْلَهُ؛ لِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ إنَّمَا هِيَ فِي الْإِرْشَادِ إلَى التَّأْخِيرِ فَقَطْ وَقَدْ انْقَضَتْ، لَا الْإِرْشَادُ مَعَ الْبَيْعِ الَّذِي هُوَ الْإِيجَابُ الصَّادِرُ مِنْهُ، وَأَمَّا الْمَبِيعُ فَلَا تَضْيِيقَ فِيهِ لَا سِيَّمَا إذَا صَمَّمَ الْمَالِكُ عَلَى مَا أَشَارَ بِهِ حَتَّى لَوْ لَمْ يُبَاشِرْهُ الْمُشِيرُ عَلَيْهِ بَاشَرَهُ غَيْرُهُ، بِخِلَافِ تَمْكِينِ الْمَرْأَةِ الْحَلَالِ الْمُحْرِمَ مِنْ الْوَطْءِ فَإِنَّ الْمَعْصِيَةَ بِنَفْسِ الْوَطْءِ وَلَوْ اسْتَشَارَهُ الْبَدْوِيُّ فِيمَا فِيهِ حَظُّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ إرْشَادُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ النَّصِيحَةِ عَلَى أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْأَشْبَهُ وَكَلَامُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ يَمِيلُ إلَيْهِ. وَثَانِيهِمَا لَا تَوْسِيعًا عَلَى النَّاسِ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَسْكُتُ لَا أَنَّهُ يُخْبِرُ بِخِلَافِ نَصِيحَتِهِ. وَلَوْ قَدِمَ الْبَادِي يُرِيدُ الشِّرَاءَ فَتَعَرَّضَ لَهُ حَاضِرٌ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ رَخِيصًا وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالسِّمْسَارِ فَهَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ؟ فِيهِ تَرَدُّدٌ وَاخْتَارَ الْبُخَارِيُّ الْمَنْعَ: أَيْ التَّحْرِيمَ كَمَا فَسَّرَهُ بِهِ الرَّاوِي، وَتَفْسِيرُهُ يَرْجِعُ إلَيْهِ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ الْجَزْمَ بِالْإِثْمِ كَالْبَيْعِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَيَظْهَرُ تَقْيِيدُهُ أَخْذًا ـــــــــــــــــــــــــــــSأَوْ قَصَدَ بَيْعَهُ بِسِعْرِ يَوْمِهِ فَقَالَ لَهُ إلَخْ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا سَأَلَهُ الْحَضَرِيُّ أَنْ يُفَوِّضَ لَهُ بَيْعَهُ بِسِعْرِ يَوْمِهِ عَلَى التَّدْرِيجِ لَمْ يَحْمِلْهُ ذَلِكَ عَلَى مُوَافَقَتِهِ فَلَا يَكُونُ سَبَبًا لِلتَّضْيِيقِ، بِخِلَافِ مَا إذَا سَأَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ بِأَغْلَى فَالزِّيَادَةُ رُبَّمَا حَمَلَتْهُ عَلَى الْمُوَافَقَةِ فَيُؤَدِّي إلَى التَّضْيِيقِ. وَكَتَبَ سم عَلَى حَجّ قَوْلُهُ بِأَغْلَى قَضِيَّةِ الْعِلَّةِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ تَصْوِيرٌ وَالْأَقْرَبُ مَا قُلْنَاهُ (قَوْلُهُ لَا يَبِعْ حَاضِرٌ) يَصِحُّ عَرَبِيَّةً قِرَاءَتُهُ بِالرَّفْعِ وَالْجَزْمِ، لَكِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ الرِّوَايَةَ بِالْجَزْمِ وَيُوَافِقُهُ الرَّسْمُ. (قَوْلُهُ: زَادَ مُسْلِمٌ) وَزَادَ بَعْضُهُمْ فِي غَفَلَاتِهِمْ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَلَمْ تُرَ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ: يَرْزُقُ) هُوَ بِالرَّفْعِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ وَيَمْنَعُ الْكَسْرَ فَسَادُ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ عَلَيْهِ إنْ تَدَعُوا يَرْزُقُ اللَّهُ إلَخْ، وَمَفْهُومُهُ إنْ لَمْ تَدَعُوا لَا يَرْزُقْ، وَكُلٌّ غَيْرُ صَحِيحٍ: لِأَنَّ رِزْقَ اللَّهِ النَّاسَ غَيْرُ مُتَوَقِّفٍ عَلَى أَمْرٍ، وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَمْ تُعْلَمْ الرِّوَايَةُ، وَأَمَّا إذَا عُلِمَتْ فَتَتَعَيَّنُ وَيَكُونُ مَعْنَاهَا عَلَى الْجَزْمِ إنْ تَدْعُوهُمْ يَرْزُقْهُمْ اللَّهُ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ وَإِنْ مَنَعْتُمُوهُمْ جَازَ أَنْ يَرْزُقَهُمْ اللَّهُ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ وَأَنْ يَرْزُقَهُمْ مِنْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ إلَّا نَادِرًا) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى النُّدْرَةِ هَلْ هُوَ بِاعْتِبَارِ أَفْرَادِ النَّاسِ أَوْ بِاعْتِبَارِ الْأَوْقَاتِ كَأَنْ تَعُمَّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ؟ وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ الثَّانِي، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ طَائِفَةٌ يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ وَأَكْثَرُ أَهْلِهَا فِي غُنْيَةً عَنْهُ كَانَ مِمَّا تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ بِسِعْرِ يَوْمِهِ وَلَوْ عَلَى التَّدْرِيجِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُضَرَّ) بِضَمِّ الْيَاءِ مِنْ أَضَرَّ (قَوْلُهُ: بِالْحَضَرِيِّ) أَيْ دُونَ صَاحِبِ الْمَتَاعِ (قَوْلُهُ بِنَفْسِ الْوَطْءِ) قَدْ يُقَالُ قِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ تَبَايَعَ شَافِعِيٌّ وَمَالِكِيٌّ بِالْمُعَاطَاةِ أَثِمَ الْمَالِكِيُّ لِإِعَانَتِهِ الشَّافِعِيَّ عَلَى الْمَعْصِيَةِ؛ لِأَنَّ الْمُعَاطَاةَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ عَقْدٌ فَاسِدٌ فَهُوَ حَرَامٌ، لَكِنْ نُقِلَ عَنْ الْمَالِكِيَّةِ عَدَمُ إثْمِ الْمَالِكِيِّ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَجَبَ عَلَيْهِ إرْشَادُهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَثَانِيهِمَا لَا) أَيْ لَا يَجِبُ وَقَضِيَّتُهُ الْإِبَاحَةُ، وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ عَمِيرَةَ حَيْثُ قَالَ وَقَالَ ابْنُ الْوَكِيلِ: لَا يُرْشِدُهُ تَوْسِيعًا عَلَى النَّاسِ امْتِنَاعُهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: وَمَعْنَاهُ) أَيْ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ) هُوَ مُوَافِقٌ لِمَا اخْتَارَهُ الْبُخَارِيُّ فَلَعَلَّهُ بَحَثَهُ لِعَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَى مَا قَالَهُ الْبُخَارِيُّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ مَعَ أَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ) لَعَلَّهُ سَقَطَ قَبْلَهُ لَفْظُ دُونَ هَذَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَالْمَعِيَّةُ الْمَذْكُورَةُ لَا تُنَاسِبُ

مِمَّا مَرَّ بِأَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مِمَّا تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ. (وَتَلَقِّي الرُّكْبَانِ) جَمْعُ رَاكِبٍ وَهُوَ لِلْأَغْلَبِ، وَالْمُرَادُ مُطْلَقُ الْقَادِمِ وَلَوْ وَاحِدًا مَاشِيًا لِلشِّرَاءِ مِنْهُمْ (بِأَنْ) يَخْرُجَ لِحَاجَةٍ فَيُصَادِفُهُمْ فَيَشْتَرِي مِنْهُمْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ قَاصِدًا لِلتَّلَقِّي عَلَى الْأَصَحِّ لِخَبَرِ «لَا تَلَقَّوْا الرُّكْبَانَ لِلْبَيْعِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ أَوْ بِأَنْ (يَتَلَقَّى طَائِفَةً) وَهِيَ تَشْمَلُ الْوَاحِدَ خِلَافًا لِمَنْ غَفَلَ عَنْهُ فَأَوْرَدَهُ عَلَيْهِ (يَحْمِلُونَ مَتَاعًا) وَإِنْ نَدَرَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ (إلَى الْبَلَدِ) يَعْنِي إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ الْمُتَلَقِّي أَوْ إلَى غَيْرِهِ (فَيَشْتَرِيه) مِنْهُمْ بِغَيْرِ طَلَبِهِمْ (قَبْلَ قُدُومِهِمْ) الْبَلَدَ مَثَلًا (وَمَعْرِفَتُهُمْ بِالسِّعْرِ) فَيَعْصِي بِالشِّرَاءِ وَيَصِحُّ لِخَبَرِ «لَا تَلَقَّوْا السِّلَعَ حَتَّى يُهْبَطَ بِهَا إلَى الْأَسْوَاقِ، فَمَنْ تَلَقَّاهَا فَصَاحِبُ السِّلْعَةِ بِالْخِيَارِ» وَالْمَعْنَى فِيهِ احْتِمَالُ غَبْنِهِمْ سَوَاءٌ أَخْبَرَ كَاذِبًا أَوْ لَمْ يُخْبِرْ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فَإِنْ الْتَمَسَ الْقَادِمُ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ لَمْ يَحْرُمْ كَمَا لَوْ الْتَمَسَ الْقَادِمُ لِلْبَيْعِ مِنْ غَيْرِهِ أَنْ يَبِيعَ لَهُ عَلَى التَّدْرِيجِ مَرَّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ مُطْلَقُ الْقَادِمِ) بَيَانٌ لِحِكْمَةِ قَوْلِهِ وَهُوَ لِلْأَغْلَبِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَخْرُجَ) مِنْهُ يُعْلِمُ أَنَّ قَوْلَهُ وَهُوَ لِلْأَغْلَبِ رَاجِعٌ لِلتَّلَقِّي (قَوْلُهُ يَحْمِلُونَ) عَلَامَةُ الْجَمْعِ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ تُصَرِّحُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ طَائِفَةٍ الْجَمْعُ لَا الْوَاحِدُ، وَقَدْ يُقَالُ أَعَادَ الضَّمِيرَ عَلَى بَعْضِ مَدْلُولِ الطَّائِفَةِ، هَذَا وَوَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ بَعْضَ الْعُرْبَانِ يَقْدَمُ إلَى مِصْرَ وَيُرِيدُ شِرَاءَ شَيْءٍ مِنْ الْعِلَّةِ فَيَمْنَعُهُمْ حُكَّامُ مِصْرَ مِنْ الدُّخُولِ وَالشِّرَاءِ خَوْفًا مِنْ التَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ وَارْتِفَاعِ الْأَسْعَارِ فَهَلْ يَجُوزُ الْخُرُوجُ إلَيْهِمْ وَالْبَيْعُ عَلَيْهِمْ، وَهَلْ يَجُوزُ لَهُمْ أَيْضًا الشِّرَاءُ مِنْ الْمَارِّينَ عَلَيْهِمْ قَبْلَ قُدُومِهِمْ إلَى مِصْرَ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ سِعْرَ مِصْرَ فَتَنْتَفِي الْعِلَّةُ فِيهِمْ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ الْجَوَازُ فِيهِمَا لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ فِيهِمْ. إذْ الْغَالِبُ عَلَى مَنْ يَقْدَمُ أَنَّهُ يَعْرِفُ سِعْرَ الْبَلَدِ، وَأَنَّ الْعَرَبَ إذَا أَرَادُوا الشِّرَاءَ يَأْخُذُونَ بِأَكْثَرَ مِنْ سِعْرِهِ فِي الْبَلَدِ لِاحْتِيَاجِهِمْ إلَيْهِ. نَعَمْ إنْ مَنَعَ الْحَاكِمُ مِنْ الْبَيْعِ عَلَيْهِمْ حَرُمَ لِمُخَالَفَةِ الْحَاكِمِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ التَّلَقِّي الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَيَشْتَرِيه مِنْهُمْ) أَيْ وَلَوْ بِصُورَةِ اسْتِفْهَامٍ عَنْهُ (قَوْلُهُ: قَبْلَ قُدُومِهِمْ) صَادِقٌ بِمَا إذَا لَمْ يُرِيدُوا دُخُولَ الْبَلَدِ بَلْ اجْتَازُوا بِهَا فَيَحْرُمُ الشِّرَاءُ مِنْهُمْ فِي الْحَالِ جَوَازَهُمْ، وَهُوَ أَحَدُ احْتِمَالَيْنِ اعْتَمَدَهُ مَرَّ قَالَ: وَكَذَا يَحْرُمُ عَلَى مَنْ قَصَدَ بَلَدًا بِبِضَاعَةٍ فَلَقِيَ فِي طَرِيقِهِ إلَيْهَا رَكْبًا قَاصِدِينَ الْبَلَدَ الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا لِلْبَيْعِ فِيهَا أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُمْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَمَعْرِفَتُهُمْ بِالسِّعْرِ) مِثْلُهُ فِي الْحُرْمَةِ شِرَاءُ بَعْضِ الْجَالِبِينَ مِنْ بَعْضٍ قَبْلَ دُخُولِهِمْ الْبَلَدَ حَجّ وَعِبَارَتُهُ: وَشَمَلَ ذَلِكَ تَعْبِيرَ غَيْرِهِ بِالشِّرَاءِ مِنْ الْجَالِبِ بَلْ يَشْمَلُ شِرَاءَ بَعْضِ الْجَالِبِينَ مِنْ بَعْضٍ اهـ. أَقُولُ: وَلَوْ قِيلَ بِعَدَمِ الْحُرْمَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعُ مُحْتَاجًا إلَى ذَلِكَ، ثُمَّ الْمُرَادُ بِالسِّعْرِ السِّعْرُ الْغَالِبُ فِي الْمَحَلِّ الْمَقْصُودِ لِلْمُسَافِرِينَ وَإِنْ اخْتَلَفَ السِّعْرُ فِي أَسْوَاقِ الْبَلَدِ الْمَقْصُودَةِ (قَوْلُهُ: فَيَعْصِي بِالشِّرَاءِ) أَفْهَمَ أَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يُجِيبُوهُ لِلْبَيْعِ لَا يَعْصِي وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى فِيهِ) التَّعْلِيلُ بِهِ يَقْتَضِي حُرْمَةَ الشِّرَاءِ وَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحُرْمَةَ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ «لَا تَلَقَّوْا الرُّكْبَانَ» ) لَا وَجْهَ لِذِكْرِ هَذَا هُنَا، وَإِنَّمَا مَحَلُّهُ عِنْدَ الْخَبَرِ الَّذِي سَاقَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَعْرِفَتُهُمْ بِالسِّعْرِ وَإِلَّا فَمَا هُنَا لَيْسَ فِيهِ تَلَقٍّ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ غَفَلَ عَنْهُ فَأَوْرَدَهُ عَلَيْهِ) قَالَ الشِّهَابُ حَجّ عَقِبَ هَذَا نَظَرًا لِمَا يُخَصِّصُهَا لِأَنَّهُ إطْلَاقٌ لَهَا عَلَى بَعْضِ مَاصَدَقَاتِهَا وَهُوَ قَوْلُهُ يَحْمِلُونَ مَتَاعًا اهـ: أَيْ فَفِيهِ شِبْهُ اسْتِخْدَامٍ حَيْثُ أَرَادَ بِلَفْظِ الطَّائِفَةِ مَعْنًى هُوَ الْمَعْنَى الشَّامِلُ لِلْوَاحِدِ، ثُمَّ أَعَادَ الضَّمِيرَ عَلَيْهَا بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ الْغَيْرِ الشَّامِلِ لِلْوَاحِدِ فَانْدَفَعَ قَوْلُ الشِّهَابِ سم قَوْلُهُ نَظَرًا لِمَا لَا يُخَصِّصُهَا إلَخْ فِيهِ مَا لَا يَخْفَى، فَإِنَّ جَمْعَ ضَمِيرِ الطَّائِفَةِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهَا الْجَمَاعَةَ فَيَكُونُ سَاكِتًا عَنْ حُكْمِ الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ، وَلَا مَعْنَى لِلتَّخْصِيصِ إلَّا هَذَا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ

عَلَى الْأَصَحِّ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ الْإِثْمِ وَانْتِفَاءَ الْخِيَارِ بِتَلَقِّيهمْ فِي الْبَلَدِ قَبْلَ الدُّخُولِ لِلسُّوقِ وَإِنْ غَبَنَهُمْ وَقَدْ صَرَّحُوا بِالثَّانِي، وَيُقَاسُ بِهِ الْأَوَّلُ، وَوَجْهُ تَقْصِيرِهِمْ حِينَئِذٍ، وَمَا اخْتَارَهُ جَمْعٌ مِنْهُمْ ابْنُ الْمُنْذِرِ مِنْ الْحُرْمَةِ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا قَبْلَ تَمَكُّنِهِمْ مِنْ مَعْرِفَةِ السِّعْرِ فَلَا يُنَافِي مَا قَبْلَهُ، وَلَا خِيَارَ أَيْضًا فِيمَا لَوْ عَرَفُوا سِعْرَ الْبَلَدِ الْمَقْصُودِ وَلَوْ بِخَبَرِهِ إنْ صَدَّقُوهُ فِيهِ فَاشْتَرَى مِنْهُمْ بِهِ أَوْ بِدُونِهِ وَلَوْ قَبْلَ قُدُومِهِمْ لِانْتِفَاءِ الْغَبْنِ، وَلَا فِيمَا إذَا اشْتَرَى مِنْهُمْ بِطَلَبِهِمْ وَلَوْ غَبَنَهُمْ، وَفِيمَا لَوْ لَمْ يَعْرِفُوا السِّعْرَ وَلَكِنْ اشْتَرَى بِهِ أَوْ بِأَكْثَرَ لَا خِيَارَ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى السَّابِقِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ عَدَمُ الْإِثْمِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا تَغْرِيرَ (وَلَهُمْ الْخِيَارُ) فَوْرًا (إذَا عَرَفُوا الْغَبْنَ) وَلَوْ قَبْلَ قُدُومِهِمْ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ، وَلَوْ لَمْ يَعْرِفُوا الْغَبْنَ حَتَّى رَخُصَ السِّعْرُ وَعَادَ إلَى مَا بَاعُوا بِهِ، فَفِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا عَدَمُهُ كَمَا فِي زَوَالِ عَيْبِ الْمَبِيعِ وَإِنْ قِيلَ بِالْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّ ثُبُوتَهُ لَهُمْ غَيْرُ مُتَوَقِّفٍ عَلَى وُصُولِهِمْ الْبَلَدَ وَمَا اقْتَضَاهُ صَنِيعُ الرَّوْضَةِ مِنْ تَوَقُّفِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْخَبَرِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَلَوْ تَلَقَّاهُمْ لِلْبَيْعِ عَلَيْهِمْ كَانَ كَالشِّرَاءِ مِنْهُمْ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَلَوْ ادَّعَى جَهْلَهُ بِالْخِيَارِ أَوْ كَوْنَهُ عَلَى الْفَوْرِ وَهُوَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ صُدِّقَ وَعُذِرَ. قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: لَوْ تَمَكَّنَ مِنْ الْوُقُوفِ عَلَى الْغَبْنِ وَاشْتَغَلَ بِغَيْرِهِ فَكَعِلْمِهِ بِالْغَبْنِ فَيَبْطُلُ خِيَارُهُ بِتَأْخِيرِ الْفَسْخِ. (وَالسَّوْمُ عَلَى سَوْمِ غَيْرِهِ) وَلَوْ ذِمِّيًّا لِخَبَرِ «لَا يَسُومُ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ» وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ وَالْمَعْنَى فِيهِ الْإِيذَاءُ، وَذِكْرُ الرَّجُلِ وَالْأَخِ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَانَ بِسِعْرِ الْبَلَدِ لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّ الرَّاجِحَ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الدُّخُولِ لِلسُّوقِ) أَيْ وَتَمَكُّنِهِمْ مِنْ مَعْرِفَةِ السِّعْرِ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِالثَّانِي وَهُوَ مَا لَوْ غَبِنَهُمْ وَالْأَوَّلُ وَهُوَ مَا لَوْ لَمْ يَغْبِنْهُمْ، وَهُمَا مُسْتَفَادَانِ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ غَبَنَهُمْ فَإِنَّ تَقْدِيرَهُ سَوَاءٌ لَمْ يَغْبِنْهُمْ أَوْ غَبَنَهُمْ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَهُ بِالثَّانِي قَوْلُ انْتِفَاءِ الْخِيَارِ وَالْأَوَّلُ عَدَمُ الْإِثْمِ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ: وَوَجْهُهُ تَقْصِيرُهُمْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى مِنْهُمْ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ مَعْرِفَةِ السِّعْرِ حَرُمَ وَثَبَتَ الْخِيَارُ، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ وَالِدُ الشَّارِحِ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى قَبْلَ قُدُومِهِمْ الْبَلَدَ، لَكِنْ نَقَلَ سم فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ عَنْ مَرَّ أَنَّهُ قَرَّرَ أَنَّهُ فِي هَذِهِ مَرَّاتُ الْحُرْمَةِ وَعَدَمُ الْخِيَارِ، وَقَدْ يُوَافِقُهُ مَا حُمِلَ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ الْمُنْذِرِ الْآتِي حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْ الْخِيَارَ اهـ. وَالْأَقْرَبُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِمْ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اشْتَرَى مِنْهُمْ قَبْلَ دُخُولِهِمْ الْبَلَدَ (قَوْلُهُ: عَدَمُهُ) أَيْ عَدَمُ ثُبُوتِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قِيلَ) مِمَّنْ قَالَ بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرُ الْخَبَرِ) حَيْثُ ذَكَرَ فِيهِ فَإِذَا أَتَى سَيِّدُهُ السُّوقَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ (قَوْلُهُ: كَالشِّرَاءِ مِنْهُمْ) أَقُولُ: لَعَلَّهُ شَرَطَهُ أَنْ يَبِيعَهُمْ بِأَزْيَدَ مِنْ سِعْرِ الْبَلَدِ عَلَى قِيَاسِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي حُرْمَةِ التَّلَقِّي لِلشِّرَاءِ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ بِسِعْرِ الْبَلَدِ أَوْ أَزْيَدَ فَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَوَاضِعَ الَّتِي جَرَتْ عَادَةُ مَلَاقِي الْحُجَّاجِ بِالنُّزُولِ فِيهَا كَالْعَقَبَةِ مَثَلًا تُعَدُّ بَلَدًا لِلْقَادِمِينَ فَتَحْرُمُ مُجَاوَزَتُهَا وَتَلَقِّي الْحُجَّاجِ لِلْبَيْعِ عَلَيْهِمْ أَوْ الشِّرَاءِ مِنْهُمْ قَبْلَ وُصُولِهِمْ لِمَا اُعْتِيدَ النُّزُولُ فِيهِ، وَمَحَلُّ الْحُرْمَةِ فِي ذَلِكَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ حَيْثُ لَمْ يَطْلُبْ الْقَادِمُ الشِّرَاءَ مِنْ أَصْحَابِ الْبِضَاعَةِ. (قَوْلُهُ: وَالسَّوْمِ) هُوَ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَبَيْعِ حَاضِرٍ إلَخْ وَسَمَّاهُ بَيْعًا لِكَوْنِهِ وَسِيلَةً لَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ذِمِّيًّا) مِثْلُهُ الْمُعَاهِدُ وَالْمُؤَمَّنُ وَخَرَجَ بِهِ الْحَرْبِيُّ وَالْمُرْتَدُّ فَلَا يَحْرُمُ وَمِثْلُهُمَا الزَّانِي الْمُحْصَنُ بَعْدَ ثُبُوتِ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِالْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّ لَهُمَا احْتِرَامًا فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ خَبَرٌ) أَيْ فَلَا يُقَالُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرُ الْخَبَرِ) لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ خَبَرٌ ظَاهِرُهُ مَا ذَكَرَهُ وَهُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِلشِّهَابِ حَجّ، لَكِنَّ ذَاكَ قَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَعْرِفَتُهُمْ بِالسِّعْرِ قَوْلَهُ لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْ تَلَقِّيهمْ الْبَيْعَ مَعَ إثْبَاتِ الْخِيَارِ لَهُمْ إذَا أَتَوْا السُّوقَ اهـ. وَمُرَادُهُ بِذَلِكَ خَبَرُ الشَّيْخَيْنِ «لَا تَلَقَّوْا الرُّكْبَانَ لِلْبَيْعِ» زَادَ مُسْلِمٌ «فَإِذَا أَتَى سَيِّدُهُ السُّوقَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ»

لِلْغَالِبِ فِي الْأَوَّلِ وَلِلْعَطْفِ وَالرَّأْفَةِ عَلَيْهِ فِي الثَّانِي فَغَيْرُهُمَا مِثْلُهُمَا فِي ذَلِكَ (وَإِنَّمَا يَحْرُمُ ذَلِكَ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الثَّمَنِ) بِتَصْرِيحِهِمَا بِالتَّوَافُقِ عَلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَإِنْ كَانَ أَنْقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ وَلَمْ يَقَعْ عَقْدٌ كَقَوْلِهِ لِمُرِيدِ شِرَاءِ شَيْءٍ بِكَذَا لَا تَأْخُذْهُ وَأَنَا أَبِيعُك خَيْرًا مِنْهُ بِهَذَا الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ مِثْلَهُ بِأَقَلَّ، أَوْ يَقُولُ لِمَالِكِهِ اسْتَرِدَّهُ لِأَشْتَرِيَهُ مِنْك بِأَكْثَرَ أَوْ يُعْرِضُ عَلَى مُرِيدِ الشِّرَاءِ أَوْ غَيْرِهِ بِحَضْرَتِهِ مِثْلَ السِّلْعَةِ بِأَنْقَصَ أَوْ أَجْوَدَ مِنْهَا بِمِثْلِ الثَّمَنِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَحَلَّ هَذَا فِي عَرْضِ عَيْنٍ تُغْنِي عَنْ الْمَبِيعِ عَادَةً لِمُشَابَهَتِهَا لَهُ فِي الْغَرَضِ الْمَقْصُودَةِ لِأَجْلِهِ وَأَنَّهُ لَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى عَدَمِ رَدِّهَا لَا حُرْمَةَ بِخِلَافِ مَا لَوْ انْتَفَى ذَلِكَ أَوْ كَانَ يُطَافُ بِهِ رَغْبَةً فِي الزِّيَادَةِ فَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِيهِ، لَا بِقَصْدِ إضْرَارِ أَحَدٍ لَكِنْ يُكْرَهُ فِيمَا لَوْ عَرَّضَ لَهُ بِالْإِجَابَةِ. (وَالْبَيْعُ عَلَى بَيْعِ غَيْرِهِ قَبْلَ لُزُومِهِ) أَيْ الْبَيْعِ بِأَنْ يَكُونَ فِي زَمَنِ خِيَارِ مَجْلِسٍ أَوْ شَرْطٍ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْفَسْخِ أَمَّا بَعْدَ لُزُومِهِ فَلَا مَعْنَى لَهُ وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ الْإِقَالَةِ بِتَخْوِيفٍ أَوْ مُحَابَاةٍ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِلْجَوْجَرِيِّ. نَعَمْ لَوْ اطَّلَعَ بَعْدَ اللُّزُومِ عَلَى عَيْبٍ وَلَمْ يَكُنْ التَّأْخِيرُ مُضِرًّا كَأَنْ كَانَ فِي لَيْلٍ فَالْمُتَّجِهُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ التَّحْرِيمُ لِمَا ذُكِرَ (بِأَنْ يَأْمُرَ الْمُشْتَرِيَ) وَإِنْ كَانَ مَغْبُونًا، وَالنَّصِيحَةُ الْوَاجِبَةُ تَحْصُلُ بِالتَّعْرِيفِ مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ (بِالْفَسْخِ لِيَبِيعَهُ مِثْلَهُ) أَوْ خَيْرًا مِنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالسَّوْمُ عَلَى السَّوْمِ يَقَعُ مِنْ النَّاسِ كَثِيرًا وَعَلَيْهِ فَيَلْزَمُ الْخَلْفُ فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: فِي الثَّانِي) أَيْ أَخِيهِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الثَّمَنِ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا بِأَسْوَاقِ مِصْرَ مِنْ أَنَّ مُرِيدَ الْبَيْعِ يَدْفَعُ مَتَاعَهُ لِلدَّلَّالِ فَيَطُوفُ بِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ إلَيْهِ وَيَقُولُ لَهُ اسْتَقَرَّ سِعْرُ مَتَاعِك عَلَى كَذَا فَيَأْذَنُ لَهُ فِي الْبَيْعِ بِذَلِكَ الْقَدْرِ هَلْ يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ شِرَاؤُهُ بِذَلِكَ السِّعْرِ أَوْ بِأَزْيَدَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ قَصْدُ الضَّرَرِ حَيْثُ لَمْ يُعَيِّنْ الْمُشْتَرِيَ، بَلْ لَا يَبْعُدُ عَدَمُ التَّحْرِيمِ وَإِنْ عَيَّنَهُ؛ لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَيْسَ تَصْرِيحًا بِالْمُوَافَقَةِ عَلَى الْبَيْعِ لِعَدَمِ الْمُخَاطَبَةِ مِنْ الْبَائِعِ وَالْوَاسِطَةُ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقَعْ عَقْدٌ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ هَذِهِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ وُجُودِ الْعَقْدِ لَا يَكُونُ مِنْ السَّوْمِ عَلَى السَّوْمِ (قَوْلُهُ: لِأَشْتَرِيَهُ مِنْك بِأَكْثَرَ) مِثْلُهُ كُلُّ مَا يُحْمَلُ عَلَى الِاسْتِرْدَادِ كَنَقْدٍ آخَرَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَشَمِلَ مَا لَوْ أَشَارَ لَهُ بِمَا يَحْمِلُهُ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي، وَعَلَيْهِ فَالْإِشَارَةُ هُنَا وَلَوْ مِنْ النَّاطِقِ كَاللَّفْظِ، وَلَا يُشْكِلُ ذَلِكَ بِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ إشَارَةَ النَّاطِقِ لَغْوٌ إلَّا فِيمَا اسْتَثْنَى؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِالْإِشَارَةِ بِالْعَقْدِ أَوْ الْحَلِّ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِهَا بَيْعٌ وَلَا شِرَاءٌ وَلَا يَقَعُ بِهَا طَلَاقٌ وَلَا عِتْقٌ وَمَا هُنَا لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ الْمَحَلِّيُّ: وَلَوْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى صَحَّ اهـ. وَظَاهِرُهُ الصِّحَّةُ مَعَ الْحُرْمَةِ وَيُوَجَّهُ بِوُجُودِ الْعِلَّةِ فِيهِ وَهِيَ الْإِيذَاءُ (قَوْلُهُ: أَنَّ مَحَلَّ هَذَا) أَيْ تَحْرِيمَ الْعَرْضِ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ انْتَفَى ذَلِكَ) أَيْ الِاسْتِقْرَارُ (قَوْلُهُ: فَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ يُرِيدُ الشِّرَاءَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِلَّا حَرُمَتْ الزِّيَادَةُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ النَّجْشِ الْآتِي، بَلْ يَحْرُمُ عَلَى مَنْ لَمْ يُرِدْ الشِّرَاءَ أَخْذُ الْمَتَاعِ الَّذِي يُطَافُ بِهِ لِمُجَرَّدِ التَّفَرُّجِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ إنَّمَا يَأْذَنُ عَادَةً فِي تَقْلِيبِهِ لِمُرِيدِ الشِّرَاءِ وَيَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ تَلِفَ فِي يَدِ غَيْرِهِ كَانَ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا (قَوْلُهُ لَا بِقَصْدِ إضْرَارِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ زَادَ عَلَى نِيَّةِ أَخْذِهَا لَا لِغَرَضٍ بَلْ لِإِضْرَارِ غَيْرِهِ حَرُمَ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَحْرُمُ عَلَى الْمَالِكِ بَيْعُ الطَّالِبِ بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ أَمَّا لَوْ زَادَ عَلَى نِيَّةِ الْأَخْذِ بَلْ لِمُجَرَّدِ إضْرَارِ الْغَيْرِ فَهُوَ مِنْ النَّجْشِ الْآتِي. (قَوْلُهُ: أَمَّا بَعْدَ لُزُومِهِ فَلَا مَعْنَى لَهُ) وَمِثْلُ ذَلِكَ الْإِجَارَةُ بَعْدَ عَقْدِهَا فَلَا حُرْمَةَ لِعَدَمِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ فِيهَا وَلَوْ إجَارَةَ ذِمَّةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَأَمَّا الْعَارِيَّةُ فَيَنْبَغِي عَدَمُ حُرْمَةِ طَلَبِهَا مِنْ الْمُعِيرِ سَوَاءٌ بَعْدَ عَقْدِهَا أَوْ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ مَا يَحْمِلُ عَلَى حَمْلِهِ عَلَى الرُّجُوعِ فِيهَا بَعْدَ الْعَقْدِ وَلَا عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْهَا قَبْلَهُ إلَّا مُجَرَّدُ السُّؤَالِ وَقَدْ لَا يُجِيبُهُ إلَيْهِ. نَعَمْ لَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ الثَّانِي يَرُدُّ مَعَ الْعَارِيَّةِ شَيْئًا هَدِيَّةً أَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَالِكِ مَوَدَّةٌ مَثَلًا تَحْمِلُهُ عَلَى الرُّجُوعِ احْتَمَلَ الْحُرْمَةَ (قَوْلُهُ وَالنَّصِيحَةُ الْوَاجِبَةُ إلَخْ) وَلَا يُعَارِضُ هَذَا مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ يُعْرِضُهُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ بَلْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: يَحْرُمُ طَلَبُ السِّلْعَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي بِأَكْثَرَ وَالْبَائِعُ حَاضِرٌ قَبْلَ اللُّزُومِ: أَيْ لِأَدَائِهِ إلَى الْفَسْخِ أَوْ النَّدَمِ. (وَالشِّرَاءُ عَلَى الشِّرَاءِ بِأَنْ يَأْمُرَ الْبَائِعُ) قَبْلَ اللُّزُومِ (بِالْفَسْخِ لِيَشْتَرِيَهُ) بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ لِعُمُومِ خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ» زَادَ النَّسَائِيّ «حَتَّى يَبْتَاعَ أَوْ يَذَرَ» وَفِي مَعْنَاهُ الشِّرَاءُ عَلَى الشِّرَاءِ، وَالْمَعْنَى فِيهِمَا الْإِيذَاءُ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ مَا لَمْ يَأْذَنْ مَنْ يَلْحَقُهُ الضَّرَرُ، فَإِنْ أَذِنَ جَازَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ، وَلَا فَرْقَ فِي حُرْمَةِ مَا ذُكِرَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ بَلَغَ قِيمَتَهُ أَوْ نَقَصَ عَنْهَا عَلَى الْأَصَحِّ. نَعَمْ تَعْرِيفُ الْمَغْبُونِ بِغَبْنِهِ لَا مَحْذُورَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ النَّصِيحَةِ الْوَاجِبَةِ، وَمَوْضِعُ الْجَوَازِ مَعَ الْإِذْنِ إذَا دَلَّتْ الْحَالُ عَلَى الرِّضَا بَاطِنًا، فَإِنْ دَلَّتْ عَلَى عَدَمِهِ وَإِنَّمَا أَذِنَ ضَجَرًا وَحَنَقًا فَلَا، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ تَحَقُّقِ مَا وَعَدَ بِهِ مِنْ الشِّرَاءِ لِلتَّحْرِيمِ لِوُجُودِ الْإِيذَاءِ بِكُلِّ تَقْدِيرٍ خِلَافًا لِابْنِ النَّقِيبِ فِي اشْتِرَاطِهِ ذَلِكَ، وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّ الْأَمْرَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَإِنَّمَا هُوَ تَصْوِيرٌ. (وَالنَّجْشُ بِأَنْ يَزِيدَ فِي الثَّمَنِ) لِسِلْعَةٍ مُعْرَضَةٍ لِلْبَيْعِ (لَا لِرَغْبَةٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــS «دَعُوا النَّاسَ» لِإِمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي دُونَ هَذَا (قَوْلُهُ: بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ) إنْ كَانَ نَشْرًا غَيْرَ مُرَتَّبٍ فَوَاضِحٌ، وَكَذَا إنْ رَجَعَ الثَّانِي لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَهُوَ أَقَلُّ وَإِلَّا فَمُشْكِلٌ مُخَالِفٌ لِعِبَارَتِهِمْ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ افْسَخْ لِأَبِيعَك مِثْلَهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ يَحْرُمُ، وَلَا وَجْهَ لَهُ، وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ كَتَخَلُّصِهِ مِنْ يَمِينٍ أَوْ لِرِفْقٍ بِهِ لِكَوْنِهِ صَدِيقَهُ مَثَلًا؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَيْسَ مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَى الزِّيَادَةِ فِي الثَّمَنِ أَوْ عَدَمِهِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ بِأَكْثَرَ لَا يَحْرُمُ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى مَا يَحْمِلُ عَلَى الرَّدِّ (قَوْلُهُ: أَوْ يُعْرِضُهُ عَلَيْهِ) مِثْلُهُ مَا لَوْ أَخْرَجَ مَتَاعًا مِنْ جِنْسِ مَا يُرِيدُ شِرَاءَهُ وَقَلَّبَهُ عَلَى وَجْهٍ يَفْهَمُ مِنْهُ الْمُشْتَرِي أَنَّ هَذَا خَيْرٌ مِمَّا يُرِيدُ شِرَاءَهُ. . (قَوْلُهُ: حَتَّى يَبْتَاعَ) أَيْ يَخْتَارَ لُزُومَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَذَرَ) أَيْ يَتْرُكَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَذِنَ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: إلَّا إنْ أَذِنَ لَهُ الْبَائِعُ فِي الْأَوَّلِ وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّانِي. هَذَا إنْ كَانَ الْآذِنُ مَالِكًا، فَإِنْ كَانَ وَالِيًا أَوْ وَصِيًّا أَوْ وَكِيلًا أَوْ نَحْوَهُ فَلَا عِبْرَةَ بِإِذْنِهِ إنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمَالِكِ. ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ اهـ الْمَقْصُودُ نَقَلَهُ اهـ سم (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَذِنَ جَازَ) وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ وَلَكِنَّهُ عَقَدَ عَلَى مُقْتَضَى الزِّيَادَةِ صَحَّ الْعَقْدُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَقَضِيَّتُهُ الْإِثْمُ بِالْعَقْدِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيذَاءِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ ظَنَّ أَنَّ صَاحِبَ السِّلْعَةِ يَتْرُكُهَا لِلْأَوَّلِ إذَا لَمْ يَشْتَرِهَا مَنْ دَفَعَ لَهُ الزِّيَادَةَ، فَلَوْ عَلِمَ مِنْ حَالِ الْمَالِكِ أَنَّهُ لَا يَسْمَحُ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِمَا وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَيْهِ احْتَمَلَ أَنْ يُقَالَ بِجَوَازِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ تَرَكَهُ لَا يَصِلُ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِمَا تَوَافَقَا عَلَيْهِ. [فَرْعٌ] هَلْ يَجُوزُ فَتْحُ بَابِ السِّلَعِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْجَوَازُ لِلْعَارِفِ بِذَلِكَ، وَيَنْبَغِي أَنَّ لَهُ أَنْ يُنْقِصَ شَيْئًا عَنْ قِيمَتِهَا لِتَنْتَهِي إلَيْهِ الرَّغَبَاتُ (قَوْلُهُ: أَوْ نَقَصَ عَنْهَا) وَلَا بَيْنَ كَوْنِهِ لِيَتِيمٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لَا مَحْذُورَ فِيهِ) بَلْ قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ وُجُوبُهُ وَإِنْ نَشَأَ الْغَبْنُ مِنْ مُجَرَّدِ تَقْصِيرِ الْمَغْبُونِ لِعَدَمِ بَحْثِهِ، وَيُوَافِقُهُ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ قَوْلُهُ السَّابِقُ وَالنَّصِيحَةُ الْوَاجِبَةُ تَحْصُلُ بِالتَّعْرِيفِ إلَخْ لَكِنْ قَالَ حَجّ: نَعَمْ تَعْرِيفُ الْمَغْبُونِ بِغَبْنِهِ لَا مَحْذُورَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ النَّصِيحَةِ الْوَاجِبَةِ، وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَبْنٍ نَشَأَ عَنْ غِشٍّ لِإِثْمِهِ حِينَئِذٍ فَلَمْ يُبَالِ بِإِضْرَارِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا نَشَأَ لَا عَنْ تَقْصِيرٍ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ ضَرَرٌ عَلَيْهِ وَالضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ اهـ. وَالْأَقْرَبُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ هَذَا الْقَيْدِ (قَوْلُهُ وَحَنَقًا) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: لِلتَّحْرِيمِ) مُتَعَلِّقٌ بِاشْتِرَاطٍ: أَيْ لَا يُشْتَرَطُ لِلتَّحْرِيمِ تَحَقُّقُ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ أَوْ يَعْرِضُهُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَالنَّجْشُ) فِعْلُهُ نَجَشَ كَنَصَرَ مُخْتَارٌ، وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ: وَأَمَّا النَّجْشُ فَبِنُونٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ جِيمٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ شِينٍ مُعْجَمَةٍ، وَأَصْلُ النَّجْشِ الِاسْتِثَارَةُ، وَمِنْهُ نَجَشْتُ الصَّيْدَ أَنْجُشُهُ بِضَمِّ الْجِيمِ إذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فِي شِرَائِهَا (بَلْ لِيَخْدَعَ غَيْرَهُ) مِثَالٌ لَا قَيْدٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ زَادَ لَنَفَعَ الْبَائِعَ وَلَمْ يَقْصِدْ خَدِيعَةَ غَيْرِهِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ بُلُوغِ السِّلْعَةِ قِيمَتَهَا أَوْ لَا وَكَوْنِهَا لِيَتِيمٍ أَوْ غَيْرِهِ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِمَا فِي الْكِفَايَةِ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ وَإِنْ ارْتَضَاهُ الشَّارِحُ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمُشْتَرِي إيذَاءٌ وَلِعُمُومِ النَّهْيِ، وَالْمُعْتَمَدُ اخْتِصَاصُ الْإِثْمِ بِالْعَالِمِ بِالْحُرْمَةِ فِي هَذَا كَبَقِيَّةِ الْمَنَاهِي سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ بِعُمُومٍ أَوْ خُصُوصٍ وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ: مَنْ نَجَشَ فَهُوَ عَاصٍ بِالنَّجْشِ إنْ كَانَ عَالِمًا بِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَفِي نُسْخَةٍ لِلرَّوْضِ لَمْ يَشْرَحْ عَلَيْهَا شَارِحُهُ: وَالتَّحْرِيمُ فِي جَمِيعِ الْمَنَاهِي شَرْطُهُ الْعِلْمُ حَتَّى النَّجْشُ، وَيُعْلَمُ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلْجَهْلِ فِي حَقِّ مَنْ هُوَ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُسْلِمِينَ بِخُصُوصِ تَحْرِيمِ النَّجْشِ وَنَحْوِهِ، وَقَدْ أَشَارَ السُّبْكِيُّ إلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ الْحُرْمَةَ لَا إثْمَ عَلَيْهِ عِنْدَ اللَّهِ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْحُكْمِ الظَّاهِرِ لِلْقُضَاةِ، فَمَا اشْتَهَرَ تَحْرِيمُهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى اعْتِرَافِ مُتَعَاطِيه بِالْعِلْمِ، بِخِلَافِ الْخَفِيِّ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا إثْمَ عَلَيْهِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ قَصَّرَ فِي التَّعَلُّمِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَمَدْحُ السِّلْعَةِ لِيُرَغِّبَ فِيهَا بِالْكَذِبِ كَالنَّجْشِ، قَالَهُ السُّبْكِيُّ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا خِيَارَ) لِلْمُشْتَرِي لِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ مُرَاجَعَةِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَتَأَمَّلْهُ. وَالثَّانِي لَهُ الْخِيَارُ لِلتَّدْلِيسِ كَالتَّصْيِرَةِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ مُوَاطَأَةِ الْبَائِعِ لِلنَّاجِشِ وَإِلَّا فَلَا خِيَارَ جَزْمًا وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِيمَا لَوْ قَالَ الْبَائِعُ: أَعْطَيْت فِي هَذِهِ السِّلْعَةِ كَذَا فَبَانَ خِلَافُهُ وَكَذَا لَوْ أَخْبَرَهُ بِأَنَّ هَذَا عَقِيقٌ أَوْ فَيْرُوزَجُ بِمُوَاطَأَةٍ فَاشْتَرَاهُ فَبَانَ خِلَافُهُ وَيُفَارِقُ التَّصْرِيَةَ بِأَنَّهَا تَغْرِيرٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSاسْتَثَرْته. سُمِّيَ النَّاجِشُ فِي الْبَيْعِ نَاجِشًا؛ لِأَنَّهُ يُثِيرُ الرَّغْبَةَ فِيهَا: أَيْ السِّلْعَةِ وَيَرْفَعُ الثَّمَنَ. قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: وَأَصْلُ النَّجْشِ الْخَتْلُ وَهُوَ الْخِدَاعُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلصَّائِدِ نَاجِشٌ؛ لِأَنَّهُ يَخْتُلُ الصَّيْدَ وَيَحْتَالُ لَهُ، وَكُلُّ مَنْ اسْتَثَارَ شَيْئًا فَهُوَ نَاجِشٌ، وَقَالَ الْهَرَوِيُّ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: النَّجْشُ أَصْلُهُ الْإِطْرَاءُ وَالْمَدْحُ، وَعَلَى هَذَا مَعْنَى الْحَدِيثِ «لَا يَمْدَحُ أَحَدُكُمْ السِّلْعَةَ وَيَزِيدُ فِي ثَمَنِهَا بِلَا رَغْبَةٍ» ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَالنَّجْشُ) فِعْلُهُ نَجَشَ كَضَرَبَ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ بِعُمُومٍ) أَيْ كَالْإِيذَاءِ أَمْ خُصُوصٍ كَالنَّهْيِ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ عَيْنًا (قَوْلُهُ: فِي اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ) اسْمُ كِتَابٍ (قَوْلُهُ: وَيُعْلَمُ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ بِعُمُومٍ أَمْ خُصُوصٍ (قَوْلُهُ: حَتَّى النَّجْشُ إلَخْ) بِالرَّفْعِ: أَيْ حُكْمُهُ كَذَلِكَ، وَيَجُوزُ جَرُّهُ عَطْفًا عَلَى جَمِيعِ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا أَثَرَ) أَيْ فِي دَفْعِ الْإِثْمِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ) أَيْ بَلْ مَتَى قَصَّرَ فِي التَّعَلُّمِ حَرُمَ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّمَا يَحْرُمُ التَّقْصِيرُ فِي عَدَمِ التَّعَلُّمِ دُونَ تَعَاطِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ وَنَحْوِهِ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ حُرْمَتَهُ، إلَّا أَنَّ مُقْتَضَى مَا قَدَّمَهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ مِنْ حُرْمَةِ تَعَاطِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ مِنْ الْجَاهِلِ الْمُقَصِّرِ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: لِيُرَغِّبَ فِيهَا بِالْكَذِبِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ صَادِقًا فِي الْوَصْفِ لَمْ يَكُنْ مِثْلَهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْمَدْحَ بِمُجَرَّدِهِ لَا يَحْمِلُ الْمَالِكَ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْبَيْعِ بِمَا دَفَعَ فِيهَا أَوَّلًا، بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ إذَا عَلِمَ بِهَا يَمْتَنِعُ فِي الْعَادَةِ مِنْ الْبَيْعِ بِمَا دُفِعَ لَهُ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: فِيمَا لَوْ قَالَ الْبَائِعُ أَعْطَيْت) وَمِثْلُهُ الْإِخْبَارُ بِمَا اشْتَرَى بِهِ كَاذِبًا حَيْثُ لَمْ يَبِعْ مُرَابَحَةً. أَمَّا إذَا بَاعَهُ مُرَابَحَةً وَثَبَتَ كَذِبُهُ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ (قَوْلُهُ: فَبَانَ خِلَافُهُ) وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقُولَ بِعْتُك هَذَا مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ، أَمَّا لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الْعَقِيقَ أَوْ الْفَيْرُوزَجَ فَبَانَ خِلَافُهُ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ سَمَّى جِنْسًا فَبَانَ خِلَافُهُ فَسَدَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ سَمَّى نَوْعًا وَتَبَيَّنَ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ. وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ قُبَيْلَ الْفَصْلِ اعْتِرَاضًا عَلَى حَجّ فِي قَوْلِهِ لَوْ اشْتَرَى بَذْرَ قِثَّاءٍ فَأَوْرَقَ غَيْرَهُ مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَرْشُ النَّقْصِ نَصُّهَا: قَضِيَّتُهُ صِحَّةُ الْبَيْعِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَ ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ قُطْنٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيُعْلَمُ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ بِعُمُومٍ أَمْ خُصُوصٍ إذْ هُوَ تَعْمِيمٌ فِي قَوْلِهِ بِالْعَالِمِ: أَيْ فَمَنْ هُوَ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْحُرْمَةَ مِنْ خُصُوصِ كَوْنِهِ نَجْشًا فَهُوَ يَعْلَمُهَا مِنْ عُمُومِ كَوْنِهِ إيذَاءً

[بيع الرطب والعنب لعاصر الخمر والنبيذ]

فِي ذَاتِ الْمَبِيعِ وَهَذَا خَارِجٌ عَنْهُ. (وَبَيْعُ) نَحْوِ (الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ) وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ (لِعَاصِرِ الْخَمْرِ) وَالنَّبِيذِ أَيْ لِمَنْ يُظَنُّ مِنْهُ عَصْرُهُ خَمْرًا أَوْ مُسْكِرًا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ رَبْطُ الْحُرْمَةِ الَّتِي أَفَادَهَا الْعَطْفُ بِوَصْفِ عَصْرِهِ لِلْخَمْرِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ وَاخْتِصَاصُ الْخَمْرِ بِمَا عُصِرَ مِنْ الْعِنَبِ غَيْرُ مُنَافٍ لِعِبَارَتِهِ هَذِهِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ أَيْضًا إذْ عَصْرُهُ لِلْخَمْرِ قَرِينَةٌ عَلَى عَصْرِهِ لِلنَّبِيذِ الصَّادِقِ بِالْمُتَّخَذِ مِنْ الرُّطَبِ فَذِكْرُهُ فِيهِ لِلْقَرِينَةِ لَا؛ لِأَنَّهُ يُسَمَّى خَمْرًا عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَسُمَّاهُ مَجَازًا شَائِعًا أَوْ تَغْلِيبًا وَدَلِيلُ ذَلِكَ لَعْنُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخَمْرِ عَشَرَةً: عَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا الْحَدِيثُ الدَّالُّ عَلَى حُرْمَةِ كُلِّ تَسَبُّبٍ فِي مَعْصِيَةٍ وَإِعَانَةٍ عَلَيْهَا وَمَنْ نَسَبَ لِلْأَكْثَرَيْنِ الْحِلَّ هُنَا أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَوْ شَكَّ فِي عَصْرِهِ لَهُ وَمِثْلُ ذَلِكَ كُلُّ تَصَرُّفٍ يُفْضِي إلَى مَعْصِيَةٍ، كَبَيْعِ أَمْرَدَ مِمَّنْ عُرِفَ بِالْفُجُورِ وَأَمَةٍ مِمَّنْ يَتَّخِذُهَا لِغِنَاءٍ مُحَرَّمٍ وَخَشَبٍ لِمَنْ يَتَّخِذُهُ آلَةَ لَهْوٍ وَثَوْبٍ حَرِيرٍ لِلُبْسِ رَجُلٍ بِلَا نَحْوِ ضَرُورَةٍ وَسِلَاحٍ مِنْ نَحْوِ بَاغٍ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ، وَمِثْلُ ذَلِكَ إطْعَامُ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ كَافِرًا مُكَلَّفًا فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، وَكَذَا بَيْعُهُ طَعَامًا عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ يَأْكُلُهُ نَهَارًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ ذَلِكَ تَسَبُّبٌ فِي الْمَعْصِيَةِ وَإِعَانَةٌ عَلَيْهَا بِنَاءً عَلَى تَكْلِيفِ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا ذُكِرَ وَإِذْنِهِ لَهُ فِي دُخُولِ الْمَسْجِدِ أَنَّهُ يَعْتَقِدُ وُجُوبَ الصَّوْمِ عَلَيْهِ وَلَكِنَّهُ أَخْطَأَ فِي تَعْيِينِ مَحَلِّهِ وَلَا يَعْتَقِدُ حُرْمَةَ الْمَسْجِدِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSفَبَانَ كَتَّانًا بَطَلَ الْبَيْعُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَجَزَمَ بِهِ الْعُبَابُ وَغَيْرُهُ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ، وَقِيَاسُ ذَلِكَ الْبُطْلَانُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَوْرَقَ غَيْرَ وَرَقِ الْقِثَّاءِ فَقَدْ بَانَ غَيْرَ قِثَّاءٍ فَقَدْ بَانَ غَيْرَ جِنْسِ الْمَبِيعِ. وَسُئِلَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ عَمَّا لَوْ بِيعَ بُرْدٌ عَلَى أَنَّ حَوَاشِيه حَرِيرٌ فَبَانَتْ غَيْرَهُ هَلْ يَبْطُلُ الْبَيْعُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ؟ فَأَجَابَ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ، وَفَرَّقَ بِأَنَّ الَّذِي بَانَ هُنَا مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ بَعْضُ الْمَبِيعِ لَا كُلُّهُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ اهـ. (قَوْلُهُ: لِعَاصِرِ الْخَمْرِ) أَيْ وَلَوْ كَافِرًا لِحُرْمَةِ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَإِنْ كُنَّا لَا نَتَعَرَّضُ لَهُ بِشَرْطِهِ، وَهَلْ يَحْرُمُ بَيْعُ الزَّبِيبِ لِحَنَفِيٍّ يَتَّخِذُهُ مُسْكِرًا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْعِبَارَةِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ حِلَّ النَّبِيذِ بِشَرْطِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَتَّجِهُ الْأَوَّلُ نَظَرًا لِاعْتِقَادِ الْبَائِعِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: رَبْطُ الْحُرْمَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الرَّبْطَ يُشْعِرُ بِأَنَّ عِلَّةَ الْحُرْمَةِ الْعَصْرُ؛ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِالْمُشْتَقِّ يَدُلُّ عَلَى عِلِّيَّةِ مَبْدَإِ الِاشْتِقَاقِ، فَلَا يُقَالُ إنَّ كَلَامَهُ صَادِقٌ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ يَعْصِرُ خَمْرًا بَلْ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ لَا يَعْصِرُ خَمْرًا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ عَصْرُهُ لِلْخَمْرِ) أَيْ إقْدَامُهُ عَلَى عَصْرِ الْعِنَبِ لِاِتِّخَاذِهِ خَمْرًا قَرِينَةٌ عَلَى عَصْرِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: الْحَدِيث) وَلَفْظُهُ عَلَى مَا فِي عَمِيرَةَ «لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَةَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إلَيْهِ وَآكِلَ ثَمَنِهَا» اهـ (قَوْلُهُ: كَبَيْعِ أَمْرَدَ) وَمِنْهُ بَيْعُ الدَّابَّةِ لِمَنْ يُكَلِّفُهَا فَوْقَ طَاقَتِهَا (قَوْلُهُ: لِغِنَاءٍ مُحَرَّمٍ) بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ) أَيْ وَمِثْلُ ذَلِكَ بَيْعُ الْوَرَقِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى نَحْوِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى لِمَنْ يَتَّخِذُهُ كَاغِدًا لِلدَّرَاهِمِ أَوْ يَجْعَلُهُ فِي الْأَقْبَاعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ امْتِهَانٌ مَرَّ وَالْحُرْمَةُ ثَابِتَةٌ وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ لِنَحْوِ صَبِيٍّ وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَرْغَبُ فِيهِ بِذَلِكَ غَيْرُ الْمُتَّخِذِ الْمَذْكُورِ مَرَّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا ذَكَرَ وَإِذْنِهِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ ثَمَّ حَاجَةٌ يَتَوَقَّفُ قَضَاؤُهَا عَلَى دُخُولِ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ) أَيْ الْكَافِرَ (قَوْلُهُ: وُجُوبَ الصَّوْمِ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْفَرْقِ عَدَمُ حُرْمَةِ بَيْعِ الْعِنَبِ لِلْكَافِرِ وَإِنْ عَلِمَ اتِّخَاذُهُ خَمْرًا لِعَدَمِ اعْتِقَادِهِ حُرْمَتَهُ، وَقَدَّمْنَا عَنْ سم عَلَى حَجّ خِلَافَهُ فَتَأَمَّلْهُ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَشْكُلُ عَلَى الْفَرْقِ بِمَا ذُكِرَ جَعْلُهُ التَّحْرِيمَ مُجَرَّدَ كَوْنِهِ مُخَاطَبًا بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَعْتَقِدُ حُرْمَةَ الْمَسْجِدِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ مَا لَا يَعْتَقِدُونَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَهَذَا خَارِجٌ عَنْهُ) يَعْنِي النَّجْشَ [بَيْعُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ لِعَاصِرِ الْخَمْرِ وَالنَّبِيذِ] (قَوْلُهُ: إذْ عَصْرُهُ) أَيْ الْعَاصِرُ (قَوْلُهُ: فَذِكْرُهُ) أَيْ الْعَاصِرُ

وَلِهَذَا كَانَ لَهُ أَنْ يُدْخِلَهُ وَيَمْكُثَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدَمَ عَلَيْهِ وَفْدُ قَيْسٍ فَأَنْزَلَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ قَبْلَ إسْلَامِهِمْ وَلَا شَكَّ أَنَّ فِيهِمْ الْجُنُبَ، لَا يُقَالُ: هُوَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ عَاجِزٌ عَنْ التَّسْلِيمِ شَرْعًا فَلِمَ صَحَّ الْبَيْعُ. لِأَنَّا نَمْنَعُ ذَلِكَ بِأَنَّ الْعَجْزَ عَنْهُ لَيْسَ بِوَصْفٍ لَازِمٍ فِي الْمَبِيعِ بَلْ فِي الْبَائِعِ خَارِجٌ عَمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْبَيْعِ وَشُرُوطِهِ، وَبِهِ فَارَقَ الْبُطْلَانَ الْآتِي فِي التَّفْرِيقِ وَالسَّابِقِ فِي بَيْعِ السِّلَاحِ لِلْحَرْبِيِّ؛ لِأَنَّهُ لِوَصْفٍ فِي ذَاتِ الْمَبِيعِ مَوْجُودٍ حَالَةَ الْبَيْعِ وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ صِحَّةُ بَيْعِ السِّلَاحِ لِقَاطِعِ الطَّرِيقِ مَعَ وُجُودِ ذَلِكَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ، وَهُوَ أَنَّ وَصْفَ الْحِرَابَةِ الْمُقْتَضِي لِتَقْوِيَتِهِمْ عَلَيْنَا بِهِ مَوْجُودٌ حَالَ الْبَيْعِ، بِخِلَافِ وَصْفِ قَطْعِهِ الطَّرِيقَ فَإِنَّهُ أَمْرٌ مُتَرَقَّبٌ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا مَضَى مِنْهُ، وَبِمَا تَقَرَّرَ انْدَفَعَ مَا لِلسُّبْكِيِّ وَغَيْرِهِ هُنَا، وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ وَأَقَرُّوهُ فِيمَنْ حَمَلَتْ أَمَتَهَا عَلَى فَسَادٍ بِأَنَّهَا تُبَاعُ عَلَيْهَا قَهْرًا إذَا تَعَيَّنَ الْبَيْعُ طَرِيقًا إلَى خَلَاصِهَا، كَمَا أَفْتَى الْقَاضِي فِيمَنْ يُكَلِّفُ قِنَّهُ مَا لَا يُطِيقُهُ بِأَنَّهُ يُبَاعُ عَلَيْهِ تَخْلِيصًا لَهُ مِنْ الذُّلِّ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ أَنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَ تَعَيُّنِهِ طَرِيقًا كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُهُ. . وَمِمَّا نَهَى عَنْهُ أَيْضًا احْتِكَارُ الْقُوتِ لِخَبَرِ «لَا يَحْتَكِرُ إلَّا خَاطِئٌ» بِأَنْ يَشْتَرِيَهُ وَقْتَ الْغَلَاءِ: أَيْ عُرْفًا لِيُمْسِكَهُ وَيَبِيعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ لِلتَّضْيِيقِ حِينَئِذٍ، فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ، وَهَلْ يُكْرَهُ إمْسَاكُ مَا فَضَلَ عَنْ كِفَايَتِهِ وَمُمَوِّنِهِ سَنَةً؟ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا عَدَمُهَا، نَعَمْ الْأَوْلَى بَيْعُهُ مَا زَادَ عَلَيْهَا وَيُجْبَرُ مَنْ عِنْدَهُ زَائِدٌ عَلَى ذَلِكَ عَلَى بَيْعِهِ فِي زَمَنِ الضَّرُورَةِ، وَعُلِمَ ـــــــــــــــــــــــــــــSحُرْمَتَهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْنَا تَعَاطِي مَا يَكُونُ سَبَبًا فِي فِعْلِهِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا، وَهِيَ أَنَّ ذِمِّيًّا اسْتَعْمَلَ الْوَشْمَ بَعْدَ بُلُوغِهِ بِلَا حَاجَةٍ تَدْعُو إلَيْهِ ثُمَّ أَسْلَمَ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ إزَالَةُ الْوَشْمِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ حَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي إزَالَتِهِ أَمْ لَا؟ كَمَنْ فَعَلَ بِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَبْلَ بُلُوغِهِ حَيْثُ لَمْ يُكَلَّفْ إزَالَتَهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ لِعَدَمِ تَعَدِّيه فِي الْأَصْلِ وَيُعْفَى عَنْهُ فِي حَقِّهِ وَحَقِّ غَيْرِهِ وَلَا يُنَجِّسُ مَاءً قَلِيلًا بِمُلَاقَاةِ مَحَلِّ الْوَشْمِ لَهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَهُوَ أَنَّ الظَّاهِرَ الْعَفْوُ لِعَدَمِ اعْتِقَادِهِ حُرْمَتَهُ فِي الْأَصْلِ فَلَا تَعَدِّي مِنْهُ حَالَ الْفِعْلِ وَإِنْ كَانَ مُخَاطَبًا بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا كَانَ لَهُ) أَيْ جَازَ لَهُ (قَوْلُهُ: لَا يُقَالُ هُوَ) أَيْ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ: بَلْ فِي الْبَائِعِ) يُتَأَمَّلُ فَإِنَّهُ قَدْ يُقَالُ مَنْعُ الشَّرْعِ لَهُ مِنْ تَسْلِيمِهِ لَهُ يُصَيِّرُهُ عَاجِزًا وَهُوَ مَعْنَى انْتِفَاءِ قُدْرَةِ التَّسْلِيمِ شَرْعًا فَلَا يَظْهَرُ وَجْهُ قَوْلِهِ بَلْ فِي الْبَائِعِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَصْفِ قَطْعِهِ الطَّرِيقَ) فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِوَصْفِ الْحِرَابَةِ الْمَعْنَى الْقَائِمُ الَّذِي يَنْشَأُ عَنْهُ التَّعَرُّضُ لَنَا فَمِثْلُهُ مَوْجُودٌ حَالَ الْبَيْعِ فِي قَاطِعِ الطَّرِيقِ أَوْ نَفْسُ التَّعَرُّضِ لَنَا بِالْفِعْلِ فَهُوَ غَيْرُ مَوْجُودٍ حَالَ الْبَيْعِ اهـ سم. أَقُولُ: قَدْ يَمْنَعُ قَوْلُهُ فَمِثْلُهُ مَوْجُودٌ حَالَ الْبَيْعِ فِي قَاطِعِ الطَّرِيقِ فَإِنَّ الْحِرَابَةِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ يُسْتَدَامُ فِي صَاحِبِهِ حَتَّى يَلْتَزِمَ الْجِزْيَةَ أَوْ يُسْلِمَ، بِخِلَافِ قَطْعِ الطَّرِيقِ فَإِنَّهُ لَمْ يَنْشَأْ عَنْهُ وَصْفٌ تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْقَطْعِ وَقَتْلُهُ وَصَلْبُهُ وَنَحْوُهُمَا إنَّمَا هُوَ عَلَى مَا صَدَرَ مِنْهُ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ يُبَاعُ عَلَيْهِ) وَالْبَائِعُ هُوَ الْحَاكِمُ. (قَوْلُهُ: وَمَا نُهِيَ عَنْهُ أَيْضًا) أَيْ نَهْيُ تَحْرِيمٍ (قَوْلُهُ: احْتِكَارُ الْقُوتِ) لَعَلَّ وَجْهَ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّهُ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْقُوتُ خَاصَّةً وَإِلَّا فَالْحَدِيثُ شَامِلٌ لَهُ وَلِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ زَمَنٍ يُعَدُّ عُرْفًا أَنَّهُ مُؤَخَّرٌ (قَوْلُهُ: وَيُجْبَرُ مَنْ عِنْدَهُ) أَيْ فَإِنْ امْتَنَعَ بَاعَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ، قَالَ حَجّ: وَاَلَّذِي يُجْبِرُهُ عَلَى ذَلِكَ هُوَ الْقَاضِي وَعِبَارَتُهُ: وَعَلَى الْقَاضِي حَيْثُ لَمْ يُعْتَدْ تَوْلِيَةُ الْحِسْبَةِ لِغَيْرِهِ لِخُرُوجِهَا عَنْ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ حِينَئِذٍ إلَّا أَنْ اُعْتِيدَ مَعَ ذَلِكَ بَقَاءُ نَظَرِ الْقَاضِي عَلَى الْحِسْبَةِ وَمُتَوَلِّيهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي زَمَنِ الضَّرُورَةِ جَبَرَ مَنْ عِنْدَهُ إلَخْ اهـ (قَوْلُهُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ السُّنَّةُ (قَوْلُهُ: فِي زَمَنِ الضَّرُورَةِ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: وَقَوْلُهُ نَعَمْ إنْ اشْتَدَّتْ ضَرُورَةُ النَّاسِ إلَخْ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي مَبْحَثِ الِاضْطِرَارِ أَنَّهُ إذَا تَحَقَّقَ لَمْ يَبْقَ لِلْمَالِكِ كِفَايَةُ سَنَةٍ، فَكَلَامُهُمْ هُنَا فِيمَا إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَاسْتَحْضِرْ مَا قَالُوهُ ثَمَّ مَعَ مَا قَالُوهُ هُنَا تَعْلَمْ أَنَّ الْحَقَّ مَا ذَكَرْته اهـ. وَقَوْلَةُ قَبْلَ كِفَايَتِهِ سَنَةً. أَيْ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ الِاضْطِرَارُ وَإِلَّا لَمْ يَبْقَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مِمَّا تَقَرَّرَ اخْتِصَاصُ تَحْرِيمِ الِاحْتِكَارِ بِالْأَقْوَاتِ وَلَوْ تَمْرًا وَزَبِيبًا فَلَا يَعُمُّ جَمِيعَ الْأَطْعِمَةِ. وَيَحْرُمُ عَلَى الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ وَلَوْ قَاضِيًا التَّسْعِيرُ فِي قُوتٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ يُعْذَرُ مُخَالِفُهُ لِلِاقْتِيَاتِ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ إذْ الْحَجْرُ عَلَى شَخْصٍ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ غَيْرُ مَعْهُودٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّ التَّعْزِيرَ مُفَرَّعٌ عَلَى تَحْرِيمِ التَّسْعِيرِ، وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي لِمَا مَرَّ وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ حَيْثُ قَالُوا بِتَفْرِيعِهِ عَلَى جَوَازِهِ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ. (وَيَحْرُمُ) عَلَى مَنْ مَلَكَ جَارِيَةً وَوَلَدَهَا وَلَوْ مِنْ مُسْتَوْلَدَةٍ حَدَثَ قَبْلَ اسْتِيلَادِهَا كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ (التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْأُمِّ) الرَّقِيقَةِ وَإِنْ رَضِيَتْ أَوْ كَانَتْ كَافِرَةً أَوْ مَجْنُونَةً لَهَا شُعُورٌ تَتَضَرَّرُ مَعَهُ بِالتَّفْرِيقِ أَوْ آبِقَةٌ فَمَا يَظْهَرُ (وَالْوَلَدُ) الرَّقِيقُ الصَّغِيرُ الْمَمْلُوكَيْنِ لِوَاحِدٍ بِنَحْوِ بَيْعٍ وَلَوْ مِنْ نَفْسِهِ لِطِفْلِهِ مَثَلًا وَقَبِلَهُ لَهُ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُ؛ لِأَنَّا لَا نَأْمَنُ أَنْ يَبِيعَهَا عَنْ وَلَدِهِ فَيَحْصُلُ التَّفْرِيقُ أَوْ هِبَةٌ أَوْ قَرْضٌ أَوْ قِسْمَةٌ بِالْإِجْمَاعِ لِخَبَرِ «مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَخَبَرِ «مَلْعُونٌ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا» فَإِنْ اخْتَلَفَ الْمَالِكُ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا جَازَ كَمَا يَجُوزُ بِعِتْقٍ وَوَصِيَّةٍ إذْ الْمُعْتِقُ مُحْسِنٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَهُ كِفَايَةُ سَنَةٍ كَمَا مَرَّ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ اهـ. وَانْظُرْ مِقْدَارَ الْمُدَّةِ الَّتِي يَتْرُكُ لَهُ مَا يَكْفِيه فِيهَا (قَوْلُهُ: بِالْأَقْوَاتِ) وَكَذَا مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِيهَا كَالْأُدْمِ وَالْفَوَاكِهِ عُبَابٌ اهـ سم. وَخَرَجَ بِالْأَقْوَاتِ الْأَمْتِعَةُ فَلَا يَحْرُمُ احْتِكَارُهَا مَا لَمْ تَدْعُ إلَيْهَا ضَرُورَةٌ. (قَوْلُهُ: لِلِاقْتِيَاتِ) ظَاهِرُهُ جَوَازُ ذَلِكَ بَاطِنًا وَأَنَّ الْحُرْمَةَ لِمُجَرَّدِ الِاقْتِيَاتِ، وَقَضِيَّةُ مَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي الِاسْتِسْقَاءِ خِلَافُهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ) أَيْ وَيَجُوزُ (قَوْلُهُ مُفَرَّعٌ عَلَى تَحْرِيمِ التَّسْعِيرِ) يَعْنِي أَنَّ التَّعْزِيرَ الْمُخَالِفَ لَيْسَ مُفَرَّعًا عَلَى الْجَوَازِ خَاصَّةً بَلْ حُكْمُهُ أَنَّهُ حَيْثُ خَالَفَ مَا أَمَرَ بِهِ الْإِمَامُ عُزِّرَ سَوَاءٌ قُلْنَا بِالتَّحْرِيمِ أَوْ الْجَوَازِ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُعَزَّرُ عَلَى الْمُخَالَفَةِ إنْ قُلْنَا بِحُرْمَةِ التَّسْعِيرِ عَلَى الْإِمَامِ بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا بِجَوَازِهِ. (قَوْلُهُ: حَدَثَ قَبْلَ اسْتِيلَادِهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ رَكِبَتْ الدُّيُونُ السَّيِّدَ قَالَ سم: وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ فَيُبَاعُ الْفَرْعُ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ وَيَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا فِي التَّفْرِيقِ اهـ. وَالْأَقْرَبُ الْحُرْمَةُ. وَنُقِلَ عَنْ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ بِالدَّرْسِ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُصَرِّحُ بِمَا قَالَهُ (قَوْلُهُ: التَّفْرِيقُ) وَيَكُونُ كَبِيرَةً اهـ حَجّ فِي الزَّوَاجِرِ (قَوْلُهُ: أَوْ آبِقَةً) أَيْ مَا لَمْ يَحْصُلْ الْيَأْسُ مِنْ عَوْدِهَا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ قِسْمَةٌ) أَيْ وَلَوْ إفْرَازًا بِسَائِرِ أَنْوَاعِهَا (قَوْلُهُ: وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) اُسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ فَهُوَ تَعْذِيبٌ وَالْجَنَّةُ لَا تَعْذِيبَ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَوْقِفِ فَكُلٌّ مَشْغُولٌ بِنَفْسِهِ فَلَا يَضُرُّهُ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْرِيقِ. وَأُجِيبَ بِاخْتِيَارِ أَنَّهُ فِي الْمَوْقِفِ وَأَنَّ النَّاسَ لَيْسُوا مَشْغُولِينَ فِي جَمِيعِ أَزْمِنَةِ الْمَوْقِفِ بَلْ فِيهَا أَحْوَالٌ يَجْتَمِعُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ فَالتَّفْرِيقُ فِيهَا تَعْذِيبٌ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا جَازَ) قَدْ يُقَالُ لَا مَعْنَى لَهُ إذْ التَّفْرِيقُ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَمَةِ وَفَرْعِهَا حَيْثُ كَانَا فِي تَصَرُّفِ شَخْصٍ وَاحِدٍ، وَعِنْدَ اخْتِلَافِ الْمَالِكَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا يَتَصَرَّفُ فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِ، فَمَا مَعْنَى حُرْمَةِ التَّفْرِيقِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ قَدْ يَكُونُ بَيْنَ الْمَالِكَيْنِ اخْتِلَاطٌ وَاتِّحَادٌ كَأَخَوَيْنِ فِي مَحَلَّةٍ وَاحِدَةٍ، فَالْمَالِكُ، وَإِنْ اخْتَلَفَ لَا يَلْزَمُ مِنْ اخْتِلَافِهِ بُعْدُ الْأَمَةِ عَنْ فَرْعِهَا وَلَا عَكْسُهُ، فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ أَحَدُهُمَا بَيْعَ مَا يَمْلِكُهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْبَيْعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الرَّقِيقُ الصَّغِيرُ) أَيْ أَوْ الْمَجْنُونُ كَمَا يَأْتِي بِمَا فِيهِ وَكَانَ يَنْبَغِي إسْقَاطُهُ (قَوْلُهُ الْمَمْلُوكَيْنِ لِوَاحِدٍ) هَذَا أَشْمَلُ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ عَلَى مَنْ مَلَكَ جَارِيَةً وَوَلَدَهَا لِشُمُولِهِ مَا إذَا كَانَا مَمْلُوكَيْنِ لِمَحْجُورِهِ فَكَانَ يَنْبَغِي الِاقْتِصَارُ عَلَى هَذَا، ثُمَّ إنَّ كُلًّا مِنْ الْعِبَارَتَيْنِ مُخْرِجٌ لِمَا إذَا كَانَ لَا يَمْلِكُ إلَّا بَعْضَ كُلٍّ مِنْهُمَا فَلْيُرَاجَعْ الْحُكْمُ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ قِسْمَةً) وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا لَا تَكُونُ هُنَا إلَّا بَيْعًا، وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَلِخَبَرِ «مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا» إلَخْ) أَيْ فَهُوَ مُسْتَنَدُ الْإِجْمَاعِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّا لَا نَأْمَنُ أَنْ يَبِيعَهَا)

وَالْوَصِيَّةُ لَا تَقْتَضِي التَّفْرِيقَ بِوَضْعِهَا فَلَعَلَّ الْمَوْتَ يَكُونُ بَعْدَ زَمَانِ التَّحْرِيمِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْمُوصِي قَبْلَ التَّمْيِيزِ تَبَيَّنَ بُطْلَانُهَا وَلَا بُعْدَ فِيهِ، وَيَجُوزُ بَيْعُ جُزْءٍ مِنْهُمَا لِوَاحِدٍ إنْ اتَّحَدَ لِانْتِفَاءِ التَّفْرِيقِ فِي بَعْضِ الْأَزْمِنَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اخْتَلَفَ كَثُلُثٍ وَرُبُعٍ، وَالْأَوْجَهُ صِحَّةُ بَيْعِهِ لِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ دُونَ بَيْعِهِ بِشَرْطِ عِتْقِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ لِعَدَمِ تَحَقُّقِهِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ بِشَرْطِ عِتْقِهِ، وَيَمْتَنِعُ بِنَحْوِ إقَالَةٍ وَرَدٍّ بِعَيْبٍ كَمَا نَقَلَاهُ وَأَقَرَّاهُ وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ. وَالْمُتَّجِهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ مَنْعُ التَّفْرِيقِ بِرُجُوعِ الْمُقْرِضِ وَمَالِكِ اللُّقَطَةِ دُونَ الْأَصْلِ الْوَاهِبِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْقَرْضِ وَاللُّقَطَةِ ثَابِتٌ فِي الذِّمَّةِ، وَإِذَا تَعَذَّرَ الرُّجُوعُ فِي الْعَيْنِ رَجَعَ فِي غَيْرِهَا، بِخِلَافِهِ فِي الْهِبَةِ فَإِنَّا لَوْ مَنَعْنَاهُ فِيهَا الرُّجُوعَ لَمْ يَرْجِعْ الْوَاهِبُ بِشَيْءٍ، وَكَالْأُمِّ عِنْدَ فَقْدِهَا الْأَبَ وَالْجَدَّةَ لِأُمٍّ أَوْ أَبٍ وَإِنْ عَلَيَا، أَمَّا الْجَدُّ لِلْأُمِّ فَالْأَوْجَهُ فِيهِ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ كَالْجَدِّ لِلْأَبِ لِعَدِّهِمْ لَهُ مِنْ الْأُصُولِ فِي النَّفَقَةِ وَالْإِعْفَافِ وَالْعِتْقِ وَغَيْرِهَا وَإِنْ رَجَّحَ جَمْعٌ أَنَّهُ كَبَقِيَّةِ الْمَحَارِمِ، وَلَوْ اجْتَمَعَ أَبٌ وَأُمٌّ حَرُمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَحَلَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَبِ أَوْ أَبٍ وَجَدَّةٍ وَلَوْ مِنْ الْأُمِّ فَهُمَا سَوَاءٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ التَّفْرِيقِ فَدَفَعَهُ بِبَيَانِ الْحُكْمِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: بِوَضْعِهَا) أَيْ الْوَصِيَّةِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمَوْتَ إلَخْ (قَوْلُهُ: تَبَيَّنَ بُطْلَانُهَا) أَيْ وَلَوْ قَبِلَ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ، وَقَضِيَّتُهُ الْبُطْلَانُ وَإِنْ أَرَادَ الْمُوصَى لَهُ تَأْخِيرَ الْقَبُولِ إلَى تَمْيِيزِ الْوَلَدِ، وَفِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ خِلَافُهُ وَالْأَقْرَبُ الْقَضِيَّةُ (قَوْلُهُ إنْ اتَّحَدَ) أَيْ الْجُزْءُ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ صِحَّةُ بَيْعِهِ) أَيْ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: لِمَنْ يُعْتَقُ) أَيْ يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ عَلَيْهِ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ بَاعَهُ لِمَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ أَوْ شَهِدَ بِهَا وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ (قَوْلُهُ وَيَمْتَنِعُ) أَيْ التَّفْرِيقُ (قَوْلُهُ: دُونَ الْأَصْلِ) أَيْ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِي الْأُمِّ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ وَهَبَهُ الْأُمَّ حَائِلًا ثُمَّ حَبِلَتْ فِي يَدِهِ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَالْوَاهِبُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْوَلَدِ، وَأَمَّا لَوْ وَهَبَهُمَا لَهُ مَعًا فَلَا يَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ فِي أَحَدِهِمَا لِعَدَمِ تَأَتِّي الْعِلَّةِ فِيهِ، وَيَدُلُّ عَلَى التَّصْوِيرِ بِمَا ذُكِرَ قَوْلُ سم عَلَى مَنْهَجٍ نَقْلًا عَنْ مَرَّ: وَحَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ حَقُّهُ إلَّا بِالتَّفْرِيقِ كَرُجُوعِ الْوَاهِبِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ مُنِعَ مِنْ الرُّجُوعِ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ شَيْءٌ اهـ. وَحَيْثُ حَمَلَ عَلَى مَا ذُكِرَ لَا يُرَدُّ قَوْلُ سم عَلَى حَجّ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ لِلرُّجُوعِ فِي أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الرُّجُوعِ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ ذَاكَ إنَّمَا يَتِمُّ إذَا وَهَبَهُمَا مَعًا ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ فِي أَحَدِهِمَا، وَأَمَّا عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ التَّصْوِيرِ فَلَيْسَ الْمَرْجُوعُ فِيهِ إلَّا الْأُمَّ (قَوْلُهُ: وَكَالْأُمِّ عِنْدَ فَقْدِهَا الْأَبَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَإِنْ عَلَا، وَقَوْلُهُ وَالْجَدَّةُ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَإِنْ عَلَتْ، وَلِهَذَا قَالَ الشَّارِحُ وَإِنْ عَلَيَا وَلَوْ وُجِدَ أَبٌ وَجَدٌّ فَهَلْ يَجُوزُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدِهِمَا لَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا، وَالْعِبْرَةُ بِالْأَبِ فَيَمْتَنِعُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَبِ وَلَوْ مَعَ الْجَدِّ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُ سم: وَبَيْنَ أَحَدِهِمَا هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لِانْدِفَاعِ ضَرَرِهِ بِبَقَائِهِ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: أَمَّا الْجَدُّ) مُحْتَرِزٌ مَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ وَإِنْ عَلَيَا: أَيْ الْأَبُ وَالْجَدَّةُ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْجَدَّةُ لِلْأَبِ (قَوْلُهُ: وَحَلَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَبِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ إنْ كَانَتْ هِيَ الْمَبِيعَةَ: أَيْ وَلَا نَأْمَنُ أَنْ يَبِيعَهُ إنْ كَانَ هُوَ الْمَبِيعَ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ التَّفْرِيقِ فِي بَعْضِ الْأَزْمِنَةِ) أَيْ بِالْمُهَايَأَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجُزْءِ يَجِبُ فِي الْمُهَايَأَةِ أَنَّ الزَّمَنَ الَّذِي يَكُونُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ فِيهِ الْأُمُّ وَالْوَلَدُ وَيَمْتَنِعُ أَنْ تَكُونَ الْأُمُّ عِنْدَ أَحَدِهِمَا فِي زَمَنٍ وَالْوَلَدُ عِنْدَ الْآخَرِ فِيهِ. وَلَك أَنْ تَتَوَقَّفَ فِيهِ مَعَ انْتِفَاءِ الْحُرْمَةِ فِي التَّفْرِيقِ بِغَيْرِ مُزِيلِ الْمِلْكِ، وَهَلْ يَحْرُمُ عَلَى الْمُشْتَرِي حَيْثُ صَحَّ الْبَيْعُ فِي الْبَعْضِ أَنْ يَبِيعَ بَعْضَ الْأُمِّ دُونَ بَعْضِ الْوَلَدِ أَوْ عَكْسُهُ أَوْ لَا؟ وَقَضِيَّةُ الْعِبَارَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ لَهُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلَيَا) أَيْ الْأَبُ وَالْجَدَّةُ بِقِسْمَيْهِمَا بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ

فَيُبَاعُ مَعَ أَيِّهِمَا كَانَ وَيَمْتَنِعُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا، وَقَدْ يَجُوزُ التَّفْرِيقُ بِسَبَبِ ضَرُورَةٍ كَمَا لَوْ مَلَكَ كَافِرٌ صَغِيرًا وَأَبَوَيْهِ فَأَسْلَمَ الْأَبُ فَإِنَّهُ يَتْبَعُهُ وَيُبَاعَانِ دُونَهَا، بَلْ لَوْ مَاتَ الْأَبُ بِيعَ الصَّغِيرُ وَحْدَهُ كَمَا قَالَهُ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ فِي الِاسْتِقْصَاءِ، وَالثَّانِي لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ سَبَى مُسْلِمٌ طِفْلًا فَتَبِعَهُ ثُمَّ مَلَكَ أُمَّهُ الْكَافِرَةَ جَازَ لَهُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا فَقَطْ مَمْنُوعٌ إذْ لَا ضَرُورَةَ هُنَا لِلْبَيْعِ بِخِلَافِهِ فِي الْأُولَى، وَالْأَصْحَابُ لَمْ يُفَرِّقُوا فِي الْأُمِّ بَيْنَ الْمُسْلِمَةِ وَالْكَافِرَةِ كَمَا مَرَّ، وَالتَّفْرِقَةُ وَجْهٌ لِلدَّارِمِيِّ وَتَسْتَمِرُّ حُرْمَةُ التَّفْرِيقِ (حَتَّى يُمَيِّزَ) الْوَلَدُ بِأَنْ يَصِيرَ بِحَيْثُ يَأْكُلُ وَحْدَهُ وَيَشْرَبُ وَحْدَهُ وَيَسْتَنْجِيَ وَحْدَهُ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ تَقْدِيرِهِ بِسَبْعِ سِنِينَ لِاسْتِغْنَائِهِ حِينَئِذٍ عَنْ التَّعَهُّدِ. وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ حَيْثُ لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ التَّمْيِيزُ قَبْلُ بِأَنَّ ذَلِكَ فِيهِ نَوْعُ تَكْلِيفٍ وَعُقُوبَةٍ فَاحْتِيطَ لَهُ (وَفِي قَوْلِ حَتَّى يَبْلُغَ) لِخَبَرٍ فِيهِ وَلِنَقْصِ تَمْيِيزِهِ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَلِهَذَا حَلَّ الْتِقَاطُهُ، وَيُرَدُّ بِمَنْعِ تَأْثِيرِ ذَلِكَ النَّقْصِ وَبِأَنَّ الْخَبَرَ ضَعِيفٌ وَحِلُّ الْتِقَاطِهِ لَيْسَ لِذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِهِ، وَلَا يُرَدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ مَنْعُ التَّفْرِيقِ فِي الْمَجْنُونِ وَإِنْ بَلَغَ؛ لِأَنَّهُ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِ حَتَّى يُمَيِّزَ وَلَا يُعَارِضُ مَا بَعْدَهُ وَإِنْ ادَّعَاهُ بَعْضُهُمْ إذْ لَا مَانِعَ مِنْ ذِكْرِ شَيْئَيْنِ وَحِكَايَةِ قَوْلٍ فِي أَحَدِهِمَا، وَيُكْرَهُ التَّفْرِيقُ بَعْدَ التَّمْيِيزِ وَبَعْدَ الْبُلُوغِ أَيْضًا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْوِيشِ وَالْعَقْدُ صَحِيحٌ، وَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِامْتِنَاعِ التَّفْرِيقِ بِالْمُسَافَرَةِ أَيْ مَعَ الرِّقِّ وَطَرْدُهُ ذَلِكَ فِي الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ، بِخِلَافِ الْأَمَةِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ، وَأَفْهَمَ فَرْضُهُ الْكَلَامَ فِيمَا يُتَوَقَّعُ تَمْيِيزُهُ عَدَمَ الْحُرْمَةِ بَيْنَ الْبَهَائِمِ وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ لِقُوَّةِ شَفَقَتِهَا (قَوْلُهُ: وَيَمْتَنِعُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا) قَالَ سم عَلَى بَهْجَةٍ: فَرْعٌ: لَوْ كَانَ لَهُ أُمٌّ وَجَدَّةٌ مَثَلًا فَبَاعَهُ مَعَ أُمِّهِ فَمَاتَتْ فِي الْمَجْلِسِ مَثَلًا فَهَلْ يَنْفَسِخُ الْمَبِيعُ نَظَرًا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَأَنَّهُ بَيْعٌ وَالْأُمُّ بِهِ بِدُونِ جَدَّتِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَظْهَرُ عَدَمُ الِانْفِسَاخِ وَيُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ. أَقُولُ: وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ الْوَاقِعُ فِي الْمَجْلِسِ كَالْوَاقِعِ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ الِانْفِسَاخُ، وَقَدْ يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أُبْرِأَ مِنْ الثَّمَنِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ بَطَلَ الشِّرَاءُ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بَيْعًا بِلَا ثَمَنٍ (قَوْلُهُ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ وَيُبَاعَانِ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ بَلْ لَوْ مَاتَ الْأَبُ إلَخْ (قَوْلُهُ ثُمَّ مَلَكَ أُمَّهُ الْكَافِرَةَ) فَلَا يُقَالُ حُكْمُ هَذِهِ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَكَانَتْ كَافِرَةً إلَخْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ فِي الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ كَمَا لَوْ مَلَكَ كَافِرٌ صَغِيرًا (قَوْلُهُ وَالْأَصْحَابُ) مِنْ تَتِمَّةِ الرَّدِّ عَلَى الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: لِاسْتِغْنَائِهِ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ مَيَّزَ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ السَّبْعَ. (قَوْلُهُ: قَبْلُ) أَيْ قَبْلَ السَّبْعِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ لِذَلِكَ) أَيْ نَقْصُ تَمْيِيزِهِ بَلْ لِعَدَمِ صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ فَاحْتَاجَ لِمَنْ يَقُومُ بِأَمْرِهِ (قَوْلُهُ: يُعَارِضُهُ مَا بَعْدَهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ حَتَّى يَبْلُغَ (قَوْلُهُ: وَالْعَقْدُ صَحِيحٌ) أَيْ فِيمَا لَوْ مَيَّزَ أَوْ بَلَغَ (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ بِالْمُسَافَرَةِ) أَيْ وَلَوْ لِغَيْرِ النَّقْلَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ مَعَ الرِّقِّ) وَالْمُرَادُ سَفَرٌ يَحْصُلُ مَعَهُ تَضَرُّرٌ وَإِلَّا كَنَحْوِ فَرْسَخٍ لِحَاجَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَمْتَنِعَ، ثُمَّ مَا ذُكِرَ مِنْ حُرْمَةِ التَّفْرِيقِ بِالسَّفَرِ مَعَ الرِّقِّ عَلَى مَا تَقَرَّرَ مُسَلَّمٌ، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَبَيْنَ زَوْجَةٍ حُرَّةٍ إلَخْ بِالسَّفَرِ أَيْضًا فَمَمْنُوعٌ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَطَرْدِهِ ذَلِكَ فِي الزَّوْجَةِ) وَكَذَا يَحْرُمُ أَنْ يَنْزِعَ وَلَدَهُ مِنْ أَمَتِهِ وَيَدْفَعَهُ لِمُرْضِعَةٍ أُخْرَى اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأَمَةِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ التَّمْيِيزُ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَالْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ بِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّمْيِيزُ قَبْلَ السَّبْعِ بِأَنَّ ذَلِكَ إلَخْ (قَوْلُهُ: إذْ لَا مَانِعَ مِنْ ذِكْرِ شَيْئَيْنِ) وَهُمَا هُنَا الصَّغِيرُ وَالْمَجْنُونُ: يَعْنِي حُكْمَهُمَا، فَكَأَنَّهُ قَالَ: حَتَّى يُمَيِّزَ كُلٌّ مِنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، وَفِي قَوْلٍ: فِي الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ (قَوْلُهُ: وَطَرْدُهُ ذَلِكَ فِي الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ بِخِلَافِ الْأَمَةِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ) يَحْتَمِلُ أَنَّ عَدَمَ الظُّهُورِ رَاجِعٌ إلَى تَفْرِقَةِ الْغَزَالِيِّ بَيْنَ الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ أَيْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي التَّفْرِيقِ

كَذَلِكَ بِالذَّبْحِ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا وَالْمَذْبُوحُ الْوَلَدُ أَوْ الْأُمُّ مَعَ اسْتِغْنَائِهِ عَنْهَا وَيُكْرَهُ حِينَئِذٍ وَإِلَّا حَرُمَ، وَلَا يَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِي حَالَةِ الْحُرْمَةِ بِنَحْوِ الْبَيْعِ، وَلَا يَصِحُّ الْقَوْلُ بِأَنَّ بَيْعَهُ لِمَنْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ يَذْبَحُهُ كَذَبْحِهِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى بَاعَ الْوَلَدَ قَبْلَ اسْتِغْنَائِهِ وَحْدَهُ أَوْ الْأُمَّ كَذَلِكَ تَعَيَّنَ الْبُطْلَانُ فَقَدْ لَا يَقَعُ الذَّبْحُ حَالًّا أَوْ أَصْلًا فَيُوجَدُ الْمَحْذُورُ، وَشَرْطُ الذَّبْحِ عَلَيْهِ غَيْرُ صَحِيحٍ فَهُوَ أَوْلَى بِالْبُطْلَانِ لِمَا مَرَّ فِي عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الْوَلَدِ دُونَ أُمِّهِ أَوْ بِالْعَكْسِ قَبْلَ التَّمْيِيزِ بِشَرْطِ عِتْقِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (وَإِذَا) (فَرَّقَ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ) أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّا مَرَّ تَفْصِيلُهُ، وَالْأَوْجُهُ مَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ مِنْ إلْحَاقِ الْوَقْفِ بِالْعِتْقِ، وَلَعَلَّهُ لَمْ يَنْظُرْ إلَى أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ يَشْغَلُهُ فِي اسْتِيفَاءِ مَنْفَعَتِهِ كَمَا لَوْ أَجَّرَ رَقِيقَهُ ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَلَدِهِ بِالْإِعْتَاقِ فَيَجُوزُ وَلَا نَظَرَ لِمَا يَحْصُلُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ (بَطَلَا فِي الْأَظْهَرِ) لِانْتِفَاءِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ شَرْعًا، وَالثَّانِي يَقُولُ الْمَنْعُ مِنْ التَّفْرِيقِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ لَا لِلْخَلَلِ فِي الْبَيْعِ، أَمَّا هُوَ قَبْلَ سَقْيِهِ اللِّبَأَ فَبَاطِلٌ قَطْعًا، وَتَثْنِيَةُ الضَّمِيرِ مَعَ الْعَطْفِ بِأَوْ صَحِيحٌ كَمَا أَفَادَهُ الزَّرْكَشِيُّ؛ لِأَنَّهَا بَيْنَ ضِدَّيْنِ كَمَا فِي {فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} [النساء: 135] فَانْدَفَعَ قَوْلُ مَنْ مَنَعَ ذَلِكَ هُنَا. (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْعُرْبُونِ) بِفَتْحِ أَوَّلَيْهِ وَهُوَ الْأَفْصَحُ وَبِضَمٍّ فَسُكُونٍ وَيُقَالُ لَهُ الْعُرْبَانُ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ وَهُوَ مُعَرَّبٌ، وَأَصْلُهُ التَّقْدِيمُ وَالتَّسْلِيفُ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِيمَا يَقْرُبُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُمْ (بِأَنْ يَشْتَرِيَ) سِلْعَةً (وَيُعْطِيه دَرَاهِمَ) مَثَلًا وَقَدْ وَقَعَ الشَّرْطُ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَعْطَاهَا (لِتَكُونَ مِنْ الثَّمَنِ إنْ رَضِيَ السِّلْعَةَ وَإِلَّا فَهِبَةً) ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فَطَرْدُهُ فِيهَا ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَشَرْطُ الذَّبْحِ) وَهَذَا مَحَلُّهُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ مَا لَمْ يَعْتَرِفْ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ نَذَرَ ذَبْحَهُ وَإِلَّا فَيَصِحُّ وَيَكُونُ ذَلِكَ افْتِدَاءً وَيَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي ذَبْحُهُ فَإِنْ امْتَنَعَ ذَبَحَهُ الْقَاضِي وَفَرَّقَهُ الذَّابِحُ عَلَى الْفُقَرَاءِ. (قَوْلُهُ: مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي الْقَوْلِ بِعَدَمِ إلَخْ وَلَوْ قَالَ مَنْ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: مِنْ إلْحَاقِ الْوَقْفِ) أَيْ فَيَجُوزُ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّهُ لَمْ يَنْظُرْ إلَخْ) وَوَجْهُ عَدَمِ النَّظَرِ إلَى ذَلِكَ الْمُحَافَظَةُ عَلَى تَحْصِيلِ الْقُرْبَةِ كَالْعِتْقِ (قَوْلُهُ: فِي اسْتِيفَاءِ مَنْفَعَتِهِ) أَيْ مِنْ شَغْلِهِ الرَّقِيقَ فِيمَا اسْتَأْجَرَهُ لَهُ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي فَاَللَّه) تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ أَنَّ الْمَعْطُوفَ فِعْلٌ مُقَدَّرٌ: أَيْ إنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ يَكُنْ فَقِيرًا فَالضَّمِيرُ لَيْسَ لِلْمُتَعَاطِفَيْنِ بَلْ لِمَعْمُولِهِمَا فَفِي التَّشْبِيهِ مُسَامَحَةٌ. (قَوْلُهُ: وَأَصْلُهُ التَّقْدِيمُ وَالتَّسْلِيفُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً) عِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: السِّلْعَةُ خُرَّاجٌ كَهَيْئَةِ الْغُدَّةِ تَتَحَرَّكُ بِالتَّحْرِيكِ، ثُمَّ قَالَ: وَالسِّلْعَةُ الْبِضَاعَةُ وَالْجَمْعُ فِيهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَذْكُورِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِأَصْلِ الطَّرْدِ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الَّذِي نَقَلَهُ عَنْ الْغَزَالِيِّ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ يُخَالِفُهُ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْهُ. وَعِبَارَتُهُ: وَأَلْحَقَ الْغَزَالِيُّ فِي فَتَاوِيهِ التَّفْرِيقَ بِالسَّفَرِ بِالتَّفْرِيقِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ وَطَرَدَهُ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَوَلَدِهَا وَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً انْتَهَى. فَصَرِيحُ قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً أَنَّ الْحُرَّةَ وَالْأَمَةَ عِنْدَهُ سَوَاءٌ، لَكِنَّ عِبَارَةَ كُلٍّ مِنْ الشِّهَابِ حَجّ كَالْأَذْرَعِيِّ تُوَافِقُ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ، وَيُمْكِنُ تَرْجِيعُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ إلَى عِبَارَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنْ يُقَالَ مَعْنَاهَا: وَطَرْدُ الْغَزَالِيِّ الْحُكْمَ فِي الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ بِخِلَافِ طَرْدِهِ فِي الزَّوْجَةِ الْأَمَةِ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ، فَالطَّرْدُ فِي كِلَيْهِمَا حِينَئِذٍ مَنْسُوبٌ لِلْغَزَالِيِّ لَكِنَّ هَذَا تَأْبَاهُ عِبَارَةُ كُلٍّ مِنْ الشِّهَابِ حَجّ وَالْأَذْرَعِيِّ فَلْيُرَاجَعْ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ وَلْيُحَرَّرْ مُعْتَمَدُ الشَّارِحِ فِي الْمَسْأَلَةِ. وَفِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ لِلشِّهَابِ سم التَّصْرِيحُ بِأَنَّ طَرْدَ الْغَزَالِيِّ حُرْمَةَ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ وَوَلَدِهَا مَمْنُوعٌ، وَهُوَ يُوَافِقُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ الِاحْتِمَالِ الثَّانِي، وَكَذَا مَا ذَكَرْنَاهُ آخِرًا فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ فِي تَرْجِيعِهَا لِعِبَارَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَا يُوَافِقُ الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ آجَرَ رَقِيقَهُ ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَلَدِهِ بِالْإِعْتَاقِ) أَيْ لِلَّذِي آجَرَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا نَظَرَ لِمَا يَحْصُلُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ) قَالَ الشِّهَابُ سم: وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَإِنَّ اسْتِحْقَاقَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ دَائِمٌ بِخِلَافِ الْمُسْتَأْجِرِ.

[فصل في تفريق الصفقة]

بِالنَّصْبِ وَيَجُوزُ رَفْعُهُ لِلنَّهْيِ عَنْهُ لَكِنَّ إسْنَادَهُ لَيْسَ بِمُتَّصِلٍ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ شَرْطَيْنِ مُفْسِدَيْنِ شَرْطُ الْهِبَةِ وَشَرْطُ رَدِّ الْبَيْعِ بِتَقْدِيرِ أَنْ لَا يَرْضَى وَتَأْخِيرُ الْمُصَنِّفِ هَذَا. وَمَسْأَلَةُ التَّفْرِيقِ إلَى هُنَا، وَلَمْ يُقَدِّمْهُمَا فِي فَصْلِ الْمُبْطِلِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ فَائِدَةً، وَهِيَ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ التَّفْرِيقَ لَمَّا اُخْتُلِفَ فِي إبْطَالِهِ وَهَذَا لَمَّا لَمْ يَثْبُتْ فِي النَّهْيِ عَنْهُ شَيْءٌ كَانَا بِمَنْزِلَةِ مَا غَايَرَ مَا ذُكِرَ فِي الْفَصْلَيْنِ فَأَخَّرَهُمَا لِإِفَادَةِ هَذَا، وَلَوْ قَدَّمَهُمَا لَفَاتَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ هَذَا قُدِّمَ إجْمَالًا فِي بَيْعٍ وَشَرْطٍ. وَالْبَيْعُ يَنْقَسِمُ إلَى الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ فَقَدْ يَجِبُ كَمَا لَوْ تَعَيَّنَ كَمَالِ اللَّاوِي أَوْ الْمُفْلِسِ أَوْ لِاضْطِرَارِ الْمُشْتَرِي وَالْمَالُ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ مُطْلَقُ التَّمْلِيكِ، وَقَدْ يُنْدَبُ كَبَيْعٍ بِمُحَابَاةٍ. أَيْ مَعَ الْعِلْمِ بِهَا فِيمَا يَظْهَرُ وَإِلَّا لَمْ يُثِبْ، وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ خَبَرُ «الْمَغْبُونُ لَا مَأْجُورٌ وَلَا مَحْمُودٌ» وَفِي زَمَنِ نَحْوِ غَلَاءٍ، وَقَدْ يُكْرَهُ كَبَيْعِ الْعِينَةِ وَكُلِّ بَيْعٍ اُخْتُلِفَ فِي حِلِّهِ كَالْحِيَلِ الْمُخْرِجَةِ مِنْ الرِّبَا، وَكَبَيْعِ دُورِ مَكَّةَ وَبَيْعِ الْمُصْحَفِ لَا شِرَاؤُهُ كَمَا مَرَّ، وَكَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مِمَّنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ، وَمُخَالَفَةُ الْغَزَالِيِّ فِيهِ فِي الْإِحْيَاءِ شَاذَّةٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَكَذَا سَائِرُ مُعَامَلَتِهِ، وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ الشِّرَاءُ مَثَلًا مِنْ سُوقٍ غَلَبَ فِيهِ اخْتِلَاطُ الْحَرَامِ بِغَيْرِهِ، وَلَا حُرْمَةَ وَلَا بُطْلَانَ إلَّا إنْ تَيَقَّنَ فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ مُوجِبَهُمَا، وَالْحَرَامُ مَرَّ أَكْثَرُ مَسَائِلِهِ وَالْجَائِزُ مَا بَقِيَ، وَلَا يُنَافِي الْجَوَازَ عَدُّهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ إذْ فَرْضُ الْكِفَايَةِ جَائِزُ التَّرْكِ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِفْرَادِ. فَصْلٌ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَتَعَدُّدِهَا وَتَفْرِيقُهَا: إمَّا فِي الِابْتِدَاءِ أَوْ الدَّوَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــSسِلَعٌ مِثْلُ سِدْرَةٍ وَسِدَرٍ، وَالسَّلْعَةُ الشَّجَّةُ وَالْجَمْعُ سَلَعَاتٍ مِثْلُ سَجْدَةٍ وَسَجَدَاتٍ اهـ. وَهِيَ تُفِيدُ أَنَّهَا بِالْكَسْرَةِ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا وَبِالْفَتْحِ خَاصَّةً بِالشَّجَّةِ. وَقَالَ فِي الْقَامُوسِ: السِّلْعَةُ بِالْكَسْرِ الْمَتَاعُ وَمَا تَحْوِيه جَمْعُهُ كَعِنَبٍ وَكَالْغُدَّةِ فِي الْجَسَدِ وَيُفْتَحُ وَيُحَرَّكُ، وَكَعِنَبَةٍ أَوْ خُرَّاجٍ فِي الْعُنُقِ أَوْ غُدَّةٍ فِيهَا أَوْ زِيَادَةٍ فِي الْبَدَنِ، ثُمَّ قَالَ: وَبِالْفَتْحِ الشَّجَّةُ كَائِنَةً مَا كَانَتْ وَتُحَرَّكُ أَوْ الَّتِي تَشُقُّ الْجِلْدَ اهـ (قَوْلُهُ: بِالنَّصْبِ) أَيْ خَبَرٌ لِيَكُونَ (قَوْلُهُ وَشَرْطُ رَدِّ الْمَبِيعِ) أَيْ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: كَمَالُ اللَّاوِي) أَيْ الْمُمْتَنِعُ مِنْ تَوْفِيَةِ الْحَقِّ (قَوْلُهُ: كَبَيْعٍ بِمُحَابَاةٍ) قَدْ يُقَالُ الْمَطْلُوبُ الْمُحَابَاةُ لَا نَفْسُ الْعَقْدِ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا اشْتَمَلَ عَلَيْهَا وَهِيَ مَطْلُوبَةٌ كَانَ مَطْلُوبًا. قَالَ فِي الْمُخْتَارِ فِي الْمُعْتَلِّ: وَحَابَى فِي الْمَبِيعِ مُحَابَاةً اهـ (قَوْلُهُ: كَبَيْعِ الْعِينَةِ) وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ شَخْصٍ شَيْئًا بِثَمَنٍ كَثِيرٍ مُؤَجَّلٍ ثُمَّ يَسْتَرِدُّهُ الْبَائِعُ بِثَمَنٍ قَلِيلٍ حَالٍّ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الْعَلْقَمِيِّ فِي حَوَاشِي الْجَامِعِ عِنْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ» إلَخْ مَا نَصُّهُ: الْعِينَةُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ التَّحْتِيَّةِ وَبِالنُّونِ هُوَ أَنْ يَبِيعَهُ عَيْنًا بِثَمَنٍ كَثِيرٍ مُؤَجَّلٍ وَيُسَلِّمَهَا لَهُ ثُمَّ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ بِنَقْدٍ يَسِيرٍ يَبْقَى الْكَثِيرُ فِي ذِمَّتِهِ، أَوْ يَبِيعُهُ عَيْنًا بِثَمَنٍ يَسِيرٍ نَقْدًا وَيُسَلِّمُهَا لَهُ ثُمَّ يَشْتَرِيهَا مِنْهُ بِثَمَنٍ كَثِيرٍ مُؤَجَّلٍ سَوَاءٌ قَبَضَ الثَّمَنَ الْأَوَّلَ أَوْ لَا اهـ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي الْجَوَازَ) أَيْ جَوَازَ الْبَيْعِ. [فَصْلٌ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ] (فَصْلٌ) فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ (قَوْلُهُ الصَّفْقَةِ) أَيْ الْعَقْدِ، وَسُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمْ كَانَ يَضْرِبُ يَدَهُ فِي يَدِ صَاحِبِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ. قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: اعْلَمْ أَنَّ الصَّفْقَةَ هِيَ الْعَقْدُ، فَوَجْهُ التَّسْمِيَةِ فِي النَّوْعَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ ظَاهِرٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا قَوْلًا بِأَنَّ الصَّفْقَةَ تُفَرِّقُ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ فَيَصِحُّ فِي الصَّحِيحِ وَيَبْطُلُ فِي غَيْرِهِ وَأَمَّا الثَّالِثُ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا الصِّحَّةُ فِيهِمَا أَوْ الْبُطْلَانُ فِيهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَيْعُ الْعَرَبُونِ] (فَصْلٌ) فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ

أَوْ فِي الْأَحْكَامِ، وَسَيَأْتِي هَكَذَا وَضَابِطُ الْأَوَّلِ أَنْ يَشْتَمِلَ الْعَقْدُ عَلَى مَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَمَا لَا يَصِحُّ فَإِذَا (بَاعَ) فِي صَفْقَةٍ مُتَّحِدَةٍ (خَلًّا وَخَمْرًا) أَوْ خِنْزِيرًا وَشَاةً (أَوْ) بَاعَ (عَبْدَهُ وَحُرًّا أَوْ عَبْدَهُ وَعَبْدَ غَيْرِهِ) (أَوْ) بَاعَ (مُشْتَرَكًا بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ) أَيْ الشَّرِيكِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ، وَإِنَّمَا قَصَرَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَعُودَ إلَى مَسْأَلَةِ بَيْعِ عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ، وَقَدْ يُقَالُ بِصِحَّةِ رُجُوعِهِ لَهُمَا أَيْضًا لِيُفِيدَ الصِّحَّةَ فِيهِمَا بِإِذْنِ الْآخَرِ، لَكِنَّ مَحَلَّهُ إنْ فَصَّلَ الثَّمَنَ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ تَعَدَّدَ الْعَقْدُ وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ فِي الْمَفْهُومِ، فَإِنْ لَمْ يُفَصِّلْهُ لَمْ يَصِحَّ فِي شَيْءٍ لِلْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْهُمَا عِنْدَ الْعَقْدِ (صَحَّ فِي مِلْكِهِ فِي الْأَظْهَرِ) وَبَطَلَ فِي الْآخَرِ إعْطَاءً لِكُلٍّ مِنْهُمَا حُكْمَهُ سَوَاءٌ أَقَالَ هَذَيْنِ أَمْ هَذَيْنِ الْخَلَّيْنِ أَمْ الْقِنَّيْنِ أَمْ الْخَلُّ وَالْخَمْرُ وَالْقِنُّ وَالْحُرُّ، أَمَّا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَكِنْ لَمَّا كَانَ فِي الْحُكْمِ بِالْبُطْلَانِ لِأَجْلِ افْتِرَاقِهِمَا فِي الْحُكْمِ قَوْلَانِ عَبَّرَ عَنْهُمَا بِقَوْلَيْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَفِيهِ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ إنَّمَا يَتَّجِهُ عَلَى مَنْ جَعَلَ التَّفْرِيقَ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا بِالصِّحَّةِ، وَالْآخَرُ بِالْفَسَادِ. وَأَمَّا عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ فَقَدْ يُقَالُ: لَا يُرَدُّ مِثْلُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّ فِيهِ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ إمَّا بِصِحَّةِ أَحَدِ الْعَقْدَيْنِ وَبُطْلَانِ الْآخَرِ، أَوْ بِالنَّظَرِ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْعَقْدَيْنِ الْمَشْمُولَيْنِ لِلْعَقْدِ الَّذِي أَتَى بِهِ الْمُتَعَاقِدَانِ مِنْ الْأَحْكَامِ الْمُخْتَلِفَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ فِي الْأَحْكَامِ) أَيْ بِأَنْ اخْتَلَفَتْ، وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَمَا فَعَلَ الشَّيْخُ كَانَ أَوْضَحَ لِمَا عَبَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الصَّفْقَةَ تَتَفَرَّقُ وَإِنْ اتَّفَقَا فِي الْحُكْمِ كَالشَّرِكَةِ وَالْقِرَاضِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ أَوْ فِي اخْتِلَافٍ، وَعَلَيْهَا فَلَا يَتَوَجَّهُ السُّؤَالُ (قَوْلُهُ: وَضَابِطُ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ أَمَّا فِي الِابْتِدَاءِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَاعَ مُشْتَرِكًا) شَامِلٌ لِمَا إذَا جَهِلَ قَدْرَ حِصَّتِهِ حَالَ الْبَيْعِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا يَأْتِي عَنْ الرُّويَانِيِّ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ بَاعَ الْكُلَّ أَوْ الْبَعْضَ، وَهُوَ بِعُمُومِهِ مُنَافٍ لِمَا سَبَقَ لِلشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْخَامِسِ الْعِلْمُ مِنْ قَوْلِهِ وَهَلْ لَوْ بَاعَ حِصَّةً فَبَانَ أَكْثَرُ مِنْ حِصَّتِهِ صَحَّ فِي حِصَّتِهِ كَمَا لَوْ بَاعَ الدَّارَ كُلَّهَا إلَخْ حَيْثُ اسْتَقْرَبَ فِيهِ عَدَمُ الصِّحَّةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ الدَّارَ كُلَّهَا فِي صُورَةِ الْجَهْلِ، وَقَدْ يُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الصِّحَّةِ فِي بَيْعِ الْكُلِّ دُونَ الْبَعْضِ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا، وَعِبَارَةُ سم فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ طَوِيلٍ بَعْدَ نَقْلِهِ عِبَارَةَ الرُّويَانِيِّ الَّتِي أَحَالَ عَلَيْهَا نَصُّهَا: وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا يَصِحُّ فِيهِ الْبَيْعُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا حَالَ الْعَقْدِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ فِيهِ الْبَيْعُ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَيَكْفِي الْعِلْمُ بِهِ وَلَوْ بَعْدَ ذَلِكَ، فَالشَّرْطُ فِيهِ إمْكَانُ عِلْمِهِ وَلَوْ بَعُدَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا قَصَرَ) أَيْ الْمَحَلِّيُّ (قَوْلَهُ عَلَيْهِ) أَيْ الشَّرِيكِ (قَوْلُهُ: لَهُمَا) أَيْ الْعَبْدَيْنِ (قَوْلُهُ: لِلْجَهْلِ) هَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِيمَا إذَا لَمْ يَأْذَنْ مَعَ أَنَّهُ صَحَّ فِي أَحَدِهِمَا إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بِشِدَّةِ الْجَهْلِ إذَا أَذِنَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ فِي ثَمَنَيْنِ وَهُنَا فِي وَاحِدٍ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَسَيَأْتِي الْجَوَابُ عَنْهُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ لِظُهُورِ الْفَرْقِ إذْ الْجَهْلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْقِنُّ) وَبَقِيَ مِمَّا يَقْتَضِيه التَّعْمِيمُ مَا لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَيْنِ الْخَمْرَيْنِ أَوْ الْحُرَّيْنِ وَأَشَارَ إلَى الْخَلِّ، وَعَبَّرَ عَنْهُ بِالْخَمْرِ أَوْ إلَى الْخَمْرِ وَعَبَّرَ عَنْهُ بِالْخَلِّ، وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ فَانْظُرْ هَلْ يَصِحُّ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ أَوْ لَا، وَظَاهِرُ قَوْلِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ فِي حَاشِيَتِهِ أَوْ وَصْفِهِ بِغَيْرِ صِفَتِهِ الصِّحَّةَ، وَتُوَجَّهُ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَذِكْرِ الْمُبْطِلِ فِي اللَّفْظِ حَيْثُ خَالَفَهُ مُلْغًى، لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا مَرَّ بِالْهَامِشِ فِي الشَّرْطِ الْخَامِسِ عَنْ سم عَلَى حَجّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ سَمَّى الْمَبِيعَ بِغَيْرِ اسْمِ جِنْسِهِ لَمْ يَصِحَّ اهـ. إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَ مَا هُنَا كَالْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا بِصِيغَةِ الْحُرِّيَّةِ وَالرَّقَبَةِ وَالْخَمْرِ وَالْخَلِّ مَعَ اتِّحَادِ الْأَصْلِ وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِئَلَّا يَعُودَ إلَى مَسْأَلَةِ بَيْعِ عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ) أَيْ وَالْمَفْهُومُ لَا يَصِحُّ فِيهَا بِإِطْلَاقِهِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ بِصِحَّةِ رُجُوعِهِ لَهُمَا) كَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ النُّسَخِ بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ، وَلَعَلَّ الْمِيمَ زَائِدَةٌ مِنْ الْكَتَبَةِ وَهِيَ سَاقِطَةٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ مَحَلَّهُ) أَيْ فِي الْأُولَى

عَكْسُهُ كَبِعْتُكَ الْحُرَّ وَالْعَبْدَ فَبَاطِلٌ فِي الْكُلِّ، قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ عَلَى الْمُمْتَنِعِ مُمْتَنِعٌ. وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَالَ نِسَاءُ الْعَالَمِينَ طَوَالِقُ وَأَنْت يَا زَوْجَتِي لَمْ تَطْلُقْ لِعَطْفِهَا عَلَى مَنْ لَمْ تَطْلُقْ، قَالَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَلَيْسَ هَذَا الْقِيَاسُ بِصَحِيحٍ وَإِنَّمَا قِيَاسُهُ أَنْ يَقُولَ هَذَا الْحُرُّ مَبِيعٌ مِنْك وَعَبْدِي فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ، بِخِلَافِ الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ فِي الْعَبْدِ إذْ الْعَامِلُ فِي الْأَوَّلِ عَامِلٌ فِي الثَّانِي، وَقِيَاسُهُ فِي الطَّلَاقِ أَنْ يَقُولَ طَلَّقْت نِسَاءَ الْعَالَمِينَ وَزَوْجَتِي فَإِنَّهَا تَطْلُقُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِثَالٌ وَإِلَّا فَهُوَ جَارٍ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ كُلِّ مَا يَصِحُّ فِيهِ الْعَقْدُ وَمَا لَا يَصِحُّ، لَكِنْ بِشَرْطِ الْعِلْمِ فِي نَحْوِ الْمَبِيعِ لِيَأْتِيَ التَّوْزِيعُ الْآتِي فَلَوْ جَهِلَهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَصِحَّ فِيهِمَا كَمَا يَأْتِي فِي بَيْعِ الْأَرْضِ مَعَ بَذْرِهَا، وَيَجْرِي تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ فِي غَيْرِ الْبَيْعِ كَإِجَارَةِ وَنَحْوِهَا إلَّا فِيمَا إذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ قَابِلًا لِلْعَقْدِ لَكِنْ امْتَنَعَ لِأَجْلِ الْجَمْعِ كَنِكَاحِ الْأُخْتَيْنِ فَلَا يَجْرِي فِيهِمَا اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ فِيمَا لَوْ أَجَّرَ الرَّاهِنُ الْمَرْهُونَ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى مَحَلِّ الدَّيْنِ أَوْ النَّاظِرُ الْوَقْفَ أَكْثَرَ مِمَّا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ أَوْ اسْتَعَارَ شَيْئًا لِيَرْهَنَهُ بِدَيْنٍ فَزَادَ عَلَيْهِ لِخُرُوجِهِ بِالزِّيَادَةِ عَنْ الْوِلَايَةِ عَلَى الْعَقْدِ فَلَمْ يُمْكِنْ التَّبْعِيضُ، وَفِيمَا إذَا فَاضَلَ فِي الرِّبَوِيِّ كَمُدَبَّرٍ بِمَدِينٍ مِنْهُ أَوْ زَادَ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِمَا يَأْتِي فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْإِنْسَانُ وَالْعَصِيرُ نَزَلَا مَنْزِلَةَ اخْتِلَافِ النَّوْعَيْنِ فَلَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ، أَوْ يُقَالُ: إنَّهُ لَمَّا سَمَّى الْخَلَّ وَالْعَبْدَ بِمَا لَا يُرَدُّ الْبَيْعُ عَلَى مُسَمَّاهُ أَصْلًا جُعِلَ لَغْوًا، بِخِلَافِ الْقُطْنِ مَثَلًا إذَا سَمَّاهُ بِغَيْرِ اسْمِهِ كَالْحَرِيرِ أَخْرَجَهُ إلَى مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مَوْرِدًا لِلْبَيْعِ، وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ الْمُسَمَّى فِي الْخَارِجِ أُبْطِلَ الْعَقْدُ لِعَدَمِ وُجُودِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مَعَ إمْكَانِهِ (قَوْلُهُ: وَالْخَمْرُ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ سَمَّاهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا (قَوْلُهُ: فَبَاطِلٌ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَأَنْتِ يَا زَوْجَتِي) وَكَذَا بِدُونِ أَنْتِ كَمَا يَقْتَضِيه قَوْلُهُ بَعْد وَإِنَّمَا قِيَاسُهُ أَنْ يَقُولَ هَذَا الْخَمْرُ مَبِيعٌ مِنْك إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ) هُوَ قَوْلُهُ كَبِعْتُكَ الْحُرَّ وَالْعَبْدَ (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ مِنْ الْأَمْثِلَةِ (قَوْلُهُ: فِي نَحْوِ الْمَبِيعِ) هُوَ بِمَعْنَى الْبَاءِ وَالْمُرَادُ بِنَحْوِ الْمَبِيعِ مَا انْضَمَّ إلَيْهِ مِنْ الْحَرَامِ بِشَرْطِ الْعِلْمِ بِهِ لِيَتَأَتَّى التَّوْزِيعُ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهَا) أَيْ مِنْ كُلِّ مَا أُورِدَ فِيهِ الْعَقْدُ عَلَى مَا يَصِحُّ وَمَا لَا يَصِحُّ كَأَنْ أَجَّرَ مُشْتَرِكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ أَوْ أَعَارَ أَوْ وَهَبَ مُشْتَرِكًا بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ فَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ يُغْنِي عَنْ هَذَا مَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ جُمِعَ فِي صَفْقَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجْرِي) أَيْ التَّفْرِيقُ فَيَبْطُلُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا الْعَقْدُ إذْ لَا مَزِيَّةَ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: فِيمَا لَوْ أَجَّرَ الرَّاهِنُ) أَيْ وَلَوْ جَاهِلًا وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الْمُسْتَعِيرِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ الْبُطْلَانِ فِي الرَّهْنِ إذَا أَجَّرَهُ لِغَيْرِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنْ أَجَّرَهُ لَهُ صَحَّ أَوْ لِغَيْرِهِ بِإِذْنِهِ صَحَّ أَيْضًا (قَوْلُهُ: أَكْثَرَ مِمَّا شَرَطَهُ) أَيْ ثَمَّ إنْ وَضَعَ الْمُسْتَأْجِرُ يَدَهُ عَلَى الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ لَزِمَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهَا مُدَّةَ اسْتِيلَائِهِ زَادَتْ عَلَى الْمُسَمَّى أَمْ لَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إلَى ذَلِكَ، فَإِنْ دَعَتْ جَازَ مُخَالَفَةُ شَرْطِ الْوَاقِفِ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ لِغَيْرِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ) سَوَاءٌ أَكَانَ النَّاظِرُ عَالِمًا أَمْ جَاهِلًا خِلَافًا لِأَبِي زُرْعَةَ اهـ مُؤَلِّفٌ. وَنَقَلَهُ عَنْهُ سم عَلَى حَجّ: أَيْ وَإِنَّمَا تَتَحَقَّقُ الضَّرُورَةُ حَيْثُ كَانَتْ الْحَاجَةُ نَاجِزَةً كَأَنْ انْهَدَمَ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ يَسْتَأْجِرُهُ بِمَا يَفِي بِعِمَارَتِهِ إلَّا مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى مَا شَرَطَ الْوَاقِفُ، أَمَّا إجَارَتُهُ مُدَّةً طَوِيلَةً زِيَادَةٌ عَلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ لِغَرَضِ إصْلَاحِ الْمَحَلِّ بِتَقْدِيرِ حُصُولِ خَلَلٍ فِيهِ بِمَا يَتَحَصَّلُ مِنْ الْأُجْرَةِ لِانْتِفَاءِ الضَّرُورَةِ حَالَ الْعَقْدِ وَالْأُمُورُ الْمُسْتَقْبَلَةُ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهَا، وَمِنْ الضَّرُورَةِ مَا لَوْ صُرِفَتْ الْغَلَّةُ لِلْمُسْتَحِقِّينَ ثُمَّ انْهَدَمَ الْمَوْقُوفُ وَاحْتِيجَ فِي إعَادَتِهِ إلَى إيجَارِهِ مُدَّةً وَلَيْسَ فِي الْوَقْفِ مَا يَعْمُرُ بِهِ غَيْرُ الْغَلَّةِ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَإِنْ خَالَفَ شَرْطَ الْوَاقِفِ لِمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْغَلَّةَ عَنْ الْمُسْتَحَقِّينَ ثُمَّ يَدَّخِرُهَا لِلْعِمَارَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَبِعْتُك الْحُرَّ وَالْعَبْدَ) أَيْ أَوْ الْخَمْرَ وَالْخَلَّ (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ مِنْ التَّمْثِيلِ بِالْخَلِّ وَالْخَمْرِ وَالْعَبْدِ وَالْحُرِّ إلَخْ، فَهُوَ غَيْرُ قَوْلِهِ الْآتِي. وَيَجْرِي تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ فِي غَيْرِ الْبَيْعِ كَإِجَارَةِ وَنَحْوِهَا إلَخْ

أَوْ فِي الْعَرَايَا عَلَى الْقَدْرِ الْجَائِزِ لِوُقُوعِهِ فِي الْعَقْدِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَهُوَ لَا يُمْكِنُ التَّبْعِيضُ فِيهِ، وَفِيمَا لَوْ كَانَ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَرْضٌ مُنَاصَفَةً فَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا مِنْهَا قِطْعَةً مَحْفُوفَةً بِجَمِيعِهَا وَبَاعَهَا مِنْ غَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَلَا يَصِحُّ فِي شَيْءٍ مِنْهَا كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّهُ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى صِحَّتِهِ فِي نَصِيبِهِ مِنْهَا الضَّرَرُ الْعَظِيمُ لِلشَّرِيكِ بِمُرُورِ الْمُشْتَرِي فِي حِصَّتِهِ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى الْمَبِيعِ اهـ. وَيَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا تَعَيَّنَ الضَّرَرُ طَرِيقًا، وَإِلَّا فَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ رَفْعِ ذَلِكَ بِالشِّرَاءِ أَوْ الِاسْتِئْجَارِ لِلْمَمَرِّ أَوْ الْقِسْمَةِ فَلَمْ يَتَعَيَّنْ الْإِضْرَارُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ فِي مَبْحَثِ مَا يَنْقُصُ بِقَطْعِهِ، وَلَا يُنَافِيه مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ مَسْكَنٍ بِلَا مَمَرٍّ مُطْلَقًا لِشِدَّةِ حَاجَتِهِ إلَى الْمَمَرِّ بِخِلَافِ مَا هُنَا، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ بَيْعُهُ بِإِذْنِهِ فَيَصِحُّ جَزْمًا، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ وَلَا عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الصِّحَّةَ فِي الْحِلِّ بِالْحِصَّةِ مِنْ الْمُسَمَّى بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهِمَا قَوْلُهُمْ لَوْ بَاعَ عَبْدَيْهِمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ لَمْ يَصِحَّ لِلْجَهْلِ بِحِصَّةِ كُلٍّ عِنْدَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ تَخْمِينٌ وَهَذَا بِعَيْنِهِ جَارٍ فِيمَا هُنَا إذْ نَحْوُ عَبْدِهِ الَّذِي صَحَّ الْبَيْعُ فِيهِ مَا يُقَابِلُهُ مَجْهُولٌ عِنْدَ الْعَقْدِ لِظُهُورِ الْفَرْقِ، إذْ الْجَهْلُ هُنَا لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَحْذُورٌ وَهُوَ التَّنَازُعُ لَا إلَى غَايَةٍ لِانْدِفَاعِ الضَّرَرِ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي بِخِلَافِهِ فِي تِلْكَ فَإِنَّ صِحَّتَهُ فِيهِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا ذَلِكَ الْمَحْذُورُ. لَا يُقَالُ: قَدْ لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي بِسَبَبِ كَوْنِهِ عَالِمًا بِالْمُفْسِدِ كَمَا يَأْتِي فَلِمَ صَحَّ الْمَبِيعُ فِي الْحِلِّ حِينَئِذٍ مَعَ الْجَهْلِ حَالَةَ الْعَقْدِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَوُقُوعُ التَّنَازُعِ بَيْنَهُمَا لَا إلَى غَايَةٍ وَانْقِطَاعُهُ بِقَوْلِ الْمُقَوِّمِينَ جَارٍ فِي الصُّورَتَيْنِ بِلَا فَرْقٍ. لِأَنَّا نَقُولُ: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ إيرَادَ الْعَقْدِ عَلَيْهِمَا مَعَ الْعِلْمِ بِالْحَرَامِ نَادِرٌ فَأَعْطَوْهُ حُكْمَ الْغَالِبِ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الْحَرَامِ إعْطَاءً لِكُلٍّ مِنْهُمَا حُكْمَهُ لَا فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ، وَلَمْ يُبَالُوا بِتَخَلُّفِ عِلَّتِهِمْ فِيهِ لِنُدُورِهِ، وَالتَّعَالِيلُ إنَّمَا تُنَاطُ بِالْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ، وَأَوْضَحَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ إنَّ التَّنَازُعَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ يُؤَدِّي إلَى الِاخْتِلَافِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ وَهُوَ يَرْتَفِعُ بِالتَّحَالُفِ الْمُؤَدِّي لِلْفَسْخِ وَثَمَّ التَّنَازُعُ بَيْنَ الْبَائِعَيْنِ وَلَا تَخَالُفَ فِيهِ فَيَدُومُ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ الْبُطْلَانُ فِي الْجَمِيعِ تَغْلِيبًا لِلْحَرَامِ عَلَى الْحَلَالِ. قَالَ الرَّبِيعُ: وَإِلَيْهِ رَجَعَ الشَّافِعِيُّ آخِرًا وَرُدَّ بِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ آخِرَهُمَا فِي الذِّكْرِ لَا فِي الْفَتْوَى، وَإِنَّمَا يَكُونُ الْمُتَأَخِّرُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ إذَا أَفْتَى بِهِ، أَمَّا إذَا ذَكَرَهُ فِي مَقَامِ الِاسْتِنْبَاطِ وَالتَّرْجِيحِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالرُّجُوعِ عَنْ الْأَوَّلِ فَلَا، وَالْقَوْلَانِ بِالْأَصَالَةِ فِي بَيْعِ عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ وَطَرْدًا فِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ وَالصِّحَّةُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَوْ فِي الْعَرَايَا) أَيْ أَوْ زَادَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ عَلَى الْقَدْرِ الْجَائِزِ) أَيْ وَهُوَ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ (قَوْلُهُ: لِوُقُوعِهِ فِي الْعَقْدِ) يُتَأَمَّلُ فَقَدْ تُوجَدُ هَذِهِ الْعِلَّةُ فِي صُورَةِ التَّفْرِيقِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُقَالُ: مُرَادُهُ بِالنَّهْيِ عَنْهُ تَأْدِيَتُهُ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالْمُمَاثَلَةِ عِنْدَ إرَادَةِ التَّوْزِيعِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ لَا يُمْكِنُ التَّبْعِيضُ فِيهِ) وَإِنَّمَا بَطَلَ فِي الزَّائِدِ فَقَطْ فِي الزِّيَادَةِ فِي عَقْدِ الْهُدْنَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ عَشْرِ سِنِينَ تَغْلِيبًا لِحَقْنِ الدِّمَاءِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ حَمْلُهُ إلَخْ) لَا وَجْهَ لِحَمْلِهِ عَلَى صُورَةٍ لَا يَتَعَيَّنُ فِيهَا الضَّرَرُ بَعْدَ فَرْضِ الْكَلَامِ فِي الْمَحْفُوفَةِ بِمِلْكِهِ مِنْ سَائِرِ الْجَوَانِبِ وَإِمْكَانُ الشِّرَاءِ عَارِضٌ بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ وَمِثْلُهُ لَا نَظَرَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ الْحَمْلَ مَا مَرَّ أَرَادَ بِهِ مَا لَوْ بَاعَ ذِرَاعًا مُعَيَّنًا مِنْ أَرْضٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَإِنْ تَضَيَّقَتْ بِالْمَرَافِقِ لِإِمْكَانِ التَّدَارُكِ بِرَفْعِ الْعَلَامَةِ، وَقَدْ يَمْنَعُ التَّأْيِيدُ بِمَا ذُكِرَ فَإِنَّ الضَّرَرَ يَنْدَفِعُ فِيهِ بِرَفْعِ الْعَلَامَةِ مَعَ بَقَاءِ الْأَرْضِ عَلَى حَالِهَا مِنْ الشَّرِكَةِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا (قَوْلُهُ بَيْعُهُ) أَيْ الْمُشْتَرَكِ دُونَ الْعَبْدَيْنِ (قَوْلُهُ: قَوْلُهُمْ لَوْ بَاعَ) أَيْ الْوَكِيلُ وَعِبَارَةُ حَجّ لَوْ بَاعَا إلَخْ (قَوْلُهُ: ذَلِكَ الْمَحْذُورُ) وَهُوَ التَّنَازُعُ لَا إلَى غَايَةٍ (قَوْلُهُ: فِيمَا نَحْنُ فِيهِ) هُوَ قَوْلُهُ عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَثَمَّ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ رَفْعِ ذَلِكَ بِالشِّرَاءِ) تَكَفَّلَ الشَّيْخُ فِي حَاشِيَتِهِ بِرَدِّهِ (قَوْلُهُ قَوْلُهُمْ لَوْ بَاعَ عَبْدَيْهِمَا بِثَمَنٍ إلَخْ) أَيْ بِوَكَالَةِ الشَّرِيكِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ سم، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: لَوْ بَاعَا عَبْدَيْهِمَا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ وَهِيَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَكُونُ الْمُتَأَخِّرُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ إذَا أَفْتَى بِهِ إلَخْ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ

فِي الْأُولَى دُونَهَا فِي الثَّانِيَةِ، وَفِي الثَّانِيَةِ دُونَهَا فِي الثَّالِثَةِ، وَفِي الثَّالِثَةِ دُونَهَا فِي الرَّابِعَةِ لِمَا مَرَّ فِي التَّقْدِيرِ فِي الْأَوَّلَيْنِ مَعَ فَرْضِ تَغْيِيرِ الْخِلْقَةِ فِي الْأُولَى، وَلِمَا فِي الثَّالِثَةِ مِنْ الْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّ عَبْدَ الْبَائِعِ بِخِلَافِ مَا يَخُصُّهُ فِي الرَّابِعَةِ. . وَإِذَا صَحَّ فِي مِلْكِهِ فَقَطْ (فَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي) فَوْرًا كَمَا فِي الْمَطْلَبِ لِكَوْنِهِ خِيَارَ نَقْصٍ (إنْ جَهِلَ) ذَلِكَ لِضَرَرِهِ بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ مَعَ كَوْنِهِ مَعْذُورًا لِجَهْلِهِ فَهُوَ كَعَيْبٍ ظَهَرَ فَلَوْ كَانَ عَالِمًا فَلَا خِيَارَ لَهُ لِتَقْصِيرِهِ (فَإِنْ أَجَازَ) الْعَقْدَ أَوْ كَانَ عَالِمًا بِالْحَرَامِ عِنْدَهُ (فَبِحِصَّتِهِ) أَيْ الْمَمْلُوكِ (مِنْ الْمُسَمَّى بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهِمَا) لِإِيقَاعِهِمَا الثَّمَنَ فِي مُقَابَلَتِهِمَا جَمِيعًا فَلَمْ يَجِبْ فِي أَحَدِهِمَا إلَّا بِقِسْطِهِ، فَلَوْ كَانَ قِيمَتُهُمَا ثَلَثَمِائَةٍ وَالْمُسَمَّى مِائَةً وَخَمْسِينَ وَقِيمَةُ الْمَمْلُوكِ مِائَةٌ فَحِصَّتُهُ مِنْ الْمُسَمَّى خَمْسُونَ وَمَحَلُّ التَّقْسِيطِ إذَا كَانَ الْحَرَامُ مَقْصُودًا وَإِلَّا كَالدَّمِ فَيَظْهَرُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ أَنَّ الصِّحَّةَ بِكُلِّ الثَّمَنِ كَمَا يَقْتَضِيه كَلَامُهُمْ فِي النِّكَاحِ وَالْخُلْعِ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ يُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهِمَا وَيُقَدَّرُ الْحُرُّ قِنًّا وَالْمَيْتَةُ مُذَكَّاةً وَالْخَمْرُ خَلًّا لَا عَصِيرًا وَالْخِنْزِيرُ عَنْزًا بِقَدْرِهِ كِبَرًا وَصِغَرًا لَا بَقَرَةً لَكِنْ قَالَا فِي الصَّدَاقِ: إنَّهُ يُقَدَّرُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ عَبْدَهُمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) أَيْ فِي الْأُولَيَيْنِ. (قَوْلُهُ: إنْ جَهِلَ ذَلِكَ) وَيُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي فِي دَعْوَاهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِقْدَامِ عَلَى مَا عُلِمَ فِيهِ الْفَسَادُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَجَازَ الْعَقْدَ) أَيْ أَوْ قَصَرَ بَعْدَ عِلْمِهِ (قَوْلُهُ: عِنْدَهُ) أَيْ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهِمَا) وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُكْتَفَى فِي التَّقْوِيمِ إلَّا بِرَجُلَيْنِ لَا بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَلَا بِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ؛ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ كَالْوِلَايَةِ وَهِيَ لَا يُكْتَفَى فِيهَا بِالنِّسَاءِ (قَوْلُهُ: جَمِيعًا مَعًا) أَيْ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ بِلَا تَفْصِيلٍ (قَوْلُهُ: أَنَّ الصِّحَّةَ بِكُلِّ الثَّمَنِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: كَمَا يَقْتَضِيه كَلَامُهُمْ إلَخْ) وَالْأَوْجَهُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي حَيْثُ كَانَ جَاهِلًا اهـ. مُؤَلِّفٌ. وَنَقَلَهُ سم عَلَى حَجّ عَنْهُ وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مَا نَصُّهُ: نَعَمْ إنْ كَانَ الْحَرَامُ غَيْرَ مَقْصُودٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَابَلٍ بِشَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ لَهُ عَلَى الْبَهْجَةِ اهـ. وَنَظَرَ فِيهِ سم - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَيْثُ قَالَ: وَفِي عَدَمِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ نَظَرٌ لِلُحُوقِ الضَّرَرِ لِلْمُشْتَرِي، وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْبَهْجَةِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَخُيِّرُوا إلَخْ: نَعَمْ إنْ كَانَ الْحَرَامُ غَيْرَ مَقْصُودٍ اُتُّجِهَ عَدَمُ الْخِيَارِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَابَلٍ بِشَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ كَمَا مَرَّ اهـ. أَقُولُ: وَيُوَجَّهُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ بِلُحُوقِ الضَّرَرِ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ رَأَيْته فِي سم (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ يُوَزِّعُ إلَخْ) قَدْ يُمْنَعُ الْأَخْذُ مِنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَوْ قِيلَ بِالصِّحَّةِ لَوُزِّعَ عَلَيْهِمَا بَعْدَ فَرْضِ غَيْرِ الْمَقْصُودِ مَالًا كَفَرْضِ الدَّمِ مَغَرَّةً مَثَلًا كَمَا فُرِضَ الْخِنْزِيرُ شَاةً (قَوْلُهُ: وَالْخَمْرُ خَلًّا) قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَلَا يُنَافِيه مَا فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ مِنْ تَقْوِيمِهِ عِنْدَ مَنْ يَرَى لَهُ قِيمَةً لِظُهُورِ الْفَرْقِ فَإِنَّهُمَا ثَمَّ فِي حَالَةِ الْعَقْدِ كَانَا يَرَيَانِ لَهُ قِيمَةً فَعُومِلَا بِاعْتِقَادِهِمَا بِخِلَافِهِ هُنَا. فَإِنْ قُلْت: قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْعَاقِدَيْنِ هُنَا لَوْ كَانَا ذِمِّيَّيْنِ قُوِّمَ عِنْدَ مَنْ يَرَى لَهُ قِيمَةً. قُلْت: يُمْكِنُ أَنْ يَلْتَزِمَ ذَلِكَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْبَيْعَ يَحْتَاطُ لَهُ لِكَوْنِهِ يَفْسُدُ بِفَسَادِ الْعِوَضِ أَكْثَرَ مِمَّا يُحْتَاطُ لِلصَّدَاقِ إذْ لَا يَفْسُدُ بِفَسَادِهِ. [فَرْعٌ] سُئِلَ الْعَلَّامَةُ حَجّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّا لَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ كِتَابٍ فَبَاعَهُ مَعَ كِتَابٍ آخَرَ لِلْوَكِيلِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ هَلْ يَصِحُّ؟ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ يَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ وَلَا يَدْخُلُهُ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ، ذَكَرَهُ فِي التِّبْيَانِ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِهِمْ صِحَّةُ بَيْعِهِ لِكِتَابِهِ وَأَنَّ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ يَدْخُلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ. بِحُرُوفِهِ. أَقُولُ: الْقِيَاسُ مَا فِي التِّبْيَانِ مِنْ الْبُطْلَانِ كَمَا لَوْ بَاعَهُ عَبْدَهُ وَعَبْدَ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ فَبَيْعُ الْوَكِيلِ لِكِتَابِهِ كَبَيْعِ عَبْدِ نَفْسِهِ وَلِكِتَابِ الْمُوَكِّلِ كَبَيْعِ عَبْدِ غَيْرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَشَرْحِهِ فَرُبَّمَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا مُخَالَفَةٌ (قَوْلُهُ: دُونَهَا فِي الرَّابِعَةِ لِمَا مَرَّ) صَوَابُهُ لِمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهِمَا) أَيْ فِي مُتَقَوِّمَيْنِ، بِخِلَافِ مِثْلِيَّيْنِ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي أَحَدِهِمَا كَمَا سَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ

الْخَمْرُ بِالْعَصِيرِ، ثُمَّ قَالَا: وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِيءَ فِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ يُقَدَّرُ خَلًّا، هَذَا حَاصِلُ مَا فِي الْمُهِمَّاتِ مِنْ الِاخْتِلَافِ، وَقَدْ تَمَحَّلَ بَعْضُهُمْ لِمَنْعِ التَّنَاقُضِ وَأَجْرَى مَا فِي كُلِّ بَابٍ عَلَى مَا فِيهِ بِمَا حَاصِلُهُ إنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ هُنَا لِلتَّقْوِيمِ عِنْدَ مَنْ يَرَى لَهُ قِيمَةً؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ غَيْرُ مَقْبُولٍ خَبَرُهُ: أَيْ وَالْبَيْعُ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ مُسْلِمَيْنِ يَجْهَلُونَ قِيمَةَ الْخَمْرِ عِنْدَ أَهْلِهَا مِنْ الْكُفَّارِ، وَرَجَعَ إلَيْهِ فِي الْوَصِيَّةِ لِصِحَّتِهَا بِالنَّجَسِ فَلَمْ يَحْتَجْ إلَيْهَا لِبَيَانِ الْقِسْمَةِ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ فَهِيَ تَابِعَةٌ، وَفِي الصَّدَاقِ لِعِلْمِهِمَا بِهَا إذْ هُمَا كَافِرَانِ (وَفِي قَوْلٍ بِجَمِيعِهِ) ؛ لِأَنَّ الْعَقْدِ لَمْ يَقَعْ إلَّا عَلَى مَا لَا يَحِلُّ بَيْعُهُ فَكَانَ الْآخَرُ كَالْمَعْدُومِ (وَلَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ) وَلَوْ جَاهِلًا بِالْحَالِ لِتَقْصِيرِهِ بِبَيْعِهِ مَا لَا يَمْلِكُهُ وَعُذْرُهُ بِالْجَهْلِ نَادِرٌ. (وَ) ضَابِطُ الْقِسْمِ الثَّانِي أَنْ يَتْلَفَ قَبْلَ الْقَبْضِ بَعْضٌ مِنْ الْمَبِيعِ يَقْبَلُ الْإِفْرَادَ بِالْعَقْدِ: أَيْ إيرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ وَحْدَهُ (وَ) مِنْ ذَلِكَ (مَا لَوْ) (بَاعَ عَبْدَيْهِ) مَثَلًا (فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا) أَوْ كَانَ دَارًا فَتَلِفَ سَقْفُهَا (قَبْلَ قَبْضِهِ) فَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِيهِ وَتَسْتَمِرُّ صِحَّتُهُ فِي الْبَاقِي بِقِسْطِهِ مِنْ الْمُسَمَّى إذَا وُزِّعَ عَلَى قِيمَتِهِ وَقِيمَةِ التَّالِفِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اعْتِبَارُ الْمِثْلِيِّ فِي هَذَا الْفَصْلِ مُتَقَوِّمًا حَتَّى تُعْرَفَ نِسْبَةُ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ، لَكِنَّ الْأَرْجَحَ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَوْزِيعُ الثَّمَنِ فِي الْمِثْلِيِّ: أَيْ الْمُتَّفِقِ الْقِيمَةِ، وَفِي الْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ عَلَى الْأَجْزَاءِ، وَفِي الْمُتَقَوِّمَاتِ عَلَى الرُّءُوسِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ وَإِنَّمَا (لَمْ يَنْفَسِخْ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِإِذْنِهِ مَعَ عَبْدِهِ، وَقَدْ عَلِمْت بُطْلَانَ بَيْعِ الْعَبْدَيْنِ فَكَذَا بَيْعُ الْكِتَابَيْنِ فِي السُّؤَالِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: مِنْ الِاخْتِلَافِ) الْمُتَبَادَرِ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الِاخْتِلَافِ هُوَ تَقْدِيرُ الْخَمْرِ خَلًّا هُنَا وَعَصِيرًا فِي الصَّدَاقِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا يُفْهَمُ مِنْ دَفْعِ التَّنَاقُضِ الَّذِي ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ إلَيْهِ) أَيْ التَّقْوِيمِ (قَوْلُهُ: لِتَقْصِيرِهِ بِبَيْعِهِ) اُنْظُرْ لَوْ كَانَ الْبَائِعُ مَغْرُورًا كَأَنْ ظَنَّهُمَا مِلْكَهُ، وَقَدْ يُقَالُ هُوَ مُقَصِّرٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: وَفِي الْمُتَقَوِّمَاتِ عَلَى الرُّءُوسِ) وَكَذَا الْمِثْلِيَّاتِ الْمُخْتَلِفَةِ الْقِيمَةِ بِاخْتِلَافِ صِفَاتِهَا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: أَيْ الْمُتَّفِقِ الْقِيمَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: جَمِيعًا مَعًا) لَا حَاجَةَ لِلْجَمْعِ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ إلَيْهِ فِي الْوَصِيَّةِ) لَمْ يَتَقَدَّمْ لِلْوَصِيَّةِ ذِكْرٌ فِي تَقْرِيرِ التَّنَاقُضِ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَحْتَجْ إلَيْهَا) يَعْنِي الْقِيمَةَ الْمَفْهُومَةَ مِنْ التَّقْوِيمِ (قَوْلُهُ: لِعِلْمِهِمَا بِهَا) أَيْ الْقِيمَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لَكِنَّ الَّذِي مَرَّ فِي كَلَامِهِ فِي تَقْرِيرِ التَّنَاقُضِ أَنَّ الشَّيْخَيْنِ اعْتَبَرَا الْخَمْرَ فِي الصَّدَاقِ عَصِيرًا وَلَا ذِكْرَ لِلْقِيمَةِ فِيهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الشِّهَابَ حَجّ أَشَارَ فِي التُّحْفَةِ إلَى أَنَّهُ وَقَعَ فِي الْمَسْأَلَةِ تَنَاقُضٌ لِلشَّيْخَيْنِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ بَيَّنَهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَلَمْ يُبَيِّنْهُ فِي التُّحْفَةِ اكْتِفَاءً بِمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا تَحَمَّلَهُ بَعْضُهُمْ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَفَهِمَ الشَّارِحُ أَنَّ التَّنَاقُضَ الَّذِي بَيَّنَهُ الشِّهَابُ حَجّ فِي شَرْحِهِ لِلْإِرْشَادِ هُوَ التَّنَاقُضُ الَّذِي فِي الْمُهِمَّاتِ فَنَسَبَهُ إلَيْهَا، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهُ هَذَا التَّمَحُّلَ فَلَمْ يُوَافِقْهُ عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ هُوَ حَاصِلُ مَا فِي الْمُهِمَّاتِ مَمْنُوعٌ، بَلْ حَاصِلُ مَا فِيهَا أَنَّ الرَّافِعِيَّ ذَكَرَ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ أَنَّهُ إذَا خَلَّفَ كِلَابًا وَأَوْصَى بِأَحَدِهَا فَفِي كَيْفِيَّةِ اعْتِبَارِهِ مِنْ الثُّلُثِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، أَصَحُّهَا أَنَّهُ يُنْظَرُ إلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ وَتَنْفُذُ فِي وَاحِدٍ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى الْقِيمَةِ، وَالثَّالِثُ تُقَوَّمُ مَنَافِعُهَا فَلَوْ لَمْ يُخَلِّفْ إلَّا كَلْبًا وَطَبْلَ لَهْوٍ وَزِقَّ خَمْرٍ تَعَيَّنَ اعْتِبَارُ الْقِيمَةِ. وَذَكَرَ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكَاتِ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا تَسْتَحِقُّهُ الْمَرْأَةُ إذَا أَصْدَقَهَا زَوْجُهَا الْمُشْرِكُ صَدَاقًا فَاسِدًا فَقَبَضَتْ بَعْضَهُ ثُمَّ أَسْلَمَا أَنَّهُمَا إنْ سَمَّيَا جِنْسًا وَاحِدًا مُتَعَدِّدًا كَخِنْزِيرٍ فَهَلْ يُعْتَبَرُ عَدَدُهُمَا أَوْ قِيمَتُهُمَا؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي، إنْ سَمَّيَا جِنْسَيْنِ فَأَكْثَرَ وَقَبَضَتْ أَحَدَ الْأَجْنَاسِ فَهَلْ يُنْظَرُ إلَى الْأَجْنَاسِ فَكُلُّ جِنْسٍ فِيمَا لَوْ سَمَّيَا ثَلَاثَةَ أَجْنَاسٍ ثُلُثٌ أَمْ إلَى الْأَعْدَادِ أَمْ إلَى الْقِيمَةِ؟ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا الثَّالِثُ، وَإِذَا قُلْنَا بِهِ فَفِيهِ أَوْجُهٌ أَصَحُّهَا أَنَّهُ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا، وَالثَّانِي يُقَدَّرُ الْخَمْرُ خَلًّا إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ. وَقَالَ فِي أَوَائِلِ الصَّدَاقِ: وَلَوْ أَصْدَقَهَا خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا

فِي الْآخَرِ) وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) مَعَ جَهَالَةِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهَا طَارِئَةٌ فَلَمْ تَضُرَّ كَمَا لَا يَضُرُّ سُقُوطُ بَعْضِهِ لِأَرْشِ الْعَيْبِ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي أَنْ يَتَخَرَّجَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيمَا لَوْ بَاعَ مَا يَمْلِكُهُ وَمَا لَا يَمْلِكُهُ تَسْوِيَةً بَيْنَ الْفَسَادِ الْمَقْرُونِ بِالْعَقْدِ وَالْفَسَادِ الطَّارِئِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَفِي مَعْنَى صُورَةِ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ بَاعَ عَصِيرًا فَصَارَ بَعْضُهُ خَمْرًا قَبْلَ قَبْضِهِ، قَالَهُ الدَّارِمِيُّ، وَخَرَجَ بِتَلَفِ مَا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ سُقُوطُ يَدِ الْمَبِيعِ وَعَمَى عَيْنَيْهِ وَاضْطِرَابُ سَقْفِ الدَّارِ وَنَحْوُهَا مِمَّا لَا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ، فَفَوَاتُهَا لَا يُوجِبُ الِانْفِسَاخَ بَلْ الْخِيَارَ لِيَرْضَى بِالْمَبِيعِ بِكُلِّ الثَّمَنِ أَوْ يَفْسَخُ وَيَسْتَرِدُّ الثَّمَنَ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنْ تَلِفَ بَعْضُ مَا يَقْبَلُ الْإِفْرَادَ بِالْعَقْدِ وَإِنْ أَوْجَبَ الِانْفِسَاخَ فِيهِ فَلَا يُوجِبُ الْإِجَازَةَ بِكُلِّ الثَّمَنِ (بَلْ يَتَخَيَّرُ) الْمُشْتَرِي فَوْرًا كَمَا مَرَّ بَيْنَ فَسْخِ الْعَقْدِ وَالْإِجَارَةِ لِتَبْعِيضِ الصِّفَةِ عَلَيْهِ (فَإِنْ أَجَازَ فَبِالْحِصَّةِ) كَنَظِيرِ مَا مَرَّ (قَطْعًا) كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَفِي الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ فِيهِ أَحَدُهُمَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَضَعُفَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ مَا اقْتَرَنَ بِالْعَقْدِ وَبَيْنَ مَا حَدَثَ بَعْدَ صِحَّةِ الْعَقْدِ مَعَ تَوْزِيعِ الثَّمَنِ فِيهِ عَلَيْهِمَا ابْتِدَاءً. وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَوَجْهُهُ أَنَّ الثَّمَنَ غَيْرُ مَنْظُورٍ إلَيْهِ أَصَالَةً فَاغْتُفِرَ تَفْرِيقُهُ دَوَامًا؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ، بِخِلَافِ الْمُثَمَّنِ فَإِنَّهُ الْمَقْصُودُ بِالْعَقْدِ فَأَثَّرَ تَفْرِيقُهُ دَوَامًا أَيْضًا. . ثُمَّ شَرَعَ فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ فَقَالَ (وَلَوْ) (جُمِعَ) الْعَاقِدُ أَوْ الْعَقْدُ (فِي صَفْقَةٍ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ كَإِجَارَةِ وَبَيْعٍ) كَأَجَّرْتُكَ دَارِي شَهْرًا وَبِعْتُك ثَوْبِي هَذَا بِدِينَارٍ، وَوَجْهُ اخْتِلَافِهِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSفَرْعٌ] بَاعَهُ زَوْجَيْ خُفٍّ مَثَلًا فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ قَبْضِهِ فَهَلْ يُقَوَّمُ الْبَاقِي عَلَى انْفِرَادِهِ أَوْ مَضْمُومًا لِلتَّالِفِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ لَمْ يَقَعْ بِاخْتِيَارِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي مُتَمَكِّنٌ بَعْدَ التَّلَفِ مِنْ النَّسْخِ بِالْخِيَارِ فَيُفْرَضُ أَنَّ الْبَاقِي كَأَنَّ الْعَقْدَ مُتَعَلِّقٌ بِهِ مُنْفَرِدًا فَيُقَوَّمُ كَذَلِكَ. وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ طب مَا يُوَافِقُ ذَلِكَ مِنْ تَقْوِيمِهِ مُنْفَرِدًا (قَوْلُهُ: كَمَا لَا يَضُرُّ سُقُوطُ بَعْضِهِ) أَيْ بَعْضِ الثَّمَنِ فِيمَا إذَا وُجِدَ فِي الْمَبِيعِ عَيْبٌ قَدِيمٌ وَتَعَذَّرَ الرَّدُّ (قَوْلُهُ: فَصَارَ بَعْضُهُ خَمْرًا) أَيْ وَلَمْ يَتَخَلَّلْ أَمَّا إذَا تَخَلَّلَ فَلَا انْفِسَاخَ وَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأَوَّلِ) هُوَ تَلَفُ مَا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مَنْظُورٍ إلَيْهِ أَصَالَةً) يَتَأَمَّلُ مَعْنَى الْأَصَالَةِ فِي الثَّمَنِ سِيَّمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ وَالْمُثَمَّنُ نَقْدَيْنِ أَوْ عَرَضَيْنِ، فَإِنَّ الثَّمَنَ مَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ الْبَاءُ مِنْهُمَا وَالْمُثَمَّنُ مُقَابِلُهُ فَمَا مَعْنَى كَوْنِهِ غَيْرَ مَنْظُورٍ إلَيْهِ فِيمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الدِّينَارَ بِهَذَا الدِّينَارِ أَوْ هَذَا الثَّوْبَ بِهَذَا الثَّوْبِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ بِالْأَصَالَةِ مَا هُوَ الْغَالِبُ مِنْ أَنَّ الثَّمَنَ نَقْدٌ وَالْمُثَمَّنَ عَرَضٌ، وَالْمَقْصُودُ غَالِبًا تَحْصِيلُ الْعُرُوضِ بِالثَّمَنِ لِلِانْتِفَاعِ بِذَوَاتِهَا كَلُبْسِ الثِّيَابِ وَأَكْلِ الطَّعَامِ، وَالنَّقْدُ لَا يُقْصَدُ لِذَاتِهِ بَلْ لِقَضَاءِ الْحَوَائِجِ بِهِ، وَقَدْ يُقْصَدُ لِذَاتِهِ كَأَنْ يُرِيدَ تَحْصِيلَهُ لِاِتِّخَاذِهِ حُلِيًّا أَوْ إنَاءً لِلتَّدَاوِي لِلشُّرْبِ فِيهِ أَوْ مِيلًا لِلِاكْتِحَالِ بِهِ إذَا تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِجَلَاءِ غِشَاوَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ جَمَعَ الْعَاقِدُ) هُوَ الْأَوْلَى لِلْمُغَايَرَةِ بَيْنَ الْمُفَاعِلِ وَمَحَلِّ الْجَمْعِ، بِخِلَافِ الْعَقْدِ فَإِنَّ التَّقْدِيرَ عَلَيْهِ وَلَوْ جُمِعَ عَقْدٌ فِي عَقْدٍ مُخْتَلِفَيْ إلَخْ فَيَتَّحِدُ الْفَاعِلُ لِلْجَمْعِ وَمَحَلُّهُ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَقْدٌ، ثُمَّ رَأَيْت حَجّ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ مَيْتَةً، فَقَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا وُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَالثَّانِي يَرْجِعُ إلَى بَدَلِ الْمُسَمَّى، فَعَلَى هَذَا تُقَدَّرُ الْمَيْتَةُ مُذَكَّاةً، إلَى أَنْ قَالَ: وَأَمَّا الْخَمْرُ فَيُقَدَّرُ عَصِيرًا، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ حَكَيْنَا فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكَاتِ وَجْهًا أَنَّهُ يُقَدَّرُ خَلًّا وَلَمْ يَذْكُرُوا هُنَاكَ اخْتِيَارَ الْعَصِيرِ وَالْوَجْهُ التَّسْوِيَةُ اهـ الْمَقْصُودُ مِنْ الْمُهِمَّاتِ. وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي تَلْخِيصِ الشَّارِحِ لَهُ وَمَا فِي قَوْلِهِ لَكِنْ قَالَا فِي الصَّدَاقِ أَنَّهُ يُقَدَّرُ الْخَمْرُ بِالْعَصِيرِ، فَإِنَّ الرَّافِعِيَّ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا إلَّا تَفْرِيعًا عَلَى الضَّعِيفِ كَمَا عَرَفْت (قَوْلُهُ: بَعْضُ مَا يُقْبَلُ) الْإِضَافَةُ فِيهِ بَيَانِيَّةٌ، لَكِنَّ الْأَوْلَى إسْقَاطُ لَفْظِ بَعْضٍ أَوْ لَفْظِ مَا لِمَا فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا مِنْ الْإِيهَامِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: فَإِنَّ أَفْرَادَ التَّالِفِ بِالْعَقْدِ وَإِنْ وَجَبَ الِانْفِسَاخُ فِيهِ لَا يُوجِبُ الْإِجَازَةَ بِكُلِّ الثَّمَنِ انْتَهَتْ

[جمع العاقد أو العقد في صفقة مختلفي الحكم]

اشْتِرَاطُ التَّأْقِيتِ فِيهَا غَالِبًا وَبُطْلَانُهُ بِهِ وَانْفِسَاخُهَا بِالتَّلَفِ بَعْدَ الْقَبْضِ دُونَهُ (أَوْ) إجَارَةُ عَيْنٍ (وَسَلَمٍ) كَأَجَّرْتُكَ دَارِي شَهْرًا وَبِعْتُك صَاعَ قَمْحٍ فِي ذِمَّتِي سَلَمًا بِكَذَا لِاشْتِرَاطِ قَبْضِ الْعِوَضِ فِي الْمَجْلِسِ فِي سَائِرِ أَنْوَاعِهِ بِخِلَافِهَا (صَحَّا فِي الْأَظْهَرِ) كُلٌّ مِنْهُمَا بِقِسْطِهِ مِنْ الْمُسَمَّى إذَا وُزِّعَ عَلَى قِيمَةِ الْمَبِيعِ أَوْ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَأُجْرَةُ الدَّارِ كَمَا قَالَ (وَيُوَزِّعُ الْمُسَمَّى عَلَى قِيمَتِهِمَا) وَتَسْمِيَةُ الْأُجْرَةِ قِيمَةً صَحِيحٌ إذْ هِيَ فِي الْحَقِيقَةِ قِيمَةُ الْمَنْفَعَةِ. وَوَجْهُ صِحَّتِهِمَا أَنَّ كُلًّا يَصِحُّ مُنْفَرِدًا فَلَمْ يَضُرَّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، وَلَا أَثَرَ لِمَا قَدْ يَعْرِضُ لِاخْتِلَافِ حُكْمِهِمَا بِاخْتِلَافِ أَسْبَابِ الْفَسْخِ وَالِانْفِسَاخِ الْمُحْوِجَيْنِ إلَى التَّوْزِيعِ الْمُسْتَلْزِمِ لِلْجَهْلِ عِنْدَ الْعَقْدِ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْ الْعِوَضِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ ضَارٍ كَبَيْعِ ثَوْبٍ وَشِقْصٍ صَفْقَةً وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الشُّفْعَةِ وَاحْتِيجَ لِلتَّوْزِيعِ الْمُسْتَلْزِمِ لِمَا ذُكِرَ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْكَامِ هُنَا مُطْلَقُ اخْتِلَافِهَا، بَلْ اخْتِلَافُهَا فِيمَا يَرْجِعُ لِلْفَسْخِ وَالِانْفِسَاخِ مَعَ عَدَمِ دُخُولِهِمَا تَحْتَ عَقْدٍ وَاحِدٍ فَلَا تُرَدُّ مَسْأَلَةُ الشِّقْصِ الْمَذْكُورَةُ؛ لِأَنَّهُ وَالثَّوْبَ دَخَلَا تَحْتَ عَقْدٍ وَاحِدٍ هُوَ الْبَيْعُ، وَمَا أَوْرَدَ عَلَيْهِ مِنْ بَيْعِ عَبْدَيْنِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فِي أَحَدِهِمَا أَكْثَرُ مِنْ الْآخَرِ فَإِنَّهُ مِنْ الْقَاعِدَةِ مَعَ اتِّحَادِ الْعَقْدِ؛ وَلِهَذَا قَالَ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ وَلَمْ يَقُلْ كَأَصْلِهِ وَغَيْرِهِ عَقْدَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ يُرَدُّ بِأَنَّ الِاخْتِلَافَ هُنَا لِمَا وَقَعَ فِي نَفْسِ الْعَقْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــSصَرَّحَ بِذَلِكَ وَأَطَالَ فِيهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ فِيهَا غَالِبًا) وَقَدْ لَا يُشْتَرَطُ كَأَنْ قُدِّرَتْ عَلَى الْمَنْفَعَةِ بِمَحَلِّ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ: وَانْفِسَاخُهَا) عَطْفٌ عَلَى اشْتِرَاطٍ فَهُوَ تَوْجِيهٌ ثَانٍ لِلِاخْتِلَافِ (قَوْلُهُ أَوْ إجَارَةُ عَيْنٍ) لَعَلَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ بِالْعَيْنِ لِيَتَأَتَّى اخْتِلَافُ الْأَحْكَامِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ السَّلَمِ فِي وُجُوبِ قَبْضِ عِوَضِهِ دُونَهَا، وَإِلَّا فَقَضِيَّةُ مَا يَأْتِي أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ وَالسَّلَمِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أُطْلِقَ فِيهَا لَصَحَّ ذَلِكَ، وَكَفَى فِي الْفَرْقِ أَنَّ السَّلَمَ يُعْتَبَرُ الْقَبْضُ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِهِ، بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ فَإِنَّ الْأُجْرَةَ يُشْتَرَطُ قَبْضُهَا إذَا وَرَدَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَرَدَ عَلَى الْعَيْنِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهَا) أَيْ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ ضَارٍّ) أَيْ لِاغْتِفَارِهِمْ لَهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَمَسْأَلَةِ الشِّقْصِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا أَثَرَ لِمَا قَدْ يَعْرِضُ إلَخْ (قَوْلُهُ مَعَ عَدَمِ دُخُولِهِمَا) أَيْ الْعَيْنَيْنِ اللَّذَيْنِ اخْتَلَفَتْ أَحْكَامُهُمَا. (قَوْلُهُ: وَمَا أُورِدَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ وَالثَّوْبُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ الْخِيَارِ فِي أَحَدِهِمَا) أَيْ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا فَيَصِحُّ الْعَقْدُ فِيهِمَا قَطْعًا، لَكِنَّ عِبَارَةَ حَجّ: نَعَمْ أُورِدَ عَلَيْهِ بَيْعُ عَبْدَيْنِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فِي أَحَدِهِمَا عَلَى الْإِبْهَامِ أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ فِيهِمَا مَعَ أَنَّهُ مِنْ الْقَاعِدَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [جُمِعَ الْعَاقِدُ أَوْ الْعَقْدُ فِي صَفْقَةٍ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ] قَوْلُهُ: اشْتِرَاطُ التَّأْقِيتِ فِيهَا غَالِبًا وَبُطْلَانُهُ بِهِ) لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ الْآتِي فَعُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْكَامِ مُطْلَقُ اخْتِلَافِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَوَجْهُ صِحَّتُهُمَا أَنَّ كُلًّا يَصِحُّ مُنْفَرِدًا فَلَمْ يَضُرَّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا) هَذَا مَوْجُودٌ فِي كُلِّ الْعُقُودِ فَيَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ عَقْدَيْنِ كَذَلِكَ مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ (قَوْلُهُ: لِاخْتِلَافِ حُكْمِهِمَا) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ يَعْرِضُ، وَمَا فِي قَوْلِهِ لِمَا قَدْ يَعْرِضُ وَاقِعٌ عَلَى الْفَسْخِ وَالِانْفِسَاخِ الْمَعْلُومَيْنِ مِنْ الْمَقَامِ كَمَا سَيُعْلَمُ مِنْ عِبَارَتِهِ الْآتِيَةِ فِي تَعْلِيلِ مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ (قَوْلُهُ: وَمَا أُورِدَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَا فِي الضَّابِطِ مِنْ قَوْلِهِ مَعَ عَدَمِ دُخُولِهِمَا تَحْتَ عَقْدٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ الْخِيَارِ فِي أَحَدِهِمَا) أَيْ مُعَيَّنًا حَتَّى يَكُونَ مِنْ الْقَاعِدَةِ وَيَصِحَّ الْبَيْعُ فِيهِ عَلَى الْأَظْهَرِ، فَهَذَا غَيْرُ مَا فِي التُّحْفَةِ مِنْ بَيْعِ عَبْدَيْنِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فِي أَحَدِهِمَا عَلَى الْإِبْهَامِ حَيْثُ يَبْطُلُ الْعَقْدُ فِيهِمَا لِأَنَّ ذَاكَ إنَّمَا أَوْرَدَ هَذَا عَلَى عِبَارَةِ الْمَتْنِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي الصِّحَّةَ فِيهِ، وَمِثْلُ مَسْأَلَةِ الشَّارِحِ مَا إذَا شَرَطَ الْخِيَارَ فِي أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ دُونَ الْآخَرِ. وَحَاصِلُ إيرَادِ الشَّارِحِ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ الْمَذْكُورَةَ أُجْرِي فِيهَا الْخِلَافَ: أَيْ أَجْرَاهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ مَعَ عَدَمِ دُخُولِهَا فِي الضَّابِطِ السَّابِقِ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ إنَّمَا أَجْرَى الْخِلَافَ فِيهَا مَعَ عَدَمِ دُخُولِهَا فِي الضَّابِطِ لِقُرْبِهَا مِنْ الْقَاعِدَةِ بِوُقُوعِ الِاخْتِلَافِ الْمُوجِبِ لِلْفَسْخِ الَّذِي هُوَ شَرْطُ الْخِيَارِ فِي نَفْسِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ مِنْ الْقَاعِدَةِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِيهِ

كَأَنْ أَفْضَى إلَى جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِيهِ فَأَلْحَقْنَاهُ بِالْقَاعِدَةِ، بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَةِ الشِّقْصِ وَتَمَلُّكُهُ بِالشُّفْعَةِ بِمَنْزِلَةِ عَقْدٍ آخَرَ يَقَعُ بَعْدُ فَلَا يُؤَثِّرُ وَالتَّقْيِيدُ بِمُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ لِبَيَانِ مَحَلِّ الْخِلَافِ. فَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ مُتَّفِقَيْنِ كَشَرِكَةٍ وَقِرَاضٍ كَأَنْ خَلَطَ أَلْفَيْنِ لَهُ بِأَلْفٍ لِغَيْرِهِ وَشَارَكَهُ عَلَى أَحَدِهِمَا وَقَارَضَهُ عَلَى الْآخَرِ فَقَبِلَ صَحَّ جَزْمًا لِرُجُوعِهِمَا إلَى الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا جَائِزًا كَالْبَيْعِ: أَيْ الَّذِي يَشْتَرِطُ قَبْضَ الْعِوَضَيْنِ فِيهِ بِدَلَالَةِ مَا يَأْتِي وَالْجَعَالَةَ فَلَا يَصِحُّ قَطْعًا لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا إذْ الْجَمْعُ بَيْنَ جَعَالَةٍ لَا تَلْزَمُ وَبَيْعٍ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ غَيْرُ مُمْكِنٍ لِمَا فِيهِ مِنْ تَنَاقُضِ الْأَحْكَامِ؛ لِأَنَّ الْعِوَضَ فِي الْجَعَالَةِ لَا يَلْزَمُ تَسْلِيمُهُ إلَّا بِفَرَاغِ الْعَمَلِ، وَمِنْ جِهَةِ صَرْفٍ يَجِبُ تَسْلِيمُهُ فِي الْمَجْلِسِ لِيُتَوَصَّلَ إلَى قَبْضِ مَا يَخُصُّ الصَّرْفَ مِنْهَا، وَتَنَافِي اللَّوَازِمِ يَقْتَضِي تَنَافِي الْمَلْزُومَاتِ كَمَا عُلِمَ، وَيُقَاسُ بِذَلِكَ مَا إذَا جَمَعَ بَيْنَ إجَارَةِ ذِمَّةٍ أَوْ سَلَمٍ وَجَعَالَةٍ، بِخِلَافِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْجَعَالَةِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ، كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ بِبُطْلَانٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْرِضُ لِاخْتِلَافِ حُكْمِهِمَا بِاخْتِلَافِ أَسْبَابِ الْفَسْخِ وَالِانْفِسَاخُ مَا يَقْتَضِي فَسْخَ أَحَدِهِمَا فَيَحْتَاجُ إلَى التَّوْزِيعِ، وَيَلْزَمُ الْجَهْلُ عِنْدَ الْعَقْدِ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْهُمَا مِنْ الْعِوَضِ وَذَلِكَ مَحْذُورٌ. وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِمَا مَرَّ فِي قَوْلِنَا وَلَا أَثَرَ لِمَا قَدْ يَعْرِضُ إلَى آخِرِهِ، وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ اشْتَمَلَ الْعَقْدُ عَلَى مَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّقَابُضُ وَمَا لَا يُشْتَرَطُ كَصَاعِ بُرٍّ وَثَوْبٍ بِصَاعِ شَعِيرٍ كَمَا فِي بَيْعٍ وَسَلَمٍ. (أَوْ بَيْعٍ وَنِكَاحٍ) وَاتَّحَدَ الْمُسْتَحَقُّ فَزَوَّجْتُك ابْنَتِي وَبِعْتُك عَبْدَهَا بِأَلْفٍ وَهِيَ فِي وِلَايَتِهِ أَوْ بِعْتُك ثَوْبِي وَزَوَّجْتُك أَمَتِي (صَحَّ النِّكَاحُ) لِانْتِفَاءِ تَأَثُّرِهِ بِفَسَادِ الصَّدَاقِ بَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الَّتِي جَرَى فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ فِيهَا الْقَوْلَانِ مَعَ الْقَطْعِ بِالصِّحَّةِ فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدَيْنِ (قَوْلُهُ: لِرُجُوعِهِمَا) أَيْ الْعَقْدَيْنِ (قَوْلُهُ قَبْضُ الْعِوَضَيْنِ) بِأَنْ كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ رِبَوِيًّا كَمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ وَمِنْ جِهَةِ الصَّرْفِ (قَوْلُهُ وَتَنَافِي اللَّوَازِمِ) وَهِيَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ لُزُومُ قَبْضِ الْعِوَضِ فِي أَحَدِهِمَا وَعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ فِي الْآخَرِ (قَوْلُهُ يَقْتَضِي تَنَافِي الْمَلْزُومَاتِ) أَيْ مَعَ الْجَوَازِ وَاللُّزُومِ: أَيْ فَيُحْكَمُ بِبُطْلَانِ الْعَقْدَيْنِ لِتَنَافِيهِمَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْبَيْعِ إلَخْ) أَيْ لِمَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ قَبْضُ الْعِوَضَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ أَخْذًا مِمَّا قَدَّمَهُ، وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ اُشْتُرِطَ قَبْضُ أَحَدِهِمَا فِي الْمَجْلِسِ كَسَلَمٍ وَجَعَالَةٍ لَكِنَّهُ لَيْسَ مُرَادًا لِمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَيُقَاسُ بِذَلِكَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ بَيْعِ مَا لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ عِوَضِهِ فِي الْمَجْلِسِ حَيْثُ يَصِحُّ مَعَ الْجَعَالَةِ وَبَيْنَ مَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبْضُ حَيْثُ قُلْنَا لَا يَصِحُّ مَعَ الْجَعَالَةِ أَنَّ الْجَعَالَةَ لَا يَسْتَحِقُّ قَبْضُ عِوَضِهِ فِي الْمَجْلِسِ وَالرِّبَوِيَّاتُ يُشْتَرَطُ فِيهَا ذَلِكَ فَكَانَ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِ قَبْضِ الْجُعْلِ فِي الْجَعَالَةِ مُنَافِيًا لِاشْتِرَاطِ قَبْضِ الْآخَرِ فِي الْمَجْلِسِ فَإِنَّ بَيْنَهُمَا غَايَةَ الْبُعْدِ، بِخِلَافِ مَا لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ عِوَضِهِ فِي الْمَجْلِسِ فَإِنَّهُ حَيْثُ جَازَ مَعَهُ تَأْخِيرُ الْقَبْضِ فِيهِ عَنْ الْمَجْلِسِ لَمْ يَعُدْ مُنَافِيًا لِلْجَعَالَةِ، هَذَا وَقَدْ اسْتَشْكَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ جَوَازَ الْجَمْعِ بَيْنَ بَيْعِ الْأَعْيَانِ وَالسَّلَمِ فِي عَقْدٍ بِمَا نَصُّهُ. أَقُولُ: اُنْظُرْ هَذَا أَيْ وَهُوَ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى مُنَافَاةِ الْأَحْكَامِ مَعَ تَنَافِي الْبَيْعِ وَالسَّلَمِ بِاشْتِرَاطِ قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ فِي السَّلَمِ فِي الْمَجْلِسِ دُونَ الْبَيْعِ وَهُنَا تَنَافٍ فِي الْأَحْكَامِ وَقَدْ صَحَّا وَكَذَا الْإِجَارَةُ وَالْبَيْعُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: كَذَا أَفَادَهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَشَمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِرُجُوعِهِمَا إلَى الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ) هَذَا تَعْلِيلٌ لِأَصْلِ الصِّحَّةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ، وَالْجَوَابُ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَالتَّقْيِيدُ بِمُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ لِبَيَانِ مَحَلِّ الْخِلَافِ. وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْقِرَاضِ وَالشَّرِكَةِ الْمَذْكُورَةِ أَوْرَدَهَا بَعْضُهُمْ عَلَى عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ قَيَّدَ بِمُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ فَأَجَابَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِأَنَّ التَّقْيِيدَ لِبَيَانِ مَحَلِّ الِاخْتِلَافِ: أَيْ لَا لِلِاحْتِرَازِ وَأَجَابَ الْأَذْرَعِيُّ عَنْهَا بِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا الْعُقُودُ اللَّازِمَةُ، قَالَ: وَأَمَّا الْجَائِزَةُ فَبَابُهَا وَاسِعٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا جَائِزًا إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ أَحَدُ الْعَقْدَيْنِ جَائِزًا إلَخْ (قَوْلُهُ كَصَاعِ بُرٍّ وَثَوْبٍ بِصَاعِ شَعِيرٍ) فِي شُمُولِ الْمَتْنِ لِهَذِهِ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ اعْتِبَارِ عَدَمِ الدُّخُولِ تَحْتَ عَقْدٍ وَاحِدٍ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، ثُمَّ إنَّهُ يُعَكِّرُ

وَلَا بِأَكْثَرِ الشُّرُوط الْفَاسِدَةِ (وَفِي الْبَيْعِ وَالصَّدَاقِ الْقَوْلَانِ) السَّابِقَانِ أَظْهَرُهُمَا صِحَّتُهُمَا وَيُوَزِّعُ الْمُسَمَّى عَلَى قِيمَةِ الْمَبِيعِ وَمَهْرِ الْمِثْلِ، أَمَّا لَوْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ مُخْتَلِفًا كَزَوَّجْتُك ابْنَتِي وَبِعْتُك عَبْدِي بِكَذَا فَلَا يَصِحّ كُلٌّ مِنْ الْبَيْعِ وَالصَّدَاقِ وَيَصِحُّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ بَيْعٍ وَخُلْعٍ صَحَّ الْخُلْعُ، وَفِي الْبَيْعِ وَالْمُسَمَّى الْقَوْلَانِ. وَشَرْطُ التَّوْزِيعِ فِي كَلَامِ الْمُصَنَّفِ أَنْ تَكُونَ حِصَّةُ النِّكَاحِ مَهْرَ الْمِثْلِ فَأَكْثَرُ، فَلَوْ كَانَ أَقَلَّ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ مَا لَمْ تَأْذَنْ الرَّشِيدَةُ فِي قَدْرِ الْمُسَمَّى فَيُعْتَبَرُ التَّوْزِيعُ مُطْلَقًا. (وَتَتَعَدَّدُ الصَّفْقَةُ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ) مِمَّنْ ابْتَدَأَ بِالْعَقْدِ لِتَرَتُّبِ كَلَامِ الْآخِرِ عَلَيْهِ (كَبِعْتُكَ ذَا بِكَذَا وَذَا بِكَذَا) وَإِنْ قَبِلَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يُفَصِّلْ، فَلَوْ قَالَ بِعْتُك عَبْدِي بِأَلْفٍ وَجَارِيَتِي بِخَمْسِمِائَةٍ فَقَبِلَ أَحَدُهُمَا بِعَيْنِهِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا سَيَأْتِي فِي تَعَدُّدِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي، وَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي مِنْ الصِّحَّةِ فَرَّعَهُ عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ إذْ الْقَبُولُ غَيْرُ مُطَابِقٍ لِلْإِيجَابِ وَالْعَدَدِ، وَالْكَثِيرُ فِي تَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ بِحَسَبِهِ كَالْقَلِيلِ، وَمَا قُيِّدَ بِهِ فِي الْخَادِمِ مِنْ عَدَمِ طُولِ الْفَصْلِ فَإِنْ طَالَ صَحَّ فِيمَا لَمْ يُطِلْ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ رُدَّ بِأَنَّ الْمُتَّجِهَ إطْلَاقُهُمْ، وَلَا يَضُرُّ الطُّولُ؛ لِأَنَّهُ فَصْلٌ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَقْدِ وَهُوَ ذِكْرُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ (وَبِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ) كَبِعْنَاكَ هَذَا بِكَذَا فَتُعْطَى حِصَّةُ كُلٍّ حُكْمَهَا. نَعَمْ لَوْ قَبِلَ الْمُشْتَرِي نَصِيبَ أَحَدِهِمَا بِنِصْفِ الثَّمَنِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَقْتَضِي جَوَابَهُمَا جَمِيعًا (وَ) كَذَا تَتَعَدَّدُ (بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي) كَبِعْتُكُمَا هَذَا بِكَذَا (فِي الْأَظْهَرِ) قِيَاسًا عَلَى الْبَائِعِ، وَالثَّانِي لَا؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي يَبْنِي عَلَى الْإِيجَابِ السَّابِقِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ فِيهِمَا وَإِلَّا فَهِيَ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْعَاقِدِ مُطْلَقًا، وَلَوْ بَاعَهُمَا عَبْدَهُ بِأَلْفٍ فَقَبِلَ أَحَدُهُمَا نِصْفَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ أَوْ بَاعَاهُ عَبْدًا بِأَلْفٍ فَقَبِلَ نِصْفَ أَحَدِهِمَا بِخَمْسِمِائَةٍ لَمْ يَصِحَّ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِأَصْلِهِ وَالْمَجْمُوعُ هُنَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ، إذْ الْقَبُولُ هُنَا غَيْرُ مُطَابِقٍ لِلْإِيجَابِ وَإِنْ كَانَتْ الصَّفْقَةُ مُتَعَدِّدَةً أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي رَدِّ كَلَامِ الْقَاضِي فَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ اثْنَانِ مِنْ اثْنَيْنِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ أَرْبَعِ عُقُودٍ. وَمِنْ فَوَائِدِ التَّعَدُّدِ جَوَازُ إفْرَادِ كُلِّ حِصَّةٍ بِالرَّدِّ كَمَا يَأْتِي وَأَنَّهُ لَوْ بَانَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا حُرًّا مَثَلًا صَحَّ فِي الْبَاقِي قَطْعًا. (وَلَوْ وَكَّلَاهُ أَوْ وَكَّلَهُمَا) فِيهِ إعَادَةُ الضَّمِيرِ عَلَى مَعْلُومٍ غَيْرُ مَذْكُورٍ، وَهُوَ شَائِعٌ فِي كَلَامِهِمْ (فَالْأَصَحُّ اعْتِبَارُ الْوَكِيلِ) إذْ أَحْكَامُ الْعَقْدِ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ، فَلَوْ خَرَجَ مَا اشْتَرَاهُ مِنْ وَكِيلِ اثْنَيْنِ أَوْ مِنْ وَكِيلَيْ وَاحِدٍ أَوْ مَا اشْتَرَاهُ وَكِيلُ اثْنَيْنِ أَوْ وَكِيلًا وَاحِدًا مَعِيبًا جَازَ رَدُّ نَصِيبِ أَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فِي الصِّحَّةِ. (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ كَانَ) مُحْتَرَزٌ، قَوْلُهُ وَاتَّحَدَ الْمُسْتَحَقُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: الْقَوْلَانِ) أَرْجَحُهُمَا الصِّحَّةُ، (قَوْلُهُ: أَنْ تَكُونَ حِصَّةُ النِّكَاحِ) أَيْ الْوَاقِعَةُ فِي الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ قَدْرَ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ. (قَوْلُهُ وَالْعَدَدُ الْكَثِيرُ) أَيْ فِي الْمَبِيعِ كَأَنْ بَاعَهُ عَبْدًا وَجَارِيَةً وَدَارًا مَثَلًا (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ فَصَّلَ) أَيْ فَلَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ وَإِنْ أَمْكَنَ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْهُ كَأَنْ قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الدَّارَ بِمَا فِيهَا مِنْ الرُّفُوفِ وَالسَّلَالِمِ وَالْإِجَّانَاتِ الْمُثَبَّتَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَدْخُلُ فِي مُسَمَّاهَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا يَتَعَدَّدُ الْمُشْتَرِي) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ الْإِيجَابُ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي، لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَبْنِي عَلَى الْإِيجَابِ السَّابِقِ يَقْتَضِي تَخْصِيصَ الْخِلَافِ بِمَا إذَا تَقَدَّمَ الْإِيجَابُ مِنْ الْبَائِعِ فَلْيُرَاجَعْ، وَعَلَّلَهُ حَجّ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ: أَيْ بَيْنَ الْقَطْعِ بِتَعَدُّدِهَا بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ دُونَ الْمُشْتَرِي بِأَنَّ الْمَبِيعَ مَقْصُودٌ فَنَظَرُوا كُلُّهُمْ إلَى تَعَدُّدِ مَالِكِهِ وَالثَّمَنُ تَابِعٌ فَجَازَ أَنْ لَا يَنْظُرَ بَعْضُهُمْ لِتَعَدُّدِ مَالِكِهِ، وَقَوْلُهُ فَجَازَ أَنْ لَا إلَخْ شَامِلٌ لِمَا إذَا تَقَدَّمَ الْقَبُولُ أَوْ تَأَخَّرَ (قَوْلُهُ: وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا) أَيْ لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: أَحَدِهِمَا بِخَمْسِمِائَةٍ) هَذِهِ عُلِمَتْ مِنْ قَوْلِهِ كَبِعْنَاكَ هَذَا بِكَذَا إلَخْ وَلَعَلَّهُ ذَكَرَهَا هُنَا مَعَ مَا قَبْلَهَا لِوُقُوعِ جُمْلَةِ ذَلِكَ فِي كَلَامِ ابْنِ الْمُقْرِي (قَوْلُهُ فِي رَدِّ كَلَامِ الْقَاضِي) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ إذْ الْقَبُولُ غَيْرُ مُطَابِقٍ لِلْإِيجَابِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَا اشْتَرَاهُ وَكِيلُ اثْنَيْنِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَلَوْ اشْتَرَى لِرَجُلَيْنِ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى مَا قَدَّمَهُ قَرِيبًا فِي تَعْلِيلِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْجِعَالَةِ وَالصَّرْفِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَقِبَل أَحَدَهُمَا بِعَيْنِهِ) أَيْ أَوْ مُبْهَمًا بِالْأَوْلَى

فِي الثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ دُونَ أَحَدِ الْمُوَكِّلَيْنِ فِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ، نَعَمْ الْعِبْرَةُ فِي الرَّهْنِ بِالْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِيهِ عَلَى اتِّحَادِ الدَّيْنِ وَعَدَمِهِ؛ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ عَقْدُ عُهْدَةٍ حَتَّى يُنْظَرَ فِيهِ إلَى الْمُبَاشَرَةِ، وَمِثْلُهُ الشُّفْعَةُ إذْ مَدَارُهَا عَلَى اتِّحَادِ الْمِلْكِ وَعَدَمِهِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ اعْتِبَارُ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ، وَسَكَتُوا عَمَّا كَمَا لَوْ بَاعَ الْحَاكِمُ أَوْ الْوَلِيُّ أَوْ الْوَصِيُّ أَوْ الْقَيِّمُ عَلَى الْمَحْجُورِينَ شَيْئًا صَفْقَةً وَاحِدَةً، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْوَكِيلِ فَيُعْتَبَرُ الْعَاقِدُ لَا الْمَبِيعُ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالرَّدُّ بِالْعَيْبِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى وَمَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا الرَّدُّ بِالْعَيْبِ، وَلَوْ اشْتَرَيَا لَهُ رُدَّ عَقْدُ أَحَدِهِمَا، وَلَوْ بَاعَ لَهُمَا: أَيْ وَكَالَةً لَمْ يُرَدَّ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا أَوْ بَاعَا لَهُ وَحَيْثُ لَا يُرَدُّ فَلِكُلٍّ الْأَرْشُ وَلَوْ لَمْ يَيْأَسْ مِنْ رَدِّ صَاحِبِهِ: أَيْ لِظُهُورِ تَعَذُّرِ الرَّدِّ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ الشُّفْعَةُ) فَلَوْ وَكَّلَ وَاحِدٌ اثْنَيْنِ فِي شِرَاءِ شِقْصٍ مَشْفُوعٍ فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَ الْمُشْتَرَى نَظَرًا لِلْوَكِيلَيْنِ بَلْ يَأْخُذُ الْكُلَّ أَوْ يَتْرُكُ الْكُلَّ انْتَهَى. شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْوَكِيلِ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ كَالْوَكِيلِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ، فَلَوْ بَاعَ وَلِيٌّ لِمَوْلَيَيْنِ أَوْ وَلِيَّانِ لِمَوْلًى فَتَتَعَدَّدُ الصَّفْقَةُ فِي الثَّانِي وَتَتَّحِدُ فِي الْأَوَّلِ فَلْيُتَأَمَّلْ، فَلِلْمُشْتَرِي فِي الثَّانِي رَدُّ حِصَّةِ أَحَدِ الْوَلِيَّيْنِ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ إذَا كَانَ خِلَافَ الْمَصْلَحَةِ وَيَدْفَعُهُ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ عَقْدَيْنِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَ أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ الْمُسْتَقِلِّينَ مَثَلًا عَيْنًا وَالْآخَرُ أُخْرَى لِلْمُشْتَرِي رَدُّ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى وَإِنْ كَانَ خِلَافَ مَصْلَحَةِ الْوَلِيِّ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَا الْمَبِيعُ عَلَيْهِ) أَيْ الشَّخْصُ الَّذِي تَصَرَّفَ عَلَيْهِ الْقَاضِي بِالْبَيْعِ وَلَوْ قَالَ عَنْهُ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْهُ فِي التَّصَرُّفِ شَرْعًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ اعْتِبَارُ الْمُوَكِّلِ) لَعَلَّهُ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الصَّحِيحُ وَفَاءً بِاصْطِلَاحِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ هُوَ الصَّحِيحُ، وَإِلَّا فَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا.

[باب الخيار]

بَابُ الْخِيَارِ هُوَ اسْمٌ مِنْ الِاخْتِيَارِ الَّذِي هُوَ طَلَبُ خَيْرِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْإِمْضَاءِ وَالْفَسْخِ وَالْأَصْلُ فِي الْبَيْعِ اللُّزُومُ، إلَّا أَنَّ الشَّرْعَ أَثْبَتَ فِيهِ الْخِيَارَ رِفْقًا بِالْمُتَعَاقِدِينَ رُخْصَةً إمَّا لِدَفْعِ الضَّرَرِ، وَهُوَ خِيَارُ النَّقْصِ الْآتِي. وَإِمَّا لِلتَّرَوِّي، وَهُوَ الْمُتَعَلِّقُ بِمُجَرَّدِ التَّشَهِّي، وَلَهُ سَبَبَانِ: الْمَجْلِسُ وَالشَّرْطُ، وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهِمَا مُقَدِّمًا أَوَّلَهُمَا لِقُوَّةِ ثُبُوتِهِ بِالشَّرْعِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَإِنْ اُخْتُلِفَ فِيهِ. وَأُجْمِعَ عَلَى الثَّانِي، فَقَالَ (يَثْبُتُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ فِي) كُلِّ مُعَارَضَةٍ مَحْضَةٍ، وَهِيَ مَا تَفْسُدُ بِفَسَادِ عِوَضِهَا نَحْوُ (أَنْوَاعِ الْبَيْعِ) كَبَيْعِ أَبٍ وَإِنْ عَلَا مَالَ طِفْلِهِ لِنَفْسِهِ وَعَكْسِهِ فَإِنْ أُلْزِمَ مِنْ طَرَفٍ بَقِيَ لِلْآخَرِ كَمَا ـــــــــــــــــــــــــــــS (بَابُ الْخِيَارِ) (قَوْلُهُ: هُوَ اسْمٌ) أَيْ اسْمُ مَصْدَرٍ: أَيْ اسْمٌ مَدْلُولُهُ لَفْظُ الْمَصْدَرِ (قَوْلُهُ هُوَ طَلَبُ) أَيْ شَرْعًا (قَوْلُهُ: خَيْرِ الْأَمْرَيْنِ) أَيْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضُهُ وَلَوْ كَانَ تَرْكُهُ خَيْرًا لَهُ، أَوْ يُقَالُ: أَيْ غَالِبًا (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِي الْبَيْعِ اللُّزُومُ) أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ: يَعْنِي أَنَّ وَضْعَهُ يَقْتَضِيهِ، إذْ الْقَصْدُ مِنْهُ نَقْلُ الْمِلْكِ وَحِلِّ التَّصَرُّفِ ب مَعَ الْأَمْنِ مِنْ نَقْضِ صَاحِبِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِقُوَّةِ ثُبُوتِهِ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِقُوَّتِهِ بِثُبُوتِهِ إلَخْ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ لِقُوَّةِ ثُبُوتِهِ شَرْعًا أَنَّ الْعَقْدَ إذَا وَقَعَ ثَبَتَ بِهِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ حَتَّى لَوْ نَفَاهُ فِي الْعَقْدِ لَمْ يَصِحَّ، بِخِلَافِ خِيَارِ الشَّرْطِ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِاشْتِرَاطِ الْعَاقِدَيْنِ لَا يُقَالُ: كَمَا أَنَّ خِيَارَ الْمَجْلِسِ ثَبَتَ بِحَدِيثِ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ» إلَخْ كَذَلِكَ خِيَارُ الشَّرْطِ ثَبَتَ بِقَوْلِهِ «مَنْ بَايَعْت فَقُلْ لَا خِلَابَةَ» . لِأَنَّا نَقُولُ: الْحَدِيثَانِ الْمَذْكُورَانِ ثَبَتَ بِهِمَا حُكْمُ الْخِيَارِ، وَالْكَلَامُ هُنَا فِي نَفْسِ الْخِيَارِ حَيْثُ ثَبَتَ بِلَا شَرْطٍ، بِخِلَافِ خِيَارِ الشَّرْطِ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِاشْتِرَاطِ الْعَاقِدَيْنِ وَإِنْ كَانَ دَلِيلُهُ قَوْلَهُ مَنْ بَايَعْت إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اُخْتُلِفَ فِيهِ) وَمِنْ هُنَا قَدْ يُوَجَّهُ تَقْدِيمُهُ بِالِاهْتِمَامِ بِهِ لِلْخِلَافِ فِيهِ كَمَا وَجَّهُوا بِذَلِكَ تَقْدِيمَ صِيغَةِ الْبَيْعِ عَلَى بَقِيَّةِ أَرْكَانِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ فَيُقَالُ قُدِّمَ: إمَّا لِقُوَّةِ ثُبُوتِهِ إلَخْ، وَإِمَّا لِلِاهْتِمَامِ بِهِ. قَالَ حَجّ: ذَهَبَ كَثِيرُونَ مِنْ أَئِمَّتِنَا إلَى نَقْضِ الْحُكْمِ بِنَفْيِهِ (قَوْلُهُ: نَحْوُ أَنْوَاعِ الْبَيْعِ) إنَّمَا قَالَ نَحْوُ لِتَدْخُلَ الْإِجَارَةُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بَيْعًا فَهِيَ مَحْضَةٌ وَإِنْ كَانَتْ لَا خِيَارَ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَعَكْسُهُ) أَيْ وَاقْتَضَتْ الْمَصْلَحَةُ ذَلِكَ التَّصَرُّفَ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْوَلِيِّ مَشْرُوطٌ بِالْمَصْلَحَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَابُ الْخِيَارِ] (بَابُ الْخِيَارِ) (قَوْلُهُ: لِقُوَّةِ ثُبُوتِهِ بِالشَّرْعِ) مِنْ إضَافَةِ الْمَعْلُولِ إلَى عِلَّتِهِ (قَوْلُهُ: نَحْوُ أَنْوَاعِ الْبَيْعِ) حَاوَلَ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّ

فِي الْبَسِيطِ وَبَيْعُ جَمَدٍ فِي شِدَّةِ حَرٍّ لِخَبَرِ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا أَوْ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ اخْتَرْ» بِنَصَبِ يَقُولَ بِأَوْ بِتَقْدِيرِ إلَّا أَنْ أَوْ إلَى أَنْ لَا بِالْعُطُفِ وَإِلَّا لَقَالَ يَقُلْ بِالْجَزْمِ، وَهُوَ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْقَصْدَ اسْتِثْنَاءُ الْقَوْلِ مِنْ عَدَمِ التَّفَرُّقِ أَوْ جَعْلُهُ غَايَةً لَهُ لَا مُغَايِرَتُهُ لَهُ الصَّادِقَةُ بِعَدَمِ الْقَوْلِ مَعَ عَدَمِ التَّفَرُّقِ، وَزَعْمُ نَسْخِهِ لِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِخِلَافِهِ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ جُلَّ عَمَلِهِمْ لَا يَثْبُتُ بِهِ نَسْخٌ كَمَا قُرِّرَ فِي الْأُصُولِ عَلَى أَنَّ ابْنَ عُمَرَ مِنْ أَجَلِّهِمْ، وَهُوَ رَاوِي الْحَدِيثِ كَانَ يَعْمَلُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَلَوْ بَاعَ حِينَئِذٍ ثُمَّ تَغَيَّرَ الْحَالُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَصَارَتْ مَصْلَحَةُ الْفَرْعِ فِي خِلَافِ ذَلِكَ التَّصَرُّفِ وَكَانَتْ مَصْلَحَةُ الْأَصْلِ فِيهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَمْتَنِعَ عَلَى الْأَصْلِ إلْزَامُ الْعَقْدِ عَلَى الْفَرْعِ وَأَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ الْفَسْخُ بِخِيَارِ الْفَرْعِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُرَاعِيَ مَصْلَحَتَهُ، وَلَوْ انْعَكَسَ الْأَمْرُ فَكَانَتْ مَصْلَحَةُ الْفَرْعِ فِي إمْضَاءِ التَّصَرُّفِ وَالْأَصْلُ خِلَافَهُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لِلْأَصْلِ الْفَسْخُ بِخِيَارِ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ فَائِدَةُ تَخْيِيرِهِ لِنَفْسِهِ، وَلَوْ امْتَنَعَ الْفَسْخُ حِينَئِذٍ لَزِمَ انْقِطَاعُ خِيَارِهِ بِلَا تَفَرُّقٍ وَلَا إلْزَامَ مِنْ جِهَتِهِ بِمُجَرَّدِ مُعَارَضَةِ مَصْلَحَةِ الْفَرْعِ وَهُوَ بَعِيدٌ لَا نَظِيرَ لَهُ، وَلَوْ بَاعَ الْأَصْلُ مَالَ أَحَدِ فَرْعَيْهِ لِلْآخَرِ حَيْثُ اقْتَضَتْ الْمَصْلَحَةُ ذَلِكَ التَّصَرُّفَ لَهُمَا ثُمَّ تَغَيَّرَ الْحَالُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَانْعَكَسَتْ مَصْلَحَتُهُمَا فَقَدْ تَعَارَضَتْ الْمَصْلَحَتَانِ فَإِنَّ الْإِجَازَةَ تُفَوِّتُ مَصْلَحَةَ أَحَدِهِمَا وَالْفَسْخَ يُفَوِّتُ مَصْلَحَةَ الْآخَرِ، فَهَلْ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالْفَسْخِ لِعَدَمِ إمْكَانِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ أَوْ يَتَعَيَّنُ الْفَسْخُ لِأَنَّ فِيهِ رُجُوعًا لِمَا كَانَ قَبْلَ التَّصَرُّفِ؟ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يُرَاعَى مَنْ الْمَصْلَحَةُ لَهُ فِي الْفَسْخِ لِأَنَّ رِعَايَةَ الْآخَرِ فِي الْإِجَازَةِ تُبْطِلُ فَائِدَةَ الْخِيَارِ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِي. فَكَمَا مَرَّ أَنَّ الْوَلِيَّ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ مُرَاعَاةُ مَصْلَحَةِ الْفَرْعِ فِي الْإِجَازَةِ بَلْ لَهُ الْفَسْخُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنْ أَصَرَّ بِالْفَرْعِ فَكَذَلِكَ هُنَا (قَوْلُهُ: وَبَيْعُ جَمَدٍ) أَيْ وَإِنْ أَسْرَعَ إلَيْهِ الْفَسَادُ وَأَدَّى ذَلِكَ إلَى تَلَفِهِ، وَسَيَأْتِي عَنْ سم عَلَى حَجّ مَا يُفِيدُهُ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خِيَارِ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ الْبَيِّعَانِ) أَيْ الْمُتَبَايِعَانِ (قَوْلُهُ: «مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا» ) أَيْ مِنْ مَكَانِهِمَا بِدَلِيلِ قِصَّةِ ابْنِ عُمَرَ رَاوِي الْخَبَرَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ لَا يَصِحُّ) بِخَطِّ شَيْخِنَا الْبُرُلُّسِيِّ بِهَامِشِ الْمَحَلِّيِّ مَا نَصُّهُ: الْمَعْنَى عَلَى الْعَطْفِ أَنَّ الْخِيَارَ ثَابِتٌ لَهُمَا مُدَّةَ انْتِفَاءِ التَّفَرُّقِ أَوْ مُدَّةَ انْتِفَاءِ قَوْلِ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ اخْتَرْ فَيَقْتَضِي ثُبُوتَهُ فِي الْأُولَى وَإِنْ انْتَفَتْ الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ اخْتَرْ وَثُبُوتُهُ فِي الثَّانِيَةِ وَإِنْ انْتَفَتْ الْأُولَى بِأَنْ تَفَرَّقَا، وَالتَّخَلُّصُ مِنْهُمَا بِمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَكَذَا ظَهَرَ لِي فِي فَهْمِ هَذَا الْمَحَلِّ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. أَقُولُ: يَرُدُّ عَلَى ذَلِكَ مَا قَرَّرَهُ الرَّضِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ بَعْدَ النَّفْيِ يَكُونُ نَفْيًا لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَعَاطِفَاتِ لَا لِأَحَدِهِمَا، وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا بِحَسَبِ الِاسْتِعْمَالِ، وَإِلَّا فَقَضِيَّةُ أَصْلِ وَضْعِ اللُّغَةِ أَنَّ النَّفْيَ لِأَحَدِهِمَا كَمَا اعْتَرَفَ نَفْسُ الرَّضِيِّ بِذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ فَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ إشْكَالٌ لَا بِحَسَبِ أَصْلِ اللُّغَةِ وَلَا بِحَسَبِ اسْتِعْمَالِهَا فَيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: مِنْ عَدَمِ التَّفَرُّقِ إلَخْ) قَالَ حَجّ وَلَمْ يُبَالِ بِهَذَا الْإِيهَامِ شُرَّاحُ الْبُخَارِيِّ حَيْثُ جَوَّزُوا فِي رِوَايَةِ «مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا أَوْ يُخَيِّرْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ» نَصْبُ الرَّاءِ وَجَزْمِهَا اهـ (قَوْلُهُ: لَا مُغَايَرَتُهُ) أَيْ الْقَوْلِ: وَقَوْلُهُ لَهُ: أَيْ التَّفَرُّقُ (قَوْلُهُ بِعَدَمِ الْقَوْلِ مَعَ التَّفَرُّقِ) فِي نُسْخَةٍ بِوُجُودِ الْقَوْلِ مَعَ إلَخْ، وَكَتَبَ سم عَلَيْهَا: يَنْبَغِي مَعَ عَدَمِ التَّفَرُّقِ اهـ سم عَلَى حَجّ. ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ: مَعَ عَدَمِ التَّفَرُّقِ لَكِنَّهَا لَا تُنَاسِبُ النُّسْخَةَ الَّتِي صُورَتُهَا بِعَدَمِ الْقَوْلِ، وَإِنَّمَا تُنَاسِبُ نُسْخَةَ بِوُجُودِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَزَعَمَ نَسْخَهُ) أَيْ الْخَبَرِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ جُلَّ عَمَلِهِمْ) فِي حَجّ إسْقَاطُ جُلٍّ وَهُوَ أَوْلَى لِأَنَّ عَمَلَهُمْ لَا يَثْبُتُ بِهِ نَفْسَهُ نَسْخٌ أَصْلًا، وَلَوْ اتَّفَقَ نَسْخُهُ فِي مَوْضِعٍ بِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ظَاهِرًا كَانَ النَّسْخُ فِي الْحَقِيقَةِ بِغَيْرِهِ غَايَتُهُ أَنَّ ذَلِكَ الْغَيْرَ وَافَقَ عَمَلَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَوْ أَنَّ عَمَلَهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّارِحَ جَعَلَ أَنْوَاعَ الْبَيْعِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِإِدْخَالِهِ لَفْظَ نَحْوَ عَلَيْهِ مِثَالًا لِلْمُعَاوَضَةِ الْمَحْضَةِ لَا لِمَا يَثْبُتُ فِيهِ الْخِيَارُ، فَمِنْ النَّحْوِ حِينَئِذٍ الْإِجَارَةُ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ

بِهِ (كَالصَّرْفِ وَبَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ) وَمَا اسْتَشْكَلَ بِهِ ثُبُوتُ الْخِيَارِ فِي الصَّرْفِ مَعَ أَنَّ الْقَصْدَ بِهِ تَرَوِّي الْعَاقِدِ فِي اخْتِيَارِ الْأَفْضَلِ لَهُ. وَالْمُمَاثَلَةُ شَرْطٌ فِي الرِّبَوِيِّ فَالْأَمْرَانِ مُسْتَوِيَانِ، فَإِذَا قُطِعَ بِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ فَكَيْفَ يَثْبُتُ الْخِيَارُ؟ يُرَدُّ بِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ الْقَصْدَ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ هُنَا مُجَرَّدُ التَّشَهِّي، عَلَى أَنَّ هَذَا غَفْلَةٌ عَمَّا مَرَّ فِيهَا الْمَعْلُومُ مِنْهُ أَنَّهَا لَا تَمْنَعُ أَنَّ أَحَدَهُمَا أَفْضَلُ (وَالسَّلَمُ وَالتَّوْلِيَةُ وَالتَّشْرِيكُ) لِشُمُولِ اسْمِ الْبَيْعِ لَهَا، وَلَوْ بَاعَ الْعَبْدُ مِنْ نَفْسِهِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ خِيَارٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَلَا لِسَيِّدِهِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ، وَلَا يُرَدُّ ذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا عَقْدُ عَتَاقَةٍ لَا بَيْعٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِهِ الْبَيْعُ الضِّمْنِيُّ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ تَقْدِيرِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْعِتْقِ، وَذَلِكَ زَمَنٌ لَطِيفٌ لَا يَتَأَتَّى مَعَهُ تَقْدِيرٌ آخَرُ فَالْخِيَارُ فِيهِ غَيْرُ مُمْكِنٍ. قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَيَثْبُتُ أَيْضًا فِي قِسْمَةِ الرَّدِّ فَقَطْ دُونَ قِسْمَتَيْ الْإِفْرَازِ وَالتَّعْدِيلِ وَلَوْ بِالتَّرَاضِي لِأَنَّ الْمُمْتَنِعَ عَنْهُ مُجْبَرٌ عَلَيْهِ (وَصُلْحِ الْمُعَاوَضَةِ) عَلَى غَيْرِ مَنْفَعَةٍ، بِخِلَافِ صُلْحِ الْحَطِيطَةِ فَإِنَّهُ فِي الدَّيْنِ إبْرَاءٌ وَفِي الْعَيْنِ هِبَةٌ. أَمَّا صُلْحُ الْمُعَاوَضَةِ عَلَى مَنْفَعَةٍ فَإِجَارَةٌ، وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ لِمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ مِنْ عَدَمِ الْخِيَارِ فِيهَا وَعَلَى دَمِ الْعَمْدِ فَلَا يُرَدُّ أَيْضًا لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ غَيْرُ مَحْضَةٍ، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ سِيَاقِهِ أَنَّهُ لَا خِيَارَ فِيهَا. (وَلَوْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) كَأَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ (فَإِنْ قُلْنَا) فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا (الْمِلْكُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ) وَهُوَ مَرْجُوحٌ (أَوْ مَوْقُوفٌ) وَهُوَ الْأَصَحُّ ـــــــــــــــــــــــــــــSمُسْتَنِدٌ إلَيْهِ (قَوْلُهُ كَالصَّرْفِ) هُوَ بَيْعُ النَّقْدِ بِالنَّقْدِ مَضْرُوبًا أَوْ غَيْرَ مَضْرُوبٍ (قَوْلُهُ: شَرْطٌ فِي الرِّبَوِيِّ) أَيْ بِشَرْطِ اتِّحَادِ الْجِنْسِ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ السُّؤَالُ (قَوْلُهُ: بِثُبُوتِ الْخِيَارِ هُنَا) وَأَيْضًا فَقَدْ يَتَعَلَّقُ الْغَرَضُ بِالْمَفْضُولِ أَوْ الْمُسَاوِي اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: عَمَّا مَرَّ فِيهَا) أَيْ الْمُمَاثَلَةِ (قَوْلُهُ: لَا تَمْنَعُ أَنَّ أَحَدَهُمَا) أَيْ أَحَدَ الرِّبَوِيَّيْنِ (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ) أَيْ إذْ الْعِبْرَةُ فِيهَا بِالْمُسَاوَاةِ بِالْكَيْلِ فِي الْمَكِيلِ وَالْوَزْنِ فِي الْمَوْزُونِ وَإِنْ اخْتَلَفَا جُودَةً وَرَدَاءَةً (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِهِ إلَخْ) جَزَمَ بِهَذَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي مَتْنِ مَنْهَجِهِ وَصَرِيحُ الشَّارِحِ أَنَّهُ بَحْثٌ لِلزَّرْكَشِيِّ، وَعَلَيْهِ فَاللَّائِقُ نِسْبَتُهُ لَهُ كَمَا فَعَلَ الشَّارِحُ فَإِنَّ الْجَزْمَ بِهِ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ يُوهِمُ أَنَّهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ، وَمَا فِي الْمَنْهَجِ مِنْ الْجَزْمِ يُوَافِقُهُ مَا فِي حَجّ حَيْثُ قَالَ وَمِثْلُهُ: أَيْ بَيْعِ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ الْبَيْعَ الضِّمْنِيَّ اهـ (قَوْلُهُ: الْبَيْعُ الضِّمْنِيُّ) وَمِثْلُهُ الْحَوَالَةُ فَلَا خِيَارَ فِيهَا وَإِنْ قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ لِأَنَّهَا رُخْصَةٌ فَلَا يُنَاسِبُهَا ثُبُوتُ الْخِيَارِ اهـ مَتْنُ مَنْهَجٍ بِالْمَعْنَى وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: وَلَا خِيَارَ فِي الْحَوَالَةِ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: تَقْدِيرٌ آخَرُ) أَيْ زَمَنٍ آخَرَ يَتَمَكَّنُ فِيهِ أَحَدُهُمَا مِنْ الْفَسْخِ أَوْ الْإِجَازَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُمْتَنِعَ مِنْهُ) أَيْ كُلٍّ مِنْ قِسْمَتَيْ الْإِفْرَازِ وَالتَّعْدِيلِ (قَوْلُهُ: مُجْبَرٌ عَلَيْهِ) يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ الْقِسْمَةِ أُجْبِرَ عَلَيْهَا فِي الْإِفْرَازِ وَالتَّعْدِيلِ فَلَا يُنَافِي امْتِنَاعُ الْخِيَارِ فِيمَا لَوْ رُفِعَتْ بِالتَّرَاضِي (قَوْلُهُ وَصُلْحُ الْمُعَاوَضَةِ) كَأَنْ يُصَالِحَهُ عَلَى دَارٍ بِعَبْدٍ (قَوْلُهُ: عَلَى غَيْرِ مَنْفَعَةٍ) أَيْ أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا لَيْسَ بَيْعًا لِكَوْنِهِ خُلْعًا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ صُلْحِ الْحَطِيطَةِ) هِيَ الصُّلْحُ مِنْ الشَّيْءِ عَلَى بَعْضِهِ دَيْنًا كَانَ أَوْ عَيْنًا (قَوْلُهُ: أَوْ عَدِمَ الْخِيَارُ فِيهَا) أَيْ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى دَمِ الْعَمْدِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى مَنْفَعَةٍ (قَوْلُهُ: وَقَدْ عُلِمَ مِنْ سِيَاقِهِ) أَيْ حَيْثُ عَبَّرَ بِأَنْوَاعِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا خِيَارَ فِيهَا) أَيْ فِي الْمُعَاوَضَةِ الْغَيْرِ الْمَحْضَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ إلَخْ) . [فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ قَالَ لِشَخْصٍ إنْ اشْتَرَيْت عَبْدَك أَوْ مَلَكْته فَهُوَ حُرٌّ، وَقَالَ لِلْعَبْدِ إنْ اشْتَرَيْتُك فَأَنْت حُرٌّ هَلْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ إذَا مَلَكَهُ نَظَرًا لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ أَوَّلًا قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَكُونَ الْمَحَلُّ مَمْلُوكًا لَهُ، فِيهِ نَظَرُ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي. ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ فِي فَصْلِ خِطَابِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَتَعْلِيقُهُ لَغْوٌ: أَيْ إجْمَاعًا فِي الْمُنْجِزِ، إلَى أَنْ قَالَ: وَتَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالْمِلْكِ بَاطِلٌ كَذَلِكَ اهـ. وَبَقِيَ مَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ بِعْتُك بَيْعًا صَحِيحًا فَأَنْت حُرٌّ فَبَاعَهُ كَذَلِكَ فَهَلْ يَعْتِقُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا، وَالْأَقْرَبُ الْعِتْقُ عَقِبَ الْعَقْدِ كَمَا لَوْ نَجَّزَهُ فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَيَنْفَسِخُ بِهِ الْعَقْدُ، ثُمَّ رَأَيْته فِي الْخَطِيبِ عَلَى هَذَا الْكِتَابِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[اشترى من يعتق عليه]

(فَلَهُمَا الْخِيَارُ) لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي بِلَا مَانِعٍ (وَإِنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي) عَلَى الضَّعِيفِ (تَخَيَّرَ الْبَائِعُ) إذْ لَا مَانِعَ أَيْضًا هُنَا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ (دُونَهُ) إذْ قَضِيَّةُ مِلْكِهِ لَهُ عَدَمُ تَمَكُّنِهِ مِنْ إزَالَتِهِ وَأَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْعِتْقُ حَالًا، فَلَمَّا تَعَذَّرَ الثَّانِي لِحَقِّ الْبَائِعِ بَقِيَ الْأَوَّلُ وَبِاللُّزُومِ يَتَبَيَّنُ عِتْقُهُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ. (وَلَا خِيَارَ فِي) عَقْدٍ جَائِزٍ وَلَوْ مِنْ طَرَفٍ كَرَهْنٍ. نَعَمْ لَوْ شَرَطَهُ فِي بَيْعٍ وَأَقْبَضَهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ أَمْكَنَ فَسْخُهُ بِأَنْ يُفْسَخَ الْبَيْعُ فَيُفْسَخُ هُوَ تَبَعًا، ـــــــــــــــــــــــــــــSوَعِبَارَتُهُ: إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ مَثَلًا إذَا بِعْتُك فَأَنْت حُرٌّ فَبَاعَهُ بِشَرْطِ نَفْيِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ بَطَلَ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَاهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَشْرُطْهُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ لِأَنَّ عِتْقَ الْبَائِع فِي زَمَنِ الْخِيَارِ نَافِذٌ اهـ. [فَرْعٌ] لَوْ قَالَ: بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ بِشَرْطِ أَنْ تُعْتِقَهُ فَقَالَ اشْتَرَيْت فَهَلْ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي خِيَارُ الْمَجْلِسِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ فِي ثُبُوتِهِ لَهُ تَفْوِيتًا لِلشَّرْطِ الَّذِي شَرَطَهُ. [فَرْعٌ] لَوْ قَالَ: إنْ بِعْتُك فَأَنْت حُرٌّ ثُمَّ بَاعَهُ صَحَّ الْبَيْعُ وَعَتَقَ عَلَيْهِ فَوْرًا لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ دُخُولُهُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي فِي زَمَنٍ لَطِيفٍ نَظِيرَ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فِي الْبَيْعِ الضِّمْنِيِّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إنْ اشْتَرَيْتُك فَأَنْت حُرٌّ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَى الْقَائِلِ بِالشِّرَاءِ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ تَعْلِيقَهُ حِينَ الْإِتْيَانِ بِالصِّيغَةِ (قَوْلُهُ: فَلَهُمَا الْخِيَارُ) بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى مَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ يَثْبُتُ لِلْبَائِعِ وَلَا يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ مِنْ جِهَتِهِ اقْتِدَاءٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَمِثْلُهُ مَنْ شَهِدَ بِحُرِّيَّتِهِ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ (قَوْلُهُ لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي) أَيْ وَهُوَ مَجْلِسُ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ فَلَمَّا تَعَذَّرَ الثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ وَأَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْعِتْقُ بَقِيَ الْأَوَّلُ: أَيْ عَدَمُ التَّمَكُّنِ مِنْ الْفَسْخِ (قَوْلُهُ: يَتَبَيَّنُ عِتْقُهُ عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ) أَيْ فَلَا يَكُونُ حَقُّ الْحَبْسِ مَانِعًا مِنْ نُفُوذِ الْعِتْقِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ حَيْثُ عَتَقَ امْتَنَعَ عَلَى الْبَائِعِ حَبْسُهُ، وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ هَذَا مُسْتَثْنًى مِمَّا يَثْبُتُ فِيهِ حَقُّ الْحَبْسِ لِلْبَائِعِ، وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ بَيْعَهُ لِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ عَلَى الرِّضَا بِتَأْخِيرِ قَبْضِ الثَّمَنِ كَالْبَيْعِ بِمُؤَجَّلٍ ثُمَّ مَا تَقَرَّرَ مِنْ الْعِتْقِ قَبْلَ تَوْفِيَةِ الثَّمَنِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: هُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ، وَنَقَلَ السُّبْكِيُّ عَنْ الْجُورِيُّ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ إلَّا بَعْدَ تَوْفِيَةِ الثَّمَنِ، لَكِنْ نَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الشَّارِحِ اعْتِمَادَ الْعِتْقِ، هَذَا وَقَدْ اسْتَشْكَلَ ع تَبَيُّنُ الْعِتْقِ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ لِلْبَائِعِ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عِتْقُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي قَبْلَ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ اهـ. وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ مِلْكَ الْبَائِعِ لَمَّا كَانَ مُزَلْزَلًا وَآيِلًا لِلُّزُومِ بِنَفْسِهِ مَعَ تَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ نَزَّلْنَاهُ مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ. وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الْحَلَبِيِّ مَا يُوَافِقُهُ. ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْعَرْضَ عَلَى الْبَيْعِ إلَخْ مَا يُصَرَّحُ بِهِ حَيْثُ قَالَ لِأَنَّ الْعِتْقَ إلَخْ، لَكِنْ يَرُدُّ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ الزَّوَائِدُ حَيْثُ جَعَلُوهَا لِلْبَائِعِ فَيُنَافِي كَوْنُ مِلْكِهِ مُزَلْزَلًا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَ الشَّارِعُ نَاظِرًا لِلْعِتْقِ مَا أَمْكَنَ رَاعَوْهُ، وَلَا يَضُرُّ تَبْعِيضُ الْأَحْكَامِ حِينَئِذٍ، فَبِالنِّسْبَةِ لِتَبَيُّنِ الْعِتْقِ يَلْحَقُ بِاللَّازِمِ وَبِالنِّسْبَةِ لِمِلْكِ الزَّوَائِدِ يُسْتَصْحَبُ الْمِلْكُ السَّابِقُ عَلَى الْعَقْدِ حَتَّى يُوجَدَ نَاقِلٌ لَهُ قَوِيٌّ، وَوَقَعَ لَهُمْ تَبْعِيضُ الْأَحْكَامِ فِي مَسَائِلَ مُتَعَدِّدَةٍ مِنْهَا مَا لَوْ اسْتَلْحَقَ أَبُوهُ زَوْجَتَهُ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ الزَّوْجُ فَيَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا وَلَا تَنْقُضُ وُضُوءَهُ. . ـــــــــــــــــــــــــــــQ [اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ] قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ شَرَطَهُ فِي بَيْعِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَا يَثْبُتُ فِي الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَالشَّرِكَةِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا كَالْكِتَابَةِ، وَالرَّهْنِ نَصُّهَا: لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بَيْعًا؛ وَلِأَنَّ الْجَائِزَ فِي حَقِّهِ بِالْخِيَارِ أَبَدًا فَلَا مَعْنَى لِثُبُوتِهِ لَهُ، وَالْآخَرُ وَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَى الْغَبْنِ الْمَقْصُودِ دَفْعُهُ بِالْخِيَارِ، وَلَكِنْ لَوْ كَانَ الرَّهْنُ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ إلَخْ فَالِاسْتِدْرَاكُ فِي كَلَامِهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا اقْتَضَتْهُ الْعِلَّةُ مِنْ أَنَّ اللَّازِمَ فِي حَقِّهِ لَا يَثْبُتُ لَهُ خِيَارٌ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْفَسْخِ

وَضَمَانٌ وَوَكَالَةٌ وَقَرْضٌ وَشِرْكَةٌ وَعَارِيَّةٌ وَوَقْفٌ وَعِتْقٌ وَطَلَاقٌ إذْ لَا يُحْتَاجُ لَهُ فِيهِ وَلَا فِي (الْإِبْرَاءِ) لِأَنَّهُ لَا مُعَاوَضَةَ فِيهِ (وَالنِّكَاحِ) إذْ الْمُعَاوَضَةُ فِيهِ غَيْرُ مَحْضَةٍ (وَالْهِبَةِ بِلَا ثَوَابٍ) لِانْتِفَاءِ الْمُعَاوَضَةِ (وَكَذَا) الْهِبَةِ (ذَاتِ الثَّوَابِ) لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ فِيهَا لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى بَيْعًا، وَالْمُعْتَمَدُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ فِيهَا وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّهَا بَيْعٌ حَقِيقِيٌّ (وَالشُّفْعَةِ) لِأَنَّ الْخِيَارَ فِيمَا يَثْبُتُ مِلْكُهُ بِالِاخْتِيَارِ فَلَا مَعْنًى لِإِثْبَاتِهِ فِيمَا مُلِكَ بِالْقَهْرِ وَالْإِجْبَارِ (وَ) كَذَا (الْإِجَارَةِ) بِسَائِرِ أَنْوَاعِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى بَيْعًا وَلِفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ فَأَلْزَمْنَا الْعَقْدَ لِئَلَّا يَتْلَفَ جُزْءٌ مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لَا فِي مُقَابَلَةِ الْعِوَضِ، وَلِأَنَّهَا لِكَوْنِهَا عَلَى مَعْدُومٍ وَهُوَ الْمَنْفَعَةُ عَقْدَ غَرَرٍ وَالْخِيَارُ غَرَرٌ فَلَا يَجْتَمِعَانِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ إجَارَةِ الذِّمَّةِ وَالسَّلَمِ بِأَنَّهُ يُسَمَّى بَيْعًا بِخِلَافِهَا، وَبِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ يُتَصَوَّرُ وُجُودُهُ فِي الْخَارِجِ غَيْرَ فَائِتٍ مِنْهُ شَيْءٌ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ فَكَانَ أَقْوَى وَأَدْفَعَ لِلْغَرَرِ مِنْهُ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبَيْعِ الْوَارِدِ عَلَى الْمَنْفَعَةِ كَحَقِّ الْمَمَرِّ بِأَنَّهُ لَمَّا عُقِدَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ أُعْطِيَ حُكْمُهُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عُقِدَ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ لَا خِيَارَ فِيهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْإِجَارَةِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ وَأَمَّا إجَارَةُ الذِّمَّةِ فَيَثْبُتُ الْخِيَارُ فِيهَا قَطْعًا، وَنَقَلَهُ الشَّارِحُ وَأَقَرَّهُ طَرِيقَةٌ ضَعِيفَةٌ (وَالْمُسَاقَاةِ) كَالْإِجَارَةِ (وَالصَّدَاقِ) لِأَنَّ الْمُعَاوَضَةَ فِيهِ غَيْرُ مَحْضَةٍ مَعَ كَوْنِهِ غَيْرَ مَقْصُودٍ بِالذَّاتِ وَعِوَضُ الْخُلْعِ مِثْلُهُ (فِي الْأَصَحِّ) فِي الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ وَمَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَى رَدِّ مُقَابِلِ كُلٍّ مِنْهُمَا. (وَيَنْقَطِعُ) خِيَارُ الْمَجْلِسِ (بِالتَّخَايُرِ) مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَضَمَانٌ وَوَقْفٌ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ مَا مَعْنَى جَوَازُهُ فِيهِمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَوَازُ مِنْ جِهَةِ الْمَضْمُونِ لَهُ بِمَعْنَى أَنَّ لَهُ إسْقَاطَ الضَّمَانِ وَإِبْرَاءَ الضَّامِنِ وَمِنْ جِهَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْمُعَيَّنِ بِمَعْنَى أَنَّ لَهُ رَدَّ الْوَقْفِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: هَذَا لَا يَرُدُّ عَلَى الشَّارِحِ لِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ ثُبُوتَ الْخِيَارِ فِيهِمَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ نَفْيَهُ فِيهِمَا فَرْعٌ عَنْ إمْكَانِهِ وَحَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ، وَهَذَا إنْ أُرِيدَ بِالْجَوَازِ ثُبُوتُ الْخِيَارِ فَإِنْ أُرِيدَ جَوَازُ الْعَقْدِ بِمَعْنَى عَدَمِ لُزُومِهِ فَلَا إيرَادَ، وَهَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الضَّمَانَ وَمَا بَعْدَهُ عَطْفٌ عَلَى الرَّهْنِ وَلَك أَنْ تَجْعَلَهُ عَطْفًا عَلَى الْعَقْدِ بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ وَعَلَيْهِ فَلَا إشْكَالَ (قَوْلُهُ: وَعَتَقَ) يُتَأَمَّلُ مَعْنَى الْجَوَازِ فِي الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ فَإِنَّ الظَّاهِرَ جَعْلُهُمَا مِنْ جُمْلَةِ الْعَقْدِ الْجَائِزِ، وَيُحْتَمَلُ عَطْفُهُمَا عَلَى عَقْدٍ جَائِزٍ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ وَلَا خِيَارَ فِي عِتْقٍ وَلَا طَلَاقٍ وَلَكِنْ يُبْعِدُهُ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ إذْ لَا يُحْتَاجُ لَهُ فِيهِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُحْتَاجُ لَهُ) أَيْ الْخِيَارُ (قَوْلُهُ فِيهِ) أَيْ الْعَقْدِ الْجَائِزِ لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ وَالْوَقْفَ وَالْأَوْلَى رُجُوعٌ فِيهِ لِمَا ذُكِرَ مِنْ الْعَقْدِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ مِنْ الضَّمَانِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْهِبَةُ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: بِسَائِرِ أَنْوَاعِهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ إجَارَةَ عَيْنٍ أَوْ ذِمَّةً قُدِّرَتْ بِزَمَانٍ أَوْ مَحَلِّ عَمَلٍ، وَبِهَذَا يَتَّضِحُ التَّعْبِيرُ بِالْأَنْوَاعِ فَلَا يُقَالُ إنَّ الْإِجَارَةَ نَوْعَانِ فَقَطْ وَهُمَا الذِّمَّةُ وَالْعَيْنُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى بَيْعًا) مُتَأَتٍّ هَذَا التَّعْلِيلُ فِي سَائِرِ أَنْوَاعِهَا (قَوْلُهُ: وَلِفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ) لَا يَتَأَتَّى فِي الْمَقْدِرَةِ بِمَحَلِّ الْعَمَلِ فَبَعْضُ التَّعَالِيلِ عَامٌّ وَبَعْضُهُ خَاصٌّ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهَا إلَخْ) مِثْلُ الْأَوَّلِ فِي جَرَيَانِهِ فِي سَائِرِ أَنْوَاعِهَا (قَوْلُهُ: وُجُودُهُ فِي الْخَارِجِ) هَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي السَّلَمِ فِي الْمَنَافِعِ مَعَ ثُبُوتِ الْخِيَارِ فِيهِ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْغَالِبَ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ كَوْنُهُ عَيْنًا لَا تَفُوتُ بِفَوَاتِ الزَّمَنِ (قَوْلُهُ: كَحَقِّ الْمَمَرِّ) أَيْ أَوْ إجْرَاءِ الْمَاءِ أَوْ وَضْعِ الْجُذُوعِ عَلَى الْجِدَارِ (قَوْلُهُ فِي الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ) وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ وَعِوَضُ الْخُلْعِ مِثْلُهُ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِيهِ أَيْضًا وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِلزَّوْجِ فَقَطْ، وَعِبَارَةُ عَمِيرَةَ قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ إلَخْ مُقَابِلُهُ فِي الْخُلْعِ يَقُولُ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلزَّوْجِ فَقَطْ، فَإِذَا فُسِخَ وَقَعَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَسَقَطَ الْعِوَضُ. (قَوْلُهُ: وَيَنْقَطِعُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ بِالتَّخَايُرِ) إلَى أَنْ قَالَ وَبِالتَّفَرُّقِ قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: وَأَفْهَمَ حَصْرُهُ الْقَاطِعُ فِيمَا ذَكَرَ أَنَّ رُكُوبَ الْمُشْتَرِي الدَّابَّةَ الْمَبِيعَةَ لَا يَقْطَعُ، وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لِاخْتِبَارِهَا. وَالثَّانِي يَنْقَطِعُ لِتَصَرُّفِهِ، وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ تَرْجِيحُهُ الْأُولَى: وَلَا تُسَلَّمُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَوَقْفٍ وَعِتْقٍ وَطَلَاقٍ) مَعْطُوفَاتٌ عَلَى عَقْدٍ جَائِزٍ لَا عَلَى مَدْخُولِ الْكَافِ. (قَوْلُهُ: وَلِفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ) أَيْ: فِي الْمُقَدَّرَةِ بِزَمَنٍ (قَوْلُهُ: فِي الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ) أَيْ: عَلَى مَا مَرَّ فِي الْهِبَةِ (قَوْلُهُ: وَمَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَى رَدِّ مُقَابِلِ كُلٍّ مِنْهُمَا)

[ينقطع خيار المجلس بالتخاير من العاقدين]

الْعَاقِدَيْنِ (بِأَنْ يَخْتَارَا لُزُومَهُ) أَيْ الْعَقْدِ صَرِيحًا كَتَخَايَرْنَا وَأَمْضَيْنَاهُ وَأَجَزْنَاهُ وَأَبْطَلْنَا الْخِيَارَ وَأَفْسَدْنَاهُ لِأَنَّهُ حَقُّهُمَا فَسَقَطَ بِإِسْقَاطِهِمَا، أَوْ ضَمِنَا بِأَنْ يَتَبَايَعَا الْعِوَضَيْنِ بَعْدَ قَبْضِهِمَا فِي الْمَجْلِسِ إذْ ذَلِكَ مُتَضَمِّنٌ لِلرِّضَا بِلُزُومِ الْأَوَّلِ فَلَا تَرُدُّ هَذِهِ الصُّورَةُ عَلَى مَفْهُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (فَلَوْ اخْتَارَ أَحَدُهُمَا) لُزُومَهُ (سَقَطَ حَقُّهُ وَبَقِيَ) الْخِيَارُ (لِلْآخَرِ) كَخِيَارِ الشَّرْطِ، وَقَوْلُ أَحَدِهِمَا اخْتَرْت أَوْ خَيَّرْتُك يَقْطَعُ خِيَارَهُ لِرِضَاهُ بِلُزُومِهِ لَا خِيَارِ الْمُخَاطَبِ مَا لَمْ يَقُلْ اخْتَرْت إذْ السُّكُوتُ غَيْرُ مُتَضَمِّنٌ لِلرِّضَا، وَلَوْ أَجَازَا فِي الرِّبَوِيِّ قَبْلَ التَّقَابُضِ بَطَلَ وَإِنْ تَقَابَضَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ (وَ) يَنْقَطِعُ أَيْضًا بِمُفَارَقَةِ مُتَوَلِّي طَرَفَيْ عَقْدٍ لِمَجْلِسِهِ (وَبِالتَّفَرُّقِ بِبَدَنِهِمَا) وَلَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا لَا بِرُوحِهِمَا كَمَا يَأْتِي فِي الْمَوْتِ لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ حَتَّى يَتَفَرَّقَا مِنْ مَكَانِهِمَا» وَصَحَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ كَانَ إذَا بَاعَ قَامَ فَمَشَى هُنَيْهَةً ثُمَّ رَجَعَ. لَا يُقَالُ: قَضِيَّةُ ذَلِكَ حِلُّ الْفِرَاقِ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ صَاحِبُهُ وَقَدْ وَرَدَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إلَّا أَنْ تَكُونَ صَفْقَةَ خِيَارٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَ صَاحِبَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنَّ مِثْلَ هَذَا التَّصَرُّفِ يَقْطَعُهُ وَيُقَاسُ بِالْمَذْكُورِ مَا فِي مَعْنَاهُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَتَبَايَعَا الْعِوَضَيْنِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ بِتَبَايُعِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ كَأَنْ أَخَذَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ الثَّمَنِ الَّذِي قَبَضَهُ مِنْهُ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ تَصَرُّفَ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ مَعَ الْآخَرِ إجَازَةٌ وَذَلِكَ يَقْتَضِي انْقِطَاعَ الْخِيَارِ بِمَا ذُكِرَ، فَلَعَلَّ قَوْلَهُ الْعِوَضَيْنِ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ كِنَايَاتِهِ أَحْبَبْت الْعَقْدَ أَوْ كَرِهْته (قَوْلُهُ: إذْ ذَاكَ) أَيْ التَّبَايُعُ (قَوْلُهُ عَلَى مَفْهُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ) وَهُوَ قَوْلٌ بِالتَّخَايُرِ وَبِالتَّفَرُّقِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ أَحَدِهِمَا اخْتَرْت) لَوْ قَالَ أَجَزْت فِي النِّصْفِ وَفَسَخْت فِي النِّصْفِ غَلَبَ الْفَسْخُ، قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَإِنْ قَالَ أَجَزْت أَوْ فَسَخْت بِالتَّرَدُّدِ أَوْ عَكَسَ ذَلِكَ عُمِلَ بِالْأَوَّلِ عَلَى الْأَقْرَبِ مِنْ الِاحْتِمَالَاتِ وَلَمْ أَرَ فِيهَا نَقْلًا اهـ مِنْ شَرْحِ الْعُبَابِ سم عَلَى حَجّ. وَبَقِيَ مَا لَوْ قَالَ أَجَزْت فِي النِّصْفِ أَوْ قَالَ فَسَخْت فِي النِّصْفِ وَسَكَتَ عَنْ النِّصْفِ الْآخَرِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ يَنْفَسِخُ فِي الْكُلِّ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمَعْنَى فَسَخْت فِي النِّصْفِ أَوَّلًا وَفِي النِّصْفِ الْآخَرِ ثَانِيًا فَالِانْفِسَاخُ فِي الْكُلِّ ظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى فَسَخْت فِي النِّصْفِ وَأَجَزْت فِي الْآخَرِ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَنْفَسِخُ فِي الْكُلِّ تَغْلِيبًا لِلْفَسْخِ. وَأَمَّا فِي الْأُولَى فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَاجِعَ، فَإِنْ قَالَ أَرَدْت الْإِجَازَةَ فِي النِّصْفِ وَالْفَسْخَ فِي الْبَاقِي انْفَسَخَ فِي الْكُلِّ، وَإِنْ قَالَ أَرَدْت الْإِجَازَةَ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ مَثَلًا وَفِي الثَّانِي أَيْضًا نَفَذَتْ الْإِجَازَةُ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهُ حَالٌ بِأَنْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ لَعَامًّا قَالَهُ لِتَعَارُضِ الْأَمْرَيْنِ فِي حَقِّهِ وَبَقِيَ الْخِيَارُ عَمَلًا بِالْأَصْلِ (قَوْلُهُ: وَيَنْقَطِعُ أَيْضًا بِمُفَارَقَتِهِ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبِالتَّفَرُّقِ إلَخْ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ خِيَارَهُ إنَّمَا يَنْقَطِعُ بِالْقَوْلِ لِأَنَّ مُفَارَقَةَ مَحَلِّهِ كَمُفَارَقَةِ الْعَاقِدَيْنِ مِنْ الْمَجْلِسِ وَهُوَ لَا يَقْطَعُ الْخِيَارَ وَإِنْ تَمَاشَيَا مَنَازِلَ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَبِالتَّفَرُّقِ بِبَدَنِهِمَا) . [فَرْعٌ] كَاتَبَ بِالْبَيْعِ غَائِبًا امْتَدَّ خِيَارُ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ مَجْلِسَ بُلُوغِ الْخَبَرِ، وَامْتَدَّ خِيَارُ الْكَاتِبِ إلَى مُفَارِقَتِهِ الْمَجْلِسَ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ عِنْدَ وُصُولِ الْخَبَرِ لِلْمَكْتُوبِ إلَيْهِ مَرَّ. وَفِي فَتَاوَى الشَّارِحِ نَقَلَ ذَلِكَ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ فِي حَوَاشِي الرَّوْضَةِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الرَّوْضَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ مِنْ امْتِدَادِ خِيَارِ الْكَاتِبِ إلَى انْقِطَاعِ خِيَارِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ لَوْ فَارَقَ الْحَيَّ مَجْلِسَهُ لَمْ يَنْقَطِعْ خِيَارُهُ كَمَا فِي الْكِتَابَةِ لِغَائِبٍ لَا يَنْقَطِعُ خِيَارُ الْكَاتِبِ إلَّا بِمُفَارَقَةِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ، فَكَذَا هُنَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: هُنَيْهَةً) أَيْ قَلِيلًا (قَوْلُهُ لَا يُقَالُ قَضِيَّةُ ذَلِكَ) أَيْ فِعْلُ ابْنِ عُمَرَ (قَوْلُهُ: «إلَّا أَنْ تَكُونَ صَفْقَةَ خِيَارٍ» ) أَيْ مَشْرُوطٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ الْمَتْنِ وَإِنْ كَانَ قَدْ تَقَدَّمَ تَعَقُّبُهُ فِي الْهِبَةِ ذَاتِ الثَّوَابِ [يَنْقَطِعُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ بِالتَّخَايُرِ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ] (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ أَحَدِهِمَا اخْتَرْتُ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: اخْتَرْ مِنْ غَيْرِ تَاءٍ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: لَا يُقَالُ) التَّعْبِيرُ هُنَا بِلَا يُقَالُ فِيهِ حَزَازَةٌ إذْ كَوْنُهُ قَضِيَّةَ فِعْلِ ابْنِ عُمَرَ مَا ذُكِرَ،

خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ» . لِأَنَّا نَقُولُ: الْحِلُّ فِي الْخَبَرِ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِبَاحَةِ الْمُسْتَوِيَةِ الطَّرَفَيْنِ وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ بِمَا مَرَّ عِنْدَ تَفَرُّقِهِمَا بِالِاخْتِيَارِ، فَلَوْ حُمِلَ أَحَدُهُمَا مُكْرَهًا بِغَيْرِ حَقٍّ بَقِيَ خِيَارُهُ وَإِنْ لَمْ يُسَدَّ فَمُهُ وَكَانَ الْمَبِيعُ رِبَوِيًّا عَلَى الْأَصَحِّ لِانْتِفَاءِ فِعْلِهِ لَا خِيَارُ صَاحِبِهِ إنْ لَمْ يَتْبَعْهُ مَا لَمْ يُمْنَعْ مِنْ الْخُرُوجِ مَعَهُ وَإِلَّا بَقِيَ، وَإِنْ هَرَبَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَتْبَعْهُ الْآخَرُ بَطَلَ خِيَارُهُمَا مُطْلَقًا لِتَمَكُّنِ غَيْرِ الْهَارِبِ مِنْ الْفَسْخِ بِالْقَوْلِ مَعَ انْتِفَاءِ الْعُذْرِ، بِخِلَافِ الْمُكْرَهِ فَكَأَنَّهُ لَا فِعْلَ لَهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ بِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْفَسْخِ أَنَّ غَيْرَ الْهَارِبِ لَوْ كَانَ نَائِمًا مَثَلًا لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهُ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ، وَعِنْدَ لُحُوقِهِ لَا بُدَّ أَنْ يَلْحَقَهُ قَبْلَ انْتِهَائِهِ إلَى مَسَافَةٍ يَحْصُلُ بِمِثْلِهَا الْمُفَارَقَةُ عَادَةً، وَإِلَّا سَقَطَ خِيَارُهُ لِحُصُولِ التَّفَرُّقِ حِينَئِذٍ كَمَا فِي الْبَسِيطِ، وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ مَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْقَاضِي مِنْ ضَبْطِهِ بِفَوْقِ مَا بَيْنَ الصَّفَّيْنِ، وَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ بِعَزْلِ الْمُوَكِّلِ وَكِيلَهُ أَوْ انْعِزَالِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: الْمُسْتَوِيَةُ الطَّرَفَيْنِ) أَيْ فَتَكُونُ الْمُفَارَقَةُ بِقَصْدِ ذَلِكَ مَكْرُوهَةً، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ فِعْلَ ابْنِ عُمَرَ كَانَ مَكْرُوهًا لِجَوَازِ أَنْ لَا تَكُونَ مُفَارِقَتُهُ لِذَلِكَ بَلْ لِغَرَضِ جَوَازِ التَّصَرُّفِ فِيهِ (قَوْلُهُ: بَقِيَ خِيَارُهُ) فَلَوْ زَالَ الْإِكْرَاهُ كَانَ مَوْضِعُ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ كَمَجْلِسِ الْعَقْدِ فَإِنْ انْتَقَلَ مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ بِحَيْثُ يُعَدُّ مُفَارِقًا لَهُ انْقَطَعَ خِيَارُهُ، وَمَحَلُّهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ زَالَ الْإِكْرَاهُ فِي مَحَلٍّ يُمْكِنُهُ الْمُكْثُ فِيهِ عَادَةً، أَمَّا لَوْ زَالَ وَهُوَ فِي مَحَلٍّ لَا يُمْكِنُ الْمُكْثُ فِيهِ عَادَةً كَلُجَّةِ مَاءٍ لَمْ يَنْقَطِعْ خِيَارُهُ بِمُفَارِقَتِهِ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُكْرَهِ عَلَى الِانْتِقَالِ مِنْهُ لِعَدَمِ صَلَاحِيَّةِ مَحَلِّهِ لِلْجُلُوسِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ أَحَدُ الشَّاطِئَيْنِ لِلْبَحْرِ أَقْرَبَ مِنْ الْآخَرِ فَهَلْ يَلْزَمُ قَصْدُهُ حَيْثُ لَا مَانِعَ أَوَّلًا وَيَجُوزُ لَهُ التَّوَجُّهُ إلَى أَيِّهِمَا شَاءَ وَلَوْ بَعُدَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقِيَاسُ مَا لَوْ كَانَ لِمَقْصِدِهِ طَرِيقَانِ طَوِيلٌ وَقَصِيرٌ فَسَلَكَ الطَّوِيلَ لَا لِغَرَضٍ حَيْثُ كَانَ الْأَظْهَرُ فِيهِ عَدَمَ التَّرَخُّصِ انْقِطَاعَ خِيَارِهِ هُنَا فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَكَانَ الْمَبِيعُ) مِنْ جُمْلَةِ الْغَايَةِ (قَوْلُهُ لَا خِيَارَ) أَيْ فَلَا يَبْقَى (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بَقِيَ) وَانْظُرْ مَا لَوْ زَالَ إكْرَاهُهُ بَعْدُ هَلْ يُكَلَّفُ الْخُرُوجَ عَقِبَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ لِيَتْبَعَ صَاحِبَهُ أَوْ لَا، وَيُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ انْقِطَاعِ الْخِيَارِ بِعَدَمِ الْخُرُوجِ إذَا عُرِفَ مَحَلُّهُ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْقَطِعَ خِيَارُهُ إلَّا بَعْدَ انْقِطَاعِ خِيَارِ الْهَارِبِ بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ الشَّارِحِ مِنْ أَنَّ الْكَاتِبَ لَا يَنْقَطِعُ خِيَارُهُ إلَّا بِانْقِطَاعِ خِيَارِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ هَرَبَ أَحَدُهُمَا) أَيْ مُخْتَارًا أَمَّا لَوْ هَرَبَ خَوْفًا مِنْ سَبُعٍ أَوْ نَارٍ أَوْ قَاصِدٍ لَهُ بِسَيْفٍ مَثَلًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ إكْرَاهٌ عَلَى خُصُوصِ الْمُفَارَقَةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ إجَابَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يَنْقَطِعُ بِهَا الْخِيَارُ إذَا فَارَقَ مَجْلِسَهُ لَهَا (قَوْلُهُ: مَعَ انْتِفَاءِ الْعُذْرِ) أَيْ مِنْ جَانِبِ الْهَارِبِ (قَوْلُهُ: أَنَّ غَيْرَ الْهَارِبِ لَوْ كَانَ نَائِمًا إلَخْ) وَخِيَارُ الْمُلْتَصِقَيْنِ إنَّمَا يَنْقَطِعُ بِالْقَوْلِ فَقَطْ لَا بِمُفَارِقَتِهِمَا مَجْلِسَ الْعَقْدِ اهـ الْخَطِيبُ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مُتَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ حَيْثُ يَنْقَطِعُ خِيَارُهُ بِمُفَارِقَتِهِ مَجْلِسَهُ مَعَ أَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ نَفْسِهِ وَمُوَلِّيهِ أَنَّ مُوَلِّيهِ مُفَارِقٌ لَهُ مُنْفَصِلٌ عَنْهُ حَقِيقَةً فَكَانَ قَبُولُهُ عَنْهُ نِيَابَةً مَحْضَةً، فَإِذَا فَارَقَ مَجْلِسَهُ نَزَلَ مَنْزِلَةَ مُفَارَقَةِ مُوَلِّيهِ لِكَوْنِ الْحَاصِلِ عَنْهُ مُجَرَّدَ نِيَابَةٍ فِي الصِّيغَةِ، وَلَا كَذَلِكَ الْمُلْتَصِقَانِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّفَرُّقُ بَيْنَهُمَا لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا (قَوْلُهُ: لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: بِفَوْقِ مَا بَيْنَ الصَّفَّيْنِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQوَكَوْنُ قَضِيَّةِ الْخَبَرِ مَا ذُكِرَ فِيهِ لَا مَانِعَ مِنْ كَوْنِهِ يُقَالُ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَعْتَرِفَ بِكَوْنِ قَضِيَّتِهِ فِعْلَ ابْنِ عُمَرَ ذَلِكَ ثُمَّ يَقُولُ وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ قَضِيَّةُ الْخَبَرِ ثُمَّ يُجِيبُ بِالْحَمْلِ الَّذِي ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقْبِلَهُ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ خَشْيَةً مِنْ فَسْخِ صَاحِبِهِ فَهُوَ الْمُرَادُ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ، لَكِنَّ الشَّارِحَ إنَّمَا آثَرَهَا لِيُوَافِقَ لَفْظَ الْخَبَرِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَكُونَ صَفْقَةَ خِيَارٍ) الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا: أَيْ فَإِنْ تَفَرَّقَا انْقَطَعَ الْخِيَارُ إلَّا أَنْ تَكُونَ صَفْقَةَ خِيَارٍ، أَيْ بِأَنْ شَرَطَاهُ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ) يَعْنِي: بُطْلَانَ الْخِيَارِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ مُنِعَ الْآخَرُ مِنْ اتِّبَاعِهِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: نَائِمًا مَثَلًا) أَيْ: كَأَنْ كَانَ مُغْمًى عَلَيْهِ لَا مُكْرَهًا؛ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْفَسْخِ بِالْقَوْلِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ بِعَزْلِ الْمُوَكِّلِ إلَخْ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ

[طال مكثهما في المجلس أو قاما وتماشيا منازل دام خيارهما]

فِي زَمَنِ الْخِيَارِ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ فِي ذَلِكَ كَخِيَارِ الْمَجْلِسِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي إلْحَاقِ الشُّرُوطِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ. (فَلَوْ) (طَالَ مُكْثُهُمَا) فِي الْمَجْلِسِ (أَوْ قَامَا وَتَمَاشَيَا مَنَازِلَ) وَإِنْ زَادَتْ الْمُدَّةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ أَعْرَضَا عَمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْعَقْدِ (دَامَ خِيَارُهُمَا) لِانْتِفَاءِ تَفَرُّقِهِمَا بِأَبْدَانِهِمَا (وَيُعْتَبَرُ فِي التَّفَرُّقِ الْعُرْفُ) فَإِنْ كَانَ فِي سَفِينَةٍ أَوْ مَسْجِدٍ أَوْ دَارٍ صَغِيرَةٍ كُلٌّ مِنْهَا فَبِأَنْ يَخْرُجَ أَحَدُهُمَا مِنْهُ أَوْ يَصْعَدَ السَّطْحَ أَوْ كَبِيرَةٍ فَبِالْخُرُوجِ مِنْ الْبَيْتِ إلَى الصَّحْنِ أَوْ مِنْ الصَّحْنِ إلَى الصُّفَّةِ أَوْ الْبَيْتِ، وَإِنْ كَانَا فِي سُوقٍ أَوْ صَحْرَاءَ أَوْ بَيْتٍ مُتَفَاحِشِ السَّعَةِ فَبِأَنْ يُوَلِّيَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ ظَهْرَهُ وَيَمْشِيَ قَلِيلًا وَلَوْ لَمْ يَبْعُدْ عَنْ سَمَاعِ خِطَابِهِ. قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَالْمَشْيُ الْقَلِيلُ مَا يَكُونُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ: أَيْ ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ وَلَوْ كَانَا فِي سَفِينَةٍ كَبِيرَةٍ فَالنُّزُولُ إلَى الطَّبَقَةِ التَّحْتَانِيَّةِ تَفَرَّقَ كَالصُّعُودِ إلَى الْفَوْقَانِيَّةِ، وَلَا يَحْصُلُ التَّفَرُّقُ بِإِقَامَةِ سِتْرٍ وَلَوْ بِبِنَاءِ جِدَارٍ بَيْنَهُمَا لِبَقَاءِ الْمَجْلِسِ وَإِنْ كَانَ بِفِعْلِهِمَا أَوْ أَمْرِهِمَا كَمَا صَحَّحَهُ وَالِدُ الرُّويَانِيِّ، لِأَنَّ التَّفَرُّقَ بِالْأَبْدَانِ وَلَمْ يُوجَدْ بَيْنَهُمَا وَإِنْ وُجِدَ تَفَرُّقٌ فِي الْمَكَانِ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ فِي بَسِيطِهِ وَالْقَاضِي مُجَلِّي وَذَكَرَ الْإِمَامُ نَحْوَهُ، وَادَّعَى الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الْمُتَّجَهُ، وَلَوْ تَنَادَيَا مِنْ بُعْدٍ بِبَيْعٍ ثَبَتَ الْخِيَارُ لَهُمَا وَامْتَدَّ مَا لَمْ يُفَارِقْ أَحَدُهُمَا مَكَانَهُ، فَإِنْ فَارَقَهُ وَوَصَلَ إلَى مَوْضِعٍ لَوْ كَانَ الْآخَرُ مَعَهُ بِمَجْلِسِ الْعَقْدِ عُدَّ تَفَرُّقًا بَطَلَ خِيَارُهُمَا وَلَوْ بِقَصْدِ كُلٍّ مِنْهُمَا جِهَةَ صَاحِبِهِ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ، وَتَقَدُّمُ أَوَائِلِ الْبَيْعِ بَقَاءُ خِيَارِ الْكَاتِبِ إلَى انْقِضَاءِ خِيَارِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ بِمُفَارَقَتِهِ لِمَجْلِسِ قَبُولِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSلِحُصُولِ الْفَضِيلَةِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ) جَرَى عَلَيْهِ حَجّ حَيْثُ قَالَ عَلَى مَا فِي الْبَحْرِ: وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ هُنَا لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ إنْ أُلْحِقَ يَنْتَقِلُ بِمَوْتِ الْعَاقِدِ أَوْ جُنُونِهِ أَوْ إغْمَائِهِ لِلْمُوَكِّلِ عَدَمُ اعْتِمَادِهِ، وَعَلَيْهِ فَتُسْتَثْنَى هَذِهِ مِنْ قَوْلِهِمْ الْوَاقِعِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ كَالْوَاقِعِ فِي صُلْبِهِ وَيَنْتَقِلُ الْخِيَارُ بِذَلِكَ لِلْمُوَكِّلِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي عَزْلِ الْمُوَكِّلِ وَكِيلَهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ تَفَرُّقِهِمَا) أَيْ وَعَدَمِ اخْتِيَارِ لُزُومِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: كُلٌّ) هُوَ بِالرَّفْعِ فَاعِلُ صَغِيرَةٍ، وَقَوْلُهُ مِنْهَا: أَيْ مِنْ الْبِقَاعِ الثَّلَاثَةِ فَلَا يُقَالُ كَيْفَ وَصَفَ الْمَسْجِدَ بِوَصْفِ الْمُؤَنَّثِ مَعَ كَوْنِهِ مُذَكَّرًا (قَوْلُهُ: فَبِأَنْ يَخْرُجَ أَحَدُهُمَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ قَرِيبًا مِنْ الْبَابِ وَهُوَ مَا فِي الْأَنْوَارِ عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَيَظْهَرُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَتْ إحْدَى رِجْلَيْهِ دَاخِلَ الدَّارِ مُعْتَمِدًا عَلَيْهَا فَأَخْرَجَهَا اهـ (قَوْلُهُ: أَوْ يَصْعَدُ السَّطْحَ) أَوْ شَيْئًا مُرْتَفِعًا فِيهَا كَنَخْلَةٍ مَثَلًا، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ فِيهَا بِئْرٌ فَنَزَلَهَا فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: أَوْ بَيْتٌ مُتَفَاحِشُ السَّعَةِ) أَيْ أَوْ سَفِينَةٌ كَبِيرَةٌ (قَوْلُهُ فَبِأَنْ يُوَلِّيَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ ظَهْرَهُ) وَكَذَا لَوْ مَشَى الْقَهْقَرَى أَوْ إلَى جِهَةِ صَاحِبِهِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَلَوْ بِبِنَاءِ جِدَارٍ) خِلَافًا لحج، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا فِي الْأَيْمَانِ مِنْ الْحِنْثِ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ بِأَنَّهُ يُعَدُّ مُسَاكِنًا عُرْفًا مُدَّةَ الْبِنَاءِ بِفِعْلِهِ أَوْ أَمْرِهِ وَلَا يُعَدُّ مَعَ انْتِفَائِهِمَا وَلَا كَذَلِكَ هُنَا (قَوْلُهُ: خِلَافَهُ لِابْنِ الرِّفْعَةِ) يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْمَحَلِّيِّ تَرْجِيحُهُ حَيْثُ قَالَ مُفَارَقَةُ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ، وَجَرَى عَلَيْهِ حَجّ (قَوْلُهُ: بِمُفَارَقَتِهِ لِمَجْلِسِ قَبُولِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ فَارَقَ الْكَاتِبُ مَجْلِسَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِبُلُوغِ الْخَبَرِ لِلْمَكْتُوبِ إلَيْهِ، وَعَلَيْهِ فَلَا يُعْتَبَرُ لِلْكَاتِبِ مَجْلِسٌ أَصْلًا، وَلَكِنْ قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ نَقْلًا عَنْ الشَّارِحِ بِانْقِطَاعِ خِيَارِ الْكَاتِبِ إذَا فَارَقَ مَجْلِسًا عَلِمَ فِيهِ بُلُوغَ الْخَبَرِ لِلْمَكْتُوبِ إلَيْهِ اهـ. وَيُوَافِقُ الظَّاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ مِنْ قَوْلِهِ كَمَا فِي الْكِتَابَةِ لِغَائِبٍ لَا يَنْقَطِعُ خِيَارُ الْكَاتِبِ إلَّا بِمُفَارَقَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يَنْقَطِعُ بِهِ الْخِيَارُ بَلْ يَنْتَقِلُ لِلْمُوَكِّلِ كَمَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ [طَالَ مُكْثُهُمَا فِي الْمَجْلِسِ أَوْ قَامَا وَتَمَاشَيَا مَنَازِلَ دَامَ خِيَارُهُمَا] (قَوْلُهُ: فَبِالْخُرُوجِ مِنْ الْبَيْتِ) وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى السَّفِينَةِ وَأَهْمَلَ مَسْأَلَةَ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: وَالْمَشْيُ الْقَلِيلُ مَا يَكُونُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ) اُنْظُرْ لِمَ لَمْ يَحْمِلْهُ هُنَا عَلَى الْعَادَةِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ لُحُوقِ الْهَارِبِ؟

(وَلَوْ) (مَاتَ فِي الْمَجْلِسِ) كِلَاهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا (أَوْ جُنَّ) أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ (فَالْأَصَحُّ انْتِقَالُهُ إلَى الْوَارِثِ) وَلَوْ عَامًّا (وَالْوَلِيِّ) وَلَوْ حَاكِمًا وَالسَّيِّدِ فِي الْمُكَاتَبِ وَالْمَأْذُونِ وَالْمُوَكِّلِ كَخِيَارِ الشَّرْطِ بَلْ أَوْلَى لِثُبُوتِهِ بِالْعَقْدِ وَإِنَّمَا قَطَعُوا فِي خِيَارِ الشَّرْطِ بِالِانْتِقَالِ لِثُبُوتِهِ لِغَيْرِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِالشَّرْطِ، بِخِلَافِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ عَقْدُ الرِّبَا وَغَيْرُهُ، فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ طِفْلًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ نَصَّبَ الْحَاكِمُ مَنْ يَفْعَلُ لَهُ مَا فِيهِ مَصْلَحَتُهُ مِنْ فَسْخٍ وَإِجَازَةٍ، وَعَجْزُ الْمُكَاتَبِ كَمَوْتِهِ، قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ سُقُوطُ الْخِيَارِ لِأَنَّ مُفَارَقَةَ الْحَيَاةِ أَوْلَى بِهِ مِنْ مُفَارَقَةِ الْمَكَانِ، فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ مَثَلًا فِي الْمَجْلِسِ ثَبَتَ لَهُ مَعَ الْعَاقِدِ الْآخَرِ الْخِيَارُ وَامْتَدَّ إلَى تَفَرُّقِهِمَا أَوْ تَخَايُرِهِمَا وَإِنْ كَانَ غَائِبًا وَوَصَلَهُ الْخَبَرُ فَإِلَى مُفَارَقَةِ مَجْلِسِ الْخَبَرِ لِأَنَّهُ خَلِيفَةُ مُوَرِّثِهِ فَيَثْبُتُ لَهُ مِثْلُ مَا يَثْبُتُ لَهُ، وَلَوْ وَرِثَهُ جَمَاعَةٌ حُضُورٌ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ لَمْ يَنْقَطِعْ خِيَارُهُمْ بِفِرَاقِ بَعْضِهِمْ لَهُ بَلْ يَمْتَدُّ إلَى مُفَارَقَةِ جَمِيعِهِمْ لِأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ كَمُوَرِّثِهِمْ، وَهُوَ لَا يَنْقَطِعُ خِيَارُهُ إلَّا بِمُفَارَقَةِ جَمِيعِ بَدَنِهِ، أَوْ غَائِبُونَ عَنْهُ ثَبَتَ لَهُمْ الْخِيَارُ وَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعُوا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ كَمَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الرَّوْضِ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ. وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْعَاقِدِ الْبَاقِي مَا دَامَ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْوَارِثُ الْغَائِبُ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا، وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِفَسْخِ بَعْضِهِمْ فِي نَصِيبِهِ أَوْ فِي الْجَمِيعِ وَإِنْ أَجَازَ الْبَاقُونَ كَمَا لَوْ فَسَخَ الْمُوَرِّثُ فِي الْبَعْضِ وَأَجَازَ فِي الْبَعْضِ، وَلَا يُبَعَّضُ الْفَسْخُ لِلْإِضْرَارِ بِالْحَيِّ وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ مَا لَوْ مَاتَ مُوَرِّثُهُمْ وَاطَّلَعُوا عَلَى عَيْبٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَكْتُوبِ إلَيْهِ، فَكَذَا هُنَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافُهُ لِوَالِدِ الرُّويَانِيِّ. (قَوْلُهُ: أَوْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ) هَلْ يُقَيَّدُ فِي الْإِغْمَاءِ بِمَا إذَا لَمْ يُرْجَ زَوَالُهُ عَنْ قُرْبٍ وَإِلَّا انْتَظَرَ وَلَمْ يَقُمْ مَقَامَهُ كَمَا فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ، فِيهِ نَظَرٌ، وَاحْتَمَلَ مَرَّ الِانْتِظَارَ فَانْظُرْ لَوْ جُنَّ الْأَجْنَبِيُّ هَلْ يَنْتَقِلُ لِمَنْ أَقَامَهُ كَمَوْتِهِ يَنْبَغِي نَعَمْ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُ سم الْأَجْنَبِيُّ: أَيْ الَّذِي شَرَطَ لَهُ الْخِيَارَ (قَوْلُهُ: فَالْأَصَحُّ انْتِقَالُهُ إلَى الْوَارِثِ) شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا فَحَلَّ بِالْمَوْتِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ عَدَمِ انْتِقَالِ الْخِيَارِ حِينَئِذٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَرْدُودٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَوَجْهُ الرَّدِّ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ حُلُولِ الدَّيْنِ وَانْتِقَالِ الْخِيَارِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَامًّا) كَبَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: وَالْوَلِيُّ وَلَوْ حَاكِمًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ حَاكِمًا أَوْ لَا كَالْأَبِ وَالْجَدِّ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ الْعَاقِدُ وَلِيًّا وَمَاتَ فِي الْمَجْلِسِ وَلَمْ يَكْمُلُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي انْتِقَالُهُ لِمَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ بَعْدَهُ مِنْ حَاكِمٍ أَوْ غَيْرِهِ، ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي فِي خِيَارِ الشَّرْطِ اهـ سم عَلَى حَجّ وَأَرَادَ بِهِ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْهُ فِيمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ ظَاهِرُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْمُوَكِّلُ) أَيْ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ بِمَوْتِ الْوَكِيلِ أَوْ جُنُونِهِ. وَبَقِيَ مَا لَوْ عَزَلَهُ الْمُوَكِّلُ وَقُلْنَا لَا يَبْطُلُ بِهِ الْبَيْعُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا مَرَّ، فَهَلْ يَنْتَقِلُ إلَى الْمُوَكِّلِ أَوْ يَبْقَى لِلْوَكِيلِ أَوْ يَنْقَطِعُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ بِعَزْلِهِ مَنَعَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ وَمِنْهُ الْفَسْخُ وَالْإِجَازَةُ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُبْطِلُ الْخِيَارَ فَأَشْبَهَ جُنُونَ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: نَصَّبَ الْحَاكِمُ مَنْ يَفْعَلُ لَهُ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ لَمْ تَثْبُتْ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِ لِغَيْرِ الْحَاكِمِ كَمَا لَوْ مَاتَ الْأَبُ عَنْ طِفْلٍ مَعَ وُجُودِ الْجَدِّ أَوْ عَنْ وَصِيٍّ أَقَامَهُ الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ قَبْلَ مَوْتِهِمَا (قَوْلُهُ: وَعَجَزَ الْمُكَاتَبُ) أَيْ بِأَنْ فَسَخَ الْكِتَابَةَ هُوَ أَوْ سَيِّدُهُ بَعْدَ حُلُولِ النَّجْمِ (قَوْلُهُ: كَمَوْتِهِ) أَيْ فَيَنْتَقِلُ الْخِيَارُ لِسَيِّدِهِ (قَوْلُهُ: لِلْعَاقِدِ الْبَاقِي) أَيْ الْحَيِّ (قَوْلُهُ: مَا دَامَ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ) أَيْ فَإِنْ فَارَقَهُ انْقَطَعَ خِيَارُهُ وَبَقِيَ الْخِيَارُ لِوَارِثِ الْآخَرِ فَلَيْسَ حُكْمُ مَوْتِ أَحَدِهِمَا كَالْحُكْمِ فِيمَا لَوْ كَتَبَ لِغَائِبٍ لِبَقَاءِ خِيَارِ الْكَاتِبِ لِانْقِطَاعِ خِيَارِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ، وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي عَدَمِ انْقِطَاعِ الْخِيَارِ بِمُفَارَقَةِ الْمَجْلِسِ (قَوْلُهُ: بِفَسْخِ بَعْضِهِمْ) أَيْ الْوَرَثَةِ (قَوْلُهُ أَوْ فِي الْجَمِيعِ) تَعْمِيمٌ (قَوْلُهُ: لِلْإِضْرَارِ بِالْحَيِّ) أَيْ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: نَصَبَ الْحَاكِمُ مَنْ يَفْعَلُ إلَخْ) وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ لَا وَلِيَّ لَهُ خَاصٌّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعُوا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ) وَانْظُرْ بِمَاذَا يَنْقَطِعُ خِيَارُهُمْ.

[فصل في خيار الشرط وما تبعه]

بِالْمَبِيعِ فَفَسَخَ بَعْضُهُمْ لَا يَنْفَسِخُ لِأَنَّ الضَّرَرَ ثَمَّ جَابِرًا وَهُوَ الْأَرْشُ وَلَا جَابِرَ لَهُ هُنَا وَحَاصِلُهُ أَنَّ فَسْخَ بَعْضِهِمْ يَنْفَسِخُ بِهِ الْعَقْدُ هُنَا وَهُنَاكَ لَا يَنْفَسِخُ بِهِ شَيْءٌ، وَلَوْ أَجَازَ الْوَارِثُ أَوْ فَسَخَ قَبْلَ عِلْمِهِ بِمَوْتِ مُوَرِّثِهِ نَفَّذَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِنَاءً عَلَى مَا لَوْ بَاعَ مَالَ مُوَرِّثِهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ وَإِنْ قَالَ الْإِمَامُ الْوَجْهُ نُفُوذُ فَسْخِهِ دُونَ إجَازَتِهِ، وَلَوْ خَرِسَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ وَلَمْ تُفْهَمْ لَهُ إشَارَةٌ وَلَا كِنَايَةٌ نَصَّبَ الْحَاكِمُ نَائِبًا عَنْهُ كَمَا لَوْ جُنَّ وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَازَةُ مُمْكِنَةٌ مِنْهُ بِالتَّفَرُّقِ وَلَيْسَ هَذَا مَحْجُورًا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا نَابَ الْحَاكِمُ عَنْهُ فِيمَا تَعَذَّرَ مِنْهُ بِالْقَوْلِ، أَمَّا لَوْ فُهِمَتْ إشَارَتُهُ أَوْ كَانَ لَهُ كِتَابَةٌ فَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ وَلَوْ اشْتَرَى الْوَلِيُّ لِطِفْلِهِ شَيْئًا فَبَلَغَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ رَشِيدًا لَمْ يَنْتَقِلْ الْخِيَارُ إلَيْهِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ حَالَ الْبَيْعِ، وَفِي بَقَائِهِ لِلْوَلِيِّ وَجْهَانِ: أَوْجَهُهُمَا نَعَمْ اسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ وَيَجْرِيَانِ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ. (وَلَوْ) جَاءَا مَعًا وَ (تَنَازَعَا فِي) أَصْلِ (التَّفَرُّقِ) قَبْلَ مَجِيئِهِمَا (أَوْ) مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا وَاتَّفَقَا عَلَى التَّفَرُّقِ وَلَكِنْ تَنَازَعَا فِي (الْفَسْخِ قَبْلَهُ) (صَدَقَ النَّافِي) لِلتَّفَرُّقِ فِي الْأُولَى وَلِلْفَسْخِ فِي الثَّانِيَةِ (بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ دَوَامُ الِاجْتِمَاعِ وَعَدَمُ الْفَسْخِ. فَصْلٌ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ وَمَا تَبِعَهُ (لَهُمَا) أَيْ الْعَاقِدَيْنِ بِأَنْ يَتَلَفَّظَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالشَّرْطِ (وَلِأَحَدِهِمَا) عَلَى التَّعْيِينِ لَا الْإِبْهَامِ بِأَنْ يَتَلَفَّظَ هُوَ بِهِ إذَا كَانَ هُوَ الْمُبْتَدِي بِالْإِيجَابِ أَوْ الْقَبُولِ وَيُوَافِقُهُ الْآخَرُ مِنْ غَيْرِ تَلَفُّظٍ بِهِ فَلَا اعْتِرَاضَ حِينَئِذٍ عَلَى قَوْلِهِ وَلِأَحَدِهِمَا بَلْ وَلَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ وَإِنْ زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ، أَمَّا لَوْ شَرَطَ مَنْ تَأَخَّرَ قَبُولُهُ أَوْ إيجَابُهُ بَطَلَ الْعَقْدُ، وَالشَّرْطُ لِانْتِفَاءِ الْمُطَابَقَةِ (شَرْطُ الْخِيَارِ) لَهُمَا وَلِأَحَدِهِمَا وَلِأَجْنَبِيٍّ كَالْقِنِّ الْمَبِيعِ اتَّحَدَ الْمَشْرُوطُ لَهُ أَوْ تَعَدَّدَ وَلَوْ مَعَ شَرْطِ أَنَّ أَحَدَهُمَا يُوَقِّعُهُ لِأَحَدِ الشَّارِطَيْنِ وَالْآخَرَ لِلْآخَرِ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ اشْتِرَاطُ تَكْلِيفِ الْأَجْنَبِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَلَا أَثَرَ لِرِضَاهُ بِهِ بَعْدُ لِأَنَّهُ بِفَسْخِ الْبَعْضِ انْفَسَخَ فَلَا يَعُودُ إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ (قَوْلُهُ: فَفَسَخَ بَعْضُهُمْ لَا يَنْفَسِخُ) أَيْ فِي الْجَمِيعِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْعُبَابِ التَّصْرِيحَ بِهِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ شَرْحُ الرَّوْضِ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ فِي شَيْءٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الضَّرَرَ ثَمَّ جَابِرًا) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَاطَّلَعُوا عَلَى عَيْبٍ (قَوْلُهُ: وَلَا جَابِرَ لَهُ هُنَا) فِي قَوْلِهِ وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِفَسْخِ بَعْضِهِمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُنَاكَ لَا يُفْسَخُ بِهِ شَيْءٌ) أَيْ لَا مِنْ حِصَّتِهِ وَلَا حِصَّةِ غَيْرِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا نَعَمْ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذُكِرَ. وَيَنْبَغِي وِفَاقًا مَرَّ فِيمَا لَوْ عَقَدَ لِمَجْنُونٍ ثُمَّ أَفَاقَ أَنْ يَبْقَى لِلْوَلِيِّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ جُنَّ الْعَاقِدُ وَخَلَفَهُ وَلِيُّهُ ثُمَّ أَفَاقَ قَبْلَ فَرَاغِ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ يَعُودُ إلَيْهِ وَلَا يَبْقَى لِلْوَلِيِّ. (قَوْلُهُ: صُدِّقَ النَّافِي) أَيْ فَالْخِيَارُ بَاقٍ لَهُ. [فَصْلٌ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ وَمَا تَبِعَهُ] (فَصْلٌ) فِي خِيَارِ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ: وَمَا يَتْبَعُهُ) كَبَيَانِ مَنْ لَهُ الْمِلْكُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ وَحِلِّ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: لَهُمَا) بَيَانٌ لِلْمَشْرُوطِ لَهُ (قَوْلُهُ: وَلِأَجْنَبِيٍّ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ: كَالْقِنِّ) مِثَالٌ لِلْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ: تَكْلِيفُ الْأَجْنَبِيِّ) وَلَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصْلٌ) فِي خِيَارِ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ: عَلَى التَّعْيِينِ لَا الْإِبْهَامِ إلَخْ) كَذَا فِي نُسَخٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي التُّحْفَةِ وَهُوَ سَاقِطٌ مِنْ بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ، وَمَعْنَاهُ: أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ بِالْأَحَدِ الْأَحَدَ الْمُعَيَّنَ وَهُوَ الْمُبْتَدِي، وَلَمْ يُرِدْ الْأَحَدَ الدَّائِرَ الصَّادِقَ بِالْمُتَأَخِّرِ. (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الْمُطَابَقَةِ) بِهِ يَنْدَفِعُ مَا قَدْ يُقَالُ لَمْ يَبْطُلْ الْعَقْدُ مَعَ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ ذَلِكَ وَلَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ قَبْلَ لُزُومِهِ لِحَقٍّ فَذَكَرَهُ وَلَوْ مِنْ الْمُتَأَخِّرِ لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ شَرْطِ أَنَّ أَحَدَهُمَا يُوقِعُهُ إلَخْ) أَيْ أَثَرُ الْخِيَارِ مِنْ الْفَسْخِ أَوْ الْإِجَازَةِ

لَا رُشْدُهُ، وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ فِعْلُ الْأَحَظِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ شَرْطَ الْخِيَارِ تَمْلِيكٌ لَهُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَأَنَّ قَوْلَهُ عَلَى أَنْ أُشَاوِرَ صَحِيحٌ وَيَكُونُ شَارِطًا الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ كَمَا أَفَادَهُ الْأَذْرَعِيُّ (فِي أَنْوَاعِ الْبَيْعِ) الَّتِي يَثْبُتُ فِيهَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ إجْمَاعًا لِمَا رُوِيَ أَنَّ حَبَّانَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ ابْنَ مُنْقِذٍ وَمُنْقِذٌ بِالْمُعْجَمَةِ وَالِدُهُ رِوَايَتَانِ وَهُمَا صَحَابِيَّانِ «كَانَ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ، فَأَرْشَدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى أَنَّهُ يَقُولُ عِنْدَ الْبَيْعِ لَا خِلَابَةَ، وَأَعْلَمَهُ بِأَنَّهُ مَتَى قَالَ ذَلِكَ كَانَ لَهُ خِيَارُ ثَلَاثِ لَيَالٍ» وَمَعْنَاهَا وَهِيَ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ لَا غَبْنَ وَلَا خَدِيعَةَ، وَلِهَذَا اُشْتُهِرَتْ فِي الشَّرْعِ لِاشْتِرَاطِ الْخِيَارِ ثَلَاثًا، فَإِنْ ذُكِرَتْ وَعَلِمَا مَعْنَاهَا ثَبَتَ ثَلَاثًا وَإِلَّا فَلَا، وَيَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهِ كَأَنْ شُرِطَ لِأَحَدِهِمَا خِيَارُ يَوْمٍ وَلِلْآخَرِ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، وَلَوْ شَرَطَ خِيَارَ يَوْمٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَلَا رُؤْيَتُهُ لَهُ، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يُضِيفَهُ إلَى كُلِّهِ، فَلَوْ أَضَافَهُ إلَى جُزْئِهِ لَمْ يَصِحَّ مَا لَمْ يُرِدْ بِالْجُزْءِ الْكُلَّ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لَا رُشْدَهُ) هُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الْعَاقِدُ يَتَصَرَّفُ عَنْ نَفْسِهِ، أَمَّا لَوْ انْصَرَفَ عَنْ غَيْرِهِ كَأَنْ كَانَ وَلِيًّا فَفِي صِحَّةِ شَرْطِهِ لِغَيْرِ الرَّشِيدِ نَظَرٌ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِمَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ. لَا يُقَالُ: إذَا تَصَرَّفَ عَنْ غَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ شَرْطُهُ لِأَجْنَبِيٍّ. لِأَنَّا نَقُولُ: مَحَلُّ امْتِنَاعِ شَرْطِهِ لِأَجْنَبِيٍّ مَا لَمْ يَأْذَنْ الْمَالِكُ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ الْمَالِكُ مُوَكِّلًا وَأَذِنَ الْوَكِيلُ فِي شَرْطِهِ لِأَجْنَبِيٍّ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ اُشْتُرِطَ فِيمَنْ يَشْتَرِطُهُ لَهُ الْوَكِيلُ كَوْنُهُ رَشِيدًا وَإِنْ كَانَ الْأَجْنَبِيُّ الْمَشْرُوطُ لَهُ الْخِيَارُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ رِعَايَةُ الْأَحَظِّ لَكِنَّ الْوَكِيلَ لَمَّا لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّصَرُّفُ إلَّا بِالْمَصْلَحَةِ اشْتَرَطَ لِصِحَّةِ تَصَرُّفِهِ أَنْ لَا يَأْذَنَ إلَّا لِرَشِيدٍ، ثُمَّ مَا جَرَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ جَرَى عَلَيْهِ حَجّ هُنَا، لَكِنْ خَالَفَهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ قَرَّرَهُ: وَعُلِمَ اتِّجَاهُ اشْتِرَاطِ رُشْدِهِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ التَّمْلِيكِ وَالتَّوْكِيلِ فِي الْعُقُودِ الْمَالِيَّةِ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا مَرَّ عَنْ الزَّرْكَشِيّ مِنْ اشْتِرَاطِ بُلُوغِهِ فَقَطْ قِيَاسًا عَلَى الْمُعَلَّقِ بِمَشِيئَتِهِ الطَّلَاقِ اهـ سم عَلَيْهِ. أَمَّا اشْتِرَاطُ الْبُلُوغِ فَلِأَنَّ الْإِجَازَةَ وَالْفَسْخَ تَصَرُّفٌ، وَكِلَاهُمَا لَا يَصِحُّ إلَّا مِنْ الْبَالِغِ لِأَنَّ الصَّبِيَّ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ، وَأَمَّا عَدَمُ اشْتِرَاطِ الرُّشْدِ فَلِأَنَّهُ أَمْرٌ تَابِعٌ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ) أَيْ الْأَجْنَبِيُّ (قَوْلُهُ: فِعْلُ الْأَحَظِّ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَلَا يَفْعَلُ الْوَكِيلُ إلَّا مَا فِيهِ حَظُّ الْمُوَكِّلِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ اهـ. وَقَوْلُهُ تَمْلِيكٌ لَهُ قَضِيَّةٌ أَنَّهُ لَوْ عَزَلَ نَفْسَهُ لَمْ يَنْعَزِلْ، وَبِهِ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ وَالْغَزَالِيُّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَضِيَّتُهُ إطْلَاقُهُمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْأَجْنَبِيِّ الْقَبُولُ وَلَا يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ فَلْيُرَاجَعْ، لَكِنْ فِي حَجّ مَا نَصُّهُ: وَعَلَيْهِ أَيْ عَلَى كَوْنِ شَرْطِهِ لِلْأَجْنَبِيِّ تَمْلِيكًا لَهُ يَكْفِي عَدْلُ الرَّدِّ فِيمَا يَظْهَرُ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ كَسَائِرِ أَنْوَاعِ التَّمْلِيكِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْقَبُولِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا (قَوْلُهُ: تَمْلِيكٌ لَهُ) أَيْ لِلْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ قَوْلَهُ) أَيْ الْعَاقِدِ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ شَارِطًا الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ) وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ شَرْطِ الْخِيَارِ بَيَانُ الْمُدَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهَا وَإِلَّا بَطَلَ الْعَقْدُ، وَفِي حَجّ مَا يُصَرِّحُ بِهِ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ أَنْ أُشَاوِرَ يَوْمًا مَثَلًا اهـ، وَلَعَلَّهُ أَسْقَطَ ذَلِكَ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا يَأْتِي مِنْ اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْمُدَّةِ مَعْلُومَةً (قَوْلُهُ: وَالِدِهِ) بَدَلٌ مِنْ مُنْقِذِ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ عَلَيْهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: كَانَ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَمَعْنَاهَا) أَيْ فِي الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: وَلَا خَدِيعَةَ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) قَضِيَّتُهُ صِحَّةُ الْبَيْعِ وَسُقُوطُ الْخِيَارِ، وَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ صِحَّةِ الْبَيْعِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَوَجْهُ اشْتِمَالِهِ عَلَى اشْتِرَاطِ أَمْرٍ مَجْهُولٍ. وَفِي سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ: لَكِنْ غَيَّرَ فِي الْعُبَابِ بِقَوْلِهِ فَإِنْ أَطْلَقَهَا الْمُتَبَايِعَانِ صَحَّ الْبَيْعُ وَخُيِّرَا ثَلَاثًا إنْ عَلِمَ مَعْنَاهَا وَإِلَّا بَطَلَ اهـ: أَيْ وَإِلَّا بَطَلَ الْبَيْعُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ عَلَى وَفْقِ الْمُتَبَادَرِ مِنْ عِبَارَتِهِ قَالَ: كَمَا لَوْ شَرَطَ خِيَارًا مَجْهُولًا اهـ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهِ) أَيْ الْخِيَارِ (قَوْلُهُ: وَلِلْآخَرَيْنِ يَوْمَيْنِ) أَيْ وَيَكُونُ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا وَمَا بَعْدَهُ مُخْتَصٌّ بِمَنْ شَرَطَ لَهُ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ شَرَطَ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ لِأَحَدِهِمَا وَمَا بَعْدَهُ لِلْآخَرِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا سَنَذْكُرُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: عَلَى أَنْ أُشَاوِرَ) أَيْ: وَعَيَّنَ مُدَّةً مَعْلُومَةً (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) قَضِيَّتُهُ صِحَّةُ الْبَيْعِ وَسُقُوطُ الْخِيَارِ لَكِنَّ الَّذِي فِي الْعُبَابِ بُطْلَانُ

فَمَاتَ أَحَدُهُمَا فِي أَثْنَائِهِ فَزَادَ وَارِثُهُ مَعَ الْآخَرِ خِيَارَ يَوْمٍ آخَرَ جَازَ. قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَمَا اُعْتُرِضَتْ بِهِ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ مِنْ عَدَمِ تَبْيِينِهِ الْمَشْرُوطَ لَهُ الْخِيَارُ فَصَارَتْ مُوهِمَةً غَيْرُ صَحِيحٍ، إذْ مِنْ قَوَاعِدِهِمْ أَنَّ حَذْفَ الْمَعْمُولِ مُؤْذِنٌ بِالْعُمُومِ كَمَا تُفِيدُ عِبَارَتُهُ أَيْضًا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ صِحَّةَ شَرْطِهِ لِكَافِرٍ فِي مَبِيعِ مُسْلِمٍ وَلِمُحْرِمٍ فِي صَيْدٍ لِانْتِفَاءِ الْإِذْلَالِ وَالِاسْتِيلَاءِ فِي مُجَرَّدِ الْإِجَازَةِ وَالْفَسْخِ وَهُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الرُّويَانِيُّ مُخَالِفًا لِوَالِدِهِ فِيهِ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ أَيْضًا عَمَّا اُعْتُرِضَ بِهِ قَوْلُهُ لَهُمَا وَلِأَحَدِهِمَا إلَخْ مِنْ اسْتِقْلَالِ أَحَدِهِمَا بِهِ بِأَنَّ شَرْطَ الْخِيَارِ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ فِي أَنْوَاعِ الْبَيْعِ، وَقَوْلُهُ لَهُمَا وَلِأَحَدِهِمَا مُتَعَلِّقٌ بِالْخِيَارِ وَلَوْ شَرَطَهُ لِأَجْنَبِيٍّ لَمْ يَثْبُتْ لِمَنْ شَرَطَهُ لَهُ مَا لَمْ يَمُتْ الْأَجْنَبِيُّ فِي زَمَنِهِ فَيَنْتَقِلُ لِشَارِطِهِ وَلَوْ وَكِيلًا، وَلَوْ مَاتَ الْعَاقِدُ انْتَقَلَ لِوَارِثِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَلِيًّا فَلِلْحَاكِمِ كَمَا لَا يَخْفَى، أَوْ وَكِيلًا فَلِمُوَكِّلِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَزَادَ وَارِثُهُ مَعَ الْآخَرِ خِيَارَ يَوْمٍ آخَرَ) أَيْ مَثَلًا وَالشَّرْطُ أَنْ لَا يَزِيدَ مَجْمُوعُ مَا شَرَطَهُ الْعَاقِدُ وَوَارِثُهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. [فَرْعٌ] فَإِنْ خُصِّصَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ لَا بِعَيْنِهِ بِالْخِيَارِ أَوْ بِزِيَادَةٍ فِيهِ لَمْ يَصِحَّ، فَإِذَا عَيَّنَهُ صَحَّ: أَيْ فِي الْعَقْدِ وَإِذَا شَرَطَهُ فِيهِمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّ أَحَدِهِمَا وَلَوْ تَلِفَ الْآخَرُ اهـ. وَالْمَفْهُومُ مِنْ صِحَّةِ تَخْصِيصِ أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ بِعَيْنِهِ بِالْخِيَارِ أَنَّ لَهُ فَسْخَ الْبَيْعِ فِيهِ دُونَ الْآخَرِ، وَهَذَا مَفْهُومٌ أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ وَإِذَا شَرَطَ فِيهِمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّ أَحَدِهِمَا، فَهَذَا مِمَّا يَجُوزُ فِيهِ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ لَمَّا رَضِيَ بِتَخْصِيصِ بَعْضِ الْمَبِيعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ كَانَ ذَلِكَ رِضًا مِنْهُ بِالتَّفْرِيقِ (قَوْلُهُ: فَصَارَتْ مُوهِمَةً) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُبَيَّنْ الْمَشْرُوطُ لَهُ، فَفِيهِ إجْمَالٌ مِنْ جِهَةِ احْتِمَالِ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمَا يَشْرِطَانِهِ لَهُمَا لَا لِأَحَدِهِمَا مَثَلًا أَوْ لَا لِأَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ: غَيْرُ صَحِيحٍ) فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ كَثِيرًا مَا لَا يُكْتَفَى فِي إثْبَاتِهَا بِمِثْلِ ذَلِكَ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ) أَيْ أَنَّ حَذْفَ الْمَعْمُولِ إلَخْ (قَوْلُهُ صِحَّةُ شَرْطِهِ) أَيْ الْخِيَارِ (قَوْلُهُ: فِي مَبِيعٍ مُسَلَّمٍ) يَعْنِي فِيمَا يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ عَلَى الْكَافِرِ لِيَشْمَلَ الْحَرْبِيَّ فِي السِّلَاحِ، وَعِبَارَةُ حَجّ فِي نَحْوِ مُسَلَّمٍ مَبِيعٍ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ أَيْضًا) هَذَا الْجَوَابُ مُخَالِفٌ لِمَا شُرِحَ عَلَيْهِ أَوَّلًا. وَحَاصِلُ هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ بَيَّنَ الْمَشْرُوطَ لَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ الشَّارِطَ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الشَّرْطَ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْهُمَا لَكِنَّهُ يُوهَمُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ شَرْطُهُ لِأَجْنَبِيٍّ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْأَجْنَبِيَّ لَمَّا كَانَ مَوْقِعًا الْأَثَرَ لِأَحَدِهِمَا نَزَلَ مَنْزِلَتَهُ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَمُتْ) مِثْلُهُ مَا لَوْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْتَقِلْ لَهُ لَرُبَّمَا اسْتَغْرَقَتْ مُدَّةُ الْجُنُونِ أَوْ الْإِغْمَاءِ الثَّلَاثَ فَتَزِيدُ الْمُدَّةُ عَلَيْهَا إنْ أَبْقَيْنَاهَا لَهُمَا وَلَا قَائِلَ بِهِ وَإِنْ انْتَفَتْ فَائِدَةُ ثُبُوتِ الْخِيَارِ، وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ شَيْخِنَا الْحَلَبِيِّ مَا يُوَافِقُهُ وَعَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مَا يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَاتَ الْعَاقِدُ) أَيْ أَوْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ قُبَيْلَ الْفَصْلِ كَخِيَارِ الشَّرْطِ بَلْ أَوْلَى مِنْ أَنَّهُ إذَا مَاتَ مَنْ شُرِطَ لَهُ الْخِيَارُ مِنْ الْعَاقِدِينَ انْتَقَلَ لِوَارِثِهِ أَوْ وَلِيِّهِ، ثُمَّ قَالَ: وَالْمُوَكِّلُ إلَخْ، وَلَا شَكَّ أَنَّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ هُنَا بِمَنْزِلَةِ الْمُوَكِّلِ ثُمَّ فَيَنْبَغِي إعَادَتُهُ لَهُمَا إذَا أَفَاقَ قَبْلَ انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْخِيَارِ (قَوْلُهُ: انْتَقَلَ لِوَارِثِهِ) لَوْ كَانَ الْوَارِثُ غَائِبًا بِمَحَلٍّ لَا يَصِلُ الْخَبَرُ إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ هَلْ يُقَالُ بِلُزُومِ الْعَقْدِ بِفَرَاغِ الْمُدَّةِ أَوْ لَا وَيَمْتَدُّ الْخِيَارُ إلَى بُلُوغِ الْخَبَرِ لَهُ لِلضَّرُورَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: إنْ بَلَغَهُ الْخَبَرُ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ ثَبَتَ لَهُ مَا بَقِيَ مِنْهَا، وَإِلَّا لَزِمَ الْعَقْدُ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ زِيَادَةُ الْمُدَّةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ: فَلِلْحَاكِمِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ لِوَلِيٍّ آخَرَ بَعْدَ الْوَلِيِّ الْمَيِّتِ كَمَا لَوْ مَاتَ الْأَبُ الْعَاقِدُ مَعَ وُجُودِ الْجَدِّ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ لِقِيَامِ الْجَدِّ الْآنَ مَقَامَ الْأَبِ فَلَا حَاجَةَ إلَى نَقْلِهِ إلَى الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ فَلِمُوَكِّلِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْبَيْعِ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ الشِّهَابُ سم فَاسْتَوْجَهَهُ بَحْثًا. قَالَ شَيْخُنَا: وَوَجْهُهُ اشْتِمَالُهُ عَلَى أَمْرٍ مَجْهُولٍ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ إلَخْ) أَيْ: زِيَادَةً عَلَى مَا قَدَّمَهُ فِي حِلِّ الْمَتْنِ وَمَا قَدَّمَهُ هُوَ الْأَوْلَى إذْ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَهْمَلَ حُكْمَ الشَّارِطِ وَأَفْهَمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ شَرْطُهُ لِأَجْنَبِيٍّ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَكِيلًا) أَيْ بِأَنْ أُذِنَ لَهُ فِي شَرْطِهِ لِلْأَجْنَبِيِّ

وَلَيْسَ لِوَكِيلٍ شَرْطُهُ لِغَيْرِ نَفْسِهِ وَمُوَكِّلِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ مُوَكِّلُهُ وَأَطْلَقَ بِأَنْ لَمْ يَقُلْ لِي وَلَا لَك فَاشْتَرَطَهُ الْوَكِيلُ وَأَطْلَقَ ثَبَتَ لَهُ دُونَ الْمُوَكِّلِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ سُكُوتَهُ عَلَى شَرْطِ الْمُبْتَدِي كَشَرْطِهِ وَإِنْ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّ مُسَاعِدَةَ الْوَكِيلِ بِأَنْ تَأَخَّرَ لَفْظُهُ عَنْ اِ اللَّفْظِ الْمُقْتَرِنِ بِالشَّرْطِ لَيْسَتْ كَاشْتِرَاطِهِ، لِأَنَّ الْمَحْذُورَ إضْرَارُ الْمُوَكِّلِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِشَرْطِهِ وَسُكُوتِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ تَعَيُّنِ مَا شَرَطَ لَهُ بِأَنْ يَتَلَفَّظَ هُوَ بِهِ إذَا كَانَ هُوَ الْمُبْتَدِي بِالْإِيجَابِ أَوْ الْقَبُولِ وَيُوَافِقُهُ الْآخَرُ مِنْ غَيْرِ تَلَفُّظٍ بِهِ. أَمَّا لَوْ شَرَطَهُ مَنْ تَأَخَّرَ قَبُولُهُ أَوْ إيجَابُهُ بَطَلَ الْعَقْدُ وَالشَّرْطُ لِانْتِفَاءِ الْمُطَابَقَةِ. وَاعْلَمْ أَنَّ خِيَارَ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ مُتَلَازِمَانِ غَالِبًا، وَقَدْ يَثْبُتُ ذَاكَ لَا هَذَا كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْقَبْضَ فِي الْمَجْلِسِ كَرِبَوِيٍّ وَسَلَمٍ) لِامْتِنَاعِ التَّأْجِيلِ فِيهِمَا وَالْخِيَارُ أَعْظَمُ غَرَرًا حِينَئِذٍ لِمَنْعِهِ الْمِلْكَ أَوْ لُزُومِهِ، وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ جَرَى بِلَفْظِ الصُّلْحِ وَيَمْتَنِعُ شَرْطُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSبَقِيَ مَا لَوْ عَزَلَهُ الْمُوَكِّلُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَشَرَطَ لَهُ الْخِيَارَ وَهَلْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُوَكِّلِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ يَنْفُذُ عَزْلُهُ وَلَا يَثْبُتُ لِلْمُوَكِّلِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ بِأَنَّ الْوَكِيلَ سَفِيرٌ مَحْضٌ فَنَفَذَ عَزْلُهُ وَلَمْ يَثْبُتْ لِلْمُوَكِّلِ لِعَدَمِ شَرْطِهِ لَهُ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِوَكِيلٍ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ كَالْوَكِيلِ فَلَا يَشْرُطُهُ لِغَيْرِ نَفْسِهِ وَمُوَلِّيهِ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ أَمَّا لَهُمَا فَيَجُوزُ وَصُورَتُهُ فِي مُوَلِّيهِ أَنْ يَكُونَ سَفِيهًا عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْأَجْنَبِيِّ الْمَشْرُوطِ لَهُ الْخِيَارُ رُشْدٌ (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ نَفْسِهِ) وَمِنْ الْغَيْرِ الْأَجْنَبِيُّ كَمَا قَالَهُ الْخَطِيبُ (قَوْلُهُ: ثَبَتَ لَهُ) أَيْ الْوَكِيلِ لِأَنَّهُ لَمَّا مُنِعَ شَرْعًا مِنْ شَرْطِهِ لِغَيْرِ مُوَكِّلِهِ وَنَفْسِهِ نَزَلَ عَلَى نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّ سُكُوتَهُ) أَيْ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: كَشَرْطِهِ) أَيْ فَإِنَّ شَرْطَهُ الْمُبْتَدِيَ لِلْوَكِيلِ أَوْ الْمُوَكِّلِ صَحَّ، أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ صَحَّ أَوْ بِدُونِهِ فَلَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَحْذُورَ) عِلَّةٌ لِلْأَوْجُهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ حَاصِلٌ بِشَرْطِهِ) أَيْ الْمُبْتَدِي (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ) قَيْدٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلِأَحَدِهِمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ لَهُمَا وَلِأَحَدِهِمَا بَيَانٌ لِلْمَشْرُوطِ لَهُ (قَوْلُهُ: مَنْ تَعَيَّنَ) أَيْ مِنْ الْمُبْتَدِي قَضِيَّتُهُ الْبُطْلَانُ فِيمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا بِشَرْطِ الْخِيَارِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ لِي أَوْ لَك أَوْ لَنَا، وَيُوَجِّهُهُ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْرُوطَ لَهُ أَحَدُهُمَا وَهُوَ مُبْهَمٌ. وَفِي سم عَلَى حَجّ أَخْذًا مِنْ تَصْحِيحِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَهُ الْوَكِيلُ وَأَطْلَقَ ثَبَتَ لَهُ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا قَالَ بِعْتُك بِشَرْطِ الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مَثَلًا فَقَالَ الْمُشْتَرِي قَبِلْت اخْتَصَّ الْخِيَارُ بِالْبَائِعِ فَيَكُونُ مِنْ قَبِيلِ اشْتِرَاطِهِ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ لَا لَهُمَا وَأَطَالَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ: لَكِنْ سَيَأْتِي عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ فِي شَرْطِهِمَا لِأَجْنَبِيٍّ مُطْلَقًا مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ اهـ: أَيْ وَهُوَ عَدَمُ الصِّحَّةِ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا قُلْنَاهُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ شَرْطِهِ مِنْ الْمَالِكِ وَالْوَكِيلِ بِأَنَّ الْوَكِيلَ لَمَّا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْ شَرْطِهِ لِغَيْرِهِ حُمِلَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُحْمَلْ عَلَى مُوَكِّلِهِ وَإِنْ جَازَ اشْتِرَاطُهُ لَهُ لِمُبَاشَرَتِهِ لِلْعَقْدِ وَتَعَلُّقِ أَحْكَامِهِ بِهِ، بِخِلَافِ الْمَالِكِ فَإِنَّهُ لَمَّا جَازَ اشْتِرَاطُهُ لَهُ وَلِلْبَائِعِ وَلِلْمُشْتَرِي وَلَمْ يُصَرِّحْ بِاسْمِ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ لَغَا شَرْطُهُ لِأَنَّ حَمْلَهُ عَلَى أَحَدِهِمَا تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ تَلَفُّظٍ بِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ تَلَفُّظٍ بِهِ فَيَشْمَلُ السُّكُوتَ وَالتَّلَفُّظَ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَثْبُتُ ذَاكَ) أَيْ خِيَارُ الْمَجْلِسِ (قَوْلُهُ: لَا هَذَا) أَيْ خِيَارُ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ الْقَبْضُ) أَيْ فِي الْعِوَضَيْنِ فِي الرِّبَوِيِّ وَفِي رَأْسِ الْمَالِ فِي السَّلَمِ، وَقَوْلُهُ وَفِيمَا يَتَسَارَعُ. قَضِيَّةُ الْكَلَامِ ثُبُوتُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ فِيمَا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ وَامْتِدَادُهُ مَا دَامَ فِي الْمَجْلِسِ وَإِنْ لَزِمَ تَلَفُ الْمَبِيعِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِثُبُوتِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ قَهْرًا اهـ أَقُولُ: وَمَا تَرَجَّاهُ مِنْ أَنَّ قَضِيَّتَهُ ذَلِكَ قَدْ يُفِيدُ تَمْثِيلَ الشَّارِحِ لِمَا يَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ ثُمَّ بِبَيْعِ الْجَمَدِ فِي الصَّيْفِ. (قَوْلُهُ: لِمَنْعِهِ الْمِلْكَ) أَيْ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا (قَوْلُهُ: أَوْ لُزُومِهِ) أَيْ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَشَمَلَ ذَلِكَ) أَيْ عَقْدَ الرِّبَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَيْسَتْ كَاشْتِرَاطِهِ) أَيْ فَلَا تَضُرُّ عِنْدَ نَهْيِ الْمُوَكِّلِ لَهُ عَنْ اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ، وَلَا يَكُونُ آتِيًا بِالْمَأْمُورِ لَوْ أَمَرَهُ الْمُوَكِّلُ بِالِاشْتِرَاطِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَحْذُورَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلْأَوْجُهِ

أَيْضًا فِي شِرَاءِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ لِاسْتِلْزَامِهِ الْمِلْكَ لَهُ الْمُسْتَلْزِمَ لِعِتْقِهِ الْمَانِعَ مِنْ الْخِيَارِ، وَمَا أَدَّى ثُبُوتُهُ لِعَدَمِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ مِنْ أَصْلِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرَطَ لَهُمَا لِوَقْفِهِ أَوْ لِلْبَائِعِ فَقَطْ، إذْ الْمِلْكُ لَهُ، وَفِي الْبَيْعِ الضِّمْنِيِّ وَفِيمَا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ فِي الْمُدَّةِ الْمَشْرُوطَةِ لِأَنَّ قَضِيَّةَ الْخِيَارِ التَّوَقُّفُ عَنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ فَيُؤَدِّي لِضَيَاعِ مَالِيَّتِهِ، وَلِلْبَائِعِ ثَلَاثًا فِي مُصَرَّاةٍ لِمَنْعِهِ الْحَبَّ الْمُضِرَّ بِهَا. لَا يُقَالُ: لِمَ امْتَنَعَ حَلْبُهُ لَهَا فِيمَا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ مَعَ أَنَّ الْمِلْكَ لَهُ حِينَئِذٍ وَاللَّبَنَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِمَنْ لَهُ الْمِلْكُ لِأَنَّا نَقُولُ: لَمَّا كَانَ اللَّبَنُ الْمَوْجُودُ عِنْدَ الْبَيْعِ مَبِيعًا كَانَ حِينَئِذٍ كَالْحَمْلِ الْمَوْجُودِ عِنْدَ الْبَيْعِ فَيَمْتَنِعُ الْبَائِعُ مِنْ الْحَلْبِ لِئَلَّا يَفُوتَ غَرَضُهُ مِنْ تَرْوِيحِ اللَّبَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَاللَّبَنُ الْحَادِثُ بَعْدَ الْعَقْدِ كَالْوَلَدِ الْحَادِثِ بَعْدَهُ، وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ طَرْدِ ذَلِكَ فِي كُلِّ حَلُوبٍ مَرْدُودٌ إذْ لَا دَاعِيَ هُنَا لِعَدَمِ الْحَلْبِ، بِخِلَافِهِ ثُمَّ فَإِنَّ تَرْوِيجَهُ لِلتَّصْرِيَةِ الَّتِي قَصَدَهَا يَمْنَعُهُ مِنْ الْحَلْبِ وَإِنْ كَانَ اللَّبَنُ مِلْكَهُ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ شَرْطَهُ فِيهَا لَهُمَا كَذَلِكَ، وَأَنَّ مِثْلَ الثَّلَاثِ مَا قَارَبَهَا مِمَّا شَأْنُهُ الْإِضْرَارُ بِهَا. لَا يُقَالُ: مَا طَرِيقُ عِلْمِ الْمُشْتَرِي بِتَصْرِيَتِهَا حَتَّى امْتَنَعَ عَلَيْهِ شَرْطُ ذَلِكَ لِلْبَائِعِ أَوْ مُوَافَقَتُهُ عَلَيْهِ، لِأَنَّا نَقُولُ: هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَوْ ظَنَّ تَصْرِيَتَهَا مِنْ غَيْرِ تَحَقُّقِهَا، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ إثْمَ ذَلِكَ يَخْتَصُّ بِالْبَائِعِ أَوْ أَنَّ بِظُهُورِ التَّصْرِيَةِ يَتَبَيَّنُ فَسَادُ الْخِيَارِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ فَسْخٍ أَوْ إجَازَةٍ، وَلَوْ تَكَرَّرَ بَيْعُ كَافِرٍ لِقِنِّهِ الْمُسْلِمِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ وَفَسْخِهِ أَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ بَيْعَهُ بَتًّا وَعُلِمَ مِنْ تَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ بِالْبَيْعِ عَدَمَ مَشْرُوعِيَّتِهِ فِي الْفُسُوخِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالسَّلَمِ (قَوْلُهُ: لِاسْتِلْزَامِهِ) أَيْ الشَّرْطِ لِلْمُشْتَرِي إذْ الْمِلْكُ لَهُ: أَيْ يَمْتَنِعُ شَرْطُهُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَفِي الْبَيْعِ الضِّمْنِيِّ) ذِكْرُهُ مَعَ مَا قَبْلَهُ فِي الْمُسْتَثْنَيَاتِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُثْبِتُ فِيهِ خِيَارَ الْمَجْلِسِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ فَكَانَ الْأَوْلَى عَدَمُ ذِكْرِهِ (قَوْلُهُ: وَفِيمَا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ) يُفْهَمُ جَوَازُ شَرْطِهِ مُدَّةً لَا يَحْصُلُ فِيهَا الْفَسَادُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَلِلْبَائِعِ ثَلَاثًا) أَيْ يَمْتَنِعُ شَرْطُهُ لِلْبَائِعِ ثَلَاثًا مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا وَمُوَافَقَةُ الْآخَرِ (قَوْلُهُ الْمَوْجُودُ عِنْدَ الْبَيْعِ) أَيْ فَالْمَوْجُودُ وَقْتَ الْعَقْدِ لِلْمُشْتَرِي وَاَلَّذِي يَحْدُثُ لِلْبَائِعِ لَكِنَّهُ يَمْتَنِعُ مِنْ الْحَلْبِ لِئَلَّا إلَخْ (قَوْلُهُ: كَالْوَلَدِ الْحَادِثِ بَعْدَهُ) أَيْ فَيَكُونُ لِلْبَائِعِ وَيَخْتَلِطُ بِالْمَوْجُودِ الْمَبِيعُ قَبْلُ فَيَتْرُكُهُ لِتَرْوِيجِ مَقْصِدِهِ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ كَالْوَلَدِ الْحَادِثِ أَنَّ الدَّابَّةَ الْمَبِيعَةَ لَوْ حَمَلَتْ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ الْمَشْرُوطِ لِأَحَدِهِمَا كَانَ الْحَمْلُ لِمَنْ لَهُ الْخِيَارُ فَيَأْخُذُهُ إذَا انْفَصَلَ وَإِنْ لَزِمَ الْبَيْعُ حَيْثُ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ فُسِخَ وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي، وَيُوَافِقُهُ إطْلَاقُ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ الْأَكْسَابُ وَالْفَوَائِدُ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ طَرْدِ ذَلِكَ) أَيْ امْتِنَاعِ شَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ: إذْ لَا دَاعِيَ هُنَا) أَيْ فِي بَيْعِ حَلُوبٍ غَيْرَ مُصَرَّاةٍ (قَوْلُهُ: أَنَّ شَرْطَهُ فِيهَا) أَيْ الْمُصَرَّاةِ. (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ كَشَرْطِهِ لِلْبَائِعِ فَيَمْتَنِعُ (قَوْلُهُ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَوْ ظَنَّ) أَيْ ظَنًّا مُسَاوِيًا أَحَدَ طَرَفَيْهِ الْآخَرَ أَوْ مَرْجُوحًا، فَإِنْ كَانَ رَاجِحًا فَلَا لِأَنَّهُ كَالْيَقِينِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ فِيمَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ ظَنَّ الْمَبِيعَ زَانِيًا إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ أَنَّ بِظُهُورِ التَّصْرِيَةِ) قَدْ يُفْهِمُ هَذَا الْجَوَابُ صِحَّةَ الْبَيْعِ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْمُتَبَادَرُ فَسَادُ الْعَقْدِ بِهَذَا الشَّرْطِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ) أَيْ أَوْ بَاعَ عَلَيْهِ، وَيَظْهَرُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ تَوَجَّهَ عَلَى شَخْصٍ بِيعَ مَالُهُ بِوَفَاءِ دَيْنِهِ فَفَعَلَ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: عَدَمُ مَشْرُوعِيَّتِهِ فِي الْفُسُوخِ) وَمِنْهَا الْإِقَالَةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّهَا فَسْخٌ فَلَا خِيَارَ فِيهَا، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلِلْبَائِعِ ثَلَاثًا فِي مُصَرَّاةٍ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَا ثَلَاثًا لِلْبَائِعِ فِي مُصَرَّاةٍ؛ لِأَدَائِهِ لِمَنْعِ الْحَلْبِ الْمُضِرِّ بِهَا، وَطَرْدُ الْأَذْرَعِيِّ لَهُ فِي كُلِّ حَلُوبٍ يُرَدُّ بِأَنَّهُ لَا دَاعِيَ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي عَنْ الشَّارِحِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ شَرْعًا عَلَى الْبَائِعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لَهُ حَلْبُ الدَّابَّةِ الْمَبِيعَةِ، وَقَضِيَّةُ رَدِّهِ لِكَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ بَلْ صَرِيحُهُ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ، وَهِيَ تَفْرِيعُ قَوْلِهِ فَيَمْتَنِعُ الْبَائِعُ مِنْ الْحَلْبِ إلَخْ عَلَى مَا قَبْلَهُ نَظَرٌ لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّ بِظُهُورِ التَّصْرِيَةِ يَتَبَيَّنُ فَسَادُ الْخِيَارِ) قَضِيَّتُهُ صِحَّةُ الْبَيْعِ، وَنَظَرَ فِيهِ الشِّهَابُ سم ثُمَّ قَالَ: وَالْمُتَبَادَرُ فَسَادُ الْعَقْدِ بِهَذَا الشَّرْطِ. (قَوْلُهُ: وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ فَسْخٍ أَوْ إجَازَةٍ) أَيْ: مِنْ حَيْثُ تَرَتُّبُهُمَا عَلَى الْخِيَارِ وَإِلَّا فَالْبَيْعُ لَازِمٌ كَمَا أَفَادَهُ مَا مَرَّ فَلَا مَعْنَى

[شرط الخيار في مدة معلومة للمتعاقدين]

وَالْعِتْقِ وَالْإِبْرَاءِ وَالنِّكَاحِ وَالْإِجَارَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَقَوْلُهُ كَرِبَوِيٍّ وَسَلَمٍ الْكَافُ فِيهِ اسْتِقْصَائِيَّةٌ، وَنَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبْضُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَالرِّبَوِيِّ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ كَالسَّلَمِ. (وَإِنَّمَا يَجُوزُ) شَرْطُهُ (فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ) لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ كَإِلَى طُلُوعِ شَمْسِ الْغَدِ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ إلَى وَقْتِهِ لِأَنَّ الْغَيْمَ إنَّمَا يَمْنَعُ الْإِشْرَاقَ لَا الطُّلُوعَ، أَوْ إلَى سَاعَةٍ وَهَلْ تُحْمَلُ عَلَى لَحْظَةٍ أَوْ عَلَى الْفَلَكِيَّةِ إنْ عَرَفَاهَا؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُمَا إنْ قَصَدَا الْفَلَكِيَّةَ وَعَرَفَاهَا حُمِلَ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَعَلَى لَحْظَةٍ أَوْ إلَى يَوْمٍ، وَيُحْمَلُ عَلَى يَوْمِ الْعَقْدِ فَلَوْ عَقَدَ نِصْفَهُ مَثَلًا فَإِلَى مِثْلِهِ وَتَدْخُلُ اللَّيْلَةُ تَبَعًا لِلضَّرُورَةِ. قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، فَإِنْ أَخْرَجَهَا بَطَلَ الْعَقْدُ أَوْ نِصْفَ اللَّيْلِ انْقَضَى بِغُرُوبِ شَمْسِ يَوْمِ تَالِيهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّنْصِيصِ عَلَى دُخُولِ بَقِيَّةِ اللَّيْلِ وَإِلَّا صَارَتْ الْمُدَّةُ مُنْفَصِلَةً عَنْ الشَّرْطِ يُرَدُّ بِوُقُوعِهِ تَبَعًا فَدَخَلَ مِنْ غَيْرِ تَنْصِيصٍ عَلَيْهِ، وَكَمَا دَخَلَتْ اللَّيْلَةُ فِيمَا مَرَّ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنُصَّ عَلَيْهَا لِأَنَّ التَّلْفِيقَ يُفْضِي إلَى جَوَازِ بُعْدِ لُزُومٍ فَكَذَا بَقِيَّةُ اللَّيْلِ هُنَا كَذَلِكَ بِجَامِعِ أَنَّ التَّنْصِيصَ عَلَى اللَّيْلِ فِيهِمَا مُمْكِنٌ فَلَزِمَ مِنْ قَوْلِهِمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلَ عَمِيرَةَ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ فِي الْإِقَالَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا الْبِنَاءِ قَوْلُهُ وَدَخَلَ فِيهِ: أَيْ الْبَيَانِ الْإِقَالَةُ فَإِنَّهَا لَا تَدْخُلُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا فَسْخٌ (قَوْلُهُ: الْكَافُ فِيهِ اسْتِقْصَائِيَّةٌ) مَعْنَاهَا أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فَرْدٌ آخَرُ غَيْرُ مَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّهُ أَتَى بِالْكَافِ لِإِدْخَالِ إجَارَةِ الذِّمَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ فِيهَا خِيَارَ الْمَجْلِسِ كَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافَهُ، وَكَذَا إدْخَالُ الْمَبِيعِ فِي الذِّمَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ سَلَمٌ حُكْمًا وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الشَّارِحِ خِلَافَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَعَلَى لَحْظَةٍ) يَنْدَرِجُ تَحْتَهُ مَا لَوْ جَهِلَا الْفَلَكِيَّةَ وَقَصْدَهَا وَالْحَمْلُ عَلَى اللَّحْظَةِ حِينَئِذٍ فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ الْقِيَاسُ الْبُطْلَانُ لِأَنَّهُمَا قَصْدًا مُدَّةٌ مَجْهُولَةٌ لَهُمَا اهـ سم عَلَى حَجّ. وَانْظُرْ مَا مِقْدَارُ اللَّحْظَةِ حَتَّى يَحْكُمَ بِلُزُومِ الْعَقْدِ بِمُضِيِّهَا، وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَهَلْ يُقَالُ اللَّحْظَةُ لَا قَدْرَ لَهَا مَعْلُومٌ فَهُوَ شَرْطُ خِيَارٍ مَجْهُولٍ فَيَضُرُّ اهـ. أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّحْظَةَ لَا حَدَّ لَهَا حَتَّى تُحْمَلَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَيُحْمَلُ عَلَى يَوْمِ الْعَقْدِ) أَيْ وَإِنْ وَقَعَ مُقَارِنًا لِلْفَجْرِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ مِثْلَهُ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ مِقْدَارُ يَوْمٍ فَيَصِحُّ. [فَرْعٌ] لَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ قَبْلَ الْقَبْضِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ وَبَعْدَهُ إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ انْفَسَخَ أَيْضًا، وَيَسْتَرِدُّ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ وَيَغْرَمُ الْقِيمَةَ كَالْمُسْتَلِمِ وَإِنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي أَوْ مَوْقُوفٌ فَقِيلَ يَنْفَسِخُ وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ وَالْأَصَحُّ بَقَاءُ الْخِيَارِ، فَإِنْ تَمَّ لَزِمَ الثَّمَنُ وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ وَالْمُصَدَّقُ فِيهَا الْمُشْتَرِي وَإِنْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ وَقُلْنَا الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي أَوْ مَوْقُوفٌ لَمْ يَنْفَسِخْ وَعَلَيْهِ الْغُرْمُ وَالْخِيَارُ بِحَالِهِ فَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَلِلْبَائِعِ، وَإِنْ أَتْلَفَهُ الْمُشْتَرِي اسْتَقَرَّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: تَبَعًا لِلضَّرُورَةِ) وَإِنَّمَا لَمْ يُحْمَلْ الْيَوْمُ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى ذَلِكَ: أَيْ حُصُولِ اللَّيْلَةِ تَبَعًا لِأَنَّهَا أَصْلٌ وَالْخِيَارُ تَابِعٌ فَاغْتُفِرَ فِي مُدَّتِهِ مَا لَمْ يُغْتَفَرْ فِي مُدَّتِهَا اهـ حَجّ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ لَوْ وَقَعَ وَقْتَ الظُّهْرِ لِبَيْتٍ مَثَلًا امْتَنَعَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الِانْتِفَاعُ بِهِ لَيْلًا لِعَدَمِ شُمُولِ الْإِجَارَةِ لَهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ. ثُمَّ رَأَيْت سم كَتَبَ عَلَيْهِ مَا نَصُّهُ نَقَلَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَدَمَ هَذَا الْحَمْلِ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَأَنَّهُ نَظَرَ بِهِ فِيمَا هُنَا ثُمَّ قَالَ: وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بَلْ مَا فِي الْإِجَارَةِ نَظِيرُ مَا هُنَا، وَبِتَقْدِيرِ صِحَّةِ مَا قَالَهُ يَظْهَرُ الْفَرْقُ، وَذَكَرَ الْفَرْقَ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: أَوْ نِصْفَ اللَّيْلِ) قِيَاسُ ذَلِكَ عَكْسُهُ بِأَنْ وَقَعَ الْعَقْدُ نِصْفَ النَّهَارِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَيْلَةً فَتَدْخُلُ بَقِيَّةُ الْيَوْمِ تَبَعًا لِلضَّرُورَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: انْقَضَى بِغُرُوبِ شَمْسِ إلَخْ) مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ عَقَدَ أَوَّلَ النَّهَارِ وَشَرْطُ الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا تَدْخُلُ اللَّيْلَةُ الْأَخِيرَةُ وَيَلْزَمُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [شَرْطُ الْخِيَار فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ] لِلْإِجَازَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَعَلَى لَحْظَةٍ) دَخَلَ تَحْتَ وَإِلَّا مَا إذَا قَصَدَا الْفَلَكِيَّةَ وَلَمْ يَعْرِفَاهَا، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْعَقْدَ يَبْطُلُ بِذَلِكَ؛ فَإِنْ كَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ فَعَلَى لَحْظَةٍ: أَيْ فَيَبْطُلُ: أَيْ؛ لِعَدَمِ انْضِبَاطِ اللَّحْظَةِ فَدُخُولُ الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ تَحْتَ وَإِلَّا ظَاهِرٌ

بِعَدَمِ وُجُوبِهِ ثُمَّ قَوْلِهِمْ بِعَدَمِهِ هُنَا وَكَوْنِ طَرَفَيْ الْيَوْمِ الْمُلَفَّقِ مُحِيطَانِ بِاللَّيْلَةِ ثُمَّ لَا هُنَا لَا يُؤَثِّرُ. أَمَّا شَرْطُهُ مُطْلَقًا أَوْ فِي مُدَّةٍ مَجْهُولَةٍ فَلَا يَجُوزُ كَإِلَى التَّفَرُّقِ أَوْ الْحَصَادِ أَوْ الْعَطَاءِ أَوْ الشِّتَاءِ وَلَمْ يُرِيدَا الْوَقْتَ الْمَعْلُومَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ فِي مُدَّةٍ مُتَّصِلَةٍ بِالشَّرْطِ وَإِلَّا لَزِمَ جَوَازُهُ بَعْدَ لُزُومِهِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ كَمَا مَرَّ مُتَوَالِيَةٌ (لَا تَزِيدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) لِأَنَّ الْأَصْلَ امْتِنَاعُ الْخِيَارِ إلَّا فِيمَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ، وَلَمْ يَأْذَنْ فِيمَا زَادَ عَلَيْهَا بِقُيُودِهَا الْمَذْكُورَةِ فَمَا سِوَاهَا بَاقٍ عَلَى أَصْلِهِ، بَلْ وَرَدَ «عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ أَبْطَلَ بَيْعًا شُرِطَ فِيهِ الْخِيَارُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ» كَمَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَإِنَّمَا بَطَلَ بِشَرْطِ الزِّيَادَةِ، وَلَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِغُرُوبِ شَمْسِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: لَا يُؤَثِّرُ) أَيْ لِأَنَّ سَبَبَ دُخُولِ اللَّيْلَةِ التَّبَعِيَّةُ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا شَرْطُهُ) أَيْ الْخِيَارِ (قَوْلُهُ أَوْ الْعَطَاءُ) أَيْ تَوْفِيَةُ النَّاسِ مَا عَلَيْهَا مِنْ الدُّيُونِ لِإِدْرَاكِ الْغَلَّةِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: بَعْدَ لُزُومِهِ) قَدْ تَمْنَعُ الْمُلَازَمَةُ بِانْتِفَائِهَا فِيمَا لَوْ شَرَطَ فِي الْعَقْدِ ابْتِدَاءَ الْمُدَّةِ مِنْ التَّفَرُّقِ إذْ قَبْلَهُ لَا لُزُومَ مَعَ خِيَارِ الْمَجْلِسِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ لُزُومُهُ مِنْ حَيْثُ الشَّرْطِ وَإِنْ بَقِيَ الْجَوَازُ مِنْ حَيْثُ الْمَجْلِسِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَلْزَمُ فِي الْمَجْلِسِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ بِأَنْ اخْتَارَا لُزُومَهُ (قَوْلُهُ: مُتَوَالِيَةٌ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ شُرِطَ لِلْبَائِعِ يَوْمٌ وَلِلْمُشْتَرِي يَوْمَانِ بَعْدَهُ بَطَلَ الْعَقْدُ، وَكَذَا لَوْ شُرِطَ لِلْبَائِعِ يَوْمٌ وَلِلْمُشْتَرِي يَوْمٌ بَعْدَهُ وَلِلْبَائِعِ الْيَوْمُ الثَّالِثُ بِخِلَافِ مَا لَوْ شُرِطَ الْيَوْمُ الْأَوَّلِ لَهُمَا وَلِأَحَدِهِمَا مُعَيَّنًا الثَّانِي وَالثَّالِثُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى اشْتَمَلَ عَلَى شَرْطٍ يُؤَدِّي لِجَوَازِ الْعَقْدِ بَعْدَ لُزُومِهِ بَطَلَ وَإِلَّا فَلَا، وَمِنْهُ مَا لَوْ شُرِطَ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ لِلْبَائِعِ مَثَلًا. وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ لِأَجْنَبِيٍّ عَنْهُ فَيَصِحُّ عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ وَجْهَيْنِ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ لِكَوْنِهِ نَائِبًا عَمَّنْ شَرَطَ لَهُ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ لَمْ يُؤَدِّ ذَلِكَ لِجَوَازِ الْعَقْدِ بَعْدَ لُزُومِهِ بَلْ الْجَوَازُ مُسْتَمِرٌّ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ: لَا تَزِيدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) فَلَوْ مَضَتْ فِي الْمَجْلِسِ لَمْ يَجُزْ شَرْطُ شَيْءٍ آخَرَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ لَا يَكُونُ إلَّا ثَلَاثَةٌ فَأَقَلُّ، وَلَوْ شُرِطَ مَا دُونَهَا وَمَضَى فِي الْمَجْلِسِ فَيَنْبَغِي جَوَازُ شَرْطِ بَقِيَّتِهَا فَأَقَلُّ فِي الْمَجْلِسِ أَيْضًا، ثُمَّ رَأَيْت مَا فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى عَنْ الرُّويَانِيِّ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ وَهُوَ مُؤَيِّدٌ لِمَا ذُكِرَ، وَأَرَادَ بِمَا فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَوْ شُرِطَ خِيَارُ يَوْمٍ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا فِي أَثْنَائِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِقُيُودِهَا الْمَذْكُورَةِ) مِنْ الْعِلْمِ وَالِاتِّصَالِ وَالتَّوَالِي (قَوْلُهُ: أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ) فَإِنْ قُلْت: إنْ صَحَّ فَالْحُجَّةُ فِيهِ وَاضِحَةٌ، وَإِلَّا فَالْأَخْذُ بِحَدِيثِ الثَّلَاثَةِ أَخْذٌ بِمَفْهُومِ الْعَدَدِ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِهِ. قُلْت: مَحَلُّهُ إنْ لَمْ تُضَمَّ قَرِينَةٌ عَلَيْهِ وَإِلَّا وَجَبَ الْأَخْذُ بِهِ. وَهِيَ هُنَا ذِكْرُ الثَّلَاثَةِ لِلْمَغْبُونِ السَّابِقِ، إذْ لَوْ جَازَ الْأَكْثَرُ مِنْهَا لَكَانَ أَوْلَى بِالذِّكْرِ لِأَنَّ اشْتِرَاطَهُ أَحْوَطُ فِي حَقِّ الْمَغْبُونِ فَتَأَمَّلْهُ اهـ حَجّ. وَأَيْضًا فَالْأَصْلُ فِي الْبَيْعِ اللُّزُومُ إلَّا مَا رَخَّصَ فِيهِ الشَّارِعُ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الثَّلَاثَةِ فَبَقِيَ مَا زَادَ عَلَيْهَا عَلَى الْأَصْلِ مِنْ امْتِنَاعِ شَرْطِهَا وَعَدَمِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ فِيهَا. [تَنْبِيهٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي زَمَنِ الدَّجَّالِ بِأَنْ قَالَ فِيهِ الْبَائِعُ مَثَلًا بِعْت بِشَرْطِ الْخِيَارِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَمْ يَذْكُرْ اللَّيَالِيَ فَهَلْ يُقَدَّرُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَعَ اللَّيَالِي الْمُتَخَلَّلَةِ بَيْنَهَا كَمَا لَوْ بَاعَ وَقْتَ الْفَجْرِ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الدَّجَّالِ أَوْ لَا يُقَدِّرُ لِأَنَّهَا إنَّمَا اُعْتُبِرَتْ فِي غَيْرِ أَيَّامِهِ لِضَرُورَةِ الْفَصْلِ بِهَا بَيْنَ الْأَيَّامِ وَفِي زَمَنِ الدَّجَّالِ لَا لَيْلَ مَوْجُودٌ وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ تَقْدِيرٍ وَالشَّارِطُ إنَّمَا ذَكَرَ الْأَيَّامَ فَيُمْكِنُ تَقْدِيرُهَا مُتَوَالِيَةً وَلَا ضَرُورَةَ لِتَقْدِيرِ اللَّيْلِ فَاصِلًا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ حَيْثُ اُعْتُبِرَ تَقْدِيرُ الْأَيَّامِ وَجَبَ تَقْدِيرُ اللَّيَالِي فَاصِلَةً بَيْنَهُمَا لِنَحْوِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالْآجَالِ فَصَارَتْ لِتَقْدِيرِهَا فِي تِلْكَ الْأَحْوَالِ كَأَنَّهَا مَوْجُودَةٌ، فَلَوْ قُدِّرَتْ الْأَيَّامُ مِنْ غَيْرِ اللَّيَالِي لَزِمَ فَقْدُ اللَّيَالِي فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ وَجَعْلُهَا أَيَّامًا مُتَوَالِيَةً بِلَا فَاصِلٍ بَيْنَهُمَا وَلَا نَظِيرَ لَهُ، عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ تَقْدِيرُ اللَّيَالِي فِيهَا لِضَرُورَةٍ أَنَّ أَوْقَاتَ الصَّلَوَاتِ تُقَدَّرُ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَصِحُّ الْعَقْدُ فَدُخُولُ الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ تَحْتَ وَإِلَّا غَيْرُ مُرَادٍ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُرِيدَا الْوَقْتَ الْمَعْلُومَ)

يَخْرُجْ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ لِأَنَّ إسْقَاطَ الزِّيَادَةِ يَسْتَلْزِمُ إسْقَاطَ بَعْضِ الثَّمَنِ فَيُؤَدِّي لِجَهْلِهِ وَتَدْخُلُ لَيَالِيُ الثَّلَاثَةِ الْمَشْرُوطَةِ لِلضَّرُورَةِ. نَعَمْ لَوْ شَرَطَ ثَلَاثَةً مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ لَمْ تَدْخُلْ اللَّيْلَةُ التَّالِيَةُ لِلْيَوْمِ الثَّالِثِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ مَسْحِ الْخُفِّ (وَتُحْسَبُ) الْمُدَّةُ الْمَشْرُوطَةُ (مِنْ) حِينِ (الْعَقْدِ) الْوَاقِعِ فِيهِ الشَّرْطُ، فَإِنْ وَقَعَ بَعْدَهُ فِي الْمَجْلِسِ فَمِنْ الشَّرْطِ، وَآثَرَ ذِكْرَ الْعَقْدِ لِأَنَّ الْغَالِبَ وُقُوعُ شَرْطِ الْخِيَارِ فِيهِ لَا فِي الْمَجْلِسِ بَعْدَهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ مِنْ التَّفَرُّقِ لِئَلَّا تَصِيرَ مُدَّةُ الْخِيَارِ مَجْهُولَةً لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ مَتَى يَفْتَرِقَانِ (وَقِيلَ) تُحْسَبُ (مِنْ التَّفَرُّقِ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الشَّارِطَ يَقْصِدُ بِالشَّرْطِ زِيَادَةً عَلَى مَا يُفِيدُهُ الْمَجْلِسُ، وَعُورِضَ بِمَا مَرَّ مِنْ أَدَائِهِ إلَى الْجَهَالَةِ وَيَجْرِي هُنَا نَظِيرَ مَا مَرَّ ثُمَّ مِنْ اللُّزُومِ بِاخْتِيَارِ مَنْ اخْتَارَ لُزُومَهُ وَإِنْ جَهِلَ الْمَبِيعَ وَالثَّمَنَ كَمَا اعْتَمَدَهُ جَمْعٌ وَبِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَمِنْ تَصْدِيقِ نَافِي الْفَسْخِ أَوْ الِانْقِضَاءِ وَلَا يَجِبُ تَسْلِيمُ مَبِيعٍ وَلَا ثَمَنٍ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ: أَيْ لَهُمَا كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَلَا يَنْتَهِي بِهِ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ مَا لَمْ يَلْزَمْ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا بَعْدَ الْفَسْخِ حَبْسُ مَا فِي يَدِهِ بَعْدَ طَلَبِ صَاحِبِهِ بِأَنْ يَقُولَ لَا أَرُدُّ حَتَّى تَرُدَّ، بَلْ إذَا بَدَأَ أَحَدُهُمَا بِالْمُطَالَبَةِ لَزِمَ الْآخَرَ الدَّفْعُ إلَيْهِ ثُمَّ يَرُدُّ مَا كَانَ فِي يَدِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ هُنَا وَمِثْلُهُ جَمِيعُ الْفُسُوخِ كَمَا اعْتَمَدَهُ جَمْعٌ، لَكِنَّ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَاعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ لَهُ الْحَبْسَ فَيَمْتَنِعُ تَصَرُّفُ مَالِكِهِ فِيهِ مَا دَامَ مَحْبُوسًا. (وَالْأَظْهَرُ) فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ (أَنَّهُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ) أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ عَنْهُ (فَمِلْكُ الْمَبِيعِ) بِتَوَابِعِهِ الْآتِيَةِ وَحَذْفِهَا لِفَهْمِهَا مِنْهُ إذْ يَلْزَمُ مِنْ مِلْكِ الْأَصْلِ مِلْكُ الْفَرْعِ غَالِبًا (لَهُ) وَمِلْكُ الثَّمَنِ بِتَوَابِعِهِ لِلْمُشْتَرِي (وَإِنْ كَانَ) الْخِيَارُ (لِلْمُشْتَرِي) ـــــــــــــــــــــــــــــSتِلْكَ الْأَيَّامِ، فَالْوَقْتُ الَّذِي يَقُومُ فِيهِ الْعَقْدُ بِالنَّظَرِ لِتَقْدِيرِهِ لِلصَّلَوَاتِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْجُزْءُ إمَّا مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إنْ صَادَفَ وُقُوعَ الْعَقْدِ مُقَارِنًا لِلْفَجْرِ الَّذِي قَدَّرُوا بِهِ أَوْقَاتَ الصَّلَوَاتِ لَمْ تَدْخُلْ اللَّيْلَةُ الْأَخِيرَةُ بِالْفَرْضِ حُكْمًا كَمُقَارَنَةِ الْعَقْدِ لِلْفَجْرِ الْمُحَقِّقِ وَإِنْ صَادَفَ وُقُوعُهُ فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ تَقْدِيرًا دَخَلَتْ اللَّيْلَةُ الْأَخِيرَةُ (قَوْلُهُ: لَمْ تَدْخُلْ اللَّيْلَةُ) أَيْ لِأَنَّ شَرْطَهُ لَمْ يَتَنَاوَلْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، وَأَمَّا مَسْحُ الْخُفِّ فَالشَّارِحُ نَصَّ عَلَى اللَّيَالِي أَيْضًا اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ وَافَقَ الْعَقْدُ غُرُوبَ الشَّمْسِ وَشَرْطُ الْخِيَارِ ثَلَاثُ لَيَالِي لَمْ يَدْخُلْ الْيَوْمُ الثَّالِثُ وَكَأَنَّهُ شَرَطَ الْخِيَارَ يَوْمَيْنِ وَثَلَاثَ لَيَالٍ (قَوْلُهُ: فَمِنْ الشَّرْطِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: كَذَا أَطْلَقُوهُ، وَقَضِيَّتُهُ اعْتِبَارِهَا مِنْهُ وَإِنْ مَضَى قَبْلَهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَأَكْثَرُ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ حَيْثُ تَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْت يَلْزَمُ زِيَادَةُ الْمُدَّةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. قُلْت: لَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الثَّلَاثِ هُوَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ لَا الشَّرْطُ إلَخْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَعُورِضَ) أَيْ الْقِيلُ الْمُوَجَّهُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَهِلَ الْمَبِيعَ وَالثَّمَنَ) أَيْ كَمَا فِي الْأَجْنَبِيِّ وَالْمُوَكِّلِ وَالْوَارِثِ اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: أَيْ لَهُمَا) يَنْبَغِي أَوْ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ مَرَّ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْتَهِي) أَيْ الْخِيَارُ (قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ التَّسْلِيمِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَلْزَمْ) أَيْ بِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ) مَشَى الشَّارِحُ أَيْضًا عَلَى هَذَا الِاسْتِدْرَاكِ فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا عَارِيَّةٌ وَمَأْخُوذٌ بِسَوْمٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ عَنْهُ) أَيْ الْبَائِعِ بِأَنْ كَانَ نَائِبًا عَنْهُ (قَوْلُهُ: مِلْكُ الْفَرْعِ غَالِبًا) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَمَّا لَوْ أَرَادَاهُ فَيَصِحُّ: أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّ الْمُدَّةَ لَا تَزِيدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ: يَسْتَلْزِمُ إسْقَاطَ بَعْضِ الثَّمَنِ) فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ سِيَّمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مَقْبُوضًا؛ إذْ لَمْ يَجْعَلْ فِي الثَّمَنِ زِيَادَةً نَظِيرَ الْخِيَارِ. (قَوْلُهُ: نَظِيرُ مَا مَرَّ ثَمَّ مِنْ اللُّزُومِ) أَيْ: فِي حَقِّ مَنْ أُلْزِمَ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَهِلَ الْمَبِيعَ وَالثَّمَنَ) لَيْسَ مِنْ جُمْلَةِ النَّظِيرِ بَلْ هُوَ غَايَةٌ فِي خُصُوصِ مَا هُنَا، وَكَذَا قَوْلُهُ: وَبِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ: أَيْ لَهُمَا كَمَا هُوَ وَاضِحٌ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ هَذَا التَّقْيِيدِ مَعَ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ بِالْأَوْلَى لِكَوْنِ الْمِلْكِ فِيهِ لَهُ، وَكَذَا لَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ إلَيْهِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَمْلِكْ مُقَابِلَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْتَهِي بِهِ) أَيْ لَا يَنْتَهِي الْخِيَارُ بِالتَّسْلِيمِ (قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ) اُنْظُرْ هَلْ هُوَ

[الأظهر في خيار المجلس والشرط]

أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ عَنْهُ (فَلَهُ) مِلْكُ الْمَبِيعِ وَلِلْبَائِعِ مِلْكُ الثَّمَنِ لِقَصْرِ التَّصَرُّفِ عَلَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ، وَالتَّصَرُّفُ دَلِيلٌ وَكَوْنُهُ لِأَحَدِهِمَا فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ بِأَنْ يَخْتَارَ الْآخَرُ لُزُومَ الْعَقْدِ (وَإِنْ كَانَ) الْخِيَارُ (لَهُمَا) أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ عَنْهُمَا (فَ) الْمِلْكُ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ (مَوْقُوفٌ فَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ بَانَ أَنَّهُ) أَيْ مِلْكَ الْمَبِيعِ (لِلْمُشْتَرِي) وَمِلْكَ الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ (مِنْ حِينِ الْعَقْدِ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَتِمَّ كَأَنْ فَسَخَ (فَلِلْبَائِعِ) مِلْكُ الْمَبِيعِ وَلِلْمُشْتَرِي مِلْكُ الثَّمَنِ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ وَكَأَنَّ كُلًّا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِ مَالِكِهِ، إذْ أَحَدُ الْجَانِبَيْنِ لَيْسَ أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَوَقَفَ الْأَمْرُ إلَى اللُّزُومِ أَوْ الْفَسْخِ، وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ الْأَكْسَابُ وَالْفَوَائِدُ كَلَبَنٍ وَثَمَرٍ وَمَهْرٍ وَنُفُوذِ عِتْقٍ وَاسْتِيلَادٍ وَحِلِّ وَطْءٍ وَوُجُوبِ مُؤْنَةٍ، فَكُلُّ مَنْ حَكَمْنَا بِمِلْكِهِ لَعَيْنٍ ثَمَنٍ أَوْ مُثَمَّنٍ كَانَ لَهُ وَعَلَيْهِ وَنُفِّذَ مِنْهُ وَحَلَّ لَهُ مَا ذُكِرَ، وَلَوْ فُسِخَ الْعَقْدُ بَعْدَهُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ وَمَنْ لَمْ يُخَيَّرْ لَا يَنْفُذُ شَيْءٌ مِنْهُ مِمَّا ذُكِرَ فِيمَا خَيَّرَ فِيهِ صَاحِبَهُ وَإِنْ آلَ الْمِلْكُ إلَيْهِ وَعَلَيْهِ مَهْرُ وَطْءٍ لِمَنْ خَيَّرَ، وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْوَطْءُ مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْبَائِعُ وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ دُونَهُ وَلَا حَدَّ بِالشُّبْهَةِ وَلِهَذَا كَانَ الْوَلَدُ حُرًّا نَسَبًا، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ تَوَسُّطٌ فِي الْمَسْأَلَةِ وَالثَّانِي الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي مُطْلَقًا لِتَمَامِ الْبَيْعِ لَهُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ. وَالثَّالِثُ لِبَائِعٍ مُطْلَقًا، وَلَوْ اجْتَمَعَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ لَهُمَا وَخِيَارُ الشَّرْطِ لِأَحَدِهِمَا فَهَلْ يَغْلِبُ الْأَوَّلُ فَيَكُونُ الْمِلْكُ مَوْقُوفًا أَوْ الثَّانِي فَيَكُونُ لِذَلِكَ الْأَحَدِ الظَّاهِرُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ الْأَوَّلُ، لِأَنَّ خِيَارَ الْمَجْلِسِ كَمَا قَالَاهُ أَسْرَعُ وَأَوْلَى ثُبُوتًا مِنْ خِيَارِ الشَّرْطِ لِأَنَّهُ أَقْصَرُ غَالِبًا، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ: الظَّاهِرُ الثَّانِي لِثُبُوتِ خِيَارِ الشَّرْطِ بِالْإِجْمَاعِ بَعِيدٌ كَمَا لَا يَخْفَى، وَمُرَادُهُمْ بِحِلِّ وَطْءٍ مَعَ عَدَمِ حُسْبَانِ الِاسْتِبْرَاءِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ حِلُّهُ مِنْ حَيْثُ الْمِلْكِ وَانْقِطَاعِ سَلْطَنَةِ الْبَائِعِ وَإِنْ حَرُمَ مِنْ حَيْثُ عَدَمِ الِاسْتِبْرَاءِ فَهُوَ كَمَا لَوْ حَرُمَ مِنْ حَيْثُ نَحْوِ إحْرَامٍ وَحَيْضٍ، وَنَظِيرُهُ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ} [البقرة: 230] الْآيَةَ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ مَا لَوْ أَوْصَى بِغَلَّةِ بُسْتَانٍ مَثَلًا ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي وَقَبِلَ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ (قَوْلُهُ: أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ عَنْهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي بِأَنْ كَانَ نَائِبًا عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَالتَّصَرُّفُ دَلِيلٌ) أَيْ عَلَى مِلْكِهِ لَهُ (قَوْلُهُ: كَلَبَنٍ) أَيْ وَحَمْلٍ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْفَوَائِدِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فُسِخَ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْوَطْءُ) ظَاهِرُهُ حِلُّهُ لِلْبَائِعِ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُ أَوْ لَهُمَا لَكِنَّ صَرِيحَ قَوْلِهِ بَعْدُ وَيَحْرُمُ وَطْؤُهَا حِينَئِذٍ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا إلَخْ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَأْذَنْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَعَلَيْهِ مَهْرُ وَطْءٍ وَكَانَ الْأَوْلَى إسْقَاطَ قَوْلِهِ وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْوَطْءُ لِأَنَّهَا عُلِمَتْ مِمَّا مَرَّ ثُمَّ رَأَيْتهَا سَاقِطَةً فِي نُسْخَةٍ (قَوْلُهُ: وَالْخِيَارُ) أَيْ وَالْحَالُ وَقَوْلُهُ لِلْبَائِعِ أَمَّا لَهُمَا قَضِيَّةُ قَوْلِهِ الْآتِي وَيَحْرُمُ وَطْؤُهَا حِينَئِذٍ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا خِلَافُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ أَوْ لِأَنَّ وَطْءَ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِ الْبَائِعِ إجَازَةٌ مِنْ الْبَائِعِ فَتَقْضِي عَدَمَ الْمَهْرِ (قَوْلُهُ دُونَهُ) أَيْ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا كَانَ) أَيْ لِلشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ: وَخِيَارُ الشَّرْطِ لِأَحَدِهِمَا) بِأَنْ شُرِطَ الْخِيَارُ لِأَحَدِهِمَا وَاسْتِمْرَارُ مُدَّةٍ فِي الْمَجْلِسِ (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ لِذَلِكَ الْأَحَدِ) أَيْ فَقَطْ دُونَ مَنْ لَمْ يُشْتَرَطْ لَهُ مَعَ مُشَارَكَتِهِ لِمَنْ شُرِطَ لَهُ فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَرُمَ مِنْ حَيْثُ عَدَمِ إلَخْ) وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ زِنًا (قَوْلُهُ: قَوْله تَعَالَى إلَخْ) أَيْ حَيْثُ غَيَّا فِيهَا عَدَمَ الْحِلِّ بِنِكَاحِ زَوْجٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQرَاجِعٌ لِجَمِيعِ الْفُسُوخِ مَا عَدَا مَسْأَلَتَنَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ التَّبَرِّي فِي تَعْبِيرِهِ بِعَلَى أَوْ رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ [الْأَظْهَرُ فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ] (قَوْلُهُ: وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ) أَيْ: الْحُكْمِ بِالْمِلْكِ لِأَحَدِهِمَا فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُ أَوْ الْحُكْمُ لَهُ بِالْوَقْفِ إذَا كَانَ لَهُمَا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْبَائِعُ إلَخْ) أَيْ: فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فَلَا مَهْرَ وَيَكُونُ الْإِذْنُ مَعَ الْوَطْءِ إجَازَةً (قَوْلُهُ: وَلَوْ اجْتَمَعَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ لَهُمَا وَخِيَارُ الشَّرْطِ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ وَكَانَ لِلْآخَرِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ فَقَطْ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ عَكْسَهُ لَا يَتَأَتَّى (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَقْصَرُ غَالِبًا) أَيْ وَكُلُّ مَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ أَوْلَى بِعَقْدِ الْبَيْعِ الَّذِي مَدَارُهُ عَلَى اللُّزُومِ مِمَّا هُوَ أَطْوَلُ (قَوْلُهُ: وَنَظِيرُهُ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ} [البقرة: 230] الْآيَةَ) أَيْ: فَإِنَّهُ وَقَفَ الْحِلَّ عَلَى نِكَاحِ الْآخَرِ فَقَطْ مَعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ طَلَاقِهِ أَيْضًا وَانْقِضَاءِ عِدَّتِهِ،

قَصْرِ الزَّرْكَشِيّ لِذَلِكَ عَلَى مَا لَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ قَالَ: فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ حَيْثُ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ، فَإِنْ كَانَ لَهُمَا لَمْ يَجُزْ لَهُ وَطْؤُهَا زَمَنَهُ إذْ لَا يَدْرِي أَيَطَأُ بِالْمِلْكِ أَمْ بِالزَّوْجِيَّةِ، وَمَا جَزَمَ بِهِ مِنْ حِلِّ الْوَطْءِ فِي الْأُولَى هُوَ الْأَوْجَهُ، وَجَزَمَ جَمْعٌ بِحُرْمَتِهِ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَجِبْ اسْتِبْرَاءٌ لِضَعْفِ الْمِلْكِ، وَزَادَ فِي الْمَجْمُوعِ عَلَى مَنْعِ حِلِّ الْوَطْءِ فِيمَا مَرَّ قَالَ الرُّويَانِيُّ: فَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ فَهَلْ يَلْزَمُهُ اسْتِبْرَاؤُهَا؟ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الْوَطْءِ إنْ حَرَّمْنَاهُ لَزِمَ وَإِلَّا فَلَا اهـ. وَهُوَ طَرِيقَةٌ ضَعِيفَةٌ وَإِنْ انْفَسَخَ الْبَيْعُ، فَإِنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ أَوْ مَوْقُوفٌ فَالنِّكَاحُ بِحَالِهِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ الِانْفِسَاخِ لِأَنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ مُسْتَقَرٍّ، وَلَوْ اشْتَرَى مُطَلَّقَتَهُ ثُمَّ رَاجَعَهَا فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ لَمْ تَصِحَّ الرَّجْعَةُ وَإِنْ فُسِخَ صَحَّتْ، إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ أَوْ مَوْقُوفٌ أَوْ لِلْمُشْتَرِي فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ صِحَّتِهَا، وَفِي حَالَةِ الْوَقْفِ يُطَالَبَانِ بِالْإِنْفَاقِ ثُمَّ يَرْجِعُ مَنْ بَانَ عَدَمُ مِلْكِهِ عَلَى الْآخَرِ، وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا لَوْ أَنْفَقَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ لِوُجُودِ تَرَاضِيهِمَا عَلَيْهِ وَهُوَ كَافٍ فِي مِثْلِ ذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا نَاوِيًا الرُّجُوعَ وَأَشْهَدَ عَلَيْهَا عِنْدَ امْتِنَاعِ صَاحِبِهِ وَفَقْدِ الْحَاكِمِ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي فِي الْمُسَاقَاةِ وَهَرَبِ الْجِمَالِ، وَيَحْرُمُ وَطْؤُهَا حِينَئِذٍ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَوْ بِإِذْنِ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي، وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ: إنَّهُ يَحِلُّ لَهُ بِإِذْنِ الْبَائِعِ مَبْنِيٌّ عَلَى بَحْثِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مُجَرَّدَ الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ إجَازَةٌ وَالْمَنْقُولُ خِلَافُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــSآخَرَ الْمُفِيدُ حُصُولُهُ بِمُجَرَّدِ النِّكَاحِ مَعَ أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَاقِ الْآخَرِ وَانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا مِنْهُ وَنِكَاحِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ) أَيْ الِاسْتِبْرَاءُ (قَوْلُهُ: كَانَ الْخِيَارُ لَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: مِنْ حِلِّ الْوَطْءِ فِي الْأَوْلَى) وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُ (قَوْلُهُ: قَالَ الرُّويَانِيُّ) مَزِيدٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ طَرِيقَةٌ ضَعِيفَةٌ) أَيْ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ مُطْلَقًا فِي الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اشْتَرَى مُطَلَّقَتَهُ ثُمَّ رَاجَعَهَا) وَلَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ اللُّزُومِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَقَعَ الطَّلَاقُ لِبَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي لَمْ يَقَعْ لِانْفِسَاخِ الْعَقْدِ بِدُخُولِهَا فِي مِلْكِهِ أَوْ لَهُمَا وَقْفٌ، فَإِنْ تَمَّ الْعَقْدُ لِلْمُشْتَرِي بَانَ عَدَمُ وُقُوعِهِ أَوْ فُسِخَ بَانَ وُقُوعُهُ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ يَتَبَيَّنُ أَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ فَالزَّوْجِيَّةُ بَاقِيَةٌ، ثُمَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ عَدَمِ الْوُقُوعِ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي لِدُخُولِهَا فِي مِلْكِهِ ظَاهِرٌ، لَكِنْ مُقْتَضَى قَوْلِ الشَّارِحِ بِعَدَمِ انْفِسَاخِ النِّكَاحِ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: لَمْ تَصِحَّ الرَّجْعَةُ) أَيْ لِدُخُولِهَا فِي مِلْكِهِ قَبْلَ الرَّجْعَةِ (قَوْلُهُ إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ) بِأَنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ (قَوْلُهُ: عَدَمُ صِحَّتِهَا) أَيْ الرَّجْعَةِ (قَوْلُهُ: يُطَالَبَانِ) أَيْ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: مَنْ بَانَ عَدَمُ مِلْكِهِ) حَيْثُ أَنْفَقَ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي، وَكَذَا لَوْ أَنْفَقَ نَاوِيًا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لِوُجُودِ تَرَاضِيهِمَا) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ إذْنُ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: وَأَشْهَدَ عَلَيْهَا) أَيْ النَّفَقَةِ (قَوْلُهُ: وَفُقِدَ الْحَاكِمُ) أَيْ فِي مُسَاقَةِ الْعَدْوَى (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ وَطْؤُهَا حِينَئِذٍ) أَيْ فِي حَالَةِ الْوَقْفِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِإِذْنِ الْبَائِعِ) لَكِنْ حَيْثُ أَذِنَ لَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا مَهْرَ لِأَنَّ وَطْءَ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِ الْبَائِعِ إجَازَةٌ فَلَمْ يَحْصُلْ الْوَطْءُ إلَّا فِي مِلْكِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: إنَّهُ يَحِلُّ لَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَالْمَنْقُولُ خِلَافُهُ) مُعْتَمَدٌ وَهُوَ أَنَّ الْإِذْنَ إنَّمَا يَكُونُ إجَازَةً إذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQفَالْمُرَادُ الْحِلُّ مِنْ حَيْثُ التَّحْلِيلُ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَدْرِي أَيَطَأُ بِالْمِلْكِ) أَيْ وَهُوَ ضَعِيفٌ لَا يُبِيحُ الْوَطْءَ. (قَوْلُهُ: وَزَادَ فِي الْمَجْمُوعِ عَلَى مَنْعِ حِلِّ الْوَطْءِ) أَيْ: فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَقَطْ بِنَاءً عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجَمْعُ الْمَذْكُورُونَ فَتَأَمَّلْ وَرَاجِعْ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ طَرِيقَةٌ ضَعِيفَةٌ) أَيْ: مَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ فَالرَّاجِحُ عَدَمُ وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ قُلْنَا بِحُرْمَةِ الْوَطْءِ فَرَاجِعْ (قَوْلُهُ: وَفِي حَالَةِ الْوَقْفِ) أَيْ: فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا نَاوِيًا الرُّجُوعَ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ مَنْ بَانَ عَدَمُ مَالِكِهِ

[يحصل الفسخ والإجازة للعقد في زمن الخيار بلفظ يدل عليها]

وَقَدْ يُوَجَّهُ حِلُّهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ إلَّا وَقَدْ رَضِيَا بِبَقَاءِ الْعَقْدِ لِحُصُولِ رِضَا الْبَائِعِ بِإِذْنِهِ فِيهِ وَرِضَا الْمُشْتَرِي بِشُرُوعِهِ فِيهِ. (وَيَحْصُلُ الْفَسْخُ وَالْإِجَازَةُ) لِلْعَقْدِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ (بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهَا) صَرِيحًا أَوْ كِنَايَةً فَصَرِيحُ الْفَسْخِ (كَفَسَخْتُ الْبَيْعَ وَرَفَعْته وَاسْتَرْجَعْت الْمَبِيعَ) وَرَدَدْت الثَّمَنَ (وَ) الصَّرِيحُ فِي الْإِجَازَةِ نَحْوُ (أَجَزْته وَأَمْضَيْته) وَأَلْزَمْته، وَإِذَا كَانَ مَشْرُوطًا لَهُمَا ارْتَفَعَ بِفَسْخِ أَحَدِهِمَا جَمِيعُهُ لَا بِإِجَازَتِهِ بَلْ تَسْتَمِرُّ لِلْآخَرِ، إذْ إثْبَاتُ الْخِيَارِ إنَّمَا قُصِدَ بِهِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الْفَسْخِ دُونَ الْإِجَازَةِ لِأَصَالَتِهَا، وَقَوْلُ مَنْ خَيَّرَ لَا أَبِيعُ أَوْ لَا أَشْتَرِي إلَّا بِنَحْوِ زِيَادَةٍ مَعَ عَدَمِ مُوَافَقَةِ الْآخَرِ لَهُ فَسْخٌ (وَوَطْءُ الْبَائِعِ) وَلَوْ مُحَرَّمًا كَأَنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ وَطْأَهُ إنَّمَا يَكُونُ فَسْخًا إذَا عَلِمَ أَوْ ظَنَّ وَهُوَ مُخْتَارٌ أَنَّ الْمَوْطُوءَةَ هِيَ الْمَبِيعَةُ وَلَمْ يَقْصِدْ بِوَطْئِهِ الزِّنَا، فَإِنْ بَاشَرَ فِيهَا فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ لَمْ يَكُنْ فَسْخًا كَالِاسْتِخْدَامِ، وَإِنْ صَحَّحَ الْأَذْرَعِيُّ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ، أَنَّهَا فَسْخٌ لِأَنَّهَا لَا تُبَاحُ إلَّا بِالْمِلْكِ، ثُمَّ قَالَ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ فِي الْمُبَاحَةِ لَهُ لَوْلَا الْبَيْعُ وَكَذَا الْوَطْءُ، أَمَّا لَوْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ بِتَمَجُّسٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ فَسْخًا قَطْعًا، وَمِنْ هَذَا وَطْءُ الْخُنْثَى وَاضِحًا وَعَكْسُهُ فَلَوْ اخْتَارَ الْمَوْطُوءَةَ فِي الثَّانِيَةِ الْأُنُوثَةَ بَعْدَهُ تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِالْوَطْءِ السَّابِقِ ذَكَرَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSانْضَمَّ لَهُ الْوَطْءُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُوَجَّهُ) أَيْ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ. (قَوْلُهُ: فَصَرِيحُ الْفَسْخِ) لَمْ يَذْكُرْ مِثَالًا لِلْكِنَايَةِ فِي الْفَسْخِ وَلَا الْإِجَازَةِ، وَلَعَلَّ مِنْ كِنَايَاتِ الْفَسْخِ أَنْ يَقُولَ: هَذَا الْبَيْعُ لَيْسَ بِحَسَنٍ مَثَلًا، وَمِنْ كِنَايَاتِ الْإِجَازَةِ الثَّنَاءُ عَلَيْهِ بِنَحْوِ هُوَ حَسَنٌ (قَوْلُهُ: إلَّا بِإِجَازَتِهِ) أَيْ فَلَا يَلْزَمُ جَمِيعُهُ بَلْ إنَّمَا يَلْزَمُ مِنْ جِهَةِ الْمُجِيزِ وَيَسْتَمِرُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَّا بِنَحْوِ زِيَادَةٍ) أَيْ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ أَوْ فِي مُدَّةِ خِيَارِ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ: مَعَ عَدَمِ مُوَافَقَةِ الْآخَرِ) ظَاهِرُهُ الِانْفِسَاخُ فِيمَا لَوْ كَانَ الشَّرْطُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَسَكَتَ الْآخَرُ أَوْ رَدَّ، وَلَكِنْ تَقَدَّمَ فِي حَجّ مَا نَصُّهُ: تَنْبِيهٌ: الشَّرْطُ الْمُؤَثِّرُ هُنَا هُوَ مَا وَقَعَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ مِنْ الْمُبْتَدِي بِهِ، إلَى أَنْ قَالَ: وَيَلْحَقُ بِالْوَاقِعِ بَعْدَهُ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ الْوَاقِعِ فِي زَمَنِ خِيَارِهِ مَجْلِسًا أَوْ أَوْ شَرْطًا إنْ كَانَ مِنْ الْبَائِعِ وَوَافَقَهُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ أَوْ عَكْسَهُ كَأَنْ أَلْحَقَ أَحَدَهُمَا حِينَئِذٍ زِيَادَةً أَوْ نَقْصًا فِي الثَّمَنِ أَوْ الْمَبِيعِ أَوْ الْخِيَارِ أَوْ الْأَجَلِ وَوَافَقَهُ الْآخَرُ بِقَوْلِهِ قَبِلْت مَثَلًا لَكِنْ فِي غَيْرِ الْحَطِّ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ إبْدَاءٌ، وَهُوَ لَا يَحْتَاجُ لِلْقَبُولِ وَيَكْفِي رَضِيت بِزِيَادَةِ كَذَا، فَإِنْ لَمْ يُوَافِقْهُ بِأَنْ سَكَتَ بَقِيَ الْعَقْدُ، وَإِنْ قَالَ لَا أَرْضَى إلَّا بِذَلِكَ بَطَلَ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إذَا سَكَتَ يَسْتَقِرُّ الثَّمَنُ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْعَقْدِ أَوَّلًا وَيَلْغُو الشَّرْطُ، وَعِبَارَةُ حَجّ هُنَا مُوَافَقَةٌ لِعِبَارَةِ الشَّارِحِ فَيُحْمَلُ قَوْلُهُمَا هُنَا مَعَ عَدَمِ مُوَافَقَةِ الْآخَرِ مَا لَوْ خَالَفَهُ الْآخَرُ صَرِيحًا بِأَنْ قَالَ لَا أَرْضَى أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَوْ وَافَقَهُ صَرِيحًا اسْتَقَرَّ الْعَقْدُ عَلَى مَا تَوَافَقَا عَلَيْهِ، وَإِنْ سَكَتَ لَغَا الشَّرْطُ وَاسْتَقَرَّ الْحَالُ عَلَى مَا وَقَعَ بِهِ الْعَقْدُ أَوَّلًا. (قَوْلُهُ: وَوَطْءُ الْبَائِعِ) أَيْ فِي الْقُبُلِ وَخَرَّجَ بَلْ الدُّبْرِ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقْصِدْ بِوَطْئِهِ الزِّنَا) أَيْ فَإِنْ قَصَدَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فَسْخًا. وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ مَا لَمْ تَحْمِلْ مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ فَإِنْ حَمَلَتْ مِنْهُ انْفَسَخَ وَصَارَ مُسْتَوْلَدَةً عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَحْبَلَهَا وَهِيَ فِي مِلْكِهِ (قَوْلُهُ: أَنَّهَا) أَيْ الْمُبَاشَرَةَ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْوَطْءُ) أَيْ إنَّمَا يَكُونُ فَسْخًا إذَا كَانَ مُبَاحًا لَهُ لَوْلَا الْبَيْعُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مُحَرَّمًا لَهُ وَلَا فِي مَعْنَى الْمُحَرَّمِ وَكَانَ الْوَطْءُ فِي الْقُبُلِ (قَوْلُهُ: يَتَمَجَّسُ) وَكَوَطْءِ الْمُحَرَّمَةِ وَطْءُ الْأَمْرَدِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَمِنْ هَذَا) أَيْ مِمَّا لَا يَكُونُ فَسْخًا (قَوْلُهُ وَطْءُ الْخُنْثَى) أَيْ الْخُنْثَى الْبَائِعُ (قَوْلُهُ: وَاضِحًا) أَيْ مَبِيعًا وَاضِحًا بِالْأُنُوثَةِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ اخْتَارَ) أَيْ بِعَلَامَاتٍ عُلِمَتْ مِنْهَا أُنُوثَتُهُ، وَعِبَارَةُ حَجّ وَكَذَا: أَيْ يَحْصُلُ الْفَسْخُ بِوَطْءِ الْبَائِعِ الْوَاضِحِ لِخُنْثَى إنْ اتَّضَحَ بَعْدُ بِالْأُنُوثَةِ (قَوْلُهُ بَعْدَهُ) أَيْ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: الْحُكْمُ بِالْوَطْءِ) أَيْ فَيَكُونُ وَاضِحًا ـــــــــــــــــــــــــــــQ [يَحْصُلُ الْفَسْخُ وَالْإِجَازَةُ لِلْعَقْدِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهَا] (قَوْلُهُ: جَمِيعُهُ) بِالرَّفْعِ فَاعِلُ ارْتَفَعَ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا) الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ اخْتَارَ الْمَوْطُوءَةَ إلَخْ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ: فَلَوْ اتَّضَحَ وَلَوْ بِإِخْبَارِهِ: أَيْ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي مَحَلِّهِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الَّذِي بَعْدَهُ

فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ، وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ اخْتَارَ الْوَاطِئُ فِي الْأُولَى الذُّكُورَةِ بَعْدَهُ تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِالْوَطْءِ السَّابِقِ (وَإِعْتَاقُهُ) وَلَوْ مُعَلِّقًا لِكُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ فِي الْأَوْجُهِ وَيَكُونُ فَسْخًا فِي جَمِيعِهِ، وَمَعَ كَوْنِهِ كَذَلِكَ يَكُونُ صَحِيحًا أَوْ إيلَادُهُ حَيْثُ تَخَيَّرَ أَوْ هُوَ وَحْدَهُ (فُسِخَ) أَمَّا فِي الْإِعْتَاقِ فَلِقُوَّتِهِ وَمِنْ ثَمَّ نَفَذَ قَطْعًا، وَأَمَّا الْوَطْءُ فَلِتَضَمُّنِهِ اخْتِيَارَ الْإِمْسَاكِ وَإِنَّمَا لَمْ تَحْصُلْ بِهِ الرَّجْعَةُ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَحْصُلُ بِالْفِعْلِ كَالسَّبْيِ فَكَذَا تَدَارُكُهُ بِخِلَافِ النِّكَاحِ، وَمَعَ كَوْنِ نَحْوِ إعْتَاقِهِ فَسْخًا هُوَ نَافِذٌ مِنْهُ وَإِنْ تَخَيَّرَا فَلَهُ وَجْهٌ ظَاهِرٌ وَهُوَ تَضَمُّنُهُ الْفَسْخَ فَيَنْتَقِلُ الْمِلْكُ إلَيْهِ قَبْلَهُ، وَلَا يَنْفُذُ مِنْ الْمُشْتَرِي إذَا تَخَيَّرَا بَلْ يُوقَفُ حَيْثُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْبَائِعُ لِتَقَدُّمِ الْفَسْخِ لَوْ وَقَعَ مِنْ الْبَائِعِ بَعْدُ عَلَى الْإِجَازَةِ، وَلَوْ بَاعَ حَامِلًا ثُمَّ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا فِي زَمَنِ الْخِيَارِ قَالَ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ: يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ كَمَا لَوْ بَاعَ حَامِلًا وَاسْتَثْنَى حَمْلَهَا، ثُمَّ إنْ جَعَلْنَا الْحَمْلَ مَعْلُومًا يَبْطُلُ الْبَيْعُ فِي الْحَالِ وَإِلَّا تَوَقَّفَ عَلَى الْوَضْعِ، فَإِنْ وَضَعَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْإِعْتَاقِ تَبَيَّنَّا أَنَّ الْبَيْعَ كَانَ مُنْفَسِخًا وَقَدْ عَتَقَ الْحَمْلُ، أَوْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ وَهِيَ مُزَوَّجَةٌ لَمْ يَنْفُذْ الْعِتْقُ فِي الْحَمْلِ وَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ (وَكَذَا بَيْعُهُ) وَلَوْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ بِشَرْطِ كَوْنِهِ لِلْمُشْتَرِي، فَإِنْ كَانَ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا لَمْ يَكُنْ فَسْخًا وَلَا إجَازَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْعُبَابِ (وَإِجَارَتُهُ وَتَزْوِيجُهُ) وَوَقْفُهُ وَرَهْنُهُ وَهِبَتُهُ إنْ اتَّصَلَ الْقَبْضُ بِهِمَا وَلَوْ وَهَبَ لِفَرْعِهِ (فِي الْأَصَحِّ) حَيْثُ تَخَيَّرَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِالْوَطْءِ) أَيْ فَيَكُونُ فَسْخًا أَيْضًا (قَوْلُهُ: السَّابِقِ) شَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ بَاعَهُ بِشَرْطِ أَنْ يُعْتِقَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ أَعْتَقَهُ الْبَائِعُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَيَنْفُذُ وَيَكُونُ فَسْخًا لِلْبَيْعِ وَيَفُوتُ بِهِ الْإِعْتَاقُ الْمَشْرُوطُ عَلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ وَمَعَ كَوْنِهِ كَذَلِكَ يَكُونُ صَحِيحًا) أَيْ الْإِعْتَاقُ وَذَكَرَ الشَّارِحُ هَذَا لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْفَسْخِ صِحَّةُ التَّصَرُّفِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ تَحْصُلْ بِهِ) أَيْ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: نَحْوُ إعْتَاقِهِ) أَيْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ قَبْلَهُ) أَيْ الْإِعْتَاقِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاعَ حَامِلًا) بَلْ قِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ عَبْدَيْنِ ثُمَّ أَعْتَقَ أَحَدَهُمَا أَنَّهُ يَنْفَسِخُ فِيهِمَا لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا فُسِخَ فِي نِصْفِ الْمَبِيعِ انْفَسَخَ فِي كُلِّهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ النِّصْفِ مُتَّصِلًا بِالْبَاقِي أَوْ مُنْفَصِلًا عَنْهُ كَهَذَا الْمِثَالُ، ثُمَّ حَيْثُ حُكِمَ بِالِانْفِسَاخِ وَجَبَ عَلَى الْبَائِعِ تَعَيُّنُ أَحَدِهِمَا لِلْعِتْقِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَعْتَقَ) أَيْ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ: أَحَدَهُمَا) أَيْ وَلَوْ مُبْهَمًا (قَوْلُهُ: يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ) أَيْ ظَاهِرًا حَيْثُ أَعْتَقَ الْحَمْلَ لِمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ إنْ جَعَلْنَا الْحَمْلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ جَعَلْنَا) أَيْ ثُمَّ بَعْدَ الْبَيْعِ إنْ إلَخْ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَذْكُرَ هَذَا بَعْدَ قَوْلِهِ وَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ فَيَقُولُ يَنْفَسِخُ إنْ جَعَلْنَا الْحَمْلَ إلَخْ، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا فَصَلَهُ لِعَدَمِ كَوْنِهِ مِنْ كَلَامِ الْقَفَّالِ (قَوْلُهُ كَوْنُهُ لِلْمُشْتَرِي) أَيْ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَلَا إجَازَةَ) وَيَجْرِي هَذَا فِيمَا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ بَاعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضَةِ عَلَى مَا نَقَلَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ عَنْهُ حَيْثُ قَالَ وَلَوْ بَاعَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ الْمَبِيعَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ الثَّابِتِ لَهُ أَوْ لَهُمَا بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ أَوْ لَهُمَا فَقَرِيبٌ مِنْ الْهِبَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ: يَعْنِي الْخَالِيَةَ عَنْ الْقَبْضِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ، فَلَا يَكُونُ فَسْخًا وَلَا إجَازَةً بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَزُولُ مِلْكُ الْبَائِعِ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ التَّصَرُّفُ مِنْ الْبَائِعِ فَسْخٌ وَمِنْ الْمُشْتَرِي إجَازَةُ التَّصَرُّفِ الَّذِي لَمْ يُشْرَطْ فِيهِ ذَلِكَ اهـ: أَيْ الْخِيَارُ (قَوْلُهُ إنْ اتَّصَلَ الْقَبْضُ بِهِمَا) أَيْ الرَّهْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ مُعَلَّقًا) اُنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ حُصُولُ الْفَسْخِ بِنَفْسِ التَّعْلِيقِ أَوْ بِوُجُودِ الصِّفَةِ؟ (قَوْلُهُ: وَإِيلَادِهِ) لَعَلَّهُ بِنَحْوِ إدْخَالِ مَنِيِّهِ وَإِلَّا فَمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْوَطْءِ مُغْنٍ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ تَخَيَّرَا) قَيْدٌ فِي أَصْلِ مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: مَعَ كَوْنِ نَحْوِ إعْتَاقِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَمَعَ كَوْنِ نَحْوِ إعْتَاقِهِ فَسْخًا هُوَ نَافِذٌ وَإِنْ تَخَيَّرَا؛ لِتَضَمُّنِهِ الْفَسْخَ فَيَنْتَقِلُ الْمِلْكُ إلَخْ عَلَى أَنَّ هَذَا يُغْنِي عَنْهُ مَا مَرَّ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ: وَمَعَ كَوْنِهِ كَذَلِكَ يَكُونُ صَحِيحًا إلَّا أَنَّهُ زَادَ هُنَا التَّوْجِيهَ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ جَعَلْنَا الْحَمْلَ مَعْلُومًا إلَخْ) أَيْ: فِيمَا إذَا كَانَ الْعَتِيقُ الْحَمْلَ (قَوْلُهُ: وَتَزْوِيجُهُ) هَلْ الْمُرَادُ مِنْهُ مَا يَشْمَلُ تَزَوُّجَ عَبْدِهِ الْكَبِيرِ بِإِذْنِهِ

أَوْ هُوَ وَحْدَهُ أَيْضًا فَكُلٌّ مِنْهُمَا فَسْخٌ لِأَنَّهَا مُشْعِرَةٌ بِاخْتِيَارِ الْإِمْسَاكِ فَقُدِّمَ عَلَى أَصْلِ بَقَاءِ الْعَقْدِ وَمَعَ كَوْنِهَا فَسْخًا هِيَ مِنْهُ صَحِيحَةٌ تَقْدِيرًا لِلْفَسْخِ قَبْلَهَا وَالثَّانِي مَا يَكْتَفِي فِي الْفَسْخِ بِذَلِكَ، وَفِي وَجْهٍ أَنَّ الْوَطْءَ لَيْسَ بِفَسْخٍ وَلَا خِلَافَ فِي الْإِعْتَاقِ وَعُقُودِ الْبَيْعِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا فَسْخٌ صَحِيحَةٌ، وَقِيلَ لَا لِبُعْدِ أَنْ يَحْصُلَ بِالشَّيْءِ الْوَاحِدِ الْفَسْخُ وَالْعَقْدُ جَمِيعًا (وَالْأَصَحُّ أَنَّ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ) مِنْ الْبَيْعِ وَمَا بَعْدَهُ (مِنْ الْمُشْتَرِي) حَيْثُ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا أَوْ لَهُ وَحْدَهُ (إجَازَةٌ) لِلشِّرَاءِ لِأَنَّهَا مُشْعِرَةٌ بِاخْتِيَارِ الْإِمْسَاكِ. نَعَمْ لَا يَصِحُّ مِنْهُ إلَّا إنْ كَانَ تَخَيَّرَ أَوْ أَذِنَ لَهُ الْبَائِعُ أَوْ كَانَتْ مَعَهُ، وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ فِي الْبَابِ بِتَزَلْزُلِ مِلْكِهِ وَبَانَ صِحَّتُهَا وَالْخِيَارُ لَهُمَا مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ مُسْقِطَةً لِفَسْخِهِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ. وَالثَّانِي مَا يُكْتَفَى فِي الْإِجَازَةِ بِذَلِكَ وَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَمَسْأَلَتَا الْإِجَازَةِ وَالتَّزْوِيجِ ذَكَرَهُمَا فِي الْوَجِيزِ وَخَلَا عَنْهُمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَهُمَا وَمَسْأَلَةُ الْبَيْعِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ قَطْعًا: أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ. (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ) (الْعَرْضَ عَلَى الْبَيْعِ) وَإِنْكَارَهُ (وَالتَّوْكِيلَ فِيهِ) (لَيْسَ فَسْخًا مِنْ الْبَائِعِ وَلَا إجَازَةً مِنْ الْمُشْتَرِي) إذْ لَيْسَ فِيهِمَا إزَالَةُ مِلْكِهِ، وَلِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ أَنْ يَسْتَبِينَ مَا يَدْفَعُ فِيهِ لِيَعْلَمَ أَرَبِحَ أَمْ خَسِرَ. وَالثَّانِي نَعَمْ قِيَاسًا عَلَى الرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِضَعْفِ الْوَصِيَّةِ حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي إلَّا أَحَدُ شِقَّيْ الْعَقْدِ، وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِجَارِيَةٍ وَالْخِيَارُ لَهُمَا فَأَعْتَقَهُمَا زَمَنَهُ مَعًا عَتَقَتْ الْجَارِيَةُ فَقَطْ، أَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ وَحْدَهُ عَتَقَ الْعَبْدُ أَوْ الْبَائِعُ فَقَطْ وَقَفَ الْعِتْقَ، فَإِنْ فُسِخَ الْبَيْعُ نَفَذَ الْعِتْقُ فِي الْجَارِيَةِ وَإِلَّا فَفِي الْعَبْدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِلْكَ مُعْتِقِهِ حَالَةَ إعْتَاقِهِ لِأَنَّ الْعِتْقَ لِقُوَّتِهِ، وَتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَيْهِ لَمْ يُلْغِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ بَلْ وَقَفَ نُفُوذَهُ عَلَى تَمَامِ الْبَيْعِ، كَذَا وُجِّهَ بِهِ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ لَكِنْ قَالَ الشَّيْخُ: إنَّ الْأَوْجُهَ عَدَمُ نُفُوذِهِ لِيُوَافِقَ مَا قَدَّمُوهُ مِنْ أَنَّ الْمُشْتَرِي إذَا أَعْتَقَ الْمَبِيعَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ الْمَشْرُوطِ لِلْبَائِعِ لَمْ يَنْفُذْ وَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ لِوُقُوعِهِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ، وَقَدْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مَا قَالَاهُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَمِلْكُ الْمَبِيعِ لَهُ فَكَيْفَ يَنْفِ عِتْقَهُ بِإِعْتَاقِ الْمُشْتَرِي، وَرَدَّهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ مَا قَالَاهُ هُوَ الْمُسْتَقِيمُ وَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَدَّمُوهُ لِأَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالْهِبَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ هُوَ) أَيْ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ: وَعُقُودُ الْبَيْعِ) هَذَا مُفَادُ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَمَعَ كَوْنِهَا فَسْخًا إلَخْ لَكِنَّهُ ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ وَقِيلَ لَا (قَوْلُهُ: مِنْ الْبَيْعِ وَمَا بَعْدَهُ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ الْوَطْءُ وَمَا بَعْدَهُ، وَهِيَ أَوْلَى لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ يُخْرِجُ الْوَطْءَ وَالْعِتْقَ عَنْ كَوْنِهِمَا إجَازَةً، وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ أَشَارَ إلَى أَنَّ مَا قُطِعَ فِيهِ بِأَنَّهُ فَسْخٌ مِنْ الْبَائِعِ قُطِعَ فِيهِ بِأَنَّهُ إجَازَةٌ مِنْ الْمُشْتَرِي وَمَا جَرَى فِيهِ الْخِلَافُ إذَا وَقَعَ مِنْ الْبَائِعِ جَرَى فِي مِثْلِهِ الْخِلَافُ إذَا وَقَعَ مِنْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ) أَيْ التَّصَرُّفَاتُ (قَوْلُهُ: مَعَهُ) أَيْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: وَيُفَارِقُ) أَيْ تَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ فِي الْبَائِعِ) أَيْ حَيْثُ نَفَذَ وَالْخِيَارُ لَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَبَانَ صِحَّتُهَا) مِنْ الْمُشْتَرِي لَوْ قُلْنَا بِهِ (قَوْلُهُ: مُسْقِطَةٌ لِفَسْخِهِ) أَيْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ) خَبَرٌ قَوْلُهُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ) هَذَا التَّعْلِيلُ لَا يَظْهَرُ فِيمَا لَوْ أَذِنَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَبِيعَ عَنْ نَفْسِهِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ إجَازَةً كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: وَالْخِيَارُ لَهُمَا) أَيْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: فَأَعْتَقَهُمَا) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ فَقَطْ) أَيْ لِأَنَّ عِتْقَهَا فَسْخٌ لِلْبَيْعِ (قَوْلُهُ عَتَقَ الْعَبْدُ) أَيْ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي وَقَدْ أَجَازَ فَيَسْتَقِرُّ مِلْكُ الْبَائِعِ عَلَى الْجَارِيَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْبَائِعِ) هُوَ بَائِعُ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: وَقْفُ الْعِتْقِ) أَيْ الصَّادِرِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَهُوَ بَائِعُ الْجَارِيَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ) غَايَةُ يَكُنْ أَيْ الْعَبْدُ مِلْكَ مُعْتِقِهِ أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: عَدَمُ نُفُوذِهِ) أَيْ الْعِتْقِ لِلْعَبْدِ مِنْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَقَدْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ مَا قَالَاهُ) مِنْ نُفُوذِ عِتْقِ الْعَبْدِ إذَا تَمَّ الْبَيْعُ وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ مَا قَالَاهُ) أَيْ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَفِي وَجْهٍ إلَخْ) تُدُورِكَ بِهِ عَلَى الْمَتْنِ فِي اقْتِضَائِهِ أَنَّ الْوَطْءَ مِنْ الْبَائِعِ لَا خِلَافَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَعُقُودُ الْبَيْعِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ إلَخْ) تَقَدَّمَ مَا يُغْنِي عَنْهُ إلَّا أَنَّهُ زَادَ هُنَا ذِكْرَ الْمُقَابِلِ. (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ مَعَهُ) أَيْ أَوْ كَانَتْ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ وَاقِعَةً مَعَ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ الْخِيَارُ إلَخْ) خَبَرُ قَوْلِ الشَّارِحِ

[فصل في خيار النقيصة]

ذَلِكَ مَحَلُّهُ فِي تَصَرُّفِ كُلٍّ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ فَقَطْ وَمَا هُنَا مَفْرُوضٌ فِي تَصَرُّفِهِ فِيهِ وَفِي الثَّمَنِ كِلَيْهِمَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَنْفُذْ إعْتَاقُ الْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ وَنَفَذَ إعْتَاقُهُ فِي الْمَبِيعِ وَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا لِبَائِعِهِ فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُ، وَأَجَازَ لِئَلَّا يَلْزَمَ عَلَيْهِ اعْتِبَارُ الْفَسْخِ الضِّمْنِيِّ مِمَّنْ لَا خِيَارَ لَهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَنْفُذْ إعْتَاقُ الْبَائِعِ فِي الْجَارِيَةِ وَإِنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً لَهُ وَنَفَذَ إعْتَاقُهُ فِي الْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا لِمُشْتَرِيهِ فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُ وَأَجَازَ لِئَلَّا يَلْزَمَ إلْغَاءُ إجَازَةِ مَنْ انْفَرَدَ بِالْخِيَارِ وَكَلَامُهُمْ هُنَا مُصَرِّحٌ بِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْعَبْدِ وَالْجَارِيَةِ مَبِيعٌ وَثَمَنٌ، وَسَيَأْتِي أَنَّ الصَّحِيحَ فِي مِثْلِهِ أَنَّ الثَّمَنَ مَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ الْبَاءُ. فَصْلٌ فِي خِيَارِ النَّقِيصَةِ وَهُوَ الْمُتَعَلِّقُ بِفَوَاتِ مَقْصُودٍ مَظْنُونٍ نَشَأَ الظَّنُّ فِيهِ مِنْ الْتِزَامٍ شَرْطِيٍّ أَوْ قَضَاءٍ عُرْفِيٍّ أَوْ تَغْرِيرٍ فِعْلِيٍّ، وَمَرَّ الْكَلَامُ عَلَى الْأَوَّلِ وَشَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الثَّانِي فَقَالَ (لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ) فِي رَدِّ الْمَبِيعِ (بِظُهُورِ عَيْبٍ قَدِيمٍ) فِيهِ، وَكَذَا لِلْبَائِعِ بِظُهُورِ عَيْبٍ قَدِيمٍ فِي الثَّمَنِ، وَآثَرُوا الْأَوَّلَ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الثَّمَنِ الِانْضِبَاطُ فَيَقِلُّ ظُهُورُ الْعَيْبِ فِيهِ، وَسَيَأْتِي ـــــــــــــــــــــــــــــSالنُّفُوذِ. قَدْ يُقَالُ كَوْنُهُ فِيهِمَا مَعًا لَا يَقْتَضِي صِحَّةَ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ نَفْدِ عِتْقِ الْعَبْدِ لِعَيْنِ مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ أَنَّهُ أَعْتَقَ مَا لَا يَمْلِكُ؛ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا أَعْتَقَ مَا يَمْلِكُ وَمَا لَا يَمْلِكُ جُعِلَ إجَازَةٌ فِيمَا يَمْلِكُ وَهِيَ تَقْتَضِي نَقْلَ مَا لَا يَمْلِكُهُ إلَيْهِ وَحَيْثُ انْتَقَلَ إلَيْهِ نَفَذَ عِتْقُهُ لَهُ (قَوْلُهُ: فِي الثَّمَنِ) وَهُوَ الْجَارِيَةُ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: فِي الْمَبِيعِ) أَيْ وَهُوَ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَنْفُذْ إعْتَاقُ الْبَائِعِ) أَيْ لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ الْمُعْتِقُ دُونَ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: مَمْلُوكَةً لَهُ) أَيْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي. [فَصْلٌ فِي خِيَارِ النَّقِيصَةِ] (فَصْلٌ) فِي خِيَارِ النَّقِيصَةِ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ الْكَلَامُ عَلَى الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ الْتِزَامٌ شَرْطِيٌّ: أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ شَرَطَ وَصْفًا يَقْصِدُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَشَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الثَّانِي) هُوَ قَوْلٌ أَوْ قَضَاءٌ عُرْفِيٌّ: أَيْ وَسَيَأْتِي الثَّالِثُ فِي فَصْلِ التَّصْرِيَةِ حَرَامٌ (قَوْلُهُ: بِظُهُورِ عَيْبٍ قَدِيمٍ) ثُمَّ الْعُيُوبُ سِتَّةُ أَقْسَامٍ: هَذَا وَمِثْلُهُ عَيْبُ الْغُرَّةِ. الثَّانِي عَيْبُ الْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ وَالْعَقِيقَةِ وَهُوَ مَا نَقَصَ اللَّحْمَ. الثَّالِثُ عَيْبُ الْإِجَارَةِ وَهُوَ مَا أَثَّرَ فِي الْمَنْفَعَةِ تَأْثِيرًا يَظْهَرُ بِهِ تَفَاوُتٌ فِي الْأُجْرَةِ. الرَّابِعُ عَيْبُ النِّكَاحِ مَا يُنَفِّرُ عَنْ الْوَطْءِ وَيَكْسِرُ الشَّهْوَةَ. الْخَامِسُ عَيْبُ الصَّدَاقِ إذَا طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ مَا يَفُوتُ بِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ سَوَاءٌ غَلَبَ فِي جِنْسِهِ عَدَمُهُ أَمْ لَا. السَّادِسُ عَيْبُ الْكَفَّارَةِ مَا أَضَرَّ بِالْعَمَلِ إضْرَارًا بَيِّنًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي الْعَيْنِ الْفَوْرُ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ كَمَا يَأْتِي لَهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَالرَّدُّ عَلَى الْفَوْرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي الثَّمَنِ) أَيْ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ عَلَى مَا مَرَّ بِأَنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ لَكِنْ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَرَدَّهُ انْفَسَخَ الْعَقْدُ، وَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ لَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ وَلَهُ بَدَلُهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ لِرَدِّهِ الْفَوْرِيَّةُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ. هَذَا كُلُّهُ فِيمَا فِي الذِّمَّةِ إذَا كَانَ الْقَبْضُ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْمَجْلِسِ. أَمَّا لَوْ وَقَعَ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِيهِ وَرَدَّهُ فَهَلْ يَنْفَسِخُ فِيهِ أَيْضًا أَوْ لَا لِكَوْنِهِ وَقَعَ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ، فِيهِ نَظَرٌ، وَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ الْوَاقِعُ فِي الْمَجْلِسِ كَالْوَاقِعِ فِي الْعَقْدِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: فَيَقِلُّ ظُهُورُ الْعَيْبِ فِيهِ) وَإِنَّمَا لَمْ يُحْمَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصْلٌ) فِي خِيَارِ النَّقِيصَةِ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ الْكَلَامُ عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يُسْتَثْنَى مِنْ بَيْعٍ، وَشَرْطٍ

أَنَّ الْقَدِيمَ مَا قَارَنَ الْعَقْدَ أَوْ حَدَثَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَقَدْ بَقِيَ إلَى الْفَسْخِ إجْمَاعًا فِي الْمُقَارَنِ، وَلِأَنَّ الْمَبِيعَ فِي الثَّانِي مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ فَكَذَا جُزْؤُهُ وَصِفَتُهُ وَإِنْ قَدَرَ مَنْ خَيَّرَ عَلَى إزَالَةِ الْعَيْبِ. نَعَمْ لَوْ اشْتَرَى مُحْرِمًا بِنُسُكٍ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ لَمْ يَتَخَيَّرْ بِقُدْرَتِهِ عَلَى تَحْلِيلِهِ كَالْبَائِعِ: أَيْ لِأَنَّهُ لَا مَشَقَّةَ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِ السَّيِّدِ تَخَيَّرَ، فَإِنْ حَدَثَ الْعَيْبُ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ كَانَتْ الْغِبْطَةُ فِي الْإِمْسَاكِ وَالْمُشْتَرِي مُفْلِسٌ أَوْ وَلِيٌّ أَوْ عَامِلُ قِرَاضٍ أَوْ وَكِيلٌ وَرَضِيَهُ مُوَكِّلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَبِيعُ عَلَى مَا يَشْمَلُ الثَّمَنَ نَظِيرُ مَا مَرَّ لَهُ لِتَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِالْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: أَوْ حَدَثَ قَبْلَ الْقَبْضِ) بِغَيْرِ فِعْلِ الْمُشْتَرِي عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: إجْمَاعًا) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لِلْمُشْتَرِي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْمَبِيعَ فِي الثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ أَوْ حَدَثَ قَبْلَ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَدَرَ مَنْ خَيَّرَ عَلَى إزَالَةِ الْعَيْبِ) أَيْ بِمَشَقَّةٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي لِأَنَّهُ لَا مَشَقَّةَ فِيهِ إلَخْ، فَلَوْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى إزَالَتِهِ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ كَإِزَالَةِ اعْوِجَاجِ السَّيْفِ مَثَلًا بِضَرْبَةٍ فَلَا خِيَارَ لَهُ، وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَ يَعْرِفُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، فَلَوْ كَانَ لَا يُحْسِنُهُ فَهَلْ يُكَلَّفُ سُؤَالَ غَيْرِهِ أَمْ لَا لِلْمِنَّةِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: مَنْ خَيَّرَ) أَيْ مِنْهُمَا (قَوْلٌ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ) مُتَعَلِّقٌ ب مُحْرِمًا: أَيْ فَلَوْ مَاتَ السَّيِّدُ مَثَلًا وَلَمْ يَعْلَمْ الْحَالُّ هَلْ إحْرَامُهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَمْ لَا، فَهَلْ نَقُولُ الْأَصْلُ عَدَمُ الْإِذْنِ فَيُحَلِّلُهُ الْمُشْتَرِي أَوْ لَا لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إنَّمَا أَحْرَمَ بِإِذْنِهِ وَقَدْ تَحَقَّقْنَا صِحَّةَ الْإِحْرَامِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ مُبِيحِ التَّحْلِيلِ، فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي. وَإِذَا قُلْنَا بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مُبِيحِ التَّحْلِيلِ هَلْ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ حَمْلًا عَلَى أَنَّ الْإِحْرَامَ بِإِذْنِ السَّيِّدِ أَوْ لَا عَمَلًا بِالْأَصْلِ مِنْ أَنَّ الْعَقْدَ إذَا لَزِمَ الْأَصْلُ عَدَمُ فَسْخِهِ، وَيَدُلُّ لَهُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي قِدَمِ الْعَيْبِ وَحُدُوثِهِ صُدِّقَ الْبَائِعُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مُثْبِتِ الْفَسْخِ، وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَا وَارِثَ، فَإِنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ وَصَدَقَ الْعَبْدُ فِي إحْرَامِهِ بِإِذْنِ مُوَرِّثِهِ فَهَلْ لِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ لِأَنَّ الْوَارِثَ قَامَ مَقَامَ مُوَرِّثِهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: لِقُدْرَتِهِ عَلَى تَحْلِيلِهِ) أَيْ بِأَمْرِهِ بِفِعْلِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ. وَيَرُدُّ عَلَيْهِ مَا قَالُوهُ مِنْ حُرْمَةِ صَوْمِ الْمَرْأَةِ نَفْلًا وَزَوْجُهَا حَاضِرٌ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ يُهَابُ إفْسَادُ الْعِبَادَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمَقْصُودُ مِنْ شِرَاءِ الْعَبْدِ الْمَالِيَّةُ وَعَدَمُ جَوَازِ تَحْلِيلِهِ، فِيهِ أَنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي إلَى تَفْوِيتِ مَالٍ عَلَى الْغَيْرِ اهـ حَجّ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ) أَيْ أَوْ لَمْ تَحْدُثْ وَكَانَتْ إلَخْ. حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي شِرَائِهِ غِبْطَةٌ وَاشْتَرَى الْوَلِيُّ بِعَيْنِ الْمَالِ لَمْ يَصِحَّ أَوْ فِي الذِّمَّةِ وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْوَلِيِّ وَإِنْ كَانَتْ الْغِبْطَةُ فِيهِ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَكَانَ مَعِيبًا سَوَاءٌ كَانَ الْعَيْبُ حَادِثًا بَعْدَ الْعَقْدِ أَوْ مُقَارِنًا لَهُ وَقَعَ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَلَا خِيَارَ اهـ مُؤَلِّفٌ (قَوْلُهُ: فِي الْإِمْسَاكِ) أَيْ لِلْمَعِيبِ (قَوْلُهُ: أَوْ وَلِيٌّ) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِصِحَّةِ الشِّرَاءِ لِلْمَوْلَى مُطْلَقًا، لَكِنْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قُبَيْلَ بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ مَا نَصُّهُ: فَرْعٌ: ذُكِرَ فِي الْكِفَايَةِ لَوْ اشْتَرَى الْوَلِيُّ لِطِفْلِهِ شَيْئًا فَوَجَدَهُ مَعِيبًا فَإِنْ اشْتَرَاهُ بِعَيْنِ مَالِهِ فَبَاطِلٌ أَوْ فِي الذِّمَّةِ صَحَّ لِلْوَلِيِّ، وَلَوْ اشْتَرَاهُ سَلِيمًا فَتَعَيَّبَ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَإِنْ كَانَ الْحَظُّ فِي الْإِبْقَاءِ أَبْقَى وَإِلَّا رُدَّ، فَإِنْ لَمْ يَرُدَّ بَطَلَ إنْ اشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِهِ وَإِلَّا انْقَلَبَ إلَى الْوَلِيِّ كَذَا فِي التَّتِمَّةِ. وَأَطْلَقَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ الرَّدُّ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ، وَلَا يُطَالَبُ بِالْأَرْشِ لِأَنَّ الرَّدَّ مُمْكِنٌ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ لِلْمَصْلَحَةِ، وَلَمْ يَفْصِلَا بَيْنَ الْعَيْبِ الْمُقَارِنِ وَالْحَادِثِ اهـ. وَعَلَى مَا فِي التَّتِمَّةِ اقْتَصَرَ السُّبْكِيُّ اهـ. وَعَلَى كَلَامِ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ فَهَلْ يَصِحُّ شِرَاؤُهُ مَعَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ؟ قُلْت: الْقِيَاسُ عَدَمُ الصِّحَّةِ لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ شِرَاءُ الْمَعِيبِ مَعَ الْعِلْمِ بِعَيْبِهِ، لَكِنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْمُؤَلِّفِ صَرِيحٌ فِي الصِّحَّةِ وَعَدَمِ الْخِيَارِ إنْ كَانَتْ الْغِبْطَةُ فِيهِ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ، وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا لَوْ اشْتَرَاهُ لِلتِّجَارَةِ وَحُمِلَ الْبُطْلَانُ عَلَى مَا لَوْ اشْتَرَاهُ لِلْقَنِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَرَضِيَهُ مُوَكِّلُهُ) قَضِيَّتُهُ: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي امْتِنَاعِ رَدِّ الْعَامِلِ رِضَا الْمَالِكِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِطَلَبِ رَدِّهِ مِنْ الْعَامِلِ وَإِلَّا فَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنْ قَدَرَ مَنْ خُيِّرَ عَلَى إزَالَةِ) غَايَةٌ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ

فَلَا خِيَارَ وَكَالْعَيْبِ فَوَاتُ وَصْفٍ يَزِيدُ فِي قِيمَتِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَقَدْ اشْتَرَاهُ بِهِ كَأَنْ اشْتَرَى رَقِيقًا كَاتِبًا أَوْ مُتَّصِفًا بِصِفَةٍ أُخْرَى ثُمَّ زَالَتْ تِلْكَ الصِّفَةُ بِنِسْيَانٍ أَوْ غَيْرِهِ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَوَاتُهَا عَيْبًا قَبْلَ وُجُودِهَا. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ. وَهَذَا لَا شَكَّ فِيهِ (كَخِصَاءٍ) بِالْمَدِّ (رَقِيقٌ) أَوْ بَهِيمَةٍ وَهُوَ مِمَّا يَغْلِبُ فِي جِنْسِ الْمَبِيعِ عَدَمُهُ فِيهَا. أَمَّا لَوْ كَانَ الْخِصَاءُ فِي مَأْكُولٍ يَغْلِبُ وُجُودُهُ فِيهَا أَوْ نَحْوِ بِغَالٍ أَوْ بَرَاذِينَ فَلَا يَكُونُ عَيْبًا لِغَلَبَتِهِ فِيهَا كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَصَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ بِدَلِيلِ الضَّابِطِ الْآتِي فَيَكُونُ كَالثُّيُوبَةِ فِي الْإِمَاءِ، وَمِثْلُ الْخِصَاءِ فِيمَا تَقَرَّرَ الْجَبُّ لِأَنَّ الْفَحْلَ يَصْلُحُ لِمَا لَا يَصْلُحُ لَهُ الْخَصِيُّ، وَلَا نَظَرَ لِزِيَادَةِ الْقِيمَةِ بِهِ بِاعْتِبَارٍ آخَرَ لِمَا فِيهِ مِنْ فَوَاتِ جُزْءٍ مَقْصُودٍ مِنْ الْبَدَنِ وَقَطْعِ الشُّفْرَيْنِ عَيْبٌ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ، وَغَلَبَتُهُ فِي بَعْضِ الْأَنْوَاعِ لَا تُوجِبُ غَلَبَتَهُ فِي جِنْسِ الرَّقِيقِ (وَزِنَاهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــSوَجْهَ لِامْتِنَاعِ الرَّدِّ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَرَضِيَهُ مُوَكِّلُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَكَانَتْ الْغِبْطَةُ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْغِبْطَةُ فِي الرَّدِّ لَمْ يُنْظَرْ لِرِضَا الْمُوَكِّلِ فَيَرُدُّهُ الْوَكِيلُ وَإِنْ مَنَعَهُ الْمُوَكِّلُ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ صَرَّحَ بِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا خِيَارَ) أَيْ لِحَقِّ الْغُرَمَاءَ فِي الْمُفْلِسِ وَحَقُّ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فِي الْوَلِيِّ إلَخْ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا: أَيْ مَا لَوْ حَدَثَ الْعَيْبُ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي وَمَا يَأْتِي أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَوْ عَيَّبَ الدَّارَ تَخَيَّرَ بِأَنَّ فِعْلَهُ لَمْ يَرِدْ عَلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمَنَافِعُ لِأَنَّهَا مُسْتَقْبَلَةٌ غَيْرُ مَوْجُودَةٍ حَالًا بِخِلَافِ فِعْلِهِ هُنَا، وَأَنَّهَا لَوْ جَبَّتْ ذَكَرَ زَوْجِهَا تَخَيَّرَتْ بِأَنَّ مَلْحَظَ التَّخْيِيرِ ثَمَّ الْيَأْسُ وَقَدْ وُجِدَ، ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِمَّا ذَكَرْته، وَمَا مَرَّ أَنَّ الْوَكِيلَ فِي خِيَارَيْ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ لَا يَتَقَيَّدُ بِرِضَا الْمُوَكِّلِ فِيمَا لَوْ مَنَعَهُ مِنْ الْإِجَازَةِ أَوْ الْفَسْخِ بِأَنَّ الْمَلْحَظَ هُنَا فَوَاتُ الْمَالِيَّةِ وَعَدَمُهُ وَهُوَ إنَّمَا يَرْجِعُ لِلْمُوَكِّلِ وَثَمَّ مُبَاشَرَةُ مَا تَسَبَّبَ عَنْ الْعَقْدِ وَهُوَ إنَّمَا يَرْتَبِطُ هُنَا بِمُبَاشَرَةٍ فَقَطْ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: فَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ) أَيْ وَإِنْ حَدَثَ فِيهِ صِفَةٌ تَجْبُرُ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ بِفَوَاتِ الْأَوْلَى لِأَنَّ الْفَضِيلَةَ لَا تَجْبُرُ النَّقِيصَةَ (قَوْلُهُ: كَخِصَاءٍ) وَهُوَ سَنُّ الْخُصْيَةِ سَوَاءٌ أَقُطِعَ الْوِعَاءُ وَالذَّكَرُ مَعًا أَمْ لَا اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ وَهُوَ بَيَانُ الْمُرَادِ مِنْ الْخِصَاءِ هُنَا وَإِلَّا فَمَنْ قُطِعَ ذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ يُقَالُ لَهُ مَمْسُوحٌ لَا خَصِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوُ بِغَالٍ) هَذَا قَدْ يُشْعِرُ بِجَوَازِ خِصَاءِ الْبِغَالِ وَلَيْسَ مُرَادًا فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الْخِصَاءِ كَوْنُهُ فِي صَغِيرٍ مَأْكُولِ اللَّحْمِ لَا يَحْصُلُ مِنْهُ هَلَاكٌ لَهُ عَادَةً كَكَوْنِ الزَّمَانِ غَيْرَ مُعْتَدِلٍ. وَقَضِيَّةُ تَقْيِيدِ الْجَوَازِ بِكَوْنِهِ فِي صَغِيرٍ مَأْكُولٍ أَنَّ مَا كَبِرَ مِنْ فُحُولِ الْبَهَائِمِ يَحْرُمُ خِصَاؤُهُ وَإِنْ تَعَذَّرَ الِانْتِفَاعُ بِهِ أَوْ عَسُرَ مَا دَامَ فَحْلًا، وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ حَيْثُ أُمِنَ هَلَاكُهُ بِأَنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ فِيهِ كَمَا يَجُوزُ قَطْعُ الْغُدَّةِ مِنْ الْعَبْدِ مَثَلًا إزَالَةً لِلشَّيْنِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي الْقَطْعِ خَطَرٌ (قَوْلُهُ: أَوْ بَرَاذِينُ) وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ فِي الضَّأْنِ الْمَقْصُودِ لَحْمُهُ لِغَلَبَةِ ذَلِكَ فِيهَا أَيْضًا اهـ حَجّ، وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ فِي مَأْكُولٍ يَغْلِبُ وُجُودُهُ فِيهَا، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ خُلِقَ فَاقِدَهُمَا فَلَهُ الْخِيَارُ (قَوْلُهُ: الْجَبُّ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ خُلِقَ فَاقِدَهُمَا فَلَهُ الْخِيَارُ (قَوْلُهُ: وَقَطْعُ الشُّفْرَيْنِ) بِضَمِّ الشِّينِ 1 - (قَوْلُهُ: فِي جِنْسِ الرَّقِيقِ) لَكِنَّ قَضِيَّةَ مَا مَرَّ فِي الْبَرَاذِينِ أَنَّهُ لَيْسَ عَيْبًا فِي خُصُوصِ ذَلِكَ النَّوْعِ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ نَحْوِ الْبَرَاذِينِ وَالْإِمَاءِ بِأَنَّ الْخِصَاءَ فِي الْبَرَاذِينِ لِمَصْلَحَةٍ تَتَعَلَّقُ بِهَا كَتَذْلِيلِهَا وَتَذْلِيلِ الثِّيرَانِ لِاسْتِعْمَالِهَا فِي نَحْوِ الْحَرْثِ وَلَا كَذَلِكَ فِي قَطْعِ الشُّفْرَيْنِ مِنْ الْأَمَةِ فَجُعِلَ ذَلِكَ فِيهَا عَيْبًا مُطْلَقًا وَإِنْ اُعْتِيدَ، أَوْ يُقَالُ الْبَرَاذِينُ جِنْسٌ مُسْتَقِلٌّ، وَالْبَقَرُ جِنْسٌ، وَالْبِغَالُ جِنْسٌ، وَغَلَبَةُ الْخِصَاءِ فِي كُلٍّ مِنْهَا غَلَبَةً فِي جِنْسِهِ، بِخِلَافِ الرَّقِيقِ فَإِنَّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ كَمَا يَأْتِي فِي السَّلَمِ، فَغَلَبَةُ قَطْعِ الشُّفْرَيْنِ فِي بَعْضِهِ لَا تَسْتَلْزِمُ غَلَبَتَهُ فِي مُطْلَقِهِ (قَوْلُهُ: وَزِنَاهُ) وَلَمْ يُوجَدْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بَلْ عِنْدَ الْبَائِعِ فَقَطْ أَوْ وُجِدَ عِنْدَهُمَا. أَمَّا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: يَغْلِبُ وُجُودُهُ فِيهَا) الْأَوْلَى فِيهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْفَحْلَ) تَعْلِيلٌ لِأَصْلِ الْمَتْنِ

ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَلِوَاطُهُ وَتَمْكِينُهُ مِنْ نَفْسِهِ وَسِحَاقُهَا (وَسَرِقَتُهُ) إلَّا فِي دَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّ الْمَأْخُوذَ غَنِيمَةٌ. نَعَمْ هُوَ صُورَةُ سَرِقَةٍ (وَإِبَاقُهُ) إلَّا إذَا جَاءَ إلَيْنَا مُسْلِمًا مِنْ بِلَادِ الْهُدْنَةِ لِأَنَّ هَذَا إبَاقٌ مَطْلُوبٌ، وَمَحَلُّ الرَّدِّ بِهِ إذَا عَادَ وَإِلَّا فَلَا رَدَّ وَلَا أَرْشَ، وَسَوَاءٌ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ أَتَكَرَّرَتْ أَمْ لَا، وَلَوْ تَابَ فَاعِلُهَا وَحَسُنَ حَالُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَأْلَفُهَا وَلِأَنَّ تُهْمَتُهَا لَا تَزُولُ، وَلِهَذَا لَا يَعُودُ إحْصَانٌ الزَّانِي بِتَوْبَتِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ رَدَّهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ السَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ وَبَيْنَ شُرْبِ الْخَمْرِ ظَاهِرٌ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ وَطْءَ الْبَهِيمَةِ كَذَلِكَ، وَأَفْتَى الْبَغَوِيّ فِيمَنْ اشْتَرَى أَمَةً ظَنَّهَا هُوَ وَبَائِعُهَا زَانِيَةً وَبَانَتْ كَذَلِكَ بِأَنَّهُ يَتَخَيَّرُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ زِنَاهَا قَبْلَ الْعَقْدِ، وَأَقَرَّهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ الشِّرَاءَ مَعَ ظَنِّ الْعَيْبِ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَوْ وُجِدَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَثْبُتْ وُجُودُهُ عِنْدَ الْبَائِعِ فَهُوَ عَيْبٌ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَلَا رَدَّ بِهِ، وَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُ يُرَدُّ بِمَا ذُكِرَ قَالَ: لِأَنَّ وُجُودَهُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي أَمَارَةٌ عَلَى وُجُودِهِ قَبْلُ فِي يَدِ الْبَائِعِ لِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْإِلَهِيَّةُ مِنْ أَنَّهُ تَعَالَى لَا يَكْشِفُ السِّتْرَ عَنْ عَبْدِهِ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ، فَصَرِيحُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ إنَّمَا تُنَاطُ بِالْأُمُورِ الظَّاهِرَةِ فَلَا الْتِفَاتَ لَهُ، وَبِتَسْلِيمِهِ فَيَجُوزُ أَنَّ الْمَرَّةَ الْأُولَى وُجِدَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ وَالثَّانِيَةُ مِنْ آثَارِهَا. [تَنْبِيهٌ] يَثْبُتُ زِنَا الرَّقِيقِ بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ، وَيَكْفِي فِيهَا رَجُلَانِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْرِضِ التَّعْبِيرِ حَتَّى يُشْتَرَطَ لَهُ أَرْبَعَةُ رِجَالٍ، وَلَا يَكْفِي إقْرَارُ الْعَبْدِ بِالزِّنَا لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا بِغَيْرِهِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ. [فَرْعٌ] لَوْ زَنَى أَوْ سَرَقَ الْعَبْدُ قَبْلَ رَقِّهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَيْبٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَهَلْ مِثْلُهُمَا غَيْرُهُمَا كَالْجِنَايَةِ وَشُرْبِ الْمُسْكِرِ وَالْقَذْفُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهَا كَذَلِكَ لِأَنَّ صُدُورَهَا مِنْهُ يَدُلُّ عَلَى إلْفِهِ لَهَا طَبْعًا وَإِنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي الْحُرِّيَّةِ (قَوْلُهُ وَسِحَاقُهَا) وَلَوْ مِنْ صَغِيرٍ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ اهـ حَجّ وَهُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَزِنَاهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَسَرِقَتُهُ) أَيْ وَلَوْ اخْتِصَاصًا اهـ حَجّ. وَإِنْ وُجِدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ وُجُودِهَا فِي يَدِ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا إبَاقٌ مَطْلُوبٌ) وَيَلْحَقُ بِهِ مَا لَوْ أَبَقَ إلَى الْحَاكِمِ لِضَرَرٍ لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً أَلْحَقَهُ بِهِ نَحْوُ سَيِّدِهِ وَقَامَتْ بِهِ قَرِينَةٌ اهـ حَجّ. وَأَطْلَقَ عَلَى الْمَجِيءِ لِلْحَاكِمِ إبَاقًا لِأَنَّ الْإِبَاقَ هُوَ الْهَرَبُ مِنْ السَّيِّدِ وَإِنْ عُرِفَ الْمَحَلُّ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ. وَفِي الْمُخْتَارِ: أَبَقَ الْعَبْدُ يَأْبَقُ وَيَأْبِقُ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا: أَيْ هَرَبَ اهـ. وَفِي حَجّ أَيْضًا: وَمَا لَوْ حَمَلَهُ عَلَيْهِ تَسْوِيلُ نَحْوِ فَاسِقٍ يُحْمَلُ مِثْلُهُ عَلَى مِثْلِهِ عَادَةً اهـ: أَيْ فَلَا يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ، وَلَهُ وَجْهٌ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ فِي ذَلِكَ. وَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ الْعَبْدِ فِي ذَلِكَ إنْ دَلَّتْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ، وَقَوْلُ حَجّ إلَى الْحَاكِمِ: أَيْ أَوْ إلَى مَنْ يَتَعَلَّمُ مِنْهُ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ حَيْثُ لَمْ يُغْنِهِ السَّيِّدُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الرَّدِّ بِهِ) أَيْ الْإِبَاقِ (قَوْلُهُ: إذَا عَادَ) هَذَا يُصَوَّرُ بِمَا إذَا أَبَقَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَكَانَ أَبَقَ فِي يَدِ الْبَائِعِ، وَإِنَّمَا رَدَّ مَعَ حُصُولِهِ فِي يَدِهِ لِأَنَّهُ مِنْ آثَارِ مَا حَصَلَ فِي يَدِ الْبَائِعِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَكْثَرَ وَيَنْقُصُ بِهِ الْمَبِيعُ أَوْ لَا، هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ خِلَافٍ فِيهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَا أَرْشَ) أَيْ لِاحْتِمَالِ عَوْدِهِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ فِي هَذِهِ) أَيْ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا مِنْ اللِّوَاطِ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: أَتَكَرَّرَتْ أَمْ لَا) وُجِدَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَيْضًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ تُهْمَتَهَا) أَيْ النَّقْصِ وَالْحَاصِلِ بِهِ لَا يَزُولُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ) مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ وَلَوْ تَابَ فَاعِلُهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: بَيْنَ شُرْبِ الْخَمْرِ) أَيْ إذَا تَابَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: ظَاهِرًا) وَهُوَ أَنَّ تُهْمَتَهَا لَا تَزُولُ بِخِلَافِ شُرْبِ الْخَمْرِ لَكِنْ هَلْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ تَوْبَتِهِ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ وَنَحْوِهِ مُضِيُّ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ وَهُوَ سَنَةٌ أَوْ لَا؟ ، فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّ وَطْءَ الْبَهِيمَةِ كَذَلِكَ) أَيْ يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ وَلَوْ مَرَّةً وَتَابَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ) أَيْ وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَا اُعْتِيدَ فِي مَرِيدِ بَيْعِ الدَّوَابِّ مِنْ تَرْكِ حَلْبِهَا لِإِيهَامِ كَثْرَةِ اللَّبَنِ فَظَنَّ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ لَا يَسْقُطُ الْخِيَارُ لِأَنَّهُ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّ وَطْءَ الْبَهِيمَةِ كَذَلِكَ) يَعْنِي وَلَوْ تَابَ فَاعِلُهُ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ التُّحْفَةِ

لَا يُسْقِطُ الرَّدَّ. نَعَمْ يَتَّجِهُ حَمْلُهُ عَلَى ظَنٍّ مُسَاوٍ طَرَفَهُ الْآخَرَ أَوْ مَرْجُوحٍ، فَإِنْ كَانَ رَاجِحًا فَلَا لِأَنَّهُ كَالْيَقِينِ، وَيُؤَيِّدُهُ إخْبَارُ الْبَائِعِ بِعَيْنِهِ إذْ لَا يُفِيدُ سِوَى الظَّنِّ، وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا فَقَالَ إنَّهُ لَا عَيْبَ بِهِ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَلَهُ رَدُّهُ بِهِ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ قَوْلُهُ الْمَذْكُورُ لِأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى ظَاهِرِ الْحَالِ (وَبَوْلُهُ بِالْفِرَاشِ) مَعَ اعْتِيَادِهِ ذَلِكَ وَبُلُوغِهِ سَبْعَ سِنِينَ بِخِلَافِ مَا دُونَهَا: أَيْ تَقْرِيبًا لِقَوْلِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ مِثْلُهُ يَحْتَرِزُ مِنْهُ، وَمَحَلُّهُ إنْ وُجِدَ الْبَوْلُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَيْضًا، وَإِلَّا فَلَا لِتَبَيُّنِ أَنَّ الْعَيْبَ زَالَ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ الْأَوْصَافِ الْخَبِيثَةِ الَّتِي يَرْجِعُ إلَيْهَا الطَّبْعُ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ كِبَرِهِ فَلَهُ الرَّدُّ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ وَإِنْ حَصَلَ بِسَبَبِ ذَلِكَ زِيَادَةُ نَقْصٍ فِي الْقِيمَةِ خِلَافًا لِلْمُتَوَلِّي وَمَنْ تَبِعَهُ (وَبِخَرِّهِ) الْمُسْتَحْكِمِ بِأَنْ عَلِمَ كَوْنَهُ مِنْ الْمَعِدَةِ لِتَعَذُّرِ زَوَالِهِ بِخِلَافِهِ مِنْ الْفَمِ لِسُهُولَةِ زَوَالِهِ بِالتَّنْظِيفِ، وَيَلْحَقُ بِهِ تَرَاكُمُ وَسَخٍ عَلَى أَسْنَانِهِ تَعَذَّرَ زَوَالُهُ (وَصُنَانِهِ) الْمُسْتَحْكِمِ الْمُخَالِفِ لِلْعَادَةِ دُونَ مَا يَكُونُ الْعَارِضُ عَرَقٌ أَوْ حَرَكَةٍ عَنِيفَةٍ أَوْ اجْتِمَاعِ وَسَخٍ وَمَرَضِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَخُوفًا. نَعَمْ لَوْ كَانَ خَفِيفًا كَصُدَاعٍ يَسِيرٍ فَلَا رَدَّ بِهِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَلَوْ ظَنَّ مَرَضَهُ عَارِضًا فَبَانَ أَصْلِيًّا تَخَيَّرَ كَمَا لَوْ ظَنَّ الْبَيَاضَ بَهَقًا فَبَانَ بَرَصًا. وَمِنْ عُيُوبِ الرَّقِيقِ وَهِيَ لَا تَكَادُ تَنْحَصِرُ كَوْنُهُ نَمَّامًا شَتَّامًا أَوْ آكِلَ الطِّينِ أَوْ تِمْتَامًا ـــــــــــــــــــــــــــــSالظَّنِّ الْمَرْجُوحِ أَوْ الْمُسَاوِي لِعَدَمِ اطِّرَادِ الْحَلْبِ فِي كُلِّ بَهِيمَةٍ (قَوْلُهُ عَلَى ظَنٍّ مُسَاوٍ طَرَفَهُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ حَيْثُ تَسَاوَى طَرَفَاهُ لَمْ يَكُنْ ظَنًّا بَلْ شَكًّا وَحَيْثُ كَانَ مَرْجُوحًا كَانَ وَهْمًا، فَالْقَوْلُ بِمَا ذُكِرَ تَضْعِيفٌ فِي الْمَعْنَى لِمَنْ أَلْغَى الظَّنَّ. نَعَمْ الظَّنُّ تَتَفَاوَتُ مَرَاتِبُهُ بِاعْتِبَارِ قُوَّةِ الدَّلِيلِ وَضَعْفِهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ الظَّنُّ بِمَا لَمْ يَقْوَ دَلِيلُهُ بِحَيْثُ يَقْرُبُ مِنْ الْيَقِينِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ رَاجِحًا فَلَا) أَيْ فَلَا خِيَارَ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ الْحَمْلَ قَدْ يَتَوَقَّفُ فِي التَّأْيِيدِ بِمَا ذُكِرَ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ إخْبَارَهُ بِمَا يُعَايَنُ كَالْبَرَصِ لَا يَكْفِي مَعَ إفَادَتِهِ الظَّنَّ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الظَّنِّ الْمُسْتَنِدِ لِإِخْبَارٍ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَإِنَّهُمْ فِي بَابِ الْمِيَاهِ وَنَحْوِهَا نَزَّلُوا الظَّنَّ الْمُسْتَنِدَ لِإِخْبَارِ الْعَدْلِ مَنْزِلَةَ الْيَقِينِ وَلَمْ يَعْتَبِرُوا غَيْرَهُ (قَوْلُهُ بِعَيْبِهِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا رَدَّ بِهِ وَإِنْ وَجَدَهُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا فَقَالَ) أَيْ الْمُشْتَرِي لِمَنْ سَأَلَهُ عَنْهُ أَوْ فِي مَقَامِ مَدْحِهِ (قَوْلُهُ: بِالْفِرَاشِ) وَخَرَجَ بِالْفِرَاشِ غَيْرُهُ كَمَا لَوْ كَانَ يَسِيلُ بَوْلُهُ وَهُوَ مَاشٍ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى ضَعْفٍ بِالْمَثَانَةِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ خُرُوجُ دُودُ الْقُرْحِ الْمَعْرُوفُ (قَوْلُهُ: مَعَ اعْتِيَادِهِ) أَيْ عُرْفًا فَلَا يَكْفِي مَرَّةً فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ كَثِيرًا مَا يَعْرِضُ الْمَرَّةَ بَلْ وَالْمَرَّتَيْنِ ثُمَّ يَزُولُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: أَيْ تَقْرِيبًا) كَشَهْرَيْنِ حَالٌ مِنْ سَبْعٍ وَلَوْ ذَكَرَهُ مُتَّصِلًا بِهِ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ مَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ بِالْبَوْلِ فِي الْفِرَاشِ (قَوْلُهُ إلَّا بَعْدَ كِبَرِهِ) أَيْ الْعَبْدِ أَيْ بِأَنْ اسْتَمَرَّ يَبُولُ إلَى الْكِبَرِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْمُتَوَلِّي) وَيُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي مَا يَأْتِي فِي الْمَرَضِ مِنْ أَنَّهُ لَا رَدَّ بِهِ لِزِيَادَتِهِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَمَنْ تَبِعَهُ) مِنْهُمْ حَجّ (قَوْلُهُ: الْمُسْتَحْكِمُ) بِكَسْرِ الْكَافِ لِأَنَّهُ مِنْ اسْتَحْكَمَ وَهُوَ لَازِمٌ. قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: وَأَحْكَمَ فَاسْتَحْكَمَ: أَيْ صَارَ مُحْكَمًا وَبِهِ يُعْلَمُ مَا اُشْتُهِرَ عَلَى الْأَلْسِنَةِ مِنْ قَوْلِهِمْ فَسَادٌ اُسْتُحْكِمَ بِضَمِّ التَّاءِ خَطَأٌ (قَوْلُهُ: وَصُنَانُهُ) ضَبَطَهُ فِي الْقَامُوسِ بِالْقَلَمِ بِضَمِّ الصَّادِ (قَوْلُهُ: دُونَ مَا يَكُونُ لِعَارِضٍ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ قَوْلَهُ الْمُخَالِفُ لِلْعَادَةِ صِفَةٌ مُبَيِّنَةٌ لِلْمُرَادِ بِالِاسْتِحْكَامِ لَا زَائِدَةٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ظَنَّ مَرَضَهُ عَارِضًا) أَيْ فَاشْتَرَاهُ بِنَاءً عَلَى سُرْعَةِ زَوَالِهِ. [فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا وَخَتَنَهُ ثُمَّ أُطْلِعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ هَلْ لَهُ الرَّدُّ أَمْ لَا؟ وَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ: إنْ تَوَلَّدَ مِنْ الْخِتَانِ نَقْصٌ مُنِعَ الرَّدُّ وَإِلَّا فَلَا، وَوَقَعَ السُّؤَالُ فِيهِ أَيْضًا عَمَّا لَوْ اشْتَرَى رَقِيقًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: نَعَمْ يُتَّجَهُ حَمْلُهُ عَلَى ظَنٍّ مُسَاوٍ إلَخْ) أَيْ: فَالْمُرَادُ بِالظَّنِّ هُنَا مَا يَشْمَلُ الْأَطْرَافَ الثَّلَاثَةَ كَمَا هُوَ عُرْفُ الْفُقَهَاءِ بِخِلَافِ عُرْفِ الْأُصُولِيِّينَ

مَثَلًا أَوْ كَذَّابًا أَوْ قَاذِفًا أَوْ مُقَامِرًا أَوْ تَارِكًا لِلصَّلَاةِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ تَرْكِ مَا يُقْتَلُ بِهِ اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ وَفِي إطْلَاقِ كَوْنِ التَّرْكِ عَيْبًا نَظَرٌ لَا سِيَّمَا مَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِبُلُوغٍ أَوْ إسْلَامٍ إذْ الْغَالِبُ عَلَيْهِمْ التَّرْكُ خُصُوصًا الْإِمَاءَ بَلْ هُوَ الْغَالِبُ فِي قَدِيمَاتِ الْإِسْلَامِ. وَقَضِيَّةُ الضَّابِطِ أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ مَنْعُ الرَّدِّ أَوْ شَارِبًا لِلْخَمْرِ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يُسْكِرُ وَإِنْ لَمْ يَسْكَرْ بِشُرْبِهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ فِي الْمُسْلِمِ دُونَ مَنْ يَعْتَادُ ذَلِكَ مِنْ الْكُفَّارِ فَإِنَّهُ غَالِبٌ فِيهِمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ مَأْخُوذٌ مِنْ الضَّابِطِ الْآتِي، وَمِثْلُ الْمَشْرُوبِ الْبَنْجُ وَالْحَشِيشُ أَوْ أَصَمَّ وَلَوْ فِي إحْدَى أُذُنَيْهِ أَوْ أَقْرَعَ أَوْ أَبْلَهَ أَوْ أَرَتَّ أَوْ لَا يَفْهَمُ أَوْ أَلْثَغَ أَوْ مَجْنُونًا وَإِنْ تَقَطَّعَ جُنُونُهُ أَوْ أَشَلَّ أَوْ أَجْهَرَ أَوْ أَعْشَى أَوْ أَخْشَمَ أَوْ أَبْكَمَ أَوْ فَاقِدَ الذَّوْقِ أَوْ أُنْمُلَةٍ أَوْ ظُفُرٍ أَوْ شَعْرٍ وَلَوْ عَانَةً أَوْ فِي رَقَبَتِهِ لَا ذِمَّتِهِ دَيْنٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَوَجَدَهُ يَغِطُّ فِي نَوْمِهِ أَوْ وَجَدَهُ ثَقِيلُ النَّوْمِ هَلْ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ فِيهِمَا زَائِدًا عَلَى عَادَةِ غَالِبِ النَّاسِ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ وَإِلَّا فَلَا، لِأَنَّ الْأَوَّلَ يُنْقِصُ الْقِيمَةَ وَالثَّانِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ نَاشِئٌ عَنْ ضَعْفٍ فِي الْبَدَنِ. [فَرْعٌ] لَيْسَ مِنْ الْعُيُوبِ فِيمَا يَظْهَرُ مَا لَوْ وُجِدَ أَنْفُ الرَّقِيقِ مَثْقُوبًا أَوْ أُذُنُهُ لِأَنَّهُ لِلزِّينَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَذَّابًا) وَعَبَّرُوا هُنَا بِالْمُبَالَغَةِ لَا فِي نَحْوِ قَاذِفًا فَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْكُلَّ السَّابِقَ وَالْآتِي عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ ذَلِكَ صَارَ كَالطَّبْعِ لَهُ: أَيْ بِأَنْ يَعْتَادَهُ عُرْفًا نَظِيرُ مَا مَرَّ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ قَاذِفًا) أَيْ وَلَوْ لِغَيْرِ الْمُحْصَنَاتِ مَرَّ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: تَرَكَ مَا يُقْتَلُ بِهِ) أَيْ وَهُوَ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ خَرَجَ وَقْتُهَا الضَّرُورِيُّ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يُرْفَعْ أَمْرُهُ لِلْإِمَامِ لَكِنْ فِي كَلَامِ حَجّ مَا نَصُّهُ: لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ: أَيْ اعْتِبَارُ تَكَرُّرِ مَا يُعَدُّ عَيْبًا فِيهِ بَحْثِ الزَّرْكَشِيّ أَنَّ تَرْكَ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ يُقْتَلُ بِهَا عَيْبٌ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ هَذَا صَيَّرَهُ مُهْدَرًا وَهُوَ أَقْبَحُ الْعُيُوبِ اهـ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ مُهْدَرًا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَمْرِ الْإِمَامِ لَهُ بِهَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَعْنَى قَوْلِهِ مُهْدَرًا أَنَّهُ صَارَ مُعَرَّضًا لِلْإِهْدَارِ (قَوْلُهُ: مُنِعَ الرَّدُّ) أَيْ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوُهُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ مِنْهُ ذَلِكَ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ اعْتَقَدَ حِلَّهُ كَحَنَفِيٍّ اعْتَادَ شُرْبَ النَّبِيذِ الَّذِي لَا يُسْكِرُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ يُنْقِصُ الْقِيمَةَ وَيُقَلِّلُ الرَّغْبَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَالْحَشِيشُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْكَرْ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: أَوْ أَصَمَّ) أَيْ وَلَوْ فِي إحْدَى أُذُنَيْهِ الْمُرَادُ بِالصَّمَمِ هُنَا مَا يَشْمَلُ ثِقَلَ السَّمْعِ لِأَنَّهُ يُنْقِصُ الْقِيمَةَ (قَوْلُهُ: أَوْ أَبْلَهُ) رَجُلٌ أَبْلَهُ بَيِّنُ الْبَلَهِ وَالْبَلَاهَةِ، وَهُوَ الَّذِي غَلَبَتْ عَلَيْهِ سَلَامَةُ الصَّدْرِ وَبَابُهُ طَرِبَ وَسَلِمَ وَتَبَلَّهَ أَيْضًا وَالْمَرْأَةُ بَلْهَاءُ، وَفِي الْحَدِيثِ «أَكْثَرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْبُلْهُ» يَعْنِي الْبُلْهَ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا لِقِلَّةِ اهْتِمَامِهِمْ بِهَا وَهُمْ أَكْيَسُ النَّاسِ فِي أَمْرِ الْآخِرَةِ اهـ مُخْتَارٌ. أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى غَيْرُ مُرَادٍ هُنَا، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِالْأَبْلَهِ مَنْ يَغْلِبُ عَلَيْهِ التَّغَفُّلُ وَعَدَمُ الْمَعْرِفَةِ، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْمِصْبَاحِ: بَلِهَ بَلَهًا مِنْ بَابِ تَعِبَ ضَعُفَ عَقْلُهُ فَهُوَ أَبْلَهُ، وَالْأُنْثَى بَلْهَاءُ وَالْجَمْعُ بُلْهٌ مِثْلُ أَحْمَرُ وَحَمْرَاءُ وَحُمْرٌ، وَمِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ: خَيْرُ أَوْلَادِنَا الْأَبْلَهُ الْغُفُولُ. الْمَعْنَى: أَنَّهُ لِشِدَّةِ حَيَائِهِ كَالْأَبْلَهِ يَتَغَافَلُ وَيَتَجَاوَزُ فَشَبَهُ ذَلِكَ بِالْبَلَهِ مَجَازًا (قَوْلُهُ أَوْ أَرَتُّ) أَيْ لَا يَفْهَمُ كَلَامَهُ الْغَيْرُ اهـ شَرْحُ رَوْضٍ. وَلَعَلَّ مِثْلَهُ الْأَرَثُّ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ فِي الْجَمَاعَةِ وَهُوَ مَنْ يُدْغِمُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْإِدْغَامِ وَقَدْ يُشْعِرُ بِإِرَادَتِهِ هُنَا مُقَابَلَتُهُ بِالْأَلْثَغِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا يَفْهَمُ) أَوْ أَبْيَضُ الشَّعْرِ لِدُونِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيَاضِ قَدْرٍ يُسَمَّى فِي الْعُرْفِ شَيْبًا مُنْقِصًا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ أَوْ أَبْكَمُ) بِأَنْ يَكُونَ لَا يُفْهَمُ كَلَامُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ شَعْرٍ) أَيْ لِأَنَّ عَدَمَ نَبَاتِهِ يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِ الْبَدَنِ، وَإِنَّمَا أَخْذُ الْعَانَةِ غَايَةٌ لِأَنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَسَبَّبُ فِي عَدَمِ إنْبَاتِهَا بِالدَّوَاءِ، فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ لِأَجْلِ ذَلِكَ أَنَّ عَدَمَ إنْبَاتِهَا لَيْسَ عَيْبًا (قَوْلُهُ: أَوْ فِي رَقَبَتِهِ لَا ذِمَّتِهِ دَيْنٌ) يُتَأَمَّلُ فِيهِ، فَإِنْ تَعَلَّقَ الدَّيْنُ بِرَقَبَتِهِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْبَيْعِ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الْخَطِيبِ مَا نَصُّهُ: فَإِنْ قِيلَ مَنْ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ فَكَيْفَ يُعَدُّ مِنْ الْعُيُوبِ؟ أُجِيبَ: بِأَنَّ صُورَتَهُ أَنْ يَبِيعَهُ ثُمَّ يَجْنِي جِنَايَةً تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنَّهَا مِنْ ضَمَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أَوْ مَبِيعًا فِي جِنَايَةِ عَمْدٍ وَإِنْ تَابَ مِنْهَا كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَوْ مُكْثِرًا لِجِنَايَةِ الْخَطَأِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَلَّ وَالْقَلِيلُ مَرَّةٌ وَمَا فَوْقَهَا كَثِيرٌ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ أَوْ لَهُ أُصْبُعٌ زَائِدَةٌ أَوْ سِنٌّ شَاغِيَةٌ أَوْ مَقْلُوعَةٌ لَا لِكِبَرٍ أَوْ بِهِ قُرُوحٌ أَوْ ثَآلِيلٌ كَثِيرَةٌ أَوْ جَرَبٌ أَوْ عَمَشٌ أَوْ سُعَالٌ أَوْ وَشْمٌ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ أَمَّا مَعْفُوٌّ عَنْهُ بِأَنْ خَشِيَ مِنْ إزَالَتِهِ مُبِيحَ تَيَمُّمٍ وَلَمْ يَحْصُلْ بِهِ شَيْنٌ. فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ عَيْبًا وَلَا يُنَافِيهِ مَا أَذْكُرُهُ فِي الْغَلَبَةِ لِأَنَّ هَذَا إطْلَاقٌ يُمْكِنُ تَخْصِيصُهُ بِمَا ذُكِرَ لِوُضُوحِ الْمَعْنَى فِيهِ أَوْ مُزَوَّجًا أَوْ خُنْثَى مُشْكِلًا أَوْ وَاضِحًا أَوْ مُخَنَّثًا أَوْ مُرْتَدًّا وَإِنْ تَابَ قَبْلَ الْعِلْمِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَتَبِعَهُ الْأَذْرَعِيُّ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، أَوْ كَوْنُهَا رَتْقَاءَ أَوْ قَرْنَاءَ أَوْ مُسْتَحَاضَةً أَوْ تَغَيَّرَ رِيحُ فَرْجِهَا أَوْ تَطَاوَلَ ظَهْرُهَا أَوْ لَا تَحِيضُ فِي سِنِّهِ غَالِبًا أَوْ حَامِلًا لَا فِي الْبَهَائِمِ إذَا لَمْ تَنْقُصْ بِالْحَمْلِ أَوْ مُعْتَدَّةً وَلَوْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ خِلَافًا لِلْجِيلِيِّ، أَوْ كَافِرًا بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ أَوْ كَافِرَةً كُفْرًا يُحَرِّمُ وَطْأَهَا وَاصْطِكَاكِ الْكَعْبَيْنِ وَانْقِلَابِ الْقَدَمَيْنِ شِمَالًا وَيَمِينًا وَتَغَيُّرِ الْأَسْنَانِ بِسَوَادٍ أَوْ خُضْرَةٍ أَوْ زُرْقَةٍ أَوْ حُمْرَةٍ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْبَائِعِ اهـ (قَوْلُهُ: أَوْ مَبِيعًا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ عَفَا عَنْهُ فِي جِنَايَةِ الْعَمْدِ أَوْ فَدَاهُ السَّيِّدُ لَا يَكُونُ ذَلِكَ عَيْبًا يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ عَطْفًا عَلَى مَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ وَكَذَا جِنَايَةُ الْعَمْدِ (قَوْلُهُ: فِي جِنَايَةِ عَمْدٍ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ شِبْهُ الْعَمْدِ (قَوْلُهُ أَوْ لَهُ أُصْبُعٌ زَائِدَةٌ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ عَلَى سَمْتِ الْأَصَابِعِ وَلَمْ يَنْقُصْ بِهَا بَطْشُ يَدِهِ، وَقَدْ يُقَالُ: يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا قُلْنَاهُ فِي السِّنِّ الشَّاغِيَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ سِنٌّ شَاغِيَةٌ) أَيْ زَائِدَةٌ، وَلَيْسَتْ عَلَى سَمْتِ الْأَسْنَانِ بِحَيْثُ تُنْقِصُ الرَّغْبَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ: لَا لِكِبَرٍ) يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ نَوْعٌ اُعْتِيدَ قَلْعُ الْمُقَدَّمِ مَثَلًا مِنْ أَسْنَانِهِ لِلتَّزَيُّنِ فَلَا يَكُونُ عَيْبًا لِغَلَبَةِ وُقُوعِهِ فِيهِ، لَكِنَّ قِيَاسَ مَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي الشُّفْرَيْنِ وَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمَحَلُّ الْكَلَامِ فِيمَا إلَخْ خِلَافُهُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكِبَرِ بُلُوغُ الْأَرْبَعِينَ كَمَا فِي الشَّيْبِ، وَبِبَعْضِ الْهَوَامِشِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْعُمُرُ الْغَالِبُ وَهُوَ سِتُّونَ سَنَةً فَلْيُرَاجَعْ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ ثَآلِيلٌ) هُوَ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ جَمْعُ ثُؤْلُولٍ كَمَا فِي مُخْتَارِ الصِّحَاحِ وَهُوَ حَبٌّ يَعْلُو ظَاهِرَ الْجَسَدِ كَالْحِمَّصَةِ فَمَا دُونَهَا اهـ حَجّ عَلَى الشَّمَائِلِ (قَوْلُهُ: أَوْ جَرَبٌ) أَيْ وَلَوْ قَلِيلًا (قَوْلُهُ أَوْ سُعَالٌ) أَيْ وَإِنْ قَلَّ حَيْثُ صَارَ مَرَضًا مُزْمِنًا (قَوْلُهُ أَوْ وَشْمٌ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّ وَلَمْ يَتَعَدَّ بِفِعْلِهِ فِي الْأَصْلِ، وَعُمُومُ قَوْلِهِ الْآتِي أَمَّا مَعْفُوٌّ عَنْهُ إلَخْ قَدْ يَقْتَضِي خِلَافَهُ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَوْلِهِ بِأَنْ خَشِيَ إلَخْ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الْوَشْمِ عَيْبًا إذَا كَانَ فِي نَوْعٍ لَا يَكْثُرُ وُجُودُهُ فِيهِ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيه مَا أَذْكُرُهُ فِي الْغَلَبَةِ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْمُعَوَّلَ فِيهَا عَلَى الْعُرْفِ الْعَامِّ وَالْوَشْمُ لَيْسَ مِمَّا يَغْلِبُ فِيهِ، فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنَّهُ عَيْبٌ وَإِنْ صَارَ مَعْفُوًّا عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ وَاضِحًا) إلَّا إذَا كَانَ ذَكَرًا وَهُوَ يَبُولُ بِفَرْجِ الرَّجُلِ فَقَطْ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ مُخَنِّثًا) بِكَسْرِ النُّونِ لِأَنَّهُمْ فَسَرُّوهُ بِالْمُتَشَبِّهِ بِالنِّسَاءِ فَيَكُونُ بِصُورَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ، لَكِنْ فِي شَرْحِ الشَّارِحِ فِي بَابِ الْجِهَادِ مَا يُنَاقِضُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ تَطَاوَلَ) الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِطُولِ الظَّهْرِ هُنَا أَنْ يَطُولَ إلَى حَدٍّ لَا يُوجَدُ فِي النِّسَاءِ لَا نَادِرًا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا تَحِيضُ فِي سَنِّهِ) زَادَ حَجّ: وَهُوَ عِشْرُونَ سَنَةً (قَوْلُهُ: أَوْ مُعْتَدَّةً) أَيْ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ تَزْوِيجَهَا حَالًا (قَوْلُهُ: أَوْ كَافِرًا بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ اتَّصَلَتْ بِبِلَادِ الْكُفْرِ (قَوْلُهُ: كُفْرًا يُحَرِّمُ وَطْأَهَا) مَفْهُومُهُ أَنَّ الْكُفْرَ الَّذِي لَا يَحْرُمُ بِهِ الْوَطْءُ لَيْسَ عَيْبًا فِي الْأَمَةِ وَهُوَ مُشْكِلٌ بِقَوْلِهِ قَبْلُ أَوْ كَافِرًا بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ، لِأَنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ أَنَّهُ عَلِمَ بِأَصْلِ كُفْرِهَا وَظَنَّهُ لَا يَحْرُمُ فَبَانَ خِلَافُهُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ الْعُيُوبِ أَيْضًا مَا لَوْ وُجِدَ كَثِيرُ الْبُكَاءِ أَوْ كَثِيرُ الضَّحِكِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُنْقِصُ الْعَبْدَ غَالِبًا (قَوْلُهُ: وَاصْطِكَاكُ) أَيْ وَمِنْهَا اصْطِكَاكُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَتَغَيُّرُ الْأَسْنَانِ بِسَوَادٍ) أَيْ خِلْقِيٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ مَبِيعًا فِي جِنَايَةِ عَمْدٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ نَفْسَ الْعَمْدِ لَيْسَ بِعَيْبٍ، وَقَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِالْإِكْثَارِ فِي الْخَطَأِ الْآتِي أَنَّ الْعَمْدَ

وَكَلَفٍ يُغَيِّرُ الْبَشَرَةَ وَكِبَرِ إحْدَى ثَدْيَيْ الْأَمَةِ وَخِيلَانِ بِكَسْرِ الْخَاءِ كَثِيرَةٍ وَآثَارِ الشِّجَاجِ وَالْقُرُوحِ وَالْكَيِّ الشَّائِنَةِ (وَجِمَاحِ الدَّابَّةِ) بِالْكَسْرِ وَهُوَ امْتِنَاعُهَا عَلَى رَاكِبِهَا (وَعَضِّهَا) وَكَوْنِهَا رَمُوحًا أَوْ نُفُورًا أَوْ تَشْرَبُ لَبَنَهَا أَوْ لَبَنَ غَيْرِهَا أَوْ يَخَافُ رَاكِبُهَا سُقُوطَهُ عَنْهَا لِخُشُونَةِ مَشْيِهَا أَوْ كَوْنِهَا دَرْدَاءَ لَا لِكِبَرٍ أَوْ قَلِيلَةِ الْأَكْلِ أَوْ مَقْطُوعَةِ الْأُذُنِ بِقَدْرِ مَا يَمْنَعُ التَّضْحِيَةِ وَكَوْنِ الدَّارِ مُخْتَصَّةً بِنُزُولِ الْجُنْدِ وَمُجَاوِرَتِهَا لِنَحْوِ قَصَّارِينَ يُؤْذُونَهَا بِدَقٍّ أَوْ يُزَعْزِعُونَهَا وَلَوْ تَأَذَّى بِهِ سُكَّانُهَا فَقَطْ، أَوْ ظَهَرَ بِقُرْبِهَا دُخَانٌ مِنْ نَحْوِ حَمَّامٍ، أَوْ عَلَى سَطْحِهَا مِيزَابُ رَجُلٍ، أَوْ مَدْفُونٌ فِيهَا مَيِّتٌ أَوْ ظَهَرَ قُبَالَةٌ بِوَقْفِهَا وَعَلَيْهَا خُطُوطُ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَلَيْسَ فِي الْحَالِ مَا يَشْهَدُ بِهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهَا مُزَوَّرَةٌ. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الشُّيُوعَ بَيْنَ النَّاسِ بِوَقْفِيَّتِهَا عَيْبٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ يُنْقِصُ الْقِيمَةَ، أَوْ كَوْنِ الضَّيْعَةِ ثَقِيلَةَ الْخَرَاجِ فَوْقَ الْعَادَةِ، أَوْ بِقُرْبِهَا قُرُودٌ تُفْسِدُ الزَّرْعَ وَلَا أُثِرَ لِظَنِّهِ سَلَامَتُهَا مِنْ خَرَاجٍ مُعْتَادٍ وَيُتَصَوَّرُ بَيْعُ الْأَرْضِ مَعَ كَوْنِهَا خَرَاجِيَّةً بِمَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي زَكَاةِ النَّبَاتِ. عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْيَدَ لِلْمِلْكِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخَرَاجَ إنَّمَا ضُرِبَ بِحَقٍّ فَلَا يُتْرَكُ أَحَدُ الظَّاهِرَيْنِ لِلْآخَرِ، وَلَوْ اشْتَرَى بُسْتَانًا فَأَلْزَمَهُ الْمُتَوَلِّي أَنْ يَصِيرَ فَلَّاحًا ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ إنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ، وَكَوْنُ الْمَبِيعِ مُتَنَجِّسًا يَنْقُصُ بِغُسْلِهِ أَوْ لِغَسْلِهِ مُؤْنَةٌ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَكَوْنُ الْمَاءِ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ أَوْ اُخْتُلِفَ فِي طَهُورِيَّتِهِ كَمُسْتَعْمِلِ كَوْثَرَ فَصَارَ كَثِيرًا أَوْ وَقَعَ فِيهِ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً كَمَا قَالَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: يُغَيِّرُ الْبَشَرَةَ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ فَفِي الْمِصْبَاحِ كَلِفَ الْوَجْهُ كَلَفًا مِنْ بَابِ تَعِبَ تَغَيَّرَتْ بَشَرَتُهُ (قَوْلُهُ وَخِيلَانٌ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ فَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ جَمْعُ خَالٍ وَهُوَ الشَّامَةُ عَلَى الْجَسَدِ اهـ حَجّ عَلَى الشَّمَائِلِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ امْتِنَاعُهَا عَلَى رَاكِبِهَا) . [فَرْعٌ] قَالَ الْقَاضِي: لَوْ كَانَتْ تَذْهَبُ مِنْ كُلِّ مَا تَرَاهُ فَلَهُ الرَّدُّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَكَوْنُهَا رَمُوحًا) أَيْ كَثِيرَةَ الرَّفْسِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَشْرَبُ لَبَنَهَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَأْكُولَةً (قَوْلُهُ: أَوْ كَوْنُهَا دَرْدَاءَ) أَيْ سَاقِطَةَ الْأَسْنَانِ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَلِيلَةُ الْأَكْلِ) بِخِلَافِ كَثْرَةِ أَكْلِهَا وَكَثْرَةِ أَكْلِ الْقِنِّ فَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَيْبًا، وَبِخِلَافِ قِلَّةِ شُرْبِهَا فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ لَا يُورِثُ ضَعْفًا اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ وَبِخِلَافِ قِلَّةِ أَكْلِ الْقِنِّ كَمَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ مِنْ أَنَّهُ لَا خِيَارَ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَقْطُوعَةَ الْأُذُنِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْحَيَوَانُ غَيْرَ مَأْكُولٍ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ يُقَلِّلُ الرَّغْبَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ: لِنَحْوِ قَصَّارِينَ) مِنْ النَّحْوِ الطَّاحُونَةُ (قَوْلُهُ: أَوْ مَدْفُونٌ فِيهَا مَيِّتٌ) صَغِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ مَا لَمْ تَنْدَرِسْ جَمِيعُ أَجْزَائِهِ فِيمَا يَظْهَرُ لِجَوَازِ حَفْرِ مَوْضِعِهِ حِينَئِذٍ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُعْلَمَ) أَيْ بِقَرِينَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لِظَنِّهِ) أَيْ فِي عَدَمِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ، فَإِذَا ظَنَّ قِلَّةَ خَرَاجِهَا عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ أَوْ عَدَمَهُ ثُمَّ بَانَ خِلَافُهُ لَمْ يَتَخَيَّرْ (قَوْلُهُ: إنَّمَا ضُرِبَ بِحَقٍّ) وَصُورَتُهُ أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ لِحَرْبِيِّينَ فَيُصَالَحُوا عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَهُمْ وَيُضْرَبُ عَلَيْهَا خَرَاجٌ مُقَرَّرٌ فِي كُلِّ سَنَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِإِسْلَامِهِمْ بَعْدُ وَلَا بِبَيْعِهِمْ الْأَرْضَ (قَوْلُهُ: فَأَلْزَمَهُ الْمُتَوَلِّي) أَيْ لِلْقَرْيَةِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مَعْرُوفًا) أَيْ الْبُسْتَانُ (قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ الْفِلَاحَةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ اطَّرَدَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّ مَنْ فِي يَدِهِ ذَلِكَ الْبُسْتَانُ يَكُونُ فَلَّاحًا إمَّا بِزِرَاعَةِ أَرْضٍ حَوْلَهُ وَدَفْعِ أُجْرَتِهَا أَوْ بِخِدْمَةِ الْمُتَوَلِّي فِي نَحْوِ زِرَاعَتِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ وَقَعَ فِيهِ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ) أَيْ لِأَنَّهُ يُعَافُ وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا، وَقَضِيَّتِهِ أَنَّهُ لَا خِيَارَ فِيمَا لَوْ وَقَعَ فِيهِ حَيٌّ وَأُخْرِجَ مَعَ أَنَّ النَّفْسَ قَدْ تَعَافُهُ بِنَاءً عَلَى مَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَتِهِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ وَقَعَتْ فِيهِ مَيْتَةٌ لَا دَمَ لَهَا سَائِلٌ، لَكِنَّ إطْلَاقَ قَوْلِهِ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ يَشْمَلُ الْحَيَّ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَتْ النَّفْسُ تَعَافُ مَا وَقَعَ فِيهِ ثُمَّ نُزِعَ مِنْهُ. أَمَّا مَا لَا تَعَافُهُ غَالِبًا كَمَائِعٍ وَقَعَ فِيهِ ذُبَابَةٌ ثُمَّ نُزِعَتْ مِنْهُ فَيَنْبَغِي أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَيْبٌ بِمُجَرَّدِهِ فَلْيُرَاجَعْ: (قَوْلُهُ: دَرْدَاءَ) هُوَ بِالْمَدِّ: أَيْ سَاقِطَةَ الْأَسْنَانِ (قَوْلُهُ: أَوْ ظَهَرَ بِقُرْبِهَا دُخَانٌ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ

الزَّرْكَشِيُّ، وَكَوْنُ أَرْضِ الْبِنَاءِ فِي بَاطِنِهَا رَمْلٌ أَوْ أَحْجَارٌ مَخْلُوقَةٌ وَقُصِدَتْ لِزَرْعٍ أَوْ غَرْسٍ وَإِنْ أَضَرَّتْ بِأَحَدِهِمَا فَقَطْ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَغَيْرُهُمَا فِيمَا لَوْ أَضَرَّتْ بِالْغَرْسِ دُونَ الزِّرَاعَةِ وَقِيسَ بِهِ عَكْسُهُ، وَالْحُمُوضَةُ فِي الْبِطِّيخِ لَا الرُّمَّانِ عَيْبٌ وَإِنْ خَرَجَ مِنْ حُلْوٍ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ، وَلَا رَدَّ بِكَوْنِ الرَّقِيقِ رَطْبَ الْكَلَامِ، أَوْ غَلِيظَ الصَّوْتِ، أَوْ يَعْتِقُ عَلَى مَنْ وَقَعَ لَهُ الْعَقْدُ، أَوْ بِكَوْنِهِ يُسِيءُ الْأَدَبَ، أَوْ وَلَدَ زِنًا، أَوْ مُغَنِّيًا، أَوْ زَامِرًا، أَوْ عَارِفًا بِالضَّرْبِ بِالْعُودِ، أَوْ حَجَّامًا، أَوْ أَكُولًا، أَوْ قَلِيلَ الْأَكْلِ، أَوْ أَصْلَعَ، أَوْ أَغَمَّ، وَلَا بِكَوْنِهَا ثَيِّبًا إلَّا فِي غَيْرِ أَوَانِهَا، وَلَا عَقِيمًا، وَلَا يَكُونُ الْعَبْدُ عِنِّينًا، وَلَا بِكَوْنِهَا مَحْرَمًا لِلْمُشْتَرِي وَلَا صَائِمَةً، وَلَا بِكَوْنِ الْعَبْدِ فَاسِقًا فِسْقًا لَا يَكُونُ سَبَبُهُ عَيْبًا كَمَا قَيَّدَهُ بِهِ السُّبْكِيُّ، وَلَيْسَ عَدَمُ الْخِتَانِ عَيْبًا إلَّا فِي عَبْدٍ كَبِيرٍ يُخَافُ عَلَيْهِ مِنْهُ بِخِلَافِ الْأَمَةِ وَلَوْ كَبِيرَةً. وَضَابِطُ الْكِبَرِ مَا يُخَافُ مِنْ الْخِتَانِ فِيهِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: كَذَا أَطْلَقُوهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ فِيمَا إذَا كَانَ مِمَّنْ يُخْتَتَنُ، أَمَّا لَوْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ لَا يَرَوْنَهُ كَأَكْثَرِ النَّصَارَى وَالتُّرْكِ وَغَيْرِهِمْ فَلَا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ تَقَادَمَ إسْلَامُهُ أَوْ نَشَأَ التُّرْكِيُّ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ اهـ. وَالْأَوْجَهُ الْإِطْلَاقُ. وَلَوْ ظَنَّ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ مَالِكًا فَبَانَ وَكِيلًا أَوْ وَصِيًّا أَوْ وَلِيًّا أَوْ مُلْتَقَطًا لَمْ يُرَدَّ، وَلَا مَطْمَعَ فِي اسْتِيفَاءِ الْعُيُوبِ بَلْ التَّعْوِيلُ فِيهَا عَلَى الضَّابِطِ الَّذِي ذَكَرُوهُ لَهَا (وَ) هُوَ وُجُودُ (كُلِّ مَا يُنْقِصُ) بِالتَّخْفِيفِ كَيَخْرُجُ وَقَدْ يُشَدَّدُ بِقِلَّةٍ وَهُوَ مُتَعَدٍّ فِيهِمَا (الْعَيْنَ أَوْ الْقِيمَةَ نَقْصًا يَفُوتُ بِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ) يَصِحُّ عَوْدُهُ إلَى الْعَيْنِ وَالْقِيمَةِ، وَأَنْ يَكُونَ قَيْدًا لِنَقْصِ الْجُزْءِ فَقَطْ احْتِرَازًا عَنْ قَطْعِ زَائِدٍ وَفِلْقَةٍ يَسِيرَةٍ مِنْ الْفَخِذِ أَنْدَمَلَتْ بِلَا شَيْنٍ، وَعَنْ الِانْدِمَالِ بَعْدَ الْخِتَانِ فَإِنَّهُ فَضِيلَةٌ وَجَرَى عَلَيْهِ جَمْعٌ مِنْ الشُّرَّاحِ وَبَنَوْا عَلَيْهِ الِاعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهُ عَقِبَهُ إمَّا بِأَنْ يُقَدَّمَ ذِكْرُ الْقِيمَةِ أَوْ يُجْعَلَ هَذَا الْقَيْدُ عَقِبَ نَقْصِ الْعَيْنِ قَبْلَ ذِكْرِ الْقِيمَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا خِيَارَ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَضَرَّتْ بِأَحَدِهِمَا) أَيْ الزَّرْعِ وَالْغَرْسِ (قَوْلُهُ وَإِنْ) غَايَةٌ خَرَجَ أَيْ الرُّمَّانُ (قَوْلُهُ: أَوْ غَلِيظُ الصَّوْتِ) قَالَ فِي مَتْنِ الرَّوْضِ: أَوْ كَوْنُهُ يَعْتِقُ عَلَى الْمُوَكِّلِ اهـ. وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ عَالِمًا بِذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ بِكَوْنِهِ يُسِيءُ الْأَدَبَ) أَيْ بِغَيْرِ الشَّتْمِ لِمَا مَرَّ فِيهِ، وَخَرَجَ بِسُوءِ الْأَدَبِ سُوءُ الْخُلُقِ فَيَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ لِأَنَّهُ جِبِلَّةٌ لَا يُمْكِنُ تَغْيِيرُهَا، ثُمَّ رَأَيْته فِي حَجّ قَالَ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ. أَقُولُ: وَلَعَلَّهُ مَا أَشَرْنَا إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَا بِكَوْنِ الْعَبْدِ عِنِّينًا) قَدْ يُقَالُ الْعُنَّةُ إنَّمَا تَنْشَأُ عَنْ ضَعْفٍ غَالِبًا (قَوْلُهُ: وَلَا صَائِمَةٌ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَذَرَتْ صَوْمَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ بِإِذْنِ الْمَالِكِ، فَإِنَّ الْمُشْتَرِي يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ لِتَضَرُّرِهِ بِهِ (قَوْلُهُ لَا يَكُونُ سَبَبُهُ عَيْبًا) كَتَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأَمَةِ) وَقَدْ يُقَالُ: الْفَرْقُ أَنَّ الْخِتَانَ فِي أَمَةٍ بِقَطْعِ جُزْءٍ مِنْ بَظَرِهَا وَإِنْ قَلَّ وَهُوَ لَا يَضُرُّ غَالِبًا، بِخِلَافِهِ فِي الْعَبْدِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ جَمِيعُ الْقُلْفَةِ وَمَعَ الْكِبَرِ يَتَوَلَّدُ مِنْهُ الضَّرَرُ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الْإِطْلَاقُ) أَيْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ مِنْ قَوْمٍ يَخْتَتِنُونَ أَوْ لَا قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَوْ لَا، وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ لِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَقَادَمَ إسْلَامُهُ أَوْ نَشَأَ إلَخْ، فَيَكُونُ التَّقْيِيدُ بِكَوْنِهِ مِنْ قَوْمٍ لَا يَخْتَتِنُونَ مُعْتَبَرًا (قَوْلُهُ: فَبَانَ وَكِيلًا) إنَّمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: يُحْتَمَلُ إذَا بَانَ يَتَصَرَّفُ عَنْ غَيْرِهِ وُجُودُ نِزَاعٍ مِنْ الْمَالِكِ بَعْدُ كَأَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ تَصَرُّفَهُ وَقَعَ عَلَى خِلَافِ الْمَصْلَحَةِ أَوْ أَنَّ الْمَالِكَ لَا يُنْكِرُ التَّوْكِيلَ بَعْدَ مُدَّةٍ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُشَدَّدُ) أَيْ مَعَ ضَمِّ الْيَاءِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ قَيْدًا لِنَقْصِ إلَخْ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَيَصِحُّ جَعْلُهُ قَيْدًا لِنَقْصِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُرَادَ بِالظُّهُورِ هُنَا الْكَثْرَةُ احْتِرَازًا عَنْ الدُّخَانِ الْقَلِيلِ، وَإِلَّا فَمَا مَعْنَى التَّعْبِيرِ بِالظُّهُورِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَقُصِدَتْ لِزَرْعٍ أَوْ غَرْسٍ) لَعَلَّ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ أَوْ أَنَّ الْأَلِفَ زَائِدَةٌ مِنْ الْكَتَبَةِ حَتَّى يُلَائِمَ مَا بَعْدَهُ، وَالْعِبَارَةُ لِلرَّوْضِ وَلَيْسَ فِيهَا أَلِفٌ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُتَعَدٍّ فِيهِمَا) أَيْ هُنَا وَإِلَّا فَالْمُخَفَّفُ يَأْتِي لَازِمًا كَمَا يَأْتِي مُتَعَدِّيًا لِوَاحِدٍ وَلِاثْنَيْنِ وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ زَادَ. (قَوْلُهُ: إلَى الْعَيْنِ وَالْقِيمَةِ) أَيْ وَيَكُونُ فِي الْقِيمَةِ احْتِرَازًا عَنْ نَقْصٍ يَسِيرٍ يُتَغَابَنُ بِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التُّحْفَةِ وَكَذَا

[حدث العيب بعد القبض]

وَتَبِعَهُمْ الشَّيْخُ فِي مَنْهَجِهِ (إذَا غَلَبَ) فِي الْعُرْفِ الْعَامِّ لَا فِي مَحَلِّ الْبَيْعِ وَحْدَهُ فِيمَا يَظْهَرُ. وَمَحَلُّ الْكَلَامِ فِيمَا لَمْ يَنُصُّوا فِيهِ عَلَى كَوْنِهِ عَيْبًا وَإِلَّا فَلَا اعْتِبَارَ فِيهِ بِعُرْفٍ يُخَالِفُهُ مُطْلَقًا كَمَا لَا يَخْفَى (فِي جِنْسِ الْمَبِيعِ عَدَمُهُ) قَيْدٌ لَهُمَا احْتِرَازًا فِي الْأَوَّلِ عَنْ قَلْعِ الْأَسْنَانِ فِي الْكَبِيرِ وَفِي الثَّانِي عَنْ ثُيُوبَةِ الْكَبِيرَةِ وَبَوْلِ الصَّغِيرِ، فَإِنَّهُمَا وَإِنْ نَقَصَا الْقِيمَةَ لَا يَغْلِبُ عَدَمُهُمَا فِي جِنْسِ الْمَبِيعِ (سَوَاءٌ) فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ (أَقَارَنَ) الْعَيْبُ (الْعَقْدَ أَمْ حَدَثَ) بَعْدَهُ (وَقَبْلَ الْقَبْضِ) أَمْ بَعْدَهُ وَاسْتَنَدَ إلَى سَبَبٍ كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّ الْمَبِيعَ حِينَئِذٍ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى بِكْرًا مُزَوَّجَةً وَهُوَ جَاهِلٌ فَأَزَالَ الزَّوْجُ بَكَارَتَهَا فَلَهُ الرَّدُّ، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا فَلَا خِيَارَ لَهُ كَمَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَا أَرْشَ لِرِضَاهُ بِسَبَبِهِ. (وَلَوْ) (حَدَثَ) الْعَيْبُ بَعْدَهُ أَيْ الْقَبْضِ (فَلَا خِيَارَ) لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ بِالْقَبْضِ صَارَ مِنْ ضَمَانِهِ فَكَذَا جُزْؤُهُ وَصِفَتُهُ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ بَعْدَ لُزُومِ الْعَقْدِ أَمَّا قَبْلَهُ فَالْقِيَاسُ بِنَاؤُهُ عَلَى مَا لَوْ تَلِفَ حِينَئِذٍ هَلْ يَنْفَسِخُ، وَالْأَرْجَحُ عَلَى مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ انْفَسَخَ وَإِلَّا فَلَا. فَإِنْ قُلْنَا يَنْفَسِخُ فَحُدُوثُهُ كَوُجُودِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ لِأَنَّ مَنْ ضَمِنَ الْكُلَّ ضَمِنَ الْجُزْءَ أَوْ لَا يَنْفَسِخُ فَلَا أَثَرَ لِحُدُوثِهِ، وَسَكَتُوا عَنْ بَيَانِ حُكْمِ الْمُقَارِنِ لِلْقَبْضِ مَعَ أَنَّهُ تَنَافَى فِيهِ الْقَبْلِيَّةُ وَالْبَعْدِيَّةُ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ لَهُ حُكْمَ مَا قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّ يَدَ الْبَائِعِ عَلَيْهِ حِسًّا فَلَا يَرْتَفِعُ ضَمَانُهُ إلَّا بِتَحَقُّقِ ارْتِفَاعِهَا وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِتَمَامِ قَبْضِ الْمُشْتَرِي لَهُ سَلِيمًا (إلَّا أَنْ يَسْتَنِدَ إلَى سَبَبٍ مُتَقَدِّمٍ) عَلَى الْعَقْدِ أَوْ الْقَبْضِ وَهُوَ جَاهِلٌ بِهِ (كَقَطْعِهِ بِجِنَايَةٍ) قَوَدًا أَوْ سَرِقَةٍ (سَابِقَةٍ) وَزَوَالُ بَكَارَةٍ بِزَوَاجٍ مُتَقَدِّمٍ (فَيَثْبُتُ لَهُ الرَّدُّ فِي الْأَصَحِّ) إحَالَةٌ عَلَى السَّبَبِ، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا ـــــــــــــــــــــــــــــSالْقِيمَةِ فَقَطْ احْتِرَازًا عَنْ نَقْصٍ يَسِيرٍ لَا يُتَغَابَنُ بِهِ (قَوْلُهُ: لَا فِي مَحَلِّ الْبَيْعِ) قَدْ يُقَالُ: بَلْ الَّذِي يَظْهَرُ اعْتِبَارُ مَحَلِّ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ الَّذِي يَنْصَرِفُ إلَيْهِ الِاسْمُ عِنْدَ إطْلَاقِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، يُوَافِقُهُ مَا مَرَّ فِي الْبِغَالِ وَنَحْوِهَا عَنْ الْأَذْرَعِيِّ، وَكَذَا مَا مَرَّ فِي عَدَمِ خِتَانِ الْعَبْدِ الْكَبِيرِ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فِي جِنْسِ الْمَبِيعِ عَدَمُهُ) هَلْ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ اشْتَرَى ثَوْرًا فِي سِنٍّ يَغْلِبُ وُجُودُ الْخِصَاءِ فِي مِثْلِهِ فَوَجَدَهُ فَحْلًا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ عَيْبٌ لِأَنَّ ذَلِكَ يَمْنَعُ مِنْ الرَّغْبَةِ فِيهِ وَيُنْقِصُ الْقِيمَةَ (قَوْلُهُ: قَيْدٌ) أَيْ إذَا غَلَبَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَهُمَا) أَيْ الْعَيْنِ وَالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: عَنْ ثُيُوبَةِ الْكَبِيرَةِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ كَانَتْ فِي سِنٍّ لَا تَحْتَمِلُ فِيهِ الْوَطْءَ وَوَجَدَهَا ثَيِّبًا فَلَهُ الْخِيَارُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ اشْتَرَى) مِثَالٌ لِمَا حَدَثَ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الرَّدُّ) وَمِثْلُ ذَلِكَ جَلْدُهُ الْمُؤَثِّرُ فِيهِ لِمَعْصِيَةٍ سَابِقَةٍ اهـ ع. وَفِي سم عَلَى مَنْهَجِ ع: اُنْظُرْ لَوْ شَابَ الْعَبْدُ عِنْدَ الْبَائِعِ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ وَاسْتَمَرَّ عِنْدَهُ حَتَّى دَخَلَ أَوَانُهُ ثُمَّ بَاعَهُ هَلْ يَكُونُ دُخُولُ الْأَوَانِ فِي مَعْنَى الزَّوَالِ فَلَا خِيَارَ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ اهـ. أَقُولُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُفْصَلَ بَيْنَ أَنْ يَكْثُرَ الشَّيْبُ بَعْدَ دُخُولِ الْأَوَانِ بِوَاسِطَةِ مَا تَقَدَّمَ مِنْهُ عَلَى الْأَوَانِ أَوَّلًا بِأَنْ يَكُونَ الْمَوْجُودُ بَعْدَ دُخُولِ الْأَوَانِ قَدْرَ مَا يُعْتَادُ فِي الْأَوَانِ اهـ. وَأَقُولُ: قَدْ يُقَالُ بَلْ لَهُ الرَّدُّ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يَزِدْ الشَّيْبُ لِأَنَّهُ يَتَبَيَّنُ بِهِ أَنَّ بِهِ ضَعْفًا فِي بَدَنِهِ فَيُرَدُّ بِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ) لَا حَاجَةَ إلَى عَزْوِهِ لِلسُّبْكِيِّ لِعِلْمِهِ مِمَّا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَسْتَنِدَ إلَخْ، ثُمَّ رَأَيْت حَجّ قَالَ مَا مَعْنَاهُ: أَنَّ عِلْمَهَا مِمَّا يَأْتِي مَمْنُوعٌ لِأَنَّ مَا سَيَأْتِي فِيمَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَهَذَا فِيمَا قَبْلَهُ قَالَ: وَقَدْ يُنَازَعُ فِي عَدَمِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ بِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِالرِّضَا بِالسَّبَبِ مَعَ كَوْنِ الضَّمَانِ عَلَى الْبَائِعِ فَالْأَخْذُ بِإِطْلَاقِهِمْ غَيْرُ بَعِيدٍ. (قَوْلُهُ: فَالْقِيَاسُ بِنَاؤُهُ) أَيْ بِأَنْ قُلْنَا لِلْمُشْتَرِي أَوْ مَوْقُوفٌ (قَوْلُهُ: انْفَسَخَ) وَيَضْمَنُهُ الْمُشْتَرِي بِالْبَدَلِ الشَّرْعِيِّ وَهُوَ الْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْقِيمَةُ فِي الْمُتَقَوِّمِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْنَا يَنْفَسِخُ) بِأَنْ قُلْنَا الْمِلْكُ فِيهِ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا يَنْفَسِخُ) بِأَنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَوْ مَوْقُوفًا (قَوْلُهُ: فَلَا أَثَرَ لِحُدُوثِهِ) فَيَمْتَنِعُ الرَّدُّ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّ لَهُ حُكْمَ مَا قَبْلَ الْقَبْضِ) فَيَثْبُتُ، بِهِ الْخِيَارُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا اعْتِبَارَ فِيهِ بِعُرْفٍ يُخَالِفُهُ) يُعَكِّرُ مَا مَرَّ لَهُ فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ حَيْثُ نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ عَيْبٌ، وَنَازَعَهُمْ تَبَعًا لِغَيْرِهِ بِقَضِيَّةِ الضَّابِطِ الْمَذْكُورِ [حَدَثَ الْعَيْبُ بَعْدَ الْقَبْضِ] (قَوْلُهُ: عَلَى مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ هَذَا التَّبَرِّي

[قتل المبيع بردة سابقة]

فَلَا رَدَّ وَلَا أَرْشَ لِتَقْصِيرِهِ. وَالثَّانِي لَا يَثْبُتُ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَسَلَّطُ عَلَى التَّصَرُّفِ بِالْقَبْضِ فَيَدْخُلُ الْمَبِيعُ فِي ضَمَانِهِ أَيْضًا، فَلَوْ كَانَ عَنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ أَدَّى إلَى تَوَالِي ضَمَانَيْنِ. نَعَمْ لَوْ اشْتَرَى حَامِلًا فَوَضَعَتْ فِي يَدِهِ وَنَقَصَتْ بِسَبَبِ الْوَضْعِ فَلَا رَدَّ كَسَائِرِ الْعُيُوبِ الْحَادِثَةِ كَمَا قَالَاهُ، وَمُنَازَعَةُ الْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرِهِ فِيهِ مَرْدُودَةٌ بِأَنَّهُ كَمَوْتِهِ بِمَرَضٍ سَابِقٍ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ (بِخِلَافِ مَوْتِهِ بِمَرَضٍ سَابِقٍ) عَلَى مَا ذُكِرَ جَهِلَهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْمَرَضَ يَتَزَايَدُ فَيَحْصُلُ الْمَوْتُ بِالزَّائِدِ وَلَا تَتَحَقَّقُ إضَافَتُهُ إلَى السَّابِقِ فَلَا رَدَّ لَهُ بِذَلِكَ: أَيْ لَا يَرْجِعُ فِي ثَمَنِهِ حِينَئِذٍ، فَالْمُرَادُ نَفْيُ رَدِّ الثَّمَنِ لَا الْمَبِيعِ لِلْعِلْمِ بِتَعَذُّرِ رَدِّهِ بِمَوْتِهِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَلَا يَثْبُتُ بِهِ لَازِمُ الرَّدِّ فَلَا اعْتِرَاضَ حِينَئِذٍ، نَعَمْ لِلْمُشْتَرِي أَرْش الْمَرَضِ مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَمَرِيضًا وَقْتَ الْقَبْضِ، وَلَوْ كَانَ الْمَرَضُ غَيْرَ مَخُوفٍ بِأَنْ لَمْ يُورَثْ نَقْصًا عِنْدَ الْقَبْضِ فَلَا أَرْشَ جَزْمًا، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَقُولُ السَّابِقُ أَفْضَى إلَيْهِ فَكَأَنَّهُ سَبَقَ فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ قُبَيْلَ الْمَوْتِ. (وَلَوْ) (قُتِلَ) الْمَبِيعُ (بِرِدَّةٍ سَابِقَةٍ) هُوَ مِثَالٌ نَبَّهَ بِهِ عَلَى الضَّابِطِ الْأَعَمِّ وَهُوَ أَنْ يُقْتَلَ بِمُوجِبٍ سَابِقٍ كَقَتْلٍ أَوْ حِرَابَةٌ أَوْ تَرْكِ صَلَاةٍ بِشُرُوطِهِ (ضَمِنَهُ الْبَائِعُ فِي الْأَصَحِّ) لِمَا مَرَّ فَيَرُدُّ ثَمَنَهُ لِلْمُشْتَرِي إنْ كَانَ جَاهِلًا لِعُذْرِهِ وَإِلَّا فَلَا، وَكَوْنُ الْقَتْلِ فِي تَارِكِ الصَّلَاةِ إنَّمَا هُوَ عَلَى تَصْمِيمِهِ عَلَى عَدَمِ الْقَضَاءِ غَيْرَ ضَارٍّ، إذْ الْمُوجِبُ هُوَ التَّرْكُ وَالتَّصْمِيمُ إنَّمَا هُوَ شَرْطُ الِاسْتِيفَاءِ كَالرِّدَّةِ فَإِنَّهَا الْمُوجِبَةُ لِلْقَتْلِ وَالتَّصْمِيمُ عَلَيْهَا شَرْطٌ لِلِاسْتِيفَاءِ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَى مَسْأَلَتَيْ نَحْوُ الْمَرَضِ وَالرِّدَّةِ مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ، فَهِيَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي الْأُولَى وَعَلَى الْبَائِعِ فِي الثَّانِيَةِ: أَيْ إنْ أُرِيدَ تَجْهِيزُ الْمُرْتَدِّ إذْ الْوُجُوبُ مُنْتَفٍ فِيهِ، وَالثَّانِي لَا يَضْمَنُهُ الْبَائِعُ وَلَكِنَّ تَعَلُّقَ الْقَتْلِ بِهِ عَيْبٌ يَثْبُتُ بِهِ الْأَرْشُ وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مُسْتَحِقٌّ الْقَتْلَ وَغَيْرُ مُسْتَحَقِّهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَلَوْ اسْتَلْحَقَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ وَوُجِدَتْ شُرُوطُ الِاسْتِلْحَاقِ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ، وَلَكِنْ لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ إلَّا إنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِذَلِكَ أَوْ صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي أَوَّلَ مُحَرَّمَاتِ النِّكَاحِ إنْ أَبَاهُ لَوْ اسْتَلْحَقَ زَوْجَتَهُ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ لَمْ يَنْفَسِخْ النِّكَاحُ وَإِنْ كَانَتْ أُخْتَهُ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ صِحَّةُ بَيْعِ الْمُرْتَدِّ كَالْمَرِيضِ الْمُشْرِفِ عَلَى الْهَلَاكِ وَكَذَا الْمُتَحَتِّمِ قَتْلُهُ بِالْمُحَارَبَةِ وَلَا قِيمَةَ عَلَى مُتْلِفِهِ كَمَا نَقَلَاهُ فِي الثَّانِيَةِ عَنْ الْقَفَّالِ وَقَوْلِ بَعْضِهِمْ لَعَلَّهُ بَنَاهَا، عَلَى أَنَّ الْمُغَلَّبَ فِي قَتْلِ الْمُحَارِبِ مَعْنَى الْحَدِّ لَكِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهِ مَعْنَى الْقِصَاصِ، وَأَنَّهُ لَوْ قَتَلَهُ غَيْرُ الْإِمَامِ بِغَيْرِ إذْنٍ لَزِمَهُ دَيْنُهُ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُ قَاتِلَ الْعَبْدِ الْمُحَارِبِ قِيمَةٌ لِمَالِكِهِ، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ، أَجَابَ عَنْهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِحَمْلِهِ عَلَى قَاتِلِهِ بِأَمْرِ الْإِمَامِ. وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَيُمْكِنُ شُمُولُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَهُ بِأَنْ يُرَادَ بِقَبْلِ الْقَبْضِ مَا قَبْلَ تَمَامِ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ: كَسَائِرِ الْعُيُوبِ) أَيْ وَلَهُ الْأَرْشُ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ نَقَصَتْ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَنْقُصْ كَانَ لَهُ الرَّدُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: لِلْمُشْتَرِي أَرْشُ الْمَرَضِ مِنْ الثَّمَنِ) أَيْ فَيَكُونُ جُزْءًا مِنْهُ نِسْبَتُهُ إلَيْهِ كَنِسْبَةِ مَا نَقَصَ الْمَرَضُ مِنْ الْقِيمَةِ عَلَى مَا يَأْتِي فَفِي قَوْلِهِ وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَمَرِيضًا مُسَامَحَةً. (قَوْلُهُ: أَوْ حِرَابَةٌ) أَيْ قَطْعَ طَرِيقٍ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ إحَالَةً عَلَى السَّبَبِ (قَوْلُهُ: إذْ الْوُجُوبُ مُنْتَفٍ فِيهِ) أَيْ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى مَا لَوْ تَأَذَّى النَّاسُ: بِرَائِحَتِهِ مَثَلًا فَإِنَّ عَلَى سَيِّدِهِ تَنْظِيفَ الْمَحَلِّ مِنْهُ (قَوْلُهُ: صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي) أَيْ فَيَبْطُلُ وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ (قَوْلُهُ: صِحَّةُ بَيْعِ الْمُرْتَدِّ) أَيْ لِاحْتِمَالِ إسْلَامِهِ ثُمَّ إنْ أَسْلَمَ دَامَ الْبَيْعُ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِالرِّدَّةِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ كَمَا مَرَّ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الثَّمَنُ (قَوْلُهُ وَقَبِلَ بَعْضُهُمْ لَعَلَّهُ) أَيْ الْقَفَّالُ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَيَدْخُلُ الْمَبِيعُ فِي ضَمَانِهِ أَيْضًا) أَيْ كَمَا تَسَلَّطَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَدَّى إلَى تَوَالِي ضَمَانَيْنِ) أَيْ: اجْتِمَاعِ ضَمَانَيْنِ عَلَى الْمَبِيعِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهُمَا ضَمَانُ الْمُشْتَرِي كَمَا ذُكِرَ وَضَمَانُ الْبَائِعِ لَوْ أَثْبَتْنَاهُ: أَيْ وَذَلِكَ لَا نَظِيرَ لَهُ، لَكِنَّ الْجَوَابَ عَنْهُ أَنَّ ضَمَانَ الْبَائِعِ إنَّمَا هُوَ فِي خُصُوصِ هَذَا الْعَيْبِ الَّذِي حَدَثَ سَبَبُهُ عِنْدَهُ لَا غَيْرُهُ [قُتِلَ الْمَبِيعُ بِرِدَّةٍ سَابِقَةٍ] (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِذَلِكَ) فِي قَبُولِ بَيِّنَتِهِ حِينَئِذٍ نَظَرٌ، وَمُخَالَفَةٌ لِمَا ذَكَرُوهُ فِيمَا لَوْ بَاعَ دَارًا ثُمَّ ادَّعَى وَقْفِيَّتَهَا، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ إسْقَاطُ الْهَمْزَةِ مِنْ أَقَامَ فَلْيُرَاجَعْ

[باع حيوانا أو غيره بشرط براءته من العيوب]

فَلَا فَرْقَ فِي قَاتِلِهِ بَيْنَ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمُتَوَلِّي مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ غَيْرُ مُنْحَصِرٍ فِيهِ وَفِي الْمُرْتَدِّ بَلْ هُوَ جَارٍ فِي غَيْرِهِمَا كَتَارِكِ الصَّلَاةِ وَالصَّائِلِ وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ بِأَنْ زَنَى ذِمِّيٌّ ثُمَّ الْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ اُسْتُرِقَّ فَيَصِحُّ بَيْعُهُمْ وَلَا قِيمَةَ عَلَى مُتْلِفِهِمْ، وَخَرَجَ بِالْإِتْلَافِ مَا لَوْ غَصَبَ إنْسَانٌ الْمُرْتَدَّ مَثَلًا فَتَلِفَ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ لِتَعَدِّيهِ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ بِالْقَتْلِ لِأَنَّ قَتْلَهُ فِي حُكْمِ إقَالَةِ الْحَدِّ، فَمَنْ ابْتَدَرَ قَتْلَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَانَ مُقِيمًا حَدَّ اللَّهِ تَعَالَى، وَهَذَا يُمَثَّلُ بِعَبْدٍ مَغْصُوبٍ فِي يَدِ الْغَاصِبِ يَقُولُ لَهُ مَوْلَاهُ اُقْتُلْهُ، فَلَوْ قَتَلَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ وَلَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ ضَمِنَهُ عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ، وَنَقَلَهُ عَنْ الْإِمَامِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ لَكِنَّهُ مَرْدُودٌ، إذْ الْمُرْتَدُّ لَا قِيمَةَ لَهُ فَكَمَا لَا يُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ لَا يُضْمَنُ بِالتَّلَفِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا وَمَسْأَلَةِ قَوْلِ مَالِكِ الْمَغْصُوبِ لِغَاصِبِهِ اُقْتُلْهُ وَاضِحٌ، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ وَاضِحًا فِي بَابِ الْغَصْبِ، وَأَنَّ حَاصِلَهُ أَنَّ الرِّدَّةَ إنْ طَرَأَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ ضَمِنَهُ، وَإِنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً قَبْلَ الْغَصْبِ لَمْ يَضْمَنْهُ. (وَلَوْ) (بَاعَ) حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَهُ (بِشَرْطِ بَرَاءَتِهِ مِنْ الْعُيُوبِ) فِي الْمَبِيعِ أَوْ أَنْ لَا يُرَدَّ بِهَا صَحَّ الْعَقْدُ مُطْلَقًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الْمَنَاهِي ـــــــــــــــــــــــــــــSيُحْمَلُ الْقَوْلُ بِعَدَمِ ضَمَانِ مَنْ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ بِالْحِرَابَةِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُنْحَصِرٍ فِيهِ) أَيْ الْمُتَحَتِّمِ قَتْلُهُ (قَوْلُهُ: وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ) أَيْ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى قَاتِلِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُتَحَتِّمِ قَتْلُهُ فِي الْحِرَابَةِ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلصَّائِلِ فَظَاهِرٌ لِأَنَّ غَرَضَ الْقَاتِلِ الدَّفْعُ عَنْ نَفْسِهِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلزَّانِي وَتَارِكِ الصَّلَاةِ فَلَعَلَّهُ أَنَّ الْمُتَحَتِّمَ قَتْلُهُ فِي الْحِرَابَةِ لَمَّا كَانَ الْمُغَلَّبُ فِي قَتْلِهِ مَعْنَى الْقِصَاصِ أَشْبَهَ الْمَعْصُومَ الْمُتَعَلِّقَ بِرَقَبَتِهِ قِصَاصٌ، بِخِلَافِ الزَّانِي الْمُحْصَنِ وَتَارِكِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَمَحَّضَ قَتْلُهُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَقَوِيَ سَبَبُ إهْدَارِهِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْإِتْلَافِ إلَخْ) قَالَ مَرَّ: وَلَوْ قُتِلَ الْمُرْتَدُّ فِي يَدِ غَاصِبِهِ فَهَلْ يَضْمَنُهُ؟ يُنْظَرُ إنْ غَصَبَهُ مُرْتَدٌّ فَلَا ضَمَانَ أَوْ غَيْرَ مُرْتَدٍّ ثُمَّ ارْتَدَّ فِي يَدِهِ ضَمِنَهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَهَذَا يُمَثَّلُ) أَيْ يُشَبَّهُ (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ مَرْدُودٌ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَاضِحٌ) وَهُوَ أَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا قِيمَةَ لَهُ فَعَدِمَ الضَّمَانُ فِيهِ لِذَلِكَ، بِخِلَافِ الْمَغْصُوبِ غَيْرِ الْمُرْتَدِّ فَإِنَّ لَهُ قِيمَةً، وَإِنَّمَا سَقَطَ الضَّمَانُ فِيهِ لِإِذْنِ الْمَالِكِ فِي إتْلَافِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاعَ) أَيْ الْعَاقِدُ سَوَاءٌ كَانَ مُتَصَرِّفًا عَنْ نَفْسِهِ أَوْ وَلِيًّا أَوْ وَصِيًّا أَوْ حَاكِمًا أَوْ غَيْرَهُمْ كَمَا يُفِيدُهُ إطْلَاقُهُ، وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِالشَّارِطِ الْمُتَصَرِّفِ عَنْ نَفْسِهِ لَا عَنْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ بِالْمَصْلَحَةِ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ، فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْمَعِيبَ وَلَا أَنْ يَشْرُطَ الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا، فَلَوْ شَرَطَ الْمُشْتَرِي الْبَرَاءَةَ مِنْ الْعُيُوبِ فِي الْمَبِيعِ أَوْ الْبَائِعُ الْبَرَاءَةَ مِنْ الْعُيُوبِ فِي الثَّمَنِ وَكِلَاهُمَا يَتَصَرَّفُ عَنْ غَيْرِهِ لَمْ يَصِحَّ لِانْتِفَاءِ الْحَظِّ لِمَنْ يَقَعُ الْعَقْدُ لَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاعَ حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَهُ) مَعَ قَوْلِهِ صَحَّ الْعَقْدُ مُطْلَقًا تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ لَوْ بَاعَ غَيْرَ الْحَيَوَانِ بِهَذَا الشَّرْطِ صَحَّ الْبَيْعُ دُونَ الشَّرْطِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فِي الْمَبِيعِ) مِثْلُهُ مَا لَوْ اشْتَرَى بِشَرْطِ بَرَاءَتِهِ مِنْ الْعُيُوبِ فِي الثَّمَنِ، وَلَعَلَّهُ تَرَكَ التَّنْبِيهَ عَلَيْهِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الثَّمَنَ مَضْبُوطٌ غَالِبًا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى شَرْطِ الْبَرَاءَةِ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَنْ لَا يُرَدَّ بِهَا) مِثْلُهُ فِي الشَّيْخِ عَمِيرَةَ بِعِنْوَانِ: لَوْ قَالَ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَرُدَّهُ جَرَى فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ اهـ. وَيُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ خِلَافَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ هَذَا لَمَّا كَانَ مُؤَكِّدًا لِلْعَقْدِ وَمُوَافِقًا لِلظَّاهِرِ مَعَ كَوْنِ الْأَصْلِ السَّلَامَةَ مِنْ الْعُيُوبِ اكْتَفَى بِهِ. وَقَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةَ: وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ: أُعْلِمُك أَنَّ بِهِ جَمِيعَ الْعُيُوبِ فَهَذَا كَشَرْطِ الْبَرَاءَةِ أَيْضًا، لِأَنَّ مَا لَا تُمْكِنُ مُعَايَنَتُهُ مِنْهَا لَا يَكْفِي ذِكْرُهُ مُجْمَلًا، وَمَا يُمْكِنُ لَا تُغْنِي تَسْمِيَتُهُ (قَوْلُهُ: صَحَّ الْعَقْدُ) جَعَلَ جَوَابَ لَوْ مَحْذُوفًا، وَقَوْلُهُ فَالْأَظْهَرُ جَوَابًا لِمُقَدَّرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إذْ الْمُرْتَدُّ لَا قِيمَةَ لَهُ) قَدْ يُقَالُ فَلِمَ صَحَّ بَيْعُهُ؟ فَإِنْ قُلْت: مَعْنَى كَوْنِهِ لَا قِيمَةَ لَهُ: أَيْ عَلَى قَاتِلِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى إقَامَةِ الْحَدِّ. قُلْت: يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: بَعْدُ لَا يَضْمَنُ بِالتَّلَفِ (قَوْلُهُ: وَاضِحٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَهُ قِيمَةٌ [بَاعَ حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَهُ بِشَرْطِ بَرَاءَتِهِ مِنْ الْعُيُوبِ] (قَوْلُهُ: فِي الْمَبِيعِ)

لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُؤَكِّدُ الْعَقْدَ وَيُوَافِقُ ظَاهِرَ الْحَالِ مِنْ السَّلَامَةِ مِنْ الْعُيُوبِ، وَإِذَا شَرَطَ (فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَبْرَأُ عَنْ عَيْبٍ بَاطِنٍ) مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الْمُحَرَّرِ وَلَا بُدَّ مِنْهَا كَمَا قَالَهُ فِي الدَّقَائِقِ (بِالْحَيَوَانِ) مَوْجُودٌ حَالَ الْعَقْدِ (لَمْ يَعْلَمْهُ) الْبَائِعُ (دُونَ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْعَيْبِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَبْرَأُ عَنْ عَيْبٍ فِي غَيْرِ الْحَيَوَانِ وَلَا فِيهِ لَكِنْ حَدَثَ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ مُطْلَقًا، وَلَا عَنْ عَيْبٍ ظَاهِرٍ فِي الْحَيَوَانِ عَلِمَهُ الْبَائِعُ أَوَّلًا لِسُهُولَةِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ وَالْعِلْمِ بِهِ غَالِبًا، فَأَعْطَيْنَاهُ حُكْمَ الْمَعْلُومِ وَإِنْ خَفِيَ عَلَى نُدُورٍ، فَلَوْ جَهِلَهُ مَعَ سُهُولَةِ عِلْمِهِ بِهِ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ الْبَرَاءَةِ مِنْهُ لِكَوْنِهِ ظَاهِرًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ، وَفِي تَصْدِيقِ الْبَائِعِ فِي وُجُودِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا تَصْدِيقُهُ بِيَمِينِهِ، وَلَا عَنْ بَاطِنٍ بِالْحَيَوَانِ عِلْمُهُ لِمَا صَحَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَيُفِيدُ أَنَّ صِحَّةَ الْعَقْدِ لَا خِلَافَ فِيهَا، وَفِي كَلَامِ الْمَحَلِّيِّ أَنَّهُ قِيلَ بِبُطْلَانِهِ بِنَاءً عَلَى بُطْلَانِ الشَّرْطِ، وَيُشْعِرُ بِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي: وَلَهُ مَعَ هَذَا الشَّرْطُ إذَا صَحَّ، وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْأَوْلَى جَعْلُ قَوْلِهِ فَالْأَظْهَرُ هُوَ الْجَوَابُ، وَكَأَنَّهُ عَدَلَ عَنْهُ لِكَوْنِ الْخِلَافِ فِي الصِّحَّةِ لَيْسَ بِأَقْوَالٍ وَلِقَوْلِ الْمَتْنِ أَنَّهُ يَبْرَأُ الظَّاهِرُ فِي كَوْنِ الْخِلَافِ فِي الْبَرَاءَةِ دُونَ صِحَّةِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: وَيُوَافِقُ ظَاهِرَ الْحَالِ) يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ التَّصْوِيرِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: قَوْلُهُ يُتَأَمَّلُ هَذَا لَعَلَّ وَجْهَ الْأَمْرِ بِالتَّأَمُّلِ أَنَّهُ يُرَدُّ فِي غَيْرِ الْعَيْبِ الْبَاطِنِ فَلَا مَعْنًى لِحُصُولِ التَّأْكِيدِ فِيهِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ يُؤَكِّدُهُ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ أَوْ فِي بَعْضِ صُوَرِهِ وَهُوَ الْعَيْبُ الْبَاطِنُ، وَمُرَادُهُ بِالتَّصْوِيرِ قَوْلُهُ وَحَيَوَانًا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَبْرَأُ عَنْ عَيْبٍ) يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ بَرَأَ يَتَعَدَّى بِمِنْ وَعَنْ، لَكِنْ فِي الْمُخْتَارِ الِاقْتِصَارُ عَلَى تَعْدِيَتِهِ بِمِنْ وَعَلَيْهِ، فَقَوْلُهُ يَبْرَأُ عَنْ عَيْبٍ يَضْمَنُ مَعْنَى التَّبَاعُدِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ) أَيْ لَفْظٍ بَاطِنٍ وَهَلْ الْكُفْرُ مِنْ الظَّاهِرِ أَوْ مِنْ الْبَاطِنِ تَرَدَّدَ فِيهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَمَالَ إلَى أَنَّهُ مِنْ الظَّاهِرِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ فِي الْإِمَامَةِ لَوْ بَانَ إمَامُهُ كَافِرًا وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ، وَجَزَمَ ثَانِيًا بِأَنَّهُ مِنْ الْعُيُوبِ الظَّاهِرُ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ، كَذَا رَأَيْته بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ بَاعَ رَقِيقًا بِشَرْطِ بَرَاءَتِهِ مِنْ الْعُيُوبِ فَوَجَدَهُ الْمُشْتَرِي كَافِرًا ثَبَتَ لَهُ الرَّدُّ، وَمِنْ الظَّاهِرِ الْجُنُونُ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ مُتَقَطِّعًا فَيَثْبُتُ بِهِ الرَّدُّ (قَوْلُهُ: مَوْجُودٌ) هَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَهُ مَعَ هَذَا الشَّرْطِ الرَّدُّ بِعَيْبٍ حَدَثَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَا فِيهِ) أَيْ الْحَيَوَانِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (قَوْلُهُ: وَالْعِلْمُ بِهِ غَالِبًا) يَنْدَفِعُ بِهِ مَا يُقَالُ يُرَدُّ عَلَيْهِ مَا لَوْ بَاعَهُ اعْتِمَادًا عَلَى رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ وَطَرَأَ عَلَيْهِ عَيْبٌ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ وَقَبْلَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَخْفَى عَلَى الْبَائِعِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ جَهِلَهُ) أَيْ الْبَائِعُ بِأَنْ ادَّعَى عَدَمَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَصَحُّهُمَا عَدَمُ الْبَرَاءَةِ) وَهَلْ يَتَوَقَّفُ رَدُّ الْمُشْتَرِي عَلَى حَلِفِهِ بِأَنَّ الْبَائِعَ عَلِمَهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مِمَّا يُقْطَعُ بِخِلَافِهِ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى يَمِينٍ (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ ظَاهِرًا) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَائِعِ وَكَانَ يَخْفَى عَلَى غَالِبِ النَّاسِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ كَيْفَ فُرِضَ الْخِلَافُ فِيهِ مَعَ عِلْمِهِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ بَاعَ بِشَرْطٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَفِي تَصْدِيقِ الْبَائِعِ فِي وُجُودِهِ إلَخْ) أَيْ فِيمَا إذَا اطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ بَاطِنٍ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ لِيَرُدَّ بِهِ وَادَّعَى الْبَائِعُ وُجُودَهُ عِنْدَ الْعَقْدِ لِتَشْمَلَهُ الْبَرَاءَةُ فَيَمْتَنِعُ الرَّدُّ بِهِ (قَوْلُهُ: فِي وُجُودِهِ) أَيْ الْبَاطِنِ (قَوْلُهُ: أَصَحُّهُمَا تَصْدِيقُهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِشَرْطِ بَرَاءَتِهِ يَرْجِعُ إلَى الْبَائِعِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ جَهِلَهُ مَعَ سُهُولَةِ عِلْمِهِ بِهِ) هَذَا هُوَ عَيْنُ قَوْلِهِ أَوَّلًا مِنْ قَوْلِهِ عَلِمَهُ الْبَائِعُ أَوْ لَا، فَحَيْثُ كَانَ غَرَضُهُ ذِكْرَ الْخِلَافِ فِيهِ فَكَانَ يَنْبَغِي حَذْفُ قَوْلِهِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَفِي تَصْدِيقِ الْبَائِعِ) أَيْ فِي وُجُودِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: وَفِي تَصْدِيقِ الْبَائِعِ فِي وُجُودِهِ) لَعَلَّ صَوَابَهُ فِي عَدَمِ وُجُودِهِ إذْ الْكَلَامُ فِي الظَّاهِرِ وَهُوَ لَا يَبْرَأُ مِنْهُ مُطْلَقًا كَمَا تَقَدَّمَ، فَتَكُونُ الصُّورَةُ أَنَّهُ يَدَّعِي حُدُوثَهُ بَعْدَ الْعَقْدِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، لَكِنَّ هَذَا يُعْلَمُ حُكْمُهُ مِنْ عُمُومِ مَا سَيَأْتِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ فِي حُدُوثِ الْعَيْبِ فَلْيُحَرَّرْ مُرَادُ الشَّارِحِ

عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَأَنَّهُ بَاعَ عَبْدًا لَهُ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ بِالْبَرَاءَةِ، فَقَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي: بِهِ دَاءٌ لَمْ تُسَمِّهِ لِي، فَاخْتَصَمَا إلَى عُثْمَانَ فَقَضَى عَلَى ابْنِ عُمَرَ أَنْ يَحْلِفَ لَقَدْ بَاعَهُ الْعَبْدَ وَمَا بِهِ دَاءٌ يَعْلَمُهُ، فَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ وَارْتَجَعَ الْعَبْدُ فَبَاعَهُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ. وَفِي الشَّامِلِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: تَرَكْت يَمِينًا لِلَّهِ فَعَوَّضَنِي اللَّهُ عَنْهَا. دَلَّ قَضَاءُ عُثْمَانَ الْمُشْتَهِرُ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكِرُوهُ عَلَى الْبَرَاءَةِ فِي صُورَةِ الْحَيَوَانِ الْمَذْكُورَةِ، وَفَارَقَ غَيْرُهُ بِأَنَّهُ يَأْكُلُ فِي حَالَتَيْ صِحَّتِهِ وَسَقَمِهِ فَقَلَّمَا يَنْفَكُّ عَنْ عَيْبٍ بَاطِنٍ أَوْ خَفِيٍّ، فَاحْتَاجَ الْبَائِعُ لِهَذَا الشَّرْطِ لِيَثِقَ بِلُزُومِ الْبَيْعِ فِيمَا يُعْذَرُ فِيهِ، وَالْمُرَادُ بِالْبَاطِنِ مَا يَعْسُرُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ، وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ دَاخِلَ الْبَدَنِ عَلَى أَقْرَبِ الِاحْتِمَالَاتِ، وَمِنْ الظَّاهِرِ نَتْنُ لَحْمِ الْمَأْكُولَةِ وَلَوْ حَيَّةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِسُهُولَةِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ وَلَوْ مَعَ الْحَيَاةِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْجَلَّالَةِ (وَلَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (مَعَ هَذَا الشَّرْطِ) إذَا صَحَّ (الرَّدُّ بِعَيْبٍ) فِي الْحَيَوَانِ (حَدَثَ) بَعْدَ الْعَقْدِ وَ (قَبْلَ الْقَبْضِ) لِانْصِرَافِ الشَّرْطِ إلَى الْمَوْجُودِ عِنْدَ الْعَقْدِ (وَلَوْ) (شَرَطَ الْبَرَاءَةَ عَمَّا يَحْدُثُ) وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْمَوْجُودِ (لَمْ يَصِحَّ) الشَّرْطُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِلشَّيْءِ قَبْلَ ثُبُوتِهِ فَلَا يَبْرَأُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا لَوْ أَبْرَأهُ مِنْ ثَمَنِ مَا يَبِيعُهُ لَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فَلَا رَدَّ بِهِ (قَوْلُهُ: بِالْبَرَاءَةِ) أَيْ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ (قَوْلُهُ: فَعَوَّضَنِي اللَّهُ عَنْهَا) أَيْ خَيْرًا (قَوْلُهُ: الْمُشْتَهِرُ بَيْنَ الصَّحَابَةِ) قِيلَ إنَّ ابْنَ عُمَرَ خَالَفَ فِي ذَلِكَ فَلَا يَنْهَضُ الْإِجْمَاعُ اهـ ع (قَوْلُهُ: فِي صُورَةِ الْحَيَوَانِ الْمَذْكُورَةِ) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَبْرَأُ عَنْ عَيْبٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ) أَيْ الْحَيَوَانُ غَيْرَهُ: أَيْ حَيْثُ بَرِئَ فِيهِ الْبَائِعُ مِنْ الْعَيْبِ الْبَاطِنِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: وَسَقَمَهُ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: سَقِمَ سَقَمًا مِنْ بَابِ تَعِبَ طَالَ مَرَضُهُ، وَسَقِمَ سُقْمًا مِنْ بَابِ قَرُبَ فَهُوَ سَقِيمٌ وَجَمْعُهُ سِقَامٌ مِثْلُ كَرِيمٍ وَكِرَامٌ وَيَتَعَدَّى بِالْهَمْزَةِ وَالتَّضْعِيفِ، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ بِشَيْءٍ فِي الصِّحَاحِ فَاقْتَضَى أَنَّ السَّقَمَ اسْمٌ لِلْمَرَضِ لَا بِقَيْدِ الطُّولِ، وَفِي الْقَامُوسِ السَّقَمُ الْمَرَضُ وَمُقْتَضَاهُ ذَلِكَ أَيْضًا، وَاقْتَصَرَ فِي الْمُخْتَارِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: يَعْنِي أَنَّهُ يَأْكُلُ فِي حَالِ صِحَّتِهِ وَفِي حَالِ مَرَضِهِ فَلَا نَهْتَدِي إلَى مَعْرِفَةِ مَرَضِهِ إذْ لَوْ كَانَ شَأْنُهُ تَرْكَ الْأَكْلِ حَالَ الْمَرَضِ لَكَانَ الْحَالُ بَيِّنًا (قَوْلُهُ: عَنْ عَيْبٍ بَاطِنٍ) عِبَارَةُ حَجّ: ظَاهِرٌ أَوْ خَفِيٌّ اهـ. وَهِيَ أَوْضَحُ لِظُهُورِ الْمُقَابَلَةِ لِأَنَّ الْبَاطِنَ خَفِيٌّ دَائِمًا وَهُوَ الَّذِي يَبْرَأُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ قَدْ يَكُونُ خَفِيًّا عَلَى نُدُورٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: مَا يَعْسُرُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ) وَمِنْهُ الزِّنَا وَالسَّرِقَةُ فِيمَا يَظْهَرُ لِعُسْرِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِمَا مِنْ الرَّقِيقِ (قَوْلُهُ: دَاخِلَ الْبَدَنِ) قَالَ سم نَقْلًا عَنْ الشَّارِحِ: الْمُرَادُ بِالْبَاطِنِ مَا لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ غَالِبًا وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِدَاخِلِ الْبَدَنِ مَا يَعْسُرُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ كَكَوْنِهِ بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ لَا خُصُوصَ مَا فِي الْجَوْفِ، وَيُوَافِقُ هَذَا الْحَمْلُ مَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وَعِبَارَتُهُ: وَالْبَاطِنُ مَا يَعْسُرُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ بِخِلَافِهِ، وَقِيلَ الْبَاطِنُ مَا كَانَ دَاخِلَ الْجَوْفِ وَالظَّاهِرُ بِخِلَافِهِ اهـ. وَفِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ لِوَالِدِ الشَّارِحِ مَا يُوَافِقُ الْحَمْلَ الْمَذْكُورَ أَيْضًا (قَوْلُهُ: لِسُهُولَةِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ) أَيْ بِنَحْوِ رِيحِ عَرَقِهَا (قَوْلُهُ: إذَا صَحَّ) يُشْعِرُ بِأَنَّ فِيهِ خِلَافًا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ عَدَمُ جَرَيَانِ خِلَافٍ فِيهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا ذَكَرَ مِنْ جُمْلَةِ مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ عَنْ عَيْبٍ أَصْلًا فَإِنَّ حَاصِلَهُ يَرْجِعُ إلَى إلْغَاءِ الشَّرْطِ، وَأَوْلَى مِنْهُ مَا قَدَّمْنَاهُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى حِكَايَةِ وَجْهٍ بِالْبُطْلَانِ عَنْ الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ يَبْرَأُ عَنْ الْمَوْجُودِ دُونَ الْحَادِثِ وَاسْتَقَرَّ بِهِ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَفِي الشَّيْخِ عَمِيرَةَ خِلَافُهُ وَعِبَارَتُهُ: وَإِنْ أَفْرَدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَقَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي بِهِ دَاءٌ لَمْ تُسَمِّهِ) أَيْ: وَهُوَ خَفِيٌّ لِيُوَافِقَ الِاسْتِدْلَالَ بِهِ الْآتِي فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: بَاطِنٌ أَوْ خَفِيٌّ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ ظَاهِرٌ أَوْ خَفِيٌّ وَأَصْلُ الْعِبَارَةِ لِلْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ: وَلَعَلَّ مُرَادَ الشَّارِحِ بِالْخَفِيِّ الظَّاهِرُ إذْ هُوَ يُطْلَقُ عَلَيْهِ وَمِنْهُ اللُّطْفُ الْخَفِيُّ. (قَوْلُهُ: إذَا صَحَّ) كَأَنَّهُ احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا شَرَطَ الْبَرَاءَةَ عَمَّا يَحْدُثُ مَثَلًا

وَالثَّانِي يَصِحُّ بِطَرِيقِ التَّبَعِ فَإِذَا انْفَرَدَ الْحَادِثُ فَهُوَ أَوْلَى بِالْبُطْلَانِ، أَمَّا الْبَيْعُ فَصَحِيحٌ، وَخَرَجَ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ الْعَامَّةِ شَرْطُهَا مِنْ عَيْبٍ مُبْهَمٍ أَوْ مُعَيَّنٍ يُعَايَنُ كَبَرَصٍ لَمْ يُرِهِ مَحَلَّهُ فَلَا يَصِحُّ لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِ عَيْنِهِ وَقَدْرِهِ وَمَحَلِّهِ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فِي عَيْبٍ ظَاهِرٍ لَا يَخْفَى عِنْدَ الرُّؤْيَةِ غَالِبًا لَمْ أَرَهُ بِخِلَافِ مَا لَا يُعَايَنُ كَزِنًا أَوْ سَرِقَةٍ، إذْ ذِكْرُهُ إعْلَامٌ بِهِ وَمُعَايَنٌ أَرَاهُ إيَّاهُ لِرِضَاهُ بِهِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا رَدُّ مَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ فِيمَنْ أَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي ثَمَنَهُ وَقَالَ لَهُ اسْتَنْقِدْهُ فَإِنْ فِيهِ زَيْفًا فَقَالَ رَضِيت بِزَيْفِهِ فَطَلَعَ فِيهِ زَيْفٌ فَإِنَّهُ لَا رَدَّ بِهِ، وَوَجْهُ رَدِّهِ عَدَمُ مَعْرِفَتِهِ قَدْرَ مَا فِي الدِّرْهَمِ مِنْ الزَّيْفِ بِمُجَرَّدِ مُشَاهَدَتِهِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ الرِّضَا نَظِيرُ مَا مَرَّ. (وَلَوْ) (هَلَكَ الْمَبِيعُ) بِآفَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْحَادِثَ فَهُوَ أَوْلَى بِالْبُطْلَانِ، وَفِي سم عَلَى حَجّ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْبُطْلَانُ فِي الْمَوْجُودِ أَيْضًا وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي يَصِحُّ بِطَرِيقِ التَّبَعِ) أَيْ بِطَرِيقِ تَبَعِيَّةِ الْحَادِثِ لِلْمَوْجُودِ وَهُوَ لَوْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ مِنْهُ وَحْدَهُ صَحَّ الشَّرْطُ فَكَذَا لَوْ جَمَعَهُ مَعَ غَيْرِهِ أَوْ أَطْلَقَ فِي الْحَادِثِ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ الْعَامَّةِ) أَيْ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ بَاعَ بِشَرْطِ بَرَاءَتِهِ مِنْ الْعُيُوبِ (قَوْلُهُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ) أَيْ فَلَا رَدَّ لَهُ بِذَلِكَ وَلَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى يَمِينٍ مِنْ الْبَائِعِ لِكَوْنِهِ ظَاهِرًا. (قَوْلُهُ: لَا يَخْفَى عِنْدَ الرُّؤْيَةِ غَالِبًا) هَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ فِيمَا مَرَّ إنَّ مِنْ عُيُوبِ الرَّقِيقِ الَّتِي يُرَدُّ بِهَا إذَا ظَهَرَتْ وَجَهِلَهَا الْمُشْتَرِي عِنْدَ الْبَيْعِ بَيَاضُ الشَّعْرِ وَقَلْعُ الْأَسْنَانِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ كَانَ حَصَلَ مِنْ الْبَائِعِ تَغْرِيرٌ مَنَعَ مِنْ الرُّؤْيَةِ كَصَبْغِ الشَّعْرِ أَوْ يَكُونُ رَآهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ بِزَمَنٍ لَا يَتَغَيَّرُ فِيهِ غَالِبًا (قَوْلُهُ: بِخِلَافٍ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ يُعَايِنُ، وَالْمُرَادُ أَنَّ مَا لَا يُعَايَنُ إذَا شَرَطَ الْبَرَاءَةَ مِنْهُ يَبْرَأُ وَدَخَلَ فِيهِ مَا لَوْ بَاعَهُ بِطِّيخَةً وَقَالَ الْمُشْتَرِي إنَّهَا قَرْعَةٌ فَوَجَدَهَا كَذَلِكَ فَلَا رَدَّ لَهُ لِأَنَّ فِي ذِكْرِهِ إعْلَامًا بِهِ فَيَبْرَأُ مِنْهُ (قَوْلُهُ كَزِنًا أَوْ سَرِقَةٍ) وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَا لَوْ بَاعَهُ ثَوْرًا بِشَرْطِ أَنَّهُ يَرْقُدُ فِي الْمِحْرَاثِ أَوْ يَعْصِي فِي الطَّاحُونِ أَوْ بِشَرْطِ أَنَّ الْفَرَسَ شَمُوسٌ وَتَبَيَّنَ كَذَلِكَ فَيَبْرَأُ مِنْهُ الْبَائِعُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: لِرِضَاهُ بِهِ) أَيْ فَلَا خِيَارَ لَهُ (قَوْلُهُ: مِنْ هَذَا) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لَا يُعَايَنُ (قَوْلُهُ: فِيمَنْ) أَيْ بَائِعٍ أَقْبَضَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقَالَ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: فِيهِ زَيْفًا) أَيْ أَوْ مَقَاصِيصَ فَقَالَ: أَيْ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا رَدَّ بِهِ) مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الْبَعْضِ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ) أَيْ فَلَهُ الرَّدُّ وَإِنْ قَلَّ الزَّيْفُ، وَيَظْهَرُ أَنَّ مِنْهُ مَا لَوْ اشْتَرَى مِنْهُ بِأَنْصَافٍ مِنْ الْفِضَّةِ وَقَالَ لِلْبَائِعِ هِيَ نُحَاسٌ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ مِثْلِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ فِيهَا نُحَاسًا لَا أَنَّ جَمِيعَهَا نُحَاسٌ. وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ بَاعَهُ شَاشًا مَثَلًا وَقَالَ إنَّهُ خَامٌ فَإِنْ أَرَاهُ مَحَلَّ الْحُمُوِّ مِنْهُ صَحَّ وَبَرِيءَ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَهُ الرَّدُّ مَا لَمْ يَزِدْ عَمَّا كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَيْبٌ حَادِثٌ يَمْنَعُ الرَّدَّ قَهْرًا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ إلَخْ) مِنْهُ يُعْلَمُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا اشْتَرَى حَبًّا وَبَذَرَهُ فَنَبَتَ بَعْضُهُ وَبَعْضُهُ لَمْ يَنْبُتْ فَادَّعَى الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِأَنَّ عَدَمَ نَبَاتِ الْبَعْضِ لِعَيْبٍ فِيهِ مَنَعَ مِنْ إنْبَاتِهِ فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ بَذْرَ الْحَبِّ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ يُعَدُّ إتْلَافًا لَهُ، فَإِنْ أَثْبَتَ الْمُشْتَرِي عَيْبَ الْمَبِيعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالثَّانِي يَصِحُّ بِطَرِيقِ التَّبَعِ) يُفِيدُ أَنَّ الْمَتْنَ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا شَرَطَ الْبَرَاءَةَ عَمَّا يَحْدُثُ مَعَ الْمَوْجُودَةِ وَأَصْرَحُ مِنْهُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ: فَإِنْ انْفَرَدَ الْحَادِثُ فَهُوَ أَوْلَى بِالْبُطْلَانِ، وَحِينَئِذٍ فَكَانَ يَنْبَغِي حَذْفُ قَوْلِهِ فِي الْمَتْنِ وَحْدَهُ لِيُلَائِمَ هَذَا، وَلَكِنَّ الَّذِي فِي شَرْحِ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ تَصْوِيرُ الْمَتْنِ بِمَا إذَا شَرَطَ الْبَرَاءَةَ مِمَّا يَحْدُثُ وَحْدَهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ زَادَ الصُّورَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ عَلَى الْمَتْنِ، وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَّاحِ أَنَّ الْمَتْنَ مُصَوَّرٌ بِمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنَّ شَرْطَ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْحَادِثِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُمْ أَخَذُوا مُقَابِلَهُ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا، وَالثَّانِي: إنْ أُفْرِدَ مَا يَحْدُثُ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ ضُمَّ إلَيْهِ الْقَدِيمُ صَحَّ تَبَعًا فَلْيُحَرَّرْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا فِي الشَّارِحِ لَا يُوَافِقُ وَاحِدًا مِنْ الْمَسْلَكَيْنِ مَعَ مَا فِيهِ مِمَّا يُشْبِهُ التَّنَاقُضَ فَلْيُتَأَمَّلْ

[هلك المبيع بآفة أو جناية بعد قبضه]

أَوْ جِنَايَةٍ كَأَنْ مَاتَ أَوْ تَلِفَ الثَّوْبُ أَوْ أُكِلَ الطَّعَامُ (عِنْدَ الْمُشْتَرِي) أَيْ بَعْدَ قَبْضِهِ لَهُ (أَوْ أَعْتَقَهُ) وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ وَعَتِيقُهُ كَافِرَيْنِ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا التَّوَقُّعَ الْبَعِيدَ نَوْعًا مِنْ الْيَأْسِ فَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ لَا أَرْشَ لَهُ لِعَدَمِ يَأْسِهِ مِنْ رَدِّهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُحَارِبَ ثُمَّ يُسْتَرَقُّ فَيَعُودُ لِمِلْكِهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ نَادِرٌ لَا يُنْظَرُ إلَيْهِ وَيَلْزَمُهُ مِثْلُهُ فِيمَا لَوْ وَقَفَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ يُسْتَبْدَلُ عِنْدَ مَنْ يَرَاهُ وَبِأَنَّهُ لَوْ فُرِضَ صِحَّةُ مَا قَالَهُ كَانَ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ فَرْضُهُ فِي مُعْتِقِ كَافِرٍ إذْ عَتِيقُ الْمُسْلِمِ لَا يُسْتَرَقُّ وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ عِتْقِهِ وَأَعْتَقَهُ أَوْ كَانَ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَوْ وَقَفَهُ أَوْ اسْتَوْلَدَهَا وَثَبَتَ ذَلِكَ فَهُوَ كَإِعْتَاقِهِ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَكَذَا لَوْ جَعَلَ الشَّاةَ أُضْحِيَّةً. قَالَ السُّبْكِيُّ وَلَا يَكْفِي إخْبَارُ الْمُشْتَرِي بِهِ مَعَ تَكْذِيبِ الْبَائِعِ لَهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ بِالنِّسْبَةِ لِنَحْوِ الْعِتْقِ وَالْوَقْفِ لِمُؤَاخَذَتِهِ بِهِ وَإِنْ كَذَبَ (ثُمَّ عَلِمَ ـــــــــــــــــــــــــــــSاسْتَحَقَّ أَرْشَهُ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ فِي عَدَمِ الْعَيْبِ، فَإِنْ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِهِ فَذَاكَ وَإِلَّا رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَيَحْلِفُ إنَّ بِهِ عَيْبًا مَنَعَ مِنْ الْإِنْبَاتِ وَيَقْضِي لَهُ بِالْأَرْشِ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا يَسْتَحِقُّ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ شَيْئًا مِمَّا صَرَفَهُ فِي حِرَاثَةِ الْأَرْضِ وَأُجْرَتِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُصْرَفُ بِسَبَبِ الزَّرْعِ لِأَنَّهُ لَمْ يُلْجِئْ الْمُشْتَرِي إلَى مَا فَعَلَهُ بَلْ ذَلِكَ نَاشِئٌ مِنْ مُجَرَّدِ تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي فِي مِلْكِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ جِنَايَةً) وَلَوْ مِنْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: أَيْ بَعْدَ قَبْضِهِ) إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ عَنْ كَوْنِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَكُونَ قَبَضَهُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ وَاسْتَقَلَّ الْمُشْتَرِي بِقَبْضِهِ بِلَا إذْنٍ فَقَبْضُهُ فَاسِدٌ وَهُوَ فِي يَدِ الْبَائِعِ حُكْمًا، فَلَوْ تَلِفَ انْفَسَخَ الْعَقْدُ وَيَضْمَنُهُ الْمُشْتَرِي بِبَدَلِهِ لِلْبَائِعِ لِاسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ بِلَا إذْنٍ (قَوْلُهُ: فَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَسْتَرِقُ فَيَعُودُ) أَيْ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ أَوْ بِكَوْنِهِ هُوَ الَّذِي اسْتَوْلَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ) أَيْ الْإِسْنَوِيُّ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُسْتَبْدَلُ) أَيْ وَهُوَ نَفْسُهُ لَمْ يَقُلْ بِهِ (قَوْلُهُ: مَا قَالَهُ) أَيْ الْإِسْنَوِيُّ (قَوْلُهُ: فَرَضَهُ فِي مُعْتِقِ كَافِرٍ) أَيْ مَعَ أَنَّ عِبَارَتَهُ عَلَى مَا فِي حَجّ: وَكَذَا لَوْ كَانَ الْعَتِيقُ كَافِرًا اهـ وَهِيَ تَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَ الْمُعْتَقُ كَافِرًا أَوْ مُسْلِمًا، فَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ كَافِرَيْنِ لَيْسَ هُوَ الْوَاقِعُ فِي عِبَارَةِ الْإِسْنَوِيِّ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ عِتْقِهِ وَأَعْتَقَهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ وَاطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ قَبْلَ إعْتَاقِهِ رَدَّهُ وَلَا أَرْشَ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ إعْتَاقَهُ بِالشَّرْطِ وَيَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ بِهِ إذَا امْتَنَعَ، وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ أَعْتَقَهُ: أَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ عِتْقَهُ اهـ. وَلَمْ يَذْكُرُوا عِتْقَهُ، وَقَضِيَّتُهَا أَنَّ شَرْطَ الْعِتْقِ كَافٍ فِي اسْتِحْقَاقِ الْأَرْشِ وَإِنْ لَمْ يُعْتِقْهُ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَمْ يَشْرُطْ إعْتَاقَهُ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ شِرَاءُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ لِعَدَمِ إمْكَانِ الْوَفَاءِ بِالشَّرْطِ (قَوْلُهُ وَثَبَتَ ذَلِكَ) أَيْ وَلَوْ بِتَصْدِيقِ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ جَعَلَ الشَّاةَ أُضْحِيَّةً) أَيْ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ صَرْفُ الْأَرْشِ فِي شَيْءٍ يَكُونُ أُضْحِيَّةً كَمَا سَيَذْكُرُهُ (قَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي إخْبَارُ الْمُشْتَرِي بِهِ) أَيْ بِالْمُوجِبِ لِلْأَرْشِ مِنْ الْهَلَاكِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مُؤَاخَذَتَهُ لَا تُنَافِي عَدَمَ كِفَايَةِ إخْبَارِهِ فِي الرُّجُوعِ بِالْأَرْشِ اهـ سم ـــــــــــــــــــــــــــــQ [هَلَكَ الْمَبِيعُ بِآفَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ بَعْدَ قَبْضِهِ] قَوْلُهُ: كَانَ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ فَرْضُهُ فِي مُعْتَقٍ كَافِرٍ) هَذَا لَا يَتَأَتَّى لِلشَّارِحِ مَعَ فَرْضِهِ الْكَلَامَ فِي كَافِرٍ فِيمَا مَرَّ، مَعَ أَنَّ كَلَامَ الْإِسْنَوِيِّ أَعَمُّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ نَقْلِ الشِّهَابِ حَجّ لَهُ، فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَنْقُلَ كَلَامَ الْإِسْنَوِيِّ عَلَى وَجْهِهِ لِيَتَأَتَّى لَهُ مَا ذَكَرَهُ هُنَا. (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِشَرْطِ عِتْقِهِ لَا عَلَى قَوْلِهِ وَأَعْتَقَهُ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَإِعْتَاقِهِ) أَيْ: إعْتَاقِهِ الْمُجَرَّدِ عَنْ شَرْطٍ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ عِتْقِهِ وَأَعْتَقَهُ، وَإِنَّمَا أَفْرَدَ هَذِهِ هُنَا مَعَ دُخُولِهَا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ أَعْتَقَهُ لِذِكْرِهِ الْخِلَافَ فِيهَا. (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي إخْبَارُ الْمُشْتَرِي بِهِ) أَيْ بِشَيْءٍ مِنْ مُوجِبَاتِ الْأَرْشِ الْمَارَّةِ. (قَوْلُهُ: فَفِي الرَّدِّ وَأَخْذِ الْأَرْشِ وَجْهَانِ) أَيْ فِي أَنَّهُ هَلْ يُرَدُّ وَلَا أَرْشَ أَوْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الرَّدُّ وَيَتَعَيَّنُ الْأَرْشُ، وَقَوْلُ الشَّيْخِ فِي الْحَاشِيَةِ إنَّ قَوْلَهُ وَجْهَانِ تَنَازُعُهُ كُلٌّ مِنْ الرَّدِّ وَأَخْذِ الْأَرْشِ يُفِيدُ أَنَّ فِي الرَّدِّ بِمُجَرَّدِهِ وَجْهَيْنِ، وَفِي أَخْذِ الْأَرْشِ بِمُجَرَّدِهِ وَجْهَيْنِ وَلَا مَعْنَى لَهُ. ثُمَّ إنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ التَّزْوِيجَ زَالَ قَبْلَ أَخْذِ الْمُشْتَرِي الْأَرْشَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ

الْعَيْبَ) الَّذِي يُنْقِصُ الْقِيمَةَ بِخِلَافِ الْخِصَاءِ (رَجَعَ بِالْأَرْشِ) لِلْيَأْسِ مِنْ الرَّدِّ. وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ الْمَبِيعِ بِجِنْسِهِ أَمَّا هُوَ كَحُلِيِّ الذَّهَبِ بِيعَ بِوَزْنِهِ ذَهَبًا فَبَانَ مَعِيبًا بَعْدَ تَلَفِهِ فَلَا أَرْشَ لَهُ لِنَقْصِ الثَّمَنِ فَيَصِيرُ الْبَاقِي مِنْهُ مُقَابَلًا بِأَكْثَرَ مِنْهُ وَذَلِكَ رِبًا، بَلْ يَفْسَخُ الْعَقْدَ وَيَسْتَرِدُّ الثَّمَنَ وَيَغْرَمُ بَدَلَ التَّالِفِ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَوْ عَرَفَ عَيْبَ الرَّقِيقِ وَقَدْ زَوَّجَهُ لِغَيْرِ الْبَائِعِ وَلَمْ يَرْضَهُ مُزَوَّجًا فَلِلْمُشْتَرِي الْأَرْشُ، فَإِنْ زَالَ النِّكَاحُ فَفِي الرَّدِّ وَأَخْذِ الْأَرْشِ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا أَنَّ لَهُ الرَّدَّ وَلَا أَرْشَ، وَلَوْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهِ وَهُوَ صَيْدٌ وَقَدْ أَحْرَمَ بَائِعُهُ جَازَ لَهُ الرَّدُّ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّ الْبَائِعَ مَنْسُوبٌ إلَى تَقْصِيرٍ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّ فِيهِ نَظَرًا (وَهُوَ) أَيْ الْأَرْشُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِتَعَلُّقِهِ بِالْأَرْشِ وَهُوَ الْخُصُومَةُ (جُزْءٌ مِنْ ثَمَنِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ فَيَسْتَحِقُّهُ الْمُشْتَرِي مِنْ عَيْنِهِ وَلَوْ كَانَ مُعَيَّنًا عَمَّا فِي الذِّمَّةِ أَوْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ ثُمَّ عَادَ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: رَجَعَ بِالْأَرْشِ) جَوَابُ لَوْ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ إلَخْ، وَتَدْخُلُ فِيهِ جَمِيعُ الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ مَتْنًا وَشَرْحًا، وَمِنْهَا مَا لَوْ اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْإِعْتَاقِ وَأَعْتَقَهُ ثُمَّ عَلِمَ الْعَيْبَ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهُ ثُمَّ عَلِمَ الْعَيْبَ وَأَعْتَقَهُ لَا أَرْشَ لَهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ إعْتَاقَهُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ رِضًا بِهِ (قَوْلُهُ: رَجَعَ بِالْأَرْشِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: وَلَوْ اشْتَرَى شَاةً وَجَعَلَهَا أُضْحِيَّةً ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا رَجَعَ بِأَرْشِهِ عَلَى الْبَائِعِ وَيَكُونُ لَهُ. وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: يَصْرِفُهُ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَهُوَ مُشْكِلٌ جِدًّا، وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِتْقِ وَالْوَقْفِ، فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ مَا قَالَهُ الْأَقَلُّونَ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ مِنْ أَنَّهُ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: لِلْيَأْسِ مِنْ الرَّدِّ) اُنْظُرْهُ فِي الْإِبَاقِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَأَرَادَ بِالْإِبَاقِ مَا ذَكَرَهُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ بِآفَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ أَبَقَ، وَلَعَلَّ الشَّارِحَ أَسْقَطَهُ لِمَا مَرَّ لَهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَبَقَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَلَا رَدَّ لَهُ وَلَا أَرْشَ مَا دَامَ آبِقًا لِاحْتِمَالِ عَوْدِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ يُفْسَخُ) أَيْ فَوْرًا (قَوْلُهُ: وَيَسْتَرِدُّ الثَّمَنَ) عِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذُكِرَ: هَذَا مَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ، وَأَطْلَقَ الشَّيْخَانِ الْخِلَافَ، هَذَا كُلُّهُ إذَا وَرَدَ عَلَى الْعَيْنِ، فَإِنْ وَرَدَ عَلَى الذِّمَّةِ ثُمَّ عَيَّنَ غَرِمَ بَدَلَهُ وَاسْتَبْدَلَ وَإِنْ كَانَا تَفَرَّقَا فِي الْأَصَحِّ اهـ. وَظَاهِرُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ عِلْمِ الدَّافِعِ لِمَا فِي ذِمَّتِهِ بِأَنَّ فِيهِ زَيْفًا وَجَهِلَهُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَقَدْ زَوَّجَهُ) وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَهُ لِلْبَائِعِ ثُمَّ اطَّلَعَ فِيهِ عَلَى الْعَيْبِ جَازَ لَهُ الرَّدُّ وَهُوَ شَامِلٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى. وَصُورَةُ كَوْنِهِ لِلْبَائِعِ فِي الذَّكَرِ أَنْ يَشْتَرِيَهُ مِنْ امْرَأَةٍ ثُمَّ يُزَوِّجُهُ مِنْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَرْضَهُ) أَيْ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ: فَلِلْمُشْتَرِي الْأَرْشُ) أَيْ لِأَنَّ الزَّوَاجَ يُرَادُ لِلدَّوَامِ (قَوْلُهُ: وَجْهَانِ) تَنَازَعَهُ قَوْلُهُ الرَّدُّ وَقَوْلُهُ وَأَخْذُ الْأَرْشِ (قَوْلُهُ أَنَّ لَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي وَقَوْلُهُ الرَّدُّ: أَيْ رَدُّ الْمَبِيعِ مَعَ الْأَرْشِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ الْبَائِعِ لِئَلَّا يَأْخُذَهُ لَا فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ (قَوْلُهُ: وَلَا أَرْشَ) أَيْ حَيْثُ لَا مَانِعَ مِنْ الرَّدِّ كَأَنْ طَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِعَيْبِهَا إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَإِلَّا فَالْعِدَّةُ عَيْبٌ مَانِعٌ مِنْ الرَّدِّ قَهْرًا (قَوْلُهُ: جَازَ لَهُ الرَّدُّ) أَيْ فَوْرًا (قَوْلُهُ: مَنْسُوبٌ إلَى تَقْصِيرٍ) أَيْ لِعَدَمِ إعْلَامِهِ الْمُشْتَرِي بِعَيْبِهِ (قَوْلُهُ: إنَّ فِيهِ نَظَرًا) وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ فِي الرَّدِّ تَفْوِيتًا لِمَالِيَّتِهِ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ بَعْدَ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ لِإِحْرَامِهِ، وَنَقَلَ عَنْ حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ لِوَالِدِ الشَّارِحِ مَا يُوَافِقُهُ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَيْهِ بِأَنْ يُقَالَ: جَازَ لَهُ الرَّدُّ وَيُعْذَرُ فِي التَّأْخِيرِ إلَى فَرَاغِ الْإِحْرَامِ فَلَا يَكُونُ تَأْخِيرُهُ مُفَوِّتًا لِلرَّدِّ (قَوْلُهُ: بِالْأَرْشِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: الْأَرْشُ بِوَزْنِ الْعَرْشِ دِيَةُ الْجِرَاحَاتِ، وَعَلَيْهَا فَلَعَلَّ إطْلَاقَهُ عَلَى الْخُصُومَةِ هُوَ الْأَصْلُ ثُمَّ نُقِلَ مِنْهُ إلَى دِيَةِ الْجِرَاحَاتِ ثُمَّ تُوُسِّعَ فِيهِ فَاسْتُعْمِلَ فِي التَّفَاوُتِ بَيْنَ قِيَمِ الْأَشْيَاءِ (قَوْلُهُ مِنْ عَيْنِهِ) مِثْلِيًّا كَانَ أَوْ مُتَقَوِّمًا، فَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِعَرْضٍ ثُمَّ أَعْتَقَهُ ثُمَّ اطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ اسْتَحَقَّ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ شَائِعًا إنْ كَانَ بَاقِيًا، فَإِنْ تَلِفَ الْعَرْضُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَرْجَحُهُمَا أَنَّ لَهُ الرَّدَّ وَلَا أَرْشَ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ زَالَ التَّزْوِيجُ بَعْدَ أَخْذِ الْمُشْتَرِي الْأَرْشَ انْفَصَلَ الْحُكْمُ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْأَرْشِ وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ، فَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ تَصْوِيرِ مَسْأَلَةِ الْخِلَافِ بِمَا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي أَخَذَ الْأَرْشَ

(نِسْبَتُهُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الثَّمَنِ (نِسْبَةُ) أَيْ مِثْلُ نِسْبَةِ (مَا نَقَصَ) هـ (الْعَيْبُ مِنْ الْقِيمَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِنَقَصَ (لَوْ كَانَ) الْمَبِيعُ (سَلِيمًا) إلَيْهَا فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِنْ غَيْرِ عَيْبٍ مِائَةً وَبِهِ ثَمَانِينَ فَنِسْبَةُ النَّقْصِ إلَيْهَا خَمْسٌ فَيَكُونُ الْأَرْشُ خُمْسَ الثَّمَنِ فَلَوْ كَانَ عِشْرِينَ رَجَعَ مِنْهُ بِأَرْبَعَةٍ، وَإِنَّمَا رَجَعَ بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ لَا بِالتَّفَاوُتِ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ لِئَلَّا يُجْمَعَ بَيْنَ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ وَلِأَنَّ الْمَبِيعَ مَضْمُونٌ عَلَى الْبَائِعِ بِهِ فَيَكُونُ جُزْؤُهُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ كَالْحُرِّ يُضْمَنُ بِالدِّيَةِ وَبَعْضُهُ بِبَعْضِهَا، فَإِنْ كَانَ قَبَضَهُ رَدَّ جُزْأَهُ وَإِلَّا سَقَطَ عَنْ الْمُشْتَرِي لَكِنْ بَعْدَ طَلَبِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ هَذَا فِي أَرْشٍ وَجَبَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ. أَمَّا عَكْسُهُ كَمَا لَوْ وَجَدَ الْبَائِعُ بَعْدَ الْفَسْخِ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي قَبْلَهُ فَإِنَّ الْأَرْشَ يُنْسَبُ إلَى الْقِيمَةِ لَا إلَى الثَّمَنِ، صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى شِرَاءِ مَا مَأْكُولُهُ فِي جَوْفِهِ، وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْعَقْدَ قَدْ انْفَسَخَ وَصَارَ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِهِ كَالْمُسْتَامِ لَكِنْ جَزَمَ فِي الْفَلَسِ بِمَا يُخَالِفُهُ، وَقَالَ فِي الذَّخَائِرِ: إنَّهُ الصَّوَابُ (وَالْأَصَحُّ اعْتِبَارُ أَقَلِّ قِيَمِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ الْمُتَقَوِّمِ جَمْعُ قِيمَةِ وَمِنْ ثَمَّ ضَبَطَهُ بِخَطِّهِ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَمِثْلُهُ الثَّمَنُ الْمُتَقَوِّمُ (مِنْ يَوْمِ) أَيْ وَقْتِ (الْبَيْعِ إلَى) وَقْتِ (الْقَبْضِ) لِأَنَّ قِيمَتَهُمَا إنْ كَانَتْ وَقْتَ الْبَيْعِ أَقَلَّ فَالزِّيَادَةُ فِي الْمَبِيعِ حَدَثَتْ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَفِي الثَّمَنِ حَدَثَتْ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ فَلَا تَدْخُلُ فِي التَّقْوِيمِ، أَوْ كَانَتْ وَقْتَ الْقَبْضِ أَوْ بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ أَقَلَّ، فَالنَّقْصُ فِي الْمَبِيعِ ـــــــــــــــــــــــــــــSاسْتَحَقَّ مَا يُقَابِلُ قَدْرَ مَا يَخُصُّهُ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: أَيْ مِثْلَ) بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ. وَالْأَصْلُ نِسْبَتُهُ نِسْبَةً مِثْلَ نِسْبَةٍ إلَخْ، (قَوْلُهُ إلَيْهَا) وَتَرَكَ هَذِهِ اللَّفْظَةَ لِلْعِلْمِ بِهَا مَحَلِّيٌّ. قَالَ ع: مِنْ ذِكْرِهَا فِي الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: بَيْنَ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ) كَمَا فِي هَذَا الْمِثَالِ فَإِنَّ تَفَاوُتَ الْقِيمَتَيْنِ عِشْرُونَ وَهِيَ قَدْرُ الثَّمَنِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لَكِنْ بَعْدَ طَلَبِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْمُطَالَبَةُ بِهِ عَلَى الْفَوْرِ كَالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ، لَكِنْ ذَكَرَ الْإِمَامُ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ لَهُ الْفَوْرُ بِخِلَافِ الرَّدِّ، ذَكَرَ ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: قَوْلُهُ لَا يَتَعَيَّنُ لَهُ الْفَوْرُ إلَخْ ظَاهِرُ كَلَامِهِ اعْتِمَادُ هَذَا لِأَنَّهُ جَعَلَ الْأَوَّلَ مُجَرَّدَ احْتِمَالٍ وَالثَّانِي الْمَنْقُولَ، وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ: وَاسْتِحْقَاقُهُ لَهُ بِطَلَبِهِ وَلَوْ عَلَى التَّرَاخِي اهـ. وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالرَّدُّ عَلَى الْفَوْرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَمَّا عَكْسُهُ) بِأَنْ وَجَبَ لِلْبَائِعِ عَنْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي قَبْلَهُ) أَوْ وَجَدَ عَيْبًا قَدِيمًا بِالثَّمَنِ فَإِنَّ إلَخْ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْأَرْشَ) أَيْ الْوَاجِبَ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ: يُنْسَبُ إلَى الْقِيمَةِ) مُعْتَمَدٌ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ الْأَرْشُ قَدْرَ التَّفَاوُتِ بَيْنَ قِيمَتِهِ سَلِيمًا وَمَعِيبًا بِالْحَادِثِ وَلَوْ زَادَ عَلَى الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: لَا إلَى الثَّمَنِ) هَذَا الْإِثْبَاتُ وَالنَّفْيُ ظَاهِرٌ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ فَإِنَّ الْمُتَبَادَرَ فِيهَا مِنْ نِسْبَةِ الْأَرْشِ لِلْقِيمَةِ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُؤْخَذُ نَقْصُ الْعَيْبِ مِنْ قِيمَةِ الثَّمَنِ فَمَا مَعْنَى نِسْبَةُ هَذَا النَّقْصِ إلَى الثَّمَنِ حَتَّى يَنْفِيَ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِجُزْءٍ مِنْ الْمَبِيعِ نِسْبَتُهُ إلَيْهِ كَنِسْبَةِ مَا نَقَصَ الْعَيْبُ مِنْ قِيمَةِ الثَّمَنِ لَوْ كَانَ سَلِيمًا إلَيْهَا عَلَى قِيَاسِ مَا قِيلَ فِي أَرْشِ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ: مَا مَأْكُولُهُ فِي جَوْفِهِ) كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ (قَوْلُهُ: فَالزِّيَادَةُ فِي الْمَبِيعِ حَدَثَتْ إلَخْ) هَذَا لَا يَأْتِي إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ لِأَنَّ مِلْكَ الْمَبِيعِ لَهُ حِينَئِذٍ وَلَا يَزُولُ إلَّا مِنْ حِينِ الْإِجَازَةِ أَوْ انْقِطَاعِ الْخِيَارِ اهـ سم. وَقَوْلُهُ وَفِي الثَّمَنِ حَصَلَتْ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ هَذَا لَا يَأْتِي إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ لِأَنَّ مِلْكَ الْمَبِيعِ حِينَئِذٍ لَهُ فَمِلْكُ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ أَقَلُّ الْقِيَمِ مِنْ وَقْتِ لُزُومِ الْعَقْدِ مِنْ جِهَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يُلَائِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ فَلْيُرَاجَعْ الْحُكْمُ. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَجْمَعَ بَيْنَ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ) أَيْ فِي هَذَا الْمِثَالِ الَّذِي ذَكَرَهُ وَنَحْوَهُ. (قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْعَقْدَ قَدْ انْفَسَخَ وَصَارَ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِهِ كَالْمُسْتَامِ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْعَيْبَ حَدَثَ بَعْدَ الْفَسْخِ فَيُخَالِفُ مَا صَوَّرَ بِهِ الْمَسْأَلَةَ أَوَّلًا فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: أَيْ الْمَبِيعِ الْمُتَقَوِّمِ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ هَذَا التَّقْيِيدِ وَمَاذَا يُفْعَلُ لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مِثْلِيًّا. (قَوْلُهُ: فَلَا تَدْخُلُ فِي التَّقْوِيمِ) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ إلَى الزِّيَادَةِ أَيْضًا

[تلف الثمن حسا أو شرعا]

مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ وَفِي الثَّمَنِ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَدْخُلُ فِي التَّقْوِيمِ، وَمَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ اعْتِبَارِ مَا بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ التَّخْيِيرِ الَّذِي فِي ثُبُوتِهِ رَفْعُ الْعَقْدِ عَدَمُ الضَّمَانِ الَّذِي لَيْسَ فِي ثُبُوتِهِ ذَلِكَ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَصَحُّهَا هَذَا، وَالثَّانِي أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِيَوْمِ الْعَقْدِ لِأَنَّ الثَّمَنَ قَدْ قَابَلَ الْمَبِيعَ يَوْمَئِذٍ وَالثَّالِثُ بِيَوْمِ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ وَقْتُ دُخُولِ الْمَبِيعِ فِي ضَمَانِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّا إذَا اعْتَبَرْنَا قِيَمَ الْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنَ فَإِمَّا أَنْ تَتَّحِدَ قِيمَتَاهُ سَلِيمًا وَقِيمَتَاهُ مَعِيبًا، أَوْ يَتَّحِدَا سَلِيمًا وَيَخْتَلِفَا مَعِيبًا وَقِيمَتُهُ وَقْتَ الْعَقْدِ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ، أَوْ يَتَّحِدَا مَعِيبًا لَا سَلِيمًا وَهِيَ وَقْتَ الْعَقْدِ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ، أَوْ يَخْتَلِفَا سَلِيمًا وَمَعِيبًا وَهِيَ وَقْتَ الْعَقْدِ سَلِيمًا وَمَعِيبًا أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ، أَوْ سَلِيمًا أَقَلُّ وَمَعِيبًا أَكْثَرُ وَبِالْعَكْسِ، فَهِيَ تِسْعَةُ أَقْسَامٍ أَمْثِلَتُهَا عَلَى التَّرْتِيبِ فِي الْمَبِيعِ اشْتَرَى قِنًّا بِأَلْفٍ وَقِيمَتُهُ وَقْتَ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ سَلِيمًا مِائَةٌ وَمَعِيبًا تِسْعُونَ فَالنَّقْصُ عَشْرٌ قِيمَتُهُ سَلِيمًا فَلَهُ عُشْرُ الثَّمَنِ مِائَةٌ، أَوْ قِيمَتَاهُ سَلِيمًا مِائَةٌ وَقِيمَتُهُ مَعِيبًا وَقْتَ الْعَقْدِ ثَمَانُونَ وَالْقَبْضُ تِسْعُونَ وَعَكْسُهُ فَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ قِيمَتِهِ سَلِيمًا وَأَقَلُّ قِيمَتِهِ مَعِيبًا عِشْرُونَ وَهِيَ خُمْسُ قِيمَتِهِ سَلِيمًا فَلَهُ خُمْسُ الثَّمَنِ، أَوْ قِيمَتَاهُ مَعِيبًا ثَمَانُونَ وَسَلِيمًا وَقْتَ الْعَقْدِ تِسْعُونَ وَوَقْتَ الْقَبْضِ مِائَةٌ أَوْ عَكْسُهُ فَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ قِيمَتِهِ مَعِيبًا وَأَقَلُّ قِيمَتِهِ سَلِيمًا عَشَرَةٌ وَهِيَ تِسْعٌ أَقَلُّ قِيمَتِهِ سَلِيمًا فَلَهُ تُسْعُ الثَّمَنِ. لَا يُقَالُ: صَرَّحَ الْإِمَامُ بِأَنَّ اعْتِبَارَ الْأَقَلِّ فِي الْأَقْسَامِ كُلِّهَا إنَّمَا هُوَ لِإِضْرَارِ الْبَائِعِ لِمَا مَرَّ مِنْ التَّعْلِيلِ، وَحِينَئِذٍ فَالْقِيَاسُ أَنَّا نَعْتَبِرُ مَا بَيْنَ الثَّمَانِينَ وَالْمِائَةِ وَهُوَ الْخُمْسُ لِأَنَّهُ الْأَضَرُّ بِالْبَائِعِ. لَأَنْ نَقُولَ: لَيْسَ الْقِيَاسُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ نِسْبَةُ مَا نَقَصَ مِنْ الْعَيْبِ مِنْ الْقِيمَةِ إلَيْهَا وَاَلَّذِي نَقَصَهُ الْعَيْبُ مِنْ الْقِيمَةِ هُوَ مَا بَيْنَ الثَّمَانِينَ وَالتِّسْعِينَ، وَأَمَّا مَا بَيْنَ التِّسْعِينَ وَالْمِائَةِ فَإِنَّمَا هُوَ لِتَفَاوُتِ الرَّغْبَةِ بَيْنَ الْيَوْمَيْنِ فَتَعَيَّنَ اعْتِبَارُ مَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ مِنْ التِّسْعِينَ إلَيْهَا وَهُوَ التُّسْعُ كَمَا تَقَرَّرَ فَتَأَمَّلْهُ، أَوْ قِيمَتُهُ وَقْتَ الْعَقْدِ سَلِيمًا مِائَةٌ وَمَعِيبًا ثَمَانُونَ وَوَقْتَ الْقَبْضِ سَلِيمًا مِائَةٌ وَعِشْرُونَ وَمَعِيبًا تِسْعُونَ أَوْ بِالْعَكْسِ، أَوْ قِيمَتُهُ وَقْتَ الْعَقْدِ سَلِيمًا مِائَةٌ وَمَعِيبًا تِسْعُونَ وَوَقْتَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْبَائِعِ إلَى وَقْتِ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَلْزَمُ) رَدٌّ لِمُنَازَعَةِ الْإِسْنَوِيِّ مِنْ أَنَّ النُّقْصَانَ الْحَاصِلَ قَبْلَ الْقَبْضِ إذَا زَالَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَيْضًا لَا يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي بِهِ خِيَارٌ فَكَيْفَ يَكُونُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: وَالطَّرِيقُ الثَّانِي) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَا فِي الْمَتْنِ طَرِيقَةٌ قَاطِعَةٌ وَأَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ التَّعْبِيرُ بِالْمَذْهَبِ، لَكِنْ كَانَ يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ التَّصْدِيرُ بِأَنَّ هَذِهِ هِيَ الطَّرِيقَةُ الْقَاطِعَةُ كَأَنْ يَقُولَ وَمَا عَبَّرَ عَنْهُ بِالْأَصَحِّ طَرِيقَةٌ قَاطِعَةٌ، ثُمَّ يَقُولَ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَعِيبًا تِسْعُونَ) أَيْ وَقْتَ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ مِنْ التَّعْلِيلِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّ قِيمَتَهُمَا إنْ كَانَتْ وَقْتَ الْبَيْعِ أَقَلَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَالْقِيَاسُ أَنَّا نَعْتَبِرُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ أَوْ قِيمَتَاهُ مَعِيبًا ثَمَانُونَ إلَخْ (قَوْلُهُ مَا بَيْنَ الثَّمَانِينَ وَالْمِائَةِ) أَيْ لَا مَا بَيْنَ الثَّمَانِينَ وَالتِّسْعِينَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَقُولُ) هَذَا الْجَوَابُ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ وَالدِّقَّةِ، لَكِنْ قَدْ يَخْدِشُهُ أَمْرَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ) صُورَةُ مُنَازَعَتِهِ الَّتِي سَبَقَهُ إلَيْهَا السُّبْكِيُّ أَنَّ النَّقْصَ الْحَادِثَ قَبْلَ الْقَبْضِ إذَا زَالَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يُخَيَّرُ بِهِ الْمُشْتَرِي فَكَيْفَ يَضْمَنُهُ الْبَائِعُ. (قَوْلُهُ: وَالطَّرِيقُ الثَّانِي إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ طُرُقٌ وَهُوَ كَذَلِكَ، لَكِنَّ الَّذِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُوَ أَصَحُّ الْأَوْجُهِ مِنْ الطَّرِيقَةِ الْحَاكِيَةِ خِلَافًا لِمَا سَلَكَهُ الشَّارِحُ وَمِنْ ثَمَّ عَبَّرَ بِالْأَصَحِّ فَهُوَ سَاكِتٌ عَنْ التَّعَرُّضِ لِلطَّرِيقَةِ الْقَاطِعَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا: قَاطِعَةٌ بِالْوَجْهِ الَّذِي صَحَّحَهُ وَهَذِهِ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا الْمُصَنِّفُ، وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ حَاكِيَةٌ لِأَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ: أَحَدُهَا: مَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالثَّانِي: اعْتِبَارُ الْعَقْدِ مُطْلَقًا، وَالثَّالِثُ: اعْتِبَارُ يَوْمِ الْقَبْضِ مُطْلَقًا. نَعَمْ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مُؤَاخَذَةٌ أَشَارَ إلَيْهَا الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ وَهِيَ أَنَّ الْوَاقِعَ فِي عِبَارَةِ الْجُمْهُورِ كَالْمُحَرَّرِ وَالشَّارِحِ وَالرَّوْضَةِ أَقَلُّ الْقِيمَتَيْنِ لَا أَقَلُّ الْقِيَمِ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: فَإِمَّا أَنْ تَتَّحِدَ قِيمَتَاهُ) سَكَتَ عَنْ حَالِهِ بَيْنَ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ وَبِاعْتِبَارِهَا تَزِيدُ الصُّوَرُ عَنْ تِسْعٍ. [تَلِفَ الثَّمَنُ حِسًّا أَوْ شَرْعًا] .

الْقَبْضِ سَلِيمًا مِائَةٌ وَعِشْرُونَ وَمَعِيبًا ثَمَانُونَ أَوْ بِالْعَكْسِ فَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ أَقَلِّ قِيمَتَيْهِ سَلِيمًا وَأَقَلِّ قِيمَتَيْهِ مَعِيبًا عِشْرُونَ وَهِيَ خُمْسُ أَقَلِّ قِيمَتَيْهِ سَلِيمًا فَلَهُ خُمْسُ الثَّمَنِ. وَخَصَّ الْبَارِزِيُّ بَحْثًا اعْتِبَارُ الْأَقَلِّ فِيمَا إذَا اتَّحَدَتَا سَلِيمًا لَا مَعِيبًا وَهِيَ وَقْتَ الْقَبْضِ أَكْثَرُ بِمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ لِكَثْرَةِ الرَّغَبَاتِ فِي الْمَعِيبِ لِقِلَّةِ ثَمَنِهِ لَا لِنَقْصِ الْعَيْبِ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ أَكْثَرُ الْقِيمَتَيْنِ لِأَنَّ زَوَالَ الْعَيْبِ يُسْقِطُ الرَّدَّ. وَرُدَّ بِأَنَّ الزَّائِدَ مِنْ الْعَيْبِ يُسْقِطُ أَثَرَهُ مُطْلَقًا كَمَا لَوْ زَالَ الْعَيْبُ كُلُّهُ، فَكَمَا يُقَوَّمُ الْمَعِيبُ يَوْمَ الْقَبْضِ نَاقِصَ الْعَيْبِ فَكَذَا يَوْمَ الْعَقْدِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ الْأَكْثَرُ أَصْلًا عَلَى أَنَّ تَقْيِيدَهُ بِمَا إذَا اتَّحَدَتْ قِيمَتَاهُ سَلِيمًا غَيْرُ صَحِيحٍ وَإِنْ سَلِمَ مَا ذَكَرَهُ. (وَلَوْ تَلِفَ الثَّمَنُ) حِسًّا أَوْ شَرْعًا نَظِيرَ مَا مَرَّ أَوْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ كَرَهْنٍ (دُونَ الْمَبِيعِ) وَاطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِهِ (رَدَّهُ) إذْ لَا مَانِعَ (وَأَخْذُ مِثْلِ الثَّمَنِ) إنْ كَانَ مِثْلِيًّا (أَوْ قِيمَتِهِ) إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا لِأَنَّ ذَلِكَ بَدَلُهُ، وَمَرَّ اعْتِبَارُ الْأَقَلِّ فِيمَا بَيْنَ وَقْتِ الْعَقْدِ إلَى وَقْت الْقَبْضِ، أَمَّا لَوْ بَقِيَ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِي عَيْنِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ مُعَيَّنًا فِي الْعَقْدِ أَمْ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَهُ، وَحَيْثُ رَجَعَ بِبَعْضِهِ أَوْ كُلِّهِ لَا أَرْشَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ إنْ وَجَدَهُ نَاقِصَ وَصْفٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSاعْتِبَارَ الْأَقَلِّ لَا لِأَنَّهُ أَضَرُّ بِالْبَائِعِ لِأَنَّ النَّقْصَ إنَّمَا هُوَ عِنْدَهُ. وَالثَّانِي أَنَّهُ كَمَا يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْقِيمَةُ سَلِيمًا تِسْعِينَ وَالزِّيَادَةُ إلَى الْمِائَةِ لِلرَّغْبَةِ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مِائَةً وَالنَّقْصُ لِقِلَّةِ الرَّغْبَةِ فَلِمَ تَعَيَّنَ الْأَوَّلُ الَّذِي هُوَ مَبْنَى الْجَوَابِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: كَوْنُ الْقِيمَةِ تِسْعِينَ مُتَيَقَّنٌ وَالزِّيَادَةُ مَشْكُوكَةٌ فَلَمْ تُعْتَبَرْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ لَا لِنَقْصِ الْعَيْبِ) أَيْ إيَّاهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَلِمَ مَا ذُكِرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَهِيَ وَقْتَ الْقَبْضِ أَكْثَرُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَاطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِهِ إلَخْ) . [فَرْعٌ] لَوْ أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ فَاطَّلَعَ الْبَائِعُ عَلَى عَيْبٍ فِي الثَّمَنِ فَفَسَخَ الْعَقْدَ فَهَلْ يَرُدُّ الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ أَمْ يَرْجِعُ بِهَذِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخِ حَمْدَانَ فِي بَابِ الْجِهَادِ الثَّانِي وَعِبَارَتُهُ فِي مُعَاقَدَةِ الْعِلْجِ مَا نَصُّهُ: وَإِذَا أَسْلَمَتْ فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ بَدَلِ لِأَنَّ إسْلَامَهَا مَنَعَ اسْتِرْقَاقَهَا فَيُعْطِي قِيمَتَهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَمَا لَوْ فَسَخَ الْبَائِعُ بِعَيْبٍ فِي الثَّمَنِ وَقَدْ أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ اهـ. أَقُولُ: وَقَدْ يُمْنَعُ أَنَّ مُقْتَضَاهَا ذَلِكَ لِجَوَازِ أَنَّ مُرَادَهُ التَّشْبِيهُ فِي مُطْلَقِ الرُّجُوعِ بِالْبَدَنِ وَإِنْ اخْتَلَفَ مَنْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِهِ: أَيْ فَيَكُونُ الْمُرَادُ أَنَّ الْكَافِرَ إذَا عُوقِدَ عَلَى فَتْحِ الْقَلْعَةِ بِجَارِيَةٍ مِنْهَا وَأَسْلَمَتْ كَانَ إسْلَامُهَا بِمَنْزِلَةِ إعْتَاقِ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ، وَحُكْمُهُ أَنْ يَرْجِعَ الْبَائِعُ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ إذَا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِي الثَّمَنِ لِتَعَذُّرِ الرُّجُوعِ فِي عَيْنِ حَقِّهِ فَيَرْجِعُ هُنَا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُشْتَرِي، فَكَمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْبَائِعُ بِبَدَلِ الْمَبِيعِ إذَا أَعْتَقَهُ يَرْجِعُ الْكَافِرُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ بِبَدَلِ الْجَارِيَةِ إذَا أَسْلَمَتْ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِي الْمَبِيعِ فَرَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ وَوَجَدَ الثَّمَنَ تَالِفًا حِسًّا أَوْ شَرْعًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِبَدَلِ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَغْلَقَهُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُمْ لَوْ رَدَّ الْمَبِيعَ وَوَجَدَ الثَّمَنَ تَالِفًا حِسًّا أَوْ شَرْعًا، وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ إعْتَاقِ الْبَائِعِ لِلثَّمَنِ إذَا كَانَ الثَّمَنُ قِنًّا حَيْثُ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَتِهِ وَبَيْنَ مَا لَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بِإِعْتَاقِهِ (قَوْلُهُ أَوْ قِيمَتَهُ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَقِيمَتُهُ فِي الْمُتَقَوِّمِ لَكِنْ فِي الْمُعَيَّنِ يَرُدُّ قِيمَتَهُ أَقَلَّ مَا كَانَتْ مِنْ الْعَقْدِ إلَى الْقَبْضِ اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَقَوْلُهُ فِي الْمُعَيَّنِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ قَدْ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ لِأَنَّ التَّلَفَ إنَّمَا يَكُونُ فِي مُعَيَّنٍ اهـ. وَقَضِيَّةُ هَذَا الِاعْتِرَاضِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُتَقَوِّمًا فِي الذِّمَّةِ عِنْدَ الْعَقْدِ ثُمَّ عَيَّنَهُ وَأَقْبَضَهُ ثُمَّ تَلِفَ رَدَّ قِيمَتَهُ أَقَلَّ مَا كَانَتْ مِنْ الْعَقْدِ إلَى الْقَبْضِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ اعْتِبَارُ الْأَقَلِّ) أَيْ فَيُقَالُ بِمِثْلِهِ هُنَا (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ بَقِيَ) أَيْ الثَّمَنُ فَلَهُ أَيْ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: الرُّجُوعُ فِي عَيْنِهِ) أَيْ وَلَهُ الْعُدُولُ بِالتَّرَاضِي إلَى بَدَلِهِ عَلَى مَا يُفِيدُهُ التَّعْبِيرُ بِلَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: إنْ وَجَدَهُ نَاقِصَ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَفَارَقَ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ نَقْصَ الْمَبِيعِ أَدْنَى نَقْصٍ يَبْطُلُ رَدَّ الْمُشْتَرَى بِعَيْبٍ قَدِيمٍ لِكَوْنِهِ مِنْ ضَمَانِهِ لِأَنَّهُ ثَمَّ اخْتَارَ الرَّدَّ وَالْبَائِعُ هُنَا لَمْ يَخْتَرْهُ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اخْتَارَ رَدَّ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ بِالْعَيْبِ انْعَكَسَ الْحُكْمُ فَيَضْمَنُ نَقْصَ الصِّفَةِ وَلَمْ يَضْمَنْ الْمُشْتَرِي نَقْصَ صِفَةِ الْمَبِيعِ اهـ وَقَوْلُهُ فَيَضْمَنُ نَقْصَ الصِّفَةِ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّ لَهُ حِينَئِذٍ الرَّدَّ قَهْرًا وَقِيَاسُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[علم بالعيب في المبيع بعد زوال ملكه]

كَأَنْ حَدَثَ بِهِ شَلَلٌ كَمَا أَنَّهُ يَأْخُذُهُ بِزِيَادَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ مَجَّانًا. نَعَمْ إنْ كَانَ نَقْصُهَا بِجِنَايَةِ أَجْنَبِيٍّ: أَيْ يَضْمَنُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُسْتَحِقِّ الْأَرْشِ، وَلَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ بَعْضِ الثَّمَنِ أَوْ كُلِّهِ ثُمَّ رَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ فَهَلْ يُطَالَبُ بِذَلِكَ أَوْ لَا؟ الْأَوْجَهُ كَمَا هُوَ قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الصَّدَاقِ أَنَّهُ لَا يُرْجَعُ فِي الْإِبْرَاءِ مِنْ جَمِيعِ الثَّمَنِ بِشَيْءٍ وَفِي الْإِبْرَاءِ مِنْ بَعْضِهِ إلَّا بِالْبَاقِي، وَلَوْ وَهَبَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي الثَّمَنَ فَقِيلَ يَمْتَنِعُ الرَّدُّ وَقِيلَ يَرُدُّ وَيُطَالَبُ بِبَدَلِ الثَّمَنِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَلَوْ أَدَّاهُ أَصْلٌ عَنْ مَحْجُورِهِ رَجَعَ بِالْفَسْخِ لِلْمَحْجُورِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى تَمْلِيكِهِ وَقَبُولِهِ لَهُ أَوْ أَجْنَبِيٍّ رَجَعَ لِلْمُشْتَرِي أَيْضًا لَا لِلْمُؤَدِّي كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (وَلَوْ) (عَلِمَ بِالْعَيْبِ) فِي الْمَبِيعِ (بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِهِ) عَنْهُ أَوْ عَنْ بَعْضِهِ بِعِوَضٍ أَوْ غَيْرِهِ (إلَى غَيْرِهِ) وَهُوَ بَاقٍ بِحَالِهِ فِي يَدِ الثَّانِي أَوْ بَعْدَ نَحْوِ رَهْنِهِ عِنْدَ غَيْرِ الْبَائِعِ أَوْ إبَاقِهِ أَوْ كِتَابَتِهِ كِتَابَةً صَحِيحَةً أَوْ غَصْبِهِ أَوْ إجَارَتِهِ وَلَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِأَخْذِهِ مُؤَجَّرًا (فَلَا أَرْشَ) لَهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَمْ يَيْأَسْ مِنْ الرَّدِّ لِأَنَّهُ قَدْ يَعُودُ لَهُ، فَإِنْ رَضِيَ بِهِ مَسْلُوبُهَا رُدَّ عَلَيْهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSالْبَيْعِ خِلَافُهُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: كَأَنْ حَدَثَ بِهِ) أَيْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ نَقْصُهَا) أَيْ الْقِيمَةِ نَقْصَ صِفَةٍ (قَوْلُهُ: اسْتَحَقَّ الْأَرْشَ) أَيْ عَلَى الْبَائِعِ وَهُوَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِبْرَاءِ أَنَّ الْبَائِعَ تَحَصَّلَ عَلَى شَيْءٍ فِي الْهِبَةِ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ وَهَبَهُ لَهُ بِخِلَافِهِ فِي الْإِبْرَاءِ فَإِنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَدْخُلْ فِي يَدِهِ شَيْءٌ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي حَتَّى يَرُدَّهُ أَوْ بَدَلَهُ لَهُ (قَوْلُهُ رَجَعَ لِلْمُشْتَرِي) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ) وَعَلَيْهِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّدَاقِ حَيْثُ قَالُوا: يَرْجِعُ الصَّدَاقُ لِلزَّوْجِ إنْ أَدَّى عَنْ نَفْسِهِ أَوْ أَدَّاهُ عَنْهُ وَلِيُّهُ وَيَرْجِعُ لِلدَّافِعِ إنْ تَبَرَّعَ بِهِ عَنْ الزَّوْجِ وَلَعَلَّهُ أَنَّ الثَّمَنَ فِي مُقَابَلَةِ الْمَبِيعِ وَقَدْ دَخَلَ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي حَقِيقَةً وَهُوَ يَسْتَدْعِي دُخُولَ الثَّمَنِ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي حَقِيقَةً كَذَلِكَ ثُمَّ يَنْتَقِلُ مِنْهُ إلَى الْبَائِعِ وَالصَّدَاقُ لَمَّا كَانَ فِي مُقَابَلَةِ الْبُضْعِ وَالزَّوْجُ لَا يَمْلِكُهُ وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ الِانْتِفَاعَ بِهِ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ سَبَبٌ قَوِيٌّ يَقْتَضِي دُخُولَهُ فِي مِلْكِهِ فَكَأَنَّهُ بِفَسْخِ الْعَقْدِ يَتَبَيَّنُ إنْ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِ الْأَجْنَبِيِّ فَرَجَعَ لَهُ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ. [عَلِمَ بِالْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِهِ] (قَوْلُهُ: عِنْدَ غَيْرِ الْبَائِعِ) مَفْهُومُهُ أَنَّ لَهُ الْأَرْشَ إذَا كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهُ يَفْسَخُ الْعَقْدَ وَيَسْتَرِدُّ الثَّمَنَ (قَوْلُهُ: أَوْ إبَاقِهِ) أَيْ وَالْعَيْبُ الْإِبَاقُ اهـ حَجّ قَالَ سم عَلَيْهِ أَيْ وَإِلَّا فَهُوَ عَيْبٌ حَدَثَ فَلَهُ أَرْشُ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ فَإِنْ رَضِيَهُ الْبَائِعُ مَعَ الْحَادِثِ فَلَا أَرْشَ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ وَإِنْ هَلَكَ آبِقًا فَلَهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَرْشُ كَذَا فِي الْعُبَابِ وَلَمْ يَزِدْ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ عَلَى تَقْدِيرِهِ وَعَلَّلَ قَوْلَهُ فَلَهُ أَرْشُ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ أَيِسَ مِنْ الرَّدِّ حِينَئِذٍ لِحُدُوثِ عَيْبِ الْإِبَاقِ بِيَدِهِ اهـ فَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَجْرِ فِي ذَلِكَ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ حَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ سَقَطَ الرَّدُّ قَهْرًا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ) قَالَ فِي الْعُبَابِ وَشَرْحِهِ فَإِنْ رَضِيَ بِهِ الْبَائِعُ مُؤَجَّرًا أَيْ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ وَلَكِنَّهُ ظَنَّ أَنَّ الْأُجْرَةَ لَهُ وَفَسَخَ ثُمَّ عَلِمَ خِلَافَهُ أَيْ أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لَهُ فَلَهُ رَدُّ الْفَسْخِ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ قَالَ كَمَا لَوْ رَضِيَ بِالْفَسْخِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ، بِخِلَافِ الْفَسْخِ بِالْإِقَالَةِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِأَرْشِ الْحَادِثِ وَلَا تُرَدُّ الْإِقَالَةُ اهـ وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْإِقَالَةِ وَمَا هُنَا بِأَنَّهُ فَسْخٌ لَا عَنْ سَبَبٍ فَلَمْ يُمْكِنْ رَدُّهُ بِخِلَافِ مَا عَنْ سَبَبٍ فَإِنَّهُ إذَا بَانَ مَا يُبْطِلُهُ عُمِلَ بِهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا إذَا رَضِيَ بِهِ مَسْلُوبُهَا وَلَا ظَنَّ مَا ذُكِرَ فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ عَلَيْهِ وَلَا يُطَالِبُ الْمُشْتَرِي بِأُجْرَةِ تِلْكَ الْمُدَّةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ هُنَا وَفِي نَظَائِرِهِ إلَخْ اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ رَضِيَ بِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ نَحْوِ رَهْنِهِ عِنْدَ غَيْرِ الْبَائِعِ) التَّقْيِيدُ بِغَيْرِ الْبَائِعِ إنَّمَا تَظْهَرُ ثَمَرَتُهُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ: فَإِنْ عَادَ الْمِلْكُ فَلَهُ الرَّدُّ؛ إذْ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعُدْ الْمِلْكُ: أَيْ أَوْ نَحْوِهِ كَانْفِكَاكِ الرَّهْنِ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ مَحَلُّ هَذَا إذَا كَانَ الرَّهْنُ عِنْدَ غَيْرِ الْبَائِعِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ أَوْ إجَارَتِهِ وَلَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِأَخْذِهِ مُؤَجَّرًا فَلَا أَثَرَ لَهُمَا بِالنِّسْبَةِ لِنَفْيِ الْأَرْشِ، إذْ لَا أَرْشَ سَوَاءٌ أَكَانَ الرَّهْنُ عِنْدَ غَيْرِ الْبَائِعِ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ عِنْدَ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الرَّدِّ فِي الْحَالِ، وَسَوَاءٌ رَضِيَ الْبَائِعُ

وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ مُطَالَبَةِ الْمُشْتَرِي بِأُجْرَةِ مِثْلِ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِنَظَائِرِهِ مِنْ الْفَسْخِ بِالْفَلَسِ وَمِنْ رُجُوعِ الْأَصْلِ فِيمَا وَهَبَهُ مِنْ فَرْعِهِ وَمِنْ رُجُوعِ الزَّوْجِ فِي نِصْفِ الصَّدَاقِ وَقَدْ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَيُفَارِقُ ذَلِكَ مَا يَأْتِي فِي التَّحَالُفِ مِنْ أَنَّ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْفَسْخِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ بِأَنَّ الْفَسْخَ فِيمَا ذُكِرَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِاخْتِيَارٍ مَنْ يَرُدُّ الْعَيْنَ إلَيْهِ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَةِ التَّحَالُفِ، وَفَرَّقَ فِي الْكِفَايَةِ بِأَنَّ لِلْبَائِعِ هُنَا وَلِلزَّوْجِ مَنْدُوحَةً عَنْ الْعَيْنِ، فَلَمَّا رَجَعَا فِيهَا انْحَصَرَ حَقُّهُمَا فِيهَا مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ، وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ فِي التَّحَالُفِ مَنْدُوحَةٌ عَنْ الْعَيْنِ فَكَانَ لَهُ بَدَلُ الْمَنَافِعِ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ. وَالثَّانِي نَعَمْ لِأَنَّهُ اسْتَدْرَكَ الظُّلَامَةَ وَرَوَّجَ كَمَا رُوِّجَ عَلَيْهِ (فَإِنْ عَادَ الْمِلْكُ) لَهُ فِيهِ (فَلَهُ الرَّدُّ) لِإِمْكَانِهِ سَوَاءٌ أَعَادَ إلَيْهِ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ لِزَوَالِ كُلٍّ مِنْ الْعِلَّتَيْنِ أَمْ بِغَيْرِهِ كَهِبَةٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ إقَالَةٍ لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ (وَقِيلَ إنْ عَادَ إلَيْهِ بِغَيْرِ الرَّدِّ بِعَيْبٍ فَلَا رَدَّ) لَهُ لِأَنَّهُ اسْتَدْرَكَ الظُّلَامَةَ، وَمَرَّ أَنَّهُ ضَعِيفٌ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي رَدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ مِنْهُ، فَإِنْ اسْتَرَدَّهُ الْبَائِعُ الثَّانِي وَقَدْ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ عِنْدَ مَنْ اشْتَرَى مِنْهُ خُيِّرَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ بَيْنَ اسْتِرْجَاعِهِ وَتَسْلِيمِ الْأَرْشِ وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ الْبَائِعُ الثَّانِي وَطُولِبَ بِالْأَرْشِ رَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ لَكِنْ بَعْدَ التَّسْلِيمِ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ رُبَّمَا لَا يُطَالِبُهُ فَيَبْقَى مُسْتَدْرِكًا لِلظُّلَامَةِ، وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِيمَا إذَا خَرَجَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الْبَائِعُ فِي مَسْأَلَةِ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: بِأُجْرَةِ مِثْلِ تِلْكَ الْمُدَّةِ) وَمَحَلُّهُ حَيْثُ فَسَخَ عَالِمًا أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لَهُ، أَمَّا لَوْ رَضِيَ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ لَهُ الْأُجْرَةُ فَلَهُ رَدُّ الرَّدِّ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ فِي الْعُبَابِ وَشَرْحِهِ: فَإِنْ رَضِيَ بِهِ الْبَائِعُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْفَسْخَ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقِ أَنَّهُمَا لَوْ تَقَايَلَا وَقَدْ أَجَّرَهُ الْمُشْتَرِي مُدَّةً أَنَّ الْبَائِعَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْأُجْرَةِ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ إنَّمَا تَقَعُ بِاخْتِيَارِهِمَا فَلَيْسَ الرَّدُّ فِيهَا قَهْرِيًّا، لَكِنَّ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ فِيمَا يَأْتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ حَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ سَقَطَ الرَّدُّ قَهْرًا أَنَّهُ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَلِلزَّوْجِ مَنْدُوحَةٌ) وَهِيَ فِي الْبَيْعِ الِامْتِنَاعُ مِنْ قَبُولِ الْعَيْنِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْإِجَارَةِ وَفِي الزَّوْجِ عَدَمُ الطَّلَاقِ اهـ شَيْخُنَا الْحَلَبِيُّ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي نَعَمْ) هَذَا لَا يَصْلُحُ مُقَابِلًا لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ قَوْلَهُ لِأَنَّهُ اسْتَدْرَكَ الظُّلَامَةَ تَعْلِيلٌ لِعَدَمِ الْأَرْشِ لَا لِاسْتِحْقَاقِهِ فَلَعَلَّ فِي كَلَامِهِ سَقْطًا. (قَوْلُهُ: فَلَهُ الرَّدُّ) أَيْ وَلَوْ طَالَتْ الْمُدَّةُ جِدًّا مَا لَمْ يَحْصُلْ بِالْعَبْدِ مَثَلًا ضَعْفٌ يُوجِبُ نَقْصَ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ أَنَّهُ ضَعِيفٌ) تَعْلِيلٌ (قَوْلُهُ: عِنْدَ مَنْ اشْتَرَى مِنْهُ) أَيْ الْبَائِعِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَتَسْلِيمُ الْأَرْشِ لَهُ) أَيْ الْبَائِعِ الثَّانِي وَهُوَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: رَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ) أَيْ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ) أَيْ لِلْأَرْشِ (قَوْلُهُ: رُبَّمَا لَا يُطَالِبُهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي (قَوْلُهُ: أَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQبِمُؤَجَّرٍ مَسْلُوبِ الْمَنْفَعَةِ لِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَرْضَ بِهِ؛ لِعَدَمِ الْيَأْسِ مِنْ الرَّدِّ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لَا يَحْصُلُ إلَّا بِاخْتِيَارِ مَنْ تُرَدُّ عَلَيْهِ الْعَيْنُ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَةِ التَّحَالُفِ) : أَيْ فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ بِاخْتِيَارِهِ كَمَا إذَا كَانَ الْفَاسِخُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، وَقَدْ لَا يَكُونُ بِاخْتِيَارِهِ كَمَا إذَا كَانَ الْفَاسِخُ الْحَاكِمَ. (قَوْلُهُ: وَلِلزَّوْجِ مَنْدُوحَةٌ عَنْ الْعَيْنِ) أَيْ وَهِيَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَصْبِرْ إلَى زَوَالِ الْحَقِّ الْمُتَعَلِّقِ بِالصَّدَاقِ يَرْجِعُ إلَى بَدَلِهِ فِي الْحَالِ، وَانْظُرْ مَا مَنْدُوحَةُ الْبَائِعِ وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ بَيَانِ الْمَنْدُوحَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْبَائِعِ، وَالزَّوْجُ يَرْجِعُ إلَى الْفَرْقِ الْأَوَّلِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَهُوَ غَيْرُ مُرَادِهِ. (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ اسْتِدْرَاكُ الظُّلَامَةِ) هَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي عَدَمَ الْأَرْشِ لَا وُجُوبَهُ، فَهُوَ تَعْلِيلٌ لِلْأَصَحِّ لَا لِمُقَابِلِهِ، وَحَاصِلُ مَا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي عِلَّةِ الْأَصَحِّ هَلْ هِيَ عَدَمُ الْيَأْسِ مِنْ الرَّدِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ أَوْ اسْتِدْرَاكُ الظُّلَامَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْعِلَّتَيْنِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ فِيمَا إذَا عَادَ الْمَبِيعُ إلَى الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، فَإِنْ قُلْنَا بِالتَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ فَلَهُ الرَّدُّ، وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي فَلَا، وَكَذَا لَوْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِلَا عِوَضٍ، فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ لَمْ يَرْجِعْ وَإِلَّا رَجَعَ (قَوْلُهُ: لِزَوَالِ كُلٍّ مِنْ الْعِلَّتَيْنِ) يَعْنِي عِلَّتَيْ الْأَصَحِّ اللَّتَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا وَإِنْ كَانَ فِي ذِكْرِهِ لَهُمَا مَا قَدَّمْنَاهُ. (قَوْلُهُ: وَمَرَّ أَنَّهُ ضَعِيفٌ) يُعْلَمُ مَا فِيهِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ

[يرد المشتري المبيع المعين حال إطلاعه على عيبه]

الْمَعِيبُ عَنْ مِلْكِهِ بِلَا عِوَضٍ اسْتَدْرَكَ الظُّلَامَةَ، أَمَّا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّهَا الْيَأْسُ مِنْ الرَّدِّ كَمَا مَرَّ فَيَرْجِعُ سَلَّمَ الْأَرْشَ أَمْ لَا، وَلَا نَظَرَ إلَى إمْكَانِ الْعَوْدِ بِزَوَالِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ، وَهَذَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ صَحَّ جَوَازُ الرُّجُوعِ، ثُمَّ نُقِلَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ نَقَلَ الْأَوْجُهَ الضَّعِيفَةَ، أَجَابَ عَنْهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمَنْعِ حُصُولِ الْيَأْسِ، إذْ قَدْ يَرْضَى الْبَائِعُ الثَّانِي بِأَخْذِهِ مَعِيبًا بِالْحَادِثِ وَيَقْبَلُهُ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ كَذَلِكَ فَهُوَ مُسْتَقِيمٌ عَلَى الصَّحِيحِ. (وَالرَّدُّ عَلَى الْفَوْرِ) إجْمَاعًا بِأَنْ يَرُدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ الْمُعَيَّنَ حَالَ إطْلَاعِهِ عَلَى عَيْبِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبَيْعِ اللُّزُومُ فَيَبْطُلُ بِالتَّأْخِيرِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ كَمَا سَيَأْتِي، وَلِأَنَّهُ خِيَارٌ ثَبَتَ بِالشَّرْعِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْمَالِ فَكَانَ فَوْرِيًّا كَالشُّفْعَةِ، وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي مَبِيعٍ مُعَيَّنٍ فَلَوْ قَبَضَ شَيْئًا عَمَّا فِي الذِّمَّةِ بِنَحْوِ بَيْعٍ أَوْ سَلَمٍ فَوَجَدَهُ مَعِيبًا لَمْ يَلْزَمْهُ فَوْرٌ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالرِّضَا بِعَيْبِهِ وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْقُودٍ عَلَيْهِ وَلَا يَجِبُ فَوْرٌ فِي طَلَبِ الْأَرْشِ أَيْضًا كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِأَنَّ أَخْذَهُ لَا يُؤَدِّي إلَى فَسْخِ الْعَقْدِ وَلَا فِي حَقِّ جَاهِلٍ بَانَ لَهُ الرَّدُّ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ قَوْلُهُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ رُبَّمَا إلَخْ (قَوْلُهُ عَلَى الصَّحِيحِ) أَيْ وَتَكُونُ الْعِلَّةُ فِيهِ عَدَمَ الْيَأْسِ مِنْ الرَّدِّ لِاسْتِدْرَاكِ الظُّلَامَةِ. (قَوْلُهُ: وَالرَّدُّ عَلَى الْفَوْرِ) [فَرْعٌ] لَا بُدَّ لِلنَّاطِقِ مِنْ اللَّفْظِ كَفَسَخْتُ الْبَيْعَ وَنَحْوِهِ. [فَرْعٌ] وَلَوْ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ قَبْلَ الْقَبْضِ اتَّجَهَ الْفَوْرُ أَيْضًا كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا بِهَامِشِ مَحَلِّيٍّ، وَقَوْلُهُ لَا بُدَّ لِلنَّاطِقِ هَكَذَا أَجَابَ بِهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَشَيْخُنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَلَعَلَّهُ احْتَرَزَ بِاللَّفْظِ عَنْ الْإِشَارَةِ مِنْ النَّاطِقِ، أَمَّا الْكِتَابَةُ مِنْهُ فَهِيَ كِنَايَةٌ، وَمَرَّ أَنَّ الْفَسْخَ كَمَا يَكُونُ بِالصَّرِيحِ يَكُونُ بِالْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: إجْمَاعًا) أَيْ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ كُلِّهِمْ فِي الزَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ مِنْهُمْ الْقَوْلُ فِيهِ بِثُبُوتِ الْفَوْرِ كَثُرَ الْمُجْتَهِدُونَ أَوْ قَلُّوا (قَوْلُهُ: الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ) سَوَاءٌ كَانَ مُعَيَّنًا فِي الْعَقْدِ أَوْ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ بَعْدَهُ فِي الْمَجْلِسِ أَخْذًا بِعُمُومِ قَوْلِهِمْ الْمُعَيَّنُ فِي الْمَجْلِسِ كَالْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ، لَكِنْ فِي ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ التَّقْيِيدُ بِكَوْنِهِ مُعَيَّنًا فِي الْعَقْدِ أَمَّا الْمُعَيَّنُ بَعْدَهُ فَلَا اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِالتَّعَيُّنِ فِي الْمَجْلِسِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ الْعُذْرِ مَا لَوْ أَفْتَاهُ مُفْتٍ بِأَنَّ الرَّدَّ عَلَى التَّرَاخِي وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلْإِفْتَاءِ فَلَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ بِالتَّأْخِيرِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ الْعُذْرِ مَا لَوْ رَأَى جِنَازَةً بِطَرِيقِهِ فَصَلَّى عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ تَعْرِيجٍ وَانْتِظَارٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ عَرَّجَ لِذَلِكَ أَوْ انْتَظَرَ فَلَا يُعْذَرُ، وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ عَرَضَ بَعْدَ الْأَخْذِ فِي الرَّدِّ، فَلَوْ كَانَ يَنْتَظِرُ جِنَازَةً وَعَلِمَ بِالْعَيْبِ عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي التَّجْهِيزِ اُغْتُفِرَ لَهُ ذَلِكَ كَانْتِظَارِ الصَّلَاةِ مَعَ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْمَالِ) أَيْ بِحُصُولِ النَّقْصِ فِيهِ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ، رَاجِعٌ لِلْمَالِكِ (قَوْلُهُ: وَعَلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ) هُوَ قَوْلُهُ بِأَنْ يَرُدَّ الْمُشْتَرِي إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي مَبِيعٍ) ثَمَنًا أَوْ مُثَمَّنًا (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالرِّضَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْفَوَائِدَ الْحَاصِلَةَ مِنْهُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ مِلْكٌ لِلْبَائِعِ فَيَجِبُ رَدُّهَا لَهُ وَإِنْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِهِ مَعِيبًا وَأَنَّ تَصَرُّفَهُ فِيهِ بِبَيْعٍ أَوْ نَحْوِهِ قَبْلَ الْعِلْمِ بِعَيْبِهِ بَاطِلٌ، وَالظَّاهِرُ خِلَافُ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ فِي الشِّقَّيْنِ (قَوْلُهُ: فِي طَلَبِ الْأَرْشِ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ الثَّمَنُ بَاقِيًا فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي وَطَلَبَ إسْقَاطَ الْأَرْشِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَيْضًا) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَجَابَ عَنْهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمَنْعِ حُصُولِ الْيَأْسِ إلَخْ) فِي هَذَا الْجَوَابِ نَظَرٌ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا نَفْسَ حُدُوثِ الْعَيْبِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِمَنْزِلَةِ الْيَأْسِ مِنْ الرَّدِّ فَيَسْتَحِقُّ الْأَرْشَ بِمُجَرَّدِ حُصُولِهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَقَدْ أَشَارَ الْإِسْنَوِيُّ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَلَا نَظَرَ إلَخْ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَأَتَّى هَذَا الْجَوَابُ عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ اخْتِيَارُهُ أَنَّ الْعِلَّةَ اسْتِدْرَاكُ الظُّلَامَةِ فَتَأَمَّلْ [يَرُدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ الْمُعَيَّنَ حَالَ إطْلَاعِهِ عَلَى عَيْبِهِ] (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَرُدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ الْمُعَيَّنَ) أَيْ أَوْ الْبَائِعُ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ، وَإِنَّمَا قَصَرَ الْمَتْنَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِيمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبَيْعِ اللُّزُومُ إلَخْ) كَانَ يَنْبَغِي عَطْفُهُ بِالْوَاوِ عَلَى قَوْلِهِ إجْمَاعًا. (قَوْلُهُ: وَلَا فِي حَقِّ جَاهِلٍ بِأَنَّ لَهُ الرَّدَّ) أَيْ فَلَا يُعْذَرُ فِي الْفَوْرِيَّةِ، وَسَكَتَ عَمَّا إذَا كَانَ تَأْخِيرُهُ لِجَهْلِهِ بِالْفَوْرِيَّةِ

وَهُوَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ لِعُذْرِهِ بِقُرْبِ إسْلَامِهِ أَوْ نَشْئِهِ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ بِخِلَافِ مَنْ يُخَالِطُنَا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ مَنْ جُهِلَ حَالُهُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ، وَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ بَلَغَ مِنَّا مَجْنُونًا فَأَفَاقَ رَشِيدًا فَاشْتَرَى شَيْئًا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهِ فَادَّعَى الْجَهْلَ بِالْخِيَارِ أَنَّهُ يَصْدُقُ كَالنَّاشِي بِالْبَادِيَةِ وَلَا فِي مُشْتَرِي شَخْصًا مَشْفُوعًا وَالشَّفِيعُ حَاضِرٌ فَانْتَظَرَهُ هَلْ يَشْفَعُ أَوْ لَا، وَلَا فِيمَا لَوْ اشْتَرَى مَالًا زَكَوِيًّا وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِيهِ عِنْدَهُ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ حَتَّى يُخْرِجَهَا مِنْ غَيْرِهِ. نَعَمْ إنْ تَمَكَّنَ مِنْ إخْرَاجِهَا وَلَمْ يَفْعَلْ بَطَلَ حَقُّهُ، وَلَا فِي مَبِيعٍ آبِقٍ أَوْ مَغْصُوبٍ فَأَخَّرَهُ مُشْتَرِيهِ لِعَوْدِهِ فَلَهُ رَدُّهُ إذَا عَادَ وَإِنْ صَرَّحَ بِإِسْقَاطِهِ، وَمَرَّ أَنَّهُ لَا أَرْشَ لَهُ وَلَا إنْ قَالَ لَهُ الْبَائِعُ أُزِيلُ عَنْك الْعَيْبَ وَأَمْكَنَ فِي مُدَّةٍ لَا تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ كَمَا يَأْتِي فِي نَقْلِ الْحِجَارَةِ الْمَدْفُونَةِ وَلَا فِيمَا لَوْ اشْتَغَلَ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَأَخَذَ فِي إثْبَاتِهِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ فَلَهُ الرَّدُّ بِعَيْبٍ آخَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ كَمَا لَا يَجِبُ فِي رَدِّهِ مَا قَبَضَهُ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ) أَوْ بِأَنَّ الرَّدَّ عَلَى الْفَوْرِ إنْ كَانَ عَامًّا يَخْفَى عَلَى مِثْلِهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَنْ يُخَالِطُنَا) أَيْ مُخَالَطَةً تَقْتَضِي الْعَادَةُ بِمَعْرِفَتِهِ ذَلِكَ فَلَا يُعْذَرُ، وَقَدْ وَقَعَ لِلشَّارِحِ فِي مَحَالَّ أَنَّهُ يُعْذَرُ وَإِنْ كَانَ مُخَالِطًا لَنَا وَمَشَى عَلَيْهِ حَجّ. وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ كَلَامَيْ الشَّارِحِ بِأَنَّ الْمَوَاضِعَ الَّتِي قِيلَ بِعُذْرِهِ فِيهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعِبَادَاتِ أَوْ مَا يَرْجِعُ إلَيْهَا وَمَا قِيلَ فِيهِ بِعَدَمِ الْعُذْرِ كَهَذَا الْمَوْضِعِ مَحْمُولٌ عَلَى خِلَافِهَا كَالْمُعَامَلَاتِ فَإِنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ خَفَائِهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي ذِمِّيٍّ اشْتَرَى وَهُوَ بَاقٍ عَلَى الْكُفْرِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فَتَرَك الرَّدَّ لِجَهْلِهِ وَهُوَ مُخَالِطٌ لَنَا فَلَا يُعْذَرُ، وَعِبَارَةُ حَجّ ظَاهِرَةٌ فِي أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ وَإِنْ كَانَ مُخَالِطًا لَنَا قَبْلَ إسْلَامِهِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَعَلَى ذَلِكَ لَوْ كَانَ مُخَالِطًا لَنَا وَهُوَ بَاقٍ عَلَى كُفْرِهِ يَكُونُ مَسْكُوتًا عَنْهُ فَيُحْتَمَلُ إلْحَاقُهُ بِمَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُعْذَرُ مُطْلَقًا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ وَكَانَ مُخَالِطًا لَنَا بِأَنَّهُ فِي حَالَةِ كُفْرِهِ لَمْ يَلْتَزِمْ جَمِيعَ أَحْكَامِنَا لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ) أَيْ مِثْلُ مَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ فَيُعْذَرُ فِي الرَّدِّ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ حَجّ (قَوْلُهُ: فَاشْتَرَى شَيْئًا) أَيْ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ يُمْكِنُهُ فِيهَا التَّعَلُّمُ عَادَةً (قَوْلُهُ: وَلَا فِي مُشْتَرٍ) أَيْ وَلَا يَجِبُ فَوْرٌ فِي مُشْتَرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَانْتَظَرَهُ) أَيْ مُدَّةً يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ بُلُوغُهُ الْخَبَرَ فِيهَا (قَوْلُهُ: عِنْدَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: حَتَّى يُخْرِجَهَا) وَيُغْتَفَرُ لَهُ مِقْدَارُ مَا يَتَيَسَّرُ لَهُ إخْرَاجُهَا فِيهِ مِنْ غَيْرِهِ عَادَةً كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ نَعَمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ تَمَكَّنَ مِنْ إخْرَاجِهَا) وَيُصَدَّقُ فِي عَدَمِ التَّمَكُّنِ بِيَمِينِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا فِي مَبِيعٍ آبِقٍ) أَيْ وَعَلَيْهِ الْإِبَاقُ (قَوْلُهُ: فَلَهُ رَدُّهُ) وَقِيَاسُ مَا قِيلَ فِي الْمَالِ الزَّكَوِيِّ أَنَّهُ إنْ قَدَرَ عَلَى انْتِزَاعِ الْمَغْصُوبِ وَرَدِّ الْآبِقِ وَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ سَقَطَ خِيَارُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ صَرَّحَ بِإِسْقَاطِهِ) أَيْ الرَّدِّ فِي الْآبِقِ وَالْمَغْصُوبِ مَعًا كَمَا يُفْهَمُ عَنْ كَلَامِ حَجّ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْمَغْصُوبَ وَصَرَّحَ بِمَا ذُكِرَ فِي الْآبِقِ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا أَسْقَطَ الرَّدَّ فِي غَيْرِ هَذَيْنِ سَقَطَ وَإِنْ عَذَرَ بِالتَّأْخِيرِ، وَلَعَلَّ حِكْمَةَ ذَلِكَ خُرُوجُهُ عَنْ يَدِهِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَمَرَّ أَنَّهُ لَا أَرْشَ) أَيْ لِاحْتِمَالِ عَوْدِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا إنْ قَالَ) أَيْ وَلَا يَجِبُ فَوْرٌ إنْ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي مُدَّةٍ لَا تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ) مَفْهُومُهُ أَنَّ الْمُدَّةَ لَوْ كَانَتْ تُقَابِلُ بِأُجْرَةٍ وَطَلَبَ الْبَائِعُ تَأْخِيرَهُ إلَيْهَا وَأَجَابَهُ الْمُشْتَرِي سَقَطَ حَقُّهُ. وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ التَّأْخِيرَ إنَّمَا وَقَعَ بِطَلَبِ الْبَائِعِ فَلَمْ يُنْسَبْ الْمُشْتَرِي فِيهِ إلَى رِضًا بِالْعَيْبِ وَمَفْهُومُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَ إزَالَتُهُ فِي مُدَّةٍ تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ وَلَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِتَأْخِيرِهِ إلَيْهَا سَقَطَ خِيَارُ الْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ تَزِدْ الْمُدَّةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَيَوْمٍ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُمْكِنْهُ) أَيْ الْإِثْبَاتُ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الرَّدُّ بِعَيْبٍ آخَرَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَهُوَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الشِّهَابِ حَجّ: وَعُذِرَ بِقُرْبِ إسْلَامِهِ وَهُوَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَنْ يُخَالِطُنَا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ انْتَهَتْ، فَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَنْ يُخَالِطُنَا إلَخْ مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَهُوَ مَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ، فَالصُّورَةُ أَنَّ الذِّمِّيَّ أَسْلَمَ بِخِلَافِ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ رَدُّهُ إذَا عَادَ) فَلَيْسَ تَأْخِيرُهُ مُسْقِطًا لِلرَّدِّ، وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنَّ لَهُ التَّأْخِيرَ كَمَا لَهُ الرَّدُّ حَالًا. (قَوْلُهُ: فَلَهُ الرَّدُّ بِعَيْبٍ آخَرَ)

وَلَا فِي مُشْتَرٍ آخَرَ ثُمَّ عَلِمَ بِالْعَيْبِ وَلَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِهِ. مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ فَلَهُ التَّأْخِيرُ إلَى انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَإِذَا وَجَبَ الْفَوْرُ (فَلْيُبَادِرْ) مَرِيدُ الرَّدِّ (عَلَى الْعَادَةِ) فَلَا يُكَلَّفُ الرَّكْضُ فِي الرُّكُوبِ وَالْغُدُوِّ فِي الْمَشْيِ لِيَرُدَّ (فَلَوْ) (عَلِمَهُ وَهُوَ يُصَلِّي) وَلَوْ نَفْلًا (أَوْ) وَهُوَ (يَأْكُلُ) وَلَوْ تَفَكُّهًا فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ وَهُوَ فِي حَمَّامٍ أَوْ خَلَاءٍ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ وَقَدْ دَخَلَ وَقْتُهُ (فَلَهُ تَأْخِيرُهُ) أَيْ الرَّدِّ (حَتَّى يَفْرُغَ) مِنْ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِهِ الْكَامِلِ لِعُذْرِهِ كَمَا فِي الشُّفْعَةِ، وَمِنْ ثَمَّ أَجْرَى هُنَا مَا قَالُوهُ ثُمَّ وَعَكْسَهُ، وَلَوْ سُلِّمَ عَلَى الْبَائِعِ لَمْ يُؤَثِّرْ بِخِلَافِ مُحَادَثَتِهِ كَمَا لَا يُؤَثِّرُ لُبْسُ مَا يُتَجَمَّلُ بِهِ عَادَةً أَوْ تَأْخِيرٌ لِنَحْوِ ـــــــــــــــــــــــــــــSشَامِلٍ لِمَا لَوْ عَلِمَ بِالْعَيْبَيْنِ مَعًا فَطَلَبَ الرَّدَّ بِأَحَدِهِمَا فَعَجَزَ عَنْ إثْبَاتِهِ فَلَهُ الرَّدُّ بِالْآخَرِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْبَائِعُ بِهِ قَبْلُ، وَلَوْ قِيلَ بِعَدَمِ الرَّدِّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا لِأَنَّ عَدَمَ إعْلَامِ الْبَائِعِ بِهِ تَقْصِيرٌ مِنْ الْمُشْتَرِي، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ طَلَبَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ الْأَوَّلِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ رِضَاهُ بِالْمَبِيعِ (قَوْلُهُ وَلَا فِي مُشْتَرٍ آخَرَ ثُمَّ عَلِمَ بِالْعَيْبِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ رَضِيَ بِهِ فَيَأْخُذُهُ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ، وَلَا أُجْرَةَ لَهُ فِي الْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ تَحَالَفَا وَفُسِخَ الْبَيْعُ وَكَانَ أَجَّرَهُ الْمُشْتَرِي فَلِلْبَائِعِ أُجْرَةُ مِثْلِ الْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ وَلَوْ كَانَ هُوَ الْفَاسِخُ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَفْسَخْ لَفَسَخَهُ غَيْرُهُ فَكَأَنَّهُ مُكْرَهٌ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ رَضِيَ بِهِ اخْتِيَارًا، لَكِنْ يُرَدُّ عَلَى هَذَا الْفَرْقِ الْإِقَالَةُ بِلَا سَبَبٍ، فَإِنَّهُ إذَا أَقَالَهُ الْبَائِعُ وَوَجَدَ الْمَبِيعَ مُؤَجَّرًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِأُجْرَةِ مِثْلِ الْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمُقِيلَ لَمَّا كَانَتْ الْإِقَالَةُ مَطْلُوبَةً لِأَنَّهَا تُسَنُّ فِي حَقِّهِ كَانَ مُحْسِنًا فَاسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ، وَأَيْضًا فَالْإِقَالَةُ لَمَّا لَمْ يَسْتَقِلَّ بِهَا أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ بَلْ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ إيجَابٍ وَقَبُولٍ أَشْبَهَتْ الْعُقُودَ (قَوْلُهُ: إلَى انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ) أَيْ وَإِنْ طَالَتْ كَتِسْعِينَ سَنَةً حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ فِيهَا لِلْمَبِيعِ عَيْبٌ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْإِجَارَةِ لِلْبَائِعِ أَوْ غَيْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِلُحُوقِ الضَّرَرِ بِأَخْذِهِ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ، لَكِنْ قَيَّدَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بِقَوْلِهِ: أَيْ لِغَيْرِ الْبَائِعِ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ، هَذَا وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ لَمَّا كَانَ يُمْكِنُ الْمُشْتَرِيَ فَسْخُ عَقْدِ الْإِجَارَةِ لِيَتَوَصَّلَ بِذَلِكَ إلَى رَدِّ الْعَيْنِ مَعَ مَنْفَعَتِهَا لِلْبَائِعِ لَمْ يَلْزَمْ بِالصَّبْرِ إلَى فَرَاغِ الْمُدَّةِ، وَمَعَ ذَلِكَ فِيهِ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْعَادَةِ) أَيْ عَادَةِ عَامَّةِ النَّاسِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ عَلِمَهُ وَهُوَ يُصَلِّي) يَتَّجِهُ اعْتِبَارُ عَادَتِهِ فِي الصَّلَاةِ تَطْوِيلًا وَغَيْرَهُ وَفِي قَدْرِ التَّنَفُّلِ وَإِنْ خَالَفَ عَادَةَ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى مَا يُشْعِرُ بِالْإِعْرَاضِ أَوْ لَا، وَتَغْيِيرُ عَادَتِهِ بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهَا تَطْوِيلًا أَوْ قَدْرًا بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ يُشْعِرُ بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى عَادَةِ غَيْرِهِ مَرَّ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ. وَيَنْبَغِي فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى مَا قَصَدَهُ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ فَلَا يَضُرُّ فِعْلُهُ، وَأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَصْدٌ أَصْلًا لَا يَضُرُّ أَيْضًا لِأَنَّ مَا فَعَلَهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مِنْ عَادَتِهِ وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي هُنَا فِي الْعَادَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّكَرُّرِ بِحَيْثُ صَارَ عَادَةً لَهُ عُرْفًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَفَكُّهًا) أَيْ دَخَلَ وَقْتُهُ بِأَنْ حَضَرَ أَوْ قَرُبَ حُضُورُهُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ دَخَلَ وَقْتُهُ) أَيْ بِالْفِعْلِ، وَقِيَاسُ مَا فِي الْجَمَاعَةِ أَنَّ قُرْبَ حُضُورِهِ كَحُضُورِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى وَجْهِهِ الْكَامِلِ) وَمِنْهُ انْتِظَارُ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ فَلَهُ التَّأْخِيرُ لِلصَّلَاةِ مَعَهُ وَإِنْ كَانَ مَفْضُولًا إذَا كَانَ اشْتِغَالُهُ بِالرَّدِّ يُفَوِّتُ الصَّلَاةَ مَعَهُ بَلْ أَوْ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَالتَّسْبِيحَاتِ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ وَقِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ وَالْإِخْلَاصِ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَبْعًا سَبْعًا (قَوْلُهُ: مَا يَتَجَمَّلُ بِهِ عَادَةً) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَادًا لَهُ لَكِنْ يَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُخِلَّ بِمُرُوءَتِهِ لِأَنَّ اشْتِغَالَهُ بِهِ حِينَئِذٍ عَيْبٌ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الذَّمُّ بِسَبَبِهِ، فَإِنْ أَخَلَّ بِهَا كَلُبْسِ غَيْرِ فَقِيهٍ ثِيَابَ فَقِيهٍ لَمْ يُعْذَرْ فِي الِاشْتِغَالِ بِلُبْسِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ تَأْخِيرٌ) أَيْ وَيُعْذَرُ فِي تَأْخِيرِ إلَخْ: أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ عَلِمَ بِالْعَيْبَيْنِ أَوَّلًا وَإِلَّا فَرِضَاهُ بِعَيْبٍ لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْ الرَّدِّ لَوْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ آخَرَ فَلَا مَعْنَى لِلتَّخْصِيصِ بِمَا إذَا اشْتَغَلَ بِالْإِثْبَاتِ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ التَّأْخِيرُ إلَى انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ) يُقَالُ فِيهِ مَا قَدَّمْتُهُ فِي الْآبِقِ وَالْمَغْصُوبِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ تَقَدَّمَتْ فِي كَلَامِهِ

مَطَرٍ أَوْ وَحَلٍ شَدِيدٍ فِيمَا يَظْهَرُ، وَالْأَوْجَهُ الِاكْتِفَاءُ فِيهِ بِمَا يَسْقُطُ مَعَهُ طَلَبُ الْجَمَاعَةِ (أَوْ) عَلِمَهُ (لَيْلًا فَحَتَّى) يُصْبِحَ لِعَدَمِ التَّقْصِيرِ. نَعَمْ إنْ تَمَكَّنَ مِنْ السَّيْرِ بِغَيْرِ كُلْفَةٍ لَمْ يُعْذَرْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّهَارِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ، وَنُقِلَ نَحْوُهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ التَّتِمَّةِ (فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ بِالْبَلَدِ رَدَّهُ) الْمُشْتَرِي (عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلُهُ) إنْ لَمْ يَحْصُلْ بِالتَّوْكِيلِ تَأْخِيرٌ مُضِرٌّ وَلِوَلِيِّ الْمُشْتَرِي وَوَارِثِهِ الرَّدُّ أَيْضًا كَمَا لَا يَخْفَى (أَوْ) رَدُّهُ (عَلَى) مُوَكِّلِهِ أَوْ وَارِثِهِ أَوْ وَلِيِّهِ أَوْ (وَكِيلِهِ) بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ كَمَا أَفَادَهُ سِيَاقُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، فَعِبَارَتُهُ مُسَاوِيَةٌ لِعِبَارَةِ أَصْلِهِ وَإِنْ فَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَهُمَا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ (وَلَوْ تَرَكَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي أَوْ وَكِيلُهُ الْبَائِعُ وَوَكِيلُهُ (وَرُفِعَ الْأَمْرُ إلَى الْحَاكِمِ فَهُوَ آكِدٌ) فِي الرَّدِّ لِأَنَّ الْخَصْمَ رُبَّمَا أَحْوَجَهُ فِي آخِرِ الْأَمْرِ إلَى الْمُرَافَعَةِ إلَيْهِ فَيَكُونُ الْإِتْيَانُ إلَيْهِ أَوَّلًا فَاصِلًا لِلْأَمْرِ جَزْمًا. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهَذَا مَا فَهِمْته مِنْ كَلَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَوْ كَمَا لَا يُؤَثِّرُ تَأْخِيرُ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الِاكْتِفَاءُ فِيهِ) أَيْ نَحْوُ الْمَطَرِ (قَوْلُهُ: طَلَبُ الْجَمَاعَةِ) وَهُوَ مَا يَبُلُّ الثَّوْبَ (قَوْلُهُ: فَحَتَّى يُصْبِحَ) أَيْ وَيَدْخُلَ الْوَقْتُ الَّذِي جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ بِانْتِشَارِ النَّاسِ إلَى مَصَالِحِهِمْ عَادَةً (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ كُلْفَةٍ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِحَالَةِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَحْصُلْ بِالتَّوْكِيلِ تَأْخِيرُ مُضِرٍّ) كَأَنْ كَانَ الْوَكِيلُ غَائِبًا عَنْ الْمَجْلِسِ فَانْتَظَرَ حُضُورَهُ. قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: وَإِلَّا بَطَلَ حَقُّهُ، وَإِذَا اسْتَوَتْ مَسَافَتُهُ إلَى الْمَالِكِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الْبَائِعُ كَأَنْ اشْتَرَى مِنْ وَلِيٍّ فَكَمُلَ الْمَوْلَى فَيُرَدُّ عَلَيْهِ لَا عَلَى وَلِيِّهِ عَلَى الْأَوْجَهِ. ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ قَالَ: وَالرَّدُّ عَلَيْهِ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَبَقِيَ مَا لَوْ اشْتَرَى الْوَلِيُّ لِطِفْلِهِ مَثَلًا فَكَمُلَ ثُمَّ وَجَدَ فِي الْمَبِيعِ عَيْبًا، وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّ الرَّادَّ هُوَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ الْمَالِكَ لَا وَلِيَّهُ، وَعَلَيْهِ فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ كَمُلَ الطِّفْلُ فِي زَمَنِ خِيَارِ الشَّرْطِ حَيْثُ قُلْنَا ثَمَّ الرَّدُّ لِوَلِيِّهِ لَا لَهُ أَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ ثَبَتَ لِلْوَلِيِّ ابْتِدَاءً فَدَامَ بِخِلَافِهِ هُنَا. نَعَمْ لَوْ ظَهَرَ الْعَيْبُ قَبْلَ كَمَالِ الصَّبِيِّ وَأَخَّرَ الْوَلِيُّ الرَّدَّ لِعُذْرٍ ثُمَّ كَمُلَ الصَّبِيُّ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْحَقَ بِخِيَارِ الشَّرْطِ لِثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهُ قَبْلَ كَمَالِ الطِّفْلِ فَلْيُرَاجَعْ، فَإِنَّ قَضِيَّةَ إطْلَاقِهِ أَنَّ الرَّدَّ عَلَيْهِ مُطْلَقًا، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ الرَّدَّ إنَّمَا ثَبَتَ لِلْوَلِيِّ قَبْلَ كَمَالِ الطِّفْلِ لِضَرُورَةٍ وَقَدْ زَالَتْ بِكَمَالِهِ، بِخِلَافِ خِيَارِ الشَّرْطِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لِلْوَلِيِّ قَصْدًا بِتَرَاضِي الْعَاقِدَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلِوَلِيِّ الْمُشْتَرِي) أَيْ بِأَنْ اشْتَرَى عَاقِلٌ ثُمَّ جُنَّ (قَوْلُهُ كَمَا لَا يَخْفَى) لِانْتِقَالِ الْحَقِّ لَهُمَا (قَوْلُهُ: عَلَى مُوَكِّلِهِ) أَيْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: أَوْ وَلِيِّهِ) أَيْ أَوْ الْحَاكِمِ وَيُمْكِنُ شُمُولُ الْوَلِيِّ لَهُ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ أَوْ وَلِيِّهِ لَوْ كَانَ وَلِيُّهُ الْحَاكِمَ كَأَنْ مَاتَ الْعَاقِدُ وَخَلَفَ أَطْفَالًا وَوَلِيَهُمْ الْحَاكِمُ الْمَذْكُورُ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ رَدَّهُ عَلَى الْحَاكِمِ خِيفَ عَلَى الْمَالِ مِنْهُ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الرَّدُّ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي نَظَائِرِهِ وَأَنَّهُ يُعْذَرُ فِي التَّأْخِيرِ إلَى كَمَالِ الْأَطْفَالِ وَزَوَائِدُ الْمَبِيعِ وَفَوَائِدُهُ لِلْمُشْتَرِي وَضَمَانُهُ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ تَرَاخَى فِي الرَّدِّ بِلَا عُذْرٍ سَقَطَ وَأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ فِي طَرِيقِهِ إنْ رَأَى الْعَدْلُ، وَقَدْ يُقَالُ تَوْكِيلُهُ كَافٍ لِإِشْعَارِهِ بِعَدَمِ الرِّضَا فَلَا يَجِبُ الْفَوْرُ وَلَا الْإِشْهَادُ عَلَى الْوَكِيلِ، لَكِنْ فِي جَمْعِ مَا نَصَّهُ: وَيَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ: أَيْ الْفَسْخِ أَيْضًا حَالَ تَوْكِيلِهِ أَوْ عُذْرِهِ لِنَحْوِ مَرَضٍ أَوْ غِيبَةٍ عَنْ بَلَدِ الْمَرْدُودِ عَلَيْهِ وَخَوْفٍ مِنْ عَدُوٍّ وَقَدْ عَجَزَ التَّوْكِيلُ فِي الثَّلَاثِ وَعَنْ الْمُضِيِّ إلَى الْمَرْدُودِ عَلَيْهِ وَالرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ أَيْضًا فِي الْغِيبَةِ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ حَالَ تَوْكِيلِهِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الرَّوْضِ وَلَا فِي شَرْحِهِ وَلَا فِي غَيْرِهِمَا، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ تَوْكِيلَهُ لَا يَزِيدُ عَلَى شُرُوعِهِ فِي الرَّدِّ بِنَفْسِهِ بَلْ لَا يُسَاوِيهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُسَاوِيهِ مَعَ أَنَّهُ إذَا قَدَرَ عَلَى الْإِشْهَادِ حِينَئِذٍ وَجَبَ. فَإِنْ قُلْت: لُزُومُ الْإِشْهَادِ يُعَطِّلُ فَائِدَةَ التَّوْكِيلِ. قُلْت: لَوْ سُلِّمَ إبْطَالُهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَلَا مَحْذُورَ اهـ. وَقَدْ يُقَالُ: يَنْبَغِي أَنْ يَفْسَخَ بِحَضْرَةِ مَنْ يُرِيدُ تَوْكِيلَهُ لِيَحْلِفَ مَعَهُ، وَإِذَا وَكَّلَهُ فَلْيَكُنْ ذَلِكَ لِمُجَرَّدِ الرَّدِّ وَطَلَبِ الثَّمَنِ، وَبِبَعْضِ الْهَوَامِشِ أَنَّ التَّوْكِيلَ عُذْرٌ فِي عَدَمِ الْإِشْهَادِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ سم مِنْ أَنَّ تَوْكِيلَهُ لَا يَزِيدُ عَلَى شُرُوعِهِ فِي الرَّدِّ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ الْمُشْتَرِي) تَفْسِيرٌ لِلضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ (قَوْلُهُ: الْبَائِعُ) تَفْسِيرٌ لِلضَّمِيرِ الْمَنْصُوبِ (قَوْلُهُ: أَوْ وَكِيلُهُ) أَيْ وَكِيلُ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: جَزْمًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ وَافْتِقَارٍ إلَى غَيْرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلِوَلِيِّ الْمُشْتَرِي) أَيْ إذَا خَرَجَ عَنْ الْأَهْلِيَّةِ، وَكَذَا يُقَالُ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَأْتِي فِي الْبَائِعِ

الْأَصْحَابِ وَحَاصِلُهُ تَخْيِيرُهُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ اهـ. وَهُوَ كَمَا قَالَ وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَابْنِ الرِّفْعَةِ إنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَلْقَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ، وَعَلَيْهِ يَحْمِلُ قَوْلُ الْإِمَامِ الْمَذْهَبَ أَنَّ الْعُدُولَ إلَى الْقَاضِي مَعَ وُجُودِ الْخَصْمِ تَقْصِيرٌ. نَعَمْ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ فَذَهَبَ إلَى الْبَائِعِ مِنْ غَيْرِ فَسْخٍ بَطَلَ حَقُّهُ، وَشَمِلَ ذَلِكَ الْقَاضِي الَّذِي لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ بِعِلْمِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ أَحَدٌ يَشْهَدُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ شَاهِدًا لَهُ، عَلَى أَنَّ مَحَلَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ شُهُودٍ غَالِبًا، فَقَدْ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: لَوْ اطَّلَعَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ فَخَرَجَ إلَى الْبَائِعِ وَلَمْ يُفْسَخْ بَطَلَ حَقُّهُ، وَلَوْ اطَّلَعَ بِحَضْرَةِ الْبَائِعِ فَتَرَكَهُ وَرَفَعَ إلَى الْقَاضِي لَمْ يَبْطُلْ كَمَا فِي الشُّفْعَةِ. قَالَ فِي الْإِسْعَادِ: وَإِنَّمَا يُخَيَّرُ بَيْنَ الْخَصْمِ وَالْحَاكِمِ إذَا كَانَا بِالْبَلَدِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَائِبًا تَعَيَّنَ الْحَاضِرُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ الدَّعْوَى لِأَنَّ غَرِيمَهُ غَائِبٌ عَنْ الْمَجْلِسِ وَهُوَ فِي الْبَلَدِ وَإِنَّمَا يُفْسَخُ بِحَضْرَتِهِ ثُمَّ يَطْلُبُ غَرِيمَهُ (وَإِنْ) (كَانَ) الْبَائِعُ (غَائِبًا) عَنْ الْبَلَدِ وَلَا وَكِيلَ لَهُ بِهَا (رَفَعَ) الْأَمْرَ (إلَى الْحَاكِمِ) ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: كَمَا قَالَ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ لَقِيَ الْقَاضِي أَوَّلًا فَعَدَلَ عَنْهُ إلَى الْبَائِعِ فَإِنَّهُ مُسْقِطٌ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ نَعَمْ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ إلَخْ، وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ أَيْضًا إذَا كَانَ الْقَاضِي لَا يَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ وَإِنْ قَلَّ أَوْ لَا يَصِلُ إلَيْهِ إلَّا بِمَشَقَّةٍ، وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ عُدُولُهُ إلَى الْبَائِعِ مُسْقِطًا لِلرَّدِّ (قَوْلُهُ: الْأَمْرَيْنِ) أَيْ الْبَائِعِ وَالْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ) أَيْ أَوْ قَبْلَهُ وَرَأَى الْقَاضِي قَبْلَ مُلَاقَاةِ الْبَائِعِ، وَقَدْ تَشْمَلُ هَذِهِ عِبَارَةَ الْأَذْرَعِيِّ، وَانْظُرْ لَوْ لَقِيَ الْبَائِعُ أَوْ تَرَكَهُ لِوَكِيلِهِ أَوْ عَكْسَهُ هَلْ يَضُرُّ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ أَوْ لَا لِأَنَّ الْجَمِيعَ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ وَالْحَاكِمُ فِي الْمَرْتَبَةِ الْأُخْرَى، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَضُرُّ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ مَا لَوْ لَقِيَ الْبَائِعَ وَعَدَلَ عَنْهُ إلَى الْحَاكِمِ فَإِنَّهُ يَضُرُّ لِأَنَّهُ آكَدُ، فَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ فِي الضَّرَرِ مَا لَوْ لَقِيَ الْمُوَكِّلَ وَعَدَلَ عَنْهُ إلَى الْوَكِيلِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ بِالرَّدِّ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا، فَعُدُولُهُ عَنْ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ تَقْصِيرٌ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَصَدَ ابْتِدَاءَ الذَّهَابِ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَتَرَكَ الْآخَرَ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ لِعَدَمِ نِسْبَتِهِ إلَى تَقْصِيرٍ حَيْثُ اسْتَوَتْ الْمَسَافَتَانِ (قَوْلُهُ: لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ بِعِلْمِهِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ شَاهِدًا لَهُ) أَيْ وَتَظْهَرُ ثَمَرَتُهُ فِيمَا لَوْ وَقَعَتْ الدَّعْوَى عِنْدَ غَيْرِهِ أَوْ اسْتَخْلَفَ الْقَاضِي الْمَشْهُودَ عِنْدَهُ مَنْ يَحْكُمُ لَهُ (قَوْلُهُ: بَطَلَ حَقُّهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ خَلَا مَجْلِسُ الْحُكْمِ عَنْ الشُّهُودِ وَأَمْكَنَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ وَالْإِشْهَادُ خَارِجَهُ عَلَى الْفَسْخِ مَرَّ سم عَلَى حَجّ. وَيُوَجَّهُ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَصِيرُ شَاهِدًا لَهُ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْإِسْعَادِ) لِابْنِ أَبِي شَرِيفٍ (قَوْلُهُ: إنَّمَا يُفْسَخُ) أَيْ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ إنَّمَا إلَخْ، وَهَلْ يُقَدَّمُ الْفَسْخُ عَلَى الْإِخْبَارِ هُنَا قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي عَنْ الْفَرَاوِيِّ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بَلْ يَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْإِخْبَارِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْإِشْهَادِ الْآتِي بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الرَّفْعِ الْآتِي لِلْقَاضِي فَصْلُ الْخُصُومَةِ، وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْإِخْبَارِ، بِخِلَافِ الْإِشْهَادِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ مُجَرَّدُ الْإِخْبَارِ بِالْفَسْخِ فَوَجَبَ تَقْدِيمُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ غَائِبًا) أُلْحِقَ فِي الذَّخَائِرِ الْحَاضِرُ بِالْبَلَدِ إذَا خِيفَ هَرَبُهُ بِالْغَائِبِ مِنْهَا اهـ شَرْحُ رَوْضٍ (قَوْلُهُ: رُفِعَ الْأَمْرُ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ كَانَ غَائِبًا وَلَا وَكِيلَ لَهُ بِالْبَلَدِ وَلَا حَاكِمَ بِهَا وَلَا شُهُودَ فَهَلْ يَلْزَمُهُ السَّفَرُ إلَيْهِ أَوْ إلَى الْحَاكِمِ إذَا أَمْكَنَهُ ذَلِكَ بِلَا مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ، وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْ الْمَقَامِ اللُّزُومُ اهـ سم ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَحَاصِلُهُ تَخْيِيرُهُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ) صَادِقٌ بِمَا إذَا لَقِيَهُ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ فَيَكُونُ لَهُ الْعُدُولُ عَنْهُ إلَى الْآخَرِ، وَصَرِيحُ سِيَاقِهِ أَنَّ هَذَا الصِّدْقَ مُعْتَمَدٌ عِنْدَهُ بِدَلِيلِ رَدِّهِ لِتَقْيِيدِ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَالْأَذْرَعِيِّ بِقَوْلِهِ وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَدْرِكْ إلَّا إذَا اطَّلَعَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ، لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ الزِّيَادِيِّ أَنَّهُ لَوْ مَرَّ بِالْقَاضِي لَيْسَ لَهُ الْعُدُولُ عَنْهُ إلَى الْبَائِعِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الْإِمَامِ) أَيْ عَلَى قَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ كَابْنِ الرِّفْعَةِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْإِمَامِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ مَرَّ بِالْحَاكِمِ فِي طَرِيقِهِ وَقَدْ قَدَّمْنَا مَا فِيهِ

وَلَا يُؤَخِّرُهُ لِحُضُورِهِ فَيَقُولُ اشْتَرَيْته مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ بِكَذَا ثُمَّ ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ كَذَا وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى كُلِّ ذَلِكَ وَيُحْلِفُهُ أَنَّ الْأَمْرَ جَرَى كَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَضَاءٌ عَلَى غَائِبٍ فَتُعْتَبَرُ شُرُوطُهُ ثُمَّ يُفْسَخُ وَيُحْكَمُ لَهُ بِذَلِكَ وَيَبْقَى الثَّمَنُ دَيْنًا عَلَيْهِ إنْ قَبَضَهُ وَيَأْخُذُ الْمَبِيعَ وَيَضَعُهُ عِنْدَ عَدْلٍ وَيُعْطِيه الثَّمَنَ مِنْ غَيْرِ الْمَبِيعِ إنْ كَانَ وَإِلَّا بَاعَهُ فِيهِ، وَيَمْتَنِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي حَبْسُ الْمَبِيعِ إلَى قَبْضِ الثَّمَنِ، بِخِلَافِهِ فِيمَا يَأْتِي لِأَنَّ الْقَاضِي لَيْسَ بِخَصْمٍ فَيُؤْتَمَنُ بِخِلَافِ الْبَائِعِ، وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّ الرَّفْعَ إلَى الْحَاكِمِ لِيَفْسَخَ عِنْدَهُ تَكْفِي فِيهِ الْغِيبَةُ وَلَوْ عَنْ الْمَجْلِسِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ، أَمَّا الْقَضَاءُ بِهِ وَفَصْلُ الْأَمْرِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ شُرُوطِ الْقَضَاءِ (عَلَى الْغَائِبِ) فَلَا يَقْضِي عَلَيْهِ مَعَ قُرْبِ الْمَسَافَةِ وَلَا يُبَاعُ مَالُهُ إلَّا لِتَعَزُّزِ أَوْ تَوَارٍ ذَكَرَ مُعْظَمَ ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ) إذَا عَجَزَ عَنْ الْإِنْهَاءِ لِمَرَضٍ مَثَلًا أَوْ أَنْهَى وَأَمْكَنَهُ فِي الطَّرِيقِ الْإِشْهَادُ (يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ عَلَى) نَفْسِ (الْفَسْخِ) عَلَى الرَّاجِحِ لَا عَلَى طَلَبِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْفَسْخِ بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ فَتَأْخِيرُهُ حِينَئِذٍ يَتَضَمَّنُ الرِّضَا، وَالْأَقْرَبُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ الِاكْتِفَاءُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ فِي أَدَاءِ الضَّامِنِ، وَلَوْ أَشْهَدَ مَسْتُورَيْنِ فَبَاتَا فَاسِقَيْنِ فَالْأَوْجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ كَنَظِيرِهِ مِنْ الضَّمَانِ، أَيْضًا، وَلَا يُنَافِي لُزُومُ الْإِشْهَادِ هُنَا مَا يَأْتِي فِي الشُّفْعَةِ أَنَّهُ لَوْ سَارَ طَالِبُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى حَجّ (قَوْلُهُ وَلَا يُؤَخِّرُهُ لِحُضُورِهِ) يَنْبَغِي وَلَا لِلذَّهَابِ إلَيْهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: وَيُحْلِفُهُ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ ثُمَّ يَفْسَخُ) أَيْ الْمُشْتَرِي هَذَا إنْ لَمْ يُفْسَخْ قَبْلُ وَإِلَّا أُخْبِرَ بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَيَأْخُذُ الْمَبِيعَ) أَيْ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بَاعَهُ) أَيْ حَيْثُ تَعَيَّنَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي بَيْعِهِ وَإِلَّا تَخَيَّرَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ حَيْثُ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ سَوَاءً، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَإِنَّمَا لَمْ يَقْضِ مِنْ الْبَيْعِ ابْتِدَاءً لِلِاغْتِنَاءِ عَنْهُ مَعَ طَلَبِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى بَقَائِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ لَهُ حُجَّةً يُبْدِيهَا إذَا حَضَرَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ فِيمَا يَأْتِي) أَيْ فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَهُوَ أَنَّ لَهُ الْحَبْسَ وَتَقَدَّمَ لَهُ عَنْ الْمَجْمُوعِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتُحْسَبُ الْمُدَّةُ مِنْ الْعَقْدِ، وَقِيلَ مِنْ التَّفَرُّقِ إنْ حَبَسَ فِي جَمِيعِ الْفُسُوخِ وَعِبَارَتُهُ: وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا بَعْدَ الْفَسْخِ حَبْسُ مَا فِي يَدِهِ بَعْدَ طَلَبِ صَاحِبِهِ بِأَنْ يَقُولَ: لَا أَرُدُّ حَتَّى يَرُدَّ، بَلْ إذَا بَدَأَ أَحَدُهُمَا بِالْمُطَالَبَةِ لَزِمَ الْآخَرَ الدَّفْعُ إلَيْهِ ثُمَّ يَرُدُّ مَا كَانَ فِي يَدِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ هُنَا، وَمِثْلُهُ جَمِيعُ الْفُسُوخِ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ جَمْعٌ، لَكِنَّ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَاعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ لَهُ الْحَبْسَ فَيَمْتَنِعُ تَصَرُّفُ مَالِكِهِ فِيهِ مَا دَامَ مَحْبُوسًا اهـ. وَقَوْلُهُ وَمِثْلُهُ جَمِيعُ الْفُسُوخِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالرَّفْعِ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَّا لِتَعَزُّزٍ أَوْ تَوَارٍ) أَوْ غِيبَةٍ بِمَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ وَهِيَ الَّتِي لَا يَرْجِعُ مِنْهَا مُبَكِّرًا إلَى مَحَلِّهِ لَيْلًا، وَهَذَا مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ السُّبْكِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَجَعَلَا ذَلِكَ مُسْتَثْنًى مِنْ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ فَجَوَّزَاهُ مَعَ قُرْبِ الْمَسَافَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ عَلَى الْفَسْخِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بِقَوْلِهِ رَدَدْت الْمَبِيعَ أَوْ فَسُخْته مَثَلًا وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: لَا بُدَّ لِلنَّاطِقِ مِنْ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى الرَّدِّ، وَمِمَّا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ عَنْ الْفَرَاوِيِّ: صُورَةُ رَدِّ الْمَعِيبِ أَنْ يَقُولَ رَدَدْته بِالْعَيْبِ عَلَى فُلَانٍ، فَلَوْ قَدَّمَ الْإِخْبَارَ عَنْ الرَّدِّ بَطَلَ رَدُّهُ: أَيْ إنْ لَمْ يُعْذَرْ بِجَهْلِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُهُ الْفَرَاوِيُّ: أَيْ بِضَمِّ الْفَاءِ إلَى فَرَاوَةَ بُلَيْدَةٌ بِطَرَفِ خُرَاسَانَ وَاسْمُهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ اهـ طَبَقَاتُ الْإِسْنَوِيِّ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ الْخَامِسَةُ مُؤْنَةُ رَدِّ الْمَبِيعِ بَعْدَ الْفَسْخِ بِالْعَيْبِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ ضَمِنَهُ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ مُؤْنَةُ رَدِّهِ إلَى يَدِ الْبَائِعِ وَلَوْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ. وَفِي حَجّ مَا نَصُّهُ: فَرْعٌ: مُؤْنَةُ رَدِّ الْمَبِيعِ بَعْدَ الْفَسْخِ بِعَيْبٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَى مَحَلِّ قَبْضِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَكَذَا كُلُّ يَدٍ ضَامِنَةٍ يَجِبُ عَلَى صَاحِبِهَا مُؤْنَةُ الرَّدِّ بِخِلَافِ يَدِ الْأَمَانَةِ اهـ. وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَتَى فُسِخَ الْبَيْعُ بِعَيْبٍ أَوْ غَيْرِهِ كَانَتْ مُؤْنَةُ رَدِّ الْمَبِيعِ بَعْدَهُ إلَى مَحَلِّ قَبْضِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ فَالْأَوْجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِهِ) أَيْ فَلَا يَسْقُطُ الرَّدُّ لِعُذْرِهِ لَا أَنَّهُمَا يَكْفُونَ فِي ثُبُوتِ الْفَسْخِ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ بَانَا كَافِرَيْنِ أَوْ رَقِيقَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لَمْ يَحْتَجْ لِلْإِشْهَادِ كَمَا لَوْ أَرْسَلَ وَكِيلًا وَلَمْ يُشْهِدْ لِأَنَّ الرَّدَّ هُنَا رَفْعٌ لِمِلْكِ الرَّادِّ وَاسْتِمْرَارُهُ عَلَى الْمِلْكِ مُشْعِرٌ بِالرِّضَا فَاحْتَاجَ إلَى الْإِشْهَادِ عَلَى الْفَسْخِ لِيَخْرُجَ عَنْ مِلْكِهِ، وَالشَّفِيعُ لَا يَسْتَفِيدُ دُخُولَ الشِّقْصِ فِي مِلْكِهِ وَإِنَّمَا يُقْصَدُ بِهِ إظْهَارُ الطَّلَبِ وَالسَّيْرُ يُغْنِي عَنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ فِي تِلْكَ الصُّوَرِ (إنْ أَمْكَنَهُ) وَتَسْقُطُ حِينَئِذٍ عَنْهُ الْفَوْرِيَّةُ لِعَوْدِ الْمَبِيعِ إلَى مِلْكِ الْبَائِعِ بِالْفَسْخِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَسْتَمِرَّ (حَتَّى يُنْهِيَهُ إلَى الْبَائِعِ أَوْ الْحَاكِمِ) إلَّا لِفَصْلِ الْأَمْرِ خَاصَّةً وَحِينَئِذٍ لَا يَبْطُلُ رَدُّهُ بِتَأْخِيرِهِ وَلَا بِاسْتِخْدَامِهِ. نَعَمْ يَصِيرُ بِهِ مُتَعَدِّيًا وَقَدْ عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ حَتَّى يُنْهِيَهُ غَايَةٌ لِفَصْلِ الْأَمْرِ خَاصَّةً، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غَايَةً لِوُجُوبِ الْإِشْهَادِ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ جَمْعٌ مُحَقِّقُونَ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يُشْهِدُ عَلَى نَفْسِ الْفَسْخِ عُلِمَ صِحَّةُ كَلَامِهِ إذْ بَعْدَ الْفَسْخِ لَا وَجْهَ لِوُجُوبِ فَوْرٍ وَلَا إنْهَاءٍ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الِاكْتِفَاءَ بِالْإِشْهَادِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْحَاكِمِ وَالْخَصْمِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ، وَحِينَئِذٍ فَمَعْنَى إيجَابِ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ فِي حَالَتَيْ وُجُودِ الْعُذْرِ وَفَقْدِهِ أَنَّهُ عِنْدَ وُجُودِهِ يُسْقِطُ الْإِنْهَاءَ وَيَجِبُ تَحَرِّي الْإِشْهَادَ إنْ تَمَكَّنَ مِنْهُ وَعِنْدَ فَقْدِهِ يُخَيَّرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِنْهَاءِ وَحِينَئِذٍ يُسْقِطُ الْإِشْهَادُ: أَيْ تَحَرِّيه فَلَا يُنَافِي وُجُوبَهُ لَوْ صَادَفَهُ شَاهِدٌ وَهَذَا بِحَسَبِ مَا ظَهَرَ فِي هَذَا الْمَقَامِ (فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْإِشْهَادِ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّلَفُّظُ بِالْفَسْخِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ إيجَابَ لَفْظٍ مِنْ غَيْرِ سَامِعٍ أَوْ سَامِعٍ لَا يُعْتَدُّ بِهِ بَعِيدٌ فَيُؤَخَّرُ إلَى أَنْ يَأْتِيَ بِهِ عِنْدَ الْمَرْدُودِ عَلَيْهِ أَوْ وَالْحَاكِمِ لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ قَبْلَ ذَلِكَ بَلْ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْمَبِيعَ يَنْتَقِلُ بِهِ الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فِي تِلْكَ الصُّوَرِ) مُرَادُهُ بِالصُّوَرِ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ إذَا عَجَزَ عَنْ الْإِنْهَاءِ لِمَرَضٍ مَثَلًا أَوْ أَنْهَى وَأَمْكَنَهُ فِي الطَّرِيقِ إلَخْ، وَعَلَيْهِ فَجَعَلَ ذَلِكَ صُوَرًا إمَّا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْجَمْعَ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ أَوْ بِالنَّظَرِ لِمَا انْدَرَجَ مِنْ تَحْتِ الْعَجْزِ عَنْ الْإِنْهَاءِ مِنْ الْمَرَضِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: إنْ أَمْكَنَهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بِأَنْ رَأَى الْعَدْلَ فِي طَرِيقِهِ وَلَمْ يَخْشَ عَلَى نَفْسِهِ مُبِيحَ تَيَمُّمٍ لَوْ وَقَفَ وَأَشْهَدَهُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيَظْهَرُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلشُّهُودِ مَوْضِعٌ مَعْلُومٌ وَهُمْ فِيهِ وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْهِمْ، لَكِنَّ مَسَافَةَ مَحَلِّهِمْ دُونَ مَسَافَةِ الْمَرْدُودِ عَلَيْهِ لَمْ يُكَلَّفْ التَّعْرِيجَ إلَيْهِمْ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَدَّ بِتَرْكِهِ مُقَصِّرًا حِينَئِذٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَقِيَ الشَّاهِدَ أَوْ مَرَّ عَلَيْهِ فِي طَرِيقِهِ وَلَيْسَ لَهُ الِاشْتِغَالُ بِطَلَبِ الشُّهُودِ عَنْ الْإِنْهَاءِ إلَى مَنْ مَرَّ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ أَشْهَدَ عَلَى الْفَسْخِ (قَوْلُهُ يَصِيرُ بِهِ مُتَعَدِّيًا) أَيْ فَيَضْمَنُهُ ضَمَانَ الْغُصُوبِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ احْتَاجَ لِرُكُوبِهَا لِكَوْنِهَا جَمُوحًا، وَعَلَيْهِ فَلَوْ رَكِبَ حَرُمَ وَلَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ، وَقَدْ يُقَالُ عُذْرُهُ يُسْقِطُ الْحُرْمَةَ دُونَ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِمَّا قَرَّرَهُ بِقَوْلِهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَسْتَمِرَّ (قَوْلُهُ: لِفَصْلِ الْأَمْرِ) أَيْ لَا لِلْإِشْهَادِ (قَوْلُهُ لِوُجُوبِ الْإِشْهَادِ) أَيْ وَالْمَعْنَى وَيَسْتَمِرُّ وُجُوبُ الْإِشْهَادِ حَتَّى يُنْهِيَهُ، أَيْ حَيْثُ لَمْ يَلْقَ مَنْ يُشْهِدُهُ عَلَى ذَلِكَ فِي ابْتِدَاءِ سَيْرِهِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ) هُوَ قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ (قَوْلُهُ: عَلِمَ صِحَّةَ كَلَامِهِ) أَيْ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْمَبِيعَ) عِلَّةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غَايَةً لِوُجُوبِ الْإِشْهَادِ) أَيْ وَالْمَعْنَى وَيَسْتَمِرُّ وُجُوبُ الْإِشْهَادِ حَتَّى يُنْهِيَهُ: أَيْ حَيْثُ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُشْهِدُهُ عَلَى ذَلِكَ فِي ابْتِدَاءِ سَيْرِهِ مَثَلًا كَذَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ، لَكِنَّ قَوْلَهُ أَيْ حَيْثُ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُشْهِدُهُ يَأْبَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ إذْ هُوَ مَفْرُوضٌ فِي حَالَةِ إمْكَانِ الْإِشْهَادِ كَمَا لَا يَخْفَى. وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غَايَةً لِوُجُوبِ الْإِشْهَادِ لَمْ يَذْكُرْهُ الشِّهَابُ حَجّ وَاَلَّذِي مَا فِي هَذِهِ السَّوَادَةِ كَلَامُهُ، وَهُوَ مُنَاقِضٌ لِقَوْلِهِ بَعْدُ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ إلَى قَوْلِهِ عُلِمَ صِحَّةُ كَلَامِهِ إذْ هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمَتْنَ لَا يَصِحُّ إلَّا بِهَذَا التَّقْرِيرِ وَأَنَّ ظَاهِرَهُ فَاسِدٌ؛ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَكَيْفَ يَقُولُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غَايَةً لِوُجُوبِ الْإِشْهَادِ. (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ إلَخْ) كَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ عُلِمَ صِحَّةُ كَلَامِهِ كَمَا صَنَعَ الشِّهَابُ حَجّ (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ فَقْدِهِ) يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِنْهَاءِ يُوهِمُ أَنَّ لَهُ حَالَةَ فَقْدِ الْعُذْرِ الْعُدُولَ عَنْ الْإِنْهَاءِ وَالذَّهَابَ ابْتِدَاءً إلَى الشُّهُودِ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ الْمُرَادُ مَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ: عَقِبَهُ فَلَا يُنَافِي وُجُوبَهُ لَوْ صَادَفَهُ شَاهِدٌ

[ويشترط لجواز الرد ترك الاستعمال من المشتري]

وَقَدْ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ ثُبُوتُ الْعَيْبِ فَيَتَضَرَّرُ بِالْمَبِيعِ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ وَالثَّانِي يَجِبُ لِيُبَادِرَ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ. (وَيُشْتَرَطُ) أَيْضًا لِجَوَازِ الرَّدِّ (تَرْكُ الِاسْتِعْمَالِ) مِنْ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ بَعْدَ إطْلَاعه عَلَى عَيْبِهِ (فَلَوْ اسْتَخْدَمَ الْعَبْدَ) أَيْ طَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَخْدُمَهُ كَقَوْلِهِ نَاوِلْنِي كَذَا وَإِنْ لَمْ يَمْتَثِلْ، أَوْ اسْتَعْمَلَهُ كَأَنْ أَعْطَاهُ الْكُوزَ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ فَأَخَذَهُ ثُمَّ رَدَّهُ لَهُ، بِخِلَافِ مُجَرَّدِ أَخْذِهِ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ رَدٍّ لِأَنَّ وَضْعَهُ بِيَدِهِ كَوَضْعِهِ بِالْأَرْضِ (أَوْ تَرَكَ) مَنْ لَا يُعْذَرُ بِجَهْلِ ذَلِكَ (عَلَى الدَّابَّةِ سَرْجَهَا أَوْ إكَافَهَا) وَلَوْ مِلْكًا لِلْبَائِعِ أَوْ اشْتَرَاهُ مَعَهَا كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ فِي سَيْرِهِ لِلرَّدِّ أَوْ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي اُغْتُفِرَ لَهُ التَّأْخِيرُ فِيهَا، وَالْإِكَافُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ أَشْهَرُ مِنْ ضَمِّهَا مَا تَحْتَ الْبَرْذعَةِ وَقِيلَ نَفْسُهَا وَقِيلَ غَيْرُهُمَا (بَطَلَ حَقُّهُ) مِنْ الرَّدِّ وَالْأَرْشِ لِإِشْعَارِهِ بِالرِّضَا لِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ بِهِ، إذْ لَوْ لَمْ يَتْرُكْهُ لَاحْتَاجَ إلَى حَمْلِهِ أَوْ تَحْمِيلِهِ. وَلَوْ كَانَ نَزْعُهُ يَضُرُّهَا كَأَنْ عُرِفَتْ وَخَشِيَ مِنْ النَّزْعِ تَعِيبَهَا لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَارْتَضَاهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ، إذْ لَا إشْعَارَ حِينَئِذٍ، وَالْأَوْجَهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُ مَا تَقَرَّرَ مَا لَوْ تَرَكَهُ لِمَشَقَّةِ حَمْلِهِ أَوْ لِكَوْنِهِ لَا يَلِيقُ بِهِ أَمَّا لَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSلِلضَّرَرِ (قَوْلُهُ: فَيَتَضَرَّرُ) وَبِتَقْدِيرِ ذَلِكَ يَكُونُ كَالظَّافِرِ بِغَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ فَيَتَوَلَّى بَيْعَهُ وَيَسْتَوْفِي مِنْهُ قَدْرَ الثَّمَنِ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ دَفَعَهُ لِلْبَائِعِ وَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ فَيَأْخُذُ مِثْلَهُ مِنْ مَالِهِ إنْ ظَفِرَ بِهِ. (قَوْلُهُ: تَرْكُ الِاسْتِعْمَالِ) هُوَ طَلَبُ الْعَمَلِ فَيُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ خَدَمَهُ وَهُوَ سَاكِتٌ لَمْ يَضُرَّ سم عَلَى مَنْهَجٍ اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْجَاهِلِ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ وَالْعَالِمِ، وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ حَيْثُ قَالَ: تَنْبِيهٌ: مُقْتَضَى صَنِيعِ الْمَتْنِ وَظَاهِرُ قَوْلِ الرَّوْضَةِ كَمَا أَنَّ تَأْخِيرَ الرَّدِّ مَعَ الْإِمْكَانِ تَقْصِيرٌ، فَكَذَا الِاسْتِعْمَالُ وَالِانْتِفَاعُ وَالتَّصَرُّفُ لِإِشْعَارِهَا بِالرِّضَا أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ بِالْعَيْبِ وَجَهِلَ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ بِهِ وَعُذِرَ بِجَهْلِهِ ثُمَّ اسْتَعْمَلَهُ سَقَطَ رَدُّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ الْمُشْتَرِي) خَرَجَ بِهِ وَكِيلُهُ وَوَلِيُّهُ فَلَا يَكُونُ اسْتِعْمَالُهَا مُسْقِطًا لِلرَّدِّ (قَوْلُهُ: فَلَوْ اسْتَخْدَمَ الْعَبْدَ) أَيْ مَنْ لَا يُعْذَرُ بِجَهْلِ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي عَنْ سم، وَفِي كَلَامِ حَجّ أَنَّ مُقْتَضَى الْمَتْنِ كَالرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَوْ جَهِلَ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ فَاسْتَعْمَلَ الْمَبِيعَ لِيَأْسِهِ مِنْ الرَّدِّ فِي ظَنِّهِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ لَمْ يُعْذَرْ، وَشَمِلَ قَوْلُهُ لَوْ اسْتَخْدَمَ الْعَبْدَ إلَخْ مَا لَوْ احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ لِصَلَاتِهِ كَأَنْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ الِاسْتِنَادُ إلَّا بِمُعَيَّنٍ، وَمِنْ الِاسْتِخْدَامِ مَا لَوْ صَالَ شَخْصٌ عَلَى الْمُشْتَرِي فَطَلَبَ مِنْهُ الْمُعَاوَنَةَ فِي دَفْعِهِ عَنْهُ فَيَسْقُطُ لِأَنَّهُ لِحِفْظِ نَفْسِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ صَالَ عَلَى الْعَبْدِ فَطَلَبَ مِنْهُ ذَلِكَ فَلَا يَسْقُطُ رَدُّهُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ رَكِبَ الدَّابَّةَ لِلْهَرَبِ بِهَا خَوْفًا عَلَيْهَا مِنْ إغَارَةٍ أَوْ نَهْبِ الْآتِي (قَوْلُهُ: أَنْ يَخْدُمَهُ) بِضَمِّ الدَّالِ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ نَاوِلْنِي كَذَا) وَهَلْ مِثْلُ ذَلِكَ الْإِشَارَةِ مِنْ النَّاطِقِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ فَيُحْتَمَلُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ بَلْ الْمُتَعَيِّنُ أَنَّ الْإِشَارَةَ هُنَا كَالنُّطْقِ فَتُسْقِطُ الرَّدَّ قِيَاسًا عَلَى الِاعْتِدَادِ بِهَا فِي الْإِذْنِ فِي دُخُولِ الدَّارِ وَفِي الْإِفْتَاءِ، وَأَمَّا الْكِنَايَةُ فَيَنْبَغِي إنْ نَوَى بِهَا طَلَبَ الْعَمَلِ مِنْ الْعَبْدِ امْتَنَعَ الرَّدُّ لِأَنَّهَا كِنَايَةٌ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَمْتَثِلْ) فِيهِ رَدَّ عَلَى مَا فِي الرَّوْضِ مِنْ أَنَّ سُقُوطَ الرَّدِّ فِيمَا إذَا اسْتَدْعَى الشُّرْبَ مِنْ الْعَبْدِ مُقَيَّدٌ بِمَا لَوْ سَقَاهُ (قَوْلُهُ: كَأَنْ أَعْطَاهُ) أَيْ أَعْطَى الرَّقِيقُ سَيِّدَهُ الْكُوزَ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ رَدٍّ) أَيْ أَوْ بِتَعْرِيضِهِ فَأَتَى لَهُ بِهِ (قَوْلُهُ لَأَنْ وَضَعَهُ) أَيْ الْكُوزَ (قَوْلُهُ: بِيَدِهِ) أَيْ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَرَكَ مَنْ لَا يُعْذَرُ بِجَهْلِ ذَلِكَ) لَمْ يُقَيَّدْ بِهِ فِيمَا قَبْلَهُ وَلَا يَبْعُدُ التَّقْيِيدُ بِهِ فِيهِ أَيْضًا اهـ سم عَلَى حَجّ. وَعَلَيْهِ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ حَجّ أَنَّهُ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمَتْنِ كَالرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ مَا تَحْتَ الْبَرْذَعَةِ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَوْ الْمُهْمَلَةِ اهـ كَذَا فِي حَاشِيَةِ غزي عَلَى الشَّافِيَةِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ غَيْرُهُمَا) عِبَارَةُ حَجّ بَدَلُ هَذَا وَقِيلَ مَا فَوْقَهَا، وَالْمُرَادُ هُنَا وَاحِدٌ مِمَّا ذُكِرَ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَخَشِيَ مِنْ النَّزْعِ) أَيْ وَلَوْ بِمُجَرَّدِ التَّوَهُّمِ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى مَا لَا يَشْعُرُ بِقَصْدِ انْتِفَاعِهِ وَتَوَهُّمِهِ الْعَيْبَ الْمَذْكُورَ مَانِعٌ مِنْ إرَادَتِهِ الِانْتِفَاعَ، وَلَوْ اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْبَائِعَ يَدَّعِي عَلَيْهِ مُسْقِطَ الرَّدِّ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ (قَوْلُهُ: مِثْلُ مَا تَقَرَّرَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ [وَيُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الرَّدِّ تَرْكُ الِاسْتِعْمَالِ مِنْ الْمُشْتَرِي] . (قَوْلُهُ: أَوْ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي اُغْتُفِرَ لَهُ التَّأْخِيرُ فِيهَا) أَيْ: وَإِلَّا فَالرَّدُّ سَاقِطٌ بِالتَّأْخِيرِ لَا بِالتَّرْكِ الْمَذْكُورِ

كَانَ مِمَّنْ يَعْذِرُهُ فِي مِثْلِهِ لِجَهْلِهِ لَمْ يَبْطُلْ بِهِ فِي حَقِّهِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَمَا نَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ مِنْ حِلِّ الِانْتِفَاعِ فِي الطَّرِيقِ مُطْلَقًا حَتَّى بِوَطْءِ الثَّيِّبِ مَرْدُودٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَلْبِ الْآتِي ظَاهِرٌ، وَخَرَجَ بِالسَّرْجِ وَالْإِكَافِ الْعِذَارُ وَاللِّجَامُ فَلَا يُؤَثِّرُ تَرْكُهُمَا لِتَوَقُّفِ حِفْظِهَا عَلَيْهِمَا (وَيَعْذِرُ فِي رُكُوبِ جَمُوحٍ) لِلرَّدِّ (يَعْسُرُ سَوْقُهَا وَقَوْدُهَا) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ خَافَ عَلَيْهَا مِنْ إغَارَةٍ أَوْ نَهْبٍ فَرَكِبَهَا لِلْهَرَبِ بِهَا لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ رَدِّهَا، بِخِلَافِ رُكُوبِ غَيْرِ الْجَمُوحِ وَاسْتِدَامَتِهِ لَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلِمَ عَيْبَ الثَّوْبِ وَهُوَ لَابِسُهُ لَا يَلْزَمُهُ نَزْعُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْهُودٍ كَذَا ذَكَرَاهُ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ نَظَرًا لِلْعُرْفِ فِي ذَلِكَ، وَلِأَنَّ اسْتِدَامَةَ لُبْسِ الثَّوْبِ فِي طَرِيقِهِ لِلرَّدِّ لَا تُؤَدِّي إلَى نَقْصِهِ، وَاسْتِدَامَةَ رُكُوبِ الدَّابَّةِ قَدْ يُؤَدِّي إلَى تَعَيُّبِهَا، وَكَلَامُهُمَا فِيهِمَا مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلُ لِلْمُشْتَرِي مَشَقَّةٌ بِالنُّزُولِ أَوْ النَّزْعِ، فَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِيهِمَا عِنْدَ مَشَقَّتِهِ لَيْسَ مُرَادًا لَهُمَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمَا فِي هَذَا الْبَابِ، وَيَلْحَقُ بِمَا قَالَاهُ مَا لَوْ تَعَذَّرَ رَدُّ غَيْرِ الْجَمُوحِ إلَّا بِرُكُوبِهَا لِعَجْزِهِ عَنْ الْمَشْيِ، وَلَهُ حَلْبُ لَبَنِهَا الْحَادِثِ حَالَ سَيْرِهَا، فَإِنْ أَوْقَفَهَا لَهُ أَوْ لِإِنْعَالِهَا وَهِيَ تَمْشِي بِدُونِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي عَدَمِ سُقُوطِ الرَّدِّ (قَوْلُهُ: مِمَّنْ يُعْذَرُ فِي مِثْلِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ عَامِّيًّا لَمْ يُخَالِطْ الْفُقَهَاءَ مُخَالَطَةً تَقْتَضِي الْعَادَةُ فِي مِثْلِهَا بِعَدَمِ خَفَاءِ ذَلِكَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: ظَاهِرٌ) وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْحَلْبَ تَفْرِيغٌ لِلدَّابَّةِ مِنْ اللَّبَنِ الْمَمْلُوكِ لِلْمُشْتَرِيَّ فَلَيْسَ فِيهِ مَا يُشْعِرُ بِالرِّضَا بِبَقَاءِ الْعَيْنِ وَلَا كَذَلِكَ الْوَطْءُ وَنَحْوُهُ (قَوْلُهُ فَلَا يُؤَثِّرُ تَرْكُهُمَا) أَيْ وَلَا وَضْعُهُمَا فِي الدَّابَّةِ لِأَنَّ الْغَرَضَ حِفْظُهُمَا (قَوْلُهُ: لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ) وَهَلْ يَلْزَمُهُ سُلُوكُ أَقْرَبِ الطَّرِيقَيْنِ حَيْثُ لَا عُذْرَ لِلنَّظَرِ فِيهِ مَجَالٌ، وَلَعَلَّ اللُّزُومَ أَقْرَبُ لِأَنَّهُ بِسُلُوكِ الْأَطْوَلِ مَعَ عَدَمِ الْعُذْرِ يُعَدُّ عَابِثًا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ فِي الْقَصْرِ اهـ حَجّ. وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي سُقُوطُ الْخِيَارِ بِمُجَرَّدِ الْعُدُولِ لَا بِالِانْتِهَاءِ، وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْعُذْرِ مَا لَوْ سَلَكَ الطَّوِيلَ لِمُطَالَبَةِ غَرِيمٍ لَهُ فِيهِ فَيَسْقُطُ خِيَارُهُ (قَوْلُهُ: مِنْ رَدِّهَا) هَذَا كُلُّهُ قَبْلَ الْفَسْخِ، فَلَوْ عَرَضَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ الْفَسْخِ هَلْ يَكُونُ كَذَلِكَ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ قَدَّمْنَا مَا يَقْتَضِي التَّفْرِقَةَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ الرَّدُّ بِالِاسْتِعْمَالِ بَعْدَ الْفَسْخِ مُطْلَقًا وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلِمَ إلَخْ) هُوَ فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِهِ بِخِلَافِ رُكُوبِ إلَخْ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُعْذَرُ فِي رُكُوبِ غَيْرِ الْجَمُوحِ وَاسْتِدَامَتِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلِمَ عَيْبَ الثَّوْبِ إلَخْ فَإِنَّهُ يُعْذَرُ فِيهِ (قَوْلُهُ لَا يَلْزَمُهُ نَزْعُهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي نَزْعِهِ مَشَقَّةٌ وَلَا أَخَلَّ بِمُرُوءَتِهِ (قَوْلُهُ: لَا يُؤَدِّي إلَى نَقْصِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا أَدَّى إلَيْهِ سَقَطَ رَدُّهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَكِلَاهُمَا فِيهِمَا) أَيْ الثَّوْبُ وَالدَّابَّةُ (قَوْلُهُ: مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ) صَرِيحُ هَذَا أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ نَزْعَ الثَّوْبِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الدَّابَّةِ فَإِنَّهُ يُفَصَّلُ فِيهَا بَيْنَ مَشَقَّةِ النُّزُولِ عَنْهَا وَعَدَمِهِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ سم عَنْهُ فِي حَوَاشِي حَجّ وَحَوَاشِي الْمَنْهَجِ، وَعِبَارَتُهُ عَلَى الْمَنْهَجِ الْمُعْتَمَدِ فِي كُلٍّ مِنْ الدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ أَنَّهُ إنْ حَصَلَ لَهُ مَشَقَّةٌ بِالنُّزُولِ عَنْ الدَّابَّةِ وَنَزْعِ الثَّوْبِ لَمْ يَسْقُطْ خِيَارُهُ، وَإِلَّا سَقَطَ مِنْ غَيْرِ تَفْرِقَةٍ بَيْنَ ذَوِي الْهَيْئَاتِ وَغَيْرِهِمْ مَرَّ اهـ (قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ بِمَا قَالَاهُ) وَيَظْهَرُ تَصْدِيقُ الْمُشْتَرِي فِي ادِّعَاءِ عُذْرٍ مِمَّا ذُكِرَ، وَقَدْ أَنْكَرَهُ الْبَائِعُ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الرَّدِّ لَمْ يَتَحَقَّقْ، وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ لِعَجْزِهِ عَنْ الْمَشْيِ) وَلَا يَضُرُّ تَرْكُهُ الْبَرْذَعَةَ عَلَيْهَا حَيْثُ لَمْ يَتَأَتَّ رُكُوبُهُ بِدُونِهَا لِعَدَمِ دَلَالَتِهِ عَلَى الرِّضَا (قَوْلُهُ: وَلَهُ حَلْبُ لَبَنِهَا) عِبَارَةُ حَجّ: وَلَهُ حَلْبُ نَحْوِ لَبَنِهَا، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ: قِيَاسُهُ جَرَيَانُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي جَزِّ الصُّوفِ الْحَادِثِ بَلْ يَشْمَلُهُ لَفْظُ نَحْوِ لَكِنْ وَقَعَ فِي الدَّرْسِ خِلَافُهُ وَأَنَّهُ يَضُرُّ الْجَزُّ مُطْلَقًا وَلَوْ حَالَ السَّيْرِ فَلْتُحَرَّرْ الْمَسْأَلَةُ، وَانْظُرْ حَيْثُ جَوَّزْنَا لَهُ اسْتِعْمَالَ الْمَبِيعِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ هَلْ شَرَطَهُ عَدَمَ الْفَسْخِ وَإِلَّا حَرُمَ لِخُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ أَوْ يُبَاحُ مُطْلَقًا لِلْعُذْرِ وَإِنْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ اهـ. أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ الْعُذْرُ يُبِيحُ لَهُ ذَلِكَ مَعَ الْأُجْرَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَوْلُهُ فَلْتُحَرَّرْ الْمَسْأَلَةُ قَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي. وَالْمَعْنَى يَرُدُّهُ ثُمَّ يُفَصِّلُهُ: أَيْ الصَّبْغَ نَظِيرُ مَا فِي الصُّوفِ يَقْتَضِي الْفَرْقَ بَيْنَ الصُّوفِ وَاللَّبَنِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَوْقَفَهَا) الْأَفْصَحُ حَذْفُ الْأَلْفِ (قَوْلُهُ وَهِيَ تَمْشِي بِدُونِهِ) أَيْ الْإِنْعَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بَطَلَ رَدُّهُ كَذَا جَزَمَ بِهِ السُّبْكِيُّ وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ إذَا لَمْ يَتَمَكَّنُ مِنْهُ حَالَ سَيْرِهَا أَوْ حَالَ عَلْفِهَا أَوْ سَقْيِهَا أَوْ رَعْيِهَا. وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَتَى فُسِخَ الْبَيْعُ بِعَيْبٍ أَوْ غَيْرِهِ كَانَتْ مُؤْنَةُ رَدِّ الْمَبِيعِ بَعْدَهُ إلَى مَحَلِّ قَبْضِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي بَلْ كُلُّ يَدٍ ضَامِنَةٌ يَجِبُ عَلَى رَبِّهَا مُؤْنَةُ الرَّدِّ بِخِلَافِ يَدِ الْأَمَانَةِ. (وَإِذَا) (سَقَطَ رَدُّهُ بِتَقْصِيرٍ) مِنْهُ (فَلَا أَرْشَ) لَهُ لِتَقْصِيرِهِ فَهُوَ الْمُفَوِّتُ لَهُ (وَلَوْ حَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ) لَمْ يَتَقَدَّمْ سَبَبُهُ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَأَطْلُع عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ، وَضَابِطُ الْحَادِثِ هُنَا هُوَ ضَابِطُ الْقَدِيمِ فِيمَا مَرَّ غَالِبًا، فَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ نَحْوُ الثُّيُوبَةِ فِي الْأَمَةِ فَهِيَ حَادِثَةٌ هُنَا بِخِلَافِهَا ثُمَّ فِي أَوَانِهَا، وَكَذَا عَدَمُ نَحْوِ قِرَاءَةٍ أَوْ صَنْعَةٍ فَلَا رَدَّ بِهِ ثَمَّ وَهُنَا لَوْ اشْتَرَى قَارِئًا ثُمَّ نَسِيَ امْتَنَعَ الرَّدُّ، وَتَحْرِيمُهَا عَلَى الْبَائِعِ بِنَحْوِ وَطْءِ مُشْتَرٍ هُوَ ابْنُهُ لَيْسَ بِحَادِثٍ (سَقَطَ الرَّدُّ قَهْرًا) أَيْ الرَّدُّ الْقَهْرِيُّ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ مَرِيدًا بِهِ أَنَّ الْقَهْرَ صِفَةٌ لِلرَّدِّ لَا لِلسُّقُوطِ، فَيَكُونُ السَّاقِطُ هُوَ رَدُّهُ الْقَهْرِيُّ، فَلَوْ تَرَاضَيَا عَلَى الرَّدِّ كَانَ جَائِزًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْقَهْرُ صِفَةً لِلسُّقُوطِ فَإِنَّهُ يَكُونُ الرَّدُّ مُمْتَنِعًا مُطْلَقًا، وَامْتِنَاعُ الرَّدِّ قَهْرًا لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِعَيْبٍ فَلَا يَرُدُّهُ بِعَيْبَيْنِ، وَالضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ زَالَ الْحَادِثُ كَانَ لَهُ الرَّدُّ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْحَادِثُ هُوَ التَّزْوِيجُ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ غَيْرِهِ فَقَالَ قَبْلَ الدُّخُولِ إنْ رَدَّك الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَهُ الرَّدُّ لِزَوَالِ الْمَانِعِ بِهِ، وَلَا أَثَرَ لِمُقَارَنَتِهِ لِلرَّدِّ إذْ الْمَدَارُ عَلَى زَوَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَضُرُّ) أَيْ الْوَقْفُ لِلْحَلْبِ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْحَلْبِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ التَّأْخِيرُ يَضُرُّ بِهَا وَإِلَّا فَلَهُ التَّأْخِيرُ إلَى مَحَلِّ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرُهُ) كَالْخِيَارِ (قَوْلُهُ: بَلْ كُلُّ يَدٍ ضَامِنَةٌ) وَمِنْهَا مُؤْنَةُ رَدِّ الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: يَجِبُ عَلَى رَبِّهَا مُؤْنَةُ الرَّدِّ) لَوْ بَعُدَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ هُنَا عَنْ مَحَلِّ الْأَخْذِ مِنْهُ هَلْ يَجِبُ عَلَى رَبِّ الْيَدِ مُؤْنَةُ الزِّيَادَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ؟ أَقُولُ: قَضِيَّةُ قَوْلِهِ إلَى مَحَلِّ قَبْضِهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ، وَعَلَيْهِ لَوْ انْتَهَى الْمُشْتَرِي إلَى مَحَلِّ الْقَبْضِ فَلَمْ يَجِدْ الْبَائِعَ فِيهِ وَاحْتَاجَ فِي الذَّهَابِ إلَيْهِ إلَى مُؤْنَةٍ فَهَلْ يَصْرِفُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ أَوْ يُسَلِّمُ الْمَبِيعَ لِلْحَاكِمِ ثُمَّ إنْ وَجَدَهُ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ إنْ وَجَدَهُ فَيَسْتَأْذِنُهُ فِي الصَّرْفِ وَإِلَّا صَرَفَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ الْمُفَوِّتُ لَهُ) أَيْ الْأَرْشِ مِنْ حَيْثُ الْخِيَارُ: أَيْ خِيَارِ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ غَالِبًا) وَلَوْ فَسَّرَ الْحَادِثَ هُنَا بِمَا نَقَصَ الْعَيْنَ أَوْ الْقِيمَةَ عَمَّا كَانَتْ وَقْتَ الْقَبْضِ لَمْ يَحْتَجْ لِزِيَادَةٍ غَالِبًا (قَوْلُهُ: فِي أَوَانِهَا) أَيْ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ عَيْبًا (قَوْلُهُ هُوَ ابْنُهُ) أَيْ ابْنُ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ بِحَادِثٍ) أَيْ فَلَهُ بِالرَّدِّ كَمَا إنْ وَجَدَ أَنَّ الْمُشْتَرِي الْأَمَةَ الْمَبِيعَةَ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ لَا يَقْتَضِي الرَّدَّ لِكَوْنِهِ لَيْسَ عَيْبًا قَدِيمًا (قَوْلُهُ: مُمْتَنِعًا مُطْلَقًا) أَيْ تَرَاضَيَا أَوْ لَا (قَوْلُهُ: كَانَ لَهُ الرَّدُّ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ فَقَالَ) أَيْ الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ كَانَ بَعْدَهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الرَّدُّ لِوُجُودِ الْعِدَّةِ وَهِيَ عَيْبٌ (قَوْلُهُ: إنْ رَدَّك الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ) سَيَأْتِي التَّعْبِيرُ عَنْ ذَلِكَ بِمَا لَوْ عَلَّقَ الزَّوْجُ طَلَاقَهَا بِمُضِيِّ نَحْوِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ: لِزَوَالِ الْمَانِعِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَمْ تُخْلِفْهُ عِدَّةً اهـ سم عَلَى حَجّ، وَقَوْلُهُ وَلَمْ تُخْلِفْهُ: أَيْ وَالْحَالُ إلَخْ بِأَنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَوْلُهُ بِهِ أَيْ بِالرَّدِّ (قَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لِمُقَارَنَتِهِ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بَلْ كُلُّ يَدٍ ضَامِنَةٌ إلَخْ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْيَدَ بَعْدَ الْفَسْخِ يَدُ ضَمَانٍ وَهُوَ كَذَلِكَ . (قَوْلُهُ: صِفَةٌ لِلرَّدِّ) أَيْ فِي الْمَعْنَى وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمَنْفِيِّ، وَقَدْ يُقَالُ فِي الثَّانِي إنَّ الْمُرَادَ فِيهِ الصِّفَةُ الِاصْطِلَاحِيَّةُ إنَّ التَّقْدِيرَ عَلَيْهِ سَقَطَ سُقُوطًا قَهْرِيًّا بِمَعْنَى قَهْرِيًّا فَهُوَ وَصْفٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ. (قَوْلُهُ: فَقَالَ) أَيْ ذَلِكَ الْغَيْرُ لِلْعِلْمِ بِزَوَالِ الْمَانِعِ فِي مَسْأَلَةِ تَزْوِيجِهَا مِنْ الْبَائِعِ بِمُجَرَّدِ الْفَسْخِ إذْ يَنْفَسِخُ بِهِ النِّكَاحُ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ الدُّخُولِ) كَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ فَلَهُ الرَّدُّ؛ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الْقَوْلِ قَبْلَ الدُّخُولِ إذَا وَقَعَ الرَّدُّ بَعْدَ الدُّخُولِ وَخَرَجَ بِ قَبْلِ الدُّخُولِ مَا بَعْدَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهُ تَعْقُبُهُ الْعِدَّةُ وَهِيَ عَيْبٌ كَمَا مَرَّ

ضَرَرِ الْبَائِعِ بَعْدَ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ وَهُوَ حَاصِلٌ هُنَا فَانْدَفَعَ التَّوَقُّفُ فِي ذَلِكَ. وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِإِصْلَاحِ التَّصْوِيرِ بِأَنْ يَقُولَ فَأَنْتِ طَالِقٌ قُبَيْلَهُ، وَلَوْ أَقَالَهُ بَعْدَ حُدُوثِ عَيْبٍ بِيَدِهِ فَلِلْبَائِعِ طَلَبُ أَرْشِهِ لِصِحَّتِهَا بَعْدَ تَلَفِ الْمَبِيعِ بِالثَّمَنِ فَكَذَا بَعْدَ تَلَفِ بَعْضِهِ بِبَعْضِ الثَّمَنِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ صِحَّتِهَا بَعْدَ التَّلَفِ صِحَّتُهَا بَعْدَ بَيْعِ الْمُشْتَرِي وَهُوَ الْأَوْجَهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ يَغْلِبُ فِيهَا أَحْكَامُ الْفَسْخِ مِنْ قَوْلِهِمْ يَجُوزُ التَّفَاسُخُ بِنَحْوِ التَّحَالُفِ بَعْدَ تَلَفِ الْمَبِيعِ أَوْ بَيْعِهِ أَوْ رَهْنِهِ أَوْ إجَارَتِهِ، وَإِذَا جُعِلَ الْمَبِيعُ كَالتَّالِفِ فَيُسَلِّمُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ مِثْلَ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةَ الْمُتَقَوِّمِ، وَأَخَذَ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ ذَلِكَ صِحَّةَ الْإِقَالَةِ بَعْدَ الْإِجَارَةِ عَلِمَ الْبَائِعُ أَوْ لَا وَالْأُجْرَةُ الْمُسَمَّاةُ لِلْمُشْتَرِي وَعَلَيْهِ لِلْبَائِعِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ (ثُمَّ) إذَا سَقَطَ الرَّدُّ الْقَهْرِيُّ لِحُدُوثِ الْعَيْبِ (إنْ) (رَضِيَ بِهِ الْبَائِعُ) مِنْ غَيْرِ أَرْشٍ عَنْ الْحَادِثِ (رَدَّهُ الْمُشْتَرِي) عَلَيْهِ (أَوْ قَنَعَ بِهِ) مِنْ غَيْرِ أَرْشٍ عَنْ الْقَدِيمِ لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ حِينَئِذٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ الْبَائِعُ مَعِيبًا (فَلْيَضُمَّ الْمُشْتَرِي أَرْشَ الْحَادِثِ إلَى الْمَبِيعِ وَيَرُدُّ) عَلَى الْبَائِعِ (أَوْ يَغْرَمُ الْبَائِعُ) لِلْمُشْتَرِي (أَرْشَ الْقَدِيمِ وَلَا يَرُدُّ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْ ذَلِكَ فِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ وَرِعَايَةُ الْجَانِبَيْنِ (فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَحَدِهِمَا) وَلَمْ يَكُنْ الْمَبِيعُ رِبَوِيًّا بِيعَ بِجِنْسِهِ (فَذَاكَ) ظَاهِرٌ، لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا لَا يَعْدُوهُمَا وَمِنْ ثَمَّ تَعَيَّنَ عَلَى وَلِيٍّ أَوْ وَكِيلٍ فِعْلُ الْأَحَظِّ، أَمَّا الرِّبَوِيُّ الْمَذْكُورُ فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ الْفَسْخِ مَعَ أَرْشِ الْحَادِثِ لِمَا مَرَّ، وَلِأَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْعَيْبِ لِلرَّدِّ: أَيْ فِيمَا لَوْ قَالَ لِلزَّوْجِ قَبْلَ الدُّخُولِ إنْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَالَهُ) أَيْ أَقَالَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِي وَيَحْصُلُ بِلَفْظٍ مِنْهُمَا كَقَوْلِ الْبَائِعِ أَقَلْتُك فَيَقُولُ الْمُشْتَرِي قَبِلْت (قَوْلُهُ: بَعْدَ حُدُوثِ عَيْبٍ) ظَاهِرُهُ بِأُجْرَةٍ وَذَلِكَ سَوَاءٌ عَلِمَ بِهِ الْبَائِعُ قَبْلَ الْإِقَالَةِ أَوْ لَا. وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: لَوْ فَسَخَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ جَاهِلٌ بِالْحَادِثِ ثُمَّ عَلِمَهُ فَلَهُ فَسْخُ الْفَسْخِ اهـ ع ب وَقِيَاسُهُ هُنَا أَنَّ الْبَائِعَ إذَا أَقَالَ جَاهِلًا بِحُدُوثِ الْعَيْبِ ثُمَّ عَلِمَهُ كَانَ لَهُ فَسْخُ الْإِقَالَةِ (قَوْلُهُ: بِيَدِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ بِبَعْضِ الثَّمَنِ) يَقْتَضِي أَنَّ الْأَرْشَ هُنَا جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَرْشَ الَّذِي يَأْخُذُهُ الْبَائِعُ يُنْسَبُ إلَى الْقِيمَةِ لَا إلَى الثَّمَنِ فَيُؤَوَّلُ قَوْلُهُ هُنَا بِبَعْضِ الثَّمَنِ بِنَحْوِ قَوْلِهِ مَا يُقَابِلُ بَعْضَ الثَّمَنِ، لِأَنَّ جُزْءَ الْقِيمَةِ فِي الْغَالِبِ لَا يَزِيدُ عَلَى قَدْرِ الثَّمَنِ وَإِنْ اتَّفَقَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ سَلِيمًا وَمَعِيبًا قَدْرَ مُسَاوِي الثَّمَنِ أَوْ يَزِيدُ عَلَيْهِ فَذَاكَ نَادِرٌ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ صِحَّتِهَا) أَيْ الْإِقَالَةِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ بَيْعِ الْمُشْتَرِي) وَيَرُدُّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيُطَالِبُهُ بِالْبَدَلِ الشَّرْعِيِّ كَمَا يَأْتِي وَيَسْتَمِرُّ مِلْكُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي عَلَى الْمَبِيعِ، قَدْ وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ اشْتَرَى مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ عَبْدًا كَافِرًا مِنْ كَافِرٍ أَوْ مُسْلِمٍ ثُمَّ أَسْلَمَ الْعَبْدُ وَاطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ هَلْ يَكُونُ إسْلَامُهُ عَيْبًا حَادِثًا فَيَمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ أَمْ لَا؟ قُلْت: الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مَحَلٍّ تَنْقُصُ قِيمَتُهُ فِيهِ بِالْإِسْلَامِ فَلَا رَدَّ لَهُ وَإِلَّا فَلَهُ الرَّدُّ (قَوْلُهُ: يَغْلِبُ فِيهَا) أَيْ الْإِقَالَةُ (قَوْلُهُ: فَيُسَلِّمُ) أَيْ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقِيمَةُ الْمُتَقَوِّمِ) وَيُطَالِبُهُ الْبَائِعُ بِمِثْلِ الْمَبِيعِ أَوْ قِيمَتِهِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ لِلْبَائِعِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) أَيْ لِمَا بَقِيَ بَعْدَ الْإِقَالَةِ مِنْ الْمُدَّةِ، وَهَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا رَضِيَ بِرَدِّ الْمَبِيعِ مُؤَجَّرًا أَخَذَهُ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفَسْخِ بِالتَّحَالُفِ بِأَنَّ الْبَائِعَ قَبِلَ بِاخْتِيَارِهِ بِخِلَافِ التَّحَالُفِ فَتَأَمَّلْ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَتْ الْإِقَالَةُ مَطْلُوبَةً فِي الْجُمْلَةِ كَانَ الْبَائِعُ كَالْمُجْبَرِ عَلَيْهَا لِأَمْرِ الشَّارِعِ بِهَا فَاسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ، بِخِلَافِ قَبُولِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي إذَا اطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ فَإِنَّ الْبَائِعَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْقَبُولِ وَالِامْتِنَاعِ فَقَبُولُهُ لِلْعَيْنِ مَحْضُ اخْتِيَارٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَيَتَعَيَّنُ إلَخْ) أَيْ أَوْ الرِّضَا بِهِ بِلَا طَلَبِ أَرْشِ الْقَدِيمِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلٌ لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ لُزُومِ الْمُفَاضَلَةِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَكَذَا بَعْدَ تَلَفِ بَعْضِهِ بِبَعْضِ الثَّمَنِ) سَيَأْتِي أَنَّ الْأَرْشَ الْمَأْخُوذَ مِنْ الْمُشْتَرِي جُزْءٌ مِنْ الْقِيمَةِ لَا مِنْ الثَّمَنِ، فَانْظُرْ مَا مَعْنَى هَذَا التَّعْلِيلِ. (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) اُنْظُرْ مَا مُرَادُهُ بِهِ وَمَا الدَّاعِي إلَيْهِ مَعَ مَا بَعْدَهُ، وَلَيْسَ هُوَ فِي عِبَارَةِ التُّحْفَةِ الْمُسَاوِيَةِ لِعِبَارَةِ الشَّارِحِ

لَمَّا نَقَصَ عِنْدَهُ لَمْ يُؤَدِّ لِمُفَاضَلَةٍ بَيْنَ الْعِوَضَيْنِ بِخِلَافِ إمْسَاكِهِ مَعَ أَرْشِ الْقَدِيمِ وَمَرَّ مَا لَوْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ لِتَلَفِهِ وَمَتَى زَالَ الْقَدِيمُ قَبْلَ أَخْذِ أَرْشِهِ لَمْ يَأْخُذْ أَوْ بَعْدَ أَخْذِهِ رَدَّهُ أَوْ الْحَادِثُ بَعْدَ أَخْذِ أَرْشِ الْقَدِيمِ أَوْ الْقَضَاءِ بِهِ امْتَنَعَ فَسْخُهُ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ التَّرَاضِي لَا يُقَالُ: تَقَدَّمَ أَنَّ أَخْذَ أَرْشِ الْقَدِيمِ بِالتَّرَاضِي مُمْتَنِعٌ لِأَنَّا نَقُولُ: عِنْدَ إمْكَانِ الرَّدِّ يُتَخَيَّلُ أَنَّ الْأَرْشَ فِي مُقَابَلَةِ سَلْطَنَةِ الرَّدِّ وَهِيَ لَا تُقَابَلُ بِخِلَافِهِ عِنْدَ عَدَمِ إمْكَانِهِ فَإِنَّ الْمُقَابَلَةَ تَكُونُ عَمَّا فَاتَ مِنْ وَصْفِ السَّلَامَةِ فِي الْمَبِيعِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ بِأَنْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الرَّدَّ مَعَ أَرْشِ الْحَادِثِ وَالْآخَرُ الْإِمْسَاكَ مَعَ أَرْشِ الْقَدِيمِ (فَالْأَصَحُّ إجَابَةُ مَنْ طَلَبَ) الْإِمْسَاكَ وَالرُّجُوعَ بِأَرْشِ الْقَدِيمِ بَائِعًا كَانَ أَوْ مُشْتَرِيًا لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْرِيرِ الْعَقْدِ. وَالثَّانِي يُجَابُ الْمُشْتَرِي مُطْلَقًا لِتَلْبِيسِ الْبَائِعِ عَلَيْهِ. وَالثَّالِثُ يُجَابُ الْبَائِعُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ إمَّا غَارِمٌ أَوْ آخِذٌ مَا لَمْ يَرُدَّ الْعَقْدَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي. نَعَمْ لَوْ صَبَغَ الثَّوْبَ بِمَا زَادَ فِي قِيمَتِهِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهِ فَطَلَبَ الْمُشْتَرِي أَرْشَ الْعَيْبِ وَقَالَ الْبَائِعُ بَلْ أَرُدُّهُ وَأَغْرَمُ لَك قِيمَةَ الصَّبْغِ وَلَمْ يُمْكِنْ فَصْلُ جَمِيعِهِ أُجِيبَ الْبَائِعُ وَوَجَّهَهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الْمُشْتَرِي هُنَا إذَا أَخَذَ الثَّمَنَ وَقِيمَةَ الصَّبْغِ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا، وَثَمَّ لَوْ أَلْزَمْنَاهُ الرَّدَّ وَأَرْشَ الْحَادِثِ غَرَّمْنَاهُ لَا فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ رَدُّ قَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ إنَّهُ مُشْكِلٌ خَارِجٌ عَنْ الْقَوَاعِدِ فَإِنْ أَمْكَنَ فَصْلُ جَمِيعِهِ فَصَلَهُ وَرَدَّ الثَّوْبَ كَمَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيُّ وَغَيْرُهُ، وَالْمَعْنَى يَرُدُّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَدْ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّقْصِ زَوَالُ بَعْضِ الْعَيْنِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يُقَيَّدُ بِهِ، بَلْ لَوْ كَانَ الْعَيْبُ نَحْوُ انْصِدَاعٍ لِلْحُلِيِّ أَوْ ابْتِلَالٍ لِلْبُرِّ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، فَالْأَوْلَى فِي التَّعْلِيلِ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ لَمَّا فُسِخَ الْعَقْدُ كَانَ الْأَرْشُ لِلْعَيْبِ الْحَادِثِ فِي يَدِهِ وَلَيْسَ ثَمَّ عَقْدٌ بِمُوجِبِ الْحُرْمَةِ بِسَبَبِ الْمُفَاوَضَةِ وَعِبَارَةُ حَجّ: نَعَمْ الرِّبَوِيُّ الْمَبِيعُ بِجِنْسِهِ لَوْ اطَّلَعَ فِيهِ عَلَى قَدِيمٍ بَعْدَ حُدُوثِ آخَرَ يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْفَسْخُ مَعَ أَرْشِ الْحَادِثِ لِأَنَّهُ لَمَّا نَقَصَ عِنْدَهُ فَلَا يُؤَدِّي لِمُفَاضَلَةٍ بَيْنَ الْعِوَضَيْنِ إلَخْ وَهِيَ أَوْضَحُ (قَوْلُهُ لَمَّا نَقَصَ) اللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ فَكَانَ الْأَوْلَى زِيَادَةَ فَاءٍ فِي لَمْ يُؤَدِّ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ مَا لَوْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ) وَهُوَ أَنَّهُ يَفْسَخُ الْعَقْدَ وَيَرُدُّ بَدَلَ التَّالِفِ وَيَسْتَرِدُّ الثَّمَنَ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ أَخْذِهِ رَدَّهُ) أَيْ وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ جِدًّا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ زَوَالُهُ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي كَإِزَالَتِهِ بِنَحْوِ دَوَاءٍ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ الدَّوَاءِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ التَّرَاضِي) أَيْ يَمْنَعُ الْفَسْخَ (قَوْلُهُ وَهِيَ لَا تُقَابَلُ) أَيْ بِعِوَضٍ (قَوْلُهُ: فَالْأَصَحُّ إجَابَةُ مَنْ طَلَبَ الْإِمْسَاكَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ مُتَصَرِّفًا عَنْ غَيْرِهِ بِنَحْوِ وِلَايَةٍ وَكَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الرَّدِّ اهـ فَلْيُرَاجَعْ سم عَلَى حَجّ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الرَّدِّ وَطَلَبَ الْوَلِيُّ الْإِمْسَاكَ لَمْ يَجُزْ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْوَلِيَّ إنَّمَا يَنْصَرِفُ بِالْمَصْلَحَةِ وَإِنْ طَلَبَهُ غَيْرُ الْوَلِيِّ كَالْبَائِعِ لِوَلِيِّ الطِّفْلِ، أُجِيبَ: لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا تَلْزَمُهُ مُرَاعَاةُ مَصْلَحَةِ الطِّفْلِ وَوَلِيُّهُ الْآنَ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْ الرَّدِّ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) سَوَاءٌ طَلَبَ الْإِمْسَاكَ أَوْ الرَّدَّ (قَوْلُهُ: وَأَخْذَ مَا) أَيْ شَيْئًا (قَوْلُهُ: لَوْ صَبَغَ الثَّوْبَ) أَيْ مُشْتَرٍ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الصَّبْغِ غَيْرُهُ مِنْ كُلِّ مَا تَزِيدُ بِهِ الْقِيمَةُ (قَوْلُهُ: بَلْ أَرُدُّهُ) أَيْ أَقْبَلُهُ، وَعِبَارَةُ حَجّ: بَلْ رَدُّهُ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ: أُجِيبَ الْبَائِعُ) أَيْ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي قَدْرِ قِيمَةِ الصَّبْغِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الصَّبْغُ عَيْبًا أَمْ لَا، وَلَيْسَ مُرَادًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَا يُقَالُ إلَخْ) هُوَ تَابِعٌ فِي إيرَادِ هَذَا السُّؤَالِ، وَالْجَوَابُ لِشَرْحِ الرَّوْضِ لَكِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مَا أَحَالَ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ شَرْحِ الرَّوْضِ فَإِنَّهُ تَقَدَّمَ فِيهِ فِي الْمَتْنِ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ الرَّدُّ قَهْرًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَالِحَ عَلَى تَرْكِهِ عَلَى مَالٍ بَلْ يَسْقُطُ رَدُّهُ بِذَلِكَ إنْ عَلِمَ الْمَنْعَ، وَلَمَّا كَانَ مُشْكِلًا عَلَى مَا هُنَا مِنْ غُرْمِ الْبَائِعِ أَرْشَ الْقَدِيمِ وَعَدَمِ الرَّدِّ ذَكَرَ إشْكَالَهُ ثُمَّ أَجَابَ عَنْهُ بِمَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ صَبَغَ الثَّوْبَ) أَيْ: وَالصُّورَةُ أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ عَيْبٌ حَادِثٌ وَإِنْ أَوْهَمَهُ الِاسْتِدْرَاكُ بِنَعَمْ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُبَدِّلَهُ بِقَوْلِهِ وَفَارَقَ مَا هُنَا مَا لَوْ صَبَغَ الثَّوْبَ إلَخْ. وَاعْلَمْ أَنَّ فِي مَسْأَلَةِ الصَّبْغِ الْمَذْكُورِ تَفْصِيلًا طَوِيلًا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا

ثُمَّ يُفَصِّلُهُ نَظِيرَ مَا فِي الصُّوفِ، وَلَوْ كَانَ غَزْلًا فَنَسَجَهُ ثُمَّ رَأَى بِهِ عَيْبًا قَدِيمًا فَلَهُ الْأَرْشُ، فَإِنْ رَضِيَ الْبَائِعُ بِعَيْبِهِ فَفِيهِ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ أَنَّهُ يُخَيِّرُ الْبَائِعَ بَيْنَ بَذْلِ أُجْرَةِ النَّسْجِ وَأَخْذِهِ وَغَرَامَةِ الْأَرْشِ لِأَنَّ النَّسْجَ عَمَلٌ مُقَابَلٌ بِعِوَضٍ، وَحَيْثُ أَوْجَبْنَا أَرْشَ الْحَادِثِ لَا تَنْسُبُهُ إلَى الثَّمَنِ بَلْ يُرَدُّ مَا بَيْنَ قِيمَةِ الْمَبِيعِ مَعِيبًا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَقِيمَتِهِ مَعِيبًا بِهِ وَبِالْحَادِثِ، بِخِلَافِ أَرْشِ الْقَدِيمِ فَإِنَّا نَنْسُبُهُ إلَى الثَّمَنِ كَمَا مَرَّ. (وَيَجِبُ أَنْ) (يُعْلِمَ) الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عَلَى الْفَوْرِ (بِالْحَادِثِ) مَعَ الْقَدِيمِ (لِيَخْتَارَ) شَيْئًا مِمَّا مَرَّ كَمَا يَجِبُ الْفَوْرُ فِي الرَّدِّ حَيْثُ لَا حَادِثَ. نَعَمْ يَقْبَلُ دَعْوَاهُ الْجَهْلَ بِوُجُوبِ فَوْرِيَّةِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (فَإِنْ أَخَّرَ إعْلَامَهُ) بِذَلِكَ (بِلَا عُذْرٍ فَلَا رَدَّ) لَهُ بِهِ (وَلَا أَرْشَ) عَنْهُ لِإِشْعَارِ تَأْخِيرِهِ بِرِضَاهُ بِهِ. نَعَمْ لَوْ كَانَ الْحَادِثُ قَرِيبَ الزَّوَالِ غَالِبًا كَرَمَدٍ وَحُمَّى عُذِرَ فِي انْتِظَارِهِ لِيَرُدَّهُ سَالِمًا عَلَى أَوْجَهِ الْقَوْلَيْنِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ، وَالْأَقْرَبُ ضَبْطُ الْقَرِيبِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَأَقَلُّ، وَأَنَّ الْحَادِثَ لَوْ كَانَ هُوَ الزَّوَاجُ فَعَلَّقَ الزَّوْجُ طَلَاقَهَا عَلَى مُضِيِّ نَحْوِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَانْتَظَرَهُ الْمُشْتَرِي لِيَرُدَّهَا خَلِيَّةً لَمْ يَبْطُلْ رَدُّهُ، وَلَوْ حَدَثَ فِي الْمَبِيعِ عَيْبٌ مِثْلُ الْقَدِيمِ كَبَيَاضٍ قَدِيمٍ وَحَادِثٍ فِي عَيْنِهِ ثُمَّ زَالَ أَحَدُهُمَا وَأَشْكَلَ الْحَالُ وَاخْتَلَفَ فِيهِ الْعَاقِدَانِ فَقَالَ الْبَائِعُ الزَّائِلُ الْقَدِيمُ فَلَا رَدَّ وَلَا أَرْشَ وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ الْحَادِثُ فَلِي الرَّدُّ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَسَقَطَ الرَّدُّ بِحَلِفِ الْبَائِعِ وَوَجَبَ لِلْمُشْتَرِي بِحَلِفِهِ الْأَرْشُ وَإِنَّمَا وَجَبَ لَهُ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا يَدَّعِي الرَّدَّ لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ نَكَلَا فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ وَجَبَ الْأَقَلُّ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ وَمَنْ نَكَلَ عَنْ الْحَلِفِ مِنْهُمَا قُضِيَ عَلَيْهِ كَمَا فِي نُظَّارِهِ (وَلَوْ حَدَثَ عَيْبٌ لَا يُعْرَفُ الْقَدِيمُ إلَّا بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبَلْ الْمُرَادُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَتَأَتَّى عَلَيْهِ التَّنَازُعُ وَطَلَبُ الْأَرْشِ (قَوْلُهُ نَظِيرَ مَا فِي الصُّوفِ) أَيْ حَيْثُ يُرَدُّ الْحَيَوَانُ ثُمَّ يَجُزُّهُ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الْأَرْشُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ فَإِنْ رَضِيَ الْبَائِعُ بِعَيْبِهِ) وَهُوَ النَّسْجُ، وَالْمُرَادُ رَضِيَ بِأَخْذِهِ مَنْسُوجًا هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، لَكِنْ لَا يُنَاسِبُهُ قَوْلُهُ يُخَيَّرُ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ فَإِنَّا نَنْسُبُهُ إلَى الثَّمَنِ) أَيْ لِبَقَاءِ الْعَقْدِ الْمَضْمُونِ بِالثَّمَنِ وَأَمَّا الْحَادِثُ فَهُوَ بَعْدَ فَسْخِ الْعَقْدِ فَهُوَ بَدَلُ الْفَائِتِ مِنْ الْمَبِيعِ الْمَضْمُونِ عَلَيْهِ بِالْيَدِ. (قَوْلُهُ: لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ) أَيْ فَلَوْ عَرَفَ الْفَوْرِيَّةَ ثُمَّ نَسِيَهَا فَيَنْبَغِي سُقُوطُ الرَّدِّ لِنُدْرَةِ نِسْيَانِ مِثْلِ هَذِهِ وَلِتَقْصِيرِهِ بِنِسْيَانِ الْحُكْمِ بَعْدَ مَا عَرَفَهُ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ ضَبْطُ الْقَرِيبِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْبَائِعُ أُزِيلُ لَك الْعَيْبَ أَغْتُفِرَتْ الْمُدَّةُ الَّتِي لَا تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ فَلْيُنْظَرْ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا، وَلَعَلَّهُ أَنَّ الْمِلْكَ فِي الْمَبِيعِ ثَمَّ لِلْمُشْتَرِي وَاشْتِغَالُ الْبَائِعِ بِإِزَالَةِ الْعَيْبِ يُفَوِّتُ مَنْفَعَتَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَاعْتُبِرَ فِي مُدَّةِ إزَالَتِهِ أَنْ لَا تُقَابَلَ بِأُجْرَةٍ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ الْمِلْكَ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي فَلَا يَفُوتُ فِيهَا عَلَى الْبَائِعِ شَيْءٌ وَاغْتُفِرَتْ مَعَ قِصَرِهَا لِعَدَمِ الْإِشْعَارِ بِبَقَاءِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْمَبِيعِ، لَكِنَّ هَذَا إنَّمَا يَقْتَضِي عَدَمَ إجْبَارِ الْمُشْتَرِي عَلَى مُوَافَقَةِ الْبَائِعِ، وَأَمَّا أَنَّهُ يَقْتَضِي إسْقَاطَ الرَّدِّ الْقَهْرِيِّ فَفِيهِ نَظَرٌ، وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا: لَوْ أَجَّرَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ اطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ عُذِرَ فِي التَّأْخِيرِ إلَى انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَإِنْ طَالَتْ حَيْثُ لَمْ يَحْدُثْ بِالْمَبِيعِ عَيْبٌ فَقِيَاسُهُ هُنَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى مُضِيِّ نَحْوِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ زَادَتْ الْمُدَّةُ عَلَى ذَلِكَ كَأَنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِسَنَةٍ مَثَلًا لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ وَيَجِبُ الْأَرْشُ حَالًا، وَقَدْ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْإِجَارَةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِالْعَيْنِ الْمَسْلُوبَةِ الْمَنْفَعَةِ صَبَرَ الْمُشْتَرِي إلَى انْقِضَاءِ الْإِجَارَةِ وَلَا يَأْخُذُ أَرْشًا لِعَدَمِ يَأْسِهِ مِنْ الرَّدِّ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ التَّزْوِيجَ لَمَّا كَانَ يُرَادُ بِهِ الدَّوَامُ وَكَانَ الطَّلَاقُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ نَادِرًا لَمْ يُعَوَّلْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا وَجَبَ) أَيْ الْأَرْشُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ) أَيْ أَرْشُ الْأَقَلِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: قُضِيَ عَلَيْهِ) أَيْ بِيَمِينِ صَاحِبِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: لَا يُعْرَفُ الْقَدِيمُ إلَّا بِهِ) لَوْ ظَهَرَ تَغَيُّرُ لَحْمِ الْحَيَوَانِ بَعْدَ ذَبْحِهِ، فَإِنْ أَمْكَنَ مَعْرِفَةُ تَغَيُّرِهِ بِدُونِ ذَبْحِهِ كَمَا فِي الْجَلَّالَةِ امْتَنَعَ الرَّدُّ بَعْدَ ذَبْحِهِ، وَإِنْ تَعَيَّنَ ذَبْحُهُ طَرِيقًا لِمَعْرِفَةِ تَغَيُّرِهِ فَلَهُ الرَّدُّ. هَذَا حَاصِلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: نَظِيرُ مَا فِي الصُّوفِ) أَيْ الْحَادِثِ عِنْدَهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ رَضِيَ الْبَائِعُ بِعَيْبِهِ) يَعْنِي فَإِنْ رَضِيَ بِهِ مَنْسُوجًا . (قَوْلُهُ: لَهُ بِهِ) أَيْ الْقَدِيمِ.

كَكَسْرِ بَيْضٍ) لِنَحْوِ نَعَامٍ لِأَنَّ قِشْرَهُ مُتَقَوِّمٌ (وَ) كَسْرِ (رَانِجٌ) بِكَسْرِ النُّونِ وَهُوَ الْجَوْزُ الْهِنْدِيُّ حَيْثُ لَمْ تَتَأَتَّ مَعْرِفَةُ عَيْبِهِ إلَّا بِكَسْرِهِ فَزَعَمَ تَعَيُّنَ عَدَمِ عَطْفِهِ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَذِكْرُ ثُقْبٍ قَبْلَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ غَايَةَ الْأَمْرِ أَنَّهُ يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ عَيْبِهِ بِالْكَسْرِ وَتَارَةً بِالثَّقْبِ أُخْرَى فَيُحْمَلُ عَلَى الْأَوَّلِ (وَتَقْوِيرُ بِطِّيخٍ) بِكَسْرِ الْبَاءِ أَشْهَرُ مِنْ فَتْحِهَا (مُدَوِّدٌ) بَعْضُهُ بِكَسْرِ الْوَاوِ وَكُلُّ مَا مَأْكُولُهُ فِي جَوْفِهِ كَالرُّمَّانِ وَالْجَوْزِ (رُدَّ) مَا ذُكِرَ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ (وَلَا أَرْشَ عَلَيْهِ فِي الْأَظْهَرِ) لِتَسْلِيطِ الْبَائِعِ لَهُ عَلَى كَسْرِهِ لِتَوَقُّفِ عِلْمِ بَيْعِهِ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي يَرُدُّ وَعَلَيْهِ الْأَرْشُ رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ، وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا مَعِيبًا وَمَكْسُورًا مَعِيبًا وَلَا نَظَرَ إلَى الثَّمَنِ. وَالثَّالِثُ لَا يُرَدُّ أَصْلًا كَمَا فِي سَائِرِ الْعُيُوبِ الْحَادِثَةِ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِأَرْشِ الْقَدِيمِ أَوْ يَغْرَمُ أَرْشَ الْحَادِثِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ. أَمَّا بَيْضُ نَحْوِ دَجَاجٍ مَذَرٌ وَنَحْوُ بِطِّيخٍ مُدَوِّدٌ جَمِيعُهُ فَإِنَّهُ يُوجِبُ فَسَادَ الْبَيْعِ لَوْ رَدَّهُ عَلَى غَيْرِ مُتَقَوِّمٍ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ تَنْظِيفُ الْمَحَلِّ مِنْ قُشُورِهِ لِاخْتِصَاصِهَا بِهِ. وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَنْقُلْهَا الْمُشْتَرِي وَإِلَّا لَزِمَهُ نَقْلُهَا مِنْهُ (فَإِنْ أَمْكَنَ مَعْرِفَةُ الْقَدِيمِ بِأَقَلَّ مِمَّا أَحْدَثَهُ) الْمُشْتَرِي كَتَقْوِيرٍ كَبِيرٍ يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِدُونِهِ وَكَشَقِّ رُمَّانٍ مَشْرُوطٍ حَلَاوَتُهُ لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْهُ بِالْغَرْزِ فِيهِ لِمَعْرِفَةِ حُمُوضَتِهِ بِهِ سَوَاءٌ أَعْذَرَ وَذَلِكَ بِقِيَامِ قَرِينَةٍ تَحْمِلُهُ عَلَى مُجَاوِزِ الْأَقَلِّ أَمْ لَا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ لِتَقْصِيرِهِ فِي الْجُمْلَةِ وَعِنْدَ. الْإِطْلَاقِ لَا تَكُونُ الْحُمُوضَةُ عَيْبًا لِأَنَّهَا مَقْصُودَةٌ فِيهِ (فَكَسَائِرِ الْعُيُوبِ الْحَادِثَةِ) فَيَمْتَنِعُ رَدُّهُ بِهِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَالتَّدْوِيدُ لَا يُعْرَفُ غَالِبًا إلَّا بِكَسْرِهِ وَقَدْ يُعْرَفُ بِالشَّقِّ، وَلَوْ اشْتَرَى نَحْوَ بَيْضٍ أَوْ بِطِّيخٍ كَثِيرٍ فَكَسَرَ وَاحِدَةً ثُمَّ وَجَدَهَا مَعِيبَةً لَمْ يَتَجَاوَزْهَا لِثُبُوتِ مُقْتَضَى رَدِّ الْكُلِّ بِذَلِكَ لِمَا يَأْتِي مِنْ امْتِنَاعِ رَدِّ الْبَعْضِ فَقَطْ، فَإِنْ كَسَرَ الثَّانِيَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: قَوْلُ الشِّهَابِ فَلَهُ الرَّدُّ أَيْ وَلَا أَرْشَ عَلَيْهِ فِي مُقَابَلَةِ الذَّبْحِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ تَغَيُّرَ اللَّحْمِ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالذَّبْحِ (قَوْلُهُ: رَانِجٌ) بِكَسْرِ النُّونِ وَبِفَتْحِهَا اهـ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: وَذِكْرُ ثُقْبٍ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ قَوْلِ رَانِجٌ (قَوْلُهُ: مَعْرِفَةُ عَيْبِهِ) أَيْ الرَّانِجِ (قَوْلُهُ: بِطِّيخٌ) بِكَسْرِ الْبَاءِ وَيُقَالُ فِيهِ أَيْضًا الطِّبِّيخُ اهـ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الْوَاوِ) مِنْ دُودِ الطَّعَامِ فَفِعْلُهُ لَازِمٌ، يُقَالُ دَادَ الطَّعَامُ يَدَادُ دَوْدًا بِوَزْنِ خَافَ يَخَافُ خَوْفًا وَأَدَادَ وَدَوَّدَ تَدْوِيدًا كُلُّهُ بِمَعْنًى اهـ مُخْتَارٌ. وَالْوَصْفُ مُخْتَلِفٌ فَمِنْ دَادَ دَائِدٌ وَمِنْ أَدَادَ مَدِيدٌ وَمِنْ دَوَّدَ مَدُودٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا بَيْضُ نَحْوِ دَجَاجٍ) مُحْتَرَزٌ قَوْلِهِ لِنَحْوِ نَعَامٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَزِمَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي نَقْلُهَا مِنْهُ: أَيْ إلَى مَحَلِّ الْعَقْدِ اهـ حَجّ. وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ لِلشَّارِحِ أَنَّ مَحَلَّ الْقَبْضِ لَوْ كَانَ غَيْرَ مَحَلِّ الْعَقْدِ كَانَ هُوَ الْمُعْتَبَرُ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَمْكَنَ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِلْوَاقِعِ لَا لِظَنِّهِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُمْ اهـ حَجّ. فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي أَنَّ مَا ذُكِرَ لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ الْقَدِيمِ بِدُونِهِ رُجِعَ فِيهِ لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ، فَلَوْ فَقَدُوا وَاخْتَلَفُوا صُدِّقَ الْمُشْتَرِي لِتَحَقُّقِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَالشَّكِّ فِي مُسْقِطِ الرَّدِّ (قَوْلُهُ: أَمْ لَا) أَيْ أَمْ لَمْ يُعْذَرْ (قَوْلُهُ: مَقْصُودَةٌ فِيهِ) أَيْ الرُّمَّانُ (قَوْلُهُ: فَيَمْتَنِعُ رَدُّهُ) وَإِذَا امْتَنَعَ الرَّدُّ رَجَعَ بِأَرْشِ الْقَدِيمِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَكَسَرَ وَاحِدَةً) أَيْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا كَبِيرَةً أَوْ صَغِيرَةً. [مَسْأَلَةٌ] سَأَلَ أَبُو ثَوْرٍ الشَّافِعِيَّ عَمَّنْ اشْتَرَى بَيْضَةً مِنْ رَجُلٍ وَبَيْضَةً مِنْ آخَرَ وَوَضَعَهُمَا فِي كُمِّهِ فَكُسِرَتْ إحْدَاهُمَا فَخَرَجَتْ مَذِرَةً فَعَلَى مَنْ يَرُدُّ الْمَذِرَةَ؟ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: أَتْرُكُهُ حَتَّى يَدَّعِيَ، قَالَ: يَقُولُ لَا أَدْرِي، قَالَ: أَقُولُ لَهُ انْصَرِفْ حَتَّى تَدْرِيَ فَإِنَّا مُفْتُونَ لَا مُعَلِّمُونَ اهـ. وَلَا يُجْتَهَدُ لِأَنَّ فِيهِ إلْزَامَ الْغَيْرِ بِالِاجْتِهَادِ، وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ فِي الْأَمْوَالِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَبَضَ مِنْ شَخْصَيْنِ دَرَاهِمَ فَخَلَطَهَا فَوَجَدَ بِهَا نُحَاسًا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجْتَهِدَ هُنَا إنْ كَانَ ثَمَّ أَمَارَةٌ اهـ كَذَا بِهَامِشٍ. أَقُولُ: فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى يَهْجُمُ وَيَرُدُّ الْمَذْكُورَةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الْبَائِعَيْنِ، فَإِنْ قَبِلَهَا فَذَاكَ وَإِلَّا حَلَّفَهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مَبِيعَةً مِنْهُ، فَإِنْ حَلَفَ فَلَهُ عَرْضُهَا عَلَى الْآخَرِ، فَإِنْ حَلَفَ الْآخَرُ اسْتَمَرَّ التَّوَقُّفُ، وَإِنْ قَبِلَهَا أَحَدُهُمَا قُضِيَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ، وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَحْلِفَ إذَا نَكَلَ أَحَدُهُمَا إنْ ظَهَرَ لَهُ بِقَرِينَةٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَلَا رَدَّ لَهُ مُطْلَقًا فِيمَا يَظْهَرُ لِوُقُوفِهِ عَلَى الْعَيْبِ الْمُقْتَضِي لِلرَّدِّ بِالْأَوَّلِ فَكَانَ الثَّانِي عَيْبًا حَادِثًا، وَلَوْ بَانَ عَيْبُ الدَّابَّةِ وَقَدْ أَنْعَلَهَا وَكَانَ نَزْعُ النَّعْلِ يَعِيبُهَا فَنَزَعَهُ بَطَلَ حَقُّهُ مِنْ الرَّدِّ وَالْأَرْشِ لِقَطْعِهِ الْخِيَارَ بِتَعَيُّبِهِ بِالِاخْتِيَارِ وَإِنْ سَلَّمَهَا بِنَعْلِهَا أُجْبِرَ عَلَى قَبُولِ النَّعْلِ، إذْ لَا مِنَّةَ عَلَيْهِ فِيهِ وَلَا ضَمَانَ، وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي طَلَبُ قِيمَتِهَا فَإِنَّهَا حَقِيرَةٌ فِي مَعْرِضِ رَدِّ الدَّابَّةِ، فَلَوْ سَقَطَتْ اسْتَرَدَّهَا الْمُشْتَرِي لِأَنَّ تَرْكَهَا إعْرَاضٌ لَا تَمْلِيكٌ وَإِنْ لَمْ يَعِبْهَا نَزْعُهَا لَمْ يُجْبَرْ الْبَائِعُ عَلَى قَبُولِهَا لَهُ، بِخِلَافِ الصُّوفِ يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي لِأَنَّ زِيَادَتَهُ تُشْبِهُ زِيَادَةَ الثَّمَنِ بِخِلَافِ النَّعْلِ فَيَنْزِعُهَا، وَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرْنَاهُ مَا مَرَّ أَنَّ الْإِنْعَالَ فِي مُدَّةِ طَلَبِ الْخَصْمِ أَوْ الْحَاكِمِ ضَارٌّ لِأَنَّ ذَاكَ اشْتِغَالٌ يُشْبِهُ الْحَمْلَ عَلَى الدَّابَّةِ، وَهُنَا تَفْرِيغٌ، وَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ اشْتِغَالَهُ بِجَزِّ الصُّوفِ مَانِعٌ لَهُ مِنْ الرَّدِّ بَلْ يَرُدُّهُ ثُمَّ يَجُزُّ، لَكِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ نَزْعِ النَّعْلِ وَجَزِّ الصُّوفِ وَاضِحٌ. [فَرْعٌ] إذَا (اشْتَرَى) مِنْ وَاحِدٍ عَبْدَيْنِ أَيْ عَيْنَيْنِ مِنْ كُلِّ شَيْئَيْنِ لَمْ تَتَّصِلْ مَنْفَعَةُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى (مَعِيبَيْنِ صَفْقَةً) وَاحِدَةً جَاهِلًا بِالْحَالِ (رَدَّهُمَا) إنْ أَرَادَ لَا أَحَدُهُمَا قَهْرًا لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَى الْبَائِعِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــSالْبَائِعُ وَيُطْلَبُ النَّاكِلُ بِالثَّمَنِ، أَمَّا لَوْ كَانَتَا مَبِيعَتَيْنِ مِنْ وَاحِدٍ فَإِنْ كَانَتَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ تَبَيَّنَ بُطْلَانُهُ فِي الْمَذِرَةِ وَيَسْقُطُ مِنْ الثَّمَنِ مَا يُقَابِلُهُ، وَإِنْ كَانَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ بِثَمَنٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ فِي مِقْدَارِ ثَمَنِ التَّالِفَةِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ. وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فَالظَّاهِرُ فِيهَا مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، لَكِنْ لَوْ اجْتَهَدَ وَأَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى أَنَّ النُّحَاسَ مِنْ زَيْدٍ فَأَنْكَرَ أَنَّ النُّحَاسَ مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ عَرْضُهُ عَلَى الْآخَرِ لِأَنَّهُ بِاجْتِهَادِهِ صَارَ يَظُنُّ أَنَّ الْآخَرَ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ فَيَبْقَى فِي يَدِهِ إلَى أَنْ يَرْجِعَ صَاحِبُهُ وَيَعْتَرِفَ بِهِ، وَلَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ مِنْ بَابِ الظَّفَرِ وَيُحَصِّلُ بِثَمَنِهِ بَعْضَ حَقِّهِ. [فَرْعٌ] لَوْ اشْتَرَى بِطِّيخَةً فَوَجَدَ لُبَّهَا أَنْبَتَ نَظَرَ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَقِبَ قَطْعِهِ مِنْ شَجَرَةٍ كَانَ عَيْبًا لَهُ الرَّدُّ بِهِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ خَزِينِهِ مُدَّةً يَغْلِبُ إنْبَاتُهُ فِيهَا لَمْ يَكُنْ عَيْبًا فَلَا رَدَّ بِهِ (قَوْلُهُ فَلَا رَدَّ لَهُ) أَيْ وَلَوْ بِإِذْنِ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ أَمْكَنَ مَعْرِفَةُ عَيْبِهَا بِدُونِ الْكَسْرِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي) أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْإِلْزَامِ (قَوْلُهُ: يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْبَائِعَ يَمْلِكُهُ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَبِيعِ تَنْقُصُ قِيمَتُهُ بِجَزِّ الصُّوفِ أَوْ لَا، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَتَضَرَّرَ الشَّاةُ بِجَزِّهِ كَكَوْنِ الزَّمَنِ شِتَاءً مَثَلًا أَوْ لَا، وَيُوَجَّهُ ذَلِكَ بِمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ زِيَادَتَهُ تُشْبِهُ الثَّمَنَ، وَوَجْهُ الشَّبَهِ أَنَّ كُلًّا مِنْ أَجْزَاءِ الْحَيَوَانِ فَأُجْبِرَ عَلَى قَبُولِهِ تَبَعًا لَهُ وَلَمْ يُنْظَرْ لِلْمِنَّةِ فِي الْمُسَامَحَةِ لِأَنَّهُ فِي مَقَامِ رَدِّ الْمَعِيبِ وَالتَّخَلُّصِ مِنْهُ، لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُشْتَرِي يَرُدُّ الشَّاةَ ثُمَّ يَفْصِلُ صُوفَهَا تَحْتَ يَدِ الْبَائِعِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا تَقَدَّمَ عَلَى أَنَّ نَزْعَ الصُّوفِ لَا يَضُرُّ بِالشَّاةِ فَمَكَّنَ الْمُشْتَرِي مِنْ أَخْذِهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَجُزُّ) بَابُهُ رَدٌّ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَاضِحٌ) وَلَعَلَّهُ قِصَرُ الزَّمَنِ، ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَرْعٌ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَمْ تَتَّصِلْ إلَخْ) أَيْ لَمْ تَتَوَقَّفْ مَنْفَعَةُ إحْدَاهُمَا الْكَامِلَةُ عَلَى الْأُخْرَى عَادَةً (قَوْلُهُ: إحْدَاهُمَا) أَيْ الْعَيْنَيْنِ اللَّتَيْنِ فَسَّرَ بِهِمَا الْمُرَادَ بِالْعَبْدَيْنِ (قَوْلُهُ رَدَّهُمَا) أَيْ جَازَ لَهُ الرَّدُّ إنْ إلَخْ، فَلَوْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِ أَحَدِهِمَا فَرَضِيَ بِهِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِ الْآخَرِ رَدَّهُمَا إنْ شَاءَ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا وَاحِدًا وَاطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ وَرَضِيَ بِهِ ثُمَّ اطَّلَعَ فِيهِ عَلَى آخَرَ جَازَ لَهُ الرَّدُّ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ رِضَاهُ بِالْأَوَّلِ. وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ فِي أَوَّلِ التَّصْرِيَةِ: وَلَوْ رَضِيَ بِالتَّصْرِيَةِ وَلَكِنْ رَدَّهَا بِعَيْبٍ آخَرَ بَعْدَ الْحَلْبِ رَدَّ الصَّاعِ أَيْضًا اهـ. وَكَذَا قَوْلُ الرَّوْضِ مَتَى رَضِيَ: أَيْ الْمُشْتَرِي بِالْمُصَرَّاةِ ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا: أَيْ قَدِيمًا رَدَّهَا وَبَدَلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَرْعٌ] . (قَوْلُهُ: أَيْ عَيْنَيْنِ) عِبَارَةُ الشِّهَابِ حَجّ عَقِبَ قَوْلِهِ عَبْدَيْنِ أَوْ نَحْوِهِمَا مِنْ كُلِّ شَيْئَيْنِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَمْ تَتَّصِلْ مَنْفَعَةُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ وَسَيَأْتِي مَفْهُومُهُ

وَيَجْرِي فِي رَدِّ أَحَدِهِمَا الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ (وَلَوْ ظَهَرَ عَيْبُ أَحَدِهِمَا) دُونَ الْآخَرِ (رَدَّهُمَا) إنْ أَرَادَ (لَا الْمَعِيبَ وَحْدَهُ) فَلَا يَرُدُّهُ قَهْرًا عَلَيْهِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِذَلِكَ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مِثْلِيًّا لَا يَنْقُصُ بِالتَّبْعِيضِ كَالْحُبُوبِ وَهُوَ أَرْجَحُ وَجْهَيْنِ أَطْلَقَاهُمَا بِلَا تَرْجِيحٍ، وَإِنْ نُقِلَ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَالْبُوَيْطِيِّ الْجَوَازُ، وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا لَوْ وَقَعَ ذَلِكَ بِالرِّضَا وَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَضْعِيفِهِ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا، وَمَا لَوْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْ بَعْضِهِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ وَلَوْ لِلْبَائِعِ فَلَا رَدَّ لَهُ وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الْمُتَوَلِّي فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ، وَيُقَاسُ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ وَصَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ وَجَزَمَ بِهِ السُّبْكِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي مَوْضِعٍ ثُمَّ نَقَلَهُ عَنْهُمَا وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ وَقْتُ الرَّدِّ لَمْ يُرَدَّ كَمَا تَمَلَّكَ، وَأَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ قَالَ الْقَاضِي إنَّ لَهُ الرَّدَّ عَلَى الْمَذْهَبِ إذْ لَيْسَ فِيهِ تَبْعِيضٌ عَلَى الْبَائِعِ، وَاقْتَصَرَ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى نَقْلِهِ عَنْهُ وَكَذَا السُّبْكِيُّ فِي شَرْحِ الْكِتَابِ، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَهُوَ مَبْنِيٌّ كَمَا قَالَهُ عَلَى أَنَّ الْمَانِعَ الضَّرَرُ فَيُرَدُّ أَوْ اتِّحَادُ الصَّفْقَةِ فَلَا وَالثَّانِي أَصَحُّ، وَيَلْحَقُ بِالْبَائِعِ فِيمَا تَقَرَّرَ وَارِثُهُ وَنَحْوُهُ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَلَوْ تَلِفَ السَّلِيمُ أَوْ بِيعَ قَبْلَ ظُهُورِ الْعَيْبِ فَرَدُّ الْمَعِيبِ أَوْلَى بِالْجَوَازِ لِتَعَذُّرِ رَدِّهِمَا: أَيْ مَعَ أَنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ الرَّدِّ فَقَدْ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ أَوْلَى بِكَذَا لَا يَلْزَمُ مِنْهُ مُخَالَفَةُ مَا قَبْلَهُ فِي الْحُكْمِ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ لَهُ رَدُّهُ وَأَخْذُ قِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ لِاخْتِصَاصِهِ بِالْعَيْبِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا لَا تَتَّصِلُ مَنْفَعَةُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ كَمَا مَرَّ، أَمَّا مَا تَتَّصِلُ كَذَلِكَ كَمِصْرَاعَيْ بَابٍ وَزَوْجَيْ خُفٍّ فَلَا يُرَدُّ الْمَعِيبُ مِنْهُمَا وَحْدَهُ قَهْرًا قَطْعًا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَوْ مَاتَ مَنْ يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ الرَّدُّ وَخَلَّفَ ابْنَيْنِ أَحَدَهُمَا الْمُشْتَرِي ـــــــــــــــــــــــــــــSاللَّبَنِ مَعَهَا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي فِي رَدِّ إلَخْ) إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ كَالْمَحَلِّيِّ وَلَمْ يَقُلْ وَفِيهِ الْخِلَافُ الْآتِي إلَخْ لِجَوَازِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ إنَّمَا ذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ بِالْأَصَالَةِ فِيمَا لَوْ ظَهَرَ عَيْبُ أَحَدِهِمَا وَأَنَّ إجْرَاءَ الْقَوْلَيْنِ فِي هَذِهِ بِطَرْدِهِمْ الْخِلَافَ فِيهَا (قَوْلُهُ وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ) مُرَادُهُ حَجّ. [فَرْعٌ] حَيْثُ جَوَّزْنَا: يَعْنِي عَلَى الضَّعِيفِ رَدَّ الْبَعْضِ اسْتَرْجَعَ قِسْطَهُ مِنْ الثَّمَنِ قَطْعًا، وَطَرِيقُ التَّوْزِيعِ تَقْدِيرُ الْعَبْدَيْنِ سَلِيمَيْنِ وَتَقْوِيمُهُمَا وَيُقَسَّطُ الْمُسَمَّى عَلَى الْقِيمَتَيْنِ، وَلَوْ وَزَّعْنَا الثَّمَنَ عَلَيْهِمَا مَعَ عَيْبِهِمَا لَأَدَّى إلَى خَطَأٍ وَفَسَادٍ دَلَّ عَلَيْهِ الِامْتِحَانُ، وَالصَّوَابُ تَقْدِيرُ السَّلَامَةِ وَهِيَ فَائِدَةٌ عَظِيمَةٌ نَافِعَةٌ فِي مَسَائِلَ ذُكِرَتْ فِيهَا الْغُنْيَةُ اهـ قوت (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَضْعِيفِهِ) وَعَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ مِثْلِيًّا أَوْ لَا لِمَا ذُكِرَ مِنْ الرِّضَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا) وَجْهُ بُعْدِهِ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ بِالرِّضَا لَا يَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِالْحُبُوبِ وَلَا بِغَيْرِهَا، وَعَلَّلَهُ حَجّ بِأَنَّهُ مَعَ الرِّضَا لَا خِلَافَ فِيهِ، وَالْكَلَامُ فِيمَا فِيهِ خِلَافٌ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ وَالْكَلَامُ فِيمَا فِيهِ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، لِأَنَّ كَوْنَ الْكَلَامِ فِيمَا فِيهِ خِلَافٌ لِلْأَصْحَابِ لَا يُنَافِي تَأْوِيلَ النَّصِّ الْمُخَالِفِ لِأَحَدِ شِقَّيْهِ بِحَيْثُ تَنْتَفِي الْمُخَالَفَةُ انْتَهَى. أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ ذِكْرُ الْخِلَافِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا النَّصَّ قَابِلٌ لِإِجْرَاءِ الْخِلَافِ بِحَيْثُ يَكُونُ الْخِلَافُ الْمُسْتَنْبَطُ مِنْهُ، وَمِمَّا يُقَابِلُهُ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ مُوَافِقًا لِقَوَاعِدِهِ وَحَيْثُ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ بِالتَّرَاضِي دَلَّ عَلَى مُنَافَاتِهِ لِلْخِلَافِ بِكُلِّ طَرِيقٍ فَيُنَافِي اتِّفَاقَ الْأَصْحَابِ عَلَى قَبُولِهِ لِلتَّخْرِيجِ (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ) أَيْ وَشَمِلَ مَا لَوْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ الْقَاضِي) أَيْ فِيمَا لَوْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْ أَحَدِهِمَا لِلْبَائِعِ وَمَشَى عَلَيْهِ حَجّ (قَوْلُهُ عَلَى نَقْلِهِ) أَيْ الرَّدِّ عَنْهُ أَيْ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ بِالْبَائِعِ) أَيْ فِي عَدَمِ رَدِّ أَحَدِهِمَا وَإِمْسَاكِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: أَيْ مَعَ أَنَّ الْأَصَحَّ) خَبَرٌ لِقَوْلِهِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ مُخَالَفَةٌ إلَخْ) أَيْ لِجَوَازِ أَنَّ أَوْلَوِيَّتَهُ بِالنَّظَرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الْمُتَوَلِّي إلَخْ) يَعْنِي فِي الْغَايَةِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ الرَّدِّ إلَخْ) كَأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْجَلَالُ مُفَرَّعٌ عَلَى الرَّاجِحِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ إنَّمَا فَرَّعَهُ عَلَى مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ الْقَائِلِ بِجَوَازِ الرَّدِّ فِي صُورَةِ الْمَتْنِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ سِيَاقِهِ (قَوْلُهُ: لَا يَلْزَمُ مِنْهُ مُخَالَفَةُ مَا قَبْلَهُ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا مَقْصُودُ هَذَا الْكَلَامِ مَعَ أَنَّ أَوْلَى بِكَذَا يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ الْمُخَالَفَةِ إذْ مَعْنَاهُ

[اختلفا في قدم العيب وحدوثه]

هَلْ لَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى أَخِيهِ نَصِيبَهُ؟ الظَّاهِرُ نَعَمْ اهـ. وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ بِتَبْعِيضِ الصَّفْقَةِ وَلَوْ فَسَخَ الْمُشْتَرِي فِي بَعْضِ الْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ فَهَلْ يَنْفَسِخُ فِي الْجَمِيعِ كَمَا فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فَخَرَجَ أَحَدُهُمَا مَعِيبًا لَيْسَ إفْرَادُهُ بِالرَّدِّ فِي الْأَظْهَرِ، وَلَوْ قَالَ رَدَدْت الْمَعِيبَ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ رَدًّا لَهُمَا؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا بَلْ هُوَ لَغْوٌ؟ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَرْجِيحُ عَدَمِ الِانْفِسَاخِ فِيمَا قَبْلَهَا. (وَلَوْ) تَعَدَّدَتْ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ كَأَنْ (اشْتَرَى عَبْدَ رَجُلَيْنِ) شَهِدَ مِنْهُمَا لَا مِنْ وَكِيلِهِمَا (فَبَانَ مَعِيبًا) أَوْ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ كَأَنْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ كُلَّ وَاحِدٍ بِمِائَةٍ (فَلَهُ) فِي الْأُولَى (رَدُّ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا) وَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ رَدُّ أَحَدِهِمَا أَوْ بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي كَمَا قَالَ (وَلَوْ اشْتَرَيَاهُ) أَيْ اثْنَانِ عَبْدَ وَاحِدٍ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ لِأَنْفُسِهِمَا أَوْ مُوَكِّلِهِمَا (فَلِأَحَدِهِمَا الرَّدُّ) لِنَصِيبِهِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِتَعَدُّدِهَا حِينَئِذٍ بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ أَوْ مِنْ اثْنَيْنِ وَلَا يَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَيْهِ بِجَعْلِ الضَّمِيرِ عَائِدًا عَلَى قَوْلِهِ عَبْدَ رَجُلَيْنِ لِأَنَّ هَذِهِ لَا خِلَافَ فِيهَا لِلتَّعَدُّدِ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ قَطْعًا فَلَهُ رَدُّ الرُّبْعِ، وَلَوْ اشْتَرَاهُ وَاحِدٌ مِنْ وَكِيلِ اثْنَيْنِ أَوْ مِنْ وَكِيلَيْ وَاحِدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSلِلدَّلِيلِ أَوْ مُقَابِلِ الرَّاجِحِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) وَلَهُ الْأَرْشُ فِي مُقَابَلَةِ النِّصْفِ الَّذِي خَصَّ أَخَاهُ وَيُسْقِطُهُ عَنْهُ مَا يُقَابِلُ النِّصْفَ الَّذِي يَخُصُّهُ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ شَيْءٌ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ، وَإِلَّا تُعَلَّقُ جُمْلَةُ الْأَرْشِ بِالتَّرِكَةِ فَيُزَاحِمُ الدُّيُونَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فَسَخَ الْمُشْتَرِي) أَيْ أَوْ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ (قَوْلُهُ: فِيهِ نَظَرٌ) وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الِانْفِسَاخِ كَمَا يَأْتِي وَهَذَا اللَّفْظُ مِنْهُ لَغْوٌ، وَفِي سُقُوطِ الرَّدِّ الْقَهْرِيِّ بِهِ مَا سَنَذْكُرُهُ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ إلَخْ) هُوَ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ رَدًّا لَهُمَا) أَيْ كَمَا فِي خِيَارِ الشَّرْطِ، وَعَلَيْهِ فَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَخِيَارِ الشَّرْطِ أَنَّ هَذَا وَرَدَ عَلَى الْعَقْدِ بَعْدَ لُزُومِهِ وَاعْتُبِرَ فِيهِ أَنْ لَا يُنْسَبَ إلَى تَقْصِيرٍ فِي عَدَمِ الرَّدِّ فَكَانَ أَقْوَى، بِخِلَافِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَمْنَعُ مِنْ الْمِلْكِ أَوْ لُزُومِهِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى سَبَبٍ بَلْ هُوَ رَاجِعٌ لِمُجَرَّدِ الشَّهْوَةِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ أَكْثَرَ قِيمَةً مِمَّا اشْتَرَاهُ بِهِ وَأَنْفَسَ بِمَا ظَنَّهُ كَانَ لَهُ الرَّدُّ فَضَعُفَ الْمِلْكُ مَعَهُ فَتَأَثَّرَ بِمَا لَمْ يَتَأَثَّرْ بِهِ هُنَا (قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ لَغْوٌ) ثُمَّ إنْ كَانَ اشْتِغَالُهُ بِذَلِكَ لَا يُعَدُّ بِهِ مُقَصِّرًا كَقَوْلِهِ إيَّاهُ لَيْلًا أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ بِأَنَّ ذَلِكَ يُسْقِطُ الرَّدَّ وَهُوَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ مَثَلًا لَا يَسْقُطُ رَدُّهُ وَإِلَّا سَقَطَ (قَوْلُهُ فِيمَا قَبْلَهَا) هِيَ قَوْلُهُ وَلَوْ فَسَخَ الْمُشْتَرِي فِي بَعْضِ الْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ) هِيَ قَوْلُهُ أَوْ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَهُ) أَيْ أَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ رَدُّ الرُّبْعِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ لَهُ أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُشَارَكَةُ فِي الْحُكْمِ مَعَ زِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ: هَلْ لَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى أَخِيهِ نَصِيبَهُ) اُنْظُرْ مَا صُورَتُهُ مَعَ أَنَّ مَا يُفْسَخُ فِيهِ يَعُودُ تَرِكَةً فَيَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ وَيَرْجِعُ بِمَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ مِنْ أَصْلِ التَّرِكَةِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا أَرْشَ حِينَئِذٍ لِعَدَمِ الْيَأْسِ مِنْ الرَّدِّ؛ لِأَنَّ لَهُ رَدَّ الْجَمِيعِ وَلِعَدَمِ حُدُوثِ عَيْبٍ يَمْنَعُ الرَّدَّ، فَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ لُزُومِ حِصَّةِ أَخِيهِ مِنْ الْأَرْشِ لَمْ يَظْهَرْ وَجْهُهُ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ إلَخْ) هَذَا هُوَ مَسْأَلَةُ الْمَتْنِ وَإِنَّمَا سَاقَهُ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ رَدَدْتُ الْمَعِيبَ إلَخْ) هَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ. (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَ) هُوَ جَوَابُ الشَّرْطِ الْمُقَدَّرِ: أَيْ وَلَوْ تَعَدَّدَتْ بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي فَهُوَ كَمَا قَالَ وَإِنَّمَا حَذَفَ الْفَاءَ مِنْ الْجَوَابِ الْوَاقِعِ جُمْلَةً اسْمِيَّةً جَرْيًا عَلَى طَرِيقَةِ بَعْضِ النَّحْوِيِّينَ، وَيَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ الْجَوَابُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فَلِأَحَدِهِمَا الرَّدُّ. وَالْمَعْنَى وَلَوْ تَعَدَّدَتْ بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي كَاَلَّذِي ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ اشْتَرَيَاهُ فَلِأَحَدِهِمَا الرَّدُّ. (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ اثْنَيْنِ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ لِلشِّهَابِ حَجّ، لَكِنْ ذَاكَ قَالَ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ اشْتَرَيَاهُ مَا نَصُّهُ: مِنْ وَاحِدٍ ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ أَوْ مِنْ اثْنَيْنِ بِخِلَافِ الشَّارِحِ [اخْتَلَفَا فِي قِدَمِ الْعَيْبِ وَحُدُوثِهِ] .

فَفِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْوَكِيلِ أَوْ الْمُوَكِّلِ، وَلَوْ اشْتَرَى ثَلَاثَةٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَكُلُّ مُشْتَرٍ مِنْ كُلِّ تِسْعَةٍ، وَضَابِطُ ذَلِكَ أَنْ تَضْرِبَ عَدَدَ الْبَائِعِينَ فِي عَدَدِ الْمُشْتَرِينَ عِنْدَ التَّعَدُّدِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا عِنْدَ الِانْفِرَادِ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ فَمَا حَصَلَ فَهُوَ عَدَدُ الْعُقُودِ. (وَلَوْ) (اخْتَلَفَا فِي قِدَمِ الْعَيْبِ) وَحُدُوثِهِ وَاحْتُمِلَ صِدْقُ كُلٍّ (صُدِّقَ الْبَائِعُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ لُزُومُ الْعَقْدِ (بِيَمِينِهِ) لِاحْتِمَالِ صِدْقِ الْمُشْتَرِي، وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ تَصْدِيقُ الْبَائِعِ أَيْضًا فِي قِدَمِ الْعَيْبِ فِيمَا لَوْ بَاعَ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوبِ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي حُدُوثَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لِيَرُدَّ بِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَوْ قَطَعَ بِمَا ادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا كَشَجَّةٍ مُنْدَمِلَةٍ وَالْبَيْعُ أَمْسُ فَالْمُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي بِلَا يَمِينٍ، وَكَجُرْحٍ طَرَأَ وَالْبَيْعُ وَالْقَبْضُ مِنْ سَنَةٍ فَالْمُصَدَّقُ الْبَائِعُ بِلَا يَمِينٍ، وَلَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي وُجُودَ عَيْبَيْنِ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَاعْتَرَفَ بِأَحَدِهِمَا وَادَّعَى حُدُوثَ الْآخَرِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الرَّدَّ ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ بِأَحَدِهِمَا فَلَا يَبْطُلُ بِالشَّكِّ. قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ وَغَيْرُهُ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ عَنْ النَّصِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِابْنِ الْعِمَادِ، وَلَا يَرُدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ الرَّدَّ إنَّمَا نَشَأَ مِمَّا اتَّفَقَا عَلَيْهِ وَكَلَامُهُ فِيمَا اخْتَلَفَا فِيهِ كَمَا تَرَى، قَالَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ حَسَنٌ وَإِنْ لَزِمَ مِنْ ثُبُوتِ الرَّدِّ فَسْخُ الْعَقْدِ لِأَنَّ الْمُقْتَضِي لِلرَّدِّ وَهُوَ الْعَيْبُ الْقَدِيمُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَالْبَائِعُ يَدَّعِي حُدُوثَ مَانِعٍ لِلرَّدِّ بَعْدَ وُجُودِ مُقْتَضِيهِ وَالْمُشْتَرِي يُنْكِرُهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَقَدْ أُخِذَ مِمَّا تَقَرَّرَ قَاعِدَةٌ وَهِيَ أَنَّهُ حَيْثُ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَرُدَّ كُلَّ الرُّبْعِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: أَيْ لَا أَنَّ لِأَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ رَدَّ الرُّبْعِ عَلَى الْبَائِعَيْنِ مَعًا (قَوْلُهُ: أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْوَكِيلِ) وَهُوَ الرَّاجِحُ فَلَهُ رَدُّ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْمُوَكِّلُ) مَرْجُوحٌ. (قَوْلُهُ: وَاحْتَمَلَ صِدْقَ كُلٍّ) قَيْدٌ لِقَوْلِهِ بِيَمِينِهِ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ لُزُومُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَكَلَامُهُ فِيمَا اخْتَلَفَا فِيهِ) زَادَ حَجّ: فَإِنْ قُلْت هُمَا قَدْ اخْتَلَفَا فِي الثَّانِي وَصَدَقَ الْمُشْتَرِي فِي قِدَمِهِ حَتَّى لَا يَمْتَنِعَ رَدُّهُ. قُلْت: تَصْدِيقُهُ لَيْسَ إلَّا لِقُوَّةِ جَانِبِهِ لِتَصْدِيقِ الْبَائِعِ لَهُ عَلَى مُوجِبِ الرَّدِّ فَلَمْ تَقْبَلُ إرَادَتُهُ رَفْعَهُ عَنْهُ بِدَعْوَى حُدُوثِ الثَّانِي فَالْحَامِلُ عَلَى تَصْدِيقِهِ سَبَقَ إقْرَارَ الْبَائِعِ لَا غَيْرُ فَلَمْ يُصَدِّقْ أَنَّ الْمُشْتَرِي صَدَقَ فِي الْقِدَمِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْت هُمَا إلَخْ، قَدْ يُقَالُ يَكْفِي فِي الْإِيرَادِ أَنَّهُ هُنَا لَمْ يَصْدُقْ الْبَائِعُ، وَإِلَّا امْتَنَعَ الرَّدُّ لِثُبُوتِ حُدُوثِ أَحَدِ الْعَيْبَيْنِ فَلَمْ يَصْدُقْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ صَدَقَ الْبَائِعُ، وَهَذَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يَنْدَفِعُ بِجَوَابِهِ الْمَذْكُورِ اهـ. وَهُوَ وَارِدٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مَرَّ أَيْضًا، وَقَدْ يُقَالُ: مُرَادُ الْمُجِيبِ أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ: صِدْقُ الْبَائِعِ رُوعِيَ فِيهِ قَيْدُ الْحَيْثِيَّةِ: يَعْنِي صِدْقَ الْبَائِعِ مِنْ حَيْثُ مُجَرَّدِ دَعْوَى حُدُوثِ الْعَيْبِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ نُظِرَ إلَى أَمْرٍ آخَرَ كَقُوَّةِ جَانِبِ الْمُشْتَرِي بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى قِدَمِ أَحَدِ الْعَيْبَيْنِ فَلَمْ يُصَدِّقْ أَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَصْدُقْ مَعَ كَوْنِهِ مُدَّعِيًا لِمُجَرَّدِ الْحُدُوثِ بَلْ إنَّمَا امْتَنَعَ تَصْدِيقُهُ لَدَعْوَاهُ الْحُدُوثَ مُصَاحِبًا لِلِاعْتِرَافِ بِقِدَمِ أَحَدِ الْعَيْبَيْنِ. [مَسْأَلَةٌ] فِي فَتَاوَى الْجَلَالِ السُّيُوطِيّ: رَجُلٌ بَاعَ حِمَارًا ثُمَّ طَلَبَ مِنْ الْمُشْتَرِي الْإِقَالَةَ بِشَرْطِ أَنْ تَبِيعُهُ لِي بَعْدَ ذَلِكَ بِكَذَا فَقَالَ نَعَمْ، فَلَمَّا أَقَالَهُ امْتَنَعَ مِنْ الْبَيْعِ فَهَلْ تَصِحُّ هَذِهِ الْإِقَالَةُ؟ الْجَوَابُ إنْ كَانَ هَذَا الشَّرْطُ لَمْ يُدْخِلَاهُ فِي صُلْبِ الْإِقَالَةِ بَلْ تَوَاطَآ عَلَيْهِ قَبْلَهَا ثُمَّ حَصَلَتْ الْإِقَالَةُ فَالْإِقَالَةُ صَحِيحَةٌ وَالشَّرْطُ لَاغٍ وَلَا يَلْزَمُهُ الْبَيْعُ لَهُ ثَانِيًا، وَإِنْ ذُكِرَ الشَّرْطُ فِي صُلْبِ الْإِقَالَةِ فَسَدَتْ الْإِقَالَةُ اهـ. وَظَاهِرُهُ فَسَادُهَا وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا فَسْخٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَفَرْضُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ) أَيْ قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ لُزُومُ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: وَادَّعَى الْمُشْتَرِي حُدُوثَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لِيَرُدَّ بِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَبْرَأُ مِنْ عَيْبٍ بَاطِنٍ مَوْجُودٍ عِنْدَ الْعَقْدِ كَمَا مَرَّ، فَالصُّورَةُ هُنَا أَنَّ الْعَيْبَ بَاطِنٌ بِالْحَيَوَانِ

كَانَ الْعَيْبُ يَثْبُتُ الرَّدُّ فَالْمُصَدَّقُ الْبَائِعُ وَحَيْثُ كَانَ يُبْطِلُهُ فَالْمُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ نَكَلَ الْمُشْتَرِي عَنْ الْيَمِينِ لَمْ تُرَدَّ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُرَدُّ إذَا كَانَتْ تُثْبِتُ لِلْمَرْدُودِ عَلَيْهِ حَقًّا وَلَا حَقَّ لَهُ هُنَا، وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْجَهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ يَأْتِي هُنَا مَا سَبَقَ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ إنْ رَضِيَ الْبَائِعُ إلَى آخِرِهِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا بَعْدَ التَّقَابُلِ فَقَالَ الْبَائِعُ فِي عَيْبٍ يُحْتَمَلُ حُدُوثُهُ وَقِدَمُهُ عَلَى الْإِقَالَةِ كَانَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَقَالَ الْمُشْتَرِي كَانَ عِنْدَك قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ أَفْتَيْت فِيهَا بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْ غُرْمِ أَرْشِ الْعَيْبِ، وَلَوْ اشْتَرَى مَا سَبَقَتْ رُؤْيَتُهُ بِهِ وَأَرَاهُ عَيْبَهُ ثُمَّ أَتَاهُ بِهِ فَقَالَ زَادَ الْعَيْبُ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ صَدَقَ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيُّ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَدَّعِي عَلَيْهِ عِلْمَهُ بِهِ وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ، وَلَا تُرَدُّ هَذِهِ أَيْضًا خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ أَيْضًا لِأَنَّهُمَا لَمْ يَخْتَلِفَا فِي الْقِدَمِ بَلْ فِي الزِّيَادَةِ الْمُسْتَلْزِمَةِ لَهُ وَإِنَّمَا ذُكِرَ الِاخْتِلَافُ فِي الْقِدَمِ نَصًّا، ثُمَّ تَصْدِيقُ الْبَائِعِ عَلَى عَدَمِ الْقِدَمِ إنَّمَا هُوَ لِمَنْعِ رَدِّ الْمُشْتَرِي لَا لِتَغْرِيمِهِ أَرْشَهُ لَوْ عَادَ لِلْبَائِعِ بِفَسْخٍ وَطَلَبَهُ زَاعِمًا أَنَّ حُدُوثَهُ بِيَدِهِ ثَبَتَ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ يَمِينَهُ إنَّمَا صَلَحَتْ لِلدَّفْعِ عَنْهُ فَلَا تَصْلُحُ لِإِثْبَاتِ شَيْءٍ لَهُ نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِي التَّخَالُفِ فِي الْجِرَاحِ فَلِلْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَادِثٍ، وَلَوْ بَاعَهُ عَصِيرًا وَسَلَّمَهُ لَهُ فَوُجِدَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي خَمْرًا فَقَالَ الْبَائِعُ صَارَ خَمْرًا عِنْدَك وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ كَانَ خَمْرًا عِنْدَك وَأَمْكَنَ كُلٌّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ فَالْمُصَدَّقُ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ لِمُوَافَقَتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْكَلَامُ فِي الْحِمَارِ لِكَوْنِهِ الْمَسْئُولَ عَنْهُ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ لَا يَخْتَصُّ بِهِ بَلْ مِثْلُهُ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: كَأَنَّ الْعَيْبَ يُثْبِتُ الرَّدَّ) كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي عَيْبٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ كَانَ يُبْطِلُهُ) كَهَذَا الْمِثَالِ وَهُوَ مَا لَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي وُجُودَ عَيْبَيْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَكَلَ الْمُشْتَرِي) أَيْ فِيمَا لَوْ ادَّعَى قِدَمَ الْعَيْنَيْنِ فَاعْتَرَفَ الْبَائِعُ بِقِدَمِ أَحَدِهِمَا كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ عَنْ الْيَمِينِ) زَادَ حَجّ: سَقَطَ رَدُّهُ وَلَمْ إلَخْ، وَسُقُوطُ الرَّدِّ ظَاهِرٌ إنْ عَلِمَ أَنَّ نُكُولَهُ يُسْقِطُهُ وَإِلَّا فَيَنْبَنِي عَدَمُ السُّقُوطِ (قَوْلُهُ: عَنْ الْيَمِينِ) سَقَطَ رَدُّهُ وَلَمْ تُرَدَّ إلَخْ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ مَا سَبَقَ فِي قَوْلِهِ) أَيْ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: كَانَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي) أَيْ فَهُوَ حَادِثٌ وَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ (قَوْلُهُ: كَانَ عِنْدَك) أَيْ فَهُوَ قَدِيمٌ وَالرَّدُّ فِي مَحَلِّهِ وَلَا شَيْءَ لَك عَلَيَّ (قَوْلُهُ: قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ) أَيْ فَلَوْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ رُدَّتْ عَنْ الْبَائِعِ فَيَحْلِفُ وَيَأْخُذُ الْأَرْشَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اشْتَرَى مَا سَبَقَتْ رُؤْيَتُهُ) أَيْ بِأَنْ رَآهُ أَوَّلًا ثُمَّ اشْتَرَاهُ اعْتِمَادًا عَلَى الرُّؤْيَةِ السَّابِقَةِ ثُمَّ أَتَاهُ بِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: الْمُسْتَلْزِمَةُ لَهُ) أَيْ الْقِدَمِ وَهُوَ أَيْ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: ثَمَّ تَصْدِيقٌ) مُرَتَّبٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ اخْتَلَفَا إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا لِتَغْرِيمِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ لَوْ عَادَ لِلْبَائِعِ بِفَسْخِ) أَيْ كَمَا لَوْ تَحَالَفَا عَلَى صِفَةِ الْعَقْدِ أَوْ تَقَايَلَا (قَوْلُهُ: ثَبَتَ) خَبَرُ إنَّ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ يَمِينَهُ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَا لِتَغْرِيمِهِ (قَوْلُهُ: نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِي التَّخَالُفِ) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَحْلِفَ) فَلَوْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ هَلْ يَحْلِفُ الْبَائِعُ أَمْ لَا وَيَكْتَفِي بِالْيَمِينِ السَّابِقَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ يَمِينَهُ الْأُولَى لِدَفْعِ الرَّدِّ وَهَذِهِ لِطَلَبِ الْأَرْشِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَحَيْثُ كَانَ يُبْطِلُهُ) أَيْ بَعْدَ ثُبُوتِهِ كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَكَلَ الْمُشْتَرِي) يَعْنِي فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَ مَسْأَلَةِ التَّقَايُلِ فَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرُهُ عَقِبَهَا كَمَا صَنَعَ حَجّ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْمُشْتَرِي كَانَ عِنْدَك) صَادِقٌ بِمَا قَبْلَ الْإِقَالَةِ وَبِمَا بَعْدَهَا. (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَتَاهُ بِهِ) أَيْ ثُمَّ أَتَى الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ أَيْضًا) أَيْ كَمَا زَعَمَ غَيْرُهُ وُرُودَ مَسْأَلَةِ ابْنِ الْقَسَّانِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَإِنْ لَمْ يُنَبِّهْ هُوَ عَلَى ذَلِكَ فِيهَا، وَهُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ لِلشِّهَابِ حَجّ، لَكِنْ ذَاكَ قُدِّمَ فِي كَلَامِهِ أَنَّ هُنَاكَ مَنْ زَعَمَ وُرُودَ تِلْكَ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: نَصًّا) هُوَ مِنْ تَعَلُّقَاتِ قَوْلِهِ الِاخْتِلَافَ لَا مِنْ تَعَلُّقَاتِ قَوْلِهِ ذَكَرَ: أَيْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا ذَكَرَ مَسْأَلَةَ مَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الْقِدَمِ بِالنَّصِّ بِأَنْ نَصَّ أَحَدُهُمَا فِي دَعْوَاهُ عَلَى أَنَّهُ قَدِيمٌ وَالْآخَرُ عَلَى خِلَافِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ يَمِينَهُ إنَّمَا صَلُحَتْ لِلدَّفْعِ فَلَا تَصْلُحُ لِإِثْبَاتِ شَيْءٍ لَهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَا تُثْبِتُ لَهُ الْأَرْشَ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَيْسَ بِحَادِثٍ فَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ فَلِلْمُشْتَرِي الْآنَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَادِثٍ.

لِلْأَصْلِ مِنْ اسْتِمْرَارِ الْعَقْدِ، وَإِذَا حَلَّفْنَا الْبَائِعَ نُحَلِّفُهُ (عَلَى حَسَبِ) بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ مِثْلِ (جَوَابُهُ) لَفْظًا وَمَعْنًى، فَإِنْ أَجَابَ بِلَا يَلْزَمُنِي قَبُولُهُ أَوْ بِلَا رَدٍّ لَهُ عَلَيَّ بِهِ حَلَفَ كَذَلِكَ، وَلَا يُكَلَّفُ التَّعَرُّضَ لِحُدُوثِهِ لِاحْتِمَالِ عِلْمِ الْمُشْتَرِي بِهِ عِنْدَ الْقَبْضِ أَوْ رِضَاهُ بَعْدَهُ، وَلَوْ ذَكَرَهُ كُلِّفَ الْبَيِّنَةَ أَوْ مَا بِعْته أَوْ مَا أَقَبَضْته إلَّا سَلِيمًا حَلَفَ كَذَلِكَ وَلَا يَكْفِيهِ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى الرَّدِّ وَلَا يَلْزَمُنِي قَبُولُهُ لِعَدَمِ مُطَابِقَتِهِ لِجَوَابِهِ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ أَجَابَ بِلَا يَلْزَمُنِي قَبُولُهُ ثُمَّ أَرَادَ الْحَلِفَ عَلَى أَنَّهُ مَا أَقَبَضَهُ إلَّا سَلِيمًا لَا يُمْكِنُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَا يَكْفِيهِ الْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، وَيَجُوزُ لَهُ الْحَلِفُ عَلَى الْبَتِّ إذَا اخْتَبَرَ خَفَايَا أَمْرِ الْمَبِيعِ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَخْتَبِرْهَا اعْتِمَادًا عَلَى ظَاهِرِ السَّلَامَةِ حَيْثُ لَمْ يَظُنَّ خِلَافَهَا، وَلَمْ يَثْبُتْ الْعَيْبُ إلَّا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْ شَهَادَةٍ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَتَبِعَهُمْ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ أَنَّ عَيْبَ النِّكَاحِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ اهـ. فَإِنْ فُقِدَا صُدِّقَ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ وَيَصَدَّقُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ تَقْصِيرِهِ فِي الرَّدِّ وَفِي جَهْلِهِ بِالْعَيْبِ إنْ أَمْكَنَ خَفَاءُ مِثْلِهِ عَلَيْهِ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ كَمَا قَالَهُ الدَّارِمِيُّ، فَإِنْ كَانَ لَا يَخْفَى كَقَطْعِ أَنْفِهِ أَوْ يَدِهِ صُدِّقَ الْبَائِعُ، وَفِي أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ مَا رَآهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ وَكَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ مِثْلُهُ وَفِي أَنَّهُ إنَّمَا رَضِيَ بِعَيْبِهِ لِأَنَّهُ ظَنَّ الْعَيْبَ الْفُلَانِيَّ فَبَانَ خِلَافُهُ وَأَمْكَنَ اشْتِبَاهُ مِثْلِهِ عَلَيْهِ وَكَانَ الْعَيْبُ الَّذِي بَانَ أَشَدَّ ضَرَرًا مِمَّا ظَنَّهُ فَيَثْبُتُ لَهُ الرَّدُّ فِي الْجَمِيعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSفَالْمَقْصُودُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا غَيْرُ الْمَقْصُودِ مِنْ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ: مِنْ اسْتِمْرَارِ الْعَقْدِ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ اشْتَرَى مَائِعًا وَوَجَدَ فِيهِ نَحْوَ فَأْرَةٍ فَقَالَ الْبَائِعُ حَدَثَ بِهِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ كَانَ فِيهِ عِنْدَ الْبَيْعِ فَالْمُصَدَّقُ الْبَائِعُ، ثُمَّ رَأَيْت مَا يُصَرِّحُ بِهِ فِي كَلَامِ حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْقَبْضِ فَإِنْ تَلِفَ الْمَبِيعُ انْفَسَخَ الْبَيْعُ إلَخْ، وَفِيهِ ثُمَّ بَعْدَ مَا ذَكَرَ مَا نَصُّهُ: لَا يُقَالُ يَلْزَمُ مِنْ تَصْدِيقِهِ بُطْلَانُ الْبَيْعِ أَيْضًا لِتَنَجُّسِهِ بِهَا قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ مَعَهُ. لِأَنَّا نَقُولُ: الْمَائِعُ إذَا حَصَلَ فِي فَضَاءِ الظَّرْفِ ثَبَتَ لَهُ حُكْمُ الْقَبْضِ جُزْءًا جُزْءًا قَبْلَ مُلَاقَاتِهِ لِمَا ذَكَرَهَا الْإِمَامُ اهـ. وَظَاهِرٌ أَنَّ مَا قَالَهُ حَجّ إذَا كَانَ الظَّرْفُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ كَانَ بِيَدِ الْبَائِعِ كَأَنْ أَخَذَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي لِيَأْتِيَ لَهُ بِالْمَبِيعِ فِيهِ لَمْ يَتَأَتَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ حُصُولِ الْقَبْضِ وَمَعَ ذَلِكَ الْمُصَدَّقُ الْبَائِعُ لِأَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ صَدَقَ مُدَّعِي الصِّحَّةَ، وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْفَأْرَةَ وَقَعَتْ فِيهِ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي لِلظَّرْفِ لِمَا فِيهِ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي ذَلِكَ إذَا كَانَ الزَّمَنُ قَرِيبًا يَبْعُدُ حُصُولُ مِثْلِهَا فِيهِ (قَوْلُهُ: أَيْ مِثْلُ جَوَابِهِ) بَيَانٌ لِلْمُرَادِ مِنْ الْحَسَبِ بِالْفَتْحِ وَفِي الْمُخْتَارِ لِيَكُنْ عَمَلُك بِحَسَبِ ذَلِكَ بِالْفَتْحِ أَيْ عَلَى قَدْرِهِ وَعَدَدِهِ اهـ. وَهُوَ فِي الْأَصْلِ مَا يَعُدُّهُ مِنْ الْمَآثِرِ مَصْدَرُ حَسُبَ كَكَرُمَ كَرَمًا وَشَرُفَ شَرَفًا اهـ. مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ذَكَرَهُ) أَيْ عِلْمَهُ أَوْ رِضَاهُ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ) أَيْ لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِيهِ الْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ مَا عَلِمْت بِهِ هَذَا الْعَيْبَ عِنْدِي وَهَلْ يَكُونُ اشْتِغَالُهُ بِذَلِكَ مُسْقِطًا لِلرَّدِّ أَمْ لَا، فِيهِ نَظَرٌ؟ وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ جَاهِلًا بِذَلِكَ لَا يَكُونُ مُسْقِطًا لِلرَّدِّ فَلَهُ تَعْيِينُ جَوَابٍ صَحِيحٍ وَيَحْلِفُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا سَقَطَ رَدُّهُ (قَوْلُهُ: كَمَا جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي إلَخْ) أَفْهَمُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَلَا بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَفِيهِ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ ثُبُوتِ الْعَيْبِ إمَّا رَدُّ الْمَبِيعِ أَوْ طَلَبُ الْأَرْشِ وَكِلَاهُمَا مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ وَهُوَ يَثْبُتُ بِمَا ذُكِرَ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّأْيِيدِ بِمَا فِي عَيْبِ النِّكَاحِ قَدْ يُقَالُ لَا تَأْبِيدَ فِيهِ لِأَنَّ عَيْبَ النِّكَاحِ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ الْمَالُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فُقِدَا) أَيْ فِي مَحَلِّ الْعَقْدِ فَمَا فَوْقَهُ إلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى لِأَنَّ الشَّاهِدَ لَا يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ مِمَّا زَادَ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: صَدَقَ الْبَائِعُ) أَيْ ظَاهِرًا فَلَا رَدَّ، وَهَلْ لِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ بَاطِنًا إذَا كَانَ مُحِقًّا أَمْ لَا؟ وَهَلْ لَهُ إذَا لَمْ يَفْسَخْ أَخْذُ الْأَرْشِ بَاطِنًا أَيْضًا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ فِيهِمَا الْأَوَّلُ. أَمَّا الْفَسْخُ فَلِوُجُودِ مُسَوِّغِهِ بَاطِنًا. وَأَمَّا الْأَرْشُ فَلِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ رَدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ بِحَلِفِهِ نَزَلَ مَنْزِلَةَ عَيْبٍ حَادِثٍ يَمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ الْقَهْرِيِّ، وَيُحْتَمَلُ فِي الثَّانِيَةِ مَنْعُ أَخْذِ الْأَرْشِ لِأَنَّهُ حَيْثُ تَمَكَّنَ مِنْ الْفَسْخِ وَالتَّصَرُّفِ فِيهِ مِنْ بَابِ الظَّفَرِ جُعِلَ كَالْقَادِرِ عَلَى الرَّدِّ وَهُوَ حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْأَرْشِ مَعَ الْبَائِعِ وَلَوْ بِالرِّضَا، بَلْ إنْ تَصَالَحَ مَعَ الْبَائِعِ عَلَى أَخْذِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[الزيادة في المبيع أو الثمن المتصلة كالسمن]

(وَالزِّيَادَةِ) فِي الْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنُ (الْمُتَّصِلَةُ كَالسَّمْنِ) وَكِبَرِ الشَّجَرَةِ وَتَعَلُّمِ الصَّنْعَةِ وَالْقُرْآنِ (تَتْبَعُ الْأَصْلَ) فِي الرَّدِّ لِعَدَمِ إمْكَانِ إفْرَادِهَا وَلِأَنَّ الْمِلْكَ قَدْ تَجَدَّدَ بِالْفَسْخِ فَكَانَتْ الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ فِيهِ تَابِعَةً لِلْأَصْلِ كَالْعَقْدِ، وَلَوْ بَاعَ أَرْضًا بِهَا أُصُولُ نَحْوِ كُرَّاثٍ فَنَبَتَ ثُمَّ رَدَّهَا بِعَيْبٍ فَالنَّابِتُ لِلْمُشْتَرِي (وَ) الزِّيَادَةُ (الْمُنْفَصِلَةُ) عَيْنًا وَمَنْفَعَةً (كَالْوَلَدِ وَالْأُجْرَةِ) وَكَسْبِ الدَّقِيقِ وَرِكَازٍ وَجَدَهُ وَمَا وُهِبَ لَهُ فَقَبِلَهُ وَقَبَضَهُ وَمَا وُصِّيَ لَهُ بِهِ فَقَبِلَهُ وَمَهْرِ الْجَارِيَةِ إذَا وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ (لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ) بِالْعَيْبِ عَمَلًا بِمُقْتَضَى الْعَيْبِ. نَعَمْ وَلَدُ الْأَمَةِ الَّذِي لَمْ يُمَيِّزْ يَمْنَعُ الرَّدَّ لِحُرْمَةِ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا عَلَى الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ وَإِنْ جَرَى ابْنُ الْمُقْرِي هُنَا عَلَى خِلَافِهِ فَيَجِبُ الْأَرْشُ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ يَأْسٌ لِأَنَّ تَعَذُّرَ الرَّدِّ بِامْتِنَاعِهِ وَلَوْ مَعَ الرِّضَا صَيَّرَهُ كَالْمَيْئُوسِ مِنْهُ (وَهِيَ) أَيْ الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ مِنْ الْمَبِيعِ (لِلْمُشْتَرِي) وَلِلْبَائِعِ فِي الثَّمَنِ (إنْ رَدَّ) الْمَبِيعَ فِي الْأُولَى أَوْ الثَّمَنِ فِي الثَّانِيَةِ (بَعْدَ الْقَبْضِ) سَوَاءٌ أَحَدَثَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ أَمْ بَعْدَهُ لِمَا صَحَّ «أَنَّ رَجُلًا ابْتَاعَ غُلَامًا وَاسْتَعْمَلَهُ مُدَّةً ثُمَّ رَأَى فِيهِ عَيْبًا وَأَرَادَ رَدَّهُ فَقَالَ الْبَائِعُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ اسْتَعْمَلَ غُلَامِي، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» وَمَعْنَاهُ: إنَّمَا يُخْرَجُ مِنْ الْمَبِيعِ مِنْ غَلَّةٍ وَفَائِدَةٍ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي فِي مُقَابَلَةِ أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ لَكَانَ مِنْ ضَمَانِهِ: أَيْ لِتَلَفِهِ عَلَى مِلْكِهِ، فَالْمُرَادُ بِالضَّمَانِ فِي الْخَبَرِ الضَّمَانُ الْمُعْتَبَرُ بِالْمِلْكِ لَا أَنَّهُ الضَّمَانُ الْمَعْهُودُ، وَوُجُوبُ الضَّمَانِ عَلَى ذِي الْيَدِ فِيمَا ذُكِرَ لَيْسَ لِكَوْنِهِ مَلَكَهُ بَلْ لِوَضْعِ يَدِهِ عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ بِطَرِيقٍ مُضَمَّنٍ (وَكَذَا) إنْ رُدَّ (قَبْلَهُ فِي الْأَصَحِّ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَمُقَابِلُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يَرْفَعُهُ مِنْ أَصْلِهِ، وَجَمَعَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَ الْوَلَدِ وَالْأُجْرَةِ لِيُعْلَمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي امْتِنَاعِ رَدِّهَا بَيْنَ أَنْ تَكُونَ مِنْ نَفْسِ الْمَبِيعِ كَالْوَلَدِ أَمْ لَا كَالْأُجْرَةِ وَتَمْثِيلُهُ لِلْمُتَوَلِّدِ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْأَرْشِ لِيَرْضَى بِالْمَبِيعِ وَلَا يَرُدَّهُ لَمْ يَصِحَّ وَيَسْقُطُ خِيَارُهُ إنْ عَلِمَ بِفَسَادِ الصُّلْحِ. (قَوْلُهُ: وَكِبَرُ الشَّجَرَةِ) أَيْ كِبَرًا يُشَاهَدُ كَنُمُوِّهَا بِغِلَظِ خَشَبِهَا وَجَرِيدِهَا (قَوْلُهُ: وَتَعَلُّمِ الصَّنْعَةِ) وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِأُجْرَةٍ أَمْ لَا بِمُعَلِّمٍ أَوْ لَا، قَالَ حَجّ: كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ هُنَا لَكِنَّهُمْ فِي الْفَلْسِ قَيَّدُوهُ بِصَنْعَةٍ بِلَا مُعَلِّمٍ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِهِ هُنَا بِجَامِعِ أَنَّ الْمُشْتَرِي غَرِمَ مَالًا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا يَفُوتُ عَلَيْهِ، وَلَا يُنَافِيهِ الْفَرْقُ الْآتِي فِي الْحَمْلِ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ لَا يَغْرَمَ مَالًا فِي مُقَابَلَتِهِ فَحُكِمَ بِهِ لِمَنْ يَنْشَأُ الرَّدُّ عَنْهُ (قَوْلُهُ: كَالْعَقْدِ) أَيْ كَمَا أَنَّهَا تَابِعَةٌ فِي الْمِلْكِ لِلْعَقْدِ (قَوْلُهُ: فَالنَّابِتُ) دَفَعَ بِهِ مَا قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّهَا مِنْ الْمُتَّصِلَةِ لِكَوْنِهَا نَاشِئَةً مِنْ نَفْسِ الْمَبِيعِ فَكَأَنَّهَا جُزْءٌ مِنْهُ، وَقَالَ سم عَلَى حَجّ: قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ: إنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الصُّوفَ وَاللَّبَنَ كَالْحَمْلِ اهـ: أَيْ فَيَكُونُ الْحَادِثُ لِلْمُشْتَرِي سَوَاءٌ انْفَصَلَ قَبْلَ الرَّدِّ أَمْ لَا، وَمِثْلُهُمَا الْبَيْضُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ. وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَجَدَهُ) أَيْ الرَّقِيقَ (قَوْلُهُ: لَمْ يُمَيِّزْ) وَمِثْلُهُ وَلَدُ الْبَهِيمَةِ الَّتِي لَمْ تَسْتَغْنِ عَنْ اللَّبَنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَعَذُّرَ الرَّدِّ) يُتَأَمَّلُ هَذَا فَإِنَّهُ لَوْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَرْشَ لِإِمْكَانِ عَوْدِهِ إلَيْهِ مَعَ امْتِنَاعِ رَدِّهِ، فَقِيَاسُهُ هُنَا أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَرْشَ لِإِمْكَانِ رَدِّ الْمَبِيعِ بَعْدَ تَمْيِيزِ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ بِامْتِنَاعِهِ) أَيْ الرَّدِّ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَحَدَثَ) أَيْ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: الْمَعْهُودُ) أَيْ شَرْعًا إذْ ذَاكَ الَّذِي هُوَ الضَّمَانُ لِدَيْنٍ فِي ذِمَّةِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ وَهُوَ ضَمَانُ مَا اشْتَرَاهُ (قَوْلُهُ: بِطَرِيقٍ مُضَمَّنٍ) أَيْ وَهُوَ الشِّرَاءُ (قَوْلُهُ: كَالْوَلَدِ أَمْ لَا كَالْأُجْرَةِ) وَأَشَارَ بِذَلِكَ لِلرَّدِّ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الزِّيَادَةُ فِي الْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنُ الْمُتَّصِلَةُ كَالسَّمْنِ] قَوْلُهُ: وَوُجُوبُ الضَّمَانِ عَلَى ذِي الْيَدِ فِيمَا ذُكِرَ) يَعْنِي فِي الضَّمَانِ الْمَعْهُودِ كَضَمَانِ الْغَصْبِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: فَالْمُرَادُ بِالضَّمَانِ فِي الْخَبَرِ الضَّمَانُ الْمُعْتَبَرُ بِالْمِلْكِ إذْ أَلْ فِيهِ لِمَا ذَكَرَهُ الْبَائِعُ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مَا ذُكِرَ فَقَطْ فَخَرَجَ الْبَائِعُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْغَاصِبُ فَلَا يَمْلِكُ فَوَائِدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ وَإِنْ ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّهُ لِوَضْعِ يَدِهِ عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ بِطَرِيقٍ مُضَمَّنٍ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي امْتِنَاعِ رَدِّهَا) صَوَابُهُ لَا فَرْقَ فِي عَدَمِ مَنْعِهَا الرَّدَّ (قَوْلُهُ: بَيْنَ أَنْ تَكُونَ مِنْ نَفْسِ الْمَبِيعِ إلَخْ)

نَفْسِ الْمَبِيعِ بِالْوَلَدِ، بِخِلَافِ الثَّمَرَةِ وَغَيْرِهَا لِيُعْلَمَ مِنْهُ أَنَّهَا تَبْقَى لَهُ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ الْأَصْلِ (وَلَوْ) (بَاعَهَا) أَيْ الْجَارِيَةَ أَوْ الْبَهِيمَةَ (حَامِلًا) وَهِيَ مَعِيبَةٌ مَثَلًا (فَانْفَصَلَ) الْحَمْلُ (رَدَّهُ مَعَهَا) إنْ لَمْ تَنْقُصْ بِالْوِلَادَةِ أَوْ نَقَصَتْ بِهَا وَكَانَ جَاهِلًا بِهِ وَاسْتَمَرَّ جَهْلُهُ إلَى الْوَضْعِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْحَادِثَ بِسَبَبٍ مُتَقَدِّمٍ كَالْمُتَقَدِّمِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الصَّوَابَ مَا أَطْلَقَهُ الشَّيْخَانِ هُنَا مِنْ عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ حَالَةِ الْعِلْمِ وَحَالَةِ الْجَهْلِ، وَإِنْ كَانَ النَّقْصُ حَصَلَ بِسَبَبٍ جَرَى عِنْدَ الْبَائِعِ وَهُوَ الْحَمْلُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَتْلِ بِالرِّدَّةِ السَّابِقَةِ أَوْ الْقَطْعِ بِالْجِنَايَةِ السَّابِقَةِ بِأَنَّ النَّقْصَ هَهُنَا حَصَلَ بِسَبَبِ مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَهُوَ الْحَمْلُ فَكَانَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ مَا نَقَصَ بِالْوِلَادَةِ. وَأَمَّا الْقَتْلُ وَالْقَطْعُ فَلَمْ يَحْصُلَا بِسَبَبِ مِلْكِ الْمُشْتَرِي، وَأَيْضًا فَالْحَمْلُ يَتَزَايَدُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْوَضْعِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا مَاتَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِمَرَضٍ سَابِقٍ وَقَدْ مَرَّتْ الْإِشَارَةُ لِذَلِكَ (فِي الْأَظْهَرِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ وَيُقَابِلُهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ، وَالثَّانِي لَا بِنَاءً عَلَى مُقَابِلِهِ، وَخَرَجَ بِبَاعِهَا حَامِلًا مَا لَوْ بَاعَهَا حَائِلًا ثُمَّ حَمَلَتْ وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِنَّ الْوَلَدَ لِلْمُشْتَرِي، بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْفَلَسِ فَإِنَّ الْوَلَدَ لِلْبَائِعِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ سَبَبَ الْفَسْخِ هُنَاكَ نَشَأَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَهُوَ تَرْكُهُ تَوْفِيَةَ الثَّمَنِ وَهُنَا مِنْ الْبَائِعِ وَهُوَ ظُهُورُ الْعَيْبِ الَّذِي كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَهُ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ: وَلِلْمُشْتَرِي حَبْسُ الْأُمِّ حَتَّى تَضَعَهُ، وَحَمْلُ الْأَمَةِ بَعْدَ الْقَبْضِ عَيْبٌ حَادِثٌ يَمْنَعُ الرَّدَّ قَهْرًا، وَكَذَلِكَ حَمْلُ غَيْرِهَا إنْ نَقَصَتْ بِهِ وَنَحْوُ الْبَيْضِ الْحَادِثِ بَعْدَ الْعَقْدِ كَالْحَمْلِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَبِانْفَصَلَ مَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا جَزْمًا، وَالطَّلْعُ كَالْحَمْلِ وَالتَّأْبِيرُ كَالْوَضْعِ، فَلَوْ اطَّلَعَتْ فِي يَدِهِ ثُمَّ رَدَّهَا بِعَيْبٍ كَانَ الطَّلْعُ لِلْمُشْتَرِي عَلَى أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ كَمَا صَحَّحَهُ الْخُوَارِزْمِيُّ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ الْأَقْرَبُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَمَالِكٍ حَيْثُ قَالَا إنَّ الزِّيَادَةَ إذَا كَانَتْ مِنْ نَفْسِ الْأَصْلِ كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرَةِ وَجَبَ رَدُّهَا مَعَهُ (قَوْلُهُ: إنَّهَا تَبْقَى لَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ مِنْ جِنْسِ الْأَصْلِ) الْأَوْلَى مِنْ نَفْسِ الْأَصْلِ لِأَنَّ الثَّمَرَةَ لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الشَّجَرَةِ لَكِنَّهَا نَشَأَتْ مِنْ عَيْنِهَا (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَعِيبَةٌ مَثَلًا) أَيْ أَوْ سَلِيمَةٌ وَتَقَايَلَا أَوْ حَدَثَ الْعَيْبُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ: وَكَانَ جَاهِلًا) ضَعِيفٌ وَقَوْلُهُ بِهِ: أَيْ الْحَمْلُ (قَوْلُهُ: مِنْ عَدَمِ الْفَرْقِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: بِالْجِنَايَةِ السَّابِقَةِ) أَيْ حَيْثُ كَانَا مَضْمُومَيْنِ عَلَى الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْقَتْلُ) أَيْ لِلْمُرْتَدِّ وَالْقَطْعُ: أَيْ لِلسَّارِقِ (قَوْلُهُ: بِمَرَضٍ سَابِقٍ) أَيْ فَلَا رَدَّ لَهُ وَيَأْخُذُ الْأَرْشَ وَكَذَلِكَ مَا هُنَا. (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي زَمَنِ خِيَارِ الْمُشْتَرِي، بَلْ وَلَوْ فَسَخَ بِمُوجِبِ الشَّرْطِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَمَحَلُّهُ حَيْثُ حَدَثَ بَعْدَ انْقِطَاعِ خِيَارِ الْبَائِعِ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَهُوَ لَهُ وَإِنْ تَمَّ الْعَقْدُ لِلْمُشْتَرِي كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْفَلَسِ) أَيْ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى عَيْنًا ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ قَبْلَ دَفْعِ ثَمَنِهَا حَمَلَتْ فِي يَدِهِ فَإِذَا رَجَعَ الْبَائِعُ فِيهَا تَبِعَهَا الْحَمْلُ (قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ) وَلَا يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بَعْدَ الْوَضْعِ الْحَاصِلِ عِنْدَ الْبَائِعِ بَعْدَ الرَّدِّ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ بِالرَّدِّ وَإِنَّمَا هُوَ طَارِئٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ الْفَسْخِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مُؤْنَتَهَا عَلَى الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: إنْ نَقَصَتْ) لَمْ يُقَيَّدْ بِهِ فِي الْأَمَةِ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْحَمْلِ فِيهَا أَنْ يُؤَدِّيَ إلَى ضَعْفِ الْأُمِّ وَلِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الطَّلْقِ وَهُوَ مُلْحَقٌ بِالْأَمْرَاضِ الْمَخُوفَةِ (قَوْلُهُ كَالْحَمْلِ) أَيْ فَيَكُونُ لِلْمُشْتَرِي فِي غَيْرِ مَسْأَلَةِ الْفَلَسِ حَيْثُ رُدَّ قَبْلَ انْفِصَالِهِ (قَوْلُهُ: وَبِانْفَصَلَ مَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا) أَيْ وَقْتَ الرَّدِّ كَالشِّرَاءِ (قَوْلُهُ: فِي يَدِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: كَانَ الطَّلْعُ لِلْمُشْتَرِي) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَأَبَّرْ قَوْلُهُ (عَلَى أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَقَالَ) مُقَابِلَيْ قَوْلِهِ عَلَى أَوْجُهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَيْضًا لِيُعْلَمَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الزِّيَادَةِ عَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً كَمَا أَشَارَ هُوَ إلَيْهِ فِي حَلِّ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَعِيبَةٌ مَثَلًا) أَدْخَلَ بِقَوْلِهِ مَثَلًا مَا إذَا اشْتَرَاهَا سَلِيمَةً ثُمَّ طَرَأَ الْعَيْبُ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَلَا يَصِحُّ إدْخَالُ مَا لَوْ كَانَ الرَّدُّ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ أَوْ الشَّرْطِ مَثَلًا؛ لِأَنَّهُ يَأْبَاهُ السِّيَاقُ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ (قَوْلُهُ: وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الصَّوَابَ مَا أَطْلَقَهُ الشَّيْخَانِ) أَيْ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ تَصْوِيرُ الْمَتْنِ بِمَا إذَا لَمْ تَنْقُصْ بِالْوِلَادَةِ أَصْلًا. (قَوْلُهُ: مِنْ عَدَمِ الْفَرْقِ) يَعْنِي فِي مَنْعِ الرَّدِّ

وَقَالَ فِي التَّوَسُّطِ: الْأَصَحُّ الِانْدِرَاجُ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّهُ الَّذِي يُتَّجَهُ أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ، وَالصُّوفُ الْمَوْجُودُ عِنْدَ الْعَقْدِ يُرَدُّ مَعَ الْأَصْلِ وَإِنْ جَزَّهُ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الْمَبِيعِ، وَيُرَدُّ أَيْضًا مَا حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ إنْ لَمْ يَجُزَّهُ، فَإِنْ جَزَّهُ فَلَا كَالْوَلَدِ الْمُنْفَصِلِ، كَذَا أَفْتَى بِهِ الْقَاضِي وَجَرَى عَلَيْهِ الْخُوَارِزْمِيُّ وَجَزَمَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، لَكِنَّ قِيَاسَ الْحَمْلِ أَنَّ مَا لَمْ يُجَزَّ لَا يُرَدُّ أَيْضًا وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ وَأَلْحَقَ بِهِ اللَّبَنَ الْحَادِثَ. قَالَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الصُّوفَ وَاللَّبَنَ كَالْحَمْلِ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْأَصَحُّ، وَقَدْ قَالَ الدَّارِمِيُّ: إنْ كَانَتْ زِيَادَةً مُتَمَيِّزَةً كَكَسْبِ عَبْدٍ وَوَلَدِ جَارِيَةٍ وَثَمَرَةِ نَخْلٍ وَشَجَرٍ وَلَبَنٍ وَصُوفٍ وَشَعْرِ حَيَوَانٍ وَنَحْوِهِ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي وَيُرَدُّ الْمَبِيعُ دُونَهَا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الثَّمَرَةِ وَاللَّبَنِ وَالصُّوفِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ فُصِلَتْ أَوْ لَا (وَلَا يَمْنَعُ الرَّدَّ) (الِاسْتِخْدَامُ) قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ غَيْرِهِ لِلْمَبِيعِ وَلَا مِنْ الْبَائِعِ أَوْ غَيْرِهِ لِلثَّمَنِ إجْمَاعًا (وَ) لَا (وَطْءُ الثَّيِّبِ) كَالِاسْتِخْدَامِ وَإِنْ أَفْضَى إلَى تَحْرِيمِهَا عَلَى بَائِعِهَا لِكَوْنِهِ أَبَاهُ مَثَلًا كَمَا مَرَّ. نَعَمْ إنْ كَانَ يُعَدُّ عَيْبًا كَأَنْ مَكَّنَتْهُ ظَانَّةً أَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ مُنِعَ لِأَنَّهُ عَيْبٌ حَدَثَ، وَوَطْءُ الْغَوْرَاءِ مَعَ بَقَاءِ بَكَارَتِهَا كَالثَّيِّبِ (وَافْتِضَاضُ) الْأَمَةِ بِالْفَاءِ وَالْقَافِ (الْبِكْرِ) الْمَبِيعَةِ مِنْ مُشْتَرٍ أَوْ غَيْرِهِ: يَعْنِي زَوَالَ بَكَارَتِهَا وَلَوْ بِنَحْوِ وَثْبَةٍ (بَعْدَ الْقَبْضِ نَقْصٌ حَدَثَ) فَيَمْنَعُ الرَّدَّ مَا لَمْ يُسْنَدْ لِسَبَبٍ مُتَقَدِّمٍ جَهِلَهُ الْمُشْتَرِي كَمَا مَرَّ، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ افْتِضَاضُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ نَقْصٌ، وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى الِاسْتِخْدَامِ فَهُوَ نَظِيرُ قَوْله تَعَالَى {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} [البقرة: 7] (وَقَبْلَهُ جِنَايَةٌ عَلَى الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ) فَإِنْ كَانَ مِنْ الْمُشْتَرِي مُنِعَ رَدُّهُ بِالْعَيْبِ وَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ بِقَدْرِ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا، فَإِنْ قَبَضَهَا لَزِمَهُ الثَّمَنُ بِكَمَالِهِ، وَإِنْ تَلِفَتْ قَبْلَ قَبْضِهَا لَزِمَهُ قَدْرُ النَّقْصِ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، وَأَجَازَ هُوَ الْبَيْعَ فَلَهُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ، كَذَا قَالَهُ الشَّارِحُ، وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْوَجْهَيْنِ (قَوْلُهُ الِانْدِرَاجُ) أَيْ انْدِرَاجُهُ فِيمَا يَرُدُّهُ وَهُوَ الشَّجَرَةُ فَيَكُونُ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ قِيَاسَ الْحَمْلِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لَا يُرَدُّ أَيْضًا) أَيْ فَيَجُزُّهُ الْمُشْتَرِي وَيَفُوزُ بِهِ. وَقَالَ حَجّ: وَلَوْ جَزَّ بَعْدَ أَنْ طَالَ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبًا وَرَدَّ اشْتَرَكَا فِيهِ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ عِنْدَ الْعَقْدِ جُزْءٌ مِنْ الْمَبِيعِ يُرَدُّ وَإِنْ جُزَّ، وَقِيَاسُ نَظَائِرِهِ أَنَّهُ يَصْدُقُ ذُو الْيَدِ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ، وَأَنَّهُ لَا رَدَّ مَا دَامَا مُتَنَازِعَيْنِ وَأَنَّ ذَلِكَ عَيْبٌ حَادِثٌ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ السُّبْكِيّ: وَقَدْ يَقَعُ نِزَاعٌ فِي مِقْدَارِهِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَهُوَ عَيْبٌ مَانِعٌ مِنْ الرَّدِّ (قَوْلُهُ: أَنَّ الصُّوفَ وَاللَّبَنَ كَالْحَمْلِ) أَيْ فَيَكُونُ الْحَادِثُ لِلْمُشْتَرِي سَوَاءٌ انْفَصَلَ قَبْلَ الرَّدِّ أَوْ لَا وَمِثْلُهُمَا الْبَيْضُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَيُرْجَعُ فِي كَوْنِ اللَّبَنِ حَادِثًا أَوْ قَدِيمًا لِمَنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ بِيَمِينِهِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الصُّوفِ (قَوْلُهُ: وَلَا وَطْءَ الثَّيِّبِ) أَيْ وَلَوْ فِي الدُّبُرِ شَرْحُ عُبَابٍ لحج، وَمِثْلُ الثَّيِّبِ وَطْءُ الْبِكْرِ فِي دُبُرِهَا فَلَا يَمْنَعُ الرَّدَّ اهـ حَجّ أَيْضًا (قَوْلُهُ: كَأَنْ مَكَّنَتْهُ ظَانَّةً أَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ مَنَعَ) أَيْ مِنْ الرَّدِّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ عَيْبٌ حَدَثَ) زَادَ حَجّ: وَإِطْلَاقُ الزِّنَا عَلَى هَذَا مَجَازٌ (قَوْلُهُ: كَالثَّيِّبِ) أَيْ فَلَا يَمْنَعُ الرَّدَّ مَا لَمْ تُمَكِّنْهُ ظَانَّةً زِنَاهُ (قَوْلُهُ: وَلَا بِنَحْوِ وَثْبَةٍ) مِنْهُ الْحَيْضُ (قَوْلُهُ: جَهِلَهُ الْمُشْتَرِي) كَالزَّوْجَةِ وَمِنْهُ أَيْضًا مَا لَوْ أَزَالَتْ جَارِيَةُ عَمْرٍو بَكَارَةَ جَارِيَةِ زَيْدٍ فَجَاءَ زَيْدٌ وَأَزَالَ بَكَارَةَ جَارِيَةِ عَمْرٍو عِنْدَ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: فَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ) أَيْ فِي كَوْنِ قَوْلِهِ {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} [البقرة: 7] مُسْتَأْنَفًا (قَوْلُهُ: بِقَدْرِ مَا نَقَصَ) أَيْ بِنِسْبَةِ مَا نَقَصَ لَا نَفْسِ قَدْرِ مَا نَقَصَ، إذْ قَدْ يَكُونُ قَدْرُ مَا نَقَصَ قَدْرَ الثَّمَنِ أَوْ أَكْثَرَ. هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الرَّدُّ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا عَلِمَ بِافْتِضَاضِ غَيْرِهِ، فَإِنْ فَسَخَ فَذَاكَ وَإِنْ أَجَازَ ثُمَّ عَلِمَ الْعَيْبَ الْقَدِيمَ فَلَهُ الرَّدُّ بِهِ، وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِيمَا إذَا عَلِمَ بِهِمَا مَعًا فَهَلْ لَهُ تَخْصِيصُ الْإِجَارَةِ بِعَيْبِ الِافْتِضَاضِ وَالْفَسْخُ بِالْآخَرِ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَقِيَاسُ قَوْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي) أَيْ وَإِنْ رَدَّ كَمَا مَرَّ

[فصل في التصرية]

مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ إجَازَتِهِ، ثُمَّ إنْ كَانَ زَوَالُهَا مِنْ الْبَائِعِ أَوْ بِآفَةٍ أَوْ بِزَوَاجٍ سَابِقٍ فَهَدَرٌ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَعَلَيْهِ الْأَرْشُ إنْ زَالَتْ بِلَا وَطْءٍ أَوْ بِوَطْءِ زِنًا مِنْهَا وَإِلَّا لَزِمَهُ مَهْرُ مِثْلِهَا بِكْرًا بِلَا إفْرَادِ أَرْشٍ وَهُوَ لِلْمُشْتَرِي. نَعَمْ إنْ رَدَّ بِالْعَيْبِ سَقَطَ مِنْهُ قَدْرُ الْأَرْشِ، وَفَرْقٌ بَيْنَ وُجُوبِ مَهْرِ بِكْرٍ هُنَا وَمَهْرِ ثَيِّبٍ وَأَرْشِ بَكَارَةٍ فِي الْغَصْبِ وَالدِّيَاتِ وَمَهْرِ بِكْرٍ وَأَرْشِ بَكَارَةٍ فِي الْمَبِيعَةِ بَيْعًا فَاسِدًا بِأَنَّ مِلْكَ الْمَالِكِ هُنَا ضَعِيفٌ فَلَا يَحْتَمِلُ شَيْئَيْنِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ، وَلِهَذَا لَمْ يُفَرَّقُوا ثَمَّ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ وَبِأَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ وُجِدَ فِيهِ عَقْدٌ اُخْتُلِفَ فِي حُصُولِ الْمِلْكِ بِهِ كَمَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ. فَصْلٌ فِي التَّصْرِيَةِ الْمُشَارِ إلَيْهَا فِيمَا مَرَّ بِالتَّغْرِيرِ الْفِعْلِيِّ وَقَدْ صَرَّحَ بِحُكْمِهَا فَقَالَ: (التَّصْرِيَةُ) وَهِيَ أَنْ يَتْرُكَ الْبَائِعُ حَلْبَ الْحَيَوَانِ عَمْدًا مُدَّةً قَبْلَ بَيْعِهِ حَتَّى يَجْتَمِعَ اللَّبَنُ فَيَتَخَيَّلَ الْمُشْتَرِي غَزَارَةَ لَبَنِهِ فَيَزِيدَ فِي الثَّمَنِ (حَرَامٌ) ـــــــــــــــــــــــــــــSالشَّارِحِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا إلَخْ أَنَّ فَسْخَهُ بِأَحَدِهِمَا وَإِجَازَتَهُ فِي الْآخَرِ يُسْقِطُ خِيَارَهُ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ اشْتَغَلَ بِالرَّدِّ بِعَيْبٍ فَعَجَزَ عَنْ إثْبَاتِ كَوْنِهِ عَيْبًا فَانْتَقَلَ لِلرَّدِّ بِعَيْبٍ آخَرَ لَمْ يَمْتَنِعْ ثُمَّ عَدِمَ سُقُوطَ الْخِيَارِ هُنَا لِتَخْصِيصِ الرَّدِّ بِأَحَدِ الْعَيْبَيْنِ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ) أَيْ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ (قَوْلُهُ: فَهَدَرٌ) أَيْ عَلَى الْمُشْتَرَى حَيْثُ أَجَازَ (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ) أَيْ الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ إنْ زَالَتْ بِلَا وَطْءٍ) كَأَنْ أَزَالَهَا بِنَحْوِ عُودٍ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَزِمَهُ) أَيْ الْأَجْنَبِيَّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ لِلْمُشْتَرِي) أَيْ وَلِلْبَائِعِ مَعَهُ قَدْرُ الْأَرْشِ إنْ كَانَ الْمَهْرُ أَكْثَرَ مِنْ الْأَرْشِ، فَإِنْ تَسَاوَيَا أَخَذَهُ الْبَائِعُ بِجُمْلَتِهِ وَلَا شَيْءَ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ زَادَ الْأَرْشُ عَلَى الْمَهْرِ وَجَبَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْعَيْنَ مِنْ ضَمَانِهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ رَدَّ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ سَقَطَ مِنْهُ) أَيْ الْمَهْرِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ مِلْكَ الْمَالِكِ هُنَا ضَعِيفٌ) كَانَ وَجْهُ ضَعْفِهِ أَنَّهُ مُعَرَّضٌ لِلزَّوَالِ بِالتَّلَفِ قَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ مَهْرَ بِكْرٍ وَأَرْشَ بَكَارَةٍ، وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ لَهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ اشْتَرَى زَرْعًا بِشَرْطِ أَنْ يَحْصُدَهُ إلَخْ مِمَّا نَصُّهُ: وَلَوْ كَانَتْ بِكْرًا فَمَهْرُ بِكْرٍ كَالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ لِإِتْلَافِهَا، بِخِلَافٍ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ إذْ فَاسِدُ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ مَضْمُونُ صَحِيحِ الْبَيْعِ دُونَ صَحِيحِ النِّكَاحِ، وَهَذَا مَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ، وَالْأَصَحُّ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وُجُوبُ مَهْرِ مِثْلِ ثَيِّبٍ وَأَرْشِ بَكَارَةٍ اهـ. وَعَلَيْهِ فَالتَّشْبِيهُ فِي أَصْلِ الضَّمَانِ لَا فِي قَدْرِ الْمَرْجُوعِ بِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَالرَّاجِحُ مَا هُنَا مِنْ الِاقْتِصَارِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ عَلَى مَهْرِ الْبِكْرِ. (فَصْلٌ) فِي التَّصْرِيَةِ (قَوْلُهُ: الْمُشَارُ إلَيْهَا) أَيْ وَلِمَا يَأْتِي مَعَهَا مِنْ حَبْسِ مَاءِ الْقَنَاةِ وَمَا بَعْدَهُ إلَخْ، وَعِبَارَةُ حَجّ: فَصْلٌ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي وَهُوَ التَّغْرِيرُ الْفِعْلِيُّ بِالتَّصْرِيَةِ أَوْ غَيْرِهَا اهـ. وَهِيَ أَعَمُّ مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ حَرَامٌ) قَالَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَبِيرَةً لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا " اهـ. قَالَ حَجّ فِي الزَّوَاجِرِ: الْكَبِيرَةُ الثَّالِثَةُ وَالتِّسْعُونَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: سَقَطَ مِنْهُ قَدْرُ الْأَرْشِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَرْشَ يَسْتَحِقُّهُ الْبَائِعُ. (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ وُجِدَ فِيهِ إلَخْ) تَوْجِيهُهُ مَذْكُورٌ فِي التُّحْفَةِ وَنَازَعَ فِيهِ الشِّهَابُ سم. [فَصْلٌ فِي التَّصْرِيَةِ] (فَصْلٌ) فِي التَّصْرِيَةِ. (قَوْلُهُ: فِي التَّصْرِيَةِ) أَيْ: وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

لِلتَّدْلِيسِ وَلَا فَرْقَ فِي الْحُرْمَةِ بَيْنَ مُرِيدِ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ وَمِنْ قَيَّدَ بِالْأَوَّلِ أَرَادَ بِهِ مَا إذَا انْتَفَى مَعَهُ ضَرَرُ الْحَيَوَانِ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ فَمَنْ ابْتَاعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ النَّهْيِ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا إنْ، رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ» ، وَقِيسَ بِالْإِبِلِ وَالْغَنَمِ غَيْرُهُمَا بِجَامِعِ التَّدْلِيسِ، وَتُصَرُّوا بِوَزْنِ تُزَكُّوا مِنْ صَرَّى الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ جَمَعَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِيهِ بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الصَّادِ وَتُسَمَّى مُحَفَّلَةً أَيْضًا (تُثْبِتُ) (الْخِيَارَ) لِلْمُشْتَرِي كَمَا مَرَّ فِي الْخَبَرِ حَيْثُ كَانَ جَاهِلًا ـــــــــــــــــــــــــــــSبَعْدَ الْمِائَةِ الْغِشُّ فِي الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ كَالتَّصْرِيَةِ، وَهِيَ مَنْعُ حَلْبِ ذَاتِ اللَّبَنِ أَيَّامًا لِكَثْرَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: تَنْبِيهٌ: عَدُّ هَذِهِ كَبِيرَةً هُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الْأَحَادِيثِ مِنْ نَفْيِ الْإِسْلَامِ عَنْهُ مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يَزَلْ فِي مَقْتِ اللَّهِ أَوْ كَوْنُ الْمَلَائِكَةِ تَلْعَنُهُ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ كَبِيرَةٌ لَكِنَّ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ كَمَا مَرَّ أَنَّهُ صَغِيرَةٌ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا ذُكِرَ مِنْ الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ فِيهِ. وَضَابِطُ الْغِشِّ الْمُحَرَّمِ أَنْ يَعْلَمَ ذُو السِّلْعَةِ مِنْ نَحْوِ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ فِيهَا شَيْئًا لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ مَرِيدًا أَخْذَهَا مَا أَخَذَهَا بِذَلِكَ الْمُقَابِلِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُعْلِمَهُ بِهِ لَيَدْخُلَ فِي أَخْذِهِ عَلَى بَصِيرَةٍ، وَيُؤْخَذُ مِنْ حَدِيثِ وَاثِلَةَ وَغَيْرِهِ مَا صَرَّحَ بِهِ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ يَجِبُ أَيْضًا عَلَى أَجْنَبِيٍّ عَلِمَ بِالسِّلْعَةِ عَيْبًا أَنْ يُخْبِرَ بِهِ مَرِيدَ أَخْذِهَا وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْهُ عَنْهَا، كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا رَأَى إنْسَانًا يَخْطُبُ امْرَأَةً وَيَعْلَمُ بِهَا أَوْ بِهِ عَيْبًا أَوْ رَأَى إنْسَانًا يُرِيدُ أَنْ يُخَالِطَ آخَرَ لِمُعَامَلَةٍ أَوْ صَدَاقَةٍ أَوْ قِرَاءَةِ نَحْوِ عِلْمٍ وَعَلِمَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا أَنْ يُخْبِرَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُسْتَشَرْ بِهِ، كُلُّ ذَلِكَ أَدَاءُ النَّصِيحَةِ الْمُتَأَكِّدِ وُجُوبُهَا لِخَاصَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ اهـ (قَوْلُهُ: لِلتَّدْلِيسِ) هَذَا التَّعْلِيلُ لَا يُنَاسِبُ التَّعْمِيمَ فِي قَوْلِهِ وَلَا فَرْقَ فِي إلَخْ، وَإِنَّمَا يُنَاسِبُهُ التَّعْلِيلُ بِإِضْرَارِ الْحَيَوَانِ لَكِنَّهُ يُنَاسِبُ مَا عَرَّفَهَا بِهِ (قَوْلُهُ لَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ) هُوَ بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الصَّادِ وَنَصْبِ الْإِبِلِ مِنْ التَّصْرِيَةِ. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَرَوَيْنَاهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ بَعْضِهِمْ لَا تَصُرُّوا بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الصَّادِ مِنْ الصَّرِّ، قَالَ: وَعَنْ بَعْضِهِمْ لَا تُصَرُّ الْإِبِلُ بِضَمِّ التَّاءِ بِغَيْرِ وَاوٍ بَعْدَ الرَّاءِ وَبِرَفْعِ الْإِبِلِ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ مِنْ الصَّرِّ أَيْضًا وَهُوَ رَبْطُ أَخْلَافِهَا، وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ وَالْمَشْهُورُ اهـ شَرْحُ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ (قَوْلُهُ: أَنْ يَحْلِبَهَا) هُوَ بِضَمِّ اللَّامِ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَصَاعًا) يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا مَعَهُ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ هِشَامٍ مِنْ أَنَّ عَمْرًا فِي قَوْلِك ضَرَبْت زَيْدًا وَعَمْرًا يَجُوزُ فِيهِ كَوْنُهُ مَفْعُولًا مَعَهُ وَكَوْنُهُ مَعْطُوفًا. أَمَّا عَلَى مَا قَالَهُ الرَّضِيُّ مِنْ تَعَيُّنِ الْعَطْفِ لَا يَجُوزُ كَوْنُهُ مَفْعُولًا مَعَهُ وَأَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ، فَعَلَى الْأَوَّلِ يَجِبُ رَدُّ الصَّاعِ فَوْرًا بِخِلَافِهِ عَلَى الثَّانِي كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ اهـ كَذَا بِهَامِشٍ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ إذَا جُعِلَ مَفْعُولًا مَعَهُ اقْتَضَى أَنَّ رَدَّ الصَّاعِ مُصَاحِبٌ رَدَّ الْمُصَرَّاةِ وَرَدُّهَا فَوْرِيٌّ فَيَكُونُ رَدُّ الصَّاعِ كَذَلِكَ لِمُقَارَنَتِهِ لِرَدِّهَا لَكِنَّ الْحُكْمَ أَنَّ رَدَّ الصَّاعِ لَيْسَ فَوْرِيًّا فَالثَّانِي أَوْلَى أَوْ مُتَعَيِّنٌ بِنَاءً عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْأَوَّلَ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْفَوْرِيَّةِ فِي رَدِّ الصَّاعِ، هَذَا وَقَدْ يُقَالُ: رَدُّ الْمُصَرَّاةِ الْمُرَادُ بِهِ فَسْخُ الْعَقْدِ وَبَعْدَ ذَلِكَ لَا يَجِبُ الْفَوْرُ بِرَدِّهَا عَلَى الْمَالِكِ فَلَا يَلْزَمُ وُجُوبُ الْفَوْرِيَّةِ فِي رَدِّ الصَّاعِ وَإِنْ أُعْرِبَ مَفْعُولًا مَعَهُ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِيهِ إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ: وَجَوَّزَ الشَّافِعِيُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ الصَّرِّ وَهُوَ الرَّبْطُ وَاعْتَرَضَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُقَالَ مُصَرَّرَةٌ أَوْ مَصْرُورَةٌ لَا مُصَرَّاةٌ، وَلَيْسَ فِي مَحِلِّهِ لِأَنَّهُمْ قَدْ يَكْرَهُونَ اجْتِمَاعَ مِثْلَيْنِ فَيَقْلِبُونَ أَحَدَهُمَا أَلِفًا كَمَا فِي دَسَّاهَا إذْ أَصْلُهُ دَسَّسَهَا: أَيْ وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ أَصْلُ مُصَرَّاةٍ مُصْرَرَةً أَبْدَلُوا مِنْ الرَّاءِ الْأَخِيرَةِ أَلِفًا كَرَاهَةَ اجْتِمَاعِ الْأَمْثَالِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الْمُحَدِّثِينَ (قَوْلُهُ: تُثْبِتُ الْخِيَارَ) وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّبَنَ يُقَابِلُهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ تَلِفَ بَعْضُ الْمَعْقُودَةِ عَلَيْهِ يُمْنَعُ رَدُّ الْبَاقِي، وَقِيَاسُ ذَلِكَ امْتِنَاعُ رَدِّ الْمُصَرَّاةِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: لَكِنْ جَوَّزْنَاهُ اتِّبَاعًا لِلْأَخْبَارِ. كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا سم عَلَى مَنْهَجِ (قَوْلِهِ حَيْثُ كَانَ جَاهِلًا) أَخَّرَهُ عَنْ قَوْلِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْخَبَرِ لِعَدَمِ اسْتِفَادَةِ هَذَا الْقَيْدِ مِنْهُ وَخَرَجَ بِهِ الْعَالِمُ فَلَا خِيَارَ لَهُ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمَنْ قَيَّدَ بِالْأَوَّلِ) أَيْ كَهُوَ فِيمَا مَرَّ لَهُ فِي تَعْرِيفِهَا

بِحَالِهَا ثُمَّ عَلِمَ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ (عَلَى الْفَوْرِ) كَخِيَارِ الْعَيْبِ. نَعَمْ لَوْ دَرَّ اللَّبَنُ عَلَى الْحَدِّ الَّذِي أَشْعَرَتْ بِهِ التَّصْرِيَةُ فَلَا خِيَارَ كَمَا هُوَ الْأَوْجَهُ، وَلِهَذَا قَالَ أَبُو حَامِدٍ: لَا وَجْهَ لِلْخِيَارِ هُنَا، وَإِنْ نَازَعَهُ الْأَذْرَعِيُّ هُنَا لِأَنَّ مَا كَانَ عَلَى خِلَافِ الْجِبِلَّةِ لَا وُثُوقَ بِدَوَامِهِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ تَصَرَّتْ بِنَفْسِهَا أَوْ النِّسْيَانُ أَوْ شَغْلٌ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا صَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْأَصَحُّ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ وَالْعِرَاقِيِّينَ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ، وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ الْإِفْصَاحِ وَالْمِفْتَاحِ لِلْحَاوِي وَجَزَمَ بِهِ الدَّمِيرِيِّ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ لِحُصُولِ الضَّرَرِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْخِيَارَ بِالْعَيْبِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ عِلْمِ الْبَائِعِ بِهِ وَعَدَمِهِ، فَانْدَفَعَ تَرْجِيحُ الْحَاوِي كَالْغَزَالِيِّ مُقَابِلُهُ لِانْتِفَاءِ التَّدْلِيسِ (وَقِيلَ يَمْتَدُّ) الْخِيَارُ (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) مِنْ الْعَقْدِ كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي الْخَبَرِ وَمِنْ ثَمَّ صَحَّحَهُ كَثِيرُونَ وَاخْتَارَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ. وَأَجَابَ الْأَكْثَرُونَ بِحَمْلِ الْخَبَرِ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ التَّصْرِيَةَ لَا تَظْهَرُ فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ لِاحْتِمَالِ إحَالَةِ النَّقْصِ عَلَى اخْتِلَافِ الْعَلَفِ أَوْ الْمَأْوَى مَثَلًا (فَإِنْ) (رَدَّهَا) أَيْ اللَّبُونَ وَلَوْ بِغَيْرِ عَيْبِ التَّصْرِيَةِ (بَعْدَ تَلَفِ اللَّبَنِ) أَيْ حَلْبِهِ وَلَوْ قَلِيلًا وَعَبَّرَ بِهِ عَنْهُ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ حَلْبِهِ يَسْرِي إلَيْهِ التَّلَفُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ لَبَنٍ مُتَمَوِّلٍ إذْ لَا يُضْمَنُ إلَّا مَا هُوَ كَذَلِكَ (رَدَّ) حَتْمًا (مَعَهَا صَاعَ تَمْرٍ) وَإِنْ اشْتَرَاهَا بِصَاعِ تَمْرٍ وَيَسْتَرِدُّ صَاعَهُ لِأَنَّ الرِّبَا لَا يُؤَثِّرُ فِي الْفُسُوخِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَدْفُوعُ لِلْبَائِعِ بَاقِيًا أَمْ تَالِفًا خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ الْآتِي فِي الْكِتَابَةِ مِنْ اخْتِصَاصِ التَّقَاصِّ بِالنُّقُودِ أَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى مَا اُشْتُرِيَ بِهِ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَقَطْعًا لِلنِّزَاعِ، وَبِمَا قَالَهُ عُلِمَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يُكَلَّفُ رَدَّ اللَّبَنِ لِأَنَّ مَا حَدَثَ بَعْدَ الْبَيْعِ مِلْكُهُ وَقَدْ اخْتَلَطَ بِالْمَبِيعِ وَتَعَذَّرَ تَمْيِيزُهُ، فَإِذَا أَمْسَكَهُ كَانَ كَالتَّالِفِ وَأَنَّهُ لَا يَرُدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ قَهْرًا ـــــــــــــــــــــــــــــSظَنَّهَا مُصَرَّاةً فَبَانَتْ كَذَلِكَ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ عَلَى مَا مَرَّ فِيمَنْ اشْتَرَى أَمَةً ظَنَّهَا هُوَ وَبَائِعُهَا زَانِيَةً فَبَانَتْ كَذَلِكَ لِعَدَمِ التَّحَقُّقِ، وَمَحِلُّ ذَلِكَ إذَا كَانَ ظَنًّا مَرْجُوحًا بِخِلَافِ الظَّنِّ الرَّاجِحِ وَالْمُسَاوِي عَلَى مَا مَرَّ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فَلَا يَثْبُتُ مِنْهُمَا خِيَارٌ (قَوْلُهُ: بِحَالِهَا) أَيْ وَكَانَتْ لَا تَظْهَرُ لِغَالِبِ النَّاسِ أَنَّهَا مَتْرُوكَةَ الْحَلْبِ قَصْدًا، فَإِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ فَلَا خِيَارَ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي لَهُ فِي تَحْمِيرِ الْوَجْهِ، وَلَا يَكْفِي فِي سُقُوطِ الْخِيَارِ مَا اُعْتِيدَ مِنْ أَنَّ الْغَالِبَ عَلَى مَرِيدِ الْبَيْعِ لِذَاتِ اللَّبَنِ تَرْكُ حَلْبِهَا مُدَّةً قَبْلَ الْبَيْعِ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَسَرِقَةٌ وَإِبَاقٌ مِنْ الشِّرَاءِ مَعَ ظَنِّ الْعَيْبِ لَا يُسْقِطُ الرَّدَّ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ (قَوْلُهُ: بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ النَّهْيُ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ بَيْعٌ قَبْلَ النَّهْيِ لِلْمُصَرَّاةِ ثُمَّ عَلِمَ بِتَصْرِيَتِهَا الْمُشْتَرِي بَعْدَ وُرُودِ النَّهْيِ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَأَنَّهُ إنَّمَا قُيِّدَ بِبُعْدِ النَّهْيِ إشَارَةً إلَى أَنَّ مَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ النَّهْيِ لَا إثْمَ فِيهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ دَرَّ اللَّبَنُ) أَيْ وَدَامَ مُدَّةً يَغْلِبُ بِهَا عَلَى الظَّنِّ أَنَّ كَثْرَةَ اللَّبَنِ صَارَتْ طَبِيعَةً لَهَا، أَمَّا لَوْ دَرَّ نَحْوَ يَوْمَيْنِ ثُمَّ انْقَطَعَ لَمْ يَسْقُطْ الْخِيَارُ لِظُهُورِ أَنَّ اللَّبَنَ فِي ذَيْنك لِعَارِضٍ فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي الْخَبَرِ) هُوَ حَدِيثُ مُسْلِمٍ «مَنْ اشْتَرَى شَاةً مُصَرَّاةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ رَدَّهَا رَدَّ مَعَهَا صَاعَ تَمْرٍ لَا سَمْرَاءَ» اهـ مَحَلِّيٌّ (قَوْلُهُ: وَعَبَّرَ بِهِ) أَيْ بِالتَّلَفِ عَنْهُ: أَيْ الْحَلْبُ (قَوْلُهُ: لَا يُؤَثِّرُ فِي الْفُسُوخِ) عَلَى أَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ لَا مَجَالَ لَلرِّبَا فِيهِ بِوَجْهٍ لِأَنَّ الْفَسْخَ رَفْعُ الْعَقْدِ وَهُوَ يَقْتَضِي تَرَادَّ الْعِوَضَيْنِ، فَمَا أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي هُوَ الثَّمَنُ الَّذِي أَعْطَاهُ، وَمَا رَدَّهُ مِنْ الثَّمَنِ بَدَلُ اللَّبَنِ الَّذِي كَانَ مِلْكًا لِلْبَائِعِ حِينَ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ الْآتِي إلَخْ) مُعْتَمَدُ (قَوْلِهِ وَبِمَا قَالَهُ) أَيْ الْمُصَنِّفُ لَكِنْ بِرِعَايَةِ تَأْوِيلِ التَّلَفِ بِالْحَلْبِ وَإِلَّا فَظَاهِرُ الْمَتْنِ يَقْتَضِي خِلَافَهُ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمَحَلِّيُّ حَيْثُ قَالَ: أَمَّا رَدُّ الْمُصَرَّاةِ قَبْلَ تَلَفِ اللَّبَنِ فَلَا يَتَعَيَّنُ رَدُّ الصَّاعِ مَعَهُ لِجَوَازِ أَنْ يَرُدَّ الْمُشْتَرِي اللَّبَنَ وَيَأْخُذَهُ الْبَائِعُ فَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرَهُ اهـ (قَوْلُهُ وَقَدْ اخْتَلَطَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ حُلِبَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَشَمَلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ تَصَرَّتْ بِنَفْسِهَا إلَخْ) فِي شُمُولِ كَلَامِهِ لِهَذَا نَظَرٌ لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي الْخَبَرِ) يَعْنِي خَبَرَ مُسْلِمٍ «مَنْ اشْتَرَى شَاةً مُصَرَّاةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» إلَخْ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ إنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهَا بِصَاعِ تَمْرٍ وَتَلِفَ

وَإِنْ لَمْ يَحْمُضْ لِذَهَابِ طَرَاوَتِهِ وَالْعِبْرَةُ بِغَالِبِ تَمْرِ الْبَلَدِ كَالْفِطْرَةِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّهُ الْوَسَطُ مِنْ تَمْرِ الْبَلَدِ فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ لَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ لِكَثْرَةِ التَّمْرِ بِهَا، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ، وَمَحِلُّ مَا ذَكَرَ عِنْدَ عَدَمِ تَرَاضِيهِمَا، فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى غَيْرِ الصَّاعِ أَوْ عَلَى رَدِّهَا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ كَانَ جَائِزًا، وَقَدْ بَحَثَ ذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ الزَّرْكَشِيُّ، وَلَوْ رَدَّ غَيْرَ الْمُصَرَّاةِ بَعْدَ الْحَلْبِ رَدَّ مَعَهَا صَاعَ تَمْرٍ بَدَلَ اللَّبَنِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْقَاضِي وَابْنُ الرِّفْعَةِ، وَيَتَعَدَّدُ الصَّاعُ بِتَعَدُّدِ الْمُصَرَّاةِ وَإِنْ اتَّحَدَ الْعَقْدُ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ قَدَامَةَ الْحَنْبَلِيُّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ (وَقِيلَ يَكْفِي صَاعُ قُوتٍ) لِرِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ بِالطَّعَامِ وَرِوَايَةٌ بِالْقَمْحِ فَإِنْ تَعَدَّدَ جِنْسُهُ تَخَيَّرَ وَرَدُّوهُ بِرِوَايَةِ مُسْلِمٍ «رَدَّ مَعَهَا صَاعَ تَمْرٍ لَا سَمْرَاءَ» أَيْ حِنْطَةٌ، فَإِذَا امْتَنَعَتْ وَهِيَ أَعْلَى الْأَقْوَاتِ عِنْدَهُمْ فَغَيْرُهَا أَوْلَى، وَرِوَايَةُ الْقَمْحِ ضَعِيفَةٌ، وَالطَّعَامُ مَحْمُولٌ عَلَى التَّمْرِ لِمَا ذُكِرَ، وَإِنَّمَا تَعَيَّنَ وَلَمْ يَجُزْ أَعْلَى مِنْهُ بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَا سَدُّ الْخَلَّةِ، وَهُنَا قَطْعُ النِّزَاعِ مَعَ ضَرْبِ تَعَبُّدٍ إذْ الضَّمَانُ بِالثَّمَرِ لَا نَظِيرَ لَهُ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ التَّنَازُعَ فِي قَدْرِ اللَّبَنِ قَدَّرَ الشَّارِعُ بَدَلَهُ بِمَا لَا يَقْبَلُ تَنَازُعًا قَطْعًا لَهُ مَا أَمْكَنَ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ الصَّاعَ لَا يَخْتَلِفُ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَقِبَ الْبَيْعِ بِحَيْثُ لَمْ يَمْضِ زَمَنٌ يُحْتَمَلُ فِيهِ حُدُوثُ لَبَنٍ كَانَ لِلْبَائِعِ إجْبَارُهُ عَلَى رَدِّهِ لِأَنَّ عَيْنَ مِلْكِهِ، قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ بَلْ صَرِيحُهُ عَدَمُ إجْبَارِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الشَّارِعَ أَطْلَقَ فِي وُجُوبِ رَدِّ الصَّاعِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ حُدُوثُ لَبَنٍ أَوْ لَا وَالتَّقْدِيرُ بِالصَّاعِ مِنْ التَّمْرِ تَعَبُّدِيٌّ عَلَى أَنَّ مُضِيَّ أَدْنَى زَمَنٍ بَعْدَ الشِّرَاءِ مَظِنَّةٌ لِزِيَادَةِ لَبَنٍ يَزِيدُ الْمُشْتَرِي وَكَثِيرًا مَا يُقِيمُونَ الْمَظِنَّةَ مَقَامَ الْمَئِنَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَحْمُض) مِنْ بَابِ سَهُلَ وَنَصَرَ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَالْعِبْرَةُ بِغَالِبِ تَمْرِ الْبَلَدِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ نَوْعِ تَمْرِ الْحِجَازِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَجِدْهُ فِي بَلَدِهِ بِثَمَنِ مِثْلِهِ وَلَا فِيمَا فَوْقَهَا إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: لَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ) زَادَ حَجّ يَوْمَ الرَّدِّ لَا أَكْثَرُ الْأَحْوَالِ اهـ. وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِاسْتِصْحَابِ مَا عُلِمَ قَبْلُ لِلْبَائِعِ أَوْ غَيْرِهِ، فَإِذَا فَارَقَ الْبَائِعُ أَوْ غَيْرُهُ الْمَدِينَةَ وَقِيمَةُ الصَّاعِ فِيهَا دِرْهَمٌ مَثَلًا اسْتَصْحَبَ ذَلِكَ فَيَجِبُ أَنْ يَرُدَّ مَعَ الشَّاةِ دِرْهَمًا حَتَّى يَعْلَمُ خِلَافَهُ أَوْ يَظُنُّ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ شَيٍّ) وَلَيْسَ مِنْهُ مَا يَقَعُ الْآنَ مِنْ رَدِّ الْبَهِيمَةِ بَعْدَ حَلْبِهَا بِلَا شَيْءٍ مَعَ عَدَمِ مُطَالَبَةِ الْبَائِعِ بِبَدَلِ اللَّبَنِ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِوُجُوبِ شَيْءٍ لَهُ، فَمَتَى عَلِمَ بِهِ كَانَ لَهُ الطَّلَبُ وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ. وَقِيَاسُ مَا قِيلَ مِنْ وُجُوبِ إعْلَامِ النِّسَاءِ بِأَنَّ لَهُنَّ الْمُتْعَةَ وُجُوبُ إعْلَامِ الْبَائِعِ بِاسْتِحْقَاقِ بَدَلِ اللَّبَنِ (قَوْلُهُ: بَدَلَ اللَّبَنِ) أَيْ الَّذِي كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ فَإِنْ حَدَثَ اللَّبَنُ الْمَحْلُوبُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَرَدَّهَا بِعَيْبٍ فَهَلْ يَرُدُّ مَعَهَا صَاعَ تَمْرٍ أَمْ لَا؟ أَجَابَ مُؤَلِّفُهُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّ اللَّبَنَ حَدَثَ فِي مِلْكِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ: وَيَتَعَدَّدُ الصَّاعُ بِتَعَدُّدِ الْمُصَرَّاةِ) . [فَرْعٌ] يَتَعَدَّدُ الصَّاعُ أَيْضًا بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي، وَكَذَا بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي، أَوْ إنْ اتَّحَدَ الْعَقْدُ كَأَنْ وَكَّلَ جَمْعٌ وَاحِدًا فِي شِرَائِهَا لَهُمْ سَوَاءٌ حَلَبُوهَا جَمِيعُهُمْ أَوْ حَلَبَهَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ وَإِنْ قُلْت حِصَّةُ كُلٍّ مِنْهُمْ جِدًّا م ر أَيْ أَوْ خَرَجَ اللَّبَنُ مِنْهَا بِغَيْرِ حَلْبٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. [فَرْعٌ] يَنْبَغِي وُجُوبُهُ أَيْضًا إذَا اشْتَرَى جُزْءًا مِنْ مُصَرَّاةٍ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَظَاهِرُهُ وُجُوبُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مَا يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ حَيْثُ كَانَ جُمْلَتُهُ مُتَمَوِّلًا (قَوْلُهُ فَإِنْ تَعَدَّدَ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَقِيلَ إلَخْ (قَوْلُهُ جِنْسُهُ) أَيْ الْقُوتُ (قَوْلُهُ: لِمَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الرَّدِّ بِرِوَايَةِ مُسْلِمٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: سَدُّ الْخَلَّةِ) بِفَتْحِ الْخَاءِ بِمَعْنَى الْحَاجَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQثُمَّ رَدَّهَا يَقَعُ التَّقَاصُّ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَدَّ غَيْرَ الْمُصَرَّاةِ بَعْدَ الْحَلْبِ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ مَا مَرَّ لَهُ مِنْ تَفْسِيرِ ضَمِيرِ رَدَّهَا فِي الْمَتْنِ بِاللَّبُونِ، وَلَعَلَّهُ أَعَادَهُ لِأَجْلِ الْخِلَافِ. .

لِكَثْرَةِ اللَّبَنِ) وَقِلَّتِهِ لِمَا تَقَرَّرَ وَلِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ كَمَا لَا تَخْتَلِفُ غُرَّةُ الْجَنِينِ بِاخْتِلَافِهِ ذُكُورَةً وَأُنُوثَةً وَلَا أَرْشُ الْمُوضِحَةِ بِاخْتِلَافِهَا صِغَرًا وَكِبَرًا (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ) (خِيَارَهَا) أَيْ الْمُصَرَّاةُ (لَا يَخْتَصُّ بِالنَّعَمِ) وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ (بَلْ يَعُمُّ كُلَّ مَأْكُولٍ) مِنْ الْحَيَوَانِ (وَالْجَارِيَةَ وَالْأَتَانَ) بِالْمُثَنَّاةِ وَهِيَ الْأُنْثَى مِنْ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ لِرِوَايَةِ مُسْلِمٍ «مِنْ اشْتَرَى مُصَرَّاةً» وَكَوْنُ نَحْوِ الْأَرْنَبِ لَا يُقْصَدُ لَبَنُهُ إلَّا نَادِرًا إنَّمَا يُرَدُّ لَوْ أَثْبَتُوهُ قِيَاسًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ شُمُولِ لَفْظِ الْخَبَرِ لَهُ لِأَنَّ النَّكِرَةَ فِي حَيِّزِ الشَّرْطِ تَعُمُّ وَالتَّعَبُّدُ هُنَا غَالِبٌ فَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُسْتَنْبَطْ مِنْ النَّصِّ مَعْنًى يُخَصِّصُهُ، وَلَا يُؤَثِّرُ كَوْنُ لَبَنِ الْأَخِيرَيْنِ لَا يُؤْكَلُ لِأَنَّهُ تُقْصَدُ غَزَارَتُهُ لِتَرْبِيَةِ الْوَلَدِ وَكِبَرِهِ وَالثَّانِي يَخْتَصُّ بِالنَّعَمِ لِأَنَّ غَيْرَهَا لَا يُقْصَدُ لَبَنُهُ إلَّا عَلَى نُدُورٍ (وَ) لَكِنْ (لَا يَرُدُّ مَعَهُمَا شَيْئًا) بَدَلَ اللَّبَنِ لِأَنَّ لَبَنَ الْأَمَةِ لَا يُعْتَاضُ عَنْهُ غَالِبًا وَلَبَنَ الْأَتَانِ نَجِسٌ (وَفِي الْجَارِيَةِ وَجْهٌ) أَنَّهُ يَرُدُّ بَدَلَهُ لِصِحَّةِ بَيْعِهِ وَأَخْذِ الْعِوَضِ عَنْهُ (وَحَبْسِ مَاءِ الْقَنَاةِ وَ) مَاءِ (الرَّحَى الْمُرْسَلِ) كُلٌّ مِنْهُمَا (عِنْدَ الْبَيْعِ) أَوْ الْإِجَارَةِ حَتَّى يَتَوَهَّمَ الْمُشْتَرِي أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ كَثْرَتَهُ فَيَزِيدُ فِي عِوَضِهِ وَمِثْلُهُمَا جَمِيعُ الْمُعَاوَضَاتِ (وَتَحْمِيرُ الْوَجْهِ) وَتَوْرِيمُهُ وَوَضْعُ نَحْوِ قُطْنٍ فِي شَدْقِهَا (وَتَسْوِيدُ الشَّعْرِ وَتَجْعِيدُهُ) الدَّالُ عَلَى قُوَّةِ الْبَدَنِ وَهُوَ مَا فِيهِ الْتِوَاءٌ وَانْقِبَاضٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSاهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَقُلْته) أَيْ حَيْثُ كَانَ مُتَمَوَّلًا كَمَا قَدَّمَهُ (قَوْلُهُ: بَلْ يَعْنِي كُلَّ مَأْكُولٍ) أَيْ وَيَجِبُ فِيهِ الصَّاعُ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُتَمَوَّلًا (قَوْلُهُ إنَّمَا يُرَدُّ لَوْ أَثْبَتُوهُ) أَيْ الصَّاعُ فِي لَبَنِ الْأَرْنَبِ (قَوْلُهُ: لَهُ) أَيْ الْأَرْنَبُ (قَوْلُهُ: مَعْنَى يُخَصِّصُهُ) زَادَ حَجّ بِالنَّعَمِ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ لَبَنَ الْجَارِيَةِ لَا شَيْءَ فِيهِ، وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ لِلِاعْتِيَاضِ إلَّا نَادِرًا إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ لَمَّا لَمْ يَتَّفِقْ تَنَاوُلُهُ لِلِاعْتِيَاضِ لِغَيْرِ الطِّفْلِ عَادَةً عُدَّ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ لَمَّا اُعْتِيدَ تَنَاوُلُهُ مُسْتَقِلًّا وَلَوْ نَادِرًا اُعْتُبِرَ (قَوْلُهُ: وَحَبْسُ مَاءِ الْقَنَاةِ) اُنْظُرْ لَوْ انْحَبَسَ بِنَفْسِهِ هَلْ يَثْبُتُ فِيهِ الْخِيَارُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ قِيَاسًا عَلَى التَّصْرِيَةِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْغَالِبَ تَعَهُّدُ ذَلِكَ مِنْ الْمَالِكِ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ إمَّا بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَائِبِهِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْمَاءُ نَزَلَ أَرْضَ الْمُشْتَرِي وَكَانَ لَهُ قِيمَةٌ ضَمِنَهُ بِمِثْلِهِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي قَدْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ لَا شَيْءَ فِيهِ لِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ بِهِ وَلِأَنَّ غَيْرَ الْمُتَمَوَّلِ لَا يَضْمَنُهُ الْغَاصِبُ لَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ (قَوْلُهُ: وَمَاءُ الرَّحَى) أَيْ الطَّاحُونُ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُمَا) أَيْ الْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ (قَوْلُهُ: جَمِيعُ الْمُعَاوَضَاتِ) وَمِنْهَا الصَّدَاقُ وَعِوَضُ الْخُلْعِ وَالدِّيَةِ فِي الصُّلْحِ عَنْ الدَّمِ، وَإِذَا فُسِخَ الْعِوَضُ فِيهَا رَجَعَ لِمَهْرِ الْمِثْلِ فِي الصَّدَاقِ وَعِوَضِ الْخُلْعِ وَلِلدِّيَةِ فِي الصُّلْحِ عَنْ الدَّمِ. (قَوْلُهُ: وَتَحْمِيرُ الْوَجْهِ) لَوْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْ الْمَبِيعِ لَمْ يَحْرُمْ عَلَى السَّيِّدِ وَهَلْ يَحْرُمُ عَلَى الْمَبِيعِ ذَلِكَ الْفِعْلُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ مَقْصُودُهُ التَّرْوِيجَ لِيُبَاعَ حَرُمَ عَلَيْهِ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي لِانْتِفَاءِ التَّغْرِيرِ مِنْ الْبَائِعِ وَإِلَّا فَلَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ تَحْمِيرِ الْجَارِيَةِ وَجْهَهَا حَيْثُ قِيلَ فِيهَا بِعَدَمِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ وَمَا لَوْ تَحَفَّلَتْ الدَّابَّةُ بِنَفْسِهَا أَنَّ الْبَائِعَ لِلدَّابَّةِ يُنْسَبُ لِتَقْصِيرٍ فِي الْجُمْلَةِ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِتَعَهُّدِ الدَّابَّةِ فِي الْجُمْلَةِ فِي كُلِّ يَوْمٍ، بِخِلَافِ الْجَارِيَةِ فَإِنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ تَعَهُّدُ وَجْهِهَا وَلَا مَا هِيَ عَلَيْهِ مِنْ الْأَحْوَالِ الْعَارِضَةِ لَهَا (قَوْلُهُ: وَوَضْعُ نَحْوِ قُطْنٍ) ثُبُوتُ الْخِيَارِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يُشْكِلُ بِعَدَمِ ثُبُوتِهِ فِي تَوْرِيمِ الضَّرْعِ الْآتِي، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ التَّوْرِيمَ لَمَّا كَانَ ظَاهِرَ الْبَدَنِ بِحَيْثُ يُطَّلَعُ عَلَيْهِ بِالْحِسِّ عَادَةً نُسِبَ إلَى تَقْصِيرٍ، وَلَا كَذَلِكَ هَذَا فَإِنَّهُ لِاسْتِتَارِهِ بِعُسْرِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ، وَلَا يُشْكِلُ تَوْرِيمُ الْوَجْهِ بِمَا يَأْتِي فِي تَوْرِيمِ الضَّرْعِ لِمَا سَنُشِيرُ إلَيْهِ مِنْ أَنَّ التَّدْلِيسَ فِي تَوْرِيمِ الضَّرْعِ يَسْهُلُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ بِحَلْبِ الدَّابَّةِ فَيُعْلَمُ مِنْهُ كَثْرَةُ لَبَنِهَا وَقِلَّتُهُ وَلَا كَذَلِكَ تَوْرِيمُ الْوَجْهِ (قَوْلُهُ: فِي شَدْقِهَا) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ فِي حَرْفِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ مَعَ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ: الشَّدْقُ جَانِبُ الْفَمِ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ، قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ، وَجَمْعُ الْمَفْتُوحِ شُدُوقٌ مِثْلَ فَلْسٍ وَفُلُوسٍ، وَجَمْعُ الْمَكْسُورِ أَشْدَاقٌ مِثْلَ حِمْلٍ وَأَحْمَالٍ، وَرَجُلٌ أَشْدَقُ: وَاسِعُ الشَّدْقَيْنِ (قَوْلُهُ: وَتَجْعِيدُهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَخَرَجَ بِجَعْدِهِ مَا لَوْ سَبَّطَهُ فَبَانَ جَعْدًا فَلَا خِيَارَ لِأَنَّ الْجُعُودَةَ أَحْسَنُ اهـ سم عَلَى حَجّ: وَقَالَ سم عَلَى مَنْهَجِ: قَرَّرَ م ر فِيمَا لَوْ تَجَعَّدَ الشَّعْرُ بِنَفْسِهِ عَدَمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لَا كَمُفَلْفَلِ السُّودَانِ (يَثْبُتُ الْخِيَارَ) بِجَامِعِ التَّدْلِيسِ أَوْ الضَّرَرِ وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ الْخُنْثَى فِيمَا يَظْهَرُ، وَالْأَوْجَهُ تَحْرِيمُ ذَلِكَ لِمَا مَرَّ مِنْ التَّدْلِيسِ، وَلَا بُدَّ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ مِنْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ لِغَالِبِ النَّاسِ أَنَّهُ مَصْنُوعٌ حَتَّى لَا يُنْسَبَ الْمُشْتَرِي إلَى تَقْصِيرٍ (لَا لَطَّخَ ثَوْبَهُ) أَيْ الرَّقِيقُ (بِمِدَادٍ تَخْيِيلًا لِكِتَابَتِهِ) أَوْ إلْبَاسُهُ ثَوْبَ نَحْوِ خَبَّازٍ لِيُوهِمَ أَنَّهُ كَاتِبٌ أَوْ خَبَّازٌ أَوْ تَوْرِيمُ ضَرْعِ الْحَيَوَانِ فَلَا رَدَّ لَهُ بِهِ فِي الْأَصَحِّ إذْ لَيْسَ فِيهِ كَبِيرُ غَرَرٍ لِتَقْصِيرِ الْمُشْتَرِي بِعَدَمِ امْتِحَانِهِ وَالْبَحْثِ عَنْهُ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ عَدَمَ حُرْمَتِهِ بِخِلَافِ التَّصْرِيَةِ، وَلَوْ قِيلَ بِحُرْمَتِهِ لَمْ يَبْعُدْ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، لِأَنَّ الضَّرَرَ الْحَاصِلَ بِالتَّصْرِيَةِ يَرْتَفِعُ عَنْ الْمُشْتَرِي بِإِثْبَاتِ الْخِيَارِ بِخِلَافِ هَذَا. وَالثَّانِي يَثْبُتُ لَهُ الرَّدُّ نَظَرًا لِمُطْلَقِ التَّدْلِيسِ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي إلْبَاسِهِ ثَوْبًا مُخْتَصًّا بِحِرْفَةٍ مِنْ أَرْبَابِ الصَّنَائِعِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى زُجَاجَةً يَظُنُّهَا جَوْهَرَةً بِثَمَنِ الْجَوْهَرَةِ لِأَنَّهُ الْمُقَصِّرُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ لَهَا قِيمَةٌ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهَا، وَوَجْهُ مَا تَقَرَّرَ وَإِنْ اسْتَشْكَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ حَقِيقَةَ الرِّضَا الْمُشْتَرَطَةَ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ لَا تُعْتَبَرُ مَعَ التَّقْصِيرِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَّمَ مَنْ يُخْدَعُ فِي الْبَيْعِ أَنْ يَقُولَ " لَا خِلَابَةَ " كَمَا مَرَّ، وَلَمْ يُثْبِتْ لَهُ خِيَارًا وَلَا أَفْسَدَ شِرَاءَهُ فَدَلَّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــSثُبُوتِ الْخِيَارِ بِهِ اهـ. وَقَوْلُهُ بِنَفْسِهِ: أَيْ أَوْ بِفِعْلِ غَيْرِ الْبَائِعِ فِيمَا يَظْهَرُ. ثُمَّ رَأَيْته فِي حَجّ وَعِبَارَتُهُ: وَمِنْ ثَمَّ تَخَيَّرَ هُنَا فِي حَبْسِ مَاءِ الْقَنَاةِ وَنَحْوِهِ، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ غَيْرُ الْبَائِعِ، إلَّا تَجَعُّدَ الشَّعْرِ فَإِنَّهُ مَسْتُورٌ غَالِبًا فَلَمْ يُنْسَبْ الْبَائِعُ فِيهِ لِتَقْصِيرٍ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ تَصَرَّتْ بِنَفْسِهَا أَنَّ الْبَائِعَ يُنْسَبُ فِي عَدَمِ الْعِلْمِ بِالتَّصْرِيَةِ إلَى تَقْصِيرٍ فِي الْجُمْلَةِ لِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ حَلْبِ الدَّابَّةِ وَتَعَهُّدِهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ الْمَالِكِ أَوْ نَائِبِهِ وَلَا كَذَلِكَ الشَّعْرُ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْفَرْقِ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: كَمُفَلْفَلِ السُّودَانِ) أَيْ فَإِنْ جَعَلَ الشَّعْرَ عَلَى هَيْئَتِهِ لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِعَدَمِ دَلَالَتِهِ عَلَى نَفَاسَةِ الْمَبِيعِ الْمُقْتَضِيَةِ لِزِيَادَةِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: لِتَقْصِيرِ الْمُشْتَرِي إلَخْ) رُبَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا بِمَحِلٍّ لَا شَيْءَ فِيهِ مِمَّا يُمْتَحَنُ بِهِ ثُبُوتُ الْخِيَارِ، وَلَيْسَ مُرَادًا لِأَنَّ ذَلِكَ نَادِرٌ فَلَا نَظَرَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قِيلَ بِحُرْمَتِهِ لَمْ يَبْعُدْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ) حَجّ (قَوْلُهُ: يَظُنُّهَا جَوْهَرَةً) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ الْبَائِعُ هِيَ جَوْهَرَةٌ فَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ قَالَ اشْتَرَيْته بِكَذَا كَاذِبًا أَوْ زَادَ الْبَائِعُ فِي السِّلْعَةِ وَهِيَ مَعَ الدَّلَّالِ لِيَضُرَّ غَيْرَهُ بِأَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يُحْدِثْ فِي ذَاتِ الْمَبِيعِ صِفَةً لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا، وَإِخْبَارُهُ هُنَا عَنْ الزُّجَاجَةِ بِأَنَّهَا جَوْهَرَةٌ بِمَنْزِلَةِ إحْدَاثِ صِفَةٍ تُخَيَّلُ لِلْمُشْتَرِي فِيهَا ذَلِكَ فَكَانَ كَتَسْوِيدِ الشَّعْرِ وَتَجْعِيدِهِ بَلْ أَوْلَى فَلْيُرَاجِعْ. ثُمَّ الْكَلَامُ حَيْثُ لَمْ يُسَمِّهَا بِغَيْرِ جِنْسِهَا وَقْتَ الْبَيْعِ. أَمَّا لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الْجَوْهَرَةَ فَإِنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحِلَّ) أَيْ صِحَّةَ بَيْعِ الزُّجَاجَةِ (قَوْلُهُ: لَهَا قِيمَةٌ) أَيْ وَلَوْ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ (قَوْلُهُ: لَا تُعْتَبَرُ مَعَ التَّقْصِيرِ) عَلَى أَنَّهُ قَدْ مَرَّ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الرِّضَا فِي الْحَدِيثِ إنَّمَا هُوَ اللَّفْظُ الدَّالُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَرِهَ بَيْعَهُ بِقَلْبِهِ وَقَدْ وُجِدَ اللَّفْظُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَدَلَّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ) أَنَّ مِنْ قَوْلِهِ لَا تُعْتَبَرُ مَعَ التَّقْصِيرِ إلَخْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِجَامِعِ التَّدْلِيسِ أَوْ الضَّرَرِ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى الْوَجْهَيْنِ فِي أَنَّ عِلَّةَ التَّخْيِيرِ فِي الْمُصَرَّاةِ هَلْ هِيَ تَدْلِيسُ الْبَائِعِ أَوْ ضَرَرُ الْمُشْتَرِي بِاخْتِلَافِ مَا ظَنَّهُ، وَيَظْهَرُ أَثَرُهُمَا فِيمَا لَوْ تَحَفَّلَتْ بِنَفْسِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي فَلَهُ الرَّدُّ وَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ فَلَا: أَيْ وَكُلٌّ مِنْ الْعِلَّتَيْنِ مَوْجُودٌ فِي مَسْأَلَتِنَا. (قَوْلُهُ: لِيُوهِمَ أَنَّهُ كَاتِبٌ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِ الْمَتْنِ تَخْيِيلًا لِكِتَابَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي إلْبَاسِهِ ثَوْبًا مُخْتَصًّا بِحِرْفَةٍ إلَخْ) هَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ أَوْ إلْبَاسُهُ ثَوْبَ نَحْوِ خَبَّازٍ إلَخْ حَيْثُ جَعَلَهُ مِنْ جُمْلَةِ مَسَائِلِ الْخِلَافِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَشْكَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ) أَيْ بِأَنَّ حَقِيقَةَ الرِّضَا الْمُشْتَرَطَةَ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ مَفْقُودَةٌ حِينَئِذٍ: أَيْ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ الْبَيْعُ؛ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ جَوَابِهِ.

[باب في حكم المبيع ونحوه قبل قبضه وبعده]

بَابٌ فِي حُكْمِ الْمَبِيعِ وَنَحْوِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبَعْدَهُ وَالتَّصَرُّفِ فِيمَا لَهُ تَحْتَ يَدِ غَيْرِهِ وَبَيَانِ الْقَبْضِ وَالتَّنَازُعِ فِيهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ (الْمَبِيعُ) دُونَ زَوَائِدِهِ، وَمِثْلُهُ فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي الثَّمَنُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ بِقَوْلِهِ وَالثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ كَالْمَبِيعِ (قَبْلَ قَبْضِهِ) الْوَاقِعِ عَنْ الْبَيْعِ (مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ) بِمَعْنَى انْفِسَاخِ الْبَيْعِ بِتَلَفِهِ أَوْ إتْلَافِ الْبَائِعِ وَالتَّخْيِيرُ بِتَعْيِيبِهِ أَوْ تَعْيِيبِ غَيْرِ مُشْتَرٍ وَإِتْلَافِ أَجْنَبِيٍّ لِبَقَاءِ سَلْطَنَتِهِ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ أَعَرَضَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَلَمْ يَقْبَلْهُ أَمْ لَا، أَوْ قَالَ أُودِعْتُك إيَّاهُ أَمْ لَا، وَقَوْلُهُمْ إنَّ إيدَاعَ مَنْ يَدُهُ ضَامِنَةٌ يُبْرِئُهُ مَفْرُوضٌ فِي ضَمَانِ الْيَدِ، وَمَا هُنَا ضَمَانُ عَقْدٍ. نَعَمْ لَوْ وَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَعَلِمَ بِهِ وَلَا مَانِعَ لَهُ مِنْ قَبْضِهِ حَصَلَ الْقَبْضُ، وَإِنْ قَالَ لَا أُرِيدُهُ، وَبَحَثَ الْإِمَامُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قُرْبِهِ مِنْهُ بِحَيْثُ تَنَالُهُ يَدُهُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ لِانْتِقَالٍ أَوْ قِيَامٍ. قَالَ وَلَوْ وَضَعَهُ الْبَائِعُ عَلَى يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ وَالْمُشْتَرِي تِلْقَاءَ وَجْهِهِ لَمْ يَكُنْ قَبْضًا اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا ظَاهِرٌ وَآخِرًا غَيْرُ ظَاهِرٍ، إذْ الْأَوْجَهُ عَدَمُ الْفَرْقِ وَأَنَّهُ مَتَى قَرُبَ مِنْ الْمُشْتَرِي كَمَا ذَكَرَ وَلَمْ يُعَدَّ الْبَائِعُ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــSبَابٌ فِي حُكْمِ الْمَبِيعِ وَنَحْوِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ) كَالثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ: وَالتَّنَازُعُ) أَيْ وَحُكْمُ التَّنَازُعِ (قَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ) أَيْ كَبَيَانِ مَا يُفْعَلُ إذَا غَابَ الثَّمَنُ (قَوْلُهُ: دُونَ زَوَائِدِهِ) أَيْ فَإِنَّهَا أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ الْوَاقِعُ عَنْ الْبَيْعِ) يَخْرُجُ بِهِ نَحْوُ قَبْضِ الْمُشْتَرِي لَهُ مِنْ الْبَائِعِ وَدِيعَةً الْآتِي قَرِيبًا: أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلَا مِنْ عَكْسِهِ أَيْضًا قَبْضُ الْمُشْتَرِي لَهُ وَدِيعَةً إلَخْ، فَهُوَ مِمَّا أُرِيدَ بِقَبْلِ الْقَبْضِ أَيْضًا اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ أَوْ يُقَالُ يَخْرُجُ بِهِ قَبْضُهُ لَهُ بِغَيْرِ إذْنِ بَائِعِهِ أَوْ بِإِذْنِهِ وَلَمْ يَقْبِضْهُ الْقَبْضَ النَّاقِلَ لِلضَّمَانِ عَلَى مَا يَأْتِي فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِتَلَفِهِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَإِنْ ضَمِنَهُ ضَمَانَ يَدٍ بِالْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ) أَيْ الْمَالِكُ وَإِنْ صَدَرَ الْعَقْدُ مِنْ وَلِيِّهِ أَوْ وَكِيلِهِ (قَوْلُهُ: بِتَلَفِهِ) أَيْ بِآفَةٍ (قَوْلُهُ: وَالتَّخْيِيرُ بِتَعْيِينِهِ) الْأَوْلَى بِتَعَيُّبِهِ: أَيْ بِآفَةٍ (قَوْلُهُ: لِبَقَاءِ سَلْطَنَتِهِ) أَيْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ أَوْدَعْتُك إيَّاهُ) أَيْ وَأَقْبِضُهُ لَهُ (قَوْلُهُ: مَفْرُوضٌ فِي ضَمَانِ الْيَدِ) وَهُوَ مَا يُضْمَنُ عِنْدَ التَّلَفِ بِالْبَدَلِ الشَّرْعِيِّ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ كَالْمَغْصُوبِ وَالْمُسْتَامِ وَالْمُعَارِ، وَضَمَانُ الْعَقْدِ هُوَ مَا يَضْمَنُ بِمُقَابِلِهِ مِنْ ثَمَنٍ أَوْ غَيْرِهِ كَالْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ الْمُعَيَّنَيْنِ وَالصَّدَاقِ وَالْأُجْرَةِ الْمُعَيَّنَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ وَضَعَهُ) أَيْ الْبَائِعُ بَيْنَ يَدَيْهِ: أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَلَا مَانِعَ لَهُ مِنْ قَبْضِهِ) وَمِنْهُ أَنْ يَكُونَ بِمَحِلٍّ لَا يَلْزَمُهُ تَسَلُّمُهُ فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَبَحَثَ الْإِمَامُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَآخِرًا) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ وَضَعَهُ الْبَائِعُ عَلَى يَمِينِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ مَتَى قَرُبَ إلَخْ) نَعَمْ إنْ كَانَ ثَقِيلًا لَا تُعَدُّ الْيَدُ حَوَّاءَ لَهُ، فَإِنْ كَانَ مَحِلُّهُ لِلْمُشْتَرِي كَفَى وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ نَقْلِهِ اهـ خَطُّ مُؤَلِّفٍ. أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ فِي الِاكْتِفَاءِ بِكَوْنِ الْمَحِلِّ لِلْمُشْتَرِي نَظَرًا لِمَا يَأْتِي أَنَّ الْمَنْقُولَ إذَا كَانَ ثَقِيلًا لَا بُدَّ مِنْ نَقْلِهِ إلَى مَحِلٍّ لَا يَخْتَصُّ بِالْبَائِعِ، فَلَا فَرْقَ فِي الثَّقِيلِ بَيْنَ كَوْنِهِ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي أَوْ غَيْرِهِ، وَقَدْ يُقَالُ: لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا يَأْتِي لِأَنَّ مَا يَأْتِي مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ كَانَ فِي مَحِلٍّ يَخْتَصُّ بِالْبَائِعِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ بِمَحِلٍّ لِلْمُشْتَرِي لَا يَجِبُ نَقْلُهُ مِنْهُ فَالْمَسْأَلَتَانِ مُسْتَوِيَتَانِ (قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرَ) أَيْ بِحَيْثُ تَنَالُهُ يَدُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَابٌ فِي حُكْمِ الْمَبِيعِ وَنَحْوِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبَعْدَهُ] بَابٌ) فِي حُكْمِ الْمَبِيعِ وَنَحْوِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ أَوْدَعْتُكَ إيَّاهُ) أَيْ قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ وَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ إلَخْ) هُوَ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ سَوَاءٌ أَعَرَضَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَلَمْ يَقْبَلْهُ أَمْ لَا، وَانْظُرْ هَلْ يُشْتَرَطُ هُنَا أَنْ يَكُونَ الْوَضْعُ بِقَصْدِ الْإِقْبَاضِ

حَصَلَ الْقَبْضُ وَإِنْ كَانَ عَنْ يَمِينِهِ مَثَلًا، وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي وَضْعِ الْمَدِينِ الدَّيْنَ عِنْدَ دَائِنِهِ خِلَافًا لِمَا فِي الْأَنْوَارِ هَذَا كُلُّهُ بِالنِّسْبَةِ لِحُصُولِ الْقَبْضِ عَنْ جِهَةِ الْعَقْدِ، فَلَوْ خَرَجَ مُسْتَحِقًّا وَلَمْ يَقْبِضْهُ الْمُشْتَرِي لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْتَحِقِّ مُطَالَبَتُهُ بِهِ لِعَدَمِ قَبْضِهِ لَهُ حَقِيقَةً، وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ قَبْلَ نَقْلِهِ فَنَقَلَهُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي فَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ. قَالَ الْإِمَامُ وَإِنَّمَا يَكُونُ الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَى الْمُشْتَرِي قَبْضًا فِي الصَّحِيحِ دُونَ الْفَاسِدِ، وَكَذَا تَخْلِيَةُ الدَّارِ وَنَحْوُهَا إنَّمَا تَكُونُ قَبْضًا فِي الصَّحِيحِ دُونَ غَيْرِهِ، وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِالْمَبِيعِ عَنْ زَوَائِدِهِ الْمُنْفَصِلَةِ الْحَادِثَةِ فِي يَدِ الْبَائِعِ كَثَمَرَةٍ وَلَبَنٍ وَبِيضٍ وَصُوفٍ وَرِكَازٍ فَإِنَّهَا أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْبَائِعِ لِأَنَّ ضَمَانَ الْأَصْلِ بِالْعَقْدِ وَهُوَ لَمْ يَشْمَلْهَا وَلَا وُجِدَ مِنْهُ تَعَدٍّ (فَإِنْ تَلِفَ) بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ حَصَلَ لَهُ مَا فِي مَعْنَى التَّلَفِ كَوُقُوعِ الدُّرَّةِ فِي بَحْرٍ لَا يُمْكِنُ إخْرَاجُهَا مِنْهُ أَوْ انْفِلَاتِ مَا لَا يُرْجَى عَوْدُهُ مِنْ طَيْرٍ أَوْ صَيْدٍ مُتَوَحِّشٍ أَوْ اخْتِلَاطِ نَحْوِ ثَوْبٍ أَوْ شَاةٍ بِمِثْلِهِ وَلَمْ يُمْكِنْ التَّمْيِيزُ، بِخِلَافِ نَحْوِ ثَمَرٍ بِمِثْلِهِ لِأَنَّ الْمِثْلِيَّةَ تَقْتَضِي الشَّرِكَةَ فَلَا تَعَذُّرَ بِخِلَافِ الْمُتَقَوِّمِ، أَوْ انْقِلَابُ عَصِيرٍ خَمْرًا وَلَمْ يَعُدْ خَلًّا. نَعَمْ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلَمْ يَقْبِضْهُ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ سَوَاءٌ بَقِيَ فِي مَحِلِّهِ أَوْ أَخَذَهُ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ: مُطَالَبَتُهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ) أَيْ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ) أَيْ لِعَدَمِ قَبْضِهِ لَهُ حَقِيقَةً (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِمَامُ) اسْتِظْهَارٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ قَوْلِهِ هَذَا كُلُّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَصُوفٌ وَرِكَازٌ) أَيْ وَجَدَهُ الْعَبْدُ الْمَبِيعُ. أَمَّا مَا ظَهَرَ مِنْ الرِّكَازِ وَهُوَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَلَيْسَ مِمَّا ذُكِرَ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي بَلْ لِلْبَائِعِ إذَا ادَّعَاهُ وَإِلَّا فَلِمَنْ مَلَكَ مِنْهُ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ الْأَمْرُ إلَى الْمُحْيِي فَهُوَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَدَعْهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَلِفَ بِآفَةٍ) قَيَّدَ بِهِ أَخْذًا مِنْ بَيَانِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي إتْلَافَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ وَالْأَجْنَبِيِّ. وَقَالَ حَجّ: وَيُصَدَّقُ فِيهِ: أَيْ التَّلَفُ الْبَائِعُ بِالتَّفْصِيلِ الْآتِي فِي الْوَدِيعَةِ عَلَى الْأَوْجُهِ لِأَنَّهُ كَالْوَدِيعِ فِي عَدَمِ ضَمَانِ الْبَدَلِ اهـ (قَوْلُهُ: نَحْوِ ثَوْبٍ) أَيْ وَلَوْ بِأَجْوَدَ (قَوْلُهُ: أَوْ شَاةٍ بِمِثْلِهِ) أَيْ لِلْبَائِعِ اهـ حَجّ. وَمَفْهُومُهُ أَنَّ اخْتِلَاطَ الْمُتَقَوِّمِ بِمِثْلِهِ لِأَجْنَبِيٍّ لَا يُعَدُّ تَلَفًا وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنْ يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي، ثُمَّ إنْ أَجَازَ وَاتَّفَقَ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى شَيْءٍ فَذَاكَ وَإِلَّا صُدِّقَ ذُو الْيَدِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُمْكِنْ التَّمْيِيزُ) بِخِلَافِ مَا إذَا أَمْكَنَ وَهَلْ يَكْفِي إمْكَانُهُ بِالِاجْتِهَادِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: الظَّاهِرُ نَعَمْ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ (قَوْلُهُ: نَحْوِ تَمْرٍ بِمِثْلِهِ) الظَّاهِرُ مِنْ التَّمْثِيلِ أَنَّ الْمُرَادَ بِنَحْوِ التَّمْرِ اخْتِلَاطُ مِثْلِيٍّ بِمِثْلِهِ مِنْ جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ وَصِفَتِهِ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ لِأَنَّ الْمِثْلِيَّةَ إلَخْ الْمُرَادُ بِهَا الْمِثْلِيَّةُ الْخَاصَّةُ. أَمَّا لَوْ اخْتَلَطَ مِثْلِيٌّ بِغَيْرِ جِنْسِهِ كَمَا لَوْ اخْتَلَطَ الشَّيْرَجُ بِالزَّيْتِ فَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِيمَا يَظْهَرُ لِتَعَذُّرِ الْمُشَارَكَةِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ انْتِقَالِ مِلْكٍ إذْ الْمَخْلُوطُ لَوْ قُسِمَ لَكَانَ مَا يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ بَعْضَهُ مِنْ الزَّيْتِ وَبَعْضَهُ مِنْ الشَّيْرَجِ فَيَكُونُ أَخَذَ غَيْرَ حَقِّهِ بِلَا تَعْوِيضٍ، ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْمِثْلِيِّ بَيْنَ كَوْنِهِ مَعْلُومَ الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ أَوْ لَا كَمَا لَوْ اشْتَرَى صُبْرَةَ بُرٍّ جُزَافًا (قَوْلُهُ: أَوْ انْقِلَابٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَوُقُوعِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُعَدَّ خَلًّا) أَيْ فَمَتَى عَادَ خَلًّا عَادَ حُكْمُهُ وَهُوَ عَدَمُ الِانْفِسَاخِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ عَوْدِ الْعَصِيرِ خَلًّا مَا لَوْ عَادَ الصَّيْدُ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ كَأَنْ وَقَعَ فِي شَبَكَةِ صَيَّادٍ فَأَتَى بِهِ وَخُرُوجُ الدُّرَّةِ مِنْ الْبَحْرِ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي فِيهِمَا لِأَنَّهُمَا لَمْ تَتَغَيَّرْ صِفَتُهُمَا، بِخِلَافِ انْقِلَابِ الْعَصِيرِ خَلًّا لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ) أَيْ فِيمَا لَوْ عَادَ خَلًّا، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْعَصِيرِ، وَيُوَجَّهُ بِاخْتِلَافِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: يَمِينِهِ) أَيْ عَنْ يَمِينِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: هَذَا كُلُّهُ بِالنِّسْبَةِ لِحُصُولِ الْقَبْضِ عَنْ جِهَةِ الْعَقْدِ) أَيْ بِحَيْثُ يَبْرَأُ الْبَائِعُ عَنْ ضَمَانِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْغَيْرِ مَسْأَلَةُ الِاسْتِحْقَاقِ الْآتِيَةِ: أَيْ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ فِيهَا مِنْ ضَمَانِ الْيَدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَبِحَيْثُ يَصِحُّ تَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي فِيهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقْبِضْهُ الْمُشْتَرِي) يَعْنِي لَمْ يَتَنَاوَلْهُ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي. إذْ بَيْعُهُ حِينَئِذٍ صَحِيحٌ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ دُونَ زَوَائِدِهِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ هُنَا: أَمَّا زَوَائِدُهُ إلَخْ فَهُوَ بَيَانٌ لِلْمُحْتَرِزِ الَّذِي زَادَهُ فِيمَا مَرَّ . (قَوْلُهُ: أَوْ انْقِلَابِ عَصِيرٍ خَمْرًا) مَعْطُوفٌ عَلَى وُقُوعِ دُرَّةٍ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعُدْ خَلًّا) عِبَارَةُ الشِّهَابِ حَجّ مَا لَمْ يَعُدْ خَلًّا: أَيْ فَلَا انْفِسَاخَ، لَكِنْ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي إذَا عَادَ خَلًّا

وَهَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا فِي بَابِ الرَّهْنِ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي هُنَا فِي بَعْضِ النَّسْخِ وَإِنْ أَطْلَقَا هُنَا أَنَّهُ كَالتَّلَفِ وَإِنْ عَادَ خَلًّا، وَوُقُوعُ صَخْرَةٍ عَلَى أَرْضٍ أَوْ رُكُوبُ رَمْلٍ عَلَيْهَا لَا يُمْكِنُ رَفْعُهُمَا كَمَا جَزَمَا بِهِ فِي الشُّفْعَةِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا فِي الْإِجَارَةِ لَكِنْ رَجَّحَا هُنَا كَوْنَهُ تَعْيِيبًا وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُهُمْ، وَفُرِّقَ بِبَقَاءِ عَيْنِ الْأَرْضِ وَالْحَيْلُولَةُ لَا تَقْتَضِي فَسْخًا كَالْإِبَاقِ وَالشُّفْعَةُ تَقْتَضِي تَمَلُّكًا وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ حَالًا لِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ وَالِانْتِفَاعِ وَالْإِجَارَةُ تَقْتَضِي الِانْتِفَاعَ فِي الْحَالِ، وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ بِحَيْلُولَةِ الْمَاءِ وَتَرَقُّبِ زَوَالِهِ لَا نَظَرَ لَهُ لِتَلَفِ الْمَنَافِعِ، وَقَدْ يُمْنَعُ بِأَنَّهُمْ لَوْ نَظَرُوا هُنَا لِمُجَرَّدِ بَقَاءِ الْعَيْنِ لَمْ يَقُولُوا بِالِانْفِسَاخِ فِي وُقُوعِ الدُّرَّةِ وَمَا بَعْدَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ بِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ وَهُوَ عَدَمُ الْعِلْمِ بِبَقَاءِ الْعَيْنِ فِي هَذِهِ بِخِلَافِ الْأَرْضِ (انْفَسَخَ الْبَيْعُ) أَيْ قَدْرَ انْفِسَاخِهِ قَبْلَ التَّلَفِ فَتَكُونُ زَوَائِدُهُ لِلْمُشْتَرِي حَيْثُ لَمْ يَخْتَصَّ الْخِيَارُ بِالْبَائِعِ (وَسَقَطَ الثَّمَنُ) الَّذِي لَمْ يُقْبَضْ، فَإِنْ قُبِضَ وَجَبَ رَدُّهُ لِفَوَاتِ التَّسْلِيمِ الْمُسْتَحَقِّ بِالْعَقْدِ فَبَطَل كَمَا لَوْ تَفَرَّقَا فِي عَقْدِ الصَّرْفِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَيَنْتَقِلُ الْمِلْكِ فِي الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ قُبَيْلَ التَّلَفِ فَتَجْهِيزُهُ عَلَيْهِ لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ فِيهِ إلَيْهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSالْأَغْرَاضِ وَالْخِيَارُ فِيمَا ذُكِرَ فَوْرِيٌّ لِأَنَّهُ خِيَارُ عَيْبٍ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ عَدَمُ الِانْفِسَاخِ فِيمَا لَوْ انْقَلَبَ خَلًّا (قَوْلُهُ: لَا يُمْكِنُ رَفْعُهُمَا) أَيْ عَادَةً (قَوْلُهُ: لَكِنْ رَجَّحَا هُنَا) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: كَوْنَهُ) أَيْ وُقُوعَ الصَّخْرَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ) قَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ تَوَقُّفَهَا عَلَى ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ مِنْ الرُّؤْيَةِ لِجَوَازِ رُؤْيَةِ الْأَرْضِ قَبْلَ الْغَرَقِ وَوُقُوعِ الصَّخْرَةِ عَلَيْهَا، عَلَى أَنَّ الرُّؤْيَةَ كَمَا هِيَ مُعْتَبَرَةٌ فِي الشُّفْعَةِ مُعْتَبَرَةٌ فِي صِحَّةِ قَبْضِ الْمَبِيعِ وَالِانْتِفَاعُ الْمَقْصُودُ مِنْ الشُّفْعَةِ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْمَبِيعِ، فَإِنَّ الْحَاصِلَ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ تَمَامِ الشِّرَاءِ حِلُّ الِانْتِفَاعِ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَلَا كَذَلِكَ الْمَقْصُودُ بِالشَّفِيعِ الِانْتِفَاعُ بِمَا آلَ إلَيْهِ مِنْ الْحِصَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَقَدْ يَمْنَعُ) أَنَّ الْفَرْقَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ عَدَمُ الْعِلْمِ بِبَقَاءِ الْعَيْنِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّا لَوْ عَلِمْنَا بَقَاءَ الْعَيْنِ فِيهِمَا كَرُؤْيَةِ الدُّرَّةِ مِنْ وَرَاءِ مَاءٍ صَافٍ وَقَعَتْ فِيهِ وَرُؤْيَةُ الصَّيْدِ مِنْ وَرَاءِ جَبَلٍ مَثَلًا عَدِمُ الِانْفِسَاخِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ) أَيْ وُقُوعُ الدُّرَّةِ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ فَتَكُونُ زَوَائِدُهُ) أَيْ الْحَادِثَةُ قَبْلَ الِانْفِسَاخِ (قَوْلُهُ لَمْ يَخْتَصَّ الْخِيَارُ بِالْبَائِعِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَوَّلُهُمَا وَتَمَّ الْعَقْدُ لِلْمُشْتَرِي، لَكِنَّ هَذَا إنَّمَا يَأْتِي حَيْثُ كَانَ التَّلَفُ بَعْدَ الْقَبْضِ. أَمَّا قَبْلَهُ فَلَا يَتَأَتَّى تَمَامُهُ لِلْمُشْتَرِي لِانْفِسَاخِهِ بِمُجَرَّدِ التَّلَفِ، وَقَالَ حَجّ: حَيْثُ لَا خِيَارَ أَوْ يُخَيَّرُ وَحْدَهُ، وَهُوَ يُفِيدُ عَدَمَ اسْتِحْقَاقِ الْمُشْتَرِي الزَّوَائِدَ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا، هَذَا وَقَدْ يُقَالُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ انْفِسَاخِهِ بِالتَّلَفِ فِي يَدِ الْبَائِعِ عَدَمُ تَمَامِ الْعَقْدِ لِلْمُشْتَرِي إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا لِجَوَازِ أَنَّ التَّلَفَ حَصَلَ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْخِيَارِ فَيَتَبَيَّنُ أَنَّ الْمِلْكَ فِي الزَّوَائِدِ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ فَتَجْهِيزُهُ عَلَيْهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: وَعَلَيْهِ أَيْضًا نَقْلُهُ عَنْ الطَّرِيقِ إذَا مَاتَ فِيهَا كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ، وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ كَمَا قَالَهُ الْفَتَى أَنَّ مَنْ مَاتَتْ لَهُ بَهِيمَةٌ فِي الطَّرِيقِ لَزِمَهُ نَقْلُهَا مِنْهَا، وَأَنَّهَا لَوْ مَاتَتْ فِي دَارِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ طَرْحُهَا فِي الطَّرِيقِ. قَالَ: وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الرَّوْضَةِ تَحْرِيمَ وَضْعِ الْقُمَامَةِ فِي الطَّرِيقِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الضَّمَانَ بِهِ. نَعَمْ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَسْأَلَتَنَا وَهِيَ تُؤَيِّدُهُ اهـ. وَالْكَلَامُ فِي غَيْرِ الْمُنْعَطَفَاتِ، فَهِيَ يَجُوزُ طَرْحُ الْقُمَامَاتِ فِيهَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ فِي الْجِنَايَاتِ. وَأَمَّا طَرْحُ الْمَيِّتِ وَلَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ رُكُوبِ رَمْلٍ عَلَيْهَا) يَعْنِي الْأَرْضَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ سَقَطَ مِنْ الْكَتَبَةِ فَإِنَّ الْعِبَارَةَ إلَخْ السَّوَادَةُ لِلتُّحْفَةِ وَصَدْرُهَا أَوْ غَرِقَتْ الْأَرْضُ بِمَا لَمْ يُتَوَقَّعْ انْحِسَارُهُ أَوْ وَقَعَ عَلَيْهَا صَخْرَةٌ إلَخْ، وَيَدُلُّ عَلَى السَّقْطِ قَوْلُهُ: فِيمَا يَأْتِي وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ بِحَيْلُولَةِ الْمَاءِ. (قَوْلُهُ: أَيْ قُدِّرَ انْفِسَاخُهُ قَبْلَ التَّلَفِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ قُبَيْلَ التَّلَفِ بِالتَّصْغِيرِ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَخْتَصَّ الْخِيَارُ بِالْبَائِعِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ حَيْثُ لَا خِيَارَ أَوْ يَتَخَيَّرُ: أَيْ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ انْتَهَتْ، وَظَاهِرٌ أَنَّهَا الصَّوَابُ. (قَوْلُهُ: وَيَنْتَقِلُ الْمِلْكُ فِي الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ) أَيْ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ خِيَارٌ أَوْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ الَّذِي تَقَدَّمَ عَنْ التُّحْفَةِ، وَإِلَّا فَهُوَ

وَلَا يُسْتَثْنَى مِنْ طَرْدِهِ مَا لَوْ وَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ عِنْدَ امْتِنَاعِهِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ قَبْضٌ لَهُ وَلَا إحْبَالُ أَبِي الْمُشْتَرِي الْأَمَةَ وَتَعْجِيزُ مُكَاتَبٍ بَعْدَ بَيْعِهِ شَيْئًا لِسَيِّدِهِ وَمَوْتُ مُورَثِهِ الْبَائِعِ لِأَنَّ قَبْضَ الْمُشْتَرِي مَوْجُودٌ فِي الثَّلَاثَةِ حُكْمًا وَهُوَ كَافٍ، وَلَا مِنْ عَكْسِهِ أَيْضًا قَبْضُ الْمُشْتَرِي لَهُ مِنْ الْبَائِعِ وَدِيعَةً بِأَنْ كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ إذْ تَلَفُهُ بِيَدِهِ كَتَلَفِهِ بِيَدِ الْبَائِعِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِهَذَا الْقَبْضِ وَلِهَذَا كَانَ الْأَصَحُّ بَقَاءُ حَبْسِ الْبَائِعِ بَعْدَهُ، وَمَا وَقَعَ لِلزَّرْكَشِيِّ فِي هَذِهِ آخِرَ الْوَدِيعَةِ مِمَّا يُخَالِفُ مَا تَقَرَّرَ سَهْوٌ وَإِنْ أَقَرَّهُ الشَّيْخُ رَحْمَةُ اللَّه عَلَيْهِ، وَلَا مَا قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي فِي زَمَنِ خِيَارِ الْبَائِعِ وَحْدَهُ فَتَلَفُهُ حِينَئِذٍ كَهُوَ بِيَدِ الْبَائِعِ فَيَفْسَخُ الْعَقْدُ بِهِ وَلَهُ ثَمَنُهُ وَلِلْبَائِعِ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ تَلَفِهِ لِأَنَّ الْمِلْكَ حِينَئِذٍ لِلْبَائِعِ فَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ الْمَعْنَى الَّذِي فِي الْبَيْعِ بَعْدَ الْخِيَارِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ (وَلَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSنَحْوَ هِرٍّ فَيَنْبَغِي حُرْمَتُهُ حَتَّى فِي تِلْكَ الْمُنْعَطَفَاتِ لِأَنَّ فِيهِ أَبْلَغَ إيذَاءٍ لِلْمَارِّينَ اهـ مَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِالْمَيِّتِ فِيمَا ذَكَرَ مَا يَعْرِضُ لَهُ نَحْوُ النَّتِنِ مِنْ أَجْزَائِهِ كَكَرِشِهِ وَإِنْ كَانَ مُذَكًّى لِلْإِيذَاءِ الْمَذْكُورِ، وَلْيُتَأَمَّلْ بَعْدَ ذَلِكَ هَذَا الْكَلَامُ مَعَ كَرَاهَةِ التَّخَلِّي فِي الطَّرِيقِ فَقَطْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْكَلَامُ هُنَا فِي وُجُوبِ النَّقْلِ عَنْ الطَّرِيقِ وَيَلْتَزِمُ ذَلِكَ فِي الْخَارِجِ إذَا تَضَرَّرَ بِهِ النَّاسُ، أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ ضَرَرَ الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا أَشَدُّ مِنْ ضَرَرِ الْخَارِجِ فَلْيُحَرَّرْ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ. خُرُوجُ الْخَارِجِ أَيْضًا ضَرُورِيٌّ، وَرُبَّمَا يَضُرُّ بِهِ عَدَمُ خُرُوجِهِ فَجَوَّزَهُ لَهُ، وَقَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْمُنْعَطَفَاتِ: أَيْ أَمَّا قَارِعَةُ الطَّرِيقِ فَيَحْرُمُ رَمْيُ الْقُمَامَاتِ فِيهَا وَإِنْ قُلْت فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَلَا يُسْتَثْنَى مِنْ طَرْدِهِ) وَهُوَ أَنَّهُ مَتَى تَلِفَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ أَنَّهُ قَبْضٌ) أَيْ فَإِذَا تَلِفَ كَانَ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ وَتَعْجِيزُ مُكَاتَبٍ) أَيْ كِتَابَةً صَحِيحَةً (قَوْلُهُ: وَمَوْتُ مُورِثِهِ) أَيْ الْمُسْتَغْرِقُ لِتَرِكَتِهِ أَمَّا غَيْرُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْصُلَ الْقَبْضُ فِي قَدْرِ حِصَّتِهِ دُونَ مَا زَادَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَافٍ) وَمَنْ اسْتَثْنَاهُ اسْتَثْنَاهُ مِنْ عَدَمِ الْقَبْضِ الْحَقِيقِيِّ الَّذِي هُوَ الْمُتَبَادِرُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَأَلْحَقَهُ بِالْقَبْضِ حُكْمًا (قَوْلُهُ: وَلَا مِنْ عَكْسِهِ) وَهُوَ أَنَّهُ إذَا تَلِفَ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بَلْ يَكُونُ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ لَهُ) أَيْ الْبَائِعُ حَقُّ الْحَبْسِ، مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ وَأَوْدَعَ الْمُشْتَرِيَ الْمَبِيعَ حَصَلَ بِهِ الْقَبْضُ الْمُضَمَّنُ لِلْمُشْتَرِي، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ الْوَاقِعِ عَنْ الْبَيْعِ إنَّ هَذَا لَا يُعَدُّ قَبْضًا (قَوْلُهُ: إذْ تَلِفَهُ بِيَدِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: بَعْدَهُ) أَيْ قَبْضُ الْمُشْتَرِي لَهُ وَدِيعَةً (قَوْلُهُ فِي زَمَنِ خِيَارِ الْبَائِعِ وَحْدَهُ) مَفْهُومُهُ إذَا تَلِفَ بَعْضُ الْقَبْضِ وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لَهُمَا لَمْ يَنْفَسِخْ، وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ هُنَا حَيْثُ قَالَ: وَخَرَجَ بِوَحْدِهِ مَا لَوْ تَخَيَّرَ أَوْ الْمُشْتَرِي فَلَا فَسْخَ بَلْ يَبْقَى الْخِيَارُ، ثُمَّ إنْ تَمَّ الْعَقْدُ غَرِمَ الثَّمَنَ وَإِلَّا فَالْبَدَلُ (قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: قِيمَتُهُ يَوْمَ تَلَفِهِ) أَيْ إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا وَإِلَّا فَمِثْلُهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا (قَوْلُهُ: فَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ الْمَعْنَى إلَخْ) وَهُوَ تَمَكُّنُ الْمُشْتَرِي مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ وَلَا بِالتَّبَيُّنِ كَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: وَتَعْجِيزُ مُكَاتَبٍ إلَخْ) كَأَنَّ وَجْهَ إيرَادِ هَذِهِ وَمَا بَعْدَهَا أَنَّ الْمَبِيعَ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ مَبِيعًا لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي بِوَجْهٍ آخَرَ هُوَ التَّعْجِيزُ أَوْ الْإِرْثُ فَكَأَنَّهُ تَلِفَ، لَكِنَّ فِي الْجَوَابِ حِينَئِذٍ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ عَنْ جِهَةِ الْبَيْعِ، وَمَا الْمَانِعُ مِنْ تَسْلِيمِ انْفِسَاخِ الْبَيْعِ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَلَعَلَّ الْمَانِعَ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ بَقِيَّةَ الْوَرَثَةِ يُشَارِكُونَ الْمُشْتَرِيَ، وَأَنَّ الْبَائِعَ لِلْمُكَاتَبِ يَرْجِعُ فِي عَيْنِ مَبِيعِهِ لِإِفْلَاسِ الْمُكَاتَبِ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ فِيمَا يَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ صَرَّحَ بِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ السَّيِّدِ أَوْ الْوَارِثِ بِالتَّعْجِيزِ أَوْ الْإِرْثِ لَا بِالشِّرَاءِ، فَعَلَيْهِ لَا يَصِحُّ إيرَادُ هَاتَيْنِ هُنَا وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الشِّهَابُ حَجّ بَعْدَ إيرَادِهِمَا: وَالْجَوَابُ عَنْهُمَا بِمَا مَرَّ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى أَنَّهُ يَأْتِي فِي الْأَخِيرَتَيْنِ مَا يُبْطِلُ وُرُودَهُمَا مِنْ أَصْلِهِمَا اهـ. وَحِينَئِذٍ لَوْ كَانَ هُنَاكَ وَارِثٌ آخَرُ يُشَارِكُ فِي الْأَخِيرَةِ ثُمَّ رَأَيْتُ الشِّهَابَ سم صَوَّرَ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ بَعْدَ تَعْجِيزِ الْمُكَاتَبِ وَمَوْتِ الْمُورَثِ؛ لِأَنَّهُ قَضِيَّةُ اسْتِثْنَاءِ ذَلِكَ مِنْ الطَّرْدِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ وَسَقَطَ الثَّمَنُ، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ

[إتلاف المشتري للمبيع حسا أو شرعا]

أَبْرَأَهُ الْمُشْتَرِي عَنْ الضَّمَانِ لَمْ يَبْرَأْ فِي الْأَظْهَرِ) إذْ هُوَ إبْرَاءٌ عَمَّا لَمْ يَجِبْ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ وَإِنْ وُجِدَ سَبَبُهُ. وَالثَّانِي يَبْرَأُ لِوُجُودِ سَبَبِ الضَّمَانِ فَلَا يَنْفَسِخُ بِهِ الْبَيْعُ وَلَا يَسْقُطُ بِهِ الثَّمَنُ (وَلَمْ يَتَغَيَّرْ الْحُكْمُ) السَّابِقُ، وَفَائِدَةُ هَذَا كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ نَفْيُ تَوَهُّمِ عَدَمِ الِانْفِسَاخِ إذَا تَلِفَ وَأَنَّ الْإِبْرَاءَ كَمَا لَا يَرْفَعُ الضَّمَانَ لَا يَرْفَعُ الْفَسْخَ بِالتَّلَفِ وَلَا الْمَنْعَ مِنْ التَّصَرُّفِ وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ فَائِدَتِهِ (وَإِتْلَافُ الْمُشْتَرِي) لِلْمَبِيعِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا يَعْنِي الْمَالِكَ وَإِنْ لَمْ يُبَاشِرْ الْعَقْدَ، لَا وَكِيلُهُ وَإِنْ بَاشَرَ بَلْ هُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَذِنَ لَهُ الْمَالِكُ فِي الْقَبْضِ أَمْ لَا وَإِتْلَافُ قِنِّهِ بِإِذْنِهِ (قَبْضٌ) لَهُ (إنْ عَلِمَ) أَنَّهُ الْمَبِيعُ وَلَمْ يَكُنْ لِعَارِضٍ يُبِيحُهُ فَخَرَجَ قَتْلُهُ لِزِنَاهُ بِأَنْ زَنَى ذِمِّيًّا مُحْصَنًا ثُمَّ حَارَبَ ثُمَّ أُرِقَّ، أَوْ لِرِدَّتِهِ أَوْ لِنَحْوِ تَرْكِهِ الصَّلَاةَ أَوْ قَطْعِهِ الطَّرِيقَ وَهُوَ إمَامٌ أَوْ نَائِبُهُ، وَإِلَّا كَانَ قَابِضًا لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الِافْتِيَاتِ عَلَى الْإِمَامِ، فَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ مُهْدَرًا وَقَتْلُهُ لِصِيَالِهِ عَلَيْهِ أَوْ لِمُرُورِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي بِشَرْطِهِ أَوْ لِقِتَالِهِ مَعَ بُغَاةٍ أَوْ مُرْتَدِّينَ أَوْ قَوْدًا، فَلَا يَكُونُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا قَبْضًا سَوَاءٌ أَكَانَ عَالِمًا أَنَّهُ الْمَبِيعُ أَمْ جَاهِلًا لِأَنَّهُ لَمَّا أَتْلَفَهُ بِحَقٍّ كَانَ تَلَفُهُ وَاقِعًا عَنْ ذَلِكَ الْحَقِّ دُونَ غَيْرِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ الْمَبِيعُ، قَالَ الشَّارِحُ: وَقَدْ أَضَافَهُ بِهِ الْبَائِعُ (فَقَوْلَانِ كَأَكْلِ الْمَالِكِ طَعَامَهُ الْمَغْصُوبَ) حَالَ كَوْنِهِ (ضَيْفًا) لِلْغَاصِبِ جَاهِلًا أَنَّهُ طَعَامُهُ أَظْهَرُهُمَا أَنَّهُ يَصِيرُ قَابِضًا تَقْدِيمًا لِلْمُبَاشَرَةِ فَكَذَا هُنَا أَيْضًا، وَفِي مَعْنَى إتْلَافه كَمَا مَرَّ مَا لَوْ اشْتَرَى أَمَةً فَأَحْبَلَهَا أَبُوهُ أَوْ سَيِّدٌ مِنْ مُكَاتَبِهِ أَوْ وَارِثٌ مِنْ مُورَثِهِ شَيْئًا ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ أَوْ مَاتَ الْمُورَثُ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ الشَّارِحُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالتَّصَرُّفِ فِيهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَبْرَأْ فِي الْأَظْهَرِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ اعْتَقَدَ الْبَائِعُ صِحَّةَ الْبَرَاءَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ عِلَّةَ الضَّمَانِ كَوْنُهُ فِي يَدِهِ وَهِيَ بَاقِيَةٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ وُجِدَ سَبَبُهُ) وَهُوَ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ: وَفَائِدَةُ هَذَا) أَيْ قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَفْيُ تَوَهُّمٍ إلَخْ) فِي تَوَهُّمِ ذَلِكَ بُعْدٌ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالضَّمَانِ انْفِسَاخُ الْعَقْدِ بِتَلَفِهِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِيهِ فَكَيْفَ بَعْدَ تَصْوِيرِ الضَّمَانِ بِالتَّلَفِ بِالِانْفِسَاخِ يُتَوَهَّمُ عَدَمُهُ. نَعَمْ هُوَ ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ وَلَا الْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفِ وَمِنْ ثَمَّ اقْتَصَرَ: عَلَى جَعْلِ الْفَائِدَةِ فِيهِ عَدَمَ صِحَّةِ التَّصَرُّفِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ فَائِدَتِهِ) أَيْ قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِتْلَافُ الْمُشْتَرِي) هَذَا إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ أَوْ لَهُمَا وَإِلَّا انْفَسَخَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فِي بَابِ الْخِيَارِ وَبَيَّنَّاهُ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ قَبْلُ وَلَا قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي فِي زَمَنِ خِيَارِ الْبَائِعِ وَحْدَهُ. وَقَوْلُ سم: وَإِلَّا انْفَسَخَ: أَيْ فَيَسْتَرِدُّ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ وَيَغْرَمُ لِلْبَائِعِ بَدَلَ الْمَبِيعِ مِنْ قِيمَةٍ أَوْ مِثْلٍ (قَوْلُهُ: لَا وَكِيلُهُ) أَيْ وَلَا وَلِيُّهُ مِنْ أَبٍ أَوْ جَدٍّ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ قَيِّمٍ فَلَا يَكُونُ إتْلَافُهُمْ قَبْضًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَاشَرَ) صِلَةُ وَكِيلِهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ لِعَارِضٍ) كَالصِّيَالِ أَوْ اسْتِحْقَاقِ الْمُشْتَرِي الْقِصَاصَ (قَوْلُهُ: أَوْ لِرِدَّتِهِ) وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ ضَمَانَ الْعُقُودِ لَا يُنَافِي عَدَمَ ضَمَانِ الْقِيَمِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: يَعْنِي فَحَيْثُ كَانَ الْمُشْتَرِي غَيْرَ الْإِمَامِ وَأَتْلَفَهُ اسْتَقَرَّ ثَمَنُهُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ هَدَرًا لَوْ أَتْلَفَهُ غَيْرُ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ إمَامٌ) قَيْدٌ فِي قَتْلِهِ لِلزِّنَا وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ وَارِثٌ) أَيْ حَائِزٌ وَإِلَّا لَمْ يَحْصُلْ الْقَبْضُ إلَّا فِي قَدْرِ نَصِيبِهِ فَقَطْ. قَالَ فِي الرَّوْضِ بَعْدَ ذَلِكَ: وَمَا اشْتَرَاهُ: أَيْ مِنْ مُورَثِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَهُ بَيْعُهُ وَإِنْ كَانَ: أَيْ مُورَثُهُ مَدْيُونًا وَدَيْنُ الْغَرِيمِ مُتَعَلِّقٌ بِالثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ آخَرُ لَمْ يَنْفُذْ بَيْعُهُ فِي قَدْرِ نَصِيبِ الْآخَرِ حَتَّى ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا هُوَ صَرِيحٌ فِيمَا قَدَّمْتُهُ مِنْ التَّصْوِيرِ وَالتَّوْجِيهِ، ثُمَّ قَالَ عَقِبَةُ: وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا صَنِيعٌ وَسِيَاقٌ آخَرُ وَنَازَعَ فِيهِ بِمَا قَدَّمْتُهُ فَلْيُرَاجَعْ [إتْلَافُ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا] . (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَضَافَهُ بِهِ الْبَائِعُ) لَا يُنَاسِبُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ إدْخَالِهِ فِي أَفْرَادِ الْمَسْأَلَةِ غَيْرَ الْمَأْكُولِ وَجَعَلِهِ مِنْ مَشْمُولَاتِ الْمَتْنِ، فَكَانَ عَلَيْهِ إمَّا أَنْ يُرَاعِيَ الْخِلَافَ فَيَفْرِضَ الْمَتْنَ فِي خُصُوصِ الطَّعَامِ كَمَا صَنَعَ الْجَلَالُ ثُمَّ يُلْحِقَ بِهِ غَيْرَهُ فِي الْحُكْمِ، أَوْ أَنْ لَا يُرَاعِيَ الْخِلَافَ فَيَحْذِفَ هَذَا الْقَيْدَ هُنَا كَمَا صَنَعَ حَجّ [إتْلَافَ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِهِ] .

بِمَا تَقَدَّمَ لِأَجْلِ مَحِلِّ الْخِلَافِ وَالتَّشْبِيهِ، وَإِلَّا فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ فِيمَا لَوْ قَدَّمَهُ أَجْنَبِيٌّ أَوْ لَمْ يُقَدِّمْهُ أَحَدٌ مَعَ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِي الْأُولَى أَيْضًا، ثُمَّ مَحِلُّ مَا ذَكَرَ فِي إتْلَافِ الْمُشْتَرِي حَيْثُ كَانَ أَهْلًا لِلْقَبْضِ فَلَوْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا فَالْقِيَاسُ أَنَّ إتْلَافَهُ لَيْسَ بِقَبْضٍ وَعَلَيْهِ الْبَدَلُ وَعَلَى الْبَائِعِ رَدُّ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ، وَقَدْ يَحْصُلُ التَّقَاصُّ إذَا أَتْلَفَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ أَوْ تَلِفَ بِيَدِهِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الشَّيْخَانِ فِي الْجِنَايَاتِ وَإِنْ صَرَّحَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ قَبْضٌ (وَالْمَذْهَبُ أَنَّ) (إتْلَافَ الْبَائِعِ) الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِهِ (كَتَلَفِهِ) بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَيَنْفَسِخُ بِهِ الْعَقْدُ لِتَعَذُّرِ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِقِيمَةٍ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ كَالثَّمَنِ فَإِذَا أَتْلَفَهُ سَقَطَ الثَّمَنُ وَلَوْ اسْتَوْفَى مَنَافِعَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ لَهَا أُجْرَةٌ لِضَعْفِ مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَإِنْ تَعَدَّى بِحَبْسِهِ مُدَّةً لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ وَكَوْنُهُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَقْبِضَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ. قَالَ عَلَى مَنْهَجٍ: وَوَجْهُهُ أَنَّ الْوَارِثَ الْآخَرَ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُورَثِ وَيَدُهُ كَيَدِهِ فِي قَدْرِ نَصِيبِهِ فَكَأَنَّهُ لَمْ تَزَلْ يَدُ الْمُورَثِ وَلَمْ تَنْتَقِلْ الْيَدُ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: بِمَا تَقَدَّمَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَقَدْ أَضَافَهُ بِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ) أَيْ الْمُشْتَرِي صَبِيًّا بِأَنْ اشْتَرَاهُ لَهُ وَلِيُّهُ وَأَتْلَفَهُ هُوَ وَفِي تَسْمِيَتِهِ مُشْتَرِيًا تَجَوُّزٌ (قَوْلُهُ: لَيْسَ بِقَبْضٍ) بَلْ يَنْفَسِخُ بِهِ الْعَقْدُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: رَدُّ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ) أَوْ غَيْرِهِ، فَلَوْ أَسْقَطَ الْمُعَيَّنَ كَانَ أَوْلَى إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَرَادَ بِالْمُعَيَّنِ أَعُمَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي الْعَقْدِ أَوْ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الشَّيْخَانِ) أَيْ بِأَنَّ إتْلَافَهُ لَيْسَ قَبْضًا (قَوْلُهُ: إنَّ إتْلَافَ الْبَائِعِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلْيُنْظَرْ فِيمَا لَوْ أُكْرِهَ الْبَائِعُ عَلَى إتْلَافِهِ هَلْ يَكُونُ كَالْمُخْتَارِ عَلَى الْمُرَجَّحِ أَوْ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ وَمُطَالَبَةُ الْمُكْرَهِ لَمْ أَرَ فِيهِ نَفْلًا اهـ حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ. أَقُولُ: الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا الْمُتْلِفَ لِمَالِ الْغَيْرِ بِالْإِكْرَاهِ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ فَنَسَبُوا الْفِعْلَ إلَيْهِ حَيْثُ ضَمَّنُوهُ وَذَلِكَ يَقْتَضِي نِسْبَةَ الْإِتْلَافِ إلَيْهِ فَيَتَفَسَّخُ الْعَقْدُ، وَيَحْتَمِلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ عَدَمَ الِانْفِسَاخِ لِوُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَالْبَدَلُ قَائِمٌ مَقَامَ مُبْدَلِهِ فَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي وَبَقِيَ عَكْسُهُ وَهُوَ مَا لَوْ أُكْرِهَ الْمُشْتَرِي عَلَى إتْلَافِهِ هَلْ يَكُونُ قَبْضًا أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي بِدَلِيلِ أَنَّ قَبْضَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ لِكَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا لَيْسَ أَهْلًا وَفِعْلُ الْمُكْرَهِ كَلَا فِعْلٍ، وَعَلَى هَذَا فَالْفَرْقُ بَيْنَ إكْرَاهِ الْبَائِعِ حَيْثُ اُعْتُدَّ بِهِ وَقُلْنَا بِانْفِسَاخِ الْبَيْعِ بِإِتْلَافِهِ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ فِيهِ وَعَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي حَيْثُ قُلْنَا لَيْسَ قَبْضًا أَنَّ قَبْضَ الْمُشْتَرِي لِكَوْنِهِ نَاقِلًا لِلضَّمَانِ مُبِيحًا لِحِلِّ التَّصَرُّفِ فَأُلْحِقَ بِالْعَقْدِ فَاعْتُبِرَ فِيهِ مَا يُعْتَبَرُ لِصِحَّتِهِ حَتَّى لَا يُعْتَدَّ بِهِ مِمَّنْ لَمْ يَرَ الْمَبِيعَ وَلَا مِنْ الصَّبِيِّ وَلَوْ مُرَاهِقًا، بِخِلَافِ إتْلَافِ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَيَحْتَمِلُ فِي صُورَةِ الْعَكْسِ أَنَّ إتْلَافَ الْمُشْتَرِي قَبْضٌ لِاعْتِدَادِهِمْ بِفِعْلِهِ فِي الْجُمْلَةِ حَيْثُ جَعَلُوهُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ، لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَظْهَرُ، بَقِيَ مَا لَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ وَاخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي هَلْ وَقَعَ التَّلَفُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ لِمُوَافَقَتِهَا لِلْأَصْلِ وَهُوَ اسْتِمْرَارُ الْعَقْدِ، وَإِنْ لَمْ يُقِيمَا بَيِّنَتَيْنِ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْبَائِعَ يَدَّعِي عَلَيْهِ الْقَبْضَ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَيَحْتَمِلُ عِنْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَتَيْنِ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ السَّلَامَةِ إلَى التَّلَفِ وَبَيِّنَةُ الْبَائِعِ مُسْتَصْحِبَةٌ لِأَصْلِ السَّلَامَةِ إلَى مَا بَعْدَ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ قَبْضِهِ) أَوْ بَعْدَهُ وَهُوَ فَاسِدٌ كَأَنْ كَانَ لِلْبَائِعِ الْحَبْسُ وَمِنْ إتْلَافِهِ نَحْوُ بَيْعِهِ ثَانِيًا لِمَنْ تَعَذَّرَ اسْتِرْدَادُهُ مِنْهُ اهـ حَجّ. وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا تَعَذَّرَ اسْتِرْدَادُهُ وَبَيْنَ الْمَغْصُوبِ مِنْ الْبَائِعِ حَيْثُ قِيلَ فِيهِ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي دُونَ الِانْفِسَاخِ أَنَّ زَوَالَ الْيَدِ الْمُسْتَنِدَةِ لِعَقْدٍ فَاسِدٍ أَبْعَدُ مِنْ زَوَالِ يَدِ الْغَاصِبِ عَادَةً فَإِنَّ غَالِبَ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ لَا يَحْصُلُ مَعَهَا رُجُوعُ الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ أَصْلًا، بِخِلَافِ الْمَغْصُوبِ فَإِنَّ تَوَقُّعَ زَوَالِ الْغَصْبِ عَنْهُ غَالِبٌ، وَبِأَنَّ وَضْعَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي يَدَهُ عَلَى الْمَبِيعِ حَصَلَ بِتَسْلِيطٍ مِنْ الْبَائِعِ، وَالْغَالِبُ فِي الْغَصْبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَكَوْنُهُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِضَعْفِ مِلْكِ الْمُشْتَرِي، وَقَوْلُهُ: وَإِنْ تَعَدَّى إلَخْ عِلَّةٌ فِي أَصْلِ الْحُكْمِ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ تَقْدِيمَهُ عَلَى الْعِلَلِ كُلِّهَا

وَتَنْزِيلًا لِلْمَنَافِعِ مَنْزِلَةَ الْعَيْنِ الَّتِي لَوْ أَتْلَفَهَا لَمْ تَلْزَمْهُ قِيمَتُهَا، وَإِنَّمَا مَلَكَ الْمُشْتَرِي الْفَوَائِدَ الْحَادِثَةَ بِيَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّهَا أَعْيَانُ مَحْسُوسَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فَلَا تَبَعِيَّةَ فِيهَا لِغَيْرِهَا، وَبِذَلِكَ عُلِمَ رَدُّ مَا أَطَالَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ هُنَا، وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بَلْ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ فَسَخَ سَقَطَ الثَّمَنُ، وَإِنْ أَجَازَ غَرَّمَ الْبَائِعَ الْقِيمَةَ وَأَدَّى لَهُ الثَّمَنَ وَقَدْ يَتَقَاصَّانِ. وَلَوْ أَخَذَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ حَيْثُ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ مِنْهُ فَلَوْ أَتْلَفَهُ الْبَائِعُ إتْلَافًا مُضَمَّنًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فِي هَذِهِ الْحَالَةِ جُعِلَ مُسْتَرَدًّا لَهُ بِالْإِتْلَافِ كَمَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَابِضٌ بِالْإِتْلَافِ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي، لَكِنْ هَلْ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ أَوْ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي؟ وَجْهَانِ أَرْجَحُهُمَا أَوَّلَهُمَا كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَوْ أَتْلَفَهُ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي مَعًا لَزِمَ الْمَبِيعَ فِي نِصْفِهِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَانْفَسَخَ الْبَيْعُ فِي نِصْفِهِ الْآخَرِ لِأَنَّ إتْلَافَ الْبَائِعِ كَالْآفَةِ وَيَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي فَسْخِ مَا قَدْ لَزِمَهُ بِجِنَايَةٍ وَإِتْلَافُ الْأَعْجَمِيِّ وَغَيْرُ الْمُمَيِّزِ بِأَمْرِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ بِأَمْرِ الْأَجْنَبِيِّ كَإِتْلَافِهِ. فَلَوْ كَانَ بِأَمْرِ الثَّلَاثَةِ فَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ يَحْصُلُ الْقَبْضُ فِي الثُّلُثِ وَالتَّخْيِيرُ فِي الثُّلُثِ وَالِانْفِسَاخُ فِي الثُّلُثِ. لَا يُقَالُ: يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ عَلَى الْبَائِعِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ. لِأَنَّا نَقُولُ: فِعْلُهُ اقْتَضَى ذَلِكَ وَهُوَ أَمْرُ مَنْ ذُكِّرَ بِالْإِتْلَافِ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ رِضَاهُ بِتَفْرِيقِهَا. أَمَّا إتْلَافَ الْمُمَيِّزِ بِأَمْرِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَكَإِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ بِلَا أَمْرٍ وَإِذْنُ الْمُشْتَرِي لِلْأَجْنَبِيِّ أَوْ لِلْبَائِعِ فِي إتْلَافِهِ لَغْوٌ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ حَيْثُ يَبْرَأُ بِذَلِكَ وَإِتْلَافُ عَبْدِ الْبَائِعِ وَلَوْ بِإِذْنِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَكَذَا عَبْدُ الْمُشْتَرِي فَغَيْرُ إذْنِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا تَشَوُّفُ الشَّارِعِ لِبَقَاءِ الْعُقُودِ، فَإِنْ أَجَازَ جُعِلَ قَابِضًا وَلَوْ أَتْلَفَتْهُ دَابَّةُ الْمُشْتَرِي نَهَارًا انْفَسَخَ الْبَيْعُ أَوْ لَيْلًا فَلَهُ الْخِيَارُ فَإِنْ فَسَخَ طُولِبَ بِمَا أَتْلَفَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ التَّعَدِّي مِنْ الْغَاصِبِ فَنُزِّلَ تَسْلِيطُ الْبَائِعِ مَنْزِلَةَ إتْلَافِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: الَّتِي لَوْ أَتْلَفَهَا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَعْمَلَ زَوَائِدَ الْمَبِيعِ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ فَلَيْسَتْ مِثْلَ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَهُ) أَيْ الْبَائِعُ حَقُّ الْحَبْسِ بِأَنْ لَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ الْحَالَّ (قَوْلُهُ: وَلَا خِيَارَ لَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ مَا قَدْ لَزِمَهُ) وَهُوَ النِّصْفُ الَّذِي بَاشَرَ إتْلَافَهُ لَا يَتَخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ، بَلْ يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ لِقَبْضِهِ لَهُ بِالْإِتْلَافِ (قَوْلُهُ: وَغَيْرُ الْمُمَيِّزِ) أَيْ وَلَوْ بَهِيمَةً (قَوْلُهُ: فَكَإِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ) أَيْ فَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي كَمَا يَأْتِي إنْ أَتْلَفَهُ بِأَمْرِ الْبَائِعِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ وَيَكُونُ إتْلَافُهُ قَبْضًا إنْ كَانَ بِإِذْنِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: حَيْثُ يَبْرَأُ بِذَلِكَ) أَيْ إتْلَافُ الْأَجْنَبِيِّ بِإِذْنِ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: كَالْأَجْنَبِيِّ) أَيْ فَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ فَسَخَ أَخَذَ الثَّمَنَ مِنْ الْبَائِعِ وَتَعَلَّقَ الْبَائِعُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ وَإِنْ أَجَازَ تَعَلَّقَ ضَمَانُهُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ) أَيْ بَيْنَ عَبْدِ الْبَائِعِ وَعَبْدِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: نَهَارًا) كَذَا عَبَّرُوا بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فِي إتْلَافِ الدَّوَابِّ فَقَالُوا مَا أَتْلَفَتْهُ الدَّابَّةُ نَهَارًا هَدَرٌ وَمَا أَتْلَفَتْهُ لَيْلًا فَمَضْمُونٌ عَلَى صَاحِبِهَا. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالتَّعْبِيرُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَالْمَدَارُ عَلَى مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِحِفْظِ الدَّوَابِّ فِيهِ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا، فَالْوَقْتُ الَّذِي اُعْتِيدَ فِيهِ الْحِفْظُ إذَا أَتْلَفَتْ فِيهِ شَيْئًا ضَمِنَهُ، وَاَلَّذِي لَمْ يُعْتَدْ إذَا أَتْلَفَتْ فِيهِ شَيْئًا لَا يَضْمَنْهُ وَلَوْ اُعْتِيدَ حِفْظُهَا لَيْلًا وَنَهَارًا ضَمِنَ فِيهِمَا وَيَنْبَغِي جَرَيَانُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ يَحْصُلُ الْقَبْضُ فِي الثُّلُثِ إلَخْ) اُنْظُرْ لَوْ تَعَدَّدَ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعِ أَوْ الْأَجْنَبِيُّ هَلْ يُنْظَرُ إلَى الرُّءُوسِ أَوْ يُجْعَلُ الْمُشْتَرِي وَإِنْ تَعَدَّدَ قَسَمَا وَكَذَلِكَ الْبَائِعُ وَالْأَجْنَبِيُّ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَقُولُ فِعْلُهُ اقْتَضَى ذَلِكَ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْآمِرُ الْمُتْلِفُ الْمُشْتَرِيَ أَوْ الْأَجْنَبِيَّ فَقَطْ لَا يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِي حِصَّةِ الْأَجْنَبِيِّ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَى الْبَائِعِ وَلَا فِعْلَ لَهُ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا) يَعْنِي وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ: وَكَذَا عَبْدُ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ إذْنِهِ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ بِإِذْنِهِ لَا يَكُونُ كَالْأَجْنَبِيِّ بَلْ يَكُونُ قَابِضًا وَبَيْنَ عَبْدِ الْبَائِعِ بِإِذْنِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَجَازَ) يَعْنِي الْمُشْتَرِيَ فِيمَا لَوْ كَانَ الْمُتْلِفُ عَبْدَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَسَخَ طُولِبَ بِمَا أَتْلَفَ)

[تعيب المبيع قبل القبض بآفة سماوية]

أَوْ بَهِيمَةُ الْبَائِعِ فَكَالْآفَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُفَرَّقْ فِيهَا بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ كَبَهِيمَةِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ إتْلَافَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ بِتَفْرِيطٍ مِنْ الْبَائِعِ فَآفَةٌ أَوْ بِتَفْرِيطٍ مِنْهُ فَقَدْ مَرَّ أَنَّ إتْلَافَهُ كَالْآفَةِ بِخِلَافِ إتْلَافِ بَهِيمَةِ الْمُشْتَرِي فَنَزَّلَ بِالنَّهَارِ مَنْزِلَةَ إتْلَافِ الْبَائِعِ لِتَفْرِيطِهِ بِخِلَافِهِ لَيْلًا. لَا يُقَالُ: إتْلَافُهَا لَيْلًا إمَّا بِتَقْصِيرِ الْمُشْتَرِي فَيَكُونُ قَبْضًا أَوْ لَا فَكَالْآفَةِ فَيَنْفَسِخُ بِهِ الْبَيْعُ فَلَا وَجْهَ لِتَخْيِيرِهِ. لِأَنَّا نَقُولُ: هُوَ بِتَقْصِيرِهِ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ إتْلَافُهَا صَالِحًا لِلْقَبْضِ خُيِّرَ، فَإِنْ أَجَازَ فَقَابِضٌ أَوْ فَسَخَ طَالَبَهُ الْبَائِعُ بِالْبَدَلِ كَمَا تَقَرَّرَ وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ: إنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَالِكُهَا مَعَهَا وَإِلَّا فَإِتْلَافُهَا مَنْسُوبٌ إلَيْهِ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا. وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ صَحِيحٌ، وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ فِي الْغَرَرِ وَإِنْ رَدَّهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَوْ كَانَتْ مَعَ غَيْرِهِ فَالْإِتْلَافُ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ) (إتْلَافَ الْأَجْنَبِيِّ) الْمُلْتَزِمِ لِلْأَحْكَامِ لِلْمَبِيعِ فِي غَيْرِ عَقْدِ الرِّبَا وَإِنْ كَانَ بِإِذْنِ الْمُشْتَرِي فِيهِ لِانْتِفَاءِ اسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ (لَا يَفْسَخُ) الْبَيْعَ لِقِيَامِ بَدَلِ الْمَبِيعِ مَقَامَهُ (بَلْ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي) فَوْرًا عَلَى أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (بَيْنَ أَنْ يُجِيزَ وَيُغَرِّمَ الْأَجْنَبِيَّ) الْبَدَلَ (أَوْ يَفْسَخَ فَيَغْرَمُ الْبَائِعُ الْأَجْنَبِيُّ) الْبَدَلَ. أَمَّا إتْلَافُهُ لَهُ بِحَقٍّ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْمُشْتَرِي أَوْ وَهُوَ حَرْبِيٌّ فَكَالْآفَةِ. وَأَمَّا إتْلَافُهُ لِلرِّبَوِيِّ فَيُفْسَخُ بِهِ الْعَقْدُ لِتَعَذُّرِ التَّقَابُضِ وَالْبَدَلُ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ فِيهِ. وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ فِي الْإِجَارَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ أَجْنَبِيٌّ الْعَيْنَ الْمُسْتَأْجَرَةَ حَتَّى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ، وَلَمْ يُخَيَّرْ الْمُسْتَأْجِرُ كَمَا هُنَا لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ هُنَا الْمَالُ وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْجَانِي فَتَعَدَّى الْعَقْدُ مِنْ الْعَيْنِ إلَى بَدَلِهَا، بِخِلَافِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ثَمَّ فَإِنَّهُ الْمَنْفَعَةُ وَهِيَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَى مُتْلِفِهَا فَلَمْ يَتَعَدَّ الْعَقْدُ مِنْهَا إلَى بَدَلِهَا، وَأَيْضًا الْمَنَافِعُ لَا وُجُودَ لَهَا بِنَفْسِهَا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْ الْغَاصِبُ فَقَدْ تَلِفَتْ بِنَفْسِهَا فَالْحُكْمُ كَالتَّلَفِ بِالْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ، وَإِنْ اسْتَعْمَلَ فَإِنَّمَا أَوْجَدَ مَا يَخُصُّهُ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُوجِدْ مَا عَقَدَ عَلَيْهِ الْمُسْتَأْجِرُ، فَفَرْقٌ بَيْنَ مَوْجُودٍ أُتْلِفَ وَبَيْنَ مَعْدُومٍ لَمْ يُوجَدْ أَوْ وُجِدَ لَكِنَّ عَيْنَ وُجُودِهِ عَيْنُ تَلَفِهِ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ أَنَّ الْبَيْعَ يَنْفَسِخُ كَالتَّلَفِ بِآفَةٍ (وَلَوْ) (تَعَيَّبَ) الْمَبِيعُ (قَبْلَ الْقَبْضِ) بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ (فَرَضِيَهُ) الْمُشْتَرِي بِأَنْ أَجَازَ الْبَيْعَ (أَخَذَهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ) كَمَا لَوْ كَانَ الْعَيْبُ مُقَارِنًا وَلَا أَرْشَ لَهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْفَسْخِ، وَيَتَخَيَّرُ أَيْضًا بِغَصْبِ الْمَبِيعِ وَإِبَاقِهِ وَجَحْدِ الْبَائِعِ لِلْمَبِيعِ وَلَا بَيِّنَةَ (وَلَوْ عَيَّبَهُ الْمُشْتَرِي ـــــــــــــــــــــــــــــSكُلِّ ذَلِكَ هُنَا (قَوْلُهُ: فَكَالْآفَةِ) أَيْ فَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مَعَهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: إنَّ مَحِلُّ ذَلِكَ) أَيْ مَحِلُّ التَّخْيِيرِ بِإِتْلَافِ دَابَّةِ الْمُشْتَرِي لَيْلًا (قَوْلُهُ: إنَّهُ صَحِيحٌ) أَيْ مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ (قَوْلُهُ: وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إنَّ إتْلَافَ الْأَجْنَبِيِّ) أَيْ بِغَيْرِ حَقٍّ اهـ حَجّ. وَعَلَيْهِ فَيَتَّضِحُ قَوْلُهُ أَمَّا إتْلَافُهُ لَهُ بِحَقٍّ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَنْسُوبٌ إلَيْهِ) أَيْ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: مَقَامَهُ) مُبْدَلٌ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ التَّقَابُضِ (قَوْلُهُ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ إلَخْ) أَيْ وَيَرْجِعُ الْمُسْتَأْجَرُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ بِالْأُجْرَةِ إنْ كَانَ قَبَضَهَا وَإِلَّا سَقَطَتْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْغَصْبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ نَفْسِهِ، وَحَيْثُ قُلْنَا بِانْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ رَجَعَ الْمُؤَجِّرُ عَلَى الْغَاصِبِ بِأُجْرَةِ الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ مُدَّةَ وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهَا وَلَا يَخْتَصُّ انْفِسَاخُ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ بِالْغَصْبِ بِمَا لَوْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ بَلْ غَصْبُهُ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي كَغَصْبِهِ قَبْلَهُ لِأَنَّ قَبْضَ الْعَيْنِ لَيْسَ قَبْضًا حَقِيقِيًّا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ثَمَّ) أَيْ فِي الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّمَا أَوْجَدَ مَا يَخُصُّهُ) وَهُوَ الِاسْتِعْمَالُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَجَازَ) أَيْ أَوْ لَمْ يَفْسَخْ لِسُقُوطِ الْخِيَارِ بِذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ فَوْرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَيَتَخَيَّرُ أَيْضًا) وَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ: وَإِنْ أَجَازَ فَقَابِضٌ كَمَا سَيَأْتِي. (قَوْلُهُ: الْمُلْتَزَمِ) أَيْ بِغَيْرِ حَقٍّ كَمَا ذَكَرَهُ الشِّهَابُ حَجّ، وَسَيَأْتِي مُحْتَرَزُهُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فَكَأَنَّهُ سَقَطَ مِنْ الْكَتَبَةِ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ بِدَلِيلِ أَخْذِهِ مَفْهُومَهُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْجَانِي) يَعْنِي جِنْسَ الْمَالِ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَى مُتْلِفِهَا) يَعْنِي جِنْسَ الْمَنْفَعَةِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ وَهِيَ مَالٌ لَا مَنْفَعَةٌ. فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَاجِبَ هُنَاكَ مِنْ جِنْسِ الْمُتْلَفِ فَقَامَ مَقَامَهُ، بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَلَمْ يَتَعَدَّ الْعَقْدُ إلَيْهِ، [تَعَيَّبَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ] .

[بيع المبيع قبل قبضه]

فَلَا خِيَارَ) لَهُ لِحُصُولِهِ بِفِعْلِهِ بَلْ يَمْتَنِعُ بِهِ رَدُّهُ لَوْ ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ قَدِيمٌ كَمَا مَرَّ وَيَصِيرُ لِمَا أَتْلَفَهُ قَابِضًا فَتَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ سَلِيمًا وَمَعِيبًا، وَيُفَارِقُ تَعْيِيبُ الْمُسْتَأْجِرِ وَاجِبَ الزَّوْجَةِ بِأَنَّ هَذَا مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْقَبْضِ لِوُقُوعِهِ فِي مِلْكِهِ وَذَيْنك لَا يُتَخَيَّلُ فِيهِمَا ذَلِكَ (أَوْ) عَيَّبَهُ (الْأَجْنَبِيُّ) الْتَزَمَ تَعْيِيبًا مُضَمَّنًا (فَالْخِيَارُ) عَلَى الْفَوْرِ ثَابِتٌ لِلْمُشْتَرِي لِكَوْنِهِ مَضْمُونًا عَلَى الْبَائِعِ (فَإِنْ أَجَازَ غَرِمَ الْأَجْنَبِيُّ الْأَرْشَ) لِأَنَّهُ الْجَانِي، لَكِنْ بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ لَا قَبْلَهُ لِجَوَازِ تَلَفِهِ بِيَدِ الْبَائِعِ فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَنَقَلَاهُ عَنْهُ وَأَقَرَّاهُ وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ، وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالْأَرْشِ فِي الرَّقِيقِ مَا يَأْتِي فِي االدِّيَاتِ وَفِي غَيْرِهِ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ فَفِي يَدِ الرَّقِيقِ نِصْفُ قِيمَتِهِ لَا مَا نَقَصَ مِنْهَا إنْ لَمْ يَصِرْ غَاصِبًا، وَإِلَّا ضَمِنَ أَكْثَرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ نِصْفِهَا وَمَا نَقَصَ مِنْهَا، وَلَوْ كَانَ الْقَاطِعُ ابْنَ الْمُشْتَرِي فَمَاتَ أَبُوهُ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ وَانْتَقَلَ إرْثُهُ لِلْقَاطِعِ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ لِحَقِّ الْإِرْثِ عَلَى أَوْجَهِ الِاحْتِمَالَيْنِ لِلرُّويَانِيِّ، فَإِنْ أَجَازَ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا إذْ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ شَيْءٌ وَإِنْ فَسَخَ فَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْأَجْنَبِيِّ (وَلَوْ) (عَيَّبَهُ الْبَائِعُ) (فَالْمَذْهَبُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ) لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْفَوْرِ جَزْمًا لِأَنَّهُ إمَّا كَالْآفَةِ أَوْ إتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ، فَقَوْلُهُ الْمَذْهَبُ إنَّمَا هُوَ فَقَوْلُهُ (لَا التَّغْرِيمُ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ فِعْلَهُ كَالْآفَةِ لَا كَفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ، فَإِنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي فَسَخَ وَإِنْ شَاءَ أَجَازَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ لِمَا مَرَّ (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ) وَلَوْ تَقْدِيرًا بِالْإِجْمَاعِ فِي الطَّعَامِ لِخَبَرِ «مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخِيَارِ بِتَعْيِيبِ الْأَجْنَبِيِّ أَنَّ الضَّرَرَ هُنَا يَتَجَدَّدُ بِدَوَامِ الْغَصْبِ وَالْإِبَاقِ وَالْإِنْكَارِ، بِخِلَافِ تَعْيِيبِ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنَّهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ لَمْ يَتَجَدَّدْ مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ مَا حَصَلَ فَكَانَ عَدَمُ مُبَادَرَتِهِ لِلْفَسْخِ رِضًا بِهِ وَلَمْ يَتَجَدَّدْ بِهِ شَيْءٌ يُزِيلُ أَثَرَ الرِّضَا (قَوْلُهُ: فَتَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ حِصَّتُهُ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّفَاوُتِ بَيْنَ قِيمَتِهِ سَلِيمًا وَمَعِيبًا (قَوْلُهُ: وَيُفَارِقُ تَعْيِيبُ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ تَخَيَّرَا (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) أَيْ وَبِتَقْدِيرِ فَسْخِهِ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ لَا أَرْشَ لِلْمُشْتَرِي فَلَا مَعْنَى لَأَخْذِهِ مَا قَدْ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُ هَذَا عَدَمُ تَمَكُّنِ الْبَائِعِ مِنْ الْمُطَالَبَةِ أَيْضًا وَأَنَّهُ لَوْ غُصِبَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَتَمَكَّنُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مِنْ الْمُطَالَبَةِ (قَوْلُهُ: ذَلِكَ) أَيْ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (قَوْلُهُ: فِيهِ نَظَرٌ) وَوَجْهُ النَّظَرِ أَنَّ وَجْهَ عَدَمِ مُطَالَبَتِهِ الْمُشْتَرِيَ قَبْلَ الْقَبْضِ احْتِمَالُ التَّلَفِ الْمُؤَدِّي لِانْفِسَاخِ الْعَقْدِ، وَهَذَا مُنْتَفٍ فِي تَعْيِيبِ الْأَجْنَبِيِّ وَغَصْبِهِ وَلَكِنْ يَخْلُفُهُ أَمْرٌ آخَرُ وَهُوَ احْتِمَالُ بَلْ ظُهُورُ قَبْضِ الْمُشْتَرِي لَهُ وَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الثَّمَنُ فَلَا يَكُونُ لِلْبَائِعِ حَقٌّ فِي الْأَرْشِ (قَوْلُهُ: نِصْفُ قِيمَتِهِ) أَيْ إذَا كَانَ الْجَانِي أَجْنَبِيًّا، أَمَّا الْمُشْتَرِي فَالْأَرْشُ ثَبَتَ فِي حَقِّهِ جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ نِسْبَتُهُ إلَى الثَّمَنِ مَا نَقَصَ الْعَيْبُ مِنْ الْقِيمَةِ إلَيْهَا لَوْ كَانَ سَلِيمًا، فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ ثَلَاثِينَ وَمَقْطُوعًا عِشْرِينَ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ ثُلُثُ الثَّمَنِ، أَوْ سَلِيمًا سِتِّينَ وَمَقْطُوعًا عِشْرِينَ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ ثُلُثَاهُ (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْأَجْنَبِيِّ) وَهُوَ الْأَرْشُ وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِيمَا لَوْ كَانَ عَلَى الْمُورَثِ دَيْنٌ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْأَرْشُ وَيَتَعَلَّقُ بِهِ الْغُرَمَاءُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ الثَّمَنُ (قَوْلُهُ: إنْ فَعَلَهُ) أَيْ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلَا أَرْشَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْفَسْخِ [بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ] (قَوْلُهُ: قَبْلَ قَبْضِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَإِنْ أَذِنَ الْبَائِعُ وَقَبَضَ الثَّمَنَ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَقْدِيرًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْقَبْضُ الْمَنْفِيُّ تَقْدِيرًا كَأَنْ اشْتَرَى طَعَامًا مُقَدَّرًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ تَقْدِيرًا) غَايَةٌ فِي الْقَبْضِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ الْحَقِيقِيِّ وَالتَّقْدِيرِيِّ: أَيْ فَالشَّرْطُ وُجُودُ الْقَبْضِ وَلَوْ التَّقْدِيرِيُّ حَتَّى يَصِحُّ التَّصَرُّفُ إذَا وَضَعَهُ الْبَائِعُ كَمَا مَرَّ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الْقَبْضُ الْحَقِيقِيُّ، وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِمَّا حَاصِلُهُ يَرْجِعُ إلَى أَنَّهُ غَايَةٌ فِي الْمَبِيعِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَبِيعِ وَلَوْ مُقَدَّرًا بِنَحْوِ الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ قَبْلَ قَبْضِهِ يُبْعِدُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ هَذَا غَرَضَهُ لَكَانَ الْمُنَاسِبُ فِي الْغَايَةِ أَنْ يَقُولَ وَلَوْ غَيْرَ مُقَدَّرٍ؛ إذْ الْمُقَدَّرُ يُشْتَرَطُ فِيهِ مَا لَا يُشْتَرَطُ فِي غَيْرِهِ كَمَا لَا يَخْفَى

حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ» وَخَبَرِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ بِسَنَدٍ حَسَنٍ «يَا ابْنَ أَخِي لَا تَبِيعَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَقْبِضَهُ» وَعِلَّتُهُ ضَعْفُ الْمِلْكِ لِانْفِسَاخِهِ بِتَلَفِهِ كَمَا مَرَّ، وَتَعْبِيرُهُ بِلَا يَصِحُّ أَنَصُّ عَلَى الْغَرَضِ مِنْ تَعْبِيرِ كَثِيرٍ بِلَا يَجُوزُ، وَخَرَجَ بِالْمَبِيعِ زَوَائِدُهُ الْحَادِثَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ فَيَصِحُّ بَيْعُهَا لِانْتِفَاءِ ضَمَانِهَا كَمَا مَرَّ، وَيَمْتَنِعُ التَّصَرُّفُ بَعْدَ الْقَبْضِ أَيْضًا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مُعَيَّنًا أَوْ فِي الذِّمَّةِ وَلَا يَرُدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ إحْبَالُ أَبِي الْمُشْتَرِي الْأَمَةَ الْمَبِيعَةَ قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّهَا بِهِ تَنْتَقِلُ لِمِلْكِ الْأَبِ فَيَلْزَمُ تَقْدِيرُ الْقَبْضِ قَبْلَهُ، وَلَا نُفُوذُ تَصَرُّفِ الْوَارِثِ أَوْ السَّيِّدِ فِيمَا اشْتَرَاهُ مِنْ مُكَاتَبِهِ فَعَجَزَ نَفْسُهُ أَوْ مُورَثُهُ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرَهُ فَمَاتَ قَبْلَ الْقَبْضِ لِعَوْدِهِ لَهُ بِالتَّعْجِيزِ وَالْمَوْتِ فَلَمْ يَمْلِكْ بِالشِّرَاءِ، وَلَا بَيْعُ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ عَقْدُ عَتَاقَةٍ، وَلَا قِسْمَتُهُ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ بَيْعًا إلَّا أَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَى قَوَانِينِ الْبُيُوعِ لِأَنَّ الرِّضَا فِيهَا غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَلَا يُعْتَبَرُ الْقَبْضُ قَبْلُ كَالشُّفْعَةِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ بَيْعَهُ لِلْبَائِعِ كَغَيْرِهِ) لِعُمُومِ النَّهْيِ السَّابِقِ وَلِضَعْفِ الْمِلْكِ وَالثَّانِي يَصِحُّ كَبَيْعِ الْمَغْصُوبِ مِنْ الْغَاصِبِ، وَمَحِلُّ الْخِلَافِ إذَا بَاعَهُ بِغَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ أَوْ تَفَاوُتِ صِفَةٍ وَإِلَّا فَهُوَ إقَالَةٌ بِلَفْظِ الْبَيْعِ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّاهُ فَيَصِحُّ، وَبَنَاهُمَا الْقَاضِي عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِاللَّفْظِ أَوْ بِالْمَعْنَى، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ عَدَمُ إطْلَاقِ الْقَوْلَيْنِ بِتَرْجِيحِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُطْلَقًا بَلْ تَارَةً يُرَاعُونَ هَذَا وَتَارَةً يُرَاعُونَ هَذَا بِحَسَبِ الْمُدْرَكِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْإِجَارَةَ وَالرَّهْنَ) وَالْكِتَابَةَ (وَالْهِبَةَ) وَالصَّدَقَةَ وَالْإِقْرَاضَ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِالْكَيْلِ فَقَبَضَهُ جُزَافًا لَا يَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ حَتَّى يَكِيلَهُ وَيَدْخُلَ فِي ضَمَانِهِ (قَوْلُهُ: يَا ابْنَ أَخِي) ذَكَرَهُ تَعَطُّفًا بِهِ (قَوْلُهُ: بِلَا يَجُوزُ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ عَدَمُ الصِّحَّةِ كَالْبَيْعِ وَقْتَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ وَكَبَيْعِ الْعِنَبِ لِعَاصِرِ الْخَمْرِ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَمْلِكْهُ بِالشِّرَاءِ) قَضِيَّتُهُ انْفِسَاخُ الْبَيْعِ بِمَوْتِ الْمُورَثِ فَلْيُنْظَرْ سَبَبُ ذَلِكَ، بَلْ قَدْ يُقَالُ، تَعَلَّقَ الدَّيْنُ مَعَ ذَلِكَ بِالثَّمَنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّوْضُ كَغَيْرِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَمْلِكُهُ بِالشِّرَاءِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ قَبْلُ وَفِي مَعْنَى إتْلَافِهِ: أَيْ الْمُشْتَرِي كَمَا مَرَّ مَا لَوْ اشْتَرَى أَمَةً فَأَحْبَلَهَا أَبُوهُ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَ، وَأَرَادَ بِمَا مَرَّ قَوْلُهُ قَبْلُ وَلَا إحْبَالُ أَبِي الْمُشْتَرِي الْأَمَةَ إلَى أَنْ قَالَ: لِأَنَّ قَبْضَ الْمُشْتَرِي مَوْجُودٌ فِي الثَّلَاثَةِ حُكْمًا (قَوْلُهُ: وَلَا بَيْعُ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ) أَيْ قَبْلَ قَبْضِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَا قِسْمَتُهُ) أَيْ الْمَبِيعِ أَيْ إذَا كَانَتْ غَيْرَ رَدٍّ عَلَى مَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّ الرِّضَا فِيهَا غَيْرُ مُعْتَبَرٍ (قَوْلُهُ: وَبَنَاهُمَا) الْمُتَبَادِرُ رُجُوعُ الضَّمِيرِ لِلْأَصَحِّ، وَمُقَابِلُهُ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ ثَمَّ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ بَاعَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا فَهُوَ إقَالَةٌ إلَخْ وَأَنَّ الْقَاضِيَ أَشَارَ إلَى بِنَاءِ هَاتَيْنِ الْمَقَالَتَيْنِ (قَوْلُهُ: بَلْ تَارَةً يُرَاعُونَ) أَيْ وَالْغَالِبُ عَلَيْهِمْ مُرَاعَاةُ اللَّفْظِ مَا لَمْ يَقْوَ جَانِبُ الْمَعْنَى وَمِنْ ثَمَّ وَقَعَ فِي عِبَارَةِ غَيْرِ وَاحِدٍ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَخَبَرُ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ) أَيْ فِي غَيْرِ الطَّعَامِ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِالْإِجْمَاعِ، وَقَوْلُهُ: لِخَبَرِ مَنْ ابْتَاعَ إلَخْ بَيَانُ الْمُسْتَنِدِ الْإِجْمَاعُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ إحْبَالُ أَبَى الْمُشْتَرِي إلَخْ) كَأَنَّ وَجْهَ وُرُودِ هَذِهِ أَنَّا نُقَدِّرُ قَبْلَ دُخُولِهَا فِي مِلْكِ الْأَبِ بِالْإِيلَادِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بَاعَهَا لَهُ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِوُرُودِهَا. (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَمْلِكْهُ بِالشِّرَاءِ) هَذَا لَا يُلَائِمُ مَا قَدَّمَهُ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَيُوَافِقُ مَا مَرَّ قَوْلُ الرَّوْضِ وَمَا اشْتَرَاهُ مِنْ مُورَثِهِ: وَمَاتَ قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَهُ بَيْعُهُ وَإِنْ كَانَ مَدْيُونًا وَدَيْنُ الْغَرِيمِ مُتَعَلِّقٌ بِالثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ آخَرُ يَنْفُذُ بَيْعُهُ فِي قَدْرِ نَصِيبِ الْآخَرِ حَتَّى يَقْبِضَهُ اهـ. إذْ هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ مَلَكَهُ بِالشِّرَاءِ، وَفِي كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ هُنَا مَا يُوَافِقُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا، وَبِالْجُمْلَةِ فَكَلَامُهُمْ فِي مَسْأَلَةِ الْإِرْثِ وَالْكِتَابَةِ كَالْمُضْطَرِبِ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: وَلَا بَيْعُ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ) أَيْ قَبْلَ قَبْضِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا قِسْمَتَهُ) أَيْ تَعْدِيلًا إذْ الْإِفْرَازُ لَيْسَ بَيْعًا فَلَا وَجْهَ لِوُرُودِهِ، وَالرَّدُّ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الرِّضَا. (قَوْلُهُ: وَبَنَاهُمَا الْقَاضِي عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ إلَخْ) صَوَابُهُ وَبَنَاهُ بِإِفْرَادِ الضَّمِيرِ، وَعِبَارَةُ الْقُوتِ وَالْوَجْهَانِ إذَا بَاعَهُ بِغَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ أَوْ تَفَاوُتِ صِفَةٍ وَإِلَّا فَهُوَ إقَالَةٌ بِلَفْظِ الْبَيْعِ، قَالَهُ فِي التَّتِمَّةِ، وَبَنَاهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ عَلَى أَنَّ النَّظَرَ لِصِيَغِ

وَجَعْلُهُ عِوَضَ نِكَاحٍ أَوْ خُلْعٍ أَوْ صُلْحٍ أَوْ سَلَمٍ وَالتَّوْلِيَةُ وَالْإِشْرَاكُ فِيهِ (كَالْبَيْعِ) فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا عَقْدٌ يُقْصَدُ بِهِ تَمْلِيكُ الْمَالِ فِي الْحَالِ فَأَشْبَهَ الْبَيْعَ، وَالثَّانِي يَصِحُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِيهِ تَوَالِي ضَمَانَيْنِ، وَأَفْهَمَ إطْلَاقُهُ مَنْعَ الرَّهْنِ عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ رَهْنِهِ مِنْ الْبَائِعِ وَغَيْرِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ أَوْ لَا، وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا وَإِنْ نَقَلَ السُّبْكِيُّ عَنْ النَّصِّ وَاعْتَمَدَهُ هُوَ وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّ مَحِلَّ مَنْعِهِ مِنْ الْبَائِعِ إنْ كَانَ بِالثَّمَنِ حَيْثُ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ لِانْتِفَاءِ فَائِدَةِ الرَّهْنِ إذْ هُوَ مَحْبُوسٌ بِالدَّيْنِ وَإِلَّا جَازَ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ وَإِلَّا جَازَ صِحَّتُهُ مِنْهُ بِغَيْرِ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ، وَقَضِيَّةُ الْعِلَّةِ خِلَافُهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَخَرَجَ بِإِجَارَةِ الْمَبِيعِ مَا لَوْ أَجَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ قَبْلَ قَبْضِهَا فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ، لَكِنْ مِنْ الْمُؤَجِّرِ فَقَطْ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِيهَا الْمَنَافِعُ وَهِيَ لَا تَصِيرُ مَقْبُوضَةً بِقَبْضِ الْعَيْنِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ عَدَمُ قَبْضِهَا. لَا يُقَالُ: قَضِيَّةُ الْعِلَّةِ صِحَّتُهَا مِنْ غَيْرِ الْمُؤَجِّرِ أَيْضًا لِأَنَّا نَقُولُ: مُرَادُنَا بِنَفْيِ إمْكَانِ قَبْضِ الْمَنَافِعِ نَفْيُ إمْكَانِ قَبْضِهَا الْحَقِيقِيِّ لِتَصْرِيحِهِمْ كَمَا يَأْتِي فِي السَّلَمِ بِأَنَّ قَبْضَهَا بِقَبْضِ مَحِلِّهَا، وَلِقُوَّةِ جَانِبِ الْمُؤَجِّرِ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ هَذَا الْقَبْضُ التَّقْدِيرِيُّ بِخِلَافِ غَيْرِهِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْإِعْتَاقَ بِخِلَافِهِ) فَيَصِحُّ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لَهُ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ أَمْ لَا لِقُوَّتِهِ وَضَعْفِ حَقِّ الْحَبْسِ وَمِثْلُهُ الِاسْتِيلَاءُ وَالتَّدْبِيرُ وَالتَّزْوِيجُ وَالْقِسْمَةُ وَإِبَاحَةُ نَحْوِ الطَّعَامِ اشْتَرَاهُ جُزَافًا لِلْفُقَرَاءِ، وَالْوَقْفُ وَإِنْ احْتَاجَ إلَى قَبُولٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ خِلَافًا لِمَا فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ عَنْ التَّتِمَّةِ مِنْ أَنَّ الْوَقْفَ إنَّ شُرِطَ فِيهِ الْقَبُولُ فَكَالْبَيْعِ وَإِلَّا فَكَالْإِعْتَاقِ، مَعَ أَنَّ الْأَصَحَّ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْوَقْفِ اشْتِرَاطُ قَبُولِ الْمُعَيَّنِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمُشْتَرِي مُوسِرًا أَمْ مُعْسِرًا، وَإِنَّمَا لَمْ يَنْفُذْ إعْتَاقُ الرَّاهِنِ لِمُعْسِرٍ لِأَنَّهُ حَجْرٌ عَلَى نَفْسِهِ. وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ كَالْبَيْعِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي إزَالَةِ الْمِلْكِ، وَفَارَقَ الْإِعْتَاقُ الْكِتَابَةَ بِأَنَّ لَهُ قُوَّةً لَا تُوجَدُ فِيهَا، وَلَا يَصِحُّ الْعِتْقُ عَلَى مَالٍ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَلَا عَنْ كَفَّارَةِ الْغَيْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِالْأَلْفَاظِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ بِالثَّمَنِ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ الْعِلَّةِ) وَهِيَ قَوْلُهُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا عَقْدٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ) أَيْ وَلَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ الْأُجْرَةِ الْأُولَى أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهَا أَوْ صِفَتِهَا (قَوْلُهُ: فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ عَدَمُ قَبْضِهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّ مِثْلَ الْمَبِيعِ الصَّدَاقُ وَعِوَضُ الْخُلْعِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ كُلِّ مَا مُلِكَ بِعَقْدٍ مِنْ الْأَعْيَانِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَالْقِسْمَةُ) أَيْ إذَا كَانَتْ غَيْرَ رَدٍّ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّ الرِّضَا فِيهَا غَيْرُ مُعْتَبَرٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ احْتَاجَ إلَى قَبُولٍ) بِأَنْ كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ: عَنْ التَّتِمَّةِ) زَادَ فِي الْمَنْهَجِ الْوَصِيَّةَ أَيْضًا فَتَكُونُ الصُّوَرُ ثَمَانِيَةً (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ حَجْرٌ) أَيْ بِالرَّهْنِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ لَهُ) أَيْ الْإِعْتَاقُ (قَوْلُهُ: لَا تُوجَدُ فِيهَا) أَيْ الْكِتَابَةُ (قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ الْعِتْقُ عَلَى مَالٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ الْعَبْدِ الْمَبِيعِ لِمَا مَرَّ مِنْ صِحَّةِ بَيْعِ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ وَلِقَوْلِهِ هُنَا لِأَنَّهُ بَيْعٌ (قَوْلُهُ: وَلَا عَنْ كَفَّارَةِ الْغَيْرِ) أَيْ بَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعُقُودِ أَوْ لِمَعَانِيهَا إنْ اعْتَبَرْنَا اللَّفْظَ فَعَلَى الْوَجْهَيْنِ أَوْ الْمَعْنَى فَهُوَ إقَالَةٌ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: تَمْلِيكُ الْمَالِ فِي الْحَالِ) فِيهِ نَظَرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّهْنِ. (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ تَوَالِي ضَمَانَيْنِ) وَمَعْنَاهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّا لَوْ نَفَّذْنَا الْبَيْعَ لَكَانَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي وَمَضْمُونًا لَهُ عَلَى بَائِعِهِ، وَقَدْ يَتْلَفُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَقَدَّرَ انْقِلَابَهُ مِنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي إلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَمِنْهُ إلَى الْبَائِعِ قَبْلَ التَّلَفِ وَيَسْتَحِيلُ مِلْكُ شَخْصَيْنِ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ. وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ لَا يَتَأَتَّى فِي عِوَضِ الْخُلْعِ وَمَا بَعْدَهُ فَهُوَ لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ فَكَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُ ذَلِكَ عَنْ ذِكْرِ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ كَمَا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ الْعِلَّةِ خِلَافُهُ) قَالَ الشِّهَابُ سم: قَدْ يُنَاقَشُ فِيهِ بِأَنَّ قَبُولَهُ الرَّهْنَ عَنْ غَيْرِ الثَّمَنِ يَتَضَمَّنُ فَكَّ الْحَبْسِ بِالثَّمَنِ، وَقَدْ تُدْفَعُ الْمُنَاقَشَةُ بِأَنَّ الْحَبْسَ عَلَى الثَّمَنِ بِمَنْزِلَةِ الرَّهْنِ، وَسَيَأْتِي فِي الرَّهْنِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَرْهَنَهُ الْمَرْهُونُ عِنْدَهُ بِدَيْنٍ آخَرَ وَلَوْ كَانَ الْقَبُولُ بِمَنْزِلَةِ الْفَكِّ لَجَازَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَالْقِسْمَةُ) أَيْ: قِسْمَةُ غَيْرِ الرَّدِّ

لِأَنَّهُ هِبَةٌ، وَيَكُونُ بِنَحْوِ الْعِتْقِ وَالْوَقْفِ قَابِضًا لَا بِالتَّدْبِيرِ وَالتَّزْوِيجِ وَنَحْوِهِمَا، وَكَذَا الطَّعَامُ الْمُبَاحُ لِلْفُقَرَاءِ قَبْلَ قَبْضِهِمْ لَهُ فَإِنْ قَبَضُوهُ كَانَ قَابِضًا (وَالثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ) نَقْدًا أَوْ غَيْرَهُ (كَالْمَبِيعِ) فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ لِعُمُومِ النَّهْيِ لَهُ، وَلَوْ أَبْدَلَهُ الْمُشْتَرِي بِمِثْلِهِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ بِرِضَا الْبَائِعِ فَهُوَ كَبَيْعِ الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ فَلَا يَصِحُّ إلَّا إنْ كَانَ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ أَوْ بِمِثْلِهِ إنْ تَلِفَ أَوْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ، وَمِمَّا شَمِلَهُ التَّشْبِيهُ فَسَادُ التَّصَرُّفِ قَبْلَ قَبْضِهِ الْمَذْكُورِ ضِمْنًا فِي قَوْلِهِ (فَلَا يَبِيعُهُ الْبَائِعُ) يَعْنِي لَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ كَمَا بِأَصْلِهِ (قَبْلَ قَبْضِهِ) لَا مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَا مِنْ غَيْرِهِ نَظِيرَ مَا مَرَّ لِعُمُومِ النَّهْيِ وَلِلْعِلَّتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ، وَكُلُّ عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ فِي عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ كَأُجْرَةٍ وَعِوَضِ صُلْحٍ عَنْ مَالٍ أَوْ دَمٍ وَبَدَلِ خُلْعٍ أَوْ صَدَاقٍ كَذَلِكَ (وَلَهُ بَيْعُ مَالِهِ فِي يَدِ غَيْرِهِ أَمَانَةً كَوَدِيعَةٍ) بِيَدِ الْمُودِعِ وَشَمَلَتْ الْأَمَانَةُ مَا لَوْ كَانَتْ شَرْعِيَّةً كَمَا لَوْ طَيَّرَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا إلَى دَارِهِ وَيَلْحَقُ بِهِ مَا أَفْرَزَهُ السُّلْطَانُ لِجُنْدِيٍّ تَمْلِيكًا كَمَا لَا يَخْفَى، فَلَهُ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ بَيْعُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ رِفْقًا بِالْجُنْدِيِّ عَلَيْهِ وَمِنْ ثَمَّ مَلَكَهُ بِمُجَرَّدِ الْإِفْرَازِ (وَمُشْتَرَكٌ) بِيَدِ الشَّرِيكِ (وَقِرَاضٌ) بِيَدِ الْعَامِلِ سَوَاءٌ أَكَانَ قَبْلَ الْفَسْخِ أَمْ بَعْدَهُ ظَهَرَ رِيحٌ أَمْ لَا كَمَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ خِلَافًا لِلْقَاضِي وَالْإِمَامِ (وَمَرْهُونٌ) بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ (بَعْدَ انْفِكَاكِهِ) مُطْلَقًا وَقَبْلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَلَا بِالْهِبَةِ الضِّمْنِيَّةِ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي وَلَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا فَأَجَابَهُ (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُمَا) أَيْ كَإِبَاحَةِ الطَّعَامِ لِلْفُقَرَاءِ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ بِنَحْوِ الْعِتْقِ) أَيْ وَهُوَ الِاسْتِيلَادُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَبَضُوهُ إلَخْ) وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ إبَاحَةِ الطَّعَامِ لِلْفُقَرَاءِ وَبَيْنَ الصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ حَيْثُ لَمْ يَصِحَّ شَيْءٌ مِنْهَا أَنَّ كُلًّا مِنْ الصَّدَقَةِ وَمَا مَعَهَا طَرِيقٌ لِلْمِلْكِ بِذَاتِهِ بِمَعْنَى أَنَّ صِيَغَهَا مُحَصِّلَةٌ لِلتَّمْلِيكِ وَطَرِيقٌ فِيهِ، وَإِنْ تَوَقَّفَ تَمَامُهُ عَلَى الْقَبْضِ وَإِبَاحَةُ الطَّعَامِ لَيْسَ فِيهَا مَا يَقْتَضِي الْمِلْكَ لِذَاتِهِ وَإِنَّمَا يَقْتَضِيهِ تَلَازُمُهُ وَهُوَ أَكْلُهُمْ لَهُ مَثَلًا كَالضَّيْفِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ مَا قُدِّمَ لَهُ، وَإِنَّمَا يَمْلِكُهُ بِالْوَضْعِ فِي الْفَمِ عَلَى الرَّاجِحِ أَوْ بِالِازْدِرَادِ عَلَى مُقَابِلِهِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ: وَفَارَقَ الْوَقْفَ كَإِبَاحَةِ التَّصَدُّقِ بِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ بِخِلَافِهِمَا (قَوْلُهُ: لِلْعِلَّتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ) هُمَا ضَعْفُ الْمِلْكِ وَتَوَالِي ضَمَانَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ بَيْعُ مَالِهِ) بِالْإِضَافَةِ لِأَنَّهُ بِلَفْظِ الْمَوْصُولِ يَشْمَلُ الِاخْتِصَاصَ وَهُوَ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ (قَوْلُهُ إلَى دَارِهِ) أَيْ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: تَمْلِيكًا) أَيْ لَا إرْفَاقًا (قَوْلُهُ: فَلَهُ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ) قَيْدٌ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَوَّلِ الْبَابِ إلَى هُنَا كَمَا قَدَّمَ هُوَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ بِقَوْلِهِ وَمِثْلُهُ فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي الثَّمَنُ انْتَهَى. وَحِينَئِذٍ فَتَعْلِيلُهُ بِقَوْلِهِ لِعُمُومِ النَّهْيِ قَاصِرٌ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ التَّشْبِيهَ قَاصِرٌ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ التَّصَرُّفِ قَبْلَ الْقَبْضِ. (قَوْلُهُ: لِعُمُومِ النَّهْيِ) أَيْ: فِي خَبَرِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ الْمُتَقَدِّمِ حَيْثُ قَالَ فِيهِ: يَا ابْنَ أَخِي لَا تَبِيعَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَقْبِضَهُ، فَشَمِلَ الشَّيْءَ الْمَبِيعَ وَالثَّمَنَ وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا وَإِنْ كَانَ عُمُومُهُ لِنَحْوِ الْأَمَانَةِ غَيْرَ مُرَادٍ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ كَانَ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ بِعَيْنِ الثَّمَنِ أَوْ بِمِثْلِهِ) أَيْ فَإِنَّهُ إقَالَةٌ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي لَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ) لَكَ أَنْ تَقُولَ: عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ أَوْلَى بَلْ أَصْوَبُ؛ فَإِنَّ عُمُومَ عَدَمِ صِحَّةِ التَّصَرُّفِ لَا يَصِحُّ إذْ مِنْهُ الْإِعْتَاقُ وَنَحْوُهُ مِمَّا مَرَّ، وَلَا يَخْرُجُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ التَّصَرُّفُ بِغَيْرِ الْبَيْعِ مِمَّا ذُكِرَ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ هُنَاكَ الْبَيْعَ أَصْلًا إذْ هُوَ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ لِوُرُودِهِ بِالنَّصِّ، وَحَمَلَ عَلَيْهِ بَقِيَّةَ التَّصَرُّفَاتِ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِالتَّشْبِيهِ، فَنَصَّ هُنَا عَلَى الْأَصْلِ لِيُقَاسَ بِهِ نَحْوُهُ كَمَا قِيسَ بِهِ ثُمَّ عَلَى أَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ التَّشْبِيهِ فِي قَوْلِهِ وَالثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ كَالْمَبِيعِ وَمِنْ ثَمَّ أَرْدَفَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى بَعْضِ الْأَفْرَادِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ لِلْإِيضَاحِ وَلِيُقَاسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ مِثْلُهُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لَا مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَا مِنْ غَيْرِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ لَا مِنْ الْمُشْتَرِي إلَّا فِي نَظِيرِ مَا مَرَّ مِنْ بَيْعِ الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ لِعُمُومِ النَّهْيِ وَلِمَا مَرَّ مِنْ الْعِلَّتَيْنِ، وَمُرَادُهُ بِالْعِلَّتَيْنِ مَا قَدَّمَهُ كَغَيْرِهِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَعِلَّتُهُ ضَعْفُ الْمِلْكِ لِانْفِسَاخِهِ بِتَلَفِهِ كَمَا مَرَّ، وَقِيلَ اجْتِمَاعُ ضَمَانَيْنِ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ وَبِتَأَمُّلِهَا

بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ (وَمَوْرُوثٌ) يَمْلِكُ الْهَالِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ قَبْلَ مَوْتِهِ، بِخِلَافِ مَا لَا يَمْلِكُ الْهَالِكُ بَيْعَهُ مَثَلًا بِأَنْ اشْتَرَاهُ وَلَمْ يَقْبِضْهُ، لَكِنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ فِي يَدِ بَائِعِهِ بِأَمَانَةٍ بَلْ هُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ، وَمِثْلُهُ مَا يَمْلِكُهُ الْغَانِمُ مِنْ الْغَنِيمَةِ مُشَاعًا بِاخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ وَبَيْعُ مَوْهُوبٍ رَجَعَ فِيهِ الْأَصْلُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَمَقْسُومٌ قِسْمَةَ إفْرَازٍ قَبْلَ قَبْضِهِ، بِخِلَافِ قِسْمَةِ الْبَيْعِ لَيْسَ لَهُ بَيْعُ مَا صَارَ لَهُ فِيهَا مِنْ نَصِيبِ صَاحِبِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَلَا بَيْعَ شِقْصٍ أَخَذَهُ بِشُفْعَةٍ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِهَا مُعَاوَضَةٌ. وَلَوْ بَاعَ مَالَهُ فِي يَدِ غَيْرِهِ أَمَانَةً فَهَلْ لِلْبَائِعِ وِلَايَةُ الِانْتِزَاعِ مِنْ ذَلِكَ الْغَيْرِ بِدُونِ إذْنِ الْمُشْتَرِي لِيَتَخَلَّصَ مِنْ الضَّمَانِ وَيَسْتَقِرَّ الْعَقْدُ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ؟ نَعَمْ بَلْ يَجِبُ لِتَوَجُّهِ التَّسْلِيمِ عَلَى الْبَائِعِ (وَبَاقٍ فِي يَدِ وَلِيِّهِ بَعْدَ رُشْدِهِ أَوْ إفَاقَتِهِ) لِتَمَامِ الْمِلْكِ، نَعَمْ لَوْ أَكْرَى صَبَّاغًا أَوْ قَصَّارًا لِعَمَلِ ثَوْبٍ وَسَلَّمَهُ لَهُ فَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ قَبْلَهُ، وَكَذَا بَعْدَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ سَلَّمَ الْأُجْرَةَ لِأَنَّ لَهُ الْحَبْسَ لِلْعَمَلِ وَلِاسْتِيفَاءِ الْأُجْرَةِ كَذَا قَالَاهُ، وَهُوَ تَصْوِيرٌ إذْ لَهُ حَبْسُهُ لِتَمَامِ الْعَمَلِ أَيْضًا، وَلَا يُنَافِيهِ إطْلَاقُهُمْ جَوَازَ إبْدَالِ الْمُسْتَوْفِي بِهِ لِإِمْكَانِ حَمْلِ ذَلِكَ بِقَرِينَةِ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَسَلَّمْهُ الْأَجِيرُ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِرَعْيِ غَنَمِهِ شَهْرًا أَوْ لِيَحْفَظَ مَتَاعَهُ الْمُعَيَّنَ شَهْرًا جَازَ لَهُ بَيْعُهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الشَّهْرِ لِأَنَّ حَقَّ الْأَجِيرِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِعَيْنِهِ إذْ لِلْمُسْتَأْجَرِ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْعَمَلِ، كَذَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ إبْدَالُ الْمُسْتَوْفَى بِهِ أَوْ لَا، وَالرَّاجِحُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ الْمُورَثِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ قَبْضِهِ) أَيْ قَبْلَ قَبْضِ الْأَصْلِ لَهُ مِنْ فَرْعِهِ (قَوْلُهُ: قِسْمَةُ إفْرَازٍ) وَهُوَ الْمُتَشَابِهَاتُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ قِسْمَةِ الْبَيْعِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ وَالرَّدِّ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ سم عَلَى مَنْهَجٍ تَخْصِيصُ الْبُطْلَانِ بِقِسْمَةِ الرَّدِّ، وَكَذَا مُقْتَضَى تَعْلِيلِ الشَّارِحِ بِمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّ الرِّضَا فِيهَا غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَلَا يُعْتَبَرُ الْقَبْضُ قَبْلُ لَكِنَّ الْكَلَامَ ثَمَّ فِي قِسْمَةِ مَا اشْتَرَاهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَمَا هُنَا فِي بَيْعِ مَا مَلَكَهُ بِالْقِسْمَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا بَيْعُ شِقْصٍ) عَطْفُ مَعْنًى عَلَى قَوْلِهِ بِخِلَافِ قِسْمَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِيَتَخَلَّصَ) أَيْ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ لَتَوَجَّهَ التَّسْلِيمُ عَلَى الْبَائِعِ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ وَاسْتَقَلَّ الْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ اعْتَدَّ بِهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ. (قَوْلُهُ: وَسَلَّمَهُ لَهُ) أَفْهَمَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْعَقْدَ لَزِمَ بِمُجَرَّدِهِ وَبَيْعُهُ يُفَوِّتُ عَلَى الْأَجِيرِ فِيهِ، فَالْقِيَاسُ عَدَمُ صِحَّةِ بَيْعِهِ سَوَاءٌ بَعْدَ التَّسْلِيمِ أَوْ قَبْلَهُ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ إبْدَالُهُ بِغَيْرِهِ حَيْثُ لَمْ يُسَلِّمْهُ لَهُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ لِإِمْكَانِ حَمْلِ ذَلِكَ بِقَرِينَةِ مَا هُنَا إلَخْ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إبْدَالُهُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ إبْدَالُهُ بِغَيْرِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ تَصْوِيرٌ) أَيْ قَوْلُهُ قَبْلَ الْعَمَلِ لِيُلَاقِيَ قَوْلَهُ الْآتِيَ لِإِمْكَانِ حَمْلِ ذَلِكَ بِقَرِينَةٍ إلَخْ، وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ التَّصْوِيرُ أَنَّ حَمْلَ قَوْلِهِ قَبْلَهُ عَلَى مَعْنَى قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ وَقَوْلُهُ بَعْدَهُ عَلَى بَعْدَ الشُّرُوعِ، وَإِلَّا فَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِهِ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ عَلَى كَمَالِهِ فَيُفِيدُ جَوَازَ الْحَبْسِ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ: إذْ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ) أَيْ فَلَوْ اخْتَلَفَا ـــــــــــــــــــــــــــــQتَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَوَّلًا وَآخِرًا مِنْ الْمُؤَاخَذَاتِ . (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ وَمِثْلُ مَا ذُكِرَ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ. (قَوْلُهُ: مُشَاعًا) أَيْ إذَا كَانَ قَدْرًا مَعْلُومًا بِالْجُزْئِيَّةِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: بَلْ يَجِبُ) أَيْ عِنْدَ الْمُشَاحَّةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: نَعَمْ أَوْ أَكْرَى صَبَّاغًا إلَخْ) عِبَارَةُ الشِّهَابِ حَجّ: لَا مُسْتَأْجَرٍ لِصَبْغِهِ أَوْ قِصَارَتِهِ مَثَلًا وَقَدْ تَسَلَّمَهُ الْأَجِيرُ، كَذَا قَالَاهُ، وَحُمِلَ عَلَى أَنَّهُ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ لَا قَيْدٌ، فَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ الْعَمَلِ مُطْلَقًا أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ تَسْلِيمِ الْأُجْرَةِ انْتَهَتْ. فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ وَحُمِلَ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ وَقَدْ تَسَلَّمَهُ الْأَجِيرُ بِدَلِيلِ مَا قَرَّرَهُ بَعْدَهُ وَبِهَا تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: لِإِمْكَانِ حَمْلِ ذَلِكَ إلَخْ) أَيْ لَوْ حُمِلَ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا تَصَرَّفَ بِغَيْرِ الْإِبْدَالِ كَمَا هُوَ فِي كَلَامِ الشِّهَابِ حَجّ الَّذِي مَا هُنَا عِبَارَتُهُ. وَاعْلَمْ أَنَّا إذَا نَظَرْنَا إلَى هَذَا الْحَمْلِ لَمْ يَتَأَتَّ مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ذَلِكَ الشِّهَابُ سم فِي عِبَارَةِ حَجّ. (قَوْلُهُ: كَذَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي) يَعْنِي الِاسْتِئْجَارَ لِرَعْيِ الْغَنَمِ وَحِفْظِ الْمَتَاعِ، وَلَا يَصِحُّ كَوْنُ

جَوَازُ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ بِسَبِيلٍ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ بِبَدَلِهِ أَوْ يُسَلِّمَ الْأَجِيرُ نَفْسَهُ وَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي الْأَخِيرِ عَلَى تَصَرُّفِهِ بَعْدَ الْإِبْدَالِ بَلْ تَعْلِيلُهُ دَلَّ عَلَيْهِ. (وَكَذَا) لَهُ بَيْعُ مَالِهِ الْمَضْمُونِ عَلَى مَنْ هُوَ بِيَدِهِ ضَمَانَ يَدٍ وَمِنْهُ (عَارِيَّةٌ وَمَأْخُوذٌ بِسَوْمٍ) وَهُوَ مَا أَخَذَهُ مَرِيدُ الشِّرَاءِ لِيَتَأَمَّلَهُ أَيُعْجِبُهُ أَمْ لَا، وَمَغْصُوبٌ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى انْتِزَاعِهِ وَمَفْسُوخٌ فِيهِ بِعَيْبٍ أَوْ غَيْرِهِ بَعْدَ رَدِّ الثَّمَنِ لِتَمَامِ الْمِلْكِ فِي الْمَذْكُورَاتِ، وَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ الْمَأْخُوذَ بِسَوْمٍ مَضْمُونٌ جَمِيعُهُ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ سَامَ كُلَّهُ، وَإِلَّا كَأَنْ أَخَذَ مَالًا مِنْ مِلْكِهِ أَوْ بِإِذْنِهِ لِيَشْتَرِيَ نِصْفَهُ فَتَلِفَ لَمْ يَضْمَنْ سِوَى النِّصْفِ لِأَنَّ نِصْفَهُ الْآخَرَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ فَائِدَةَ عَطْفِهِ بِكَذَا التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّهُ قَسِيمُ الْأَمَانَةِ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ ضَمَانَ يَدٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي الْمِثْلِ فَقَالَ الْأَجِيرُ اسْتَأْجَرْتنِي لِعَدَدِ كَذَا وَزَادَ الْمُسْتَأْجِرُ صُدِّقَ الْأَجِيرُ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا قَالَهُ، وَيَحْتَمِلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَبَعْدَ التَّحَالُفِ يُفْسَخُ الْعَقْدُ وَيَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الْأُجْرَةِ إنْ سَلَّمَهَا وَإِلَّا سَقَطَتْ عَنْهُ (قَوْلُهُ: كَلَامُ الْمُتَوَلِّي الْأَخِيرِ) هُوَ قَوْلُهُ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِرَعْيِ غَنَمِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَرِيدُ الشِّرَاءِ) وَبَقِيَ مَا لَوْ أَخَذَهُ مَرِيدُ الْإِجَارَةِ أَوْ الْقِرَاضِ أَوْ الِارْتِهَانِ لِيَتَأَمَّلَهُ أَيُعْجِبُهُ فَيَرْتَهِنَهُ أَوْ يَسْتَأْجِرَهُ أَوْ يَقْتَرِضَهُ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِيهِ إنْ كَانَ ذَلِكَ وَسِيلَةً لِمَا يُضْمَنُ إذَا عُقِدَ عَلَيْهِ كَالْقَرْضِ وَكَالتَّزَوُّجِ بِهِ وَالْمُخَالَعَةِ عَلَيْهِ وَالصُّلْحِ عَلَيْهِ صُلْحَ مُعَاوَضَةٍ ضَمِنَهُ إذَا تَلِفَ قَبْلَ الْعَقْدِ وَإِنْ أَخَذَهُ لِمَا لَا يُضْمَنُ كَالِاسْتِئْجَارِ وَالِارْتِهَانِ لَمْ يَضْمَنْهُ إذَا تَلِفَ بِلَا تَقْصِيرٍ وَهُوَ فِي يَدِهِ إعْطَاءَ الْوَسِيلَةِ حُكْمَ الْمَقْصِدِ. (قَوْلُهُ: لَهُ قُدْرَةٌ) أَيْ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ بَعْدَ رَدِّ الثَّمَنِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ رَدِّ الثَّمَنِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ قُلْنَا بِعَدَمِ امْتِنَاعِ الْحَبْسِ فِي الْفُسُوخِ وَكَلَامُهُ هُنَا يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ أَمَّا إنْ قُلْنَا بِعَدَمِ جَوَازِ الْحَبْسِ وَوُجُوبِ الرَّدِّ عَلَى مَنْ طُلِبَتْ الْعَيْنُ مِنْهُ بَعْدَ الْفَسْخِ فَفِيهِ نَظَرٌ وَالْقِيَاسُ صِحَّتُهُ (قَوْلُهُ: مَضْمُونٌ جَمِيعُهُ) وَفِيمَا يُضْمَنُ بِهِ خِلَافُ الرَّاجِحِ مِنْهُ أَنَّ قِيمَتَهُ يَوْمَ التَّلَفِ وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ فَتَاوَى الشَّارِحِ مَا يُوَافِقُهُ وَعَنْ وَالِدِهِ أَنَّهُ يُضْمَنُ بِأَقْصَى الْقِيَمِ قَضِيَّتُهُ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ جَارٍ فِي الْمُسْتَلَمِ سَوَاءٌ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ مُتَقَوِّمًا (قَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْ سِوَى النِّصْفِ إلَخْ) لَوْ كَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِشَارَةِ لِمَسْأَلَةِ الصَّبْغِ وَالْقِصَارَةِ أَيْضًا وَإِنْ كَانَتْ مَنْقُولَةً أَيْضًا عَنْ الْمُتَوَلِّي؛ لِأَنَّهُ أَعْقَبَهَا بِمَا لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي كَمَا مَرَّ، وَحِينَئِذٍ فَاَلَّذِي يُفْهَمُ مِنْ سِيَاقِهِ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ إلَخْ يَرْجِعُ إلَى مَسْأَلَةِ الْغُنْمِ وَالْحِفْظِ خَاصَّةً، فَكَانَ يَنْبَغِي حَذْفُ قَوْلِهِ أَوْ لَا مِنْ قَوْلِهِ عَلَى أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ إبْدَالُ الْمُسْتَوْفَى بِهِ أَوْ لَا إذْ الْمَسْأَلَةُ الْمَذْكُورَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى جَوَازِ الْإِبْدَالِ لَا غَيْرُ، وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّارِحَ هُنَا تَصَرَّفَ فِي عِبَارَةِ الشِّهَابِ حَجّ فِي مَسْأَلَةِ الصَّبْغِ وَالْقِصَارَةِ، وَقَدْ عَلِمْت مَا فِي تَصَرُّفِهِ فِيهَا ثُمَّ تَصَرَّفَ فِي عِبَارَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَفِي عِبَارَةِ وَالِدِهِ فِي حَوَاشِيهِ فِي مَسْأَلَةِ الْغُنْمِ وَالْحِفْظِ بِمَا لَا يَنْبَغِي كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ بِسَوْقِ حَاصِلِ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَحَوَاشِيهِ، وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ الرَّوْضَ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى مَسْأَلَةِ الصَّبْغِ وَالْقِصَارَةِ بِمَا يُوَافِقُ مَا مَرَّ هُنَا، قَالَ شَارِحُهُ عَقِبَهُ: كَذَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ، وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِ، ثُمَّ نَقَلَ أَعْنِي شَارِحَ الرَّوْضِ بَعْدَ ذَلِكَ مَسْأَلَةَ الرَّعْيِ وَالْحِفْظِ عَنْ الْمُتَوَلِّي أَيْضًا، ثُمَّ قَالَ عَقِبَهُ: وَهَذَا الِاخْتِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ إبْدَالُ الْمُسْتَوْفَى بِهِ أَوْ لَا؟ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ كُلًّا مِنْ الصَّبْغِ وَالْقِصَارَةِ عَيْنٌ فَسَاغَ حَبْسُهُ كَسَائِرِ الْأَعْيَانِ، بِخِلَافِ الرَّعْيِ وَالْحِفْظِ انْتَهَى مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. وَنَازَعَهُ وَالِدُ الشَّارِحِ فِي فَرْقِهِ الْمَذْكُورِ ثُمَّ قَالَ: وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي الْأَخِيرِ عَلَى تَصَرُّفِهِ فِيهِ بَعْدَ الْإِبْدَالِ إلَخْ، فَاسْمُ الْإِشَارَةِ فِي كَلَامِ شَرْحِ الرَّوْضِ الَّذِي أَبْدَلَهُ الشَّارِحُ بِالضَّمِيرِ مَرْجِعُهُ الِاخْتِلَافُ الَّذِي وَقَعَ لِلْمُتَوَلِّي كَمَا تَرَى، وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ بَنَى مَسْأَلَةَ الصَّبْغِ وَالْقِصَارَةِ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ إبْدَالِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ وَهُوَ الضَّعِيفُ، وَبَنَى مَسْأَلَةَ الرَّعْيِ وَالْحِفْظِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ جَوَازِ إبْدَالِهِ، ثُمَّ أَشَارَ بِفَرْقِهِ الَّذِي ذَكَرَهُ إلَى جَوَازِ بِنَاءِ الْمَسْأَلَتَيْنِ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَذْكُورِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِمَا ذَكَرَهُ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ وَالِدُ الشَّارِحِ، وَبِهَذَا تَعْلَمُ مَا فِي تَصَرُّفِ الشَّارِحِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: قُدْرَةٌ عَلَى انْتِزَاعِهِ)

[بيع المثمن الذي في الذمة]

وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ كَانَ الْمُعَارُ أَرْضًا وَقَدْ غَرَسَهَا الْمُسْتَعِيرُ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ (وَلَا) (يَصِحُّ بَيْعُ) الْمُثَمَّنِ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ نَحْوِ (الْمُسَلَّمِ فِيهِ وَلَا الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ) قَبْلَ قَبْضِهِ بِغَيْرِ نَوْعِهِ أَوْ وَصْفِهِ لِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُقْبَضْ. وَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُتَفَاسَخَا عَقْدَ السَّلَمِ لِيَصِيرَ رَأْسُ الْمَالِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ، ثُمَّ يَدْفَعَ لَهُ مَا يَتَرَاضَيَانِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جِنْسَ الْمُسَلَّمِ فِيهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ قَبْضِهِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ لِئَلَّا يَصِيرَ بَيْعَ دَيْنٍ بِدِينٍ. وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ كُلَّ مَبِيعٍ ثَابِتٌ فِي الذِّمَّةِ عُقِدَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ لَفْظِ السَّلَمِ لَا يَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ تَنَاقُضٍ لَهُمَا (وَالْجَدِيدُ جَوَازُ الِاسْتِبْدَالِ) فِي غَيْرِ رِبَوِيٍّ بَيْعٌ بِجِنْسِهِ لِتَفْوِيتِهِ مَا شُرِطَ فِيهِ مِنْ قَبْضِ مَا وَقَعَ بِهِ الْعَقْدُ وَلِهَذَا كَانَ الْإِبْرَاءُ مِنْهُ مُمْتَنِعًا، وَمَا أَوْهَمَهُ كَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ مِنْ جَوَازِهِ فِيهِ غَلَّطَهُ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ (عَنْ الثَّمَنِ) نَقْدًا أَوْ غَيْرَهُ مِمَّا ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الْمَبِيعَ، لَكِنْ حَيْثُ لَزِمَ الْعَقْدُ لَا قَبْلَ لُزُومِهِ لِخَبَرِ «ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ كُنْت أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالدَّنَانِيرِ وَآخُذُ مَكَانَهَا الدَّرَاهِمَ، وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ مَكَانَهَا الدَّنَانِيرَ، فَأَتَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلْته عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: لَا بَأْسَ إذَا تَفَرَّقْتُمَا وَلَيْسَ بَيْنَكُمَا شَيْءٌ» وَقِيسَ بِمَا فِيهِ غَيْرُهُ، وَكَالثَّمَنِ كُلُّ دَيْنٍ مَضْمُونٍ بِعَقْدٍ كَأُجْرَةٍ وَصَدَاقٍ وَعِوَضِ خُلْعٍ وَدَيْنِ ضَمَانٍ وَلَوْ ضَمَانَ الْمُسَلَّمِ فِيهِ كَمَا أَوْضَحَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَتَاوِيهِ، وَيُفَارِقُ الْمُثَمَّنَ بِأَنَّهُ يُقْصَدُ عَيْنُهُ وَنَحْوُ الثَّمَنِ يُقْصَدُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَأْخُوذُ بِالسَّوْمِ ثَوْبَيْنِ مُتَقَارِبَيْ الْقِيمَةِ وَقَدْ أَرَادَ شِرَاءَ أَعْجَبْهُمَا إلَيْهِ فَقَطْ وَتَلِفَ فَهَلْ يَضْمَنُ أَكْثَرَهُمَا قِيمَةً أَوْ أَقَلَّهُمَا لِجَوَازِ أَنَّهُ كَانَ يُعْجِبُهُ الْأَقَلُّ قِيمَةً وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْ الزِّيَادَةِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ الثَّانِيَ أَقْرَبُ اهـ سم عَلَى حَجّ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ لِلْكُلِّ بَيْنَ كَوْنِ مَا يَسُومُهُ مُتَّصِلُ الْأَجْزَاءِ كَثَوْبٍ يُرِيدُ شِرَاءَ بَعْضِهِ وَكَوْنِهِ غَيْرَ مُتَّصِلٍ كَالثَّوْبَيْنِ اللَّذَيْنِ يُرِيدُ أَخْذَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. لَا يُقَالُ كُلٌّ مِنْ الثَّوْبَيْنِ مَأْخُوذٌ بِالسَّوْمِ لِأَنَّهُ كَمَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَشْتَرِيَ هَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْآخَرَ. لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لِأَنَّهُ كَمَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَأْخُذَهُ النِّصْفَ مِنْ الطَّرَفِ الْأَعْلَى يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ الْأَسْفَلِ (قَوْلُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ ثُمَّ يَنَزَّلُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْمُعِير مَنْزِلَةَ الْمُعِيرِ فَيُخَيِّرُ بَيْنَ قَلْعِهِ وَغَرَامَةِ أَرْشِ النَّقْصِ وَيَمْلِكُهُ بِالْقِيمَةِ وَتَبْقِيَتَهُ بِالْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ وَصْفِهِ) فِيهِ نَظَرٌ لِمَا يَأْتِي فِي أَوَاخِرِ السَّلَمِ مِنْ جَوَازِ أَخْذِ الْجَيِّدِ عَنْ رَدِيءٍ كَعَكْسِهِ، وَعَلَّلَ الشَّارِحُ ثَمَّ جَوَازَ أَخْذِ الرَّدِيءِ عَنْ الْجَيِّدِ بِأَنَّهُمَا إذَا تَرَاضَيَا بِهِ كَانَ مُسَامَحَةً بِصِفَةٍ، وَعَلَّلَ الْقَوْلَ بِجَوَازِ اسْتِبْدَالِ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ عَنْ الْآخَرِ بِأَنَّ الْجِنْسَ يَجْمَعُهُمَا فَكَانَ كَمَا لَوْ اتَّحَدَ النَّوْعُ وَاخْتَلَفَتْ الصِّفَةُ قَالَ: وَرُدَّ بِقُرْبِ الِاتِّحَادِ هُنَا: أَيْ فِي الصِّفَةِ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي جَوَازِ الِاسْتِبْدَالِ مَعَ اخْتِلَافِ الصِّفَةِ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُ هُنَا بِالصِّفَةِ مَا يَظْهَرُ مَعَهُ تَأْثِيرٌ قَوِيٌّ بِحَيْثُ يَصِيرُ الْمَوْصُوفَيْنِ بِصِفَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ كَالنَّوْعَيْنِ الْحَقِيقِيَّيْنِ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ أَنَّهُمْ جَعَلُوا مِنْ اخْتِلَافِ النَّوْعِ الْحِنْطَةَ الْبَيْضَاءَ بِالسَّمْرَاءِ مَعَ أَنَّ الْحَاصِلَ فِيهِمَا مُجَرَّدُ اخْتِلَافِ صِفَةٍ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ نَحْوَ الْمُسَلَّمِ فِيهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِتَقْوِيَتِهِ إلَخْ) أَمَّا الرِّبَوِيُّ فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ لِتَفْوِيتِهِ إلَخْ فَهُوَ عِلَّةٌ لِمُقَدِّرٍ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا كَانَ الْإِبْرَاءُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الرِّبَوِيِّ (قَوْلُهُ: مِنْ جَوَازِهِ) أَيْ الْإِبْرَاءُ فِيهِ: أَيْ الرِّبَوِيُّ (قَوْلُهُ: لَا قَبْلَ لُزُومِهِ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ امْتِنَاعِ الِاسْتِبْدَالِ قَبْلَ اللُّزُومِ مَعَ أَنَّ تَصَرُّفَ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ مَعَ الْآخَرِ لَا يَسْتَدْعِي لُزُومَ الْعَقْدِ بَلْ هُوَ إجَازَةٌ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ مُسْتَثْنًى (قَوْلُهُ: لَا بَأْسَ) أَيْ لَا لَوْمَ (قَوْلُهُ: وَيُفَارِقُ) أَيْ الثَّمَنُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ أَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي كَذَلِكَ [بَيْعُ الْمُثَمَّنِ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ] . (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُسْلَمِ فِيهِ) وَكَذَا رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَتَفَاسَخَا عَقْدَ السَّلَمِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ التَّفَاسُخُ بِغَيْرِ سَبَبٍ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ. (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ رِبَوِيٍّ بِيعَ بِجِنْسِهِ) وَكَذَا لَوْ اتَّفَقَا فِي عِلَّةِ الرِّبَا دُونَ الْجِنْسِ كَمَا يَقْتَضِيهِ التَّعْلِيلُ وَنَقَلَهُ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ عَنْ الْإِيعَابِ لِلشِّهَابِ حَجّ (قَوْلُهُ: مِمَّا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ) أَيْ: أَمَّا الْمُعَيَّنُ فَلَا يَصِحُّ فِيهِ الِاسْتِبْدَالُ كَمَا قَدَّمَهُ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ كَالْمَبِيعِ (قَوْلُهُ: وَكَالثَّمَنِ كُلُّ دَيْنٍ مَضْمُونٍ بِعَقْدٍ) شَمِلَ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ وَلَيْسَ مُرَادًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ .

مَالِيَّتُهُ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُسْتَبْدَلَ مُؤَجَّلًا عَنْ حَالٍّ وَيَصِحُّ عَكْسُهُ، وَكَأَنَّ صَاحِبَ الْمُؤَجَّلِ عَجَّلَهُ وَالْقَدِيمُ الْمَنْعُ لِعُمُومِ النَّهْيِ السَّابِقِ لِذَلِكَ، وَالثَّمَنُ النَّقْدُ إنْ قُوبِلَ بِغَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَا نَقْدَيْنِ أَوْ عَرَضَيْنِ فَالثَّمَنُ مَا اتَّصَلَتْ بِهِ الْبَاءُ وَالْمُثَمَّنُ مُقَابِلُهُ نَعَمْ الْأَقْرَبُ فِيمَا لَوْ بَاعَ رَقِيقَهُ مَثَلًا بِدَرَاهِمَ سَلَمًا امْتِنَاعُ الِاسْتِبْدَالِ عَنْهَا وَإِنْ كَانَتْ ثَمَنًا لِأَنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ مُسَلَّمٌ فِيهَا، وَيُقَيَّدُ إطْلَاقُهُمْ صِحَّةَ الِاسْتِبْدَالِ عَنْ الثَّمَنِ بِذَلِكَ، هَذَا كُلُّهُ فِيمَا لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ (فَإِنْ اُسْتُبْدِلَ مُوَافِقًا فِي) جِنْسِ الرِّبَا كَذَهَبٍ عَنْ ذَهَبٍ اُشْتُرِطَتْ الشُّرُوطُ الْمُتَقَدِّمَةُ أَوْ (عِلَّةُ الرِّبَا كَدَرَاهِمَ عَنْ دَنَانِيرَ اُشْتُرِطَ قَبْضُ الْبَدَلِ فِي الْمَجْلِسِ) حَذَرًا مِنْ الرِّبَا فَلَا يَكْفِي التَّعْيِينُ عَنْهُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ فِي الْعَقْدِ) أَيْ عَقْدُ الِاسْتِبْدَالِ، لِأَنَّ الصَّرْفَ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ جَائِزٌ. وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ لِيَخْرُجَ عَنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ (وَكَذَا) لَا يُشْتَرَطُ (الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ) فِي الْأَصَحِّ (إنْ اسْتَبْدَلَ مَا لَا يُوَافِقُ فِي الْعِلَّةِ) لَلرِّبَا (كَثَوْبٍ عَنْ دَرَاهِمَ) كَمَا لَوْ بَاعَ ثَوْبًا بِدَرَاهِمَ فِي الذِّمَّةِ، لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ فِي الْمَجْلِسِ قَطْعًا، وَفِي اشْتِرَاطِ التَّعْيِينِ فِي الْعَقْدِ الْوَجْهَانِ فِي اسْتِبْدَالِ الْمُوَافِقِ. وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ لِأَنَّ أَحَدَ الْعِوَضَيْنِ دَيْنٌ فَيُشْتَرَطُ قَبْضُ الْآخَرِ كَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ. لَا يُقَالُ: حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ كَطَعَامٍ عَنْ دَرَاهِمَ لِأَنَّ الثَّوْبَ غَيْرُ رِبَوِيٍّ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ لَا يُوَافِقُ الدَّرَاهِمَ فِي عِلَّةِ الرِّبَا. لِأَنَّا نَقُولُ: السَّالِبَةُ تَصْدُقُ بِنَفْيِ الْمَوْضُوعِ فَتَصْدُقُ بِأَنْ لَا رِبَا أَصْلًا لِإِطْلَاقِهِمْ عَلَى كُلِّ ثَوْبٍ أَوْ طَعَامٍ بِدَرَاهِمَ أَنَّهُمَا مِمَّا لَمْ يَتَوَافَقَا فِي عِلَّةِ الرِّبَا (وَلَوْ اسْتَبْدَلَ عَنْ الْقَرْضِ) نَفْسَهُ أَوْ دَيْنَهُ وَإِنْ حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الثَّانِي (وَ) عَنْ (قِيمَةِ) يَعْنِي بَدَلَ (الْمُتْلَفِ) مِنْ قِيمَةِ الْمُتَقَوِّمِ وَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ وَبَدَلُ غَيْرِهِمَا كَالنَّقْدِ فِي الْحُكُومَةِ حَيْثُ وَجَبَ (جَازَ) إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ رِبًا فَلَا يُؤَثِّرُ زِيَادَةٌ تَبَرَّعَ بِهَا الْمُؤَدِّي بِأَنْ لَمْ يَجْعَلْهَا فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ وَذَلِكَ لِاسْتِقْرَارِهِ، وَالْعِلْمُ بِالْقَدْرِ هُنَا كَافٍ وَلَوْ بِإِخْبَارِ الْمَالِكِ، إذْ الْقَصْدُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: يَقْصِدُ مَالِيَّتَهُ) هُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الْمُثَمَّنُ عَرَضًا وَالثَّمَنُ نَقْدًا. أَمَّا لَوْ كَانَا نَقْدَيْنِ أَوْ عَرَضَيْنِ فَلَا يَظْهَرُ مَا ذَكَرَ فَلَعَلَّ التَّعْلِيلَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْغَالِبِ (قَوْلُهُ: إنْ قُوبِلَ بِغَيْرِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ بَاعَ دِينَارًا بِفُلُوسٍ مَعْلُومَةٍ فِي الذِّمَّةِ امْتَنَعَ اعْتِيَاضُهُ عَنْ الْفُلُوسِ لِأَنَّ الدِّينَارَ هُوَ الثَّمَنُ لِأَنَّهُ النَّقْدُ وَالْفُلُوسُ هِيَ الثَّمَنُ، وَالْمُثَمَّنُ إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ يَمْتَنِعُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ اُشْتُرِطَتْ الشُّرُوطُ الْمُتَقَدِّمَةُ) وَمِنْهُ التَّقَابُضُ، فَلَوْ كَانَ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ دَرَاهِمُ فَعَوَّضَهُ عَنْهَا مَا هُوَ مِنْ جِنْسِهَا اُشْتُرِطَ الْحُلُولُ وَالْمُمَاثَلَةُ، وَقَبْضُ مَا جَعَلَهُ عِوَضًا عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ فِي الْمَجْلِسِ وَصُدِّقَ عَلَى مَا ذَكَرَ أَنَّهُ تَقَابُضٌ لِوُجُودِ الْقَبْضِ الْحَقِيقِيِّ فِي الْعِوَضِ الْمَدْفُوعِ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ وَالْحُكْمِيِّ فِيمَا فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ لِأَنَّهُ كَانَ قَبَضَهُ مِنْهُ وَرَدَّهُ إلَيْهِ. وَمَحِلُّ اشْتِرَاطِ الْمُمَاثَلَةِ حَيْثُ لَمْ يَجْرِ التَّعْوِيضُ بِلَفْظِ الصُّلْحِ كَمَا مَرَّ وَيَأْتِي (قَوْلُهُ: الْوَجْهَانِ) وَالرَّاجِحُ مِنْهُمَا عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ (قَوْلُهُ نَفْسُهُ) بِأَنْ كَانَ بَاقِيًا فِي يَدِ الْمُقْتَرِضِ (قَوْلُهُ أَوْ دَيْنُهُ) بِأَنْ تَصَرَّفَ فِيهِ فَلَزِمَهُ بَدَلُهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ) هُوَ حَجّ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ لِاسْتِقْرَارِهِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ جَازَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِإِخْبَارِ الْمَالِكِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِعُمُومِ النَّهْيِ السَّابِقِ) لَا يَخْفَى أَنَّ النَّهْيَ السَّابِقَ: أَعْنِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ إنَّمَا هُوَ فِي خُصُوصِ الْمَبِيعِ فَلَا يَعُمُّ الثَّمَنَ إلَّا بِتَأْوِيلٍ. (قَوْلُهُ: هَذَا كُلُّهُ) يَعْنِي إطْلَاقَ جَوَازِ الِاسْتِبْدَالِ عَنْ الثَّمَنِ الصَّادِقِ بِالْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ وَبِعَدَمِهِ وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ هَذَا كُلِّهِ. (قَوْلُهُ: اُشْتُرِطَ قَبْضُ الْبَدَلِ فِي الْمَجْلِسِ) اُنْظُرْ هَلْ يُشْتَرَطُ الْحُلُولُ أَيْضًا وَالظَّاهِرُ نَعَمْ وَكَأَنَّهُ تَرَكَهُ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ فِي التَّقَابُضِ فِي الْغَالِبِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ بَاعَ ثَوْبًا بِدَرَاهِمَ) الْكَافُ لِلتَّنْظِيرِ. (قَوْلُهُ: نَفْسِهِ) إنْ كَانَتْ صُورَتُهُ أَنَّهُ يُقْرِضُهُ شَيْئًا وَقَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ إيَّاهُ يُبَدِّلُهُ لَهُ، فَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْقَرْضَ لَا يُمْلَكُ إلَّا بِالْقَبْضِ بَلْ بِالِاسْتِهْلَاكِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ، وَالِاسْتِبْدَالُ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ شَيْءٍ مَمْلُوكٍ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِبْدَالُ عَنْ الثَّمَنِ إلَّا بَعْدَ لُزُومِ الْعَقْدِ، وَإِنْ كَانَتْ الصُّورَةُ أَنَّ الْمُقْتَرِضَ هُوَ الَّذِي يُبَدِّلُهُ، فَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُقْتَرَضَ يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ

الْإِسْقَاطُ دُونَ حَقِيقَةِ الْمُعَاوَضَةِ، فَاشْتِرَاطُ بَعْضِهِمْ نَحْوَ الْوَزْنِ عِنْدَ قَضَاءِ الْقَرْضِ وَإِنْ عُلِمَ قَدْرُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ (وَاشْتِرَاطُ قَبْضِهِ) أَيْ الْبَدَلِ (فِي الْمَجْلِسِ) وَتَعْيِينُهُ (مَا سَبَقَ) مِنْ أَنَّهُمَا إنْ تَوَافَقَا فِي عِلَّةِ الرِّبَا اُشْتُرِطَ قَبْضُهُ وَإِلَّا اُشْتُرِطَ تَعْيِينُهُ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَكَوْنُهُ حَالًّا وَمُرَادُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَبْدَلَ عَنْهُمَا مُؤَجَّلًا فَسَقَطَ قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّ بَدَلَ هَذَيْنِ لَا يَكُونُ إلَّا حَالًّا، وَلَوْ عِوَضٌ عَنْ دَيْنِ الْقَرْضِ الذَّهَبُ ذَهَبًا وَفِضَّةً كَانَ بَاطِلًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، قَالَ: لِأَنَّهُ مِنْ قَاعِدَةِ مَدِّ عَجْوَةٍ، وَلَا يُخَالِفُ ذَلِكَ مَا ذَكَرُوهُ فِيمَا لَوْ صَالَحَ عَنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَخَمْسِينَ دِينَارًا دَيْنًا لَهُ عَلَى غَيْرِهِ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ حَيْثُ جَعَلُوهُ مُسْتَوْفِيًا لِأَلْفِ دِرْهَمٍ، إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَى تَقْدِيرِ الْمُعَاوَضَةِ فِيهِ وَمُعْتَاضًا عَنْ الذَّهَبِ بِالْأَلْفِ الْآخَرِ انْتَهَى. فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ فِي مَسْأَلَةِ الصُّلْحِ الْمَذْكُورَةِ عَوَّضْتُك هَذَيْنِ الْأَلْفَيْنِ عَنْ الْأَلْفِ دِرْهَمٍ وَخَمْسِينَ دِينَارًا لَمْ يَصِحَّ، وَلِهَذَا لَوْ كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ مُعَيَّنًا لَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ لِأَنَّهُ اعْتِيَاضٌ فَكَأَنَّهُ بَاعَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَخَمْسِينَ دِينَارًا بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَهُوَ مِنْ قَاعِدَةِ مَدِّ عَجْوَةٍ كَمَا نَبَّهْنَا عَلَى ذَلِكَ فِي بَابِ الرِّبَا لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ الصِّحَّةُ (وَبَيْعُ الدَّيْنِ) غَيْرُ الْمُسَلَّمِ فِيهِ بِعَيْنٍ (لِغَيْرِ مَنْ) هُوَ (عَلَيْهِ) (بَاطِلٌ فِي الْأَظْهَرِ بِأَنْ يَشْتَرِيَ عَبْدَ زَيْدٍ بِمِائَةٍ لَهُ عَلَى عَمْرٍو) لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ، وَهَذَا مَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحَيْنِ وَالْمَجْمُوعِ هُنَا وَجَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْكِتَابَةِ وَالثَّانِي يَصِحُّ، وَصَحَّحَهُ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ وَنَقَلَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَفْتَى بِهِ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي آخِرِ الْخُلْعِ، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَحُكِيَ عَنْ النَّصِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِاسْتِقْرَارِهِ كَبَيْعِهِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ وَهُوَ الِاسْتِبْدَالُ السَّابِقُ، وَمَحِلُّهُ إنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا مُسْتَقِرًّا وَالْمَدِينُ مُقِرًّا مَلِيًّا أَوْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ لِتَحَقُّقِ الْعَجْزِ حِينَئِذٍ، وَيُشْتَرَطُ قَبْضُ الْعِوَضَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ كَالْبَغَوِيِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ يُخَالِفُهُ، وَالْقَوْلُ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى الرِّبَوِيِّ وَالثَّانِي عَلَى غَيْرِهِ صَحِيحٌ لِعَدَمِ تَأَتِّيه مَعَ تَمْثِيلِهِمَا بِأَنْ يَشْتَرِيَ عَبْدَ زَيْدٍ بِمِائَةٍ لَهُ عَلَى عَمْرٍو (وَلَوْ كَانَ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو دَيْنَانِ عَلَى شَخْصٍ فَبَاعَ زَيْدٌ عُمْرًا دَيْنَهُ بِدَيْنِهِ) أَوْ كَانَ لَهُ عَلَى آخَرَ دَيْنٍ فَاسْتَبْدَلَ عَنْهُ دَيْنًا آخَرَ (بَطَلَ قَطْعًا) اتَّحَدَ الْجِنْسُ أَوْ اخْتَلَفَ وَحُكِيَ الْإِجْمَاعُ عَلَى ذَلِكَ، وَالنَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ صَحَّحَهُ جَمْعٌ وَضَعَّفَهُ آخَرُونَ، وَالْحَوَالَةُ جَائِزَةٌ بِالْإِجْمَاعِ مَعَ أَنَّهَا بَيْعُ دَيْنٍ بِدِينٍ. ثُمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فَلَوْ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ تَبَيَّنَ بُطْلَانُهُ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَكَوْنُهُ) أَيْ الْعِوَضُ (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ عَقْدُ الصُّلْحِ (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ الصِّحَّةُ) أَيْ لِأَنَّ لَفْظَ الصُّلْحِ يُشْعِرُ بِالْقَنَاعَةِ فَلَا يَتَمَحَّضُ عَقْدُهُ لِلتَّعْوِيضِ وَإِنْ جَرَى عَلَى مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ: بِعَيْنٍ) أَيْ أَوْ بِدَيْنٍ يُنْشِئُهُ الْآنَ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي يَصِحُّ) أَيْ سَوَاءٌ اتَّفَقَا فِي عِلَّةِ الرِّبَا أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَمَحِلُّهُ إلَخْ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ صِحَّةِ بَيْعِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ) أَيْ لَا كُلْفَةَ عَلَيْهِ فِي إقَامَتِهَا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ قَبْضُ الْعِوَضَيْنِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا رِبَوِيَّيْنِ (قَوْلُهُ: فَاسْتَبْدَلَ عَنْهُ دَيْنًا آخَرَ) هُوَ وَاضِحٌ حَيْثُ لَمْ تُوجَدْ شُرُوطُ الْحَوَالَةِ وَإِلَّا كَأَنْ قَالَ: جَعَلْت مَالِي عَلَى زَيْدٍ مِنْ الدَّيْنِ لَك فِي مُقَابَلَةِ دَيْنِك وَاتَّحَدَ الدَّيْنَانِ جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً وَحُلُولًا وَأَجَلًا وَصِحَّةً وَكَسْرًا فَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ لِأَنَّهَا حَوَالَةٌ (قَوْلُهُ: وَالْحَوَالَةُ جَائِزَةٌ) أَيْ فَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهَا بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِأَكْثَرِ فُرُوعِهَا وَإِلَّا فَقَدْ تُعْطَى أَحْكَامَ الِاسْتِيفَاءِ وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ إنَّهَا مِنْ الْأَبْوَابِ الَّتِي لَمْ يُطْلَقْ فِيهَا الْقَوْلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ ثُبُوتُ بَدَلِهِ فِي الذِّمَّةِ فَلَمْ يَقَعْ الِاسْتِبْدَالُ إلَّا عَنْ دَيْنِ الْقَرْضِ لَا عَنْ نَفْسِهِ. أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُقْتَرِضَ لَهُ أَنْ يُمْسِكَ الْعَيْنَ الْمُقْتَرَضَةَ وَيَدْفَعَ بَدَلَهَا لِلْمُقْرِضِ وَإِنْ كَانَتْ بَاقِيَةً. وَأَمَّا جَوَازُ رُجُوعِ الْمُقْرِضِ فِيهَا مَا دَامَتْ بَاقِيَةً فَشَيْءٌ آخَرُ إذْ هُوَ فَسْخٌ لِعَقْدِ الْقَرْضِ. (قَوْلُهُ: انْتَهَى) أَيْ مَا ذَكَرُوهُ، وَلَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَ عَدَمِ الْمُخَالَفَةِ لَكِنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ

[بيع الدين غير المسلم فيه بعين لغير من هو عليه]

شَرَعَ فِي بَيَانِ الْقَبْضِ وَالرُّجُوعُ فِي حَقِيقَتِهِ إلَى الْعُرْفِ فِيهِ لِعَدَمِ مَا يَضْبِطُهُ شَرْعًا أَوْ لُغَةً كَالْإِحْيَاءِ وَالْحِرْزِ فِي السَّرِقَةِ وَذَلِكَ إمَّا غَيْرُ مَنْقُولٍ أَوْ مَنْقُولٌ، وَقَدْ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْأَوَّلِ فَقَالَ (وَقَبْضُ الْعَقَارِ) وَنَحْوِهِ كَالْأَرْضِ وَمَا فِيهَا مِنْ بِنَاءٍ وَنَخْلٍ وَإِنْ شَرَطَ قَطْعَهُ وَثَمَرَةٌ مَبِيعَةٌ قَبْلَ أَوَانِ الْجُذَاذِ كَمَا قَالَاهُ وَهُوَ مِثَالٌ لَا قَيْدٌ، فَإِنْ بَلَغَتْ أَوَانَ الْجُذَاذِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ، وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ بَاعَهَا بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا بِشَرْطِ قَطْعِهَا وَبِهِ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَمِثْلُ الثَّمَرَةِ فِيمَا ذَكَرَ زَرْعٌ جَازَ بَيْعُهُ فِي أَرْضٍ فَإِقْبَاضُ ذَلِكَ (تَخْلِيَتُهُ لِلْمُشْتَرِي وَتَمْكِينُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ) فِيهِ بِتَسْلِيمِ مِفْتَاحِ الدَّارِ إنْ وُجِدَ وَإِنْ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهِ وَلَمْ يَدْخُلْهُ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ مَعَ عَدَمِ مَانِعٍ شَرْعِيٍّ أَوْ حِسِّيٍّ فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ إلَّا (بِشَرْطِ فَرَاغِهِ مِنْ أَمْتِعَةِ الْبَائِعِ) وَكَذَا أَمْتِعَةُ غَيْرِ الْمُشْتَرِي مِنْ مُسْتَأْجِرٍ وَمُسْتَعِيرٍ وَمُوصًى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ وَغَاصِبٍ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ مُغَلِّطًا مَنْ أَخَذَ بِمَفْهُومِ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْبَائِعِ عَمَلًا بِالْعُرْفِ لِتَأَتِّي التَّفْرِيغِ هُنَا حَالًّا، وَبِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِتَرْجِيحٍ (قَوْلُهُ: ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْقَبْضِ) أَيْ الْمَبِيعِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ، لَكِنَّ مَا ذَكَرَهُ فِيهِ لَا يَخْتَصُّ بِهِ بَلْ يَجْرِي فِي سَائِرِ صُوَرِ الْقَبْضِ لِلْمَوْهُوبِ وَالْمُؤَجَّرِ وَغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: وَالرُّجُوعُ) جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ (قَوْلُهُ: إلَى الْعُرْفِ) وَمَتَى وَقَعَ الْخِلَافُ فِي شَيْءٍ أَهْوَ قَبْضٌ أَوْ لَا كَانَ نَاشِئًا عَنْ الْخِلَافِ فِي الْعُرْفِ فِيهِ، فَمَنْ عَدَّهُ قَبْضًا يَنْسُبُهُ لِلْعُرْفِ، وَمَنْ نَفَى الْقَبْضَ فِيهِ يَقُولُ الْعُرْفُ لَا يَعُدُّهُ قَبْضًا حَجّ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ) أَيْ مِمَّا يُعَدُّ تَابِعًا لَهُ (قَوْلُهُ: كَالْأَرْضِ) مِثَالٌ لِلْعَقَارِ (قَوْلُهُ مِنْ بِنَاءٍ وَنَخْلٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ رَطْبًا أَوْ جَافًّا وَإِنْ كَانَ الْجَافُّ لَا بَقَاءَ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى مَا لَوْ كَانَ رَطْبًا وَبَيْعٌ بِشَرْطِ الْقَطْعِ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ الْأَشْجَارُ الْمَقْلُوعَةُ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ النَّقْلِ وَإِنْ كَانَتْ حَيَّةً وَأُرِيدَ عَوْدُهَا كَمَا كَانَتْ لِأَنَّهَا صَارَتْ مَنْقُولَةً، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ وَنَخْلُ الْأُولَى شَجَرٌ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الشَّيْخُ إلَّا أَنْ يُقَالَ آثَرَهُ لِلِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ فِي كَلَامِ الْجَوْهَرِيِّ تَفْسِيرًا لِلْعَقَارِ، وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ الْعَقَارُ بِالْفَتْحِ مُخَفَّفًا الْأَرْضُ وَالضِّيَاعُ وَالنَّخْلُ اهـ. وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الشَّيْخِ وَالشَّجَرُ بَيَانٌ لِلْمُرَادِ مِنْ الْعَقَارِ فِي كَلَامِهِمْ (قَوْلُهُ: وَثَمَرَةٌ) مِثَالٌ لِنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: وَشَمَلَ ذَلِكَ) أَيْ كَوْنَ الْقَبْضِ بِالتَّخْلِيَةِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا) وَكَذَا يَشْمَلُ مَا قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهَا إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ فَتَكْفِي التَّخْلِيَةُ فِيهِ، لَكِنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ قَدْ يَقْتَضِي خِلَافَهُ حَيْثُ قَالَ: وَشَمَلَ ذَلِكَ إلَخْ، دُونَ أَنْ يَقُولَ: وَشَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ بَاعَهَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ سَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ أَوْ قَبْلَهُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: اقْتِصَارُهُ عَلَى مَا ذَكَرَ لِنَقْلِهِ عَنْ إفْتَاءِ وَالِدِهِ (قَوْلُهُ: زَرْعٌ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ: تَخْلِيَتُهُ) أَيْ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهَا كَخَلَّيْتُ بَيْنَك وَبَيْنَهُ (قَوْلُهُ: بِتَسْلِيمِ مِفْتَاحِ الدَّارِ) أَيْ إنْ كَانَ مِفْتَاحَ غَلَطٍ مُثَبَّتٍ بِخِلَافِ مِفْتَاحِ الْقُفْلِ (قَوْلُهُ: إنْ وُجِدَ) نَعَمْ إنْ قَالَ لَهُ الْبَائِعُ تَسَلَّمْهُ وَاصْنَعْ لَهُ مِفْتَاحًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَغْنَى بِذَلِكَ عَنْ تَسْلِيمِ الْمِفْتَاحِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِي الْمِفْتَاحِ بِمَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ وَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ بِتَلَفِهِ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمِفْتَاحِ تَافِهَةً (قَوْلُهُ: مَعَ عَدَمِ مَانِعٍ شَرْعِيٍّ) أَيْ كَشَغْلِ الدَّارِ بِأَمْتِعَةِ غَيْرِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: أَوْ حِسِّيٍّ) كَكَوْنِهَا فِي يَدِ غَاصِبٍ (قَوْلُهُ: عَلَى الْبَائِعِ) وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِقَرِينَةِ سِيَاقِهِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالْبَائِعِ مَا قَابَلَ الْمُشْتَرِيَ فَيَدْخُلُ فِيهِ جَمِيعُ مَا ذَكَرَ. (قَوْلُهُ: لِتَأَتِّي التَّفْرِيغِ) عِلَّةٌ لِلْعَمَلِ بِالْعُرْفِ (قَوْلُهُ: حَالًا) أَيْ مِنْ شَأْنِ الْأَمْتِعَةِ ذَلِكَ بِخِلَافِ الزَّرْعِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَلَّ الزَّرْعُ جِدًّا بِحَيْثُ يُمْكِنُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلِهِمْ إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَخْ [بَيْعُ الدَّيْنِ غَيْرُ الْمُسَلَّمِ فِيهِ بِعَيْنٍ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ] . (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ إمَّا غَيْرُ مَنْقُولٍ إلَخْ) الْإِشَارَةُ رَاجِعَةٌ إلَى الْمَقْبُوضِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْقَبْضِ. (قَوْلُهُ: كَالْأَرْضِ وَمَا فِيهَا مِنْ بِنَاءٍ وَنَخْلٍ) هَذَا هُوَ حَقِيقَةُ الْعَقَارِ كَمَا فِي الصِّحَاحِ وَغَيْرِهِ فَإِدْخَالُ الْكَافِ عَلَيْهِ إمَّا لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ مِثْلَ النَّخْلِ بَقِيَّةُ الشَّجَرِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ بَعْضُهُمْ أَوْ أَنَّهَا اسْتِقْصَائِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا) وَكَذَا قَبْلَهُ الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِالْبَعْدِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الْوَاقِعَةُ فِي السُّؤَالِ الَّذِي أَجَابَ عَنْهُ وَالِدُهُ. (قَوْلُهُ: فَإِقْبَاضُ ذَلِكَ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ:

فَارَقَ قَبْضَ الْأَرْضِ الْمَزْرُوعَةِ بِالتَّخْلِيَةِ مَعَ بَقَاءِ الزَّرْعِ، وَاسْتَثْنَى السُّبْكِيُّ الْحَقِيرَ مِنْ الْأَمْتِعَةِ كَالْحَصِيرِ وَبَعْضِ الْمَاعُونِ فَلَا يَقْدَحُ فِي التَّحْلِيَةِ، وَلَوْ جُمِعَتْ الْأَمْتِعَةُ فِي بَيْتٍ مِنْ الدَّارِ وَخَلَّى بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَهَا حَصَلَ الْقَبْضُ فِيمَا عَدَاهُ، فَإِنْ نُقِلَتْ مِنْهُ إلَى بَيْتٍ آخَرَ مِنْهَا حَصَلَ الْقَبْضُ فِي الْجَمِيعِ، أَمَّا أَمْتِعَةُ الْمُشْتَرِي فَلَا تَضُرُّ، وَمَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ تَخْلِيَتُهُ لِلْمُشْتَرِي مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ حَيْثُ قَالَ لَوْ أَتَى الْمُصَنِّفُ بِالْبَاءِ فِي التَّخْلِيَةِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ كَانَ أَقْوَمَ إلَّا أَنْ يُفَسَّرَ الْقَبْضُ بِالْإِقْبَاضِ اهـ أَيْ لِأَنَّ الْقَبْضَ فِعْلُ الْمُشْتَرِي وَالتَّخْلِيَةَ فِعْلُ الْبَائِعِ فَلَوْلَا التَّأْوِيلُ الْمَذْكُورُ لَمَا صَحَّ الْحَمْلُ (فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْمُتَعَاقِدَانِ الْمَبِيعَ) الَّذِي بِيَدِ الْمُشْتَرِي أَمَانَةً كَانَ أَوْ ضَمَانًا عَقَارًا أَوْ مَنْقُولًا بِأَنْ غَابَ عَنْ مَحِلِّ الْعَقْدِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ حُضُورُهُمَا عِنْدَهُ (اُعْتُبِرَ) فِي صِحَّةِ قَبْضِهِ إذْنُ بَائِعَةِ فِيهِ حَيْثُ كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ وَ (مُضِيُّ زَمَنٍ يُمْكِنُ) فِيهِ (الْمُضِيُّ إلَيْهِ) فِي الْعَادَةِ مَعَ تَفْرِيغِهِ مِمَّا مَرَّ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْحُضُورَ إنَّمَا اُغْتُفِرَ لِلْمَشَقَّةِ وَلَا مَشَقَّةَ فِي اعْتِبَارِ مُضِيِّ ذَلِكَ. وَالثَّانِي لَا يُعْتَبَرُ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِاعْتِبَارِهِ مَعَ عَدَمِ الْحُضُورِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَبِيعَ إمَّا عَقَارٌ أَوْ مَنْقُولٌ غَائِبٌ بِيَدِ الْبَائِعِ فَلَا يَكْفِي مُضِيُّ زَمَنِ إمْكَانِ تَفْرِيغِهِ وَنَقْلِهِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَخْلِيَتِهِ وَنَقْلِهِ بِالْفِعْلِ حَيْثُ كَانَ مُشْتَغِلًا، وَأَمَّا مَبِيعٌ حَاضِرٌ مَنْقُولٌ أَوْ غَيْرُهُ وَلَا أَمْتِعَةَ فِيهِ لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي ـــــــــــــــــــــــــــــSالتَّفْرِيغُ مِنْهُ حَالًا لَا يَمْنَعُ وُجُودُهُ مِنْ الْقَبْضِ، وَلَوْ كَثُرَتْ الْأَمْتِعَةُ بِحَيْثُ تَعَذَّرَ تَفْرِيغُهَا حَالًا مَنَعْت الْقَبْضَ (قَوْلُهُ: وَبَعْضُ الْمَاعُونِ) وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ فِيمَا يَظْهَرُ، أَمَّا صَغِيرُ الْجُرْمِ كَبِيرُ الْقِيمَةِ كَجَوْهَرَةٍ فَيُمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الْقَبْضِ فِي الْمَحِلِّ الَّذِي يُعَدُّ حِفْظًا لَهُ كَخِزَانَةٍ مَثَلًا كَمَا شَمِلَهُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ شَرَحَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: حَصَلَ الْقَبْضُ فِيمَا عَدَاهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ الْأَمْتِعَةُ فِي جَانِبٍ مِنْ الْبَيْتِ وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ أُغْلِقَ عَلَيْهَا بَابُ الْبَيْتِ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي حُصُولُ الْقَبْضِ فِيمَا عَدَا الْمَوْضِعِ الْحَاوِي لِلْأَمْتِعَةِ عُرْفًا (قَوْلُهُ: أَمَّا أَمْتِعَةُ الْمُشْتَرِي) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَكَذَا أَمْتِعَةُ غَيْرِ الْمُشْتَرِي إلَخْ، وَالْمُرَادُ بِالْمُشْتَرِي مِنْ وَقَعَ لَهُ الشِّرَاءُ، فَبَقَاءُ أَمْتِعَةِ الْوَكِيلِ وَالْوَلِيِّ مَانِعٌ مِنْ صِحَّةِ الْقَبْضِ لِأَنَّهَا تَمْنَعُ مِنْ دُخُولِ الْمَبِيعِ فِي يَدِ مَنْ وَقَعَ لَهُ الشِّرَاءُ (قَوْلُهُ: وَمَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ) مِنْ قَوْلِهِ أَيْ إقْبَاضٌ إلَخْ (قَوْلُهُ فَلَوْلَا التَّأْوِيلُ الْمَذْكُورُ) هُوَ قَوْلُهُ أَيْ إقْبَاضُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْمُتَعَاقِدَانِ) شَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ لَمْ يَحْضُرْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَوْ حَضَرَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ، كَمَا لَوْ كَتَبَ أَحَدُهُمَا بِالْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ لِغَائِبٍ عِنْدَ الْمَبِيعِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ غَابَا مَعًا أَوْ الْمُشْتَرِي، أَمَّا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي حَاضِرًا عِنْدَ الْمَبِيعِ وَكَتَبَ لَهُ الْبَائِعُ بِالْبَيْعِ فَقَبِلَ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِمُضِيِّ الزَّمَنِ لِحُضُورِهِ عِنْدَهُ، وَلَكِنَّ قَضِيَّةَ إطْلَاقِهِمْ اعْتِبَارُ مُضِيِّ زَمَنِ إمْكَانِ حُضُورِ الْبَائِعِ فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ حَتَّى يُوجَدَ صَارِفٌ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: عَنْ مَحِلِّ الْعَقْدِ) أَيْ مَجْلِسِهِ وَإِنْ كَانَ بِالْبَلَدِ (قَوْلُهُ: حُضُورُهُمَا) أَيْ الْعَاقِدَيْنِ عِنْدَهُ: أَيْ الْمَبِيعَ (قَوْلُهُ: مِمَّا مَرَّ) أَيْ وَمَعَ نَقْلِ الْمَنْقُولِ أَيْضًا اهـ مَنْهَجٌ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي لَا يُعْتَبَرُ) وَيَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ صِحَّةُ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَمَا لَوْ تَلِفَ قَبْلَ إمْكَانِ الْوُصُولِ فَيَصِحُّ، وَيَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي عَلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ غَائِبٌ) قَيْدٌ فِي كُلٍّ مِنْ الْعَقَارِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ إقْبَاضُ ذَلِكَ، وَمَا صَنَعَهُ الشَّارِحُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَصِيرَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَقَبْضُ الْعَقَارِ بِلَا خَبَرٍ. (قَوْلُهُ: فِي قَوْلِهِ تَخْلِيَتُهُ لِلْمُشْتَرِي) صَوَابُهُ فِي قَوْلِهِ وَقَبْضُ الْعَقَارِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي قَرَّرَهُ بِقَوْلِهِ فَإِقْبَاضُ ذَلِكَ عَلَى مَا فِيهِ، أَوْ أَنَّ الْمَعْنَى: وَمَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي صِحَّةِ حَمْلِ قَوْلِهِ تَخْلِيَتُهُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ نُفَسِّرَ الْقَبْضَ بِالْإِقْبَاضِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ خُصُوصُ الْإِقْبَاضِ لَيْسَ شَرْطًا إلَّا إذَا كَانَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ، فَالتَّفْسِيرُ الْمَذْكُورُ لِصِحَّةِ الْحَمْلِ لَيْسَ غَيْرُ (قَوْلُهُ: إذْنُ بَائِعِهِ فِيهِ حَيْثُ كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُعْتَبَرٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ فِيهِ الْحَاضِرُ وَالْغَائِبُ (قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَبِيعَ) يَجِبُ حَذْفُ هَذِهِ الثَّلَاثِ كَلِمَاتٍ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى قَوْلِهِ أَمَّا عَقَارٌ إلَخْ، وَقِرَاءَةُ أَمَّا بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ كَذَلِكَ فِي التُّحْفَةِ إذْ هُمَا مَفْهُومَانِ لِمَا حُمِلَ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ مُسْتَقِلًّا) لَعَلَّهُ احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا كَانَ

وَهُوَ بِيَدِهِ فَيُعْتَبَرُ فِي قَبْضِهِ مُضِيُّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ النَّقْلُ أَوْ التَّخْلِيَةُ مَعَ إذْنِ الْبَائِعِ إنْ كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ، وَغَيْرُ يَدِ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ كَيَدِ الْمُشْتَرِي كَمَا ذَكَرَاهُ فِي الرَّهْنِ، وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ وَهُوَ أَنَّ يَدَ الْأَجْنَبِيِّ كَيَدِ الْبَائِعِ (وَقَبْضُ الْمَنْقُولِ) حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَهُ مِمَّا يُمْكِنُ تَنَاوُلُهُ بِالْيَدِ فِي الْعَادَةِ أَوْ لَا يُمْكِنُ كَسَفِينَةٍ يُمْكِنُ جَرُّهَا (تَحْوِيلُهُ) أَيْ تَحْوِيلُ الْمُشْتَرِي أَوْ نَائِبِهِ لَهُ مِنْ مَحِلِّهِ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ مَعَ تَفْرِيغِ السَّفِينَةِ الْمَشْحُونَةِ بِالْأَمْتِعَةِ الَّتِي لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي، وَمِثْلُهَا فِي ذَلِكَ كُلُّ مَنْقُولٍ لَا بُدَّ مِنْ تَفْرِيغِهِ مِمَّا يُعَدُّ ظَرْفًا فِي الْعَادَةِ، وَكَتَحْوِيلِ الْحَيَوَانِ أَمْرُهُ لَهُ بِالتَّحْوِيلِ فَلَا يَكْفِي رُكُوبُهَا وَاقِفَةً وَلَا اسْتِعْمَالُ الْعَبْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالْمَنْقُولِ (قَوْلُهُ وَهُوَ بِيَدِهِ) أَيْ حُكْمًا، أَمَّا لَوْ كَانَ بِيَدِهِ حَقِيقَةً لَمْ يُشْتَرَطْ مُضِيُّ زَمَنٍ بَلْ إذْنُ الْبَائِعِ إنْ كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ وَإِلَّا فَلَا اهـ مِنْهُ. وَمِثْلُهُ فِي حَاشِيَةِ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْهُ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: يَنْبَغِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ زَمَنٍ بَعْدَ الْعَقْدِ يُمْكِنُ فِيهِ تَنَاوُلُهُ وَرَفْعُهُ اهـ. أَقُولُ: وَهَذَا هُوَ قِيَاسُ اعْتِبَارِ مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْوُصُولُ وَالنَّقْلُ فِيمَا لَوْ كَانَ غَائِبًا وَهُوَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ التَّخْلِيَةُ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا التَّخْلِيَةُ حَقِيقَةً بَلْ تُحْمَلُ عَلَى إمْكَانِ التَّفْرِيغِ مِنْهُ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ قَوْلُهُ أَوْ التَّخْلِيَةُ لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهَا الِاسْتِيلَاءُ، وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِذِكْرِهَا لِأَنَّ الْعَقَارَ الْخَالِيَ مِنْ أَمْتِعَةِ غَيْرِ الْمُشْتَرِي قَبَضَهُ بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ مَعَ الْإِذْنِ إنْ كَانَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ تَفْرِيغٌ إذْ لَيْسَ فِيهِ مَا يُعْتَبَرُ تَفْرِيغُهُ، فَإِذَا كَانَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي لَمْ يُعْتَبَرْ فِي قَبْضِهِ وَرَاءَ إذْنِ الْبَائِعِ بِشَرْطِهِ غَيْرُ مُجَرَّدِ مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْوُصُولُ إلَيْهِ وَالِاسْتِيلَاءُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَسَفِينَةٍ) ع وَلَوْ كَانَتْ كَبِيرَةً وَهِيَ عَلَى الْبَرِّ اكْتَفَى بِالتَّخْلِيَةِ مَعَ التَّفْرِيغِ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ مَرَّ. وَقَالَ: إذَا كَانَتْ لَا تَنْجَرُّ بِالْجَرِّ فَهِيَ كَالْعَقَارِ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي الْبَرِّ أَوْ الْبَحْرِ، وَإِلَّا فَكَالْمَنْقُولِ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِكَوْنِهَا تَنْجَرُّ بِجَرِّهِ وَلَوْ بِمُعَاوَنَةِ غَيْرِهِ عَلَى الْعَادَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ تَنْجَرُّ بِجَرِّهِ وَحْدَهُ بِدَلِيلِ أَنَّ الْحِمْلَ الثَّقِيلَ الَّذِي لَا يَقْدِرُ وَحْدَهُ عَلَى نَقْلِهِ وَيَحْتَاجُ إلَيَّ مُعَاوَنَةِ غَيْرِهِ فِيهِ مِنْ الْمَنْقُولِ الَّذِي يَتَوَقَّفُ قَبْضُهُ عَلَى نَقْلِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنَّهُ يَنْجَرُّ بِجَرِّهِ مَعَ الْخَلْقِ الْكَثِيرِ وَإِلَّا فَكُلُّ سَفِينَةٍ يُمْكِنُ جَرُّهَا بِجَمْعِ الْخَلْقِ الْكَثِيرِ لَهَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَهُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ: تَحْوِيلُهُ) أَيْ وَلَوْ تَبَعًا لِتَحْوِيلِ مَنْقُولٍ آخَرَ هُوَ بَعْضُ الْمَبِيعِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا وَثَوْبًا هُوَ حَامِلُهُ، فَإِذَا أَمَرَهُ بِالِانْتِقَالِ بِالثَّوْبِ حَصَلَ قَبْضُهُمَا فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى حَجّ. وَقَضِيَّةُ اعْتِبَارِ كَوْنِ الْمَتْبُوعِ بَعْضَ الْمَبِيعِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي قَبْضِ الثِّيَابِ الْمُشْتَرَاةِ كَوْنُ الْعَبْدِ تَحَوَّلَ بِهَا إلَى مَكَان آخَرَ، وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى سَفِينَةً وَمَا فِيهَا مِنْ الْأَمْتِعَةِ أَنَّهُ يَكْفِي تَحْوِيلُ السَّفِينَةِ مِنْ مَكَان إلَى آخَرَ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ وَخَرَجَ بِهِ تَحَوُّلُهُ نَفْسُهُ فَلَا يَكْفِي وَإِنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ، وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ فَلَوْ تَحَوَّلَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ وَضَعَ الْمُشْتَرِي يَدَهُ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ كَافِيًا كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالتَّحْوِيلِ دُونَ التَّحَوُّلِ اهـ بِالْمَعْنَى. [فَرْعٌ] حَمَلَ الْمَنْقُولَ وَمَشَى بِهِ إلَى مَكَانِ آخَرَ هَلْ يَحْصُلُ الْقَبْضُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ وَضْعِهِ؟ مَالَ مَرَّ إلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ أَنَّهُ نَقَلَهُ إلَّا بَعْدَ وَضْعِهِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ مِمَّا يُعَدُّ ظَرْفًا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَفْرِيغُ الدَّابَّةِ مِمَّا عَلَى ظَهْرِهَا، وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ وَنَظَرَ فِيهِ عَمِيرَةُ، وَمِمَّا يُعَدُّ ظَرْفًا الصُّنْدُوقُ فَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ قَبْضِهِ إذَا بِيعَ مُنْفَرِدًا أَمَّا لَوْ بِيعَ مَعَ مَا فِيهِ كَفَى فِي قَبْضِهِمَا تَحْوِيلُ الصُّنْدُوقِ (قَوْلُهُ: فِي الْعَادَةِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ مَا لَوْ بَاعَ الشَّجَرَةَ دُونَ الثَّمَرَةِ فَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْقَبْضِ تَفْرِيغُ الشَّجَرَةِ مِنْ الثَّمَرَةِ لِأَنَّهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ظَرْفًا حَقِيقِيًّا لَهَا لَكِنَّهَا أَشْبَهَتْ الظُّرُوفَ لِأَنَّ وُجُودَ الثَّمَرَةِ عَلَى الشَّجَرَةِ مَانِعٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهَا (قَوْلُهُ: أَمْرُهُ لَهُ بِالتَّحْوِيلِ) أَيْ حَيْثُ امْتَثَلَ أَمْرَهُ وَتَحَوَّلَ بِالْفِعْلِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَنْقُولُ غَيْرَ مُسْتَقِلٍّ كَالْفَوْقَانِيِّ مِنْ حَجَرَيْ الرَّحَا أَيْ: فَلَا يُشْتَرَطُ نَقْلُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ التَّخْلِيَةُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ تَقْدِيرُ إمْكَانِ التَّخْلِيَةِ لَوْ فَرَضْنَاهُ بِيَدِ الْبَائِعِ وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِمُضِيِّ إمْكَانِ التَّخْلِيَةِ مَعَ أَنَّهُ مَخْلِيٌّ بِالْفِعْلِ.

[قبض المنقول حيوانا أو غيره مما يمكن تناوله باليد]

كَذَلِكَ وَلَا وَطْءُ الْجَارِيَةِ، وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ: لَوْ رَكِبَ الْمُشْتَرِي الدَّابَّةَ أَوْ جَلَسَ عَلَى الْفِرَاشِ حَصَلَ الضَّمَانُ ثُمَّ إنْ كَانَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْهُ وَإِلَّا فَلَا مُسَلَّمَ فِي الضَّمَانِ غَيْرَ مُسَلَّمٍ فِي التَّصَرُّفِ لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يُحَوِّلُوهُ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَقْبُوضُ مَرْئِيًّا لِلْقَابِضِ كَمَا فِي الْبَيْعِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَاعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ، وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ، وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْحَاضِرِ دُونَ الْغَائِبِ لِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ فِيهِ مَا لَا يُتَسَامَحُ فِي الْحَاضِرِ، وَهُوَ الِاكْتِفَاءُ فِي الثَّمَرَةِ وَالزَّرْعِ فِي الْأَرْضِ بِالتَّخْلِيَةِ فَيُسْتَثْنَى ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِ هُنَا وَأَنَّ إتْلَافَ الْمُشْتَرِي قَبْضٌ وَإِنْ لَمْ يَجْرِ نَقْلٌ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ كَالْمَاوَرْدِيِّ: وَالْقِسْمَةُ وَإِنْ جُعِلَتْ بَيْعًا لَا يُحْتَاجُ فِيهَا إلَى تَحْوِيلِ الْمَقْسُومِ، إذْ لَا ضَمَانَ فِيهَا حَتَّى يَسْقُطَ بِالْقَبْضِ، وَلَوْ بَاعَ حِصَّتَهُ مِنْ مُشْتَرَكٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ إذْنٌ فِي قَبْضِهِ إلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَإِلَّا فَالْحَاكِمُ، فَإِنْ أَقْبَضَهُ الْبَائِعُ صَارَ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ وَالْقَرَارُ فِيمَا يَظْهَرُ عَلَى الْمُشْتَرِي عَالِمًا ـــــــــــــــــــــــــــــSأَمَّا لَوْ أَمَرَهُ بِهِ وَلَمْ يَتَحَوَّلْ فَلَا يَكُونُ قَبْضًا، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ تَحَوَّلَ لِجِهَةٍ غَيْرِ الْجِهَةِ الَّتِي أَمَرَهُ بِهَا (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ وَاقِفًا (قَوْلُهُ: مُسَلَّمٌ فِي الضَّمَانِ) وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ قَبَضَ الْمُقَدَّرَ جُزَافًا مِنْ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ ضَمَانَ عَقْدٍ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ لِحُصُولِ الْإِذْنِ فِي قَبْضِهِ (قَوْلُهُ: مَرْئِيًّا لِلْقَابِضِ) أَيْ وَقْتَ الْقَبْضِ أَيْضًا كَوَقْتِ الشِّرَاءِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ اشْتَرَاهُ وَكِيلٌ سَبَقَتْ رُؤْيَتُهُ لَهُ دُونَ الْمُوَكِّلِ صَحَّ عَقْدُهُ، وَلَوْ قَبَضَهُ الْمُوَكَّلُ مَعَ غَيْبَةِ الْمَبِيعِ اكْتَفَى بِتَخْلِيَةِ الْبَائِعِ لَهُ وَتَمْكِينِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَرَهُ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُوَكَّلِ حِينَئِذٍ الْإِبْصَارُ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ رُؤْيَةِ مَا يَقْبِضُهُ، هَذَا وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّارِحِ اعْتِمَادُ التَّعْمِيمِ حَيْثُ جَعَلَهُ ظَاهِرَ النَّصِّ وَجَعَلَ الْحَمْلَ مُقَابِلَهُ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِاعْتِمَادِ الْحَمْلِ. فَإِنْ قُلْت: الْأَعْمَى يَصِحُّ السَّلَمُ مِنْهُ وَيُوَكِّلُ مَنْ يَقْبِضُ لَهُ أَوْ يَقْبِضُ عَنْهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْمُسَلَّمِ فِيهِ بَيْنِ كَوْنِهِ حَاضِرًا وَقْتَ الْقَبْضِ أَوْ غَائِبًا. قُلْت: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْقَبْضُ مَعَ الْغَيْبَةِ لِأَنَّ عَقْدَ السَّلَمِ وَرَدَ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ وَمَا فِيهَا لَيْسَ مُتَعَيِّنًا فِي عَيْنٍ مِنْ الْأَعْيَانِ حَتَّى لَوْ وَكَّلَ مَنْ يُعِينُهُ لَا يَتَعَيَّنُ كَوْنُهُ عَنْ الْمُسَلَّمِ فِيهِ بِمُجَرَّدِ التَّعْيِينِ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ ذَلِكَ بِقَبْضِهِ فَشَرْطٌ لِصِحَّتِهِ تَوْكِيلٌ وَمَنْ لَازَمَهُ الرُّؤْيَةُ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مُتَعَيِّنٌ لِوُرُودِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ، ثُمَّ مَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّ الْمُسَلَّمَ فِيهِ لَا يَتَأَتَّى قَبْضُهُ فِي الْغَيْبَةِ ظَاهِرٌ فِي الْأَعْمَى لِأَنَّهُ لَا يَعْقِدُ إلَّا عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ، وَعَلَيْهِ لَوْ أَسْلَمَ الْبَصِيرُ مُعَيِّنًا لِمَنْ هُوَ فِي يَدِهِ اكْتَفَى فِي قَبْضِهِ بِمُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْوُصُولُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ عَدَمِ الْفَرْقِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالرُّؤْيَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْغَائِبِ أَنْ يَكُونَ مُسْتَحْضِرًا لِأَوْصَافِهِ الَّتِي رَآهُ بِهَا قَبْلَ ذَلِكَ، سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْعَاقِدَ أَوْ غَيْرَهُ كَأَنْ وَكَّلَ مَنْ اشْتَرَاهُ وَتَوَلَّى هُوَ قَبْضَهُ فَلَا بُدَّ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ غَائِبًا مِنْ كَوْنِهِ رَآهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَا يَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ) هُوَ حَجّ (قَوْلُهُ: وَالْقِسْمَةُ) أَيْ قِسْمَةُ الْإِفْرَازِ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَوْرُوثٌ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ: قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَلَهُ بَيْعُ مَقْسُومٍ قِسْمَةَ إفْرَازٍ قَبْلَ قَبْضِهِ، بِخِلَافِ قِسْمَةِ الْبَيْعِ: أَيْ بِأَنْ كَانَتْ قِسْمَةَ تَعْدِيلٍ أَوْ رَدٍّ لَيْسَ لَهُ بَيْعُ مَا صَارَ لَهُ فِيهَا مِنْ نَصِيبِ صَاحِبِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ اهـ (قَوْلُهُ حَتَّى يَسْقُطَ بِالْقَبْضِ) قَالَ حَجّ: وَفِيهِ نَظَرٌ مَأْخَذُهُ مَا مَرَّ أَنَّ عِلَّةَ مَنْعِ التَّصَرُّفِ قَبْلَ الْقَبْضِ ضَعْفُ الْمِلْكِ لَا تَوَالِي ضَمَانَيْنِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: مِنْ مُشْتَرَكٍ) أَيْ عَقَارًا كَانَ أَوْ مَنْقُولًا عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ إطْلَاقُهُ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ سم عَنْهُ مَا يُخَالِفُهُ، وَهُوَ أَقْرَبُ. وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمَنْقُولَ بِتَسْلِيمِهِ لِلْمُشْتَرِي يَخْشَى ضَيَاعَهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ لَهُ إذْنٌ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ الْقَبْضُ صَحِيحٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ وَعِبَارَتُهُ عَلَى مَنْهَجٍ. [فَرْعٌ] اشْتَرَى حِصَّةَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ عَقَارٍ شَائِعٍ بَيْنَهُمَا يَتَّجِهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْقَبْضِ إذْنُ شَرِيكُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [قَبْضُ الْمَنْقُولِ حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَهُ مِمَّا يُمْكِنُ تَنَاوُلُهُ بِالْيَدِ] قَوْلُهُ: إذْ لَا ضَمَانَ فِيهَا إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ؛ إذْ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ رَفْعِ الضَّمَانِ وَصِحَّةِ التَّصَرُّفِ، ثُمَّ رَأَيْتُ الشِّهَابَ حَجّ

[جرى البيع في أي مكان كان وأريد القبض والمبيع]

بِالْحَالِ أَوْ جَاهِلًا لِحُصُولِ التَّلَفِ عِنْدَهُ وَإِنْ خَصَّ بَعْضُهُمْ ضَمَانَ الْبَائِعِ بِحَالَةِ الْجَهْلِ لِأَنَّ يَدَ الْمُشْتَرِي فِي أَصْلِهَا يَدُ ضَمَانٍ فَلَمْ يُؤَثِّرْ الْجَهْلُ فِيهَا، وَلَوْ اشْتَرَى الْأَمْتِعَةَ مَعَ الدَّارِ صَفْقَةً اشْتَرَطَ فِي قَبْضِهَا نَقْلَهَا كَمَا لَوْ أُفْرِدَتْ، وَلَوْ اشْتَرَى صُبْرَةً ثُمَّ اشْتَرَى مَكَانَهَا لَمْ يَكْفِ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ كَمَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا فِي دَارِهِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نَقْلِهِ وَمَا فُرِّقَ بِهِ بَيْنَهُمَا غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ (فَإِنْ جَرَى الْبَيْعُ) فِي أَيِّ مَكَان كَانَ وَأُرِيدَ الْقَبْضُ وَالْمَبِيعُ (بِمَوْضِعٍ لَا يَخْتَصُّ بِالْبَائِعِ) يَعْنِي لَا يَتَوَقَّفُ حِلُّ الِانْتِفَاعِ بِهِ عَلَى إذْنٍ كَمَسْجِدٍ وَشَارِعٍ وَمَوَاتٍ وَمِلْكِ مُشْتَرٍ أَوْ غَيْرِهِ وَقَدْ ظَنَّ رِضَاهُ (كَفَى) فِي قَبْضِهِ (نَقْلُهُ إلَى حَيِّزٍ) مِنْهُ لِوُجُودِ التَّحْوِيلِ مِنْ غَيْرِ تَعَذُّرٍ، وَقَوْلُهُ لَا يَخْتَصُّ بِالْبَائِعِ قَيْدٌ فِي الْمَنْقُولِ إلَيْهِ لَا مِنْهُ، فَلَوْ كَانَ بِمَحِلٍّ يَخْتَصُّ بِهِ فَنَقَلَهُ لِمَا لَا يَخْتَصُّ بِهِ كَفَى، وَدُخُولُ الْبَاءِ عَلَى الْمَقْصُورِ عَلَيْهِ لُغَةٌ صَحِيحَةٌ وَإِنْ كَانَ الْأَكْثَرُ دُخُولُهَا عَلَى الْمَقْصُورِ (وَإِنْ) (جَرَى) الْبَيْعُ ثُمَّ أُرِيدَ الْقَبْضُ وَالْمَبِيعُ (فِي دَارِ الْبَائِعِ) يَعْنِي فِي مَحِلٍّ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَلَوْ بِنَحْوِ إجَارَةٍ وَعَارِيَّةٍ وَوَصِيَّةٍ وَوَقْفٍ (لَمْ يَكْفِ ذَلِكَ) النَّقْلُ فِي قَبْضِهِ (إلَّا بِإِذْنِ الْبَائِعِ) فِيهِ لِأَنَّ يَدَ الْبَائِعِ عَلَيْهَا وَعَلَى مَا فِيهَا تَبَعًا. نَعَمْ لَوْ كَانَ يُتَنَاوَلُ بِالْيَدِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْبَائِعِ بَلْ يَكْفِي إذْنُ الْبَائِعِ مَعَ التَّفْرِيغِ مِنْ مَتَاعِ غَيْرِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْيَدَ عَلَى الْعَقَارِ حُكْمِيَّةٌ فَلَا ضَرَرَ فِيهَا عَلَى الشَّرِيكِ بِخِلَافِ الْمَنْقُولِ وِفَاقًا فِي ذَلِكَ ل مَرَّ بَحْثًا اهـ. أَقُولُ: وَعَلَيْهِ فَيُشْتَرَطُ فِي الْمَنْقُولِ لِصِحَّةِ قَبْضِهِ إذْنُ الشَّرِيكِ، فَلَوْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ بِلَا إذْنٍ مِنْ الشَّرِيكِ لَمْ يَصِحَّ الْقَبْضُ، فَلَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ وَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ، وَفِي سم عَلَى حَجّ أَيْضًا مَا نَصُّهُ: وَمَعَ ذَلِكَ: أَيْ عَدَمِ جَوَازِ إذْنِ الْبَائِعِ إلَّا بِإِذْنِ الشَّرِيكِ الْقَبْضَ صَحِيحٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ مَرَّ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الشَّرْحِ هُنَا بِخِلَافِ كَلَامِهِ فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: اُشْتُرِطَ فِي قَبْضِهَا) أَيْ الْأَمْتِعَةِ نَقْلُهَا يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ اشْتَرَى دَارًا بِهَا بِئْرُ مَاءٍ فَإِنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ قَبْضُ الْمَاءِ عَلَى نَقْلِهِ لِكَوْنِهِ يُعَدُّ تَابِعًا بِالْإِضَافَةِ إلَى الْمَقْصُودِ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى مَنْهَجٍ صَرَّحَ بِذَلِكَ نَقْلًا عَنْ مَرَّ: أَيْ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا مَعَ ثَوْبٍ هُوَ حَامِلُهُ أَوْ صُنْدُوقًا مَعَ مَا فِيهِ حَيْثُ اكْتَفَى فِي قَبْضِهِمَا بِتَحْوِيلِ الْعَبْدِ وَنَقْلِ الصُّنْدُوقِ فَإِنَّ كِلَا الْمَبِيعَيْنِ هُنَاكَ مَنْقُولٌ فَاكْتَفَى فِي قَبْضِهِمَا بِنَقْلِهِمَا مَعًا بِخِلَافِ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: لَمْ يَكْفِ) أَيْ عَنْ نَقْلِ الصُّبْرَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ النَّقْلِ وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَى نَقْلِهَا فَسَادُهَا كَمَخْزَنٍ مَلْآنَ زَيْتُونًا وَتَرَتَّبَ عَلَى نَقْلِ الزَّيْتُونِ فَسَادُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ نَقْلِهِ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ قَبْضِ الْمَكَانِ تَفْرِيغُهُ مِنْ الصُّبْرَةِ لِكَوْنِهَا فِي يَدِ الْبَائِعِ وَضَمَانِهِ وَإِنْ كَانَتْ مِلْكًا لِلْمُشْتَرِي أَوَّلًا لَصَدَقَ مَتَاعُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا وَهُوَ لَا يَشْتَرِطُ التَّفْرِيغَ مِنْهُ كَمَا سَبَقَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَقَدْ ظَنَّ رِضَاهُ) لَيْسَ بِقَيْدٍ لِمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ فَقَدْ أَفْتَى إلَخْ، أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: قَيْدٌ فِي الْمَنْقُولِ إلَيْهِ لَا مِنْهُ) إنْ أَرَادَ حَمْلَ الْمَتْنِ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ تَكَلُّفٌ تَامٌّ وَمُخَالِفٌ لِزِيَادَةِ قَوْلِهِ وَالْمَبِيعُ أَوْ بَيَانُ الْحُكْمِ فِي نَفْسِهِ فَلَا إشْكَالَ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَالْمَبِيعُ فِي دَارِ الْبَائِعِ) دَخَلَ فِيهِ مَا لَوْ كَانَتْ الدَّارُ لِلْبَائِعِ وَلَكِنَّهَا مَغْصُوبَةٌ مِنْهُ تَحْتَ يَدِ الْمُشْتَرِي، وَعَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْبَائِعِ فِي نَقْلِ الْمَبِيعِ إلَى مَوْضِعٍ مِنْهَا، وَقَدْ يُقَالُ: لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِهِ لِأَنَّ يَدَ الْغَاصِبِ لَمْ تَزُلْ عَنْهَا فَلَا تُعَدُّ يَدُ الْبَائِعِ عَلَيْهَا مِنْ حَيْثُ الْمِلْكِ مَانِعَةً مِنْ دُخُولِ الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ) أَيْ دُونَ الْمُشْتَرِي فَلَا يَرِدُ الْمَوَاتُ وَنَحْوُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQنَظَرَ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ خَصَّ بَعْضُهُمْ إلَخْ) صَوَابُهُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الشِّهَابُ حَجّ خِلَافًا لِمَنْ خَصَّ الضَّمَانَ بِالْبَائِعِ فِي حَالَةِ الْجَهْلِ؛ لِأَنَّ يَدَ الْمُشْتَرِي إلَخْ [جَرَى الْبَيْعُ فِي أَيِّ مَكَان كَانَ وَأُرِيدَ الْقَبْضُ وَالْمَبِيعُ] (قَوْلُهُ: وَقَدْ ظَنَّ رِضَاهُ) وَكَذَا إنْ لَمْ يَظُنَّهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ: قَيْدٌ فِي الْمَنْقُولُ إلَيْهِ) قَالَ الشِّهَابُ سم عَلَى التُّحْفَةِ: إنْ أَرَادَ حَمْلَ الْمَتْنِ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ تَكَلُّفٌ تَامٌّ وَمُخَالِفٌ لِزِيَادَةِ قَوْلِهِ وَالْمَبِيعُ أَوْ بَيَانَ الْحُكْمِ فِي نَفْسِهِ فَلَا إشْكَالَ . (قَوْلُهُ: فِي مَحَلٍّ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ) شَمِلَ نَحْوَ الشَّارِعِ وَلَيْسَ مُرَادًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ

عَادَةً فَتَنَاوَلَهُ ثُمَّ أَعَادَهُ كَفَى، لِأَنَّ قَبْضَ هَذَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نَقْلٍ آخَرَ فَاسْتَوَتْ فِيهِ الْأَحْوَالُ كُلُّهَا (فَيَكُونُ) مَعَ حُصُولِ الْقَبْضِ (مُعِيرًا لِلْبُقْعَةِ) الَّتِي أَذِنَ فِي النَّقْلِ إلَيْهَا كَمَا لَوْ اسْتَعَارَهَا مِنْ غَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ لَمْ يَكْفِ مَحِلُّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى التَّصَرُّفِ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى حُصُولِ الضَّمَانِ فَإِنَّهُ يَكُونُ كَافِيًا لِاسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي مُجَرَّدِ التَّحْوِيلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، هَذَا كُلُّهُ فِي مَنْقُولٍ بِيعَ بِلَا تَقْدِيرٍ، فَإِنْ بِيعَ بِتَقْدِيرٍ فَسَيَأْتِي، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ مِنْ كَوْنِهِ مُعِيرًا لِلْبُقْعَةِ بِالْإِذْنِ وَإِنْ كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ بِعَارِيَّةٍ مَعَ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَا يُعِيرُ لِمَا يَأْتِي أَنَّ لَهُ إقَامَةَ مَنْ يَسْتَوْفِي لَهُ الْمَنْفَعَةَ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ رَاجِعٌ إلَيْهِ، وَمَا هُنَا مِنْ هَذَا إذْ النَّقْلُ لِلْقَبْضِ انْتِفَاعٌ يَعُودُ لِلْبَائِعِ بِبَرَاءَتِهِ عَنْ الضَّمَانِ فَيَكْفِي إذْنُهُ فِيهِ وَلَمْ يَكُنْ مَحْضَ إعَارَةٍ حَتَّى يَمْتَنِعَ، وَحِينَئِذٍ فَتَسْمِيَتُهُ فِي هَذِهِ مُعِيرًا بِاعْتِبَارِ الصُّورَةِ لَا الْحَقِيقَةِ، وَلَوْ جَرَى وَالْمَبِيعُ فِي دَارِ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يَظُنَّ رِضَاهُ اشْتَرَطَ إذْنَهُ أَيْضًا كَذَا قِيلَ، وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ فَقَدْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِالِاكْتِفَاءِ بِنَقْلِهِ فِي الْمَغْصُوبِ، بِخِلَافِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْبَائِعِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ الْمُشْتَرَى فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ لِأَنَّ لَهُ يَدًا عَلَيْهِ وَعَلَى مَا فِيهِ فَتُسْتَصْحَبُ لِتَرَجُّحِهَا بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَبْضِ وَلِأَنَّ الْعُرْفَ لَا يَعُدُّهُ قَبْضًا، وَقَدْ صَرَّحَ بِشُمُولِ الْمَكَانِ الْمَغْصُوبِ الْإِسْنَوِيُّ وَوَضْعُ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ بَيْنَ يَدَيْ الْمُشْتَرِي بِقَيْدِهِ الْمَارِّ أَوَّلَ الْبَابِ قَبْضٌ وَإِنْ نَهَاهُ. نَعَمْ لَوْ خَرَجَ مُسْتَحِقًّا لَمْ يَضْمَنْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَضَعْ يَدَهُ عَلَيْهِ، وَضَمَانُ الْيَدِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ حَقِيقَةِ وَضْعِهَا، وَقَبْضُ الْجُزْءِ الشَّائِعِ بِقَبْضِ الْجَمِيعِ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَكِنَّهُ يَخْرُجُ مَا لَوْ كَانَتْ الدَّارُ مَغْصُوبَةً بِيَدِ الْبَائِعِ فَلَا يَتَوَقَّفُ النَّقْلُ فِيهَا عَلَى إذْنِ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ لَا يَدَ لَهُ عَلَى الْمَكَانِ فَنَقْلُ الْمُشْتَرِي لَهُ فِيهِ بِلَا إذْنٍ كَنَقْلِهِ إلَى مَغْصُوبٍ بِيَدِ آخَرَ وَهُوَ كَافٍ (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَعَادَهُ) مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُعِدْهُ (قَوْلُهُ: مُعِيرًا لِلْبُقْعَةِ) قَالَ حَجّ: قَالَ الْقَاضِي وَتَبِعُوهُ وَكَنَقْلِهِ بِإِذْنِهِ نَقْلُهُ إلَى مَتَاعٍ مَمْلُوكٍ لَهُ أَوْ مُعَارٌ فِي حَيِّزٍ يَخْتَصُّ الْبَائِعُ بِهِ، وَمَحِلُّهُ أَنَّ وَضْعَ ذَلِكَ الْمَمْلُوكِ أَوْ الْمُعَارِ فِي ذَلِكَ الْحَيِّزِ بِإِذْنِ الْبَائِعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ. أَقُولُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ خِلَافُهُ، سِيَّمَا وَقَدْ قَالَ: وَيُمْكِنُ دُخُولُهُ أَيْ الْمَتَاعُ فِي قَوْلِهِ مَا لَا يَخْتَصُّ بَائِعٌ بِهِ لِصِدْقِهِ بِالْمَتَاعِ وَهُوَ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ أَذِنَ فِي وَضْعِ الْمَتَاعِ فِي الْمَكَانِ كَأَنْ وَضَعَ الْمَتَاعَ فِيهِ فِي الْحَقِيقَةِ بِإِذْنِ الْبَائِعِ فَلَا يَحْسُنُ قَوْلُهُ وَكَنَقْلِهِ بِإِذْنِهِ نَقْلُهُ إلَى مَتَاعٍ مَمْلُوكٍ لَهُ أَوْ مُعَارٍ إلَخْ (قَوْلُهُ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى حُصُولِ الضَّمَانِ) أَيْ ضَمَانُ يَدٍ فَإِنْ تَلِفَ انْفَسَخَ الْعَقْدُ وَسَقَطَ الثَّمَنُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا) أَيْ فَلَا يَكْفِي (قَوْلُهُ: لَوْ أَذِنَ لَهُ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: وَيَنْبَغِي أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ إذَا لَمْ يَحْصُلْ إذْنٌ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) نَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ التَّقْيِيدَ بِمَا إذَا كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ وَوَجْهُهُ، ثُمَّ قَالَ: لَكِنْ فِي تَخْيِيلِي أَنَّ مَرَّ نَقَلَ عَنْ وَالِدِهِ وَاعْتَمَدَهُ خِلَافَ هَذَا الْقَيْدِ: أَيْ فَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ الْإِذْنِ فِي النَّقْلِ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ أَوْ لَا اهـ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ) أَيْ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ الصُّورَةِ) قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهَا لَوْ تَلِفَتْ الْبُقْعَةُ تَحْتَ يَدِ الْمُشْتَرِي لَمْ يَضْمَنْ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ نَائِبٌ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ عَنْ الْمُسْتَعِيرِ (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ) أَيْ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِ شَرِيكِهِ (قَوْلُهُ: بِقَيْدِهِ الْمَارِّ) وَهُوَ كَوْنُهُ بِحَيْثُ يُمْكِنُ تَنَاوُلُهُ بِالْيَدِ وَعَلِمَ بِهِ وَلَا مَانِعَ (قَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي وَإِنْ أَمَرَهُ بِوَضْعِهِ. (قَوْلُهُ: وَقَبْضُ الْجُزْءِ الشَّائِعِ) خَرَجَ بِهِ الْمُعَيَّنُ فَلَا يَصِحُّ قَبْضُهُ إلَّا بِقَطْعِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ تَنْقُصُ قِيمَتُهُ بِقَطْعِهِ أَمْ لَا، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْمُعَيَّنَ لَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْعَقْدِ عَلَيْهِ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَحْدَهُ اُشْتُرِطَ لِصِحَّةِ قَبْضِهِ قَطْعُهُ لِيَحْصُلَ الْمَقْصُودُ بِهِ، بِخِلَافِ الشَّائِعِ فَإِنَّهُ لَا يَتَأَتَّى الِانْتِفَاعُ بِهِ وَحْدَهُ وَإِنَّمَا يَكُونُ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالِانْتِفَاعِ أَخَصُّ مِنْ مُجَرَّدِ الِارْتِفَاقِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بِنَحْوِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نَقْلِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نَقْلٍ لِمَحَلٍّ آخَرَ فَاسْتَوَتْ فِيهِ الْمَحَالُّ كُلُّهَا انْتَهَتْ: أَيْ فَلَا يُشْرَطُ نَقْلُهُ عَنْ مَحَلِّ الْبَائِعِ. (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَا يُعِيرُ)

وَالزَّائِدَةُ أَمَانَةٌ. [فَرْعٌ] زَادَ التَّرْجَمَةَ بِهِ (لِلْمُشْتَرِي قَبْضُ الْمَبِيعِ) اسْتِقْلَالًا (إنْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا) وَإِنْ حَلَّ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ عَلَى الْأَصَحِّ إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْحَبْسِ (أَوْ) كَانَ حَالًّا كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ و (سَلَّمَهُ) أَيْ الْحَالَّ وَيَقُومُ مَقَامَ تَسْلِيمُهُ عِوَضَهُ إنْ اسْتَبْدَلَ عَنْهُ أَوْ صَالَحَ مِنْهُ عَلَى دَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ فِيمَا يَظْهَرُ وَلَوْ بِإِحَالَتِهِ الْمُسْتَحَقَّ لَهُ بِشَرْطِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ فِي مَسْأَلَةِ الْحَوَالَةِ لِانْتِفَاءِ حَقِّ الْبَائِعِ فِي الْحَبْسِ حِينَئِذٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ حَالًّا مِنْ الِابْتِدَاءِ وَلَمْ يُسَلِّمْ جَمِيعَهُ لِمُسْتَحِقِّهِ (فَلَا يَسْتَقِلُّ بِهِ) بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْبَائِعِ لِبَقَاءِ حَقِّ حَبْسِهِ، فَإِنْ اسْتَقَلَّ رَدَّهُ وَلَمْ يَنْفُذْ تَصَرُّفُهُ فِيهِ. نَعَمْ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ فَيُطَالِبُ بِهِ لَوْ خَرَجَ مُسْتَحِقًّا وَيَعْصِي بِذَلِكَ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ هُنَا: إنَّهُ لَوْ تَعَيَّبَ لَمْ يَثْبُتْ الرَّدُّ عَلَى الْبَائِعِ أَوْ اسْتَرَدَّ فَتَلِفَ ضَمِنَ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالضَّمَانِ ضَمَانُ الْعَقْدِ، وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ ضَمَانُ الْيَدِ، وَلَوْ أَتْلَفَهُ الْبَائِعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَوْجَهُهُمَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ الِانْفِسَاخُ (وَلَوْ بِيعَ الشَّيْءُ تَقْدِيرًا كَثَوْبٍ وَأَرْضٍ ذَرْعًا) بِالْمُعْجَمَةِ (وَحِنْطَةٍ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا) ـــــــــــــــــــــــــــــSبِجُمْلَةِ مَا هُوَ جُزْءٌ مِنْهُ فَجَعَلَ قَبْضَهُ بِقَبْضِ الْجَمِيعِ، لَكِنْ فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوَّلُ الْمَبِيعِ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ جُزْءٍ مُعَيَّنٍ تَنْقُصُ بِفَصْلِهِ قِيمَتُهُ أَوْ قِيمَةُ الْبَاقِي مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ مَا الْمَانِعُ مِنْ حُصُولِ قَبْضِ الْجُزْءِ الْمُعَيَّنِ بِقَبْضِ الْجُمْلَةِ فَلَا يَتَوَقَّفُ قَبْضُ الْجُزْءِ عَلَى قَطْعِهِ (قَوْلُهُ وَالزَّائِدُ أَمَانَةٌ) أَيْ إذَا قَبَضَهَا لِنَقْلِ يَدِ الْبَائِعِ عَنْهَا فَقَطْ، أَمَّا إنْ قَبَضَهَا لِيَنْتَفِعَ بِهَا بِإِذْنٍ مِنْ الشَّرِيكِ وَجَعَلَ عَلْفَهَا فِي مُقَابَلَةِ الِانْتِفَاعِ بِهَا فَإِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ، فَإِنْ تَلِفَتْ بِلَا تَقْصِيرٍ لَمْ تُضْمَنْ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الِانْتِفَاعِ بِهَا لَا فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ فَعَارِيَّةٌ، وَإِنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا بِلَا إذْنٍ فَغَاصِبٌ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ (قَوْلُهُ: زَادَ التَّرْجَمَةَ) وَلَعَلَّ حِكْمَةَ الزِّيَادَةِ فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ التَّنْبِيهُ عَلَى ابْتِنَائِهِ عَلَى مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: اسْتِقْلَالًا) بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ صِحَّةُ قَبْضِهِ عَلَى تَسْلِيمِ الْبَائِعِ وَلَا إذْنِهِ فِي الْقَبْضِ، وَلَكِنْ لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ فِي دَارِ الْبَائِعِ أَوْ غَيْرِهِ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الدُّخُولُ لَأَخْذِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ فِي الدُّخُولِ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْفِتْنَةِ وَهَتْكِ مِلْكِ الْغَيْرِ بِالدُّخُولِ بِلَا ضَرُورَةٍ، فَلَوْ امْتَنَعَ صَاحِبُ الدَّارِ مِنْ تَمْكِينِهِ مِنْ الدُّخُولِ جَازَ لَهُ الدُّخُولُ لِأَخْذِ حَقِّهِ لِأَنَّ صَاحِبَ الدَّارِ بِامْتِنَاعِهِ مِنْ التَّسْلِيمِ يَصِيرُ كَالْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) ظَاهِرُهُ رُجُوعُهُ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ اسْتَبْدَلَ أَوْ صَالَحَ، وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ إنْ اسْتَبْدَلَ عَنْهُ وَكَذَا لَوْ صَالَحَ مِنْهُ عَلَى دَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ عَلَى الْأَوْجَهِ وَهِيَ تُفِيدُ أَنَّ مَا قَبْلَ كَذَا مَنْقُولُ هَذَا، وَصَرِيحُ قَوْلِهِ وَيَقُومُ مَقَامَ تَسْلِيمِهِ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ تَعَوَّضَ عَنْ الثَّمَنِ عَيْنًا عَنْ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يُسَلِّمْهَا لِلْبَائِعِ لَمْ يَجُزْ لِلْمُشْتَرِي الِاسْتِقْلَالُ بِقَبْضِ الْمَبِيعِ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى مَنْهَجٍ قَالَ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ وَلِلْبَائِعِ إلَخْ ع قَالَ الْغَزَالِيُّ: لَوْ اسْتَبْدَلَ عَنْ الثَّمَنِ ثَوْبًا فَلَيْسَ لَهُ الْحَبْسُ لِقَبْضِهَا وَفِيهِ كَلَامٌ آخَرُ اهـ عِرَاقِيٌّ. وَقَدْ يُقَالُ مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ وَيَقُومُ مَقَامَ تَسْلِيمِهِ عِوَضُهُ أَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ: أَيْ تَسْلِيمُ عِوَضِهِ فَيُخَالِفُ قَوْلَ الْعِرَاقِيِّ لَيْسَ لَهُ الْحَبْسُ وَيُوَافِقُهُ مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ وَفِيهِ كَلَامٌ آخَرُ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ) هُوَ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ كُلَّ شَرْطٍ لِعَقْدِ الْحَوَالَةِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ) ضَمَانُ يَدٍ، فَإِذَا تَلِفَ فِي يَدِهِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ وَسَقَطَ عَنْهُ الثَّمَنُ وَيَلْزَمُهُ الْبَدَلُ الشَّرْعِيُّ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ) جَرَى عَلَيْهِ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَتْلَفَهُ) أَيْ الْمَبِيعَ الَّذِي اسْتَقَلَّ بِقَبْضِهِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: الِانْفِسَاخُ) أَيْ وَيَسْقُطُ الضَّمَانُ عَنْ الْمُشْتَرِي ـــــــــــــــــــــــــــــQيَجِبُ حَذْفُ لَفْظِ مَعَ إذْ مَا بَعْدَهُ هُوَ فَاعِلُ يُشْكِلُ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ عِبَارَةِ التُّحْفَةِ. . (قَوْلُهُ: إذْ لَا حَقَّ لَهُ) يَعْنِي الْبَائِعَ الْمَفْهُومَ مِنْ الْمَقَامِ. (قَوْلُهُ: عِوَضَهُ) أَيْ: تَسْلِيمِهِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ فِي مَسْأَلَةِ الْحَوَالَةِ فَاقْتَضَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْقَبْضِ هُنَا. (قَوْلُهُ: الْمُسْتَحَقَّ لَهُ) مَعْمُولٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَلَّمَهُ، وَإِنَّمَا قَالَ الْمُسْتَحَقَّ لَهُ وَلَمْ يَقُلْ الْبَائِعَ لِيَشْمَلَ الْمُوَكِّلَ وَالْمَوْلَى بَعْدَ نَحْوِ رُشْدِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ: أَيْ: بِأَنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ أَهْلًا لِلتَّسْلِيمِ لِيَخْرُجَ نَحْوُ الصَّبِيِّ، وَظَاهِرُ عِبَارَةِ التُّحْفَةِ أَنَّ قَوْلَهُ بِشَرْطِهِ يَرْجِعُ لِلْحَوَالَةِ وَكُلٌّ صَحِيحٌ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَثْبُتْ الرَّدُّ عَلَى الْبَائِعِ) أَيْ: لَمْ يُثْبِتْ الْمُشْتَرِي الرَّدَّ الْقَهْرِيَّ عَلَى الْبَائِعِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ حَادِثٌ فِي يَدِهِ عَلَى هَذَا. (قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ ضَمَانُ الْيَدِ) أَيْ فَلَهُ الرَّدُّ عَلَى الْبَائِعِ إذَا

[بيع الشيء تقديرا كثوب وأرض ذرعا]

وَلَبِنٍ عَدًّا (اُشْتُرِطَ) فِي قَبْضِهِ (مَعَ النَّقْلِ ذَرْعُهُ) فِي الْأَوَّلِ (أَوْ كَيْلُهُ) فِي الثَّانِي (أَوْ وَزْنُهُ) فِي الثَّالِثِ أَوْ عَدُّهُ فِي الرَّابِعِ لِوُرُودِ النَّصِّ فِي الْكَيْلِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَكْتَالَهُ» دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ فِيهِ الْقَبْضُ إلَّا بِالْكَيْلِ، وَلَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ فِي بَيْعِ الْجُزَافِ بِالْإِجْمَاعِ فَتَعَيَّنَ فِيمَا قُدِّرَ بِكَيْلٍ وَقِيسَ بِهِ الْبَقِيَّةُ، وَعَبَّرَ بِأَوْ تَارَةً وَبِالْوَاوِ أُخْرَى لِمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ مِنْ تَعَذُّرِ اجْتِمَاعِ الذَّرْعِ مَعَ غَيْرِهِ بِخِلَافِ الْوَزْنِ وَالْكَيْلِ، أَوْ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ اشْتِرَاطُ اجْتِمَاعِهِمَا وَإِنَّمَا قُدِّرَ بِأَحَدِهِمَا وَلَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِ ذَلِكَ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ نَائِبِهِ، فَلَوْ أَذِنَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَكْتَالَ مِنْ الصُّبْرَةِ عَنْهُ لَمْ يَجُزْ لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبَضِ كَمَا ذَكَرَاهُ هُنَا، وَمَا وَقَعَ فِي كَلَامِهِمَا قَبْلَ ذَلِكَ مِمَّا يُخَالِفُهُ يُمْكِنُ تَأْوِيلُهُ، وَلَوْ قَبَضَهُ جُزَافًا أَوْ أَخَذَهُ بِمِعْيَارٍ غَيْرِ مَا اشْتَرَاهُ بِهِ كَانَ ضَامِنًا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ لَا قَابِضًا. فَلَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ فَفِي انْفِسَاخِ الْعَقْدِ وَجْهَانِ صَحَّحَ مِنْهُمَا الْمُتَوَلِّي الْمَنْعَ لِتَمَامِ الْقَبْضِ وَحُصُولِ الْمَالِ فِي يَدِهِ حَقِيقَةً وَإِنَّمَا بَقِيَ مَعْرِفَةُ مِقْدَارِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، ـــــــــــــــــــــــــــــSوَكَأَنَّ الْبَائِعَ اسْتَرَدَّهُ (قَوْلُهُ: وَقِيسَ بِهِ الْبَقِيَّةُ) أَيْ مِنْ كُلِّ مَا بِيعَ مُقَدَّرًا (قَوْلُهُ: وَبِالْوَاوِ أُخْرَى) لَيْسَ فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ تَعْبِيرٌ بِالْوَاوِ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ اُشْتُرِطَ مَعَ النَّقْلِ ذَرْعُهُ إلَخْ، فَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ وَعَبَّرَ بِالْوَاوِ إلَخْ قَوْلُهُ كَثَوْبٍ وَأَرْضٍ ذَرْعًا وَحِنْطَةٍ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا فَعَبَّرَ بِالْوَاوِ فِي قَوْلِهِ وَحِنْطَةٍ كَيْلًا وَبِأَوْ فِي قَوْلِهِ أَوْ وَزْنًا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ مِنْ التَّعْبِيرِ فِيهَا بِالْوَاوِ جَوَازُ الْجَمْعِ فِي الْحِنْطَةِ بَيْنَ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ مَعَ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا قَدْرٌ) أَيْ وَإِنَّمَا يُقَدَّرُ بِأَحَدِهِمَا فَقَطْ (قَوْلُهُ: أَنْ يَكْتَالَ مِنْ الصُّبْرَةِ) أَيْ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: يُمْكِنُ تَأْوِيلُهُ) أَيْ كَأَنْ يُقَالَ أَذِنَ لَهُ فِي تَعْيِينِ مَنْ يَكْتَالُ لِلْمُشْتَرِي عَنْ الْبَائِعِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَلَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ وَكِّلْ مَنْ يَقْبِضُ لِي مِنْك إلَخْ، أَوْ يُقَالُ إنَّ الْبَائِعَ أَذِنَ لِلْمُشْتَرِي فِي كَيْلِهِ لِيَعْلَمَا مِقْدَارَهُ فَقَطْ فَفَعَلَ ذَلِكَ ثُمَّ سَلَّمَ جُمْلَتَهُ لَهُ الْبَائِعُ بَعْدَ عِلْمِهِمَا بِالْمِقْدَارِ، فَكَيْلُ الْمُشْتَرِي لَيْسَ قَبْضًا وَلَا إقْبَاضًا وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ مَعْرِفَةُ مِقْدَارِ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ: كَانَ ضَامِنًا) ثُمَّ لَوْ تَنَازَعَا مَعَ الْبَائِعِ فِي مِقْدَارِهِ فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ الْبَائِعِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْتَزَمَ الثَّمَنَ بِالْعَقْدِ وَهُوَ يُرِيدُ حَطَّ شَيْءٍ مِنْهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُ مَا يُوجِبُ السُّقُوطَ (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي مُطْلَقِ الضَّمَانِ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي أَنَّهُ ضَمَانُ عَقْدٍ. (قَوْلُهُ: صَحَّحَ مِنْهُمَا الْمُتَوَلِّي الْمَنْعَ) وَعَلَيْهِ فَهُوَ مَضْمُونٌ ضَمَانَ عَقْدٍ، فَإِذَا تَلِفَ فِي يَدِهِ لَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ وَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الثَّمَنُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَمَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ نَقَلَهُ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ أَنَّهُ مَضْمُونٌ ضَمَانَ يَدٍ أَنَّ حَقَّ الْحَبْسِ لِلْبَائِعِ مَانِعٌ مِنْ زَوَالِ يَدِهِ عَنْ الْمَبِيعِ حُكْمًا، وَفِي مَسْأَلَتِنَا لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقٌّ وَلَوْ كَانَ الْغَرَضُ مِنْ التَّقْدِيرِ مُجَرَّدَ مَعْرِفَةِ الْقَدْرِ لَمْ يَبْقَ لِلْبَائِعِ بِهِ تَعَلُّقٌ أَلْبَتَّةَ بَلْ زَالَتْ يَدُهُ عَنْهُ حِسًّا وَحُكْمًا، فَكَانَ الْحَاصِلُ مِنْ الْمُشْتَرِي قَبْضًا حَقِيقِيًّا، وَعَدَمُ نُفُوذِ تَصَرُّفِهِ فِيهِ لَا يُنَافِي ذَلِكَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ عَدَمُ النُّفُوذِ لِمُجَرَّدِ عَدَمِ عِلْمِهِ بِمِقْدَارِ حَقِّهِ، لَكِنَّ هَذَا الْفَرْقَ قَدْ يَتَخَلَّفُ فِيمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ الْبَائِعُ فِي مُجَرَّدِ النَّقْلِ فَنَقَلَهُ إلَى مَوْضِعٍ مِنْ دَارِ الْبَائِعِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ الْمَنْقُولُ إلَيْهِ حَقًّا لِلْبَائِعِ وَلَمْ يَأْذَنْ فِي النَّقْلِ إلَيْهِ كَانَ وَضْعُ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَعَيَّبَ وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ إذَا تَلِفَ [بِيعَ الشَّيْءُ تَقْدِيرًا كَثَوْبٍ وَأَرْضٍ ذَرْعًا] (قَوْلُهُ: فِي الْأَوَّلِ) يَعْنِي الْمَذْرُوعَ، وَقَوْلُهُ: فِي الثَّانِي يَعْنِي الْمَكِيلَ، وَقَوْلُهُ: فِي الثَّالِثِ يَعْنِي الْمَوْزُونَ، وَقَوْلُهُ: فِي الرَّابِعِ يَعْنِي الْمَعْدُودَ (قَوْلُهُ: لِمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ) أَيْ هَذَا، وَإِيضَاحُ ذَلِكَ حَسْبَ مَا ظَهَرَ لِي أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَكِيلُ مُتَعَذِّرًا مَعَ الذَّرْعِ لَمْ يَضُرَّهُ عَطْفُهُ عَلَيْهِ بِالْوَاوِ؛ لِعَدَمِ تَأَتِّي التَّوَهُّمِ فِيهِ، بِخِلَافِ الْوَزْنِ مَعَ الْكَيْلِ لَوْ عُطِفَ فِيهِمَا بِالْوَاوِ لِتَوَهُّمِ اشْتِرَاطِ اجْتِمَاعِهِمَا فَعَطَفَ الْوَزْنَ بِأَوْ لِدَفْعِ هَذَا التَّوَهُّمِ، وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ أَوْ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ أَوْ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ إلَخْ لِيَكُونَ عِلَّةً لِمَا قَبْلَهُ، وَانْظُرْ مَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَإِنَّمَا قُدِّرَ بِأَحَدِهِمَا، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّقْدِيرُ إلَّا بِأَحَدِهِمَا، فَالتَّقْدِيرُ بِهِمَا مُفْسِدٌ وَإِنْ كَانَ هَذَا بَعِيدًا مِنْ عِبَارَتِهِ. (قَوْلُهُ: كَانَ ضَامِنًا) أَيْ: ضَمَانَ عَقْدٍ لِيُوَافِقَ تَرْجِيحُهُ عَدَمَ الِانْفِسَاخِ الْآتِي، وَبِهِ صَرَّحَ الشِّهَابُ سم، وَقَوْلُهُ: لَا قَابِضًا: أَيْ قَبْضًا مُجَوِّزًا لِلتَّصَرُّفِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: أَيْ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ مِنْ التَّقْدِيرِ (قَوْلُهُ: لِتَمَامِ الْقَبْضِ) أَيْ: الْمُضَمَّنِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ

وَسَكَتَ الشَّيْخَانِ عَنْ تَرْجِيحِهِ هُنَا لِأَنَّهُمَا جَرَيَا عَلَيْهِ فِي بَابِ الرِّبَا وَلَوْ تَنَازَعَا فِيمَنْ يَكِيلُ نَصَّبَ الْحَاكِمُ كَيَّالًا أَمِينًا يَتَوَلَّاهُ، وَيُقَاسُ بِالْكَيْلِ غَيْرُهُ وَأُجْرَةُ كَيَّالِ الْمَبِيعِ أَوْ وَزَّانِهِ أَوْ مَنْ ذَرَعَهُ أَوْ عَدَّهُ وَمُؤْنَةُ إحْضَارِهِ إذَا كَانَ غَائِبًا إلَى مَحِلِّ الْعَقْدِ: أَيْ تِلْكَ الْمُحَلَّةُ عَلَى الْبَائِعِ، وَأُجْرَةُ نَحْوِ كَيَّالِ الثَّمَنِ وَمُؤَنِ إحْضَارِ الثَّمَنِ الْغَائِبِ إلَى مَحِلِّ الْعَقْدِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَأُجْرَةُ النَّقْلِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ فِي تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ الْمَنْقُولِ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَقِيَاسُهُ أَنْ يَكُونَ فِي الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ وَمُؤَنِ نَقْدِ الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ، وَقِيَاسُهُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَبِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي إذْ الْقَصْدُ مِنْهُ إظْهَارُ عَيْبٍ بِهِ إنْ كَانَ لِيَرُدَّ بِهِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا أَمْ لَا كَمَا أَطْلَقَاهُ، وَإِنْ قَيَّدَهُ الْعِمْرَانِيُّ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ بِمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا، وَلَوْ أَخْطَأَ النَّقَّادُ فَظَهَرَ بِمَا نَقَدَهُ غِشٌّ وَتَعَذَّرَ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ بِأُجْرَةٍ كَمَا أَطْلَقَهُ صَاحِبُ الْكَافِي وَهُوَ الْمُعْتَمَدِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ قَيَّدَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِمَا إذَا كَانَ مُتَبَرِّعًا لَكِنْ لَا أُجْرَةَ لَهُ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلنَّسْخِ فَغَلَطَ فَإِنَّهُ لَا أُجْرَةَ لَهُ، أَيْ إذَا كَانَ الْغَلَطُ فَاحِشًا خَارِجًا عَنْ الْعُرْفِ بِحَيْثُ لَا يُفْهَمُ مَعَهُ الْكَلَامُ غَالِبًا أَوْ تَعَدَّى كَمَا يَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ لَا يُقَالُ: قِيَاسُ غُرْمِ أَرْشِ الْوَرِقِ ثُمَّ ضَمَانُهُ هُنَا لِأَنَّا نَقُولُ: فَهُوَ ثَمَّ مُقَصِّرٌ مَعَ إحْدَاثِ فِعْلٍ فِيهِ وَهُنَا مُجْتَهِدٌ. وَالْمُجْتَهِدُ غَيْرُ مُقَصِّرٍ مَعَ انْتِفَاءِ الْفِعْلِ هُنَا وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ هُنَا مُغَرِّرٌ فَيَضْمَنُ لِذَلِكَ وَوَفَاءً بِمَا يُقَابِلُ الْأُجْرَةَ لَيْسَ بِشَيْءٍ (مِثَالُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُشْتَرِي لَهُ فِيهِ لَغْوًا فَكَأَنَّ يَدَ الْبَائِعِ لَمْ تَزُلْ عَنْهُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي نَقْلِهِ فَلَمْ يَنْقُلْهُ مِنْ مَوْضِعِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ تِلْكَ الْمُحَلَّةُ) أَيْ لَا خُصُوصَ مَوْضِعِ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: إلَى مَحِلِّ الْعَقْدِ) أَيْ تِلْكَ الْمُحَلَّةُ (قَوْلُهُ الْمَنْقُولُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُشْتَرَى ظَاهِرُهُ وَإِنْ بِيعَ مُقَدَّرًا وَهُوَ وَاضِحٌ، وَعِبَارَةُ حَجّ بِخِلَافِ النَّقْلِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَيْهِ الْقَبْضُ فِيمَا بِيعَ جُزَافًا، وَلَعَلَّهُ إنَّهُمَا قَيَّدَا بِالْجُزَافِ لِأَنَّهُ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَى التَّحْوِيلِ دَائِمًا، وَأَمَّا الْمُقَدَّرُ بِنَحْوِ الْكَيْلِ فَقَدْ لَا يَحْتَاجُ إلَى نَقْلِهِ بَعْدَ التَّقْدِيرِ لِجَوَازِ أَنْ يَكِيلَهُ الْبَائِعُ وَيُسَلِّمَهُ لِلْمُشْتَرِي فَيَتَنَاوَلُهُ بِيَدِهِ وَيَضَعُهُ فِي مَكَان لَا يَخْتَصُّ بِالْبَائِعِ (قَوْلُهُ: مُعَيَّنًا أَمْ لَا) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: الْعِمْرَانِيُّ) بِالْكَسْرِ وَالسُّكُونِ إلَى الْعِمْرَانِيَّةِ نَاحِيَةٍ بِالْمَوْصِلِ اهـ لُبُّ اللُّبَابِ لِلسُّيُوطِيِّ (قَوْلُهُ: غَشَّ) أَيْ زَيَّفَ (قَوْلُهُ: فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) أَيْ النَّقَّادُ. [فَرْعٌ] لَوْ أَخْطَأَ الْقَبَّانِيُّ فِي الْوَزْنِ ضَمِنَ كَمَا لَوْ غَلِطَ فِي النَّقْشِ الَّذِي عَلَيْهِ الْقَبَّانُ، وَلَوْ أَخْطَأَ نَقَّاشُ الْقَبَّانِ كَأَنْ قَالَ هُوَ مِائَةٌ فَبَانَ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ ضَمِنَ: أَيْ النَّقَّاشُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُجْتَهِدٍ: أَيْ بِخِلَافِ النَّقَّادِ اهـ عَبْدُ الْبَرِّ عَلَى مَنْهَجٍ وَأَقُولُ: فِي تَضْمِينِ النَّقَّاشِ نَظَرٌ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ أَحْدَثَ فِيهِ فِعْلًا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ تَغْرِيرُ الْمُشْتَرِي وَبِتَقْدِيرِ إخْبَارِهِ كَاذِبًا فَالْحَاصِلُ مِنْهُ مُجَرَّدُ تَغْرِيرٍ أَيْضًا وَهُوَ لَا يَقْتَضِي الضَّمَانَ، وَكَذَا لَوْ أَخْطَأَ الْكَيَّالُ أَوْ الْعَدَّادُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الثَّلَاثَةِ غَيْرُ مُجْتَهِدٍ فِيهِ فَيُنْسَبُونَ فِي خَطَئِهِمْ إلَى تَقْصِيرٍ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الضَّمَانِ بِالْأَوْلَى، وَلَوْ أَخْطَأَ النَّقَّادُ مِنْ نَوْعٍ إلَى نَوْعٍ آخَرَ وَكَانَ الْمُمَيِّزُ بَيْنَهُمَا عَلَامَةً ظَاهِرَةً كَالرِّيَالِ وَالْكَلْبِ مَثَلًا وَالْجَيِّدِ وَالْمَقْصُوصِ وَمَا لَوْ كَانَ لَا يَعْرِفُ النَّقْدَ بِالْمَرَّةِ وَأَخْبَرَ بِخِلَافِ الْوَاقِعِ (قَوْلُهُ: لَا أُجْرَةَ لَهُ) أَيْ فِيمَا غَلِطَ فِيهِ فَقَطْ دُونَ الْبَقِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَالْمُجْتَهِدُ غَيْرُ مُقَصِّرٍ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ قَصَّرَ فِي الِاجْتِهَادِ أَوْ تَعَمَّدَ الْإِخْبَارَ بِخِلَافِ الْوَاقِعِ ضَمِنَ، وَصَرَّحَ بِهِ حَجّ فِي الشِّقِّ الثَّانِي، وَعَلَيْهِ فَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظَائِرِهِ مِنْ التَّغْرِيرِ، وَمِنْهَا مَا لَوْ أَخْبَرَهُ بِحُسْنِ سِلْعَةٍ وَنَفَاسَتِهَا وَاشْتَرَاهَا بِثَمَنٍ كَثِيرٍ اعْتِمَادًا عَلَى إخْبَارِهِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ، وَمَا لَوْ غَرَّ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ وَالْغَارُّ غَيْرُ السَّيِّدِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عَلَى مَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي مَحِلِّهِ، وَلَعَلَّهُ أَنَّ النَّاقِدَ بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ عَنْ الْمُشْتَرِي فِي بَيَانِ زَيْفِ الثَّمَنِ فَكَانَتْ يَدُهُ عَلَى الثَّمَنِ إذَا أَخَذَهُ كَيَدِ الْوَكِيلِ، وَالْوَكِيلُ إذَا خَانَ فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ ضَمِنَهُ فَجَعَلَ التَّقْصِيرَ مِنْ النَّقَّادِ كَالتَّقْصِيرِ مِنْ الْوَكِيلِ، فَكَمَا أَنَّ الْوَكِيلَ يَضْمَنُ بِذَلِكَ فَالنَّقَّادُ مِثْلُهُ. [تَنْبِيهٌ] لَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّقْصِيرِ وَعَدَمِهِ صُدِّقَ النَّقَّادُ (قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ هُنَا مُغَرِّرٌ) أَيْ حَامِلٌ لَهُ عَلَى الْغَرَرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ) صَوَابُهُ قَبْضُ الْمَبِيعِ إذْ الضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِ لِلْمُشْتَرِي وَبِهِ عَبَّرَ فِي التُّحْفَةِ

بِعْتُكهَا) أَيْ الصُّبْرَةَ (كُلُّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ) بِعْتُكهَا بِكَذَا (عَلَى أَنَّهَا عَشَرَةُ آصُعٍ) وَمَا نَظَّرَ بِهِ فِي الْمِثَالِ الثَّانِي مِنْ أَنَّهُ جَعَلَ الْكَيْلَ فِيهِ وَصْفًا كَالْكِتَابَةِ فِي الْعَبْدِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَوَقَّفَ قَبْضُهُ عَلَيْهِ رُدَّ بِأَنَّ كَوْنَهُ وَصْفًا لَا يُنَافِي اعْتِبَارَ التَّقْدِيرِ فِي قَبْضِهِ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ الْوَصْفِ سُمِّيَ مُقَدَّرًا بِخِلَافِ كِتَابَةِ الْعَبْدِ (وَلَوْ كَانَ لَهُ) أَيْ لِبِكْرٍ (طَعَامٌ) مَثَلًا (مُقَدَّرٌ عَلَى زَيْدٍ) كَعَشَرَةِ آصُعٍ (وَلِعَمْرٍو عَلَيْهِ مِثْلُهُ فَلْيَكْتَلْ) بِكْرٌ (لِنَفْسِهِ) مِنْ زَيْدٍ: أَيْ يَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ يَكِيلَ لَهُ حَتَّى يَدْخُلَ فِي مِلْكِهِ (ثُمَّ يَكِيلُ لِعَمْرٍو) لِتَعَدُّدِ الْإِقْبَاضِ هُنَا، وَمِنْ شَرْطِ صِحَّتِهِ الْكَيْلُ فَلَزِمَ تَعَدُّدُهُ لِأَنَّ الْكَيْلَيْنِ قَدْ يَقَعُ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ، وَلِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يَجْرِي فِيهِ الصَّاعَانِ: يَعْنِي صَاعُ الْبَائِعِ وَصَاعُ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ كَالَ لِنَفْسِهِ وَقَبَضَهُ ثُمَّ كَالَهُ لِغَرِيمِهِ فَزَادَ أَوْ نَقَصَ بِقَدْرِ مَا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ لَمْ يُؤَثِّرْ فَتَكُونُ الزِّيَادَةُ لَهُ وَالنَّقْصُ عَلَيْهِ، أَوْ بِمَا لَا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ فَالْكَيْلُ الْأَوَّلُ غَلَطٌ فَيَرُدُّ بِكْرٌ الزِّيَادَةَ وَيَرْجِعُ بِالنَّقْصِ. نَعَمْ الِاسْتِدَامَةُ فِي نَحْوِ الْمِكْيَالِ كَالتَّجْدِيدِ فَتَكْفِي (فَلَوْ) (قَالَ) بِكْرٌ لِعَمْرٍو (اقْبِضْ) يَا عَمْرُو مِنْ زَيْدٍ (مَا لِي عَلَيْهِ لِنَفْسِك عَنِّي) أَوْ اُحْضُرْ مَعِي لِأَقْبِضَهُ أَنَا لَك (فَفَعَلَ) (فَالْقَبْضُ فَاسِدٌ) بِالنِّسْبَةِ لِعَمْرٍو لِكَوْنِهِ مَشْرُوطًا بِتَقَدُّمِ قَبْضِ بِكْرٍ وَلَمْ يُوجَدْ وَلَا يُمْكِنُ حُصُولُهَا لِمَا فِيهِ مِنْ اتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبَضِ فَيَضْمَنُهُ عَمْرٌو لِأَنَّهُ قَبَضَهُ لِنَفْسِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ لِدَافِعِهِ وَصَحِيحٌ بِالنِّسْبَةِ لِزَيْدٍ فَتَبْرَأُ ذِمَّتُهُ لِإِذْنِ دَائِنِهِ بِكْرٍ فِي الْقَبْضِ مِنْهُ لَهُ بِطَرِيقِ الِاسْتِلْزَامِ، إذْ قَبْضُ عَمْرٍو لِنَفْسِهِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى قَبْضِ بِكْرٍ كَمَا تَقَرَّرَ، فَإِذَا بَطَلَ لِفَقْدِ شَرْطِهِ بَقِيَ لَازِمُهُ وَهُوَ الْقَبْضُ لِبِكْرٍ فَحِينَئِذٍ يَكِيلُهُ لِعَمْرِو وَيَصِحُّ قَبْضُهُ لَهُ، وَلَا يَجُوزُ تَوْكِيلُ مَنْ يَدُهُ كَيَدِ الْمُقْبِضِ فِي الْقَبْضِ كَرَقِيقِهِ وَلَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ بِخِلَافِ ابْنِهِ وَأَبِيهِ وَمُكَاتَبِهِ، وَلَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ وَكِّلْ مَنْ يَقْبِضُ لِي مِنْك أَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ وَكِّلْ مَنْ يَشْتَرِي لِي مِنْك صَحَّ وَيَكُونُ وَكِيلًا لَهُ فِي التَّوْكِيلِ فِي الْقَبْضِ أَوْ الشِّرَاءِ مِنْهُ، وَلَوْ وَكَّلَ الْبَائِعُ رَجُلًا فِي الْإِقْبَاضِ وَوَكَّلَهُ الْمُشْتَرِي فِي الْقَبْضِ لَمْ يَصِحَّ تَوْكِيلُهُ لَهُمَا مَعًا لِمَا مَرَّ، وَلَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ: اشْتَرِ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ لِي مِثْلَ مَا تَسْتَحِقُّهُ عَلَيَّ وَاقْبِضْهُ لِي ثُمَّ لِنَفْسِك صَحَّ الشِّرَاءُ وَالْقَبْضُ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي، وَلِلْأَبِ وَإِنْ عَلَا تَوَلِّي طَرْفَيْ الْقَبْضِ كَمَا يَتَوَلَّى طَرْفَيْ الْبَيْعِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ. [فَرْعٌ] زَادَ التَّرْجَمَةَ بِهِ أَيْضًا إذَا (قَالَ الْبَائِعُ) عَنْ نَفْسِهِ لِمُعَيَّنٍ بِثَمَنٍ حَالٍّ فِي الذِّمَّةِ بَعْدَ لُزُومِ الْعَقْدِ (لَا أُسَلِّمُ الْمَبِيعَ حَتَّى أَقْبِضَ ثَمَنَهُ وَقَالَ الْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ مِثْلَهُ) أَيْ لَا أُسَلِّمُهُ حَتَّى أَقْبِضَ الْمَبِيعَ وَتَرَافَعَا إلَى الْحَاكِمِ (أُجْبِرَ الْبَائِعُ) عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSقَالَ فِي الْمُخْتَارِ: وَغَرَّهُ يَغُرُّهُ بِالضَّمِّ غُرُورًا خَدَعَهُ (قَوْلُهُ: بِتَعَدُّدِ الْإِقْبَاضِ) أَيْ بِتَعَدُّدِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ (قَوْلُهُ: فَتَكُونُ الزِّيَادَةُ لَهُ) أَيْ لِلْقَابِضِ أَوَّلًا، وَيُتَأَمَّلُ وَجْهُ كَوْنِ الزِّيَادَةِ لَهُ وَالنَّقْصِ عَلَيْهِ الْمُقْتَضِي ذَلِكَ لِصِحَّةِ كُلٍّ مِنْ الْقَبْضَيْنِ مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى تَقْدِيرِ مَا قَبَضَهُ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ، وَقَدْ يُقَالُ فِي تَوْجِيهِ أَنَّ قَبْضَهُ الْأَوَّلَ لَمَّا حُكِمَ بِصِحَّتِهِ حُكِمَ بِمِلْكِ الْمَقْبُوضِ جَمِيعَهُ لَهُ وَمِنْهُ الزَّائِدُ وَيَمْلِكُ النَّاقِصَ نَاقِصًا فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِنَقْصِهِ، وَلَمَّا أَرَادَ دَفْعَهُ لِلثَّانِي عَمِلَ بِمَا يَقْتَضِيهِ الْكَيْلُ كَمَا لَوْ أَرَادَ دَفْعَهُ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ الْمَقْبُوضِ (قَوْلُهُ نَعَمْ الِاسْتِدَامَةُ إلَخْ) وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى مِلْءَ ذَا الْكَيْلِ بُرًّا بِكَذَا وَمُلِئَ وَاسْتَمَرَّ جَازَ لِلْمُشْتَرِي بَيْعُهُ مَلْآنًا وَلَا يُحْتَاجُ إلَى كَيْلٍ ثَانٍ (قَوْلُهُ: لِنَفْسِك عَنْهَا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقُلْ عَنِّي لَمْ يَصِحَّ الْقَبْضُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ مَالِي عَلَيْهِ عَلَى نَحْوِ خُذْ مِنْهُ مِثْلَ مَالِي عَلَيْهِ لِنَفْسِك قَرْضًا مَثَلًا وَأَنَا أُمْهِلُك بِمَالِي عَلَيْك، وَلَمْ يَذْكُرْ حَجّ قَوْلَهُ عَنِّي وَقَضِيَّتُهُ صِحَّةُ الْقَبْضِ لِزَيْدٍ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ) أَيْ بَلْ لَا يَجُوزُ لَهُ رَدُّهُ إلَّا بِإِذْنِ بِكْرٍ لِأَنَّ قَبْضَهُ لَهُ وَقَعَ صَحِيحًا وَبَرِئَتْ بِهِ ذِمَّةُ عَمْرٍو فَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ اتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبَضِ (قَوْلُهُ: لِمُعَيَّنٍ) أَيْ لِمَبِيعٍ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ أُجْبِرَ الْبَائِعُ) أَيْ وُجُوبًا اهـ سم ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: يَعْنِي صَاعَ الْبَائِعِ وَصَاعَ الْمُشْتَرِي) أَيْ وَيُقَاسُ بِهِمَا غَيْرُهُمَا مِمَّا شَمَلَهُ إطْلَاقُ الْمَتْنِ، وَانْظُرْ مَا الصُّورَةُ الَّتِي

[فرع قال البائع عن نفسه لمعين بثمن حال في الذمة بعد لزوم العقد]

الِابْتِدَاءِ بِالتَّسْلِيمِ لِرِضَاهُ بِذِمَّتِهِ وَلِاسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ لِأَمْنِهِ مِنْ هَلَاكِهِ وَنُفُوذِ تَصَرُّفِهِ فِيهِ بِالْحَوَالَةِ وَالِاعْتِيَاضِ وَمِلْكُ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ فَعَلَى الْبَائِعِ تَسْلِيمُهُ لِيَسْتَقِرَّ، أَمَّا الْمُؤَجَّلُ فَيُجْبَرُ الْبَائِعُ قَطْعًا (وَفِي قَوْلِ الْمُشْتَرِي) لِأَنَّ حَقَّهُ مُتَعَيِّنٌ فِي الْمَبِيعِ وَحَقُّ الْبَائِعِ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ فِي الثَّمَنِ فَأُجْبِرَ (لِيَتَسَاوَيَا وَفِي قَوْلٍ) لَا إجْبَارَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا ثَبَتَ لَهُ إيفَاءٌ وَاسْتِيفَاءٌ. فَلَا تَرْجِيحُ، وَرُدَّ بِأَنَّ فِيهِ تَرْكَ النَّاسِ يَتَمَانَعُونَ الْحُقُوقَ، وَعَلَيْهِ يَمْنَعُهُمَا الْحَاكِمُ مِنْ التَّخَاصُمِ وَحِينَئِذٍ (فَمَنْ سَلَّمَ) مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ (أُجْبِرَ صَاحِبُهُ) عَلَى التَّسْلِيمِ إلَيْهِ (وَفِي قَوْلٍ يُجْبَرَانِ) لِوُجُوبِ التَّسْلِيمِ عَلَيْهِمَا فَيُلْزِمُ الْحَاكِمُ كُلًّا مِنْهُمَا بِإِحْضَارِ مَا عَلَيْهِ إلَيْهِ أَوْ إلَى عَدْلٍ ثُمَّ يُسَلِّمُ كُلًّا مَا وَجَبَ لَهُ وَالْخِيرَةُ فِي الْبُدَاءَةِ إلَيْهِ (قُلْت فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا) كَالْمَبِيعِ (سَقَطَ الْقَوْلَانِ الْأَوَّلَانِ مِنْ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ) سَوَاءٌ أَكَانَ الثَّمَنُ نَقْدًا أَمْ عَرَضًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِير وَزَوَائِدِ الرَّوْضَةِ، وَلَا يُنَافِي ذَاكَ تَصْوِيرَ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ سُقُوطَهُمَا فِي بَيْعِ عَرَضٍ بِعَرْضٍ. قَالَ الشَّارِحُ: لِأَنَّ سُكُوتَهُ عَنْ النَّقْدِ لَا يَنْفِيهِ (وَأُجْبِرَا فِي الْأَظْهَرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِاسْتِوَاءِ الْجَانِبَيْنِ فِي تَعْيِينِ كُلٍّ. أَمَّا لَوْ بَاعَ نِيَابَةً عَنْ غَيْرِهِ كَوَكِيلٍ وَوَلِيٍّ وَنَاظِرِ، وَقْفٍ وَعَامِلِ قِرَاضٍ. لَمْ يُجْبَرْ عَلَى التَّسْلِيمِ، بَلْ لَا يَجُوزُ لَهُ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ كَمَا يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِهِ فِي الْوَكَالَةِ وَلَا يَتَأَتَّى هُنَا إلَّا إجْبَارُهُمَا أَوْ إجْبَارُ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ تَبَايَعَ نَائِبَانِ عَنْ الْغَيْرِ لَمْ يَتَأَتَّ إلَّا إجْبَارُهُمَا (وَإِذَا سَلَّمَ الْبَائِعُ أُجْبِرَ الْمُشْتَرِي) عَلَى التَّسْلِيمِ فِي الْحَالِ (إنْ حَضَرَ الثَّمَنُ) أَيْ عَيْنُهُ إنْ تَعَيَّنَ وَإِلَّا فَنَوْعُهُ مَجْلِسَ الْعَقْدِ لِلُزُومِ التَّسْلِيمِ عَلَيْهِ بِلَا مَانِعٍ وَلِإِجْبَارِهِ عَلَيْهِ لَمْ يَتَخَيَّرْ الْبَائِعُ وَإِنْ أَصَرَّ عَلَى عَدَمِ التَّسْلِيمِ إلَيْهِ، وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْإِجْبَارِ عَلَيْهِ يَصِيرُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلِاسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ) أَيْ الْبَائِعُ بِمَعْنَى أَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يُتَصَوَّرُ تَلَفُهُ فَلَا يَسْقُطُ بِذَلِكَ اهـ مُؤَلِّفٌ (قَوْلُهُ: مِنْ هَلَاكِهِ) أَيْ الثَّمَنُ (قَوْلُهُ: وَنُفُوذُ تَصَرُّفِهِ) أَيْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: فَيُجْبَرُ الْبَائِعُ قَطْعًا) أَيْ وَإِنْ حَلَّ (قَوْلُهُ: لِيَتَسَاوَيَا) أَيْ فِي تَعَيُّنِ حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: فِي الْبُدَاءَةِ إلَيْهِ) أَيْ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا كَالْمَبِيعِ) بَقِيَ مَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا وَالْمَبِيعُ فِي الذِّمَّةِ، فَالْقِيَاسُ إجْبَارُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ رَضِيَ بِذِمَّةِ الْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَا فِي الذِّمَّةِ قَالَ حَجّ: كَانَا كَالْمُعَيَّنَيْنِ: أَيْ فَيَكُونُ الْأَظْهَرُ إجْبَارُهَا، وَلَكِنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا إنَّمَا يَأْتِيَانِ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ الْمَبِيعَ إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ وَعُقِدَ عَلَيْهِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ كَانَ بَيْعًا حَقِيقَةً فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ قَبْضُ الثَّمَنِ فِي الْمَجْلِسِ: أَمَّا عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ فِي مَنْهَجِهِ مِنْ أَنَّهُ بَيْعٌ لَفْظًا سَلَمٌ مَعْنًى وَالْأَحْكَامُ تَابِعَةٌ لِلْمَعْنَى فَلَا يَتَأَتَّى إجْبَارٌ فِيهِ لِأَنَّ الْإِجْبَارَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ اللُّزُومِ، وَحَيْثُ قُلْنَا هُوَ سَلَمٌ إذَا جَرَى بِلَفْظِ الْبَيْعِ اُشْتُرِطَ قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ، ثُمَّ إنْ حَصَلَ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ اسْتَمَرَّتْ الصِّحَّةُ وَلَا يَتَأَتَّى تَنَازُعٌ وَلَا إجْبَارٌ لِحُصُولِ الْقَبْضِ، وَإِنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا وَلَمْ يَقْبِضْ لَمْ يَتَأَتَّ الْإِجْبَارُ لِعَدَمِ اللُّزُومِ، وَيُصَرِّحُ بِمَا ذُكِرَ قَوْلُهُ الْآتِي وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ اخْتِلَافَ الْمُسَلَّمِ وَالْمُسَلَّمِ إلَيْهِ كَذَلِكَ مَرْدُودٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ) عِبَارَةُ حَجّ مِنْ الْأَقْوَالِ الْأَرْبَعَةِ، وَعَلَيْهَا فَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ قَوْلُهُ وَفِي قَوْلِ لَا إجْبَارَ، وَعَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ مُقَابِلُ الْأَظْهَرِ قَوْلُهُ أُجْبِرَ الْبَائِعُ، وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ قَوْلُهُ وَأُجْبِرَا فِي الْأَظْهَرِ: أَيْ فَيَكُونُ الْقَوْلُ الثَّالِثُ جَارِيًا وَهُوَ مُقَابِلُ الْأَظْهَرِ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَهُوَ الْمُرَادُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ مُوَافِقٌ لحج (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ بَاعَ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ عَنْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ إجْبَارُ الْمُشْتَرِي) هُوَ ضَعِيفٌ أَيْ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا بَاعَ بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ لَيْسَ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَأَتَّ إلَّا إجْبَارُهُمْ) مُعْتَمَدٌ وَالْإِشَارَةُ رَاجِعَةٌ لِلْوَكِيلِ وَالْوَلِيُّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَأَتَّ إلَّا إجْبَارُهُمَا) قَالَ فِي الْعُبَابِ مُطْلَقًا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: إنْ تَعَيَّنَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQيَتَنَزَّلُ عَلَيْهَا النَّهْيُ الْمَذْكُورُ [فَرْعٌ قَالَ الْبَائِعُ عَنْ نَفْسِهِ لِمُعَيَّنٍ بِثَمَنٍ حَالٍّ فِي الذِّمَّةِ بَعْدَ لُزُومِ الْعَقْدِ] . (قَوْلُهُ: وَلِاسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ) أَيْ: عَلَى الثَّمَنِ فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ هَلَاكُهُ وَمَا بَعْدَهُ يَرْجِعُ إلَيْهِ أَيْضًا. . (قَوْلُهُ: أَيْ عَيَّنَهُ إنْ تَعَيَّنَ) أَيْ وَلَوْ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ إذْ الْمُعَيَّنُ فِي الْمَجْلِسِ كَالْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ، وَحِينَئِذٍ فَمَعْنَى حُضُورِ نَوْعِهِ

عَلَيْهِ فِيهِ فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ بِمَا يُفَوِّتُ حَقَّ الْبَائِعِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِلْإِجْبَارِ فَائِدَةٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى التَّسْلِيمِ عَنْ عَيْنِ مَا حَضَرَ وَلَا يُمْهَلُ لِإِحْضَارِ ثَمَنٍ فَوْرًا وَدَفْعُهُ مِنْهُ، وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ ظَهَرَ لِلْحَاكِمِ مِنْهُ عِنَادٌ أَوْ تَسْوِيفٌ وَإِلَّا فَفِيهِ نَظَرٌ. وَوَجْهُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ حَيْثُ حَضَرَ النَّوْعُ فَطَلَبَ تَأْخِيرَ مَا عَيْنُهُ كَأَنَّ فِيهِ نَوْعَ عِنَادٍ وَتَسْوِيفٍ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ مَجْلِسُ الْعَقْدِ دُونَ مَجْلِسِ الْخُصُومَةِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فَلَا نَظَرَ لِغَيْرِهِ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَقَعُ لَهُ خُصُومَةٌ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الثَّمَنُ مَجْلِسَ الْعَقْدِ (فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ يُمْكِنُهُ الْوَفَاءُ مِنْهُ غَيْرُ الْمَبِيعِ (فَلِلْبَائِعِ الْفَسْخُ بِالْفَلْسِ) وَأَخْذُ الْمَبِيعِ لِمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ، وَحِينَئِذٍ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ حَجْرُ الْحَاكِمِ وَلَا يَفْتَقِرُ الرُّجُوعُ بَعْدَ الْحِجْرِ إلَى إذْنِ الْحَاكِمِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، هَذَا إنْ سَلَّمَ بِإِخْبَارِ الْحَاكِمِ، وَإِلَّا امْتَنَعَ عَلَيْهِ الِاسْتِرْدَادُ وَالْفَسْخُ إنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ وَافِيَةً بِالثَّمَنِ لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَى الْمَبِيعِ بِاخْتِيَارِهِ وَرَضِيَ بِذِمَّتِهِ كَمَا نَقَلَ ذَلِكَ السُّبْكِيُّ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ الْإِطْلَاقَ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الشَّارِحِ بِإِجْبَارٍ أَوْ دُونَهُ لِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِمَا إذَا حَضَرَ الثَّمَنُ لَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَعْدُ إلَّا (أَوْ) كَانَ (مُوسِرًا وَمَالُهُ بِالْبَلَدِ) الَّتِي وَقَعَ الْعَقْدُ بِهَا (أَوْ بِمَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ) مِنْهَا وَهِيَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ (حَجَرَ عَلَيْهِ) الْحَاكِمُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِالْفَلْسِ وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ لَهُ إذْ حَجْرُ الْفَلْسِ يُتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ الرُّجُوعِ فِي عَيْنِ مَالِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ (فِي أَمْوَالِهِ) كُلِّهَا (حَتَّى يُسَلِّمَ) الثَّمَنَ لِئَلَّا يَتَصَرَّفَ فِيهَا بِمَا يُفَوِّتُ حَقَّ الْبَائِعِ، وَهَذَا يُخَالِفُ حَجْرَ الْفَلْسِ فِي أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ ضِيقُ مَالِهِ وَلَا يَتَسَلَّطُ الْبَائِعُ بِهِ عَلَى الرُّجُوعِ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَأَنْ عَيَّنَ فِي الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ) اُنْظُرْ فِي أَيِّ مَحِلٍّ مَرَّ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِهِ قَوْلُهُ لَمْ يَتَخَيَّرْ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ: أَيْ عَدَمُ التَّخْيِيرِ أَنَّهُ فِي الثَّانِيَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَوْرًا) مَعْمُولٌ لِإِحْضَارٍ (قَوْلُهُ: فَطَلَبَ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: كَانَ فِيهِ) أَيْ طَلَبُ التَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ نَوْعُ عِنَادٍ) قَدْ يَمْنَعُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي التَّأْخِيرِ غَرَضٌ كَتَسْلِيمِ مَا لَا شُبْهَةَ فِيهِ أَوْ إبْقَائِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ) وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يُطْلَقُ الْقَوْلُ بِاعْتِبَارِ بَلَدِ الْمُخَاصَمَةِ وَلَا بَلَدِ الْعَقْدِ وَلَا الْعَاقِدِ وَلَوْ انْتَقَلَ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُهُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ: أَيْ وَإِلَّا فَلَوْ وَقَعَتْ الْخُصُومَةُ فِي غَيْرِ مَحِلِّ الْعَقْدِ كَانَ الْعِبْرَةُ بِمَحِلِّ الْخُصُومَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَقَعُ لَهُ خُصُومَةٌ) أَيْ يَكُونُ حُضُورُ الثَّمَنِ فِي مَجْلِسِهَا غَيْرَ مَجْلِسِ الْعَقْدِ، كَأَنْ يَتَوَجَّهُ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ إلَى مَجْلِسِ الْحَاكِمِ وَيَطْلُبُ الْآخَرَ فِيهِ، وَحَيْثُ كَانَ التَّعْبِيرُ بِمَجْلِسِ الْعَقْدِ لِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ الْأَصْلَ لَوْ حَضَرَ فِي مَجْلِسِ الْخُصُومَةِ أُجْبِرَ عَلَى تَسْلِيمِهِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ) أَيْ جَوَازُ الْفَسْخِ (قَوْلُهُ: هَذَا إنْ سَلَّمَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ، وَالْإِشَارَةُ رَاجِعَةٌ إلَى قَوْلِهِ فَلِلْبَائِعِ الْفَسْخُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ إلَخْ) فِيهِ أَمْرَانِ: الْأَوَّلُ أَنَّ الْحَجْرَ بِالْفَلَسِ شَرْطُهُ زِيَادَةُ دَيْنِهِ عَلَى مَالِهِ، وَهَذَا يُنَافِي الْيَسَارَ الَّذِي هُوَ فَرْضُ مَسْأَلَتِنَا فَكَيْفَ تُقَيَّدُ بِعَدَمِ الْحَجْرِ بِالْفَلَسِ الْمُفْهِمِ مُجَامَعَةَ الْحَجْرِ بِالْفَلْسِ لِيَسَارِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ الْيَسَارُ بِالثَّمَنِ وَذَلِكَ بِجَامِعِ الْحَجْرِ بِالْفَلَسِ. وَالثَّانِي أَنَّهُ إذَا كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ، فَالْبَيْعُ لَهُ هُوَ الْآتِي فِي بَابِ الْفَلَسِ فِي قَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ لِبَائِعِهِ أَنْ يَفْسَخَ وَيَتَعَلَّقَ بِعَيْنِ مَتَاعِهِ إنَّ عَلِمَ الْحَالَ وَإِنْ جَهِلَ فَلَهُ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ التَّعَلُّقُ بِهَا: أَيْ بِأَنْ عَلِمَ الْحَالَ لَا يُزَاحِمُ الْغُرَمَاءَ بِالثَّمَنِ اهـ. وَبَيَّنَّا هُنَاكَ أَنَّ الصَّحِيحَ فِي حَالَةِ الْجَهْلِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مُزَاحِمَةُ الْغُرَمَاءِ فَلَا يَتَأَتَّى حِينَئِذٍ قَوْلُهُ هُنَا حَتَّى يُسَلَّمَ الثَّمَنُ، هَذَا وَلَك أَنْ تَقُولَ يَنْبَغِي تَخْصِيصُ قَوْلِهِ حَتَّى يُسَلِّم الثَّمَنَ بِغَيْرِ مَا زَادَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ إنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQحُضُورُهُ فِي الْمَجْلِسِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ أَصْلًا. (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ) أَيْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ مُوسِرًا وَمَالُهُ بِالْبَلَدِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِمَا يُفَوِّتُ حَقَّ الْبَائِعِ) أَيْ: كَالْمَبِيعِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: وَوَجْهُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ حَيْثُ حَضَرَ النَّوْعُ إلَخْ) هَذَا التَّوْجِيهُ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ الْخِصَامَ يَقَعُ فِي مَوْضِعِ الْعَقْدِ

[للبائع حبس مبيعه حتى يقبض ثمنه]

لَعَيْنِ مَالِهِ وَلَا يُفْتَقَرُ لِسُؤَالِ الْغَرِيمِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى فَكِّ الْحَاكِمِ بَلْ يَنْفَكُّ بِمُجَرَّدِ التَّسْلِيمِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْإِمَامُ وَتَبِعَهُ الْبُلْقِينِيُّ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ، وَيُنْفِقُ عَلَى مُمَوِّنِهِ نَفَقَةَ الْمُوسِرِينَ وَلَا يَتَعَدَّى لِلْحَادِثِ وَلَا يُبَاعُ فِيهِ مَسْكَنٌ وَخَادِمٌ وَلَا يُحَلُّ بِهِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ جَزْمًا وَإِنْ قِيلَ بِحُلُولِهِ بِهِ ثَمَّ وَلِهَذَا سَمَّى هُنَا بِالْغَرِيبِ (فَإِنْ كَانَ) مَالُهُ (بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ) فَأَكْثَرُ مِنْ بَلَدِ الْبَيْعِ فِيمَا يَظْهَرُ، فَلَوْ انْتَقَلَ لِلْبَائِعِ مِنْهَا إلَى بَلَدٍ آخَرَ فَالْأَوْجَهُ كَمَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ تَعْلِيلِهِمْ بِالتَّضَرُّرِ بِالتَّأْخِيرِ اعْتِبَارُ بَلَدِ الْبَائِعِ لَا بَلَدِ الْبَيْعِ، لَا يُقَالُ: التَّسْلِيمُ إنَّمَا يَلْزَمُ مَحِلَّ الْعَقْدِ دُونَ غَيْرِهِ فَلْيُعْتَبَرْ بَلَدُ الْعَقْدِ مُطْلَقًا. لِأَنَّا نَقُولُ: مَمْنُوعٌ لِمَا سَيُعْلَمُ فِي الْقَرْضِ أَنَّ لَهُ الْمُطَالَبَةَ بِغَيْرِ مَحِلِّ التَّسْلِيمِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُؤْنَةٌ أَوْ تَحَمَّلَهَا، فَإِنْ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ وَلَمْ يَتَحَمَّلْهَا طَالَبَهُ بِقِيمَتِهِ فِي بَلَدِ الْعَقْدِ وَقْتَ الطَّلَبِ، فَإِذَا أَخَذَهَا فَهِيَ الْفَيْصُولَةُ لِجَوَازِ الِاسْتِبْدَالِ عَنْهُ بِخِلَافِ السَّلَمِ (لَمْ يُكَلِّفْ الْبَائِعَ الصَّبْرَ إلَى إحْضَارِهِ) لِتَضَرُّرِهِ بِتَأْخِيرِ حَقِّهِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ الْفَسْخَ) وَلَا يَحْتَاجُ هُنَا لِلْحِجْرِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ لِتَعَذُّرِ تَحْصِيلِ الثَّمَنِ كَالْإِفْلَاسِ بِهِ، وَالثَّانِي لَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ بَلْ يُبَاعُ الْمَبِيعُ وَيُؤَدَّى حَقُّهُ مِنْ الثَّمَنِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ (فَإِنْ صَبَرَ) الْبَائِعُ إلَى إحْضَارِ الْمَالِ (فَالْحِجْرُ) يُضْرَبُ عَلَى الْمُشْتَرِي (كَمَا ذَكَرْنَاهُ) قَرِيبًا لِئَلَّا يُفَوِّتَ الْمَالَ (وَلِلْبَائِعِ حَبْسُ مَبِيعِهِ حَتَّى يَقْبِضَ ثَمَنَهُ) الْحَالَّ أَصَالَةً، وَكَذَا لِلْمُشْتَرِي حَبْسُ ثَمَنِهِ حَتَّى يَقْبِضَ الْمَبِيعَ الْحَالَّ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا آثَرَ الْبَائِعَ بِالذِّكْرِ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ تَصْحِيحِ إجْبَارِهِ فَذَكَرَ شَرْطَهُ (إنْ خَافَ فَوْتَهُ) بِتَمْلِيكِ مَالِهِ لِغَيْرِهِ أَوْ هَرَبِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (بِلَا خِلَافٍ) لِمَا فِي التَّسْلِيمِ حِينَئِذٍ مِنْ الضَّرَرِ الظَّاهِرِ. نَعَمْ إنْ تَمَانَعَا وَخَافَ كُلٌّ صَاحِبَهُ أَجْبَرَهُمَا الْحَاكِمُ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ بِالدَّفْعِ لَهُ أَوْ لِعَدْلٍ ثُمَّ يُسَلِّمُ كُلًّا مَالَهُ (وَإِنَّمَا الْأَقْوَالُ) السَّابِقَةُ (إذَا لَمْ يَخَفْ) أَيْ الْبَائِعُ (فَوْتَهُ) أَيْ الثَّمَنَ أَوْ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ (وَتَنَازَعَا فِي مُجَرَّدِ الِابْتِدَاءِ) بِالتَّسْلِيمِ وَاخْتِلَافُ الْمُكْرِي وَالْمُكْتَرِي فِي الِابْتِدَاءِ بِالتَّسْلِيمِ كَاخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ هُنَا، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ اخْتِلَافَ الْمُسَلَّمِ وَالْمُسَلَّمِ إلَيْهِ كَذَلِكَ مَرْدُودٌ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ، لِأَنَّ الْإِجْبَارَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ اللُّزُومِ كَمَا مَرَّ، وَالسَّلَمُ إنَّمَا يُلْزَمُ بِهِ بَعْدَ قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ وَالتَّفَرُّقِ مِنْ الْمَجْلِسِ، وَلَوْ تَبَرَّعَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي بِالتَّسْلِيمِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْحَبْسُ، وَكَذَا لَوْ أَعَارَهُ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي كَأَنْ أَجَّرَ عَيْنًا ثُمَّ بَاعَهَا لِغَيْرِهِ ثُمَّ اسْتَأْجَرَهَا مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَمْ يَكُنْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ الْفَلَسِ فَيَنْدَفِعُ هَذَا الْأَمْرُ الثَّانِي اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَيَبْقَى الْأَمْرُ الْأَوَّلُ. وَيُجَابُ عَنْهُ بِمَا مَرَّ فِي كَلَامِهِ. هَذَا، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيمَا أَجَابَ بِهِ بِأَنَّ يَسَارَهُ بِالثَّمَنِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ وَفَاءِ جَمِيعِ الدُّيُونِ، إذْ بِتَقْدِيرِ أَنَّ فِي يَدِهِ مَا يَفِي بِالثَّمَنِ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الْغُرَمَاءِ فَلَا يَكُونُ مُوسِرًا بِهِ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْيَسَارَ إنَّمَا يُنَافِي الْفَلَسَ فِي الِابْتِدَاءِ أَمَّا بَعْدَهُ فَلَا يُنَافِيهِ لِجَوَازِ طُرُوُّ يَسَارِهِ بَعْدَ الْحَجْرِ بِمَوْتِ مُورَثٍ لَهُ أَوْ اكْتِسَابِ مَا يَزِيدُ بِهِ مَالُهُ عَلَى دَيْنِهِ فَيَصْدُقُ عَلَيْهِ الْآنَ أَنَّهُ مُوسِرٌ مَعَ الْحَجْرِ بِالْفَلَسِ، لِأَنَّ الْحَجْرَ بِالْفَلَسِ لَا يَنْفَكُّ إلَّا بِفَكِّ قَاضٍ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ مُجَرَّدِ يَسَارِهِ بِذَلِكَ فَكُّ الْقَاضِي لَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قِيلَ بِحُلُولِهِ) مَرْجُوحٌ (قَوْلُهُ: مِنْهَا) أَيْ بَلَدُ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ: اعْتِبَارُ بَلَدِ الْبَائِعِ) أَيْ الَّذِي انْتَقَلَ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ انْتَقَلَ الْبَائِعُ مِنْهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ أَصَالَةً (قَوْلُهُ: أَوْ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ) أَيْ فَوَّتَ الْمَبِيعَ (قَوْلُهُ: وَالتَّفَرُّقُ مِنْ الْمَجْلِسِ) أَيْ فَلِلْمُتَضَرِّرِ فَسْخُ الْعَقْدِ أَوْ مُفَارِقَةُ الْمَجْلِسِ بِلَا قَبْضٍ فَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَبَرَّعَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي إلَخْ) أَيْ بَعْدَ اللُّزُومِ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ، فَلَا يُنَافِي مَا نَقَلَهُ سم عَلَى حَجّ عَنْ الرَّوْضَةِ مِنْ قَوْلِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْخِيَارِ. [فَرْعٌ] لَا يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ وَلَا عَلَى الْمُشْتَرِي تَسْلِيمُ الثَّمَنِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ، فَلَوْ تَبَرَّعَ أَحَدُهُمَا بِالتَّسْلِيمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَلَوْ انْتَقَلَ الْبَائِعُ مِنْهَا إلَى بَلَدٍ آخَرَ) أَيْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَالِ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ أَبْعَدَ مِنْ مَحَلِّ الْعَقْدِ إلَى الْمَالِ، فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ؛ إذْ الصُّورَةُ أَنَّ الْمَالَ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْ مَحَلِّ الْعَقْدِ [لِلْبَائِعِ حَبْسُ مَبِيعِهِ حَتَّى يَقْبِضَ ثَمَنَهُ] (قَوْلُهُ: وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفٌ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ صَارَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُهُ بِهَذَا الْبَيْعِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَالِكَ بَاعَ شَيْئًا لِاثْنَيْنِ سَوِيَّةً لِكُلٍّ النِّصْفُ [بَابُ التَّوْلِيَةِ] .

الْمُسْتَأْجِرِ وَأَعَارَهَا لِلْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: مُرَادُهُمْ مِنْ الْعَارِيَّةِ نَقْلُ الْيَدِ كَمَا قَالُوهُ فِي إعَارَةِ الْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ لِلرَّاهِنِ وَإِلَّا فَكَيْفَ يَصِحُّ الْإِعَارَةُ مِنْ غَيْرِ مَالِكٍ وَلَوْ أَوْدَعَهُ لَهُ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ، إذْ لَيْسَ فِي الْإِيدَاعِ تَسْلِيطٌ بِخِلَافِ الْإِعَارَةِ، وَتَلَفُهُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْإِيدَاعِ كَتَلَفِهِ فِي يَدِ الْبَائِعِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي الشُّفْعَةِ، وَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ أَيْضًا فِيمَا لَوْ خَرَجَ الثَّمَنُ زُيُوفًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ، وَلَوْ اشْتَرَى شَخْصٌ شَيْئًا بِوَكَالَةِ اثْنَيْنِ وَوَفَّى نِصْفَ الثَّمَنِ عَنْ أَحَدِهِمَا فَلِلْبَائِعِ الْحَبْسُ لِقَبْضِ الْجَمِيعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْعَاقِدِ أَوْ بَاعَ مِنْهُمَا وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفٌ فَأَعْطَى أَحَدَهُمَا الْبَائِعُ النِّصْفَ مِنْ الثَّمَنِ سَلَّمَ إلَيْهِ الْبَائِعُ نِصْفَهُ مِنْ الْمَبِيعِ لِأَنَّهُ سَلَّمَهُ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الصَّفْقَةَ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي. بَابُ التَّوْلِيَةِ أَصْلُهَا تَقْلِيدُ الْعَمَلِ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَتْ فِيمَا يَأْتِي (وَالْإِشْرَاكُ) مَصْدَرُ أَشْرَكَهُ صَيَّرَهُ شَرِيكًا (وَالْمُرَابَحَةُ) مُفَاعِلَةٌ مِنْ الرِّبْحِ وَهِيَ الزِّيَادَةُ وَالْمُحَاطَّةُ مِنْ الْحَطِّ وَهُوَ النَّقْصُ وَلَمْ يَذْكُرْهَا لِكَوْنِهَا دَاخِلَةً فِي الْمُرَابَحَةِ لِأَنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ رِبْحٌ لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي أَوْ اكْتِفَاءً عَنْهَا بِالْمُرَابَحَةِ لِأَنَّهَا أَشْرَفُ إذَا (اشْتَرَى) شَخْصٌ (شَيْئًا) بِمِثْلِيٍّ (ثُمَّ قَالَ) بَعْدَ قَبْضِهِ وَلُزُومِ الْعَقْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهُ، وَلَا يُجْبَرُ الْآخَرُ عَلَى تَسْلِيمِ مَا عِنْدَهُ وَلَهُ اسْتِرْدَادُ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ اهـ (قَوْلُهُ وَأَعَارَهَا لِلْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ) أَيْ فَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُهَا وَيَكُونُ تَسْلِيمُهُ عَنْ الْإِعَارَةِ إقْبَاضًا لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَى الْعَيْنِ كَمَا يَأْتِي فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْإِعَارَةِ وَالْإِيدَاعِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَوْدَعَهُ) أَيْ الْبَائِعُ لَهُ: أَيْ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: كَتَلَفِهِ فِي يَدِ الْبَائِعِ) أَيْ فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَيَسْقُطُ الثَّمَنُ عَنْ الْمُشْتَرَى (قَوْلُهُ وَلَهُ) أَيْ الْبَائِعِ اسْتِرْدَادُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: زُيُوفًا) وَمِنْهُ مَا لَوْ بَانَ فِي الدَّرَاهِمِ وَلَوْ لِبَعْضٍ مِنْهَا وَإِنْ قَلَّ قَصٌّ فَإِنَّهُ يَرُدُّ وَيَأْخُذُ جَيِّدًا فَلَهُ اسْتِرْدَادُ الْمَبِيعَ لِأَجْلِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْعَاقِدِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ لِكُلٍّ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الصَّفْقَةَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ. (بَابُ التَّوْلِيَةِ وَالْإِشْرَاكُ) (قَوْلُهُ: ثُمَّ اُسْتُعْمِلَتْ) أَيْ فِي لِسَانِ أَهْلِ الشَّرْعِ (قَوْلُهُ: مَصْدَرُ أَشْرَكَهُ) أَيْ لُغَةً (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَذْكُرْهَا) أَيْ الْمُحَاطَةُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ) أَيْ اعْتِبَارُ نَفْسِ الْأَمْرِ دُونَ الْمُقَابَلَةِ لِلْمَجَازِ (قَوْلُهُ: أَوْ اكْتِفَاءً عَنْهَا) وَهَذَا أَوْلَى لِمَا يَأْتِي مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِي الْفَهْمِ وَالْحُكْمِ، أَوْ يُقَالُ أَيْضًا تَرْجَمَ لِشَيْءٍ وَزَادَ عَلَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ مَعِيبٍ، هَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ مَعْنَى كُلٍّ مِنْهُمَا لُغَةً وَشَرْعًا، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ هُمَا مَصْدَرَانِ لِرَابِحٍ وَحَاطَ لُغَةً، فَيَكُونُ مَعْنَى الْمُرَابَحَةِ: إعْطَاءَ كُلٍّ مِنْ اثْنَيْنِ صَاحِبَهُ رِبْحًا، وَالْمُحَاطَّةِ: نَقْصَ كُلٍّ مِنْ اثْنَيْنِ شَيْئًا مِمَّا يَسْتَحِقُّهُ صَاحِبُهُ. وَأَمَّا شَرْعًا فَمَعْنَاهُمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، وَهُوَ أَنَّ الْمُرَابَحَةَ: بَيْعٌ بِمِثْلِ الثَّمَنِ مَعَ رِبْحٍ مُوَزَّعٍ عَلَى أَجْزَائِهِ، وَالْمُحَاطَّةَ: بَيْعٌ بِمِثْلِ الثَّمَنِ مَعَ حَطٍّ مُوَزَّعٍ عَلَى أَجْزَائِهِ (قَوْلُهُ: وَلُزُومُ الْعَقْدِ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ لُزُومُهُ مِنْ جِهَةِ بَائِعِهِ فَقَطْ بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ، أَعْنِي لِبَائِعِهِ خِيَارٌ إذْ لَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ مَعَ غَيْرِهِ بِمَا يُبْطِلُ خِيَارَهُ لَا مِنْ جِهَتِهِ هُوَ أَيْضًا فَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ وَحْدَهُ صَحَّتْ تَوْلِيَتُهُ مَرَّ اهـ سم عَلَى حَجّ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَابُ التَّوْلِيَةِ وَالْإِشْرَاكِ وَالْمُرَابَحَةِ)

وَعِلْمِهِ بِالثَّمَنِ (لِعَالِمٍ بِالثَّمَنِ) قَدْرًا وَصِفَةً وَلَوْ طَرَأَ عِلْمُهُ لَهُ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَقَبْلَ الْقَبُولِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِإِعْلَامِهِ أَوْ غَيْرِهِ (وَلَّيْتُك هَذَا الْعَقْدَ) سَوَاءٌ أَقَالَ بِمَا اشْتَرَيْت أَمْ سَكَتَ أَوْ وَلَّيْتُكَهُ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الْأَنْوَارِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْإِشْرَاكِ مِنْ ذِكْرِ الْبَيْعِ أَوْ الْعَقْدِ أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ، وَهَذَانِ وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُمَا صَرَائِحُ فِي التَّوْلِيَةِ وَنَحْوُ جَعَلْته لَك كِنَايَةً هُنَا كَالْبَيْعِ (فَقِيلَ) بِنَحْوِ قَبِلْته أَوْ تَوَلَّيْته (لَزِمَهُ مِثْلُ الثَّمَنِ) جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً، وَلِهَذَا لَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا ثَبَتَ فِي حَقِّهِ مُؤَجَّلًا بِقَدْرِ ذَلِكَ الْأَجَلِ مِنْ حِينِ التَّوْلِيَةِ وَإِنْ حَلَّ قَبْلَهَا لَا مِنْ الْعَقْدِ عَلَى أَوْجَهِ احْتِمَالَيْنِ لِابْنِ الرِّفْعَةِ أَمَّا الْمُتَقَوِّمُ فَلَا تَصِحُّ التَّوْلِيَةُ مَعَهُ إلَّا بَعْدَ انْتِقَالِهِ لِلْمُتَوَلِّي لِيَقَعَ عَلَى عَيْنِهِ، نَعَمْ لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْعَرْضِ قَامَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَعَلِمَهُ) وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِلْمِ هُنَا مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ اهـ سم عَلَى حَجّ وَيُصَرِّحُ بِهَذَا الْمُرَادِ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي بِإِعْلَامِهِ أَوْ غَيْرُهُ إذْ إخْبَارُ الْوَاحِدِ لَا يُفِيدُ إلَّا الظَّنَّ (قَوْلُهُ: وَصِفَةُ) أَرَادَ بِالصِّفَةِ مَا يَشْمَلُ الْجِنْسَ وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ عَلِمَ بِهِ بِالْمُعَايَنَةِ فَلَا يَكْفِي كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَيَصِحُّ بَيْعُ الْمُرَابَحَةِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحِلَّ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ مَا لَمْ يَنْتَظِرْ الْمُعَيَّنَ الْمُوَلَّى أَوْ يَعْلَمْ قَدْرَهُ وَهُوَ فِي يَدِ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ) غَايَةً طَرَأَ عِلْمُهُ: أَيْ الْمُشْتَرِي: أَمَّا الْبَائِعُ فَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِهِ قَبْلَ الْإِيجَابِ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ وَعِلْمُهُ بِالثَّمَنِ وَظَاهِرُهُ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ أَيْضًا وَإِنْ تَقَدَّمَ الْقَبُولُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَهُوَ عَالِمٌ بِالثَّمَنِ دُونَ الْبَائِعِ كَأَنْ قَالَ اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا بِمَا قَامَ بِهِ عَلَيْك وَهُوَ كَذَا، أَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ وَلَكِنْ أَخْبَرَ بِهِ الْبَائِعَ مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ بِالصِّحَّةِ فِي هَذِهِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ عَلِمَ بِهِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْإِيجَابِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْإِيجَابِ) أَيْ لِلتَّوْلِيَةِ (قَوْلُهُ: وَقَبْلَ الْقَبُولِ) أَمَّا لَوْ عَلِمَهُ بَعْدَ الْقَبُولِ وَلَوْ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ فَلَا يَصِحُّ وَيَكُونُ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ الْوَاقِعُ فِي الْمَجْلِسِ كَالْوَاقِعِ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: بِإِعْلَامِهِ) أَيْ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ: وَلَّيْتُكَهُ) أَيْ الْعَقْدُ حَيْثُ تَقَدَّمَ مَرْجِعُهُ بِأَنْ يَقُولَ. هَذَا الْعَقْدُ وَلَّيْتُكَهُ، وَالْأَوْلَى رُجُوعُ الضَّمِيرِ لِلْمَبِيعِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَيُمْكِنُ رَدُّ مَا فِي التَّوْلِيَةِ إلَيْهِ إلَخْ، لِأَنَّ الَّذِي يَظْهَرُ لِي مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ كِنَايَةً إذَا لَمْ يَذْكُرْ الْعَقْدَ قَبْلُ وَيُعَادُ عَلَيْهِ لِلضَّمِيرِ وَإِلَّا فَيَكُونُ صَرِيحًا، وَمِثْلُ الْعَقْدِ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَعَقْدِ الصَّدَاقِ وَفِي حَجّ وَلَّيْتُكَهُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْعَقْدَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ هُنَا) أَيْ فِي التَّوْلِيَةِ كَذَلِكَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمِثْلُ الْعَقْدِ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَعَقْدِ الصَّدَاقِ (قَوْلُهُ: وَهَذَانِ) أَيْ قَوْلُهُ وَلَّيْتُك هَذَا الْعَقْدَ وَقَوْلُهُ أَوْ وَلَّيْتُكَهُ (قَوْلُهُ: وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُمَا) فِيهِ مُسَامَحَةٌ لِأَنَّ الْمُشْتَقَّاتِ كُلَّهَا مِنْ الْمَصْدَرِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ الْفِعْلُ مِنْ الْمَصْدَرِ وَالصِّفَاتُ مِنْ الْأَفْعَالِ فَمَا ذَكَرَ ظَاهِرٌ عَلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ قَبِلْته) أَيْ أَوْ اشْتَرَيْته وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ الِاكْتِفَاءُ بِقَبِلْتُ مِنْ غَيْرِ ضَمِيرٍ (قَوْلُهُ: مِنْ حِينِ التَّوْلِيَةِ) خِلَافًا ل حَجّ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُتَقَوِّمُ) مُحْتَرَزُ مِثْلِيٍّ (قَوْلُهُ: لِيَقَعَ عَلَى عَيْنِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَرَضًا أَوْ نَقْدًا، وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: وَبِقِيمَتِهِ فِي الْعَرَضِ مَعَ ذِكْرِهِ وَبِهِ مُطْلَقًا بِأَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِالْعَرَضِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ وَلَّيْتُكَهُ) أَيْ الْمَبِيعَ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ ذَكَرَ هَذِهِ تَبَعًا لِلشِّهَابِ حَجّ النَّاقِلِ لَهُ عَنْ الْجُرْجَانِيِّ مَعَ إقْرَارِهِ، ثُمَّ تَعَقَّبَهُ: أَعْنِي الشَّارِحَ بِقَوْلِهِ وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي إلَخْ، فَهُوَ إنَّمَا ذَكَرَهُ لِأَجْلِ تَعَقُّبِهِ وَإِنْ كَانَ فِي سِيَاقِهِ حَزَازَةٌ. (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الْأَنْوَارِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْإِشْرَاكِ مِنْ ذِكْرِ الْبَيْعِ أَوْ الْعَقْدِ) أَيْ: لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ فِي صَرَاحَتِهِ لَا فِي أَصْلِ صِحَّتِهِ فَهُوَ بِدُونِ ذَلِكَ كِنَايَةٌ كَمَا يَأْتِي فَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ، بَلْ سَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ كِنَايَةٌ فِي قَوْلِهِ يُمْكِنُ رَدُّ مَا فِي التَّوْلِيَةِ عَنْ الْجُرْجَانِيِّ إلَيْهِ إذْ هَذَا هُوَ كَلَامُ الْجُرْجَانِيِّ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ فِيمَا يَأْتِي وَإِنْ لَمْ يَنْسُبْهُ هُنَا إلَى الْجُرْجَانِيِّ (قَوْلُهُ: وَهَذَانِ وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُمَا) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَهَذَا وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُ انْتَهَتْ، وَهِيَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ: مِنْ حِينِ التَّوْلِيَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ مُؤَجَّلًا. وَالْمَعْنَى يَقَعُ مُؤَجَّلًا مِنْ حِينِ التَّوْلِيَةِ بِقَدْرِ الْأَجَلِ الْمَشْرُوطِ فِي الْبَيْعِ الْأَوَّلِ بِقَرِينَةِ

عَلَيَّ بِكَذَا وَقَدْ وَلَّيْتُك الْعَقْدَ بِمَا قَامَ عَلَيَّ وَذَكَرَ الْقِيمَةَ مَعَ الْعَرَضِ أَوْ وَلَّتْ فِي صَدَاقِهَا بِلَفْظِ الْقِيَامِ أَوْ الرَّجُلُ فِي عِوَضِ الْخُلْعِ بِهِ إنْ عَلِمَ مَهْرَ الْمِثْلِ فِيمَا يَظْهَرُ جَازَ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي الْأُولَى وَمِثْلُهَا الْبَقِيَّةُ وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَوْلُهُمْ مَعَ الْعَرَضِ شَرْطٌ لِانْتِفَاءِ الْإِثْمِ إذْ يُشَدَّدُ فِي الْبَيْعِ بِالْعَرَضِ مَا لَا يُشَدَّدُ فِي الْبَيْعِ بِالنَّقْدِ كَمَا يَأْتِي، لَا لِصِحَّةِ الْعَقْدِ لِمَا يَأْتِي أَنَّ الْكَذِبَ فِي الْمُرَابَحَةِ وَغَيْرِهَا لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَ الْعَقْدِ، وَتَصِحُّ التَّوْلِيَةُ وَمَا مَعَهَا فِي الْإِجَارَةِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ بِشُرُوطِهَا، ثُمَّ إنْ وَقَعَتْ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ فَظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَإِنْ قَالَ وَلَّيْتُك مِنْ أَوَّلِ الْمُدَّةِ بَطَلَتْ فِيمَا مَضَى لِأَنَّهُ مَعْدُومٌ وَصَحَّتْ فِي الْبَاقِي بِقِسْطِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ، أَوْ وَلَّيْتُك مَا بَقِيَ صَحَّتْ فِيهِ بِقِسْطِهِ كَمَا ذُكِرَ (وَهُوَ) أَيْ عَقْدُ التَّوْلِيَةِ (بَيْعٌ فِي شَرْطِهِ) أَيْ شُرُوطُهُ كَقُدْرَةِ تَسَلُّمٍ وَتَقَابُضٍ الرِّبَوِيِّ لِأَنَّ حَدَّ الْبَيْعِ صَادِقٌ عَلَيْهِ (وَتَرَتُّبِ) جَمِيعِ (أَحْكَامِهِ) كَتَجَدُّدِ شُفْعَةٍ عَفَا عَنْهَا الشَّفِيعُ فِي الْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَبَقَاءِ الزَّوَائِدِ الْمُنْفَصِلَةِ لِلْمَوْلَى وَغَيْرِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مِلْكٌ جَدِيدٌ، وَقَضِيَّةُ كَوْنِهَا بَيْعًا أَنَّ لِلْمَوْلَى مُطَالَبَةَ الْمُتَوَلِّي بِالثَّمَنِ مُطْلَقًا وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ قَالَ الْإِمَامُ ـــــــــــــــــــــــــــــSمُرَادُهُ بِالْعَرَضِ الْمُتَقَوِّمُ فَيَشْمَلُ مَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ وَغَيْرَ الْمُنْضَبِطِ مِنْ الْمُتَقَوِّمَاتِ (قَوْلُهُ: أَوْ الرَّجُلُ فِي عِوَضِ الْخُلْعِ) أَيْ أَوْ فِي الصُّلْحِ عَلَى الدَّمِ وَيَكُونُ الْوَاجِبُ الدِّيَةَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَعِبَارَتُهُ فِي أَثْنَاءِ كَلَامِ: وَيَصِحُّ تَوْلِيَةُ مَأْخُوذٍ بِشُفْعَةٍ وَعَيْنٍ هِيَ أُجْرَةٌ أَوْ عِوَضِ بِضْعٍ أَوْ دَمٍ يُقَامُ عَلَيَّ وَيَذْكُرُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ أَوْ مَهْرَهُ وَالدِّيَةَ، ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي قُبَيْلَ الْبَابِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَهُ أَنْ يَقُولَ فِي عَبْدٍ هُوَ أُجْرَةٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَ مَهْرَ الْمِثْلِ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ وَلَّتْ امْرَأَةً إلَخْ وَقَوْلُهُ أَوْ الْوَجَلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: شَرْطٌ لِانْتِفَاءِ الْإِثْمِ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحِلَّ الْإِثْمِ إذَا حَصَلَتْ مَظِنَّةُ التَّفَاوُتِ، وَإِلَّا كَأَنْ قَطَعَ بِأَنَّ الْعَرَضَ لَا تَنْقُصُ قِيمَتُهُ عَنْ عَشَرَةٍ فَذَكَرَهَا أَوْ أَقَلَّ فَلَا إثْمَ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ وَكَانَتْ الرَّغْبَةُ بَيْنَ النَّاسِ فِي الشِّرَاءِ بِالْعَرَضِ مِثْلَ النَّقْدِ (قَوْلُهُ: فِي الْإِجَارَةِ) أَيْ سَوَاءٌ إجَارَةُ الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ وَإِنْ فَرَّقَ سم بَيْنَهُمَا وَعِبَارَتُهُ: وَلَك أَنْ تُفَرِّقَ بَيْنَ الْإِجَارَةِ الْعَيْنِيَّةِ فَتَصِحَّ التَّوْلِيَةُ فِيهَا دُونَ إجَارَةِ الذِّمَّةِ لِامْتِنَاعِ بَيْعِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ اهـ كَلَامُ النَّاشِرِيِّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: بِشُرُوطِهَا) أَيْ التَّوْلِيَةُ مِنْ كَوْنِهِمَا عَالِمَيْنِ بِالْأُجْرَةِ بِالْمَنْفَعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا وَبَيَانِ الْمُدَّةِ إنْ كَانَتْ مَقْدِرَةً بِهَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ قَصَدَ مُدَّةً (قَوْلُهُ بِقِسْطِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ) أَيْ مِنْ الْمُسَمَّى بِاعْتِبَارِ مَا يَخُصُّ مَا بَقِيَ مِنْهُ بَعْدَ رِعَايَةِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِمَا بَقِيَ وَلِمَا مَضَى، وَقَالَ سم عَلَى حَجّ: وَيَنْبَغِي اشْتِرَاطُ عِلْمِهِمَا بِالْقِسْطِ هُنَا اهـ. وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِالْقِسْطِ بَلْ تَوْزِيعُ الْأُجْرَةِ عَلَى أَجْزَاءِ الْمُدَّةِ كَافٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ حَدَّ الْبَيْعِ) هُوَ عَقْدٌ يُفِيدُ مِلْكَ عَيْنٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ عَلَى التَّأْيِيدِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ (قَوْلُهُ عَلَيْهِ) أَيْ عَقْدُ التَّوْلِيَةِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ طَالَبَهُ الْبَائِعُ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ الْإِمَامُ إلَخْ) وَلَعَلَّ وَجْهَهُ احْتِمَالُ أَنَّ الْبَائِعَ يَحُطُّ بَعْضَ الثَّمَنِ عَنْ الْمَوْلَى أَوْ كُلَّهُ بَعْدَ لُزُومِ التَّوْلِيَةِ فَيَنْحَطُّ عَنْ الْمُتَوَلِّي، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَقَدْ يُشْكِلُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمَبِيعَ لَوْ عَيَّبَهُ أَجْنَبِيٌّ قَبْلَ الْقَبْضِ وَأَجَازَ الْمُشْتَرِي الْعَقْدَ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْأَرْشَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ. أَمَّا قَبْلَهُ فَلَا مُطَالَبَةَ لَهُ بِهِ لِاحْتِمَالِ تَلَفِ الْمَبِيعِ فَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ، فَقِيَاسُهُ هُنَا مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ لِاحْتِمَالِ الْحَطِّ كَمَا تَقَدَّمَ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ عَقْدَ التَّوْلِيَةِ لَمَّا اسْتَقَرَّ فِيهِ الثَّمَنُ بِقَبْضِ الْمَبِيعِ، وَكَانَ الْأَصْلُ عَدَمَ الْحَطِّ مَعَ بُعْدِهِ فِي نَفْسِهِ قَوِيَ فَجَازَ لِلْبَائِعِ الْمُطَالَبَةُ بِالثَّمَنِ قَبْلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلِهِ لَا مِنْ الْعَقْدِ، وَيُصَرِّحُ بِمَا ذَكَرْتُهُ مَا فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ وَغَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ الْقِيمَةَ مَعَ الْعَرْضِ) وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهَا إنْ كَانَ عَالِمًا بِهَا. وَوَجْهُهُ أَنَّ الْقِيمَةَ هُنَا كَالثَّمَنِ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهَا فِي الْعَقْدِ وَلِئَلَّا يَقَعَ التَّنَازُعُ فِي مِقْدَارِهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: مَعَ الْعَرْضِ) أَيْ مَعَ ذِكْرِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ لِانْتِفَاءِ الْإِثْمِ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: إنْ عُلِمَ مَهْرُ الْمِثْلِ) بِبِنَاءِ عُلِمَ لِلْمَجْهُولِ: أَيْ عَلِمَ كُلٌّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ، وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي الْعَقْدِ ذَكَرَ كُلَّ ذَلِكَ الشِّهَابُ حَجّ

[شروط عقد التولية]

يَنْقَدِحُ أَنَّهُ لَا يُطَالِبُهُ حَتَّى يُطَالِبَهُ بَائِعُهُ، وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ مُطَالَبَةُ الْمُتَوَلِّي وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ الْإِمَامُ، وَلَوْ اطَّلَعَ الْمَوْلَى عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ بِالْمَبِيعِ لَمْ يَرُدَّهُ إلَّا عَلَى الْمَوْلَى فِيمَا يَظْهَرُ وَإِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا وَأَنَّ ظَاهِرَ نَصِّ الشَّافِعِيِّ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ (لَكِنْ) (لَا يَحْتَاجُ) عَقْدُ التَّوْلِيَةِ (إلَى ذِكْرِ الثَّمَنِ) لِظُهُورِ أَنَّهَا بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ (وَلَوْ حُطَّ) بِضَمِّ الْحَاءِ (عَنْ الْمُولِي) بِكَسْرِ اللَّامِ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ السَّيِّدِ بَعْدَ تَعْجِيزِ الْمُكَاتَبِ نَفْسِهِ أَوْ مُوَكَّلِ الْبَائِعِ كَمَا أَفْهَمَهُ بِنَاؤُهُ لِلْمَفْعُولِ هُنَا، فَقَوْلُهُ فِي الرَّوْضَةِ وَلَوْ حَطَّ الْبَائِعُ لِلْغَالِبِ لَا لِلتَّقْيِيدِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِحَطِّ مُوصًى لَهُ بِالثَّمَنِ وَمُحْتَالٍ بِهِ لِأَنَّهُمَا أَجْنَبِيَّانِ عَنْ الْعَقْدِ بِكُلِّ تَقْدِيرٍ (بَعْضُ الثَّمَنِ) بَعْدَ التَّوْلِيَةِ أَوْ قَبْلَهَا وَلَوْ بَعْدَ اللُّزُومِ (انْحَطَّ عَنْ الْمَوْلَى) بِفَتْحِهَا إذْ خَاصَّةُ التَّوْلِيَةِ وَإِنْ كَانَتْ بَيْعًا جَدِيدًا التَّنْزِيلُ عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ حُطَّ جَمِيعُهُ انْحَطَّ أَيْضًا مَا لَمْ يَكُنْ قَبْلَ لُزُومِ التَّوْلِيَةِ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا وَقَبْلَ لُزُومِهَا بَطَلَتْ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ بَيْعٌ مِنْ غَيْرِ ثَمَنٍ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ تَقَايَلَا بَعْدَ حَطِّهِ بَعْدَ اللُّزُومِ لَمْ يَرْجِعْ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ. وَوَقَعَ فِي الْفَتَاوَى أَنَّ رَجُلًا بَاعَ وَلَدَهُ دَارًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ أَسْقَطَهُ عَنْهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ مِنْ الْمَجْلِسِ. فَأُجِيبَ فِيهَا بِأَنَّهُ يَصِيرُ كَمَنْ بَاعَ بِلَا ثَمَنٍ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ فَتَسْتَمِرُّ الدَّارُ عَلَى مِلْكِ الْوَالِدِ، وَهُوَ جَوَابٌ صَحِيحٌ مُوَافِقٌ لِكَلَامِهِمَا، وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالْحَطِّ السُّقُوطُ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ وَرِثَ الْمَوْلَى الثَّمَنَ أَوْ بَعْضَهُ، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْ الْمُتَوَلِّي كَمَا يَسْقُطُ بِالْبَرَاءَةِ، وَعَلَيْهِ لَوْ وَرِثَ الْكُلَّ قَبْلَ التَّوْلِيَةِ لَمْ تَصِحَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSمُطَالَبَتِهِ مِنْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ، بِخِلَافِهِ فِي الْأَرْشِ فَإِنَّ يَدَ الْبَائِعِ لَمْ تَزُلْ عَنْ الْمَبِيعِ، وَاحْتِمَالُ التَّلَفِ أَقْرَبُ مِنْ احْتِمَالِ إسْقَاطِ الثَّمَنِ عَنْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: يَنْقَدِحُ) أَيْ يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ) أَيْ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ) أَيْ بَيْنَ الْمَوْلَى وَالْبَائِعِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا يَحْتَاجُ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي شَرْطِهِ (قَوْلُهُ: أَنَّهَا بِالثَّمَنِ) أَيْ بِمِثْلِهِ فِي الْمِثْلِيِّ وَبِهِ مُطْلَقًا بِأَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الثَّمَنُ مِثْلِيًّا وَانْتَقَلَ إلَيْهِ لَمْ تَصِحَّ التَّوْلِيَةُ إلَّا بِعَيْنِهِ تَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: أَوْ وَكِيلُهُ) أَيْ فِي الْحَطِّ إذْ الْوَكِيلُ فِي الْبَيْعِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ مُوَكِّلِهِ (قَوْلُهُ بَعْدَ تَعْجِيزِ الْمُكَاتَبِ) أَيْ إنْ كَانَ الْبَائِعُ مُكَاتَبًا، وَمِثْلُهُ سَيِّدُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ سَوَاءٌ كَانَ الْحَطُّ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ أَوْ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَعْدَ اللُّزُومِ) أَيْ لِلْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَأَخْذُهُ غَايَةٌ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْحَطَّ إذَا كَانَ بَعْدَ لُزُومِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ لَا يَنْحَطُّ عَنْ الْمُتَوَلِّي بَلْ وَلَا عَنْ الْمَوْلَى لِتَنْزِيلِ التَّوْلِيَةِ عَلَى مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الثَّمَنُ فِي الْعَقْدِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: انْحَطَّ أَيْضًا) شَمِلَ إطْلَاقَهُ مَا لَوْ كَانَ الْحَطُّ بَعْدَ قَبْضِ الْمَوْلَى جَمِيعَ الثَّمَنِ مِنْ الْمَوْلَى فَيَرْجِعُ الْمَوْلَى بَعْدَ الْحَطِّ عَلَى الْمَوْلَى بِقَدْرِ مَا حَطَّ مِنْ الثَّمَنِ كُلًّا كَانَ أَوْ بَعْضًا، لِأَنَّهُ بِالْحَطِّ تَبَيَّنَ أَنَّ اللَّازِمَ لِلْمَوْلَى مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْعَقْدُ بَعْدَ التَّوْلِيَةِ، وَأَمَّا لَوْ قَبَضَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ مِنْ الْمَوْلَى ثُمَّ دَفَعَ إلَيْهِ بَعْضًا مِنْهُ أَوْ كُلَّهُ هِبَةً فَلَا يَسْقُطُ بِسَبَبِ ذَلِكَ عَنْ الْمَوْلَى شَيْءٌ، لِأَنَّ هَذِهِ لَا دَخْلَ لِعَقْدِ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ فِيهَا حَتَّى يَسْرِي مِنْهُ إلَى عَقْدِ التَّوْلِيَةِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ قَبْلَ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَنْحَطُّ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ أَجْلِ كَوْنِهِ بَيْعًا بِلَا ثَمَنٍ (قَوْلُهُ: تَقَايَلَا) أَيْ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ لَمْ يَرْجِعْ الْمُشْتَرِي مُوَلِّيَ) بِكَسْرِ اللَّامِ عَلَى الْبَائِعِ لِلْمَوْلَى وَهُوَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَوَقَعَ فِي الْفَتَاوَى) أَيْ لِلنَّوَوِيِّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْبَيْعُ بِلَا ثَمَنٍ غَيْرُ صَحِيحٍ: أَيْ فَطَرِيقُهُ إنْ أَرَادَ بَقَاءَ الْعَقْدِ أَنْ يُلْزِمَ بِالْإِجَارَةِ أَوْ التَّصَرُّفِ ثُمَّ يُبَرِّئُهُ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ وَرِثَ الْمُوَلِّي) بِكَسْرِ اللَّامِ الثَّمَنَ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ (قَوْلُهُ: لَوْ وَرِثَ) أَيْ الْمُوَلِّي بِكَسْرِ اللَّامِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ التَّوْلِيَةِ) وَكَذَا بَعْدَ التَّوْلِيَةِ وَقَبْلَ لُزُومِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) أَيْ لِأَنَّهَا بَيْعٌ بِلَا ثَمَنٍ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بَعْدَ مَا ذَكَرَ مَا نَصُّهُ: وَسَيَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ صِحَّةُ الْإِبْرَاءِ مِنْ جَمِيعِ الْأُجْرَةِ وَلَوْ فِي مَجْلِسٍ الْعَقْدِ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [شُرُوطِ عَقْدُ التَّوْلِيَةِ] . (قَوْلُهُ: مِنْ الْبَائِعِ) مُتَعَلِّقٌ بِحُطَّ، وَقَوْلُهُ: أَوْ وَكِيلِهِ: أَيْ فِي خُصُوصِ الْحَطِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ التَّوْلِيَةِ أَوْ قَبْلَهَا وَلَوْ بَعْدَ اللُّزُومِ) حَقُّ الْعِبَارَةِ قَبْلَ التَّوْلِيَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَلَوْ بَعْدَ اللُّزُومِ فَتَأَمَّلْ

(وَالْإِشْرَاكُ فِي بَعْضِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ (كَالتَّوْلِيَةِ فِي كُلِّهِ) فِي الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّ الْإِشْرَاكَ تَوْلِيَةٌ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ (إنْ بَيَّنَ الْبَعْضَ) كَمُنَاصَفَةٍ أَوْ بِالنِّصْفِ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ جَزْمًا كَأَشْرَكْتُكَ فِي بَعْضِهِ أَوْ شَيْءٍ مِنْهُ لِلْجَهْلِ، فَإِنْ قَالَ فِي النِّصْفِ فَلَهُ الرُّبُعُ مَا لَمْ يَقُلْ بِنِصْفِ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُ النِّصْفُ وَإِدْخَالُ أَلْ عَلَى بَعْضٍ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْأَكْثَرِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ بَاعَ غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ مَالَ الطِّفْلِ ثُمَّ قَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي أَشْرَكْتُك فِي هَذَا الْعَقْدِ فَيَكُونُ جَائِزًا (فَلَوْ أَطْلَقَ) الْإِشْرَاكَ كَأَشْرَكْتُكَ فِيهِ (صَحَّ) الْعَقْدُ (وَكَانَ) الْمَبِيعُ (مُنَاصَفَةً) بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ لَفْظِ الْإِشْرَاكِ. نَعَمْ لَوْ قَالَ بِرُبُعِ الثَّمَنِ مِثْلًا كَانَ شَرِيكًا بِالرُّبُعِ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا تَقَرَّرَ فِي أَشْرَكْتُك فِي نِصْفِهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ بِجَامِعِ أَنَّ ذِكْرَ الثَّمَنِ فِي كُلٍّ مُبَيِّنٌ لِلْمُرَادِ مِنْ اللَّفْظِ قَبْلَهُ لِاحْتِمَالِهِ وَإِنْ نَزَلَ لَوْ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْمُخَصِّصَ عَلَى خِلَافِهِ وَتَوَهُّمُ فَرْقٍ بَيْنَهُمَا بَعِيدٌ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَوْ تَعَدَّدَ الشُّرَكَاءُ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ الشَّرِيكُ نِصْفَ مَا لَهُمْ أَوْ مِثْلَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَمَا لَوْ اشْتَرَيَا شَيْئًا ثُمَّ أَشْرَكَا ثَالِثًا فِيهِ فَهَلْ لَهُ نِصْفُهُ أَوْ ثُلُثُهُ؟ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــSالْبَيْعِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَلْحَقُ ذَلِكَ الْمُتَوَلِّيَ اهـ: وَمِثْلُهُ فِي حَجّ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ: وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ قَوْلِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَلْحَقُ ذَلِكَ الْمُتَوَلِّيَ حُكْمًا وَتَفْرِيعًا عَلَى مَا قَبْلَهُ نَظَرًا وَاضِحًا، وَلَمْ يَظْهَرْ لِهَذَا الْحُكْمِ: أَعْنِي أَنَّ الْحَطَّ لَا يَلْحَقُ الْمُتَوَلِّيَ وَلَا لِتَفْرِيعِهِ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَجْهَ صِحَّةٍ وَكَأَنَّ م ر تَبِعَهُ فِي شَرْحِهِ عَلَى قَوْلِهِ وَسَيَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ إلَخْ، فَأَمَرَتْ أَصْحَابَنَا لِإِرَادَتِي غَيْبَتِي عَنْ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ بِإِيرَادِ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَضَرَبَ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ وَوَافَقَ عَلَى أَنَّ لِلْوَجْهِ خِلَافَ ذَلِكَ. اهـ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَالَ بَعْدَهُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ أَوْ نَحْوِهِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحِلَّ الْبُطْلَانِ مَا لَمْ يُعَيِّنْ جُزْءًا مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنْ ذَكَرَهُ كَأَنْ قَالَ أَشْرَكْتُك فِي شَيْءٍ مِنْهُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ أَوْ بِرُبُعِهِ كَانَ قَرِينَةً عَلَى إرَادَةِ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الْمَبِيعِ فَيَصِحُّ وَيَكُونُ فِي الْأُولَى شَرِيكًا بِالنِّصْفِ وَفِي الثَّانِيَةِ بِالرُّبُعِ، قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَلَوْ قَالَ أَشْرَكْتُك فِي نِصْفِهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ كَانَ مُنَاصَفَةً لِمُقَابَلَةِ نِصْفِ الثَّمَنِ، أَوْ قَالَ فِي نِصْفِ الثَّمَنِ لِيَكُونَ بَيْنَنَا لَمْ يَصِحَّ انْتَهَى: وَلَعَلَّهُ لِلتَّنَافِي بَيْنَ مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ فِي نِصْفِ الثَّمَنِ مِنْ أَنَّهُ جَعَلَ لَهُ رُبُعَ الْمَبِيعِ بِرُبُعِ الثَّمَنِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ بَيْنَنَا الْمُقْتَضِي كَوْنَهُ الْمُنَاصَفَةَ، أَوْ أَنَّ قَوْلَهُ أَشْرَكْتُك فِي نِصْفِ الثَّمَنِ إنَّمَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ الْبَائِعُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَالشَّرِيكِ لِيَكُونَ الْمَبِيعُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا وَالْفَسَادُ عَلَى تَقْدِيرِ إرَادَةِ ذَلِكَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُ لِلنِّصْفِ) وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ عُدُولَهُ عَنْ بِعْتُك رُبُعَهُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ إلَى أَشْرَكْتُك قَرِينَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ أَشْرَكْتُك فِيهِ بِجَعْلِ نِصْفِهِ لَك بِنِصْفِ الثَّمَنِ إلَخْ وَمَعَ ذَلِكَ فِيهِ شَيْءٌ. وَبَقِيَ مَا لَوْ اشْتَرَاهُ بِمِائَةٍ ثُمَّ قَالَ لِآخَرَ أَشْرَكْتُك فِي نِصْفِهِ بِخَمْسِينَ هَلْ يَكُونُ لَهُ النِّصْفُ أَوْ الرُّبُعُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ لَهُ الرُّبُعَ لِأَنَّ عُدُولَهُ عَنْ قَوْلِهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ إلَى قَوْلِهِ بِخَمْسِينَ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ بَيْعٌ مُبْتَدَأٌ، وَكَأَنَّهُ قَالَ بِعْتُك رُبُعَهُ بِخَمْسِينَ (قَوْلُهُ: غَيْرَ الْأَبِ) أَنْظُرْ مَفْهُومَ قَوْلِهِ غَيْرَ، وَلَعَلَّهُ لِمُجَرَّدِ التَّصْوِيرِ لَا لِلِاحْتِرَازِ لِأَنَّ حُكْمَ الْأَبِ وَالْجَدِّ يُفْهَمُ بِالْأَوْلَى، وَإِنَّمَا تَعَرَّضَ لِغَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ مُتَّهَمٌ بِمُحَابَاةِ الْمُشْتَرِي لِيَأْخُذَ مِنْهُ بِأَنْ يَتَوَاطَأَ مَعَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِلْأَبِ تَوَلِّيَ الطَّرَفَيْنِ دُونَ غَيْرِهِ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ امْتِنَاعُ أَخْذِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ بِذَلِكَ يَصِيرُ كَالْمُتَوَلِّي لَهُمَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ لَهُ) أَيْ لِلْوَلِيِّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ قَالَ بِرُبُعِ الثَّمَنِ) بَقِيَ مَا لَوْ قَالَ أَشْرَكْتُك بِالنِّصْفِ بِرُبُعِ الثَّمَنِ هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الصِّحَّةُ وَيَكُونُ شَرِيكًا بِالرُّبُعِ، وَالْبَاءُ فِيهِ بِمَعْنَى فِي وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعَصْرِ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: فُرِّقَ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ مَا لَوْ قَالَ بِرُبُعِ الثَّمَنِ مَثَلًا وَبَيْنَ قَوْلِهِ أَشْرَكْتُك فِي نِصْفِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَهَلْ يَسْتَحِقُّ الشَّرِيكُ) أَيْ مَنْ أَشْرَكُوهُ مَعَهُمْ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ اشْتَرَيَا) مِثَالٌ لِتَعَدُّدِ الشُّرَكَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ) أَيْ: أَوْ هُمَا بِالْأَوْلَى

وَالْأَشْبَهُ الثَّانِي. وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْعَقْدِ لَكِنْ قَالَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ: وَلَا بُدَّ فِي الْإِشْرَاكِ مِنْ ذِكْرِ الْبَيْعِ أَوْ الْعَقْدِ بِأَنْ يَقُولَ أَشْرَكْتُك فِي بَيْعِ هَذَا أَوْ فِي هَذَا الْعَقْدِ وَلَا يَكْفِي أَنْ يَقُولَ أَشْرَكْتُك فِي هَذَا وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَأَقَرَّهُ وَعَلَيْهِ أَشْرَكْتُك فِي هَذَا كِنَايَةٌ، وَيُمْكِنُ رَدُّ مَا فِي التَّوْلِيَةِ عَنْ الْجُرْجَانِيِّ إلَيْهِ (وَقِيلَ لَا) يَصِحُّ لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ الْمَبِيعِ وَثَمَنِهِ (وَيَصِحُّ بَيْعُ الْمُرَابَحَةِ) مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] نَعَمْ بَيْعُ الْمُسَاوَمَةِ أَوْلَى مِنْهُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى جَوَازِهِ وَعَدَمِ كَرَاهَتِهِ وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنَا عُمَرَ وَعَبَّاسِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - إنَّهُ رِبًا وَتَبِعَهُمَا بَعْضُ التَّابِعِينَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ مَكْرُوهٌ (بِأَنْ) هِيَ بِمَعْنَى كَأَنْ، وَكَثِيرًا مَا يَسْتَعْمِلُهَا الْمُصَنِّفُ بِمَعْنَاهَا (يَشْتَرِيهِ بِمِائَةٍ) مَثَلًا (ثُمَّ يَقُولُ) لِعَالِمٍ بِذَلِكَ (بِعْتُك بِمَا اشْتَرَيْت) أَيْ بِمِثْلِهِ أَوْ بِرَأْسِ الْمَالِ أَوْ بِمَا قَامَ عَلَيَّ أَوْ نَحْوِهَا وَلَا يَكْفِي عِلْمُهُمَا بِذَلِكَ وَلِمُبَادَرَةِ فَهْمِ الْمِثْلِ فِي نَحْوِ هَذَا لَمْ يَحْتَجْ لِذِكْرِ الْمِثْلِ، وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ هُنَا الْعِلْمُ بِالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ، وَلَا تَكْفِي الْمُعَايَنَةُ وَإِنْ كَفَتْ فِي بَابِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ فَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ دَرَاهِمَ مُعَيَّنَةً غَيْرَ مَوْزُونَةٍ أَوْ حِنْطَةً فَمِثْلًا غَيْرَ مَكِيلَةٍ لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْأَصَحِّ (وَرِبْحُ دِرْهَمٍ لِكُلِّ عَشَرَةٍ) أَوْ فِيهَا أَوْ عَلَيْهَا (أَوْ رِبْح ده) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ بِالْفَارِسِيَّةِ عَشَرَةٌ (ياز) وَاحِدُ (ده) بِمَعْنَى مَا قَبْلَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَالْأَشْبَهُ الثَّانِي) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ عَكْسُهُ كَأَنْ اشْتَرَى شَيْئًا ثُمَّ قَالَ لِاثْنَيْنِ أَشْرَكْتُكُمَا فِيهِ فَيَكُونُ الْمَبِيعُ أَثْلَاثًا. وَبَقِيَ مَا لَوْ اخْتَلَفَتْ حِصَصُهُمْ كَأَنْ كَانَ لِوَاحِدٍ النِّصْفُ وَالْآخَرَ الثُّلُثُ وَالْآخَرَ السُّدُسُ، ثُمَّ قَالُوا لِلرَّابِعِ أَشْرَكْنَاك مَعَنَا فَالظَّاهِرُ أَنْ يَكُونَ لَهُ النِّصْفُ وَلِلثَّلَاثَةِ النِّصْفُ وَكَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ بَاعَهُ نِصْفَ مَا بِيَدِهِ لِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ هُنَا كَوْنُهُ كَأَحَدِ الثَّلَاثَةِ لِاخْتِلَافِ أَنْصِبَائِهِمْ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ إذَا بَنَيْنَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ رَدُّ مَا فِي التَّوْلِيَةِ) مُرَادُهُ بِمَا فِي التَّوْلِيَةِ مَا قَدَّمَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَّيْتُك إلَخْ مِنْ أَنَّهُ يَكْفِي فِي التَّوْلِيَةِ وَلَّيْتُك: يَعْنِي مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْعَقْدِ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَنْقُلْهُ عَنْ الْجُرْجَانِيِّ وَنَقَلَهُ عَنْهُ حَجّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ بَيْعُ الْمُسَاوَمَةِ) هِيَ أَنْ يَقُولَ: اشْتَرِ بِمَا شِئْت (قَوْلُهُ: لِلْإِجْمَاعِ) يُشْعِرُ بِأَنَّهُ قِيلَ بِحُرْمَةِ الْمُرَابَحَةِ، وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَالْبَيْعُ مُسَاوَمَةً أَوْلَى مِنْ الْمُرَابَحَةِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ حَرَّمَهَا أَوْ أَبْطَلَهَا مِنْ السَّلَفِ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا وَهُوَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ انْتَهَى، وَكَذَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ إنَّهُ رِبًا، وَلَعَلَّ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ مَعَ الْقَوْلِ بِالْحُرْمَةِ شِدَّةُ ضَعْفِ الْقَوْلِ بِالْحُرْمَةِ وَلَيْسَ الْقَوْلُ بِالْحُرْمَةِ مُطْلَقًا مُقْتَضِيًا الْكَرَاهَةَ بَلْ يُشْتَرَطُ قُوَّةُ الْقَوْلِ بِهَا (قَوْلُهُ: إنَّهُ رِبًا) أَيْ بَيْعُ الْمُرَابَحَةِ (قَوْلُهُ: مَثَلًا) رَاجِعٌ لِمِائَةٍ (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْتَجْ لِذِكْرِ الْمِثْلِ) وَلَا نِيَّتُهُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَا تَكْفِي الْمُعَايَنَةُ) لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ مِنْهَا قَدْرُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا وَزَّعَ الرِّبْحَ عَلَى الثَّمَنِ، كَذَا عَلَّلَ بِهِ حَجّ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ عُلِمَ قَدْرُ الرِّبْحِ كَأَنْ قَالَ بِعْتُك بِمَا اشْتَرَيْت وَرِبْحِ عَشَرَةٍ صَحَّ، وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَيْضًا الِاكْتِفَاءُ بِالْمُعَايَنَةِ فِي غَيْرِ صُورَةِ الْمُرَابَحَةِ مِنْ التَّوْلِيَةِ وَالْإِشْرَاكِ وَالْمُحَاطَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَفَتْ فِي بَابِ الْبَيْعِ) أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُتَوَلِّيَ بِتَقْدِيرِ مُعَايَنَتِهِ الثَّمَنَ الَّذِي دَفَعَهُ الْمُوَلِّي لِبَائِعِهِ لَا يَعْلَمُ قَدْرَهُ حَتَّى يَقْبَلَ بِهِ. وَبِتَقْدِيرِ أَنَّ الْمُوَلِّيَ اشْتَرَى بِجُزَافٍ فَرَآهُ وَاشْتَرَى بِهِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ عِلْمُهُ بِقَدْرِهِ حَتَّى يُولَى بِهِ بِخِلَافِهِ فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ، فَإِنَّ الْمُعَايِنَ لَهُمَا بِقَبْضِهِ الْبَائِعُ أَوْ الْمُؤَجِّرُ وَقَدْ عَلِمَهُ تَخْمِينًا بِالرُّؤْيَةِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ) مُفَرَّعًا عَلَى قَوْلِهِ وَلَا تَكْفِي إلَخْ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى مَا قَبْلَهَا) أَيْ عَشَرَةٌ. لَا يُقَالُ: قَضِيَّةُ هَذَا التَّفْسِيرِ أَنَّ رِبْحَ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ فَيَكُونُ مَجْمُوعُ الْأَصْلِ وَالرِّبْحِ وَاحِدًا وَعِشْرِينَ. لِأَنَّا نَقُولُ: ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ) لَعَلَّ مُرَادَهُ كَلَامُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ. وَإِلَّا فَفِي كَوْنِ هَذَا قَضِيَّةَ كَلَامِهِ هُنَا مَنْعٌ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ صَوَّرَ التَّوْلِيَةَ فِيمَا مَرَّ بِمَا إذَا ذَكَرَ الْعَقْدَ حَيْثُ قَالَ وَلَّيْتُكَ الْعَقْدَ، ثُمَّ أَحَالَ عَلَيْهِ هُنَا بِقَوْلِهِ وَالْإِشْرَاكُ فِي بَعْضِهِ كَالتَّوْلِيَةِ فِي كُلِّهِ، فَاقْتَضَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْعَقْدِ فِي الْإِشْرَاكِ أَيْضًا، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ رَدُّ مَا فِي التَّوْلِيَةِ عَنْ الْجُرْجَانِيِّ إلَيْهِ) أَيْ أَنَّهُ

[بيع المحاطة]

فَكَأَنَّهُ قَالَ بِمِائَةٍ وَعَشَرَةٍ فَيَقْبَلُهُ الْمُخَاطَبُ إنْ شَاءَ، وَآثَرُوهَا بِالذِّكْرِ لِوُقُوعِهَا بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَاخْتِلَافِهِمْ فِي حُكْمِهَا، وَلَوْ ضَمَّ إلَى الثَّمَنِ شَيْئًا وَبَاعَهُ مُرَابَحَةً كَاشْتَرَيْتُهُ بِمِائَةٍ وَبِعْتُك بِمِائَتَيْنِ وَرِبْحُ دِرْهَمٍ لِكُلِّ عَشَرَةٍ أَوْ رِبْح ده يازده صح وَكَأَنَّهُ قَالَ بِعْتُكَهُ بِمِائَتَيْنِ وَعِشْرِينَ، وَلَوْ جَعَلَ الرِّبْحَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ جَازَ، وَحَيْثُ أَطْلَقَ دَرَاهِمَ الرِّبْحِ فَمِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ الْغَالِبِ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْته بِعَشَرَةٍ وَبِعْتُكَهُ بِأَحَدَ عَشَرَ وَلَمْ يَقُلْ مُرَابَحَةً وَلَا مَا يُفِيدُهَا لَمْ يَكُنْ عَقْدَ مُرَابَحَةٍ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ حَتَّى لَوْ كَذَبَ فَلَا خِيَارَ وَلَا حَطَّ كَمَا يَأْتِي (وَ) يَصِحُّ بَيْعُ (الْمُحَاطَةِ) وَيُقَالُ لَهَا الْمُوَاضَعَةُ وَالْمُخَاسَرَةُ (كَبِعْتُ) كَ (بِمَا اشْتَرَيْت) أَيْ بِمِثْلِهِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْمُرَابَحَةِ (وحط ده يازده) الْمُرَادُ مِنْ هَذَا التَّرْكِيبِ أَنَّ الْأَحَدَ عَشَرَةَ تَصِيرُ عَشَرَةً (وَ) مِنْ ثَمَّ (يُحَطُّ مِنْ كُلِّ أَحَدَ عَشَرَ وَاحِدٌ) كَمَا أَنَّ الرِّبْحَ فِي مُرَابَحَةِ ذَلِكَ وَاحِدٌ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ، فَلَوْ اشْتَرَاهُ بِمِائَةٍ فَالثَّمَنُ تِسْعُونَ وَعَشَرَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ أَوْ بِمِائَةٍ وَعَشَرَةٍ فَالثَّمَنُ مِائَةٌ (وَقِيلَ) يُحَطُّ (مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ) وَاحِدٌ كَمَا زِيدَ عَلَى كُلِّ عَشَرَةٍ وَاحِدٌ وَلَوْ قَالَ يُحَطُّ دِرْهَمٌ مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ فَالْمَحْطُوطُ الْعَاشِرُ لِأَنَّ مِنْ تُقْتَضَى إخْرَاجَ وَاحِدٍ مِنْ الْعَشَرَةِ بِخِلَافِ اللَّامِ وَفِي وَعَلَى، وَالْأَوْجَهُ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْمُرَابَحَةِ الصِّحَّةُ مَعَ الرِّبْحِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ لِمَا يَلْزَمُ عَلَى عَدَمِ الرِّبْحِ مِنْ إلْغَاءٍ قَوْلُهُ وَرِبْحِ دِرْهَمٍ، وَتَكُونُ حِينَئِذٍ مِنْ لِلتَّعْلِيلِ أَوْ بِمَعْنَى فِي أَوْ عَلَى بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ وَرِبْحِ دِرْهَمٍ (وَإِذَا) (قَالَ بِعْتُك بِمَا اشْتَرَيْت) أَوْ بِرَأْسِ مَالِي (لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ سِوَى الزَّمَنُ) الَّذِي اسْتَقَرَّ الْعَقْدُ عَلَيْهِ عِنْدَ الزَّوْمِ إذْ هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ ذَلِكَ، فَيُعْتَبَرُ مَا لَحِقَهُ قَبْلَهُ مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ كَمَا يُعْتَبَرُ لَوْ بَاعَ بِلَفْظِ الْقِيَامِ لِأَنَّ هَذَا الْعَقْدَ لَمْ يَقَعْ إلَّا بِذَلِكَ. وَلَوْ حُطَّ بَعْدَ اللُّزُومِ وَالْمُرَابَحَةِ لَمْ يَتَعَدَّ لِلْمُشْتَرِي أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَهَا جَازَ بِلَفْظِ الشِّرَاءِ دُونَ لَفْظِ الْقِيَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا يَلْزَمُ تَخْرِيجُ الْأَلْفَاظِ الْعَجَمِيَّةِ عَلَى مُقْتَضَى اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ، بَلْ مَا اسْتَعْمَلَتْهُ الْعَرَبُ مِنْ لُغَةِ الْعَجَمِ يَكُونُ جَارِيًا عَلَى عُرْفِهِمْ وَهُوَ هُنَا بِمَنْزِلَةِ رِبْحِ دِرْهَمٍ لِكُلِّ عَشَرَةٍ، وَكَأَنَّ الْمَعْنَى عَلَيْهِ وربح ده يَصِيرُ وَزْنُهَا أَحَدَ عَشَرَ، وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي الْمُحَاطَةِ بِقَوْلِ الشَّارِحِ الْمُرَادُ مِنْ هَذَا لِلتَّرْكِيبِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَآثَرُوهَا) أَيْ ده يازده (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ) أَيْ كَاذِبًا (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ عَقْدٌ) بَلْ عَقْدُ مُسَاوَمَةٍ وَهُوَ صَحِيحٌ وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ الْكَذِبُ (قَوْلُهُ: فَلَا خِيَارَ) لِلْمُشْتَرِي وَهَذَا يَقَعُ فِي مِصْرِنَا كَثِيرًا [بَيْعُ الْمُحَاطَةِ] (قَوْلُهُ: مُرَابَحَةُ ذَلِكَ) أَيْ الْأَحَدَ عَشَرَ (قَوْلُهُ الصِّحَّةُ مَعَ الرِّبْحِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُقْصَدْ بِمِنْ مَعْنَى اللَّامِ (قَوْلُهُ: الَّذِي اسْتَقَرَّ الْعَقْدُ عَلَيْهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ، وَالشَّرْطِ دُونَ خِيَارِ الْعَيْبِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: عِنْدَ اللُّزُومِ) أَيْ وَإِذَا اخْتَلَفَتْ قِيمَةُ الْعَرْضِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَهَلْ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ يَوْمِ الْعَقْدِ أَوْ يَوْمِ الِاسْتِقْرَارِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي فَتَاوِيهِ: لَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلٍ فِيهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ كَمَا فِي الشُّفْعَةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ أَوْ نَقَصَ) قَالَ الْمَحَلِّيُّ فِي زَمَنِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ أَوْ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَطَّ) أَيْ عَنْ الْبَائِعِ الثَّانِي وَهُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ بَعْدَ اللُّزُومِ) أَيْ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَابَحَةُ) أَيْ عَقْدُ الْمُرَابَحَةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَعَدَّ لِلْمُشْتَرِي) أَيْ الثَّانِي (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ اللُّزُومُ (قَوْلُهُ وَقَبْلَهَا) أَيْ الْمُرَابَحَةُ (قَوْلُهُ: دُونَ لَفْظِ الْقِيَامِ) عِبَارَةُ حَجّ أَمَّا الْحَطُّ بَعْدَ اللُّزُومِ لِلْبَعْضِ فَمَعَ الشِّرَاءِ لَا يَلْحَقُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQكِنَايَةٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَمْ تَتَقَدَّمْ لَهُ النِّسْبَةُ إلَى الْجُرْجَانِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ هُنَاكَ [بَيْعُ الْمُرَابَحَةِ] . (قَوْلُهُ: فِي نَظِيرِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْأَوْجَهِ أَوْ بِالصِّحَّةِ وَلَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ أَفَادَهُ، وَالضَّمِيرُ فِي نَظِيرِهِ يَرْجِعُ لِصُورَةِ مِنْ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ، وَمُرَادُهُ بِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. وَعِبَارَتُهُ فِيهِ بَعْدَ قَوْلِ الرَّوْضِ فَلَوْ قَالَ يُحَطُّ دِرْهَمٌ مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ فَالْمَحْطُوطُ الْعَاشِرُ نَفْسُهَا: وَالظَّاهِرُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْمُرَابَحَةِ الصِّحَّةُ بِلَا رِبْحٍ، وَيُحْتَمَلُ عَدَمُهَا إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِمِنْ التَّعْلِيلَ فَتَكُونُ كَاللَّامِ وَنَحْوِهَا انْتَهَتْ . (قَوْلُهُ: وَلَوْ حُطَّ بَعْدَ اللُّزُومِ وَالْمُرَابَحَةِ) أَيْ بَعْدَ عَقْدِهَا وَإِنْ لَمْ تَلْزَمْ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ التُّحْفَةِ

سَوَاءٌ أَحُطَّ الْبَعْضُ أَمْ الْكُلُّ (وَلَوْ) (قَالَ) بِعْتُك (بِمَا قَامَ) أَوْ ثَبَتَ أَوْ حَصَلَ أَوْ بِمَا هُوَ (عَلَيَّ) أَوْ بِمَا وَزَنْته وَإِنْ نَازَعَ الْأَذْرَعِيُّ فِيهِ (دَخَلَ) فِيهِ (مَعَ ثَمَنِهِ أُجْرَةُ الْكَيَّالِ) لِلثَّمَنِ الْمَكِيلِ (وَالدَّلَّالِ) لِلثَّمَنِ الْمُنَادَى عَلَيْهِ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ صُورَةَ أُجْرَةِ الْكَيَّالِ كَوْنُ الثَّمَنِ مَكِيلًا، أَوْ يَلْتَزِمُ الْمُشْتَرِي مُؤْنَةَ كَيْلِ الْمَبِيعِ مُعَيَّنَةً، أَوْ يَتَرَدَّدُ فِي صِحَّةِ مَا اكْتَالَهُ الْبَائِعُ فَيَسْتَأْجِرُ مَنْ يَكِيلُهُ ثَانِيًا لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ إنْ ظَهَرَ نَقْصٌ، أَوْ يَشْتَرِيهِ جُزَافًا ثُمَّ يَكِيلُهُ بِأُجْرَةٍ لِيَعْرِفَ قَدْرَهُ، أَوْ يَشْتَرِي مَعَ غَيْرِهِ صُبْرَةً ثُمَّ يَقْتَسِمَاهَا كَيْلًا فَأُجْرَةُ الْكَيَّالِ عَلَيْهِمَا وَصُورَةُ أُجْرَةِ الدَّلَّالِ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ عَرَضًا فَيَسْتَأْجِرُ مَنْ يَعْرِضُهُ لِلْبَيْعِ ثُمَّ يَشْتَرِي سِلْعَةً بِهِ، أَوْ يَلْتَزِمُ الْمُشْتَرِي أُجْرَةَ دَلَالَةِ الْمَبِيعِ مُعَيَّنَةً وَمَحِلُّ دُخُولِ أُجْرَةِ مَنْ ذُكِرَ إذَا لَزِمَتْ الْمَوْلَى وَأَدَّاهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَمَعَ نَحْوِ الْقِيَامِ يُخَيَّرُ بِالْبَاقِي، أَوْ لِلْكُلِّ فَلَا يَنْعَقِدُ بَيْعُهُ مُرَابَحَةً مَعَ الْقِيَامِ إذْ لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ بَلْ مَعَ الشِّرَاءِ اهـ. وَهِيَ تُفِيدُ صِحَّةَ الْبَيْعِ مُرَابَحَةً بِمَا قَامَ عَلَيَّ فِي صُورَةِ حَطِّ الْبَعْضِ حَيْثُ ذَكَرَ مَا بَقِيَ مِنْ الثَّمَنِ بَعْدَ الْحَطِّ، وَأَقَرَّهُ سم، وَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِهِ جَازَ بِلَفْظِ الشِّرَاءِ: أَيْ جَازَ عَقْدُ الْبَيْعِ بِلَفْظِ الشِّرَاءِ بِأَنْ يَقُولَ بِعْت بِمَا اشْتَرَيْت وَلَا يَلْحَقُ بِذَلِكَ حَطٌّ عَنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَحَمْلُ قَوْلِهِ دُونَ لَفْظِ الْقِيَامِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ إذَا قَالَ بِعْت بِمَا قَامَ عَلَيَّ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ بِعْت بِمَا قَامَ عَلَيَّ وَهُوَ كَذَا مُخَيَّرًا بِالْبَاقِي بَعْدَ الْحَطِّ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَنْحَطُّ عَنْ الْمُشْتَرِي. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَطَّ لَا يَلْحَقُ فِي الْمُرَابَحَةِ إلَّا إذَا بَاعَ قَبْلَ عَقْدِ الْمُرَابَحَةِ بِلَفْظِ الْقِيَامِ وَأَخْبَرَ بِالْبَاقِي (قَوْلُهُ: مُؤْنَةَ كَيْلِ الْمَبِيعِ مُعَيَّنَةً) كَدَرَاهِمَ مَثَلًا أَوْ يُلْزِمُهُ بِهَا مَنْ يَرَاهُ اهـ حَجّ. [فَرْعٌ] الدَّلَالَةُ عَلَى الْبَائِعِ، فَلَوْ شَرَطَهَا عَلَى الْمُشْتَرِي فَسَدَ الْعَقْدُ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ بِعْتُك بِعَشَرَةٍ سَالِمًا فَيَقُولُ اشْتَرَيْت لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ سَالِمًا أَنَّ الدَّلَالَةَ عَلَيْك فَيَكُونُ الْعَقْدُ فَاسِدًا كَذَا تَحَرَّرَ وَأَقَرَّهُ مَرَّ وَاعْتَمَدَهُ وَجَزَمَ بِهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ أُجْرَةَ دَلَالَةِ الْبَيْعِ مُعَيَّنَةً) كَأَنْ يَقُولَ اشْتَرَيْته بِكَذَا وَدِرْهَمٍ دَلَالَةً كَمَا قَالَهُ حَجّ، وَقَالَ أَيْضًا: وَلَوْ وَزَنَ أَحَدُهُمَا دَلَالَةً لَيْسَتْ عَلَيْهِ كَانَ تَبَرُّعًا مَا لَمْ يَظُنَّ وُجُوبَهَا عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ، فَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الدَّلَّالِ وَهُوَ يَرْجِعُ عَلَى مَنْ هِيَ عَلَيْهِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا يَقَعُ فِي قُرَى مِصْرِنَا كَثِيرًا مِنْ أَخْذِ مَنْ يُرِيدُ تَزْوِيجَ ابْنَتِهِ شَيْئًا مِنْ الزَّوْجِ غَيْرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَعْدَ عَقْدِ الْمُرَابَحَةِ، وَقَوْلُ الرَّوْضِ وَغَيْرِهَا بَعْدَ جَرَيَانِ الْمُرَابَحَةِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَحَطَّ الْبَعْضَ أَمْ الْكُلَّ) هُوَ مُسَلَّمٌ فِي مَسْأَلَةِ الْكُلِّ دُونَ مَسْأَلَةِ الْبَعْضِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ كَغَيْرِهَا أَمَّا الْحَطُّ بَعْدَ اللُّزُومِ لِلْبَعْضِ فَمَعَ الشِّرَاءِ لَا يُلْحَقُ وَمَعَ الْقِيَامِ يُجْبَرُ بِالْبَاقِي أَوْ الْكُلِّ فَلَا يَنْعَقِدُ عَقْدُ الْمُرَابَحَةِ مَعَ الْقِيَامِ؛ إذْ لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ بَلْ مَعَ الشِّرَاءِ انْتَهَتْ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي مَسْأَلَةِ حَطِّ الْكُلِّ إذَا قَالَ بِمَا قَامَ عَلَيَّ وَإِنْ كَانَ قَدْ بَذَلَ فِيهِ مُؤَنًا لِلِاسْتِرْبَاحِ، وَظَاهِرُ التَّعْلِيلِ بِأَنَّهُ لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ رُبَّمَا خَالَفَهُ فَلْيُرَاجَعْ . (قَوْلُهُ: أَوْ يَلْتَزِمُ الْمُشْتَرِي مُؤْنَةَ كَيْلِ الْمَبِيعِ إلَخْ) لَيْسَ مِنْ جُمْلَةِ مَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ بَلْ هُوَ وَمَا بَعْدَهُ تَصَاوِيرُ مُسْتَقِلَّةٌ، وَصُورَةُ الْتِزَامِ مُؤْنَةِ الْكَيْلِ أَنْ يَقُولَ اشْتَرَيْتُهُ مِنْكَ بِكَذَا وَدِرْهَمِ كِيَالَةٍ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَلْتَزِمُ الْمُشْتَرِي أُجْرَةَ دَلَالَةِ الْمَبِيعِ مُعَيَّنَةً) هَذَا لَا يُوَافِقُ مَا سَيَأْتِي لَهُ آخِرَ الضَّمَانِ مِنْ تَرْجِيحِ مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ هُنَاكَ مِنْ بُطْلَانِ الْبَيْعِ بِالْتِزَامِ الدَّلَالَةِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ مَعْلُومَةً أَوْ مَجْهُولَةً؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ عَلَيْهِ أَمْرًا آخَرَ وَهُوَ أَنْ يَدْفَعَ كَذَا إلَى جِهَةِ كَذَا فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: فَيَسْتَأْجِرُ مَنْ يَعْرِضُهُ لِلْبَيْعِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّ مَا ذُكِرَ فِي أُجْرَةِ الدَّلَّالِ وَالْكَيَّالِ حَيْثُ تُوجِبُ لَهُ أُجْرَةً بِاسْتِئْجَارٍ أَوْ جَعَالَةٍ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُسَمَّ لَهُ شَيْءٌ أَصْلًا كَمَا هُوَ الْعَادَةُ فَالْوَجْهُ تَخْرِيجُ ذَلِكَ عَلَى الْخِلَافِ فِي اسْتِحْقَاقِ أُجْرَةٍ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يَجُوزُ الضَّمُّ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِالْأُجْرَةِ إلَّا أَنْ يَحْكُمَ بِهَا حَاكِمٌ اهـ، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ حُكْمُهُ تَعْبِيرُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ فَيَسْتَأْجِرُ (قَوْلُهُ: إذَا لَزِمَتْ الْمَوْلَى وَأَدَّاهَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: أَمَّا إذَا الْتَزَمَ وَلَمْ يَغْرَمْ بَعْدُ فَلَمْ يُصَرِّحُوا بِشَيْءٍ، لَكِنَّ الْمُتَوَلِّيَ فَرَضَ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا الْتَزَمَ وَالشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فَرَضَهُ فِيمَا إذَا اتَّفَقَ،

وَمَعْنَى قَوْلِهِ دَخَلَ أَنَّهُ يَضُمُّهَا إلَى الثَّمَنِ فَيَقُولُ قَامَ عَلَيَّ بِكَذَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ بِمُطْلَقِ ذَلِكَ تَدْخُلُ جَمِيعُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مَعَ الْجَهْلِ بِهَا (وَالْحَارِسُ وَالْقَصَّارُ وَالرَّفَّاءُ) بِالْمَدِّ مِنْ رَفَأْت الثَّوْبَ بِالْهَمْزِ وَرُبَّمَا قِيلَ بِالْوَاوِ (وَالصَّبَّاغُ) كُلٌّ مِنْ الْأَرْبَعَةِ لِلْمَبِيعِ (وَقِيمَةُ الصَّبْغِ) لَهُ (وَسَائِرُ الْمُؤَنِ الْمُرَادَةِ لِلِاسْتِرْبَاحِ) كَأُجْرَةِ الْمَكَانِ وَالْخِتَانِ وَالْمُطَيِّنِ حَتَّى الْمَكْسُ الَّذِي يَأْخُذُهُ السُّلْطَانُ أَوْ الرَّصَدِيُّ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مُؤَنِ التِّجَارَةِ لَا مَا اسْتَرْجَعَهُ بِهِ إنْ غُصِبَ أَوْ أَبَقَ، وَلَا فِدَاءُ الْجِنَايَةِ وَلَا نَفَقَةٌ وَكِسْوَةٌ وَعَلَفٌ، وَلَا سَائِرُ مَا يُقْصَدُ بِهِ اسْتِبْقَاءُ الْمِلْكِ دُونَ الِاسْتِرْبَاحِ، وَيَدْخُلُ عَلَفُ التَّسْمِينِ وَأُجْرَةُ الطَّبِيبِ وَثَمَنُ دَوَاءِ الْمَرَضِ وَقْتَ الشِّرَاءِ وَمِثْلُهَا أُجْرَةُ رَدِّ مَا اشْتَرَاهُ مَغْصُوبًا أَوْ آبِقًا، وَفِدَاءُ مَنْ اشْتَرَاهُ جَانِيًا جِنَايَةً أَوْجَبَتْ الْقَوَدَ، وَلَا يَدْخُلُ ثَمَنُ دَوَاءٍ وَأُجْرَةِ طَبِيبٍ لِمَرَضٍ حَادِثٍ بَعْدَهُ فِي مُقَابَلَةِ مَا اسْتَوْفَاهُ مِنْ زَوَائِدِ الْمَبِيعِ، وَفَائِدَةُ قَوْلِهِمْ يَدْخُلُ كَذَا لَا كَذَا مَعَ اشْتِرَاطِ تَعْيِينِ مَا قَامَ بِهِ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ بِأَنَّهُ قَامَ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ مَا لَا يَدْخُلُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ مَا يَدْخُلُ حُطَّتْ الزِّيَادَةُ وَرِبْحُهَا كَمَا يَأْتِي (وَلَوْ قَصَرَ بِنَفْسِهِ أَوْ كَالَ أَوْ حَمَلَ) أَوْ طَيَّنَ أَوْ صَبَغَ أَوْ جَعَلَهُ بِمَحِلٍّ يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهُ (أَوْ تَطَوَّعَ بِهِ شَخْصٌ لَمْ تَدْخُلْ أُجْرَتُهُ) مَعَ الثَّمَنِ فِي قَوْلِهِ بِمَا قَامَ عَلَيَّ لِأَنَّ عَمَلَهُ وَمَا تَطَوَّعَ بِهِ غَيْرُهُ لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا قَامَ عَلَيْهِ مَا بَذَلَهُ، وَطَرِيقُهُ أَنْ يَقُولَ بِعْتُكَهُ بِكَذَا وَأُجْرَةِ عَمَلِي أَوْ بَيْتِي أَوْ عَمَلِ الْمُتَطَوِّعِ عَنِّي وَهُوَ كَذَا أَوْ رِبْحِ كَذَا (وَلْيَعْلَمَا) أَيْ الْمُتَبَايِعَانِ حَتْمًا (ثَمَنَهُ) أَيْ الْمَبِيعِ قَدْرًا وَصِفَةً فِي بِعْت بِمَا اشْتَرَيْت أَوْ مَا قَامَ بِهِ فِيهِ بِمَا قَامَ عَلَيَّ (فَلَوْ جَهِلَهُ أَحَدُهُمَا بَطَلَ) الْبَيْعُ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ، وَالثَّانِي يَصِحُّ لِسُهُولَةِ مَعْرِفَتِهِ لِأَنَّ الثَّانِيَ مَبْنِيٌّ عَلَى (الْأَوَّلِ وَلْيَصْدُقْ الْبَائِعُ) لُزُومًا (فِي قَدْرِ الثَّمَنِ) الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْعَقْدُ أَوْ مَا قَامَ بِهِ الْمَبِيعُ عَلَيْهِ فِيمَا لَوْ أَخْبَرَ بِذَلِكَ وَصِفَتُهُ إنْ تَفَاوَتَتْ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: قَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَوْ انْحَطَّ سِعْرُ السِّلْعَةِ وَكَانَ قَدْ اشْتَرَاهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَهْرِ وَيُسَمُّونَهُ بِالْمِيكَلَةِ، وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ فِي آخِرِ بَابِ الضَّمَانِ مَا يَقْتَضِي الْبُطْلَانَ نَقْلًا عَنْ الْأَذْرَعِيِّ، ثُمَّ قَالَ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَيُوَجَّهُ مَا فِي الضَّمَانِ بِأَنَّهُ اشْتَمَلَ عَلَى بَيْعٍ وَشَرْطٍ فَهُوَ شَبِيهٌ بِمَنْ اشْتَرَى حَطَبًا بِشَرْطِ أَنْ يَحْمِلَهُ إلَى مَنْزِلِهِ أَوْ زَرْعًا بِشَرْطِ أَنْ يَحْصُدَهُ، وَتَقَدَّمَ لَهُ التَّصْرِيحُ فِيهِمَا بِالْبُطْلَانِ، وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ قَالَ بِعْتُكَهُ بِكَذَا سَالِمًا مَعَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ عَلَى مَرَّ الْبُطْلَانُ (قَوْلُهُ أُجْرَةُ دَلَالَةٍ) أَيْ زِيَادَةً عَلَى الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: كُلٌّ مِنْ الْأَرْبَعَةِ) أَوَّلُهَا الْحَارِسُ (قَوْلُهُ: إنْ غَصَبَ) أَيْ بَعْدَ قَبْضِهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمِثْلُهَا أُجْرَةُ رَدِّ مَا اشْتَرَاهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا فِدَاءُ الْجِنَايَةِ) أَيْ الْحَادِثَةِ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: وَعَلَفٍ) أَيْ أُجْرَتُهُ، وَمِثْلُ أُجْرَةِ الْعَلَفِ أُجْرَةُ خِدْمَتِهِ لِلدَّابَّةِ بِكُلِّ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ كَسَقْيٍ وَكَنْسِ زِبْلٍ وَغَيْرِهِمَا، وَالْمُرَادُ أُجْرَةُ الْعَلَفِ وَالْخِدْمَةِ الْمُعْتَادَيْنِ لِإِصْلَاحِ الدَّوَابِّ، أَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ الَّتِي تُفْعَلُ لِتَنْمِيَتِهَا زِيَادَةً عَلَى الْمُعْتَادِ فَتَدْخُلُ كَالْعَلَفِ لِتَسْمِينِهَا (قَوْلُهُ: وَيَدْخُلُ عَلَفُ التَّسْمِينِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهَا السِّمَنُ (قَوْلُهُ: أُجْرَةُ رَدِّ مَا اشْتَرَاهُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهَا مِنْ تَوَابِعِ الشِّرَاءِ بِخِلَافِهَا فِيمَا لَوْ غَصَبَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَفِدَاءُ إلَخْ) أَيْ وَيَدْخُلُ فِدَاءٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَعْدَهُ) أَيْ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ: مِنْ زَوَائِدِ الْمَبِيعِ) أَيْ مَا اسْتَحَقَّ اسْتِيفَاءً مِنْ فَوَائِدِهِ إنْ حَدَثَ، وَإِلَّا فَقَدْ لَا تَحْصُلُ مِنْهُ فَوَائِدُ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهُ) لَا تَنَافِي بَيْنَ هَذَا وَقَوْلِهِ أَوَّلًا كَأُجْرَةِ الْمَكَانِ لِأَنَّ ذَاكَ فِيمَا إذَا اكْتَرَاهُ لِأَجْلِهِ لِيَضَعَهُ فِيهِ، وَهَذَا فِيمَا إذَا كَانَ مُسْتَحِقًّا لَهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَوَضَعَهُ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَا قَامَ بِهِ) الْمَبِيعُ وَيَكْفِي فِيمَا قَامَ بِهِ بِالْقِيمَةِ فِي جَوَازِ الْإِخْبَارِ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَلَوْ فَاسِقًا، وَإِلَّا فَلْيَسْأَلْ عَدْلَيْنِ يُقَوِّمَانِهِ، أَوْ وَاحِدًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ، فَإِنْ تَنَازَعَا فِي مِقْدَارِ الْقِيمَةِ الَّتِي أَخْبَرَ بِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ عَدْلَيْنِ، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُوَافِقُهُ وَعِبَارَتُهُ: تَنْبِيهٌ: قَالَ الْفَزَارِيّ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكْتَفِيَ بِتَقْوِيمِهِ لِنَفْسِهِ بَلْ يَرْجِعُ إلَى مُقَوِّمَيْنِ عَدْلَيْنِ، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: يَكْتَفِي بِذَلِكَ إنْ كَانَ عَارِفًا، وَإِلَّا فَهَلْ يَكْفِي عَدْلٌ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ عَدْلَيْنِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَشْبَهُ الْأَوَّلُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بِقِيمَتِهَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بَيَانُ ذَلِكَ وَفِي النَّفْسِ مِنْهُ شَيْءٌ (وَ) فِي (الْأَجَلِ) أَيْ أَصْلُهُ أَوْ قَدْرُهُ مُطْلَقًا إذْ الْأَجَلُ يُقَابِلُهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ ذَهَبَ الزَّرْكَشِيُّ إلَى أَنَّ مَحِلَّ وُجُوبِ ذِكْرِهِ إذَا كَانَ خَارِجًا عَنْ الْمُعْتَادِ فِي مِثْلِهِ، وَوَجْهُ مَا مَرَّ أَنَّ بَيْعَ الْمُرَابَحَةِ مَبْنَاهُ عَلَى الْأَمَانَةِ لِاعْتِمَادِ الْمُشْتَرِي نَظَرَ الْبَائِعِ وَرِضَاهُ لِنَفْسِهِ مَا رَضِيَهُ الْبَائِعُ مَعَ زِيَادَةٍ أَوْ حَطٍّ، وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا بِثَمَنٍ ثُمَّ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ وَاشْتَرَاهُ ثَانِيًا بِأَقَلَّ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ أَخْبَرَ وُجُوبًا بِالْأَخِيرِ مِنْهُمَا وَلَوْ فِي لَفْظِ قَامَ عَلَيَّ إذْ هُوَ مُقْتَضَى لَفْظِهِ، فَلَوْ بَانَ الْكَثِيرُ مِنْ الثَّمَنِ فِي بَيْعٍ عَنْ مُوَاطَأَةٍ فَلَهُ الْخِيَارُ: أَيْ وَقَدْ بَاعَهُ مُرَابَحَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحِجَازِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الرَّوْضَةِ، وَالْمُوَاطَأَةُ مَكْرُوهَةٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَالْقَوْلُ بِتَحْرِيمِهَا مَرْدُودٌ، وَلَا يُنَافِيهِ وُجُوبُ الْإِخْبَارِ بِمَا جَرَى لِانْتِفَاءِ الْمُلَازَمَةِ بَيْنَهُمَا (وَ) يَجِبُ أَنْ يَصْدُقَ فِي (الشِّرَاءِ بِالْعَرَضِ) وَبِقِيمَتِهِ حِينَ الشِّرَاءِ إنْ اشْتَرَى بِهِ وَلَا يَقْتَصِرَ عَلَى ذِكْرِ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ يُشَدَّدُ فِي الْبَيْعِ بِالْعَرَضِ فَوْقَ مَا يُشَدَّدُ فِيهِ بِالنَّقْدِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ بَيْعِهِ مُرَابَحَةً بِلَفْظِ الْقِيَامِ أَوْ الشِّرَاءِ كَمَا قَالَاهُ وَإِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ غَلَطٌ وَإِنَّ الصَّوَابَ أَنَّهُ إنْ بَاعَ بِلَفْظِ الْقِيَامِ اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ الْقِيمَةِ، وَالْمُرَادُ بِالْعَرَضِ هُنَا الْمُتَقَوِّمُ، فَالْمِثْلِيُّ يَجُوزُ الْبَيْعُ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَالَ السُّبْكِيُّ: وَهُوَ صَحِيحٌ. نَعَمْ لَوْ جَرَى نِزَاعٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي فِيهِ فَلَا بُدَّ مِنْ عَدْلَيْنِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بَيَانُ ذَلِكَ) مُعْتَمَدٌ: أَيْ فَيَنْبَغِي أَنْ يُخَيَّرَ بِذَلِكَ فَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ كُرِّهَ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ وَفِي النَّفْسِ مِنْهُ شَيْءٌ أَنَّ الصِّفَةَ لَوْ اخْتَلَفَتْ بِمَا يُوجِبُ التَّفَاوُتَ فِي الْقِيمَةِ وَجَبَ ذِكْرُهَا (قَوْلُهُ: وَفِي الْأَجَلِ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ هُنَا لَا يَلْحَقُ الْمُشْتَرِيَ بِخِلَافِهِ فِي التَّوْلِيَةِ وَالْإِشْرَاكِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُ سم: إنَّ الْأَجَلَ هُنَا: أَيْ فِي قَوْلِهِ بِعْت بِمَا اشْتَرَيْت أَوْ بِمَا قَامَ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَيْ أَصْلُهُ) بِمُؤَجَّلٍ (قَوْلُهُ: أَوْ قَدْرُهُ) هِيَ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَمَحِلُّ اشْتِرَاطِ ذِكْرِ الْقَدْرِ إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ عُرْفٌ وَإِلَّا اكْتَفَى بِأَصْلِ الْأَجَلِ وَيُحْمَلُ عَلَى الْمُتَعَارَفِ اهـ حَجّ بِالْمَعْنَى. وَقَدْ خَالَفَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ مُطْلَقًا إلَخْ. إنْ أُرِيدَ بِالْإِطْلَاقِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ثَمَّ عُرْفٌ يُحْمَلُ عَلَيْهِ أَوْ لَا، وَلَكِنَّ هَذَا لَا يَتَعَيَّنُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بَلْ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ ذَهَبَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ أَنَّ مَعْنَى الْإِطْلَاقِ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ كَوْنِ الْأَجَلِ زَائِدًا عَلَى الْمُعْتَادِ وَعَدَمِ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ لَا يُنَافِي الصِّحَّةَ إذَا كَانَ ثَمَّ عُرْفٌ يُحْمَلُ عَلَيْهِ الْأَجَلُ الْمُطْلَقُ، ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ ذِكْرُ الْأَصْلِ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِ حَجّ وَالثَّانِي ذِكْرُ الْأَصْلِ وَاضِحٌ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ مُعْتَادًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: أَنَّ مَحِلَّ وُجُوبِ ذِكْرِهِ) أَيْ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ: وَوَجْهُهُ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِيُصَدَّقْ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الْخِيَارُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الرَّوْضَةِ) أَيْ بِأَنْ صَرَّحَ بِهَا أَوْ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهَا كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ) أَيْ الْقَوْلُ بِالْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ وُجُوبُ الْإِخْبَارِ) أَيْ حَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُخْبِرَ بِأَنَّهُ وَإِنْ غَيَّرَهُ فَبَاعَهُ مِنْهُ بِزِيَادَةٍ ثُمَّ اشْتَرَى بِهَا لِانْتِفَاءِ الْمُلَازَمَةِ بَيْنَهُمَا: أَيْ بَيْنَ وُجُوبِ الْإِخْبَارِ بِمَا جَرَى وَكَرَاهَةِ الْمُوَاطَأَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ) فِي وُجُوبِ الصِّدْقِ بِالشِّرَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَعَلَّ الْمُرَادَ التَّمْثِيلُ انْتَهَى. وَقَوْلُ الشَّارِحِ إذَا لَزِمَتْ الْمَوْلَى: يَعْنِي مَنْ بَاعَ مُرَابَحَةً . (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَدْرِ؛ إذْ هُوَ مُقَابِلٌ لِتَفْصِيلِ الزَّرْكَشِيّ الْآتِي: أَيْ الَّذِي تَبِعَ فِيهِ شَيْخَهُ الْأَذْرَعِيَّ، فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ ذِكْرُهُ رَاجِعٌ إلَى الْقَدْرِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ ذِكْرِ الْقَدْرِ ذِكْرُ الْأَجَلِ. (قَوْلُهُ: أَيْ وَقَدْ بَاعَهُ مُرَابَحَةً) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُحَاطَّةً لَا خِيَارَ وَإِنْ لَمْ يَفِ الْحَطُّ بِمَا بَيْنَ الثَّمَنَيْنِ كَمَا إذَا أُخْبِرَ بِمِائَةٍ وَكَانَ قَدْ اشْتَرَاهُ بِثَمَانِينَ وَكَانَ الْحَطُّ عَشَرَةً مِنْ الْمِائَةِ وَفِيهِ وَقْفَةٌ. (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الْمُلَازَمَةِ بَيْنَهُمَا) أَيْ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي حُكْمِ الْمُوَاطَأَةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ حُصُولِهَا يَلْزَمُهُ الْإِخْبَارُ: أَيْ فَانْدَفَعَ قَوْلُ الزَّرْكَشِيّ إنَّ الْقَائِلَ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ لَمْ يَقُلْ بِالْكَرَاهَةِ بَلْ بِالتَّحْرِيمِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ الَّذِي يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ مَا أَثْبَتَ الْخِيَارَ يَجِبُ إظْهَارُهُ كَالْعَيْبِ، قَالَ وَعَلَيْهِ فَفِي جَزْمِ النَّوَوِيِّ بِالْكَرَاهَةِ مَعَ

مُرَابَحَةً وَإِنْ لَمْ يُخْبِرْ بِقِيمَتِهِ عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ السُّبْكِيُّ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ. وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَتَعْلِيلُهُمْ صَرِيحٌ فِي مُوَافَقَتِهِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: لَوْ اخْتَلَفَتْ قِيمَةُ الْعَرَضِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَهَلْ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْعَقْدِ أَوْ يَوْمَ الِاسْتِقْرَارِ لَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلٍ فِيهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَمَا فِي الشُّفْعَةِ اهـ. وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ فَقَدْ قَالَ فِي النِّهَايَةِ إنَّهُ يَذْكُرُ قِيمَةَ الْعَرَضِ حَالَةَ الْعَقْدِ وَلَا مُبَالَاةَ بِارْتِفَاعِهَا بَعْدَ ذَلِكَ (وَ) فِي (بَيَانِ الْعَيْبِ) الْقَدِيمِ وَ (الْحَادِثِ عِنْدَهُ) بِآفَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ تَنْقُصُ الْقِيمَةُ أَوْ الْعَيْنُ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ إذْ الْحَادِثُ يَنْقُصُ بِهِ الْمَبِيعُ عَمَّا كَانَ حِينَ الْبَيْعِ وَفِي أَنَّهُ اشْتَرَاهُ غَيْرَ عَالِمٍ بِهِ ثُمَّ عَلِمَ وَرَضِيَ بِهِ وَفِي أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ مَحْجُورِهِ أَوْ مَدِينِهِ الْمُعْسِرِ أَوْ الْمُمَاطِلِ بِدَيْنِهِ، وَمِثْلُهُ مَا إذَا اشْتَرَاهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ لِغَرَضٍ خَاصٍّ وَمَا أَخَذَهُ مِنْ نَحْوِ لَبَنٍ أَوْ صُوفٍ مَوْجُودٍ حَالَةَ الْعَقْدِ، وَلَوْ أَخَذَ أَرْشَ عَيْبٍ وَبَاعَ بِلَفْظِ الْقِيَامِ حَطَّ الْأَرْشَ أَوْ بِلَفْظِ مَا اشْتَرَيْت ذَكَرَ صُورَةَ الْحَالِ مِنْ عَيْبٍ وَأَخْذ أَرْشٍ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ مَا وَجَبَ الْإِخْبَارُ بِهِ ثَبَتَ الْخِيَارُ كَمَا مَرَّ (فَلَوْ) (قَالَ) اشْتَرَيْته (بِمِائَةٍ) وَبَاعَهُ مُرَابَحَةً (فَبَانَ) أَنَّهُ اشْتَرَاهُ (بِتِسْعِينَ) بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ (فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَحُطُّ الزِّيَادَةَ وَرِبْحَهَا) لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ بِاعْتِبَارِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ كَمَا فِي الشُّفْعَةِ، وَالثَّانِي لَا يُحَطُّ شَيْءٌ لِأَنَّهُ قَدْ سُمِّيَ عِوَضًا وَعُقِدَ بِهِ وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ: أَيْ يَتَبَيَّنُ بِهِ انْعِقَادُهُ بِمَا عَدَاهُمَا فَلَا يَحْتَاجُ لِإِنْشَاءِ حَطٍّ (وَ) الْأَظْهَرُ عَلَى الْحَطِّ أَنَّهُ (لَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي) وَلَا لِلْبَائِعِ أَيْضًا وَإِنْ عُذِرَ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَبِيعُ بَاقِيًا أَمْ تَالِفًا. أَمَّا الْمُشْتَرِي فَلِرِضَاهُ بِالْأَكْثَرِ فَبِالْأَقَلِّ أَوْلَى، وَأَمَّا الْبَائِعُ فَلِتَدْلِيسِهِ. وَالثَّانِي يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي غَرَضٌ فِي الشِّرَاءِ بِذَاكَ الْمَبْلَغِ لِإِبْرَارِ قَسَمٍ أَوْ إنْفَاذِ وَصِيَّةٍ أَوْ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ مَا سَمَّاهُ، قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ (وَلَوْ) (زَعَمَ أَنَّهُ) أَيْ الثَّمَنُ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ مُرَابَحَةً (مِائَةٌ وَعَشَرَةٌ) مَثَلًا وَأَنَّهُ غَلِطَ فِيمَا قَالَهُ أَوَّلًا أَنَّهُ مِائَةٌ (وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي) عَلَى ذَلِكَ (لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ) الْوَاقِعُ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِالْعَرَضِ وَذِكْرِ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُخْبَرْ بِقِيمَتِهِ) مُعْتَمَدٌ، وَهَذَا قَدْ يُخَالِفُ مَا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ أَمَّا الْمُتَقَوِّمُ فَلَا تَصِحُّ التَّوْلِيَةُ مَعَهُ إلَّا بَعْدَ انْتِقَالِهِ إلَخْ، وَحَيْثُ جَعَلَهُ مُقَابِلَ الْمِثْلِيِّ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَا تَنَافِي بَيْنَهُمَا كَأَنْ يُقَالَ مَا تَقَدَّمَ فِي بَيَانِ مَا يَسْتَحِقُّ الْمُوَلِّي الْمُطَالَبَةَ عَلَى الْمُتَوَلِّي وَمَا هُنَا فِي بَيَانِ مَا يَجِبُ الْإِخْبَارُ بِهِ وَتَخْتَلِفُ بِهِ الرَّغْبَةُ فِي الثَّمَنِ زِيَادَةً وَنَقْصًا (قَوْلُهُ: لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا) قَالَ حَجّ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَقَضِيَّةُ سِيَاقِ الشَّارِحِ اعْتِمَادُ الْأَوَّلِ حَيْثُ قَدَّمَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا يُشْعِرُ بِتَرْجِيحِ الثَّانِي لَكِنَّ قَوْلَهُ هُنَا وَتَعْلِيلَهُمْ إلَخْ قَدْ يُشْعِرُ بِتَرْجِيحِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: وَلَا مُبَالَاةَ بِارْتِفَاعِهَا) أَيْ أَوْ انْحِطَاطِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَخَذَ أَرْشَ عَيْبٍ) أَوْ أَرْشَ جِنَايَةٍ عَلَى الْمَبِيعِ بَعْدَ الشِّرَاءِ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ قَالَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَأَقَرَّهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ يَثْبُتُ الْخِيَارُ) أَيْ فَوْرًا لِأَنَّهُ خِيَارُ عَيْبٍ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ حَيْثُ بَاعَ مُرَابَحَةً (قَوْلُهُ: بِمَا عَدَاهُمَا) أَيْ عَدَا الزِّيَادَةِ وَرِبْحِهَا (قَوْلُهُ: فَلِتَدْلِيسِهِ) أَيْ لِأَنَّ الْغَالِبَ عِلْمُهُ بِمَا اشْتَرَى بِهِ وَإِلَّا نَافَى قَوْلَهُ قَبْلُ وَإِنْ عُذِرَ (قَوْلُهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ) مَبْنِيٌّ عَلَى الثَّانِي ـــــــــــــــــــــــــــــQتَقْوِيَتِهِ الْقَوْلَ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ نَظَرٌ اهـ . (قَوْلُهُ: عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ السُّبْكِيُّ إلَخْ) صَرِيحُ هَذَا التَّبَرِّي أَنَّهُ يَعْتَمِدُ قَوْلَ الْمُتَوَلِّي خُصُوصًا وَقَدْ أَرْدَفَهُ بِأَنَّ تَعْلِيلَ الْأَصْحَابِ صَرِيحٌ فِي مُوَافَقَتِهِ، وَبِهَذَا يُعْلَمُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ أَخْذِهِ مِنْ تَقْدِيمِ الشَّارِحِ لِكَلَامِ السُّبْكِيّ أَنَّهُ يَعْتَمِدُهُ؛ إذْ لَا اعْتِمَادَ مَعَ التَّبَرِّي. (قَوْلُهُ: وَلَا مُبَالَاةَ بِارْتِفَاعِهَا) أَيْ وَلَا بِانْخِفَاضِهَا. (قَوْلُهُ: إذْ الْحَادِثُ يَنْقُصُ بِهِ الْمَبِيعُ) أَيْ؛ وَلِأَنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلُّ بِالْعَيْبِ مُطْلَقًا كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ الشَّارِحُ عَلَى تَعْلِيلِ الْحَادِثِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي فِي الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ مَا وَجَبَ الْإِخْبَارُ بِهِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ فَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ نَحْوَ الْأَجَلِ تَخَيَّرَ الْمُشْتَرِي انْتَهَتْ. وَيَجِبُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَيْهَا وَإِلَّا نَافَاهُ الْمَتْنُ بَعْدَهُ. . (قَوْلُهُ: أَيْ تَبَيَّنَ بِهِ) أَيْ: يَتَبَيَّنُ كَوْنُهُ بِتِسْعِينَ. (قَوْلُهُ: فَلِتَدْلِيسِهِ) جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ وَإِنْ عُذِرَ (قَوْلُهُ: الَّذِي اشْتَرَى بِهِ مُرَابَحَةً) الظَّاهِرُ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ

بَيْنَهُمَا مُرَابَحَةٌ (فِي الْأَصَحِّ) لِتَعَذُّرِ قَبُولِ الْعَقْدِ زِيَادَةً بِخِلَافِ النَّقْصِ بِدَلِيلِ الْأَرْشِ (قُلْت: الْأَصَحُّ صِحَّتُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَمَا لَوْ غَلِطَ بِالزِّيَادَةِ، وَمَا عُلِّلَ بِهِ الْأَوَّلُ مَرْدُودٌ بِعَدَمِ ثُبُوتِ الزِّيَادَةِ لَكِنْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ، وَإِنَّمَا رَاعَوْا هُنَا مَا وَقَعَ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ بِهِ دُونَ الثَّانِي حَتَّى يَثْبُتَ النَّقْصُ، لِأَنَّهُ هُنَاكَ لَمَّا ثَبَتَ كَذِبُهُ أَلْغَى قَوْلَهُ فِي الْعَقْدِ مِائَةً وَإِنْ عُذِرَ وَرَجَعَ إلَى التِّسْعِينَ، وَهُنَا لَمَّا قَوِيَ جَانِبُهُ بِتَصْدِيقِ الْمُشْتَرِي لَهُ جَبَرْنَاهُ بِالْخِيَارِ وَالْمُشْتَرِي بِإِسْقَاطِ الزِّيَادَةِ (وَإِنْ كَذَّبَهُ) الْمُشْتَرِي (وَلَمْ يُبَيِّنْ) الْبَائِعُ (لِغَلَطِهِ) الَّذِي ادَّعَاهُ (وَجْهًا مُحْتَمَلًا) بِفَتْحِ الْمِيمِ (لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ) لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ حَقِّ آدَمِيٍّ (وَلَا بَيِّنَتُهُ) إنْ أَقَامَهَا عَلَى الْغَلَطِ لِتَكْذِيبِهِ لَهَا بِقَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَيُفَارِقُ مَا لَوْ بَاعَ دَارًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَيْهِ أَوْ أَنَّهَا كَانَتْ غَيْرَ مَمْلُوكَةٍ لَهُ ثُمَّ وَرِثَهَا حَيْثُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ صَرَّحَ حَالَ بَيْعِهَا بِأَنَّهَا مِلْكُهُ، كَمَا لَوْ شَهِدْت حِسْبَةً أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَى الْبَائِعِ وَذُرِّيَّتِهِ ثُمَّ الْفُقَرَاءِ وَتُصْرَفُ لَهُ الْغَلَّةُ إنْ كَذَّبَ نَفْسَهُ وَصَدَّقَ الْبَيِّنَةَ بِأَنَّ الْعُذْرَ ثُمَّ أَوْضَحَ فَإِنَّ الْوَقْفَ وَالْمَوْتَ النَّاقِلَ لَهُ لَيْسَا مِنْ فِعْلِهِ، فَإِذَا عَارَضَا قَوْلَهُ وَأَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِأَنْ لَمْ يُصَرِّحْ حَالَ الْبَيْعِ بِالْمِلْكِ فَلِذَا سُمِعَتْ بَيِّنَتُهُ، وَأَمَّا هُنَا فَالتَّنَاقُضُ نَشَأَ مِنْ قَوْلِهِ فَلَمْ يُعْذَرْ بِالنِّسْبَةِ لِقَبُولِ بَيِّنَتِهِ بَلْ لِلتَّحْلِيفِ كَمَا قَالَ (وَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ ذَلِكَ فِي الْأَصَحِّ) أَيْ إنَّ الثَّمَنَ مِائَةٌ وَعَشَرَةٌ لِاحْتِمَالِ إقْرَارِهِ عِنْدَ عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ وَالثَّانِي لَا كَمَا لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَإِنْ حَلَفَ فَذَاكَ وَإِلَّا رُدَّتْ عَلَى الْبَائِعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ وَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ بَيْنَ إمْضَاءِ الْعَقْدِ عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَفَسْخِهِ. قَالَ الشَّيْخَانِ: كَذَا أَطْلَقُوهُ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِنَا إنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ أَنْ يَعُودَ فِيهِ مَا ذَكَرْنَا حَالَةَ التَّصْدِيقِ: أَيْ فَلَا يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَلْ الْبَائِعُ لِعَدَمِ ثُبُوتِ الزِّيَادَةِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَ فِي الْأَنْوَارِ إنَّهُ الْحَقُّ. قَالَ: وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ إطْلَاقِهِمْ غَيْرُ مُسَلَّمٍ فَإِنَّ الْإِمَامَ الْمُتَوَلِّي وَالْغَزَالِيَّ أَوْرَدُوا أَنَّهُ كَالتَّصْدِيقِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْكَثِيرُ لِحُكْمِ الرَّدِّ، وَقَدْ طَالَعْت زُهَاءَ ثَلَاثِينَ مُصَنَّفًا مَا بَيْنَ قَصِيرٍ وَطَوِيلٍ فَلَمْ أَجِدْ التَّخْيِيرَ إلَّا فِي الشَّامِلِ لِابْنِ الصَّبَّاغِ، وَقَدْ يُوَجَّهُ مَا قَالُوهُ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ كَالْإِقْرَارِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ الْآتِي فِي الدَّعَاوَى، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ وَلِلْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ الْخِيَارُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَرْجُوحِ الْقَائِلِ بِثُبُوتِ الزِّيَادَةِ. أَمَّا عَلَى الْأَصَحِّ فَلَا تَثْبُتُ لَهُ وَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ كَمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا رَاعَوْا هُنَا) أَيْ فِيمَا لَوْ زَعَمَ أَنَّهُ مِائَةٌ وَعَشَرَةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: حَتَّى ثَبَتَ النَّقْصُ) أَيْ الَّذِي ادَّعَاهُ الْبَائِعُ أَيْ فَيُزَادُ فِي الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: جَبَرْنَاهُ) أَيْ الْبَائِعَ بِالْخِيَارِ قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: وَأَيْضًا فَالزِّيَادَةُ لَمْ يَرْضَ بِهَا الْمُشْتَرِي، بِخِلَافِ النَّقْصِ السَّالِفِ فَإِنَّهُ رَضِيَ بِهِ فِي ضِمْنِ رِضَاهُ بِالْأَكْثَرِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهَا مِلْكُهُ) أَيْ فَإِنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ وَمَحِلُّهُ إذَا لَمْ يَذْكُرْ تَأْوِيلًا لِتَصْرِيحِهِ فَإِنْ ذَكَرَهُ كَأَنْ قَالَ كُنْت نَسِيت أَوْ اشْتَبَهَ الْمَبِيعُ عَلَيَّ بِغَيْرِهِ قُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي بَابِ الْحَوَالَةِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا ثُمَّ اتَّفَقَ الْمُتَبَايِعَانِ إلَخْ فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ وَعِبَارَتُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحِلَّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَذْكُرْ تَأْوِيلًا فَإِنْ ذَكَرَهُ كَأَنْ قَالَ كُنْت عَتَقْته وَنَسِيت أَوْ اشْتَبَهَ عَلَيَّ بِغَيْرِهِ فَيَنْبَغِي سَمَاعُهَا قَطْعًا اهـ (قَوْلُهُ فَالتَّنَاقُضُ نَشَأَ إلَخْ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: قَوْلُهُ فَالتَّنَاقُضُ إلَخْ قَدْ يُقَالُ وَالتَّنَاقُضُ هُنَا نَشَأَ مِنْ قَوْلِهِ وَهُوَ دَعْوَاهُ أَنَّهَا وَقْفٌ أَوْ كَانَتْ مِلْكَ غَيْرِهِ فَإِنَّ هَذَا الْقَوْلَ مُنَاقِضٌ لِبَيْعِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ الْوَقْفُ وَالْمَوْتُ لَيْسَا مِنْ فِعْلِهِ وَقَدْ يَخْفَى كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَيْهِ لَمْ يُجْعَلْ ذَلِكَ تَنَاقُضًا (قَوْلُهُ: عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ) أَيْ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ) لِلْأرْدَبِيلِيِّ (قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ وَقَدْ طَالَعْت) مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ زُهَاءَ) أَيْ قَدْرُ (قَوْلُهُ: وَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ) أَيْ وَيَثْبُتُ لِلْبَائِعِ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَبَاعَ مُرَابَحَةً، فَلَعَلَّ لَفْظَ وَبَاعَ سَقَطَ مِنْ الْكَتَبَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِهِ مُرَابَحَةً. (قَوْلُهُ: قُلْت الْأَصَحُّ صِحَّتُهُ) أَيْ: بِالْمِائَةِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا رَاعُوا هُنَا) يَعْنِي فِي مَسْأَلَةِ الْغَلَطِ بِالزِّيَادَةِ. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ شَهِدَتْ حِسْبَةً) أَيْ وَإِنْ صَرَّحَ حَالَ بَيْعِهَا بِأَنَّهَا مِلْكُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَإِنْ كَذَّبَ نَفْسَهُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُوَجَّهُ مَا قَالُوهُ إلَخْ) مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ وَمَا قَبْلَهُ مِنْ كَلَامِ الْأَنْوَارِ

مَرَّ (وَإِنْ بَيَّنَ) لِغَلَطِهِ وَجْهًا مُحْتَمَلًا كَجَاءَنِي كِتَابٌ عَلَى لِسَانِ وَكِيلِي أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِكَذَا فَبَانَ كَذِبًا، أَوْ تَبَيَّنَ لِي بِمُرَاجَعَةِ جَرِيدَتِي أَنِّي غَلِطْت مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ إلَى غَيْرِهِ (فَلَهُ التَّحْلِيفُ) كَمَا مَرَّ لِأَنَّ مَا بَيَّنَهُ يُحَرِّكُ ظَنَّ صِدْقِهِ فَإِنْ حَلَفَ فَذَاكَ وَإِلَّا رُدَّتْ (وَالْأَصَحُّ) عَلَى التَّحْلِيفِ (سَمَاعُ بَيِّنَتِهِ) بِأَنَّ الثَّمَنَ مِائَةٌ وَعَشَرَةٌ لِظُهُورِ عُذْرِهِ. وَالثَّانِي لَا لِتَكْذِيبِهِ لَهَا، وَلَوْ اتَّهَبَ بِشَرْطِ ثَوَابٍ مَعْلُومٍ بَاعَ بِهِ مُرَابَحَةً أَوْ اتَّهَبَهُ بِلَا عِوَضٍ أَوْ مَلَكَهُ بِإِرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا ذَكَرَ الْقِيمَةَ وَبَاعَ بِهَا مُرَابَحَةً، وَلَا يَبِيعُ بِلَفْظِ الْقِيَامِ وَلَا الشِّرَاءِ وَلَا رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّ ذَلِكَ كَذِبٌ، وَلَهُ أَنْ يَقُولَ فِي عَبْدِهِ هُوَ أُجْرَةٌ أَوْ عِوَضُ خُلْعٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ صَالَحَ أَوْ صَالَحَ بِهِ عَنْ دَمٍ قَامَ عَلَيَّ بِكَذَا وَيَذْكُرُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ فِي الْإِجَارَةِ وَمَهْرَهُ فِي الْخُلْعِ وَالنِّكَاحِ وَالدِّيَةِ فِي الصُّلْحِ بِأَنْ يَقُولَ قَامَ عَلَيَّ بِمِائَةٍ هِيَ أُجْرَةُ مِثْلِ دَارٍ مَثَلًا أَوْ مَهْرُ مِثْلِ امْرَأَةٍ أَوْ صُلْحٌ عَنْ دِيَةٍ وَبِهِ بِعْتُكَهُ بِهَا وَلَا يَقُولُ اشْتَرَيْت وَلَا رَأْسُ الْمَالِ كَذَا لِأَنَّهُ كَذِبٌ. بَابُ بَيْعِ الْأُصُولِ وَهِيَ الْأَرْضُ وَالشَّجَرُ (وَالثِّمَارُ) جَمْعُ ثَمَرٍ وَهُوَ جَمْعُ ثَمَرَةٍ. وَذُكِرَ فِي الْبَابِ غَيْرُهُمَا بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَلَهُ التَّحْلِيفُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: يُحَرِّكُ ظَنَّ صِدْقِهِ) أَيْ يُقَوِّيهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ عَلَى التَّحْلِيفِ) أَيْ إذَا قُلْنَا لَهُ التَّحْلِيفُ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا تَحْلِيفَ عِنْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ: لِظُهُورِ عُذْرِهِ) قَالَ حَجّ: وَبِهَذَا فَارَقَ مَا هُنَا أَيْضًا أَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِيمَنْ بَاعَ بَالِغًا مُقِرًّا لَهُ بِالرِّقِّ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ حُرٌّ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ عَتَقَ قَبْلَ الْبَيْعِ بِأَنَّهَا تُقْبَلُ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ لِإِقْرَارِهِ بِالرِّقِّ عُذْرًا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُ، لِأَنَّ الْعَتِيقَ قَدْ يُطْلِقُ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ عَبْدُ فُلَانٍ وَمَمْلُوكُهُ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ لِكَوْنِهِ حُرَّ الْأَصْلِ، وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُبْدِ عُذْرًا كَسَبَيْتُ طِفْلًا (قَوْلُهُ: بَاعَ بِهِ) جَوَابُ لَوْ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوُهُمَا) كَالْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ (قَوْلُهُ: ذِكْرُ الْقِيمَةِ) أَيْ فِيمَا لَوْ اتَّهَبَهُ بِلَا عِوَضٍ إلَخْ كَأَنْ يَقُولَ بِعْتُك هَذَا بِقِيمَتِهِ وَهِيَ كَذَا وَرِبْحُ دِرْهَمٍ لِكُلِّ عَشَرَةٍ (قَوْلُهُ أَوْ صُلْحٍ عَنْ دِيَةٍ) الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ أَنْ يَقُولَ عَنْ دَمٍ إلَخْ. (بَابُ) بَيْعِ (الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ) (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْأَرْضُ إلَخْ) بَيَانٌ لِلْمُرَادِ بِالْأُصُولِ هُنَا وَإِلَّا فَهِيَ جَمْعُ أَصْلٍ، وَهُوَ لَا يَخْتَصُّ بِمَا ذَكَرَ هُنَا لِأَنَّهُ لُغَةً مَا بُنِيَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ جَمْعُ ثَمَرَةٍ) وَيُجْمَعُ ثِمَارٌ عَلَى ثَمَرٍ وَثَمَرٌ عَلَى أَثْمَارٍ كَكِتَابٍ وَكُتُبٍ وَعُنُقٍ وَأَعْنَاقٍ، ثُمَّ مَا تَقَرَّرَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الثَّمَرَ جَمْعٌ وَقَدْ اخْتَلَفَ فِي مِثْلِهِ مِمَّا يُفَرِّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاحِدِهِ بِالْهَاءِ فَقِيلَ هُوَ اسْمُ جَمْعٍ لَا جَمْعٌ، وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يَقُولَ الشَّارِحُ وَهِيَ جَمْعُ ثَمَرَةٍ، وَفِي الْمِصْبَاحِ الْإِبِلُ اسْمُ جَمْعٍ لَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ لِأَنَّ اسْمَ الْجَمْعِ الَّذِي لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ إذَا كَانَ لِمَا لَا يَعْقِلُ يَلْزَمُهُ التَّأْنِيثُ وَتَدْخُلُهُ الْهَاءُ إذَا صَغُرَ اهـ. وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْ لَفْظِهِ كَمَا هُنَا لَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ التَّأْنِيثُ (قَوْلُهُ: غَيْرُهُمَا) أَيْ مِنْ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ وَبَيْعِ الزَّرْعِ الْأَخْضَرِ وَالْعَرَايَا اهـ بَكْرِيٌّ (قَوْلُهُ: بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ) قَدْ يَكُونُ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَإِنْ لَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ عَقِبَهُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ سَمَاعُ بَيِّنَتِهِ) أَيْ: وَإِذَا سُمِعَتْ كَانَ كَتَصْدِيقِ الْمُشْتَرِي فِيمَا ذُكِرَ فِيهِ كَمَا نَقَلَهُ النُّورُ وَالزِّيَادِيُّ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِ.

[باب بيع الأصول والثمار]

إذَا (قَالَ بِعْتُك) أَوْ وَهَبْتُك (هَذِهِ الْأَرْضَ أَوْ السَّاحَةَ) وَهِيَ الْفَضَاءُ بَيْنَ الْأَبْنِيَةِ أَوْ الْعَرْصَةُ (أَوْ الْبُقْعَةُ وَفِيهَا بِنَاءٌ) وَلَوْ بِئْرًا لَكِنْ لَا يَدْخُلُ الْمَاءُ الْمَوْجُودُ فِيهَا وَقْتَ الْبَيْعِ إلَّا بِشَرْطِهِ، بَلْ لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا مُسْتَقِلَّةً وَتَابِعَةً كَمَا مَرَّ آخِرَ الرِّبَا إلَّا بِهَذَا الشَّرْطِ، وَإِلَّا لَاخْتَلَطَ الْحَادِثُ بِالْمَوْجُودِ وَأَدَّى لِطُولِ النِّزَاعِ بَيْنَهُمَا (وَشَجَرٌ) نَابِتٌ رَطْبٌ وَإِنْ كَانَ شَجَرَ مَوْزٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ (يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ) لِقُوَّتِهِ فَاسْتَتْبَعَ (دُونَ الرَّهْنِ) لِضَعْفِهِ، وَيَلْحَقُ بِالْبَيْعِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ كُلُّ نَاقِلٍ لِلْمِلْكِ كَوَقْفٍ وَوَصِيَّةٍ وَعِوَضِ خَلْعٍ وَإِصْدَاقٍ وَصُلْحٍ وَأُجْرَةٍ، وَبِالرَّهْنِ كُلُّ مَا لَا يَنْقُلُهُ كَعَارِيَّةٍ وَإِجَارَةٍ وَإِقْرَارٍ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِبِنَائِهِ عَلَى الْيَقِينِ وَإِنْ أَفْتَى الْقَفَّالُ بِأَنَّهُ كَالْبَيْعِ. وَالثَّانِي يَدْخُلَانِ لِأَنَّهُمَا لِلدَّوَامِ فَأَشْبَهَا أَجْزَاءُ الْأَرْضِ وَلِهَذَا يَلْحَقَانِ بِهَا فِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSيُتَرْجِمْ لَهُ اهـ سَمِّ وَهُوَ جَوَابٌ ثَانٍ (قَوْلُهُ: إذَا قَالَ بِعْتُكَ) أَيْ شَخْصٌ وَلَوْ وَكِيلًا مَأْذُونًا لَهُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ نَصٍّ عَلَى مَا فِيهَا أَخْذًا مِنْ كَلَامِ سَمِّ الْآتِي، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ وَلِيُّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ الْمَوْلَى عَلَيْهِ شَرْعًا فِعْلُهُ كَفِعْلِهِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْفَضَاءُ) أَيْ السَّاحَةُ لُغَةً (قَوْلُهُ: أَوْ الْعَرْصَةُ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَالْعَرْصَةُ كُلُّ بُقْعَةٍ بَيْنَ الدُّورِ وَاسِعَةٍ لَيْسَ فِيهَا بِنَاءٌ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْفُقَهَاءَ لَمْ يَسْتَعْمِلُوا الْعَرْصَةَ وَالسَّاحَةَ فِي مَعْنَاهُمَا اللُّغَوِيِّ، بَلْ أَشَارُوا إلَى أَنَّ الْأَلْفَاظَ الْأَرْبَعَةَ عُرِفَا بِمَعْنًى، وَهُوَ الْقِطْعَةُ مِنْ الْأَرْضِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهَا بَيْنَ الدُّورِ (قَوْلُهُ: وَفِيهَا بِنَاءٌ) وَخَرَجَ بِفِيهَا مَا فِي حَدِّهَا، فَإِذَا دَخَلَ الْحَدُّ فِي الْبَيْعِ دَخَلَ مَا فِيهِ وَإِلَّا فَلَا، وَعَلَى الثَّانِي يُحْمَلُ إفْتَاءُ الْغَزَالِيِّ بِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ مَا فِي حَدِّهَا، وَفِي زِيَادَاتِ الْعَبَّادِيِّ بَاعَ أَرْضًا عَلَى مَجْرَى مَاءِ شَجَرٍ فَإِنْ مَلَكَهُ الْبَائِعُ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ لَهُ حَقُّ الْأُجَرَاءِ: أَيْ فَقَطْ فَهِيَ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِشَرْطِهِ) وَهُوَ النَّصُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَشَجَرٌ نَابِتٌ) لَا مَقْلُوعٌ وَلَا جَافٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ شَجَرَ مَوْزٍ) إنَّمَا أَخَذَهُ غَايَةً لِأَنَّهُ لَمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ فِيهِ بِأَنَّهُ يَخْلُفُ وَيَمُوتُ الْأَصْلُ فَيُنْقَلُ فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ كَالزَّرْعِ الَّذِي يُؤْخَذُ دُفْعَةً فَلَا يَدْخُلُ أَوْ كَالشَّتْلِ الَّذِي يُنْقَلُ عَادَةً (قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ بِالْبَيْعِ) إلَخْ اُنْظُرْ جَعْلَ الْجَعَالَةِ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ كَالْبَيْعِ لِأَنَّ فِيهِ نَقْلًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَالِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَدْ يُؤَيِّدُهُ دُخُولُ الْوَصِيَّةِ مَعَ أَنَّهَا لَا نَقْلَ فِيهَا فِي الْحَالِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَقَالَ مَرَّ: إنَّ التَّوْكِيلَ بِبَيْعِ الْأَرْضِ يَدْخُلُ فِيهِ مَا فِيهَا مِنْ نَحْوِ بِنَاءٍ وَشَجَرٍ، وَاسْتَدَلَّ بِأَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ: إنَّ بَيْعَ الْوَكِيلِ كَبَيْعِ الْمَالِكِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَفِي حَجّ مَا نَصُّهُ: وَأُلْحِقَ بِكُلِّ مِمَّا ذُكِرَ التَّوْكِيلُ فِيهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْفَرْقُ الْمَذْكُورُ يُنَازَعُ فِيهِ فَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّهُ لَا اسْتِتْبَاعَ فِيهِ اهـ (قَوْلُهُ: وَوَصِيَّةٍ إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِأَرْضٍ وَفِيهَا بِنَاءٌ وَشَجَرٌ حَالَ الْوَصِيَّةِ دَخَلَا فِي الْأَرْضِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ حَدَثَا أَوْ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ فِعْلٍ مِنْ الْمَالِكِ كَمَا لَوْ أَلْقَى السَّيْلَ بَذْرًا فِي الْأَرْضِ فَنَبَتَ فَمَاتَ الْمُوصِي وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْأَرْضِ فَلَا يَدْخُلَانِ لِأَنَّهُمَا حَادِثَانِ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ فَلَمْ تَشْمَلْهُمَا فَيَخْتَصُّ بِهَا الْوَارِثُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَالُوهُ فِي الْوَصِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لَهُ بِدَابَّةٍ حَائِلٍ ثُمَّ حَمَلَتْ وَمَاتَ الْمُوصِي ثُمَّ قَبِلَ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ فَإِنَّ الْحَمْلَ لِلْوَارِثِ لِحُدُوثِهِ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَصُلْحٍ) أَيْ وَهِبَةٍ وَبَقِيَ مَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي هِبَةِ الْأَرْضِ بِمَا فِيهَا فَوَهَبَ الْأَرْضَ فَقَطْ أَوْ عَكْسُهُ فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الصِّحَّةُ لِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي شَيْئَيْنِ أَتَى بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، وَهُوَ لَا يَضُرُّ لِأَنَّهُ بَقِيَ لَهُ بَعْضُ التَّصَرُّفِ فِيهِ، وَلَا يَشْكُلُ عَلَيْهِ مَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ دَارٍ فَبَاعَ نِصْفَهَا لَمْ يَصِحَّ، لِأَنَّا نَقُولُ بِلُحُوقِ الضَّرَرِ فِي هَذِهِ دُونَ تِلْكَ، وَأَمَّا لَوْ وَكَّلَهُ فِي إيجَارِ أَرْضٍ وَأَطْلَقَ فَآجَرَهَا مَعَ مَا فِيهَا مِنْ الْأَبْنِيَةِ وَغَيْرِهَا الَّذِي يُظْهِرُ صِحَّةَ الْإِجَارَةِ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادَهَا فِيمَا انْضَمَّ إلَيْهَا لِأَنَّهُ جَمَعَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ بَيْنَ مَا يَصِحُّ وَبَيْنَ مَا لَا يَصِحُّ، فَقُلْنَا بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ بِالْقِسْطِ الْمُسَمَّى بِاعْتِبَارِ مَا يَخُصُّ الْأَرْضَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: وَأُجْرَةٍ) أَيْ بِأَنْ جَعَلَ الْأَرْضَ أُجْرَةً بِخِلَافِ مَا لَوْ آجَرَهَا فَلَا يَدْخُلُ مَا فِيهَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ) رَاجِعٌ لِلْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: لِبِنَائِهِ) أَيْ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي يَدْخُلَانِ) أَيْ فِي الرَّهْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَابُ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارُ] . بَابُ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي يَدْخُلَانِ) ظَاهِرُ هَذَا الصَّنِيعِ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي الرَّهْنِ وَأَنَّ فِيهِ طَرِيقَيْنِ: أَحَدَهُمَا: عَدَمُ

وَلَوْ قَالَ بِمَا فِيهَا أَوْ بِحُقُوقِهَا دَخَلَ ذَلِكَ كُلُّهُ قَطْعًا حَتَّى فِي نَحْوِ الرَّهْنِ أَوْ دُونِ حُقُوقِهَا أَوْ مَا فِيهَا لَمْ يَدْخُلْ قَطْعًا. أَمَّا الشَّجَرُ الْيَابِسُ فَلَا يَدْخُلُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَهُوَ قِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الشَّجَرَ لَا يُتَنَاوَلُ غُصْنُهُ الْيَابِسُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ دُخُولَ الْغُصْنِ فِي اسْمِ الشَّجَرِ أَقْرَبُ مِنْ دُخُولِ الشَّجَرَةِ فِي اسْمِ الْأَرْضِ، وَلِهَذَا يَدْخُلُ الْغُصْنُ الرَّطْبُ بِلَا خِلَافٍ، وَلَا يُشْكِلُ بِتَنَاوُلِ الدَّارِ مَا أَثْبَتَ فِيهَا مِنْ وَتَدٍ وَنَحْوِهِ كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّ ذَلِكَ أَثْبَتُ فِيهَا لِلِانْتِفَاعِ بِهِ مُثْبَتًا فَصَارَ كَجُزْئِهَا، بِخِلَافِ الشَّجَرَةِ الْيَابِسَةِ، وَمِثْلُهَا فِي ذَلِكَ الْمَقْلُوعَةُ لِأَنَّهَا لَا تُرَادُ لِلدَّوَامِ فَأَشْبَهَ أَمْتِعَةَ الدَّارِ. نَعَمْ إنْ عُرِّشَ عَلَيْهَا عَرِيشٌ لِعِنَبٍ وَنَحْوِهِ أَوْ جُعِلَتْ دِعَامَةً لِجِدَارٍ أَوْ غَيْرِهِ صَارَتْ كَالْوَتَدِ فَتَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ، وَلَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ مَسِيلُ الْمَاءِ وَشِرْبُهَا مِنْ الْقَنَاةِ وَالنَّهْرِ الْمَمْلُوكَيْنِ إنْ لَمْ يَشْرِطْهُ، فَإِنْ شَرَطَهُ كَأَنْ قَالَ بِحُقُوقِهَا دَخَلَ، وَالْمُرَادُ الْخَارِجُ مِنْ ذَلِكَ مِنْ الْأَرْضِ، أَمَّا الدَّاخِلُ فِيهَا فَلَا رَيْبَ فِي دُخُولِهِ، نَبَّهَ عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ، وَيُفَارِقُ مَا لَوْ اكْتَرَاهَا لِغِرَاسٍ أَوْ زَرْعٍ حَيْثُ يَدْخُلُ ذَلِكَ مُطْلَقًا بِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَا تَحْصُلُ بِدُونِهِ. قَالَ الدَّمِيرِيِّ: وَمِمَّا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ السَّوَاقِي الَّتِي تَشْرَبُ مِنْهَا وَأَنْهَارُهَا وَعَيْنُ مَاءٍ فِيهَا كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ تَعْبِيرَ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ فَالْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ سَائِغٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَهُ شَرْطٌ بِالْقُوَّةِ وَهُوَ كَافٍ فِي نَحْوِ ذَلِكَ، فَسَقَطَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ) أَيْ قَالَ بِعْتُك أَوْ نَحْوُهُ لِيَتَأَتَّى قَوْلُهُ: حَتَّى فِي الرَّهْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِمَا فِيهَا) أَيْ حَتَّى الْأَشْجَارِ الْمَقْلُوعَةِ وَالْيَابِسَةِ فِيمَا يَظْهَرُ وَتَرَدَّدَ فِيهِ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: دَخَلَ ذَلِكَ كُلُّهُ قَطْعًا) أَيْ سَوَاءً كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ أَوْ جَاهِلًا (قَوْلُهُ: أَمَّا الشَّجَرُ) مُحْتَرِزٌ قَوْلُهُ: رَطْبٌ (قَوْلُهُ: فَلَا يَدْخُلُ) هَلْ إلَّا أَنْ يَقُولَ بِمَا فِيهَا أَوَّلًا فِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: الْأَقْرَبُ الدُّخُولُ لِأَنَّهَا لَا تَزِيدُ عَلَى أَمْتِعَةِ الدَّارِ، وَهِيَ لَوْ قَالَ فِيهَا ذَلِكَ بَعْدَ رُؤْيَتِهَا دَخَلَتْ (قَوْلُهُ: فِي اسْمِ الْأَرْضِ) أَيْ فِي اسْمِ الْأَرْضِ بِالتَّبَعِيَّةِ لَهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْكِلُ) أَيْ مَا ذُكِرَ فِي الشَّجَرِ الْيَابِسِ (قَوْلُهُ: فَأَشْبَهَ) أَيْ الْمَقْلُوعَةَ وَالْيَابِسَ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ عُرِّشَ) هَلْ يَلْحَقُ بِذَلِكَ مَا لَوْ اُعْتِيدَ عَدَمُ قَلْعِهِمْ لِلْيَابِسَةِ وَالِانْتِفَاعِ بِهَا بِرَبْطِ الدَّوَابِّ وَنَحْوِهِ فِيهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْإِلْحَاقُ مُحْتَمِلٌ تَنْزِيلًا لِاعْتِيَادِ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ التَّعْرِيشِ. (قَوْلُهُ: أَوْ جُعِلَتْ دِعَامَةً) أَيْ بِالْفِعْلِ لَا بِالنِّيَّةِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ تَهْيِئَتُهَا لَهُ (قَوْلُهُ: مَسِيلُ الْمَاءِ إلَخْ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ السِّينِ وَسُكُونِ الْيَاءِ مِثْلَ رَغِيفٍ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَالْمَسِيلُ مَجْرَى السَّيْلِ، وَالْجَمْعُ مَسَايِلُ وَمُسُلٌ بِضَمَّتَيْنِ، وَرُبَّمَا قِيلَ مُسْلَانٌ مِثْلُ رَغِيفٌ وَرُغْفَانٌ (قَوْلُهُ: وَشِرْبُهَا) بِكَسْرِ الشِّينِ أَيْ نَصِيبُهَا (قَوْلُهُ: وَالنَّهْرِ الْمَمْلُوكَيْنِ) قَضِيَّةُ كَلَامٍ سم عَلَى حَجّ أَنَّ مَا يَسْتَحِقُّهُ الْبَائِعُ مِنْ السَّقْيِ مِنْ الْمَاءِ الْمُبَاحِ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي مِنْهُ بِلَا شَرْطٍ، وَقَدْ يُفْهِمُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْمَمْلُوكَيْنِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ يَدْخُلُ ذَلِكَ) أَيْ الشِّرْبُ وَمَسِيلُ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ شَرَطَ دُخُولَهُ أَوْ أَطْلَقَ (قَوْلُهُ: وَعَيْنُ مَاءٍ) أَيْ حَيْثُ كَانَتْ الْمَذْكُورَاتُ فِي الْأَرْضِ أَمَّا لَوْ كَانَتْ خَارِجَةً عَنْهَا فَلَا تَدْخُلُ إلَّا بِالشَّرْطِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَيَجُوزُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَيْهِ بِجَعْلِ قَوْلِهِ: " فِيهَا " حَالًا مِنْ الثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَالْمُرَادُ الْخَارِجُ ـــــــــــــــــــــــــــــQدُخُولِ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ فِيهِ. وَالثَّانِي: دُخُولُهُمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْوَاقِعُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْبَيْعِ وَالرَّهْنِ عَلَى ثَلَاثَةِ طُرُقٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ؛ وَمَنْشَؤُهُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نَصَّ فِي الْبَيْعِ عَلَى الدُّخُولِ وَفِي الرَّهْنِ عَلَى عَدَمِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَرَّرَ النَّصَّيْنِ وَفَرَّقَ بِمَا مَرَّ مِنْ الْقُوَّةِ فِي الْبَيْعِ وَالضَّعْفِ فِي الرَّهْنِ، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الَّتِي اخْتَارَهَا الْمُصَنِّفُ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ فِي كُلٍّ مِنْ الْبَيْعِ وَالرَّهْنِ قَوْلَيْنِ بِالنَّصِّ وَالتَّخْرِيجِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِعَدَمِ الدُّخُولِ فِيهِمَا: أَيْ مُضَعِّفًا لِنَصِّ الْبَيْعِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ فِي الْبَيْعِ بِالدُّخُولِ وَأَجْرَى فِي الرَّهْنِ قَوْلَيْنِ وَمَا فِي الشَّارِحِ يُوَافِقُ هَذَا الْأَخِيرَ لَكِنَّهُ لَا يُنَاسِبُهُ مَا بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فِيهَا) تَنَازَعَهُ قَوْلُهُ: السَّوَاقِي وَمَا بَعْدَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ

الْقَوْلُ بِأَنَّهُ غَيْرُ سَائِغٍ فِيهَا لِعَدَمِ تَقَدُّمِ شَرْطٍ عَلَيْهِ وَلَا مَا يَقْتَضِي الرَّبْطَ (وَأُصُولُ الْبَقْلِ الَّتِي تَبْقَى) فِي الْأَرْضِ (سَنَتَيْنِ) وَأَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ وَإِنْ لَمْ تَبْقَ فِيهَا إلَّا دُونَ سَنَةٍ كَمَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ. مِنْهُمْ الرُّويَانِيُّ، وَنَقَلَهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ: وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ بِحَيْثُ يُجَزُّ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَتَعْبِيرُهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَالضَّابِطُ مَا قُلْنَاهُ (كَالْقَتِّ) بِالْقَافِ وَالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ، وَهُوَ مَا يُقْطَعُ لِلدَّوَابِّ وَيُسَمَّى الْقُرْطَ وَالرَّطْبَةُ الْفِصْفِصَةُ بِكَسْرِ الْفَاءَيْنِ وَبِالْمُهْمَلَةِ وَالْقَضْبُ أَيْضًا بِمُعْجَمَةٍ سَاكِنَةٍ، وَقِيلَ مُهْمَلَةٌ (وَالْهِنْدَبَا) بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ وَالْقَصَبُ الْفَارِسِيُّ وَالسِّلْقُ الْمَعْرُوفُ، وَمِنْهُ نَوْعٌ لَا يُجَزُّ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَالْقُطْنُ الْحِجَازِيُّ، وَالنِّرْجِسُ وَالْقِثَّاءُ وَالْبِطِّيخُ وَإِنْ لَمْ يُثْمِرْ اعْتِبَارًا بِمَا مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ وَالنَّعْنَاعُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: تَنَاوَلَ الْأَشْجَارَ وَالْبِنَاءَ) وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَشْجَارَ وَالْبِنَاءَ مِنْ مُسَمَّى الْبُسْتَانِ فِي رَهْنِهِ دُونَ رَهْنِ الْأَرْضِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ مُسَمَّاهَا. [فَرْعٌ] أَفْتَى بَعْضُهُمْ فِي أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ وَلِأَحَدِهِمْ فِيهَا نَخْلٌ خَاصٌّ بِهِ أَوْ حِصَّتُهُ فِيهَا أَكْثَرُ مِنْهَا فَبَاعَ حِصَّتَهُ مِنْ الْأَرْضِ بِأَنَّهُ يَدْخُلُ جَمِيعُ الشَّجَرِ فِي الْأُولَى وَحِصَّتُهُ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ بَاعَ أَرْضًا لَهُ فِيهَا شَجَرٌ، وَيَرُدُّ بِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي الزَّائِدِ خِلَافُهُ: أَيْ وَمَا عُلِّلَ بِهِ لَا يَنْتِجُ مَا قَالَهُ لِأَنَّ الشَّجَرَ لَيْسَ فِي أَرْضِهِ وَحْدَهُ بَلْ فِي أَرْضِهِ وَأَرْضِ غَيْرِهِ فَيَدْخُلُ مَا فِي أَرْضِهِ فَقَطْ وَهُوَ مَا يَخُصُّ حِصَّتَهُ فِي الْأَرْضِ دُونَ مَا زَادَ عَلَيْهِ مِمَّا فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ اهـ حَجّ. قَوْلُهُ: مَا زَادَ يَنْبَغِي أَنْ يَبْقَى بِلَا أُجْرَةٍ لِأَنَّهُ وُضِعَ بِحَقٍّ، وَقَوْلُهُ: وَيَرُدُّ بِأَنَّ الظَّاهِرَ خِلَافُهُ كُتِبَ عَلَيْهِ سم إذَا قُلْنَا بِهَذَا الظَّاهِرِ وَكَانَ الشَّجَرُ فِي أَحَدِ جَانِبَيْ الْأَرْضِ وَقَاسَمَ الْمُشْتَرِي الشَّرِيكَ الْآخَرَ فَخَرَجَ لِلْمُشْتَرِي الْجَانِبُ الْخَالِي عَنْ الشَّجَرِ، فَظَاهِرُ الْكَلَامِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ مِلْكِهِ مَا دَخَلَ فِي الْبَيْعِ مِنْ الشَّجَرِ وَهَلْ يَسْتَحِقُّ إبْقَاءَهُ بِلَا أُجْرَةٍ إنْ كَانَ بَائِعُهُ كَذَلِكَ اهـ. أَقُولُ: الْقِيَاسُ أَنَّهُ كَذَلِكَ فَيَبْقَى بِلَا أُجْرَةٍ (قَوْلُهُ: مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى) أَيْ أَوْ تُؤْخَذُ ثَمَرَتُهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، وَلَوْ زَادَهُ كَانَ أَوْلَى كَمَا فَعَلَ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ (قَوْلُهُ: فَتَعْبِيرُهُ) أَيْ بِسَنَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَالضَّابِطُ مَا قُلْنَاهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ بِحَيْثُ تُجَزُّ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى. [فَرْعٌ] سُئِلَ مَرَّ بِالدَّرْسِ عَمَّنْ اشْتَرَى إنَاءً فِيهِ زَرْعٌ يُجَزُّ مِرَارًا، فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَدْخُلُ الْإِنَاءُ وَمَا فِيهِ دُونَ الْجَزَّةِ الظَّاهِرَةِ، وَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ قَطْعِهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِنَاءَ بِالنِّسْبَةِ لِمَا فِيهِ كَالْأَرْضِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا فِيهَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَمِنْ قَوْلِهِ وَالْحَاصِلُ إلَخْ يُعْلَمُ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا لَوْ أُطْلِقَ فِي بَيْعِ الْإِنَاءِ. أَمَّا لَوْ قَالَ بِعْتُك الْإِنَاءَ وَمَا فِيهِ كَانَتْ الْجِزَّةُ الظَّاهِرَةُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَبِيعِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى شَرْطِ قَطْعِهَا بَلْ لَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ مُهْمَلَةٌ) أَيْ مَفْتُوحَةٌ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَالْهِنْدَبَا) أَيْ الْبَقْلِ اهـ عَمِيرَة. أَقُولُ: لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهَا مَا يُسَمَّى فِي الْعُرْفِ بَقْلًا، وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ قَوْلُهُ: وَأُصُولُ الْبَقْلِ وَهُوَ خَضْرَاوَاتُ الْأَرْضِ. قَالَ فِي الصِّحَاحِ: كُلُّ نَبَاتٍ اخْضَرَّتْ لَهُ الْأَرْضُ فَهُوَ بَقْلٌ (قَوْلُهُ: وَالسِّلْقِ) بِكَسْرِ السِّينِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَمِثْلُهُ فِي الْخَطِيبِ وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لِلَّامِ هَلْ هِيَ سَاكِنَةٌ أَوْ مَفْتُوحَةٌ، وَالْأَصْلُ السُّكُونُ وَيُصَرِّحُ بِهِ اقْتِصَارُ الْقَامُوسِ عَلَى كَسْرِ السِّينِ وَعَدَمِ تَعَرُّضِهِ لِلَّامِ لِأَنَّ مِنْ قَاعِدَتِهِ إذَا أَطْلَقَ الْحَرْفَ الثَّانِيَ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ كَانَ سَاكِنًا (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ نَوْعٌ لَا يُجَزُّ) أَيْ فَلَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَالنَّعْنَاعُ) فِي الْمُخْتَارِ النَّعْنَاعُ بَقْلَةٌ وَكَذَا النُّعْنُعُ مَقْصُورٌ مِنْهُ اهـ. وَفِي الْقَامُوسِ وَالنَّعْنَاعُ وَالنُّعْنُعُ كَجَعْفَرٍ وَهُدْهُدٍ أَوْ كَجَعْفَرٍ وَهْمٌ لِلْجَوْهَرِيِّ بَقْلٌ مَعْرُوفٌ، وَقَوْلُهُ: أَوْ كَجَعْفَرٍ: أَيْ فَقَطْ وَعِبَارَةُ الصِّحَاحِ: النَّعْنَاعُ بَقْلَةٌ مَعْرُوفَةٌ، وَكَذَلِكَ النُّعْنُعُ مَقْصُورٌ مِنْهُ، وَالنُّعْنُعُ بِالضَّمِّ الطَّوِيلِ اهـ. فَافْهَمْ أَنَّ النُّعْنُعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: السِّلْقِ) هُوَ بِكَسْرِ السِّينِ.

وَالْكَرَفْسُ وَالْبَنَفْسَجُ (كَالشَّجَرِ) لِأَنَّ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ تُرَادُ لِلثَّبَاتِ وَالدَّوَامِ فَتَدْخُلُ فِي نَحْوِ الْبَيْعِ دُونَ نَحْوِ الرَّهْنِ، وَالثَّمَرَةُ الظَّاهِرَةُ وَالْجِزَّةُ الْمَوْجُودَةُ عِنْدَ الْبَيْعِ لِلْبَائِعِ كَمَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ أُصُولِ الْبَقْلِ فَيَجِبُ شَرْطُ قَطْعِهَا وَإِنْ لَمْ يَبْلُغَا أَوَانَ الْجَزِّ وَالْقَطْعِ لِئَلَّا يَزِيدَ فَيَشْتَبِهُ الْمَبِيعُ بِغَيْرِهِ، بِخِلَافِ الثَّمَرَةِ الَّتِي لَا يَغْلِبُ اخْتِلَاطُهَا فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا ذَلِكَ: وَأَمَّا غَيْرُهَا فَكَالْجِزَّةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي. وَمَا ذُكِرَ مِنْ اشْتِرَاطِ الْقَطْعِ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ كَالْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِ، وَاعْتِبَارُ كَثِيرِينَ وُجُوبَ الْقَطْعِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ شَرْطِهِ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ فِي التَّتِمَّةِ إلَّا الْقَصَبَ: أَيْ الْفَارِسِيَّ فَهُوَ بِالْمُهْمَلَةِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَإِنْ ضَبَطَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِالْمُعْجَمَةِ فَلَا يُكَلَّفُ قَطْعَهُ: أَيْ مَعَ اشْتِرَاطِ قَطْعِهِ حَتَّى يَكُونَ قَدْرًا يُنْتَفَعُ بِهِ. قَالُوا لِأَنَّهُ مَتَى قُطِعَ قَبْلَ أَوَانِ قَطْعِهِ تَلِفَ وَلَمْ يَصْلُحْ لِشَيْءٍ، وَقَوْلُ جَمْعٍ يُغْنِي وُجُوبُ الْقَطْعِ فِي غَيْرِ الْقَصَبِ عَنْ شَرْطِهِ مَرْدُودٌ، إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ، وَشَجَرُ الْخِلَافِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ مِنْهُ مَا يُقْطَعُ مِنْ أَصْلِهِ كُلَّ سَنَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِضَمَّتَيْنِ لَا يُطْلَقُ عَلَى الْبَقْلَةِ الْمَعْرُوفَةِ، فَقَوْلُ الْقَامُوسِ: أَوْ كَجَعْفَرٍ وَهْمٌ مَعْنَاهُ أَنَّ اقْتِصَارَ الصِّحَاحِ عَلَى أَنَّهُ كَجَعْفَرٍ لَا كَهُدْهُدٍ وَهْمٌ اهـ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ تُرَادُ لِلثَّبَاتِ وَالدَّوَامِ) لَا يُقَالُ: مَا مَعْنَى الدَّوَامِ مَعَ أَنَّ مُدَّتَهُ قَلِيلَةٌ وَإِنْ أُخِذَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى. لِأَنَّا نَقُولُ: لَمَّا كَانَ الْمُعْتَادُ فِي مِثْلِهِ أَخْذُ مَا ظَهَرَ مَعَ بَقَاءِ أُصُولِهِ أَشْبَهَ مَا قَصَدَ مِنْهُ الدَّوَامَ وَلَا كَذَلِكَ مَا يُؤْخَذُ دَفْعُهُ فَإِنَّهُ وَإِنْ طَالَتْ مُدَّةُ إدْرَاكِهِ مَأْخُوذٌ دَفْعَةً فَأَشْبَهَ أَمْتِعَةَ الدَّارِ الَّتِي تُؤْخَذُ دَفْعَةً وَاحِدَةً (قَوْلُهُ: وَالْجِزَّةُ) بِكَسْرِ الْجِيمِ (قَوْلُهُ: فَيَشْتَبِهُ الْمَبِيعُ) أَيْ فَلَوْ أَخَّرَ الْقَطْعَ وَحَصَلَ الِاشْتِبَاهُ وَاخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ. فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى شَيْءٍ فَذَاكَ وَإِلَّا صَدَقَ صَاحِبُ الْيَدِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَأَمَّا غَيْرُهَا) أَيْ غَيْرُ أُصُولِ الْبَقْلِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ أُصُولِ مَا يُؤْخَذُ دَفْعَةً وَاحِدَةً (قَوْلُهُ: فَكَالْجِزَّةِ) أَيْ فَلَا يَدْخُلُ (قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ شَرْطُهُ (قَوْلُهُ: فَهُوَ بِالْمُهْمَلَةِ) أَيْ وَبِفَتْحِهَا أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَلَا يُكَلَّفُ قَطْعَهُ إلَخْ) وَقَدْ يُقَالُ: أَيُّ فَائِدَةٍ فِي بَقَائِهِ مَعَ أَنَّ الزِّيَادَةَ لِلْمُشْتَرِي؟ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ زِيَادَةَ الظَّاهِرِ بِالْغِلَظِ بِحَيْثُ يُنْتَفَعُ بِهِ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهَا تَوَلَّدَتْ مِنْ مِلْكِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَدْ أَقَرَّ مَرَّ هَذَا الْجَوَابَ أَخْذًا بِقَضِيَّةِ هَذَا الْكَلَامِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَرَدَّدَ فِيهِ فَلْيُحَرَّرْ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَكُونَ قَدْرًا إلَخْ) أَيْ وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ مُدَّةَ بَقَائِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ) اُنْظُرْ بِمَاذَا يُؤَوَّلُ، وَقَدْ يُقَالُ يُؤَوَّلُ بِحَمْلِ وُجُوبِ الْقَطْعِ عَلَى وُجُوبِ شَرْطِهِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي قَوْلِهِ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَشَجَرُ الْخِلَافِ) بِكَسْرِ الْخَاءِ وَالتَّخْفِيفِ كَمَا يَأْتِي وَهُوَ الْمُسَمَّى الْآنَ بِالْبَانِ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي) وَقَضِيَّةُ هَذَا وَمَا يَأْتِي أَنَّ شَجَرَ الْخِلَافِ لَيْسَ فِي التَّتِمَّةِ، وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ نَصُّهَا: وَعِبَارَةُ التَّتِمَّةِ الثَّالِثُ جَرَتْ الْعَادَةُ بِقَطْعِ الْقَصَبِ وَالْخِلَافِ، فَالْحُكْمُ فِيهِمَا عَلَى مَا ذُكِرَ فَيَدْخُلُ عُرُوقُهَا فِي الْعَقْدِ دُونَ الظَّاهِرِ إلَّا أَنْ يُفَارِقَ الزَّرْعَ فِي شَيْءٍ، وَهُوَ إذَا كَانَ الظَّاهِرُ مِنْ الْقَصَبِ مِمَّا لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ إذَا قُطِعَ فِي الْحَالِ لَا يُكَلَّفُ الْقَطْعَ حَتَّى يَبْلُغَ حَالًا يَصْلُحُ لِلِانْتِفَاعِ كَالثَّمَرِ عَلَى الشَّجَرِ اهـ. فَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ شَجَرَ الْخِلَافِ فِي التَّتِمَّةِ لَكِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ قَطْعَ مَا ظَهَرَ مِنْ الْخِلَافِ إلَّا إذَا كَانَ قَدْرًا يُنْتَفَعُ بِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْقَاضِي يُفِيدُهُ فَمِنْ ثَمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَيَجِبُ شَرْطُ قَطْعِهِمَا) أَيْ: إنْ غَلَبَ اخْتِلَاطُهُمَا بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ وَبِدَلِيلِ مُحْتَرَزِهِ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَأَمَّا غَيْرُهَا) يَعْنِي غَيْرَ الثَّمَرَةِ الَّتِي لَا يَغْلِبُ اخْتِلَاطُهَا وَهَذَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ الْمَارِّ وَالثَّمَرَةُ الظَّاهِرَةُ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ عَيَّنَهُ وَعُذْرُهُ أَنَّهُ تَابِعٌ فِي هَذَا لِلرَّوْضِ وَشَرْحِهِ حَتَّى فِي قَوْلِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَهُوَ إنَّمَا يُنَاسِبُ هُنَاكَ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَتِهِ لَا هُنَا (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ شَرْطِهِ) بِمَعْنَى أَنَّهُمْ قَالُوا إنَّ وُجُوبَ الْقَطْعِ يُغْنِي عَنْ اشْتِرَاطِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَقَوْلُ جَمْعٍ يُغْنِي وُجُوبُ الْقَطْعِ إلَخْ الَّذِي هُوَ مُكَرَّرٌ مَعَ هَذَا. وَمَا هُنَا عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْآتِي عِبَارَةُ التُّحْفَةِ جَمَعَ الشَّارِحُ بَيْنَهُمَا

فَكَالْقَصَبِ وَنَحْوِهِ حَرْفًا بِحَرْفٍ، وَمَا يُتْرَكُ سَاقُهُ وَتُؤْخَذُ أَغْصَانُهُ فَكَالثِّمَارِ. قَالَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَظْهَرُ تَنْزِيلُ اخْتِلَافِ كَلَامِ الْإِمَامِ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ، وَقَدْ اعْتَرَضَ السُّبْكِيُّ مَا مَرَّ مِنْ اسْتِثْنَاءِ الْقَصَبِ بِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُعْتَبَرَ الِانْتِفَاعُ فِي الْكُلِّ أَوْ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْكُلِّ، وَرَجَّحَ هَذَا وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ بِأَنَّهَا مَبِيعَةٌ بِخِلَافِ مَا هُنَا، وَاعْتَرَضَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ مَا ظَهَرَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَبِيعًا يَصِيرُ كَبَيْعِ بَعْضِ ثَوْبٍ يَنْقُصُ بِقَطْعِهِ وَفَرَّقَ الشَّيْخُ بِأَنَّ الْقَبْضَ هُنَا مُتَأَتٍّ بِالتَّخْلِيَةِ وَثَمَّ مُتَوَقِّفٌ عَلَى النَّقْلِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَى الْقَطْعِ الْمُؤَدِّي إلَى النَّقْصِ، ثُمَّ أَجَابَ عَنْ اعْتِرَاضِ السُّبْكِيّ بِأَنَّ تَكْلِيفَ الْبَائِعِ قَطْعَ مَا اسْتَثْنَى يُؤَدِّي إلَى أَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يُرَادُ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَلَا بُعْدَ فِي تَأْخِيرِ وُجُوبِ الْقَطْعِ حَالًا لِمَعْنًى بَلْ قَدْ عَهِدَ تَخَلُّفَهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَذَلِكَ فِي بَيْعِ الثَّمَرَةِ مِنْ مَالِكِ الشَّجَرَةِ اهـ. وَأَبْعَدَ بَعْضُهُمْ فَبَحَثَ أَنَّ وَجْهَ تَخْصِيصِ الِاسْتِثْنَاءِ بِالْقَصَبِ عَدَمُ الِانْتِفَاعِ بِصَغِيرِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــSعَزَاهُ لَهُ دُونَ التَّتِمَّةِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ) اُنْظُرْ نَحْوَهُ مَا هُوَ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ بِنَحْوِهِ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ صَغِيرًا (قَوْلُهُ: يُتْرَكُ سَاقُهُ) أَيْ مِنْ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: فَكَالثِّمَارِ) أَيْ فَيَدْخُلُ (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَ هَذَا) أَيْ عَدَمَ اعْتِبَارِهِ فِي الْكُلِّ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهَا) أَيْ الثَّمَرَةَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا هُنَا) أَيْ الْقَصَبِ (قَوْلُهُ: وَاعْتَرَضَهُ) أَيْ اعْتَرَضَ فَرْقَ السُّبْكِيّ (قَوْلُهُ: يَصِيرُ كَبَيْعِ بَعْضِ) أَيْ وَهُوَ بَاطِلٌ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ الشَّيْخُ) أَيْ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ الْجُزْءِ الَّذِي يَنْقُصُ بِقَطْعِهِ قِيمَتَهُ، وَهُوَ رَدٌّ لِاعْتِرَاضِ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: وَثَمَّ مُتَوَقِّفٌ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ نَقْلَ الْجُمْلَةِ لَا يَحْصُلُ بِهِ الْقَبْضُ كَمَا فِي الشَّائِعِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ خِلَافُ هَذَا بَلْ يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ لِحُصُولِ الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ قَبْلَ قَطْعِهِ لَمْ يُنْظَرْ إلَيْهِ، وَاشْتُرِطَ الْقَطْعُ لِصِحَّةِ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يُرَادُ) أَيْ وَهُوَ الْأَكْلُ (قَوْلُهُ: وَلَا بُعْدَ إلَخْ) فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ شَرْطٌ قَطَعَهُ لَكِنْ لَا يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ حَالًا، وَسَيَأْتِي قَوْلُ الشَّارِحِ فَلَمْ يَحْتَجْ لِلشَّرْطِ فِيهِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِاشْتِرَاطِ قَطْعِهِ، وَقَوْلُهُ: لِمُسَامَحَةِ الْمُشْتَرِي فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الزِّيَادَةَ لِلْمُشْتَرِي وَاعْتِذَارٌ عَمَّا يُقَالُ أَيُّ فَائِدَةٍ فِي بَقَائِهِ مَعَ أَنَّ الزِّيَادَةَ لِلْمُشْتَرِي بِأَنَّهُ يُسَامِحُ بِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ: وَلَا بُعْدَ فِي تَأْخِيرِ إلَخْ مِنْ عَدَمِ تَكْلِيفِ الْقَطْعِ مَعَ اشْتِرَاطِهِ مُخَالِفٌ لِمَا أَفْهَمَهُ لِمُسَامَحَةِ الْمُشْتَرِي إلَخْ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْقَطْعِ. وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّنَافِيَ غَيْرُ وَارِدٍ عَلَيْهِ لِأَنَّ مُرَادَهُ بِمَا ذَكَرَهُ رَدُّ مَا فُهِمَ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ مِنْ اشْتِرَاطِ الْقَطْعِ، وَمِنْ ثَمَّ عَبَّرَ الشَّارِحُ عَنْهُ هُنَا بِقَوْلِهِ وَأَبْعَدَ بَعْضُهُمْ تَعْرِيضًا بِحَجِّ فِيمَا ذَكَرَهُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ سم إنَّمَا يَرُدُّ عَلَى حَجّ لَا عَلَى الشَّارِحِ هَذَا، وَقَوْلُهُ: وَلَا بُعْدَ جَوَابُ سُؤَالٍ تَقْدِيرُهُ مَا فَائِدَةُ شَرْطِ الْقَطْعِ مَعَ عَدَمِ تَكْلِيفِهِ حَالًا وَكَيْفَ جَازَ التَّأْخِيرُ مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِلشَّرْطِ (قَوْلُهُ: وَأَبْعَدَ بَعْضُهُمْ) مُرَادُهُ حَجّ، وَلَعَلَّ وَجْهَ الْبُعْدِ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْعِلَّةُ الْمُسَامَحَةَ لَمَا اُحْتِيجَ فِيهِ إلَى شَرْطِ الْقَطْعِ، وَصَرِيحُ كَلَامِ صَاحِبِ التَّتِمَّةِ خِلَافُهُ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ الْقَطْعِ وَإِنْ لَمْ يُكَلِّفْهُ (قَوْلُهُ: بِالْقَصَبِ) أَيْ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الثَّمَرَةِ وَالشَّجَرَةِ الظَّاهِرَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَعَ إغْنَاءِ إحْدَاهُمَا عَنْ الْأُخْرَى، وَلَا يَخْفَى مَا فِي الْحَمْلِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: فَكَالْقَصَبِ وَنَحْوُهُ) يُقْرَأُ وَنَحْوُهُ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى الْكَافِ فِي قَوْلِهِ فَكَالْقَصَبِ عَطْفَ تَفْسِيرٍ إذْ هِيَ بِمَعْنَى مِثْلُ، وَإِلَّا فَالْمُسْتَثْنَى إنَّمَا هُوَ خُصُوصُ الْقَصَبِ لَا غَيْرُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَ هَذَا) أَيْ السُّبْكِيُّ. (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ بَيْنَهُ) أَيْ بَيْنَ الْكُلِّ عَلَى مَا رَجَّحَهُ فِيهِ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ الِانْتِفَاعِ. (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ الشَّيْخُ) أَيْ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَسْأَلَةِ الْقُوتِ فَغَرَضُهُ الرَّدُّ عَلَى الْأَذْرَعِيِّ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يُرَادُ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ) يَرِدُ عَلَيْهِ نَحْوُ الْبُرِّ قَبْلَ انْعِقَادِهِ فَإِنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَأَبْعَدَ بَعْضُهُمْ) مُرَادُهُ الشِّهَابُ حَجّ فِي تُحْفَتِهِ، لَكِنَّ عِبَارَتَهُ: وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ لِي فِي تَخْصِيصِ الِاسْتِثْنَاءِ بِالْقَصَبِ أَنَّ سَبَبَهُ

[لا يدخل في مطلق بيع الأرض ما يؤخذ دفعة]

قِيمَةَ لَهُ وَلَا تَخَاصُمَ فِيهِ فَلَمْ يَحْتَجْ لِلشَّرْطِ فِيهِ لِمُسَامَحَةِ الْمُشْتَرِي بِمَا يَزِيدُ قَبْلَ أَوَانِ قَطْعِهِ، بِخِلَافِ صَغِيرٍ غَيْرِهِ يُنْتَفَعُ بِهِ لِنَحْوِ أَكْلِ الدَّوَابِّ فَيَقَعُ فِيهِ التَّخَاصُمُ فَاحْتِيجَ لِلشَّرْطِ فِيهِ دَفْعًا لَهُ. (وَلَا يَدْخُلُ) فِي مُطْلَقِ بَيْعِ الْأَرْضِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَإِنْ قَالَ بِحُقُوقِهَا كَمَا قَالَهُ الْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُ بِخِلَافِ مَا فِيهَا (مَا يُؤْخَذُ دُفْعَةً) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِهِ وَاحِدَةً (كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَسَائِرِ الزُّرُوعِ) كَفُجْلِ وَجَزَرٍ وَقُطْنٍ خُرَاسَانِيٍّ وَثُومٍ وَبَصَلٍ إذْ لَا تُرَادُ لِلدَّوَامِ (وَيَصِحُّ بَيْعُ الْأَرْضِ الْمَزْرُوعَةِ) هَذَا الزَّرْعُ الَّذِي لَا يَدْخُلُ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ دُونَهُ بِشَرْطِ سَبْقِ رُؤْيَتِهِ لَهَا وَلَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ يَغْلِبُ فِيهَا تَغَيُّرُهَا أَوْ كَانَ هُوَ غَيْرَ مَانِعٍ مِنْ رُؤْيَتِهَا بِأَنْ أَمْكَنَتْ مِنْ خِلَالِهِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (عَلَى الْمَذْهَبِ) كَمَا لَوْ بَاعَ دَارًا مَشْحُونَةً بِأَمْتِعَةٍ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي تَخْرِيجُهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي بَيْعِ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِغَيْرِ الْمُكْتَرِي أَحَدُهُمَا الْبُطْلَانُ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ يَدَ الْمُسْتَأْجِرِ حَائِلَةٌ. أَمَّا الزَّرْعُ الَّذِي يَدْخُلُ فَلَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ جُزْءًا لِأَنَّهُ كُلَّهُ لِلْمُشْتَرِي فَتَقْيِيدُ الشَّارِحِ لِأَجْلِ مَحَلِّ الْخِلَافِ وَلِقَوْلِهِ (وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إنْ جَهِلَهُ) أَيْ الزَّرْعَ الَّذِي لَا يَدْخُلُ لِتَأَخُّرِ انْتِفَاعِهِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا مَرَّ مِنْ تَصْوِيرِهِ بِرُؤْيَتِهَا مِنْ خِلَالِهِ لِأَنَّهُ هُنَا مُصَوَّرٌ بِمَا لَوْ جَهِلَ كَوْنَهُ بَاقِيًا إلَى الشِّرَاءِ، وَإِلَّا فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنَّهُ رَأَى الزَّرْعَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ) هِيَ غَايَةٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا فِيهَا) قَالَ سم عَلَى حَجّ: ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَعْنَى بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ بِمَا فِيهَا وَأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ قَالَ: بِعْتُك هَذِهِ الْأَرْضَ بِمَا فِيهَا فَيَدْخُلُ مَا يَأْخُذُ دَفْعَةً وَاحِدَةً فَلْيَنْظُرْ ذَلِكَ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي وَلَوْ بَاعَ أَرْضًا مَعَ بَذْرٍ أَوْ زَرْعٍ لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ إلَخْ فَإِنَّهُ صَرَّحَ فِيهِ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ فِي الْجَمِيعِ خِلَافَ مَا أَفَادَهُ مَا هُنَا مِنْ الصِّحَّةِ فَإِنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ الْحُكْمِ بِدُخُولِ شَيْءٍ فِي الْبَيْعِ صِحَّةُ الْبَيْعِ وَتَنَاوُلُهُ لِذَلِكَ الشَّيْءِ. نَعَمْ لَا مَانِعَ مِنْ الصِّحَّةِ وَالتَّنَاوُلِ فِي نَحْوِ قَصِيلٍ لَمْ يُسَنْبِلْ وَشَعِيرٍ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا عَمَّمَ كَالْمَتْنِ أَشْكَلَ الْحَالَ وَأَمَّا مَا قَدْ يُقَالُ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ بِمَا فِيهَا كَمَا هُنَا وَبَيْنَ أَنْ يَنُصَّ عَلَى مَا فِيهَا كَأَنْ يَقُولَ بِعْتُك هَذِهِ الْأَرْضَ وَهَذَا الزَّرْعَ الَّذِي فِيهَا وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي فَمِنْ أَبْعَدِ الْبَعِيدِ بَلْ الْكَلَامُ فِي صِحَّتِهِ اهـ. وَقَدْ يُقَالُ مُرَادُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ بِحُقُوقِهَا لَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِهَا مَا يُؤْخَذُ دَفْعَةً، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ بِمَا فِيهَا فَإِنَّ لَفْظَهُ شَامِلٌ لِمَا يُؤْخَذُ دَفْعَةً فَيُفْصَلُ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِهِ كَالْبُرِّ فِي سُنْبُلِهِ فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ وَكَوْنُهُ كَالْقَصِيلِ فَيَصِحُّ بَيْعُهُ وَيُجْعَلُ قَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي وَلَوْ بَاعَ أَرْضًا إلَخْ دَلِيلًا عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ: وَفَتْحِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الضَّمَّ وَالْفَتْحَ بِمَعْنَى الْمَرَّةِ، وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: وَالدُّفْعَةُ بِالضَّمِّ مِنْ الْمَطَرِ وَغَيْرِهِ مِثْلُ الدَّفْقَةِ، وَالدَّفْعَةُ بِالْفَتْحِ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ اهـ وَفِيهِ فِي بَابِ الْقَافِ: وَجَاءَ الْقَوْمُ دُفْقَةً وَاحِدَةً بِضَمِّ الدَّالِ: أَيْ جَاءُوا بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مِنْ الشَّجَرِ بَذْرُهُ أَوْ نَوَاهُ، فَإِذَا طَلَعَ نُقِلَ إلَى مَكَان آخَرَ وَيُسَمَّى الشَّتْلَ فَلَا يَدْخُلُ كَمَا اعْتَمَدَهُ مَرَّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ) أَيْ عَلَى الْفَوْرِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: لِتَأَخُّرِ انْتِفَاعِهِ) قَالَ الْمَحَلِّيُّ: فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالزَّرْعِ فَلَا خِيَارَ لَهُ اهـ. أَقُولُ: ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الزَّرْعُ لِلْمَالِكِ أَوْ لِغَيْرِهِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ، وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّ لَهُ الْخِيَارَ إذَا بَاعَ الزَّرْعَ لِغَيْرِ الْمَالِكِ لَمْ يَكُنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّ صَغِيرَهُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ بِوَجْهٍ مُنَاسِبٍ لِمَا قُصِدَ مِنْهُ فَلَا قِيمَةَ لَهُ وَلَا يُخَاصَمُ فِيهِ، إلَى أَنْ قَالَ بِخِلَافِ صَغِيرٍ غَيْرَهُ يُنْتَفَعُ بِهِ لِنَحْوِ أَكْلِ الدَّوَابِّ الْمُنَاسِبِ لِمَا قُصِدَ مِنْهُ فَيَقَعُ فِيهِ التَّخَاصُمُ إلَخْ، فَالشَّارِحُ أَسْقَطَ مِنْ كَلَامِهِ مَقْصُودَ الْفَرْقِ وَلَزِمَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَنَّهُ مُسَاوٍ لِمَا نَسَبَهُ قَبْلُ لِعَامَّةِ الْأَصْحَابِ بِقَوْلِهِ قَالُوا: لِأَنَّهُ إذَا قُطِعَ قَبْلَ أَوَانِ قَطْعِهِ تَلِفَ وَلَمْ يَصْلُحْ لِشَيْءٍ. (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَحْتَجْ لِلشَّرْطِ) يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الشِّهَابَ حَجّ يُخَالِفُ الشَّارِحَ فِيمَا مَرَّ لَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاطِ قَطْعِهِ حَيْثُ قَالَ فَلَا يُكَلَّفُ قَطْعَهُ: أَيْ مَعَ اشْتِرَاطِ قَطْعِهِ [لَا يَدْخُلُ فِي مُطْلَقِ بَيْعِ الْأَرْضِ مَا يُؤْخَذُ دُفْعَةً] (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا مَرَّ مِنْ تَصْوِيرِهِ) أَيْ صِحَّةَ الْبَيْعِ، وَلَك أَنْ تَقُولَ لَا حَاجَةَ إلَى الْجَوَابِ عَنْ هَذَا الْإِشْكَالِ؛ لِأَنَّ الصِّحَّةَ لَيْسَتْ مُنْحَصِرَةً فِي هَذَا التَّصْوِيرِ كَمَا مَرَّ، وَالصِّحَّةُ لَا تُلَازِمُ حَالَةَ الْجَهْلِ، وَحَقُّ الْإِشْكَالِ أَنْ يُقَالَ: وَهَلْ يَتَأَتَّى الْجَهْلُ مَعَ تَصْوِيرِ الْأَذْرَعِيِّ؟ فَحِينَئِذٍ يُجَابُ عَنْهُ بِمَا ذُكِرَ

وَلَهُ الْخِيَارُ نَعَمْ لَوْ تَرَكَهُ لَهُ الْبَائِعُ وَلَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِتَمْلِيكٍ أَوْ قَالَ أَفْرَغَهَا مِنْهُ فِي زَمَنٍ لَا أُجْرَةَ لَهُ غَالِبًا كَيَوْمٍ أَوْ بَعْضِهِ سَقَطَ خِيَارُهُ كَمَا لَوْ عَلِمَ وَلَمْ يُظْهِرْ مَا يَقْتَضِي تَأَخُّرَ الْحَصَادِ عَنْ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَإِنَّهُ لَا يُخَيَّرُ أَيْضًا (وَلَا يَمْنَعُ الزَّرْعُ) الْمَذْكُورُ (دُخُولَ الْأَرْضِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَضَمَانَهُ إذَا حَصَلَتْ التَّخْلِيَةُ فِي الْأَصَحِّ) لِوُجُودِ التَّسْلِيمِ فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ مَعَ عَدَمِ تَأْتِي التَّفْرِيغَ حَالًا وَبِهِ فَارَقَتْ الدَّارُ الْمَشْحُونَةُ بِالْأَمْتِعَةِ. وَالثَّانِي يَمْنَعُ مِنْ قَبْضِهَا كَمَا تَمْنَعُ الْأَمْتِعَةُ الْمَشْحُونَةُ بِهَا الدَّارُ مِنْ قَبْضِهَا، وَرَدَّ بِمَا مَرَّ، وَمَا زَادَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ ضَمَانِهِ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ إذْ لَا يَلْزَمُ، مِنْ دُخُولِهَا فِي يَدِهِ ضَمَانُهَا فَقَدْ تَدْخُلُ فِي يَدِهِ، وَلَا يَضْمَنُ كَمَا لَوْ أَوْدَعَهَا الْبَائِعُ إيَّاهُ أَوْ كَانَتْ فِي يَدِهِ بِنَحْوِ إجَارَةٍ وَإِنْ زَعَمَ الْإِسْنَوِيُّ عَدَمَ الِاحْتِيَاجِ لَهُ (وَالْبَذْرُ) بِإِعْجَامِ الذَّالِ (كَالزَّرْعِ) فِيمَا ذَكَرَ وَيَأْتِي فَإِنْ كَانَ زَرْعُهُ مِمَّا يَدُومُ كَنَوَى النَّخْلِ دَخَلَ وَإِلَّا فَلَا، وَيَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ مِنْ الْخِيَارِ وَفُرُوعِهِ وَمِنْهَا قَوْلُهُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لِلْمُشْتَرِي مُدَّةَ بَقَاءِ الزَّرْعِ) الَّذِي جَهِلَهُ وَأَجَازَ كَمَا لَا أَرْشَ لَهُ فِي الْإِجَازَةِ فِي الْعَيْبِ اهـ، قَالَهُ الشَّارِحُ، وَلِأَنَّهُ بِالْإِجَازَةِ رَضِيَ بِتَلَفِ الْمَنْفَعَةِ تِلْكَ الْمُدَّةِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَ دَارًا مَشْحُونَةً بِأَمْتِعَةٍ فَإِنَّهُ لَا أُجْرَةَ لِمُدَّةِ التَّفْرِيغِ وَالثَّانِي لَهُ الْأُجْرَةُ. قَالَ فِي الْبَسِيطِ: لِأَنَّ الْمَنَافِعَ مُتَمَيِّزَةٌ عَنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ: أَيْ فَلَيْسَتْ كَالْعَيْبِ، أَمَّا لَوْ كَانَ عَالِمًا فَلَا أُجْرَةَ لَهُ جَزْمًا. فَتَقْيِيدُ الشَّارِحِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبَعِيدًا لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ تَرَكَهُ) لَوْ لَمْ يَكُنْ لِفَائِدَتِهِ وَقْعٌ وَعَظُمَ ضَرَرُهُ لِطُولِ مُدَّةِ تَفْرِيغِهِ أَوْ كَثْرَةِ أُجْرَتِهِ فَيَنْبَغِي عَدَمُ سُقُوطِ الْخِيَارِ بِتَرْكِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ سُقُوطِ خِيَارِهِ بِتَرْكِهِ مَا لَمْ يَتَضَرَّرْ الْمُشْتَرِي بِالزَّرْعِ بِأَنْ كَانَ يُفَوِّتُ عَلَيْهِ مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ الْمُرَادَةِ مِنْ الِاسْتِئْجَارِ لَهُ بِأَنْ كَانَ مُرَادُهُ زَرْعَ شَيْءٍ فِيهَا لَا يَتَأَتَّى زَرْعُهُ حَالًا مَعَ وُجُودِ الزَّرْعِ الَّذِي بِهَا (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ عَلِمَ وَلَمْ يَظْهَرْ إلَخْ) أَيْ فِي أَنَّهُ إنْ ظَهَرَ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَعَمَ الْإِسْنَوِيُّ) رَدُّ كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ وَاضِحٌ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، أَمَّا مَعَ النَّظَرِ لِلسِّيَاقِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ تَدْخُلُ فِي يَدِهِ مِنْ جِهَةِ الْبَيْعِ فَالرَّدُّ غَيْرُ ظَاهِرٍ، لِأَنَّهَا مَتَى دَخَلَتْ فِي يَدِهِ عَنْ جِهَةِ الْبَيْعِ دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ مَا يُصَرِّحُ بِهِ (قَوْلُهُ: لَهُ) أَيْ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: مُدَّةَ بَقَاءِ الزَّرْعِ) نَعَمْ وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الْقَطْعَ فَأَخَّرَ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ لِتَرْكِهِ الْوَفَاءَ الْوَاجِبَ اهـ شَرَحَ مَنْهَجٍ، وَالْمُرَادُ وُجُوبُ الْأُجْرَةِ مِنْ وَقْتِ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ: إلَى أَوَانِ الْحَصَادِ) لَكِنْ لَوْ أَرَادَ عِنْدَ أَوَانِهِ دِيَاسَ الْحِنْطَةِ مَثَلًا فِي مَكَانِهَا لَمْ يُمْكِنُ إلَّا بِالرِّضَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ أَقُولُ: فَلَوْ أَخَّرَ بَعْدَ أَوَانِهِ هَلْ تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ وَإِنْ لَمْ يُطَالَبْ أَمْ لَا يَلْزَمُ إلَّا بَعْدَ الطَّلَبِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِالْقَطْعِ بَعْدَ دُخُولِ أَوَانِ الْحَصَادِ إلَّا بَعْدَ طَلَبِ الْمُشْتَرِي، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ شَرَطَ الْقَطْعَ حَيْثُ لَزِمَتْهُ فِيهِ الْأُجْرَةُ مُطْلَقًا بِوُجُودِ الْمُخَالَفَةِ لِلشَّرْطِ فِي تِلْكَ صَرِيحًا وَلَا كَذَلِكَ هُنَا، وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْفَرْقَ مَا قِيلَ فِيمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ مَكَانًا مُدَّةً لِحِفْظِ مَتَاعٍ وَفَرَغَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يُطَالِبْهُ الْمُؤَجِّرُ بِالْمِفْتَاحِ وَلَا بِإِخْرَاجِ الْأَمْتِعَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ لِمَا مَضَى بَعْدَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ، لَكِنْ يُخَالِفُ هَذَا مَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ فِي الْفَرْعِ الْآتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبِشَرْطِ الْإِبْقَاءِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ أَبْقَاهَا مُدَّةً مَعَ شَرْطِ أَحَدِ ذَيْنِك: أَيْ الْقَطْعِ أَوْ الْقَلْعِ لَمْ تَلْزَمْهُ الْأُجْرَةُ إلَّا أَنْ يُطَالِبَهُ الْبَائِعُ بِالشُّرُوطِ فَامْتَنَعَ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ هُنَا الْجَوَابَ عَنْ ذَلِكَ وَعِبَارَتُهُ: نَعَمْ إنْ شَرَطَ الْقَطْعَ فَأَخَّرَ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ لِتَرْكِهِ الْوَفَاءَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ وُجُوبِ الْأُجْرَةِ بَيْنَ أَنْ يُطَالِبَ بِالْقَطْعِ الْوَاجِبِ وَأَنْ لَا، وَيُنَافِيه مَا يَأْتِي فِي الشَّجَرَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَعَمَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا الْجَوَابُ لَا يَدْفَعُ زَعْمَ الْإِسْنَوِيِّ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي دُخُولِهَا فِي يَدِهِ عَنْ جِهَةِ الْبَيْعِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إذَا حَصَلَتْ التَّخْلِيَةُ، وَالْإِسْنَوِيُّ إنَّمَا اعْتَرَضَ الْعِبَارَةَ وَلَمْ يَعْتَرِضْ الْحُكْمَ فِي حَدِّ ذَاتِهِ، ثُمَّ رَأَيْتُ الشِّهَابَ سم سَبَقَ إلَى ذَلِكَ فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ . (قَوْلُهُ: انْتَهَى) الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ

لِأَجْلِ مَحَلِّ الْخِلَافِ. وَظَاهِرٌ أَنَّ الزَّرْعَ يَبْقَى إلَى أَوَانِ الْحَصَادِ أَوْ الْقَلْعِ وَعِنْدَ قَلْعِهِ يَلْزَمُ الْبَائِعَ تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ وَقَطْعُ مَا ضَرَّ بِهَا كَعُرُوقِ الذُّرَةِ. وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ مُدَّةَ تَفْرِيغِ الْأَرْضِ مِنْهُ وَلَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ. بِخِلَافِ مَا سَيَأْتِي فِي الْأَحْجَارِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِمُدَّةِ بَقَائِهِ. (وَلَوْ) (بَاعَ أَرْضًا مَعَ بَذْرٍ أَوْ زَرْعٍ) بِهَا (لَا يُفْرَدُ) أَفْرَدَ، لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ (بِالْبَيْعِ) عَنْهُنَّ أَيْ لَا يَصِحُّ: بَيْعُهُ وَحْدَهُ وَالزَّرْعُ الَّذِي لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ كَبُرٍّ. لَمْ يَرَ كَأَنْ يَكُونَ فِي سُنْبُلِهِ، أَوْ كَانَ مَسْتُورًا بِالْأَرْضِ كَالْفُجْلِ وَالْبَذْرُ الَّذِي لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ هُوَ مَا لَمْ يَرَهُ، أَوْ تَغَيَّرَ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ أَوْ امْتَنَعَ عَلَيْهِ أَخْذُهُ كَمَا هُوَ الْغَائِبُ (بَطَلَ) الْبَيْعُ (فِي الْجَمِيعِ) جَزْمًا لِلْجَهْلِ بِأَخْذِ الْمَقْصُودَيْنِ وَتَعَذَّرَ التَّوْزِيعُ، أَمَّا مَا يُفْرَدُ كَقَصِيلٍ غَيْرِ مُسَنْبَلٍ أَوْ فِي سُنْبُلِهِ وَرَآهُ كَذُرَةٍ وَشَعِيرٍ وَبَذْرٍ رَآهُ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ وَتَمَكَّنَ مِنْ أَخْذِهِ فَيَصِحُّ جَزْمًا (وَقِيلَ فِي الْأَرْضِ قَوْلَانِ) أَحَدُهُمَا كَالْأَوَّلِ وَالثَّانِي الصِّحَّةُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ. نَعَمْ إنْ دَخَلَ فِيهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ بِأَنْ كَانَ دَائِمَ النَّبَاتِ صَحَّ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ وَكَانَ ذِكْرُهُ تَأْكِيدًا وَفَارِقُ بَيْعِ الْأَمَةِ وَحَمْلِهَا بِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَحَقِّقِ الْوُجُودِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَاغْتُفِرَ فِيهِ مَا لَمْ يُغْتَفَرْ فِي الْحَمْلِ وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ فِي الْكِتَابِ الْبَذْرَ عَلَى صِفَةِ الزَّرْعِ عَكْسَ الْمُحَرَّرِ لِتَعُودَ الصِّفَةُ إلَيْهِ أَيْضًا فَيَخْرُجُ بِهَا مَا رَوَى قَبْلَ الْعَقْدِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ وَقَدَرَ عَلَى أَخْذِهِ فَإِنَّهُ يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ وَلَمْ يُنَبِّهْ فِي الدَّقَائِقِ عَلَى ذَلِكَ (وَيَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ الْحِجَارَةُ الْمَخْلُوقَةُ) أَوْ الْمُثَبَّتَةُ (فِيهَا) لِكَوْنِهَا مِنْ أَجْزَائِهَا ثُمَّ إنْ قُصِدَتْ الْأَرْضُ لِزَرْعٍ أَوْ غَرْسٍ كَانَتْ عَيْبًا يَثْبُتُ الْخِيَارُ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَوْ الثَّمَرَةِ أَوْ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ الْمَشْرُوطِ قَطْعُهُمَا أَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا إنْ طُولِبَ بِالْمَشْرُوطِ فَامْتَنَعَ، وَقَدْ يُفَرِّقُ بِأَنَّ الْمُؤَخَّرَ ثُمَّ الْمَبِيعَ وَهُنَا عَيْنٌ أَجْنَبِيَّةٌ عَنْهُ، وَالْمَبِيعُ يَتَسَامَحُ فِيهِ كَثِيرًا بِمَا لَا يَتَسَامَحُ فِي غَيْرِهِ لِمَصْلَحَةِ بَقَاءِ الْعَقْدِ بَلْ وَلِغَيْرِهَا. أَلَا تَرَى أَنَّ اسْتِعْمَالَ الْبَائِعِ لَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا أُجْرَةَ فِيهِ وَإِنْ طَلَبَ مِنْهُ قَبْضَهُ فَامْتَنَعَ تَعَدِّيًا وَلَا كَذَلِكَ غَيْرُهُ، ثُمَّ رَأَيْتنِي أَجَبْت أَوَّلَ الْفَصْلِ الْآتِي بِمَا يُوَافِقُ ذَلِكَ اهـ (قَوْلُهُ: الْحَصَادُ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِهَا، وَبِهِمَا قَوِيَ قَوْله تَعَالَى {يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141] (قَوْلُهُ: مَا ضَرّ بِهَا) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مَا ضَرَّهَا أَوْ مَا أَضَرَّ بِهَا لِأَنَّ الْفِعْلَ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ إنْ كَانَ مُجَرَّدًا تَعَدَّى بِنَفْسِهِ أَوْ مَزِيدًا فِيهِ الْهَمْزَةُ تَعَدَّى بِحَرْفِ الْجَرِّ (قَوْلُهُ: وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ) أَيْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: مِنْهُ) أَيْ الزَّرْعِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ) بَيِّنًا فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ عَنْ ابْنِ هِشَامٍ أَنَّ أَوْ الَّتِي يُفْرَدُ بَعْدَهَا هِيَ الَّتِي لِلشَّكِّ وَنَحْوِهِ دُونَ الَّتِي لِلتَّنْوِيعِ أَيْ وَمَا هُنَا مِنْهُ فَإِنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْوَاوِ اهـ سم عَلَى حَجّ، فَلَا يَتِمُّ تَوْجِيهُ الْإِفْرَادِ بِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: أَوْ امْتَنَعَ) أَيْ تَعَذَّرَ (قَوْلُهُ: كَقَصِيلٍ) اسْمٌ لِلزَّرْعِ الصَّغِيرِ وَهُوَ بِالْقَافِ (قَوْلُهُ: وَتَمَكَّنَ مِنْ أَخْذِهِ) أَيْ وَلَوْ بِعُسْرٍ (قَوْلُهُ: دَائِمَ النَّبَاتِ) كَنَوَى النَّخْلِ (قَوْلُهُ: صَحَّ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ) فَرْضُهُ كَشَرْحِ الْمَنْهَجِ فِي دُخُولِ الْبَذْرِ وَالزَّرْعِ وَإِنْ لَمْ يَرَهُ الْمُشْتَرِي، وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ بِالْأَرْضِ بِنَاءٌ أَوْ شَجَرٌ وَلَمْ يَرَهُ الْمُشْتَرِي فَهَلْ يُغْتَفَرُ عَدَمُ الرُّؤْيَةِ فِيهِ لِكَوْنِهِ تَابِعًا أَوْ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهِ لِأَنَّهُ مَبِيعٌ وَلَا يَخْرُجُ مِنْ كَوْنِهِ مَبِيعًا بِكَوْنِهِ تَابِعًا. فِيهِ نَظَرٌ، وَمُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ رُؤْيَةِ الْبَذْرِ لِكَوْنِهِ تَابِعًا جَرَيَانَهُ فِي الشَّجَرِ وَنَحْوِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ هُنَا رُؤْيَتُهُ لِكَوْنِهِ لَيْسَ مَقْصُودًا بِالْعَقْدِ وَإِنَّمَا دَخَلَ تَبَعًا، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ رُؤْيَةَ الْبَذْرِ قَدْ تَتَعَذَّرُ لِاخْتِلَاطِهِ بِالطِّينِ وَتَغَيُّرِهِ غَالِبًا بِخِلَافِ الشَّجَرِ وَالْبِنَاءِ (قَوْلُهُ: وَفَارِقُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الصِّحَّةِ مَعَ ذِكْرِ الزَّرْعِ إلَى الَّذِي يَدْخُلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: وَحَمْلِهَا بِأَنَّهُ) أَيْ الْحَمْلَ (قَوْلُهُ: وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ) أَيْ فَقَالَ وَلَوْ بَاعَ أَرْضًا مَعَ زَرْعٍ لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ أَوْ بَذْرٍ (قَوْلُهُ: لِتَعُودَ الصِّفَةُ إلَيْهِ أَيْضًا) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَبَادَرِ مِنْهُ فِي الِاسْتِعْمَالِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْقَيْدَ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ أَوْ تَوَسَّطَ يَعُودُ عَلَى الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْمُثَبَّتَةُ) أَيْ بِالْبِنَاءِ أَوْ نَحْوِهِ كَأَنْ يَحْفِرَ فِيهَا مَوَاضِعَ وَيُثَبِّتَ الْحِجَارَةَ ثَبَاتَ الْأَوْتَادِ (قَوْلُهُ: أَوْ غَرْسٍ) أَيْ أَوْ بِنَاءٍ وَكَانَتْ الْحِجَارَةُ تَضُرُّ كَمَنْعِهَا مِنْ حَفْرِ الْأُسِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: أَوْ امْتَنَعَ عَلَيْهِ أَخْذُهُ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ أَوْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ أَخْذُهُ. (قَوْلُهُ: لِلْجَهْلِ بِأَحَدِ الْمَقْصُودَيْنِ) أَيْ: أَوْ عَدَمِ

(دُونَ الْمَدْفُونَةِ) مِنْ غَيْرِ إثْبَاتٍ كَالْكُنُوزِ فَلَا تَدْخُلُ فِيهَا (وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي إنْ عَلِمَ) الْحَالَ وَلَوْ ضَرَّ قَلْعُهَا كَسَائِرِ الْعُيُوبِ نَعَمْ لَوْ جَهِلَ ضَرَرَ قَلْعِهَا دُونَ ضَرَرِ تَرْكِهَا أَوْ عَكْسَهُ أَوْ كَانَ لِقَلْعِهَا مُدَّةً لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ تَخَيَّرَ، وَعِبَارَتُهُمَا مُخْرَجَةٌ لِلْعَكْسِ فَإِنَّهُمَا قُيِّدَا بِضَرَرِ الْقَلْعِ، وَاسْتَدْرَكَهُ النَّشَائِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ عَلَيْهِمَا بِأَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِهِمَا عَدَمُ ثُبُوتِ الْخِيَارِ فِيهِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ غَيْرِهِمَا ثُبُوتُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَطْمَعُ فِي أَنَّ الْبَائِعَ يَتْرُكُهَا، وَالْأَوْجَهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا إذْ لَا يَصِحُّ طَمَعُهُ فِي تَرْكِهَا عِلَّةً لِثُبُوتِ الْخِيَارِ وَلَا يُقَاسُ ثُبُوتُهُ فِيمَا لَوْ ضَرَّ (وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ) إنْ لَمْ يَتَخَيَّرْ الْمُشْتَرِي أَوْ اخْتَارَ الْقَلْعَ (النَّقْلُ) وَلَهُ النَّقْلُ إنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ الْمُشْتَرِي وَيُجْبِرُهُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ وَإِنْ وَهَبَهَا لَهُ تَفْرِيعًا لِمِلْكِهِ وَفَارَقَ الزَّرْعَ بِأَنَّ لَهُ أَمَدًا يَنْتَظِرُ وَيَلْزَمُهُ تَسْوِيَةُ حُفَرِ الْأَرْضِ الْحَاصِلَةِ بِالْقَلْعِ. قَالَ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنْ يُعِيدَ التُّرَابَ الْمُزَالَ بِالْقَلْعِ مِنْ فَوْقِ الْحِجَارَةِ مَكَانَهُ: ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: دُونَ الْمَدْفُونَةِ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ.: بَاعَ أَرْضًا وَجَدَ فِيهَا حِجَارَةً وَاخْتَلَفَا بَعْدَ قَلْعِ الْمُشْتَرِي مَثَلًا لَهَا وَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهَا كَانَتْ مَدْفُونَةً فَهِيَ لَهُ وَالْمُشْتَرِي أَنَّهَا كَانَتْ مُثَبَّتَةً فَهِيَ لَهُ فَمَنْ الْمُصَدَّقُ؟ وَقَدْ يُقَالُ الْمُصَدَّقُ الْبَائِعُ لِأَنَّهَا كَانَتْ مِلْكَهُ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ مِلْكِهِ عَلَيْهَا، وَقَدْ يُقَالُ يَتَحَالَفَانِ لِأَنَّ اخْتِلَافَهُمَا يَرْجِعُ إلَى الِاخْتِلَافِ فِي قَدْرِ الْمَبِيعِ هَلْ هُوَ الْأَرْضُ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ الْأَحْجَارِ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي مُوَافِقًا لِلْبَائِعِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ تَصْدُرْ مِنْهُ إضَافَةُ الْبَيْعِ إلَّا إلَى الْأَرْضِ وَأَنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَبِيعِ الْأَحْجَارِ، وَقَدْ يُقَالُ يُصَدَّقُ الْبَائِعُ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَدَّعِي حُدُوثَهَا وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، لَكِنَّ هَذَا وَاضِحٌ إنْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهَا كَانَتْ مَخْلُوقَةً فِيهَا، ثُمَّ رَأَيْت فِي الْعُبَابِ مَا نَصُّهُ: وَيُصَدَّقُ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ يَعْنِي الْبَيْعَ بَعْدَ التَّأْبِيرِ اهـ. وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ فِي مَسْأَلَتِنَا يُصَدَّقُ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ، لِأَنَّ تَنَازُعَ الْبَائِعِ مَعَ الْمُشْتَرِي فِي أَنَّ الْبَيْعَ بَعْدَ التَّأْبِيرِ أَوْ قَبْلَهُ تَنَازُعٌ فِي قَدْرِ الْمَبِيعِ هَلْ هُوَ النَّخْلُ مَعَ الثَّمَرَةِ أَوْ النَّخْلُ وَحْدَهُ وَمَعَ ذَلِكَ كَانَ الْمُصَدَّقُ الْبَائِعَ فَكَذَا فِي مَسْأَلَتِنَا فَلْيُتَأَمَّلْ. أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ الْأَقْرَبُ التَّحَالُفُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَكْسُهُ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَعِبَارَتُهُمَا) أَيْ الشَّيْخَيْنِ (قَوْلُهُ: النَّشَائِيُّ) نِسْبَةٌ لِبَيْعِ النَّشَاءِ، قَالَ فِي اللُّبِّ: النَّشَائِيُّ بِالْفَتْحِ إلَى النَّشَاءِ الْمَعْرُوفِ، وَنَشَاءٌ قَرْيَةٌ بِرِيفِ مِصْرَ اهـ، وَفِي الْمِصْبَاحِ: وَالنَّشَا وَزَانُ الْحَصَى الرِّيحِ الطَّيِّبَةِ، وَالنَّشَاءُ مَا يُعْمَلُ مِنْ الْحِنْطَةِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَمِمَّا يُوجَدُ مَمْدُودًا وَالْعَامَّةُ تُقْصِرُهُ النَّشَاءَ مِثْلَ سَلَامٍ، وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ مَقْصُورٌ فَإِنَّهُ قَالَ لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ، فَإِنْ صَحَّ أَنَّ الْعَرَبَ تَكَلَّمُوا بِهِ فَحَمْلُهُ عَلَى الْمَقْصُورِ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَا زِيَادَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا) أَيْ مِنْ عَدَمِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ فِي صُورَةِ الْعَكْسِ (قَوْلُهُ: أَوْ اخْتَارَ الْقَلْعَ) أَيْ بِأَنْ رَضِيَ بِهَا مَعَ كَوْنِهَا مُشْتَمِلَةً عَلَى الْحِجَارَةِ لَكِنْ طَلَبَ مِنْ الْبَائِعِ الْقَلْعَ (قَوْلُهُ: وَلَا يُقَاسُ بِثُبُوتِهِ) أَيْ الْخِيَارِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَهَبَهَا) أَيْ الْحِجَارَةَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ) أَيْ الْإِجْبَارَ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُعِيدَ التُّرَابَ) فَلَوْ تَلِفَ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِمِثْلِهِ مَرَّ اهـ ـــــــــــــــــــــــــــــQقُدْرَةِ تَسَلُّمِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْبَذْرِ الَّذِي رَآهُ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ. (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ لِقَلْعِهَا مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ) اعْلَمْ أَنَّ حَاصِلَ مَا فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنَّ الشَّيْخَيْنِ صَرَّحَا بِثُبُوتِ الْخِيَارِ فِيمَا إذَا جُهِلَ ضَرَرُ الْقَلْعِ وَسَكَتَا عَمَّا إذَا جُهِلَ ضَرَرُ التَّرْكِ فَاقْتَضَى ظَاهِرُ صَنِيعِهِمَا أَنَّهُ لَا خِيَارَ فِيهِ وَاقْتَضَى كَلَامُ غَيْرِهِمَا ثُبُوتَ الْخِيَارِ فِيهِ أَيْضًا مُطْلَقًا، وَقَيَّدَهُ الْمُتَوَلِّي فِي التَّتِمَّةِ بِمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الضَّرَرُ لَا يَزُولُ بِالْقَلْعِ أَوْ كَانَ يَزُولُ بِهِ لَكِنْ يَسْتَغْرِقُ الْقَلْعُ مُدَّةً تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ، وَاخْتَارَ هَذَا التَّقْيِيدَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَعِبَارَتُهُ عَقِبَ قَوْلِ الرَّوْضِ ثُمَّ إنْ كَانَ عَالِمًا فَلَا خِيَارَ لَهُ نَصُّهَا: وَإِنْ ضَرَّ قَلْعُهَا نَعَمْ إنْ جُهِلَ ضَرَرُهَا وَكَانَ لَا يَزُولُ بِالْقَطْعِ أَوْ كَانَ يَتَعَطَّلُ بِهِ مُدَّةً لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ فَلَهُ الْخِيَارُ، وَصَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي، ثُمَّ قَالَ عَقِبَ قَوْلِ الرَّوْضِ وَإِنْ كَانَ التَّرْكُ وَالْقَلْعُ مُضِرَّيْنِ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إلَخْ مَا نَصُّهُ: وَشَمِلَ كَلَامُهُ فِيهِ مَا لَوْ جُهِلَ ضَرَرُ قَلْعِهَا دُونَ ضَرَرِ تَرْكِهَا وَعَكْسُهُ، وَعِبَارَةُ الشَّيْخَيْنِ مُخْرِجَةٌ لِلْعَكْسِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا، فَكَأَنَّ الشَّارِحَ تَوَهَّمَ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ كَانَ لِقَلْعِهَا مُدَّةٌ إلَخْ لَيْسَ مِنْ جُمْلَةِ الْقَيْدِ فَتَصَرَّفْ فِي الْعِبَارَةِ بِمَا تَرَاهُ فَلَمْ تَصِحَّ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: نَعَمْ إنْ جُهِلَ ضَرَرُ

أَيْ وَلَمْ يُسَوِّهَا لِبُعْدِ إيجَابِ عَيْنٍ لَمْ تَدْخُلْ فِي الْبَيْعِ، وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ لِمُدَّةِ ذَلِكَ وَإِنْ طَالَتْ وَكَانَتْ بَعْضُ الْقَبْضِ (وَكَذَا) لَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي (إنْ جَهِلَهَا) (وَلَمْ يَضُرَّهُ قَلْعُهَا) بِأَنْ قَصُرَتْ مُدَّتُهُ وَلَمْ تَتَعَيَّبْ بِهِ سَوَاءً أَضَرَّهُ تَرْكُهَا أَمْ لَا لِزَوَالِ ضَرَرِهِ بِالْقَلْعِ (وَإِنْ ضَرَّ) قَلْعُهَا بِأَنْ نَقَصَهَا وَلَوْ طَالَ زَمَنُهُ مَعَ التَّسْوِيَةِ مُدَّةً لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ (فَلَهُ الْخِيَارُ) ضَرَّ تَرْكُهَا أَوْ لَا دَفْعًا لِضَرَرِهِ. نَعَمْ لَوْ رَضِيَ بِتَرْكِهَا لَهُ وَلَا ضَرَرَ فِيهِ سَقَطَ خِيَارُهُ، وَهُوَ أَعْرَاضٌ لَا تَمْلِيكٌ إنْ لَمْ تَتَوَفَّرْ فِيهِ شُرُوطُ الْهِبَةِ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا، وَيَعُودُ خِيَارُ الْمُشْتَرِي وَلَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ بِقَوْلِ الْبَائِعِ أَنَا أَغْرَمُ لَك الْأُجْرَةَ وَالْأَرْشَ لِلْمِنَّةِ. لَا يُقَالُ: فِي التَّرْكِ مِنَّةٌ وَلَا يَلْزَمُهُ تَحَمُّلُهَا. لِأَنَّا نَقُولُ: الْمِنَّةُ فِيهَا حَصَلَتْ بِمَا هُوَ مُتَّصِلٌ بِالْمَبِيعِ يُشْبِهُ جُزْأَهُ بِخِلَافِهَا فِي تِلْكَ (فَإِنْ أَجَازَ) الْعَقْدَ (لَزِمَ الْبَائِعَ النَّقْلُ) تَفْرِيعًا لِمِلْكِ الْمُشْتَرِي (وَتَسْوِيَةُ الْأَرْضِ) كَمَا مَرَّ (وَفِي وُجُوبِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِمُدَّةِ النَّقْلِ) إذَا خُيِّرَ الْمُشْتَرِي (أَوْجَهُ أَصَحُّهَا) أَنَّهَا (تَجِبُ إنْ نَقَلَ بَعْدَ الْقَبْضِ) لِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَى الْمُشْتَرِي الْمَنْفَعَةَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ (لَا قَبْلَهُ) إذْ جِنَايَتُهُ قَبْلَهُ كَالْآفَةِ كَمَا مَرَّ. وَمِنْ ثَمَّ لَوْ بَاعَهَا لِأَجْنَبِيٍّ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ أَصَحُّ احْتِمَالَيْنِ فِي كَلَامِ الْبُلْقِينِيُّ لِأَنَّ جِنَايَتَهُ مَضْمُونَةٌ مُطْلَقًا، وَكَلُزُومِ الْأُجْرَةِ لُزُومُ أَرْشِ عَيْبٍ بَقِيَ فِيهَا بَعْدَ التَّسْوِيَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSسم عَلَى مَنْهَجٍ، وَالْكَلَامُ فِي التُّرَابِ الطَّاهِرِ أَمَّا النَّجِسُ كَالرَّمَادِ النَّجِسِ وَالسِّرْجِينِ فَلَا يَلْزَمُهُ مِثْلُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَالًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يُسَوِّهَا) أَيْ التُّرَابُ الْمَعَادُ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: لِمُدَّةِ ذَلِكَ) أَيْ التَّسْوِيَةِ وَإِعَادَةِ التُّرَابِ (قَوْلُهُ: وَلَا ضَرَرَ فِيهِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ لَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَعْرَاضٌ لَا تَمْلِيكٌ) تَقَدَّمَ مِثْلُهُ فِي الزَّرْعِ حَيْثُ قَالَ: وَلَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِتَمْلِيكٍ إلَخْ، وَسَبَقَهُ إلَيْهَا فِيهِمَا حَجّ هُنَا، لَكِنْ قَالَ سم عَلَيْهِ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ: وَهُوَ أَعْرَاضٌ قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ: وَيَظْهَرُ فِي تَرْكِ الزَّرْعِ أَنَّهُ تَمْلِيكٌ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لَا يُفْرَدُ بِعَقْدٍ وَعَيْنُهُ زَائِلَةٌ غَيْرُ بَاقِيَةٍ بِخِلَافِ نَحْوِ الْحِجَارَةِ فِيهِمَا اهـ. وَهَلْ يَحْتَاجُ فِي مِلْكِهِ إلَى إيجَابٍ وَقَبُولٍ بِشَرْطِهِمَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ عَدَمُ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ اهـ أَقُولُ: بَلْ ظَاهِرُ قَوْلِهِمْ التَّمْلِيكُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اللَّفْظِ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ وَهُوَ أَعْرَاضٌ: أَيْ فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ كَالضَّيْفِ فَيَنْتَفِعُ بِهِ بِوُجُوهِ الِانْتِفَاعَاتِ كَأَكْلِهِ الطَّعَامَ وَإِطْعَامِهِ لِأَهْلِ بَيْتِهِ وَنَحْوِهِمْ وَبِنَاؤُهُ بِالْحِجَارَةِ، وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِبَيْعٍ وَلَا هِبَةٍ وَلَا نَحْوِهِمَا، وَنُقِلَ مِثْلُهُ عَنْ حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ لِوَالِدِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ) أَيْ فَلَهُ الْفَسْخُ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى مُوَافَقَةِ الْبَائِعِ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ وَافَقَهُ عَلَى أَخْذِ الْأُجْرَةِ أَوْ الْأَرْشِ لَمْ يَمْتَنِعْ، وَعَلَيْهِ فَقَدْ يُشْكَلُ جَوَازُ أَخْذِ الْأَرْشِ بِمَا سَبَقَ مِنْ امْتِنَاعِ أَخْذِهِ إذَا ظَهَرَ بِالْمَبِيعِ عَيْبٌ قَدِيمٌ وَأَرَادَ الْبَائِعُ دَفْعَ الْأَرْشِ وَإِسْقَاطَ خِيَارِ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يَخُصَّ مَا هُنَا بِمَا لَوْ جَهِلَ بِأَنَّ مُوَافَقَتَهُ تُسْقِطُ الْخِيَارَ فَيُعْذَرُ فِي ذَلِكَ وَلَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ (قَوْلُهُ: إذَا خُيِّرَ الْمُشْتَرِي) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ عَالِمًا لَا أُجْرَةَ لَهُ، وَالْقِيَاسُ وُجُوبُهَا مُطْلَقًا لِأَنَّ تَفْرِيغَهَا بَعْدَ الْقَبْضِ تَصَرُّفٌ فِي يَدِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ بَاعَهَا) أَيْ الْحِجَارَةَ (قَوْلُهُ: لَزِمَتْهُ) أَيْ الْأَجْنَبِيَّ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ جِنَايَتَهُ) أَيْ الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ: وَكَلُزُومِ الْأُجْرَةِ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّشْبِيهِ أَنَّهُ إنْ حَصَلَ مِنْ التَّسْوِيَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَلْعِهَا أَوْ ضَرَرُ تَرْكِهَا وَلَمْ يَزُلْ بِالْقَلْعِ أَوْ كَانَ لِنَقْلِهَا مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ تَخَيَّرَ كَمَا قَالَاهُ فِي الْأُولَى وَالْمُتَوَلِّي فِي الثَّانِيَةِ، إلَى أَنْ قَالَ: وَبِهِ يُقَيَّدُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا أَنَّهُ لَوْ جُهِلَ ضَرَرُ تَرْكِهَا دُونَ ضَرَرِ قَلْعِهَا لَمْ يَتَخَيَّرْ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ رَضِيَ بِتَرْكِهَا لَهُ وَلَا ضَرَرَ فِيهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ التَّرْكُ مُضِرًّا: أَيْ: وَجَهِلَهُ أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ فَيُنَافِي مَا مَرَّ لَهُ اسْتِيجَاهُهُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَقُولُ الْمِنَّةُ فِيهَا) يَعْنِي الْحِجَارَةَ (قَوْلُهُ: إنْ نُقِلَ بَعْدَ الْقَبْضِ) أَيْ وَلَا يَمْنَعُ وُجُودُهَا صِحَّةَ الْقَبْضِ لِصِحَّتِهِ فِي الْمَحَلِّ الْخَالِي مِنْهَا كَالْأَمْتِعَةِ إذَا كَانَتْ بِبَعْضِ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ بَاعَهَا) أَيْ: الْحِجَارَةَ

[يدخل في بيع القرية الأبنية وساحات يحيط بها السور]

وَالثَّانِي تَجِبُ مُطْلَقًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَضْمَنُ جِنَايَتَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَالثَّالِثُ لَا تَجِبُ مُطْلَقًا لِأَنَّ إجَازَةَ الْمُشْتَرِي رِضًا بِتَلَفِ الْمَنْفَعَةِ مُدَّةَ النَّقْلِ. (وَ) يَدْخُلُ فِي (بَيْعِ الْبُسْتَانِ) هُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ وَجَمْعُهُ بَسَاتِينَ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْعَجَمِيَّةِ بِالْبَاغِّ (الْأَرْضُ وَالشَّجَرُ) وَكُلُّ مَا لَهُ أَصْلٌ ثَابِتٌ مِنْ الزَّرْعِ لَا نَحْوَ غُصْنٍ يَابِسٍ وَشَجَرَةٍ وَعُرُوقٍ يَابِسَيْنِ (وَالْحِيطَانُ) لِدُخُولِهَا فِي مُسَمَّاهُ بَلْ لَا يُسَمَّى بُسْتَانًا بِدُونِهَا كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَكَذَا الْجِدَارُ الْمُنْهَدِمُ لِإِمْكَانِ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ، وَتَدْخُلُ أَيْضًا عَرِيشَةٌ أُعِدَّتْ لِوَضْعِ قُضْبَانِ الْعِنَبِ عَلَيْهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ (وَكَذَا الْبِنَاءُ) الَّذِي فِيهِ يَدْخُلُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِثَبَاتِهِ وَقِيلَ لَا، وَقِيلَ فِيهِ قَوْلَانِ وَهِيَ الطُّرُقُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي دُخُولِهِ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ، وَلَوْ قَالَ بِعْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ الْبُسْتَانَ دَخَلَتْ الْأَبْنِيَةُ وَالْأَشْجَارُ جَمِيعًا، أَوْ هَذِهِ الْحَائِطَ. الْبُسْتَانَ أَوْ هَذِهِ الْمُحَوَّطَةَ دَخَلَ الْحَائِطُ الْمُحِيطُ وَمَا فِيهِ مِنْ شَجَرٍ وَبِنَاءٍ. (وَ) يَدْخُلُ (فِي بَيْعِ الْقَرْيَةِ) (الْأَبْنِيَةُ) عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لِتَبَعِهَا لَهَا (وَسَاحَاتٌ يُحِيطُ بِهَا السُّوَرُ) بِخِلَافِ الْخَارِجَةِ عَنْهُ، وَيَدْخُلُ نَفْسُ السُّوَرِ لِدُخُولِهِ تَحْتَ اسْمِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ السُّبْكِيُّ (لَا الْمَزَارِعُ) وَالْأَشْجَارُ الْخَارِجَةُ عَنْهُ فَلَا تَدْخُلُ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِخُرُوجِهَا عَنْ مُسَمَّاهَا وَمَا لَا سُوَرَ لَهَا يَدْخُلُ مَا كَانَ مُخْتَلِطًا بِبِنَائِهَا مِنْ مَسَاكِنَ وَأَبْنِيَةٍ، وَلَا تَدْخُلُ الْأَبْنِيَةُ الْخَارِجَةُ عَنْ السُّوَرِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSأَوْ بَعْدَهُ وَجَبَ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ سم عَلَى حَجّ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ مِنْ قَوْلِهِ وَظَاهِرُ أَنَّهُ لَا أَرْشَ لَهُ أَيْضًا عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ كَوْنِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَيَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْبُسْتَانِ إلَخْ) قَدْ يَخْرُجُ الرَّهْنُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ، فَإِنْ أُلْحِقَ وِفَاقًا لَمْ ر أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي رَهْنِ الْبُسْتَانِ وَالْقَرْيَةِ مَا فِيهِمَا مِنْ بِنَاءٍ وَشَجَرٍ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ اهـ سَمِّ عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِمْ دُخُولُ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ فِي رَهْنِ الْبُسْتَانِ وَالْقَرْيَةِ وَالدَّارِ أَنَّهَا مِنْ مُسَمَّاهَا عَدَمُ دُخُولِ الْمُنْفَصِلِ الَّذِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ نَفْعُ الْمُتَّصِلِ فِي عَدَمِ دُخُولِ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ فِي رَهْنِ الْأَرْضِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ وَلَيْسَ مُرَادًا (قَوْلُهُ: وَكُلُّ مَا لَهُ أَصْلٌ ثَابِتٌ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالزَّرْعِ الَّذِي إذَا كَانَ أَصْلُهُ ثَابِتًا يَدْخُلُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ أَنَّ مَا يُجَزُّ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى أُصُولُهُ فِي الْبَيْعِ وَمَا يُؤْخَذُ دَفْعَةً وَاحِدَةً لَا يَدْخُلُ: فَقِيَاسُهُ أَنْ يُقَالَ هُنَا كَذَلِكَ: وَعَلَيْهِ فَلَمْ يَظْهَرْ لِهَذَا التَّقْيِيدِ وَجْهٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ دُخُولُ الْأُصُولِ مِنْ الزَّرْعِ الَّذِي يُجَزُّ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَيُوَافِقُ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: نَحْوَ غُصْنٍ يَابِسٍ) وَغُصْنِ خِلَافٍ حَجّ (قَوْلُهُ: لِدُخُولِهَا فِي مُسَمَّاهُ) وَفَائِدَةُ ذِكْرِ هَذَا الْحُكْمِ هُنَا مَعَ كَوْنِ الْكَلَامِ فِيمَا يَسْتَتْبِعُ غَيْرَ مُسَمَّاهُ التَّنْبِيهُ عَلَى تَفْصِيلِ ذَلِكَ الْمُسَمَّى وَالتَّوْطِئَةُ لِبَيَانِ أَنَّ الْمُنْفَصِلَ عَنْهَا إذَا تَوَقَّفَ عَلَيْهِ نَفْعُ الْمُتَّصِلِ كَمِفْتَاحِ الْغَلْقِ وَصُنْدُوقِ الطَّاحُونِ وَآلَاتِ السَّاقِيَةِ يَدْخُلُ فِي كُلٍّ مِنْ الْقَرْيَةِ وَالدَّارِ وَالْبُسْتَانِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ مُسَمَّاهَا (قَوْلُهُ: أُعِدَّتْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُوضَعْ عَلَيْهَا بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْبِنَاءُ) وَيَدْخُلُ فِي بَيْعِهِ أَيْضًا الْآبَارُ وَالسَّوَاقِي الْمُثَبَّتَةُ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْبِئْرِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ سَاقِيَتُهَا وَهُوَ الْخَشَبُ الْآلَاتُ وَإِنْ أُنْبِتَتْ وَثُبِّتَتْ (قَوْلُهُ: الْبُسْتَانَ) أَيْ بِإِبْدَالِ الْبُسْتَانِ [يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْقَرْيَةِ الْأَبْنِيَةُ وَسَاحَاتٌ يُحِيطُ بِهَا السُّوَرُ] (قَوْلُهُ: لِتَبَعِهَا) فِي التَّعْلِيلِ بِهِ مُسَامَحَةٌ لِأَنَّ الْقَرْيَةَ هِيَ الْأَبْنِيَةُ الْمُجْتَمِعَةُ، فَالْبِنَاءُ مِنْ مُسَمَّاهَا لَا تَابِعَ لَهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْخَارِجَةِ) خِلَافًا لِحَجِّ (قَوْلُهُ: كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا) قَالَ سم عَلَى حَجّ وَكَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ كَالصَّرِيحِ فِي عَدَمِ الدُّخُولِ فَتَأَمَّلْهُ، لَكِنْ إنْ شَمَلَ قَوْلُهُ: وَيَدْخُلُ أَيْضًا حَرِيمُ الْقَرْيَةِ مَا لَهَا سُوَرٌ لَمْ يُشْكَلْ بِعَدَمِ دُخُولِ الْأَبْنِيَةِ الْمُتَّصِلَةِ بِالسُّوَرِ وَإِنْ كَانَتْ قَبْلَ الْحَرِيمِ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْقَرْيَةِ دُونَهَا فَغَايَتُهُ أَنَّهُ قَرْيَةٌ أُخْرَى بِجَانِبِ تِلْكَ وَهِيَ لَا يَمْتَنِعُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْبُسْتَانِ الْأَرْضُ وَالشَّجَرُ] . (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْإِطْلَاقِ) الْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْأَبْنِيَةُ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا سَيَأْتِي لَهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفِي بَيْعِ الدَّارِ الْأَرْضُ

وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ، وَصَرَّحَ الرَّافِعِيُّ بِدُخُولِ حَرِيمِ الدَّارِ فِي بَيْعِهَا فَيَأْتِي مِثْلُهُ هُنَا، وَمِثْلُ الْقَرْيَةِ فِيمَا مَرَّ الدَّسْكَرَةُ، وَتُقَالُ لِقَصْرٍ حَوْلَهُ بُيُوتٌ وَلِلْقَرْيَةِ وَلِلْأَرْضِ الْمُسْتَوِيَةِ وَلِلصَّوْمَعَةِ وَلِبُيُوتِ الْأَعَاجِمِ يَكُونُ فِيهَا الشَّرَابُ وَالْمَلَاهِي، وَشَمَلَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ دُخُولِ الْمَزَارِعِ وَنَحْوِهَا مَا لَوْ قَالَ بِحُقُوقِهَا لِعَدَمِ اقْتِضَاءِ الْعُرْفِ دُخُولَهَا، وَلِهَذَا لَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الْقَرْيَةَ بِدُخُولِهَا وَالثَّانِي تَدْخُلُ وَالثَّالِثُ إنْ قَالَ بِحُقُوقِهَا دُخِلَتْ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ بَاعَ أَرْضًا مُسَمَّدَةً انْقَطَعَ حَقُّ الْبَائِعِ مِنْهُ بِاسْتِعْمَالِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَبْسُطْ بِهَا أَوْ بَسَطَ وَلَمْ يَسْتَعْمِلْ فَإِنَّ الْبَائِعَ أَحَقُّ بِهِ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ، وَتَنْظِيرُ بَعْضِهِمْ فِي اشْتِرَاطِ اسْتِعْمَالِهِ وَدَعْوَاهُ الِاكْتِفَاءَ بِبَسْطِهِ يُرَدُّ بِأَنَّ مُجَرَّدَ بَسْطِهِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ لِتَجْفِيفِهِ فَلَمْ يَتَقَطَّعْ حَقُّ الْبَائِعِ مِنْهُ إلَّا بِاسْتِعْمَالِهِ. (وَ) يَدْخُلُ (فِي بَيْعِ الدَّارِ الْأَرْضُ) عِنْدَ الْإِطْلَاقِ بِالْإِجْمَاعِ إنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً لِلْبَائِعِ وَإِلَّا كَمُحْتَكَرَةٍ وَمَوْقُوفَةٍ فَلَا تَدْخُلُ لَكِنْ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ جَاهِلًا بِذَلِكَ (وَكُلُّ بِنَاءٍ) مِنْ عُلْوٍ أَوْ سُفْلٍ وَلَوْ مِنْ نَحْوِ سَعَفٍ وَشَجَرٍ رَطْبٍ فِيهَا وَيَابِسٍ قُصِدَ دَوَامُهُ كَجَعْلِهِ دِعَامَةً بِهَا مَثَلًا لِدُخُولِهِ فِي مُسَمَّاهَا، وَتَدْخُلُ الْأَجْنِحَةُ وَالرَّوَاشِنُ وَالدَّرَجُ وَالْمَرَاقِي الْمَعْقُودَةُ وَالسُّقُفُ وَالْآجُرُّ وَالْبَلَاطُ الْمَفْرُوشُ الثَّابِتُ بِهَا، وَصَرَّحَ بَعْضُهُمْ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ مِنْ التَّعْلِيلِ بِدُخُولِ بُيُوتٍ فِيهَا وَإِنْ كَانَ لَهَا أَبْوَابٌ خَارِجَ بَابِهَا لَا يَدْخُلُ إلَيْهَا إلَّا مِنْهَا وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ تِلْكَ الْبُيُوتَ إنْ عَدَّهَا أَهْلُ الْعُرْفِ مِنْ أَجْزَائِهَا الْمُشْتَمِلَةِ عَلَيْهَا دَخَلَتْ لِدُخُولِهَا حِينَئِذٍ فِي مُسَمَّاهَا حَقِيقَةً وَإِلَّا فَلَا، ـــــــــــــــــــــــــــــSاسْتِتْبَاعُهَا لِحَرِيمِهَا. نَعَمْ قَدْ يُقَالُ الْحَرِيمُ حِينَئِذٍ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا اهـ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ) جَرَى ابْن حَجّ عَلَى مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ (قَوْلُهُ: فَيَأْتِي مِثْلُهُ هُنَا) أَيْ فَيَدْخُلُ حَرِيمُ الْقَرْيَةِ وَلِكَوْنِ الْمَلْحَظِ هُنَا مَا يَشْمَلُهُ الِاسْمُ وَعَدَمُهُ وَفِي الْقَصْرِ مَحَلُّ الْإِقَامَةِ الْمُؤَبَّدَةِ وَعَدَمُهُ افْتَرَقَا اهـ حَجّ. وَكُتِبَ عَلَيْهِ سم: قَدْ يَمْنَعُ أَنَّ اسْمَ الْقَرْيَةِ يَتَنَاوَلُ نَحْوَ مُرْتَكَضِ الْخَيْلِ وَمُنَاخِ الْإِبِلِ وَالْمُحْتَطِبِ: مِنْ الْحَرِيمِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ. أَقُولُ: ثُمَّ مَا ذُكِرَ مِنْ الْفَرْقِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الْقَصْرِ مُجَاوَزَةُ حَرِيمِ الْقَرْيَةِ، وَفِيهِ كَلَامٌ فِي بَابِ الْقَصْرِ فَلْيُرَاجَعْ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ حَرِيمِ الْقَرْيَةِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ: أَيْ فَيَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: وَتُقَالُ) أَيْ الدَّسْكَرَةُ (قَوْلُهُ: وَلِلصَّوْمَعَةِ) أَيْ مَعْبَدِ الْيَهُودِ (قَوْلُهُ: يَكُونُ فِيهَا) أَيْ حَالَ كَوْنِهَا يَكُونُ فِيهَا إلَخْ، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا قُيِّدَ بِبُيُوتِ الْأَعَاجِمِ لِأَنَّ الْبُيُوتَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لَمْ تَكُنْ مَعْرُوفَةً لِلْعَرَبِ (قَوْلُهُ: بِدُخُولِهَا) أَيْ الْمَزَارِعِ (قَوْلُهُ: مُسَمَّدَةً) أَيْ مَجْعُولًا فِيهَا السَّمَادُ وَهُوَ بِفَتْحِ السِّينِ سِرْجِينٍ وَرَمَادٌ اهـ مُخْتَارٌ. وَمِثْلُهُ فِي الْمِصْبَاحِ، وَفِي حَجّ بِكَسْرِ السِّينِ (قَوْلُهُ: بِاسْتِعْمَالِهِ) أَيْ اسْتِعْمَالِ الْبَائِعِ إيَّاهُ قَبْلَ الْبَيْعِ بِجَعْلِهِ فِيهَا مَبْسُوطًا عَلَى الْمُعْتَادِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ فِي الْأَرْضِ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً لِلْبَائِعِ) قَالَ الزِّيَادِيُّ حَتَّى تُخُومِهَا لِلْأَرْضِ السَّابِعَةِ اهـ وَفِي الشَّامِيِّ فِي سِيرَتِهِ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ مَا نَصُّهُ التُّخُومُ بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَبِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ تُخْمَةٍ بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْحَدُّ الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ أَرْضٍ وَأَرْضٍ، وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ وَابْنُ السِّكِّيتِ: الْوَاحِدُ تُخُومٌ كَرَسُولٍ وَرُسُلٍ وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: التَّخْمُ بِالْفَتْحِ مُنْتَهَى كُلِّ قَرْيَةٍ أَوْ أَرْضٍ وَجَمْعُهُ تُخُومٌ كَفَلْسٍ وَفُلُوسٍ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: تُخُومُ الْأَرْضِ حُدُودُهَا، وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو: هِيَ تُخُومُ الْأَرْضِ وَالْجَمْعُ تُخُمٌ مِثْلَ صُبُورٌ وَصُبُرٌ وَالتُّخْمَةُ أَصْلُهَا الْوَاوُ فَتُذْكَرُ فِي وَخْمٍ اهـ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَمُحْتَكَرَةٌ) وَهِيَ سَاحَاتٌ يُؤْذَنُ فِي الْبِنَاءِ فِيهَا بِدَرَاهِمَ مُعَيَّنَةٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ مُدَّةٍ وَيُغْتَفَرُ الْجَهْلُ بِذَلِكَ لِلْحَاجَةِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ جَاهِلًا بِذَلِكَ) أَيْ فَإِنْ أَجَازَ فَبِجَمِيعِ الثَّمَنِ عَلَى مَا نَقَلَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الشَّارِحِ كَحَجِّ أَنَّهُ قَالَ: إنَّهُ الْأَقْرَبُ اهـ، وَعِبَارَتُهُ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ، وَقَالَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ إنَّ الْأَقْرَبَ حَمْلُ الْإِطْلَاقِ عَلَى الْأَبْنِيَةِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَمَالَ إلَيْهِ مَرَّ اهـ. أَقُولُ: وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ التَّقْسِيطُ هُنَا (قَوْلُهُ: وَشَجَرٍ رَطْبٍ) عَطْفٌ عَلَى بِنَاءٍ (قَوْلُهُ وَالرَّوَاشِنُ) وَإِنْ كَانَتْ أَطْرَافُهَا خَارِجَةً عَنْهَا وَلَمْ تُوضَعْ عَلَى جِدَارٍ لِغَيْرِ الدَّارِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: انْقَطَعَ حَقُّ الْبَائِعِ مِنْهُ بِاسْتِعْمَالِهِ) أَيْ: اسْتِعْمَالِ الْبَائِعِ إيَّاهُ كَمَا فَهِمَهُ سم

[يدخل في بيع الدار الأرض وكل بناء]

وَيَدْخُلُ أَيْضًا سَابَاطُ جُذُوعِهِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ عَلَى حَائِلِهَا لَا أَحَدُهُمَا فَقَطْ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، وَلَوْ بَاعَ عُلُوًّا عَلَى سَقْفٍ لَهُ فَهَلْ يَدْخُلُ السَّقْفُ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الْقَرَارِ كَأَرْضِ الدَّارِ أَوْ لَا يَدْخُلُ وَلَكِنَّهُ يُسْتَحَقُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ عَلَى الْعَادَةِ لِأَنَّ نِسْبَتَهُ إلَى السُّفْلِ أَظْهَرُ مِنْهَا لِلْعُلْوِ؟ الْأَوْجَهُ الثَّانِي كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ، وَفَصَلَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ سَقْفٍ عَلَى طَرِيقٍ فَيَدْخُلُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ هُنَا فَقَوِيَتْ التَّبَعِيَّةُ فِيهِ، وَسَقْفٍ عَلَى بَعْضِ دَارِ الْبَائِعِ: أَيْ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَدْخُلُ إذْ لَا مُقْتَضَى لِلتَّبَعِيَّةِ هُنَا (حَتَّى حَمَّامُهَا) الْمُثَبَّتُ فِيهَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِهَا لِأَنَّهُ مِنْ مَرَافِقِهَا دُونَ الْمَنْقُولِ لِكَوْنِهِ مِنْ نَحْوِ خَشَبٍ، وَبِمَا قَدَّرْنَاهُ مِنْ الْخَبَرِ سَقَطَ الِاعْتِرَاضُ عَنْ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ الْأَحْسَنَ أَنَّ حَتَّى ابْتِدَائِيَّةٌ لَا عَاطِفَةٌ لِأَنَّ عَطْفَ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ إنَّمَا يَكُونُ بِالْوَاوِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ مَالِكٍ وَيَصِحُّ جَعْلُهُ مُغَايِرًا بِأَنْ يُرَادَ بِالْحَمَّامِ مَا يَشْمَلُ الْخَشَبُ الْمُسَمَّرُ الَّذِي لَا يُسَمَّى بِنَاءً فَيَكُونُ الْعَطْفُ صَحِيحًا، وَحَمَلُوا قَوْلَ الشَّافِعِيِّ لَا يَدْخُلُ الْحَمَّامُ عَلَى حَمَّامَاتِ الْحِجَازِ الْمَنْقُولَةِ (لَا الْمَنْقُولَ كَالدَّلْوِ وَالْبَكَرَةِ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَسُكُونِهَا وَهُوَ الْأَشْهَرُ مُفْرَدُ بَكَرٍ بِفَتْحِهَا (وَالسَّرِيرُ) وَالدَّرَجُ وَالرُّفُوفُ الَّتِي لَمْ تَسْتَمِرَّ لِخُرُوجِهَا مِنْ اسْمِهَا (وَتَدْخُلُ الْأَبْوَابُ الْمَنْصُوبَةُ) دُونَ الْمَقْلُوعَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: لَا أَحَدُهُمَا فَقَطْ) أَيْ فَلَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ فَقَطْ بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ وَإِنْ قَالَ بِحُقُوقِهَا، بَلْ هُوَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ كَطَبَقَةٍ مُتَّصِلَةٍ بِهَا فَيَنْتَفِعُ بِهِ وَيَتَوَصَّلُ إلَيْهِ مِنْ الْمَمَرِّ الَّذِي كَانَ يَتَوَصَّلُ مِنْهُ إلَيْهِ قَبْلَ بَيْعِ الدَّارِ وَكَأَنَّهُ اسْتَثْنَى حَقَّ الْمُرُورِ إلَيْهِ مِنْ الدَّارِ. وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الطَّرَفَ الثَّانِيَ عَلَى جِدَارٍ لِغَيْرِ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ لِأَنَّ نِسْبَتَهُ لِأَحَدِ الدَّارَيْنِ لَيْسَ بِأَوْلَى مِنْ نِسْبَتِهِ لِلْأُخْرَى (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي) وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِيمَا لَوْ انْهَدَمَ فَإِنَّهُ بَعْدَ انْهِدَامِهِ يَأْخُذُهُ الْبَائِعُ وَلَا يُكَلَّفُ إعَادَتَهُ، وَفِيمَا لَوْ تَوَلَّدَ ضَرَرٌ مِنْ صَاحِبِ الْعُلْوِ لِصَاحِبِ السُّفْلِ وَلَوْ بِإِعَادَةِ مِثْلِ الْبِنَاءِ الْأَوَّلِ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ (قَوْلُهُ: يَدْخُلُ) خَبَرُ حَمَّامِهَا (قَوْلُهُ: وَبِمَا قَدَّرْنَاهُ) مِنْ قَوْلِهِ يَدْخُلُ (قَوْلُهُ: سَقَطَ الِاعْتِرَاضُ) عِبَارَةُ حَجّ: وَقَدَّرْتُ الْخَبَرَ لِأَنَّ الْأَحْسَنَ أَنَّ حَتَّى ابْتِدَائِيَّةٌ لَا عَاطِفَةً إلَخْ، وَهِيَ أَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ تَقْدِيرَ الْخَبَرِ مُسْقِطٌ لِلِاعْتِرَاضِ الَّذِي أُورِدَ عَلَى الْمَتْنِ مِنْ أَنَّهَا عَاطِفَةٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ يَصِيرُ مَدْخُولًا حَتَّى جُمْلَةً فَتَكُونُ حَتَّى ابْتِدَائِيَّةً لَا عَاطِفَةً كَمَا فَهِمَهَا الْمُعْتَرِضُ وَبِهَا سَاوَتْ عِبَارَةُ الشَّارِحِ عِبَارَةَ حَجّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَحْسَنَ) تَعْبِيرُهُ بِأَحْسَنَ يَقْتَضِي صِحَّةَ الْعَطْفِ وَيُنَافِيه تَعْلِيلُهُ وَمَا بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْهُ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَلَعَلَّ وَجْهَ التَّأَمُّلِ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ مُغَايَرَتُهُ لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ بِحَمْلِ الْبِنَاءِ عَلَى مَا كَانَ بِاللَّبِنَاتِ وَنَحْوِهَا، وَحَمْلُ الْحَمَّامِ عَلَى مَا كَانَ مِنْ خَشَبٍ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ الْمُثْبَتِ إلَّا أَنَّ هَذَا يُبْعِدُهُ قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ جَعْلُهُ إلَخْ الظَّاهِرُ فِي أَنَّ الْأَوَّلَ مِنْ بِنَاءِ (قَوْلِهِ: الْمَنْقُولَ) قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَهَلْ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي إنْ جَهِلَ كَوْنَهَا: أَيْ الْمَذْكُورَاتُ فِي الْأَمْثِلَةِ فِي الدَّارِ وَاحْتَاجَ نَقْلُهَا مُدَّةً لِمِثْلِهَا أُجْرَةً وَجْهَانِ قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ: وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْأَحْجَارِ الْمَدْفُونَةِ أَنَّهُ يُخَيَّرُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَتَدْخُلُ الْأَبْوَابُ الْمَنْصُوبَةُ) وَمِثْلُهَا الْمَخْلُوعَةُ وَهِيَ بَاقِيَةٌ بِمَحِلِّهَا، أَمَّا لَوْ نُقِلَتْ مِنْ مَحِلِّهَا فَهِيَ كَالْمَقْلُوعَةِ فَلَا تَدْخُلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّارِ الْأَرْضُ وَكُلُّ بِنَاءٍ] . (قَوْلُهُ: وَفَصَلَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ سَقْفٍ عَلَى طَرِيقٍ فَيَدْخُلُ) الظَّاهِرُ أَنَّ وَالِدَ الشَّارِحِ لَا يُخَالِفُ فِي هَذَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْلِيلُهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ نِسْبَتَهُ إلَى السُّفْلِ أَظْهَرُ مِنْهَا لِلْعُلُوِّ؛ إذْ هَذَا لَيْسَ مَنْسُوبًا لِلسُّفْلِ أَصْلًا فَيَكُونُ كَلَامُهُ مَفْرُوضًا فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِيهَا إنْ كَانَ قَصْدُ الْبَائِعِ مِنْ بِنَاءِ السَّقْفِ الْمَذْكُورِ بِالْأَصَالَةِ جَعْلَهُ سَقْفًا لِلطَّرِيقِ ثُمَّ بَنَى عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الْعَرْضِ فَلَا يَدْخُلُ، وَإِنْ كَانَ قَصْدُهُ مِنْ بِنَائِهِ لَيْسَ إلَّا الْبِنَاءُ عَلَيْهِ فَيَدْخُلُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَحْسَنَ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَقَدَّرْت الْخَبَرَ؛ لِأَنَّ الْأَحْسَنَ أَنَّ حَتَّى ابْتِدَائِيَّةٌ لَا عَاطِفَةٌ؛ لِأَنَّ عَطْفَ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ إلَخْ وَلِلشِّهَابِ سم فِي هَذَا مُنَازَعَةٌ تُطْلَبُ مِنْ حَاشِيَتِهِ. (قَوْلُهُ: مَا يَشْمَلُ الْخَشَبَ الْمُسَمَّرَ) أَيْ مِنْ كُلِّ مَا هُوَ غَيْرُ بِنَاءٍ لِتَتَأَتَّى الْمُغَايَرَةُ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ مَا يَشْمَلُ الْخَشَبَ وَالْبِنَاءَ مَثَلًا

(وَحَلْقُهَا) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالْإِجَّانَاتُ الْمُثَبَّتَةُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَهِيَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ مَا يُغْسَلُ فِيهِ (وَالرَّفُّ وَالسُّلَّمُ) بِفَتْحِ اللَّامِ (الْمُسَمَّرَانِ وَكَذَا الْأَسْفَلُ مِنْ حَجَرَيْ الرَّحَا) إنْ كَانَ مُثَبَّتًا فَيَدْخُلُ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّ الْجَمِيعَ مَعْدُودٌ مِنْ أَجْزَائِهَا لِاتِّصَالِهَا بِهَا، وَالثَّانِي لَا تَدْخُلُ لِأَنَّهُ مَنْقُولٌ، وَإِنَّمَا أُثْبِتَ لِسُهُولَةِ الِارْتِفَاقِ بِهِ كَيْ لَا يَتَزَعْزَعَ عِنْدَ الِاسْتِعْمَالِ، وَفِي مَعْنَى مَا ذَكَرَ كُلُّ مُنْفَصِلٍ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ نَفْعٌ مُتَّصِلٌ كَغِطَاءِ التَّنُّورِ وَصُنْدُوقِ الطَّاحُونِ وَالْبِئْرِ وَدَرَايِبِ الدُّكَّانِ وَآلَاتِ السَّفِينَةِ. لَا يُقَالُ: لِمَ لَمْ يُقَيِّدُوا أَلْوَاحَ الدَّكَاكِينِ بِالْمَنْصُوبَةِ كَمَا فَعَلُوا فِي بَابِ الدَّارِ؟ لِأَنَّا نَقُولُ: الْعَادَةُ جَارِيَةٌ فِي انْفِصَالِ أَلْوَاحِهَا بِخِلَافِ بَابِ الدَّارِ. وَنَقَلَ الدَّمِيرِيِّ عَنْ مَشَايِخِ عَصْرِهِ دُخُولَ مَكْتُوبِهَا مَا لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ فِيهِ بَقِيَّةُ حَقٍّ. ثُمَّ رَدَّهُ بِأَنَّ الْمَنْقُولَ عَدَمُ لُزُومِ الْبَائِعِ تَسْلِيمَهُ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَحُجَّتُهُ عِنْدَ الدَّرَكِ (وَالْأَعْلَى) مِنْهُمَا (وَمِفْتَاحُ غَلَقٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ (مُثَبَّتٍ) فَيَدْخُلَانِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُمَا تَابِعَانِ لِمُثَبَّتٍ، وَخَرَجَ بِالْمُثَبَّتِ الْأَقْفَالُ الْمَنْقُولَةُ فَلَا تَدْخُلُ هِيَ وَمَفَاتِيحُهَا وَلَا يَدْخُلُ مَاءُ بِئْرِ الدَّارِ إلَّا بِالنَّصِّ وَمِنْ ثَمَّ وَجَبَ شَرْطُ دُخُولِهِ لِئَلَّا يَخْتَلِطَ بِمَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَآلَاتِ السَّفِينَةِ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ بَاعَ مِدَقَّ بُنٍّ وَأَطْلَقَ هَلْ تَدْخُلُ الْعُمَدُ الْحَدِيدُ الَّتِي يَدُقُّ بِهَا قِيَاسًا عَلَى مَا ذَكَرَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَأَجَبْت عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ الثَّانِي لِأَنَّ آلَاتِ السَّفِينَةِ وَنَحْوِهَا تَدْخُلُ فِي مُسَمَّاهَا عُرْفًا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ أَجْزَائِهَا. بِخِلَافِ الْعُمَدِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ مُسَمَّى الْمِدَقِّ، عَلَى أَنَّ الِانْتِفَاعَ بِهِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى خُصُوصِ هَذِهِ وَلَا عَلَى مَا هُوَ عَلَى شَكْلِهَا وَصُورَتِهَا بِخِلَافِ الْآلَاتِ الْمَذْكُورَةِ: أَيْ فَيَكُونُ بَاقِيًا عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ لِأَنَّ كَمَالَ الِانْتِفَاعِ بِمُحَالِهَا يَتَوَقَّفُ عُرْفًا عَلَى مَا هُوَ عَلَى صُوَرِهَا الْخَاصَّةِ بِحَيْثُ لَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ، فَإِنْ أَرَادَ دُخُولَ الْعُمَدِ نَصَّ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: كَمَا فَعَلُوا فِي بَاب الدَّارِ) بَحَثَ بَعْضُهُمْ فِي دَارٍ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى دِهْلِيزٍ بِهِ مَخْزَنَانِ شَرْقِيٌّ وَغَرْبِيٌّ بَاعَ مَالِكُهَا الشَّرْقِيَّ أَوَّلًا وَأَطْلَقَ دَخَلَ فِيهِ الْجِدَارُ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدِّهْلِيزِ أَوْ الدِّهْلِيزُ أَوْ لَا دَخَلَ ذَلِكَ الْجِدَارُ وَجِدَارُ الْغَرْبِيِّ أَيْضًا أَوْ هُمَا: أَيْ الْمَخْزَنَانِ وَالدِّهْلِيزُ مَعًا لِرَجُلَيْنِ وَقِيلَ كُلُّ مَا بِيعَ مَعَهُ بَطَلَا لِاسْتِحَالَةِ وُقُوعِ الْجَمِيعِ مَا أَوْجَبَ لِكُلٍّ فَلَمْ يَتَوَافَقْ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ، وَفِيمَا ذَكَرَهُ آخِرًا نَظَرٌ إذْ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ لَمْ يَتَوَافَقَا فِيهِ إلَّا لَفْظًا وَصَحَّ فِي الْحِلِّ بِقِسْطِهِ فَكَذَا هُنَا، وَحِينَئِذٍ فَاَلَّذِي يَتَّجِهُ صِحَّتُهُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ الْجِدَارِ: أَيْ فَيَكُونُ بَاقِيًا عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ فِيهِ لِتَعَذُّرِ وُقُوعِهِ لِأَحَدِهِمَا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: فِي انْفِصَالِ إلَخْ) الْأَوْلَى بِانْفِصَالِهَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَدَّهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: عَدَمُ لُزُومِ الْبَائِعِ) وَمِثْلُ ذَلِكَ حُجَجُ الْوَظَائِفِ فَلَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهَا لِلْمَفْرُوغِ لَهُ (قَوْلُهُ: فَيَدْخُلَانِ) أَيْ الْأَعْلَى وَمِفْتَاحُ غَلَقٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يَدْخُلُ مَاءُ بِئْرٍ) وَمِثْلُهُ الصَّهَارِيجُ فَإِنْ نَصَّ عَلَيْهَا دَخَلَتْ وَإِلَّا فَهِيَ لِلْبَائِعِ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ لِعَدَمِ ذِكْرِ الْمَاءِ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ وَهِيَ اخْتِلَاطُ الْمَاءِ الْحَادِثِ بِالْمَوْجُودِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِالنَّصِّ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَنُصَّ عَلَى ذَلِكَ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي الْجَمِيعِ وَهَذَا يَقَعُ كَثِيرًا فَتَنَبَّهْ لَهُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ وَجَبَ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ: وَلَا الْمَعْدِنُ الظَّاهِرُ وَلَا مَاءُ الْبِئْرِ الْمُقَارِنِ لِلْعَقْدِ حَتَّى يَشْتَرِطَ دُخُولَهُ: أَيْ الْمَاءِ وَالْمَعْدِنِ مَعَ مَعْرِفَتِهِ، قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَفِي مَعْنَى مَا ذُكِرَ كُلُّ مُنْفَصِلٍ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ نَفْعٌ مُتَّصِلٌ) هَذَا مَحَلُّهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْأَعْلَى وَمِفْتَاحُ غَلْقٍ مُثَبَّتٍ فِي الْأَصَحِّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا تَابِعَانِ لِمُثَبَّتٍ) أَيْ مَعَ كَوْنِهِمَا لَا يُسْتَعْمَلَانِ فِي غَيْرِهِ إلَّا بِتَوْقِيعٍ جَدِيدٍ وَمُعَالَجَةٍ مُسْتَأْنَفَةٍ، فَلَا يَرِدُ نَحْوُ الدَّلْوِ وَالْبَكَرَةِ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَبِهَذَا يُعْلَمُ الْجَوَابُ عَمَّا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ فِي دَرْسِ الشَّيْخِ كَمَا فِي حَاشِيَتِهِ مِنْ أَنَّهُ إذَا بَاعَ مِدَقَّ الْبُنِّ هَلْ تَدْخُلُ الْيَدُ الَّتِي يَدُقُّ بِهَا أَوْ لَا، وَهُوَ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ؛ لِأَنَّهَا كَمَا تُسْتَعْمَلُ فِيهِ تُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ عِلَاجٍ وَتَوْقِيعٍ فَهِيَ كَالْبَكَرَةِ، وَهَذَا الْمَأْخَذُ أَوْلَى مِمَّا سَلَكَهُ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ كَمَا لَا يَخْفَى

الْمُشْتَرِي فَيَقَعُ تَنَازُعٌ لَا غَايَةَ لَهُ كَمَا مَرَّ. نَعَمْ ذَكَرَ فِي الْأَنْوَارِ مِنْ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَاءُ فِي الْبَلَدِ بِحَيْثُ لَوْ قَصَدَ وَاحِدٌ أَنْ يَسْتَقِيَ مِنْ بِئْرِ غَيْرِهِ لَا يُمْنَعُ فَلَا يُجْعَلُ لِلْمَاءِ حُكْمًا وَيَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا، وَعَلَى هَذَا نَزَلَ قَوْلُهُمْ لَوْ بَاعَ دَارًا بِدَارٍ فِيهِمَا بِئْرَانِ صَحَّ الْبَيْعُ لَكِنَّ إطْلَاقَهُمْ يُخَالِفُهُ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يَدْخُلَانِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُمَا مَنْقُولَانِ، وَالْخِلَافُ فِي الْأَعْلَى مَبْنِيٌّ عَلَى دُخُولِ الْأَسْفَلِ، صَرَّحَ بِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالْمُحَرَّرِ وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ كَالْمِنْهَاجِ. قِيلَ وَأَسْقَطَ مِنْهُ تَقْيِيدَ الْإِجَّانَاتِ بِالْمُثَبَّتَةِ وَحِكَايَةُ وَجْهٍ فِيهَا وَفِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَلَفْظُ الْمُحَرَّرِ: وَكَذَا الْإِجَّانَاتُ وَالرُّفُوفُ الْمُثَبَّتَةُ وَالسَّلَالِمُ الْمُسَمَّرَةُ وَالتَّحْتَانِيُّ مِنْ حَجَرَيْ الرَّحَا عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَفَهِمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ التَّقْيِيدَ وَحِكَايَةَ الْخِلَافِ لِمَا وَلِيَاهُ فَقَطْ، كَذَا قَالَهُ الشَّارِحُ، وَمُحَصِّلُ كَلَامِهِ حِكَايَةُ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ حَذَفَ مِنْ أَصْلِهِ تَقْيِيدَ الْإِجَّانَاتِ بِالْمُثَبَّتَةِ، وَحِكَايَةُ الْخِلَافِ فِي الْإِجَّانَاتِ وَالرُّفُوفِ الْمُثَبَّتَةِ وَالسَّلَالِمِ الْمُسَمَّرَةِ وَأَجَابَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِأَنَّهُ فَهِمَ مِنْهُ أَنَّ قَوْلَهُ: الْمُثَبَّتَةُ قَيْدٌ لِمَا وَلِيته فَقَطْ وَهُوَ الرُّفُوفُ وَأَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا وَلِيَهُ فَقَطْ وَهُوَ التَّحْتَانِيُّ مِنْ حَجَرَيْ الرَّحَا، وَالضَّمِيرُ فِي فِيهَا وَفِيمَا بَعْدَهَا عَائِدٌ عَلَى الْإِجَّانَاتِ، وَضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ فِي وَلِيَاهُ عَائِدٌ عَلَى التَّقْيِيدِ وَحِكَايَةُ الْخِلَافِ وَضَمِيرُ الْمَفْعُولِ فِيهِ عَائِدٌ عَلَى مَا الدَّاخِلَةِ عَلَيْهَا لَامُ الْجَرِّ. (وَ) يَدْخُلُ (فِي بَيْعِ الدَّابَّةِ نَعْلَهَا) وَبَرَتُهَا لِاتِّصَالِهِمَا بِهَا مَا لَمْ يَكُونَا مِنْ نَقْدٍ لِعَدَمِ الْمُسَامَحَةِ حِينَئِذٍ بِهِمَا، وَلَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِهَا عِذَارُهَا وَمَقُودُهَا وَلِجَامُهَا وَسَرْجُهَا اقْتِصَارًا عَلَى مُقْتَضَى اللَّفْظِ. (وَكَذَا) تَدْخُلُ (ثِيَابُ الْعَبْدِ) فِي بَيْعِهِ: يَعْنِي الْقِنَّ الَّتِي عَلَيْهِ حَالَةُ الْبَيْعِ (فِي الْأَصَحِّ) لِلْعُرْفِ (قُلْت: الْأَصَحُّ لَا تَدْخُلُ ثِيَابُ الْعَبْدِ) فِي بَيْعِهِ وَلَوْ سَاتِرَ عَوْرَتِهِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) اقْتِصَارٌ عَلَى مُقْتَضَى اللَّفْظِ، وَلَا يَدْخُلُ الْقُرْطُ الَّذِي فِي أُذُنِهِ، وَلَا الْخَاتَمُ الَّذِي فِي يَدِهِ وَلَا نَعْلُهُ قَطْعًا، ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي شَرْحِهِ: أَيْ كُلٌّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ بِالْعَرْضِ وَالْعُمْقِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ إطْلَاقَهُمْ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: يُخَالِفُهُ) أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ النَّصِّ عَلَى دُخُولِ الْمَاءِ مُطْلَقًا وَيَصِحُّ بَيْعُ إحْدَى الدَّارَيْنِ بِالْأُخْرَى مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ لِلْمَاءِ قِيمَةٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَالضَّمِيرُ فِي فِيهَا) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَحِكَايَةُ وَجْهٍ فِيهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَضَمِيرُ الْمَفْعُولِ فِيهِ) أَيْ فِي وَلِيَّاهُ. (قَوْلُهُ: نَعْلُهَا) أَيْ الْمُسَمَّرُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهَلْ شَرْطُهُ كَوْنُ الدَّابَّةِ مِنْ الدَّوَابِّ الَّتِي تُنْعِلُ عَادَةً كَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا كَالْبَقَرِ أَوْ لَا فَرْقَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ سم عَلَى حَجّ وَمَا نَسَبَهُ إلَى ظَاهِرِ عِبَارَتِهِمْ هُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِ لِاتِّصَالِهِمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَبَرَتُهَا) أَيْ الْحَلْقَةُ الَّتِي فِي أَنْفِهَا (قَوْلُهُ: لِاتِّصَالِهِمَا بِهَا) أَيْ مَعَ كَوْنِ اسْتِعْمَالِهِمَا لِمَنْفَعَةٍ تَعُودُ عَلَى الدَّابَّةِ فَلَا يُرَدُّ عَدَمُ دُخُولِ الْقُرْطِ وَالْخَاتَمِ وَالْحِزَامِ مَعَ اتِّصَالِهَا بِالْعَبْدِ. (قَوْلُهُ: لَا تَدْخُلُ ثِيَابُ الْعَبْدِ) إذَا قُلْنَا لَا تَدْخُلُ ثِيَابُ الْعَبْدِ حَتَّى سَاتِرَ الْعَوْرَةِ فَهَلْ يَلْزَمُ الْبَائِعُ إبْقَاءَ سَاتِرِ عَوْرَتِهِ إلَى أَنْ يَأْتِيَ لَهُ الْمُشْتَرِي بِسَاتِرٍ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اللُّزُومِ جَوَازِ رُجُوعِ مُعِيرِ سَاتِرِ الْعَوْرَةِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: لَوْ تَعَذَّرَ عَلَى الْمُشْتَرِي مَا يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتُهُ عَقِبَ الْقَبْضِ وَلَوْ بِالِاسْتِئْجَارِ فَلَا يَبْعُدُ لُزُومُ بَقَاءِ سَاتِرِ الْعَوْرَةِ لِلْبَائِعِ بِأُجْرَةٍ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَظَاهِرُ دُخُولِ أَنْفِهِ: أَيْ الرَّقِيقِ وَأُنْمُلَتِهِ مِنْ النَّقْدِ لِأَنَّهُ مِنْ أَجْزَائِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي وُضُوءِ اهـ حَجّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: نَعَمْ ذُكِرَ فِي الْأَنْوَارِ إلَخْ) أَيْ وَمَرَّ أَنَّهُ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: وَمُحَصَّلُ كَلَامِهِ حِكَايَةُ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُصَنِّفِ إلَخْ) أَيْ فَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِقِيلَ الْإِشَارَةُ إلَى مَنْعِ الِاعْتِرَاضِ وَتَضْعِيفِهِ؛ لِأَنَّهُ وَارِدٌ وَلَا بُدَّ بَلْ مُرَادُهُ بِهَذَا التَّعْبِيرِ مُجَرَّدُ إسْنَادِ الِاعْتِرَاضِ إلَى غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَأَجَابَ عَنْهُ الشَّارِحُ إلَخْ) هَذَا الْجَوَابُ حَاصِلُهُ الِاعْتِذَارُ عَنْ الْمُصَنِّفِ فِي هَذَا الصَّنِيعِ بِأَنَّ فِي كَلَامِ الْمُحَرَّرِ مَا يُوهِمُهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ صَحِيحٍ فِي نَفْسِهِ، وَلَيْسَ الْغَرَضُ مِنْهُ دَفْعَ الِاعْتِرَاضِ بِتَصْحِيحِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: الْمَفْعُولِ فِيهِ) أَيْ فِي وَلِيَّاهُ وَهُوَ الْهَاءُ

[يدخل في بيع الدابة نعلها وبرتها]

وَنَازَعَ السُّبْكِيُّ فِي النَّعْلِ بِأَنَّهُ كَالثَّوْبِ وَهُوَ الْقِيَاسُ. [فَرْعٌ] إذَا (بَاعَ شَجَرَةً) رَطْبَةً وَحْدَهَا أَوْ مَعَ نَحْوِ أَرْضٍ صَرِيحًا أَوْ تَبَعًا كَمَا مَرَّ (دَخَلَ عُرُوقُهَا) وَلَوْ امْتَدَّتْ وَجَاوَزَتْ الْعَادَةَ كَمَا شَمَلَهُ كَلَامُهُمْ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ قَطْعُهَا، لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مُسَمَّاهَا (وَوَرَقُهَا) لِمَا ذَكَرَ إذَا كَانَ رَطْبًا خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ فِيهَا، وَلَا فَرْقَ فِي دُخُولِ الْوَرَقِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ فِرْصَادٍ وَسِدْرٍ وَحِنَّاءٍ وَتُوتٍ أَبْيَضَ وَنِيلَةٍ لِمَا مَرَّ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَفِي) (وَرَقِ التُّوتِ) الْأَبْيَضِ الْأُنْثَى الْمَبِيعَةِ شَجَرَتُهُ فِي زَمَنِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: لَوْ كَانَ لِلرَّقِيقِ سِنٌّ مِنْ ذَهَبٍ فَهَلْ تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ وَهَلْ يَصِحُّ إذَا كَانَ الثَّمَنُ ذَهَبًا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الصِّحَّةُ وَالدُّخُولِ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ ذَهَبَا كَمَا مَال إلَيْهِ مَرَّ لِأَنَّهَا لَا تُقْصَدُ بِالشِّرَاءِ بِوَجْهٍ فَهِيَ مُتَمَحِّضَةٌ لِلتَّبَعِيَّةِ وَغَيْرُ مَنْظُورٍ إلَيْهَا بَلْ رُبَّمَا تُنْقِصُهُ وَتَنْفِرُ عَنْهُ، وَبِهَذَا فَارَقَتْ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِي بَيْعِ دَارٍ وَتُصَفَّحُ أَبْوَابُهَا بِالذَّهَبِ إذَا كَانَ الثَّمَنُ ذَهَبًا. وَمِمَّا يُوضِحُ الصِّحَّةَ هُنَا أَنَّهُ لَا يَطْمَعُ فِي أَخْذِ السِّنِّ وَالتَّصَرُّفِ فِيهَا وَلَا يُلَاحَظُ ذَلِكَ بِوَجْهٍ بِخِلَافِ صَفَائِحِ الدَّارِ (قَوْلُهُ: وَنَازَعَ السُّبْكِيُّ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْقِيَاسُ) أَيْ فَيَكُونُ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ. (قَوْلُهُ: رَطْبَةً) قَيَّدَ بِذَلِكَ لِلتَّفْصِيلِ الْآتِي فِي الْأَغْصَانِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَبَعًا) كَأَنْ بَاعَهُ الْأَرْضَ وَأَطْلَقَ (قَوْلُهُ: وَجَاوَزَتْ الْعَادَةُ) أَيْ وَلَمْ تَخْرُجْ بِذَلِكَ الِامْتِدَادِ مِنْ أَرْضِ الْبَائِعِ، فَإِنْ خَرَجَتْ كَانَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ تَكْلِيفُهُ قَطْعَ مَا وَصَلَ إلَى أَرْضِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ) عِلَّةٌ لِلدُّخُولِ (قَوْلُهُ: لِمَا ذَكَرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِيهِمَا) أَيْ الْعُرُوقِ وَالْوَرَقِ (قَوْلُهُ: بَيْنَ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) أَيْ وَأَنْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ وَكَانَ الْأَوْلَى لَهُ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ عَبَّرَ بِمَا ذَكَرَ لِمَا فِيهَا مِنْ الْخِلَافِ اهـ (قَوْلُهُ: مِنْ فِرْصَادٍ) اسْمٌ لِلتُّوتِ الْأَحْمَرِ خَاصَّةً اهـ مُخْتَارٌ. [فَرْعٌ] اشْتَرَى شَجَرَةَ فِرْصَادٍ لَا وَرَقَ عَلَيْهَا فَأَوْرَقَتْ فِي يَدِهِ ثُمَّ فُسِخَ كَانَ الْوَرَقُ لَهُ، كَذَا أَجَابَ بِهِ مَرَّ سَائِلُهُ فِي دَرْسِهِ عَنْ ذَلِكَ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ مُتَمَيِّزٌ عَنْ الْمَبِيعِ لَيْسَ عَلَى صُورَةِ الْأَصْلِ فَهُوَ فِي مَعْنَى الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ، ثُمَّ أَجَابَ بِخِلَافِهِ وَالْمَسْأَلَةُ فِيهَا وَجْهَانِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَجْهُ الْأَوَّلِ ظَاهِرٌ كَالصُّوفِ وَاللَّبَنِ الْحَادِثَيْنِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ إلَخْ. [فَرْعٌ] يَسْتَشْكِلُ دُخُولُ وَرَقِ النِّيلَةِ فِي بَيْعِهَا مَعَ قَوْلِهِمْ إنَّ الْجِزَّةَ الظَّاهِرَةَ مِمَّا يُجَزُّ مِرَارًا لَا تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ وَلَا شَكَّ أَنَّ النِّيلَةَ مِمَّا يُجَزُّ مِرَارًا فَلْيُصَوِّرْ ذَلِكَ بِمَا إذَا بَاعَ الظَّاهِرَ مِنْهَا كَمَا إذَا بَاعَهَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَقَدْ وَافَقَ مَرَّ عَلَى صِحَّةِ تَصْوِيرِهَا بِذَلِكَ بَعْدَ مَا أَوْرَدْت عَلَيْهِ الْإِشْكَالَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَفِي اسْتِشْكَالِ ذَلِكَ لِعَدَمِ دُخُولِ الْجِزَّةِ الظَّاهِرَةِ فِي الْبَيْعِ نَظَرٌ لِأَنَّ ذَاكَ فِيمَا لَوْ بَاعَ الْأَرْضَ وَمَا هُنَا فِي بَيْعِ الشَّجَرَةِ هِيَ اسْمٌ لِمَا ظَهَرَ إلَّا أَنْ يَخُصَّ الْإِشْكَالَ بِمَا شَمَلَهُ قَوْلُ الشَّارِحِ وَلَوْ تَبَعًا مِنْ أَنَّهُ إذَا بَاعَ الْأَرْضَ وَأَطْلَقَ دَخَلَ فِي الْبَيْعِ شَجَرُ النِّيلَةِ (قَوْلُهُ: وَفِي وَرَقِ التُّوتِ إلَخْ) فِي إضَافَةِ الْوَرَقِ إلَى التُّوتِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ التُّوتَ اسْمٌ لِلشَّجَرَةِ، وَفِي تَقْيِيدِهِ بِالْأَبْيَضِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ التُّوتَ شَامِلٌ لِلْأَحْمَرِ. لَكِنْ فِي الْمُخْتَارِ التُّوتُ الْفِرْصَادُ وَفَسَّرَ الْفِرْصَادُ بِأَنَّهُ التُّوتُ الْأَحْمَرُ، وَعِبَارَةُ حَجّ: تَنْبِيهٌ: نَقَلَ الْحَرِيرِيُّ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ التُّوتَ اسْمٌ لِلشَّجَرِ وَالْفِرْصَادَ اسْمٌ لِلثَّمَرِ، وَغَيْرُهُ عَنْ الْجَوْهَرِيِّ أَنَّ الْفِرْصَادَ التُّوتُ الْأَحْمَرُ فَقَوْلُ السُّبْكِيّ إنَّهُ التُّوتُ، وَعَبَّرَ عَنْهُ بِهِ لِأَنَّهُ أَشْهَرُ لَا يُوَافِقُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ أَنَّهُ مُشْتَرِكٌ. ثُمَّ رَأَيْت الْقَامُوسَ صَرَّحَ بِمَا يُوَافِقُ هَذَا فَإِنَّهُ قَالَ التُّوتُ الْفِرْصَادُ، وَقَالَ فِي الْفِرْصَادِ هُوَ التُّوتُ أَوْ حَمْلُهُ أَوْ أَحْمَرُهُ اهـ. فَكُلٌّ مِنْهُمَا مُشْتَرِكٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّابَّةِ نَعْلُهَا وَبَرَتُهَا] . (قَوْلُهُ: كَالثَّوْبِ) أَيْ فَفِيهِ الْخِلَافُ [فَرْعٌ إذَا بَاعَ شَجَرَةً دَخَلَ عُرُوقُهَا] . (قَوْلُهُ: مِنْ فِرْصَادٍ وَسِدْرٍ وَحِنَّاءٍ وَتُوتٍ أَبْيَضَ وَنِيلَةٍ) أَيْ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا

الرَّبِيعِ وَقَدْ خَرَجَ (وَجْهٌ) أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ لِأَنَّهُ يُقْصَدُ لِتَرْبِيَةِ دُودِ الْقَزِّ وَيَجْرِي فِي وَرَقِ النَّبْقِ، وَصَحَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَدَمَ دُخُولِ وَرَقِ الْحِنَّاءِ مُعَلِّلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَثَمَرِ سَائِرِ الْأَشْجَارِ، وَالتُّوتُ، بِتَاءَيْنِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَفِي لُغَةٍ أَنَّهُ بِالْمُثَلَّثَةِ آخِرُهُ (وَأَغْصَانِهَا إلَّا الْيَابِسَ) فَلَا يَدْخُلُ لِاعْتِيَادِ النَّاسِ قَطْعَهُ فَأَشْبَهَ الثَّمَرَةَ أَمَّا الْجَافَّةُ فَيَتْبَعُهَا غُصْنُهَا الْيَابِسُ وَفِي الْخِلَافِ بِتَخْفِيفِ اللَّامِ وَهُوَ الْبَانُ وَقِيلَ الصَّفْصَافُ خِلَافٌ مُنْتَشِرٌ، وَرَجَّحَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ قَوْلَ الْقَاضِي أَنَّ مِنْهُ نَوْعًا يُقْطَعُ مِنْ أَصْلِهِ فَهُوَ كَالْقَصَبِ الْفَارِسِيِّ وَنَوْعًا يُتْرَكُ عَلَى سَاقِهِ وَيُؤْخَذُ غُصْنُهُ فَهُوَ كَالثَّمَرَةِ، وَكَلَامُ الرَّوْضَةِ يُشِيرُ لِذَلِكَ وَيَدْخُلُ أَيْضًا الْكِلَامُ، وَهُوَ بِكَسْرِ الْكَافِ أَوْعِيَةُ الطَّلْعِ وَغَيْرُهُ وَلَوْ كَانَ ثَمَرُهَا مُؤَبَّرًا لِأَنَّهَا تَبْقَى بِبَقَاءِ الْأَغْصَانِ. وَمِثْلُهَا الْعُرْجُونُ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ وَإِنْ ذَهَبَ الْبُلْقِينِيُّ إلَى أَنَّهُ لِمَنْ لَهُ الثَّمَرَةُ، هَذَا وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِقَطْعِهِ مَعَ الثَّمَرَةِ وَالثَّانِي مَعَ خِلَافِهِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ الْفَرْقِ فِي دُخُولِ الْعُرُوقِ وَالْوَرَقِ بَيْنَ الْيَابِسَةِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الرَّافِعِيِّ أَيْضًا وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْكِفَايَة بِالنِّسْبَةِ لِلْعُرُوقِ. نَعَمْ إنْ رَجَعَ الِاسْتِثْنَاءُ لِلثَّلَاثَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ لَمْ يَدْخُلْ الْيَابِسُ مُطْلَقًا (وَيَصِحُّ بَيْعُهَا) رَطْبَةً وَيَابِسَةً (بِشَرْطِ الْقَلْعِ) وَتَدْخُلُ الْعُرُوقُ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي (أَوْ الْقَطْعِ) وَلَا تَدْخُلُ كَمَا مَرَّ فَهِيَ بَاقِيَةٌ لِلْبَائِعِ، وَتُقْطَعُ مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ (وَبِشَرْطِ الْإِبْقَاءِ) إنْ كَانَتْ رَطْبَةً ـــــــــــــــــــــــــــــSبَيْنَ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي) أَيْ هَذَا الْوَجْهُ (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: قَطْعُهُ) أَيْ الْيَابِسِ مِنْ الْأَغْصَانِ (قَوْلُهُ: بِتَخْفِيفِ اللَّامِ) أَيْ مَعَ كَسْرِ الْخَاءِ (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَنَّ مِنْهُ) أَيْ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: كَالْقَصَبِ الْفَارِسِيِّ) أَيْ فَلَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَالثَّمَرَةِ) أَيْ فَلَا يَدْخُلُ الظَّاهِرُ مِنْهُ فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: أَوْعِيَةُ الطَّلْعِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ كِمَامَ جَمْعٌ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَفِي الْمُخْتَارِ بِالْكَسْرِ وَالْكِمَامَةُ وِعَاءُ الطَّلْعِ وَغِطَاءُ النَّوْرِ وَالْجَمْعُ أَكْمَامٌ وَأَكِمَّةٌ وَكِمَامٌ وَأَكَامِيمُ (قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُ) أَيْ كَغِطَاءِ النَّوْرِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) أَيْ الْأَوْعِيَةَ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ الْعُرْجُونُ) أَيْ وَهُوَ مَجْمَعُ الشَّمَارِيخِ وَعَبَّرَ عَنْهُ فِي الْمِصْبَاحِ بِأَنَّهُ أَصْلُ الْكِبَاسَةِ وَفَسَّرَهَا بِأَنَّهَا عُنْقُودُ النَّخْلِ، وَعَلَيْهِ فَالْكِبَاسَةُ مَا يُسَمَّى فِي الْعُرْفِ إسْبَاطَةً وَالْعُرْجُونُ أَصْلُهَا وَهُوَ مَجْمَعُ الشَّمَارِيخِ، قَالَ: الْعُرْجُونُ بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ الَّذِي يُعَوَّجُ وَيَنْعَطِفُ وَيَنْقَطِعُ مِنْهُ الشَّمَارِيخُ وَيَبْقَى عَلَى النَّخْلِ يَابِسًا (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْأَوَّلِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا الْعُرْجُونُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ: لِمَنْ لَهُ الثَّمَرَةُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَصَحُّ) تَقَدَّمَ الْجَزْمُ بِهِ فِي قَوْلِهِ إذَا كَانَ رُطَبًا خِلَافًا إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَدْخُلْ الْيَابِسُ) وَعَلَى هَذَا فَلْيَنْظُرْ مَا طَرِيقُ وُصُولِ الْبَائِعِ إلَى أَخْذِ الْعُرُوقِ هَلْ يُكَلَّفُ الصَّبْرَ إلَى قَطْعِ الشَّجَرَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي فَيَأْخُذُ الْعُرُوقَ أَوْ يَأْخُذُ الْعُرُوقَ حَالًا وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ نَقْصُ الشَّجَرَةِ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ إنْ أَدَّى قَطْعَ الْعُرُوقِ إلَى إضْرَارٍ بِالشَّجَرَةِ لَا يُمَكَّنُ مِنْ قَطْعِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ إضْرَارِ الْمُشْتَرِي بِتَعْيِيبِ الْمَبِيعِ أَوْ إتْلَافِهِ، وَفِيهِ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ إنَّ رِضَا الْمُشْتَرِي وَإِقْدَامَهُ عَلَى الشِّرَاءِ رِضًا مِنْهُ بِمَا يَتَوَلَّدُ مِنْ قَطْعِ الْعُرُوقِ وَإِنْ أَدَّى إلَى إتْلَافِ الشَّجَرَةِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ لَا مِنْ الْعُرُوقِ وَلَا الْأَغْصَانِ وَلَا الْوَرَقِ (قَوْلُهُ: فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي) أَيْ فَيَأْخُذُهَا وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَى أَخْذِهَا هَدْمُ بِنَاءٍ عَلَيْهَا لِلْبَائِعِ كَأَنَّهُ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِذَلِكَ وَلَا تَقْصِيرَ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَخْذُ ذَلِكَ إلَّا بِهَدْمِ مَا فَوْقَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا تَدْخُلُ) أَيْ الْعُرُوقُ (قَوْلُهُ: وَتُقْطَعُ مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ) أَيْ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَجْرِي فِي وَرَقِ النَّبْقِ) وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ فِيمَا مَرَّ بِالسِّدْرِ. (قَوْلُهُ: بِتَاءَيْنِ عَلَى الصَّحِيحِ) لَعَلَّهُ عَلَى الْفَصِيحِ. (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ إلَخْ) وَتَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ بَسْطُ هَذَا مَعَ الْإِشَارَةِ إلَى تَرْجِيحِ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأُصُولُ الْبَقْلِ الَّتِي تَبْقَى سِنِينَ كَالْقَتِّ وَالْهِنْدَبَا كَالشَّجَرِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا تَبْقَى بِبَقَاءِ الْأَغْصَانِ) لَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّهَا لَا تُقْطَعُ مَعَ قَطْعِ الثَّمَرَةِ لِانْفِصَالِهَا عَنْهَا. (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ الْفَرْقِ) أَيْ

كَمَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُ الْآتِي: وَلَوْ كَانَتْ يَابِسَةً إلَخْ، وَإِلَّا بَطَلَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ إبْقَائِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ، ثَمَّ غَرَضٌ صَحِيحٌ فِي بَقَائِهَا لِنَحْوِ وَضْعِ جُذُوعٍ عَلَيْهَا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَيُعْمَلُ بِالشَّرْطِ فِي حَالَةِ الْقَطْعِ وَالْقَلْعِ وَالْإِبْقَاءِ، وَيَدْخُلُ نَحْوُ وَرَقِهَا وَأَغْصَانِهَا مَعَ شَرْطِ أَحَدِ الْأَوَّلَيْنِ وَعَدَمِهِ، وَلَوْ أَبْقَاهَا مُدَّةً مَعَ شَرْطِ أَحَدِ ذَيْنك لَمْ تَلْزَمْهُ الْأُجْرَةُ إلَّا أَنْ طَالَبَهُ الْبَائِعُ بِالْمَشْرُوطِ فَامْتَنَعَ وَلَوْ سَقَطَ مَا قَطَعَهُ أَوْ قَلَعَهُ عَلَى شَجَرِ الْبَائِعِ فَأَتْلَفَهُ ضَمِنَهُ إنْ عَلِمَ سُقُوطَهُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَتَنْظِيرُ بَعْضِهِمْ فِيهِ بِأَنَّ التَّلَفَ مِنْ فِعْلِهِ فَيَضْمَنُهُ مُطْلَقًا وَالْعِلْمُ وَعَدَمُهُ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي الْإِثْمِ وَعَدَمُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ نَشَأَ لَهُ مِنْ عَدَمِ اسْتِحْضَارِهِ الْمَنْقُولَ، فَقَدْ صَرَّحَ بِمَا أَفْتَى بِهِ الشَّيْخَانِ فِي بَابِ إتْلَافِ الْبَهَائِمِ، وَعِبَارَةُ ابْنِ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ: وَإِنْ ضَرَبَ شَجَرَةً فِي مِلْكِهِ وَعَلِمَ أَنَّهَا تَسْقُطُ عَلَى غَافِلٍ وَلَمْ يَعْلَمْهُ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُهُ إذْ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ (وَالْإِطْلَاقُ يَقْتَضِي الْإِبْقَاءَ) فِي الشَّجَرَةِ الرَّطْبَةِ كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُهُ الْمَذْكُورُ أَيْضًا لِأَنَّهُ الْعُرْفُ بِخِلَافِ الْيَابِسَةِ، وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ مَا لَوْ غَلُظَتْ عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ، وَلَوْ تُفْرَخُ مِنْهَا شَجَرَةٌ أُخْرَى اسْتَحَقَّ بَقَاءَ ذَلِكَ الْأَصْلِ سَوَاءً أَعَلِمَ اسْتِخْلَافَهَا كَالْمَوْزِ أَمْ لَا لِذَلِكَ عَلَى أَوْجَهِ الِاحْتِمَالَاتِ، لَكِنْ لَوْ أُزِيلَ الْمَتْبُوعُ فَهَلْ يُزَالُ التَّابِعُ كَمَا هُوَ شَأْنُهُ أَوْ لَا لِأَنَّهُ بِوُجُودِهِ صَارَ مُسْتَقِلًّا؟ الْأَوْجَهُ كَمَا رَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ الثَّانِي، وَإِنْ رَجَّحَ بَعْضٌ آخَرُ الْأَوَّلَ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِي حَالَةِ اسْتِحْقَاقِ الْبَائِعِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي مِثْلِهَا، فَلَوْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي حَفْرَ جُزْءٍ مِنْ الْأَرْضِ لِيَتَوَصَّلَ بِهِ إلَى زِيَادَةِ مَا يَقْطَعُهُ لَمْ يُمْكِنْ (قَوْلُهُ: كَمَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُ: الْآتِي) قَدْ يُنَازَعُ فِي إفْهَامِهِ مَا ذَكَرَ لِأَنَّ مَا يَأْتِي مَفْرُوضٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَلُزُومُ الْقَلْعِ فِيهِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْبُطْلَانَ عِنْدَ شَرْطِ الْإِبْقَاءِ (قَوْلُهُ: أَحَدِ ذَيْنك) أَيْ الْقَطْعِ أَوْ الْقَلْعِ: قَالَ حَجّ: وَلَوْ أَرَادَ مُشْتَرِطُ أَحَدِ ذَيْنك اسْتِئْجَارَ الْمَغْرِسِ لِيُبْقِيَهَا فِيهِ فَلِلْقَفَّالِ فِيهِ جَوَابَانِ، وَاَلَّذِي اسْتَقَرَّ رَأْيُهُ عَلَيْهِ الْمَنْعُ، بِخِلَافِ غَاصِبٍ اسْتَأْجَرَ مَحَلَّ غَرْسِهِ لِيَقِيَهُ فِيهِ لِأَنَّ الْمَحَلَّ هُنَا بِيَدِ الْمَالِكِ وَثَمَّ بِيَدِ الْبَائِعِ فَلَا يُمْكِنُ قَبْضُهُ عَنْ الْأُجْرَةِ قَبْلَ أَحَدِ ذَيْنك، وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ لَهُ. فَإِنْ قُلْت: لِمَ لَمْ يَكُنْ شَغْلُهُ بِالشَّجَرَةِ كَشَغْلِ الدَّارِ بِأَمْتِعَةِ الْمُشْتَرَى؟ قُلْت: قَدْ يُفَرِّقُ بِأَنَّ تِلْكَ يَتَأَتَّى التَّفْرِيغُ مِنْهَا فَلَا تُعَدُّ حَائِلَةً بِخِلَافِ هَذِهِ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِاسْتِئْجَارِ أَوْ شِرَاءِ مَحِلِّهَا إدَامَةُ بَقَائِهَا (قَوْلُهُ: فَامْتَنَعَ) أَيْ وَتَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ مِنْ حِينِ الِامْتِنَاعِ (قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ) أَيْ وَيَظْهَرُ ذَلِكَ بِالْقَرِينَةِ (قَوْلُهُ: وَتَنْظِيرُ بَعْضِهِمْ) مَرَّ حَجّ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ عَلِمَ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: مِنْ عَدَمِ اسْتِحْضَارِهِ الْمَنْقُولَ) لَكِنَّ هَذَا الْمَنْقُولَ مُشْكِلٌ فِي نَفْسِهِ فَإِنَّ الضَّمَانَ لَمَّا تَلِفَ بِخِطَابِ الْوَضْعِ، وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْعَالِمِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَعِبَارَةُ ابْنِ الْمُقْرِي) تَوْجِيهٌ لِقَوْلِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْيَابِسَةِ) أَيْ فَإِنَّ الْإِطْلَاقَ فِيهَا لَا يَقْتَضِي الْإِبْقَاءَ فَيُكَلَّفُ الْمُشْتَرِي قَلْعَهَا وَتَدْخُلُ فِي بَيْعِهَا عُرُوقُهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ كَانَتْ يَابِسَةً إلَخْ (قَوْلُهُ: اسْتَحَقَّ إبْقَاءَ ذَلِكَ) بَقِيَ مَا إذَا قَطَعَهَا وَبَقِيَ جُذُورُهَا هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ قَلْعُ الْجُذُورِ أَوْ لَهُ إبْقَاؤُهَا كَمَا كَانَ يُبْقِي الشَّجَرَةَ أَوْ يَفْصِلُ بَيْنَ أَنْ تَمُوتَ الْجُذُورُ وَتَجِفَّ فَيَجِبُ قَلْعُهَا كَمَا لَوْ جَفَّتْ الشَّجَرَةُ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ لَا تَزِيدُ عَلَيْهَا، أَوْ لَا تَمُوتُ وَتَسْتَمِرُّ رَطْبَةً وَيُرْجَى نَبَاتُ شَجَرَةٍ مِنْهَا فَلَا يَجِبُ وَيَسْتَحِقُّ إبْقَاءَهَا، فِيهِ نَظَرٌ، وَلَوْ قَطَعَهَا وَأَبْقَى جُذُورَهَا فَنَبَتَتْ مِنْهَا شَجَرَةٌ أُخْرَى هَلْ يَسْتَحِقُّ إبْقَاءَهَا؟ لَا يَبْعُدُ نَعَمْ فَلْيُحَرَّرْ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: قَوْلُهُ: أَوْ يَفْصِلُ بَيْنَ إلَخْ هُوَ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ: كَالْأَصْلِ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ فِي أَثْنَاءِ كَلَامِ: بَلْ قَالَ شَيْخُنَا م ر إذَا قُلِعَتْ أَوْ انْقَلَعَتْ وَلَمْ يَعْرِضْ وَأَرَادَ إعَادَتَهَا كَمَا كَانَتْ فَلَهُ ذَلِكَ، أَقُولُ: قَوْلُهُ: إذَا قُلِعَتْ: أَيْ وَلَوْ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي حَيْثُ كَانَ لِغَرَضٍ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَلَمْ يَعْرِضْ، وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يَعْرِضْ: أَيْ وَيَرْجِعُ فِي ذَلِكَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ خِلَافُ الْأَصَحِّ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَعَدَمُهُ) صَادِقٌ بِالْإِطْلَاقِ وَشَرْطِ الْإِبْقَاءِ فَلْيُرَاجَعْ

الْإِبْقَاءَ وَإِلَّا كَأَنْ غَصَبَ أَرْضًا وَغَرَسَهَا ثُمَّ بَاعَهُ وَأَطْلَقَ فَهَلْ يَبْطُلُ الْبَيْعُ أَوْ يَصِحُّ وَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي إنْ جَهِلَ؟ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا ثَانِيهِمَا، وَقَضِيَّةُ مَا تَقَرَّرَ دُخُولُ أَوْلَادِ الشَّجَرَةِ الْمَوْجُودَةِ وَالْحَادِثَةِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ إنْ عَلِمَ أَنَّهَا مِنْهَا، سَوَاءٌ أَنْبَتَتْ مِنْ جُذُوعِهَا أَمْ مِنْ عُرُوقِهَا الَّتِي بِالْأَرْضِ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ كَأَغْصَانِهَا، بِخِلَافِ اللَّاصِقِ بِهَا مَعَ مُخَالَفَةِ مَنْبَتِهِ لِمَنْبَتِهَا لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَشَجَرُ السُّمَاقِ يَخْلُفُ حَتَّى يَمْلَأَ الْأَرْضَ وَيُفْسِدَهَا وَفِي لُزُومِ هَذَا بُعْدٌ اهـ. وَرَدَّ بِأَنَّ الْبَائِعَ مُقَصِّرٌ بِتَرْكِهِ شَرْطَ الْقَطْعِ (وَالْأَصَحُّ) فِيمَا إذَا اسْتَحَقَّ إبْقَاءَهَا (أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ) فِي بَيْعِهَا (الْمَغْرِسُ) بِكَسْرِ الرَّاءِ: أَيْ مَحَلُّ غَرْسِهَا لِعَدَمِ تَنَاوُلِ اسْمِهَا لَهُ فَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ وَلَا غَرْسُ بَدَلَهَا لَوْ قُلِعَتْ (لَكِنْ يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهُ) مَجَّانًا فَيَجِبُ عَلَى مَالِكِهِ أَوْ مُسْتَحَقِّ مَنْفَعَتِهِ بِإِجَارَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ تَمْكِينُهُ مِنْهُ (مَا بَقِيَتْ الشَّجَرَةُ) حَيَّةً تَبَعًا لَهَا، وَالثَّانِي يَدْخُلُ لِاسْتِحْقَاقِهِ مَنْفَعَتُهُ لَا إلَى غَايَةٍ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَلَعَهَا أَوْ انْقَلَعَتْ غَرَسَ غَيْرَهَا وَلَهُ بَيْعُ الْمَغْرِسِ، وَلَا يَدْخُلُ مَغْرِسٍ فِي شَجَرٍ يَابِسَةٍ قَطْعًا لِبُطْلَانِ الْبَيْعِ بِشَرْطِ إبْقَائِهَا كَمَا مَرَّ، هَذَا إنْ اسْتَحَقَّ الْبَائِعُ الْإِبْقَاءَ وَإِلَّا جَاءَ مَا مَرَّ، وَلَوْ بَذَلَ مَالِكُهُ أَرْشَ الْقَلْعِ لِمَالِكِهَا وَأَرَادَ قَلْعَهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ، وَالْمَغْرِسُ مَا سَامَتُهَا مِنْ الْأَرْضِ وَمَا تَمْتَدُّ إلَيْهِ عُرُوقُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ لِأَنَّهُ الْعُرْفُ إلَخْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَاعَهُ) أَيْ الْغِرَاسَ (قَوْلُهُ: وَأَطْلَقَ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ شَرَطَ الْإِبْقَاءَ وَإِلْحَاقَهُ مَا ذُكِرَ، وَالظَّاهِرُ بُطْلَانُ الْبَيْعِ لِاشْتِمَالِ الْبَيْعِ عَلَى شَرْطٍ فَاسِدٍ صَرِيحًا (قَوْلُهُ: الَّتِي بِالْأَرْضِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ وَصَلَّتْ الْعُرُوقُ إلَى أَرْضِ الْغَيْرِ وَنَبَتَتْ مِنْهَا وَهُوَ كَذَلِكَ، لَكِنْ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ حِينَئِذٍ تَكْلِيفُ مَالِكِ الشَّجَرَةِ إزَالَةَ مَا وَصَلَ إلَى مِلْكِهِ وَإِنْ كَانَ فَوْقَهُ بِنَاءٌ وَكَأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي هَدْمِهِ فَلَا فَيَضْمَنُهُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ إلَّا بِهَدْمِهِ فَلَا تَقْصِيرَ مِنْهُ، فَإِنْ رَضِيَ بِبَقَائِهِ فَلَا أُجْرَةَ فَهُوَ عَارِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَفِي لُزُومِ هَذَا) أَيْ الْإِبْقَاءِ (قَوْلُهُ: وَرَدَّ بِأَنَّ الْبَائِعَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَا غَرْسُ بَدَلِهَا) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَصَدَ إعَادَتَهَا فَيَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ حَيْثُ رَجَى عَوْدَهَا إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ. يُؤْخَذُ مِمَّا تَقَدَّمَ عَنْ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهُ) وَيَمْتَنِعُ عَلَى الْبَائِعِ التَّصَرُّفُ فِي ظَاهِرِ الْأَرْضِ بِمَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ ضَرَرٌ لِلشَّجَرَةِ، لَكِنْ لَوْ امْتَدَّتْ الْعُرُوقُ إلَى مَوْضِعٍ كَانَ لِلْبَائِعِ فِيهِ بِنَاءٌ أَوْ زَرْعٌ قَبْلَ الشَّجَرَةِ وَاحْتِيجَ إلَى إزَالَةِ أَحَدِهِمَا لِرَفْعِ ضَرَرِ الْآخَرِ فَهَلْ يُكَلَّفُ الْبَائِعُ إزَالَةَ مِلْكِهِ لِدَفْعِ ضَرَرِ الْمُشْتَرِي أَوْ يُكَلَّفُ الْمُشْتَرِي قَطْعَ مَا امْتَدَّ مِنْ الْعُرُوقِ لِسَلَامَةِ مِلْكِ الْبَائِعِ وَكَوْنُ اسْتِحْقَاقِهِ لِذَلِكَ سَابِقًا عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْبَائِعَ حَيْثُ لَمْ يَشْتَرِطْ الْقَطْعَ رَاضٍ بِمَا يَتَوَلَّدُ مِنْ الضَّرَرِ (قَوْلُهُ: تَمْكِينُهُ) أَيْ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ عَلَى الْعَادَةِ بِالْأَشْجَارِ وَلَيْسَ لَهُ الرُّقَادُ تَحْتَهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ بِالْبَائِعِ (قَوْلُهُ: مَا بَقِيَتْ الشَّجَرَةُ) وَهَلْ لِلْمُشْتَرِي وَصْلُ غُصْنٍ بِتِلْكَ الشَّجَرَةِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا يَظْهَرُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وِفَاقًا لَمْ ر، فَلَوْ كَبِرَ ذَلِكَ وَتَفَرَّعَ وَأَضَرَّ بِالْبَائِعِ فَهَلْ لَهُ أَمْرُهُ بِقَطْعِهِ؟ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ وِفَاقًا لَمْ ر إنْ حَصَلَ مِنْهُ مَا لَا يَحْصُلُ عَادَةً مِنْ مِثْلِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ أَمَرَهُ بِقَطْعِهِ وَإِلَّا فَلَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. [فَرْعٌ] آجَرَ الْبَائِعُ الْأَرْضَ لِغَيْرِ مَالِكِ الشَّجَرَةِ فَالْقِيَاسُ صِحَّةُ الْإِجَارَةِ، وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُسْتَأْجِرِ إنْ جَهِلَ اسْتِحْقَاقَ مَنْفَعَةِ الْمَغْرِسِ لِغَيْرِ الْبَائِعِ (قَوْله حَيَّةً) فَإِذَا انْقَلَعَتْ أَوْ قَلَعَهَا كَانَ لَهُ أَنْ يُعِيدَهَا مَا دَامَتْ حَيَّةً لَا بُدَّ لَهَا اهـ شَيْخُنَا زِيَادِي (قَوْلُ هَذَا) أَيْ الْأَصَحُّ وَمُقَابَلَةُ قَوْلِهِ وَإِلَّا جَاءَ مَا مَرَّ: أَيْ فِي قَوْلِهِ وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ لَهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: ثُمَّ بَاعَهُ وَأَطْلَقَ) خَرَجَ بِهِ مَا إذَا شُرِطَ الْإِبْقَاءُ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَبْطُلُ الْبَيْعُ قَوْلًا وَاحِدًا لِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَمَا لَوْ شُرِطَ الْقَلْعُ أَوْ الْقَطْعُ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَصِحُّ قَوْلًا وَاحِدًا فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ: اسْتِحْقَاقُ الْمَنْفَعَةِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ فِي الْمَتْنِ بِقَوْلِهِ لَكِنْ يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِبُطْلَانِ الْبَيْعِ بِشَرْطِ إبْقَائِهَا) لَا تَلَازُمَ بَيْنَ بُطْلَانِ الْبَيْعِ، وَبَيْنَ الِاسْتِحْقَاقِ وَعَدَمِهِ، فَلَوْ قَالَ لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهَا الْإِبْقَاءَ لَكَانَ وَاضِحًا (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ: وَلَوْ بَذَلَ مَالِكُهُ أَرْشَ

فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ أَنْ يَغْرِسَ فِي هَذَا مَا يَضُرُّ بِهَا، وَلَا يَضُرُّ تَجْدِيدُ اسْتِحْقَاقٍ لِلْمُشْتَرِي لَمْ يَكُنْ لَهُ فَانْدَفَعَ مَا لِجَمْعٍ هُنَا مِنْ الْإِشْكَالِ وَلَمْ يَحْتَجْ لِجَوَابِ الزَّرْكَشِيّ الَّذِي قِيلَ فِيهِ إنَّهُ سَاقِطٌ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَنْ لَوْ بَاعَ أَرْضًا وَاسْتَثْنَى لِنَفْسِهِ شَجَرَةً هَلْ يَبْقَى لَهُ مَغْرِسُهَا أَوْ لَا، وَفِيمَا إذَا بَاعَ أَرْضًا فِيهَا مَيِّتٌ مَدْفُونٌ هَلْ يَبْقَى لَهُ مَكَانُ الدَّفْنِ أَوْ لَا كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي أَوَّلِ الدَّفْنِ، وَلَوْ بَاعَ شَجَرَةً أَوْ بِنَاءً فِي أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ مَعَهُ أَوْ مُوصًى لَهُ بِمَنْفَعَتِهَا أَوْ مَوْقُوفَةً عَلَيْهِ اسْتَحَقَّ إبْقَاءَهَا بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ لَكِنْ مَجَّانًا كَالْمَمْلُوكَةِ فِي أَوْجُهِ احْتِمَالَيْنِ وَالْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا أَبَدًا أَوْ مُدَّةً مُعَيَّنَةً كَذَلِكَ تِلْكَ الْمُدَّةُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ (وَلَوْ كَانَتْ) الشَّجَرَةُ الْمَبِيعَةُ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ (يَابِسَةً) وَلَمْ تَدْخُلْ لِكَوْنِهَا غَيْرَ دِعَامَةٍ (لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ الْقَلْعُ) لِلْعُرْفِ. ثُمَّ شَرَعَ فِي ذِكْرِ ثَمَرِ الْمَبِيعِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ وَلَوْ مَشْمُومًا كَمَا لَوْ رَدَّ فَقَالَ: (وَثَمَرَةُ النَّخْلِ الْمَبِيعِ إنْ شَرَطَتْ) جَمِيعَهَا أَوْ بَعْضَهَا الْمُعَيَّنَ كَالنِّصْفِ (لِلْبَائِعِ وَلِلْمُشْتَرِي عَمِلَ بِهِ) سَوَاءٌ فِيمَا قَبْلَ التَّأْبِيرِ وَبَعْدَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ بِغَيْرِ رِضَا مَالِكِ الشَّجَرَةِ، أَمَّا مَعَهُ فَيُحْتَمَلُ جَوَازُهُ لِأَنَّهُ بَدَلٌ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ وَهُوَ تَفْرِيغُ مِلْكِهِ (قَوْلُهُ: فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ) أَيْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: فِي هَذَا) وَكَالْغَرْسِ غَيْرُهُ مِمَّا يَضُرُّ بِالشَّجَرَةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لَهُ) حَالَةَ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ مُتَفَرِّعٌ عَنْ أَصْلِ اسْتِحْقَاقِهِ، وَالْمُمْتَنِعُ إنَّمَا هُوَ تَجَدُّدُ اسْتِحْقَاقٍ مُبْتَدَأٍ اهـ حَجّ. وَبِهِ يَتَّضِحُ قَوْلُ الشَّارِحِ فَانْدَفَعَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي الْخِلَافُ) وَالْأَصَحُّ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُبْقِي الْمَغْرِسَ وَلَا مَكَانَ الْمَيِّتِ لَكِنْ يَسْتَحِقُّ الِانْتِفَاعَ بِهِ مَا بَقِيَتْ الشَّجَرَةُ أَوْ شَيْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَيِّتِ غَيْرَ عَجَبِ الذَّنْبِ، ثُمَّ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِالْمَيِّتِ فَلَا خِيَارَ لَهُ وَإِلَّا فَلَهُ الْخِيَارُ (قَوْلُهُ: هَلْ يَبْقَى لَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ: فِي أَوَّلِ الدَّفْنِ) فِي قَوْلِهِ فَيَجِبُ عَلَى مَالِكِهِ أَوْ مُسْتَحِقِّ مَنْفَعَتِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَعَهُ) أَيْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ اسْتَحَقَّ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ بَقِيَّةُ الْمُدَّةِ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ مُدَّةً تَلِي مُدَّتَهُ لَا يَسْتَحِقُّ إبْقَاءَهَا، وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا بِالْهَامِشِ مِنْ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْقَلْعِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَكِنْ مَجَّانًا) فِي نُسْخَةِ بَدَلِ قَوْلِهِ لَكِنْ مَجَّانًا إلَخْ لَكِنْ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِبَاقِي الْمُدَّةِ فِي الْأَوَّلِ إنْ عَلِمَ لَا فِي الْأَخِيرَيْنِ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ فِيهِمَا لَمْ يَبْذُلْ الْبَائِعُ فِيهَا شَيْئًا وَلَوْ إلَخْ، وَهَذِهِ هِيَ عِبَارَةُ حَجّ فَلَعَلَّ الشَّارِحَ رَجَعَ عَنْهَا إلَى مَا فِي الْأَصْلِ الْمُوَافِقِ لِمَا قَدَّمَهُ (قَوْلُهُ: كَالْمَمْلُوكَةِ) وَلَا يُشْكِلُ هَذَا بِمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ بَاعَ الْمُشْتَرِي الْحِجَارَةَ لِآخَرَ مِنْ لُزُومِ الْأُجْرَةِ لِلْمُشْتَرِي مُطْلَقًا لِمَا أَشَارَ إلَيْهِ ثُمَّ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ جِنَايَةَ أَجْنَبِيٍّ وَهِيَ مَضْمُونَةٌ مُطْلَقًا، وَمَا هُنَا لَا جِنَايَةَ فِيهِ بَلْ هُوَ اسْتِيفَاءُ حَقٍّ ثَبَتَ لِلْبَائِعِ وَانْتَقَلَ مِنْهُ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: تِلْكَ الْمُدَّةِ) أَيْ فَإِذَا انْقَضَتْ بِتَمَامِهَا خُيِّرَ بَيْنَ الْقَلْعِ وَغَرَامَةِ الْأَرْشِ أَوْ التَّبْقِيَةِ بِالْأُجْرَةِ أَوْ التَّمَلُّكِ بِالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: ثَمَرِ الْمَبِيعِ) أَيْ الشَّجَرِ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ: وَثَمَرَةُ النَّخْلِ) أَيْ الْمَوْجُودَةُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: قَبْلَ التَّأْبِيرِ وَبَعْدَهُ) وَكَذَا لَوْ شَرَطَ الظَّاهِرَ لِلْمُشْتَرِي وَغَيْرِهِ وَقَدْ انْعَقَدَ لِلْبَائِعِ اهـ حَجّ فَإِنْ لَمْ يَنْعَقِدْ لَمْ يَصِحَّ شَرْطُهُ وَيَنْبَغِي بُطْلَانُ الْبَيْعِ بِهَذَا الشَّرْطِ اهـ سم عَلَيْهِ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ وَجْهَ الْبُطْلَانِ أَنَّهَا قَبْلَ انْعِقَادِهَا كَالْمَعْدُومَةِ، لَكِنَّ هَذَا يُشْكِلُ عَلَى إطْلَاقِهِمْ قَوْلَهُمْ إنَّ الثَّمَرَةَ: أَيْ بَعْدَ وُجُودِهَا إذَا شُرِطَتْ لِلْبَائِعِ فَهِيَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَطْعِ لِمَالِكِهَا وَأَرَادَ قَطْعَهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إبْقَاؤُهَا وَلَا يَجُوزُ لَهُ قَطْعُهَا. (قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ تَجْدِيدُ اسْتِحْقَاقٍ لِلْمُشْتَرِي إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ مُتَفَرِّعٌ مِنْ أَصْلِ اسْتِحْقَاقِهِ، وَالْمُمْتَنِعُ إنَّمَا هُوَ تَجَدُّدُ اسْتِحْقَاقٍ مُبْتَدَأٍ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ الشِّهَابُ حَجّ وَلَا بُدَّ مِنْهُ فِي دَفْعِ الْإِشْكَالِ. (قَوْلُهُ: بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْإِجَارَةِ: أَيْ: أَوْ الْوَصِيَّةُ إنْ كَانَتْ مُؤَقَّتَةً بِمُدَّةٍ وَأَبَدًا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ) فِيهِ أَمْرَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ ابْنَ الرِّفْعَةِ إنَّمَا بَحَثَ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَتَيْ الْإِجَارَةِ وَالْوَصِيَّةِ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْوَقْفِ فَإِنَّمَا بَحَثَهَا الْأَذْرَعِيُّ. الثَّانِي: أَنَّ ابْنَ الرِّفْعَةِ إنَّمَا بَحَثَ ذَلِكَ فِي الْبِنَاءِ، وَإِلْحَاقُ الشَّجَرِ بِهِ إنَّمَا هُوَ لِلْأَذْرَعِيِّ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ الْقُوتِ، وَنَبَّهَ الْأَذْرَعِيُّ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْإِجَارَةِ. الصَّحِيحَةِ، أَمَّا الْفَاسِدَةُ فَتُسْتَحَقُّ فِيهَا الْأُجْرَةُ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ تَجِبُ فِيهَا يَوْمًا بِيَوْمٍ كَمَا سَيَأْتِي. (قَوْلُهُ: وَالْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا إلَخْ) مُكَرَّرٌ مَعَ الَّذِي قَبْلَهُ

[ثمرة النخل المبيع إن شرطت للبائع وللمشتري عمل به]

وَفَاءً بِالشَّرْطِ، وَلَوْ شَرَطَ غَيْرَ الْمُؤَبَّرَةِ لِلْمُشْتَرِي كَانَ تَأْكِيدًا كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي أَوْ لِلْبَائِعِ صَحَّ أَيْضًا وَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَشَرْطِ الْحَمْلِ. لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّمَا بَطَلَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ اسْتِثْنَاءِ الْبَائِعِ الْحَمْلَ أَوْ مَنْفَعَتَهُ شَهْرًا لِنَفْسِهِ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ وَالطَّلْعَ يُفْرَدُ بِهِ، وَلِأَنَّ عَدَمَ الْمَنْفَعَةِ يُؤَدِّي لِخَلْقِ الْمَبِيعِ عَنْهَا وَهُوَ مُبْطِلٌ (وَإِلَّا) أَيْ إنْ لَمْ يَشْرِطْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَنْ سَكَتَ عَنْ ذَلِكَ (فَإِنْ لَمْ يَتَأَبَّرْ مِنْهَا شَيْءٌ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي وَإِلَّا) بِأَنْ تَأَبَّرَ بَعْضُهَا وَلَوْ طَلْعُ ذَكَرٍ وَإِنْ قَلَّ وَلَوْ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَإِنْ تَبِعَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ (فَلِلْبَائِعِ) جَمِيعُهَا مَا تَأَبَّرَ وَغَيْرُهُ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُبْتَاعُ» أَيْ الْمُشْتَرِي دَلَّ مَنْطُوقُهُ عَلَى أَنَّ الْمُتَأَبِّرَةَ لِلْبَائِعِ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ لَهُ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّ غَيْرَ الْمُؤَبَّرَةِ لِلْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْبَائِعُ، وَدَلَّ الِاسْتِثْنَاءُ عَلَى أَنَّهَا لِلْمُشْتَرِي عِنْدَ اشْتِرَاطِهَا لَهُ وَإِنْ تَأَبَّرَتْ، وَكَوْنُهَا لِوَاحِدٍ مِمَّنْ ذَكَرَ صَادِقٌ بِأَنْ تُشْتَرَطَ لَهُ أَوْ يَسْكُتَ عَنْ ذَلِكَ، وَافْتَرَقَا بِالتَّأْبِيرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَهُ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ انْعِقَادِهَا وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَرَطَ غَيْرَ الْمُؤَبَّرَةِ) أَيْ الثَّمَرَةِ الَّتِي لَمْ يَتَأَبَّرُ مِنْهَا شَيْءٌ أَصْلًا، أَمَّا لَوْ تَأَبَّرَ بَعْضُهَا دُونَ بَعْضٍ لَمْ يَكُنْ تَأْكِيدًا لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَعَرَّضْ كَانَتْ كُلَّهَا لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُبْطِلٌ) وَقَدْ يُقَالُ الْمُبْطِلُ خُلُوُّهُ عَنْهَا مُطْلَقًا لَا فِي مُدَّةٍ كَمَا هُنَا اهـ سم عَلَى حَجّ. وَفِيهِ أَنَّ خُلُوَّهُ عَنْهَا إنَّمَا يُغْتَفَرُ إذَا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ مُسْتَحَقَّةً لِغَيْرِ الْبَائِعِ كَبَيْعِ الدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ وَاسْتَثْنَى الْبَائِعُ لِنَفْسِهِ مَنْفَعَةَ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ مُدَّةً لَمْ يَجُزْ وَإِنْ قُلْت (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَتَأَبَّرْ) أَيْ وَلَوْ قَطَعَ الْبَائِعُ مَا تَأَبَّرَ ثُمَّ بَاعَ الشَّجَرَةَ وَعَلَيْهَا ثَمَرٌ لَمْ يُؤَبَّرْ هَلْ يَكُونُ لِلْبَائِعِ لِأَنَّ تَأَبُّرَ الْبَعْضِ كَتَأَبُّرِ الْكُلِّ وَإِنْ قَطَعَ الْمُؤَبَّرَ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوَّلًا لِانْتِفَاءِ التَّبَعِيَّةِ حِينَئِذٍ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ لِتَحَقُّقِ دُخُولِ وَقْتِ التَّأْبِيرِ بِتَأَبُّرِ الْبَعْضِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ لِكُلٍّ حُكْمَهُ لِأَنَّا إنَّمَا قُلْنَا بِتَبَعِيَّةِ غَيْرِ الْمُؤَبَّرِ لِلْمُؤَبَّرِ لِعُسْرِ تَتَبُّعِ كُلٍّ مِنْ الْمُؤَبَّرِ وَغَيْرِهِ، ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي وَقَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ إنْ بِيعَ الثَّمَرُ الَّذِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَإِنْ بَدَا صَلَاحُ غَيْرِهِ الْمُتَّحِدِ مَعَهُ نَوْعًا وَمَحَلًّا اهـ، وَهُوَ يُعِينُ الِاحْتِمَالَ الثَّانِيَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِأَنْ تَأَبَّرَ) اُنْظُرْ لَوْ حَصَلَ التَّأْبِيرُ فِي أَثْنَاءِ الْإِيجَابِ أَوْ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ هَلْ يَكُونُ كَمَا لَوْ سَبَقَ الصِّيغَةَ فَيَكُونُ لِلْبَائِعِ لَا يَبْعُدُ؟ نَعَمْ لِأَنَّهُ حَصَلَ التَّأْبِيرُ قَبْلَ حُصُولِ الْبَيْعِ، وَقَبْلَ حُصُولِ الصِّحَّةِ لِأَنَّ الصِّحَّةَ مَعَ آخِرِ الْقَبُولِ عَلَى الْأَرْجَحِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ، وَلَوْ وَجَدَ التَّأْبِيرَ مَعَ آخِرِ الْقَبُولِ، فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُحَرَّرْ هـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ لِلْبَائِعِ لِحُصُولِهِ قَبْلَ الِانْتِقَالِ عَنْ مِلْكِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ. [فَرْعٌ] قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَيُصَدَّقُ الْبَائِعُ: أَيْ أَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ بَعْدَ التَّأْبِيرِ أَيْ حَتَّى تَكُونَ الثَّمَرَةُ لَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَمِثْلُهُ مَا لَوْ اخْتَلَفَا هَلْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ مَوْجُودَةً قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ حَدَثَتْ بَعْدَهُ فَالْمُصَدَّقُ الْبَائِعُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الشَّارِحِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ بَعْدَ قَوْلِهِ أَوْ صِفَتِهِ خِلَافًا لِحَجِّ (قَوْلُهُ: قَدْ أُبِّرَتْ) بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ لِأَنَّهُ يُقَالُ فِي الْفِعْلِ أَبَرَ النَّخْلَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَأَبَّرَهُ بِالتَّشْدِيدِ بِمَعْنًى كَمَا فِي الْمُخْتَارِ وَهُوَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ (قَوْلُهُ: صَادِقٌ بِأَنْ تُشْتَرَطُ لَهُ) فِيهِ بَحْثٌ دَقِيقٌ يُدْرِكُهُ كُلُّ ذِي فَهْمٍ أَنِيقً اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَوَجْهُ الْبَحْثِ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مَفْهُومَ الْحَدِيثِ مَا ذُكِرَ بَلْ مَفْهُومَهُ أَنَّهُ إذَا بَاعَ نَخْلًا لَمْ تُؤَبَّرْ لَا تَكُونُ ثَمَرَتُهَا عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ وَذَلِكَ أَنَّهُ صَادِقٌ بِأَنْ تَكُونَ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ شُرِطَتْ لِلْبَائِعِ، وَيَلْغُو الشَّرْطُ بِأَنْ تَكُونَ لِلْمُشْتَرِي إذَا شُرِطَتْ لَهُ أَوْ سَكَتَ عَنْ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ: وَافْتَرَقَا) أَيْ الْمُؤَبَّرُ وَغَيْرُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [ثَمَرَةُ النَّخْلِ الْمَبِيعِ إنْ شَرَطَتْ لِلْبَائِعِ وَلِلْمُشْتَرِي عَمِلَ بِهِ] قَوْلُهُ: وَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَشَرْطِ الْحَمْلِ) أَيْ: أَوْ الْمَنْفَعَةِ لِلْبَائِعِ شَهْرًا لِيَتَنَزَّلَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: الْآتِي؛ وَلِأَنَّ عَدَمَ الْمَنْفَعَةِ إلَخْ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَإِنَّمَا بَطَلَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ اسْتِثْنَاءِ الْبَائِعِ الْحَمْلَ أَوْ مَنْفَعَةَ شَهْرٍ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ إلَخْ

وَعَدَمِهِ لِأَنَّهَا فِي حَالَةِ الِاسْتِتَارِ كَالْحَمْلِ وَفِي حَالَةِ الظُّهُورِ كَالْوَلَدِ، وَأَلْحَقَ بِالنَّخْلِ سَائِرَ الثِّمَارِ وَبِتَأْبِيرِ كُلِّهَا تَأْبِيرَ بَعْضِهَا بِتَبَعِيَّةِ غَيْرِ الْمُؤَبَّرِ لِلْمُؤَبَّرِ لِمَا فِي تَتَبُّعِ ذَلِكَ مِنْ الْعُسْرِ، وَالتَّأْبِيرُ تَشَقُّقُ طَلْعِ الْإِنَاثِ وَذَرِّ طَلْعِ الذُّكُورِ فِيهِ فَيَجِيءُ رُطَبُهَا أَجْوَدَ مِمَّا لَمْ يُؤَبَّرْ، وَالْعَادَةُ الِاكْتِفَاءُ بِتَأْبِيرِ الْبَعْضِ وَالْبَاقِي يَتَشَقَّقُ بِنَفْسِهِ وَيَنْبَثُّ رِيحُ الذُّكُورِ إلَيْهِ، وَقَدْ لَا يُؤَبَّرُ شَيْءٌ وَيَتَشَقَّقُ الْكُلُّ وَالْحُكْمُ فِيهِ كَالْمُؤَبَّرِ اعْتِبَارًا بِظُهُورِ الْمَقْصُودِ، وَيُسْتَفَادُ صُورَةُ تَشَقُّقِهِ بِنَفْسِهِ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِيَتَأَبَّرُ خِلَافًا لِمَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ أَصْلِهِ. (وَمَا يَخْرُجُ ثَمَرُهُ بِلَا نَوْرٍ) بِفَتْحِ النُّونِ أَيْ زَهْرٍ عَلَى أَيِّ لَوْنٍ كَانَ (كَتِينٍ وَعِنَبٍ إنْ بَرَزَ ثَمَرُهُ) أَيْ ظَهَرَ (فَلِلْبَائِعِ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَبْرُزْ (فَلِلْمُشْتَرِي) إلْحَاقًا لِبُرُوزِهِ بِتَشَقُّقِ الطَّلْعِ، وَلَا يُعْتَبَرُ تَشَقُّقُ الْقِشْرِ الْأَعْلَى مِنْ نَحْوِ جَوْزٍ بَلْ هُوَ لِلْبَائِعِ مُطْلَقًا لِاسْتِتَارِهِ بِمَا هُوَ مِنْ صَلَاحِهِ وَلِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ بِتَشَقُّقِ الْأَعْلَى عَنْهُ وَلَوْ ظَهَرَ بَعْضُ التِّينِ أَوْ الْعِنَبِ فِيمَا ظَهَرَ لِلْبَائِعِ، وَمَا لَمْ يَظْهَرْ فَلِلْمُشْتَرِي كَمَا فِي التَّتِمَّةِ وَالْمُهَذَّبِ وَالتَّهْذِيبِ وَإِنْ تَوَقَّفَا فِيهِ وَجَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِالتَّوَقُّفِ، وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى مَا يَتَكَرَّرُ حَمْلُهُ مِنْهُ وَإِلَّا فَكَالنَّخْلِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ حَمْلَهُ فِي الْعَامِ مَرَّتَيْنِ نَادِرٌ كَالنَّخْلِ فَلْيَكُنْ مِثْلَهُ، وَفَرَّقَ الْأَصْحَابُ بَيْنَ طَلْعِ النَّخْلِ وَمَا ذُكِرَ بِأَنَّ ثَمَرَةَ النَّخْلِ ثَمَرَةُ عَامٍ وَاحِدٍ وَهُوَ لَا يَحْمِلُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَالتَّأْبِيرُ تَشَقُّقُ طَلْعِ الْإِنَاثِ) عِبَارَةُ حَجّ: وَالتَّأْبِيرُ لُغَةً وَضْعُ طَلْعِ الذُّكُورِ فِي طَلْعِ الْأُنْثَى لِتَجِيءَ ثَمَرَتُهَا أَجْوَدَ. وَاصْطِلَاحًا تَشَقُّقُ الطَّلْعِ وَلَوْ بِنَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ طَلْعَ ذَكَرٍ كَمَا أَفَادَهُ تَعْبِيرُهُ بِقَوْلِهِ يَتَأَبَّرُ اهـ (قَوْلُهُ: وَقَدْ لَا يُؤَبَّرُ) أَيْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ (قَوْلُهُ: وَيَتَشَقَّقُ الْكُلُّ) كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَلْيَنْظُرْ التَّقْيِيدَ بِالْكُلِّ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ مُجَرَّدَ تَصْوِيرِ لَا لِلِاحْتِرَازِ لِمَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِأَنْ تَأَبَّرَ بَعْضُهَا وَلَوْ طَلْعُ ذَكَرٍ إذْ التَّأْبِيرُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى فِعْلٍ (قَوْلُهُ: زَهَرٍ) بِفَتْحَتَيْنِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: كَتِينٍ وَعِنَبٍ) . [فَرْعٌ] وُصِلَتْ شَجَرَةٌ نَحْوَ تِينٍ بِغُصْنٍ نَحْوَ مِشْمِشٍ أَوْ عَكْسُهُ فَيَنْبَغِي أَنَّ لِكُلٍّ حُكْمَهُ حَتَّى لَوْ بَرَزَ التِّينُ، وَلَمْ يَتَنَاثَرْ نَوْرُ الْمِشْمِشِ فَالْأَوَّلُ فَقَطْ لِلْبَائِعِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَهَذَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي، وَحَاصِلُ شَرْطِ التَّبَعِيَّةِ إلَخْ، لِأَنَّ هَذَيْنِ جِنْسَانِ وَإِنْ كَانَ فِي شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: وَمَا لَمْ يَظْهَرْ فَلِلْمُشْتَرِي) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي التَّتِمَّةِ) لِلْمُتَوَلِّي وَالْمُهَذَّبِ لِأَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ وَالتَّهْذِيبِ لِلْبَغَوِيِّ (قَوْلُهُ: وَيَرُدُّ) أَيْ الْحَمْلُ (قَوْلُهُ: فِي الْعَامِ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْعَامِ السَّنَةُ الشَّرْعِيَّةُ: يَعْنِي أَنَّهُ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِأَنَّهُ يَحْمِلُ مَرَّتَيْنِ فِي سَنَةٍ. قَالَ حَجّ: بَعْدَ مِثْلِ مَا ذُكِرَ: وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَمَا فِي التَّتِمَّةِ إلَخْ) صَرِيحُ هَذَا التَّعْبِيرِ خُصُوصًا مَعَ تَبَرِّيهِ مِنْ تَوَقُّفِ الشَّيْخَيْنِ فِيهِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ تَوَقَّفَا فِيهِ أَنَّهُ يَخْتَارُ هَذَا التَّفْصِيلَ فَيُنَاقِضَهُ مَا سَيَأْتِي لَهُ فِي رَدِّ حَمْلِ بَعْضِهِمْ الْآتِي مِنْ قَوْلِهِ وَيُرَدُّ بِأَنَّ حَمْلَهُ فِي الْعَامِ مَرَّتَيْنِ نَادِرٌ كَالنَّخْلِ فَلْيَكُنْ مِثْلَهُ، ثُمَّ إنَّ صَرِيحَ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّ كُلًّا مِنْ حَمْلِ بَعْضِهِمْ الْمَذْكُورِ وَمِنْ رَدِّهِ وَمِنْ فَرْقِ الْأَصْحَابِ الْآتِي فِي كُلٍّ مِنْ التِّينِ وَالْعِنَبِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْحَمْلُ الْمَذْكُورُ وَرَدُّهُ فِي خُصُوصِ الْعِنَبِ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ تُحْفَةِ الْعَلَّامَةِ حَجّ الَّذِي مَا هُنَا فِيهِمَا، عِبَارَتُهَا بِالْحَرْفِ: وَفَرْقُ الْأَصْحَابِ الْآتِي فِي خُصُوصِ التِّينِ، كَمَا يُعْلَمُ مِنْ آخِرِ عِبَارَتِهِ الْمَنْقُولَةِ بِاللَّفْظِ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ، وَيُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الْقُوتِ الْآتِي، ثُمَّ إنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ كَمَا فِي التَّتِمَّةِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ فِي التِّينِ وَالْعِنَبِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ كَلَامَهُ فِي خُصُوصِ التِّينِ، وَعِبَارَةُ الْقُوتِ سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَمَّا إذَا ظَهَرَ بَعْضٌ دُونَ بَعْضٍ: أَيْ فِي التِّينِ وَالْعِنَبِ، وَفِي التَّهْذِيبِ وَالْكَافِي وَالْبَيَانِ وَغَيْرِهَا أَنَّ مَا ظَهَرَ لِلْبَائِعِ وَمَا لَمْ يَظْهَرْ لِلْمُشْتَرِي، وَلَا يَتْبَعُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، وَتَوَقَّفَ فِيهِ الشَّيْخَانِ وَصَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي فِي التِّينِ وَقَالَ إنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الرُّويَانِيُّ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّخْلِ بِأَنَّ ثَمَرَتَهُ ثَمَرَةُ عَامٍ وَاحِدٍ وَلَا يَحْمِلُ فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً وَالتِّينُ يُجْمَعُ حِمْلَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَجَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِالتَّوَقُّفِ)

فِيهِ إلَّا مَرَّةً وَالتِّينُ وَنَحْوُهُ يَحْمِلُ حَمْلَيْنِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَكَانَتْ الْأُولَى لِلْبَائِعِ وَالثَّانِيَةُ لِلْمُشْتَرِي، وَكَالتِّينِ فِيمَا تَقَرَّرَ الْجُمَّيْزُ وَنَحْوُهُ كَالْقِثَّاءِ وَالْبِطِّيخِ لَا يَتْبَعُ بَعْضُهُ بَعْضًا لِأَنَّهَا بُطُونٌ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي ثَمَرَةِ النَّخْلِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهَا تُعَدُّ حَمْلًا وَاحِدًا. (وَمَا خَرَجَ فِي نَوْرٍ ثُمَّ سَقَطَ نَوْرُهُ) أَيْ كَانَ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَلَمْ يَتَنَاثَرْ النَّوْرُ ثُمَّ قَوْلُهُ بَعْدَ التَّنَاثُرِ وَتَعْبِيرُ أَصْلِهِ بِيَخْرُجُ سَالِمٌ مِنْ ذَلِكَ، وَحِكْمَةُ عُدُولِهِ عَنْهُ خَشْيَةَ إيهَامِ اتِّحَادِ هَذَا مَعَ مَا قَبْلَهُ فِي أَنَّ لِكُلٍّ نَوْرًا قَدْ يُوجَدُ وَقَدْ لَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ نَفْيُ النَّوْرِ مِنْ ذَلِكَ نَفْيٌ لَهُ عَنْ أَصْلِهَا كَمَا تُفْهِمُهُ مُغَايَرَةُ الْأُسْلُوبِ، وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَعَدَلَ عَنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ يَخْرُجُ الْمُنَاسِبُ لِلتَّقْسِيمِ بَعْدَهُ كَأَنَّهُ لِئَلَّا يَشْتَبِهَ بِمَا قَبْلَهُ (كَمِشْمِشٍ) بِكَسْرِ مِيمَيْهِ وَحُكِيَ فَتْحُهُمَا (وَتُفَّاحٍ) وَرُمَّانٍ وَلَوْزٍ (فَلِلْمُشْتَرِي إنْ لَمْ تَنْعَقِدْ الثَّمَرَةُ) لِأَنَّهَا كَالْمَعْدُومَةِ (وَكَذَا) هِيَ لَهُ أَيْضًا (إنْ انْعَقَدَتْ وَلَمْ يَتَنَاثَرْ النَّوْرُ فِي الْأَصَحِّ) إلْحَاقًا لَهَا بِالطَّلْعِ لِأَنَّ اسْتِتَارَهَا بِالنَّوْرِ بِمَنْزِلَةِ اسْتِتَارِ ثَمَرَةِ النَّخْلِ بِكِمَامِهِ. وَالثَّانِي يُلْحِقُهَا بِهِ بَعْدَ تَشَقُّقِهِ لِاسْتِتَارِهِ بِالْقِشْرِ الْأَبْيَضِ فَتَكُونُ لِلْبَائِعِ (وَبَعْدَ التَّنَاثُرِ لِلْبَائِعِ) لِظُهُورِهَا وَمَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْ ذَلِكَ تَابِعٌ لِمَا ظَهَرَ كَمَا فِي التَّنْبِيهِ، وَمَا قَصَدَ وَرْدَهُ وَكَانَ يَخْرُجُ مِنْ كِمَامٍ ثُمَّ يَتَفَتَّحُ كَالْوَرْدِ الْأَحْمَرِ فَإِنْ بَاعَهُ بَعْدَ ظُهُورِهِ فَلِلْبَائِعِ كَالطَّلْعِ الْمُشَقَّقِ أَوْ قَبْلَهُ فَلِلْمُشْتَرِي، وَمَا يَخْرُجُ ظَاهِرًا كَالْيَاسَمِينِ فَإِنْ خَرَجَ وَرْدُهُ فَلِلْبَائِعِ وَإِلَّا فَلِلْمُشْتَرِي ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا يُوَرِّدُ ثُمَّ يَنْعَقِدُ فَيَلْحَقُ بِالْمِشْمِشِ وَمَا يَبْدُو مُنْعَقِدًا فَيَلْحَقُ بِالتِّينِ (قَوْلُهُ: خَشْيَةُ إيهَامِ إلَخْ) فِي هَذِهِ الْخَشْيَةِ بُعْدٌ وَبِتَقْدِيرِهِ فَمُجَرَّدُ التَّعْبِيرِ بِخَرَجَ وَيَخْرُجُ لَا يَدْفَعُ هَذَا الْإِيهَامَ، عَلَى أَنَّهُ قِيلَ: إنَّ مُرَادَ الْمَحَلِّيِّ بِالِاشْتِبَاهِ الِاشْتِبَاهُ عَلَى النَّاسِخِ مَثَلًا دُونَ الِاشْتِبَاهِ الْمَعْنَوِيِّ. (قَوْلُهُ: وَحُكِيَ فَتْحُهُمَا) وَضَمُّهُمَا أَيْضًا لَكِنَّ الضَّمَّ قَلِيلٌ فِي عُبَابِ اللُّغَةِ (قَوْلُهُ: وَبَعْدَ التَّنَاثُرِ) قَالَ مَرَّ بِالذِّهْنِ لَا بُدَّ مِنْ تَنَاثُرِهِ بِنَفْسِهِ حَتَّى لَوْ أَخَذَهُ فَاعِلٌ قَبْلَ أَوَانِ تَنَاثُرِهِ كَانَ كَمَا لَوْ لَمْ يَتَنَاثَرْ، فَأَوْرَدَتْ عَلَيْهِ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا فِي ثَمَرَةِ النَّخْلِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُؤَبَّرَةِ بِنَفْسِهَا وَمَا بِفِعْلِ فَاعِلٍ، فَفَرَّقَ بِأَنَّ تَأْبِيرَهُ لَا يُؤَدِّي إلَى فَسَادٍ مُطْلَقًا بِخِلَافِ أَخْذِ النَّوْرِ قَبْلَ أَوَانِهِ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَمَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْ ذَلِكَ تَابِعٌ لِمَا ظَهَرَ) دَخَلَ فِيهِ الْوَرْدُ إذَا تَفَتَّحَ بَعْضُهُ دُونَ الْبَاقِي، فَمَا لَمْ يَتَفَتَّحْ مِنْهُ تَابِعٌ لِمَا تَفَتَّحَ، وَعِبَارَةُ عَمِيرَةَ: هَلْ يَلْحَقُ غَيْرُ الْمُتَفَتِّحِ مِنْ الْوَرْدِ بِالْمُتَفَتِّحِ أَمْ لِكُلٍّ حُكْمُهُ؟ الَّذِي فِي التَّهْذِيبِ الثَّانِي كَالتِّينِ وَاَلَّذِي فِي التَّنْبِيهِ الْأَوَّلُ كَالتَّأْبِيرِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي التَّنْبِيهِ) عِبَارَةُ التَّنْبِيهِ: فَإِنْ كَانَ لَهُ: أَيْ لِلْغِرَاسِ حَمْلٌ فَإِنْ كَانَ ثَمَرُهُ يَتَشَقَّقُ كَالنَّخْلِ أَوْ نَوْرًا يَتَفَتَّحُ كَالْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ فَإِنْ كَانَ قَدْ ظَهَرَ ذَلِكَ أَوْ بَعْضَهُ فَالْجَمِيعُ لِلْبَائِعِ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ شَيْءٌ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي اهـ. وَقَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ قَدْ ظَهَرَ ذَلِكَ أَوْ بَعْضُهُ. قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: أَيْ ظَهَرَ الطَّلْعُ مِنْ كُوزِهِ وَالْوَرْدُ مِنْ كِمَامِهِ وَالْيَاسَمِينُ مِنْ الشَّجَرِ اهـ. فَعُلِمَ أَنَّ الظُّهُورَ تَارَةً بِتَشَقُّقٍ وَتَارَةً بِتَفَتُّحٍ وَتَارَةً بِالْخُرُوجِ مِنْ الشَّجَرَةِ وَتَارَةً بِتَنَاثُرِ النَّوْرِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَمَا قُصِدَ وَرْدُهُ) أَيْ نَوْرُهُ (قَوْلُهُ: فَلِلْمُشْتَرِي) أَيْ فَيُقَالُ إنَّ مَا ظَهَرَ بَعْدُ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ بَقِيَّةُ حَمْلِ ذَلِكَ الْعَامِ وَلَوْ كَانَ مِنْ نَوْعٍ يَتَكَرَّرُ حَمْلُهُ فِي السَّنَةِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْجِنْسِ وَالنَّوْعِ الْمُخَالِفِ لِنُدْرَتِهِ لَا يَعْتَدُّ بِهِ، وَهُوَ رَدٌّ عَلَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ حَيْثُ قَالَ: وَلَعَلَّ الْعِنَبَ نَوْعَانِ (قَوْلُهُ: كَالْيَاسَمِينِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْيَاسَمِينُ أَصْلُهُ يَسِمُ وَهُوَ مُعَرَّبٌ وَسِينُهُ مَكْسُورَةٌ وَبَعْضُهُمْ يَفْتَحُهَا وَهُوَ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ، وَبَعْضُ الْعَرَبِ يُعْرِبُهُ إعْرَابَ جَمْعِ الْمُذَكَّرِ السَّالِمِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ خَرَجَ وَرْدُهُ) أَيْ نَوْرُهُ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْوَرْدُ بِالْفَتْحِ مَشْمُومٌ مَعْرُوفٌ إلَى أَنْ قَالَ: وَفِي مُخْتَصَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَعْنِي بِقَضِيَّةِ التَّوَقُّفِ مِنْ أَنَّ الْجَمِيعَ لِلْبَائِعِ فِيهِمَا وَإِلَّا فَهُوَ فِي الْأَنْوَارِ لَمْ يُصَرِّحْ بِتَوَقُّفٍ. (قَوْلُهُ: وَالتِّينُ وَنَحْوُهُ) ذِكْرُ النَّحْوِ زَادَهُ عَلَى مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيَنْبَغِي حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ فَرْقِ الْأَصْحَابِ وَإِنْ كَانَ الْفَرْقُ يَتَأَتَّى فِيهِ أَيْضًا لَكِنْ بِطَرِيقِ الْإِلْحَاقِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ. (قَوْلُهُ: سَالِمٌ مِنْ ذَلِكَ) يَعْنِي مِنْ إيهَامِ أَنَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ سَقَطَ بِالْفِعْلِ الَّذِي دَفَعَهُ بِقَوْلِهِ إنْ كَانَ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ. (قَوْلُهَا كَالطَّلْعِ الْمُشَقَّقِ) ظَاهِرُ هَذَا التَّشْبِيهِ أَنَّ غَيْرَ الظَّاهِرِ مِنْهُ يَتْبَعُ الظَّاهِرَ وَهُوَ مَا فِي

[باع نخلات مطلعة وبعضها مؤبر فللبائع]

وَتَشَقُّقُ جَوْزِ قُطْنٍ يَبْقَى أَصْلُهُ سَنَتَيْنِ فَأَكْثَرَ كَتَأْبِيرِ النَّخْلِ فَيَتْبَعُ الْمُسْتَتِرُ غَيْرَهُ إنْ تَوَفَّرَتْ شُرُوطُ التَّبِيعَةِ الْآتِيَةِ، وَمَا لَا يَبْقَى أَصْلُهُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ إنْ بِيعَ قَبْلَ تَكَامُلِ قُطْنِهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ كَالزَّرْعِ سَوَاءٌ أَخَرَجَ جَوْزُهُ أَمْ لَا، ثُمَّ إنْ لَمْ يُقْطَعْ حَتَّى خَرَجَ الْجَوْزَ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي لِحُدُوثِهِ فِي مِلْكِهِ وَإِنْ بِيعَ بَعْدَ تَكَامُلِ قُطْنِهِ، فَإِنْ تَشَقَّقَ جَوْزُهُ صَحَّ الْعَقْدُ لِظُهُورِ الْمَقْصُودِ وَدَخَلَ الْقُطْنُ فِي الْبَيْعِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ نَقْلًا عَنْ الْبَغَوِيّ. لَا يُقَالُ: هُوَ بَعْدَ تَشَقُّقِهِ كَالثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فَلَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ. لِأَنَّا نَقُولُ: الشَّجَرَةُ مَقْصُودَةٌ لِثِمَارِ سَائِرِ الْأَعْوَامِ، وَلَا مَقْصُودَ هُنَا سِوَى الثَّمَرَةِ الْمَوْجُودَةِ وَإِنْ لَمْ يَتَشَقَّقْ جَوْزُهُ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ لِاسْتِتَارِ قُطْنِهِ بِمَا لَيْسَ مِنْ مَصَالِحِهِ. (وَلَوْ) (بَاعَ) نَخْلَةً مِنْ بُسْتَانٍ أَوْ (نَخَلَاتِ) بُسْتَانٍ (مُطْلِعَةٍ) بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ خَرَجَ طَلْعُهَا (وَبَعْضَهَا) مِنْ حَيْثُ طَلْعُهُ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ مُبَيِّنًا بِهِ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ التَّسَامُحِ، إذْ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ بَعْضَ النَّخَلَاتِ مُؤَبَّرٌ مَعَ أَنَّ الْمُؤَبَّرَ إنَّمَا هُوَ طَلْعُهَا (مُؤَبَّرٌ) وَبَعْضَهَا غَيْرُ مُؤَبَّرٍ، وَمُؤَبَّرٌ هُنَا بِمَعْنَى مُتَأَبِّرٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (فَلِلْبَائِعِ) جَمِيعُهَا الْمُؤَبَّرُ وَغَيْرُهُ وَإِنْ كَانَ النَّوْعُ مُخْتَلِفًا لِعُسْرِ التَّتَبُّعِ كَمَا مَرَّ (فَإِنْ أَفْرَدَ) بِالْبَيْعِ (مَا لَمْ يُؤَبَّرْ) مِنْ بُسْتَانٍ وَاحِدٍ (فَالْمُشْتَرِي) طَلْعُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا مَرَّ. وَالثَّانِي هُوَ لِلْبَائِعِ اكْتِفَاءً بِدُخُولِ وَقْتِ التَّأْبِيرِ عَنْهُ، وَأَمَّا الْمُؤَبِّرُ فَالْبَائِعُ، وَلَوْ بَاعَ نَخْلَةً وَبَقِيَتْ ثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ ثُمَّ خَرَجَ طَلْعٌ آخَرُ كَانَ لَهُ أَيْضًا كَمَا صَرَّحَا بِهِ وَعَلَّلَاهُ بِأَنَّهُ مِنْ ثَمَرَةِ الْعَامِ، قَالَ الشَّيْخُ: وَإِلْحَاقًا لِلنَّادِرِ بِالْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ. لَا يُقَالُ: قَضِيَّةُ قَوْلِهِ مُطْلِعَةٌ أَنَّ غَيْرَ الْمُؤَبَّرِ لَا يُتَّبَعُ إلَّا بَعْدَ وُجُودِ الطَّلْعِ مَعَ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ يُتَّبَعُ مُطْلَقًا مَتَى كَانَ مِنْ ثَمَرَةِ ذَلِكَ الْعَامِ فَحَذَفَ مُطْلِعَةً بَلْ الْمَسْأَلَةُ مِنْ أَصْلِهَا لِلْعِلْمِ بِهَا مِمَّا قَدَّمَهُ أَحْسَنُ. لِأَنَّا نَقُولُ: بِمَنْعِهِ إذْ هَذَا تَفْصِيلٌ لِإِطْلَاقِ قَوْلِهِ السَّابِقِ فَإِنْ لَمْ يَتَأَبَّرْ مِنْهَا شَيْءٌ إلَخْ، وَذَلِكَ لَمْ يَتَعَرَّضْ فِيهِ لِلِاطِّلَاعِ فَافْهَمْ أَنَّهُ غَيْرُ شَرْطٍ، وَفَائِدَةُ ذِكْرِهِ بَيَانُ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْعَيْنِ نَوْرُ كُلِّ شَيْءٍ وَرْدُهُ (قَوْلُهُ: يَبْقَى أَصْلُهُ سَنَتَيْنِ) وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْحِجَازِيِّ (قَوْلُهُ: الْآتِيَةُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَحَاصِلُ شَرْطِ التَّبَعِيَّةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي) هَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الزَّرْعِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ فَلَمْ يَقْطَعْ حَتَّى زَادَ. فَالزِّيَادَةُ حَتَّى السَّنَابِلِ لِلْبَائِعِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْقُطْنِ وَالزَّرْعِ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الْقُطْنُ لَا غَيْرَهُ فَوَجَبَ جَعْلُ جَوْزَتِهِ لِلْمُشْتَرِي، بِخِلَافِ الزَّرْعِ فَإِنَّهُ مَقْصُودٌ بِسَنَابِلِهِ فَأَمْكَنَ جَعْلُهَا لِلْبَائِعِ دُونَهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ فِي الْفَصْلِ الْآتِي. (قَوْلُهُ: وَمُؤَبَّرٌ هُنَا بِمَعْنَى مُتَأَبِّرٍ) قَدْ يَدُلُّ عَلَى اخْتِلَافِ حُكْمِهِمَا، وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ تُمْنَعُ الدَّلَالَةُ بِأَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ الْمُؤَبَّرَ يَقْتَضِي فِعْلَ فَاعِلٍ، بِخِلَافِ الْمُتَأَبِّرِ فَدَفَعَ تَوَهُّمَ أَنَّ الْمُرَادَ مَا يَحْصُلُ بِالْفِعْلِ بِقَوْلِهِ بِمَعْنَى مُتَأَبِّرٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ وَتُسْتَفَادُ صُورَةُ تَشَقُّقِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَتَأْبِيرُ بَعْضِهِ بِتَأْبِيرِ كُلِّهِ (قَوْلُهُ: كَانَ لَهُ أَيْضًا) عِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ قَالَ شَيْخُنَا طب: بِشَرْطِ أَنْ يُعَدَّ مَعَ الْأَوَّلِ بَطْنًا وَاحِدَةً، فَإِنْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ إنَّهُ بَطْنٌ ثَانٍ لَيْسَ مِنْ حَمْلِهِ الْأَوَّلِ فَلِلْمُشْتَرِي، وَوَافَقَهُ مَرَّ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ الْوَجْهُ، وَاعْتَمَدَ طب هَذَا التَّفْصِيلَ فِي الْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ وَالتِّينِ وَنَحْوِهَا اهـ. أَقُولُ: التَّعْلِيلُ بِإِلْحَاقِ النَّادِرِ بِالْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ يُنَافِي هَذَا التَّفْصِيلَ (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَا بِهِ إلَخْ) وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى ثَمَرَةَ نَخْلَةٍ دُونَهَا ثُمَّ خَرَجَ طَلْعٌ آخَرُ فَلَا يَكُونُ لَهُ بَلْ هُوَ لِلْبَائِعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ وَالشَّجَرَ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ وُجُودِ الطَّلْعِ) أَيْ لِغَيْرِ الْمُؤَبَّرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّنْبِيهِ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، لَكِنْ نَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ التَّهْذِيبِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُعْطَى حُكْمَهُ [بَاعَ نَخَلَاتِ مُطْلِعَةٍ وَبَعْضَهَا مُؤَبَّرٌ فَلِلْبَائِعِ] . (قَوْلُهُ: نَخْلَةً مِنْ بُسْتَانٍ) اُنْظُرْ كَيْفَ يَتَنَزَّلُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمَتْنِ الْآتِي. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمُؤَبَّرُ فَلِلْبَائِعِ) لَا حَاجَةَ لِلنَّصِّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: أَنَّ غَيْرَ الْمُؤَبَّرِ لَا يَتْبَعُ إلَّا بَعْدَ وُجُودِ الطَّلْعِ) يَعْنِي لَا يَتْبَعُ إلَّا إنْ كَانَ مُطْلِعًا عِنْدَ الْعَقْدِ. وَعِبَارَةُ الْقُوتِ: وَقَدْ يُفْهِمُ كَلَامُ الْكِتَابِ خِلَافَ مَا رَجَّحَاهُ؛ فَإِنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْهُ أَنَّ ثَمَرَةَ غَيْرِ الْمُطْلِعَةِ تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهَا أَطْلَعَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّا نَقُولُ بِمَنْعِهِ إلَخْ) الْأَوْلَى مَا أَجَابَ بِهِ الشِّهَابُ مِنْ أَنَّ مَا سَبَقَ لَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ الْخِلَافُ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ

الِاطِّلَاعَ لَا يَسْتَلْزِمُ التَّأْبِيرَ (وَلَوْ) (كَانَتْ) أَيْ النَّخَلَاتُ الْمَذْكُورَةُ (فِي بَسَاتِينَ) وَمَا تَأَبَّرَ مِنْهَا بِوَاحِدٍ وَغَيْرُهُ بِآخَرَ (فَالْأَصَحُّ إفْرَادُ كُلِّ بُسْتَانٍ بِحُكْمِهِ) سَوَاءٌ أَتَقَارَبَا أَمْ تَبَاعَدَا لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ اخْتِلَافِ الْبِقَاعِ اخْتِلَافَ وَقْتِ التَّأْبِيرِ، وَلَا يَتْبَعُهُ أَيْضًا فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَ الْعَقْدُ أَوْ الْحَمْلُ أَوْ الْجِنْسُ. وَحَاصِلُ شَرْطِ التَّبَعِيَّةِ اتِّحَادُ بُسْتَانٍ وَجِنْسٍ وَعَقْدٍ وَحَمْلٍ، وَمَا زَادَهُ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ وَمَالِكٌ غَيْرُ مُحْتَاجٍ لَهُ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ اخْتِلَافِهِ تَفْصِيلُ الثَّمَنِ وَهُوَ مُقْتَضَى لِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهُمَا كَالْبُسْتَانِ الْوَاحِدِ (وَإِذَا بَقِيَتْ الثَّمَرَةُ) لِلْبَائِعِ بِشَرْطٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَإِنْ شَرَطَ الْقَطْعَ لَزِمَهُ) وَفَاءً بِالشَّرْطِ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ هَذَا كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِي مُنْتَفَعٍ بِهِ كَحِصْرِمٍ لَا فِيمَا لَا نَفْعَ فِيهِ أَوْ نَفْعُهُ تَافِهٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَطْلَقَ أَوْ شَرَطَ الْإِبْقَاءَ وَهُوَ مَزِيدٌ عَلَى الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (فَلَهُ تَرْكُهَا إلَى) زَمَنِ (الْجِذَاذِ) نَظَرًا لِلْعَادَةِ فِي الْأُولَى وَهُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا وَإِهْمَالِ الدَّالَيْنِ، وَإِعْجَامِهِمَا الْقَطْعُ: أَيْ زَمَنُهُ الْمُعْتَادُ فَيُكَلَّفُ حِينَئِذٍ أَخْذَهَا دَفْعَةً وَاحِدَةً وَلَا يَنْتَظِرُ نِهَايَةَ النُّضْجِ وَلِلشَّرْطِ فِي الثَّانِيَةِ. نَعَمْ لَوْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ مِنْ نَوْعٍ يُعَادُ قَطْعُهُ قَبْلَ نُضْجِهِ كَاللَّوْزِ الْأَخْضَرِ فِي بِلَادٍ لَا يَنْتَهِي فِيهَا كُلِّفَ الْبَائِعُ قَطْعَهَا عَلَى الْعَادَةِ، وَلَا تُرَدُّ هَذِهِ الصُّورَةُ لِأَنَّ هَذَا وَقْتُ جِذَاذِهَا عَادَةً، وَقَدْ لَا تَلْزَمُ التَّبْقِيَةُ كَأَنْ تَعَذَّرَ السَّقْيُ لِانْقِطَاعِ الْمَاءِ وَعَظُمَ ضَرَرُ النَّخْلِ بِبَقَائِهَا أَوْ أَصَابَتْهَا آفَةٌ وَلَمْ يَبْقَ فِي تَرْكِهَا فَائِدَةٌ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ. (وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ الْمُتَبَايِعَيْنِ إذَا بَقِيَتْ (السَّقْيُ إنْ انْتَفَعَ بِهِ الشَّجَرُ وَالثَّمَرُ) أَوْ أَحَدُهُمَا (وَلَا مَنْعَ لِلْآخَرِ) مِنْهُ لِعَدَمِ ضَرَرِهِ إذْ الْمَنْعُ حِينَئِذٍ سَفَهٌ أَوْ عِنَادٌ، وَأَفْهَمَ تَعْبِيرُ الْمُهَذَّبِ وَالْوَسِيطِ بِانْتِفَاءِ ضَرَرِ الْآخَرِ عَدَمَ الْمَنْعِ عِنْدَ انْتِفَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَالْأَصَحُّ إفْرَادُ كُلِّ بُسْتَانٍ بِحُكْمِهِ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَنْ نَخْلَةٍ نَبَتَتْ فِي حَائِطٍ بَيْنَ بُسْتَانَيْنِ هَلْ تُنْسَبُ إلَيْهِمَا أَوْ إلَى أَحَدِهِمَا أَوْ مُسْتَقِلَّةً فَإِذَا أُبِّرَتْ لَمْ يَتْبَعْهَا ثَمَرُ الْبُسْتَانَيْنِ. وَأَجَبْت عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ الثَّالِثُ مِنْ التَّرْدِيدَاتِ لِأَنَّ إلْحَاقَ أَحَدِهِمَا بِهَا دُونَ الْآخَرِ تَحَكُّمٌ فَتَكُونُ ثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ وَثَمَرَةُ الْبُسْتَانَيْنِ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَظْهَرُ هَذَا) أَيْ لُزُومُ الْقَطْعِ قَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ إذَا بَاعَ الْأَرْضَ وَبِهَا زَرْعٌ شَرْطُ قَطْعِهِ عَلَى الْبَائِعِ حَيْثُ يُكَلَّفُ قَطْعَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّمَرَةِ الْمَبِيعَةِ حَيْثُ اشْتَرَطَ كَوْنَهَا مُنْتَفَعًا بِهَا بِأَنَّ الزَّرْعَ لَيْسَ مَبِيعًا فَلَا يَضُرُّ فِيهِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: أَوْ نَفْعُهُ تَافِهٌ) أَيْ فَيَبْطُلُ الْبَيْعُ انْتَهَى حَجّ. ثُمَّ رَأَيْت بِهَامِشِ نُسْخَةٍ قَدِيمَةٍ مِنْ شَرْحِ الْمَنْهَجِ مَا نَصُّهُ: لَزِمَهُ قَطْعُهُ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ قَدْرًا يُنْتَفَعُ بِهِ كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَنَقَلَهُ حَجّ فِي الْعُبَابِ انْتَهَى. وَهُوَ قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ فِي الْجِزَّةِ الظَّاهِرَةِ مِنْ غَيْرِ الْقَصَبِ الْفَارِسِيِّ (قَوْلُهُ: وَإِعْجَامُهُمَا) وَبِإِهْمَالِ أَحَدِهِمَا وَإِعْجَامُ الْأُخْرَى وَبِالْعَكْسِ كَمَا فِي الْقِطْعَةِ لِلْإِسْنَوِيِّ، وَبِالزَّايَيْنِ أَيْضًا كَمَا فِي الْعَلْقَمِيِّ (قَوْلُهُ: أَخَذَهَا دَفْعَةً وَاحِدَةً) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ الْعَادَةُ أَخَذَهُ عَلَى التَّدْرِيجِ فَلْيُرَاجَعْ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا لَوْ حَصَلَ النُّضْجُ الْمُقْتَضَى لِقَطْعِهِ عَادَةً فِي الْجَمِيعِ فَلَوْ حَصَلَ نُضْجُهُ عَلَى التَّدْرِيجِ كُلِّفَ قَطْعَهُ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَأْتَمِنْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ نَصَّبَ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَفْرَدَ إلَخْ، وَيُتَوَهَّمُ مِنْهُ خِلَافُ الْحُكْمِ وَأَنَّ مَا لَمْ يُؤَبَّرْ وَإِنْ أُفْرِدَ يَتْبَعُ الْمُؤَبَّرَ. (قَوْلُهُ: أَوْ الْحَمْلُ) أَيْ كَالتِّينِ وَنَحْوِهِ عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ وَلَيْسَ مِنْهُ النَّخْلُ وَإِنْ دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ لِئَلَّا يُنَافِيَ مَا مَرَّ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْجُذَاذُ، وَقَوْلُهُ: أَيْ زَمَنُهُ تَفْسِيرٌ لِلْمُرَادِ مِنْ الْجُذَاذِ. (قَوْلُهُ: وَلِلشَّرْطِ فِي الثَّانِيَةِ) كَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ وَهُوَ الْقَطْعُ كَمَا صَنَعَ الشِّهَابُ حَجّ أَوْ تَأْخِيرُ قَوْلِهِ نَظَرًا لِلْعَادَةِ إلَى هُنَا . (قَوْلُهُ: عَدَمُ الْمَنْعِ عِنْدَ انْتِفَاءِ الضَّرَرِ) أَيْ عَلَى الْآخَرِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، وَهُوَ صَادِقٌ بِمَا إذَا ضَرَّ السَّاقِيَ أَوْ نَفَعَهُ أَوْ لَمْ يَضُرَّهُ وَلَمْ يَنْفَعْهُ كَمَا يَصْدُقُ بِمَا إذَا كَانَ السَّاقِي الْبَائِعَ أَوْ الْمُشْتَرِيَ، فَتَوَقَّفَ الشَّيْخُ إنَّمَا هُوَ فِي بَعْضِ مَاصَدَقَاتِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ السَّاقِي الْبَائِعَ أَوْ كَانَ السَّقْيُ يَضُرُّهُ أَوْ لَا يَضُرُّهُ وَلَا يَنْفَعُهُ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَأْتِي فِيمَا إذَا كَانَ السَّاقِي الْمُشْتَرِيَ وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ، وَأَمَّا إذَا كَانَ يَنْفَعُ السَّاقِي بَائِعًا أَوْ مُشْتَرِيًا فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ تَوَقُّفُ الشَّيْخِ

الضَّرَرِ وَالنَّفْعِ لِأَنَّهُ تَعَنُّتٌ، وَجَرَى عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ لَكِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ الشَّيْخُ بِأَنَّهُ لَا غَرَضَ لِلْبَائِعِ حِينَئِذٍ فَكَيْفَ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ تَمْكِينُهُ، وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ وَجَرَى عَلَيْهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمُقْتَضَى مَا مَرَّ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَى الْبَائِعِ تَكْلِيفُ الْمُشْتَرِي السَّقْيَ، وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ تَنْمِيَتَهَا فَلْتَكُنْ مُؤْنَتُهُ عَلَى الْبَائِعِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَمْكِينُهُ مِنْ السَّقْيِ بِمَا اُعْتِيدَ سَقْيُهَا مِنْهُ وَإِنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي كَبِئْرٍ دَخَلَتْ فِي الْعَقْدِ، وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ يَصِيرُ شَارِطًا لِنَفْسِهِ الِانْتِفَاعَ بِمِلْكِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ لِذَلِكَ لَمَّا كَانَ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ اغْتَفَرُوهُ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي ثَمَرَةٍ غَيْرِ مُؤَبَّرَةٍ شَرَطَهَا الْبَائِعُ لِنَفْسِهِ (وَإِنْ ضَرَّهُمَا) كَانَ لِكُلٍّ مَنْعُ الْآخَرِ لِأَنَّهُ يَضُرُّ صَاحِبَهُ مِنْ غَيْرِ نَفْعٍ يَعُودُ إلَيْهِ فَهُوَ سَفَهٌ وَتَضْيِيعٌ وَ (لَمْ يَجُزْ) السَّقْيُ لَهُمَا وَلَا لِأَحَدِهِمَا (إلَّا بِرِضَاهُمَا) مَعًا لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا فَيَمْتَنِعُ عَلَى أَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ بِذَلِكَ لِإِدْخَالِهِ عَلَى صَاحِبِهِ ضَرَرًا. لَا يُقَالُ: فِيهِ إفْسَادٌ لِلْمَالِ وَهُوَ حَرَامٌ وَلَوْ مَعَ تَرَاضِيهِمَا لِأَنَّا نَقُولُ: الْإِفْسَادُ غَيْرُ مُحَقَّقٍ وَلِأَنَّ الْمَنْعَ لِحَقِّ الْغَيْرِ ارْتَفَعَ بِالرِّضَا وَيَبْقَى ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِتَصَرُّفِهِ فِي خَالِصِ مَالِهِ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ بِفِعْلٍ فَأَشْبَهَ إحْرَاقَ الْمَالِ، أَوْ يُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَى مَا إذَا كَانَ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ وَهَذَا أَوْضَحُ (وَإِنْ) (ضَرَّ أَحَدُهُمَا) أَيْ الشَّجَرَ دُونَ الثَّمَرِ أَوْ عَكْسَهُ (وَتَنَازَعَا) أَيْ الْمُتَبَايِعَانِ فِي السَّقْيِ (فُسِخَ الْعَقْدُ) لِتَعَذُّرِ إمْضَائِهِ إلَّا ـــــــــــــــــــــــــــــSالْحَاكِمُ أَمِينًا وَمُؤْنَتُهُ عَلَى مِنْ لَمْ يُؤْتَمَنْ، شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لَمَّا كَانَ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ اغْتَفَرُوهُ) قَالَ حَجّ: نَعَمْ يَتَّجِهُ أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ شَغْلِ مِلْكِ الْمُشْتَرِي بِمَائِهِ أَوْ اسْتِعْمَالِهِ لِمَاءِ الْمُشْتَرِي إلَّا حَيْثُ نَفْعُهُ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الشَّرْعَ لَا يُبِيحُ مَالَ الْغَيْرِ إلَّا عِنْدَ وُجُودِ مَنْفَعَةٍ بِهِ، وَإِطْلَاقُهُمْ أَنَّهُ لَا مَنْعَ مَعَ عَدَمِ الضَّرَرِ يُحْمَلُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ انْتَهَى. وَمَحَلُّ سَقْيِ الْبَائِعِ مِنْ الْبِئْرِ الدَّاخِلَةِ فِي الْبَيْعِ إنْ لَمْ يَحْتَجْ الْمُشْتَرِي لِمَاءِ الْبِئْرِ لِيَسْقِيَ بِهِ شَجَرًا آخَرَ مَمْلُوكًا هُوَ وَثَمَرَتُهُ لَهُ وَإِلَّا قُدِّمَ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ تَلِفَتْ ثَمَرَةُ الْبَائِعِ فَإِنْ أَرَادَ سَقْيَهُ نَقَلَ إلَيْهِ مَاءً مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ لِأَنَّ الْمَاءَ مَمْلُوكٌ لِلْمُشْتَرِي فَهُوَ أَحَقُّ فَلْيُرَاجَعْ، فَإِنَّ مُقْتَضَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِيَ وَمَنْ بَاعَ مَا بَدَا صَلَاحُهُ لَزِمَهُ سَقْيُهُ قَدْ يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ إلَخْ) أَيْ قَضِيَّةُ هَذَا الظَّاهِرِ لَكِنْ قَدْ يَتَوَقَّفُ فِي اخْتِصَاصِ الْحُكْمِ بِذَلِكَ، بَلْ الْأَقْرَبُ أَنَّ الثَّمَرَةَ بَقِيَتْ لِلْبَائِعِ وَلَوْ بَعْدَ التَّأْبِيرِ بِشَرْطٍ أَوْ بِدُونِهِ كَانَ لَهُ السَّقْيُ عَلَى أَنَّ كَوْنَ قَضِيَّتِهِ مَا ذَكَرَ قَدْ يُمْنَعُ (قَوْلُهُ: وَتَنَازَعَا إلَخْ) وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ فَرْعٌ: لَوْ تَشَاحَّا فِي عَدَدِ السَّقْيِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ رُوجِعَ عَدْلَانِ انْتَهَى: أَيْ فَلَوْ لَمْ يُوجَدَا فَمَنْ الْمُصَدَّقُ، فِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي إجَابَةُ مُدَّعِي الزِّيَادَةِ لِأَنَّهَا مَظِنَّةٌ لِلتَّنْمِيَةِ وَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِ مُدَّعِيهَا أَنَّ مَعَهُ زِيَادَةَ عِلْمٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى مَا مَرَّ مِنْ التَّعْلِيلِ) صَوَابُهُ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَقَضِيَّتُهُ بِضَمِيرِ الْغَيْبَةِ الرَّاجِعِ إلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنَّهُ ذَكَرَهُ عَقِبَ التَّعْلِيلِ، فَكَأَنَّ الشَّارِحَ تَوَهَّمَ رُجُوعَهُ لِلتَّعْلِيلِ لِذِكْرِهِ عَقِبَهُ فَعَبَّرَ عَنْهُ بِمَا ذَكَرَهُ. (قَوْلُهُ: وَيَبْقَى ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِتَصَرُّفِهِ فِي خَالِصِ مَالِهِ) هَذَا الْجَوَابُ لِلسُّبْكِيِّ وَهُوَ الْمُتَشَكِّلُ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الشِّهَابُ حَجّ فِي تُحْفَتِهِ كَشَرْحِ الرَّوْضِ، لَكِنَّ عِبَارَتَهُمَا فِيهِ: وَيَبْقَى ذَلِكَ كَتَصَرُّفِهِ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ رِضَا الْآخَرِ بِالْإِضْرَارِ رَفَعَ حَقِّ مُطَالَبَتِهِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالْأُخْرَوِيَّةِ وَبَقِيَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَتَصَرُّفُهُ فِيهِ حِينَئِذٍ كَتَصَرُّفِهِ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ، فَالْكَلَامُ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِمِلْكِ الْآخَرِ خِلَافُ قَوْلِ الشَّارِحِ وَيَبْقَى ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِتَصَرُّفِهِ فِي خَالِصِ مَالِهِ، وَهُوَ يُفِيدُ مَا بَعْدَهُ أَنَّهُ بِرِضَا الْآخَرِ ارْتَفَعَ الْحَرَجُ عَنْهُ فِي مَالِهِ مِنْ جِهَةِ الْمُطَالَبَةِ وَمِنْ جِهَةِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَلَمْ يَبْقَ إلَّا حُكْمُ تَصَرُّفِهِ فِي مَالِ نَفْسِهِ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَلَا يَخْفَى بَعْدَهُ إذْ أَقَلُّ الْمَرَاتِبِ أَنْ يُجْعَلَ مَالُ غَيْرِهِ بِالْإِذْنِ فِي إتْلَافِهِ كَمَالِ نَفْسِهِ فِي حُكْمِهِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُمْتَنِعٌ) أَيْ إلَّا أَنَّهُ لَا يَضُرُّ فِي الْجَوَابِ؛ لِأَنَّ هَذَا مَنْعٌ آخَرُ غَيْرُ الَّذِي رَفَعَهُ التَّرَاضِي

[فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما]

بِإِضْرَارِ أَحَدِهِمَا وَالْفَاسِخُ لَهُ الْمُتَضَرِّرُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ غُضُونِ كَلَامِهِمْ وَاعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقِيلَ الْحَاكِمُ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ، وَقِيلَ كُلٌّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ وَاسْتَظْهَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَشَمَلَ قَوْلُهُ وَإِنْ ضَرَّهُمَا مَا لَوْ كَانَ السَّقْيُ مُضِرًّا بِأَحَدِهِمَا وَمَنَعَ تَرْكَهُ حُصُولُ زِيَادَةٍ لِلْآخَرِ لِاسْتِلْزَامِ مَنْعِ حُصُولِهَا لَهُ انْتِفَاعَهُ بِالسَّقْيِ، وَذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ فِيهِ احْتِمَالَيْنِ لِلْإِمَامِ (إلَّا أَنْ يُسَامِحَ) الْمَالِكُ الْمُطْلَقُ التَّصَرُّفِ (الْمُتَضَرِّرَ) فَلَا فَسْخَ وَيَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ مِنْ الْإِشْكَالِ وَالْجَوَابِ وَمَنَعَ بَعْضُهُمْ مَجِيئَهُ هُنَا لِمَا فِي هَذَا مِنْ الْإِحْسَانِ وَالْمُسَامَحَةِ. وَهَذَا يَقْدَحُ فِيمَا مَرَّ أَيْضًا (وَقِيلَ) يَجُوزُ (لِطَالِبِ السَّقْيِ أَنْ يَسْقِيَ) وَلَا اعْتِبَارَ بِالضَّرَرِ لِدُخُولِهِ فِي الْعَقْدِ عَلَيْهِ (وَلَوْ كَانَ الثَّمَرُ يَمْتَصُّ رُطُوبَةَ الشَّجَرِ لَزِمَ الْبَائِعُ أَنْ يَقْطَعَ) الثَّمَرَ (أَوْ يَسْقِيَ) الشَّجَرَ دَفْعًا لِضَرَرِ الْمُشْتَرِي. فَصْلٌ فِي بَيَانِ بَيْعِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَبُدُوِّ صَلَاحِهِمَا (يَجُوزُ) (بَيْعُ الثَّمَرِ بَعْدَ بُدُوِّ) أَيْ ظُهُورِ (صَلَاحِهِ مُطْلَقًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ قَطْعٍ وَلَا إبْقَاءٍ، وَيَسْتَحِقُّ فِي هَذِهِ الْإِبْقَاءِ إلَى أَوَانِ الْجِذَاذِ كَحَالَةِ شَرْطِ الْإِبْقَاءِ (وَبِشَرْطِ قَطْعِهِ وَ) بِشَرْطِ (إبْقَائِهِ) سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْأُصُولُ لِأَحَدِهِمَا أَمْ لِغَيْرِهِ لِلْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى الْمُتَبَايِعَيْنِ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا» وَمَفْهُومُهُ الْجَوَازُ بَعْدَ بُدُوِّهِ مُطْلَقًا لِأَمْنِ الْعَاهَةِ حِينَئِذٍ غَالِبًا لِغِلَظِهَا وَكِبَرِ نَوَاهَا وَقَبْلَهُ تَسَرُّعٌ إلَيْهِ لِضَعْفِهِ فَيَفُوتُ بِتَلَفِهِ الثَّمَنُ، وَبِهِ يُشْعِرُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَرَأَيْت إنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ فَبِمَ يَسْتَحِلُّ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ» (وَقَبْلَ الصَّلَاحِ إنْ) (بِيعَ) ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: مِنْ غُضُونِ كَلَامِهِمْ) أَيْ خَفَايَا كَلَامِهِمْ وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ أَيْ مِنْ كَلَامِهِمْ الْخَفِيِّ (قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ إلَخْ) . [فَرْعٌ] لَوْ هَجَمَ مَنْ يَنْفَعُهُ السَّقْيُ وَسَقَى قَبْلَ الْفَسْخِ إمَّا لِعَدَمِ عِلْمِ الْآخَرِ وَإِمَّا لِتَنَازُعِهِمَا وَتَوَلَّدَ مِنْهُ الضَّرَرُ فَهَلْ يَضْمَنُ أَرْشَ النَّقْصِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِحُصُولِهِ بِفِعْلٍ هُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فِيهِ احْتِمَالَيْنِ) أَرْجَحُهُمَا أَنَّهُ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِرِضَاهُمَا. (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ بَيْعِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ (قَوْلُهُ وَبُدُوِّ صَلَاحِهِمَا) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَحُكْمِ اخْتِلَاطِ الْحَادِثِ بِالْمَوْجُودِ (قَوْلُهُ: وَيَسْتَحِقُّ فِي هَذِهِ) وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي فِي هَذِهِ قُبِلَتْ بِشَرْطِ الْإِبْقَاءِ الصِّحَّةُ لِتَوَافُقِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ مَعْنًى (قَوْلُهُ: لِأَحَدِهِمَا إلَخْ) وَمِنْهُ كَوْنُ الشَّجَرِ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ كَمَا هُوَ اصْطِلَاحُ الْمُحَدِّثِينَ حَيْثُ قَالُوا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَنَحْوُهُ (قَوْلُهُ: لِأَمْنِ الْعَاهَةِ) أَيْ لِمُرِيدِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: لِغِلَظِهَا) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: لِأَمْنٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَرَأَيْت) أَيْ أَخْبِرْنِي ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَشَمِلَ قَوْلُهُ وَإِنْ ضَرَّهُمَا) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَعْنِي قَوْلَهُ وَإِنْ ضَرَّ أَحَدَهُمَا وَنَفَعَ الْآخَرَ مَا لَوْ ضَرَّ السَّقْيُ أَحَدَهُمَا وَمَنَعَ تَرْكُهُ حُصُولَ زِيَادَةٍ لِلْآخَرِ إلَخْ، فَكَلَامُهُ إنَّمَا هُوَ فِي تَضَرُّرِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ، وَإِنَّمَا احْتَاجَ لِقَوْلِهِ لِاسْتِلْزَامِ إلَخْ لِأَجْلِ قَوْلِ الرَّوْضِ وَنَفْعِ الْآخَرِ، فَهُوَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ لَهُ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ لِحَذْفِ الْمَعْطُوفِ فِي عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ بَلْ لَا مَعْنَى لَهَا فَتَأَمَّلْ. [فَصْلٌ فِي بَيَانِ بَيْعِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَبُدُوِّ صَلَاحِهِمَا] . (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ بَيْعِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ (قَوْلُهُ: لِغِلَظِهَا) يَعْنِي الثَّمَرَةَ

الثَّمَرُ الَّذِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَإِنْ بَدَا صَلَاحُ غَيْرِهِ الْمُتَّحِدُ مَعَهُ نَوْعًا وَمَحَلًّا (مُنْفَرِدًا عَنْ الشَّجَرَةِ) وَهُوَ عَلَى شَجَرَةٍ ثَابِتَةٍ (لَا يَجُوزُ) أَيْ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَحْرُمُ (إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ) حَالًا، وَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْمُقْرِي مُنْجِزًا لِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ بِمَنْطُوقِهِ عَلَى الْمَنْعِ مُطْلَقًا خَرَجَ الْمَبِيعُ الْمَشْرُوطُ فِيهِ الْقَطْعُ بِالْإِجْمَاعِ فَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ وَلَا يَقُومُ اعْتِيَادُ قَطْعِهِ مَقَامَ شَرْطِهِ، وَلِلْبَائِعِ إجْبَارُهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ بِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ عَلَيْهِ أُجْرَةً مِنْ ذَلِكَ لِغَلَبَةِ الْمُسَامَحَةِ بِهِ، وَلَوْ تَرَاضَيَا بِإِبْقَائِهِ مَعَ شَرْطِ قَطْعِهِ جَازَ، وَالشَّجَرَةُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي لِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِ الثَّمَرَةِ بِدُونِهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ نَحْوَ سَمْنٍ وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي فِي ظَرْفِ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ التَّسَلُّمِ فِي غَيْرِهِ. أَمَّا بَيْعُ ثَمَرَةٍ عَلَى شَجَرَةٍ مَقْطُوعَةٍ أَوْ جَافَّةٍ دُونَهَا فَيَجُوزُ بِلَا شَرْطِ قَطْعٍ لِأَنَّ الثَّمَرَةَ لَا تَبْقَى عَلَيْهَا فَنَزَلَ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ شَرْطِ الْقَطْعِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ إنْ بِيعَ مَا لَوْ وَهَبَ مَثَلًا فَلَا يَجِبُ شَرْطُ الْقَطْعِ فِيهِ، وَكَذَا الرَّهْنُ كَمَا يَأْتِي قُبَيْلَ بَحْثِ مَنْ اسْتَعَارَ شَيْئًا لِيَرْهَنَهُ (وَ) بِشَرْطِ (أَنْ يَكُونَ الْمَقْطُوعُ مُنْتَفَعًا بِهِ) كَلَوْزٍ وَحِصْرِمٍ وَبَلَحٍ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ، وَدَخَلَ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَبِيعَ بِغَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ أَوْ بِيعَ بِشَرْطِهِ مُعْلَقًا كَأَنْ شَرَطَ الْقَطْعَ بَعْدَ يَوْمٍ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ يَتَضَمَّنُ التَّبْقِيَةَ، وَمَا (لَا) يُنْتَفَعُ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَلَا جَوَابَ لَهُ إلَّا نَحْوَ لَا وَجْهَ لِاسْتِحْقَاقِهِ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ عَدَمُ صِحَّةِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: ثَابِتَةٍ) أَيْ رَطْبَةٍ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ) أَيْ لِلْكُلِّ اهـ حَجّ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي: وَلَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ شِرَاءُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ مِنْ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ. وَفِي حَجّ أَيْضًا: وَوَرَقُ التُّوتِ قَبْلَ تَنَاهِيهِ كَالثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَبَعْدَهُ كَهُوَ بَعْدَهُ اهـ (قَوْلُهُ: حَالًا) أَيْ سَوَاءٌ تَلَفَّظَ بِذَلِكَ أَوْ شَرَطَ الْقَطْعَ وَأَطْلَقَ فِيهِ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْحَالِ (قَوْلُهُ: بِالْإِجْمَاعِ) أَيْ إجْمَاعِ الْأَئِمَّةِ (قَوْلُهُ: وَلِلْبَائِعِ) أَيْ يَجُوزُ لَهُ (قَوْلُهُ: إجْبَارُهُ عَلَيْهِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَإِنْ شَرَطَ وَتَرَكَ عَنْ تَرَاضٍ فَلَا بَأْسَ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَوْ تَرَاضَيَا بِإِبْقَائِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَسْتَحِقَّ عَلَيْهِ أُجْرَةً) أَيْ وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ بِعَدَمِ الْقَطْعِ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ قَوْلُهُ لِغَلَبَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِ الثَّمَرَةِ) أَيْ حَيْثُ تَرَاضَيَا كَمَا هُوَ الْغَرَضُ مِنْ بَقَاءِ الثَّمَرَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَكَذَا لَوْ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا لِأَنَّ دُخُولَهَا فِي يَدِهِ ضَرُورِيٌّ فِي تَمْكِينِهِ مِنْ قَطْعِ الثَّمَرَةِ الَّذِي هُوَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَأَمَّا فِي السَّمْنِ فَقَبَضَهُ إنَّمَا هُوَ بِالنَّقْلِ وَهُوَ مُمْكِنٌ بِتَفْرِيغِ الْبَائِعِ لَهُ فِي إنَاءٍ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لِتَمَكُّنِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي. (قَوْلُهُ: أَمَّا بَيْعُ ثَمَرَةٍ عَلَى شَجَرَةٍ) مُحْتَرَزٌ وَهُوَ عَلَى شَجَرَةٍ نَابِتَةٍ (قَوْلُهُ: فَنَزَلَ ذَلِكَ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ شَرْطِ الْقَطْعِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَيَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ لِتَفْرِيغِ مِلْكِ الْبَائِعِ مَا لَوْ كَانَتْ مَقْلُوعَةً وَأَعَادَهَا الْبَائِعُ أَوْ غَيْرُهُ وَحَلَّتْهَا الْحَيَاةُ هَلْ يُكَلَّفُ الْمُشْتَرِي الْقَطْعَ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ شِرَاءَ الثَّمَرَةِ وَهِيَ مَقْطُوعَةٌ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ شَرْطِ الْقَطْعِ فَيُكَلِّفُهُ وَإِنْ أُعِيدَتْ. وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ كَانَتْ الشَّجَرَةُ جَافَّةً وَلَمْ تُقْطَعْ ثُمَّ بَاعَ الثَّمَرَةَ الَّتِي عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطِ قَطْعٍ ثُمَّ حَلَّتْهَا الْحَيَاةُ فَهَلْ يُكَلَّفُ الْقَطْعَ أَوْ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانَ الْبَيْعِ مِنْ أَصْلِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى ظَنٍّ وَهُوَ مَوْتُهَا فَتَبَيَّنَ خَطَؤُهُ لِأَنَّ عَوْدَ الْحَيَاةِ إلَيْهَا عَلَامَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى أَنَّ عُرُوقَهَا كَانَتْ حَيَّةً (قَوْلُهُ: وَكَذَا الرَّهْنُ) وَوَجْهُ جَوَازِ ذَلِكَ فِيهِمَا بِدُونِ شَرْطِ الْقَطْعِ أَنَّهُ بِتَقْدِيرِ تَلَفِ الثَّمَرَةِ بِعَاهَةٍ لَا يَفُوتُ عَلَى الْمُتَّهَمِ شَيْءٌ فِي مُقَابَلَةِ الثَّمَرَةِ، وَكَذَا الْمُرْتَهِنُ لَا يَفُوتُ عَلَيْهِ إلَّا مُجَرَّدُ التَّوَثُّقِ وَدَيْنُهُ بَاقٍ بِحَالِهِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ بِتَقْدِيرِ تَلَفِ الثَّمَرَةِ بِعَاهَةٍ يَضِيعُ الثَّمَنُ لَا فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ فَاحْتِيجَ فِيهِ لِشَرْطِ الْقَطْعِ لِيَأْمَنَ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَحِصْرِمٍ) كَزِبْرِجٍ الثَّمَرُ قَبْلَ النُّضْجِ، وَأَوَّلُ الْعِنَبِ مَا دَامَ أَخْضَرَ اهـ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ: وَبِيعَ بِغَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ) أَيْ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ: كَأَنْ شَرَطَ الْقَطْعَ بَعْدَ يَوْمٍ) هَذَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلِلْبَائِعِ إجْبَارُهُ عَلَيْهِ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الشَّجَرُ لَهُ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَلْيُرَاجَعْ الْحُكْمُ فِيمَا إذَا كَانَ الشَّجَرُ لِلْغَيْرِ. (قَوْلُهُ: لِتَمَكُّنِهِ مِنْ التَّسَلُّمِ فِي غَيْرِهِ) أَيْ مَعَ جَرَيَانِ الْعَادَةِ بِذَلِكَ حَتَّى لَا يَرِدَ مَا مَرَّ فِي أَوَائِلِ الْبَيْعِ فِي كُوزِ السِّقَاءِ فَلْيُرَاجَعْ . (قَوْلُهُ: أَوْ بِيعَ بِشَرْطِهِ مُعَلَّقًا) الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ حَالًّا أَنْ يَقُولَ هُنَا مُؤَجَّلًا وَهُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ

(كَكُمَّثْرَى) وَجَوْزٍ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ وَإِنْ شَرَطَ الْقَطْعَ وَذِكْرُ هَذَا الشَّرْطِ الْمَعْلُومِ مِنْ شُرُوطِ الْبَيْعِ قَالَ الشَّارِحُ: لِلتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ، وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ هُنَا لِأَنَّ هَذَا الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ ثُمَّ يَكْفِي أَنْ يَكُونَ حَالًا أَوْ مَآلًا كَالْجَحْشِ الصَّغِيرِ وَهُنَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ حَالًا اهـ وَإِنَّمَا لَمْ يَكْفِ هُنَا لِعَدَمِ تَرَقُّبِهَا مَعَ وُجُودِ شَرْطِ الْقَطْعِ فَلِذَلِكَ اُشْتُرِطَتْ حَالًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّرْطَ هُنَا وَثُمَّ أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ. وَأَمَّا افْتِرَاقُهُمَا فِي كَوْنِ الْمَنْفَعَةِ قَدْ تُتَرَقَّبُ ثُمَّ لَا هُنَا فَغَيْرُ مُؤَثِّرٍ لِلِاسْتِحَالَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا (وَقِيلَ إنْ كَانَ الشَّجَرُ لِلْمُشْتَرِي وَالثَّمَرُ لِلْبَائِعِ كَأَنْ وَهَبَهُ أَوْ بَاعَهُ) بِشَرْطِ قَطْعِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ أَوْ بَاعَهَا الْمُوصَى لَهُ مِنْ الْوَارِثِ (جَازَ) بَيْعُ الثَّمَرَةِ لَهُ (بِلَا شَرْطٍ) لِلْقَطْعِ لِاجْتِمَاعِهِمَا فِي مِلْكِ شَخْصٍ وَاحِدٍ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اشْتَرَاهُمَا مَعًا، وَصَحَّحَ هَذَا الْوَجْهَ الرَّافِعِيُّ وَالْمُصَنِّفُ فِي الْمُسَاقَاةِ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا هُنَا لِعُمُومِ النَّهْيِ وَالْمَعْنَى إذْ الْمَبِيعُ الثَّمَرَةُ، وَلَوْ تَلِفَتْ لَمْ يَبْقَ فِي مُقَابَلَةِ الثَّمَنِ شَيْءٌ كَمَا مَرَّ (قُلْت: فَإِنْ كَانَ الشَّجَرُ لِلْمُشْتَرِي وَشَرَطْنَا الْقَطْعَ) كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ (لَمْ يَجِبْ الْوَفَاءُ بِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) إذْ لَا مَعْنَى لِتَكْلِيفِهِ قَطْعَ ثَمَرِهِ عَنْ شَجَرِهِ. ، وَلَيْسَ ـــــــــــــــــــــــــــــSتَعْلِيقًا صَرِيحًا لَكِنَّهُ تَعْلِيقُ مَعْنًى لِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ قَوْلِهِ إذَا جَاءَ الْغَدُ فَاقْطَعْ الثَّمَرَةَ (قَوْلُهُ: كَكُمَّثْرَى) أَيْ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ (قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ) خَبَرٌ لِقَوْلِهِ وَمَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ) وَهُوَ كَوْنُهُ مُنْتَفَعًا بِهِ (قَوْلُهُ: وَهُنَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ حَالًا) ظَاهِرُهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ، وَلَوْ بَاعَهُ لِمَالِكِ الشَّجَرَةِ وَلَكِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يُرِيدُ إفْسَادَ مَالِهِ، وَفِي هَذِهِ صَارَ مُتَمَكِّنًا مِنْ إبْقَائِهِ فَلَا يَيْأَسُ مِنْ النَّفْعِ فِي الْمَآلِ فَالْقِيَاسُ فِيهِ الصِّحَّةُ حِينَئِذٍ، وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ يُخَالِفُهُ، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ مُقْتَضَى الْإِطْلَاقِ بِأَنَّ شَرْطَ الْقَطْعِ تَرَتَّبَ الْقَطْعُ عَلَيْهِ حَالًا فَعُمِلَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَكْفِ هُنَا لِعَدَمِ تَرَقُّبِهَا) يَنْشَأُ مِنْهُ الْمُنَاقَشَةُ فِي نَتِيجَةِ جَوَابِهِ. وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا عَدِمَ تَرَقُّبَهَا كَانَتْ مَعْدُومَةً حَالًا وَمَآلًا فَلَا حَاجَةَ حِينَئِذٍ إلَى كَوْنِ الشَّرْطِ الْمَنْفَعَةَ حَالًا لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَحْسُنُ لَوْ كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ مُتَحَقِّقَةً مَآلًا لَكِنَّهَا لَمْ تُعْتَبَرْ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَرَّرَ، فَالْوَجْهُ أَنَّ الشَّرْطَ فِي الْمَبِيعِ هُنَا، وَثَمَّ الْمَنْفَعَةُ حَالًا أَوْ مَآلًا، وَلَكِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ هَذَا الشَّرْطُ فِي نَحْوِ الْكُمَّثْرَى، إذْ هُوَ غَيْرُ مُنْتَفَعٍ بِهِ مُطْلَقًا. أَمَّا حَالًا فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا مَآلًا فَلِأَنَّهُ لَا يَبْقَى إلَى أَنْ يَتَهَيَّأَ لِلِانْتِفَاعِ لِوُجُوبِ قَطْعِهِ بِمُقْتَضَى الشَّرْطِ فَلِذَا بَطَلَ الْبَيْعُ فِيهِ، فَبُطْلَانُهُ فِيهِ لِانْتِفَاءِ مَنْفَعَتِهِ مُطْلَقًا لَا لِانْتِفَائِهَا حَالًا مَعَ وُجُودِهَا مَآلًا، وَالْمُعْتَبَرُ إنَّمَا هُوَ الْحَالُ لَا الْمَآلُ، فَقَوْلُهُ: فَلِذَلِكَ اشْتَرَطْت حَالًا الَّذِي تَبِعَهُ غَيْرُهُ فِيهِ وَجَعَلَهُ هُوَ الْجَوَابَ عَنْ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُصَنِّفِ غَيْرَ مُحَرَّرٍ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مِمَّا يَخْفَى اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ إلَخْ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمَالِيَّةَ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا لِلِاسْتِحَالَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا فَإِنَّ الْمُرَادَ مِنْ ذِكْرِهِ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمُرَادَةَ هُنَا الْحَالِيَّةُ لِعَدَمِ وُجُودِ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: تَرَقُّبِهَا) أَيْ الْمَنْفَعَةِ الْمَالِيَّةِ (قَوْلُهُ: الَّتِي ذَكَرْنَاهَا) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِعَدَمِ تَرَقُّبِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: كَأَنْ وَهَبَهُ) أَيْ وَلَوْ بِلَا شَرْطِ قَطْعٍ (قَوْلُهُ: ثُمَّ اشْتَرَاهُ) قَدْ يُقَالُ كَيْفَ يَصِحُّ شِرَاؤُهُ مِنْهُ قَبْلَ قَبْضِهِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَى قَطْعِهِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِمَا مَرَّ عَنْ الْجَوَاهِرِ مِنْ حُصُولِ قَبْضِهِ بِالتَّخْلِيَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا هُنَا) أَيْ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ بِدُونِ شَرْطِ الْقَطْعِ (قَوْلُهُ: وَشَرَطْنَا الْقَطْعَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQلِشَرْحِ الرَّوْضِ، وَهُوَ إنَّمَا عَبَّرَ بِهِ لِتَعْبِيرِ الرَّوْضِ بِمُنَجَّزٍ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَكْفِ هُنَا) يَعْنِي النَّفْعَ مَآلًا، وَكَانَ يَجِبُ ذِكْرُهُ وَتَرْكَ ذِكْرِهِ تَبَعًا لِعِبَارَةِ الشِّهَابِ حَجّ، لَكِنَّ ذَاكَ قَدَّمَ فِي كَلَامِهِ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ. (قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ إلَخْ) لَا مَعْنَى لِهَذَا الْحَاصِلِ هُنَا وَهُوَ تَابِعٌ فِي ذِكْرِهِ لِلشِّهَابِ حَجّ، لَكِنَّ ذَاكَ إنَّمَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى الْجَوَابِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ أَوْرَدَ عَلَيْهِ مَعْنَى الْجَوَابِ الثَّانِي فِي صُورَةِ سُؤَالٍ ثُمَّ دَفَعَهُ، ثُمَّ أَرْدَفَ الدَّفْعَ بِهَذَا الْحَاصِلِ فَهُوَ حَاصِلُ دَفْعِ الْجَوَابِ الثَّانِي لَا حَاصِلُهُ هُوَ وَعِبَارَتُهُ، وَذَكَرَ هَذَا هُنَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُغْفَلُ عَنْهُ وَإِلَّا فَهُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ فِي الْبَيْعِ. فَإِنْ قُلْت: لَا نُسَلِّمُ عِلْمَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ يَكْفِي ثَمَّ الْمَنْفَعَةُ الْمُتَرَقَّبَةُ كَمَا فِي الْجَحْشِ الصَّغِيرِ لَا هُنَا. قُلْت: إنَّمَا لَمْ يَكْفِ هُنَا لِعَدَمِ تَرَقُّبِهَا مَعَ وُجُودِ شَرْطِ الْقَطْعِ فَلِذَلِكَ اُشْتُرِطَتْ حَالًا فَالْحَاصِلُ إلَخْ

لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ شِرَاءُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ مِنْ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ بِنَصِيبِهِ مِنْ الشَّجَرِ إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ كَغَيْرِ الشَّرِيكِ وَتَصِيرُ كُلُّ الثَّمَرَةِ لَهُ وَكُلُّ الشَّجَرِ لِلْآخَرِ، فَيَتَعَيَّنُ عَلَى الْمُشْتَرِي قَطْعُ جَمِيعِ الثَّمَرَةِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ بِذَلِكَ قَطْعَ مَا اشْتَرَاهُ وَتَفْرِيغَ الشَّجَرِ لِصَاحِبِهِ، وَإِنْ اشْتَرَى نَصِيبَ شَرِيكِهِ مِنْ الثَّمَرِ بِغَيْرِ نَصِيبِهِ مِنْ الشَّجَرِ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ شَرَطَ الْقَطْعَ لِتَكْلِيفِ الْمُشْتَرِي قَطْعَ مِلْكِهِ عَنْ مِلْكِهِ الْمُسْتَقِرِّ لَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ (وَإِنْ) (بِيعَ) الثَّمَرُ (مَعَ الشَّجَرِ) بِثَمَنٍ وَاحِدٍ (جَازَ بِلَا شَرْطٍ) لِتَبَعِيَّةِ الثَّمَرِ هُنَا لِلشَّجَرِ الَّذِي لَا تَعْرِضُ لَهُ عَاهَةٌ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ فَصَلَ الثَّمَنُ وَجَبَ شَرْطُ الْقَطْعِ لِزَوَالِ التَّبَعِيَّةِ، وَنَحْوُ بِطِّيخٍ وَبَاذِنْجَانٍ كَذَلِكَ عَلَى الْمَنْقُولِ الْمُعْتَمَدِ كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْحَاوِي وَالْأَنْوَارِ. وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَنَقَلَهُ ابْنُ الْمُقْرِي فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ فَلَا يَجِبُ شَرْطُ الْقَطْعِ فِيهِ إنْ بِيعَ مَعَ أَصْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَبِعْ مَعَ الْأَرْضِ (وَلَا يَجُوزُ) بَيْعُهُ (بِشَرْطِ قَطْعِهِ) عِنْدَ اتِّحَادِ الصَّفْقَةِ لِأَنَّ فِيهِ حَجْرًا عَلَى الْمُشْتَرِي فِي مِلْكِهِ، وَفَارَقَ بَيْعَهَا مِنْ صَاحِبِ الْأَصْلِ بِأَنَّهَا هُنَا تَابِعَةٌ فَاغْتَفَرَ الْغَرَرُ كَأْسَ الْجِدَارِ، وَلَوْ اسْتَثْنَى الْبَائِعُ الثَّمَرَةَ غَيْرَ الْمُؤَبَّرَةِ لَمْ يَجِبْ شَرْطُ الْقَطْعِ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ اسْتِدَامَةٌ لِمِلْكِهَا فَلَهُ الْإِبْقَاءُ إلَى أَوَانِ الْجِذَاذِ، وَلَوْ صَرَّحَ بِشَرْطِ الْإِبْقَاءِ جَازَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَهُوَ أَحَدُ نَصَّيْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَمَا أَفَادَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَلَمْ يَطَّلِعْ بَعْضُهُمْ عَلَى هَذَا النَّصِّ فَزَعَمَ أَنَّ الْمَنْصُوصَ خِلَافُهُ. وَلَوْ بَاعَ نِصْفَ الثَّمَرِ عَلَى الشَّجَرِ مُشَاعًا قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ مِنْ مَالِكِ الشَّجَرِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ صَحَّ خِلَافًا لِمَا فِي الْأَنْوَارِ إنْ قُلْنَا إنَّ الْقِسْمَةَ إفْرَازٌ وَهُوَ الْأَصَحُّ بِإِمْكَانِ قَطْعِ النِّصْفِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا بَيْعٌ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ شَرْطَ الْقَطْعِ لَازِمٌ لَهُ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ فِي بَيْعِهِ مِنْ مَالِكِ الشَّجَرِ، وَلَا يُمْكِنُ قَطْعُ النِّصْفِ إلَّا بِقَطْعِ الْكُلِّ فَيَتَضَرَّرُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ قُلْنَا بِاشْتِرَاطِهِ وَشَرَطَهُ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَلَا يُقَالُ مُجَرَّدُ الْقَوْلِ بِاشْتِرَاطِهِ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ لَمْ يَجِبْ الْوَفَاءُ بِهِ. (قَوْلُهُ: إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ) أَيْ فَيَصِحُّ (قَوْلُهُ: قَطْعَ مَا اشْتَرَاهُ) أَيْ وَمَا كَانَ فِي مِلْكِهِ قَبْلُ، لِأَنَّ قَطْعَ مَا اشْتَرَاهُ لَا يَتَأَتَّى إلَّا بِقَطْعِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ نَصِيبِهِ) كَدَرَاهِمَ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى نَصِيبَ شَرِيكِهِ مِنْ الزَّرْعِ بِغَيْرِ نَصِيبِهِ مِنْ الْأَرْضِ لَمْ يَصِحَّ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَاهُ بِنَصِيبِهِ مِنْ الْأَرْضِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَيَلْزَمُهُ الْقَطْعُ (قَوْلُهُ: الْمُسْتَقِرِّ لَهُ) أَيْ لِمِلْكِهِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ شَرْطُ الْقَطْعِ) أَيْ وَلَا يَجِبُ: الْوَفَاءُ بِهِ لِاجْتِمَاعِهِمَا فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي، وَلَا مَعْنَى لِتَكْلِيفِ قَطْعِ ثَمَرِهِ عَنْ شَجَرِهِ (قَوْلُهُ: إنْ بِيعَ مَعَ أَصْلِهِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ بِيعَ مَعَ الْأَرْضِ دُونَ أَصْلِهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ الْقَطْعِ لِانْتِفَاءِ التَّبَعِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ بَيْعَهَا) أَيْ الثَّمَرَةِ (قَوْلُهُ: غَيْرَ الْمُؤَبَّرَةِ) أَيْ أَوْ الَّتِي لَمْ تَظْهَرْ فِي نَحْوِ التِّينِ حَيْثُ لَمْ يَغْلِبْ اخْتِلَاطُ الْحَادِثِ بِالْمَوْجُودِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَأُصُولُ الْبَقْلِ إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ وَالثَّمَرَةُ الظَّاهِرَةُ وَالْجِزَّةُ الْمَوْجُودَةُ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ: مِنْ مَالِكِ الشَّجَرِ) لَا يُقَالُ هَذِهِ مُنَاقِضَةٌ لِمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ " وَإِنْ اشْتَرَى نَصِيبَ شَرِيكِهِ مِنْ الثَّمَرِ إلَخْ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا كَانَتْ الثَّمَرَةُ مُشْتَرَكَةً وَالشَّجَرُ كُلُّهُ لِلْمُشْتَرِي، بِخِلَافِ مَا مَرَّ فَإِنَّ الشَّجَرَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا كَالثَّمَرِ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ الْقَطْعِ صَحَّ) أَيْ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ رُطَبًا أَوْ عِنَبًا لِإِمْكَانِ قِسْمَتِهِ بِالْخَرْصِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ الثِّمَارِ سم عَلَى حَجّ بِالْمَعْنَى. أَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِهِمَا الْبُسْرُ وَالْحِصْرِمُ بَلْ وَبَقِيَّةُ أَنْوَاعِ الْبَلَحِ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا لِأَنَّ الْقِسْمَةَ تَعْتَمِدُ الرُّؤْيَةَ وَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْخَرْصِ، وَإِنَّمَا تُوقَفُ عَلَى الْخَرْصِ فِي الْعَرَايَا لِأَنَّ بَيْعَ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ يُحْوِجُ إلَى تَقْدِيرِهِ تَمْرًا، وَمَا هُنَا يَنْظُرُ إلَى حَالِهِ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ وَقْتَ الْقِسْمَةِ لَا غَيْرَ (قَوْلُهُ: إنْ قُلْنَا الْقِسْمَةَ) أَيْ قِسْمَةَ الثَّمَرِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْنَا إلَخْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَازِمٌ لَهُ) أَيْ لِلْبَيْعِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ فَغَيْرُ صَحِيحٍ وَهُوَ غَيْرُ مَذْكُورٍ فِي عِبَارَةِ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ الْمَنْقُولَةِ مِنْهُمَا عِبَارَةُ الشَّارِحِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَرْجِعَ إلَى قَوْلِهِ فَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا بَيْعٌ؛ لِأَنَّهُ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: بَعْدَهُ فِي بَيْعِهِ مِنْ مَالِكِ

[يحرم بيع الزرع الأخضر في الأرض إلا بشرط قطعه أو قلعه]

الْبَائِعُ بِقَطْعِ غَيْرِ الْمَبِيعِ، فَأَشْبَهَ مَا إذَا بَاعَ نِصْفًا مُعَيَّنًا مِنْ سَيْفٍ وَبَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ يَصِحُّ إنْ لَمْ يَشْرِطْ الْقَطْعَ فَإِنْ شَرَطَهُ جَاءَ فِيهِ مَا تَقَرَّرَ، وَيَصِحُّ بَيْعُ نِصْفِ الثَّمَرِ مَعَ الشَّجَرِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ وَيَكُونُ الثَّمَرُ تَابِعًا، وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ شَرْطِ قَطْعِهِ وَعَدَمِهِ وَلَا يُعَارِضُهُ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ بَاعَ جَمِيعَ الثَّمَرِ مَعَ الشَّجَرِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ شَرْطُ الْقَطْعِ لِانْتِفَاءِ الْقِسْمَةِ ثُمَّ إذْ الثَّمَرُ كُلُّهُ لِلْمُشْتَرِي بِخِلَافِهِ هُنَا. (وَيَحْرُمُ) وَلَا يَصِحُّ (بَيْعُ الزَّرْعِ الْأَخْضَرِ) وَإِنْ كَانَ بَقْلًا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ (فِي الْأَرْضِ) (إلَّا بِشَرْطِ قَطْعِهِ) أَوْ قَلْعِهِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ لِلنَّهْيِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ ذَلِكَ، فَإِنْ بَاعَهُ وَحْدَهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ قَطْعٍ أَوْ قَلْعٍ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ وَيَأْثَمُ لِتَعَاطِيهِ عَقْدًا فَاسِدًا (فَإِنْ) (بِيعَ مَعَهَا) أَيْ الْأَرْضِ (أَوْ) بِيعَ وَحْدَهُ بَقْلٌ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ أَوْ زَرْعٌ (بَعْدَ اشْتِدَادِ الْحَبِّ) أَوْ بَعْضِهِ وَلَوْ سُنْبُلَةً وَاحِدَةً كَاكْتِفَائِهِمْ فِي التَّأْبِيرِ بِطَلْعٍ وَاحِدٍ وَفِي بُدُوِّ الصَّلَاحِ بِحَبَّةٍ وَاحِدَةٍ (جَازَ بِلَا شَرْطٍ) كَبَيْعِ الثَّمَرَةِ مَعَ الشَّجَرَةِ فِي الْأَوَّلِ وَكَبَيْعِ الثَّمَرَةِ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فِي الثَّانِي، ـــــــــــــــــــــــــــــSضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَبَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ) مُحْتَرِزٌ قَوْلِهِ وَقَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ (قَوْلُهُ: جَازَ فِيهِ مَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ بَيْعِهِ مَعَ الشَّجَرِ وَمُنْفَرِدًا (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ نِصْفُ الثَّمَرِ إلَخْ) قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَلَوْ بَاعَ مُسْتَأْجِرُ أَرْضٍ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ نِصْفَ زَرْعِهِ الْأَخْضَرِ فِيهَا لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ لِلْمَالِكِ بَطَلَ وَإِنْ شَرَطَ الْقَطْعَ اهـ. أَقُولُ: يُتَأَمَّلُ وَجْهُ الْبُطْلَانِ، وَلَعَلَّهُ أَنَّا إذَا قُلْنَا بِالصِّحَّةِ وَكُلِّفَ الْمُشْتَرِي قَطْعَ مَا اشْتَرَاهُ لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ إلَّا بِقَطْعِ نَصِيبِ الْبَائِعِ وَهُوَ يُؤَدِّي إلَى تَكْلِيفِ قَطْعِ مِلْكِهِ عَنْ مِلْكِهِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا لَمْ تُمْكِنْ قِسْمَتُهُ، فَإِنْ أُمْكِنَتْ اتَّجَهَ صِحَّةُ الْبَيْعِ لِانْتِفَاءِ هَذَا الْمَحْذُورِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ دُونَ النِّصْفِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ مَا زَادَ مِنْ الثَّمَرِ عَلَى الْبَعْضِ الْمَبِيعِ مِنْ الشَّجَرِ لَا يَكُونُ تَابِعًا فَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَ الْبَعْضُ مِنْ الشَّجَرِ النِّصْفَ. (قَوْلُهُ: إلَّا بِشَرْطِ قَطْعِهِ) فَإِذَا بَاعَهُ بِشَرْطِ قَطْعِهِ فَأَخْلَفَ بَعْدَ قَطْعِهِ فَمَا أَخْلَفَهُ لِلْبَائِعِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَهُ بِشَرْطِ قَلْعِهِ فَقَطَعَ فَإِنَّ مَا أَخْلَفَهُ لِلْمُشْتَرِي. [فَرْعٌ] الْمُتَّجِهُ جَوَازُ بَيْعِ نَحْوِ الْقَصَبِ وَالْخَسِّ مَزْرُوعًا إذَا لَمْ يُسْتَرْ فِي الْأَرْضِ مِنْهُ إلَّا الْجُذُورُ الَّتِي لَا تُقْصَدُ لِلْأَكْلِ مِنْهُ مَرَّ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ وَقَوْلُ ابْنِ قَاسِمٍ: فَإِنَّ مَا أَخْلَفَهُ لِلْمُشْتَرِي، وَأَمَّا إذَا بَاعَهُ أُصُولٌ نَحْوَ بِطِّيخٍ أَوْ قَرْعٍ أَوْ نَحْوِهِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَحَدَثَتْ هُنَاكَ زِيَادَةٌ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْأَخْذِ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي سَوَاءٌ شَرَطَ الْقَلْعَ أَوْ الْقَطْعَ، وَبِهِ تُعْلَمُ الْمُخَالَفَةُ بَيْنَ أُصُولِ الزَّرْعِ وَنَحْوِ الْبِطِّيخِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْكُلَّ فِي الْأَوَّلِ مَقْصُودٌ بِخِلَافِ الثَّانِي فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ إنَّمَا هُوَ الثَّمَرُ لَا الْأُصُولُ، وَقَوْلُهُ: إلَّا بِشَرْطِ قَطْعِهِ: أَيْ فَإِنَّهُ يَصِحُّ حَيْثُ كَانَ الْمَقْطُوعُ مُنْتَفَعًا بِهِ، وَقَالَ سم عَلَى حَجّ خَرَجَ مَا إذَا لَمْ يَشْرِطْ الْقَطْعَ فِيمَا بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فَيَصِحُّ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: جَازَ بِلَا شَرْطٍ) وَعَلَيْهِ فَتَدْخُلُ أُصُولُهُ فِي الْبَيْعِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَلَوْ زَادَ أَوْ قَطَعَ أَوْ أَخْلَفَ فَالزِّيَادَةُ وَمَا أَخْلَفَهُ لِلْمُشْتَرِي، وَمِنْهُ مَا اُعْتِيدَ بِمِصْرِنَا مِنْ بَيْعِ الْبِرْسِيمِ الْأَخْضَرِ بَعْدَ تَهَيُّئِهِ لِلرَّعْيِ فَيَصِحُّ بِلَا شَرْطِ قَطْعٍ وَالرِّبَّةُ الَّتِي تَحْصُلُ مِنْهُ بَعْدَ الرَّعْيِ أَوْ الْقَطْعِ تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي حَيْثُ لَمْ يَكُنْ أَصْلُهَا مِمَّا يُجَزُّ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَإِلَّا فَلَا يَدْخُلُ فِي الْعَقْدِ إلَّا الْجِزَّةُ الظَّاهِرَةُ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَأُصُولِ الْبَقْلِ إلَخْ، وَالطَّرِيقُ فِي جَعْلِهَا لِلْبَائِعِ أَنْ يَبِيعَ بِشَرْطِ الْقَطْعِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ تَكُونُ الزِّيَادَةُ حَتَّى السَّنَابِلِ لِلْبَائِعِ، وَمِنْ الزِّيَادَةِ الرِّبَّةُ الَّتِي تَخَلَّفُ بَعْدَ الْقَطْعِ أَوْ الرَّعْيِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ مَضَتْ مُدَّةٌ بِلَا قَطْعٍ وَحَصَلَ زِيَادَةٌ وَاخْتَلَفَا فِي الزِّيَادَةِ تَخَيَّرَ الْمُشْتَرِي إنْ لَمْ يَسْمَحْ لَهُ الْبَائِعُ بِهَا، فَإِنْ أَجَازَ أَوْ أَخَّرَ الْفَسْخَ مَعَ الْعِلْمِ سَقَطَ خِيَارُهُ فَالْمُصَدَّقُ فِي قَدْرِ الزِّيَادَةِ ذُو الْيَدِ وَهُوَ الْبَائِعُ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ وَالْمُشْتَرِي بَعْدَهَا، وَالطَّرِيقُ فِي جَعْلِ الزِّيَادَةِ أَيْضًا لِلْمُشْتَرِي ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّجَرِ، [يَحْرُمُ بَيْعُ الزَّرْعِ الْأَخْضَرِ فِي الْأَرْضِ إلَّا بِشَرْطِ قَطْعِهِ أَوْ قَلْعِهِ] . (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ بَقْلًا) أَيْ: فَالْمُرَادُ بِالزَّرْعِ هُنَا مَا لَيْسَ بِشَجَرٍ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَوْلُهُ: لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ بَيْعِهِ هَذَا الشَّرْطَ، وَأَمَّا بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ فَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ

وَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ جَوَازِ بَيْعِهِ مَعَهَا بِشَرْطِ قَطْعِهِ أَوْ قَلْعِهِ لَيْسَ بِمُرَادٍ كَمَا اُسْتُفِيدَ مِنْ قَوْلِهِ قَبِيلِهِ، وَلَا يَجُوزُ بِشَرْطِ قَطْعِهِ، وَسَيَأْتِي أَنَّ مَا يَغْلِبُ اخْتِلَاطُهُ وَتَلَاحُقُهُ لَا بُدَّ فِي صِحَّةِ بَيْعِهِ مِنْ شَرْطِ قَطْعِهِ مُطْلَقًا (وَيُشْتَرَطُ لِبَيْعِهِ) أَيْ الزَّرْعِ بَعْدَ الِاشْتِدَادِ (وَبَيْعِ الثَّمَرِ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ ظُهُورُ الْمَقْصُودِ) مِنْهُ لِئَلَّا يَكُونَ بَيْعَ غَائِبٍ (كَتِينٍ وَعِنَبٍ وَشَعِيرٍ) لِظُهُورِهِ فِي سُنْبُلِهِ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي كُلِّ مَا يَظْهَرُ ثَمَرُهُ أَوْ حَبُّهُ (وَمَا لَا يُرَى حَبُّهُ كَالْحِنْطَةِ وَالْعَدَسِ) بِفَتْحِ الدَّالِ وَالسِّمْسِمِ (فِي السُّنْبُلِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ دُونَ سُنْبُلِهِ) لِاسْتِتَارِهِ (وَلَا مَعَهُ فِي الْجَدِيدِ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مُسْتَتِرٌ بِمَا لَيْسَ مِنْ مَصَالِحِهِ: وَمِثْلُ ذَلِكَ جَوْزُ الْقُطْنِ قَبْلَ تَشَقُّقِهِ وَبِزْرُ الْكَتَّانِ فِي جَوْزِهِ، وَالْقَدِيمُ الْجَوَازُ لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ بَيْعِ السُّنْبُلِ حَتَّى يَبْيَضَّ» : أَيْ يَشْتَدَّ فَيَجُوزُ بَعْدَ الِاشْتِدَادِ. وَأَجَابَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِأَنَّهُ فِي سُنْبُلِ الشَّعِيرِ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ وَالْأَرُزُّ كَالشَّعِيرِ، وَقِيلَ كَالْحِنْطَةِ. وَالذُّرَةُ نَوْعَانِ: بَارِزُ الْحَبَّاتِ كَالشَّعِيرِ، وَفِي كِمَامٍ كَالْحِنْطَةِ، وَمِثْلُهَا فِي ذَلِكَ الدُّخْنُ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالْمَرْئِيُّ إنَّمَا هُوَ بَعْضُ حَبَّاتِهِ. قَالَ الْقَاضِي: وَمَعَ ذَلِكَ فَالْقِيَاسُ الصِّحَّةُ كَمَا يَصِحُّ بَيْعُ نَحْوِ بَصَلٍ ظَهَرَ بَعْضُهُ اهـ. قِيلَ وَيَرُدُّ أَنَّ الْقِيَاسَ فِيهِمَا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ فَيَصِحُّ فِي الْمَرْئِيِّ فَقَطْ إنْ عُرِفَ بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ، هَذَا وَالْأَوْجَهُ فِيهِ عَدَمُ الصِّحَّةِ فِي الْجَمِيعِ، إذْ شَرْطُ التَّوْزِيعِ إمْكَانُ الْعِلْمِ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ مَفْقُودٌ هُنَا، وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْجَزَرِ وَالْفُجْلِ وَنَحْوِهِ كَالثُّومِ وَالْقُلْقَاسِ وَالْبَصَلِ فِي الْأَرْضِ لِاسْتِتَارِ مَقْصُودِهَا، وَعَدَّ الرَّوْضَةُ مَعَهَا السِّلْقَ مَحْمُولٌ عَلَى أَحَدِ نَوْعَيْهِ، وَهُوَ مَا يَكُونُ مَقْصُودُهُ مَغِيبًا فِي الْأَرْضِ. أَمَّا مَا يَظْهَرُ مَقْصُودُهُ عَلَى وَجْهِهَا وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِأَكْثَرِ بِلَادِ مِصْرَ وَالشَّامِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ كَالْبَقْلِ، وَيَجُوزُ بَيْعُ وَرَقِهَا الظَّاهِرِ بِشَرْطِ قَطْعِهِ كَالْبُقُولِ. وَفِي الْأَنْوَارِ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْجَوْزِ فِي قِشْرَتِهِ الْعُلْيَا مَعَ الشَّجَرِ. وَقِيَاسُهُ امْتِنَاعُ بَيْعِ الْقُطْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنْ يَبِيعَهُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ ثُمَّ يُؤَجِّرَهُ الْأَرْضَ أَوْ يُعِيرَهَا لَهُ (قَوْلُهُ: وَمَا أَفْهَمَهُ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ قَالَ جَازَ بِلَا شَرْطٍ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) يَنْبَغِي أَنَّ مَعْنَاهُ سَوَاءٌ بَدَا صَلَاحُهُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ سَوَاءٌ بِيعَ مَعَ أَصْلِهِ أَوْ وَحْدَهُ لِظُهُورِ انْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ إذَا بِيعَ مَعَ أَصْلِهِ فَلَا حَاجَةَ لِشَرْطِ الْقَطْعِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَشَعِيرٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ نَوْعٌ وَاحِدٌ، وَالْمُشَاهَدُ فِيهِ أَنَّهُ نَوْعَانِ: بَارِزٌ وَغَيْرُهُ. وَيُسَمَّى عِنْدَ الْعَامَّةِ شَعِيرُ النَّبِيِّ فَهُوَ كَالذُّرَةِ، وَلَعَلَّهُ لَمْ يَذْكُرْ إنَّهُ نَوْعَانِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ رُؤْيَةُ حَبِّهِ، وَفِي سم عَلَى حَجّ يَنْبَغِي فِي الشَّعِيرِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ كُلِّ سُنْبُلَةٍ، وَلَا يُقَالُ رُؤْيَةُ الْبَعْضِ كَافِيَةٌ، وَذَلِكَ كَمَا لَوْ فُرِّقَتْ أَجْزَاءُ الصُّبْرَةِ لَا يَكْفِي رُؤْيَةُ بَعْضِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ: فَالْقِيَاسُ الصِّحَّةُ) أَيْ فِي الْأُرْزِ وَالشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ وَالدُّخْنِ وَهُوَ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْقِيَاسَ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْبَصَلِ وَالدُّخْنِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَفْقُودٌ هُنَا) أَيْ فِي الْبَصَلِ كَمَا يَشْعُرُ بِهِ إفْرَادُ الضَّمِيرِ فِي هُنَا وَتَثْنِيَتُهُ فِي قَوْلِهِ فِيهِمَا، وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ رُؤْيَةِ بَعْضِ الْبَصَلِ وَبَعْضِ الْحَبِّ بِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ السُّنْبُلَةَ الْوَاحِدَةَ لَا يَخْتَلِفُ حَبُّهَا، فَرُؤْيَةُ بَعْضِ الْحَبِّ تَدُلُّ عَلَى بَاقِيهِ، وَرُؤْيَةُ الظَّاهِرِ مِنْ الْبَصَلِ لَا تَدُلُّ عَلَى بَاقِيهِ، وَلَا يُشْكِلُ الِاكْتِفَاءُ بِرُؤْيَةِ بَعْضِ الْحَبِّ هُنَا بِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ سم مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ جَمِيعِ السَّنَابِلِ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ يَقَعُ بَيْنَ بَعْضِ السَّنَابِلِ مَعَ بَعْضٍ كَثِيرًا وَلَا كَذَلِكَ حَبَّاتُ السُّنْبُلَةِ الْوَاحِدَةِ. هَذَا وَقَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ فِيهِ إلَخْ لَا يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ، فَإِنَّ قَائِلَهُ قَيَّدَهُ بِقَوْلِهِ: إنْ عُرِفَ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُعْرَفْ لَمْ يَصِحَّ غَايَتُهُ أَنَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ أَصْلًا. بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ فَإِنَّهُ يُفِيدُ الصِّحَّةَ بِتَقْدِيرِ مَعْرِفَتِهِ (قَوْلُهُ: السِّلْقَ) هُوَ بِكَسْرِ السِّينِ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ بَيْعُ وَرَقِهَا) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ مِنْ الْجَزَرِ وَالْفُجْلِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُهُ امْتِنَاعُ بَيْعِ الْقُطْنِ) تَقَدَّمَ لَهُ الْجَزْمُ بِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبَعْدَ التَّنَاثُرِ لِلْبَائِعِ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQذَلِكَ لَكِنَّ فِي عِبَارَتِهِ إبْهَامٌ، وَالْمُرَادُ بِبُدُوِّ صَلَاحِ الْبَقْلِ طُولُهُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. (قَوْلُهُ: وَالْمَرْئِيُّ إنَّمَا هُوَ بَعْضُ حَبَّاتِهِ) أَيْ الدُّخْنِ أَيْ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ التُّحْفَةِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي النَّوْعِ الْمَرْئِيِّ مِنْهُ الَّذِي هُوَ كَالشَّعِيرِ وَإِلَّا فَغَيْرُهُ يَبْطُلُ

قَبْلَ تَشَقُّقِهِ وَلَوْ مَعَ شَجَرِهِ (وَلَا بَأْسَ بِكِمَامٍ) وَهُوَ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وِعَاءُ الطَّلْعِ وَغَيْرُهُ (لَا يَزَالُ إلَّا عِنْدَ الْأَكْلِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَأَمَّا مَضْمُومُهَا فَهُوَ الْمَأْكُولُ كَرُمَّانٍ وَمَوْزٍ وَبِطِّيخٍ وَبَاذِنْجَانٍ وَطَلْعِ نَخْلٍ لِأَنَّ بَقَاءَهُ فِيهِ مِنْ مَصَالِحِهِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا يَكُونُ بَقَاؤُهُ فِيهِ سَبَبًا لِادِّخَارِهِ كَأُرْزٍ وَعَلْسٍ، وَمَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الْأُرْزَ كَالشَّعِيرِ لَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ نَوْعٍ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ السَّلَمُ فِي الْأُرْزِ وَالْعَلْسِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَعْتَمِدُ الْمُشَاهَدَةَ، بِخِلَافِ السَّلَمِ فَإِنَّهُ يَعْتَمِدُ الصِّفَاتِ، وَهِيَ لَا تُفِيدُ الْغَرَضَ فِي ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الْقِشْرِ خِفَّةً وَرَزَانَةً، وَلِأَنَّ السَّلَمَ عَقْدُ غَرَرٍ فَلَا يُضَمُّ إلَيْهِ غَرَرٌ آخَرُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ أَنَّ الْمَعْجُونَاتِ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا قَطْعًا، وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ بَيْعِهَا، وَمِمَّا نُقِلَ عَنْ فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ مِنْ صِحَّةِ السَّلَمِ فِي الْأُرْزِ عَلَى الْأَصَحِّ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَقْشُورِ (وَمَا لَهُ كِمَامَانِ) مُثَنَّى كِمَامٍ اسْتِعْمَالًا لَهُ فِي الْمُفْرَدِ مَجَازًا، إذْ هُوَ جَمْعُ كِمَامَةٍ أَوْ كِمٍّ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ، فَقِيَاسُ مُثَنَّاهُ كُمَاةٌ أَوْ كِمَامَتَانِ (كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالْبَاقِلَّا) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ مَعَ الْقَصْرِ، وَيُكْتَبُ بِالْيَاءِ وَبِالتَّخْفِيفِ مَعَ الْمَدِّ وَيُكْتَبُ بِالْأَلِفِ، وَقَدْ يُقْصَرُ الْقَوْلَ (يُبَاعُ فِي قِشْرِهِ الْأَسْفَلِ) إذْ بَقَاؤُهُ فِيهِ مِنْ مَصَالِحِهِ (وَلَا يَصِحُّ فِي الْأَعْلَى) لَا عَلَى الشَّجَرِ وَلَا عَلَى أَرْضٍ لِاسْتِتَارِهِ بِمَا لَيْسَ مِنْ مَصْلَحَتِهِ، وَفَارَقَ صِحَّةَ بَيْعِ الْقَصَبِ فِي قِشْرِهِ الْأَعْلَى بِأَنَّ قِشْرَهُ سَاتِرٌ لِجَمِيعِهِ وَقِشْرُ الْقَصَبِ لِبَعْضِهِ غَالِبًا، فَرُؤْيَةُ بَعْضِهِ دَالَّةً عَلَى بَاقِيهِ، وَمَا فَرَّقَ بِهِ أَيْضًا مِنْ كَوْنِ قِشْرِهِ الْأَسْفَلِ قَدْ يُمَصُّ مَعَهُ فَصَارَ كَأَنَّهُ فِي قِشْرٍ وَاحِدٍ كَالرُّمَّانِ مَحَلُّ نَظَرٍ، إذْ قِشْرَةُ كُلِّ مِنْهُمَا السُّفْلَى قَدْ تُؤْكَلُ مَعَهُ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّ مَحَلَّ الْكَلَامِ فِي بَاقِلَّا لَا يُؤْكَلُ مَعَهُ قِشْرُهُ الْأَعْلَى وَإِلَّا جَازَ كَبَيْعِ اللَّوْزِ فِي قِشْرِهِ الْأَعْلَى قَبْلَ انْعِقَادِ الْأَسْفَلِ لِأَنَّهُ مَأْكُولٌ كُلُّهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ (وَفِي قَوْلٍ يَصِحُّ) بَيْعُهُ فِي الْأَعْلَى (إنْ كَانَ رَطْبًا) لِحِفْظِهِ رُطُوبَتَهُ فَهُوَ مِنْ مَصْلَحَتِهِ وَرَجَّحَهُ كَثِيرُونَ فِي الْبَاقِلَّا بَلْ نَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ، وَالْإِجْمَاعِ الْفِعْلِيِّ عَلَيْهِ وَمَا حَكَاهُ جَمْعٌ مِنْ أَنَّ الشَّافِعِيَّ أَمَرَ الرَّبِيعَ بِشِرَائِهِ لَهُ بِبَغْدَادَ مُعْتَرِضٌ بِأَنَّ الرَّبِيعَ لَمْ يَصْحَبْهُ بِهَا وَبِفَرْضِ صِحَّتِهِ فَهُوَ مَذْهَبُهُ الْقَدِيمُ، وَقَدْ بَالَغَ فِي الْأُمِّ فِي تَقْرِيرِ عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِهِ، وَسَيَأْتِي فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ الْكَلَامُ عَلَى الْإِجْمَاعِ الْفِعْلِيِّ، وَإِلْحَاقُ اللُّوبْيَا بِذَلِكَ مَرْدُودٌ بِأَنَّهَا مَأْكُولَةٌ كُلُّهَا كَاللَّوْزِ قَبْلَ انْعِقَادِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلَا بَأْسَ) أَيْ لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: وَمَنْ ذَهَبَ إلَخْ) وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُهُ: السَّابِقُ وَالْأُرْزُ كَالشَّعِيرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي جَوَازِ بَيْعِهَا) أَيْ بِالدَّرَاهِمِ (قَوْلُهُ: الْفُولُ) بَدَلٌ مِنْ الْبَاقِلَا (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ صِحَّةَ بَيْعِ الْقَصَبِ) يَنْبَغِي وَلَوْ مَزْرُوعًا لِأَنَّ مَا يَسْتَتِرُ مِنْهُ فِي الْأَرْضِ غَيْرُ مَقْصُودٍ غَالِبًا كَمَا مَرَّ، وَفِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ فِي بَابِ الشَّرِكَةِ وَشِرَاءِ الْقُلْقَاسِ وَهُوَ مَدْفُونٌ فِي الْأَرْضِ بَاطِلٌ، وَكَذَا الْقَصَبُ فِي الْأَرْضِ إنْ كَانَ مَسْتُورًا بِقِشْرَةٍ وَإِلَّا يَصِحُّ اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْقَصَبِ فِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: إذْ قِشْرَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ الْجَوْزِ وَالْبَاقِلَا (قَوْلُهُ: وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ) أَيْ حَجّ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ) الْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ حَجّ وَقَالَ: يَدُلُّ لَهُ عَدَمُ ظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَ اللَّوْزِ الْأَخْضَرِ وَالْفُولِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُ قَبْلَ انْعِقَادِ الْحَبِّ لَا يُؤْكَلُ إلَّا مَعَ قِشْرِهِ عَادَةً (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الرَّبِيعَ لَمْ يَصْحَبْهُ بِهَا) أَيْ الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيَّ رَاوِي الْأُمِّ وَغَيْرِهِ مِنْ كُتُبِ الشَّافِعِيِّ، قَالَ الْإِمَامُ فِيهِ: إنَّهُ أَحْفَظُ أَصْحَابِي، رَحَلَتْ النَّاسُ إلَيْهِ مِنْ أَقْطَارِ الْأَرْضِ لِيَأْخُذُوا عَنْهُ عِلْمَ الشَّافِعِيِّ فَهُوَ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَأَمَّا الرَّبِيعُ الْجِيزِيُّ فَلَمْ يُنْقَلْ لَهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ إلَّا كَرَاهَةَ الْقِرَاءَةِ بِالْأَلْحَانِ وَأَنَّ الشَّعْرَ يَطْهُرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَيْعُهُ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: وِعَاءِ الطَّلْعِ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالْكِمَامِ هُنَا الْمُفْرَدُ تَجَوُّزًا نَظِيرُ مَا سَيَأْتِي قَرِيبًا. (قَوْلُهُ: إذْ قِشْرَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا) اُنْظُرْ مَا مَرْجِعُ الضَّمِيرِ فَإِنْ كَانَ الثَّلَاثَةَ الْمَذْكُورَةُ فِي الْمَتْنِ بِجَعْلِهَا قِسْمًا وَالْقَصَبَ فَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ بَعْدَ الِانْعِقَادِ، وَإِنْ كَانَ مَرْجِعُهُ الْبَاقِلَّا وَالْقَصَبَ فَهَذَا الْبَعْضُ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ وَهُوَ الشِّهَابُ حَجّ قَائِلٌ بِصِحَّةِ بَيْعِ الْبَاقِلَّا فِي قِشْرِهَا الْأَعْلَى إذَا أَكَلَ مَعَهَا كَمَا سَيَأْتِي عَنْهُ أَيْضًا، عَلَى أَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِهِ فَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْقَصَبِ ظَاهِرٌ

الْأَسْفَلِ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَالْكَتَّانُ إذَا بَدَا صَلَاحُهُ يَظْهَرُ جَوَازُ بَيْعِهِ لِأَنَّ مَا يُغْزَلُ مِنْهُ ظَاهِرٌ وَالسَّاسُ فِي بَاطِنِهِ كَالنَّوَى فِي التَّمْرِ، لَكِنَّ هَذَا لَا يَتَمَيَّزُ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ بِخِلَافِ التَّمْرِ وَالنَّوَى اهـ. وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَحَلَّهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ مَا لَمْ يَبِعْ مَعَ بِزْرِهِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ كَالْحِنْطَةِ فِي سُنْبُلِهَا (وَبُدُوِّ صَلَاحِ الثَّمَرِ ظُهُورُ مَبَادِئِ النُّضْجِ وَالْحَلَاوَةِ) بِأَنْ يَتَمَوَّهَ وَيَلِينَ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ. قَالَ الشَّارِحُ: وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ رَأَى فِي إسْقَاطِهِ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ مَا قَبْلَهُ: أَيْ يَصْفُو وَيَجْرِي فِيهِ الْمَاءُ (فِيمَا) مُتَعَلِّقٌ بِبُدُوٍّ وَظُهُورٍ (لَا يَتَلَوَّنُ وَفِي غَيْرِهِ) وَهُوَ مَا يَتَلَوَّنُ بِبُدُوِّ صَلَاحِهِ (بِأَنْ يَأْخُذَ فِي الْحُمْرَةِ أَوْ السَّوَادِ) أَوْ الصُّفْرَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَقْرِيرِ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى التَّهَيُّؤِ لِمَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ أَنَّ نَحْوَ اللَّيْمُونِ مِمَّا يُوجَدُ تَمَوُّهُهُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ قَبْلَ صُفْرَتِهِ يَكُونُ مُسْتَثْنًى مِمَّا ذُكِرَ فِي الْمُتَلَوِّنِ، وَبُدُوُّهُ فِي غَيْرِ الثَّمَرَةِ بِاشْتِدَادِ الْحَبِّ بِأَنْ يَتَهَيَّأَ لِمَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ وَكِبَرِ الْقِثَّاءِ بِأَنْ تُجْنَى لِلْأَكْلِ غَالِبًا وَتَفَتُّحِ الْوَرْدِ، وَضَابِطُ ذَلِكَ أَنْ يَبْلُغَ حَالَةً يُطْلَبُ فِيهَا غَالِبًا، وَأَصْلُ ذَلِكَ تَفْسِيرُ أَنَسٍ الرَّاوِي لِلزَّهْوِ فِي خَبَرِ «نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى تَزْهُوَ» بِأَنْ تَحْمَرَّ أَوْ تَصْفَرَّ (وَيَكْفِي بُدُوُّ صَلَاحِ بَعْضِهِ) حَيْثُ كَانَ مُتَّحِدَ الْجِنْسِ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ، وَقِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ فِي التَّأْبِيرِ خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ (وَإِنْ قَلَّ) كَحَبَّةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ عِنَبٍ أَوْ بُسْرٍ أَوْ نَحْوِهِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى امْتَنَّ عَلَيْنَا بِطَيِّبِ الثِّمَار عَلَى التَّدْرِيجِ إطَالَةً لِزَمَنِ التَّفَكُّهِ، فَلَوْ شَرَطَ طِيبَ جَمِيعِهِ لَأَدَّى إلَى أَنْ لَا يُبَاعَ شَيْءٌ لِأَنَّ السَّابِقَ قَدْ يَتْلَفُ أَوْ تُبَاعُ الْحَبَّةُ بَعْدَ الْحَبَّةِ وَفِي كُلٍّ حَرَجٌ شَدِيدٌ. (وَلَوْ) (بَاعَ ثَمَرَ بُسْتَانٍ أَوْ بُسْتَانَيْنِ بَدَا صَلَاحُ بَعْضِهِ) وَاتَّحَدَ جِنْسُهُ وَعَقْدُهُ (فَعَلَى مَا سَبَقَ فِي التَّأْبِيرِ) فَيَتْبَعُ مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ مَا بَدَا صَلَاحُهُ فِي الْبُسْتَانِ أَوْ كُلُّ مِنْ الْبُسْتَانَيْنِ وَإِنْ اخْتَلَفَ النَّوْعُ، بِخِلَافِ الْجِنْسِ فَلَا يَتْبَعُ جِنْسَ غَيْرِهِ، وَلَوْ بَدَا صَلَاحُ بَعْضِ ثَمَرِ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فَلَا يَتْبَعُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِالدِّبَاغِ تَبَعًا لِلْجِلْدِ اهـ طَبَقَاتُ الْإِسْنَوِيِّ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَحَلَّهُ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ أَطْلَقَ فِي بَيْعِ خَشَبِ الْكَتَّانِ وَعَلَيْهِ الْحَبُّ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ وَيَنْزِلَ عَلَى الْخَشَبِ فَقَطْ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ شَجَرِ نَخْلٍ عَلَيْهَا ثَمَرٌ مُؤَبَّرٌ أَوْ شَجَرٌ نَحْوَ تِينٍ خَرَجَ ثَمَرُهَا فَلَا يُتَنَاوَلُ الْحَبُّ كَمَا لَا يُتَنَاوَلُ الشَّجَرُ الْمَذْكُورُ ثَمَرُهَا، وَإِنَّمَا لَمْ نَقُلْ مِثْلَ ذَلِكَ نَحْوَ زَرْعِ الْحِنْطَةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ سَنَابِلُهَا، بِخِلَافِ الْكَتَّانِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ خَشَبُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَالْكَلَامُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَلَوْ نَصَّ عَلَى أُصُولِ الْحِنْطَةِ دُونَ سَنَابِلِهَا صَحَّ لِلْعِلْمِ بِالْمَبِيعِ حِينَئِذٍ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ وَمَا لَا يُرَى حَبُّهُ كَالْحِنْطَةِ وَالْعَدَسِ لَا يَصِحُّ دُونَ سُنْبُلِهِ وَلَا مَعَهُ فِي الْجَدِيدِ لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ رَاجِعٌ لِلْحَبِّ: يَعْنِي لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْحَبِّ وَحْدَهُ لِاسْتِتَارِهِ بِالسَّنَابِلِ وَلَا مَعَهَا لِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَبُدُوُّ صَلَاحِ الثَّمَرِ) قَسَّمَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ثَمَانِيَةَ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا اللَّوْنُ كَصُفْرَةِ الْمِشْمِشِ وَحُمْرَةِ الْعُنَّابِ وَسَوَادِ الْإِجَّاصِ وَبَيَاضِ التُّفَّاحِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. ثَانِيهَا الطَّعْمُ كَحَلَاوَةِ قَصَبِ السُّكْرِ وَحُمُوضَةِ الرُّمَّانِ إذَا زَالَتْ الْمَرَارَةُ. ثَالِثُهَا النُّضْجُ فِي التِّينِ وَالْبِطِّيخِ وَنَحْوِهِمَا وَذَلِكَ بِأَنْ تَلِينَ صَلَابَتُهُ رَابِعُهَا. بِالْقُوَّةِ وَالِاشْتِدَادِ كَالْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ. خَامِسُهَا بِالطُّولِ وَالِامْتِلَاءِ كَالْعَلَفِ وَالْبُقُولِ. سَادِسُهَا بِالْكِبَرِ كَالْقِثَّاءِ سَابِعُهَا بِانْشِقَاقِ كِمَامِهِ كَالْقُطْنِ وَالْجَوْزِ. ثَامِنُهَا بِانْفِتَاحِهِ كَالْوَرْدِ وَوَرَقِ التُّوتِ اهـ خَطِيبٌ. وَعِبَارَةُ حَجّ: وَتَنَاهِي وَرَقِ التُّوتِ وَهِيَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ رَأَى فِي إسْقَاطِهِ) أَيْ بِأَنْ يَتَمَوَّهَ إلَخْ (قَوْله مَعَ مَا قَبْلَهُ) هُوَ قَوْلُهُ: مَبَادِئِ النُّضْجِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَيْ يَصْفُو) تَفْسِيرُ يَتَمَوَّهَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَضَابِطُ ذَلِكَ أَنْ يَبْلُغَ حَالَةً يُطْلَبُ فِيهَا غَالِبًا) يَرُدُّ عَلَيْهِ نَحْوَ الْبَقْلِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ كَمَا مَرَّ، مَعَ أَنَّ الْحَالَةَ الَّتِي وَصَلَ إلَيْهَا يُطْلَبُ فِيهَا غَالِبًا، وَيَشْمَلُ الْكُلُّ قَوْلَ الشَّارِحِ: وَضَابِطُ ذَلِكَ. إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَتْ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: أَنْوَاعُهُ) كَبُرْنِيٍّ وَمَعْقِلِيٍّ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَ النَّوْعُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَكِبَرِ الْقِثَّاءِ) مَعْطُوفٌ عَلَى اشْتِدَادِ

عَلَى الْأَصَحِّ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ الْقَطْعِ فِي ثَمَرِ الْآخَرِ. (وَمَنْ) (بَاعَ مَا بَدَا صَلَاحُهُ) مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ وَأَبْقَى (لَزِمَهُ سَقْيُهُ) حَيْثُ كَانَ مِمَّا يُسْقَى (قَبْلَ التَّخْلِيَةِ وَبَعْدَهَا) قَدْرَ مَا يُنْمِيهِ وَيَقِيه مِنْ التَّلَفِ لِأَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ التَّسْلِيمِ الْوَاجِبِ كَالْكَيْلِ فِي الْمَكِيلِ وَالْوَزْنِ فِي الْمَوْزُونِ. فَلَوْ شَرَطَ كَوْنَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي بَطَلَ الْبَيْعُ لِمُخَالَفَتِهِ مُقْتَضَاهُ، فَلَوْ بَاعَهُ مَعَ شَرْطِ قَطْعٍ أَوْ قَلْعٍ لَمْ يَجِبْ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ سَقْيٌ كَمَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ إلَّا إذَا لَمْ يَتَأَتَّ قَطْعُهُ إلَّا فِي زَمَنٍ طَوِيلٍ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى السَّقْيِ فَنُكَلِّفُهُ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِهِمْ الْمَذْكُورِ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَوْ بَاعَ الثَّمَرَةَ لِمَالِكِ الشَّجَرَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ سَقْيٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَفِي كَلَامِ الرَّوْضَةِ مَا يَدُلُّ لَهُ لِانْقِطَاعِ الْعَلَقِ بَيْنَهُمَا (وَيَتَصَرَّفُ مُشْتَرِيه) أَيْ مَا ذَكَرَ (بَعْدَهَا) أَيْ التَّخْلِيَةِ لِحُصُولِ الْقَبْضِ بِهَا كَمَا مَرَّ مَبْسُوطٌ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ (وَلَوْ عُرِضَ مُهْلَكٌ) أَوْ تَعَيَّبَ (بَعْدَهَا) أَيْ التَّخْلِيَةِ مِنْ غَيْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا مَرَّ. . (قَوْلُهُ: وَأَبْقَى) أَيْ اسْتَحَقَّ إبْقَاؤُهُ بِأَنْ بِيعَ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ مُطْلَقًا أَوْ بِشَرْطِ إبْقَائِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ فَلَوْ بَاعَهُ مَعَ شَرْطِ قَطْعٍ إلَخْ وَقَوْلُهُ: أَيْضًا وَأَبْقَى: أَيْ وَالْأَصْلُ مِلْكٌ لِلْبَائِعِ اهـ حَجّ. وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي: وَلَوْ بَاعَ الثَّمَرَةَ لِمَالِكِ الشَّجَرِ (قَوْلُهُ: قَدْرَ مَا يُنَمِّيهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي مَا يَدْفَعُ عَنْهُ التَّلَفَ وَالتَّعَيُّبَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ سَقْيٍ يُنَمِّيهِ عَلَى الْعَادَةِ فِي مِثْلِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَيَقِيهِ) عَطْفٌ مُغَايِرٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ التَّسْلِيمِ الْوَاجِبِ كَالْكَيْلِ فِي الْمَكِيلِ) فَإِنْ قُلْت: مُقْتَضَى هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْبَائِعِ مَالِكًا لِلشَّجَرِ أَوْ لَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ مَتَى كَانَ الشَّجَرُ لِغَيْرِ مَالِكِ الثَّمَرِ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْبَائِعِ سَقْيٌ. قُلْت: قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْكَيْلَ فِي الْمَكِيلِ إنَّمَا يَجِبُ حَيْثُ بِيعَ مُقَدَّرًا، وَكَوْنُ الثَّمَرِ وَالشَّجَرِ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ اقْتَضَى بَقَاءَ الْيَدِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي لُزُومَ السَّقْيِ فَأَشْبَهَ لُزُومَ الْكَيْلِ فِي الْمَبِيعِ إذَا بِيعَ مُقَدَّرًا، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الشَّجَرُ لِغَيْرِ الْبَائِعِ فَلَمْ يَقْوَ شِبْهُهُ بِالْمَكِيلِ بَلْ أَشْبَهَ الْجُزَافَ فِي عَدَمِ بَقَاءِ عَلَقَةِ الْمُتَبَايِعَيْنِ (قَوْلُهُ: بَطَلَ) أَيْ سَوَاءٌ شَرَطَ عَلَى الْمُشْتَرِي سَقْيَهُ مِنْ الْمَاءِ الْمُعَدِّ لَهُ أَوْ بِجَلْبِ مَاءٍ لَيْسَ مُعَدًّا لِسَقْيِ الشَّجَرِ الْمَبِيعَةِ ثَمَرَتُهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ) مَفْهُومُهُ وُجُوبُ السَّقْيِ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ وَإِنْ أَمْكَنَ قَطْعُهُ حَالًا، وَلَمْ يَذْكُرْ حَجّ هَذَا الْقَيْدَ، فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا بَعْدَ التَّخْلِيَةِ وَمَا قَبْلَهَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَسْتَحِقُّ إبْقَاءَهُ فَلَا مَعْنَى لِتَكْلِيفِ الْبَائِعِ السَّقْيَ الَّذِي يُنَمِّيهِ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ ذَكَرَ مَا يُوَافِقُ هَذَا فَرَاجِعْهُ، وَقَدْ يُقَالُ بِوُجُوبِهِ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الشَّارِحِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ التَّقْصِيرَ مِنْ الْبَائِعِ حَيْثُ لَمْ يُخِلَّ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَهُ، فَإِذَا تَلِفَ بِتَرْكِ السَّقْيِ كَانَ مِنْ ضَمَانِهِ، وَقَدْ يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوَّلَ بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ وَأَنَّ الْبَائِعَ لَا يَبْرَأُ بِإِسْقَاطِ الضَّمَانِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا لَمْ يَتَأَتَّ قَطْعُهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي وُجُوبِ السَّقْيِ حِينَئِذٍ بَيْنَ مَا قَبْلَ التَّخْلِيَةِ وَمَا بَعْدَهَا اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُهُ لِانْقِطَاعِ إلَخْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ إذَا بَاعَ الثَّمَرَةَ وَالشَّجَرَةَ مَعًا اهـ سم أَيْضًا بَقِيَ مَا لَوْ بَاعَ الثَّمَرَةَ لِزَيْدٍ ثُمَّ بَاعَ الشَّجَرَةَ لِعَمْرٍو هَلْ يَلْزَمُ الْبَائِعَ السَّقْيُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ اللُّزُومُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ الْتَزَمَ لَهُ السَّقْيَ فَبَيْعُ الشَّجَرِ لِغَيْرِهِ لَا يُسْقِطُ عَنْهُ مَا الْتَزَمَهُ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ الثَّمَرَةَ لِشَخْصٍ ثُمَّ بَاعَهَا الْمُشْتَرِي لِثَالِثٍ فَإِنَّ الْبَائِعَ لَا يَلْزَمُهُ السَّقْيُ عَلَى مَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ سم عَلَى حَجّ وَإِنْ كَانَ مَالِكًا لِلشَّجَرَةِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ لَمْ يَتَلَقَّ مِنْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ فَلَا عَلَقَةَ بَيْنَهُمَا، وَلَكِنْ نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ السَّقْيُ لِكَوْنِهِ الْتَزَمَهُ بِالْبَيْعِ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَلَهُ وَجْهٌ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِالْبَيْعِ، وَبَقَاءُ الشَّجَرَةِ فِي مِلْكِهِ مُقْتَضٍ لِبَقَاءِ الْعَلَقَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِكِ الثَّمَرَةِ وَإِنْ كَانَ مِلْكَهُ الْآنَ مِنْ غَيْرِ مَالِكِ الشَّجَرَةِ، وَقَدْ يُرَدُّ عَلَيْهِ: أَيْ عَلَى مَا قَالَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ أَرْضًا بِهَا حِجَارَةٌ مَدْفُونَةٌ ثُمَّ بَاعَ الْحِجَارَةَ مَالِكُهَا لِآخَرَ لَمْ يَنْزِلْ الْمُشْتَرِي لَهَا مَنْزِلَةَ الْبَائِعِ، بَلْ يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي لَهَا أُجْرَةُ مُدَّةِ النَّقْلِ سَوَاءٌ نَقَلَهَا قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ، بِخِلَافِ الْبَائِعِ لَهَا فَإِنَّهُ إنْ نَقَلَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ أَوْ بَعْدَهُ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاعَ الثَّمَرَةَ) مُحْتَرِزُ قَوْلِ حَجّ وَالْأَصْلُ إلَخْ وَلَوْ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَيَتَصَرَّفُ) مُسْتَأْنَفٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[بيع ثمر بستان أو بستانين بدا صلاح بعضه]

تَرْكِ سَقْيٍ وَاجِبٍ (كَبَرَدٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَإِسْكَانِهَا كَمَا بِخَطِّهِ (فَالْجَدِيدُ أَنَّهُ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي) لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ حُصُولِ الْقَبْضِ بِهَا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِالتَّصَدُّقِ عَلَى مَنْ أُصِيبَ فِي ثَمَرٍ اشْتَرَاهُ وَلَمْ يَسْقُطْ مَا لَحِقَهُ مِنْ ثَمَنِهَا» ، فَخَبَرُهُ أَنَّهُ أَمَرَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ عَلَى مَا قَبْلَ الْقَبْضِ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ، أَمَّا لَوْ عُرِضَ الْمُهْلِكُ مِنْ تَرْكِ مَا وَجَبَ عَلَى الْبَائِعِ مِنْ السَّقْيِ كَانَ مِنْ ضَمَانِهِ وَالْقَدِيمُ أَنَّهُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي الثَّمَرَ مَالِكُ الشَّجَرِ ضَمِنَهُ جَزْمًا كَمَا لَوْ كَانَ الْمُهْلِكُ نَحْوَ سَرِقَةٍ أَوْ بَعُدَ أَوَانَ الْجِذَاذِ بِزَمَنٍ يُعَدُّ التَّأْخِيرُ فِيهِ تَضْيِيعًا أَمَّا مَا قَبْلَهَا فَمِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ، فَإِنْ تَلِفَ الْبَعْضُ انْفَسَخَ فِيهِ فَقَطْ (فَلَوْ) (تَعَيَّبَ) الثَّمَرُ الْمَبِيعُ مُنْفَرِدًا مِنْ غَيْرِ مَالِكِ الشَّجَرِ (بِتَرْكِ الْبَائِعِ السَّقْيَ) الْوَاجِبَ عَلَيْهِ (فَلَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (الْخِيَارُ) لِأَنَّ الشَّرْعَ أَلْزَمَ الْبَائِعَ التَّنْمِيَةَ بِالسَّقْيِ فَالتَّعْيِيبُ بِتَرْكِهِ كَالتَّعْيِيبِ قَبْلَ الْقَبْضِ حَتَّى لَوْ تَلِفَ بِذَلِكَ انْفَسَخَ الْعَقْدُ أَيْضًا، هَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَتَعَذَّرْ السَّقْيُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ بِأَنْ غَارَتْ الْعَيْنُ أَوْ انْقَطَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فِيهِ. (قَوْلُهُ: لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ حُصُولِ الْقَبْضِ بِهَا) أَيْ وَإِنْ كَانَ بَيْعُ الثَّمَرِ بَعْدَ أَوَانِ الْجُذَاذِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ: أَمَرَ بِالتَّصَدُّقِ) أَيْ مِنْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ عُرِضَ الْمُهْلِكُ) أَيْ أَوْ التَّعَيُّبُ (قَوْلُهُ: مِنْ تَرْكِ مَا وَجَبَ) أَيْ بِأَنْ بِيعَ لَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ أَوْ بِهِ وَلَمْ يَتَأَتَّ قَطْعُهُ إلَّا فِي زَمَنٍ طَوِيلٍ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: كَانَ مِنْ ضَمَانِهِ) أَيْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ جَزْمًا) وَهُوَ وَاضِحٌ مِمَّا مَرَّ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ السَّقْيِ عَلَى الْبَائِعِ، وَقِيَاسُهُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ بَاعَهَا لِغَيْرِ مَالِكِ الشَّجَرَةِ حَيْثُ قُلْنَا بِعَدَمِ وُجُوبِ السَّقْيِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ كَانَ إلَخْ) أَيْ وَقَدْ تَلِفَ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ، وَالْمُرَادُ أَنَّ كَوْنَهُ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي لَا خِلَافَ فِيهِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ أَوَانِ الْجُذَاذِ بِزَمَنٍ) هَذَا الْقَيْدُ إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ إذَا نَشَأَ الْمُهْلَكُ مِنْ تَرْكِ السَّقْيِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَبِيعَ بَعْدَ قَبْضِهِ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: فَمِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ التَّلَفُ وَالتَّعَيُّبُ بِتَرْكِ السَّقْيِ لَمَّا شَرَطَ قَطْعَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَلِفَ الْبَعْضُ انْفَسَخَ فِيهِ) أَيْ وَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِي الْبَاقِي إنْ كَانَ التَّلَفُ قَبْلَ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ تَعَيَّبَ الثَّمَرُ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي التَّعَيُّبِ هُنَا عُرُوضُ مَا يُنْقِصُهُ عَنْ قِيمَتِهِ وَقْتَ الْبَيْعِ، بَلْ الْمُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ عَدَمُ نُمُوِّهِ نُمُوُّ نَوْعِهِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ السَّقْيُ قَدْرَ مَا يُنَمِّيهِ وَيَقِيه مِنْ التَّلَفِ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ الْخِيَارُ) أَيْ فَوْرًا (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ تَلِفَ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْمُشْتَرِي جَاهِلًا بِأَنَّ التَّعَيُّبَ يُفْضِي إلَى التَّلَفِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَيْع ثَمَر بُسْتَانٍ أَوْ بُسْتَانَيْنِ بَدَا صَلَاحُ بَعْضِهِ] قَوْلُهُ: أَمَرَ بِالتَّصَدُّقِ عَلَى مَنْ أُصِيبَ) وَلَفْظُ مُسْلِمٍ «أَنَّ رَجُلًا أُصِيبَ فِي ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ فَفَعَلُوا، وَلَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَفَاءَ دَيْنِهِ، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ وَلَيْسَ لَكُمْ إلَّا ذَلِكَ» اهـ. فَالضَّمِيرُ فِي تَصَدَّقُوا لِلصَّحَابَةِ غَيْرِ الْبَائِعِينَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ السِّيَاقِ، وَلَا بُدَّ مِنْهُ لِيَتِمَّ الِاسْتِدْلَال بِهِ لِلْجَدِيدِ، وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ تَرْجِيعِهِ لِلْبَائِعَيْنِ فَلَا يَتَأَتَّى عَلَى الْجَدِيدِ بَلْ هُوَ تَأْوِيلٌ لِلْحَدِيثِ بِحَمْلِهِ عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِهِ مِنْ الْقَائِلِينَ بِالْقَدِيمِ لِيُوَافِقَ حَدِيثَ وَضْعِ الْجَوَائِحِ الَّذِي أَخَذُوا بِهِ عَكْسَ مَا صَنَعَ الْقَائِلُونَ بِالْجَدِيدِ، وَقَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ «وَلَيْسَ لَكُمْ إلَّا ذَلِكَ» لَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْهُ لَيْسَ لَكُمْ إلَّا ذَلِكَ الْآنَ لِعَدَمِ يَسَارِ الْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ بِبَاقِي الثَّمَنِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ لِيَتِمَّ الِاسْتِدْلَال فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ عَرَضَ الْمُهْلِكُ مِنْ تَرْكِ مَا وَجَبَ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ عَرَضَ التَّعَيُّبُ مِنْ ذَلِكَ فَسَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: كَانَ مِنْ ضَمَانِهِ) أَيْ فَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ حَتَّى لَوْ تَلِفَ بِذَلِكَ انْفَسَخَ الْعَقْدُ عَقِبَ الْمَتْنِ الْآتِي. (قَوْلُهُ: أَمَّا قَبْلَهَا فَمِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ) أَيْ فَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِتَلَفِهِ وَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ ذِكْرُهُ لِيَظْهَرَ مَعْنَى قَوْلِهِ عَقِبَهُ فَإِنْ تَلِفَ الْبَعْضُ إلَخْ. وَلَعَلَّهُ مِنْ النُّسَّاخِ. (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ تَلِفَ بِذَلِكَ) أَيْ بِتَرْكِ الْبَائِعِ السَّقْيَ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ. (قَوْلُهُ: انْفَسَخَ الْعَقْدُ أَيْضًا) لَا مَوْقِعَ لِذِكْرِ أَيْضًا

النَّهْرُ فَلَا خِيَارَ لَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ، وَلَا يُكَلَّفُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَكْلِيفُ مَاءٍ آخَرَ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ نَصِّ الْأُمِّ وَكَلَامُ الْجُوَيْنِيُّ فِي السِّلْسِلَةِ، فَإِنْ آلَ التَّعْيِيبُ إلَى التَّلَفِ وَالْمُشْتَرِي عَالِمٌ بِهِ وَلَمْ يُفْسَخْ لَمْ يَغْرَمْ لَهُ الْبَائِعُ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ كَمَا رَجَّحَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرَيْنِ. (وَلَوْ) (بِيعَ) نَحْوُ ثَمَرٍ (قَبْلَ) أَوْ بَعْدَ (بُدُوِّ صَلَاحِهِ بِشَرْطِ قَطْعِهِ وَلَمْ يُقْطَعْ حَتَّى هَلَكَ) بِجَائِحَةٍ (فَأَوْلَى بِكَوْنِهِ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي) مِمَّا لَمْ يُشْتَرَطْ قَطْعُهُ لِتَفْرِيطِهِ، وَمِنْ ثَمَّ قَطَعَ بَعْضُهُمْ بِكَوْنِهِ مِنْ ضَمَانِهِ وَقَطَعَ بَعْضٌ آخَرُ بِكَوْنِهِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَا وَجْهَ لَهُ إذَا أَخَّرَ الْمُشْتَرِي عِنَادًا (وَلَوْ) (بِيعَ ثَمَرٌ) أَوْ زَرْعٌ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَلَوْ لِبَعْضِهِ، وَهُوَ مِمَّا يَنْدُرُ اخْتِلَاطُهُ أَوْ يَتَسَاوَى فِيهِ الْأَمْرَانِ أَوْ يُجْهَلُ حَالُهُ صَحَّ بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَالْإِبْقَاءِ وَمَعَ الْإِطْلَاقِ، أَوْ مِمَّا (يَغْلِبُ تَلَاحُقُهُ وَاخْتِلَاطُ حَادِثِهِ بِالْمَوْجُودِ) بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزَانِ (كَتِينٍ وَقِثَّاءٍ) وَبِطِّيخٍ (لَمْ يَصِحَّ) الْبَيْعُ لِانْتِفَاءِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِ (إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ) أَيْ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَيُوَافِقَهُ الْآخَرُ (قَطْعَ ثَمَرِهِ) أَوْ زَرْعَهُ عِنْدَ خَوْفِ الِاخْتِلَاطِ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ حِينَئِذٍ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ، فَلَوْ لَمْ يَتَّفِقْ قَطَعَ حَتَّى اخْتَلَطَ فَكَمَا فِي قَوْلِهِ (وَلَوْ حَصَلَ الِاخْتِلَاطُ) أَيْ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ (فِيمَا يَنْدُرُ) فِيهِ الِاخْتِلَاطُ أَوْ فِيمَا يَتَسَاوَى فِيهِ الْأَمْرَانِ أَوْ جُهِلَ فِيهِ الْحَالُ (فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ) لِبَقَاءِ عَيْنِ الْمَبِيعِ وَتَسْلِيمُهُ مُمْكِنٌ بِالطَّرِيقِ الْآتِي فَدَعْوَى مُقَابِلِهِ تَعَذُّرُهُ مَمْنُوعٌ وَإِنْ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ وَانْتَصَرَ لَهُ جَمْعٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَادَّعَوْا أَنَّهُ الْمَذْهَبُ (بَلْ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي) بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالْفَسْخِ إذْ الِاخْتِلَاطُ عَيْبٌ حَدَثَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ تَصْحِيحُ مَا دَلَّ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ عَلَيْهِ أَنَّهُ خِيَارُ عَيْبٍ فَيَكُونُ فَوْرِيًّا وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حَاكِمٍ لِلصِّدْقِ حَدُّ الْعَيْبِ السَّابِقِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ بِالِاخْتِلَاطِ صَارَ نَاقِصَ الْقِيمَةِ لِعَدَمِ الرَّغْبَةِ فِيهِ حِينَئِذٍ، وَإِنْ ذَهَبَ كَثِيرُونَ إلَى أَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي وَتَوَقُّفُهُ عَلَى الْحَاكِمِ لِأَنَّهُ لِقَطْعِ النِّزَاعِ لَا لِلْعَيْبِ وَالثَّانِي يَنْفَسِخُ لِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَعَلَى الْأَوَّلِ (فَإِنْ سَمَحَ) بِفَتْحِ الْمِيمِ (لَهُ الْبَائِعُ بِمَا حَدَثَ) بِهِبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَيَمْلِكُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي فَإِنْ آلَ التَّعَيُّبَ إلَى التَّلَفِ وَالْمُشْتَرِي عَالِمٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: تَكْلِيفُ مَاءٍ آخَرَ) ظَاهِرٌ وَإِنْ قَرُبَ جِدًّا (قَوْلُهُ وَالْمُشْتَرِي عَالِمٌ بِهِ) أَيْ التَّعَيُّبِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَغْرَمْ لَهُ) أَيْ الْبَدَلَ وَهَلْ يَغْرَمُ لَهُ الْأَرْشُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِهِ نَفْيَ الْغُرْمِ الشَّامِلِ لِلْبَدَلِ وَالْأَصْلُ (قَوْلُهُ: كَمَا رَجَّحَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ) مُرَادُهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ) تَقَدَّمَ نَقْلُ عَدَمِ الضَّمَانِ فِي هَذَا عَنْ بَحْثِ السُّبْكِيّ، وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْأَوْلَى عَدَمَ زِيَادَتِهَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا تَقَدَّمَ فِي تَرْكِ السَّقْيِ وَهَذَا فِي التَّلَفِ بِالْعَاهَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي) أَيْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ أَوْ بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: أَوْ مَا يَغْلِبُ تَلَاحُقَهُ) أَيْ يَقِينًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ قَبِلَ أَوْ جَهِلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقِثَّاءٍ وَبِطِّيخٍ) هَذِهِ أَمْثِلَةٌ لِلثَّمَرَةِ، وَمِثَالُهُ لِلزَّرْعِ بَيْعُ الْبِرْسِيمِ وَنَحْوِهِ فَلَا يَصِحُّ إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ لِأَنَّهُ مِمَّا يَغْلِبُ فِيهِ التَّلَاحُقُ بِزِيَادَةِ طُولِهِ وَاشْتِبَاهِ الْمَبِيعِ بِغَيْرِهِ وَطَرِيقُ مَنْ أَرَادَ شِرَاءَهُ لِلرَّعْيِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِشَرْطِ الْقَطْعِ ثُمَّ يَسْتَأْجِرُ الْأَرْضَ مُدَّةً يَتَأَتَّى فِيهَا رَعْيُهُ وَفِي هَذِهِ تَكُونُ الرِّبَّةُ لِلْمُشْتَرِي، وَأَمَّا إنْ اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَأَخَّرَ بِالتَّرَاضِي أَوْ دُونَهُ فَالزِّيَادَةُ لِلْبَائِعِ حَتَّى السَّنَابِلَ، فَإِنْ بَلَغَ الْبِرْسِيمَ إلَى حَالَةٍ لَا يَغْلِبُ فِيهَا زِيَادَةٌ وَاخْتِلَاطٌ صَحَّ بَيْعُهُ مُطْلَقًا وَبِشَرْطِ الْقَطْعِ وَبِشَرْطِ الْإِبْقَاءِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ بِالرَّعْيِ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ: فَدَعْوَى) أَيْ ادِّعَاءُ ذِكْرِهِ لِتَأْوِيلِ الدَّعْوَى بِالِادِّعَاءِ فَلَا يُقَالُ كَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ مَمْنُوعَةٌ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ: يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: بِمَا حَدَثَ بِهِبَةٍ) ع اُنْظُرْ كَيْف الْهِبَةُ مَعَ الْجَهْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQهُنَا وَلَعَلَّهُ مُحَرَّفٌ عَنْ قَطْعًا كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي عِبَارَةِ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ . (قَوْلُهُ: وَقَطَعَ بَعْضٌ إلَخْ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِلتُّحْفَةِ، وَلَكِنَّ الَّذِي فِي قُوتِ الْأَذْرَعِيِّ مَا نَصُّهُ: وَلَا وَجْهَ لِلْخِلَافِ إذَا طَالَبَهُ الْبَائِعُ بِالْقَطْعِ وَأَخَّرَ عِنَادًا وَلَا سِيَّمَا إذَا أَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ بِهِ اهـ. بِلَفْظِهِ. (قَوْلُهُ: وَتَوَقُّفِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي.

بِهِ أَيْضًا هُنَا كَمَا فِي الْإِعْرَاضِ عَنْ السَّنَابِلِ بِخِلَافِهِ عَنْ النَّعْلِ، لِأَنَّ عَوْدَهُ إلَى الْمُشْتَرِي مُتَوَقَّعٌ وَلَا سَبِيلَ هُنَا إلَى تَمْيِيزِ حَقِّ الْبَائِعِ (سَقَطَ خِيَارُهُ فِي الْأَصَحِّ) لِزَوَالِ الْمَحْذُورِ وَلَا أَثَرَ لِلْمِنَّةِ هُنَا لِكَوْنِهَا فِي ضِمْنِ عَقْدٍ وَفِي مُقَابَلَةِ عَدَمِ فَسْخِهِ. وَالثَّانِي لَا يَسْقُطُ لِمَا فِي قَبُولِهِ مِنْ الْمِنَّةِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ تَبَعًا لِلْإِمَامِ. وَالْغَزَالِيِّ يَقْتَضِي تَخْيِيرَ الْمُشْتَرِي أَوَّلًا حَتَّى تَجُوزَ مُبَادَرَتُهُ لِلْفَسْخِ، فَإِنْ بَادَرَ الْبَائِعُ أَوَّلًا وَسَمَحَ سَقَطَ خِيَارُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَإِنْ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ إنَّهُ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ فَإِنَّهُمْ خَيَّرُوا الْبَائِعَ أَوَّلًا فَإِنْ سَمَحَ بِحَقِّهِ أَقَرَّ الْعَقْدَ وَإِلَّا فُسِخَ. أَمَّا لَوْ وَقَعَ الِاخْتِلَاطُ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ فَلَا انْفِسَاخَ أَيْضًا وَلَا خِيَارَ، بَلْ إنْ اتَّفَقَا عَلَى شَيْءٍ فَذَاكَ وَإِلَّا صُدِّقَ ذُو الْيَدِ بِيَمِينِهِ فِي قَدْرِ حَقِّ الْآخَرِ، وَهَلْ الْيَدُ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لَهُمَا، فِيهِ أَوْجُهٌ أَوْجَهُهَا ثَانِيهَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ. وَلَوْ اشْتَرَى شَجَرَةً وَعَلَيْهَا ثَمَرَةٌ لِلْبَائِعِ يَغْلِبُ تَلَاحُقُهَا فَفِي وُجُوبِ الْقَطْعِ وَوُقُوعِ الِاخْتِلَاطِ وَالِانْفِسَاخِ مَا مَرَّ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، وَلَوْ بَاعَ جِزَّةً مِنْ الْقَتِّ مَثَلًا بِشَرْطِ الْقَطْعِ فَلَمْ يَقْطَعْهَا حَتَّى طَالَتْ وَتَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ جَرَى الْقَوْلَانِ، وَيَجْرِيَانِ أَيْضًا فِيمَا لَوْ بَاعَ حِنْطَةً فَانْصَبَّ عَلَيْهَا مِثْلُهَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَكَذَا فِي الْمَائِعَاتِ، وَلَوْ اخْتَلَطَ الثَّوْبُ بِأَمْثَالِهِ أَوْ الشَّاةُ الْمَبِيعَةُ بِأَمْثَالِهَا فَالصَّحِيحُ الِانْفِسَاخُ لِأَنَّ ذَلِكَ يُوَرِّثُ الِاشْتِبَاهَ وَهُوَ مَانِعٌ مِنْ صِحَّةِ الْعَقْدِ لَوْ فُرِضَ ابْتِدَاءً، وَفِي نَحْوِ الْحِنْطَةِ غَايَةُ مَا يَلْزَمُ الْإِشَاعَةُ وَهِيَ غَيْرُ مَانِعَةٍ. (وَلَا يَصِحُّ) (بَيْعُ الْحِنْطَةِ فِي سُنْبُلِهَا بِصَافِيَةٍ) مِنْ التِّبْنِ (وَهُوَ الْمُحَاقَلَةُ) مِنْ الْحَقْلِ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ جَمْعُ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِالْمِقْدَارِ أَوْ الْعَيْنِ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ اُغْتُفِرَتْ الْجَهَالَةُ بِالْمَوْهُوبِ لِلْحَاجَةِ كَمَا قِيلَ بِنَظِيرِهِ فِي اخْتِلَاطِ حَمَامِ الْبُرْجَيْنِ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهَا) كَالْإِعْرَاضِ (قَوْلُهُ: وَيَمْلِكُ بِهِ) أَيْ بِالْغَيْرِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ) أَيْ بِخِلَافِ الْإِعْرَاضِ عَنْ الْفِعْلِ الَّذِي فَعَلَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ اطَّلَعَ فِي الدَّابَّةِ عَلَى عَيْبٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ عَوْدَهُ إلَى الْمُشْتَرِي) عِبَارَةٌ حَجّ لِلْبَائِعِ اهـ. وَتُصَوَّرُ بِمَا إذَا بِيعَتْ الدَّابَّةُ مَنْعُولَةً وَكَانَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً وَمَا فِي الشَّرْحِ يُتَصَوَّرُ بِمَا مَرَّ فَلَا مُخَالَفَةَ (قَوْلُهُ: سَقَطَ خِيَارُهُ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْل ذَلِكَ مَا لَوْ وَقَعَ الْفَسْخُ وَالْمُسَامَحَةُ مَعًا فَيَسْقُطُ خِيَارُهُ رِعَايَةً لِبَقَاءِ الْعَقْدِ سِيَّمَا وَقَدْ رَجَّحَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يُخَيَّرُ الْبَائِعُ أَوَّلًا، وَلَا يُشْكِلُ هَذَا بِتَقْدِيمِ الْفَسْخِ عَلَى الْإِجَازَةِ فِيمَا لَوْ وَقَعَ مَعًا مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُمَا، لِأَنَّهُ لَوْ قُدِّمَتْ الْإِجَازَةُ ثُمَّ لَسَقَطَ حَقُّ مَنْ جُوِّزَ لَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِالْفَسْخِ فَلِمَ تُقَدَّمُ الْإِجَازَةُ فَالْفَسْخُ، وَإِنْ نَفَذَ إنَّمَا نَفَذَ بِمُقْتَضَى مَا ثَبَتَ لَهُ وَحْدَهُ وَإِجَازَةُ الْآخَرِ لَمْ تُصَادِفْ مَحَلًّا فَوَقَعَتْ لَغْوًا، وَبَقِيَ مَا لَوْ سَمَحَ الْبَائِعُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْلَمَ الْمُشْتَرِي فَفَسَخَ جَاهِلًا بِذَلِكَ هَلْ يَنْفُذُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ فَإِنْ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي فَيُحْتَمَلُ تَصْدِيقُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمُسَامَحَةِ، وَيُحْتَمَلُ تَصْدِيقُ الْبَائِعِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْعَقْدِ وَالشَّارِعُ مُتَشَوِّفٌ إلَى بَقَاءِ الْعُقُودِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَقْرَبُ لِثُبُوتِ حَقِّ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الِاخْتِلَاطِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ سُقُوطِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لِلْمِنَّةِ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ وَقَعَ إلَخْ) مُحْتَرِزُ قَوْلِهِ السَّابِقِ: أَيْ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ التَّخْلِيَةِ) وَكَذَا لَوْ وَقَعَ الِاخْتِلَاطُ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ وَأَجَازَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى شَيْءٍ فَذَاكَ، وَإِنْ تَنَازَعَا صُدِّقَ ذُو الْيَدِ وَهُوَ هُنَا الْبَائِعُ فِيمَا يَظْهَرُ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى مَنْهَجٍ ذُكِرَ ذَلِكَ نَقْلًا عَنْ مَرَّ وَعِبَارَتُهُ قَوْلُهُ: بَلْ إنْ تَوَافَقَا عَلَى قَدْرٍ فَذَاكَ إلَخْ يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا وَقَعَ الِاخْتِلَاطُ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ وَلَمْ يَسْمَحْ الْبَائِعُ وَأَجَازَ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ رَأَيْته صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي شَرْحِ عِبَارَةِ الرَّوْضِ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْيَدُ: هُنَا لِلْبَائِعِ مَرَّ اهـ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا صُدِّقَ ذُو الْيَدِ) وَهُوَ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: ثَانِيهَا) هُوَ قَوْلُهُ أَوْ لِلْمُشْتَرِي. (قَوْلُهُ: فَفِي وُجُوبِ الْقَطْعِ) أَيْ شَرْطِ الْقَطْعِ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ إنْ كَانَ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي وَبَعْدَهَا صُدِّقَ ذُو الْيَدِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاعَ جِزَّةً مِنْ الْقَتِّ) وَمِنْهُ الْبِرْسِيمُ الْأَخْضَرُ (قَوْلُهُ: جَرَى الْقَوْلَانِ) أَيْ وَأَصَحُّهُمَا عَدَمُ الِانْفِسَاخِ، وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ، وَيُصَدَّقُ ذُو الْيَدِ إنْ كَانَ بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْقَبْضِ) أَمَّا بَعْدَهُ فَلَا انْفِسَاخَ وَيَدُورُ النَّازِعُ بَيْنَهُمَا إلَى الصُّلْحِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي الْمَائِعَاتِ) أَيْ وَفِي غَيْرِهَا مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَطَ الثَّوْبُ بِأَمْثَالِهِ) أَيْ قَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْحَقْلِ) أَيْ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْحَقْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حَقْلَةٍ وَهِيَ السَّاحَةُ الَّتِي تُزْرَعُ، سُمِّيَتْ مُحَاقَلَةً لِتَعَلُّقِهَا بِزَرْعٍ فِي حَقْلٍ (وَلَا) بَيْعُ (الرُّطَبِ عَلَى النَّخْلِ بِتَمْرٍ) (وَهُوَ الْمُزَابَنَةُ) مِنْ الزَّبْنِ وَهُوَ الدَّفْعُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِبِنَائِهَا عَلَى التَّخْمِينِ الْمُوجِبِ لِلتَّدَافُعِ وَالتَّخَاصُمِ، وَذَلِكَ لِنَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهُمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَفُسِّرَا فِي رِوَايَةٍ بِمَا ذُكِرَ وَوَجْهُ فَسَادِهِمَا مَا فِيهِمَا مِنْ الرِّبَا مَعَ انْتِفَاءِ الرُّؤْيَةِ فِي الْأُولَى، وَلِهَذَا لَوْ بَاعَ زَرْعًا غَيْرَ رِبَوِيٍّ قَبْلَ ظُهُورِ الْحَبِّ بِحَبٍّ أَوْ بُرًّا صَافِيًا بِشَعِيرٍ وَتَقَابَضَا فِي الْمَجْلِسِ جَازَ إذْ لَا رِبَا، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ رِبَوِيًّا كَأَنْ اُعْتِيدَ أَكْلُهُ كَالْحُلْبَةِ امْتَنَعَ بَيْعُهُ بِحَبِّهِ، وَبِهِ جَزَمَ الزَّرْكَشِيُّ وَصَرَّحَ بِهَذَيْنِ لِتَسْمِيَتِهِمَا بِمَا ذُكِرَ وَإِلَّا فَقَدْ عُلِمَا مِمَّا مَرَّ فِي الرِّبَا. (وَيُرَخَّصُ فِي) بَيْعِ (الْعَرَايَا) جَمْعُ عَرِيَّةٍ وَهِيَ مَا تُفْرَدُ لِلْأَكْلِ لِعَرْوِهَا عَنْ حُكْمِ بَاقِي الْبُسْتَانِ (وَهُوَ بَيْعُ الرُّطَبِ) وَيَلْحَقُ بِهِ الْبُسْرُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ إذْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ كَهِيَ إلَى الرُّطَبِ (عَلَى النَّخْلِ) خَرْصًا (بِتَمْرٍ) لَا رَطْبٍ (فِي الْأَرْضِ أَوْ) بَيْعِ (الْعِنَبِ) وَمَنْ أَلْحَقَ بِهِ الْحِصْرِمَ قِيَاسًا عَلَى الْبُسْرِ فَقَدْ غَلِطَ كَمَا أَفَادَهُ الْأَذْرَعِيُّ لِبُدُوِّ صَلَاحِ الْبُسْرِ وَتَنَاهِي كِبَرِهِ فَالْخَرْصُ يَدْخُلُهُ بِخِلَافِ الْحِصْرِمِ فِيهِمَا وَنَقْلُ الْإِسْنَوِيِّ لَهُ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ الصَّوَابَ إلْحَاقُ الْبُسْرِ خَاصَّةً (فِي الشَّجَرِ بِزَبِيبٍ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ» : أَيْ بِالْمُثَلَّثَةِ وَهُوَ الرُّطَبُ بِالتَّمْرِ وَرَخَّصَ فِي بَيْعِ الْعَرِيَّةِ أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا أَيْ بِالْفَتْحِ، وَيَجُوزُ الْكَسْرُ مَخْرُوصُهَا يَأْكُلُهَا أَهْلُهَا رُطَبًا، وَقِيسَ بِهِ الْعِنَبُ بِجَامِعِ كَوْنِهِ زَكَوِيًّا يُمْكِنُ خَرْصُهُ وَيُدَّخَرُ يَابِسُهُ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا مَعًا عَلَى الشَّجَرِ أَوْ عَلَى الْأَرْضِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ حَيْثُ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ إذْ الرُّخْصَةُ يُخْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَحَلِّ وُرُودِهَا وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: غَيْرُ رِبَوِيٍّ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُؤْكَلْ أَخْضَرَ عَادَةً كَالْقَمْحِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: إذْ لَا رِبَا) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ وَهُوَ فِي الْأُولَى ظَاهِرٌ وَفِي الثَّانِيَةِ لِوُجُودِ التَّقَابُضِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ اُعْتِيدَ أَكْلُهُ) أَيْ الزَّرْعِ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَا تَفَرَّدَ) لَعَلَّ الْمُرَادَ لُغَةً وَقَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَهُوَ بَيْعُ الرُّطَبِ إلَخْ لَعَلَّ الْمُرَادَ شَرْعًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ جَمْعُ عُرْيَةٍ يَقْتَضِي أَنَّ الْعَرَايَا هِيَ النَّخَلَاتُ الَّتِي تُفْرَدُ لِلْأَكْلِ وَتَفْسِيرُهَا بِبَيْعِ الرُّطَبِ يُنَافِيهِ، فَأَشَارَ إلَى مَنْعِ التَّنَافِي بِمَا ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: وَمَنْ أَلْحَقَ بِهِ الْحِصْرِمَ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْحِصْرِمُ أَوَّلُ الْعِنَبِ مَا دَامَ حَامِضًا. قَالَ أَبُو زَيْدٍ: وَحِصْرِمُ كُلِّ شَيْءٍ حَشَفُهُ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْبَخِيلِ حِصْرِمٌ، وَتَقَدَّمَ عَنْ الْقَامُوسِ أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى التَّمْرِ قَبْلَ النُّضْجِ (قَوْلُهُ: فِيهِمَا) أَيْ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَتَنَاهِي كِبَرِهِ (قَوْلُهُ: فِي الشَّجَرِ) أَيْ عَلَى الشَّجَرِ أَوْ جَعَلَ الشَّجَرَ ظَرْفًا مَجَازًا (قَوْلُهُ: نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ) ع رَوَى جَابِرٌ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ وَالْمُخَابَرَةِ وَالْمُعَاوَمَةِ وَالثُّنْيَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَالْمُعَاوَمَةُ بَيْعُ الشَّجَرِ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَصَاعِدًا، وَالثُّنْيَا أَنْ يَسْتَثْنِيَ فِي الْبَيْعِ شَيْئًا يُفْسِدُهُ. وَالْمُخَابَرَةُ سَتَأْتِي اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: عَلَى الشَّجَرِ) أَيْ ثَابِتَيْنِ. بِخِلَافِ الْمَقْطُوعِ عَلَى الشَّجَرِ فَإِنَّهُ كَاَلَّذِي بِالْأَرْضِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ نَقْلًا عَنْ الشَّارِحِ وَعِبَارَتِهِ: وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ عَلَى الْأَرْضِ كَوْنُهُ مَقْطُوعًا وَإِنْ كَانَ عَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ مَرَّ اهـ (قَوْلُهُ: إذْ الرُّخْصَةُ إلَخْ) يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ جَوَازَ الْعِنَبِ بِالزَّبِيبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: قَبْلَ ظُهُورِ الْحَبِّ) لَعَلَّهُ قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ غَيْرِ رِبَوِيٍّ وَلَيْسَ ظَرْفًا لَبَاعَ، وَالْمَعْنَى بَاعَ زَرْعًا مِمَّا يَكُونُ غَيْرَ رِبَوِيٍّ. قَبْلَ ظُهُورِ حَبِّهِ احْتِرَازًا عَنْ الْحُلْبَةِ الْآتِيَةِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ: فَلَوْ بَاعَ شَعِيرًا فِي سُنْبُلِهِ بِحِنْطَةٍ خَالِصَةٍ وَتَقَابَضَا فِي الْمَجْلِسِ جَازَ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ غَيْرُ مَرْئِيٍّ وَالْمُمَاثَلَةُ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ، أَوْ بَاعَ زَرْعًا قَبْلَ ظُهُورِ الْحَبِّ بِحَبٍّ جَازَ؛ لِأَنَّ الْحَشِيشَ غَيْرُ رِبَوِيٍّ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ رِبَوِيًّا كَأَنْ اُعْتِيدَ أَكْلُهُ كَالْحُلْبَةِ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ وَبِهِ جَزَمَ الزَّرْكَشِيُّ انْتَهَتْ. وَبِهَا تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: صَافِيًا) أَيْ مِنْ الشَّعِيرِ. (قَوْلُهُ: وَتَقَابَضَا فِي الْمَجْلِسِ) قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: امْتَنَعَ بَيْعُهُ بِحَبِّهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ أَصْلُهُ.

كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ فِي الرِّبَا. وَمَحَلُّ الْجَوَازِ فِي الْعَرَايَا مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالثَّمَرَةِ زَكَاةً كَأَنْ خَرَصَتْ عَلَيْهِ وَضَمِنَ أَوْ لِنَقْصِهَا عَنْ النِّصَابِ أَوْ لِكُفْرِ مَالِكِهَا (فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ) بِتَقْدِيرِ الْجَفَافِ الْمُرَادِ بِخَرْصِهَا السَّابِقِ فِي الْخَبَرِ بِمِثْلِهِ تَمْرًا مَكِيلًا يَقِينًا لِخَبَرِهِمَا أَيْضًا «رَخَّصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ» وَدُونَهَا جَائِزٌ يَقِينًا فَأَخَذْنَا بِهِ لِأَنَّهَا لِلشَّكِّ مَعَ أَصْلِ التَّحْرِيمِ وَلَا يَجُوزُ فِيمَا زَادَ عَلَيْهَا قَطْعًا، وَمَتَى زَادَ عَلَى مَا دُونَهَا بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ، وَلَا يَخْرُجُ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ الِاكْتِفَاءُ فِي النَّقْصِ عَنْ الْخَمْسَةِ بِمَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ حَتَّى قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّهُ يَكْفِي نَقْصُ رُبْعِ مُدٍّ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةٍ عَلَى تَفَاوُتِ مَا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ، إذْ رُبْعُ الْمُدِّ وَالْمُدُّ لَا يَقَعُ التَّفَاوُتُ بِهِ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ غَالِبًا لَا سِيَّمَا فِي الْخَمْسَةِ الْأَوْسُقِ، وَالْمُرَادُ بِالْخَمْسَةِ أَوْ مَا دُونَهَا إنَّمَا هُوَ مِنْ الْجَفَافِ وَإِنْ كَانَ الرُّطَبُ الْآنَ أَكْثَرَ، فَإِنْ تَلِفَ الرُّطَبُ أَوْ الْعِنَبُ فَذَاكَ، وَإِنْ جُفِّفَ وَظَهَرَ تَفَاوُتٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّمْرِ أَوْ الزَّبِيبِ، فَإِنْ كَانَ قَدْرُ مَا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْعَقْدِ، وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ فِيمَا فَوْقَ الدُّونِ الْمَذْكُورِ إنْ كَانَ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ (وَ) أَمَّا (لَوْ زَادَ) عَلَيْهِ (فِي صَفْقَتَيْنِ) وَكُلٌّ مِنْهُمَا دُونَ الْخَمْسَةِ فَلَا بُطْلَانً وَإِنَّمَا (جَازَ) مَا ذَكَرَ لِأَنَّ كُلًّا عَقْدٌ مُسْتَقِلٌّ وَهُوَ دُونَ الْخَمْسَةِ، وَتَتَعَدَّدُ الصَّفْقَةُ هُنَا بِمَا مَرَّ، فَلَوْ بَاعَ ثَلَاثَةً لِثَلَاثَةٍ كَانَتْ فِي حُكْمِ تِسْعَةِ عُقُودٍ. (وَيُشْتَرَطُ) لِصِحَّةِ بَيْعِ الْعَرَايَا (التَّقَابُضُ) فِي الْمَجْلِسِ إذْ هُوَ بَيْعٌ مَطْعُومٌ بِمِثْلِهِ وَيَحْصُلُ (بِتَسْلِيمِ التَّمْرِ) أَوْ الزَّبِيبِ إلَى الْبَائِعِ (كَيْلًا) لِأَنَّهُ مَنْقُولٌ وَقَدْ بِيعَ مُقَدَّرًا فَاشْتُرِطَ فِيهِ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ (وَالتَّخْلِيَةُ فِي النَّخْلِ) الَّذِي عَلَيْهِ الرُّطَبُ أَوْ الْكَرْمِ الَّذِي عَلَيْهِ الْعِنَبُ. إذْ غَرَضُ الرُّخْصَةِ طُولُ التَّفَكُّهِ بِأَخْذِ الرُّطَبِ شَيْئًا فَشَيْئًا إلَى الْجُذَاذِ، فَلَوْ شُرِطَ فِي قَبْضِهِ كَيْلَهُ فَاتَ ذَلِكَ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ) أَيْ الْبَيْعَ الْمُمَاثِلَ لَمَّا ذُكِرَ (لَا يَجُوزُ فِي سَائِرِ الثِّمَارِ) أَيْ بَاقِيهَا كَخَوْخٍ وَمِشْمِشٍ وَلَوْزٍ مِمَّا يُدَّخَرُ يَابِسُهُ لِأَنَّهَا مُتَفَرِّقَةٌ مَسْتُورَةٌ بِالْأَوْرَاقِ فَلَا يَتَأَتَّى الْخَرْصُ فِيهَا. وَالثَّانِي يَجُوزُ كَمَا جَازَ فِي الْعِنَبِ بِالْقِيَاسِ (وَأَنَّهُ) أَيْ بَيْعَ الْعَرَايَا (لَا يَخْتَصُّ بِالْفُقَرَاءِ) وَإِنْ كَانُوا هُمْ سَبَبُ الرُّخْصَةِ لِشِكَايَتِهِمْ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُمْ لَا يَجِدُونَ شَيْئًا يَشْتَرُونَ بِهِ الرُّطَبَ إلَّا التَّمْرَ، لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ، وَبِأَنَّ ذَلِكَ حِكْمَةُ الْمَشْرُوعِيَّةِ، ثُمَّ قَدْ يَعُمُّ الْحُكْمُ كَالرَّمَلِ وَالِاضْطِبَاعِ وَهُمْ هُنَا مَنْ لَا نَقْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَقِيسٌ عَلَى الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ هُنَا إذْ الرُّخْصَةُ إلَخْ يَقْتَضِي عَدَمَ صِحَّةِ الْقِيَاسِ فِيهَا، وَالرَّاجِحُ جَوَازُ الْقِيَاسِ فِي الْخَرْصِ، فَالظَّاهِرُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى مَا جَرَى عَلَيْهِ الْبَعْضُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: كَأَنْ خَرَصَتْ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِهِمَا) أَيْ الصَّحِيحَيْنِ (قَوْلُهُ: وَدُونَهَا) مُسْتَأْنَفٌ اسْتِدْلَالًا عَلَى الْأَخْذِ بِالدُّونِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) أَيْ الصِّيغَةَ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ الْقَاعِدَةِ (قَوْلُهُ: وَالْمَدُّ لَا يَقَعُ التَّفَاوُتُ بِهِ) فِي نُسْخَةِ إسْقَاطِ لَا، وَالصَّوَابُ مَا فِي الْأَصْلِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ غَرَضَهُ الرَّدُّ عَلَى مَنْ اكْتَفَى بِبَعْضِ نَحْوِ الرُّبْعِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ رُبْعَ الْمَدِّ وَنَحْوَ الْمَدِّ إذَا نَقَصَ مِنْ الْخَمْسَةِ أَوْسُقٍ بِكَيْلِهَا أَوَّلًا ثُمَّ أُعِيدَ الْكَيْلُ فَقَدْ لَا يَظْهَرُ ذَلِكَ النَّقْصُ لِكَوْنِهِ لِقِلَّتِهِ لَا يَظْهَرُ فِي جُمْلَةِ الْأَوْسُقِ كَمَا لَوْ سَقَطَ مِنْ كُلِّ مُدٍّ ثَمَرَةٌ فَمَجْمُوعُ ذَلِكَ يَزِيدُ عَلَى الْمُدِّ وَنُقْصَانُ الْوَاحِدَةِ مِنْ كُلِّ مُدٍّ لَا يَظْهَرُ بِهَا نَقْصٌ فَكَانَ الْمَبِيعُ خَمْسَةً تَامَّةً (قَوْلُهُ: وَإِنْ جُفِّفَ) أَيْ وَلَوْ عَلَى الشَّجَرِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ اشْتَرَى الْعَرِيَّةَ إلَخْ (قَوْلُهُ: بُطْلَانُ الْعَقْدِ) أَيْ ثُمَّ إنْ كَانَ التَّمْرُ مَوْجُودًا رَدَّهُ الْبَائِعُ وَإِلَّا رَدَّ مِثْلَهُ (قَوْلُهُ: بِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ تَعَدُّدِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ تَفْصِيلِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: كَانَتْ) أَيْ الصَّفْقَةُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ) هُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ لَفْظُ الشَّارِعِ رَخَّصَ فِي الْعَرَايَا إلَخْ، وَأَمَّا إنْ كَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لِلشَّكِّ) يَعْنِي أَوْ. (قَوْلُهُ: لَا يَقَعُ التَّفَاوُتُ بِهِ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ غَالِبًا) أَيْ فَكَأَنَّهُ لَا تَفَاوُتَ فَمَا فِي نُسْخَةٍ مِنْ زِيَادَةِ لَا قَبْلُ يَقَعُ خَطَأٌ وَإِنْ صَوَّبَهَا الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ وَوَجَّهَهَا بِمَا لَا يُوَافِقُهَا؛ إذْ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ تَوْجِيهٌ لِمَا صَوَّبْنَاهُ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَتِهِ

[باب اختلاف المتبايعين]

بِيَدِهِ كَمَا قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ وَالْمُتَوَلِّي. وَلَوْ اشْتَرَى الْعَرِيَّةَ مَنْ يَجُوزُ لَهُ شِرَاؤُهَا ثُمَّ تَرَكَهَا حَتَّى صَارَتْ تَمْرًا جَازَ خِلَافًا لِأَحْمَدَ. بَابُ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ خَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْبَيْعِ وَالِاخْتِلَافَ فِيهِ أَغْلَبُ مِنْ غَيْرِهِ وَإِلَّا فَكُلُّ عَقْدٍ مُعَاوَضَةٌ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَحْضَةً وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي كَيْفِيَّتِهِ كَذَلِكَ. وَأَصْلُ الْبَابِ مَا صَحَّ «إذَا اخْتَلَفَ الْبَيِّعَانِ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا بَيِّنَةٌ فَهُوَ مَا يَقُولُ رَبُّ السِّلْعَةِ أَوْ يَتَتَارَكَا» وَصَحَّ أَيْضًا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ الْبَائِعَ أَنْ يَحْلِفَ ثُمَّ يَتَخَيَّرُ الْمُبْتَاعُ إنْ شَاءَ أَخَذَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ» (إذَا اتَّفَقَا) أَيْ الْمُتَعَاقِدَانِ وَلَوْ وَكِيلَيْنِ أَوْ قِنَّيْنِ أَذِنَ لَهُمَا سَيِّدُهُمَا كَمَا هُوَ وَاضِحٌ أَوْ وَارِثَيْنِ كَمَا يَأْتِي أَوْ وَلِيَّيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ (عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ) أَوْ ثَبَتَتْ بِطَرِيقٍ أُخْرَى كَبِعْتُك بِأَلْفٍ فَقَالَ بَلْ بِخَمْسِمِائَةٍ وَزِقِّ خَمْرٍ، فَإِذَا حَلَفَ الْبَائِعُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْإِخْبَارُ مِنْ الرَّاوِي عَمَّا فَهِمَهُ مِنْ الشَّارِعِ فَفِي دَعْوَى عُمُومِهِ شَيْءٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: حَتَّى صَارَتْ تَمْرًا جَازَ) أَيْ لِاسْتِجْمَاعِ شُرُوطِ الْبَيْعِ وَقْتَ الْعَقْدِ فَلَا يَضُرُّ طُرُوُّ مَا عَرَضَ مِنْ صَيْرُورَتِهَا تَمْرًا. (بَابُ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ) أَيْ وَمَا يُذْكَرُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَجَاءَ بِعَبْدٍ مَعِيبٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَحْضَةً) كَالصَّدَاقِ وَالْخُلْعِ وَصُلْحِ الدَّمِ (قَوْلُهُ: وَأَصْلُ الْبَابِ مَا صَحَّ) أَيْ الدَّلِيلُ عَلَى أَصْلِ الِاخْتِلَافِ وَإِنْ كَانَ مَا أَوْرَدَهُ لَا يُثْبِتُ الْمَقْصُودَ مِنْ التَّحَالُفِ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ الْبَائِعُ عَلَى شَيْءٍ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الرِّضَا بِهِ وَالْفَسْخِ، وَلَا يُوَافِقُهُ مَا هُوَ مُقَرَّرٌ مِنْ أَنَّهُ مَتَى قُلْنَا بِتَحْلِيفِ أَحَدِهَا قُضِيَ بِهِ عَلَى الْآخَرِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ) أَيْ الْقَوْلُ (قَوْلُهُ: أَوْ يَتَتَارَكَا) هِيَ بِمَعْنَى إلَّا، وَعِبَارَةُ حَجّ: أَوْ يَتَتَارَكَا: أَيْ يَتْرُكُ كُلَّ مَا يَدَّعِيه وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِالْفَسْخِ. وَأَوْ هُنَا بِمَعْنَى إلَّا وَتَقْدِيرُ لَامِ الْجَزْمِ بَعِيدٌ مِنْ السِّيَاقِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ. وَكَتَبَ سم عَلَى قَوْلِهِ وَأَوْ هُنَا بِمَعْنَى إلَّا يُمْكِنُ عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ مَحْمَلُ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ فَهُوَ مَا يَقُولُ رَبُّ السِّلْعَةِ عَلَى مَا إذَا حَلَفَ وَنَكَلَ الْآخَرُ أَوْ عَلَى مَا إذَا تَرَاضَيَا بِمَا قَالَهُ، وَقَوْلُهُ: فِيهِ أَوْ يَتَتَارَكَا عَلَى مَا إذَا حَلَفَا وَلَمْ يَرْضَيَا بِمَا يَقُولُهُ أَحَدُهُمَا: أَيْ بِأَنْ فَسَخَا (قَوْلُهُ: أَمَرَ الْبَائِعَ أَنْ يَحْلِفَ) أَيْ كَمَا يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَتَخَيَّرُ الْمُبْتَاعُ) أَيْ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ (قَوْلُهُ: إنْ شَاءَ أَخَذَ) أَيْ بِأَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ الْحَلِفِ وَيَرْضَى بِمَا قَالَهُ صَاحِبُهُ. وَقَوْلُهُ: وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ: أَيْ بَعْدَ الْحَلِفِ وَالْفَسْخِ (قَوْلُهُ: أَوْ وَارِثَيْنِ) فِي إدْخَالِهِمَا فِي الْعَقْدَيْنِ مُسَامَحَةً وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِالْمُتَعَاقِدِينَ مَا يَشْمَلُ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهَا. عِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ أَنْ بَيَّنَ التَّعْمِيمَ فِي الْعَاقِدَيْنِ. وَيَأْتِي أَنَّ وَرَثَتَهُمَا مِثْلُهُمَا اهـ. وَهِيَ وَاضِحَةٌ. قَالَ فِي الْإِيعَابِ وَإِطْلَاقُ الْوَارِثِ يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَ بَيْتُ الْمَالِ فِيمَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مَنْ يَجُوزُ لَهُ شِرَاؤُهَا) كَأَنَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ أَحْمَدَ لَا يَقُولُ بِالصِّحَّةِ إلَّا لِلْفَقِيرِ: فَقَيَّدَ بِهِ حَتَّى يَتَمَحَّصَ خِلَافُ أَحْمَدَ فِي الْمَسْأَلَةِ فِي الِانْفِسَاخِ عِنْدَ الْجَفَافِ وَعَدَمِهِ. (قَوْلُهُ: جَازَ) يَعْنِي اسْتَمَرَّ الْبَيْعُ صَحِيحًا. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِأَحْمَدَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ بِانْفِسَاخِهِ أَوْ تَبَيُّنِ عَدَمِ صِحَّتِهِ. [بَابُ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ] (بَابُ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ) (قَوْلُهُ: فَإِذَا حَلَفَ الْبَائِعُ) تَصْوِيرٌ لِثُبُوتِ الصِّحَّةِ بِطَرِيقٍ أُخْرَى غَيْرِ الِاتِّفَاقِ عَلَيْهَا فَفَائِدَةُ حَلِفِهِ صِحَّةُ الْعَقْدِ فِي جَمِيعِ الْمَبِيعِ، وَلَكِنْ لَا تَثْبُتُ الْأَلْفُ وَلِهَذَا اُحْتِيجَ إلَى التَّحَالُفِ بَعْدُ، وَحِينَئِذٍ فَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَحْلِفُ كَمَا ادَّعَى

عَلَى نَفْيِ الْخَمْرِ تَحَالَفَا (ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي كَيْفِيَّتِهِ كَقَدْرِ الثَّمَنِ) وَمَا يَدَّعِيهِ الْبَائِعُ. أَوْ وَلِيُّهُ أَوْ وَكِيلُهُ أَكْثَرُ كَمَا فِي الصَّدَاقِ بَلْ غَيْرُ الْبَائِعِ وَالْوَلِيِّ وَالْوَكِيلِ كَذَلِكَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُدَّعِي الْمُشْتَرِي مَثَلًا فِي الْمَبِيعِ أَكْثَرُ وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ لِلتَّحَالُفِ (أَوْ صِفَتِهِ) كَصِحَاحٍ أَوْ مُكَسَّرَةٍ أَوْ جِنْسِهِ كَذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ نَوْعِهِ كَمِنْ ذَهَبِ كَذَا وَكَذَا وَمِنْ ذَلِكَ اخْتِلَافُهُمَا فِي شَرْطِ نَحْوِ رَهْنٍ، أَوْ كَفَالَةٍ أَوْ كَوْنِهِ كَاتِبًا، وَيُمْكِنُ شُمُولُ قَوْلِهِ أَوْ صِفَتِهِ لِذَلِكَ كُلِّهِ. نَعَمْ لَوْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي عَقْدٍ هَلْ كَانَ قَبْلَ التَّأْبِيرِ أَوْ الْوِلَادَةِ أَوْ بَعْدَهُمَا فَلَا تَحَالُفَ وَإِنْ رَجَعَ الِاخْتِلَافُ إلَى قَدْرِ الْمَبِيعِ، لِأَنَّ مَا وَقَعَ الْخِلَافُ فِيهِ مِنْ الْحَمْلِ وَالتَّمْرَةِ تَابِعٌ لَا يَصِحُّ إفْرَادُهُ بِعَقْدٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مِلْكِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ زَعَمَ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَيْعَ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ أَوْ الْحَمْلِ صَدَقَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُهُ عِنْدَ الْبَيْعِ كَذَا قِيلَ وَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ الْبَائِعِ (أَوْ الْأَجَلِ) بِأَنْ أَثْبَتَهُ الْمُشْتَرِي وَنَفَاهُ الْبَائِعُ (أَوْ قَدْرِهِ) كَشَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ (أَوْ قَدْرِ الْمَبِيعِ) كَمُدٍّ مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ مَثَلًا بِدِرْهَمٍ فَيَقُولُ بَلْ مُدَّيْنٍ بِهِ (وَلَا بَيِّنَةَ) لِأَحَدِهِمَا يَعُولُ عَلَيْهَا، فَشَمِلَ مَا لَوْ أَقَامَ كُلَّ بَيِّنَةٍ وَتَعَارَضَتَا لِإِطْلَاقِهِمَا أَوْ إطْلَاقِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ أَوْ لِكَوْنِهِمَا أُرِّخَتَا بِتَارِيخَيْنِ مُتَّفِقَيْنِ (تَحَالَفَا) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ» . وَلَا يُشْكِلُ الْخَبَرَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ لِأَنَّهُ عُرِفَ مِنْ هَذَا الْخَبَرِ زِيَادَةٌ عَلَيْهِمَا وَهِيَ حَلِفُ الْمُشْتَرِي أَيْضًا فَأَخَذْنَا بِهَا، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَيَتَحَالَفَانِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ وَالنَّشَائِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ بِالتَّحَالُفِ فِي الْكِتَابَةِ مَعَ جَوَازِهَا فِي حَقِّ الرَّقِيقِ وَفِي الْقِرَاضِ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرَهُ فَهَلْ يَحْلِفُ الْإِمَامُ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: وَمَا يَدَّعِيه) أَيْ وَالْحَالُ (قَوْلُهُ: فِي الْمَبِيعِ أَكْثَرُ) أَيْ فِي عِوَضِ الْمَبِيعِ وَهُوَ الثَّمَنُ (قَوْلُهُ: أَوْ مُكَسَّرَةٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَا يَدَّعِيهِ الْبَائِعُ أَكْثَرَ قِيمَةً لِأَنَّ الْأَغْرَاضَ تَخْتَلِفُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِمَّا يَجْرِي فِيهِ الِاخْتِلَافُ الْمُوجِبُ لِلتَّحَالُفِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ زَعَمَ) أَيْ ادَّعَى (قَوْلُهُ: قَبْلَ الِاطِّلَاعِ) فَتَكُونُ الثَّمَرَةُ لَهُ أَوْ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: كَذَا قِيلَ) قَائِلُهُ حَجّ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ الْبَائِعِ) يَنْبَغِي أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ فِي الِاطِّلَاعِ وَالْحَمْلِ أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ الْبَيْعُ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ وَالتَّأْبِيرِ وَبَعْدَ الْحَمْلِ وَانْفِصَالِ الْوَلَدِ، وَيَقُولُ الْمُشْتَرِي بَلْ هُوَ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ وَالْحَمْلِ، أَمَّا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا أَوْ الثَّمَرَةُ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ وَاخْتُلِفَا فِي مُجَرَّدِ كَوْنِ الثَّمَرَةِ وَالْحَمْلِ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا مَعْنَى لِلِاخْتِلَافِ، فَإِنَّ الْبَيْعَ إنْ كَانَ قَبْلَ الْحَمْلِ وَالِاطِّلَاعِ فَقَدْ حَدَثَا فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَا قَبْلَ الْبَيْعِ فَقَدْ دَخَلَا فِي الْمَبِيعِ تَبَعًا نَعَمْ يَظْهَرُ أَثَرُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ رَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ وَزَعَمَ الْمُشْتَرِي أَنَّ الِاطِّلَاعَ وَالْحَمْلَ وُجِدَا بَعْدَ الْبَيْعِ فَيَكُونَانِ مِنْ الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ فَلَا يُتْبَعَانِ فِي الرَّدِّ وَالْمُشْتَرَى إنَّمَا كَانَ قَبْلَ الْبَيْعِ فَهُمَا مِنْ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ: فَشَمِلَ) أَيْ قَوْلُهُ وَلَا بَيِّنَةَ يُعَوِّلُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ مُسْلِمٍ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَأَصْلُ الْبَابِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ الزِّيَادَةُ (قَوْلُهُ: فِي زَمَنِ الْخِيَارِ) ظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِجَوَازِ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ غَرَضٌ فِي الْفَسْخِ فَيَتَحَالَفَانِ لِاحْتِمَالِ رِضَا الْمُشْتَرِي بِمَا يَقُولُهُ الْبَائِعُ (وَقَوْلُهُ: وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ) اسْتِظْهَارٌ عَلَى تَصْحِيحِ التَّحَالُفِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فِي الْجُمْلَةِ وَإِلَّا فَهِيَ لَازِمَةٌ مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْقِرَاضِ) بِأَنْ قَالَ الْمُقْرِضُ قَارَضْتُك دَنَانِيرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: بَلْ غَيْرُ الْبَائِعِ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا مَوْقِعُ هَذَا الْإِضْرَابِ وَهَلَّا سَرَدَ الْجَمِيعَ مِنْ غَيْرِ إضْرَابٍ، وَهُوَ تَابِعٌ فِيهِ لِلشِّهَابِ حَجّ لَكِنَّ ذَاكَ لَهُ مَوْقِعٌ فِي كَلَامِهِ يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَتِهِ مَعَ تَأَمُّلِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ الْوِلَادَةِ) أَيْ كَأَنْ يَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ اللَّبَنِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ غَيْرَ آدَمِيٍّ أَوْ بَعْدَ التَّمْيِيزِ فِيمَا إذَا كَانَ آدَمِيًّا، وَكَانَ الْبَائِعُ يَدَّعِي أَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ بَعْدَ الِاسْتِغْنَاءِ أَوْ التَّمْيِيزِ أَيْضًا وَإِلَّا فَالْبَيْعُ مِنْ أَصْلِهِ بَاطِلٌ عَلَى مُدَّعِي الْبَائِعِ لِحُرْمَةِ التَّفْرِيقِ. (قَوْلُهُ: وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ خَبَرَ مُسْلِمٍ إنَّمَا يَشْهَدُ لِحَلِفِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ مُدَّعًى عَلَيْهِ

وَالْجَعَالَةِ مَعَ جَوَازِهِمَا مِنْ الْجِهَتَيْنِ، وَأَمَّا مَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ الْقَائِلُ بِعَدَمِ التَّحَالُفِ كَابْنِ الْمُقْرِي فِي بَعْضِ نُسَخِ الرَّوْضِ مِنْ إمْكَانِ الْفَسْخِ فِي زَمَنِهِ رَدَّ بِأَنَّ التَّحَالُفَ لَمْ يُوضَعْ لِلْفَسْخِ بَلْ عُرِضَتْ الْيَمِينُ رَجَاءَ أَنْ يَتَّكِلَ الْكَاذِبُ فَيَتَقَرَّرُ الْعَقْدُ بِيَمِينِ الصَّادِقِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ اتَّفَقَا إلَى آخِرِهِ اخْتِلَافُهُمَا فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْعَقْدِ هَلْ هُوَ بَيْعٌ أَوْ هِبَةٌ فَلَا تَحَالُفَ كَمَا يَأْتِي، وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِالِاتِّفَاقِ عَلَى الصِّحَّةِ وُجُودُهَا وَبِقَوْلِهِ وَلَا بَيِّنَةَ مَا لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِهَا أَوْ لَهُمَا بَيِّنَتَانِ مُؤَرَّخَتَانِ بِتَارِيخَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِالْأُولَى. وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ أَوْ الْمَبِيعِ بَعْدَ الْقَبْضِ مَعَ الْإِقَالَةِ أَوْ التَّلَفِ الَّذِي يَنْفَسِخُ بِهِ الْعَقْدُ فَلَا تَحَالُفَ بَلْ يَحْلِفُ مُدَّعِي النَّقْصِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَلِهَذَا زَادَ بَعْضُهُمْ فِيمَا مَرَّ قَيْدًا وَهُوَ بَقَاءُ الْعَقْدِ إلَى وَقْتِ التَّنَازُعِ احْتِرَازًا عَمَّا ذَكَرَ وَأَوْرَدَ عَلَى الضَّابِطِ اخْتِلَافُهُمَا فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ مَعًا كَبِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَيَقُولُ بَلْ الْجَارِيَةُ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَلَا تَحَالُفَ جَزْمًا إذْ لَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ مَعَ أَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى بَيْعٍ صَحِيحٍ وَاخْتَلَفَا فِي كَيْفِيَّتِهِ، فَيَحْلِفُ كُلٌّ عَلَى نَفْيِ مَا ادَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْأَصْلِ وَلَا فَسْخَ؛ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ فِي الذِّمَّةِ وَاتَّفَقَا عَلَى صِفَتِهِ وَقَدْرِهِ أَوْ اخْتَلَفَا فِي أَحَدِهِمَا تَحَالَفَا عَلَى الْمَنْقُولِ الْمُعْتَمَدِ كَمَا اقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ هُنَا تَرْجِيحُهُ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ خِلَافًا لِمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ مِنْ عَدَمِ التَّحَالُفِ، بَلْ يَحْلِفُ كُلٌّ عَلَى نَفْيِ مَا ادَّعَى عَلَيْهِ وَلَا فَسْخَ. فَإِنْ أَقَامَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً أَنَّ الْمَبِيعَ هَذَا الْعَبْدُ، وَالْمُشْتَرِي بَيِّنَةً أَنَّهُ الْأَمَةُ فَلَا تَعَارُضَ إذْ كُلٌّ أَثْبَتَ عَقْدًا وَهُوَ لَا يَقْتَضِي نَفْيَ غَيْرِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ صُورَتَهَا أَنْ لَا تَتَّفِقَ الْبَيِّنَتَانِ، عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ إلَّا عَقْدٌ وَاحِدٌ فَلَا تَعَارُضَ، وَحِينَئِذٍ فَتُسَلَّمُ الْأَمَةُ لِلْمُشْتَرِي وَيَقِرُّ الْعَبْدُ بِيَدِهِ إنْ كَانَ قَبَضَهُ وَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ ظَاهِرًا بِمَا شَاءَ لِلضَّرُورَةِ. نَعَمْ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ إلَّا بِالْوَطْءِ لَوْ كَانَ أَمَةً لِاعْتِرَافِهِ بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَقَالَ الْعَامِلُ: بَلْ دَرَاهِمَ أَوْ قَالَ مِائَةً وَخَمْسِينَ فَقَالَ بَلْ مِائَةً (قَوْلُهُ: وَالْجَعَالَةِ) وَجُعِلَا مِنْ الْمُعَاوَضَةِ لِأَنَّ الْعَامِلَ فِيهِمَا لَمْ يَعْمَلْ مَجَّانًا وَإِنَّمَا عَمِلَ طَامِعًا فِي الرِّبْحِ وَالْجَعْلِ (قَوْلُهُ: بِعَدَمِ التَّحَالُفِ) أَيْ فِيمَا إذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ (قَوْلُهُ: فِي زَمَنِهِ) أَيْ الْخِيَارِ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ أَوْ ثَبَتَتْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: الَّذِي يَنْفَسِخُ بِهِ الْعَقْدُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ أَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بِعَدَمِ السَّقْيِ الْوَاجِبِ عَلَى الْبَائِعِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا قِيلَ كَيْفَ يَكُونُ التَّلَفُ بَعْدَ الْقَبْضِ مُوجِبًا لِلِانْفِسَاخِ مَعَ أَنَّ الْمَبِيعَ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ تَلَفُ الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ بَعْدَ قَبْضِهِ لِلثَّمَنِ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا) أَيْ عَدَمِ التَّحَالُفِ (قَوْلُهُ: وَأَوْرَدَ عَلَى الضَّابِطِ) أَيْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إذْ اتَّفَقَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلَا فَسْخَ) أَيْ بَلْ يَرْتَفِعُ الْعَقْدَانِ بِحَلِفِهِمَا فَيَبْقَى الْعَبْدُ وَالْجَارِيَةُ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ مَا قَبَضَهُ مِنْهُ إنْ قَبِلَهُ الْمُشْتَرِي مِنْهُ وَإِلَّا كَانَ كَمَنْ أَقَرَّ لِشَخْصٍ بِشَيْءٍ وَهُوَ يُنْكِرُهُ فَيَبْقَى تَحْتَ يَدِ الْبَائِعِ إلَى رُجُوعِ الْمُشْتَرِي وَاعْتِرَافِهِ بِهِ وَيَتَصَرَّفُ الْبَائِعُ فِيهِ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَالْحُكْمُ مُحَالٌ عَلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا فِي الظَّاهِرِ أَمَّا فِي الْبَاطِنِ إلَى آخِرِهِ (قَوْلُهُ: وَالثَّمَنِ) وَالْحَالُ (قَوْلُهُ: أَوْ اخْتَلَفَا فِي أَحَدِهِمَا) أَيْ فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ فَقَطْ أَوْ فِي عَيْنِ الثَّمَنِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ عَدَمِ التَّعَارُضِ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا تَتَّفِقَ الْبَيِّنَتَانِ) أَيْ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي أُقِيمَتْ فِيهَا الْبَيِّنَتَانِ (قَوْلُهُ: فَلَا) تَفْرِيعٌ عَلَى عَدَمِ اتِّفَاقِ الْبَيِّنَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَيُقِرُّ الْعَبْدُ بِيَدِهِ) أَيْ وَيَلْزَمُهُ الثَّمَنَانِ لِعَدَمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ مُدَّعِيًا فَلَا بُدَّ مِنْ دَلِيلٍ لِلْجِهَةِ الثَّانِيَةِ الَّتِي ثَمَرَتُهَا الْحَلِفُ عَلَى الْإِثْبَاتِ. (قَوْلُهُ: وَبِقَوْلِهِ وَلَا بَيِّنَةَ) أَيْ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ . (قَوْلُهُ: أَوْ التَّلَفُ الَّذِي يَنْفَسِخُ بِهِ الْعَقْدُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ بِآفَةٍ أَوْ إتْلَافِ الْبَائِعِ. (قَوْلُهُ: كَبِعْتُكَ هَذَا الْعَبْدَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: كَبِعْتُكَ هَذَا الْعَبْدَ بِهَذِهِ الْمِائَةِ دِرْهَمٍ فَيَقُولُ بَلْ هَذِهِ الْجَارِيَةُ بِهَذِهِ الْعَشَرَةِ الدَّنَانِيرِ. (قَوْلُهُ: وَلَا فَسْخَ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ فَرْعُ ثُبُوتِ الْبَيْعِ، وَهُوَ لَمْ يَثْبُتْ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا حَلَفَ عَلَى نَفْيِ بَيْعِ الْجَارِيَةِ

وَعَلَيْهِ نَفَقَةُ ذَلِكَ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا فِي الظَّاهِرِ، أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَالْحُكْمُ مُحَالٌ عَلَى حَقِيقَةِ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ، فَإِنْ كَانَ بِيَدِ الْبَائِعِ فَهَلْ يُجْبَرُ مُشْتَرِيهِ عَلَى قَبُولِهِ لِإِقْرَارِ الْبَائِعِ لَهُ بِهِ أَوْ يُتْرَكُ عِنْدَ الْقَاضِي حَتَّى يَدَّعِيَهُ وَيُنْفِقُ حِينَئِذٍ عَلَيْهِ مِنْ كَسْبِهِ وَإِلَّا بِيعَ إنْ رَآهُ وَحَفِظَ ثَمَنَهُ أَوْ يَبْقَى بِيَدِ الْبَائِعِ عَلَى قِيَاسِ مَنْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِ بِشَيْءٍ، وَهُوَ يُنْكِرُهُ خِلَافٌ، وَالْأَصَحُّ مِنْهُ الْأَخِيرُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْأَنْوَارِ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ عَلَى قَوْلِ التَّحَالُفِ يَكُونُ قِيَاسُ مَا مَرَّ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ تُؤَرَّخْ الْبَيِّنَتَانِ بِتَارِيخَيْنِ وَإِلَّا قَضَى بِمُتَقَدِّمَةِ التَّارِيخِ وَإِذَا وَقَعَ التَّحَالُفُ (فَيَحْلِفُ كُلٌّ) مِنْهُمَا (عَلَى نَفْيِ قَوْلِ صَاحِبِهِ وَإِثْبَاتِ قَوْلِهِ) لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ كُلًّا مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ فَيَنْفِي مَا يُنْكِرُهُ وَيُثْبِتُ مَا يَدَّعِيهِ هُوَ. نَعَمْ إنَّمَا يَحْلِفُ الثَّانِي بَعْدَ أَنْ يَعْرِضَ عَلَيْهِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ فَيُنْكِرُ، قَالَهُ الْمَحَامِلِيُّ وَتَبِعَهُ السُّبْكِيُّ قَالَ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْعَرْضُ الْمَذْكُورُ مُسْتَحَبًّا، وَمَعْلُومًا أَنَّ الْوَارِثَ فِي الْإِثْبَاتِ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ وَفِي النَّفْيِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، وَفِي مَعْنَى الْوَارِثِ سَيِّدُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ لَكِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ فِي الطَّرَفَيْنِ (وَيَبْدَأُ) فِي الْيَمِينِ بِالْبَائِعِ، اسْتِحْبَابًا لِأَنَّ جَانِبَهُ أَقْوَى بِعَوْدِ الْمَبِيعِ الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ إلَيْهِ بِالْفَسْخِ النَّاشِئِ عَنْ التَّحَالُفِ، وَلِأَنَّ مِلْكَهُ عَلَى الثَّمَنِ قَدْ تَمَّ بِالْعَقْدِ وَمِلْكُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْمَبِيعِ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْقَبْضِ، وَلِأَنَّهُ يَأْتِي بِصُورَةِ الْعَقْدِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَبِيعَ مُعَيَّنٌ وَالثَّمَنَ فِي الذِّمَّةِ وَمِنْ ثَمَّ بُدِئَ بِالْمُشْتَرِي فِي عَكْسِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَقْوَى حِينَئِذٍ، وَيُخَيَّرُ الْحَاكِمُ بِالْبُدَاءَةِ بِأَيِّهِمَا أَدَّاهُ إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ فِيمَا إذَا كَانَا مُعَيَّنَيْنِ أَوْ فِي الذِّمَّةِ (وَفِي قَوْلِ يَبْدَأُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالتَّعَارُضِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ نَفَقَةُ ذَلِكَ) أَيْ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: فَالْحُكْمُ مُحَالٌ) أَيْ مَوْقُوفٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ) أَيْ الْعَبْدُ (قَوْلُهُ: أَوْ يَبْقَى بِيَدِ الْبَائِعِ) أَيْ وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ عَلَى قَوْلِ التَّحَالُفِ) أَيْ فِيمَا لَوْ كَانَ اخْتَلَفَا فِي عَيْنِ الْبَيْعِ وَالثَّمَنِ فِي الذِّمَّةِ الَّذِي قَدَّمَ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا قَضَى بِمُتَقَدِّمَةٍ) قَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ مَا هُنَا فِي قَضِيَّتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ وَأَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فَالْقِيَاسُ الْعَمَلُ بِهِمَا مَعَ مَا ذُكِرَ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ ذَلِكَ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ إلَّا عَقْدٌ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: فَيُنْفَى مَا يُنْكِرُهُ) أَيْ صَاحِبُهُ (قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ السُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ: فِي الطَّرَفَيْنِ) أَيْ الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ لِأَنَّ فِعْلَ عَبْدِهِ فِعْلُهُ (قَوْلُهُ: اسْتِحْبَابًا) كَمَا يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَالْمُؤَجِّرِ فِي الْإِجَارَةِ وَالزَّوْجِ فِي الصَّدَاقِ وَالسَّيِّدِ فِي الْكِتَابَةِ اهـ أَنْوَارٌ. أَقُولُ: وَيَتَوَقَّفُ فِي الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْمُسْلِمِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مُعَيَّنًا فِي الْعَقْدِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا فِي الْعَقْدِ يَصِيرُ بِتَعْيِينِهِ فِي الْمَجْلِسِ وَقَبْضِ الْمُسْلَمِ لَهُ كَالْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ وَالثَّمَنِ إذَا كَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَانْتَفَى، وَالْآخَرُ عَلَى نَفْيِ بَيْعِ الْعَبْدِ فَانْتَفَى . (قَوْلُهُ: يَكُونُ قِيَاسُ مَا مَرَّ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ تُؤَرَّخْ الْبَيِّنَتَانِ إلَخْ) كَتَبَ الشِّهَابُ سم عَلَى نَظِيرِ هَذَا مِنْ التُّحْفَةِ مَا نَصُّهُ: يَقْتَضِي الْحُكْمَ بِتَعَارُضِهِمَا حِينَئِذٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ كُلًّا لَا يَقْتَضِي نَفْيَ مَا أَثْبَتَهُ غَيْرُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا نَصُّهُ: هَكَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ السُّبْكِيّ، وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ يَنْبَغِي الْعَمَلُ بِالْبَيِّنَتَيْنِ وَإِنْ اخْتَلَفَ تَارِيخُهُمَا. وَلَا تَحَالُفَ لِاخْتِلَافِ مُتَعَلِّقِهِمَا فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا بِمُجَرَّدِ اخْتِلَافِ التَّارِيخِ، فَإِنْ ذَكَرَ مَا يُوجِبُ التَّعَارُضَ اُعْتُبِرَ التَّعَارُضُ حِينَئِذٍ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. (قَوْلُهُ: فَيَنْفِي مَا يُنْكِرُهُ وَيُثْبِتُ مَا يَدَّعِيهِ هُوَ) لَا يَخْفَى أَنَّ الضَّمَائِرَ كُلَّهَا رَاجِعَةٌ إلَى لَفْظِ كُلٍّ، وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ أَصْوَبُ مِنْ قَوْلِ الشِّهَابِ حَجّ: فَيَنْفِي مَا يُنْكِرُهُ غَرِيمُهُ وَيُثْبِتُ مَا يَدَّعِيهِ هُوَ، لَكِنَّ الشَّارِحَ تَبِعَهُ فِي إبْرَازِ الضَّمِيرِ وَهُوَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فِي عِبَارَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ مِلْكَهُ عَلَى الثَّمَنِ قَدْ تَمَّ) بِمَعْنَى أَنَّ الْعَقْدَ لَا يَنْفَسِخُ بِتَلَفِهِ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ يَأْتِي بِصُورَةِ الْعَقْدِ) كَانَ مُرَادُهُ أَنَّهُ بِلَفْظِ بِمَا قَصَدَ مِنْ الْعَقْدِ مِنْ مُقَابَلَةِ الْبَيْعِ بِالثَّمَنِ وَالْمُشْتَرِي إنَّمَا يَقُولُ قَبِلْتُ مَثَلًا وَهَذَا بِحَسَبِ الْأَصْلِ وَالْغَالِبِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَقْوَى حِينَئِذٍ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى عِلَّةً لِقُوَّتِهِ إلَّا الْعِلَّةُ الثَّانِيَةُ فَقَطْ، وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُقَالُ مَا وَجْهُ تَرْجِيحِهِ بِهَا مَعَ بَقَاءِ الْعِلَّتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ

بِالْمُشْتَرِي) لِقُوَّةِ جَانِبِهِ بِالْمَبِيعِ (وَفِي قَوْلٍ يَتَسَاوَيَانِ) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ فَلَا تَرْجِيحَ وَعَلَيْهِ (فَيَتَخَيَّرُ الْحَاكِمُ) فِيمَنْ يَبْدَأُ بِهِ مِنْهُمَا (وَقِيلَ يُقْرِعُ) بَيْنَهُمَا فَمَنْ قَرَعَ بُدِئَ بِهِ وَالزَّوْجُ فِي الصَّدَاقِ كَالْبَائِعِ فَيُبْدَأُ بِهِ لِقُوَّةِ جَانِبِهِ بِبَقَاءِ التَّمَتُّعِ لَهُ كَمَا قَوِيَ جَانِبُ الْبَائِعِ بِعَوْدِ الْمَبِيعِ لَهُ، وَلِأَنَّ أَثَرَ التَّحَالُفِ يَظْهَرُ فِي الصَّدَاقِ لَا فِي الْبُضْعِ وَهُوَ بَاذِلُهُ فَكَانَ كَبَائِعِهِ، وَالْخِلَافُ فِي الِاسْتِحْبَابِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِكُلِّ تَقْدِيرٍ. (وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَكْفِي كُلُّ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (يَمِينٌ تُجْمَعُ نَفْيًا) لِقَوْلِ صَاحِبِهِ (وَإِثْبَاتًا) لِقَوْلِهِ لِاتِّحَادِ الدَّعْوَى وَمَنْفَى كُلٌّ فِي ضِمْنِ مُثْبِتِهِ فَجَازَ التَّعَرُّضُ فِي الْيَمِينِ الْوَاحِدَةِ لِلنَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ، وَالثَّانِي يُفْرَدُ النَّفْيُ بِيَمِينٍ وَالْإِثْبَاتُ بِأُخْرَى، وَفِي تَعْبِيرِهِ بِيَكْفِي إشْعَارٌ بِجَوَازِ الْعُدُولِ إلَى يَمِينَيْنِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، بَلْ يَظْهَرُ اسْتِحْبَابُهُمَا خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ لِأَنَّ فِي مُدْرِكِهِ قُوَّةً وَإِنْ أَشْعَرَ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ بِمَنْعِهِمَا إذْ لَا مُعَوَّلَ عَلَى ذَلِكَ (وَيُقَدَّمُ) فِي الْيَمِينِ (النَّفْيُ) اسْتِحْبَابًا لَا وُجُوبًا لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْيَمِينِ إذْ حَلِفُ الْمُدَّعِي عَلَى قَوْلِهِ إنَّمَا هُوَ لِنَحْوِ قَرِينَةِ لَوْثٍ أَوْ نُكُولٍ وَلِإِفَادَةِ الْإِثْبَاتِ بَعْدَهُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكْفِ الْإِثْبَاتُ وَلَوْ مَعَ الْحَصْرِ كَمَا بِعْت إلَّا بِكَذَا لِأَنَّ الْأَيْمَانَ لَا يُكْتَفَى فِيهَا بِاللَّوَازِمِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الصَّرِيحِ لِأَنَّ فِيهَا نَوْعًا مِنْ التَّعَبُّدِ (فَيَقُولُ الْبَائِعُ) عِنْدَ اخْتِلَافِهِمَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ (وَاَللَّهِ مَا بِعْت بِكَذَا وَلَقَدْ) أَوْ إنَّمَا وَحَذْفُهُ مِنْ أَصْلِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إيهَامِ اشْتِرَاطِ الْحَصْرِ (بِعْت بِكَذَا) وَيَقُولُ الْمُشْتَرِي: وَاَللَّهِ مَا اشْتَرَيْت بِكَذَا وَلَقَدْ اشْتَرَيْت بِكَذَا، وَلَوْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا عَنْ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ أَوْ عَنْ أَحَدِهِمَا قُضِيَ لِلْحَالِفِ، وَلَوْ نَكَلَا جَمِيعًا وَلَوْ عَنْ النَّفْيِ فَقَطْ وَقَفَ أَمْرُهُمَا وَكَأَنَّهُمَا تَرَكَا الْخُصُومَةَ كَمَا اخْتَارَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ: ثَانِيهِمَا أَنَّهُ كَتَحَالُفِهِمَا (وَإِذَا تَحَالَفَا فِي الصَّحِيحِ أَنَّ الْعَقْدَ لَا يَنْفَسِخُ) بِنَفْسِ التَّحَالُفِ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ أَقْوَى مِنْ الْيَمِينِ، وَلِلْخَبَرِ الثَّانِي فَإِنَّ تَخْيِيرَهُ فِيهِ بَعْدَ الْحَلِفِ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ الِانْفِسَاخِ بِهِ، وَلَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً لَمْ يَنْفَسِخْ فَبِالتَّحَالُفِ أَوْلَى (بَلْ إنْ) أَعْرَضَا عَنْ الْخُصُومَةِ أُعْرِضَ عَنْهُمَا وَلَا يَنْفَسِخُ. وَإِنْ (تَرَاضَيَا) ـــــــــــــــــــــــــــــSمُعَيَّنًا وَالْمَبِيعُ فِي الذِّمَّةِ يَبْدَأُ بِالْمُشْتَرِي وَالْمُسْلِمُ هُنَا هُوَ الْمُشْتَرِي فِي الْحَقِيقَةِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ قَوْلُهُ يَتَسَاوَيَانِ (قَوْلُهُ: فَمَنْ قَرَعَ) أَيْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ (قَوْلُهُ: فَيُبْدَأُ بِهِ) أَيْ نَدْبًا (قَوْلُهُ: لِقُوَّةِ جَانِبِهِ) هَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي الْبُدَاءَةَ بِالزَّوْجَةِ فِي عِوَضِ الْخُلْعِ لَكِنْ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ لِوَالِدِ الشَّارِحِ خِلَافُهُ وَعِبَارَتُهُ قَوْلُهُ: وَالزَّوْجُ فِي الصَّدَاقِ كَالْبَائِعِ لَوْ قَالَ وَالزَّوْجُ فِي الْعِوَضِ لَكَانَ أَشْمَلَ لِئَلَّا يَخْرُجَ عَنْهُ الِاخْتِلَافُ فِي عِوَضِ الْخُلْعِ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ أَثَرَ التَّحَالُفِ إلَخْ يَقْتَضِي الْبُدَاءَةَ بِالزَّوْجَةِ لِأَنَّهَا الْبَاذِلَةُ لِلْعِوَضِ فَلْيُتَأَمَّلْ مَا فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَإِنَّهُ لَمْ يَنْقُلْهُ عَنْ أَحَدٍ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِرَدِّ مَا اقْتَضَاهُ التَّعْلِيلُ هَذَا وَقَدْ يُمْنَعُ الْقَوْلُ بِقُوَّةِ جَانِبِ الزَّوْجَةِ فِي عِوَضِ الْخُلْعِ لِأَنَّهُ بِالتَّحَالُفِ وَالْفَسْخِ لَا يَعُودُ الْبُضْعُ إلَيْهَا وَإِنَّمَا يَظْهَرُ أَثَرُ التَّحَالُفِ فِي الرُّجُوعِ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: بِبَقَاءِ التَّمَتُّعِ لَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ بَاذِلُهُ) أَيْ الصَّدَاقِ (قَوْلُهُ: وَحَذَفَهُ) أَيْ إنَّمَا وَظَاهِرُهُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَذْكُورٌ فِي الْمُحَرَّرِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْمُحَرَّرِ إنَّمَا دُونَ وَلَقَدْ، وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ وَعَدَلَ إلَيْهَا أَيْ إلَى وَلَقَدْ بِعْت بِكَذَا عَنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ كَالشَّارِحِ وَإِنَّمَا بِعْت بِكَذَا لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى الْحَصْرِ بَعْدَ النَّفْيِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا عَنْ النَّفْيِ) أَيْ عَنْ مَجْمُوعِ ذَلِكَ فَيُصَدَّقُ بِمَا لَوْ نَكَلَ عَنْ أَحَدِهِمَا وَحَيْثُ ذُكِرَا وَعَنْ أَحَدِهِمَا تَعَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْأَوَّلِ أَنَّهُ نَكَلَ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: قَضَى لِلْحَالِفِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ النُّكُولَ لَوْ كَانَ مِنْ الثَّانِي قُضِيَ لِلْأَوَّلِ بِيَمِينِهِ بِمُجَرَّدِ نُكُولِ الثَّانِي وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ الْيَمِينَ كَانَتْ قَبْلَ النُّكُولِ وَهِيَ قَبْلَهُ لَا يُعْتَدُّ بِهَا (قَوْلُهُ: كَتَحَالُفِهِمَا) أَيْ فَيَفْسَخَانِهِ هُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: وَإِذَا تَحَالَفَا) عِنْدَ الْحَاكِمِ وَأَلْحَقَ بِهِ الْمُحَكِّمُ فَخَرَجَ تَحَالُفُهُمَا بِأَنْفُسِهِمَا فَلَا يُؤَثِّرُ فَسْخًا وَلَا لُزُومًا، وَمِثْلُهُ فِيمَا ذَكَرَ جَمِيعُ الْأَيْمَانِ الَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا فَصْلُ الْخُصُومَةِ فَلَا يُعْتَدُّ بِهَا إلَّا عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ الْمُحَكِّمِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً إلَخْ) قَدْ يَتَوَقَّفُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْبَائِعِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً لَمْ يَنْفَسِخْ فَبِالتَّحَالُفِ أَوْلَى) مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ أَقْوَى مِنْ الْيَمِينِ فَالْوَاوُ

عَلَى مَا قَالَهُ أَحَدُهُمَا أَقَرَّ الْعَقْدَ، وَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ نَدْبُهُمَا لِلتَّوَافُقِ مَا أَمْكَنَ، وَلَوْ رَضِيَ أَحَدُهُمَا بِدَفْعِ مَا طَلَبَهُ صَاحِبُهُ أُجْبِرَ الْآخَرُ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ وَاسْتَمَرَّا عَلَى النِّزَاعِ (فَيَفْسَخَانِهِ أَوْ أَحَدِهِمَا) لِأَنَّهُ فَسْخٌ لِاسْتِدْرَاكِ الظُّلَامَةِ فَأَشْبَهَ الْفَسْخَ بِالْعَيْبِ (أَوْ الْحَاكِمُ) لِقَطْعِ الْمُنَازَعَةِ ثُمَّ فَسْخُ الْحَاكِمِ، وَالصَّادِقُ مِنْهُمَا يَنْفُذُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا كَالْإِقَالَةِ وَغَيْرِهِ يَنْفُذُ ظَاهِرًا فَقَطْ، وَرَجَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَدَمَ وُجُوبِ الْفَوْرِ هُنَا، وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ مِنْ إلْحَاقِهِ بِالْعَيْبِ فَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ التَّأْخِيرَ غَيْرُ مُشْعِرٍ بِالرِّضَا لِلِاخْتِلَافِ فِي وُجُودِ الْمُقْتَضَى بِخِلَافِهِ ثُمَّ وَمُنَازَعَةُ الْإِسْنَوِيِّ فِي قِيَاسِ مَا تَقَرَّرَ عَلَى الْإِقَالَةِ الَّذِي نَقَلَاهُ وَأَقَرَّاهُ بِأَنَّ كُلًّا لَوْ قَالَ وَلَوْ بِحُضُورِ صَاحِبِهِ بَعْدَ الْبَيْعِ فَسَخْته لَمْ يَنْفَسِخْ وَلَمْ يَكُنْ إقَالَةً، إذْ لَا تَحْصُلُ إلَّا إنْ صَدَرَتْ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ بِشَرْطِهِ الْمَارِّ مَرْدُودَةٌ بِأَنَّ تَمْكِينَ كُلٍّ بَعْدَ التَّحَالُفِ مِنْ الْفَسْخِ كَتَرَاضِيهِمَا بِهِ: أَيْ بِلَفْظِ الْإِقَالَةِ فَالْقِيَاسُ صَحِيحٌ وَأَنَّ لِكُلٍّ الِابْتِدَاءَ بِالْفَسْخِ، وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ السُّبْكِيُّ (وَقِيلَ إنَّمَا يَفْسَخُهُ الْحَاكِمُ) لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ كَالْفَسْخِ بِالْعُنَّةِ، وَكَأَنَّهُمْ إنَّمَا اقْتَصَرُوا فِي الْكِتَابَةِ عَلَى فَسْخِ الْحَاكِمِ احْتِيَاطًا لِسَبَبِ الْعِتْقِ الْمُتَشَوِّفِ إلَيْهِ الشَّارِعُ وَعُلِمَ مِنْ عَدَمِ انْفِسَاخِهِ بِنَفْسِ التَّحَالُفِ جَوَازُ وَطْءِ الْمُشْتَرِي الْأَمَةَ الْمَبِيعَةَ حَالَ النِّزَاعِ وَقَبْلَ التَّحَالُفِ وَبَعْدَهُ أَيْضًا عَلَى أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ لِبَقَاءِ مِلْكِهِ، بَلْ قَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِمْ جَوَازُهُ أَيْضًا بَعْدَ الْفَسْخِ إذَا لَمْ يَزُلْ بِهِ مِلْكُ الْمُشْتَرِي وَهُوَ كَذَلِكَ (ثُمَّ) بَعْدَ الْفَسْخِ (عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ الْمَبِيعِ) إنْ كَانَ بَاقِيًا فِي مِلْكِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي أَنَّ هَذَا مُقْتَضًى لِقُوَّةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْيَمِينِ لِتَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ فِي هَذِهِ وَتَسَاقُطِهِمَا فَكَانَ لَا بَيِّنَةَ. (قَوْلُهُ: أُجْبِرَ الْآخَرُ عَلَيْهِ) قَالَ الْقَاضِي: وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ رِضَاهُ كَمَا لَوْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَاسْتَمَرَّا عَلَى النِّزَاعِ) يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَوْ بَادَرَ أَحَدُهُمَا لِلْفَسْخِ عَقِبَ التَّحَالُفِ لَمْ يَنْفَسِخْ، وَفِي كَلَامِ حَجّ أَنَّ الِاسْتِمْرَارَ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَعِبَارَتُهُ وَأَنْ لَا يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ وَلَا أَعْرَضَا عَنْ الْخُصُومَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ إذَا بَادَرَ أَحَدُهُمَا وَفَسَخَ انْفَسَخَ (قَوْلُهُ: مَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ أَنَّ لِكُلٍّ الْفَسْخَ بَعْدَ التَّحَالُفِ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ الْمَارِّ فِي الْبَيْعِ) مِنْ كَوْنِ الْقَبُولِ مُتَّصِلًا بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ بِأَنْ لَا يَتَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا كَلَامُ أَجْنَبِيٍّ وَسُكُوتٌ طَوِيلٌ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ تَمْكِينَ كُلٍّ) أَيْ هُنَا (قَوْلُهُ: إنَّمَا اقْتَصَرُوا فِي الْكِتَابَةِ إلَخْ) لَكِنَّ صَرِيحَ كَلَامِ الشَّارِحِ فِي الْكِتَابَةِ أَنَّهَا كَغَيْرِهَا مِنْ أَنَّ الْفَاسِخَ الْحَاكِمُ أَوْ هُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَزُلْ بِهِ مِلْكُ الْمُشْتَرِي) أَيْ بِأَنْ فَسَخَهُ الْكَاذِبُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَعْدَ فَسْخِ الْمُشْتَرِي) لَوْ تَقَارَّا بِأَنْ قَالَا أَبْقَيْنَا الْعَقْدَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ أَوْ أَقَرَرْنَاهُ عَادَ الْعَقْدُ بَعْدَ فَسْخِهِ لِمِلْكِ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ صِيغَةِ بِعْت وَاشْتَرَيْت وَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ بَعْدَ مَجْلِسِ الْفَسْخِ الْأَوَّلِ هَكَذَا بِهَامِشٍ عَنْ الزِّيَادِيِّ، ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ فِي الْقِرَاضِ فِي أَوَّلِ فَصْلِ لِكُلٍّ فَسْخُهُ إلَخْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فَرَاجِعْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيهِ لِلْحَالِ، وَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ ذِكْرُهُ عَقِبَهُ كَمَا صَنَعَ الشِّهَابُ حَجّ . (قَوْلُهُ: وَمُنَازَعَةُ الْإِسْنَوِيِّ فِي قِيَاسِ مَا تَقَرَّرَ عَلَى الْإِقَالَةِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِجَوَازِ اسْتِقْلَالِ أَحَدِهِمَا بِالْفَسْخِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ جَوَابِهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ بِلَفْظِ الْإِقَالَةِ) أَشَارَ بِهِ إلَى رَدِّ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشِّهَابُ حَجّ تَبَعًا لِمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ مِنْ أَنَّ لَهُمَا التَّرَاضِيَ عَلَى الْفَسْخِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ، وَعِبَارَتُهُ هُنَا وَرَدَّ: أَيْ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ تَمْكِينَ كُلٍّ بَعْدَ التَّحَالُفِ مِنْ الْفَسْخِ كَتَرَاضِيهِمَا بِهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ فِي مَعْنَى الْإِقَالَةِ فَصَحَّ الْقِيَاسُ. (قَوْلُهُ: أَوْ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ الِابْتِدَاءَ بِالْفَسْخِ إلَخْ) صَرِيحُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّ هَذَا جَوَابٌ ثَانٍ عَنْ مُنَازَعَةِ الْإِسْنَوِيِّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَتَأَتَّى، إذْ مَعْنَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْبُدَاءَةَ بِالْفَسْخِ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ يُبْدَأُ بِالْبَائِعِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مُعَيَّنًا وَالثَّمَنُ فِي الذِّمَّةِ وَبِالْمُشْتَرَى فِي عَكْسِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التُّحْفَةِ فَلَا يَصِحُّ جَوَابًا عَنْ مُنَازَعَةِ الْإِسْنَوِيِّ الَّتِي حَاصِلُهَا أَنَّ قِيَاسَ الْإِقَالَةِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْفَسْخُ مِنْ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ فَسْخِهِمَا مَعًا. (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَزُلْ بِهِ مِلْكُ الْمُشْتَرِي) أَيْ كَأَنْ كَانَ مَرْهُونًا وَلَمْ يَصْبِرْ الْبَائِعُ إلَى فِكَاكِهِ كَمَا سَيَأْتِي

لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ لِغَيْرِهِ بِزَوَائِدِهِ الْمُتَّصِلَةِ لِتَبَعِيَّتِهَا لِلْأَصْلِ دُونَ الْمُنْفَصِلَةِ قَبْلَ الْفَسْخِ وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ، لِأَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ. وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ نَفَذَ الْفَسْخُ ظَاهِرًا فَقَطْ، وَاسْتِشْكَالُ السُّبْكِيّ لَهُ بِأَنَّ فِيهِ حُكْمًا لِلظَّالِمِ أَجَابَ هُوَ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّالِمَ لَمَّا لَمْ يَتَعَيَّنْ اُغْتُفِرَ ذَلِكَ، وَعَلَى الْبَائِعِ رَدُّ الثَّمَنِ الْمَقْبُوضِ كَذَلِكَ، وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الرَّادِّ كَمَا أَفْهَمَهُ التَّعْبِيرُ بِرَدٍّ، إذْ الْقَاعِدَةُ أَنَّ مَنْ كَانَ ضَامِنًا لِعَيْنٍ فَمُؤْنَةُ رَدِّهَا عَلَيْهِ (فَإِنْ كَانَ) تَلِفَ شَرْعًا كَأَنْ (وَقَفَهُ) الْمُشْتَرِي وَمِثْلُهُ الْبَائِعُ فِي الثَّمَنِ (أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ بَاعَهُ) أَوْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ كَكِتَابَةٍ صَحِيحَةٍ (أَوْ) حِسًّا كَأَنْ (مَاتَ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ) إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا وَلَوْ زَادَتْ عَلَى ثَمَنِهِ، وَمِثْلُهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ وَإِنْ أَوْهَمَتْ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ وُجُوبَ الْقِيمَةِ مُطْلَقًا وَصَحَّحَهُ فِي الْحَاوِي، بَلْ كَثِيرًا مَا يُعَبِّرُونَ بِالْقِيمَةِ وَيُرِيدُونَ بِهَا الْبَدَلَ شَرْعًا، وَلَوْ تَلِفَ بَعْضُهُ رَدَّ الْبَاقِيَ وَبَدَلَ التَّالِفِ: قَالَ فِي الْعُبَابِ بِالرِّضَا، وَمُرَادُهُ بِذَلِكَ مَجِيءُ مَا تَقَدَّمَ فِي رَدِّ الْمَعِيبِ وَإِمْسَاكِ الْبَاقِي، وَفِي الرَّوْضَةِ إشَارَةٌ لِذَلِكَ وَيَرُدُّ قِيمَةَ الرَّقِيقِ الْآبِقِ لِلْحَيْلُولَةِ (وَهِيَ) أَيْ الْقِيمَةُ حَيْثُ لَزِمَتْ (قِيمَةُ يَوْمٍ) أَيْ وَقْتٍ، وَتَعْبِيرُهُمْ بِالْيَوْمِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ عَدَمِ اخْتِلَافِهِ فِيهِ (التَّلَفِ) حِسًّا أَوْ شَرْعًا (فِي أَظْهَرِ الْأَقْوَالِ) إذْ مَوْرِدُ الْفَسْخِ الْعَيْنُ وَالْقِيمَةُ بَدَلٌ عَنْهَا فَلْتُعْتَبَرْ عِنْدَ فَوَاتِ أَصْلِهَا، وَفَارَقَ اعْتِبَارَهَا بِمَا ذَكَرَ اعْتِبَارُهَا لِمَعْرِفَةِ الْأَرْشِ بِأَقَلِّ قِيمَتَيْ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ، كَمَا مَرَّ بِأَنَّ النَّظَرَ إلَيْهَا ثُمَّ لَا لِيَغْرَمَ بَلْ لِيُعْرَفَ مِنْهَا الْأَرْشُ، وَهُنَا الْمَغْرُومُ الْقِيمَةُ فَكَانَ اعْتِبَارُ حَالَةِ الْإِتْلَافِ أَلْيَقَ، قَالَهُ الرَّافِعِيُّ. وَالثَّانِي قِيمَةُ يَوْمِ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ يَوْمُ دُخُولِهِ فِي ضَمَانِهِ، وَالثَّالِثُ أَقَلُّ الْقِيمَتَيْنِ يَوْمَ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ. وَالرَّابِعُ أَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ يَوْمِ الْقَبْضِ إلَى يَوْمِ التَّلَفِ لِأَنَّ يَدَهُ يَدُ ضَمَانٍ فَتُعْتَبَرُ أَعْلَى الْقِيَمِ. (وَإِنْ تَعَيَّبَ رُدَّ مَعَ أَرْشِهِ) وَهُوَ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ لِأَنَّ الْكُلَّ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْقِيمَةِ فَكَانَ بَعْضُهُ مَضْمُونًا بِبَعْضِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ) قَيْدٌ زَائِدٌ عَلَى مَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، وَعِبَارَةُ حَجّ قَبَضَهُ أَيْ الْمُشْتَرِي وَبَقِيَ بِحَالِهِ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْفَسْخَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: ظَاهِرًا فَقَطْ) أَيْ بِأَنْ فَسَخَهُ الْكَاذِبُ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ بِزَوَائِدِهِ الْمُتَّصِلَةِ (قَوْلُهُ: بَلْ كَثِيرًا إلَخْ) لَكِنَّ حَمْلَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا يَلْزَمُهُ عَدَمُ ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي الْمِثْلِيِّ حَيْثُ جُعِلَتْ الْعِبَارَةُ شَامِلَةً لَهُ لَكِنَّهُ لَا يَضُرُّ لِأَنَّهُ كَثِيرًا مَا يَفْعَلُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إنَّمَا الْتَزَمَ ذِكْرَ خِلَافِ الْمُحَرَّرِ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْعُبَابِ) لَمْ يَذْكُرْهُ ج، وَلَعَلَّهُ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ عَنْ الْعُبَابِ قَدْ يُمْنَعُ لِأَنَّهُ حَيْثُ انْفَسَخَ الْعَقْدُ تَعَيَّنَ رَدُّ مَا وُجِدَ مِنْ الْمَبِيعِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ صَاحِبُهُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَمُرَادُهُ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِي رَدِّ الْمَعِيبِ لَيْسَ فِيهِ فَسْخٌ قَبْلَهُ لِلْعَقْدِ فَتَعَذَّرَ الرَّدُّ لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ ثُمَّ، وَمَا هُنَا حَصَلَ فِيهِ الْفَسْخُ بَعْدَ التَّحَالُفِ فَلَا طَرِيقَ إلَى إبْقَاءِ الْعَقْدِ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا لَمْ يَرْضَ بِرَدِّ الْبَاقِي وَبَدَلِ التَّالِفِ أَخَذَ قِيمَةَ الْجَمِيعِ لَا أَنَّ لَهُ الْمَنْعَ مِنْ الْفَسْخِ فَيَتَأَمَّلُ فَإِنَّهُ لَمْ تَنْحَسِمْ مَادَّةُ النَّظَرِ بِذَلِكَ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَلْتُعْتَبَرْ عِنْدَ فَوَاتِ أَصْلِهَا) وَهُوَ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ الْمُسْتَلَمِ وَالْمُعَارِ اهـ حَجّ، وَقَدْ صَرَّحُوا فِيهِمَا بِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ، وَنُقِلَ عَنْ وَالِدِ الشَّارِحِ وَفِي فَتَاوِيهِ هُوَ أَيْضًا مَا يُوَافِقُهُ، وَعَنْ الزِّيَادِيِّ مَا يُخَالِفُهُ، وَفِي عَمِيرَةَ مَا يُوَافِقُ الزِّيَادِيَّ مِنْ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِأَقْصَى الْقِيَمِ (قَوْلُهُ: بِأَقَلِّ قِيمَتَيْ الْعَقْدِ) أَيْ وَقْتَيْ الْعَقْدِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: قَالَهُ الرَّافِعِيُّ) قَالَ حَجّ: وَفَرَّقَ بَيْنَ اعْتِبَارِ قِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ هُنَا وَبَيْنَ مَا لَوْ بَاعَ عَيْنًا فَرُدَّتْ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ وَقَدْ تَلِفَ الثَّمَنُ الْمُتَقَوِّمُ بِيَدِ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ الْأَقَلَّ مِنْ الْعَقْدِ إلَى الْقَبْضِ بِأَنَّ سَبَبَ الْفَسْخِ هُنَا حَلِفُ الْبَائِعِ فَنَزَلَ مَنْزِلَةَ إتْلَافِهِ فَتَعَيَّنَ النَّظَرُ لِيَوْمِ التَّلَفِ، وَثُمَّ الْمُوجِبُ لِلْقِيمَةِ هُوَ مُجَرَّدُ ارْتِفَاعِ الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِفِعْلِ أَحَدٍ فَتَعَيَّنَ النَّظَرُ لِقَضِيَّةِ الْعَقْدِ وَمَا بَعْدَهُ إلَى الْقَبْضِ، قَالَ: وَكَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ ثُمَّ مُطْلَقُ الْفَسْخِ بِإِقَالَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَكَالثَّمَنِ ثُمَّ الْمَبِيعِ لَوْ تَلِفَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَفِيهِمَا يُعْتَبَرُ الْأَقَلُّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَهُوَ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ) أَيْ فَالْأَرْشُ هُنَا غَيْرُهُ فِيمَا مَرَّ فِي بَابِ الْخِيَارِ

وَوَطْءُ الثَّيِّبِ لَيْسَ بِعَيْبٍ فَلَا أَرْشَ لَهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ رَهَنَهُ خُيِّرَ الْبَائِعُ بَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهِ أَوْ انْتِظَارِ فِكَاكِهِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا ذَكَرَ فِي الصَّدَاقِ أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ وَكَانَ الصَّدَاقُ مَرْهُونًا وَقَالَ: انْتَظِرْ الْفِكَاكَ لِلرُّجُوعِ فَلَهَا إجْبَارُهُ عَلَى قَبُولِ نِصْفِ الْقِيمَةِ لِمَا عَلَيْهَا مِنْ خَطَرِ الضَّمَانِ فَقِيَاسُهُ هُنَا إجْبَارُهُ عَلَى أَخْذِ الْقِيمَةِ. لِأَنَّا نَقُولُ: الْمُطَلَّقَةُ قَدْ حَصَلَ لَهَا كَسْرٌ بِالطَّلَاقِ فَنَاسَبَ جَبْرُهَا بِإِجَابَتِهَا، بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَجَّرَهُ رَجَعَ فِيهِ مُؤَجَّرًا وَلَا يَنْتَزِعُهُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي حَتَّى تَنْقَضِيَ الْمُدَّةُ وَالْمُسَمَّى لِلْمُشْتَرِي، وَعَلَيْهِ لِلْبَائِعِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ مِنْ وَقْتِ الْفَسْخِ إلَى انْقِضَائِهَا، وَلَوْ كَانَ زَكَاةً مُعَجَّلَةً وَتَعَيَّبَ فَلَا أَرْشَ، أَوْ جَعَلَهُ الْمُشْتَرِي مَثَلًا صَدَاقًا وَتَعَيَّبَ فِي يَدِ الزَّوْجَةِ وَاخْتَارَ الرُّجُوعَ إلَى الشَّطْرِ فَلَا أَرْشَ فِيهِ وَلَوْ دَبَّرَهُ الْمُشْتَرِي لَمْ يَمْنَعْ رُجُوعَ الْبَائِعِ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرَ فِي الْفَلْسِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ فِيهِ (وَاخْتِلَافُ وَرَثَتِهِمَا كَهُمَا) أَيْ كَاخْتِلَافِهِمَا فِيمَا مَرَّ فَيَحْلِفُ الْوَارِثُ لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْمُورِثِ، وَكَذَا اخْتِلَافُ أَحَدِهِمَا وَوَارِثِ الْآخَرِ أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ وَلِيِّهِ كَمَا مَرَّ، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ وَمَا إذَا حَصَلَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ ابْتِدَاءَ أَوْ بَيْنَ الْمُورِثِينَ ثُمَّ يَمُوتَانِ قَبْلَ التَّحَالُفِ، وَيَجُوزُ لِلْوَارِثِ الْحَلِفُ عِنْدَ غَلَبَةِ ظَنِّهِ صِدْقَ مُورِثِهِ. (وَلَوْ) (قَالَ بِعْتُك بِكَذَا فَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَذْكُورُ لَا قِيمَةُ يَوْمِ التَّلَفِ اهـ. (قَوْلُهُ: بَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهِ إلَخْ) وَهِيَ لِلْفَيْصُولَةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فَنَاسَبَ جَبْرُهَا) أَيْ الرِّفْقُ بِهَا وَدَفْعُ مَا أَصَابَهَا مِنْ الْكَسْرِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ قَدْ أَجَّرَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْله: رَجَعَ) أَيْ الْبَائِعُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ التَّأْخِيرَ إلَى فَرَاغِ الْمُدَّةِ وَيَأْخُذُ قِيمَتَهُ لِلْحَيْلُولَةِ لَمْ يَجِبْ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِ حَجّ كَشَرْحِ الْمَنْهَجِ فَلَهُ أَخْذُهُ لَكِنْ لَا يَنْزِعُهُ إلَخْ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهِ لِلْحَيْلُولَةِ، لَكِنْ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ مَا نَصُّهُ: وَإِذَا أَجَّرَهُ رَجَعَ فِيهِ مُؤَجَّرًا لَا فِي قِيمَتِهِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْمُؤَجِّرِ وَالْمُشْتَرِي الْمُسَمَّى فِي الْإِجَارَةِ وَعَلَيْهِ لِلْبَائِعِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ اهـ. وَهُوَ مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ وُجُوبِ التَّبْقِيَةِ بِالْأُجْرَةِ عَلَى مَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ: عَلَيْهِ لِلْبَائِعِ أُجْرَةٌ إلَخْ، فَقَوْلُ حَجّ كَشَرْحِ الْمَنْهَجِ فَلَهُ أَخْذُهُ، وَلَكِنْ لَا يَنْزِعُهُ مَعْنَاهُ لَهُ أَخْذُهُ بِمَعْنَى الرِّضَا بِبَقَائِهِ تَحْتَ يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَأَخْذِ أُجْرَةِ مِثْلِ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ، وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ قِيمَتِهِ وَتَرْكُ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ إلَى تَمَامِ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ: لِلْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ) وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ وَحَدَثَ بِهِ عَيْبٌ وَكَانَ أَجْرُهُ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ الْقَدِيمِ فَإِنَّ الْبَائِعَ إذَا رَضِيَ بِهِ أَخَذَهُ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَائِعَ فِي مَسْأَلَةِ الْعَيْبِ رَضِيَ بِهِ مَعِيبًا فَغَلُظَ عَلَيْهِ بِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ الْأُجْرَةَ لِاخْتِيَارِهِ الْمَبِيعَ، وَأَمَّا هُنَا فَالتَّحَالُفُ لَمَّا كَانَ مُوجِبًا لِلْفَسْخِ كَانَ الْبَائِعُ كَأَنَّهُ مُجْبَرٌ عَلَيْهِ فَلَمْ يُغْلِظْ عَلَيْهِ بِإِسْقَاطِ الْأُجْرَةِ، وَيَرُدُّ عَلَى هَذَا الْفَرْقِ مَا لَوْ تَقَابَلَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي بَعْدَ أَنْ أَجَّرَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ فَإِنَّ الْبَائِعَ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ مَعَ أَنَّ الْإِقَالَةَ بِالتَّرَاضِي مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْإِقَالَةَ تُنْدَبُ لِتَخَلُّصِ النَّادِمِ، وَكَأَنَّهُ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ مُجْبَرٌ عَلَى الْإِقَالَةِ لِطَلَبِهَا مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ زَكَاةً إلَخْ) هَذِهِ وَمَا بَعْدَهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ قَاعِدَةِ مَا ضُمِنَ كُلُّهُ بِكُلِّ الْبَدَلِ يُضْمَنُ بَعْضُهُ بِقِسْطِهِ، وَعِبَارَةُ حَجّ تَعْلِيلًا لِوُجُوبِ الْأَرْشِ لِأَنَّ كُلَّ مَا ضُمِنَ بِهَا ضُمِنَ بَعْضُهُ بِبَعْضِهَا إلَّا فِي نَحْوِ خَمْسِ صُوَرٍ عَلَى مَا فِيهَا: مِنْهَا الزَّكَاةُ وَالصَّدَاقُ اهـ. وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ هُنَا: وَيُسْتَثْنَى مِنْ وُجُوبِهِ الْأَرْشُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَمْ يَمْنَعْ) أَيْ التَّدْبِيرُ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّهُ) أَيْ التَّدْبِيرَ (قَوْلُهُ: وَمَا إذَا حَصَلَ) أَيْ الِاخْتِلَافُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ زَكَاةً مُعَجَّلَةً إلَخْ) هَذَا مِنْ تَعَلُّقِ الْقَاعِدَةِ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا فِيمَا مَرَّ بِقَوْلِهَا؛ لِأَنَّ الْكُلَّ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْقِيمَةِ إلَخْ، فَحَمَلَهُ هُنَاكَ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: لِأَنَّ كُلَّ مَا ضَمِنَ بِهَا ضَمِنَ بَعْضَهُ بِبَعْضِهَا إلَّا فِي نَحْوِ خَمْسِ صُوَرٍ عَلَى مَا فِيهَا: مِنْهَا الزَّكَاةُ الْمُعَجَّلَةُ وَالصَّدَاقُ.

بَلْ وَهَبْتنِيهِ) أَوْ رَهَنْتَنِيهِ (فَلَا تَحَالُفَ) لِعَدَمِ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى عَقْدٍ وَاحِدٍ (بَلْ يَحْلِفُ كُلٌّ) مِنْهُمَا (عَلَى نَفْيِ دَعْوَى الْآخَرِ) كَسَائِرِ الدَّعَاوَى (فَإِذَا حَلَفَا رَدَّهُ) حَتْمًا (مُدَّعِي الْهِبَةِ بِزَوَائِدِهِ) مُتَّصِلَةً كَانَتْ أَوْ مُنْفَصِلَةً، فَإِنْ فَاتَتْ غَرَّمَهَا لَهُ لِعَدَمِ مِلْكِهِ وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا كَمَا فِي الْأَنْوَارِ، وَكَانَ الْفَرْقُ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْمَنَافِعِ مَا لَا يُفْتَقَرُ فِي الْأَعْيَانِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْبَائِعَ قَبْلَ الْقَبْضِ يَضْمَنُ الزَّوَائِدَ دُونَ الْمَنَافِعِ، وَيَجْرِي فِيمَا لَوْ قَالَ لِآخَرَ دَابَّتِي تَحْتَ يَدِك مَبِيعَةٌ فَأَنْكَرَ وَحَلَفَ فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهَا مِلْكُهُ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَا لَوْ طَالَبَهُ بَائِعُهُ بِالثَّمَنِ فَقَالَ الْمَبِيعُ لِزَوْجَتِك فَلَهُ أَخْذُهُ مِنْهُ ثُمَّ لَهَا انْتِزَاعُ الْمَبِيعِ مِنْهُ لِإِقْرَارِهِ، وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ بِتَسَلُّمِهِ لَهُ مُصَدِّقٌ لَهُ، وَلَوْ قَالَ: نَعَمْ لَهَا لَكِنَّهَا وَكَّلَتْنِي أُجْبِرَ الْمُشْتَرِي عَلَى دَفْعِ الثَّمَنِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ بِشِرَائِهِ مِنْهُ مُقِرٌّ بِصِحَّةِ قَبْضِهِ، قَالَهُ الْقَاضِي. قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَالْقِيَاسُ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي إجْبَارَ الْبَائِعِ عَلَى إثْبَاتِ وَكَالَتِهِ عَلَى الْقَبْضِ مِنْهُ، وَلَوْ اشْتَرَى كَرْمًا وَاسْتَغَلَّهُ سِنِينَ ثُمَّ طَالَبَهُ بَائِعُهُ بِالثَّمَنِ فَأَنْكَرَ وَحَلَفَ عَلَيْهِ لَمْ يُغَرِّمْهُ الْبَائِعُ مَا اسْتَغْلِهِ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ اسْتَغَلَّ مِلْكَهُ وَإِنَّمَا يَدَّعِي عَلَيْهِ الثَّمَنَ وَقَدْ تَعَذَّرَ بِحَلِفِ الْمُشْتَرِي فَلِلْبَائِعِ حِينَئِذٍ فَسْخُ الْبَيْعِ، وَمَا اسْتَشْكَلَ بِهِ رَدُّ الْمُنْفَصِلَةِ مِنْ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى حُدُوثِهَا بِمِلْكِهِ وَقَدْ يَثْبُتُ الْفَرْعُ دُونَ الْأَصْلِ أَجَابَ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ دَعْوَى الْهِبَةِ وَإِثْبَاتِهَا لَا يَسْتَلْزِمُ الْمِلْكَ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى الْقَبْضِ بِالْإِذْنِ وَلَمْ يُوجَدْ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِتَأَتِّي ذَلِكَ فِيمَا لَوْ ادَّعَى الْهِبَةَ وَالْقَبْضَ، فَالْأَوْلَى الْجَوَابُ بِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِيَمِينِ كُلٍّ أَنْ لَا عَقْدَ فَعُمِلَ بِأَصْلِ بَقَاءِ الزَّوَائِدِ بِمِلْكِ مَالِكِ الْعَيْنِ. (وَلَوْ) (ادَّعَى) أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ (صِحَّةَ الْبَيْعِ) أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الْعُقُودِ (وَ) ادَّعَى (الْآخَرُ فَسَادَهُ) لِانْتِفَاءِ رُكْنٍ أَوْ شَرْطٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَأَنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا رُؤْيَتَهُ وَأَنْكَرَهَا الْآخَرُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَيْضًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: بَلْ يَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى إلَخْ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَلَوْ قَالَ رَهَنْتهَا بِأَلْفٍ لَك عَلَيَّ فَقَالَ بَلْ بِعْتنِيهَا بِهَا حَلَفَ مُدَّعِي الرَّهْنِ: أَيْ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْبَيْعِ وَيَرُدُّ الْأَلْفَ وَاسْتَرَدَّ الْعَيْنَ وَلَا يَحْلِفُ الْآخَرُ وَلَا رَهْنَ إذْ لَا يَدَّعِيهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَاتَتْ غُرْمُهَا لَهُ) وَيَرْجِعُ فِي مِقْدَارِ بَدَلِهَا لِلْغَارِمِ (قَوْلُهُ: فَأَنْكَرَ وَحَلَفَ إلَخْ) أَيْ عَلَى عَدَمِ الشِّرَاءِ، فَلَوْ قَالَ اسْتَعَرْتهَا أَوْ اسْتَأْجَرْتهَا أَوْ عَيَّنَ جِهَةً أُخْرَى فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ آخِرِ كِتَابِ الْعَارِيَّةِ (قَوْلُهُ: فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ) أَيْ فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِعْمَالِ وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَتْ جَارِيَةً وَوَطِئَهَا الْمُشْتَرِي فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْمَهْرُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَإِذَا حَبِلَتْ مِنْهُ فَالْوَلَدُ حُرٌّ نَسِيبٌ وَلَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ لِإِقْرَارِ الْبَائِعِ بِأَنَّهَا مِلْكُ الْمُشْتَرِي وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ أَيْضًا لِلشُّبْهَةِ، وَإِذَا مَلَكَهَا بَعْدَ ذَلِكَ صَارَتْ مُسْتَوْلَدَةً عَلَيْهِ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي الظَّاهِرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ (قَوْلُهُ: لِاعْتِرَافِهِ) أَيْ مُدَّعِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهَا مِلْكُهُ) أَيْ الْمُنْكِرِ (قَوْلُهُ: فَقَالَ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: فَلَهُ) أَيْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: أَخْذُهُ) أَيْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: لَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: مِنْهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَلَا رُجُوعَ لَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: بِتَسْلِيمِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: لَهُ) أَيْ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ: مُصَدَّقٌ إلَخْ) وَعِبَارَةُ حَجّ: وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ بِشِرَائِهِ مِنْهُ مُصَدِّقٌ لَهُ اهـ وَهِيَ أَوْضَحُ مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ لِأَنَّ مُجَرَّدَ التَّسْلِيمِ لَا يَقْتَضِي الْإِقْرَارَ بِالْمِلْكِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ فِي يَدِ الْبَائِعِ بِإِجَارَةٍ أَوْ نَحْوِهَا (قَوْلُهُ: عَلَى الْقَبْضِ مِنْهُ) عِبَارَةُ حَجّ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَعَلَى فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بِمَعْنَى اللَّامِ (قَوْلُهُ: فَأَنْكَرَ) أَيْ الشِّرَاءَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْبَائِعَ (قَوْلُهُ: بِمِلْكِ مَالِكِ الْعَيْنِ) لَكِنَّهُ يُشْكِلُ عَلَى عَدَمِ تَغْرِيمِ وَاضِعِ الْيَدِ هُنَا ثَمَرَةَ الْكَرْمِ مَعَ أَنَّهُ بِحَلِفِهِ عَلَى عَدَمِ الشِّرَاءِ انْتَفَى الْعَقْدُ. قَالَ سم عَلَى حَجّ: وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِيهَا: أَيْ الْهِبَةِ عَيْنُ الْجِهَةِ الَّتِي زَعَمَ الِاسْتِحْقَاقَ بِهَا، وَقَدْ رَفَعَهَا الْمَالِكُ بِحَلِفِهِ عَلَى نَفْيِهَا وَهُنَا لَمْ يُعَيَّنْ جِهَةً وَجَازَ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ جِهَةُ اسْتِحْقَاقٍ لَهُ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) فَعُلِمَ أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الرُّؤْيَةِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مُثْبِتِهَا مِنْ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ، قَالَ مَرَّ: ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَمَا اُسْتُشْكِلَ بِهِ رَدُّ الْمُنْفَصِلَةِ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ

[ادعى أحد العاقدين صحة البيع والآخر فساده]

خِلَافًا لِمَا فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ (فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ بِيَمِينِهِ) غَالِبًا مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا لِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي الْعُقُودِ الصِّحَّةُ وَأَصْلُ عَدَمِ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ يُعَارِضُهُ أَصْلُ عَدَمِ الْفَسَادِ فِي الْجُمْلَةِ، وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ مَا لَوْ بَاعَ ذِرَاعًا مِنْ أَرْضٍ مَعْلُومَةِ الذَّرْعِ ثُمَّ ادَّعَى إرَادَةَ ذِرَاعٍ مُعَيَّنٍ لِيُفْسِدَ الْبَيْعَ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي شُيُوعَهُ فَيُصَدَّقُ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ، وَمَا لَوْ زَعَمَ أَحَدُ مُتَصَالِحَيْنِ وُقُوعَ صُلْحِهِمَا عَلَى إنْكَارٍ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ أَيْضًا لِأَنَّهُ الْغَالِبُ، وَمَا لَوْ زَعَمَ أَنَّهُ عَقَدَ وَبِهِ نَحْوُ صِبَا وَأَمْكَنَ أَوْ جُنُونٍ أَوْ حَجْرٍ وَعُرِفَ لَهُ ذَلِكَ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ أَيْضًا كَمَا ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ هُنَا، وَلَا نَظَرَ لِسَبْقِ إقْرَارِهِ بِضِدِّهِ لِوُقُوعِهِ حَالَ نَقْصِهِ وَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى تَصْدِيقِ مُدَّعِي الْفَسَادِ، وَقَدْ جَرَى صَاحِبُ الْأَنْوَارِ كَالشَّيْخَيْنِ قُبَيْلَ الصَّدَاقِ عَلَى خِلَافِهِ، وَأَمَّا كَلَامُ الْأَصْحَابِ فِي الْجِنَايَاتِ وَالطَّلَاقِ فَلَيْسَ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ وَفَسَادِهِ، وَفَارَقَ مَا ذَكَرْنَاهُ مَا سَيَأْتِي فِي الضَّمَانِ بِأَنَّ الْمُعَاوَضَاتِ يَحْتَاطُ فِيهَا غَالِبًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَقَعُ بِشُرُوطِهَا، وَفِي الْبَيَانِ لَوْ أَقَرَّ بِالِاحْتِلَامِ لَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ عَنْهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِخِلَافِ مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي كَيْفِيَّةِ الرُّؤْيَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّائِي لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِهَا: أَيْ كَأَنْ ادَّعَى أَنَّهُ رَآهُ مِنْ وَرَاءِ زُجَاجٍ، وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ رَأَيْته بِلَا حَيْلُولَةِ زُجَاجٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الرُّؤْيَةِ مِنْ وَرَاءِ زُجَاجٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ فَلْيُرَاجَعْ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَأَفْتَى بِخِلَافِهِ خَطّ جَرْيًا عَلَى إطْلَاقِهِمْ بِتَصْدِيقِ مُدَّعِي الصِّحَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَإِطْلَاقُ الشَّارِحِ يُوَافِقُ مَا وَجَّهَ بِهِ الْخَطِيبُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْقَوَاعِدِ. [فَائِدَةٌ] قَالَ حَجّ: وَلَوْ أَقَرَّ بِالرُّؤْيَةِ لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ عَدَمَهَا لِلتَّحْلِيفِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْتَدَّ فِيهَا إقْرَارٌ عَلَى رَسْم الْقُبَالَةِ وَيَسْتَحِيلُ شَرْعًا تَأَخُّرُهَا عَنْ الْعَقْدِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِإِتْلَافِ مَالٍ ثُمَّ قَالَ: إنَّمَا أَقْرَرْت بِهِ لِعَزْمِي عَلَيْهِ، بِخِلَافِهِ بِنَحْوِ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ اُعْتِيدَ فِيهِ التَّأْخِيرُ عَنْ الْعَقْدِ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْتَدَّ إلَخْ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا اشْتَرَى مِنْ تَاجِرٍ مَقْطَعًا مِنْ الْقُمَاشِ بِثَلَاثَةِ قُرُوشٍ ثُمَّ سَأَلَهُ أَحَدُ أَتْبَاعِ الظَّلَمَةِ عَنْ ثَمَنِهِ فَقَالَ اشْتَرَيْته بِخَمْسَةٍ لِدَفْعِهِ عَنْهُ فَانْدَفَعَ ثُمَّ أَحْضَرَ لِلْبَائِعِ الثَّلَاثَةَ الْمَذْكُورَةَ فَأَقَامَ الْبَائِعُ عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِمَا أَقَرَّ بِهِ فَهَلْ لَهُ تَحْلِيفُهُ أَمْ لَا، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: يُحْتَمَلُ أَنَّ رسم الْقُبَالَةَ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى شُبْهَةٍ تُقَوِّي جَانِبَهُ فَلَهُ تَحْلِيفُ الْبَائِعِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُهُ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَقَدْ قَالُوا: إنَّهُ لَوْ أَنْكَرَ كَوْنَهُ وَكِيلًا أَوْ كَوْنَهُ وَدِيعًا لِغَرَضٍ لَا يَنْعَزِلُ بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا أَنْكَرَهُ لَا لِغَرَضٍ (قَوْلُهُ: مَعْلُومَةِ الذَّرْعِ) كَانَ وَجْهُ هَذَا التَّقْيِيدِ أَنَّ مَجْهُولَتَهَا لَا تُفِيدُ دَعْوَى الْمُشْتَرِي شُيُوعَ الذِّرَاعِ فِي الصِّحَّةِ إذْ لَا يَصِيرُ الْمَبِيعُ مَعْلُومًا، بَلْ هُوَ عَلَى جَهْلِهِ بِخِلَافِ الْمَعْلُومَةِ، أَوْ يَصِيرُ مَعْلُومًا بِالْجُزْئِيَّةِ فَلْيُحَرَّرْ، وَقَوْلُهُ مُعَيَّنٌ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ إنْ قَصَدَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: إرَادَةَ ذِرَاعٍ مُعَيَّنٍ) أَيْ مُبْهَمٍ بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ أَرَدْت بِقَوْلِي ذِرَاعًا أَنَّهُ يُفْرَزُ لَك ذِرَاعٌ مُعَيَّنٌ مِنْ الْعَشَرَةِ تُنْفِقُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: عَلَى إنْكَارٍ) أَيْ فَيَكُونُ بَاطِلًا (قَوْلُهُ: فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي النِّكَاحِ فَالْمُصَدَّقُ الزَّوْجُ اهـ حَجّ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: وَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى تَصْدِيقِ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ وَالرَّاجِحُ تَصْدِيقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: عَلَى خِلَافِهِ) أَيْ فَيُصَدَّقُ مُدَّعِي الصِّبَا وَالْجُنُونِ حَيْثُ عَهِدَ لَهُ ذَلِكَ فَيَكُونُ مُسْتَثْنًى مِنْ تَصْدِيقِ مُدَّعِي الصِّحَّةِ كَمَا تَقَرَّرَ (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرْنَاهُ) أَيْ فِي دَعْوَى الصِّبَا لَهُ وَالْجُنُونِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْبَيَانِ لَوْ أَقَرَّ إلَخْ) هَذَا قَدْ يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَلَا نَظَرَ لِسَبْقِ إقْرَارِهِ وَمِنْ ثَمَّ جَعَلَهُ حَجّ رَدًّا ـــــــــــــــــــــــــــــQ [ادَّعَى أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ صِحَّةَ الْبَيْعِ وَالْآخَرُ فَسَادَهُ] قَوْلُهُ: ذِرَاعٍ مُعَيَّنٍ) أَيْ غَيْرِ مُشَاعٍ بِدَلِيلِ مُقَابَلَتِهِ بِهِ إذْ الصُّورَةُ أَنَّهُ مُبْهَمٌ حَتَّى يَتَأَتَّى الْبُطْلَانُ. (قَوْلُهُ: عَلَى خِلَافِهِ) أَيْ مِنْ عَدَمِ تَصْدِيقِهِ فَتَسْتَمِرُّ صِحَّةُ الْبَيْعِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا جَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ هُوَ الرَّاجِحُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ. (قَوْلُهُ: وَفِي الْبَيَانِ) غَرَضُهُ مِنْهُ الرَّدُّ عَلَى مَا قَدَّمَهُ فِي سِيَاقِ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُصَدِّقَ مُدَّعِي الْفَسَادِ فِي مَسْأَلَةِ الرُّويَانِيِّ. (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِمَّا جَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ فِي مَسْأَلَةِ الرُّويَانِيِّ.

مَنْ وُهِبَ فِي مَرَضِهِ شَيْئًا فَادَّعَتْ وَرَثَتُهُ غَيْبَةَ عَقْلِهِ حَالَ الْهِبَةِ لَمْ يُقْبَلُوا، إلَّا إنْ عُلِمَ لَهُ غَيْبَةٌ قَبْلَ الْهِبَةِ وَادَّعَوْا اسْتِمْرَارَهَا إلَيْهَا، وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْبَيِّنَةِ بِغَيْبَةِ الْعَقْلِ إنْ تَبَيَّنَ مَا غَابَ بِهِ: أَيْ لِئَلَّا تَكُونَ غَيْبَتُهُ بِمَا يُؤَاخَذُ بِهِ كَسُكْرٍ تَعَدَّى بِهِ، وَمَا لَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ وَقَعَ الْعَقْدُ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ قَالَ مُجَلِّي فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا لِأَنَّ ذَلِكَ إنْكَارٌ لِأَصْلِ الْعَقْدِ، وَصَوَّبَهُ السُّبْكِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ الْحَقُّ، وَأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ. اهـ وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ بِيَمِينِهِ وَمَا لَوْ اشْتَرَى نَحْوَ مَغْصُوبٍ وَقَالَ كُنْت أَظُنُّ الْقُدْرَةَ فَبَانَ عَجْزِي فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ لِاعْتِضَادِهِ بِقِيَامِ الْغَصْبِ، وَمَا لَوْ بَاعَ الثَّمَرَةَ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ أَوْ الزَّرْعِ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ ثُمَّ اخْتَلَفَا هَلْ شَرَطَ الْقَطْعَ أَمْ لَا فَهُوَ كَاخْتِلَافِهِمَا فِي الرُّؤْيَةِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْقَوْلَ فِيهَا قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ، وَمَا لَوْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ أَذِنْت فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ رَهْنِ الثَّمَنِ وَقَالَ الرَّاهِنُ: بَلْ مُطْلَقًا فَالْمُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ كَمَا قَالَ لَكِنْ لَيْسَ هَذَا مِمَّا نَحْنُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ الْمَذْكُورَ لَمْ يَقَعْ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ وَلَا نَائِبِهِمَا. وَلَوْ ادَّعَى السَّيِّدُ اتِّحَادَ نَجْمِ الْكِتَابَةِ وَالْمُكَاتَبُ تَعَدُّدَهُ صُدِّقَ الْمُكَاتَبُ عَلَى الْقَاعِدَةِ: نَعَمْ لَوْ قَالَ السَّيِّدُ كَاتَبْتُك وَأَنَا صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ وَأَمْكَنَ الصَّبِيُّ وَعَهِدَ الْمَجْنُونُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَلَوْ أَتَى الْمُشْتَرِي بِخَمْرٍ أَوْ بِمَاءٍ فِيهِ فَأْرَةٌ وَقَالَ: قَبَضْته كَذَلِكَ فَأَنْكَرَ الْقَبْضَ كَذَلِكَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَلَوْ صَبَّهُ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي فَظَهَرَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ فَادَّعَى كُلٌّ أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ الْآخَرِ صُدِّقَ الْبَائِعُ لِدَعْوَاهُ الصِّحَّةَ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلِّ حَادِثٍ تَقْدِيرُهُ بِأَقْرَبِ زَمَنٍ وَالْأَصْلُ أَيْضًا بَرَاءَةُ الْبَائِعِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ السَّلَمِ إذَا اخْتَلَفَا هَلْ قَبَضَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ رَأْسَ الْمَالِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَوْ أَقَامَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ، وَقَوْلُ ابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ إنْ كَانَ مَالُ كُلٍّ بِيَدِهِ حَلَفَ الْمُنْكِرُ وَإِلَّا فَصَاحِبُهُ مَرْدُودٌ (وَلَوْ) (اشْتَرَى عَبْدًا) مَثَلًا مُعَيَّنًا وَقَبَضَهُ (فَجَاءَ بِعَبْدٍ مَعِيبٍ لِيَرُدَّهُ فَقَالَ الْبَائِعُ: لَيْسَ هَذَا الْمَبِيعَ) (صُدِّقَ الْبَائِعُ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ وَبَقَاءُ الْعَقْدِ (وَفِي مِثْلِهِ فِي) الْمَبِيعِ فِي الذِّمَّةِ (وَالسَّلَمِ) بِأَنْ يَقْبِضَ الْمُشْتَرِي أَوْ الْمُسْلِمُ الْمَدْفُوعَ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ أَحْضَرَ مَعِيبًا لِيَرُدَّهُ فَقَالَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُسْلَمُ ـــــــــــــــــــــــــــــSلِلْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا نَظَرَ لِسَبْقِ إقْرَارِهِ بِضِدِّهِ وَقَدْ يُقَالُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ وَلَا نَظَرَ إلَخْ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِالْبُلُوغِ وَلَمْ يَذْكُرْ سَبَبُهُ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ الصِّبَا بَعْدُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَظُنَّ مَا لَيْسَ سَبَبًا لِلْبُلُوغِ بُلُوغًا كَنُتُوءِ طَرَفِ الْحُلْقُومِ وَافْتِرَاقِ الْأَرْنَبَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ دَعْوَاهُ الْبُلُوغَ مُنَاقَضَةً صَرِيحًا لِدَعْوَى الصِّبَا بِخِلَافِ إقْرَارِهِ بِالِاحْتِلَامِ (قَوْلُهُ: كَسُكْرٍ تَعَدَّى إلَخْ) أَيْ فَتَصِحُّ هِبَتُهُ مَعَ غَيْبَةِ عَقْلِهِ (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ قَالَتْ) أَيْ وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ قَالَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: قَوْلُ الزَّوْجِ بِيَمِينِهِ) أَيْ خِلَافًا لحج. (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْقَوْلَ إلَخْ) أَيْ فَهَذِهِ مِثْلُهَا (قَوْلُهُ: فَالْمُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ) أَيْ فَيَكُونُ الْبَيْعُ بَاطِلًا. (قَوْلُهُ: فَأَنْكَرَ الْقَبْضَ) أَيْ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) أَيْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَبَّهُ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ كَانَ فِي ظَرْفِ الْبَائِعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلِّ حَادِثٍ) وَهُوَ النَّجَاسَةُ هُنَا لِلْمَبِيعِ وَكَوْنُهَا لِمُلَاقَاةِ الْمَبِيعِ لِلْفَأْرَةِ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي أَقْرَبَ مِنْ كَوْنِهَا كَانَتْ فِي ظَرْفِ الْبَائِعِ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي وَظَاهِرُهُ تَصْدِيقُهُ الْبَائِعَ وَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى صِدْقِ الْمُشْتَرِي كَكَوْنِ الْفَأْرَةِ مُنْتَفِخَةً أَوْ مُتَهَرِّيَةً وَلَا مَانِعَ مِنْهُ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ كَذَلِكَ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي بِوَاسِطَةِ مَائِعٍ غَيْرِ هَذَا الْمَبِيعِ فَصُبَّ عَنْهَا الْمَبِيعُ وَظَاهِرٌ أَيْضًا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ عَلِمَ اسْتِحَالَةَ كَوْنِهَا فِي يَدِهِ كَأَنْ غَسَلَ الْجَرَّةَ قَبْلَ ذَلِكَ وَجَفَّفَهَا وَسَدّهَا بِمَا يَمْنَعُ مِنْ وُصُولِ الْفَأْرَةِ إلَيْهَا وَلَمْ تَزُلْ يَدُهُ عَنْهَا بِحَيْثُ يُمْكِنُ وُقُوعُ الْفَأْرَةِ فِيهَا وَلَمْ يَشْعُرْ جَازَ لَهُ أَخْذُ قَدْرِ الثَّمَنِ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ بِطَرِيقِ الظُّفْرِ لِتَحَقُّقِهِ بُطْلَانَ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) هُمَا قَوْلُهُ: وَلَوْ أَتَى الْمُشْتَرِي إلَخْ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ صَبَّهُ فِي ظَرْفٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ) أَيْ أَيْضًا كَمَا قُدِّمَ قَوْلُهُ: (قَوْلُهُ: الْمَبِيعَ) هُوَ بِالنَّصْبِ خَبَرُ لَيْسَ وَهَذَا اسْمُهَا فِي مَحَلِّ رَفْعٍ، وَلَا يُقَالُ: إنَّ هَذَا مِنْ قَاعِدَةِ أَنَّ الْمُحَلَّى بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ بَعْدَ اسْمِ الْإِشَارَةِ يُعْرَبُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَاخْتِلَافِهِمَا فِي الرُّؤْيَةِ إلَخْ) وَحِينَئِذٍ فَفِي عَطْفِهِ عَلَى مَسَائِلِ تَصْدِيقِ مُدَّعِي الْفَسَادِ مُسَاهَلَةٌ.

[باب في معاملة الرقيق]

إلَيْهِ لَيْسَ هَذَا الْمَقْبُوضَ (يُصَدَّقُ) الْمُشْتَرِي (وَالْمُسْلِمُ) بِيَمِينِهِ (فِي الْأَصَحِّ) أَنَّهُ الْمَقْبُوضُ عَمَلًا بِأَصْلِ بَقَاءِ شَغْلِ ذِمَّةِ الْبَائِعِ وَالْمُسْلَمِ إلَيْهِ إلَى وُجُودِ قَبْضٍ صَحِيحٍ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي الثَّمَنِ فَيَحْلِفُ الْمُشْتَرِي فِي الْمُعَيَّنِ وَالْبَائِعِ فِيمَا فِي الذِّمَّةِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يُصَدَّقُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ كَالْبَيْعِ، وَلَوْ قَبَضَ الْمَبِيعَ مَثَلًا بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ ثُمَّ ادَّعَى نَقْصَهُ فَإِنْ كَانَ قَدْرَ مَا يَقَعُ مِثْلُهُ فِي الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ عَادَةً صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِاحْتِمَالِهِ مَعَ عَدَمِ مُخَالَفَتِهِ الظَّاهِرَ وَإِلَّا فَلَا لِمُخَالَفَتِهِ الظَّاهِرَ وَلِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى الْقَبْضِ وَالْقَابِضُ يَدَّعِي الْخَطَأَ فِيهِ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، كَمَا لَوْ اقْتَسَمَا ثُمَّ جَاءَ أَحَدُهُمَا وَادَّعَى الْخَطَأَ فِيهِ تَلْزَمُهُ الْبَيِّنَةُ، وَلَوْ بَاعَ شَيْئًا فَظَهَرَ كَوْنُهُ لِابْنِهِ أَوْ مُوَكِّلِهِ فَوَقَعَ اخْتِلَافٌ كَأَنْ قَالَ الِابْنُ: بَاعَ أَبِي مَالِي فِي الصِّغَرِ لِنَفْسِهِ مُتَعَدِّيًا، وَقَالَ الْمُوَكِّلُ بَاعَ وَكِيلِي مَالِي مُتَعَدِّيًا، وَقَالَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَتَعَدَّ الْوَلِيُّ وَلَا الْوَكِيلُ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَبِ وَالْوَكِيلِ أَمِينٌ وَلَا يُتَّهَمُ إلَّا بِحُجَّةٍ. بَابٌ بِالتَّنْوِينِ فِي مُعَامَلَةِ الرَّقِيقِ وَذَكَرَهُ هُنَا تَبَعًا لِلشَّافِعِيِّ أَوْلَى مِنْ تَقْدِيمِهِ عَلَى الِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ لِلْحَاوِي كَالرَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلْحُرِّ فَأَخَّرْت أَحْكَامَهُ عَنْ جَمِيعِ أَحْكَامِهِ وَلَوْ تَأَتَّى فِيهِ بَعْضُهَا، وَتَوْجِيهُ ذَلِكَ مُمْكِنٌ أَيْضًا بِأَنَّ فِيهِ إشَارَةً لِجَرَيَانِ التَّحَالُفِ فِي الرَّقِيقَيْنِ كَمَا مَرَّ وَمِنْ تَعْقِيبِهِ لِلْقِرَاضِ الْوَاقِعِ فِي التَّنْبِيهِ لِأَنَّهُ وَإِنْ أَشْبَهَهُ فِي أَنَّ كُلًّا فِيهِ تَحْصِيلُ رِبْحٍ بِإِذْنٍ فِي تَصَرُّفٍ لَكِنَّهُ إنَّمَا يَتَّضِحُ عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ أَنَّ إذْنَ السَّيِّدِ لِقِنِّهِ تَوْكِيلٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ اسْتِخْدَامٌ، وَتَصَرُّفَهُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ عَلَى ثَلَاثَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبَدَلًا، وَقِيلَ عَطْفَ بَيَانٍ، وَقِيلَ نَعْتًا لِأَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَكُنْ قَبْلَهُ عَامِلٌ يَقْتَضِي رَفْعَهُ أَوْ نَصْبَهُ وَهَذَا مِنْهُ (قَوْلُهُ: يُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي) لَكِنْ لَوْ فُرِضَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ دَفَعَ الثَّمَنَ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ هَلْ يَكُونُ كَالْمُعَيَّنِ فَيُقْبَلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَا رَدَّهُ الْبَائِعُ مَعِيبًا لَيْسَ هُوَ الْمَقْبُوضَ عَمَلًا بِقَوْلِهِمْ الْوَاقِعُ فِي الْمَجْلِسِ كَالْوَاقِعِ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ أَمْ الْمُصَدَّقُ الْبَائِعُ نَظَرًا لِكَوْنِ الْعَقْدِ وَرَدَ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ، فِيهِ نَظَرٌ، وَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ لِلْوَاقِعِ فِي الْمَجْلِسِ كَالْوَاقِعِ فِي الْعَقْدِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: فِيمَا فِي الذِّمَّةِ) وَالضَّابِطُ أَنْ يُقَالَ: إنْ جَرَى الْعَقْدُ عَلَى مُعَيَّنٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الدَّافِعِ لِلْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنِ، وَإِنْ جَرَى عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ الثَّمَنُ أَوْ الْمُثَمَّنُ (قَوْلُهُ: أَوْ الْوَزْنِ) أَيْ أَوْ الْعَدَدِ فِيمَا يَظْهَرُ فَيُصَدَّقُ الْقَابِضُ إنْ اُحْتُمِلَ وُقُوعُ الْغَلَطِ فِيهِ وَالْبَائِعُ إنْ لَمْ يُحْتَمَلْ، وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ تَصْدِيقُ الْمُشْتَرِي مُطْلَقًا فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَالْعَدِّ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ قَبْضِ مَا يَدَّعِيه الْبَائِعُ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ) أَيْ الْقَابِضُ (قَوْلُهُ: بِيَمِينِهِ) أَيْ فَيُطَالِبُ بِالْقَبْضِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَبِ وَالْوَكِيلِ أَمِينٌ) مُقْتَضَى هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ مِثْلَ الْأَبِ الْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ فِي تَصْدِيقِ الْمُشْتَرِي إذَا قَالَ الطِّفْلُ بَعْدَ بُلُوغِهِ بَاعَ الْوَصِيُّ أَوْ الْقَيِّمُ لِنَفْسِهِ تَعَدِّيًا وَأَنْكَرَهُ الْمُشْتَرِي، لَكِنْ فِي آخِرِ فَصْلِ الْإِيصَاءِ أَنَّ الْوَصِيَّ لَوْ ادَّعَى بَيْعَ مَالِ الطِّفْلِ لِلْمَصْلَحَةِ وَأَنْكَرَ الطِّفْلُ بَعْدَ بُلُوغِهِ طُولِبَ الْوَصِيُّ بِالْبَيِّنَةِ فَلْيُرَاجَعْ، وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ شَفَقَةَ الْأَبِ تَمْنَعُهُ مِنْ الْخِيَانَةِ فِي مَالِ وَلَدِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ. [بَابٌ فِي مُعَامَلَةِ الرَّقِيقِ] (بَابٌ) فِي مُعَامَلَةِ الرَّقِيقِ (قَوْلُهُ: فِي مُعَامَلَةِ الرَّقِيقِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَعَدَمِ مِلْكِهِ بِتَمْلِيكِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَأَتَّى فِيهِ بَعْضُهَا) كَالتَّحَالُفِ (قَوْلُهُ: وَتَوْجِيهُ ذَلِكَ) أَيْ الْوَاقِعِ فِي الْحَاوِي (قَوْلُهُ: إنَّمَا يَتَّضِحُ عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْمُشَابَهَةُ الْمَذْكُورَةُ مُتَحَقِّقَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ أَيْضًا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ اسْتِخْدَامٌ) قَدْ يُقَالُ كُلٌّ مِنْهُمَا اسْتِخْدَامٌ وَالِاسْتِخْدَامُ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَابٌ) فِي مُعَامَلَةِ الرَّقِيقِ (قَوْلُهُ: إنَّمَا يَتَّضِحُ عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ إلَخْ) نَازَعَ فِيهِ الشِّهَابُ سم وَأَثْبَتَ أَنَّ الْمُشَابَهَةَ مُتَحَقِّقَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ أَيْضًا

أَقْسَامٍ مَا لَا يُنَفِّذُ وَإِنْ أَذِنَ فِيهِ السَّيِّدُ كَالْوِلَايَاتِ وَالشَّهَادَاتِ، وَمَا يُنَفِّذُ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَالْعِبَادَاتِ وَالطَّلَاقِ وَالْخَلْعِ وَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِهِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَهَذَا مَقْصُودُ الْبَابِ، وَقَدْ شَرَعَ الْمُصَنِّفُ فِي بَيَانِ ذَلِكَ فَقَالَ (الْعَبْدُ) يَعْنِي الْقِنَّ عَلَى أَنَّ ابْنَ حَزْمٍ ذَهَبَ إلَى أَنَّ لَفْظَ الْعَبْدِ يَشْمَلُ الْأَمَةَ فَكَأَنَّهُ قَالَ: الرَّقِيقُ الَّذِي يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ لِنَفْسِهِ لَوْ كَانَ حُرًّا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (إنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَوْ التَّصَرُّفِ لَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ) إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِكَوْنِ الْكَلَامِ فِيهِ وَإِلَّا فَكُلُّ تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ (بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ) الْمُعْتَبَرُ إذْنُهُ شَرْعًا (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِحَقِّ سَيِّدِهِ. وَالثَّانِي يَصِحُّ لِتَعَلُّقِ الثَّمَنِ بِالذِّمَّةِ وَلَا حَجْرَ لِسَيِّدِهِ فِيهَا وَلَوْ كَانَ لِاثْنَيْنِ رَقِيقٌ فَأَذِنَ لَهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَصِحَّ حَتَّى يَأْذَنَ لَهُ الْآخَرُ كَمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي النِّكَاحِ لَا يَصِحُّ حَتَّى يَأْذَنَ لَهُ الْآخَرُ. نَعَمْ إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ كَفَى إذْنُ صَاحِبِ النَّوْبَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَكُونُ بِعِوَضٍ وَبِغَيْرِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: كَالْعِبَادَاتِ إلَخْ) وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ بِمَالٍ لِأَنَّهُ لَا تَفْوِيتَ فِيهِ عَلَى السَّيِّدِ بَلْ هُوَ تَحْصِيلُ مَالٍ لَهُ (قَوْلُهُ: يَعْنِي الْقِنَّ) عِبَارَةُ تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ لِلنَّوَوِيِّ: الْعَبْدُ الْقِنُّ بِكَسْرِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ، وَهُوَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ مَنْ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ أَسْبَابِ الْعِتْقِ وَمُقَدِّمَاتِهِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ عَلَى صِفَةٍ وَالْمُسْتَوْلَدَةِ هَذَا مَعْنَاهُ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ سَوَاءٌ أَكَانَ أَبَوَاهُ مَمْلُوكَيْنِ أَوْ مُعْتَقَيْنِ أَوْ حُرَّيْنِ أَصْلِيَّيْنِ بِأَنْ كَانَا كَافِرَيْنِ وَاسْتُرِقَّ هُوَ أَوْ أَحَدُهُمَا بِصِفَةٍ وَالْآخَرُ بِخِلَافِهَا، وَأَمَّا أَهْلُ اللُّغَةِ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: الْقِنُّ الْعَبْدُ إذَا مُلِكَ هُوَ وَأَبَوَاهُ، كَذَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْمُجْمَلِ وَالْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُمَا، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَيَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ وَالْمُؤَنَّثُ، قَالَ: وَرُبَّمَا قَالُوا عَبِيدٌ أَقْنَانٌ ثُمَّ يُجْمَعُ عَلَى أَقِنَّةٍ اهـ. وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: الْقِنُّ الرَّقِيقُ يُطْلَقُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ عَلَى الْوَاحِدِ وَغَيْرِهِ فَيُقَالُ عَبْدٌ قِنٌّ وَعَبِيدٌ قِنٌّ وَأَمَةٌ قِنٌّ بِالْإِضَافَةِ وَبِالْوَصْفِ أَيْضًا، وَرُبَّمَا جُمِعَ عَلَى أَقْنَانٍ وَأَقِنَّةٍ وَهُوَ الَّذِي مُلِكَ هُوَ وَأَبَوَاهُ، وَأَمَّا مَنْ تُغُلِّبَ عَلَيْهِ وَيُسْتَعْبَدُ فَهُوَ عَبْدٌ مُلِكَ، وَمَنْ كَانَتْ أُمُّهُ أَمَةً وَأَبُوهُ عَرَبِيًّا فَهُوَ هَجِينٌ، فَتَفْسِيرُ الشَّارِحِ الْعَبْدَ بِالْقِنِّ لَا يُوَافِقُ اللُّغَةَ وَلَا اصْطِلَاحَ الْفُقَهَاءِ (قَوْلُهُ: الرَّقِيقُ الَّذِي يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ إلَخْ) لَعَلَّ الْحَمْلَ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ الْمُرَادُ وَإِلَّا فَلَا دَلَالَةَ لِلَّفْظِ عَلَى ذَلِكَ، بَلْ قَدْ يَقْتَضِي خِلَافَهُ وَلِذَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَظَاهِرٌ أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ تَصَرُّفِ الرَّقِيقِ بِالْإِذْنِ كَوْنُهُ بِحَيْثُ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ بِنَفْسِهِ لَوْ كَانَ حُرًّا اهـ (قَوْلُهُ: لَوْ كَانَ حُرًّا) أَيْ بِأَنْ كَانَ مُكَلَّفًا رَشِيدًا اهـ زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ التَّصَرُّفِ) أَيْ وَلَا فِي التَّصَرُّفِ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي أَحَدِهِمَا تَصَرَّفَ بِحَسَبِ الْإِذْنِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ الِاخْتِصَاصَاتِ فَلَا يَصِحُّ رَفْعُ يَدِهِ عَنْهَا، وَيُحَرَّمُ عَلَى الْآخِذِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْمَالِيِّ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَّصِفُ بِالصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ) لَوْ تَرَكَ الْوَاوَ كَانَ أَوْلَى، لِأَنَّهُ إذَا تَصَرَّفَ فِي الْعَيْنِ فَهُوَ بَاطِلٌ جَزْمًا كَمَا يَأْتِي وَعَلَيْهِ فَالْوَاوُ لِلْحَالِ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ) زَادَ حَجّ فِيهِ ثُمَّ قَالَ: تَنْبِيهٌ: تَبَيَّنَ بِقَوْلِي فِيهِ أَنَّهُ إنَّمَا احْتَاجَ لِقَوْلِهِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ مَعَ قَوْلِهِ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي التِّجَارَةِ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِيهَا تَحْتَهُ قِسْمَانِ: مَنْ اشْتَرَى وَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي خُصُوصِ الشِّرَاءِ فَلَا يَصِحُّ وَقِيلَ يَصِحُّ إنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ وَمَنْ اشْتَرَى وَأُذِنَ لَهُ فِي خُصُوصِ الشِّرَاءِ فَيَصِحُّ بِلَا خِلَافٍ، وَأَنَّهُ لَوْ حَذَفَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ لَشَمِلَ الثَّانِي لِأَنَّهُ يُصَدَّقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي التِّجَارَةِ. فَإِنْ قُلْت: هَذَا تَطْوِيلٌ بِلَا فَائِدَةٍ إذْ لَوْ حَذَفَ إنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي التِّجَارَةِ اسْتَغْنَى عَنْهُ قُلْت: مِثْلُ هَذَا لَا يُعْتَرَضُ بِهِ عَلَى الْمِنْهَاجِ عَلَى أَنَّ ضَرُورَةَ التَّقْسِيمِ أَحْوَجَتْهُ إلَيْهِ اهـ (قَوْلُهُ: وَلَا حَجْرَ لِسَيِّدِهِ فِيهَا) أَيْ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: كَفَى إذْنُ صَاحِبِ النَّوْبَةِ) أَيْ هُنَا لَا فِي النِّكَاحِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: فَيَكْفِي إذْنُهُ فِي أَنْ يَتَّجِرَ قَدْرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَالْعِبَادَاتِ) أَيْ عَلَى تَفْصِيلٍ فِي نَحْوِ الْإِحْرَامِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ) سَيَأْتِي أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي تَصَرُّفِهِ

وَلَوْ اشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِ السَّيِّدِ بَطَلَ جَزْمًا، فَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ صَحَّ تَصَرُّفُهُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الرَّقِيقُ ثِقَةً مَأْمُونًا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَبَحَثَ هُوَ وَغَيْرُهُ أَيْضًا أَنَّهُ قَدْ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ بِغَيْرِ إذْنٍ كَأَنْ امْتَنَعَ سَيِّدُهُ مِنْ إنْفَاقِهِ أَوْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ وَلَمْ تُمْكِنْهُ مُرَاجَعَةُ الْحَاكِمِ فَيَصِحُّ شِرَاؤُهُ بِمَا تَمَسُّ حَاجَتُهُ إلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ بَعَثَهُ فِي شُغْلٍ لِبَلَدٍ بَعِيدٍ أَوْ أَذِنَ لَهُ فِي حَجٍّ أَوْ غَزْوٍ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِإِذْنِهِ لَهُ فِي الشِّرَاءِ وَشِرَاءُ الْمُبَعَّضِ فِي نَوْبَتِهِ صَحِيحٌ لَا فِي غَيْرِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSنَوْبَتِهِ اهـ. وَسَأَلَ بَعْضُ الطَّلَبَةِ عَمَّا لَوْ أَذِنَ أَحَدُهُمَا فِي تَصَرُّفٍ وَالْآخَرُ فِي آخَرَ هَلْ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ لِوُجُودِ إذْنِهِمَا؟ وَالْجَوَابُ: لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، إذْ لَمْ يُوجَدْ إذْنُهُمَا فِي وَاحِدٍ مِنْ التَّصَرُّفَيْنِ فَلَا يَصِحُّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُهُ: فِي أَنْ يَتَّجِرَ قَدْرَ نَوْبَتِهِ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَطْلَقَ فِي الْإِذْنِ لَا يَكْفِي وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ، وَيُحْمَلُ إطْلَاقُهُ عَلَى نَوْبَتِهِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنٍ جَدِيدٍ إذَا عَادَتْ النَّوْبَةُ لِلْآذِنِ، بَلْ يَتَصَرَّفُ عَمَلًا بِمُقْتَضَى الْإِذْنِ السَّابِقِ فِي النَّوْبَةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْإِذْنُ وَفِي غَيْرِهَا، وَبَقِيَ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ صَاحِبُ النَّوْبَةِ زِيَادَةً عَلَى نَوْبَتِهِ كَأَنَّهُ كَانَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَأَذِنَ لَهُ فِي سِتَّةٍ هَلْ يَصِحُّ فِي نَوْبَتِهِ فَقَطْ تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ أَوْ يَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ أَوْ تُكَمَّلُ السِّتَّةُ مِنْ نَوْبَةٍ أُخْرَى؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ ذِكْرِهِ الْأَيَّامَ بِهَذَا الْعَدَدِ تَوَالِيهَا وَهُوَ لَا يَمْلِكُ مَا زَادَ، بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي نَوْبَتِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَشْمَلْ شَيْئًا مِنْ نَوْبَةِ شَرِيكِهِ، وَبَقِيَ مَا لَوْ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبِ مَا بَاعَهُ فِي نَوْبَةِ أَحَدِهِمَا فِي نَوْبَةِ الْآخَرِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ قَبُولُهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ صَاحِبِ النَّوْبَةِ وَإِنْ كَانَ زَمَنُ قَبُولِهِ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا يُغْتَفَرُ عَادَةً فِيمَا يَقَعُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ اشْتَرَى) أَيْ الْعَبْدُ الْغَيْرُ الْمَأْذُونِ لَهُ، وَنَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ الَّذِي أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ مُقَيَّدٌ بِمَا فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: صَحَّ تَصَرُّفُهُ) أَيْ الْعَبْدِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ: أَيْ وَلِيِّ سَيِّدِهِ (قَوْلُهُ: ثِقَةً مَأْمُونًا) أَيْ إنْ دَفَعَ لَهُ مَالًا مِنْ أَمْوَالِ السَّيِّدِ اهـ حَجّ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّ الْمَحْجُورِ فِي التَّصَرُّفِ فِي الذِّمَّةِ لَا يُشْتَرَطُ أَمَانَتُهُ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ أَمِينًا رُبَّمَا اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ وَأَهْلَكَهُ فَيَتَعَلَّقُ بَدَلُهُ بِذِمَّتِهِ وَكَسْبِهِ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بِالْمُوَلَّى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ قَدْ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ) أَيْ الْعَبْدِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: كَأَنْ امْتَنَعَ السَّيِّدُ مِنْ إنْفَاقِهِ) أَيْ لَمَّا يَجِبُ إنْفَاقُهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تُمْكِنْهُ مُرَاجَعَةُ الْحَاكِمِ) قَيْدٌ لِمَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ: أَيْ بِأَنْ شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ شِرَاؤُهُ) أَيْ بِعَيْنِ مَالِ السَّيِّدِ وَفِي الذِّمَّةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ بَعَثَهُ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ بِعَيْنِ مَا لِلسَّيِّدِ وَفِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِإِذْنِهِ لَهُ فِي الشِّرَاءِ) أَيْ وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذَكَرَ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ مَالًا يَصْرِفُهُ عَلَى نَفْسِهِ فَيَنْفُذُ مِنْهُ فِي الصَّرْفِ وَأَنْ لَا يَدْفَعَ لَهُ شَيْئًا بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى مُجَرَّدِ الْإِذْنِ لَهُ فِي السَّفَرِ (قَوْلُهُ: وَشِرَاءُ الْمُبَعَّضِ إلَخْ) لَوْ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ أَوْ حَيْثُ لَا مُهَايَأَةَ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْآنَ وَفَاءُ الثَّمَنِ مِمَّا مَلَكَهُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ أَوْ لَا لِأَنَّ حُكْمَهُ كَمُتَمَحِّضِ الرِّقِّ فِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ أَوْ حَيْثُ لَا مُهَايَأَةَ فَلَا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ إلَّا بَعْدَ الْعِتْقِ كَمَا فِي مُتَمَحِّضِ الرِّقِّ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَأَجَابَ مَرَّ بِالثَّانِي، وَسَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي الْإِقْرَارِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُطَالَبُ حَالًّا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ وَاشْتَرَى فِي نَوْبَتِهِ، وَعَلَيْهِ فَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا إذَا لَزِمَ ذِمَّتَهُ دَيْنٌ بِرِضَا مُسْتَحِقِّهِ حَيْثُ لَا يُطَالَبُ إلَّا بَعْدَ عِتْقِ الْكُلِّ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ مَرَّ بِأَنَّ تَمَحَّضَ الرِّقِّ مَانِعٌ الْآنَ فَاسْتُدِيمَ بَعْدَ عِتْقِ الْبَعْضِ، بِخِلَافِ حُرِّيَّةِ الْبَعْضِ هُنَا فَإِنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ مَعَهَا إلْحَاقُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الذِّمَّةِ فَاللَّائِقُ حَذْفُ الْوَاوِ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ لِلْحَالِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تُمْكِنْهُ مُرَاجَعَةُ الْحَاكِمِ) قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، بَلْ الَّذِي فِي كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ إنَّمَا هُوَ جَعْلُهَا قَيْدًا فِي الْأُولَى فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ بَعَثَهُ فِي شُغْلٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ هُنَا إلَى مُرَاجَعَةِ الْحَاكِمِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِإِذْنِهِ فِي الشِّرَاءِ) أَيْ فَيَشْتَرِي مَا تَمَسُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ

[اقتراض الرقيق وغيره من سائر تصرفاته المالية]

بِغَيْرِ إذْنٍ وَإِنْ قَصَدَ نَفْسَهُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ اشْتِرَاطُ الْأَهْلِيَّةِ فِي الْمَأْذُونِ لَهُ بِحَيْثُ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ لِنَفْسِهِ لَوْ كَانَ حُرًّا وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ يَكُونَ لَهُ بِسَبَبِ رِقِّهِ مَزِيَّةٌ عَلَى الْحُرِّ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَ الْأَذْرَعِيِّ لَمْ أَجِدْهُ فِي الْحَاوِي فِي مَظَانِّهِ، وَدَعْوَاهُ أَنَّ الْعَقْلَ يُبْعِدُ عَدَمَ صِحَّةِ إذْنٍ لِعَبْدِهِ الْفَاسِقِ وَالْمُبَذِّرِ مَمْنُوعَةً. نَعَمْ إنْ دَعَتْ حَاجَةٌ مِمَّا مَرَّ لَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ لِجَوَازِهِ لِلسَّفِيهِ. لَا يُقَالُ: قَضِيَّةُ مَا مَرَّ مِنْ كَوْنِهِ اسْتِخْدَامًا عَدَمُ اشْتِرَاطِ رُشْدِهِ. لِأَنَّا نَقُولُ: لَيْسَ اسْتِخْدَامًا مُقْتَصِرًا أَثَرُهُ عَلَى السَّيِّدِ بَلْ مُتَعَدِّيًا لِغَيْرِهِ فَشَرَطَ فِيهِ مَعَ ذَلِكَ الرُّشْدَ رِعَايَةً لِمَصْلَحَةِ مُعَامِلِهِ (وَيَسْتَرِدُّهُ) أَيْ مَا اشْتَرَاهُ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ (الْبَائِعُ) أَيْ لَهُ طَلَبُ رَدِّهِ (سَوَاءٌ كَانَ) فِيهِ حَذْفُ هَمْزَةِ التَّسْوِيَةِ وَهُوَ جَائِزٌ، وَقَدْ قُرِئَ {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ} [البقرة: 6] بِحَذْفِهَا (فِي يَدِ الْعَبْدِ أَوْ) وَضْعِهَا مَوْضِعَ أَمْ فِي نَحْوِ هَذَا جَائِزٌ، كَمَا حَكَاهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ يَدُ (سَيِّدِهِ) أَوْ غَيْرِهِمَا لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ وَلَوْ أَدَّى الثَّمَنَ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ اسْتَرَدَّ أَيْضًا (فَإِنْ) (تَلِفَ) أَيْ الْمَبِيعُ (فِي يَدِهِ) أَيْ الْعَبْدُ وَبَائِعِهِ رَشِيدٌ (تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِذِمَّتِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــSبِالرَّقِيقِ لِأَهْلِيَّتِهِ لِلْمِلْكِ حَالَ الْعَقْدِ حَيْثُ كَانَ فِي نَوْبَتِهِ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) خِلَافًا لحج حَيْثُ قَالَ: وَشِرَاءُ الْمُبَعَّضِ فِي نَوْبَتِهِ صَحِيحٌ، وَكَذَا فِي غَيْرِهَا إنْ قَصَدَ نَفْسَهُ عَلَى الْأَوْجَهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ الَّذِي يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ لِنَفْسِهِ لَوْ كَانَ حُرًّا إلَخْ (قَوْلُهُ: لِجَوَازِهِ لِلسَّفِيهِ) هَلْ يَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي الصَّبِيِّ إذَا دَعَتْ الضَّرُورَةُ إلَيْهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ وَيُحْتَمَلُ الثَّانِي، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ السَّفِيهَ صَحِيحُ الْعِبَارَةِ، وَمِنْ ثَمَّ صَحَّ قَبُولُهُ لِلنِّكَاحِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ (قَوْلُهُ: رِعَايَةً لِمَصْلَحَةِ مُعَامِلِهِ) وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ رُشْدُهُ فِي شِرَائِهِ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ وَالْأَوْجَهُ اشْتِرَاطُهُ وَإِنْ كَانَ عَقْدَ عَتَاقَةٍ لِأَنَّهُ يُعْطَى حُكْمُ الْبَيْعِ فِي أَكْثَرِ أَحْكَامِهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ) أَيْ اشْتِرَاطَ الْأَهْلِيَّةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ إلَخْ، وَلَعَلَّ وَجْهَ عَدَمِ الْمُنَافَاةِ احْتِمَالُ أَنْ يَكُونَ الْمَاوَرْدِيُّ ذَكَرَهُ فِي غَيْرِ الْحَاوِي أَوْ ذَكَرَهُ فِيهِ فِي غَيْرِ مَظَانِّهِ لِمُنَاسَبَةٍ (قَوْلُهُ: أَيْ لَهُ طَلَبُ رَدِّهِ) أَيْ لَا أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَمَا حَكَاهُ الْجَوْهَرِيُّ) وَلَا يَقْدَحُ فِي الْجَوَازِ الْحُكْمُ بِسَهْوِ الْجَوْهَرِيِّ فِي هَذَا الَّذِي حَكَاهُ كَمَا وَقَعَ فِي الْقَامُوسِ وَغَيْرِهِ، لِأَنَّهُ وِفَاقًا لِشَيْخِنَا الشَّرِيفِ الصَّفَوِيِّ لَا طَرِيقَ إلَى الْعِلْمِ بِالسَّهْوِ، إذْ غَايَةُ مَا وَقَعَ لِصَاحِبِ الْقَامُوسِ أَوْ غَيْرِهِ فِي نَحْوِ ذَلِكَ عَدَمُ الِاطِّلَاعِ عَلَى مَا حَكَاهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ بَعْدَ بَحْثِهِ طَاقَتَهُ لَكِنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْوُجُودَ وَاحْتِمَالُ اطِّلَاعِ الْجَوْهَرِيِّ عَلَى مَا لَمْ يَطَّلِعُوا عَلَيْهِ، وَلِذَا اسْتَنَدَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ إلَى كَلَامِ الْجَوْهَرِيِّ هَذَا فِي دَفْعِ الِاعْتِرَاضِ عَلَى عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ فِي بَابِ الرِّدَّةِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ لِلْحُكْمِ بِسَهْوِهِ فِيهِ مَعَ اطِّلَاعِهِ عَلَيْهِ لِمَا ذُكِرَ، بَلْ لَوْ فُرِضَ مُشَافَهَةُ الْعَرَبِ لِصَاحِبِ الْقَامُوسِ أَوْ غَيْرِهِ بِامْتِنَاعِ مَا حَكَاهُ الْجَوْهَرِيُّ لَمْ يَلْزَمْهُ سَهْوُهُ فِيهِ لِجَوَازِ أَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَيْهِ مِنْ لُغَةِ غَيْرِ الْمُشَافَهِينَ فَتَدَبَّرْ اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: اُسْتُرِدَّ أَيْضًا) لَوْ رَدَّهُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْعَبْدِ فَهَلْ يَبْرَأُ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي دَفَعَهُ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ رَدِّهِ عَلَى سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ كَانَ تَحْتَ يَدِ الْعَبْدِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ بَرِئَ بِرَدِّهِ لَهُ، وَإِنْ كَانَ تَحْتَ يَدِهِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَلَا يَبْرَأُ بِالرَّدِّ عَلَى الْعَبْدِ لِأَنَّهُ كَالْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: وَبَائِعُهُ رَشِيدٌ) أَيْ فَإِنْ كَانَ سَفِيهًا: أَيْ مَثَلًا تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِذِمَّتِهِ) وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْدَعَهُ رَشِيدٌ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَلَا يَضْمَنُ وَإِنْ فَرَّطَ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا هُنَا حَيْثُ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِذِمَّتِهِ أَنَّهُ الْتَزَمَهُ هُنَا بِعَقْدٍ مُضَمَّنٍ فَتَعَلَّقَ بِهِ، بِخِلَافِهِ ثَمَّ إذْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ) يَعْنِي نِسْبَةَ هَذَا الشَّرْطِ لِلْمَاوَرْدِيِّ فِيمَا مَرَّ: أَيْ؛ لِأَنَّ مَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ (قَوْلُهُ: وَدَعْوَاهُ أَنَّ الْعَقْلَ يُبْعِدُ عَدَمَ صِحَّةِ إذْنِهِ لِعَبْدِهِ الْفَاسِقِ وَالْمُبَذِّرِ) أَيْ حَيْثُ بَلَغَا كَذَلِكَ، وَغَرَضُ الْأَذْرَعِيِّ مِنْ هَذَا تَعَقُّبُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ فِي الشُّمُولِ لِهَذَيْنِ. فَحَاصِلُ بَحْثِهِ أَنَّهُ يُسَلِّمُ عُمُومَ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ فِي نَحْوِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَيَمْنَعُهُ فِيمَنْ بَلَغَ فَاسِقًا أَوْ مُبَذِّرًا. [اقْتِرَاضُ الرَّقِيق وَغَيْرُهُ مِنْ سَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ الْمَالِيَّةِ] .

وَلَوْ رَآهُ مَعَهُ سَيِّدُهُ وَأَقَرَّ فَيَتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ لَا قَبْلَهُ لِثُبُوتِهِ بِرِضَا صَاحِبِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ، إذْ الْقَاعِدَةُ أَنَّ مَا لَزِمَهُ بِغَيْرِ رِضَا مُسْتَحِقِّهِ كَتَلَفٍ بِغَصْبٍ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ فَقَطْ أَوْ بِرِضَاهُ مَعَ إذْنِ السَّيِّدِ تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ وَكَسْبِهِ وَمَا بِيَدِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ الِاكْتِسَابُ مَا لَمْ يَعْصِ بِهِ كَمَا يَأْتِي نَظِيرُهُ فِي الْمُفْلِسِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ فَقَطْ (أَوْ) تَلِفَ (فِي يَدِ السَّيِّدِ فَلِلْبَائِعِ تَضْمِينُهُ) أَيْ السَّيِّدِ لَوْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ (وَلَهُ مُطَالَبَةُ الْعَبْدِ) أَيْضًا لِمَا مَرَّ لَكِنْ إنَّمَا يُطَالِبُ الْعَبْدَ (بَعْدَ الْعِتْقِ) لِجَمِيعِهِ لَا لِبَعْضِهِ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْإِقْرَارِ لِتَعَلُّقِهِ بِذِمَّتِهِ لَا قَبْلَهُ، وَلَوْ قَبَضَهُ السَّيِّدُ وَتَلِفَ فِي يَدِ غَيْرِهِ كَانَ لِلْبَائِعِ مُطَالَبَةُ السَّيِّدِ أَيْضًا. (وَاقْتِرَاضُهُ) وَغَيْرُهُ مِنْ سَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ الْمَالِيَّةِ (كَشِرَائِهِ) فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ (وَإِنْ أَذِنَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ إذْ هُوَ قَسِيمٌ إنْ لَمْ يُؤْذَنْ (لَهُ فِي التِّجَارَةِ) مِنْ السَّيِّدِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ (تَصَرَّفَ) بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ مَالًا كَأَنْ قَالَ اتَّجِرْ فِي ذِمَّتِك فَلَهُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ بِالْأَجَلِ وَالِارْتِهَانُ وَالرَّهْنُ ثُمَّ مَا فَضَلَ بِيَدِهِ كَاَلَّذِي دَفَعَهُ لَهُ السَّيِّدُ، وَإِذَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ لَزِمَهُ أَنْ لَا يَتَصَرَّفَ إلَّا (بِحَسَبِ الْإِذْنِ) بِفَتْحِ السِّينِ: أَيْ بِقَدْرِهِ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْإِذْنِ فَاقْتَصَرَ عَلَى الْمَأْذُونِ فِيهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُ الرَّقِيقِ (فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي نَوْعٍ) أَوْ زَمَنٍ أَوْ مَحَلٍّ (لَمْ يَتَجَاوَزْهُ) كَالْوَكِيلِ وَعَامِلِ الْقِرَاضِ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَحْسُنُ أَنْ يَتَّجِرَ فِي شَيْءٍ دُونَ شَيْءٍ. نَعَمْ يَسْتَفِيدُ بِالْإِذْنِ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا الْتِزَامَ فِيهِ لِلْبَدَلِ وَإِنْ الْتَزَمَ الْحِفْظَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَآهُ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: فَيَتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ) وَفَارَقَ مَا هُنَا ضَمَانُ السَّيِّدِ بِإِقْرَارِهِ لَهُ عَلَى مَا الْتَقَطَهُ كَمَا يَأْتِي بِتَفْصِيلِهِ فِي بَابِهِ لِأَنَّ الْمَالِكَ ثَمَّ لَمَّا لَمْ يَأْذَنْ كَانَ السَّيِّدُ مُقَصِّرًا بِسُكُوتِهِ عَلَيْهِ اهـ حَجّ. وَقَضِيَّةُ فَرْقِهِ ضَمَانُ السَّيِّدِ مَا غَصَبَهُ الْعَبْدُ إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَنْزِعْهُ مِنْهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ مِنْ شَأْنِهِ أَنَّهُ يُمْكِنُهُ انْتِزَاعُ الْمَغْصُوبِ مِنْ الْعَبْدِ، فَحَيْثُ أَهْمَلَهُ وَلَمْ يَنْتَزِعْهُ مِنْ الْعَبْدِ كَانَ كَأَنَّهُ رِضًا بِوَضْعِ الْعَبْدِ يَدَهُ عَلَيْهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ) أَيْ الْعَبْدَ (قَوْلُهُ: وَلَهُ مُطَالَبَةُ الْعَبْدِ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ غَرِمَ الْعَبْدُ بَعْدَ الْعِتْقِ وَقَدْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ السَّيِّدِ فَهَلْ يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَيْهِ لِأَنَّ قَرَارَ الضَّمَانِ عَلَى مَنْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ تَحْتَ يَدِهِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمَأْذُونَ لَهُ إذَا غَرِمَ بَعْدَ عِتْقِهِ مَا لَزِمَهُ بِسَبَبِ التِّجَارَةِ لَا يَرْجِعُ عَلَى سَيِّدِهِ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَأْذُونَ لَهُ لَمَّا كَانَ تَصَرُّفُهُ بِإِذْنِ السَّيِّدِ وَنَشَأَ مِنْهُ الدَّيْنُ نَزَلَ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي اسْتَحَقَّهَا قَبْلَ إعْتَاقِهِ كَأَنْ أَجَّرَهُ مُدَّةً ثُمَّ أَعْتَقَهُ فَإِنَّ الْأُجْرَةَ لِسَيِّدِهِ بَعْدَ الْإِعْتَاقِ وَلَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَيْهِ الْعَبْدُ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ تَصَرُّفَهُ لَيْسَ نَاشِئًا عَنْ إذْنِ السَّيِّدِ وَلَا عَلَقَةَ لَهُ بِهِ، فَنَزَلَ مَا يَغْرَمُهُ بَعْدَ الْعِتْقِ مَنْزِلَةَ غُرْمِ الْأَجْنَبِيِّ، وَهُوَ يَرْجِعُ عَلَى مَنْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِهِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْعِتْقِ لِجَمِيعِهِ) خِلَافًا لحج وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ حَجّ لِأَنَّ امْتِنَاعَ مُطَالَبَتِهِ لِعَجْزِهِ عَنْ الْأَدَاءِ بِعَدَمِ الْمِلْكِ، فَحَيْثُ مَلَكَ مَا يَقْدِرُ بِهِ عَلَى الْوَفَاءِ وَلَوْ لِبَعْضِ مَا عَلَيْهِ فَلَا وَجْهَ لِلْمَنْعِ، عَلَى أَنَّ التَّأْخِيرَ قَدْ يُؤَدِّي إلَى تَفْوِيتِهِ الْحَقَّ عَلَى صَاحِبِهِ رَأْسًا لِجَوَازِ تَلَفِ مَا بِيَدِهِ قَبْلَ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: كَانَ لِلْبَائِعِ مُطَالَبَةُ السَّيِّدِ أَيْضًا) أَيْ كَمَا يُطَالِبُ الْعَبْدَ وَالْغَيْرَ. (قَوْلُهُ: وَاقْتِرَاضِهِ وَغَيْرِهِ) تَتْمِيمٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا، وَإِلَّا فَهَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِكَوْنِ الْكَلَامِ فِيهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَا فَضَلَ بِيَدِهِ) أَيْ بَعْدَ تَوْفِيَةِ الْأَثْمَانِ (قَوْلُهُ: كَاَلَّذِي دَفَعَهُ لَهُ السَّيِّدُ) أَيْ فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ بِحَسَبِ الْإِذْنِ إنْ أَذِنَ لَهُ وَإِلَّا امْتَنَعَ (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَجَاوَزْهُ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ مَالًا إلَخْ) عِبَارَةُ الْعَلَّامَةِ حَجّ: وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ مَالًا بِأَنْ قَالَ لَهُ اتَّجِرْ فِي ذِمَّتِك انْتَهَتْ. فَهِيَ غَايَةُ مَا فِي الْمَتْنِ، وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ فَلَهُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ إلَخْ فَهُوَ بَعْضُ مَسْأَلَةٍ سَاقَهَا الْعَلَّامَةُ الْمَذْكُورُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي سِوَادَةٍ أُخْرَى بِقَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ لَهُ اتَّجِرْ بِجَاهِك جَازَ لَهُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ إلَى قَوْلِهِ كَاَلَّذِي دَفَعَهُ لَهُ السَّيِّدُ، وَلَعَلَّ صَدْرَ الْعِبَارَةِ سَقَطَ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ، وَإِلَّا فَمَا فِيهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ لَا يَبِيعُ نَسِيئَةً إلَّا بِالْإِذْنِ

فِي التِّجَارَةِ مَا هُوَ مِنْ تَوَابِعِهَا كَنَشْرٍ وَطَيٍّ وَرَدٍّ بِعَيْبٍ وَمُخَاصَمَةٍ فِي الْعُهْدَةِ النَّاشِئَةِ عَنْ الْمُعَامَلَةِ، أَمَّا مُخَاصَمَةُ الْغَاصِبِ وَالسَّارِقِ وَنَحْوِهِمَا فَلَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي عَامِلِ الْقِرَاضِ، وَهَذَا مِثْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَنُصَّ لَهُ عَلَى شَيْءٍ تَصَرَّفَ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ فِي كُلِّ الْأَنْوَاعِ وَالْأَزْمِنَةِ وَالْبُلْدَانِ كَمَا أَفَادَتْهُ إنَّ الْمَوْضُوعَةُ لِجَوَازِ وُقُوعِ شَرْطِهَا وَعَدَمِهِ بِخِلَافِ إذَا، وَلَوْ أَعْطَاهُ أَلْفًا وَقَالَ لَهُ اتَّجِرْ فِيهِ فَلَهُ الشِّرَاءُ بِعَيْنِ الْأَلْفِ وَبِقَدْرِهِ فِي ذِمَّتِهِ وَلَا يَزِيدُ، فَإِنْ اشْتَرَى فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ تَلِفَ الْأَلْفُ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ الْبَائِعَ لَمْ يَنْفَسِخْ عَقْدُهُ بَلْ لِلْبَائِعِ الْخِيَارُ إنْ لَمْ يُوَفِّهِ السَّيِّدُ، فَإِنْ اشْتَرَى بِعَيْنِهِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ كَمَا لَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَلَوْ عَادَ الْأَلْفُ إلَى الْعَبْدِ بِفَسْخٍ طَرَأَ فَهَلْ يَتَّجِرُ بِلَا إذْنٍ جَدِيدٍ؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا نَعَمْ وَلَوْ قَالَ: اجْعَلْهُ رَأْسَ مَالِكَ وَتَصَرَّفْ وَاتَّجِرْ فَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ الْأَلْفِ. (وَلَيْسَ لَهُ) فِي الْإِذْنِ فِي التِّجَارَةِ (النِّكَاحُ) كَمَا فِي عَكْسِهِ إذْ اسْمُ كُلٍّ مِنْهُمَا لَا يَتَنَاوَلُ الْآخَرَ (وَلَا يُؤَجِّرُ نَفْسَهُ) لِأَنَّ الْإِذْنَ لَا يَتَنَاوَلُ إيجَارَهَا كَمَا لَا يَتَنَاوَلُ بَيْعَهَا، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ جَازَ. نَعَمْ لَوْ تَعَلَّقَ حَقُّ ثَالِثٍ بِكَسْبِهِ بِسَبَبِ نِكَاحٍ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ ضَمَانٍ بِإِذْنِهِ كَانَ لِلْمَأْذُونِ لَهُ وَغَيْرِهِ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ مَالَ التِّجَارَةِ مِنْ ثِيَابٍ وَرَقِيقٍ وَغَيْرِهِمَا، وَلَيْسَ لَهُ التَّوَكُّلُ عَنْ غَيْرِهِ فِيمَا فِيهِ عُهْدَةٌ كَبَيْعٍ إلَّا بِإِذْنٍ لَا كَقَبُولِ نِكَاحٍ. (وَلَا يَأْذَنُ لِعَبْدِهِ) أَضَافَهُ إلَيْهِ لِجَوَازِ تَصَرُّفِهِ فِيهِ (فِي ـــــــــــــــــــــــــــــSنَوَى نَفْسَهُ بِمَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ السَّيِّدُ فَهَلْ يَبْطُلُ لِصَرْفِهِ الْعَقْدَ عَمَّا أَذِنَ لَهُ فِيهِ أَوْ يَصِحُّ لِسَيِّدِهِ وَتَلْغُو نِيَّتُهُ نَفْسَهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الثَّانِي لِأَنَّ اللَّفْظَ وَافَقَ مَا أَمَرَ بِهِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ عَزْلَهُ نَفْسَهُ، وَمُجَرَّدُ النِّيَّةِ لَا يَصْلُحُ لِلصَّرْفِ وَالْعُقُودُ تُصَانُ عَنْ الْإِلْغَاءِ مَا أَمْكَنَ (قَوْلُهُ: فِي الْعُهْدَةِ) أَيْ الْعَلَقَةِ النَّاشِئَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِمَا) أَيْ كُلِّ مُتَعَدٍّ فَلَا، أَيْ فَلَا تَجُوزُ (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ) وَيُعْلِمُ السَّيِّدَ وُجُوبًا بِذَلِكَ، فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ إعْلَامُهُ لِنَحْوِ غَيْبَةٍ أَعْلَمَ الْحَاكِمَ بِذَلِكَ فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ كُلٌّ مِنْهُمَا كَانَ الْمُخَاصَمَةُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ عَدَمَهَا يُفَوِّتُ الْعَيْنَ بِالْكُلِّيَّةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَقَالَ لَهُ اتَّجِرْ) أَيْ أَوْ اشْتَرِ بِهِ أَوْ بِهَذَا فِيمَا يَظْهَرُ فَيَتَخَيَّرُ كَمَا لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ لِوَكِيلِهِ: اشْتَرِ بِهَذَا الدِّينَارِ فَإِنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الشِّرَاءُ بِالْعَيْنِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ هَذَا يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بَذْلُهُ فِي الثَّمَنِ فَخُيِّرَ لِذَلِكَ، بِخِلَافِ اشْتَرِ بِالْعَيْنِ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ الشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ فَتَعَيَّنَ وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَمْ يُقْبَلْ بِعَيْنِهِ، فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ تَعَيَّنَ الشِّرَاءُ بِالْعَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَزِيدُ إلَخْ) أَيْ إلَّا إنْ قَالَ اجْعَلْهُ رَأْسَ مَالٍ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: فَلَوْ عَادَ الْأَلْفُ) أَيْ وَلَوْ بِبَدَلِهِ كَأَنْ اطَّلَعَ فِيمَا اشْتَرَاهُ بِالْأَلْفِ عَلَى عَيْبٍ فَرَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ وَوَجَدَ الثَّمَنَ تَالِفًا، فَإِذَا أَخَذَ بَدَلَهُ مِنْ الْبَائِعِ تَصَرَّفَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ اجْعَلْهُ) أَيْ الْأَلْفَ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي عَكْسِهِ) وَهُوَ إذْنُهُ لَهُ فِي النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُؤَجِّرُ نَفْسَهُ) هُوَ بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ عَمِيرَةُ: أَيْ بِفَتْحِ الْيَاءِ مَعَ ضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا وَبِضَمِّ الْيَاءِ مَعَ كَسْرِ الْجِيمِ، وَهَذَا ضَبْطٌ لِلْفِعْلِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ وَإِلَّا فَالرَّسْمُ يَمْنَعُ مِنْ فَتْحِ الْيَاءِ لِأَنَّ صُورَتَهُ عَلَى الْفَتْحِ هَكَذَا يَأْجُرُ وَمَا هُنَا مَرْسُومٌ بِالْوَاوِ، وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: أَجَّرَهُ اللَّهُ أَجْرًا مَنْ بَابَيْ ضَرَبَ وَقَتَلَ، وَآجَرَهُ بِالْمَدِّ لُغَةٌ ثَالِثَةٌ إذَا أَثَابَهُ، وَأَجَّرْت الدَّارَ وَالْعَبْدَ بِاللُّغَاتِ الثَّلَاثِ اهـ وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَذِنَ لَهُ) أَيْ فِي إجَارَةِ نَفْسِهِ أَوْ بَيْعِهَا (قَوْلُهُ: كَانَ لِلْمَأْذُونِ لَهُ) أَيْ فِي التِّجَارَةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ مَالَ التِّجَارَةِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَأُبِيحَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ مُسَمَّى التِّجَارَةِ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ السَّيِّدِ حَيْثُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَمَا أَفَادَتْهُ إنَّ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهَا أَفَادَتْ مَا عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ وَهُوَ صِحَّةُ الْإِذْنِ وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ لَهُ عَلَى نَوْعٍ وَلَا غَيْرِهِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَأَفْهَمَتْ إنْ الْمَوْضُوعَةُ لِجَوَازِ وُقُوعِ شَرْطِهَا وَعَدَمِهِ بِخِلَافِ إذَا صِحَّةَ الْإِذْنِ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ نَوْعًا وَلَا غَيْرَهُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: بِسَبَبِ نِكَاحٍ إلَخْ) أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: لَا كَقَوْلِ نِكَاحٍ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فِيمَا فِيهِ عُهْدَةٌ: أَيْ أَنَّ الَّذِي يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِذْنِ مَا فِيهِ عُهْدَةٌ لَا غَيْرُهُ كَقَبُولِ نِكَاحٍ، فَلَوْ أَتَى بِالْكَافِ كَمَا قُلْت لَكَانَ وَاضِحًا، ثُمَّ رَأَيْتُهُ بِالْكَافِ فِي بَعْضِ

التِّجَارَةِ) بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ لِانْتِفَاءِ الْإِذْنِ لَهُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ جَازَ، وَيَنْعَزِلُ الثَّانِي بِعَزْلِ السَّيِّدِ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْزِعْهُ مِنْ يَدِ الْأَوَّلِ، هَذَا كُلُّهُ فِي التَّصَرُّفِ الْعَامِ، فَإِنْ أَذِنَ الْمَأْذُونُ لِعَبْدِ التِّجَارَةِ فِي تَصَرُّفٍ خَاصٍّ كَشِرَاءِ ثَوْبٍ جَازَ كَمَا صَحَّحَهُ الْإِمَامُ وَجَزَمَ بِهِ الْغَزَالِيُّ وَابْنُ الْمُقْرِي، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامَ الْبَغَوِيّ الْمَنْعَ لِأَنَّهُ يَصْدُرُ عَنْ رَأْيِهِ، وَلِأَنَّهُ لَا غِنَى لَهُ عَنْ ذَلِكَ وَفِي مَنْعِهِ مِنْهُ تَضْيِيقٌ عَلَيْهِ (وَلَا يَتَصَدَّقُ) وَمِثْلُهُ سَائِرُ التَّبَرُّعَاتِ مِنْ هِبَةٍ وَعَارِيَّةٍ وَغَيْرِهِمَا وَلَوْ بِشَيْءٍ مِنْ قُوَّتِهِ فِيمَا يَظْهَرُ: نَعَمْ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ رِضَا السَّيِّدِ بِذَلِكَ جَازَ، وَلَا يُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِهَا إلَّا إنْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَةُ السَّيِّدِ فِيمَا يَظْهَرُ فَيُرَاجِعُ الْحَاكِمَ إنْ سَهُلَ، بِخِلَافِ مَا إذَا شَقَّ عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَلَا يَبِيعُ نَسِيئَةً وَلَا بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَلَا يُسْلِمُ الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِ ثَمَنِهِ وَلَا يُسَافِرُ بِمَالِهَا إلَّا بِإِذْنٍ. نَعَمْ يَجُوزُ لَهُ الشِّرَاءُ نَسِيئَةً وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ عَزْلِ نَفْسِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَذِنَ لَهُ أَنَّ غَرَضَهُ الرِّبْحُ سَوَاءٌ كَانَ بِالتِّجَارَةِ أَوْ بِغَيْرِهَا فَجَازَ لَهُ ذَلِكَ تَعْوِيلًا عَلَى الْقَرِينَةِ. (قَوْلُهُ: بِعَزْلِ السَّيِّدِ لَهُ) أَيْ لِلثَّانِي وَهَلْ يَنْعَزِلُ الثَّانِي بِعَزْلِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ لِأَنَّهُ الْآذِنُ لَهُ فَهُوَ كَوَكِيلِهِ، أَوْ لَا يَنْعَزِلُ لِأَنَّهُ بِإِذْنِهِ لَهُ بَعُدَ إذْنُ السَّيِّدِ لَهُ فِي الْإِذْنِ صَارَ الثَّانِي مُسْتَقِلًّا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَذِنَ) أَيْ مِنْ غَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ (قَوْلُهُ: لَا غِنَى لَهُ) أَيْ لِلْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ سَائِرُ التَّبَرُّعَاتِ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ مِنْ التَّبَرُّعِ إطْعَامُ مَنْ يَخْدُمُهُ وَيُعَيِّنُهُ فِي الْأَسْفَارِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: قَدْ يَمْنَعُ أَنَّ هَذَا مِنْ التَّبَرُّعِ حَيْثُ جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ، وَيَنْزِلُ عِلْمُ السَّيِّدِ بِذَلِكَ مَنْزِلَةَ الْإِذْنِ فِيهِ، وَيَكُونُ مَا يَصْرِفُهُ عَلَى مَنْ يَخْدُمُهُ كَالْأُجْرَةِ الَّتِي يَدْفَعُهَا عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ لِلِاسْتِئْجَارِ لِلْحَمْلِ وَنَحْوِهِ، سِيَّمَا إذَا عُلِمَ بِحَسَبِ الْعَادَةِ أَنَّهُ حَيْثُ انْتَفَى التَّبَرُّعُ عَلَى مَنْ يُعَيِّنُهُ لَمْ يَفْعَلْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِشَيْءٍ مِنْ قُوَّتِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ قَتَرَ عَلَى نَفْسِهِ فَلَوْ خَالَفَ وَتَبَرَّعَ ضَمِنَ الْمُتَبَرَّعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِسَيِّدِهِ وَإِنْ كَانَ الْمُتَبَرَّعُ عَلَيْهِ جَاهِلًا بِكَوْنِهِ يَضْمَنُ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: فِي قَدْرِ مَا يَغْرَمُهُ (قَوْلُهُ: جَازَ) أَيْ وَخُصُوصًا التَّافِهَ الَّذِي لَا يَعُودُ مِنْهُ نَفْعٌ عَلَى السَّيِّدِ كَلُقْمَةٍ فَضَلَتْ عَنْ حَاجَتِهِ، وَبَقِيَ مَا لَوْ قَالَ لَهُ تَبَرَّعْ هَلْ يَجُوزُ لَهُ التَّبَرُّعُ بِمَا شَاءَ أَوْ يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِأَقَلِّ مُتَمَوِّلٍ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِلشَّكِّ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ فَيُمْنَعُ مِنْهُ احْتِيَاطًا لِحَقِّ السَّيِّدِ، فَلَوْ ظَنَّ رِضَاهُ بِزِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ جَازَ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِهَا) وَهَلْ لَهُ الْإِنْفَاقُ عَلَى عَبِيدِ التِّجَارَةِ مِنْ مَالِهَا؟ قَالَ سم عَلَى ع ب: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونُوا مِثْلَهُ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ بِهَامِشٍ أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ مِنْ جُمْلَةِ مَالِ التِّجَارَةِ وَفِيهِ تَنْمِيَةٌ لَهَا، وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ لِمَا عَلَّلَ بِهِ (قَوْلُهُ: فَيُرَاجِعُ الْحَاكِمَ) هَلْ يَكْفِي فِي ذَلِكَ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ تَعَدُّدِ الْمُرَاجَعَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِمَا فِي الثَّانِي مِنْ الْمَشَقَّةِ، وَيَنْبَغِي فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَ فِي إنْفَاقِ اللَّائِقِ وَعَدَمِهِ تَصْدِيقُ الْعَبْدِ فِي الْقَدْرِ اللَّائِقِ بِهِ فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ مُطَالَبَةُ الْعَبْدِ بِشَيْءٍ، ثُمَّ إذَا أَذِنَ الْحَاكِمُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّرَ لِلْعَبْدِ مَا يَلِيقُ بِهِ عَادَةً، ثُمَّ إنْ فَضَلَ مِمَّا قَدَّرَهُ شَيْءٌ وَجَبَ عَلَى الْعَبْدِ حِفْظُهُ لِلسَّيِّدِ وَإِنْ احْتَاجَ إلَى زِيَادَةٍ عَلَى مَا قَدَّرَهُ رَاجَعَ فِيهَا الْقَاضِيَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا شَقَّ) أَيْ عُرْفًا، وَمِنْهُ غَرَامَةُ شَيْءٍ وَإِنْ قَلَّ فَيَشْتَرِي مَا تَمَسُّ حَاجَتُهُ إلَيْهِ لَا مَا زَادَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَبِيعُ نَسِيئَةً) نَعَمْ لَهُ الشِّرَاءُ نَسِيئَةً كَمَا يَأْتِي، قَالَ سم عَلَى حَجّ: هَلْ لَهُ الرَّهْنُ حِينَئِذٍ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَيْنَ الْمَرْهُونَةَ قَدْ تَتْلَفُ تَحْتَ يَدِ الْمُرْتَهِنِ (قَوْلُهُ: وَلَا بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا لَا يَتَغَابَنُ بِهِ كَالْوَكِيلِ، بَلْ قَدْ يُقَالُ مَا يَتَغَابَنُ بِهِ لَا يَخْرُجُ بِهِ عَنْ كَوْنِهِ ثَمَنَ الْمِثْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالنُّسَخِ . (قَوْلُهُ: وَلَا يُسَافِرُ بِمَالِهَا إلَّا بِإِذْنٍ) قَدْ يُقَالُ هَذَا يُنَاقِضُ قَوْلَهُ السَّابِقَ وَالْبُلْدَانُ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَنُصَّ لَهُ عَلَى شَيْءٍ إلَخْ، إذْ مِنْ لَازِمِ هَذَا التَّعْمِيمِ خُصُوصًا مَعَ لَفْظِ الْجَمْعِ السَّفَرُ، وَقَدْ يُجَابُ بِمَنْعِ التَّلَازُمِ إذْ قَدْ يَنْفَكُّ الْإِذْنُ فِي السَّفَرِ عَنْ إطْلَاقِ الْإِذْنِ فِي الْبُلْدَانِ فِيمَا إذَا أَذِنَ لَهُ فِي السَّفَرِ إلَى بَلَدٍ مُعَيَّنٍ، كَمَا يَنْفَكُّ إطْلَاقُ الْبُلْدَانِ عَنْ الْإِذْنِ فِي السَّفَرِ فِي أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي الْمَالِ فِي أَيِّ بَلَدٍ وَجَدَهُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسَافِرَ هُوَ بِهِ، أَوْ يُقَالَ: إنَّ مَا مَرَّ فِي صِحَّةِ التَّصَرُّفِ

لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِي الْإِذْنِ لَهُ الِاسْتِخْدَامُ دُونَ التَّوْكِيلِ وَلَا مِنْ شِرَاءِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَى سَيِّدِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَيُعْتَقُ حَيْثُ لَا دَيْنَ وَكَذَا إنْ كَانَ وَالسَّيِّدُ مُوسِرٌ كَالْمَرْهُونِ وَلَا يَقْتَرِضُ وَلَا يُوَكِّلُ أَجْنَبِيًّا (وَلَا يُعَامِلُ سَيِّدَهُ) وَلَا مَأْذُونَ السَّيِّدِ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ لَهُ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ. (وَلَا يَنْعَزِلُ بِإِبَاقِهِ) لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ لَا تُوجِبُ الْحَجْرَ، وَلَهُ التَّصَرُّفُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي أَبَقَ إلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَخُصَّ الْإِذْنَ بِغَيْرِهِ فَإِنْ عَادَ لِمَحَلِّ الطَّاعَةِ تَصَرَّفَ جَزْمًا، وَلَوْ بَاعَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ انْعَزَلَ، وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ كُلُّ مَا يُزِيلُ الْمِلْكَ كَهِبَةٍ وَوَقْفٍ، وَفِي كِتَابَتِهِ وَجْهَانِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِأَنَّهَا حَجْرٌ، وَبَحَثَ الشَّيْخُ أَنَّ إجَارَتَهُ كَذَلِكَ (وَلَا يَصِيرُ) الرَّقِيقُ (مَأْذُونًا لَهُ بِسُكُوتِ سَيِّدِهِ عَلَى تَصَرُّفِهِ) إذْ لَا يُنْسَبُ لِسَاكِتٍ قَوْلٌ وَلَا بِقَوْلِهِ لَا أَمْنَعُك مِنْ التَّصَرُّفِ لِأَنَّ عَدَمَ الْمَنْعِ أَعَمُّ مِنْ الْإِذْنِ وَلَوْ بَاعَ الْمَأْذُونُ مَعَ مَالِهِ لَمْ يُشْتَرَطْ تَجْدِيدُ إذْنٍ مِنْ الْمُشْتَرِي عَلَى الْأَظْهَرِ فِي النِّهَايَةِ، قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ: أَيْ لِأَنَّ عِلْمَ الْمُشْتَرِي بِأَنَّ الْعَبْدَ مَأْذُونٌ لَهُ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ إذْنِهِ فِي بَيْعِ الْمَالِ الَّذِي اشْتَرَاهُ مَعَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِي الْإِذْنِ إلَخْ) وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ (قَوْلُهُ: وَيُعْتَقُ) أَيْ فِيمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا دَيْنَ) أَيْ عَلَى الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُوَكِّلُ أَجْنَبِيًّا) وَعَلَيْهِ فَمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِدَفْعِهِ لِلدَّلَّالِ لِيَطُوفَ بِهِ عَلَى مَنْ يَشْتَرِي فَطَرِيقُهُ أَنْ يَدْفَعَهُ لِلدَّلَّالِ لِيَطُوفَ بِهِ، فَإِذَا اسْتَقَرَّ ثَمَنُهُ عَلَى شَيْءٍ بَاشَرَ الْعَبْدُ عَقْدَهُ. قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ كَالْوَكِيلِ لَا يُوَكِّلُ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ فَإِنَّهُ يَتَصَرَّفُ لِنَفْسِهِ اهـ. فَانْظُرْ هَلْ يُسْتَثْنَى مِنْ مَنْعِ التَّوْكِيلِ التَّوْكِيلَ فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ أَوْ لَا يَلِيقُ بِهِ كَمَا أَنَّ الْوَكِيلَ الْمُنَظَّرَ بِهِ كَذَلِكَ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الْخَادِمِ أَنَّ ابْنَ يُونُسَ فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ صَرَّحَ بِأَنَّ لَهُ التَّوْكِيلَ فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ، وَأَنَّ فِي مُخْتَصَرِ النِّهَايَةِ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ يُوَكِّلُ فِي آحَادِ التَّصَرُّفَاتِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُهُ: فِي آحَادِ التَّصَرُّفَاتِ قَضِيَّةُ مَا نَقَلَهُ عَنْ مُخْتَصَرِ النِّهَايَةِ أَنَّ آحَادَ التَّصَرُّفَاتِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى عَجْزٍ وَمُقْتَضَى تَنْظِيرِهِمْ لَهُ بِالْوَكِيلِ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ) مُقْتَضَاهُ أَنَّ السَّيِّدَ لَوْ كَانَ وَكِيلًا عَنْ غَيْرِهِ جَازَتْ مُعَامَلَتُهُ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِأَنَّ السَّيِّدَ إذَا كَانَ وَكِيلًا لَا يَبِيعُ لِنَفْسِهِ فَبَيْعُهُ لِعَبْدِهِ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ كَمَا لَوْ بَاعَ لِنَفْسِهِ، وَكَذَا شِرَاؤُهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا يَشْتَرِي لِمُوَكِّلِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ) أَيْ كِتَابَةً صَحِيحَةً أَوْ فَاسِدَةً كَمَا فِي التَّهْذِيبِ، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ كَشَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ الشَّوْبَرِيِّ عَلَى الْمَنْهَجِ صَرِيحَةٌ فِي ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ: أَيْ كِتَابَةً صَحِيحَةً. أَمَّا فَاسِدُ الْكِتَابَةِ فَلَا يُعَامَلُ سَيِّدُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ فِي بَابِهَا. قَالَ: وَهَذَا يُخَالِفُ مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ مِنْ أَنَّ لَهُ أَنْ يُعَامِلَهُ كَالْمُكَاتَبِ كِتَابَةً صَحِيحَةً، وَقَدْ رَاجَعْت كَلَامَ التَّهْذِيبِ فَرَأَيْته إنَّمَا فَرَّعَهُ عَلَى ضَعِيفٍ، فَالْأَقْوَى قَوْلُ الْإِمَامِ الْغَزَالِيِّ: أَيْ مِنْ أَنَّ لَهُ أَنْ يُعَامِلَ الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً فَاسِدَةً اهـ. وَصَحَّحَ فِي الْحَاشِيَةِ مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ التَّهْذِيبِ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْعَزِلُ بِإِبَاقِهِ) وَبَقِيَ مَا لَوْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ هَلْ يَحْتَاجُ إلَى إذْنٍ جَدِيدٍ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهُ اسْتِخْدَامٌ لَا تَوْكِيلٌ وَتَرَدَّدَ فِيهِ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَلَهُ التَّصَرُّفُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي أَبَقَ إلَيْهِ) هَلْ يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِمَا إذَا تَسَاوَى نَقْدَاهُمَا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِيهَا بِمَا يَتَصَرَّفُ بِهِ فِي مَحَلِّ الْإِذْنِ مِنْ نَقْدِ بَلَدِهِ أَوْ غَيْرِهِ حَيْثُ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ وَقُلْنَا يَبِيعُ بِالْعَرْضِ كَمَا فِي عَامِلِ الْقِرَاضِ، وَإِذَا اشْتَرَى شَيْئًا يَزِيدُ ثَمَنُهُ فِي مَحَلِّ الشِّرَاءِ عَلَى ثَمَنِهِ فِي مَحَلِّ الْإِذْنِ لَمْ يَجُزْ إلَّا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ حُصُولُ رِبْحٍ فِيهِ كَأَنْ كَانَ يَتَيَسَّرُ بَيْعُهُ فِي مَحَلِّ الشِّرَاءِ بِزِيَادَةٍ عَلَى مَا اشْتَرَاهُ بِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَخُصَّ) أَيْ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ: وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ) أَيْ قَوْلِهِ وَلَوْ بَاعَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِأَنَّهَا حَجْرٌ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الشَّيْخُ أَنَّ إجَارَتَهُ كَذَلِكَ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ قَصُرَ زَمَنُ الْإِجَارَةِ حَتَّى لَوْ أَجَّرَهُ يَوْمًا لَا يَتَصَرَّفُ بَعْدَهُ إلَّا بِإِذْنٍ مِنْ السَّيِّدِ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ) جَرَى عَلَيْهِ حَجّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ عِلْمَ الْمُشْتَرِي إلَخْ) التَّعْلِيلُ بِهَذَا صَرِيحٌ فِيمَا قَالَهُ حَجّ مِنْ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا فِي الْجَوَازِ وَعَدَمِهِ، وَمَا هُنَا فِي جَوَازِ الِانْتِقَالِ بِهِ فَتَأَمَّلْ.

[من عرف رق عبد لم يعامله حتى يعلم الإذن]

وَرَدَّهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ، وَهُوَ أَنَّ سَيِّدَهُ لَوْ بَاعَهُ لَمْ يَصِرْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ (وَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ) أَيْ الْمَأْذُونِ (بِدُيُونِ الْمُعَامَلَةِ) وَلَوْ لِأَصْلِهِ وَفَرْعِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْإِنْشَاءِ وَيُؤَدَّى مِمَّا يَأْتِي، وَأَعَادَ هَذِهِ فِي الْإِقْرَارِ لِضَرُورَةِ تَقْسِيمٍ، وَيُقْبَلُ مِمَّنْ أَحَاطَتْ بِهِ الدُّيُونُ فِي شَيْءٍ بِيَدِهِ أَنَّهُ عَارِيَّةٌ، وَتَحِلُّ دُيُونُهُ الْمُؤَجَّلَةُ عَلَيْهِ بِمَوْتِهِ كَمَا تَحِلُّ الدُّيُونُ عَلَى الْحُرِّ بِمَوْتِهِ. (وَمَنْ عَرَفَ رِقَّ عَبْدٍ) أَيْ شَخْصٍ إذْ مُرَادُهُ بِالْعَبْدِ الْإِنْسَانُ كَمَا هُوَ مَفْهُومٌ لُغَةً، وَكَانَ حِكْمَةُ ذِكْرِهِ لِهَذَا الْإِشَارَةُ إلَى عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِقَرِينَةِ كَوْنِهِ عَلَى ذِي الْعَبِيدِ وَتَصَرُّفَاتِهِمْ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْأَصَحُّ جَوَازَ مُعَامَلَةِ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ رِقَّهُ وَلَا حُرِّيَّتَهُ كَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ رُشْدَهُ وَسَفَهَهُ إلَّا الْغَرِيبَ فَيَجُوزُ جَزْمًا لِلْحَاجَةِ (لَمْ يُعَامِلْهُ) أَيْ لَمْ يَجُزْ لَهُ مُعَامَلَتُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ (حَتَّى يَعْلَمَ الْإِذْنَ) أَيْ يَظُنَّهُ (بِسَمَاعِ سَيِّدِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ) وَالْمُرَادُ بِهَا إخْبَارُ عَدْلَيْنِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ حَاكِمٍ، وَكَذَا رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ، بَلْ الْأَوْجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدٍ كَمَا فِي الشُّفْعَةِ وَبَحَثَ جَمِيعُ ذَلِكَ السُّبْكِيُّ وَتَبِعَهُ غَيْرُهُ وَهُوَ وَاضِحٌ لِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى الظَّنِّ وَقَدْ وُجِدَ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَبْعُدْ الِاكْتِفَاءُ بِفَاسِقٍ اعْتَقَدَ صِدْقَهُ (أَوْ شُيُوعٍ بَيْنَ النَّاسِ) حِفْظًا لِمَالِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ وُصُولُهُ لِحَدِّ الِاسْتِفَاضَةِ الْآتِي فِي الشَّهَادَاتِ فِيمَا يَظْهَرُ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ كَوْنِ الْمَدَارِ هُنَا عَلَى الظَّنِّ (وَفِي الشُّيُوعِ وَجْهٌ) أَنَّهُ لَا يَكْفِي لِتَيَقُّنِ الْحَجْرِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تُفِيدُ إلَّا الظَّنَّ فَكَذَا الشُّيُوعُ، وَكَوْنُ الشَّارِعِ نَزَّلَ الشَّهَادَةَ مَنْزِلَةَ الْيَقِينِ مَحَلُّهُ فِي شَهَادَةٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ لَا فِي مُجَرَّدِ الْإِخْبَارِ الْمُكْتَفَى بِهِ هُنَا، وَلِمَنْ عَامَلَهُ عَدَمُ تَسْلِيمِ الْمَالِ لَهُ حَتَّى يَثْبُتَ الْإِذْنُ وَإِنْ صَدَّقَهُ فِيهِ كَالْوَكِيلِ (وَلَا يَكْفِي قَوْلُ الْعَبْدِ) فِي جَوَازِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالصُّورَةَ أَنَّهُ عَالِمٌ بِأَنَّهُ الْمَأْذُونُ لَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ) أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنٍ جَدِيدٍ مِنْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَيُقْبَلُ مِمَّنْ أَحَاطَتْ بِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ وَذَلِكَ فِي الظَّاهِرِ، أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَيُحَرَّمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَتَحِلُّ دُيُونُهُ) أَيْ الْمَأْذُونِ لَهُ. (قَوْلُهُ: مَنْ لَمْ يَعْرِفْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ عَلَى صُورَةِ الْأَرِقَّاءِ (قَوْلُهُ: أَيْ يَظُنُّهُ) حَمَلَ الْعِلْمَ عَلَى الظَّنِّ نَظَرًا لِلْغَالِبِ فِي الْأَسْبَابِ الْمُجَوِّزَةِ لِمُعَامَلَتِهِ فَإِنَّهَا إنَّمَا تُفِيدُ الظَّنَّ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: أَرَادَ بِالْعِلْمِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ لِيَشْمَلَ مَا لَوْ سَمِعَ الْإِذْنَ مِنْ سَيِّدِهِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ الْعِلْمَ لَا الظَّنَّ، وَغَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ التَّعْبِيرُ بِالْعِلْمِ مِنْ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ، وَمَجَازِهِ وَمِنْ اسْتِعْمَالِهِ فِي مَعْنًى مَجَازِيٍّ يَعُمُّ الْعِلْمَ وَالظَّنَّ كَإِدْرَاكِ هَذَا وَكَأَنَّهُ عَدَلَ إلَيْهِ عَنْ تَعْبِيرِ الْمُحَرَّرِ بِالْمَعْرِفَةِ لِأَنَّهُمَا وَإِنْ كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ لُغَةً لَكِنْ شَاعَ اسْتِعْمَالُ الْعِلْمِ فِي الْإِدْرَاكِ الرَّاجِحِ وَمِنْ ثَمَّ أَطْلَقُوا عَلَى الْفِقْهِ عِلْمًا مَعَ أَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ ظُنُونِ الْمُجْتَهِدِينَ (قَوْلُهُ: بِسَمَاعِ سَيِّدِهِ) أَيْ فَلَوْ أَنْكَرَ السَّيِّدُ الْإِذْنَ فَهَلْ يَكْفِي الْمُعَامِلُ أَنْ يُقِيمَ عَلَيْهِ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ بِالْإِذْنِ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ رَجُلَيْنِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْبَيِّنَةِ إثْبَاتُ الْإِذْنِ لَا الْمَالِ (قَوْلُهُ: بَلْ الْأَوْجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدٍ) أَيْ فِي جَوَازِ مُعَامَلَتِهِ لَا فِي ثُبُوتِهِ عِنْدَ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: اعْتَقَدَ صِدْقَهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّ مُجَرَّدَ الظَّنِّ لَا يَكْفِي، وَالظَّاهِرُ أَنَّ غَيْرُ مُرَادِ الرُّجْحَانِ صِدْقَهُ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: وَلِمَنْ عَامَلَهُ عَدَمُ تَسْلِيمٍ إلَخْ) أَيْ يَجُوزُ لَهُ عَدَمُ إلَخْ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَرَدَّهُ الْوَالِدُ إلَخْ) فِي هَذَا الرَّدِّ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ إنَّهُ يَصِيرُ بِهِ الْمَأْذُونُ مَحْجُورًا فِي أَمْوَالِ الْبَائِعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَصَاحِبُ هَذَا الْفَرْعِ يَلْتَزِمُ ذَلِكَ، وَالْمَلْحَظُ فِي الْمَسْأَلَةِ إنَّمَا هُوَ إنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِمَا ذُكِرَ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْإِذْنِ، فَلَوْ رَدَّهُ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ السُّكُوتَ إذْنٌ لَكَانَ وَاضِحًا [مَنْ عَرَفَ رِقَّ عَبْدٍ لَمْ يُعَامِلْهُ حَتَّى يَعْلَمَ الْإِذْنَ] . (قَوْلُهُ: أَيْ شَخْصٍ) مُرَادُهُ دَفْعُ الدَّوْرِ عَنْ الْمَتْنِ الَّذِي أَوْرَدَهُ عَلَيْهِ الشِّهَابُ حَجّ بِقَوْلِهِ فِيهِ دَوْرٌ لِتَوَقُّفِ عِلْمِ الرِّقِّ عَلَى عِلْمِ كَوْنِهِ عَبْدًا وَعَكْسُهُ اهـ. وَلَك أَنْ تَقُولَ: لَا دَوْرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ عَبْدًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَنْ يَعْلَمَ رِقَّهُ، فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ عَبْدٌ: أَيْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ثُمَّ إنَّهُ قَدْ يُعْرَفُ رِقُّهُ وَقَدْ لَا، فَهَذَا الْحُكْمُ فِيمَنْ عُرِفَ رِقُّهُ، ثُمَّ رَأَيْتُ الشِّهَابَ سم أَجَابَ بِمَعْنَى ذَلِكَ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يُتَوَهَّمُ هُنَا دَوْرٌ، وَإِنَّمَا الَّذِي يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ مِنْ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: حِفْظًا لِمَالِهِ) فِي تَعْلِيلِ عَدَمِ جَوَازِ الْمُعَامَلَةِ بِهَذَا نَظَرٌ إذْ لَا يَلْزَمُ الْإِنْسَانَ

مُعَامَلَتِهِ (أَنَا مَأْذُونٌ لِي) وَإِنْ ظَنَنَّا صِدْقَهُ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ مَعَ أَنَّهُ لَا يَدَ لَهُ، وَبِهِ فَارَقَ الِاكْتِفَاءَ بِقَوْلِ مُرِيدٍ تَصَرَّفَ وَكَّلَنِي فُلَانٌ فِيهِ بَلْ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ الْحَالِ أَنَّ لَهُ يَدًا. وَأَمَّا قَوْلُهُ حُجِرَ عَلَى سَيِّدِي فَيَكْفِي فِي عَدَمِ صِحَّةِ مُعَامَلَتِهِ وَإِنْ كَذَّبَهُ سَيِّدُهُ لِأَنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ بِزَعْمِ الْعَاقِدِ فَلَا يُعَامَلُ بِقَوْلِ غَيْرِهِ، وَتَكْذِيبُ الْآذِنِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْإِذْنَ لَهُ. نَعَمْ لَوْ قَالَ كُنْت أَذِنْت لَهُ وَأَنَا بَاقٍ جَازَتْ مُعَامَلَتُهُ وَإِنْ أَنْكَرَ الرَّقِيقُ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَكَقَوْلِهِ ذَلِكَ سَمَاعُ الْإِذْنِ لَهُ مِنْهُ فَلَا يُفِيدُ إنْكَارُ الْقِنِّ مَعَ ذَلِكَ. قَالَ الشَّيْخُ: بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ حَيْثُ ظَنَّ كَذِبَ الْعَبْدِ جَازَتْ مُعَامَلَتُهُ ثُمَّ إنْ تَبَيَّنَ خِلَافَهُ بَطَلَتْ وَهُوَ حَسَنٌ، وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى قِنٍّ عَلَى سَيِّدِهِ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إذَا لَمْ يَشْتَرِ شَيْئًا، فَإِنْ اشْتَرَى فَطَلَبَ الْبَائِعُ ثَمَنَهُ فَأَنْكَرَ السَّيِّدُ الْإِذْنَ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ، فَإِذَا حَلَفَ فَلِلْقِنِّ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى سَيِّدِهِ مَرَّةً أُخْرَى رَجَاءَ أَنْ يُقِرَّ فَيُطَالِبُهُ الْبَائِعُ بِثَمَنِهِ. (فَإِنْ) (بَاعَ مَأْذُونٌ لَهُ) فِي التِّجَارَةِ (وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ) أَوْ غَيْرِهَا (فَخَرَجَتْ السِّلْعَةُ مُسْتَحَقَّةً) (رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِبَدَلِهَا) وَهُوَ الثَّمَنُ الْمَذْكُورُ: أَيْ مِثْلُهُ فِي الْمِثْلِيِّ وَقِيمَتُهُ فِي الْمُتَقَوِّمِ فَهُوَ مُسَاوٍ لِقَوْلِ الْمُحَرَّرِ بِبَدَلِهِ: أَيْ الثَّمَنِ عَلَى أَنَّهُ فِي نُسَخٍ كَذَلِكَ لَكِنَّ الْمَحْكِيَّ عَنْ خَطِّهِ الْأَوَّلُ وَلَيْسَ بِسَهْوٍ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSبَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ الْإِذْنَ بِسَمَاعِ سَيِّدِهِ إلَخْ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ظَنَنَّا صِدْقَهُ) فَإِنْ اعْتَقَدَهُ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ جَوَازُ مُعَامَلَتِهِ وَتَرَدَّدَ فِيهِ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ) وَبِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَبُولِ خَبَرِ الْفَاسِقِ إذَا اعْتَقَدَ صِدْقَهُ لِأَنَّ الْفَاسِقَ لَيْسَ مُتَّهَمًا فِي إخْبَارِهِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ) أَيْ بِكَوْنِهِ لَا بُدَّ لَهُ (قَوْلُهُ: وَأَنَا بَاقٍ) أَيْ عَلَى الْإِذْنِ (قَوْلُهُ: وَكَقَوْلِهِ) أَيْ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَكَقَوْلِهِ ذَلِكَ) أَيْ أَذِنْت إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ حَسَنٌ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى قِنٍّ) . [فَرْعٌ] اشْتَرَى الْعَبْدُ شَيْئًا وَغَبَنَ الْبَائِعِ فِيهِ فَادَّعَى أَنَّ الْعَبْدَ غَيْرُ مَأْذُونٍ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ وَادَّعَى الْعَبْدُ الْإِذْنَ وَصَدَّقَهُ السَّيِّدُ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ يُصَدَّقُ الْبَائِعُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِالْأَوَّلِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ، وَتَصْدِيقُ السَّيِّدِ لَهُ الْآنَ لَا يُفِيدُ لِجَوَازِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَذِنَ لَهُ فَيَبْطُلُ تَصَرُّفُ الْعَبْدِ وَمَا وَقَعَ بَاطِلًا لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِالثَّانِي وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ إقْدَامَ الْبَائِعِ عَلَى مُعَامَلَةِ الْعَبْدِ ظَاهِرٌ فِي اعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ، فَإِنَّ مَنْ عَرَفَ رِقَّ عَبْدٍ لَا يُعَامِلُهُ إلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْإِذْنِ، وَعَلَى هَذَا فَهُوَ عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ تَصْدِيقِ مُدَّعِي الصِّحَّةِ. [فَرْعٌ] لَوْ أَذِنَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ فِي أَنْ يَأْتِيَهُ بِمَتَاعٍ مِنْ التَّاجِرِ لِلسَّوْمِ فَفَعَلَ ثُمَّ تَلِفَ فِي يَدِ الْعَبْدِ فَفِي تَجْرِيدِ الْعُبَابِ أَنَّ الضَّمَانَ يَتَعَلَّقُ بِالسَّيِّدِ وَالْعَبْدِ فَلِلتَّاجِرِ مُطَالَبَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا، فَاَلَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالسَّيِّدِ يَأْخُذُهُ حَالًّا وَاَلَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالْعَبْدِ يَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ وَعَنْ الْإِمَامِ الْأَقْيَسُ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ السَّيِّدِ اهـ وَجَزَمَ فِي الْعُبَابِ بِالْأَوَّلِ وَارْتَضَاهُ مَرَّ قَالَ: لِأَنَّهُ لَا يَقْصُرُ عَمَّا لَوْ اسْتَامَ بِوَكِيلٍ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ وَصَرَّحُوا فِيهِ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَضْمَنُ الْمُسْتَامَ (قَوْلُهُ: فَلَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ تَحْلِيفُهُ: أَيْ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: مَرَّةً أُخْرَى) أَيْ غَيْرَ تَحْلِيفِ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: رَجَاءَ أَنْ يُقِرَّ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يُقِرَّ فَالثَّمَنُ بَاقٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQحِفْظُ مَالِهِ. (قَوْلُهُ: وَكَقَوْلِهِ ذَلِكَ سَمَاعُ الْإِذْنِ لَهُ مِنْهُ إلَخْ) كَأَنَّ الشَّيْخَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَهِمَ أَنَّ الْإِشَارَةَ فِي قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ وَإِنْ أَنْكَرَ الرَّقِيقُ ذَلِكَ رَاجِعَةٌ إلَى الْإِذْنِ حَتَّى أَخَذَ مِنْهُ مَا ذُكِرَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا رَاجِعَةٌ إلَى الْبَقَاءِ الْمَفْهُومِ مِنْ بَاقٍ، وَمِنْ ثَمَّ عَقَّبَهُ الشِّهَابُ حَجّ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ إنْكَارِهِ الْإِذْنَ اهـ. وَحِينَئِذٍ فَلَا يَظْهَرُ وَجْهٌ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ اسْتِدْرَاكًا عَلَيْهِمْ؛ إذْ كَلَامُهُمْ فِي اعْتِمَادِ قَوْلِ الْعَبْدِ فِي الْحَجْرِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْآذِنُ عَلِمَ بِالسَّمَاعِ مِنْ السَّيِّدِ أَوْ غَيْرِهِ إذْ لَا تَنَاقُضَ بَيْنَ دَعْوَى الْإِذْنِ وَطُرُوِّ الْحَجْرِ، وَكَأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى دَعْوَاهُ مَعَ قَوْلِ السَّيِّدِ فِي مَسْأَلَةِ الزَّرْكَشِيّ لِتَنْزِيلِ قَوْلِهِ وَأَنَا بَاقٍ مَنْزِلَةَ الْإِذْنِ الْجَدِيدِ فَتَأَمَّلْ وَرَاجِعْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ اشْتَرَى فَطَلَبَ الْبَائِعُ ثَمَنَهُ إلَخْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْمَبِيعَ تَلِفَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِلَّا فَالْبَائِعُ يَرْجِعُ بِمَبِيعِهِ.

[مطالبة السيد بثمن ما اشترى الرقيق المأذون]

(عَلَى الْعَبْدِ) لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ لِلْعَقْدِ فَالْعُهْدَةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ مِمَّا يَأْتِي، وَلِلْمُسْتَحِقِّ مُطَالَبَتُهُ بِهَذَا كَدَيْنِ التِّجَارَةِ بَعْدَ عِتْقِهِ أَيْضًا كَوَكِيلٍ وَعَامِلِ قِرَاضٍ بَعْدَ عَزْلِهِمَا لَكِنَّهُمَا يَرْجِعَانِ لَا هُوَ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (مُطَالَبَةُ السَّيِّدِ أَيْضًا) وَلَوْ كَانَ بِيَدِ الْعَبْدِ وَفَاءً لِأَنَّ الْعَقْدَ لَهُ فَكَأَنَّهُ الْبَائِعُ وَالْقَابِضُ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ إذْ الْإِذْنُ لَا يَتَنَاوَلُ الْفَاسِدَ، فَالْمَأْذُونُ فِي الْفَاسِدِ كَغَيْرِ الْمَأْذُونِ فَيَتَعَلَّقُ الثَّمَنُ بِذِمَّتِهِ لَا بِكَسْبِهِ صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ (وَقِيلَ لَا) لِأَنَّهُ بِالْإِذْنِ صَارَ كَالْمُسْتَقِلِّ (وَقِيلَ إنْ كَانَ فِي يَدِ الْعَبْدِ وَفَاءً فَلَا) لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِمَا فِي يَدِهِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ الْمَالَ وَإِلَّا طُولِبَ جَزْمًا. (وَلَوْ) (اشْتَرَى) الْمَأْذُونُ (سِلْعَةً) شِرَاءً صَحِيحًا (فَفِي مُطَالَبَةِ السَّيِّدِ بِثَمَنِهَا هَذَا الْخِلَافُ) لِلْمَعَانِي الْمَذْكُورَةِ، وَالْأَصَحُّ مُطَالَبَتُهُ لِمَا مَرَّ وَمُطَالَبَتُهُ لِيُؤَدِّيَ مِمَّا فِي يَدِ الرَّقِيقِ إنْ كَانَ لَا مِنْ غَيْرِهِ كَكَسْبِهِ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ لَا لِتَعَلُّقِهِ بِذِمَّتِهِ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْمُطَالَبَةِ بِشَيْءٍ ثُبُوتُهُ فِي الذِّمَّةِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْقَرِيبَ يُطَالِبُ بِنَفَقَتِهِ قَرِيبَهُ وَالْمُوسِرَ بِإِطْعَامِ الْمُضْطَرِّ مَعَ عَدَمِ ثُبُوتِهِمَا فِي ذِمَّتِهِمَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ شَيْءٌ فَلِاحْتِمَالِ أَدَائِهِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ لَهُ بِهِ عَلْقَةً وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ ذِمَّتُهُ، فَإِنْ أَدَّى بَرِئَ الْقِنُّ وَإِلَّا فَلَا، وَقَدْ لَا يُطَالِبُ بِأَنْ أَعْطَاهُ مَالًا لِيَتَّجِرَ فِيهِ فَاشْتَرَى فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ تَلِفَ ذَلِكَ الْمَالُ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لِلْبَائِعِ بَلْ يَتَخَيَّرُ إنْ لَمْ يُؤَدِّهِ السَّيِّدُ لِانْقِطَاعِ الْعَلَقَةِ هُنَا بِتَلَفِ مَا دَفَعَهُ السَّيِّدُ وَلَمْ يَخْلُفْهُ شَيْءٌ مِنْ كَسْبِ الْمَأْذُونِ، وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: هَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى إنْ أُرِيدَ بِمُطَالَبَةِ السَّيِّدِ أَلْزَمَهُ بِمَا يُطَالِبُ بِهِ. أَمَّا إذَا كَانَ الْمُرَادُ الْعَرْضَ عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْ الْعَبْدِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْعَلَقَةِ فَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ. (وَلَا يَتَعَلَّقُ دَيْنُ التِّجَارَةِ بِرَقَبَتِهِ) لِوُجُوبِهِ بِرِضَا مُسْتَحِقِّهِ كَالصَّدَاقِ (وَلَا بِذِمَّةِ سَيِّدِهِ) وَلَوْ بَاعَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُبَاشِرُ لِلْعَقْدِ، وَتَقَدَّمَ الْجَمْعُ آنِفًا بَيْنَ هَذَا وَمُطَالَبَتِهِ فَزَعَمَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ هَذَا تَنَاقُضٌ مَرْدُودٌ، وَجَوَابُ الشَّارِحِ عَنْهُ بِأَنَّهُ يُؤَدِّي مِمَّا يَكْتَسِبُهُ الْعَبْدُ بَعْدَ أَدَاءِ مَا فِي يَدِهِ مُفَرَّعٌ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ. نَعَمْ إنْ حُمِلَ عَلَى كَسْبٍ قَبْلَ الْحَجْرِ كَانَ صَحِيحًا (بَلْ يُؤَدِّي مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ) الْحَاصِلَةِ قَبْلَ الْحَجْرِ رِبْحًا وَرَأْسَ مَالٍ لِاقْتِضَاءِ الْإِذْنِ وَالْعُرْفِ ذَلِكَ (وَكَذَا مِنْ كَسْبِهِ) الْحَاصِلِ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ لَا بَعْدَهُ (بِالِاصْطِيَادِ وَنَحْوِهِ فِي الْأَصَحِّ) لِتَعَلُّقِهِ بِهِ كَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْمَهْرُ وَمُؤَنُ النِّكَاحِ، ثُمَّ مَا بَقِيَ بَعْدَ الْأَدَاءِ فِي ذِمَّةِ الرَّقِيقِ يُؤْخَذُ مِنْهُ بَعْدَ. ـــــــــــــــــــــــــــــSبِذِمَّةِ الْعَبْدِ. (قَوْلُهُ: وَلِلْمُسْتَحِقِّ مُطَالَبَتُهُ) أَيْ الْعَبْدِ بَعْدَ الْعِتْقِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ دَفَعَ لَهُ قَبْلَ الْعِتْقِ مِنْ كَسْبِهِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ) أَيْ مُطَالَبَةِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: كَغَيْرِ الْمَأْذُونِ) وَكَذَا الْمَأْذُونُ فِي الصَّحِيحِ حَيْثُ تَعَاطَى الْعَقْدَ الْفَاسِدَ كَمَا يُفْهَمُ بِالْأَوْلَى، وَيَنْبَغِي فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا اعْتِقَادُهُمَا كَأَنْ كَانَ الْعَبْدُ شَافِعِيًّا مَثَلًا فَبَاعَ بَيْعًا صَحِيحًا عِنْدَهُ غَيْرَ صَحِيحٍ عِنْدَ سَيِّدِهِ لِكَوْنِهِ لَا يَرَى صِحَّةَ ذَلِكَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِقَصْدِ السَّيِّدِ فَلَهُ مَنْعُ الْعَبْدِ مِنْ تَوْفِيَةِ الثَّمَنِ مِنْ كَسْبِهِ. [فَائِدَةٌ] لَوْ كَانَ السَّيِّدُ مَالِكِيًّا وَالْعَبْدُ شَافِعِيًّا وَأَذِنَ لَهُ فِي الْبَيْعِ بِالْمُعَاطَاةِ فَهَلْ لَهُ الْبَيْعُ بِهَا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ امْتِثَالُ أَمْرِهِ إلَّا فِي الْأَمْرِ الْجَائِزِ، وَهَذَا مَمْنُوعٌ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا طُولِبَ) أَيْ السَّيِّدُ. [مُطَالَبَةِ السَّيِّدِ بِثَمَنِ مَا اشْتَرَى الرَّقِيق الْمَأْذُونُ] (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ) أَيْ الْعَبْدِ شَيْءٌ وَلَيْسَ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ رَفْعُهُ لِلْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ لَا يُطَالَبُ) أَيْ السَّيِّدُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ الْجَمْعُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَمُطَالَبَتِهِ لِيُؤَدِّيَ مِمَّا فِي يَدِ الرَّقِيقِ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَخْلُفْهُ شَيْءٌ مِنْ كَسْبِ الْمَأْذُونِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِهَا هُنَا [تَعَلُّقُ دَيْنُ التِّجَارَةِ بِرَقَبَةِ الرَّقِيق الْمَأْذُونُ] . (قَوْلُهُ: مُفَرَّعٌ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا ذِكْرَ لِلْحَجْرِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، فَالصُّورَةُ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ حَجْرٌ: وَاعْلَمْ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ الْجَلَالِ بَعْدَ أَدَاءِ مَا فِي يَدِهِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يُؤَدِّي لَا بِقَوْلِهِ يَكْتَسِبُهُ؛ لِأَنَّهُ يُخْرِجُ الْكَسْبَ الْحَاصِلَ قَبْلَ أَدَاءِ مَا فِي يَدِهِ وَلَا وَجْهَ لَهُ، وَحِينَئِذٍ فَهُوَ قَدْ أَشَارَ بِهَذِهِ الْبَعْدِيَّةِ إلَى أَنَّهُ يُقَدَّمُ فِي الْأَدَاءِ أَوَّلًا مَا فِي يَدِهِ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ وَلَا يُؤَدِّي مِنْ أَكْسَابِهِ إلَّا إنْ عَجَزَتْ أَمْوَالُ التِّجَارَةِ، وَكَأَنَّ الشَّارِحَ هُنَا تَوَهَّمَ أَنَّهُ ظَرْفٌ لِيَكْتَسِبَهُ فَتُوُهِّمَ مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَفْرِيعِهِ عَلَى الْمَرْجُوحِ

[كتاب السلم]

عِتْقِهِ كَمَا مَرَّ، وَالثَّانِي لَا كَسَائِرِ أَمْوَالِ السَّيِّدِ، وَذَكَرَ فِي الْجَوَاهِرِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ السَّيِّدُ الْعَبْدَ قَبْلَ وَفَاءِ الدَّيْنِ وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ أَنَّ دَيْنَهُ يَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ تَخَيَّرَ الْمُشْتَرِي وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ دَيْنَهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ بَعْدَ الْبَيْعِ فَلَا خِيَارَ، وَفِيهَا لَوْ أَقَرَّ الْمَأْذُونُ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ سَيِّدِهِ أَلْفًا لِلتِّجَارَةِ أَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ وَمَاتَ فَالسَّيِّدُ كَأَحَدِ الْغُرَمَاءِ يُقَاسِمُهُمْ اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ الْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ لِلسَّيِّدِ إلَّا مَا فَضَلَ لِأَنَّهُ الْمُفَرِّطُ (وَلَا يَمْلِكُ الْعَبْدَ) أَيْ الْقِنَّ كُلَّهُ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهِ مَا عَدَا الْمُكَاتَبِ (وَلَوْ بِتَمْلِيكِ سَيِّدِهِ) أَوْ غَيْرِهِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْمِلْكِ إذْ هُوَ مَمْلُوكٌ فَأَشْبَهَ الْبَهِيمَةَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مَمْلُوكًا لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} [النحل: 75] وَكَمَا لَا يَمْلِكُ بِالْإِرْثِ وَإِضَافَةُ الْمِلْكِ لَهُ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ» لِلِاخْتِصَاصِ لَا لِلْمِلْكِ وَإِلَّا لَنَافَاهُ جَعْلُهُ لِسَيِّدِهِ، وَالثَّانِي وَهُوَ الْقَدِيمُ يَمْلِكُ لِظَاهِرِ مَا مَرَّ، وَعَلَيْهِ فَهُوَ مِلْكٌ ضَعِيفٌ يَمْلِكُ السَّيِّدُ انْتِزَاعَهُ مِنْهُ وَلَا يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ، وَاحْتُرِزَ بِالسَّيِّدِ عَنْ الْأَجْنَبِيِّ فَلَا يَمْلِكُ بِتَمْلِيكِهِ جَزْمًا، قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، وَفِي الظِّهَارِ فِي تَكْفِيرِ الْعَبْدِ بِالصَّوْمِ وَأَجْرَى فِيهِ الْمَاوَرْدِيُّ الْخِلَافَ. نَعَمْ لَوْ قَبِلَ الرَّقِيقُ هِبَةً أَوْ وَصِيَّةً مِنْ غَيْرِ إذْنٍ صَحَّ، وَلَوْ مَعَ نَهْيِ السَّيِّدِ عَنْ الْقَبُولِ لِأَنَّهُ اكْتِسَابٌ لَا يَعْقُبُ عِوَضًا كَالِاحْتِطَابِ، وَدَخَلَ ذَلِكَ فِي مِلْكِ السَّيِّدِ قَهْرًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَوْهُوبُ أَوْ الْمُوصَى بِهِ أَصْلًا أَوْ فَرْعًا لِلسَّيِّدِ تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ حَالَ الْقَبُولِ لِنَحْوِ زَمَانَةٍ أَوْ صِغَرٍ فَلَا يَصِحُّ الْقَبُولُ، وَنَظِيرُهُ قَبُولُ الْوَلِيِّ لِمُوَلِّيهِ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ عَلَى مَا مَرَّ وَمِنْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إعْتَاقِهِ جَمِيعَهُ (قَوْلُهُ: وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: فَلَا خِيَارَ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَفِيهَا) أَيْ الْجَوَاهِرِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ دُيُونٌ) أَيْ بِسَبَبِ التِّجَارَةِ (قَوْلُهُ: وَمَاتَ) أَيْ الْعَبْدُ (قَوْلُهُ: بَلْ الْوَجْهُ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: بِسَائِرِ أَنْوَاعِهِ) دَخَلَ فِيهِ الْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ وَأُمُّ الْوَلَدِ، وَيُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ الْقِنَّ هُوَ الرَّقِيقُ الَّذِي لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ سَبَبُ الْعِتْقِ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الشَّارِحَ اسْتَعْمَلَ الْقِنَّ فِي مُطْلَقِ الرَّقِيقِ تَجَوُّزًا وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْ اللُّغَةَ وَلَا كَلَامَ الْفُقَهَاءِ عَلَى مَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ (قَوْلُهُ: لِلِاخْتِصَاصِ) مُتَعَلِّقٌ بِإِضَافَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَعَ أَنَّهُ لَا يُفِيدُ ذَلِكَ وَإِنْ الْتَزَمْنَا تَعَلُّقَهُ بِيَكْتَسِبُهُ كَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ قَبِلَ الرَّقِيقُ هِبَةً إلَخْ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ هَذَا الِاسْتِدْرَاكِ وَمَا مَوْقِعُهُ [كِتَابُ السَّلَمِ] .

كِتَابُ السَّلَمِ وَيُقَالُ لَهُ السَّلَفُ، سُمِّيَ سَلَمًا لِتَسْلِيمِ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ وَسَلَفًا لِتَقْدِيمِهِ. وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ إلَّا مَا شَذَّ بِهِ ابْنُ الْمُسَيِّبِ آيَةُ الدَّيْنِ فَسَّرَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ بِالسَّلَمِ وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِمْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» كَالشَّفَقِ أَوْ الْفَجْرِ أَوْ وَسَطِ السَّنَةِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الثَّمَنِ، فَكَمَا جَازَ أَنْ يَكُونَ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا فَكَذَلِكَ الْمُثَمَّنُ، وَلِأَنَّ فِيهِ رِفْقًا فَإِنَّ أَرْبَابَ الضِّيَاعِ قَدْ يَحْتَاجُونَ لِمَا يُنْفِقُونَهُ عَلَى مَصَالِحِهَا فَيَسْتَسْلِفُونَ عَلَى الْغَلَّةِ، وَأَرْبَابَ النُّقُودِ يَنْتَفِعُونَ بِالرُّخْصِ فَجُوِّزَ لِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ غَرَرٌ كَالْإِجَارَةِ عَلَى الْمَنَافِعِ الْمَعْدُومَةِ. وَمَعْنَى الْخَبَرِ: مَنْ أَسْلَمَ فِي مَكِيلٍ فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا، أَوْ مَوْزُونٍ فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا، أَوْ إلَى أَجَلٍ فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا لَا أَنَّهُ حَصَرَهُ فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَالْأَجَلِ (هُوَ) شَرْعًا (بَيْعُ) شَيْءٍ (مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ) بِلَفْظِ السَّلَمِ كَمَا سَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSكِتَابُ السَّلَمِ أَيْ كِتَابُ بَيَانِ حَقِيقَتِهِ وَأَحْكَامِهِ (قَوْلُهُ: وَيُقَالُ لَهُ السَّلَفُ) أَيْ لُغَةً، وَهَذِهِ الصِّيغَةُ تُشْعِرُ بِأَنَّ السَّلَمَ هُوَ الْكَثِيرُ الْمُتَعَارَفُ وَأَنَّ هَذِهِ اللُّغَةَ قَلِيلَةٌ (قَوْلُهُ: سُمِّيَ) أَيْ هَذَا الْعَقْدُ (قَوْلُهُ: لِتَسْلِيمِ رَأْسِ الْمَالِ) أَيْ لِاشْتِرَاطِ تَسْلِيمِ ذَلِكَ فِي الْمَجْلِسِ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: لِتَقْدِيمِهِ) أَيْ لِتَقْدِيمِ عَقْدِهِ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمُسْلَمِ فِيهِ غَالِبًا، وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ مَا لَوْ كَانَ حَالًّا أَوْ عَجَّلَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ وَدَفَعَهُ حَالًّا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: إلَّا مَا شَذَّ) اُنْظُرْ الَّذِي شَذَّ بِهِ هَلْ هُوَ عَدَمُ جَوَازِ السَّلَمِ أَوْ أَنَّ جَوَازَهُ مُعْتَبَرٌ عَلَى وَجْهٍ مُخَالِفٍ لِمَا عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ، فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ) عِبَارَةُ حَجّ: وَالْخَبَرُ الصَّحِيحُ «مَنْ أَسْلَفَ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ» إلَخْ، وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَلَعَلَّهُمَا رِوَايَتَانِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ» إلَخْ (قَوْلُهُ: وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ، إذْ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ، وَسَيَأْتِي مَا يُصَرِّحُ بِهِ فِي قَوْلِهِ وَمَعْنَى الْخَبَرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ) هَذَا آخِرُ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ: كَالشَّفَقِ) أَيْ الَّذِي يَلِي وَقْتَ الْعَقْدِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْفَجْرِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِيمَا لَوْ قَالَ إلَى الْعِيدِ أَوْ جُمَادَى وَالْمُرَادُ تَكَامُلُ طُلُوعَيْهِمَا. (قَوْلُهُ: أَوْ وَسَطِ السَّنَةِ) وَيُحْمَلُ عَلَى آخِرِ جُزْءٍ مِنْ النِّصْفِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَبِالْقِيَاسِ) الْأَظْهَرِ حَذَفَ الْبَاءَ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى آيَةِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: جَازَ أَنْ يَكُونَ) أَيْ الثَّمَنُ (قَوْلُهُ: لَا أَنَّهُ حَصَرَهُ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى ظَاهِرِهِ فَسَادُ السَّلَمِ فِي غَيْرِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَفِي الْحَالِّ اهـ (قَوْلُهُ: بَيْعُ شَيْءٍ) يُؤْخَذُ مِنْ جَعْلِهِ بَيْعًا أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ صَرِيحًا وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقَدْ يَكُونُ كِنَايَةً كَالْكِتَابَةِ وَإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ الَّتِي يَفْهَمُهَا الْفَطِنُ دُونَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: مَوْصُوفٍ) قَالَ الْمَحَلِّيُّ بِالْجَرِّ: أَيْ فَمَوْصُوفٍ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ: أَيْ شَيْءٍ مَوْصُوفٍ وَإِنَّمَا فَعَلَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَصِحُّ وَصْفُهُ بِكَوْنِهِ فِي الذِّمَّةِ، فَلَوْ قُرِئَ بِالرَّفْعِ كَانَ بِمَعْنَى بَيْعٍ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ وَالْبَيْعُ ـــــــــــــــــــــــــــــQكِتَابُ السَّلَمِ (قَوْلُهُ: كَالشَّفَقِ) أَيْ كَمَغِيبِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذْ هُوَ الَّذِي يَنْضَبِطُ، وَمِنْ ثَمَّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْأَحْمَرَ وَقَوْلُهُ: كَالشَّفَقِ إلَخْ لَيْسَ مِنْ الْحَدِيثِ فَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ حَذْفُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ مَحَلًّا يَخُصُّهُ كَمَا سَيَأْتِي أَوْ يُمَثِّلُ لِلْكَيْلِ وَالْوَزْنِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: فَكَمَا جَازَ أَنْ يَكُونَ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا إلَخْ) الْمُنَاسِبُ لِتَفْرِيعِهِ الْآتِي أَنْ يَقُولَ: فَكَمَا جَازَ أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا وَفِي الذِّمَّةِ إلَخْ،

[شروط صحة السلم]

وَلِهَذَا قَالَ الشَّارِحُ هَذِهِ خَاصَّتُهُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا، قِيلَ لَيْسَ لَنَا عَقْدٌ يَخْتَصُّ بِصِيغَةٍ وَاحِدَةٍ إلَّا هَذَا وَالنِّكَاحُ وَعُرِفَ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ غَيْرُ مَانِعٍ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَوْنِ السَّلَمِ بَيْعًا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إسْلَامُ الْكَافِرِ فِي الرَّقِيقِ الْمُسْلِمِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَإِنْ صَحَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ صِحَّتَهُ وَتَبِعَهُ السُّبْكِيُّ، وَمِثْلُ الرَّقِيقِ الْمُسْلِمِ الْمُرْتَدُّ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْبَيْعِ. (يُشْتَرَطُ لَهُ) لِيَصِحَّ (مَعَ شُرُوطِ الْبَيْعِ) الْمُتَوَقِّفِ صِحَّتُهُ عَلَيْهَا كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ مُشِيرًا بِهِ إلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا وَرَدَ عَلَى الذِّمَّةِ لَا مُطْلَقًا وَإِلَّا لَاقْتَضَى اشْتِرَاطَ رُؤْيَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَالصِّيغَةُ فَلَا يُرَدُّ صِحَّةُ سَلَمِ الْأَعْمَى دُونَ شِرَائِهِ (أُمُورٌ) سَبْعَةٌ أُخْرَى اخْتَصَّ بِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا يَصِحُّ وَصْفُهُ بِكَوْنِهِ فِي الذِّمَّةِ إلَّا بِتَجَوُّزٍ كَأَنْ يُقَالُ مَوْصُوفُ مَبِيعِهِ أَوْ مَا تَعَلَّقَ بِهِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا) دَفَعَ بِهِ مَا يُقَالُ إنَّ التَّعْرِيفَ بِمَا ذُكِرَ لَيْسَ مَانِعًا لِشُمُولِهِ بَيْعَ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ فَإِنَّ التَّعْرِيفَ صَادِقٌ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِسَلَمٍ (قَوْلُهُ: قِيلَ) أَيْ قَالَ بَعْضُهُمْ، وَلَيْسَ الْغَرَضُ تَضْعِيفُهُ (قَوْلُهُ: بِصِيغَةٍ وَاحِدَةٍ) وَلَا يَخْرُجُ عَنْ ذَلِكَ انْعِقَادُهُ بِلَفْظِ السَّلَفِ كَالسَّلَمِ لِأَنَّهُمَا لِتَرَادُفِهِمَا يُعَدَّانِ وَاحِدَةً، وَكَذَلِكَ انْعِقَادُهُ بِالتَّزْوِيجِ كَالنِّكَاحِ لَا يُخْرِجُهُمَا عَنْ كَوْنِهِمَا صِيغَةً وَاحِدَةً لِتَرَادُفِهِمَا حَجّ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ إسْلَامُ الْكَافِرِ فِي الرَّقِيقِ) وَمِثْلُ ذَلِكَ كُلُّ مَا يَمْتَنِعُ تَمَلُّكُ الْكَافِرِ لَهُ كَالْمُصْحَفِ وَكُتُبِ الْعِلْمِ وَالسَّلَمِ مِنْ الْحَرْبِيِّ فِي السِّلَاحِ. (قَوْلُهُ: فِي الرَّقِيقِ) وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْمُسْلِمِ إذَا أَسْلَمَ لِلْكَافِرِ فِي عَبْدٍ مُسْلِمٍ صَحَّ، لَكِنْ قَالَ حَجّ: الَّذِي يُتَّجَهُ فِيهِ عَدَمُ الصِّحَّةِ مُطْلَقًا: أَيْ سَوَاءٌ كَانَ حَاصِلًا عِنْدَ الْكَافِرِ أَوْ لَا. أَقُولُ: وَذَلِكَ لِنُدْرَةِ دُخُولِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ فِي مِلْكِ الْكَافِرِ فَأَشْبَهَ السَّلَمَ فِيمَا يَعِزُّ وُجُودُهُ، وَلَا يُرَدُّ مَا لَوْ كَانَ فِي مِلْكِهِ مُسْلِمٌ لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَنْحَصِرُ فِيهِ وَلَا يَجِبُ دَفْعُهُ عَمَّا فِيهِ وَيَجُوزُ تَلَفُهُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَلَا يَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُودُ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الرَّقِيقِ الْمُسْلِمِ الْمُرْتَدِّ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ إسْلَامُ الْكَافِرِ فِيهِ لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: لَا مُطْلَقًا) يُؤْخَذُ مِمَّا نَقَلَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ عَنْ السُّبْكِيّ حَيْثُ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْذَفُ كَوْنُ الْمُسْلَمِ فِيهِ دَيْنًا لِأَنَّهُ رُكْنٌ مَذْكُورٌ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQ؛ لِأَنَّ السَّلَمَ لَيْسَ مِنْ لَازِمِهِ التَّأْجِيلُ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا قَالَ الشَّارِحُ هَذِهِ) أَيْ مَا فِي الْمَتْنِ وَإِلَّا فَمَا أَجَابَ بِهِ الشَّارِحُ الْجَلَالُ غَيْرُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ هُنَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُجَابُ عَنْ الْمَتْنِ فِي اقْتِصَارِهِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ بِجَوَابَيْنِ: إمَّا أَنَّهُ حَذَفَ التَّقْيِيدَ بِلَفْظِ السَّلَمِ لِعِلْمِهِ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي وَهُوَ الَّذِي سَلَكَهُ الشَّارِحُ هُنَا وَإِمَّا بِأَنَّ مَا فِي الْمَتْنِ تَعْرِيفٌ لَهُ بِالْخَاصَّةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا، وَهُوَ الَّذِي سَلَكَهُ الشَّارِحُ الْجَلَالُ وَقَدْ أَوْضَحَ كَلَامَهُ الشِّهَابُ حَجّ فِي تُحْفَتِهِ، وَحِينَئِذٍ فَمَعْنَى كَلَامِ الشَّارِحِ هُنَا أَنَّهُ حَيْثُ عَلِمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّقْيِيدِ بِلَفْظِ السَّلَمِ: أَيْ أَوْ السَّلَفِ فَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ تَعْرِيفٌ لَهُ بِالْخَاصَّةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ الْجَلَالُ [شُرُوط صِحَّة السَّلَم] (قَوْلُهُ: مُشِيرًا بِهِ إلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا وَرَدَ عَلَى الذِّمَّةِ إلَخْ) أَقُولُ فِي كَوْنِ الشَّارِحِ الْجَلَالِ أَشَارَ إلَى هَذَا نَظَرٌ ظَاهِرٌ، إذْ لَا يُفْهَمُ مِمَّا قَالَهُ هَذَا بِوَجْهٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ بِالشَّرْطِ مَا يَشْمَلُ الرُّكْنَ، فَيُفِيدُ أَنَّ أَرْكَانَهُ أَرْكَانُ الْبَيْعِ كَمَا أَنَّ شُرُوطَهُ شُرُوطُ الْبَيْعِ، وَأَمَّا اشْتِرَاطُ الرُّؤْيَةِ فَلَيْسَ فِي كُلِّ بَيْعٍ كَمَا لَا يَخْفَى بَلْ الشَّرْطُ الْعِلْمُ بِالْمَبِيعِ، ثُمَّ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا فَعِلْمُهُ بِالرُّؤْيَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ فَعِلْمُهُ بِالْمِقْدَارِ وَالْوَصْفِ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ فِي الذِّمَّةِ فَلَا اسْتِثْنَاءَ، وَإِنْ ذَهَبَ إلَيْهِ الشِّهَابُ حَجّ فَقَدْ أَشَارَ إلَى رَدِّهِ الشِّهَابُ سم، ثُمَّ رَأَيْتُ الشَّيْخَ عَمِيرَةَ صَرَّحَ بِأَنَّ مُرَادَ الشَّارِحِ الْجَلَالِ مَا ذَكَرْتُهُ. (قَوْلُهُ: وَالصِّيغَةَ) لَا يُنَاسِبُ مَا قَدَّمَهُ؛ لِأَنَّ الصِّيغَةَ رُكْنٌ لَا شَرْطٌ، وَمُرَادُهُ أَنَّ الصِّيغَةَ وَإِنْ تَوَقَّفَتْ عَلَيْهَا الصِّحَّةُ هُنَا وَهُنَاكَ إلَّا أَنَّهَا هُنَا غَيْرَهَا هُنَاكَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَرِدُ صِحَّةُ سَلَمِ الْأَعْمَى) اُنْظُرْ مَا مَوْقِعُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ وَعِبَارَةِ التُّحْفَةِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يُشْتَرَطُ لَهُ مَعَ شُرُوطِ الْبَيْعِ نَصُّهَا مَا عَدَا الرُّؤْيَةَ، وَقِيلَ الْمُرَادُ شُرُوطُ الْبَيْعِ فِي الذِّمَّةِ فَلَا يَحْتَاجُ لِاسْتِثْنَاءِ الرُّؤْيَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ صِحَّةِ سَلَمِ الْأَعْمَى انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: سَبْعَةٌ أُخْرَى اخْتَصَّ بِهَا) فِيهِ أَنَّ بَعْضَ السَّبْعَةِ شَرْطٌ لِلْبَيْعِ أَيْضًا كَالْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ وَالْعِلْمِ، وَأَمَّا مَا فِيهِ مِنْ

فَلِذَا عَقَدَ لَهَا هَذَا الْكِتَابَ (أَحَدُهَا) (تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَالِ) وَهُوَ الثَّمَنُ (فِي الْمَجْلِسِ) الَّذِي وَقَعَ الْعَقْدُ بِهِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ مِنْهُ أَوْ لُزُومِهِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ لُزُومَهُ كَالتَّفَرُّقِ، إذْ لَوْ تَأَخَّرَ لَكَانَ فِي مَعْنَى بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ فِي الذِّمَّةِ، وَلِأَنَّ فِي السَّلَمِ غَرَرًا فَلَا يُضَمُّ إلَيْهِ غَرَرُ تَأْخِيرِ رَأْسِ الْمَالِ، وَلَا بُدَّ مِنْ حُلُولِ رَأْسِ الْمَالِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ كَالصَّرْفِ، وَلَا يُغْنِي عَنْهُ شَرْطُ تَسْلِيمِهِ فِي الْمَجْلِسِ، فَلَوْ تَفَرَّقَا قَبْلَ قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ أَلْزَمَاهُ بَطَلَ الْعَقْدُ أَوْ قَبْلَ تَسْلِيمِ بَعْضِهِ بَطَلَ فِيمَا لَمْ يَقْبِضْ وَفِيمَا يُقَابِلُهُ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَصَحَّ فِي الْبَاقِي بِقِسْطِهِ، قَالَا كَمَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئَيْنِ فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْأَنْوَارِ وَإِنْ جَزَمَ السُّبْكِيُّ بِخِلَافِهِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْمُسْلِمُ أَقَبَضْتُك بَعْدَ التَّفَرُّقِ وَقَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ قَبْلَهُ وَلَا بَيِّنَةَ صُدِّقَ مُدَّعِي الصِّحَّةَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِأَنَّهَا مَعَ مُوَافَقَتِهَا لِلظَّاهِرِ نَاقِلَةٌ وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحِبَةٌ، وَلَا يَكْفِي قَبْضُ الْمُسْلَمِ فِيهِ الْحَالِّ فِي الْمَجْلِسِ عَنْ قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّ تَسْلِيمَهُ فِيهِ تَبَرُّعٌ وَأَحْكَامُ الْبَيْعِ لَا تُبْنَى عَلَى التَّبَرُّعَاتِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَسْلَمْت إلَيْك الْمِائَةَ الَّتِي فِي ذِمَّتِك مَثَلًا فِي كَذَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ وَهُوَ كَذَلِكَ (فَلَوْ) (أَطْلَقَ) رَأْسَ الْمَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْحَدِّ اهـ أَنَّهُ دَفَعَ بِذَلِكَ مَا يُقَالُ هَذِهِ الْأُمُورُ الْمُعْتَبَرَةُ بَعْضُهَا رُكْنٌ وَبَعْضُهَا شَرْطٌ، وَوَجْهُ الدَّفْعِ أَنَّهُ أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالشُّرُوطِ مَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الصِّحَّةُ رُكْنًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي فِي الشَّرْطِ الثَّانِي فَمُرَادُهُ بِالشَّرْطِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَيَشْمَلُ الرُّكْنَ كَمَا هُنَا (قَوْلُهُ: أَحَدُهَا تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَالِ) الْمُعْتَمَدُ جَوَازُ الِاسْتِبْدَادِ بِقَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّ بَابَ الرِّبَا أَضْيَقُ مِنْ هَذَا الْبَابِ. وَصَرَّحُوا فِيهِ بِجَوَازِ الِاسْتِبْدَادِ بِالْقَبْضِ فَهَذَا مِنْ بَابِ أَوْلَى، وَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى مَا إذْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ الرِّضَا بِالْقَبْضِ سَوَاءٌ كَانَ السَّلَمُ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا رَمْلِيٌّ اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ. وَقَوْلُهُ بِقَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ: أَيْ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا، أَمَّا إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ فَلَا مَا لَمْ يُعَيِّنْ فِي الْمَجْلِسِ، فَإِنْ عَيَّنَ فِيهِ جَازَ الِاسْتِبْدَادُ بِقَبْضِهِ لَكِنْ يُنَافِيهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ فَلَوْ أَطْلَقَ ثُمَّ عَيَّنَ وَسَلَّمَ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُسْلِمْ وَلَكِنْ اسْتَقَلَّ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِقَبْضِهِ لَمْ يَجُزْ، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ قَاعِدَةُ أَنَّ الْوَاقِعَ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ كَالْوَاقِعِ فِي نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ التَّفَرُّقِ) بَيَانٌ لِلْمُرَادِ مِنْ الْمَجْلِسِ حَتَّى لَوْ قَامَا وَتَمَاشَيَا مَنَازِلَ حَتَّى حَصَلَ الْقَبْضُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ لَمْ يَضُرَّ (قَوْلُهُ: أَوْ أَلْزَمَاهُ) أَيْ أَوْ أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ: بَطَلَ الْعَقْدُ) أَيْ سَوَاءٌ حَصَلَ الْقَبْضُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْمَجْلِسِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: فَيُؤْخَذُ مِنْهُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لِكُلٍّ مِنْ الْمُسْلِمِ وَالْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَهُوَ خِيَارُ عَيْبٍ فَيَكُونُ فَوْرِيًّا، لَكِنَّ فِي سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: أَيْ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ إقْبَاضِ الْجَمِيعِ اهـ فَلْيُحَرَّرْ وَلْيُرَاجَعْ. أَقُولُ: قَوْلُ سم قَرِيبٌ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ فَسَخَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ ثُمَّ تَنَازَعَا فِي قَدْرِ مَا قَبَضَهُ صُدِّقَ لِأَنَّهُ الْغَارِمُ، وَإِنْ أَجَازَ وَتَنَازَعَا فِي قَدْرِ مَا قَبَضَهُ فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ قَبْضِهِ لِمَا يَدَّعِيهِ الْمُسْلِمُ، وَلَيْسَ هَذَا اخْتِلَافًا فِي قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ الْمُسْلَمِ فِيهِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ كَذَا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا قَبَضَهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) أَيْ عَلَى مَا قَالَاهُ (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ إلَخْ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِيهِ مَا دَامَ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: الَّتِي فِي ذِمَّتِك مَثَلًا) وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ كَانَ لَهُ تَحْتَ يَدِهِ وَدِيعَةٌ فَأَسْلَمَهُ إيَّاهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَحْصُلُ قَبْضُهَا بِمُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْوُصُولُ إلَيْهَا إنْ كَانَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّفْصِيلِ هُنَا فَمِقْدَارٌ زَائِدٌ عَلَى أَصْلِ الشَّرْطِ، عَلَى أَنَّ التَّفْصِيلَ بِعَيْنِهِ يَجْرِي فِي الْبَيْعِ لِلذِّمِّيِّ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْمُسْلِمُ أَقْبَضْتُكَ بَعْدَ التَّفَرُّقِ إلَخْ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ انْعَكَسَ الْأَمْرُ صُدِّقَ الْمُسْلِمُ وَقُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ لِمَا ذُكِرَ مِنْ تَعْلِيلِهِمَا. (قَوْلُهُ: قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ) كَانَ الْأَوْلَى الْإِضْمَارُ (قَوْلُهُ: وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحِبَةٌ) أَيْ لِحَالَةِ عَدَمِ الْقَبْضِ

عَنْ تَعْيِينِهِ فِي الْعَقْدِ كَأَسْلَمْتُ إلَيْك دِينَارًا فِي ذِمَّتِي فِي كَذَا (ثُمَّ عَيَّنَ وَسَلَّمَ فِي الْمَجْلِسِ) قَبْلَ التَّخَايُرِ (جَازَ) أَيْ حَلَّ الْعَقْدُ وَصَحَّ لِأَنَّ الْمَجْلِسَ حَرِيمُ الْعَقْدِ فَلَهُ حُكْمُهُ. (وَلَوْ) (أَحَالَ الْمُسْلَمُ بِهِ) السَّلَمَ إلَيْهِ عَلَى ثَالِثٍ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ عَكْسُهُ فَالْحَوَالَةُ بَاطِلَةٌ بِكُلِّ تَقْدِيرٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي بَابِهَا (وَ) إذَا (قَبَضَهُ الْمُحْتَالُ) وَهُوَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى (فِي الْمَجْلِسِ) نَصَّ عَلَيْهِ لِيُعْلَمَ مِنْهُ حُكْمُ مَا لَمْ يَقْبِضْ فِيهِ بِالْأُولَى (فَلَا يَجُوزُ) أَيْ لَا يَحِلُّ وَلَا يَصِحُّ إذْ الْمُحَالُ عَلَيْهِ يُؤَدِّيهِ عَنْ جِهَةِ نَفْسِهِ لَا عَنْ جِهَةِ الْمُسْلِمِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَبَضَهُ الْمُحِيلُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ الْمُحْتَالِ بَعْدَ قَبْضِهِ بِإِذْنِهِ لَهُ وَسَلَّمَهُ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَمَرَهُ الْمُسْلِمُ بِالتَّسْلِيمِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ فِي إزَالَةِ مِلْكِهِ لَا يَصِيرُ وَكِيلًا لِغَيْرِهِ، لَكِنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ حِينَئِذٍ وَكِيلٌ لِلْمُسْلِمِ فِي الْقَبْضِ فَيَأْخُذُهُ مِنْهُ ثُمَّ يَرُدُّهُ كَمَا تَقَرَّرَ، وَلَا يَصِحُّ قَبْضُهُ مِنْ نَفْسِهِ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ صِحَّةُ الْعَقْدِ فِي التَّسْلِيمِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ عَلَى خِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي إحَالَةِ الْمُسْلِمِ، مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَمَرَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ الْمُسْلِمَ بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْمُحْتَالِ. نَعَمْ لَوْ أَسْلَمَ وَدِيعَةً لِلْوَدِيعِ جَازَ مِنْ غَيْرِ إقْبَاضٍ لِأَنَّهَا كَانَتْ مِلْكًا لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSغَائِبَةً كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: كَأَسْلَمْتُ إلَيْك دِينَارًا فِي ذِمَّتِي) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ يَكْفِي أَسْلَمْت إلَيْك دِينَارًا وَيُحْمَلُ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: أَيْ حَلَّ الْعَقْدُ وَصَحَّ) غَرَضُهُ بِهِ تَبَعًا لِلْمَحَلِّيِّ التَّوَرُّكُ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْجَوَازِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا لَا فِي الْجَوَازِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ حُكْمُهُ) وَيُشْتَرَطُ فِي رَأْسِ الْمَالِ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ بَيَانُ وَصْفِهِ وَعَدَدِهِ مَا لَمْ يَكُنْ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ الَّذِي مَرَّ فِي الْبَيْعِ تَنْزِيلُهُ عَلَيْهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِبَيَانِ نَحْوِ عَدَدِهِ إلَخْ اهـ حَجّ: وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ: وَعَدَدِهِ يَتَأَمَّلُ مَا الْمُرَادُ بِهَذَا الْكَلَامِ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ اهـ. أَقُولُ: وَوَجْهُهُ أَنَّ النُّقُودَ إنَّمَا يَتَمَيَّزُ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ بِالْجِنْسِ أَوْ النَّوْعِ أَوْ الصِّفَةِ، وَالْعَدَدُ لَا دَخْلَ لَهُ فِي تَمَيُّزِ بَعْضِ النُّقُودِ عَنْ بَعْضٍ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ الِاصْطِلَاحُ عِنْدَ قَوْمٍ عَلَى الِاسْمِ الْفُلَانِيِّ كِنَايَةً عَنْ عَدَدٍ مَخْصُوصٍ كَاسْتِعْمَالِ الدَّرَاهِمِ فِي عَشَرَةٍ مَثَلًا فَيَكْفِي ذِكْرُهَا مُطْلَقَةً عَنْ بَيَانِ الْعَدَدِ وَفِيهِ مَا فِيهِ، ثُمَّ رَأَيْت كَلَامَ الشَّارِحِ الْآتِي: وَلَوْ أَسْلَمَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فِي الذِّمَّةِ حُمِلَ عَلَى غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ إلَخْ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْعَدَدِ وَإِنْ كَانَ نَقْدُ الْبَلَدِ بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَحَالَ الْمُسْلَمَ بِهِ) أَيْ رَأْسَ الْمَالِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ بِأَنْ أَحَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ ثَالِثًا عَلَى الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ: بِكُلِّ تَقْدِيرٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: لِتَوَقُّفِ صِحَّتِهَا عَلَى صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ الْمُحَالِ بِهِ، وَعَلَيْهِ فَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ اهـ سم (قَوْلُهُ: فِي الصُّورَةِ الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ: وَلَوْ أَحَالَ الْمُسْلَمَ بِهِ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ عَلَى ثَالِثٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَصَّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ (قَوْلُهُ: بِإِذْنِهِ لَهُ) أَيْ بِإِذْنٍ جَدِيدٍ فَلَا يَكْفِي مَا تَضَمَّنَتْهُ الْحَوَالَةُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ أَمَرَهُ) أَيْ بَعْدَ الْحَوَالَةِ (قَوْلُهُ: فَيَأْخُذُهُ) أَيْ الْمُسْلِمُ مِنْهُ أَيْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ أَسْلَمَ وَدِيعَةً) وَمِثْلُ الْوَدِيعَةِ غَيْرُهَا مِمَّا هُوَ مِلْكٌ لِلْمُسْلِمِ كَالْمُعَارِ وَالْمُسْتَامِ وَالْمُؤَجَّرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُفِيدُهُ التَّعْلِيلُ وَالْمَغْصُوبُ حَيْثُ جَعَلَهُ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ لِمَنْ يَقْدِرُ عَلَى انْتِزَاعِهِ وَقَبْضِهِ فِي الْمَجْلِسِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقْدِرْ مَالِكُهُ عَلَى انْتِزَاعِهِ وَلَا الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ جَعْلُهُ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ كَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، فَلَوْ اتَّفَقَ أَنَّ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ رَدَّهُ عَلَى خِلَافِ مَا كَانَ مُعْتَقَدًا فِيهِ أَوْ أَخَذَهُ مِنْهُ مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنْهُ وَدَفَعَهُ لِمَالِكِهِ فَسَلَّمَهُ فِي الْمَجْلِسِ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ مَا وَقَعَ بَاطِلًا لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا كَانَتْ إلَخْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ) لَمْ يَتَقَدَّمْ مَرْجِعُ الْإِشَارَةِ فِي كَلَامِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّارِحَ الْجَلَالَ نَقَلَ عَنْ الشَّيْخَيْنِ أَنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ لَوْ أَحَالَ ثَالِثًا عَلَى الْمُسْلِمِ فَتَفَرَّقَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ بَطَلَ الْعَقْدُ، ثُمَّ قَالَ: وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ: أَيْ مِنْ قَوْلِهِمَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ صِحَّةُ الْعَقْدِ إلَخْ، ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا فِي الْمَتْنِ بِمَا مَرَّ فِي تَعْلِيلِهِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْحَوَالَةَ بَاطِلَةٌ فِي هَذِهِ أَيْضًا فَيَكُونُ قَبْضُ الْمُحْتَالِ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ عَنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ مَعْنَاهُ إلَخْ، ثُمَّ رَأَيْتُ الْمَسْأَلَةَ

قَبْلَ السَّلَمِ بِخِلَافِ مَا ذَكَرَ (وَلَوْ قَبَضَهُ) الْمُسْلَمُ إلَيْهِ (وَأَوْدَعَهُ الْمُسْلِمُ) وَهُمَا بِالْمَجْلِسِ (جَازَ) وَلَوْ رَدَّهُ إلَيْهِ قَرْضًا أَوْ عَنْ دَيْنٍ جَازَ أَيْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ التَّنَاقُضِ فِيهِ لِأَنَّ تَصَرُّفَ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي مُدَّةِ خِيَارِ الْآخَرِ إنَّمَا يَمْتَنِعُ إذَا كَانَ مَعَ غَيْرِ الْآخَرِ، وَلِأَنَّ صِحَّتَهُ تَقْتَضِي إسْقَاطَ مَا ثَبَتَ لَهُ مِنْ الْخِيَارِ، أَمَّا مَعَهُ فَيَصِحُّ وَيَكُونُ ذَلِكَ إجَازَةً مِنْهُمَا، وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ كَانَ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ فَإِنْ قَبَضَهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ بَانَتْ صِحَّتُهُ وَنُفُوذُ الْعِتْقِ وَإِلَّا بَانَ بُطْلَانُهُمَا (وَيَجُوزُ) (كَوْنُهُ) أَيْ رَأْسِ الْمَالِ (مَنْفَعَةً) مَعْلُومَةً كَمَا يَجُوزُ جَعْلُهَا ثَمَنًا وَأُجْرَةً وَصَدَاقًا كَأَسْلَمْتُ إلَيْك مَنْفَعَةَ هَذَا أَوْ مَنْفَعَةَ نَفْسِي سَنَةً أَوْ خِدْمَتِي شَهْرًا أَوْ تَعْلِيمِي سُورَةَ كَذَا فِي كَذَا، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ فَبَحَثَهُ (وَتُقْبَضُ بِقَبْضِ الْعَيْنِ) الْحَاضِرَةِ وَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْوُصُولُ لِلْغَائِبَةِ وَتَخْلِيَتُهَا فِي الْمَجْلِسِ لِأَنَّ الْقَبْضَ فِيهِ بِذَلِكَ، إذْ الْقَبْضُ الْحَقِيقِيُّ لَمَّا تَعَذَّرَ اكْتَفَى بِهَذَا لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ فِي قَبْضِ الْمَنْفَعَةِ، وَمَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْحُرَّ لَوْ سَلَّمَ نَفْسَهُ ثُمَّ أَخْرَجَهَا مِنْ التَّسْلِيمِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَبِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ صِحَّةِ السَّلَمِ هُنَا وَفَسَادِهِ فِيمَا لَوْ قَالَ أَسْلَمْت إلَيْك الْمِائَةَ الَّتِي فِي ذِمَّتِك فَإِنَّ الْمِائَةَ ثَمَّ لَا يَمْلِكُهَا الْمُسْلِمُ إلَّا بِالْقَبْضِ لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يُمْلَكُ إلَّا بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: قَبْلَ السَّلَمِ) أَيْ وَهِيَ لِكَوْنِهَا فِي يَدِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ يَكْفِي فِي قَبْضِهَا مُضِيُّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْوُصُولُ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ) الْأَوْلَى حَذْفُ الْوَاوِ، ثُمَّ رَأَيْته كَذَلِكَ فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَعْتَقَهُ) أَيْ رَأْسَ الْمَالِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَبَضَهُ) أَيْ رَأْسَ الْمَالِ وَهُوَ الْعَبْدُ (قَوْلُهُ: بَانَتْ صِحَّتُهُ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ حَيْثُ جُعِلَ الْإِعْتَاقُ قَبْضًا ثُمَّ لَا هُنَا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُعْتَبَرُ هُنَا الْقَبْضَ الْحَقِيقِيَّ لَمْ يَكْتَفِ بِالْإِعْتَاقِ لِأَنَّهُ لَيْسَ قَبْضًا حَقِيقِيًّا بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّهُ يُكْتَفَى فِيهِ بِالْقَبْضِ الْحُكْمِيِّ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ كَوْنُهُ إلَخْ) قَالَ الْمَحَلِّيُّ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي الشَّرْحِ سَاقِطَةٌ مِنْ الرَّوْضَةِ اهـ. أَقُولُ: أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَنَاقَضَ كَلَامُهُ حَيْثُ أَسْقَطَهَا ثَمَّ، فَأَشْعَرَ بِأَنَّ ذَلِكَ لِعَدَمِ تَأَتِّي الْقَبْضِ الْحَقِيقِيِّ فِيهَا لَا يَصِحُّ جَعْلُهَا رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ، وَحِكْمَةُ إسْقَاطِهَا مِنْ الرَّوْضَةِ أَنَّ فِيهَا إشْكَالًا أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَعْتَمِدْهَا ثَمَّ، وَقَدْ يُقَالُ: لَا تَنَاقُضَ لِجَوَازِ أَنَّهُ أَشَارَ بِمَا فِي الْمِنْهَاجِ، إلَّا أَنَّ الْقَبْضَ الْحَقِيقِيَّ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيمَا يُمْكِنُ فِيهِ وَهَذَا لَمَّا لَمْ يُمْكِنْ فِيهِ ذَلِكَ اكْتَفَى فِيهِ بِقَبْضِ مَحَلِّهِ وَبِمَا هُنَا يُقَيَّدُ مَا فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْفَعَةَ نَفْسِي) وَلَا يَكْفِي أَسْلَمْت إلَيْك مَنْفَعَةَ عَقَارٍ صِفَتُهُ كَذَا لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ مَنْفَعَةَ الْعَقَارِ لَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ) أَيْ فِي الْأَخِيرَةِ (قَوْلُهُ: وَتُقْبَضُ بِقَبْضِ الْعَيْنِ) لَوْ تَلِفَتْ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ يَنْبَغِي انْفِسَاخُ السَّلَمِ فِيمَا يُقَابِلُ الْبَاقِي لِتَبَيُّنِ عَدَمِ حُصُولِ الْقَبْضِ فِيهِ كَمَا لَوْ تَلِفَتْ الدَّارُ الْمُؤَجَّرَةُ قَبْلَ الْمُدَّةِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَتَخْلِيَتِهَا فِي الْمَجْلِسِ) إنْ عُطِفَ عَلَى الْوُصُولِ اقْتَضَى أَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ التَّخْلِيَةُ بِالْفِعْلِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي مَبَاحِثِ الْقَبْضِ مَعَ مَا حَرَّرْنَاهُ ثَمَّ وَإِنْ عُطِفَ عَلَى مُضِيٍّ لَمْ يَقْتَضِ ذَلِكَ بَلْ اعْتِبَارُ التَّخْلِيَةِ بِالْفِعْلِ اهـ سم عَلَى حَجّ وَالْمُرَادُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمُفَصَّلَةً فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ طِبْقَ مَا ذَكَرْتُهُ فَلَا بُدَّ فِي الصِّحَّةِ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ كَمَا ذُكِرَ، فَقَوْلُهُ: مَعْنَاهُ فِي الْحَقِيقَةِ تَقْيِيدٌ لِكَلَامِ الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ صِحَّتَهُ) أَيْ مَعَ الْغَيْرِ. (قَوْلُهُ: تَقْتَضِي إسْقَاطَ مَا ثَبَتَ لَهُ) أَيْ لِلْآخَرِ . (قَوْلُهُ: فِي كَذَا) مُنْصَبٌّ عَلَى جَمِيعِ الْمَسَائِلِ قَبْلَهُ، وَكَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمُضِيِّ زَمَنً إلَخْ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ غَائِبَةً بِبَلَدٍ بَعِيدٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَلَوْ تَفَرَّقَا قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْوُصُولُ إلَيْهَا انْفَسَخَ الْعَقْدُ. (قَوْلُهُ: وَتَخْلِيَتِهَا) مَعْطُوفٌ عَلَى مُضِيِّ وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْمَنْقُولَ وَغَيْرَهُ. (قَوْلُهُ: فِي الْمَجْلِسِ) مُتَعَلِّقٌ بِكُلٍّ مِنْ مُضِيِّ وَتَخْلِيَتِهَا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ سم. (قَوْلُهُ: إذْ الْقَبْضُ الْحَقِيقِيُّ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: وَمَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَزَعَمَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ فَانْظُرْ مَا وَجْهُ تَعْبِيرِ الشَّارِحِ بِالِاسْتِثْنَاءِ، وَانْظُرْ هَلْ الصُّورَةُ أَنَّهُ أَخْرَجَ نَفْسَهُ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَهُ، وَظَاهِرٌ أَنَّ لَهُ إخْرَاجَ نَفْسِهِ فِي الْمَجْلِسِ لِعَدَمِ اللُّزُومِ، فَمَحَلُّ الْكَلَامِ إذَا أَخْرَجَ نَفْسَهُ بَعْدَ التَّفَرُّقِ

بَطَلَ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ مَرْدُودٌ إذْ لَا يُمْكِنُهُ إخْرَاجُ نَفْسِهِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ. (وَإِذَا) (فُسِخَ) السَّلَمُ (بِسَبَبٍ يَقْتَضِيهِ) كَانْقِطَاعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ الْآتِي (وَرَأْسُ الْمَالِ بَاقٍ) لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ ثَالِثٌ وَإِنْ تَعَيَّبَ (اسْتَرَدَّهُ بِعَيْنِهِ) وَلَوْ مُعَيَّنًا فِي الْمَجْلِسِ فَقَطْ لِأَنَّ الْمُعَيَّنَ فِيهِ كَالْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ (وَقِيلَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ رَدُّ بَدَلِهِ إنْ عَيَّنَ فِي الْمَجْلِسِ دُونَ الْعَقْدِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَتَنَاوَلْ عَيْنَهُ، وَأَجَابَ عَنْهُ الْأَوَّلُ بِمَا مَرَّ. أَمَّا إذَا كَانَ تَالِفًا فَإِنَّهُ يَسْتَرِدُّ بَدَلَهُ مِنْ مِثْلٍ فِي الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةٍ فِي الْمُتَقَوِّمِ، وَلَوْ أَسْلَمَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فِي الذِّمَّةِ حُمِلَ عَلَى غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَالِبٌ بَيَّنَ الْمُرَادَ بِالنَّقْدِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ أَوْ أَسْلَمَ عَرَضًا وَجَبَ ذِكْرُ قَدْرِهِ وَصِفَتِهِ (وَرُؤْيَةُ رَأْسِ الْمَالِ) الْمِثْلِيِّ فِي سَلَمٍ حَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ (تَكْفِي عَنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ) (فِي الْأَظْهَرِ) كَالثَّمَنِ وَلَا أَثَرَ لِاحْتِمَالِ الْجَهْلِ بِالرُّجُوعِ بِهِ لَوْ تَلِفَ كَمَا لَا أَثَرَ لَهُ ثُمَّ لِأَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ مُصَدَّقٌ فِي قَدْرِهِ لِكَوْنِهِ غَارِمًا، وَلَوْ عَلِمَاهُ قَبْلَ تَفَرُّقِهِمَا صَحَّ جَزْمًا إذْ عِلَّةُ الْقَوْلِ بِالْبُطْلَانِ هُنَا غَيْرُ رَاجِعَةٍ لِخَلَلٍ فِي الْعَقْدِ لِلْعِلْمِ بِهِ تَخْمِينًا بِرُؤْيَتِهِ بَلْ فِيمَا بَعْدَهُ وَهُوَ الْجَهْلُ بِهِ عِنْدَ الرُّجُوعِ لَوْ تَلِفَ، وَبِالْعِلْمِ بِهِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ زَالَ ذَلِكَ الْمَحْذُورُ، وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ اسْتِشْكَالَهُ بِأَنَّ مَا وَقَعَ مَجْهُولًا لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا بِالْمَعْرِفَةِ فِي الْمَجْلِسِ كَبِعْتُكَ بِمَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ فَعَلِمَاهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ غَيْرَ مُلَاقٍ لِمَا نَحْنُ فِيهِ لِأَنَّ الْبُطْلَانَ هُنَا لِخَلَلٍ فِي الْعَقْدِ وَهُوَ جَهْلُهُمَا بِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ عِنْدَهُ فَلَمْ يَنْقَلِبْ صَحِيحًا لِعِلْمِهِمَا بِهِ بَعْدُ. أَمَّا الْمُتَقَوِّمُ الَّذِي انْضَبَطَتْ صِفَاتُهُ بِالرُّؤْيَةِ فَتَكْفِي فِيهِ الرُّؤْيَةُ جَزْمًا وَقِيلَ عَلَى الْخِلَافِ، وَيُفَرَّقُ ـــــــــــــــــــــــــــــSتَخْلِيَتُهَا مِنْ أَمْتِعَةِ غَيْرِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْإِجَارَةِ) وَيُتَّجَهُ فِي رَأْسِ الْمَالِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ عَدَمُ عِزَّةِ الْوُجُودِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِأَنَّهُ لَا غَرَرَ هُنَا لِأَنَّهُ إنْ أَقْبَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا بِخِلَافِهِ ثَمَّ، ثُمَّ رَأَيْتهمْ صَرَّحُوا بِذَلِكَ اهـ حَجّ. أَقُولُ: وَيُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّ رَأْسَ الْمَالِ يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِخِلَافِ الْمُسْلَمِ فِيهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ ثَالِثٌ) كَأَنْ رَهَنَهُ أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ بَاعَهُ وَلَمْ يَعُدْ إلَيْهِ بَعْدَ الْبَيْعِ، فَإِنْ عَادَ إلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ رَدَّهُ لِأَنَّهُ كَانَ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: اسْتَرَدَّهُ) أَيْ وَلَا أَرْشَ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ الْعَيْبِ كَالثَّمَنِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَأْخُذُهُ مِنْ الْبَائِعِ بِلَا أَرْشٍ إذَا فَسَخَ عَقْدَ الْبَيْعِ بَعْدَ تَعَيُّبِهِ حَيْثُ كَانَ الْعَيْبُ نَقْصَ صِفَةٍ لَا نَقْصَ عَيْنٍ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ رَدَّهُ مَعَ الْأَرْشِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ فِي بَابِ الْخِيَارِ، وَعِبَارَتُهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَلَوْ تَلِفَ الثَّمَنُ دُونَ الْمَبِيعِ رَدَّهُ وَأَخَذَ مِثْلَ الثَّمَنِ أَوْ قِيمَتَهُ، نَصُّهَا: أَمَّا لَوْ بَقِيَ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِي عَيْنِهِ سَوَاءٌ كَانَ مُعَيَّنًا فِي الْعَقْدِ أَمْ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَهُ وَحَيْثُ رَجَعَ بِبَعْضِهِ أَوْ كُلِّهِ لَا أَرْشَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ إنْ وَجَدَهُ نَاقِصَ وَصْفٍ كَأَنْ حَدَثَ بِهِ شَلَلٌ كَمَا أَنَّهُ يَأْخُذُهُ بِزِيَادَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ مَجَّانًا اهـ. ثُمَّ ظَاهِرُ قَوْلِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِي عَيْنِهِ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْعُدُولِ إلَى بَدَلِهِ، وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ هُنَا اسْتَرَدَّهُ بِعَيْنِهِ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ ثَمَّ، وَيُجْبَرُ هُنَا أَمْكَنَ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّهُ ثَمَّ لَمْ يَتَسَبَّبْ فِي رُجُوعِهِ لَهُ لِأَنَّ فَرْضَ الْكَلَامِ ثَمَّ فِيمَا لَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ تَلَفًا أَدَّى إلَى فَسْخِ الْبَيْعِ وَمَا هُنَا مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ فَسَخَ هُوَ الْعَقْدَ لِسَبَبٍ يَقْتَضِيهِ (قَوْلُهُ: بِعَيْنِهِ) أَيْ وَلَوْ حُجِرَ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: الْمِثْلِيِّ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّ فِي الْمُتَقَوِّمِ طَرِيقَيْنِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَقِيمَةٍ فِي الْمُتَقَوِّمِ) قَالَ حَجّ: وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَأْتِي هُنَا جَمِيعُ مَا مَرَّ فِي الثَّمَنِ بَعْدَ الْفَسْخِ بِنَحْوِ رَدٍّ بِعَيْبٍ أَوْ إقَالَةٍ أَوْ تَحَالُفٍ اهـ: أَيْ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي قِيمَةِ الْمُتَقَوِّمِ قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ (قَوْلُهُ: وَصِفَتِهِ) مُرَادُهُ بِهَا مَا يَشْمَلُ جِنْسَهُ وَنَوْعَهُ (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا) أَيْ بِمَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّ عِلَّةَ الْبُطْلَانِ لَيْسَتْ لِخَلَلٍ فِي الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: بِمَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ) أَيْ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ: لِمَا نَحْنُ فِيهِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُمَا لَوْ عَلِمَاهُ قَبْلَ تَفَرُّقِهِمَا صَحَّ جَزْمًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْبُطْلَانَ هُنَا) أَيْ فِيمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك بِمَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُتَقَوِّمُ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ الْمِثْلِيِّ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ الَّذِي انْضَبَطَتْ صِفَاتُهُ أَنَّ الَّذِي لَا تَنْضَبِطُ صِفَاتُهُ لَا تَكْفِي رُؤْيَتُهُ، وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِرُؤْيَةِ الْعِوَضِ الْمُعَيَّنِ وَإِنْ جَهِلَ جِنْسَهُ أَوْ صِفَتَهُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى مَا نَصُّهُ: ثُمَّ إنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ مُحْتَرَزَ قَوْلِهِ الَّذِي انْضَبَطَتْ إلَخْ، وَلَعَلَّهُ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ. فَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[إذا فسخ السلم بسبب يقتضيه ورأس المال باق]

عَلَى الْأَوَّلِ بِأَنَّ الضَّرَرَ فِيهِ أَقَلُّ مِنْهُ فِي الْمِثْلِيِّ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ لَا يَكْفِي بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ بِالْكَيْلِ فِي الْمَكِيلِ أَوْ الْوَزْنِ فِي الْمَوْزُونِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَالذَّرْعِ فِي الْمَذْرُوعِ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ إذْ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِمِثْلِيٍّ لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ وَيَنْفَسِخُ السَّلَمُ فَلَا نَدْرِي بِمَا يَرْجِعُ. (الثَّانِي) مِنْ الشُّرُوطِ (كَوْنُ الْمُسْلَمِ فِيهِ دَيْنًا) كَمَا عُلِمَ مِنْ حَدِّهِ السَّابِقِ فَمُرَادُهُ بِالشَّرْطِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَيَشْمَلُ الرُّكْنَ كَمَا هُنَا لِأَنَّ لَفْظَ السَّلَمِ مَوْضُوعٌ لَهُ (فَلَوْ) (قَالَ أَسْلَمْت إلَيْك هَذَا الثَّوْبَ) أَوْ دِينَارًا فِي ذِمَّتِي (فِي هَذَا الْعَبْدِ) فَقَبِلَ (فَلَيْسَ بِسَلَمٍ) قَطْعًا لِانْتِفَاءِ الدَّيْنِيَّةِ (وَلَا يَنْعَقِدُ بَيْعًا فِي الْأَظْهَرِ) عَمَلًا بِالْقَاعِدَةِ الْأَكْثَرِيَّةِ مِنْ تَرْجِيحِهِمْ مُقْتَضَى اللَّفْظِ وَلَفْظُ السَّلَمِ يَقْتَضِي الدَّيْنِيَّةَ، وَقَدْ يُرَجِّحُونَ الْمَعْنَى عِنْدَ قُوَّتِهِ كَجَعْلِهِمْ الْهِبَةَ ذَاتَ ثَوَابٍ مَعْلُومٍ بَيْعًا، وَلَوْ أَسْلَمَ إلَيْهِ مَا ذَكَرَ فِي سُكْنَى هَذِهِ سَنَةً لَمْ يَصِحَّ بِخِلَافِهِ فِي مَنْفَعَةِ نَفْسِهِ أَوْ قِنِّهِ أَوْ دَابَّتِهِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَوَجْهُهُ أَنَّ مَنْفَعَةَ الْعَقَارِ لَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ (وَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْت مِنْك ثَوْبًا صِفَتُهُ كَذَا بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ) أَوْ بِدَنَانِيرَ فِي ذِمَّتِي (فَقَالَ بِعْتُك انْعَقَدَ بَيْعًا) اعْتِبَارًا بِاللَّفْظِ وَهُوَ الْأَصَحُّ هُنَا كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ (وَقِيلَ سَلَمًا) نَظَرًا لِلْمَعْنَى، وَاللَّفْظُ لَا يُعَارِضُهُ لِأَنَّ كُلَّ سَلَمٍ بَيْعٌ كَمَا أَنَّ كُلَّ صَرْفٍ بَيْعٌ، وَإِطْلَاقُ الْبَيْعِ عَلَى السَّلَمِ إطْلَاقٌ لَهُ عَلَى مَا يَتَنَاوَلُهُ، وَقَدْ صَحَّحَ هَذَا جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ وَأَطَالُوا فِي الِانْتِصَارِ لَهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ لِيَخْرُجَ عَنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَيَثْبُتَ فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ وَيَجُوزَ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ، وَعَلَى الثَّانِي يَنْعَكِسُ الْحُكْمُ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ انْتِفَاءِ ذِكْرِ لَفْظِ السَّلَمِ بَعْدَهُ وَإِلَّا كَانَ سَلَمًا بِالِاتِّفَاقِ لِمُسَاوَاةِ اللَّفْظِ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ. (الثَّالِثُ) مِنْ الشُّرُوطِ مَا تَضَمَّنَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقِيلَ بَلْ هُوَ الْبُطْلَانُ لِعَدَمِ رُؤْيَةٍ مُعْتَبَرَةٍ. قُلْت: مَمْنُوعٌ لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ الْمُعْتَبَرَةَ فِي الصِّحَّةِ لَا يَكُونُ مَعَهَا انْضِبَاطٌ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْعَقِدُ بَيْعًا) أَيْ وَعَلَيْهِ فَمَتَى وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ ضَمِنَهُ ضَمَانَ الْمَغْصُوبِ وَلَا عِبْرَةَ بِإِذْنِهِ لَهُ فِي قَبْضِهِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ إذْنًا شَرْعِيًّا بَلْ هُوَ لَاغٍ (قَوْلُهُ: ذَاتَ ثَوَابٍ مَعْلُومٍ بَيْعًا) قَالَ حَجّ: نَعَمْ لَوْ نَوَى بِلَفْظِ السَّلَمِ الْبَيْعَ فَهَلْ يَكُونُ كِنَايَةً كَمَا اقْتَضَتْهُ قَاعِدَةُ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَجِدْ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ فَجَازَ كَوْنُهُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ أَوَّلًا، لِأَنَّ مَوْضُوعَهُ يُنَافِي التَّعْيِينَ فَلَمْ يَصِحَّ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِ، وَمَا فِي الْقَاعِدَةِ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ كُلُّ مُحْتَمَلٍ: وَالثَّانِي أَقْرَبُ إلَى كَلَامِهِمْ وَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي أَوَاخِرَ الْفَرْعِ مِنْ صِحَّةِ نِيَّةِ الصَّرْفِ بِالسَّلَمِ لِأَنَّهُ لَا تَعْيِينَ ثُمَّ يُنَافِي مُقْتَضَاهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَسْلَمَ إلَيْهِ مَا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ هَذَا الثَّوْبَ أَوْ دِينَارًا فِي ذِمَّتِي (قَوْلُهُ: فِي مَنْفَعَةِ نَفْسِهِ) أَيْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ غَيْرِهِ) أَيْ وَمَا هُنَا مِنْهُ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّ مَحَلَّ الْمَنْفَعَةِ فِي غَيْرِ الْعَقَارِ مِنْ نَفْسِهِ وَقِنِّهِ وَدَابَّتِهِ مُعَيَّنٌ، وَالْمُعَيَّنُ بِصِفَةِ كَوْنِهِ مُعَيَّنًا لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ، فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَقَارِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَ الْعَقَارُ لَمْ يَثْبُتْ فِي الذِّمَّةِ أَصْلًا لَمْ يُغْتَفَرْ صِحَّةُ ثُبُوتِ مَنْفَعَتِهِ فِي الذِّمَّةِ إذَا كَانَ مُسْلَمًا فِيهِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ لَمَّا كَانَ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ فِي الْجُمْلَةِ اُغْتُفِرَ ثُبُوتُ مَنْفَعَتِهِ فِي الذِّمَّةِ، وَبِقَوْلِنَا فِي الْجُمْلَةِ لَا يُرَدُّ الْحُرُّ وَإِنْ كَانَ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ أَصْلًا مَعَ أَنَّهُ يَصِحُّ السَّلَمُ فِي مَنْفَعَتِهِ لِمَا عَلِمْت وَذَلِكَ لِأَنَّ الْبَدَلَ الَّذِي تَتَعَلَّقُ بِهِ الْمَنْفَعَةُ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ بِفَرْضِ كَوْنِهِ رَقِيقًا (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ رَأْسِ الْمَالِ، أَمَّا الثَّمَنُ نَفْسُهُ فَلَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا كَانَ سَلَمًا) أَيْ بِأَنْ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ مُتَمِّمًا لِلصِّيغَةِ لَا فِي مَجْلِسِهِ، وَيُشْتَرَطُ الْفَوْرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَهُ مِنْ الصِّيغَةِ. (قَوْلُهُ: الثَّالِثُ مِنْ الشُّرُوطِ مَا تَضَمَّنَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [إذَا فُسِخَ السَّلَمُ بِسَبَبٍ يَقْتَضِيهِ وَرَأْسُ الْمَالِ بَاقٍ] . (قَوْلُهُ: رَأْيٌ مَرْجُوحٌ) لَعَلَّ مُقَابِلَ الْأَظْهَرِ مِنْ الْقَائِلِينَ بِهِ وَالشَّارِحُ أَرَادَ حِكَايَتَهُ لَا غَيْرُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ) عِلَّةُ مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ . (قَوْلُهُ: ذَاتَ ثَوَابٍ) حَالٌ مِنْ الْهِبَةِ؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى صَاحِبَهُ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوَّلِ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ) أَيْ بِخِلَافِ قَبْضِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ. (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ) سَيَأْتِي لَهُ فِي كِتَابِ التَّفْلِيسِ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ

قَوْلُهُ (الْمَذْهَبُ أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ) سَلَّمَ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا وَهُمَا (بِمَوْضِعٍ لَا يَصْلُحُ لِلتَّسْلِيمِ أَوْ) سَلَمًا مُؤَجَّلًا وَهُمَا بِمَحَلٍّ (يَصْلُحُ) لَهُ (وَ) لَكِنْ (لِحَمْلِهِ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ (مُؤْنَةٌ اشْتَرَطَ) (بَيَانَ مَحَلِّ) بِفَتْحِ الْحَاءِ: أَيْ مَكَان (التَّسْلِيمِ) لِلْمُسْلَمِ فِيهِ لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ فِيمَا يُرَادُ مِنْ الْأَمْكِنَةِ فِي ذَلِكَ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ صَالِحًا لِلتَّسْلِيمِ وَالسَّلَمِ حَالٌّ أَوْ مُؤَجَّلٌ وَلَا مُؤْنَةَ لِحَمْلِ ذَلِكَ إلَيْهِ (فَلَا) يُشْتَرَطُ مَا ذَكَرَ وَيَتَعَيَّنُ مَحَلُّ الْعَقْدِ لِلتَّسْلِيمِ لِلْعُرْفِ فِيهِ فَإِنْ عَيَّنَ غَيْرَهُ تَعَيَّنَ، بِخِلَافِ الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ لِأَنَّ السَّلَمَ لَمَّا قَبِلَ التَّأْجِيلَ قُبِلَ شَرْطًا يَقْتَضِي تَأْخِيرَ التَّسْلِيمِ، وَلَوْ خَرَجَ الْمُعَيَّنُ لِلتَّسْلِيمِ عَنْ الصَّلَاحِيَّةِ تَعَيَّنَ أَقْرَبُ مَحَلٍّ صَالِحٍ لَهُ وَلَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ فِيمَا يَظْهَرُ لِاقْتِضَاءِ الْعَقْدِ لَهُ فَهُوَ مِنْ تَتِمَّةِ التَّسْلِيمِ الْوَاجِبِ، وَلَا يَثْبُتُ لِلْمُسْلِمِ خِيَارٌ وَلَا يُجَابُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لَوْ طَلَبَ الْفَسْخَ وَرَدَّ رَأْسِ الْمَالِ وَلَوْ لِخَلَاصِ ضَامِنٍ وَفَكِّ رَهْنٍ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَلَوْ انْهَدَمَتْ دَارٌ عُيِّنَتْ لِلْإِرْضَاعِ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَرَاضَيَا عَلَى مَحَلِّ غَيْرِهَا فَلَهُ الْفَسْخُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ، وَيُفَارِقُ مَا نَحْنُ فِيهِ بِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى مَا يَلِيقُ بِحِفْظِ الْمَالِ وَالْمُؤَنِ، وَالْغَالِبُ اسْتِوَاءُ الْمَحَلَّةِ فِيهِمَا وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ قَوْلُهُمْ الْمُرَادُ بِمَحَلِّ الْعَقْدِ هُنَا مَحَلَّتُهُ لَا خُصُوصُ مَحَلِّهِ فِيهِمَا. وَلِهَذَا قَالُوا لَوْ قَالَ تُسَلِّمْهُ لِي فِي بَلَدِ كَذَا وَهِيَ غَيْرُ كَبِيرَةٍ كَفَى إحْضَارُهُ فِي أَوَّلِهَا وَإِنْ بَعُدَ عَنْ مَنْزِلِهِ أَوْ فِي أَيِّ مَحَلٍّ شِئْت مِنْهُ صَحَّ مَا لَمْ يَتَّسِعْ وَثَمَّ عَلَى حِفْظِ الْأَبْدَانِ وَهُوَ مُخْتَلِفٌ بِاخْتِلَافِ الدُّورِ، وَلِهَذَا لَوْ عَيَّنَّا دَارًا لِلرَّضَاعِ تَعَيَّنَتْ، وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ سِتَّةُ طُرُقٍ مَعْلُومَةٍ، وَمَتَى اشْتَرَطَ التَّعْيِينَ فَتَرَكَهُ لَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ مَا يَرُدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ الْإِخْبَارَ بِمَا ذَكَرَ لَا يَسْتَقِيمُ، إذْ الشَّرْطُ هُوَ بَيَانُ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ لَا قَوْلُهُ الْمَذْهَبُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ) أَيْ حَيْثُ يَبْطُلُ بِتَعْيِينِ غَيْرِ مَحَلِّ الْعَقْدِ لِلْقَبْضِ، وَمِنْهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى حَطَبًا أَوْ نَحْوَهُ وَشَرَطَ عَلَى الْبَائِعِ إيصَالَهُ إلَى بَيْتِ الْمُشْتَرِي حَيْثُ يَبْطُلُ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ: عَنْ الصَّلَاحِيَّةِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِخَرَابٍ أَوْ خَوْفٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِمَا فِي الْعُبَابِ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْخَوْفِ وَالْخَرَابِ حَيْثُ قَالَ: إنْ كَانَ لِخَرَابٍ تَعَيَّنَ أَقْرَبُ مَوْضِعٍ، وَإِنْ كَانَ لِخَوْفٍ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ الْقَبُولُ فِيهِ وَلَا عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ النَّقْلُ إلَى غَيْرِهِ فَيَتَخَيَّرُ الْمُسْلِمُ (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ أَقْرَبُ مَحَلٍّ) بَقِيَ مَا لَوْ تَسَاوَى الْمَحَلَّانِ هَلْ يُرَاعَى جَانِبُ الْمُسْلِمِ أَوْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ تَخْيِيرُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِصِدْقِ كُلٍّ مِنْ الْمَحَلَّيْنِ بِكَوْنِهِ صَالِحًا لِلتَّسْلِيمِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ لِغَيْرِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَا أُجْرَةَ لَهُ) أَيْ يَأْخُذُهَا الْمُسْلِمُ فِي الْأَبْعَدِ أَوْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي الْأَنْقَصِ، وَالْمُرَادُ أُجْرَةُ الزِّيَادَةِ فِي الْأَبْعَدِ وَالنَّقْصِ فِي الْأَنْقَصِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الْفَسْخُ) أَفَادَ أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ بِنَفْسِ الِانْهِدَامِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يَتَرَاضَيَا أَعْرَضَ عَنْهُمَا حَتَّى يَصْطَلِحَا عَلَى شَيْءٍ، وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ فِي الْفَسْخِ (قَوْلُهُ: وَالْغَالِبُ اسْتِوَاءُ الْمَحَلَّةِ) أَيْ النَّاحِيَةِ (قَوْلُهُ: صَحَّ مَا لَمْ يَتَّسِعْ) أَيْ الْبَلَدُ، وَبَقِيَ مَا لَوْ اخْتَلَفَ اعْتِقَادُهُمَا هَلْ الْعِبْرَةُ بِعَقِيدَةِ الْمُسْلِمِ أَوْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الْحَاكِمِ الْمَرْفُوعِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَثَمَّ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ بِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى مَا يَلِيقُ بِحِفْظِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: سِتَّةُ طُرُقٍ مَعْلُومَةٍ) نَصُّهَا كَمَا فِي الْمَحَلِّيِّ، وَالْمَسْأَلَةُ فِيهَا نَصَّانِ بِالِاشْتِرَاطِ وَعَدَمِهِ فَقِيلَ هُمَا مُطْلَقًا وَقِيلَ هُمَا فِي حَالَيْنِ قِيلَ فِي غَيْرِ الصَّالِحِ وَمُقَابِلِهِ، وَقِيلَ فِيمَا لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وَمُقَابِلِهِ، وَقِيلَ هُمَا فِي الصَّالِحِ وَيُشْتَرَطُ فِي غَيْرِهِ، وَقِيلَ هُمَا فِيمَا لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي مُقَابِلِهِ، وَقِيلَ هُمَا فِيمَا لَيْسَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وَيُشْتَرَطُ فِي مُقَابِلِهِ. وَقَوْلُهُ سِتَّةُ طُرُقٍ: أَيْ غَيْرِ الْمَذْكُورَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَتَصِيرُ الطُّرُقُ سَبْعَةً. وَقَالَ سم عَلَى حَجّ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَصْلُحُ الْمَوْضِعُ وَجَبَ الْبَيَانُ مُطْلَقًا، وَإِنْ صَلَحَ وَلَيْسَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ لَمْ يَجِبْ الْبَيَانُ مُطْلَقًا، وَإِنْ صَلَحَ وَلِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وَجَبَ الْبَيَانُ فِي الْمُؤَجَّلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا يُسَلِّمُ مَبِيعًا قَبْلَ قَبْضِ ثَمَنِهِ التَّصْرِيحُ بِعَدَمِ صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ، فَمَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى الثَّمَنِ كَمَا نَقَلَهُ الشِّهَابُ سم عَنْ وَالِدِ الشَّارِحِ، وَالْمَسْأَلَةُ فِيهَا قَوْلَانِ . (قَوْلُهُ: وَالْمُؤَنِ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَا يَلِيقُ

يَصِحَّ الْعَقْدُ، وَبِمَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عُلِمَ صِحَّةُ قَوْلِ ابْنِ الرِّفْعَةِ إنَّ مَحَلَّ قَوْلِهِمْ السَّلَمَ الْحَالَّ يَتَعَيَّنُ فِيهِ مَوْضِعُ الْعَقْدِ لِلتَّسْلِيمِ مُطْلَقًا حَيْثُ كَانَ صَالِحًا لَهُ وَإِلَّا كَأَنْ أَسْلَمَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الشَّعِيرِ وَهُمَا سَائِرَانِ فِي الْبَحْرِ فَالظَّاهِرُ اشْتِرَاطُ التَّعْيِينِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ بَعْضُهُمْ إذْ هُوَ ظَاهِرٌ، وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُهُ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الصِّحَّةِ الْقُدْرَةَ عَلَى التَّسْلِيمِ وَهُوَ حَالٌّ وَقَدْ عَجَزَ عَنْهُ فِي الْحَالِّ، وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَوْضِعُ صَالِحًا فِي اشْتِرَاطِ التَّعْيِينِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ أَيْضًا وَقَوْلُ الشَّارِحِ تَبَعًا لِكَثِيرٍ وَالْكَلَامُ فِي السَّلَمِ الْمُؤَجَّلِ أَمَّا الْحَالُّ فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ مَوْضِعُ الْعَقْدِ لِلتَّسْلِيمِ: أَيْ إذَا كَانَ صَالِحًا وَإِلَّا اُشْتُرِطَ بِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ، وَحِينَئِذٍ فَقَدْ افْتَرَقَ الْحَالُّ وَالْمُؤَجَّلُ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ وَذَلِكَ كَافٍ فِي صِحَّةِ الْمَفْهُومِ. (وَيَصِحُّ) السَّلَمُ مَعَ التَّصْرِيحِ بِكَوْنِهِ (حَالًّا) إنْ كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ مَوْجُودًا حِينَئِذٍ وَإِلَّا تَعَيَّنَ كَوْنُهُ مُؤَجَّلًا (وَ) كَوْنُهُ (مُؤَجَّلًا) بِالْإِجْمَاعِ فِيهِ وَقِيَاسًا أَوْلَوِيًّا فِي الْحَالِّ لِقِلَّةِ الْغَرَرِ فِيهِ كَمَا مَرَّ، وَإِنَّمَا تَعَيَّنَ التَّأْجِيلُ فِي الْكِتَابَةِ لِأَنَّ الْأَجَلَ إنَّمَا وَجَبَ فِيهَا لِانْتِفَاءِ قُدْرَةِ الرَّقِيقِ، وَالْحُلُولُ يُنَافِي ذَلِكَ، وَكَوْنُ الْبَيْعِ يُغْنِي عَنْهُ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ لَا يَقْتَضِي مَنْعَهُ عَلَى أَنَّ الْعُرْفَ اطَّرَدَ بِالرُّخْصِ فِي مُطْلَقِ السَّلَمِ دُونَ الْبَيْعِ (فَإِنْ أَطْلَقَ) الْعَقْدَ عَنْ التَّصْرِيحِ بِهِمَا فِيهِ (انْعَقَدَ حَالًّا) كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ (وَقِيلَ لَا يَنْعَقِدُ) لِاقْتِضَاءِ الْعُرْفِ التَّأْجِيلَ فِيهِ فَسُكُوتُهُ عَنْهُ بِمَنْزِلَةِ التَّأْجِيلِ بِمَجْهُولٍ وَرُدَّ بِمَنْعِ ذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى (وَيُشْتَرَطُ) فِي الْمُؤَجَّلِ (الْعِلْمُ بِالْأَجَلِ) لِمَنْ يَأْتِي، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا لَمْ يَصِحَّ كَإِلَى الْحَصَادِ أَوْ الْمَيْسَرَةِ أَوْ قُدُومِ الْحَاجِّ أَوْ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ الشِّتَاءِ وَلَمْ يُرِيدَا وَقْتَهُمَا الْمُعَيَّنَ، وَكَإِلَى أَوَّلِ أَوْ آخِرِ رَمَضَانَ لِوُقُوعِهِ عَلَى نِصْفِهِ الْأَوَّلِ أَوْ الْآخَرِ كُلِّهِ عَلَى مَا نَقَلَاهُ عَنْ الْأَصْحَابِ، لَكِنْ قَالَا: قَالَ الْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ وَيُحْمَلَ عَلَى الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ كُلِّ نِصْفٍ كَمَا فِي النَّفَرِ قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: وَهُوَ الْأَقْوَى، وَقَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّهُ الصَّحِيحُ، وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَمَّنْ ذُكِرَ وَغَيْرُهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَقَالَ: إنَّهُ الْأَصَحُّ نَقْلًا وَدَلِيلًا، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَمَا عَزَاهُ الشَّيْخَانِ لِلْأَصْحَابِ تَبِعَا فِيهِ الْإِمَامَ، وَقَدْ سَوَّى الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ بَيْنَ إلَى رَمَضَانَ وَإِلَى غُرَّتِهِ وَإِلَى هِلَالِهِ وَإِلَى أَوَّلِهِ، فَإِنْ قَالَ إلَى أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرِ حَلَّ بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ أَوَّلِ الْيَوْمِ، وَكَذَا الْمَاوَرْدِيُّ، وَالْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ. قَالَ السُّبْكِيُّ: مَا نَقَلَاهُ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSدُونَ الْحَالِّ، وَبِهَذَا يُعْلَمُ احْتِيَاجُ كَلَامِ الْمَحَلِّيِّ لِلتَّقْيِيدِ مَرَّ اهـ (قَوْلُهُ: وَبِمَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ سَلَمًا حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا (قَوْلُهُ: فَلَا فَرْقَ) أَيْ فِي بَيَانِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا اُشْتُرِطَ) أَيْ مَعَ مَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا تَعَيَّنَ كَوْنُهُ مُؤَجَّلًا) وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْمُؤَجَّلِ مِنْ ذِكْرِ الْأَجَلِ فَيُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ (قَوْلُهُ: بِالْإِجْمَاعِ) أَيْ إجْمَاعِ الْأَئِمَّةِ (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَا يَخْفَى) الْكَافُ فِيهِ وَفِي نَظَائِرِهِ مِنْ قَوْلِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بِمَعْنَى اللَّامِ: أَيْ لِمَا يَخْفَى مِنْ الدَّلِيلِ الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ: لِمَنْ يَأْتِي) وَهُوَ الْعَاقِدَانِ أَوْ عَدْلَانِ غَيْرُهُمَا (قَوْلُهُ: أَوْ الْمَيْسَرَةِ) أَيْ وَقْتِ يَسَارِ النَّاسِ عَادَةً كَالصَّيْفِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: أَوْ طُلُوعِ الشَّمْسِ) أَيْ ظُهُورِ ضَوْئِهَا، وَوَجْهُ عَدَمِ الصِّحَّةِ فِيهِ أَنَّ الصَّوْمَ قَدْ يَسْتُرُهُ الْغَيْمُ أَوْ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَيُحْمَلُ) الْحَمْلُ فِي الشِّقِّ الثَّانِي (قَوْلُهُ: عَلَى الْجُزْءِ الْأَوَّلِ) عِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ. فَرْعٌ: لَوْ قَالَ إلَى أَوَّلِ رَمَضَانَ أَوْ آخِرِهِ صَحَّ خِلَافًا لِمَا مَشَى عَلَيْهِ الرَّوْضُ. وَنَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَيُحْمَلُ عَلَى أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ رَمَضَانَ وَآخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ فِي الثَّانِي مَرَّ اهـ. وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَمَّا عَلَى الرَّاجِحِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ الصِّحَّةِ وَالْحَمْلِ (قَوْلُهُ: تَبِعَا فِيهِ الْإِمَامَ) أَيْ فِي عَزْوِهِ ذَلِكَ لِلْأَصْحَابِ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ وَالْبَغَوِيِّ قَالَا بِالصِّحَّةِ (قَوْلُهُ وَقَدْ سَوَّى) أَيْ فِي الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ) أَيْ الَّذِي تَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْ الْإِمَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِلَّا تَعَيَّنَ كَوْنُهُ مُؤَجَّلًا) بِمَعْنَى أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ التَّصْرِيحُ بِالتَّأْجِيلِ وَإِلَّا يَبْطُلُ. (قَوْلُهُ: تَبِعَا فِيهِ الْإِمَامَ) أَيْ فِي عَزْوِهِ لِلْأَصْحَابِ وَإِلَّا فَالْإِمَامُ هُوَ الْقَائِلُ بِالصِّحَّةِ

الْأَصْحَابِ لَمْ أَرَهُ إلَّا فِي طَرِيقَةِ الْخُرَاسَانِيِّينَ، وَقَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: سَيَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ وَالْكِتَابَةِ الْجَزْمُ بِمَقَالَةِ الْإِمَامِ اهـ. وَمَا ذَكَرَاهُ آخِرًا بَعْدَ الصِّحَّةِ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ كُلِّ نِصْفٍ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ فِي آخِرِهِ. أَمَّا عَلَى الرَّاجِحِ فَيُحْمَلُ عَلَى آخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ، وَلَوْ قَالَ فِي رَمَضَانَ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ جَعَلَ جَمِيعَهُ ظَرْفًا فَكَأَنَّهُمَا قَالَا: يَحِلُّ فِي جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ وَهُوَ مَجْهُولٌ، وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ لِأَنَّهُ لَمَّا قَبِلَ التَّعْلِيقَ بِالْمَجْهُولِ كَقُدُومِ زَيْدٍ قَبْلَهُ بِالْعَامِ ثُمَّ تَعَلَّقَ بِأَوَّلِهِ لِصِدْقِ اللَّفْظِ بِهِ فَوَجَبَ وُقُوعُهُ فِيهِ لِكَوْنِهِ قَضِيَّةَ الْوَضْعِ وَالْعُرْفِ لَا لِتَعَيُّنِهِ، وَلِهَذَا لَوْ عَلَّقَ بِتَكْلِيمِهَا لِزَيْدٍ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَقَعَ بِتَكْلِيمِهَا لَهُ أَثْنَاءَ يَوْمِهَا وَلَمْ يَتَقَيَّدْ بِأَوَّلِهِ، وَأَمَّا السَّلَمُ فَلَمَّا لَمْ يَقْبَلْ التَّأْجِيلَ بِالْمَجْهُولِ لَمْ يَقْبَلْهُ بِالْعَامِ وَإِنَّمَا قَبِلَهُ بِنَحْوِ الْعِيدِ لِأَنَّهُ وُضِعَ لِكُلٍّ مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي بِعَيْنِهِ، فَدَلَالَتُهُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا أَقْوَى مِنْ دَلَالَةِ الظَّرْفِ عَلَى أَزْمِنَتِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوضَعْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِعَيْنِهِ بَلْ لِزَمَنٍ مُبْهَمٍ مِنْهَا (فَإِنْ) (عَيَّنَ) الْعَاقِدَانِ (شُهُورَ الْعَرَبِ أَوْ الْفُرْسِ أَوْ الرُّومِ) (جَازَ) لِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ مَضْبُوطَةٌ، وَيَصِحُّ التَّأْقِيتُ بِالنَّيْرُوزِ، وَهُوَ نُزُولُ الشَّمْسِ بُرْجَ الْمِيزَانِ، وَالْمِهْرَجَانُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَقْتُ نُزُولِهَا بُرْجَ الْحَمَلِ، وَعِيدُ الْكُفَّارِ كَفِصْحِ النَّصَارَى وَفَطِيرِ الْيَهُودِ إنْ عَرَفَهَا الْمُسْلِمُونَ وَلَوْ عَدْلَيْنِ مِنْهُمْ أَوْ الْمُتَعَاقِدَانِ بِخِلَافِ مَا إذَا اُخْتُصَّ الْكُفَّارُ بِمَعْرِفَتِهَا لِعَدَمِ اعْتِمَادِ قَوْلِهِمْ، نَعَمْ إنْ كَانُوا عَدَدًا كَثِيرًا يُمْنَعُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ جَازَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ لِحُصُولِ الْعِلْمِ بِقَوْلِهِمْ وَاكْتَفَى هُنَا بِمَعْرِفَةِ الْعَاقِدَيْنِ الْأَجَلَ أَوْ مَعْرِفَةِ عَدْلَيْنِ وَلَمْ يَكْتَفِ بِذَلِكَ فِي صِفَاتِ الْمُسْلَمِ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي، لِأَنَّ الْجَهَالَةَ هُنَا رَاجِعَةٌ إلَى الْأَجَلِ وَثَمَّ إلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَجَازَ أَنْ يَحْتَمِلَ هُنَا مَا لَا يَحْتَمِلُ هُنَاكَ (وَإِنْ أَطْلَقَ) الشَّهْرَ (حُمِلَ عَلَى الْهِلَالِيِّ) وَهُوَ مَا بَيْنَ الْهِلَالَيْنِ وَإِنْ اطَّرَدَ عُرْفُهُمْ بِذَلِكَ إذْ هُوَ عُرْفُ الشَّرْعِ هَذَا إنْ عَقَدَ أَوَّلَهُ (فَإِنْ انْكَسَرَ شَهْرٌ) بِأَنْ وَقَعَ الْعَقْدُ فِي أَثْنَائِهِ وَكَانَ التَّأْجِيلُ بِشُهُورٍ (حَسَبَ الْبَاقِي) بَعْدَ الْأَوَّلِ الْمُنْكَسِرِ (بِالْأَهِلَّةِ وَتَمَّمَ الْأَوَّلَ ثَلَاثِينَ) مِمَّا بَعْدَهَا، وَلَا يُلْغِي الْمُنْكَسِرَ لِئَلَّا يَتَأَخَّرَ ابْتِدَاءُ الْأَجَلِ عَنْ الْعَقْدِ. نَعَمْ لَوْ عَقَدَا فِي يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ آخِرَ الشَّهْرِ اكْتَفَى بِالْأَشْهُرِ بَعْدَهُ بِالْأَهِلَّةِ وَإِنْ نَقَصَ بَعْضُهَا، وَلَا يُتَمِّمُ الْأَوَّلَ مِمَّا بَعْدَهَا لِأَنَّهَا مَضَتْ عَرَبِيَّةً كَوَامِلَ، هَذَا إنْ نَقَصَ الشَّهْرُ الْأَخِيرُ، وَإِلَّا لَمْ يُشْتَرَطْ انْسِلَاخُهُ بَلْ يُتَمِّمُ مِنْهُ الْمُنْكَسِرَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا لِتَعَذُّرِ اعْتِبَارِ الْهِلَالِ فِيهِ حِينَئِذٍ (وَالْأَصَحُّ صِحَّةُ تَأْجِيلِهِ بِالْعِيدِ وَجُمَادَى) وَرَبِيعٍ وَالْفِطْرِ (وَيُحْتَمَلُ عَلَى الْأَوَّلِ) مِنْ ذَلِكَ لِتَحَقُّقِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالْبَغَوِيِّ (قَوْلُهُ: رَأْيٌ مَرْجُوحٌ فِي آخِرِهِ) أَيْ وَهُوَ حَمْلُهُ عَلَى الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي فِيمَا لَوْ قَالَ إلَى آخِرِ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ: بِالْعَامِّ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ شُمُولَ الْيَوْمِ لِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ مِنْ الْعُمُومِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مِنْ التَّعْلِيقِ الْمُبْهَمِ، فَإِنَّ الْعَامَّ هُوَ مَا اسْتَغْرَقَ الصَّالِحَ لَهُ مِنْ الْأَفْرَادِ لَا مِنْ الْأَجْزَاءِ، فَوَصْفُهُ بِالْعُمُومِ تَجَوُّزٌ وَكَأَنَّ عِلَاقَتَهُ أَنَّهُ شَبَّهَ الْأَجْزَاءَ بِالْجُزْئِيَّاتِ وَأَطْلَقَ عَلَيْهَا اسْمَهَا (قَوْلُهُ: وَالْمِهْرَجَانِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْمِهْرَجَانُ عِيدُ الْفُرْسِ، وَهِيَ كَلِمَتَانِ مِهْرٌ وِزَانُ حِمْلٌ وَجَانَ لَكِنْ تَرَكَّبَتْ الْكَلِمَتَانِ حَتَّى صَارَتَا كَالْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ، وَمَعْنَاهَا مَحَبَّةُ الرُّوحِ. وَفِي بَعْضِ التَّوَارِيخِ: كَانَ الْمِهْرَجَانُ يُوَافِقُ أَوَّلَ الشِّتَاءِ، ثُمَّ تَقَدَّمَ عَنْهُ حَتَّى صَارَ يَنْزِلُ فِي أَوَّلِ الْمِيزَانِ انْتَهَى. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الشَّارِحِ وَقْتُ نُزُولِهَا أَوَّلَ بُرْجِ الْحَمَلِ (قَوْلُهُ: هَذَا إنْ نَقَصَ إلَخْ) أَيْ الِاكْتِفَاءُ بِالْأَهِلَّةِ بَعْدَ يَوْمِ الْعَقْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْعَاقِدَانِ) أَرَادَ بِهِ حَلَّ الْمَعْنَى، وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ هُوَ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ فِي الْمَتْنِ، وَإِنْ كَانَ يَجِبُ تَثْنِيَةُ الضَّمِيرِ فَكَانَ الْأَوْلَى إسْقَاطَ الْأَلِفِ وَالنُّونِ، وَعَلَى كُلٍّ فَيُقْرَأُ الْمَتْنُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ بِنَائِهِ لِلْمَفْعُولِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ اطَّرَدَ عُرْفُهُمْ بِذَلِكَ إذْ هُوَ عُرْفُ الشَّرْعِ) قَدْ يُقَالُ إنَّهُ يَجِبُ الْحَمْلُ عَلَى الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ إلَّا إذَا كَانَ الْمُخَاطَبُ هُوَ الشَّارِعُ كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَغَيْرِهِ، وَمِنْ ثَمَّ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ مَحَلَّهُ إنْ لَمْ يَجْرِ عُرْفُهُمْ بِخِلَافِهِ.

[فصل في بقية الشروط السبعة لصحة السلم]

الِاسْمِ بِهِ فَيَحِلُّ بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ الْعَقْدُ بَعْدَ الْأَوَّلِ وَقَبْلَ الثَّانِي حُمِلَ عَلَيْهِ لِتَعَيُّنِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْعِيدَيْنِ وَالْبَاقِي مِثْلُهُمَا، وَالثَّانِي لَا بَلْ يَفْسُدُ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي. فَصْلٌ فِي بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ السَّبْعَةِ وَقَدْ مَرَّ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ: الثَّلَاثَةُ الَّتِي فِي الْمَتْنِ، وَحُلُولُ رَأْسِ الْمَالِ، وَالْخَامِسُ الْقُدْرَةُ عَلَى تَسْلِيمِهِ فَحِينَئِذٍ (يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُسْلَمِ فِيهِ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ) بِلَا مَشَقَّةٍ كَبِيرَةٍ (عِنْدَ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ) وَذَلِكَ بِالْعَقْدِ إنْ كَانَ حَالًّا وَبِالْحُلُولِ إنْ كَانَ مُؤَجَّلًا، لِأَنَّ الْمَعْجُوزَ عَنْ تَسْلِيمِهِ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ فَيَمْتَنِعُ السَّلَمُ فِيهِ، فَإِنْ أَسْلَمَ فِي مُنْقَطِعٍ عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ الْحُلُولِ كَرُطَبٍ فِي الشِّتَاءِ لَمْ يَصِحَّ، وَكَذَا لَوْ ظَنَّ حُصُولَهُ عِنْدَ الْوُجُوبِ لَكِنْ بِمَشَقَّةٍ عَظِيمَةٍ كَقَدْرِ كَثِيرٍ مِنْ الْبَاكُورَةِ، وَصَرَّحَ بِهَذَا مَعَ كَوْنِهِ دَاخِلًا فِي قَوْلِهِ مَعَ شُرُوطِ الْبَيْعِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ وَلِيُبَيِّنَ بِهِ مَحَلَّ الْقُدْرَةِ الْمُفْتَرِقَيْنِ فِيهَا، فَإِنَّ بَيْعَ الْمُعَيَّنِ تُعْتَبَرُ فِيهِ عِنْدَ الْعَقْدِ مُطْلَقًا وَهُنَا يُعْتَبَرُ هَذَا تَارَةً وَتَارَةً يُعْتَبَرُ الْحُلُولُ كَمَا تَقَرَّرَ، وَيَأْتِي فِي تَعْبِيرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: بَعْدَ الْأَوَّلِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْبَعْدِيَّةِ فِي الرَّبِيعَيْنِ وَجَمَادَيْنِ أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ فِي أَثْنَاءِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ أَوْ جُمَادَى الْأُولَى، وَقَالَ إلَى رَبِيعٍ أَوْ جُمَادَى فَيُحْمَلُ عَلَى أَوَّلِ الثَّانِي، وَإِلَّا فَلَا يُتَصَوَّرُ حَمْلُهُ عَلَى أَوَّلِ رَبِيعٍ الثَّانِي إذَا وَرَدَ الْعَقْدُ بَعْدَ انْسِلَاخِ الْأَوَّلِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَقَوْلُهُ: بَلْ يُتَمِّمْ مِنْهُ الْمُنْكَسِرَ: أَيْ وَهُوَ الْيَوْمُ الْأَخِيرُ مِنْ الشَّهْرِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْعَقْدُ، فَإِذَا وَقَعَ الْعَقْدُ وَقْتَ الزَّوَالِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ مَثَلًا وَأُجِّلَ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ اُكْتُفِيَ بِالْمُحَرَّمِ وَصَفَرٍ مُطْلَقًا كَامِلَيْنِ أَوْ نَاقِصَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ، وَكَذَا رَبِيعٍ الْأَوَّلِ إنْ نَقَصَ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَمُلَ فَإِنَّ الدَّيْنَ يَحِلُّ وَقْتَ الزَّوَالِ مِنْهُ. . (فَصْلٌ) فِي بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ (قَوْلُهُ: وَحُلُولُ رَأْسِ الْمَالِ) أَيْ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ أَوَّلَ الْكِتَابِ وَلَا بُدَّ مِنْ حُلُولِ رَأْسِ الْمَالِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ كَالصَّرْفِ (قَوْلُهُ: بِلَا مَشَقَّةٍ كَبِيرَةٍ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِغَالِبِ النَّاسِ فِي تَحْصِيلِهِ إلَى مَوْضِعِ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ ظَنَّ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ: أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَثِيرٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَهَلْ يَتَبَيَّنُ صِحَّةَ الْعَقْدِ اكْتِفَاءً بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَوْ لَا نَظَرًا لِعَقْدِ الشَّرْطِ ظَاهِرًا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ الْعِبْرَةُ فِي شُرُوطِ الْبَيْعِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ: مَعَ شُرُوطِ الْبَيْعِ: أَيْ الْمَذْكُورِ أَوَّلَ الْبَابِ يُشْتَرَطُ لَهُ مَعَ شُرُوطِ الْبَيْعِ شُرُوطٌ (قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ بِهَذَا) أَيْ قَوْلُهُ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُسْلَمِ فِيهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلْيُبَيِّنْ بِهِ مَحَلَّ الْقُدْرَةِ) هَذَا التَّعْلِيلُ أَوْلَى مِمَّا قَبْلَهُ لِأَنَّ مُحَصِّلَ هَذَا أَنَّ الشَّرْطَ كَوْنُ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فِي مَحَلِّهِ، وَهَذَا زِيَادَةٌ عَلَى مَفْهُومِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْأُمُورَ الْمُعْتَبَرَةَ سَبْعَةٌ لَيْسَ مِنْهَا الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ، بِخِلَافِ الْجَوَابِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَسْتَلْزِمُ أَنَّ مِنْ الشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ الْقُدْرَةَ عَلَى التَّسْلِيمِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ، وَهُوَ كَلَامٌ لَا مَعْنَى لَهُ وَيُحْوِجُ إلَى تَأْوِيلِ الْعِبَارَةِ بِمَا يُخْرِجُهَا عَنْ عَدِّهَا شَرْطًا (قَوْلُهُ: الْمُفْتَرِقَيْنِ) أَيْ الْبَيْعِ وَالسَّلَمِ (قَوْلُهُ: تُعْتَبَرُ) أَيْ الْقُدْرَةُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) لِمُجَرَّدِ التَّأْكِيدِ إذْ الْمَعْنَى لَا يَدْخُلُهُ أَجَلٌ وَعِبَارَتُهُ تُوهِمُ أَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ السَّبْعَةِ لصحة السَّلَم] فَصْلٌ) فِي بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ (قَوْلُهُ: لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ) هَذَا وَإِنْ نَفَعَ فِي مُجَرَّدِ تَصْرِيحِهِ بِهَذَا الشَّرْطِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ فِيمَا سَبَقَ سَبْعَةٌ وَقَوْلُهُ: وَلِيُبَيِّنَ إلَخْ فِيهِ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَنْحَصِرُ فِي بَيْعِ الْمُعَيَّنِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ جَوَابٌ عَنْ عَدِّ هَذَا شَرْطًا زَائِدًا عَنْ شُرُوطِ الْبَيْعِ.

بِالتَّسْلِيمِ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ (فَإِنْ كَانَ يُوجَدُ بِبَلَدٍ آخَرَ) وَلَوْ بَعِيدًا (صَحَّ) السَّلَمُ فِيهِ (إنْ اُعْتِيدَ نَقْلُهُ) إلَى مَحَلِّ التَّسْلِيمِ (لِلْبَيْعِ) لِلْقُدْرَةِ حِينَئِذٍ عَلَيْهِ وَلَا يَحْتَاجُ لِزِيَادَةٍ كَثِيرًا لِفَهْمِهِ مِنْ الِاعْتِيَادِ. (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُعْتَدْ نَقْلُهُ لِنَحْوِ الْبَيْعِ بِأَنْ نُقِلَ لَهُ نَادِرًا أَوْ لَمْ يُنْقَلْ أَصْلٌ أَوْ نُقِلَ لِنَحْوِ هَدِيَّةٍ (فَلَا) يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ لِانْتِفَاءِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا سَيَأْتِي أَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ لَوْ انْقَطَعَ فَإِنْ وَجَدَ فِيمَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَجَبَ تَحْصِيلُهُ وَإِلَّا فَلَا، وَلَمْ يَعْتَبِرُوا هُنَا قُرْبَ الْمَسَافَةِ لِأَنَّهُ لَا مُؤْنَةَ لِنَقْلِهِ هُنَا عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، فَاعْتِيَادُ نَقْلِهِ لِلْمُعَامَلَةِ مِنْ مَحَلٍّ إلَى مَحَلِّ التَّسْلِيمِ كَافٍ فِي الصِّحَّةِ وَإِنْ تَبَاعَدَا بِخِلَافِهَا فِيمَا يَأْتِي فَإِنَّهَا لَازِمَةٌ لَهُ فَاعْتُبِرَ لِتَحْقِيقِهَا قُرْبُ الْمَسَافَةِ، وَاعْتِبَارُ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ الَّذِي قَرَّرْنَاهُ أَوْلَى مِنْ اعْتِبَارِ كَثِيرِ مَحَلِّ الْعَقْدِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ كَانَ تَبِعَهُمْ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ (وَلَوْ) (أَسْلَمَ فِيمَا يَعُمُّ) وُجُودُهُ (فَانْقَطَعَ) جَمِيعُهُ أَوْ بَعْضُهُ لِجَائِحَةٍ أَفْسَدَتْهُ، وَإِنْ وُجِدَ بِبَلَدٍ آخَرَ وَكَانَ يَفْسُدُ بِنَقْلِهِ أَوْ لَا يُوجَدُ إلَّا عِنْدَ مَنْ لَا يَبِيعُهُ أَصْلًا أَوْ يَبِيعُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ أَوْ كَانَ ذَلِكَ الْبَلَدُ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْ بَلَدِ التَّسْلِيمِ (فِي مَحِلِّهِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ: أَيْ وَقْتَ حُلُولِهِ وَكَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــSيَصِحُّ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَلَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَّا هَذِهِ الْحَالَةُ وَهِيَ كَوْنُهُ حَالًّا أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ سَوَاءٌ أَكَانَ ثَمَنُهُ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا لَكِنَّ هَذَا بَعِيدٌ عَنْ السِّيَاقِ فَلَوْ أُسْقِطَ مُطْلَقًا لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ) مِنْ أَنَّ قُدْرَةَ الْمُشْتَرِي عَلَى التَّسْلِيمِ كَافِيَةٌ كَمَنْ اشْتَرَى مَغْصُوبًا يَقْدِرُ عَلَى انْتِزَاعِهِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ الْبَيْعِ بِأَنَّ الْبَيْعَ لَمَّا وَرَدَ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ اُكْتُفِيَ بِقُدْرَةِ الْمُشْتَرِي عَلَى انْتِزَاعِهِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ السَّلَمَ إنَّمَا يُرَدُّ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ قُدْرَةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ عَلَى إقْبَاضِهِ. قَالَ سم عَلَى حَجّ بَعُدَ مِثْلُ مَا ذَكَرَ مِنْ جُمْلَةِ كَلَامِ: وَأَمَّا ثَالِثًا فَلَا نُسَلِّمُ هَذَا الْفَرْقَ لِأَنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ لَوْ مَلَكَ قَدْرَ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَغَصَبَهُ مِنْهُ غَاصِبٌ فَقَالَ الْمُسْلِمُ الْقَادِرُ عَلَى تَخْلِيصِهِ: تَسَلَّمْهُ عَنْ حَقِّك فَتَسَلَّمَهُ فَالظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ، فَهَذَا تَسَلُّمٌ أَجْزَأَ فِي السَّلَمِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ: لِلْبَيْعِ) أَيْ كَثِيرًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي نَادِرًا (قَوْلُهُ: كَثِيرًا) أَيْ بَعْدَ قَوْلِهِ إنْ اُعْتِيدَ نَقْلُهُ (قَوْلُهُ: مِنْ الِاعْتِيَادِ) قَدْ يُمْنَعُ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ الِاعْتِيَادِ الْكَثْرَةُ وَإِنْ لَمْ تَلْزَمْهُ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْعَادَةُ مَعْرُوفَةٌ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ صَاحِبَهَا يُعَاوِدُهَا: أَيْ يَرْجِعُ إلَيْهَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، وَعَوَّدْته كَذَا فَاعْتَادَهُ وَتَعَوَّدْته: أَيْ صَيَّرْته لَهُ عَادَةً، وَاسْتَعَدْت الرَّجُلَ: سَأَلْته أَنْ يَعُودَ، وَاسْتَعَدْته الشَّيْءَ: سَأَلْته أَنْ يَفْعَلَهُ ثَانِيًا اهـ (قَوْلُهُ: أَوْ نَقَلَ لِنَحْوِ هَدِيَّةٍ) أَيْ مَا لَمْ يَعْتَدْ الْمُهْدَى إلَيْهِ بَيْعُهَا وَإِلَّا فَتَكُونُ كَالْمَنْقُولِ لِلْبَيْعِ. وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ هُوَ الْمُهْدَى إلَيْهِ هَلْ يَصِحُّ أَيْضًا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الصِّحَّةِ لِأَنَّهُ لَا يَتَقَاعَدُ عَمَّا لَوْ أَسْلَمَ فِي لَحْمِ الصَّيْدِ الَّذِي يَعِزُّ وُجُودُهُ لِمَنْ هُوَ عِنْدَهُ وَقَدْ قَالُوا فِيهِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَأَمَّا لَوْ أَسْلَمَ إلَى كَافِرٍ فِي عَبْدٍ مُسْلِمٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ عَبْدٌ كَافِرٌ وَأَسْلَمَ لِنُدْرَةِ مِلْكِهِ لَهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ لِمَا اُعْتِيدَ نَقْلُهُ لِلْمُهْدَى إلَيْهِ كَثِيرًا وَهُوَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ: صَيِّرْهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَوْجُودِ وَقْتَ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ بِأَنْ وَجَدَ فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَمَا فَوْقَهَا (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ) أَيْ بَلْ هِيَ عَلَى النَّاقِلِ (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ اعْتِبَارِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُمَا لَوْ عَيَّنَا لِلتَّسْلِيمِ غَيْرَ مَحَلِّ الْعَقْدِ تَعَيَّنَ (قَوْلُهُ: أَوْ يَبِيعُهُ بِأَكْثَرَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّتْ الزِّيَادَةُ، وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ فِيمَا لَوْ كَانَ قَدْرًا يَتَغَابَنُ بِهِ، هَذَا، وَقَالَ حَجّ: أَمَّا لَوْ جَدَّ عِنْدَ مَنْ لَا يَبِيعُهُ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ يَلْزَمُهُ تَحْصِيلُهُ بِذَلِكَ الْأَكْثَرِ، وَفَارَقَ الْغَاصِبُ بِأَنَّهُ الْتَزَمَ التَّحْصِيلَ بِالْعَقْدِ بِاخْتِيَارِهِ وَقَبَضَ الْبَدَلَ، فَالزِّيَادَةُ فِي مُقَابَلَةِ مَا حَصَلَ لَهُ مِنْ نَمَاءِ مَا قَبَضَهُ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ، وَأَيْضًا فَالسَّلَمُ عَقْدٌ وُضِعَ لِلرِّبْحِ فَلَزِمَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ تَحْصِيلُ هَذَا الْغَرَضِ الْمَوْضُوعِ لَهُ الْعَقْدُ وَإِلَّا لَانْتَفَتْ فَائِدَتُهُ، وَالْغَصْبُ بَابُ تَعَدٍّ وَالْمُمَاثَلَةُ فِيهِ مَطْلُوبَةٌ بِنَصِّ قَوْله تَعَالَى {بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] اهـ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ ذَلِكَ الْبَلَدُ) أَيْ الَّذِي يُوجَدُ فِيهِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ) يُفْهَمُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى مَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَلَا خِيَارَ، وَقَوْلُهُ: وَكَذَا بَعْدَهُ قَدْ يَشْمَلُهُ مَا قَبْلَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَمَا قَبْلَهُ هُوَ قَوْلُهُ وَقْتَ حُلُولِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا بَعْدَ وَقْتِ الْحُلُولِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ وَقْتٌ يَجِبُ فِيهِ التَّسْلِيمُ فَيَكُونُ وَقْتًا لِلْحُلُولِ (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الْحَاءِ) أَيْ لِأَنَّهُ يُقَالُ فِي الْفِعْلِ مِنْهُ حَلَّ الدَّيْنُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بَعْدَهُ وَإِنْ كَانَ التَّأْخِيرُ لِمَطْلِهِ (لَمْ يَنْفَسِخْ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ فَأَشْبَهَ إفْلَاسَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ، وَالثَّانِي يَنْفَسِخُ كَمَا لَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَرَدَّ بِمَا تَقَدَّمَ، وَلَوْ وَجَدَهُ يُبَاعُ بِثَمَنٍ غَالٍ: أَيْ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ وَجَبَ تَحْصِيلُهُ. وَهَذَا هُوَ مُرَادُ الرَّوْضَةِ بِقَوْلِهَا وَجَبَ تَحْصِيلُهُ وَإِنْ عَلَا سِعْرُهُ، لَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُبَاعُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ الْمَوْجُودَ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ كَالْمَعْدُومِ كَمَا فِي الرَّقَبَةِ وَمَاءِ الطَّهَارَةِ، وَأَيْضًا فَالْغَاصِبُ لَا يُكَلَّفُ ذَلِكَ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ فَهُنَا أَوْلَى، وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْغَصْبِ وَمَا هُنَا بِمَا لَا يُجْدِي، وَفِي مَعْنَى انْقِطَاعِهِ مَا لَوْ غَابَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ وَتَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَى الْوَفَاءِ مَعَ وُجُودِ الْمُسْلَمِ فِيهِ (فَيَتَخَيَّرُ الْمُسْلِمُ) وَلَوْ مَعَ قَوْلِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ خُذْ رَأْسَ مَالِكَ (بَيْنَ فَسْخِهِ) فِي جَمِيعِهِ دُونَ بَعْضِهِ الْمُنْقَطِعِ فَقَطْ (وَالصَّبْرِ حَتَّى يُوجَدَ) فَيُطَالِبُهُ بِهِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ وَخِيَارُهُ عَلَى التَّرَاخِي فَلَوْ أَجَازَ ثُمَّ عَنَّ لَهُ الْفَسْخُ مُكِّنَ مِنْهُ وَلَوْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ الْفَسْخِ لَمْ يَسْقُطْ (وَلَوْ عَلِمَ قَبْلَ الْمَحِلِّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ (انْقِطَاعَهُ عِنْدَهُ فَلَا خِيَارَ قَبْلَهُ) وَلَا يَنْفَسِخُ بِنَفْسِهِ حِينَئِذٍ (فِي الْأَصَحِّ) فِيهِمَا لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ: وَالثَّانِي نَعَمْ لِتَحَقُّقِ الْعَجْزِ فِي الْحَالِّ. (وَ) الشَّرْطُ السَّادِسُ التَّقْدِيرُ فِيهِ بِمَا يَنْفِي عَنْهُ الْغَرَرَ فَحِينَئِذٍ يُشْتَرَطُ (كَوْنُهُ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ (مَعْلُومَ الْقَدْرِ) (كَيْلًا) فِيمَا يُكَالُ (أَوْ وَزْنًا) فِيمَا يُوزَنُ (أَوْ عَدًّا) فِيمَا يُعَدُّ كَاللَّبَنِ وَالْحَيَوَانِ (أَوْ ذَرْعًا) فِيمَا يُذْرَعُ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَحِلُّ بِالْكَسْرِ، وَاسْمُ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ مِنْهُ عَلَى مَفْعَلُ بِالْكَسْرِ. أَمَّا اسْمُ الْمَكَانِ مِنْ حَلَّ بِمَعْنَى نَزَلَ بِالْمَكَانِ فَبِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ لُغَةً لِأَنَّ مُضَارِعَهُ يَحِلُّ بِالضَّمِّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَنْفَسِخْ فِي الْأَظْهَرِ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: هَذَا الْخِلَافُ جَارٍ، وَلَوْ كَانَ سَبَبُ الِانْقِطَاعِ بِتَقْصِيرِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فِي الْإِعْطَاءِ وَقْتَ الْمَحَلِّ أَوْ مَوْتِهِ قَبْلَ الْحُلُولِ أَوْ غَيْبَةِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ وَقْتَ الْحُلُولِ ثُمَّ حَضَرَ فَوَجَدَهُ انْقَطَعَ فِي حَالِ الْغَيْبَةِ بَعْدَ الْحِلِّ اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. أَقُولُ: وَكَذَا هُوَ شَامِلٌ لِمَا لَوْ كَانَ سَبَبُ الِانْقِطَاعِ امْتِنَاعَ الْمُسْلِمِ مِنْ قَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ بَعْدَ عَرْضِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِلْمُسْلَمِ فِيهِ عَلَى الْمُسْلِمِ، وَقِيَاسُ مَا قَدَّمْنَاهُ فِيمَا لَوْ دَفَعَ الْمُسْلِمُ بَعْضَ رَأْسِ الْمَالِ دُونَ بَعْضٍ مِنْ أَنَّ الْعَقْدَ يُفْسَخُ فِيمَا لَمْ يُقْبَضْ مُقَابِلُهُ وَأَنَّهُ لَا خِيَارَ لِلْمُسْلِمِ لِكَوْنِ الْفَسْخِ نَشَأَ مِنْ تَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ الْإِقْبَاضِ أَنَّ الْمُسْلِمَ هُنَا لَا خِيَارَ لَهُ لِحُصُولِ التَّفْرِيقِ مِنْ جِهَتِهِ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِمَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الرَّقَبَةِ) أَيْ الرَّقَبَةِ الْوَاجِبَةِ فِي الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ) مُرَادُهُ حَجّ (قَوْلُهُ: وَتَعَذَّرَ الْوُصُولُ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فِي الْبَلَدِ، أَوْ كَانَ وَشَقَّ الْوُصُولُ إلَيْهِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ قَاضٍ، أَوْ كَانَ وَامْتَنَعَ مِنْ الْبَيْعِ عَلَيْهِ إمَّا مُطْلَقًا، أَوْ امْتَنَعَ إلَّا بِرِشْوَةٍ وَإِنْ قَلَّتْ (قَوْلُهُ: خُذْ رَأْسَ مَالِكِ) أَيْ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ رَأْسِ الْمَالِ بَلْ هُوَ عَلَى خِيَارِهِ بَيْنَ الصَّبْرِ وَالْفَسْخِ (قَوْلُهُ: دُونَ بَعْضِهِ الْمُنْقَطِعِ) أَيْ قَهْرًا، أَمَّا إذَا تَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ فَيَجُوزُ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ بَاعَ عَبْدَيْنِ وَظَهَرَ عَيْبُ أَحَدِهِمَا زَادَ حَجّ: وَإِنْ قَبَضَ مَا عَدَاهُ وَأَتْلَفَهُ فَإِذَا فَسَخَهُ لَزِمَهُ بَدَلُهُ وَرَجَعَ بِرَأْسِ مَالِهِ (قَوْلُهُ: حَتَّى يُوجَدَ) أَيْ وَلَوْ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْفَسِخُ بِنَفْسِهِ) أَيْ الِانْقِطَاعُ. (قَوْلُهُ: مَعْلُومَ الْقَدْرِ) أَيْ لِلْعَاقِدَيْنِ وَلَوْ إجْمَالًا كَمَعْرِفَةِ الْأَعْمَى الْأَوْصَافَ بِالسَّمَاعِ وَالْعَدْلَيْنِ، وَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِمَا الصِّفَاتِ بِالتَّعْيِينِ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُمَا الرُّجُوعُ إلَيْهِمَا عِنْدَ التَّنَازُعِ، وَلَا تَحْصُلُ تِلْكَ الْفَائِدَةُ إلَّا بِمَعْرِفَتِهِمَا تَفْصِيلًا، كَذَا قَالَهُ فِي الْقَوْتِ، وَهُوَ حَسَنٌ مُتَعَيِّنٌ، وَأَطْلَقَ جَوَازَ السَّلَمِ فِي الْبُقُولِ وَزْنًا كَمَا سَبَقَ، وَجَعَلَهَا الْمَاوَرْدِيُّ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ يُقْصَدُ مِنْهُ شَيْئًا كَالْخَسِّ وَالْفُجْلُ يُقْصَدُ لُبُّهُ وَوَرَقُهُ فَالسَّلَمُ فِيهِ بَاطِلٌ لِاخْتِلَافِهِ، وَقِسْمٌ كُلُّهُ مَقْصُودٌ كَالْهِنْدَبَا فَيَجُوزُ وَزْنًا، وَقِسْمٌ يَتَّصِلُ بِهِ مَا لَيْسَ بِمَقْصُودٍ كَالْجَزَرِ وَالسَّلْجَمِ وَهُوَ اللِّفْتُ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بَعْدَ قَطْعِ وَرَقِهِ اهـ. وَكَانَ الْمُرَادُ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِشَرْطِ قَطْعِ وَرَقِهِ، وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ يَنْبَغِي ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ وَجَدَهُ يُبَاعُ بِثَمَنٍ غَالٍ إلَخْ) كَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُ هَذَا عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي حَتَّى يُوجَدَ .

لِلْخَبَرِ الْمَارِّ أَوَّلَ الْبَابِ مَعَ قِيَاسِ مَا لَيْسَ فِيهِ بِمَا فِيهِ (وَيَصِحُّ فِي الْمَكِيلِ) أَيْ سَلَمُهُ (وَزْنًا وَعَكْسَهُ) حَيْثُ كَانَ الْكَيْلُ يُعَدُّ ضَابِطًا فِيهِ فَيَجُوزُ وَمَا جُرْمُهُ كَجُرْمِهِ أَوْ أَقَلَّ، وَيُفَارِقُ مَا ذَكَرَ هُنَا مَا مَرَّ فِي الرِّبَوِيِّ بِأَنَّ الْغَالِبَ ثَمَّ التَّعَبُّدُ، وَلِهَذَا كَفَى الْوَزْنُ بِنَحْوِ الْمَاءِ هُنَا بِخِلَافِهِ ثَمَّ، أَمَّا مَا لَا يُعَدُّ ضَابِطًا فِيهِ لِعِظَمِ خَطَرِهِ كَفُتَاتِ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ فَيَتَعَيَّنُ وَزْنُهُ لِأَنَّ يَسِيرَهُ مَالِيَّةٌ كَثِيرَةٌ، بِخِلَافِ اللَّآلِئِ الصِّغَارِ لِقِلَّةِ تَفَاوُتِهَا فَهِيَ كَالْقَمْحِ وَالْفُولِ كَمَا أَجَابَ بِذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي نَقْلِهِ كَلَامَ الْإِمَامِ الَّذِي حُمِلَ عَلَيْهِ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ أَنَّ مَحَلَّ مَا مَرَّ فِيمَا يُعَدُّ الْكَيْلُ ضَابِطًا فِي مِثْلِهِ وَسُكُوتِهِ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهُ جَوَازَ السَّلَمِ فِي اللَّآلِئِ الصِّغَارِ إذَا عَمَّ وُجُودُهَا كَيْلًا وَوَزْنًا. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْإِمَامِ فَكَأَنَّهُ اخْتَارَ هُنَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ، وَحِينَئِذٍ فَالْمُعْتَمَدُ تَقْيِيدُ الْإِمَامِ، وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ وَمَا عُلِمَ وَزْنُهُ بِالِاسْتِفَاضَةِ كَالنَّقْدِ يَكْفِي فِيهِ الْعَدُّ عِنْدَ الْعَقْدِ لَا الِاسْتِيفَاءُ، بَلْ لَا بُدَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْجَوَازُ بَعْدَ قَطْعِ وَرَقِهِ أَوْ رُءُوسِهِ لِزَوَالِ الِاخْتِلَافِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُهُ: وَلِقَائِلٍ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهُ حَمَلَ كَلَامَ الْمَاوَرْدِيِّ عَلَى رُءُوسِ الْخَسِّ وَالْفُجْلِ لَا عَلَى بِزْرِهِمَا، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَسَائِرُ الْحُبُوبِ كَالتَّمْرِ التَّصْرِيحُ بِجَوَازِهِ فِي الْفُجْلِ وَنَحْوِهِ وَزْنًا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ بِوَرَقِهِ، وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْبُقُولِ صِحَّةُ السَّلَمِ فِي الْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ وَسَائِرِ الْأَزْهَارِ وَزْنًا لِانْضِبَاطِهَا وَمَعْرِفَةِ صِفَاتِهَا عِنْدَ أَهْلِهَا (قَوْلُهُ: كَجَوْزٍ وَمَا جُرْمُهُ إلَخْ) وَفِي الرِّبَا جَعَلُوا مَا يُعَدُّ الْكَيْلُ فِيهِ ضَابِطًا مَا كَانَ قَدْرَ التَّمْرِ فَأَقَلَّ فَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَقَدْ يُقَالُ: لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ عَلَى الرِّبَا التَّعَبُّدَ اُحْتِيطَ لَهُ، فَقَدْرُ مَا لَمْ يُعْهَدْ كَيْلُهُ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالتَّمْرِ لِكَوْنِهِ كَانَ مَكِيلًا فِي زَمَنِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى مَا مَرَّ بِخِلَافِ السَّلَمِ (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ الْمَاءِ) أَيْ حَيْثُ عُلِمَ مِقْدَارُ مَا يُفْرَضُ فِيهِ مِنْ الظُّرُوفِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى قَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْوَزْنِ فَيَجُوزُ الْقَبْضُ بِهِ هُنَا، وَمِنْ نَحْوِ الْمَاءِ الْأَدْهَانُ الْمَائِعَةُ كَالزَّيْتِ (قَوْلُهُ: كَفُتَاتِ) بِضَمِّ الْفَاءِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ ذَكَرَ) أَيْ الرَّافِعِيُّ (قَوْلُهُ: فَالْمُعْتَمَدُ تَقْيِيدُ الْإِمَامِ) أَيْ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ أَنَّ مَحَلَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَمَّا مَا لَا يُعَدُّ ضَابِطًا فِيهِ لِعِظَمِ خَطَرِهِ كَفُتَاتِ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ إلَخْ) مِنْ هَذَا يُعْلَمُ صِحَّةُ السَّلَمِ فِي النُّورَةِ الْمُتَفَتِّتَةِ كَيْلًا وَوَزْنًا؛ لِأَنَّهَا بِفَرْضِ أَنَّهَا مَوْزُونَةٌ فَالْمَوْزُونُ يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ كَيْلًا إذَا عُدَّ الْكَيْلُ ضَابِطًا فِيهِ بِأَنْ لَا يَعْظُمَ خَطَرُهُ؛ إذْ لَمْ يُخْرِجُوا مِنْ هَذَا الضَّابِطِ إلَّا مَا عَظُمَ خَطَرُهُ كَفُتَاتِ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ عَلَى مَا فِيهِ، وَظَاهِرٌ عَدَمِ صِحَّةِ قِيَاسِ النُّورَةِ عَلَى مِثْلِ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ، عَلَى أَنَّ صَاحِبَ الْعُبَابِ صَرَّحَ بِصِحَّةِ السَّلَمِ فِيهَا كَيْلًا وَوَزْنًا فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ قَدْ اشْتَهَرَ فِي نَوَاحِينَا فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ عَدَمُ صِحَّةِ السَّلَمِ فِيهَا كَيْلًا تَمَسُّكًا بِمَا فِي بَعْضِ الْعِبَارَاتِ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْوَزْنِ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ لَا يَنْفِي الصِّحَّةَ بِالْكَيْلِ بِالْقَيْدِ الْمَارِّ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الْعِبَارَاتِ مَفْرُوضَةٌ فِي النُّورَةِ الْمَجْلُوبَةِ أَحْجَارًا قَبْلَ طَبْخِهَا وَتَفَتُّتِهَا كَمَا أَوْضَحْتُ ذَلِكَ أَتَمَّ إيضَاحٍ فِي مُؤَلَّفٍ وَضَعْتُهُ فِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: إطْلَاقَ الْأَصْحَابِ) أَيْ أَنَّهُ يَصِحُّ فِي الْمَكِيلِ وَزْنًا وَعَكْسُهُ الْمَذْكُورُ فِي الْمَتْنِ، وَقَوْلُهُ: أَنَّ مَحَلَّ مَا مَرَّ هَذَا هُوَ كَلَامُ الْإِمَامِ وَالْأَصْحَابِ. (قَوْلُهُ: وَسُكُوتِهِ) أَيْ الرَّافِعِيِّ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى نَقْلِهِ وَقَوْلُهُ: فَكَأَنَّهُ أَيْ الرَّافِعِيَّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِمَامَ حَمَلَ إطْلَاقَ الْأَصْحَابِ جَوَازَ كَيْلِ الْمَوْزُونِ عَلَى مَا يُعَدُّ الْكَيْلُ فِي مِثْلِهِ ضَابِطًا، بِخِلَافِ فُتَاتِ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ؛ لِأَنَّ الْقَدْرَ الْيَسِيرَ فِيهِ مَالِيَّةٌ كَثِيرَةٌ وَالْكَيْلُ لَا يُعَدُّ ضَابِطًا فِيهِ، فَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْهُ سَاكِتًا عَلَيْهِ، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ: أَعْنِي الرَّافِعِيَّ أَنَّهُ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي اللَّآلِئِ الصِّغَارِ إذَا عَمَّ وُجُودُهَا كَيْلًا وَوَزْنًا، فَتَعَقَّبَهُ فِي الرَّوْضَةِ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ عَنْ الْإِمَامِ قَالَ: فَكَأَنَّهُ اخْتَارَ هَهُنَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ، وَأَجَابَ عَنْهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ لَيْسَ مُخَالِفًا لَهُ؛ لِأَنَّ فُتَاتَ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ وَنَحْوِهِمَا إنَّمَا لَمْ يُعَدَّ فِيهِمَا ضَابِطًا؛ لِكَثْرَةِ التَّفَاوُتِ بِالثِّقَلِ عَلَى الْمَحَلِّ وَتَرْكِهِ وَفِي اللُّؤْلُؤِ لَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ تَفَاوُتٌ كَالْقَمْحِ وَالْفُولِ.

مِنْ وَزْنِهِ حِينَئِذٍ لِتَحَقُّقِ الْإِيفَاءِ، وَقَوْلُ الْجُرْجَانِيِّ: لَا يُسْلِمُ فِي النَّقْدَيْنِ إلَّا وَزْنًا مَحْمُولٌ عَلَى مَا جُهِلَ وَزْنُهُ، بَلْ لَعَلَّ كَلَامَهُ مَفْرُوضٌ فِي إرَادَةِ مَنْعِ السَّلَمِ فِيهِ كَيْلًا (وَلَوْ) (أَسْلَمَ فِي مِائَةِ) ثَوْبٍ أَوْ (صَاعِ حِنْطَةٍ) مَثَلًا (عَلَى أَنَّ وَزْنَهَا كَذَا) (لَمْ يَصِحَّ) لِعِزَّةِ الْوُجُودِ، بِخِلَافِ الْخَشَبِ فَإِنَّ زَائِدَهُ يُنْحَتُ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَأَقَرَّاهُ لَا يُقَالُ: الصَّاعُ اسْمٌ لِلْوَزْنِ فَلَوْ قَالَ مِائَةُ صَاعٍ كَيْلًا لَاسْتَقَامَ الْكَلَامُ: لِأَنَّا نَقُولُ: الْأَصْلُ فِي الصَّاعِ الْكَيْلُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَإِنَّمَا قَدَّرُوهُ بِالْوَزْنِ لِأَنَّهُ الَّذِي يَضْبِطُهُ ضَبْطًا عَامًّا (وَيُشْتَرَطُ الْوَزْنُ فِي الْبِطِّيخِ) بِكَسْرِ الْبَاءِ (وَالْبَاذِنْجَانِ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِهَا (وَالْقِثَّاءِ) بِالْمُثَلَّثَةِ وَالْمَدِّ (وَالسَّفَرْجَلِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ (وَالرُّمَّانِ) (وَنَحْوِهَا) مِنْ كُلِّ مَا لَا يَضْبِطُهُ الْكَيْلُ لِتَجَافِيهِ فِي الْمِكْيَالِ كَالرَّانِجِ وَقَصَبِ السُّكَّرِ وَالْبُقُولِ، وَلَا يَكْفِي فِيهَا عَدٌّ لِكَثْرَةِ تَفَاوُتِهَا وَلَا عَدَّ مَعَ وَزْنٍ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ لِعِزَّةِ وُجُودِهِ وَمِنْ ثَمَّ امْتَنَعَ فِي نَحْوِ بِطِّيخَةٍ أَوْ سَفَرْجَلَةٍ أَوْ بَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى ذِكْرِ حَجْمِهَا مَعَ وَزْنِهَا وَذَلِكَ يَعِزُّ وُجُودُهُ. نَعَمْ لَوْ أَرَادَ الْوَزْنَ التَّقْرِيبِيَّ فَالْأَوْجَهُ الصِّحَّةُ حِينَئِذٍ فِي الصُّورَتَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا مَرَّ فِيمَا يُعَدُّ الْكَيْلُ ضَابِطًا فِي مِثْلِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ وَزْنِهِ حِينَئِذٍ) أَيْ وَقْتَ الِاسْتِيفَاءِ (قَوْلُهُ: مَنْعِ السَّلَمِ فِيهِ) أَيْ فِيمَا ذَكَرَ وَهُوَ النَّقْدَانِ فَهُوَ حَصْرٌ إضَافِيٌّ قُصِدَ بِهِ الِاحْتِرَازُ عَنْ الْكَيْلِ لَا تَعَيُّنُ الْوَزْنِ (قَوْلُهُ: أَوْ صَاعِ حِنْطَةٍ) أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الْبَاءِ) أَيْ وَبِفَتْحِهَا أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَالْبَاذِنْجَانِ) . [تَنْبِيهٌ] فِي اشْتِرَاطِ قَطْعِ أَقْمَاعِ الْبَاذِنْجَانِ احْتِمَالَانِ لِلْمَاوَرْدِيِّ، رَجَّحَ الزَّرْكَشِيُّ مِنْهُمَا الْمَنْعَ قَالَ: لِأَنَّهُ الْعُرْفُ فِي بَيْعِهِ، لَكِنْ يَشْهَدُ لِلِاشْتِرَاطِ قَوْلُ الْإِمَامِ: إذَا أَسْلَمَ فِي قَصَبِ السُّكَّرِ لَا يَقْبَلُ أَعْلَاهُ الَّذِي لَا حَلَاوَةَ فِيهِ وَيَقْطَعُ مَجَامِعَ عُرُوقِهِ مِنْ أَسْفَلِهِ وَيَطْرَحُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْقُشُورِ: أَيْ الْوَرَقِ اهـ. وَعَلَى الْأَوَّلِ يُفَرَّقُ بِأَنَّ التَّفَاوُتَ فِيمَا ذَكَرَ فِي الْقَصَبِ أَعْلَى مِنْهُ فِي الْأَقْمَاعِ فَسُومِحَ هُنَا لَا ثَمَّ اهـ حَجّ: وَقَالَ سم: لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحُ اشْتِرَاطِ الْقَطْعِ اهـ أَقُولُ: بَلْ قَدْ يَقْتَضِي عَدَمَ اشْتِرَاطِ الْقَطْعِ فَإِنَّ قَوْلَهُ لَا يُقْبَلُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْعَقْدَ صَحَّ بِدُونِ اشْتِرَاطٍ، وَلَكِنْ إذَا أَحْضَرَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِالْوَرَقِ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ الْقَبُولُ (قَوْلُهُ: بِالْمُثَلَّثَةِ وَالْمَدِّ) أَيْ وَبِكَسْرِ الْقَافِ وَضَمِّهَا، قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْقِثَّاءُ فُعَالٌ وَكَسْرُ الْقَافِ أَكْثَرُ مِنْ ضَمِّهَا، وَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ لِمَا يَقُولُ لَهُ النَّاسُ الْخِيَارُ وَالْعَجُوزُ وَالْفَقُّوسُ، الْوَاحِدَةُ قِثَّاءَةٌ، ثُمَّ قَالَ: وَبَعْضُ النَّاسِ يُطْلِقُ الْقِثَّاءَ عَلَى نَوْعٍ يُشْبِهُ الْخِيَارَ وَهُوَ مُطَابِقٌ لِقَوْلِ الْفُقَهَاءِ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْفَاكِهَةَ حَنِثَ بِالْقِثَّاءَةِ وَالْخِيَارِ، وَيُقَالُ هُوَ الْخِيَارُ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ نَوْعًا غَيْرَهُ فَإِنْ صَحَّ فَتَفْسِيرُ الْقِثَّاءِ بِالْخِيَارِ تَسَامُحٌ اهـ (قَوْلُهُ: وَالرُّمَّانِ) وَاللَّيْمُونِ وَالنَّارِنْجِ وَنَحْوِهَا مِنْ سَائِرِ الْفَوَاكِهِ وَزْنًا فَمَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الْجَوْزِ وَكِيلًا أَوْ وَزْنًا فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: كَالرَّانِجِ) اسْمٌ لِجَوْزَةِ الْهِنْدِ (قَوْلُهُ: لِكُلِّ وَاحِدَةٍ) أَيْ وَلَا لِلْجُمْلَةِ كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ، وَحِينَئِذٍ فَالْبِطِّيخَةُ الْوَاحِدَةُ وَالْعَدَدُ مِنْ الْبِطِّيخِ كُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ، فَلَوْ أَتْلَفَ إنْسَانٌ عَدَدًا مِنْ الْبِطِّيخِ فَهَلْ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مِثْلِيٍّ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ أَوْ يَضْمَنُ وَزْنَهُ بِطِّيخًا لِأَنَّهُ مَعَ النَّظَرِ لِمُجَرَّدِ الْوَزْنِ يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ وَامْتِنَاعُهُ فِيهِ إنَّمَا جَاءَ مِنْ جِهَةِ ذِكْرِ عَدَدٍ مِنْ وَزْنِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْمُتَّجَهُ مَا تَحَرَّرَ مِنْ الْمُبَاحَثَةِ مَعَ مَرَّ أَنَّ الْعَدَدَ مِنْ الْبِطِّيخِ مِثْلِيٌّ لِأَنَّهُ يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ فَيَضْمَنُ بِمِثْلِهِ إذَا تَلِفَ، وَإِنَّمَا يَعْرِضُ لَهُ امْتِنَاعُ السَّلَمِ فِيهِ إذَا جُمِعَ فِيهِ بَيْنَ الْعَدَدِ وَالْوَزْنِ الْغَيْرِ التَّقْرِيبِيِّ وَأَنَّ الْبِطِّيخَةَ الْوَاحِدَةَ مُتَقَوِّمَةٌ فَتُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ مَنْعُ السَّلَمِ فِيهَا وَإِنْ عَرَضَ جَوَازُهُ فِيهَا إذَا أُرِيدَ الْوَزْنُ التَّقْرِيبِيُّ اهـ سم. أَقُولُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ تَقَدَّرَ بِالْوَزْنِ وَقَدْ أَسْلَمَ فِي جُمْلَةٍ مِنْ الْبِطِّيخِ صَحَّ وَيُحْمَلُ عَلَى الْوَزْنِ التَّحْدِيدِيِّ، لَكِنَّ قَوْلَهُ إذَا جُمِعَ فِيهِ بَيْنَ الْعَدَدِ يُخَالِفُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ فَالْأَوْجَهُ الصِّحَّةُ حِينَئِذٍ فِي إلَخْ، وَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الْبِطِّيخَةِ الْوَاحِدَةِ مُطْلَقًا مَا لَمْ يَذْكُرْ الْوَزْنَ وَيُرِيدُ التَّقْرِيبِيَّ، فَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ عِبَارَةِ سم لَفْظُ " الْغَيْرِ " بَعْدَ قَوْلِهِ بَيْنَ الْعَدَدِ وَالْوَزْنِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بَعْدَ وَإِنْ عَرَضَ جَوَازُهُ فِيهَا إذَا أُرِيدَ الْوَزْنُ التَّقْرِيبِيُّ وَعَلَى ثُبُوتِهَا فَيَكُونُ الْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا قَيَّدَ الْوَزْنَ بِالتَّقْرِيبِيِّ أَوْ أَطْلَقَهُ وَقُلْنَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: فِي الصُّورَتَيْنِ) هُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لِانْتِفَاءِ عِزَّةِ الْوُجُودِ إذْ ذَاكَ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا لَوْ جَمَعَ فِي ثَوْبٍ بَيْنَ ذَرْعِهِ وَوَزْنِهِ، وَقَوْلُ السُّبْكِيّ لَوْ أَسْلَمَ فِي عَدَدٍ مِنْ الْبِطِّيخِ مَثَلًا كَمِائَةٍ بِالْوَزْنِ فِي الْجَمِيعِ دُونَ كُلِّ وَاحِدَةٍ جَازَ اتِّفَاقًا مَمْنُوعٌ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّهُ يَشْتَرِطُ ذِكْرَ حَجْمِ كُلِّ وَاحِدَةٍ فَيُؤَدِّي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ. (وَيَصِحُّ) السَّلَمُ (فِي الْجَوْزِ) وَأَلْحَقَ بِهِ بَعْضُهُمْ الْبُنَّ الْمَعْرُوفَ الْآنَ (وَاللَّوْزِ) وَالْبُنْدُقِ وَالْفُسْتُقِ فِي قِشْرِهَا الْأَسْفَلِ لَا الْأَعْلَى إلَّا قَبْلَ انْعِقَادِهِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (بِالْوَزْنِ فِي نَوْعٍ يَقِلُّ) أَوْ يَكْثُرُ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ كَالْإِمَامِ وَكَذَا لِلْمُصَنِّفِ فِي غَيْرِ شَرْحِ الْوَسِيطِ (اخْتِلَافُهُ) بِغِلَظِ الْقُشُورِ وَرِقَّتِهَا لِسُهُولَةِ الْأَمْرِ فِيهِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَشْتَرِطُوا ذَلِكَ فِي الرِّبَا فَهَذَا أَوْلَى إذْ الرِّبَا أَضْيَقُ مِمَّا هُنَا وَقَدَّمُوا مَا فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ لِأَنَّهُ تَبِعَ فِيهِ كَلَامَ الْأَصْحَابِ لَا مُخْتَصَرِهِ بَلْ قِيلَ إنَّهُ آخِرُ مُؤَلَّفَاتِهِ (وَكَذَا) يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ (كَيْلًا) (فِي الْأَصَحِّ) قِيَاسًا عَلَى الْحُبُوبِ وَالثَّمَرِ. وَالثَّانِي لَا لِتَجَافِيهِمَا فِي الْمِكْيَالِ وَيَجُوزُ فِي نَحْوِ الْمِشْمِشِ كَيْلًا وَوَزْنًا وَإِنْ اخْتَلَفَ نَوَاهُ كِبَرًا وَصِغَرًا (وَيُجْمَعُ فِي اللَّبِنِ) بِكَسْرِ الْبَاءِ وَهُوَ الطُّوبُ الَّذِي يُحَرَّقُ (بَيْنَ الْعَدِّ وَالْوَزْنِ) اسْتِحْبَابًا فَيَقُولُ مَثَلًا عَشْرُ لَبِنَاتٍ زِنَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ كَذَا لِأَنَّهَا تُضْرَبُ بِالِاخْتِيَارِ فَلَا تُفْضِي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ وَوَزْنُهُ تَقْرِيبٌ وَالْوَاجِبُ فِيهِ الْعَدُّ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَذْكُرَ طُولَ كُلٍّ وَعَرْضَهُ وَثَخَانَتَهُ وَأَنَّهُ مِنْ طِينِ كَذَا. وَلَا بُدَّ أَيْضًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الْبَيْعِ أَنْ لَا يُعْجَنَ بِنَجِسٍ، وَيَصِحُّ السَّلَمُ فِي آجُرَّ كَمُلَ نُضْجُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَشْتَرِطُ فِيهِ مَا شَرَطَ فِي اللَّبِنِ وَفِي خَزَفٍ إنْ انْضَبَطَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْمُنَاوَرَةِ وَالْكَوْزِ (وَلَوْ عَيَّنَ مِكْيَالًا) أَوْ مِيزَانًا أَوْ ذِرَاعًا أَوْ صَنْجَةً: أَيْ فَرْدًا مِنْ ذَلِكَ (فَسَدَ) السَّلَمُ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا (إنْ لَمْ يَكُنْ) مَا عَيَّنَ (مُعْتَادًا) كَكُوزٍ لَا يُعْرَفُ قَدْرُ مَا يَسَعُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ قَبْلَ قَبْضِ مَا فِي الذِّمَّةِ فَيُؤَدِّي إلَى التَّنَازُعِ، بِخِلَافِ بِعْتُك مِلْءَ ذَا الْكُوزِ مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِعَدَمِ الْغَرَرِ كَمَا مَرَّ، وَفِي مَعْنَى تَعْيِينِ الْمِكْيَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــSذِكْرُ الْوَزْنِ وَالْعَدِّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ أَوْ السَّلَمُ فِي الْوَاحِدَةِ مَعَ ذِكْرِ وَزْنِهَا فَالطَّرِيقُ لِصِحَّتِهِ أَنْ يَقُولَ فِي قِنْطَارٍ مَثَلًا مِنْ الْبِطِّيخِ تَقْرِيبًا حَجْمُ كُلِّ وَاحِدَةٍ كَذَا (قَوْلُهُ: فَيُؤَدِّي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ فِيهِ السَّلَمُ مَا لَمْ يُرِدْ الْوَزْنَ التَّقْرِيبِيَّ عَلَى مَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَأَلْحَقَ بِهِ بَعْضُهُمْ الْبُنَّ) مُعْتَمَدٌ زَادَ حَجّ: وَهُوَ وَاضِحٌ بَلْ الْوَجْهُ صِحَّتُهُ فِي لُبِّهِ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ لَا يُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ بِنَزْعِ قِشْرِهِ عَنْهُ كَمَا قَالَهُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ، بِخِلَافِ الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي لُبِّهِمَا وَحْدَهُ لِأَنَّهُ إذَا نُزِعَتْ قِشْرَتُهُ السُّفْلَى أَسْرَعَ إلَيْهِ الْفَسَادُ، وَالْمُرَادُ بِلُبِّ الْبُنِّ مَا هُوَ الْمَوْجُودُ غَالِبًا مِنْ الْقَلْبِ الَّذِي نُزِعَ قِشْرُهُ (قَوْلُهُ: إلَّا قَبْلَ انْعِقَادِهِ) أَيْ فَيَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ، وَظَاهِرُهُ عَوْدُ الِاسْتِثْنَاءِ لِلْجَوْزِ وَمَا مَعَهُ، وَيُتَأَمَّلُ ذَلِكَ فِيمَا عَدَا اللَّوْزَ فَإِنَّهُ قَبْلَ انْعِقَادِ قِشْرِ الْأَعْلَى لَا يُنْتَفَعُ بِهِ، وَمِنْ ثَمَّ اقْتَصَرُوا فِي الِاسْتِثْنَاءِ مِمَّا لَهُ كُمَّانِ وَيُبَاعُ فِي قِشْرِهِ الْأَعْلَى قَبْلَ انْعِقَادِهِ عَلَى اللَّوْزِ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ) أَيْ حَيْثُ قَيَّدَ صِحَّةَ السَّلَمِ فِيهِ بِنَوْعٍ يَقِلُّ اخْتِلَافُ قُشُورِهِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ فِي نَحْوِ الْمِشْمِشِ) كَالْخَوْخِ وَالتِّينِ وَمَحَلُّ جَوَازِهِ بِالْكَيْلِ فِيهِمَا إذَا لَمْ يَزِدْ جُرْمُهُمَا عَلَى الْجَوْزِ، فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ تَعَيَّنَ الْوَزْنُ (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْعَدِّ وَالْوَزْنِ) وَمِثْلُ ذَلِكَ الصَّابُونُ لِتَأَتِّي الْعِلَّةِ فِيهِ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فِي الْفَرْعِ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَوَزْنُهُ تَقْرِيبٌ) بِهَذَا يَنْدَفِعُ اسْتِشْكَالُ الْجَمْعِ فِي كُلِّ لَبِنَةٍ بَيْنَ الْوَزْنِ وَبَيَانِ طُولِهَا وَعَرْضِهَا وَثِخَنِهَا بِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ سم عَنْ حَجّ (قَوْلُهُ: وَفِي خَزَفٍ) أَيْ وَيَصِحُّ السَّلَمُ فِي إلَخْ، وَالْمُرَادُ أَوَانِي الْخَزَفِ، وَسَيَأْتِي لَهُ، نَقَلَهُ عَنْ الْأُشْمُونِيِّ وَعِبَارَتُهُ: قَالَ الْأُشْمُونِيُّ: وَالْمَذْهَبُ جَوَازُ السَّلَمِ فِي الْأَوَانِي الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الْفَخَّارِ وَلَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ مَا مَرَّ: أَيْ مِنْ الْعُمُومِ لَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ صَنْجَةً) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: قَالَ الْفَرَّاءُ: هِيَ بِالسِّينِ وَلَا يُقَالُ بِالصَّادِ، وَعَكَسَ ابْنُ السِّكِّيتِ وَتَبِعَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ فَقَالَ: صَنْجَةُ الْمِيزَانِ بِالصَّادِ وَلَا يُقَالُ بِالسِّينِ، وَفِي نُسْخَةٍ مِنْ التَّهْذِيبِ سَنْجَةٌ وَصَنْجَةٌ وَالسِّينُ أَعْرَبُ وَأَفْصَحُ فَهُمَا لُغَتَانِ، وَأَمَّا كَوْنُ السِّينِ أَفْصَحَ فَلِأَنَّ الصَّادَ وَالْجِيمَ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي كَلِمَةٍ عَرَبِيَّةٍ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَصِحُّ) أَيْ فَلَوْ تَلِفَ قَبْلَ الْقَبْضِ تَخَيَّرَ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ أَجَازَ صَدَقَ الْبَائِعُ فِي قَدْرِ مَا يَحْوِيهِ الْكُوزُ لِأَنَّهُ الْغَارِمُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مَا لَوْ شَرَطَ الذَّرْعَ بِذِرَاعِ يَدِهِ وَلَمْ يَكُنْ مَعْلُومَ الْقَدْرِ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ قَدْ يَمُوتُ قَبْلَ الْقَبْضِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ الْكَيْلُ مُعْتَادًا بِأَنْ عَرَفَ قَدْرَ مَا يَسَعُ (فَلَا) يَفْسُدُ السَّلَمُ (فِي الْأَصَحِّ) وَيَلْغُو تَعْيِينُهُ لِعَدَمِ الْغَرَضِ فِيهِ فَيَقُومُ غَيْرَ مَقَامِهِ، وَلَوْ شَرَطَ عَدَمَ إبْدَالِهِ بَطَلَ الْعَقْدُ، وَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ الْعَاقِدَيْنِ وَعَدْلَيْنِ مَعَهُمَا بِذَلِكَ كَمَا يَأْتِي فِي أَوْصَافِ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَلَوْ أَسْلَمَ إلَيْهِ فِي ثَوْبٍ كَهَذَا أَوْ صَاعِ بُرٍّ كَهَذَا لَمْ يَصِحَّ، أَوْ فِي ثَوْبٍ وَوَصَفَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي ثَوْبٍ آخَرَ بِتِلْكَ الصِّفَةِ جَازَ إنْ كَانَا ذَاكِرَيْنِ لِتِلْكَ الصِّفَاتِ، وَفَارَقَ مَا قَبْلَهُ بِأَنَّ الْإِشَارَةَ إلَى الْعَيْنِ لَمْ تَعْتَمِدْ الْوَصْفَ. وَالثَّانِي يَفْسُدُ لِتَعَرُّضِ الْكَيْلِ وَنَحْوِهِ لِلتَّلَفِ، وَلَوْ اخْتَلَفَتْ الْمَكَايِيلُ وَالْمَوَازِينُ وَالذُّرْعَانُ اُشْتُرِطَ بَيَانُ نَوْعٍ مِنْهَا مَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَالِبٌ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ الْإِطْلَاقُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ اُعْتِيدَ كَيْلٌ مَخْصُوصٌ فِي حَبٍّ مَخْصُوصٍ بِبَلَدِ السَّلَمِ فَيُحْمَلُ الْإِطْلَاقُ عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ. (وَلَوْ) (أَسْلَمَ فِي) قَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ (ثَمَرِ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ) (لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّهُ قَدْ يَنْقَطِعُ بِجَائِحَةٍ وَنَحْوِهَا فَلَا يَحْصُلُ مِنْهُ شَيْءٌ وَذَلِكَ غَرَرٌ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ السَّلَمِ الْمُؤَجَّلِ وَالْحَالِّ وَهُوَ كَذَلِكَ (أَوْ عَظِيمَةٍ صَحَّ فِي الْأَصَحِّ) إذْ لَا يَنْقَطِعُ ثَمَرُهَا غَالِبًا فَالْمَدَارُ عَلَى كَثْرَةِ ثَمَرِهَا بِحَيْثُ يُؤْمَنُ انْقِطَاعُهُ عَادَةً وَقِلَّتُهُ بِحَيْثُ لَا يُؤْمَنُ كَذَلِكَ لَا عَلَى كِبَرِهَا وَصِغَرِهَا فَالتَّعْبِيرُ بِهِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، أَمَّا السَّلَمُ فِي كُلِّهِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ لَا يُقَالُ: إنَّ هَذِهِ إنَّمَا تُنَاسِبُ شَرْطَ الْقُدْرَةِ لَا شَرْطَ مَعْرِفَةِ الْقَدْرِ. لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّمَا ذَكَرَ هَذَا لِكَوْنِهِ كَالتَّتِمَّةِ وَالرَّدِيفِ لِمَا بَيْنَ الشَّرْطَيْنِ مِنْ التَّنَاسُبِ، وَهَلْ يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ الثَّمَرُ أَوْ يَكْفِي الْإِتْيَانُ بِمِثْلِهِ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ، وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِمْ الْأَوَّلُ وَعَلَيْهِ لَوْ أَتَى بِالْأَجْوَدِ مِنْ غَيْرِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ أُجْبِرَ عَلَى قَبُولِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهُ كَتَعْيِينِ الْمِكْيَالِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ. (وَ) الشَّرْطُ السَّابِعُ (مَعْرِفَةُ الْأَوْصَافِ الَّتِي) تَتَعَلَّقُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ مَعَ عَدْلَيْنِ كَمَا يَأْتِي الَّتِي يَنْضَبِطُ الْمُسْلَمُ فِيهِ بِهَا وَ (يَخْتَلِفُ بِهَا الْغَرَضُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ مِنْ هَذِهِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُ مِنْ الْبُرِّ الْفُلَانِيِّ الْمَعْلُومِ لَهُمَا لَمْ يَصِحَّ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَأَنَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى كَوْنِ الْبُرِّ مُعَيَّنًا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ قَبْلَ قَبْضِ مَا فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: مَعَهُمَا بِذَلِكَ) أَيْ بِقَدْرِ مَا يَسَعُهُ الْمِكْيَالُ (قَوْلُهُ: كَهَذَا لَمْ يَصِحَّ) أَيْ لِجَوَازِ تَلَفِ الْمُشَارِ إلَيْهِ فَلَا تُعْلَمُ صِفَةُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ حَتَّى يَرْجِعَ فِيهَا لِلْعَدْلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ مَا قَبْلَهُ) هُوَ قَوْلُهُ: وَلَوْ أَسْلَمَ إلَيْهِ فِي ثَوْبٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَتْ الْمَكَايِيلُ) مِنْ ذَلِكَ مَا هُوَ بِمِصْرِنَا مِنْ تَفَاوُتِ كَيْلِ الرُّمَيْلَةِ وَكِيلِ غَيْرِهَا مِنْ بَقِيَّةِ مَكَايِيلِ مِصْرَ، وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنَّ الْعَاقِدَيْنِ إنْ كَانَا مِنْ الرُّمَيْلَةِ حُمِلَ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا حُمِلَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُعَيِّنَا غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: اُشْتُرِطَ بَيَانُ نَوْعٍ مِنْهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي إرَادَتُهُمَا لِوَاحِدٍ مِنْهَا وَهُوَ قِيَاسُ مَا لَوْ نَوَيَا نَقْدًا مِنْ نُقُودٍ لَا غَالِبَ فِيهَا اهـ حَجّ فِيمَا تَقَدَّمَ فِي التَّحَالُفِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ قَدْرَهُ أَوْ قَدْرَ الْمَبِيعِ تَحَالُفًا. (قَوْلُهُ: أَمَّا السَّلَمُ فِي كُلِّهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ كَأَنْ يَقُولُ: أَسْلَمْت إلَيْك فِي جَمِيعِ ثَمَرِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ سَلَمًا فِي مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ: لَا يُقَالُ إنَّ هَذِهِ) أَيْ مَسْأَلَةُ الْمَتْنِ الْمَذْكُورَةُ بِقَوْلِهِ لَوْ أَسْلَمَ فِي ثَمَرِ قَرْيَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِمَا بَيْنَ الشَّرْطَيْنِ) هُمَا الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ وَمَعْرِفَةِ الْقَدْرِ (قَوْلُهُ: وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِمْ الْأَوَّلُ) أَيْ قَوْلُهُ: وَهَلْ يَتَعَيَّنُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أُجْبِرَ) أَيْ الْمُسْلِمُ. (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانَ مُسَاوِيًا لِثَمَرِ الْقَرْيَةِ الْمُعَيَّنَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، لَكِنْ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: مَحَلُّ عَدَمِ إجْبَارِهِ عَلَى قَبُولِ الْمِثْلِ إنْ تَعَلَّقَ بِخُصُوصِ ثَمَرِ الْقَرْيَةِ غَرَضٌ لِلْمُسْلِمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا ذُكِرَ هَذَا لِكَوْنِهِ كَالتَّتِمَّةِ وَالرَّدِيفِ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم: يُمْكِنُ أَنْ يُوَجَّهَ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ هَاهُنَا لِمُنَاسَبَةِ مَسْأَلَةِ تَعْيِينِ الْمِكْيَالِ لِمَذْكُورٍ بِجَامِعِ أَنَّ عِلَّةَ الْبُطْلَانِ فِيهِمَا احْتِمَالُ التَّلَفِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَعِلَّةُ الصِّحَّةِ فِيهِمَا الْأَمْنُ مِنْ التَّلَفِ الْمَذْكُورِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ . (قَوْلُهُ: لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ مَعَ عَدْلَيْنِ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا فَهِمَهُ فِيمَا يَأْتِي آخِرَ الْفَرْعِ الْآتِي، أَمَّا عَلَى مَا فَهِمَهُ الشَّارِحُ الْجَلَالُ مِنْ أَنَّ مَقْصُودَ الْمُصَنِّفِ مِمَّا ذَكَرَهُ هُنَا كَوْنُ الْأَوْصَافِ مَعْرُوفَةً فِي نَفْسِهَا فَلَا حَاجَةَ

اخْتِلَافًا ظَاهِرًا) وَلَيْسَ الْأَصْلُ عَدَمَهَا لِتَقْرِيبِهِ مِنْ الْمُعَايَنَةِ، وَلِأَنَّ الْقِيمَةَ تَخْتَلِفُ بِسَبَبِهَا، إذْ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْجَهْلِ بِهِ إلَّا بِذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا يُتَسَامَحُ عَادَةً بِإِهْمَالِهِ كَالْكُحْلِ وَالسَّمْنِ، وَمَا الْأَصْلُ عَدَمُهُ كَكِتَابَةِ الْقِنِّ وَزِيَادَةِ قُوَّتِهِ عَلَى الْعَمَلِ، وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ بِاشْتِرَاطِ ذِكْرِ الْبَكَارَةِ أَوْ الثُّيُوبَةِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الثُّيُوبَةِ رُدَّ بِأَنَّهُ لَمَّا غَلَبَ وُجُودُهَا صَارَتْ بِمَنْزِلَةِ مَا الْأَصْلُ وُجُودُهُ، وَلَوْ شَرَطَ كَوْنَهُ سَارِقًا أَوْ زَانِيًا مَثَلًا صَحَّ بِخِلَافِ كَوْنِهِ مُغَنِّيًا أَوْ عَوَّادًا مَثَلًا: وَالْفَرْقُ أَنَّ هَذِهِ مَعَ خَطَرِهَا تَسْتَدْعِي طَبْعًا قَابِلًا وَصِنَاعَةً دَقِيقَةً فَيَعِزُّ وُجُودُهُمَا مَعَ الصِّفَاتِ الْمُعْتَبَرَةِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ (وَ) يُشْتَرَطُ (ذِكْرُهَا فِي الْعَقْدِ) مُقْتَرِنَةً بِهِ لِيَتَمَيَّزَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فَلَا يَكْفِي ذِكْرُهَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ وَلَوْ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ نَعَمْ لَوْ تَوَافَقَا قَبْلَ الْعَقْدِ وَقَالَا أَرَدْنَا فِي حَالَةِ الْعَقْدِ مَا كُنَّا اتَّفَقْنَا عَلَيْهِ صَحَّ مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَهُوَ نَظِيرُ مَنْ لَهُ بَنَاتٌ، وَقَالَ لِآخَرَ زَوَّجْتُك بِنْتِي وَنَوَيَا مُعَيَّنَةً لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ ذَلِكَ (عَلَى وَجْهٍ لَا يُؤَدِّي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ) ـــــــــــــــــــــــــــــSكَنُضْجِهِ أَوْ نَحْوِهِ، وَإِلَّا أُجْبِرَ عَلَى الْقَبُولِ لِأَنَّ امْتِنَاعَهُ مِنْهُ مَحْضُ تَعَنُّتٍ اهـ. وَعَلَيْهِ فَقَدْ قَالَ: لَمْ يَظْهَرْ حِينَئِذٍ فَرْقٌ بَيْنَ الْمِثْلِ وَالْأَجْوَدِ، وَلَا مَعْنَى مَا أَفَادَهُ كَلَامُهُ مِنْ تَعَيُّنِ ثَمَرِ الْقَرْيَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِتَعَيُّنِهِ اسْتِحْقَاقُ الطَّلَبِ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ، وَذَلِكَ لَا يُنَافِي الْإِخْبَارَ عَلَى قَبُولِ غَيْرِهِ حَيْثُ لَا غَرَضَ يَتَعَلَّقُ بِثَمَرِ الْقَرْيَةِ. (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْجَهْلِ بِهِ) أَيْ الْمُسْلَمُ فِيهِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِذَلِكَ) أَيْ ذِكْرِ الْأَوْصَافِ الَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الْغَرَضُ (قَوْلُهُ: كَالْكَحَلِ وَالسِّمَنِ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ شَرَطَهُ وَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ (قَوْلُهُ: صَارَتْ بِمَنْزِلَةِ مَا الْأَصْلُ وُجُودُهُ) أَيْ وَمَا الْأَصْلُ وُجُودُهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ فِي الْعَقْدِ إذَا اخْتَلَفَ بِهِ الْغَرَضُ، وَكُلٌّ مِنْ الثُّيُوبَةِ وَالْبَكَارَةِ يَخْتَلِفُ بِهِ الْغَرَضُ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ، فَإِذَا شَرَطَ الْبَكَارَةَ لَا يَجِبُ قَبُولُ الثَّيِّبِ، وَإِنْ شَرَطَ الثُّيُوبَةَ وَجَبَ قَبُولُ الثَّيِّبِ إذَا أَحْضَرَهَا. وَقِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ وُجُوبِ قَبُولِ الْأَجْوَدِ أَنَّهُ لَوْ أَحْضَرَ لَهُ الْبِكْرَ وَجَبَ قَبُولُهَا وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ قَدْ يَتَعَلَّقُ غَرَضُهُ بِالثَّيِّبِ لِضَعْفِ آلَتِهِ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى مَا هُوَ أَجْوَدُ عُرْفًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَرَطَ كَوْنَهُ سَارِقًا أَوْ زَانِيًا إلَخْ) أَيْ فَلَوْ أَتَى لَهُ بِغَيْرِ سَارِقٍ وَلَا زَانٍ وَجَبَ قَبُولُهُ لِأَنَّهُ خَيْرٌ مِمَّا شَرَطَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ عَوَّادًا) أَيْ أَوْ قَوَّادًا (قَوْلُهُ: صَحَّ عَلَى مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَاقْتَصَرَ عَلَى مَا نَقَلَهُ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ عَمِيرَةُ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ سم (قَوْلُهُ: لَا يُؤَدِّي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ) أَفْهَمَ ذِكْرُ هَذَا فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ مَعَ سُكُوتِهِمْ عَنْهُ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَى قَوْلِهِ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ مَعَ عَدْلَيْنِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْجَهْلِ بِهِ إلَّا بِذَلِكَ) هَذِهِ عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لِلْمَتْنِ، بَلْ هِيَ الَّتِي اقْتَصَرَ عَلَيْهَا فِي التُّحْفَةِ، فَكَانَ يَنْبَغِي عَطْفُهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا. (قَوْلُهُ: وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ) أَيْ عَلَى قَوْلِهِ وَمَا الْأَصْلُ عَدَمِهِ. (قَوْلُهُ: بِاشْتِرَاطِ إلَخْ) بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ أَنَّ هَذِهِ مَعَ خَطَرِهَا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ هَذَا الْفَرْقِ لَفَّقَهُ مِنْ فَرْقَيْنِ ذَكَرَهُمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ قَضِيَّةَ أَحَدِهِمَا تُخَالِفُ قَضِيَّةَ الْآخَرِ وَعِبَارَتَهُ، وَفَرَّقَ بِأَنَّهَا صِنَاعَةٌ مُحَرَّمَةٌ وَتِلْكَ أُمُورٌ تَحْدُثُ كَالْعَمَى وَالْعَوَرِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهَذَا فَرْقٌ لَا يَقْبَلُهُ ذِهْنُكَ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: بَلْ الْفَرْقُ صَحِيحٌ إذْ حَاصِلُهُ أَنَّ الْغِنَاءَ وَالضَّرْبَ بِالْعُودِ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالتَّعَلُّمِ وَهُوَ مَحْظُورٌ وَمَا أَدَّى إلَى الْمَحْظُورِ مَحْظُورٌ، بِخِلَافِ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَنَحْوِهِمَا فَإِنَّهَا عُيُوبٌ تَحْدُثُ مِنْ غَيْرِ تَعَلُّمٍ فَهُوَ كَالسَّلَمِ فِي الْعَبْدِ الْمَعِيبِ؛ لِأَنَّهَا أَوْصَافُ نَقْصٍ تَرْجِعُ إلَى الذَّاتِ فَالْعَيْبُ مَضْبُوطٌ فَصَحَّ، قَالَ: لَكِنْ يُفَرَّقُ بِوَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الْغِنَاءَ وَنَحْوَهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّعَلُّمِ مِنْ الطَّبْعِ الْقَابِلِ لِذَلِكَ وَهُوَ غَيْرُ مُكْتَسَبٍ، فَلَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي عَبْدٍ شَاعِرٍ بِخِلَافِ الزِّنَا وَنَحْوِهِ اهـ. وَعَلَى الْفَرْقِ الثَّانِي لَا يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْغِنَاءِ مَحْظُورًا: أَيْ بِآلَةِ الْمَلَاهِي الْمُحَرَّمَةِ بِخِلَافِهِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَصَرَّحَ

أَيْ قِلَّتِهِ لِأَنَّ السَّلَمَ غَرَرٌ كَمَا مَرَّ فَلَا يَصِحُّ فِيمَا لَا يُوثَقُ بِتَسْلِيمِهِ. (فَلَا يَصِحُّ) السَّلَمُ (فِيمَا لَا يَنْضَبِطُ مَقْصُودُهُ كَالْمُخْتَلَطِ الْمَقْصُودِ الْأَرْكَانِ) الَّتِي لَا تَنْضَبِطُ (كَهَرِيسَةٍ) وَكَشَكٍّ وَمَخِيضٍ فِيهِ مَاءٌ عَلَى مَا مَثَّلَ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ إذْ الْمَاءُ غَيْرُ مَقْصُودٍ فِيهِ، وَإِنَّمَا سَبَبُ عَدَمِ الصِّحَّةِ فِيهِ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ عَدَمِ انْضِبَاطِ حُمُوضَتِهِ فَإِنَّهُ عَيْبٌ فِيهِ، وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلٍّ نَحْوِ التَّمْرِ بِأَنَّ ذَاكَ لَا غِنَى لَهُ عَنْهُ فَإِنَّ قَوَامَهُ بِهِ، بِخِلَافِ هَذَا إذْ لَا مَصْلَحَةَ لَهُ فِيهِ وَمِثْلُهُ الْمَصْلُ، وَلَا يُرَدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ اللَّبَنُ الْمَشُوبُ بِالْمَاءِ حَيْثُ لَا يَصِحُّ فِيهِ السَّلَمُ مَعَ قَصْدِ أَرْكَانِهِ لِأَنَّا نَمْنَعُ قَصْدَ الْمَاءِ مَعَ اللَّبَنِ الْمَبْذُولِ فِي مُقَابَلَةِ الْمَالِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُمْ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لِلْجَهْلِ بِالْمَقْصُودِ مِنْهُ وَهُوَ اللَّبَنُ (وَمَعْجُونٍ) رُكِّبَ مِنْ جُزْأَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ (وَغَالِيَةٍ) وَهِيَ مَا رُكِّبَ مِنْ عَنْبَرٍ وَمِسْكٍ وَمَعَهُمَا دُهْنٌ أَوْ عُودٌ وَكَافُورٌ وَمِثْلُهَا النَّدُّ بِفَتْحِ النُّونِ مِسْكٌ وَعَنْبَرٌ وَعُودٌ خُلِطَ مِنْ غَيْرِ دُهْنٍ (وَخُفٍّ) وَنَعْلٍ رُكِّبَا مِنْ ظِهَارَةٍ وَبِطَانَةٍ وَحَشْوٍ لِأَنَّ الْعِبَارَةَ غَيْرُ وَافِيَةٍ بِذِكْرِ انْعِطَافَاتِهَا وَأَقْدَارِهَا، وَمِنْ ثَمَّ صَحَّ كَمَا أَفَادَهُ السُّبْكِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ فِي خُفٍّ أَوْ نَعْلٍ مُفْرَدٍ إنْ كَانَ جَدِيدًا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ عَنْ حَجّ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُقْبَضُ بِقَبْضِ الْعَيْنِ إلَخْ، وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ لَا يُشْتَرَطُ لِقَبْضِهِ زَمَنٌ مُعَيَّنٌ فَيَكُونُ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا، بِخِلَافِ رَأْسِ مَالِ الْمُسْلِمِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ وَالْمَجْلِسُ لَا يَدُومُ عُرْفًا، فَعِزَّةُ وُجُودِهِ لَا تُؤَدِّي إلَى تَنَازُعٍ أَصْلًا لِأَنَّهُ إنْ وَقَعَ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ السَّلَمُ وَإِلَّا فَلَا، عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَّفِقْ حُضُورُ رَأْسِ الْمَالِ جَازَ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ بِخِلَافِ الْمُسْلَمِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ) أَيْ وَلَوْ بِالدَّرَاهِمِ (قَوْلُهُ: وَمَعَهُمَا دُهْنٌ) أَيْ دُهْنٌ بَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَاوَرْدِيُّ بِالْجَوَازِ فِيمَا إذَا كَانَ الْغِنَاءُ مُبَاحًا اهـ. مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ . (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ فِيمَا لَا يَنْضَبِطُ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى اشْتِرَاطِ مَعْرِفَةِ الْأَوْصَافِ إذْ مَا لَا يَنْضَبِطُ مَقْصُودُهُ لَا تُعْرَفُ أَوْصَافُهُ. (قَوْلُهُ: إذْ الْمَاءُ غَيْرُ مَقْصُودٍ فِيهِ) أَيْ: مَعَ عَدَمِ مَنْعِهِ لِمَعْرِفَةِ الْمَقْصُودِ، كَذَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ حَجّ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْخَلْطَ بِغَيْرِ الْمَقْصُودِ إذَا لَمْ يَمْنَعْ الْعِلْمَ بِالْمَقْصُودِ لَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ، وَقَضِيَّةُ الْفَرْقِ الْآتِي خِلَافُهُ عَلَى أَنَّ لَك أَنْ تَمْنَعَ كَوْنَ الْمَاءِ لَا يَمْنَعُ الْعِلْمَ بِمَقْصُودِ الْمَخِيضِ، وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ فِي قُوتِهِ. فَرْعٌ: لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيمَا خَالَطَهُ مَا لَيْسَ بِمَقْصُودٍ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ كَاللَّبَنِ الْمَشُوبِ بِالْمَاءِ مَخِيضًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ قَضِيَّةُ الْفَرْقِ الْآتِي إذْ الضَّمِيرُ فِي كَلَامِهِ يَرْجِعُ إلَى اللَّبَنِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ عَيْبٌ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَأَنَّهُ عَيْبٌ فِيهِ، فَكَوْنُهَا عَيْبًا فِيهِ عِلَّةٌ ثَانِيَةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَانْظُرْ هَذَا مَعَ مَا سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَخَلِّ تَمْرٍ أَوْ زَبِيبٍ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ اللَّبَنُ الْمَشُوبُ بِالْمَاءِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ قِيلَ يَرِدُ عَلَى الْمَتْنِ اللَّبَنُ الْمَشُوبُ بِالْمَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ مَعَ قَصْدِ بَعْضِ أَرْكَانِهِ فَقَطْ وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْمَاءَ وَإِنْ لَمْ يُقْصَدْ لَكِنَّهُ يَمْنَعُ الْعِلْمَ بِالْمَقْصُودِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُمْ إلَخْ، فَالْإِيرَادُ حِينَئِذٍ عَلَى مَفْهُومِ الْمَتْنِ، ثُمَّ إنَّ قَضِيَّةَ صَنِيعِ الشَّارِحِ أَنَّ قَصْدَ الْأَرْكَانِ فِي الْمَخْلُوطِ مُقْتَضٍ لِلصِّحَّةِ وَإِنْ لَمْ يَنْضَبِطْ وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي الْمَتْنِ، وَأَنَّ عَدَمَ قَصْدِ بَعْضِ الْأَرْكَانِ مُقْتَضٍ لِلْفَسَادِ مُطْلَقًا وَهُوَ خِلَافُ مَا يَأْتِي، فَالصَّوَابُ مَا فِي التُّحْفَةِ، عَلَى أَنَّ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ شِبْهَ تَنَاقُضٍ حَيْثُ أَثْبَتَ فِي السُّؤَالِ أَنَّ الْمَاءَ مَقْصُودٌ وَلَمْ يُورِدْهُ عَلَى لِسَانِ قَائِلٍ ثُمَّ نَفَى ذَلِكَ فِي الْجَوَابِ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ زِيَادَةُ لَفْظِ بَعْضٍ قَبْلَ لَفْظِ أَرْكَانِهِ وَهِيَ لَا تُلَائِمُ الْجَوَابَ. (قَوْلُهُ: أَوْ عُودٍ وَكَافُورٍ) أَيْ وَمَعَهُمَا دُهْنٌ وَحُذِفَ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ حَتَّى يُوَافِقَ عِبَارَةَ التُّحْفَةِ، وَاَلَّذِي فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا مُرَكَّبَةٌ مِنْ مِسْكٍ وَعُودٍ وَعَنْبَرٍ وَكَافُورٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعِبَارَةَ غَيْرُ وَافِيَةٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الظِّهَارَةِ وَالْبِطَانَةِ وَالْحَشْوِ، وَالْعِبَارَةُ تَضِيقُ عَنْ الْوَفَاءِ بِذِكْرِ أَطْرَافِهَا وَانْعِطَافَاتِهَا

[السلم في حنطة مختلطة بشعير]

مِنْ غَيْرِ جِلْدٍ كَثَوْبٍ مُحِيطٍ جَدِيدٍ لَا مَلْبُوسٍ (وَتِرْيَاقٍ مَخْلُوطٍ) وَهُوَ بِفَوْقِيَّةٍ أَوْ دَالٍ أَوْ طَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَيَجُوزُ كَسْرُ أَوَّلِهِ وَضَمُّهُ، وَاحْتُرِزَ بِالْمَخْلُوطِ عَمَّا هُوَ بَبَّانٌ وَاحِدٌ أَوْ حَجَرٌ فَيَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ. وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي حِنْطَةٍ مُخْتَلِطَةٍ بِشَعِيرٍ وَلَا فِي أَدْهَانٍ مُطَيَّبَةٍ بِطِيبٍ نَحْوِ بَنَفْسَجٍ وَبَانٍ وَوَرْدٍ بِأَنْ خَالَطَهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ رُوِّحَ سِمْسِمُهَا بِالطِّيبِ الْمَذْكُورِ وَاعْتُصِرَ لَمْ يَضُرَّ كَمَا مَرَّ فِي الرِّبَا (وَالْأَصَحُّ) (صِحَّتُهُ فِي الْمُخْتَلَطِ) بِالصَّنْعَةِ (الْمُنْضَبِطِ) عِنْدَ أَهْلِ تِلْكَ الصَّنْعَةِ الْمَقْصُودِ الْأَرْكَانِ كَمَا بِأَصْلِهِ (كَعَتَّابِيٍّ) وَهُوَ مُرَكَّبٌ مِنْ قُطْنٍ وَحَرِيرٍ (وَخَزٍّ) وَهُوَ مُرَكَّبٌ مِنْ إبْرَيْسَمٍ وَوَبَرٍ أَوْ صُوفٍ لِسُهُولَةِ ضَبْطِ كُلِّ جُزْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَجْزَاءِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِانْضِبَاطِ هُنَا مَعْرِفَةُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَزْنَ كُلٍّ مِنْ الْأَجْزَاءِ كَمَا جَرَى عَلَى ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ لِأَنَّ الْقِيَمَ وَالْأَغْرَاضَ تَتَفَاوَتُ بِذَلِكَ تَفَاوُتًا ظَاهِرًا، وَعَلَيْهِ يَنْطَبِقُ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ لِسُهُولَةِ اخْتِلَاطِهَا وَأَقْدَارِهَا (وَ) فِي الْمُخْتَلَطِ خِلْقَةً أَوْ بِغَيْرِ مَقْصُودٍ غَيْرَ أَنَّهُ مِنْ مَصْلَحَتِهِ، فَمِنْ الثَّانِي نَحْوَ (جُبْنٍ وَأَقِطٍ) وَمَا فِيهِمَا مِنْ مِلْحٍ وَإِنفْحَةٍ مِنْ مَصَالِحِهِمَا (وَ) مِنْ الْأَوَّلِ نَحْوُ (شَهْدٍ) بِفَتْحِ الشِّينِ وَضَمِّهَا مُرَكَّبٌ مِنْ عَسَلِ النَّحْلِ وَشَمْعِهِ خِلْقَةً فَهُوَ شَبِيهٌ بِالتَّمْرِ وَفِيهِ النَّوَى (وَ) مِنْ الثَّانِي أَيْضًا نَحْوُ (خَلِّ تَمْرٍ أَوْ زَبِيبٍ) وَلَا يَضُرُّ الْمَاءُ لِأَنَّهُ مِنْ مَصْلَحَتِهِ، فَعُلِمَ أَنَّ جُبْنٍ وَمَا بَعْدَهُ مَعْطُوفٌ عَلَى عَتَّابِيٍّ لِفَسَادِ الْمَعْنَى بَلْ عَلَى الْمُخْتَلَطِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي السَّبْعَةِ يَنْفِي الِانْضِبَاطَ فِيهَا قَائِلًا بِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْحَرِيرِ وَالْمِلْحِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ جِلْدٍ) أَيْ أَمَّا مِنْهُ فَلَا يَصِحُّ لِاخْتِلَافِ أَجْزَائِهِ رِقَّةً وَضِدَّهَا (قَوْلُهُ: وَاحْتُرِزَ) أَيْ فِي اللُّغَاتِ الثَّلَاثِ وَيُقَالُ فِيهِ طِرَّاقٌ وَدِرَّاقٌ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَالتَّشْدِيدِ، كَذَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ بِهَامِشِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: بَبَّانٌ وَاحِدٌ إلَخْ) ضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِبَاءَيْنِ مُوَحَّدَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ وَتَشْدِيدِ الثَّانِيَةِ وَبِنُونٍ فِي آخِرِهِ: أَيْ شَيْءٌ وَاحِدٌ لِقَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَوْلَا أَنْ أَتْرُكَ النَّاسَ بَبَّانًا وَاحِدًا مَا فَتَحْت عَلَى قَرْيَةٍ: وَبَعْضُهُمْ بِنُونٍ وَبَاءٍ مَفْتُوحَةٍ بَعْدَهَا أَلِفٌ وَتَاءٌ مُثَنَّاةٌ فِي آخِرِهِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ أَوْ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: مُخْتَلِطَةٍ بِشَعِيرٍ) أَيْ وَإِنْ قَلَّ حَيْثُ اشْتَرَطَ خَلْطَهَا بِالشَّعِيرِ، فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ الْبُرِّ ثُمَّ أَحْضَرَهُ لَهُ مُخْتَلِطًا بِشَعِيرٍ وَجَبَ قَبُولُهُ إنْ قَلَّ الشَّعِيرُ بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ بِهِ تَفَاوُتٌ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ. وَبَقِيَ مَا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ خُلُوَّهُ مِنْ الشَّعِيرِ وَإِنْ قَلَّ كَوَاحِدَةٍ هَلْ يَصِحُّ السَّلَمُ أَمْ يَبْطُلُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ قِيَاسًا عَلَى لَحْمِ الصَّيْدِ بِمَوْضِعِ الْعِزَّةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ: إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ هَذَا مِمَّا لَا يَعِزُّ وُجُودُهُ، وَإِنْ كَانَ مُخْتَلِطًا فَيُمْكِنُ تَنْقِيَةُ شَعِيرِهِ بِحَيْثُ يَصِيرُ خَالِصًا خُصُوصًا إذَا كَانَ قَدْرًا يَسِيرًا فَلَعَلَّ الصِّحَّةَ هِيَ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ: وَخَزٍّ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْخَزُّ اسْمُ دَابَّةٍ ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى الثَّوْبِ الْمُتَّخَذِ مِنْ وَبَرِهَا وَالْجَمْعُ خُزُوزٌ مِثْلُ فُلُوسٍ اهـ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَهُوَ مُرَكَّبٌ مِنْ إبْرَيْسَمَ وَوَبَرٍ أَوْ صُوفٍ لَعَلَّهُ اصْطِلَاحٌ حَادِثٌ (قَوْلُهُ: مَعْرِفَةُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ) أَيْ وَعَدْلَيْنِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: تَفَاوُتًا ظَاهِرًا) زَادَ حَجّ: وَعَلَيْهِ يَظْهَرُ الِاكْتِفَاءُ بِالظَّنِّ، وَالْمُرَادُ الظَّنُّ عِنْدَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ (قَوْلُهُ: نَحْوُ جُبْنٍ) أَيْ غَيْرِ عَتِيقٍ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: كَمَا تَقَرَّرَ) زَادَ حَجّ: وَإِنْ أُرِيدَ بِالْمُنْضَبِطِ مَا لَا يَنْضَبِطُ مَقْصُودُهُ اخْتَلَطَ بِمَقْصُودٍ أَوْ لَا كَانَ الْكُلُّ مَعْطُوفًا عَلَى عَتَّابِيٍّ اهـ. وَبِهِ يُوَجَّهُ مَا فِي شَرْح الْمَنْهَجِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَتِرْيَاقٍ) قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ: التِّرْيَاقُ نَجِسٌ فَإِنَّهُ يُطْرَحُ فِيهِ لُحُومُ الْحَيَّاتِ أَوْ لَبَنُ الْأَتَانِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ عَلَى تِرْيَاقٍ طَاهِرٍ [السَّلَمُ فِي حِنْطَةٍ مُخْتَلِطَةٍ بِشَعِيرٍ] . (قَوْلُهُ: بَلْ عَلَى الْمُخْتَلِطِ كَمَا تَقَرَّرَ) قَدْ يُقَالُ: الَّذِي تَقَرَّرَ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى وَصْفِ الْمُخْتَلِطِ فَالْمُخْتَلِطُ مُسَلَّطٌ عَلَيْهِ كَمَا قَدَّرَهُ فِي كَلَامِهِ، عَلَى أَنَّ عَطْفَهُ عَلَى الْمُخْتَلِطِ يُفِيدُ أَنَّهُ غَيْرُ مُخْتَلِطٍ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ

[السلم فيما ندر وجوده]

وَالشَّمْعِ وَالْمَاءِ وَغَيْرِهِ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ، وَالسَّمَكُ الْمُمَلَّحُ كَالْجُبْنِ، وَيَصِحُّ السَّلَمُ فِي الزُّبْدِ وَالسَّمْنِ كَاللَّبَنِ، وَيُشْتَرَطُ ذِكْرُ جِنْسِ حَيَوَانِهِ وَنَوْعِهِ وَمَأْكُولِهِ مِنْ مَرْعًى أَوْ عَلَفٍ مُعَيَّنٍ بِنَوْعِهِ، وَيُذْكَرُ فِي السَّمْنِ أَنَّهُ جَدِيدٌ أَوْ عَتِيقٌ، وَلَا يَصِحُّ فِي حَامِضِ اللَّبَنِ لِأَنَّ حُمُوضَتَهُ عَيْبٌ إلَّا فِي مَخِيضٍ لَا مَاءَ فِيهِ فَيَصِحُّ فِيهِ، وَلَا يَضُرُّ وَصْفُهُ بِالْحُمُوضَةِ لِأَنَّهَا مَقْصُودَةٌ فِيهِ، وَاللَّبَنُ الْمُطْلَقُ يُحْمَلُ عَلَى الْحُلْوِ وَلَوْ جَفَّ، وَيَذْكُرُ طَرَاوَةَ الزُّبْدِ وَضِدَّهَا، وَيَصِحُّ السَّلَمُ فِي اللَّبَنِ كَيْلًا وَوَزْنًا، وَيُوزَنُ بِرَغْوَتِهِ وَلَا يُكَالُ بِهَا لِأَنَّهَا لَا تُؤَثِّرُ فِي الْمِيزَانِ، وَيَذْكُرُ نَوْعَ الْجُبْنِ وَبَلَدَهُ وَرُطُوبَتَهُ وَيُبْسَهُ الَّذِي لَا تَغَيُّرَ فِيهِ. أَمَّا مَا فِيهِ تَغَيُّرٌ فَلَا يَصِحُّ فِيهِ لِأَنَّهُ مَعِيبٌ: وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَنْعُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - السَّلَمَ فِي الْجُبْنِ الْقَدِيمِ، وَالسَّمْنِ يُوزَنُ وَيُكَالُ وَجَامِدُهُ الَّذِي يَتَجَافَى فِي الْمِكْيَالِ يُوزَنُ كَالزُّبْدِ وَاللِّبَا الْمُجَفَّفِ وَهُوَ غَيْرُ الْمَطْبُوخِ، عَلَى أَنَّ الْأَصَحَّ صِحَّتُهُ فِي الْمَطْبُوخِ كَالْمُجَفَّفِ كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ مَيْلُ الرَّوْضَةِ، وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ فِي كُلِّ مَا دَخَلَتْهُ نَارٌ لَطِيفَةٌ: أَيْ مَضْبُوطَةٌ. أَمَّا غَيْرُ الْمُجَفَّفِ فَكَاللَّبَنِ، وَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ مِنْ صِحَّةِ السَّلَمِ فِي الزُّبْدِ كَيْلًا وَوَزْنًا مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَا يَتَجَافَى فِي الْمِكْيَالِ (لَا) (الْخُبْزِ) فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ (فِي الْأَصَحِّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ) لِاخْتِلَافِ تَأْثِيرِ النَّارِ فِيهِ فَلَا يَنْضَبِطُ وَلِأَنَّ مِلْحَهُ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ: وَالثَّانِي وَصَحَّحَهُ الْإِمَامُ وَمَنْ تَبِعَهُ وَحَكَاهُ الْمُزَنِيّ عَنْ النَّصِّ الصِّحَّةُ لِأَنَّ نَارَهُ مَضْبُوطَةٌ وَالْمِلْحَ غَيْرُ مَقْصُودٍ، وَالْأَشْبَهُ كَمَا قَالَهُ الْأُشْمُونِيُّ إلْحَاقُ النِّيدَةِ بِالْخُبْزِ. (وَلَا يَصِحُّ) السَّلَمُ (فِيمَا نَدَرَ وُجُودُهُ كَلَحْمِ الصَّيْدِ بِمَوْضِعِ الْعِزَّةِ) أَيْ مَحَلٍّ يَعِزُّ وُجُودُهُ فِيهِ لِانْتِفَاءِ الْوُثُوقِ بِتَسْلِيمِهِ. نَعَمْ لَوْ كَانَ السَّلَمُ حَالًّا وَكَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ مَوْجُودًا عِنْدَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِمَوْضِعٍ يَنْدُرُ فِيهِ صَحَّ كَمَا فِي الِاسْتِقْصَاءِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى (وَلَا فِيمَا لَوْ اسْتَقْصَى وَصْفَهُ) الْوَاجِبَ ذِكْرُهُ فِي السَّلَمِ (عَزَّ وُجُودُهُ) كَمَا مَرَّ (كَاللُّؤْلُؤِ الْكِبَارِ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ، فَإِنْ ضُمَّ كَانَ مُفْرَدًا وَحِينَئِذٍ تُشَدَّدُ الْبَاءُ وَقَدْ تُخَفَّفُ (وَالْيَوَاقِيتِ) وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْجَوَاهِرِ النَّفِيسَةِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ التَّعَرُّضِ لِلْحَجْمِ ـــــــــــــــــــــــــــــSاهـ (قَوْلُهُ: وَالسَّمَكُ الْمُمَلَّحُ كَالْجُبْنِ) قَضِيَّةُ التَّنْظِيرِ بِالْجُبْنِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي الْقَدِيمِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ السَّلَمُ فِي الزُّبْدِ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: فَرْعٌ: أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِصِحَّةِ السَّلَمِ فِي الْقِشْطَةِ، وَلَا يَضُرُّ اخْتِلَاطُهَا بِالنَّطْرُونِ لِأَنَّهُ مِنْ مَصَالِحِهَا اهـ. فَهَلْ يَصِحُّ فِي الْمُخْتَلِطَةِ بِدَقِيقِ الْأُرْزِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَحْتَمِلُ الصِّحَّةَ مَرَّ انْتَهَى. وَيُحْمَلُ عَلَى الْمُعْتَادِ فِيهِ مِنْ كُلٍّ مِنْ النَّطْرُونِ وَالدَّقِيقِ (قَوْلُهُ: كَالزُّبْدِ وَاللِّبَأِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَاللِّبَأُ بِالْهَمْزِ وَالْقَصْرِ أَوَّلُ مَا يُحْلَبُ، وَغَيْرُ الْمَطْبُوخِ مِنْهُ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ قَطْعًا انْتَهَى سم عَلَى حَجّ. وَفِي الْمِصْبَاحِ: اللِّبَأُ مَهْمُوزٌ وِزَانُ عِنَبٍ أَوَّلُ اللَّبَنِ عِنْدَ الْوِلَادَةِ: قَالَ أَبُو زَيْدٍ: وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ ثَلَاثُ حَلَبَاتٍ، وَأَقَلُّهُ حَلْبَةٌ فِي النِّتَاجِ، وَغَيْرُ الْمَطْبُوخِ مِنْهُ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ قَطْعًا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَا يَتَجَافَى فِي الْمِكْيَالِ) أَيْ أَمَّا مَا يَتَجَافَى فِيهِ فَيَصِحُّ فِيهِ وَزْنًا لَا كَيْلًا (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الْأُشْمُونِيُّ) نَقَلَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ عَنْ الْقَمُولِيِّ (قَوْلُهُ: إلْحَاقُ النِّيدَةِ) وَأَمَّا النِّيلَةُ فَيَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا مَا لَمْ تُخْلَطْ بِالطِّينِ. (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) مُعْتَمَدٌ. قَالَ سم عَلَى حَجّ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ صَاحِبِ الِاسْتِقْصَاءِ: هَذَا وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الصِّحَّةِ خِلَافًا لِصَاحِبِ الِاسْتِقْصَاءِ اهـ. وَعَلَى كَلَامِ صَاحِبِ الِاسْتِقْصَاءِ لَوْ انْقَطَعَ عِنْدَ الْمَحَلِّ هَلْ يَتَخَيَّرُ الْمُسْلِمُ أَوْ يَتَبَيَّنُ الْبُطْلَانُ قِيَاسًا عَلَى تَلَفِ الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَرِدْ عَلَيْهِ بِخُصُوصِهِ حَتَّى لَوْ قُلْنَا بِصِحَّةِ السَّلَمِ ثُمَّ وَجَدَ عِنْدَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ خِلَافَهُ جَازَ لَهُ دَفْعُهُ، لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ فِي جُزْءٍ بِعَيْنِهِ، وَغَايَتُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَقْتَ الْعَقْدِ فَغَايَتُهُ أَنَّهُ وُجِدَ فِي ضِمْنِهِ الْمُسْلَمُ فِيهِ لِأَنَّهُ انْحَصَرَ فِيهِ وَتَشَخَّصَ (قَوْلُهُ: وَقَدْ تُخَفَّفُ) ظَاهِرُهُ اسْتِوَاؤُهُمَا مَفْهُومًا، وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ إذَا أَفْرَطَ فِي الْكِبَرِ قِيلَ كِبَّارٌ مُشَدَّدًا، وَإِذَا لَمْ يُفَرِّطْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ وَصْفُهُ بِالْحُمُوضَةِ إلَخْ) اُنْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ لَهُ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَهَرِيسَةٍ [السَّلَمُ فِيمَا نَدَرَ وُجُودُهُ] .

[السلم في الحيوان]

وَالْوَزْنِ وَالشَّكْلِ وَالصَّفَاءِ وَاجْتِمَاعُ هَذِهِ الْأُمُورِ نَادِرٌ، وَخَرَجَ بِالْكِبَارِ وَهِيَ مَا تُطْلَبُ لِلزِّينَةِ الصِّغَارُ وَهِيَ مَا تُطْلَبُ لِلتَّدَاوِي: أَيْ غَالِبًا وَضَبَطَهُ الْجُوَيْنِيُّ بِسُدُسِ دِينَارٍ، وَلَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ مِنْ كَثْرَةِ وُجُودِ كِبَارِهِ فِي زَمَنِهِمْ، أَمَّا الْآنَ فَهَذَا لَا يُطْلَبُ إلَّا لِلزِّينَةِ لَا غَيْرُ، فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ لِعِزَّتِهِ (وَجَارِيَةٍ) وَلَوْ قَلَّتْ صِفَاتُهَا كَزِنْجِيَّةٍ (وَأُخْتِهَا) أَوْ عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا (أَوْ وَلَدِهَا) أَوْ شَاةٍ وَسَخْلَتِهَا لِنُدْرَةِ اجْتِمَاعِهِمَا مَعَ الصِّفَاتِ الْمُشْتَرَطَةِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ عَدَمُ الصِّحَّةِ فِي إوَزَّةٍ وَأَفْرَاخِهَا أَوْ دَجَاجَةٍ كَذَلِكَ وَلَوْ مَعَ ذِكْرِ الْعَدَدِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ إذْ يَعِزُّ وُجُودُ الْأُمِّ وَأَوْلَادِهَا مَعَ مَا مَرَّ، عَلَى أَنَّ ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِمْ: حُكْمُ الْبَهِيمَةِ وَوَلَدِهَا حُكْمُ الْجَارِيَةِ وَوَلَدِهَا، وَإِنَّمَا صَحَّ شَرْطُ نَحْوَ الْكِتَابَةِ مَعَ نُدْرَةِ اجْتِمَاعِهَا مَعَ تِلْكَ الصِّفَاتِ لِسُهُولَةِ تَحْصِيلِهَا بِالتَّعَلُّمِ، وَيَصِحُّ فِي الْبَلُّورِ لَا الْعَقِيقِ لِاخْتِلَافِ أَحْجَارِهِ. [فَرْعٌ يَصِحُّ] السَّلَمُ (فِي الْحَيَوَانِ) لِثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ قَرْضًا فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اقْتَرَضَ بَكْرًا» وَقِيسَ عَلَى الْقَرْضِ السَّلَمُ وَعَلَى الْبَكْرِ غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْحَيَوَانِ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنْ يَأْخُذَ بَعِيرًا بِبَعِيرَيْنِ إلَى أَجَلٍ» وَهَذَا سَلَمٌ لَا قَرْضٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الْأَجَلِ وَالْفَضْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقِيلَ كُبَارٌ بِالضَّمِّ مُخَفَّفًا، وَمِثْلُهُ طُوَالٌ بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَضَبَطَهُ) أَيْ الصِّغَرَ، وَقَوْلُهُ: بِسُدُسِ دِينَارٍ: أَيْ وَقَدْرُ ذَلِكَ اثْنَتَا عَشْرَةَ شَعِيرَةً (قَوْلُهُ: كَزِنْجِيَّةٍ) بِفَتْحِ الزَّايِ وَكَسْرِهَا اهـ مُخْتَارٌ: وَهِيَ مِثَالٌ لِمَا قَلَّتْ صِفَاتُهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ لَوْنَ الزِّنْجِ لَا يَخْتَلِفُ، فَالصِّفَاتُ الْمُعْتَبَرَةُ فِيهَا هِيَ الطُّولُ وَنَحْوُهُ دُونَ اللَّوْنِ. (قَوْلُهُ: وَأُخْتُهَا) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي مَحَلٍّ يَكْثُرُ وُجُودُهُمَا فِيهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ لِنُدْرَةِ اجْتِمَاعِهِمَا إلَخْ، وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ عَلَى الْمَنْهَجِ نَصُّهَا: قَالَ فِي الْإِيعَابِ بَعْدَ كَلَامٍ قَرَّرَهُ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا بَيْنَ بَلَدٍ يَكْثُر فِيهِ الْجَوَارِي وَأَوْلَادُهُمْ بِالصِّفَةِ الْمَشْرُوطَةِ كَبِلَادِ السُّودَانِ وَأَنَّ لَا، خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ حَمْلًا لِلنَّصِّ بِالْمَنْعِ عَلَى بَلَدٍ لَا يَكْثُرُ فِيهِ ذَلِكَ اهـ. وَكُتِبَ عَلَيْهِ أَيْضًا: اُنْظُرْهُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ فِي الرُّطَبِ فِي الشِّتَاءِ عِنْدَ قَوْلِهِ لِانْتِفَاءِ الْوُثُوقِ إنْ كَانَ انْتِفَاءُ الْوُثُوقِ لِلنُّدْرَةِ فَلِمَ غَايَرَ فِي تَعْلِيلِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ فَمَا هُوَ، وَهَلَّا عَلَّلَ فِيهَا بِالنُّدْرَةِ أَيْضًا تَأَمَّلْ، وَقَدْ يَخْتَارُ الْأَوَّلَ وَإِنَّمَا غَايَرَ لِأَنَّ النُّدْرَةَ فِي الْأُولَى ذَاتِيَّةٌ وَفِي الثَّانِيَةِ عَدَمِيَّةٌ بِاعْتِبَارِ مَا عَرَضَ مَعَهُ تَأَمَّلْ اهـ بِحُرُوفِهِ. هَذَا وَقَدْ يُقَالُ كَثْرَةُ وُجُودِ الْإِمَاءِ فِي بِلَادِ السُّودَانِ مَعَ أَوْلَادِهِنَّ لَا تَسْتَلْزِمُ وُجُودَ الصِّفَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْأَوْلَادِ مَعَ الصِّفَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْأُمِّ، مَثَلًا إذَا وَصَفَ الْأُمَّ بِأَنَّهَا بِنْتُ عِشْرِينَ سَنَةً مَعَ كَوْنِ طُولِهَا كَذَا وَقَدِّهَا كَذَا وَوَصَفَ الْبِنْتَ بِأَنَّهَا بِنْتُ خَمْسِ سِنِينَ مَثَلًا وَأَنَّهَا بِصِفَةِ كَذَا عَزَّ اجْتِمَاعُ الصِّفَتَيْنِ فِيهِمَا فَلَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُ ذَلِكَ إلَّا فِي الْفَرْدِ النَّادِرِ، وَهُوَ غَيْرُ كَافٍ فِي صِحَّةِ السَّلَمِ (قَوْلُهُ: لَا الْعَقِيقِ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ. [السَّلَمُ فِي الْحَيَوَانِ] (قَوْلُهُ: فَرْعٌ يَصِحُّ السَّلَمُ) الْغَرَضُ مِنْ هَذَا الْفَرْعِ تَفْصِيلُ الصِّفَاتِ فَقَطْ لَا بَيَانُ الصِّحَّةِ لِأَنَّهَا عُلِمَتْ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: فِي الْحَيَوَانِ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا، قَالَ حَجّ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْحَيَوَانِ: أَيْ غَيْرِ الْحَامِلِ اهـ. وَلَعَلَّهُ لِعِزَّةِ الْوُجُودِ بِالصِّفَةِ الَّتِي يَذْكُرُهَا كَمَا مَرَّ فِي تَعْلِيلِ الْمَنْعِ فِي جَارِيَةٍ وَبِنْتِهَا، أَوْ أَنَّهُ بِالتَّنْصِيصِ عَلَى الْحَمْلِ صَيَّرَهُ مَقْصُودًا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَهَا وَحَمَلَهَا وَهُوَ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ: أَمَرَ عَبْدَ اللَّهِ) عِبَارَةُ حَجّ: أَمَرَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ اهـ: فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ سَقَطَ مِنْ الْقَلَمِ لَفْظَةُ ابْنَ فَلْيُرَاجَعْ، وَلَفْظُ أَبِي دَاوُد: «عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُ أَنْ يُجَهِّزَ جَيْشًا، فَنَفِدَتْ الْإِبِلُ فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ فِي قِلَاصِ الصَّدَقَةِ، فَكَانَ يَأْخُذُ الْبَعِيرَ بِالْبَعِيرَيْنِ» : أَيْ مِنْ إبِلِ الصَّدَقَةِ اهـ. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ أَنَّ فِي إسْنَادِهِ مَقَالًا اهـ. قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ: لَكِنْ لَهُ شَاهِدٌ صَحِيحٌ ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: الْقِلَاصُ جَمْعُ قَلُوصٍ وَهِيَ النَّاقَةُ الشَّابَّةُ وَيُجْمَعُ عَلَى قُلُوصٍ وَقَلَائِصُ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا سَلَمٌ) إنَّمَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ سَلَمًا عَلَى مُعْتَمَدِهِ إذَا عَقَدَ بِلَفْظِ السَّلَمِ، أَمَّا لَوْ عَقَدَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ فَهُوَ بَيْعٌ لَا سَلَمٌ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُهُمَا، وَتَصْحِيحُ الْحَاكِمِ النَّهْيَ عَنْ السَّلَفِ فِي الْحَيَوَانِ مَرْدُودٌ بِعَدَمِ ثُبُوتِهِ. (فَيُشْتَرَطُ فِي) السَّلَمِ فِي (الرَّقِيقِ) (ذِكْرُ نَوْعِهِ كَتُرْكِيٍّ) وَرُومِيٍّ وَحَبَشِيٍّ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِذَلِكَ، فَإِنْ اخْتَلَفَ صِنْفُ النَّوْعِ وَجَبَ ذِكْرُهُ كَرُومِيٍّ أَوْ خَطَائِيٍّ (وَ) ذِكْرُ (لَوْنِهِ) إنْ اخْتَلَفَ (كَأَبْيَضَ) وَأَسْوَدَ (وَيَصِفُ بَيَاضَهُ بِسُمْرَةٍ أَوْ شُقْرَةٍ) وَسَوَادَهُ بِصَفَاءٍ أَوْ كُدُورَةٍ وَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفْ لَوْنُ النَّوْعِ أَوْ الصِّنْفِ كَالزِّنْجِ لَمْ يَجِبْ ذِكْرُهُ (وَ) ذِكْرُ (ذُكُورَتِهِ وَأُنُوثَتِهِ) أَيْ أَحَدِهِمَا فَلَا يَصِحُّ فِي الْخُنْثَى وَثِيَابَتِهِ وَبَكَارَتِهِ، وَالْوَاوُ فِي هَذَا عَلَى مَا فِي كَثِيرٍ مِنْ النُّسَخِ وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ ضِدَّيْنِ مِمَّا يَأْتِي بِمَعْنَى أَوْ (وَسِنِّهِ) كَابْنِ عِشْرِينَ سَنَةً أَوْ مُحْتَلِمٍ: أَيْ أَوَّلِ عَامِ احْتِلَامِهِ بِالْفِعْلِ أَوْ وَقْتِهِ وَهُوَ تِسْعُ سِنِينَ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ سَلَمٌ إمَّا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، وَيُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ: لَا قَرْضٌ إلَخْ، فَإِنَّهُ جَعَلَ عِلَّةَ كَوْنِهِ لَيْسَ قَرْضًا مَا فِيهِ مِنْ الْأَجَلِ وَالزِّيَادَةِ، وَهُمَا كَمَا يَقْبَلُهُمَا السَّلَمُ يَقْبَلُهُمَا الْبَيْعُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْقَرْضَ (قَوْلُهُ: لَا يَقْبَلُهُمَا) أَيْ وَاحِدًا مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: عَنْ السَّلَفِ) أَيْ السَّلَمِ. (قَوْلُهُ: كَتُرْكِيٍّ) عِبَارَةُ حَجّ: كَتُرْكِيٍّ أَوْ حَبَشِيٍّ، وَصِفَةُ الْمُخْتَلَفِ كَرُومِيٍّ أَوْ خَطَّائِيٍّ وَهِيَ أَوْلَى لِأَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ يَلْزَمُهُ التَّنَاقُضُ فِي الرُّومِيِّ حَيْثُ جَعَلَهُ أَوَّلًا نَوْعًا لِلرَّقِيقِ وَثَانِيًا صِنْفًا لَهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ قَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَيَصِفُ بَيَاضَهُ) قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَفِي جَوَازِ أَبْيَضَ مُشَرَّبٍ بِحُمْرَةٍ أَوْ صُفْرَةٍ وَجْهَانِ: أَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَرْجَحُ الْجَوَازَ، وَيَكْفِي مَا يَنْطَبِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ مِنْهُ، بَلْ مَا ذَكَرَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَصِفُ بَيَاضَهُ بِسُمْرَةٍ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهَا الْحُمْرَةُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ فِي الْخُنْثَى) أَيْ وَإِنْ اتَّضَحَ بِالذُّكُورَةِ لِعِزَّةِ وُجُودِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَسْلَمَ إلَيْهِ فِي ذَكَرٍ فَجَاءَ لَهُ بِخُنْثَى اتَّضَحَ بِالذُّكُورَةِ، أَوْ عَكْسِهِ فَجَاءَ لَهُ بِأُنْثَى اتَّضَحَتْ أُنُوثَتُهَا لَمْ يَجِبْ قَبُولُهُ لِأَنَّ اجْتِمَاعَ الْآلَتَيْنِ يُقَلِّلُ الرَّغْبَةَ فِيهِ وَيُوَرِّثُ نَقْصًا فِي خِلْقَتِهِ، وَمِثْلُ الْخُنْثَى الْحَامِلُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَدَمُ صِحَّةِ السَّلَمِ فِي الْحَامِلِ عَنْ حَجّ. هَذَا، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ هُنَا: إذَا لَمْ يَذْكُرْ فِي الْعَقْدِ كَوْنَ الْمُسْلَمِ فِيهِ حَائِلًا أَوْ حَامِلًا ثُمَّ أَتَى لَهُ بِحَامِلٍ، فَإِنْ كَانَتْ مِمَّا يُعَدُّ الْحَمْلُ فِيهَا عَيْبًا لَمْ يَجِبْ قَبُولُهَا وَإِلَّا وَجَبَ (قَوْلُهُ: وَثِيَابَتِهِ) مِثْلُهُ فِي الْمَحَلِّيِّ وَهِيَ مَصْدَرُ ثَابَ إذَا رَجَعَ وَهُوَ مِنْ بَابِ قَالَ فَيُقَالُ ثَابَ ثَوْبًا، وَيَجُوزُ فِيهِ ثَوَبَانًا كَمَا فِي الْمُخْتَارِ وَالصِّحَاحِ، وَثُوُوبًا كَمَا فِي الْقَامُوسِ: أَيْ وَأَصْلُهُ ثُئُوبٌ كَقُعُودٍ اُسْتُثْقِلَتْ الضَّمَّةُ عَلَى الْوَاوِ الْأُولَى فَقُلِبَتْ هَمْزَةً، وَلَمْ أَرَ الثِّيَابَ فِي الصِّحَاحِ وَالْقَامُوسِ وَالْمِصْبَاحِ إلَّا فِي جَمْعِ الثَّوْبِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4] وَعَلَيْهِ فَانْظُرْ مَا وَجْهُ التَّعْبِيرِ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الرَّقِيقُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِالْأُنْثَى وَعِبَارَةُ مَتْنِ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَيَجِبُ فِي الْأَمَةِ ذِكْرُ الثِّيَابَةِ وَالْبَكَارَةِ: أَيْ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: أَوْ وَقْتِهِ) قَضِيَّةُ الْمُغَايَرَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَرُومِيٍّ) الصَّوَابُ حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ اخْتِلَافِ الصِّنْفِ كَمَا سَيَأْتِي، وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُهُ مِنْ اخْتِلَافِ النَّوْعِ وَالشَّارِحُ تَبِعَهُ هُنَا، وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا وَجْهَ لِلْجَمْعِ بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ: أَيْ أَوَّلَ عَامِ احْتِلَامِهِ بِالْفِعْلِ أَوْ وَقْتِهِ) هَذَا هُوَ بَحْثُ الْأَذْرَعِيِّ فَلَا يَأْتِي قَوْلُ الشَّارِحِ فَانْدَفَعَ مَا لِلْأَذْرَعِيِّ هُنَا، نَعَمْ قَوْلُ الشَّارِحِ وَهُوَ تِسْعُ سِنِينَ زَادَهُ عَلَى مَا فِي كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ بَيَانًا لِمُرَادِهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ النَّصِّ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ إطْلَاقُ مُحْتَلِمٍ، فَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ عَقِبَ مَا مَرَّ: وَفِي النَّفْسِ شَيْءٌ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِإِطْلَاقِ ذَلِكَ فَإِنَّ ابْنَ عَشْرٍ وَنَحْوِهَا قَدْ يَحْتَلِمُ وَقَدْ لَا يَحْتَلِمُ إلَّا بَعْدَ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ، وَالْغَرَضُ وَالْقِيمَةُ تَتَفَاوَتُ بِذَلِكَ تَفَاوُتًا بَيِّنًا اهـ. لَكِنَّ بَحْثَ الْعَلَّامَةِ حَجّ أَنَّ الْمُرَادَ احْتِلَامُهُ بِالْفِعْلِ إنْ تَقَدَّمَ عَلَى الْخَمْسَةَ عَشْرَةَ وَإِلَّا فَهِيَ وَإِنْ لَمْ يَرَ مَنِيًّا قَالَ فَلَا يُقْبَلُ مَا زَادَ عَلَيْهَا وَلَا مَا نَقَصَ عَنْهَا وَلَمْ يَحْتَلِمْ، فَقَوْلُهُ: فَلَا يُقْبَلُ إلَخْ صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ إطْلَاقِ مُحْتَلِمٍ فِي الْعَقْدِ، وَأَنَّ التَّفْصِيلَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا يَجِبُ قَبُولُهُ، وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي كَلَامِ الشَّارِحِ كَالْأَذْرَعِيِّ وَإِلَّا لَكَانَ يَجِبُ قَبُولُ ابْنِ تِسْعٍ مُطْلَقًا، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ النَّصِّ فِي الْعَقْدِ عَلَى أَحَدِ الْمَذْكُورِينَ

فَانْدَفَعَ مَا لِلْأَذْرَعِيِّ هُنَا وَيُعْتَمَدُ قَوْلُ الرَّقِيقِ فِي الِاحْتِلَامِ وَفِي السِّنِّ إنْ كَانَ بَالِغًا، وَإِلَّا فَقَوْلُ سَيِّدِهِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ الْمُسْلِمِ إنْ عَلِمَهُ وَإِلَّا فَقَوْلُ النَّخَّاسِينَ: أَيْ الدَّلَّالِينَ بِظُنُونِهِمْ (وَقَدِّهِ) أَيْ قَامَتِهِ (طُولًا وَقِصَرًا) وَرَبْعَةً فَيَذْكُرُ وَاحِدًا مِنْهَا لِاخْتِلَافِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنَّهُ لَوْ أَحْضَرَهُ بَعْدَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً مَثَلًا وَلَمْ يَسْبِقْ لَهُ احْتِلَامٌ لَا يَجِبُ قَبُولُهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إذَا أَحْضَرَ الْمُحْتَلِمَ بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً قَبِلَهُ وَغَيْرَ الْمُحْتَلِمِ وَهُوَ ابْنُ تِسْعٍ قَبِلَهُ، فَلَمْ يَجْعَلْ لِوَقْتِ الْقَبُولِ وَقْتًا بِعَيْنِهِ بَلْ أَقَلُّ وَقْتٍ يُقْبَلُ فِيهِ تِسْعٌ، وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمَدَارُ عَلَى كَوْنِهِ لَا يُقْبَلُ مَا دُونَ التِّسْعِ وَيُقْبَلُ مَا وَصَلَ إلَيْهَا فَمَا فَوْقُ وَإِنْ لَمْ يَحْتَلِمْ إلَى تَمَامِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً الَّتِي هِيَ وَقْتُ الْبُلُوغِ بِالسِّنِّ، وَمَعَ ذَلِكَ فَالتَّقَابُلُ بَيْنَ أَوَّلِ عَامِ الِاحْتِلَامِ وَوَقْتِهِ وَهُوَ التِّسْعُ فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّهُ إذَا اكْتَفَى بِبُلُوغِهِ التِّسْعَ لَمْ يَبْقَ لِاعْتِبَارِ الِاحْتِلَامِ بِالْفِعْلِ مَعْنًى، فَإِنَّهُ إذَا احْتَلَمَ فِي الْعَاشِرَةِ مَثَلًا كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْوَقْتِ الَّذِي يَجِبُ قَبُولُهُ فِيهِ، وَلَعَلَّ اعْتِبَارَ الِاحْتِلَامِ وَالْوَقْتِ وَجْهَانِ: فَمِنْهُمْ مَنْ اعْتَبَرَ الْوَقْتَ، وَمِنْهُمْ مَنْ اعْتَبَرَ الِاحْتِلَامَ. (قَوْلُهُ: فَانْدَفَعَ مَا لِلْأَذْرَعِيِّ) الَّذِي فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَوَّلُ عَامِ الِاحْتِلَامِ أَوْ وَقْتُهُ وَإِلَّا فَابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً مُحْتَلِمٌ اهـ. فَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُوَ كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ فَكَيْفَ يَقُولُ فَانْدَفَعَ إلَخْ طَبَلَاوِيٌّ بِهَامِشٍ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الشَّارِحَ لَمْ يَرُدَّ خُصُوصَ مَا نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ بَلْ يَجُوزُ أَنَّ مَا نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْهُ هُوَ مَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَاعْتَرَضَهُ بِكَلَامٍ قَصَدَ الشَّارِحُ دَفْعَهُ، وَالْأَذْرَعِيُّ لَهُ كُتُبٌ مُتَعَدِّدَةٌ كَالتَّوَسُّطِ وَالْقُوتِ وَالْغُنْيَةِ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ اعْتِرَاضِهِ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا عَدَمُ اعْتِرَاضِهِ فِي غَيْرِهِ. هَذَا وَقَالَ حَجّ: وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ احْتِلَامُهُ بِالْفِعْلِ إنْ تَقَدَّمَ عَلَى الْخَمْسَةَ عَشَرَ وَإِلَّا فَهِيَ وَإِنْ لَمْ يَرَ مَنِيًّا، وَلَا يُقْبَلُ مَا زَادَ عَلَيْهَا لِأَنَّ الصِّغَرَ مَقْصُودٌ فِي الرَّقِيقِ وَلَا مَا نَقَصَ عَنْهَا وَلَمْ يَحْتَلِمْ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ وَصْفُ الِاحْتِلَامِ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ، وَلَا نَظَرَ لِدُخُولِ وَقْتٍ بِتِسْعٍ لِأَنَّهُ مَجَازٌ وَلَا قَرِينَةَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَيُعْتَمَدُ قَوْلُ الرَّقِيقِ) قَالَ حَجّ: أَيْ الْعَدْلُ اهـ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ إذَا أَخْبَرَ بِالِاحْتِلَامِ لَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ يُقْبَلُ، وَنَظَرَ فِيهِ الشَّيْخُ حَمْدَانُ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ إلَّا مِنْهُ قُبِلَ: يَعْنِي بِخِلَافِ إخْبَارِهِ عَنْ السِّنِّ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ، بَلْ لَا بُدَّ لِقَبُولِهِ مِنْ كَوْنِهِ مُسْلِمًا عَدْلًا اهـ بِالْمَعْنَى وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَقَوْلُ سَيِّدِهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ السَّيِّدَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ الْعَبْدُ غَيْرَ بَالِغٍ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَحِينَئِذٍ فَيُمْكِنُ تَقْرِيرُ الشَّارِحِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُعْتَمَدُ قَوْلُ الرَّقِيقِ إنْ كَانَ بَالِغًا وَأَخْبَرَ وَإِلَّا يُوجَدُ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ أَوْ بَالِغًا وَلَمْ يُخْبِرْ، فَقَوْلُ السَّيِّدِ وَلَكِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ قَوْلُ الْعَبْدِ وَقَوْلُ السَّيِّدِ قُدِّمَ قَوْلُ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ إنَّمَا قُبِلَ قَوْلُ السَّيِّدِ عِنْدَ عَدَمِ إخْبَارِ الْعَبْدِ وَهُوَ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ، إنْ ظَهَرَتْ قَرِينَةٌ تُقَوِّي صِدْقَ السَّيِّدِ كَأَنْ وُلِدَ عِنْدَهُ وَادَّعَى أَنَّهُ أَرَّخَ وِلَادَتَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْعَبْدُ قَرِينَةً يُسْنِدْ إلَيْهَا بَلْ قَالَ سِنِّي كَذَا وَلَمْ يَزِدْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لحج مَا يُصَرِّحُ بِالْأَوَّلِ حَيْثُ قَالَ: وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ لَمْ يُولَدْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَعْلَمْ السَّيِّدُ مِنْ حَالِهِ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ الرَّقِيقُ غَيْرَ بَالِغٍ أَوْ بَالِغًا وَلَمْ يَعْلَمْ سِنَّ نَفْسِهِ وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَ السَّيِّدُ فِي سِنِّ الْعَبْدِ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ: أَيْ فَيُقَدَّمُ خَبَرُ الْعَبْدِ. (قَوْلُهُ: الْمُسْلِمِ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّقْيِيدِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي قَبُولِ قَوْلِ الرَّقِيقِ، وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ حَجّ كَشَرْحِ الرَّوْضِ اعْتِبَارُهُ اهـ وَعِبَارَتُهُ وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا حَجّ كَشَرْحِ الرَّوْضِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ تَصْدِيقِ السَّيِّدِ وَالرَّقِيقِ الْبَالِغَيْنِ إنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ عَاقِلَيْنِ، وَمَا ذَكَرَهُ سم مِنْ اعْتِبَارِ الْإِسْلَامِ فِي الرَّقِيقِ هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ اعْتِبَارِ حَجّ الْعَدَالَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَهُ) قَالَ حَجّ: وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ إنْ وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَقَوْلُ النَّخَّاسِينَ) مِنْ النَّخْسِ وَهُوَ الضَّرْبُ بِالْيَدِ عَلَى الْكِفْلِ: أَيْ فَإِنْ لَمْ يُخْبِرُوا بِشَيْءٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي كَلَامِهِ كَمَا قَرَّرْتُهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ كَالْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُ يَصِحُّ إطْلَاقُ مُحْتَلِمٍ وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا قَبُولُ ابْنِ تِسْعٍ فَقَطْ أَوْ مَنْ هُوَ فِي أَوَّلِ احْتِلَامِهِ بِالْفِعْلِ: أَيْ فَلَا يُقْبَلُ ابْنُ عَشْرٍ مَثَلًا إذَا لَمْ يَحْتَلِمْ بِالْفِعْلِ لَكِنْ لَا يَخْفَى مَا فِيهِ، وَيَجُوزُ أَنَّ الشَّارِحَ كَالْأَذْرَعِيِّ أَرَادَ بِقَوْلِهِمَا: أَيْ أَوَّلَ احْتِلَامِهِ بِالْفِعْلِ أَوْ وَقْتَهُ مُجَرَّدَ التَّرَدُّدِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ

الْغَرَضُ بِهَا (وَكُلِّهِ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِمَّا يَخْتَلِفُ كَالْوَصْفِ وَالسِّنِّ وَالْقَدِّ بِخِلَافِ نَحْوِ الذُّكُورَةِ (عَلَى التَّقْرِيبِ) فَلَوْ شَرَطَ كَوْنَهُ ابْنَ عَشَرٍ مَثَلًا مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ لَمْ يَصِحَّ لِنُدْرَتِهِ (وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْكَحَلِ) بِفَتْحَتَيْنِ، وَهُوَ سَوَادٌ يَعْلُو جَفْنَ الْعَيْنِ كَالْكُحْلِ مِنْ غَيْرِ اكْتِحَالٍ (وَالسِّمَنِ) فِي الْأَمَةِ (وَنَحْوِهِمَا) كَالدَّعَجِ: وَهُوَ شِدَّةُ سَوَادِ الْعَيْنِ مَعَ سَعَتِهَا وَتَكَلْثُمِ الْوَجْهِ. وَهُوَ اسْتِدَارَتُهُ وَثِقَلِ الْأَرْدَافِ وَرِقَّةِ الْخَصْرِ وَالْمَلَاحَةِ (فِي الْأَصَحِّ) لِتَسَامُحِ النَّاسِ بِإِهْمَالِهَا. وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ لِأَنَّهَا مَقْصُودَةٌ لَا تُؤَدِّي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ وَتَخْتَلِفُ الْقِيمَةُ بِسَبَبِهَا وَيَنْزِلُ فِي الْمَلَاحَةِ عَلَى أَقَلِّ دَرَجَاتِهَا، وَمَعَ ظُهُورِ هَذَا وَقُوَّتِهِ الْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ. وَيُسَنُّ ذِكْرُ تَفَلُّجِ الْأَسْنَانِ أَوْ غَيْرِهِ وَجَعْدِ الشَّعْرِ أَوْ سَبْطِهِ وَصِفَةِ الْحَاجِبَيْنِ لَا سَائِرِ الْأَوْصَافِ الَّتِي تُؤَدِّي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ كَمَا يَصِفُ كُلَّ عُضْوٍ عَلَى حِيَالِهِ بِأَوْصَافِهِ الْمَقْصُودَةِ وَإِنْ تَفَاوَتَ بِهِ الْعُرْفُ وَالْقِيمَةُ لِأَنَّ ذَلِكَ يُورِثُ الْعِزَّةَ، وَلَوْ أَسْلَمَ جَارِيَةً صَغِيرَةً فِي كَبِيرَةٍ صَحَّ كَإِسْلَامِ صَغِيرِ الْإِبِلِ فِي كَبِيرِهَا، فَإِنْ كَبِرَتْ بِكَسْرِ الْبَاءِ أَجْزَأَتْ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَإِنْ وَطِئَهَا كَوَطْءِ الثَّيِّبِ وَرَدَّهَا بِالْعَيْبِ. (وَفِي) الْمَاشِيَةِ كَالْبَقَرِ وَ (الْغَنَمِ وَالْإِبِلِ وَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ) (وَالسِّنِّ وَاللَّوْنِ وَالنَّوْعِ) لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ وَالْقِيمَةِ بِذَلِكَ، فَيَقُولُ فِي الْإِبِلِ بَخَاتِيٌّ أَوْ عِرَابٌ أَوْ مِنْ نِتَاجِ بَنِي فُلَانٍ أَوْ بَلَدِ بَنِي فُلَانٍ، وَفِي بَيَانِ الصِّفَاتِ أَرْحَبِيَّةٌ أَوْ مُهْرِيَّةٌ لِمَا مَرَّ، وَفِي الْخَيْلِ عَرَبِيٌّ أَوْ تُرْكِيٌّ أَوْ مِنْ خَيْلِ بَنِي فُلَانٍ لِطَائِفَةٍ كَبِيرَةٍ، وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِ جَوَازُ السَّلَمِ فِي الْأَبْلَقِ، وَقَدْ نُقِلَ ذَلِكَ فِي الْبَحْرِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، وَفِي الْحَاوِي: لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْبُلْقَ مُخْتَلِفٌ لَا يَنْضَبِطُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا مُخْتَصٌّ بِالْبَرَاذِينِ لِأَنَّهُ نَادِرٌ فِي الْعَتَاقِ، وَالْأَشْبَهُ الصِّحَّةُ بِبَلَدٍ يَكْثُرُ وُجُودُهَا فِيهِ، وَيَكْفِي مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ اسْمُ أَبْلَقَ كَسَائِرِ الصِّفَاتِ اهـ. وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْجَوَازِ عَلَى وُجُودِ ذَلِكَ بِكَثْرَةٍ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ، وَعَدَمُ الْجَوَازِ عَلَى خِلَافِ مَا ذُكِرَ، ـــــــــــــــــــــــــــــSوُقِفَ الْأَمْرُ إلَى الِاصْطِلَاحِ عَلَى شَيْءٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْكَحَلِ) أَيْ لَكِنْ لَوْ ذَكَرَ شَيْئًا وَجَبَ اعْتِبَارُهُ بِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ وَيَنْزِلُ عَلَى أَقَلِّ الدَّرَجَاتِ بِالنِّسْبَةِ لِغَالِبِ النَّاسِ (قَوْلُهُ: السِّمَنِ فِي الْأَمَةِ) إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْأَمَةِ لِكَوْنِهَا مَحَلَّ تَوَهُّمِ الِاشْتِرَاطِ دُونَ الْعَبْدِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ كَالْمَحَلِّيِّ وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي التَّقْيِيدِ بِالْأَمَةِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِمَا) أَيْ وَلَكِنْ يُسَنُّ ذِكْرُهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ وَقِيَاسًا عَلَى سَنِّ ذِكْرِ مُفَلَّجِ الْأَسْنَانِ وَمَا مَعَهُ الْآتِي بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَالْمَلَاحَةُ) هِيَ تَنَاسُبُ الْأَعْضَاءِ، وَقِيلَ صِفَةٌ يَلْزَمُهَا تَنَاسُبُ الْأَعْضَاءِ (قَوْلُهُ: بِإِهْمَالِهَا) أَيْ فِي الرَّقِيقِ، إذْ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْخِدْمَةُ لَا التَّمَتُّعُ فِي الْغَالِبِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ) أَيْ الذِّكْرُ (قَوْلُهُ: وَمَعَ ظُهُورِ هَذَا) أَيْ الثَّانِي (قَوْلُهُ: كَمَا يَصِفُ) مِثَالٌ لِلْمَنْفِيِّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَبِرَتْ) أَيْ الْجَارِيَةُ الَّتِي هِيَ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ حَيْثُ وُجِدَتْ فِيهَا صِفَاتُ الْمُسْلَمِ فِيهِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ وَغَيْرِهَا. وَإِنَّمَا خَصَّ الْجَارِيَةَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ قَدْ يُتَوَهَّمُ امْتِنَاعُهُ خَوْفًا مِنْ وَطْئِهَا ثُمَّ رَدِّهَا (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الْبَاءِ) وَضَابِطُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي الْمَعَانِي وَالْأَجْرَامِ فَبِالضَّمِّ، وَإِنْ كَانَ فِي السِّنِّ فَبِالْكَسْرِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَطِئَهَا) غَايَةٌ. (قَوْلُهُ: فِي الْأَبْلَقِ) فِي الْمُخْتَارِ: الْبُلْقُ سَوَادٌ وَبَيَاضٌ وَكَذَا الْبُلْقَةُ بِالضَّمِّ يُقَالُ فَرَسٌ أَبْلَقُ، وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِالْأَبْلَقِ مَا فِيهِ حُمْرَةٌ وَبَيَاضٌ، بَلْ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَبْلَقِ فِي كَلَامِهِمْ مَا اشْتَمَلَ عَلَى لَوْنَيْنِ فَلَا يَخْتَصُّ بِمَا فِيهِ بَيَاضٌ وَسَوَادٌ (قَوْلُهُ: عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا) أَيْ الْخِلَافُ فِي الْأَبْلَقِ (قَوْلُهُ: وَالْأَشْبَهُ الصِّحَّةُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وُجُودِ ذَلِكَ بِكَثْرَةٍ) كَأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ يُمْكِنُ أَنْ يُجْمَعَ بِهِ بَيْنَ كَلَامَيْ الْبَحْرِ وَالْحَاوِي، فَلَيْسَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَا سَائِرُ الْأَوْصَافِ) مُحْتَرَزُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ ذَكَرَ نَوْعَهُ إلَخْ . (قَوْلُهُ: لِطَائِفَةٍ كَبِيرَةٍ) أَيْ لِئَلَّا يُعَزَّ وُجُودُهُ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي ثِمَارِ الْقَرْيَةِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) رَاجِعٌ إلَى مَا قَبْلَ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ

وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ ذِكْرَ الْقَدِّ، وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ اتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ لَكِنْ جَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي إرْشَادِهِ بِاشْتِرَاطِهِ فِي الرَّقِيقِ وَفِي الْإِبِلِ وَالْخَيْلِ الْمَاوَرْدِيُّ، لِأَنَّ مَا يَرْفَعُهُ هَذَا فِي أَثْمَانِهَا أَكْثَرُ مِمَّا يَخْتَلِفُ أَثْمَانُ الْحِنْطَةِ بِصِغَرِ الْحَبَّاتِ وَكِبَرِهَا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ الْحَقُّ وَنَصُّ الْمُخْتَصَرِ يَقْتَضِيهِ، وَيَجِبُ طَرْدُهُ فِي الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَالْبَقَرِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْإِمَامِ الْجَزْمُ بِهِ حَتَّى فِي الْغَنَمِ أَيْضًا، فَعَلَى هَذَا يُشْتَرَطُ فِي سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ اتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ كَمَا مَرَّ يُحْمَلُ عَلَى كَوْنِ ذَلِكَ فِي بَلَدٍ لَا يَخْتَلِفُ بِذِكْرِهِ وَعَدَمِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ. (وَفِي الطَّيْرِ) وَالسَّمَكِ وَنَحْوِهِمَا (النَّوْعِ وَالصِّغَرِ وَكِبَرِ الْجُثَّةِ) أَيْ أَحَدُهُمَا وَلَوْنُ طَيْرٍ لَمْ يَرِدْ لِلْأَكْلِ كَمَا فِي الْوَسِيطِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ أَهْمَلَاهُ فَقَدْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ لَا بُدَّ مِنْهُ لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: اعْتِبَارُهُ غَرِيبٌ، وَيَظْهَرُ فِي بَعْضِ الطُّيُورِ حَيْثُ يَخْتَلِفُ بِهِ الْغَرَضُ وَالْقِيمَةُ. وَيَجِبُ ذِكْرُ سِنِّهِ إنْ عُرِفَ وَذُكُورَتِهِ وَأُنُوثَتِهِ إنْ أَمْكَنَ التَّمْيِيزُ وَتَعَلَّقَ بِهِ غَرَضٌ، وَكَوْنُ السَّمَكِ بَحْرِيًّا أَوْ نَهْرِيًّا طَرِيًّا أَوْ مَالِحًا، وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي النَّحْلِ وَإِنْ جَوَّزْنَا بَيْعَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ حَصْرُهُ بِعَدَدٍ وَلَا كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ. (وَفِي اللَّحْمِ) مِنْ غَيْرِ طَيْرٍ وَصَيْدٍ وَلَوْ قَدِيدًا مُمَلَّحًا (لَحْمُ بَقَرٍ) جَوَامِيسَ ـــــــــــــــــــــــــــــSبَحْثًا مُقَابِلًا كَلَامَهُمَا كَمَا قَدْ تُشْعِرُ بِهِ عِبَارَتُهُ، لَكِنْ فِي حَمْلِ كَلَامِ الْحَاوِي الْقَائِلِ بِعَدَمِ الْجَوَازِ عَلَى بَلَدٍ يَقِلُّ فِيهِ مُنَافَاةٌ لِتَعْلِيلِهِ بِأَنَّ الْبُلْقَ مُخْتَلِفٌ لَا يَنْضَبِطُ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ فِيهِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ جَعَلَ الْعِلَّةَ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ عَدَمَ الِانْضِبَاطِ لَا قِلَّةَ وُجُودِهِ وَكَثْرَتِهَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَشَارَ إلَى رَدِّ مَا عَلَّلَ بِهِ بِقَوْلِهِ وَيَكْفِي مَا يُصَدَّقُ عَلَيْهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْقَدِّ) أَيْ فِي الْمَاشِيَةِ (قَوْلُهُ: بِاشْتِرَاطِهِ) أَيْ الْقَدِّ (قَوْلُهُ: الْمَاوَرْدِيُّ) صَرِيحُ عِبَارَةِ الْمَنْهَجِ أَنَّ ابْنَ الْمُقْرِي جَازِمٌ بِمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَهُوَ خِلَافُ مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ، وَقَضِيَّةُ مَا فِي الْمَنْهَجِ أَنَّ الْمَاوَرْدِيَّ يَقُولُ: يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْقَدِّ فِي جَمِيعِ الْمَاشِيَةِ حَتَّى الْبَقَرِ، وَمَا هُنَا يَخْرُجُ مَا عَدَا الرَّقِيقَ وَالْخَيْلَ وَالْإِبِلَ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْمَاوَرْدِيَّ لَمْ يَذْكُرْ الِاشْتِرَاطَ فِي غَيْرِ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ وَيُوَافِقُهُ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ فِي قَوْلِهِ وَيَجِبُ طَرْدُهُ فِي الْبِغَالِ إلَخْ، هَذَا وَقَضِيَّةُ نَقْلِهِ مَا ذَكَرَ فِي الرَّقِيقِ عَنْ ابْنِ الْمُقْرِي أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ فِيهِ، وَلَيْسَ مُرَادًا لِتَصْرِيحِهِ بِهِ فِي قَوْلِهِ وَقَدِّهِ طُولًا وَقِصَرًا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَعَلَى هَذَا يُشْتَرَطُ) أَيْ الْقَدُّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) خِلَافًا لحج. (قَوْلُهُ: وَفِي الطَّيْرِ وَالسَّمَكِ وَنَحْوِهِمَا) عِبَارَةُ حَجّ وَمِثْلُهُ فِي الْمَنْهَجِ وَلَحْمِهِمَا، وَهِيَ تُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي لَحْمِ الطَّيْرِ وَالسَّمَكِ سِوَى هَذِهِ الثَّلَاثَةَ، وَلَا يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ فَلَعَلَّ نَحْوَهُمَا مُحَرَّفَةٌ عَنْ لَحْمِهِمَا، وَعَلَى كَوْنِهَا صَحِيحَةً فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهَا بَقِيَّةُ أَنْوَاعِ الصَّيْدِ (قَوْلُهُ: أَيْ أَحَدِهِمَا) أَيْ الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ (قَوْلُهُ: اعْتِبَارُهُ غَرِيبٌ) أَيْ مِنْ حَيْثُ النَّقْلُ وَإِلَّا فَلَا غَرَابَةَ فِيهِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ فِي بَعْضِ الطُّيُورِ) أَيْ اعْتِبَارُ اللَّوْنِ (قَوْلُهُ: وَكَوْنِ السَّمَكِ بَحْرِيًّا) أَيْ مِنْ الْبَحْرِ الْمِلْحِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَهْرِيًّا) أَيْ مِنْ الْبَحْرِ الْحُلْوِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي النَّحْلِ) بِالْحَاءِ: أَيْ وَأَمَّا النَّخْلُ بِالْخَاءِ فَالظَّاهِرُ صِحَّةُ السَّلَمِ لِإِمْكَانِ ضَبْطِهِ بِالطُّولِ وَنَحْوِهِ فَيَقُولُ أَسْلَمْت إلَيْك فِي نَخْلَةٍ صِفَتُهَا كَذَا فَيُحْضِرُهَا لَهُ بِالصِّفَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا. وَمِنْ الصِّفَةِ أَنْ يَذْكُرَ مُدَّةَ نَبَاتِهَا مِنْ نَحْوِ سَنَةٍ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: وَفِي اللَّحْمِ) لَوْ اخْتَلَفَ الْمُسْلِمُ وَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي كَوْنِهِ مُذَكًّى أَوْ غَيْرَهُ صَدَقَ الْمُسْلِمُ عَمَلًا بِالْأَصْلِ مَا لَمْ يَقُلْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَنَا ذَكَّيْته فَيَصْدُقُ، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كَلَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَكِنْ جَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي إرْشَادِهِ إلَخْ) فِيهِ أُمُورٌ: مِنْهَا أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَذْكُرْ الْقَدَّ فِي الرَّقِيقِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَمِنْهَا أَنَّ ابْنَ الْمُقْرِي لَمْ يَذْكُرْ مَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَعَكْسُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: مِمَّا يَخْتَلِفُ) مَا فِيهِ مَصْدَرِيَّةٌ .

أَوْ عِرَابٍ (أَوْ ضَأْنٍ أَوْ مَعْزٍ) ذَكَرٍ (خَصْيٍ رَضِيعٍ) هَزِيلٍ لَا أَعْجَفَ لِأَنَّ الْعَجَفَ عَيْبٌ (مَعْلُوفٍ أَوْ ضِدِّهَا) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ: أَيْ أُنْثَى فَحْلٍ فَطِيمٍ رَاعٍ سَمِينٍ، وَالرَّضِيعُ وَالْفَطِيمُ فِي الصَّغِيرِ، أَمَّا الْكَبِيرُ فَمِنْهُ الْجَذَعُ وَالثِّنْيُ وَنَحْوُهُمَا فَيُذْكَرُ أَحَدُ ذَلِكَ، وَذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهِ، إذْ لَحْمُ الرَّاعِيَةِ أَطْيَبُ وَالْمَعْلُوفَةِ أَدْسَمُ، وَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ عَلَفٍ يَكُونُ مُؤَثِّرًا فِي لَحْمِهَا كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَقَوَّاهُ. وَظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ قَبُولُ الرَّاعِيَةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ الظَّاهِرُ وُجُوبُ قَبُولِهَا: نَعَمْ إنْ لَمْ يَخْتَلِفْ بِهَا وَضِدُّهَا بَلَدٌ لَمْ يَجِبْ ذِكْرُ أَحَدِهِمَا وَكَذَا فِي لَحْمِ الصَّيْدِ وَيُذْكَرُ فِي السَّمَكِ وَالْجَرَادِ عِنْدَ عُمُومِهِمَا كَوْنُ ذَلِكَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا، وَيُذْكَرُ فِي الْحَيِّ الْعَدَدُ وَفِي الْمَيِّتِ الْوَزْنُ، وَيُشْتَرَطُ فِيهِ بَيَانُ عَيْنِ مَا صِيدَ بِهِ (مِنْ فَخْذٍ) بِإِعْجَامِ الذَّالِ (أَوْ كَتِفٍ أَوْ جَنْبٍ) أَوْ غَيْرِهِمَا لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ أَيْضًا بِهِمَا (وَيُقْبَلُ) حَتْمًا (عَظْمُهُ عَلَى الْعَادَةِ) فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ كَنَوَى التَّمْرِ، وَيَجُوزُ شَرْطُ نَزْعِهِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَجِبُ قَبُولُهُ وَيَجِبُ قَبُولُ جِلْدٍ يُؤْكَلُ فِي الْعَادَةِ مَعَ اللَّحْمِ لَا رَأْسٍ وَرِجْلٍ مِنْ طَيْرٍ وَذَنَبٍ أَوْ رَأْسٍ لَا لَحْمَ عَلَيْهِ مِنْ سَمَكٍ. (وَفِي الثِّيَابِ الْجِنْسُ) مِنْ كَتَّانٍ أَوْ قُطْنٍ وَالنَّوْعُ وَبَلَدُ نَسْجِهِ إنْ اخْتَلَفَ بِهِ الْغَرَضُ، وَقَدْ يُغْنِي ذِكْرُ النَّوْعِ عَنْ غَيْرِهِ (وَالطُّولُ وَالْعَرْضُ وَالْغِلَظُ وَالدِّقَّةُ) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، وَهُمَا صِفَتَانِ لِلْغَزْلِ (وَالصَّفَاقَةُ) وَهِيَ انْضِمَامُ بَعْضِ الْخُيُوطِ إلَى بَعْضٍ (وَالرِّقَّةُ) وَهِيَ ضِدُّهَا، وَهُمَا يَرْجِعَانِ لِصِفَةِ النَّسْجِ فَمَا هُنَا أَحْسَنُ مِمَّا فِي الرَّوْضَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالشَّارِحِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي (قَوْلُهُ: أَوْ ضَأْنٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ اللَّوْنِ بِأَنْ يَقُولَ مِنْ خَرُوفٍ أَبْيَضَ أَوْ أَسْوَدَ. وَيَنْبَغِي اشْتِرَاطُهُ إذَا اخْتَلَفَ بِهِ الْغَرَضُ. وَفِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ لِوَالِدِ الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ: وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِاعْتِبَارِ ذِكْرِ لَوْنِ الْحَيَوَانِ الْأَهْلِيِّ الْمُسْلَمِ فِي أَهْلِهِ لَحْمُهُ، وَقَدْ اعْتَبَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي لَحْمِ الْوَحْشِيِّ وَقَالَ: إنَّ لِأَلْوَانِهِ فِي لَحْمِهِ تَأْثِيرًا فَيَقْرَبُ أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ فِي الْأَهْلِيِّ إلَّا أَنْ يَتَّضِحَ فَرْقٌ وَلَا إخَالُهُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ اهـ. وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَ الْغَرَضُ بَيْنَ لَحْمِ الْعَرَبِيِّ وَالْمِرْعِزِّ وَجَبَ ذِكْرُهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَمِنْهُ الْجَذَعُ) اُنْظُرْ لَوْ ذَكَرَ كَوْنَهَا جَذَعَةَ ضَأْنٍ هَلْ تُجْزِي مَا أَجْذَعَتْ قَبْلَ الْعَامِ أَوْ مَا تَأَخَّرَ إجْذَاعُهَا عَنْ تَمَامِ الْعَامِ، وَقَدْ يُقَالُ لَا تُجْزِي فِي الْأَوَّلِ، وَكَذَا فِي الثَّانِي إنْ اخْتَلَفَ بِهِ الْغَرَضُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَالْأَقْرَبُ الِاكْتِفَاءُ بِهَا إذَا أَجْذَعَتْ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ فِي وَقْتٍ جَرَتْ الْعَادَةُ بِإِجْذَاعِ مِثْلِهَا فِيهِ لِأَنَّ عُدُولَهُ عَنْ التَّقْدِيرِ بِالسِّنِّ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ مُسَمَّى الْجَذَعَةِ، وَإِنْ أَجْذَعَتْ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ فَتُجْزِي قَبْلَهَا، وَكَذَا بَعْدَهَا مَا لَمْ تَنْتَقِلْ إلَى حَدٍّ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهَا جَذَعَةٌ عُرْفًا (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ فِيهَا) أَيْ الْمَعْلُوفَةِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَخْتَلِفْ بِهَا) أَيْ بِالرَّاعِيَةِ (قَوْلُهُ: وَضِدِّهَا) أَيْ الْمَعْلُوفَةِ (قَوْلُهُ: بَلَدٌ) أَيْ غَرَضُ أَهْلِ بَلَدٍ بِأَنْ يَتَفَاوَتَ لَحْمُهُمَا عِنْدَهُمْ (قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي لَحْمِ الصَّيْدِ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهَا فِيهِ لِعَدَمِ تَأَتِّيهَا فِيهِ، وَكَذَا الطَّيْرُ، وَعَلَيْهِ فَيُشْتَرَطُ فِي لَحْمِهَا النَّوْعُ وَصِغَرُ الْجُثَّةِ أَوْ كِبَرُهَا دُونَ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَيُقْبَلُ عَظْمُهُ إلَخْ) لَا نَزْعُ نَوَى التَّمْرِ عَلَى الْأَوْجَهِ مِنْ وَجْهَيْنِ فِيهِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ التَّمْرَ يُدَّخَرُ غَالِبًا وَنَزْعَ نَوَاهُ يُعَرِّضُهُ لِلْإِفْسَادِ بِخِلَافِ الْعَظْمِ اهـ حَجّ. وَظَاهِرُهُ كَالْمَحَلِّيِّ أَنَّ شَرْطَ نَزْعِ الْعَظْمِ لَا خِلَافَ فِيهِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي نَزْعِ نَوَى التَّمْرِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الشَّارِحَ سَقَطَ مِنْهُ لَفْظُ لَا نَزْعَ إلَخْ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ قَصَدَ مُخَالَفَةَ حَجّ فِي ذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ، هَذَا إنْ رَجَعَ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ شَرْطُ نَزْعِهِ لِلتَّمْرِ، أَمَّا لَوْ رَجَعَ لِلْعَظْمِ لِكَوْنِهِ الْمُحَدَّثَ عَنْهُ أَمْكَنَ جَعْلُهُ مُوَافِقًا لِكَلَامِ حَجّ، وَهُوَ الظَّاهِرُ فَإِنَّهُ يَدُلُّ بِمَفْهُومِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ شَرْطُ نَزْعِ نَوَى التَّمْرِ (قَوْلُهُ: لَا لَحْمَ عَلَيْهِ) رَاجِعٌ لِلذَّنَبِ وَالرَّأْسِ. أَمَّا الرِّجْلُ فَلَا يَجِبُ قَبُولُهَا مُطْلَقًا عَلَيْهَا لَحْمٌ أَمْ لَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَكَذَا فِي لَحْمِ الصَّيْدِ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذِكْرُ هَذِهِ الْأَوْصَافِ، وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ: وَيُذْكَرُ فِي لَحْمِ الصَّيْدِ مَا يُذْكَرُ فِي لَحْمِ غَيْرِهِ إلَّا الْخِصَى وَالْعَلَفُ وَضِدُّهُمَا وَالذُّكُورَةُ وَالْأُنُوثَةُ إلَّا إنْ أَمْكَنَ وَفِيهِ غَرَضٌ. (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ فِيهِ بَيَانُ عَيْنِ مَا صِيدَ بِهِ) يَعْنِي فِي لَحْمِ الصَّيْدِ وَكَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهُ عَقِبَهُ .

كَأَصْلِهَا مِنْ إسْقَاطِهِمَا. نَعَمْ قَدْ يُسْتَعْمَلُ الدَّقِيقُ مَوْضِعَ الرَّقِيقِ وَعَكْسُهُ (وَالنُّعُومَةُ وَالْخُشُونَةُ) وَكَذَا اللَّوْنُ فِي نَحْوِ قُطْنٍ وَوَبَرٍ وَحَرِيرٍ (وَمُطْلَقُهُ) أَيْ الثَّوْبِ عَنْ قِصَرٍ وَعَدَمِهِ (يُحْمَلُ عَلَى الْخَامِ) دُونَ الْمَقْصُورِ لِأَنَّ الْقِصَرَ صِفَةٌ زَائِدَةٌ، فَلَوْ أَحْضَرَ الْمَقْصُورَ فَهُوَ أَوْلَى، قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَمُقْتَضَاهُ وُجُوبُ قَبُولِهِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ إلَّا أَنْ يَخْتَلِفَ بِهِ الْغَرَضُ فَلَا يَجِبُ قَبُولُهُ (وَيَجُوزُ فِي الْمَقْصُورِ) لِانْضِبَاطِهِ فَلَا يَجُوزُ فِي الْمَلْبُوسِ وَلَوْ لَمْ يُغْسَلْ لِانْتِفَاءِ انْضِبَاطِهِ، بِخِلَافِ الْجَدِيدِ وَإِنْ غُسِلَ وَلَوْ قَمِيصًا وَسَرَاوِيلَ إنْ أَحَاطَ الْوَصْفُ بِهِمَا وَإِلَّا فَلَا، وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ تَنَاقُضُ الشَّيْخَيْنِ فِي ذَلِكَ (وَ) يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْكَتَّانِ لَكِنْ بَعْدَ دَقِّهِ: أَيْ نَفْضِهِ لَا قَبْلَهُ فَيَذْكُرْ بَلَدَهُ وَلَوْنَهُ وَطُولَهُ أَوْ قِصَرَهُ وَنُعُومَتَهُ أَوْ خُشُونَتَهُ وَدِقَّتَهُ أَوْ غِلَظَهُ وَعِتْقَهُ أَوْ حَدَاثَتَهُ إنْ اخْتَلَفَ الْغَرَضُ بِذَلِكَ، وَفِي (مَا صُبِغَ غَزْلُهُ قَبْلَ النَّسْجِ كَالْبُرُودِ) إذَا بَيَّنَ مَا يُصْبَغُ بِهِ وَكَوْنَهُ فِي الصَّيْفِ أَوْ الشِّتَاءِ، وَاللَّوْنَ وَبَلَدَ الصَّبْغِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَالْأَقْيَسُ صِحَّتُهُ فِي الْمَصْبُوغِ بَعْدَهُ) أَيْ النَّسْجِ كَمَا فِي الْغَزْلِ الْمَصْبُوغِ (قُلْت: الْأَصَحُّ مَنْعُهُ) لِأَنَّ الصَّبْغَ بَعْدَهُ يَسُدُّ الْفُرَجَ فَلَا تَظْهَرُ الصَّفَاقَةُ وَلَا الرِّقَّةُ مَعَهُ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ (وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ) وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَيَجُوزُ فِي الْحَبِرَةِ وَعَصَبِ الْيَمَنِ إنْ وَصَفَهُ حَتَّى تَخْطِيطِهِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ، وَقَوْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ إلَّا عَصَبَ الْيَمَنِ غَلَطٌ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا لَا يَضْبِطُهُ الْوَصْفُ. (وَفِي التَّمْرِ) وَالزَّبِيبِ (لَوْنَهُ وَنَوْعَهُ) كَمَعْقِلِيٍّ أَوْ بَرْنِيِّ (وَبَلَدَهُ) كَبَصْرِيٍّ أَوْ بَغْدَادِيٍّ (وَصِغَرَ الْحَبَّاتِ وَكِبَرَهَا) أَيْ أَحَدَهُمَا لِأَنَّ صَغِيرَ الْحَبِّ أَقْوَى وَأَشَدُّ (وَعِتْقَهُ وَحَدَاثَتَهُ) أَيْ أَحَدَهُمَا وَكَوْنَ جَفَافِهِ بِأُمِّهِ أَوْ الْأَرْضِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فَإِنَّ الْأَوَّلَ أَبْقَى وَالثَّانِي أَصْفَى لَا مُدَّةَ جَفَافِهِ إلَّا فِي بَلَدٍ يَخْتَلِفُ بِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: قَدْ يُسْتَعْمَلُ) أَيْ مَجَازًا (قَوْلُهُ: قَدْ يُسْتَعْمَلُ الرَّقِيقُ إلَخْ) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ التَّفْرِقَةَ هِيَ الْأَصْلُ، وَفِي ع مَا نَصُّهُ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَالرِّقَّةُ هُوَ يُوَافِقُ مَا نَقَلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ لَكِنَّ فِي الصِّحَاحِ الدَّقِيقُ وَالرَّقِيقُ خِلَافُ الْغَلِيظِ (قَوْلُهُ: وَحَرِيرٍ) زَادَ حَجّ: وَإِطْلَاقُهُمْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَخْتَلِفُ مِنْ كَتَّانٍ وَقُطْنٍ اهـ. وَلْيُتَأَمَّلْ مَا ذَكَرَهُ فِي الْقُطْنِ حَيْثُ ذَكَرَهُ فِيمَا يَجِبُ فِيهِ بَيَانُ اللَّوْنِ وَفِيمَا لَا يَخْتَلِفُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ نَوْعَانِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَخْتَلِفَ) أَيْ لِعَامَّةِ النَّاسِ لَا لِخُصُوصِ الْمُسْلِمِ كَمَا هُوَ الْقِيَاسُ فِي نَظَائِرِهِ (قَوْلُهُ: لِانْضِبَاطِهِ) وَمِنْ انْضِبَاطِهِ أَنْ لَا تَدْخُلَهُ النَّارُ وَأَنْ يَكُونَ بِغَيْرِ دَوَاءٍ، وَعِبَارَةُ ع: قَوْلُ الشَّارِحِ وَفَرَّقَ الْمَانِعُونَ. إلَخْ هَذَا يُفِيدُك أَنَّ الْمَقْصُورَ إذَا كَانَ فِيهِ دَوَاءٌ يَمْتَنِعُ. أَقُولُ: خُصُوصًا إذَا كَانَ يُغْلَى عَلَى النَّارِ كَمَا هُوَ مَوْجُودٌ بِبِلَادِنَا، بَلْ وَفِي الْبَعْلَبَكِيِّ فِيمَا بَلَغَنِي فَإِنَّ تَأْثِيرَ النَّارِ وَأَخْذَهَا مَنْ قُوَاهُ غَيْرُ مُنْضَبِطٍ بَلْ وَلَوْ خَلَا عَنْ الدَّوَاءِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، ثُمَّ الْمَصْقُولُ بِالنَّشَا مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: أَيْ نَفْضِهِ) أَيْ مِنْ النَّاسِ وَلَعَلَّهُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ ضَبْطُهُ قَبْلَ نَفْضِهِ بِالْوَصْفِ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ جَوَازُ بَيْعِهِ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَعْتَمِدُ الْمُعَايَنَةَ بِخِلَافِ السَّلَمِ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْيَسُ) أَيْ وَالْأَوْفَقُ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الصَّبْغَ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَا غُسِلَ بِحَيْثُ زَالَ انْسِدَادُ الْفَرْجِ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ بِأَنْ يَقُولَ: أَسْلَمْت فِي مَصْبُوغٍ بَعْدَ النَّسْجِ مَغْسُولٍ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ انْسِدَادٌ فِيهِ إلَخْ، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ طب اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ فِي الْحِبَرَةِ) وَالْحِبَرَةُ كَالْعِنَبَةِ بُرْدٌ يَمَانِيٌّ وَالْجَمْعُ حِبَرٌ كَعِنَبٍ وَحِبَرَاتُ بِفَتْحِ الْبَاءِ اهـ مُخْتَارٌ. (قَوْلُهُ: وَعِتْقُهُ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ بِكَسْرِ الْعَيْنِ مَصْدَرُ عَتُقَ بِضَمِّ التَّاءِ اهـ، وَفِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِضَمِّ الْعَيْنِ اهـ عَمِيرَةُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَجُوزُ فِي الْحِبَرَةِ) الْحِبَرَةُ مِنْ الْبُرُودِ مَا كَانَ مُوَشًّى مُخَطَّطًا، يُقَالُ ثَوْبٌ حِبَرَةٌ وَبُرُدٌ حِبَرَةٌ بِوَزْنِ عِنَبَةٍ عَلَى الْوَصْفِ وَالْإِضَافَةِ وَهُوَ بُرْدٌ يَمَانِيٌّ وَالْجَمْعُ حَبَرٌ وَحَبَرَاتٌ، وَالْعَصْبُ بُرُودٌ يَمَنِيَّةٌ يُعْصَبُ غَزْلُهَا: أَيْ يُجْمَعُ وَيُشَدُّ ثُمَّ يُصْبَغُ وَيُنْسَجُ فَيَأْتِي مُوَشًّى لِبَقَاءِ مَا عُصِبَ مِنْهُ أَبْيَضَ لَمْ يَأْخُذْهُ صَبْغٌ، وَقِيلَ هِيَ بُرُدٌ مُخَطَّطَةٌ، قَالَهُ فِي نِهَايَةِ الْغَرِيبِ .

وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي التَّمْرِ الْمَكْنُوزِ فِي الْقَوَاصِرِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِالْعَجْوَةِ لِتَعَذُّرِ اسْتِقْصَاءِ صِفَاتِهِ الْمُشْتَرَطَةِ حِينَئِذٍ، وَلِأَنَّهُ لَا يَبْقَى عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ غَالِبًا كَمَا نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَيَذْكُرُ فِي الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ غَيْرَ الْأَخِيرَيْنِ، وَالرُّطَبُ كَالتَّمْرِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا جَفَافَ فِيهِ (وَالْحِنْطَةُ وَسَائِرُ الْحُبُوبِ كَالتَّمْرِ) فِيمَا ذَكَرَ حَتَّى مُدَّةِ الْجَفَافِ بِتَفْصِيلِهَا، وَمَرَّ عَدَمُ صِحَّةِ السَّلَمِ فِي الْأُرْزِ فِي قِشْرَتِهِ الْعُلْيَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِمَا فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ كَالْبَحْرِ إذْ لَا يُعْرَفُ حِينَئِذٍ لَوْنُهُ وَصِغَرُ حَبِّهِ وَكِبَرُهَا لِاخْتِلَافِ قِشْرِهِ خِفَّةً وَرَزَانَةً، وَإِنَّمَا صَحَّ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ يَعْتَمِدُ الْمُشَاهَدَةَ وَالسَّلَمُ يَعْتَمِدُ الصِّفَاتِ، وَمِنْ ثَمَّ صَحَّ نَحْوُ بَيْعِ الْمَعْجُونَاتِ دُونَ السَّلَمِ فِيهَا، وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ صِحَّتَهُ فِي النُّخَالَةِ، وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ. وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ انْضَبَطَتْ بِالْكَيْلِ وَلَمْ يَكْثُرْ تَفَاوُتُهَا فِيهِ بِالِانْكِبَاسِ وَضِدِّهِ، وَيَصِحُّ فِي الْأَدِقَّةِ فَيَذْكُرُ فِيهَا مَا مَرَّ فِي الْحَبِّ إلَّا مِقْدَارَهُ، وَيَذْكُرُ أَيْضًا كَيْفِيَّةَ طَحْنِهِ هَلْ هُوَ بِرَحَى الدَّوَابِّ أَوْ الْمَاءِ أَوْ غَيْرِهِ وَخُشُونَةَ الطَّحْنِ أَوْ نُعُومَتَهُ، وَيَصِحُّ فِي التِّبْنِ فَيَذْكُرُ أَنَّهُ مِنْ تِبْنٍ حِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ وَكِيلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَفِي الْمِصْبَاحِ عَتَقَتْ الْخَمْرَةُ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَقَرِبَ قَدُمَتْ عِتْقًا بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا اهـ، وَفِي الْقَامُوسِ عَتَقَ بَعْدَ اسْتِعْلَاجٍ كَضَرَبَ وَكَرُمَ فَهُوَ عَتِيقٌ، ثُمَّ قَالَ: وَالشَّيْءُ قَدُمَ كَعَتَقَ كَنَصَرَ وَالْخَمْرُ حَسُنَتْ وَقَدُمَتْ اهـ: فَيُفِيدُ أَنَّ الْمَصْدَرَ بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْكَسْرِ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُحَشِّي بِكَسْرِ الْعَيْنِ تَحْرِيفٌ عَنْ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: مَصْدَرُ عَتُقَ بِالضَّمِّ (قَوْلُهُ: الْمَكْنُوزُ فِي الْقَوَاصِرِ) لَوْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِكَنْزِهِ فِيهَا جَازَ قَبُولُ مَا فِيهَا اهـ حَجّ. والْقَوَاصِرُ جَمْعُ قَوْصَرَةٍ وَهِيَ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّثْقِيلِ وِعَاءُ التَّمْرِ تُتَّخَذُ مِنْ قَصَبٍ (قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ اسْتِقْصَاءِ صِفَاتِهِ) هَذَا قَدْ يُفْهِمُ صِحَّةَ السَّلَمِ فِي الْعَجْوَةِ الْمَنْسُولَةِ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ (قَوْلُهُ: لَا يَبْقَى عَلَى صِفَةٍ) أَيْ لَا يَدُومُ عَلَى صِفَةٍ (قَوْلُهُ: غَيْرُ الْأَخِيرَيْنِ) أَيْ عِتْقِهِ وَحَدَاثَتِهِ (قَوْلُهُ: وَالرُّطَبُ كَالتَّمْرِ) ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ وَمَعْلُومٌ إلَخْ، وَكَأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ دَفْعُ مَا يُوهِمُهُ التَّشْبِيهُ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ كَوْنِ الْجَفَافِ بِأُمِّهِ أَوْ عَلَى الْأَرْضِ الَّذِي زَادَهُ الشَّارِحُ، ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الرُّطَبِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَأْتِي مِثْلُهُ فِي الْعِنَبِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ لِعَدَمِ ذِكْرِهِ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ) أَيْ فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: فِي قِشْرَتِهِ الْعُلْيَا) أَفَادَ شَيْخُنَا الشَّارِحُ فِي إفْتَاءٍ لَهُ أَنَّ الْفُولَ الْمَدْشُوشَ مُتَقَوِّمٌ، وَنَقَلَ عَنْ وَالِدِهِ عَدَمَ صِحَّةِ السَّلَمِ فِيهِ اهـ كَذَا بِخَطِّ الْأَصْلِ، وَنَقَلَهُ أَيْضًا سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْهُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ الْمَدْشُوشُ مِنْ غَيْرِ الْفُولِ أَيْضًا لِاخْتِلَافِهِ بَعْدَ دَشِّهِ نُعُومَةً وَخُشُونَةً، وَقَدْ يُخْرِجُ ذَلِكَ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْحُبُوبِ لِأَنَّهَا بَعْدَ دَشِّهَا لَا تُسَمَّى حَبًّا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا صَحَّ بَيْعُهُ) أَيْ فِي قِشْرَتِهِ الْعُلْيَا (قَوْلُهُ: فِي النُّخَالَةِ وَالتِّبْنِ) وَمِثْلُهُ قِشْرُ الْبُنِّ اهـ حَجّ. وَلَمْ يَذْكُرْ هَلْ يُعْتَبَرُ ضَبْطُ ذَلِكَ أَهُوَ بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَقِيَاسُ مَا اعْتَبَرَهُ الشَّارِحُ فِي النُّخَالَةِ مِنْ الْكَيْلِ جَرَيَانُ مِثْلِهِ فِي التِّبْنِ وَالْقِشْرِ، ثُمَّ مَا صَحَّ مَكِيلًا صَحَّ مَوْزُونًا وَعَلَيْهِ فَيَجُوزُ فِي الثَّلَاثَةِ كَيْلًا وَوَزْنًا، وَيُعْتَبَرُ فِي الْكَيْلِ كَوْنُهُ بِآلَةٍ يُعْرَفُ مِقْدَارُ مَا تَسَعُ، وَيُعْتَبَرُ فِي كَيْلِهِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي التَّحَامُلِ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَنْكَبِسُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ كَيْلِهِ مِنْ تَحَامُلٍ أَوْ عَدَمِهِ رَجَعَ لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ أَوْ فِي صِفَةِ مَا يُكَالُ بِهِ تَحَالَفَا لِأَنَّ اخْتِلَافَهُمَا فِي ذَلِكَ اخْتِلَافٌ فِي قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ (قَوْلُهُ: إنْ انْضَبَطَتْ بِالْكَيْلِ) أَيْ أَوْ الْوَزْنِ (قَوْلُهُ: إلَّا مِقْدَارَهُ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ لِعَدَمِ اخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ فِي التِّبْنِ) وَمِثْلُهُ قِشْرُ الْبُنِّ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ حَجّ وَمِثْلُهُ فِي الصِّحَّةِ الدَّرِيسُ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ لسم فَيَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ كَيْلًا أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالرُّطَبُ كَالتَّمْرِ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: خِفَّةٌ وَرَزَانَةً) أَيْ الْقِشْرُ وَفِي نُسْخَةِ خِفَّةً وَرَزَانَةً، بِالنَّصْبِ بِغَيْرِ وَعُطِفَ بِغَيْرِ ضَمِيرٍ

[السلم في المطبوخ والمشوي]

أَوْ وَزْنَهُ، وَالْمَذْهَبُ جَوَازُهُ فِي السَّوِيقِ وَالنَّشَا، وَيَجُوزُ فِي قَصَبِ السُّكَّرِ وَزْنًا: أَيْ فِي قِشْرِهِ الْأَسْفَلِ، وَيُشْتَرَطُ قَطْعُ أَعْلَاهُ الَّذِي لَا حَلَاوَةَ فِيهِ كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَقَالَ الْمُزَنِيّ: وَقَطْعُ مَجَامِعِ عُرُوقِهِ مِنْ أَسْفَلَ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَيَطْرَحُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْقُشُورِ، وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الْعَقَارِ لِأَنَّهُ إنْ عَيَّنَ مَكَانَهُ فَالْمُعَيَّنُ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ وَإِلَّا فَمَجْهُولٌ، وَيَصِحُّ فِي الْبُقُولِ كَكُرَّاتٍ وَثُومٍ وَبَصَلٍ وَفُجْلٍ وَسِلْقٍ وَنُعْنُعٍ وَهِنْدَبًا وَزْنًا فَيَذْكُرُ جِنْسَهَا وَنَوْعَهَا وَلَوْنَهَا وَكِبَرَهَا أَوْ صِغَرَهَا وَبَلَدَهَا، وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي السَّلْجَمِ وَالْجَزَرِ إلَّا بَعْدَ قَطْعِ الْوَرَقِ لِأَنَّ وَرَقَهَا غَيْرُ مَقْصُودٍ، وَيَصِحُّ فِي الْأَشْعَارِ وَالْأَصْوَافِ وَالْأَوْبَارِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فَيَذْكُرُ نَوْعَ أَصْلِهِ وَذُكُورَتَهُ أَوْ أُنُوثَتَهُ لِأَنَّ صُوفَ الْإِنَاثِ أَنْعَمُ، وَاغْتَنَوْا بِذَلِكَ عَنْ ذِكْرِ اللَّبَنِ وَالْخُشُونَةِ وَبَلَدِهِ وَلَوْنِهِ وَوَقْتِهِ هَلْ هُوَ خَرِيفِيٌّ أَوْ رَبِيعِيٌّ وَطُولِهِ أَوْ قِصَرِهِ وَوَزْنِهِ وَلَا يُقْبَلُ إلَّا مُنَقًّى مِنْ بَعْرٍ وَنَحْوِهِ كَشَوْكٍ، وَيَجُوزُ شَرْطُ غَسْلِهِ، وَلَا يَصِحُّ فِي الْقَزِّ وَفِيهِ دُودُهُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مَعْرِفَةَ وَزْنِ الْقَزِّ أَمَّا بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهُ فَيَجُوزُ، وَيَصِحُّ فِي أَنْوَاعِ الْعِطْرِ كَزَعْفَرَانٍ لِانْضِبَاطِهَا فَيَذْكُرُ وَصْفَهَا مِنْ لَوْنٍ وَنَحْوِهِ وَوَزْنِهَا وَنَوْعِهَا. (وَفِي الْعَسَلِ) وَهُوَ حَيْثُ أُطْلِقَ عَسَلُ النَّحْلِ زَمَانَهُ وَمَكَانَهُ وَلَوْنَهُ فَيَقُولُ (جَبَلِيٌّ أَوْ بَلَدِيٌّ صَيْفِيٌّ أَوْ خَرِيفِيٌّ أَبْيَضُ أَوْ أَصْفَرُ) لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَطْيَبُ وَيُبَيِّنُ مَرْعَاهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ لِتَكَيُّفِهِ بِمَا رَعَاهُ مِنْ دَاءٍ كَنَوْرِ الْفَاكِهَةِ أَوْ دَوَاءٍ كَالْكَمُّونِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَكَأَنَّ هَذَا فِي مَوْضِعٍ يُتَصَوَّرُ فِيهِ رَعْيُ هَذَا بِمُفْرَدِهِ وَهَذَا بِمُفْرَدِهِ وَفِيهِ بُعْدٌ (وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعِتْقُ وَالْحَدَاثَةُ) أَيْ ذِكْرُ أَحَدِهِمَا خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ لِأَنَّ الْغَرَضَ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَتَغَيَّرُ إذْ كُلُّ شَيْءٍ يُحْفَظُ بِهِ. (وَلَا يَصِحُّ) السَّلَمُ (فِي الْمَطْبُوخِ وَالْمَشْوِيِّ) وَكُلِّ مَا أَثَّرَتْ فِيهِ النَّارُ: تَأْثِيرًا غَيْرَ مُنْضَبِطٍ كَالْخُبْزِ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِاخْتِلَافِ تَأْثِيرِ النَّارِ فِيهِ، وَلِهَذَا لَوْ انْضَبَطَتْ نَارُهُ أَوْ لَطُفَتْ صَحَّ فِيهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَيُفَارِقُ الرِّبَا بِضِيقِهِ وَذَلِكَ كَسُكَّرٍ وَفَانِيدٍ وَقَنْدٍ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ تَقَوُّمَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَزْنًا (قَوْلُهُ: وَالْمَذْهَبُ جَوَازُهُ فِي السَّوِيقِ) إفْرَادُهُ بِالذِّكْرِ وَإِجْرَاءُ الْخِلَافِ فِيهِ يَدُلُّ عَلَى اشْتِمَالِهِ عَلَى صِفَةٍ زَائِدَةٍ عَلَى مُجَرَّدِ كَوْنِهِ دَقِيقًا، وَيُشْعِرُ بِهِ قَوْلُ الْمِصْبَاحِ وَالسَّوِيقُ مَا يُعْمَلُ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ مَعْرُوفٌ اهـ. وَوَجْهُ الْإِشْعَارِ أَنَّهُ قَالَ مَا يُعْمَلُ مِنْ الْحِنْطَةِ إلَخْ وَلَمْ يَقُلْ دَقِيقُ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ (قَوْلُهُ: وَيُطْرَحُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْقُشُورِ) أَيْ الَّتِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِهَا (قَوْلُهُ: وَثُومٍ وَبَصَلٍ) وَفِي الْعُبَابِ: يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الْبَصَلِ كَيْلًا، وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى نَوْعٍ لَا يَزِيدُ جُرْمُهُ عَلَى الْجَوْزِ عَادَةً وَمَا هُنَا عَلَى خِلَافِهِ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الْبَيْضِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي السَّلْجَمِ) أَيْ اللِّفْتِ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَصْفَرُ) قَوِيٌّ أَوْ رَقِيقٌ وَيُقْبَلُ مَا رَقَّ لِحَرٍّ لَا لِعَيْبٍ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَوَّلَ) أَيْ الْجَبَلِيَّ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ بُعْدٌ) أَيْ فَلَوْ اتَّفَقَ وُجُودُ ذَلِكَ فِي بَلَدٍ اُشْتُرِطَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: إذْ كُلُّ شَيْءٍ يُحْفَظُ بِهِ) أَيْ مِنْ خَوَاصِّهِ أَنَّهُ إذَا طُرِحَ فِيهِ شَيْءٌ وَتُرِكَ الْمَطْرُوحُ فِيهِ بِحَالِهِ لَا يَتَغَيَّرُ. (قَوْلُهُ: لَوْ انْضَبَطَتْ نَارُهُ) أَيْ نَارُ مَا أَثَّرَتْ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَطَفَتْ) سَيَأْتِي لَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِاللَّطَافَةِ الِانْضِبَاطُ فَعَطَفَهُ عَلَيْهِ لِلتَّفْسِيرِ، وَعَلَيْهِ فَأَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ لِأَنَّهَا الْمُسْتَعْمَلَةُ فِي عَطْفِ التَّفْسِيرِ (قَوْلُهُ: بِضِيقِهِ) أَيْ الرِّبَا (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ مَا انْضَبَطَتْ نَارُهُ (قَوْلُهُ: وَقَنْدٍ) نَوْعٌ مِنْ السُّكَّرِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ تَقَوُّمَهُ) يُتَأَمَّلُ هَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَيْ فِي قِشْرِهِ الْأَسْفَلِ) ظَاهِرُهُ بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ هَذَا فِي الْعَقْدِ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ قَطْعُ أَعْلَاهُ إلَخْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ: وَيُسْلَمُ فِي قَصَبِ السُّكَّرِ وَزْنًا، وَلَا يَقْبَلُ أَعْلَاهُ الْخَالِي عَنْ الْحَلَاوَةِ وَمَجْمَعِ عُرُوقِهِ وَمَا عَلَيْهِ مِنْ الْقِشْرِ (قَوْلُهُ: وَيُطْرَحُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْقُشُورِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: أَمَّا بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهُ فَيَجُوزُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّعَرُّضِ لِذَلِكَ فِي الْعَقْدِ بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ، فَيُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْإِطْلَاقُ، لَكِنَّ عِبَارَةَ الْعُبَابِ: وَلَا يُسْلَمُ فِيهِ بِدُودِهِ انْتَهَتْ، وَهِيَ تُفْهِمُ صِحَّةَ الْإِطْلَاقِ . (قَوْلُهُ: وَفِيهِ بُعْدٌ) مِنْ جُمْلَةِ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ [السَّلَمُ فِي الْمَطْبُوخِ وَالْمَشْوِيِّ] . (قَوْلُهُ: وَفَانِيدٍ) هُوَ السُّكَّرُ الْخَامُ الْقَائِمُ فِي أَعْسَالِهِ كَمَا فَسَّرَهُ بِهِ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ فِي فَتَاوِيهِ، وَالْفَانِيدُ نَوْعٌ

وَدِبْسٍ مَا لَمْ يُخَالِطْهُ مَاءٌ وَلِبَأٌ وَصَابُونٌ لِانْضِبَاطِ نَارِهِ وَقَصْدِ أَجْزَائِهِ مَعَ انْضِبَاطِهَا وَجِصٌّ وَنَوْرَةٌ وَزُجَاجٌ وَمَاءُ وَرْدٍ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَفَحْمٌ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ آجُرٌّ وَأَوَانِي خَزَفٍ انْضَبَطَتْ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ بِكَوْنِ نَارِ السُّكَّرِ وَنَحْوِهِ لَطِيفَةً أَنَّهَا مَضْبُوطَةٌ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ (وَلَا يَضُرُّ تَأْثِيرُ الشَّمْسِ) أَوْ النَّارِ فِي تَمْيِيزِ سَمْنٍ أَوْ عَسَلٍ لِعَدَمِ اخْتِلَافِهِ، وَيَصِحُّ السَّلَمُ فِي الشَّمْعِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ جَوَازُهُ فِي الْمَسْمُوطِ لِأَنَّ النَّارَ لَا تَعْمَلُ فِيهِ عَمَلًا لَهُ تَأْثِيرٌ. (وَالْأَظْهَرُ مَنْعُهُ) أَيْ السَّلَمِ (فِي رُءُوسِ الْحَيَوَانِ) لِاشْتِمَالِهَا عَلَى أَبْعَاضٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنْ الْمَنَاخِرِ وَالْمَشَافِرِ وَغَيْرِهِمَا، وَيَتَعَذَّرُ ضَبْطُهَا. وَالثَّانِي الْجَوَازُ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ مُنَقَّاةً مِنْ الشَّعْرِ وَالصُّوفِ مَوْزُونَةً قِيَاسًا عَلَى اللَّحْمِ بِعَظْمِهِ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ عَظْمَهَا أَكْثَرُ مِنْ لَحْمِهَا عَكْسُ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ، أَمَّا إذَا لَمْ تُنَقَّ مِنْ الشَّعْرِ وَنَحْوِهِ فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا جَزْمًا وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْيِيدِهَا بِكَوْنِهَا نِيئَةً لِخُرُوجِهِ بِقَوْلِهِ وَلَا يَصِحُّ فِي الْمَطْبُوخِ، وَكَذَا لَا يَصِحُّ فِي الْأَكَارِعِ وَلَوْ نِيئَةً مُنَقَّاةً لِمَا فِيهَا مِنْ الْأَبْعَاضِ الْمُخْتَلِفَةِ (وَلَا يَصِحُّ) السَّلَمُ (فِي مُخْتَلِفٍ) أَجْزَاؤُهُ (كَبُرْمَةٍ) مِنْ نَحْوِ حَجَرٍ (مَعْمُولَةٍ) أَيْ مَحْفُورَةٍ بِالْآلَةِ وَاحْتُرِزَ بِهَا عَمَّا صُبَّ مِنْهَا فِي قَالَبٍ، وَهَذَا قَيْدٌ أَيْضًا فِيمَا بَعْدَهَا مَا عَدَا الْجِلْدَ كَمَا يَأْتِي (وَجِلْدِ) وَرَقٍ (وَكُوزٍ وَطَسٍّ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِهِ وَيُقَالُ فِيهِ طَسْتٌ (وَقُمْقُمٌ وَمَنَارَةٌ) بِفَتْحِ الْمِيمِ مِنْ النُّورِ. وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْأَشْهَرُ فِي جَمْعِهَا مَنَاوِرُ لَا مَنَائِرُ (وَطِنْجِيرٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَفَتْحِهِ خِلَافًا لِمَنْ جَعَلَ الْفَتْحَ لَحْنًا كَالْحَرِيرِيِّ وَهُوَ الدَّسْتُ (وَنَحْوِهَا) مِنْ حَبٍّ وَإِبْرِيقٍ وَنُشَّابٍ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهَا بِاخْتِلَافِ أَجْزَائِهَا، وَمِنْ ثَمَّ صَحَّ فِي قَطْعٍ أَوْ قُصَاصَةِ جِلْدٍ دُبِغَ وَاسْتَوَتْ جَوَانِبُهُ وَزْنًا، قَالَ الْأُشْمُونِيُّ: وَالْمَذْهَبُ جَوَازُ السَّلَمِ فِي الْأَوَانِي الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الْفَخَّارِ وَلَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ مَا مَرَّ (وَيَصِحُّ) السَّلَمُ (فِي الْأَسْطَالِ الْمُرَبَّعَةِ) مَثَلًا وَالْمُدَوَّرَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ سُلَيْمٌ فِي التَّقْرِيبِ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الصَّوَابُ، وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَلَوْ لَمْ تُصَبَّ فِي قَالَبٍ لِعَدَمِ اخْتِلَافِهَا بِخِلَافِ ضَيِّقَةِ الرُّءُوسِ، وَمَحَلُّهُ عِنْدَ اتِّحَادِ مَعْدِنِهَا لَا إنْ خَالَطَهُ غَيْرُهُ. (وَفِيمَا صُبَّ مِنْهَا) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ مِنْ أَصْلِهَا الْمُذَابِ (فِي قَالَبٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ إذْ مَكْسُورُهَا الْبُسْرُ الْأَحْمَرُ، وَقِيلَ يَجُوزُ هُنَا الْكَسْرُ أَيْضًا وَذَلِكَ بِانْضِبَاطِهَا بِانْضِبَاطِ قَوَالِبِهَا، وَفِي نَقْدٍ إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ غَيْرَهُ لَا مِثْلُهُ وَلَا أَحَدَ النَّقْدَيْنِ فِي الْآخَرِ كَمَطْعُومٍ فِي جِنْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَإِنَّ تَقَوُّمَهُ لَا يَقْتَضِي عَدَمَ صِحَّةِ السَّلَمِ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَلِبَأٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَاللِّبَأُ بِالْهَمْزِ وَالْقَصْرِ أَوَّلُ مَا يُحْلَبُ، وَغَيْرُ الْمَطْبُوخِ مِنْهُ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ قَطْعًا اهـ. وَأَمَّا الْمَطْبُوخُ فَيَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ عَلَى مَا صَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ وَإِنْ اعْتَمَدَ فِي الرَّوْضِ خِلَافَهُ، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَأَمَّا اللِّبَأُ فَيُذْكَرُ فِيهِ مَا يُذْكَرُ فِي اللَّبَنِ وَأَنَّهُ قَبْلَ الْوِلَادَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَأَنَّهُ أَوَّلُ بَطْنٍ أَوْ ثَانِيهِ أَوْ ثَالِثُهُ، وَلِبَأُ يَوْمِهِ أَوْ أَمْسِهِ كَذَا نَقَلَهُ السُّبْكِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ اهـ. وَقَوْلُهُ: وَآجُرٌّ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: نَعَمْ يَمْتَنِعُ فِي الْآجُرِّ الَّذِي لَمْ يَكْمُلْ نُضْجُهُ وَاحْمَرَّ بَعْضُهُ وَاصْفَرَّ بَعْضُهُ، نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ أَصْحَابِنَا، قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ لِاخْتِلَافِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَقَوْلُهُ وَأَنَّهُ قَبْلَ الْوِلَادَةِ أَوْ بَعْدَهَا مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ تَفْسِيرَهُ بِأَنَّهُ أَوَّلُ مَا يُحْلَبُ الْمُرَادُ مِنْهُ أَوَّلُ مَا يُحْلَبُ بَعْدَ انْقِطَاعِ اللَّبَنِ لِلْحَامِلِ وَعُودِهِ (قَوْلُهُ: وَزُجَاجٍ) أَيْ مُنَيَّلَةٍ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَمَاءِ وَرْدٍ) أَيْ خَالِصٍ بِخِلَافِ الْمَغْشُوشِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: كَمَا جَزَمَ بِهِ) وَمِثْلُهُ غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْمِيَاهِ الْمُسْتَخْرَجَةِ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ السَّلَمُ فِي الشَّمْعِ) الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّهُ شَمْعُ الْعَسَلِ لِأَنَّهُ الْمَعْرُوفُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ يُتَّخَذُ مِنْ الدُّهْنِ فَيَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ وَزْنًا، ثُمَّ إنْ ظَهَرَ أَنَّ فَتِيلَتَهُ ثَمِينَةٌ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ لَمْ يَجِبْ قَبُولُهُ. (قَوْلُهُ: مِنْ حَبٍّ) هُوَ الْمُسَمَّى بِالزِّيرِ وَهُوَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْبَاءِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ انْضِبَاطِهَا) أَيْ بِاشْتِمَالِهَا عَلَى الرِّيشِ وَالنَّصْلِ وَالْخَشَبِ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ الْمَعْمُولَةِ (قَوْلُهُ: بِانْضِبَاطِ قَوَالِبِهَا) بِكَسْرِ اللَّامِ لِأَنَّ مَا كَانَ مُفْرَدَهُ عَلَى فَاعِلٍ بِفَتْحِ الْعَيْنِ فَجَمْعُهُ فَوَاعِلُ بِكَسْرِهَا كَعَالَمٍ بِالْفَتْحِ وَعَوَالِمَ بِالْكَسْرِ (قَوْلُهُ: كَمَطْعُومٍ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) يَشْمَلُ مَا لَوْ أَسْلَمَ بُرًّا فِي ثَوْبٍ مَثَلًا ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ الْعَسَلِ (قَوْله وَجِصٍّ وَنَوْرَةٍ) أَيْ كَيْلًا وَوَزْنًا كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ . (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْيِيدِهَا) أَيْ لِمَحَلِّ

وَلَوْ حَالًّا إذْ وَضْعُ السَّلَمِ عَلَى التَّأْخِيرِ، فَلَوْ لَمْ يَصِحَّ سَلَمًا فِي مَسْأَلَةِ النَّقْدَيْنِ لَمْ يَنْعَقِدْ صَرْفًا وَإِنْ نَوَيَاهُ عَلَى الرَّاجِحِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِصِيَغِ الْعُقُودِ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ أَبَحْتُكَ إيَّاهُ بِكَذَا وَنَوَيَا الْبَيْعَ بِهِ وَيَصِحُّ السَّلَمُ فِي الْمَنَافِعِ لِأَنَّهَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ كَالْأَعْيَانِ وَفِي دُهْنٍ وَأَدْوِيَةٍ وَبَهَارٍ وَسَائِرِ مَا يَنْضَبِطُ وَفِي الْوَرَقِ وَيُبَيِّنُ فِيهِ عَدَدَهُ وَنَوْعَهُ وَطُولَهُ وَعَرْضَهُ وَلَوْنَهُ وَدِقَّتَهُ أَوْ غِلَظَهُ وَصَنْعَتَهُ وَزَمَانَهُ كَصَيْفِيٍّ أَوْ شَتْوِيٍّ (وَلَا يُشْتَرَطُ) فِيمَا يُسَلَّمُ فِيهِ (ذِكْرُ الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ فِي الْأَصَحِّ) لِمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَيُحْمَلُ مُطْلَقُهُ) عَنْهُمَا (عَلَى الْجَيِّدِ) لِلْعُرْفِ: وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهِمَا فَيُفْضِي تَرْكُهُمَا إلَى النِّزَاعِ وَرُدَّ بِالْحَمْلِ الْمَذْكُورِ. وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ يَنْزِلُ عَلَى أَقَلِّ الدَّرَجَاتِ فَلَوْ شَرَطَ الْأَجْوَدَ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ أَقْصَاهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَإِنْ شَرَطَ رَدَاءَةً فَإِنْ كَانَتْ رَدَاءَةَ النَّوْعِ صَحَّ لِانْضِبَاطِ ذَلِكَ أَوْ رَدَاءَةَ الْعَيْبِ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهَا لَا تَنْضَبِطُ إذْ مَا مِنْ رَدِيءٍ إلَّا وَيُوجَدُ رَدِيءٌ آخَرُ خَيْرٌ مِنْهُ، وَإِنْ شَرَطَ الْأَرْدَأَ صَحَّ لِأَنَّ طَلَبَ أَرْدَأَ مِنْ الْمُحْضَرِ عِنَادٌ، وَمَا اسْتَشْكَلَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ بِصِحَّةِ سَلَمِ الْأَعْمَى قَبْلَ التَّمْيِيزِ: أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ الْأَجْوَدُ مِنْ غَيْرِهِ رُدَّ بِأَنَّهُ وَإِنْ صَحَّ سَلَمُهُ لَا يَصِحُّ قَبْضُهُ بَلْ قَدْ يَتَعَيَّنُ تَوْكِيلُهُ. نَعَمْ يُرَدُّ الْإِشْكَالُ عَلَى اشْتِرَاطِهِمْ مَعْرِفَةَ الْعَاقِدَيْنِ الصِّفَاتِ، وَيُمْنَعُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِمَعْرِفَتِهَا تَصَوُّرُهَا وَلَوْ بِوَجْهٍ وَالْأَعْمَى الْمَذْكُورُ يَتَصَوَّرُهَا كَذَلِكَ. (وَيُشْتَرَطُ) مَعَ مَا مَرَّ (مَعْرِفَةُ الْعَاقِدَيْنِ الصِّفَاتِ) الْمُشْتَرَطَةَ، فَلَوْ جَهِلَاهَا أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ يَصِحَّ كَالْبَيْعِ (وَكَذَا غَيْرُهُمَا) أَيْ عَدْلَانِ آخَرَانِ يُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُمَا لَهَا (فِي الْأَصَحِّ) لِيُرْجَعَ إلَيْهِمَا عِنْدَ التَّنَازُعِ: وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ غَيْرِهِمَا، وَالْمُرَادُ أَنْ يُوجَدَ غَالِبًا بِمَحَلِّ التَّسْلِيمِ مِمَّنْ يَعْرِفُهَا عَدْلَانِ أَوْ أَكْثَرَ، وَمِنْ لَازِمٍ مَعْرِفَةُ مَنْ ذُكِرَ لَهَا ذِكْرُهَا فِي الْعَقْدِ بِلُغَةٍ يَعْرِفُهَا الْعَاقِدَانِ وَعَدْلَانِ، وَهَذَا تَفْصِيلٌ لِبَيَانِ مَا أَجْمَلَهُ سَابِقًا وَأَخَّرَهُ لِيَقَعَ الْخَتْمُ بِهِ بَعْدَ الْكُلِّ لِأَنَّهُ الْمَرْجِعُ بَعْدَ وُقُوعِ التَّنَازُعِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ بِأَبْسَطَ مِنْ هَذَا. ـــــــــــــــــــــــــــــSوَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ، فَلَوْ أَسْلَمَ بُرًّا أَوْ شَعِيرًا فِي ثِيَابٍ صَحَّ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) حَجّ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ السَّلَمُ فِي الْمَنَافِعِ) أَيْ غَيْرِ مَنْفَعَةِ الْعَقَارِ لِمَا تَقَدَّمَ كَخِدْمَةِ الْعَبْدِ وَرُكُوبِ الدَّابَّةِ (قَوْلُهُ: وَبَهَارٍ) بِوَزْنِ سَلَامٍ الطَّيِّبُ وَمِنْهُ قِيلَ لِأَزْهَارِ الْبَادِيَةِ بَهَارٌ، وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ: وَالْبَهَارُ بِالضَّمِّ شَيْءٌ يُوزَنُ بِهِ اهـ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا لَا تَنْضَبِطُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَإِنْ بَيَّنَهُ وَكَانَ مُنْضَبِطًا كَقَطْعِ الْيَدِ وَالْعَمَى صَحَّ، قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: رَدِيءٌ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: الرَّدِيءُ بِالْمَدِّ الْفَاسِدُ وَبَابُهُ ظَرُفَ (قَوْلُهُ: يَتَصَوَّرُهَا كَذَلِكَ) أَيْ بِوَجْهٍ. . ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخِلَافِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ لَمْ يَصِحَّ سَلَمًا) الْأَوْلَى وَكَمَا لَا يَصِحُّ سَلَمًا لَا يَنْعَقِدُ صَرْفًا (قَوْلُهُ: وَمَا اسْتَشْكَلَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ إلَخْ) وَجْهُ الْإِشْكَالِ أَنَّ صِحَّةَ اشْتِرَاطِ ذِكْرِ الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ يُنَافِيهِ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ صِحَّةِ سَلَمِ الْأَعْمَى قَبْلَ التَّمْيِيزِ مَعَ عَدَمِ مَعْرِفَتِهِ الْأَجْوَدَ مِنْ غَيْرِهِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَاسْتَشْكَلَ شَارِحٌ هَذَا بِصِحَّةِ سَلَمِ الْأَعْمَى قَبْلَ التَّمْيِيزِ إلَخْ . (قَوْلُهُ: وَهَذَا تَفْصِيلٌ لِبَيَانِ مَا أَجْمَلَهُ إلَخْ) الَّذِي سَلَكَهُ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ فِي الْجَوَابِ أَنَّ الْمُرَادَ فِيمَا مَرَّ مَعْرِفَةُ الْأَوْصَافِ فِي نَفْسِهَا أَيْ بِأَنْ لَا تَكُونَ مَجْهُولَةً، وَمِنْ ثَمَّ فَرَّعَ عَلَيْهَا الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ فَلَا يَصِحُّ فِيمَا لَا يَنْضَبِطُ إلَخْ، وَالْمُرَادُ هُنَا اشْتِرَاطُ زِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ وَهِيَ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ لِلْعَاقِدَيْنِ وَعَدْلَيْنِ

[فصل في بيان أخذ غير المسلم فيه عنه ووقت أدائه ومكانه]

فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَخْذِ غَيْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ عَنْهُ وَوَقْتِ أَدَائِهِ وَمَكَانِهِ (لَا يَصِحُّ أَنْ) (يُسْتَبْدَلَ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ غَيْرُ) بِالرَّفْعِ نِيَابَةٌ عَنْ الْفَاعِلِ (جِنْسِهِ) كَبُرٍّ عَنْ شَعِيرٍ (وَنَوْعِهِ) كَمَعْقِلِيٍّ عَنْ بَرْنِيِّ وَتُرْكِيٍّ عَنْ هِنْدِيٍّ وَتَمْرٍ عَنْ رُطَبٍ وَمَسْقِيٍّ بِمَطَرٍ عَنْ مَسْقِيٍّ بِعَيْنٍ وَمَسْقِيٍّ بِمَاءِ السَّمَاءِ عَنْ مَسْقِيٍّ بِمَاءِ الْوَادِي عَلَى مَا نَقَلَهُ الرِّيمِيُّ وَاعْتَمَدَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مَاءَ الْوَادِي إنْ كَانَ مِنْ عَيْنٍ فَقَدْ مَرَّ أَوْ مِنْ مَطَرٍ فَهُوَ مَاءُ السَّمَاءِ أَيْضًا، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ اخْتِلَافُ مَا يَنْبُتُ مِنْهُ اخْتِلَافًا ظَاهِرًا، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ اخْتِلَافَ الْمَكَانَيْنِ بِمَنْزِلَةِ اخْتِلَافِ النَّوْعَيْنِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لِلْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ. وَالْحِيلَةُ فِيهِ أَنْ يَفْسَخَا السَّلَمَ بِأَنْ يَتَقَايَلَا فِيهِ ثُمَّ يُعْتَاضُ عَنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ أَسْلَمَ لِآخَرَ ثَوْبًا فِي دَرَاهِمَ فَأَسْلَمَ الْآخَرُ إلَيْهِ ثَوْبًا فِي دَرَاهِمَ وَاسْتَوَيَا صِفَةً وَحُلُولًا فَلَا يَقَعُ تَقَاصٌّ عَلَى الْمَنْقُولِ الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّهُ كَالِاعْتِيَاضِ عَنْ الْمُسَلَّمِ فِيهِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ (وَقِيلَ: يَجُوزُ فِي نَوْعِهِ) لِأَنَّ الْجِنْسَ يَجْمَعُهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَخْذِ غَيْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَوَقْتَ أَدَائِهِ) أَيْ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِوَقْتِ أَدَائِهِ وَمَكَانِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ هُنَا نَفْسَ الزَّمَانِ الَّذِي يَجِبُ التَّسْلِيمُ فِيهِ وَلَا الْمَكَانَ بَلْ عِلْمًا مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ) أَيْ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ عَدَمَ الْجَوَازِ لَازِمٌ لِعَدَمِ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: نِيَابَةً عَنْ الْفَاعِلِ) وَيَجُوزُ نَصْبُهُ بِبِنَاءِ الْفِعْلِ لِلْفَاعِلِ وَجَعْلِ الْفَاعِلِ ضَمِيرًا يَعُودُ عَلَى الْمُسَلَّمِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا نَقَلَهُ الرِّيمِيُّ) نِسْبَةً إلَى رَيْمَةَ بِالْفَتْحِ مِخْلَافٌ بِالْيَمَنِ وَحِصْنٌ بِالْيَمَنِ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ) أَيْ فَلَا يُتَوَجَّهُ النَّظَرُ، وَإِنْ فُرِضَ اخْتِلَافٌ فَلَعَلَّهُ لِجَوَازِ أَنَّ تَأْثِيرَ الْمَطَرِ النَّازِلِ عَلَى الزَّرْعِ يُخَالِفُ تَأْثِيرَ مَا اجْتَمَعَ فِي الْوَادِي مِنْهُ ثُمَّ سُقِيَ بِهِ الزَّرْعُ لِتَكَيُّفِ الْمُجْتَمِعِ فِي الْوَادِي بِصِفَةِ أَرْضِهِ فَتَحْصُلُ لَهُ حَالَةٌ تُخَالِفُ مَا نَزَلَ مِنْ السَّمَاءِ عَلَى الزَّرْعِ بِلَا مُخَالَطَةٍ لِشَيْءٍ (قَوْلُهُ: وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ عَدَمُ الصِّحَّةِ. قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: فَلَوْ ضَمِنَ شَخْصٌ دَيْنَ السَّلَمِ وَأَرَادَ الْمُسَلِّمُ الِاعْتِيَاضَ مِنْهُ غَيْرَ جِنْسِهِ أَوْ نَوْعِهِ فَهَلْ يَجُوزُ أَوْ لَا؟ تَرَدُّدٌ، وَالْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ لِأَنَّهُ دَيْنُ ضَمَانٍ لَا دَيْنُ سَلَمٍ وَالثَّابِتُ فِي الذِّمَّةِ نَظِيرُهُ لَا عَيْنُهُ (قَوْلُهُ: أَنَّ اخْتِلَافَ الْمَكَانَيْنِ) أَيْ فَلَا يَكْفِي أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ فَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ عُلِمَ اخْتِلَافُ مَا ثَبَتَ فِي الْمَكَانَيْنِ اخْتِلَافًا ظَاهِرًا، وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ ظَاهِرًا وَكَذَا فِيمَا زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بَيْعٌ لِلْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ) أَيْ وَهُوَ بَاطِلٌ لَكِنْ هَذَا يَقْتَضِي امْتِنَاعَ الِاسْتِبْدَالِ عَنْ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ كَالْمَبِيعِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَهُوَ خِلَافُ مَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ الِاسْتِبْدَالِ عَنْ غَيْرِ الثَّمَنِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ بِبَيْعِهِ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ فِي الْمُثَمَّنِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ مَنْعِهِ فِيهِ مَنْعُهُ فِي الثَّمَنِ كَمَا مَرَّ فِي الِاسْتِبْدَالِ، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا ثَمَنًا وَلَا مُثَمَّنًا، وَمَا فِي الذِّمَّةِ حَيْثُ يَمْتَنِعُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ مُثَمَّنًا لَا ثَمَنًا وَفِيهِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ وَالْحِيلَةُ فِيهِ) أَيْ فِي الِاسْتِبْدَالِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُعْتَاضُ عَنْ رَأْسِ الْمَالِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بِكَثِيرٍ وَلَوْ مَعَ بَقَاءِ رَأْسِ الْمَالِ الْأَصْلِيِّ (قَوْلُهُ وَمِنْ ذَلِكَ) أَيْ الِاعْتِيَاضِ الْمُمْتَنِعِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ كَالِاعْتِيَاضِ عَنْ الْمُسَلَّمِ فِيهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَخْذِ غَيْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ عَنْهُ وَوَقْتِ أَدَائِهِ وَمَكَانِهِ] فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَخْذِ غَيْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلْمَتْنِ وَيُعَكَّرُ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ هَذَا التَّعْلِيلُ مِنْ الْبُطْلَانِ مَا مَرَّ مِنْ صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ الْمَبِيعِ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَتَقَايَلَا) أَيْ: فَلَا أَثَرَ لِمُجَرَّدِ التَّفَاسُخِ إذْ لَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ، كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ خِلَافًا لِلشِّهَابِ حَجّ فِيمَا مَرَّ، وَإِنْ كَانَ هُنَا قَدْ ذَكَرَ هَذَا التَّفْسِيرَ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ كَالِاعْتِيَاضِ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ) أَيْ فَكَأَنَّهُ اعْتَاضَ مَا كَانَ فِي ذِمَّتِهِ لِلْآخَرِ عَمَّا كَانَ فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ لَهُ

فَكَانَ كَمَا لَوْ اتَّحَدَ النَّوْعُ وَاخْتَلَفَتْ الصِّفَةُ رُدَّ بِقُرْبِ الِاتِّحَادِ هُنَا، وَلَوْ اعْتَبَرْنَا جَمْعَ الْجِنْسِ لَاعْتَبَرْنَا جَمْعَ جِنْسٍ آخَرَ كَالْحَبِّ وَلَمْ يَمْتَنِعْ فِي شَيْءٍ فَانْدَفَعَ مَا أَطَالَ بِهِ جَمْعٌ لِتَرْجِيحِهِ (وَ) عَلَى الْجَوَازِ (لَا يَجِبُ) الْقَبُولُ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ (وَيَجُوزُ أَرْدَأُ مِنْ الْمَشْرُوطِ) لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ، فَإِذَا تَرَاضَيَا بِهِ كَانَ مُسَامَحَةً بِصِفَةٍ (وَلَا يَجِبُ) قَبُولُهُ وَلَوْ أَجْوَدَ مِنْ وَجْهٍ لِأَنَّهُ دُونَ حَقِّهِ (وَيَجُوزُ أَجْوَدُ) مِنْهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِعُمُومِ خَبَرِ «خِيَارُكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً» (وَيَجِبُ قَبُولُهُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْهُ عِنَادٌ وَزِيَادَتُهُ غَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ بَاذِلَهُ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ فَخَفَّ أَمْرُ الْمِنَّةِ فِيهِ وَأُجْبِرَ عَلَى قَبُولِهِ. وَالثَّانِي لَا يَجِبُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمِنَّةِ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي خَشَبَةٍ خَمْسَةَ أَذْرُعٍ فَجَاءَ بِهَا سِتَّةً فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهَا، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِعَدَمِ إمْكَانِ فَصْلِ الْجُودَةِ فَهِيَ تَابِعَةٌ بِخِلَافِ زِيَادَةِ الْخَشَبَةِ. نَعَمْ لَوْ أَضَرَّهُ قَبُولُهُ كَكَوْنِ الْمَأْتِيِّ بِهِ أَصْلَهُ أَوْ فَرْعَهُ أَوْ زَوْجَهُ أَوْ مَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ أَوْ شَهِدَ بِهَا فَرْدًا وَلَمْ تَكْمُلْ الْبَيِّنَةُ لَمْ يَلْزَمْهُ. وَلَوْ قَبَضَهُ جَاهِلًا فَهَلْ يَفْسُدُ قَبْضُهُ أَوْ يَصِحُّ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا، وَفِي نَحْوِ عَمْدٍ وَجْهَانِ أَوْجُهُهُمَا الْمَنْعُ لِأَنَّ مِنْ الْحُكَّامِ مَنْ يَحْكُمُ بِعِتْقِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الِاعْتِيَاضَ عَنْ الْمُسَلَّمِ فِيهِ إنَّمَا يَمْتَنِعُ إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ أَوْ النَّوْعِ، وَكِلَاهُمَا مُنْتَفٍ هُنَا كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ وَاسْتَوَيَا صِفَةً وَحُلُولًا، فَالْقِيَاسُ جَوَازُ التَّقَاصِّ فِيهِ لِاسْتِيفَاءِ شُرُوطِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الِامْتِنَاعُ لِدَلِيلٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِقُرْبِ الِاتِّحَادِ هُنَا) أَيْ فِي الصِّفَةِ فَكَأَنَّهُ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ الْعِوَضَيْنِ بِخِلَافِهِ فِي النَّوْعِ فَإِنَّ التَّبَاعُدَ بَيْنَهُمَا أَوْجَبَ اعْتِبَارَ الِاخْتِلَافِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اعْتَبَرْنَا إلَخْ) تَقْوِيَةٌ لِقَوْلِهِ وَرُدَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: اعْتَبَرْنَا إلَخْ) أَيْ اكْتَفَيْنَا بِهِ جَوَّزْنَا اسْتِبْدَالَ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ عَنْ الْآخَرِ وَهُمْ لَمْ يَقُولُوا بِهِ (قَوْلُهُ: لَا اعْتَبَرْنَا) أَيْ لَاكْتَفَيْنَا فِي الْجَوَازِ بِجِنْسٍ فَوْقَ الْجِنْسِ السَّافِلِ كَالْحَبِّ فَجَوَّزْنَا اسْتِبْدَالَ الشَّعِيرِ وَنَحْوِهِ عَنْ الْقَمْحِ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ لَاعْتَبَرْنَا جَمْعَ جِنْسٍ قَدْ تُمْنَعُ هَذِهِ الْمُلَازَمَةُ لِظُهُورِ تَفَاوُتِ صِفَاتِ أَفْرَادِ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَأَنْوَاعِهِ، بِخِلَافِ الْجِنْسَيْنِ وَإِنْ دَخَلَا تَحْتَ جِنْسٍ أَعْلَى اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ عَلَى هَذَا مَا لَمْ يَكُنْ الْمُحْضَرُ أَجْوَدَ مِنْ الْمُسَلَّمِ فِيهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الصِّفَتَيْنِ (قَوْلُهُ: لِعُمُومِ خَبَرِ خِيَارِكُمْ) يَنْبَغِي أَنْ يُقْرَأَ بِالنَّصْبِ عَلَى الْحِكَايَةِ لِمَا يَأْتِي لَهُ أَنَّ لَفْظَ الْحَدِيثِ «إنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً» اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ فِيهِ رِوَايَةٌ بِإِسْقَاطِ إنَّ (قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهَا) أَيْ وَيَجُوزُ لَهُ وَيَكُونُ الذِّرَاعُ السَّادِسُ هِبَةً، وَهَكَذَا قَوْلُ حَجّ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ كَمَا لَوْ تَمَيَّزَتْ الزِّيَادَةُ كَأَحَدَ عَشَرَ عَنْ عَشَرَةٍ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي جَوَازَ الْقَبُولِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ أَضَرَّهُ قَبُولُهُ إلَخْ) هَذَا اسْتِدْرَاكٌ عَلَى إحْضَارِ الْأَجْوَدِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَحْضَرَهُ لَهُ بِالصِّفَةِ الْمَشْرُوطَةِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ وَجَبَ قَبُولُهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِي الِامْتِنَاعِ وَبِتَسْلِيمِهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَجْوَدِ بِأَنَّ الْمُحْضَرَ بِالصِّفَةِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ الْمُسَلَّمُ فِيهِ حَقِيقَةً وَلَا كَذَلِكَ الْأَجْوَدُ، وَقَدْ يُؤَيِّدُ الْفَرْقَ مَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ عَبْدٍ فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى الْمُوَكِّلِ صَحَّ وَوَقَعَ لِلْمُوَكِّلِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ لِأَنَّ اللَّفْظَ شَامِلٌ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبَضَهُ جَاهِلًا) أَيْ بِأَنَّهُ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهُمَا) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ أَوْجُهُهُمَا الْمَنْعُ) أَيْ مَنْعُ وُجُوبِ الْقَبُولِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَفِي نَحْوِ عَمِّهِ وَجْهَانِ لِأَنَّ مِنْ الْحُكَّامِ مَنْ يُعْتِقُهُ عَلَيْهِ، وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ هُنَاكَ حَاكِمٌ يَرَى عِتْقَهُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ، وَهُوَ خِلَافُ مَا يَقْتَضِيهِ إطْلَاقُ الشَّارِحِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ قَوْلِهِ إنْ كَانَ أَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي الْبَلَدِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا فِيهَا وَإِنْ كَانَ فِي بَلَدٍ آخَرَ، وَقَدْ يُوَجَّهُ بِإِطْلَاقِ الشَّارِحِ بِأَنَّهُ رُبَّمَا عَرَضَ التَّدَاعِي عِنْدَ غَيْرِ قَاضِي الْبَلَدِ أَوْ بِغَيْرِ مَا قَدْ يَرَى ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ أَضَرَّهُ قَبُولُهُ) هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِالْأَجْوَدِ وَإِنْ أَوْهَمَهُ سِيَاقُهُ، بَلْ هُوَ جَارٍ فِي أَدَاءِ الْمُسْلَمِ فِيهِ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ وَاضِحٌ . (قَوْلُهُ: أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا) أَيْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ

عَلَيْهِ ، وَيَجِبُ تَسْلِيمُ نَحْوِ الْبُرِّ نَقِيًّا مِنْ تِبْنٍ وَزُوَانٍ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ قَلِيلٌ مِنْ ذَلِكَ وَكَانَ قَدْ أَسْلَمَ كَيْلًا جَازَ أَوْ وَزْنًا فَلَا، وَمَا أَسْلَمَ فِيهِ كَيْلًا لَا يَجُوزُ قَبْضُهُ وَزْنًا وَعَكْسُهُ وَلَا بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ غَيْرِ مَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ وَلَا يُزَلْزِلُ الْمِكْيَالَ وَلَا يَضَعُ الْكَفَّ عَلَى جَوَانِبِهِ بَلْ يَمْلَؤُهُ وَيَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ بِقَدْرِ مَا يَحْمِلُ. وَيَجِبُ تَسْلِيمُ التَّمْرِ جَافًّا وَالرُّطَبِ غَيْرَ مُشَدَّخٍ وَهُوَ الْبُسْرُ يُعَالَجُ بِالْغَمْرِ حَتَّى يَتَشَدَّخَ: أَيْ يَتَرَطَّبُ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْمَعْمُولِ فِي بِلَادِ مِصْرَ. وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْمُسَلَّمِ بِيَمِينِهِ فِي لَحْمٍ وَهُوَ مَيْتَةٌ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ اسْتِصْحَابًا لِأَصْلِ الْحُرْمَةِ فِي الْحَيَاةِ حَتَّى يُتَيَقَّنَ الْحِلُّ بِالذَّكَاةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحِلَّهُ إنْ سَلَّمَ مَا لَمْ يَقُلْ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ أَنَا ذَبَحْتُهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَوْ وُجِدْت شَاةٌ مَذْبُوحَةٌ فَقَالَ ذِمِّيٌّ: ذَبَحْتُهَا حَلَّتْ، عَلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ لَوْ وَجَدَ قِطْعَةَ لَحْمٍ فِي إنَاءٍ أَوْ خِرْقَةٍ بِبَلَدٍ لَا مَجُوسَ فِيهِ أَوْ وَالْمُسْلِمُونَ فِيهِ أَغْلَبُ فَطَاهِرَةٌ لِأَنَّهُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهَا ذَبِيحَةُ مُسْلِمٍ يَقْتَضِي تَصْدِيقَ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ مُطْلَقًا لِتَأْيِيدِ دَعْوَاهُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ الْمَذْكُورَةِ، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ غَلَبَةَ الظَّنِّ بِالنِّسْبَةِ لِلطَّهَارَةِ لَمْ يُعَارِضْهَا أَصْلُ الْحُرْمَةِ فِي الْحَيَاةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ سَلَّمَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ الطَّهَارَةِ وَحِلِّ الْأَكْلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSفَلَا يَجِبُ قَبُولُهُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ امْتِنَاعُهُ مِنْ قَبُولِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَوْ عَلَى قَوْلٍ فِيهِ عُذْرٌ. (قَوْلُهُ: وَزُوَانٍ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: وَالزُّوَانُ بِالضَّمِّ يُخَالِطُ الْبُرَّ، وَقَالَ الْكَرْخِيُّ: هُوَ حَبٌّ أَسْوَدُ مُدَوَّرٌ وَهُوَ مُثَلَّثُ الزَّايِ مَعَ تَخْفِيفِ الْوَاوِ اهـ كَذَا بِهَامِشٍ، وَقَوْلُ الْمُخْتَارِ بِضَمِّ الزَّايِ: أَيْ وَالْهَمْزِ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ فِي زَأْنَ، وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: الزُّوَانُ حَبٌّ يُخَالِطُ الْبُرَّ فَيُكْسِيهِ الرَّدَاءَةَ، وَفِيهِ لُغَاتٌ بِضَمِّ الزَّايِ مَعَ الْهَمْزِ وَتَرْكِهِ فَيَكُونُ وِزَانَ غُرَابٍ وَكَسْرِ الزَّايِ مَعَ الْوَاوِ الْوَاحِدَةُ زُوَانَةٌ وَأَهْلُ الشَّامِ يُسَمُّونَهُ الشَّيْلَمَ (قَوْلُهُ: أَوْ وَزْنًا فَلَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّ جِدًّا لِأَنَّ أَدْنَى شَيْءٍ يَظْهَرُ فِي الْوَزْنِ (قَوْلُهُ: وَعَكْسُهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَإِنْ خَالَفَ لَزِمَهُ الضَّمَانُ لِفَسَادِ الْقَبْضِ كَمَا لَوْ قَبَضَهُ جُزَافًا وَلَا يَنْفُذُ التَّصَرُّفُ فِيهِ كَمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ، وَكَذَا لَوْ اكْتَالَهُ بِغَيْرِ الْكَيْلِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ كَأَنْ بَاعَ صَاعًا فَاكْتَالَهُ بِالْمُدِّ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُهُ لَزِمَهُ الضَّمَانُ: أَيْ ضَمَانُ يَدٍ لَا ضَمَانُ عَقْدٍ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إنْ تَيَسَّرَ رَدُّهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ تَصَرَّفَ فِيهِ مِنْ بَابِ الظَّفَرِ وَهُوَ الْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةُ يَوْمِ التَّلَفِ إنْ تَلِفَ كَالْمُسْتَامِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُزَلْزِلُ الْمِكْيَالَ) أَيْ وَإِنْ اُعْتِيدَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْأَنْوَاعِ وَكَانَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ مِنْهُ لِأَنَّ مَا يَحْوِيهِ الْمِكْيَالُ مَعَ الزَّلْزَلَةِ لَا يَنْضَبِطُ فَلَا الْتِفَاتَ إلَى اعْتِيَادِهِ. (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ تَسْلِيمُ التَّمْرِ جَافًّا) قَالَ حَجّ: مَا لَمْ يَتَنَاهَ جَفَافُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ عَيْبٌ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَالرُّطَبُ غَيْرَ مُشَدَّخٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: هُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ الْمَفْتُوحَةِ وَبِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ التَّمْرُ يُعَالَجُ إلَخْ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي كَوْنِهِ مُشَدَّخًا أَوْ لَا صُدِّقَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّشْدِيخِ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْمُسَلِّمُ) مُعْتَمَدٌ: أَيْ مَا لَمْ يَقُلْ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ أَنَا ذَكَّيْتُهُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَقُلْ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ أَنَا ذَبَحْتُهُ) أَيْ فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ أَجْبَرَ الْحَاكِمُ الْمُسَلَّمَ عَلَى قَبُولِهِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ اُنْظُرْ مَاذَا يَفْعَلُهُ فِيهِ هَلْ يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ عَمَلًا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ وَبِالظَّاهِرِ أَوْ يَعْمَلُ بِظَنِّهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ وَلَا التَّصَرُّفُ فِيهِ لِأَنَّهُ مَيْتَةٌ فِي ظَنِّهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: أَيْ أَنَّ قَوْلَهُمْ إلَخْ) تَأْيِيدٌ لِلْمَنْعِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ إنْ سَلَّمَ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الْفَرْقُ (قَوْلُهُ: إنْ سَلَّمَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ) نَقَلَ سم فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ فِي بَابِ الِاجْتِهَادِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَاحْكُمْ عَلَى مَا غَلَّبْت إلَخْ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّا حَيْثُ قُلْنَا بِنَجَاسَتِهَا حَرُمَ أَكْلُهَا، وَإِنَّمَا التَّرَدُّدُ فِي أَنَّهَا هَلْ تُنَجِّسُ مَا أَصَابَتْهُ أَوْ لَا وَاسْتَوْجَهَ ثُمَّ عَدَمُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: يَقْتَضِي تَصْدِيقَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ مُطْلَقًا) أَيْ فِي بَلَدٍ لَا مَجُوسَ فِيهِ أَوْ وَالْمُسْلِمُونَ فِيهِ أَغْلَبُ بِقَرِينَةِ مَا قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَقَالَ ذَبَحْتُهُ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ الطَّهَارَةِ وَحِلِّ الْأَكْلِ) قَالَ الشِّهَابُ سم: وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ يَلْزَمُ مِنْ طَهَارَةِ اللَّحْمِ حِلُّهُ مَا لَمْ يَثْبُتْ سَبَبٌ آخَرُ لِحُرْمَتِهِ غَيْرُ النَّجَاسَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ

(وَلَوْ أَحْضَرَهُ) أَيْ الْمُسَلَّمَ فِيهِ وَمِثْلُهُ فِيمَا يَأْتِي جَمِيعُهُ كُلُّ دِينٍ مُؤَجَّلٍ (قَبْلَ مَحِلِّهِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ أَيْ وَقْتِ حُلُولِهِ (فَامْتَنَعَ الْمُسَلِّمُ مِنْ قَوْلِهِ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ بِأَنْ) بِمَعْنَى كَأَنْ فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ يَسْتَعْمِلُ ذَلِكَ كَثِيرًا (وَكَانَ حَيَوَانًا) يَحْتَاجُ لِمُؤْنَةٍ قَبْلَ الْمَحِلِّ لَهَا وَقَعَ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ: أَيْ عُرْفًا أَوْ غَيْرَهُ وَاحْتَاجَ لَهَا فِي كِرَاءِ مَحِلِّهِ أَوْ حِفْظِهِ أَوْ كَانَ يَتَرَقَّبُ زِيَادَةَ سِعْرِهِ عِنْدَ الْمَحِلِّ فِيمَا يَظْهَرُ (أَوْ وَقْتَ غَارَةٍ) الْأَفْصَحُ إغَارَةٌ وَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ وَقْتَهَا فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ كَانَ يُرِيدُ أَكْلَهُ عِنْدَ مَحِلِّهِ طَرِيًّا (لَمْ يُجْبَرْ) عَلَى قَبُولِهِ وَإِنْ كَانَ لِلْمُؤَدِّي غَرَضٌ لِلضَّرَرِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُسَلِّمِ غَرَضٌ صَحِيحٌ فِي الِامْتِنَاعِ (فَإِنْ كَانَ لِلْمُؤَدِّي غَرَضٌ صَحِيحٌ كَفَكِّ رَهْنٍ) أَوْ بَرَاءَةِ ضَامِنٍ أَوْ خَوْفِ انْقِطَاعِ الْجِنْسِ عِنْدَ الْحُلُولِ (أُجْبِرَ) لِأَنَّ امْتِنَاعَهُ حِينَئِذٍ تَعَنُّتٌ (وَكَذَا) يُجْبَرُ إنْ أَتَى إلَيْهِ بِهِ (لِمُجَرَّدِ غَرَضِ الْبَرَاءَةِ فِي الْأَظْهَرِ) أَيْ بَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ أَوْ لَا لِغَرَضٍ أَصْلًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ لِتَعَنُّتِهِ. وَالثَّانِي لَا يُجْبَرُ لِلْمِنَّةِ. وَأَفْهَمَ اعْتِبَارُهُ لِغَرَضٍ الْمُؤَدِّي عِنْدَ عَدَمِ غَرَضِ الْمُؤَدَّى إلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ تَعَارَضَ غَرَضَاهُمَا قُدِّمَ الثَّانِي، وَلَوْ أَصَرَّ عَلَى الِامْتِنَاعِ بَعْدَ الْإِجْبَارِ أَخَذَهُ الْحَاكِمُ أَمَانَةً عِنْدَهُ لَهُ وَبَرِئَ الْمَدِينُ، وَلَوْ كَانَ الْمُسَلِّمُ غَائِبًا فَقِيَاسُ مَا ذُكِرَ أَنْ يَقْبِضَ لَهُ فِي حَالِ غَيْبَتِهِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. وَلَوْ أَحْضَرَ الْمُسَلَّمَ فِيهِ الْحَالَّ فِي مَكَانِ التَّسْلِيمِ لِغَرَضٍ سِوَى الْبَرَاءَةِ أُجْبِرَ الْمُسَلِّمُ عَلَى قَبُولِهِ أَوْ لِغَرَضِهَا أُجْبِرَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْإِبْرَاءِ لِأَنَّ امْتِنَاعَهُ وَقَدْ وُجِدَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالتَّنْجِيسِ مَعَ الْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهِ. وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ حَيْثُ قُلْنَا إلَخْ أَنَّا إنْ قُلْنَا بِطَهَارَتِهِ جَازَ أَكْلُهُ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا نَظَّرَ بِهِ هُنَا فِي حَاشِيَةِ حَجّ وَمُؤَيِّدٌ لِتَصْدِيقِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ قَالَ ذَكَّيْته أَمْ لَمْ يَقُلْ وَسَوَاءٌ كَانَ فَاسِقًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: كُلُّ دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ) وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ الرَّجُلَ يُعَلِّقُ لِزَوْجَتِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ مَتَى فَعَلَ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ وَأَبْرَأَتْ ذِمَّتَهُ مِنْ الشَّيْءِ الْفُلَانِيِّ مِنْ صَدَاقِهَا الَّذِي عَلَيْهِ كَانَتْ طَالِقًا أَوْ أَنَّهُ لَوْ أَحْضَرَ لَهَا صَدَاقَهَا وَكَانَ مُؤَجَّلًا وَطَلَبَ مِنْهَا قَبُولَهُ لَا تُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ كَذَا بِخَطِّ الْأَصْلِ: أَيْ لِأَنَّ لَهَا غَرَضًا فِي الِامْتِنَاعِ وَهُوَ بَقَاءُ التَّعْلِيقِ إنْ كَانَ حَالًّا فَإِنْ كَانَ غَرَضُهُ غَيْرَ الْبَرَاءَةِ أُجْبِرَتْ عَلَى الْقَبُولِ عَيْنًا أَوْ هِيَ أُجْبِرَتْ عَلَى الْقَبُولِ أَوْ الْإِبْرَاءِ رَمْلِيٌّ اهـ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ. وَلَوْ قَبَضَتْهُ جَاهِلَةً فَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ قَبَضَ أَصْلُهُ أَوْ فَرْعُهُ جَاهِلًا الصِّحَّةَ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ صِفَةَ الْبَعْضِيَّةِ مَعْنًى قَائِمٌ بِذَاتِ الْمُحْضَرِ وَلَا كَذَلِكَ عَدَمُ تَمَكُّنِهَا مِنْ الْبَرَاءَةِ عِنْدَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ أَمْرٌ خَارِجِيٌّ، وَأَيْضًا فَالْجَهْلُ بِعَدَمِ وُجُوبِ قَبُولِ الدَّيْنِ جَهْلٌ بِالْحُكْمِ وَهُوَ غَيْرُ عُذْرٍ لِنِسْبَتِهَا إلَى تَقْصِيرٍ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ حَيَوَانًا) بَقِيَ مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي كَوْنِهِ الْمُسَلَّمَ فِيهِ أَوْ غَيْرَهُ فَهَلْ يَصْدُقُ الْمُسَلِّمُ أَوْ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمِيَاهِ مِنْ الْمُرَجِّحَاتِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مُرَجِّحٌ وَقْتَ الْأَمْرِ حَتَّى يَصْطَلِحَا عَلَى شَيْءٍ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ يَتَرَقَّبُ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ هَذَا فَإِنَّ قَضِيَّةَ التَّعْبِيرِ بِأَوَانِهِ لَوْ كَانَ غَيْرَ حَيَوَانٍ وَلَمْ يَحْتَجْ فِي حِفْظِهِ لِمُؤْنَةٍ وَتَوَقَّعَ زِيَادَةَ سِعْرِهِ عِنْدَ الْمَحِلِّ لَمْ يَجِبْ الْقَبُولُ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّهُ حَيْثُ لَا ضَرُورَةَ عَلَيْهِ يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ وَيَدَّخِرُهُ لِوَقْتِ الْحُلُولِ إنْ شَاءَ فَلَا يَفُوتُ مَقْصُودُهُ فَلَعَلَّ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَيُصَوِّرُ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَحِقَهُ ضَرَرٌ بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ كَخَوْفِ تَغَيُّرِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ إذَا اُدُّخِرَ إلَى الْوَقْتِ الَّذِي يَتَرَقَّبُهُ مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يَحْتَجْ فِي ادِّخَارِهِ إلَى مَحَلٍّ يَحْفَظُهُ فِيهِ وَلَا مُؤْنَةَ لَهُ (قَوْلُهُ: أُجْبِرَ) أَيْ وَيَكْفِي الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ (قَوْلُهُ أَوَّلًا لِغَرَضٍ) فِي تَصَوُّرِ انْتِفَاءِ الْغَرَضِ لِلْمُسَلَّمِ إلَيْهِ نَظَرٌ، إذْ أَقَلُّ مَرَاتِبِهِ حُصُولُ الْبَرَاءَةِ بِقَبْضِ الْمُسَلَّمِ لَهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ حُصُولَ الْبَرَاءَةِ وَإِنْ كَانَتْ حَاصِلَةً بِقَبُولِ الْمُسَلِّمِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الشَّيْءِ حَاصِلًا كَوْنُهُ مَقْصُودًا (قَوْلُهُ: أَنْ يَقْبِضَ) أَيْ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: الْحَالُّ) أَيْ أَصَالَةً أَوْ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ: سِوَى الْبَرَاءَةِ) كَفَكِّ رَهْنٍ أَوْ ضَمَانٍ (قَوْلُهُ: أُجْبِرَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْإِبْرَاءِ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الزَّمَنُ زَمَنَ أَمْنٍ أَوْ خَوْفٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ امْتِنَاعَهُ إلَخْ) هَذَا وَلَمْ يُبَيِّنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ اعْتِبَارُهُ لِغَرَضِ الْمُؤَدِّي) حَقُّ الْعِبَارَةِ وَأَفْهَمَ تَقْدِيمُهُ لِغَرَضِ الْمُؤَدَّى إلَيْهِ عَلَى غَرَضِ الْمُؤَدِّي أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْمُسْلِمُ غَائِبًا) هَذَا فِي الدَّيْنِ الْحَالِّ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ سِيَاقُهُ.

مَكَانُ التَّسْلِيمِ وَزَمَانُهُ مَحْضُ عِنَادٍ فَضَيَّقَ عَلَيْهِ بِطَلَبِ الْإِبْرَاءِ، بِخِلَافِ الْمُؤَجَّلِ وَالْحَالِّ الْمُحْضَرِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ، وَلَا يَخْتَصُّ الْإِجْبَارُ بِمَا مَرَّ بَلْ يُجْبَرُ الدَّائِنُ عَلَى قَبُولِ كُلِّ دَيْنٍ حَالٍّ، أَوْ الْإِبْرَاءِ عَنْهُ عِنْدَ انْتِفَاءِ غَرَضِهِ وَقَدْ أَحْضَرَهُ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ أَوْ وَارِثُهُ لَا أَجْنَبِيٌّ عَنْ حَيٍّ بِخِلَافِهِ عَنْ مَيِّتٍ لَا تَرِكَةَ لَهُ فِيمَا يَظْهَرُ لِمَصْلَحَةِ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ، وَسَيَأْتِي أَنَّ الدَّيْنَ يَجِبُ بِالطَّلَبِ أَدَاؤُهُ فَوْرًا لَكِنْ يُمْهَلُ الْمَدِينُ لِمَا لَا يُخِلُّ بِالْفَوْرِيَّةِ فِي الشُّفْعَةِ أَخْذًا مِنْ مَثَلِهِمْ مَا لَمْ يَخَفْ هَرَبَهُ فَبِكَفِيلٍ أَوْ مُلَازِمٍ. (وَلَوْ) (وَجَدَ الْمُسَلِّمُ الْمُسَلَّمَ إلَيْهِ بَعْدَ الْمَحِلِّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ (فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ) بِفَتْحِهَا أَيْ مَكَانِهِ الْمُتَعَيِّنِ بِالْعَقْدِ أَوْ الشَّرْطِ فَلَهُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِالسَّلَمِ فِيهِ وَإِلْزَامُهُ بِالسَّفَرِ مَعَهُ لِمَحَلِّ التَّسْلِيمِ، أَوْ يُوَكِّلُ وَلَا يُحْبَسُ لِأَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ (لَمْ يَلْزَمْهُ الْأَدَاءُ إنْ كَانَ لِنَقْلِهِ) مِنْ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ إلَى مَحَلِّ الظَّفَرِ (مُؤْنَةٌ) وَلَمْ يَتَحَمَّلْهَا الْمُسَلِّمُ لِيَتَضَرَّرَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ بِذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا لَا مُؤْنَةَ لِنَقْلِهِ كَيَسِيرِ نَقْدٍ وَمَالَهُ مُؤْنَةٌ وَتَحَمَّلَهَا الْمُسَلِّمُ لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ حِينَئِذٍ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ أَغْلَى مِنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْفَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ لِلْمُسَلَّمِ إلَيْهِ غَرَضٌ غَيْرُ الْبَرَاءَةِ كَفَكِّ رَهْنٍ أَوْ ضَمَانٍ حَيْثُ أُجْبِرَ فِيهِ الْمُسَلِّمُ عَلَى الْقَبُولِ عَيْنًا وَبَيْنَ مَا إذَا كَانَ غَرَضُهُ مُجَرَّدَ الْبَرَاءَةِ حَيْثُ أُجْبِرَ فِيهِ عَلَى الْقَبُولِ أَوْ الْإِبْرَاءِ؟ قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ مِثْلِ هَذَا التَّوَقُّفِ: إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ الْبَرَاءَةُ مَقْصُودَةً بِالذَّاتِ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَصْلِ مِنْ مُطَالَبَتِهِ بِالْقَبُولِ بِخِلَافِهِ فِي الشِّقِّ الثَّانِي اهـ. (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ) قَالَ حَجّ: وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ هُنَا لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ زَمَنِ الْخَوْفِ وَغَيْرِهِ، وَيُخَالِفُهُ اعْتِمَادُ جَمْعٍ مُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ فِي الْقَرْضِ إلَّا حَيْثُ لَا خَوْفَ: أَيْ وَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ فِيهِ عَلَى الْأَوْجَهِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْقَرْضَ مَحْضُ مَعْرُوفٍ وَإِحْسَانٍ، وَهُوَ يَقْتَضِي عَدَمَ إضْرَارِ الْمُقْرِضِ بِوَجْهٍ فَلَمْ يَلْزَمْ بِالْقَبُولِ وَلَوْ فِي مَحَلِّ الْقَرْضِ إلَّا حَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَمَا هُنَا مَحْضُ مُعَاوَضَةٍ، وَقَضِيَّتُهَا لُزُومُ قَبْضِهَا الْمُسْتَحَقَّ فِي مَحِلِّ تَسْلِيمِهَا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِإِضْرَارِ الْمُسَلِّمِ أَوَّلًا، وَإِنَّمَا رُوعِيَ غَرَضُهُ فِيمَا مَرَّ لِأَنَّ ذَاكَ الْقَبْضَ فِيهِ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ بِمُقْتَضَى الْمُعَاوَضَةِ لِأَنَّ الْقَرْضَ أَنَّهُ قَبْلَ الْحُلُولِ أَوْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ فَنَظَرَ فِيهِ لِإِضْرَارِ الْقَابِضِ وَعَدَمِهِ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: لَا أَجْنَبِيٌّ عَنْ حَيٍّ) قَدْ يُفْهَمُ مُقَابَلَتُهُ لِلْوَارِثِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا عَدَاهُ مَعَ أَنَّ الْوَارِثَ كَالْأَجْنَبِيِّ فِي مَسْأَلَةِ الْحَيِّ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُقَالُ: يُفْهَمُ أَنَّ الْوَارِثَ فِي الْحَيِّ كَالْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّهُ الْآنَ لَا يُسَمَّى وَارِثًا وَإِنَّمَا يُسَمَّى بَعْدَ مَوْتِ الْوَرِيثِ (قَوْلُهُ: أَنَّ الدَّيْنَ يَجِبُ بِالطَّلَبِ) وَمِثْلُهُ الْقَرِينَةُ الدَّالَّةُ عَلَيْهِ دَلَالَةً قَوِيَّةً، وَقَدْ يَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ فِي بَابِ الْغَنِيمَةِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَخُمُسُهُ لِأَهْلِ خُمُسِ الْفَيْءِ إلَخْ، وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُهَا لِدَارِنَا بَلْ يَحْرُمُ إنْ طَلَبُوا تَعْجِيلَهَا وَلَوْ بِلِسَانِ الْحَالِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ: الْمُتَعَيِّنُ بِالْعَقْدِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي السَّلَمِ الْمُؤَجَّلِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدَ الْمَحِلِّ وَفِيمَا لَهُ مُؤْنَةٌ بِدَلِيلِ إنْ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمُؤَجَّلَ الَّذِي لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ، وَإِنْ صَلَحَ مَحَلُّ الْعَقْدُ فَقَوْلُهُ أَوْ الْعَقْدُ عَلَيْهِ مُشْكِلٌ، إذْ لَا يَكُونُ التَّعْيِينُ بِالْعَقْدِ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُؤْنَةِ هُنَاكَ مُؤْنَةُ النَّقْلِ إلَى مَحَلِّ الْعَقْدِ. وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا مُؤْنَةُ النَّقْلِ مِنْ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ إلَى مَحَلِّ الظَّفَرِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ إلَى مَحَلِّ الظَّفَرِ وَلَا يَكُونُ لَهُ مُؤْنَةٌ إلَى مَحَلِّ الْعَقْدِ فَيُفْرَضُ مَا هُنَا فِي السَّلَمِ الْمُؤَجَّلِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ مُؤْنَةٌ إلَى مَحَلِّ الْعَقْدِ الصَّالِحِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَجِبُ بَيَانُ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ بَلْ يَتَعَيَّنُ مَوْضِعُ الْعَقْدِ، ثُمَّ إذَا وَجَدَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ فَصَّلَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ أَوْ لَا سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ إلَخْ) أَيْ فَيَجِبُ عَلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ تَسْلِيمُهُ لِلْمُسَلِّمِ وَإِنْ ارْتَفَعَ سِعْرُهُ، وَقَوْلُهُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ: أَيْ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ أَوْ نَحْوِهِ أَدَاؤُهُ حَيْثُ ارْتَفَعَ سِعْرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ وَحِينَئِذٍ فَالْمَانِعُ مِنْ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَحَمَّلْهَا الْمُسْلِمُ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ: أَوْ كَانَ: أَيْ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وَرَضِيَ بِهِ دُونَهَا، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ الصَّغِيرِ: كَمَا لَوْ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ وَلَمْ يَقْنَعْ الْمُسْلِمُ بِهِ بَلْ طَلَبَهَا.

[فصل في القرض]

بِمَحَلِّ السَّلَمِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِمَّا يَأْتِي فِي الْقَرْضِ (وَلَا يُطَالَبُ بِقِيمَتِهِ) وَلَوْ (لِلْحَيْلُولَةِ عَلَى الصَّحِيحِ) لِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ كَمَا مَرَّ لَكِنْ لَهُ الْفَسْخُ وَاسْتِرْدَادُ رَأْسِ الْمَالِ وَإِلَّا فَبَدَلُهُ كَمَا لَوْ انْقَطَعَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ وَالثَّانِي يُطَالِبُهُ لِلْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَقِّهِ (وَإِنْ) (امْتَنَعَ) الْمُسَلِّمُ (مِنْ قَبُولِهِ هُنَاكَ) أَيْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ وَقَدْ أَحْضَرَ (لَمْ يُجْبَرْ) عَلَيْهِ (إنْ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ) إلَى مَحَلِّ التَّسْلِيمِ وَلَمْ يَتَحَمَّلْهَا الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ بِمَعْنَى تَحْصِيلِهِ وَتَحَمُّلِهِ الزِّيَادَةَ لَا بِمَعْنَى دَفْعِ الْمُؤْنَةِ لِلْمُسَلِّمِ لِأَنَّهُ اعْتِيَاضٌ (أَوْ كَانَ الْمَوْضِعُ) أَوْ الطَّرِيقُ (مَخُوفًا) لِلضَّرَرِ، فَإِنْ رَضِيَ بِأَخْذِهِ لَمْ تَجِبْ لَهُ مُؤْنَةُ النَّقْلِ، بَلْ لَوْ بَدَّلَهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ قَبُولُهَا لِأَنَّهُ كَالِاعْتِيَاضِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ وَلَا كَانَ الْمَوْضِعُ أَوْ الطَّرِيقُ مَخُوفًا (فَالْأَصَحُّ إجْبَارُهُ) عَلَى قَبُولِهِ لِتَحْصُلَ لَهُ بَرَاءَةٌ بِذِمَّةٍ. وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ فِي التَّعْجِيلِ قَبْلَ الْحُلُولِ لِغَرَضِ الْبَرَاءَةِ وَقَدْ مَرَّ تَعْلِيلُهُمَا، وَلَوْ اتَّفَقَ كَوْنُ رَأْسِ الْمَالِ بِصِفَةِ السَّلَمِ فِيهِ فَأَحْضَرَهُ وَجَبَ قَبُولُهُ. فَصْلٌ فِي الْقَرْضِ وَهُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا يُطْلَقُ اسْمًا بِمَعْنَى الْمُقْرَضِ وَمَصْدَرًا بِمَعْنَى الْإِقْرَاضِ، وَلِشَبَهِهِ بِالسَّلَمِ فِي الضَّابِطِ الْآتِي جَعَلَهُ مُلْحَقًا بِهِ فَتَرْجَمَ لَهُ بِفَصْلٍ بَلْ هُوَ نَوْعٌ مِنْهُ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا يُسَمَّى سَلَفًا (الْإِقْرَاضُ) الَّذِي هُوَ تَمْلِيكُ الشَّيْءِ بِرَدِّ بَدَلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSإمَّا كَوْنُهُ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ أَوْ ارْتِفَاعُ سِعْرِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَمْنُوعٌ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِلْحَيْلُولَةِ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ الْغَايَةِ لِأَنَّ الْقِيمَةَ إذَا كَانَتْ لِلْفَيْصُولَةِ لَا يُطَالَبُ بِهَا قَطْعًا لِأَنَّهَا اسْتِبْدَالٌ حَقِيقِيٌّ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ لِلْحَيْلُولَةِ لِأَنَّهَا تُشْبِهُ الْوَثِيقَةَ (قَوْلُهُ: وَتَحَمُّلُهُ الزِّيَادَةَ) أَيْ بِأَنْ تُدْفَعَ الزِّيَادَةُ لِمَنْ يَحْمِلُهُ إلَى مَحَلِّ التَّسْلِيمِ أَوْ يَلْتَزِمُهَا لَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ اعْتِيَاضٌ) أَيْ دَفْعُ الْمُؤْنَةِ لِلْمُسَلِّمِ (قَوْلُهُ: لِيَحْصُلَ لَهُ) أَيْ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِصِفَةِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ) لَا يُقَالُ: هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَلَوْ أَسْلَمَ جَارِيَةً صَغِيرَةً فِي كَبِيرَةٍ صَحَّ إلَخْ. لِأَنَّا نَقُولُ: هَذَا أَعَمُّ وَمِثْلُهُ لَا يُعَدُّ تَكْرَارًا. (فَصْلٌ) فِي الْقَرْضِ. (قَوْلُهُ: فِي الْقَرْضِ) وَلَعَلَّهُ آثَرَهُ عَلَى مَا فِي الْمَتْنِ لِاشْتِهَارِ التَّعْبِيرِ بِهِ وَلِيُفِيدَ أَنَّ لَهُ اسْتِعْمَالَيْنِ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى الْإِقْرَاضِ) أَيْ مَجَازًا، وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُخْتَارِ أَنَّهُ إذَا اُسْتُعْمِلَ مَصْدَرًا كَانَ بِمَعْنَى الْقَطْعِ وَهُوَ غَيْرُ مَعْنَى الْإِقْرَاضِ، فَإِنَّ الْإِقْرَاضَ تَمْلِيكُ الشَّيْءِ عَلَى أَنْ يُرَدَّ بَدَلُهُ لَكِنَّهُ سُمِّيَ بِهِ وَبِالْقَرْضِ لِكَوْنِ الْمُقْرِضِ اقْتَطَعَ مِنْ مَالِهِ قِطْعَةً لِلْمُقْتَرِضِ (قَوْلُهُ: إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا يُسَمَّى سَلَفًا) قَدْ يُقَالُ: مُجَرَّدُ تَسْمِيَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِذَلِكَ لَا يَقْتَضِي أَنَّهُ نَوْعٌ مِنْهُ لِتَغَايُرِ مَفْهُومِيهِمَا إذْ السَّلَمُ بَيْعٌ مَوْصُوفٌ فِي الذِّمَّةِ وَالْقَرْضُ تَمْلِيكُ الشَّيْءِ عَلَى أَنْ يَرُدَّ بَدَلَهُ فَكَيْفَ يَكُونُ نَوْعًا مِنْهُ مَعَ تَغَايُرِ حَقِيقَتِهِمَا، نَعَمْ تَسْمِيَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِذَلِكَ تَقْتَضِي أَنَّ السَّلَفَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَنَّ الْمُرَادَ بِجَعْلِهِ نَوْعًا مِنْهُ أَنَّهُ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ النَّوْعِ لَا أَنَّهُ نَوْعٌ حَقِيقَةً وَإِنَّمَا نَزَلَ مَنْزِلَةَ النَّوْعِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا ثَابِتٌ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: الَّذِي هُوَ تَمْلِيكُ الشَّيْءِ) أَيْ شَرْعًا (قَوْلُهُ: يَرُدُّ بَدَلَهُ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: عَلَى أَنْ يَرُدَّ مِثْلَهُ، وَلَعَلَّ الشَّارِحَ إنَّمَا عَبَّرَ بِالْبَدَلِ لِيَتَمَشَّى عَلَى الرَّاجِحِ الْآتِي مِنْ أَنَّهُ يَرُدُّ الْمِثْلَ حَقِيقَةً فِي الْمِثْلِيِّ وَصُورَةً فِي الْمُتَقَوِّمِ، وَعَلَى الْمَرْجُوحِ مِنْ أَنَّهُ يَرُدُّ الْمِثْلَ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْقِيمَةَ فِي الْمُتَقَوِّمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي الْقَرْضِ] (فَصْلٌ) فِي الْقَرْضِ (قَوْلُهُ: فِي الْقَرْضِ) إنَّمَا عَبَّرَ بِهِ دُونَ الْإِقْرَاضِ؛ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْفَصْلِ لَا يَخْتَصُّ بِالْإِقْرَاضِ بَلْ أَغْلَبُ أَحْكَامِهِ

(مَنْدُوبٌ) إلَيْهِ وَلِشُهْرَةِ هَذَا حَذَفَهُ، وَقَدْ اسْتَغْنَى الشَّارِحُ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: أَيْ مُسْتَحَبٌّ وَهُوَ مِنْ السُّنَنِ الْمُتَأَكِّدَةِ لِلْآيَاتِ الْكَثِيرَةِ وَالْأَخْبَارِ الشَّهِيرَةِ كَخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَنْ نَفَّسَ عَنْ أَخِيهِ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَاَللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا دَامَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» وَصَحَّ خَبَرُ «مَنْ أَقْرَضَ لِلَّهِ مَرَّتَيْنِ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ أَحَدِهِمَا لَوْ تَصَدَّقَ بِهِ» وَفِي خَبَرٍ فِي سَنَدِهِ مَنْ ضَعَّفَهُ الْأَكْثَرُونَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ مَكْتُوبًا عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ: إنَّ دِرْهَمَ الصَّدَقَةِ بِعَشْرٍ وَالْقَرْضَ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ» وَأَنَّ جِبْرِيلَ عَلَّلَ لَهُ ذَلِكَ بِأَنَّ الْقَرْضَ إنَّمَا يَقَعُ فِي يَدِ مُحْتَاجٍ بِخِلَافِ الصَّدَقَةِ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ خَبَرَ «قَرْضُ الشَّيْءِ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَتِهِ» وَيُمْكِنُ رَدُّ الْخَبَرِ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ بِحَمْلِهِ عَلَى دَرَجَاتٍ صَغِيرَةٍ بِحَيْثُ إنَّ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ فِيهِ تُقَابَلُ بِخَمْسَةٍ فِي الصَّدَقَةِ كَمَا فِي خَبَرِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ، أَوْ بِحَمْلِ الزِّيَادَةِ فِي الْقَرْضِ إنْ صَحَّتْ عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُعْلِمَهَا بَعْدُ، أَوْ يُقَالُ الْقَرْضُ فَضَلَ الصَّدَقَةَ بِاعْتِبَارِ الِابْتِدَاءِ لِامْتِيَازِهِ عَنْهَا بِصَوْنِهِ مَاءَ وَجْهِ مَنْ لَمْ يَعْتَدْ السُّؤَالَ عَنْ بَذْلِهِ لِكُلِّ أَحَدٍ بِخِلَافِهَا، وَهِيَ فَضَلَتْهُ بِاعْتِبَارِ الْغَايَةِ لِامْتِيَازِهَا عَنْهُ بِأَنَّهُ لَا مُقَابِلَ فِيهَا وَلَا بَدَلَ بِخِلَافِهِ، وَعِنْدَ تَقَابُلِ الْخُصُوصِيَّتَيْنِ قَدْ تَتَرَجَّحُ الْأُولَى وَقَدْ تَتَرَجَّحُ الثَّانِيَةُ بِاعْتِبَارِ الْأَثَرِ الْمُرَتَّبِ وَوَجْهُ ذِكْرِ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ فِي الْخَبَرِ أَنَّ دِرْهَمَ الْقَرْضِ فِيهِ تَنْفِيسُ كُرْبَةٍ وَإِنْظَارٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: مَنْدُوبٌ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الْمُقْتَرَضِ مُسَلَّمًا أَوْ غَيْرَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِنَّ فِعْلَ الْمَعْرُوفِ مَعَ النَّاسِ لَا يَخْتَصُّ بِالْمُسْلِمِينَ، وَيَجِبُ عَلَيْنَا الذَّبَّ عَنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْهُمْ وَالصَّدَقَةُ عَلَيْهِمْ جَائِزَةٌ وَإِطْعَامُ الْمُضْطَرِّ مِنْهُمْ وَاجِبٌ وَالتَّعْبِيرُ بِالْأَخِ فِي الْحَدِيثِ لَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ بَلْ لِمُجَرَّدِ الِاسْتِعْطَافِ وَالشَّفَقَةِ (قَوْلُهُ: وَلِشُهْرَةِ هَذَا) أَيْ قَوْلِهِ إلَيْهِ، قَالَ حَجّ: أَوْ تَضْمِينُهُ لِمُسْتَحَبٍّ، وَقَالَ سم عَلَى حَجّ: أَيْ أَوْ صَيْرُورَتُهُ فِي الِاصْطِلَاحِ اسْمًا لِلْمَطْلُوبِ طَلَبًا غَيْرَ جَازِمٍ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ عَنْ ذَلِكَ) أَيْ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِلْآيَاتِ الْكَثِيرَةِ) أَيْ الْمُفِيدَةِ لِلثَّنَاءِ عَلَى الْقَرْضِ كَآيَةِ {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [البقرة: 245] (قَوْلُهُ: نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً) يَجُوزُ أَنَّ تِلْكَ الْكُرْبَةَ عَشْرُ كُرَبٍ مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا لِأَنَّ أُمُورَ الْآخِرَةِ لَا يُقَاسُ عَلَيْهَا فَلَا يُقَالُ: كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ عَشْرُ كُرَبٍ مِنْ كُرَبِ يَوْمِ إلَخْ لِأَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، أَوْ يُقَالُ نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ زِيَادَةً عَلَى ثَوَابِ عَمَلِهِ فَذَلِكَ التَّنْفِيسُ كَالْمُضَاعَفَةِ (قَوْلُهُ: لَوْ تَصَدَّقَ) أَيْ بِهِ (قَوْلُهُ: عَلَّلَ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ سُؤَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ سَبَبِ التَّفَاضُلِ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: فِي يَدِ مُحْتَاجٍ) أَيْ فِي الْغَالِبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْآتِيَةِ فِي الشَّيْءِ الْمُقْرَضِ، فَلَوْ غَيَّرَ بِالْإِقْرَاضِ لَكَانَتْ التَّرْجَمَةُ قَاصِرَةً وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: أَيْ مُسْتَحَبٌّ) أَيْ فَهُوَ مِنْ بَابِ التَّضْمِينِ وَهُوَ غَيْرُ مَا مَلَكَهُ الشَّارِحُ هُنَا مِنْ ذِكْرِهِ لِلطَّرَفِ الْمُشَارِ بِهِ إلَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ وَإِنْ أَوْهَمَ قَوْلُهُ: وَقَدْ اسْتَغْنَى الشَّارِحُ عَنْ ذَلِكَ إلَخْ خِلَافًا. (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ رَدُّ الْخَبَرِ الثَّانِي) يَعْنِي خَبَرَ جِبْرِيلَ، فَمُرَادُهُ بِالْأَوَّلِ الْأَوَّلُ مِنْ الْأَخْبَارِ الْخَاصَّةِ بِالْقَرْضِ وَهُوَ خَبَرُ «مَنْ أَقْرَضَ لِلَّهِ مَرَّتَيْنِ» وَخَبَرُ جِبْرِيلَ ثَانٍ لَهُ، وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ السَّابِقُ فَلَيْسَ خَاصًّا بِالْقَرْضِ ثُمَّ فِي قَوْلِهِ وَيُمْكِنُ رَدُّ الْخَبَرِ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ دُونَ أَنْ نَقُولَ وَيُمْكِنُ رَدُّ الْأَوَّلِ لِلثَّانِي إشْعَارٌ بِأَنَّ الْخَبَرَ الْأَوَّلَ الْمَرْدُودَ إلَيْهِ الْمُقْتَضِي لِأَفْضَلِيَّةِ الصَّدَقَةِ هُوَ الْعُمْدَةُ، فَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الصَّدَقَةَ أَفْضَلُ مِنْ الْقَرْضِ كَيْفَ وَحَدِيثُهَا صَحِيحٌ دُونَ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: بِحَمْلِهِ عَلَى دَرَجَاتٍ صَغِيرَةٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْحَمْلَ لَا يَقْبَلُهُ لَفْظُ الْخَبَرِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْمُفَاضَلَةِ بَيْنَ الْقَرْضِ وَالصَّدَقَةِ كَمَا يُعْلَمُ بِتَأَمُّلِهِ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي خَبَرِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ) يَعْنِي مَعَ خَبَرِ الصَّلَاةِ بِسِوَاكٍ كَمَا تَقَدَّمَ أَوَائِلَ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَحْمِلُ الزِّيَادَةَ فِي الْقَرْضِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْحَمْلَ وَاَلَّذِي بَعْدَهُ لَيْسَ فِيهِمَا رَدُّ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ فَلَا يَصِحُّ الْعَطْفُ فِي كَلَامِهِ وَفِي قَوْلِهِ أَوْ يَحْمِلُ الزِّيَادَةَ إلَخْ تَسْلِيمٌ

إلَى قَضَاءِ حَاجَتِهِ وَرَدُّهُ فَفِيهِ عِبَادَتَانِ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ دِرْهَمَيْنِ وَهُمَا بِعِشْرِينَ حَسَنَةً، فَالتَّضْعِيفُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَهُوَ الْبَاقِي فَقَطْ لِأَنَّ الْمُقْرِضَ يَسْتَرِدُّ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَبْرَأ مِنْهُ كَانَ لَهُ عِشْرُونَ ثَوَابُ الْأَصْلِ وَالْمُضَاعَفَةُ، وَمَحَلُّ نَدْبِهِ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُقْتَرِضُ مُضْطَرًّا وَإِلَّا كَانَ وَاجِبًا، وَمَا لَمْ يَعْلَمْ أَوْ يَظُنَّ مِنْ آخِذِهِ أَنَّهُ يُنْفِقُهُ فِي مَعْصِيَةٍ وَإِلَّا حَرُمَ عَلَيْهِمَا أَوْ فِي مَكْرُوهٍ كُرِهَ، وَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِ مُضْطَرٍّ الِاقْتِرَاضُ إنْ لَمْ يَرْجُ وَفَاءَهُ مِنْ سَبَبٍ ظَاهِرٍ مَا لَمْ يُعْلِمْ الْمُقْرِضَ بِحَالِهِ، وَيَحْرُمُ عَلَى مَنْ أَخْفَى غِنَاهُ وَأَظْهَرَ فَاقَتَهُ كَمَا يَأْتِي نَظِيرُهُ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُقْرِضَ لَوْ عَلِمَ حَقِيقَةَ أَمْرِهِ لَمْ يُقْرِضْهُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عَلِمَ الْمُقْتَرِضُ أَنَّ مَا يُقْرِضُهُ لِنَحْوِ صَلَاحِهِ أَوْ عِلْمِهِ وَهُوَ فِي الْبَاطِنِ بِخِلَافِ ذَلِكَ حَرُمَ عَلَيْهِ الِاقْتِرَاضُ أَيْضًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَلَوْ أَخْفَى الْفَاقَةَ وَأَظْهَرَ الْغَنِيُّ حَالَتَهُ حَرُمَ أَيْضًا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّدْلِيسِ وَالتَّغْرِيرِ عَكْسُ الصَّدَقَةِ (وَصِيغَتُهُ) الصَّرِيحَةُ أَشْيَاءُ مِنْهَا (أَقْرَضْتُك أَوْ أَسْلَفْتُك) كَذَا أَوْ هَذَا (أَوْ خُذْهُ بِمِثْلِهِ) وَلَوْ مُتَقَوِّمًا إذْ ذَكَرَ الْمِثْلَ فِيهِ نَصٌّ فِي مَقْصُودِ الْقَرْضِ لِأَنَّ وَضْعَهُ عَلَى رَدِّ الْمِثْلِ صُورَةً، وَبِهِ فَارَقَ جَعْلَهُمْ خُذْهُ بِكَذَا كِنَايَةً فِي الْبَيْعِ، وَبِهِ انْدَفَعَ مَا لِلْغَزِّيِّ وَغَيْرِهِ هُنَا، وَاتَّضَحَ أَنَّهُ صَرِيحٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمَا لَا كِنَايَةٌ خِلَافًا لِجَمْعٍ، وَأَيْضًا فَمِمَّا يُدْفَعُ بِهِ ذَلِكَ أَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَوَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ التَّضْعِيفُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْأَصْلَ اسْتَرَدَّهُ وَبَقِيَ التَّضْعِيفُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا حَرُمَ عَلَيْهِمَا) أَيْ مَعَ صِحَّةِ الْقَرْضِ كَبَيْعِ الْعِنَبِ لِعَاصِرِ الْخَمْرِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا كَانَ وَاجِبًا) أَيْ عَلَى الْمُقْرِضِ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي مَكْرُوهٍ) وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُبَاحَ، وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِمَا إذَا دَفَعَ إلَى غَنِيٍّ بِسُؤَالٍ مِنْ الدَّافِعِ مَعَ عَدَمِ احْتِيَاجِ الْغَنِيِّ إلَيْهِ فَيَكُونُ مُبَاحًا لَا مُسْتَحَبًّا لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَمِلْ عَلَى تَنْفِيسِ كُرْبَةٍ، وَقَدْ يَكُونُ فِي ذَلِكَ غَرَضٌ لِلدَّافِعِ كَحِفْظِ مَالِهِ بِإِحْرَازِهِ فِي ذِمَّةِ الْمُقْتَرِضِ (قَوْلُهُ كُرِهَ) أَيْ لَهُمَا أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِ مُضْطَرٍّ) أَيْ بِخِلَافِ الْمُضْطَرِّ يَجُوزُ اقْتِرَاضُهُ وَإِنْ لَمْ يَرْجُ الْوَفَاءَ بَلْ يَجِبُ وَإِنْ كَانَ الْمُقْرِضُ وَلِيًّا كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ بَيْعُ مَالِ مَحْجُورِهِ مِنْ الْمُضْطَرِّ الْمُعْسِرِ بِالنِّسْبَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُهُ أَوْ كَانَ الْمُقْرِضُ وَلِيًّا: أَيْ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يُقْرِضُ الْمُضْطَرَّ إلَّا هُوَ (قَوْلُهُ: مِنْ سَبَبٍ ظَاهِرٍ) أَيْ قَرِيبِ الْحُصُولِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُعْلَمْ الْمُقْرِضُ بِحَالِهِ) أَيْ فَإِنْ عَلِمَ فَلَا حُرْمَةَ، وَهَلْ يَكُونُ مُبَاحًا أَوْ مَكْرُوهًا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْكَرَاهَةُ إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ حَاجَةٌ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ) أَيْ الِاقْتِرَاضُ (قَوْلُهُ عَلَى مَنْ أَخْفَى غِنَاهُ) يَنْبَغِي مَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُقْرِضُ اهـ سم (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ) هَلْ يَقُولُ هُنَا حَيْثُ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ عَلِمَ بَاطِنًا لَمْ يُقْرِضْ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْقَرْضَ كَمَا سَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ أَوْ يَمْلِكُهُ هُنَا مُطْلَقًا، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْقَرْضَ مُعَاوَضَةٌ وَهِيَ لَا تَنْدَفِعُ بِالْغِنَى؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالثَّانِي أَقْرَبُ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ يُشْبِهُ شِرَاءَ الْمُعْسِرِ مِمَّنْ لَا يُعْلَمُ إعْسَارُهُ وَبَيْعُ الْمَعِيبِ مَعَ الْعِلْمِ بِعَيْبِهِ لِمَنْ يَجْهَلُهُ وَالشِّرَاءُ بِالثَّمَنِ الْمَعِيبِ كَذَلِكَ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الصُّوَرِ (قَوْلُهُ: حَرُمَ أَيْضًا) وَيَمْلِكُهُ اهـ سم. (قَوْلُهُ: أَوْ أَسْلَفْتُك) وَقَدْ يُنْظَرُ فِيهِ بِأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْقَرْضِ وَالسَّلَمِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْهُ الْقَرْضُ لَا سِيَّمَا وَذِكْرُ الْمُتَعَلِّقِ فِي السَّلَمِ يَخْرُجُ هَذَا اهـ حَجّ. وَالْمُتَعَلِّقُ نَحْوُ قَوْلِهِ أَسْلَفْتُك كَذَا فِي كَذَا (قَوْلُهُ وَبِهِ فَارَقَ) أَيْ بِقَوْلِهِ إذْ ذَكَرَ الْمِثْلَ إلَخْ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِجَمْعٍ) مِنْهُمْ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ (قَوْلُهُ: لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ) يُتَأَمَّلُ هَذَا فَإِنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّ الْقَرْضَ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُقْرِضَ) كَانَ مُرَادُهُ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ الْقِيَاسِ عَلَى صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ أَنَّ مَحَلَّ الْحُرْمَةِ إنْ عُلِمَ أَنَّ الْمُقْرِضَ لَوْ عَلِمَ حَقِيقَةَ حَالِهِ لَمْ يُقْرِضْهُ فَلْتُرَاجَعْ نُسْخَةٌ صَحِيحَةٌ مِنْ الشَّرْحِ. (قَوْلُهُ: وَأَيْضًا فَمِمَّا يُدْفَعُ بِهِ ذَلِكَ أَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا إلَخْ) هَذَا لَا يَظْهَرُ لَهُ تَعَلُّقٌ بِمَا قَبْلَهُ، وَلَعَلَّ فِيهِ سَقْطًا مِنْ النُّسَّاخِ.

أَمَّا خُذْهُ بِكَذَا فَكِنَايَةٌ هُنَا أَيْضًا كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ (أَوْ مَلَّكْتُكَهُ عَلَى أَنْ تَرُدَّ بَدَلَهُ) أَوْ خُذْهُ وَرُدَّ بَدَلَهُ أَوْ اصْرِفْهُ فِي حَوَائِجِك وَرُدَّ بَدَلَهُ وَقَوْلُهُ: خُذْهُ فَقَطْ كِنَايَةٌ وَقَدْ سَبَقَهُ: أَقْرِضْنِي وَإِلَّا فَهُوَ كِنَايَةُ هِبَةٍ أَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَلَّكْتُكَهُ فَهِبَةٌ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي ذِكْرِ الْبَدَلِ صُدِّقَ الْآخِذُ بِيَمِينِهِ وَإِنَّمَا صُدِّقَ مُطْعِمٌ مُضْطَرٍّ أَنَّهُ قَرَضَ حَمْلًا لِلنَّاسِ عَلَى هَذِهِ الْمَكْرُمَةِ الَّتِي بِهَا إحْيَاءُ النُّفُوسِ إذْ لَوْ أَحْوَجْنَاهُ لِلْإِشْهَادِ لَفَاتَتْ النَّفْسُ، أَوْ فِي أَنَّ الْمَأْخُوذَ قَرْضٌ أَوْ غَيْرُهُ فَسَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ آخِرَ الْقِرَاضِ. وَلَوْ أَقَرَّ بِالْقَرْضِ وَقَالَ: لَمْ أَقْبِضْ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لِعَدَمِ الْمُنَافَاةِ، إذْ الْقَرْضُ يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْقَرْضِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: إنْ قَالَهُ فَوْرًا. (وَيُشْتَرَطُ) فِي غَيْرِ الْقَرْضِ الْحُكْمِيِّ (قَبُولُهُ فِي الْأَصَحِّ) كَسَائِرِ الْمُعَاوَضَاتِ، وَلِهَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــSخُذْهُ بِمِثْلِهِ صَرِيحٌ فِي غَيْرِ الْقَرْضِ فَلَا يَكُونُ كِنَايَةً فِيهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادًا وَعِبَارَةُ حَجّ: وَبَحْثُ بَعْضِ هَؤُلَاءِ أَنَّ خُذْهُ بِمِثْلِهِ كِنَايَةُ بَيْعٍ وَرَدُّهُ بِمِثْلِ مَا ذُكِرَ هُنَا وَهِيَ وَاضِحَةٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا خُذْهُ بِكَذَا) يَنْبَغِي تَصْوِيرُهُ بِمَا إذَا كَانَ الْمُسَمَّى مِثْلَ الْمُقْرَضِ كَخُذْ هَذَا الدِّينَارَ بِدِينَارٍ، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَعْنَى الْمِثْلِ وَلَفْظِهِ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ ذِكْرَ الْمِثْلِ فِيهِ نَصٌّ إلَخْ (قَوْلُهُ وَرَدَّ بَدَلَهُ) فَإِنْ حَذَفَ وَرَدَّ بَدَلَهُ فَكِنَايَةٌ كَخُذْهُ فَقَطْ اهـ حَجّ. وَإِنَّمَا يَكُونُ خُذْهُ كِنَايَةً إذَا سَبَقَهُ أَقْرِضْنِي كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فَمِثْلُهُ قَوْلُهُ اصْرِفْهُ فِي حَوَائِجِك (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ خُذْهُ إلَخْ) أَيْ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَأَنْ سَبَقَ مِنْهُ الطَّلَبُ ثُمَّ قَالَ لَهُ الدَّافِعُ: هَذَا مَا طَلَبْت (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهُوَ كِنَايَةٌ) أَيْ وَإِنْ يَسْبِقُهُ أَقْرِضْنِي (قَوْلُهُ: كِنَايَةٌ) هِبَةٌ أَوْ قَرْضٌ أَوْ بَيْعٌ اهـ حَجّ، لَكِنَّ قَوْلَهُ أَوْ بَيْعٌ مُشْكِلٌ بِأَنَّ الْبَيْعَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ ذِكْرِ الثَّمَنِ، وَلَا تَكْفِي نِيَّتُهُ لَا مَعَ الصَّرِيحِ وَلَا الْكِنَايَةِ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ مَرَّ وَعِبَارَةُ حَجّ فِي الْبَيْعِ بِكَذَا لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ، بَلْ تَكْفِي نِيَّتُهُ عَلَى مَا فِيهِ مِمَّا بَيَّنْتُهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ فَهِبَةٌ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ نَوَى الْبَدَلَ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ: أَثْبَتَ مَرَّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمِنْهَاجِ أَنَّ مَلَّكْتُكَهُ إنْ لَمْ يَنْوِ مَعَهُ الْبَدَلَ فَهِبَةٌ وَإِنْ نَوَاهُ فَكِنَايَةُ قَرْضٍ اهـ، وَلَعَلَّهَا كَذَلِكَ فِي النُّسْخَةِ الَّتِي وَقَعَتْ لَهُ. (قَوْلُهُ: صَدَقَ الْآخِذُ بِيَمِينِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ بَاقِيًا، وَقَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَالْقَوْلُ فِي ذِكْرِهِ: أَيْ الْبَدَلِ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ الْآخِذِ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذِكْرِهِ، قَالَ مَرَّ: مَحَلُّهُ إذْ كَانَ تَالِفًا وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الدَّافِعِ اهـ فَلْيُحَرَّرْ. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ وَحَيْثُ صَدَقَ فِي عَدَمِ ذِكْرِ الْبَدَلِ لَمْ يَكُنْ هِبَةً بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ دَافِعِهِ لِأَنَّ خُذْهُ مُجَرَّدَةٌ عَنْ ذِكْرِ الْبَدَلِ كِنَايَةٌ وَلَمْ تُوجَدْ نِيَّةٌ مِنْ الدَّافِعِ فَيَجِبُ رَدُّهُ لِمَالِكِهِ وَلَيْسَ لِلْمَالِكِ مُطَالَبَتُهُ بِالْبَدَلِ (قَوْلُهُ لَمْ أَقْبِضْ صَدَقَ بِيَمِينِهِ) مُعْتَمَدٌ زَادَ حَجّ أَوْ فِي نِيَّتِهِ صَدَقَ الدَّافِعُ وَسَوَاءٌ قَالَهُ فَوْرًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ إلَخْ) ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: قَبُولُهُ فِي الْأَصَحِّ) فَلَوْ لَمْ يُقْبَلْ لَفْظًا وَلَمْ يَحْصُلْ إيجَابٌ مُعْتَبَرٌ مِنْ الْقَرْضِ لَمْ يَصِحَّ الْقَرْضُ، وَيَحْرُمُ عَلَى الْآخِذِ التَّصَرُّفُ فِيهِ لِعَدَمِ مِلْكِهِ لَهُ، لَكِنْ إذَا تَصَرَّفَ فِيهِ ضَمِنَ بَدَلَهُ بِالْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةِ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ فَاسِدَ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إعْطَاءِ الْفَاسِدِ حُكْمَ الصَّحِيحِ مُشَابَهَتُهُ لَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQفَإِنَّ الشِّهَابَ حَجّ ذَكَرَ بَعْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ خِلَافًا لِجَمْعٍ مَا لَفْظُهُ وَبَحَثَ بَعْضُ هَؤُلَاءِ أَنَّ أَخْذَهُ بِمِثْلِهِ كِنَايَةُ بَيْعٍ ثُمَّ رَدَّهُ، فَلَعَلَّ مَا فِي الشَّارِحِ مِنْ قَوْلِهِ وَأَيْضًا إلَخْ رَدٌّ لِمَا بَحَثَهُ هَذَا الْبَعْضُ بَعْدَ الرَّدِّ الَّذِي فِي كَلَامِ الشِّهَابِ حَجّ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ تَعْبِيرُهُ بِقَوْلِهِ وَأَيْضًا، ثُمَّ رَأَيْتُ فِي حَوَاشِي الشِّهَابِ سم عَلَى حَجّ بَعْدَ الرَّدِّ الَّذِي ذُكِرَ مَا نَصُّهُ: مِمَّا يُؤَيِّدُ رَدَّ هَذَا قَاعِدَةَ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ؛ وَلِهَذَا رَدَّهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ م ر وَاعْتَمَدَ أَنَّهُ صَرِيحٌ هُنَا وَلَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْبَيْعُ مُطْلَقًا اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا تَرَجَّيْته فَلْتُرَاجَعْ نُسْخَةٌ صَحِيحَةٌ مِنْ الشَّرْحِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ كِنَايَةٌ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ عَقِبَ قَوْلِهِ وَرَدَّ بَدَلَهُ نَصُّهَا: فَإِنْ حَذَفَ وَرَدَّ بَدَلَهُ فَكِنَايَةٌ كَخُذْهُ فَقَطْ إلَخْ، فَلَعَلَّ قَوْلَهُ فَإِنْ حَذَفَ إلَخْ سَقَطَ مِنْ نُسَخِ الشَّرْحِ مِنْ

اُشْتُرِطَ فِيهِ شُرُوطُ الْبَيْعِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْعَاقِدَيْنِ وَالصِّيغَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ حَتَّى مُوَافَقَةُ الْقَبُولِ لِلْإِيجَابِ، فَلَوْ قَالَ: أَقْرَضْتُك أَلْفًا فَقَبِلَ خَمْسَمِائَةٍ أَوْ بِالْعَكْسِ لَمْ يَصِحَّ، وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ مِنْ وُضُوحِ الْفَرْقِ بِأَنَّ الْمُقْرِضَ مُتَبَرِّعٌ فَلَمْ يَقْدَحْ فِيهِ قَبُولُ بَعْضِ الْمُسَمَّى وَلَا الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ رُدَّ بِمَنْعِ إطْلَاقِ كَوْنِهِ مُتَبَرِّعًا، كَيْفَ وَوَضْعُ الْقَرْضِ أَنَّهُ تَمْلِيكُ الشَّيْءِ بِرَدِّ مِثْلِهِ، فَسَاوَى الْبَيْعَ إذْ هُوَ تَمْلِيكُ الشَّيْءِ بِثَمَنِهِ، فَكَمَا اشْتَرَطَ ثَمَّ الْمُوَافَقَةَ فَكَذَا هُنَا، وَكَوْنُ الْقَرْضِ فِيهِ شَائِبَةُ تَبَرُّعٍ كَمَا يَأْتِي لَا يُنَافِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُعَاوَضَةَ فِيهِ هِيَ الْمَقْصُودَةُ، وَالْقَائِلُ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُعَاوَضَةٍ هُوَ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ جَمْعٌ: إنَّ الْإِيجَابَ فِيهِ غَيْرُ شَرْطٍ أَيْضًا، وَاخْتَارَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ: قِيَاسُ جَوَازِ الْمُعَاطَاةِ فِي الْبَيْعِ جَوَازُهُ هُنَا، وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ الْغَزِّيِّ مِنْ أَنَّهُ سَهْوٌ لِأَنَّ شَرْطَ الْمُعَاطَاةِ بَذْلُ الْعِوَضِ أَوْ الْتِزَامُهُ فِي الذِّمَّةِ وَهُوَ مَفْقُودٌ هُنَا غَيْرُ صَحِيحٍ، بَلْ هُوَ السَّهْوُ لِأَنَّهُمْ أَجْرَوْا خِلَافَ الْمُعَاطَاةِ فِي الرَّهْنِ وَغَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ، فَمَا ذَكَرَهُ شَرْطٌ لِلْمُعَاطَاةِ فِي الْبَيْعِ دُونَ غَيْرِهِ. أَمَّا الْقَرْضُ الْحُكْمِيُّ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ صِيغَةٌ كَإِطْعَامِ جَائِعٍ وَكِسْوَةِ عَارٍ وَإِنْفَاقٍ عَلَى لَقِيطٍ، وَمِنْهُ أَمْرُ غَيْرِهِ بِإِعْطَاءِ مَالَهُ غَرَضٌ فِيهِ كَإِعْطَاءِ شَاعِرٍ أَوْ ظَالِمٍ أَوْ إطْعَامِ فَقِيرٍ: وَكَبِعْ هَذَا وَأَنْفِقْهُ عَلَى نَفْسِك بِنِيَّةِ الْقَرْضِ وَيُصَدَّقُ فِيهَا وَعَمِّرْ دَارِي كَمَا يَأْتِي آخِرَ الصُّلْحِ وَفِيمَا ذُكِرَ إنْ كَانَ الْمَرْجُوعُ بِهِ مُقَدَّرًا أَوْ مُعَيَّنًا يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ وَلَوْ صُورَةً كَالْقَرْضِ وَكَاشْتَرِ هَذَا بِثَوْبِك لِي ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَالصِّيغَةُ) الْمُنَاسِبُ لِمَا فَرَّعَهُ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ حَتَّى مُوَافَقَةُ الْقَبُولِ إلَخْ أَنْ يُقْرَأَ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْعَاقِدَيْنِ (قَوْلُهُ: لَا يُنَافِي ذَلِكَ) أَيْ أَنَّهُ مُسَاوٍ لِلْبَيْعِ (قَوْلُهُ: إنَّ الْإِيجَابَ فِيهِ) أَيْ الْقَرْضِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا) أَيْ كَمَا أَنَّا لَا نَشْتَرِطُ الْقَبُولَ عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: فِي الرَّهْنِ وَغَيْرِهِ) وَمِنْهُ الْقَرْضُ (قَوْلُهُ: مِمَّا لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ) أَيْ بَذْلُ عِوَضٍ أَوْ الْتِزَامُهُ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْقَرْضُ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فِي غَيْرِ الْقَرْضِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ صِيغَةٌ) أَيْ أَصْلًا (قَوْلُهُ: كَإِطْعَامِ جَائِعٍ) مَحَلُّ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الصِّيغَةِ فِي الْمُضْطَرِّ وُصُولُهُ إلَى حَالَةٍ لَا يَقْدِرُ مَعَهَا عَلَى صِيغَةٍ وَإِلَّا فَيُشْتَرَطُ، وَلَا يَكُونُ إطْعَامُ الْجَائِعِ وَكِسْوَةُ الْعَارِي وَنَحْوُهَا قَرْضًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُقْتَرِضُ غَنِيًّا، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ فَقِيرًا وَالْمُقْرِضُ غَنِيًّا فَهُوَ صَدَقَةٌ لِمَا تَقَرَّرَ فِي بَابِ السِّيَرِ أَنَّ كِفَايَةَ الْفُقَرَاءِ وَاجِبَةٌ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ، وَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ الْآخِذِ فِيمَا لَوْ ادَّعَى الْفَقْرَ وَأَنْكَرَهُ الدَّافِعُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ لُزُومِ ذِمَّتِهِ شَيْئًا (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ الْقَرْضِ الْحُكْمِيِّ (قَوْلُهُ: كَإِعْطَاءِ شَاعِرٍ) أَيْ حَيْثُ شَرَطَ الرُّجُوعَ عَلَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَحَاصِلُهُ الِاحْتِيَاجُ إلَخْ، لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ لَازِمًا وَلَا مُنَزَّلًا مَنْزِلَتَهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِشَرْطِ الرُّجُوعِ فِيمَا يَدْفَعُهُ لِلشَّاعِرِ وَالظَّالِمِ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ ذَلِكَ دَفْعُ هَجْوِ الشَّاعِرِ لَهُ حَيْثُ لَمْ يُعْطِهِ وَدَفْعُ شَرِّ الظَّالِمِ عَنْهُ بِالْإِعْطَاءِ وَكِلَاهُمَا مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ اللَّازِمِ، وَكَذَا فِي عَمِّرْ دَارِي لِأَنَّ الْعِمَارَةَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَازِمَةً لَكِنَّهَا تُنَزَّلُ مَنْزِلَتَهُ لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ بِعَدَمِ إهْمَالِ الشَّخْصِ لِمِلْكِهِ حَتَّى يَخْرَبَ، وَهَذَا الِاحْتِمَالُ هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ ثُمَّ إنْ عَيَّنَ لَهُ شَيْئًا فَذَاكَ وَإِلَّا صَدَقَ الدَّافِعُ فِي الْقَدْرِ اللَّائِقِ وَلَوْ صَحِبَهُ آلَةٌ مُحَرَّمَةٌ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ كِفَايَةُ شَرِّهِ لَا إعَانَتُهُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ (قَوْلُهُ وَيَصْدُقُ) أَيْ الْقَائِلُ وَقَوْلُهُ فِيهَا، أَيْ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ وَفِيمَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ صُوَرِ الْقَرْضِ الْحُكْمِيِّ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْمَرْجُوعُ بِهِ مُقَدَّرًا) أَيْ وَلَوْ حُكْمًا كَأَنْ أَذِنَ لَهُ فِي فِدَائِهِ مِنْ الْأَسْرِ بِمَا يَرَاهُ (قَوْلُهُ: أَوْ مُعَيَّنًا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا وَلَا مُقَدَّرًا لَا يَرْجِعُ، وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ وَأَنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا صَرَفَهُ حَيْثُ كَانَ لَائِقًا وَيَصْدُقُ فِي قَدْرِهِ فَيَرُدُّ مِثْلَهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَصُورَتُهُ إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا (قَوْلُهُ: كَاشْتَرِ هَذَا بِثَوْبِك لِي) الصِّحَّةُ فِيهِ قَدْ تُشْكِلُ بِمَا مَرَّ مِنْ أَوَّلِ السَّلَمِ مِنْ أَنَّ الشَّخْصَ لَا يَكُونُ وَكِيلًا عَنْ غَيْرِهِ فِي إزَالَةِ مِلْكِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْكَتَبَةِ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا التَّشْبِيهُ بِخُذْهُ فَقَطْ . (قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ الْقَرْضِ وَيُصَدَّقُ فِيهَا) رَاجِعٌ إلَى الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهُ خَاصَّةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ: أَيْ وَلَا يَحْتَاجُ فِيهَا إلَى شَرْطِ الرُّجُوعِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، وَانْظُرْ مَا وَجْهُ خُرُوجِ هَذِهِ عَنْ نَظَائِرِهَا الْمَذْكُورَةِ مَعَهَا وَغَيْرِهَا حَيْثُ اُشْتُرِطَ فِي الرُّجُوعِ فِيهَا شَرْطُ الرُّجُوعِ كَمَا تَقْتَضِيهِ الْقَاعِدَةُ الْآتِيَةُ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْمَرْجُوعُ بِهِ) صَوَابُهُ إنْ كَانَ

[يشترط في المقرض أهلية التبرع]

فَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ، وَيَأْتِي فِي أَدَاءِ الدَّيْنِ تَفْصِيلٌ فِيمَا يَحْتَاجُ لِشَرْطِ الرُّجُوعِ وَمَا لَا يَحْتَاجُ. وَحَاصِلُهُ الِاحْتِيَاجُ إلَيْهِ إلَّا فِي اللَّازِمِ لَهُ كَالدَّيْنِ وَالْمُنَزَّلِ مَنْزِلَتَهُ كَقَوْلِ الْأَسِيرِ لِغَيْرِهِ فَادِنِي. وَلَوْ قَالَ: اقْبِضْ دَيْنِي وَهُوَ لَك قَرْضًا أَوْ مَبِيعًا؛ صَحَّ قَبْضُهُ لِلْإِذْنِ لَا قَوْلُهُ وَهُوَ إلَى آخِرِهِ: نَعَمْ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِ تَقَاضِيهِ أَوْ اقْبِضْ وَدِيعَتِي مَثَلًا وَتَكُونُ لَك قَرْضًا صَحَّ وَكَانَتْ قَرْضًا وَقَرْضُ الْأَعْمَى وَاقْتِرَاضُهُ كَبَيْعِهِ. (وَ) يُشْتَرَطُ (فِي الْمُقْرِضِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ (أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ) بِأَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ مُخْتَارًا لِأَنَّ الْقَرْضَ فِيهِ شَائِبَةُ تَبَرُّعٍ وَمِنْ ثَمَّ امْتَنَعَ تَأْجِيلُهُ وَلَمْ يَجِبْ التَّقَابُضُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ رِبَوِيًّا، وَلَوْ كَانَ مُعَاوَضَةً مَحْضَةً لَجَازَ لِلْوَلِيِّ غَيْرِ الْحَاكِمِ قَرْضُ مَالِ مُوَلِّيهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ، أَمَّا الْحَاكِمُ فَيَجُوزُ لَهُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ لِكَثْرَةِ أَشْغَالِهِ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ بِشَرْطِ يَسَارِ الْمُقْتَرِضِ وَأَمَانَتِهِ وَعَدَمِ الشُّبْهَةِ فِي مَالِهِ إنْ سَلِمَ مِنْهَا مَالُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَالْإِشْهَادُ عَلَيْهِ وَيَأْخُذُ رَهْنًا إنْ رَأَى ذَلِكَ، وَلَهُ أَنْ يُقْرِضَ مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَوُجُوبُ الْقِيمَةِ يُخَالِفُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي بَدَلِ الْقَرْضِ الْمِثْلُ الصُّورِيُّ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ سم عَلَى حَجّ: قَوْلُهُ وَاشْتَرِ هَذَا إلَخْ يُؤْخَذُ مِنْ كَوْنِهِ قَرْضًا أَنَّهُ يَرُدُّ مِثْلَ الثَّوْبِ صُورَةً وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ آنِفًا بِمِثْلِهِ صُورَةً كَالْقَرْضِ (قَوْلُهُ: فَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ) وَيَصْدُقُ فِي قَدْرِهَا لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَا يَرْجِعُ بِهِ (قَوْلُهُ: الِاحْتِيَاجُ إلَيْهِ) أَيْ لِشَرْطِ الرُّجُوعِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ لَك) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ وَقَرْضًا حَالٌ (قَوْلُهُ: وَتَكُونُ لَك قَرْضًا صَحَّ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِقَبْضِهِ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ (قَوْلُهُ: وَاقْتِرَاضُهُ كَبَيْعِهِ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ فِي الْمُعَيَّنِ وَيَصِحُّ فِي الذِّمَّةِ وَيُوَكِّلُ مَنْ يَقْبِضُ لَهُ أَوْ يَقْبِضُ عَنْهُ. [يُشْتَرَطُ فِي الْمُقْرِضِ أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ] (قَوْلُهُ: مُخْتَارًا) فَلَا يَصِحُّ إقْرَاضُ مُكْرَهٍ وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَوْ أُكْرِهَ بِحَقٍّ وَذَلِكَ بِأَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ لِنَحْوِ اضْطِرَارٍ صَحَّ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ امْتَنَعَ تَأْجِيلُهُ) أَيْ الْقَرْضُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ رِبَوِيًّا) أَيْ فَيَحْرُمُ عَدَمُ إقْبَاضِهِ فِي الْمَجْلِسِ وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ قَبْضُ بَدَلِهِ فِي الْمَجْلِسِ (قَوْلُهُ: وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ) هُوَ قَوْلُهُ لَجَازَ لِلْوَلِيِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْحَاكِمُ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ لَجَازَ لِلْوَلِيِّ غَيْرِ الْحَاكِمِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ يَسَارِ الْمُقْتَرِضِ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَهَذِهِ الشُّرُوطُ مُعْتَبَرَةٌ فِي إقْرَاضِ الْوَلِيِّ، وَيُرَدُّ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ الضَّرُورَةَ مَا لَوْ كَانَ الْمُقْتَرِضُ مُضْطَرًّا، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْهُ عَلَى حَجّ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ إقْرَاضُ الْمُضْطَرِّ مِنْ مَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ مِنْ انْتِفَاءِ هَذِهِ الشُّرُوطِ، وَمِنْ الضَّرُورَةِ مَا لَوْ أَشْرَفَ مَالُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ عَلَى الْهَلَاكِ بِنَحْوِ غَرَقٍ وَتَعَيَّنَ خَلَاصُهُ فِي إقْرَاضِهِ، وَيَبْعُدُ اشْتِرَاطُ مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَإِنَّ اشْتِرَاطَهُ قَدْ يُؤَدِّي إلَى إهْلَاكِ الْمَالِ وَالْمَالِكُ لَا يُرِيدُ إتْلَافَهُ اهـ. فَلَعَلَّ مَحَلَّ الِاشْتِرَاطِ إذَا دَعَتْ حَاجَةٌ إلَى إقْرَاضِ مَالِهِ وَلَمْ تَصِلْ إلَى حَدِّ الضَّرُورَةِ وَيَكُونُ التَّعْبِيرُ بِالضَّرُورَةِ عَنْهَا مَجَازًا (قَوْلُهُ: إنْ سَلِمَ مِنْهَا مَالُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ) أَيْ أَوْ كَانَ أَقَلَّ شُبْهَةً (قَوْلُهُ: إنْ رَأَى ذَلِكَ) عِبَارَتُهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الرَّهْنِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَرْتَهِنُ لَهُمَا إلَّا لِضَرُورَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ ظَاهِرَةٍ مَا نَصُّهُ: وَارْتِهَانُ الْوَلِيِّ فِيمَا ذُكِرَ جَائِزٌ إنْ كَانَ قَاضِيًا وَإِلَّا فَوَاجِبٌ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُحْمَلُ قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ فِي الْحَجْرِ وَيَأْخُذُ رَهْنًا إنْ رَآهُ، وَعَلَى الثَّانِي يُحْمَلُ قَوْلُهُمَا هُنَا وَمُرْتَهِنٌ كَذَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَالْأَوْجَهُ الْوُجُوبُ مُطْلَقًا، وَالتَّعْبِيرُ بِالْجَوَازِ لَا يُنَافِي الْوُجُوبَ، وَقَوْلُهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَدْفُوعُ أَوْ الْمَأْذُونُ فِيهِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَإِذَا رَجَعَ كَانَ فِي الْمُقَدَّرِ وَالْمُعَيَّنِ بِمِثْلِهِ صُورَةً كَالْقَرْضِ انْتَهَتْ. وَانْظُرْ مَا حُكْمُ غَيْرِ الْمُقَدَّرِ وَالْمُعَيَّنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِيهِ بِبَدَلِهِ الشَّرْعِيِّ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَالرُّجُوعُ بِالْمِثْلِ الصُّورِيِّ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ فَإِذَا انْتَفَى ثَبَتَ الْأَصْلُ فَلْتُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: كَقَوْلِ الْأَسِيرِ لِغَيْرِهِ فَادِنِي) خَرَجَ بِذَلِكَ مَا إذَا لَمْ يَقُلْ لَهُ ذَلِكَ: أَيْ أَوْ نَحْوُهُ فَلَا رُجُوعَ. وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّارِحَ عَلَّلَ فِي بَابِ الضَّمَانِ تَنْزِيلَهُمْ فِدَاءَ الْأَسِيرِ مَنْزِلَةَ الْوَاجِبِ بِأَنَّهُمْ اعْتَنَوْا فِي وُجُوبِ السَّعْيِ فِي تَحْصِيلِهِ مَا لَمْ يَعْتَنُوا بِهِ فِي غَيْرِهِ، وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ تَوَهَّمَ إلْحَاقَ الْمَحْبُوسِ ظُلْمًا بِالْأَسِيرِ حَتَّى لَا يَحْتَاجَ فِي الرُّجُوعِ عَلَيْهِ إلَى شَرْطِ الرُّجُوعِ . (قَوْلُهُ: إنْ رَأَى ذَلِكَ) سَيَأْتِي فِي الْبَابِ الْآتِي

[يجوز إقراض كل ما يسلم فيه]

إذَا رَضِيَ الْغُرَمَاءُ بِتَأْخِيرِ الْقِسْمَةِ إلَى أَنْ يَجْتَمِعَ الْمَالُ كُلُّهُ كَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ. وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ شَرْطَ الْمُقْتَرِضِ أَهْلِيَّةُ الْمُعَامَلَةِ فَقَطْ، وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِأَهْلِيَّةِ التَّبَرُّعِ فِي الْمُقْرِضِ التَّبَرُّعُ الْمُطْلَقُ فِيمَا يُقْرِضُهُ إذْ هُوَ الْمُرَادُ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ، فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ صِحَّةُ وَصِيَّةِ السَّفِيهِ وَتَدْبِيرِهِ وَتَبَرُّعِهِ بِمَنْفَعَةِ بَدَنِهِ الْخَفِيفَةِ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ أَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ أَفَادَتْ الْعُمُومَ وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ وُرُودَ ذَلِكَ. (وَيَجُوزُ) (إقْرَاضُ) كُلِّ (مَا يُسْلَمُ فِيهِ) أَيْ فِي نَوْعِهِ لِصِحَّةِ ثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ، وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اقْتَرَضَ بَكْرًا وَقِيسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ. وَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَرِدُ امْتِنَاعُ السَّلَمِ فِي الْمُعَيَّنِ وَجَوَازُ قَرْضِهِ كَاَلَّذِي فِي الذِّمَّةِ، فَلَوْ قَالَ: أَقْرَضْتُك أَلْفًا وَقَبِلَ وَتَفَارَقَا ثُمَّ أَعْطَاهُ أَلْفًا جَازَ إنْ قَرُبَ الْفَصْلُ عُرْفًا وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ السُّبْكِيُّ أَمَّا لَوْ قَالَ: أَقْرَضْتُك هَذِهِ الْأَلْفَ مَثَلًا وَتَفَارَقَا ثُمَّ سَلَّمَهَا إلَيْهِ لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ، وَيَصِحُّ قَرْضُ كَفٍّ مِنْ دَرَاهِمَ لِيَتَبَيَّنَ قَدْرَهَا بَعْدُ وَيَرُدُّ مِثْلَهَا وَلَا أَثَرَ لِلْجَهْلِ بِهَا حَالَةَ الْعَقْدِ. وَقَضِيَّةُ الضَّابِطِ جَوَازُ إقْرَاضِ النَّقْدِ الْمَغْشُوشِ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ تَجُوزُ الْمُعَامَلَةُ بِهِ فِي الذِّمَّةِ، وَهُوَ مَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ، وَلَوْ جَهِلَ قَدْرَ غِشِّهِ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ فِي تَقْيِيدِهِ بِذَلِكَ وَلِلرُّويَانِيِّ فِي مَنْعِهِ مُطْلَقًا فِي الرَّوْضَةِ هُنَا عَنْ الْقَاضِي مَنْعُ قَرْضِ الْمَنْفَعَةِ لِامْتِنَاعِ السَّلَمِ فِيهَا وَفِيهَا كَأَصْلِهَا فِي الْإِجَارَةِ جَوَازُهُمَا وَجَمَعَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمَا بِحَمْلِ الْمَنْعِ عَلَى مَنْفَعَةِ مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ وَالْحِلِّ عَلَى مَنْفَعَةٍ فِي الذِّمَّةِ، وَاعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ـــــــــــــــــــــــــــــSإنْ رَأَى إنْ اقْتَضَى نَظَرُهُ أَصْلَ الْفِعْلِ لَا إنْ رَأَى الْأَخْذَ فَقَطْ اهـ. وَمَا هُنَا لَا يُنَافِيهِ لِإِمْكَانِ حَمْلِ قَوْلِهِ إنْ رَأَى ذَلِكَ عَلَى أَصْلِ الْقَرْضِ وَهُوَ لَا يُنَافِي كَوْنَ الرَّهْنِ وَالْإِشْهَادِ وَاجِبَيْنِ حَيْثُ رَأَى الْقَرْضَ مَصْلَحَةً، لَكِنْ عِبَارَةُ حَجّ إنْ رَأَى الْقَاضِي أَخْذَهُ اهـ وَهِيَ لَا تَقْبَلُ هَذَا التَّأْوِيلَ، وَقَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ الْوُجُوبُ مُطْلَقًا: أَيْ قَاضِيًا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: إذَا رَضِيَ الْغُرَمَاءُ) أَيْ الْكَامِلُونَ فَلَا عِبْرَةَ بِرِضَا أَوْلِيَائِهِمْ (قَوْلُهُ: أَهْلِيَّةُ الْمُعَامَلَةِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ أَهْلِيَّةِ التَّبَرُّعِ (قَوْلُهُ: بِمَنْفَعَةِ بَدَنِهِ الْخَفِيفَةِ) أَيْ الَّتِي لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا فِي نَفَقَةِ نَفْسِهِ كَأَنْ كَانَ غَنِيًّا كَمَا يَأْتِي لَهُ (قَوْلُهُ: وَيَدُلُّ لِذَلِكَ) أَيْ لِقَوْلِهِ وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْأَلْفَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ التَّبَرُّعُ. (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ أَنَّهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لَا فِي نَوْعِهِ (قَوْلُهُ: جَازَ إنْ قَرُبَ) هَذَا الْقَيْدُ لَا يُعْلَمُ مِنْ الْمُفَرَّعِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: هَذِهِ الْأَلْفُ) الْأُولَى هَذَا لِأَنَّ الْأَلْفَ مُذَكَّرٌ وَلَكِنَّهُ أَنَّثَهُ لِتَأْوِيلِهِ بِالدَّرَاهِمِ (قَوْلُهُ لِيَتَبَيَّنَّ قَدْرُهَا) افْهَمْ أَنَّهُ لَوْ أَقْرَضَهُ لَا بِهَذَا الْقَصْدِ لَمْ يَصِحَّ، قَالَ سم عَلَى حَجّ: عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: فَلَوْ أَقْرَضَهُ كَفًّا مِنْ الدَّرَاهِمِ لَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ أَقْرَضَهُ عَلَى أَنْ يَسْتَبِينَ مِقْدَارَهُ وَيَرُدَّ مِثْلَهُ صَحَّ، ذَكَرَهُ فِي الْأَنْوَارِ اهـ. وَيُمْكِنُ تَنْزِيلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَيْهِ بِأَنْ تُحْمَلَ اللَّامُ فِي قَوْلِهِ لِيَتَبَيَّنَ عَلَى مَعْنَى عَلَى (قَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لِلْجَهْلِ بِهَا حَالَةَ الْعَقْدِ) أَيْ وَيَصْدُقُ فِي قَدْرِهَا لِأَنَّهُ الْغَارِمُ حَيْثُ ادَّعَى قَدْرًا لَائِقًا، وَإِلَّا فَيُطَالَبُ بِتَعْيِينِ قَدْرٍ لَائِقٍ أَوْ يُحْبَسُ إلَى الْبَيَانِ (قَوْلُهُ: فِي تَقْيِيدِهِ بِذَلِكَ) الْأَوْلَى بِغَيْرِ ذَلِكَ أَوْ بِمَا إذَا عَلِمَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: جَوَازُهُمَا) أَيْ السَّلَمِ وَالْقَرْضِ (قَوْلُهُ: مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ) أَيْ عَقَارٍ بِخِلَافِهِ مِنْ الْقِنِّ وَنَحْوِهِ لِمَا مَرَّ مِنْ صِحَّةِ السَّلَمِ فِي ذَلِكَ وَعِبَارَتُهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ فِي السَّلَمِ وَلَا يَنْعَقِدُ بَيْعُهُ وَلَوْ أَسْلَمَ إلَيْهِ مَا ذُكِرَ فِي سُكْنَى هَذِهِ سَنَةً لَمْ يَصِحَّ بِخِلَافِهِ فِي مَنْفَعَةِ نَفْسِهِ أَوْ قِنِّهِ أَوْ دَابَّتِهِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَرْجِيحُ وُجُوبِ الِارْتِهَانِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَتَأْوِيلُ مَا هُنَا. (وَقَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ) لَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ عَلِمَ مِنْ اشْتِرَاطِ الْمُصَنِّفِ فِي الْمُقْرِضِ أَهْلِيَّةَ التَّبَرُّعِ وَسُكُوتَهُ عَلَى الْمُقْتَرِضِ فَأَفْهَمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ مَعَ مَا عُلِمَ مِنْ الْخَارِجِ أَنَّ كُلَّ مُعَامِلٍ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ أَهْلِيَّةِ الْمُعَامَلَةِ وَإِلَّا فَهُوَ لَمْ يُقَرِّرْ مَا يَعْلَمُ مِنْهُ مَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ: وَيَدُلُّ لِذَلِكَ أَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ أَفَادَتْ الْعُمُومَ) وَحِينَئِذٍ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ فِيمَا سَبَقَ وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَهْلِيَّةِ الْمُقْرِضِ لِكُلِّ تَبَرُّعٍ إذْ الْعَامُّ غَيْرُ الْمُطْلَقِ [يَجُوزُ إقْرَاضُ كُلِّ مَا يُسْلَمُ فِيهِ] . (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَرِدُ امْتِنَاعُ السَّلَمِ فِي الْمُعَيَّنِ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ: أَيْ فِي نَوْعِهِ. (قَوْلُهُ: بِحَمْلِ الْمَنْعِ عَلَى مَنْفَعَةِ مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ) يَعْنِي مَنْفَعَةَ خُصُوصِ

فِي فَتَاوِيهِ. وَلَا يَجُوزُ إقْرَاضُ مَاءِ الْقَنَاةِ لِلْجَهْلِ بِهِ (إلَّا الْجَارِيَةَ الَّتِي تَحِلُّ لِلْمُقْتَرِضِ فِي الْأَظْهَرِ) فَلَا يَجُوزُ إقْرَاضُهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُشْتَهَاةً مَعَ أَنَّهُ لَوْ جَعَلَ رَأْسَ الْمَالِ جَارِيَةً يَحِلُّ لِلْمُسَلَّمِ إلَيْهِ وَطْؤُهَا وَكَانَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ جَارِيَةً أَيْضًا جَازَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَنْ الْمُسَلَّمِ فِيهِ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَازِمٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَالثَّانِي يَجُوزُ ذَلِكَ، وَرُدَّ بِمَا سَيَأْتِي وَامْتِنَاعُ قَرْضِهَا لِأَنَّهُ قَدْ يَطَؤُهَا ثُمَّ يَرُدُّهَا فَتَصِيرُ فِي مَعْنَى إعَارَةِ الْجَوَارِي لِلْوَطْءِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ كَمَا نَقَلَهُ مَالِكٌ عَنْ إجْمَاعِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَمَا نُقِلَ عَنْ عَطَاءٍ مِنْ جَوَازِهِ رُدَّ بِأَنَّهُ مَكْذُوبٌ عَلَيْهِ، وَلَا يُنَافِيهِ جَوَازُ هِبَتِهَا لِفَرْعِهِ مَعَ جَوَازِ رُجُوعِهِ فِيهَا لِجَوَازِ الْقَرْضِ مِنْ الْجِهَتَيْنِ، وَلِأَنَّ مَوْضُوعَهُ الرُّجُوعُ وَلَوْ فِي الْبَدَلِ فَأَشْبَهَ الْإِعَارَةَ بِخِلَافِ الْهِبَةِ فِيهِمَا، وَخَرَجَ بِتَحِلُّ لِلْمُقْتَرِضِ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ وَكَذَا مُلَاعَنَةٌ، وَنَحْوُ مَجُوسِيَّةٍ وَوَثَنِيَّةٍ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ لَا نَحْوُ أُخْتِ زَوْجَتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَوَجْهُهُ أَنَّ مَنْفَعَةَ الْعَقَارِ لَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ. (قَوْلُهُ: الَّتِي تَحِلُّ لِلْمُقْتَرِضِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ صَغِيرًا جِدًّا لِأَنَّهُ رُبَّمَا تَبْقَى عِنْدَهُ إلَى بُلُوغِهِ حَدًّا يُمْكِنُهُ التَّمَتُّعُ بِهَا فِيهِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَرُدَّهَا عَنْ الْمُسَلَّمِ فِيهِ) وَيُؤْخَذُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِمَّا يَأْتِي فِي الْهِبَةِ لِفَرْعِهِ مِنْ جَوَازِ الْقَرْضِ مِنْ الْجِهَتَيْنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ يَطَؤُهَا) أَيْ أَوْ يَتَمَتَّعُ بِهَا فَيَدْخُلُ الْمَسْمُوحُ لِإِمْكَانِ تَمَتُّعِهِ بِهَا (قَوْلُهُ: رُدَّ بِأَنَّهُ مَكْذُوبٌ عَلَيْهِ) قَالَ حَجّ: وَلَيْسَ فِي مَحَلِّهِ فَقَدْ نَقَلَهُ عَنْهُ أَئِمَّةٌ أَجِلَّاءُ. فَالْوَجْهُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ شَاذٌّ بَلْ كَادَ أَنْ يَخْرِقَ بِهِ الْإِجْمَاعَ (قَوْلُهُ: جَوَازُ هِبَتِهَا) أَيْ الْجَارِيَةِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُ مَجُوسِيَّةٍ) لَوْ أَسْلَمَتْ نَحْوُ الْمَجُوسِيَّةِ بَعْدَ اقْتِرَاضِهَا فَهَلْ يَجُوزُ وَطْؤُهَا أَوْ يَمْتَنِعُ لِوُجُودِ الْمَحْذُورِ وَهُوَ احْتِمَالُ رَدِّهَا بَعْدَ الْوَطْءِ فَيُشْبِهُ إعَارَتَهَا لِلْوَطْءِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَوْلُهُ لَا نَحْوُ أُخْتٍ إلَخْ قَدْ يَدْخُلُ فِيهِ مَا لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْتَرِضَ ابْنَتَهَا وَهُوَ الْمُتَّجَهُ فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ، وَقَوْلُهُ وَقَرْضُ الْخُنْثَى حَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ أَنَّهُ يَجُوزُ كَوْنُ الْخُنْثَى مُقْرِضًا بِكَسْرِ الرَّاءِ وَمُقْتَرِضًا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمَانِعِ، وَلَا يَجُوزُ كَوْنُهُ مُقْرَضًا بِفَتْحِ الرَّاءِ لِأَنَّهُ يَعِزُّ وُجُودُهُ مَرَّ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُهُ وَهُوَ الْمُتَّجَهُ يُوَجَّهُ بِاحْتِمَالِ أَنْ يُفَارِقَ أُمَّهَا قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ يَطَأُ الْبِنْتَ وَيَرُدَّهَا وَقَوْلُهُ فِيهِ نَظَرٌ. أَقُولُ: الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِحُكْمِنَا بِصِحَّةِ الْعَقْدِ وَقْتَ الْقَرْضِ وَإِسْلَامُهَا لَا يَمْنَعُ مِنْ حُصُولِ الْمِلْكِ ابْتِدَاءً وَاحْتِمَالُ أَنْ يَرُدَّهَا لَا نَظَرَ فِيهِ مَعَ ثُبُوتِ الْمِلْكِ، وَلَكِنْ نُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ لِوَالِدِ الشَّارِحِ خِلَافُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعَقَارِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ حَجّ، وَلَعَلَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي النُّسْخَةِ الَّتِي كَتَبَ عَلَيْهَا الشِّهَابُ سم حَتَّى كَتَبَ عَلَيْهِ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ: وَجَمَعَ الْإِسْنَوِيُّ أَفْتَى بِهَذَا الْجَمْعِ شَيْخُنَا م ر. وَأَقُولُ: فِي هَذَا الْجَمْعِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ قَرْضَ الْمُعَيَّنِ جَائِزٌ فَلْيَجُزْ قَرْضُ مَنْفَعَةِ الْمُعَيَّنِ حَيْثُ أَمْكَنَ رَدُّ مِثْلِهِ الصُّورِيِّ، بِخِلَافِ الْعَقَارِ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ شَرْحِ الْبَهْجَةِ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْهُ جَمَعَ الْإِسْنَوِيِّ الْمَذْكُورَ مَا نَصُّهُ وَالْأَقْرَبُ مَا جَمَعَ بِهِ السُّبْكِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَمْلِ الْمَنْعِ عَلَى مَنْفَعَةِ الْعَقَارِ كَمَا يَمْتَنِعُ السَّلَمُ فِيهَا؛ وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ رَدُّ مِثْلِهَا، وَالْجَوَازُ عَلَى مَنْفَعَةِ غَيْرِهِ مِنْ عَبْدٍ وَنَحْوِهِ كَمَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهَا وَلِإِمْكَانِ رَدِّ مِثْلِهَا الصُّورِيِّ اهـ. مَا فِي حَوَاشِي الشِّهَابِ سم، وَظَاهِرُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إقْرَاضُ مَنْفَعَةِ الْعَقَارِ وَإِنْ كَانَتْ مَنْفَعَةُ النِّصْفِ فَأَقَلَّ، لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ بِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ رَدُّ مِثْلِهَا أَنَّهُ يَجُوزُ حِينَئِذٍ، وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ إقْرَاضِ جُزْءٍ شَائِعٍ مِنْ دَارٍ بِقَيْدِهِ الْآتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ آنِفًا، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَا جَازَ قَرْضُهُ جَازَ قَرْضُ مَنْفَعَتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ . (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ لَوْ جَعَلَ رَأْسَ الْمَالِ جَارِيَةً إلَخْ) كَانَ الْأَوْفَقُ بِالسِّيَاقِ أَنْ يَقُولَ مَعَ أَنَّهُ يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهَا الْمَحْظُورُ الْآتِي بِأَنْ يَجْعَلَ رَأْسَ الْمَالِ جَارِيَةً تَحِلُّ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَكَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ جَارِيَةً أَيْضًا إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَامْتِنَاعُ قَرْضِهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَطَؤُهَا ثُمَّ يَرُدُّهَا إلَخْ) سَيَأْتِي أَنَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَأَنَّ الْمَحْظُورَ خَوْفُ التَّمَتُّعِ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ) لَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ كَلَامِهِ فِي قُوتِهِ، وَأَفَادَ الشَّارِحُ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَتْ نَحْوُ الْمَجُوسِيَّةِ لَمْ يَبْطُلْ الْعَقْدُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ الْوَطْءُ

[ما لا يسلم فيه لا يجوز إقراضه]

لِتَعَلُّقِ زَوَالِ مَانِعِهَا بِاخْتِيَارِهِ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَأَشْعَرَ بِهِ كَلَامُ غَيْرِهِ. وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الْفَارِقِ بَيْنَ الْمَجُوسِيَّةِ وَنَحْوِ أُخْتِ الزَّوْجَةِ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا يَحِلُّ قَرْضُهَا لِمُطَلِّقِهَا. وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ حِلِّهَا لِقُرْبِ زَوَالِ مَانِعِهَا بِالتَّحْلِيلِ وَيَحْرُمُ قَرْضُ رَتْقَاءَ وَقَرْنَاءَ وَلَوْ لِنَحْوِ مَمْسُوحٍ لِأَنَّ الْمَحْذُورَ خَوْفُ التَّمَتُّعِ وَهُوَ مَوْجُودٌ، وَتَعْبِيرُ بَعْضِهِمْ بِخَوْفِ الْوَطْءِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ حِلِّ إقْرَاضِهَا لِبَعْضِهِ لِأَنَّهُ إنْ وَطِئَهَا حَرُمَتْ عَلَى الْمُقْرِضِ وَإِلَّا فَلَا مَحْذُورٌ بَعِيدٌ، إذْ الْمَحْذُورُ وَهُوَ وَطْؤُهَا ثُمَّ رَدُّهَا مَوْجُودٌ، وَتَحْرِيمُهَا عَلَى الْمُقْرِضِ أَمْرٌ آخَرُ لَا يُفِيدُ نَفْيًا وَلَا إثْبَاتًا، وَقَرْضُهَا لِخُنْثَى جَائِزٌ لِبُعْدِ اتِّضَاحِهِ، فَلَوْ اتَّضَحَتْ ذُكُورَتُهُ بَانَ بُطْلَانُ الْقَرْضِ إذْ الْعِبْرَةُ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ. وَلَوْ اقْتَرَضَ الرَّجُلُ مُشْكِلًا لَمْ يَصِحَّ لِامْتِنَاعِ السَّلَمِ فِيهِ، وَالْقَوْلُ بِحِلِّهِ لِتَعَذُّرِ وَطْئِهِ مَا دَامَ خُنْثَى خَطَأً كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. (وَمَا لَا يُسْلَمُ فِيهِ) أَيْ فِي نَوْعِهِ (لَا يَجُوزُ إقْرَاضُهُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ مَا يَنْضَبِطُ أَوْ يَعِزُّ وُجُودُهُ يَتَعَذَّرُ أَوْ يَتَعَسَّرُ رَدُّ مِثْلِهِ إذْ الْوَاجِبُ فِي الْمُتَقَوِّمِ رَدُّ مِثْلِهِ صُورَةً. وَالثَّانِي يَجُوزُ كَالْبَيْعِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ جَوَازُ قَرْضِ الْخُبْزِ وَالْعَجِينِ وَلَوْ خَمِيرًا حَامِضًا لِلْحَاجَةِ وَالْمُسَامَحَةِ وَإِنْ صَحَّحَ الْبَغَوِيّ فِي التَّهْذِيبِ الْمَنْعَ وَيَرُدُّهُ وَزْنًا عَلَى الرَّاجِحِ وَقِيلَ عَدَدًا وَرَجَّحَهُ فِي الْكَافِي، وَمَنْ فَهِمَ اشْتِرَاطَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فَقَدْ أَبْعَدَ وَجُزْءٌ شَائِعٌ مِنْ دَارٍ لَمْ يَزِدْ عَلَى النِّصْفِ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ إلَخْ) وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَا يَسْتَقِلُّ بِرَدِّهَا إذْ لَا بُدَّ مِنْ تَزَوُّجِهَا بِغَيْرِهِ وَطَلَاقِهِ لَهَا أَوْ مَوْتِهِ وَتَزْوِيجِ وَلِيِّهَا بِإِذْنِهَا مِنْ الْأَوَّلِ وَذَلِكَ كُلُّهُ لَيْسَ فِي وُسْعِهِ، وَغَايَةُ مَا يُمْكِنُهُ قَبُولُ نِكَاحِهَا مِنْ وَلِيِّهَا إذَا أَوْجَبَ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ) مُعْتَمَدُ الزِّيَادِيُّ وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ فِي التُّحْفَةِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَرَّ اهـ (قَوْلُهُ: عَدَمُ حِلِّهَا) أَيْ عَدَمُ حِلِّ قَرْضِهَا (قَوْلُهُ: مِنْ حِلِّ إقْرَاضِهَا) أَيْ الْأَمَةِ (قَوْلُهُ: إذْ الْعِبْرَةُ فِي الْعُقُودِ إلَخْ) وَلَا يُشْكِلُ هَذَا عَلَى مَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ الْمَجُوسِيَّةَ إذَا أَسْلَمَتْ فِي يَدِ الْمُقْتَرِضِ لَا يَتَبَيَّنُ فَسَادُ الْقَرْضِ بَلْ يُحْتَمَلُ جَوَازُ وَطْئِهَا، وَعَدَمُ جَوَازِهِ عَلَى مَا مَرَّ لِأَنَّ الْمَانِعَ تَبَيَّنَ وُجُودُهُ هُنَا حَالَ الْقَرْضِ، بِخِلَافِ اقْتِرَاضِ الْمَجُوسِيَّةِ فَإِنَّ إسْلَامَهَا عَارِضٌ بَعْدَ الْقَرْضِ وَيُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ اقْتَرَضَ الرَّجُلُ) أَيْ أَوْ الْمَرْأَةُ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ. . [مَا لَا يُسْلَمُ فِيهِ لَا يَجُوزُ إقْرَاضُهُ] (قَوْلُهُ: وَمَا لَا يُسْلَمُ فِيهِ) وَمِنْهُ الْمُرْتَدُّ فَلَا يَجُوزُ كَوْنُهُ مُقْرَضًا بِفَتْحِ الرَّاءِ وَمِنْهُ أَيْضًا الْبُرُّ الْمُخْتَلِطُ بِالشَّعِيرِ فَلَا يَصِحُّ قَرْضُهُ، وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ خَالَفَ وَفَعَلَ وَجَبَ عَلَى الْآخِذِ رَدُّ مِثْلِ كُلٍّ مِنْ الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ خَالِصًا وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ صَدَقَ الْآخِذُ. [تَنْبِيهٌ] إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَرْضُ الشَّاةِ وَنِتَاجُهَا وَنَحْوُهُ كَالْجَارِيَةِ وَأُخْتِهَا وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي التَّتِمَّةِ اهـ كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ فِي غُنْيَتِهِ. وَعَلَيْهِ فَقَدْ يُشْكِلُ بِأَنَّ الْوَاجِبَ رَدُّ الْمِثْلِ الصُّورِيِّ وَالْأُخُوَّةُ وَنَحْوُهَا لَيْسَتْ مِنْهُ، فَلَوْ قِيلَ بِصِحَّةِ الْقَرْضِ وَاكْتَفَى فِي الرَّدِّ بِجَارِيَتَيْنِ مَثَلًا كَالْمُقْرَضَتَيْنِ فِي الصُّورَةِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارٍ بِأُخُوَّةٍ لَمْ يَبْعُدْ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمِثْلَ الصُّورِيَّ شَامِلٌ لِلْمُمَاثَلَةِ الْحِسِّيَّةِ وَالْحُكْمِيَّةِ وَمِنْهَا الْأُخُوَّةُ وَنَحْوُهَا وَاعْتِبَارُهَا فِي رَدِّ الْمِثْلِ يُؤَدِّي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا لَا يَنْضَبِطُ) وَمِنْ ذَلِكَ قَرْضُ الْفِضَّةِ الْمَقَاصِيصِ فَلَا يَصِحُّ قَرْضُهَا لِهَذِهِ الْعِلَّةِ مُطْلَقًا وَزْنًا أَوْ غَيْرَهُ لِتَفَاوُتِهَا فِي نَفْسِهَا كِبَرًا وَصِغَرًا وَإِنْ وَزَنَتْ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ خَالَفَا وَفَعَلَا وَاخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْآخِذِ إنَّهَا تُسَاوِي كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ الْجَيِّدَةِ (قَوْلُهُ جَوَازُ قَرْضِ الْخُبْزِ) أَيْ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ عَدَدًا) وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ رَدَّهُ عَدَدًا لَمْ يَصِحَّ قَبْضُهُ لِمَا مَرَّ فِي السَّلَمِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَبْضُ مَا أَسْلَمَ فِيهِ وَزْنًا بِالْكَيْلِ وَلَا عَكْسُهُ فَيَجِبُ رَدَّهُ لِدَافِعِهِ إنْ بَقِيَ قِيمَتُهُ إنْ تَلِفَ وَيَسْتَرِدُّ بَدَلَ مَا أَقْرَضَهُ وَزْنًا (قَوْلُهُ: تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ) قَضِيَّةُ جَعْلِهِ مِنْ الْمُسْتَثْنَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لِأَنَّ لَهُ حِينَئِذٍ مِثْلًا وَيَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّ النِّصْفَيْنِ مُتَسَاوِيَانِ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ صِحَّةِ قَرْضِ خَمِيرَةِ اللَّبَنِ الْحَامِضِ تُلْقَى عَلَيْهِ لِيَرُوبَ وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ بِالرُّوبَةِ لِاخْتِلَافِ حُمُوضَتِهَا الْمَقْصُودَةِ وَوَهَمَ مَنْ فَهِمَ اتِّحَادَهَا بِخَمِيرَةِ الْخُبْزِ وَعُلِمَ مِنْ الضَّابِطِ اشْتِرَاطُ كَوْنِ الْمُقْرَضِ مَعْلُومَ الْقَدْرِ: أَيْ وَلَوْ مَآلًا لِئَلَّا يَرُدَّ مَا مَرَّ فِي نَحْوِ كَفِّ الطَّعَامِ لِيَرُدَّ مِثْلَهُ أَوْ صُورَتَهُ. وَيَجُوزُ إقْرَاضُ الْمَكِيلِ وَزْنًا وَعَكْسُهُ إنْ لَمْ يَتَجَافَ فِي الْمِكْيَالِ كَالسَّلَمِ (وَيَرُدُّ) حَتْمًا حَيْثُ لَا اسْتِبْدَالَ (الْمِثْلَ فِي الْمِثْلِيِّ) لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى حَقِّهِ وَلَوْ فِي نَقْدٍ بَطَلَتْ الْمُعَامَلَةُ بِهِ فَشَمَلَ ذَلِكَ مَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى فِي زَمَنِنَا فِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ مِنْ إقْرَاضِ الْفُلُوسِ الْجُدُدِ ثُمَّ إبْطَالُهَا وَإِخْرَاجُ غَيْرِهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ نَقْدًا (وَ) يَرُدُّ (فِي الْمُتَقَوِّمِ) وَيَأْتِي ضَابِطُهُمَا فِي الْغَصْبِ (الْمِثْلُ صُورَةً) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَسْلَفَ بَكْرًا وَرَدَّ رَبَاعِيًّا وَقَالَ: إنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً» وَمِنْ لَازِمِ اعْتِبَارِ الْمِثْلِيِّ الصُّورِيِّ اعْتِبَارُ مَا فِيهِ مِنْ الْمَعَانِي الَّتِي تُزَادُ الْقِيمَةُ بِهَا كَحِرْفَةِ الرَّقِيقِ وَفَرَاهِيَةِ الدَّابَّةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ النَّقِيبِ، فَيَرُدُّ مَا يَجْمَعُ تِلْكَ الصِّفَاتِ كُلَّهَا حَتَّى لَا يَفُوتُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَيُصَدَّقُ الْمُقْتَرِضُ فِيهَا بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ، وَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي زَمَانِنَا مِنْ دَفْعِ النُّقُوطِ فِي الْأَفْرَاحِ هَلْ يَكُونُ هِبَةً أَوْ قَرْضًا؟ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِيهِ السَّلَمُ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ عِزَّةُ الْوُجُودِ (قَوْلُهُ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ) يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ فَرْضِ الْكَلَامِ فِي الْجُزْءِ الشَّائِعِ، وَلَعَلَّهُ احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ تَفَاوَتَتْ أَجْزَاؤُهَا وَكَانَتْ قِسْمَتُهَا تَحْتَاجُ إلَى رَدٍّ أَوْ تَعْدِيلٍ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ إلَخْ) وَلَعَلَّ وَجْهَهُ نُدْرَةُ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهَا بِالنِّسْبَةِ لِخَمِيرَةِ الْخُبْزِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ بِالرُّوبَةِ) وَهِيَ بِضَمِّ الرَّاءِ (قَوْلُهُ: فِي نَحْوِ كَفِّ الطَّعَامِ) لَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالدَّرَاهِمِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ ثَمَّ التَّمْثِيلُ. (قَوْلُهُ: لَا اسْتِبْدَالُ الْمِثْلِ) أَيْ أَمَّا مَعَ اسْتِبْدَالٍ كَأَنْ عَوَّضَهُ عَنْ بُرٍّ فِي ذِمَّتِهِ ثَوْبًا أَوْ دَرَاهِمَ فَلَا يَمْتَنِعُ لِمَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ غَيْرِ الْمُثَمَّنِ (قَوْلُهُ: اسْتَسْلَفَ بَكْرًا) هُوَ الثَّنِيُّ مِنْ الْإِبِلِ وَرَدَ رُبَاعِيًّا وَهُوَ مَا دَخَلَ فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ اهـ حَجّ: وَالثَّنِيُّ هُوَ مَا لَهُ خَمْسُ سِنِينَ وَدَخَلَ فِي السَّادِسَةِ اهـ زِيَادِيٌّ. وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ: الْبَكْرُ مِنْ الْإِبِلِ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَهُوَ الصَّغِيرُ كَالْغُلَامِ مِنْ الْآدَمِيِّينَ، وَالْأُنْثَى بَكْرَةٌ وَقَلُوصٌ وَهِيَ الصَّغِيرَةُ كَالْجَارِيَةِ، فَإِذَا اسْتَكْمَلَ سِتَّ سِنِينَ وَدَخَلَ فِي السَّابِعَةِ وَأَلْقَى رَبَاعِيَتَهُ بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ فَهُوَ رَبَاعٌ وَالْأُنْثَى رَبَاعِيَةٌ وَأَعْطَاهُ رَبَاعِيًّا بِتَخْفِيفِهَا، وَفِيهِ «إنَّ خِيَارَكُمْ مَحَاسِنُكُمْ قَضَاءً» قَالُوا: مَعْنَاهُ ذُو الْمَحَاسِنِ سَمَّاهُمْ بِالصِّفَةِ، وَقِيلَ هُوَ جَمْعُ مُحْسِنٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَأَكْثَرُ مَا يَجِيءُ أَحَاسِنُكُمْ جَمْعَ أَحْسَنَ (قَوْلُهُ: وَفَرَاهِيَةُ الدَّابَّةِ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: الْفَارِهُ مِنْ النَّاسِ الْحَاذِقُ، وَالْمَلِيحُ الْحَسَنُ، وَمِنْ الدَّوَابِّ الْجَيِّدُ السَّيْرِ (قَوْلُهُ: فَيَرُدُّ مَا يَجْمَعُ تِلْكَ الصِّفَاتِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَتَأَتَّ اعْتَبَرَ مَعَ الصُّورَةِ مُرَاعَاةَ الْقِيمَةِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ، أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يُوجَدْ عَبْدٌ تَبْلُغُ قِيمَتُهُ قِيمَةَ الْعَبْدِ الْمُقْرَضِ مَعَ مُلَاحَظَةِ صِفَاتِهِ فَهَلْ يَرُدُّ قِيمَةَ الْعَبْدِ الْمُقْرَضِ دَرَاهِمَ لِتَعَذُّرِ رَدِّ مِثْلِهِ أَوْ يَرُدُّ مِثْلَهُ صُورَةً وَيَرُدُّ مَعَهُ مِنْ الْمَالِ مَا يَبْلُغُ بِهِ قِيمَةَ الْعَبْدِ الْمُقْرَضِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ دَفْعِ النُّقُوطِ) أَيْ لِصَاحِبِ الْفَرَحِ فِي يَدِهِ أَوْ يَدِ مَأْذُونِهِ. أَمَّا مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ دَفْعِ النُّقُوطِ لِلشَّاعِرِ وَالْمُزَيِّنِ وَنَحْوِهِمَا فَلَا رُجُوعَ بِهِ إلَّا إذَا كَانَ بِإِذْنِ صَاحِبِ الْفَرَحِ وَشَرَطَ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ مِنْ الْإِذْنِ سُكُوتُهُ عَلَى الْآخِذِ وَلَا وَضْعُهُ الصِّينِيَّةَ الْمَعْرُوفَةَ الْآنَ بِالْأَرْضِ وَأَخْذُ النُّقُوطِ وَهُوَ سَاكِتٌ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ تَنْزِيلِ مَا ذُكِرَ مَنْزِلَةَ الْإِذْنِ لَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِلرُّجُوعِ وَتَقَرَّرَ أَنَّ الْقَرْضَ الْحُكْمِيَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّ النِّصْفَيْنِ مُتَسَاوِيَانِ) لَا يَتَأَتَّى مَعَ أَنَّ الصُّورَةَ أَنَّ النِّصْفَ شَائِعٌ وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا مُسَاوِيًا فَلَا فَائِدَةَ لِهَذَا الْقَيْدِ. (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ الضَّابِطِ اشْتِرَاطُ كَوْنِ الْمُقْرِضِ مَعْلُومَ الْقَدْرِ) يَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ الْقَرْضِ الْحُكْمِيِّ كَعُمْرِ دَارِي كَمَا تُشْعِرُ بِهِ أَمْثِلَتُهُمْ، وَيُفْهِمُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ فِيمَا مَرَّ فِي الْقِرَاضِ الْحُكْمِيِّ وَفِيمَا ذُكِرَ إنْ كَانَ الْمَرْجُوعُ بِهِ مُقَدَّرًا أَوْ مُعَيَّنًا يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ إلَخْ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَرِدَ مَا مَرَّ فِي نَحْوِ كَفِّ طَعَامٍ) الَّذِي مَرَّ

أَطْلَقَ الثَّانِيَ جَمْعٌ وَجَرَى عَلَى الْأَوَّلِ بَعْضُهُمْ. قَالَ: وَلَا أَثَرَ لِلْعُرْفِ فِيهِ لِاضْطِرَابِهِ مَا لَمْ يَقُلْ خُذْهُ مَثَلًا وَيَنْوِي الْقَرْضَ وَيُصَدَّقُ فِي نِيَّةِ ذَلِكَ هُوَ وَوَارِثُهُ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ إطْلَاقُ مَنْ قَالَ بِالثَّانِي اهـ وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُعْتَدْ الرُّجُوعُ بِهِ وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْمِقْدَارِ وَالْبِلَادِ، وَالثَّانِي عَلَى مَا اُعْتِيدَ وَحَيْثُ عُلِمَ اخْتِلَافُهُ تَعَيَّنَ مَا ذُكِرَ (وَقِيلَ) يَرُدُّ (الْقِيمَةَ) يَوْمَ الْقَبْضِ. وَاعْلَمْ أَنَّ أَدَاءَ الْمُقْرَضِ كَأَدَاءِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ فِي سَائِرِ مَا مَرَّ فِيهِ صِفَةً وَزَمَنًا وَمَحَلًّا (وَ) لَكِنْ (لَوْ) (ظَفِرَ) الْمُقْرِضُ (بِهِ) أَيْ بِالْمُقْتَرِضِ (فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْإِقْرَاضِ وَلِلنَّقْلِ) مِنْ مَحَلِّهِ إلَى مَحَلِّ الظَّفَرِ (مُؤْنَةٌ) وَلَمْ يَتَحَمَّلْهَا الْمُقْرِضُ (طَالَبَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSيُشْتَرَطُ لِلُزُومِهِ لِلْمُقْتَرِضِ إذْنُهُ فِي الصَّرْفِ مَعَ شَرْطِ الرُّجُوعِ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ، وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ مَجِيءِ بَعْضِ الْجِيرَانِ لِبَعْضٍ بِقَهْوَةٍ وَكَعْكٍ مَثَلًا، وَمِنْهُ أَيْضًا اجْتِمَاعُ النَّاسِ فِي الْحَمَّامَاتِ وَالْقَهَاوِي وَدَفْعُ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ (قَوْلُهُ: أَطْلَقَ الثَّانِيَ) أَيْ قَرْضًا (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الْجَمْعِ وَأَنَّهُ يَكُونُ قَرْضًا حَيْثُ جَرَتْ الْعَادَةُ بِرَدِّ مِثْلِهِ إنْ قَالَ: خُذْهُ وَنَوَى الْقَرْضَ. قَالَ حَجّ: وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ فِي أَخٍ أَنْفَقَ عَلَى أَخِيهِ الرَّشِيدِ وَعِيَالِهِ سِنِينَ وَهُوَ سَاكِتٌ ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ يَرْجِعُ أَخْذًا مِنْ الْقَوْلِ بِالرُّجُوعِ فِي مَسْأَلَة النُّقُوطِ وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ لَا وَجْهَ لَهُ لِعَدَمِ الْعَادَةِ بِالرُّجُوعِ فِي ذَلِكَ وَعَدَمِ الْإِذْنِ مِنْ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ. وَالْمَسَائِلُ الَّتِي صَرَّحُوا فِيهَا بِالرُّجُوعِ إمَّا لِكَوْنِهِ أَنْفَقَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ أَوْ مَعَ الْإِشْهَادِ لِلضَّرُورَةِ كَمَا فِي هَرَبِ الْجِمَالِ وَنَحْوِهَا، وَإِمَّا لِظَنِّهِ أَنَّ الْإِنْفَاقَ لَازِمٌ لَهُ كَمَا إذَا أَنْفَقَ عَلَى مُطَلَّقَتِهِ الْحَامِلِ فَبَانَ أَنْ لَا حَمْلَ أَوْ نَفَى حَمْلَ الْمُلَاعَنَةِ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ فَتَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَتْهُ عَلَيْهِ لِظَنِّهَا الْوُجُوبَ فَلَا تَبَرُّعَ، وَلَوْ عَجَّلَ حَيَوَانًا زَكَاةً ثُمَّ رَجَعَ بِسَبَبٍ رَجَعَ عَلَيْهِ الْآخِذُ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَى الْأَوْجَهِ لِإِنْفَاقِهِ بِظَنِّ الْوُجُوبِ لِظَنِّهِ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَكَذَا يُقَالُ فِي لُقَطَةٍ تَمَلَّكَهَا ثُمَّ جَاءَ مَالِكُهَا. نَعَمْ لَا أَثَرَ بِظَنِّ وُجُوبٍ فِي مَبِيعٍ اشْتَرَاهُ فَاسِدًا فَلَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ اهـ مُلَخَّصًا. وَتَوَقَّفَ سم عَلَى حَجّ فِيمَا ذُكِرَ بِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُسْتَحِقِّ وَالْمُلْتَقِطِ مَلَكَ مَا أَخَذَهُ، وَمِنْ ثَمَّ يَرُدُّهُ بِدُونِ زِيَادَتِهِ الْمُنْفَصِلَةِ فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ أَجَابَ بِتَصْوِيرِ ذَلِكَ بِمَا لَوْ تَبَيَّنَ فَسَادُ التَّعْجِيلِ وَالِالْتِقَاطِ، وَعِبَارَتُهُ بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ: وَإِنْ كَانَ الْغَرَضُ فِيهِمَا أَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ لِظَنِّهِ أَنَّهُ مِلْكُهُ كَأَنْ يَأْخُذَ الْمُعَجَّلَةَ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ أَوْ بَانَ خَلَلٌ فِي التَّعْجِيلِ فَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الرُّجُوعِ قَرِيبٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَزَمَنًا وَمَحَلًّا) قَضِيَّةُ تَشْبِيهِهِ بِالسَّلَمِ فِي الزَّمَانِ أَنَّهُ إنْ أَحْضَرَهُ فِي مَحِلِّهِ لَزِمَهُ الْقَبُولُ، وَإِنْ أَحْضَرَهُ قَبْلَ مَحِلِّهِ لَا يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ إنْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِي الِامْتِنَاعِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ بِأَنَّ الْقَرْضَ لَا يَدْخُلُهُ أَجَلٌ، بَلْ إذَا ذُكِرَ الْأَجَلُ إمَّا يَلْغُو أَوْ يَفْسُدُ الْعَقْدُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ تَشْبِيهِهِ بِهِ فِي الزَّمَانِ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَحْضَرَ الْمُقْرَضَ فِي زَمَنِ النَّهْبِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَبُولُهُ، كَمَا أَنَّ الْمُسَلَّمَ فِيهِ إذَا أَحْضَرَهُ قَبْلَ مَحِلِّهِ لَا يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ وَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي كَفِّ دَرَاهِمَ (قَوْلُهُ: وَجَرَى عَلَى الْأَوَّلِ بَعْضُهُمْ) قَالَ: وَلَا أَثَرَ لِلْعُرْفِ فِيهِ إلَخْ، هَذَا الْبَعْضُ هُوَ الشِّهَابُ حَجّ وَعِبَارَتُهُ فِي تُحْفَتِهِ الَّذِي يُتَّجَهُ فِي النُّقُوطِ الْمُعْتَادِ أَنَّهُ هِبَةٌ وَلَا أَثَرَ لِلْعُرْفِ فِيهِ؛ لِاضْطِرَابِهِ مَا لَمْ يَقُلْ خُذْهُ مَثَلًا وَيَنْوِي بِهِ الْقَرْضَ وَيُصَدَّقُ فِي نِيَّةِ ذَلِكَ هُوَ وَوَارِثُهُ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ إطْلَاقُ جَمْعٍ أَنَّهُ قَرْضٌ أَيْ حُكْمًا. ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ لَمَّا نَقَلَ قَوْلَ هَؤُلَاءِ وَقَوْلَ الْبُلْقِينِيِّ إنَّهُ هِبَةٌ قَالَ وَيُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا اُعْتِيدَ الرُّجُوعُ بِهِ وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا لَمْ يُعْتَدْ. قَالَ لِاخْتِلَافِهِ بِأَحْوَالِ النَّاسِ وَالْبِلَادِ. وَحَيْثُ عُلِمَ اخْتِلَافُهُ تَعَيَّنَ مَا ذَكَرْتُهُ اهـ. مَا فِي التُّحْفَةِ وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الشِّهَابَ حَجّ قَيَّدَ مَحَلَّ الْخِلَافِ بِمَا إذَا كَانَ صَاحِبُ الْفَرَحِ يَأْخُذُ النُّقُوطَ لِنَفْسِهِ: أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ يَأْخُذُ بِنَحْوِ الْخَاتِنِ أَوْ كَانَ الدَّافِعُ يَدْفَعُهُ لَهُ بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا رُجُوعَ قَطْعًا، وَسَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ فِي آخِرِ كِتَابِ الْهِبَةِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ مِنْ وَضْعِ طَاسَةٍ بَيْنَ يَدَيْ صَاحِبِ الْفَرَحِ لِيَضَعَ النَّاسُ فِيهَا دَرَاهِمَ ثُمَّ تُقْسَمُ عَلَى الْمُزَيِّنِ وَنَحْوِهِ أَنَّهُ إنْ قُصِدَ الْمُزَيِّنُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ نُظَرَائِهِ الْمُعَاوِنِينَ لَهُ عُمِلَ بِالْقَصْدِ وَإِنْ أُطْلِقَ كَانَ مِلْكًا لِصَاحِبِ

بِقِيمَةِ بَلَدِ الْإِقْرَاضِ) يَوْمَ الْمُطَالَبَةِ إذْ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ جَائِزٌ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُطَالِبُهُ بِمِثْلِهِ إذَا لَمْ يَتَحَمَّلْ مُؤْنَةَ حَمْلِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْكُلْفَةِ وَأَنَّهُ يُطَالِبُهُ بِمِثْلِ مَا لَا مُؤْنَةَ لِحَمْلِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَالْمَانِعُ مِنْ طَلَبِ الْمِثْلِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَكَثِيرٍ مُؤْنَةُ الْحَمْلِ، وَعِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ ابْنُ الصَّبَّاغِ كَوْنُ قِيمَةِ بَلَدِ الْمُطَالَبَةِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ بَلَدِ الْإِقْرَاضِ وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِهِمَا هُنَا، أَمَّا بِقِيَاسِ الْأَوْلَى أَوْ الْمُسَاوَاةِ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، لِأَنَّ مَنْ نَظَرَ إلَى الْمُؤْنَةِ يَنْظُرُ إلَى الْقِيمَةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى حُصُولِ الضَّرَرِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْحَالَيْنِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ يُشِيرُ إلَى كُلٍّ مِنْ الْعِلَّتَيْنِ، فَإِذَا أَقْرَضَهُ طَعَامًا أَوْ نَحْوَهُ بِمِصْرَ ثُمَّ لَقِيَهُ بِمَكَّةَ لَمْ يَلْزَمْهُ دَفْعُهُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ بِمَكَّةَ أَغْلَى، كَذَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ بِهَذِهِ الْعِلَّةِ، وَبِأَنَّ فِي نَقْلِهِ إلَى مَكَّةَ ضَرَرًا، فَالظَّاهِرُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، وَحَيْثُ أَخَذَ الْقِيمَةَ فَهِيَ لِلْفَيْصُولَةِ لَا لِلْحَيْلُولَةِ، فَلَوْ اجْتَمَعَا بِبَلَدِ الْإِقْرَاضِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُقْرِضِ رَدُّهَا وَطَلَبُ الْمِثْلِ وَلَا لِلْمُقْتَرِضِ اسْتِرْدَادُهَا. أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ مُؤْنَةٌ أَوْ تَحَمَّلَهَا الْمُقْرِضُ فَيُطَالِبُهُ بِهِ. نَعَمْ النَّقْدُ الْيَسِيرُ الَّذِي يَعْسُرُ نَقْلُهُ أَوْ تَفَاوَتَتْ قِيمَتُهُ بِتَفَاوُتِ الْبِلَادِ كَاَلَّذِي لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ. وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ قَوْلُهُ أَوْ تَفَاوَتَتْ قِيمَتُهُ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ بَنَاهُ الْمُعْتَرِضُ عَلَى عَدَمِ اسْتِقْلَالِ كُلٍّ مِنْ الْعِلَّتَيْنِ وَقَدْ مَرَّ رَدُّهُ. (وَلَا يَجُوزُ) قَرْضُ نَقْدٍ أَوْ غَيْرِهِ إنْ اقْتَرَنَ (بِشَرْطِ) (رَدِّ صَحِيحٍ عَنْ مُكَسَّرٍ أَوْ) رَدِّ (زِيَادَةٍ) عَلَى الْقَدْرِ الْمُقْرَضِ أَوْ رُدَّ جَيِّدٌ عَنْ رَدِيءٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ شَرْطٍ جَرَّ مَنْفَعَةً لِلْمُقْرِضِ كَرَدِّهِ بِبَلَدٍ آخَرَ أَوْ رَهْنِهِ بِدَيْنٍ آخَرَ، فَإِنْ فَعَلَ فَسَدَ الْعَقْدُ لِخَبَرِ فُضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً» أَيْ شَرَطَ فِيهِ مَا يَجُرُّ إلَى الْمُقْرِضِ مَنْفَعَةً " فَهُوَ رِبًا " وَرُوِيَ مَرْفُوعًا بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، لَكِنْ صَحَّحَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ رَفْعَهُ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مَعْنَاهُ عَنْ جَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ مَوْضُوعَ الْقَرْضِ الْإِرْفَاقُ، فَإِذَا شَرَطَ فِيهِ لِنَفْسِهِ حَقًّا خَرَجَ عَنْ مَوْضُوعِهِ فَمُنِعَ صِحَّتُهُ، وَشَمَلَ ذَلِكَ شَرْطًا يَنْفَعُ الْمُقْرِضَ وَالْمُقْتَرِضَ فَيَبْطُلُ بِهِ الْعَقْدُ فِيمَا يَظْهَرُ وَمِنْهُ الْقَرْضُ لِمَنْ يَسْتَأْجِرُ مِلْكَهُ: أَيْ مَثَلًا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ لِأَجْلِ الْقَرْضِ إنْ وَقَعَ ذَلِكَ شَرْطًا إذْ هُوَ حِينَئِذٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSحَضَرَهُ فِي زَمَنِ الْأَمْنِ وَجَبَ قَبُولُهُ، فَالْمُرَادُ مِنْ التَّشْبِيهِ مُجَرَّدُ أَنَّ الْقَرْضَ قَدْ يَجِبُ قَبُولُهُ إذَا أَتَى بِهِ لِلْمُقْرِضِ وَقَدْ لَا يَجِبُ، كَمَا أَنَّ الْمُسَلَّمَ فِيهِ قَدْ يَجِبُ قَبُولُهُ وَقَدْ لَا يَجِبُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: بِقِيمَةِ بَلَدِ الْإِقْرَاضِ إلَخْ) وَتُعْرَفُ قِيمَتُهُ بِهَا مَعَ كَوْنِهِمَا فِي غَيْرِهَا إمَّا بِبُلُوغِ الْأَخْبَارِ أَوْ بِاسْتِصْحَابِ مَا عَلِمُوهُ بِبَلَدِ الْإِقْرَاضِ قَبْلَ مُفَارَقَتِهَا أَوْ بَعْدَ بُلُوغِ الْخَبَرِ. [فَائِدَةٌ] قَالَ حَجّ: وَلَوْ قَالَ: أَقْرِضْنِي عَشَرَةً مَثَلًا فَقَالَ: خُذْهَا مِنْ فُلَانٍ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ تَحْتَ يَدِهِ جَازَ وَإِلَّا فَهُوَ وَكِيلٌ فِي قَبْضِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ قَرْضِهَا، وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ السَّابِقُ وَلَوْ قَالَ: أَقْبِضْنِي دَيْنِي وَهُوَ لَك إلَخْ (قَوْلُهُ: الَّذِي يَعْسُرُ نَقْلُهُ) أَيْ لِخَوْفِ الطَّرِيقِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: كَرَدِّهِ بِبَلَدٍ آخَرَ) وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ قَوْلِهِ لِلْمُقْتَرِضِ: أَقْرَضْتُك هَذَا عَلَى أَنْ تَدْفَعَ بَدَلَهُ لِوَكِيلِي بِمَكَّةَ الْمُشَرَّفَةَ (قَوْلُهُ: فَسَدَ الْعَقْدُ) وَمَعْلُومُهُ أَنَّ مَحَلَّ الْفَسَادِ بِحَيْثُ وَقَعَ الشَّرْطُ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ. أَمَّا لَوْ تَوَافَقَا عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَقَعْ شَرْطٌ فِي الْعَقْدِ فَلَا فَسَادَ (قَوْلُهُ: إنْ وَقَعَ ذَلِكَ شَرْطًا) أَيْ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْفَرَحِ يُعْطِيهِ لِمَنْ يَشَاءُ. (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُطَالِبُهُ بِمِثْلِهِ إذَا لَمْ يَتَحَمَّلْ مُؤْنَةَ حَمْلِهِ إلَخْ) شَمِلَ مَا إذَا كَانَ بِمَحَلِّ الظَّفَرِ أَقَلُّ قِيمَةً كَمَا إذَا أَقْرَضَهُ طَعَامًا بِمَكَّةَ ثُمَّ لَقِيَهُ بِمِصْرَ، لَكِنْ فِي شَرْحِ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مُطَالَبَتُهُ بِالْقِيمَةِ بَلْ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا مِثْلُهُ. (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ مُؤْنَةٌ) أَيْ: وَلَا كَانَتْ قِيمَتُهُ بِبَلَدِ الْمُطَالَبَةِ أَكْثَرَ، وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ تَفَاوَتَتْ قِيمَتُهُ لِتَفَاوُتِ الْبِلَادِ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ النَّقْدُ الْيَسِيرُ الَّذِي يَعْسُرُ نَقْلُهُ) لَعَلَّهُ لِلْخَوْفِ عَلَيْهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ تَفَاوَتَتْ قِيمَتُهُ بِتَفَاوُتِ الْبِلَادِ) وَمِنْهُ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ مَا إذَا أَقْرَضَهُ دَنَانِيرَ مَثَلًا بِمِصْرَ ثُمَّ لَقِيَهُ بِمَكَّةَ وَقِيمَةُ

[قرض النقد أو غيره إن اقترن بشرط رد صحيح عن مكسر]

حَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ وَإِلَّا كُرِهَ عِنْدَنَا وَحَرُمَ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ، قَالَهُ السُّبْكِيُّ (فَلَوْ رَدَّ) مَنْ اقْتَرَضَ لِنَفْسِهِ مِنْ مَالِهِ (هَكَذَا) أَيْ زَائِدًا قَدْرًا أَوْ صِفَةً (بِلَا شَرْطٍ فَحَسَنٌ) وَمِنْ ثَمَّ نُدِبَ ذَلِكَ وَلَمْ يُكْرَهْ لِلْمُقْرِضِ الْأَخْذُ كَقَبُولِ هَدِيَّتِهِ وَلَوْ فِي الرِّبَوِيِّ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ وَفِيهِ «إنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً» نَعَمْ الْأَوْلَى كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ تَنَزُّهُهُ عَنْهَا قَبْلَ رَدِّ الْبَدَلِ، وَلَوْ أَقْرَضَ مَنْ عُرِفَ بِرَدِّ الزِّيَادَةِ قَاصِدًا ذَلِكَ كُرِهَ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ قِيَاسًا عَلَى كَرَاهَةِ نِكَاحِ مَنْ عَزَمَ عَلَى أَنَّهُ يُطَلِّقُ إذَا وَطِئَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ مِلْكُ الزَّائِدِ تَبَعًا لِأَنَّهُ هِبَةٌ مَقْبُوضَةٌ وَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى إيجَابٍ وَقَبُولٍ، وَيَمْتَنِعُ عَلَى الْبَاذِلِ رُجُوعُهُ فِي الزَّائِدِ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عُجَيْلٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (وَلَوْ) (شَرَطَ) أَنْ يَرُدَّ (مُكَسَّرًا عَنْ صَحِيحٍ أَوْ أَنْ يُقْرِضَهُ) شَيْئًا آخَرَ (غَيْرَهُ) (لَغَا الشَّرْطُ) فِيهِمَا وَلَمْ يَجِبْ الْوَفَاءُ بِهِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ) لِأَنَّ مَا جَرَّهُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ لَيْسَ لِلْمُقْرِضِ بَلَى لِلْمُقْتَرِضِ وَالْعَقْدُ عَقْدُ إرْفَاقٍ فَكَأَنَّهُ زَادَ فِي الْإِرْفَاقِ وَوَعَدَهُ وَعْدًا حَسَنًا، وَلَا يُشْكِلُ هَذَا بِمَا يَأْتِي فِي نَظِيرِهِ مِنْ الرَّهْنِ حَيْثُ يُفْسِدُهُ لِقُوَّةِ دَاعِي الْقَرْضِ فَإِنَّهُ سُنَّةٌ، وَلِأَنَّ وَضْعَهُ جَرَّ الْمَنْفَعَةَ لِلْمُقْتَرِضِ فَلَمْ يَفْسُدْ بِاشْتِرَاطِهَا. وَالثَّانِي يَفْسُدُ لِمُنَافَاتِهِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ (وَلَوْ شَرَطَ أَجَلًا فَهُوَ كَشَرْطِ مُكَسَّرٍ عَنْ صَحِيحٍ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُقْرِضِ غَرَضٌ) صَحِيحٌ أَوْ لَهُ وَالْمُقْتَرِضُ غَيْرُ مَلِيءٍ فَيَلْغُو الْأَجَلُ لِامْتِنَاعِ التَّفَاضُلِ فِيهِ كَالرِّبَا، وَيَصِحُّ الْعَقْدُ لِأَنَّهُ زَادَ فِي الْإِرْفَاقِ بِجَرِّهِ الْمَنْفَعَةَ لِلْمُقْتَرِضِ، وَلَا اعْتِبَارَ بِجَرِّهَا لَهُ فِي الْأَخِيرَةِ لِأَنَّ الْمُقْتَرِضَ لَمَّا كَانَ مُعْسِرًا كَانَ الْجَرُّ إلَيْهِ أَقْوَى فَغَلَبَ . وَيُسَنُّ الْوَفَاءُ بِاشْتِرَاطِ الْأَجَلِ كَمَا فِي تَأْجِيلِ الدَّيْنِ الْحَالِّ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَغَيْرُ الْأَجَلِ مِمَّا ذُكِرَ فِي مَعْنَاهُ وَلَا تَمْتَنِعُ الْمُطَالَبَةُ بِالْحَالِ مَعَ الْيَسَارِ إلَّا بِالْوَصِيَّةِ وَالنَّذْرِ عَلَى مَا فِيهِ مِمَّا يَأْتِي فِي بَابِهِ فَبِأَحَدِهِمَا تَتَأَخَّرُ الْمُطَالَبَةُ بِهِ مَعَ حُلُولِهِ (وَإِنْ كَانَ) لِلْمُقْرِضِ غَرَضٌ (كَزَمَنِ نَهْبٍ) وَالْمُقْتَرِضُ مَلِيءٌ بِالْمُقْرَضِ أَوْ بَدَلِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (فَكَشَرْطِ) رَدِّ (صَحِيحٍ عَنْ مُكَسَّرٍ) فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ فِيهِ جَرَّ مَنْفَعَةٍ لِلْمُقْرِضِ وَالثَّانِي يَصِحُّ وَيَلْغُو الشَّرْطُ (وَلَهُ) أَيْ الْمُقْرِضِ (شَرْطُ رَهْنٍ وَكَفِيلٍ) عُيِّنَا عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ وَإِقْرَارٌ بِهِ عِنْدَ حَاكِمٍ وَإِشْهَادٌ عَلَيْهِ لِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ تَوْثِيقَاتٌ لَا مَنَافِعُ زَائِدَةٌ، فَلَهُ إذَا لَمْ يُوفِ بِهَا الْمُقْتَرِضُ الْفَسْخُ وَإِنْ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِغَيْرِ شَرْطٍ كَمَا سَيَأْتِي، عَلَى أَنَّ فِي التَّوَثُّقِ بِهَا مَعَ إفَادَتِهِ أَمْنَ الْجَحْدِ فِي بَعْضٍ وَسُهُولَةِ الِاسْتِيفَاءِ فِي آخَرَ صَوْنُ الْعَرْضِ، فَإِنَّ الْحَيَاءَ وَالْمُرُوءَةَ يَمْنَعَانِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: تَنَزُّهُهُ عَنْهَا) أَيْ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ (قَوْلُهُ: مَلَكَ الزَّائِدَ تَبَعًا) أَيْ وَإِنْ كَانَ مُتَمَيِّزًا عَنْ مِثْلِ الْمُقْرَضِ كَأَنْ اقْتَرَضَ دَرَاهِمَ فَرَدَّهَا وَمَعَهَا نَحْوُ سَمْنٍ وَيَصْدُقُ الْآخِذُ فِي كَوْنِ ذَلِكَ هَدِيَّةً لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ إذْ لَوْ أَرَادَ الدَّافِعُ أَنَّهُ إنَّمَا أَتَى بِهِ لِيَأْخُذَ بَدَلَهُ لَذَكَرَهُ. وَمَعْلُومٌ مِمَّا صَوَّرْنَا بِهِ أَنَّهُ رَدَّ الْمُقْرَضَ وَالزِّيَادَةَ مَعًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ الزِّيَادَةَ لَيْسَتْ هَدِيَّةً فَيَصْدُقُ الْآخِذُ. أَمَّا لَوْ دَفَعَ إلَى الْمُقْرِضِ سَمْنًا أَوْ نَحْوَهُ مَعَ كَوْنِ الدَّيْنِ بَاقِيًا فِي ذِمَّتِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ مِنْ الدَّيْنِ لَا هَدِيَّةٌ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ الدَّافِعُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: رُجُوعُهُ فِي الزَّائِدِ) أَيْ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِ الْآخِذِ بِمُجَرَّدِ الدَّفْعِ. (قَوْلُهُ: فِي نَظِيرِهِ مِنْ الرَّهْنِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ فِيهِ شَرْطًا يَجُرُّ مَنْفَعَةً لِلْمُرْتَهِنِ فَسَدَ، وَمَا ذَكَرَ مِنْ شَرْطِ رَدِّ الْمُكَسَّرِ عَنْ الصَّحِيحِ يَجُرُّ نَفْعًا لِلْمُقْتَرِضِ وَقُلْنَا فِيهِ بِصِحَّةِ الْعَقْدِ وَإِلْغَاءِ الشَّرْطِ. (قَوْلُهُ: مِمَّا ذُكِرَ فِي مَعْنَاهُ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ يُسَنُّ الْوَفَاءُ بِهِ (قَوْلُهُ: بِالْحَالِ) أَيْ وَلَوْ قَصُرَ الزَّمَنُ جِدًّا (قَوْلُهُ: إلَّا بِالْوَصِيَّةِ) أَيْ بِأَنْ أَوْصَى أَنْ لَا يُطَالَبَ مَدِينَهُ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ (قَوْلُهُ: وَالنَّذْرُ) أَيْ كَأَنْ نَذَرَ أَنْ لَا يُطَالِبَهُ أَصْلًا أَوْ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ كَذَا فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْمُطَالَبَةُ بِنَفْسِهِ وَلَهُ التَّوْكِيلُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: صَوْنُ الْعِرْضِ) . ـــــــــــــــــــــــــــــQالذَّهَبِ فِيهَا أَكْثَرُ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فَلَيْسَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالْمِثْلِ وَإِنَّمَا يُطَالَبُ بِالْقِيمَةِ [قَرْضُ النَّقْد أَوْ غَيْرِهِ إنْ اقْتَرَنَ بِشَرْطِ رَدِّ صَحِيحٍ عَنْ مُكَسَّرٍ] . (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ لِلْمُقْرِضِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ مَا جَرَّهُ لِلْمَنْفَعَةِ لَيْسَ لِلْمُقْرِضِ بَلْ لِلْمُقْتَرِضِ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْفَسَادِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُقْرِضِ مَنْفَعَةٌ وَهُوَ نَظِيرُ مَا سَيَأْتِي فِي الْأَصْلِ فَلْيُرَاجَعْ . (قَوْلُهُ: وَالْمُقْتَرِضُ مَلِيءٌ بِالْمُقْرِضِ) أَيْ: فِي الْوَقْتِ الَّذِي

[يملك القرض بالقبض كالهبة]

مِنْ الرُّجُوعِ بِلَا سَبَبٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا وَجَدَ فَإِنَّ الْمُقْتَرِضَ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْوَفَاءِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَانَ الْمُقْرِضُ مَعْذُورًا فِي الرُّجُوعِ غَيْرَ مَلُومٍ. قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: وَمِنْ فَوَائِدِهِ أَنَّ الْمُقْتَرِضَ لَا يَحِلُّ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي الْعَيْنِ الَّتِي اقْتَرَضَهَا قَبْلَ الْوَفَاءِ بِالشَّرْطِ وَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُ بِالْقَبْضِ كَمَا لَا يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي التَّصَرُّفُ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ دَفْعِ الثَّمَنِ إلَّا بِرِضَا الْبَائِعِ وَالْمُقْرِضُ هَهُنَا لَمْ يَبِحْ لَهُ التَّصَرُّفَ إلَّا بِشَرْطٍ صَحِيحٍ، وَأَنَّ فِي صِحَّةِ هَذَا الشَّرْطِ حَثًّا لِلنَّاسِ عَلَى فِعْلِ الْقَرْضِ وَتَحْصِيلَ أَنْوَاعِ الْبِرِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ. (وَيُمْلَكُ الْقَرْضُ) أَيْ الْمُقْرَضُ (بِالْقَبْضِ) كَالْهِبَةِ إذْ لَوْلَا ذَلِكَ لَامْتَنَعَ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ نَحْوَ أَصْلِهِ وَيَلْزَمُهُ نَفَقَةُ الْحَيَوَانِ (وَفِي قَوْلٍ بِالتَّصَرُّفِ) الْمُزِيلِ لِلْمِلْكِ رِعَايَةً لِحَقِّ الْمُقْرِضِ لِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِيهِ مَا بَقِيَ فَبِالتَّصَرُّفِ يَتَبَيَّنُ حُصُولُ مِلْكِهِ بِالْقَبْضِ (وَلَهُ) بِنَاءً عَلَى الْأَوَّلِ (الرُّجُوعُ فِي عَيْنِهِ مَا دَامَ بَاقِيًا) فِي مِلْكِ الْمُقْتَرِضِ (بِحَالِهِ) بِأَنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ (فِي الْأَصَحِّ) وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّرًا أَوْ مُعَلَّقًا عِتْقُهُ بِصِفَةٍ أَوْ مُدَبَّرًا لِأَنَّ لَهُ تَغْرِيمَ بَدَلِهِ عِنْدَ الْفَوَاتِ فَالْمُطَالَبَةُ بِعَيْنِهِ أَوْلَى. وَالثَّانِي لَا بَلْ لِلْمُقْتَرِضِ أَنْ يُؤَدِّيَ حَقَّهُ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ كَسَائِرِ الدُّيُونِ. أَمَّا إذَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ كَأَنْ وَجَدَهُ مَرْهُونًا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَتِهِ أَرْشُ جِنَايَةٍ فَلَا رُجُوعَ. وَلَوْ زَالَ مِلْكُهُ ثُمَّ عَادَ رَجَعَ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ وَكَمَا هُوَ قِيَاسُ أَكْثَرِ نَظَائِرِهِ، وَبِهِ جَزَمَ الْعِمْرَانِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْمُقْرِي، فِي رَوْضِهِ، وَلِلْمُقْتَرِضِ رَدُّهُ عَلَيْهِ قَهْرًا، وَلَوْ وَجَدَهُ زَائِدًا وَاتَّصَلَتْ أَخَذَهُ بِهَا وَإِلَّا فَبِدُونِهَا أَوْ نَاقِصًا، فَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ مَعَ أَرْشِهِ وَمِثْلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ عِرْضِ الْمُقْرِضِ. (قَوْلُهُ: لَا يَحِلُّ لَهُ التَّصَرُّفُ) أَيْ وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ [يُمْلَكُ الْقَرْضُ بِالْقَبْضِ كَالْهِبَةِ] (قَوْلُهُ: إذْ لَوْلَا ذَلِكَ) أَيْ الْمِلْكُ (قَوْلُهُ: الْمُزِيلُ لِلْمِلْكِ) قَضِيَّتُهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ مَا لَا يُزِيلُهُ كَالْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَغَيْرِهِمَا لَا يَمْلِكُهُ بِهِ (قَوْلُهُ وَلَهُ) أَيْ يَجُوزُ لَهُ إلَخْ. [فَرْعٌ] فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: ادْفَعْ مِائَةً قَرْضًا عَلَيَّ إلَى وَكِيلِي فُلَانٍ فَدَفَعَ ثُمَّ مَاتَ الْآمِرُ فَلَيْسَ لِلدَّافِعِ مُطَالَبَةُ الْآخِذِ لِأَنَّ الْآخِذَ لَمْ يَأْخُذْ لِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا هُوَ وَكِيلٌ عَنْ الْآمِرِ وَقَدْ انْتَهَتْ وَكَالَتُهُ بِمَوْتِ الْآمِرِ وَلَيْسَ لِلْآخِذِ الرَّدُّ عَلَيْهِ، وَلَوْ رَدَّ ضَمِنَ لِلْوَرَثَةِ وَحَقُّ الدَّافِعِ يَتَعَلَّقُ بِتَرِكَةِ الْمَيِّتِ عُمُومًا لَا بِمَا وَقَعَ خُصُوصًا لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ حَقُّهُ فِيهِ بَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِثْلَهُ مِنْ التَّرِكَةِ وَإِلَّا فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا دُفِعَ بِعَيْنِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَهُ الرُّجُوعُ فِي عَيْنِهِ مَا دَامَ بَاقِيًا بِحَالِهِ، بَلْ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ الْوَكِيلِ بَعْدَ رُجُوعِهِ إذَا كَانَ فِي يَدِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْوَكِيلِ فِي دَفْعِهِ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَلَوْ دَفَعَ شَخْصٌ لِآخَرَ دَرَاهِمَ وَقَالَ: ادْفَعْهَا لِزَيْدٍ فَادَّعَى الْآخِذُ دَفْعَهَا لِزَيْدٍ فَأَنْكَرَ صَدَقَ فِيمَا ادَّعَاهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ: فَلَا رُجُوعَ) أَيْ لَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ: رَجَعَ) أَيْ الْمُقْرِضُ (قَوْلُهُ: وَاتَّصَلَتْ) أَيْ الزِّيَادَةُ (قَوْلُهُ: أَخَذَهُ بِهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ طَلَبَ الْمُقْتَرِضُ رَدَّ الْبَدَلِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ إنْ لَمْ يَخْرُجْ الْمُقْرَضُ بِالزِّيَادَةِ عَنْ كَوْنِهِ مِثْلَ الْمُقْرَضِ صُورَةً، فَلَوْ أَقْرَضَهُ عِجْلَةً صُورَةً فَكَبِرَتْ ثُمَّ طَلَبَهَا الْمُقْرِضُ لَمْ يَجِبْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَبِدُونِهَا) وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ أَقْرَضَهُ دَابَّةً حَامِلًا وَوَلَدَتْ عِنْدَهُ فَيَرُدُّهَا بَعْدَ وَضْعِهَا بِدُونِ وَلَدِهَا الْمُنْفَصِلِ. أَمَّا إقْرَاضُ الدَّابَّةِ الْحَامِلِ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْقَرْضَ كَالسَّلَمِ وَالْحَمْلُ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا (قَوْلُهُ: أَوْ نَاقِصًا) شَمَلَ مَا لَوْ كَانَ النَّقْصُ بَعْضَ صِفَةٍ أَوْ عَيْنٍ، وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQعَيَّنَهُ، وَإِلَّا فَلَوْ أُرِيدَ أَنَّهُ مَلِيءٌ بِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ لَمْ يُتَصَوَّرْ إعْسَارُهُ بِهِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: فَبِالتَّصَرُّفِ يَتَبَيَّنُ حُصُولُ مِلْكِهِ إلَخْ) هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ مُتَرَتِّبَيْنِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُ بِالتَّصَرُّفِ، وَالثَّانِي أَنَّهُ يَتَبَيَّنُ بِالتَّصَرُّفِ الْمِلْكُ قَبْلَهُ وَهُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْجَلَالُ فِي شَرْحِهِ. وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ: وَإِذَا قُلْنَا بِالثَّانِي فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَتَبَيَّنُ الْمِلْكُ قَبْلَ التَّصَرُّفِ، وَقِيلَ يَتَبَيَّنُ بِالتَّصَرُّفِ أَنَّهُ مِلْكُهُ فِي وَقْتِ الْقَبْضِ انْتَهَتْ. لَكِنْ فِي تَعْبِيرِ الشَّارِحِ بِالْفَاءِ فِي قَوْلِهِ فَبِالتَّصَرُّفِ حَزَازَةٌ.

[كتاب الرهن]

سَلِيمًا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَيُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ قَبَضَهُ بِهَذَا النَّقْصِ كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ، وَمَا سَيَأْتِي فِي الْغَصْبِ أَنَّ الْغَاصِبَ لَوْ رَدَّ الْمَغْصُوبَ نَاقِصًا وَقَالَ: قَبَضْتُهُ هَكَذَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فَسَقَطَ بِذَلِكَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ يُعَارِضُهُ أَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ وَأَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلِّ حَادِثٍ تَقْدِيرُهُ بِأَقْرَبِ زَمَنٍ، وَهَذَانِ خَاصَّانِ فَلْيُقَدَّمَا عَلَى الْأَوَّلِ الْعَامِّ إذْ ذَلِكَ اشْتِبَاهٌ حَصَلَ مِنْ صُورَةٍ ذُكِرَتْ فِي الْغَصْبِ غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَإِذَا رَجَعَ فِيهِ مُؤَجَّرًا تَخَيَّرَ بَيْنَ الصَّبْرِ لِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ مِنْ غَيْرِ أُجْرَةٍ لَهُ وَبَيْنَ أَخْذِ بَدَلِهِ، وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ فِي جِذْعٍ أَقْرَضَهُ وَبَنَى عَلَيْهِ وَحَبٍّ بَذَرَهُ أَنَّهُ كَالْهَالِكِ فَيَتَعَيَّنُ بَدَلُهُ. نَعَمْ إنْ حُجِرَ عَلَى الْمُقْتَرِضِ بِفَلَسٍ أَتَى فِيهِ مَا يَأْتِي فِيمَا اشْتَرَاهُ آخِرَ الْفَلَسِ. . كِتَابُ الرَّهْنِ هُوَ لُغَةً: الثُّبُوتُ، وَمِنْهُ الْحَالَةُ الرَّاهِنَةُ: أَيْ الثَّابِتَةُ أَوْ الْحَبْسُ، وَمِنْهُ خَبَرُ «نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مَرْهُونَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ دَيْنُهُ» أَيْ مَحْبُوسَةٌ عَنْ مَقَامِهَا الْكَرِيمِ وَلَوْ فِي الْبَرْزَخِ إنْ عَصَى بِالدَّيْنِ أَوْ مَا لَمْ يَخْلُفْ وَفَاءً. ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي السَّلَمِ أَنَّهُ إذَا وُجِدَ الثَّمَنُ نَاقِصًا نَقْصَ صِفَةٍ أَخَذَهُ بِلَا أَرْشٍ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ لَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: وَيَصْدُقُ فِي أَنَّهُ قَبَضَهُ بِهَذَا النَّقْصِ) وَمِنْهُ مَا لَوْ أَقْرَضَهُ فِضَّةً ثُمَّ ادَّعَى الْمُقْتَرِضُ أَنَّهَا مَقَاصِيصُ وَالْمُقْرِضُ أَنَّهَا جَيِّدَةٌ فَيَرُدُّ الْمُقْتَرِضُ مِثْلَهَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ ذَلِكَ بِالْوَزْنِ الَّذِي يَذْكُرُهُ الْمُقْتَرِضُ لِأَنَّ الْقَصَّ يَتَفَاوَتُ فَيَصْدُقُ فِي ذَلِكَ وَإِذَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ فِيمَا بَيْنَهُمْ بِوَزْنِهَا وَطَرِيقُهُ فِي تَقْدِيرِ الْوَزْنِ الَّذِي يَرُدُّ بِهِ إمَّا اخْتِبَارُهَا قَبْلَ التَّصَرُّفِ فِيهَا أَوْ تَخْمِينُهَا بِمَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ زِنَتُهَا، وَمَا ذُكِرَ مِنْ تَصْدِيقِ الْمُقْتَرِضِ لَا يَسْتَلْزِمُ صِحَّةَ إقْرَاضِهَا لِأَنَّ الْقَرْضَ صَحِيحًا كَانَ أَوْ فَاسِدًا يَقْتَضِي الضَّمَانَ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ صِحَّةِ إقْرَاضِهَا مُطْلَقًا وَزْنًا أَوْ عَدًّا (قَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ تَصْدِيقَ الْمُقْتَرِضِ (قَوْلُهُ: وَهَذَانِ) هُمَا قَوْلُهُ فَسَقَطَ بِذَلِكَ الْقَوْلُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَأَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلِّ حَادِثٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: تُخَيَّرُ بَيْنَ الصَّبْرِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهُ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ لَا يُمَكَّنُ مِنْهُ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ الْآنَ وَيَأْخُذَهُ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ، وَعَلَيْهِ فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الصَّبْرِ إلَى فَرَاغِ الْمُدَّةِ وَبَيْنَ أَخْذِهِ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ حَالًّا وَبَيْنَ أَخْذِ الْبَدَلِ أَيْ وَيَنْتَفِعُ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ إلَى فَرَاغِ الْمُدَّةِ. [كِتَابُ الرَّهْن] (قَوْلُهُ: الثَّابِتَةُ) أَيْ الْمَوْجُودَةُ الْآنَ (قَوْلُهُ أَوْ الْحَبْسُ) بِمَعْنَى أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا لُغَةً، وَكَانَ الْأَوْلَى لَهُ أَنْ يُعَبِّرَ بِالْوَاوِ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَقْصُودُ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ لَا بِعَيْنِهِ (قَوْلُهُ بِدَيْنِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ لِآدَمِيٍّ أَوْ لِلَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي الْبَرْزَخِ) وَهُوَ الْمُدَّةُ الَّتِي بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْبَعْثِ: قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: الْبَرْزَخُ الْحَاجِزُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، وَهُوَ أَيْضًا مَا بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ إلَى الْبَعْثِ، فَمَنْ مَاتَ فَقَدْ دَخَلَ الْبَرْزَخَ (قَوْلُهُ: إنْ عَصَى بِالدَّيْنِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ صَرَفَهُ فِي مُبَاحٍ وَتَابَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي قِسْمِ الصَّدَقَاتِ أَنَّ مَنْ عَصَى بِالِاسْتِدَانَةِ وَصَرَفَهُ فِي مُبَاحٍ أُعْطِيَ مِنْ الزَّكَاةِ أَنَّ هَذَا كَمَنْ لَمْ يَعْصِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَا لَمْ يَخْلُفْ وَفَاءً) فِيهِ قَوْلَانِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ الرَّاجِحَ مِنْهُمَا، وَفِي حَجّ مَا يُفِيدُ أَنَّ الرَّاجِحَ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ مَنْ خَلَّفَ وَفَاءً وَغَيْرِهِ وَبَيْنَ مَنْ عَصَى بِالدَّيْنِ وَغَيْرِهِ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ كَالشَّارِحِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ ـــــــــــــــــــــــــــــQكِتَابُ الرَّهْنِ

أَمَّا مَنْ لَمْ يُقَصِّرْ بِأَنْ مَاتَ وَهُوَ مُعْسِرٌ وَفِي عَزْمِهِ الْوَفَاءُ مَتَى تَمَكَّنَ فَلَا تُحْبَسُ نَفْسُهُ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَهَنَ دِرْعَهُ عِنْدَ يَهُودِيٍّ يُقَالُ لَهُ أَبُو الشَّحْمِ عَلَى ثَلَاثِينَ صَاعًا لِأَهْلِهِ» إذْ الْأَصَحُّ أَنَّهُ مَاتَ وَلَمْ يَفُكَّهُ. وَشَرْعًا: جَعْلُ عَيْنِ مَالٍ مُتَمَوَّلَةٍ وَثِيقَةً بِدَيْنٍ لِيُسْتَوْفَى مِنْهَا عِنْدَ تَعَذُّرِ وَفَائِهِ وَأَصْلُهُ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَةُ {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] أَيْ فَارْهَنُوا وَاقْبِضُوا لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ: أَيْ مُفْرَدُهُ جُعِلَ جَزَاءً لِلشَّرْطِ بِالْفَاءِ فَجَرَى مُجْرَى الْأَمْرِ كَقَوْلِهِ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَضَرْبَ الرِّقَابِ وَالْوَثَائِقُ بِالْحُقُوقِ ثَلَاثَةٌ: شَهَادَةٌ وَرَهْنٌ وَضَمَانٌ فَالْأَوَّلُ لِخَوْفِ الْجَحْدِ، وَالْآخَرَانِ لِخَوْفِ الْإِفْلَاسِ. وَأَرْكَانُهُ: عَاقِدٌ وَمَرْهُونٌ وَمَرْهُونٌ بِهِ وَصِيغَةٌ وَبَدَأَ بِهَا لِأَهَمِّيَّتِهَا فَقَالَ (لَا يَصِحُّ) الرَّهْنُ (إلَّا بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ) أَوْ اسْتِيجَابٍ وَإِيجَابٍ كَنَظِيرِهِ الْمَارِّ فِي الْبَيْعِ لِأَنَّهُ عَقْدٌ مَالِيٌّ فَافْتَقَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــSبَيْنَ مَوْتِهِ فَجْأَةً وَبَيْنَ كَوْنِهِ بِمَرَضٍ، وَلَعَلَّ وَجْهَ حَبْسِ رُوحِهِ حَيْثُ خَلَّفَ مَا يَفِي بِالدَّيْنِ أَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ التَّوْفِيَةُ قَبْلَ وَفَاتِهِ فَهُوَ مَنْسُوبٌ إلَى تَقْصِيرٍ فِي الْجُمْلَةِ، فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مُؤَجَّلًا وَالْمُؤَجَّلُ إنَّمَا يَجِبُ وَفَاؤُهُ بَعْدَ الْحُلُولِ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَنْ لَمْ يُقَصِّرْ) لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِهِ مَا يَصْلُحُ لِكَوْنِ هَذَا مَفْهُومًا لَهُ فَلَعَلَّهُ احْتَرَزَ عَنْهُ بِمُقَدَّرٍ فِي كَلَامِهِ مِثْلِ إنْ قَصَّرَ، ثُمَّ رَأَيْت الْخَطِيبَ صَرَّحَ بِهَذَا الْقَيْدِ حَيْثُ قَالَ: أَوْ مَا لَمْ يَخْلُفْ وَفَاءً: أَيْ وَقَصَّرَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُعْسِرٌ) أَيْ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْوَفَاءِ قَبْلَ الْإِعْسَارِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ) أَيْ حَبْسُ الرُّوحِ عَنْ مَقَامِهَا (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُمْ غَيْرُ الْمُكَلَّفِينَ كَأَنْ لَزِمَهُ دَيْنٌ بِسَبَبِ إتْلَافِهِمْ (قَوْلُهُ: رَهَنَ دِرْعَهُ عِنْدَ يَهُودِيٍّ) وَآثَرَهُ لِيَسْلَمَ مِنْ نَوْعِ مِنَّةٍ أَوْ تَكَلُّفِ مَيَاسِيرِ الصَّحَابَةِ بِإِبْرَائِهِ أَوْ عَدَمِ أَخْذِ الرَّهْنِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: صَاعًا) أَيْ مِنْ شَعِيرٍ مَنْهَجٌ وحج (قَوْلُهُ: عَلَى ثَلَاثِينَ) أَيْ ثَمَنُ ثَلَاثِينَ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ عَلَيْهَا أَنْفُسِهَا لِاقْتِرَاضِهَا مِنْهُ، وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ فَتْحِ الْبَارِي الْجَزْمُ بِالْأَوَّلِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ إذْ الْأَصَحُّ أَنَّهُ مَاتَ وَلَمْ يَفُكَّهُ) هَذَا لَا يُلَاقِي مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ مَنْ خَلَّفَ وَفَاءً وَلَمْ يَعْصِ بِالِاسْتِدَانَةِ لَا تُحْبَسُ رُوحُهُ. وَأَمَّا مَنْ سِوَى كَحَجٍّ فَالتَّقْيِيدُ عَلَيْهِ ظَاهِرٌ، وَكُتِبَ عَلَيْهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَفُكَّهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ رُوحُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُحْبَسُ لَافْتَكَّهُ قَبْلَ وَفَاتِهِ (قَوْلُهُ: جَعْلُ عَيْنِ مَالٍ) خَرَجَ بِهِ الِاخْتِصَاصَاتُ وَقَوْلُهُ مُتَمَوِّلَةٍ خَرَجَ بِهِ نَحْوُ الْقَمْحَةِ وَالْقَمْحَتَيْنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الرَّهْنَ (قَوْلُهُ: فَجَرَى مَجْرَى الْأَمْرِ) فِيهِ أَنَّ وَصْفَهُ بِمَقْبُوضَةٍ يَمْنَعُ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْمَصْدَرِ، إذْ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الْقَبْضُ إنَّمَا هُوَ الْعَيْنُ دُونَ الْحَدَثِ اهـ سم عَلَى حَجّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ وَصْفَهَا بِالْقَبْضِ مِنْ الْإِسْنَادِ الْمَجَازِيِّ وَالْأَصْلُ مَقْبُوضٌ مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ مِنْ الْأَعْيَانِ، أَوْ أَنَّ اسْتِعْمَالَهُ بِمَعْنَى الْعَيْنِ مَجَازٌ عَنْ الْمَصْدَرِ فَرُوعِيَ أَصْلُهُ (قَوْلُهُ: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) أَيْ فَإِنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ فَلْيُحَرِّرْ رَقَبَةً (قَوْلُهُ: فَضَرْبَ الرِّقَابِ) أَيْ فَاضْرِبُوا مِنْهُمْ الرِّقَابَ (قَوْلُهُ: بِالْحُقُوقِ) أَيْ بِجِنْسِ الْحُقُوقِ أَوْ بِمَجْمُوعِ الْحُقُوقِ، إذْ مِنْهَا مَا يَدْخُلُهُ الثَّلَاثَةُ كَالْبَيْعِ، وَمِنْهَا مَا يَدْخُلُهُ الشَّهَادَةُ فَقَطْ وَهُوَ الْمُسَاقَاةُ وَنُجُومُ الْكِتَابَةِ، وَمِنْهَا مَا تَدْخُلُهُ الشَّهَادَةُ وَالْكَفَالَةُ دُونَ الرَّهْنِ وَهُوَ الْجَعَالَةُ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ، وَمِنْهَا مَا تَدْخُلُهُ الْكَفَالَةُ فَقَطْ كَضَمَانِ الدَّرَكِ (قَوْلُهُ: وَمَرْهُونٌ) إنَّمَا لَمْ يَقُلْ بَدَلَ مَرْهُونٍ وَمَرْهُونٌ بِهِ مَعْقُودٌ عَلَيْهِ كَمَا فَعَلَ فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّ الشُّرُوطَ الْمُعْتَبَرَةَ فِي أَحَدِهِمَا غَيْرُ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْآخَرِ فَكَانَ التَّفْصِيلُ أَوْلَى لِمُطَابَقَتِهِ لِمَا بَعْدُ مِنْ قَوْلِهِ وَشَرْطُ الرَّهْنِ كَوْنُهُ عَيْنًا (قَوْلُهُ: وَإِيجَابٌ) أَيْ أَوْ اسْتِقْبَالٌ وَقَبُولٌ، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهُ الشَّارِحُ لِعَدَمِ ذِكْرِ الْمُصَنِّفِ لَهُ فِيمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ فَاقْتَصَرَ هُنَا عَلَى خُصُوصِ مَا ذَكَرَهُ هُنَاكَ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِمَّا سَبَقَ (قَوْلُهُ: كَنَظِيرِهِ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: رَهَنْتُك هَذَيْنِ فَقَبِلَ أَحَدَهُمَا لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْقَرْضِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ هَذَا تَبَرُّعٌ مَحْضٌ فَلَا يَضُرُّ فِيهِ عَدَمُ مُوَافَقَةِ الْقَبُولِ لِلْإِيجَابِ كَالْهِبَةِ، وَقَدْ يُؤَيِّدُ الْفَرْقَ مَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ فِيمَا لَوْ أَقْرَضَهُ أَلْفًا فَقَبِلَ خَمْسَمِائَةٍ حَيْثُ عَلَّلَ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِيهِ بِمُشَابَهَتِهِ لِلْبَيْعِ بِأَخْذِ الْعِوَضِ وَمَا هُنَا لَا عِوَضَ فِيهِ فَكَانَ بِالْهِبَةِ أَشْبَهَ، وَأَيْضًا فَالرَّهْنُ جَائِزٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

إلَيْهِمَا مِثْلُهُ، وَمِنْ ثَمَّ جَرَى خِلَافُ الْمُعَاطَاةِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا اشْتِرَاطُ مُخَاطَبَةِ مَنْ وَقَعَ مَعَهُ الْعَقْدُ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ وَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ صِحَّةِ رَهَنْت مُوَكِّلَك. وَفُرِّقَ بِأَنَّ أَحْكَامَ الْبَيْعِ تَتَعَلَّقُ بِالْوَكِيلِ دُونَ أَحْكَامِ الرَّهْنِ بَعِيدٌ يَرُدُّهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَقَدْ أَفْتَى بِخِلَافِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ قَالَ: دَفَعْت إلَيْك هَذَا وَثِيقَةً بِحَقِّك عَلَيَّ فَقَالَ: قَبِلْت أَوْ بِعْتُك هَذَا بِكَذَا عَلَى أَنْ تَرْهَنَنِي دَارَك بِكَذَا فَقَالَ: اشْتَرَيْت وَرَهَنْت كَانَ رَهْنًا (فَإِنْ شَرَطَ فِيهِ مُقْتَضَاهُ كَتَقَدُّمِ الْمُرْتَهِنِ بِهِ) أَيْ الْمَرْهُونِ عِنْدَ تَزَاحُمِ الْغُرَمَاءِ (أَوْ) شَرَطَ فِيهِ (مَصْلَحَةً لِلْعَقْدِ كَالْإِشْهَادِ) بِهِ (أَوْ) شَرَطَ فِيهِ (مَا لَا غَرَضَ فِيهِ) كَأَنْ لَا يَأْكُلُ إلَّا كَذَا (صَحَّ الْعَقْدُ) كَالْبَيْعِ وَلَغَا الشَّرْطُ الْأَخِيرُ (وَإِنْ) (شَرَطَ مَا يَضُرُّ الْمُرْتَهِنَ) وَيَنْفَعُ الرَّاهِنَ كَأَنْ لَا يُبَاعَ عِنْدَ الْمَحَلِّ أَوْ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ (بَطَلَ) الشَّرْطُ وَ (الرَّهْنُ) لِمُنَافَاتِهِ لِمَقْصُودِهِ (وَإِنْ نَفَعَ) الشَّرْطُ (الْمُرْتَهِنَ وَضَرَّ الرَّاهِنَ كَشَرْطِ مَنْفَعَتِهِ) مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ (لِلْمُرْتَهِنِ بَطَلَ الشَّرْطُ وَكَذَا الرَّهْنُ فِي الْأَظْهَرِ) لِمُخَالَفَتِهِ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ كَالشَّرْطِ الْمُضِرِّ بِالْمُرْتَهِنِ. وَالثَّانِي لَا يَبْطُلُ بَلْ يَلْغُو الشَّرْطُ وَيَصِحُّ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ كَمَا لَوْ أَقْرَضَهُ الصِّحَاحَ بِشَرْطِ رَدِّ الْمُكَسَّرَةِ وَالْخِلَافُ فِي رَهْنِ التَّبَرُّعِ وَكَذَا فِي الرَّهْنِ الْمَشْرُوطِ فِي بَيْعٍ فِي الْأَظْهَرِ وَكَوْنُ مَا تَقَرَّرَ مِنْ الْبُطْلَانِ هُنَا تَبَرُّعًا فَهُوَ نَظِيرُ مَا مَرَّ آخِرَ الْقَرْضِ لَا نَظَرَ إلَيْهِ لِمَا مَرَّ آنِفًا مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا. نَعَمْ لَوْ قَيَّدَهَا بِسَنَةٍ مَثَلًا وَكَانَ الرَّهْنُ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ جِهَةِ الْمُرْتَهِنِ، وَقِيَاسُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ قَالَ: رَهَنْتُك هَذَا بِأَلْفٍ فَقَبِلَ بِخَمْسِمِائَةٍ الصِّحَّةَ (قَوْلُهُ: اشْتِرَاطُ مُخَاطَبَةٍ) أَيْ وَإِسْنَادُهُ إلَى جُمْلَةِ الْمُخَاطَبِ، فَلَوْ قَالَ: رَهَنْت رَأْسَك مَثَلًا لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ كُلُّ مَا صَحَّ تَعْلِيقُهُ كَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ جَازَ إسْنَادُهُ إلَى الْجُزْءِ، وَمَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ كَالْبَيْعِ وَالرَّهْنِ وَالِاقْتِدَاءِ لَا يَصِحُّ إسْنَادُهُ إلَى الْجُزْءِ، إلَّا الْكَفَالَةَ فَإِنَّهَا تَصِحُّ إذَا أُسْنِدَتْ إلَى جُزْءٍ لَا يَعِيشُ بِدُونِهِ كَرَأْسِهِ وَقَلْبِهِ مَثَلًا وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَفْتَى بِخِلَافِهِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا بَحَثَهُ الْبَعْضُ (قَوْلُهُ: أَوْ بِعْتُك) كَانَ الْغَرَضُ مِنْ ذِكْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ التَّنْبِيهَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ بَعْدَ قَوْلِهِ رَهَنْت، وَإِلَّا فَالصِّحَّةُ مَعْلُومَةٌ مِنْ صِحَّةِ الْبَيْعِ بِشَرْطِ الرَّهْنِ كَمَا مَرَّ فِي الْمَنَاهِي، وَسَيَأْتِي لَهُ ذِكْرُ هَذِهِ أَيْضًا مَعَ الْإِشَارَةِ إلَى مَا ذُكِرَ مِنْ الِاعْتِذَارِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَقَالَ: اشْتَرَيْت وَرَهَنْت صَحَّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ شَرَطَ فِيهِ مُقْتَضَاهُ) الْمُقْتَضَى وَالْمَصْلَحَةُ مُبَايِنَانِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُقْتَضَى عِبَارَةٌ عَمَّا يَلْزَمُ الْعَقْدَ وَلِهَذَا ثَبَتَ فِي الْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهُ، وَأَمَّا الْمَصْلَحَةُ فَلَا يَلْزَمُ فِيهَا مَا ذُكِرَ كَالْإِشْهَادِ فَإِنَّهُ مِنْ مَصَالِحِهِ بَلْ مُسْتَحَبٌّ فِيهِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ بِالْمَصْلَحَةِ مَا لَيْسَ بِلَازِمٍ مُسْتَحَبًّا كَانَ أَوْ مُبَاحًا (قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ بِالْعَقْدِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: كَأَنْ لَا يَأْكُلُ إلَّا كَذَا) قَدْ يُقَالُ كَوْنُ هَذَا الشَّرْطِ مِمَّا لَا غَرَضَ فِيهِ مَحَلُّ نَظَرٍ لِجَوَازِ أَنَّ أَكْلَ غَيْرِ مَا شُرِطَ يَضُرُّ الْعَبْدَ مَثَلًا فَرُبَّمَا نَقَصَتْ بِهِ الْوَثِيقَةُ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَمَّا خَرَجَ عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ فِيمَا يَأْكُلُهُ وَإِنْ أَضَرَّ بِهِ (قَوْلُهُ وَلَغَا الشَّرْطُ الْأَخِيرُ) هُوَ قَوْلُهُ مَا لَا غَرَضَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَيَنْفَعُ الرَّاهِنَ) قَيَّدَ بِهِ لِكَوْنِهِ الْغَالِبَ لَا لِلِاحْتِرَازِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ) أَيْ بِمُدَّةٍ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الرَّهْنُ فِي الْأَظْهَرِ) حَكَى الْخِلَافَ فِيهِ دُونَ مَا قَبْلَهُ لِأَنَّ الشَّرْطَ فِيمَا قَبْلَهُ مُنَافٍ لِمَقْصُودِ الرَّهْنِ بِالْكُلِّيَّةِ فَاقْتَضَى الْبُطْلَانَ قَطْعًا وَمَا هُنَا لَا يُفَوِّتُ مَقْصُودَ الرَّهْنِ بِحَالٍ فَأَمْكَنَ مَعَهُ جَرَيَانُ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ وَالْخِلَافُ فِي رَهْنِ التَّبَرُّعِ) غَرَضُهُ مِنْهُ التَّعْمِيمُ لَا التَّقْيِيدُ (قَوْلُهُ: وَكَوْنُ مَا تَقَرَّرَ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ كَوْنُ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا) أَيْ بِقَوْلِهِ لِقُوَّةِ دَاعِي الْقَرْضِ فَإِنَّهُ سُنَّةٌ وَلِأَنَّ وَضْعَهُ جَرُّ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُقْتَرِضِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ قَيَّدَهَا بِسَنَةٍ) أَيْ الْمَنْفَعَةَ، وَهُوَ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: عَلَى أَنْ تَرْهَنَنِي دَارَكَ بِكَذَا) الْأَصْوَبُ الْإِتْيَانُ بِالضَّمِيرِ بَدَلَ اسْمِ الْإِشَارَةِ (قَوْلُهُ: كَانَ رَهْنًا) أَيْ: عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ بَعْدَهُ ارْتَهَنْتُ وَقَبِلْتُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ) الضَّمِيرُ فِيهِ لِلرَّهْنِ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ الْجَلَالُ. (قَوْلُهُ: وَكَوْنُ مَا تَقَرَّرَ مِنْ الْبُطْلَانِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْأَظْهَرِ نَصُّهَا: لِمَا فِيهِ مِنْ تَغْيِيرِ قَضِيَّةِ الْعَقْدِ وَكَوْنُهُ تَبَرُّعًا فَهُوَ نَظِيرُ مَا مَرَّ إلَخْ، فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ وَكَوْنُهُ يَرْجِعُ لِلرَّهْنِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ عِبَارَةِ الْجَلَالِ

[شرط العاقد راهنا أو مرتهنا كونه مطلق التصرف]

مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ فَهُوَ جَمْعٌ بَيْنَ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ فَيَصِحَّانِ (وَلَوْ) (شَرَطَ أَنْ تَحْدُثَ زَوَائِدُهُ) كَنِتَاجٍ وَثَمَرَةٍ (مَرْهُونَةٍ) (فَالْأَظْهَرُ فَسَادُ الشَّرْطِ) لِعَدَمِهَا مَعَ الْجَهْلِ بِهَا (وَ) الْأَظْهَرُ (أَنَّهُ مَتَى فَسَدَ) الشَّرْطُ (فَسَدَ الْعَقْدُ) أَيْ عَقْدُ الرَّهْنِ بِفَسَادِهِ لِمَا مَرَّ. (وَشَرْطُ الْعَاقِدِ) رَاهِنًا أَوْ مُرْتَهِنًا كَوْنُهُ مُخْتَارًا وَ (كَوْنُهُ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ) كَمَا فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، لَكِنَّ الرَّهْنَ نَوْعُ تَبَرُّعٍ لِأَنَّهُ حَبْسُ مَالٍ بِغَيْرِ عِوَضٍ، فَإِنْ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَالِهِ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَالشَّرْطُ وُقُوعُهُ عَلَى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ فَيَكُونُ حِينَئِذٍ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ مُوَلِّيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ، وَلِهَذَا فَرَّعَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (فَلَا يَرْهَنُ الْوَلِيُّ) بِسَائِرِ أَقْسَامِهِ (مَالَ) مُوَلِّيهِ كَالسَّفِيهِ وَ (الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ) لِمَا فِيهِ مِنْ حَبْسِهِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَمَا لَوْ اقْتَرَضَ لِحَاجَةِ مُمَوِّنِهِ أَوْ ضِيَاعِهِ مُرْتَقِبًا غَلَّتَهَا أَوْ حُلُولَ دَيْنٍ لَهُ أَوْ نَفَاقِ مَتَاعِهِ الْكَاسِدِ أَوْ غِبْطَةٍ ظَاهِرَةٍ كَأَنْ يَشْتَرِيَ مَا يُسَاوِي مِائَتَيْنِ بِمِائَةٍ نَسِيئَةً وَيَرْهَنُ بِهِ مَا يُسَاوِي مِائَةً لَهُ لِأَنَّ الْمَرْهُونَ إنْ سُلِّمَ فَظَاهِرٌ وَإِلَّا كَانَ فِي الْمَبِيعِ ـــــــــــــــــــــــــــــSتَقْيِيدٍ فَكَانَ الْأَوْلَى تَرْكُ الِاسْتِدْرَاكِ، أَوْ يُقَالُ هُوَ اسْتِدْرَاكُ النَّظَرِ لِإِطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ: أَمَّا لَوْ قَيَّدَهَا بِسَنَةٍ إلَخْ، وَيَكُونُ مُحْتَرَزَ قَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ. وَفِي سم عَلَى حَجّ أَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ صُورَةُ ذَلِكَ بِعْتُك هَذَا الثَّوْبَ بِدِينَارٍ عَلَى أَنْ تَرْهَنَنِي بِهِ دَارَك هَذِهِ وَيَكُونُ سُكْنَاهَا إلَى سَنَةٍ فَيَقْبَلُ فَهَذَا الْعَقْدُ جَمَعَ بَيْنَ بَيْعِ الثَّوْبِ وَاسْتِئْجَارِ الدَّارِ سَنَةً بِالثَّوْبِ فَمَجْمُوعُ الدِّينَارِ وَالْمَنْفَعَةِ الْمُعَيَّنَةِ ثَمَنٌ وَالثَّوْبُ مَبِيعٌ وَأُجْرَةٌ، فَلَوْ عَرَضَ مَا يُوجِبُ انْفِسَاخَ الْإِجَارَةِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ فِيمَا يُقَابِلُ أُجْرَةَ مِثْلِ الدَّارِ سَنَةً مِنْ الثَّوْبِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. وَقَوْلُ سم: انْفَسَخَ الْبَيْعُ: أَيْ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّ الصَّفْقَةَ لَمْ تَتَّحِدْ، إذْ مَا هُنَا بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ وَالْخِيَارُ إنَّمَا يَثْبُتُ حَيْثُ اتَّحَدَتْ الصَّفْقَةُ، وَكَانَ الْأَوْلَى لَهُ التَّعْبِيرُ بِالْعَقْدِ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَنْفَسِخْ وَإِنَّمَا انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ (قَوْلُهُ: مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ) يَخْرُجُ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَرَهَنْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ عَلَى كَذَا عَلَى أَنْ يَكُونَ سُكْنَاهَا سَنَةً بِدِينَارٍ فَمَا الْمَانِعُ مِنْ صِحَّتِهِ وَيَكُونُ جَمْعًا بَيْنَ رَهْنٍ وَإِجَارَةٍ فَلْيُرَاجَعْ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ وَجْهُ عَدَمِ الصِّحَّةِ اشْتِمَالُ الْعَقْدِ عَلَى شَرْطِ مَا لَيْسَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الرَّهْنِ وَلَا مِنْ مَصَالِحِهِ فَهُوَ مُقْتَضٍ لِلْفَسَادِ فَهُوَ رَهْنٌ بِشَرْطٍ مُفْسِدٍ، كَمَا لَوْ بَاعَ دَارِهِ لِشَخْصٍ بِشَرْطِ أَنْ يُقْرِضَهُ كَذَا وَهُوَ مُبْطِلٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ إلَخْ) قَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ مُرَتَّبٌ، فَإِذَا قُلْنَا بِصِحَّةِ الشَّرْطِ قُلْنَا بِصِحَّةِ الْعَقْدِ قَطْعًا، وَإِذَا قُلْنَا بِفَسَادِ الشَّرْطِ فَفِي صِحَّةِ الْعَقْدِ قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا فَسَادُهُ، وَعَلَيْهِ فَيَتَلَخَّصُ مِنْ جَمْعِ الْمَسْأَلَتَيْنِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: صِحَّةُ الشَّرْطِ وَالْعَقْدِ، فَسَادُ الشَّرْطِ وَالْعَقْدِ فَسَادُ الشَّرْطِ وَصِحَّةُ الْعَقْدِ. وَهَذَا الثَّالِثُ لَمْ يُفْهَمْ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ كَالْمَحَلِّيِّ. وَفِي كَلَامِ حَجّ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ تَنْبِيهٌ: قَدْ يُقَالُ إلَخْ، مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ كَلَامٌ مُسْتَقِلٌّ لَيْسَ مُرَتَّبًا عَلَى الْأَظْهَرِ وَلَا مُقَابِلِهِ، وَعِبَارَتُهُ تَنْبِيهٌ: قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِهَذِهِ الْجُمْلَةِ الشَّرْطِيَّةِ لِأَنَّهُ بَيَّنَ حُكْمَ الشَّرْطِ وَالْعَقْدِ فِيمَا قَبْلَ هَذِهِ الصُّورَةِ، فَلَوْ قَالَ: فَسَادُ الشَّرْطِ وَالْعَقْدِ لَسَلِمَ مِنْ إبْهَامِ أَنَّ الْعَقْدَ فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ لَمْ يُبَيَّنْ حُكْمُهُ، عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمُلَازَمَةَ غَيْرُ صَحِيحَةٍ إذْ قَدْ يَفْسُدُ الشَّرْطُ وَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ كَمَا مَرَّ فِيمَا لَا غَرَضَ فِيهِ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ قَبْلُ شُرُوطٌ مُعَيَّنَةٌ وَهُنَا قَاعِدَةٌ كُلِّيَّةٌ، وَلِذَا تَعَيَّنَ أَنَّ ضَمِيرَ فَسَدَ لَيْسَ لِعَيْنِ الشَّرْطِ قَبْلَهُ بَلْ الشَّرْطُ الْأَعَمُّ لَكِنْ بِقَيْدِ كَوْنِهِ مُخَالِفًا لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَتَأَمَّلْهُ اهـ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِعَدَمِهَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الرَّهْنَ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: بِسَائِرِ أَقْسَامِهِ) أَيْ أَبًا كَانَ أَوْ جَدًّا أَوْ وَصِيًّا أَوْ حَاكِمًا (قَوْلُهُ: أَوْ نَفَاقُ) بِفَتْحِ النُّونِ (قَوْلُهُ: مَا يُسَاوِي مِائَتَيْنِ بِمِائَةٍ) . ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا الْبُطْلَانُ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِمَا ذُكِرَ اسْتِرْوَاحًا [شَرْطُ الْعَاقِدِ رَاهِنًا أَوْ مُرْتَهِنًا كَوْنُهُ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ] . (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ حِينَئِذٍ) لَعَلَّ الْمُرَادَ حِينَ إذْ وَقَعَ عَلَى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلِكَوْنِ الْوَلِيِّ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ مُوَلِّيهِ بِشَرْطِ الْمَصْلَحَةِ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ

[شرط الرهن كونه عينا]

مَا يَجْبُرُهُ، فَلَوْ امْتَنَعَ الْبَائِعُ إلَّا بِرَهْنِ مَا يَزِيدُ عَلَى الْمِائَةِ تَرَكَ الشِّرَاءَ، إذْ قَدْ يَتْلَفُ الْمَرْهُونُ فَلَا يُوجَدُ جَابِرٌ وَلَا يَرْهَنُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إلَّا عِنْدَ أَمِينٍ يَجُوزُ إيدَاعُهُ زَمَنَ أَمْنٍ أَوْ لَا يَمْتَدُّ لَهُ خَوْفٌ (وَلَا يَرْتَهِنُ لَهُمَا) أَوْ لِلسَّفِيهِ لِأَنَّهُ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ لَا يَبِيعُ إلَّا بِحَالٍّ مَقْبُوضٍ وَلَا يُقْرِضُ إلَّا الْقَاضِي كَمَا مَرَّ (إلَّا لِضَرُورَةٍ) كَمَا لَوْ أَقْرَضَ مَالَهُ أَوْ بَاعَهُ مُؤَجَّلًا لِلضَّرُورَةِ كَنَهْبٍ (أَوْ غِبْطَةٍ ظَاهِرَةٍ) بِأَنْ يَبِيعَ مَالَهُ عَقَارًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ مُؤَجَّلًا بِغِبْطَةٍ فَيَلْزَمُهُ الِارْتِهَانُ بِالثَّمَنِ وَارْتِهَانُ الْوَلِيِّ فِيمَا ذُكِرَ جَائِزٌ إنْ كَانَ قَاضِيًا وَإِلَّا فَوَاجِبٌ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُحْمَلُ قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ فِي الْحَجْرِ وَيَأْخُذُ رَهْنًا إنْ رَآهُ، وَعَلَى الثَّانِي يُحْمَلُ قَوْلُهُمَا هُنَا وَيَرْتَهِنُ كَذَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَالْأَوْجَهُ الْوُجُوبُ مُطْلَقًا، وَالتَّعْبِيرُ بِالْجَوَازِ لَا يُنَافِي الْوُجُوبَ، وَقَوْلُهُمَا إنْ رَآهُ: أَيْ إنْ اقْتَضَى نَظَرُهُ أَصْلَ الْفِعْلِ لَا إنْ رَأَى الْأَخْذَ فَقَطْ وَيَكُونُ الرَّهْنُ وَافِيًا بِهِ وَيُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ وَكَوْنُ الْأَجَلِ قَصِيرًا عُرْفًا فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ بَطَلَ الْبَيْعُ، فَإِنْ خَافَ تَلَفَ الْمَرْهُونِ فَالْأَوْلَى عَدَمُ الِارْتِهَانِ لِاحْتِمَالِ رَفْعِهِ بَعْدَ تَلَفِهِ إلَى حَاكِمٍ يَرَى سُقُوطَ الدَّيْنِ بِتَلَفِ الْمَرْهُونِ، وَعُلِمَ مِنْ جَوَازِ الرَّهْنِ وَالِارْتِهَانِ لِلْوَلِيِّ جَوَازُ مُعَامَلَةِ الْأَبِ وَالْجَدِّ لِفَرْعِهِمَا بِأَنْفُسِهِمَا وَيَتَوَلَّيَا الطَّرَفَيْنِ وَيَمْتَنِعُ عَلَى غَيْرِهِمَا ذَلِكَ وَرَهْنُ الْمُكَاتَبِ وَارْتِهَانُهُ كَالْوَلِيِّ فِيمَا ذُكِرَ عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ تَنَاقُضٍ فِيهِ، وَمِثْلُهُ الْمَأْذُونُ لَهُ إنْ أَعْطَاهُ سَيِّدُهُ مَالًا أَوْ لَمْ يُعْطِهِ وَصَارَ فِي يَدِهِ رِبْحٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ حَالَةً ع، وَيُصَوَّرُ ذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ الزَّمَنُ زَمَنَ نَهْبٍ وَالْوَلِيُّ لَهُ شَوْكَةٌ (قَوْلُهُ: إلَّا بِرَهْنِ مَا يَزِيدُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ قَدْرًا يَتَغَابَنُ بِهِ وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا (قَوْلُهُ: وَلَا يَرْهَنُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ) اُنْظُرْ تَقْيِيدَهُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ مَعَ أَنَّ مَا قَبْلَهَا كَذَلِكَ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ، وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَشَرْحُهُ: وَإِنَّمَا يَرْهَنُ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ حَيْثُ جَازَ لَهُ الرَّهْنُ عِنْدَ مَنْ يَجُوزُ إيدَاعُهُ، وَلَعَلَّ النُّسْخَةَ الَّتِي كُتِبَ عَلَيْهَا هَذِهِ الصُّورَةُ وَإِلَّا فَعِبَارَةُ الشَّارِحِ كحج هَذِهِ الصُّوَرُ وَالْمُرَادُ بِهَا جَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ فَهِيَ مُسَاوِيَةٌ لِشَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ قَوْلُهُ جَائِزٌ. وَالثَّانِي قَوْلُهُ وَإِلَّا فَوَاجِبٌ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ قَاضِيًا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: لَا يُنَافِي الْوُجُوبَ) أَيْ لِأَنَّهُ جَوَازٌ بَعْدَ مَنْعٍ فَيَصْدُقُ بِهِ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَائِزِ مَا لَيْسَ بِحَرَامٍ وَهُوَ صَادِقٌ بِالْوُجُوبِ (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ) أَيْ الْوَلِيُّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ خَافَ تَلَفَ الْمَرْهُونِ) أَيْ الَّذِي يَأْخُذُهُ مِنْ الْمَدِينِ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْلَى عَدَمُ الِارْتِهَانِ) أَيْ فَيَبِيعُ لِلضَّرُورَةِ أَوْ الْغِبْطَةِ وَلَا يَأْخُذُ رَهْنًا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْبَيْعُ، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا كَانَ أَوْلَى وَلَمْ يَكُنْ وَاجِبًا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّلَفِ مَعَ وُجُودِ الْغِبْطَةِ فِي تَحْصِيلِهِ أَوْ الضَّرُورَةِ إلَيْهِ، هَذَا وَقَضِيَّةُ كَوْنِهِ أَوْلَى أَنَّهُ كَذَلِكَ وَإِنْ دَعَتْ الضَّرُورَةُ إلَى الِارْتِهَانِ وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ لَمْ يَبْعُدْ (قَوْلُهُ: وَصَارَ فِي يَدِهِ رِبْحٌ) أَيْ وَإِلَّا فَلَهُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فِي الذِّمَّةِ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا وَالرَّهْنُ وَالِارْتِهَانُ مُطْلَقًا اهـ سم عَلَى حَجّ، وَقَوْلُهُ وَالرَّهْنُ اُنْظُرْ مَا صُورَتُهُ مَعَ أَنَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ لَمْ يُعْطِ مَالًا وَلَا رَبِحَ شَيْئًا، ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيهِ كَانَ الْمُرَادُ هُنَا بِمُطْلَقِهِ كَوْنُهُ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ فِيهِ بِدَلِيلِ تَفْرِيعِهِ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ) وَعَدَمُ الْغِبْطَةِ الظَّاهِرَةِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي قَرِيبًا وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَ هَذَا هُنَا. (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ الِارْتِهَانُ) لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ عَقِبَهُ جَائِزٌ إنْ كَانَ قَاضِيًا وَإِنْ كَانَ الْإِطْلَاقُ هُوَ الْأَصَحُّ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَالتَّعْبِيرُ بِالْجَوَازِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ تَعْبِيرُ مَنْ عَبَّرَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَذْكُورًا هُنَا، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ فِي قَوْلِ الْبَعْضِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى مَعَ نَصِّهِ عَلَى التَّفْصِيلِ وَالتَّفْرِقَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ خَافَ تَلَفَ الْمَرْهُونِ فَالْأَوْلَى عَدَمُ الِارْتِهَانِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي حَالِ الْغِبْطَةِ عِنْدَ عَدَمِ الضَّرُورَةِ فَيُنْتَجُ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَبِيعَ لِلْغِبْطَةِ مِنْ غَيْرِ رَهْنٍ فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلْيَنْظُرْ مَعَ الْإِطْلَاقِ وُجُوبَ الِارْتِهَانِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْأَوْلَى عَدَمُ الِارْتِهَانِ بِأَنْ يَتْرُكَ الْبَيْعَ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: وَيَتَوَلَّيَا الطَّرَفَيْنِ) مَنْصُوبٌ بِأَنْ مُضْمَرَةٍ؛ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَصْدَرِ [شَرْطُ الرَّهْنِ كَوْنُهُ عَيْنًا] .

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَحَيْثُ مَنَعْنَا الْمُكَاتَبَ فَيُسْتَثْنَى رَهْنُهُ وَارْتِهَانُهُ مَعَ السَّيِّدِ وَمَا لَوْ رَهَنَ عَلَى مَا يُؤَدِّي بِهِ النَّجْمَ الْأَخِيرَ لِإِفْضَائِهِ إلَى الْعِتْقِ (وَشَرْطُ الرَّهْنِ) أَيْ الْمَرْهُونِ (كَوْنُهُ عَيْنًا) يَصِحُّ بَيْعُهَا، وَلَوْ مَوْصُوفَةً بِصِفَةِ السَّلَمِ خِلَافًا لِلْإِمَامِ (فِي الْأَصَحِّ) فَلَا يَصِحُّ رَهْنُ الْمَنْفَعَةِ لِتَلَفِهَا شَيْئًا فَشَيْئًا، وَلَا رَهْنُ الدَّيْنِ وَلَوْ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَبْلَ قَبْضِهِ غَيْرُ مَوْثُوقٍ بِهِ وَبَعْدَهُ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ دَيْنًا وَلَا رَهْنَ وَقْفٍ وَمُكَاتَبٍ وَأُمِّ وَلَدٍ وَالثَّانِي يَصِحُّ رَهْنُهُ تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ الْعَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَقَدْ يُصَوَّرُ بِأَنْ يَرْهَنَ شَيْئًا فِي ذِمَّتِهِ وَيُحَصِّلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ مَنَعْنَا الْمُكَاتَبَ) أَيْ بِأَنْ لَمْ تُوجَدْ الشُّرُوطُ الْمُتَقَدِّمَةُ (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ رَهَنَ) أَيْ مَعَ غَيْرِ السَّيِّدِ. (قَوْلُهُ: كَوْنُهُ عَيْنًا) مِنْ ذَلِكَ رَهْنُ مَا اشْتَدَّ حَبُّهُ مِنْ الزَّرْعِ، فَإِنْ رَهَنَهُ وَهُوَ بَقْلٌ فَكَرَهْنِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ اهـ مَتْنُ رَوْضٍ. هَذَا وَنُقِلَ عَنْ الْخَطِيبِ أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَهِيَ كَوْنُ الْمَرْهُونِ عَيْنًا يَصِحُّ بَيْعُهَا الْأَرْضُ الْمَزْرُوعَةُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهَا: أَيْ حَيْثُ رُيِّثَتْ قَبْلَ الزَّرْعِ أَوْ مِنْ خِلَالِهِ وَلَا يَصِحُّ رَهْنًا اهـ: أَقُولُ: وَلَعَلَّ الْفَرْقَ عَلَى هَذَا أَنَّ الْبَيْعَ يُرَادُ لِلدَّوَامِ، فَحَيْثُ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِالزَّرْعِ حِينَ الشِّرَاءِ أَوْ بَعْدَهُ وَأَجَازَ الْبَيْعَ فَقَدْ رَضِيَ بِالْأَرْضِ مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ تِلْكَ الْمُدَّةَ فَكَانَ كَشِرَاءِ الْمَعِيبِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ الرَّهْنِ التَّوَثُّقُ وَاسْتِيفَاءُ الدَّيْنِ مِنْ الْمَرْهُونِ عِنْدَ الْمَحِلِّ، وَالزَّرْعُ قَدْ يَتَأَخَّرُ إلَى وَقْتِ الْبَيْعِ أَوْ يُضْعِفُ الْأَرْضَ فَلَا يَتَيَسَّرُ بَيْعُ الْأَرْضِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ إمَّا لِشَغْلِهَا بِالزَّرْعِ أَوْ نُقْصَانِ قِيمَتِهَا بِضَعْفِهَا فَنَقَلَ الرَّغْبَةَ فِيهَا فَلَا يَحْصُلُ مَقْصُودُ الرَّهْنِ مِنْ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ، وَقَوْلُ مَتْنِ الرَّوْضِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ: أَيْ وَحُكْمُهُ الصِّحَّةُ وَإِنْ لَمْ يُشْرَطْ قَطْعُهُ كَمَا يَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ يَفْسُدُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَوْصُوفَةً بِصِفَةِ السَّلَمِ) وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ عَدَمُ طُولِ الْفَصْلِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَبْضِ عَلَى خِلَافِ مَا مَرَّ فِي الْمُقْرَضِ فِي الذِّمَّةِ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الرَّهْنِ التَّوَثُّقُ وَمَا دَامَ بَاقِيًا فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ هُوَ مُحْتَاجٌ إلَى التَّوَثُّقِ، وَالْغَرَضُ مِنْ الْقَرْضِ دَفْعُ الْحَاجَةِ وَالْغَالِبُ عَدَمُ بَقَائِهَا مَعَ طُولِ الْفَصْلِ بَيْنَ التَّفَرُّقِ وَالْقَبْضِ، بَلْ إذَا طَالَ الْفَصْلُ فَالْغَالِبُ عَلَى الْمُقْتَرِضِ إعْرَاضُهُ عَمَّا اقْتَرَضَهُ وَالسَّعْيُ فِي تَحْصِيلِ غَيْرِهِ لِظَنِّهِ امْتِنَاعَ الْمُقْرِضِ مِنْ بَقَائِهِ عَلَى الْقَرْضِ، وَلَعَلَّهُمْ لَمْ يَنْظُرُوا لِذَلِكَ فِي الْمُعَيَّنِ لِأَنَّهُ بِتَمَيُّزِهِ عَنْ غَيْرِهِ وَتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُقْتَرِضِ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ مَالِ الْمُقْرِضِ نَزَلَ مَنْزِلَةَ مَا قَبَضَهُ فِي تَعَلُّقِ نَفْسِهِ بِهِ وَعَدَمِ الْتِفَاتِهَا إلَى غَيْرِهِ مَا دَامَتْ الْعَيْنُ مَوْجُودَةً (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ رَهْنُ مَنْفَعَةٍ) أَيْ وَمِنْهَا نَفْعُ الْخَلَوَاتِ فَلَا يَصِحُّ رَهْنُهَا (قَوْلُهُ لِتَلَفِهَا شَيْئًا فَشَيْئًا) فِيهِ نَظَرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَمَلِ الْمُلْتَزَمِ فِي الذِّمَّةِ مَثَلًا، بَلْ وَبِالنِّسْبَةِ لِمَنْفَعَةِ مِلْكِ الرَّاهِنِ كَأَنْ يَرْهَنَ مَنْفَعَةَ سُكْنَى دَارِهِ سَنَةً مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ السَّنَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالذِّمَّةِ مِنْ قَبِيلِ الدَّيْنِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ، وَالْمُبْهَمَةُ لَا يَصِحُّ رَهْنُهَا لِعَدَمِ التَّعْيِينِ، وَسَيَأْتِي أَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْعَيْنِ يُشْتَرَطُ اتِّصَالُهَا بِالْعَقْدِ وَهُوَ يُؤَدِّي إلَى فَوَاتِهَا كُلًّا أَوْ بَعْضًا قَبْلَ وَقْتِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ وَالثَّانِي يَصِحُّ رَهْنُهُ) أَيْ الدَّيْنُ (قَوْلُهُ: تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ الْعَيْنِ) ظَاهِرُهُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَبْضِهِ مِنْهُ ثُمَّ رَدِّهِ إلَيْهِ لِيَلْزَمَ وَيُحْتَمَلُ الِاكْتِفَاءُ بِبَقَائِهِ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ مِنْهُ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ نَزَلَ مَنْزِلَةَ الْعَيْنِ فِي الْجُمْلَةِ فَلْيُرَاجَعْ، لَكِنْ فِي ع مَا نَصُّهُ: وَقَدْ قَالُوا فِي رَهْنِ الدَّيْنِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ إذْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ رَهْنُ الْمَنْفَعَةِ) يُوهِمُ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ هِيَ مَحَلُّ الْخِلَافِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَكَانَ الْأَصْوَبُ أَنْ يَقُولَ فَلَا يَصِحُّ رَهْنُ الدَّيْنِ إذْ هُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ، ثُمَّ ذَكَرَ حُكْمَ رَهْنِ الْمَنْفَعَةِ بَعْدَ ذِكْرِ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ فَعُلِمَ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِالْعَيْنِ هُنَا مُطْلَقُ مُقَابِلِ الدَّيْنِ لِأَجْلِ الْخِلَافِ، وَلَوْلَا مُرَاعَاةُ الْخِلَافِ لَشَمِلَ مُقَابِلَ الْمَنْفَعَةِ. (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي يَصِحُّ رَهْنُهُ) يَعْنِي الدَّيْنَ. (قَوْلُهُ: وَلَا رَهْنَ وَقْفٍ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَنْ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ

[رهن المشاع]

وَمَحَلُّ الْمَنْعِ فِي الِابْتِدَاءِ، فَلَا يُنَافِي كَوْنَ الْمَرْهُونِ دَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً بِلَا إنْشَاءٍ كَبَدَلِ الْجِنَايَةِ عَلَى الْمَرْهُونِ فَإِنَّهُ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ فِي ذِمَّةِ الْجَانِي بِأَنَّهُ رَهْنٌ فَيَمْتَنِعُ عَلَى الرَّاهِنِ الْإِبْرَاءُ مِنْهُ، وَمَنْ مَاتَ مَدِينًا وَلَهُ مَنْفَعَةٌ أَوْ دَيْنٌ تَعَلَّقَ الدَّيْنُ بِتَرِكَتِهِ وَمِنْهَا دَيْنُهُ وَمَنْفَعَتُهُ تَعَلُّقَ رَهْنٍ. ، (وَيَصِحُّ رَهْنُ الْمُشَاعِ) مِنْ الشَّرِيكِ وَغَيْرِهِ وَقَبْضُهُ بِقَبْضِ الْجَمِيعِ كَمَا فِي الْبَيْعِ فَيَكُونُ بِالتَّخْلِيَةِ فِي غَيْرِ الْمَنْقُولِ وَبِالنَّقْلِ فِي الْمَنْقُولِ وَلَا يَحْتَاجُ لِإِذْنِ شَرِيكِهِ إلَّا فِي الْمَنْقُولِ، فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ وَرَضِيَ الْمُرْتَهِنُ كَوْنَهُ بِيَدِهِ جَازَ وَنَابَ عَنْهُ فِي الْقَبْضِ وَإِلَّا أَقَامَ الْحَاكِمُ عَدْلًا يَكُونُ فِي يَدِهِ لَهُمَا وَيُؤَجِّرُهُ إنْ كَانَ مِمَّا يُؤَجَّرُ وَتَجْرِي الْمُهَايَأَةُ بَيْنَ الْمُرْتَهِنِ وَالشَّرِيكِ كَجَرَيَانِهَا بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ فَعُلِمَ صِحَّةُ رَهْنِ نَصِيبِهِ مِنْ بَيْتٍ مُعَيَّنٍ مِنْ دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ مِنْ غَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ كَمَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، فَلَوْ اقْتَسَمَاهَا فَخَرَجَ الْمَرْهُونُ لِشَرِيكِهِ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ رَهْنًا لِأَنَّهُ حَصَلَ لَهُ بَدَلُهُ. (وَ) يَصِحُّ رَهْنُ (الْأُمِّ دُونَ وَلَدِهَا) الْقِنِّ وَلَوْ صَغِيرًا (وَعَكْسُهُ) أَيْ رَهْنُهُ دُونَهَا لِبَقَاءِ الْمِلْكِ فِيهِمَا فَلَا تَفْرِيقَ، وَهُوَ فِي الْأُمِّ عَيْبٌ يُفْسَخُ بِهِ الْبَيْعُ الْمَشْرُوطُ فِيهِ الرَّهْنُ إنْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ جَاهِلًا كَوْنَهَا ذَاتَ وَلَدٍ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ الْإِمَاءِ بَعْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقُلْنَا بِصِحَّتِهِ لَا بُدَّ مِنْ قَبْضٍ حَقِيقِيٍّ نَظَرًا لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَمَحِلُّ الْمَنْعِ فِي الِابْتِدَاءِ) أَيْ وَكَانَ الرَّهْنُ جُعْلِيًّا فَقَيْدُ الِابْتِدَاءِ مُخْرِجٌ لِصُورَةِ الْجِنَايَةِ عَلَى الْمَرْهُونِ، وَقَيْدُ الْجُعْلِيِّ مُخْرِجٌ لِمَوْتِ الْمَدِينِ، وَهَذَا إنَّمَا يُلَائِمُ تَعْمِيمَ الرَّهْنِ فِي عِبَارَةِ الْمُؤَلِّفِ لِلْجُعْلِيِّ وَالشَّرْعِيِّ، وَسِيَاقُ كَلَامِهِ يَأْبَاهُ كَمَا لَا يَخْفَى، فَقَوْلُهُ وَمَحَلُّ الْكَلَامِ إلَخْ لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي وَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ وَلَا يَرِدُ كَذَا وَكَذَا لِكَوْنِ الْكَلَامِ فِي الرَّهْنِ الْجُعْلِيِّ (قَوْلُهُ: كَوْنُ الْمَرْهُونِ دَيْنًا) أَيْ قَدْ يَكُونُ دَيْنًا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَنْ مَاتَ) أَيْ وَكَمَنْ مَاتَ إلَخْ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَقَوْلِ إلَخْ. وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ مُسْتَأْنَفٌ وَيُفِيدُ مَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ مَعْطُوفًا لَوْ لَمْ يَذْكُرْ لَهُ جَوَابًا وَهُنَا ذَكَرَ جَوَابًا بِقَوْلِهِ تَعَلَّقَ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَلَا يَحْتَاجُ لِإِذْنِ شَرِيكِهِ) أَيْ لِحَلِّ التَّصَرُّفِ أَمَّا فِي صِحَّةِ الْقَبْضِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنٍ غَايَتُهُ أَنَّهُ إذَا قَبَضَ الْمَنْقُولَ بِلَا إذْنٍ مِنْ شَرِيكِهِ أَثِمَ وَصَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ وَالْقَرَارُ عَلَى مَنْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ تَحْتَ يَدِهِ، ذَكَرَهُ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ كحج أَنَّ الْإِذْنَ فِي قَبْضِ الْمَنْقُولِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ إلَّا فِي الْمَنْقُولِ) أَيْ فَلَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْعَقَارِ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا تَلِفَ الْعَقَارُ عَدَمُ الضَّمَانِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْيَدَ عَلَيْهِ لَيْسَتْ حِسِّيَّةً وَأَنَّهُ لَا تَعَدِّي فِي قَبْضِهِ لِجَوَازِهِ لَهُ (قَوْلُهُ: بِيَدِهِ) أَيْ شَرِيكِهِ (قَوْلُهُ: جَازَ وَنَابَ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَكُونُ نَائِبًا عَنْهُ بِنَفْسِ الرِّضَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ اللَّفْظِ مِنْ أَحَدِهِمَا وَعَدَمِ الرَّدِّ مِنْ الْآخَرِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِ الْوَكَالَةِ (قَوْلُهُ: وَنَابَ عَنْهُ) أَيْ مُرْتَهِنُهُ (قَوْلُهُ وَيُؤَجِّرُهُ) أَيْ الْعَدْلُ بِإِذْنٍ مِنْ الْحَاكِمِ. قَالَ فِي الْإِيعَابِ: وَإِنْ أَبَيَا الْإِجَارَةَ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ رِعَايَةُ الْمَصْلَحَةِ وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِمَا كَامِلَيْنِ فَكَيْفَ يَجْبُرُهُمَا عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُمَا بِامْتِنَاعِهِمَا صَارَا كَالنَّاقِصَيْنِ بِنَحْوِ سَفَهٍ فَمَكَّنَهُ الشَّارِعُ مِنْ جَبْرِهِمَا رِعَايَةً لِمَصْلَحَتِهِمَا اهـ. وَقَدْ يُقَالُ هَذَا ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا لَوْ أَبَيَا أَوْ أَحَدُهُمَا، أَمَّا لَوْ رَضِيَا فَلَا وَجْهَ لِإِيجَارِهِ مَعَ وُجُودِهِمَا وَرِضَاهُمَا فَلْيُرَاجَعْ إلَّا أَنْ يُقَالَ إذْنُ الْقَاضِي لَهُ فِي جَعْلِ الْعَيْنِ تَحْتَ يَدِهِ صَبْرُهُ كَالْوَكِيلِ وَهُوَ يَجُوزُ لَهُ الْإِيجَارُ وَالتَّصَرُّفُ فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ بِحُضُورِ الْمُوَكِّلِ، وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ يُؤَجِّرُهُ وَإِنْ رَضِيَا جَوَازًا حَتَّى لَوْ أَرَادَا الْمُبَاشَرَةَ بِأَنْفُسِهِمَا لَا يَمْنَعُهُمَا لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ) أَيْ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَصِحُّ رَهْنُ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا يَجُوزُ بَيْعُهُ) أَيْ الْجُزْءِ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ) أَيْ الرَّهْنُ (قَوْلُهُ: رَهْنًا) أَيْ وَتَكُونُ رَهْنًا. (قَوْلُهُ: وَهُوَ فِي الْأُمِّ) أَيْ كَوْنُ الْمَرْهُونِ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: وَيُفْسَخُ بِهِ الْبَيْعُ) أَيْ يَجُوزُ بِهِ الْفَسْخُ لَا أَنَّهُ بِمُجَرَّدِهِ يَنْفَسِخُ بِهِ الْعَقْدُ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ يُفْسَخُ دُونَ يَنْفَسِخُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فِي الِابْتِدَاءِ) أَيْ وَفِي الرَّهْنِ الْجَعْلِيِّ لِيُنَزَّلَ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي [رَهْنُ الْمُشَاع] . (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ قِيمَتُهُ) يَعْنِي نَصِيبَهُ مِنْ الْبَيْتِ . (قَوْلُهُ: الْقِنِّ) أَخْرَجَ بِهِ مَا إذَا كَانَ حُرًّا فَإِنَّ الْكَلَامَ لَيْسَ فِيهِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ قِنًّا لَهُ. (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ الْإِمَاءِ) أَيْ: الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ فِيمَا مَرَّ

[رهن الجاني والمرتد]

قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَصِحُّ رَهْنُ الْأُمِّ صَحِيحٌ وَإِنَّمَا قَصَرَهُ عَلَى ذَلِكَ مَعَ عُمُومِ كَلَامِ الْمَتْنِ لِأَنَّهُ حَمَلَ كَلَامَهُ عَلَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ إذْ كَلَامُهُمْ فِي الْأَمَةِ وَلِأَنَّ جَمِيعَ الْأَحْكَامِ الْآتِيَةِ إنَّمَا تَتَأَتَّى فِيهَا (وَعِنْدَ الْحَاجَةِ) إلَى تَوْفِيَةِ الدَّيْنِ مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ (يُبَاعَانِ) إذَا مَلَكَهُمَا الرَّاهِنُ وَالْوَلَدُ فِي سِنٍّ يَحْرُمُ فِيهِ التَّفْرِيقُ لِتَعَذُّرِ بَيْعِ أَحَدِهِمَا حِينَئِذٍ (وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ) عَلَيْهِمَا ثُمَّ يُقَدَّمُ الْمُرْتَهِنُ بِمَا يَخُصُّ الْمَرْهُونَ مِنْهُمَا ثُمَّ ذَكَرَ كَيْفِيَّةَ التَّوْزِيعِ بِقَوْلِهِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ تُقَوَّمُ الْأُمُّ وَحْدَهَا) إذَا كَانَتْ هِيَ الْمَرْهُونَةَ مَعَ اعْتِبَارِ كَوْنِهَا ذَاتَ وَلَدٍ حَاضِنَةً لَهُ لِأَنَّهَا رُهِنَتْ كَذَلِكَ فَإِذَا سَاوَتْ حِينَئِذٍ مِائَةً (ثُمَّ) تُقَوَّمُ (مَعَ الْوَلَدِ) فَإِذَا سَاوَتْ مِائَةً وَخَمْسِينَ فَالْخَمْسُونَ قِيمَةُ الْوَلَدِ وَهِيَ ثُلُثُ الْمَجْمُوعِ فَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا بِهَذِهِ النِّسْبَةِ فَيَكُونُ لِلْمُرْتَهِنِ ثُلُثَاهُ وَلَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالثُّلُثِ الْآخَرِ، فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ مَرْهُونًا دُونَهَا انْعَكَسَ الْحُكْمُ فَيُقَوَّمُ وَحْدَهُ مَحْضُونًا مَكْفُولًا ثُمَّ مَعَهَا (فَالزَّائِدُ) عَلَى قِيمَتِهَا (قِيمَتُهُ) وَكَالْأُمِّ مَنْ أُلْحِقَ بِهَا فِي حُرْمَةِ التَّفْرِيقِ كَمَا مَرَّ، وَفَائِدَةُ هَذَا التَّوْزِيعِ مَعَ لُزُومِ قَضَاءِ الدَّيْنِ بِكُلِّ حَالٍ تَظْهَرُ عِنْدَ تُزَاحِمْ الْغُرَمَاءِ أَوْ تَصَرُّفِ الرَّاهِنِ فِي غَيْرِ الْمَرْهُونِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ الْأُمَّ تُقَوَّمُ وَحْدَهَا خَلِيَّةً عَنْ الْوَلَدِ كَمَا لَوْ حَدَثَ الْوَلَدُ بَعْدَ الرَّهْنِ وَالتَّسْلِيمِ، فَإِذَا قِيلَ قِيمَتُهَا مَثَلًا مِائَةٌ قَوَّمْنَا الْوَلَدَ وَحْدَهُ، فَإِذَا قِيلَ عِشْرُونَ عَلِمْنَا أَنَّ النِّسْبَةَ بَيْنَهُمَا بِالْأَسْدَاسِ فَيَسْقُطُ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا عَلَى هَذِهِ النِّسْبَةِ سُدُسٌ لِلْوَلَدِ يَخْتَصُّ بِهِ الرَّاهِنُ وَالْبَاقِي يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ، وَفِي هَذَا التَّقْوِيمِ تَقِلُّ قِيمَةُ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ يَكُونُ ضَائِعًا. (وَرَهْنُ الْجَانِي وَالْمُرْتَدِّ كَبَيْعِهِمَا) الْمَارُّ فِي الْبَيْعِ فَيَصِحُّ رَهْنُ جَانٍ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ وَمُرْتَدٍّ وَلَا يَكُونُ بِرَهْنِ الْجَانِي عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّتِهِ مُخْتَارًا لِفِدَائِهِ لِبَقَاءِ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ. (وَرَهْنُ الْمُدَبَّرِ) وَهُوَ الْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ بَاطِلٌ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا لِاحْتِمَالِ عِتْقِهِ كُلَّ لَحْظَةٍ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ فَجْأَةً (وَ) رَهْنُ (مُعَلِّقِ الْعِتْقِ بِصِفَةٍ يُمْكِنُ سَبْقُهَا حُلُولَ الدَّيْنِ) يَعْنِي لَمْ يُعْلَمْ حُلُولُهُ قَبْلَهَا بِأَنْ عُلِمَ حُلُولُهُ بَعْدَهَا أَوْ مَعَهَا أَوْ اُحْتُمِلَ الْأَمْرَانِ فَقَطْ أَوْ مَعَ سَبْقِهِ أَوْ اُحْتُمِلَ حُلُولُهُ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا وَمَعَهَا (بَاطِلٌ عَلَى الْمَذْهَبِ) ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ إذَا مَلَكَهُمَا) أَيْ فَلَوْ مَلَكَ الْأُمَّ دُونَ الْوَلَدِ بِأَنْ كَانَ مُوصًى بِهِ بِيعَتْ وَحْدَهَا لِأَنَّ التَّفْرِيقَ إنَّمَا يَحْرُمُ إذَا كَانَا فِي مِلْكِ شَخْصٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: وَالْوَلَدُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْوَلَدَ إلَخْ (قَوْلُهُ: حَاضِنَةٌ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْوَلَدُ مَوْجُودًا وَقْتَ الرَّهْنِ وَإِلَّا قُوِّمَتْ غَيْرَ حَاضِنَةٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّهَا رُهِنَتْ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: انْعَكَسَ الْحُكْمُ) وَلَوْ رُهِنَتْ الْأُمُّ عِنْدَ وَاحِدٍ وَالْوَلَدُ عِنْدَ آخَرَ وَاخْتَلَفَ وَقْتُ اسْتِحْقَاقِ أَخْذِهِمَا الدَّيْنَ كَأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا حَالًّا وَالْآخَرُ مُؤَجَّلًا فَهَلْ يُبَاعُ مَنْ اُسْتُحِقَّ دَيْنُهُ دُونَ الْآخَرِ لِلْحَاجَةِ أَوْ يُنْتَظَرُ حُلُولُ الْمُؤَجَّلِ لِبَيْعِهِمَا أَوْ يُبَاعَانِ وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ فَمَا يَخُصُّ الْحَالَّ يُوَفَّى بِهِ وَمَا يَخُصُّ الْمُؤَجَّلَ يُرْهَنُ بِهِ إلَى حُلُولِهِ؟ احْتِمَالَاتٌ أَقْرَبُهَا الثَّالِثُ. وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ عُهِدَ بَيْعُ الْمَرْهُونِ قَبْلَ حُلُولِ الدَّيْنِ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ وَيُحْفَظُ ثَمَنُهُ إلَى الْحُلُولِ وَلَمْ يُعْهَدْ تَأْخِيرُهُ بَعْدَ حُلُولِهِ حَتَّى لَوْ شُرِطَ فِي الْعَقْدِ تَأْخِيرُ بَيْعِ الْمَرْهُونِ عَنْ الْمَحْلُولِ بِمُدَّةٍ لَمْ يَصِحَّ، وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ شَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ مَا يُوَافِقُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَكَالْأُمِّ مَنْ أُلْحِقَ بِهَا) وَهُوَ الْأَبُ وَالْجَدُّ وَالْجَدَّةُ عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَكُونُ ضَائِعًا) أَيْ بِتَقْوِيمِهِ وَحْدَهُ خَالِيًا عَنْ الْأُمِّ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ بِذَلِكَ أَنَّهُ يُقَوَّمُ لَا بِصِفَةِ كَوْنِهِ مَحْضُونًا، بِخِلَافِ الْأُمِّ حَيْثُ قُوِّمَتْ بِصِفَةِ كَوْنِهَا ذَاتَ وَلَدٍ تَحْضُنُهُ، وَقَالَ عَمِيرَةُ: إنَّهُ يُقَوَّمُ بِصِفَةِ كَوْنِهِ مَحْضُونًا. (قَوْلُهُ: الْمَارُّ فِي الْبَيْعِ) صَرِيحًا فِي الْأُولَى وَفِي الْخِيَارِ ضِمْنًا فِي الثَّانِي اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ سَبْقِهِ) أَيْ أَوْ احْتَمَلَ حُلُولُهُ مَعَهَا أَوْ الْأَمْرَانِ مَعَ سَبْقِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَهَا) أَيْ أَوْ قَبْلَهَا وَمَعَهَا لَا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQبِقَوْلِهِ الْقِنِّ. (قَوْلُهُ: فَإِذَا سَاوَتْ حِينَئِذٍ مِائَةً) اُنْظُرْ أَيْنَ جَوَابُ هَذَا الشَّرْطِ، وَلَعَلَّهُ جَعَلَ الْجَزَاءَ الْآتِي جَوَابَ الشَّرْطَيْنِ. (قَوْلُهُ: فَيُقَوَّمُ وَحْدَهُ مَحْضُونًا مَكْفُولًا ثُمَّ مَعَهَا) لَا يَصِحُّ الدُّخُولُ بِهَذَا عَلَى الْمَتْنِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَكُونُ) ضَائِعًا أَيْ لَا كَافِلَ لَهُ [رَهْنُ الْجَانِي وَالْمُرْتَدِّ] . (قَوْلُهُ: وَمَعَهَا) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: أَوْ مَعَهَا بِإِثْبَاتِ أَلِفٍ قَبْلَ الْوَاوِ

[رهن ما يسرع فساده]

لِفَوَاتِ غَرَضِ الرَّاهِنِ بِعِتْقِهِ الْمُحْتَمَلَ قَبْلَ الْحُلُولِ، وَلَوْ تَيَقَّنَ وُجُودَهَا قَبْلَ الْحُلُولِ بَطَلَ جَزْمًا مَا لَمْ يَشْتَرِطْ بَيْعَهُ قَبْلَهَا فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ لِزَوَالِ الضَّرَرِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ صِحَّةَ رَهْنِ الثَّانِي إذَا عُلِمَ الْحُلُولُ قَبْلَهَا، وَكَذَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا وَفَارَقَ الْمُدَبَّرَ بِتَأْكِيدِ الْعِتْقِ فِيهِ فَوْقَ الثَّانِي وَإِنْ كَانَ التَّدْبِيرُ تَعْلِيقَ عِتْقٍ بِصِفَةٍ بِدَلِيلِ اخْتِلَافِهِمْ فِي جَوَازِ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ، بِخِلَافِ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ، فَإِنْ لَمْ يُبَعْ الْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ حَتَّى وُجِدَتْ عَتَقَ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعِتْقِ الْمُعَلَّقِ بِحَالِ التَّعْلِيقِ لَا بِحَالِ وُجُودِ الصِّفَةِ، وَقِيلَ: يَجُوزُ رَهْنُ الْمُدَبَّرِ كَبَيْعِهِ، وَقَوَّاهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلُ وَفِي الْمُعَلَّقِ بِصِفَةٍ، قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُ يَجُوزُ وَهُوَ مُخَرَّجٌ مِنْ رَهْنِ مَا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي هَذَا مِنْ جِهَةِ الرَّاهِنِ بَيْعُهُ إذَا خُشِيَ تَلَفُهُ وَجُعِلَ ثَمَنُهُ رَهْنًا، وَالظَّاهِرُ فِي ذَاكَ بَقَاؤُهُ عَلَى الْوَفَاءِ بِهِ لِغَرَضِهِ فِي تَحْصِيلِ الْعِتْقِ. (وَلَوْ رَهَنَ مَا يَسْرُعُ فَسَادُهُ) بِمُؤَجَّلٍ يَحِلُّ بَعْدَ الْفَسَادِ أَوْ مَعَهُ أَوْ قَبْلَهُ بِزَمَنٍ لَا يَسَعُ الْبَيْعَ (فَإِنْ أَمْكَنَ تَجْفِيفُهُ كَرُطَبٍ) يَجِيءُ مِنْهُ تَمْرٌ أَوْ عِنَبٌ يَجِيءُ مِنْهُ زَبِيبٌ أَوْ لَحْمٌ طَرِيٌّ يَتَقَدَّدُ (فَعَلَ) ذَلِكَ التَّجْفِيفَ (عِنْدَ خَوْفِ فَسَادِهِ) أَيْ فَعَلَهُ الْمَالِكُ وَمُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ حِفْظًا لِلرَّهْنِ، فَإِنْ امْتَنَعَ أُجْبِرَ عَلَيْهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ بَاعَ الْحَاكِمُ جُزْءًا مِنْهُ وَجَفَّفَ بِثَمَنِهِ وَلَا يَتَوَلَّاهُ الْمُرْتَهِنُ إلَّا بِإِذْنِ الرَّاهِنِ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا رَاجَعَ الْحَاكِمَ، أَمَّا إذَا ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ لَا مَعَهَا، وَيُصَوِّرُ ذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ إنْ قَدِمَ ابْنِي مِنْ السَّفَرِ نَهَارًا فَأَنْتَ حُرٌّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَيَقَّنَ وُجُودَهَا) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ يَعْنِي لَمْ يَعْلَمْ حُلُولَهُ قَبْلَهَا الْمُفَسَّرُ بِهِ الْإِمْكَانُ (قَوْلُهُ: فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ) شَمَلَ ذَلِكَ صُوَرَ الِاحْتِمَالِ، وَقَدْ يُقَالُ لَا يَتَأَتَّى بَيْعُهُ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِوُجُودِهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: هِيَ وَإِنْ كَانَتْ مُحْتَمَلَةً قَدْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَوْ يَتَحَقَّقُ زَمَانٌ قَبْلَ احْتِمَالِ وُجُودِ الصِّفَةِ فَيُبَاعُ فِيهِ وَفَاءً بِالشَّرْطِ (قَوْلُهُ: صِحَّةُ رَهْنِ الثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ وَمُعَلَّقُ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: حَتَّى وُجِدَتْ) أَيْ وَإِنْ حَلَّ الدَّيْنُ قَبْلَ وُجُودِهَا أَوْ كَانَ حَالًّا (قَوْلُهُ: بِحَالِ التَّعْلِيقِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ لَا بِحَالِ وُجُودِ الصِّفَةِ) قَضِيَّتُهُ نُفُوذُ الْعِتْقِ وَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ مُعْسِرًا وَسَيَأْتِي لَهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ عَلَّقَهُ بِصِفَةٍ وَهُوَ رَهْنٌ فَكَالْإِعْتَاقِ مَا يُنَافِيهِ. وَالْجَوَابُ أَنَّ مَا يَأْتِي صَوَّرَهُ بِمَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بَعْدَ الرَّهْنِ وَمَا هُنَا مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا كَانَ التَّعْلِيقُ قَبْلَهُ فَلَا تَنَافِي (قَوْلُهُ: عَلَى الْوَفَاءِ بِهِ) أَيْ قَصَدَ الْوَفَاءَ إلَخْ (قَوْلُهُ: يَجِيءُ مِنْهُ تَمْرٌ) أَيْ جَيِّدٌ (قَوْلُهُ: زَبِيبٌ) أَيْ جَيِّدٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ امْتَنَعَ) أَيْ الْمَالِكُ (قَوْلُهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: بَاعَ الْحَاكِمُ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ كَانَ الْمَرْهُونُ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ الْمَالِكِ لِلتَّجْفِيفِ هَلْ يَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ وَيُغْتَفَرُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بِرَفْعِ أَمْرِهِ لِشَخْصٍ مِنْ نُوَّابِهِ أَوْ لِحَاكِمٍ آخَرَ يَبِيعُ جُزْءًا مِنْهُ وَيُجَفِّفُهُ بِهِ كَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِحَقٍّ فَإِنَّهُ يَحْكُمُ لَهُ بِهِ بَعْضُ خُلَفَائِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ، فَلَوْ لَمْ يَجِدْ نَائِبًا وَلَا حَاكِمًا اسْتَنَابَ مَنْ يَحْكُمُ لَهُ، فَإِنَّهُ بِاسْتِنَابَتِهِ يَصِيرُ خَلِيفَةً وَلَا يَحْكُمُ لِنَفْسِهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِالْبَيْعِ وَيَشْهَدُ لِإِمْكَانِ الِاسْتِنَابَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يَتَوَلَّاهُ) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ تَبَرَّعَ بِالْمُؤْنَةِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ فَلَا يَجُوزُ بِغَيْرِ إذْنِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا رَاجَعَ الْحَاكِمَ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَجِدْ الْحَاكِمُ جَفَّفَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ وَأَشْهَدَ، فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ فَلَا رُجُوعَ لَهُ لِأَنَّ فَقْدَ الشُّهُودِ نَادِرٌ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحِلَّ هَذَا فِي الظَّاهِرِ، وَأَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَإِنْ كَانَ صَادِقًا جَازَ لَهُ الرُّجُوعُ لِأَنَّهُ فَعَلَ أَمْرًا وَاجِبًا عَلَيْهِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَشْرَفَتْ بَهِيمَةٌ تَحْتَ يَدِ رَاعٍ عَلَى الْهَلَاكِ مِنْ أَنَّ لَهُ ذَبْحَهَا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا أَطْلَقَ انْصَرَفَ إلَى مَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ شَرْعًا فَيَخْرُجُ نَحْوُ مُلْتَزِمُ الْبَلَدِ وَشَادُّهَا وَنَحْوُهُمَا مِمَّنْ لَهُ ظُهُورٌ وَتَصَرُّفٌ فِي مَحَلِّهِ مِنْ غَيْرِ وِلَايَةٍ شَرْعِيَّةٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ مَنْ لَهُ وِلَايَةٌ شَرْعِيَّةٌ يَتَصَرَّفُ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ مَعَ رِعَايَةِ الْمَصْلَحَةِ فِيمَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي نُفُوذُ تَصَرُّفِ غَيْرِهِ مِمَّنْ ذُكِرَ لِلضَّرُورَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِفَوَاتِ غَرَضِ الرَّاهِنِ) كَذَا فِي النُّسَخِ وَلَعَلَّ الْأَلِفَ بَعْدَ الرَّاءِ زَائِدَةٌ مِنْ الْكَتَبَةِ وَلَيْسَتْ فِي التُّحْفَةِ [رَهَنَ مَا يَسْرُعُ فَسَادُهُ] . (قَوْلُهُ: يَتَقَدَّدُ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ وَكَانَ يَنْبَغِي

كَانَ يَحِلُّ قَبْلَ فَسَادِهِ بِزَمَنٍ يَسَعُ الْبَيْعَ فَإِنَّهُ يُبَاعُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَجْفِيفُهُ (فَإِنْ رَهَنَهُ بِدَيْنٍ حَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ يَحِلُّ قَبْلَ فَسَادِهِ) بِزَمَنٍ يَسَعُ بَيْعَهُ عَادَةً (أَوْ) يَحِلُّ بَعْدَ فَسَادِهِ أَوْ مَعَهُ لَكِنْ (شَرَطَ) فِي هَذِهِ الصُّورَةِ (بَيْعَهُ) عِنْدَ إشْرَافِهِ عَلَى الْفَسَادِ لَا الْآنَ وَإِلَّا بَطَلَ، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ كَالسُّبْكِيِّ، وَاعْتُرِضَا أَنَّهُ مَبِيعٌ قَطْعًا وَبَيْعُهُ الْآنَ أَحَظُّ لِقِلَّةِ ثَمَنِهِ عِنْدَ إشْرَافِهِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي بَيْعِ الْمَرْهُونِ قَبْلَ الْمَحِلِّ الْمَنْعُ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَهِيَ لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا عِنْدَ الْإِشْرَافِ (وَجُعِلَ الثَّمَنُ رَهْنًا) مَكَانَهُ، وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاطِ هَذَا الْجَعْلِ وَهُوَ كَذَلِكَ، إذْ مُقْتَضَى الْإِذْنِ بِالْبَيْعِ لَا يَقْتَضِي رَهْنَ الثَّمَنِ بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ وَإِنَّمَا يَقْتَضِي وَفَاءَ الدَّيْنِ مِنْ الثَّمَنِ إنْ كَانَ حَالًّا، وَتَنْظِيرُ الْإِسْنَوِيِّ فِي ذَلِكَ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ مِنْ مَصَالِحِ الْمُرْتَهِنِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ مِنْ شَرْطِ بَيْعِهِ انْفِكَاكُ رَهْنِهِ فَوَجَبَ لِرَدِّ هَذَا التَّوَهُّمِ (صَحَّ) الرَّهْنُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ مَعَ شِدَّةِ الْحَاجَةِ لِلشَّرْطِ فِي الْأَخِيرَةِ وَبِهِ فَارَقَ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْإِذْنَ فِي بَيْعِ الْمَرْهُونِ بِشَرْطِ جَعْلِ ثَمَنِهِ رَهْنًا غَيْرُ صَحِيحٍ (وَيُبَاعُ) الْمَرْهُونُ وُجُوبًا فِي تِلْكَ الثَّلَاثِ بِأَنْ يَرْفَعَهُ الْمُرْتَهِنُ لِلْحَاكِمِ عِنْدَ امْتِنَاعِ الرَّاهِنِ لِيَبِيعَهُ (عِنْدَ خَوْفِ فَسَادِهِ) حِفْظًا لِلْوَثِيقَةِ فَإِنْ أَخَّرَهُ حَتَّى فَسَدَ ضَمِنَهُ (وَيَكُونُ ثَمَنُهُ) فِي الْأَخِيرَةِ (رَهْنًا) بِلَا إنْشَاءِ عَقْدٍ عَمَلًا بِالشَّرْطِ وَيُجْعَلُ ثَمَنُهُ رَهْنًا فِي الْأَوَّلَيْنِ بِإِنْشَاءِ الْعَقْدِ (فَإِنْ شَرَطَ مَنْعَ بَيْعِهِ) قَبْلَ الْفَسَادِ (لَمْ يَصِحَّ) الرَّهْنُ لِمُنَافَاةِ الشَّرْطِ لِمَقْصُودِ التَّوَثُّقِ (وَإِنْ أَطْلَقَ) فَلَمْ يَشْرِطْ بَيْعًا وَلَا عَدَمَهُ (فَسَدَ) الرَّهْنُ (فِي الْأَظْهَرِ) لِتَعَذُّرِ الْوَفَاءِ مِنْهُ لِأَنَّ الْبَيْعَ قَبْلَ الْمَحِلِّ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ وَلَيْسَ مِنْ مُقْتَضَى الرَّهْنِ، وَالثَّانِي يَصِحُّ وَيُبَاعُ عِنْدَ الْإِشْرَافِ عَلَى الْفَسَادِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمَالِكَ لَا يَقْصِدُ إتْلَافَ مَالِهِ، وَنَقَلَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَمِنْ ثَمَّ اعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَالْمُعْتَمَدُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُبَاعُ) أَيْ وَالْبَائِعُ لَهُ الرَّاهِنُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: يَحِلُّ قَبْلَ فَسَادِهِ) أَيْ يَقِينًا لِقَوْلِهِ بَعْدُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ يَفْسُدُ قَبْلَ الْأَجَلِ صَحَّ فِي الْأَظْهَرِ (قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ الصُّورَةِ) هِيَ قَوْلُهُ أَوْ شَرْطٌ بِشِقَّيْهَا وَهُمَا قَوْلُهُ يَحِلُّ بَعْدُ إلَخْ وَقَوْلُهُ أَوْ مَعَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: إشْرَافُهُ عَلَى الْفَسَادِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ إشْرَافِهِ عَلَى الْفَسَادِ مَا لَوْ عَرَضَ مَا يَقْتَضِي بَيْعَهُ فَيُبَاعُ وَإِنْ لَمْ يُشْرَطْ بَيْعُهُ وَقْتَ الرَّهْنِ فَيَكُونُ ذَلِكَ كَالْمَشْرُوطِ حُكْمًا، وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا فِي قُرَى مِصْرَ مِنْ قِيَامِ طَائِفَةٍ عَلَى طَائِفَةٍ وَأَخْذِ مَا بِأَيْدِيهِمْ، فَإِذَا كَانَ مَنْ أُرِيدَ الْأَخْذُ مِنْهُ مَرْهُونًا عِنْدَهُ دَابَّةٌ مَثَلًا وَأُرِيدَ أَخْذُهَا أَوْ عَرَضَ إبَاقُ الْعَبْدِ مَثَلًا جَازَ لَهُ الْبَيْعُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَجَعْلُ الثَّمَنِ مَكَانَهُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَسْأَلَةُ الْحِنْطَةِ الْمُبْتَلَّةِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ: فَوَجَبَ) أَيْ الِاشْتِرَاطُ (قَوْلُهُ: لِيَبِيعَهُ) أَيْ الْمُرْتَهِنُ وَبِهِ يَنْدَفِعُ التَّأَمُّلُ الْآتِي (قَوْلُهُ فَإِنْ أَخَّرَهُ) أَيْ الْمُرْتَهِنُ بَعْدَ إذْنِ الرَّاهِنِ لَهُ فِي الْبَيْعِ أَوْ تَمَكُّنِهِ مِنْ الرَّفْعِ لِلْقَاضِي وَلَمْ يَدْفَعْ عَلَى مَا يَأْتِي عَنْ سم (قَوْلُهُ: وَيَجْعَلُ ثَمَنَهُ إلَخْ) أَيْ وَيَجِبُ أَنْ يَجْعَلَ ثَمَنَهُ إلَخْ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ: لَوْ بَادَرَ هُنَا قَبْلَ الْجَعْلِ إلَى التَّصَرُّفِ فِي الثَّمَنِ هَلْ يَنْفُذُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَرْهُونٍ وَجَوَابُهُ الظَّاهِرُ لَا، لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ اسْتِيفَاءٌ عَنْ الدَّيْنِ مُعْتَبَرٌ اهـ. أَقُولُ: وَالْمَالِكُ بِرَهْنِهِ لَهُ أَوَّلًا الْتَزَمَ تَوْفِيَةَ الدَّيْنِ مِنْهُ وَبَيْعُهُ الْآنَ يُفَوِّتُ مَا الْتَزَمَهُ، فَكَانَ كَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ لَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ الْإِعْتَاقِ مَعَ كَوْنِهِ مَمْلُوكًا لَهُ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَشْرِطْ بَيْعًا) وَلَوْ أَذِنَ فِي بَيْعِهِ مُطْلَقًا وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِكَوْنِهِ عِنْدَ الْإِشْرَافِ عَلَى الْفَسَادِ وَلَا الْآنَ، فَهَلْ يَصِحُّ حَمْلًا لِلْمَبِيعِ عَلَى كَوْنِهِ عِنْدَ الْإِشْرَافِ عَلَى الْفَسَادِ أَوْ لَا لِاحْتِمَالِهِ لِبَيْعِهِ الْآنَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَذْفُهُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ مِنْ اللَّحْمِ مَا لَا يَتَقَدَّدُ. (قَوْلُهُ: بِمُؤَجَّلٍ يَحِلُّ قَبْلَ الْفَسَادِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ جَعْلَ هَذَا هُوَ الْمُقَسِّمُ لَا يُلَاقِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فَإِنْ رَهَنَهُ بِدَيْنٍ حَالٍّ إلَخْ، وَالشِّهَابُ حَجّ ذَكَرَ هَذَا بَعْدَ الْمَتْنِ الْآتِي بِمَا يُفِيدُ أَنَّهُ تَفْصِيلٌ فِي خُصُوصِ مَا يُمْكِنُ تَجْفِيفُهُ وَهُوَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ فَسَادِهِ أَوْ مَعَهُ) أَيْ: أَوْ قَبْلَهُ بِزَمَنٍ لَا يَسَعُ الْبَيْعَ. (قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ الصُّورَةِ) يَعْنِي مَا بَعْدَ أَوْ. (قَوْلُهُ: لِيَبِيعَهُ) أَيْ الْحَاكِمُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَعِبَارَةُ الْقُوتِ صَرِيحَةٌ فِيهِ

الْأَوَّلُ لَا يُقَالُ: سَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُرْتَهِنِ إلَّا بِحَضْرَةِ الْمَالِكِ فَيَنْبَغِي حَمْلُ الصُّورَةِ الْأُولَى عَلَيْهِ. لِأَنَّا نَقُولُ: بَيْعُهُ ثَمَّ إنَّمَا امْتَنَعَ فِي غَيْبَةِ الْمَالِكِ لِكَوْنِهِ لِلِاسْتِيفَاءِ، وَهُوَ مُتَّهَمٌ بِالِاسْتِعْجَالِ فِي تَرْوِيجِ السِّلْعَةِ، بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ غَرَضَهُ الزِّيَادَةُ فِي الثَّمَنِ لِيَكُونَ وَثِيقَةً لَهُ (وَإِنْ) (لَمْ يَعْلَمْ هَلْ يَفْسُدُ) الْمَرْهُونُ (قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ) (صَحَّ) الرَّهْنُ الْمُطْلَقُ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ فَسَادِهِ، وَالثَّانِي يُجْعَل جَهْلُ الْفَسَادِ كَعِلْمِهِ وَلَوْ رَهَنَ الثَّمَرَةَ مَعَ الشَّجَرِ صَحَّ مُطْلَقًا مَا لَمْ يَكُنْ مِمَّا لَا يَتَجَفَّفُ فَلَهُ حُكْمُ مَا يَسْرُعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ فَيَصِحُّ تَارَةً وَيَفْسُقُ أُخْرَى، وَيَصِحُّ فِي الشَّجَرِ مُطْلَقًا وَوَجْهُهُ عِنْدَ فَسَادِهِ فِي الثَّمَرَةِ الْبِنَاءُ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ؛ وَإِنْ رَهَنَ الثَّمَرَةَ مُفْرَدَةً، فَإِنْ كَانَتْ لَا تَتَجَفَّفُ فَهِيَ كَمَا يَتَسَارَعُ فَسَادُهُ وَقَدْ مَرَّ حُكْمُهُ وَإِلَّا جَازَ رَهْنُهَا وَإِنْ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا وَلَمْ يُشْرَطْ قَطْعُهَا لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ لَا يَبْطُلُ بِاجْتِيَاحِهَا، بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّ حَقَّ الْمُشْتَرِي يَبْطُلُ. نَعَمْ إنْ رَهَنَهُ بِمُؤَجَّلٍ يَحِلُّ قَبْلَ جِذَاذِهِ وَلَمْ يُشْرَطْ الْقَطْعُ وَلَا عَدَمُهُ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ الْعَادَةَ الْإِبْقَاءُ إلَى الْجِذَاذِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ رَهَنَ شَيْئًا عَلَى أَنْ لَا يَبِيعَهُ عِنْدَ الْمَحِلِّ إلَّا بَعْدَ أَيَّامٍ وَيُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى مَصَالِحِهَا مِنْ نَحْوِ سَقْيٍ وَجِذَاذٍ وَتَجْفِيفٍ، وَلِكُلٍّ الْمَنْعُ مِنْ الْقَطْعِ قَبْلَ الْجِذَاذِ لَا بَعْدَهُ وَمَا يُخْشَى اخْتِلَاطُهُ بِالْحَادِثِ كَاَلَّذِي يَسْرُعُ فَسَادُهُ وَرَهْنُ مَا اشْتَدَّ حَبُّهُ كَبَيْعِهِ. (وَإِنْ) (رَهَنَ) بِمُؤَجَّلٍ (مَا لَا يَسْرُعُ فَسَادُهُ فَطَرَأَ مَا عَرَّضَهُ لِلْفَسَادِ قَبْلَ) حُلُولِ (الْأَجَلِ ـــــــــــــــــــــــــــــSعِبَارَةَ الْمُكَلَّفِ تُصَانُ عَنْ الْإِلْغَاءِ (قَوْلُهُ: لَا يُقَالُ سَيَأْتِي إلَخْ) يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ مَا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ بِأَنْ يَرْفَعَهُ الْمُرْتَهِنُ لِلْحَاكِمِ إلَخْ الصَّرِيحُ فِي أَنَّ الْبَائِعَ لَهُ هُوَ الرَّاهِنُ إنْ أَجَابَ لِبَيْعِهِ وَإِلَّا فَالْحَاكِمُ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الْبَيْعِ، تَأَمَّلْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ لِبَيْعِهِ رَاجِعًا لِلْمُرْتَهِنِ. (قَوْلُهُ: حَمَلَ الصُّورَةَ الْأُولَى) وَهِيَ قَوْلُهُ وَيُبَاعُ الْمَرْهُونُ وُجُوبًا إلَخْ، وَسَمَّاهَا أُولَى مَعَ شُمُولِهَا لِلصُّوَرِ الثَّلَاثِ لِاتِّحَادِ الْحُكْمِ فِيهَا وَهُوَ الْبَيْعُ، وَكَانَتْ أُولَى بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ وَإِنْ شُرِطَ مَنْعُ بَيْعِهِ إلَخْ، هَذَا وَقَالَ سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: فَلَوْ أَذِنَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ فِي بَيْعِهِ فَفَرَّطَ بِأَنْ تَرَكَهُ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ وَتَرَكَ الرَّفْعَ إلَى الْقَاضِي كَمَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَوَّاهُ النَّوَوِيُّ ضَمِنَ، وَعَلَى الْأَوَّلِ قِيلَ سَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُرْتَهِنِ إلَّا بِحَضْرَةِ الْمَالِكِ فَيَنْبَغِي حَمْلُ هَذَا عَلَيْهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا امْتَنَعَ فِي غَيْبَةِ الْمَالِكِ لِكَوْنِهِ لِلِاسْتِيفَاءِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: صَحَّ مُطْلَقًا) أَيْ حَالًّا كَانَ الدَّيْنُ أَوْ مُؤَجَّلًا مَا لَمْ يَكُنْ مِمَّا لَا يَتَجَفَّفْ وَيُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ فِي الشَّجَرِ مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَ ثَمَرُهُ مِمَّا يَتَجَفَّفُ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: عِنْدَ فَسَادِهِ فِي الثَّمَرَةِ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ مِمَّا لَا يَتَجَفَّفُ وَرُهِنَتْ بِمُؤَجَّلٍ يَحِلُّ مَعَهُ فَسَادُهَا وَلَمْ يُشْرَطْ بَيْعُهَا عِنْدَ الْإِشْرَافِ عَلَى الْفَسَادِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ) بِأَنْ كَانَتْ تَتَجَفَّفُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَبْدُ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: بِاجْتِيَاحِهَا) أَيْ نُزُولِ الْجَائِحَةِ بِهَا (قَوْلُهُ: نَعَمْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ وَإِلَّا جَازَ رَهْنُهَا (قَوْلُهُ: إنْ رَهَنَهُ) أَيْ الثَّمَرَ (قَوْلُهُ: وَلِكُلٍّ الْمَنْعُ) شَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ أَرَادَ الرَّاهِنُ بَيْعَهَا قَبْلَ أَوَانِ الْجِذَاذِ بِثَمَنٍ يَزِيدُ عَلَى الدِّينِ وَمَنَعَ الْمُرْتَهِنَ مِنْ الْبَيْعِ، وَفِي جَوَازِ إجَابَتِهِ لِذَلِكَ نَظَرٌ ظَاهِرٌ إذْ لَا يَفُوتُ بِقَطْعِهَا قَبْلَ أَوَانِ الْجِذَاذِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ شَيْءٌ عَلَى الْمُرْتَهِنِ (قَوْلُهُ: كَاَلَّذِي يُسْرِعُ) أَيْ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْمَارُّ (قَوْلُهُ: وَرَهْنُ مَا اشْتَدَّ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي حَمْلُ الصُّورَةِ الْأُولَى عَلَيْهِ) اعْلَمْ أَنَّ الصُّورَةَ الَّتِي وَرَدَ عَلَيْهَا هَذَا السُّؤَالُ لَيْسَتْ مَذْكُورَةً فِي كَلَامِ الشَّارِحِ حَتَّى تَصِحَّ إحَالَتُهُ عَلَيْهَا، وَهِيَ مَا لَوْ أَذِنَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ فِي الْبَيْعِ فَفَرَّطَ حَتَّى فَسَدَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، فَيَرِدُ عَلَيْهِ هَذَا الْإِشْكَالُ الَّذِي حَاصِلُهُ أَنَّهُ كَيْفَ يَضْمَنُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ إلَّا بِحَضْرَةِ الرَّاهِنِ؟ فَأَجَابُوا عَنْهُ بِمَا فِي الشَّرْحِ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ فِي هَذَا الْمَحَلِّ سَقْطًا مِنْ الْمَتْنِ وَمَتْنُ الشَّرْحِ فِيمَا اطَّلَعْت عَلَيْهِ مِنْ النُّسَخِ وَلَفْظُ الْمَتْنِ عَقِبَ قَوْلِهِ فِي الْأَظْهَرِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ يَفْسُدُ قَبْلَ الْأَجَلِ صَحَّ فِي الْأَظْهَرِ اهـ. فَلْتُرَاجَعْ نُسْخَةٌ صَحِيحَةٌ مِنْ

كَحِنْطَةٍ ابْتَلَّتْ) وَإِنْ تَعَذَّرَ تَجْفِيفُهَا (لَمْ يَنْفَسِخْ الرَّهْنُ بِحَالٍ) وَلَوْ طَرَأَ ذَلِكَ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّ الدَّوَامَ أَقْوَى مِنْ الِابْتِدَاءِ، أَلَا تَرَى أَنَّ بَيْعَ الْآبِقِ بَاطِلٌ وَلَوْ أَبِقَ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَنْفَسِخْ فَيُبَاعُ حِينَئِذٍ عِنْدَ تَعَذُّرِ تَجْفِيفِهِ قَهْرًا عَلَى الرَّاهِنِ إنْ امْتَنَعَ وَقُبِضَ الْمَرْهُونُ وَيُجْعَلُ ثَمَنُهُ رَهْنًا مَكَانَهُ حِفْظًا لِلْوَثِيقَةِ. وَهَلْ يَصِحُّ رَهْنُ الْقَصَبِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ قِيَاسًا عَلَى رَهْنِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا؟ أَطْلَقَ الشَّارِحُ فِي إفْتَاءٍ لَهُ صِحَّةَ ذَلِكَ وَغَيْرُهُ امْتِنَاعَهُ، وَفَصَّلَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي فَتَاوِيهِ فَقَالَ: يَصِحُّ إنْ كَانَتْ بِدَيْنٍ حَالٍّ وَشُرِطَ قَطْعُهَا وَبَيْعُهَا أَوْ بَيْعُهَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ أَوْ مُطْلَقًا أَوْ مُؤَجَّلًا يَحِلُّ مَعَ الْإِدْرَاكِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ وَشَرْطُ الْقَطْعِ وَالْبَيْعِ وَلَا يَصِحُّ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ اهـ قَالَ: وَإِطْلَاقُ الشَّارِحِ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِمَّا تَقَرَّرَ، وَمَا نُوَزِّعُ بِهِ مِنْ ظُهُورِ الْفَرْقِ فَإِنَّ الْمُتَرَقَّبَ هُنَا بُدُوُّ الصَّلَاحِ فَكَيْفَ يُقَاسُ عَلَى مُتَرَقَّبِ الْفَسَادِ غَيْرُ صَحِيحٍ، إذْ الْجَامِعُ فِي الْحَالَتَيْنِ وُجُودُ مُسَوِّغِ الْبَيْعِ فَالْوَجْهُ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْصِيلِ. (وَيَجُوزُ أَنْ) (يَسْتَعِيرَ شَيْئًا لِيَرْهَنَهُ) بِدَيْنِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ ضِمْنًا كَمَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: ارْهَنْ عَبْدَك عَلَى دَيْنِي فَفَعَلَ فَإِنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فَيَصِحُّ إنْ ظَهَرَتْ حَبَّاتُهُ كَالشَّعِيرِ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ طَرَأَ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: قَبْلَ قَبْضِهِ) أَيْ بَلْ يُبَاعُ بَعْدَ الْقَبْضِ وَثَمَنُهُ رَهْنٌ اهـ عُبَابٌ. وَخَرَجَ بِبَعْدِ الْقَبْضِ قَبْلَهُ فَلَا يُبَاعُ قَهْرًا عَلَى الرَّاهِنِ لِأَنَّ الرَّهْنَ غَيْرُ لَازِمٍ حِينَئِذٍ، وَهَلْ يَبِيعُهُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ لَهُ فِي بَيْعِهِ وَيَكُونُ إذْنُهُ هُنَا مُسْتَلْزِمًا لِتَقْدِيرِ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ لَهُ عَنْ الرَّهْنِ فَيَكُونُ ثَمَنُهُ رَهْنًا، أَوْ لَا يُبَاعُ وَلَا نَظَرَ لِإِذْنِهِ حِينَئِذٍ لِعَدَمِ لُزُومِ الرَّهْنِ الْمُقْتَضِي لِتَسَلُّطِ الْمُرْتَهِنِ عَلَى بَيْعِهِ؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَيَأْتِي قُبَيْلَ الرُّكْنِ الثَّانِي مَا يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا: ارْهَنْ عَبْدَك مِنْ فُلَانٍ بِدَيْنِهِ عَلَيَّ مُتَضَمِّنًا بِقَبْضِهِ وَكَذَا إذْنُهُ فِي بَيْعِهِ هُنَا بَلْ قَدْ يُقَالُ: مَا هُنَا أَوْلَى لِأَنَّهُ وُجِدَ عَقْدُ الرَّهْنِ الْمُسْتَدْعِي لُزُومَهُ إلَى تَقْدِيرِ الْقَبْضِ وَلَا كَذَلِكَ ثَمَّ، وَعَلَى الثَّانِي فَهَلْ يَصِحُّ بَيْعُهُ عَنْ الرَّهْنِ وَيَكُونُ وَكِيلًا عَنْهُ بِإِذْنِهِ فَلَا حَقَّ لَهُ فِي ثَمَنِهِ أَوْ لَا لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي بَيْعِهِ مُطْلَقًا بَلْ عَنْ جِهَةِ الرَّهْنِ الَّذِي لَمْ يَلْزَمْ؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ اهـ إيعَابٌ. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِمَا عَلَّلَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَقُبِضَ الْمَرْهُونُ) أَمَّا قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَا إجْبَارَ لِأَنَّ الرَّهْنَ جَائِزٌ مِنْ جِهَتِهِ فَلَهُ فَسْخُهُ (قَوْلُهُ: حِفْظًا لِلْوَثِيقَةِ) فِي نُسْخَةٍ: وَقَدْ أَطْلَقَ الشَّارِحُ فِي إفْتَاءٍ لَهُ صِحَّةَ رَهْنِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا، وَغَيْرُهُ امْتِنَاعُهُ وَفَصَّلَ الْوَالِدُ إلَخْ وَهِيَ الْمُنَاسِبَةُ لِتَأْنِيثِ الضَّمِيرِ، لَكِنْ مَا فِي الْأَصْلِ هُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ حُكْمَ الثَّمَرَةِ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ رَهَنَ الثَّمَرَةَ مُفْرَدَةً فَإِنْ كَانَتْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَهَلْ يَصِحُّ رَهْنُ الْقَصَبِ) أَيْ الْفَارِسِيِّ (قَوْلُهُ: عَلَى رَهْنِ الثَّمَرَةِ) أَيْ الَّتِي تَتَجَفَّفُ (قَوْلُهُ: فَقَالَ: يَصِحُّ إنْ كَانَ) أَيْ الْقَصَبُ (قَوْلُهُ أَوْ مُؤَجَّلًا) أَيْ أَوْ كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي رَهَنَ بِهِ مُؤَجَّلًا وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: أَوْ مُؤَجَّلٌ لِأَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ حَالٌّ (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ) شَمَلَ مَا لَوْ كَانَ يَحِلُّ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ أَوْ مَعَهُ وَلَمْ يُشْرَطْ قَطْعُهُ، وَفِي فَسَادِ الرَّهْنِ حِينَئِذٍ نَظَرٌ، وَمَا الْمَانِعُ مِنْ صِحَّتِهِ وَإِجْبَارِ الرَّاهِنِ عَلَى بَيْعِهِ بَعْدَ الْحُلُولِ؟ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَا يَلْزَمُ مِنْ إدْرَاكِهِ دُخُولُ أَوَانِ قَطْعِهِ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِتَأْخِيرِ قَطْعِهِ مُدَّةً بَعْدَ إدْرَاكِهِ لِيَتِمَّ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَتَأْخِيرِ جِذَاذِ الثَّمَرَةِ مُدَّةً عَنْ بُدُوِّ صَلَاحِهَا. (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ أَنْ يَسْتَعِيرَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْمُعِيرُ رَبَّ الدَّيْنِ وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ فَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِعَدَمِ انْطِبَاقِ ضَابِطِ الرَّهْنِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَأَنَّهُ رَهَنَ مَالَهُ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهُ مَالَهُ وَلَا مَعْنَى لَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّرْحِ . (قَوْلُهُ: إنْ امْتَنَعَ وَقَبَضَ الْمَرْهُونَ) الْوَاوُ فِيهِ لِلْحَالِ . (قَوْلُهُ: أَوْ قَبْلَهُ) وَفِي شَرْطِ الْقَطْعِ وَالْبَيْعِ قِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ فِي الدَّيْنِ الْحَالِّ أَنَّهُ يَصِحُّ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ: أَيْ بِأَنْ شَرَطَ قَطْعَهُ وَبَيْعَهُ أَوْ بَيْعَهُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ أَوْ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِمَّا تَقَرَّرَ) يَعْنِي فِيمَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: فَالْوَجْهُ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْصِيلِ) قَدْ يُقَالُ: بَلْ الْوَجْهُ مَا أَطْلَقَهُ الْجَلَالُ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَصَبِ وَالثَّمَرَةِ فِيمَا مَرَّ فِيهَا إذَا لَمْ يُرَدْ بِهَا فِي كَلَامِهِمْ مَا يَشْمَلُ الْقَصَبَ

[يجوز أن يستعير شيئا ليرهنه]

كَمَا لَوْ قَبَضَهُ وَرَهَنَهُ لِأَنَّ الرَّهْنَ تَوَثُّقٌ وَهُوَ يَحْصُلُ بِمَا لَا يَمْلِكُهُ بِدَلِيلِ الْإِشْهَادِ وَالْكَفَالَةِ، بِخِلَافِ بَيْعِ مِلْكِ غَيْرِهِ لِنَفْسِهِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْبَيْعَ مُعَاوَضَةٌ فَلَا يَمْلِكُ الثَّمَنُ مَنْ لَا يَمْلِكُ الْمُثَمَّنَ، وَشَمَلَ كَلَامُهُمْ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ فَتَصِحُّ إعَارَتُهَا لِذَلِكَ وَهُوَ الْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَأُلْحِقَ بِذَلِكَ مَا لَوْ أَعَارَهُمَا وَصَرَّحَ بِالتَّزْيِينِ بِهِمَا أَوْ لِلضَّرْبِ عَلَى صُورَتِهِمَا وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ إعَارَتُهُمَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ (وَهُوَ) أَيْ عَقْدُ الْعَارِيَّةِ بَعْدَ الرَّهْنِ لَا قَبْلَهُ خِلَافًا لِمَا تُوهِمُهُ بَعْضُ الْعِبَارَاتِ (فِي قَوْلِ عَارِيَّةٍ) أَيْ بَاقٍ عَلَى حُكْمِهَا وَإِنْ بِيعَ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ بِإِذْنِهِ لِيَنْتَفِعَ بِهِ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ ضَمَانُ دَيْنٍ) مِنْ الْمُعِيرِ (فِي رَقَبَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ) الْمَرْهُونِ لِأَنَّهُ كَمَا يَمْلِكُ أَنْ يُلْزِمَ ذِمَّتَهُ بِدَيْنِ غَيْرِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَمْلِكَ إلْزَامَ ذَلِكَ عَيْنَ مَالِهِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَحَلُّ حَقِّهِ وَتَصَرُّفِهِ، وَلِأَنَّ الِانْتِفَاعَ هُنَا إنَّمَا يَحْصُلُ بِإِهْلَاكِ الْعَيْنِ بِبَيْعِهَا فِي الدَّيْنِ فَهُوَ مُنَافٍ لِوَضْعِ الْعَارِيَّةِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لِلدَّيْنِ بِذِمَّتِهِ حَتَّى لَوْ مَاتَ لَمْ يَحِلَّ الدَّيْنُ وَلَوْ تَلِفَ الْمَرْهُونُ لَمْ يَلْزَمْهُ الْأَدَاءُ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ ضَمَانٌ (فَيُشْتَرَطُ ذِكْرُ جِنْسِ الدَّيْنِ) كَذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ (وَقَدْرُهُ) كَعَشَرَةٍ أَوْ مِائَةٍ (وَصِفَتُهُ) كَصِحَّةٍ وَتَكَسُّرٍ وَحُلُولٍ وَتَأْجِيلٍ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِذَلِكَ كَمَا فِي الضَّمَانِ. نَعَمْ ذَكَرَ الْقَمُولِيُّ فِي جَوَاهِرِهِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُ: ارْهَنْ عَبْدِي بِمَا شِئْت صَحَّ أَنْ يَرْهَنَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ انْتَهَى. ـــــــــــــــــــــــــــــSفَرْعٌ] لَوْ اخْتَلَفَ الْمَالِكُ وَالرَّاهِنُ فِي الْإِذْنِ لَهُ فِي وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ وَرَهْنِهِ وَعَدَمِهِ فَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُ الْمَالِكِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ لَهُ فِي الْقَبْضِ، وَعَلَيْهِ فَإِذَا تَلِفَ الْمَرْهُونُ ضَمِنَ بِأَقْصَى الْقِيَمِ (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ الْإِشْهَادِ وَالْكَفَالَةِ) أَيْ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَحْصُلُ بِهِ التَّوَثُّقُ مَعَ كَوْنِهِ لَيْسَ مِلْكًا لِلشَّارِطِ (قَوْلُهُ: فَتَصِحُّ إعَارَتُهَا لِذَلِكَ) أَيْ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ ثُمَّ بَعْدَ حُلُولِ الدَّيْنِ إنْ وَفَّى الْمَالِكُ فَظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ يُوَفِّ بِيعَتْ الدَّرَاهِمُ بِجِنْسِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ إنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ جِنْسِهِ، فَإِنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِهِ جَعَلَهَا لَهُ عِوَضًا عَنْ دَيْنِهِ بِصِيغَةٍ تَدُلُّ عَلَى نَقْلِ الْمِلْكِ (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ) أَيْ الْمُعِيرُ (قَوْلُهُ: عَلَى صُورَتِهِمَا) أَيْ لِلْوَزْنِ بِهِمَا إذَا كَانَ وَزْنُهُمَا مَعْلُومًا وَيَكُونَانِ كَالصَّنْجَةِ الَّتِي تُعَارُ لِلْوَزْنِ بِهَا (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ كَإِعَارَتِهَا لِلنَّفَقَةِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الرَّهْنِ) أَيْ وَلُزُومِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ فَلَوْ تَلِفَ فِي يَدِ إلَخْ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ وَلِأَنَّهُ مُسْتَعِيرٌ وَهُوَ ضَامِنٌ مَا دَامَ لَمْ يَقْبِضْهُ عَنْ جِهَةِ رَهْنٍ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ: يَنْبَغِي) أَيْ يَصِحُّ (قَوْلُك ذَلِكَ) أَيْ دَيْنُ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: عَيْنُ مَالِهِ) أَيْ نَفْسُهُ (قَوْلُهُ: كُلًّا مِنْهُمَا) أَيْ عَيْنِ مَالِهِ وَذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ مَاتَ) أَيْ الْمُعِيرُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ الْمَالِكَ (قَوْلُهُ: صَحَّ أَنْ يَرْهَنَهُ بِأَكْثَرَ) قَالَ فِي الْإِيعَابِ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ حَمْلُ اشْتِرَاطِ مَعْرِفَةِ الْجِنْسِ وَمَا بَعْدَهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُفَوِّضْ الْأَمْرَ إلَى خِيَرَةِ الْمَدِينِ وَإِلَّا لَمْ يَشْتَرِطْ انْتَهَى. أَقُولُ: وَقَدْ يُمْنَعُ الْأَخْذُ بِشِدَّةِ الضَّرَرِ فِي التَّعْمِيمِ فِي نَحْوِ الْجِنْسِ، فَإِنَّهُ إذَا أُخِذَ بِمُقْتَضَاهُ رُبَّمَا رَهَنَهُ عَلَى جِنْسٍ يَعِزُّ وُجُودُهُ أَوْ بِحَالٍ فَيَعْسُرُ عَلَى الْمُعِيرِ تَخْلِيصُهُ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ بِمَا شِئْت فَإِنَّ الْمُعِيرَ مُوَطِّنٌ نَفْسَهُ فِيهِ عَلَى بَيْعِهِ أَوْ تَخْلِيصِهِ بِقِيمَتِهِ فَلَمْ يَحْدُثْ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمُنَازَعَةُ فِي قِيَاسِهِ عَلَى مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ لَا مَحِيدَ عَنْهَا، وَدَعْوَى الشَّارِحِ وُجُودَ الْمُسَوِّغِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ وَأَنَّهُ مَلْحَظُ الصِّحَّةِ فِيهَا وَعَدَمُ الصِّحَّةِ فِيمَا عَدَاهَا غَيْرُ ظَاهِرَةٍ لِلْمُتَأَمِّلِ [يَجُوزُ أَنْ يَسْتَعِيرَ شَيْئًا لِيَرْهَنَهُ] . (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الرَّهْنَ تَوَثَّقَ إلَخْ) هُوَ تَوْجِيهٌ لِلْإِجْمَاعِ وَلَوْ عَطَفَهُ عَلَيْهِ لَكَانَ أَوْضَحَ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ بَيْعِ مِلْكِ غَيْرِهِ لِنَفْسِهِ) أَيْ: بِخِلَافِ بَيْعِهِ مِلْكَ غَيْرِهِ لِآخَرَ لِأَجْلِ نَفْسِهِ بِأَنْ يَبِيعَهُ وَيَأْخُذَ ثَمَنَهُ لِنَفْسِهِ فَاللَّامُ فِي لِنَفْسِهِ لِلتَّعْلِيلِ. (قَوْلُهُ: أَيْ بَاقٍ عَلَى حُكْمِهَا وَإِنْ بِيعَ) عِبَارَةُ الشَّارِحِ الْمَحَلِّيِّ: أَيْ بَاقٍ عَلَيْهَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْهَا مِنْ جِهَةِ الْمُعِيرِ إلَى ضَمَانِ الدَّيْنِ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ وَإِنْ كَانَ يُبَاعُ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي انْتَهَتْ. فَلَعَلَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَإِنْ بِيعَ غَرَضُهُ مِنْهُ مَا فِي قَوْلِ الْجَلَالِ وَإِنْ كَانَ يُبَاعُ فِيهِ وَإِلَّا فَبَقَاءُ حُكْمِ الْعَارِيَّةِ بَعْدَ الْبَيْعِ مِنْ أَبْعَدِ الْبَعِيدِ بَلْ لَا وَجْهَ لَهُ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ كَمَا يَمْلِكُ أَنْ يَلْزَمَ ذِمَّتَهُ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِأَصْلِ صِحَّةِ ضَمَانِ الدَّيْنِ فِي رَقَبَةِ الشَّيْءِ وَلَا تَعَلُّقَ لَهُ بِخُصُوصِ

وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِي الْعَارِيَّةِ مِنْ صِحَّةٍ لِتَنْتَفِعَ بِهِ بِمَا شِئْت وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا نُظِّرَ فِيهِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ الدَّيْنِ (وَكَذَا الْمَرْهُونُ عِنْدَهُ) وَكَوْنُهُ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا مَرَّ، فَلَوْ خَالَفَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ بِأَنْ عَيَّنَ لَهُ زَيْدًا فَرَهَنَ مِنْ وَكِيلِهِ أَوْ عَكْسُهُ كَمَا هُوَ الْأَوْجَهُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ لِيَبِيعَ مِنْ زَيْدٍ فَبَاعَ مِنْ وَكِيلِهِ لَمْ يَصِحَّ، أَوْ عَيَّنَ لَهُ وَلِيَّ مَحْجُورٍ فَرَهَنَ مِنْهُ بَعْدَ كَمَالِهِ بَطَلَ كَمَا لَوْ عَيَّنَ لَهُ قَدْرًا فَزَادَ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ لَا فِي الزَّائِدِ فَقَطْ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا إنْ نَقَصَ مِنْ جِنْسِهِ، وَكَمَا لَوْ اسْتَعَارَهُ لِيَرْهَنَهُ مِنْ وَاحِدٍ فَرَهَنَهُ مِنْ اثْنَيْنِ أَوْ عَكْسُهُ. وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ لِضَعْفِ الْغَرَضِ فِيهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ عَلَى قَوْلِ الْعَارِيَّةِ، وَلَوْ قَالَ لَهُ الْمَالِكُ: ضَمِنْت مَا لِفُلَانٍ عَلَيْك فِي رَقَبَةِ عَبْدِي مِنْ غَيْرِ قَبُولِ الْمَضْمُونِ لَهُ كَفَى وَكَانَ كَالْإِعَارَةِ لِلرَّهْنِ (فَلَوْ تَلِفَ فِي يَدِ) الرَّاهِنِ ضَمِنَهُ لِأَنَّهُ مُسْتَعِيرٌ الْآنَ اتِّفَاقًا، أَوْ فِي يَدِ (الْمُرْتَهِنِ فَلَا ضَمَانَ) عَلَيْهِمَا إذْ الْمُرْتَهِنُ أَمِينٌ وَلَمْ يَسْقُطْ الْحَقُّ عَنْ ذِمَّةِ الرَّاهِنِ، وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْمَالِكُ فَكَإِعْتَاقِ الْمَرْهُونِ فَيَنْفُذُ قَبْلَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ لَهُ مُطْلَقًا وَبَعْدَهُ مِنْ الْمُوسِرِ دُونَ الْمُعْسِرِ، وَلَوْ أَتْلَفَهُ إنْسَانٌ أُقِيمَ بَدَلُهُ مَقَامَهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ. (وَلَا رُجُوعَ لِلْمَالِكِ) ـــــــــــــــــــــــــــــSلَهُ مَا يُخَالِفُ مَا وَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَيْهِ وَقْتَ الْإِذْنِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ قَدْ يَظُنُّ رَهْنَهُ بِنَجَسٍ يَتَيَسَّرُ وُجُودُهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ لِتَخْلِيصِهِ أَوْ بِأَجَلٍ يَنْتَهِي عِنْدَ إدْرَاكِ غَلَّاتِهِ مَثَلًا فَيَكُونُ الْحَاصِلُ بِخِلَافِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ الْأَقْرَبُ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ الْبَيْعُ مَعَ قَوْلِ الْمُوَكِّلِ لَهُ بِكَمْ شِئْت أَوْ بِمَا شِئْت أَوْ كَيْفَ شِئْت عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: بِمَا شِئْت) سَيَأْتِي فِي الْعَارِيَّةِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي انْتَفِعْ بِمَا شِئْت أَنَّهُ يَتَقَيَّدُ بِالْمُعْتَادِ فِي مِثْلِهِ فَقِيَاسُهُ أَنَّهُ يَتَقَيَّدُ هُنَا بِمَا يُعْتَادُ رَهْنُ مِثْلِهِ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الِانْتِفَاعَ فِي الْمُعَارِ بِغَيْرِ الْمُعْتَادِ يَعُودُ مِنْهُ ضَرَرٌ عَلَى الْمَالِكِ، بِخِلَافِ الرَّهْنِ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ لَا يَعُودُ ضَرَرٌ عَلَيْهِ إذْ غَايَتُهُ أَنْ يُبَاعَ فِي الدَّيْنِ وَمَا زَادَ عَلَى ثَمَنِهِ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْمُسْتَعِيرِ (قَوْلُهُ: وَكَوْنُهُ وَاحِدًا) قَدْ تَتَضَمَّنُهُ مَعْرِفَةُ الْمَرْهُونِ عِنْدَهُ فَتَأَمَّلْهُ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُمْنَعُ تَضَمُّنُهُ ذَلِكَ لِجَوَازِ أَنْ يُعْرَفَ الْمَرْهُونُ عِنْدَهُ بِكَوْنِهِ بَعْضَ جَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ كَأَنْ يُقَالَ: زَيْدٌ وَعَمْرٌو وَبَكْرٌ رَهْنٌ عِنْدَ بَعْضِهِمْ فَقَدْ عَرَفَهُمْ إجْمَالًا، وَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الْمَرْهُونِ عِنْدَهُ مِنْهُمْ بِكَوْنِهِ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَوْ خَالَفَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ) أَيْ وَلَوْ بِأَنْ عَيَّنَ لَهُ فَاسِقًا فَرَهَنَ مِنْ عَدْلٍ لَمْ يَصِحَّ الرَّهْنُ (قَوْلُهُ: بَطَلَ) أَيْ لَمْ يَصِحَّ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ التَّعْبِيرُ بِالْمَاضِي لِأَنَّ الْأَفْعَالَ فِي عِبَارَاتِ الْمُصَنِّفِينَ مُجَرَّدَةٌ عَنْ الزَّمَانِ مُرَادٌ مِنْهَا مُجَرَّدُ الْحَدَثِ فَكَأَنَّهُ قِيلَ: فَهُوَ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ: وَكَمَا لَوْ اسْتَعَارَ إلَخْ) وَإِنَّمَا بَطَلَ فِيمَا لَوْ شَرَطَ رَهْنَهُ مِنْ وَاحِدٍ فَرَهَنَهُ مِنْ اثْنَيْنِ مَعَ أَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ فِيهِ عَلَى الرَّهْنِ بَلْ فِيهِ تَخْفِيفٌ عَلَيْهِ أَوْ يُمْكِنُهُ فِكَاكُ بَعْضِهِ بِدَفْعِ حِصَّةِ أَحَدِ الِاثْنَيْنِ، لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَخْفِيفٌ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ لَكِنْ فِيهِ إضْرَارٌ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، وَهِيَ أَنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي الْحَالُ إلَى بَيْعِ حِصَّةِ أَحَدِ الْمُرْتَهِنِينَ فَيَتَشَقَّصُ مِلْكُهُ، وَأَيْضًا فَبَيْعُ النِّصْفِ أَيْضًا قَدْ تَكُونُ قِيمَتُهُ أَنْقَصَ مِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ لَهُ) أَيْ لِلْمَدِينِ (قَوْلُهُ: الْمَضْمُونُ) أَيْ وَهُوَ الدَّائِنُ (قَوْلُهُ فَلَوْ تَلِفَ فِي يَدِ الرَّاهِنِ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ انْفِكَاكِهِ (قَوْلُهُ: إذْ الْمُرْتَهِنُ) عِلَّةٌ لِعَدَمِ تَضْمِينِ الْمُرْتَهِنِ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَسْقُطْ عِلَّةٌ لِعَدَمِ تَضْمِينِ الرَّاهِنِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَتْلَفَهُ) أَيْ الْمُعَارُ لِلرَّهْنِ (قَوْلُهُ: أُقِيمَ بَدَلُهُ مَقَامَهُ) أَيْ بِلَا إنْشَاءِ عَقْدٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَظْهَرِ وَمُقَابِلِهِ، وَإِنَّمَا الْمُتَعَلِّقُ بِذَلِكَ التَّعْلِيلِ الثَّانِي وَمِنْ ثَمَّ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِي الْعَارِيَّةِ إلَخْ) هَذَا التَّأْيِيدُ إنَّمَا يَظْهَرُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ عَارِيَّةٌ لَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ ضَمَانٌ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بَطَلَ) جَوَابُ قَوْلِهِ فَلَوْ خَالَفَ. (قَوْلُهُ: لَا إنْ نَقَصَ مِنْ جِنْسِهِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ نَقَصَ لَكِنْ خَالَفَ فِي الْجِنْسِ كَمَا لَوْ قَالَ أَرْهَنُهُ بِدِينَارٍ فَرَهَنَهُ بِدِرْهَمٍ فَلَا يَصِحُّ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَسْقُطْ الْحَقُّ عَنْ ذِمَّةِ الرَّاهِنِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ فَلَا ضَمَانَ .

فِيهِ (بَعْدَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ) وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِهَذَا الرَّهْنِ مَعْنًى إذْ لَا وُثُوقَ بِهِ وَأَفْهَمَ جَوَازُ الرُّجُوعِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ لِعَدَمِ لُزُومِهِ (فَإِذَا) (حَلَّ الدَّيْنُ أَوْ كَانَ حَالًّا) وَأَمْهَلَهُ الْمُرْتَهِنُ فَإِنْ طَالَبَهُ رَبُّ الدَّيْنِ وَامْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ الدَّيْنِ (رُوجِعَ الْمَالِكُ لِلْبَيْعِ) لِأَنَّهُ قَدْ يَفْدِي مِلْكَهُ (وَيُبَاعُ إنْ لَمْ يُقْضَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ (الدَّيْنُ) مِنْ جِهَةِ الرَّاهِنِ أَوْ الْمَالِكِ أَوْ غَيْرِهِمَا كَمُتَبَرِّعٍ أَنْ يَبِيعَهُ الْحَاكِمُ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْمَالِكُ وَلَوْ أَيْسَرَ الرَّاهِنُ كَمَا يُطَالَبُ ضَامِنُ الذِّمَّةِ وَإِنْ أَيْسَرَ الْأَصِيلُ (ثُمَّ) بَعْدَ بَيْعِهِ (يَرْجِعُ الْمَالِكُ) عَلَى الرَّاهِنِ (بِمَا بِيعَ بِهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يُقْضَ مِنْ الدَّيْنِ غَيْرُهُ زَادَ مَا بِيعَ بِهِ عَلَى الْقِيمَةِ أَوْ نَقَصَ عَنْهَا لَكِنْ بِمَا يَتَغَابَنُ بِهِ، إذْ بَيْعُ الْحَاكِمِ لَا يُمْكِنُ فِيهِ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ قَضَاهُ الْمَالِكُ انْفَكَّ الرَّهْنُ وَرَجَعَ بِمَا دَفَعَهُ عَلَى الرَّاهِنِ إنْ قَضَى بِإِذْنِهِ وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لَهُ كَمَا لَوْ أَدَّى دَيْنَ غَيْرِهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، لَا يُقَالُ: الرَّهْنُ بِالْإِذْنِ كَالضَّمَانِ بِهِ فَيَرْجِعُ وَإِنْ قَضَى بِغَيْرِ الْإِذْنِ أَيْضًا، لِأَنَّا نَقُولُ: مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا قَضَى مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ كَمَا مَرَّ أَمَّا مِنْ غَيْرِهِ كَمَا هُنَا فَلَا. وَحَاصِلُهُ قَصْرُ الرُّجُوعِ فِيهِمَا عَلَى مَحَلِّ الضَّمَانِ وَهُوَ هُنَا رَقَبَةُ الْمَرْهُونِ وَثَمَّ ذِمَّةُ الضَّامِنِ، فَإِنْ أَنْكَرَ الرَّاهِنُ الْإِذْنَ فَشَهِدَ بِهِ الْمُرْتَهِنُ لِلْمُعِيرِ قُبِلَ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ، وَيُصَدَّقُ الرَّاهِنُ فِي عَدَمِ الْإِذْنِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ. وَلَوْ رَهَنَ شَخْصٌ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ عَنْ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ صَحَّ وَرَجَعَ عَلَيْهِ إنْ بِيعَ بِمَا بِيعَ بِهِ، أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ صَحَّ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ كَنَظِيرِهِ فِي الضَّامِنِ فِيهِمَا. وَقَدْ أَلْغَزَ الْعَلَّامَةُ الدَّمِيرِيِّ هُنَا فَقَالَ لَنَا: مَرْهُونٌ يَصِحُّ بَيْعُهُ جَزْمًا بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ وَصُورَتُهُ اسْتَعَارَ شَيْئًا لِيَرْهَنَهُ بِشُرُوطِهِ فَفَعَلَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ الْمُسْتَعِيرُ مِنْ الْمُعِيرِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ لِعَدَمِ تَفْوِيتِ الْوَثِيقَةِ، وَمَا جَزَمَ بِهِ احْتِمَالٌ لِلْبُلْقِينِيِّ تَرَدَّدَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُقَابِلِهِ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ، وَرَجَّحَ الصِّحَّةَ جَمْعٌ وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْ تَصْرِيحِ الْجُرْجَانِيِّ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ لِأَنَّ شِرَاءَهُ لَا يَضُرُّ الْمُرْتَهِنَ بَلْ يُؤَكِّدُ حَقَّهُ لِأَنَّهُ كَانَ يَحْتَاجُ لِمُرَاجَعَةِ الْمُعَيَّنِ وَرُبَّمَا عَاقَهُ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــSبَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَشَرْطُ الْمَرْهُونِ كَوْنُهُ عَيْنًا وَمَحِلُّ الْمَنْعِ فِي الِابْتِدَاءِ فَلَا يُنَافِي كَوْنَ الْمَرْهُونِ دَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً بِلَا إنْشَاءٍ كَبَدَلِ الْجِنَايَةِ. (قَوْلُهُ: أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مَا يَتَغَابَنُ بِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَضَاهُ الْمَالِكُ) أَيْ مَالِكُ الْعَيْنِ الْمُعَارَةِ. [فَرْعٌ] قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَوْ اسْتَعَارَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ لِرَهْنِهِ فَرَهَنَهُ ثُمَّ وَرِثَهُ هَلْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ عَتَقَ مِنْ الشَّرْعِ أَوْ لَا لِتَعَلُّقِ الْوَثِيقَةِ بِهِ؟ أَوْ يُقَالُ: إنْ كَانَ مُوسِرًا عَتَقَ وَإِلَّا فَلَا؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ. وَاعْتَمَدَ مَرَّ الثَّانِيَ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: رُوجِعَ الْمَالِكُ) أَيْ وُجُوبًا فَلَوْ بَاعَ بِلَا مُرَاجَعَةٍ لَمْ يُبْعِدْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَضَاهُ الْمَالِكُ) أَيْ مَالِكُ الْعَيْنِ الْمُعَارَةِ (قَوْلُهُ وَحَاصِلُهُ قَصْرُ الرُّجُوعِ فِيهِمَا) أَيْ الرَّهْنِ وَالضَّمَانِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَنْكَرَ الرَّاهِنُ الْإِذْنَ) أَيْ فِي الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ قَبُولِهِ ثُبُوتُ الرَّهْنِ لِمَا هُوَ مَعْلُومٌ أَنَّ الْحَقَّ لَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ: إنْ بِيعَ بِمَا بِيعَ بِهِ) أَيْ فَلَوْ قَضَى الدَّيْنَ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ الْمَدِينِ لَمْ يَرْجِعْ وَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ بِإِذْنِهِ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُعِيرَ لَوْ قَضَى الدَّيْنَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُسْتَعِيرِ لَمْ يَرْجِعْ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّ مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَلْغَزَ الْعَلَّامَةُ) أَيْ أَشَارَ إلَى أَنَّهُ قَدْ لَا يَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْبَيْعِ عَلَى مُرَاجَعَةِ الْمُرْتَهِنِ (قَوْلُهُ: وَنَقَلَ ذَلِكَ عَنْ تَصْحِيحِ الْجُرْجَانِيِّ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَمْهَلَهُ الْمُرْتَهِنُ فَإِنْ طَالَبَ رَبُّ الدَّيْنِ إلَخْ) لَعَلَّ هُنَا سَقْطًا مِنْ النُّسَخِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ: فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ أَوْ كَانَ حَالًّا وَأَمْهَلَهُ الْمُرْتَهِنُ فَلَهُ: أَيْ لِلْمَالِكِ ذَلِكَ: أَيْ إجْبَارُهُ عَلَى فِكَاكِهِ وَيَأْمُرُ الْمَالِكُ الْمُرْتَهِنَ بِالْمُطَالَبَةِ بِدَيْنِهِ لِيَأْخُذَهُ فَيَنْفَكُّ الرَّهْنُ أَوْ يَرُدُّ الرَّهْنَ: أَيْ الْمَرْهُونَ إلَيْهِ، كَمَا لَوْ ضَمِنَ دَيْنًا مُؤَجَّلًا وَمَاتَ الْأَصْلُ فَلِلضَّامِنِ أَنْ يَقُولَ لِلْمَضْمُونِ لَهُ طَالِبْ بِحَقِّك أَوْ أَبْرِئْنِي؛ فَإِنْ طَالَبَهُ: أَيْ الْمُرْتَهِنُ الرَّاهِنَ فَامْتَنَعَ مِنْ فِدَائِهِ: أَيْ الْمَرْهُونِ: أَيْ فِكَاكِهِ اُسْتُؤْذِنَ الْمَالِكُ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَاهُ

[فصل في شروط المرهون به ولزوم الرهن]

وَبِشِرَاءِ الرَّهْنِ ارْتَفَعَ ذَلِكَ، وَلَوْ حَكَمَ بِهَا شَافِعِيٌّ بِرَهْنٍ ثُمَّ اسْتَعَادَهُ الرَّاهِنُ فَأَفْلَسَ أَوْ مَاتَ فَحَكَمَ مُخَالِفٌ يَرَى قِسْمَتَهُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ بِهَا نَفَذَ إنْ كَانَ مِنْ مَذْهَبِهِ بُطْلَانُهُ بِقَبْضِ الرَّاهِنِ حَتَّى أَفْلَسَ أَوْ مَاتَ بَعْدَ صِحَّتِهِ لِأَنَّ هَذِهِ قَضِيَّةٌ طَرَأَتْ لَمْ يَتَنَاوَلْهَا حُكْمُ الشَّافِعِيِّ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى الصِّحَّةِ أَوْ لَا، قَالَهُ أَبُو زُرْعَةَ، وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمْعٌ مِمَّنْ بَعْدَهُ، وَهِيَ قَاعِدَةٌ تَخْرُجُ مِنْهَا مَسَائِلُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ وَتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْعِصْمَةِ وَنَحْوِهَا، وَمَا ذَكَرَهُ ظَاهِرٌ إنْ حَكَمَ بِالصِّحَّةِ، فَإِنْ حَكَمَ بِمُوجِبِهِ فَلَا لِتَنَاوُلِهِ لِذَلِكَ حِينَئِذٍ، لِأَنَّهُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ لِمَعْرِفَةٍ فَيَعُمُّ الْآثَارَ الْمُتَرَتِّبَةَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ الْمَوْجُودَةُ وَالتَّابِعَةُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي كَانَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَرَاهُ وَأَفْتَى بِهِ بَعْضُ أَكَابِرِ الْعَصْرِ بَعْدَهُ وَقَوْلُ كَثِيرٍ مِمَّنْ أَدْرَكْنَاهُ مُنْتَصِرًا لِكَلَامِ الْعِرَاقِيِّ إنَّ ذَلِكَ خَرَجَ مِنْ الْمُخَالِفِ مَخْرَجَ الْإِفْتَاءِ لَا اعْتِبَارَ بِهِ، إذْ لَوْ نَظَرْنَا إلَى ذَلِكَ لَمَا اسْتَقَرَّتْ غَالِبُ الْأَحْكَامِ. فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْمَرْهُونِ بِهِ وَلُزُومِ الرَّهْنِ (شَرْطُ الْمَرْهُونِ بِهِ) لِيَصِحَّ الرَّهْنُ (كَوْنُهُ دَيْنًا) وَلَوْ زَكَاةً تَعَلَّقَتْ بِالذِّمَّةِ، وَيُحْمَلُ الْقَوْلُ بِالْمَنْعِ عَلَى عَدَمِ تَعَلُّقِهَا بِهَا أَوْ مَنْفَعَةٌ كَالْعَمَلِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ لِإِمْكَانِ اسْتِيفَائِهِ بِبَيْعٍ الْمَرْهُونِ وَتَحْصِيلِهِ مِنْ ثَمَنِهِ لَا إجَارَةُ الْعَيْنِ لِتَعَذُّرِ اسْتِيفَائِهِ مِنْ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَإِنْ بِيعَ الْمَرْهُونُ، وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ أَيْضًا مُعَيَّنًا مَعْلُومًا قَدْرُهُ وَصِفَتُهُ، فَلَوْ جَهِلَهُ أَحَدُهُمَا أَوْ رَهَنَ بِأَحَدِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمُصَنِّفُ التَّحْرِيرِ وَالْمُعَايَاةِ والبلق وَالشَّافِي، مَاتَ رَاجِعًا مِنْ أَصْبَهَانَ إلَى الْبَصْرَةِ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي طَبَقَاتِهِ وَابْنُ سَعْدٍ اهـ. مِنْ طَبَقَاتِ الْإِسْنَوِيِّ، وَعَدَّ مِنْ أَهْلِ جُرْجَانَ جَمَاعَةً كَثِيرَةً وَصَفَهُمْ بِالتَّبَحُّرِ فِي الْعُلُومِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ اسْتَعَادَهُ) أَيْ أَخَذَهُ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ الْمُرْتَهِنُ (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْغُرَمَاءِ بِهَا) أَيْ بِالِاسْتِعَادَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذِهِ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ نَفَذَ إنْ كَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَكَمَ بِمُوجِبِهِ) أَيْ آثَارِهِ الْمُرَتَّبَةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ مُوجِبَهُ (قَوْلُهُ: لَا اعْتِبَارَ بِهِ) أَقُولُ: وَأَيْضًا فَالْفَرْضُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنَّ الْمُخَالِفَ يَرَى حُكْمَهُ الْمَذْكُورَ حُكْمًا حَقِيقِيًّا مُلْزِمًا فَكَيْفَ يُقَالُ إنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْإِفْتَاءِ مَعَ كَوْنِ حَاكِمِهِ؟ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ حُكْمٌ حَقِيقِيٌّ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ. (فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الْمَرْهُونِ (قَوْلُهُ: وَلُزُومُ الرَّهْنِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَبَرَاءَةِ الْغَاصِبِ بِالْإِيدَاعِ عِنْدَهُ وَبَيَانِ مَا يَحْصُلُ بِهِ الرُّجُوعُ (قَوْلُهُ: لِيَصِحَّ الرَّهْنُ) دَفَعَ بِهِ مَا يُقَالُ الشُّرُوطُ إنَّمَا تَكُونُ لِلْعُقُودِ أَوْ الْعِبَادَاتِ وَالْمَرْهُونُ بِهِ لَيْسَ وَاحِدًا مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: كَوْنُهُ دَيْنًا) أَيْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مَعَ مَا يَأْتِي مِنْ كَوْنِهِ مَعْلُومًا لِمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَثَمَّ دَيْنٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مَعَ مَا يَأْتِي مِنْ كَوْنِهِ مَعْلُومًا (قَوْلُهُ: تَعَلَّقَتْ بِالذِّمَّةِ) بِأَنْ تَلِفَ الْمَالُ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ لِيَكُونَ دَيْنًا لِتَعَلُّقِهَا حِينَئِذٍ بِالذِّمَّةِ ثُمَّ إنْ انْحَصَرَ الْمُسْتَحَقُّونَ فَوَاضِحٌ، وَإِلَّا فَهَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَجُوزُ الرَّهْنُ مِنْ كُلِّ ثَلَاثَةٍ فَأَكْثَرَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ؟ فِيهِ نَظَرٌ أَوْ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ يَمْتَنِعُ هُنَا اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجُوزُ الرَّهْنُ مِنْ كُلِّ ثَلَاثَةٍ وَمِنْ الْإِمَامِ أَيْضًا، لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الصِّنْفَيْنِ إذَا قَبَضَ بَرِئَ الدَّافِعُ فَكَأَنَّ الْحَقَّ انْحَصَرَ فِيهِمْ، لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَصْرِ الْمُسْتَحَقِّ لِيَكُونَ الْمَرْهُونُ بِهِ مَعْلُومًا دُونَ مَا إذَا تَعَلَّقَتْ بِالْعَيْنِ وَعَلَى هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ يُحْمَلُ الْكَلَامَانِ الْمُتَنَاقِضَانِ اهـ. فَأَفْهَمَ قَوْلُهُ لَا بُدَّ مِنْ حَصْرِ الْمُسْتَحَقِّ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى عَدَمِ تَعَلُّقِهَا بِهَا) أَيْ بِأَنْ كَانَ النِّصَابُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: ثُمَّ اسْتَعَارَهُ) كَذَا فِي النُّسَخِ بِالرَّاءِ وَلَعَلَّ الرَّاءَ مُحَرَّفَةٌ عَنْ الدَّالِ: [فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْمَرْهُونِ بِهِ وَلُزُومِ الرَّهْنِ] (فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الْمَرْهُونِ

الدِّينَيْنِ لَمْ يَصِحَّ الرَّهْنُ، وَقَدْ يُغْنِي الْعِلْمُ عَنْ التَّعْيِينِ لِأَنَّ الْإِيهَامَ يُنَافِيهِ، وَلَوْ ظَنَّ دَيْنًا فَرَهَنَ أَوْ أَدَّى فَبَانَ خِلَافُهُ لَغَا كُلٌّ مِنْ الرَّهْنِ وَالْأَدَاءِ، أَوْ ظَنَّ صِحَّةَ شَرْطِ رَهْنٍ فَاسِدٍ فَرَهَنَ وَثَمَّ دَيْنٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ صَحَّ لِوُجُودِ مُقْتَضَيْهِ، وَاسْتَثْنَى ابْنُ خَيْرَانَ مِمَّا مَرَّ مَا لَوْ ضَمِنَ مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِخِلَافِ الرَّهْنِ بِهِ، وَنَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْهُ وَأَقَرَّهُ، وَالْأَوْجَهُ الصِّحَّةُ فِي الرَّهْنِ كَالضَّمَانِ، إذْ الْمُؤَثِّرُ هُنَا الْجَهْلُ وَالْإِيهَامُ وَهُمَا مُنْتَفِيَانِ (ثَابِتًا) أَيْ مَوْجُودًا حَالًّا، وَلَا يُغْنِي عَنْهُ لَفْظُ الدَّيْنِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ التَّسْمِيَةِ الْوُجُودُ وَإِلَّا لَمْ يُسَمَّ الْمَعْدُومُ مَعْدُومًا (لَازِمًا) فِي نَفْسٍ كَثَمَنِ الْبَيْعِ بَعْدَ الْخِيَارِ دُونَ دَيْنِ الْكِتَابَةِ، فَاللُّزُومُ وَمُقَابِلُهُ وَصْفَانِ لِلدَّيْنِ فِي نَفْسِهِ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَحِينَئِذٍ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ الثُّبُوتِ وَاللُّزُومِ سَوَاءٌ أَوُجِدَ مَعَهُ اسْتِقْرَارٌ كَدَيْنِ إتْلَافٍ وَقَرْضٍ أَمْ لَا كَثَمَنِ مَبِيعٍ لَمْ يُقْبَضْ وَأَجْرِهِ مَا لَمْ تُسْتَوْفَ مَنْفَعَتُهُ. (فَلَا يَصِحُّ) الرَّهْنُ (بِالْعَيْنِ) ـــــــــــــــــــــــــــــSبَاقِيًا فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ تَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ الْمَالِ تَعَلُّقَ شَرِكَةٍ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُغْنِي الْعِلْمُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يُقَالُ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مَعْلُومًا مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ، أَمَّا مَعَ قَوْلِهِ قَدْرُهُ وَصِفَتُهُ فَلَا لِجَوَازِ اتِّحَادِ الدِّينَيْنِ قَدْرًا وَصِفَةً فَالرَّهْنُ بِأَحَدِهِمَا بَاطِلٌ مَعَ الْعِلْمِ بِقَدْرِهِ وَصِفَتِهِ (قَوْلُهُ: يُنَافِيهِ) أَيْ الْعِلْمُ (قَوْلُهُ: لَغَا) لِتَبَيُّنِ عَدَمِ الدَّيْنِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: أَوْ ظَنَّ صِحَّةَ شَرْطِ) أَيْ فَفِي الْعِلْمِ بِفَسَادِ الشَّرْطِ بِالْأُولَى وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بَسَطَهَا فِي الرَّوْضِ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: رَهْنٌ فَاسِدٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: كَمَا إذَا اشْتَرَى أَوْ اقْتَرَضَ شَيْئًا مِنْ دَائِنِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَرْهَنَهُ بِمَا فِي ذِمَّتِهِ فَإِنَّ الْبَيْعَ وَإِنْ فَسَدَ لِلشَّرْطِ لَكِنَّ الرَّهْنَ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ صَادَفَ مَحَلًّا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ صَحَّ) هَذَا يُخَالِفُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْبَيْعِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَتَى بِالْعَقْدِ الثَّانِي مَعَ الْعِلْمِ بِفَسَادِ الْأَوَّلِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا، وَعِبَارَةُ حَجّ هُنَا كَالشَّارِحِ، وَثُمَّ بَعْدَ مِثْلِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ: وَمَا وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا مِنْ صِحَّةِ الرَّهْنِ فِيمَا لَوْ رَهَنَ بِدَيْنٍ قَدِيمٍ مَعَ ظَنِّ صِحَّةِ شَرْطِهِ فِي بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ لِأَنَّ فَسَادَهُ ضَعِيفٌ، أَوْ أَنَّ الرَّهْنَ مُسْتَثْنًى لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ تَوَثُّقٍ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ ظَنُّ الصِّحَّةِ إذْ لَا جَهَالَةُ تَمْنَعُهُ بِخِلَافِ مَا هُنَا اهـ. فَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا مُوَافِقٌ لِلِاحْتِمَالِ الثَّانِي فِي كَلَامِ حَجّ (قَوْلُهُ: لِوُجُودِ مُقْتَضِيهِ) أَيْ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: مِمَّا مَرَّ) أَيْ مِنْ كَوْنِهِ مُعَيَّنًا مَعْلُومًا (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَجُوزُ) أَيْ وَيَكُونُ ضَامِنًا لِتِسْعَةٍ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الرَّهْنِ بِهِ) أَيْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الرَّهْنِ بِدِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَعْدُومًا) فِيهِ نَظَرٌ وَفَرْقٌ بَيْنَ تَسْمِيَةٍ تَدُلُّ عَلَى الْوُجُودِ وَتَسْمِيَةٍ لَا تَدُلُّ عَلَى الْوُجُودِ بَلْ عَلَى الْعَدَمِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لَازِمًا فِي نَفْسِهِ) أَيْ مِنْ طَرَفِي الدَّائِنِ وَالْمَدِينِ (قَوْلُهُ: كَدَيْنِ إتْلَافٍ وَقَرْضٍ) أَيْ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَازِمٌ مُسْتَقِرٌّ، وَقَوْلُهُ أَمْ لَا كَثَمَنِ الْمَبِيعِ الَّذِي لَمْ يُقْبَضْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْخِيَارِ، وَقَدْ يَكُونُ الدَّيْنُ مُسْتَقِرًّا غَيْرَ لَازِمٍ كَنُجُومِ الْكِتَابَةِ، وَقَدْ لَا يَكُونُ لَازِمًا وَلَا مُسْتَقِرًّا كَثَمَنِ الْمَبِيعِ زَمَنَ الْخِيَارِ قَبْلَ الْقَبْضِ. [فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ النَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ هَلْ يَصِحُّ الرَّهْنُ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: بِالْعَيْنِ) أَيْ بِسَبَبِ الْعَيْنِ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقَدْ يُغْنِي الْعِلْمُ إلَخْ) أَيْ: إذَا حَذَفَ التَّقْيِيدَ بِالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ دَائِمًا (قَوْلُهُ: وَثَمَّ دَيْنٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ) صُورَتُهُ كَمَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ أَنْ يَكُونَ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ دَيْنٌ فَيَبِيعَهُ شَيْئًا بِشَرْطِ أَنْ يَرْهَنَ بِدَيْنِهِ الْقَدِيمِ أَوْ بِهِ وَبِالْجَدِيدِ، وَحِينَئِذٍ فَفِي قَوْلِ الشَّارِحِ أَوْ ظَنَّ صِحَّةَ شَرْطِ رَهْنٍ فَاسِدٍ مُسَاهَمَةٌ، وَالْعِبَارَةُ الصَّحِيحَةُ أَنْ يُقَالَ: أَوْ ظَنَّ صِحَّةَ شَرْطِ رَهْنٍ فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: فَاسِدٌ وَصْفًا لِشَرْطٍ. (قَوْلُهُ: لَوْ اسْتَثْنَى ابْنُ خَيْرَانَ) لَا مَوْقِعَ لِلتَّعْبِيرِ بِالِاسْتِثْنَاءِ هُنَا فَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الرَّهْنِ مُوَافِقٌ لِمَا مَرَّ لَا مُخَالِفٌ لَهُ، وَأَمَّا الضَّمَانُ فَلَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ فِي كَلَامِهِ. (قَوْلُهُ: وَهُمَا مُنْتَفِيَانِ) أَيْ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ مَوْضُوعَةٌ شَرْعًا لِتِسْعَةٍ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ الشِّهَابُ حَجّ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْخِيَارِ) وَكَذَا فِي زَمَنِهِ كَمَا سَيَأْتِي

الْمَضْمُونَةِ كَالْمَأْخُوذَةِ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَوْ السَّوْمِ وَ (الْمَغْصُوبَةُ وَالْمُسْتَعَارُ) وَأُلْحِقَ بِهَا مَا يَجِبُ رَدُّهُ فَوْرًا كَالْأَمَانَةِ الشَّرْعِيَّةِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ الرَّهْنَ فِي الْمُدَايَنَةِ فَلَا يَثْبُتُ فِي غَيْرِهَا، وَلِأَنَّهَا لَا تُسْتَوْفَى مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ فَيَدُومُ حَبْسُهُ لَا إلَى غَايَةٍ، وَالثَّانِي يَصِحُّ كَضَمَانِهَا، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الضَّامِنَ لِلْعَيْنِ يَقْدِرُ عَلَى تَحْصِيلِهَا فَيَحْصُلُ الْمَطْلُوبُ بِالضَّمَانِ، وَحُصُولُ الْعَيْنِ مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ لَا يُتَصَوَّرُ، أَمَّا الْأَمَانَةُ كَالْوَدِيعَةِ فَلَا يَصِحُّ بِهَا جَزْمًا، وَبِهِ عُلِمَ بُطْلَانُ مَا اُعْتِيدَ مِنْ أَخْذِ رَهْنٍ مِنْ مُسْتَعِيرِ كِتَابٍ مَوْقُوفٍ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ مِنْ لُزُومِ شَرْطِ الْوَاقِفِ ذَلِكَ، وَالْعَمَلُ بِهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ رَهْنٌ بِالْعَيْنِ لَا سِيَّمَا وَهِيَ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ لَوْ تَلِفَتْ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ وَبِأَنَّ الرَّاهِنَ بَعْضُ الْمُسْتَحِقِّينَ وَهُوَ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ: إنْ عَنَى الرَّهْنَ الشَّرْعِيَّ فَبَاطِلٌ أَوْ اللُّغَوِيَّ وَأَرَادَ أَنْ يَكُونَ الْمَرْهُونُ تَذْكِرَةً صَحَّ وَإِنْ جُهِلَ مُرَادُهُ اُحْتُمِلَ بُطْلَانُ الشَّرْطِ حَمْلًا عَلَى الشَّرْعِيِّ، فَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ بِرَهْنِ تَعَذُّرِهِ وَلَا بِغَيْرِهِ لِمُخَالَفَتِهِ لِلشَّرْطِ أَوْ لِفَسَادِ الِاسْتِثْنَاءِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا يَخْرُجُ مُطْلَقًا، وَشَرْطُ هَذَا صَحِيحٌ لِأَنَّ خُرُوجَهُ مَظِنَّةُ ضَيَاعِهِ، وَاحْتُمِلَ صِحَّتُهُ حَمْلًا عَلَى اللُّغَوِيِّ وَهُوَ الْأَقْرَبُ تَصْرِيحًا لِلْكَلَامِ مَا أَمْكَنَ انْتَهَى. وَاعْتَرَضَ الزَّرْكَشِيُّ تَرْجِيحَهُ بِأَنَّ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ لَا تَتْبَعُ اللُّغَةَ، وَكَيْفَ يُحْكَمُ بِصِحَّتِهِ مَعَ امْتِنَاعِ حَبْسِهِ شَرْعًا فَلَا فَائِدَةَ لَهَا. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا عُمِلَ بِشَرْطِهِ مَعَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ إلَّا بِإِعْطَاءِ الْآخِذِ وَثِيقَةً تَبْعَثُهُ عَلَى إعَادَتِهِ وَتُذَكِّرُهُ بِهِ حَتَّى لَا يَنْسَاهُ وَإِنْ كَانَ ثِقَةً لِأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ قَدْ يَتَبَاطَأُ فِي رَدِّهِ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ وَيَبْعَثُ النَّاظِرَ عَلَى طَلَبِهِ لِأَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِ مُرَاعَاتُهَا، وَإِذَا قُلْنَا بِهَذَا فَالشَّرْطُ بُلُوغُهَا ثَمَنَهُ لَوْ أَمْكَنَ بَيْعُهُ عَلَى مَا بُحِثَ إذْ لَا يُبْعَثُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا حِينَئِذٍ وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ اعْتِبَارِ شَرْطِ عَدَمِ إخْرَاجِهِ وَإِنْ أَلْغَيْنَا شَرْطَ الرَّهْنِ مَا لَمْ يَتَعَسَّرْ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَإِلَّا جَازَ إخْرَاجُهُ مِنْهُ لِمَوْثُوقٍ بِهِ يَنْتَفِعُ بِهِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَيَرُدُّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بِهَا) أَيْ الْعَيْنِ الْمَضْمُونَةِ (قَوْلُهُ: وَرَدَّهَا فَوْرًا) الْمُرَادُ بِرَدِّهَا فَوْرًا إعْلَامُ مَالِكِهَا وَبَعْدَ الْإِعْلَامِ سَقَطَ الْوُجُوبُ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِهَا لِأَنَّهَا صَارَتْ كَالْوَدِيعَةِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي يَصِحُّ كَضَمَانِهَا) قَضِيَّتُهُ صِحَّةُ ضَمَانِ الْأَمَانَةِ الشَّرْعِيَّةِ لِإِلْحَاقِهِ لَهَا بِالْعَيْنِ الْمَضْمُونَةِ، وَظَاهِرُهُ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِيهَا بِتَوْجِيهِهِ، وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ لِتَخْصِيصِهِمْ صِحَّةَ ضَمَانِ الْعَيْنِ بِالْمَضْمُونَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَبِهِ عُلِمَ) أَيْ بِقَوْلِهِ أَمَّا الْأَمَانَةُ إلَخْ (قَوْلُهُ مِنْ مُسْتَعِيرٍ) فِيهِ تَجَوُّزٌ، فَإِنْ أَخَذَهُ لِيَنْتَفِعَ بِهِ لَا يُسَمَّى اسْتِعَارَةً فَإِنَّ النَّاظِرَ مَثَلًا لَا يَمْلِكُ الْمَنْفَعَةَ حَتَّى يُعِيرَ (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الرَّاهِنُ (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ مُسْتَحَقًّا (قَوْلُهُ: وَقَالَ السُّبْكِيُّ) : قَالَ سم عَلَى حَجّ: الْمُعْتَمَدُ بُطْلَانُ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ مُطْلَقًا، وَلَا مُعَوَّلَ عَلَى مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ، نَعَمْ يَنْبَغِي امْتِنَاعُ إخْرَاجِ الْكِتَابِ مِنْ مَحَلِّهِ حَيْثُ تَأَتَّى الِانْتِفَاعُ بِهِ فِيهِ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا يَتَضَمَّنُ مَنْعَ الْوَاقِفِ إخْرَاجَهُ فَيَعْمَلُ بِهِ بِالنِّسْبَةِ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَاحْتَمَلَ صِحَّتَهُ) أَيْ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ: وَاعْتَرَضَ الزَّرْكَشِيُّ تَرْجِيحَهُ) أَيْ صِحَّةِ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ: فَلَا فَائِدَةَ لَهَا) أَيْ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ وَأُجِيبَ عَنْهُ) أَيْ فَيَكُونُ الشَّرْطُ صَحِيحًا يُعْمَلُ بِهِ لَكِنْ قَالَ سم مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: مَعَ ذَلِكَ) أَيْ مَعَ إرَادَةِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ حَيْثُ عُلِمَ أَنَّهُ أَرَادَهُ أَوْ الْحَمْلُ عَلَيْهِ حَيْثُ جُهِلَ مُرَادُهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ إخْرَاجُهُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ رَهْنٍ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ خَالَفَ وَاضِعُ الْيَدِ عَلَى الْكُتُبِ الْمَذْكُورَةِ وَأَخَذَ رَهْنًا وَتَلِفَ عِنْدَهُ فَلَا ضَمَانَ لِأَنَّ حُكْمَ فَاسِدِ الْعُقُودِ كَصَحِيحِهَا فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ، أَمَّا لَوْ أَتْلَفَهُ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ بِقِيمَتِهِ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ مَمْلُوكًا (قَوْلُهُ: فِي مَحَلٍّ آخَرَ) أَيْ وَلَوْ بَعِيدًا عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَمَّا الْأَمَانَةُ) أَيْ: الْجَعْلِيَّةُ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ) اُنْظُرْ مَا مَوْقِعُ الْإِشَارَةِ (قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ اعْتِبَارِ شَرْطِ عَدَمِ إخْرَاجِهِ إلَخْ) فُهِمَ مِنْهُ وُجُوبُ اتِّبَاعِ شَرْطِ الْوَاقِفِ فِي عَدَمِ إخْرَاجِهِ مِنْ مَحَلِّهِ وَهُوَ مَا بَحَثَهُ سم قَالَ:؛ لِأَنَّ

[الرهن بما ليس بثابت]

لِمَحَلِّهِ عِنْدَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (وَلَا) يَصِحُّ الرَّهْنُ (بِمَا) لَيْسَ بِثَابِتٍ سَوَاءٌ أَوُجِدَ سَبَبُ وُجُوبِهِ كَنَفَقَةِ زَوْجَتِهِ فِي الْغَدِ أَمْ لَا كَرَهْنِهِ عَلَى مَا (سَيُقْرِضُهُ) أَوْ سَيَشْتَرِيهِ لِأَنَّهُ وَثِيقَةُ حَقٍّ فَلَا تَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ كَالشَّهَادَةِ، وَعَنْ ذَلِكَ الدَّاخِلُ فِي الدَّيْنِ بِتَجَوُّزٍ احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ ثَابِتًا، وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ خَرَجَتْ عَنْ الصِّحَّةِ بِقَوْلِهِ دَيْنًا كَذَا قَالَهُ الشَّارِحُ مُشِيرًا لِلرَّدِّ بِهِ عَلَى مَنْ قَالَ مِنْ الشُّرَّاحِ: إنَّ قَوْلَهُ لَازِمٌ يُغْنِي عَنْ ثَابِتٍ لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: دَيْنُ الْقَرْضِ ثَابِتٌ وَدَيْنُ الْكِتَابَةِ غَيْرُ لَازِمٍ: أَيْ فِي حَدِّ ذَاتِهِمَا، فَدَفَعَ الْمُصَنِّفُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَلَا يَصِحُّ بِمَا سَيُقْرِضُهُ إلَى آخِرِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ حَقِيقَةً فَلَيْسَ بِثَابِتٍ وَحِينَئِذٍ فَكَانَ يَسْتَغْنِي عَنْ ثَابِتٍ بِلَازِمٍ. (وَ) قَدْ يُغْتَفَرُ تَقَدُّمُ أَحَدِ شِقَّيْ الرَّهْنِ عَلَى ثُبُوتِ الدَّيْنِ لِحَاجَةِ التَّوَثُّقِ كَمَا (لَوْ) (قَالَ: أَقْرَضْتُك هَذِهِ الدَّرَاهِمَ وَارْتَهَنْت بِهَا عَبْدَك) هَذَا أَوْ الَّذِي صِفَتُهُ كَذَا (فَقَالَ: اقْتَرَضْت وَرَهَنْت، أَوْ قَالَ بِعْتُكَهُ بِكَذَا وَارْتَهَنْت) بِثَمَنِهِ هَذَا (الثَّوْبَ) أَوْ مَا صِفَتُهُ كَذَا (فَقَالَ: اشْتَرَيْت وَرَهَنْت صَحَّ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ شَرْطَ الرَّهْنِ فِي ذَلِكَ جَائِزٌ فَمَزْجُهُ أَوْلَى لِأَنَّ التَّوَثُّقَ فِيهِ آكَدُ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَفِي ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُ، لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِبَلَدِ مَا شَرْطَ عَدَمَ إخْرَاجِهِ مِنْهُ رِعَايَةً لِغَرَضِ الْوَاقِفِ مَا أَمْكَنَ فَإِنَّهُ يَكْفِي فِي رِعَايَةِ عَرْضِهِ جَوَازُ إخْرَاجِهِ لِمَا يَقْرَبُ مِنْ ذَلِكَ الْمَحَلِّ، وَقَدْ يَشْهَدُ لَهُ مَا لَوْ انْهَدَمَ مَسْجِدٌ وَتَعَطَّلَ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَلَمْ يُرْجَ عَوْدُهُ حَيْثُ قَالُوا: تُصْرَفُ غَلَّتُهُ لِأَقْرَبِ مَسْجِدٍ إلَيْهِ، وَلَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ رِعَايَةِ الْمَصْلَحَةِ فَيُرَاعَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي إخْرَاجِ الْكُتُبِ مِنْ إعْطَاءِ نَحْوِ كُرَّاسَةٍ لِيَنْتَفِعَ بِهَا وَيُعِيدُهَا ثُمَّ يَأْخُذُ بَدَلَهَا، فَلَا يَجُوزُ إعْطَاءُ الْكِتَابِ بِتَمَامِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ مَحْبُوكًا، فَيَنْبَغِي جَوَازُ ذَلِكَ الْحَبْكَةِ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ مِنْ إخْرَاجِ جُمْلَتِهِ الَّذِي هُوَ سَبَبٌ لِضَيَاعِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالِانْتِفَاعِ بِجُمْلَتِهِ كَالْمُصْحَفِ جَازَ إخْرَاجُهُ، وَعَلَى النَّاظِرِ تَعَهُّدُهُ فِي طَلَبِ رَدِّهِ أَوْ نَقْلِهِ إلَى مَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ وَعَدَمُ قَصْرِهِ عَلَى وَاحِدٍ دُونَ غَيْرِهِ، وَمِثْلُ الْمُصْحَفِ كُتُبُ اللُّغَةِ الَّتِي يَحْتَاجُ مَنْ يُطَالِعُ كِتَابَهُ إلَى مُرَاجَعَةِ مَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ فِيهَا لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى مَقْصُودُهُ بِأَخْذِ كُرَّاسَةٍ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: أَوْ سَيَشْتَرِيهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِثَمَنِ مَا سَيَشْتَرِيهِ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ فَكَانَ إلَخْ) وَجَوَابُهُ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ فَاللُّزُومُ وَمُقَابِلُهُ وَصْفَانِ لِلدَّيْنِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُغْتَفَرُ) الْغَرَضُ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْمَرْهُونِ بِهِ دَيْنًا ثَابِتًا إذْ الْمَفْهُومُ مِنْهُ أَنَّهُ ثَابِتٌ قَبْلَ صِيغَةِ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ: أَحَدُ شِقَّيْ الرَّهْنِ) قَدْ يُقَالُ بَلْ شِقَّاهُ جَمِيعًا فِي صُورَةِ الْقَرْضِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ، إذْ مُقْتَضَى تَوَقُّفِ الْمِلْكِ عَلَى الْقَبْضِ تَوَقُّفُ الدَّيْنِيَّةِ عَلَيْهِ، إذْ كَيْفَ يَثْبُتُ بِدُونِ الْمِلْكِ فَلْيُتَأَمَّلْ، إلَّا أَنْ يُصَوِّرَ ذَلِكَ بِمَا إذَا وَقَعَ الْقَبْضُ بَيْنَ الشِّقَّيْنِ بِأَنْ عَقَّبَ قَوْلَهُ أَقْرَضْتُك هَذِهِ الدَّرَاهِمَ بِتَسَلُّمِهَا، وَقَدْ يُمْنَعُ مِلْكُهَا بِهَذَا التَّسْلِيمِ قَبْلَ تَمَامِ الْعَقْدِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: يَكْفِي مِلْكُهُ بَعْدَ تَمَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّرْطَ الْمَذْكُورَ وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا لَكِنَّهُ يَتَضَمَّنُ مَنْعَ الْوَاقِفِ إخْرَاجَهُ بِالنِّسْبَةِ لِذَلِكَ [الرَّهْنُ بِمَا لَيْسَ بِثَابِتٍ] . (قَوْلُهُ: الدَّاخِلُ فِي الدَّيْنِ بِتَجَوُّزٍ) أَيْ لِعَلَاقَةِ الْأَوَّلِ، لَكِنْ هَذَا لَا يُنَاسِبُ مَا قَدَّمَهُ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ ثَابِتًا. (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ خَرَجَتْ إلَخْ) إنَّمَا سَاقَهُ الشَّارِحُ الْجَلَالُ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَلَا يَصِحُّ بِالْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ وَالْمُسْتَعَارَةِ فِي الْأَصَحِّ، فَمُرَادُهُ بِالْمَسَائِلِ الْعَيْنُ الْمَغْصُوبَةُ وَالْمُسْتَعَارَةُ وَالْمَأْخُوذَةُ بِالسَّوْمِ الَّتِي زَادَهَا هُوَ عَلَى الْمَتْنِ، فَسِيَاقُ الشَّارِحِ لَهُ هُنَا فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ مَعَ أَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ الشَّارِحَ الْجَلَالَ سَاقَهُ مُتَّصِلًا بِقَوْلِهِ الدَّاخِلُ فِي الدَّيْنِ بِتَجَوُّزٍ، وَقَوْلُهُ: مُشِيرًا لِلرَّدِّ بِهِ: يَعْنِي بِقَوْلِهِ وَعَنْ ذَلِكَ الدَّاخِلُ فِي الدَّيْنِ بِتَجَوُّزٍ اُحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ ثَابِتًا، وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُ الضَّمِيرِ فِيهِ لِقَوْلِهِ هَذِهِ الْمَسَائِلُ إلَخْ؛ لِأَنَّ مِنْ الْوَاضِحِ أَنَّ الشَّارِحَ الْجَلَالَ إنَّمَا أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ مُحْتَرَزَ الْقُيُودِ السَّابِقَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ كَلَامِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ دَيْنُ الْقَرْضِ ثَابِتٌ إلَخْ) كَلَامٌ مُحَرَّفٌ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ: وَلَا يُغْنِي عَنْ الثَّابِتِ اللَّازِمِ؛ لِأَنَّ الثُّبُوتَ مَعْنَاهُ الْوُجُودُ فِي الْحَالِ، وَاللُّزُومُ وَعَدَمُهُ صِفَةُ الدَّيْنِ فِي نَفْسِهِ لَا يَتَوَقَّفُ صِدْقُهُ عَلَى وُجُودِ الدَّيْنِ كَمَا يُقَالُ دَيْنُ الْقَرْضِ لَازِمٌ وَدَيْنُ الْكِتَابَةِ غَيْرُ لَازِمٍ، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الدَّيْنِ اللَّازِمِ لَوَرَدَ عَلَيْهِ مَا يَسْتَقْرِضُهُ

[الرهن بنجوم الكتابة]

بِالشَّرْطِ، وَيُفَارِقُ بُطْلَانَ كَاتَبْتُك بِكَذَا وَبِعْتُك هَذَا بِدِينَارٍ فَقَبِلَهُمَا بِأَنَّ الرَّهْنَ مِنْ مَصَالِحِ الْبَيْعِ وَالْقَرْضِ وَلِهَذَا جَازَ شَرْطُهُ فِيهِمَا مَعَ امْتِنَاعِ شَرْطِ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَالْكِتَابَةِ، قَالَ الْقَاضِي: وَيُقَدَّرُ فِي الْمَبِيعِ وُجُوبُ الثَّمَنِ وَانْعِقَادُ الرَّهْنِ عَقِبَهُ كَمَا يُقَدَّرُ الْمِلْكُ بِالْبَيْعِ الْمُلْتَمَسِ فِي الْبَيْعِ الضِّمْنِيِّ اهـ. وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الِاحْتِيَاجِ لِذَلِكَ هُنَا لِاغْتِفَارِ التَّقَدُّمِ فِيهِ لِلْحَاجَةِ كَمَا تَقَرَّرَ بِخِلَافِ ذَلِكَ لَا بُدَّ مِنْهُ فِيهِ، وَاسْتُفِيدَ مِنْ صَنِيعِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الشَّرْطَ وُقُوعُ أَحَدِ شِقَّيْ الرَّهْنِ بَيْنَ شِقَّيْ نَحْوِ الْبَيْعِ وَالْآخَرُ بَعْدَهُمَا، فَيَصِحُّ إذْ قَالَ: بِعْنِي هَذَا بِكَذَا وَرَهَنْت بِهِ هَذَا فَقَالَ: بِعْت وَارْتَهَنْت. وَلَوْ قَالَ: بِعْتُك أَوْ زَوَّجْتُك أَوْ أَجَّرْتُك بِكَذَا عَلَى أَنْ تَرْهَنَنِي كَذَا فَقَالَ: اشْتَرَيْت أَوْ تَزَوَّجْت أَوْ اسْتَأْجَرْت وَرَهَنْت صَحَّ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي وَإِنْ لَمْ يَقُلْ الْأَوَّلُ بَعْدَ ارْتَهَنْت أَوْ قَبِلْت لِتَضَمُّنِ هَذَا الشَّرْطِ الِاسْتِيجَابَ وَمِنْ صُوَرِ الْمَزْجِ أَنْ يَقُولَ: بِعْنِي عَبْدَك بِكَذَا وَرَهَنْت بِهِ الثَّوْبَ فَيَقُولُ: بِعْت وَارْتَهَنْت، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يَصِحُّ قَالَ الرَّافِعِيِّ: وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ أَحَدَ شِقَّيْ الْعَقْدِ قَدْ تَقَدَّمَ عَلَى ثُبُوتِ الدَّيْنِ. وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ ذَلِكَ اُغْتُفِرَ لِحَاجَةِ التَّوَثُّقِ. (وَلَا يَصِحُّ) الرَّهْنُ بِغَيْرِ لَازِمٍ وَلَا آيِلٍ لِلُّزُومِ وَلَوْ ثَابِتًا لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي التَّوَثُّقِ بِدَيْنٍ يَتَمَكَّنُ الْمَدِينُ مِنْ إسْقَاطِهِ فَلَا يَصِحُّ (بِنُجُومِ الْكِتَابَةِ) لِمَا سَلَفَ (وَلَا يَجْعَلُ الْجَعَالَةَ قَبْلَ الْفَرَاغِ) وَلَوْ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ بِخِلَافِهِ بَعْدَ الْفَرَاغِ لِلُّزُومِ حِينَئِذٍ (وَقِيلَ: يَجُوزُ بَعْدَ الشُّرُوعِ) لِانْتِهَاءِ الْأَمْرِ فِيهِ إلَى اللُّزُومِ كَالثَّمَنِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَرُدَّ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبَيْعِ اللُّزُومُ إذْ الْقَصْدُ مِنْهُ الدَّوَامُ، بِخِلَافِ الْجَعَالَةِ لِجَوَازِ فَسْخِهَا مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ فَيَسْقُطُ بِهِ الْجُعْلُ وَإِنْ لَزِمَ الْجَاعِلَ بِفَسْخِهِ وَحْدَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ (وَيَجُوزُ) الرَّهْنُ (بِالثَّمَنِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ) لِأَنَّهُ آيِلٌ إلَى اللُّزُومِ، وَالْأَصْلُ فِي وَضْعِهِ اللُّزُومُ كَمَا تَقَرَّرَ. وَمَحَلُّهُ حَيْثُ مَلَكَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ بِأَنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ كَمَا مَرَّ، وَلَا يُبَاعُ الْمَرْهُونُ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْخِيَارِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَدَخَلَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي قَوْلِهِ لَازِمًا بِتَجَوُّزٍ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ مِنْ عَادَةِ الْمُصَنِّفِ ذِكْرَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ ثُمَّ يَذْكُرُ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ بَعْدَهُ. (وَ) يَجُوزُ (بِالدَّيْنِ) الْوَاحِدِ (رَهْنٌ بَعْدَ رَهْنٍ) وَإِنْ كَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْعَقْدِ وَصُدِّقَ أَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ إلَّا أَحَدُ الشِّقَّيْنِ اهـ سم عَلَى حَجّ هَذَا وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّوَقُّفِ فِي الْقَرْضِ يَأْتِي مِثْلُهُ فِي الثَّمَنِ إذَا شُرِطَ فِي الْبَيْعِ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا، بَلْ وَكَذَا لَوْ لَمْ يُشْرَطْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ فِي زَمَنِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ مَوْقُوفٌ وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَالْكِتَابَةِ) أَيْ فَإِنَّ الْكِتَابَةَ لَيْسَتْ مِنْ مَصَالِحِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الِاحْتِيَاجِ لِذَلِكَ) أَيْ لِتَقْدِيرِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ (قَوْلُهُ كَمَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَقَدْ يُغْتَفَرُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ: بِعْتُك) لَيْسَ هَذَا تَكْرَارًا مَعَ مَا تَقَدَّمَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الصِّيغَةِ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ بِعْتُك هَذَا بِكَذَا عَلَى أَنْ تَرْهَنَنِي إلَخْ لِذِكْرِهِ هُنَا مَعَ الْبَيْعِ التَّزْوِيجَ وَالْإِجَارَةَ، وَنَقَلَهُ عَنْ ابْنِ الْمُقْرِي فَفِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ثَمَّ (قَوْلُهُ: أَنْ يَقُولَ: بِعْنِي) يُغْنِي عَنْهَا قَوْلُهُ أَوَّلًا فَيَصِحُّ إذَا قَالَ: بِعْنِي هَذَا بِكَذَا وَرَهَنْت بِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِمَا سَلَفَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ لِانْتِهَاءِ الْأَمْرِ) أَيْ لِأَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ يَصِيرُ إلَى اللُّزُومِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِي وَضْعِهِ) عَطْفٌ مُغَايِرٌ لِلْأَيْلُولَةِ إلَى اللُّزُومِ لِأَنَّ مَعْنَاهَا أَنَّهُ بَعْدَ مُدَّةِ الْخِيَارِ يَصِيرُ لَازِمًا بِالْفِعْلِ. وَمَعْنَى أَنَّ أَصْلَ وَضْعِهِ اللُّزُومُ أَنَّهُ الْمَقْصُودُ مِنْ الدَّوَامِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَذْكُرُ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ بَعْدَهُ) وَقَدْ يُقَالُ: لَيْسَ مُرَادُ الشَّارِحِ بِذَلِكَ الِاعْتِرَاضَ بَلْ دَفْعَ مَا يُقَالُ صِحَّةُ الرَّهْنِ بِذَلِكَ تُنَافِي اشْتِرَاطَ اللُّزُومِ فِي الدَّيْنِ (قَوْلُهُ وَلَا يُبَاعُ الْمَرْهُونُ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْخِيَارِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الثَّمَنُ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا وَتَوَافَقَا عَلَى بَيْعِهِ وَتَعْجِيلِ الثَّمَنِ لَكِنْ بِشَرْطِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَنَحْوُهُ مِمَّا لَمْ يَثْبُتْ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: قَالَ الْقَاضِي وَيُقَدَّرُ فِي الْبَيْعِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الْقَاضِي فِي صُورَةِ الْبَيْعِ: وَيُقَدَّرُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمِنْ صُوَرِ الْمَزْجِ أَنْ يَقُولَ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُكَرَّرٌ [الرَّهْنُ بِنُجُومِ الْكِتَابَةِ] . (قَوْلُهُ: يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ مِنْ عَادَةِ الْمُصَنِّفِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ غَرَضَ الشَّارِحِ الْجَلَالِ إنَّمَا هُوَ الْجَوَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يُقَالُ عَلَيْهِ إنَّ الْقُيُودَ الَّتِي ذَكَرَهَا

[لا يلزم الرهن من جهة راهنه إلا بإقباضه]

جِنْسُهُمَا مُخْتَلِفًا لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ فِي الْوَثِيقَةِ وَيَصِيرَا كَمَا لَوْ رَهَنَهُمَا مَعًا (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرْهَنَهُ الْمَرْهُونَ) مَفْعُولٌ ثَانٍ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ، وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ إنَّ تَرْكِيبَ الْمُصَنِّفِ هُنَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَإِنَّ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ مُتَعَلِّقٌ بِرَهْنٍ وَهُوَ مَصْدَرٌ وَتَقْدِيمُ مَعْمُولِ الْمَصْدَرِ مُمْتَنِعٌ مَرْدُودٌ بِقَوْلِ التَّفْتَازَانِي إنَّ الْحَقَّ جَوَازُ ذَلِكَ فِي الظُّرُوفِ لِأَنَّهَا مِمَّا يَكْفِيهِ رَائِحَةُ الْفِعْلِ انْتَهَى. وَفَصَّلَ ابْنُ هِشَامٍ فِي شَرْحِ بَانَتْ سُعَادُ فَقَالَ مَا حَاصِلُهُ: إنْ كَانَ الْمَصْدَرُ يَنْحَلُّ لَأَنْ وَالْفِعْلِ امْتَنَعَ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ لَا يَنْحَلُّ لَأَنْ وَالْفِعْلِ جَازَ مُطْلَقًا، ثُمَّ قَالَ: وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ يَذْهَلُ عَنْ هَذَا فَيَمْنَعُ تَقْدِيمَ مَعْمُولِ الْمَصْدَرِ مُطْلَقًا (عِنْدَهُ بِدَيْنٍ آخَرَ) مَعَ بَقَاءِ رَهْنِهِ الْأَوَّلِ (فِي الْجَدِيدِ) وَإِنْ وَفَّى بِالدِّينَيْنِ أَوْ كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَمَا لَا يَجُوزُ رَهْنُهُ عِنْدَ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ، وَالْقَدِيمُ الْجَوَازُ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ أَيْضًا، كَمَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى الرَّهْنِ بِدَيْنٍ وَاحِدٍ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ ذَلِكَ شُغْلٌ فَارِغٌ فَهُوَ زِيَادَةٌ فِي التَّوْثِقَةِ وَهَذَا شُغْلٌ مَشْغُولٌ فَهُوَ نَقْصٌ مِنْهَا. نَعَمْ لَوْ فَدَى الْمُرْتَهِنُ مَرْهُونًا جَنَى أَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالرُّويَانِيُّ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ أَوْ الْحَاكِمُ لِنَحْوِ غَيْبَةِ الرَّاهِنِ أَوْ عَجْزِهِ لِيَكُونَ مَرْهُونًا بِالْفِدَاءِ وَالنَّفَقَةِ أَيْضًا صَحَّ لِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةَ حِفْظِ الرَّهْنِ. وَلَوْ رَهَنَ الْوَارِثُ التَّرِكَةَ الَّتِي عَلَيْهَا الدَّيْنُ وَلَوْ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ لَهَا مِنْ غَرِيمِ الْمَيِّتِ بِدَيْنٍ آخَرَ لَمْ يَصِحَّ كَالْعَبْدِ الْجَانِي وَتَنْزِيلًا لِلرَّهْنِ الشَّرْعِيِّ مَنْزِلَةَ الْجُعْلِيِّ (وَلَا يَلْزَمُ) الرَّهْنُ مِنْ جِهَةِ رَاهِنِهِ (إلَّا) بِإِقْبَاضِهِ أَوْ (بِقَبْضِهِ) أَيْ الْمُرْتَهَنَ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ مَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنْ لَا يَجْعَلَا الْإِذْنَ مَشْرُوطًا بِإِرَادَةِ التَّعْجِيلِ بَلْ يَتَوَافَقَانِ عَلَى الْبَيْعِ حَالًّا، ثُمَّ بَعْدَ الْبَيْعِ يَجْعَلُهُ لَهُ كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي آخِرَ الْفَصْلِ، وَلَوْ أَذِنَ فِي بَيْعِهِ لِيُعَجِّلَ الْمُؤَجَّلَ مِنْ ثَمَنِهِ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرْهَنَهُ الْمَرْهُونُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيُوَجَّهُ بِبَقَاءِ عَقْدِ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ وَبِأَنَّ لَهُ طَرِيقًا إلَى جَعْلِهِ رَهْنًا بِالدَّيْنَيْنِ بِأَنْ يَفْسَخَ الْعَقْدَ الْأَوَّلَ وَيُنْشِئَ رَهْنَهُ بِهِمَا (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ) هُوَ قَوْلُهُ بِالدَّيْنِ (قَوْلُهُ: فِي شَرْحِ بَانَتْ) أَيْ فَارَقَتْ (قَوْلُهُ: يَنْحَلُّ لَأَنْ وَالْفِعْلِ) أَيْ وَمَا هُنَا مِنْهُ فَإِنَّهُ يَنْحَلُّ إلَى نَحْوِ وَيَجُوزُ أَنْ يُرْهَنَ بِالدَّيْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ أُنْفِقَ عَلَيْهِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ) قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ فَدَى الْجَانِي بِلَا إذْنٍ هَلْ يَصِحُّ الْقَبْضُ وَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا بِهِ كَمَنْ وَفَى دَيْنَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَمْ يَبْطُلُ وَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَدْفُوعِ لَهُ بِمَا دَفَعَهُ لَهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهُ إنَّمَا أَدَّى عَلَى ظَنِّ الصِّحَّةِ وَأَنَّهُ يَصِيرُ مَرْهُونًا بِالدَّيْنَيْنِ وَلَا سِيَّمَا إذَا شَرَطَ ذَلِكَ عِنْدَ الدَّفْعِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ قَالَ فِيهِ سم عَلَى حَجّ: ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ قَادِرًا. قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَنَظَرَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ إذَا كَانَ قَادِرًا، ثُمَّ قَالَ: وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا عَجَزَ، أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَبِهِ جَزَمَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ وسم أَيْضًا عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ م ر. (قَوْلُهُ: بِدَيْنٍ آخَرَ) أَيْ عَلَى الْوَارِثِ (قَوْلُهُ كَالْعَبْدِ الْجَانِي) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ رَهْنُ الْمَالِكِ إيَّاهُ عَلَى دَيْنٍ عَلَيْهِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَكُونُ رَهْنًا عَلَى أَرْشِ الْجِنَايَةِ وَذَلِكَ الدَّيْنُ (قَوْلُهُ: أَوْ بِقَبْضِهِ) . ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلدَّيْنِ لَيْسَتْ مُوفِيَةً بِالْغَرَضِ إذْ يَخْرُجُ مِنْهَا مَا ذَكَرَهُ هُنَا، فَأَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي لَازِمٍ بِتَجَوُّزٍ: أَيْ بِأَنْ يُرَادَ بِاللَّازِمِ مَا وَصْفُهُ اللُّزُومُ وَلَيْسَ غَرَضُهُ الِاعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ الَّذِي فَهِمَهُ عَنْهُ الشَّارِحُ وَأَجَابَ عَنْهُ بِمَا ذَكَرَهُ عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ مَا هُنَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَلَوْ قَالَ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى مَا هُنَا لِخَفَائِهِ لَكَانَ وَاضِحًا . (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ إنَّ تَرْكِيبَ الْمُصَنِّفِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَبِالدَّيْنِ رَهْنٌ بَعْدَ رَهْنٍ وَكَانَ الْأَوْلَى بِالشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَ هَذَا عَقِبَهُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مِمَّا تَكْفِيهِ رَائِحَةُ الْفِعْلِ) اُنْظُرْ هَذَا التَّعْلِيلَ فَإِنَّ النِّزَاعَ لَيْسَ فِي الْعَمَلِ بَلْ فِي التَّقْدِيمِ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْمَصْدَرُ يَنْحَلُّ إلَخْ) أَيْ: وَعَلَيْهِ فَاعْتِرَاضُ الْإِسْنَوِيِّ مُتَوَجِّهٌ عَلَى الْمَتْنِ وَإِنْ كَانَ إطْلَاقُهُ الْمَنْعَ مَمْنُوعًا [لَا يَلْزَمُ الرَّهْنُ مِنْ جِهَةِ رَاهِنِهِ إلَّا بِإِقْبَاضِهِ] .

إذْنِهِ لَهُ فِيهِ إنْ كَانَ الْمُقْبَضُ غَيْرَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] فَلَوْ لَزِمَ بِدُونِ الْقَبْضِ لَمْ يَكُنْ لِلتَّقْيِيدِ بِهِ فَائِدَةٌ، وَلِأَنَّهُ عَقْدُ إرْفَاقٍ كَالْقَرْضِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ، وَلَا تُرَدُّ الْوَصِيَّةُ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُوصَى لَهُ مُعَيَّنًا فَلِلرَّاهِنِ الرُّجُوعُ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ. أَمَّا الْمُرْتَهِنُ لِنَفْسِهِ فَلَا يَلْزَمُ فِي حَقِّهِ بِحَالٍ. وَقَدْ يُتَصَوَّرُ فَسْخُهُ لِلرَّهْنِ بَعْدَ قَبْضِهِ كَأَنْ يَكُونَ الرَّاهِنُ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ وَيَقْبِضَهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ مِنْ الْمَجْلِسِ ثُمَّ يُفْسَخَ الْبَيْعُ فَيَنْفَسِخَ الرَّهْنُ تَبَعًا كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْخِيَارِ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ الْقَبْضُ وَالْإِقْبَاضُ (مِمَّنْ يَصِحُّ عَقْدُهُ) أَيْ الرَّهْنُ فَلَا يَصِحُّ مِنْ نَحْوِ مَجْنُونٍ وَمَحْجُورٍ وَمُكْرَهٍ وَصَبِيٍّ لِانْتِفَاءِ أَهْلِيَّتِهِمْ، وَلَا مِنْ وَكِيلِ رَاهِنٍ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَبْلَ إقْبَاضِ وَكِيلِهِ، وَلَا مِنْ مُرْتَهِنٍ أَذِنَ لَهُ الرَّاهِنُ أَوْ أَقْبَضَهُ فَطَرَأَ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ غَيْرُ الْمَأْذُونِ فَإِنَّهُ تَصِحُّ وَكَالَتُهُ فِي الْقَبْضِ مَعَ عَدَمِ صِحَّةِ ارْتِهَانِهِ، وَكَذَا سَفِيهٌ ارْتَهَنَ وَلِيَّهُ عَلَى دَيْنِهِ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِ الرَّهْنِ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْأَوَّلَ كَمَا يَأْتِي. وَالثَّانِي إنْ سَلَّمَ مَا ذَكَرَ فِيهِ تَعَيَّنَ كَوْنُهُ بِحَضْرَةِ الْوَلِيِّ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ الْقَابِضُ فِي الْحَقِيقَةِ (وَتَجْرِي فِيهِ) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْ الْإِقْبَاضِ وَالْقَبْضِ (النِّيَابَةُ) كَالْعَقْدِ (لَكِنْ لَا يَسْتَنِيبُ) الْمُرْتَهِنُ فِي الْقَبْضِ (رَاهِنًا) مُقْبِضًا لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى اتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الرَّاهِنُ وَكِيلًا فِي عَقْدِ الرَّهْنِ فَقَطْ أَوْ وَلِيًّا فَرَشَّدَ مُوَلِّيَهُ أَوْ عُزِلَ هُوَ جَازَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَسْتَنِيبَهُ فِي الْقَبْضِ مِنْ الْمَالِكِ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ، وَمَا قِيلَ مِنْ إنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى لَهُ أَنْ يَقُولَ وَلَا عَكْسَهُ لِأَنَّ الرَّاهِنَ لَوْ قَالَ لِلْمُرْتَهِنِ وَكَّلْتُك فِي قَبْضِهِ لِنَفْسِك لَمْ يَصِحَّ وَقَدْ تَوَقَّفَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ، فَإِنَّهُمْ أَطْلَقُوا أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِهِ صَحَّ وَهُوَ إنَابَةٌ فِي الْمَعْنَى رُدَّ بِأَنَّ إذْنَهُ إقْبَاضٌ مِنْهُ لَا تَوْكِيلٌ (وَلَا) يَسْتَنِيبُ (عَبْدَهُ) أَيْ رَقِيقُ الرَّاهِنِ لِأَنَّ يَدَهُ كَيَدِهِ سَوَاءٌ الْمُدَبَّرُ وَالْمَأْذُونُ لَهُ وَغَيْرُهُمَا، وَلَا يُعَارِضُهُ مَا لَوْ وَكَّلَ رَجُلٌ الْعَبْدَ فِي شِرَاءِ نَفْسِهِ مِنْ مَوْلَاهُ حَيْثُ يَصِحُّ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِيمَا لَوْ وَكَّلَ مَوْلَاهُ لِأَنَّ شِرَاءَ الْعَبْدِ نَفْسَهُ صَحِيحٌ فِي الْجُمْلَةِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ فَلَمْ يَنْظُرُوا فِيهِ إلَى تَنْزِيلِ الْعَبْدِ مَنْزِلَةَ مَوْلَاهُ فِي ذَلِكَ (وَفِي الْمَأْذُونِ لَهُ) فِي التِّجَارَةِ (وَجْهٌ) لِانْفِرَادِهِ بِالْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ كَالْمُكَاتَبِ وَيُرَدُّ بِاللُّزُومِ مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ فِي الْمُكَاتَبِ بِخِلَافِ الْمَأْذُونِ (وَيَسْتَنِيبُ مُكَاتَبَهُ) لِاسْتِقْلَالِهِ بِالْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَمِثْلُهُ الْمُبَعَّضُ إنْ كَانَ بَيْنَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَرْعٌ] لَوْ أَقَبَضَهُ الْمَرْهُونَ وَلَمْ يَقْصِدْ أَنَّهُ عَنْ الرَّهْنِ فَوَجْهَانِ بِلَا تَرْجِيحٍ قَالَ مَرَّ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ عَنْ الرَّهْنِ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ وَيَكُونُ أَمَانَةً فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَجِبُ رَدُّهُ مَتَى طَلَبَهُ الْمَالِكُ، وَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ الْمَالِكِ فِي كَوْنِهِ لَمْ يَقْصِدْ إقْبَاضَهُ عَنْ جِهَةِ الرَّهْنِ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْمُقْبِضُ غَيْرَهُ) أَيْ أَمَّا إذَا كَانَ الْمُقْبِضُ الرَّاهِنَ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِ الْمُرْتَهِنِ فِي الْقَبْضِ بَلْ يَكْفِي مُجَرَّدُ دَفْعِهِ لَهُ عَنْ جِهَةِ الرَّهْنِ حَيْثُ نَوَى أَنَّ الدَّفْعَ عَنْ جِهَةِ الرَّهْنِ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرْنَاهُ عَنْ سم (قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ) أَيْ الْإِقْبَاضِ (قَوْلُهُ: وَلَا تُرَدُّ الْوَصِيَّةُ) أَيْ عَلَى قَوْلِهِ وَلِأَنَّهُ عَقْدُ إرْقَاقٍ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُرْتَهِنُ لِنَفْسِهِ) أَمَّا لَوْ ارْتَهَنَ لِغَيْرِهِ كَطِفْلِهِ فَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْوِيتِ عَلَى الطِّفْلِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْأَوَّلَ) هُوَ قَوْلُهُ غَيْرُ الْمَأْذُونِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ وَكَذَا سَفِيهٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ) هِيَ قَوْلُهُ لِئَلَّا يُؤَدِّي إلَخْ (قَوْلُهُ: أَنْ يَقُولَ) أَيْ بَعْدَ قَوْلِهِ رَاهِنًا (قَوْلُهُ رُدَّ بِأَنَّ إلَخْ) أَيْ فَمَا اقْتَضَاهُ تَوَقُّفُ الْأَذْرَعِيِّ فِي عَدَمِ صِحَّةِ التَّوْكِيلِ الْمَذْكُورِ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ: لِاسْتِقْلَالِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْكِتَابَةِ صَحِيحَةً ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ عَقْدُ إرْفَاقٍ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلِأَنَّهُ عَقْدُ تَبَرُّعٍ يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ فَلَا يَلْزَمُ إلَّا بِالْقَبْضِ كَالْهِبَةِ وَلَا تَرِدُ الْوَصِيَّةُ إلَخْ، وَالشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبِعَ الشِّهَابَ حَجّ فِي التَّعْلِيلِ، ثُمَّ تَبِعَ شَرْحَ الرَّوْضِ فِي قَوْلِهِ وَلَا تَرِدُ الْوَصِيَّةُ إلَخْ فَلَمْ يَلْتَئِمْ الْكَلَامُ (قَوْلُهُ: أَيْ الرَّهْنُ) فِيهِ إخْرَاجُ الضَّمِيرِ عَنْ ظَاهِرِهِ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْهُ لِصِحَّةِ الْحُكْمِ، إلَّا أَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ زِيَادَةُ لَفْظِ مِنْهُ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يَصِحُّ كَمَا صَنَعَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ . (قَوْلُهُ: رُدَّ بِأَنَّ إذْنَهُ إقْبَاضٌ إلَخْ) هَذَا لَا يَدْفَعُ الْقِيلَ

وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ وَوَقَعَ الْقَبْضُ فِي نَوْبَتِهِ وَإِنْ وَقَعَ التَّوْكِيلُ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ وَلَمْ يُشْرَطْ فِيهِ الْقَبْضُ فِي نَوْبَتِهِ. (وَلَوْ) (رَهَنَ) مَا لَهُ بِيَدِ غَيْرِهِ مِنْهُ كَأَنْ رَهَنَ (وَدِيعَةً عِنْدَ مُودَعٍ أَوْ مَغْصُوبًا عِنْدَ غَاصِبٍ) أَوْ مُؤَجَّرًا عِنْدَ مُسْتَأْجِرٍ أَوْ مَقْبُوضًا بِسَوْمٍ عِنْدَ مُسْتَامٍ أَوْ مُعَارًا عِنْدَ مُسْتَعِيرٍ أَوْ مَأْخُوذًا بِبَيْعٍ فَاسِدٍ عِنْدَ آخِذِهِ (لَمْ يَلْزَمْ) هَذَا الرَّهْنُ (مَا لَمْ يَمْضِ زَمَنُ إمْكَانِ قَبْضِهِ) أَيْ الْمَرْهُونِ كَنَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ لَكَانَ اللُّزُومُ مُتَوَقِّفًا عَلَى هَذَا الزَّمَانِ وَعَلَى الْقَبْضِ، لَكِنْ سَقَطَ الْقَبْضُ إقَامَةً لِدَوَامِ الْيَدِ مَقَامَ ابْتِدَائِهَا فَبَقِيَ اعْتِبَارُ الزَّمَنِ، فَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ حَاضِرًا فِي قَبْضِهِ مَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ نَقْلُهُ إنْ كَانَ مَنْقُولًا، وَإِنْ كَانَ عَقَارًا اُعْتُبِرَ مِقْدَارُ التَّخْلِيَةِ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا، فَإِنْ كَانَ مَنْقُولًا اُعْتُبِرَ فِيهِ مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْمُضِيُّ إلَيْهِ وَنَقْلُهُ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ مُضِيُّ زَمَنٍ يُمْكِنُ الْمُضِيُّ فِيهِ إلَيْهِ وَتَخْلِيَتُهُ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْإِذْنِ أَوْ فِي انْقِضَاءِ هَذِهِ الْمُدَّةِ فَالْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ. وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ اشْتِرَاطِ ذَهَابِهِ إلَيْهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ (وَالْأَظْهَرُ اشْتِرَاطُ إذْنِهِ) أَيْ الرَّاهِنِ (فِي قَبْضِهِ) لِأَنَّ يَدَهُ كَانَتْ عَنْ غَيْرِ جِهَةِ الرَّهْنِ وَلَمْ يَقَعْ تَعَرُّضٌ لِلْقَبْضِ عَنْهُ. وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ لِأَنَّ الْعَقْدَ مَعَ صَاحِبِ الْيَدِ يَتَضَمَّنُ الْإِذْنَ فِي الْقَبْضِ، وَلَوْ رَهَنَ الْأَبُ مَالَهُ عِنْدَ طِفْلِهِ أَوْ عَكْسُهُ اُشْتُرِطَ فِيهِ مُضِيُّ مَا ذُكِرَ وَقَصَدَ الْأَبُ قَبْضًا إذَا كَانَ مُرْتَهِنًا وَإِقْبَاضًا إذَا كَانَ رَاهِنًا كَالْإِذْنِ فِيهِ (وَلَا يُبْرِئُهُ ارْتِهَانُهُ عَنْ الْغَصْبِ) وَإِنْ لَزِمَ، لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ عَقْدَ أَمَانَةٍ الْغَرَضُ مِنْهُ التَّوَثُّقُ وَهُوَ لَا يُنَافِي الضَّمَانَ فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ لَوْ تَعَدَّى فِي الْمَرْهُونِ ضَمِنَهُ مَعَ بَقَاءِ الرَّهْنِ فَإِذَا كَانَ لَا يَرْفَعُ الضَّمَانَ فَلَأَنْ لَا يَدْفَعُهُ ابْتِدَاءً أَوْلَى، وَشَمَلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ بَعْدَ الرَّهْنِ فِي إمْسَاكِهِ رَهْنًا وَمَضَتْ مُدَّةُ إمْكَانِ قَبْضِهِ، وَكَذَا لَا يَبْرَأُ الْمُسْتَعِيرُ بِالرَّهْنِ وَإِنْ مَنَعَهُ الْمُعِيرُ الِانْتِفَاعَ لِمَا مَرَّ، وَيَجُوزُ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِالْمُعَارِ الَّذِي ارْتَهَنَهُ لِبَقَاءِ الْإِعَارَةِ، فَإِنْ رَجَعَ الْمُعِيرُ فِيهِ امْتَنَعَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَلِلْغَاصِبِ إجْبَارُ الرَّاهِنِ عَلَى إيقَاعِ يَدِهِ عَلَيْهِ لِيَبْرَأَ مِنْ الضَّمَانِ ثُمَّ يَسْتَعِيدُهُ مِنْهُ بِحُكْمِ الرَّهْنِ. فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ رُفِعَ إلَى الْحَاكِمِ لِيَأْمُرَهُ بِالْقَبْضِ، فَإِنْ أَبَى قَبَضَهُ الْحَاكِمُ أَوْ مَأْذُونُهُ وَيَرُدُّهُ إلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ لَهُ الْقَاضِي: أَبْرَأْتُك أَوْ اسْتَأْمَنْتُك أَوْ أَوْدَعْتُك، قَالَ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ فِي كِتَابِهِ التَّعْلِيقِ: بَرِئَ وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ إجْبَارُهُ عَلَى رَدِّ الْمَرْهُونِ إلَيْهِ لِيُوقِعَ يَدَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَسْتَعِيدَهُ مِنْهُ الْمُرْتَهِنُ بِحُكْمِ الرَّهْنِ إذْ لَا غَرَضَ لَهُ فِي بَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمُرْتَهِنِ (وَيُبْرِئُهُ) عَنْ الْغَصْبِ (الْإِيدَاعُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْإِيدَاعَ ائْتِمَانٌ وَهُوَ يُنَافِي الضَّمَانَ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّى ـــــــــــــــــــــــــــــSوَبِهِ صَرَّحَ حَجّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ) أَيْ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ فَيُقْبَلُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَزِمَ) أَيْ الرَّهْنُ (قَوْلُهُ: فَلَأَنْ لَا يَدْفَعُهُ) أَيْ يَدْفَعُ الضَّمَانَ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلٍ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى إيقَاعِ) أَيْ وَضْعِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ لَهُ) أَيْ لِلْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: قَالَ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إجْبَارُهُ) أَيْ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: الْمَرْهُونُ إلَيْهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQنَعَمْ فِيهِ جَوَابٌ عَنْ تَوَقُّفِ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: وَقَصَدَ الْأَبُ قَبْضًا إذَا كَانَ مُرْتَهِنًا إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَصْدُهُ الْإِقْبَاضَ فِي الْأُولَى وَلَا الْقَبْضُ فِي الثَّانِيَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: كَالْإِذْنِ فِيهِ) خَبَرُ قَوْلِهِ وَقَصْدُهُ: أَيْ: قَصْدُهُ لِلْقَبْضِ وَالْإِقْبَاضِ الْمَذْكُورَيْنِ قَائِمٌ مَقَامَ الْإِذْنِ الْمُشْتَرَطِ فِي غَيْرِهِ عَلَى الْأَظْهَرِ الْمُتَقَدِّمِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَقَصْدُهُ لِلْقَبْضِ كَالْإِذْنِ. قَالَ شَارِحُهُ: وَاقْتِصَارُهُ عَلَى الْقَبْضِ أَوْلَى مِنْ ضَمِّ الْأَصْلِ إلَيْهِ الْإِقْبَاضَ؛ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِقْبَاضِ إذْنٌ حَتَّى يُشْتَرَطَ قَصْدُهُ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: فَإِذَا كَانَ لَا يَدْفَعُ الضَّمَانَ إلَخْ) عِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ: لِأَنَّ الدَّوَامَ أَقْوَى مَنْ الِابْتِدَاءِ وَدَوَامَ الرَّهْنِ لَا يَمْنَعُ الضَّمَانَ بِالتَّعَدِّي فِي الْمَرْهُونِ وَيَبْقَى الرَّهْنُ بِحَالِهِ، فَلَأَنْ لَا يَرْفَعَ الرَّهْنُ دَوَامَ الضَّمَانِ أَوْلَى انْتَهَتْ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ: فَإِذَا كَانَ لَا يَدْفَعُ الضَّمَانَ: يَعْنِي فِي دَوَامِهِ الَّذِي هُوَ أَقْوَى مِنْ الِابْتِدَاءِ. (قَوْلُهُ: وَلِلْغَاصِبِ إجْبَارُ الرَّاهِنِ عَلَى إيقَاعِ يَدِهِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَيْسَ كَذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ

[يحصل الرجوع عن الرهن قبل القبض]

فِي الْوَدِيعَةِ لَمْ يَبْقَ أَمِينًا بِخِلَافِ الرَّهْنِ، وَالثَّانِي لَا يُبْرِئُهُ كَالرَّهْنِ وَرُدَّ بِمَا مَرَّ، وَلَوْ أَبْرَأَ الْغَاصِبَ مِنْ ضَمَانِ الْمَغْصُوبِ مَعَ وُجُودِهِ لَمْ يَبْرَأْ إذْ الْأَعْيَانُ لَا يُبْرَأُ مِنْهَا لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ إسْقَاطُ مَا فِي الذِّمَّةِ أَوْ تَمْلِيكُهُ، وَكَذَا إنْ أَبْرَأَهُ عَنْ ضَمَانِ مَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ بَعْدَ تَلَفِهِ لِأَنَّهُ إبْرَاءٌ عَمَّا لَمْ يَثْبُتْ، وَلَوْ أَجَّرَهُ الْمَغْصُوبُ أَوْ قَارَضَهُ فِيهِ أَوْ عَقَدَ عَلَيْهِ الشَّرِكَةَ أَوْ وَكَّلَهُ فِي التَّصَرُّفِ فِيهِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا أَوْ إعَارَةٍ أَوْ زَوَّجَهُ إيَّاهُ لَمْ يَبْرَأْ لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي رَهْنِهِ مِنْهُ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إنْ تَصَرَّفَ فِي مَالِ الْقِرَاضِ أَوْ فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ بَرِئَ لِأَنَّهُ سَلَّمَهُ بِإِذْنِ مَالِكِهِ وَزَالَتْ عَنْهُ يَدُهُ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ إلْحَاقُ كُلِّ يَدٍ ضَامِنَةٍ بِالْغَاصِبِ وَأَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ هَذَا الْحُكْمُ بِالِارْتِهَانِ وَلَا بِالْغَصْبِ. (وَيَحْصُلُ الرُّجُوعُ عَنْ الرَّهْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِتَصَرُّفٍ يُزِيلُ الْمِلْكَ كَهِبَةٍ مَقْبُوضَةٍ) وَبَيْعٍ وَإِعْتَاقٍ وَإِصْدَاقٍ لِزَوَالِ الْمِلْكِ (وَبِرَهْنٍ) أَعَادَ الْبَاءَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ مِنْ الْمُزِيلِ (مَقْبُوضٍ وَكِتَابَةٍ) وَلَوْ فَاسِدَةً لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ، وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْهِبَةَ وَالرَّهْنَ بِدُونِ قَبْضٍ لَا يَكُونُ رُجُوعًا، لَكِنْ نَقَلَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ رُجُوعٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الصَّوَابُ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ تَمْثِيلٌ (وَكَذَا تَدْبِيرٌ) ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الرَّهْنُ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لَا الْإِيدَاعُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ إسْقَاطٌ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ عَقْدَ أَمَانَةٍ الْغَرَضُ مِنْهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَبَيْعٍ) خَرَجَ بِهِ الْعَرْضُ عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ رُجُوعًا، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْبَيْعَ رُجُوعٌ وَإِنْ كَانَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُزِيلٍ: لِلْمِلْكِ مَا دَامَ الْخِيَارُ بَاقِيًا، وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ لِزَوَالِ الْمِلْكِ خِلَافُهُ، لَكِنَّ الْأَوَّلَ ظَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْهِبَةِ وَالرَّهْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّ تَرَتُّبَ الْمِلْكِ عَلَى الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ أَقْرَبُ مِنْ تَرَتُّبِهِ عَلَى الْهِبَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّ الْبَيْعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ آيِلٌ إلَى اللُّزُومِ بِنَفْسِهِ وَلَا كَذَلِكَ الْهِبَةُ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِتَصَرُّفٍ يُزِيلُ الْمِلْكَ مَعْنَاهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى زَوَالِ الْمِلْكِ أَوْ تَصَرُّفٌ هُوَ سَبَبٌ لِزَوَالِ الْمِلْكِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ لِزَوَالِ الْمِلْكِ: أَيْ لِوُجُودِ مَا يُزِيلُ الْمِلْكَ (قَوْلُهُ وَبِرَهْنٍ) ظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَرْهُونِ عِنْدَهُ الثَّانِي الْأَوَّلَ بِأَنْ رَهَنَهُ عِنْدَهُ أَوَّلًا عَلَى دَيْنِ الْعِوَضِ ثُمَّ رَهَنَهُ عِنْدَهُ ثَانِيًا عَلَى دَيْنٍ آخَرَ أَوْ غَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ رَهَنَهُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ الْقَبْضِ حَيْثُ تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَى فَسْخِهِ الْعَقْدَ الْأَوَّلَ ثُمَّ يُنْشِئُ عَقْدًا آخَرَ إنْ أَرَادَهُ بِأَنَّهُ لَزِمَ مِنْ جِهَةِ الرَّاهِنِ بِإِقْبَاضِهِ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى إبْطَالِهِ بِرَهْنِهِ ثَانِيًا، بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ فَسْخِهِ مَتَى شَاءَ وَكَانَ الرَّهْنُ السَّابِقُ فَسْخًا لِلْأَوَّلِ، لَكِنْ هَذَا قَدْ يُشْكِلُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ امْتِنَاعِ رَهْنِهِ ثَانِيًا عَلَى دَيْنٍ لِآخَرَ وَعَدَمُ بُطْلَانِ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ لَمْ يَأْتِ فِيهِ بِمَا يُشْعِرُ بِرُجُوعِهِ مِنْ الرَّاهِنِ الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا ضَمَّ إلَيْهِ شَيْئًا آخَرَ وَهُوَ رَهْنُهُ عَلَى الدَّيْنِ الثَّانِي، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ أَوْ يُخَصُّ ذَاكَ بِمَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَمَا هُنَا بِمَا قَبْلَهُ. هَذَا وَقَدْ يُشْعِرُ تَعْلِيلُ كَوْنِهِ يَتَعَلَّقُ حَقُّ الْغَيْرِ بِهِ بِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَكُونُ رُجُوعًا إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ اخْتِلَافَ الدَّيْنِ يَنْزِلُ مَنْزِلَهُ الْمَرْهُونُ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فَاسِدَةً) وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَمَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ اسْتَنَابَ مُكَاتَبَهُ مِنْ اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ مُكَاتَبًا كِتَابَةً صَحِيحَةً أَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى مَا يُشْعِرُ بِالرُّجُوعِ وَثُمَّ عَلَى الِاسْتِقْلَالِ وَهُوَ لَا يَسْتَقِلُّ إلَّا إذَا كَانَتْ الْكِتَابَةُ صَحِيحَةً (قَوْلُهُ: لَا يَكُونُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: وَكَذَا تَدْبِيرُ) وَلَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ فَمُقْتَضَى قَوْلِهِ بَعْدُ وَكُلُّ تَصَرُّفٍ لَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَهُ إلَخْ أَنَّهُ إنْ عَلَّقَهُ بِصِفَةٍ لَمْ يَعْلَمْ الْحُلُولَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَمْ يَبْقَ أَمِينًا) عِبَارَةُ الْجَلَالِ: وَلَوْ تَعَدَّى فِي الْوَدِيعَةِ ارْتَفَعَ كَوْنُهَا وَدِيعَةً. (قَوْلُهُ: لَمْ يَبْرَأْ لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ) مَعْنَى عَدَمِ بَرَاءَتِهِ فِيمَا إذَا أَعَارَهُ إيَّاهُ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ عَنْ ضَمَانِ الْغَصْبِ فَيَضْمَنُهُ بِأَقْصَى الْقِيَمِ إنْ تَلِفَ، وَيَضْمَنُ أُجْرَتَهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِ الْغَصْبِ [يَحْصُلُ الرُّجُوعُ عَنْ الرَّهْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ] (قَوْلُهُ: تَمْثِيلٌ) هُوَ ظَاهِرٌ فِي الرَّهْنِ، وَأَمَّا الْهِبَةُ فَإِنَّمَا قَيَّدَ فِيهَا بِالْإِقْبَاضِ؛ لِأَنَّهُ مَثَّلَ بِهَا لِمَا يُزِيلُ الْمِلْكَ، وَهُوَ لَا يَزُولُ فِيهَا إلَّا بِالْقَبْضِ وَإِنْ كَانَ حُكْمُ غَيْرِ الْمَقْبُوضَةِ هُنَا كَذَلِكَ .

يَحْصُلُ بِهِ الرُّجُوعُ (فِي الْأَظْهَرِ) إذْ مَقْصُودُهُ الْعِتْقُ وَهُوَ مُنَافٍ لِلرَّهْنِ وَالثَّانِي لَا، لِأَنَّ الرُّجُوعَ عَنْ التَّدْبِيرِ مُمْكِنٌ (وَبِإِحْبَالِهَا) مِنْهُ أَوْ مِنْ أَصْلِهِ كَمَا فِي فَتَاوَى الْقَاضِي لِتَعَلُّقِ الْعِتْقِ بِهِ. وَضَابِطُ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الرَّهْنِ فَطَرَيَانُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ يُبْطِلُ الرَّهْنَ، وَكُلُّ تَصَرُّفٍ لَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَهُ لَا يَفْسَخُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ إلَّا الرَّهْنَ وَالْهِبَةَ مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ (لَا الْوَطْءِ) فَقَطْ لِأَنَّهُ اسْتِخْدَامٌ (وَ) لَا (التَّزْوِيجِ) إذْ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَوْرِدِ الرَّهْنِ بَلْ رَهْنُ الْمُزَوَّجِ ابْتِدَاءً جَائِزٌ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُزَوَّجُ عَبْدًا أَمْ أَمَةً وَلَا الْإِجَارَةُ وَإِنْ حَلَّ الدَّيْنُ الْمَرْهُونُ بِهِ قَبْلَ انْقِضَائِهَا، وَتَقْيِيدُ الْفَارِقِيِّ بِمَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ مُؤَجَّرًا لَا تَنْقُصُ عَنْ قَدْرِ الدَّيْنِ وَإِلَّا كَانَ رُجُوعًا كَمَا لَوْ تَصَرَّفَ بِمَا يُخْرِجُ الْمَرْهُونَ عَنْ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ الدَّيْنَ كَانَ رُجُوعًا، فَكَذَا إذَا كَانَ يَمْنَعُ مِنْ اسْتِيفَاءِ بَعْضِهِ مَرْدُودٌ بِظَاهِرِ إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ لِأَنَّ الرَّهْنَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَيْسَ بِلَازِمٍ. (وَلَوْ) (مَاتَ الْعَاقِدُ) رَاهِنًا أَوْ مُرْتَهِنًا أَوْ وَكِيلَاهُمَا أَوْ وَكِيلُ أَحَدِهِمَا (قَبْلَ الْقَبْضِ) لِلْمَرْهُونِ (أَوْ جُنَّ) أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ (أَوْ تَخَمَّرَ الْعَصِيرُ أَوْ أَبَقَ الْعَبْدُ) قَبْلَ الْقَبْضِ فِيهِنَّ أَوْ جَنَى (لَمْ يَبْطُلْ) أَيْ الرَّهْنُ (فِي الْأَصَحِّ) أَمَّا فِي الْمَوْتِ فَلِأَنَّ مَصِيرَ الرَّهْنِ إلَى اللُّزُومِ فَلَا يَتَأَثَّرُ بِمَوْتِهِ كَالْبَيْعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ، وَوَجْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَبْلَهَا كَانَ رُجُوعًا وَإِنْ عَلِمَ فَلَا، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ قَوْلُهُ وَتَدْبِيرٌ قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ هُنَا وَتَعْلِيقُ الْعِتْقِ كَالتَّدْبِيرِ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّعْلِيقَ لَوْ كَانَ مَعَ حُلُولِ الدَّيْنِ أَوْ عَلَى صِفَةٍ تَتَأَخَّرُ عَنْ حُلُولِهِ لَمْ يَضُرَّ كَمَا لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الرَّهْنِ فِي الِابْتِدَاءِ انْتَهَى. أَقُولُ: بَلْ قَدْ يُقَالُ الْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ يُشْعِرُ بِالْإِعْرَاضِ عَنْ الرَّهْنِ وَإِبْطَالُهُ بِالتَّعْلِيقِ مُطْلَقًا أَوْلَى مِنْ إبْطَالِهِ بِالْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ لِأَنَّ الْعِتْقَ فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى أَدَاءِ النُّجُومِ، وَقَدْ لَا يَتَيَسَّرُ لَهُ اكْتِسَابُهُ، بِخِلَافِ التَّعْلِيقِ بِالصِّفَةِ فَإِنَّ الْغَالِبَ أَنَّ حُصُولَهَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى فِعْلٍ مِنْ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: مُمْكِنٌ) أَيْ بِالْبَيْعِ مَثَلًا دُونَ الْقَوْلِ فَلَا يَبْطُلُ بِهِ وَكَالتَّدْبِيرِ التَّعْلِيقُ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَبِإِحْبَالِهَا) أَوْ وَلَوْ بِإِدْخَالِ الْمَنِيِّ وَلَوْ فِي الدُّبْرِ، وَأَطْلَقَ الْإِحْبَالَ وَأَرَادَ بِهِ الْحَبَلَ اسْتِعْمَالًا لِلْمَصْدَرِ فِي مُتَعَلَّقِهِ، فَشَمَلَ مَا لَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَنِيَّهُ الْمُحْتَرَمَ أَوْ عَلَتْ عَلَيْهِ، وَبِهِ انْدَفَعَ مَا قِيلَ كَانَ اللَّائِقُ التَّعْبِيرُ بِالْحَبَلِ (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ أَصْلِهِ) أَيْ وَخَرَجَ بِأَصْلِهِ فَرْعُهُ لِأَنَّهُ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِي مَالِ أَصْلِهِ يَسْتَحِقُّ بِهَا الْإِعْفَافَ فَوَطْؤُهُ زِنًا بِخِلَافِ عَكْسِهِ (قَوْلُهُ وَضَابِطُ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ) وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ تَخَمُّرُ الْعَصِيرِ وَجِنَايَةُ الْقِنِّ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يُبْطِلُ الرَّهْنَ إذَا طَرَأَ قَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا يَأْتِي مَعَ أَنَّهُ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الرَّهْنِ لِأَنَّهُ عَبَّرَ بِالتَّصَرُّفِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَيْسَ تَصَرُّفًا (قَوْلُهُ: إلَّا الرَّهْنَ وَالْهِبَةَ) وَمِثْلُهُمَا الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي وَالْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ وَالْجِنَايَةُ الْمُوجِبَةُ لِلْمَالِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ لَا الْوَطْءُ) أَيْ وَلَوْ أَنْزَلَ (قَوْلُهُ: وَلَا التَّزْوِيجُ) وَمِثْلُهُ بِالْأَوْلَى الْإِذْنُ فِيهِ (قَوْلُهُ: بِمَوْرِدِ الرَّهْنِ) أَيْ وَهُوَ الرَّقَبَةُ (قَوْلُهُ: وَتَقْيِيدُ الْفَارِقِيِّ) يَنْبَغِي جَرَيَانُ مِثْلِهِ فِيمَا لَوْ زَوَّجَ الْمَرْهُونَ قَبْلَ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَخَمَّرَ الْعَصِيرُ) أَيْ وَلَوْ بِنَقْلِهِ مِنْ شَمْسٍ إلَى ظِلٍّ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ بَعْدُ وَلَا نَظَرَ إلَى كَوْنِ الْحِلِّ قَدْ يَحْدُثُ بِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ أَبَقَ الْعَبْدُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَيِسَ مِنْ عَوْدِهِ، وَيَنْبَغِي فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنَّ لَهُ مُطَالَبَةَ الرَّاهِنِ بِالدَّيْنِ حَيْثُ حَلَّ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُعَدُّ كَالتَّالِفِ (قَوْلُهُ: أَوْ جَنَى) ظَاهِرُهُ وَلَوْ أَوْجَبَتْ مَالًا وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَلِأَنَّ مَصِيرَ الرَّهْنِ) قَدْ يَمْنَعُ هَذَا التَّعْلِيلَ لِأَنَّ مَصِيرَ الْعَقْدِ إلَى اللُّزُومِ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْعُقُودِ الَّتِي تَلْزَمُ بِنَفْسِهَا بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ، كَالْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ إذَا انْقَضَى الْخِيَارُ لَزِمَ بِنَفْسِهِ وَالرَّهْنُ إنَّمَا يَلْزَمُ بِالْإِقْبَاضِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: هُوَ بِالنَّظَرِ لِلْغَالِبِ مِنْ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ جُنَّ) أَيْ قَبْلَ الْقَبْضِ أَيْضًا وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ

مُقَابِلِهِ أَنَّهُ جَائِزٌ كَالْوَكَالَةِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَقُومُ وَارِثُ الرَّاهِنِ مَقَامَهُ فِي الْإِقْبَاضِ وَوَارِثُ الْمُرْتَهِنِ مَقَامَهُ فِي الْقَبْضِ، وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ: إذَا كَانَ هُنَاكَ دَيْنٌ لَمْ يُقَدَّمْ الْمُرْتَهِنُ بِهِ وَإِنْ أَقْبَضَهُ الْوَارِثُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِجَمِيعِ التَّرِكَةِ بِالْمَوْتِ وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ التَّخْصِيصُ وَفِي إقْبَاضِهِ تَخْصِيصٌ مَرْدُودٌ، إذْ الْمُخَصِّصُ فِي الْحَقِيقَةِ عَقْدُ الْمُورَثِ وَأَمَّا الْإِغْمَاءُ وَمَا بَعْدَهُ فَكَالْمَوْتِ بَلْ أَوْلَى، وَيَعْمَلُ الْوَلِيُّ بِالْمَصْلَحَةِ فَيُجِيزُ لَهُ مَا لَهُ فِعْلُهُ ابْتِدَاءً كَأَنْ يَخْشَى وَلِيُّ الرَّاهِنِ إنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ فَسْخَ بَيْعٍ شُرِطَ فِيهِ الرَّهْنُ وَفِي إمْضَائِهِ حَظٌّ، وَلَا يُسَلِّمُهُ إنْ كَانَ الرَّهْنُ تَبَرُّعًا إلَّا لِضَرُورَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ وَيَفْعَلُ وَلِيُّ الْمُرْتَهِنِ عِنْدَ عَدَمِ إقْبَاضِهِ الرَّهْنَ الْمَشْرُوطَ فِي بَيْعِ الْأَصْلَحِ مِنْ فَسْخِهِ أَوْ إجَازَتِهِ. وَلَوْ خَرِسَ الرَّهْنُ قَبْلَ الْإِذْنِ فِي الْقَبْضِ وَأَذِنَ بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ قَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ وَإِلَّا لَمْ يَقْبِضْهُ أَوْ بَعْدَ الْإِذْنِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالرَّاهِنَ إذَا رَهَنَ الْغَالِبَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْبِضَ الْعَيْنَ الْمَرْهُونَةَ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: يَقُومُ وَارِثُ الرَّاهِنِ) هَلْ وَلَوْ عَامًا اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: إطْلَاقُ كَلَامِهِمْ يَشْمَلُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ رَأْي الْمَصْلَحَةَ فِي الْإِقْبَاضِ، وَقَوْلُ سم وَلَوْ عَامًا: أَيْ كَنَاظِرِ بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ فِي الْإِقْبَاضِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ. وَقَالَ سم عَلَى الْبَهْجَةِ قَبْلَ فَصْلِ الْخِيَارِ: قَوْلُهُ كَأَنْ مَاتَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يُشْهِدَ إلَخْ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ وَارِثَ الْمُشْتَرِي لَا يَقُومُ مَقَامَهُ، وَلَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ قَبُولُ إشْهَادِ الْوَارِثِ بَلْ لَهُ الْفَسْخُ مَعَ بَذْلِ الْوَارِثِ الْإِشْهَادَ، وَيَأْتِي أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ بِمَوْتِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ إعْتَاقِ الْمُشْتَرِي الْمَشْرُوطِ إعْتَاقُهُ، وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ وَهَلْ يَمُوتُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الرَّهْنِ كَمَوْتِهِ قَبْلَ الْإِشْهَادِ أَوْ يُفَرَّقُ بِتَعَيُّنِ الْمَرْهُونِ بِخِلَافِ الشُّهُودِ فَإِنَّهُمْ وَإِنْ عَيَّنُوا لَا يَتَعَيَّنُونَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَوَّلُ غَيْرُ بَعِيدٍ اهـ. وَقَوْلُهُ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ شَامِلٌ لِلْإِقْبَاضِ لَكِنْ بَقِيَّةُ كَلَامِهِ تُشْعِرُ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْإِشْهَادِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ قِيَامِهِ فِيهِ عَدَمُ قِيَامِهِ فِي الْإِقْبَاضِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْإِغْمَاءُ وَمَا بَعْدُهُ) لَمْ يَتَعَرَّضْ لِخُصُوصِ الْمُفْلِسِ، وَقَدْ يُقَالُ قِيَاسُ بَحْثِ الْبُلْقِينِيِّ الْمَذْكُورِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَلَى الْمُفْلِسِ الْإِقْبَاضُ بِغَيْرِ رِضَا بَقِيَّةِ الْغُرَمَاءِ بِجَامِعِ تَعَلُّقِ الْجَمِيعِ بِمَالِهِ بِالْحَجْرِ فَفِي إقْبَاضِهِ تَخْصِيصٌ، وَقِيَاسُ مَنْعِ بَحْثِهِ وَرَدِّهِ أَنْ لَا يَمْتَنِعَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، لَكِنْ ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ تَنْبِيهًا يَتَحَصَّلُ مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَا الْغُرَمَاءِ، ثُمَّ نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ فَقَالَ: قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: وَلَوْ كَانَ لِلْمُفْلِسِ غُرَمَاءُ غَيْرُ الْمُرْتَهِنِ لَمْ يَجُزْ لِلرَّاهِنِ تَسْلِيمُ الرَّهْنِ إلَى الْمُرْتَهِنِ قَبْلَ فَكِّ الْحَجْرِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ بِهِ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبْتَدِئَ عَقْدَ الرَّهْنِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَكَذَا تَسَلُّمُ الرَّهْنِ اهـ. فَيَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ عَلَى مُقْتَضَى رَدِّ بَحْثِ الْبُلْقِينِيِّ، وَقَوْلُ ابْنِ الصَّبَّاغِ قَبْلَ فَكِّ الْحَجْرِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَوْ انْفَكَّ الْحَجْرُ قَبْلَ بَيْعِ الرَّهْنِ جَازَ التَّسْلِيمُ حِينَئِذٍ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُ سم فَيَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْمُفْلِسَ لَمَّا كَانَ التَّصَرُّفُ مِنْهُ نَفْسِهِ كَانَ إقْبَاضُهُ تَخْصِيصًا لِلْمُرْتَهِنِ وَلَمْ يَنْظُرْ لِتَقَدُّمِ السَّبَبِ مِنْهُ قَبْلَ الْحَجْرِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْبُلْقِينِيِّ فَإِنَّهُ بِمَوْتِ الرَّاهِنِ انْتَهَى فِعْلُهُ، وَكَانَ تَصَرُّفُ الْوَارِثِ إمْضَاءً لِمَا فَعَلَهُ الرَّاهِنُ فِي حَيَاتِهِ. وَقَرِيبٌ مِنْهُ جَعْلُهُمْ إجَازَةَ الْوَارِثِ الْوَصِيَّةَ تَنْفِيذًا لَا عَطِيَّةً مُبْتَدَأَةً (قَوْلُهُ: وَيَعْمَلُ الْوَلِيُّ بِالْمَصْلَحَةِ) هُوَ ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ، أَمَّا هُوَ فَلَا وَلِيَّ لَهُ بَلْ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى الْإِقْبَاضَ إنْ قُلْنَا بِهِ وَيَتَوَلَّى الْقَبْضَ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ عَلَى الْغُرَمَاءِ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَيَفْعَلُ وَلِيُّ الْمُرْتَهِنِ) هُوَ ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ. أَمَّا هُوَ فَيَنْبَغِي تَصْوِيرُهُ بِمَا إذَا زَادَتْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَإِلَّا فَيَنْظُرُ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ مِنْ تَزْوِيجِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَغَيْرِهِ، وَلَوْ جُنَّ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ وَرَأَى وَلِيُّ أَحَدِهِمَا الْفَسْخَ وَالْآخَرُ الْإِجَازَةُ وَجَبَ مُرَاعَاةُ الْفَسْخِ فَيُقَدَّمُ عَلَى الْإِجَازَةِ، لِأَنَّا لَوْ لَمْ نَقُلْ بِتَقْدِيمِ الْفَسْخِ لَفَاتَ حَقُّ مَنْ شُرِطَ لَهُ الْخِيَارُ (قَوْلُهُ: عَدَمُ إقْبَاضِهِ) أَيْ الرَّاهِنِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَقْبِضْهُ) وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ لَمْ يَقْتَضِهِ فَيَبْطُلُ كَالْمَجْنُونِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَوْلُهُ: وَأَمَّا الْإِغْمَاءُ وَمَا بَعْدَهُ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَأَمَّا الْجُنُونُ وَمَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ عَدَمِ إقْبَاضِهِ الرَّهْنَ إلَخْ) الْمَصْدَرُ

[وليس للراهن المقبض تصرف يزيل الملك]

لَمْ يَبْطُلْ إذْنُهُ وَأَمَّا فِي التَّخَمُّرِ وَالْإِبْقَاقِ فَبِالْقِيَاسِ عَلَى مَا لَوْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ لِاغْتِفَارِ مَا يَقَعُ فِي الدَّوَامِ وَوَجْهُ مُقَابِلِهِ اخْتِلَالُهُ فِي حَالِ ضَعْفِ الرَّهْنِ وَعَدَمُ لُزُومِهِ، لَكِنْ مَا دَامَ خَمْرًا وَلَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ حُكْمُ الرَّهْنِ بَاطِلٌ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْمَالِيَّةِ فَإِذَا تَخَلَّلَ عَادَتْ الرَّهْنِيَّةُ وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ تَخَمَّرَ ثُمَّ تَخَلَّلَ قَبَضَهُ خَلًّا. وَلَا يَصِحُّ الْقَبْضُ فِي حَالِ الْخَمْرِيَّةِ، فَإِنْ فَعَلَ اسْتَأْنَفَ الْقَبْضَ بَعْدَ التَّخَلُّلِ لِفَسَادِ الْقَبْضِ الْأَوَّلِ. وَلِلْمُرْتَهِنِ الْخِيَارُ فِي بَيْعٍ شُرِطَ فِيهِ الرَّهْنُ بِانْقِلَابِ الْعَصِيرِ خَمْرًا قَبْلَ الْقَبْضِ وَإِنْ تَخَلَّلَ لِنَقْصِ الْخَلِّ عَنْ الْعَصِيرِ، بِخِلَافِ انْقِلَابِهِ بَعْدَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ تَخَمَّرَ فِي يَدِهِ وَتَخَمُّرُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ كَتَخَمُّرِ الرَّهْنِ بَعْدَهُ فِي بُطْلَانِ حُكْمِ الْعَقْدِ وَعَوْدِهِ إذَا عَادَ خَلًّا، لَا فِي عَدَمِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ أَيْضًا. وَلَوْ مَاتَ الْمَرْهُونُ فَدَبَغَ الْمَالِكُ أَوْ غَيْرُهُ جِلْدَهُ لَمْ يَعُدْ رَهْنًا لِأَنَّ مَالِيَّتَهُ حَدَثَتْ بِالْمُعَالَجَةِ، وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ الْخَلِّ قَدْ يَحْدُثُ بِهَا فَإِنَّهُ نَادِرٌ، وَلَوْ أَعْرَضَ عَنْهُ الْمَالِكُ مَلَكَهُ دَابِغُهُ وَخَرَجَ عَنْ الرَّهْنِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ صِحَّةُ رَهْنِ الْعَصِيرِ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ قَابِلًا لِلتَّخَمُّرِ. (وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ الْمُقْبِضِ) (تَصَرُّفٌ) مَعَ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (يُزِيلُ الْمِلْكَ) كَبَيْعٍ وَهِبَةٍ وَوَقْفٍ إذْ لَوْ صَحَّ لَفَاتَتْ الْوَثِيقَةُ، فَإِنْ كَانَتْ مَعَهُ أَوْ بِإِذْنِهِ صَحَّتْ كَمَا سَيَأْتِي. نَعَمْ لَهُ قَتَلَهُ قَوَدًا وَدَفْعًا، ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالْمُغْمَى عَلَيْهِ خِلَافًا لِلْبَنْدَنِيجِيِّ فِي عَدَمِ بُطْلَانِهِ أَوْ بَعْدَ الْإِذْنِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَبْطُلْ إذْنُهُ إلَخْ اهـ. لَكِنْ فِي دَعْوَى الْبُطْلَانِ قِيَاسًا عَلَى الْمَجْنُونِ نَظَرٌ. فَإِنَّ الرَّهْنَ لَا يَبْطُلُ بِالْجُنُونِ بَلْ يَقُومُ وَلِيُّ الْمَجْنُونِ مَقَامَهُ فِي الْإِقْبَاضِ فَمَا فِي الْأَصْلِ هُوَ الصَّوَابُ، وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ فِي الْإِقْبَاضِ أَوْ الْإِذْنِ فِي الْقَبْضِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَبْطُلْ إذْنُهُ) وَهَذَا بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الْجُنُونِ حَيْثُ يَبْطُلُ بِهِ الْإِذْنُ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مِمَّنْ يَصِحُّ عَقْدُهُ مَا نَصُّهُ: وَلَا مِنْ مُرْتَهِنٍ أَذِنَ لَهُ الرَّاهِنُ أَوْ أَقْبَضَهُ فَطَرَأَ لَهُ ذَلِكَ: أَيْ الْجُنُونُ أَوْ الْإِغْمَاءُ قَبْلَ قَبْضِهِ اهـ. وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ بِالْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ خَرَجَ عَنْ الْأَهْلِيَّةِ بِخِلَافِ الْخَرَسِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي التَّخَمُّرِ وَالْإِبَاقِ) أَيْ وَالْجِنَايَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ حَيْثُ قَالَ: وَأَمَّا فِيهِمَا: أَيْ التَّخَمُّرِ وَالْإِبَاقِ كَالْجِنَايَةِ فَلِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَكِنْ مَا دَامَ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا فُهِمَ مِنْ عَدَمِ بُطْلَانِ الرَّهْنِ بِالتَّخَمُّرِ وَالْإِبَاقِ (قَوْلُهُ: بَاطِلٌ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ مَنْعُ الرَّاهِنِ مِنْ أَخْذِهِ إذَا أَرَادَهُ، لَكِنْ قَالَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ: إنَّ لَهُ الْمَنْعَ: أَيْ لِاحْتِمَالِ التَّخَلُّلِ (قَوْلُهُ: اسْتَأْنَفَ الْقَبْضَ) أَيْ بِأَنْ يَسْتَرِدَّهُ الرَّاهِنُ ثُمَّ يُعِيدَهُ لِلْمُرْتَهِنِ أَوْ يَأْذَنَ لَهُ فِي قَبْضِهِ عَنْ جِهَةِ الرَّهْنِ وَيَمْضِي زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْقَبْضُ (قَوْلُهُ وَإِنْ تَخَلَّلَ لِنَقْصٍ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَوْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ بِالتَّخَلُّلِ (قَوْلُهُ: بَعْدَهُ) أَيْ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ: لَا فِي عَدَمِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ) أَيْ فَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ لِأَنَّ الْخَمْرَ فِي يَدِ الْبَائِعِ عَيْبٌ حَدَثَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَهُوَ يُثْبِتُ الْخِيَارَ فِيهِ، وَلَا كَذَلِكَ الرَّهْنُ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُهُ خِيَارٌ. (قَوْلُهُ: فَدَبَغَ الْمَالِكُ) اُنْظُرْ مَا لَوْ انْدَبَغَ بِنَحْوِ إلْقَاءِ رِيحٍ عَلَى دَابِغٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ مِنْ شَأْنِهِ الْمُعَالَجَةُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ قَدْ يَحْدُثُ بِهَا) أَيْ الْمُعَالَجَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ نَادِرٌ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا نَظَرَ لِانْدِبَاغِ الْجِلْدِ بِإِلْقَاءِ رِيحٍ لِأَنَّهُ نَادِرٌ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا تَرَجَّاهُ سم (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَعْرَضَ عَنْهُ الْمَالِكُ) أَيْ قَبْلَ الدَّبْغِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُعْرِضْ عَنْهُ لَا يَمْلِكُهُ الْآخِذُ بِالدَّبْغِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ اخْتِصَاصَ الْمَالِكِ لَمْ يَزُلْ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ غَصَبَ اخْتِصَاصًا وَأَرَادَ التَّصَرُّفَ فِيهِ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ لِبَقَاءِ حَقِّ ذِي الْيَدِ، لَكِنْ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ فَدَبَغَهُ الْمَالِكُ أَوْ غَيْرُهُ لَمْ يُعَدَّ رَهْنًا خِلَافُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ عَوْدِ الرَّهْنِ مِلْكُ الدَّابِغِ لَهُ بَلْ فِعْلُهُ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ فِعْلِ الرَّاهِنِ فِي بُطْلَانِ الرَّهْنِ بِهِ وَحُصُولُ الْمِلْكِ فِيهِ لِلرَّاهِنِ لِأَنَّهُ أَثَرُ اخْتِصَاصِهِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ) أَيْ الْجِلْدُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) قَابِلًا لِلتَّخَمُّرِ أَوْ لَا. [وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ الْمُقْبِضِ تَصَرُّفٌ يُزِيلُ الْمِلْكَ] (قَوْلُهُ: وَوَقَفَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQهُنَا مُضَافٌ إلَى مَفْعُولِهِ أَيْ: إذَا لَمْ يُقْبِضْهُ الرَّاهِنُ الْمَرْهُونَ . (قَوْلُهُ: لِاغْتِفَارِ مَا يَقَعُ فِي الدَّوَامِ) كَانَ الْأَوْلَى عَطْفَهُ عَلَى

وَكَذَا لِنَحْوِ رِدَّةٍ إذَا كَانَ وَالِيًا (لَكِنْ) مَعَ قَوْلِنَا لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ (فِي إعْتَاقِهِ) أَيْ الرَّاهِنِ الْمَالِكِ وَإِعْتَاقِ مَالِكٍ جَانِيًا تَعَلَّقَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَتِهِ تَبَرُّعًا أَوْ غَيْرَهُ (أَقْوَالٌ أَظْهَرُهَا يَنْفُذُ) بِالْمُعْجَمَةِ فِي الْحَالِ (مِنْ الْمُوسِرِ) بِقِيمَةِ الْمَرْهُونِ، بَلْ بَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ اعْتِبَارَ يَسَارِهِ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَةِ الْمَرْهُونِ وَمِنْ قَدْرِ الدَّيْنِ وَهُوَ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ التَّحْقِيقُ أَمَّا الْمُعْسِرُ فَلَا لِأَنَّهُ عِتْقٌ يَبْطُلُ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ فَفَرَّقَ فِيهِ بَيْنَ الْمُعْسِرِ وَالْمُوسِرِ كَعِتْقِ الشَّرِيكِ، فَإِنْ أَيْسَرَ بِبَعْضِهَا عَتَقَ بِقَدْرِ مَا أَيْسَرَ بِقِيمَةٍ وَإِقْدَامُ الْمُوسِرِ عَلَى عِتْقِ الْمَرْهُونِ جَائِزٌ كَمَا اقْتَضَاهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَاقْتَضَاهُ أَيْضًا كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ فِي بَابِ النَّذْرِ، وَإِنْ نُقِلَ عَنْ الْأُمِّ فِي بَحْثِ التَّنَازُعِ فِي جِنَايَةِ الْمَرْهُونِ امْتِنَاعُ إقْدَامِهِ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي يَنْفُذُ مُطْلَقًا وَيَغْرَمُ الْمُعْسِرُ إذَا أَيْسَرَ الْقِيمَةَ وَتَصِيرُ رَهْنًا وَالثَّالِثُ لَا يَنْفُذُ مُطْلَقًا (وَ) عَلَى الْأَوَّلِ (يَغْرَمُ قِيمَتَهُ يَوْمَ) أَيْ وَقْتَ (عِتْقِهِ وَتَصِيرُ رَهْنًا) أَيْ مَرْهُونَةً وَلَوْ فِي ذِمَّتِهِ كَأَرْشِ الْجِنَايَةِ فِي ذِمَّةِ الْجَانِي كَمَا قَالَهُ ابْنُ النَّقِيبِ وَغَيْرُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُرْتَهِنِ، وَقِيَاسُ جَوَازِ بَيْعِهِ لَهُ صِحَّةُ وَقْفِهِ عَلَيْهِ قَالَ الْمُنَاوِيُّ: وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِهِمْ كَذَا نُقِلَ عَنْهُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا قَبِلَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْوَقْفَ، وَلَعَلَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى مُعَيَّنٍ يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ قَبُولُهُ. هَذَا وَقَدْ يُقَالُ: يُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْوَقْفِ بِأَنَّ الْقَبُولَ فِي الْوَقْفِ لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ، وَقَدْ يُرِيدُ الْوَاقِفُ التَّصَرُّفَ فِيهِ قَبْلَ الْقَبُولِ فَيَرْفَعُ أَمْرَهُ لِلْحَاكِمِ فَيَحْكُمُ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ فَيَفُوتُ غَرَضُ الْمُرْتَهِنِ مِنْ التَّوَثُّقِ، وَقَدْ لَا يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي الْوَقْفِ لِتَعَيُّنِ الْمَرْهُونِ لِتَوْفِيَةِ الثَّمَنِ بِأَنْ لَا يَكُونَ لِلْوَاقِفِ مَا يُوَفِّي مِنْهُ الدَّيْنَ غَيْرُ الْمَرْهُونِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِنَحْوِ رِدَّةٍ) مِنْ النَّحْوِ قَطْعُهُ لِلطَّرِيقِ وَتَرْكُهُ لِلصَّلَاةِ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: تَبَرُّعًا أَوْ غَيْرَهُ) أَيْ بِأَنْ أَعْتَقَ عَنْ كَفَّارَةِ نَفْسِهِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: بِقِيمَةِ الْمَرْهُونِ) هَلْ الْيَسَارُ يَتَبَيَّنُ بِمَا فِي الْفِطْرَةِ أَوْ بِمَا فِي الْفَلَسِ أَوْ بِمَا فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَالْقَرِيبِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ التَّحْقِيقُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا وَلَهُ وَجْهٌ ظَاهِرٌ، وَاعْتَبَرَ حَجّ فِي الْمُؤَجَّلِ الْقِيمَةَ مُطْلَقًا، وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ أَنَّ الْبُلْقِينِيَّ تَنَاقَضَ كَلَامُهُ فَفِي مَوْضِعٍ قَالَ: إنَّ رَهَنَ بِمُؤَجَّلٍ اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ أَوْ بِحَالٍّ اُعْتُبِرَ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ، وَفِي آخَرَ قَالَ: الْمُعْتَبَرُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مُطْلَقًا اهـ، وَالْإِطْلَاقُ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: بِقَدْرِ مَا أَيْسَرَ بِهِ) أَيْ الْجُزْءِ الَّذِي أَيْسَرَ بِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: جَائِزٌ) أَيْ فَلَا يَحْتَاجُ لِاسْتِثْنَاءِ انْعِقَادِ نَذْرِهِ مِنْ عَدَمِ انْعِقَادِ نَذْرِ الْمَعْصِيَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: امْتِنَاعُ إقْدَامِهِ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ وَلَا يُخَالِفُهُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ سم مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِاسْتِثْنَاءِ انْعِقَادِ نَذْرِهِ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ حَيْثُ قُلْنَا بِالْجَوَازِ لَمْ يُسْتَثْنَ، وَإِنْ قُلْنَا بِعَدَمِ الْجَوَازِ اُسْتُثْنِيَ انْعِقَادُ نَذْرِهِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ فَيَتَحَصَّلُ مِنْهُ انْعِقَادُ نَذْرِهِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَتَصِيرُ رَهْنًا) أَيْ بِلَا إنْشَاءِ عَقْدٍ قَالَهُ الْإِمَامُ اهـ مَحَلِّيٌّ. وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي ذِمَّتِهِ) هُوَ ظَاهِرٌ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْجَانِي، فَإِنَّ مِنْ فَوَائِدِهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إبْرَاءُ الرَّهْنِ مِنْهُ نَظَرًا لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ، وَأَمَّا الْحُكْمُ عَلَى قِيمَةِ الْعَتِيقِ فِي ذِمَّةِ الْجَانِي بِالرَّهْنِ فَلَمْ تَظْهَرْ لَهُ فَائِدَةٌ إذْ الْحَقُّ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِعَيْنٍ مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ حَتَّى تَكُونَ مَرْهُونَةً وَيُسْتَوْفَى مِنْهَا عِنْدَ تَعَذُّرِ الْوَفَاءِ وَيُقَدَّمُ الْمُرْتَهِنُ بِهَا عِنْدَ تُزَاحِمْ الْغُرَمَاءِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ مِنْ فَوَائِدِهِ أَنَّهُ إذَا مَاتَ الرَّاهِنُ يُقَدَّمُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ تَرِكَتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا قَبْلَهُ بِالْوَاوِ؛ لِأَنَّهُ عِلَّةٌ ثَانِيَةٌ غَيْرُ الْقِيَاسِ بَلْ هِيَ الَّتِي اقْتَصَرَ عَلَيْهَا فِي التُّحْفَةِ . (قَوْلُهُ: بِقِيمَةِ الْمَرْهُونِ) سَكَتَ عَنْ حُكْمِ الْجَانِي فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ التَّحْقِيقُ) وَمَعَ ذَلِكَ مُعْتَمَدُ الشَّارِحِ مَا جَزَمَ بِهِ أَوَّلًا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ صَنِيعِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي ذِمَّتِهِ) هَذَا لَا يَتَأَتَّى غَايَةً فِي الْمَتْنِ؛ لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِيمَا بَعْدَ الْغُرْمِ بِالْفِعْلِ كَمَا يَدُلُّ لِذَلِكَ تَعْبِيرُهُ بِيَغْرَمُ وَهُوَ الَّذِي يُلَاقِيهِ التَّخْيِيرُ الْآتِي كَمَا لَا يَخْفَى، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ: وَغَرِمَ قِيمَتَهُ: أَيْ وَقْتَ إعْتَاقِهِ، وَتَصِيرُ مِنْ حِينِ غُرْمِهَا رَهْنًا، إلَى أَنْ قَالَ فِي الْمَتْنِ، أَوْ تُصْرَفُ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ إنْ حَلَّ انْتَهَتْ، فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ لَا يَأْخُذَ مَا فِي

وَهُوَ ظَاهِرٌ، إذْ لَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْنَ قِيمَةِ الْعَتِيقِ وَقِيمَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ. نَعَمْ يُشْتَرَطُ قَصْدُ دَفْعِهَا عَنْ جِهَةِ الْغُرْمِ فَسَائِرِ الدُّيُونِ، فَلَوْ قَالَ: قَصَدْت الْإِيدَاعَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ لِعَقْدٍ وَإِنْ حَلَّ الدَّيْنُ وَهُوَ مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بِأَنَّهَا تُجْعَلُ رَهْنًا، هَذَا إنْ لَمْ يَحِلَّ الدَّيْنُ، وَإِلَّا فَبَحَثَ الشَّيْخَانِ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ غُرْمِهَا وَصَرْفِهَا فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ، وَهُوَ أَوْجَهُ مِمَّا نَقَلَاهُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ مِنْ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلرَّهْنِ فِي ذَلِكَ، وَشَمَلَ كَلَامُهُ فِي حَالَةِ نُفُوذِ عِتْقِهِ مَا لَوْ كَانَ عَنْ كَفَّارَتِهِ، بِخِلَافِ كَفَّارَةِ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ بِسُؤَالِهِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ إنْ وَقَعَ بِعِوَضٍ وَإِلَّا فَهِبَةٌ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُمَا مِنْ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ. وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ إعْتَاقُ وَارْثِ الرَّاهِنِ الْمَرْهُونَ عَنْ مُورَثِهِ وَإِعْتَاقُ وَارِثِ الْمَدْيُونِ عَبْدَ التَّرِكَةِ مَعَ كَوْنِهِ مَرْهُونًا عَنْ مُورَثِهِ لِأَنَّ الْوَارِثَ خَلِيفَةُ مُورَثِهِ فَفِعْلُهُ كَفِعْلِهِ فِي ذَلِكَ وَلِأَنَّ الْكَلَامَ فِي إعْتَاقِ الرَّاهِنِ بِنَفْسِهِ وَفِي الرَّهْنِ الْجُعْلِيِّ لَا غَيْرِهِمَا، ثُمَّ ظَاهِرٌ أَنَّ الْإِعْتَاقَ عَنْ الْمُرْتَهِنِ جَائِزٌ كَالْبَيْعِ مِنْهُ (وَإِنْ لَمْ نُنَفِّذْهُ) لِكَوْنِهِ مُعْسِرًا (فَانْفَكَّ) الرَّهْنُ بِإِبْرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ (لَمْ يَنْفُذْ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ إعْتَاقَهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَعْتَقَ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ ثُمَّ زَالَ عَنْهُ الْحَجَرُ. وَالثَّانِي يَنْفُذُ لِزَوَالِ الْمَانِعِ. وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ بِيعَ فِي الدَّيْنِ ثُمَّ مَلَكَهُ لَمْ يَعْتِقْ أَيْضًا كَمَا فُهِمَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. وَلَوْ اسْتَعَارَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ لِيَرْهَنَهُ فَرَهَنَهُ ثُمَّ وَرِثَهُ فَالْأَوْجَهُ مِنْ ثَلَاثَةِ احْتِمَالَاتٍ أَنَّهُ إنْ كَانَ مُوسِرًا عَتَقَ وَإِلَّا فَلَا رِعَايَةً لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSبِقَدْرِ قِيمَةِ الرَّقِيقِ وَأَنَّهُ إذَا حُجِرَ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ يُقَدَّمُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ بِالْقِيمَةِ أَيْضًا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُشْتَرَطُ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ وَتَصِيرُ رَهْنًا إلَخْ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا تَكُونُ وَاقِعَةً عَنْ جِهَةِ الْغُرْمِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ يُشْتَرَطُ قَصْدُ دَفْعِهَا الْمُرَادُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَصْرِفُهُ عَنْ جِهَةِ الْغُرْمِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ عُلِمَ) أَيْ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَمِمَّا قَرَّرَهُ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ قَصْدُ فِعْلِهَا عَنْ جِهَةِ الْغُرْمِ (قَوْلُهُ: أَنَّهَا) أَيْ الْقِيمَةَ: أَيْ كَوْنُهَا مَرْهُونَةً (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ كَوْنُ الْقِيمَةِ تَصِيرُ رَهْنًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ حَلَّ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ غُرْمِهَا) أَيْ لِتَكُونَ رَهْنًا وَبَيْنَ صَرْفِهَا إلَخْ، وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ التَّخْيِيرُ (قَوْلُهُ فِي حَالَةِ نُفُوذِ عِتْقِهِ) بِأَنْ كَانَ مُوسِرًا (قَوْلُهُ: مَا لَوْ كَانَ عَنْ كَفَّارَتِهِ) أَيْ الرَّاهِنِ وَسَيَأْتِي إعْتَاقُهُ عَنْ الْمُرْتَهِنِ (قَوْلُهُ: بِسُؤَالِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ أَعْتَقَ عَنْ كَفَّارَةِ غَيْرِهِ بِلَا سُؤَالٍ نَفَذَ، لَكِنْ عِبَارَةُ حَجّ: أَمَّا عِتْقُهُ عَنْ كَفَّارَةِ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ فَيَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ أَوْ هِبَةٌ وَعِتْقُهُ تَبَرُّعًا مِنْ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ بَاطِلٌ لِذَلِكَ أَيْضًا، وَفِي تَعْلِيلِ بُطْلَانِ إعْتَاقِهِ تَبَرُّعًا بِمَا ذَكَرَهُ نَظَرٌ لِأَنَّهُ بِدُونِ سُؤَالِهِ لَا يَكُونُ بَيْعًا وَلَا هِبَةً، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْإِعْتَاقِ تَبَرُّعًا أَنَّهُ بِسُؤَالٍ مِنْ الْغَيْرِ لَكِنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ مِنْ الْهِبَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ، لَكِنْ مَا أَفَادَهُ مِنْ الْبُطْلَانِ بِغَيْرِ سُؤَالٍ ظَاهِرٍ لِأَنَّ مَا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ عَنْ غَيْرِهِ إلَّا بِإِذْنٍ، وَلَعَلَّ الشَّارِحَ إنَّمَا قَيَّدَ بِالسُّؤَالِ لِأَنَّهُ الَّذِي يُمْكِنُ فِيهِ تَصْحِيحُ التَّكْفِيرِ عَنْ الْغَيْرِ، هَذَا وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمُنَازَعَةِ فِي التَّعْلِيلِ إنَّمَا يَظْهَرُ إذَا كَانَتْ النُّسْخَةُ بِاللَّامِ فِي قَوْلِهِ لِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ بِالْكَافِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الرَّاهِنُ (قَوْلُهُ: خَلِيفَةُ مُورَثِهِ) أَيْ وَعِتْقُهُ نَافِذٌ حَيْثُ أَيْسَرَ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْإِعْتَاقَ عَنْ الْمُرْتَهِنِ) أَيْ وَلَوْ بِعِوَضٍ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ بَيْعٌ أَوْ هِبَةٌ وَهُمَا جَائِزَانِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ قَبُولَهُ لِذَلِكَ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ إذْنِهِ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مُوسِرًا) أَيْ بَعْدَ دُخُولِهِ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQالذِّمَّةِ غَايَةً فِي الْمَتْنِ بَلْ يَجْعَلُهُ حُكْمًا مُقْتَضِيًا كَمَا صَنَعَ غَيْرُهُ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُشْتَرَطُ) أَيْ: لِتَعَيُّنِهَا لِلرَّهْنِيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ إلَخْ) يَعْنِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَتَصِيرُ رَهْنًا. (قَوْلُهُ: بِسُؤَالِهِ) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ التَّكْفِيرِ عَنْ الْغَيْرِ مُطْلَقًا فَهُوَ الَّذِي يُتَوَهَّمُ فِيهِ الصِّحَّةُ، وَأَيْضًا لِيَتَأَتَّى تَعْلِيلُهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ إلَخْ، أَمَّا الْإِعْتَاقُ عَنْ الْغَيْرِ بِغَيْرِ سُؤَالِهِ فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَإِنْ كَانَ الْعَتِيقُ غَيْرَ مَرْهُونٍ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ) قَيْدٌ مُضِرٌّ إذْ هُوَ عَلَى الثَّانِي كَذَلِكَ فَهُوَ لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: نَعَمْ إنْ بِيعَ فِي الدَّيْنِ ثُمَّ مَلَكَهُ لَمْ يُعْتَقْ جَزْمًا، قَالَ: وَقَدْ لَا يَرِدُ عَلَيْهِ: أَيْ عَلَى الْمَتْنِ؛ لِأَنَّهُ

[لا يصح رهن لغير المرهون عنده]

وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ مِنْ أَنَّ الْمَرِيضَ لَوْ اشْتَرَى قَرِيبَةً فِي مَرَضِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ رِعَايَةً لِحَقِّ صَاحِبِ الدَّيْنِ. (وَلَوْ) (عَلَّقَهُ) أَيْ عِتْقَ الْمَرْهُونِ فِي حَالِ الرَّهْنِ بِفِكَاكِ الرَّهْنِ وَانْفَكَّ عَتَقَ إذَا لَمْ يُوجَدْ حَالُ الرَّهْنِ إلَّا التَّعْلِيقَ وَلَا يَضُرُّ، أَوْ عَلَّقَهُ (بِصِفَةٍ) أُخْرَى كَقُدُومِ زَيْدٍ فَوُجِدَتْ وَقَدْ انْفَكَّ الرَّهْنُ بِأَنْ انْفَكَّ مَعَ وُجُودِهَا أَوْ قَبْلَهُ عَتَقَ أَيْضًا لِمَا مَرَّ، أَوْ وُجِدَتْ (وَهُوَ رَهْنٌ فَكَالْإِعْتَاقِ) فِيمَا مَرَّ، فَيُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ مَعَ وُجُودِ الصِّفَةِ كَالتَّنْجِيزِ. وَلَوْ رَهَنَ نِصْفَ رَقِيقِهِ ثُمَّ طَلَّقَ عَتَقَ نِصْفُهُ فَإِنْ أَعْتَقَ نِصْفَهُ الْمَرْهُونَ عَتَقَ مَعَ بَاقِيهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا أَوْ غَيْرُ الْمَرْهُونِ، أَوْ أُعْتِقَ غَيْرُ الْمَرْهُونِ مِنْ الْمُوسِرِ وَغَيْرِهِ وَسَرَى إلَى الْمَرْهُونِ عَلَى الْمُوسِرِ فَمَا قِيلَ إنَّهُ احْتَرَزَ بِالْإِعْتَاقِ عَنْ هَذِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالنِّسْبَةِ لِلْخِلَافِ، وَلَوْ كَانَ لِلْمُبَعَّضِ دَيْنٌ عَلَى سَيِّدِهِ فَرَهَنَ عِنْدَهُ نِصْفَهُ صَحَّ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْتِقَهُ إذَا كَانَ مُعْسِرًا إلَّا بِإِذْنِهِ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا نَفَذَ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَالْمُرْتَهِنِ الْأَجْنَبِيِّ (أَوْ) وُجِدَتْ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ فِكَاكِ الرَّهْنِ نَفَذَ الْعِتْقُ (عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي يَقُولُ: التَّعْلِيقُ بَاطِلٌ كَالتَّنْجِيزِ فِي قَوْلٍ. (وَلَا) يَصِحُّ (رَهْنٌ لِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمَرْهُونِ عِنْدَهُ لِمُزَاحِمَتِهِ حَقَّ الْأَوَّلِ فَيَفُوتُ مَقْصُودُ الرَّهْنِ نَعَمْ يَجُوزُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ، قَالَهُ فِي الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ: يَعْنِي أَنَّهُ يَنْفَسِخُ الْأَوَّلُ وَيَصِحُّ الثَّانِي، وَقَوْلُهُ لِغَيْرِهِ لَيْسَ بِقَيْدٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ مِنْهُ بِدَيْنٍ آخَرَ كَمَا مَرَّ (وَلَا التَّزْوِيجُ) ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي مِلْكِهِ وَقِيمَتُهُ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ مَا بَعْدَ إلَّا. (قَوْلُهُ: فِي حَالِ الرَّهْنِ) لَمْ يُبَيِّنْ مَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ قَبْلَ الرَّهْنِ بِصِفَةٍ يَعْلَمُ حُلُولَ الدَّيْنِ قَبْلَهَا فَحَلَّ الدَّيْنُ وَاتَّفَقَ أَنَّ الْمَرْهُونَ لَمْ يَبِعْ فَوُجِدَتْ الصِّفَةُ وَهُوَ رَهْنٌ، وَفِي ع مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ عَتَقَ الْمَرْهُونُ خَرَجَ مَا لَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ سَابِقًا عَلَى الرَّهْنِ فَإِنَّ الرَّهْنَ بَاطِلٌ كَمَا سَبَقَ اهـ سم. ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ شَامِلٌ لِمَا لَوْ عَلَّقَ بِصِفَةٍ تُوجَدُ قَبْلَ حُلُولِ الدَّيْنِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ يَقِينًا أَوْ احْتِمَالًا وَهُوَ ظَاهِرٌ، فَبِتَقْدِيرِ وُجُودِهَا قَبْلَ حُلُولِ الدَّيْنِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ بَيْعِ الْعَبْدِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْإِعْتَاقِ فَيُفَصَّلُ بَيْنَ كَوْنِ الْمُعَلِّقِ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: كَالتَّنْجِيزِ) زَادَ حَجّ: لَا مِنْ الْمُعْسِرِ بَلْ يَنْحَلُّ الْيَمِينُ فَلَا يُؤَثِّرُ وُجُودُهَا بَعْدَ الْفَكِّ اهـ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مُوسِرًا) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُوسِرًا لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَيْءٌ لِأَنَّ إعْسَارَهُ يَمْنَعُ مِنْ عِتْقِ الْمَرْهُونِ وَنَصِيبُهُ الَّذِي لَمْ يُرْهَنْ إنَّمَا يَعْتِقُ بِالسَّرَايَةِ وَهِيَ لَمْ تُوجَدْ لِإِعْسَارِهِ (قَوْلُهُ: فَرَهَنَ) أَيْ لِلسَّيِّدِ (قَوْلُهُ: عِنْدَهُ) أَيْ الْمُبَعَّضِ لِأَنَّ فِي عِتْقِهِ تَفْوِيتًا لِتَعَلُّقِ دَيْنِهِ بِالْجُزْءِ الرَّقِيقِ مِنْهُ (قَوْلُهُ نِصْفُهُ) أَيْ نِصْفُ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ) أَيْ يَحْرُمُ وَلَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ: إلَّا بِإِذْنِهِ) أَيْ الْمُبَعَّضِ (قَوْلُهُ كَالْمُرْتَهِنِ) وَاعْلَمْ أَنَّ قَبْضَ الْمَرْهُونِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَحْصُلَ بِمُجَرَّدِ الْإِذْنِ فِيهِ وَبُلُوغِ الْإِذْنِ لَهُ لِأَنَّهُ فِي يَدِ نَفْسِهِ فَلَا يَتَوَقَّفُ حُصُولُ الْقَبْضِ عَلَى زِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: بَعْدَهُ) أَيْ أَوْ مَعَهُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَنْفَسِخُ الْأَوَّلُ) أَيْ بِرَهْنِهِ عِنْدَ الثَّانِي (قَوْلُهُ: بِدَيْنٍ آخَرَ كَمَا مَرَّ) أَيْ قَبْلَ فَسْخِ الْأَوَّلِ بِخِلَافِهِ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَيُفِيدُ ذَلِكَ كَلَامُ سم عَلَى حَجّ حَيْثُ قَالَ: وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ بِدَيْنٍ آخَرَ إلَّا بَعْدَ فَسْخِ الْأَوَّلِ فَلَا يَكْفِي الْإِطْلَاقُ، بِخِلَافِ رَهْنِهِ مِنْ آخَرَ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَكُونُ فَسْخًا لِلْأَوَّلِ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ فَسْخٌ اهـ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَلَا الْإِجَارَةُ قَالَ سم عَلَى حَجّ: لَا يَخْفَى أَنَّهُ حَيْثُ جَازَتْ الْإِجَارَةُ جَازَتْ الْإِعَارَةُ بِالْأَوْلَى، لَكِنْ هَلْ يَجُوزُ مُطْلَقًا لِإِمْكَانِ الرُّجُوعِ فِيهَا مَتَى شَاءَ أَوْ عَلَى تَفْصِيلِ الْإِجَارَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQإذَا بِيعَ فِي الدَّيْنِ لَا يُقَالُ حِينَئِذٍ إنَّ الرَّهْنَ انْفَكَّ انْتَهَى . (قَوْلُهُ: وَقَدْ انْفَكَّ الرَّهْنُ بِأَنْ انْفَكَّ مَعَ وُجُودِهَا إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ. نَعَمْ فِيهِ زِيَادَةُ مَسْأَلَةِ الْمَعِيَّةِ . (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَهَنَ نِصْفَ رَقِيقِهِ إلَخْ) هَذَا مَحَلُّهُ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَصِيرُ رَهْنًا كَمَا أَوْرَدَهُ هُنَاكَ الشِّهَابُ حَجّ فِي تُحْفَتِهِ، وَاقْتَصَرَ فِي إيرَادِهِ عَلَى مَا لَوْ أَعْتَقَ النِّصْفَ الْغَيْرَ الْمَرْهُونِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْإِيرَادِ، فَلَعَلَّ مَنْ أَوْرَدَهُ يَدَّعِي أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ النِّصْفُ الْمَرْهُونُ مُطْلَقًا [لَا يَصِحُّ رَهْنٌ لِغَيْرِ الْمَرْهُونِ عِنْدَهُ] . (قَوْلُهُ: يَصِحُّ) الَّذِي حَلَّ بِهِ الْمَتْنُ غَيْرُ مُنَاسِبٍ

مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ يُقَلِّلُ الرَّغْبَةَ وَيُنْقِصُ الْقِيمَةَ سَوَاءٌ الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ وَالْخَلِيَّةُ عِنْدَ الرَّهْنِ وَالْمُزَوَّجَةُ فَإِنْ زَوَّجَ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهُ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ، وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ عَنْ الرَّجْعَةِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ لِتَقَدُّمِ حَقِّ الزَّوْجِ (وَلَا الْإِجَارَةُ) مِنْ غَيْرِهِ (إنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَوْ يَحِلُّ قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ مُدَّتِهَا لِأَنَّهَا تُنْقِصُ الْقِيمَةَ وَتُقَلِّلُ الرَّغَبَاتِ كَذَا أَطْلَقَهُ الْجُمْهُورُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ التَّتِمَّةِ الْبُطْلَانُ فِيمَا جَاوَزَ الْمَحَلَّ فَقَطْ تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ، وَاخْتَارَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ كَالسُّبْكِيِّ وَالْأَذْرَعِيِّ. وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْهُدْنَةِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْإِجَارَةَ هُنَا لَمَّا وَقَعَتْ مُجَاوِزَةً لِلْمَحَلِّ كَانَتْ مُخَالِفَةً لِمَا أُذِنَ فِيهِ شَرْعًا فَبَطَلَتْ مِنْ أَصْلِهَا نَظِيرُ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ اسْتَعَارَ شَيْئًا لِيَرْهَنَهُ بِعَشَرَةٍ بِأَكْثَرَ، وَفِي إجَارَةِ نَاظِرِ الْوَقْفِ بِأَزْيَدَ مِمَّا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ، وَكَتَصَرُّفِ الْوَكِيلِ فِي أَزْيَدَ مِمَّا أَذِنَ لَهُ فِيهِ الْمُوَكِّلُ، أَمَّا إذَا كَانَ يَحِلُّ بَعْدَ انْقِضَائِهَا أَوْ مَعَهُ فَإِنَّهَا تَصِحُّ إنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ عَدْلًا أَوْ رَضِيَ الْمُرْتَهِنُ بِيَدِ غَيْرِ الْعَدْلِ وَكَالْمُسْتَأْجَرِ الْمُسْتَعِيرُ، فَإِنْ احْتَمَلَ التَّقَدُّمَ وَالتَّأَخُّرَ وَالْمُقَارَنَةَ أَوْ اثْنَتَيْنِ مِنْهَا بِأَنْ يُؤَجِّرَهُ عَلَى عَمَلٍ مُعَيَّنٍ كَبِنَاءِ حَائِطٍ صَحَّ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَالرَّوْضَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيُوَجَّهُ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّهَا إنَّمَا امْتَنَعَتْ لِنَقْصِهَا الْقِيمَةَ وَذَلِكَ غَيْرُ مُحَقَّقٍ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ سَبَبِهِ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ مِنْ امْتِنَاعِ كُلِّ انْتِفَاعٍ يَضُرُّ أَنَّ الصُّورَةَ هُنَا أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تُؤَثِّرُ نَقْصًا فِي الْقِيمَةِ كَبِنَاءٍ، وَأَنَّ تَفْرِيغَ الْمَأْجُورِ لَا يَطُولُ زَمَنُهُ بَعْدَ الْحُلُولِ وَلَا تَبْطُلُ بِالْحُلُولِ بِمَوْتِ الرَّاهِنِ كَمَا رَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ لِوُقُوعِهَا صَحِيحَةً ابْتِدَاءً بَلْ يَصْبِرُ الْمُرْتَهِنُ إلَى انْقِضَائِهَا وَيُضَارِبُ مَعَ الْغُرَمَاءِ ثُمَّ بَعْدَ انْقِضَائِهَا يَقْضِي مَا فَضَلَ لَهُ مِنْ الْمَرْهُونِ، فَإِنْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ فَلِلْغُرَمَاءِ، أَمَّا الْإِجَارَةُ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ. أَقُولُ: يَنْبَغِي الْجَوَازُ مُطْلَقًا لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ وَهِيَ قَوْلُهُ لِأَنَّهَا تُنْقِصُ الْقِيمَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْمُزَوَّجَةُ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً وَطَلُقَتْ (قَوْلُهُ: فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ) أَيْ ثُمَّ إنْ وَطِئَ الزَّوْجُ فَعَلَيْهِ الْمَهْرُ، وَلَا حَدَّ إنْ جَهِلَ فَسَادَ النِّكَاحِ كَالْأَمَةِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ، وَلَا مَهْرَ لَهَا إنْ عَلِمَتْ فَسَادَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يَقُولُ بِصِحَّةِ التَّزْوِيجِ وَإِلَّا فَيَجِبُ الْمَهْرُ وَلَا حَدَّ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: فَبَطَلَتْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: بِأَزْيَدَ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ الْبَاءِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهَا لَوْ اشْتَمَلَ الْعَقْدُ عَلَى مَا يَجُوزُ وَمَا لَا يَجُوزُ، وَأَمَّا عَلَى نُسْخَةِ الْبَاءِ فَالْمَعْنَى أَنَّ الْوَاقِفَ إذَا شَرَطَ أَنْ يُؤَجِّرَ بِقَدْرٍ فَأُجِّرَ بِأَكْثَرَ مِنْهُ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ وَهُوَ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ لَيْسَ مِمَّا الْكَلَامُ فِيهِ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ) أَيْ الدَّيْنُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا تَصِحُّ) ظَاهِرُهُ الصِّحَّةُ وَإِنْ احْتَاجَ بَعْدَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ لِزَمَنٍ تُنْقَلُ فِيهِ الْأَمْتِعَةُ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ، وَعِبَارَةُ حَجّ: أَوْ مَعَهُ وَلَوْ احْتِمَالًا فَيَجُوزُ إنْ لَمْ تَنْقُصْ بِهَا قِيمَةُ الْمَرْهُونِ وَلَمْ تَمْتَدَّ مُدَّةُ تَفْرِيغِهِ لِمَا بَعْدَ الْحُلُولِ زَمَنًا لَهُ أُجْرَةٌ اهـ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْإِجَارَةَ إذَا كَانَتْ تَنْقَضِي بَعْدَ حُلُولِ الدَّيْنِ بِزَمَنٍ لَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ لَمْ يَصِحَّ، وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ كَانَتْ تَنْقَضِي مَعَهُ وَيَتَوَقَّفُ تَفْرِيغُ الْأَمْتِعَةِ عَلَى مُدَّةٍ لَا تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ بِأَنَّهَا إذَا بَقِيَتْ الْإِجَارَةُ لِمَا بَعْدَ حُلُولِ الدَّيْنِ كَانَتْ مَنْفَعَةُ تِلْكَ الْمُدَّةِ مُسْتَحَقَّةً لِلْمُسْتَأْجِرِ فَتَبْقَى الْيَدُ لَهُ حَائِلَةً بَيْنَ الْمُرْتَهِنِ وَبَيْنَهَا إذَا أَرَادَ الْبَيْعَ، وَلَا كَذَلِكَ مَا إذَا انْقَضَتْ الْإِجَارَةُ مَعَ حُلُولِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَكَالْمُسْتَأْجَرِ الْمُسْتَعِيرُ) أَيْ فِي صِحَّةِ إعَارَتِهِ إنْ كَانَ عَدْلًا أَوْ رَضِيَ بِهِ الْمَالِكُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُؤَجِّرَهُ) أَيْ الْمَرْهُونُ (قَوْلُهُ: كَبِنَاءٍ) أَيْ كَالْإِجَارَةِ لِبِنَاءٍ بِأَنْ آجَرَ الْعَبْدَ الْمَرْهُونَ لِيَبْنِيَ جِدَارَ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: وَيُضَارِبُ مَعَ الْغُرَمَاءِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَا رَهْنُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى تَصَرُّفٌ يُزِيلُ الْمِلْكِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَيْسَ لَهُ تَصَرُّفٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَاحْتُرِزَ بِذَلِكَ عَنْ الرَّجْعَةِ) فِيهِ مُسَامَحَةٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا يَمْتَنِعُ عَلَى الرَّاهِنِ، وَقَدْ يُصَوَّرُ بِكَوْنِ الرَّاهِنِ هُوَ الزَّوْجُ بِأَنْ اسْتَعَارَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ وَرَهَنَهَا وَطَلَّقَهَا وَرَاجَعَهَا. (قَوْلُهُ: لَمَّا وَقَعَتْ مُجَاوِزَةً لِلْمَحَلِّ كَانَتْ مُخَالِفَةً إلَخْ) هَذَا يَجْرِي بِعَيْنِهِ فِي الْهُدْنَةِ فَلَا يَحْسُنُ فَرْقًا. نَعَمْ قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ إنَّمَا بَطَلَ فِي الْهُدْنَةِ فِي الزَّائِدِ فَقَطْ لِمَا يَلْزَمُ قِيَامُ بُطْلَانِهَا مِنْ أَصْلِهَا مِنْ الْمَفْسَدَةِ الْعَامَّةِ إذْ هِيَ مِنْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ الْعَامَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ) يَعْنِي فِي كَلَامِهِمْ وَإِلَّا فَهُوَ لَمْ يُقَرِّرْ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: كَبِنَاءٍ) تَمْثِيلٌ لِمَا يُورِثُ نَقْصًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ

الْمُرْتَهِنِ فَصَحِيحَةٌ وَيَسْتَمِرُّ الرَّهْنُ (وَلَا الْوَطْءُ) أَوْ الِاسْتِمْتَاعُ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا وَلَوْ مِمَّنْ لَا تَحْبَلُ حَذَرًا مِنْ الْحَبَلِ فِيمَنْ تَحْبَلُ وَحَسْمًا لِلْبَابِ فِي غَيْرِهَا. نَعَمْ لَوْ خَافَ الزِّنَا لَوْ لَمْ يَطَأْهَا فَلَهُ وَطْؤُهَا فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ كَالْمُضْطَرِّ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الظَّاهِرَ فِيمَا لَوْ اسْتَعَارَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ وَرَهَنَهَا وَكَانَتْ حَامِلًا مِنْهُ أَنَّ لَهُ وَطْأَهَا مَا دَامَتْ حَامِلًا وَإِنْ اشْتَرَاهَا بَعْدَ أَنْ رَهَنَهَا لِفَقْدِ الْمَحْذُورِ جَازَ عَلَى غَيْرِ مُرَجَّحِ الشَّيْخَيْنِ، أَمَّا عَلَى مُرَجَّحِهِمَا فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا مُطْلَقًا، وَخَرَجَ بِالْوَطْءِ بَقِيَّةُ التَّمَتُّعَاتِ فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَجَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الرَّافِعِيُّ فِي الِاسْتِبْرَاءِ، وَقَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ بِحُرْمَتِهَا أَيْضًا خَوْفَ الْوَطْءِ، وَقَدْ جَمَعَ الشَّيْخُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الثَّانِي عَلَى مَا لَوْ خَافَ الْوَطْءَ، وَالْأَوَّلِ عَلَى مَا لَوْ أَمِنَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (فَإِنْ) (وَطِئَ) رَاهِنُهَا الْمَالِكُ لَهَا وَلَوْ مَعَ عِلْمِهِ بِالتَّحْرِيمِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا مَهْرَ، وَإِذَا أَحْبَلَ (فَالْوَلَدُ حُرٌّ) نَسِيبٌ لِأَنَّهَا عَلِقَتْ بِهِ فِي مِلْكِهِ وَعَلَيْهِ أَرْشُ الْبَكَارَةِ إنْ افْتَضَّهَا لِإِتْلَافِهِ جُزْءًا مِنْ الْمَرْهُونِ، فَإِنْ شَاءَ قَضَاهُ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ جَعَلَهُ رَهْنًا وَيُعَزَّرُ الْعَالَمُ بِالتَّحْرِيمِ (وَفِي) (نُفُوذِ الِاسْتِيلَادِ) مِنْ الرَّاهِنِ لِلْمَرْهُونَةِ وَمِثْلُهُ سَيِّدُ الْجَانِيَةِ (أَقْوَالُ الْإِعْتَاقِ) السَّابِقَةِ أَظْهَرُهَا يَنْفُذُ مِنْ الْمُوسِرِ دُونَ الْمُعْسِرِ وَيُفْعَلُ فِي قِيمَتِهَا مَا مَرَّ وَيُبَاعُ عَلَى الْمُعْسِرِ مِنْهَا بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَإِنْ نَقَصَتْ بِالتَّشْقِيصِ رِعَايَةً لِحَقِّ الْإِيلَادِ، بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنْ الْأَعْيَانِ الْمَرْهُونَةِ بَلْ يُبَاعُ كُلُّهُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْمَالِكِ، لَكِنْ لَا يُبَاعُ شَيْءٌ عَنْ الْمُسْتَوْلَدَةِ إلَّا بَعْدَ وَضْعِ وَلَدِهَا إذْ هِيَ حَامِلٌ بِحُرٍّ بَلْ وَبَعْدَ أَنْ تَسْقِيَهُ اللِّبَأَ وَيُوجَدُ مَنْ يُسْتَغْنَى بِهِ عَنْهَا لِئَلَّا يُسَافِرَ بِهَا الْمُشْتَرِي فَيَهْلِكُ وَلَدُهَا. وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي إجَارَتِهَا أَنَّ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُضَارِبَ مَعَ الْغُرَمَاءِ فِي مُدَّةِ الصَّبْرِ، فَإِنْ اسْتَغْرَقَهَا الدَّيْنُ أَوْ عَدَمُ مُشْتَرِي الْبَعْضِ بِيعَتْ كُلُّهَا بَعْدَ مَا ذُكِرَ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ فِي الْأُولَى وَلِلضَّرُورَةِ فِي الثَّانِيَةِ. وَإِذَا بِيعَ بَعْضُهَا أَوْ كُلُّهَا عِنْدَ وُجُودِ مُرْضِعَةٍ فَلَا يُبَالِي بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ حُرٌّ وَلَيْسَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الْآنَ (قَوْلُهُ: وَحَسْمًا) أَيْ سَدًّا (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِهَا) أَيْ وَلَوْ قَطَعَ بِعَدَمِ حَمْلِهَا كَبِنْتِ ثَمَانِ سِنِينَ مَثَلًا (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ خَافَ الزِّنَا إلَخْ) وَهَلْ يَصْدُقُ فِي ذَلِكَ حَتَّى يَجِبَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ تَمْكِينُهُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ لَا يَكُونُ الْجَوَازُ لَهُ بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ تَصْدِيقُهُ إذَا دَلَّتْ الْقَرِينَةُ بِأَنْ ظَهَرَ مِنْ حَالَةِ شِدَّةِ الشَّبَقِ وَلَمْ تُعْلَمْ لَهُ قُوَّةُ دِيَانَةٍ تَمْنَعُهُ، وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ بِالدَّرْسِ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِإِخْبَارِ طَبِيبَيْنِ وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ خَوْفَ الزِّنَا لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ رِقَّةِ الدِّيَانَةِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ حَيْثُ قَالُوا فِي ضَابِطِ خَوْفِ الزِّنَا وَقَوِيَتْ شَهْوَتُهُ وَضَعُفَ تَقْوَاهُ، وَالْأَطِبَّاءُ لَا دَخْلَ لَهُمْ فِي مَعْرِفَةِ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ التَّعْوِيلُ عَلَى الْقَرِينَةِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ وَطْؤُهَا) فَلَوْ حَبِلَتْ هَلْ يَنْفُذُ وَقِيَاسُ الْجَوَازِ النُّفُوذُ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُمْنَعُ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْإِضْرَارِ يُسْقِطُ حُرْمَةَ الْوَطْءِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ تَفْوِيتُ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بَلْ الْقِيَاسُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مُوسِرًا نَفَذَ وَإِلَّا فَلَا كَمَا لَوْ وَطِئَ بِلَا إذْنٍ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ الْعَزْلَ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ مَشَقَّةً عَلَى الْوَاطِئِ (قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) حَامِلًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ) أَيْ الزَّوْجِ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) لَكِنْ يُتَأَمَّلُ الْفَرْقُ عَلَى هَذَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّيِّدِ حَيْثُ قِيلَ فِيهِ بِحُرْمَةِ الِاسْتِمْتَاعِ وَإِنْ لَمْ تَحْبَلْ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ أَمِنَ الْوَطْءَ وَلَعَلَّهُ اسْتِحْقَاقُ الزَّوْجِ الْوَطْءَ بِالزَّوْجِيَّةِ وَلَيْسَ لَهَا تَعَلُّقٌ بِالرَّهْنِ فَتَوَسَّعَ فِيمَا تَعَلَّقَ بِهِ بَلْ كَانَ الْقِيَاسُ جَوَازُ وَطْئِهِ لَكِنَّ عِبَارَةَ حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا الْوَطْءُ أَوْ الِاسْتِمْتَاعُ أَوْ الِاسْتِخْدَامُ إنْ جَرَّ لِوَطْءٍ وَعَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ اسْتِمْتَاعِ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ. (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهَا تَكُونُ رَهْنًا إنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا وَأَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ غُرْمِهَا وَقَضَاءِ الدَّيْنِ بِهَا إنْ كَانَ حَالًّا (قَوْلُهُ: بَلْ يُبَاعُ كُلُّهُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَخْتَرْ الْمَالِكُ بَيْعَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ الِاسْتِمْتَاعُ) أَيْ إنْ جَرَّ إلَى وَطْءٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي الْمُغْنِي عَمَّا هُنَا (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْوَطْءِ) أَيْ فِي كَلَامِ

[لو وطئ الأمة راهنها المالك لها]

لِلرَّاهِنِ أَنْ يَهَبَهَا لِلْمُرْتَهِنِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا جُوِّزَ لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ إلَى الْهِبَةِ، وَلَوْ مَاتَ الرَّاهِنُ قَبْلَ بَيْعِهَا فَإِنْ أَبْرَأَ الْمُرْتَهِنَ عَنْ الدَّيْنِ أَوْ تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ بِأَدَائِهِ عَتَقَتْ، وَإِنْ لَمْ يُتَّفَقْ فَهَلْ نَقُولُ هِيَ مَوْرُوثَةٌ أَوْ الْأَمْرُ فِيهَا مَوْقُوفٌ، أَوْ نَقُولُ لَا مِيرَاثَ ظَاهِرٌ فَإِذَا بِيعَتْ ثَبَتَ الْمِيرَاثُ؟ يَحْتَمِلُ آرَاءً أَقْرَبُهَا الْأَخِيرُ فَلَوْ اكْتَسَبَتْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُسْتَوْلِدِ وَقَبْلَ بَيْعِهَا فَإِنْ أَبْرَأَ الْمُرْتَهِنُ أَوْ تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ فَكَسْبُهَا لَهَا وَإِنْ بِيعَتْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْكَسْبَ لِلْوَارِثِ خَاصَّةً (فَإِنْ لَمْ نُنَفِّذْهُ) لِإِعْسَارِهِ (فَانْفَكَّ) الرَّهْنُ مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ (نَفَذَ) الِاسْتِيلَادُ (فِي الْأَصَحِّ) بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْإِعْتَاقِ لِأَنَّهُ قَوْلٌ يَقْتَضِي الْعِتْقَ فِي الْحَالِ فَإِذَا رُدَّ لَغَا، وَالْإِيلَادُ فِعْلٌ لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ وَإِنَّمَا يُمْنَعُ حُكْمُهُ فِي الْحَالِ لِحَقِّ الْغَيْرِ، فَإِذَا زَالَ حَقُّ الْغَيْرِ ثَبَتَ حُكْمُهُ بِدَلِيلِ مَا لَوْ بِيعَتْ فِي الرَّهْنِ ثُمَّ مَلَكَهَا فَإِنَّهُ يَنْفُذُ إيلَادُهَا، وَلَوْ مَلَكَ بَعْضَهَا فَهَلْ يَسْرِي لِبَاقِيهَا؟ الْأَوْجَهُ نَعَمْ كَمَنْ مَلَكَ بَعْضَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ (فَلَوْ) (مَاتَتْ) هَذِهِ الْأَمَةُ الَّتِي أَوْلَدَهَا الرَّاهِنُ (بِالْوِلَادَةِ) أَوْ نَقَصَتْ بِهَا وَهُوَ مُعْسِرٌ حَالَ الْإِيلَادِ ثُمَّ أَيْسَرَ (غَرِمَ قِيمَتَهَا) وَقْتَ الْإِحْبَالِ فِي الْأُولَى وَتَكُونُ (رَهْنًا) مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ عَقْدٍ مَكَانَهَا، وَالْأَرْشُ فِي الثَّانِيَةِ يَكُونُ رَهْنًا مَعَهَا كَذَلِكَ (فِي الْأَصَحِّ) لِتَسَبُّبِهِ فِي هَلَاكِهَا وَنَقْصِهَا بِالْإِحْبَالِ بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ، وَلَهُ صَرْفُ ذَلِكَ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ، وَالثَّانِي لَا غُرْمَ لِبُعْدِ إضَافَةِ الْهَلَاكِ أَوْ النَّقْصِ إلَى الْوَطْءِ، وَيَجُوزُ كَوْنُهُ مِنْ عِلَلٍ وَعَوَارِضَ وَمَوْتُ أَمَةِ الْغَيْرِ بِالْوِلَادَةِ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ يُوجِبُ قِيمَتَهَا لِمَا مَرَّ لَا مِنْ وَطْءِ زِنًا وَلَوْ بِالْإِكْرَاهِ لِأَنَّهَا لَا تُضَافُ إلَى وَطْئِهِ، إذْ الشَّرْعُ قَطَعَ النَّسَبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَلَدِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا سَيَأْتِي فِي الْغَصْبِ أَنَّ الْغَاصِبَ لَوْ أَحْبَلَ الْأَمَةَ الْمَغْصُوبَةَ ثُمَّ رَدَّهَا إلَى مَالِكِهَا فَمَاتَتْ بِالْوِلَادَةِ ضَمِنَ قِيمَتَهَا لِأَنَّ صُورَتَهُ أَنَّهُ حَصَلَ مَعَ الزِّنَا اسْتِيلَاءٌ تَامٌّ عَلَيْهَا بِحَيْثُ دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ، وَلَوْ وَطِئَ حُرَّةً بِشُبْهَةٍ فَمَاتَتْ بِالْوِلَادَةِ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ دِيَتُهَا لِأَنَّ الْوَطْءَ سَبَبٌ ضَعِيفٌ، وَإِنَّمَا أَوْجَبْنَا الضَّمَانَ فِي الْأَمَةِ لِأَنَّ الْوَطْءَ سَبَبُ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا وَالْعُلُوقُ مِنْ آثَارِهِ وَأَدَمْنَا بِهِ الْيَدَ وَالِاسْتِيلَاءَ وَالْحُرَّةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ وَالِاسْتِيلَاءِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي مَوْتِ زَوْجَتِهِ أَمَةً كَانَتْ أَوْ حُرَّةً بِالْوِلَادَةِ لِتَوَلُّدِهِ مِنْ مُسْتَحَقٍّ. (وَلَهُ) أَيْ لِلرَّاهِنِ (كُلُّ انْتِفَاعٍ لَا يَنْقُصُهُ) أَيْ الْمَرْهُونَ، وَالْأَفْصَحُ تَخْفِيفُ الْقَافِ، قَالَ تَعَالَى {ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ} [التوبة: 4] وَيَجُوزُ تَشْدِيدُهَا (كَالرُّكُوبِ) وَالِاسْتِخْدَامِ وَلَوْ لِلْأَمَةِ، لَكِنْ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: إذَا مَنَعْنَا الْوَطْءَ فَلَيْسَ اسْتِخْدَامُهَا حَذَرًا مِنْهُ، وَيُسَاعِدُهُ قَوْلُ الرُّويَانِيِّ: يُمْنَعُ مِنْ الْخَلْوَةِ بِهَا، وَحِينَئِذٍ فَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَدْرِ مَا يُوفِي الدَّيْنَ وَوَجَدَ مَنْ يَشْتَرِيهِ (قَوْلُهُ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَهَبَهَا) أَيْ الْمُسْتَوْلَدَةَ (قَوْلُهُ: لِلْمُرْتَهِنِ) أَيْ وَلَا غَيْرِهِ لِأَنَّهَا تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ اكْتَسَبَتْ) تَفْرِيعٌ عَلَى الْأَخِيرِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ إيلَادُهَا) أَيْ مِنْ الْآنَ: أَيْ لَا أَنَّهُ يَتَبَيَّنُ عِتْقُهَا بِالْمَوْتِ لِأَنَّا حَكَمْنَا بِصِحَّةِ بَيْعِهَا، وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ أَكْسَابُهَا وَرِقُّ أَوْلَادِهَا الْحَاصِلَةِ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَلَكَ) أَيْ بَعْدَ بَيْعِهَا فِي الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ) أَيْ حَيْثُ كَانَ مُوسِرًا بِقِيمَةِ الْبَاقِي وَإِلَّا فَبِقَدْرِ مَا أَيْسَرَ بِقِيمَتِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَرْشُ فِي الثَّانِيَةِ) هُوَ قَوْلُهُ أَوْ نَقَصَتْ بِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: مَعَهَا كَذَلِكَ) أَيْ مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ عَقْدٍ (قَوْلُهُ: وَلَهُ صَرْفُ ذَلِكَ) أَيْ الْقِيمَةِ أَوْ الْأَرْشِ (قَوْلُهُ: لَا مِنْ وَطْءٍ) هِيَ بِمَعْنَى عَنْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِإِكْرَاهٍ) أَيْ عَلَى الزِّنَا بِهَا مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَحْبَلَ الْأَمَةَ) أَيْ زِنًا (قَوْلُهُ ضَمِنَ) أَيْ الْغَاصِبُ (قَوْلُهُ: أَوْ حُرَّةً بِالْوِلَادَةِ) خَرَجَ بِهَا مَا لَوْ مَاتَتْ بِنَفْسِ الْوَطْءِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً وَدِيَتُهَا دِيَةَ خَطَأٍ إنْ كَانَتْ حُرَّةً وَإِنْ سَبَقَ مِنْهُ الْوَطْءُ مِرَارًا وَلَمْ تَتَأَلَّمْ مِنْهُ، وَإِذَا اخْتَلَفَ الْوَاطِئُ وَالْوَارِثُ فِي ذَلِكَ فَالْمُصَدَّقُ الْوَاطِئُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ وَعَدَمُ الْمَوْتِ بِهِ بَلْ هُوَ الْغَالِبُ (قَوْلُهُ: أَيْ لِلرَّهْنِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ مُعِيرُهُ فَلَهُ ذَلِكَ فِيهَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِخْدَامُ وَلَوْ لِلْأَمَةِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: حَذَرًا مِنْهُ) أَيْ الْوَطْءِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُصَنِّفِ لَا فِي كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي كَلَامِ الشَّيْخِ حَيْثُ فُهِمَ الثَّانِي حَتَّى رَتَّبَ عَلَيْهِ مَا فِي حَاشِيَتِهِ [لَوْ وَطِئَ الْأَمَة رَاهِنُهَا الْمَالِكُ لَهَا] . (قَوْلُهُ: أَنْ يَهَبَهَا) أَيْ الْمُسْتَوْلَدَةَ [لِلرَّاهِنِ كُلُّ انْتِفَاعٍ لَا يَنْقُصُ الْمَرْهُونَ] . (قَوْلُهُ: تَخْفِيفُ الْقَافِ) أَيْ مَعَ فَتْحِ الْيَاءِ

هَذَا وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ وُقُوعُ الْوَطْءِ بِسَبَبِهِ (وَالسُّكْنَى) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «الظَّهْرُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ إذَا كَانَ مَرْهُونًا» وَخَبَرِ «الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ وَمَحْلُوبٌ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَصَحَّحَهُ، وَقِيسَ عَلَى ذَلِكَ مَا أَشْبَهَهُ كَلُبْسٍ وَإِنْزَاءِ فَحْلٍ عَلَى أُنْثَى يَحِلُّ الدَّيْنُ قَبْلَ ظُهُورِ حَمْلِهَا أَوْ تَلِدُ قَبْلَ حُلُولِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ يَحِلُّ قَبْلَ وِلَادَتِهَا وَبَعْدَ ظُهُورِ حَمْلِهِ فَلَيْسَ لَهُ الْإِنْزَاءُ عَلَيْهَا لِامْتِنَاعِ بَيْعِهَا دُونَ حَمْلِهَا لِأَنَّهُ غَيْرُ مَرْهُونٍ، وَإِذَا أَخَذَ الرَّاهِنُ الْمَرْهُونَ لِلِانْتِفَاعِ الْجَائِزِ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ فَلَا ضَمَانَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ. فَلَوْ ادَّعَى رَدَّهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ كَالْمُرْتَهِنِ لَا يُقْبَلُ دَعْوَاهُ الرَّدَّ بِيَمِينِهِ مَعَ أَنَّ الرَّاهِنَ ائْتَمَنَهُ بِاخْتِيَارِهِ، فَكَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الرَّاهِنُ عَلَى الْعَكْسِ مَعَ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ مُجْبَرٌ عَلَى الدَّفْعِ إلَيْهِ شَرْعًا (لَا الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ) فِي الْأَرْضِ الْمَرْهُونَةِ لِأَنَّهُمَا يُنْقِصَانِ قِيمَةَ الْأَرْضِ. نَعَمْ لَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا وَقَالَ: أَنَا أَقْلَعُ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَلَهُ ذَلِكَ: أَيْ إنْ لَمْ يُورِثْ قَلْعُهُمَا نَقْصًا وَلَمْ تَطُلْ مُدَّتُهُ بِحَيْثُ يَضُرُّ بِالْمُرْتَهِنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ اسْتِثْنَاءَ بِنَاءٍ خَفِيفٍ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بِاللَّبِنِ كَمِظَلَّةِ النَّاطُورِ لِأَنَّهُ يُزَالُ عَنْ قُرْبٍ كَالزَّرْعِ وَلَا تَنْقُصُ الْقِيمَةُ بِهِ، وَلَهُ زِرَاعَةُ مَا يُدْرَكُ قَبْلَ حُلُولِ الدَّيْنِ أَوْ مَعَهُ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ إنْ لَمْ يُنْقِصُ الزَّرْعُ قِيمَةَ الْأَرْضِ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَحُكْمُ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ وَإِنْ عُرِفَ كَاَلَّذِي قَبْلَهُمَا مِمَّا مَرَّ، لَكِنْ أَعَادَهُ لِيَبْنِيَ عَلَيْهِمَا مَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ قَبْلَ إدْرَاكِهِ لِعَارِضٍ تَرَكَهُ إلَى الْإِدْرَاكِ (فَإِنْ) كَانَ قِيمَتُهَا تَنْقُصُ بِذَلِكَ الزَّرْعِ أَوْ كَانَ الزَّرْعُ مِمَّا يُدْرَكُ بَعْدَ الْحُلُولِ أَوْ (فَعَلَ) الْبِنَاءَ أَوْ الْغِرَاسَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَا يَجِبُ تَمْكِينُهُ مِنْ الْأَمَةِ لِلْخِدْمَةِ إلَّا إنْ أَمِنَ غَشَيَانَهُ لَهَا لِكَوْنِهِ مُحْرِمًا إلَخْ، وَقَدْ يُقَالُ: كَلَامُهُ هُنَا فِي جَوَازِ اسْتِخْدَامِهِ وَمَا يَأْتِي فِي وُجُوبِ تَمْكِينِ الْمُرْتَهِنِ لَهُ مِنْ اسْتِخْدَامِهَا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ مَنْعِ الْمُرْتَهِنِ مِنْ تَمْكِينِهِ مِنْهَا حُرْمَةُ اسْتِخْدَامِهِ لَوْ وَقَعَ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ: أَيْ فَيَسْتَخْدِمُ الْأَمَةَ وَلَوْ خَافَ الْوَطْءَ (قَوْلُهُ: وَإِنْزَاءِ فَحْلٍ عَلَى أُنْثَى) أَيْ مَرْهُونَةٍ (قَوْلُهُ فَلَا ضَمَانَ) أَيْ لِشَيْءٍ بَدَّلَهُ يَكُونُ رَهْنًا مَكَانَهُ وَيَصْدُقُ فِي أَنَّهُ لَمْ يُقَصِّرْ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ ادَّعَى) أَيْ الرَّاهِنُ (قَوْلُهُ: لَا الْبِنَاءُ) عَطْفٌ عَلَى كُلُّ (قَوْلُهُ: وَالْغِرَاسُ) الْأَوْلَى الْغَرْسُ لِأَنَّهُ الْمَصْدَرُ لِغَرَسَ، بِخِلَافِ الْغِرَاسِ فَإِنَّهُ اسْمٌ لِمَا يُغْرَسُ، ثُمَّ رَأَيْته فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: يُنْقِصَانِ قِيمَةَ الْأَرْضِ) قَضِيَّتُهُ امْتِنَاعُ ذَلِكَ وَإِنْ وَفَّتْ قِيمَةُ الْأَرْضِ مَعَ النَّقْصِ بِقَدْرِ الدَّيْنِ، وَلَوْ اُعْتُبِرَ نَقْصٌ يُؤَدِّي إلَى تَفْوِيتِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا اهـ (قَوْلُهُ فَلَهُ ذَلِكَ) أَيْ قَهْرًا (قَوْلُهُ: اسْتِثْنَاءُ بِنَاءٍ) أَيْ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنٍ وَلَا يَفْتَرِقُ فِيهِ الْحُكْمُ بَيْنَ الْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ (قَوْلُهُ: النَّاطُورُ) أَيْ الْحَافِظُ لِلزَّرْعِ وَنَحْوُهُ، وَفِي الْمُخْتَارِ النَّاطِرُ وَالنَّاطُورُ حَافِظُ الْكَرْمِ وَالْجَمْعُ النَّاطِرُونَ وَالنَّوَاطِيرُ (قَوْلُهُ: مَا يُذْكَرُ قَبْلَ حُلُولِ الدَّيْنِ) أَيْ بِحَسَبِ الْعَادَةِ الْمُتَعَارَفَةِ (قَوْلُهُ لَكِنْ أَعَادَهُ) أَيْ هَذَا الْحُكْمَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: هَذَا وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَمْكِينُهُ مِنْ الْأَمَةِ لِلْخِدْمَةِ إلَّا إنْ أُمِنَ غَشَيَانُهُ لَهَا. (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَضُرُّ بِالْمُرْتَهِنِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ كَمَا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ قَبْلَ إدْرَاكِهِ) كَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَى قَوْلِهِ وَحُكْمُ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ تَنْقُصُ بِذَلِكَ الزَّرْعِ أَوْ كَانَ الزَّرْعُ مِمَّا يُدْرِكُ بَعْدَ الْحُلُولِ) أَيْ وَفِعْلُهُ مَعَ مَنْعِهِ مِنْهُ الَّذِي أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ: الْمَارُّ، وَلَهُ زِرَاعَةُ مَا يُدْرِكُ قَبْلَ الْحُلُولِ إلَخْ فَقَدْ اكْتَفَى هُنَا عَنْ جَوَابِ إنَّ بِالنِّسْبَةِ لِلزَّرْعِ الَّذِي زَادَهُ عَلَى الْمَتْنِ بِمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ الَّذِي قَدَّمَهُ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَذْكُرَ مِثْلَ مَا قَدَّرْتُهُ، عَلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لَمْ يُقْلَعْ قَبْلَ الْأَجَلِ لَا يَصِحُّ جَوَابًا لِلْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ صُورَتَهَا أَنَّهُ يُدْرِكُ قَبْلَ الْحُلُولِ؛ لِأَنَّهُ

(لَمْ يَقْلَعْ) مَا ذُكِرَ (قَبْلَ) حُلُولِ (الْأَجَلِ) لِاحْتِمَالِ قَضَاءِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ الْأَرْضِ (وَبَعْدَهُ يُقْلَعُ) حَتْمًا (إنْ لَمْ تَفِ الْأَرْضُ) أَيْ قِيمَتُهَا بِالدَّيْنِ (وَزَادَتْ بِهِ) أَيْ الْقَلْعِ وَلَمْ يَأْذَنْ الرَّاهِنُ فِي بَيْعِهِ مَعَ الْأَرْضِ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِأَرْضٍ فَارِغَةٍ. أَمَّا لَوْ وَفَّتْ قِيمَةُ الْأَرْضِ بِالدَّيْنِ أَوْ لَمْ تَزِدْ بِالْقَلْعِ أَوْ أَذِنَ الرَّاهِنُ فِيمَا ذُكِرَ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ فَلَا قَلْعَ، بَلْ يُبَاعُ مَعَ الْأَرْضِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا، وَيُحْسَبُ النَّقْصُ فِي الثَّالِثَةِ عَلَى الزَّرْعِ أَوْ الْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ، نَعَمْ إنْ كَانَ قِيمَةُ الْأَرْضِ بَيْضَاءَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا مَعَ مَا فِيهَا حُسِبَ النَّقْصُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ السَّفَرُ بِالْمَرْهُونِ وَإِنْ كَانَ قَصِيرًا لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، فَإِنْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ لِذَلِكَ كَمَا لَوْ جَلَا أَهْلُ الْبَلَدِ لِنَحْوِ خَوْفٍ أَوْ قَحْطٍ كَانَ لَهُ السَّفَرُ بِهِ إنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ رَدِّهِ إلَى الْمُرْتَهِنِ وَلَا وَكِيلِهِ وَلَا أَمِينٍ وَلَا حَاكِمٍ. نَعَمْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ رَهَنَهُ وَأَقْبَضَهُ فِي السَّفَرِ أَنَّ لَهُ السَّفَرَ بِهِ إلَى نَحْوِ مَقْصِدِهِ لِلْقَرِينَةِ وَقِيسَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ (ثُمَّ) (أَمْكَنَ الِانْتِفَاعُ) بِالْمَرْهُونِ بِمَا أَرَادَهُ الْمَالِكُ مِنْهُ (بِغَيْرِ اسْتِرْدَادِهِ) لَهُ كَأَنْ يَرْهَنَ رَقِيقًا لَهُ صَنْعَةٌ يُمْكِنُ أَنْ يَعْمَلَهَا عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ (لَمْ يَسْتَرِدَّ) مِنْ الْمُرْتَهِنِ لِأَجْلِ عَمَلِهَا عِنْدَهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِغَيْرِ اسْتِرْدَادٍ كَأَنْ يَكُونَ دَارًا يَسْكُنُهَا أَوْ دَابَّةً يَرْكَبُهَا أَوْ عَبْدًا يَخْدُمُهُ (فَيُسْتَرَدُّ) وَقْتَ ذَلِكَ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ جَمْعًا بَيْنَ الْحَقَّيْنِ. بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِتَفْوِيتِهِ فَلَا يَأْخُذُهُ لِذَلِكَ أَصْلًا، وَلَا يَجِبُ تَمْكِينُهُ مِنْ الْأَمَةِ لِلْخِدْمَةِ إلَّا إنْ أَمِنَ غَشَيَانَهُ لَهَا لِكَوْنِهِ مُحْرِمًا أَوْ ثِقَةً عِنْدَهُ نَحْوُ حَلِيلَةٍ يُؤْمَنُ مَعَهَا مِنْهُ عَلَيْهَا، وَأَفْهَمَ التَّقْيِيدُ بِوَقْتِ الِانْتِفَاعِ أَنَّ مَا يَدُومُ اسْتِيفَاءُ مَنَافِعِهِ عِنْدَ الرَّاهِنِ لَا يَرُدُّهُ مُطْلَقًا وَإِنْ غَيَّرَهُ يَرُدُّهُ عِنْدَ فَرَاغِهِ فَيَرُدُّ الْخَادِمَ وَالْمَرْكُوبَ الْمُنْتَفَعَ بِهِمَا نَهَارًا فِي الْوَقْتِ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِالرَّاحَةِ فِيهِ لَا وَقْتَ الْقَيْلُولَةِ فِي الصَّيْفِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ الظَّاهِرَةِ وَيَرُدُّ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ لَيْلًا كَالْحَارِسِ نَهَارًا، وَفَارَقَ هَذَا الْمَحْبُوسَ بِالثَّمَنِ فَإِنَّ يَدَ الْبَائِعِ لَا تُزَالُ عَنْهُ لِاسْتِيفَاءِ مَنَافِعِهِ بَلْ يَكْتَسِبُ فِي يَدِهِ لِلْمُشْتَرِي بِأَنَّ مِلْكَ الْمُشْتَرِي غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ بِخِلَافِ مِلْكِ الرَّاهِنِ (وَيَشْهَدُ) الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ بِالِاسْتِرْدَادِ لِلِانْتِفَاعِ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ (إنْ اتَّهَمَهُ) أَنَّهُ أَخَذَهُ لِذَلِكَ لِئَلَّا يَجْحَدَ الرَّهْنُ شَاهِدَيْنِ كَذَا قَالَاهُ أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ لِأَنَّهُ فِي الْمَالِ، وَقِيَاسُهُ الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فِي الثَّالِثَةِ) هِيَ الْأُولَى مِنْ الْأَخِيرِينَ، وَهِيَ مَا لَوْ أَذِنَ الرَّاهِنُ فِي بَيْعِهَا مَعَ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ قَصِيرًا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالسَّفَرِ هُنَا مَا يَجُوزُ الْقَصْرُ حَتَّى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يُخْرِجَ الْمَرْهُونَ إلَى مَا وَرَاءَ السُّورِ وَالْعُمْرَانِ فِيمَا لَا سُورَ لَهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَسْمِيَةِ مَا خَرَجَ إلَيْهِ سَفَرًا عُرْفًا، وَعَلَيْهِ فَلَا يَحْرُمُ الْخُرُوجُ بِهِ إلَى الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، بَلْ أَوْ إلَى نَحْوِ بُولَاقَ مِمَّا لَا يَعُدُّهُ أَهْلُ الْعُرْفِ سَفَرًا (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ جَلَا) أَيْ ذَهَبُوا (قَوْلُهُ: وَلَا حَاكِمٌ) وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُقَدَّمُ قَبْلَ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ الْمُرْتَهِنُ أَوْ وَكِيلُهُ ثُمَّ الْحَاكِمُ ثُمَّ الْأَمِينُ (قَوْلُهُ: وَيُشْهِدُ إلَخْ) شَاهِدَيْنِ أَوْ وَاحِدًا لِيَحْلِفَ مَعَهُ كُلُّ مَرَّةٍ قَهْرًا عَلَيْهِ إنْ اتَّهَمَهُ وَإِنْ اُشْتُهِرَتْ عَدَالَتُهُ عَلَى الْأَوْجَهِ اهـ حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلَهُ كُلُّ مَرَّةٍ وَفِي الْعُبَابِ مَرَّةٌ فَقَطْ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مُتَّجَهٌ إذْ قَدْ يَرُدُّهُ فِي الْمَرَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَسِيمُ مَا يُدْرِكُ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَذِنَ الرَّاهِنُ) أَيْ: فَلَا قَلْعَ وَإِنْ كَانَتْ تَزِيدُ بِالْقَلْعِ: أَيْ؛ لِأَنَّ النَّقْصَ يُحْسَبُ عَلَى الْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ كَمَا سَيَأْتِي، وَمَا نَقَلَهُ الشِّهَابُ سم فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ مِنْ أَنَّهُ يُكَلَّفُ الْقَلْعَ حِينَئِذٍ رَأَيْتُهُ فِي بَعْضِ نُسَخِ شَرْحِ الرَّوْضِ مَضْرُوبًا عَلَيْهِ، وَأَصْلَحُ بِمَا يُوَافِقُ مَا قَدَّمْتُهُ الَّذِي هُوَ فِي غَيْرِ تِلْكَ النُّسْخَةِ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَيُحْسَبُ النَّقْصُ فِي الثَّالِثَةِ) أَيْ وَالرَّابِعَةِ كَمَا فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ، وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَيُحْسَبُ النَّقْصُ أَنَّ هُنَاكَ نَقْصًا: أَيْ بِأَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْأَرْضِ فَارِغَةً أَكْثَرَ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى الِاسْتِدْرَاكِ الْآتِي. (قَوْلُهُ: وَأَقْبَضَهُ فِي السَّفَرِ) أَيْ: ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ لِلِانْتِفَاعِ بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ. (قَوْلُهُ: نَهَارًا) ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ الْمُنْتَفَعِ: أَيْ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ نَهَارًا يَرُدُّهُ لَيْلًا

يَحْلِفُ مَعَهُ وَإِنْ وَثِقَ بِهِ لَا ظَاهِرَ الْعَدَالَةِ بِأَنْ كَانَتْ ظَاهِرُ حَالِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْرَفَ بَاطِنُهُ فَلَا يُكَلَّفُ الْإِشْهَادَ كُلَّ مَرَّةٍ كَمَا قَالَاهُ: أَيْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ أَصْلًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْإِرْشَادِ وَأَفْهَمَهُ كَلَامُ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَأَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ كَلَامِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَعِبَارَةُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَيَشْهَدُ لَا ظَاهِرَ الْعَدَالَةِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ: تُفْهِمُ الِاكْتِفَاءَ بِالْإِشْهَادِ أَوَّلَ دَفْعَةٍ، وَأَنَّ غَيْرَ الْمُتَّهَمِ لَا يُكَلَّفُ الْإِشْهَادَ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَتَكْفِي عَدَالَتُهُ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ عِبَارَةَ الرَّافِعِيِّ وَالْمُصَنِّفِ يَرْجِعُ النَّفْيُ فِي كَلَامِهِمَا إلَى الْفِعْلِ وَالْقَيْدِ مَعًا مِثْلُ قَوْلِهِ: وَلَا تَرَى الضَّبَّ بِهَا يَنْجَحِرُ أَيْ لَا ضَبَّ وَلَا انْجِحَارَ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ} [غافر: 18] أَيْ لَا شَفَاعَةَ وَلَا طَاعَةَ وقَوْله تَعَالَى {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} [النساء: 157] فَإِنَّ النَّفْيَ لِأَصْلِ الْقَتْلِ، وَحِينَئِذٍ يُفِيدُ نَفْيُ أَصْلِ الْفِعْلِ فِي كُلِّ ذَلِكَ، وَيُؤْخَذُ مِنْ وُجُوبِ الْإِشْهَادِ هُنَا صِحَّةُ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ أَنَّ مَنْ لِمِلْكِهِ طَرِيقٌ مُشْتَرَكٌ وَطَلَبَ شَرِيكُهُ الْإِشْهَادَ لَزِمَهُ إجَابَتُهُ إلَيْهِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إجَابَةِ الدَّائِنِ إلَى الْإِشْهَادِ بِالدَّيْنِ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ لِرِضَاهُ بِذِمَّتِهِ أَوَّلًا بِخِلَافِ الشَّرِيكِ. (وَلَهُ) أَيْ لِلرَّاهِنِ (بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ) وَإِنْ رَدَّهُ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا أَنَّ الْإِبَاحَةَ لَا تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ وَفَارَقَ الْوَكَالَةَ بِأَنَّهَا عَقْدٌ (مَا مَنَعْنَاهُ) مِنْ الِانْتِفَاعَاتِ وَالتَّصَرُّفَاتِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ لِأَنَّ الْمَنْعَ كَانَ لِحَقِّهِ وَقَدْ زَالَ بِإِذْنِهِ فَيَحِلُّ الْوَطْءُ فَإِنْ لَمْ تَحْبَلْ فَالرَّهْنُ بِحَالِهِ وَإِنْ أَحْبَلَهَا وَأَعْتَقَ أَوْ بَاعَ أَوْ وَهَبَ نَفَذَ وَبَطَلَ الرَّهْنُ. قَالَ فِي الذَّخَائِرِ: فَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْوَطْءِ فَوَطِئَ ثُمَّ أَرَادَ الْعَوْدَ إلَى الْوَطْءِ مُنِعَ لِأَنَّ الْإِذْنَ يَتَضَمَّنُ أَوَّلَ مَرَّةٍ إلَّا أَنْ تَحْبَلَ مِنْ تِلْكَ الْوَطْأَةِ فَلَا مَنْعَ مِنْ الرَّهْنِ لِأَنَّ الرَّهْنَ قَدْ بَطَلَ اهـ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَهُ الْوَطْءُ فِيمَنْ لَمْ تَحْبَلْ مَا لَمْ يَرْجِعْ الْمُرْتَهِنُ عِنْدَ وُجُودِ قَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى التَّكْرَارِ وَإِلَّا فَالْمُطْلَقُ مَحْمُولٌ عَلَى مَرَّةٍ (وَلَهُ) أَيْ الْمُرْتَهِنُ (الرُّجُوعُ) عَنْ الْإِذْنِ (قَبْلَ تَصَرُّفِ الرَّاهِنِ) لِأَنَّ حَقَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْأُولَى مَعَ الْإِشْهَادِ عَلَى رَدِّهِ ثُمَّ يُنْكِرُ أَخْذَهُ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ مَثَلًا اهـ. فَتَعْبِيرُهُ بِاشْتُهِرَتْ عَدَالَتُهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَإِنْ وَثِقَ بِهِ لِأَنَّهُ كَيْفَ يَثِقُ بِهِ مَعَ التُّهْمَةِ، وَالْأَقْرَبُ مَا اسْتَوْجَهَهُ سم (قَوْلُهُ: أَيْ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ) مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ لَا ظَاهِرُ الْعَدَالَةِ (قَوْلُهُ: أَصْلًا) أَيْ لَا مَرَّةً وَلَا غَيْرَهَا (قَوْلُهُ: وَالْمُصَنِّفُ إلَخْ) أَيْ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ فَلَا يُكَلَّفُ الْإِشْهَادَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: الْإِشْهَادُ) أَيْ عَلَى أَنَّ الطَّرِيقَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: وَبَيْنَ إجَابَةٍ) لَعَلَّهُ عَدَمُ إجَابَةٍ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ رَدَّهُ) أَيْ رَدَّ الرَّاهِنُ إذْنَ الْمُرْتَهِنِ (قَوْلُهُ: كَانَ لِحَقِّهِ) أَيْ الْمُرْتَهِنِ (قَوْلُهُ: مَنَعَ) مِنْهُ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى. ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْوَقْتِ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِالرَّاحَةِ فِيهِ لَا فِي وَقْتِ الْقَيْلُولَةِ لِيُوَافِقَ كَلَامَ غَيْرِهِ وَمَا سَيَأْتِي فِي مُقَابِلِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ وُثِقَ بِهِ) لَعَلَّهُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَإِلَّا فَثِقَتُهُ بِهِ تُنَافِي اتِّهَامَهُ الَّذِي هُوَ شَرْطُ الْإِشْهَادِ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُكَلِّفُهُ الْإِشْهَادَ إذَا اتَّهَمَهُ وَإِنْ كَانَ مَوْثُوقًا بِهِ عِنْدَ النَّاسِ، لَكِنَّ هَذَا قَدْ يُنَافِيهِ مَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُكَلَّفُ الْإِشْهَادَ كُلَّ مَرَّةٍ) التَّعْبِيرُ بِيُكَلَّفُ لَا يُنَاسِبُ تَرْجِيعَ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَشْهَدُ إلَى الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلتَّكْلِيفِ فِي حَقِّهِ وَالْحَقُّ لَهُ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَلَهُ: أَيْ لِلْمُرْتَهِنِ تَكْلِيفُهُ الْإِشْهَادَ، وَهِيَ مُوَافِقَةٌ لِعِبَارَةِ الْحَاوِي الْآتِيَةِ فَانْظُرْ مَا الْمَانِعُ لِلشَّارِحِ مِنْ جَعْلِ الضَّمِيرِ رَاجِعًا لِلرَّاهِنِ. (قَوْلُهُ: وَأَنَّ غَيْرَ الْمُتَّهَمِ) أَيْ عِنْدَهُ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إجَابَةِ الدَّائِنِ) لَعَلَّهُ وَبَيْنَ عَدَمِ إجَابَةِ الدَّائِنِ فَسَقَطَ لَفْظُ عَدَمِ أَوْ الْمُرَادُ وَبَيْنَ إجَابَةِ الدَّائِنِ حَيْثُ لَمْ نَقُلْ بِهَا (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ) كَأَنَّ الْمُرَادَ وَلِلرَّاهِنِ فِعْلُ مَا مَنَعْنَاهُ مِنْهُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ عِوَضٌ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ لِلْمُرْتَهِنِ، أَوْ أَنَّ قَوْلَهُ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ: أَيْ لَهُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ الْوَاقِعِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ عِوَضُ مَا مَنَعْنَاهُ إلَخْ: أَيْ فَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ فِي إذْنِهِ عِوَضًا فِي نَظِيرِ التَّصَرُّفِ امْتَنَعَ عَلَى الرَّاهِنِ التَّصَرُّفُ؛ لِفَسَادِ الْإِذْنِ لِاقْتِرَانِهِ

بَاقٍ كَمَا لِلْمَالِكِ أَنْ يَرْجِعَ قَبْلَ تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُرْتَهِنًا لِنَفْسِهِ مَعَ بَقَاءِ الْأَهْلِيَّةِ إلَى حِينِ التَّصَرُّفِ (فَإِنْ تَصَرَّفَ) بَعْدَ رُجُوعِهِ بِغَيْرِ إعْتَاقٍ وَإِيلَادٍ وَهُوَ مُوسِرٌ (جَاهِلًا بِرُجُوعِهِ فَكَتَصَرُّفِ وَكِيلٍ جَهِلَ عَزْلَهُ) مِنْ مُوَكِّلِهِ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ نُفُوذِهِ، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِرُجُوعِهِ لَمْ يَنْفُذْ قَطْعًا، وَأَمَّا تَصَرُّفُهُ بِالْإِعْتَاقِ وَالْإِحْبَالِ مَعَ يَسَارِهِ فَنَافِذٌ كَمَا مَرَّ، وَلِلْمُرْتَهِنِ الرُّجُوعُ فِيمَا وَهَبَهُ الرَّاهِنُ بِإِذْنِهِ فِي الْهِبَةِ وَلَوْ مَعَ الْقَبْضِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَوْهُوبِ إذْ لَا تَتِمُّ إلَّا بِقَبْضِهَا وَمِثْلُهَا الرَّهْنُ، وَلَا رُجُوعَ لَهُ فِيمَا أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِهِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِأَنَّ الْبَيْعَ مَبْنَاهُ عَلَى اللُّزُومِ وَالْخِيَارُ دَخِيلٌ فِيهِ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ وَأَفْهَمَ ذَلِكَ أَنَّ مَحَلَّ مَا ذُكِرَ إذَا شَرَطَ الرَّاهِنُ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ أَوْ لَا لِأَجْنَبِيٍّ، فَإِنْ شَرَطَهُ لِلْمُرْتَهِنِ كَانَتْ سَلْطَنَةُ الرُّجُوعِ لَهُ بِلَا خِلَافٍ، وَمَتَى تَصَرَّفَ بِإِعْتَاقٍ أَوْ نَحْوِهِ وَادَّعَى الْإِذْنَ وَأَنْكَرَهُ الْمُرْتَهِنُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ وَبَقَاءُ الرَّهْنِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الرَّاهِنُ وَكَانَ كَمَا لَوْ تَصَرَّفَ بِإِذْنِهِ، فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ الرَّاهِنُ وَكَانَ التَّصَرُّفُ بِالْعِتْقِ أَوْ الْإِيلَادِ حَلَفَ الْعَتِيقُ وَالْمُسْتَوْلَدَةُ لِأَنَّهُمَا يُثْبِتَانِ الْحَقَّ لِأَنْفُسِهِمَا، بِخِلَافِهِ فِي نُكُولِ الْمُفْلِسِ أَوْ وَارِثِهِ حَيْثُ لَا يَحْلِفُ الْغُرَمَاءُ لِأَنَّهُمْ يُثْبِتُونَ الْحَقَّ لِلْمُفْلِسِ أَوَّلًا (وَلَوْ) (أَذِنَ) لَهُ (فِي بَيْعِهِ) أَيْ الْمَرْهُونِ فَبَاعَهُ وَالدَّيْنُ مُؤَجَّلٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الرَّاهِنِ لِيَكُونَ رَهْنًا مَكَانَهُ لِبُطْلَانِ الرَّهْنِ، أَوْ حَالَ قَضَى حَقَّهُ مِنْ ثَمَنِهِ وَحَمَلَ إذْنَهُ الْمُطْلَقَ عَلَى الْبَيْعِ فِي غَرَضِهِ لِمَجِيءِ وَقْتِهِ، وَلَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ فَيَكُونُ الرَّاهِنُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي الثَّمَنِ إلَى وَفَاءِ الدَّيْنِ، فَصُورَتُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَنْ يَأْذَنَ فِي بَيْعِهِ لِيَأْخُذَ حَقَّهُ أَوْ يُطَلِّقَ، فَإِنْ قَالَ: بِعْهُ وَلَا آخُذُ حَقِّي مِنْهُ بَطَلَ الرَّهْنُ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْبَيْعِ أَوْ الْإِعْتَاقِ (لِيُعَجِّلَ) لَهُ الْمَرْهُونَ بِهِ (الْمُؤَجَّلَ مِنْ ثَمَنِهِ) أَوْ مِنْ غَيْرِ الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ أَوْ قِيمَتِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا فِي الْإِعْتَاقِ بِأَنْ شَرَطَ ذَلِكَ (لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ) سَوَاءٌ أَكَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَمْ مُؤَجَّلًا لِفَسَادِ الْإِذْنِ بِفَسَادِ الشَّرْطِ، وَعُلِمَ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ شَرَطَ مَا مَرَّ فِي حَالِ الْإِذْنِ، وَلَا مِرْيَةَ فِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَذِنْت لَك فِي بَيْعِهِ لِتُعَجِّلَ وَنَوَى الِاشْتِرَاطَ كَانَ كَالتَّصْرِيحِ بِهِ، وَإِنَّمَا النَّظَرُ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ هَلْ نَقُولُ ظَاهِرُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالتَّكْرَارِ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ لِنَفْسِهِ) أَيِّ فَلَوْ كَانَ مُتَصَرِّفًا عَنْ غَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ الْإِذْنُ أَوْ عَنْ نَفْسِهِ وَزَالَتْ الْأَهْلِيَّةُ بَطَلَ الْإِذْنُ بِزَوَالِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ الْقَبْضِ) أَيْ مَعَ الْإِذْنِ فِي الْقَبْضِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ قَبْضِ الْمَوْهُوبِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَلِلْمُرْتَهِنِ الرُّجُوعُ (قَوْلُهُ: وَلَا رُجُوعَ لَهُ) أَيْ الْمُرْتَهِنِ (قَوْلُهُ: فِي زَمَنِ الْخِيَارِ) أَيْ خِيَارِ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: وَمَتَى تَصَرَّفَ) أَيْ الرَّاهِنُ (قَوْلُهُ صُدِّقَ) أَيْ الْمُرْتَهِنُ (قَوْلُهُ: حَلَفَ الْعَتِيقُ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: أَوْ يُطْلِقُ) أَيْ وَالدَّيْنُ حَالٌّ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ، فَإِذَا كَانَ مُؤَجَّلًا فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنَّمَا النَّظَرُ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِأَنْ شَرَطَ ذَلِكَ) لَوْ اخْتَلَفَا بَعْدَ الْبَيْعِ فِي الشَّرْطِ وَعَدَمِهِ فَهَلْ يُصَدَّقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ أَوْ مُدَّعِي الْفَسَادِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ خُصُوصًا وَقَدْ تَعَلَّقَ الْحَقُّ بِثَالِثٍ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ) فِي نُسْخَةٍ سَوَاءٌ كَانَ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا لِفَسَادِ الْإِذْنِ بِفَسَادِ الشَّرْطِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ مَعَ قَوْلِهِ قَبْلُ وَلَوْ أَذِنَ فِي بَيْعِهِ لِيُعَجَّلَ الْمُؤَجَّلُ، فَإِنَّ التَّخْصِيصَ فِي الْمُؤَجَّلِ يُنَافِي التَّعْمِيمَ فِيهِ وَفِي الْحَالِّ، ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالشَّرْطِ الْمُفْسِدِ فَلْيُرَاجَعْ الْمُرَادُ. (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُرْتَهِنًا لِنَفْسِهِ) هَلَّا قَدَّمَهُ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَهُ الرُّجُوعُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ الْقَبْضِ) غَايَةٌ فِي الْإِذْنِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ فِي نُكُولِ الْمُفْلِسِ) أَيْ فِيمَا إذَا ادَّعَى شَيْئًا عَلَى آخَرَ وَنَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ نَكَلَ الْمُفْلِسُ عَنْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَكَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَمْ مُؤَجَّلًا لِفَسَادِ الْإِذْنِ إلَى قَوْلِهِ وَلَا مِرْيَةَ إلَخْ) إيرَادُ جَمِيعِ هَذِهِ السَّوَادَةِ الَّتِي أَشَرْنَا إلَيْهَا هُنَا فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَالصَّوَابُ إيرَادُهَا بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَكَذَا

[فصل فيما يترتب على لزوم الرهن]

لِشَرْطٍ أَوْ لَا؟ وَالْأَقْرَبُ الْمَنْعُ (وَكَذَا لَوْ) (شَرَطَ) فِي الْإِذْنِ فِي بَيْعِهِ أَوْ إعْتَاقِهِ (رَهْنَ الثَّمَنِ) أَوْ الْقِيمَةِ مَكَانَهُ لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ (فِي الْأَظْهَرِ) لِفَسَادِهِ بِجَهَالَةِ الثَّمَنِ أَوْ الْقِيمَةِ عِنْدَ الْإِذْنِ، وَلَيْسَ الِانْتِقَالُ شَرْطًا كَالِانْتِقَالِ شَرْعًا، وَمُقْتَضَى هَذِهِ الْعِلَّةِ الصِّحَّةُ عِنْدَ تَعَيُّنِ الثَّمَنِ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْفَرْقِ وَلِهَذَا عَلَّلَهُ فِي الْإِبَانَةِ بِأَنَّهُ كَمَا لَوْ شَرَطَ أَنْ يَرْهَنَ عِنْدَهُ عَيْنًا أُخْرَى وَهِيَ عِلَّةٌ صَحِيحَةٌ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ جَوَابُ الْإِسْنَوِيِّ عَنْ قَوْلِهِ لَا وَجْهَ لَلْبَطَلَانِ فِي الْحَالِ فِيمَا إذَا شَرَطَ كَوْنَ الثَّمَنِ رَهْنًا لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْإِذْنِ، بِخِلَافِهِ فِيمَا إذَا شَرَطَ رَهْنَهُ أَوْ جَعَلَهُ رَهْنًا لِأَنَّ رَهْنَ الْمَرْهُونِ مُحَالٌ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ شَرْطِ جَعْلِ الثَّمَنِ رَهْنًا وَبَيْنَ شَرْطِ كَوْنِهِ رَهْنًا، وَالثَّانِي يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيُلْزَمُ الرَّاهِنُ بِالْوَفَاءِ بِالشَّرْطِ وَلَا تَضُرُّ الْجَهَالَةُ فِي الْبَدَلِ، وَلَوْ أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ فِي ضَرْبِ الْمَرْهُونِ فَضَرَبَهُ فَمَاتَ لَمْ يَضْمَنْ لِتَوَلُّدِهِ مِنْ مَأْذُونٍ فِيهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَذَن لَهُ فِي تَأْدِيبِهِ فَضَرَبَهُ فَمَاتَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِأَنَّ الْمَأْذُونَ فِيهِ هُنَا لَيْسَ مُطْلَقَ الضَّرْبِ بَلْ ضَرْبَ تَأْدِيبٍ وَهُوَ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ. فَصْلٌ فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى لُزُومِ الرَّهْنِ (إذَا لَزِمَ الرَّهْنُ) بِإِقْبَاضِهِ (فَالْيَدُ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَرْهُونِ (لِلْمُرْتَهِنِ) غَالِبًا لِأَنَّهَا الرُّكْنُ الْأَعْظَمُ فِي التَّوَثُّقِ (وَلَا تُزَالُ إلَّا لِلِانْتِفَاعِ كَمَا سَبَقَ) وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْمَرْهُونُ نَحْوَ مُسْلِمٍ أَوْ مُصْحَفٍ وَهُوَ كَافِرٌ أَوْ سِلَاحٍ وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــSإلَّا أَنْ يُقَالَ: التَّعْمِيمُ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ الْمَنْعُ) أَيْ مَنْعُ كَوْنِهِ كَالشَّرْطِ فَيَصِحُّ (قَوْلُهُ: وَبَيْنَ شَرْطِ كَوْنِهِ) أَيْ بِلَا جُعْلٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ) وَمِثْلُ ذَلِكَ عَكْسُهُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى. (فَصْلٌ) فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى لُزُومِ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ فِيمَا يَتَرَتَّبُ إلَخْ) أَيِّ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ نَحْوِ تَوَافُقُهُمَا عَلَى وَضْعِهِ عِنْدَ ثَالِثٍ وَبَيَانِ أَنَّ فَاسِدَ الْعُقُودِ كَصَحِيحِهَا (قَوْلُهُ: بِإِقْبَاضِهِ) أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ أَذِنَ لِلْمُرْتَهِنِ فِي قَبْضِهِ فَقَبَضَهُ، أَوْ كَانَ تَحْتَ يَدِهِ وَأَذِنَ لَهُ فِي الْقَبْضِ كَمَا مَرَّ، أَوْ يُقَالُ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِقْبَاضِ لِكَوْنِهِ الْأَصْلَ (قَوْلُهُ: فَالْيَدُ فِيهِ) وَقَالَ سم: أَيْ الرَّهْنُ بِمَعْنَى الْمَرْهُونِ فَفِيهِ اسْتِخْدَامٌ اهـ سم عَلَى حَجّ وَهُوَ أَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ لِيَكُونَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى مَذْكُورٍ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الشَّارِحَ رَجَعَهُ لِلرَّهْنِ بِمَعْنَى الْمَرْهُونِ وَعَبَّرَ بِالْمَعْنَى الْمُرَادِ مِنْهُ فَيُسَاوِي مَا قَالَهُ سم (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ) مُحْتَرِزُ قَوْلِهِ غَالِبًا وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَقَدْ لَا تَكُونُ الْيَدُ فِيهِ لِلْمُرْتَهِنِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ حَجّ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْمَرْهُونُ إلَخْ) وَيَصِحُّ رَهْنُ صَيْدٍ مِنْ مُحْرِمٍ وَيُوضَعُ عِنْدَ حَلَالٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَافِرٌ) تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ فِي صُورَةِ رَهْنِ الْمُسْلِمِ مِنْ كَافِرٍ هَلْ يَقْبِضُهُ ثُمَّ يُوضَعُ عِنْدَ عَدْلٍ أَوْ يَمْتَنِعُ قَبْضُهُ أَيْضًا اهـ سم عَلَى حَجّ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ قَبْضَهُ بِمُجَرَّدِهِ لَيْسَ فِيهِ إذْلَالٌ لِلْمُسْلِمِ وَلَا إهَانَةٌ لِلْمُصْحَفِ، لَكِنْ رَأَيْت فِي حَجّ مَا نَصُّهُ: وَيَسْتَنِيبُ الْكَافِرُ مُسْلِمًا فِي الْقَبْضِ اهـ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ قَبْضِهِ حَتَّى فِي السِّلَاحِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ فِي قَبْضِهِ لَهُ إذْلَالًا لِلْمُسْلِمِينَ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ تَعَدَّى وَقَبَضَهُ فَيَنْبَغِي الِاعْتِدَادُ بِهِ لِأَنَّ الْمَنْعَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ بِالدَّرْسِ أَنَّهُ اعْتَمَدَ فَسَادَ الْقَبْضِ، وَنُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ حَمْدَانَ أَيْضًا ـــــــــــــــــــــــــــــQلَوْ شُرِطَ رَهْنُ الثَّمَنِ فِي الْأَظْهَرِ (قَوْلُهُ: لَا وَجْهَ لِلْبُطْلَانِ فِي الْحَالِّ) أَيْ: فِي الدَّيْنِ الْحَالِّ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ فِيمَا إذَا شَرَطَ رَهْنَهُ أَوْ جَعَلَهُ رَهْنًا) أَيْ: بِأَنْ شَرَطَ إنْشَاءَ رَهْنِهِ فَقَوْلُهُ: قَبْلُ فِيمَا إذَا شَرَطَ كَوْنَ الثَّمَنِ رَهْنًا أَيْ: مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ رَهْنٍ. (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ شَرْطِ جَعْلِ الثَّمَنِ إلَخْ) أَيْ لَا كَمَا ادَّعَاهُ الْإِسْنَوِيُّ. [فَصْلٌ فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى لُزُومِ الرَّهْنِ]

حَرْبِيٌّ أَوْ كَبِيرَةٌ أَوْ خُنْثَى وَلَيْسَ عِنْدَهُ مِنْ رَجُلٍ. فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا تُشْتَهَى أَوْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ مَحْرَمًا لَهَا أَوْ ثِقَةً مِنْ امْرَأَةٍ أَوْ مَمْسُوحٍ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ عِنْدَهُ حَلِيلَتُهُ أَوْ مَحْرَمَةٌ أَوْ امْرَأَتَانِ ثِقَتَانِ وُضِعَتْ عِنْدَهُ وَإِلَّا فَعِنْدَ مَحْرَمٍ لَهَا أَوْ ثِقَةٍ، وَالْأَوْجُهُ الِاكْتِفَاءُ بِالْوَاحِدَةِ الثِّقَةِ وَالْخُنْثَى كَالْأَمَةِ لَكِنْ لَا يُوضَعُ عِنْدَ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ، وَلَوْ حَلَّ الدَّيْنُ فَقَالَ الرَّاهِنُ: رُدَّهُ لِأَبِيعَهُ لَمْ يُجِبْ بَلْ يُبَاعُ فِي يَدِهِ، ثُمَّ بَعْدَ وَفَائِهِ يُسَلِّمُهُ لِلْمُشْتَرِي بِرِضَا الرَّاهِنِ، أَيْ إنْ كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ أَوْ لِلرَّاهِنِ بِرِضَا الْمُشْتَرِي: أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ إلَى رِضَاهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا يُسَلِّمُ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ لِأَحَدِهِمَا إلَّا بِإِذْنِ الْآخَرِ فَإِنْ تَنَازَعَا فَالْحَاكِمُ، وَلَوْ قَالَ لِلْمُرْتَهِنِ: احْضَرْ مَعَهُ لِأَبِيعَهُ وَأُسَلِّمَ الثَّمَنَ إلَيْك أَوْ قَالَ: أَبِيعُهُ مِنْك لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِجَابَةُ، وَلَوْ قَالَ: اُحْضُرْهُ وَأَنَا أُؤَدِّي مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ إحْضَارُهُ لِأَنَّ اللَّازِمَ لَهُ التَّخْلِيَةُ كَالْمُودَعِ فَلَمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا يُصَرِّحُ بِمَا قُلْنَاهُ مِنْ الِاعْتِدَادِ بِالْقَبْضِ (قَوْلُهُ: مِنْ امْرَأَةٍ) بَيَانٌ لِثِقَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فَاسِقًا حَيْثُ كَانَ لَهُ حَلِيلَةٌ، لَكِنْ قَيَّدَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِالثِّقَةِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَيْهِ بِجَعْلِ قَوْلِهِ مِنْ امْرَأَةٍ إلَخْ حَالًّا مِنْ الثِّقَةِ فَيُفِيدُ اشْتِرَاطَ الثِّقَةِ فِي الْمَرْأَةِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: عِنْدَهُ حَلِيلَتُهُ) أَيْ وَلَوْ فَاسِقَةً لِأَنَّهَا تَغَارُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَحْرَمُهُ) أَيْ وَلَوْ فَاسِقَةً عَلَى مَا يُفِيدُهُ تَقْيِيدُ الْمَرْأَتَيْنِ بِالثِّقَتَيْنِ دُونَ مَا قَبْلَهُمَا (قَوْلُهُ: وُضِعَتْ عِنْدَهُ) أَيْ فَلَوْ صَارَتْ الصَّغِيرَةُ تُشْتَهَى نُقِلَتْ وَجُعِلَتْ عِنْدَ عَدْلٍ بِرِضَاهُمَا، فَإِنْ تَنَازَعَا وَضَعَهَا الْحَاكِمُ عِنْدَ مَنْ يَرَاهُ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ مَاتَتْ حَلِيلَتُهُ أَوْ أَوْ مَحْرَمُهُ أَوْ سَافَرَتْ (قَوْلُهُ: أَوْ ثِقَةٍ) قَالَ حَجّ: وَشَرْطُ خِلَافِ ذَلِكَ مُفْسِدٌ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ شَرْطٌ خِلَافَ مُقْتَضَاهُ، لَكِنْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا نَصُّهُ: فَإِنْ شَرَطَ وَضْعَهَا عِنْدَ غَيْرِ مَنْ ذَكَرَ فَهُوَ شَرْطٌ فَاسِدٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ: قَالَ الْقَاضِي وَالْمَاوَرْدِيُّ: وَالرَّهْنُ صَحِيحٌ لِأَنَّ الْمَنْعَ لَيْسَ لِلْمِلْكِ بَلْ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ اهـ وَكَتَبَ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ عَلَى قَوْلِهِ وَالرَّهْنُ صَحِيحٌ: هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلٍ مَرْجُوحٍ، أَمَّا عَلَى الْأَظْهَرِ فَيَبْطُلُ الرَّهْنُ أَيْضًا، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ: وَقَاعِدَةُ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ أَنْ يَفْسُدَ الْعَقْدُ إلَّا فِي صُورَةِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوبِ، وَإِلَّا فِي الْقَرْضِ إذَا شَرَطَ مُكَسَّرًا عَنْ صَحِيحٍ أَوْ أَنْ يُقْرِضَهُ غَيْرُهُ لَغَا الشَّرْطَ وَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ فِي الْأَصَحِّ اهـ وَإِلَّا فِي الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى فِي الْأَصَحِّ وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي تَمْشِيَتِهِ: فَإِنْ شَرَطَ وَصْفًا غَيْرَ مَا ذَكَرْنَاهُ فَسَدَ الشَّرْطُ وَبِفَسَادِهِ يَفْسُدُ الرَّهْنُ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ وَقَوْلُ حَجّ: وَشَرْطُ خِلَافِ ذَلِكَ مُفْسِدٌ ظَاهِرٌ فِيمَا قَالَهُ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ قَالَ فِي التَّصْحِيحِ: فَإِنْ شَرَطَ خِلَافَهُ فَشَرْطٌ فَاسِدٌ اهـ وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِيمَا نُقِلَ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجُهُ الِاكْتِفَاءُ بِالْوَاحِدَةِ) خِلَافًا لحج، وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ حَجّ لِأَنَّ مُدَّةَ الرَّهْنِ قَدْ تَطُولُ وَذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى اشْتِغَالِ الْمَرْأَةِ الثِّقَةِ فِي بَعْضِ الْأَزْمِنَةِ فَتَحْصُلُ فِيهِ خَلْوَةُ الْمُرْتَهِنِ بِالْأَمَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَعْدَ وَفَائِهِ) أَيْ الْمُرْتَهِنِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ لَهُ) أَيْ الرَّاهِنِ (قَوْلُهُ: حَقُّ الْحَبْسِ) أَيْ بِأَنْ بَقِيَ بِذِمَّةِ الْمُشْتَرِي مِنْ ثَمَنِهِ الْحَالِّ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ الرَّاهِنِ (قَوْلُهُ: إلَى رِضَاهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ) أَيْ الرَّاهِنُ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَلْزَمْهُ) أَيْ الْمُرْتَهِنَ (قَوْلُهُ: تَلْزَمُهُ الْإِجَابَةُ) وَظَاهِرُهُ وَإِنْ قَرُبَ الْمَحَلُّ الْمُدَّعُو إلَيْهِ جِدًّا وَلَا مَانِعَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ إحْضَارُهُ) هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ حَلَّ الدَّيْنُ فَقَالَ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ الرَّاهِنَ إذَا طَلَبَ رَدَّهُ أَوْ حُضُورَ الْمُرْتَهِنِ مَعَهُ لِيَبِيعَهُ الرَّاهِنُ بِحَضْرَتِهِ لَا يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ إجَابَتُهُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَعَلَيْهِ فَيَحْتَاجُ الْبَائِعُ لِلْمَجِيءِ مَعَ الْمُشْتَرِي الْمَحَلَّ الْمُرْتَهِنَ وَفِيهِ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ، بَلْ قَدْ لَا يَتَّفِقُ ذَلِكَ لِعَدَمِ مُشْتَرٍ يَحْضُرُ مَعَ الرَّاهِنِ إلَى مَحَلِّ الْمُرْتَهِنِ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: تَنْدَفِعُ الْمَشَقَّةُ بِبَعْثِ الْحَاكِمِ الْآتِي فِي كَلَامِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ) هُوَ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ غَالِبًا. (قَوْلُهُ: أَوْ ثِقَةً) أَيْ مِنْ امْرَأَةٍ أَوْ مَمْسُوحٍ أَوْ رَجُلٍ عِنْدَهُ مَنْ مَرَّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشِّهَابُ حَجّ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا يُوضَعُ عِنْدَ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ) أَيْ وَلَا رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ كَمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْبَيَانِ إنَّمَا يُوضَعُ عِنْدَ مَحْرَمٍ لَهُ. (قَوْلُهُ: أَيْ إنْ كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ) أَيْ بِأَنْ بَقِيَ مِنْ الثَّمَنِ بَقِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ اللَّازِمَ لَهُ التَّخْلِيَةُ) أَيْ

[لو شرط الراهن والمرتهن وضع المرهون عند عدل]

يَتَأَتَّ بَيْعُهُ إلَّا بِإِحْضَارِهِ وَلَمْ يَثِقْ بِالرَّاهِنِ بَعَثَ الْحَاكِمُ مَنْ يَقْبِضُهُ وَأُجْرَتُهُ عَلَى الرَّاهِنِ. (وَلَوْ) (شَرَطَا) أَيْ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ (وَضْعَهُ) أَيْ الْمَرْهُونَ (عِنْدَ عَدْلٍ) (جَازَ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ لَا يَثِقُ بِصَاحِبِهِ، وَكَمَا يَتَوَلَّى الْعَدْلُ الْحِفْظَ يَتَوَلَّى الْقَبْضَ أَيْضًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ، وَلَوْ شَرَطَ كَوْنَهُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَوْمًا وَفِي يَدِ الْعَدْلِ يَوْمًا جَازَ وَخَرَجَ بِعَدْلِ الْفَاسِقِ فَلَا يَضَعَانِهِ عِنْدَهُ إذَا كَانَا مُتَصَرِّفِينَ أَوْ أَحَدُهُمَا عَنْ الْغَيْرِ كَوَلِيٍّ وَوَكِيلٍ وَقَيِّمٍ وَمَأْذُونٍ لَهُ وَعَامِلِ قِرَاضٍ وَمُكَاتِبٍ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُمْ ذَلِكَ وَإِلَّا فَيَجُوزُ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ عِنْدَ ثَالِثٍ، إذْ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ أَوْلَى لِأَنَّ مَفْهُومَهَا فِيهِ تَفْصِيلٌ فَلَا يُرَدُّ وَلَوْ شَرَطَا وَضْعَهُ بَعْدَ اللُّزُومِ عِنْدَ الرَّاهِنِ صَحَّ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ صَاحِبِ الْمَطْلَبِ خِلَافًا لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ، إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ عَلَى ابْتِدَاءِ الْقَبْضِ، وَلَوْ ادَّعَى الْعَدْلَ رَدَّهُ إلَيْهِمَا أَوْ هَلَاكَهُ صَدَقَ وَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ إلَى أَحَدِهِمَا، فَإِنْ أَتْلَفَهُ خَطَأً أَوْ أَتْلَفَهُ غَيْرُهُ وَلَوْ عَمْدًا أُخِذَ مِنْهُ الْبَدَلُ وَحَفِظَهُ بِالْإِذْنِ الْأَوَّلِ أَوْ أَتْلَفَهُ عَمْدًا أُخِذَ مِنْهُ الْبَدَلُ وَوُضِعَ عِنْدَ آخَرَ لِتَعَدِّيهِ بِإِتْلَافِ الْمَرْهُونِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَخْذَ الْقِيمَةِ فِي الْمُتَقَوِّمِ أَمَّا الْمِثْلِيُّ فَيُطَالَبُ بِمِثْلِهِ. قَالَ: وَكَأَنَّ الصُّورَةَ فِيمَا إذَا أَتْلَفَهُ عَمْدًا عُدْوَانًا أَمَّا لَوْ أَتْلَفَهُ مُكْرَهًا أَوْ دَفْعًا لِصِيَالٍ فَيَكُونُ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ خَطَأً انْتَهَى. وَهُوَ مَحْمُولٌ فِي الشِّقِّ الْأَخِيرِ عَلَى مَا لَوْ عَدَلَ عَمَّا يَنْدَفِعُ بِهِ إلَى أَعْلَى مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: إلَّا بِإِحْضَارِهِ) أَيْ السُّوقِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: عِنْدَ عَدْلٍ) أَيْ عَدْلِ شَهَادَةٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ اهـ سم عَلَى حَجّ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَضْعُهُ عِنْدَ امْرَأَةٍ أَوْ عَبْدٍ إذَا كَانَ يَتَصَرَّفُ عَنْ غَيْرِهِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَخَرَجَ بِعَدْلٍ الْفَاسِقُ قَدْ يَقْتَضِي خِلَافَهُ لِعَدَمِ صِدْقِهِ عَلَى مَنْ ذَكَرَ إذْ هُمَا عَدْلَا رِوَايَةٍ وَلَيْسَ مُرَادًا وَيَكُونُ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ وَخَرَجَ إلَخْ عَلَى بَعْضِ مَا خَرَجَ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: إنَّ قَوْلَ حَجّ عَدْلُ شَهَادَةٍ إنَّمَا يَخْرُجُ الْعَبْدُ دُونَ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهَا مِنْ عُدُولِ الشَّهَادَةِ فِي الْجُمْلَةِ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ فِي الْمَالِ وَفِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا كَالرَّضَاعِ وَالْوِلَادَةِ وَالْبَكَارَةِ وَالثُّيُوبَةِ وَمَا تَحْتَ الثِّيَابِ مِنْ عُيُوبِ النِّسَاءِ، وَمِنْ ثَمَّ فَرَّقَ بَعْضُهُمْ فِي مَوَاضِعَ بَيْنَ عَدْلِ الشَّهَادَاتِ وَعَدْلِ الشَّهَادَةِ قَالَ: فَالْأَوَّلُ يُفِيدُ عَدَمَ قَبُولِ الْمَرْأَةِ بِخِلَافِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَفِي يَدِ الْعَدْلِ يَوْمًا جَازَ) أَيْ وَيَبْدَأُ مِنْهُمَا بِمَنْ اتَّفَقَا عَلَى الْبُدَاءَةِ بِهِ فَإِنْ تَشَاحَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: حَيْثُ يَجُوزُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ هُنَاكَ ضَرُورَةٌ أَوْ غِبْطَةٌ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ: فِيهِ تَفْصِيلٌ) أَيْ وَهُوَ أَنَّهُمَا إنْ كَانَا يَتَصَرَّفَانِ عَنْ أَنْفُسِهِمَا جَازَ وَضْعُهُ عِنْدَ فَاسِقٍ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: عَلَى ابْتِدَاءِ الْقَبْضِ) أَيْ بِأَنْ شَرَطَا أَنَّ الرَّاهِنَ يَقْبِضُهُ، وَوَجْهُ الْفَسَادِ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ اتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبَضِ (قَوْلُهُ: رَدَّهُ إلَيْهِمَا) أَيْ مَعًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَلَيْسَ إلَخْ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ) أَيْ الْعَدْلُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَتْلَفَهُ) أَيْ الْعَدْلُ (قَوْلُهُ: أُخِذَ مِنْهُ) أَيْ الْمُتْلِفِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَخْذِهِ مِنْ الْعَدْلِ وَرَدِّهِ إلَيْهِ، فَلَا يَكْفِي بَقَاؤُهُ تَحْتَ يَدِهِ بِلَا أَخْذٍ وَإِنْ كَانَ مَحْكُومًا عَلَيْهِ بِأَنَّهُ رَهْنٌ فِي ذِمَّتِهِ، وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنَّ الْآخِذَ لَهُ الرَّاهِنُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنْ تَنَازَعَا فَالْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: أَخَذَ مِنْهُ الْبَدَلَ) وَهُوَ الْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْقِيمَةُ فِي الْمُتَقَوِّمِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَحْمُولٌ إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ هَذَا الْحَمْلُ بِأَنَّهُ حَيْثُ عَدَلَ إلَى أَعْلَى مِنْهُ حُرِّمَ، وَمُقْتَضَاهُ فِسْقُهُ فَلَا يُوضَعُ الْبَدَلُ عِنْدَهُ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ عَمْدًا، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: فِعْلُهُ دَفْعًا لِلصِّيَالِ شُبْهَةٌ مَنَعَتْ الْفِسْقَ وَإِنْ أَثِمَ بِالْعُدُولِ الْمَذْكُورِ، وَفِيهِ مَا فِيهِ أَوْ أَنَّهُ عَدَلَ إلَى غَيْرِهِ لِظَنِّ جَوَازِهِ (قَوْلُهُ: فِي الشِّقِّ الْأَخِيرِ) هُوَ قَوْلُهُ: أَوْ دَفْعًا لِصِيَالٍ، وَكَذَا فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَعْدَ التَّوْفِيَةِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ [لَوْ شَرَط الرَّاهِن وَالْمُرْتَهِن وَضْع الْمَرْهُونَ عِنْدَ عَدْلٍ] (قَوْلُهُ: عِنْدَ عَدْلٍ جَازَ) أَيْ مُطْلَقًا، وَكَذَا فَاسِقٌ إذَا كَانَا يَتَصَرَّفَانِ لِأَنْفُسِهِمَا التَّصَرُّفَ التَّامَّ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي، وَبِهِ صَرَّحَ فِي التُّحْفَةِ هُنَا وَأَخْرَجَ بِالتَّصَرُّفِ التَّامِّ الْمُكَاتَبَ (قَوْلُهُ: وَمُكَاتَبٍ) فِي إدْخَالِهِ فِي جُمْلَةِ مَنْ يَتَصَرَّفُ عَنْ الْغَيْرِ مُسَاهَلَةٌ. (قَوْلُهُ: إذْ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ) كَانَ الْأَوْلَى التَّعْبِيرَ بِالْوَاوِ بَدَلَ إذْ. (قَوْلُهُ: أُخِذَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُتْلِفِ. (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَخْذَ الْقِيمَةِ إلَخْ) هَذَا لَا مَوْقِعَ لِإِيرَادِهِ بَعْدَ أَنْ عَبَّرَ بِالْبَدَلِ

ضَمَانَ (أَوْ عِنْدَ اثْنَيْنِ) مَثَلًا (وَنَصَّا عَلَى اجْتِمَاعِهِمَا عَلَى حِفْظِهِ أَوْ الِانْفِرَادِ بِهِ فَذَاكَ) ظَاهِرٌ أَنَّهُ يُتَّبَعُ الشَّرْطُ فِيهِ (وَإِنْ أَطْلَقَا فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ) بِحِفْظِهِ (فِي الْأَصَحِّ) كَمَا فِي نَظِيرَةِ مِنْ الْوِكَالَةِ وَالْوَصِيَّةِ فَيَجْعَلَانِهِ فِي حِرْزٍ لَهُمَا، فَإِنْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِحِفْظِهِ ضَمِنَ نِصْفَهُ أَوْ سَلَّمَ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ ضَمِنَا مَعًا النِّصْفَ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَهُ الِانْفِرَادُ لِمَا فِي اجْتِمَاعِهِمَا مِنْ الْمَشَقَّةِ، وَلَوْ غَصَبَهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ الْعَدْلِ أَوْ غَصَبَ الْعَيْنَ شَخْصٌ مِنْ مُؤْتَمِنٍ كَمُودَعٍ ثُمَّ رَدَّهَا إلَى مَنْ غَصَبَهَا مِنْهُ بَرِئَ، بِخِلَافِ مَنْ غَصَبَ مِنْ الْمُلْتَقِطِ اللُّقَطَةَ قَبْلَ تَمَلُّكِهَا ثُمَّ رَدَّهَا إلَيْهِ لَمْ يَبْرَأْ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يَأْتَمِنْهُ أَوْ غَصَبَ الْعَيْنَ مِنْ ضَامِنٍ مَأْذُونٍ كَمُسْتَعِيرٍ وَمُسْتَامٍ ثُمَّ رُدَّتْ إلَيْهِ بَرِئَ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ، وَلَا يُنْتَقَلُ الْمَرْهُونُ عِنْدَ آخَرَ إلَّا إنْ اتَّفَقَ الْعَاقِدَانِ عَلَيْهِ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ وَلَوْ بِلَا سَبَبٍ (وَلَوْ) (مَاتَ الْعَدْلُ) الْمَوْضُوعُ عِنْدَهُ (أَوْ فَسَقَ) أَوْ عَجَزَ عَنْ حِفْظِهِ أَوْ زَادَ فِسْقُ الْفَاسِقِ أَوْ حَدَثَتْ عَدَاوَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدِهِمَا وَطَلَبَا أَوْ أَحَدُهُمَا نَقْلَهُ نُقِلَ وَ (جَعَلَهُ حَيْثُ يَتَّفِقَانِ) سَوَاءٌ أَكَانَ عَدْلًا أَمْ فَاسِقًا، بِشَرْطِهِ الْمَارِّ (وَإِنْ تَشَاحَّا وَضَعَهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ عَدْلِ) يَرَاهُ لِأَنَّهُ الْعَدْلُ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ وَلَوْ كَانَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَتَغَيَّرَ حَالُهُ فَكَتَغَيُّرِ حَالِ الْعَدْلِ وَلَوْ لَمْ يُشْرَطْ فِي بَيْعٍ أَوْ كَانَ وَارِثُ الْمُرْتَهِنِ أَزْيَدَ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى أَنَّهُ طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ وَإِلَّا فَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَى الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ (قَوْلُهُ: فِي حِرْزٍ لَهُمَا) أَيْ حَيْثُ لَمْ تُمْكِنْ قِسْمَتُهُ فَإِنْ أَمْكَنَتْ قِسْمَتُهُ اقْتَسَمَاهُ كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ. ثُمَّ رَأَيْتُهُ فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ نَقْلًا عَنْ بِرّ (قَوْلُهُ: ضَمِنَا مَعًا النِّصْفَ) أَيْ ضَمِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا جَمِيعَ النِّصْفِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا مُتَعَدٍّ بِالتَّسْلِيمِ وَالْآخَرُ بِالتَّسَلُّمِ، وَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَى مَنْ تَلِفَ تَحْتَ يَدِهِ هَكَذَا تَحَرَّرَ مَعَ طَلَبٍ بَعْدَ الْمُبَاحَثَةِ ثُمَّ وَافَقَ عَلَيْهِ مَرَّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَمِثْلُهُ عَلَى حَجّ لَكِنَّ عِبَارَةَ حَجّ: وَإِلَّا ضَمِنَ مَنْ انْفَرَدَ بِهِ نِصْفُهُ إنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ لَهُ صَاحِبُهُ وَإِلَّا اشْتَرَكَا فِي ضَمَانِ النِّصْفِ انْتَهَى وَهِيَ مُوَافَقَةٌ لِكَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: مِنْ مُؤْتَمَنٍ) أَيْ بِائْتِمَانِ الْمَالِكِ فَيَخْرُجُ الْمُلْتَقِطُ الْآتِي لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ بِائْتِمَانِ الشَّرْعِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَدَّهَا إلَيْهِ لَمْ يَبْرَأْ) أَيْ وَطَرِيقُهُ أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْ الضَّمَانِ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَأْتَمِنْهُ) أَيْ الْمُلْتَقِطُ وَقِيَاسُ اللُّقَطَةِ أَنَّهُ لَوْ طَيَّرَتْ الرِّيحُ مَثَلًا ثَوْبًا إلَى دَارِهِ وَغَصَبَهَا مِنْهُ شَخْصٌ ثُمَّ رَدَّهَا إلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَبْرَأْ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يَأْتَمِنْهُ وَطَرِيقُهُ أَنْ يَرُدَّهَا لِلْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: مِنْ ضَامِنٍ مَأْذُونٍ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْغَاصِبِ فَلَا يَبْرَأُ مِنْ غَصْبٍ مِنْهُ بِالرَّدِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْتَقِلُ) أَيْ لَا يَجُوزُ نَقْلُهُ قَهْرًا عِنْدَ إلَخْ (قَوْلُهُ: عِنْدَ آخَرَ) أَيْ غَيْرِ مَنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ زَادَ فِسْقُ الْفَاسِقِ) قَالَ حَجّ: أَوْ خَرَجَ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْحِفْظِ بِغَيْرِ ذَلِكَ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ جُنَّ وَطَلَبَ أَحَدُهُمَا نَقْلَهُ نُقِلَ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَفَاقَ هَلْ يَتَوَقَّفُ اسْتِحْقَاقُهُ الْحِفْظَ عَنْ إذْنٍ جَدِيدٍ لِبُطْلَانِ الْإِذْنِ الْأَوَّلِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقِيَاسُ مَا لَوْ زَادَ فِسْقُ الْوَلِيِّ ثُمَّ عَادَ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَوْلِيَةٍ جَدِيدَةٍ أَنَّهُ هُنَا لَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ الْإِذْنِ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ الْمَارِّ) أَيْ وَهُوَ أَنْ يَتَصَرَّفَ عَنْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَشَاحَّا) أَيْ بَعْدَ لُزُومِ الْعَقْدِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَمَّا قَبْلَهُ لَمْ يُجْبَرْ الرَّاهِنُ بِحَالٍ كَمَا سَيَأْتِي، وَقَوْلُهُ: وَإِنْ تَشَاحَّا غَايَةٌ لِقَوْلِهِ وَلَوْ كَانَ فِي يَدِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْعَدْلُ) أَيْ الْإِنْصَافُ (قَوْلُهُ: فَتَغَيَّرَ حَالُهُ) وَمِنْهُ أَنْ تَحْدُثَ عَدَاوَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّاهِنِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يُشْرَطْ فِي بَيْعٍ) غَايَةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَضَعَهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ عَدْلٍ وَلَوْ ذَكَرَهُ مُتَّصِلًا بِهِ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّ قَوْلَهُ وَلَوْ كَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: ضَمِنَا مَعًا النِّصْفَ) أَيْ ضَمِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا جَمِيعَ النِّصْفِ وَالْقَرَارُ عَلَى مَنْ تَلِفَ تَحْتَ يَدِهِ كَمَا هُوَ الْقِيَاسُ، ثُمَّ رَأَيْت الشِّهَابَ سم ذَكَرَ أَنَّهُ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْحَالُ فِي مُبَاحَثَتِهِ مَعَ شَيْخِهِ الطَّبَلَاوِيِّ وَمَعَ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: بَرِئَ) اُنْظُرْ هَلْ يَبْرَأُ فِي مَسْأَلَةِ الرَّهْنِ إذَا رَدَّهُ لِلرَّاهِنِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ يَدٌ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَتَغَيَّرَ حَالُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الشِّهَابِ حَجّ فِي تُحْفَتِهِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ تَشَاحَّا نَصُّهَا: أَوْ مَاتَ الْمُرْتَهِنُ وَلَمْ يَرْضَ الرَّاهِنُ بِيَدِ وَارِثِهِ انْتَهَتْ. وَهُوَ الَّذِي رَتَّبَ عَلَيْهِ

عَدَالَةً مِنْهُ، إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ لَزِمَ بِالْقَبْضِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الرِّضَا بِالْمَوْرُوثِ الرِّضَا بِالْوَارِثِ، فَإِنْ تَشَاحَّا ابْتِدَاءً فِيمَنْ يُوضَعُ عِنْدَهُ وَكَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يُجْبَرْ الرَّاهِنُ بِحَالٍ، وَإِنْ شَرَطَ الرَّاهِنُ فِي بَيْعٍ لِجَوَازِهِ مِنْ جِهَتِهِ حِينَئِذٍ فَلَا يُطَالِبُهُ بِإِقْبَاضِهِ وَلَا بِالرُّجُوعِ عَنْهُ وَزَعَمَ مُطَالَبَتُهُ بِأَحَدِهِمَا لِئَلَّا يَسْتَمِرَّ غَبْنُهُ مَرْدُودٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ انْعِزَالِ الْعَدْلِ عَنْ الْحِفْظِ بِالْفِسْقِ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَاكِمُ هُوَ الَّذِي وَضَعَهُ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ. (وَيَسْتَحِقُّ بَيْعَ الْمَرْهُونِ عِنْدَ الْحَاجَةِ) إلَيْهِ لِوَفَاءِ الدَّيْنِ إنْ لَمْ يُوَفَّ مِنْ غَيْرِهِ وَلِلْمُرْتَهِنِ إذَا كَانَ بِدَيْنِهِ رَهْنٌ وَضَامِنٌ طَلَبَ وَفَائِهِ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ تَقَدَّمَ أَحَدُهُمَا أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ رَهْنٌ فَقَطْ فَلَهُ طَلَبُ بَيْعِ الْمَرْهُونِ أَوْ وَفَاءُ دَيْنِهِ فَلَا يَتَعَيَّنُ طَلَبُ الْبَيْعِ (وَيُقَدَّمُ الْمُرْتَهِنُ بِثَمَنِهِ) عَلَى سَائِرِ الْغُرَمَاءِ إنْ لَمْ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ جِنَايَةٌ كَمَا يَأْتِي لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ فَوَائِدِ الرَّهْنِ، وَفُهِمَ مِنْ طَلَبِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ أَنَّ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَخْتَارَ الْبَيْعَ وَالتَّوْفِيَةَ مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى التَّوْفِيَةِ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَا نَظَرَ لِهَذَا التَّأْخِيرِ وَإِنْ كَانَ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ وَاجِبًا فَوْرًا لِأَنَّ تَعْلِيقَهُ الْحَقَّ بِعَيْنِ الرَّهْنِ رِضًا مِنْهُ بِاسْتِيفَائِهِ مِنْهُ وَطَرِيقُهُ الْبَيْعُ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ تَعَلُّقُ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِغَيْرِ الرَّهْنِ أَيْضًا لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمَرْهُونَ قَدْ لَا يُوَفِّي ثَمَنُهُ الدَّيْنَ أَوْ يَتْلَفُ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ فَيَجِبُ الْوَفَاءُ مِنْ بَقِيَّةِ مَالِ الرَّاهِنِ وَلَا مَا يَأْتِي مِنْ إجْبَارِهِ عَلَى الْأَدَاءِ أَوْ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّاهِنِ حَتَّى يُوفِيَ مِمَّا اخْتَارَ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمُرْتَهِنِ حَتَّى يُجْبِرَهُ عَلَى الْأَدَاءِ مِنْ غَيْرِ الرَّهْنِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا اخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ وُجُوبِ الْوَفَاءِ إمَّا مِنْ الرَّهْنِ وَإِمَّا مِنْ غَيْرِهِ إذَا كَانَ أَسْرَعَ وَطَالَبَ الْمُرْتَهِنُ بِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ تَعْجِيلًا لِلْوَفَاءِ عَلَى مَا إذَا أَدَّى ذَلِكَ لِتَأْخِيرٍ مِنْ غَيْرِ غَرَضٍ صَحِيحٍ (وَيَبِيعُهُ الرَّاهِنُ أَوْ وَكِيلُهُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ) أَوْ وَكِيلِهِ لِأَنَّ لَهُ فِيهِ حَقًّا (فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ) أَيْ الْمُرْتَهِنُ (قَالَ لَهُ الْحَاكِمُ: تَأْذَنُ) فِي بَيْعِهِ (أَوْ تُبْرِئُ) هُوَ بِمَعْنَى الْأَمْرِ: أَيْ ائْذَنْ أَوْ أَبْرِئْ دَفْعًا لِضَرَرِ الرَّاهِنِ (وَلَوْ طَلَبَ الْمُرْتَهِنُ بَيْعَهُ فَأَبَى الرَّاهِنُ) ذَلِكَ (أَلْزَمَهُ الْقَاضِي قَضَاءَ الدَّيْنِ) مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ (أَوْ بَيْعَهُ فَإِنْ أَصَرَّ) الرَّاهِنُ أَوْ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الِامْتِنَاعِ أَوْ أَقَامَ الْمُرْتَهِنُ حُجَّةً بِالدَّيْنِ الْحَالِّ فِي غَيْبَةِ الرَّاهِنِ (بَاعَهُ الْحَاكِمُ) عَلَيْهِ وَوَفَّى الدَّيْنَ مِنْ ثَمَنِهِ دَفْعًا لِضَرَرِ الْآخَرِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ إلَخْ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ، وَفِي نُسْخَةٍ ذَكَرَ قَوْلَهُ وَلَوْ لَمْ يَشْرِطْ بَعْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ وَهِيَ وَاضِحَةٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَرَطَ الرَّهْنَ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: فَلَا يُطَالِبُهُ) أَيْ الْمُرْتَهِنُ (قَوْلُهُ: بِأَحَدِهِمَا) أَيْ الْإِقْبَاضِ وَالرُّجُوعِ (قَوْلُهُ: مَرْدُودٌ) بِأَنَّ مَنْ فَعَلَ جَائِزًا لَا يُقَالُ لَهُ عَابِثٌ انْتَهَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: عَنْ الْحِفْظِ بِالْفِسْقِ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ عِنْدَ الْعَدْلِ بِاتِّفَاقِهِمَا أَوْ بِوَضْعِ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ نَائِبُهُ) قُلْت: أَوْ يَكُونُ الرَّاهِنُ نَحْوَ وَلِيٍّ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ: أَيْ فَيَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ (قَوْلُهُ: أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ) وَهُمَا بَيْعُهُ وَالتَّوْفِيَةُ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: إنَّ لِلرَّاهِنِ) أَيْ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ وَهُوَ كَذَلِكَ حَيْثُ كَانَ لِلرَّاهِنِ غَرَضٌ صَحِيحٌ فِي التَّأْخِيرِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ) قَالَ ع: وَطَرِيقُ الْمُرْتَهِنِ فِي طَلَبِ التَّوْفِيَةِ مِنْ غَيْرِ الْمَرْهُونِ أَنْ يُفْسِخَ الرَّهْنَ لِجَوَازِهِ مِنْ جِهَتِهِ وَيُطَالِبَ الرَّاهِنَ بِالتَّوْفِيَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَعْلِيقَهُ) أَيْ الْمُرْتَهِنِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ غَرَضٍ صَحِيحٍ) أَيْ لِلرَّاهِنِ فِي التَّأْخِيرِ لِتَعْلِيقِ الْمُرْتَهِنِ حَقَّهُ بِالْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ فَلَا نَظَرَ إلَى غَرَضِهِ (قَوْلُهُ: بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ) أَيْ وَلَا يَنْزِعُهُ مِنْ يَدِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَوْ حَلَّ الدَّيْنُ فَقَالَ الرَّاهِنُ: رُدَّهُ لِأَبِيعَهُ لَمْ يُجَبْ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الِامْتِنَاعِ) . [تَنْبِيهٌ] قَضِيَّةُ الْمَتْنِ وَغَيْرِهِ هُنَا أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَتَوَلَّى الْبَيْعَ إلَّا بَعْدَ الْإِصْرَارِ عَلَى الْإِبَاءِ، وَلَيْسَ مُرَادًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ فِي التَّفْلِيسِ إنَّهُ بِالِامْتِنَاعِ مِنْ الْوَفَاءِ يُخَيَّرُ الْقَاضِي بَيْنَ تَوَلِّيهِ لِلْبَيْعِ وَإِكْرَاهِهِ عَلَيْهِ انْتَهَى حَجّ (قَوْلُهُ: بَاعَهُ الْحَاكِمُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا تَبَعًا لَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ لَمْ يُشْرَطْ فِي بَيْعٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَرْدُودٌ) أَيْ بِأَنَّ مَنْ فَعَلَ جَائِزًا لَهُ لَا يُقَالُ لَهُ عَابِثٌ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ الشِّهَابُ حَجّ. (قَوْلُهُ: بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَاكِمُ هُوَ الَّذِي وَضَعَهُ) قَالَ الشِّهَابُ سم: قُلْت أَوْ يَكُونُ

وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ بَيْعُهُ فَقَدْ يَجِدُ مَا يُوَفِّي بِهِ الدَّيْنَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ وَقَدْ أَفْتَى السُّبْكِيُّ بِأَنَّ لِلْحَاكِمِ بَيْعَ مَا يَرَى بَيْعَهُ مِنْ الْمَرْهُونِ وَغَيْرِهِ عِنْدَ غَيْبَةِ الْمَدْيُونِ أَوْ امْتِنَاعِهِ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةً عَلَى الْغَائِبِ فَيَفْعَلُ مَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً فَإِنْ كَانَ لِلْغَائِبِ نَقْدٌ حَاضِرٌ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ وَطَلَبَ الْمُرْتَهِنُ وَفَاءَهُ مِنْهُ وَأَخَذَ الْمَرْهُونَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَقْدٌ حَاضِرٌ وَكَانَ بَيْعُ الْمَرْهُونِ أَرْوَجَ وَطَلَبَ الْمُرْتَهِنُ بَاعَهُ دُونَ غَيْرِهِ، وَلَوْ بَاعَهُ الرَّاهِنُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ اسْتِئْذَانِ الْمُرْتَهِنِ وَالْحَاكِمِ صَحَّ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ حَيْثُ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِأَنْ تَدْعُوَ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ كَالْعَجْزِ عَنْ مُؤْنَتِهِ أَوْ حِفْظِهِ أَوْ الْحَاجَةِ إلَى مَا زَادَ عَلَى دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ مِنْ ثَمَنِهِ، وَلَوْ لَمْ يَجِدْ الْمُرْتَهِنُ عِنْدَ غَيْبَةِ الرَّاهِنِ بَيِّنَةً أَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ حَاكِمٌ فِي الْبَلَدِ فَلَهُ بَيْعُهُ بِنَفْسِهِ كَالظَّافِرِ بِغَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ، وَأَفْتَى أَيْضًا فِيمَنْ رَهَنَ عَيْنًا بِدَيْنِ مُؤَجَّلٍ وَغَابَ رَبُّ الدَّيْنِ فَأَحْضَرَ الرَّاهِنُ الْمَبْلَغَ إلَى. ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا يُقَالُ: هَذَا ظَاهِرٌ فِي امْتِنَاعِ الرَّاهِنِ، وَأَمَّا فِي امْتِنَاعِ الْمُرْتَهِنِ فَغَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّهُ بِسَبِيلِ مَنْ أَذِنَ الرَّاهِنُ فِي بَيْعِهِ لِأَنَّا نَقُولُ: قَدْ يَتَسَاهَلُ الرَّاهِنُ فِي بَيْعِهِ فَفِيهِ تَفْوِيتٌ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، لَكِنْ فِي حَجّ مَا نَصُّهُ: فَإِنْ أَصَرَّ بَاعَهُ الْحَاكِمُ أَوْ أَذِنَ لِلرَّاهِنِ فِي بَيْعِهِ وَمَنَعَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي ثَمَنِهِ إلَّا إذَا أَبَى أَيْضًا مَنْ أَخَذَ دَيْنَهُ مِنْهُ فَيُطْلِقُ لِلرَّاهِنِ التَّصَرُّفَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٍ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ) أَيْ عَلَى الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ غَيْبَةِ الْمَدْيُونِ) هُوَ شَامِلٌ لِمَسَافَةِ الْقَصْرِ وَمَا دُونَهَا، قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ فِيمَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ إلَّا بِإِذْنِهِ، ثُمَّ قَالَ: إنَّهُ عَرَضَهُ عَلَى م ر فَقَالَ: لَعَلَّهُ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى مَنْ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ وَالرَّاجِحُ الِاكْتِفَاءُ بِمَسَافَةِ الْعَدْوَى فَيَكُونُ هُنَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وِلَايَةً عَلَى الْغَائِبِ) أَيْ وَلَهُ الْقَضَاءُ مِنْ مَالٍ عَلَى الْمُمْتَنِعِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ (قَوْلُهُ: بَاعَهُ) أَيْ فَلَوْ بَاعَ غَيْرَ الْأَرْوَجِ هَلْ يَصِحُّ حَيْثُ كَانَ بِثَمَنِ مِثْلِهِ أَوْ لَا لِأَنَّ الشَّرْعَ إنَّمَا أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِ الْأَرْوَجِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الرَّاهِنِ وَإِنْ أَدَّى إلَى تَأْخِيرِ وَفَاءِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ، وَلَكِنَّ الْأَقْرَبَ الثَّانِي لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَالْحَاكِمِ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَشْهَدْ (قَوْلُهُ: بَيِّنَةً) أَيْ تَشْهَدُ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِأَنَّهُ مِلْكُ الرَّاهِنِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الدَّيْنِ وَكَوْنِ الْعَيْنِ الَّتِي أُرِيدَ بَيْعُهَا مَرْهُونَةً عِنْدَهُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا وَدِيعَةً مَثَلًا، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ حَاكِمٌ وَكَانَ بِغَيْرِهَا قَرِيبًا مِنْهَا كَشُبْرَا مَثَلًا أَوْ بُولَاقَ مَثَلًا كَانَ لَهُ الْبَيْعُ بِنَفْسِهِ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْمَشَقَّةِ وَعَدَمِهَا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ حَاكِمٌ) أَيْ أَوْ كَانَ يَتَوَقَّفُ الرَّفْعُ إلَيْهِ عَلَى غُرْمِ دَرَاهِمَ وَإِنْ قَلَّتْ (قَوْلُهُ: فَلَهُ بَيْعُهُ بِنَفْسِهِ) وَيُصَدَّقُ فِي قَدْرِ مَا بَاعَهُ بِهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِيهِ. وَلَا يُقَالُ: هُوَ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ الْإِشْهَادِ عَلَى مَا بَاعَ بِهِ لِأَنَّا نَقُولُ: قَدْ لَا يَتَيَسَّرُ الشُّهُودُ وَقْتَ الْبَيْعِ، وَبِفَرْضِهَا فَقَدْ لَا يَتَيَسَّرُ لَهُ إحْضَارُهُمْ وَقْتَ النِّزَاعِ فَصُدِّقَ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: كَالظَّافِرِ) قَالَ حَجّ: وَفَرَّقَ بَيْنَهُ: أَيْ الْمُرْتَهِنِ وَبَيْنَ الظَّافِرِ بِغَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ، فَإِنَّ لَهُ الْبَيْعَ وَلَوْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْبَيِّنَةِ بِأَنَّ هَذَا عِنْدَهُ وَثِيقَةٌ بِحَقِّهِ فَلَا يَخْشَى فَوَاتَهُ فَاشْتَرَطَ لِظَفَرِهِ الْعَجْزَ، بِخِلَافِ ذَاكَ يَخْشَى الْفَوَاتَ لَوْ صَبَرَ لِلْبَيِّنَةِ فَجَازَ لَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الْفَلَسِ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَتَوَلَّى الْبَيْعَ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ كَوْنُهُ مِلْكًا لِلرَّاهِنِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْيَدُ عَلَيْهِ لِلْمُرْتَهِنِ فَكَفَى إقْرَارُهُ بِأَنَّهُ مِلْكٌ لِلرَّاهِنِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي إلَخْ سَيَأْتِي أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQالرَّاهِنُ نَحْوَ وَلِيٍّ . (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ بَيْعُهُ إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ فِي الْغَائِبِ، أَمَّا فِي مَسْأَلَةِ امْتِنَاعِ الْمُرْتَهِنِ فَلَا وَجْهَ لِكَوْنِ الْحَاكِمِ يُوفِي مِنْ مَالِ الرَّاهِنِ غَيْرَ الرَّهْنِ الَّذِي تَعَلَّقَ الْحَقُّ بِعَيْنِهِ مَعَ حُضُورِ الرَّاهِنِ وَطَلَبِهِ التَّوْفِيَةَ مِنْهُ، وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ امْتِنَاعِ الرَّهْنِ وَإِنْ نَقَلَهُمَا الشِّهَابُ سم فِي حَوَاشِيهِ عَلَى شَرْحِ الْمَنْهَجِ عَنْ الشَّارِحِ؛ إذْ هُوَ نَفْسُهُ قَدْ أَشَارَ فِي حَوَاشِيهِ عَلَى التُّحْفَةِ إلَى أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى اخْتِيَارِ السُّبْكِيّ الَّذِي أَشَارَ الشَّارِحُ فِيمَا مَرَّ إلَى ضَعْفِهِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَظَاهِرٌ إلَخْ إنَّمَا هُوَ فِي مَسْأَلَةِ الْغَائِبِ خَاصَّةً، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ بَقِيَّةُ كَلَامِهِ فَلْيُحَرَّرْ

الْحَاكِمِ وَطَلَبَ مِنْهُ قَبْضَهُ لِيَنْفَكَّ الرَّهْنُ بِأَنَّ لَهُ ذَلِكَ، وَهُوَ كَمَا قَالَ (وَلَوْ) (بَاعَهُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ) (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ بَاعَهُ بِحَضْرَتِهِ صَحَّ) الْبَيْعُ (وَإِلَّا فَلَا) يَصِحُّ لِأَنَّهُ يَبِيعُهُ لِغَرَضِ نَفْسِهِ فَيُتَّهَمُ فِي الِاسْتِعْجَالِ وَتَرْكِ الِاحْتِيَاطِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَوْ كَانَ ثَمَنُ الْمَرْهُونِ لَا يَفِي بِالدَّيْنِ وَالِاسْتِيفَاءُ مِنْ غَيْرِهِ مُتَعَذِّرٌ أَوْ مُتَعَسِّرٌ بِفَلَسٍ أَوْ غَيْرِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحْرِصُ عَلَى أَوْفَى الْأَثْمَانِ تَحْصِيلًا لِدَيْنِهِ مَا أَمْكَنَهُ فَتَضْعُفُ التُّهْمَةُ أَوْ تَنْتَفِي. وَالثَّانِي يَصِحُّ مُطْلَقًا كَمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِ غَيْرِهِ. وَالثَّالِثُ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْإِذْنَ لَهُ فِيهِ تَوْكِيلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِحَقِّهِ إذْ الْمُرْتَهِنُ مُسْتَحَقُّ الْمَبِيعِ، وَمَحَلُّ هَذِهِ الْأَقْوَالِ حَيْثُ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ الثَّمَنَ وَلَمْ يَقُلْ: اسْتَوْفِ حَقًّا مِنْ ثَمَنِهِ فَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا صَحَّ جَزْمًا، أَوْ قَدَّرَ الثَّمَنَ لَهُ صَحَّ عَلَى غَيْرِ الثَّالِثِ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ، أَوْ قَالَ: بِعْهُ وَاسْتَوْفِ حَقَّك مِنْ ثَمَنِهِ لَمْ يَصِحَّ عَلَى غَيْرِ الثَّانِي لِوُجُودِ التُّهْمَةِ، وَإِذْنُ الْوَارِثِ لِغُرَمَاءِ مُوَرِّثِهِ فِي بَيْعِ التَّرِكَةِ وَالسَّيِّدِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي بَيْعِ الْجَانِي كَإِذْنِ الرَّاهِنِ لِلْمُرْتَهِنِ فِي بَيْعِ الْمَرْهُونِ (وَلَوْ شُرِطَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ فِي عَقْدِ الرَّهْنِ (أَنْ يَبِيعَهُ) أَيْ الْمَرْهُونَ (الْعَدْلُ) أَوْ غَيْرُهُ مِمَّنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ عِنْدَ الْمَحَلِّ (جَازَ) وَصَحَّ هَذَا الشَّرْطُ (وَلَا تُشْتَرَطُ) (مُرَاجَعَةُ الرَّاهِنِ) فِي الْبَيْعِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْإِذْنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي تُشْتَرَطُ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي بَقَاءِ الْعَيْنِ وَقَضَاءِ الْحَقِّ مِنْ غَيْرِهَا وَاحْتُرِزَ بِالرَّاهِنِ عَنْ الْمُرْتَهِنِ فَيُشْتَرَطُ مُرَاجَعَتُهُ قَطْعًا كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ، فَإِنَّهُ رُبَّمَا أَمْهَلَ أَوْ أَبْرَأَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّ إذْنَهُ فِي الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ غَيْرُ صَحِيحٍ، بِخِلَافِ الرَّاهِنِ وَقَدْ حَمَلَ السُّبْكِيُّ عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ عَلَى مَا إذَا كَانَا أَذِنَا لَهُ، وَالِاشْتِرَاطُ عَلَى مَا إذَا شَرَطَ فِي الرَّهْنِ أَنَّ الْعَدْلَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالسُّبْكِيَّ رَجَّحَ فِي هَذَا الْآتِي الِاكْتِفَاءَ بِالْيَدِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ لَهُ) أَيْ الْحَاكِمِ وَقَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِلَهُ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَعِبَارَةُ حَجّ لَزِمَهُ قَبْضُهُ مِنْهُ اهـ فَيُحْمَلُ كَلَامُ الشَّارِحِ عَلَى أَنَّ هَذَا جَوَازٌ بَعْدَ مَنْعٍ فَيُصَدَّقُ بِالْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ السُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) تَقْيِيدٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِيفَاءُ مِنْ غَيْرِهِ) الْوَاوُ لِلْحَالِ (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ) أَيْ مِنْ حَالِ الْمُرْتَهِنِ وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي مِنْ الدَّيْنِ قَلِيلًا بِالنِّسْبَةِ لِحَالِ الْمُرْتَهِنِ (قَوْلُهُ: فَتَضْعُفُ التُّهْمَةُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَوْ تَنْتَفِي) أَيْ فَيَصِحُّ بَيْعُ الْمُرْتَهِنِ فِي غَيْبَةِ الرَّاهِنِ (قَوْلُهُ: صَحَّ) أَيْ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ: كَإِذْنِ الرَّاهِنِ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ عَنْ الزَّرْكَشِيّ. (قَوْلُهُ: بِضَمِّ أَوَّلِهِ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى قَيْدٍ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى شَرْطًا إلَّا إذَا كَانَ مِنْهُمَا، فَلَوْ بَنَى لِلْفَاعِلِ احْتَاجَ إلَى قَيْدٍ كَأَنْ يُقَالَ: شَرَطَهُ أَحَدُهُمَا وَوَافَقَهُ الْآخَرُ (قَوْلُهُ: مِمَّنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ) هَلْ هُوَ لِلتَّقْيِيدِ حَتَّى لَوْ شَرَطَا أَنْ يَبِيعَهُ غَيْرُ مَنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ لَمْ يَصِحَّ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الثَّانِي لِأَنَّ الْغَرَضَ الْوُصُولُ إلَى الْحَقِّ وَهُوَ يَحْصُلُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْإِذْنِ) أَيْ فَلَوْ تَبَيَّنَ رُجُوعُهُ عَنْهُ تَبَيَّنَ بُطْلَانِ التَّصَرُّفِ (قَوْلُهُ: عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ) أَيْ اشْتِرَاطِ مُرَاجَعَةِ الْمُرْتَهِنِ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْإِمَامُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ قَالَ الْإِمَامُ إلَخْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَهُوَ كَمَا قَالَ) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّ الدَّيْنَ بَاقٍ عَلَى تَأْجِيلِهِ كَمَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ مَا فِي شَرْحِ الدَّمِيرِيِّ عَنْهُ وَفِيهِ وَقْفَةٌ لِمَا مَرَّ أَنَّ الدَّائِنَ لَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ الْقَبْضِ قَبْلَ الْمَحَلِّ إذَا كَانَ لَهُ غَرَضٌ. (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ تَبَعًا لِشَيْخِهِ الْأَذْرَعِيِّ إذْ الْعِبَارَةُ لَهُ فِي قَوْلِهِ (بِفَلْسٍ أَوْ غَيْرِهِ) أَشَارَ بِهِ إلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْعَدْلَ إنَّمَا هُوَ قَيْدٌ فِيمَا إذَا كَانَ يَتَصَرَّفُ عَنْ غَيْرِهِ، فَمُرَادُهُ بِالْغَيْرِ هُنَا الْفَاسِقُ حَيْثُ جَازَ. (قَوْلُهُ: مِمَّنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ جَرْيًا عَلَى ظَاهِرِ الْمَتْنِ وَأَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ حَمَلَ السُّبْكِيُّ عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ) أَيْ: الَّذِي هُوَ مُقَابِلُ الْمُعْتَمَدِ وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْإِمَامُ وَنَفَى فِيهِ الْخِلَافَ كَمَا سَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ، وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يُفْصِحَ بِهِ قَبْلَ ذِكْرِ الْحَمْلِ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا إذَا كَانَ إذْنًا لَهُ) أَيْ: بَعْدَ الْقَبْضِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: وَالِاشْتِرَاطُ عَلَى مَا إذَا شُرِطَ فِي الرَّهْنِ) أَيْ: الْعَقْدِ: أَيْ وَلَمْ يَقَعْ

يَبِيعُهُ أَوْ أَذِنَ لَهُ الرَّاهِنُ فَقَطْ فَيُشْتَرَطُ إذْنُ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ قَبْلُ، فَعَلَى كَلَامِهِمْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ إنْ لَمْ يَأْذَنْ قَبْلُ، وَعَلَى كَلَامِ الْإِمَامِ لَا يُحْتَاجُ لِتَقَدُّمِ إذْنِهِ فَمَا تَطَابَقَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ، لَكِنَّ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ اشْتِرَاطُ مُرَاجَعَةِ الْمُرْتَهِنِ مُطْلَقًا وَإِنْ قَالَ الْإِمَامُ: لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يُرَاجِعُ لِأَنَّ غَرَضَهُ تَوْفِيَةُ الْحَقِّ وَيَنْعَزِلُ الْعَدْلُ بِعَزْلِ الرَّاهِنِ لَهُ أَوْ مَوْتِهِ لِأَنَّهُ وَكِيلُهُ لَا الْمُرْتَهِنُ إذْ إذْنُهُ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهِ، لَكِنْ يَبْطُلُ إذْنُهُ بِعَزْلِهِ أَوْ بِمَوْتِهِ، فَإِنْ جَدَّدَهُ لَهُ لَمْ يُشْتَرَطْ تَجْدِيدُ تَوْكِيلِ الرَّاهِنِ لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْعَزِلْ، وَإِنْ جَدَّدَ الرَّاهِنُ إذْنًا لَهُ بَعْدَ عَزْلِهِ لَهُ اُشْتُرِطَ إذْنُ الْمُرْتَهِنِ لِانْعِزَالِ الْعَدْلِ بِعَزْلِ الرَّاهِنِ (فَإِذَا بَاعَ) الْعَدْلُ وَقَبَضَ الثَّمَنَ (فَالثَّمَنُ عِنْدَهُ مِنْ ضَمَانِ الرَّاهِنِ) لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَالْعَدْلُ نَائِبُهُ، فَمَا تَلِفَ فِي يَدِهِ كَانَ مِنْ ضَمَانِ الْمَالِكِ وَيَسْتَمِرُّ ذَلِكَ (حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمُرْتَهِنُ) وَلَوْ ادَّعَى الْعَدْلُ تَلَفَ الثَّمَنِ فِي يَدِهِ وَلَمْ يُبَيِّنْ سَبَبًا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ، فَإِنْ بَيَّنَهُ فَعَلَى مَا يَأْتِي فِي الْوَدِيعَةِ، وَإِنْ ادَّعَى تَسْلِيمَهُ لِلْمُرْتَهِنِ فَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّسْلِيمِ، وَإِذَا رَجَعَ بَعْدَ حَلِفِهِ عَلَى الرَّاهِنِ رَجَعَ عَلَى الْعَدْلِ الرَّاهِنِ وَإِنْ صَدَّقَهُ فِي التَّسْلِيمِ أَوْ كَانَ قَدْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ أَوْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِشْهَادِ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ، نَعَمْ لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ عَدَمَ الْإِشْهَادِ لَمْ يَضْمَنْ قَطْعًا، صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ، وَلَوْ ادَّعَى غَيْبَةَ مَنْ أَشْهَدَهُمْ أَوْ مَوْتَهُمْ وَصَدَّقَهُ الرَّاهِنُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ لِاعْتِرَافِهِ لَهُ فَإِنْ كَذَّبَهُ رَجَعَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِشْهَادِ (وَلَوْ) (تَلِفَتْ ثَمَنُهُ فِي يَدِ الْعَدْلِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْمَرْهُونُ) الْمَبِيعَ (فَإِنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي رَجَعَ عَلَى الْعَدْلِ) لِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ (وَإِنْ شَاءَ) رَجَعَ (عَلَى الرَّاهِنِ) لِإِلْجَائِهِ الْمُشْتَرِيَ شَرْعًا إلَى التَّسْلِيمِ لِلْعَدْلِ بِحُكْمِ تَوْكِيلِهِ (وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ) أَيْ الرَّاهِنِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ تَلَفِهِ بِتَفْرِيطٍ وَغَيْرِهِ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ، فَيَضْمَنُ حِينَئِذٍ الْعَدْلُ وَحْدَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ، قَالَ: الْأَذْرَعِيُّ: وَتَعْلِيلُهُمْ يُرْشِدُ إلَيْهِ وَهُوَ الْوَجْهُ، قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِأَنَّ سَبَبَ تَضْمِينِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ أَقَامَ الْوَكِيلَ مَقَامَهُ وَجَعَلَ يَدَهُ كَيَدِهِ، فَإِذَا فَرَّطَ الْوَكِيلُ فَقَدْ اسْتَقَلَّ بِالْعُدُولِ فَلْيَسْتَقِلْ بِالضَّمَانِ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْمُرْتَهِنُ إذَا صَحَّحْنَا بَيْعَهُ كَالْعَدْلِ فِيمَا ذُكِرَ وَمَحَلُّ نَفْيِ الضَّمَانِ عَنْ الْمُرْتَهِنِ إذَا لَمْ يَتَسَلَّمْ الثَّمَنَ، فَإِنْ تَسَلَّمَهُ ثُمَّ أَعَادَهُ لِلْعَدْلِ صَارَ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ. (وَلَا يَبِيعُ الْعَدْلُ) أَوْ غَيْرُهُ الْمَرْهُونَ (إلَّا بِثَمَنِ مِثْلِهِ حَالًّا مِنْ نَقْدِ بَلَدِهِ) كَالْوَكِيلِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ صِحَّةِ شَرْطِهِ الْخِيَارَ لِغَيْرِ مُوَكِّلِهِ وَأَنَّهُ لَا يُسَلِّمُ الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ وَإِلَّا ضَمِنَ، وَلَوْ بَاعَ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ. نَعَمْ يُغْتَفَرُ النَّقْصُ عَنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ لِمَا يَتَغَابَنُ بِهِ النَّاسُ حَيْثُ لَا رَاغِبَ بِأَزْيَدَ وَإِلْحَاقُ الْإِسْنَوِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَعَلَى كَلَامِ الْإِمَامِ) أَيْ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ أَذِنَ قَبْلُ أَمْ لَا وَبِهِ جَزَمَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَوْتِهِ أَوْ جُنُونِهِ أَوْ إغْمَائِهِ) كَمَا يُفِيدُهُ التَّعْبِيرُ بِأَنَّهُ وَكِيلُهُ (قَوْلُهُ: لَا الْمُرْتَهِنُ) أَيْ لَا بِعَزْلِهِ وَلَا بِمَوْتِهِ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) أَيْ الْمُرْتَهِنُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ صَدَّقَهُ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ شَرَطَ) أَيْ الرَّاهِنُ عَلَيْهِ أَيْ الْعَدْلُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ادَّعَى) أَيْ الْعَدْلُ (قَوْلُهُ: لِاعْتِرَافِهِ) أَيْ بِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ (قَوْلُهُ: لَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ) وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ نَائِبَ الْحَاكِمِ لِإِذْنِهِ فِي الْبَيْعِ لِنَحْوِ غَيْبَةِ الرَّاهِنِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ طَرِيقًا لِأَنَّ يَدَهُ كَيَدِ الْحَاكِمِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ التَّفْرِيطِ (قَوْلُهُ: الْعَدْلُ وَحْدَهُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ قَرَارَ الضَّمَانِ عَلَيْهِ مَعَ كَوْنِ الرَّاهِنِ طَرِيقَانِ فِي الضَّمَانِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ مُوَكِّلِهِ) أَيْ وَغَيْرِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: بِمَا يَتَغَابَنُ بِهِ النَّاسُ) أَيْ يُبْتَلَوْنَ بِالْغَبْنِ فِيهِ كَثِيرًا وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ اهـ ع ـــــــــــــــــــــــــــــQإذْنٌ بَعْدَ الْقَبْضِ وَتَعْلِيلُ الْعِرَاقِيِّينَ الْمَارُّ يُؤَيِّدُ هَذَا الْحَمْلَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ قَبْلُ) أَيْ أَصْلًا بِنَاءً عَلَى الْحَمْلِ الثَّانِي لِكَلَامِ الْعِرَاقِيِّينَ، أَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ بِنَاءً عَلَى الْحَمْلِ الْأَوَّلِ لَهُ (قَوْلُهُ: فَعَلَى كَلَامِهِمْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا السِّيَاقِ مِنْ الْقَلَاقَةِ. (قَوْلُهُ: إذْ إذْنُهُ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهِ) عِبَارَةُ الشِّهَابِ حَجّ: لِأَنَّ إذْنَهُ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَهُ) أَيْ مِنْ الْفَاسِقِ إذَا كَانَا يَتَصَرَّفَانِ عَنْ أَنْفُسِهِمَا عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ، فَلَيْسَ مُرَادُهُ هُنَا بِالْغَيْرِ مَا يَشْمَلُ (الرَّاهِنَ

الرَّاهِنَ وَالْمُرْتَهِنَ بِهِ رَدَّهُ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِابْنِ النَّقِيبِ بِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا لَا يَعْدُوهُمَا فَيَجُوزُ بِغَيْرِ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْعَدْلِ، وَرَدَّ عَلَيْهِ الشَّيْخُ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا، نَعَمْ مَحَلُّهُ فِي بَيْعِ الرَّاهِنِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِيمَا إذَا نَقَصَ عَنْ الدَّيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ عَنْهُ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَرْهُونُ يُسَاوِي مِائَةً وَالدَّيْنُ عَشَرَةٌ فَبَاعَهُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ بِالْعَشَرَةِ صَحَّ، إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فِي ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ الرَّاهِنُ لِلْعَدْلِ: لَا تَبِعْهُ إلَّا بِالدَّرَاهِمِ وَقَالَ لَهُ الْمُرْتَهِنُ: لَا تَبِعْهُ إلَّا بِالدَّنَانِيرِ وَلَمْ يَبِعْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا لِاخْتِلَافِهِمَا فِي الْإِذْنِ كَذَا أَطْلَقَاهُ، وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إذَا كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ فِيهِ غَرَضٌ وَإِلَّا كَأَنْ كَانَ حَقُّهُ دَرَاهِمَ وَنَقْدُ الْبَلَدِ دَرَاهِمُ فَقَالَ الرَّاهِنُ: بِعْ بِالدَّرَاهِمِ وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: بِعْ بِالدَّنَانِيرِ فَلَا يُرَاعَى خِلَافُهُ، وَيُبَاعُ بِالدَّرَاهِمِ كَمَا قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرِهِمَا، وَإِذَا امْتَنَعَ عَلَى الْعَدْلِ الْبَيْعُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَاعَهُ الْحَاكِمُ بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَأَخَذَ بِهِ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ أَوْ بَاعَ بِجِنْسِ الدَّيْنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ إنْ رَأَى ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ الرَّهْنُ بِقَدْرِ الْحَقِّ (فَإِنْ) (زَادَ) فِي الثَّمَنِ (رَاغِبٌ) يُوثَقُ بِهِ زِيَادَةً لَا يَتَغَابَنُ بِمِثْلِهَا بَعْدَ لُزُومِ الْبَيْعِ لَمْ يُؤَثِّرْ وَيُسَنُّ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْمُشْتَرِيَ لِيَبِيعَهُ مِنْ الرَّاغِبِ بِالزِّيَادَةِ أَوْ مِنْ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ أَوْ زَادَ الرَّاغِبُ (قَبْلَ انْقِضَاءِ الْخِيَارِ) لِلْمَجْلِسِ أَوْ الشَّرْطِ وَهُوَ مِمَّنْ يُوثَقُ بِهِ (فَلْيَفْسَخْ) أَيْ الْعَدْلُ الْبَيْعَ حَتْمًا (وَلْيَبِعْهُ) لَهُ أَوْ لِلْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ، وَلَوْ بَاعَهُ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ فَسْخٍ صَحَّ وَكَانَ فَسْخًا وَهُوَ أَوْلَى وَأَحْوَطُ لِأَنَّهُ قَدْ يَفْسَخُ فَيَرْجِعُ الرَّاغِبُ، فَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ مَا ذُكِرَ انْفَسَخَ لِأَنَّ زَمَنَ الْخِيَارِ كَحَالَةِ الْعَقْدِ وَهُوَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ بِثَمَنٍ وَهُنَاكَ رَاغِبٌ بِزِيَادَةٍ، فَلَوْ رَجَعَ الرَّاغِبُ عَنْ الزِّيَادَةِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ بَيْعِهِ فَالْبَيْعُ الْأَوَّلُ بِحَالِهِ وَإِلَّا بَطَلَ وَاسْتُؤْنِفَ مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ إلَى إذْنٍ جَدِيدٍ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا أَوْ لِلْبَائِعِ لِعَدَمِ انْتِقَالِ الْمِلْكِ فَلَا يُشْكِلُ بِامْتِنَاعِ بَيْعِ الْوَكِيلِ مَا رَدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ أَوْ بِفَسْخٍ مُشْتَرِيهِ بِخِيَارٍ مُخْتَصٍّ بِهِ لِزَوَالِ مِلْكِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ الْعَدْلِ (قَوْلُهُ: وَرَدَّ عَلَيْهِ الشَّيْخُ) أَيْ فِي غَيْرِ شَرْحِ مَنْهَجِهِ (قَوْلُهُ: بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ) أَيْ فِي الْبَيْعِ لَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا ضَرَرَ) قَضِيَّةُ جَوَازِ بَيْعِهِ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ حَيْثُ كَانَ مِنْ حَيْثُ الدَّيْنِ وَأَذِنَ فِيهِ الرَّاهِنُ، وَبِهِ صَرَّحَ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَنَقْدُ الْبَلَدِ دَرَاهِمُ) لَيْسَ بِقَيْدٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ: بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَيْ بِأَنْ كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ غَرَضٌ فِيمَا عَيَّنَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ) قَالَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ: هَلَّا كَانَ لِلرَّاهِنِ ذَلِكَ انْتَهَى، قُلْت: الْقِيَاسُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى، نَعَمْ لَوْ أَرَادَ بَيْعَهُ بِغَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ وَتَحْصِيلَ الدَّيْنِ مِنْهُ فَيَنْبَغِي امْتِنَاعُهُ إلَّا بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَدَّى ذَلِكَ إلَى تَأْخِيرِ التَّوْفِيَةِ فَيَضُرُّ بِالْمُرْتَهِنِ (قَوْلُهُ: بِقَدْرِ الْحَقِّ) أَيْ أَوْ دُونَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ لِتَضَرُّرِ الرَّاهِنِ بِبَيْعِ قَدْرِ الزَّائِدِ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ (قَوْلُهُ: فَلْيَفْسَخْ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ زِيَادَةُ الرَّاغِبِ مُحَرَّمَةً كَمَا عُلِمَ مِنْ حُرْمَةِ الشِّرَاءِ عَلَى الشِّرَاءِ وَقَالَ سم عَلَى حَجّ: أَيْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ انْتَهَى (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا) أَيْ أَمَّا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَلَا يَنْفَسِخُ بِزِيَادَةِ الرَّاغِبِ وَلَا يَنْفُذُ الْفَسْخُ مِنْ الْعَدْلِ لَوْ فَسَخَ، وَلَوْ فَسَخَ الْمُشْتَرِي نَفَذَ فَسْخُهُ وَلَا يَبِيعُهُ الْعَدْلُ بِالْإِذْنِ السَّابِقِ، هَذَا وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْعَدْلِ شَرْطُ الْخِيَارِ لَهُمَا أَوْ لِلْمُشْتَرِي مُنَافٍ لِقَوْلِهِ السَّابِقِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ صِحَّةِ شَرْطِ الْخِيَارِ لِغَيْرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمُرْتَهِنَ) بِدَلِيلِ إفْرَادِهِ الْكَلَامَ عَلَيْهِمَا فِيمَا يَأْتِي فَانْدَفَعَ مَا فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا) قَدْ مَرَّ أَنَّ بَيْعَ الْمُرْتَهِنِ لَا يَصِحُّ إلَّا بِحُضُورِ الرَّاهِنِ، فَلَعَلَّ صُورَةَ انْفِرَادِ الْمُرْتَهِنِ هُنَا أَنَّهُ بَاعَ بِحُضُورِ الرَّاهِنِ وَالرَّاهِنُ سَاكِتٌ، لَكِنْ قَدْ يَتَوَقَّفُ فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ حِينَئِذٍ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ، وَهَلَّا كَانَ إقْرَارُ الرَّاهِنِ عَلَى الْبَائِعِ بِذَلِكَ كَإِذْنِهِ إذْ لَوْلَا رِضَاهُ لَمُنِعَ، بَلْ قَدْ يُقَالُ إنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ هِيَ الْمُرَادُ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا عَلَى الْبَيْعِ وَإِلَّا فَمَا صُورَتُهُ، أَوْ يُتَصَوَّرُ انْفِرَادُ الْمُرْتَهِنِ بِمَا مَرَّ عَنْ الزَّرْكَشِيّ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ بَاعَهُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ بَاعَهُ بِحَضْرَتِهِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا يُتَأَمَّلُ. (قَوْلُهُ: بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ) شَرْطٌ لِأَصْلِ صِحَّةِ الْبَيْعِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ. (قَوْلُهُ: لَهُمَا أَوْ لِلْبَائِعِ) أَيْ

[مؤنة المرهون]

مُوَكِّلِهِ عَنْ الْمَبِيعِ فِيهِمَا وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْعَدْلُ بِالزِّيَادَةِ حَتَّى لَزِمَ الْبَيْعُ وَهِيَ مُسْتَقِرَّةٌ. قَالَ السُّبْكِيُّ: الْأَقْرَبُ عِنْدِي تَبَيُّنُ الْفَسْخِ لَكِنْ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ، وَلَوْ ارْتَفَعَتْ الْأَسْوَاقُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ الْفَسْخُ كَمَا لَوْ طَلَبَ بِزِيَادَةٍ بَلْ أَوْلَى وَلَمْ يَذْكُرُوهُ، وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ عَدْلِ الرَّهْنِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْوُكَلَاءِ وَالْأَوْصِيَاءِ وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ يَتَصَرَّفُ لِغَيْرِهِ. (وَمُؤْنَةُ الْمَرْهُونِ) الَّتِي بِهَا بَقَاؤُهُ مِنْ نَفَقَةِ رَقِيقٍ وَكِسْوَتِهِ وَعَلْفِ دَابَّةٍ وَأُجْرَةِ سَقْيِ أَشْجَارٍ وَجِذَاذِ ثِمَارٍ وَتَجْفِيفِهَا وَرَدِّ آبِقٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ (عَلَى الرَّاهِنِ) الْمَالِكِ إجْمَاعًا، فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ مُؤْنَةَ الْمَرْهُونِ الْمُسْتَعَارِ عَلَى الْمَالِكِ لَا الرَّاهِنِ (وَيُجْبَرُ عَلَيْهَا لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ عَلَى الصَّحِيحِ) حِفْظًا لِلْوَثِيقَةِ. وَالثَّانِي لَا يُجْبَرُ عِنْدَ الِامْتِنَاعِ، وَلَكِنْ يَبِيعُ الْقَاضِي جُزْءًا مِنْهُ فِيهَا بِحَسَبِ الْحَاجَةِ إلَّا أَنْ تَسْتَغْرِقَ الْمُؤْنَةُ الرَّهْنَ قَبْلَ الْأَجَلِ فَيُبَاعُ وَيُجْعَلُ ثَمَنُهُ رَهْنًا، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ غَابَ الْمَالِكُ أَوْ أَعْسَرَ فَكَمَا يَأْتِي فِي هَرَبِ الْجَمَّالِ لَا يُقَالُ قَوْلُهُ: وَيُجْبَرُ عَلَيْهَا إلَخْ حَشْوٌ غَيْرُ مُحْتَاجٍ لَهُ بَلْ يُوهِمُ أَنَّ الْإِيجَابَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي الْإِجْبَارِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَوْ حَذَفَهُ لَكَانَ أَصْوَبَ. نَعَمْ لَوْ حَذَفَ الْوَاوَ مِنْ قَوْلِهِ وَيُجْبَرُ زَالَ الْإِبْهَامُ خَاصَّةً. لِأَنَّا نَمْنَعُ ذَلِكَ، إذْ كَلَامُ الرَّوْضَةِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْإِجْبَارِ وَعَدَمِهِ فَقَطْ، وَالِاخْتِصَاصُ الْخِلَافُ بِهَذَا لَمْ يُفَرِّعْهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَلَمْ يُغْنِ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ وَلَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ لِأَنَّ رِعَايَةَ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ أَوْجَبَتْ عَلَيْهِ حَقَّ الْمِلْكِ وَحَقَّ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ كَوْنَ الْمُؤْنَةِ عَلَى الْمَالِكِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ إلَّا مَا حُكِيَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ وَحِينَئِذٍ فَثُبُوتُ الْوَاوِ مُتَعَيَّنٌ وَاسْتِثْنَاءُ الْمُؤَنِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمُدَاوَاةِ كَفَصْدٍ وَحِجَامَةٍ وَتَوْدِيجِ دَابَّةٍ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْفَصْدِ فِي الْآدَمِيِّ وَمُعَالَجَةٍ بِأَدْوِيَةٍ حَيْثُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ كَلَامِهِمْ غَيْرُ صَحِيحٍ لِعَدَمِ تَسْمِيَتِهَا مُؤْنَةً فَلَمْ يَتَنَاوَلْهَا كَلَامُهُمْ، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ أُجْرَةُ الطَّبِيبِ وَثَمَنُ الْأَدْوِيَةِ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ اكْتِفَاءً بِدَاعِيَةِ الطَّبْعِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، بَلْ الرَّقِيقُ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ الْقَرِيبِ فَيُحْمَلُ مَا هُنَا مِنْ عَدَمِ الْوُجُوبِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ ذَلِكَ مِنْ خَالِصِ مَالِهِ بَلْ فِي عَيْنِ الْمَرْهُونِ يُبَاعُ جُزْءٌ مِنْهُ لِأَجْلِهَا إنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ بَيْعُ جُزْءٍ مِنْهُ وَإِلَّا وَجَبَ فِي خَالِصِ مَالِهِ حِفْظًا ـــــــــــــــــــــــــــــSمُوَكِّلِهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِحَمْلِ قَوْلِهِ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا عَلَى خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ لَهُمَا ابْتِدَاءً، وَإِنْ أَجَازَهُ أَحَدُهُمَا بَقِيَ لِلْآخَرِ فَيُتَصَوَّرُ فِيهِ كَوْنُ الْخِيَارِ لَهُمَا أَوْ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَهِيَ مُسْتَقِرَّةٌ) أَيْ بِأَنْ جَزَمَ الرَّاغِبُ بِالزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: تَبَيَّنَ) أَيْ مِنْ حِينِ إمْكَانِ الْفَسْخِ بَعْدَ الزِّيَادَةِ وَفِي الْمِلْكِ قَبْلَهُ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ فِي الْبَيْعِ وَتَنْبَنِي عَلَيْهِ الزَّوَائِدُ (قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَنْفَسِخْ انْفَسَخَ بِنَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: لَا الرَّاهِنِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمُسْتَعِيرُ (قَوْلُهُ: فَيُبَاعُ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَتَنَاوَلْهَا كَلَامُهُمْ) أَيْ فَلَا تَجِبُ (قَوْلُهُ: فِي خَالِصِ مَالِهِ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِأَنْ اقْتَضَاهُ الْمَجْلِسُ وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْعَدْلَ لَا يَشْرِطُهُ لِغَيْرِ الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ: بَلْ أَوْلَى) أَيْ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ صَارَتْ مُسْتَقِرَّةً يَأْخُذُ بِهَا كُلُّ أَحَدٍ [مُؤْنَةُ الْمَرْهُونِ] . (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَالِكِ لَا الرَّاهِنِ) وَانْظُرْ هَلْ يُجْبَرُ أَيْضًا، وَظَاهِرُ سِيَاقِ الشَّارِحِ أَنَّهُ يُجْبَرُ أَيْضًا لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ وَفِيهِ وَقْفَةٌ. (قَوْلُهُ: مِنْ كَلَامِهِمْ) مُتَعَلِّقٌ بِاسْتِثْنَاءٍ. (قَوْلُهُ: بَلْ الرَّقِيقُ أَوْلَى بِذَلِكَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ فِي كِتَابِ النَّفَقَاتِ: لَكِنَّهُمْ أَلْحَقُوا الرَّقِيقَ بِالْقَرِيبِ فِي إيجَابِ الْكِفَايَةِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ ثَمَنُ الدَّوَاءِ وَأُجْرَةُ الطَّبِيبِ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْقَرِيبِ؛ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ لَهُ إلَى تَحْصِيلِهِ بِخِلَافِهِ. قَالَ: وَقَوْلُهُمْ فِي الرَّهْنِ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ مِنْ خَالِصِ مَالِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَيُحْمَلُ مَا هُنَا مِنْ عَدَمِ الْوُجُوبِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ ذَلِكَ مِنْ خَالِصِ مَالِهِ إلَخْ) وَأَجَابَ غَيْرُهُ بِأَنَّ هَذَا الْوُجُودَ لِحَقِّ الْقِنِّ لَا لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ فَهُوَ غَيْرُ الْوُجُوبِ

[لا يمنع الراهن من مصلحة المرهون]

لِحَقِّ الْقِنِّ، وَلِهَذَا ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ عَقِبِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَلَا يُمْنَعُ الرَّاهِنُ مِنْ مُصْلِحَةِ الْمَرْهُونِ كَفَصْدٍ وَحِجَامَةٍ) وَمُعَالَجَةٍ بِالْأَدْوِيَةِ وَالْمَرَاهِمِ حِفْظًا لِمِلْكِهِ وَلِأَنَّ فِيهِ مُصْلِحَةً، وَقَلَّمَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ ضَرَرٌ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ حَاجَةُ مَنْعٍ مِنْ الْفَصْدِ دُونَ الْحِجَامَةِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ لِخَبَرٍ رَوَى «قَطْعُ الْعُرُوقِ مَسْقَمَةٌ وَالْحِجَامَةُ خَيْرٌ مِنْهُ» وَلَهُ خِتَانُ الرَّقِيقِ إنْ لَمْ يَخَفْ مِنْهُ وَكَانَ يَنْدَمِلُ قَبْلَ الْحُلُولِ صَغِيرًا كَانَ أَمْ كَبِيرًا كَمَا أَطْلَقَهُ الْجُمْهُورُ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ وَالْغَالِبُ فِيهِ السَّلَامَةُ، وَأَمَّا عَدُّهُمْ عَدَمَ الْخِتَانِ عَيْبًا فِي الْكَبِيرِ فَأُجِيبَ عَنْهُ بِحَمْلِهِ عَلَى كَبِيرٍ يُخَافُ عَلَيْهِ مِنْ الْخِتَانِ وَبِأَنَّ التَّعْيِيبَ بِذَلِكَ مُسْتَحَقٌّ كَمَا لَوْ رَهَنَ رَقِيقًا سَارِقًا فَإِنَّهُ يُقْطَعُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَإِنْ كَانَ عَيْبًا، وَلَهُ قَطْعُ السِّلْعَةِ وَالْمُدَاوَاةُ إنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ، فَإِنْ غَلَبَ التَّلَفُ أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ أَوْ شَكَّ فَلَا وَيَتَخَيَّرُ فِي قَطْعٍ نَحْوُ يَدٍ مُتَآكِلَةٍ إنْ جَرَى الْخَطَرَانِ وَغَلَبَتْ السَّلَامَةُ فِي الْقَطْعِ عَلَى خَطَرِ التَّرْكِ، وَإِنْ اسْتَوَى الْخَطَرَانِ أَوْ زَادَ خَطَرُ الْقَطْعِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَغْلِبْ السَّلَامَةُ فَلَا يَجُوزُ الْقَطْعُ وَلَوْ كَانَ الْخَطَرُ فِي التَّرْكِ دُونَ الْقَطْعِ أَوْ لَا خَطَرَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَهُ الْقَطْعُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْخَطَرُ فِي الْقَطْعِ دُونَ التَّرْكِ وَغَلَبَتْ السَّلَامَةُ كَمَا فُهِمَ مِنْ قَطْعِ السِّلْعَةِ وَالْمُدَاوَاةِ، وَلَهُ أَيْضًا نَقْلُ مُزْدَحِمٍ مِنْ نَخْلٍ إنْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: نَقْلُهَا أَنْفَعُ وَقَطَعَ بَعْضَهَا لِإِصْلَاحِ الْأَكْثَرِ وَالْمَقْطُوعُ مِنْهَا مَرْهُونٌ بِحَالِهِ، وَكَذَا مَا يَجِفُّ مِنْهَا بِلَا قَطْعٍ بِالْأَوْلَى، وَمَا يَحْدُثُ مِنْ جَرِيدٍ وَلِيفٍ وَسَعَفٍ غَيْرِ مَرْهُونٍ، وَكَذَا مَا كَانَ مِنْهَا ظَاهِرًا عِنْدَ الْعَقْدِ كَصُوفٍ بِظَهْرِ الْغَنَمِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَالِكِ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا ذَكَرَهَا) لَعَلَّ وَجْهَ التَّنْبِيهِ أَنَّ ثَمَّ مُقَدِّمَةً مَحْذُوفَةً وَهِيَ مُسْلِمَةٌ فِي نَفْسِهَا مِثْلُ وَالسَّيِّدُ يَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ لِرَقِيقِهِ بِمَا يَدْفَعُ الْهَلَاكَ أَوْ نَحْوَهُ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُمْنَعُ الرَّاهِنُ مِنْ مَصْلَحَةِ الْمَرْهُونِ) أَيْ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُ مَا فِيهِ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَمَّا فِي النَّفَقَاتِ (قَوْلُهُ: وَقَلَّمَا يَتَوَلَّدُ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ فِعْلُهُ ذَلِكَ قَدْ يُؤَدِّي إلَى ضَرَرٍ يَفُوتُ بِهِ كَأَنْ يَمُوتَ مِنْ الْفَصْدِ (قَوْلُهُ: مُسْقَمَةٌ) أَيْ طَرِيقٌ لِلْمَرَضِ (قَوْلُهُ: وَالْحِجَامَةُ خَيْرٌ مِنْهُ) لَعَلَّ هَذَا فِيمَا إذَا لَمْ يُخْبِرْ طَبِيبٌ بِضَرَرِهَا وَإِلَّا فَلَا تَجُوزُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَقَدْ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَاجَةٌ إلَخْ الظَّاهِرُ فِي عَدَمِ حُصُولِ الضَّرَرِ بِهِ (قَوْلُهُ: إنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ يَقِينًا) أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ أَوْ شَكَّ (قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ الرَّاهِنِ (قَوْلُهُ: بِلَا قَطْعٍ بِالْأَوْلَى) أَيْ لِأَنَّ الْمَرْهُونَ لَا يَنْفَكُّ مِنْهُ شَيْءٌ إلَّا بِوَفَاءِ جَمِيعِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَا كَانَ مِنْهَا) أَيْ غَيْرِ الْمَرْهُونِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالسَّابِقِ. (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ هَذَا الِاسْتِنْتَاجِ [لَا يُمْنَعُ الرَّاهِنُ مِنْ مُصْلِحَةِ الْمَرْهُونِ] (قَوْلُهُ: حِفْظًا لِمِلْكِهِ) قَدْ يُقَالُ فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا مَرَّ قَرِيبًا. (قَوْلُهُ: فَلَوْ لَمْ تَكُنْ حَاجَةٌ) يُفِيدُ أَنَّ الْمَتْنَ مُقَيَّدٌ بِالْحَاجَةِ وَبِهِ قَيَّدَهُ غَيْرُهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَمْلُ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ عَلَى الْحَاجَةِ. (قَوْلُهُ: إنْ جَرَى الْخَطَرَانِ) أَيْ: خَطَرُ الْقَطْعِ، وَخَطَرُ التَّرْكِ. (قَوْلُهُ: وَغَلَبَتْ السَّلَامَةُ فِي الْقَطْعِ عَلَى خَطَرِ التَّرْكِ) صَوَابُهُ عَلَى خَطَرِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْ خَطَرِ الْقَطْعِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَوَى الْخَطَرَانِ) أَيْ خَطَرُ الْقَطْعِ وَالتَّرْكِ وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَغْلِب السَّلَامَةُ: أَيْ فِي الْقَطْعِ عَلَى خَطَرِهِ فَهُوَ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَغَلَبَتْ السَّلَامَةُ فِي الْقَطْعِ إلَخْ عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ، وَحَاصِلُ مَا فِي الْيَدِ الْمُتَآكِلَةِ مِنْ الْأَقْسَامِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ التَّابِعِ فِيهِ لِلرَّوْضِ وَشَرْحِهِ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ الْخَطَرُ فِي كُلٍّ مِنْ الْقَطْعِ وَالتَّرْكِ أَوْ عَدَمِهِ فِيهِمَا، أَوْ يَتَحَقَّقَ خَطَرُ التَّرْكِ دُونَ الْقَطْعِ أَوْ عَكْسُهُ، أَوْ يَجُوزُ الْخَطَرُ وَعَدَمُهُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ غَيْرِ تَحَقُّقٍ، فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ ذَكَرَ الشَّارِحُ حُكْمَ الثَّانِي وَالثَّالِثِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ كَانَ الْخَطَرُ فِي التَّرْكِ دُونَ الْقَطْعِ أَوْ لَا خَطَرَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَهُ الْقَطْعُ، وَأَمَّا الرَّابِعُ فَلَيْسَ لَهُ الْقَطْعُ فِيهِ إلَّا إنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ كَانَ الْخَطَرُ فِي الْقَطْعِ دُونَ التَّرْكِ وَغَلَبَتْ السَّلَامَةُ، وَمِثْلُهُ الْأَوَّلُ بِالْأَوْلَى. وَأَمَّا الْخَامِسُ فَفِيهِ سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْقَطْعِ وَالتَّرْكِ عَلَى حِدَتِهِ إمَّا أَنْ يَكُونَ خَطَرُهُ أَغْلَبَ مِنْ سَلَامَتِهِ أَوْ عَكْسُهُ أَوْ يَسْتَوِي الْأَمْرَانِ أَوْ يَشُقُّ فِيهِمَا، فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا تُضْرَبُ فِي أَرْبَعَةِ الْأُخَرِ فَيَحْصُلُ

[المرهون أمانة في يد المرتهن]

عَلَى الْأَوْجُهِ، وَلَهُ رَعْيُ الْمَاشِيَةِ نَهَارًا فِي الْأَمْنِ وَيَرُدُّهَا لَيْلًا إلَى عَدْلٍ يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ أَوْ يُنَصِّبُهُ الْحَاكِمُ، وَلَهُ أَنْ يَذْهَبَ بِهَا لِكَلَإٍ وَنَحْوِهِ لِعَدَمِ الْكِفَايَةِ فِي مَكَانِهَا وَيَرُدُّهَا لَيْلًا لِمَنْ ذَكَرَ. (وَهُوَ) أَيْ الْمَرْهُونُ (أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ) لِخَبَرِ «الرَّهْنُ مِنْ رَاهِنِهِ» أَيْ مِنْ ضَمَانِهِ «وَلَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ» فَلَوْ شَرَطَ كَوْنَهُ مَضْمُونًا لَمْ يَصِحَّ الرَّهْنُ، وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ تَبَعًا لِلْمَحَامَلِيِّ ثَمَانِي مَسَائِلَ: مَا لَوْ تَحَوَّلَ الْمَغْصُوبُ رَهْنًا، أَوْ تَحَوَّلَ الْمَرْهُونُ غَصْبًا، أَوْ تَحَوَّلَ الْمَرْهُونُ عَارِيَّةً، أَوْ تَحَوَّلَ الْمُسْتَعَارُ رَهْنًا، أَوْ رُهِنَ الْمَقْبُوضُ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ، أَوْ رُهِنَ مَقْبُوضٌ بِسَوْمٍ، أَوْ رَهَنَ مَا بِيَدِهِ بِإِقَالَةٍ أَوْ فَسْخٍ قَبْلَ قَبْضِهِ، أَوْ خَالَعَ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ رَهَنَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِمَّنْ خَالَعَهُ (وَلَا يَسْقُطُ بِتَلَفِهِ شَيْءٌ مِنْ دَيْنِهِ) كَمَوْتِ الْكَفِيلِ بِجَامِعِ التَّوَثُّقِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ سَقَطَ بِتَلَفِهِ لَكَانَ تَضْيِيعًا لَهُ وَإِتْيَانُهُ بِالْوَاوِ فِي وَلَا يَسْقُطُ أَحْسَنُ مِنْ حَذْفِ أَصْلِهِ لَهَا كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا لِدَلَالَتِهَا عَلَى ثُبُوتِ حُكْمِ الْأَمَانَةِ مُطْلَقًا وَتَسَبُّبِ عَدَمِ السُّقُوطِ عَنْهَا، وَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُهُ بِمِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ إلَّا إنْ اسْتَعَارَهُ مِنْ الرَّاهِنِ كَمَا مَرَّ أَوْ تَعَدَّى فِيهِ أَوْ مُنِعَ مِنْ رَدِّهِ بَعْدَ سُقُوطِ الدَّيْنِ وَالْمُطَالَبَةِ، أَمَّا بَعْدَ سُقُوطِهِ وَقَبْلَ الْمُطَالَبَةِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى أَمَانَتِهِ، وَلَوْ قَالَ: خُذْ هَذَا الْكِيسَ وَاسْتَوْفِ حَقَّك مِنْهُ فَهُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ، فَإِذَا اسْتَوْفَاهُ صَارَ مَضْمُونًا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: عَلَى الْأَوْجُهِ) وَعَلَى هَذَا فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْعِ حَيْثُ يَدْخُلُ فِيهِ الْمَوْجُودُ مِنْ الصُّوفِ وَالسَّعَفِ أَنَّ الْبَيْعَ قَوِيٌّ يَسْتَتْبِعُ، بِخِلَافِ الرَّهْنِ كَمَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ قَالَ: رَهَنْتُك هَذِهِ الْأَرْضَ وَفِيهَا بِنَاءٌ أَوْ شَجَرٌ (قَوْلُهُ: وَيَرُدَّهَا لَيْلًا) أَيْ حَيْثُ اُعْتِيدَ الْعَوْدُ بِهَا لَيْلًا مِنْ الْمَرْعَى، فَلَوْ اُعْتِيدَ الْمَبِيتُ بِهَا فِي الْمَرْعَى لَمْ يُكَلَّفْ رَدَّهَا لَيْلًا بَلْ يَمْكُثُ بِهَا لِتَمَامِ الرَّعْيِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ. (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ مِنْ كَوْنِهِ أَمَانَةً فَيَكُونُ مَضْمُونًا (قَوْلُهُ: غَصْبًا) بِأَنْ تَعَدَّى فِيهِ (قَوْلُهُ: عَارِيَّةً) أَيْ بِأَنْ أَذِنَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ (قَوْلُهُ: بِبَيْعٍ فَاسِدٍ) أَيْ تَحْتَ يَدِ الْمُشْتَرِي لَهُ (قَوْلُهُ: بِسَوْمٍ) أَيْ مِنْ الْمُسْتَامِ (قَوْلُهُ: أَوْ رَهْنِ مَا بِيَدِهِ) أَيْ عِنْدَ مَنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ (قَوْله صَارَ مَضْمُونًا) أَيْ مَا اسْتَوْفَاهُ وَالْبَاقِي أَمَانَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا ذُكِرَ، وَالْقَطْعُ جَائِزٌ فِي أَرْبَعٍ مِنْهَا، وَهِيَ مَا إذَا غَلَبَتْ سَلَامَةُ الْقَطْعِ عَلَى خَطَرِهِ مَعَ أَحْوَالِ التَّرْكِ الْأَرْبَعَةِ، وَيَمْتَنِعُ الْقَطْعُ فِيمَا غَلَبَ خَطَرُهُ عَلَى سَلَامَتِهِ وَاسْتَوَى الْأَمْرَانِ فِيهِ أَوْ شَكَّ فِيهِمَا فَتُضْرَبُ وَهَذِهِ الْأَحْوَالُ الثَّلَاثَةُ فِي أَرْبَعَةِ التَّرْكِ فَتَحْصُلُ الِاثْنَا عَشْرَ الْبَاقِيَةُ. فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى جَازَ خَطَرُ كُلٍّ مِنْ الْقَطْعِ وَالتَّرْكِ فَالْمَدَارُ فِي جَوَازِ الْقَطْعِ عَلَى غَلَبَةِ السَّلَامَةِ فِيهِ مُطْلَقًا، فَمَتَى غَلَبَتْ السَّلَامَةُ فِيهِ جَازَ وَحَيْثُ لَا لَا، وَلَا نَظَرَ لِجَانِبِ التَّرْكِ أَصْلًا حِينَئِذٍ وَلِهَذَا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: لَوْ قَالَ أَيْ: صَاحِبُ الرَّوْضِ عَقِبَ قَطْعِ السِّلْعَةِ أَوْ عُضْوٍ مُتَآكِلٍ لَأَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ وَيَتَخَيَّرُ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ رَعْيُ الْمَاشِيَةِ نَهَارًا إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ فَرْعٌ لَهُ أَيْضًا رَعَى الْمَاشِيَةَ فِي الْأَمْنِ نَهَارًا وَيَرُدُّهَا لَيْلًا إلَى الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْعَدْلِ وَلَهُ أَنْ يُنْتِجَ أَيْ يَذْهَبَ بِهَا إلَى الْكَلَأِ وَنَحْوِهِ لِعَدَمِ الْكِفَايَةِ لَهَا فِي مَكَانِهَا وَيَرُدُّهَا لَيْلًا إلَى عَدْلٍ يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ أَوْ يَنْصِبُهُ الْحَاكِمُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْأَصْلِ انْتَهَتْ. فَمُرَادُهُ بِالْعَدْلِ الَّذِي ذَكَرَهُ أَوَّلًا مُعَرَّفًا الْعَدْلُ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهُ فِي الْمَتْنِ، بِخِلَافِ الْعَدْلِ الَّذِي ذَكَرَهُ مُنَكَّرًا فِي صُورَةِ الِانْتِجَاعِ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ: أَيُّ عَدْلٍ إذْ الصُّورَةُ أَنَّهُ بَعِيدٌ عَنْ الْمُرْتَهِنِ وَعَنْ عَدْلِ الرَّهْنِ، وَبِهَذَا تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ [الْمَرْهُونُ أَمَانَةٌ فِي يَد الْمُرْتَهِنِ] . (قَوْلُهُ: أَوْ خَالَعَ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ رَهَنَهُ إلَخْ) الضَّمَانُ فِي هَذِهِ ضَمَانُ عَقْدٍ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا كَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: وَتَسَبَّبَ عَدَمُ السُّقُوطِ عَنْهَا) وَلَعَلَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْوَاوَ لَا تُفِيدُ السَّبَبِيَّةَ فِي عِبَارَتِهِ سَقْطًا، وَعِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ: قَالَ الشَّيْخُ: يَعْنِي السُّبْكِيَّ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَسْقُطُ بِالْوَاوِ أَحْسَنُ مِنْ حَذْفِهَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ حُكْمِ الْأَمَانَةِ مُطْلَقًا حَتَّى يَصْدُقَ فِي التَّلَفِ، وَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ لَا بِقِيمَةٍ وَلَا بِمِثْلٍ خِلَافًا لِمَنْ خَالَفَ فِيهِ، لَكِنَّهُ لَوْ عَطَفَ بِالْفَاءِ كَصَاحِبِ التَّنْبِيهِ كَانَ أَحْسَنَ فَإِنَّهُ يُفِيدُ ثُبُوتَ الْأَمَانَةِ مُطْلَقًا وَتَسَبَّبَ عَدَمُ السُّقُوطِ عَنْهَا انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: فَإِذَا اسْتَوْفَاهُ صَارَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ: فَرْعٌ

[حكم فاسد العقود صحيحها في الضمان وعدمه]

عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ: خُذْهُ بِدَرَاهِمِك وَكَانَ مَا فِيهِ مَجْهُولَ الْقَدْرِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ مِنْ دَرَاهِمِهِ لَمْ يَمْلِكْهُ وَدَخَلَ فِي ضَمَانِهِ بِحُكْمِ الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ، وَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا بِقَدْرِ حَقِّهِ مَلَكَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْكِيسِ قِيمَةٌ وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ. (وَحُكْمُ فَاسِدِ الْعُقُودِ) الصَّادِرَةِ مِنْ رَشِيدٍ (حُكْمُ صَحِيحِهَا فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ) لِأَنَّ الْعَقْدَ إنْ اقْتَضَى صَحِيحُهُ الضَّمَانَ بَعْدَ التَّسْلِيمِ كَالْبَيْعِ وَالْإِعَارَةِ فَفَاسِدُهُ أَوْلَى أَوْ عَدَمُهُ كَالرَّهْنِ وَالْهِبَةِ مِنْ غَيْرِ ثَوَابٍ وَالْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ فَفَاسِدُهُ كَذَلِكَ لِأَنَّ وَاضِعَ الْيَدِ أَثْبَتَهَا بِإِذْنِ الْمَالِكِ وَلَمْ يَلْتَزِمْ بِالْعَقْدِ ضَمَانًا، وَالْمُرَادُ بِمَا ذَكَرَ التَّسْوِيَةُ فِي أَصْلِ الضَّمَانِ لَا فِي الضَّامِنِ وَلَا فِي الْمِقْدَارِ فَإِنَّهُمَا قَدْ لَا يَسْتَوِيَانِ، وَخَرَجَ بِزِيَادَةِ الصَّادِرَةِ مِنْ رَشِيدٍ مَا لَوْ صَدَرَ مِنْ غَيْرِهِ مَا لَا يَقْتَضِي صَحِيحُهُ الضَّمَانَ فَإِنَّهُ مَضْمُونٌ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ هَذِهِ فَإِنَّ عَقْدَهُ بَاطِلٌ لَا فَاسِدٌ لِرُجُوعِ الْخَلَلِ إلَى رُكْنِ الْعَقْدِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ لَا يَأْتِي إلَّا عَلَى مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْبَاطِلِ وَالْفَاسِدِ وَهُمَا مُتَرَادِفَانِ إلَّا فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ وَاسْتَثْنَى مِنْ الْأَوَّلِ مَا لَوْ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: بِحُكْمِ الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ) أَيْ فَيَضْمَنُ ضَمَانَ الْمَغْصُوبِ (قَوْلُهُ: بِقَدْرِ حَقِّهِ) أَيْ وَهُوَ بِقَدْرِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: كَالْبَيْعِ وَالْإِعَارَةِ فَفَاسِدُهُ أَوْلَى إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْعَارِيَّةِ فِي عَدَمِ ضَمَانِ الْمَنْفَعَةِ بَيْنَ الصَّحِيحَةِ وَالْفَاسِدَةِ لِأَنَّ غَايَةَ أَمْرِهَا أَنَّهَا إتْلَافٌ لِلْمَنْفَعَةِ بِإِذْنِ الْمَالِكِ، وَمَنْ أَتْلَفَ مَالَ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ وَالْآذِنُ أَهْلٌ لِلْإِذْنِ لَمْ يَضْمَنْ (قَوْلُهُ: فَفَاسِدُهُ كَذَلِكَ) أَيْ لَا يَقْتَضِي الضَّمَانَ بَلْ هُوَ مُسَاوٍ لَهُ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَلَمْ يَقُلْ أَوْلَى لِأَنَّ الْفَاسِدَ لَيْسَ أَوْلَى بِعَدَمِ الضَّمَانِ بَلْ بِالضَّمَانِ اهـ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ عَدَمَ الضَّمَانِ تَخْفِيفٌ وَلَيْسَ الْفَاسِدُ أَوْلَى بِهِ بَلْ حَقُّهُ أَنْ يَكُونَ أَوْلَى بِالضَّمَانِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى وَضْعِ الْيَدِ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ بِلَا حَقٍّ فَكَانَ أَشْبَهَ بِالْغَصْبِ (قَوْلُهُ: بِمَا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ فِي الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: لَا فِي الضَّامِنِ) فَلَا يَرِدُ كَوْنُ الْوَلِيِّ لَوْ اسْتَأْجَرَ لِمُوَلِّيهِ فَاسِدًا تَكُونُ الْأُجْرَةُ عَلَيْهِ وَفِي الصَّحِيحَةِ عَلَى مُوَلِّيهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَا فِي الْمِقْدَارِ) فَلَا يَرِدُ كَوْنُ صَحِيحِ الْبَيْعِ مَضْمُونًا أَيْ مُقَابِلًا فَانْدَفَعَ تَنْظِيرُ شَارِحٍ فِيهِ بِالثَّمَنِ وَفَاسِدُهُ بِالْبَدَلِ وَالْقَرْضِ بِمِثْلِ الْمُتَقَوِّمِ الصُّورِيِّ وَفَاسِدُهُ بِالْقِيمَةِ وَنَحْوِ الْقِرَاضِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالْإِجَارَةِ بِالْمُسَمَّى وَفَاسِدُهَا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ اهـ حَجّ. وَقَوْلُهُ: بِالْقِيمَةِ: أَيْ فِي الْمُتَقَوِّمِ وَهِيَ أَقْصَى الْقِيَمِ كَالْمَقْبُوضِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُمَا) أَيْ الصَّحِيحَ وَالْفَاسِدَ (قَوْلُهُ: قَدْ لَا يَسْتَوِيَانِ) أَيْ فِي الضَّامِنِ وَالْمِقْدَارِ (قَوْلُهُ: صَحِيحُهُ) أَيْ كَالْمُرْتَهِنِ (قَوْلُهُ: مَضْمُونٌ) أَيْ عَلَى الْمُرْتَهِنِ (قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ هَذِهِ) هِيَ قَوْلُهُ: مَا لَوْ صَدَرَ مِنْ غَيْرِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ) وَهِيَ: الْحَجُّ، وَالْعُمْرَةُ، وَالْخُلْعُ، وَالْكِتَابَةُ فَالْفَاسِدُ مِنْ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ يَجِبُ قَضَاؤُهُ وَالْمُضِيُّ فِيهِ، وَالْخُلْعُ الْفَاسِدُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْبَيْنُونَةُ، وَالْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ قَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الْعِتْقُ، بِخِلَافِ الْبَاطِنِ مِنْهَا فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، مِنْهَا (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَوَّلِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQلَوْ أَعْطَاهُ كِيسَ دَرَاهِمَ لِيَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ مِنْهُ فَهُوَ أَمَانَةٌ بِيَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ كَالْمَرْهُونِ، فَإِنْ اسْتَوْفَى مِنْهُ ضَمِنَ الْجَمِيعَ أَيْ: الْكِيسَ وَمَا اسْتَوْفَاهُ؛ لِأَنَّ الْكِيسَ فِي حُكْمِ الْعَارِيَّةِ وَمَا اسْتَوْفَاهُ أَمْسَكَهُ لِنَفْسِهِ، وَالْقَبْضُ الْمَذْكُورُ فَاسِدٌ لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ كَمَا لَوْ قَالَ خُذْ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ فَاشْتَرِ بِهَا جِنْسَ حَقِّكَ وَاقْبِضْهُ لِي ثُمَّ اقْبِضْهُ لِنَفْسِكَ، وَإِنْ قَالَ خُذْهُ، أَيْ الْكِيسَ بِمَا فِيهِ بِدَرَاهِمِكَ فَأَخَذَهُ فَكَذَلِكَ: أَيْ يَضْمَنُهُ بِحُكْمِ الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ وَلَا يَمْلِكُهُ إلَّا إنْ عَلِمَ أَنَّهُ قَدَّرَ مَالَهُ وَلَمْ يَكُنْ سَلَمًا وَلَا قِيمَةَ لِلْكِيسِ وَقَبْلَ ذَلِكَ فَيَمْلِكُهُ إلَى آخِرِ مَا فِيهِمَا [حُكْمُ فَاسِدِ الْعُقُودِ صَحِيحِهَا فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ] . (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِمَا ذُكِرَ التَّسْوِيَةُ فِي أَصْلِ الضَّمَانِ إلَخْ) أَيْ: بِنَاءً عَلَى الظَّاهِرِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالضَّمَانِ، وَعَدَمِهِ مَا يَشْمَلُ ضَمَانَ نَحْوِ الثَّمَنِ، وَالْأُجْرَةِ، وَإِلَّا فَسَيَأْتِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالضَّمَانِ الضَّمَانُ الْمُقَابِلُ لِلْأَمَانَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَيْنِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِأُجْرَةٍ وَلَا غَيْرِهَا وَعَلَيْهِ فَلَا حَاجَةَ لِهَذَا الْمُرَادِ. (قَوْلُهُ: إلَّا فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ إلَّا فِي أَبْوَابٍ أَرْبَعَةٍ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا، وَمُرَادُهُ بِالْأَبْوَابِ الْأَرْبَعَةِ: الْحَجُّ، وَالْعَارِيَّةُ، وَالْخُلْعُ، وَالْكِتَابَةُ. (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى مِنْ الْأَوَّلِ) أَيْ: مِنْ الضَّمَانِ

قَارَضْتُك عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ كُلَّهُ لِي فَهُوَ قِرَاضٌ فَاسِدٌ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ أُجْرَةً، وَمَا لَوْ قَالَ: سَاقَيْتُك عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ كُلَّهَا لِي فَهُوَ كَالْقِرَاضِ فَيَكُونُ فَاسِدًا وَلَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ أُجْرَةً، وَمَا لَوْ صَدَرَ عَقْدُ الذِّمَّةِ مِنْ غَيْرِ الْإِمَامِ فَهُوَ فَاسِدٌ وَلَا جِزْيَةَ فِيهِ عَلَى الذِّمِّيِّ، وَمَا لَوْ عَرَضَ الْعَيْنَ الْمُكْتَرَاةَ عَلَى الْمُكْتَرِي فَامْتَنَعَ مِنْ قَبْضِهَا إلَى أَنْ انْفَضَّتْ الْمُدَّةُ اسْتَقَرَّتْ الْأُجْرَةُ وَلَوْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً لَمْ تَسْتَقِرَّ، وَمَا لَوْ سَاقَاهُ عَلَى وَدِيٍّ مَغْرُوسٍ أَوْ لِيَغْرِسَهُ وَيَتَعَهَّدَهُ مُدَّةً وَالثَّمَرَةُ بَيْنَهُمَا وَقَدَّرَ مُدَّةً لَا تُتَوَقَّعُ فِيهَا الثَّمَرَةُ فَهُوَ فَاسِدٌ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ أُجْرَةً، وَاسْتَثْنَى مِنْ الثَّانِي الشَّرِكَةَ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَمَلَ الْآخَرِ مَعَ صِحَّتِهَا وَيَضْمَنُهُ مَعَ فَسَادِهَا، وَمَا لَوْ صَدَرَ الرَّهْنُ أَوْ الْإِجَارَةُ مِنْ مُتَعَدٍّ كَغَاصِبٍ فَتَلِفَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ فَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُهُ وَإِنْ كَانَ الْقَرَارُ عَلَى الْمُتَعَدِّي مَعَ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ فِي صَحِيحِ الرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ. وَإِلَى هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَشَارَ الْأَصْحَابُ بِالْأَصْلِ فِي قَوْلِهِمْ: الْأَصْلُ أَنَّ فَاسِدَ كُلِّ عَقْدٍ إلَخْ، وَفِي الْحَقِيقَةِ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ شَيْءٍ مِنْ الْقَاعِدَةِ لَا طَرْدًا وَلَا عَكْسًا لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالضَّمَانِ الْمُقَابِلِ لِلْأَمَانَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَيْنِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِأُجْرَةٍ وَلَا غَيْرِهَا، فَالرَّهْنُ صَحِيحُهُ أَمَانَةٌ وَفَاسِدُهُ كَذَلِكَ وَالْإِجَارَةُ مِثْلُهُ، وَالْبَيْعُ وَالْعَارِيَّةُ صَحِيحُهَا مَضْمُونٌ وَفَاسِدُهُمَا مَضْمُونٌ فَلَا يُرَدُّ شَيْءٌ وَمِنْ فُرُوعِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ. (وَلَوْ شَرَطَ كَوْنَ الْمَرْهُونِ مَبِيعًا لَهُ عِنْدَ الْمَحَلِّ فَسَدَا) أَيْ الرَّهْنُ لِتَأْقِيتِهِ وَالْبَيْعُ لِتَعْلِيقِهِ (وَهُوَ) أَيْ الْمَرْهُونُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ (قَبْلَ الْمَحِلِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ أَيْ وَقْتِ الْحُلُولِ (أَمَانَةٌ) لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِحُكْمِ الرَّهْنِ الْفَاسِدِ وَبَعْدَهُ مَضْمُونٌ بِحُكْمِ الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ، وَاسْتَثْنَى الزَّرْكَشِيُّ مَا إذَا لَمْ يَمْضِ بَعْدَهُ زَمَنٌ يَتَأَتَّى فِيهِ الْقَبْضُ وَتَلِفَتْ فَلَا ضَمَانَ لِأَنَّهُ الْآنَ عَلَى حُكْمِ الرَّهْنِ الْفَاسِدِ، وَقَدْ يُنَازِعُ فِيهِ إذْ الْقَبْضُ يُقَدَّرُ فِيهِ فِي أَدْنَى زَمَنٍ عَقِبَ انْقِضَاءِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: قِرَاضٌ فَاسِدٌ) أَيْ وَإِنْ جَهِلَ الْفَسَادَ عَلَى الرَّاجِحِ خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: وَلَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ أُجْرَةً) أَيْ سَوَاءٌ عَلِمَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَلَا جِزْيَةَ فِيهِ) أَيْ سَوَاءٌ عَلِمَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: اسْتَقَرَّتْ الْأُجْرَةُ) أَيْ فِي الصَّحِيحَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى وَدِيٍّ) اسْمٌ لِصِغَارِ النَّخْلِ (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى مِنْ الثَّانِي) أَيْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: وَيَضْمَنُهُ مَعَ فَسَادِهَا) أَيْ فَيَضْمَنُ كُلَّ أُجْرَةِ مِثْلِ عَمَلِ الْآخَرِ إنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ، فَلَوْ اخْتَلَفَا وَادَّعَى أَحَدُهُمَا الْعَمَلَ صُدِّقَ الْمُنْكِرُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَمَلِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْأُجْرَةِ صُدِّقَ الْغَارِمُ حَيْثُ ادَّعَى قَدْرًا لَائِقًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْقَرَارُ عَلَى الْمُتَعَدِّي) أَيْ إذَا كَانَا جَاهِلَيْنِ، أَمَّا إذَا كَانَا عَالِمَيْنِ فَالْقَرَارُ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِلْعَيْنِ) أَيْ الَّتِي وُضِعَتْ الْيَدُ عَلَيْهَا بِإِذْنٍ مِنْ الْمَالِكِ فَيَخْرُجُ بِقَوْلِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَيْنِ، مَا عَدَا مَسْأَلَةَ الْغَاصِبِ إذَا آجَرَ أَوْ رَهَنَ، وَبِقَوْلِنَا أَيْ الَّتِي وُضِعَتْ إلَخْ مَسْأَلَةُ الْغَاصِبِ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْمَحِلِّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ اهـ مَحَلِّيٌّ (قَوْلُهُ: مَا إذَا لَمْ يَمْضِ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْحُلُولِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ انْتَقَلَ مِنْ الرَّهْنِ إلَى الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ ذَلِكَ الْوَقْتِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْقَبْضُ حَتَّى تَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ: فِي أَدْنَى زَمَنٍ) قَدْ يُصَوِّرُ كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ بِمَا لَوْ كَانَتْ الْعَيْنُ غَائِبَةً عَنْ الْمَجْلِسِ وَقْتَ الْحُلُولِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ لِحُصُولِ قَبْضِهَا مُضِيُّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْوُصُولُ إلَيْهَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْقَبْضَ السَّابِقَ وَقَعَ عَنْ الْجِهَتَيْنِ جَمِيعًا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى مُضِيِّ زَمَنٍ بَعْدَ الْحُلُولِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ لِأَنَّ الْقَبْضَ وَقَعَ عَنْ الْجِهَتَيْنِ جَمِيعًا إلَخْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى مِنْ الثَّانِي) أَيْ عَدَمِ الضَّمَانِ. (قَوْلُهُ: الْمُقَابِلُ لِلْأَمَانَةِ) بِالرَّفْعِ خَبَرُ أَنَّ بِحَذْفِ الْمَوْصُوفِ: أَيْ الْمُرَادَ بِالضَّمَانِ الضَّمَانُ الْمُقَابِلُ لِلْأَمَانَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَيْنِ: أَيْ لَا الضَّمَانُ الشَّامِلُ لِنَحْوِ الثَّمَنِ وَالْأُجْرَةِ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمُرَادِ مَسْأَلَتَا الرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ مِنْ مُتَعَدٍّ وَيُجَابُ عَنْهُمَا بِأَنَّ الضَّمَانَ فِيهِمَا إنَّمَا جَاءَ مِنْ حَيْثُ التَّعَدِّي لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُ الْعَيْنِ مَرْهُونَةً أَوْ مُؤَجَّرَةً .

الرَّهْنِ مِنْ غَيْرِ فَاصِلٍ بَيْنَهُمَا، وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ رَهَنَهُ أَرْضًا وَأَذِنَ لَهُ فِي غَرْسِهَا بَعْدَ شَهْرٍ فَهِيَ قَبْلَ الشَّهْرِ أَمَانَةٌ بِحُكْمِ الرَّهْنِ وَبَعْدَهُ عَارِيَّةٌ مَضْمُونَةٌ بِحُكْمِ الْعَارِيَّةِ، لِأَنَّ الْقَبْضَ وَقَعَ عَنْ الْجِهَتَيْنِ جَمِيعًا فَلَزِمَ كَوْنُهُ مُسْتَعِيرًا بَعْدَ الشَّهْرِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ لَوْ شَرَطَ مَا لَوْ قَالَ: رَهَنْتُك وَإِذَا لَمْ أَقْضِهِ عِنْدَ الْحُلُولِ فَهُوَ مَبِيعٌ مِنْك فَسَدَ الْبَيْعُ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ الرَّهْنَ لَا يَفْسُدُ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ فِيهِ شَيْئًا اهـ. وَالْأَوْجُهُ فَسَادُهُ أَيْضًا. (وَيُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ فِي دَعْوَى التَّلَفِ بِيَمِينِهِ) إنْ لَمْ يَذْكُرْ سَبَبًا لَهُ وَإِلَّا فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي الْوَدِيعَةِ وَالْغَرَضُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَفْيُ الضَّمَانِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَإِلَّا فَالْمُتَعَدِّي وَلَوْ غَاصِبًا يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي ذَلِكَ (وَلَا يُصَدَّقُ فِي) دَعْوَى (الرَّدِّ) عَلَى الرَّهْنِ (عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ) لِأَنَّهُ قَبَضَهُ لِغَرَضِ نَفْسِهِ كَالْمُسْتَعِيرِ، وَيُخَالِفُ دَعْوَاهُ التَّلَفَ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِاخْتِيَارِهِ فَلَا تُمْكِنُ فِيهِ الْبَيِّنَةُ غَالِبًا، وَضَابِطُ مَنْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ أَنَّ كُلَّ أَمِينٍ ادَّعَاهُ عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إلَّا الْمُكْتَرِيَ وَالْمُرْتَهِنَ لِمَا مَرَّ. (وَلَوْ) (وَطِئَ الْمُرْتَهِنُ) الْأَمَةَ (الْمَرْهُونَةَ) مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ (بِلَا شُبْهَةٍ) مِنْهُ (فَزَانٍ) يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَالْمَهْرُ إنْ أَكْرَهَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا طَاوَعَتْهُ (وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ جَهِلْت تَحْرِيمَهُ) أَيْ الْوَطْءَ (إلَّا أَنْ يَقْرُبَ إسْلَامُهُ أَوْ يَنْشَأَ بِبَادِيَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَمِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ فُرُوعِ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَبَعْدَهُ عَارِيَّةٌ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَغْرِسْ وَهُوَ وَاضِحٌ لِمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الْقَبْضَ وَقَعَ عَنْ إلَخْ فَبِانْتِهَاءِ الشَّهْرِ تَصِيرُ مَقْبُوضَةً بِالْعَارِيَّةِ وَالْمُعَارُ يُضْمَنُ بِالْقَبْضِ وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ الْمُسْتَعِيرُ (قَوْلُهُ: لَمْ أَقْضِهِ) أَيْ الدَّيْنَ (قَوْلُهُ: فَسَدَ الْبَيْعُ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: فَإِنَّهُ يَفْسُدُ إلَخْ، فَإِنَّهُ لَا يَظْهَرُ تَرْتِيبُهُ عَلَى مَضْمُونِ قَوْلِهِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجُهُ فَسَادُهُ) أَيْ الرَّهْنِ خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: أَيْضًا) أَيْ حَيْثُ ذَكَرَ قَوْلَهُ وَإِذَا لَمْ أَقْضِهِ إلَخْ عَلَى الْفَوْرِ وَوَجْهُ الْفَسَادِ أَنَّ مِثْلَ هَذَا إذَا وَقَعَ يَكُونُ مُرَادًا بِهِ الشَّرْطُ، وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَلِي عَلَيْكِ أَلْفٌ حَيْثُ وَقَعَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَلَمْ يَلْزَمْهَا الْأَلْفُ مَا لَمْ يُرِدْ بِهِ الْإِلْزَامَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ سم عَلَى حَجّ عَنْهُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ بِهِ: أَيْ فِيمَا هُنَا إلَّا الشَّرْطُ، بِخِلَافِ مَا فِي الطَّلَاقِ فَإِنَّ الصِّيغَةَ تَحْتَمِلُ الْحَالِيَّةَ وَيَكُونُ الْمُرَادُ وَلِي عَلَيْك أَلْفٌ أُطَالِبُ بِهِ. (قَوْلُهُ: فِي دَعْوَى التَّلَفِ) حَيْثُ لَا تَفْرِيطَ وَجَعَلَ مِنْهُ جَمْعٌ مَا لَوْ رَهَنَهُ قِطَعَ بَلَخْشٍ فَادَّعَى سُقُوطَ وَاحِدَةٍ مِنْ يَدِهِ قَالُوا: لِأَنَّ الْيَدَ لَيْسَتْ حِرْزًا لِذَلِكَ اهـ حَجّ. وَفَائِدَةُ عَدَمِ التَّصْدِيقِ فِي هَذِهِ وَمَا أَشْبَهَهَا تَضْمِينُهُ لَا أَنَّهُ يُحْبَسُ إلَى أَنْ يَأْتِيَ بِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ صَادِقًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَيَدُومُ الْحَبْسُ عَلَيْهِ لَوْ لَمْ نُصَدِّقْهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَالْغَرَضُ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَّا الْمُكْتَرِيَ) أَيْ بِأَنْ اكْتَرَى حِمَارًا مَثَلًا لِيَرْكَبَهُ إلَى بُولَاقَ مَثَلًا فَرَكِبَهُ ثُمَّ ادَّعَى رَدَّهُ إلَى مَنْ اسْتَأْجَرَهُ مِنْهُ وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ الدَّلَّالُ وَالصَّبَّاغُ وَالْخَيَّاطُ وَالطَّحَّانُ لِأَنَّهُمْ أُجَرَاءُ لَا مُسْتَأْجَرُونَ لِمَا فِي أَيْدِيهِمْ فِي دَعْوَى الرَّدِّ. [فَائِدَةٌ] قَالَ السُّبْكِيُّ: كُلُّ مَنْ جَعَلْنَا الْقَوْلَ قَوْلَهُ فِي الرَّدِّ كَانَتْ مُؤْنَةُ الرَّدِّ لِلْعَيْنِ عَلَى الْمَالِكِ اهـ. (قَوْلُهُ: يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَالْمَهْرُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ عَلَيْهِمَا أَوْ كَانَتْ الْمَرْهُونَةُ لِأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ فَادَّعَى أَنَّهُ جَهِلَ تَحْرِيمَ وَطْئِهَا عَلَيْهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَالْأَصْحَابُ فِي الْحُدُودِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي غَيْر ذَلِكَ اهـ. سم عَلَى حَجّ وَمِنْ الْغَيْرِ مَا لَوْ وَطِئَ أَمَةَ زَوْجَتِهِ وَادَّعَى ظَنَّ جَوَازِهِ فَيُحَدُّ لِأَنَّهُ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِي مَالِ زَوْجَتِهِ، وَقَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ عَلَيْهِمَا: أَيْ فِي سُقُوطِ الْحَدِّ، وَقَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ الْمَرْهُونَةُ إنَّمَا قَيَّدَ بِالْمَرْهُونَةِ لِكَوْنِ الْكَلَامِ فِيهِ وَإِلَّا فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَرْهُونَةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا طَاوَعَتْهُ) أَيْ وَلَا شُبْهَةَ لَهَا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَقْرُبَ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا طَاوَعَتْهُ) أَيْ وَكَانَتْ غَيْرَ مَعْذُورَةٍ لِجَهْلٍ بِمَا يَأْتِي

بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ) فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ لِدَفْعِ الْحَدِّ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْفَى عَلَيْهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَيَجِبُ الْمَهْرُ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ بِلَا شُبْهَةٍ عَمَّا لَوْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَيَجِبُ الْمَهْرُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُرَادَ جَهْلُ تَحْرِيمِ وَطْءِ الْمَرْهُونَةِ: يَعْنِي قَالَ: ظَنَنْت أَنَّ الِارْتِهَانَ يُبِيحُ الْوَطْءَ وَإِلَّا فَكَدَعْوَى جَهْلِ تَحْرِيمِ الزِّنَا، وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ إنْ أَرَادَ الْأَئِمَّةُ بِقُرْبِ الْإِسْلَامِ مَنْ قَدِمَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ وَنَحْوِهَا فَذَاكَ، وَأَمَّا مُخَالِطُونَا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَلَا يَنْقَدِحُ فَرْقٌ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْ عَوَامِّنَا فَإِمَّا أَنْ يُصَدَّقُوا أَوْ لَا يَرُدُّهُ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ فَزَانٍ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ جَوَابُ لَوْ بِمَعْنَى إنْ مُجَرَّدَةً عَنْ زَمَانٍ أَرَادَ بِهِ الْجَوَابَ عَمَّا يُقَالُ لَوْ نَفْسُهَا لَا تُجَابُ بِالْفَاءِ بِأَنَّهُمْ أَجْرَوْهَا مَجْرَى إنْ وَكَوْنُهَا مُجَرَّدَةً عَنْ الزَّمَانِ لِاقْتِضَائِهَا الِاسْتِقْبَالَ وَقَوْلُهُ فَهُوَ زَانٍ لِأَنَّ جَوَابَهَا لَا يَكُونُ إلَّا جُمْلَةً (وَإِنْ) (وَطِئَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ) الْمَالِكَ لَهَا (قَبْلَ دَعْوَاهُ جَهْلَ التَّحْرِيمِ) لِلْوَطْءِ مُطْلَقًا (فِي الْأَصَحِّ) إذْ قَدْ يَخْفَى التَّحْرِيمُ مَعَ الْإِذْنِ حَيْثُ كَانَ مِثْلُهُ يَجْهَلُ ذَلِكَ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ. وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ ـــــــــــــــــــــــــــــSغَيْرُ مَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: بَعِيدَةٍ) أَيْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ فِيهَا بِتَعَلُّمٍ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ مَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ الْمَهْرُ) أَيْ مَا لَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إكْرَاهٌ، فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْإِكْرَاهِ وَعَدَمِهِ صَدَقَ هُوَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِكْرَاهِ وَعَدَمُ لُزُومِ الْمَهْرِ لِذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ ظَنَنْت) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: لَا ظَنَنْت حُرْمَةً وَلَا عَدَمَهَا وُجُوبُ الْحَدِّ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِ الْآتِي وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ وُجُوبَ الْحَدِّ عِنْدَ انْتِفَاءِ دَعْوَاهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَكَدَعْوَى إلَخْ) قَضِيَّتُهُ الْفَرْقُ مَا بَيْنَ مَا لَوْ ادَّعَى جَهْلَ تَحْرِيمِ الزِّنَا وَوَطْءِ الْمَرْهُونَةِ، وَقَدْ سَوَّى حَجّ بَيْنَهُمَا فِي الْحُكْمِ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ قُبِلَ وَإِلَّا فَلَا، وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ حَجّ سِيَّمَا إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْبَوَادِي الَّذِينَ لَا يُخَالِطُونَ مَنْ يَبْحَثُ عَنْ الْحَرَامِ وَالْحَلَالِ فَإِنَّهُمْ قَدْ يَعْتَقِدُونَ إبَاحَةَ الزِّنَا لِعَدَمِ بَحْثِهِمْ عَنْ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ حَتَّى فِيمَا بَيْنَهُمْ وَإِنْ كَانَ الزِّنَا لَمْ يُبَحْ فِي مِلَّةٍ مِنْ الْمِلَلِ، وَأَيْضًا قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَكَدَعْوَى جَهْلِ تَحْرِيمِ الزِّنَا: أَيْ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ مُطْلَقًا قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَيَرُدُّهُ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ) أَيْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُخَالِطِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُمْ) صِلَةُ قَوْلِهِ الْجَوَابَ (قَوْلُهُ: وَكَوْنُهَا مُجَرَّدَةً) أَرَادَ بِهِ دَفْعَ سُؤَالٍ آخَرَ تَقْدِيرِهِ لَوْ مَوْضُوعَةً لِلْمَاضِي وَفِي هَذَا التَّرْكِيبِ هِيَ دَالَّةٌ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهَا جُرِّدَتْ عَنْ الزَّمَانِ كَمَا أَنَّ إنْ لَا دَلَالَةَ لَهَا عَلَيْهِ فَجَازَ اسْتِعْمَالُهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ (قَوْلُهُ: بِإِذْنِ الرَّاهِنِ الْمَالِكِ) لَمْ يَذْكُرْ مُحْتَرَزَهُ وَفِي حَجّ مَا نَصُّهُ: أَمَّا إذْنُ رَاهِنٍ مُسْتَعِيرٍ أَوْ وَلِيِّ رَاهِنٍ فَكَالْعَدَمِ اهـ أَيْ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ جَهْلَ التَّحْرِيمِ مَعَ إذْنِهِمَا إلَّا حَيْثُ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ عُلِمَ أَنَّ الْآذِنَ مُسْتَعِيرٌ أَوْ وَلِيٌّ، فَإِنْ ظَنَّهُ مَالِكًا قِبَلَ دَعْوَاهُ جَهْلَ التَّحْرِيمِ حَيْثُ خَفَى عَلَى مِثْلِهِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَمْ بَعُدَ (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ مِثْلُهُ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مُشْتَغِلًا بِالْعِلْمِ وَإِنْ كَانَ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَجِبُ الْمَهْرُ) أَيْ إنْ عُذِرَتْ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُمْ أَجَّرُوهَا) مُتَعَلِّقٌ بِلَفْظِ الْجَوَابِ. (قَوْلُهُ: وَكَوْنُهَا مُجَرَّدَةً عَنْ الزَّمَانِ لِاقْتِضَائِهَا الِاسْتِقْبَالَ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى لَفْظِ الْجَوَابِ: أَيْ وَأَرَادَ الشَّارِحُ كَوْنَهَا مُجَرَّدَةً عَنْ الزَّمَانِ إلَخْ، وَغَرَضُهُ مِنْ ذَلِكَ شَرْحُ قَوْلِ الْجَلَالِ مُجَرَّدَةً عَنْ الزَّمَانِ: أَيْ وَأَرَادَ الْجَلَالُ بِقَوْلِهِ مُجَرَّدَةً عَنْ الزَّمَانِ كَوْنُهَا مُجَرَّدَةً عَنْ الزَّمَانِ لِاقْتِضَائِهَا: أَيْ أَنَّ الِاسْتِقْبَالَ فَمَحَطُّ شَرْحِهِ لِكَلَامِ الْجَلَالِ قَوْلُهُ: لِاقْتِضَائِهَا الِاسْتِقْبَالَ لَكِنْ فِي عِبَارَتِهِ قَلَاقَةٌ، وَيَصِحُّ قِرَاءَةُ كَوْنِهَا بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَخَبَرُهُ قَوْلُهُ: لِاقْتِضَائِهَا: أَيْ وَكَوْنُهَا مُجَرَّدَةً عَنْ الزَّمَانِ إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ الْجَلَالُ لِاقْتِضَائِهَا الِاسْتِقْبَالَ. وَحَاصِلُ جَوَابِ الْجَلَالِ أَنَّ لَوْلَا تَكُونُ إلَّا شَرْطًا لِلْمُضِيِّ حَتَّى إذَا وَلِيَهَا مُسْتَقْبَلٌ يُؤَوَّلُ بِالْمُضِيِّ، وَأَمَّا إنْ فَهِيَ شَرْطٌ لِلِاسْتِقْبَالِ فَهِيَ ضِدُّهَا فِي الزَّمَانِ فَلَا يَصِحُّ حَمْلُهَا عَلَيْهَا إلَّا بَعْدَ تَجْرِيدِهَا مِنْ

[تلف المرهون بعد القبض]

لِبُعْدِ مَا يَدَّعِيهِ إلَّا أَنْ يَقْرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَوْ يَنْشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ، وَإِذَا قُبِلَ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ (فَلَا حَدَّ) عَلَيْهِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ وُجُوبَ الْحَدِّ عِنْدَ انْتِفَاءِ دَعْوَاهُ الْجَهْلَ وَهُوَ كَذَلِكَ (وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ إنْ أَكْرَهَهَا) أَوْ جَهِلَتْ تَحْرِيمَهُ كَأَعْجَمِيَّةٍ لَا تَعْقِلُ (وَالْوَلَدُ حُرٌّ نَسِيبٌ) هُنَا وَفِي صُورَتَيْ انْتِفَاءِ الْحَدِّ السَّابِقَتَيْنِ لِأَنَّ الشُّبْهَةَ كَمَا تَدْرَأُ الْحَدَّ تُثْبِتُ النَّسَبَ وَالْحُرِّيَّةَ (وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِلرَّاهِنِ) الْمَالِكِ لِتَفْوِيتِهِ الرِّقِّ عَلَيْهِ، وَمَا اسْتَثْنَاهُ الزَّرْكَشِيُّ فِيمَا لَوْ كَانَ يُعْتَقُ عَلَى الرَّاهِنِ مُفَرَّعٌ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ، وَإِذَا مَلَكَ الْمُرْتَهِنُ هَذِهِ الْأَمَةَ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ لِأَنَّهَا عُلِّقَتْ بِهِ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ نَعَمْ لَوْ كَانَ أَبًا لِلرَّاهِنِ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ بِالْإِيلَادِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فِي النِّكَاحِ، فَإِنْ ادَّعَى بَعْدَ وَطْئِهَا أَنَّهُ كَانَ اشْتَرَاهَا أَوْ اتَّهَبَهَا مِنْ الرَّاهِنِ وَقَبَضَهَا مِنْهُ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ زَوَّجَهُ إيَّاهَا فَحَلَفَ الرَّاهِنُ بَعْدَ إنْكَارِهِ فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ لَهُ كَأُمِّهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا ادَّعَاهُ الْمُرْتَهِنُ، فَإِنْ مَلَكَهَا الْمُرْتَهِنُ فِي غَيْرِ صُورَةِ التَّزْوِيجِ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَالْوَلَدُ حُرٌّ لِإِقْرَارِهِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ رَقِيقِ غَيْرِهِ ثُمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSتَنَافِي بَيْنَ قَوْلِهِ مُطْلَقًا وَقَوْلِهِ: حَيْثُ كَانَ إلَخْ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِطْلَاقِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ قَرِيبِ الْإِسْلَامِ وَبَعِيدِهِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ انْتِفَاءِ دَعْوَاهُ) وَمِنْهُ مَا لَوْ قَالَ ظَنَنْت حُرْمَةً إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَاهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) وَلَا يُعْتَدُّ بِمَا نُقِلَ عَنْ عَطَاءٍ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مَكْذُوبٌ عَلَيْهِ، وَبِفَرْضِ صِحَّتِهِ فَهِيَ شُبْهَةٌ ضَعِيفَةٌ جِدًّا فَلَا يُنْظَرُ إلَيْهَا اهـ حَجّ وَقَوْلُهُ: بِمَا نُقِلَ عَنْ عَطَاءٍ: أَيْ مِنْ إبَاحَةِ الْجَوَارِي لِلْوَطْءِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ) قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: وَيَجِبُ فِي بِكْرٍ مَهْرُ بِكْرٍ، وَيُتَّجَهُ وُجُوبُ أَرْشِ الْبَكَارَةِ مَعَ عَدَمِ الْإِذْنِ لَا مَعَ وُجُودِهِ، لِأَنَّ سَبَبَ وُجُوبِهِ الْإِتْلَافُ وَإِنَّمَا يَسْقُطُ أَثَرُهُ بِالْإِذْنِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ انْتَهَى وَفِي سم عَلَى حَجّ مَا يُوَافِقُهُ، وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ فِي وَطْءِ الْغَاصِبِ الْمَغْصُوبَةَ مِنْ أَنَّ الْوَاجِبَ الْمَهْرُ مِنْ غَيْرِ أَرْشِ بَكَارَةٍ، وَهَذِهِ لَا تَخْرُجُ عَنْ كَوْنهَا فِي حُكْمِ الْمَغْصُوبَةِ، وَلَا تَلْحَقُ بِالْمَقْبُوضَةِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ لِأَنَّ تِلْكَ فَرَّقَ فِيهَا بِأَنَّ فِيهَا جِهَتَيْنِ جِهَةُ التَّعَدِّي وَالْعَقْدِ الْمُخْتَلِفِ فِيهِ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ مَا هُنَا مَعَ مَا مَرَّ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَ الْوَاطِئُ مُسْتَنِدًا فِي ظَنِّ الْجَوَازِ لِلرَّهْنِ أَلْحَقَ بِالْمُشْتَرِي شِرَاءَ فَاسِدًا فَيَأْتِي فِيهِ مَا قِيلَ فِي سَبَبِ إيجَابِ وَطْءِ الْمُشْتَرِي لِمَهْرِ الْبِكْرِ وَأَرْشِ الْبَكَارَةِ (قَوْلُهُ: إنْ أَكْرَهَا) أَيْ وَلَا تَدْخُلُ تَحْتَ يَدِهِ بِذَلِكَ فَلَا تَصِيرُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ لَوْ تَلِفَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِغَيْرِ الْوَطْءِ. أَمَّا لَوْ تَلِفَتْ بِهِ فَيَضْمَنُ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْوَاطِئُ وَالْأَمَةُ فِي الْإِكْرَاهِ وَعَدَمِهِ هَلْ تُصَدَّقُ الْأَمَةُ أَوْ الْوَاطِئُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَحْتَمِلُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُ الْمَهْرِ فِي وَطْءِ أَمَةِ الْغَيْرِ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِكْرَاهِ وَعَدَمُ لُزُومِ الْمَهْرِ ذِمَّةَ الْوَاطِئِ (قَوْلُهُ: وَفِي صُورَتَيْ) هُمَا قُرْبُ الْإِسْلَامِ وَنَشْؤُهُ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ) وَإِنْ كَانَ الْوَاطِئُ وَلَدًا لِلْمَالِكِ وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ بِتَقْدِيرِ رِقِّهِ كَأَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ وَلَدَ ابْنِهِ (قَوْلُهُ: فِيمَا لَوْ كَانَ يُعْتَقُ عَلَى الرَّاهِنِ) بِأَنْ كَانَتْ الْأَمَةُ لِأَصْلِهِ فَإِنَّهُ لَوْ فَرَضَ رِقَّةَ عِتْقٍ عَلَى الرَّاهِنِ لِكَوْنِهِ فَرْعَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ) أَيْ وَهُوَ أَنَّ الْوَلَدَ يَنْعَقِدُ رَقِيقًا وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ حُرًّا (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَانَ) أَيْ الْوَاطِئُ (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فِي النِّكَاحِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ يُقَدِّرُ دُخُولَهَا فِي مِلْكِهِ قُبَيْلَ الْعُلُوقِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ كَانَ اشْتَرَاهَا) أَيْ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ مَا يَدَّعِيهِ وَالْحَدُّ يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ صُورَةِ التَّزْوِيجِ) وَهُوَ مَا ادَّعَى ـــــــــــــــــــــــــــــQالزَّمَانِ (قَوْلُهُ: أَوْ زَوَّجَهُ إيَّاهَا) لَيْسَتْ هَذِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَا يُلَائِمُهَا مَا بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ حِينَئِذٍ رَقِيقٌ بِكُلِّ تَقْدِيرٍ فَلَا يَتَأَتَّى قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ بَعْدَ قَوْلِهِ فَحَلَفَ الرَّاهِنُ بَعْدَ إنْكَارِهِ، إذْ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذْ لَمْ يَحْلِفْ يَكُونُ حُرًّا، وَلَا يَصِحُّ فِيهَا قَوْلُهُ: فَإِنْ مَلَكَهَا الْمُرْتَهِنُ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ اسْتِثْنَاءُ مَسْأَلَةِ التَّزْوِيجِ مِنْ الْأَحْكَامِ الْآتِيَةِ وَهِيَ مُصَحِّحَةٌ لِلْكَلَامِ وَإِنْ خَلَا ذِكْرُ مَسْأَلَةِ التَّزْوِيجِ هُنَا عَنْ الْفَائِدَةِ [تَلِفَ الْمَرْهُونُ بَعْدَ الْقَبْضِ] .

اشْتَرَاهُ، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ بَعْدَ نُكُولِ الرَّاهِنِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ. (وَلَوْ) (تَلِفَ الْمَرْهُونُ) بَعْدَ الْقَبْضِ (وَقَبَضَ بَدَلَهُ) أَوْ لَمْ يَقْبِضْ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِثَالٌ لَا قَيْدٌ (صَارَ رَهْنًا) لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ وَيَجْعَلُ بِيَدِهِ مَنْ كَانَ الْأَصْلُ فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِإِنْشَاءِ رَهْنٍ، بِخِلَافِ بَدَلِ مَا أَتْلَفَ مِنْ الْمَوْقُوفِ حَيْثُ احْتَاجَ لِإِنْشَاءِ وَقْفٍ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقِيمَةَ يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ رَهْنًا وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ وَقْفًا، وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ دَيْنًا قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّ الدَّيْنَ إنَّمَا يَمْتَنِعُ رَهْنُهُ ابْتِدَاءً كَمَا مَرَّ، وَشَمَلَ إطْلَاقُهُمْ مَا لَوْ أَتْلَفَهُ الْمُرْتَهِنُ وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ، وَالْأَوْجُهُ أَنَّهَا لَا تَكُونُ رَهْنًا لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ رَهْنًا لَهُ، وَقَدْ يُقَالُ بِمُسَاوَاتِهِ لِغَيْرِهِ وَفَائِدَتُهُ تَقْدِيمُهُ بِذَلِكَ الْقَدْرِ عَلَى الْغُرَمَاءِ، وَشَمَلَ أَيْضًا مَا لَوْ كَانَ الرَّاهِنُ وَهُوَ كَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّ شَرْطَ الرَّاهِنِ اقْتَضَى وُجُوبَ رِعَايَةِ وُجُودِهِ لِوُجُودِ بَدَلِهِ، وَيَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ فِي الذِّمَّةِ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِالرَّهْنِيَّةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مَمْنُوعٌ إذْ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِالرَّهْنِيَّةِ فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ فِي قِيمَةِ الْعَتِيقِ فَائِدَةٌ أَيُّ فَائِدَةٍ، وَهِيَ أَنَّهُ إذَا مَاتَ وَلَيْسَ لَهُ سِوَى قَدْرِ الْقِيمَةِ فَإِنْ حَكَمْنَا بِأَنَّ مَا فِي ذِمَّتِهِ رَهْنٌ قَامَ مَا خَلَّفَهُ مَقَامَهُ فَيُقَدَّمُ بِهِ الْمُرْتَهِنُ عَلَى مُؤْنَةِ التَّجْهِيزِ وَبَقِيَّةِ الْغُرَمَاءِ وَإِلَّا قُدِّمَتْ مُؤْنَةُ التَّجْهِيزِ وَاسْتَوَى هُوَ وَالْغُرَمَاءُ، وَكَأَنَّ الشَّيْخَ ظَنَّ انْحِصَارَ الْفَائِدَةِ فِي عَدَمِ صِحَّةِ إبْرَاءِ الرَّاهِنِ الْجَانِي مِمَّا فِي ذِمَّتِهِ، وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى إذَا كَانَ هُوَ الرَّاهِنُ وَلَيْسَتْ مُنْحَصِرَةً فِي ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا قَرَرْنَاهُ (وَالْخَصْمُ فِي الْبَدَلِ الرَّاهِنِ) الْمَالِكِ كَالْمُؤَجِّرِ وَالْمُعِيرِ وَالْمُودِعِ لَكِنْ لَا يَقْبِضُهُ وَإِنَّمَا يَقْبِضُهُ مَنْ كَانَ الْأَصْلُ بِيَدِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSشِرَاءَهَا أَوْ ارْتِهَانَهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَقْبِضْ) مَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْمُتْلَفِ لِلْمُرْتَهِنِ عَلَى مَا يَأْتِي لَهُ (قَوْلُهُ: مِثَالٌ لَا قَيْدٌ) هُوَ كَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِأَصْلِ الْحُكْمِ غَيْرَ أَنَّهُ إذَا قَبَضَ كَانَ رَهْنًا قَطْعًا وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ فَفِي كَوْنِهِ رَهْنًا فِي ذِمَّةِ الْمُتْلِفِ وَجْهَانِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَحَلِّيُّ وَالرَّاجِحُ مِنْهُمَا أَنَّهُ يَصِيرُ رَهْنًا، فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ قَيَّدَ بِالْقَبْضِ لِعَدَمِ حِكَايَتِهِ الْخِلَافَ (قَوْلُهُ: مَنْ كَانَ الْأَصْلُ فِي يَدِهِ) أَيْ رَاهِنًا أَوْ مُرْتَهِنًا أَوْ أَجْنَبِيًّا (قَوْلُهُ: لِإِنْشَاءِ وَقْفٍ) أَيْ مِنْ الْحَاكِمِ لِمَا اشْتَرَاهُ بِبَدَلِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ) أَيْ بَدَلُ الْمُتْلِفِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجُهُ) خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ) جَزَمَ بِهَذَا شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ (قَوْلُهُ: بِمُسَاوَاتِهِ) أَيْ الْمُرْتَهِنِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ أَنَّهَا تَكُونُ رَهْنًا (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ) أَيْ الرَّاهِنِ (قَوْلُهُ: قَامَ مَا خَلْفَهُ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَيْسَ مُنْحَصِرًا فِيمَا خَلْفَهُ حَتَّى يَتَعَلَّقَ الْحَقُّ بِهِ نَعَمْ بِمَوْتِهِ تَعَلَّقَتْ الدُّيُونُ كُلُّهَا بِتَرِكَتِهِ وَمِنْ جُمْلَتِهَا مَا هُوَ مَرْهُونٌ وَمُقْتَضَاهُ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ لَمَّا حَكَمَ بِرَهْنِهِ وَهُوَ فِي الذِّمَّةِ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ سِوَاهُ قُلْنَا بِانْحِصَارِ مَا فِي الذِّمَّةِ فِيمَا خَلَّفَهُ فَيُقَدَّرُ تَعَلُّقُهُ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ: وَكَأَنَّ الشَّيْخَ) أَيْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: مِمَّا قَرَرْنَاهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ حَكَمْنَا بِأَنَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا يَقْبِضُهُ) عِبَارَةُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ: وَاخْتَارَ مَرَّ صِحَّةَ قَبْضِ غَيْرِ الْمَالِكِ مِمَّنْ كَانَ الْأَصْلُ فِي يَدِهِ كَمَا يَصِحُّ قَبْضُ الْمَالِكِ أَيْضًا وَأَقُولُ: كَانَ وَجْهُهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْأَصْلُ فِي يَدِهِ وَهُوَ مُسْتَحِقٌّ لِلْوَضْعِ تَحْتَ يَدِهِ صَارَ نَائِبًا لِلْمَالِكِ شَرْعًا فِي الْقَبْضِ فَاعْتُدَّ بِقَبْضِهِ انْتَهَى وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ هُنَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَقْبِضَهُ بَلْ يُخَيَّرُ الْجَانِي بَيْنَ إقْبَاضِهِ لِلْمُرْتَهِنِ وَالرَّاهِنِ وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْحَمْلُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْغَاصِبَ لَوْ رَدَّ الْعَيْنَ الْمَغْصُوبَةَ عَلَى مَنْ كَانَتْ تَحْتَ يَدِهِ بِحَقٍّ بَرِيءَ فَقَوْلُهُ: لَا يَقْبِضُهُ مَعْنَاهُ لَا يَتَعَيَّنُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ) أَيْ: بِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِلْحُكْمِ عَلَيْهِ فِي ذِمَّتِهِ بِأَنَّهُ رَهْنٌ بِخِلَافِهِ فِي ذِمَّةِ غَيْرِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مُسْتَنَدِ الْمَنْعِ الَّذِي ذَكَرَهُ، وَالْفَارِقُ هُوَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ كَمَا سَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَكَانَ الشَّيْخُ إلَخْ، وَكَانَ يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ التَّصْرِيحُ بِذِكْرِهِ لِيَتَّضِحَ الْكَلَامُ الْآتِي. (قَوْلُهُ: الْمَالِكِ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِيَتَأَتَّى قَوْلُهُ: الْآتِي وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالرَّاهِنِ إلَخْ وَأَمَّا الْمُعِيرُ فَسَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُهُ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا يَقْبِضُهُ وَإِنَّمَا يَقْبِضُهُ مَنْ كَانَ الْأَصْلُ بِيَدِهِ) هَذَا فِي الرَّاهِنِ وَالْمُؤَجِّرِ فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالرَّاهِنِ لِيَشْمَلَ الْوَلِيَّ وَالصَّبِيَّ وَنَحْوَهُمَا نَعَمْ الرَّهْنُ الْمُعَارُ الْخَصْمُ فِيهِ الْمُعِيرُ لَا الرَّاهِنُ الْمُسْتَعِيرُ (فَإِنْ لَمْ يُخَاصِمْ لَمْ يُخَاصِمْ الْمُرْتَهِنُ فِي الْأَصَحِّ) وَإِنْ تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِمَا فِي الذِّمَّةِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ، وَلَهُ إذَا خَاصَمَ الْمَالِكُ حُضُورَ خُصُومَتِهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالْبَدَلِ وَالثَّانِي يُخَاصِمُ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِمَا فِي الذِّمَّةِ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ غَصَبَ الْمَرْهُونَ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا تَمَكَّنَ الْمَالِكُ مِنْ الْمُخَاصِمَةِ أَمَّا لَوْ بَاعَ الْمَالِكُ الْعَيْنَ الْمَرْهُونَةَ فَلِلْمُرْتَهِنِ الْمُخَاصِمَةُ جَزْمًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ مَا لَوْ أَتْلَفَهُ الرَّاهِنُ فَيُطَالِبُ الْمُرْتَهِنُ لِئَلَّا يَفُوتَ حَقُّهُ مِنْ التَّوَثُّقِ، وَوَجْهُ عَدَمِ تَمَكُّنِ الرَّاهِنِ مِنْ الْمُخَاصِمَةِ فِيمَا لَوْ بَاعَهُ أَنَّهُ يَدَّعِي حَقًّا لِغَيْرِهِ وَهُوَ الْمُرْتَهِنُ فَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ عَلَى أَنَّ بَيْعَهُ يُكَذِّبُ دَعْوَاهُ نَعَمْ لَوْ غَابَ الْمُرْتَهِنُ وَقَدْ غُصِبَ الرَّهْنُ جَازَ لِلْقَاضِي نَصْبُ مَنْ يَدَّعِي عَلَى الْغَاصِبِ لِأَنَّ لَهُ إيجَارَ مَالِ الْغَائِبِ لِئَلَّا تَضِيعَ الْمَنَافِعُ، وَلِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّ الْعَاقِلَ يَرْضَى بِحِفْظِ مَالِهِ، قَالَ بَعْضُهُمْ بَحْثًا وَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّ مَحَلَّ مَا ذَكَرَ فِي الْجِنَايَةِ إذَا نَقَصَتْ الْقِيمَةُ بِهَا وَلَمْ يَزِدْ الْأَرْشُ فَلَوْ لَمْ تَنْقُصْ بِهَا كَأَنْ قُطِعَ ذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ أَوْ نَقَصَتْ بِهَا وَكَانَ الْأَرْشُ زَائِدًا عَلَى مَا نَقَصَ مِنْهَا فَإِنَّ الْمَالِكَ بِالْأَرْشِ كُلِّهِ فِي الْأُولَى، وَبِالزَّائِدِ عَلَى مَا ذَكَرَ فِي الثَّانِيَةِ مَمْنُوعٌ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِذَلِكَ فَهُوَ كَمَا لَوْ زَادَ سُعْرُ الْمَرْهُونِ بَعْدَ رَهْنِهِ، وَلِهَذَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ غَيْرَهُ وَمَا أَظُنُّ أَنَّهُ يُوَافِقُ عَلَيْهِ، وَتَشْبِيهُهُ فِي الْأُولَى بِنَمَاءِ الرَّهْنِ مَرْدُودٌ فَإِنَّ النَّمَاءَ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ عَقْدُ الرَّهْنِ بِخِلَافِ أَبْعَاضِ الْعَبْدِ. وَقَالَ فِي أَثْنَاءِ كَلَامِهِ: إنَّ الْمُرْتَهِنَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ حَقُّهُ بِمَا يَضْمَنُ فِي الْغَصْبِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ فَلَا تَلَازُمَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ، وَقَالَ ثَالِثًا: إنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يَضْمَنُ فِي الْغَصْبِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ، فَجَمِيعُ ذَلِكَ مَضْمُونٌ فِي الْغَصْبِ إلَّا مَا سَقَطَ بِآفَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَبْضُهُ (قَوْلُهُ: لِيَشْمَلَ الْوَلِيَّ) يُتَأَمَّلُ شُمُولُهُ لِمَا ذَكَرَ بَعْدَ تَقْيِيدِهِ الرَّاهِنَ بِالْمَالِكِ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَشْمَلُهُ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا قَيَّدَ بِهِ أَوْ مِنْ جِهَةِ أَنَّ نَحْوَ الْمَالِكِ فِي مَعْنَاهُ (قَوْلُهُ: وَنَحْوَهُمَا) أَيْ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ الرَّهْنُ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَعْدَ قَوْلِهِ أَوَّلًا الْمَالِكُ، فَإِنَّ هَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْهُ بِالْمَفْهُومِ، فَإِنَّ مَفْهُومَ قَوْلِهِ الْمَالِكُ أَنَّ الرَّاهِنَ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لَمْ يُخَاصَمْ وَإِنَّمَا يُخَاصَمَ الْمَالِكُ لَكِنَّهُ صَرَّحَ بِهِ لِلْإِيضَاحِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ الِاسْتِدْرَاكُ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالرَّاهِنِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُخَاصَمْ) أَيْ الرَّاهِنُ (قَوْلُهُ: الْعَيْنُ الْمَرْهُونَةُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ (قَوْلُهُ: مِنْ التَّوَثُّقِ) يَلْحَقُ بِهِ أَيْضًا مَا لَوْ كَانَ الْمُتْلِفُ غَيْرَ الرَّاهِنِ وَخَاصَمَهُ الْمُرْتَهِنُ لِحَقِّ التَّوَثُّقِ بِالْبَدَلِ فَلَا يَمْتَنِعُ كَمَا نَقَلَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ عَنْ وَالِدِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ) أَيْ الرَّاهِنَ (قَوْلُهُ: لَوْ غَابَ الْمُرْتَهِنُ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَهُمَا مَا لَوْ بَاعَ الْمَالِكُ الْعَيْنَ إلَخْ وَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ الرَّاهِنُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَهُ) أَيْ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: قَالَهُ بَعْضُهُمْ) قَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ إذَا حَضَرَ لَيْسَ لَهُ الْمُخَاصَمَةُ، وَاَلَّذِي يُنَصِّبُهُ الْقَاضِي إنَّمَا هُوَ نَائِبٌ عَنْ الْمُرْتَهِنِ فَكَمَا يَمْتَنِعُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ الْمُخَاصَمَةُ فَكَذَا نَائِبُهُ نَعَمْ الْبَحْثُ ظَاهِرٌ إنْ غَابَ الرَّاهِنُ، وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ الرَّاهِنُ وَغَابَ الْمُرْتَهِنُ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاسْتِدْرَاكَ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْخَصْمُ فِي الْبَدَلِ إلَخْ أَمَّا لَوْ جُعِلَ اسْتِدْرَاكًا عَلَى مَا لَوْ بَاعَهُ الرَّاهِنُ أَوْ أَتْلَفَهُ كَانَ ظَاهِرًا لَكِنْ يُبْعِدُهُ قَوْلُهُ: وَقَدْ غَصَبَ الرَّهْنَ، وَعِبَارَةُ حَجّ نَعَمْ لَوْ غَابَ الرَّاهِنُ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ: أَنَّ مَحَلَّ مَا ذَكَرَ فِي الْجِنَايَةِ) أَيْ مِنْ أَنَّ بَدَلَ الْمَرْهُونِ رَهْنٌ بِتَمَامِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَنْقُصْ بِهَا) أَيْ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ: زَائِدًا عَلَى مَا نَقَصَ مِنْهَا) أَيْ كَمَا لَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ فَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ الرُّبُعَ مَعَ كَوْنِ الْأَرْشِ نِصْفَ الْقِيمَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ غَابَ الْمُرْتَهِنُ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْخَصْمُ فِي الْبَدَلِ الرَّاهِنُ. (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّ مَحَلَّ مَا ذُكِرَ) يَعْنِي فِي كَوْنِ الْبَدَلِ الرَّهْنِ رَهْنًا، فَمَحَلُّ إيرَادِ هَذَا إلَى بَقِيَّةِ السَّوَادَةِ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ أَتْلَفَ الْمَرْهُونُ وَقَبَضَ بَدَلَهُ صَارَ رَهْنًا وَإِيرَادُهُ هُنَا فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ. (قَوْلُهُ: فَلَا تَلَازُمَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ) أَيْ: عَلَى تَسْلِيمِ أَنَّ حُكْمَهُمَا مُخْتَلِفٌ وَأَنَّ حُكْمَ

[لا يسري الرهن إلى زيادة المرهون المنفصلة]

سَمَاوِيَّةٍ وَلَا نَقْصَ انْتَهَى. فَالرَّاجِحُ خِلَافُ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَإِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ ظَاهِرٌ. (فَلَوْ) جَنَى رَقِيقٌ عَلَى الرَّقِيقِ الْمَرْهُونِ وَ (وَجَبَ قِصَاصٌ اقْتَصَّ الرَّاهِنُ) مِنْهُ أَوْ عُفِيَ مَجَّانًا (وَفَاتَ الرَّهْنُ) لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ مِنْ غَيْرِ بَدَلٍ هَذَا إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ فِي النَّفْسِ، فَإِنْ كَانَتْ فِي طَرَفٍ أَوْ نَحْوِهِ فَالرَّاهِنُ بَاقٍ بِحَالِهِ، وَلَوْ أَعْرَضَ الرَّاهِنُ عَنْ الْقِصَاصِ وَالْعَفْوِ بِأَنْ سَكَتَ عَنْهُمَا لَمْ يُجْبَرْ عَلَى أَحَدِهِمَا (فَإِنْ وَجَبَ الْمَالُ بِعَفْوِهِ) عَنْ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ (أَوْ بِجِنَايَةٍ خَطَأٍ) أَوْ شَبَهِ عَمْدٍ أَوْ عَمْدٍ يُوجِبُ مَالًا لِانْتِفَاءِ الْمُكَافَأَةِ مَثَلًا صَارَ الْمَالُ مَرْهُونًا وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ كَمَا مَرَّ وَ (لَمْ يَصِحَّ عَفْوُهُ) أَيْ الرَّاهِنُ عَنْهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِهِ (وَلَا) يَصِحُّ (إبْرَاءُ الْمُرْتَهِنِ الْجَانِي) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ وَلَا يَسْقُطُ بِإِبْرَائِهِ حَقُّهُ مِنْ الْوَثِيقَةِ إلَّا إنْ أَسْقَطَهُ مِنْهَا. (وَلَا يَسْرِي الرَّهْنُ إلَى زِيَادَتِهِ) أَيْ الْمَرْهُونِ (الْمُنْفَصِلَةِ) (كَثَمَرٍ وَوَلَدٍ) وَلَبَنٍ وَصُوفٍ وَمَهْرٍ وَكَسْبٍ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ فَلَمْ يَسْرِ إلَيْهَا كَالْإِجَارَةِ، وَقَدْ يُعَبَّرُ عَنْ الْمُنْفَصِلَةِ بِالْعَيْنِيَّةِ وَالْمُتَّصِلَةِ بِالْوَصْفِيَّةِ، بِخِلَافِ الْمُتَّصِلَةِ كَسِمَنٍ وَكِبَرِ شَجَرَةٍ لِعَدَمِ تَمْيِيزِهَا فَتَتْبَعُ الْأَصْلَ، وَقَدْ أَفْتَى بَعْضُ أَهْلِ الْيَمَنِ فِيمَا لَوْ رَهْنُهُ بَيْضَةً فَتَفَرَّخَتْ بِأَنَّهُ لَا يَزُولُ الرَّهْنُ عَلَى الْمَشْهُورِ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ التَّفْلِيسِ، وَلَا يَبْعُدُ إجْرَاءُ وَجْهٍ فِيهِ فِيهَا، وَرَجَّحَهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَأَفْتَى النَّاشِرِيُّ فِيمَنْ رَهَنَ بَذْرًا وَأَقْبَضَهُ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ فِي التَّلَاؤُمِ بِهِ فَأَذِنَ لَهُ الْمُرْتَهِنُ بِبَقَاءِ الرَّهْنِ حَتَّى يَبْقَى الزَّرْعُ وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ مَرْهُونًا أَخْذًا مِنْ الْفَلَسِ فِي الْبَذْرِ (فَلَوْ) (رَهَنَ حَامِلًا وَحَلَّ الْأَجَلُ وَهِيَ حَامِلٌ) (بِيعَتْ) كَذَلِكَ لِأَنَّا إنْ قُلْنَا: إنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ وَهُوَ الْأَصَحُّ فَكَأَنَّهُ رَهَنَهُمَا مَعًا وَإِلَّا فَقَدْ رَهَنَهَا وَالْحَمْلُ مَحْضُ صِفَةٍ، وَكَمَا تُبَاعُ حَامِلًا فِي الدَّيْنِ تُبَاعُ كَذَلِكَ لِنَحْوِ جِنَايَةٍ كَمَا شَمَلَ ذَلِكَ عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ (وَإِنْ وَلَدَتْهُ بِيعَ مَعَهَا فِي الْأَظْهَرِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ فَهُوَ رَهْنٌ، وَالثَّانِي لَا يُبَاعُ مَعَهَا بِنَاءً عَلَى مُقَابِلِهِ فَهُوَ كَالْحَادِثِ بَعْدَ الْعَقْدِ (وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا عِنْدَ الْبَيْعِ دُونَ الرَّهْنِ فَالْوَلَدُ لَيْسَ بِرَهْنٍ فِي الْأَظْهَرِ) بِنَاءً عَلَى كَوْنِهِ يُعْلَمُ وَالثَّانِي نَعَمْ بِنَاءً عَلَى مُقَابِلَةٍ فَيُتْبَعُ كَالصِّفَةِ، وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ مُقَابِلَ الْأَظْهَرِ أَنَّ الْوَلَدَ يَكُونُ مَرْهُونًا غَيْرُ مُرَادٍ، إذْ هُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ لَا يُعْلَمُ فَكَيْفَ. ـــــــــــــــــــــــــــــSفَإِنَّهُ يَزِيدُ عَلَى مَا نَقَصَ مِنْهَا. (قَوْلُهُ: فَالرَّاجِحُ إلَخْ) أَيْ فَيَكُونُ بَدَلُ الْجِنَايَةِ مَرْهُونًا وَإِنْ زَادَ عَلَى قِيمَةِ الْمَرْهُونِ (قَوْلُهُ: أَوْ عُفِيَ مَجَّانًا) أَيْ جَازَ لَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ فَإِنْ وَجَبَ الْمَالُ بِعَفْوِهِ عَنْ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الْمُكَافَأَةِ مَثَلًا) أَيْ أَوْ عَدَمِ انْضِبَاطِ الْجِنَايَةِ كَالْجَائِفَةِ وَكَسْرِ الْعِظَامِ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ أَسْقَطَهُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْوَثِيقَةِ. [لَا يَسْرِي الرَّهْنُ إلَى زِيَادَة الْمَرْهُون الْمُنْفَصِلَةِ] (قَوْلُهُ: وَصُوفٍ) قَضِيَّةُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ جَعْلِ الصُّوفِ، مِنْ الزِّيَادَةِ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ تَعَدِّي الرَّهْنِ إذَا حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَأَنَّهُ إذَا كَانَ مَقْصُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ تَعَدَّى الرَّهْنُ لَهُ كَأَصْلِهِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يُمْنَعُ الرَّاهِنُ مِنْ مَصْلَحَةِ الْمَرْهُونِ، وَكَذَا مَا كَانَ مِنْهَا ظَاهِرًا عِنْدَ الْعَقْدِ إلَخْ، لَكِنْ فِي سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: وَفِيمَا كَانَ ظَاهِرًا مِنْهَا حَالَ الْعَقْدِ خِلَافٌ فَفِي التَّتِمَّةِ مَرْهُونٌ وَفِي الشَّامِلِ وَتَعْلِيقِهِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ لَا وَهُوَ الْأَوْجُهُ كَالصُّوفِ بِظَهْرِ الْغَنَمِ كَمَا مَرَّ، وَصَاحِبُ التَّتِمَّةِ مَشَى عَلَى طَرِيقَةٍ فِي الصُّوفِ مِنْ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي رَهْنِ الْغَنَمِ اهـ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُعَبَّرُ) هُوَ مُجَرَّدُ فَائِدَةٍ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ لَا يَزُولُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: إجْرَاءُ وَجْهٍ فِيهِ) أَيْ التَّفْلِيسِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ قِيلَ فِي التَّفْلِيسِ: إنَّ الْفَرْخَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْحَجْرُ فَلَا يَبْعُدُ إجْرَاؤُهُ هُنَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ اسْتَأْذَنَ الرَّاهِنُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَسْتَأْذِنْهُ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ وَلَعَلَّ التَّقْيِيدَ بِهِ لِأَنَّهُ صُورَةُ الْوَاقِعَةِ الَّتِي وَقَعَ الْإِفْتَاءُ فِيهَا، وَقَدْ يُقَالُ إنْ بَذَرَهُ إتْلَافٌ لَهُ فَيَضْمَنُ بَدَلَهُ بِكَوْنِهِ رَهْنًا (قَوْلُهُ: فِي التَّلَاؤُمِ بِهِ) أَيْ النَّفْعِ بِهِ (قَوْلُهُ: فَأَذِنَ لَهُ الْمُرْتَهِنُ) أَيْ فَبَذَرَهُ بَعْدَ الْإِذْنِ (قَوْلُهُ: حَتَّى) تَعْلِيلِيَّةٌ (قَوْلُهُ: مَرْهُونًا) فَيُبَاعُ وَيُوَفَّى مِنْهُ الدَّيْنُ وَإِنْ زَادَتْ قِيمَةُ الزَّرْعِ عَلَى قِيمَةِ الْحَبِّ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْبَيْعِ) أَيْ عِنْدَ إرَادَةِ الْبَيْعِ فَلَا يُقَالُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْغَصْبِ عَدَمُ الضَّمَانِ وَإِلَّا فَسَيَأْتِي أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْغَصْبِ مَمْنُوعٌ. (قَوْلُهُ: انْتَهَى) أَيْ: كَلَامُ الْبُلْقِينِيِّ . (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُرَادٍ إلَخْ)

[فصل في جناية المرهون]

يُرْهَنُ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهُ يُبَاعُ مَعَهَا كَالسِّمَنِ، وَعَلَى الْأُولَى يَتَعَذَّرُ بَيْعُهَا قَبْلَ وَضْعِهَا إنْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ ثَالِثٌ بِوَصِيَّةٍ أَوْ حَجْرِ فَلْسٍ أَوْ مَوْتٍ أَوْ تَعَلَّقَ الدَّيْنُ بِرَقَبَةِ أُمِّهِ دُونَهُ بِأَنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِذِمَّةِ مَالِكِهَا كَالْجَانِيَةِ وَالْمُعَارَةِ لِلرَّهْنِ أَوْ نَحْوِهَا، كَمَا زَادَهُ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ وَتَوْزِيعِ الثَّمَنِ، وَقَوْلُهَا لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا تُعْرَفُ قِيمَتُهُ. وَوَجْهُ مَا مَرَّ أَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْحَمْلِ مُتَعَذِّرٌ وَتَوْزِيعُ الثَّمَنِ عَلَى الْأُمِّ وَالْحَمْلِ كَذَلِكَ لِمَا قَدَّمْنَاهُ أَمَّا إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ أَوْ بِهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ الرَّاهِنَ يَلْزَمُ بِالْبَيْعِ أَوْ بِتَوْفِيَةِ الدَّيْنِ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْوَفَاءِ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى بَيْعِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ سِوَاهَا، ثُمَّ إنْ تَسَاوَى الثَّمَنُ وَالدَّيْنُ فَذَاكَ، وَإِنْ فَضَلَ مِنْ الثَّمَنِ شَيْءٌ أَخَذَهُ الْمَالِكُ وَإِنْ نَقَصَ طُولِبَ بِالْبَاقِي، نَعَمْ لَوْ سَأَلَ الرَّاهِنُ فِي بَيْعِهَا وَتَسْلِيمِ جَمِيعِ الثَّمَنِ لِلْمُرْتَهِنِ جَازَ بَيْعُهَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ، وَلَوْ رَهَنَ نَخْلَةً ثُمَّ أَطْلَعَتْ اسْتَثْنَى طَلْعَهَا عِنْدَ بَيْعِهَا وَلَا يَمْتَنِعُ بَيْعُهَا مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْحَامِلِ. . فَصْلٌ فِي جِنَايَةِ الْمَرْهُونِ (إذَا) (جَنَى الْمَرْهُونُ) عَلَى أَجْنَبِيٍّ جِنَايَةً تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ (قَدِمَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ) عَلَى الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ حَقَّهُ مُتَعَيِّنٌ فِي الرَّقَبَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَيْفَ يَتَعَذَّرُ بَيْعُهَا مَعَ مَا اقْتَضَتْهُ عِبَارَتُهُ مِنْ أَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ بَاعَهَا، وَلَوْ اخْتَلَفَ الرَّهْنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِي الْحَمْلِ وَعَدَمِهِ فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ الرَّاهِنِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحَمْلِ عِنْدَ الرَّهْنِ فَيَكُونُ زِيَادَةً مُنْفَصِلَةً (قَوْلُهُ: أَوْ بِهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ إنْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ ثَالِثٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: يَلْزَمُ بِالْبَيْعِ) أَيْ لَهَا حَامِلًا وَيُوَفَّى الدَّيْنُ مِنْ ثَمَنِهَا (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ سَأَلَ الرَّاهِنُ) مِنْ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْقَاضِي وَهَذَا الِاسْتِدْرَاكُ ظَاهِرٌ لَوْ قُلْنَا: إنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ ثَالِثٌ أَمَّا إذَا قُلْنَا بِإِجْبَارِهِ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ تَوْفِيَةِ الثَّمَنِ مِنْ غَيْرِهَا وَأَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ بَاعَهَا الْقَاضِي حَيْثُ لَا مَالَ لَهُ سِوَاهَا لَمْ يَظْهَرْ لِهَذَا الِاسْتِدْرَاكِ فَائِدَةٌ عَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ لَهُ فَائِدَةٌ عَلَى كَلَامِ ابْنِ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَطْلَعَتْ) أَيْ بَعْدَ الرَّهْنِ وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ: اسْتَثْنَى) أَيْ جَازَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَسْتَثْنِيَ إنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ ثَالِثٌ وَإِلَّا وَجَبَ الِاسْتِثْنَاءُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ اسْتَثْنَى أَوَّلًا. . (فَصْلٌ) فِي جِنَايَةِ الْمَرْهُونِ (قَوْلُهُ: فِي جِنَايَةِ الْمَرْهُونِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِمَّا يَنْفَكُّ بِهِ الرَّهْنُ وَتَلَفِ الْمَرْهُونِ (قَوْلُهُ: إذَا جَنَى الْمَرْهُونُ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا كَمَا لَوْ كَانَ الْمَرْهُونُ نِصْفَهُ فَقَطْ، وَلَا يُقَالُ إذَا كَانَ غَيْرُ الْمَرْهُونِ يَفِي بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ لَمْ يَتَعَلَّقْ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِهِ لِأَنَّا إنَّمَا قَدَّمْنَا الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَضِيعَ حَقُّهُ، وَهُوَ هُنَا آمِنُ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى أَجْنَبِيٍّ) أَيْ غَيْرِ السَّيِّدِ وَعَبْدِهِ الْمَرْهُونِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْ جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ) أَيْ تُوجِبُ مَالًا يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ عَلَى مَا يَأْتِي ـــــــــــــــــــــــــــــQلَكَ أَنْ تَقُولَ لَا مَانِعَ مِنْ كَوْنِهِ مَرْهُونًا تَبَعًا كَمَا مَرَّ فِي الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ، وَعَدَمُ الْعِلْمِ إنَّمَا يَضُرُّ فِي الْمَرْهُونِ اسْتِقْلَالًا كَيْفَ وَتَسْمِيَتُهُ مَرْهُونًا مُصَرَّحٌ بِهِ فِي كَلَامِهِمْ، وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ وَالثَّانِي: أَنَّ الْوَلَدَ رَهْنٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُعْلَمُ انْتَهَتْ عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: قَبْلُ وَالثَّانِي نَعَمْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ سَأَلَ الرَّاهِنُ إلَخْ) هَذَا ذَكَرَهُ الشِّهَابُ حَجّ اسْتِدْرَاكًا عَلَى مَا قَرَّرَهُ مِنْ مَنْعِ بَيْعِهَا مُطْلَقًا، وَأَمَّا مَا صَنَعَهُ الشَّارِحُ مَعَ أَنَّهُ قَدَّمَ أَنَّ مَحَلَّ مَنْعِ جَوَازِ بَيْعِهَا إذَا تَعَلَّقَ بِالْحَمْلِ حَقٌّ ثَالِثٌ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ أَنَّ سُؤَالَ الرَّاهِنِ حِينَئِذٍ لَا يُفِيدُ شَيْئًا، وَكَيْفَ يُفِيدُ سُؤَالُهُ تَسْلِيمَ جَمِيعِ الثَّمَنِ لِلْمُرْتَهِنِ مَعَ تَعَلُّقِ حَقِّ الثَّالِثِ بِالْحَمْلِ فَتَدَبَّرْ. [فَصْلٌ فِي جِنَايَةِ الْمَرْهُونِ]

بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ سَقَطَ حَقُّهُ وَأَمَّا حَقُّ الْمُرْتَهِنِ فَمُتَعَلِّقٌ بِذِمَّةِ الرَّاهِنِ وَبِالرَّقَبَةِ، وَلِأَنَّ حَقَّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْمَالِكِ فَأُولَى أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى حَقِّ الْمُتَوَثِّقِ وَقَضِيَّةُ التَّوْجِيهِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ كَمَا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ مَغْصُوبًا أَوْ مُسْتَعَارًا أَوْ مَبِيعًا بِبَيْعٍ فَاسِدٍ أَنْ لَا يُقَدَّمَ، لِأَنَّهُ لَوْ قَدَّمَ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، فَإِنَّ لَهُ مُطَالَبَةَ الْغَاصِبِ أَوْ الْمُسْتَعِيرِ أَوْ الْمُشْتَرِي، وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ تَقْدِيمُهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْضًا، وَتُؤْخَذُ الْقِيمَةُ وَتَكُونُ رَهْنًا مَكَانَهُ، وَلَوْ أَمَرَهُ بِالْجِنَايَةِ سَيِّدُهُ وَهُوَ مُمَيِّزٌ لَمْ يُؤَثِّرْ إذْنُهُ إلَّا فِي الْإِثْمِ أَوْ غَيْرُ مُمَيِّزٍ أَوْ أَعْجَمِيٌّ يَرَى وُجُوبَ طَاعَةِ آمِرِهِ، فَالْجَانِي هُوَ السَّيِّدُ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ قِصَاصٌ وَلَا مَالٌ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ السَّيِّدِ أَنَا أَمَرْتُهُ بِالْجِنَايَةِ فِي حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ قَطْعَ حَقِّهِ عَنْ الرَّقَبَةِ، بَلْ يُبَاعُ الْعَبْدُ فِيهَا وَعَلَى سَيِّدِهِ قِيمَتُهُ لِتَكُونَ رَهْنًا مَكَانَهُ لِإِقْرَارِهِ بِأَمْرِهِ بِالْجِنَايَةِ، وَأَمْرُ غَيْرِ السَّيِّدِ الْعَبْدَ بِالْجِنَايَةِ كَالسَّيِّدِ فِيمَا ذَكَرَ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْجِنَايَاتِ وَصَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ هُنَا (فَإِنْ اقْتَصَّ) مِنْهُ الْمُسْتَحَقَّ فِي النَّفْسِ أَوْ غَيْرِهَا بِأَنْ أَوْجَبَتْ الْجِنَايَةُ قِصَاصًا (أَوْ) (بِيعَ) الْمَرْهُونُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ (لَهُ) أَيْ لِحَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِأَنْ أَوْجَبَتْ الْجِنَايَةُ مَالًا أَوْ عُفِيَ عَنْ مَالٍ (بَطَلَ الرَّهْنُ) فِيمَا اُقْتُصَّ أَوْ بِيعَ لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ فَلَوْ عَادَ الْمَبِيعُ إلَى مِلْكِ الرَّاهِنِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَإِلَّا فَاَلَّتِي تُوجِبُ الْقِصَاصَ لَا تُبْطِلُ الرَّهْنَ بِمُجَرَّدِهَا كَذَا ظَهَرَ. وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَقُلْ بَطَلَ الرَّهْنُ وَإِنَّمَا قَالَ: قُوِّمَ الْمَجْنِيُّ وَهُوَ شَامِلٌ لِلْقِصَاصِ وَالْمَالُ عَلَى مَا فَصَّلَهُ بَعْدُ (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ أَنَّهُ) أَيْ الْمَرْهُونَ (قَوْلُهُ: حَقُّهُ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: الْمُتَوَثِّقِ) أَيْ الْمُرْتَهِنِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ التَّوْجِيهِ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ: سَقَطَ حَقُّهُ (قَوْلُهُ: الْعَبْدُ) أَيْ الْمَرْهُونُ وَقَوْلُهُ: أَنْ لَا يُقَدَّمَ أَيْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ مَغْصُوبًا) أَيْ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ الْغَصْبُ عَلَى الرَّهْنِ بِأَنْ رَهَنَهُ لِمَنْ يَقْدِرُ عَلَى انْتِزَاعِهِ وَقَبْضِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ مِنْ الْغَاصِبِ ثُمَّ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ الْغَاصِبُ بَعْدُ أَوْ تَأَخَّرَ الْغَصْبُ عَنْ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْمُعَوَّلَ إلَخْ) التَّعْوِيلُ عَلَى مَا ذَكَرَ لَا يَصْلُحُ رَدًّا عَلَى الْمُعْتَرِضِ، بَلْ إنَّمَا يَتِمُّ الرَّدُّ عَلَيْهِ لَوْ مَنَعَ أَنَّ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ مَا ذَكَرَ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: هُوَ وَإِنْ كَانَ قَضِيَّتُهُ ذَلِكَ لَكِنَّ الْحُكْمَ إذَا كَانَ مُعَلَّلًا بِعِلَّتَيْنِ يَبْقَى مَا بَقِيَتْ إحْدَاهُمَا (قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ الصُّورَةِ) هِيَ قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَتُؤْخَذُ الْقِيمَةُ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فَإِنَّ لَهُ مُطَالَبَةَ الْغَاصِبِ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْإِثْمِ) فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَيَكُونُ الْحَالُ كَمَا لَوْ جَنَى بِلَا إذْنٍ مِنْ سَيِّدِهِ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ الْقِصَاصُ أَوْ الْمَالُ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُ مُمَيِّزٍ أَوْ أَعْجَمِيٍّ يَرَى وُجُوبَ طَاعَةِ آمِرِهِ) أَيْ فَلَوْ اخْتَلَفَ الْمُرْتَهِنُ وَالسَّيِّدُ بِأَنْ أَنْكَرَ السَّيِّدُ الْأَمْرَ أَوْ اعْتَرَفَ بِهِ وَأَنْكَرَ كَوْنَ الْمَأْمُورِ غَيْرَ مُمَيِّزٍ أَوْ كَوْنَهُ يَعْتَقِدُ وُجُوبَ الطَّاعَةِ وَلَا بَيِّنَةَ وَأَمْكَنَ ذَلِكَ، إمَّا لِطُولِ الْمُدَّةِ بَيْنَ الْجِنَايَةِ وَالْمُنَازَعَةِ بِحَيْثُ يُمْكِنُ حُصُولُ التَّمْيِيزِ أَوْ زَوَالُ الْعُجْمَةِ أَوْ حَالَةٌ تُشْعِرُ بِمَا ادَّعَاهُ السَّيِّدُ صُدِّقَ السَّيِّدُ لِأَنَّ الْأَصْلَ تَعَلُّقُ جِنَايَةِ الْعَبْدِ بِرَقَبَتِهِ وَلَمْ يُوجَدْ مُسْقِطٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ السَّيِّدِ) أَيْ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَأَمْرُ غَيْرِ السَّيِّدِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَنَا أَمَرْتُهُ) أَيْ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ (قَوْلُهُ: فِي حَقِّ الْمَجْنِيِّ) مُتَعَلِّقٌ بِيُقْبَلُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ قَبُولَ قَوْلِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: حَقِّهِ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بَلْ يُبَاعُ الْعَبْدُ) أَيْ وَيَكُونُ ثَمَنُهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يَفِ ثَمَنُهُ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ فَيَنْبَغِي مُطَالَبَةُ السَّيِّدِ بِبَقِيَّةِ الْأَرْشِ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اقْتَصَّ مِنْهُ الْمُسْتَحِقُّ) بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَائِبِهِ (قَوْلُهُ: فِيمَا اقْتَصَّ) أَيْ فَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ بِالْقَتْلِ أَوْ بِيعَ كُلُّهُ لِاسْتِغْرَاقِ الْإِرْثِ الرَّقَبَةَ بَطَلَ الرَّهْنُ أَوْ كَانَتْ بِغَيْرِهِ كَقَطْعِ الطَّرَفِ أَوْ زَادَتْ قِيمَةُ الْجَانِي عَلَى الْأَرْشِ بَطَلَ التَّوَثُّقُ فِيمَا فَاتَ وَبَقِيَ فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ عَادَ الْمَبِيعُ إلَى مِلْكِ الرَّاهِنِ) أَيْ عَادَ بَعْدَ الْبَيْعِ فِي الْجِنَايَةِ بِسَبَبٍ آخَرَ غَيْرِ مَا يَتَعَلَّقُ بِعَقْدِ الْبَيْعِ الْحَاصِلِ فِيمَا بِيعَ لَهُ كَأَنْ عَادَ لَهُ بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَإِنْ عَادَ لَهُ بِفَسْخٍ أَوْ رَدٍّ بِعَيْبٍ أَوْ إقَالَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فِيمَا اُقْتُصَّ أَوْ بِيعَ) أَيْ: مَا لَمْ تَجِبْ قِيمَتُهُ لِكَوْنِهِ تَحْتَ يَدِ نَحْوِ غَاصِبٍ؛ لِأَنَّهَا رَهْنُ بَدَلِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ هُنَا

لَمْ يَكُنْ رَهْنًا، وَعُلِمَ مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى الْقِصَاصِ وَالْبَيْعِ أَنَّهُ وَلَوْ سَقَطَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِعَفْوٍ أَوْ فِدَاءٍ لَمْ يَبْطُلْ. (وَإِنْ) (جَنَى) الْمَرْهُونُ (عَلَى سَيِّدِهِ فَاقْتُصَّ) (بَطَلَ) الرَّهْنُ فِي الْمُقْتَصِّ نَفْسًا كَانَ أَوْ طَرَفًا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَاقْتُصَّ بِضَمِّ تَائِهِ بِأَنْ اقْتَصَّ سَيِّدُهُ فِي نَحْوِ الْقَطْعِ أَوْ وَارِثُهُ فِي الْقَتْلِ فَضَمُّهَا الْمُفِيدُ لِذَلِكَ كَمَا فَعَلَهُ الشَّارِحُ أَوْلَى مِنْ فَتْحِهَا الْمُوهِمِ لِتَعَيُّنِ الْأَوَّلِ فَزَعْمُ تَعَيُّنِ الْفَتْحِ وَهْمٌ وَعَوْدُ الضَّمِيرِ لِلْمُسْتَحِقِّ يَلْزَمُهُ حَذْفُ الْفَاعِلِ مِنْ غَيْرِ قَرِينَةٍ وَإِنْ عُفِيَ عَلَى مَالٍ لَمْ يَثْبُتْ عَلَى الصَّحِيحِ إذْ السَّيِّدُ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ مَالٌ ابْتِدَاءً (فَيَبْقَى رَهْنًا) كَمَا كَانَ وَالثَّانِي يُثْبِتُ الْمَالَ وَيُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى فَكِّ الرَّهْنِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ أَمَةٍ اسْتَوْلَدَهَا سَيِّدُهَا الْمُعْسِرُ أَمَّا هِيَ فَلَا يَنْفُذُ إيلَادُهَا فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ وَلَا تُبَاعُ عَلَى السَّيِّدِ فِي الْجِنَايَةِ جَزْمًا لِأَنَّ الْمُسْتَوْلَدَةَ لَوْ جَنَتْ عَلَى أَجْنَبِيٍّ لَا تُبَاعُ بَلْ يَفْدِيهَا سَيِّدُهَا فَتَكُونُ جِنَايَتُهَا عَلَى سَيِّدِهَا فِي الرَّهْنِ كَالْعَدَمِ، وَعُفِيَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ كَمَا ضَبَطَهُ الْمُصَنِّفُ بِخَطِّهِ لِيَشْمَلَ عَفْوَ السَّيِّدِ وَالْوَارِثِ وَخَرَجَ بِابْتِدَاءٍ مَا لَوْ جَنَى غَيْرُ عَمْدٍ عَلَى طَرَفِ مُوَرِّثِهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ ثُمَّ انْتَقَلَ الْمَالُ لِلسَّيِّدِ بِمَوْتٍ أَوْ عَجْزٍ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ عَلَيْهِ فَيَبِيعُهُ فِيهِ وَلَا يَسْقُطُ إذْ يُحْتَمَلُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي الِابْتِدَاءِ. (وَإِنْ) (قَتَلَ) الْمَرْهُونُ (مَرْهُونًا لِسَيِّدِهِ عِنْدَ) مُرْتَهِنٍ (آخَرَ فَاقْتَصَّ) السَّيِّدُ مِنْهُ (بَطَلَ الرَّهْنَانِ) لِفَوَاتِ مَحَلِّهِمَا وَإِنْ عُفِيَ عَلَى غَيْرِ مَالٍ صَحَّ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ) عُفِيَ عَلَى مَالٍ أَوْ (وَجَبَ مَالٌ) بِجِنَايَةٍ خَطَأً أَوْ نَحْوِهِ (تَعَلَّقَ بِهِ) أَيْ الْمَالِ (حَقُّ مُرْتَهِنِ الْقَتِيلِ) وَالْمَالُ مُتَعَلِّقٌ بِرَقَبَةِ الْقَاتِلِ (فَيُبَاعُ) حَيْثُ لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ عَلَى الْوَاجِبِ بِالْقَتْلِ (وَثَمَنُهُ) إنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى الْوَاجِبِ (رَهْنٌ) وَإِلَّا فَقَدْرُ الْوَاجِبِ رَهْنٌ لَا أَنَّهُ يَصِيرُ رَهْنًا. ـــــــــــــــــــــــــــــSتَبَيَّنَ بَقَاءُ حَقِّ الْمَجْنِيِّ قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ عَوَّضَ الْمَدِينِ الدَّائِنَ عَيْنًا ثُمَّ تَقَايَلَا فِيهَا فَإِنَّهُ يَتَبَيَّنُ بَقَاءُ الدَّيْنِ وَإِنْ كَانَتْ الْإِقَالَةُ فَسْخًا وَهُوَ إنَّمَا يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ رَهْنًا) أَيْ فَالزَّائِدُ الْعَائِدُ هُنَا كَاَلَّذِي لَمْ يَعُدْ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ بِيعَتْ الْمُسْتَوْلَدَةُ لِإِعْسَارِ السَّيِّدِ وَقْتَ الْإِحْبَالِ ثُمَّ عَادَتْ لِمِلْكِهِ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِالِاسْتِيلَادِ مِنْ وَقْتِ الْعَوْدِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُسْتَوْلَدَةَ قَامَ بِهَا مَا هُوَ سَبَبٌ لِلْحُرِّيَّةِ وَهُوَ الْإِيلَادُ الْمَانِعُ مِنْ صِحَّةِ بَيْعِهَا، فَلَمَّا عَادَتْ إلَى سَيِّدِهَا زَالَتْ الضَّرُورَةُ فَعُمِلَ بِمُقْتَضَى السَّبَبِ، بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْجَانِي فَإِنَّهُ لَمْ يَقُمْ بِهِ مَا يُوجِبُ تَلَفَهُ وَإِنَّمَا قَامَ بِهِ مَا يُوجِبُ تَقَدُّمَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِحَقِّهِ وَقَدْ عُمِلَ بِمُقْتَضَاهُ فَاسْتُصْحِبَ (قَوْلُهُ: لَمْ يَبْطُلْ) أَيْ الرَّهْنُ. (قَوْلُهُ: حَذْفُ الْفَاعِلِ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْحَذْفِ فِي شَيْءٍ بَلْ الْفَاعِلُ مُسْتَتِرٌ يَعُودُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ الْمَعْلُومِ مِنْ السِّيَاقِ وَذَلِكَ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} [ص: 32] ثُمَّ رَأَيْت حَجّ أَجَابَ بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: فَضَمَّهَا الْمُفِيدُ لِذَلِكَ كَمَا فَعَلَهُ الشَّارِحُ أَوْلَى ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ إنَّمَا يُمْنَعُ تَعَيُّنُ الْفَتْحِ لَا صِحَّتُهُ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ أَمَةٍ) أَيْ مَرْهُونَةٍ (قَوْلُهُ: اسْتَوْلَدَهَا) أَيْ بَعْدَ الرَّهْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فِي حَقِّ) أَيْ لِحَقِّ (قَوْلُهُ: فِي الْجِنَايَةِ) أَيْ عَلَى السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: كَالْعَدَمِ) أَيْ فَتَكُونُ رَهْنًا قَطْعًا (قَوْلُهُ: مَا لَوْ جَنَى) أَيْ الْعَبْدُ (قَوْلُهُ: عَلَى طَرَفِ مُوَرِّثِهِ) أَيْ مُوَرِّثِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ) أَيْ السَّيِّدِ عَلَيْهِ أَيْ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: فَيَبِيعُهُ فِيهِ) وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ كَانَ عَلَى الْمُوَرِّثِ أَوْ الْمُكَاتَبِ دُيُونٌ تَتَعَلَّقُ بِالتَّرِكَةِ أَوْ بِمَا فِي يَدِ الْمُكَاتَبِ يُقَدَّمُ لِتَعَلُّقِهِ بِالرَّقَبَةِ وَتَعَلُّقِ الدُّيُونِ بِالذِّمَّةِ، وَأَوْلَى مِنْهُ مَا صَوَّرَ بِهِ سم عَلَى مَنْهَجٍ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَرْهُونًا قُدِّمَ حَقُّ السَّيِّدِ وَبَطَلَ الرَّهْنُ، وَعِبَارَتُهُ: وَالْجِنَايَةُ عَلَى عَبْدِ مَنْ يَرِثُهُ السَّيِّدُ إذَا مَاتَ الْمُوَرِّثُ كَالْجِنَايَةِ عَلَى مَنْ يَرِثُهُ السَّيِّدُ اهـ وَحِينَئِذٍ فَيَفُوتُ الرَّهْنُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِ الشَّارِحِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: عَلَى غَيْرِ مَالٍ) أَيْ مَجَّانًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ زَادَ الثَّمَنُ بِأَنْ بِيعَ كُلُّهُ لِعَدَمِ تَيَسُّرِ بَيْعِ الْبَعْضِ (قَوْلُهُ: فَقَدْرُ الْوَاجِبِ) أَيْ مِنْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: لَا أَنَّهُ) أَيْ الْعَبْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالشِّهَابُ حَجّ (قَوْلُهُ: وَعَوْدُ الضَّمِيرِ لِلْمُسْتَحِقِّ يَلْزَمُهُ حَذْفُ الْفَاعِلِ مِنْ غَيْرِ قَرِينَةٍ) هَذَا يَلْزَمُ الشَّارِحَ فِيمَا قَدَّمَهُ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ اُقْتُصَّ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ جَنَى غَيْرَ عَمْدٍ) أَيْ: أَوْ عَمْدٍ أَوْ عُفِيَ عَلَى مَالٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشِّهَابُ حَجّ .

(وَقِيلَ يَصِيرُ) نَفْسُهُ (رَهْنًا) وَلَا يُبَاعُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الْبَيْعِ حَيْثُ كَانَ الْوَاجِبُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ مِثْلِهَا وَرُدَّ بِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ فِي مَالِيَّتِهِ لَا فِي عَيْنِهِ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَرْغَبُ فِيهِ بِزِيَادَةٍ فَيَتَوَثَّقُ مُرْتَهِنُ الْقَاتِلِ بِهَا فَإِنْ كَانَ الْوَاجِبُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ بِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِ الْوَاجِبِ عَلَى الْأَوَّلِ وَيَبْقَى الْبَاقِي رَهْنًا، فَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْعُ بَعْضِهِ أَوْ نَقْصٌ بِهِ بِيعَ الْجَمِيعُ وَصَارَ الزَّائِدُ رَهْنًا عِنْدَ مُرْتَهِنِ الْقَاتِلِ، وَعَلَى الثَّانِي يُنْقَلُ مِنْ الْقَاتِلِ بِقَدْرِ الْوَاجِبِ إلَى مُرْتَهِنِ الْقَتِيلِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ طَلَبِ الرَّاهِنِ النَّقْلَ وَمُرْتَهِنِ الْقَتِيلِ الْبَيْعَ، وَمِنْ الْمُجَابِ فِيهِ الْوَجْهَانِ، أَمَّا لَوْ طَلَبَ الرَّاهِنُ الْبَيْعَ وَمُرْتَهِنُ الْقَتِيلِ النَّقْلَ فَالْمُجَابُ الرَّاهِنُ إذْ لَا حَقَّ لِلْمُرْتَهِنِ فِي عَيْنِهِ، وَلَوْ أَنْفَقَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنَانِ عَلَى أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ كَانَ هُوَ الْمَسْلُوكُ جَزْمًا أَوْ الرَّاهِنُ وَمُرْتَهِنُ الْقَتِيلِ عَلَى نَقْلِ الْقَاتِلِ أَوْ بَعْضِهِ إلَى الْمُرْتَهِنِ لِيَكُونَ رَهْنًا فَلَيْسَ لِمُرْتَهِنِ الْقَاتِلِ الْمُنَازَعَةُ وَطَلَبُ الْبَيْعِ لِانْتِفَاءِ الْفَائِدَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ بِتَوَقُّعِ رَاغِبٍ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ، وَيُجَابُ بِأَنَّ سَبَبَ عَدَمِ النَّظَرِ لِذَلِكَ التَّوَقُّعِ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حَقٌّ بِفَرْضِ عَدَمِ الزِّيَادَةِ حَتَّى يُرَاعَى إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ ذَلِكَ، بِخِلَافِ مُرْتَهَنِ الْقَتِيلِ فِيمَا مَرَّ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ طَلَبَ الْوَارِثُ أَخْذَ التَّرِكَةِ بِالْقِيمَةِ وَالْغَرِيمُ بَيْعَهَا رَجَاءَ الزِّيَادَةِ. (فَإِنْ) (كَانَا) أَيْ الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ (مَرْهُونِينَ عِنْدَ شَخْصٍ) أَوْ أَكْثَرَ (بِدَيْنٍ وَاحِدٍ) (نَقَصَتْ) بِفَتْحِ النُّونِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ (الْوَثِيقَةُ) كَمَا لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا (أَوْ بِدَيْنَيْنِ) عِنْدَ شَخْصٍ وَتَعَلَّقَ بِرَقَبَةِ الْقَاتِلِ الْمَالُ (وَفِي نَقْلِ الْوَثِيقَةِ) بِهِ إلَى دَيْنِ الْقَتِيلِ (غَرَضٌ) أَيْ فَائِدَةٌ لِلْمُرْتَهِنِ (نُقِلَتْ) وَإِلَّا فَلَا فَلَوْ كَانَ أَحَدُ الدَّيْنَيْنِ حَالًّا وَالْآخَرُ مُؤَجَّلًا أَوْ أَحَدُهُمَا أَطْوَلُ أَجَلًا مِنْ الْآخَرِ فَلِلْمُرْتَهِنِ التَّوَثُّقُ بِثَمَنِ الْقَاتِلِ لِدَيْنِ الْقَتِيلِ، فَإِنْ كَانَ حَالًّا فَالْفَائِدَةُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ ثَمَنِ الْقَاتِلِ فِي الْحَالِّ أَوْ مُؤَجَّلًا فَقَدْ تَوَثَّقَ وَيُطَالِبُ بِالْحَالِ، وَإِنْ اتَّفَقَ الدَّيْنَانِ قَدْرًا وَحُلُولًا وَتَأْجِيلًا وَقِيمَةُ الْقَتِيلِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الْقَاتِلِ أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ) الْأَنْسَبُ وَبِأَنَّهُ (قَوْلُهُ: بِزِيَادَةٍ) عَلَى قِيمَتِهِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ الْمُجَابِ) الْمُجَابُ عَلَى هَذَا مُرْتَهِنُ الْقَتِيلِ لِأَنَّهُ الَّذِي يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: فَيُبَاعُ (قَوْلُهُ: فِيهِ الْوَجْهَانِ) أَيْ الْمَذْكُورَانِ فِي قَوْلِهِ فَيُبَاعُ وَثَمَنُهُ رَهْنٌ وَقِيلَ: يَصِيرُ رَهْنًا (قَوْلُهُ: كَانَ هُوَ الْمَسْلُوكُ) أَيْ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الْفَائِدَةِ) أَيْ لِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْقَاتِلِ لَا تَزِيدُ عَلَى قِيمَةِ الْقَتِيلِ بِيعَ كُلُّهُ وَإِنْ كَانَتْ دُونَهَا بِيعَ بَعْضُهُ وَبَقِيَ الزَّائِدُ رَهْنًا (قَوْلُهُ: إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ ذَلِكَ) أَيْ الزِّيَادَةُ وَقَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ أَيْ الْجَوَابَ (قَوْلُهُ: فِيمَا لَوْ طَلَبَ الْوَارِثُ) أَيْ فَإِنَّهُ الْمُجَابُ دُونَ الْغَرِيمِ. (قَوْلُهُ: وَحُلُولًا وَتَأْجِيلًا) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُمَا غَيْرُ شَخْصٍ (قَوْلُهُ: وَقِيمَةُ الْقَتِيلِ أَكْثَرُ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: بَقِيَ مَا لَوْ اتَّفَقَا حُلُولًا وَتَأْجِيلًا وَاخْتَلَفَا قَدْرًا فَإِنْ كَانَ الْقَتِيلُ بِالْكَثِيرِ قَدْ رَهَنَ نُقِلَ سَوَاءٌ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ قِيمَةِ الْقَاتِلِ أَوْ فَوْقَهَا أَوْ دُونَهَا لَكِنَّهُ فِيمَا دُونَهَا لَا يُنْقَلُ فِيمَا زَادَ عَلَى الْقَتِيلِ، وَإِنْ كَانَ مَرْهُونًا بِالْقَلِيلِ وَقِيمَتُهُ مِثْلُ قِيمَةِ الْقَاتِلِ أَوْ فَوْقَهَا فَلَا نَقْلَ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْقَاتِلِ أَكْثَرَ قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: بِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِ قِيمَةِ الْقَتِيلِ لِيَصِيرَ رَهْنًا مَكَانَ الْقَتِيلِ وَيَسْتَمِرُّ الْبَاقِي بِدَيْنِ الْقَاتِلِ قَالَ: وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَ الرَّوْضَةِ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْقَتِيلِ أَقَلَّ وَهُوَ مَرْهُونٌ بِأَقَلِّ الدَّيْنَيْنِ لَا يُنْقَلُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ مُتَعَقِّبٌ اهـ أَقُولُ: وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ الَّتِي قِيلَ فِيهَا بِعَدَمِ النَّقْلِ لَوْ فُرِضَ فِيهَا أَنَّ قِيمَةَ الْقَاتِلِ تَزِيدُ عَلَى الدَّيْنِ الْمَرْهُونِ عَلَيْهِ بِأَضْعَافٍ فَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ الْإِعْرَاضَ عَنْ ذَلِكَ وَعَدَمِ اعْتِبَارِهِ قَرْضًا مُجَوِّزًا لِنَقْلِ الزَّائِدِ عَلَى مِقْدَارِ الدَّيْنِ فَمَا وَجْه ذَلِكَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُمْ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ لَا تَزِيدُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقِيلَ يَصِيرُ رَهْنًا) أَيْ: مَعَ الْتِزَامِ أَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ مُتَعَلِّقٌ بِمَالِيَّتِهِ بِدَلِيلِ الرَّدِّ الْآتِي وَإِلَّا يَلْزَمْ أَنْ يَكُونَ مُصَادَرَةً فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الْبَيْعِ حَيْثُ كَانَ الْوَاجِبُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ مِثْلَهَا) أَيْ: فَمَحَلُّ الْوَجْهَيْنِ إذَا كَانَ الْوَاجِبُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ مِثْلَهَا وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ جَمْعٍ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: فَالْمُجَابُ الرَّاهِنُ) أَيْ: جَزْمًا

[تلف المرهون]

مُسَاوِيَةٌ لَهَا لَمْ تُنْقَلْ الْوَثِيقَةُ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْقَاتِلِ أَكْثَرَ نُقِلَ مِنْهُ قَدْرُ قِيمَةِ الْقَتِيلِ. قَالَ السُّبْكِيُّ: الَّذِي فَهِمْتُهُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَعْنَى النَّقْلِ إنْشَاءُ نَقْلٍ بِتَرَاضِيهِمَا، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ نَقْلِ الْوَثِيقَةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ لِأَنَّ ذَاكَ مَعْنَاهُ بَقَاءُ الْعَقْدِ وَتَبَدُّلِ الْعَيْنِ حَتَّى لَوْ أُرِيدَ فَسْخُ الْأَوَّلِ وَجَعْلُ الثَّانِي هُوَ الرَّهْنُ جَازَ، وَهَذَا الَّذِي هُنَا مِثْلُهُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فَكُّ رَهْنِ الْقَتِيلِ، وَحَيْثُ قِيلَ بِالنَّقْلِ لِلْقَاتِلِ أَوْ بَعْضِهِ فَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُبَاعُ وَيُجْعَلُ ثَمَنُهُ رَهْنًا مَكَانَ الْقَتِيلِ لَا رَقَبَتِهِ لِمَا مَرَّ، فَلَوْ قَالَ الرَّاهِنُ: نَقَلْت حَقَّك إلَى عَيْنٍ أُخْرَى وَرَضِيَ بِهَا الْمُرْتَهِنُ لَمْ يَنْتَقِلْ بِلَا فَسْخٍ وَعَقْدٍ جَدِيدٍ وَلَوْ اخْتَلَفَ جِنْسُ الدَّيْنَيْنِ بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا دَنَانِيرَ وَالْآخَرُ دَرَاهِمَ وَاسْتَوَيَا فِي الْمَالِيَّةِ بِحَيْثُ لَوْ قُوِّمَ أَحَدُهُمَا بِالْآخِرِ لَمْ يَزِدْ وَلَمْ يَنْقُصْ لَمْ يُؤَثِّرْ وَإِنْ وَقَعَ فِي الْوَسِيطِ خِلَافُهُ فَقَدْ قَالَا: إنَّهُ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ وَسَائِرِ الْأَصْحَابِ، وَلَا أَثَرَ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي الِاسْتِقْرَارِ وَضِدِّهِ كَكَوْنِ أَحَدِهِمَا عِوَضَ مَبِيعٍ لَمْ يُقْبَضْ أَوْ صَدَاقًا قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْآخَرُ بِخِلَافِهِ، وَلَوْ كَانَ بِأَحَدِهِمَا ضَامِنٌ فَطَلَبَ الْمُرْتَهِنُ نَقْلَ الْوَثِيقَةِ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي بِالضَّامِنِ إلَى الْآخَرِ حَتَّى يَحْصُلَ التَّوَثُّقُ فِيهِمَا أُجِيبَ لِأَنَّهُ غَرَضٌ ظَاهِرٌ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَمُقْتَضَاهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ: بِيعُوهُ وَضَعُوا ثَمَنَهُ مَكَانَهُ فَإِنِّي لَا آمَنُ جِنَايَتَهُ مَرَّةً أُخْرَى فَتُؤْخَذُ رَقَبَتُهُ فِيهَا وَيَبْطُلُ الرَّهْنُ أَنَّهُ يُجَابُ لِأَنَّهُ غَرَضٌ، وَالْأَوْجُهُ الْمَنْعُ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ كَسَائِرِ مَا يُتَوَقَّعُ مِنْ الْمُفْسِدَاتِ، وَقَدْ نُقِلَ عَنْ أَبِي خَلَفٍ الطَّبَرِيِّ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَلَوْ اقْتَصَّ السَّيِّدُ مِنْ الْقَاتِلِ فَاتَتْ الْوَثِيقَةُ. (وَلَوْ) (تَلِفَ الْمَرْهُونُ بِآفَةٍ) سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بِفِعْلِ مَنْ لَا يَضْمَنُ كَحَرْبِيٍّ (بَطَلَ) الرَّهْنُ لِفَوَاتِهِ بِلَا بَدَلٍ وَمَحَلُّهُ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَغْصُوبًا، وَإِلَّا فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَى غَاصِبِهِ بِالْقِيمَةِ فَتُؤْخَذُ مِنْهُ وَتُجْعَلُ رَهْنًا، وَمَرَّ أَنَّ عَوْدَ الْخَمْرِ خَلًّا بَعْدَ أَنْ كَانَ عَصِيرًا يَعُودُ بِهِ الرَّهْنُ وَأَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي ضَرْبِ الْمَرْهُونِ فَضَرَبَهُ وَتَلِفَ مِنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى الدَّيْنِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ (قَوْلُهُ: بِتَرَاضِيهِمَا) أَيْ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ نَحْوُ قَوْلِ الرَّاهِنِ نَقَلْت الْوَثِيقَةَ مِنْ دَيْنِ كَذَا إلَى دَيْنِ كَذَا وَقَوْلُ الْمُرْتَهِنِ قَبِلْت (قَوْلُهُ: الْمُخْتَلَفِ فِيهِ) أَيْ بَلْ هُوَ نَقْلٌ آخَرُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ مَا لَوْ فَسَخَ الْأَوَّلَ وَجَعَلَ الثَّانِيَ هُوَ الرَّهْنُ (قَوْلُهُ: وَيُجْعَلُ ثَمَنُهُ) أَيْ بِإِنْشَاءِ عَقْدٍ قَالَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ فِي مَالِيَّتِهِ لَا فِي عَيْنِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُؤَثِّرْ) أَيْ فِي جَوَازِ النَّقْلِ فَلَا يُنْقَلُ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ لِاتِّحَادِ الْقِيمَةِ، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ حَجّ حَيْثُ قَالَ: أَوْ جِنْسًا وَاخْتَلَفَ قِيمَةً أَيْضًا فَكَاخْتِلَافِ الْقَدْرِ وَإِلَّا فَلَا غَرَضَ (قَوْلُهُ: إنَّهُ) أَيْ مَا وَقَعَ فِي الْوَسِيطِ (قَوْلُهُ: لِاخْتِلَافِهِمَا) أَيْ الدَّيْنَيْنِ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَحْصُلَ التَّوَثُّقُ فِيهِمَا) أَيْ الدَّيْنَيْنِ وَذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَ الْقَاتِلُ مَرْهُونًا بِدَيْنِ قَرْضٍ وَبِهِ ضَامِنٌ وَالْقَتِيلُ مَرْهُونٌ بِثَمَنِ مَبِيعٍ لَا ضَامِنَ بِهِ، فَإِذَا نُقِلَ الْقَاتِلُ إلَى كَوْنِهِ رَهْنًا بِثَمَنِ الْمَبِيعِ فَقَدْ تَوَثَّقَ صَاحِبُ الدَّيْنِ عَلَى دَيْنِ الْقَرْضِ بِالضَّامِنِ وَقَدْ تَوَثَّقَ عَلَى ثَمَنِ الْمَبِيعِ بِالْمَرْهُونِ الَّذِي نُقِلَ إلَيْهِ فَقَدْ تَوَثَّقَ بِالضَّامِنِ وَالرَّهْنِ بِدَيْنِ الْقَرْضِ وَثَمَنِ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ) حَيْثُ قَالَ: وَفِي نَقْلِ الْوَثِيقَةِ غَرَضٌ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ الْمَذْهَبُ) أَيْ عَدَمُ إجَابَتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اقْتَصَّ) مُحْتَرِزُ قَوْلِهِ وَتَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ وَكَانَ الْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ: أَمَّا إنْ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ قِصَاصٌ وَاقْتَصَّ السَّيِّدُ مِنْ الْقَاتِلِ فَاتَتْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ مَغْصُوبًا) أَيْ مَضْمُونًا بِغَيْرِ الْغَصْبِ كَكَوْنِهِ مُسْتَعَارًا أَوْ مَقْبُوضًا بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: يَعُودُ بِهِ الرَّهْنُ) أَيْ حُكْمُ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ: وَتَلِفَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ الَّذِي فَهِمْتُهُ مِنْ كَلَامِهِمْ إلَخْ) هُوَ ضَعِيفٌ، وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إنْشَاءِ عَقْدٍ كَمَا جَزَمَ بِهِ الزِّيَادِيُّ وَقَوْلُ السُّبْكِيّ جَازَ: أَيْ بِلَا خِلَافٍ وَقَوْلُهُ: وَهَذَا الَّذِي هُنَا مِثْلُهُ: أَيْ: مِثْلُ الَّذِي لَا خِلَافَ فِيهِ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ حَتَّى لَوْ أُرِيدَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُبَاعُ وَيُجْعَلُ ثَمَنُهُ رَهْنًا) أَيْ: يَصِيرُ ثَمَنُهُ رَهْنًا مِنْ غَيْرِ جَعْلٍ [تَلِفُ الْمَرْهُونُ] .

انْفَسَخَ الرَّهْنُ. (وَيَنْفَكُّ) الرَّهْنُ (بِفَسْخِ الْمُرْتَهِنِ) وَلَوْ بِدُونِ الرَّاهِنِ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ وَهُوَ جَائِزٌ مِنْ جِهَتِهِ. نَعَمْ التَّرِكَةُ إذَا قُلْنَا: إنَّهَا مَرْهُونَةٌ بِالدَّيْنِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فَأَرَادَ صَاحِبُ الدَّيْنِ الْفَسْخَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الرَّهْنَ لِمَصْلَحَةِ الْمَيِّتِ وَالْفَكُّ يُفَوِّتُهَا وَخَرَجَ بِالْمُرْتَهِنِ الرَّاهِنُ فَلَا يَنْفَكُّ بِفَسْخِهِ لِلُزُومِهِ مِنْ جِهَتِهِ، وَلَوْ فَكَّ الْمُرْتَهِنُ فِي بَعْضِ الْمَرْهُونِ انْفَكَّ وَصَارَ الْبَاقِي رَهْنًا بِجَمِيعِ الدَّيْنِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ تَلِفَ بَعْضُ الْمَرْهُونِ انْفَكَّ فِيمَا تَلِفَ ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ (وَبِالْبَرَاءَةِ مِنْ) جَمِيعِ (الدَّيْنِ) بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ أَوْ حَوَالَةٍ بِهِ أَوْ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرِهَا، وَلَوْ اعْتَاضَ عَنْ الدَّيْنِ عَيْنًا انْفَكَّ الرَّهْنُ، فَلَوْ تَلِفَتْ أَوْ تَقَايَلَا فِي الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهَا عَادَ الْمَرْهُونُ رَهْنًا (فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الدَّيْنِ وَإِنْ قَلَّ (لَمْ يَنْفَكَّ شَيْءٌ مِنْ الرَّهْنِ) إجْمَاعًا كَحَقِّ حَبْسِ الْمَبِيعِ وَعِتْقِ الْمُكَاتَبِ وَلِأَنَّهُ وَثِيقَةٌ لِجَمِيعِ أَجْزَاءِ الدَّيْنِ، فَلَوْ شَرَطَ كُلَّمَا قَضَى مِنْ الْحَقِّ شَيْءٌ انْفَكَّ مِنْ الرَّهْنِ بِقَدْرِهِ فَسَدَ الرَّهْنُ لِاشْتِرَاطِ مَا يُنَافِيهِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَلَوْ) (رَهَنَ نِصْفَ عَبْدٍ بِدَيْنٍ وَنِصْفَهُ بِآخَرَ) فِي صَفْقَةٍ أُخْرَى (فَبَرِئَ مِنْ أَحَدِهِمَا) (انْفَكَّ قِسْطُهُ) لِتَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ بِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ، وَإِذَا كَانَتْ الْبَرَاءَةُ بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ اشْتَرَطَ أَنْ يَقْصِدَ ذَلِكَ عَنْ النِّصْفِ الْمَذْكُورِ، فَإِنْ قَصَدَ الشُّيُوعَ فَلَا وَإِنْ أَطْلَقَهُ فَلَهُ صَرْفُهُ إلَى مَا شَاءَ (وَلَوْ) (رَهَنَاهُ) بِدَيْنٍ (فَبَرِئَ أَحَدُهُمَا) مِمَّا عَلَيْهِ (انْفَكَّ نَصِيبُهُ) لِتَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ بِتَعَدُّدِ الْعَاقِدِ وَإِنْ اتَّحَدَ وَكِيلُهُمَا لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى اتِّحَادِ الدَّيْنِ وَعَدَمِهِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ، وَمَتَى تَعَدَّدَ الْمُسْتَحِقُّ أَوْ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ تَعَدَّدَ الدَّيْنُ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّ الْعِبْرَةَ فِيهِ بِتَعَدُّدِ الْوَكِيلِ وَاتِّحَادِهِ إذْ هُوَ عَقْدُ ضَمَانٍ فَنُظِرَ فِيهِ لِمَنْ بَاشَرَهُ بِخِلَافِ الرَّهْنِ وَلَوْ رَهَنَهُ عِنْدَ اثْنَيْنِ فَبَرِئَ مِنْ دَيْنِ أَحَدِهِمَا انْفَكَّ قِسْطُهُ لِتَعَدُّدِ مُسْتَحِقِّ الدَّيْنِ لَا يُقَالُ مَا أَخَذَهُ أَحَدُهُمَا مِنْ الدَّيْنِ لَا يَخْتَصُّ بِهِ بَلْ هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا فَكَيْفَ تَنْفَكُّ حِصَّتُهُ مِنْ الرَّهْنِ بِأَخْذِهِ لِأَنَّا نَقُولُ: صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا اقْتَصَّ الْقَابِضُ بِمَا أَخَذَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَجْلِهِ (قَوْلُهُ: انْفَسَخَ الرَّهْنُ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي تَأْدِيبِهِ فَإِنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَضْمَنُ بَدَلَهُ فَيَكُونُ رَهْنًا مَكَانَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِدُونِ) أَيْ وَلَوْ بِدُونِ فَسْخِ الرَّاهِنِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ التَّرِكَةُ) هَذَا اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مُطْلَقِ الرَّهْنِ لَكِنَّ الْكَلَامَ هُنَا لَيْسَ فِيهِ بَلْ فِي الرَّهْنِ الْجُعْلِيِّ (قَوْلُهُ: فِي بَعْضِ الْمَرْهُونِ) أَيْ فَكُّ الرَّهْنِ فِي بَعْضِ إلَخْ (قَوْلُهُ: انْفَكَّ) أَيْ الْبَعْضُ (قَوْلُهُ: مِنْ جَمِيعِ الدَّيْنِ) أَيْ فَلَوْ اخْتَلَفَ الْعَاقِدَانِ بَعْدَ فَسْخِ الرَّهْنِ أَوْ قَبْلَهُ وَطَلَبَ الرَّاهِنُ بَيْعَ الْمَرْهُونِ صُدِّقَ الْمُرْتَهِنُ فِيمَا بِيَدِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ الرَّاهِنُ: رَهَنْتُك سِوَارَيْنِ وَأَقْبَضْتُك إيَّاهُمَا فَقَالَ الْمُرْتَهِنُ بَلْ وَاحِدًا، أَوْ قَالَ الرَّاهِنُ: رَهَنْتُك ذَهَبًا فَقَالَ: بَلْ فِضَّةً صُدِّقَ الْمُرْتَهِنُ فِي نَفْيِ دَعْوَى الرَّاهِنِ لِأَنَّ الْعَيْنَ فِي يَدِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ مَا يَدَّعِيه الرَّاهِنُ، وَتَبْقَى الْعَيْنُ فِي الثَّانِيَةِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لِمَنْ يُنْكِرُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهَا) كَجَعْلِ الدَّائِنِ مَالَهُ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى الْمَرْأَةِ صَدَاقًا لَهَا أَوْ جَعْلِ الْمَرْأَةِ مَثَلًا مَالَهَا مِنْ الدَّيْنِ عَلَى الزَّوْجِ صَدَاقًا عِوَضَ خُلْعٍ (قَوْلُهُ: قَبْلَ قَبْضِهَا) ظَاهِرُهُ رُجُوعُهُ لِكُلٍّ مِنْ التَّلَفِ وَالتَّقَايُلِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّقَايُلِ لِأَنَّ التَّقَايُلَ فَسْخٌ، وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ فِي تَبَيُّنِ بَقَاءِ الدَّيْنِ، وَعِبَارَةُ حَجّ، فَلَوْ تُعَوِّضُ عَيْنًا فَتَقَايَلَا أَوْ تَلِفَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ اهـ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِي رُجُوعِ الْقَيْدِ لِمَسْأَلَةِ التَّلَفِ خَاصَّةً (قَوْلُهُ: فِي صَفْقَةٍ) وَمِنْ التَّعَدُّدِ مَا لَوْ قَالَ: رَهَنْت نِصْفَهُ بِدَيْنِ كَذَا وَنِصْفَهُ بِدَيْنِ كَذَا فَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: قَبِلْت فَلَا يُشْتَرَطُ إفْرَادُ كُلٍّ مِنْ النِّصْفَيْنِ بِعَقْدٍ لِأَنَّ تَفْصِيلَ الْمَرْهُونِ بِهِ يُعَدِّدُ الصَّفْقَةَ كَتَفْصِيلِ الثَّمَنِ وَإِنْ أَوْهَمَ قَوْلُهُ: فِي صَفْقَةٍ خِلَافَهُ (قَوْلُهُ: فَلَهُ) أَيْ بَعْدَ الدَّفْعِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اتَّحَدَ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: إذَا اخْتَصَّ الْقَابِضُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: قَبْلَ قَبْضِهَا) قَيْدٌ فِي مَسْأَلَةِ التَّلَفِ خَاصَّةً كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، وَيُرْشِدُ إلَيْهِ صَنِيعُ الشِّهَابِ حَجّ، فَكَانَ الْأَوْلَى بِالشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَهُ عَقِبَهَا. (قَوْلُهُ: عَادَ الْمَرْهُونُ رَهْنًا) اُنْظُرْ لَوْ تَصَرَّفَ الرَّاهِنُ قَبْلَ عَوْدِهِ رَهْنًا مَا حُكْمُهُ؟ . (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَقُولُ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا اقْتَصَّ الْقَابِضُ) أَيْ: بِأَنْ لَمْ تَتَّحِدْ جِهَةُ دَيْنَيْهِمَا. وَأُجِيبَ أَيْضًا بِمَا إذَا كَانَتْ الْبَرَاءَةُ بِالْإِبْرَاءِ لَا بِالْأَخْذِ

بِخِلَافِ الْإِرْثِ وَدَيْنِ الْكِتَابَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ وَلَوْ رَهَنَ عَبْدًا اسْتَعَارَهُ مِنْ اثْنَيْنِ لِيَرْهَنَهُ ثُمَّ أَدَّى نِصْفَ الدَّيْنِ وَقَصَدَ فِكَاكَ نِصْفِ الْعَبْدِ أَوْ أَطْلَقَ ثُمَّ جَعَلَهُ عَنْهُ، انْفَكَّ نَصِيبُهُ نَظَرًا إلَى تَعَدُّدِ الْمَالِكِ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ الشُّيُوعَ أَوْ أَطْلَقَ ثُمَّ جَعَلَهُ عَنْهُمَا أَوْ لَمْ يُعْرَفْ حَالُهُ، وَلَوْ مَاتَ الرَّاهِنُ قَبْلَ أَنْ يَصْرِفَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَصُورَةِ تَعَدُّدِ الْعَقْدِ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ، فَإِنْ فُقِدَ الْوَارِثُ جُعِلَ بَيْنَهُمَا وَمَا قَيَّدَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ الْمَسْأَلَةَ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ بِأَنْ يَأْذَنَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي رَهْنِ نَصِيبِهِ بِنِصْفِ الدَّيْنِ فَيَرْهَنُ الْمُسْتَعِيرُ الْجَمِيعَ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ، فَلَوْ قَالَا: أَعَرْنَاك الْعَبْدَ لِتَرْهَنَهُ بِدَيْنِك لَمْ يَنْفَكَّ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا بِمَا ذَكَرَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا رَضِيَ بِرَهْنِ الْجَمِيعِ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ، وَأَيَّدَهُ الشَّيْخُ بِأَنَّ مَا قَالَهُ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِ إنَّهُ لَوْ رَهَنَ اثْنَانِ عَبْدَهُمَا بِدَيْنٍ لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ لَا تَنْفَكُّ حِصَّةُ أَحَدِهِمَا بِدَفْعِ شَيْءٍ مِنْ الدَّيْنِ لِأَنَّ نَصِيبَ كُلٍّ مِنْهُمَا رَهْنٌ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ لَكِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ رَهْنِ الْمَالِكِ وَرَهْنِ الْمُسْتَعِيرِ لَائِحٌ وَصِحَّةُ رَهْنِ الْجَمِيعِ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ عَلَى خِلَافِ إذْنِ الْمَالِكِ مَمْنُوعَةٌ مَرْدُودٌ، بَلْ الْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ مِنْ انْفِكَاكِ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا فِيمَا إذَا قَالَا: أَعَرْنَاك الْعَبْدَ لِتَرْهَنَهُ بِدَيْنِك أَوْ رَهَنَاهُ بِهِ، إذْ الْعَقْدُ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الرَّاهِنِ وَبِتَعَدُّدِ مَالِكِ الْعَارِيَّةِ، وَلَوْ رَهَنَ شَخْصٌ عَبْدَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ وَمَا هُنَا مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْإِرْثِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَخْتَصُّ الْقَابِضُ بِمَا قَبَضَهُ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَدَيْنِ الْكِتَابَةِ) أَيْ وَرِيعِ الْوَقْفِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ فَلَوْ خَالَفَ النَّاظِرُ وَفَعَلَ ذَلِكَ بِأَنْ خَصَّ بَعْضَهُمْ أَثِمَ وَضَمِنَ لِبَقِيَّةِ الْمُسْتَحِقِّينَ بِقَدْرِ مَا فَوَّتَهُ عَلَيْهِمْ، وَفِيهِ أَيْضًا بَعْدَ مَا ذَكَرَ مَا نَصُّهُ: ثُمَّ وَقَعَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِطْرَادِ أَنَّ نَاظِرَ الْوَقْفِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ أَحَدَ الْمُسْتَحِقِّينَ مَعْلُومَهُ وَيُؤَخِّرَ الْآخَرَ حَيْثُ طَالَبَ بِحَقِّهِ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَحْوَجَ إلَّا إنْ عَلِمَ رِضَاهُ وَقَالَ مَرَّ: أَيْضًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُقَدِّمَ أَحَدَ الْمُسْتَحِقِّينَ بِمَعْلُومِهِ إلَّا إذَا كَانَ الْحَاصِلُ يُوَفِّي بِمَعْلُومِ الْبَاقِينَ وَقَالَ: إذَا قَبَضَ أَحَدُ الْمُوصَى لَهُمْ قَدْرَ حِصَّتِهِ لَمْ يُزَاحِمْهُ فِيهَا الْبَاقُونَ، وَقَالَ أَيْضًا مَعَ قَوْلِهِ إنَّ رِيعَ الْوَقْفِ شَائِعٌ كَالْإِرْثِ: إنَّهُ إذَا تَعَدَّدَ الْمُؤَجِّرُ لِشَيْءٍ وَقَبَضَ بَعْضُهُمْ مَا يَخُصُّهُ اخْتَصَّ بِهِ وَإِنْ كَانَ الْإِيجَارُ لِوَقْفٍ اهـ وَمِنْ الْحَوَادِثِ مُسْتَحِقَّانِ بِوَقْفٍ شَائِعٍ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا النَّظَرُ عَلَى نِصْفِهِ فَأَجْرُ أَحَدِهِمَا رَقِيقُهُ شَائِعًا بِمُقْتَضَى النَّظَرِ فَهَلْ يَخْتَصُّ بِأُجْرَتِهِ؟ فَأَجَابَ مَرَّ بِأَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ، وَبَالَغَ فِي ذَلِكَ وَقَالَ: الْحَاصِلُ أَنَّ رِيعَ الْوَقْفِ شَائِعٌ وَلَوْ حَصَلَ بِعَقْدٍ كَإِيجَارِ أَحَدِهِمَا لِمَا لَهُ إيجَارُهُ، بِخِلَافِ الْمِلْكِ فَإِنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ فِيهِ إذَا أَجَّرَ حِصَّتَهُ الْمُشَاعَةَ اخْتَصَّ بِأُجْرَتِهَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَاقِفَ أَجْرَى مِلْكَهُ عَلَى وَجْهِ الشُّيُوعِ فَلَا يَجُوزُ فِيهِ التَّمْيِيزُ بِخِلَافِ الْمِلْكِ، فَانْظُرْ هَذَا مَعَ مَا سُقْنَاهُ عَنْهُ آنِفًا مِنْ قَوْلِنَا أَنَّهُ إذَا تَعَدَّدَ الْمُؤَجِّرُ إلَخْ، فَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِهَذَا فَالْمُعَوَّلُ عَلَى هَذَا لِأَنَّا نَتَحَقَّقُهُ عَنْهُ وَمُبَالَغَتُهُ فِيهِ وَهِيَ حَادِثَةٌ سُئِلَ عَنْهَا [فَائِدَةٌ اسْتِطْرَادِيَّةٌ] لِلنَّاظِرِ الْعِمَارَةُ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي لِأَنَّ الْعِمَارَةَ مِنْ وَظِيفَتِهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَلَيْسَ لَهُ الِاقْتِرَاضُ عَلَى الْوَقْفِ إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ مَرَّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَيُصَدَّقُ النَّاظِرُ فِي قَدْرِ مَا صَرَفَ عَلَى الْعِمَارَةِ حَيْثُ ادَّعَى قَدْرًا لَائِقًا بِهَا، وَقَوْلُهُ: بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي: أَيْ حَيْثُ كَانَ مَا يَصْرِفُهُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ أَوْ تَبَرُّعًا مِنْهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَلَيْسَ لَهُ الِاقْتِرَاضُ إلَخْ (قَوْلُهُ: انْفَكَّ نَصِيبُهُ) أَيْ النِّصْفُ الْمَنْسُوبُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ الَّذِي قَصَدَهُ (قَوْلُهُ: الْمَسْأَلَةُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَيَّدَهُ الشَّيْخُ بِأَنَّ مَا قَالَهُ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَوْ رَهَنَ إلَخْ) أَيْ: وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْفَرْقَ) هَذَا مِنْ كَلَامِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ بِنَاءً عَلَى اعْتِمَادِ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِ، لَكِنَّ فِي سِيَاقِ الشَّارِحِ لَهُ عَلَى هَذَا الشَّكْلِ مَا لَا يَخْفَى مِنْ الصُّعُوبَةِ. (قَوْلُهُ: وَصِحَّةُ رَهْنِ الْجَمِيعِ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ) أَيْ: الَّذِي صَوَّرَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ الْمَسْأَلَةَ، وَهَذَا مِنْ كَلَامِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَيْضًا، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا مَنَعَ الزَّرْكَشِيُّ تَصْوِيرَهَا بِهِ بِقَوْلِهِ فَلَوْ قَالَا أَعَرْنَاكَ الْعَبْدَ إلَخْ.

[فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به]

صَفْقَةً وَسَلَّمَ أَحَدَهُمَا لَهُ كَانَ مَرْهُونًا بِجَمِيعِ الدَّيْنِ كَمَا لَوْ سَلَّمَهُمَا فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا، وَلَوْ مَاتَ الرَّاهِنُ عَنْ وَرَثَةٍ فَأَدَّى أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ لَمْ يَنْفَكَّ كَمَا فِي الْمُوَرِّثِ، وَلِأَنَّ الرَّهْنَ صَدَرَ ابْتِدَاءً مِنْ وَاحِدٍ، وَقَضِيَّتُهُ حَبْسُ كُلِّ الْمَرْهُونِ إلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ جَمِيعِ الدَّيْنِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ فَدَى نَصِيبَهُ مِنْ التَّرِكَةِ فَإِنَّهُ يَنْفَكُّ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ إمَّا كَتَعَلُّقِ الرَّهْنِ فَهُوَ كَمَا لَوْ تَعَدَّدَ الرَّاهِنُ أَوْ كَتَعَلُّقِ الْأَرْشِ بِالْجَانِي فَهُوَ كَمَا لَوْ جَنَى الْعَبْدُ الْمُشْتَرَكُ فَأَدَّى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ فَيَنْقَطِعُ التَّعَلُّقُ عَنْهُ. فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الرَّهْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إذَا (اخْتَلَفَا) أَيْ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ (فِي) أَصْلِ (الرَّهْنِ) كَأَنْ قَالَ: رَهَنْتَنِي كَذَا فَأَنْكَرَ (أَوْ) فِي (قَدْرِهِ) أَيْ الرَّهْنِ بِمَعْنَى الْمَرْهُونِ كَأَنْ قَالَ: رَهَنْتَنِي الْأَرْضَ بِأَشْجَارِهَا فَقَالَ: بَلْ الْأَرْضَ فَقَطْ، أَوْ فِي عَيْنِهِ كَهَذَا الْعَبْدِ فَقَالَ: بَلْ الْجَارِيَةَ، أَوْ قَدْرَ الْمَرْهُونِ بِهِ كَمِائَتَيْنِ فَقَالَ: بَلْ مِائَةً، أَوْ صِفَةَ الْمَرْهُونِ بِهِ كَرَهَنْتَنِي بِالْأَلْفِ الْحَالِّ فَقَالَ الرَّاهِنُ: بِالْمُؤَجَّلِ، أَوْ فِي جِنْسِهِ كَمَا لَوْ قَالَ: رَهَنْتُهُ بِالدَّنَانِيرِ فَقَالَ: بَلْ بِالدَّرَاهِمِ (صُدِّقَ الرَّاهِنُ) أَيْ الْمَالِكُ (بِيَمِينِهِ) وَلَوْ كَانَ الْمَرْهُونُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ مَا يَدَّعِيهِ الْمُرْتَهِنِ وَإِطْلَاقُهُ بِالنَّظَرِ لِلْمُدَّعِي كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَإِلَّا فَمُنْكِرُ الرَّهْنِ لَيْسَ بِرَاهِنٍ وَقَوْلُهُ (إنْ كَانَ رَهْنَ تَبَرُّعٍ) أَيْ غَيْرَ مَشْرُوطٍ فِي بَيْعِ قَيْدٍ فِي التَّصْدِيقِ وَدَخَلَ فِي اخْتِلَافِهِمَا فِي قَدْرِ الْمَرْهُونِ مَا لَوْ قَالَ: رَهَنْتَنِي الْعَبْدَ عَلَى مِائَةٍ فَقَالَ الرَّاهِنُ: رَهَنْتُك نِصْفَهُ عَلَى خَمْسِينَ وَنِصْفَهُ عَلَى خَمْسِينَ وَأَحْضَرَ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSهِيَ قَوْلُهُ: وَلَوْ رَهَنَ عَبْدًا اسْتَعَارَهُ مِنْ اثْنَيْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ سَلَّمَهُمَا) أَيْ فَيَكُونُ الْبَاقِي مَرْهُونًا بِجَمِيعِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: مِنْ التَّرِكَةِ) أَيْ فِيمَا لَوْ مَاتَ الْمُوَرِّثُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُرْسَلٌ فِي الذِّمَّةِ وَلَيْسَ بِهِ رَهْنٌ فَتَعَلَّقَ بِتَرِكَتِهِ. . (فَصْلٌ) فِي الِاخْتِلَافِ فِي الرَّهْنِ (قَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) أَيْ مَا يُنَاسِبُهُ، وَمِنْهُ مَا لَوْ أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ فِي بَيْعِ مَرْهُونٍ فَبِيعَ إلَخْ، وَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ أَلْفَانِ أَحَدُهُمَا رَهْنٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَقَالَ) أَيْ الرَّاهِنُ (قَوْلُهُ: بَلْ الْجَارِيَةِ) حَيْثُ صَدَقَهَا الرَّاهِنُ فِي هَذِهِ فَلَا تَعَلُّقَ لِلْمُرْتَهِنِ بِهَا لِإِنْكَارِهِ وَلَا بِالْعَبْدِ لِإِنْكَارِ الْمَالِكِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَرَادَ الْمَالِكُ التَّصَرُّفَ فِي الْجَارِيَةِ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ فَهَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ مَرْهُونٌ بِزَعْمِ الْمَالِكِ أَوَّلًا لِأَنَّ إنْكَارَ الْمُرْتَهِنِ لَمْ يُبْقِ لَهُ حَقًّا وَقِيَاسُ مَا سَنَذْكُرُهُ عَنْ سم اعْتِبَارُ إذْنِهِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ بِأَنَّهُ فِيمَا يَأْتِي إذَا انْقَطَعَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِإِبْرَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ ثَبَتَ الْحَقُّ لِلْمُرْتَهِنِ كَمَا قَالَهُ سم فِيمَا يَأْتِي، وَمَا هُنَا إنْكَارُ الْمُرْتَهِنِ أَسْقَطَ اعْتِبَارَ قَوْلِ الرَّاهِنِ بِالْكُلِّيَّةِ كَمَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لِمَنْ يُنْكِرُهُ حَيْثُ قِيلَ: يَبْطُلُ الْإِقْرَارُ وَيَتَصَرَّفُ الْمُقِرُّ بِمَا شَاءَ وَلَا يَعُودُ لِلْمُقِرِّ لَهُ وَإِنْ كَذَّبَ نَفْسَهُ إلَّا بِإِقْرَارٍ جَدِيدٍ، وَيَأْتِي مِثْلُ مَا ذَكَرَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي أَوْ فِي جِنْسِهِ كَمَا لَوْ قَالَ: رَهَنْتُهُ بِالدَّنَانِيرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَيْ الْمَالِكِ) حَيْثُ لَمْ يَقُمْ بِهِ مَانِعٌ مِنْ الْحَلِفِ كَصِبًا أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ وَقَدْ رَهَنَ الْوَلِيُّ فَإِنَّهُ الَّذِي يَحْلِفُ دُونَهُمْ لِعَدَمِ زَوَالِ الْحَجْرِ عَنْهُمْ، وَعِبَارَةُ حَجّ: أَوْ مَالِكُ الْعَارِيَّةِ، وَهِيَ أَوْلَى لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ يُوهِمُ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَا يُصَدَّقُ إذَا ادَّعَى شَيْئًا مِمَّا ذَكَرَ وَلَيْسَ مُرَادًا، ثُمَّ قَضِيَّةُ تَصْدِيقِ الْمَالِكِ أَنَّهُ لَوْ وَافَقَ الْمُسْتَعِيرُ الْمُرْتَهِنَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَأَنْكَرَهُ مَالِكُ الْعَارِيَّةِ أَنَّ الْمُصَدَّقَ هُوَ الْمُعَيَّرُ فَيَحْلِفُ وَيَسْقُطُ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُرْتَهِنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الرَّهْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ] (فَصْلٌ) فِي الِاخْتِلَافِ فِي الرَّهْنِ (قَوْلُهُ: إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ مَا يَدَّعِيهِ الْمُرْتَهِنُ) هُوَ تَعْلِيلٌ لِمَا فِي الْمَتْنِ خَاصَّةً

خَمْسِينَ لِيَفُكَّ نِصْفَ الْعَبْدِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ أَيْضًا عَلَى أَرْجَحِ الْآرَاءِ، وَدَخَلَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا مَا إذَا كَانَ قَبْلَ قَبْضِ الْمَرْهُونِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَنْكُلَ الرَّاهِنُ فَيَحْلِفَ الْمُرْتَهِنُ وَيَقْبِضَهُ الرَّاهِنُ بَعْدَ ذَلِكَ (وَإِنْ شَرَطَ) الرَّهْنَ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ بِوَجْهٍ مِمَّا ذَكَرَ (فِي بَيْعٍ تَحَالَفَا) كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي سَائِرِ كَيْفِيَّاتِ الْبَيْعِ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى اشْتِرَاطِ الرَّهْنِ فِي الْبَيْعِ وَاخْتَلَفَا فِي الْوَفَاءِ كَأَنْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ: رَهَنْت مِنِّي الْمَشْرُوطَ رَهَنَهُ وَهُوَ كَذَا فَأَنْكَرَ الرَّاهِنُ فَلَا تَحَالُفَ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَخْتَلِفَا فِي كَيْفِيَّةِ الْبَيْعِ الَّذِي هُوَ مَوْقِعُ التَّحَالُفِ بَلْ يُصَدَّقُ الرَّاهِنُ بِيَمِينِهِ وَلِلْمُرْتَهِنِ الْفَسْخُ إنْ لَمْ يَرْهَنْ، وَإِنَّمَا تَعَرَّضَ لِلتَّحَالُفِ هُنَا اسْتِدْرَاكًا عَلَى الْإِطْلَاقِ وَإِلَّا فَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِهِ (وَلَوْ) (ادَّعَى) عَلَى اثْنَيْنِ (أَنَّهُمَا رَهَنَاهُ عَبْدَهُمَا بِمِائَةٍ) وَأَقْبَضَاهُ إيَّاهُ (وَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا) (فَنَصِيبُ الْمُصَدِّقِ رَهْنٌ بِخَمْسِينَ) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ (وَالْقَوْلُ فِي نَصِيبِ الثَّانِي قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ) لِمَا سَلَفَ (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُصَدِّقِ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُكَذِّبِ لِخُلُوِّهَا عَنْ جَلْبِ النَّفْعِ وَدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُ، فَإِنْ شَهِدَ مَعَهُ آخَرُ أَوْ حَلَفَ الْمُدَّعِي مَعَهُ ثَبَتَ رَهْنُ الْجَمِيعِ، وَلَوْ زَعَمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ مَا رَهَنَ نَصِيبَهُ وَأَنَّ شَرِيكَهُ رَهَنَ أَوْ سَكَتَ عَنْ شَرِيكِهِ وَشَهِدَ عَلَيْهِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ فَرُبَّمَا نَسِيَا، وَإِنْ تَعَمَّدَا فَالْكَذْبَةُ الْوَاحِدَةُ لَا تُوجِبُ الْفِسْقَ، وَلِهَذَا لَوْ تَخَاصَمَ اثْنَانِ فِي شَيْءٍ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا بَعْدُ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا كَاذِبًا وَنَازَعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ مَحَلَّ كَوْنِهَا غَيْرَ مُفَسِّقَةٍ مَا إذَا لَمْ يَنْضَمَّ غَيْرُهَا إلَيْهَا، أَمَّا هُنَا فَبِتَقْدِيرِ تَعَمُّدِهِ يَكُونُ جَاحِدًا لِحَقٍّ وَجَبَ عَلَيْهِ فَيَفْسُقُ بِذَلِكَ، وَرُدَّ بِأَنَّ شَرْطَ كَوْنِ الْجَحْدِ مُفَسِّقًا أَنْ تَفُوتَ الْمَالِيَّةُ عَلَى الْغَيْرِ وَهُنَا لَمْ يُفْتِ إلَّا حَقُّ الْوَثِيقَةِ وَقَدْ يُقَالُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ جُحُودِهِ الْحَقَّ كَوْنُهُ مُتَعَمِّدًا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ) أَيْ الِاخْتِلَافُ (قَوْلُهُ: وَيَقْبِضُهُ الرَّاهِنُ) وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ تَمَكُّنُ الرَّاهِنِ مِنْ الْفَسْخِ قَبْلَ الْقَبْضِ، لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْيَمِينَ فَرْعُ الدَّعْوَى وَشَرْطُهَا أَنْ تَكُونَ مُلْزِمَةً، وَقَبْلَ الْقَبْضِ لَا إلْزَامَ فِيهَا لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْفَسْخِ، هَكَذَا رَأَيْتُهُ بِهَامِشٍ عَنْ ابْنِ شَرَفٍ وَهُوَ وَجِيهٌ (قَوْلُهُ: تَحَالَفَا) أَيْ فِي عَيْنِ الصُّورَةِ الْأُولَى وَهِيَ مَا إذَا اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الرَّهْنِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ اتَّفَقَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفَا فِي الْوَفَاءِ) أَيْ بِالشَّرْطِ. [فَرْعٌ] لَوْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْ اثْنَيْنِ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ رَهَنَهُ عَبْدَهُ مَثَلًا وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَاهُ فَإِنْ اتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا أَوْ أُطْلِقَتْ الْبَيِّنَتَانِ أَوْ إحْدَاهُمَا تَعَارَضَتَا، وَإِنْ أُرِّخَتَا بِتَارِيخَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ عَمِلَ بِسَابِقَةِ التَّارِيخِ مَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا وَإِلَّا قُدِّمَتْ بَيِّنَةٌ وَإِنْ تَأَخَّرَ تَارِيخُهَا لِاعْتِضَادِهَا بِالْيَدِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَرْهَنْ) أَيْ الرَّاهِنُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْإِطْلَاقِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ أَوْ قَدْرِهِ (قَوْلُهُ: لِمَا سَلَفَ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا يَدَّعِيهِ الْمُرْتَهِنُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ زَعَمَ) أَيْ ذَكَرَ (قَوْلُهُ: قُبِلَتْ) أَيْ شَهَادَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ فَيَصِيرُ الْعَبْدُ مَرْهُونًا بِتَمَامِهِ إنْ حَلَفَ الْمُدَّعِي مَعَ شَهَادَةِ كُلٍّ يَمِينًا أَوْ أَقَامَ مَعَهُ شَاهِدًا بِمَا ادَّعَاهُ (قَوْلُهُ: بَعْدَ) أَيْ فِي أَيِّ شَيْءٍ كَانَ سَوَاءٌ كَانَ مَالًا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: وَنَازَعَ فِيهِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ فَالْكَذْبَةُ الْوَاحِدَةُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ) أَيْ مَا نَازَعَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ) أَيْ فِي الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْإِسْنَوِيِّ (قَوْلُهُ: كَوْنُهُ مُتَعَمِّدًا) قَدْ يُرَدُّ عَلَى هَذَا أَنَّ الْإِسْنَوِيَّ إنَّمَا بَنَى اعْتِرَاضَهُ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ مُتَعَمِّدًا لِلْكَذِبِ وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يُوجِبُ فِسْقًا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: تَعَمُّدُ الْكَذِبِ فِي عَدَمِ الرَّهْنِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْعِلْمَ بِثُبُوتِ الْحَقِّ عَلَيْهِ، أَوْ يُقَالَ: إنَّ اعْتِرَاضَ الْإِسْنَوِيِّ عَلَى أَصْلِ الْحُكْمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَقْبِضُهُ الرَّاهِنُ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ: بِاخْتِيَارِهِ، وَإِلَّا فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْإِقْبَاضِ إذْ الصُّورَةُ أَنَّهُ رَهْنُ تَبَرُّعٍ (قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفَا فِي الْوَفَاءِ) أَيْ: بِالشَّرْطِ. (قَوْلُهُ: اسْتِدْرَاكًا عَلَى الْإِطْلَاقِ) فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِهِ إطْلَاقٌ بَعْدَ تَقْيِيدِهِ بِقَوْلِهِ إنْ كَانَ رَهْنَ تَبَرُّعٍ فَالْأَصْوَبُ أَنْ يُقَالَ تَصْرِيحًا بِحُكْمِ مَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ كَانَ رَهْنَ تَبَرُّعٍ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ لَا يَلْزَمُ مِنْ جُحُودِهِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ كَلَامَ الْإِسْنَوِيِّ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا تَعَمَّدَ

فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ عَرَضَتْ لَهُ شُبْهَةٌ أَوْ نِسْيَانٌ حَمَلَهُ عَلَى الْإِنْكَارِ، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يُصَرِّحْ الْمُدَّعِي بِظُلْمِهِمَا بِالْإِنْكَارِ بِلَا تَأْوِيلٍ وَإِلَّا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّهُ ظَهَرَ مِنْهُ مَا يَقْتَضِي تَفْسِيقَهُمَا، وَمَا نُوزِعَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ ظُلْمٍ خَالٍ عَنْ تَأْوِيلٍ مُفَسِّقًا بِدَلِيلِ الْغِيبَةِ فِيهِ نَظَرٌ، إذْ الْكَلَامُ فِي ظُلْمٍ هُوَ كَبِيرَةٌ وَكُلُّ ظُلْمٍ كَذَلِكَ خَالٍ عَنْ التَّأْوِيلِ مُفَسِّقٌ، وَلَا تَرِدُ الْغِيبَةُ لِأَنَّهَا صَغِيرَةٌ عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي فِيهَا، فَالْوَجْهُ مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَلَوْ ادَّعَيَا عَلَى وَاحِدٍ أَنَّهُ رَهَنَهَا عَبْدَهُ وَأَقْبَضَهُ لَهُمَا وَصَدَّقَ أَحَدُهُمَا قُبِلَتْ شَهَادَةُ الْمُصَدَّقِ بِفَتْحِ الدَّالِ لِلْمُكَذِّبِ إنْ لَمْ يَكُنْ شَرِيكُهُ فِيهِ. (وَلَوْ) (اخْتَلَفَا) أَيْ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ (فِي قَبْضِهِ) أَيْ الْمَرْهُونِ (فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الرَّاهِنِ أَوْ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَقَالَ الرَّاهِنُ: غَصَبْتُهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ لُزُومِ الرَّهْنِ وَعَدَمُ إذْنِهِ فِي الْقَبْضِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ وَوَافَقَهُ الرَّاهِنُ عَلَى إذْنِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَهُوَ قَبُولُ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَلِهَذَا لَوْ تَخَاصَمَ إلَخْ وَالْأَوْلَى رُجُوعُهُ لِقَوْلِ الشَّارِحِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ فَرُبَّمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَا نُوزِعَ بِهِ) أَيْ الْبُلْقِينِيُّ (قَوْلُهُ: فَالْوَجْهُ مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ) لَكِنْ قَدْ يُخَالِفُهُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ تَعَمَّدَا فَالْكَذْبَةُ الْوَاحِدَةُ إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ اعْتِرَاضًا عَلَى الْإِسْنَوِيِّ، وَرُدَّ بِأَنَّ شَرْطَ إلَخْ وَمِنْ ثَمَّ رَدَّ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ تَبَعًا لحج مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِعَيْنِ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ رَدًّا عَلَى الْإِسْنَوِيِّ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَلَى مَا لَوْ تَخَاصَمَا فِي مَالٍ أَنْكَرَهُ أَحَدُهُمَا وَادَّعَاهُ الْآخَرُ فَلَا يُخَالِفُ مَا رُدَّ بِهِ عَلَى الْإِسْنَوِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ادَّعَيَا عَلَى وَاحِدٍ أَنَّهُ رَهَنَهُمَا عَبْدَهُ) فِي حَجّ: وَلَوْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْ اثْنَيْنِ أَنَّهُ رَهَنَهُ كَذَا وَأَقْبَضَهُ لَهُ فَصَدَقَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ أَخَذَهُ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ تَحْلِيفُهُ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ هُنَا إذْ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ لَهُ، لَكِنَّ الَّذِي ذَكَرَاهُ فِي الْإِقْرَارِ وَالدَّعَاوَى وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يُحْلِفُهُ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ أَوْ نَكَلَ فَحَلَفَ الْآخَرُ غَرِمَ لَهُ الْقِيمَةَ لِتَكُونَ رَهْنًا عِنْدَهُ، وَاعْتَمَدَ ابْنُ الْعِمَادِ الْأَوَّلَ وَفَرَّقَ بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحْلِفْ فِي هَذَيْنِ لَبَطَلَ الْحَقُّ مِنْ أَصْلِهِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا لِأَنَّ لَهُ مَرَدًّا وَهُوَ الذِّمَّةُ وَلَمْ يَفُتْ إلَّا التَّوَثُّقُ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ وَكَفَى بِفَوَاتِ التَّوَثُّقِ مُحْوِجًا إلَى التَّحْلِيفِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَصَدَقَ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ شَرِيكَهُ) أَيْ شَرِيكَ الْمُصَدَّقِ فِي الدَّيْنِ. (قَوْلُهُ: صُدِّقَ) أَيْ الرَّاهِنُ فِي عَدَمِ إذْنِهِ فِي الْقَبْضِ: أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ تَلِفَتْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا وَأُجْرَتُهَا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ يَمِينَ الرَّاهِنِ إنَّمَا قَصَدَ بِهَا دَفْعَ دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ لُزُومَ الرَّهْنِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ ثُبُوتُ الْغَصْبِ وَلَا غَيْرِهِ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ فِي الْمَبِيعِ عَيْبٌ فَادَّعَى الْمُشْتَرِي قِدَمَهُ لِيَرُدَّ بِهِ وَادَّعَى الْبَائِعُ حُدُوثَهُ لِيَكُونَ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّ الْقَوْلَ فِيهِ قَوْلُ الْبَائِعِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ فُسِخَ عَقْدُ الْبَيْعِ وَرُدَّ الْمَبِيعُ عَلَى الْبَائِعِ لَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ أَرْشُ الْعَيْبِ الْحَادِثِ بِمُقْتَضَى تَصْدِيقِ الْبَائِعِ فِي دَعْوَى الْحُدُوثِ، وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ يَمِينَ الْبَائِعِ إنَّمَا صَلُحَتْ لِدَفْعِ الرَّدِّ فَلَا تَصْلُحُ لِتَغْرِيمِ الْأَرْشِ، وَعَلَى عَدَمِ لُزُومِ الْمُرْتَهِنِ مَا ذَكَرَ فَلِلرَّاهِنِ أَنْ يَسْتَأْنِفَ دَعْوَى جَدِيدَةً عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ بِأَنْ غَصَبَهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ حَلَفَ الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ مَا غَصَبَهُ وَأَنَّهُ قَبَضَهُ عَنْ جِهَةِ الرَّهْنِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ مُجَرَّدَ حَلِفِ الرَّاهِنِ إنَّهُ مَا أَقْبَضَهُ عَنْ جِهَةِ الرَّهْنِ يُوجِبُ ضَمَانَ الْقِيمَةِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ بِيَمِينِ الرَّاهِنِ انْتَفَى اسْتِحْقَاقُ وَضْعِ يَدِ الْمُرْتَهِنِ عَلَيْهِ بِحَقٍّ وَذَلِكَ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الِاخْتِلَافِ فِي قِدَمِ الْعَيْبِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّ حَلِفَ الْبَائِعِ أَفَادَ عَدَمَ رَدِّ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ بِهَا حَقٌّ لِلرَّاهِنِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ) وَخَرَجَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ مَا لَوْ كَانَ بِيَدِ الرَّاهِنِ فَهُوَ الْمُصَدَّقُ كَمَا يَأْتِي ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فِيهِ نَظَرٌ إذْ الْكَلَامُ إلَخْ) لِلشِّهَابِ سم فِي هَذَا بَحْثٌ فِي حَوَاشِيهِ عَلَى التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: فَالْوَجْهُ مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ) لَا يُلَائِمُ مَا قَدَّمَهُ فِي رَدِّ كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ لِمَا لَا يَخْفَى مِنْ أَنَّ كَلَامَ الْبُلْقِينِيِّ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَا ذُكِرَ مُفَسِّقٌ .

لَهُ فِي قَبْضِهِ، لَكِنَّهُ قَالَ: إنَّك لَمْ تَقْبِضْهُ عَنْهُ أَوْ رَجَعْت عَنْ الْإِذْنِ فَيَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى عَيْنًا بِيَدِهِ فَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهَا مَرْهُونَةٌ لَمْ تُقْبَلْ إلَّا إنْ شَهِدَتْ بِالْقَبْضِ، وَإِلَّا صُدِّقَ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ يَدِهِ وَلِأَنَّهُ مُدَّعٍ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَالْآخَرُ مُدَّعٍ لِفَسَادِهِ (وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَقْبَضْتُهُ عَنْ جِهَةٍ أُخْرَى) كَإِجَارَةٍ وَإِيدَاعٍ وَإِعَارَةٍ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ إذْنِهِ فِي الْقَبْضِ عَنْ الرَّهْنِ، وَيَكْفِي قَوْلُ الرَّاهِنِ لَمْ أَقْبِضْهُ عَنْ جِهَةِ الرَّهْنِ عَلَى الْأَوْجُهِ وَالثَّانِي يُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى قَبْضٍ مَأْذُونٍ فِيهِ وَالرَّاهِنُ يُرِيدُ صَرْفَهُ إلَى جِهَةٍ أُخْرَى، وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ لِتَقَدُّمِ الْعَقْدِ الْمُحْوِجِ إلَى الْقَبْضِ، وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْإِذْنِ فِي الْقَبْضِ وَتَنَازَعَا فِي قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ فَالْمُصَدَّقُ مِنْ الْمَرْهُونِ فِي يَدِهِ (وَلَوْ) (أَقَرَّ) الرَّاهِنُ (بِقَبْضِهِ) أَيْ الْمُرْتَهِنِ الْمَرْهُونَ (ثُمَّ قَالَ: لَمْ يَكُنْ إقْرَارِي عَنْ حَقِيقَةٍ) (فَلَهُ تَحْلِيفُهُ) أَيْ الْمُرْتَهِنِ أَنَّهُ قَبَضَ الْمَرْهُونَ (وَقِيلَ: لَا يُحْلِفُهُ إلَّا أَنْ يَذْكُرَ لِإِقْرَارِهِ تَأْوِيلَا كَقَوْلِهِ أَشْهَدْت عَلَى رَسْمِ الْقَبَالَةِ) قِيلَ: حَقِيقَةُ الْقَبْضِ وَالرَّسْمِ الْكِتَابَةُ وَالْقَبَالَةُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ الْوَرَقَةُ الَّتِي يُكْتَبُ فِيهَا الْحَقُّ الْمُقَرُّ بِهِ: أَيْ أَشْهَدْتُ عَلَى الْكِتَابَةِ الْوَاقِعَةِ فِي الْوَثِيقَةِ لِكَيْ آخُذَ بَعْدَ ذَلِكَ، أَوْ ظَنَنْت حُصُولَ الْقَبْضِ بِالْقَوْلِ، أَوْ أَلْقَى إلَى كِتَابٍ عَلَى لِسَانِ وَكِيلِي أَنَّهُ أُقْبِضَ ثُمَّ خَرَجَ مُزَوِّرًا، لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَذْكُرْ تَأْوِيلًا يَكُونُ مُنَاقِضًا لِقَوْلِهِ لِإِقْرَارِهِ وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّا نَعْلَمُ فِي الْغَالِبِ أَنَّ الْوَثَائِقَ يُشْهَدُ عَلَيْهَا غَالِبًا قَبْلَ تَحْقِيقِ مَا فِيهَا فَأَيُّ حَاجَةٍ إلَى تَلَفُّظِهِ بِذَلِكَ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ كَوْنِ الْإِقْرَارِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ بَعْدَ الدَّعْوَى أَمْ لَا، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْعِرَاقِيِّينَ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي، وَإِنْ قَالَ الْقَفَّالُ: إنَّهُ لَيْسَ لَهُ التَّحْلِيفُ إذَا كَانَ الْإِقْرَارُ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ، فَإِنْ قَالَ: مَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِإِقْرَارِهِ بِالْقَبْضِ مِنْهُ لَمْ أُقِرَّ بِهِ أَوْ شَهِدُوا عَلَى أَنَّهُ قَبَضَ مِنْهُ بِجِهَةِ الرَّهْنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ التَّحْلِيفُ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِإِتْلَافِ مَالٍ ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدْت عَازِمًا عَلَيْهِ إذْ لَا يُعْتَادُ ذَلِكَ وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ وَغَيْرِهَا عَلَى الْمَنْقُولِ الْمُعْتَمَدِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي قَوْلِهِ وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْإِذْنِ فِي الْقَبْضِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ) أَيْ الرَّاهِنَ (قَوْلُهُ: عَنْهُ) أَيْ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ: فَيَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ قَالَ الرَّاهِنُ: أَقَبَضْتُهُ عَنْ جِهَةٍ أُخْرَى الْآتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ التَّنَازُعَ ثَمَّ فِي فِعْلِ الرَّاهِنِ وَمَا هُنَا فِي فِعْلِ الْمُرْتَهِنِ وَكُلٌّ أَدْرَى بِمَا صَدَرَ مِنْهُ، فَيُصَدَّقُ الرَّاهِنُ ثَمَّ لِأَنَّهُ أَدْرَى بِصِفَةِ إقْبَاضِهِ وَالْمُرْتَهِنُ هُنَا لِأَنَّهُ أَدْرَى بِصِفَةِ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ: بِيَدِهِ) أَيْ فِي حَالِ التَّنَازُعِ سَوَاءٌ كَانَتْ بِيَدِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ لَا، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَكُنْ الْعَيْنُ الْمَبِيعَةُ بِيَدِهِ لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَلِأَنَّهُ مُدَّعٍ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ إلَخْ خِلَافُهُ، وَسَيَأْتِي لَهُ مَا يُوَافِقُهُ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْأَظْهَرُ تَصْدِيقُ إلَخْ، وَدَعْوَى الرَّاهِنِ زَوَالُ الْمِلْكِ كَدَعْوَاهُ الْجِنَايَةَ فَلَعَلَّ التَّقْيِيدَ بِالْيَدِ لِأَنَّهُ الَّذِي يُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ وَيَكُونُ الْكَلَامُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي) أَيْ فَلَا يَتَقَيَّدُ الْحُكْمُ بِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ قَوْلِهِ غَصَبْتُهُ أَوْ أَقْبَضْتُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِكَيْ آخُذَ) عِبَارَةُ حَجّ: لِكَيْ أُعْطِيَ وَهِيَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَقِيلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ) مُتَّصِلٌ بِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَأَنَّهُ قَالَ: وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ لَمْ يَكُنْ إقْرَارِي عَنْ حَقِيقَةٍ مَا لَوْ قَالَ مَنْ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ) أَيْ الرَّاهِنِ (قَوْلُهُ: مِنْهُ) أَيْ مِنْ الرَّاهِنِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لَهُ التَّحْلِيفُ) أَيْ جَزْمًا بَلْ يَبْقَى الْمَرْهُونُ تَحْتَ يَدِ الْمُرْتَهِنِ بِلَا يَمِينٍ (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ) أَيْ فَيَحْلِفُ الْمَالِكُ أَنَّ إقْرَارَهُ بِالْإِتْلَافِ عَنْ حَقِيقَةٍ (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْإِتْلَافِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُعْتَادُ) أَيْ فَلَيْسَ لَهُ التَّحْلِيفُ، وَقَدْ يُفْهِمُ قَوْلُهُ: إذْ لَا يُعْتَادُ أَنَّهُ لَوْ ذَكَرَ لِإِقْرَارِهِ سَبَبًا مُحْتَمَلًا عَادَةً كَأَنْ قَالَ: رَمَيْت إلَى صَيْدٍ فَأَصَبْتُهُ وَظَنَنْت أَنَّ تِلْكَ الْإِصَابَةَ حَصَلَ بِهَا إتْلَافُ الْمَالِ الَّذِي أَقْرَرْت بِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ لِي خِلَافُهُ أَنَّ لَهُ تَحْلِيفَ الْمُقِرِّ لَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ كُلِّ مَا يُذْكَرُ فِيهِ لِإِقْرَارِهِ وَجْهًا مُحْتَمَلًا (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي ذَلِكَ) أَيْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهَا مَرْهُونَةٌ) أَيْ: مِنْهُ قَبْلَ الْبَيْعِ حَتَّى لَا يَصِحَّ الْبَيْعُ. (قَوْلُهُ: لِكَيْ آخُذَ بَعْدَ ذَلِكَ) لَا مَحَلَّ لَهُ هُنَا، وَإِنَّمَا مَحَلُّهُ فِي بَعْضِ أَفْرَادِ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي ذَلِكَ) يَعْنِي مَا مَرَّ فِي الْمَتْنِ

كَإِقْرَارِ مُقْتَرِضٍ بِقَبْضِ الْقَرْضِ وَبَائِعٍ بِقَبْضِ الثَّمَنِ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُ الرَّاهِنِ بِالْإِقْبَاضِ عِنْدَ إمْكَانِهِ فَلَوْ كَانَ بِمَكَّةَ مَثَلًا فَقَالَ: رَهَنْتُهُ دَارِي بِالشَّامِ وَأَقْبَضْتُهُ إيَّاهَا وَهُمَا بِمَكَّةَ فَهُوَ لَغْوٌ، نَصَّ عَلَيْهِ. قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ بِمَا يُمْكِنُ مِنْ كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ: أَيْ لِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهَا فِي الشَّرْعِ، وَلِهَذَا قُلْنَا: مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِمَكَّةَ وَهُوَ بِمِصْرَ فَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْعَقْدِ لَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ، وَلَوْ دَفَعَ الْمَرْهُونَ إلَى الْمُرْتَهِنِ بِغَيْرِ قَصْدِ إقْبَاضِهِ عَنْ الرَّهْنِ هَلْ يَكْفِي عَنْهُ؟ وَجْهَانِ فِي التَّهْذِيبِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُهُ، بَلْ هُوَ وَدِيعَةٌ لِأَنَّ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ وَاجِبٌ بِخِلَافِ الْمَرْهُونِ. (وَلَوْ) (قَالَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ (جَنَى الْمَرْهُونُ) بَعْدَ الْقَبْضِ (وَأَنْكَرَ الْآخَرُ صُدِّقَ الْمُنْكِرُ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْجِنَايَةِ وَبَقَاءُ الرَّهْنِ، وَإِذَا بِيعَ لِلدَّيْنِ فَلَا شَيْءَ لِلْمُقِرِّ لَهُ عَلَى الرَّاهِنِ بِإِقْرَارِهِ، وَلَا يَلْزَمُ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ إلَى الْمُرْتَهِنِ الْمُقِرِّ لِإِقْرَارِهِ (وَلَوْ) (قَالَ الرَّاهِنُ) بَعْدَ الْقَبْضِ: (جَنَى قَبْلَ الْقَبْضِ) سَوَاءٌ أَقَالَ جَنَى بَعْدَ الرَّهْنِ أَمْ قَبْلَهُ وَأَنْكَرَ الْمُرْتَهِنُ (فَالْأَظْهَرُ تَصْدِيقُ الْمُرْتَهِنِ بِيَمِينِهِ فِي إنْكَارِهِ) الْجِنَايَةَ صِيَانَةً لِحَقِّهِ فَيَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لِأَنَّ الرَّاهِنَ قَدْ يُوَاطِئُ مُدَّعِيَ الْجِنَايَةِ لِغَرَضِ إبْطَالِ الرَّهْنِ. وَالثَّانِي يُصَدَّقُ الرَّاهِنُ لِأَنَّهُ أَقَرَّ فِي مِلْكِهِ بِمَا يَضُرُّهُ وَمَحَلُّ الْخِلَافُ عِنْدَ تَعْيِينِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَتَصْدِيقُهُ لَهُ وَدَعْوَاهُ وَإِلَّا فَالرَّهْنُ بَاقٍ بِحَالِهِ قَطْعًا وَدَعْوَى الرَّاهِنِ زَوَالُ الْمِلْكِ كَدَعْوَاهُ الْجِنَايَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSالْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: فَقَالَ رَهَنْتُهُ) أَيْ الْآنَ (قَوْلُهُ: دَارِي) زَادَ حَجّ الْيَوْمَ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ بِمَا يُمْكِنُ) أَيْ أَمَّا مَا يُوجَدُ مِنْ كَرَامَاتِهِمْ بِالْفِعْلِ كَمَا لَوْ ذَهَبَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِي مَسْأَلَتِنَا لِلشَّامِ وَأَقْبَضَهُ الدَّارَ وَرَجَعَا إلَى مَكَّةَ أَوْ لَا فَإِنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِالْقَبْضِ، وَفِي حَجّ: نَعَمْ إذَا ثَبَتَتْ الْوِلَايَةُ وَجَبَ تَرْتِيبُ الْحُكْمِ عَلَى الْإِمْكَانِ عَلَى طَرِيقِ الْكَرَامَةِ، قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ اهـ وَهُوَ إنَّمَا يَأْتِي فِيمَا بَيْنَ الْوَلِيِّ وَبَيْنَ اللَّهِ فِي أَمْرٍ مُوَافِقٍ لِلشَّرْعِ مَكَّنَهُ اللَّهُ مِنْهُ خَرْقًا لِلْعَادَةِ وَفَعَلَهُ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُهُ بَاطِنًا، أَمَّا ظَاهِرًا فَلَا نَظَرَ لِلْإِمْكَانِ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ قَصْدٍ) أَيْ بِأَنْ أَطْلَقَ (قَوْلُهُ: أَصَحُّهُمَا عَدَمُهُ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّوْجِيهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ اشْتَرَطَ قَصْدَ الْإِقْبَاضِ عَنْ جِهَةِ الْبَيْعِ لِأَنَّ تَسْلِيمَهُ الْآنَ لَيْسَ وَاجِبًا عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ لِكَوْنِ الثَّمَنِ مُؤَجَّلًا أَوْ حَالًّا وَقَبَضَهُ الْبَائِعُ لَا يُشْتَرَطُ قَصْدُ الْإِقْبَاضِ عَنْ جِهَةِ الْبَيْعِ لِكَوْنِ التَّسْلِيمِ وَاجِبًا عَلَيْهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَرْهُونِ) قَالَ حَجّ: وَلَوْ رَهَنَ وَأَقْبَضَ مَا اشْتَرَاهُ ثُمَّ ادَّعَى فَسَادَ الْبَيْعِ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ لِلتَّحْلِيفِ وَكَذَا بَيِّنَتُهُ إلَّا إنْ قَالَ هُوَ مِلْكِي غَيْرَ مُعْتَمَدٍ عَلَى ظَاهِرِ الْعَقْدِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: أَيْ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ) تَفْسِيرٌ لِلْمُضَافِ إلَيْهِ وَهُوَ هُمَا لَا لِلْمُضَافِ وَهُوَ أَحَدُ إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَقَالَ أَوْ الْمُرْتَهِنُ وَبِهِ عَبَّرَ حَجّ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ، فَالْوَاوُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِلْمُضَافِ إلَيْهِ وَأَوْ عَلَى أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِلْمُضَافِ (قَوْلُهُ: عَلَى الرَّاهِنِ) أَيْ بَلْ كُلُّ الثَّمَنِ لِلْمُرْتَهِنِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ) لَكِنْ هَلْ يَتَوَقَّفُ صِحَّةُ بَيْعِهِ عَلَى اسْتِئْذَانِهِ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِبَقَاءِ الرَّهْنِيَّةِ وَالرَّهْنُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ لَا يَتَوَقَّفُ لِأَنَّ قَضِيَّةَ إقْرَارِهِ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ حَقٌّ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ إلَيْهِ الثَّمَنَ، وَالْقَلْبُ إلَى الْأَوَّلِ أَمْيَلُ، وَلَعَلَّهُ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ كَمَا قَرَّرَهُ مَرَّ وَمَالَ إلَيْهِ أَقُولُ: وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ قَدْ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِنَحْوِ إبْرَاءٍ فَيَزُولُ الْمَانِعُ مِنْ لُزُومِ تَسْلِيمِ الرَّهْنِ لِلْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ الرَّهْنِيَّةَ بَاقِيَةٌ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ حَقَّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مُقَدَّمٌ، فَإِذَا زَالَ بِنَحْوِ الْإِبْرَاءِ تَمَحَّضَ الِاسْتِحْقَاقُ لِلْمُرْتَهِنِ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: إلَى الْمُرْتَهِنِ) أَيْ بَلْ يُسَلَّمُ لِلرَّاهِنِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْقَبْضِ) أَيْ أَمَّا لَوْ قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيُصَدَّقُ وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْإِقْبَاضُ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ وَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَهُ) أَيْ الرَّاهِنِ (قَوْلُهُ: زَوَالَ الْمِلْكِ) أَيْ قَبْلَ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ: كَدَعْوَاهُ) أَيْ فَلَا يُصَدَّقُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِأَنَّ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِشَيْءٍ مَحْذُوفٍ لَكِنَّهُ مَعْلُومٌ: أَيْ وَإِنَّمَا وَقَعَ الْقَبْضُ عَنْ الْبَيْعِ مَعَ الْإِطْلَاقِ

(وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ) الْمُرْتَهِنُ (غَرِمَ الرَّاهِنُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) لِحَيْلُولَتِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَقِّهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ وَالثَّانِي لَا يَغْرَمُ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَا لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِهِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ يَغْرَمُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ) الْمَرْهُونِ (وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ) كَجِنَايَةِ أُمِّ الْوَلَدِ لِامْتِنَاعِ الْبَيْعِ. وَالثَّانِي يَغْرَمُ الْأَرْشَ بَالِغًا مَا بَلَغَ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَوْ نَكَلَ الْمُرْتَهِنُ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ (لَا عَلَى الرَّاهِنِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَدَعْ لِنَفْسِهِ شَيْئًا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي تُرَدُّ عَلَى الرَّاهِنِ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ وَالْخُصُومَةُ تَجْرِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُرْتَهِنِ (فَإِذَا حَلَفَ) الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا (بِيعَ) الْعَبْدُ (فِي الْجِنَايَةِ) إنْ اسْتَغْرَقَتْ الْجِنَايَةُ قِيمَتَهُ وَإِلَّا بِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِهَا وَلَا يَكُونُ الْبَاقِي رَهْنًا لِثُبُوتِ الْجِنَايَةِ بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ وَلَا خِيَارَ لِلْمُرْتَهِنِ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ لِتَفْوِيتِهِ حَقَّهُ بِنُكُولِهِ (وَلَوْ) (أَذِنَ) الْمُرْتَهِنُ (فِي بَيْعِ الْمَرْهُونِ فَبِيعَ وَرَجَعَ عَنْ الْإِذْنِ وَقَالَ) بَعْدَ الْبَيْعِ: (رَجَعْت قَبْلَ الْبَيْعِ وَقَالَ الرَّاهِنُ) : بَلْ (بَعْدَهُ) (فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ الْمُرْتَهِنِ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْبَيْعِ وَالرُّجُوعُ فِي الْوَقْتِ الْمُدَّعَى إيقَاعُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِيهِ فَيَتَعَارَضَانِ وَيَبْقَى الرَّهْنُ، وَمُقْتَضَى مَا ذَكَرَ الِاتِّفَاقُ عَلَى الْبُطْلَانِ فِيمَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى الرُّجُوعِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالًا لِحَقِّ الْغَيْرِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْمُشْتَرِي، أَوْ عَيَّنَهُ فَلَمْ يُصَدِّقْهُ، أَوْ عَادَ إلَى الرَّاهِنِ بِفَسْخٍ وَغَيْرِهِ، وَحِينَئِذٍ فَيُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَبْقَى الرَّهْنُ وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى الرُّجُوعِ قَبْلَ الْبَيْعِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي وَالْمَرْهُونُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَعَلَى الرَّاهِنِ بَدَلُهُ، فَإِنْ نَكَلَا وَحَلَفَ الْمُرْتَهِنُ بَطَلَ الْبَيْعُ وَالْإِعْتَاقُ وَالْإِيلَادُ إنْ كَانَ مُعْسِرًا وَالثَّانِي يُصَدَّقُ الرَّاهِنُ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِوَقْتِ بَيْعِهِ وَقَدْ سَلَّمَ لَهُ الْمُرْتَهِنُ الْإِذْنَ. (وَمَنْ) (عَلَيْهِ أَلْفَانٍ) مَثَلًا (بِأَحَدِهِمَا رَهْنٌ) أَوْ كَفِيلٌ أَوْ هُوَ ثَمَنُ مَبِيعٍ مَحْبُوسٍ بِهِ وَالْآخَرُ خَالٍ عَنْ ذَلِكَ (فَأَدَّى أَلْفًا وَقَالَ: أَدَّيْتُهُ عَنْ أَلْفِ الرَّهْنِ) أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا ذَكَرَ (صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِقَصْدِهِ وَكَيْفِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) هُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مُكَلَّفًا أَمَّا لَوْ كَانَ طِفْلًا أَوْ مَوْقُوفًا فَلَا يَتَأَتَّى تَحْلِيفُهُ فَهَلْ تَبْقَى الْعَيْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَتُبَاعُ لِحَقِّهِ لِثُبُوتِهِ بِلَا مُعَارِضٍ أَوْ يُوقَفُ الْحَالُ إلَى كَمَالِ الطِّفْلِ وَالصُّلْحِ فِيمَا لَوْ كَانَ مَوْقُوفًا أَوْ كَيْفَ الْحَالُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي فِي مَسْأَلَةِ الطِّفْلِ لِأَنَّ كَمَالَهُ مَرْجُوٌّ، وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْوَقْفِ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ بِنُكُولِهِ عَنْ الْحَلِفِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ مُنِعَ مِنْ جَوَازِ تَصَرُّفِهِ فِيهِ (قَوْلُهُ: بِيعَ الْعَبْدُ) أَيْ بِكَمَالِهِ (قَوْلُهُ: لِثُبُوتِ الْجِنَايَةِ) أَيْ قَبْلَ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ: الْمَشْرُوطِ) أَيْ الرَّهْنُ فِيهِ أَيْ الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: فَبِيعَ وَرَجَعَ) أَيْ ثَبَتَ رُجُوعُهُ مِنْ غَيْرِ إضَافَةٍ إلَى وَقْتٍ كَمَا يُصَرَّحُ بِهِ قَوْلُهُ: وَقَالَ: رَجَعْت بَعْدَ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ الْمُرْتَهِنِ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ انْفَكَّ الرَّهْنُ فَيَنْبَغِي تَعَلُّقُ حَقِّ الْمُشْتَرِي بِهِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْبَيْعِ) أَيْ وَكَذَّبَهُمَا الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ) أَيْ قَوْلِهِ وَمُقْتَضَى إلَخْ (قَوْلُهُ: اتَّفَقَا) أَيْ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْبَيْعِ) أَيْ أَوْ الْإِعْتَاقِ أَوْ الْوَطْءِ الَّذِي حَمِلَتْ مِنْهُ، وَقَدْ أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ فِي ذَلِكَ قَبْلُ (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي) أَيْ فِي الْبَيْعِ وَقَوْلُهُ: وَالْمَرْهُونُ: أَيْ فِي الْإِعْتَاقِ وَالْإِيلَادِ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ بِمُرَاجَعَةِ الْأَنْوَارِ وَبِهِ يَتَّضِحُ قَوْلُ الشَّارِحِ فَإِنْ نَكَلَا إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) أَيْ فَيَحْلِفُ كُلٌّ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ. (قَوْلُهُ: صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ اقْتَرَضَ شَيْئًا وَنَذَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَنَّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِثُبُوتِ الْجِنَايَةِ بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ) أَيْ: الَّتِي هِيَ كَإِقْرَارِ الْمُرْتَهِنِ وَهُوَ لَوْ أَقَرَّ بِهَذِهِ الْجِنَايَةِ بَطَلَ الرَّهْنُ؛ إذْ الصُّورَةُ أَنَّ الْجِنَايَةَ قَبْلَ الْقَبْضِ . (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ) بَلْ خِلَافُهُ هُوَ نَصُّ الْمَذْهَبِ كَمَا سَيَأْتِي عَنْ الْأَنْوَارِ، وَحِينَئِذٍ فَكَانَ اللَّائِقُ بِالشَّارِحِ أَنْ لَا يَذْكُرَهُ عَلَى وَجْهِ الْبَحْثِ. (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ فَيُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الْأَصَحِّ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ تَفْرِيعِ هَذَا عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ وَحِينَئِذٍ فَيَبْقَى الرَّهْنُ بِحَالِهِ اتِّفَاقًا، لَا يُقَالُ: لِمَ لَا يَجْرِي نَظِيرُ هَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ مَعَ أَنَّهَا أَوْلَى بِعَدَمِ بُطْلَانِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّمَا صُدِّقَ الْمُرْتَهِنُ فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ؛ لِأَنَّا لَوْ لَمْ نُصَدِّقْهُ لَفَاتَ عَلَيْهِ الرَّهْنُ بِلَا بَدَلٍ، بِخِلَافِ هَذَا فَإِنَّ الْبَدَلَ الَّذِي لَزِمَ الرَّاهِنَ بِمُوَافَقَتِهِ لِلْمُرْتَهِنِ قَائِمٌ مَقَامَ الرَّاهِنِ هَكَذَا ظَهَرَ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى الرُّجُوعِ إلَخْ) صَدَّرَ عِبَارَةَ الْأَنْوَارِ: وَلَوْ بَاعَ أَوْ أَعْتَقَ أَوْ وَطِئَ

أَدَائِهِ سَوَاءٌ اخْتَلَفَا فِي نِيَّتِهِ أَمْ لَفْظِهِ، فَالْعِبْرَةُ فِي جِهَةِ الْأَدَاءِ بِقَصْدِ الْمُؤَدِّي حَتَّى يَبْرَأَ بِقَصْدِهِ الْوَفَاءَ وَيَمْلِكُهُ الْمَدْيُونُ وَإِنْ ظَنَّ الدَّائِنُ إيدَاعَهُ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الدَّائِنُ بِحَيْثُ يَجِبُ عَلَى الْقَبُولِ وَأَنْ لَا، لَكِنْ بَحَثَ السُّبْكِيُّ أَنَّ الصَّوَابَ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ إلَّا بِرِضَاهُ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ الْمَدْفُوعُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ وَقَدْ يَشْمَلُهُ كَلَامُ السُّبْكِيّ، وَكَمَا أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي ذَلِكَ بِقَصْدِهِ فَكَذَا الْخِيرَةُ إلَيْهِ فِيهِ ابْتِدَاءً. نَعَمْ لَوْ كَانَ عَلَى الْمُكَاتَبِ دَيْنُ مُعَامَلَةٍ فَأَرَادَ الْأَدَاءَ عَنْ دَيْنِ الْكِتَابَةِ وَالسَّيِّدُ الْأَدَاءَ عَنْ دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ فَيُجَابُ السَّيِّدُ وَتُفَارَقُ غَيْرُهَا مِمَّا ذَكَرَ بِأَنَّ دَيْنَ الْكِتَابَةِ فِيهَا مُعَوِّضٌ لِلسُّقُوطِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ قَصْدُ الْمُكَاتَبِ عِنْدَ عَدَمِ التَّعَرُّضِ لِلْجِهَةِ لِتَقْصِيرِ السَّيِّدِ بِعَدَمِ التَّعْيِينِ ابْتِدَاءً (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ) حَالَةَ الدَّفْعِ (شَيْئًا جَعَلَهُ عَمَّا شَاءَ) مِنْهُمَا كَمَا فِي زَكَاةِ الْمَالَيْنِ الْحَاضِرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنَّ لِلْمُقْرِضِ كَذَا مَا دَامَ الْمَالُ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ شَيْءٌ مِنْهُ ثُمَّ دَفَعَ لَهُ قَدْرًا يَفِي بِجَمِيعِ الْمَالِ وَقَالَ: قَصَدْت بِهِ الْأَصْلَ فَسَقَطَ عَنِّي فَلَا يَجِبُ عَلَيَّ مِنْ النَّذْرِ شَيْءٌ مِنْ حِينِ السُّقُوطِ فَيُصَدَّقُ وَلَوْ كَانَ الْمَدْفُوعُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ. وَمُقْتَضَى مَا يَأْتِي عَنْ السُّبْكِيّ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْأَخْذُ إلَّا بِالرِّضَا، فَحَيْثُ لَمْ يَرْضَ بِهِ أَوْ رَدَّهُ أَوْ بَدَلَهُ لِلنَّاذِرِ بَقِيَ مُوجِبُ النَّذْرِ فَيُطَالَبُ بِهِ حَتَّى يَبْرَأَ النَّاذِرُ مِنْ الْأَصْلِ، وَالْكَلَامُ كُلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ وَقْتَ الدَّفْعِ إنَّهُ عَنْ النَّذْرِ وَإِلَّا صُدِّقَ الْآخِذُ، وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ: سَوَاءٌ اخْتَلَفَا فِي نِيَّتِهِ أَوْ لَفْظِهِ (قَوْلُهُ: وَيَمْلِكُهُ الْمَدْيُونُ) الْمُنَاسِبُ الدَّائِنُ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْمَدْفُوعُ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ وَلَا غَرَضَ لَهُ فِي الِامْتِنَاعِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) عَكْسُ مَا ذَكَرْنَاهُ (قَوْلُهُ: أَنَّ الصَّوَابَ فِي الثَّانِيَةِ) هِيَ قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ) مُعْتَمَدٌ: أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الدَّافِعِ، فَعَلَى الْآخِذِ رَدُّهُ إنْ بَقِيَ حَيْثُ لَمْ يَرْضَ بِهِ وَبَدَلَهُ إنْ تَلِفَ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ) أَيْ مِثْلَ مَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ إلَّا بِرِضَاهُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَشْمَلُهُ كَلَامُ السُّبْكِيّ) لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ وَأَنْ لَا صَادِقَ بِمَا إذَا كَانَ عَدَمُ الْإِجْبَارِ لِكَوْنِ الْمَدْفُوعُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ وَلِكَوْنِهِ أَحْضَرَهُ بِغَيْرِ صِفَةِ الدَّيْنِ أَوْ قَبْلَ وَقْتِ حُلُولِهِ وَلِلدَّائِنِ غَرَضٌ فِي الِامْتِنَاعِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَدَمِ التَّعَرُّضِ) أَيْ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لِتَقْصِيرِ السَّيِّدِ بِعَدَمِ التَّعْيِينِ) مُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ السُّبْكِيّ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِ السَّيِّدِ إلَّا بِرِضَاهُ، وَعَلَيْهِ فَلَا يُعْتَقُ الْعَبْدُ حَيْثُ لَمْ يَرْضَ بِهِ السَّيِّدُ عَنْ النُّجُومِ. [فَرْعٌ] عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى تَزَوُّجِهِ عَلَيْهَا أَوْ تَسَرِّيهِ وَإِبْرَائِهَا لَهُ مِنْ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ مِنْ صَدَاقِهَا مَثَلًا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِأَنَّهُ مِنْ صَدَاقِهَا، وَلَكِنْ قَصَدَ ذَلِكَ اُعْتُبِرَ قَصْدُهُ وَبَرِئَ مِنْ صَدَاقِهَا حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ تَسَرَّى وَأَبْرَأَتْهُ مِنْ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ مِنْ صَدَاقِهَا لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهَا صَدَاقٌ تُبَرِّئُ مِنْهُ فَلَمْ يُوجَدْ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ، هَذَا إذَا كَانَ الَّذِي دَفَعَهُ مِنْ جِنْسِ الصَّدَاقِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ وَقَصَدَ بِهِ الدَّفْعَ عَنْهُ اُعْتُبِرَ قَصْدُهُ لَكِنْ لَا يَبْرَأُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ، بَلْ إنْ جَرَى بَيْنَهُمَا تَعْوِيضٌ صَحِيحٌ أَوْ تَلِفَ الْمَدْفُوعُ فِي يَدِهَا وَكَانَتْ قِيمَتُهُ مِنْ جِنْسِهِ وَوُجِدَتْ شُرُوطُ التَّقَاصِّ بَرِئَ أَيْضًا وَامْتَنَعَ الْحِنْثُ بِالتَّزَوُّجِ وَإِبْرَائِهَا لِمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ تَعْوِيضٌ صَحِيحٌ وَلَا تَلِفَ الْمَدْفُوعُ وَلَمْ تُوجَدْ شُرُوطُ التَّقَاصِّ فَحَقُّهَا بَاقٍ، فَإِذَا تَزَوَّجَ أَوْ تَسَرَّى أَوْ أَبْرَأَتْهُ مِمَّا ذَكَرَ فَإِنْ كَانَ ظَانًّا أَنَّهُ بَرِئَ مِمَّا جَرَى فَلَا حِنْثَ لِأَنَّ شَرْطَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ مَعَ الْعِلْمِ بِوُجُودِهِ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِعَدَمِ بَرَاءَتِهِ حَنِثَ هَكَذَا قَرَّرَهُ: مَرَّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَحْبَلَ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الْإِذْنِ وَعَدَمِهِ صُدِّقَ الْمُرْتَهِنُ، فَإِنْ حَلَفَ بَطَلَ الْبَيْعُ مُطْلَقًا وَالْإِعْتَاقُ وَالْإِيلَادُ إنْ كَانَ مُعْسِرًا، وَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَ الرَّاهِنُ نَفَذَ الْكُلُّ، وَإِنْ نَكَلَ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَالْعَبْدِ وَالْأَمَةِ، وَلَا يَثْبُتُ الْإِذْنُ بِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَتَيْنِ، وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى رُجُوعِهِ وَاخْتَلَفَا فِي وَقْتِهِ فَقَالَ الْمُرْتَهِنُ قَدْ رَجَعْتُ قَبْلَ التَّصَرُّفِ وَقَالَ الرَّاهِنُ: بَلْ بَعْدَهُ صُدِّقَ الْمُرْتَهِنُ وَإِنْ أَنْكَرَ أَصْلَ الرُّجُوعِ صُدِّقَ الرَّاهِنُ، وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الرُّجُوعَ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي إلَخْ

[فصل في تعلق الدين بالتركة]

وَالْغَائِبِ (وَقِيلَ: يَسْقُطُ عَلَيْهِمَا) لِانْتِفَاءِ أَوْلَوِيَّةِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَالتَّقْسِيطُ عَلَيْهِ بِالسَّوِيَّةِ كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَغَيْرُهُ، وَقِيلَ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنَيْنِ وَلَوْ دَفَعَ الْمَالَ عَنْهُمَا قُسِّطَ عَلَيْهِمَا وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ التَّبْيِينِ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ السُّبْكِيُّ فِيمَا إذَا كَانَ بِأَحَدِهِمَا كَفِيلٌ، قَالَ: فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ جُعِلَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَإِذَا عَيَّنَ فَهَلْ يَنْفَكُّ الرَّهْنُ مِنْ وَقْتِ اللَّفْظِ أَوْ التَّعْيِينِ؟ الْأَوْجُهُ الْأَوَّلُ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَوْ بَاعَ نَصِيبَهُ وَنَصِيبَ غَيْرِهِ فِي عَبْدٍ ثُمَّ قَبَضَ شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ فَهَلْ نَقُولُ: النَّظَرُ إلَى قَصْدِ الدَّافِعِ وَعِنْدَ عَدَمِ قَصْدِهِ يَجْعَلُهُ عَمَّا شَاءَ، أَوْ نَقُولُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ: الْقَبْضُ فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ غَيْرُ صَحِيحٍ فَيَطْرُقُهَا عِنْدَ الِاخْتِلَافِ دَعْوَى الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ وَعِنْدَ عَدَمِ الْقَصْدِ يَظْهَرُ إجْرَاءُ الْحَالِ عَلَى سَدَادِ الْقَبْضِ وَيُلْغَى الزَّائِدُ؟ لَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلٍ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ سُئِلَتْ عَنْ ذَلِكَ فِي وَقْفٍ مِنْهُ حِصَّةٌ لِرَجُلٍ وَمِنْهُ حِصَّةٌ لَبِنْتِهِ الَّتِي هِيَ تَحْتَ حِجْرِهِ وَالنَّظَرُ فِي حِصَّتِهِ لَهُ وَحِصَّةُ بِنْتِهِ لِلْحَاكِمِ وَقَبَضَ شَيْئًا مِنْ الْأُجْرَةِ كَيْفَ يُعْمَلُ فِيهِ؟ وَكَتَبْت مُقْتَضَى الْمَنْقُولِ وَمَا أَرْدَفْتُهُ بِهِ وَهُوَ حَسَنٌ. وَلَوْ تَبَايَعَ مُشْتَرَكَانِ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ وَسَلَّمَ مَنْ الْتَزَمَ الزِّيَادَةَ دِرْهَمًا ثُمَّ أَسْلَمَا فَإِنْ قَصَدَ بِتَسْلِيمِهِ الزِّيَادَةَ لَزِمَهُ الْأَصْلُ، وَإِنْ قَصَدَ الْأَصْلَ بَرِئَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَصَدَهُمَا وُزِّعَ عَلَيْهِمَا وَسَقَطَ بَاقِي الزِّيَادَةِ، وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا عَنْهُ لِمَا شَاءَ مِنْهُمَا. . فَصْلٌ فِي تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ (مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ تَعَلَّقَ بِتَرِكَتِهِ) الْمُنْتَقِلَةِ إلَى الْوَارِثِ مَعَ وُجُودِ الدَّيْنِ كَمَا سَيَأْتِي (تَعَلُّقُهُ بِالْمَرْهُونِ) لِأَنَّهُ أَحْوَطُ لِلْمَيِّتِ إذْ يَمْتَنِعُ عَلَى هَذَا تَصَرُّفُ الْوَارِثِ فِيهِ جَزْمًا، بِخِلَافِ إلْحَاقِهِ بِالْجِنَايَةِ فَإِنَّهُ يَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ فِي الْبَيْعِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَقُولُ: قَدْ يُقَالُ: الْأَقْرَبُ حِنْثُهُ بِبَرَاءَتِهَا مُطْلَقًا لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ الْبَرَاءَةُ لَا التَّزَوُّجُ، وَقَدْ وُجِدَتْ الْبَرَاءَةُ لِبَقَاءِ الْحَقِّ فِي ذِمَّتِهِ لِانْتِفَاءِ شُرُوطِ التَّقَاصِّ (قَوْلُهُ: وَالتَّقْسِيطُ عَلَيْهِ) أَيْ الثَّانِي (قَوْلُهُ: قُسِّطَ عَلَيْهِمَا) هَلْ التَّقْسِيطُ عَلَيْهِ بِالسَّوِيَّةِ أَوْ لَا؟ الظَّاهِرُ جَرَيَانُ الْخِلَافِ السَّابِقِ وَأَنَّ الرَّاجِحَ مِنْهُ أَنَّهُ عَلَى السَّوِيَّةِ (قَوْلُهُ: مِنْ وَقْتِ اللَّفْظِ) أَيْ الْمُفِيدِ لِلْأَدَاءِ كَقَوْلِهِ خُذْ هَذَا عَنْ دَيْنِك وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مِنْ وَقْتِ الدَّفْعِ (قَوْلُهُ: فَهَلْ يَقُولُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إلَى قَصْدِ الدَّفْعِ) هَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ لِيَعُودَ صَاحِبُ الدَّيْنِ الْمُقْتَضِي لِاعْتِبَارِ قَصْدِ الدَّافِعِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الِاخْتِلَافِ) أَيْ مِنْ الدَّافِعِ وَالْقَابِضِ كَأَنْ قَالَ الْأَوَّلُ: أَطْلَقْت وَالثَّانِي: قَصَدْتَنِي (قَوْلُهُ: عَلَى سَدَادِ الْقَبْضِ) أَيْ صِحَّةِ الْقَبْضِ فِيمَا يَخُصُّهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَيُلْغَى الزَّائِدُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ سُئِلَتْ) مِنْ كَلَامِ الْبُلْقِينِيِّ (قَوْلُهُ: عَنْ ذَلِكَ) أَيْ عَنْ نَظِيرِ ذَلِكَ وَهُوَ دَفْعُ حِصَّةٍ مِنْ أُجْرَةِ الْمَوْقُوفِ (قَوْلُهُ: مُقْتَضَى الْمَنْقُولِ) رَاجِعْهُ مِنْ الْفَتَاوَى. . (فَصْلٌ) فِي تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ. (قَوْلُهُ: فِي تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ تَصَرَّفَ الْوَارِثُ ثُمَّ طَرَأَ الدَّيْنُ (قَوْلُهُ: بِالْمَرْهُونِ) أَيْ الَّذِي تَعَدَّدَ رَاهِنُهُ فَلَوْ أَدَّى أَحَدُ الْوَرَثَةِ نَصِيبَهُ مِنْ الدَّيْنِ انْفَكَّ قَدْرُهُ مِنْ التَّرِكَةِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ إلْحَاقِهِ بِالرَّهْنِ لَكِنْ مَعَ هَذَا التَّأْوِيلِ لَا يَكُونُ مُسْتَثْنًى (قَوْلُهُ: فِي الْبَيْعِ) وَهُوَ قَوْلُهُ: وَلَا الْجَانِي الْمُتَعَلِّقُ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ فِي الْأَظْهَرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: قُسِّطَ عَلَيْهِمَا) أَيْ: بِالسَّوِيَّةِ لَا بِالْقِسْطِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. [فَصْلٌ فِي تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ]

وَاغْتُفِرَ هُنَا عَنْ جَهَالَةِ الْمَرْهُونِ بِهِ لِكَوْنِهِ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَمَحَلُّ مَا مَرَّ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ قَدْ أَيِسَ مِنْ مَعْرِفَتِهِ وَإِلَّا فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا لِأَنَّهُ لَا غَايَةَ لِلْحَجْرِ عَلَيْهَا، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ مَا أَيِسَ مِنْ مَعْرِفَةِ صَاحِبِهِ يَصِيرُ مِنْ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ، وَحِينَئِذٍ فَلِلْوَارِثِ وَمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ كَذَلِكَ دَفَعَهُ لِمُتَوَلِّي بَيْتِ الْمَالِ الْعَادِلِ وَإِلَّا فَلِقَاضٍ أَمِينٍ أَوْ ثِقَةٍ عَارِفٍ لِيَصْرِفَهُ فِي مَصَارِفِهِ أَوْ يَتَوَلَّى هُوَ ذَلِكَ إنْ عَرَفَهُ، وَيُغْتَفَرُ اتِّحَادُ الْقَابِضِ وَالْمُقْبَضِ هُنَا لِلضَّرُورَةِ، وَكَالدَّيْنِ فِيمَا ذَكَرَ الْوَصِيَّةَ الْمُطْلَقَةَ فَيَمْتَنِعُ التَّصَرُّفُ فِي قَدْرِ الثُّلُثِ، وَكَذَا الَّتِي بِعَيْنٍ مُعَيَّنَةٍ فَيَمْنَعُهُ فِيمَا يَحْتَمِلُهُ الثُّلُثُ مِنْهَا وَلِلْمُوصَى لَهُ فِدَاءُ الْمُوصَى بِهِ كَالْوَارِثِ (وَفِي قَوْلِهِ كَتَعَلُّقِ الْأَرْشِ بِالْجَانِي) لِثُبُوتِهِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِ الْمَالِكِ وَشَمَلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ كَانَ بِالدَّيْنِ رَهْنٌ سَوَاءٌ أَكَانَ مُسَاوِيًا لَهُ أَمْ أَزْيَدَ مِنْهُ بِحَيْثُ يَظْهَرُ ظُهُورًا قَوِيًّا أَنَّهُ يُوَفَّى مِنْهُ. وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ لِلشَّيْءِ تَعَلُّقًا عَامًّا وَتَعَلُّقًا خَاصًّا. نَعَمْ لَوْ كَانَ الدَّيْنُ أَكْثَرَ مِنْ التَّرِكَةِ فَوَفَّى الْوَارِثُ قَدْرَهَا انْفَكَّتْ مِنْ الرَّهِينَةِ (فَعَلَى) الْأَوَّلِ (الْأَظْهَرُ يَسْتَوِي الدَّيْنُ الْمُسْتَغْرِقُ وَغَيْرُهُ) فِي رَهْنِ التَّرِكَةِ فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْوَارِثِ فِي شَيْءٍ مِنْهَا (فِي الْأَصَحِّ) كَالْمَرْهُونِ، وَالثَّانِي إنْ كَانَ الدَّيْنُ أَقَلَّ تَعَلُّقٍ بِقَدْرِهِ مِنْ التَّرِكَةِ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِجَمِيعِهَا لِأَنَّ الْحَجْرَ فِي مَالٍ كَثِيرٍ بِشَيْءٍ حَقِيرٍ بَعِيدٌ، وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ أَنَّ الْخِلَافَ لَا يَتَأَتَّى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ كَتَعَلُّقِ الْجِنَايَةِ، لَكِنْ حُكِيَ فِي الْمَطْلَبِ الْخِلَافُ عَلَيْهِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ. وَأَجَابَ الشَّارِحُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ رَجَّحُوا فِي تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ تَعَلُّقَ الْأَرْشِ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ الْجَانِي أَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِقَدْرِهَا مِنْهُ وَقِيلَ بِجَمِيعِهِ، فَيَأْتِي تَرْجِيحُهُ هُنَا فَيُخَالِفُ الْمُرَجِّحُ عَلَى الْأَرْشِ الْمُرَجِّحَ عَلَى الرَّهْنِ، فَقَوْلُهُ فَعَلَى الْأَظْهَرِ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَمَحَلُّ مَا مَرَّ) مِنْ تَعَلُّقِهِ بِالتَّرِكَةِ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ فَلِلْوَارِثِ) الْأَوْلَى فَعَلَى الْوَارِثِ لِأَنَّ هَذَا وَاجِبٌ، وَعِبَارَةُ حَجّ: فَلِلْوَارِثِ وَمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ كَذَلِكَ رَفْعُ الْأَمْرِ لِقَاضٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ كَذَلِكَ) أَيْ أَيِسَ مِنْ مَعْرِفَةِ صَاحِبِهِ (قَوْلُهُ: إنْ عَرَفَهُ) أَيْ وَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ فِيمَا لَوْ أَمَرَهُ بِدَفْعِ مَا عَلَيْهِ لِلْفُقَرَاءِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ مِنْهُ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا وَأَذِنَ لَهُ الدَّافِعُ فِي الْأَخْذِ مِنْهُ وَعَيَّنَ لَهُ مَا يَأْخُذُهُ بِلَا إفْرَازٍ، فَإِنْ أَفْرَزَهُ وَسَلَّمَهُ لَهُ مَلَكَهُ (قَوْلُهُ: اتِّحَادُ الْقَابِضِ وَالْمُقْبَضِ) يَأْتِي أَنَّهُ قَدْ يُدْعَى أَنَّ الْفُقَرَاءَ مَثَلًا نَائِبُونَ عَنْ الْمَالِكِ فِي الْقَبْضِ، وَمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ إنَّمَا يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَلَيْهِ فَلَا اتِّحَادَ، لَكِنْ يُشْكِلُ بِأَنَّ الشَّخْصَ لَا يَكُونُ وَكِيلًا عَنْ غَيْرِهِ فِي إزَالَةِ مِلْكِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ اُغْتُفِرَ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَنَمْنَعُهُ) أَيْ الْوَارِثَ فِيمَا يَحْتَمِلُهُ الثُّلُثُ مِنْ الْعَيْنِ الْمُوصَى بِهَا لِأَنَّهُ مِلْكُهُ الْمُوصَى لَهُ بِالْقَبُولِ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ مِنْ أَنَّ الْوَصِيَّةَ تُمْلَكُ بِالْمَوْتِ بِشَرْطِ الْقَبُولِ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَحْتَمِلُهُ الثُّلُثُ مِنْهَا) قَالَ حَجّ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ: كَذَا قِيلَ؛ وَالْقِيَاسُ امْتِنَاعُ التَّصَرُّفِ فِي الْأُولَى فِي الْكُلِّ وَفِي الثَّانِيَةِ فِي تِلْكَ الْعَيْنِ فَقَطْ حَتَّى يَرِدَ الْمُوصَى لَهُ أَوْ يَمْتَنِعَ مِنْ الْقَبُولِ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ كُلُّهُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ اهـ. وَمَا ذَكَرَ أَنَّهُ الْقِيَاسُ يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي، فَعَلَى الْأَوَّلِ الْأَظْهَرُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلِلْمُوصَى لَهُ) فَائِدَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْوَارِثِ) أَيْ لِنَفْسِهِ وَلَوْ بِإِذْنِ رَبِّ الدَّيْنِ، بِخِلَافِ تَصَرُّفِهِ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ، فَلَوْ بَاعَ لِأَجْلِهِ بِإِذْنِ الْغُرَمَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَاغْتُفِرَ هُنَا جَهَالَةُ الْمَرْهُونِ بِهِ) أَيْ: بِالدَّيْنِ هُوَ التَّرِكَةُ لِيُوَافِقَ كَلَامَ غَيْرِهِ وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ قَوْلِهِ بِهِ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ) صَوَابُهُ الدَّائِنُ وَلَعَلَّ الْأَلِفَ سَقَطَتْ مِنْ الْكَتَبَةِ. (قَوْلُهُ: وَكَالدَّيْنِ فِيمَا ذُكِرَ الْوَصِيَّةُ الْمُطْلَقَةُ) أَيْ: فِي قَدْرِ الثُّلُثِ فَقَطْ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْعَيْنِ فِيمَا قَبْلَ الْقَبُولِ؛ إذْ الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ الْقَبُولِ شَرِيكٌ مَالِكٌ. (قَوْلُهُ: وَلِلْمُوصَى لَهُ فِدَاءُ الْمُوصَى بِهِ) أَيْ: فِيمَا إذَا كَانَ هُنَاكَ دَيْنٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ كَلَامُهُ) أَيْ: عَلَى الْقَوْلَيْنِ

صَحِيحٌ اهـ. وَمَعْلُومٌ مُخَالَفَةُ الزَّكَاةِ لِمَا هُنَا لِبِنَائِهَا عَلَى الْمُسَاهَلَةِ، فَجَوَابُ الشَّارِحِ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَإِنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ فَهْمِهِ، وَقَدْ أَجَابَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهُ إنَّمَا نَصَّ عَلَى الْأَظْهَرِ لِأَنَّ الْخِلَافَ عَلَيْهِ أَقْوَى، وَيُسْتَثْنَى مِنْ إلْحَاقِهِ بِالرَّهْنِ مَا لَوْ أَدَّى وَارِثُهُ قِسْطَ مَا وَرِثَ فَإِنَّهُ يَنْفَكُّ نَصِيبُهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ رَهَنَ ثُمَّ مَاتَ لَا يَنْفَكُّ إلَّا بِوَفَاءِ جَمِيعِ الدَّيْنِ وَمَرَّ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ثُمَّ مَا ذَكَرَ مَحَلُّهُ فِي دَيْنِ الْأَجْنَبِيِّ، أَمَّا دَيْنُ الْوَارِثِ فَالصَّوَابُ أَنَّهُ يُسْقِطُ مِنْهُ مَا يَلْزَمُهُ أَدَاؤُهُ مِنْهُ لَوْ كَانَ لِأَجْنَبِيٍّ وَهُوَ نِسْبَةُ إرْثِهِ مِنْ الدَّيْنِ إنْ كَانَ مُسَاوِيًا لِلتَّرِكَةِ أَوْ أَقَلَّ، وَمِمَّا يَلْزَمُ الْوَرَثَةَ أَدَاؤُهُ إنْ كَانَ أَكْثَرَ وَيَسْتَقِرُّ لَهُ نَظِيرُهُ مِنْ الْمِيرَاثِ وَيُقَدِّرُ أَنَّهُ أُخِذَ مِنْهُ ثُمَّ أُعِيدَ إلَيْهِ عَنْ الدَّيْنِ وَهَذَا سَبَبُ سُقُوطِهِ وَبَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمَيِّتِ مِنْهُ وَيَرْجِعُ عَلَى بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ بِبَقِيَّةِ مَا يَجِبُ أَدَاؤُهُ عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمْ، وَقَدْ يُفْضِي الْأَمْرُ إلَى التَّقَاصِّ إذَا كَانَ الدَّيْنُ لِوَارِثَيْنِ. (وَلَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا بَعْضِهِمْ إلَّا إنْ غَابَ وَأَذِنَ الْحَاكِمُ عَنْهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ صَحَّ وَكَانَ الثَّمَنُ رَهْنًا رِعَايَةً لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ، إذْ لَا يَبْرَأُ إلَّا بِالْأَدَاءِ أَوْ التَّحَمُّلِ السَّابِقِ آخِرَ الْجَنَائِزِ أَوْ إبْرَاءِ الدَّائِنِ، وَعَلَى ذَلِكَ أَعْنِي تَقْيِيدَ النُّفُوذِ بِإِذْنِ الْغَرِيمِ بِمَا إذَا كَانَ لِوَفَاءِ الدَّيْنِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ مَنْ أَطْلَقَ صِحَّتَهُ بِإِذْنِهِ، وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إيجَارُ شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَإِنْ أَذِنَ الْغُرَمَاءُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا عَلَى الْمَيِّتِ بِبَقَاءِ رَهْنِ نَفْسِهِ إلَى انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ اهـ حَجّ. أَقُولُ: هَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ مُقَسَّطَةً عَلَى الشُّهُورِ مَثَلًا أَوْ مُؤَجَّلَةً إلَى آخِرِ الْمُدَّةِ، أَمَّا لَوْ أَجَّرَهُ بِأُجْرَةِ حَالَّةٍ وَقَبَضَهَا وَدَفَعَهَا لِرَبِّ الدَّيْنِ فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ الْحَالَّةَ تُمْلَكُ بِالْعَقْدِ فَتَبْرَأُ بِدَفْعِهَا لِلدَّائِنِ ذِمَّةُ الْمَيِّتِ. لَا يُقَالُ: يُحْتَمَلُ تَلَفُ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ. لِأَنَّا نَقُولُ: الْأَصْلُ عَدَمُهُ وَالْأُمُورُ الْمُسْتَقْبَلَةُ لَا يُنْظَرُ إلَيْهَا فِي أَدَاءِ الْحُقُوقِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يَجُوزُ جَعْلُ رَأْسِ مَالِ السَّلْمِ مَنْفَعَةَ عَقَارٍ وَإِنْ كَانَ السَّلْمُ حَالًّا وَتُقْبَضُ بِقَبْضِ مَحَلِّهَا، وَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ التَّلَفِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَنْ يَتَصَرَّفُ عَنْ نَفْسِهِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ كَالْوَلِيِّ فِي مَالِ الصَّبِيِّ. [فَائِدَةٌ] قَالَ حَجّ: وَشَمَلَ كَلَامُهُمْ مَنْ مَاتَ وَفِي ذِمَّتِهِ حَجٌّ فَيُحْجَرُ عَلَى الْوَارِثِ حَتَّى يُتِمَّ الْحَجَّ عَنْهُ وَبِذَلِكَ أَفْتَى بَعْضُهُمْ، وَأَفْتَى بَعْضٌ آخَرُ بِأَنَّهُ بِالِاسْتِئْجَارِ وَتَسْلِيمِ الْأُجْرَةِ لِلْأَجِيرِ يَنْفَكُّ الْحَجْرُ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِبَقَاءِ التَّعَلُّقِ بِذِمَّتِهِ بَعْدُ اهـ. وَظَاهِرُهُ اعْتِمَادُ الْأَوَّلِ وَلَوْ قِيلَ بِاعْتِمَادِ الثَّانِي لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا (قَوْلُهُ: وَمَرَّ الْفَرْقُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ قُبَيْلَ فَصْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمَعْلُومٌ مُخَالَفَةُ الزَّكَاةِ لِمَا هُنَا) أَيْ: فَهُمْ إنَّمَا رَجَّحُوا فِيهَا التَّعَلُّقَ بِقَدْرِهَا فَقَطْ؛ لِبِنَائِهَا عَلَى الْمُسَاهَلَةِ، فَلَا يَتَأَتَّى نَظِيرُ التَّرْجِيحِ هُنَا لِبِنَاءِ مَا هُنَا عَلَى التَّضْيِيقِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ الْآدَمِيِّ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ الْجَلَالِ: فَيَأْتِي تَرْجِيحُهُ هُنَا غَيْرُ ظَاهِرٍ لِلْفَرْقِ الْمَذْكُورِ، لَكِنَّ الشِّهَابَ حَجّ جَازِمٌ بِأَنَّهُمْ رَجَّحُوا هُنَا عَلَى الثَّانِي التَّعَلُّقَ بِالْقَدْرِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْخِلَافَ فِيهِ أَقْوَى) أَيْ: فَيَتَأَتَّى لَهُ التَّعْبِيرُ بِالْأَصَحِّ الْمُشْعِرِ بِقُوَّةِ الْخِلَافِ عَلَى اصْطِلَاحِهِ: أَيْ وَأَمَّا مُقَابِلُ الْأَظْهَرِ فَإِنَّهُ وَإِنْ تَأَتَّى الْخِلَافُ عَلَيْهِ أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ صَحِيحٌ وَمُقَابِلُهُ الْأَصَحَّ فَتَرَكَ النَّصَّ عَلَيْهِ اخْتِصَارًا. (قَوْلُهُ: وَهُوَ نِسْبَةُ إرْثِهِ مِنْ الدَّيْنِ) صَوَابُهُ وَهُوَ مِقْدَارٌ مِنْ الدَّيْنِ نِسْبَتُهُ إلَيْهِ كَنِسْبَةِ مَا يَخُصُّهُ مِنْ التَّرِكَةِ إلَيْهَا. (قَوْلُهُ: وَمِمَّا يَلْزَمُ الْوَرَثَةَ) أَيْ: وَنِسْبَةُ إرْثِهِ مِمَّا يَلْزَمُ الْوَرَثَةَ أَدَاؤُهُ وَهُوَ مِقْدَارُ التَّرِكَةِ عَلَى مَا مَرَّ فِي التَّرْكِيبِ، فَفِيمَا لَوْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ ابْنًا وَزَوْجَةً وَصَدَاقُهَا عَلَيْهِ ثَمَانِينَ وَتَرِكَتُهُ أَرْبَعِينَ يَسْقُطُ ثَمَنُ الْأَرْبَعِينَ وَهُوَ خَمْسَةٌ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي يَلْزَمُهَا أَدَاؤُهَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ لِأَجْنَبِيٍّ. قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَلَيْسَ مَعْنَى السُّقُوطِ السُّقُوطَ مِنْ أَصْلِهِ حَتَّى لَا يَجِبَ إلَّا قَضَاءُ سَبْعَةِ أَثْمَانِ الصَّدَاقِ، بَلْ سُقُوطٌ يُؤَدِّي إلَى صِحَّةِ تَصَرُّفِ الْوَارِثِ فِي مِقْدَارِ إرْثِهِ لِاسْتِحَالَةِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِي مِقْدَارِ حِصَّتِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا دَيْنَ لِغَيْرِهِ اهـ. فَقَوْلُ السُّبْكِيّ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَيَرْجِعُ عَلَى الْوَرَثَةِ بِمَا يَجِبُ أَدَاؤُهُ مَحَلُّهُ فِيمَا إذَا تَسَاوَيَا كَثَمَانِينَ وَثَمَانِينَ فَلَهَا التَّصَرُّفُ فِي عَشَرَةٍ لَا فِي سَبْعِينَ إلَّا إنْ أَدَّاهَا إلَيْهَا الْوَرَثَةُ لِامْتِنَاعِ الِاسْتِقْلَالِ بِالتَّصَرُّفِ قَبْلَ الْأَدَاءِ مِنْ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ

(تَصَرَّفَ الْوَارِثُ وَلَا دَيْنَ ظَاهِرٌ) وَلَا خَفِيٌّ (فَظَهَرَ دَيْنٌ) أَيْ طَرَأَ فَيَشْمَلُ مَا لَمْ يَكُنْ ثُمَّ كَانَ كَأَنْ حَفَرَ فِي حَيَاتِهِ بِئْرًا عُدْوَانًا ثُمَّ تَرَدَّى فِيهَا شَخْصٌ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَا عَاقِلَةَ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (بِرَدِّ مَبِيعٍ بِعَيْبٍ) أَتْلَفَ الْبَائِعُ ثَمَنَهُ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ وَلَا دَيْنَ عَمَّا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُقَارَنًا وَعَلِمَ بِهِ أَوْ جَهِلَهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ فَالتَّصَرُّفُ بَاطِلٌ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَتَبَيَّنُ فَسَادُ تَصَرُّفِهِ) لِأَنَّهُ كَانَ سَائِغًا لَهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا خِلَافًا لِاقْتِصَارِ الشُّرَّاحِ عَلَى الظَّاهِرِ إلَّا أَنْ يَكُونُوا رَأَوْا أَنَّ تَقَدُّمَ السَّبَبِ كَتَقَدُّمِ الْمُسَبِّبِ بَاطِنًا وَهُوَ بَعِيدٌ إذْ تَقَدَّمَ السَّبَبُ بِمُجَرَّدِهِ لَا يَكْفِي فِي رَفْعِ الْعَقْدِ، وَالثَّانِي يَتَبَيَّنُ فَسَادُهُ إلْحَاقًا لِمَا ظَهَرَ مِنْ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ الْمُقَارَنِ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ كَانَ الْبَائِعُ مُوسِرًا وَإِلَّا لَمْ يَنْفُذْ الْبَيْعُ جَزْمًا (لَكِنْ إنْ لَمْ يُقْضَ) بِضَمِّ الْيَاءِ فَيَعُمُّ قَضَاءُ الْوَارِثِ وَالْأَجْنَبِيِّ وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ سُقُوطُهُ فَيَشْمَلُ الْإِبْرَاءَ وَغَيْرَهُ (الدَّيْنُ فُسِخَ) تَصَرُّفُهَ عَلَى الْأَوَّلِ لِيَصِلَ الْمُسْتَحِقُّ إلَى حَقِّهِ وَالْفَاسِخُ لِذَلِكَ الْحَاكِمِ وَظَاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ الْفَسْخِ فِي غَيْرِ إعْتَاقِ الْمُوسِرِ وَإِيلَادِهِ، أَمَّا فِيهِمَا فَلَا فَسْخَ كَالْمَرْهُونِ بَلْ أَوْلَى (وَلَا خِلَافَ أَنَّ لِلْوَارِثِ إمْسَاكَ عَيْنِ التَّرِكَةِ وَقَضَاءَ الدَّيْنِ مِنْ مَالِهِ) لِأَنَّهُ خَلِيفَةُ الْمُورِثِ وَالْمُورِثُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ، لَكِنْ لَوْ أَوْصَى بِدَفْعِ عَيْنٍ إلَيْهِ عِوَضًا عَنْ دَيْنِهِ أَوْ عَلَى أَنْ تُبَاعُ وَيُوَفَّى مِنْ ثَمَنِهَا عُمِلَ بِوَصِيَّتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالِاخْتِلَافِ وَلِأَنَّ الرَّهْنَ صَدَرَ ابْتِدَاءً مِنْ وَاحِدٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَتْلَفَ الْبَائِعُ) أَيْ الْمُوَرِّثُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَنْفُذْ) هَلَّا قِيلَ بِنُفُوذِهِ وَالضَّرَرُ يَنْدَفِعُ بِالْفَسْخِ كَمَا لَوْ كَانَ مُوسِرًا (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ إعْتَاقِ الْمُوسِرِ) أَفْهَمَ أَنَّ لِلْحَاكِمِ فَسْخَ الْإِعْتَاقِ وَالْإِيلَادِ إذَا كَانَا مِنْ مُعْسِرٍ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ تَصَرَّفَ الْعَتِيقُ مُدَّةَ الْعِتْقِ وَرَبِحَ مَالًا فَيَنْبَغِي أَنَّهُ يَصِيرُ لِلْوَرَثَةِ وَلَوْ لَزِمَهُ دُيُونٌ فِي مُدَّةِ الْحُرِّيَّةِ فَهَلْ تَتَعَلَّقُ بِمَا حَصَلَ لَهُ مِنْ الْمَالِ قَبْلَ الْفَسْخِ أَوْ لَا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ مَالٌ أَوْ كَانَ وَلَمْ يَفِ فَهَلْ يَتَعَلَّقُ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ بِذِمَّتِهِ فَقَطْ أَوْ بِهَا وَبِكَسْبِهِ كَالدَّيْنِ اللَّازِمِ لَهُ بِإِذْنٍ مِنْ السَّيِّدِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: وَقَضَاءُ الدَّيْنِ) الَّذِي يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ وَهُوَ الْأَقَلُّ مِنْ الْقِيمَةِ وَالدَّيْنِ فَإِنْ اسْتَوَيَا تَخَيَّرَا وَنَقَصَتْ الْقِيمَةُ لَمْ يَلْزَمْهُ أَكْثَرُ مِنْهَا فَاللَّازِمُ لَهُ هُوَ الْأَقَلُّ مِنْهُمَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ عَنْ السُّبْكِيّ وَمَنْ تَبِعَهُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: إلَيْهِ) أَيْ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: عُمِلَ بِوَصِيَّتِهِ) أَيْ ثُمَّ إنْ كَانَتْ تِلْكَ الْعَيْنُ قَدْرَ الدَّيْنِ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهَا عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنَّ قَدْرَ الدَّيْنِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَمَا زَادَ وَصِيَّةٌ يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ إلَى آخِرِ مَا فِي الْوَصِيَّةِ. وَوَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ أَوْصَى شَخْصٌ بِدَرَاهِمَ تُصْرَفُ مِنْ مُؤَنِ تَجْهِيزٍ وَهِيَ تَزِيدُ عَلَى قَدْرِ الْمُؤَنِ الْمُعْتَادَةِ هَلْ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ فِي الزَّائِدِ أَمْ لَا؟ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْمُعْتَادِ وَصِيَّةٌ لِمَنْ تُصْرَفُ عَلَيْهِمْ الْمُؤَنُ عَادَةً. فَإِنْ خَرَجَ ذَلِكَ مِنْ الثُّلُثِ نَفَذَتْ وَيُفَرِّقُهَا الْوَصِيُّ أَوْ الْوَارِثُ عَلَى مَنْ تُصْرَفُ إلَيْهِمْ عَادَةً بِحَسَبِ رَأْيِهِ، وَهَلْ مِنْ ذَلِكَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الَّذِينَ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَامَ الْجِنَازَةِ وَغَيْرِهِمْ أَوْ لَا؟ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُمْ يُعْطَوْنَ وَلَيْسَ ذَلِكَ وَصِيَّةً بِمَكْرُوهٍ، وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِعَدَدٍ بَلْ يُفْعَلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيمَا عَدَا حِصَّتَهَا . (قَوْلُهُ: فَيَشْمَلُ مَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ كَانَ) فِي تَعْبِيرِهِ هُنَا بِيَشْمَلُ مُسَاهَلَةٌ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي مَشْمُولًا آخَرَ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ مُنْحَصِرٌ فِيمَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ: وَمَا أَشَارَ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَدْخُولِ الْكَافِ فِي قَوْلِهِ كَأَنْ حَفَرَ: أَيْ كَحَفْرِ بِئْرٍ، وَكَاَلَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ إلَخْ؛ إذْ لَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ مَا لَمْ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُغَايِرٍ لَهُ بَلْ مِنْ أَفْرَادِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَنْفُذْ الْبَيْعُ جَزْمًا) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ تَخْصِيصِ الْبَيْعِ مَعَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ عَبَّرَ بِالتَّصَرُّفِ الْأَعَمِّ، بَلْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ نُفُوذِ الْبَيْعِ مِنْ الْمُعْسِرِ يُخَالِفُهُ قَوْلُ الْقُوتِ: وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ يَعْنِي الْمُصَنِّفَ فَسْخٌ يَشْمَلُ الْبَيْعَ وَالْعِتْقَ وَالْوَقْفَ وَغَيْرَهَا وَهُوَ فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ وَاضِحٌ، وَأَمَّا الْعِتْقُ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَكَذَلِكَ نَظَرًا لِلْمَيِّتِ، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا فَفِي نَقْضِهِ نَظَرٌ، وَلَعَلَّهُ أَوْلَى بِالنُّفُوذِ مِنْ عِتْقِ الرَّاهِنِ الْمُوسِرِ إذْ التَّعْلِيقُ طَارٍ عَلَى التَّصَرُّفِ اهـ. فَتَفْضِيلُهُ فِي الْعِتْقِ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ فِي الْفَسْخِ صَرِيحٌ فِي نُفُوذِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُعْسِرِ كَالْمُوسِرِ إذْ الْفَسْخُ فَرْعُ النُّفُوذِ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ . (قَوْلُهُ: وَقَضَاءُ الدَّيْنِ) يَعْنِي الْأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ وَالدَّيْنِ.

وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ إمْسَاكُهَا وَالْقَضَاءُ مِنْ غَيْرِهَا لِأَنَّ تِلْكَ الْعَيْنَ قَدْ تَكُونُ أَطْيَبَ كَمَا قَالَاهُ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ، وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ أَكْثَرَ مِنْ التَّرِكَةِ فَقَالَ الْوَارِثُ: آخُذُهَا بِقِيمَتِهَا وَأَرَادَ الْغُرَمَاءُ بَيْعَهَا لِتَوَقُّعِ زِيَادَةِ رَاغِبٍ أُجِيبَ الْوَارِثُ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهَا لَا تَزِيدُ عَلَى الْقِيمَةِ وَلِلنَّاسِ غَرَضٌ فِي إخْفَاءِ تَرِكَاتِ مُوَرِّثِهِمْ عَنْ شُهْرَتِهَا لِلْبَيْعِ، فَإِنْ طُلِبَتْ بِزِيَادَةٍ لَمْ يَأْخُذْهَا الْوَارِثُ بِقِيمَتِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي. . قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمَحَلُّ كَوْنِ ذَلِكَ الْوَارِثِ إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ الْحَقُّ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ إمْسَاكُ كُلِّ مَالِ الْقِرَاضِ وَإِلْزَامُ الْعَامِلِ أَخْذَ نَصِيبِهِ مِنْهُ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْبَحْرِ (وَالصَّحِيحُ أَنَّ تَعَلُّقَ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ) لِأَنَّ تَعَلُّقَهُ بِهَا لَا يَزِيدُ عَلَى تَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِالْمَرْهُونِ وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِالْجَانِي وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ فَكَذَا هُنَا. وَالثَّانِي يَمْنَعُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12] أَيْ مِنْ بَعْدِ إعْطَاءِ وَصِيَّةٍ أَوْ إيفَاءِ دَيْنٍ إنْ كَانَ حَيْثُ قُدِّمَ عَلَى الْمِيرَاثِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ تَقْدِيمَهُ عَلَيْهِ لِقِسْمَتِهِ لَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مَانِعًا مِنْهُ، وَإِذَا كَانَ الدَّيْنُ غَيْرَ مَانِعٍ لِلْإِرْثِ (فَلَا يَتَعَلَّقُ بِزَوَائِدِ التَّرِكَةِ كَالْكَسْبِ وَالنِّتَاجِ) لِحُدُوثِهَا فِي مِلْكِ الْوَارِثِ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بَاقِيًا عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ لَوَجَبَ أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ لِأَمْثَالِ الْمَيِّتِ، وَبَقِيَ مَا لَوْ تَبَرَّعَ بِمُؤَنِ تَجْهِيزِهِ غَيْرُ الْوَرَثَةِ هَلْ يَبْقَى الْمُوصَى بِهِ لِلْوَرَثَةِ كَبَقِيَّةِ التَّرِكَةِ أَوْ يُصْرَفُ لِمَنْ قَامَ بِتَجْهِيزِهِ زِيَادَةً عَلَى مَا أَخَذُوهُ عَمَلًا بِأَنَّ هَذَا وَصِيَّةٌ لَهُمْ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَالْقَضَاءُ مِنْ غَيْرِهَا) أَيْ فَلَوْ خَالَفَ وَفَعَلَ نَفَذَ تَصَرُّفُهُ وَإِنْ أَثِمَ بِإِمْسَاكِهَا لِرِضَا الْمُسْتَحِقِّ بِمَا بَذَلَهُ الْوَارِثُ وَوُصُولِهِ إلَى حَقِّهِ مِنْ الدَّيْنِ، وَيَحْتَمِلُ فَسَادَ الْقَبْضِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِهِ غَرَضَ الْمُوَرِّثِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ، وَكَذَا لَوْ اشْتَمَلَتْ التَّرِكَةُ عَلَى جِنْسِ الدَّيْنِ فَلَيْسَ لَهُ إمْسَاكُهَا وَقَضَاءُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِهَا لِأَنَّ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِالْأَخْذِ اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌ بِالْمَعْنَى. أَقُولُ: يُتَأَمَّلُ وَجْهُ ذَلِكَ فَإِنَّ مُجَرَّدَ جَوَازِ اسْتِقْلَالِ صَاحِبِ الدَّيْنِ بِأَخْذِهِ مِنْ التَّرِكَةِ لَا يَقْتَضِي مَنْعَ الْوَارِثِ مِنْ أَخْذِ التَّرِكَةِ وَدَفْعَ جِنْسِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِهَا، فَإِنَّ رَبَّ الدَّيْنِ لَمْ يَتَعَلَّقْ حَقُّهُ بِالدَّيْنِ تَعَلُّقَ شَرِكَةٍ وَإِنَّمَا تَعَلَّقَ بِهَا تَعَلُّقَ رَهْنٍ وَالرَّاهِنُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَوْفِيَةُ الدَّيْنِ مِنْ عَيْنِ الرَّهْنِ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ فِي حَجّ (قَوْلُهُ: أُجِيبَ الْوَارِثُ فِي الْأَصَحِّ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ فِي مَالِ الْوَارِثِ شُبْهَةٌ وَالتَّرِكَةُ وَمَالُ الْغَيْرِ لَا شُبْهَةَ فِيهِمَا اهـ حَجّ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: لَمْ يَأْخُذْهَا) أَيْ لَمْ يَجِبْ لِأَخْذِهَا. (قَوْلُهُ: أَخْذَ نَصِيبِهِ مِنْهُ مِنْ غَيْرِهِ) وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْعَامِلَ يَمْلِكُ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَالِ فَيَصِيرُ شَرِيكًا لِلْوَارِثِ (قَوْلُهُ: لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ) أَيْ فَيَمْلِكُهَا الْوَارِثُ، قَالَ حَجّ: وَقَضِيَّةُ كَوْنِهَا مِلْكَهُ إجْبَارُهُ عَلَى وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ يَفِ بِالدَّيْنِ لِيُوَفِّيَ مَا ثَبَتَ مِنْهُ لِأَنَّهُ خَلِيفَةُ مُوَرِّثِهِ وَلِأَنَّ الرَّاهِنَ يُجْبَرُ عَلَى الْوَفَاءِ مِنْ رَهْنٍ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ فَإِنْ امْتَنَعَ نَابَ عَنْهُ الْحَاكِمُ اهـ. وَقَوْلُهُ: مَا ثَبَتَ مِنْهُ: أَيْ ثَبَتَ وَفَاؤُهُ بِأَنْ يَجِبَ دَفْعُهُ لِلْمُسْتَحِقِّ (قَوْلُهُ: فَلَا يَتَعَلَّقُ بِزَوَائِد التَّرِكَةِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مُتَّصِلَةً كَالسِّمَنِ فَتُقَوَّمُ مَهْزُولَةً ثُمَّ سَمِينَةً فَمَا زَادَ عَنْ قِيمَتِهَا مَهْزُولَةً اخْتَصَّ بِهِ الْوَرَثَةُ، وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَهُ كَالْكَسْبِ لِأَنَّهُ مِثَالٌ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَفَصْلُ الْحُكْمِ إلَخْ، لَكِنَّ عِبَارَةَ حَجّ بِزَوَائِدِ التَّرِكَةِ الْمُنْفَصِلَةِ اهـ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْمُتَّصِلَةَ يَتَعَلَّقُ بِهَا الدَّيْنُ لَكِنَّهُ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْحَبِّ إذَا انْعَقَدَ بَعْدَ مَوْتِ الْمَدِينِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُتَّصِلَةَ لَا تَكُونُ رَهْنًا فَتَقُومُ التَّرِكَةُ بِالزِّيَادَةِ وَبِدُونِهَا كَمَا سَبَقَ فَلْيُرَاجَعْ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ (قَوْلُهُ: لِحُدُوثِهَا فِي مِلْكِ الْوَارِثِ) خَرَجَ بِذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ الْحَقُّ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ) أَيْ: تَعَلَّقَ مِلْكٌ بِدَلِيلِ الْمِثَالِ. (قَوْلُهُ: لِقِسْمَتِهِ) أَيْ الْإِرْثِ وَالْمُرَادُ أَنَّ تَقْدِيمَهُ عَلَيْهِ فِي الْآيَةِ إنَّمَا هُوَ تَقْدِيمٌ عَلَى قِسْمَتِهِ لَا عَلَى أَصْلِهِ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بَاقِيًا) يَعْنِي مَا ذَكَرَ.

يَرِثَهُ مَنْ أَسْلَمَ أَوْ عَتَقَ مِنْ أَقَارِبِهِ قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ وَأَنْ لَا يَرِثَهُ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الْقَضَاءِ مِنْ الْوَرَثَةِ، وَلَوْ مَاتَ عَنْ زَرْعٍ لَمْ يُسَنْبِلْ هَلْ يَكُونُ الْحَبُّ مِنْ التَّرِكَةِ أَوْ لِلْوَرَثَةِ؟ الْأَقْرَبُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ الثَّانِي، ثُمَّ قَالَ: فَلَوْ بَرَزَتْ السَّنَابِلُ ثُمَّ مَاتَ وَصَارَتْ حَبًّا فَهَذَا مَوْضِعُ تَأَمُّلٍ اهـ. وَالْأَوْجُهُ مَا فَصَّلَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْحَاصِلَةَ بَعْدَ الْمَوْتِ لِلْوَرَثَةِ فَلَا يَتَعَلَّقُ الدَّيْنُ بِهَا، وَفَصَّلَ الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ أَنْ يَقُومَ الزَّرْعُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا عِنْدَ الْمَوْتِ فَيَتَعَلَّقُ الدَّيْنُ بِقَدْرِ ذَلِكَ مِنْ ثَمَنِهِ أَمَّا الثَّمَرَةُ غَيْرُ الْحَبِّ فَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: إنْ مَاتَ وَقَدْ بَرَزَتْ ثَمَرَةٌ لَا كِمَامَ لَهَا فَهِيَ تَرِكَةٌ. وَكَذَا إنْ كَانَ لَهَا كِمَامٌ لَكِنْ أُبِّرَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ، فَإِنْ لَمْ تُؤَبَّرْ أَوْ تَرَكَ حَيَوَانًا حَامِلًا فَوَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَأْخُذُ قِسْطًا مِنْ الثَّمَنِ أَوْ لَا. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا قَبَضَهُ بَعْضُ الْوَرَثَةِ مِنْ دَيْنِ مُوَرِّثِهِ يُشَارِكُهُ فِيهِ الْبَقِيَّةُ. نَعَمْ لَوْ أَحَالَ وَارِثٌ عَلَى حِصَّتِهِ مِنْ دَيْنِ مُوَرِّثِهِ فَقَبَضَهَا الْمُحْتَالُ فَلَا يُشَارِكُهُ أَحَدٌ فِيهَا لِأَنَّهُ قَبَضَهَا عَنْ الْحَوَالَةِ لَا الْإِرْثِ. . ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا حَدَثَ مَعَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَا حَدَثَ مَعَ الْمَوْتِ تَرِكَةٌ، وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ آخِرُ الزُّهُوقِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مِلْكِ الْمَيِّتِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ النَّاقِلُ وَلَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِتَمَامِ خُرُوجِ الرُّوحِ، وَلَا أَثَرَ لِشَخْصِ الْبَصَرِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ بَعْدَ خُرُوجِهَا وَأَنَّهُ مِنْ آثَارِ بَقَايَا حَرَارَتِهَا الْغَرِيزِيَّةِ اهـ (قَوْلُهُ: الثَّانِي) أَيْ فَيَأْخُذُ الْوَارِثُ السَّنَابِلَ وَمَا زَادَ عَلَى مَا كَانَ مَوْجُودًا مِنْ السَّاقِ وَقْتَ الْمَوْتِ. وَقَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ نَقْلِهِ مِثْلَ مَا ذَكَرَ عَنْ الرَّمْلِيِّ: وَهَلْ يَجْرِي ذَلِكَ فِي الْحَيَوَانِ؟ الْقِيَاسُ الْجَرَيَانُ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا نَقْلَهُ عَنْ بَعْضِهِمْ وَهُوَ أَنَّ لِلْوَارِثِ أَيْضًا زِيَادَةَ الزَّرْعِ الْحَاصِلَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَيَقُومُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَبَعْدَهُ فَمَا زَادَ بَعْدَ الْمَوْتِ عَلَى قِيمَتِهِ عِنْدَهُ يَكُونُ لِلْوَارِثِ، فَسُئِلَ هَلْ يَجْرِي ذَلِكَ فِي الْحَمْلِ الْمُقَارَنِ لِعَقْدِ الرَّهْنِ فَيَكُونُ تَرِكَةً مَرْهُونًا فَيَسْتَحِقُّ زِيَادَتُهُ لِلْوَارِثِ عَلَى مَا قَبْلَ الرَّهْنِ؟ فَتَوَقَّفَ وَقَالَ: لَا يُمْكِنُ تَقْوِيمُهُ، وَقَدْ يُقَالُ: يُمْكِنُ تَقْوِيمُ الْأُمِّ مَعَهُ فَقَدْ تَظْهَرُ الزِّيَادَةُ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: أَنَّ الزِّيَادَةَ) أَيْ إنْ تَمَيَّزَتْ (قَوْلُهُ: فَوَجْهَانِ) أَرْجَحُهُمَا أَنَّهُ تَرِكَةٌ وَعَلَيْهِ فَتَكُونُ الثَّمَرَةُ مُطْلَقًا تَرِكَةً، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّ مَا يُقَابِلُ نُمُوَّهَا لِلْوَارِثِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ الزَّرْعِ. قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَلَوْ بَذَرَ أَرْضًا وَمَاتَ وَالْبَذْرُ مُسْتَتِرٌ بِالْأَرْضِ لَمْ يَبْرُزْ مِنْهُ شَيْءٌ ثُمَّ نَبَتَ أَوْ بَرَزَ بَعْدَ الْمَوْتِ قَالَ مَرَّ: يَكُونُ جَمِيعُ مَا بَذَرَ بِتَمَامِهِ لِلْوَارِثِ لِأَنَّ التَّرِكَةَ هِيَ الْبَذْرُ وَهُوَ بِاسْتِتَارِهِ فِي الْأَرْضِ كَالتَّالِفِ وَمَا بَرَزَ مِنْهُ لَيْسَ عَيْنَهُ بَلْ غَيْرَهُ لَكِنَّهُ مُتَوَلِّدٌ وَنَاشِئٌ مِنْهُ كَمَا قَالَهُ، وَأَظُنُّ أَنَّ ذَلِكَ بَحْثٌ مِنْهُ لَا نَقْلَ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ اهـ: أَيْ فَإِنَّهُ قَدْ يُقَالُ: إنَّ الْبَذْرَ حَالَ اسْتِتَارِهِ كَالْحَمْلِ وَهُوَ لِلْوَارِثِ مُطْلَقًا. . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[كتاب التفليس]

كِتَابُ التَّفْلِيسِ وَهُوَ لُغَةً: مَصْدَرُ فَلَّسَهُ: أَيْ نِسْبَةٌ لِلْإِفْلَاسِ الَّذِي هُوَ مَصْدَرُ أَفْلَسَ: أَيْ صَارَ إلَى حَالَةٍ لَيْسَ مَعَهُ فِيهَا فَلْسٌ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: هُوَ أَيْ لُغَةُ النِّدَاءِ عَلَى الْمُفْلِسِ، وَشَهَّرَهُ بِصِفَةِ الْإِفْلَاسِ الْمَأْخُوذِ مِنْ الْفُلُوسِ الَّتِي هِيَ أَخَسُّ الْأَمْوَالِ، وَشَرْعًا: جَعْلُ الْحَاكِمِ الْمَدْيُونَ مُفْلِسًا بِمَنْعِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ بِشَرْطِ الْآتِي. وَالْأَصَحُّ فِيهِ مَا صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَجَرَ عَلَى مُعَاذٍ وَبَاعَ مَالَهُ فِي دَيْنٍ كَانَ عَلَيْهِ وَقَسَّمَهُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ فَأَصَابَهُمْ خَمْسَةُ أَسْبَاعِ حُقُوقِهِمْ، فَقَالَ لَهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَيْسَ لَكُمْ إلَّا ذَلِكَ، ثُمَّ بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ وَقَالَ لَهُ: لَعَلَّ اللَّهَ يَجْبُرُكَ وَيُؤَدِّي عَنْك دَيْنَك، فَلَمْ يَزَلْ بِالْيَمَنِ حَتَّى تُوُفِّيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» (مَنْ عَلَيْهِ دُيُونٌ) لِآدَمِيٍّ لَازِمَةٌ (حَالَّةٌ زَائِدَةٌ عَلَى مَالِهِ يُحْجَرُ عَلَيْهِ) وُجُوبًا كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ الْأَكْثَرِيَّةُ مَا جَازَ بَعْدَ مَنْعِهِ كَانَ وَاجِبًا وَشَمَلَ مَا إذَا كَانَ بِسُؤَالِ الْغُرَمَاءِ وَمَا إذَا كَانَ بِسُؤَالِ الْمُفْلِسِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْأَنْوَارِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ: بِالْجَوَازِ فِي الثَّانِي، وَقَوْلُ السُّبْكِيّ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا تَعَذَّرَ الْبَيْعُ حَالًّا، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي عَدَمُ وُجُوبِهِ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ بِلَا فَائِدَةٍ مَمْنُوعٌ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ، ـــــــــــــــــــــــــــــSكِتَابُ التَّفْلِيسِ (قَوْلُهُ: أَيْ صَارَ إلَى حَالَةٍ) هُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى مُسَاوٍ أَوْ مُقَارِبٌ لِمَعْنَاهُ عُرْفًا الَّذِي ذَكَرَهُ الْمَحَلِّيُّ، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ حِكْمَةُ عَدَمِ تَعَرُّضِ الشَّارِحِ لِمَا ذَكَرَهُ الْمَحَلِّيُّ (قَوْلُهُ: لُغَةً النِّدَاءُ عَلَى الْمُفْلِسِ) أَبْدَلَهُ حَجّ بِقَوْلِهِ عَلَى الْمَدِينِ الْآتِي وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم أَشَارَ بِالْآتِي إلَى الْمُعْتَبَرَاتِ الْآتِيَةِ، وَفِي اعْتِبَارِ اللُّغَةِ لِذَلِكَ نَظَرٌ وَاضِحٌ إلَّا أَنْ يُرَادَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَاصَدَقَاتِهِ لُغَةً اهـ. وَلَا يَرُدُّ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ الشَّارِحِ الْمُفْلِسِ لِأَنَّ الْمُفْلِسَ لُغَةً الْمُعْسِرُ لَا بِقَيْدِ اعْتِبَارِ الشُّرُوطِ الْآتِيَةِ فِي مُوجِبِ الْحَجْرِ (قَوْلُهُ: وَشَهَرَهُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ، قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَفَائِدَتُهُ بَيَانُ أَنَّ الْمُرَادَ النِّدَاءُ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الْإِفْلَاسِ لَا مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى اهـ (قَوْلُهُ: الَّتِي هِيَ أَخَسُّ الْأَمْوَالِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِذَاتِهَا فَإِنَّ النُّحَاسَ بِالنِّسْبَةِ لِلذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ خَسِيسٌ وَبِاعْتِبَارِ عَدَمِ الرَّغْبَةِ فِيهَا لِلْمُعَامَلَةِ وَالِادِّخَارِ (قَوْلُهُ: مُفْلِسًا) يَنْبَغِي ضَبْطُهُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ لِأَنَّهُ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ قَبْلَ مَصْدَرِ فَلَّسَهُ إذَا نَسَبَهُ إلَخْ لَا بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْفَاءِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ لَكُمْ إلَّا ذَلِكَ) أَيْ الْآنَ اهـ سم وَالْقَرِينَةُ عَلَيْهِ مِنْ الْحَدِيثِ قَوْلُهُ: وَيُؤَدِّي عَنْك دَيْنَك إذْ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ السُّقُوطَ مُطْلَقًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَتَرَجَّى قَضَاءَهُ بِقَوْلِهِ لَعَلَّ اللَّهَ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَنْ عَلَيْهِ دُيُونٌ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ مَنَافِعَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ مَرَّ، وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يُلْزِمَ ذِمَّتَهُ حَمْلُ جَمَاعَةٍ إلَى مَكَّةَ مَثَلًا (قَوْلُهُ: حَالَةً زَائِدَةً) أَيْ وَإِنْ قَلَّتْ الزِّيَادَةُ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ) أَيْ الْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ فَلَا يُقَالُ سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ ذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ السُّبْكِيّ) عِبَارَةُ حَجّ: وَبَحَثَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ لَا حَجْرَ عَلَى مَالِهِ الْمَرْهُونِ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لَهُ وَرَدُّوهُ بِأَنَّ لَهُ فَوَائِدَ كَمَنْعِ تَصَرُّفِهِ إلَخْ اهـ فَجَعَلَ تِلْكَ الْفَوَائِدَ لِلْحَجْرِ فِي مَالِ الْمَرْهُونِ لَا مُطْلَقًا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ حَجّ يَأْتِي نَحْوُهُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَقَضِيَّةُ الْعِلَّةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: هَذَا ظَاهِرٌ) أَيْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ كَوْنِ الْحَجْرِ وَاجِبًا بِسُؤَالِ الْغُرَمَاءِ أَوْ بِسُؤَالِهِ (قَوْلُهُ: مَمْنُوعٌ) قَدْ يُتَوَقَّفُ فِي الْمَنْعِ بِمَا ذَكَرَ، فَإِنَّ مُرَادَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ التَّفْلِيسِ] (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ وَمِنْ أَجْلِ كَوْنِ التَّفْلِيسِ النِّسْبَةَ الْمَذْكُورَةَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ مَا ذُكِرَ أَيْ لِأَنَّ النِّدَاءَ عَلَيْهِ

بَلْ لَهُ فَوَائِدُ مِنْهَا الْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفِ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ وَالْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيمَا عَسَاهُ يَحْدُثُ بِاصْطِيَادٍ وَنَحْوِهِ وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ إنْ كَانَ مُسْتَقِلًّا وَإِلَّا فَعَلَى وَلِيِّهِ فِي مَالِ مُوَلِّيهِ (بِسُؤَالِ الْغُرَمَاءِ) وَلَوْ بِنُوَّابِهِمْ كَأَوْلِيَائِهِمْ لِأَنَّ الْحَجْرَ لَحِقَهُمْ وَفِي النِّهَايَةِ أَنَّ الْحَجْرَ كَانَ عَلَى مُعَاذٍ بِسُؤَالِ الْغُرَمَاءِ فَلَا حَجْرَ بِدَيْنِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَوْ فَوْرِيًّا كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ إذْ كَلَامُهُ مُفَرَّعٌ عَلَى ثُبُوتِ الْمُطَالَبَةِ بِهِ مِنْ مُعَيَّنٍ. (وَلَا حَجْرَ بِالْمُؤَجَّلِ) لِأَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِهِ فِي الْحَالِ وَالدُّيُونُ فِي كَلَامِهِ مِثَالٌ، إذْ الدَّيْنُ الْوَاحِدُ إذَا زَادَ عَلَى الْمَالِ كَافٍ، وَكَذَا لَفْظُ الْغُرَمَاءِ وَخَرَجَ بِاللَّازِمِ غَيْرُهُ كَدَيْنِ الْكِتَابَةِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ مِنْ دُيُونِ الْمُعَامَلَةِ الَّتِي عَلَى الْمُكَاتَبِ لِسَيِّدِهِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ عَدَمُ الْحَجْرِ عَلَيْهِ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْمَالِ، وَتَوَقَّفَ الرَّافِعِيُّ فِيهِ بِأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ بِجَوَازِهِ مَنْعًا لَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيمَا عَسَاهُ يَحْدُثُ بِاصْطِيَادٍ وَنَحْوِهِ رَدَّهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ وَالْقِيَاسُ، إذْ مَا يَحْدُثُ لَهُ إنَّمَا يَحْجُرُ عَلَيْهِ تَبَعًا لِلْمَوْجُودِ وَمَا جَازَ تَبَعًا لَا يَجُوزُ قَصْدًا، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ. وَالْحَاجِرُ عَلَى الْمُفْلِسِ الْحَاكِمُ دُونَ غَيْرِهِ لِاحْتِيَاجِهِ لِنَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ وَشَمَلَ ذَلِكَ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ، أَمَّا أَصْلُ الْحَجْرِ فَلِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً لِلْغُرَمَاءِ فَقَدْ يَخُصُّ بَعْضَهُمْ بِالْوَفَاءِ فَيَضُرُّ الْبَاقِينَ وَقَدْ يَتَصَرَّفُ فِيهِ فَيُضَيِّعُ حَقَّ الْجَمِيعِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَقَضِيَّةُ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَالُهُ مَرْهُونًا امْتَنَعَ الْحَجْرُ وَلَمْ أَرَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْمَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالسُّبْكِيّ أَنَّهُ حَيْثُ أَمْكَنَ بَيْعُهُ حَالًّا بَاعَهُ الْقَاضِي وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْحَجْرِ، وَحَيْثُ تَوَلَّاهُ الْقَاضِي فَلَا يُمَكِّنُ الْمُفْلِسَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ، لَكِنَّ هَذَا التَّوَقُّفَ لَا يَأْتِي بِالنِّسْبَةِ لِتَعَدِّي الْحَجْرِ إلَى مَا سَيَحْدُثُ (قَوْلُهُ: بِسُؤَالِ الْغُرَمَاءِ) سَيَأْتِي أَنَّ الْأَصْوَبَ أَنَّهُ كَانَ بِسُؤَالٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فَوْرِيًّا) كَالزَّكَاةِ إذَا حَالَ الْحَوْلُ وَحَضَرَ الْمُسْتَحَقُّونَ (قَوْلُهُ: مِنْ مُعَيَّنٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ انْحَصَرَ الْمُسْتَحَقُّونَ حَجَرَ عَلَيْهِ لَحِقَهُمْ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ شَأْنَ دَيْنِ اللَّهِ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ طَالِبٌ مُعَيَّنٌ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ: نَعَمْ لَوْ لَزِمَتْ الزَّكَاةُ الذِّمَّةَ وَانْحَصَرَ مُسْتَحِقُّهَا فَلَا يَبْعُدُ الْحَجْرُ حِينَئِذٍ اهـ. وَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِانْحِصَارِ كَوْنِهِمْ ثَلَاثَةً فَأَقَلَّ عَلَى مَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ فِي أَوَاخِرِ قِسْمِ الصَّدَقَاتِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ سم الْمَذْكُورِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَنْذُورُ لَهُ مُعَيَّنًا حَجَرَ لَهُ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَلَا حَجْرَ بِالْمُؤَجَّلِ) الْأَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ بِالْفَاءِ لِأَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ حَالَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِثَالٌ) وَيَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ مِثَالًا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فَلَوْ طَلَبَ بَعْضُهُمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَا أُلْحِقَ بِهِ) وَكَالثَّمَنِ فِي مُدَّةِ خِيَارِ الْمُشْتَرِي فَلَا حَجْرَ بِهِ لِانْتِفَاءِ اللُّزُومِ إنْ تَعَدَّى الْحَجْرُ إلَيْهِ لَوْ حَجَرَ بِغَيْرِهِ وَكَشَرْطِهِ لِلْمُشْتَرِي شَرْطِهِ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا فَلَا حَجْرَ بِهِ لِانْتِفَاءِ الدَّيْنِ، لَكِنْ رَأَيْت بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ أَنَّهُ يَحْجُرُ بِالثَّمَنِ فِي زَمَنِ خِيَارِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ آيِلٌ إلَى اللُّزُومِ اهـ. وَفِيهِ وَقْفَةٌ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ) حَيْثُ قَالَ عَلَى مَالِهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ قَوْلُهُ: رَدَّهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَقَوْلُهُ: هُوَ الْحَقُّ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: دُونَ غَيْرِهِ) أَيْ كَالْمُحَكَّمِ وَالْمُصْلِحِ وَسَيِّدِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ كَمَا يَأْتِي، لَكِنْ نَقَلَ سم عَلَى حَجّ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ أَنَّ مِثْلَ الْحَاكِمِ الْمُحَكَّمِ وَإِطْلَاقُ الشَّارِحِ يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: وَشَمَلَ ذَلِكَ الْعَبْدَ) أَيْ فَالْحَاجِرُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ دُونَ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا أَصْلُ الْحَجْرِ) قَسِيمُ مَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ لِاحْتِيَاجِهِ لِنَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ، إذْ تَقْدِيرُهُ: أَمَّا كَوْنُ الْحَاجِرِ الْقَاضِيَ فَلِاحْتِيَاجِهِ إلَخْ وَأَمَّا أَصْلُ الْحَجْرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ الْعِلَّةِ) هِيَ قَوْلُهُ: فَقَدْ يَخُصُّ بَعْضُهُمْ إلَخْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQبِمَا ذُكِرَ نِسْبَةً لَهُ لِلْإِفْلَاسِ. (قَوْلُهُ: مِنْهَا الْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفِ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ إذَا بَاعَ أَمْوَالَهُ لِلْغُرَمَاءِ لَا يَتَسَلَّطُ عَلَى الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ؛ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِهَا، فَإِذَا لَمْ يَحْجُرْ رُبَّمَا اسْتَأْذَنَ الْمَدِينُ الْمُرْتَهِنَ وَبَاعَ الْعَيْنَ الْمَرْهُونَةَ وَتَصَرَّفَ فِيمَا زَادَ مِنْهَا عَلَى الدَّيْنِ فَفَائِدَةُ الْحَجْرِ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ . (قَوْلُهُ: وَأَمَّا أَصْلُ الْحَجْرِ إلَخْ) لَا مَوْقِعَ لِلتَّعْبِيرِ بِأَمَّا هُنَا. (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَقَضِيَّةُ الْعِلَّةِ إلَخْ) عِبَارَةُ ابْنِ الرِّفْعَةِ كَمَا نَقَلَهُ غَيْرُ الشَّارِحِ: وَمِنْ هَذِهِ الْعِلَّةِ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَالُهُ مَرْهُونًا

رَقِيقٌ وَقُلْنَا: يَنْفُذُ عِتْقُهُ وَإِنْ كَانَ مَرْهُونًا اهـ. وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ قَدْ يَأْذَنُ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ أَوْ يَفُكُّ الرَّهْنَ فَيَحْصُلُ الضَّرَرُ. نَعَمْ إنْ فَرَضَهُ مَرْهُونًا عِنْدَ كُلِّ الْغُرَمَاءِ اتَّجَهَ بَعْضَ اتِّجَاهٍ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ أَيْضًا فَإِنَّ بَعْضَ الْغُرَمَاءِ قَدْ يُبْرِئُ مِنْ دَيْنِهِ وَبِتَقْدِيرِ أَنْ لَا يُبْرِئَ فَقَدْ تَكُونُ حِصَّتُهُ مِنْ الْمَرْهُونِ أَكْثَرَ مِنْ دَيْنِهِ فَيَنْفَكُّ الرَّهْنُ عَنْهُ فَيَحْصُلُ الْمَحْظُورُ. وَيَكْفِي فِي لَفْظِ الْحَجْرِ مَنْعُ التَّصَرُّفِ أَوْ قَوْلُهُ حَجَرْت بِالْفَلْسِ كَمَا اقْتَضَى كَلَامُ الْجُمْهُورِ التَّخْيِيرَ بَيْنَ الصِّيغَتَيْنِ وَنَحْوِهِمَا وَهَذَا كَانْعِقَادِ الْبَيْعِ بِلَفْظِ التَّمْلِيكِ، وَالْمُرَادُ بِمَالِهِ الْمَالُ الْعَيْنِيُّ الَّذِي يَتَمَكَّنُ مِنْ الْوَفَاءِ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ كَمَغْصُوبٍ وَغَائِبٍ فَغَيْرُ مُعْتَبَرٍ. وَأَمَّا الْمَنَافِعُ فَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ تَحْصِيلِ أُجْرَتِهَا اُعْتُبِرَتْ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَإِلَّا فَلَا، وَأَمَّا الدَّيْنُ فَإِنْ كَانَ عَلَى مُقِرٍّ مَلِيءٍ اُعْتُبِرَ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَإِلَّا فَلَا، وَيَلْحَقُ بِهِ الْبَيِّنَةُ وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ الْمَدْيُونُ حَاضِرًا كَمَا قَالَهُ أَيْضًا (وَإِذَا حَجَرَ بِحَالٍّ لَمْ يَحِلَّ الْمُؤَجَّلُ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ الْأَجَلَ مَقْصُودٌ لَهُ فَلَا يَفُوتُ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي يَحِلُّ لِأَنَّ الْحَجْرَ يُوجِبُ تَعَلُّقَ الدَّيْنِ بِالْمَالِ فَيَسْقُطُ الْأَجَلُ كَالْمَوْتِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِخَرَابِ الذِّمَّةِ بِالْمَوْتِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: يَنْفُذُ عِتْقُهُ) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ (قَوْلُهُ: فَيَحْصُلُ الضَّرَرُ) أَيْ فَوَجَبَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ نَظَرًا لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ فَرَضَهُ) أَيْ ابْنُ الرِّفْعَةِ (قَوْلُهُ: فَيَنْفَكُّ الرَّهْنُ) وَأَيْضًا إذَا حَجَرَ عَلَيْهِ تَعَدَّى إلَى مَا يَحْدُثُ لَهُ بِاصْطِيَادٍ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي فِي لَفْظِ الْحَجْرِ) أَيْ فِي اللَّفْظِ الْمُفِيدِ لِلْحَجْرِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَوْلُهُ) أَيْ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: التَّخْيِيرَ بَيْنَ الصِّيغَتَيْنِ) وَهُمَا مَنْعُ التَّصَرُّفِ وَقَوْلُهُ: حَجَرْت لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ ذِكْرَ الْفَلَسِ غَيْرُ شَرْطٍ وَإِنَّمَا عَبَّرُوا بِهِ لِكَوْنِ الْكَلَامِ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِمَا) أَيْ كَفَلَّسْتُهُ (قَوْلُهُ: كَمَغْصُوبٍ وَغَائِبٍ) أَيْ فَلَوْ كَانَتْ أَمْوَالُهُ كُلُّهَا مَغْصُوبَةً فَلَا حَجْرَ أَوْ بَعْضُهَا مَغْصُوبًا وَبَعْضُهَا غَيْرُ مَغْصُوبٍ وَزَادَ دَيْنُهُ عَلَى غَيْرِ الْمَغْصُوبِ حَجَرَ وَإِنْ زَادَ عَلَى دَيْنِهِ الْمَغْصُوبِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمَنَافِعُ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهَا الْوَظَائِفُ وَالْجَامَكِيَّةُ الَّتِي اُعْتِيدَ النُّزُولُ عَنْهَا بِعِوَضٍ فَيُعْتَبَرُ الْعِوَضُ الَّذِي يُرْغَبُ بِمِثْلِهِ فِيهَا عَادَةً وَيَضُمُّ لِمَالِهِ الْمَوْجُودِ فَإِنْ زَادَ دَيْنُهُ عَلَى مَجْمُوعِ ذَلِكَ حَجَرَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ تَحْصِيلِ أُجْرَتِهَا) أَيْ حَالًا بِأَنْ تَمَكَّنَ إجَارَتَهَا مُدَّةً طَوِيلَةً فَتُعْتَبَرُ تِلْكَ الْأُجْرَةُ فَإِنْ زَادَ دَيْنُهُ عَلَيْهَا حَجَرَ وَإِلَّا فَلَا، وَيُعْتَبَرُ فِيمَا يُؤَجِّرُ بِهِ فِي الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ أَنْ لَا يَظْهَرَ فِيهِ نَقْصٌ بِسَبَبِ تَعْجِيلِ الْأُجْرَةِ إلَى حَدٍّ لَا يَتَغَابَنُ بِهِ النَّاسُ فِي غَرَضِ قَضَاءِ الدَّيْنِ وَالتَّخَلُّصِ مِنْ الْمُطَالَبَةِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْمَنَافِعِ بَيْنَ الْمَمْلُوكَةِ وَالْمَوْقُوفَةِ حَيْثُ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي الْوَقْفِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي مِثْلِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ ذَلِكَ) أَيْ قَوْلِهِ وَأَمَّا الدَّيْنُ إلَخْ (قَوْلُهُ: حَاضِرًا) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ حُضُورِهِ مَا لَوْ أَمْكَنَ الرَّفْعُ لِلْقَاضِي وَاسْتِيفَاءُ ـــــــــــــــــــــــــــــQامْتَنَعَ الْحَجْرُ وَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا وَالْفِقْهُ مَنْعُ الْحَجْرِ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ اهـ. فَلَعَلَّ قَوْلَهُ وَالْفِقْهُ إلَخْ سَقَطَ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَخْ. نَعَمْ لَمْ أَرَ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ نَقْلَ هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ. (قَوْلُهُ: وَقُلْنَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ) أَيْ: عَلَى مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ الْقَائِلِ بِنُفُوذِهِ وَلَوْ مِنْ الْمُعْسِرِ. (قَوْلُهُ: أَوْ قَوْلُهُ: حَجَرْت بِالْفَلَسِ) فِي جَعْلِ هَذَا مِنْ مَدْخُولِ يَكْفِي الْمُشْعِرِ بِبُعْدِ كِفَايَتِهِ مُسَامَحَةٌ، وَعِبَارَةُ ابْنِ الرِّفْعَةِ: وَهَلْ يَكْفِي فِي لَفْظِ الْحَجْرِ مَنْعُ التَّصَرُّفِ أَوْ يُعْتَبَرُ أَنْ يَقُولَ حَجَرْتُ بِالْفَلَسِ إذْ مَنْعُ التَّصَرُّفِ مِنْ أَحْكَامِ الْحَجْرِ فَلَا يَقَعُ بِهِ الْحَجْرُ وَجْهَانِ انْتَهَتْ. إلَّا أَنْ يَكُونَ التَّعْبِيرُ بِالْكِفَايَةِ بِالنَّظَرِ لِلْمَجْمُوعِ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِمَالِهِ) أَيْ: فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ زَائِدَةٌ عَلَى مَالِهِ. (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مُعْتَبَرٍ) أَيْ: فِي زِيَادَةِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ كَمَغْصُوبٍ وَغَائِبٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي يَتَمَكَّنُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي يَرْجِعُ إلَى الْقَاضِي. (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ الْمَدْيُونُ حَاضِرًا) اُنْظُرْ مَا مُرَادُهُ بِالْمَدْيُونِ هَلْ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ لِلْمُفْلِسِ أَوْ هُوَ نَفْسُ الْمُفْلِسِ .

وَلَا يَحِلُّ الْأَجَلُ إلَّا بِالْمَوْتِ أَوْ الرِّدَّةِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ أَوْ اسْتِرْقَاقِ الْحَرْبِيِّ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْكِتَابَةِ فِي الْحُكْمِ الثَّانِي، وَنَقَلَهُ عَنْ النَّصِّ وَوَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يَحِلُّ بِالْجُنُونِ، وَإِذَا بِيعَتْ أَمْوَالُ الْمُفْلِسِ لَمْ يُدَّخَرْ مِنْهَا شَيْءٌ لِلْمُؤَجَّلِ فَإِنْ حَلَّ قَبْلَ الْقِسْمَةِ اُلْتُحِقَ بِالْحَالِّ، وَسَيَأْتِي فِي الْجِهَادِ حُكْمُ سَفَرِ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ حَالٌّ. (وَلَوْ كَانَتْ الدُّيُونُ بِقَدْرِ الْمَالِ فَإِنْ كَانَ كَسُوبًا يُنْفِقُ مِنْ كَسْبِهِ فَلَا حَجْرَ) لِعَدَمِ الْحَاجَةِ بَلْ يُلْزِمُهُ الْحَاكِمُ بِقَضَاءِ الدُّيُونِ، فَإِنْ امْتَنَعَ بَاعَ عَلَيْهِ أَوْ أَكْرَهَهُ عَلَيْهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَإِنْ الْتَمَسَ الْغُرَمَاءُ الْحَجْرَ عَلَيْهِ: أَيْ عِنْدَ الِامْتِنَاعِ حَجَرَ فِي أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ وَإِنْ زَادَ مَالُهُ عَلَى دَيْنِهِ انْتَهَى، وَهَذَا يُسَمَّى الْحَجْرُ الْغَرِيبُ فَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) كَسُوبًا (وَكَانَتْ نَفَقَتُهُ مِنْ مَالِهِ فَكَذَا) لَا حَجْرَ عَلَيْهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِتَمَكُّنِهِمْ مِنْ الْمُطَالَبَةِ فِي الْحَالِّ. وَالثَّانِي يُحْجَرُ عَلَيْهِ كَيْ لَا يُضَيِّعَ مَالَهُ فِي النَّفَقَةِ، وَقَدْ اُحْتُرِزَ عَنْ هَذَا بِقَوْلِهِ زَائِدَةٌ عَلَى مَالِهِ. (وَلَا يُحْجَرُ) عَلَيْهِ (بِغَيْرِ طَلَبٍ) مِنْ غُرَمَائِهِ أَوْ مَنْ يَخْلُفُهُمْ إذْ هُوَ لِمَصْلَحَتِهِمْ وَهُمْ نَاظِرُونَ لِأَنْفُسِهِمْ، فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَلَمْ يَسْأَلْ وَلِيُّهُ وَجَبَ عَلَى الْحَاكِمِ الْحَجْرُ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ لِأَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالدَّيْنِ مِنْ مَالِهِ الْحَاضِرِ فِي غَيْبَتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَحِلُّ الْأَجَلُ إلَّا بِالْمَوْتِ) قَالَ حَجّ: وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ فِي الْحُلُولِ بِهِ: أَيْ بِالْمَوْتِ أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ مَحَلًّا بِأُجْرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ وَمَاتَ قَبْلَ حُلُولِهَا وَقَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ حَلَّتْ بِالْمَوْتِ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الشَّرَفُ الْمُنَاوِيُّ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ حُلُولِهِ بِمَوْتِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ مَا لَوْ تَحَمَّلَ دَيْنَهُ بَيْتُ الْمَالِ فَلَا يَحِلُّ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ بِمَوْتِ الْمَدِينِ انْتَهَى حَجّ. وَمِنْ صُوَرِهِ مَا لَوْ قُتِلَ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ وَلَا عَاقِلَةَ لَهُ سِوَى بَيْتِ الْمَالِ، فَإِذَا مَاتَ بَقِيَتْ الدِّيَةُ مُؤَجَّلَةً عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَقَدْ يُقَالُ: لَا تُسْتَثْنَى هَذِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَفَى الْحُلُولَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَكَلَامُهُمْ فِي الْحُلُولِ بِمَوْتِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ، وَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ قَدْ تَعَلَّقَ الدَّيْنُ بِبَيْتِ الْمَالِ فَكَأَنْ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بَرِئَ حَالَةَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: أَوْ الرِّدَّةِ الْمُتَّصِلَةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْحُلُولَ حِينَئِذٍ بِالرِّدَّةِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَهُوَ كَذَلِكَ وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِيمَا لَوْ تَصَرَّفَ الْحَاكِمُ بَعْدَ الرِّدَّةِ بِأَدَاءِ مَالِهِ لِبَعْضِ الْغُرَمَاءِ، فَإِذَا مَاتَ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ تَصَرُّفِهِ لِتَبَيُّنِ حُلُولِ الدَّيْنِ بِنَفْسِ الرِّدَّةِ، فَلَا تَصِحُّ قِسْمَةُ أَمْوَالِهِ عَلَى غَيْرِ أَرْبَابِ الدُّيُونِ الْمُؤَجَّلَةِ لِتَبَيُّنِ أَنَّهَا صَارَتْ حَالَّةً فَيُقَسَّمُ الْمَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَوَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْقِسْمَةِ) أَيْ أَوْ مَعَهَا لِعَدَمِ خُرُوجِ الْمَالِ عَلَى مِلْكِ الْمُفْلِسِ وَقْتَ الْحُلُولِ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَكْرَهَهُ عَلَيْهِ) بِالضَّرْبِ وَالْحَبْسِ إلَى أَنْ يَبِيعَهُ وَيُكَرِّرُ ضَرْبَهُ لَكِنْ يُمْهَلُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ حَتَّى يَبْرَأَ مِنْ أَلَمِ الْأُولَى لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى قَتْلِهِ انْتَهَى حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ: بِالضَّرْبِ. قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَإِنْ زَادَ مَجْمُوعُهُ عَلَى الْحَدِّ. قَالَ: وَعِبَارَتُهُ فَإِنْ لَمْ يَنْزَجِرْ بِالْحَبْسِ: أَيْ الَّذِي طَلَبَهُ الْغَرِيمُ وَرَأَى الْحَاكِمُ ضَرْبَهُ أَوْ غَيْرَهُ فَعَلَ ذَلِكَ وَإِنْ زَادَ مَجْمُوعُهُ عَلَى الْحَدِّ انْتَهَى. أَقُولُ: وَإِنَّمَا جَازَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى الْحَدِّ هُنَا لِأَنَّهُ بِامْتِنَاعِهِ يُعَدُّ صَائِلًا وَدَفْعُ الصَّائِلِ لَا يَتَقَيَّدُ بِعَدَدٍ، وَقَوْلُهُ: وَيُكَرِّرُ ضَرْبَهُ: أَيْ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا مَاتَ بِسَبَبِ ذَلِكَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ إطْلَاقِهِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الِامْتِنَاعِ) أَيْ مِنْ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: فِي أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ) ظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ وَالْإِتْلَافِ، وَفِي كَلَامِ حَجّ بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ: وَيَجْمَعُ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ: أَيْ جَوَازُ الْحَجَرِ عَلَى مَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ نَحْوَ ثَمَنٍ، إذْ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ فِي مَبْحَثِ الْحَجْرِ الْغَرِيبِ اخْتِصَاصُهُ بِذَلِكَ صَوْنًا لِلْمُعَامَلَاتِ عَنْ أَنْ تَكُونَ سَبَبًا لِضَيَاعِ الْأَمْوَالِ. وَالثَّانِي أَيْ عَدَمُ جَوَازِ الْحَجْرِ عَلَى مَا إذَا كَانَ نَحْوَ إتْلَافٍ، إذْ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّهُ لَا حَجْرَ فِي النَّاقِصِ وَالْمُسَاوِي غَرِيبًا وَلَا غَيْرِهِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَقَدْ اُحْتُرِزَ عَنْ هَذَا) أَيْ قَوْلِهِ وَلَوْ كَانَتْ الدُّيُونُ بِقَدْرِ الْمَالِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُسْأَلْ وَلِيُّهُ) أَيْ وَظَهَرَ مِنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مِنْ غُرَمَائِهِ) أَيْ: الْمُطْلَقِينَ التَّصَرُّفِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ مَنْ يَخْلُفُهُمْ: أَيْ وُكَلَائِهِمْ، أَمَّا الْمَحْجُورُونَ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُمْ فَلَا يَتَوَقَّفُ الْحَجْرُ لَهُمْ عَلَى طَلَبٍ كَمَا يَأْتِي، وَمَا حَمَلْت عَلَيْهِ الْمَتْنَ هُوَ الَّذِي حَمَلَهُ عَلَيْهِ الشُّرَّاحُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ

نَاظِرٌ لِمَصْلَحَتِهِ. وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَتْ لِمَسْجِدٍ أَوْ لِجِهَةٍ عَامَّةٍ كَالْفُقَرَاءِ وَكَالْمُسْلِمِينَ فِيمَنْ مَاتَ وَوَرِثُوهُ وَلَهُ مَالٌ عَلَى مُفْلِسٍ وَالدَّيْنُ مِمَّا يُحْجَرُ بِهِ كَمَا مَرَّ، وَقَدْ اُحْتُرِزَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ بِسُؤَالِ الْغُرَمَاءِ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ عَدَمَ الْحَجْرِ لِدَيْنِ الْغَائِبِينَ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَوْفِي مَالَهُمْ فِي الذِّمَمِ لَكِنْ قَيَّدَهُ الْإِسْنَوِيُّ كَالْفَارِقِيِّ بِمَا إذَا كَانَ الْمَدْيُونُ ثِقَةً مَلِيًّا، قَالَ: وَإِلَّا لَزِمَ الْحَاكِمَ قَبْضُهُ قَطْعًا، وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْحَاكِمُ أَمِينًا وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ قَطْعًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْوَدِيعَةِ، وَكَلَامُ الْأُمِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ إذَا كَانَ بِهِ رَهْنٌ يَقْبِضُهُ الْحَاكِمُ أَيْ بِهَذَا الْقَيْدِ الْمَذْكُورِ (فَلَوْ) (طَلَبَ بَعْضُهُمْ) الْحَجْرَ (وَدَيْنُهُ قَدْرٌ يُحْجَرُ بِهِ) بِأَنْ زَادَ عَلَى مَالِهِ (حَجَرَ) لِتَوَفُّرِ شُرُوطِ الْحَجْرِ وَلَا يَخْتَصُّ أَثَرُ الْحَجْرِ بِالْمُلْتَمِسِ بَلْ يَعُمُّهُمْ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَزِدْ الدَّيْنُ عَلَى مَالِهِ (فَلَا) حَجْرَ لِأَنَّ دَيْنَهُ يُمْكِنُ وَفَاؤُهُ بِكَمَالِهِ فَلَا ضَرُورَةَ إلَى طَلَبِ الْحَجْرِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ جَرَى ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ وَقَالَ: إنَّهُ أَقْوَى عَلَى اعْتِبَارِ أَنْ يَزِيدَ دَيْنُ الْجَمِيعِ عَلَى مَالِهِ لَا الْمُلْتَمِسِ فَقَطْ. (وَيُحْجَرُ بِطَلَبِ الْمُفْلِسِ) وَلَوْ بِوَكِيلِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا ظَاهِرًا وَهُوَ صَرْفُ مَالِهِ إلَى دُيُونِهِ. وَرُوِيَ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSتَقْصِيرٌ فِي عَدَمِ الطَّلَبِ وَإِلَّا جَازَ كَذَا نَقَلَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ) أَيْ الدَّيْنُ لِمَسْجِدٍ كَأَنْ مَلَكَ الْمَسْجِدَ مَكَانًا وَاسْتَوْلَى عَلَيْهِ الْمُفْلِسُ: فَتَجَمَّدَتْ عَلَيْهِ أُجْرَتُهُ أَوْ نَحْوُهَا (قَوْلُهُ: وَقَدْ اُحْتُرِزَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ قَوْلِهِ وَلَا يَحْجُرُ بِغَيْرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَيَّدَهُ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) قَدْ يُعَارِضُهُ مَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي فَصْلٍ إذَا لَزِمَ الرَّهْنُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ طَلَبَ الْمُرْتَهِنُ بَيْعَهُ فَأَبَى الرَّاهِنُ إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ وَأَفْتَى أَيْضًا: يَعْنِي السُّبْكِيَّ فِيمَنْ رَهَنَ عَبْدًا بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ وَغَابَ رَبُّ الدَّيْنِ فَأَحْضَرَ الرَّاهِنُ الْمَبْلَغَ إلَى الْحَاكِمِ وَطَلَبَ مِنْهُ قَبْضَهُ لَيَفُكَّ الرَّهْنَ بِأَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ كَمَا قَالَ انْتَهَى، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَدْيُونِ مُوسِرًا أَوْ لَا ثِقَةً أَوْ لَا، وَقَدْ يُقَالُ مَا هُنَا مَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لِلْمَدْيُونِ غَرَضٌ إلَّا مُجَرَّدُ الْبَرَاءَةِ فَلَا يُعَارِضُ مَا مَرَّ، إذْ غَرَضُ الرَّاهِنِ فَكُّ الرَّهْنِ لَا مُجَرَّدُ الْبَرَاءَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَزِمَ الْحَاكِمُ) أَيْ حَيْثُ عَرَضَهُ عَلَيْهِ اهـ حَجّ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْبَحْثُ عَنْ دُيُونِ الْغَائِبِينَ لِيَسْتَوْفِيَهَا. وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِمْ وُجُوبَ الْقَبْضِ بِخَوْفِ الضَّيَاعِ خِلَافُهُ فَيَبْحَثُ عَنْهُ وَيَقْبِضُهُ بِقَيْدِهِ الْآتِي قَالَ الطَّحَاوِيُّ: كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ الْحُرُّ يُبَاعُ فِي دَيْنِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ إلَى أَنْ نُسِخَ بِقَوْلِهِ {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَمْ يُنْسَخْ وَإِنَّمَا هُوَ مُسْتَمِرٌّ إلَى الْآنَ لِأَنَّهُ وَرَدَ أَنَّ شَخْصًا مِنْ الصَّحَابَةِ كَانَ عَلَيْهِ دُيُونٌ فَرُفِعَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَاعَهُ فِي دُيُونِهِ، وَرُدَّ بِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ ضَعِيفٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَاعَهُ أَيْ آجَرَهُ اهـ زَوَاجِرُ لحج (قَوْلُهُ: أَيْ بِهَذَا الْقَيْدِ الْمَذْكُورِ) قَالَ حَجّ وَعَنْ شَارِحٍ جَوَازُ الْحَجْرِ عَلَى غَرِيمٍ مُفْلِسٍ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ مَيِّتٍ مِنْ غَيْرِ الْتِمَاسٍ نَظَرًا لِمَصْلَحَتِهِ أَوْ حَيٍّ الْتَمَسَ غُرَمَاؤُهُ وَإِنْ لَمْ يَلْتَمِسْ هُوَ وَعَلَيْهِ مَعَ مَا فِيهِ لَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ: لَا يَحْلِفُ غَرِيمٌ مُفْلِسٌ نَكَلَ وَارِثُهُ وَلَا يَدَّعِي ابْتِدَاءً لِأَنَّ مَا يَجِبُ فِيهِ أَمْرٌ تَابِعٌ وَهُوَ يُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَقْصُودِ مِنْ الْحَلِفِ وَابْتِدَاءِ الدَّعْوَى، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَلَا يُسْلِمُ مَبِيعًا قَبْلَ قَبْضِ ثَمَنِهِ مَا نَصُّهُ فَرْعٌ: لَا يَجُوزُ لِغَرِيمٍ مُفْلِسٍ وَلَا مَيِّتٍ الدَّعْوَى عَلَى مَدِينِهِ وَإِنْ تَرَكَ الْمُفْلِسُ وَالْوَارِثُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الدَّعَاوَى، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ عَنْ الشَّارِحِ السَّابِقِ، لَكِنَّ مَا نَقَلَهُ عَنْ الشَّارِحِ الْمَذْكُورِ أَلْحَقَهُ بِقَوْلِهِ وَعَلَيْهِ مَعَ مَا فِيهِ إلَخْ وَذَلِكَ يُشْعِرُ بِتَوَقُّفِهِ فِي ذَاكَ. أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمَحَلَّيْنِ، فَإِنَّ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الشَّارِحِ الْمَذْكُورِ فَرْضُهُ فِي حَجْرِ الْقَاضِي مِنْ غَيْرِ الْتِمَاسٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ لِلْمَيِّتِ وَمَا هُنَا فِي الدَّعْوَى مِنْ الْغُرَمَاءِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ امْتِنَاعِ الدَّعْوَى مِنْ الْغُرَمَاءِ امْتِنَاعُ حَجْرِ الْقَاضِي لِأَنَّ فِعْلَ الْقَاضِي يُبْنَى عَلَى مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ أَوْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، وَمَا هُنَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ثُبُوتِ حَقٍّ لِلْغَرِيمِ يَسُوغُ بِسَبَبِهِ الدَّعْوَى عَلَى غَيْرِهِ وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَزِدْ الدَّيْنُ) أَيْ دَيْنُ الطَّالِبِ لِلْحَجْرِ. (قَوْلُهُ: وَيَحْجُرُ) أَيْ وُجُوبًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقَدْ اُحْتُرِزَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ قَوْلِهِ وَلَا يُحْجَرُ بِغَيْرِ طَلَبٍ.

الْحَجْرَ عَلَى مُعَاذٍ كَانَ بِطَلَبِهِ، قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، وَفِي النِّهَايَةِ أَنَّهُ كَانَ بِسُؤَالِ الْغُرَمَاءِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ اهـ. وَلَا مَانِعَ مِنْ مُوَافَقَةِ سُؤَالِهِمْ لِسُؤَالِهِ وَمِنْ كَوْنِ الْوَاقِعَةِ مُتَعَدِّدَةً. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَصُورَتُهُ أَنْ يَثْبُتَ الدَّيْنُ بِدَعْوَى الْغُرَمَاءِ وَالْبَيِّنَةِ أَوْ الْإِقْرَارِ أَوْ عِلْمِ الْقَاضِي وَطَلَبَ الْمَدْيُونُ الْحَجْرَ دُونَ الْغُرَمَاءِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ طَلَبُهُ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يَحْجُرُ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ فِي ذَلِكَ وَالْحَجْرُ يُنَافِي الْحُرِّيَّةَ وَالرُّشْدَ، وَإِنَّمَا حَجَرَ بِطَلَبِ الْغُرَمَاءِ لِلضَّرُورَةِ، وَأَنَّهُمْ لَا يَتَمَكَّنُونَ مِنْ تَحْصِيلِ مَقْصُودِهِمْ إلَّا بِالْحَجَرِ خَشْيَةَ الضَّيَاعِ، بِخِلَافِهِ فَإِنَّ غَرَضَهُ الْوَفَاءُ وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْهُ بِبَيْعِ أَمْوَالِهِ وَقِسْمَتِهَا عَلَى غُرَمَائِهِ. (فَإِذَا حَجَرَ عَلَيْهِ) بِطَلَبٍ أَوْ دُونِهِ (تَعَلَّقَ حَقُّ الْغُرَمَاءِ بِمَالِهِ) كَالرَّهْنِ عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً حَتَّى لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ بِمَا يَضُرُّهُمْ وَلَا تُزَاحِمُهُمْ فِيهِ الدُّيُونُ الْحَادِثَةُ، وَشَمَلَ كَلَامُهُمْ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ حَتَّى لَا يَصِحَّ الْإِبْرَاءُ مِنْهُ وَإِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الظَّاهِرُ خِلَافُهُ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَتَصِحُّ إجَازَتُهُ لِمَا فَعَلَهُ مُوَرِّثُهُ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَنْفِيذٌ وَهُوَ الْأَصَحُّ نَعَمْ يُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ حَجَر عَلَيْهِ فِي زَمَنِ خِيَارِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ حَقُّ الْغُرَمَاءِ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بَلْ يَجُوزُ لَهُ الْفَسْخُ وَالْإِجَازَةُ عَلَى خِلَافِ الْمَصْلَحَةِ. (وَأَشْهَدَ) الْحَاكِمُ اسْتِحْبَابًا (عَلَى حَجْرِهِ) أَيْ الْمُفْلِسِ وَأَشْهَرَهُ بِالنِّدَاءِ (لِيُحَذِّرَ) مِنْ مُعَامَلَتِهِ فَيَأْمُرُ مُنَادِيًا يُنَادِي فِي الْبَلَدِ أَنَّ الْحَاكِمَ حَجَرَ عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ قَالَهُ الْعُمْرَانِيُّ (وَلَوْ) تَصَرَّفَ تَصَرُّفًا مَالِيًّا مُفَوِّتًا فِي الْحَيَاةِ بِالْإِنْشَاءِ مُبْتَدَأً (وَكَأَنْ) (بَاعَ أَوْ وَهَبَ) أَوْ اشْتَرَى بِالْعَيْنِ (أَوْ أَعْتَقَ) أَوْ وَقَفَ أَوْ أَجَّرَ أَوْ كَاتَبَ (فَفِي قَوْلٍ يُوقَفُ تَصَرُّفُهُ) الْمَذْكُورُ وَإِنْ أَثِمَ بِهِ (فَإِنْ فَضَلَ ذَلِكَ عَنْ الدَّيْنِ) لِارْتِفَاعِ الْقِيمَةِ أَوْ إبْرَاءِ الْغُرَمَاءِ أَوْ بَعْضِهِمْ (نَفَذَ) أَيْ بَانَ أَنَّهُ كَانَ نَافِذًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ (لَغَا) أَيْ بَانَ أَنَّهُ كَانَ لَاغِيًا (وَالْأَظْهَرُ بُطْلَانُهُ) فِي الْحَالِّ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِمْ بِهِ كَالْمَرْهُونِ وَلِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ عَلَى مُرَاغَمَةِ مَقْصُودِ الْحَجْرِ كَالسَّفِيهِ، وَاسْتَثْنَى الْأَذْرَعِيُّ مِنْ مَنْعِ الشِّرَاءِ بِالْعَيْنِ مَا لَمْ يَدْفَعْ الْحَاكِمُ كُلَّ يَوْمٍ نَفَقَةً لَهُ وَلِعِيَالِهِ فَاشْتَرَى بِهَا قَالَ: فَإِنَّهُ يَصِحُّ جَزْمًا فِيمَا يَظْهَرُ، وَأَشَارَ إلَيْهِ بَعْضُهُمْ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ الضَّابِطِ الْمُتَقَدِّمِ تَصَرُّفُهُ فِي نَحْوِ ثِيَابِ بَدَنِهِ عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ) أَيْ أَقْرَبُ لِلصَّوَابِ مِنْ حَيْثُ النَّقْلِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ كَوْنِ الْوَاقِعَةِ) أَيْ السُّؤَالِ وَإِلَّا فَبَعِيدٌ أَنَّهُ حَجَرَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ فَإِنَّهُ لَوْ تَكَرَّرَ لِنَقْلٍ (قَوْلُهُ: وَصُورَتُهُ) أَيْ الْحَجْرِ بِسُؤَالٍ (قَوْلُهُ: وَطَلَبَ الْمَدْيُونُ) لَا حَاجَةَ لِذِكْرِ هَذَا الْقَيْدِ لِأَنَّ الْكَلَامَ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ طَلَبَ، وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِلْحَاكِمِ الْحَجْرُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا حَجَرَ) مِنْ تَتِمَّةِ الْمُقَابِلِ (قَوْلُهُ: أَوْ دُونَهُ) بِأَنْ كَانَ الْمَالُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ أَوْ مَسْجِدٌ وَلَمْ يَطْلُبْ وَلِيَّهُ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: عَيْنًا) أَيْ وَلَوْ مَغْصُوبَةً وَلَوْ مُؤَجَّلًا أَوْ عَلَى مُعْسِرٍ (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْفَعَةً) أَيْ وَإِنْ قَلَّتْ، نَعَمْ يُقَدَّمُ عَلَيْهِمْ مُسْتَأْجِرٌ بِمَنْفَعَةِ مَا تَسَلَّمَهُ قَبْلَ الْفَلَسِ اهـ حَجّ. ثُمَّ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّسْلِيمُ قَبْلَ الْفَلَسِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِجَارَةِ بَلْ يَكْفِي سَبْقُ عَقْدِهَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَشَمَلَ كَلَامُهُمْ الدَّيْنَ) أَيْ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: الْإِبْرَاءُ مِنْهُ) أَيْ إبْرَاءُ الْمُفْلِسِ (قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ) (إجَازَتُهُ) أَيْ الْمُفْلِسِ (قَوْلُهُ: مِمَّا يُحْتَاجُ إلَيْهَا) أَيْ الْإِجَازَةِ (قَوْلُهُ: فِي زَمَنِ خِيَارِ الْبَيْعِ) أَيْ بِغَيْرِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ الَّذِي شُرِطَ فِيهِ الْخِيَارُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا حَجْرَ بِغَيْرِ اللَّازِمِ. (قَوْلُهُ: فَيَأْمُرُ مُنَادِيًا) أَيْ نَدْبًا: أَيْ وَأُجْرَةُ الْمُنَادِي إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهَا مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ فَفِي بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ بَاعَ) أَيْ لِغَيْرِ غُرَمَائِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ فَلَوْ بَاعَ مَالَهُ لِغُرَمَائِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى مُرَاغَمَةٍ) أَيْ عَلَى مُخَالَفَةِ مَقْصُودٍ إلَخْ وَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِالْمُرَاغَمَةِ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ التَّصَرُّفِ كَأَنَّهُ غَاصِبُ الْقَاضِي وَغُرَمَاءُ الْمُفْلِسِ فَفِي الْمُخْتَارِ الْمُرَاغَمَةُ الْمُغَاصَبَةُ (قَوْلُهُ: فَاشْتَرَى بِهَا) أَيْ مَا أَمَرَهُ الْحَاكِمُ بِشِرَائِهِ بِأَنْ يَشْتَرِيَ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْعِيَالُ، وَقَضِيَّةُ الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّهُ لَوْ صَرَفَهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ، وَقِيَاسُ مَا سَيَأْتِي مِنْ صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ فِي نَحْوِ ثِيَابِ بَدَنِهِ صِحَّةُ تَصَرُّفِهِ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَصِحُّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: تَصَرُّفُهُ) أَيْ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَاشْتَرَى بِهَا قَالَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ جَزْمًا) لَعَلَّ الْمُرَادَ فَاشْتَرَى بِهَا النَّفَقَةُ

بَعْضُهُمْ (فَلَوْ) (بَاعَ مَالَهُ) كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ لِغَرِيمِهِ بِدَيْنِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ أَوْ (لِغُرَمَائِهِ بِدَيْنِهِمْ) أَوْ بَعْضِهِ أَوْ بِعَيْنٍ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْحَاكِمِ (بَطَلَ) الْبَيْعُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْحَجْرَ يَثْبُتُ عَلَى الْعُمُومِ وَمِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ لَهُ غَرِيمٌ آخَرُ، وَالثَّانِي يَصِحُّ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ غَيْرِهِمْ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى بَيْعِ الْمَرْهُونِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ، وَالْقَوْلَانِ مُفَرَّعَانِ عَلَى بُطْلَانِ الْبَيْعِ لِأَجْنَبِيِّ السَّابِقِ كَمَا أَفَادَتْهُ الْفَاءُ. أَمَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي فَيَصِحُّ، وَلَوْ بَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ بِإِذْنِ الْغُرَمَاءِ لَمْ يَصِحَّ وَخَرَجَ بِالتَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ التَّصَرُّفُ فِي الذِّمَّةِ كَمَا قَالَ (فَلَوْ) تَصَرَّفَ فِي ذِمَّتِهِ كَأَنَّ (بَاعَ سَلْمًا) طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ (أَوْ اشْتَرَى) شَيْئًا بِثَمَنٍ (فِي الذِّمَّةِ) أَوْ بَاعَ فِيهَا لَا بِلَفْظِ السَّلْمِ أَوْ اقْتَرَضَ أَوْ اسْتَأْجَرَ (فَالصَّحِيحُ صِحَّتُهُ وَيَثْبُتُ) الْمَبِيعُ وَالثَّمَنُ وَنَحْوُهُمَا (فِي ذِمَّتِهِ) إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الْغُرَمَاءِ فِيهِ. وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ كَالسَّفِيهِ. (وَيَصِحُّ) (نِكَاحُهُ) وَرَجْعَتُهُ (وَطَلَاقُهُ وَخُلْعُهُ) زَوْجَتَهُ (وَاقْتِصَاصُهُ) أَيْ اسْتِيفَاؤُهُ الْقِصَاصَ وَإِذَا طَلَبَهُ أُجِيبَ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (وَإِسْقَاطُهُ) أَيْ الْقِصَاصِ وَلَوْ مَجَّانًا وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى مَفْعُولِهِ إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ مَالٌ، وَلَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ النَّسَبَ وَنَفْيُهُ بِاللِّعَانِ، أَمَّا اسْتِيلَادُهُ فَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ نُفُوذِهِ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ فِي الْخُلَاصَةِ وَمَنْ تَبِعَهُ لِأَنَّ حَجْرَ الْفَلْسِ امْتَازَ عَنْ حَجْرِ الْمَرَضِ بِكَوْنِهِ يَتَصَرَّفُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فِي ثُلُثِ مَالِهِ وَعَنْ حَجْرِ السَّفَهِ بِكَوْنِهِ لَحِقَ الْغَيْرَ، وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْحَيَاةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَهُوَ التَّدْبِيرُ وَالْوَصِيَّةُ إذْ لَا يَنْفُذَانِ إلَّا مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ الْفَاضِلِ بَعْدَ الدَّيْنِ وَمُؤَنِ التَّجْهِيزِ فَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا فِي بَابِ التَّدْبِيرِ مِنْ عَدَمِ صِحَّتِهَا ضَعِيفٌ وَلَوْ بِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَلَا يُرَدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ خِلَافًا لِمَنْ ادَّعَاهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ لَهُ غَرِيمٌ آخَرُ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نِدَائِهِ عَلَيْهِ وَقْتَ الْحَجْرِ بُلُوغُ ذَلِكَ لِجَمِيعِ أَرْبَابِ الدُّيُونِ لِجَوَازِ غَيْبَةِ بَعْضِهِمْ وَقْتَ النِّدَاءِ أَوْ مَرَضِهِ فَلَمْ يُعْلَمْ الْحَالُ (قَوْلُهُ: وَالْقَوْلَانِ) الْمُنَاسِبُ لِتَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِالْأَصَحِّ أَنْ يَقُولَ وَالْوَجْهَانِ إلَخْ (قَوْلُهُ: إمَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي) مُحْتَرِزُ قَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: الْمَالِيِّ) أَرَادَ بِالْمَالِيِّ التَّصَرُّفَ فِي الْعَيْنِ وَإِلَّا فَمَا فِي الذِّمَّةِ مِنْ الْمَالِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَاعَ فِيهَا) أَيْ عَيْنًا. (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ نِكَاحُهُ) أَيْ لَكِنْ إنْ كَانَ الْمَهْرُ مُعَيَّنًا فَسَدَتْ التَّسْمِيَةُ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: وَخُلْعُهُ زَوْجَتَهُ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ اخْتَلَعَ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً بِعِوَضٍ مِنْ مَالِهِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِلْحَجْرِ عَلَيْهِ فِيهِ (قَوْلُهُ: اسْتِيفَاؤُهُ الْقِصَاصَ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِالْقِصَاصِ مَا يَشْمَلُ اسْتِيفَاؤُهُ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ فِيهِ وَطَلَبٍ مِنْ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَجَّانًا) وَإِنَّمَا لَمْ يَمْتَنِعْ الْعَفْوُ مَجَّانًا لِعَدَمِ التَّفْوِيتِ عَلَى الْغُرَمَاءِ إذَا لَمْ يَجِبْ لَهُمْ شَيْءٌ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ وُجُوبِ الْكَسْبِ عَلَى مَنْ عَصَى بِالدَّيْنِ أَنَّهُ إذَا عُفِيَ هُنَا عَنْ الْقِصَاصِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَالٍ لِأَنَّهُ كَالْكَسْبِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ، لَكِنْ لَوْ عُفِيَ مَجَّانًا احْتَمَلَ الصِّحَّةَ مَعَ الْإِثْمِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ (قَوْلُهُ: إلَى مَفْعُولِهِ) إنْ قُلْت: لِمَ اقْتَصَرَ الشَّارِحُ عَلَيْهِ مَعَ جَوَازِ كَوْنِهِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ؟ قُلْت: لِأَنَّ حَذْفَ الْمَفْعُولِ اللَّازِمِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يُوهِمُ التَّعْمِيمَ الْمُقْتَضِيَ لِجَوَازِ إسْقَاطِهِ الدَّيْنَ وَهُوَ فَاسِدٌ (قَوْلُهُ: عَدَمُ نُفُوذِهِ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ يَحْرُمُ الْوَطْءُ عَلَيْهِ خَوْفًا مِنْ الْحَبَلِ الْمُؤَدِّي إلَى الْهَلَاكِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ لَمْ يَخَفْ الْعَنَتَ وَأَنَّ الْوَلَدَ حُرٌّ نَسِيبٌ (قَوْلُهُ: وَمَنْ تَبِعَهُ) مِنْهُمْ حَجّ (قَوْلُهُ: امْتَازَ عَنْ حَجْرِ) فِي نُسْخَةٍ أَقْوَى مِنْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْحَيَاةِ) أَيْ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ مُفَوِّتًا فِي الْحَيَاةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِمَنْ يَعْتِقُ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَالصَّحِيحُ صِحَّتُهُ (قَوْلُهُ: وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ) مِثْلُ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى مَا لَوْ وَهَبَ لَهُ لِأَنَّهُ بِقَبُولِ الْهِبَةِ صَارَ فِي مِلْكِهِ وَقَدْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقَّانِ حَقُّ اللَّهِ وَحَقُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى مَفْعُولِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَعَلَ مُضَافًا إلَى فَاعِلِهِ لَزِمَ عُمُومُ الشَّيْءِ الَّذِي يُسْقِطُهُ وَهُوَ لَا يَصِحُّ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) هُنَا سَقْطٌ مِنْ النُّسَخِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: أَمَّا لَوْ وَهَبَ لَهُ أَبَوَاهُ أَوْ ابْنُهُ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ فَقَبِلَ وَقَبَضَ الْمَوْهُوبَ وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ وَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ تَعَلُّقٌ بِهِ، وَكَذَا نَصُّهُ

[إقرار المفلس بعين أو دين قبل الحجر]

لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ قَهْرًا وَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ تَعَلُّقٌ بِهِ، وَكَذَا نَصُّهُ فِي الْأُمِّ فِيمَا لَوْ أَصْدَقَتْ الْمَحْجُورَةُ أَبَاهَا أَوْ أَوْصَى لَهَا بِهِ أَوْ وَرِثَتْهُ وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْإِنْشَاءِ الْإِقْرَارُ كَمَا قَالَ. (وَلَوْ) (أَقَرَّ بِعَيْنٍ) مُطْلَقًا (أَوْ دَيْنٍ) (وَجَبَ) ذَلِكَ الدَّيْنُ أَوْ نَحْوِ كِتَابَةٍ سَبَقَتْ (قَبْل الْحَجْرَ) بِنَحْوِ مُعَامَلَةٍ أَوْ إتْلَافٍ (فَالْأَظْهَرُ قَبُولُهُ فِي حَقِّ الْغُرَمَاءِ) كَمَا لَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ وَكَإِقْرَارِ الْمَرِيضِ بِدَيْنٍ يَزْحَمُ غُرَمَاءَ الصِّحَّةِ وَلِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ الظَّاهِرَةِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ طَلَبَ الْغُرَمَاءُ تَحْلِيفَهُ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى الْأَصَحِّ إذْ لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ عَنْهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْإِنْشَاءِ وَالْإِقْرَارِ أَنَّ مَقْصُودَ الْحَجْرِ مَنْعُ التَّصَرُّفِ فَأُلْغِيَ إنْشَاؤُهُ وَالْإِقْرَارُ إخْبَارٌ وَالْحَجْرُ لَا يَسْلُبُ الْعِبَارَةَ عَنْهُ وَيَثْبُتُ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بِنُكُولِهِ عَنْ الْحَلِفِ مَعَ حَلِفِ الْمُدَّعِي كَإِقْرَارِهِ. وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ فِي حَقِّهِمْ لِئَلَّا يَضُرَّهُمْ بِالْمُزَاحِمَةِ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا وَاطَأَ الْمُقِرَّ لَهُ، وَعَبَّرَ بِوَجَبَ دُونَ لَزِمَ لِيُدْخِلَ مَا وَجَبَ، وَلَكِنْ تَأَخَّرَ لُزُومُهُ لِمَا بَعْدَ الْحَجَرِ كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ الْخِيَارُ فَتَعْبِيرُهُ حِينَئِذٍ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ وَقَوْلُهُ وَجَبَ قَبْلَ الْحَجْرِ صِفَةٌ لِلدَّيْنِ فَقَطْ (وَإِنْ أَسْنَدَ وُجُوبَهُ إلَى مَا بَعْدَ الْحَجْرِ) إسْنَادًا مُعَلَّلًا (بِمُعَامَلَةٍ أَوْ) إسْنَادًا (مُطْلَقًا) بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِمُعَامَلَةٍ وَلَا غَيْرِهَا (لَمْ يُقْبَلْ فِي حَقِّهِمْ) فَلَا يُزَاحِمُهُمْ بَلْ يُطَالَبُ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ لِتَقْصِيرٍ مِنْ عَامِلِهِ فِي الْأُولَى وَلِتَنْزِيلِ الْإِقْرَارِ عَلَى أَقَلِّ الْمَرَاتِبِ وَهُوَ دَيْنُ الْمُعَامَلَةِ فِي الثَّانِيَةِ، فَلَوْ لَمْ يُسْنِدْ وُجُوبَهُ إلَى مَا قَبْلَ الْحَجْرِ وَلَا لِمَا بَعْدَهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ: فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ تَنْزِيلُهُ عَلَى الْأَقَلِّ وَهُوَ جَعْلُهُ كَإِسْنَادِهِ إلَى مَا بَعْدَ الْحَجْرِ، فَإِنْ كَانَ مَا أَطْلَقَهُ دَيْنَ مُعَامَلَةٍ لَمْ يُقْبَلْ لِاحْتِمَالِ تَأَخُّرِ لُزُومِهِ أَوْ دَيْنَ جِنَايَةٍ قُبِلَ لِأَنَّ أَقَلَّ مَرَاتِبِهِ أَنْ يَكُونَ كَمَا لَوْ صَرَّحَ بِهِ بَعْدَ الْحَجْرِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَهُوَ دَيْنُ جِنَايَةٍ أَمْ مُعَامَلَةٍ لَمْ يُقْبَلْ لِاحْتِمَالِ تَأَخُّرِهِ، وَكَوْنُهُ دَيْنَ مُعَامَلَةٍ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَالتَّنْزِيلِ ظَاهِرٌ إنْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَةُ الْمُقِرِّ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاجَعَ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ لَا شَكَّ فِيهِ، وَيُحْمَلُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَتَّفِقْ الْمُرَاجَعَةُ اهـ. وَيَظْهَرُ مَجِيءُ مِثْلِ ذَلِكَ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ فِي الْمَتْنِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ وَجَبَ بَعْدَ الْحَجْرِ وَاعْتَرَفَ بِقُدْرَتِهِ عَلَى وَفَائِهِ قَبْلُ وَبَطَلَ ثُبُوتُ إعْسَارِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ لِأَنَّ قُدْرَتَهُ عَلَى وَفَائِهِ شَرْعًا تَسْتَلْزِمُ قُدْرَتَهُ عَلَى وَفَاءِ بَقِيَّةِ الدُّيُونِ وَهُوَ ظَاهِرٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْغُرَمَاءِ فَقُدِّمَ الْأَوَّلُ لِتَقَدُّمِهِ عَلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَصَدَقَتْ الْمَحْجُورَةُ) أَيْ بِالْفَلَسِ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ (قَوْلُهُ: أَوْ وَرِثَتْهُ) أَيْ فَيَعْتِقُ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: وَجَبَ) أَيْ ثَبَتَ (قَوْلُهُ: فَالْأَظْهَرُ قَبُولُهُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ عَنْ الْإِقْرَارِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ. نَعَمْ يَنْبَغِي أَنَّ لِأَرْبَابِ الدُّيُونِ تَحْلِيفَ الْمُقِرِّ لَهُ أَنَّ الْمُقِرَّ صَادِقٌ فِي إقْرَارِهِ، ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي بِالْأَصْلِ وَالْحَاشِيَةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْلِفْ فِي الْأَصَحِّ) عِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَلَيْسَ لَهُمْ أَيْضًا تَحْلِيفُ الْمُقِرِّ لَهُ خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا نَصُّهُ: بِخِلَافِ الْمُقِرِّ لَهُ فَيُجَابُونَ لِتَحْلِيفِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُقِرُّ مَحْجُورًا عَلَيْهِ اهـ. وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَسَيَأْتِي قُبَيْلَ فَصْلٍ مَنْ بَاعَ إلَخْ مَا يُوَافِقُ كَلَامَ سم حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ وُجِدَ مَالٌ بِيَدِ مُعْسِرٍ فَأَقَرَّ بِهِ لِحَاضِرٍ رَشِيدٍ وَصَدَّقَهُ أَخَذَهُ مِنْهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَلَا يَحْلِفُ: أَيْ الْمُقِرُّ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يُوَاطِئْهُ، فَإِنْ كَذَّبَهُ بَطَلَ إقْرَارُهُ وَأَخَذَهُ الْغُرَمَاءُ اهـ (قَوْلُهُ: إسْنَادًا مُعَلَّلًا) فِي نُسْخَةٍ مُقَيَّدًا وَهِيَ الْمُنَاسِبَةُ لِقَوْلِهِ بَعْدُ مُطْلَقًا اهـ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا إذَا لَمْ تَتَّفِقُ) أَيْ بِأَنْ عَسِرَتْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) قَدْ يُتَوَقَّفُ فِيمَا ذَكَرَ، فَإِنَّ قُدْرَتَهُ عَلَى ذَلِكَ شَرْعًا إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ تَوْفِيَةِ جَمِيعِ الدُّيُونِ، إذْ الدَّيْنُ بَعْدَ الْحَجْرِ لَا يُزَاحِمُ مُسْتَحِقَّهُ الْغُرَمَاءُ، فَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسَاوِي لِلْمُقِرِّ بِهِ وَغَيْرِهِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا نَصُّهُ: فَإِنْ قُلْت قَوْلُهُ: لَمْ يُقْبَلْ يُنَافِيهِ إفْتَاءُ ابْنِ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ وَجَبَ بَعْدَ الْحَجْرِ وَاعْتَرَفَ بِقُدْرَتِهِ عَلَى وَفَائِهِ قَبْلُ وَبَطَلَ ثُبُوتُ إعْسَارِهِ. قُلْت: يَتَعَيَّنُ حَمْلُ قَوْلِهِ قَبْلُ عَلَى أَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِحَقِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْأُمِّ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي [إقْرَار الْمُفْلِسُ بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ قَبْل الْحَجْرَ] . (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ تَأَخُّرِ لُزُومِهِ) يَعْنِي وُجُوبَهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَدَّمَهُ

فِي الْقَدْرِ الْمُسَاوِي لِذَلِكَ الْمُقِرِّ بِهِ فَمَا دُونَهُ. (وَإِنْ قَالَ عَنْ جِنَايَةٍ) وَلَوْ بَعْدَ الْحَجْرِ (قُبِلَ فِي الْأَصَحِّ) فَيُزَاحِمُهُمْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ لِانْتِفَاءِ تَقْصِيرِهِ وَالثَّانِي لَا كَمَا لَوْ قَالَ عَنْ مُعَامَلَةٍ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا لَزِمَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ إنْ كَانَ بِرِضَا مُسْتَحَقِّهِ لَمْ يُقْبَلْ فِي حَقِّهِمْ وَإِلَّا قُبِلَ وَزَاحَمَ الْغُرَمَاءَ، وَلَا يُنَافِي عَدَمَ الْقَبُولِ مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ وَجَبَ بَعْدَ الْحَجْرِ وَاعْتَرَفَ بِقُدْرَتِهِ عَلَى وَفَائِهِ قُبِلَ، وَبَطَلَ ثُبُوتُ إعْسَارِهِ لِتَعَيُّنِ حَمْلِ قَوْلِهِ قُبِلَ عَلَى أَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِحَقِّ الْمُقِرِّ لَا لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ. (وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ بِالْعَيْبِ) أَوْ الْإِقَالَةِ (مَا كَانَ اشْتَرَاهُ) قَبْلَ الْحَجْرِ (إنْ كَانَتْ الْغِبْطَةُ فِي الرَّدِّ) لِأَنَّهُ لَيْسَ تَصَرُّفًا مُبْتَدَأً بَلْ مِنْ أَحْكَامِ الْبَيْعِ السَّابِقِ وَالْحَجْرُ لَا يَنْعَطِفُ عَلَى مَا مَضَى وَلِأَنَّهُ أَحَظُّ لَهُ وَالْغُرَمَاءِ وَفَارَقَ بَيْعُهُ بِهَا بِمَا مَرَّ فِي التَّعْلِيلِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ رَدِّهِ حِينَئِذٍ دُونَ لُزُومِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَالدَّارِمِيُّ إذْ لَيْسَ فِيهِ تَفْوِيتٌ لِحَاصِلٍ وَإِنَّمَا هُوَ امْتِنَاعٌ مِنْ الِاكْتِسَابِ وَإِنَّمَا لَزِمَ الْوَلِيَّ الرَّدُّ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ رِعَايَةُ الْأَحَظِّ لِمُوَلِّيهِ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ مَرِضَ وَاطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ وَالْغِبْطَةُ فِي رَدِّهِ فَلَمْ يَرُدَّ بِأَنَّ مَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ تَفْوِيتٌ مَحْسُوبٌ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّ حَجْرَ الْمَرَضِ أَقْوَى وَلِأَنَّ الضَّرَرَ اللَّاحِقَ لِلْغُرَمَاءِ بِتَرْكِ الرَّدِّ قَدْ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُقِرِّ لَا لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ عَقِبَهُ: وَبَطَلَ ثُبُوتُ إعْسَارِهِ لِأَنَّ قُدْرَتَهُ عَلَى وَفَائِهِ شَرْعًا تَسْتَلْزِمُ قُدْرَتُهُ عَلَى بَقِيَّةِ وَفَاءِ الدُّيُونِ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ: لِأَنَّ قُدْرَتَهُ عَلَى إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْمُقِرِّ لَيْسَ فِيهَا تَقْيِيدُ الْقُدْرَةِ بِالشَّرْعِيَّةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ الْقُدْرَةَ الْحَيَّةَ، فَالْوَجْهُ أَنَّ بُطْلَانَ ثُبُوتِ إعْسَارِهِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِذَلِكَ الْقَدْرِ الَّذِي اعْتَرَفَ بِالْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. أَقُولُ: وَبِهِ يَنْدَفِعُ التَّوَقُّفُ الْمَذْكُورُ وَيُعْلَمُ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالشَّرْعِيَّةِ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ لَا مِنْ كَلَامِ الْمُقِرِّ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: أَنَا قَادِرٌ شَرْعًا اتَّجَهَ أَنَّهُ يُبْطِلُ إعْسَارَهُ بِالنِّسْبَةِ لِجَمِيعِ الدُّيُونِ لِتَصْرِيحِهِ بِمَا يُنَافِي حَمْلَ الْقُدْرَةِ فِي كَلَامِهِ عَلَى الْحِسِّيَّةِ (قَوْلُهُ: فِي الْقَدْرِ الْمُسَاوِي) أَيْ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ وَيُقَسَّمُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ الَّذِينَ تَعَلَّقَتْ دُيُونُهُمْ بِسَبَبِ الْحَجْرِ دُونَ الْمُقِرِّ لَهُ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُؤَاخِذُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِحَقِّهِ لَا بِحَقِّ الْغُرَمَاءِ. (قَوْلُهُ: لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ) أَيْ فَيُطَالَبُ بِقَدْرِ مَا أَقَرَّ بِهِ (قَوْلُهُ: لَا لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ) أَيْ فَلَا يَفُوتُ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ بِالْعَيْبِ) فَإِنْ حَدَثَ عَيْبٌ آخَرُ امْتَنَعَ الرَّدُّ وَوَجَبَ الْأَرْشُ وَلَمْ يَمْلِكْ إسْقَاطَهُ رَوْض اهـ سم عَلَى حَجّ. ثُمَّ رَأَيْتُهُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَلَوْ مَنَعَ إلَخْ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْحَجْرِ) أَيْ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: تَصَرُّفًا مُبْتَدَأً) وَقَدْ قَيَّدَ فِيمَا مَرَّ امْتِنَاعَ التَّصَرُّفِ بِالْمُبْتَدَأِ، وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْأَوْفَقُ بِمَا قَدَّمَهُ أَنْ يَقُولَ: وَخَرَجَ بِمُبْتَدَأٍ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِمَا مَرَّ فِي التَّعْلِيلِ) وَهُوَ قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ تَصَرُّفًا إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ الِاكْتِسَابِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ عَصَى بِالِاسْتِدَانَةِ كُلِّفَ رَدَّهُ إنْ كَانَ فِيهِ غِبْطَةٌ لِأَنَّهُ يُكَلَّفُ الْكَسْبَ حِينَئِذٍ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يَرُدَّ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ فَهَلْ يَسْقُطُ خِيَارُهُ لِكَوْنِ الرَّدِّ فَوْرِيًّا أَوْ لَا لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِغَيْرِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْحَاصِلَ مِنْهُ عَدَمُ الْكَسْبِ فَيُعْصَى بِهِ وَيَسْقُطُ الْخِيَارُ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ) أَيْ عَدَمُ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ مَا نَقَصَهُ) مُتَعَلِّقٌ بِيُشْكِلُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ حَجْرَ الْمَرَضِ إلَخْ) أَيْ فَأَثَّرَ فِيمَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ وَجُعِلَ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثُّلُثِ فَأُلْحِقَ بِالتَّبَرُّعَاتِ الْمَحْضَةِ (قَوْلُهُ: أَقْوَى) قَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا عَلَّلَ بِهِ عَدَمَ نُفُوذِ اسْتِيلَادِهِ الْمُتَقَدِّمِ بِأَنَّ حَجْرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فِي الْقَدْرِ الْمُسَاوِي إلَخْ) يَعْنِي فِيمَا إذَا كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ مُسَاوِيًا لِلدَّيْنِ الَّذِي حَجَرَ بِهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ؛ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْحَجْرِ أَيْضًا . (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِحَقِّ الْمُقِرِّ لَا لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ) مَعْنَاهُ كَمَا ظَهَرَ لِي، ثُمَّ رَأَيْت سم سَبَقَ إلَيْهِ أَنَّا نُعَامِلُهُ مُعَامَلَةَ الْمُوسِرِينَ فَنُطَالِبُهُ بِوَفَاءِ بَقِيَّةِ الدُّيُونِ وَنَحْسِبُهُ عَلَيْهَا، وَمَعْنَى عَدَمِ قَبُولِهِ فِي حَقِّ الْغُرَمَاءِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيمَا هُوَ مَحْبُوسٌ لَهُمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَلَا يُزَاحِمُ الْمُقَرَّ لَهُ، وَإِلَّا فَظَاهِرُ الْحَمْلِ لَا يَتَأَتَّى مَعَ قَوْلِ ابْنِ الصَّلَاحِ نَفْسِهِ وَبَطَلَ ثُبُوتُ إعْسَارِهِ . (قَوْلُهُ: بِأَنَّ مَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ تَفْوِيتٌ إلَخْ) الْبَاءُ فِي بِأَنَّ سَبَبِيَّةٌ: أَيْ وَلَا يُشْكِلُ عَلَى مَا ذُكِرَ مَا لَوْ

يُجْبَرُ بِالْكَسْبِ بَعْدُ بِخِلَافِ الضَّرَرِ اللَّاحِقِ لِلْوَرَثَةِ بِذَلِكَ، وَالِاسْتِدْلَالُ عَلَى كَوْنِ حَجْرِ الْمَرَضِ أَقْوَى بِأَنَّ إذْنَ الْوَرَثَةِ لَا يُفِيدُ شَيْئًا وَإِذْنُ الْغُرَمَاءِ يُفِيدُ صِحَّةَ تَصَرُّفِ الْمُفْلِسِ بِرَدِّهِ مَا تَقَرَّرَ مِنْ بُطْلَانِ تَصَرُّفِهِ وَلَوْ بِإِذْنِهِمْ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا انْضَمَّ إلَى إذْنِهِمْ إذْنُ الْحَاكِمِ، وَخَرَجَ بِمَا ذَكَرَهُ مَا لَوْ كَانَتْ الْغِبْطَةُ فِي الْإِبْقَاءِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ غَرَضٍ أَوْ لَمْ تَكُنْ غِبْطَةٌ لَا فِي الرَّدِّ وَلَا فِي الْإِبْقَاءِ، وَلَوْ مَنَعَ مِنْ الرَّدِّ عَيْبٌ حَادِثٌ لَزِمَ الْأَرْشُ وَلَا يَمْلِكُ الْمُفْلِسُ إسْقَاطَهُ، وَكَلَامُهُمْ شَامِلٌ لِرَدِّ مَا اشْتَرَاهُ قَبْلَ الْحَجْرِ وَمَا اشْتَرَاهُ أَوْ بَاعَهُ فِي الذِّمَّةِ بَعْدَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَمَا وَقَعَ فِي الْكِتَابِ مِنْ ذِكْرِ الْأَوَّلِ فَقَطْ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ. (وَالْأَصَحُّ) (تَعَدِّي الْحَجْرِ) بِنَفْسِهِ (إلَى مَا حَدَثَ بَعْدَهُ بِالِاصْطِيَادِ) وَالْهِبَةِ (وَالْوَصِيَّةِ وَالشِّرَاءِ) فِي الذِّمَّةِ (إنْ صَحَّحْنَاهُ) أَيْ الشِّرَاءَ وَهُوَ الرَّاجِحُ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْحَجْرِ الْحُقُوقُ إلَى أَهْلِهَا وَذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِالْمَوْجُودِ، وَالثَّانِي لَا يَتَعَدَّى إلَى مَا ذَكَرَ كَمَا أَنَّ حَجْرَ الرَّاهِنِ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ لَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهَا، وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ عَلَى الْأَوَّلِ بَيْنَ أَنْ يَزِيدَ مَالُهُ مَعَ الْحَادِثِ عَلَى الدُّيُونِ أَمْ لَا، وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ وَإِنْ نَظَر فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ) (لَيْسَ لِبَائِعِهِ) أَيْ الْمُفْلِسِ فِي الذِّمَّةِ (أَنْ يَفْسَخَ وَيَتَعَلَّقَ بِعَيْنِ مَتَاعِهِ إنْ عَلِمَ الْحَالَّ) لِتَقْصِيرِهِ (وَإِنْ جَهِلَ فَلَهُ ذَلِكَ) لِانْتِفَاءِ تَقْصِيرِهِ لِأَنَّ الْإِفْلَاسَ كَالْعَيْبِ فَفَرَّقَ فِيهِ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ، وَالثَّانِي لَهُ ذَلِكَ لِتَعَذُّرِ الْوُصُولِ إلَى الثَّمَنِ، وَالثَّالِثُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ مُطْلَقًا وَهُوَ مُقَصِّرٌ فِي الْجَهْلِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ التَّعَلُّقُ بِهَا) أَيْ بِعَيْنِ مَتَاعِهِ لِعِلْمِهِ (لَا يُزَاحِمُ الْغُرَمَاءَ بِالثَّمَنِ) لِأَنَّهُ دَيْنٌ حَادِثٌ بَعْدَ الْحَجْرِ بِرِضَا مُسْتَحَقِّهِ فَلَا يُزَاحِمُ الْغُرَمَاءَ الْأَوَّلِينَ بَلْ إنْ فَضَلَ شَيْءٌ عَنْ دَيْنِهِمْ أَخَذَهُ وَإِلَّا انْتَظَرَ الْيَسَارَ وَالثَّانِي يُزَاحِمُ بِهِ لِأَنَّهُ فِي مُقَابِلَةِ مِلْكٍ جَدِيدٍ زَادَ بِهِ الْمَالُ وَالْخِلَافُ جَارٍ فِي كُلِّ دَيْنٍ حَدَثَ بَعْدَ الْحَجْرِ بِرِضَا مُسْتَحَقِّهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSالْفَلَسِ أَقْوَى مِنْ حَجْرِ الْمَرَضِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ فِي ثُلُثِ مَالِهِ إلَخْ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ (قَوْلُهُ: لَا يُفِيدُ) قَبْلَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: مِنْ بُطْلَانِ تَصَرُّفِهِ) أَيْ الْمُفْلِسِ (قَوْلُهُ: وَلَا فِي الْإِبْقَاءِ) أَيْ فَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ وَبَقِيَ مَا لَوْ جَهِلَ الْحَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الرَّدِّ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ ظَهَرَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْأَمْرُ هَلْ لَهُ الرَّدُّ وَيُعْذَرُ فِي التَّأْخِيرِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: إسْقَاطُهُ) أَيْ الْأَرْشِ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُمْ) أَيْ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا قُيِّدَ بِهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلَ الْحَجْرِ ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ قَبْلَ الْحَجْرِ ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ وَمَا وَقَعَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي الْكِتَابِ) أَيْ الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: بِنَفْسِهِ) أَيْ فَلَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى حُكْمِ الْقَاضِي بِتَعَدِّي الْحَجْرِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: فِي الذِّمَّةِ) وَمِثْلُهُ ثَمَنُ ثِيَابِ بَدَنِهِ إذَا بَاعَهَا أَوْ النَّفَقَةُ الَّتِي عَيَّنَهَا لَهُ الْقَاضِي إذَا لَمْ تُصْرَفْ فِي مُؤْنَتِهِ (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ) لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْعِلْمِ وَعَدَمِهِ هَلْ يُصَدَّقُ مُدَّعِي الْأَوَّلِ أَوْ مُدَّعِي الثَّانِي؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ تَصْدِيقُ مُدَّعِي الْجَهْلِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعِلْمِ، وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْمُعَامِلِ لِلْمُفْلِسِ أَنَّهُ لَا يُعَامِلُهُ مَعَ الْعِلْمِ لِأَنَّهُ قَدْ يَجُرُّ إلَى تَفْوِيتِ مَالِهِ (قَوْلُهُ: لِعِلْمِهِ) أَيْ أَوْ بِإِجَازَتِهِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: بِرِضَا مُسْتَحِقِّهِ) . ـــــــــــــــــــــــــــــQاشْتَرَى شَيْئًا إلَخْ بِسَبَبِ أَنَّ مَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ إلَخْ فَقَوْلُهُ: بِأَنَّ إلَخْ سَبَبُ الْإِشْكَالِ، وَعِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ، وَإِنَّمَا عَدَّ إمْسَاكَ مَرِيضٍ مَا اشْتَرَاهُ فِي صِحَّتِهِ وَالْغِبْطَةَ فِي رَدِّهِ تَفْوِيتًا حَتَّى يُحْسَبَ النَّقْصُ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ لَا جَابِرَ فِيهِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ. (قَوْلُهُ: يَرُدُّهُ مَا تَقَرَّرَ إلَخْ) وَلَك أَنْ تُنَازِعَ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ أَيْضًا بِأَنَّ عَدَمَ إفَادَةِ إذْنِ الْوَرَثَةِ فِي حَيَاةِ الْمُورَثِ لَيْسَ لِقُوَّةِ حَجْرِ الْمَرَضِ بَلْ لِعَدَمِ تَسَلُّطِهِمْ عَلَى شَيْءٍ إذْ ذَاكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَنْتَقِلُ إلَيْهِمْ بَعْدَ الْمَوْتِ، أَلَا تَرَى أَنَّ إجَازَتَهُمْ فِي الصِّحَّةِ كَذَلِكَ فَعَلِمْنَا أَنَّ عَدَمَ الْإِفَادَةِ لَيْسَ مِنْ حَيْثُ حَجْرُ الْمَرَضِ. (قَوْلُهُ: وَمَا وَقَعَ فِي الْكِتَابِ) أَيْ: حَيْثُ قَالَ مَا كَانَ اشْتَرَاهُ، وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ وَقَوْلُهُ: مَا كَانَ اشْتَرَاهُ قَدْ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَا يَرُدُّ مَا اشْتَرَاهُ فِي حَالَةِ الْحَجْرِ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ انْتَهَتْ. وَكَانَ يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ التَّعْبِيرُ بِمِثْلِهِ إذْ عِبَارَةُ الْكِتَابِ لَيْسَتْ نَصًّا فِيمَا ذُكِرَ حَتَّى يُقَالَ وَمَا وَقَعَ فِي الْكِتَابِ (قَوْلُهُ: لِعِلْمِهِ) أَيْ أَوْ إجَازَتِهِ بَعْدَ جَهْلِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ ذِكْرُ هَذَا هُنَا لِيُنَاسِبَ مَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ

[فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما]

بِمُعَاوَضَةٍ. أَمَّا الْإِتْلَافُ وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ فَيُزَاحِمُ فِي الْأَصْلِ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَصِّرْ فَلَا يُكَلَّفُ الِانْتِظَارُ، وَكَلَامُهُ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ عَالِمًا بِالْحَالِ أَوْ جَاهِلًا وَأَجَازَ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَقَدْ قَالَ الْقَمُولِيُّ فِي جَوَاهِرِهِ: فَإِنْ قُلْنَا لَا خِيَارَ لَهُ أَوْ لَهُ الْخِيَارُ فَلَمْ يَفْسَخْ فَفِي مُضَارَبَتِهِ بِالثَّمَنِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا اهـ. وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ: وَلِبَائِعِهِ الْخِيَارُ إنْ جَهِلَ، فَإِنْ عَلِمَ أَوْ أَجَازَ لَمْ يُزَاحِمْ الْغُرَمَاءَ بِالثَّمَنِ لِحُدُوثِهِ بِرِضَاهُ اهـ. فَثَبَتَ أَنَّهُ لَا يُضَارِبُ بِحَالٍ بَلْ يَرْجِعُ فِي الْعَيْنِ إنْ جَهِلَ، وَوَقَعَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ فَاحْذَرْهُ، وَلَوْ حَدَثَ دَيْنٌ تَقَدَّمَ سَبَبُهُ عَلَى الْحَجْرِ كَانْهِدَامِ مَا أَجَّرَهُ الْمُفْلِسُ وَقَبَضَ أُجْرَتَهُ وَأَتْلَفَهَا ضَارِبٌ بِهِ مُسْتَحَقَّهُ سَوَاءٌ حَدَثَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَمْ لَا وَيُمْكِنُ بِمِيمٍ بَعْدَ الْيَاءِ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَنُسِبَ لِنُسْخَةِ الْمُصَنِّفِ وَوَقَعَ فِي بَعْضِهَا يَكُنْ. قَالَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ: وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا نَقْصٌ: يَعْنِي أَنَّ وَجْهَ النَّقْصِ فِي يَكُنْ لَفْظَةُ لَهُ وَفِي يُمْكِنُ لَفْظَةُ الْهَاءِ: أَيْ يُمْكِنُهُ، وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ: إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ، قَالَ السُّبْكِيُّ: فَحَذَفَ لَهُ اقْتِصَارًا أَوْ الْتَبَسَ عَلَى بَعْضِ النُّسَّاخِ فَكَتَبَ إذَا لَمْ يَكُنْ اهـ. وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: مَعْنَى يُمْكِنُ صَحِيحٌ هُنَا، وَلَعَلَّ نُسْخَةَ الْمُصَنِّفِ بِخَطِّهِ يَكُنْ فَغَيَّرَهَا ابْنُ جِعْوَانَ أَوْ غَيْرُهُ بِيُمْكِنُ لِأَنَّهَا أَجْوَدُ بِمُفْرَدِهَا عَلَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِدَعْوَى النَّقْصِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. فَصْلٌ فِيمَا يُفْعَلُ فِي مَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ مِنْ بَيْعٍ وَقِسْمَةٍ وَغَيْرِهِمَا (يُبَادِرُ الْقَاضِي) أَوْ نَائِبُهُ نَدْبًا وَمُرَادُهُ قَاضِي بَلَدِ الْمُفْلِسِ؛ إذْ الْوِلَايَةُ عَلَى مَالِهِ وَلَوْ بِغَيْرِ بَلَدِهِ لَهُ تَبَعًا لِلْمُفْلِسِ (بَعْدَ الْحَجْرِ) أَوْ الِامْتِنَاعِ مِنْ الْأَدَاءِ (بِبَيْعِ مَالِهِ) بِقَدْرِ الْحَاجَةِ (وَقَسْمِهِ) أَيْ قَسْمِ ثَمَنِهِ (بَيْنَ الْغُرَمَاءِ) ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ سَبَبُهُ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ حَدَثَ دَيْنٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ الْحَجْرِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَلِمَ أَوْ أَجَازَ) أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَالْعِلْمُ بِإِفْلَاسِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: لَا حَاجَةَ لِدَعْوَى النَّقْصِ) أَيْ فِي يُمْكِنُ لِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ اللَّازِمِ وَكَذَا فِي يَكُنْ لِجَعْلِهَا تَامَّةً بِمَعْنَى يُوجَدُ. فَصْلٌ فِيمَا يُفْعَلُ فِي مَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُمَا) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَكَيْفِيَّةِ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: يُبَادِرُ الْقَاضِي) خَرَجَ بِهِ الْمُحَكَّمُ فَلَيْسَ لَهُ الْبَيْعُ وَإِنْ قُلْنَا لَهُ الْحَجْرُ عَلَى مَا قَالَهُ حَجّ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ. وَإِنْ كَانَ عُمُومُ قَوْلِ الشَّارِحِ فِيمَا سَبَقَ حَجْرُ الْقَاضِي دُونَ غَيْرِهِ خِلَافَهُ لِأَنَّ الْحَجْرَ يَسْتَدْعِي قِسْمَةَ الْمَالِ عَلَى جَمِيعِ الْغُرَمَاءِ، فَمِنْ الْجَائِزِ أَنَّ ثَمَّ غَيْرَ غُرَمَائِهِ الْمَوْجُودِينَ وَنَظَرُ الْمُحَكَّمِ قَاصِرٌ عَلَى مَعْرِفَتِهِمْ (قَوْلُهُ: أَوْ نَائِبُهُ) أَيْ مَا لَمْ تَدْعُ الضَّرُورَةُ وَلَوْ مِنْ بَعْضِهِمْ لِلْبَيْعِ وَإِلَّا فَتَجِبُ الْمُبَادَرَةُ كَمَا يُؤْخَذُ بِالْأَوْلَى مِنْ وُجُوبِ الْقِسْمَةِ إذَا طَلَبَهَا الْغُرَمَاءُ (قَوْلُهُ: أَوْ الِامْتِنَاعُ) فِيهِ تَجَوُّزٌ لِأَنَّ الْمُمْتَنِعَ لَيْسَ مِنْ الْمُفْلِسِ الَّذِي ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ شُمُولِ الْمَتْنِ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُ شَامِلٌ إلَخْ) أَيْ قَوْلُهُ: وَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ إلَخْ أَيْ: مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا قَبْلَهُ فِي الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: وَوَقَعَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ) الصَّوَابُ إسْقَاطُ لَفْظِ شَرْحِ فَإِنَّهُ فِي نَفْسِ الْمَتْنِ، وَعِبَارَتُهُ: وَلِبَائِعٍ جَهِلَ أَنْ يُزَاحِمَ. انْتَهَتْ، ثُمَّ إنَّ فِي تَعْبِيرِهِ بِوَقَعَ إشْعَارًا بِأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ فِي الْمَنْهَجِ لَا ذُهُولًا أَوْ نَحْوَهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ اخْتَارَهُ الشِّهَابُ حَجّ وَغَيْرُهُ فَكَانَ الْأَصْوَبُ خِلَافَ هَذَا التَّعْبِيرِ. (قَوْلُهُ: وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا نَقْصٌ) هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنْ يَكُونَ عَلَى نُسْخَتِهَا نَاقِصَةً. أَمَّا إذَا جُعِلَتْ تَامَّةً بِمَعْنَى يُوجَدُ فَلَا نَقْصَ [فَصْلٌ فِيمَا يُفْعَلُ فِي مَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ مِنْ بَيْعٍ وَقِسْمَةٍ وَغَيْرِهِمَا] (فَصْلٌ) فِيمَا يُفْعَلُ فِي مَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ الِامْتِنَاعِ مِنْ الْأَدَاءِ) أَيْ حَيْثُ رَأَى الْقَاضِي الْمَصْلَحَةَ فِي الْبَيْعِ عَلَى مَا سَيَأْتِي فِيهِ وَكَانَ الْأَوْلَى عَدَمَ

عَلَى حَسَبِ دُيُونِهِمْ لِئَلَّا يَطُولَ زَمَنُ الْحَجْرِ عَلَيْهِ وَمُبَادَرَةً لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ، وَإِيصَالِ الْحَقِّ لِمُسْتَحِقِّهِ وَلَا يُفَرِّطُ فِي الِاسْتِعْجَالِ كَيْ لَا يَطْمَعَ فِيهِ بِثَمَنٍ بَخْسٍ (وَيُقَدَّمُ) حَتْمًا (مَا يُخَافُ فَسَادُهُ) وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ مَا يُسْرِعُ لَهُ الْفَسَادُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَرْهُونًا لِئَلَّا يَضِيعَ ثُمَّ الْمَرْهُونُ وَالْجَانِي لِتَعْجِيلِ حَقِّ مُسْتَحِقِّهَا، وَمَا نَظَرَ بِهِ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنَّ الرَّهْنَ إذَا فَاتَ لَمْ يَبْطُلْ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ بِخِلَافِ الْجَانِي فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدَّمَ بَيْعُهُ لِذَلِكَ أَجَابَ عَنْهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِأَنَّ بَيْعَ الْمَرْهُونِ إنَّمَا قُدِّمَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُبَادَرَةِ إلَى بَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمَدْيُونِ (ثُمَّ الْحَيَوَانُ) لِاحْتِيَاجِهِ لِلنَّفَقَةِ وَتَعَرُّضِهِ لِلتَّلَفِ وَاسْتُثْنِيَ مِنْهُ الْمُدَبَّرُ فَقَدْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُبَاعُ حَتَّى يَتَعَذَّرَ الْأَدَاءُ مِنْ غَيْرِهِ، وَهُوَ صَرِيحٌ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي تَأْخِيرِهِ عَنْ الْكُلِّ صِيَانَةً لِلتَّدْبِيرِ عَنْ الْإِبْطَالِ (ثُمَّ الْمَنْقُولُ) لِمَا يُخْشَى عَلَيْهِ مِنْ الضَّيَاعِ مِنْ نَحْوِ سَرِقَةٍ وَيُقَدَّمُ الْمَلْبُوسُ عَلَى النُّحَاسِ وَنَحْوِهِ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (ثُمَّ الْعَقَارُ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا وَيُقَدَّمُ الْبِنَاءُ عَلَى الْأَرْضِ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَيْضًا. وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ التَّرْتِيبَ مُسْتَحَبٌّ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْأَنْوَارِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّرْتِيبَ فِي غَيْرِ مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ وَغَيْرِ الْحَيَوَانِ مُسْتَحَبٌّ: أَيْ أَمَّا مَا يُخْشَى فَسَادُهُ أَوْ نَهْبُهُ أَوْ اسْتِيلَاءُ نَحْوِ ظَالِمٍ عَلَيْهِ فَلَا شَكَّ فِي وُجُوبِ الْمُبَادَرَةِ لِبَيْعِهِ. وَلِهَذَا قَدْ تَقْتَضِي الْمَصْلَحَةُ تَقْدِيمَ الْعَقَارِ وَنَحْوِهِ عَلَى غَيْرِهِ عِنْدَ الْخَوْفِ مِمَّنْ مَرَّ فَالْأَحْسَنُ تَفْوِيضُ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ إلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَى الْغَالِبِ وَعَلَيْهِ بَذْلُ الْوُسْعِ فِيمَا يَرَاهُ الْأَصْلَحَ (وَلْيَبِعْ) نَدْبًا (بِحَضْرَةِ الْمُفْلِسِ) بِتَثْلِيثِ الْحَاءِ وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ أَوْ وَكِيلِهِ (وَغُرَمَائِهِ) أَوْ وَكِيلِهِمْ لِأَنَّ ذَلِكَ أَنْفَى لِلتُّهْمَةِ وَأَطْيَبُ لِلْقُلُوبِ وَلْيُخْبِرْ الْمُفْلِسُ بِمَا فِي مَالِهِ مِنْ عَيْبٍ لِيَأْمَنَ الرَّدَّ، أَوْ صِفَةٍ مَطْلُوبَةٍ لِتَكْثُرَ فِيهِ الرَّغْبَةُ، وَلِأَنَّ الْغُرَمَاءَ قَدْ يَزِيدُونَ فِي السِّلْعَةِ، وَمَا ثَبَتَ لِلْمُفْلِسِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْكَلَامُ فِيهِ (قَوْلُهُ عَلَى حَسَبِ دُيُونِهِمْ) أَوْ بِتَمْلِيكِهِ لَهُمْ كَذَلِكَ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً اهـ حَجّ، وَكَيْفِيَّةُ التَّمْلِيكِ أَنْ يَبِيعَ كُلُّ وَاحِدٍ جُزْءًا مُعَيَّنًا مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ نِسْبَتَهُ إلَى كُلِّهِ كَنِسْبَةِ دَيْنِ الْمُشْتَرِي إلَى جُمْلَةِ دُيُونِ الْمُفْلِسِ، أَوْ يَبِيعَ جُمْلَةَ مَالِ الْمُفْلِسِ بِجُمْلَةِ دُيُونِ جَمِيعِ الْغُرَمَاءِ إنْ اسْتَوَتْ الدُّيُونُ فِي الصِّفَةِ، وَإِلَّا بَطَلَ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَمَا لَوْ بَاعَ عَبِيدَ جَمْعٍ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ وَهُوَ بَاطِلٌ، وَفِي ع فِيمَا تَقَدَّمَ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَا يُفَرِّطُ فِي الِاسْتِعْجَالِ) أَيْ لَا يُبَالِغُ فِي الِاسْتِعْجَالِ: أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالْجَانِي) الْوَاوُ فِيهِ بِمَعْنَى ثُمَّ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْجَوَابِ عَنْ إيرَادِ كَلَامِ الْمَطْلَبِ، وَفِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ عَنْ ابْنِ حَجَرٍ تَقْدِيمُ الْجَانِي عَلَى الْمَرْهُونِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا نَظَرَ بِهِ فِي الْمَطْلَبِ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَاسْتُثْنِيَ مِنْهُ الْمُدَبَّرُ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ الْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ يُعْلَمُ وَقْتُ مَجِيئِهَا فَيَنْبَغِي تَأْخِيرُهُ إلَى أَنْ يَخَافَ وُجُودَ الصِّفَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِإِعْتَاقِهِ (قَوْلُهُ: لَا يُبَاعُ حَتَّى يَتَعَذَّرَ) لَا يُقَالُ: شَرْطُ الْحَجْرِ زِيَادَةُ الدَّيْنِ عَلَى الْمَالِ فَلَا فَائِدَةَ لِلتَّأْخِيرِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: قَدْ تَزِيدُ قِيمَةُ الْمَالِ أَوْ يُبْرِئُ بَعْضُ الْغُرَمَاءِ أَوْ يَحْدُثُ لَهُ مَالٌ بِكَسْبٍ أَوْ مَوْتِ قَرِيبٍ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِهِ) وَمِنْهُ الْعَقَارُ الْآتِي (قَوْلُهُ: صِيَانَةً لِلتَّدْبِيرِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ) فِي عِلْمِهِ مِمَّا سَبَقَ نَظَرٌ بَلْ قَدْ يُقَالُ: إنَّمَا عُلِمَ وُجُوبُهُ مِنْ قَوْلِهِ حَتْمًا (قَوْلُهُ: مُسْتَحَبٌّ) أَيْ فِي غَيْرِ مَا يُخَافُ فَسَادُهُ فَلَا يُنَافِي مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ: وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ) أَيْ فِي التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: بَذْلُ الْوُسْعِ) أَيْ الطَّاقَةِ (قَوْلُهُ: وَلْيُخْبِرْ) أَيْ وَلِأَجْلِ أَنْ يُخْبِرَ (قَوْلُهُ: وَمَا ثَبَتَ لِلْمُفْلِسِ إلَخْ) عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا أَوْ الِامْتِنَاعِ، وَلَعَلَّهُ ذَكَرَهُ هُنَا تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ وَلَكِنْ يُفَارِقُ إلَخْ، لَكِنْ بَقِيَ أَنَّ قَوْلَهُ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَبِيعُهُ إذَا كَانَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ بَلْ يَكْتُبُ لِقَاضِي بَلَدِ الْمَالِ لِيَبِيعَهُ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَلَوْ بِغَيْرِ بَلَدِهِ لَهُ خِلَافُهُ لِتَسْوِيَتِهِ بَيْنَ الْمُفْلِسِ وَالْمُمْتَنِعِ فَلْيُتَأَمَّلْ، إلَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا سَبَقَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ قَاضِيَ بَلَدِ الْمُفْلِسِ لَهُ الْوِلَايَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQذِكْرِهِ هُنَا. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ بَيْعَ الْمَرْهُونِ إنَّمَا قُدِّمَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُبَادَرَةِ إلَخْ) قَدْ يُنَازَعُ فِي هَذَا الْجَوَابِ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ غَيْرَهُ كَذَلِكَ إذْ فِي الْكُلِّ الْمُبَادَرَةُ إلَى بَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمَدْيُونِ. (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ) فِي عِلْمِ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ نَظَرٌ لَا يَخْفَى

مِنْ بَيْعِ مَالِهِ كَمَا ذُكِرَ رِعَايَةً لِحَقِّ الْغَرِيمِ يَأْتِي نَظِيرُهُ فِي مُمْتَنِعٍ عَنْ أَدَاءِ حَقٍّ وَجَبَ عَلَيْهِ بِأَنْ أَيْسَرَ وَطَالَبَهُ بِهِ صَاحِبُهُ وَامْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهِ فَيَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ بِهِ، فَإِنْ امْتَنَعَ وَلَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ وَهُوَ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ وَفَّى مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بَاعَ عَلَيْهِ مَالَهُ إنْ كَانَ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ، وَلَكِنْ يُفَارِقُ الْمُمْتَنِعُ الْمُفْلِسَ فِي أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَى الْقَاضِي بَيْعُ مَالِهِ كَالْمُفْلِسِ بَلْ لَهُ بَيْعُهُ كَمَا تَقَرَّرَ، وَإِكْرَاهُ الْمُمْتَنِعِ مَعَ تَعْزِيرِهِ بِحَبْسٍ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى بَيْعِ مَا يَفِي بِالدَّيْنِ مِنْ مَالِهِ لَا عَلَى بَيْعِ جَمِيعِهِ مُطْلَقًا، وَبَحَثَ السُّبْكِيُّ أَنَّ مَحَلَّ تَخْيِيرِهِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْإِكْرَاهِ إذَا طَلَبَ رَبُّ الدَّيْنِ حَقَّهُ بِغَيْرِ تَعْيِينٍ، فَلَوْ عَيَّنَ طَرِيقًا لَمْ يَجُزْ لِلْحَاكِمِ فِعْلُ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَفْعَلُ بِسُؤَالِهِ، وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِكَلَامِ الْقَفَّالِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ وَلَدُهُ فِي التَّوْشِيحِ: قَدْ يُقَالُ لَيْسَ لِلْمُدَّعِي حَقٌّ فِي إحْدَى الْخِصَالِ حَتَّى تَتَعَيَّنَ بِتَعْيِينِهِ، وَإِنَّمَا حَقُّهُ فِي خَلَاصِ حَقِّهِ فَلْيَعْتَمِدْهُ الْقَاضِي بِمَا شَاءَ مِنْ الطُّرُقِ اهـ. وَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ. وَبَيْعُ الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ أَوْلَى لِيَقَعَ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ الْحَاكِمُ أَوْ نَائِبُهُ لَا بُدَّ أَنْ يَثْبُتَ أَنَّهُ مِلْكُهُ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَالْقَاضِي، وَبَيْعُ الْحَاكِمِ حُكْمٌ بِأَنَّهُ لَهُ: أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ تَصَرُّفَهُ حُكْمٌ وَسَيَأْتِي فِي الْفَرَائِضِ مَا فِيهِ، وَرَجَّحَ السُّبْكِيُّ تَبَعًا لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ جَمَاعَةٍ الِاكْتِفَاءَ بِالْيَدِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْعَبَّادِيِّ، وَذَكَرَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ ابْنَ الصَّلَاحِ أَفْتَى بِمَا يُوَافِقُهُ، وَالْإِجْمَاعُ الْفِعْلِيُّ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلْيَبِعْ نَدْبًا (كُلَّ شَيْءٍ فِي سُوقِهِ) لِأَنَّ الرَّغْبَةَ فِيهِ أَكْثَرُ وَالتُّهْمَةَ فِيهِ أَبْعَدُ. نَعَمْ إنْ تَعَلَّقَ بِالسُّوقِ غَرَضٌ مُعْتَبَرٌ لِلْمُفْلِسِ وَجَبَ وَلَوْ كَانَ فِي النَّقْلِ إلَيْهِ مُؤْنَةٌ كَبِيرَةٌ وَرَأَى اسْتِدْعَاءَ أَهْلِهِ أَوْ ظَنَّ الزِّيَادَةَ فِي غَيْرِ سُوقِهِ فَعَلَ: أَيْ وُجُوبًا ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى مَالِهِ وَإِنْ كَانَ بِبَلَدٍ آخَرَ وَالطَّرِيقُ فِي بَيْعِهِ بِأَنْ يُرْسِلَ إلَى قَاضِي بَلَدِ الْمَالِ لِيَبِيعَهُ وَكَأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ قَاضِي بَلَدِ الْمُفْلِسِ (قَوْلُهُ: فِي مُمْتَنِعٍ) أَيْ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ) أَيْ الْمَالُ (قَوْلُهُ: إنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى التَّعْيِينِ مَعَ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْأَوْلَى بَيْعُ الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْفَرْقُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إكْرَاهُ الْمُفْلِسِ مَعَ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّغْرِيرِ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْبَيْعِ بِخِلَافِ الْمُمْتَنِعِ (قَوْلُهُ: فَلْيَعْتَمِدْهُ) أَيْ يَقْصِدْهُ (قَوْلُهُ بِمَا شَاءَ) أَيْ مِنْ مُبَاشَرَتِهِ الْبَيْعَ وَإِكْرَاهِ الْمُمْتَنِعِ عَلَى الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَبَيْعُ الْمَالِكِ) شَامِلٌ لِلْمُفْلِسِ وَالْمُمْتَنِعِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْتَاجَ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِيَقَعَ الْإِشْهَادُ (قَوْلُهُ: لَا بُدَّ أَنْ يَثْبُتَ أَنَّهُ مِلْكُهُ) عَلَى هَذَا هَلْ يَتَوَقَّفُ سَمَاعُهُ عَلَى دَعْوَى أَمْ لَا اهـ. ع. أَقُولُ: الْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى مَا يُفِيدُ الظَّنَّ لِلْقَاضِي غَيْرَ مُسْتَنِدٍ فِيهِ إلَى إخْبَارِ الْمَالِكِ، وَفِي ع أَيْضًا: لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْمِلْكِ فِي بَيْعِ الْقَاضِي خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ وَغَيْرِهِ. قُلْتُ: فَهَذِهِ بَيِّنَةُ وَاضِعِ الْيَدِ تُسْمَعُ قَبْلَ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ لِيُوَافِقَ مَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْقَضَاءِ اهـ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَا تَخَالُفَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ مَا فِي الْقَضَاءِ مُصَوَّرٌ بِتَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ بِخِلَافِ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: وَبَيْعُ الْحَاكِمِ) مَقُولُ قَوْلِ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مِنْ أَنَّ بَيْعَ الْحَاكِمِ إلَخْ فَإِنَّهُ بَيَانٌ لِمَا فِي قَوْلِهِ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ (قَوْلُهُ: الِاكْتِفَاءَ بِالْيَدِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَنْضَمَّ إلَيْهَا تَصَرُّفٌ أَوْ نَحْوُهُ، لَكِنْ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: الِاكْتِفَاءُ بِالْيَدِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا انْضَمَّ إلَيْهَا تَصَرُّفٌ طَالَتْ مُدَّتُهُ وَخَلَا عَنْ مُنَازِعٍ، وَالْأَقْرَبُ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ وَظُهُورَهُ مَعَ عَدَمِ الْمُنَازَعَةِ فِي شَيْءٍ مِمَّا بِيَدِهِ مُشْعِرٌ بِأَنَّ مَا فِي يَدِهِ مِلْكُهُ (قَوْلُهُ: غَرَضٌ مُعْتَبَرٌ لِلْمُفْلِسِ وَجَبَ) أَيْ كَرَوَاجِ النَّقْد الَّذِي يُبَاعُ بِهِ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَرَأَى اسْتِدْعَاءَ) أَيْ طَلَبَ أَهْلِهِ (قَوْلُهُ: وُجُوبًا) كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَأَفْتَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مَا يَفِي بِالدَّيْنِ مِنْ مَالِهِ) أَيْ: مِنْ جَمِيعِهِ أَوْ بَعْضِهِ بِحَسَبِ الدَّيْنِ فَمِنْ فِي قَوْلِهِ مِنْ مَالِهِ ابْتِدَائِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: لَا عَلَى بَيْعِ جَمِيعِهِ مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ زَادَ عَلَى الدَّيْنِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: فَلْيَعْتَمِدْهُ) أَيْ خَلَاصَ حَقِّهِ. (قَوْلُهُ: وَبَيْعُ الْمَالِكِ) يَعْنِي الْمُفْلِسَ كَمَا هُوَ فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ وَإِلَّا فَالْمُمْتَنِعُ لَا يَتَوَقَّفُ بَيْعُهُ عَلَى إذْنٍ. (قَوْلُهُ: وَبَيْعُ الْحَاكِمِ حُكْمٌ) أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقَدُّمِ ثُبُوتِ الْمِلْكِيَّةِ، وَهَذَا مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ تَأْيِيدًا لِمَا قَالَهُ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ سِيَاقُ الشَّارِحِ

كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنَّمَا يَبِيعُ (بِثَمَنِ مِثْلِهِ) فَأَكْثَرَ (حَالًّا مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ) وُجُوبًا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ لِغَيْرِهِ فَوَجَبَ فِيهِ رِعَايَةُ الْمَصْلَحَةِ وَهِيَ فِيمَا ذَكَرَ فَلَا يَبِعْ بِمُؤَجَّلٍ، وَإِنْ حَلَّ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ مَا لَمْ يَرْضَ الْمُفْلِسُ وَالْغُرَمَاءُ بِغَيْرِهِ فَيَجُوزُ، قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ السُّبْكِيُّ لِاحْتِمَالِ ظُهُورِ غَرِيمٍ آخَرَ يَطْلُبُ دَيْنَهُ فِي الْحَالِ؛ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَلَوْ رَأَى الْحَاكِمُ الْمَصْلَحَةَ فِي الْبَيْعِ بِمِثْلِ حُقُوقِهِمْ جَازَ، وَلَوْ بَاعَ بِثَمَنٍ مِثْلِهِ ثُمَّ ظَهَرَ رَاغِبٌ بِزِيَادَةٍ فَقِيَاسُ مَا ذَكَرُوهُ فِي عَدْلِ الرَّهْنِ وُجُوبُ الْقَبُولِ فِي الْمَجْلِسِ وَفَسْخُ الْبَيْعِ، وَحَكَاهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ النَّصِّ، وَقَدْ ذَكَرُوا فِي عَدْلِ الرَّهْنِ وَالْوَكَالَةِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُفْسَخْ انْفَسَخَ بِنَفْسِهِ فَيَأْتِي ذَلِكَ هُنَا وَلَوْ تَعَذَّرَ مَنْ يَشْتَرِي مَالَ الْمُفْلِسِ بِثَمَنِ مِثْلِهِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ وَجَبَ الصَّبْرُ بِلَا خِلَافٍ، قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي فَتَاوِيهِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ: يُبَاعُ الْمَرْهُونُ بِمَا دُفِعَ فِيهِ بَعْدَ النِّدَاءِ وَالْإِشْهَارِ وَإِنْ شَهِدَ عَدْلَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالسُّبْكِيّ بِجَوَازِ بَيْعِ مَالِ الْيَتِيمِ لِنَفَقَتِهِ بِنِهَايَةِ مَا دُفِعَ فِيهِ وَإِنْ رَخَّصَ لِضَرُورَةٍ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا اعْتَمَدَ مَا ذَكَرْته مِنْ اسْتِوَائِهِمَا فَقَالَ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ عَنْ الْغَزِّيِّ اعْتِمَادَ الْفَرْقِ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّ غَيْرَ الرَّهْنِ كَالرَّهْنِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ فِيهِ وَفِي بَيْعِ مَالِ الْيَتِيمِ الْمُحْتَاجِ بِمَا ذُكِرَ: أَيْ بِمَا يَنْتَهِي إلَيْهِ ثَمَنُهُ فِي النِّدَاءِ وَإِنْ كَانَ دُونَ ثَمَنِ مِثْلِهِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ فِي الْجَمِيعِ اهـ حَجّ. أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ وَفِيهِ وَقْفَةٌ، بَلْ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي الِاقْتِرَاضُ أَوْ الِارْتِهَانُ إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ لِلضَّرَرِ، أَوْ أَنَّهُ يُقَالُ حَيْثُ انْتَهَتْ الرَّغَبَاتُ فِيهِ بِقَدْرٍ كَانَ ثَمَنَ مِثْلِهِ، وَالرُّخْصُ لَا يُنَافِيهِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ قَدْ يَكُونُ عَالِيًا وَقَدْ يَكُونُ رَخِيصًا (قَوْلُهُ: فَلَا بَيْعَ بِمُؤَجَّلٍ) أَيْ لِمَا يَلْزَمُ لَهُ فِيهِ مِنْ وُجُوبِ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِ ثَمَنِهِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ) اُنْظُرْ هَلْ كَالْمُؤَجَّلِ وَغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ دُونَ ثَمَنِ الْمِثْلِ فَيَجُوزُ إذَا رَضَوْا فِيهِ احْتِمَالٌ، ثُمَّ رَأَيْت م ر سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَمَالَ إلَى الْمَنْعِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُؤَجَّلِ وَنَقْدِ الْبَلَدِ بِأَنَّهُ لَمْ يَفُتْ فِيهِمَا إلَّا صِفَةٌ، وَالْفَائِتُ هُنَا جُزْءٌ فَيُحْتَاطُ فِيهِ لِاحْتِمَالِ ظُهُورِ غَرِيمٍ ثُمَّ مَا لَا يُحْتَاطُ فِيهِمَا؛ إذْ لَا كَبِيرَ ضَرَرٍ عَلَى الْغَرِيمِ لَوْ ظَهَرَ فِيهِمَا بِخِلَافِهِ فِي ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ قَوْلُهُ نَعَمْ إلَخْ، وَكَذَا لَوْ رَضَوْا بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ مَعَ الْقَاضِي قِيَاسًا عَلَى مَا قَبْلَهُ اهـ. وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْبَيْعِ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَبَيْنَهُ بِالْمُؤَجَّلِ بِأَنَّ النَّقْصَ خُسْرَانٌ لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ، وَالْقَاضِي إنَّمَا يَتَصَرَّفُ بِهَا، وَفِي سم عَلَى حَجّ مَا يُوَافِقُهُ اعْتِرَاضًا عَلَى قَوْلِ حَجّ إنَّ مِثْلَ الْمُؤَجَّلِ الْبَيْعُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ اهـ. وَعَلَيْهِ فَلَوْ تَبَيَّنَ لَهُ غَرِيمٌ فَهَلْ يَثْبُتُ بُطْلَانُ الْبَيْعِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: إذْ الْأَصْلُ عَدَمُهُ) قَالَ حَجّ: قِيلَ وَلَوْ قُلْنَا بِمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي لَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُوَافِقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي فَرْضِ مَهْرِ الْمِثْلِ لِلْمُفَوَّضَةِ اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. أَقُولُ: لَعَلَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْقَاضِيَ أَذِنَ لَهُمْ أَوَّلًا إذْنًا مُطْلَقًا فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ ثُمَّ بَاعُوا لِأَنْفُسِهِمْ مِنْ غَيْرِ مُرَاجَعَتِهِ ثَانِيًا، وَعَلَيْهِ فَلَا يُقَالُ: إنْ صَدَرَ الْبَيْعُ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْقَاضِي فَبَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ بِإِذْنٍ مِنْهُ فَقَدْ وَافَقَهُمْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَيَأْتِي ذَلِكَ هُنَا) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَجَبَ الصَّبْرُ) أَيْ إلَى أَنْ يُوجَدَ مَنْ يَأْخُذُهُ بِذَلِكَ. لَا يُقَالُ: التَّأْخِيرُ إلَى ذَلِكَ قَدْ يُؤَدِّي إلَى ضَرَرٍ بِالْمَالِكِ لِطُولِ مُدَّةِ الِانْتِظَارِ لِمَنْ يَرْغَبُ فِيهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْغَالِبُ عَدَمُ الطُّولِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ وُجُودُ مَنْ يَأْخُذُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ، وَفَقْدُهُ نَادِرٌ فَلَا نَظَرَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالْإِشْهَارِ) يَقْتَضِي أَنَّ فِعْلَهُ أَشْهَرُ، وَفِي الْقَامُوسِ شَهَرَ سَيْفَهُ كَمَنَعَ، وَشَهَرَهُ رَفَعَهُ عَلَى النَّاسِ اهـ. لَكِنْ يُوَافِقُ مَا عَبَّرَ بِهِ الشَّارِحُ قَوْلَ الْكَمَالِ بْنِ أَبِي شَرِيفٍ عَلَى النُّخْبَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ ظُهُورِ غَرِيمٍ آخَرَ) تَعْلِيلٌ لِتَوَقُّفِ السُّبْكِيّ. (قَوْلُهُ: فِي الْمَجْلِسِ) أَيْ: وَفِي زَمَنِ خِيَارِ الشَّرْطِ . (قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ إلَخْ) مُقَابِلٌ لِمَا فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ

أَنَّهُ دُونَ ثَمَنِ مِثْلِهِ بِلَا خِلَافٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقِيمَةَ وَصْفٌ قَائِمٌ بِالذَّاتِ، فَإِنْ قُلْنَا مَا تَنْتَهِي إلَيْهِ الرَّغَبَاتُ فَوَاضِحٌ لِأَنَّ مَا دُفِعَ فِيهِ هُوَ ثَمَنُ مِثْلِهِ، وَعَلَيْهِ فَفَارَقَ الرَّهْنُ مَالَ الْمُفْلِسِ بِأَنَّ الرَّاهِنَ الْتَزَمَ ذَلِكَ حَيْثُ عَرَضَ مِلْكُهُ بِرَهْنِهِ لِلْبَيْعِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ لَمَّا الْتَزَمَ تَحْصِيلَ الْمُسْلَمِ فِيهِ لَزِمَهُ وَلَوْ بِثَمَنٍ غَالٍ: أَيْ لَا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ (ثُمَّ) (إنْ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ النَّقْدِ) الَّذِي بِيعَ بِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ نَوْعِهِ (وَلَمْ يَرْضَ الْغَرِيمُ إلَّا بِجِنْسِ حَقِّهِ) أَوْ نَوْعِهِ (اشْتَرَى) لَهُ لِأَنَّهُ وَاجِبُهُ (وَإِنْ رَضِيَ) بِغَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ أَوْ وَلِيٌّ وَالْمَصْلَحَةُ لِلْمَوْلَى فِي التَّعْوِيضِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (جَازَ صَرْفُ النَّقْدِ إلَيْهِ إلَّا فِي السَّلَمِ) وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ مَا يَمْنَعُ الِاعْتِيَاضَ عَنْهُ كَمَبِيعٍ فِي الذِّمَّةِ وَكَمَنْفَعَةٍ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ فَلَا يَجُوزُ صَرْفُهُ إلَيْهِ، وَإِنْ رَضِيَ لِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ، وَلَا يَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ نُجُومُ الْكِتَابَةِ مَعَ عَدَمِ صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهَا عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ النُّجُومَ لَا يُحْجَرُ لِأَجْلِهَا فَلَيْسَتْ مُرَادَةً هُنَا. (وَلَا) (يُسْلِمُ) الْحَاكِمُ أَوْ مَأْذُونُهُ (مَبِيعًا قَبْلَ قَبْضِ ثَمَنِهِ) احْتِيَاطًا فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ كَالْوَكِيلِ وَالضَّمَانُ بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ ضَمَانِ الْحَاكِمِ إذَا فَعَلَهُ جَاهِلًا أَوْ مُعْتَقِدًا تَحْرِيمَهُ، فَإِنْ فَعَلَهُ بِاجْتِهَادٍ أَوْ تَقْلِيدٍ صَحِيحٍ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّ خَطَأَهُ غَيْرُ مَقْطُوعٍ بِهِ، فَإِنْ تَنَازَعَا أُجْبِرَ الْمُشْتَرِي عَلَى التَّسْلِيمِ أَوَّلًا مَا لَمْ يَكُنْ نَائِبًا عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَعَكَفَ النَّاسُ عَلَى الْأَخْذِ عَنْهُ كَمَا صَرَّحَ هُوَ بِذَلِكَ، وَأَشْهَرَهُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ دُونَ ثَمَنِ مِثْلِهِ بِلَا خِلَافٍ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ وُجُوبِ الصَّبْرِ فِي مَالِ الْمُفْلِسِ (قَوْلُهُ: فَفَارَقَ الرَّهْنَ) فَرْقُهُ بَيْنَهُمَا يَقْتَضِي اعْتِمَادَ مَا نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ أَبِي الدَّمِ فَلْيُرَاجَعْ، وَاعْتَمَدَ حَجّ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا فِي وُجُوبِ الصَّبْرِ إلَى وُجُودِ رَاغِبٍ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ) حَيْثُ صُوِّرَ بِمَا ذُكِرَ مَا لَمْ يَكُنْ مُؤَيِّدًا لِلْفَرْقِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ حَتَّى يَكُونَ مُؤَيِّدًا (قَوْلُهُ: أَوْ نَوْعِهِ) أَيْ أَوْ صِفَتِهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ مَا يَمْتَنِعُ) عِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ اعْتَمَدَ مَرَّ جَوَازَ الِاعْتِيَاضِ عَنْ الْمَبِيعِ فِي الذِّمَّةِ وَمَا فِي الشَّرْحِ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ) أَيْ وَبِتَقْدِيرِ وُرُودِهِ فَهُوَ مُنْدَفِعٌ بِمَا زَادَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ مَا إلَخْ، ثُمَّ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ النُّجُومَ لَا يُحْجَرُ لَهَا إلَخْ أَنَّهُ لَا يُدْفَعُ لِنُجُومِ الْكِتَابَةِ شَيْءٌ مِنْ مَالِهِ الَّذِي بِيعَ، وَقَضِيَّةُ حَجّ خِلَافُهُ فَلْيُرَاجَعْ، وَسَيَأْتِي مَا يُصَرِّحُ بِمُوَافَقَةِ حَجّ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْقِسْمَةِ مُكَاتَبٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُعَامَلَةً إلَخْ، وَعَلَيْهِ فَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ نُجُومِ الْكِتَابَةِ أَوْ صِفَتِهَا اشْتَرَى بِهِ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِ نُجُومِ الْكِتَابَةِ وَصِفَتِهَا وَلَا يَعْتَاضُ عَنْهَا، لَكِنَّهُ لَا يُقَاسِمُ الْغُرَمَاءَ بَلْ يُقَدِّمُ حَقَّ الْغُرَمَاءِ، عَلَى النُّجُومِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ) أَيْ حَيْثُ قَالَ إلَّا فِي السَّلَمِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَأْذُونِهِ) يَشْمَلُ الْمُفْلِسَ وَيَأْتِي مَا يُصَرِّحُ بِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: قَبْلَ قَبْضِ ثَمَنِهِ) أَيْ وَإِنْ أَحْضَرَ لَهُ الْمُشْتَرِي ضَامِنًا أَوْ رَهْنًا؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ قَدْ يَتْلَفُ أَوْ يُحْوِجُ إلَى زَمَنٍ يَبِيعُهُ فِيهِ فَيُؤَدِّي إلَى ضَرَرٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ) أَيْ الْمُسَلِّمُ حَاكِمًا كَانَ أَوْ مَأْذُونَهُ (قَوْلُهُ: بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ) أَيْ لَا بِالثَّمَنِ الَّذِي بَاعَ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقِيمَةَ وَصْفٌ قَائِمٌ بِالذَّاتِ) إنَّمَا بَنَاهُ عَلَى هَذَا؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَسْتَغْرِبُ الْحُكْمَ عَلَيْهِ، أَمَّا بِنَاؤُهُ عَلَى أَنَّهَا مَا تَنْتَهِي إلَيْهِ الرَّغَبَاتُ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ فَإِنْ قُلْنَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ فَيُفَارِقُ الرَّهْنَ إلَخْ) أَيْ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ، وَغَرَضُهُ مِنْ ذَلِكَ الْجَمْعُ بَيْنَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي فَتَاوِيهِ وَبَيْنَ كَلَامِ ابْنِ أَبِي الدَّمِ بِفَرْضِ صِحَّتِهِ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِتَعْبِيرِهِ بِعَلَيْهِ، وَقَدْ صَرَّحَ الشِّهَابُ حَجّ بِضَعْفِهِ وَبِأَنَّ مَالَ الْمُفْلِسِ وَالْمَرْهُونِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَأَنَّ الْحُكْمَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ. (قَوْلُهُ: كَمَبِيعٍ فِي الذِّمَّةِ) هَذَا لَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ لَهُ فِي بَابِ السَّلَمِ مِنْ صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى الثَّمَنِ كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ..

غَيْرِهِ فَيُجْبَرَانِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَمَا اسْتَثْنَاهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ شَيْئًا لِأَحَدِ الْغُرَمَاءِ وَعَلِمَ أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ عِنْدَ الْمُقَاسَمَةِ مِثْلُ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ فَأَكْثَرَ قَالَ: فَالْأَحْوَطُ بَقَاءُ الثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ لَا أَخْذُهُ وَإِعَادَتُهُ اهـ. قَالَ: وَسَيَأْتِي مَا يُؤَيِّدُهُ مَعَ ظُهُورِهِ رَدُّهُ الزَّرْكَشِيَّ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَثْنِي مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الثَّمَنُ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ جَاءَ التَّقَاصُّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِهِ وَرَضِيَ بِهِ حَصَلَ الِاعْتِيَاضُ فَلَمْ يَحْصُلْ تَسْلِيمٌ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ، وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْأَحْوَطَ بَقَاؤُهُ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ تَقَاصٌّ وَلَا اعْتِيَاضٌ فَصَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ (وَمَا قَبَضَ) الْحَاكِمُ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ لِلْمُفْلِسِ (قَسَّمَهُ) عَلَى التَّدْرِيجِ نَدْبًا (بَيْنَ الْغُرَمَاءِ) لِتَبْرَأَ ذِمَّتُهُ مِنْهُ وَيَصِلَ إلَى مُسْتَحِقِّهِ، فَإِنْ طَلَبَ الْغُرَمَاءُ قِسْمَتَهُ وَجَبَتْ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ السُّبْكِيّ الْآتِي (إلَّا أَنْ يَعْسُرَ لِقِلَّتِهِ) وَكَثْرَةِ الدُّيُونِ (فَيُؤَخِّرَ) الْحَاكِمُ ذَلِكَ (لِيَجْتَمِعَ) مَا تَسْهُلُ قِسْمَتُهُ، فَلَوْ طَلَبَهَا الْغُرَمَاءُ لَمْ يُجِبْهُمْ كَمَا بَحَثَاهُ بَعْدَ نَقْلِهِمَا عَنْ النِّهَايَةِ إجَابَتَهُمْ، وَبِمَا بَحَثَاهُ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ، لَكِنَّ كَلَامَ السُّبْكِيّ يُفِيدُ حَمْلَ هَذَا عَلَى مَا إذَا ظَهَرَتْ مَصْلَحَةٌ فِي التَّأْخِيرِ وَمَا قَبْلَهُ عَلَى خِلَافِهِ وَلَهُ اتِّجَاهٌ وَلَوْ اتَّحَدَ الْغَرِيمُ قَسَمَهُ أَوَّلًا فَأَوَّلًا، وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْقِسْمَةِ مُكَاتَبٌ عَلَيْهِ دَيْنُ مُعَامَلَةٍ وَدَيْنُ جِنَايَةٍ وَنُجُومُ كِتَابَةٍ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ فَيُقَدَّمُ الْأَوَّلُ ثُمَّ الثَّانِي ثُمَّ الثَّالِثُ، وَلِلْمَدْيُونِ غَيْرِ الْمَحْجُورِ أَنْ يَقْسِمَ كَيْفَ شَاءَ، لَكِنْ بَحَثَ السُّبْكِيُّ أَنَّ الْغُرَمَاءَ إذَا اسْتَوَوْا وَطَالَبُوا بِحَقِّهِمْ عَلَى الْفَوْرِ وَجَبَ التَّسْوِيقُ. قَالَ الْجَوْجَرِيُّ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ جِدًّا فِرَارًا مِنْ التَّرْجِيحِ بِلَا مُرَجِّحٍ وَمِنْ إضْرَارِ بَعْضِهِمْ بِالتَّأْخِيرِ أَوْ الْحِرْمَانِ إنْ ضَاقَ الْمَالُ، وَإِذَا تَأَخَّرَتْ قِسْمَةُ مَا قَبَضَهُ الْحَاكِمُ فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَجْعَلَهُ عِنْدَهُ لِلتُّهْمَةِ بَلْ يُقْرِضُهُ أَمِينًا مُوسِرًا يَرْتَضِيهِ الْغُرَمَاءُ غَيْرَ مُمَاطِلٍ وَلَا يُكَلَّفُ رَهْنًا؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ بِهِ إلَيْهِ وَإِنَّمَا قَبِلَهُ لِمَصْلَحَةِ الْمُفْلِسِ، وَفِي تَكْلِيفِهِ الرَّهْنَ سَدٌّ لَهَا، وَبِهِ فَارَقَ اعْتِبَارُهُ فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِ نَحْوِ الطِّفْلِ، فَإِنْ فُقِدَ أَوْدَعَهُ ثِقَةً يَرْضَوْنَهُ، فَإِنْ اخْتَلَفُوا أَوْ عَيَّنُوا غَيْرَ ثِقَةٍ فَمَنْ رَآهُ الْقَاضِي مِنْ الْعُدُولِ، وَتَلَفُهُ عِنْدَهُ مِنْ ضَمَانِ الْمُفْلِسِ (وَلَا يُكَلَّفُونَ) أَيْ الْغُرَمَاءُ عِنْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِقِيمَتِهِ قِيمَتُهُ وَقْتَ التَّسْلِيمِ (قَوْلُهُ: فَيُجْبَرَانِ) أَيْ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الْبَائِعُ الْمُفْلِسَ بِإِذْنِ الْقَاضِي، أَمَّا لَوْ كَانَ الْبَائِعُ هُوَ الْقَاضِيَ فَالْمُرَادُ بِإِجْبَارِهِ وُجُوبُ إحْضَارٍ عَلَيْهِ ثُمَّ يَأْمُرُ الْمُشْتَرِيَ بِالْإِحْضَارِ، فَإِذَا أَحْضَرَ سَلَّمَهُ الْمَبِيعَ، وَأَخَذَ مِنْهُ الثَّمَنَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ) يَقْتَضِي الْبَقَاءَ مَعَ حُصُولِ مَا ذُكِرَ، وَفِيهِ تَنَاقُضٌ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ الْوَاوُ لِلْحَالِ، أَوْ يُرِيدَ أَنَّ هُنَا مَانِعًا مِنْ التَّقَاصِّ وَالِاعْتِيَاضِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَكَتَبَ أَيْضًا مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ وَمَا قَبْلَهُ هُوَ قَوْلُهُ: وَجَبَتْ كَمَا يُؤْخَذُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَهُ اتِّجَاهٌ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: سَلَّمَهُ) أَيْ وُجُوبًا إنْ طَلَبَ وَإِلَّا فَنَدْبًا (قَوْلُهُ: دَيْنُ مُعَامَلَةٍ) وَصُورَةُ الْحَجْرِ عَلَى الْمُكَاتَبِ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ لِغَيْرِ نُجُومِ الْكِتَابَةِ وَمُعَامَلَةِ السَّيِّدِ فَيَتَعَدَّى الْحَجْرُ إلَيْهِمَا تَبَعًا (قَوْلُهُ: وَطَالَبُوا) أَيْ وَإِنْ تَرَتَّبُوا فِي الطَّلَبِ وَتَأَخَّرَ الدَّفْعُ عَنْ مُطَالَبَةِ الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: وَحَقُّهُمْ) أَيْ وَالْحَالُ (قَوْلُهُ وَجَبَ التَّسْوِيَةُ) وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ فَاضَلَ نَفَذَ فِعْلُهُ لِبَقَاءِ الْحَقِّ فِي ذِمَّتِهِ وَعَدَمِ تَعَلُّقِهِ بِعَيْنِ مَالِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُكَلَّفُ رَهْنًا) أَيْ بِأَنْ لَا يَرْضَى بِالِاقْتِرَاضِ وَالرَّهْنِ (قَوْلُهُ: فِي مَالٍ نَحْوِ الطِّفْلِ) فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ أَخْذُ رَهْنٍ عَلَى مَا أَقْرَضَهُ مَثَلًا حَيْثُ رَأَى ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْقَرْضِ، وَعِبَارَتُهُ ثُمَّ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَفِي الْمُقْرِضِ أَهْلِيَّةُ تَبَرُّعٍ: أَمَّا الْحَاكِمُ فَيَجُوزُ لَهُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ لِكَثْرَةِ أَشْغَالِهِ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ بِشَرْطِ يَسَارِ الْمُقْرِضِ وَأَمَانَتِهِ وَعَدَمِ الشُّبْهَةِ فِي مَالِهِ إنْ سَلَّمَ مِنْهَا مَالَ الْمَوْلَى عَلَيْهِ، وَالْإِشْهَادُ عَلَيْهِ وَيَأْخُذُ رَهْنًا إنْ رَأَى ذَلِكَ فَقُيِّدَ بِمَا إذَا رَأَى ذَلِكَ وَعُمِّمَ عَدَمُ أَخْذِهِ هُنَا، لَكِنْ تَقَدَّمَ الشَّارِحُ فِي أَوَّلِ بَابِ الرَّهْنِ مَا يُفِيدُ وُجُوبَ أَخْذِ الرَّهْنِ عَلَى مَا أَقْرَضَهُ مُطْلَقًا وَيُوَافِقُهُ مَا هُنَا، وَأَنَّ قَوْلَهُ: إنْ رَأَى ذَلِكَ لَيْسَ رَاجِعًا لِلرَّهْنِ بَلْ لِأَصْلِ تَصَرُّفِ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْعُدُولِ) أَيْ وَلَوْ مِنْ الْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ: وَتَلَفُهُ عِنْدَهُ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الْقِسْمَةِ (بَيِّنَةً) أَوْ إخْبَارَ حَاكِمٍ (بِأَنْ لَا غَرِيمَ غَيْرُهُمْ) لِاشْتِهَارِ الْحَجْرِ، فَلَوْ كَانَ ثَمَّ غَرِيمٌ لَظَهَرَ، وَيُخَالِفُ نَظِيرَهُ فِي الْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ أَضْبَطُ مِنْ الْغُرَمَاءِ وَهَذِهِ شَهَادَةٌ عَلَى نَفْيٍ يَعْسُرُ مُدْرَكُهَا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ اعْتِبَارِهَا فِي الْأَضْبَطِ اعْتِبَارُهَا فِي غَيْرِهِ، وَلِأَنَّ وُجُودَ غَرِيمٍ آخَرَ لَا يَمْنَعُ الِاسْتِحْقَاقَ مِنْ أَصْلِهِ وَلَا يَتَحَتَّمُ مُزَاحَمَتُهُ؛ إذْ لَوْ أَعْرَضَ أَوْ أَبْرَأَ أَخَذَ الْآخَرُ الْجَمِيعَ وَالْوَارِثُ يُخَالِفُهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ (فَلَوْ قَسَمَ فَظَهَرَ غَرِيمٌ) يَجِبُ إدْخَالُهُ فِي الْقِسْمَةِ: أَيْ انْكَشَفَ أَمْرُهُ (شَارَكَ بِالْحِصَّةِ) وَلَمْ تُنْقَضْ الْقِسْمَةُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ بِذَلِكَ، فَلَوْ قُسِمَ مَالُهُ وَهُوَ خَمْسَةَ عَشْرَ عَلَى غَرِيمَيْنِ لِأَحَدِهِمَا عِشْرُونَ وَلِلْآخَرِ عَشَرَةٌ وَأَخَذَ الْأَوَّلُ عَشَرَةً، وَالْآخَرُ خَمْسَةً ثُمَّ ظَهَرَ غَرِيمٌ لَهُ ثَلَاثُونَ رَجَعَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِنِصْفِ مَا أَخَذَهُ، فَإِنْ أَتْلَفَ أَحَدُهُمَا مِمَّا أَخَذَهُ وَكَانَ مُعْسِرًا جُعِلَ مَا أَخَذَهُ كَالْمَعْدُومِ وَشَارَكَ مَنْ ظَهَرَ الْآخَرَ وَكَانَ مَا أَخَذَهُ كَأَنَّهُ كُلُّ الْمَالِ، فَلَوْ كَانَ الْمُتْلِفُ أَخَذَ الْخَمْسَةَ اسْتَرَدَّ الْحَاكِمُ مِمَّنْ أَخَذَ الْعَشَرَةَ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِهِمَا لِمَنْ ظَهَرَ، ثُمَّ إذَا أَيْسَرَ الْمُتْلِفُ أَخَذَ مِنْهُ الْآخَرَانِ نِصْفَ مَا أَخَذَهُ وَقَسَمَاهُ بَيْنَهُمَا عَلَى حَسَبِ دَيْنِهِمَا وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ، وَلَوْ ظَهَرَ الثَّالِثُ وَظَهَرَ لِلْمُفْلِسِ مَالٌ قَدِيمٌ أَوْ حَادِثٌ بَعْدَ الْحَجْرِ صُرِفَ إلَيْهِ بِقِسْطِ مَا أَخَذَهُ الْأَوَّلَانِ وَالْفَاضِلُ يُقْسَمُ عَلَى الثَّلَاثَةِ. نَعَمْ إنْ كَانَ دَيْنُهُ حَادِثًا فَلَا مُشَارَكَةَ لَهُ فِي الْمَالِ الْقَدِيمِ، وَالدَّيْنُ الْمُتَقَدِّمُ سَبَبُهُ كَالْقَدِيمِ، فَلَوْ أَجَّرَ دَارًا وَقَبَضَ أُجْرَتَهَا وَأَتْلَفَهَا ثُمَّ انْهَدَمَتْ بَعْدَ الْقِسْمَةِ رَجَعَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى مَنْ قَسَمَ لَهُ بِالْحِصَّةِ، وَيُقْسَمُ لَهُ عَلَى غَرِيمٍ غَابَ إنْ عَرَفَ قَدْرَ حَقِّهِ، وَإِلَّا وَجَبَتْ مُرَاجَعَتُهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَتْ رَجَعَ فِي قَدْرِهِ لِلْمُفْلِسِ، فَإِنْ ظَهَرَتْ لَهُ زِيَادَةٌ فَكَظُهُورِ غَرِيمٍ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، وَلَوْ تَلِفَ بِيَدِ الْحَاكِمِ مَا أَفْرَزَهُ لِلْغَائِبِ بَعْدَ أَخْذِ الْحَاضِرِ حِصَّتَهُ أَوْ إفْرَازِهَا فَعَنْ الْقَاضِي أَنَّ الْغَائِبَ لَا يُزَاحِمُ مَنْ قَبَضَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَوْ أَمِينِهِ (قَوْلُهُ أَوْ إخْبَارَ حَاكِمٍ) أَيْ عِلْمَ حَاكِم، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ فِي الشَّهَادَةِ بِالْإِعْسَارِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي هُنَا رَجُلٌ وَيَمِينٌ وَلَا رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ، وَمِنْ ثَمَّ صَرَّحَ الْخَطِيبُ فِي شَرْحِهِ بِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْإِثْبَاتِ إنَّمَا يُسْتَفَادُ بِهِ زِيَادَةً عَلَى الشَّاهِدَيْنِ إخْبَارُ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْوَرَثَةَ) أَيْ حَيْثُ يُكَلَّفُ بَيِّنَةً بِأَنْ لَا وَارِثَ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: مُدْرَكُهَا) بِضَمِّ الْمِيمِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ: فَظَهَرَ) الْفَاءُ بِمَعْنَى الْوَاوِ فَلَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرِيَّةُ (قَوْلُهُ: إدْخَالُهُ) أَيْ بِأَنْ سَبَقَ دَيْنُهُ الْحَجْرَ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ كَانَ دَيْنُهُ إلَخْ) هَذَا خَرَجَ بِقَوْلِهِ يَجِبُ إدْخَالُهُ فِي الْقِسْمَةِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: أَمَّا إنْ كَانَ دَيْنُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: الْمُتَقَدِّمُ سَبَبُهُ) أَيْ عَلَى الْحَجْرِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَتْ) أَيْ عَسُرَتْ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْقِسْمَةِ) أَيْ فَيَرْجِعُ بِقَدْرِ مَا يَخُصُّهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَلِفَ بِيَدِ إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ: وَلَوْ قَبَضَ الْحَاكِمُ حِصَّةَ غَائِبٍ فَتَلِفَتْ تَحْتَ يَدِهِ لَمْ يَرْجِعْ الْغَائِبُ عَلَى بَقِيَّةِ الْغُرَمَاءِ بِشَيْءٍ وَلَا تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ نَائِبٌ عَنْهُ فِي الْقَبْضِ اهـ وَهِيَ قَدْ تُشْعِرُ بِأَنَّ حِصَّتَهُ بَاقِيَةٌ فِي ذِمَّةِ الْمُفْلِسِ حَيْثُ قَالَ: لَمْ يَرْجِعْ الْغَائِبُ عَلَى بَقِيَّةِ الْغُرَمَاءِ بِشَيْءٍ إلَخْ، وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَلَهُ الرُّجُوعُ فِي سَائِرِ الْمُعَاوَضَاتِ إلَخْ، وَإِنَّمَا اشْتَرَى لَهُ الْجَمِيعَ؛ لِأَنَّ مَا أُفْرِزَ لَهُ صَارَ كَالْمَرْهُونِ بِحَقِّهِ وَانْقَطَعَ بِهِ حَقُّهُ مِنْ حِصَصِ غَيْرِهِ حَتَّى لَوْ تَلِفَ قَبْلَ أَخْذِهِ لَهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِشَيْءٍ مِمَّا أَخَذَهُ الْغُرَمَاءُ، لَكِنْ قَدْ يَتَوَقَّفُ فِيمَا لَوْ قَصَدَ بِأَخْذِهَا الْقَبْضَ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ عَنْهُ فَإِنَّ الظَّاهِرَ فِيهِ أَنَّهُ تَبْرَأُ مِنْهُ ذِمَّةُ الْمَدْيُونِ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُ حَجّ السَّابِقُ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ نَائِبٌ عَنْهُ فِي الْقَبْضِ قَالَ حَجّ أَيْضًا: وَبِهِ أَيْ وَيَكُونُ الْحَاكِمُ نَائِبًا عَنْهُ فِي الْقَبْضِ فَارَقَ مَا لَوْ أَخَذَ نَاظِرُ بَيْتِ الْمَالِ حَقَّهُ: أَيْ حَقَّ بَيْتِ الْمَالِ مِنْ تَرِكَةٍ ثُمَّ ظَهَرَ غَاصِبٌ وَتَعَذَّرَ رَدُّ مَا وَصَلَ لِبَيْتِ الْمَالِ فَيُحْسَبُ عَلَى جَمِيعِ التَّرِكَةِ شَائِعًا وَتُنْقَضُ الْقِسْمَةُ وَيُقْسَمُ مَا بَقِيَ مِنْهَا كَمَا لَوْ غُصِبَ أَوْ سُرِقَ مِنْهَا شَيْءٌ قَبْلَ قِسْمَتِهَا لِتَبَيُّنِ عَدَمِ وِلَايَةِ النَّاظِرِ (قَوْلُهُ: لَا يُزَاحِمُ مَنْ قَبَضَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَشَارَكَ مَنْ ظَهَرَ) لَعَلَّهُ سَقَطَ بَعْدَهُ لَفْظُ الْآخَرِ مِنْ الْكَتَبَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إذَا أَيْسَرَ الْمُتْلِفُ أَخَذَهُ مِنْهُ الْآخَرَانِ نِصْفُ مَا أَخَذَهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ دَيْنَهُ نِسْبَتُهُ إلَى بَقِيَّةِ الدُّيُونِ السُّدُسُ فَلَهُ سُدُسُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ وَاَلَّذِي أَخَذَهُ ثُلُثُهَا فَيَأْخُذُ مِنْهُ نِصْفَهُ. (قَوْلُهُ: أَنَّ الْغَائِبَ لَا يُزَاحِمُ مَنْ قَبَضَ) أَيْ: أَوْ أَفْرَزَهُ لَهُ

(وَقِيلَ تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ) كَمَا لَوْ اقْتَسَمَتْ الْوَرَثَةُ ثُمَّ ظَهَرَ وَارِثٌ آخَرُ فَإِنَّ الْقِسْمَةَ تُنْقَضُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ حَقَّ الْوَارِثِ فِي عَيْنِ الْمَالِ، بِخِلَافِ حَقِّ الْغَرِيمِ فَإِنَّهُ فِي قِيمَتِهِ وَهُوَ يَحْصُلُ بِالْمُشَارَكَةِ (وَلَوْ) (خَرَجَ شَيْءٌ بَاعَهُ) الْمُفْلِسُ (قَبْلَ الْحَجْرِ مُسْتَحِقًّا وَالثَّمَنُ) الْمَقْبُوضُ (تَالِفٌ) (فَكَدَيْنٍ ظَهَرَ) مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ: أَيْ مِثْلُ ذَلِكَ الدَّيْنِ، وَالْمُرَادُ بِالْمِثْلِ الْبَدَلُ لِيَشْمَلَ الْقِيمَةَ فِي الْمُتَقَوِّمِ فَسَقَطَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْكَافِ بَلْ هُوَ دَيْنٌ ظَهَرَ حَقِيقَةً، وَحُكْمُ ذَلِكَ أَنَّهُ يُشَارِكُ الْمُشْتَرِي الْغُرَمَاءَ مِنْ غَيْرِ نَقْضِ الْقِسْمَةِ أَوْ مَعَ نَقْضِهَا وَسَوَاءٌ أُتْلِفَ قَبْلَ الْحَجْرِ أَمْ بَعْدَهُ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ وَالثَّمَنُ تَالِفٌ مَا لَوْ كَانَ بَاقِيًا فَيَرُدُّهُ (وَإِنْ) (اُسْتُحِقَّ شَيْءٌ بَاعَهُ الْحَاكِمُ) أَوْ نَائِبُهُ وَالثَّمَنُ الْمَقْبُوضُ تَالِفٌ (قُدِّمَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ) أَيْ بِبَدَلِهِ عَلَى بَاقِي الْغُرَمَاءِ، وَلَا يُضَارِبُ بِهِ مَعَهُمْ لِئَلَّا يَرْغَبَ النَّاسُ عَنْ شِرَاءِ مَالِ الْمُفْلِسِ فَكَانَ تَقْدِيمُهُ مِنْ مَصَالِحِ الْحَجْرِ كَأُجْرَةِ الْكَيَّالِ، وَلَيْسَ الْحَاكِمُ وَلَا نَائِبُهُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الشَّرْعِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَهُ الْمُفْلِسُ قَبْلَ الْحَجْرِ فَإِنَّهُ إذَا اُسْتُحِقَّ بَعْدَ تَلَفِ الثَّمَنِ يَكُونُ ثَمَنُهُ دَيْنًا ظَهَرَ فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ (وَفِي قَوْلٍ يُحَاصُّ الْغُرَمَاءَ) بِهِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ الْمُفْلِسِ وَدُفِعَ بِمَا مَرَّ (وَيُنْفِقُ) الْحَاكِمُ حَتْمًا مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ (عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ) مِنْ زَوْجَةٍ وَقَرِيبٍ وَأُمِّ وَلَدٍ وَلَوْ حَدَثَ بَعْدَ الْحَجْرِ (حَتَّى يُقْسَمَ مَالُهُ) ؛ لِأَنَّهُ مُوسِرٌ مَا لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ. وَمَحَلُّهُ فِي الزَّوْجَةِ الَّتِي نَكَحَهَا قَبْلَ الْحَجْرِ. أَمَّا الْمَنْكُوحَةُ بَعْدَهُ فَلَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا، وَفَارَقَتْ الْوَلَدَ، الْمُتَجَدِّدَ بِأَنَّهُ لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِيهِ بِخِلَافِهَا، وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ تَمَكُّنُهُ مِنْ اسْتِلْحَاقِهِ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فَلَا اخْتِيَارَ لَهُ فِيهِ أَيْضًا، وَإِنَّمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فَيَبْقَى دَيْنُهُ فِي ذِمَّةِ الْمُفْلِسِ، وَلَعَلَّ وَجْهَ عَدَمِ الْمُزَاحِمَةِ أَنَّ إفْرَازَ الْقَاضِي لَهُ الْحِصَّةَ نُزِّلَ مَنْزِلَةَ قَبْضِهِ فِي الْجُمْلَةِ فَمُنِعَ مِنْ الْمُزَاحَمَةِ، وَإِنْ كَانَ حَقُّهُ بَاقِيًا (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُشَارِكُ الْمُشْتَرِي الْغُرَمَاءَ) أَيْ فِي الْأَصْلِ لَا فِي الزَّوَائِدِ الْمُنْفَصِلَةِ. أَمَّا هِيَ فَيَفُوزُونَ بِهَا بِنَاءً عَلَى عَدَمِ النَّقْضِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَائِبُهُ) قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ مَا بَاعَهُ الْمُفْلِسُ بَعْدَ الْحَجْرِ كَذَلِكَ، لَكِنْ فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ الْمُفْلِسَ قَبْلَ الْحَجْرِ فَكَدَيْنٍ قَدِيمٍ ظَهَرَ فَيُشَارِكُ الْمُشْتَرِي الْغُرَمَاءَ مِنْ غَيْرِ نَقْضِ الْقِسْمَةِ بِخِلَافِهِ بَعْدَ الْحَجْرِ فَإِنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ حَادِثٌ لَمْ يَتَقَدَّمْ سَبَبُهُ اهـ رَحِمَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي، وَلَمْ يَلْحَقْهُ بِبَيْعِهِ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِمَأْذُونِ الْقَاضِي الَّذِي يَلْحَقُ بِهِ مَنْ عَيَّنَهُ الْقَاضِي لِلْبَيْعِ مِنْ أَعْوَانِهِ مَثَلًا، وَمِنْ ثَمَّ عَبَّرَ غَيْرُ الشَّارِحِ عَنْ مَأْذُونِ الْقَاضِي بِأَمِينِهِ (قَوْلُهُ: وَأُمِّ وَلَدٍ) وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الِاسْتِيلَادَ بَعْدَ الْحَجْرِ غَيْرُ نَافِذٍ فَالْمُرَادُ حُدُوثُ الْوَلَدِ لَا الِاسْتِيلَادُ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْدَ وَفَارَقَتْ: أَيْ الْمَنْكُوحَةُ الْوَلَدَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَدَثَ) أَيْ الْوَلَدُ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَتْ) أَيْ الزَّوْجَةُ (قَوْلُهُ: لَا اخْتِيَارَ لَهُ) أَيْ: وَالْوَطْءُ، وَإِنْ كَانَ بِاخْتِيَارِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَيْ مِثْلُ ذَلِكَ الدَّيْنِ) صَوَابُهُ: أَيْ: مِثْلُ ذَلِكَ الثَّمَنِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُؤَاخَذَتَيْنِ: الْأُولَى: أَنَّ قَوْلَهُ فَكَدَيْنٍ تَقْدِيرُهُ ظَاهِرٌ، فَالثَّمَنُ الْمَذْكُورُ كَدَيْنٍ ظَهَرَ مَعَ أَنَّ الصُّورَةَ أَنَّ الثَّمَنَ تَالِفٌ، فَأَشَارَ الشَّارِحُ الْجَلَالُ إلَى الْجَوَابِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ أَيْ فَمِثْلُ الثَّمَنِ اللَّازِمِ كَدَيْنٍ: أَيْ فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، وَهَذَا مُرَادُ الشَّارِحِ هُنَا بِقَوْلِهِ أَيْ: مِثْلُ ذَلِكَ الدَّيْنِ عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ، ثُمَّ فَسَّرَ الْمُرَادَ بِالْمِثْلِ فِي كَلَامِ الْجَلَالِ بِقَوْلِهِ وَالْمُرَادُ إلَخْ. الْمُؤَاخَذَةُ الثَّانِيَةُ: فِي التَّشْبِيهِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَكَدَيْنٍ مَعَ أَنَّهُ دَيْنٌ ظَهَرَ حَقِيقَةً، فَأَشَارَ الشَّارِحُ الْجَلَالُ إلَى الْجَوَابِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ، وَعِبَارَةُ الْجَلَالِ مَعَ الْمَتْنِ فَكَدَيْنٍ: أَيْ فَمِثْلُ الثَّمَنِ اللَّازِمِ كَدَيْنٍ ظَهَرَ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ انْتَهَتْ. وَبِهَا تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ هُنَا مِنْ الْقَلَاقَةِ. (قَوْلُهُ: فَسَقَطَ الْقَوْلُ إلَخْ) أَيْ بِقَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ تَمَكُّنُهُ مِنْ اسْتِلْحَاقِهِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَيُفَارِقُ إقْرَارُهُ

أَنْفَقَ عَلَى وَلَدِ السَّفِيهِ إذَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِالْمَالِ وَبِمَا يَقْتَضِيهِ غَيْرُ مَقْبُولٍ، بِخِلَافِ إقْرَارِ الْمُفْلِسِ، وَكَذَلِكَ الْمَمَالِيكُ لَوْ حَدَثُوا بَعْدَ الْحَجْرِ بِاخْتِيَارِهِ أَنْفَقَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ مُؤْنَتَهُمْ مِنْ مَصَالِحِ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهُمْ يَبِيعُونَهُمْ وَيَقْتَسِمُونَ ثَمَنَهُمْ، وَلَوْ اشْتَرَى أَمَةً فِي ذِمَّتِهِ وَأَوْلَدَهَا وَقُلْنَا بِنُفُوذِ إيلَادِهِ فَالْأَوْجَهُ وُجُوبُ نَفَقَتِهَا وَفَارَقَتْ الزَّوْجَةَ بِقُدْرَتِهَا عَلَى الْفَسْخِ بِخِلَافِ هَذِهِ، وَلَا يُنْفِقُ عَلَى الْقَرِيبِ إلَّا بَعْدَ الطَّلَبِ كَمَا أَنَّ وَلِيَّ الصَّبِيِّ لَا يُنْفِقُ عَلَى قَرِيبِهِ إلَّا بَعْدَ الطَّلَبِ بَلْ هَذَا أَوْلَى لِمُزَاحَمَةِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ. نَعَمْ ذَكَرُوا أَنَّ الْقَرِيبَ لَوْ كَانَ طِفْلًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ عَاجِزًا عَنْ الْإِرْسَالِ كَزَمِنٍ أَنْفَقَ عَلَيْهِ بِلَا طَلَبٍ حَيْثُ لَا وَلِيَّ لَهُ خَاصٌّ يَطْلُبُ لَهُ. وَقِيَاسُهُ أَنْ يَكُونَ الْقَرِيبُ هُنَا كَذَلِكَ وَيُنْفِقُ عَلَى زَوْجَتِهِ نَفَقَةَ الْمُعْسِرِينَ كَمَا رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ كَالرُّويَانِيِّ أَنَّهُ يُنْفِقُ نَفَقَةَ الْمُوسِرِينَ وَإِلَّا لَمَّا أَنْفَقَ عَلَى الْقَرِيبِ فَقَدْ رُدَّ بِأَنَّ الْيَسَارَ الْمُعْتَبَرَ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ غَيْرُ الْيَسَارِ الْمُعْتَبَرِ فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ وَبِأَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ، بِخِلَافِ الْقَرِيبِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ الْأَوَّلِ انْتِفَاءُ الثَّانِي. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: يُنْفِقُ يَمُونُ فَيَشْمَلُ الْكِسْوَةَ وَالْإِسْكَانَ وَالْإِخْدَامَ وَتَكْفِينَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ عَلَيْهِ وَشَمِلَ مَا ذَكَرَ الْوَاجِبَ فِي تَجْهِيزِهِ، وَكَذَا الْمَنْدُوبُ إنْ لَمْ يَمْنَعْهُ الْغُرَمَاءُ (إلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ) الْمُفْلِسُ (بِكَسْبٍ) حَلَالٍ لَائِقٍ بِهِ بِأَنْ يَكُونَ مُزْرِيًا بِهِ فَلَا يُنْفِقُ وَيَكْسُو حِينَئِذٍ مِنْ مَالِهِ بَلْ مِنْ كَسْبِهِ إنْ رَأَى مَنْ يَسْتَعْمِلُهُ فَإِنْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ رُدَّ إلَى الْمَالِ أَوْ نَقَصَ كُمِّلَ مِنْ الْمَالِ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ كَسْبٍ لَائِقٍ وَلَوْ مَعَ تَعَسُّرِهِ أَنْفَقَ عَلَيْهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ، وَهُوَ أَنْسَبُ بِقَاعِدَةِ الْبَابِ مِمَّا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُتَوَلِّي مِنْ عَدَمِ الْإِنْفَاقِ؛ وَإِنْ اخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ إذْ الْقَاعِدَةُ أَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِتَحْصِيلِ مَا لَيْسَ بِحَاصِلٍ، وَمِنْ تَفْصِيلِ ابْنِ النَّقِيبِ بَيْنَ أَنْ يَتَكَرَّرَ مِنْهُ الِامْتِنَاعُ ثَلَاثًا أَوْ لَا (وَيُبَاعُ مَسْكَنُهُ) وَإِنْ احْتَاجَ إلَيْهِ (وَخَادِمُهُ) وَمَرْكُوبُهُ (فِي الْأَصَحِّ وَإِنْ احْتَاجَ إلَى خَادِمٍ) أَوْ مَرْكُوبٍ (لِزَمَانَتِهِ وَمَنْصِبِهِ) ؛ لِأَنَّ تَحْصِيلَهَا بِالْكِرَاءِ أَسْهَلُ، بِخِلَافِ مَا يَأْتِي فَإِنْ تَعَذَّرَ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَقَضِيَّتُهُ لُزُومُ الْمَيَاسِيرِ أُجْرَةَ مَرْكُوبٍ وَخَادِمٍ، وَفِيهِ وَقْفَةٌ؛ إذْ لَا يَلْزَمُهُمْ إلَّا الضَّرُورِيُّ أَوْ مَا قَرُبَ مِنْهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــSلَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْإِحْبَالُ (قَوْلُهُ: وَقُلْنَا بِنُفُوذِ إيلَادِهِ) عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ (قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ الطَّلَبِ) أَيْ فَلَوْ أَنْفَقَ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ فَهَلْ يَضْمَنُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الضَّمَانِ، وَأَنَّهُ لَا رُجُوعَ عَلَيْهِمْ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُمْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إنَّمَا أَخَذُوا حَقَّهُمْ (قَوْلُهُ: لَا وَلِيَّ لَهُ خَاصٌّ) أَيْ: أَوْ لَهُ وَلِيٌّ وَلَمْ يَطْلُبْ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَمْنَعْهُ) يُفِيدُ أَنَّهُمْ لَوْ سَكَتُوا بِحَيْثُ لَمْ يُؤْذَنُوا وَلَا مُنِعُوا أَنَّهُ يَفْعَلُ لِلْمَيِّتِ فَلْيُرَاجَعْ مِنْ الْجَنَائِزِ (قَوْلُهُ: حَلَالٍ لَائِقٍ بِهِ) فِي التَّقْيِيدِ بِهِمَا نَظَرٌ مَعَ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ مِنْ الْكَسْبِ لَا يُكَلَّفُهُ فَإِنَّ الْحَاصِلَ مِنْهُ أَنَّهُ إنْ اكْتَسَبَ بِالْفِعْلِ لَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَإِنْ امْتَنَعَ لَا يُكَلَّفُ الْكَسْبَ، وَقَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّهُ إنْ اكْتَسَبَ غَيْرَ لَائِقٍ بِهِ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ مَعَ حُصُولِ مَا اكْتَسَبَهُ فِي يَدِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، ثُمَّ رَأَيْت الْخَطِيبَ ذَكَر مَا يُصَرِّحُ بِهِ، وَعِبَارَتُهُ: وَلَوْ رَضِيَ بِمَا لَا يَلِيقُ بِهِ وَهُوَ مُبَاحٌ لَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَكَفَانَا مُؤْنَةً (قَوْلُهُ: فَإِنْ امْتَنَعَ) أَيْ لَمْ يَكْتَسِبْ وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ أَمْرٌ لَهُ بِالِاكْتِسَابِ (قَوْلُهُ: لِزَمَانَتِهِ) هِيَ كُلُّ دَاءٍ يُزْمِنُ الْإِنْسَانَ فَيَمْنَعُهُ عَنْ الْكَسْبِ كَالْعَمَى وَشَلَلِ الْيَدَيْنِ انْتَهَى شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ لَا يَتَيَسَّرَ لَهُ مِنْ كَسْبِهِ وَلَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ لُزُومُ الْمَيَاسِيرِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أُجْرَةَ مَرْكُوبٍ وَخَادِمٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالنَّسَبِ تَجْدِيدَهُ الزَّوْجِيَّةَ بِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالنَّسَبِ وَاجِبٌ بِخِلَافِ التَّزْوِيجِ. (قَوْلُهُ: وَقُلْنَا بِنُفُوذِ إيلَادِهِ) أَيْ: وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ ذَكَرُوا أَنَّ الْقَرِيبَ لَوْ كَانَ طِفْلًا) أَيْ: فِيمَا إذَا كَانَ الْمَوْلَى مَجْنُونًا أَوْ سَفِيهًا، إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ قَرِيبَ الطِّفْلِ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ طِفْلًا، فَالصَّبِيُّ فِي قَوْلِهِ كَمَا أَنَّ وَلِيَّ الصَّبِيِّ إلَخْ مِثَالٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَ) أَيْ: الْكِرَاءُ

وَلَيْسَ هَذَا كَذَلِكَ إلَّا أَنَّ أُبَّهَةَ الْمَنْصِبِ بِهِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ فَنُزِّلَتْ مَنْزِلَةَ الْحَاجَةِ. وَالثَّانِي يَبْقَيَانِ لِلْمُحْتَاجِ إذَا كَانَا لَائِقَيْنِ بِهِ دُونَ النَّفِيسَيْنِ وَهُوَ مُخْرَجُ نَصِّهِ فِي الْكَفَّارَاتِ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ حُقُوقَ اللَّهِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ بِخِلَافِ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ مَعَ كَوْنِهَا لَا بَدَلَ لَهَا، وَتُبَاعُ أَيْضًا الْبُسُطُ وَالْفُرُشُ وَيُتَسَامَحُ فِي حَصِيرٍ وَلُبَدٍ قَلِيلِ الْقِيمَةِ وَكِسَاءٍ خَلِيعٍ (وَيُتْرَكُ لَهُ دَسْتُ ثَوْبٍ يَلِيقُ بِهِ) حَالَ فَلَسِهِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ إنْ كَانَ فِي مَالِهِ وَإِلَّا اشْتَرَى لَهُ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْكِسْوَةِ كَالْحَاجَةِ لِلنَّفَقَةِ، وَقَدْ أَطْلَقَ كَثِيرٌ أَنَّ كُلَّ مَا قِيلَ يُتْرَكُ لَهُ وَلَمْ يُوجَدْ بِمَالِهِ اشْتَرَى لَهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَشْتَرِي لَهُ حَتَّى الْكُتُبَ وَنَحْوَهَا مِمَّا ذُكِرَ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، وَمِنْ ثَمَّ بَحَثَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ شِرَاءِ ذَلِكَ لَهُ لَا سِيَّمَا عِنْدَ اسْتِغْنَائِهِ بِمَوْقُوفٍ وَنَحْوِهِ بَلْ لَوْ اسْتَغْنَى عَنْهُ بِهِ بِيعَ مَا عِنْدَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ اخْتِيَارُ السُّبْكِيّ أَنَّهَا لَا تَبْقَى لَهُ، وَقَوْلُ الْقَاضِي لَا تَبْقَى لَهُ فِي الْحَجِّ فَهُنَا أَوْلَى يُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا وَإِلَّا فَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ، وَيُبَاعُ الْمُصْحَفُ مُطْلَقًا كَمَا قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ؛ لِأَنَّهُ تَسْهُلُ مُرَاجَعَةُ حَفَظَتِهِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِمَحَلٍّ لَا حَافِظَ فِيهِ تُرِكَ لَهُ، فَلَوْ كَانَ يَلْبَسُ قَبْلَ الْإِفْلَاسِ فَوْقَ مَا يَلِيقُ بِمِثْلِهِ رُدَّ إلَى اللَّائِقِ أَوْ دُونَ اللَّائِقِ تَقْتِيرًا أَوْ زُهْدًا لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ، وَالضَّمِيرُ فِي لَهُ عَائِدٌ عَلَى لَفْظِ مَنْ الْمَذْكُورُ فِي النَّفَقَةِ وَحِينَئِذٍ فَيَدْخُلُ فِيهِ نَفْسُهُ وَعِيَالُهُ وَنَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ (وَهُوَ قَمِيصٌ وَسَرَاوِيلُ) وَتِكَّةٌ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَمِنْدِيلٌ (وَعِمَامَةٌ) وَمَا تَحْتَهَا كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَبَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ، وَطَيْلَسَانٌ وَخُفٌّ وَدُرَّاعَةٌ فَوْقَ الْقَمِيصِ إنْ لَاقَتْ بِهِ لِئَلَّا يَحْصُلَ الِازْدِرَاءُ بِمَنْصِبِهِ، وَتُزَادُ الْمَرْأَةُ مِقْنَعَةً وَغَيْرَهَا مِمَّا يَلِيقُ بِهَا (وَمُكْعَبٌ) أَيْ مَدَاسٌ (وَيُزَادُ فِي الشِّتَاءِ جُبَّةٌ) لِاحْتِيَاجِهِ إلَى ذَلِكَ وَيُتْرَكُ لِلْعَالِمِ كُتُبُهُ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ هُنَا عِنْدَ تَكَرُّرِ النَّسْخِ مَا يَأْتِي فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ، وَبَحَثَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ أَنَّهُ يُتْرَكُ لِلْجُنْدِيِّ الْمُرْتَزِقِ خَيْلُهُ وَسِلَاحُهُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِمَا، قَالَ: بِخِلَافِ الْمُتَطَوِّعِ بِالْجِهَادِ فَإِنَّ وَفَاءَ الدَّيْنِ أَوْلَى إلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْجِهَادُ وَلَا يَجِدَ غَيْرَهُمَا، وَتُبَاعُ آلَاتُ حِرْفَتِهِ إنْ كَانَ مُحْتَرِفًا، وَفِي الْبُوَيْطِيِّ أَنَّهُ يُعْطِي بِضَاعَةً، قَالَ الدَّارِمِيُّ: وَمَعْنَاهُ الْيَسِيرُ: أَيْ التَّافِهُ، أَمَّا الْكَثِيرُ فَلَا، وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: يُتْرَكُ لَهُ رَأْسُ مَالٍ يَتَّجِرُ فِيهِ إذَا لَمْ يُحْسِنْ الْكَسْبَ إلَّا بِهِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَأَظُنُّ أَنَّ مُرَادَهُ مَا قَالَهُ الدَّارِمِيُّ (وَيُتْرَكُ قُوتُ يَوْمِ الْقِسْمَةِ) وَسُكْنَاهُ (لِمَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ) ؛ لِأَنَّهُ مُوسِرٌ فِي أَوَّلِهِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ لِعَدَمِ ضَبْطِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSوَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَرْضًا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: وَكِسَاءٍ خَلِيعٍ) وَيَظْهَرُ أَنَّ آلَةَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ التَّافِهَةِ الْقِيمَةِ كَذَلِكَ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَيُبَاعُ الْمُصْحَفُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ وُجِدَ وَقْفٌ يَسْتَغْنِي بِهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَدُرَّاعَةٌ) اسْمٌ لِلْمَلُوطَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُلْبَسُ فَوْقَ الْقَمِيصِ وَهِيَ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: مِقْنَعَةٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ كَمَا قَالَهُ فِي مُخْتَارِ الصِّحَاحِ (قَوْلُهُ: وَيُزَادُ فِي الشِّتَاءِ جُبَّةٌ) هَلْ الْمُرَادُ أَنَّهَا تُزَادُ إذَا دَخَلَ الشِّتَاءُ أَوْ وَقَعَتْ الْقِسْمَةُ فِيهِ مَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ، وَلَا وَقْفَ فِيهِ أَوْ تُزَادُ مُطْلَقًا بِمَعْنَى أَنَّهُ يُعْطَاهَا، وَلَوْ فِي الصَّيْفِ أَوْ وَقَعَتْ الْقِسْمَةُ فِي الصَّيْفِ حَرِّرْهُ، وَقَدْ يُتَّجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ إذَا وَقَعَتْ الْقِسْمَةُ فِي الشِّتَاءِ أَوْ دَخَلَ الشِّتَاءُ زَمَنَ الْحَجْرِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَيُتْرَكُ لِلْعَالِمِ كُتُبُهُ) أَيْ مَا لَمْ يَسْتَغْنِ بِغَيْرِهَا مِنْ كُتُبِ الْوَقْفِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَتُبَاعُ آلَاتُ حِرْفَتِهِ) مُعْتَمَدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ بِفَقْدِ الْأُجْرَةِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ أُبَّهَةَ الْمَنْصِبِ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَنْصِبِ مَنْصِبُ الْحُكْمِ فَانْظُرْ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَتُبَاعُ أَيْضًا الْبُسُطُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ ذَا مَنْصِبٍ وَانْظُرْ هَلْ يَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي الْمَرْكُوبِ. (قَوْلُهُ: فَوْقَ مَا يَلِيقُ بِمِثْلِهِ) أَيْ: فِي حَالِ الْإِفْلَاسِ لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الظَّاهِرِ. (قَوْلُهُ: وَالضَّمِيرُ فِي لَهُ عَائِدٌ عَلَى لَفْظِ مِنْ إلَخْ) لَا يُوَافِقُ مَا سَلَكَهُ أَوَّلًا فِي حَلِّ الْمَتْنِ مِنْ إخْرَاجِ نَفْسِ الْمُفْلِسِ مِنْ مَدْلُولِ مِنْ وَلَا مَا أَعْقَبَ بِهِ الْمَتْنَ هُنَا مِنْ قَوْلِهِ حَالَ فَلَسِهِ إلَخْ الصَّرِيحُ فِي أَنَّ الضَّمِيرَ لِخُصُوصِ الْمُفْلِسِ، ثُمَّ إنَّ هَذَا لَعَلَّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا فِي الْمَتْنِ خَاصَّةً مِنْ دَسْتُ ثَوْبٍ وَمَا بَعْدَهُ، وَإِلَّا فَمِنْ الْبَعِيدِ أَنْ يَتْرُكَ مِنْ مَالِهِ لِنَحْوِ قَرِيبِهِ نَحْوِ الْكُتُبِ، إذْ هُوَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ مُوسِرًا لِقَرِيبِهِ مِثْلُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَجِبُ لَهُ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَنَحْوُهُمَا. (قَوْلُهُ: الْمُتَطَوِّعِ بِالْجِهَادِ) يَعْنِي غَيْرَ الْمُرْتَزِقِ بِقَرِينَةِ مَا قَبْلَهُ

وَلِأَنَّ حُقُوقَهُمْ لَمْ تَجِبْ فِيهِ أَصْلًا، وَأَلْحَقَ الْبَغَوِيّ وَمَنْ تَبِعَهُ بِالْيَوْمِ لَيْلَتَهُ: أَيْ اللَّيْلَةَ الَّتِي بَعْدَهُ هَذَا إنْ كَانَ بَعْضُ مَالِهِ خَالِيًا عَنْ تَعَلُّقِ حَقٍّ لِمُعَيَّنٍ، فَإِنْ تَعَلَّقَ بِجَمِيعِ مَالِهِ حَقٌّ لِمُعَيَّنٍ كَالْمَرْهُونِ لَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى عِيَالِهِ مِنْهُ (وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ أَنْ يَكْتَسِبَ أَوْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ لِبَقِيَّةِ الدَّيْنِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] أَمْرٌ بِإِنْظَارِهِ وَلَمْ يَأْمُرْ بِاكْتِسَابِهِ، وَلِلْخَبَرِ الْمَارِّ فِي قِصَّةِ مُعَاذٍ «لَيْسَ لَكُمْ إلَّا ذَلِكَ» نَعَمْ إنْ عَصَى بِسَبَبِهِ وَإِنْ صَرَفَهُ فِي مُبَاحٍ كَغَاصِبٍ وَمُتَعَمِّدِ جِنَايَةٍ تُوجِبُ مَالًا أُمِرَ بِالْكَسْبِ وَلَوْ بِإِيجَارِ نَفْسِهِ كَمَا نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَاعْتَمَدَهُ؛ لِأَنَّ التَّوْبَةَ مِنْ ذَلِكَ وَاجِبَةٌ وَهِيَ مُتَوَقِّفَةٌ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ عَلَى الرَّدِّ، وَاسْتَدَلَّ لَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِإِيجَابِهِمْ عَلَى الْكُسُوبِ كَسْبَ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَالْقَرِيبِ، وَمِنْ الْعِلَّةِ يُعْرَفُ أَنَّ وُجُوبَ ذَلِكَ لَيْسَ لِإِيفَاءِ الدَّيْنِ بَلْ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ لَكِنَّ الْكَلَامَ لَيْسَ فِيهِ حِينَئِذٍ، وَلَا يَنْفَكُّ الْحَجْرُ عَنْ الْمُفْلِسِ بِانْقِضَاءِ الْقِسْمَةِ وَلَا بِاتِّفَاقِ الْغُرَمَاءِ عَلَى رَفْعِهِ، وَإِنَّمَا يَفُكُّهُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِإِثْبَاتِهِ فَلَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِرَفْعِهِ كَحَجْرِ السَّفِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ (وَالْأَصَحُّ) وُجُوبُ (إجَارَةِ) نَحْوِ (أُمِّ وَلَدِهِ وَالْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَيْهِ) إنْ لَمْ يَشْرِطْ وَاقِفُهَا عَدَمَ إجَارَتِهَا، فَإِنْ شَرَطَهُ فَلَا، وَإِجَارَةُ أُمِّ الْوَلَدِ لَا تَخْتَصُّ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: وَإِنْ صَرَفَهُ فِي مُبَاحٍ) أَيْ مَا غَصَبَهُ فَلَا يُشْكَلُ عَلَيْهِ مَا فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ اسْتَدَانَ لِيَصْرِفَهُ فِي مَعْصِيَةٍ لَكِنْ صَرَفَهُ فِي مُبَاحٍ لَا يُكَلَّفُ الْكَسْبَ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُسْتَدِينَ تَصَرَّفَ فِيمَا مَلَكَهُ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ، وَيُحْتَمَلُ بَقَاءُ مَا هُنَا فِي ظَاهِرِهِ حَتَّى لَوْ اقْتَرَضَ لِيَصْرِفَ فِي مَعْصِيَةٍ فَصَرَفَ فِي مُبَاحٍ كُلِّفَ الْكَسْبَ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا فِي الزَّكَاةِ بِأَنَّ سَبَبَ الْكَسْبِ هُنَا الْخُرُوجُ مِنْ الْمَعْصِيَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ، وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إلَّا بِالرَّدِّ لِمَنْ اقْتَرَضَ مِنْهُ، وَأَنَّ سَبَبَ صَرْفِ الزَّكَاةِ إلَيْهِ إعَانَتُهُ عَلَى تَوْفِيَةِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي لَمْ يَعْصِ بِصَرْفِهِ. [تَنْبِيهٌ] قِيلَ الْغُرَمَاءُ يَتَعَلَّقُونَ بِحَسَنَاتِ الْمُفْلِسِ مَا عَدَا الْإِيمَانَ كَمَا يُتْرَكُ لَهُ دَسْتُ ثَوْبٍ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا تَوْقِيفِيٌّ فَلَا مَدْخَلَ لِلْقِيَاسِ فِيهِ، وَقِيلَ مَا عَدَا الصَّوْمَ لِخَبَرِ «الصَّوْمُ لِي» وَيَرُدُّهُ خَبَرُ مُسْلِمٍ أَنَّهُمْ يَتَعَلَّقُونَ حَتَّى بِالصَّوْمِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: أُمِرَ بِالْكَسْبِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مُزْرِيًا، بَلْ مَتَى أَطَاقَهُ لَزِمَهُ فِيمَا يَظْهَرُ؛ إذْ لَا نَظَرَ لِلْمُرُوآتِ فِي جَنْبِ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ، وَيُوَافِقُهُ مَا فِي الْإِحْيَاءِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى مَنْ أَخَّرَ الْحَجَّ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ حَتَّى أَفْلَسَ أَنْ يَخْرُجَ مَاشِيًا إنْ قَدَرَ، فَإِنْ عَجَزَ اكْتَسَبَ مِنْ الْحَلَالِ قَدْرَ الزَّادِ، فَإِنْ عَجَزَ سَأَلَ لِيَصْرِفَ لَهُ مِنْ نَحْوِ زَكَاةٍ أَوْ صَدَقَةٍ مَا يَحُجُّ بِهِ فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ مَاتَ عَاصِيًا: أَيْ مَعَ أَنَّ السُّؤَالَ يُزْرِي بِهِ إذَا كَانَ مِنْ ذَوِي الْمُرُوآتِ (قَوْلُهُ: وَالْقَرِيبِ) إطْلَاقُ الْقَرِيبِ يَشْمَلُ الْأَصْلَ وَالْفَرْعَ، وَفِيهِ نَظَرٌ بِالنِّسْبَةِ لِنَفَقَةِ الْفَرْعِ فَإِنَّ الْأَصْلَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِاكْتِسَابُ لِفَرْعِهِ الْعَاجِزِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِرَفْعِهِ) مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ مَالٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ حَجّ: أَيْ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى رَفْعِ قَاضٍ، وَقَدْ يُقَالُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَتَبَيَّنُ عَدَمُ صِحَّةِ الْحَجِّ مِنْ أَصْلِهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: نَحْوِ أُمِّ وَلَدِهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَيَشْمَلُ مَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَأَتَّى الِاسْتِثْنَاءُ (قَوْلُهُ: وَاسْتَدَلَّ لَهُ الْأَذْرَعِيُّ) الْأَذْرَعِيُّ إنَّمَا ذَكَرَ هَذَا دَفْعًا لِاسْتِبْعَادِ الْحُكْمِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِدْلَالِ؛ إذْ لَا دَلِيلَ فِيهِ لِمَا نَحْنُ فِيهِ، وَعِبَارَتُهُ: وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ، وَقَدْ أَوْجَبُوا عَلَى الْكَسُوبِ كَسْبَ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَالْقَرِيبِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَيْسَ لِإِيفَاءِ الدَّيْنِ) أَيْ: وَهُوَ حِينَئِذٍ غَيْرُ خَاصٍّ بِالْمُفْلِسِ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَفُكُّهُ الْقَاضِي) ظَاهِرُهُ وَإِنْ حَصَلَ وَفَاءُ الدُّيُونِ أَوْ الْإِبْرَاءُ مِنْهَا مَثَلًا، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ احْتِمَالُ ظُهُورِ غَرِيمٍ آخَرَ كَمَا عَلَّلُوا بِهِ عَدَمَ إفَادَةِ رِضَا الْغُرَمَاءِ فَلْيُرَاجَعْ . (قَوْلُهُ: وَإِجَارَةُ أُمِّ الْوَلَدِ لَا تَخْتَصُّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ: وَهَذِهِ الْأَحْكَامُ

بِالْمَحْجُورِ بَلْ تَطَّرِدُ فِي كُلِّ مَدْيُونٍ، فَمِثْلُ الْأَرْضِ غَيْرُهَا فِي ذَلِكَ وَالْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْمَالِ مَالٌ كَالْعَيْنِ بِدَلِيلِ أَنَّهَا تُضْمَنُ بِالْغَصْبِ، بِخِلَافِ مَنْفَعَةِ الْحُرِّ فَيَصْرِفُ بَدَلَ مَنْفَعَتِهِمَا لِلدَّيْنِ وَيُؤْجَرَانِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى إلَى الْبَرَاءَةِ. قَالَ الشَّيْخَانِ: وَقَضِيَّةُ هَذَا إدَامَةُ الْحَجْرِ إلَى الْبَرَاءَةِ وَهُوَ مُسْتَبْعَدٌ، وَاعْتَرَضَهُمَا الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ لَيْسَ قَضِيَّتُهُ ذَلِكَ بَلْ انْفِكَاكُ الْحَجْرِ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِ الْمَأْجُورِ وَالْمُسْتَوْلَدَةِ، وَدَعْوَاهُ أَنَّ قَضِيَّةَ انْفِكَاكِ الْحَجْرِ بِالْكُلِّيَّةِ مَمْنُوعَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْمَوْقُوفِ وَالْمُسْتَوْلَدَةِ هُوَ مَحَلُّ اسْتِبْعَادِهِمَا وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِمَا، وَفِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى إجَارَةِ الْوَقْفِ: أَيْ بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ مَا لَمْ يَظْهَرْ تَفَاوُتٌ بِسَبَبِ تَعْجِيلِ الْأُجْرَةِ إلَى حَدٍّ لَا يَتَغَابَنُ بِهِ النَّاسُ فِي غَرَضِ قَضَاءِ الدَّيْنِ وَالتَّخَلُّصِ مِنْ الْمُطَالَبَةِ اهـ. وَمِثْلُهُ الْمُسْتَوْلَدَةُ، وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ إجَارَةُ مَا ذُكِرَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ يُؤَجِّرُهَا مُدَّةً يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ بَقَاؤُهُ إلَى انْقِضَائِهَا وَأَنْ لَا يَصْرِفَ مِنْ الْأُجْرَةِ إلَّا مَا تَبَيَّنَ اسْتِحْقَاقُ الْمُفْلِسِ لَهُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَصْرِفُ لِلْغُرَمَاءِ إلَّا مَا فَضَلَ عَنْ مُؤْنَةِ الْمُفْلِسِ وَمَمُونِهِ؛ لِأَنَّهُمْ يُقَدَّمُونَ بِذَلِكَ فِي الْمَالِ الْحَاضِرِ فَفِي الْمُنَزَّلِ مَنْزِلَتَهُ أَوْلَى، وَقَدْ يُمْنَعُ بِأَنَّا لَا نُرَاعِي حُقُوقَهُمْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بَلْ فِي يَوْمِ الْقِسْمَةِ فَقَطْ كَمَا مَرَّ، وَهَذَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فَالْأَوْجَهُ حِينَئِذٍ الْأَوَّلُ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا لِأَنَّهُمَا لَا يُعَدَّانِ أَمْوَالًا حَاضِرَةً وَلِهَذَا لَا يَجِبُ إجَارَةُ نَفْسِهِ (وَإِذَا) (ادَّعَى) الْمَدِينُ (أَنَّهُ مُعْسِرٌ أَوْ قُسِمَ مَالُهُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ) أَوْ أَنَّ مَالَهُ الْمَعْرُوفَ تَلِفَ (وَزَعَمَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ وَأَنْكَرُوا) ، (فَإِنْ لَزِمَهُ الدَّيْنُ فِي مُعَامَلَةِ مَالٍ كَشِرَاءٍ أَوْ قَرْضٍ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ) بِإِعْسَارِهِ فِي الْأُولَى وَبِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْمُعَامَلَةُ، نَعَمْ مَحَلُّ ذَلِكَ فِي مَالٍ يَبْقَى، أَمَّا غَيْرُهُ كَلَحْمٍ وَنَحْوِهِ فَهُوَ مِنْ الْقِسْمِ الْآتِي فَيُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ، وَلَهُ الدَّعْوَى عَلَى الْغُرَمَاءِ وَتَحْلِيفُهُمْ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ إعْسَارَهُ، فَإِنْ نَكَلُوا حَلَفَ وَثَبَتَ إعْسَارُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَلِقْ بِهَا مَا تُؤَجَّرُ لَهُ (قَوْلُهُ: إدَامَةُ الْحَجْرِ) الْمُرَادُ بِإِدَامَةِ الْحَجْرِ أَنْ لَا يَفُكَّهُ الْقَاضِي وَبِأَنَّهُ كَالْمُسْتَبْعَدِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَفُكَّهُ لَا أَنَّهُ يَنْفَكُّ بِنَفْسِهِ لِمَا يَأْتِي فِي الْفَرْعِ الْآتِي اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَدَعْوَاهُ) أَيْ الْبُلْقِينِيُّ وَهِيَ مِنْ م ر (قَوْلُهُ: عَلَى إجَارَةِ الْوَقْفِ) وَمِثْلُ ذَلِكَ النُّزُولُ عَنْ الْوَظَائِفِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ رَفْعُ الْيَدِ عَنْ الِاخْتِصَاصَاتِ إذَا اُعْتِيدَ النُّزُولُ عَنْهَا بِدَرَاهِمَ (قَوْلُهُ: بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ) أَيْ وَتُدْفَعُ لِلْغُرَمَاءِ حَالًا؛ إذْ لَا مَعْنَى لِوُجُوبِ الْإِيجَارِ بِهَا مُعَجَّلَةً وَادِّخَارِهَا إلَى فَرَاغِ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَظْهَرْ تَفَاوُتٌ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يُصْرَفَ) أَيْ لِلْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ حِينَئِذٍ الْأَوَّلُ) هُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ مِنْ دَفْعِ الْأُجْرَةِ لَهُمْ حَالًا (قَوْلُهُ: وَزَعَمَ) أَيْ قَالَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَلُوا حَلَفَ) أَيْ يَمِينًا ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا اخْتِصَاصَ لَهَا بِالْمُفْلِسِ بَلْ هِيَ فِي حَقِّ كُلِّ مَدْيُونٍ. (قَوْلُهُ: بَلْ انْفِكَاكُ الْحَجْرِ إلَخْ) لَعَلَّ فِي التَّعْبِيرِ بِالِانْفِكَاكِ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي مُسَامَحَةً، وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ إلَّا بِفَكِّ الْقَاضِي، وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ حَجّ: وَلَهُ أَيْ: الْقَاضِي فَكُّهُ إذَا لَمْ يَبْقَ غَيْرُ الْمَأْجُورِ، وَالْمَوْقُوفِ فِيمَا عَدَاهُمَا (قَوْلُهُ: وَفِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ يُجْبَرُ) إنَّمَا عَبَّرَ بِأَنَّهُ يُجْبَرُ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ انْفَكَّ عَنْهُ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ حَاصِلُ اسْتِبْعَادِ الشَّيْخَيْنِ الْمَارِّ، فَقَوْلُ الْمَتْنِ وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ إجَارَةِ أُمِّ الْوَلَدِ إلَخْ: أَيْ عَلَى الْمَدِينِ فَهُوَ الْمُخَاطَبُ بِالْوُجُوبِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَعَلَيْهِ أَيْ الْمُفْلِسِ أَنْ يُؤَجِّرَ لَهُمْ مُسْتَوْلَدَتَهُ وَمَوْقُوفًا عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ إجَارَةُ مَا ذُكِرَ إلَخْ) لَعَلَّ هَذَا الِانْبِغَاءَ مِنْ كَلَامِ غَيْرِ الشَّارِحِ حَتَّى يُلَاقِيَهُ مَا بَعْدَهُ . (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّ مَالَهُ الْمَعْرُوفَ تَلِفَ) اُنْظُرْ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَاذَا، وَظَاهِرُ إعَادَةِ لَفْظِ أَنَّ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَنَّهُ مُعْسِرٌ، وَحِينَئِذٍ فَقَضِيَّةُ هَذَا الصَّنِيعِ أَنَّ الْمُدَّعَى شَيْئَانِ: تَلَفُ الْمَالُ، وَكَوْنُهُ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ، وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَبِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ مَا ظَهَرَ مِنْ صَنِيعِهِ هُنَا لَقَالَ فِيمَا يَأْتِي وَبِأَنَّهُ تَلِفَ وَبِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ تَلَفَ الْمَالِ مَعْرُوفٌ وَالْمُدَّعَى أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ فَقَطْ، وَحِينَئِذٍ فَكَانَ يَنْبَغِي إسْقَاطُ لَفْظِ أَنَّ فَلْيُرَاجَعْ

وَإِنْ حَلَفُوا حُبِسَ وَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ أَيْضًا ثَانِيًا وَثَالِثًا وَهَكَذَا أَنَّهُ بَانَ لَهُمْ إعْسَارُهُ حَتَّى يَظْهَرَ لِلْحَاكِمِ أَنَّ قَصْدَهُ الْإِيذَاءُ وَكَذَا يُقَالُ فِي عَكْسِهِ، فَلَوْ ثَبَتَ إعْسَارُهُ فَادَّعَوْا بَعْدَ أَيَّامٍ أَنَّهُ اسْتَفَادَ مَالًا وَبَيَّنُوا الْجِهَةَ الَّتِي اسْتَفَادَ مِنْهَا فَلَهُمْ تَحْلِيفُهُ إلَّا إنْ ظَهَرَ قَصْدُ الْإِيذَاءِ، هَذَا كُلُّهُ إنْ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ إقْرَارٌ بِالْمَلَاءَةِ. فَلَوْ أَقَرَّ بِهَا ثُمَّ ادَّعَى الْإِعْسَارَ فَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً بِذَهَابِ مَالِهِ الَّذِي أَقَرَّ بِالْمَلَاءَةِ بِهِ، وَلَا يَكْفِيهِ أَنَّهُ يَعْلَمُ ذَهَابَ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَعْلَمُ ذَهَابَهُ لَكِنَّهُ لَا يَعْلَمُ ذَهَابَ مَا أَقَرَّ بِهِ، وَيَثْبُتُ الْإِعْسَارُ بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ أَيْضًا وَيَعْلَمُ الْقَاضِي حَيْثُ نَفَذَ حُكْمُهُ بِهِ خِلَافًا لِلْإِمَامِ، وَلَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ أَبْرِئْنِي فَإِنِّي مُعْسِرٌ فَأَبْرَأَهُ ثُمَّ بَانَ يَسَارُهُ بَرِئَ، وَلَوْ قَيَّدَ الْإِبْرَاءَ بِعَدَمِ ظُهُورِ الْمَالِ لَمْ يَبْرَأْ، ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَزِمَهُ الدَّيْنُ لَا فِي مُقَابَلَةِ مَالٍ كَصَدَاقٍ وَضَمَانٍ وَإِتْلَافٍ وَلَمْ يُعْهَدْ لَهُ مَالٌ (فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ خُلِقَ وَلَا مَالَ لَهُ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ ذَلِكَ، وَلَوْ ظَهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ لَمْ يَحْلِفْ ثَانِيًا كَمَا فِي الْبَيَانِ وَارْتَضَاهُ ابْنُ عُجَيْلٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِثُبُوتِ إعْسَارِهِ بِالْيَمِينِ الْأُولَى، وَالثَّانِي لَا بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ مِنْ أَحْوَالِ الْحُرِّ، وَيُعْلَمُ مِمَّا تَقَرَّرَ حُكْمُ مَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى فِيمَنْ حَلَفَ أَنَّهُ يُوفِي زَيْدًا كَذَا وَقْتَ كَذَا ثُمَّ ادَّعَى إعْسَارَهُ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ مَا لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَالٌ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَتُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْإِعْسَارِ) وَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِالنَّفْيِ لِمَكَانِ الْحَاجَةِ كَالْبَيِّنَةِ عَلَى أَنْ لَا وَارِثَ سِوَى هَؤُلَاءِ (فِي الْحَالِ) وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ حَبْسٌ كَسَائِرِ الْبَيِّنَاتِ (وَشَرْطُ شَاهِدِهِ خِبْرَةُ بَاطِنِهِ) لِطُولِ جِوَارٍ وَمُخَالَطَةٍ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّ الْأَمْوَالَ تَخْفَى فَلَا يَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَى ظَاهِرِ الْحَالِ. نَعَمْ إنْ شَهِدَ بِتَلَفِ الْمَالِ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ خِبْرَةُ بَاطِنِهِ، وَلَا تَكْفِي شَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ وَحْدَهَا إلَّا مَعَ يَمِينٍ يَحْلِفُهَا الْمَدِينُ بَعْدَ إقَامَتِهَا عَلَى أَنْ لَا مَالَ لَهُ بَاطِنًا إنْ كَانَ الْحَقُّ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ أَوْ غَائِبٍ أَوْ جِهَةٍ عَامَّةٍ، وَإِنْ لَمْ تُطْلَبْ أَوْ لِغَيْرِهِمْ وَطُلِبَتْ مِنْهُ لِجَوَازِ اعْتِمَادِ الشَّاهِدَيْنِ الظَّاهِرَ، فَإِنْ لَمْ تُطْلَبْ لَمْ يَحْلِفْ كَيَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَيُعْتَمَدُ قَوْلُ الشَّاهِدِ بِإِعْسَارِهِ: إنَّهُ خَبِيرٌ بِبَاطِنِهِ، وَإِنْ عَرَفَهُ الْحَاكِمُ كَفَى كَمَا يَكْفِي عِلْمُهُ بِالْإِعْسَارِ، وَلَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَلَا بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ كَمَا يَأْتِي فِي الْقَضَاءِ وَيَكْفِي شَاهِدَانِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ (وَلْيَقُلْ) أَيْ الشَّاهِدُ: وَهُوَ اثْنَانِ كَمَا مَرَّ (هُوَ مُعْسِرٌ وَلَا يُمَحَّضُ النَّفْيُ كَقَوْلِهِ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ، بَلْ يَجْمَعُ بَيْنَ نَفْيٍ وَإِثْبَاتٍ بِأَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ مُعْسِرٌ لَا يَمْلِكُ إلَّا قُوتَ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَاحِدَةً؛ لِأَنَّ دَعْوَاهُمْ وَاحِدَةٌ، وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ اجْتَمَعُوا، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا الْبَعْضُ فَادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ يُعْلَمُ إعْسَارُهُ فَطُلِبَ مِنْهُ الْيَمِينُ فَنَكَلَ عَنْهَا فَحَلَفَ الْمُفْلِسُ أَنَّهُ مُعْسِرٌ فَهَلْ يُكْتَفَى بِتِلْكَ الْيَمِينِ عَنْ تَحْلِيفِ الْبَاقِينَ لِكَوْنِ الْمُدَّعَى بِهِ شَيْئًا وَاحِدًا، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ تَحْلِيفِ الْبَاقِينَ وَبِتَقْدِيرِ حَلِفِ الْبَاقِينَ فَهَلْ يُحْبَسُ لِعَدَمِ ثُبُوتِ إعْسَارِهِ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ وَقَضِيَّةُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ ظَهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ لَمْ يَحْلِفْ ثَانِيًا أَنَّهُ يُكْتَفَى بِيَمِينِهِ الْأُولَى عَنْ تَحْلِيفِ الْبَاقِينَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَفُوا حُبِسَ) أَيْ إلَى أَنْ يَظْهَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى إعْسَارِهِ (قَوْلُهُ: إقْرَارٌ بِالْمُلَاءَةِ) أَيْ الْغَنِيِّ أَيْ عِنْدَ الْمُعَامَلَةِ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِيهِ) أَيْ شَاهِدٌ (قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ الْإِعْسَارُ بِالْيَمِينِ) هَذَا مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ نَكَلُوا حَلَفَ وَثَبَتَ إعْسَارُهُ (قَوْلُهُ: نَفَذَ حُكْمُهُ بِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مُجْتَهِدًا (قَوْلُهُ: لَمْ يَبْرَأْ) أَيْ وَإِنْ بَانَ أَنْ لَا مَالَ لَهُ لِتَعْلِيقِ الْبَرَاءَةِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَالٌ) أَيْ يَجِبُ الْوَفَاءُ مِنْهُ بِأَنْ وَجَبَ بَيْعُهُ فِي وَفَاءِ دَيْنِ الْمُفْلِسِ وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى ثِيَابِ بَدَنِهِ وَحَاجَتِهِ النَّاجِزَةِ. وَمِنْ الزَّائِدِ الْمَرْكُوبُ وَالْخَادِمُ وَالْمَسْكَنُ وَأَثَاثُ الْمَنْزِلِ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَتُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْإِعْسَارِ) قَالَ حَجّ: وَهِيَ رَجُلَانِ اهـ: أَيْ فَلَا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَلَا بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَشَرْطُ شَاهِدِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِيهِ) يَعْنِي الشَّاهِدَ الْمَعْلُومَ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلَ الْبَيِّنَةِ. (قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ الْإِعْسَارُ بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ) مَرَّ هَذَا فِي كَلَامِهِ قَرِيبًا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَيَّدَ الْإِبْرَاءَ بِعَدَمِ ظُهُورِ الْمَالِ لَمْ يَبْرَأْ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ يَسَارُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْلِيقِ الْإِبْرَاءِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ

يَوْمِهِ وَثِيَابَ بَدَنِهِ. وَاعْتَرَضَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ بِأَنَّهُ قَدْ يَمْلِكُ غَيْرَ ذَلِكَ كَمَالٍ غَائِبٍ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ وَهُوَ مُعْسِرٌ بِدَلِيلِ فَسْخِ الزَّوْجَةِ عَلَيْهِ وَإِعْطَائِهِ مِنْ الزَّكَاةِ وَكَدَيْنٍ لَهُ مُؤَجَّلٍ أَوْ عَلَى مُعْسِرٍ وَجَاحِدٍ وَهُوَ مُعْسِرٌ أَيْضًا لِمَا ذُكِرَ وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْحَجُّ وَبِأَنَّ قُوتَ يَوْمِهِ قَدْ يَسْتَغْنِي عَنْهُ بِالْكَسْبِ وَثِيَابَ بَدَنِهِ قَدْ تَزِيدُ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ فَيَصِيرُ مُوسِرًا بِذَلِكَ. قَالَ: فَالطَّرِيقُ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ مُعْسِرٌ عَاجِزٌ الْعَجْزَ الشَّرْعِيَّ عَنْ وَفَاءِ شَيْءٍ مِنْ هَذَا الدَّيْنِ، أَوْ مُعْسِرٌ لَا مَالَ لَهُ يَجِبُ وَفَاءُ شَيْءٍ مِنْ هَذَا الدَّيْنِ مِنْهُ أَوْ مَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ، فَإِنْ أُرِيدَ ثُبُوتُ الْإِعْسَارِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى خُصُوصِ دَيْنٍ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّهُ مُعْسِرٌ الْإِعْسَارَ الَّذِي تَمْتَنِعُ مَعَهُ الْمُطَالَبَةُ بِشَيْءٍ مِنْ الدَّيْنِ اهـ. وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الصِّيَغِ إنَّمَا يَتَأَتَّى إطْلَاقُهُ مِنْ عَالِمٍ بِهَذَا الْبَابِ وَافَقَ مَذْهَبَ الْحَاكِمِ فِيهِ وَأَتَى لَهُ بِشَاهِدَيْنِ يُخْبِرَانِ بِبَاطِنِهِ كَذَلِكَ، فَلَوْ نَظَرْنَا لِمَا ذَكَرَهُ لَتَعَذَّرَ أَوْ تَعَسَّرَ ثُبُوتُ إعْسَارِهِ وَفِيهِ مِنْ الضَّرَرِ مَا لَا يَخْفَى فَكَانَ اللَّائِقُ بِالتَّخْفِيفِ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ مَعَ أَنَّهُ الْمَنْقُولُ، وَلَا نَظَرَ لِلْمُشَاحَّةِ الَّتِي ذَكَرَهَا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْإِعْسَارُ فِي هَذَا الْبَابِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ قَدَرَ عَلَى الْكَسْبِ أَوْ كَانَ مَعَهُ ثِيَابٌ غَيْرُ لَائِقَةٍ بِهِ لَمْ يَخَفْ عَلَى دَائِنِهِ غَالِبًا، فَكَانَ سُكُوتُهُ عَنْ ذَلِكَ قَرِينَةً عَلَى عَدَمِ وُجُودِهِمَا مَعَ أَنَّ التَّفَاوُتَ بِذَلِكَ لَا يُنْظَرُ إلَيْهِ غَالِبًا فِي قَضَاءِ الدُّيُونِ وَالْحَبْسِ عَلَيْهَا. قَالَ الْجَوْجَرِيُّ: وَلَا بُدَّ فِي الشَّهَادَةِ بِالْغِنَى مِنْ بَيَانِ سَبَبِهِ؛ لِأَنَّ الْإِعْدَامَ لَمَّا لَمْ يَثْبُتْ إلَّا مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ فَكَذَلِكَ الْغِنَى، قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ، وَلَوْ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَا إعْسَارٍ وَمَلَاءَةٍ فَسَيَأْتِي فِي الدَّعَاوَى وَخَرَجَ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يُمَحَّضُ النَّفْيُ مَا لَوْ مَحَّضَهُ، لَكِنْ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ لِلْجِيلِيِّ أَنَّهُ لَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُمْ اهـ. وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الشَّاهِدِ بِحَضْرَةِ الْوَرَثَةِ أَنَّهُ يَقُولُ: لَا أَعْلَمُ أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ، وَلَا يُمَحَّضُ النَّفْيُ بِأَنْ يَقُولَ: لَا وَارِثَ لَهُ فَلَوْ مَحَّضَهُ فَقَدْ أَخْطَأَ وَلَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فَلْيَكُنْ مِثْلَهُ (وَإِذَا ثَبَتَ إعْسَارُهُ) عِنْدَ الْحَاكِمِ (لَمْ يَجُزْ حَبْسُهُ وَلَا مُلَازَمَتُهُ بَلْ يُمْهَلُ حَتَّى يُوسِرَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} [البقرة: 280] الْآيَةَ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ الْمَدْيُونَ يُحْبَسُ إلَى ثُبُوتِ إعْسَارِهِ وَإِنْ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ لِخَبَرِ «لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ» أَيْ مَطْلُ الْقَادِرِ يُحِلُّ ذَمَّهُ بِنَحْوِ يَا ظَالِمُ يَا مُمَاطِلُ وَتَعْزِيرَهُ وَحَبْسَهُ. أَمَّا الْوَالِدُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَإِنْ عَلَا مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ فَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الْإِعْسَارِ (قَوْلُهُ: بِالْغِنَى) بِالْكَسْرِ وَالْقَصْرِ وَالْيَسَارِ (قَوْلُهُ: يَعْمَلُ بِالْمُتَأَخِّرَةِ مِنْهُمَا) أَيْ وَهِيَ بَيِّنَةُ الْيَسَارِ عَلَى مَا يُفِيدُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ: وَلَا تَكَادُ بَيِّنَةُ الْإِعْسَارِ تَخْلُو عَنْ رِيبَةٍ وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ بِأَنَّهُ يَعْمَلُ بِالْمُتَأَخِّرِ مِنْهُمَا صَادِقًا بِبَيِّنَةِ الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ، وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَالٌ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْيَسَارِ، وَإِنْ عُرِفَ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْإِعْسَارِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَقُولُ لَا أَعْلَمُ) الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ لَا أَعْلَمُ أَنْ لَا وَارِثَ لَهُ إلَخْ، وَلَعَلَّ أَصْلَ الْعِبَارَةِ هَكَذَا وَلَا يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا وَارِثَ لَهُ، وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ كَلَامٍ لَكِنْ فِي الشَّاهِدِ بِأَنْ لَا وَارِثَ لَهُ آخَرُ لَا أَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا آخَرَ إلَخْ وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِيمَا تَرَجَّيْنَاهُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ) أَيْ فَيَسْتَفْسِرُ عَنْ مَعْنَى النَّفْيِ الَّذِي ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ وَتَعْزِيرُهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ قَدْ يَمْلِكُ غَيْرَ ذَلِكَ كَمَالِ غَائِبٍ إلَخْ) هَذَا إيرَادٌ عَلَى مَا اقْتَضَتْهُ الشَّهَادَةُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ أَنَّ مَنْ يَمْلِكُ غَيْرَ قُوتِ يَوْمِهِ وَثِيَابَ بَدَنِهِ مُوسِرٌ، وَقَوْلُهُ: وَبِأَنَّ قُوتَ يَوْمِهِ إلَخْ إيرَادٌ عَلَى مَا اقْتَضَتْهُ مِنْ أَنَّ قُوتَ يَوْمِهِ وَثِيَابَ بَدَنِهِ لَا يُخْرِجَانِهِ عَنْ الْإِعْسَارِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُعْسِرٌ أَيْضًا) أَيْ: الْمُدَّعِي إعْسَارَهُ (قَوْلُهُ: فَيَصِيرُ مُوسِرًا بِذَلِكَ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِمَا يَصِيرُ بِهِ مُوسِرًا. (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ: عَالِمَيْنِ بِهَذَا الْبَابِ وَافَقَا مَذْهَبَ الْحَاكِمِ: أَيْ لِعِزَّةِ مَنْ يُخْبِرُ بَاطِنَهُ بِجِوَارٍ أَوْ نَحْوِهِ وَهُوَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، وَلَوْ قَدَّمَ قَوْلَهُ كَذَلِكَ عَلَى قَوْلِهِ يُخْبِرَانِ بَاطِنَهُ لَكَانَ أَوْضَحَ. (قَوْلُهُ: وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ لَفْظِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَقُولُ لَا أَعْلَمُ أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ) صَوَابُهُ لَا أَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا آخَرَ كَمَا فِي التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ: أَمَّا الْوَلَدُ إلَخْ) لَمْ يُقَدِّمْ مَا يَكُونُ هَذَا مَفْهُومًا لَهُ حَتَّى يَسُوغَ التَّعْبِيرُ بِأَمَّا

يُحْبَسُ بِدَيْنِ وَلَدِهِ كَذَلِكَ وَإِنْ سَفَلَ وَلَوْ صَغِيرًا وَزَمِنًا؛ لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ وَلَا يُعَاقَبُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ دَيْنِ النَّفَقَةِ وَغَيْرِهَا، وَمَا جَرَى عَلَيْهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ تَبَعًا لِلْغَزَالِيِّ مِنْ حَبْسِهِ لِئَلَّا يَمْتَنِعَ عَنْ الْأَدَاءِ فَيَعْجِزُ الِابْنُ عَنْ الِاسْتِيفَاءِ رُدَّ بِمَنْعِ الْعَجْزِ عَنْ الِاسْتِيفَاءِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى ثَبَتَ لِلْوَالِدِ مَالٌ أَخَذَهُ الْقَاضِي قَهْرًا وَصَرَفَهُ إلَى دَيْنِهِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَخْفَاهُ عِنَادًا كَانَ لَهُ حَبْسُهُ لِاسْتِكْشَافِ الْحَالِ، وَهُوَ مَا اعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ الْقَاضِي، لَكِنَّ قَوْلَهُمْ وَلَا يُعَاقَبُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ يَأْبَاهُ، وَكَالْوَالِدِ الْمُكَاتَبُ فَلَا يُحْبَسُ بِالنُّجُومِ كَمَا يَأْتِي، وَمَنْ اُسْتُؤْجِرَتْ عَيْنُهُ وَتَعَذَّرَ عَمَلُهُ فِي الْحَبْسِ تَقْدِيمًا لِحَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ كَالْمُرْتَهِنِ وَلِأَنَّ الْعَمَلَ مَقْصُودٌ بِالِاسْتِحْقَاقِ فِي نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْحَبْسِ فَإِنَّهُ لَمْ يُقْصَدْ إلَّا لِيُتَوَصَّلَ بِهِ إلَى غَيْرِهِ ثُمَّ الْقَاضِي يَسْتَوْثِقُ عَلَيْهِ مُدَّةَ الْعَمَلِ فَإِنْ خَافَ هَرَبَهُ فَعَلَ مَا يَرَاهُ، ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَأَقَرَّهُ، وَأَخَذَ مِنْهُ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ لَوْ اسْتَعْدَى عَلَى مَنْ اُسْتُؤْجِرَتْ عَيْنُهُ وَكَانَ حُضُورُهُ لِلْحَاكِمِ يُعَطِّلُ حَقَّ الْمُسْتَأْجِرِ لَمْ يَحْضُرْ وَإِنَّمَا أُحْضِرَتْ الْمَرْأَةُ وَحُبِسَتْ اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً؛ لِأَنَّ لِلْإِجَارَةِ أَمَدًا يُنْتَظَرُ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ كَالْمُسْتَأْجَرِ إنْ أَوْصَى بِهَا مُدَّةً مُعَيَّنَةً وَإِلَّا فَكَالزَّوْجَةِ، وَمِثْلُ مَنْ ذُكِرَ الْمَرِيضُ وَالْمُخَدَّرَةُ وَابْنُ السَّبِيلِ فَلَا يُحْبَسُونَ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَفْتَى بِهِ، بَلْ يُوَكَّلُ بِهِمْ لِيَتَرَدَّدُوا، وَلَا الطِّفْلُ وَالْمَجْنُونُ وَلَا أَبُوهُ وَالْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ وَالْوَكِيلُ فِي دَيْنٍ لَمْ يَجِبْ بِمُعَامَلَتِهِمْ، وَلَا الْعَبْدُ الْجَانِي وَلَا سَيِّدُهُ. وَعُلِمَ مِنْ الْحَبْسِ أَنَّ الْحُرَّ لَا يُبَاعُ فِي دَيْنِهِ وَقَضَاءُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بِذَلِكَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُخَالِفَا مِمَّا انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى خِلَافِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ مَنْسُوخٌ، وَحِكَايَةُ ابْنِ حَزْمٍ قَوْلًا عَنْ الشَّافِعِيِّ بِهِ غَرِيبَةٌ لَا تَعْوِيلَ عَلَيْهَا، وَيُخْرَجُ الْمَحْبُوسُ لِلدَّعْوَى عَلَيْهِ فَإِنْ حُبِسَ لِلثَّانِي أَيْضًا لَمْ يُخْرَجْ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا، وَأُجْرَةُ الْحَبْسِ وَالسَّجَّانِ عَلَى الْمَحْبُوسِ وَنَفَقَتُهُ فِي مَالِهِ: أَيْ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَفِي بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ عَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَإِنْ لَمْ يَنْزَجِرْ بِالْحَبْسِ وَرَأَى الْحَاكِمُ ضَرْبَهُ أَوْ غَيْرَهُ فَعَلَ ذَلِكَ وَإِنْ زَادَ مَجْمُوعُهُ عَلَى الْحَدِّ وَلَا يُعَزِّرُهُ ثَانِيًا حَتَّى يَبْرَأَ مِنْ الْأَوَّلِ، وَفِي تَقْيِيدِهِ إذَا كَانَ لَجُوجًا صَبُورًا عَلَى الْحَبْسِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا جَوَازُهُ إنْ اقْتَضَتْهُ مَصْلَحَةٌ، وَلَا يَأْثَمُ الْمَحْبُوسُ بِتَرْكِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَلِلْقَاضِي مَنْعُ الْمَحْبُوسِ مِنْهُمَا إنْ اقْتَضَتْهُ مَصْلَحَةٌ، وَمِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِالزَّوْجَةِ وَمُحَادَثَةِ الْأَصْدِقَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَمَّا مُعَانِدٌ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ حَقٌّ وَامْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَتَعَيَّنَ عِقَابُهُ طَرِيقًا لِوُصُولِ الْمُسْتَحِقِّ لِحَقِّهِ فَيَجُوزُ عِقَابُهُ حَتَّى يُؤَدِّيَ أَوْ يَمُوتَ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَشَرَحَ الْمُؤَلِّفُ فِي بَابِ الصِّيَالِ (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ) سَبَقَ فِي كِتَابِ الْحَجِّ عَنْ بَعْضِهِمْ مَا يُخَالِفُ هَذَا فِي دَيْنِ النَّفَقَةِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ اُسْتُؤْجِرَتْ عَيْنُهُ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَكَالْوَالِدِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا أَبُوهُ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الطِّفْلِ وَالْمَجْنُونِ لِئَلَّا يُضَيِّعَا (قَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ بِمُعَامَلَتِهِمْ) أَيْ فَإِنْ وَجَبَ بِمُعَامَلَتِهِمْ حُبِسُوا، وَالضَّمِيرُ فِيهِ لِلْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ وَالْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: وَأُجْرَةُ الْحَبْسِ) عِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي بَابِ الْقَضَاءِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَسِجْنًا لِأَدَاءِ حَقٍّ مَا نَصُّهُ: وَأُجْرَةُ السِّجْنِ عَلَى الْمَسْجُونِ؛ لِأَنَّهَا أُجْرَةُ الْمَكَانِ الَّذِي شَغَلَهُ، وَأُجْرَةُ السَّجَّانِ عَلَى صَاحِبِ الْحَقِّ وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِمَا هُنَا. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْحَقَّ ثَمَّ ثَابِتٌ لِصَاحِبِهِ فَحَبْسُهُ لِمُجَرَّدِ غَرَضِهِ فَلَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ، وَالْحَبْسُ هُنَا لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ الَّتِي تَشْهَدُ بِإِعْسَارِهِ، وَيُطَوَّرُ مَا هُنَا بِمَا إذَا حُبِسَ لِإِثْبَاتِ الْإِعْسَارِ فَقَطْ وَمَا هُنَاكَ بِمَا لَوْ ثَبَتَ عَلَيْهِ الْحَقُّ بِالْفِعْلِ وَامْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهِ وَحُبِسَ لَهُ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَبْرَأَ مِنْ الْأَوَّلِ) أَيْ فَإِنْ خَالَفَ وَفَعَلَ ضَمِنَ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَالْجَمَاعَةِ) أَيْ إنْ تَوَقَّفَ ظُهُورُ الشِّعَارِ عَلَى حُضُورِهِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِالزَّوْجَةِ) قَالَ حَجّ: وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَةَ إجَابَتُهُ إلَى الْحَبْسِ إلَّا إنْ كَانَ بَيْتًا لَائِقًا بِهَا لَوْ طَلَبَهَا لِلسُّكْنَى فِيهِ سِيَّمَا يَظْهَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إنْ أَوْصَى بِهَا مُدَّةً مُعَيَّنَةً) ظَاهِرُهُ وَإِنْ طَالَتْ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: لِيَتَرَدَّدُوا) اُنْظُرْ مَا مَرْجِعُ الضَّمِيرِ فِيهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى فِي الْمُخَدَّرَةِ وَالْمَرِيضِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَأْثَمُ الْمَحْبُوسُ بِتَرْكِ الْجُمُعَةِ) لَعَلَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَى الْوَفَاءِ وَامْتَنَعَ عَنْهُ عِنَادًا

[فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه بما عامله به ولم يقبض عوضه]

لَا مِنْ دُخُولِهَا لِحَاجَةٍ، وَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ شَمِّ الرَّيَاحِينِ تَرَفُّهًا لَا لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ وَلَا مِنْ عَمَلِ صَنْعَةٍ فِيهِ وَلَوْ مُمَاطِلًا. وَلَوْ حُبِسَتْ امْرَأَةٌ فِي دَيْنٍ وَلَوْ بِإِذْنِ زَوْجِهَا فِيمَا يَظْهَرُ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا مُدَّتَهُ وَإِنْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ، وَلَا تُمْنَعُ مِنْ إرْضَاعِ وَلَدِهَا، وَيُخْرَجُ الْمَجْنُونُ مِنْ الْحَبْسِ مُطْلَقًا، وَالْمَرِيضُ إنْ فُقِدَ مُمَرِّضًا فَإِنْ وَجَدَهُ فَلَا، وَالْكَلَامُ هُنَا فِي طُرُوُّ الْمَرَضِ عَلَى الْمَحْبُوسِ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ حَبْسِ الْمَرِيضِ؛ لِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلِابْتِدَاءِ (وَالْغَرِيبُ الْعَاجِزُ عَنْ بَيِّنَةِ الْإِعْسَارِ يُوَكِّلُ الْقَاضِي بِهِ) وُجُوبًا (مَنْ يَبْحَثُ عَنْ حَالِهِ، فَإِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إعْسَارُهُ شَهِدَ بِهِ) لِئَلَّا يَتَخَلَّدَ حَبْسُهُ لَوْ أَهْمَلَهُ الْقَاضِي، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ يَحْبِسُهُ قَبْلَ أَنْ يُوَكِّلَ بِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَأُجْرَةُ الْمُوَكَّلِ بِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَفِي ذِمَّتِهِ إلَى أَنْ يُوسِرَ فِيمَا يَظْهَرُ فَإِنْ لَمْ يَرْضَ أَحَدٌ بِذَلِكَ سَقَطَ الْوُجُوبُ عَنْ الْقَاضِي فِيمَا يَظْهَرُ أَيْضًا. نَعَمْ سَيَأْتِي أَنَّ الْجَانِيَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَلَا ثَمَّ بَيْتُ مَالٍ جَازَ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْتَرِضَ لَهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَأَنْ يُسَخِّرَ مَنْ يَسْتَوْفِي الْقَوَدَ، فَقِيَاسُهُ أَنَّ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَقْتَرِضَ وَأَنْ يُسَخِّرَ بَاحِثِينَ لِئَلَّا يَتَخَلَّدَ حَبْسُهُ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْبَاحِثَ اثْنَانِ وَلَوْ وُجِدَ مَالٌ بِيَدِ مُعْسِرٍ فَأَقَرَّ بِهِ لِحَاضِرٍ رَشِيدٍ وَصَدَّقَهُ أَخَذَهُ مِنْهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَلَا يَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يُوَاطِئْهُ فَإِنْ كَذَّبَهُ بَطَلَ إقْرَارُهُ وَأَخَذَهُ الْغُرَمَاءُ أَوْ لِغَائِبٍ أَوْ غَيْرِ رَشِيدٍ مُعَيَّنٍ انْتَظَرَ مَا لَمْ يُصَدِّقْهُ الْوَلِيُّ أَوْ الْمَجْهُولُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ، وَيَتَفَقَّدُ الْحَاكِمُ أَيْضًا حَالَ غَيْرِ الْغَرِيبِ فَلَا يُعْرِضُ عَنْهُ لِئَلَّا يَتَخَلَّدَ حَبْسُهُ لَكِنْ لَا يُوَكِّلُ بِهِ مَنْ يَبْحَثُ عَنْ. فَصْلٌ فِي رُجُوعِ الْمُعَامِلِ لِلْمُفْلِسِ عَلَيْهِ بِمَا عَامَلَهُ بِهِ وَلَمْ يَقْبِضْ عِوَضَهُ (مَنْ بَاعَ وَلَمْ يَقْبَلْ الثَّمَنَ حَتَّى حُجِرَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْفَلَسِ فَلَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ وَاسْتِرْدَادُ الْمَبِيعِ) لِلْخَبَرِ الْمَارِّ، وَكَوْنُ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: لَا مِنْ دُخُولِهَا لِحَاجَةٍ) أَيْ الزَّوْجَةِ وَمِثْلُهَا الْأَصْدِقَاءُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حُبِسَتْ) إطْلَاقُهُ شَامِلٌ لِمَا لَوْ كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الْحَابِسَ لَهَا، وَفِيهِ كَلَامٌ فِي بَابِ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ فَلْيُرَاجَعْ. قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ: وَأَمَّا إذَا حَبَسَتْ هِيَ الزَّوْجَ فَإِنْ كَانَ بِحَقٍّ فَلَهَا النَّفَقَةُ أَوْ ظُلْمًا فَلَا اهـ م ر اهـ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ) وَقِيَاسُ مَنْعِ الزَّوْجَةِ عَنْ الدُّخُولِ لِزَوْجِهَا إلَّا لِحَاجَةٍ مُنِعَ زَوْجُهَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ) هُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ وَجَبَ قَبْلَ الْحَجْرِ فَالْأَظْهَرُ قَبُولُهُ فِي حَقِّ الْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ: وَيُتَفَقَّدُ) أَيْ وُجُوبًا. فَصْلٌ فِي رُجُوعِ الْمُعَامِلِ (قَوْلُهُ: فِي رُجُوعِ الْمُعَامِلِ) أَيْ وَفِيمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ حُكْمِ مَا لَوْ غَرَسَ إلَخْ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُهُ فِي رُجُوعِ الْمُعَامِلِ: أَيْ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ كَالْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ) أَيْ شَيْئًا مِنْهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ، وَكَثِيرًا مَا يَحْذِفُونَ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ) وَلَا يَحْتَاجُ لِلرَّفْعِ لِقَاضٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: لِلْخَبَرِ الْمَارِّ) هُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا أَفْلَسَ الرَّجُلُ وَوَجَدَ الْبَائِعُ سِلْعَتَهُ بِعَيْنِهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ» اهـ وَقَوْلُهُ بِعَيْنِهَا: أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَنْ يَقْتَرِضَ لَهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ اقْتِرَاضُ أُجْرَةِ الْجَلَّادِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لِلْجَانِي مَالٌ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ. [فَصْلٌ فِي رُجُوعِ الْمُعَامِلِ لِلْمُفْلِسِ عَلَيْهِ بِمَا عَامَلَهُ بِهِ وَلَمْ يَقْبِضْ عِوَضَهُ] (فَصْلٌ) فِي رُجُوعِ الْمُعَامِلِ. (قَوْلُهُ: لِلْخَبَرِ الْمَارِّ) لَمْ يَمُرَّ لَهُ خَبَرٌ فِي هَذَا الْخُصُوصِ، وَكَأَنَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّهُ قَدَّمَ فِي ذَلِكَ خَبَرًا، وَالْخَبَرُ الْمَرْوِيُّ فِي هَذَا الْخُصُوصِ هُوَ خَبَرُ الشَّيْخَيْنِ «إذَا أَفْلَسَ الرَّجُلُ وَوَجَدَ الْبَائِعُ سِلْعَتَهُ بِعَيْنِهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ» وَفِي

الثَّمَنِ لَمْ يُقْبَضْ يَحْتَاجُ إلَى إضْمَارِهِ فِي الْخَبَرِ، وَفِي حُكْمِ الْحَجْرِ بِالْفَلَسِ الْمَوْتُ مُفْلِسًا فَفِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَيُّمَا رَجُلٍ أَفْلَسَ أَوْ مَاتَ فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أَحَقُّ بِمَتَاعِهِ» وَمُرَادُهُ بِلَمْ يُقْبَضْ عَدَمُ قَبْضِ شَيْءٍ مِنْهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَاسْتِرْدَادُ الْمَبِيعِ، فَإِنْ قَبَضَ بَعْضَهُ فَسَيَذْكُرُهُ بَعْدُ وَكَمَا لَهُ اسْتِرْدَادُ الْمَبِيعِ لَهُ اسْتِرْدَادُ بَعْضِهِ؛ لِأَنَّهُ مَصْلَحَةٌ لِلْغُرَمَاءِ كَمَا يَرْجِعُ الْأَصْلُ فِي بَعْضِ مَا وَهَبَهُ لِفَرْعِهِ، بِخِلَافِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّهُ يَضُرُّ بِالْبَائِعِ، وَلَوْ أَفْلَسَ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِلسَّفَهِ فَلَا رُجُوعَ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ، وَأَفْهَمَ أَيْضًا امْتِنَاعَ الْفَسْخِ بِالْبَيْعِ الْوَاقِعِ فِي حَالِ الْحَجْرِ مَا لَمْ يَكُنْ جَاهِلًا بِحَالِهِ كَمَا مَرَّ، وَقَدْ يَجِبُ الْفَسْخُ بِأَنْ يَقَعَ مِمَّنْ يَلْزَمُهُ التَّصَرُّفُ بِالْغِبْطَةِ وَهِيَ فِي الْفَسْخِ كَمُكَاتَبٍ وَوَلِيٍّ، وَمِثْلُهُمَا الْبَائِعُ إذَا أَفْلَسَ وَحُجِرَ عَلَيْهِ وَطَلَبَ غُرَمَاؤُهُ مِنْهُ الرُّجُوعَ عَلَى مَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الِاكْتِسَابُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ خِيَارَهُ) أَيْ الْفَسْخِ أَوْ الْبَائِعِ (عَلَى الْفَوْرِ) كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ بِجَامِعِ دَفْعِ الضَّرَرِ ، وَالثَّانِي لَا كَخِيَارِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِحُصُولِ الضَّرَرِ هُنَا بِخِلَافِ ذَاكَ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ ادَّعَى جَهْلَهُ بِالْفَوْرِيَّةِ قُبِلَ، كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ بَلْ هُنَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَخْفَى عَلَى غَالِبِ النَّاسِ بِخِلَافِ ذَاكَ، وَمَرَّ الْكَلَامُ عَلَى الرُّجُوعِ فِي الْقَرْضِ، وَأَنَّهُ لَا فَوْرَ فِيهِ، وَلَوْ صُولِحَ عَنْ الْفَسْخِ عَلَى مَالٍ لَمْ يَصِحَّ وَبَطَلَ حَقُّهُ مِنْ الْفَسْخِ إنْ عَلِمَ لَا إنْ جَهِلَ، وَلَوْ حَكَمَ بِمَنْعِ الْفَسْخِ حَاكِمٌ لَمْ يُنْقَضْ حُكْمُهُ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ اجْتِهَادِيَّةٌ، وَالْخِلَافُ فِيهَا قَوِيٌّ؛ إذْ النَّصُّ كَمَا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَحَقُّ بِعَيْنِ مَتَاعِهِ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَحَقُّ بِثَمَنِهِ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَظْهَرَ فَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ لَا يَحْتَاجُ فِي الْفَسْخِ إلَى حَاكِمٍ لِثُبُوتِهِ بِالنَّصِّ وَالْأَصَحُّ (أَنَّهُ) أَيْ الْفَسْخَ لَا يَحْصُلُ (بِالْوَطْءِ وَالْإِعْتَاقِ وَالْبَيْعِ) وَتَلْغُو هَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ لِمُصَادِفَتِهَا مِلْكَ الْغَيْرِ كَمَا لَا تَكُونُ فَسْخًا فِي الْهِبَةِ لِلْفَرْعِ، وَالثَّانِي ـــــــــــــــــــــــــــــSوَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ (قَوْلُهُ: يَحْتَاجُ إلَى إضْمَارِهِ) أَيْ لِيَصِحَّ الِاسْتِدْلَال بِهِ (قَوْلُهُ: فِي الْخَبَرِ) أَيْ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَاتَ) أَيْ مُفْلِسًا (قَوْلُهُ: اسْتِرْدَادُ بَعْضِهِ) أَيْ مَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى نَقْصِ الْبَاقِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَضُرُّ) أَيْ وَهُنَا لَا يَضُرُّ بِالْمُفْلِسِ؛ لِأَنَّ مَالَهُ مَبِيعٌ كُلُّهُ (قَوْلُهُ: فِي حَالِ الْحَجْرِ) أَيْ بَعْدَهُ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ، وَهُوَ وَاضِحٌ فِيمَنْ يَتَصَرَّفُ عَنْ نَفْسِهِ، أَمَّا الْوَلِيُّ وَنَحْوُهُ فَيَنْبَغِي بُطْلَانُ تَصَرُّفِهِ مَعَ الْمُفْلِسِ بَعْدَ الْحَجْرِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْمَصْلَحَةِ وَهِيَ مَشْرُوطَةٌ فِي جَوَازِ تَصَرُّفِهِ سَوَاءٌ عَلِمَ بِالْحَجْرِ أَوْ جَهِلَ (قَوْلُهُ: وَهِيَ فِي الْفَسْخِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ فِي عَدَمِ الْفَسْخِ لَا يَجِبُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ بَلْ لَا يَجُوزُ، وَكَذَا لَا يَجِبُ لَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ (قَوْلُهُ: كَمُكَاتَبٍ) أَيْ بِأَنْ بَاعَ لِغَيْرِهِ شَيْئًا ثُمَّ حُجِرَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْفَلَسِ فَيَجِبُ عَلَى الْمُكَاتَبِ الْفَسْخُ رِعَايَةً لِحَقِّ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ قِنٌّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ (قَوْلُهُ وَوَلِيٍّ) أَيْ وَوَكِيلٍ عَنْ غَيْرِهِ. قَالَ سم عَلَى حَجّ: قَدْ يُشْكَلُ تَصَوُّرُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ لَا يُسَلِّمُ الْمَبِيعَ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: تَصَوُّرُ الْمَسْأَلَةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبْضِ الْمَبِيعِ؛ إذْ يُمْكِنُ قَبْلَ قَبْضِهِ لُزُومُ الْبَيْعِ وَالْحَجْرِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِفَلَسٍ فَيَجِبُ حِينَئِذٍ الْفَسْخُ عَلَى الْوَلِيِّ ثُمَّ التَّصَرُّفُ فِي الْمَبِيعِ لِلْمَوْلَى، وَلَوْلَا الْفَسْخُ لَمَا تَمَكَّنَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ اهـ أَقُولُ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُصَوَّرَ أَيْضًا بِمَا إذَا بَاعَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ جُنُونٍ، وَقَدْ سَلَّمَ الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ ثُمَّ حُجِرَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْفَلَسِ فَيَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الْبَائِعِ الْفَسْخُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْفَوْرِ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ هُنَا كُلُّ مَا قِيلَ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ مِنْ عَدَمِ تَكْلِيفِهِ الْعُدُولَ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِالْفَوْرِيَّةِ) وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الْجَهْلَ بِالْخِيَارِ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا فَوْرَ فِيهِ) أَيْ فَيُسْتَثْنَى مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِ عَلَى الْفَوْرِ، فَمَتَى لَمْ يَخْرُجْ الْمَالُ عَنْ مِلْكِ الْمُقْتَرِضِ جَازَ لِلْمُقْرِضِ الرُّجُوعُ، وَإِنْ تَرَاخَى (قَوْلُهُ لَا إنْ جَهِلَ) أَيْ؛ لِأَنَّ مِثْلَهُ مِمَّا يَخْفَى ـــــــــــــــــــــــــــــQرِوَايَةٍ لَهُمَا «مَنْ أَدْرَكَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ وَقَدْ أَفْلَسَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ» . (قَوْلُهُ: وَمَرَّ الْكَلَامُ عَلَى الرُّجُوعِ فِي الْقَرْضِ) أَيْ: الْجَارِي بِعُمُومِهِ فِي الْمُفْلِسِ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: لِثُبُوتِهِ بِالنَّصِّ) أَيْ: لَا بِالْقِيَاسِ، فَالنَّصُّ لَهُ إطْلَاقَانِ: مَا قَابَلَ الْقِيَاسَ وَالْإِجْمَاعَ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَوَاءٌ كَانَ نَصًّا فِي الْمُرَادِ أَمْ ظَاهِرًا مَثَلًا،

يَحْصُلُ كَالْبَائِعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ مِلْكَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مِلْكٌ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ فَجَازَ الْفَسْخُ بِمَا ذُكِرَ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا نَوَى بِالْوَطْءِ الْفَسْخَ وَقُلْنَا بِمَا مَرَّ أَنَّ هَذَا الْفَسْخَ لَا يَفْتَقِرُ إلَى الْحَاكِمِ وَإِلَّا فَلَا يَحْصُلُ بِهِ قَطْعًا، وَيَحْصُلُ الْفَسْخُ بِنَحْوِ فَسَخْت الْبَيْعَ أَوْ رَفَعْته أَوْ نَقَضْته أَوْ أَبْطَلْته أَوْ رَدَدْت الثَّمَنَ أَوْ فَسَخْت الْبَيْعَ فِيهِ أَوْ رَجَعْت فِي الْمَبِيعِ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ أَوْ اسْتَرْجَعْته كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ (وَلَهُ) أَيْ الشَّخْصِ (الرُّجُوعُ) فِي عَيْنِ مَالِهِ بِالْفَسْخِ (فِي سَائِرِ) الْمُعَاوَضَاتِ الَّتِي (كَالْبَيْعِ) وَهِيَ الْمَحْضَةُ لِعُمُومِ الْخَبَرِ الْمَارِّ فَخَرَجَ بِالْمُعَاوَضَةِ الْهِبَةُ وَنَحْوُهَا وَبِالْمَحْضَةِ وَهِيَ الَّتِي تَفْسُدُ بِفَسَادِ الْعِوَضِ غَيْرُهَا كَالنِّكَاحِ وَالصُّلْحِ عَنْ الدَّمِ وَالْخُلْعِ فَلَا فَسْخَ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ لِانْتِفَاءِ الْعِوَضِ فِي نَحْوِ الْهِبَةِ وَلِتَعَذُّرِ اسْتِيفَائِهِ فِي الْبَقِيَّةِ. نَعَمْ لِلزَّوْجَةِ فَسْخُ النِّكَاحِ بِالْإِعْسَارِ كَمَا يَأْتِي، لَكِنْ لَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْحَجْرِ وَدَخَلَ فِي الضَّابِطِ عَقْدُ السَّلَمِ فَلَهُ فَسْخُهُ إنْ وَجَدَ رَأْسَ مَالِهِ، فَإِنْ فَاتَ لَمْ يُفْسَخْ بَلْ يُضَارِبُ بِقِيمَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ إنْ لَمْ يَنْقَطِعْ ثُمَّ يَشْتَرِي لَهُ مِنْهُ بِمَا يَخُصُّهُ إنْ لَمْ يُوجَدْ فِي الْمَالِ لِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ، فَإِنْ انْقَطَعَ فَلَهُ الْفَسْخُ لِثُبُوتِهِ حِينَئِذٍ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُفْلِسِ فَفِي حَقِّهِ أَوْلَى، وَإِذَا فَسَخَ ضَارَبَ بِرَأْسِ الْمَالِ، وَكَيْفِيَّةُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَنْقَطِعْ الْمُسْلَمُ فِيهِ أَنْ يَقُومَ الْمُسْلَمُ فِيهِ فَإِنْ سَاوَى عِشْرِينَ، وَالدُّيُونُ ضِعْفُ الْمَالِ أَفْرَزَ لَهُ عَشَرَةً، فَإِنْ رَخُصَ السِّعْرُ قَبْلَ الشِّرَاءِ اشْتَرَى لَهُ بِهَا جَمِيعَ حَقِّهِ إنْ وَفَّتْ بِهِ وَإِلَّا فَبَعْضُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ بِأَنَّهُ مِلْكٌ) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ (قَوْلُهُ: بِالْوَطْءِ) وَإِذَا قُلْنَا بِعَدَمِ الْفَسْخِ بِهِ هَلْ يَجِبُ مَهْرٌ عَلَيْهِ أَوْ لَا؟ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِبَقَاءِ الْمَوْطُوءَةِ عَلَى مِلْكِ الْمُفْلِسِ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ أَيْضًا لِلْخِلَافِ فِي أَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ الْفَسْخُ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَقُلْنَا بِمَا مَرَّ) يُشْعِرُ بِأَنَّ فِيهِ خِلَافًا وَهُوَ كَذَلِكَ، وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: وَلَا يَفْتَقِرُ إلَى إذْنِ الْحَاكِمِ فِي الْأَصَحِّ، وَقَوْلُهُ بِمَا مَرَّ: أَيْ فِي قَوْلِهِ: لَا يَحْتَاجُ فِي الْفَسْخِ إلَى حَاكِمٍ (قَوْلُهُ: كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ) أَيْ فِي رَجَعْت فِي الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ فِي اسْتَرْجَعْته هَذَا صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَهُوَ وَاضِحٌ فِيمَنْ يَتَصَرَّفُ عَنْ نَفْسِهِ، أَمَّا الْوَلِيُّ وَنَحْوُهُ فَيَنْبَغِي بُطْلَانُ تَصَرُّفِهِ مَعَ الْمُفْلِسِ بَعْدَ الْحَجْرِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْمَصْلَحَةِ، وَهِيَ مَشْرُوطَةٌ فِي جَوَازِ تَصَرُّفِهِ سَوَاءٌ عَلِمَ بِالْحَجْرِ أَوْ جَهِلَ (قَوْلُهُ: الَّتِي كَالْبَيْعِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْكَافَ تَقْيِيدِيَّةٌ لَا تَنْظِيرِيَّةٌ، وَإِلَّا لَدَخَلَ الصَّدَاقُ وَعِوَضُ الْخُلْعِ، وَيَصِحُّ أَنْ تُعْرِبَ قَوْلَهُ: كَالْمَبِيعِ حَالًا فَلَا حَاجَةَ إلَى تَقْدِيرٍ (قَوْلُهُ: الْخَبَرِ الْمَارِّ) وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَيُّمَا رَجُلٍ أَفْلَسَ أَوْ مَاتَ فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أَحَقُّ بِمَتَاعِهِ» (قَوْلُهُ: الْهِبَةُ) أَيْ بِلَا ثَوَابٍ كَأَنْ وَهَبَهُ عَيْنًا وَأَقْبَضَهَا لَهُ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهَا) كَالْإِبَاحَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: كَالنِّكَاحِ) كَأَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِصَدَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ فَلَا فَسْخَ، وَكَذَا لَوْ أَصْدَقَهَا مُعَيَّنًا ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ فَإِنَّهَا تَمْلِكُهُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ فَتُطَالِبُ بَعْدَ الْحَجْرِ (قَوْلُهُ: الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ) أَيْ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لِلزَّوْجَةِ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى عُمُومِ قَوْلِهِ فَلَا فَسْخَ بِغَيْرِ الْمَحْضَةِ (قَوْلُهُ بِالْإِعْسَارِ) أَيْ بِالْمَهْرِ أَوْ النَّفَقَةِ وَهَلْ لَهَا الْفَسْخُ بِالْمَهْرِ بِمُجَرَّدِ الْحَجْرِ أَوْ يَمْتَنِعُ الْفَسْخُ مَا دَامَ الْمَالُ بَاقِيًا؛ إذْ لَا يَتَحَقَّقُ غَيْرُهُ إلَّا بِقِسْمَةِ أَمْوَالِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ إذْ مِنْ الْجَائِزِ حُدُوثُ مَالٍ لَهُ أَوْ بَرَاءَةُ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ لَهُ أَوْ ارْتِفَاعُ بَعْضِ الْأَسْعَارِ، وَأَمَّا الْفَسْخُ بِالنَّفَقَةِ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ قِسْمَةِ أَمْوَالِهِ وَمُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَاتَ) أَيْ رَأْسُ الْمَالِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ انْقَطَعَ) أَيْ بَعْدَ الْحُلُولِ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: لِثُبُوتِهِ) أَيْ الْفَسْخِ (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ انْقَطَعَ الْمُسْلَمُ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ سَاوَى) أَيْ الْمُسْلَمُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَالدُّيُونُ ضِعْفُ الْمَالِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمَا قَابَلَ الظَّاهِرَ وَالْمُحْتَمَلَ. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ) أَيْ: فِي الْوَطْءِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ، أَمَّا الْإِعْتَاقُ وَالْبَيْعُ فَالْخِلَافُ جَارٍ فِيهِمَا مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: لِعُمُومِ الْخَبَرِ الْمَارِّ) أَيْ خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ

وَإِنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِلْغُرَمَاءِ، وَإِنَّمَا اشْتَرَى لَهُ الْجَمِيعَ؛ لِأَنَّ مَا أُفْرِزَ لَهُ صَارَ كَالْمَرْهُونِ بِحَقِّهِ وَانْقَطَعَ بِهِ حَقُّهُ مِنْ حِصَصِ غَيْرِهِ حَتَّى لَوْ تَلِفَ قَبْلَ أَخْذِهِ لَهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِشَيْءٍ مِمَّا أَخَذَهُ الْغُرَمَاءُ، وَلَوْ ارْتَفَعَ السِّعْرُ لَمْ يَزِدْ عَلَى مَا أُفْرِزَ لَهُ لِمَا ذُكِرَ، وَلَوْ تَلِفَ بَعْضُ رَأْسِ الْمَالِ وَكَانَ مِمَّا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ رَجَعَ بِبَاقِيهِ وَضَارَبَ بِبَاقِي الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَدَخَلَ فِيهِ أَيْضًا عَقْدُ الْإِجَارَةِ، فَإِذَا أَفْلَسَ قَبْلَ تَسْلِيمِ الْأُجْرَةِ الْحَالَّةِ وَمُضِيِّ الْمُدَّةِ فَلِلْمُؤَجِّرِ الْفَسْخُ؛ إذْ الْمَنَافِعُ كَالْأَعْيَانِ، فَإِنْ أَجَازَ ضَارَبَ بِكُلِّ الْأُجْرَةِ وَإِنْ فَسَخَ أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ ضَارَبَهُمْ بِبَعْضِهَا، وَيُؤَجِّرُ الْحَاكِمُ عَلَى الْمُفْلِسِ الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ لِأَجْلِ الْغُرَمَاءِ، أَمَّا إذَا كَانَ الْحَالُّ بَعْضَ الْأُجْرَةِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ الْمُسْتَحَقِّ فِيهَا أُجْرَةُ كُلِّ شَهْرٍ عِنْدَ مُضِيِّهِ فَلَا فَسْخَ فِيهَا لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ شَرْطَهُ كَوْنُ الْعِوَضِ حَالًّا وَالْمُعَوَّضِ بَاقِيًا فَلَا يَتَأَتَّى الْفَسْخُ قَبْلَ مُضِيِّ الشَّهْرِ لِعَدَمِ الْحُلُولِ وَلَا بَعْدَهُ لِفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ. نَعَمْ إنْ كَانَ بَعْضُ الْأُجْرَةِ مُؤَجَّلًا فَلَهُ الْفَسْخُ فِي الْحَالِّ بِقِسْطِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَوْ أَفْلَسَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي مَجْلِسِ إجَارَةِ الذِّمَّةِ فَإِنْ أَثْبَتْنَا خِيَارَ الْمَجْلِسِ فِيهَا اسْتَغْنَى بِهِ، وَإِلَّا فَلَهُ الْفَسْخُ كَإِجَارَةِ الْعَيْنِ، وَإِنْ أَفْلَسَ مُؤَجِّرُ عَيْنٍ قَدَّمَ الْمُسْتَأْجَرُ بِمَنْفَعَتِهَا أَوْ مُلْتَزِمُ عَمَلٍ، وَالْأُجْرَةُ فِي يَدِهِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْفَسْخُ، فَإِنْ تَلِفَتْ ضَارَبَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ كَنَظِيرِهِ فِي السَّلَمِ، وَلَا تُسْلَمُ إلَيْهِ حِصَّتُهُ مِنْهَا بِالْمُضَارَبَةِ لِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ؛ إذْ إجَارَةُ الذِّمَّةِ فِي الْمَنَافِعِ بَلْ يَحْصُلُ لَهُ بَعْضُ الْمَنْفَعَةِ الْمُلْتَزَمَةِ إنْ تَبَعَّضَتْ بِلَا ضَرَرٍ كَحَمْلِ مِائَةِ رِطْلٍ، وَإِلَّا كَقِصَارَةِ ثَوْبٍ وَرُكُوبٍ إلَى بَلَدٍ وَلَوْ نَقَلَ لِنِصْفِ الطَّرِيقِ لَبَقِيَ ضَائِعًا فَسَخَ وَضَارَبَ بِالْأُجْرَةِ الْمَبْذُولَةِ، فَلَوْ سَلَّمَ لَهُ الْمُلْتَزِمُ عَيْنًا لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهَا قَدَّمَ بِمَنْفَعَتِهَا كَالْمُعَيَّنَةِ فِي الْعَقْدِ (وَلَهُ) أَيْ لِلرُّجُوعِ فِي الْمَبِيعِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ (شُرُوطٌ) (مِنْهَا كَوْنُ الثَّمَنِ حَالًّا) عِنْدَ الرُّجُوعِ وَلَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فَلَوْ كَانَ الْمَالُ مِائَةً وَالدُّيُونُ الَّتِي مِنْهَا الْمُسْلَمُ فِيهِ مِائَتَيْنِ أَخَذَ كُلٌّ مِنْ أَرْبَابِ الدُّيُونِ نِصْفَ دَيْنِهِ، وَإِذَا قُسِمَ كَذَلِكَ خَصَّ الْمُسْلِمَ عَشَرَةٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) غَايَةً لِقَوْلِهِ اشْتَرَى لَهُ (قَوْلُهُ: مِمَّا أَخَذَهُ الْغُرَمَاءُ) أَيْ وَيَكُونُ حَقُّهُ بَاقِيًا فِي ذِمَّةِ الْمُفْلِسِ (قَوْله لِمَا ذُكِرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ مَا أُفْرِزَ لَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَكَانَ مِمَّا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ) أَيْ كَعَبْدَيْنِ وَاحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا لَوْ تَلِفَتْ يَدُ الْعَبْدِ فَيَتَخَيَّرُ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَإِذَا أَفْلَسَ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرُ (قَوْلُهُ: الْحَالَّةِ) أَيْ جَمِيعِهَا لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَمَّا إذَا كَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَجَازَ) أَيْ الْمُؤَجِّرُ (قَوْلُهُ: بِبَعْضِهَا) وَهُوَ قِسْطُ مَا مَضَى لِاسْتِيفَاءِ الْمُفْلِسِ مَنْفَعَتَهُ (قَوْلُهُ: وَيُؤَجِّرُ الْحَاكِمُ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَفْسَخْ الْمُؤَجِّرُ أَوْ كَانَ الْمُفْلِسُ دَفَعَ الْأُجْرَةَ قَبْلَ الْحَجْرِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ مُضِيِّهِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَالَ عِنْدَ أَوَّلِهِ فَلَهُ الْفَسْخُ (قَوْلُهُ: فَلَا فَسْخَ) أَيْ يَتَعَذَّرُ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّ شَرْطَهُ) أَيْ الْفَسْخِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَتَأَتَّى الْفَسْخُ) أَيْ فِي الْإِجَارَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ أَمَّا إذَا كَانَ الْحَالُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ كَانَ لَهُ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ أَمَّا إذَا كَانَ الْحَالُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الْفَسْخُ) أَيْ الْمُؤَجِّرِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَثْبَتْنَا خِيَارَ الْمَجْلِسِ فِيهَا) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَهُ الْفَسْخُ) أَيْ لِلْمُؤَجِّرِ الْفَسْخُ بِسَبَبِ الْحَجْرِ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ تَمَكُّنِهِ مِنْ مُفَارَقَةِ الْمَجْلِسِ قَبْلَ قَبْضِ الْأُجْرَةِ فَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ: قُدِّمَ الْمُسْتَأْجِرُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهَا بِالْعَقْدِ سَوَاءٌ تَسَلَّمَهَا مِنْ الْمُؤَجِّرِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: عَمَلٍ) أَيْ فِي زَمَنِهِ بِخِلَافِ أَجِيرِ الْعَيْنِ إذَا أَفْلَسَ بَعْدَ قَبْضِهِ الْأُجْرَةَ فَلَا فَسْخَ لِلْمُسْتَأْجِرِ؛ إذْ لَا تَعَلُّقَ لِلْغُرَمَاءِ بِعَيْنِ الْمُفْلِسِ (قَوْلُهُ وَالْأُجْرَةُ فِي يَدِهِ) أَيْ بِأَنْ قَبَضَهَا وَبَقِيَتْ فِي يَدِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا تُسَلَّمُ إلَيْهِ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ فَلَوْ سُلِّمَ لَهُ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يُسَلِّمْهَا فَإِنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ بَاقِيَةً فَلَهُ الْفَسْخُ وَيَسْتَرِدُّ الْأُجْرَةَ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَاقِيَةً ضَارَبَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِلْمَنْفَعَةِ، وَيَسْتَأْجِرُ لَهُ مَا يَسْتَوْفِي مِنْهُ بَعْضَ الْمَنْفَعَةِ إنْ تَأَتَّى عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: عَيْنًا) أَيْ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَمَا أُلْحِقَ بِهِ) أَيْ مِمَّا عَبَّرَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَسَائِرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَى لَهُ بَعْضٌ مُتَقَوِّمٌ كَعَبْدٍ مَثَلًا لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ بَلْ يَدْفَعُ لَهُ مَا خَصَّهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: وَكَانَ مِمَّا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ) سَيَأْتِي مَفْهُومُهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ تَعَيَّبَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَهُ الْفَسْخُ) أَيْ: وَالصُّورَةُ أَنَّهُمَا فِي الْمَجْلِسِ لَكِنَّ الْفَسْخَ مِنْ حَيْثُ تَعَذُّرُ التَّسْلِيمِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمَا لَوْ تَفَرَّقَا انْفَسَخَتْ؛ لِفَوَاتِ التَّسْلِيمِ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي هُوَ شَرْطُهَا (قَوْلُهُ: فَلَوْ سَلَّمَ لَهُ الْمُلْتَزِمُ عَيْنًا)

مُؤَجَّلًا قَبْلَهُ فَلَا رُجُوعَ فِيمَا كَانَ مُؤَجَّلًا وَلَمْ يَحِلَّ؛ إذْ لَا مُطَالَبَةَ بِهِ فِي الْحَالِ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَكَذَا بَعْدَهُ عَلَى وَجْهٍ صَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ هُوَ الْأَصَحُّ (وَ) مِنْهَا (أَنْ يَتَعَذَّرَ حُصُولُهُ) أَيْ الثَّمَنِ (بِالْإِفْلَاسِ) أَيْ بِسَبَبِهِ (فَلَوْ) (انْتَفَى) الْإِفْلَاسُ (وَامْتَنَعَ مِنْ دَفْعِ الثَّمَنِ مَعَ يَسَارِهِ أَوْ هَرَبَ) عَطْفٌ عَلَى امْتَنَعَ أَوْ مَاتَ مَلِيًّا وَامْتَنَعَ الْوَارِثُ مِنْ التَّسْلِيمِ (فَلَا فَسْخَ فِي الْأَصَحِّ) لِإِمْكَانِ التَّوَصُّلِ بِالْحَاكِمِ، فَإِنْ فُرِضَ عَجْزٌ فَنَادِرٌ لَا اعْتِبَارَ بِهِ، وَالثَّانِي يَثْبُتُ لِتَعَذُّرِ الْوُصُولِ إلَيْهِ حَالًّا وَتَوَقُّعِهِ مَآلًا فَأَشْبَهَ الْمُفْلِسَ وَاحْتُرِزَ أَيْضًا بِالْإِفْلَاسِ عَنْ تَعَذُّرِ حُصُولِهِ بِانْقِطَاعِ جِنْسِ الثَّمَنِ لِجَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ، وَمَا اُسْتُشْكِلَ بِهِ مِنْ أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ إذَا فَاتَ جَازَ الْفَسْخُ لِفَوَاتِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ، وَمِنْ أَنَّ إتْلَافَ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ كَإِتْلَافِ الْمَبِيعِ حَتَّى يَقْتَضِيَ التَّخْيِيرَ، وَإِذَا جَازَ الْفَسْخُ بِفَوَاتِ عَيْنِهِ مَعَ إمْكَانِ الرُّجُوعِ إلَى جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ فَلِفَوَاتِ الْجِنْسِ أَوْلَى رُدَّ بِأَنَّ الْمِلْكَ هَا هُنَا قَوِيٌّ؛ إذْ الْعِوَضُ فِي الذِّمَّةِ فَبَعْدَ الْفَسْخِ وَهُنَاكَ الْمِلْكُ ضَعِيفٌ، إذْ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مُعَيَّنٌ وَأَنَّهُ فَاتَ بِإِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ قَبْلَ الْقَبْضِ فَسَاغَ الْفَسْخُ بَلْ فِيهَا قَوْلٌ: إنَّ الْعَقْدَ يَنْفَسِخُ كَالتَّالِفِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِالثَّمَنِ ضَامِنٌ مَلِيءٌ مُقِرٌّ أَوْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ يُمْكِنُ الْأَخْذُ بِهَا لَمْ يَرْجِعْ، وَهُوَ كَذَلِكَ سَوَاءٌ أَضَمِنَهُ بِإِذْنِهِ أَوْ لَا عَلَى أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُهُ فِي الْإِرْشَادِ خِلَافَهُ لِإِمْكَانِ الْوُصُولِ إلَى الثَّمَنِ مِنْ الضَّامِنِ فَلَمْ يَحْصُلْ التَّعَذُّرُ بِالْإِفْلَاسِ. وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ الظَّاهِرُ تَرْجِيحُ الرُّجُوعِ أَخْذًا مِنْ النَّصِّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَفْلَسَ الضَّامِنُ وَالْأَصِيلُ وَأَرَادَ الْحَاكِمُ بَيْعَ مَالِهِمَا فِي دَيْنِهِمَا فَقَالَ الضَّامِنُ: ابْدَأْ بِمَالِ الْأَصِيلِ وَقَالَ رَبُّ الدَّيْنِ: أَبِيعُ مَالَ أَيِّكُمَا شِئْت بِدَيْنِي، فَإِنْ كَانَ الضَّامِنُ بِالْإِذْنِ أُجِيبَ الضَّامِنُ وَالْأَقْرَبُ الدَّيْنُ رَدَّهُ الشَّيْخُ بِأَنَّ الْمُدْرَكَ هُنَا تَعَذُّرُ أَخْذِ الثَّمَنِ، وَلَمْ يَتَعَذَّرْ، وَثَمَّ شَغَلَ ذِمَّةَ كُلٍّ مِنْ الضَّامِنِ وَالْأَصِيلِ مَعَ عَدَمِ الْإِذْنِ فِي الضَّامِنِ، أَمَّا لَوْ كَانَ الضَّامِنُ مُعْسِرًا أَوْ جَاحِدًا وَلَا بَيِّنَةَ فَيَرْجِعُ كَمَا رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ لِتَعَذُّرِ الثَّمَنِ بِالْإِفْلَاسِ، وَلَوْ كَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُعَاوَضَاتِ كَالْبَيْعِ (قَوْلُهُ: مُؤَجَّلًا قَبْلَهُ) أَيْ الْحُلُولِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَتَعَذَّرَ حُصُولُهُ) لَوْ حَصَلَ مَالٌ بِاصْطِيَادٍ وَأَمْكَنَ الْوَفَاءُ بِهِ مَعَ الْمَالِ الْقَدِيمِ قَالَ الْغَزَالِيُّ: لَا رُجُوعَ، وَنَسَبَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِظَاهِرِ النَّصِّ اهـ ع. وَمِثْلُ الِاصْطِيَادِ ارْتِفَاعُ الْأَسْعَارِ أَوْ الْإِبْرَاءُ مِنْ بَعْضِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: عُطِفَ عَلَى امْتَنَعَ) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ عَطْفِهِ عَلَى يَسَارِهِ فَيُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الِامْتِنَاعِ مَعَ الْهَرَبِ فَلَا يَكْفِي الْهَرَبُ وَحْدَهُ وَلَيْسَ مُرَادًا (قَوْلُهُ: لَا اعْتِبَارَ بِهِ) أَيْ فَلَا يُغَيَّرُ الْحُكْمُ لِأَجْلِهِ فَيَمْتَنِعُ الْفَسْخُ (قَوْلُهُ: وَمَا اُسْتُشْكِلَ بِهِ) أَيْ عَدَمُ الْفَسْخِ بِانْقِطَاعِ جِنْسِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَبِيعَ الْمُعَيَّنَ (قَوْلُهُ: إذَا فَاتَ) أَيْ بِالتَّلَفِ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَقْتَضِيَ التَّخْيِيرَ) أَيْ إنْ كَانَ بِإِتْلَافِ أَجْنَبِيٍّ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَهُنَاكَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَمِنْ إتْلَافِ الثَّمَنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَلْ فِيهَا) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ إتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ) أَيْ قَوْلُهُ: وَأَنْ يَتَعَذَّرَ حُصُولُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَيْهِ) أَيْ الضَّامِنِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ) جَوَابٌ عَمَّا أَوْرَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى قَوْلِهِ السَّابِقِ سَوَاءٌ أَضَمِنَهُ بِإِذْنٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ تَرْجِيحُ الرُّجُوعِ) أَيْ إذَا ضَمِنَ بِلَا إذْنٍ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ كَانَ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ السَّابِقِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ: قَبْلَ الْحَجْرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ . (قَوْلُهُ: فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَكَذَا بَعْدَهُ إلَخْ) عِبَارَتُهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ حَالًا نَصُّهَا فِي الْأَصْلِ: أَوْ حَلَّ قَبْلَ الْحَجْرِ وَكَذَا بَعْدَهُ عَلَى وَجْهٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي يَثْبُتُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْجَلَالِ وَالثَّانِي لَهُ الْفَسْخُ كَمَا فِي الْمُفْلِسِ بِجَامِعِ تَعَذُّرِ الْوُصُولِ إلَى حَقِّهِ حَالًا مَعَ تَوَقُّعِهِ مَآلًا. (قَوْلُهُ: عَلَى أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا خَاصَّةً، فَالْوَجْهَانِ مَفْرُوضَانِ فِي الضَّمَانِ بِلَا إذْنٍ، وَكَذَلِكَ كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ الْآتِي كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِنْ النَّصِّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَفْلَسَ الضَّامِنُ وَالْأَصِيلُ إلَخْ) وَجْهُ شَهَادَةِ النَّصِّ لِمَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّا فِي حَالَةِ عَدَمِ الْإِذْنِ رَجَعْنَا إلَى قَوْلِ رَبِّ الدَّيْنِ فِي التَّخْيِيرِ فِي الْبُدَاءَةِ بِمَالِ أَيِّهِمَا شَاءَ فَقِيَاسُهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَيْهِ هُنَا أَيْضًا

بِالْعِوَضِ رَهْنٌ يَفِي بِهِ وَلَوْ مُسْتَعَارًا كَمَا رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ أَيْضًا لَمْ يَرْجِعْ لِمَا مَرَّ، فَإِنْ لَمْ يَفِ بِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيمَا يُقَابِلُ مَا بَقِيَ لَهُ وَلَهُ الرُّجُوعُ بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ الْآتِيَةِ (وَلَوْ) (قَالَ الْغُرَمَاءُ) أَيْ غُرَمَاءُ الْمُفْلِسِ أَوْ قَالَ وَارِثُهُ لِمَنْ لَهُ حَقُّ الْفَسْخِ (لَا تَفْسَخْ وَنُقَدِّمُك بِالثَّمَنِ) (فَلَهُ الْفَسْخُ) وَلَا تَلْزَمُهُ الْإِجَابَةُ لِلْمِنَّةِ وَخَوْفِ ظُهُورِ مُزَاحِمٍ سَوَاءٌ الْحَيُّ وَالْمَيِّتُ وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ يَلْزَمُ الدَّائِنَ قَبُولُ التَّبَرُّعِ عَنْ الْمَيِّتِ أَوْ إبْرَاؤُهُ لِيَأْسِهِ عَنْ الْقَضَاءِ بِخِلَافِ الْحَيِّ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ لَا يُلَاقِي مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ أَنَّ رَبَّ الْمَتَاعِ أَحَقُّ بِمَتَاعِهِ، وَيُفَارِقُ مَا تَقَرَّرَ مِنْ عَدَمِ لُزُومِ الْقَبُولِ مَا لَوْ قَالَ الْغُرَمَاءُ لِلْقَصَّارِ لَا تَفْسَخْ وَنُقَدِّمُك بِالْأُجْرَةِ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ بِفَرْضِ ظُهُورِ غَرِيمٍ آخَرَ لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهِمْ، وَلَوْ أَجَابَ الْمُتَبَرِّعُ فَظَهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ لَمْ يُزَاحِمْهُ؛ لِأَنَّ مَا أَخَذَهُ وَإِنْ دَخَلَ فِي مِلْكِ الْمُفْلِسِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ لَكِنَّ دُخُولَهُ ضِمْنِيٌّ وَحُقُوقُ الْغُرَمَاءِ إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِمَا دَخَلَ فِي مِلْكِهِ أَصَالَةً مَعَ أَنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ أَوْ غَيْرُ الْمُتَبَرِّعِ فَلِمَنْ ظَهَرَ مُزَاحَمَتُهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْعَيْنِ لَوْ بَقِيَتْ عَلَى أَوْجَهِ احْتِمَالَيْنِ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ الْآتِي بِبَادِئِ الرَّأْيِ خِلَافَهُ؛ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ حَيْثُ أَخَّرَ حَقَّ الرُّجُوعِ مَعَ احْتِمَالِ ظُهُورِ مُزَاحِمٍ لَهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ فِي الْعَالِمِ بِالْمُزَاحَمَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَوْ أَعْطَاهُ وَارِثُ الْمَبِيعِ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْفَسْخُ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ خَلِيفَةُ الْمُوَرِّثِ فَلَهُ تَخْلِيصُ الْمَبِيعِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَلِيءٌ مُقِرٌّ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ عَدَمِ تَعَذُّرِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ الرُّجُوعُ) مُتَعَلِّقٌ بِمَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَوْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ) غَايَةً وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ فَلَهُ الْفَسْخُ تَفْرِيعِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَنُقَدِّمُكَ بِالثَّمَنِ) أَيْ مِنْ التَّرِكَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي: وَلَوْ أَعْطَاهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ الْحَيُّ وَالْمَيِّتُ) أَيْ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْحَيُّ وَالْمَيِّتُ (قَوْلُهُ: لِيَأْسِهِ) أَيْ الدَّائِنِ (قَوْلُهُ لَا تُفْسَخُ) أَيْ عَقْدُ الْإِجَارَةِ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ الْمُسْتَأْجَرَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْقِصَارَةُ أَوْ يُصَوَّرُ ذَلِكَ بِمَا لَوْ قَصَّرَ بِالْفِعْلِ، وَزَادَ الثَّوْبَ بِسَبَبِ الْقِصَارَةِ فَإِنَّهُ شَرِيكٌ بِالزِّيَادَةِ، وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ تَصْوِيرُهُ بِالصُّورَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَجَابَ الْمُتَبَرِّعُ) أَيْ الَّذِي أَدَّى مِنْ مَالِهِ لَا مِنْ التَّرِكَةِ وَارِثًا كَانَ الْمُتَبَرِّعُ أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْقَوْلِ) أَيْ الْمَرْجُوحِ (قَوْلُهُ: فِي مِلْكِهِ) أَيْ الْمُفْلِسِ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ الْمُتَبَرِّعُ) أَيْ مِنْ الْوَارِثِ أَوْ الْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَا رُجُوعَ لَهُ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ فِي عَدَمِ الرُّجُوعِ مَا لَوْ عَنَّ لِلْغُرَمَاءِ بَعْدَ سُؤَالِهِمْ وَإِجَابَتِهِ لَهُمْ بِتَرْكِهِ الْفَسْخَ عَدَمُ تَقْدِيمِهِمْ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ تَقْصِيرِهِ إجَابَتَهُمْ سَوَاءٌ عَلِمَ جَوَازَ رُجُوعِهِمْ أَمْ لَا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ وَيُؤْخَذُ مِنْ إلَخْ (قَوْلُهُ بِبَادِئِ الرَّأْيِ) أَيْ أَوَّلِ النَّظَرِ (قَوْلُهُ: ظُهُورِ مُزَاحِمٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ جَهِلَ مُزَاحَمَتَهُ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ: وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ) أَيْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَعْطَاهُ وَارِثُ الْمَبِيعِ) أَيْ مَنْ وَرِثَ الْمَبِيعَ، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسَخٍ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ مِنْ مَالِهِ) أَيْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْفَسْخُ) لَا يُقَالُ: هَذَا مُنَافٍ لِقَوْلِهِ أَوَ لَا: أَوْ قَالَ وَارِثُهُ لِمَنْ لَهُ حَقُّ الْفَسْخِ لَا تَفْسَخْ وَنُقَدِّمَك إلَخْ. لِأَنَّا نَقُولُ: ذَاكَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا قَالَ الْوَارِثُ نُقَدِّمُك مِنْ التَّرِكَةِ وَمَا هُنَا فِيمَا لَوْ قَالَ أَقْضِي ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي اخْتِيَارِ الْفَسْخِ. (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ يَلْزَمُ الدَّائِنَ إلَخْ) كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ هَذَا فِيمَا إذَا تَبَرَّعَ الْغَرِيمُ أَوْ الْأَجْنَبِيُّ عَنْ الْمَيِّتِ لَا فِيمَا إذَا قَالُوا نُقَدِّمُكَ مِنْ التَّرِكَةِ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَكَأَنَّ مَسْأَلَةَ التَّبَرُّعِ سَقَطَتْ مِنْ الشَّارِحِ مِنْ الْكَتَبَةِ بِدَلِيلِ التَّعْرِيفِ فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَلَوْ أَجَابَ الْمُتَبَرِّعُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّهُ مُسَايِرٌ لِلرَّوْضِ وَشَرْحِهِ هُنَا وَهُمَا قَدْ ذَكَرَا مَسْأَلَةَ التَّبَرُّعِ عَقِبَ الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: الْمَبِيعِ الْمُفْلِسِ) كَذَا فِي النُّسَخِ وَلَعَلَّ الْمَبِيعَ مُحَرَّفٌ عَنْ الْمَيِّتِ.

وَلِأَنَّهُ يَبْغِي بِذَلِكَ بَقَاءَ مِلْكِهِ؛ إذْ التَّرِكَةُ مِلْكُهُ فَأَشْبَهَ فَكَّ الْمَرْهُونِ، وَفِدَاءَ الْجَانِي بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ. وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي تَرِكَةٌ، فَإِنْ كَانَ الْمَدْفُوعُ مِنْ التَّرِكَةِ لَمْ يَمْتَنِعْ الْفَسْخُ خَوْفًا مِنْ ظُهُورِ مُزَاحِمٍ، وَلَوْ قَدَّمَ الْغُرَمَاءُ الْمُرْتَهِنَ بِدَيْنِهِ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْمَرْهُونِ بِخِلَافِ الْبَائِعِ كَمَا تَضَمَّنَهُ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ، وَعَلَيْهِ فَالْفَرْقُ أَنَّ حَقَّ الْبَائِعِ آكَدُ؛ لِأَنَّهُ فِي الْعَيْنِ، وَحَقُّ الْمُرْتَهِنِ فِي بَدَلِهَا (وَ) مِنْهَا (كَوْنُ الْمَبِيعِ) أَوْ نَحْوِهِ (بَاقِيًا فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي) لِلْخَبَرِ الْمَارِّ (فَلَوْ فَاتَ مِلْكُهُ) عَنْهُ حِسًّا كَالْمَوْتِ أَوْ حُكْمًا كَالْعِتْقِ وَالْوَقْفِ وَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ (أَوْ كَاتَبَ الْعَبْدَ) أَوْ الْأَمَةَ كِتَابَةً صَحِيحَةً (فَلَا رُجُوعَ) لِخُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهِ فِي الْفَوَاتِ وَفِي الْكِتَابَةِ هُوَ كَالْخَارِجِ عَنْ مِلْكِهِ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ فَسْخُ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ، بِخِلَافِ الشَّفِيعِ لِسَبْقِ حَقِّهِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ كَانَ ثَابِتًا حِينَ تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِنَفْسِ الْبَيْعِ، وَحَقُّ الرُّجُوعِ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا حِينَ تَصَرَّفَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالْإِفْلَاسِ وَالْحَجْرِ. نَعَمْ لَوْ أَقْرَضَهُ الْمُشْتَرِي لِغَيْرِهِ وَأَقْبَضَهُ إيَّاهُ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ أَوْ بَاعَهُ وَحُجِرَ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ فِيهِ كَالْمُشْتَرِي، ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ صُورَتَهَا أَنْ يَكُونَ الْخِيَارُ لِبَائِعِهِ أَوْ لَهُمَا وَهُوَ كَذَلِكَ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَيَتَخَرَّجُ عَلَيْهِ مَا لَوْ وَهَبَ الْمُشْتَرِي الْمَتَاعَ لِوَلَدِهِ وَأَقْبَضَهُ لَهُ ثُمَّ أَفْلَسَ فَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ فِيهِ كَالْوَاهِبِ لَهُ، قَالَ: وَيَلْزَمُ عَلَى مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي لِآخَرَ ثُمَّ أَفْلَسَا وَحُجِرَ عَلَيْهِمَا كَانَ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ الرُّجُوعُ وَلَا بُعْدَ فِي الْتِزَامِهِ اهـ. وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ وُهِبَ لِأَجْنَبِيٍّ وَلَمْ يَقْبِضْهُ لَكَانَ لِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، لَكِنْ هُنَا لَمْ يَمْلِكْ الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ تِلْكَ الْعَيْنَ وَلَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSدَيْنِي مِنْ مَالِي (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ يَبْغِي) أَيْ يُرِيدُ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ ذَلِكَ) أَيْ إجَابَةَ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ: سَقَطَ) أَيْ فَتَجِبُ عَلَيْهِ إجَابَتُهُمْ لِمَا طَلَبُوهُ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: حَقُّهُ) أَيْ الْمُرْتَهِنِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْبَائِعِ) أَيْ فَيُقَدَّمُ بِالْمَبِيعِ بِأَنْ يُمَكَّنَ مِنْ الْفَسْخِ وَلَا يُبَاعَ مِنْ جُمْلَةِ أَمْوَالِهِ (قَوْلُهُ: وَحَقُّ الْمُرْتَهِنِ فِي بَدَلِهَا) أَقُولُ: إنْ كَانَ لَوْ ظَهَرَ غَرِيمٌ زَاحَمَ الْمُرْتَهِنَ أُشْكِلَ سُقُوطُ حَقِّهِ، وَلَمْ يَتَّضِحْ الْفَرْقُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. لَكِنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ مُزَاحَمَتِهِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْغُرَمَاءِ فَلَمْ يُفَوِّتُوا بِتَقْدِيمِ الْمُرْتَهِنِ شَيْئًا حَتَّى يَرْجِعَ بِهِ عَلَيْهِ كَمَا قِيلَ فِي مَسْأَلَةِ الْقَصَّارِ الْمَارَّةِ (قَوْلُهُ: فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي) هُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى بَقَائِهِ، فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْبَقَاءِ وَعَدَمِهِ هَلْ يُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعُ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ تَصْدِيقُ الْمُشْتَرِي فِي عَدَمِ بَقَائِهِ إذَا كَانَ مِمَّا يُسْتَهْلَكُ كَالْأَطْعِمَةِ وَإِلَّا كُلِّفَ بَيِّنَةً عَلَى عَدَمِ بَقَائِهِ، فَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا صُدِّقَ الْبَائِعُ فَلَهُ الْفَسْخُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الشَّفِيعِ) أَيْ حَيْثُ قُلْنَا لَهُ فَسْخُ التَّصَرُّفِ الصَّادِرِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَإِعَادَةُ الشِّقْصِ إلَى مِلْكِهِ لِيَأْخُذَهُ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ: لَسَبَقَ حَقُّهُ عَلَيْهَا) أَيْ التَّصَرُّفَاتِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: فِي زَمَنِ الْخِيَارِ) أَيْ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَلِلْبَائِعِ) أَيْ بَائِعِ الْمُفْلِسِ (قَوْلُهُ: كَالْمُشْتَرِي) أَيْ وَهُوَ الْمُفْلِسُ (قَوْلُهُ: وَيَتَخَرَّجُ عَلَيْهِ) أَيْ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ (قَوْلُهُ: وَحُجِرَ عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي لِآخَرَ ثُمَّ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ فَالْفَرْقُ أَنَّ حَقَّ الْبَائِعِ آكَدُ) قَالَ الشِّهَابُ سم: وَأَقُولُ: إنْ كَانَ لَوْ ظَهَرَ غَرِيمٌ زَاحَمَ الْمُرْتَهِنَ أَشْكَلَ سُقُوطُ حَقِّهِ وَلَمْ يَتَّضِحْ الْفَرْقُ اهـ. وَقَدْ سَبَقَهُ إلَى التَّنْظِيرِ فِيهِ الْعَلَّامَةُ الْأَذْرَعِيُّ. (قَوْلُهُ: لِلْخَبَرِ الْمَارِّ) فِيهِ مَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: أَوْ حُكْمًا كَالْعِتْقِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ فَوَاتَ الْمِلْكِ فِي الْعِتْقِ وَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ حِسِّيٌّ لَا حُكْمِيٌّ، فَلَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ أَوْ شَرْعًا بَدَلَ قَوْلِهِ أَوْ حُكْمًا أَوْ أَبْقَى الْمَتْنَ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ رُجُوعِ الضَّمِيرِ فِي فَاتَ إلَى ذَاتِ الْمَبِيعِ لَكَانَ وَاضِحًا. نَعَمْ فَوَاتُ الْمِلْكِ فِي الْكِتَابَةِ حُكْمِيٌّ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ مَعْطُوفًا عَلَى فَاتَ. (قَوْلُهُ: لِخُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهِ فِي الْفَوَاتِ) أَيْ: حَقِيقَةً وَحِسًّا كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ الْخِيَارُ لِبَائِعِهِ) يَعْنِي الْمُفْلِسَ، وَلَوْ أَضْمَرَ لَكَانَ أَظْهَرَ. (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ عَلَى مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) أَيْ: فِي مَسْأَلَةِ الْقَرْضِ إذْ هِيَ الَّتِي خَرَجَ فِيهَا عَنْ مِلْكِ الْمُفْلِسِ؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ فَهِيَ الَّتِي تُوَافِقُ مَا هُنَا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْخِيَارِ

تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي بِحَالٍ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الرُّجُوعُ فِيمَا وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ وَأَقْبَضَهُ بِعَبْدٍ، وَلَعَلَّ مَنْ اخْتَارَهُ فِي الْقَرْضِ بَنَاهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُمْلَكُ إلَّا بِالتَّصَرُّفِ. اهـ وَأَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الرَّاجِحَ فِي مَسْأَلَةِ الْقَرْضِ عَدَمُ الرُّجُوعِ، وَفِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ عَدَمُ الرُّجُوعِ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فِي الثَّانِيَةِ وَإِلَّا فَفِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ، وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الصَّدَاقِ أَنَّ لِلزَّوْجِ الرُّجُوعَ إنْ قُلْنَا: الْمِلْكُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ، وَإِنْ قُلْنَا لِلْمُشْتَرِي فَلَا، فَلَوْ زَالَ مِلْكُ الْمُشْتَرِي عَنْ الْمَبِيعِ ثُمَّ عَادَ لَهُ وَلَوْ بِعِوَضٍ وَحَجْرُهُ بَاقٍ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ لَمْ يَرْجِعْ بَائِعُهُ كَمَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ الْمُرَجَّحُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْهِبَةِ لِلْوَلَدِ وَإِنْ صَحَّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الرُّجُوعُ وَأَشْعَرَ كَلَامُ الْكَبِيرِ بِرُجْحَانِهِ، وَادَّعَى الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ الْأَصَحُّ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ عَادَ الْمِلْكُ بِعِوَضٍ وَلَمْ يُوَفِّ الثَّمَنَ إلَى بَائِعِهِ الثَّانِي فَهَلْ الْأَوَّلُ أَوْلَى لِسَبْقِ حَقِّهِ أَوْ الثَّانِي لِقُرْبِ حَقِّهِ أَوْ يَشْتَرِكَانِ وَيُضَارِبُ كُلٌّ بِنِصْفِ الثَّمَنِ إنْ تَسَاوَى الثَّمَنَانِ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ بِلَا تَرْجِيحٍ، رَجَّحَ مِنْهَا ابْنُ الرِّفْعَةِ الثَّانِيَ وَبِهِ قَطَعَ الْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ كَجٍّ وَغَيْرُهُمَا، وَالِاسْتِيلَادُ كَالْكِتَابَةِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَمَا وَقَعَ فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ مِنْ الرُّجُوعِ لَعَلَّهُ غَلَطٌ مِنْ نَاقِلِهِ عَنْهُ فَإِنَّهُ قَالَ فِي التَّصْحِيحِ: إنَّهُ لَا خِلَافَ فِي عَدَمِ الرُّجُوعِ فِي الِاسْتِيلَادِ، وَمِنْهَا أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِالْمَبِيعِ حَقٌّ لَازِمٌ كَرَهْنٍ مَقْبُوضٍ وَجِنَايَةٍ تُوجِبُ مَالًا مُعَلَّقًا بِالرَّقَبَةِ، فَلَوْ زَالَ التَّعَلُّقُ جَازَ الرُّجُوعُ، وَكَذَا لَوْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنَا أَدْفَعُ إلَيْك حَقَّك وَآخُذُ عَيْنَ مَالِي فَهَلْ يُجْبَرُ الْمُرْتَهِنُ أَوْ لَا؟ وَجْهَانِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَجِبُ طَرْدُهُمَا فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ تَرْجِيحُ الْمَنْعِ، وَلَوْ كَانَ الْعِوَضُ صَيْدًا وَالْبَائِعُ مُحْرِمٌ امْتَنَعَ الرُّجُوعُ لِانْتِفَاءِ أَهْلِيَّتِهِ لِتَمَلُّكِهِ حِينَئِذٍ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ فِي تَصْحِيحِهِ لَمْ يَرْجِعْ مَا دَامَ مُحْرِمًا فَاقْتَضَتْ جَوَازَ رُجُوعِهِ إذَا حَلَّ مِنْ إحْرَامِهِ وَلَمْ يَبِعْ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي) وَقَدْ عَلِمَ التَّقْيِيدَ بِمَا ذُكِرَ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ صُورَتَهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي بِأَنْ كَانَ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا، وَقَوْلُهُ فَفِي الْأُولَى: أَيْ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ بَعْدَ الثَّانِيَةِ وَهِيَ مَا لَوْ وَهَبَ الْمُشْتَرِي الْمَتَاعَ لِوَلَدِهِ وَإِلَّا فَالرَّاجِحُ عَدَمُ الرُّجُوعِ فِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ (قَوْلُهُ: وَالثَّالِثَةِ) أَيْ مِمَّا بَعْدَ الْقَرْضِ وَهِيَ مَا لَوْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي لِآخَرَ ثُمَّ أَفْلَسَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُرَجَّحُ فِي نَظِيرِهِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ وَعَلَى مَا صَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَهُوَ مَرْجُوحٌ (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِيلَادُ) أَيْ الْحَاصِلُ قَبْلَ الْحَجْرِ، أَمَّا الْحَاصِلُ بَعْدَهُ فَلَا يَنْفُذُ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: لَعَلَّهُ غَلَطٌ) أَيْ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى الِاسْتِيلَادِ بَعْدَ الْحَجْرِ (قَوْلُهُ: تَرْجِيحُ الْمَنْعِ) أَقُولُ: تَرْجِيحُ الْمَنْعِ هُنَا لَا يُنَافِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْغُرَمَاءَ لَوْ قَدَّمُوا الْمُرْتَهِنَ بِدَيْنِهِ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْمَرْهُونِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي دَفْعِ الْبَائِعِ مِنْهُ قَوِيَّةً وَتَقْدِيمُ الْغُرَمَاءِ لَا مِنَّةَ فِيهِ أَوْ فِيهِ مِنَّةٌ ضَعِيفَةٌ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِالْمَالِ الْمُقَدَّمِ مِنْهُ أَيْضًا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَالْبَائِعُ) أَيْ وَالْحَالُ (قَوْلُهُ: امْتَنَعَ الرُّجُوعُ) أَيْ وَلَوْ فَعَلَ لَمْ يَنْفُذْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَبِعْ) الْوَاوُ لِلْحَالِ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ الْقَاضِي ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ) يَعْنِي مَسَائِلَ الْقَرْضِ وَالْخِيَارِ وَالْهِبَةِ لِلْوَلَدِ بِقَرِينَةِ بَقِيَّةِ كَلَامِهِ وَسَكَتَ عَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَفِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ) أَيْ: وَإِلَّا فَعَدَمُ الرُّجُوعِ فِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ وَفَهِمَ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّ الْمُرَادَ وَإِلَّا فَالرُّجُوعُ فِي الْأُولَى، وَالثَّالِثَةِ؛ وَلِهَذَا تَكَلَّفَ فِي مُرَادِ الشَّارِحِ بِالْأُولَى وَالثَّالِثَةِ بِمَا هُوَ فِي حَاشِيَتِهِ مِمَّا يَأْبَاهُ السِّيَاقُ. وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَإِلَّا فَفِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ قَضِيَّةٌ اتِّفَاقِيَّةٌ كَقَوْلِكَ إنْ كَانَ الْإِنْسَانُ نَاطِقًا فَالْحِمَارُ نَاهِقٌ؛ إذْ عَدَمُ الرُّجُوعِ فِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ ثَابِتٌ سَوَاءٌ أَكَانَ الْخِيَارُ فِي الثَّانِيَةِ لِلْمُشْتَرِي أَمْ لِغَيْرِهِ وَلَا مُلَازَمَةَ بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ) هُوَ مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْعِوَضُ) يَعْنِي الْمَبِيعَ

وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ قِيَاسُ الْفِقْهِ. وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ كَافِرًا فَأَسْلَمَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَالْبَائِعُ كَافِرٌ رَجَعَ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ نَظِيرُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ لِمَا فِي الْمَنْعِ مِنْهُ مِنْ الضَّرَرِ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ، وَقَدْ جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي أَوَائِلِ الْبَيْعِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّيْدِ قُرْبُ زَوَالِ الْمَانِعِ فِيهِ بِخِلَافِ هَذِهِ، وَأَيْضًا فَالْعَبْدُ الْمُسْلِمُ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْكَافِرِ وَلَا يَزُولُ بِنَفْسِهِ قَطْعًا. بِخِلَافِ الصَّيْدِ مَعَ الْمُحْرِمِ فَلَا فَائِدَةَ فِي الرُّجُوعِ (وَلَا يَمْنَعُ) الرُّجُوعُ (التَّزْوِيجَ) وَلَا التَّدْبِيرَ وَلَا تَعْلِيقَ الْعِتْقِ وَلَا الْإِجَارَةَ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْمُؤَجَّرِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فَيَأْخُذُهُ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ إنْ شَاءَ وَلَا يَرْجِعُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ، وَإِنْ شَاءَ ضَارَبَ وَأَفْرَدَ التَّزْوِيجَ بِالذِّكْرِ مَعَ كَوْنِهِ مِنْ جُمْلَةِ الْعُيُوبِ الْمُشَارِ إلَيْهَا فِي كَلَامِهِ الْآتِي لِعَدَمِ مَجِيءِ مَا سَيُفَصِّلُهُ فِيهَا مِنْ حُصُولِهِ بِآفَةٍ أَوْ فِعْلِ الْمُشْتَرِي أَوْ غَيْرِهِ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ شُرُوطَ الرُّجُوعِ تِسْعَةٌ: أَوَّلُهَا كَوْنُهُ فِي مُعَاوَضَةٍ مَحْضَةٍ كَبَيْعٍ ثَانِيهَا رُجُوعُهُ عَقِبَ عِلْمِهِ بِالْحَجْرِ. ثَالِثُهَا كَوْنُ رُجُوعِهِ بِنَحْوِ فَسَخْت الْبَيْعَ كَمَا مَرَّ. رَابِعُهَا كَوْنُ عِوَضِهِ غَيْرَ مَقْبُوضٍ فَلَوْ كَانَ قَبَضَ مِنْهُ شَيْئًا ثَبَتَ الرُّجُوعُ بِمَا يُقَابِلُ الْبَاقِي. خَامِسُهَا تَعَذُّرُ اسْتِيفَاءِ الْعِوَضِ بِسَبَبِ الْإِفْلَاسِ. سَادِسُهَا كَوْنُ الْعِوَضِ دَيْنًا فَلَوْ كَانَ عَيْنًا قُدِّمَ بِهَا عَلَى الْغُرَمَاءِ. سَابِعُهَا حُلُولُ الدَّيْنِ. ثَامِنُهَا بَقَاؤُهُ فِي مِلْكِ الْمُفْلِسِ. تَاسِعُهَا عَدَمُ تَعَلُّقٍ حَتَّى لَازَمَ بِهِ، وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ شِقْصًا مَشْفُوعًا وَلَمْ يَعْلَمْ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ حَتَّى أَفْلَسَ مُشْتَرِي الشِّقْصِ وَحُجِرَ عَلَيْهِ أَخَذَهُ الشَّفِيعُ لَا الْبَائِعُ لِسَبْقِ حَقِّهِ، وَثَمَنُهُ لِلْغُرَمَاءِ كُلِّهِمْ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ دُيُونِهِمْ (وَلَوْ) (تَعَيَّبَ) الْمَبِيعُ بِأَنْ حَصَلَ فِيهِ نَقْصٌ لَا يُفْرَدُ بِعَقْدٍ (بِآفَةٍ) سَمَاوِيَّةٍ سَوَاءٌ أَكَانَ النَّقْصُ حِسِّيًّا كَسُقُوطِ يَدٍ أَمْ لَا كَنِسْيَانِ حِرْفَةٍ (أَخَذَهُ) الْبَائِعُ (نَاقِصًا أَوْ ضَارَبَ) الْغُرَمَاءَ (بِالثَّمَنِ) كَمَا لَوْ تَعَيَّبَ الْمَبِيعُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنَّ لِلْمُشْتَرِي أَخْذَهُ نَاقِصًا أَوْ تَرْكَهُ، وَكَالْأَبِ إذَا رَجَعَ فِي الْمَوْهُوبِ لِوَلَدِهِ وَقَدْ نَقَصَ، وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَاعِدَةِ مَا ضُمِنَ كُلُّهُ ضُمِنَ بَعْضُهُ، وَمِنْ ذَلِكَ الشَّاةُ الْمُعَجَّلَةُ فِي الزَّكَاةِ إذَا وَجَدَهَا تَالِفَةً يَضْمَنُهَا أَوْ نَاقِصَةً يَأْخُذُهَا بِلَا أَرْشٍ، وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ نَقْصٌ حَدَثَ فِي مِلْكِهِ فَلَمْ يَضْمَنْهُ كَالْمُفْلِسِ، وَقَدْ يَضْمَنُ الْبَعْضَ وَلَا يَضْمَنُ الْكُلَّ وَذَلِكَ فِيمَا لَوْ جَنَى عَلَى مُكَاتَبِهِ، فَإِنْ قَتَلَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ أَوْ قَطَعَ عِوَضَهُ ضَمِنَهُ (أَوْ بِجِنَايَةِ أَجْنَبِيٍّ) تُضْمَنُ جِنَايَتُهُ وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ (أَوْ الْبَائِعِ) بَعْدَ الْقَبْضِ (فَلَهُ أَخْذُهُ وَيُضَارِبُ مِنْ ثَمَنِهِ بِنِسْبَةِ نَقْصِ الْقِيمَةِ) إلَيْهَا الَّذِي اسْتَحَقَّهُ الْمُفْلِسُ فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ سَلِيمًا ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي زَمَنِ إحْرَامِ الْبَائِعِ نَفَذَ بَيْعُهُ وَالْأَصْلُ فِيمَا يَنْفُذُ مِنْ الْقَاضِي جَوَازُهُ، وَلَوْ أَرَادَ الْبَائِعُ فَسْخَ بَيْعِ الْقَاضِي لَمْ يَنْفُذْ كَمَا شَمِلَهُ قَوْلُهُ السَّابِقُ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ فَسْخُ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ بِخِلَافِ الشَّفِيعِ إلَخْ، وَلَوْ قِيلَ بِجَوَازِ فَسْخِ الْبَائِعِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَنُفُوذِهِ لَمْ يَبْعُدْ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ لَهُ جَوَازُ الْفَسْخِ بِالْحَجْرِ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ فَسْخُهُ لِلْإِحْرَامِ وَقَدْ زَالَ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ مُنِعَ الشَّفِيعُ مِنْ الْأَخْذِ لِعَارِضٍ ثُمَّ زَالَ بَعْدَ تَصَرُّفِ الشَّرِيكِ الْحَادِثِ وَهُوَ لَهُ فَسْخُ الْفَسْخِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ وَيَكُونُ الْإِحْرَامُ عُذْرًا فِي التَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ: الْفِقْهِ) أَيْ مَسَائِلِ الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَزُولُ) أَيْ الْمِلْكُ (قَوْلُهُ: فَيَأْخُذُهُ) أَيْ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ: كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ رَجَعَ بِاخْتِيَارِهِ (قَوْلُهُ: لِسَبْقِ حَقِّهِ) أَيْ الشَّفِيعِ (قَوْلُهُ: نَاقِصًا) أَيْ بِلَا أَرْشٍ (قَوْلُهُ: أَوْ ضَارَبَ) أَيْ شَارَكَ الْغُرَمَاءُ إلَخْ (قَوْلُهُ إذَا وَجَدَهَا) أَيْ الْمَالِكُ (قَوْلُهُ: يَضْمَنُهَا) أَيْ الْفَقِيرُ (قَوْلُهُ: حَدَثَ فِي مِلْكِهِ) أَيْ الْآخِذِ (قَوْلُهُ: الَّذِي اسْتَحَقَّهُ الْمُفْلِسُ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَأْخُذْهُ مِنْ الْجَانِي بَائِعًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: سَادِسُهَا كَوْنُ الْعِوَضِ دَيْنًا) يَعْنِي: الثَّمَنَ: أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ عَيْنًا بِأَنْ اشْتَرَى مِنْهُ الْمُفْلِسُ هَذَا الْعَبْدَ بِهَذَا الثَّوْبِ فَهُوَ مُقَدَّمٌ بِالثَّوْبِ عَلَى الْغُرَمَاءِ . (قَوْلُهُ: الَّذِي اسْتَحَقَّهُ الْمُفْلِسُ) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ إلَى نَقْصِ الْقِيمَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبَائِعَ يَرْجِعُ بِالْأَرْشِ وَهُوَ جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ نِسْبَتُهُ إلَيْهِ كَنِسْبَةِ مَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ مِنْ الْقِيمَةِ إلَيْهَا وَالْمُفْلِسُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنَقْصِ الْقِيمَةِ، وَقَدْ يُؤَدِّي الْحَالُ إلَى التَّقَاصِّ وَلَوْ فِي الْبَعْضِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ سم

مِائَةً وَمَعِيبًا تِسْعِينَ رَجَعَ بِعُشْرِ الثَّمَنِ أَمَّا الْأَجْنَبِيُّ الَّذِي لَا تُضْمَنُ جِنَايَتُهُ كَحَرْبِيٍّ فَجِنَايَتُهُ كَالْآفَةِ وَكَذَا الْبَائِعُ قَبْلَ الْقَبْضِ (وَجِنَايَةُ الْمُشْتَرِي كَآفَةٍ فِي الْأَصَحِّ) مِنْ طَرِيقَيْنِ وَالثَّانِي أَنَّهَا كَجِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالثَّانِي. (وَلَوْ) تَلِفَ مَا يُفْرَدُ بِعَقْدٍ كَأَنْ (تَلِفَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ) مَثَلًا الْمَبِيعَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً (ثُمَّ أَفْلَسَ) وَحُجِرَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَقْبِضْ الْبَائِعُ شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ (أَخَذَ الْبَاقِيَ وَضَارَبَ بِحِصَّةِ التَّالِفِ) ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، بَلْ لَوْ كَانَا بَاقِيَيْنِ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ فِي أَحَدِهِمَا مُكِّنَ ذَلِكَ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ: ثُمَّ أَفْلَسَ بِقَيْدٍ، فَلَوْ تَلِفَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ فَلَسِهِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ (فَلَوْ كَانَ قَبَضَ بَعْضَ الثَّمَنِ رَجَعَ فِي الْجَدِيدِ) عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ؛ لِأَنَّ الْإِفْلَاسَ عَيْبٌ يَعُودُ بِهِ كُلُّ الْعَيْنِ فَجَازَ أَنْ يَعُودَ بِهِ بَعْضُهَا، كَالْفُرْقَةِ فِي النِّكَاحِ قَبْلَ الدُّخُولِ يَعُودُ بِهَا جَمِيعُ الصَّدَاقِ إلَى الزَّوْجِ تَارَةً وَبَعْضُهُ أُخْرَى (فَإِنْ تَسَاوَتْ قِيمَتُهُمَا وَقَبَضَ نِصْفَ الثَّمَنِ أَخَذَ الْبَاقِيَ بِبَاقِي الثَّمَنِ) وَيَكُونُ مَا قَبَضَهُ فِي مُقَابَلَةِ غَيْرِ الْمَأْخُوذِ كَمَا لَوْ رَهَنَ عَبْدَيْنِ بِمِائَةٍ وَأَخَذَ خَمْسِينَ وَتَلِفَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ كَانَ الْبَاقِي مَرْهُونًا بِمَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ (وَفِي قَوْلٍ) مُخَرَّجٍ (يَأْخُذُ نِصْفَهُ بِنِصْفِ بَاقِي الثَّمَنِ وَيُضَارِبُ بِنِصْفِهِ) وَهُوَ رُبْعُ الثَّمَنِ وَيَكُونُ الْمَقْبُوضُ فِي مُقَابَلَةِ نِصْفِ التَّالِفِ وَنِصْفِ الْبَاقِي، وَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ طَرِيقَةَ الْقَطْعِ بِالْأَوَّلِ وَالْقَدِيمُ لَا يَرْجِعُ بِهِ بَلْ يُضَارِبُ بِبَاقِي الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «وَإِنْ كَانَ قَدْ قَبَضَ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مُرْسَلٌ، وَلَا يَخْتَصُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِالتَّلَفِ فَإِنَّهُ لَوْ قَبَضَ بَعْضَ الثَّمَنِ، وَلَمْ يَتْلَفْ مِنْ الْمَبِيعِ شَيْءٌ جَرَى الْقَوْلَانِ، فَعَلَى الْجَدِيدِ يَرْجِعُ فِي الْمَبِيعِ بِقِسْطِ الْبَاقِي مِنْ الثَّمَنِ فَلَوْ قَبَضَ نِصْفَهُ رَجَعَ فِي النِّصْفِ، قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، وَعَلَى الْقَدِيمِ يُضَارِبُ (وَلَوْ زَادَ الْمَبِيعُ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً كَسَمْنٍ وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ) وَكِبَرِ شَجَرَةٍ وَثَمَرَةٍ لَمْ تُؤَبَّرْ فِي يَدِهِ (فَازَ الْبَائِعُ بِهَا) مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ يَلْزَمُهُ لَهَا، وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَنَقَلَهُ فِي الْبَيَانِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ، لَكِنْ ذَكَرَ الشَّيْخَانِ بَعْدُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَكُونُ شَرِيكًا بِالزِّيَادَةِ وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَجَمَعَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا تَعَلَّمَ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالسَّمْنِ بِجَامِعِ أَنْ لَا صُنْعَ لِلْمُفْلِسِ فِيهِمَا وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا تَعَلَّمَ بِوَاسِطَةِ الْمُفْلِسِ لِلْقَاعِدَةِ الْآتِيَةِ أَنَّهُ حَيْثُ فَعَلَ الْمَبِيعَ مَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ كَانَ شَرِيكًا بِنِسْبَةِ الزِّيَادَةِ، وَعِبَارَتُهُمَا تُصَرِّحُ بِهَذَا الْجَمْعِ فَإِنَّهُمَا عَبَّرَا هُنَا بِالتَّعَلُّمِ مَصْدَرِ تَعَلَّمَ بِنَفْسِهِ وَثَمَّ بِالتَّعَلُّمِ مَصْدَرِ عَلَّمَهُ غَيْرُهُ، وَكَذَا حُكْمُ الزِّيَادَةِ فِي سَائِرِ الْأَبْوَابِ إلَّا فِي الصَّدَاقِ فَإِنَّ الْمُطَلِّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا يَرْجِعُ فِي نِصْفِ الزَّائِدِ إلَّا بِرِضَا الزَّوْجَةِ كَمَا سَيَأْتِي، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَائِعَ يَرْجِعُ بِطَرِيقِ الْفَسْخِ لِلْعَقْدِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ، وَلَوْ تَغَيَّرَتْ صِفَةُ الْبَيْعِ كَأَنْ زَرَعَ الْحَبَّ فَنَبَتَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَالْأَصَحُّ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَرْجِعُ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَأَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ أَخَذَ الْبَاقِيَ) أَيْ جَوَازًا اهـ سم (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ: وَكَمَا لَهُ اسْتِرْدَادُ الْمَبِيعِ لَهُ اسْتِرْدَادُ بَعْضِهِ (قَوْلُهُ: إلَى الزَّوْجِ تَارَةً) أَيْ فِيمَا لَوْ فُسِخَتْ بِعَيْبِهِ أَوْ فُسِخَ بِعَيْبِهَا (قَوْلُهُ: وَبَعْضُهُ) أَيْ فِيمَا لَوْ طَلَّقَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَسَاوَتْ قِيمَتُهُمَا) أَيْ وَالْعِبْرَةُ فِي قِيمَةِ الْبَاقِي بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ وَفِي التَّالِفِ بِأَقَلِّهِمَا، ثُمَّ رَأَيْت حَجّ صَرَّحَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ) أَيْ الْمُرْتَهِنُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) فَاعِلُ وَرَدَ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ) أَيْ فِي التَّعَلُّمِ فَقَطْ عَلَى مَا يُشْعِرُ بِهِ الْجَمْعُ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَجَمَعَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فِيهِمَا) أَيْ التَّعَلُّمِ وَالتَّسْمِينِ (قَوْلُهُ: فَكَأَنَّهُ) أَيْ الْعَقْدَ لَمْ يُوجَدْ: أَيْ وَفِي الصَّدَاقِ لَمْ يُفْسَخْ النِّكَاحُ وَإِنَّمَا قَطَعَهُ بِالطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَرْجِعُ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَبْقَى إلَى أَوَانِ الْحَصَادِ بِلَا أُجْرَةٍ أَوْ يُقْلَعُ حَالًا أَوْ يَبْقَى بِأُجْرَةِ مِثْلِ الْأَرْضِ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ وُضِعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ) الضَّمِيرُ فِيهِ لِلشَّأْنِ . (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ) يَعْنِي: فِي الصَّنْعَةِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ فِي كَلَامِهِ وَبِهِ صَرَّحَ غَيْرُهُ. (قَوْلُهُ: لِلْقَاعِدَةِ الْآتِيَةِ) يَعْنِي: مَا يَأْتِي مِنْ الْأَحْكَامِ الَّتِي تَقَعُ فِيهَا الشَّرِكَةُ وَإِنْ

وَمُقْتَضَى الضَّابِطِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ أَنْ لَا يَفُوزَ الْبَائِعُ بِالزِّيَادَةِ فَاعْلَمْهُ (وَالْمُنْفَصِلَةُ كَالثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ وَالْوَلَدِ) الْحَادِثَيْنِ بَعْدَ الْبَيْعِ (لِلْمُشْتَرِي) ؛ لِأَنَّهَا تَتْبَعُ الْمِلْكَ بِدَلِيلِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَلِأَنَّ الثَّمَرَةَ الْمَذْكُورَةَ لَا تَتْبَعُ الشَّجَرَ فِي الْبَيْعِ فَكَذَا فِي الرُّجُوعِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَأْبِيرُ الْكُلِّ، فَلَوْ تَأَبَّرَ الْبَعْضُ كَانَ الْكُلُّ لِلْمُفْلِسِ أَيْضًا وَهُوَ قَرِيبٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَتْبَعُ فِي الْبَيْعِ فَكَذَا فِي الرُّجُوعِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي فِي أَحَدِ التَّوْأَمَيْنِ؛ لِأَنَّ الِانْفِصَالَ ثَمَّ حِسِّيٌّ كَالِاتِّصَالِ فَأُدِيرَ الْأَمْرُ عَلَيْهِمَا وَلَمْ يُنْظَرْ إلَى أَنَّ التَّوْأَمَيْنِ كَمَحْمَلٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ وَضَعَتْ أَحَدَ تَوْأَمَيْنِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ رَجَعَ الْبَائِعُ قَبْلَ وَضْعِ الْآخَرِ أُعْطِيَ كُلٌّ مِنْهُمَا حُكْمَهُ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ قِيَاسُ الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ فِي نَظِيرِهَا سَوَاءٌ أَبَقِيَ الْمَوْلُودُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى الْحُدُوثِ وَالِانْفِصَالِ فِي مِلْكِ الْمُفْلِسِ وَلَمْ يُوجَدْ إلَّا فِي وَاحِدٍ، وَتَوَقُّفُ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَمَا شَاكَلَهُ عَلَى انْفِصَالِ الْبَاقِي لَا يُنَافِي مَا ذَكَرْنَاهُ لِاخْتِلَافِ الْمُدْرَكِ، فَتَرْجِيحُ الشَّيْخِ أَنَّهَا كَمَا لَوْ لَمْ تَضَعْ شَيْئًا لَيْسَ بِظَاهِرٍ. وَالْمُرَادُ بِالْمُؤَبَّرَةِ ثَمَرَةُ النَّخْلِ، وَأَمَّا ثَمَرَةُ غَيْرِهِ فَمَا لَا يَدْخُلُ فِي مُطْلَقِ بَيْعِ الشَّجَرِ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمُؤَبَّرَةِ وَمَا يَدْخُلُ كَغَيْرِهَا، فَوَرَقُ الْفِرْصَادِ وَالنَّبْقِ وَالْحِنَّاءِ وَالْآسِ إنْ خَرَجَ، وَالْوَرْدُ الْأَحْمَرُ إنْ تَفَتَّحَ وَالْيَاسَمِينُ وَالتِّينُ وَالْعِنَبُ، وَمَا أَشْبَهَهُ إنْ انْعَقَدَ وَتَنَاثَرَ نُورُهُ وَالرُّمَّانُ وَالْجَوْزُ إنْ ظَهَرَ مُؤَبَّرَةٌ وَإِلَّا فَلَا، فَمَا لَا يَظْهَرُ حَالَةَ الشِّرَاءِ وَكَانَ كَالْمُؤَبَّرَةِ حَالَةَ الرُّجُوعِ بَقِيَ لِلْمُفْلِسِ وَمَا لَا يَكُونُ كَذَلِكَ رَجَعَ فِيهِ (وَيَرْجِعُ الْبَائِعُ فِي الْأَصْلِ) دُونَهَا؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ إنَّمَا أَثْبَتَ لَهُ الرُّجُوعَ فِي الْمَبِيعِ فَيُقْتَصَرُ عَلَيْهِ (فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ) أَيْ وَلَدُ الْأَمَةِ (صَغِيرًا) لَمْ يُمَيِّزْ (وَبَذَلَ) بِالْمُعْجَمَةِ (الْبَائِعُ قِيمَتَهُ أَخَذَهُ مَعَ أُمِّهِ) لِامْتِنَاعِ التَّفْرِيقِ، وَمَالُ الْمُفْلِسِ مَبِيعٌ كُلُّهُ فَأُجِيبَ الْبَائِعُ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عَقْدِ نَظِيرِ مَا يَأْتِي فِي تَمَلُّكِ الْمُعِيرِ الْغِرَاسَ وَالْبِنَاءَ فِي الْأَرْضِ الْمُعَارَةِ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُقَارَنَةِ هَذَا الْعَقْدِ لِلرُّجُوعِ، فَلَا يَكْفِي الِاتِّفَاقُ عَلَيْهِ قَبْلُ حَذَرًا مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا إذْ هُوَ مُمْتَنِعٌ وَلَوْ فِي لَحْظَةٍ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَبْذُلْهَا (فَيُبَاعَانِ) مَعًا (وَتُصْرَفُ إلَيْهِ حِصَّةُ الْأُمِّ) مِنْ الثَّمَنِ وَحِصَّةُ الْوَلَدِ لِلْغُرَمَاءِ فِرَارًا مِنْ التَّفْرِيقِ الْمَمْنُوعِ مِنْهُ وَفِيهِ إيصَالُ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى حَقِّهِ، وَكَيْفِيَّةُ التَّقْسِيطِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ أَنْ تُقَوَّمَ الْأُمُّ ذَاتَ وَلَدٍ؛ لِأَنَّهَا تَنْقُصُ بِهِ وَقَدْ اُسْتُحِقَّ الرُّجُوعُ فِيهَا نَاقِصَةً ثُمَّ يُقَوَّمُ الْوَلَدُ وَيُضَمُّ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا إلَى قِيمَةِ الْآخَرِ وَيُقْسَمُ عَلَيْهِمَا (وَقِيلَ لَا رُجُوعَ) إذْ لَمْ يَبْذُلْ الْقِيمَةَ بَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِحَقٍّ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ لِلْمُشْتَرِي فَظَاهِرٌ، وَإِلَّا دَفَعَ أُجْرَتَهَا مِنْ مَالِهِ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَفُوزَ الْبَائِعُ) أَيْ بَلْ يُشَارِكُهُ الْمُشْتَرِي، وَلَعَلَّ صُورَةَ الْمُشَارَكَةِ أَنْ يُقَوَّمَ الْمَبِيعُ حَبًّا ثُمَّ زَرْعًا، وَيُقْسَمَ بَيْنَهُمَا بِالنِّسْبَةِ نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الصِّبْغِ (قَوْلُهُ: الْحَادِثَيْنِ بَعْدَ الْبَيْعِ) أَيْ بِأَنْ حَدَثَ كُلٌّ مِنْ الثَّمَرَةِ وَالْحَمْلِ بَعْدَ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: فَأُدِيرَ الْأَمْرُ عَلَيْهِمَا) أَيْ الِاتِّصَالِ وَالِانْفِصَالِ (قَوْلُهُ: أُعْطِيَ كُلٌّ مِنْهُمَا حُكْمَهُ) أَيْ مَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا عِنْدَ الْبَيْعِ وَإِلَّا فَيَرْجِعُ الْبَائِعُ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: فِي نَظِيرِهَا) أَيْ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ (قَوْلُهُ فَوَرَقُ الْفِرْصَادِ) أَيْ التُّوتِ الْأَحْمَرِ، وَالْمُرَادُ هُنَا وَرَقُ التُّوتِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عَقْدٍ) أَيْ خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: حَذَرًا) عِلَّةً لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي لَحْظَةٍ) أَيْ حَيْثُ كَانَ بِعَقْدٍ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُقَوَّمُ الْوَلَدُ) أَيْ بِصِفَةِ كَوْنِهِ مَحْضُونًا (قَوْلُهُ: وَيَضُمُّ قِيمَةَ أَحَدِهِمَا) مَا ذَكَرَهُ مِنْ كَيْفِيَّةِ التَّقْسِيطِ هُنَا مِثْلُ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ فِيمَا لَوْ رَهَنَ الْأُمَّ دُونَ وَلَدِهَا، وَالْأَصَحُّ ثُمَّ أَنَّهُ تُقَوَّمُ الْأُمُّ وَحْدَهَا ثُمَّ مَعَ الْوَلَدِ فَالزَّائِدُ قِيمَتُهُ، وَعَلَيْهِ فَلْيُنْظَرْ الْفَرْقُ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَمْ يُعَبَّرْ عَنْهَا بِالْقَاعِدَةِ. (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى الضَّابِطِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ) لَعَلَّ مُرَادَهُ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ لِلْقَاعِدَةِ الْآتِيَةِ أَنَّهُ حَيْثُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَوَرَقُ الْفِرْصَادِ وَالنَّبْقِ وَالْحِنَّاءِ وَالْآسِ) أَيْ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ فِي بَيْعِ الشَّجَرِ، وَإِلَّا فَاَلَّذِي مَرَّ لَهُ فِي بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ تَرْجِيحُ دُخُولِ الْأَرْبَعَةِ فِي بَيْعِ الشَّجَرِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِي الِاتِّفَاقُ عَلَيْهِ قَبْلُ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ

يُضَارِبُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْرِيقِ مِنْ حِينِ الرُّجُوعِ إلَى الْبَيْعِ، وَفِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ قَلَاقَةٌ، وَمَعْنَاهَا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَبْذُلْ الْبَائِعُ قِيمَةَ الْوَلَدِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ تُبَاعُ الْأُمُّ وَالْوَلَدُ مَعًا وَيُصْرَفُ مَا يَخُصُّ الْوَلَدَ إلَى الْمُفْلِسِ وَمَا يَخُصُّ الْأُمَّ لِلْبَائِعِ. وَالثَّانِي لَا يُصْرَفُ إلَيْهِ حِصَّةُ الْأُمِّ بَلْ يَبْطُلُ حَقُّهُ مِنْ الرُّجُوعِ وَيُضَارِبُ بِالثَّمَنِ (وَلَوْ) (كَانَتْ) الدَّابَّةُ الْمَبِيعَةُ (حَامِلًا عِنْدَ الرُّجُوعِ دُونَ الْبَيْعِ أَوْ عَكْسَهُ) بِالنَّصْبِ: أَيْ حَامِلًا عِنْدَ الْبَيْعِ دُونَ الرُّجُوعِ بِأَنْ انْفَصَلَ الْوَلَدُ قَبْلَهُ (فَالْأَصَحُّ تَعَدِّي الرُّجُوعِ إلَى الْوَلَدِ) وَجْهُ الْأَصَحِّ فِي الْأُولَى كَوْنُ الْحَمْلِ تَابِعًا فِي الْبَيْعِ فَكَذَا فِي الرُّجُوعِ، وَوَجْهُ مُقَابِلِهِ أَنَّ الْبَائِعَ إنَّمَا يَرْجِعُ فِيمَا كَانَ عِنْدَ الْبَيْعِ، وَالْحَمْلُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَيَرْجِعُ فِي الْأُمِّ فَقَطْ قَبْلَ الْوَضْعِ كَمَا قَالَهُ الْجُوَيْنِيُّ. وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ لَا بَعْدَهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ، وَإِنَّمَا رُجِّحَ الْوَجْهُ الثَّانِي فِي نَظَائِرِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الرَّهْنِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَرُجُوعِ الْوَالِدِ فِي الْهِبَةِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ ضَعِيفٌ، بِخِلَافِ الْفَسْخِ لِنَقْلِهِ الْمِلْكَ وَفِي الرَّدِّ بِعَيْبٍ وَرُجُوعِ الْوَالِدِ فِي هِبَتِهِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْفَسْخِ هُنَا نَشَأَ مِنْ جِهَةِ الْمُفْلِسِ فَلَمْ تُرَاعَ جِهَتُهُ بِخِلَافِهِ ثَمَّ. وَأَمَّا الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ فَالْخِلَافُ فِيهَا مُفَرَّعٌ عَلَى كَوْنِ الْحَمْلِ يُعْلَمُ فَكَأَنَّهُ بَاعَ عَيْنَيْنِ فَيَرْجِعُ فِيهِمَا أَوْ لَا يَعْلَمُ فَلَا يَرْجِعُ فِيهِ، وَلَمَّا كَانَ الْأَصَحُّ الْعِلْمَ كَانَ الْأَصَحُّ الرُّجُوعَ، وَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا عِنْدَهُمَا رَجَعَ فِيهَا حَامِلًا قَطْعًا، وَلَوْ حَدَثَ بَيْنَهُمَا وَانْفَصَلَ فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لِلْمُشْتَرِي وَبِذَلِكَ تَكْمُلُ لِلْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ (وَاسْتِتَارُ الثَّمَرِ بِكِمَامِهِ) بِكَسْرِ الْكَافِ وَهُوَ أَوْعِيَةُ الطَّلْعِ (وَظُهُورُهُ بِالتَّأْبِيرِ) أَيْ تَشَقُّقِ الطَّلْعِ (قَرِيبٌ مِنْ اسْتِتَارِ الْجَنِينِ وَانْفِصَالِهِ) فَإِذَا كَانَتْ الثَّمَرَةُ عَلَى النَّخْلِ الْمَبِيعَةِ عِنْدَ الْبَيْعِ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ، وَعِنْدَ الرُّجُوعِ مُؤَبَّرَةً فَهِيَ كَالْحَمْلِ عِنْدَ الْبَيْعِ الْمُنْفَصِلِ قَبْلَ الرُّجُوعِ فَيَتَعَدَّى الرُّجُوعُ إلَيْهَا عَنْ الرَّاجِحِ (وَ) هِيَ (أَوْلَى بِتَعَدِّي الرُّجُوعِ) إلَيْهَا مِنْ الْحَمْلِ؛ لِأَنَّهَا مُشَاهَدَةٌ مَوْثُوقٌ بِهَا بِخِلَافِهِ، وَلِذَلِكَ قَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالرُّجُوعِ فِيهَا، وَلَوْ حَدَثَتْ الثَّمَرَةُ بَعْدَ الْبَيْعِ، وَهِيَ غَيْرُ مُؤَبَّرَةٍ عِنْدَ الرُّجُوعِ رَجَعَ فِيهَا عَلَى الرَّاجِحِ لِمَا مَرَّ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ مِنْ الْحَمْلِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَا تَتَنَاوَلُهَا عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ دَافِعًا بِهِ الِاعْتِرَاضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ هَذِهِ أَوْلَى بِعَدَمِ تَعَدِّي الرُّجُوعِ، وَلَوْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ عِنْدَ الْبَيْعِ وَالرُّجُوعِ رَجَعَ فِيهَا جَزْمًا، وَلَوْ حَدَثَتْ بَعْدَ الْبَيْعِ وَكَانَتْ مُؤَبَّرَةً عِنْدَ الرُّجُوعِ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي، وَمَتَى رَجَعَ الْبَائِعُ فِي الْأَصْلِ مِنْ الشَّجَرِ أَوْ الْأَرْضِ وَبَقِيَتْ الثَّمَرَةُ أَوْ الزَّرْعُ فَلِلْمُفْلِسِ وَالْغُرَمَاءِ تَرْكُهُ إلَى وَقْتِ الْجُذَاذِ مِنْ غَيْرِ أُجْرَةٍ (وَلَوْ) (غَرَسَ) الْمُشْتَرِي (الْأَرْضَ) الْمَبِيعَةَ (أَوْ بَنَى) فِيهَا ثُمَّ أَفْلَسَ، ـــــــــــــــــــــــــــــSبَيْنَ مَا هُنَا وَثُمَّ حَيْثُ جَزَمَ هُنَا بِنَظِيرِ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ هُنَاكَ، وَسَوَّى حَجّ بَيْنَ مَا هُنَا وَثَمَّ (قَوْلُهُ وَفِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ قَلَاقَةٌ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا تُوهِمُ امْتِنَاعَ الرُّجُوعِ، وَإِنْ بَذَلَ الْقِيمَةَ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ: وَمَعْنَاهَا: أَيْ الْمَعْنَى الْمُرَادُ مِنْهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: بِالنَّصْبِ) أَيْ أَوْ الرَّفْعِ أَيْ أَوْ حَصَلَ عَكْسُهُ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ) هِيَ صُورَةُ الْعَكْسِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَدَثَ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالرُّجُوعِ (قَوْلُهُ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ) وَهِيَ كَوْنُهَا حَامِلًا عِنْدَ الرُّجُوعِ دُونَ الْبَيْعِ وَعَكْسُهُ وَحَامِلًا فِيهِمَا وَلَيْسَتْ حَامِلًا فِي حَالَةٍ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: أَيْ تَشَقُّقِ) هُوَ تَفْسِيرٌ مُرَادٌ وَلَا فَالتَّأْبِيرُ التَّشْقِيقُ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: الْمَبِيعَةَ) هَذَا مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ لَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ وَرَجَعَ فِي الْجَمِيعِ، فَلَوْ قَبَضَ بَعْضَ الثَّمَنِ وَرَجَعَ فِي نِصْفِ الْأَرْضِ جَازَ، وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَتَعَيَّنُ الرُّجُوعُ فِي نِصْفِ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ وَيَصِيرُ كُلُّهُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُفْلِسِ وَيَمْتَنِعُ الْقَلْعُ لِمَا فِيهِ مِنْ إزَالَةِ مَاءِ غَيْرِهِ عَنْ مِلْكِهِ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيُحْتَمَلُ الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَفْظِ قَبْلُ. (قَوْلُهُ: وَفِي الرَّدِّ بِعَيْبٍ إلَخْ) وَحَقُّ الْعِبَارَةِ؛ وَلِأَنَّ الْفَسْخَ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَرُجُوعُ الْوَلَدِ لَمْ يَنْشَأْ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي وَلَا الْفَرْعِ بِخِلَافِ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: وَلَا تَتَنَاوَلُهَا عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ) أَيْ: لِقَرِينَةِ قَوْلِهِ وَأَوْلَى بِعَدَمِ الرُّجُوعِ فَهُوَ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ التَّنَاوُلِ. (قَوْلُهُ: وَبَقِيَتْ الثَّمَرَةُ أَوْ الزَّرْعُ) أَيْ: لِلْمُفْلِسِ

وَحُجِرَ عَلَيْهِ قَبْلَ وَفَاءِ الثَّمَنِ وَاخْتَارَ الْبَائِعُ الرُّجُوعَ فِي الْأَرْضِ (فَإِنْ اتَّفَقَ الْغُرَمَاءُ وَالْمُفْلِسُ عَلَى تَفْرِيغِهَا) مِنْ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ (فَعَلُوا) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ لَا يَعْدُوهُمْ وَتَجِبُ تَسْوِيَةُ الْحُفَرِ وَغَرَامَةُ أَرْشِ النَّقْصِ مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ إنْ نَقَصَتْ بِالْقَلْعِ وَتَقَدَّمَ الْبَائِعُ بِهِ عَلَى سَائِرِ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ لِتَخْلِيصِ مَالِهِ وَإِصْلَاحِهِ كَمَا قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ الْبَائِعُ بِأَرْشِ مَبِيعٍ وَجَدَهُ نَاقِصًا كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ النَّقْصَ هُنَا حَدَثَ بَعْدَ الرُّجُوعِ (وَأَخَذَهَا) يَعْنِي الْبَائِعَ بِرُجُوعِهِ؛ لِأَنَّهَا عَيْنُ مَالِهِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ لِغَيْرِهِ، وَلَيْسَ لَهُ إلْزَامُهُمْ بِأَخْذِ قِيمَةِ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ لِيَتَمَلَّكَهُمَا مَعَ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ قَدْ سُلِّمَ لَهُ، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنْ لَا يُقْلَعَ إلَّا بَعْدَ رُجُوعِهِ فِي الْأَرْضِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْعُمْرَانِيِّ وَغَيْرِهِ، وَإِلَّا فَقَدْ يُوَافِقُهُمْ ثُمَّ لَا يَرْجِعُ فَيَتَضَرَّرُوا إلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَصْلَحَةُ لَهُمْ فَلَا يُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ رُجُوعِهِ (وَإِنْ امْتَنَعُوا) مِنْ الْقَلْعِ (لَمْ يُجْبَرُوا) عَلَيْهِ لِوَضْعِ الْمُشْتَرِي لِلْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ بِحَقٍّ فَلَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا (بَلْ لَهُ) أَيْ الْبَائِعِ (أَنْ) يُضَارِبَ بِالثَّمَنِ، وَلَهُ أَنْ (يَرْجِعَ) فِي الْأَرْضِ ذِكْرُهُ زِيَادَةُ إيضَاحٍ (وَ) حِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ أَنْ (يَتَمَلَّكَ الْغِرَاسَ وَالْبِنَاءَ ـــــــــــــــــــــــــــــSلِلْحَاكِمِ لِيَفْعَلَ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ فِيمَا يَخُصُّ النِّصْفَ مِنْ الْأَرْضِ بَيْنَ الْقَلْعِ وَغَرَامَةِ أَرْشِ النَّقْصِ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي، وَحَيْثُ جُعِلَتْ الْخِبْرَةُ لَهُ فَلَيْسَ فِيهِ إلْزَامٌ بِرَفْعِ مِلْكِهِ عَنْ مِلْكِهِ هَذَا إذَا كَانَ عَامًّا فِي الْأَرْضِ، فَلَوْ كَانَ فِي أَحَدِ جَانِبَيْ الْأَرْضِ وَقُسِمَتْ الْأَرْضُ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُفْلِسِ فَإِنْ آلَ لِلْمُفْلِسِ مِنْ الْأَرْضِ مَا فِيهِ الْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ بِيعَ كُلُّهُ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ الْآنَ، وَإِنْ آلَ لِلْبَائِعِ مَا فِيهِ ذَلِكَ كَانَ فِيهِ التَّفْصِيلُ الْحَاصِلُ فِيمَا لَوْ رَجَعَ فِي الْأَرْضِ كُلِّهَا مِنْ أَنَّهُ إنْ اتَّفَقَ الْغُرَمَاءُ وَالْمُفْلِسُ عَلَى الْقَلْعِ فَذَاكَ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي، وَمِثْلُ الْمَبِيعَةِ الْمُؤَجَّرَةُ لَهُ كَأَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا ثُمَّ غَرَسَهَا أَوْ بَنَى فِيهَا ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ ثُمَّ إنْ فَسَخَ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ ضَارَبَ بِهَا وَإِلَّا فَلَا مُضَارَبَةَ لِسُقُوطِ الْأُجْرَةِ بِالْفَسْخِ (قَوْلُهُ: وَحُجِرَ عَلَيْهِ) وَكَذَا لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ الْحَجْرِ بِأَنْ تَأَخَّرَ بَيْعُ مَالِ الْمُفْلِسِ وَعُذِرَ الْبَائِعُ فِي عَدَمِ الْفَسْخِ أَوْ وَقَعَ بَيْعُهُ بَعْدَ حَجْرٍ جَهِلَهُ فَغَرَسَ الْمُشْتَرِي أَوْ بَنَى ثُمَّ عَلِمَ الْبَائِعُ بِالْحَجْرِ فَفَسَخَ الْعَقْدَ (قَوْلُهُ: فَعَلُوا) أَيْ وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ، وَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ غَرِيمٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ (قَوْلُهُ: وَتَجِبُ تَسْوِيَةُ الْحُفَرِ) أَيْ بِإِعَادَةِ تُرَابِهَا فَقَطْ، ثُمَّ إنْ حَصَلَ نَقْصٌ بِأَنْ لَمْ تَحْصُلْ التَّسْوِيَةُ بِالتُّرَابِ الْمُعَادِ وَنَقَصَتْ قِيمَتُهَا لَزِمَ الْمُفْلِسَ الْأَرْشُ (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ الْبَائِعُ بِهِ) أَيْ الْأَرْشِ (قَوْلُهُ: لِتَخْلِيصِ مَالِهِ) أَيْ الْمُفْلِسِ (قَوْلُهُ: وَجَدَهُ نَاقِصًا) أَيْ نَقْصَ صِفَةٍ بِأَنْ نَقَصَ شَيْئًا لَا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ كَسُقُوطِ يَدِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ النَّقْصَ هُنَا حَدَثَ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ قَبْلَ الرُّجُوعِ لَا أَرْشَ لَهُ وَبِهِ جَزَمَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ، لَكِنْ قَالَ ع: قَوْلُهُ وَجَبَ الْأَرْشُ: أَيْ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الرُّجُوعِ أَوْ بَعْدَهُ اهـ. أَقُولُ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْقَلْعَ قَبْلَ الرُّجُوعِ نَقْصٌ حَصَلَ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ مَا سَبَقَ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ حَصَلَ النَّقْصُ قَبْلَ الْحَجْرِ وَمَا هُنَا فِيمَا لَوْ حَصَلَ بَعْدَ الْحَجْرِ وَقَبْلَ الرُّجُوعِ، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْحَالَيْنِ بِأَنَّ الْحَاصِلَ قَبْلَ الْحَجْرِ حَاصِلٌ قَبْلَ سَبَبِ الرُّجُوعِ فَكَانَ كَالْآفَةِ وَمَا هُنَا بَعْدَ سَبَبِ الرُّجُوعِ فَكَانَ كَالْحَاصِلِ بَعْدَهُ وَمَعَ ذَلِكَ فَفِيهِ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: يَعْنِي الْبَائِعَ بِرُجُوعِهِ) أَيْ بِسَبَبِهِ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي) أَيْ يُسْتَحَبُّ اهـ سم. وَظَاهِرُ قَوْلِ الشَّارِحِ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَصْلَحَةُ إلَخْ وُجُوبُ ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: ذِكْرُهُ زِيَادَةُ إيضَاحٍ) قَالَ سم عَلَى حَجّ يُتَأَمَّلُ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ مَا سَبَقَ مَفْرُوضٌ فِيمَنْ وَجَدَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ وَمَا هُنَا بِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَتَمَلَّكَ الْغِرَاسَ) أَيْ بِعَقْدٍ كَمَا اعْتَمَدَهُ طب اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ وَالْعَقْدُ الْمَذْكُورُ إمَّا مِنْ الْقَاضِي أَوْ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَجَدَهُ نَاقِصًا) أَيْ: بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي كَمَا هُوَ نَظِيرُ مَا هُنَا، وَلَعَلَّ هَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الشِّهَابِ سم: أَيْ بِآفَةٍ. قَالَ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ: وَقَضِيَّةُ الْفَرْقِ عَدَمُ الْوُجُوبِ إذَا حَدَثَ النَّقْصُ قَبْلَ الرُّجُوعِ بِأَنْ نُقِلَ قَبْلَ الرُّجُوعِ اهـ. قُلْت وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ عَيَّبَهُ الْمُشْتَرِي هُنَاكَ بَعْدَ الرُّجُوعِ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ يَنْبَغِي أَنْ يَتَمَلَّكَ إلَخْ)

بِقِيمَتِهِ) أَيْ لَهُ مَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ مُبَيِّنًا بِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَمَلُّكُهُمَا مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ وَلَا عَكْسَ، وَحِينَئِذٍ فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْمُضَارَبَةِ بِالثَّمَنِ وَتَمَلُّكِ الْجَمِيعِ بِالْقِيمَةِ وَالْقَلْعِ بِالْأَرْشِ (وَلَهُ) بَدَلُ تَمَلُّكِ مَا ذُكِرَ (أَنْ يَقْلَعَهُ وَيَغْرَمَ أَرْشَ نَقْصِهِ) ؛ لِأَنَّ مَالَ الْمُفْلِسِ مَبِيعٌ كُلُّهُ، وَالضَّرَرُ يَنْدَفِعُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فَأُجِيبَ الْبَائِعُ لِمَا طَلَبَهُ مِنْهُمَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ زَرَعَهَا الْمُشْتَرِي وَأَخَذَهَا الْبَائِعُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لِلزَّرْعِ أَمَدًا يُنْتَظَرُ فَسَهُلَ احْتِمَالُهُ بِخِلَافِ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ فَإِنْ اخْتَلَفُوا عَمِلَ بِالْمَصْلَحَةِ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا وَيَبْقَى الْغِرَاسُ وَالْبِنَاءُ لِلْمُفْلِسِ) وَلَوْ بِلَا أُجْرَةٍ لِنَقْصِ قِيمَتِهِمَا بِلَا أَرْضٍ فَيَحْصُلُ لَهُ الضَّرَرُ وَالرُّجُوعُ إنَّمَا شُرِعَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ وَلَا يُزَالُ الضَّرَرُ بِالضَّرَرِ، وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ مُكِّنَ، وَاسْتِشْكَالُ ابْنِ الرِّفْعَةِ لَهُ بِأَنَّ الرُّجُوعَ فَوْرِيٌّ يُرَدُّ بِأَنَّ تَخْيِيرَهُ كَمَا ذُكِرَ يَقْتَضِي اغْتِفَارَ نَوْعِ تَرَوٍّ لَهُ لِمَصْلَحَةِ الرُّجُوعِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ اخْتِيَارِ شَيْءٍ وَعَوْدِهِ لِغَيْرِهِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ. وَالثَّانِي لَهُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ صَبَغَ الثَّوْبَ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَدَاءِ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِيهِ دُونَ الصَّبْغِ وَيَكُونُ الْمُفْلِسُ شَرِيكًا مَعَهُ بِالصَّبْغِ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الصَّبْغَ كَالصِّفَةِ التَّابِعَةِ لِلثَّوْبِ (وَلَوْ) (كَانَ الْمَبِيعُ) لَهُ مِثْلِيًّا كَأَنْ كَانَ (حِنْطَةً فَخَلَطَهَا) الْمُشْتَرِي (بِمِثْلِهَا أَوْ دُونَهَا) قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ (فَلَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ بَعْدَ الْفَسْخِ (أَخْذُ قَدْرِ الْمَبِيعِ مِنْ الْمَخْلُوطِ) وَيَكُونُ فِي الدُّونِ مُسَامَحًا بِنَقْصِهِ كَنَقْصِ الْعَيْبِ قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَا يُجَابُ طَالِبُ الْبَيْعِ وَقِسْمَةِ الثَّمَنِ كَمَا لَا يُجْبَرُ الشَّرِيكُ عَلَى الْبَيْعِ، هَذَا إذَا خَلَطَهُ الْمُشْتَرِي، ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَالِكِ بِإِذْنِ مِنْهُ لِمَا تَقَدَّمَ فِي بَيْعِ مَالِ الْمُفْلِسِ، عِبَارَةُ الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى أَنْ يَتَمَلَّكَ بِصِيغَةِ الشَّرْطِ، وَقَضِيَّتُهَا أَنَّ الرُّجُوعَ لَا يَصِحُّ بِدُونِهِ، وَعَلَيْهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هَلْ يُشْتَرَطُ الْإِتْيَانُ بِهِ مَعَ الرُّجُوعِ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ أَوْ يَكْفِي الِاتِّفَاقُ عَلَيْهِ؟ وَعَلَى كُلٍّ إذَا لَمْ يَفْعَلْ فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَيْهِ أَوْ يُنْقَضُ الرُّجُوعُ أَوْ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَأَنَّهُ إذَا لَمْ يَفْعَلْ يُنْقَضُ (قَوْلُهُ: بِقِيمَتِهِ) ظَاهِرُهُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْبَيْعِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِصِحَّتِهِ مِنْ الْعِلْمِ بِالثَّمَنِ أَنْ يَبْحَثَ عَنْ الْقِيمَةِ قَبْلَ الْعَقْدِ حَتَّى يَعْرِفَ قَدْرَهَا ثُمَّ يَذْكُرَ فِي الْعَقْدِ، وَيُحْتَمَلُ الِاكْتِفَاءُ هُنَا بِأَنْ يَقُولَ بِعْتُك هَذَا بِقِيمَتِهِ وَيَعْرِضُ عَلَى أَرْبَابِ الْخِبْرَةِ لِيَعْلَمَ قَدْرَهَا، وَيُغْتَفَرُ ذَلِكَ هُنَا لِلْمُبَادَرَةِ فِي فَصْلِ الْأَمْرِ فِي مَالِ الْمُفْلِسِ (قَوْلُهُ فَيَتَخَيَّرُ) أَيْ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ زَرَعَهَا) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: وَلَوْ غَرَسَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لِلزَّرْعِ أَمَدًا) أَيْ وَإِنْ كَانَ يُجَزُّ مِرَارًا كَمَا يُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِهِ، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّ مِثْلَ الزَّرْعِ فِي ذَلِكَ الشَّتْلِ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّهُ لَا يَنْمُو إلَّا إذَا نُقِلَ إلَى غَيْرِ مَوْضِعِهِ إذَا بَلَغَ إلَى قَدْرٍ مَخْصُوصٍ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ هَذَا يُمْكِنُ إبْقَاؤُهُ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ كَنُمُوِّ الْمَنْقُولِ، بِخِلَافِ الزَّرْعِ فَإِنَّهُ لَا يَبْقَى فِي الْأَرْضِ أَصْلًا بَعْدَ أَوَانِ الْحَصَادِ فَيُخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ التَّمَلُّكِ بِالْقِيمَةِ وَالْقَلْعِ وَغَرَامَةِ أَرْشِ النَّقْصِ لِصِدْقِ الْغِرَاسِ بِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ (قَوْلُهُ: فَسَهُلَ احْتِمَالُهُ) أَيْ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ مُدَّةَ بَقَائِهِ؛ لِأَنَّهُ وُضِعَ بِحَقٍّ وَلِأَمَدٍ يُنْتَظَرُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ لَمْ يَتَأَخَّرْ عَنْ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ، أَمَّا لَوْ تَأَخَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِسَبَبٍ اقْتَضَاهُ كَعُرُوضِ بَرْدٍ وَأَكْلِ جَرَادٍ تَأَخَّرَ بِهِ عَنْ إدْرَاكِهِ فِي الْوَقْتِ الْمُعْتَادِ أَوْ قَصَّرَ فِي التَّأْخِيرِ الْمُشْتَرِي فَهَلْ لِلْبَائِعِ الْأُجْرَةُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ عُرُوضَ مِثْلِ ذَلِكَ نَادِرٌ وَالْمُشْتَرِي فِي صُورَةِ التَّأْخِيرِ مُقَصِّرٌ بِهِ فَلَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اخْتَلَفُوا) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فَإِنْ اتَّفَقُوا إلَخْ. (قَوْلُهُ فَلَهُ) أَيْ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا، وَهَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ إذَا طَلَبَ ذَلِكَ أُجِيبَ إلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِأَخْذِهِ؛ لِأَنَّهُ بِالرُّجُوعِ تَصِيرُ الْحِنْطَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُفْلِسِ، وَأَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لَيْسَ لَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِأَخْذِ حِصَّتِهِ مِنْ الْمُشْتَرَكِ فَيَطْلُبُ قَدْرَ مَا تَخُصُّهُ مِنْ الْقَاضِي فَيُفْرِزُهُ لَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يُجَابُ طَالِبُ الْبَيْعِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ إنْ لَمْ يَخْتَرْ الْقَلْعَ كَمَا يَأْتِي فَالْوَاجِبُ مَعَ الرُّجُوعِ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ بَلْ الثَّلَاثَةُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْمُضَارَبَةِ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَنْ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَهُ أَنْ يُقْلِعَهُ إلَخْ .

فَلَوْ خَلَطَهُ أَجْنَبِيٌّ ضَارَبَ الْبَائِعُ بِنَقْصِ الْخَلْطِ كَمَا فِي الْعَيْبِ. قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَنَاقَضَ الْإِسْنَوِيُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِمْ فِي بَابِ الْغَصْبِ وَالْخَلْطِ هَلَاكٌ إنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ، وَفَرْقُ غَيْرِهِ بِأَنَّا إذَا لَمْ نُثْبِتْ الشَّرِكَةَ هُنَا لَمْ يَحْصُلْ لِلْبَائِعِ تَمَامُ حَقِّهِ بَلْ يَحْتَاجُ إلَى الْمُضَارَبَةِ بِهِ، وَفِي الْغَصْبِ يَحْصُلُ لِلْمَالِكِ تَمَامُ الْبَدَلِ (أَوْ) خَلَطَهَا (بِأَجْوَدَ) مِنْهَا (فَلَا رُجُوعَ) فِي الْمَخْلُوطِ (فِي الْأَظْهَرِ) بَلْ يُضَارِبُ بِالثَّمَنِ فَقَطْ لِتَعَذُّرِ الرُّجُوعِ فِي عَيْنِهِ مَعَ تَضَرُّرِ الْمُفْلِسِ فَتَتَعَيَّنُ الْمُضَارَبَةُ بِمَا ذُكِرَ، نَعَمْ إنْ قَلَّ الْأَجْوَدُ بِحَيْثُ لَا تَظْهَرُ بِهِ زِيَادَةٌ فِي الْحِسِّ وَيَقَعُ مِثْلُهُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ. قَالَ الْإِمَامُ: فَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِالرُّجُوعِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَالثَّانِي لَهُ الرُّجُوعُ وَيُبَاعَانِ وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَى نِسْبَةِ الْقِيمَةِ، وَلَوْ كَانَ الْمُخْتَلِطُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمَبِيعِ كَزَيْتٍ بِشَيْرَجٍ فَلَا رُجُوعَ لِعَدَمِ جَوَازِ الْقِسْمَةِ لِانْتِفَاءِ التَّمَاثُلِ فَهُوَ كَالتَّالِفِ (وَلَوْ) (طَحَنَهَا) أَيْ الْحِنْطَةَ (أَوْ قَصَّرَ الثَّوْبَ) الْمَبِيعَ لَهُ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَدَاءِ الثَّمَنِ (فَإِنْ لَمْ تَزِدْ الْقِيمَةُ) بِمَا فَعَلَهُ بِأَنْ سَاوَتْ أَوْ نَقَصَتْ (رَجَعَ) الْبَائِعُ فِي ذَلِكَ (وَلَا شَيْءَ لِلْمُفْلِسِ) فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ، وَإِنْ نَقَصَتْ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ غَيْرُهُ (وَإِنْ زَادَتْ عَلَيْهَا فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ) أَيْ الْمَبِيعَ (يُبَاعُ) وَيَصِيرُ الْمُفْلِسُ شَرِيكًا بِالزِّيَادَةِ إلْحَاقًا لَهَا بِالْعَيْنِ؛ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ حَصَلَتْ بِفِعْلٍ مُحْتَرَمٍ مُتَقَوِّمٍ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَضِيعَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ (وَلِلْمُفْلِسِ مِنْ ثَمَنِهِ بِنِسْبَةِ مَا زَادَ) بِالْعَمَلِ، (فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ) خَمْسَةً وَبَلَغَ بِالْقِصَارَةِ سِتَّةً فَلِلْمُشْتَرِي سُدُسُ الثَّمَنِ وَلِلْبَائِعِ إمْسَاكُ الْمَبِيعِ لِنَفْسِهِ وَإِعْطَاءُ الْمُفْلِسِ حِصَّةَ الزِّيَادَةِ كَمَا صَحَّحَاهُ وَلَوْ أَمْكَنَ فَصْلُهَا كَمَا يَبْذُلُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ فَيُجْبَرُ هُوَ وَغُرَمَاؤُهُ عَلَى قَبُولِهَا وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ إنَّهُ شَرِيكٌ؛ لِأَنَّ أَمْوَالَهُ تُبَاعُ إمَّا لِلْبَائِعِ أَوْ غَيْرِهِ. وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ الْمُفْلِسَ وَغُرَمَاءَهُ لَوْ أَرَادُوا أَنْ يَبْذُلُوا لِلْبَائِعِ قِيمَةَ الثَّوْبِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الْقَبُولِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَالثَّانِي لَا شَرِكَةَ لِلْمُفْلِسِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا أَثَرٌ كَسِمَنِ الدَّابَّةِ بِالْعَلَفِ وَكِبَرِ الشَّجَرَةِ بِالسَّقْيِ وَالتَّعَهُّدِ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِنِسْبَةِ الطَّحْنِ وَالْقِصَارَةِ لَهُ بِخِلَافِ السِّمَنِ وَكِبَرِ الشَّجَرَةِ فَإِنَّ الْعَلَفَ وَالسَّقْيَ يُوجَدَانِ كَثِيرًا وَلَا يَحْصُلُ السِّمَنُ وَالْكِبَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــSمُشْتَرِيًا كَانَ أَوْ بَائِعًا (قَوْلُهُ: فَلَوْ خَلَطَهُ أَجْنَبِيٌّ) أَيْ أَوْ الْبَائِعُ؛ لِأَنَّهُ حِينَ خَالَطَهُ تَعَدَّى بِهِ: أَيْ فَيَغْرَمُ أَرْشَ النَّقْصِ لِلْغُرَمَاءِ حَالًا، ثُمَّ إنْ رَجَعَ فِي الْعَيْنِ بَعْدَ الْحَجْرِ ضَارَبَهُ بِمَا غَرِمَ، وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ فِيهَا ضَارَبَ بِكُلِّ الثَّمَنِ. وَبَقِيَ مَا لَوْ اخْتَلَطَ بِنَفْسِهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَ مَا لَوْ خَلَطَهُ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: أَوْ خَلَطَهَا) أَيْ الْمُشْتَرِي، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ خَلَطَهَا أَجْنَبِيٌّ، وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ أَوْ اخْتَلَطَتْ بِنَفْسِهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ جُوِّزَ لَهُ الرُّجُوعُ لَأَضَرَّ بِالْمُفْلِسِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: مَعَ تَضَرُّرِ الْمُفْلِسِ) أَيْ إنْ أَخَذَ قَدْرَ الْمَخْلُوطِ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ، وَإِنْ أَخَذَ دُونَهُ مِنْ الْمَخْلُوطِ بِقَدْرِ الْمَبِيعِ فَهُوَ رِبًا؛ لِأَنَّ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْأَجْوَدِ مِنْ غَيْرِ النَّوْعِ وَهُوَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ لَفْظِ الِاسْتِبْدَالِ وَهُوَ عَقْدٌ وَالْإِجْبَارُ عَلَى بَيْعِ الْكُلِّ وَالتَّوْزِيعُ عَلَى الْقِيمَتَيْنِ بَعِيدٌ؛ إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ اهـ حَجّ بِتَصَرُّفٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْمُخْتَلَطُ إلَخْ) هَذِهِ الصُّورَةُ خَرَجَتْ بِقَوْلِ الْمَتْنِ خَلَطَهَا بِمِثْلِهَا (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَالتَّالِفِ) أَيْ فَيُضَارِبُ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ غَيْرُهُ) أَيْ وَإِنْ كَثُرَ النَّقْصُ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ لَا يَضِيعُ بِتَخْيِيرِهِ بَيْنَ ذَلِكَ وَالْمُضَارَبَةِ (قَوْلُهُ: وَيَصِيرُ الْمُفْلِسُ شَرِيكًا بِالزِّيَادَةِ) أَيْ وَلَا فَرْقَ فِي الْحِنْطَةِ بَيْنَ كَوْنِهَا طُحِنَتْ وَحْدَهَا أَوْ خُلِطَتْ بِحِنْطَةٍ أُخْرَى مِثْلِهَا أَوْ دُونَهَا، وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا، وَهِيَ أَنَّ إنْسَانًا اشْتَرَى سُكَّرًا مُعَيَّنًا مَعْلُومَ الْمِقْدَارِ ثُمَّ أَخَذَ بَعْضَهُ وَخَلَطَهُ بِسُكَّرٍ آخَرَ ثُمَّ طُبِخَ الْمَخْلُوطُ جَمِيعُهُ فَصَارَ بَعْضُهُ سُكَّرًا وَبَعْضُهُ عَسَلًا ثُمَّ تُوُفِّيَ وَالثَّمَنُ بَاقٍ بِذِمَّتِهِ، وَهُوَ أَنَّ مَا بَقِيَ مِنْ السُّكَّرِ الْمَبِيعِ بِعَيْنِهِ يَأْخُذُهُ الْبَائِعُ، وَمَا خَلَطَهُ مِنْهُ بِغَيْرِهِ يَصِيرُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْبَائِعِ وَوَرَثَةِ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ إنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ بِالطَّبْخِ فَلَا شَيْءَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ، وَإِنْ زَادَتْ فَوَارِثُ الْمُشْتَرِي شَرِيكٌ فِيمَا يَخُصُّ الْبَائِعَ بِالزِّيَادَةِ كَقِصَارَةِ الثَّوْبِ وَزِيَادَةِ الدَّقِيقِ؛ لِأَنَّهَا حَصَلَتْ بِفِعْلٍ مُحْتَرَمٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَمْكَنَ فَصْلُهَا) بِأَنْ فُرِضَتْ الزِّيَادَةُ غَيْرَ الطَّحْنِ وَالْقِصَارَةِ كَالصِّبْغِ الْآتِي (قَوْلُهُ: فَيُجْبَرُ هُوَ) أَيْ الْمُفْلِسُ عَلَى قَبُولِهَا: أَيْ حَيْثُ لَمْ يُرِيدُوا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ أَمْكَنَ فَصْلُهَا) أَيْ: فِي غَيْرِ صُورَتَيْ الْمَتْنِ، إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ فَصْلُ الطَّحْنِ وَالْقَصْرِ، فَكَلَامُ

فَكَانَ الْأَثَرُ فِيهِ غَيْرَ مَنْسُوبٍ إلَى فِعْلِهِ بَلْ مَحْضُ صُنْعِهِ تَعَالَى، وَلِهَذَا امْتَنَعَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى تَكْبِيرِ الشَّجَرَةِ وَتَسْمِينِ الدَّابَّةِ، بِخِلَافِ الطَّحْنِ وَالْقِصَارَةِ، وَأَشَارَ بِالطَّحْنِ وَالْقَصْرِ إلَى ضَابِطِ صُوَرِ الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ صُنْعُ مَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ وَيَظْهَرُ فِيهِ أَثَرٌ كَخَبْزِ الدَّقِيقِ وَذَبْحِ الشَّاةِ وَشَيِّ اللَّحْمِ وَضَرْبِ لَبَنٍ مِنْ تُرَابِ الْأَرْضِ وَرِيَاضَةِ الدَّابَّةِ وَتَعْلِيمِ الرَّقِيقِ الْقُرْآنَ أَوْ حِرْفَةً، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ الظُّهُورُ؛ لِأَنَّ حِفْظَ الدَّابَّةِ وَسِيَاسَتَهَا يُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ وَلَا تَثْبُتُ بِهِ الشَّرِكَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ بِسَبَبِهِ أَثَرٌ عَلَى الدَّابَّةِ (وَلَوْ) (صَبَغَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي الثَّوْبَ (بِصَبْغِهِ) ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ (فَإِنْ زَادَتْ الْقِيمَةُ) بِسَبَبِ الصَّبْغِ (قَدْرَ قِيمَةِ الصَّبْغِ) كَأَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الثَّوْبِ قَبْلَ الصَّبْغِ أَرْبَعَةً وَالصَّبْغِ دِرْهَمَيْنِ فَصَارَ بَعْدَ الصَّبْغِ يُسَاوِي سِتَّةً (رَجَعَ الْبَائِعُ فِي الثَّوْبِ وَالْمُفْلِسُ شَرِيكٌ بِالصَّبْغِ) فَيُبَاعُ وَيَكُونُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا، وَكُلُّ الثَّوْبِ لِلْبَائِعِ وَكُلُّ الصَّبْغِ لِلْمُفْلِسِ كَمَا لَوْ غَرَسَ الْأَرْضَ عَلَى أَرْجَحِ الْوَجْهَيْنِ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي وَنَصُّ الشَّافِعِيِّ فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْغَصْبِ يَشْهَدُ لَهُ، أَمَّا لَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ بِارْتِفَاعِ سُوقِ أَحَدِهِمَا فَالزِّيَادَةُ لِمَنْ ارْتَفَعَ سِعْرُ سِلْعَتِهِ، فَلَوْ زَادَتْ بِارْتِفَاعِ سُوقِهِمَا وُزِّعَتْ عَلَيْهِمَا بِالنِّسْبَةِ، وَهَكَذَا فِي صُورَتَيْ الطَّحْنِ وَالْقِصَارَةِ، فَإِذَا سَاوَى الثَّوْبُ قَبْلَ نَحْوِ الصَّبْغِ خَمْسَةً وَارْتَفَعَ سُوقُهُ فَصَارَ يُسَاوِي سِتَّةً وَبِنَحْوِ الصَّبْغِ سَبْعَةً فَلِلْمُفْلِسِ سُبْعٌ، فَإِنْ سَاوَى مَصْبُوغًا سَبْعَةً دُونَ ارْتِفَاعِ سُوقِهِ كَانَ لَهُ سُبْعَانِ (أَوْ) زَادَتْ الْقِيمَةُ (أَقَلَّ) مِنْ قِيمَةِ الصَّبْغِ، وَسِعْرُ الثَّوْبِ بِحَالِهِ كَأَنْ صَارَتْ خَمْسَةً (فَالنَّقْصُ عَلَى الصَّبْغِ) ؛ لِأَنَّ أَجْزَاءَهُ تَتَفَرَّقُ وَتَنْقُصُ وَالثَّوْبُ قَائِمٌ بِحَالِهِ فَيُبَاعُ وَلِلْبَائِعِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ الثَّمَنِ وَلِلْمُفْلِسِ خُمُسُهُ، وَإِنْ لَمْ يَزِدْ الثَّوْبُ شَيْئًا فَلَا شَيْءَ لِلْمُفْلِسِ، وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ فَلَا شَيْءَ لِلْبَائِعِ مَعَهُ (أَوْ) زَادَتْ (أَكْثَرَ) مِنْ قِيمَةِ الصَّبْغِ كَأَنْ صَارَتْ تُسَاوِي فِي مِثَالِنَا ثَمَانِيَةً (فَالْأَصَحُّ أَنَّ الزِّيَادَةَ) كُلَّهَا (لِلْمُفْلِسِ) ؛ لِأَنَّهَا حَصَلَتْ بِفِعْلِهِ فَيُبَاعُ الثَّوْبُ وَلَهُ نِصْفُ الثَّمَنِ وَالثَّانِي أَنَّهَا لِلْبَائِعِ كَالسِّمَنِ فَيَكُونُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الثَّمَنِ وَلِلْمُفْلِسِ رُبْعُهُ. وَالثَّالِثُ أَنَّهَا تُوَزَّعُ عَلَيْهِمَا فَيَكُونُ لِلْبَائِعِ ثُلُثُ الثَّمَنِ وَلِلْمُفْلِسِ ثُلُثُهُ (وَلَوْ اشْتَرَى مِنْهُ الصَّبْغَ) وَصَبَغَ بِهِ ثَوْبًا ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ فَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ فَإِنْ زَادَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ مَصْبُوغًا عَلَى قِيمَتِهِ قَبْلَ صَبْغِهِ فَيَكُونُ شَرِيكًا لَهُ فِيهِ، وَإِنْ نَقَصَتْ حِصَّتُهُ عَنْ ثَمَنِ الصَّبْغِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَلْعَ الصِّبْغِ، وَإِلَّا فَلَهُمْ ذَلِكَ وَغَرَامَةُ أَرْشِ نَقْصِ الثَّوْبِ إنْ نَقَصَ بِالْقَلْعِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الطَّحْنِ وَالْقِصَارَةِ) وَلَوْ أَرَادَ الْبَائِعُ أَخْذَهُ وَدَفْعَ الزِّيَادَةِ لِلْمُفْلِسِ لَمْ يُمَكَّنْ وَإِنْ أَفْهَمَ كَلَامُهُ خِلَافَهُ، كَذَا فِي نُسْخَةٍ، وَلَعَلَّ صُورَتَهُ أَنْ يُرِيدَ الْبَائِعُ الرُّجُوعَ فِي الثَّوْبِ بِلَا بَذْلِ مُقَابِلٍ لِلْقِصَارَةِ وَيُرِيدُ جَعْلَ الثَّوْبِ شَرِكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي بِنِسْبَةِ الزِّيَادَةِ، وَإِلَّا فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ لِلْبَائِعِ أَخْذَ الزِّيَادَةِ وَبَذْلَ الزِّيَادَةِ وَيُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْقَبُولِ، هَذَا وَفِي التَّصْوِيرِ بِمَا ذُكِرَ نَظَرٌ أَيْضًا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَيُبَاعُ) أَيْ وَالْبَائِعُ لَهُ الْحَاكِمُ أَوْ نَائِبُهُ أَوْ الْمُفْلِسُ بِإِذْنِهِ مَعَ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ كَانَتْ إلَخْ) مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِهِ: وَكُلُّ الثَّوْبِ لِلْبَائِعِ إلَخْ، وَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهَا شَرِكَةٌ مُجَاوِرَةٌ لَا شُيُوعٌ، وَلَوْ قَالَ: وَمِنْ فَوَائِدِهِ مَا لَوْ كَانَتْ إلَخْ كَانَ أَظْهَرَ فِي الْمُرَادِ (قَوْلُهُ: وُزِّعَتْ عَلَيْهِمَا بِالنِّسْبَةِ) أَوْ بِارْتِفَاعِ السُّوقِ لَا بِسَبَبِهِمَا فَلَا شَيْءَ لِلْمُفْلِسِ وَيَأْتِي ذَلِكَ فِيمَا مَرَّ مِنْ نَحْوِ الْقِصَارَةِ اهـ حَجّ وَفِي سم يُتَأَمَّلُ قَوْلُهُ لَا بِسَبَبِهِمَا اهـ. وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ ارْتِفَاعَ السُّوقِ إنَّمَا يَكُونُ بِزِيَادَةِ الْقِيمَةِ، فَمَتَى زَادَتْ قِيمَتُهُمَا عَلَى مَا كَانَتْ قَبْلُ كَانَتْ الزِّيَادَةُ بِسَبَبِهِمَا، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ اتَّفَقَ شِرَاؤُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّيْخَيْنِ فِي مُطْلَقِ الزِّيَادَةِ. (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ بِارْتِفَاعِ سُوقِ أَحَدِهِمَا إلَخْ) هَذَا يَجْرِي فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي أَيْضًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ، فَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ هَذَا عَنْ جَمِيعِ الْأَحْكَامِ الْآتِيَةِ. (قَوْلُهُ: فَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ فَإِنْ زَادَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ) هُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا سَاوَتْ الزِّيَادَةُ الصَّبْغَ وَلِمَا إذَا نَقَصَتْ عَنْهَا وَلِمَا إذَا زَادَتْ، فَقَوْلُهُ: بَعْدَ وَإِنْ نَقَصَتْ حِصَّتُهُ عَنْ ثَمَنِ الصَّبْغِ إلَخْ هُوَ الصُّورَةُ الْوُسْطَى مِنْ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ، فَالصُّورَةُ فِيهَا أَنَّهُ

فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ شَاءَ قَنَعَ بِهِ وَإِنْ شَاءَ ضَارَبَ بِالْجَمِيعِ أَوْ اشْتَرَى الصَّبْغَ (وَالثَّوْبُ) مِنْ وَاحِدٍ وَصَبَغَهُ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ (رَجَعَ) الْبَائِعُ (فِيهِمَا) أَيْ فِي الثَّوْبِ بِصَبْغِهِ؛ لِأَنَّهُمَا عَيْنُ حَقِّهِ (إلَّا أَنْ لَا تَزِيدَ قِيمَتُهُمَا عَلَى قِيمَةِ الثَّوْبِ) قَبْلَ الصَّبْغِ بِأَنْ سَاوَتْهَا أَوْ نَقَصَتْ عَنْهَا (فَيَكُونُ فَاقِدًا لِلصَّبْغِ) لِاسْتِهْلَاكِهِ كَمَا مَرَّ فَيُضَارِبُ بِثَمَنِهِ مَعَ الرُّجُوعِ فِي الثَّوْبِ مِنْ جِهَتِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ زَادَتْ وَهُوَ الْبَاقِي بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ فَهُوَ مَحَلُّ الرُّجُوعِ فِيهِمَا، فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الصَّبْغِ فَالْمُفْلِسُ شَرِيكٌ بِالزَّائِدِ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ لَمْ يُضَارِبْ بِالْبَاقِي أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْقِصَارَةِ بَلْ إنْ شَاءَ قَنَعَ بِهِ وَإِنْ شَاءَ ضَارَبَ بِثَمَنِهِ (وَلَوْ) (اشْتَرَاهُمَا) أَيْ الثَّوْبَ وَالصَّبْغَ (مِنْ اثْنَيْنِ) الثَّوْبَ مِنْ وَاحِدٍ وَالصَّبْغَ مِنْ آخَرَ وَصَبَغَهُ بِهِ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ وَأَرَادَ بَائِعَاهُ الرُّجُوعَ (فَإِنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ) أَيْ الثَّوْبِ (مَصْبُوغًا عَلَى قِيمَةِ الثَّوْبِ) قَبْلَ الصَّبْغِ بِأَنْ سَاوَتْهُ أَوْ نَقَصَتْ عَنْهُ (فَصَاحِبُ الصَّبْغِ فَاقِدٌ) لَهُ يُضَارِبُ بِثَمَنِهِ صَاحِبَهُ وَصَاحِبُ الثَّوْبِ وَاجِدٌ لَهُ فَيَرْجِعُ فِيهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ زَادَتْ بِقَدْرِ قِيمَةِ الصَّبْغِ اشْتِرَاكًا) فِي الرُّجُوعِ وَالثَّوْبِ وَعِبَارَةُ الْمُحَرِّرِ فَلَهُمَا الرُّجُوعُ وَيَشْتَرِكَانِ فِيهِ، وَيَأْتِي فِي كَيْفِيَّةِ الشَّرِكَةِ مَا مَرَّ (وَإِنْ زَادَتْ) وَلَمْ تَفِ بِقِيمَتِهِمَا فَالصَّبْغُ نَاقِصٌ فَإِنْ شَاءَ بَائِعُهُ قَنَعَ بِهِ وَإِنْ شَاءَ ضَارَبَ بِثَمَنِهِ أَوْ زَادَتْ (عَلَى قِيمَتِهِمَا) أَيْ الثَّوْبِ وَالصَّبْغِ جَمِيعًا (فَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمُفْلِسَ شَرِيكٌ لَهُمَا) أَيْ الْبَائِعَيْنِ (بِالزِّيَادَةِ) عَلَى قِيمَتِهِمَا، فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ أَرْبَعَةً مَثَلًا وَالصَّبْغِ دِرْهَمَيْنِ وَصَارَتْ قِيمَتُهُ مَصْبُوغًا ثَمَانِيَةً فَالْمُفْلِسُ شَرِيكٌ لَهُمَا بِالرُّبُعِ، وَالثَّانِي لَا شَيْءَ لَهُ وَالزِّيَادَةُ لَهُمَا بِنِسْبَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِثْلِهِ مَعَ عَدَمِ ارْتِفَاعِ السِّعْرِ لِأَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ إنْ شَاءَ قَنَعَ بِهِ) أَيْ بِأَنْ يَأْخُذَ مَا يُقَابِلُهُ بَعْدَ بَيْعِ الثَّوْبِ مَصْبُوغًا (قَوْلُهُ: مِنْ جِهَتِهِ) أَيْ الْبَائِعِ فَتُصَدَّقُ جِهَتُهُ بِمَا لَوْ كَانَ الرُّجُوعُ مِنْهُ أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ وَارِثِهِ أَوْ وَلِيِّهِ لَوْ عَقَدَ هُوَ عَاقِلًا ثُمَّ جُنَّ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ عَوْدِهِ لِلثَّوْبِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَاءَ ضَارَبَ بِثَمَنِهِ) أَيْ الصِّبْغِ (قَوْلُهُ فَلَهُمَا الرُّجُوعُ) أَيْ فَهِيَ أَوْضَحُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ إنَّمَا هِيَ فِي الثَّوْبِ دُونَ الرُّجُوعِ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَكُلُّ الثَّوْبِ لِلْبَائِعِ وَكُلُّ الصِّبْغِ لِلْمُفْلِسِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمُفْلِسَ شَرِيكٌ لَهُمَا) قَالَ حَجّ: تَنْبِيهٌ لَمْ أَرَ تَصْرِيحًا بِوَقْتِ اعْتِبَارِ قِيمَةِ الثَّوْبِ أَوْ الصِّبْغِ وَلَا بِوَقْتِ اعْتِبَارِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِمَا أَوْ النَّقْصِ عَنْهُمَا فِي كُلِّ مَا ذُكِرَ، وَاَلَّذِي ـــــــــــــــــــــــــــــQحَصَلَتْ زِيَادَةٌ بِسَبَبِ الصَّبْغِ لَكِنْ نَقَصَ الْمَجْمُوعُ عَنْ مَجْمُوعِ قِيمَتَيْ الثَّوْبِ وَالصَّبْغِ مُنْفَرِدَيْنِ كَمَا لَوْ صَارَ فِي الْمِثَالِ السَّابِقِ فِي كَلَامِهِ يُسَاوِي خَمْسَةً، وَسَكَتَ عَمَّا لَوْ نَقَصَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ بِسَبَبِ الصَّبْغِ أَوْ سَاوَتْ كَمَا لَوْ صَارَ يُسَاوِي ثَلَاثَةً أَوْ أَرْبَعًا وَحُكْمُهُمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي. وَاعْلَمْ أَنَّ مَسْأَلَةَ الصَّبْغِ مِنْ أَصْلِهَا لَهَا أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ الصَّبْغُ لِلْمُفْلِسِ وَالثَّوْبُ لِبَائِعٍ أَوْ عَكْسُهُ، أَوْ يَكُونَا لِبَائِعٍ وَاحِدٍ أَوْ لِبَائِعَيْنِ، أَمَّا الْأُولَى فَقَدْ مَرَّتْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ صَبَغَهُ بِصِبْغِهِ إلَخْ، وَمَرَّ لَهَا فِيمَا إذَا زَادَ الثَّوْبُ بِسَبَبِ الصَّبْغِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ بِقَدْرِ قِيمَةِ الصَّبْغِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَهِيَ الْمَذْكُورَةُ هُنَا فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَصَبَغَ بِهِ ثَوْبًا إلَخْ، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ فَسَتَأْتِيَانِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْحُكْمُ فِي الثَّانِيَةِ وَمَا بَعْدَهَا وَاحِدٌ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ فَإِنْ اشْتَرَى الصَّبْغَ مِنْ بَائِعِ الثَّوْبِ أَوْ مِنْ آخَرَ أَوْ كَانَ الثَّوْبُ لِلْمُفْلِسِ، فَإِنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَةُ الثَّوْبِ فَالصَّبْغُ مَفْقُودٌ يُضَارِبُ بِهِ صَاحِبُهُ، وَإِنْ زَادَتْ وَلَمْ تَفِ بِقِيمَتِهَا فَالصَّبْغُ نَاقِصٌ فَإِنْ شَاءَ قَنَعَ بِهِ وَإِنْ شَاءَ ضَارَبَ بِثَمَنِهِ، وَإِنْ زَادَتْ عَلَيْهِمَا فَالزِّيَادَةُ لِلْمُفْلِسِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: رَجَعَ فِيهِمَا إلَّا أَنْ لَا تَزِيدَ قِيمَتُهُمَا إلَخْ) أَيْ: وَالصُّورَةُ أَنَّهُ لَمْ تَزِدْ الْقِيمَةُ عَلَى مَجْمُوعِ الْقِيمَتَيْنِ بِقَرِينَةِ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ أَكْثَرَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: يُضَارِبُ بِثَمَنِهِ صَاحِبَهُ) الْأَوْلَى حَذْفُ لَفْظِ صَاحِبِهِ (قَوْلُهُ: فِي الرُّجُوعِ وَالثَّوْبِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: فِي الرُّجُوعِ فِيهِمَا كَمَا بِأَصْلِهِ انْتَهَتْ.

مَالَيْهِمَا، وَلَوْ اتَّفَقَ الْغُرَمَاءُ وَالْمُفْلِسُ عَلَى قَلْعِ الصَّبْغِ وَغَرَامَةِ نَقْصِ الثَّوْبِ جَازَ كَالْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ، وَلِصَاحِبِ الصَّبْغِ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْمُفْلِسُ مِنْ غَيْرِ صَاحِبِ الثَّوْبِ قَلْعُهُ وَيَغْرَمُ نَقْصَ الثَّوْبِ، وَلِمَالِكِ الثَّوْبِ قَلْعُهُ مَعَ غُرْمِ نَقْصِ الصَّبْغِ، قَالَهُ الْمُتَوَلِّي. وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا أَمْكَنَ قَلْعُهُ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَإِلَّا فَيُمْنَعُونَ مِنْهُ، نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ ابْنِ كَجٍّ فِي الْأُولَى وَفِي مَعْنَاهُ الْأَخِيرَتَانِ، وَيَجُوزُ لِلْقَصَّارِ وَالصَّبَّاغِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ خَيَّاطٍ وَطَحَّانٍ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى ثَوْبٍ فَقَصَّرَهُ أَوْ صَبَغَهُ أَوْ خَاطَهُ وَحَبٍّ فَطَحَنَهُ حَبْسُ الثَّوْبِ عَلَى الْمَقْصُورِ وَنَحْوِهِ بِوَضْعِهِ عِنْدَ عَدْلٍ حَتَّى يَقْبِضَ أُجْرَتَهُ، كَمَا يَجُوزُ لِلْبَائِعِ حَبْسُ الْمَبِيعِ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقِصَارَةَ وَنَحْوَهَا عَيْنٌ، وَقَيَّدَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ بِالْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ، وَالْبَارِزِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ بِمَا إذَا زَادَتْ الْقِيمَةُ بِالْقِصَارَةِ، وَإِلَّا فَلَا حَبْسَ بَلْ يَأْخُذُهُ الْمَالِكُ كَمَا لَوْ عَمِلَ الْمُفْلِسُ فَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ ضَارَبَ الْأَجِيرَ بِأُجْرَتِهِ، وَإِلَّا طَالَبَهُ بِهَا، وَزِيَادَةُ الْقِيمَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْخَيَّاطِ تُعْتَبَرُ عَلَى قِيمَتِهِ مَقْطُوعًا الْقَطْعَ الْمَأْذُونَ فِيهِ كَمَا بَحَثَهُ الْجَوْجَرِيُّ لَا صَحِيحًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ وَضْعِهِ عِنْدَ عَدْلٍ هُنَا وَبَيْنَ الْبَائِعِ حَيْثُ يُحْبَسُ الْمَبِيعُ عِنْدَهُ أَنَّ حَقَّهُ أَقْوَى مِنْ حَقِّ الْأَجِيرِ، وَأَنَّ مِلْكَ الْمُشْتَرِي لَمَّا لَمْ يَسْتَقِرَّ كَانَ ضَعِيفًا فَلَمْ يَقْوَ عَلَى انْتِزَاعِهِ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ، بِخِلَافِ مِلْكِ الْمُسْتَأْجَرِ، وَمَتَى تَلِفَ الثَّوْبُ الْمَقْصُورُ وَنَحْوُهُ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لِلْمُسْتَأْجِرِ سَقَطَتْ أُجْرَتُهُ كَمَا يَسْقُطُ الثَّمَنُ بِتَلَفِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ تَلَفِهِ بِآفَةٍ أَوْ فِعْلِ الْأَجِيرِ، بِخِلَافِ فِعْلِ الْمُسْتَأْجِرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَظْهَرُ اعْتِبَارُ وَقْتِ الرُّجُوعِ فِي الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الِاحْتِيَاجِ إلَى التَّقْوِيمِ لِيَعْرِفَ مَا لِلْبَائِعِ وَالْمُفْلِسِ، فَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الثَّوْبِ حِينَئِذٍ خَلِيَّةً عَنْ نَحْوِ الصِّبْغِ وَقِيمَةُ نَحْوِ الصِّبْغِ بِهَا حِينَئِذٍ، وَتُعْتَبَرُ الزِّيَادَةُ حِينَئِذٍ هَلْ هِيَ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا، وَلَا يَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ فِي تَلَفِ بَعْضِ الْمَبِيعِ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي التَّالِفِ بِأَقَلِّ قِيمَتَيْهِ يَوْمَ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ وَفِي الْبَاقِي بِأَكْثَرِهِمَا بِأَنَّ ذَاكَ فِيهِ فَوَاتُ بَعْضِ الْمَبِيعِ وَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَى الْبَائِعِ، وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الصِّبْغَ إنْ كَانَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَوَاضِحٌ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَكَذَلِكَ أَوْ مِنْ بَائِعِ الثَّوْبِ فَهُوَ فِي حُكْمِ عَيْنٍ مُسْتَقِلَّةٍ بِدَلِيلِ أَنَّ لَهُ حُكْمًا غَيْرَ الثَّوْبِ، وَمِنْهُ أَنَّهُ مَتَى سَاوَى شَيْئًا لَمْ يَكُنْ لِبَائِعِهِ إلَّا هُوَ وَإِنْ قَلَّ إنْ أَرَادَهُ وَإِلَّا ضَارَبَ بِقِيمَتِهِ فَتَأَمَّلْهُ اهـ (قَوْلُهُ: مِنْ خَيَّاطٍ وَطَحَّانٍ) أَيْ وَكُلِّ مَنْ فَعَلَ مَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ وَيَظْهَرُ أَثَرُهُ عَلَى الْمَحَلِّ، بِخِلَافِ نَحْوِ نَقَّادٍ وَشَيَّالٍ مِنْ كُلِّ مَنْ فَعَلَ مَا لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ عَلَى الْمَحَلِّ فَلَيْسَ لَهُ حَبْسُ الْمَبِيعِ فَيَجِبُ تَسْلِيمُهُ لِصَاحِبِهِ وَيُطَالِبُهُ بِالْأُجْرَةِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ (قَوْلُهُ: بِوَضْعِهِ عِنْدَ عَدْلٍ) أَيْ يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ أَوْ يُقِيمُهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ تَنَازُعِهِمَا، وَلَهُمَا وَضْعُهُ عِنْدَ غَيْرِ عَدْلٍ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا لَا يَعْدُوهُمَا، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ عِنْدَ عَدْلٍ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْقَصَّارِ حَبْسُهُ تَحْتَ يَدِهِ وَإِنْ كَانَ عَدْلًا إلَّا بِرِضَا مَالِكِهِ، وَعَلَيْهِ فَقِيَاسُهُ حَبْسُ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ فِي أَصْلِ الْحَبْسِ دُونَ صِفَتِهِ، فَإِنَّ الْبَائِعَ يَحْبِسُهُ تَحْتَ يَدِهِ وَلَوْ غَيْرَ عَدْلٍ اسْتِدَامَةً لِيَدِهِ الْمُسْتَنِدَةِ لِمِلْكِهِ قَبْلَ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ) أَيْ جَوَازَ الْحَبْسِ (قَوْلُهُ: بِالْقِصَارَةِ) أَيْ وَنَحْوِهَا كَالْخِيَاطَةِ لَا يُقَالُ: كَثِيرًا مَا يُشَاهَدُ أَنَّ الثَّوْبَ بَعْدَ خِيَاطَتِهِ لَا يُسَاوِي إذَا بِيعَ قِيمَتَهُ قَبْلَ الْخِيَاطَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: هَذَا إنَّمَا يَنْشَأُ مِنْ وَصْفٍ يَعْرِضُ لِلثَّوْبِ كَاسْتِعْمَالِهِ، وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ الْخِيَاطَةِ وَقَطْعُهُ لِأَجْلِهَا لَا يُورِثُ نَقْصًا، أَلَا تَرَى أَنَّ كَثِيرًا يَجْعَلُ حِرْفَتَهُ شِرَاءَ الْقُمَاشِ وَخِيَاطَتَهُ فَلَوْ كَانَتْ الْخِيَاطَةُ وَالْقَطْعُ لَهَا يُؤَدِّي إلَى ذَلِكَ لَمَا اتَّخَذُوهُ حِرْفَةً (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ عَمِلَ الْمُفْلِسُ) أَيْ بِنَفْسِهِ وَلَمْ تَزِدْ الْقِيمَةُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرُ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ) أَيْ كَتَلَفِ الْأَحْمَالِ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَى حَمْلِهَا إلَى مَكَّةَ مَثَلًا وَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ (قَوْلُهُ: أَوْ فَعَلَ الْأَجِيرُ) أَيْ وَلَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ اتَّفَقَ الْغُرَمَاءُ وَالْمُفْلِسُ إلَخْ) أَيْ: فِيمَا إذَا كَانَ الصَّبْغُ لِلْمُفْلِسِ إذْ لَا سَلَاطَةَ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ إلَّا حِينَئِذٍ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ لِلْقَصَّارِ وَالصَّبَّاغِ وَنَحْوِهِمَا إلَخْ) هَذَا لَيْسَ خَاصًّا بِمَسْأَلَةِ الْمُفْلِسِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي

[باب الحجر]

فَإِنَّهُ يَكُونُ قَبْضًا لَهُ كَإِتْلَافِ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي إتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَضْمَنُ إتْلَافَهُ، وَالْأَوْجَهُ: أَنَّ الْقِيمَةَ الَّتِي يَضْمَنُهَا الْأَجْنَبِيُّ إنْ زَادَتْ بِسَبَبِ فِعْلِ الْأَجِيرِ لَمْ تَسْقُطْ أُجْرَتُهُ وَإِلَّا سَقَطَتْ. بَابُ الْحَجْرِ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَهُوَ لُغَةً: الْمَنْعُ، وَشَرْعًا: الْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} [النساء: 6] وَقَوْلُهُ {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا} [البقرة: 282] وَقَوْلُهُ {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: 5] الْآيَاتِ، نَبَّهَ عَلَى الْحَجْرِ بِالِابْتِلَاءِ، وَكَنَّى عَنْ الْبُلُوغِ بِبُلُوغِ النِّكَاحِ، وَالضَّعِيفُ الصَّبِيُّ، وَاَلَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ الْمَغْلُوبُ عَلَى عَقْلِهِ، وَالسَّفِيهُ الْمُبَذِّرُ، وَإِضَافَةُ الْمَالِ الَّذِي لَهُ بِدَلِيلِ {وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ} [النساء: 5] لِوَلِيِّهِ لِتَصَرُّفِهِ فِيهِ، وَصَحَّ مَرْفُوعًا «خُذُوا عَلَى أَيْدِي سُفَهَائِكُمْ» وَالْحَجْرُ نَوْعَانِ: نَوْعٌ شُرِعَ لِمَصْلَحَةِ الْغَيْرِ، وَ (مِنْهُ حَجْرُ الْمُفْلِسِ) أَيْ الْحَجْرُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ (لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ وَالرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ) فِي الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ (وَالْمَرِيضُ لِلْوَرَثَةِ) فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ حَيْثُ لَا دَيْنَ، وَفِي الْجَمِيعِ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ عَلَى مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ لَكِنْ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْوَصَايَا عِنْدَ ذِكْرِ مَا يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ أَنَّ الْمَرِيضَ لَوْ وَفَّى دَيْنَ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ لَمْ يُزَاحِمْهُ غَيْرُهُ إنْ وَفَّى الْمَالُ جَمِيعَ الدُّيُونِ. وَكَذَا إنْ لَمْ يُوَفِّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ: لَهُمْ مُزَاحَمَتُهُ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِتَقْدِيمِ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ بِدَيْنِهِ لَا تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ، فَكَلَامُ الزَّرْكَشِيّ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَمْدًا، ثُمَّ إنْ كَانَ قَصَّرَ حَتَّى تَلِفَتْ الْعَيْنُ ضَمِنَهَا وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ) أَيْ مِنْ التَّرَدُّدِ (قَوْلُهُ: لَمْ تَسْقُطْ أُجْرَتُهُ) أَيْ الْأَجِيرِ. (بَابُ الْحَجْرِ) (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْحَاءِ) أَيْ وَكَسْرِهَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ لُغَةً الْمَنْعُ) أَيْ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ ع: لَا يَمْنَعُ مِنْ هَذَا الْقَيْدِ عَدَمُ صِحَّةِ قَوْلِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لِسَلْبِ عِبَارَتِهِمَا وَهُوَ مَعْنًى زَائِدٌ عَلَى الْحَجْرِ اهـ. وَعِبَارَةُ حَجّ: وَشَرْعًا مَنْعٌ مِنْ تَصَرُّفٍ خَاصٍّ بِسَبَبٍ خَاصٍّ اهـ. وَهِيَ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ، وَوَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ قَوْلَهُ: الْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ اللَّامَ لِلِاسْتِغْرَاقِ وَهُوَ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا فِي الْمَجْنُونِ دُونَ الصَّبِيِّ وَالسَّفِيهِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَصِحُّ مِنْهُ بَعْضُ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ، أَمَّا السَّفِيهُ فَيَصِحُّ مِنْهُ التَّدْبِيرُ وَنَحْوُهُ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْمَوْتِ وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَيُعْتَدُّ مِنْهُ بِالْإِذْنِ فِي دُخُولِ الدَّارِ وَنَحْوِهِ فَتَصْحِيحُهُ يَحْتَاجُ إلَى الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْحَدِّ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: الَّذِي لَهُ) أَيْ الْمُولَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِوَلِيِّهِ) مُتَعَلِّقٌ بِإِضَافَةِ (قَوْلُهُ: «خُذُوا عَلَى أَيْدِي سُفَهَائِكُمْ» ) أَيْ بِمَنْعِهِمْ مِنْ التَّصَرُّفِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُوفِ إلَخْ) قَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمُفْلِسِ أَنَّهُ إذَا اسْتَوَتْ الدُّيُونُ وَطَلَبَ أَرْبَابُهَا مِنْ غَيْرِ الْمَحْجُورِ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّسْوِيَةُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا ذُكِرَ هُنَا مِنْ عَدَمِ الْمُزَاحَمَةِ؛ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهَا جَوَازُ الْإِقْدَامِ (قَوْلُهُ: فَكَلَامُ الزَّرْكَشِيّ إلَخْ) لَعَلَّ عِبَارَةَ الْأَذْرَعِيِّ مُجْمَلَةٌ غَيْرُ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ التَّفْصِيلِ فَلَا يُقَالُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَمْ تَسْقُطْ أُجْرَتُهُ) اُنْظُرْ لَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ لَا تَفِي بِالْأُجْرَةِ هَلْ يَسْتَحِقُّ تَمَامَ الْأُجْرَةِ أَوْ قَدْرَ الزِّيَادَةِ فَقَطْ [بَابُ الْحَجْر] . (كِتَابُ الْحَجْرِ) . (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا: الْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ) أَيْ وَلَوْ فِي شَيْءٍ خَاصٍّ لِيَشْمَلَ جَمِيعَ أَنْوَاعِهِ الْآتِيَةِ أَوْ أَنَّ مُرَادَهُ تَعْرِيفُ مَقْصُودِ الْبَابِ خَاصَّةً فَهُوَ عَلَى إطْلَاقِهِ. (قَوْلُهُ: فَكَلَامُ الزَّرْكَشِيّ) أَيْ التَّابِعِ لِلْأَذْرَعِيِّ

مُفَرَّعٌ عَلَى هَذَا (وَالْعَبْدُ) أَيْ الْقِنُّ (لِسَيِّدِهِ) وَالْمُكَاتَبُ لِسَيِّدِهِ وَلِلَّهِ تَعَالَى (وَالْمُرْتَدُّ لِلْمُسْلِمِينَ) أَيْ لِحَقِّهِمْ (وَلَهَا أَبْوَابٌ) تَقَدَّمَ بَعْضُهَا وَبَعْضُهَا يَأْتِي، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ مِنْهُ إلَى عَدَمِ انْحِصَارِ هَذَا النَّوْعِ فِيمَا ذَكَرَهُ فَقَدْ أَنْهَاهُ بَعْضُهُمْ إلَى نَحْوِ سَبْعِينَ صُورَةً، بَلْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: هَذَا بَابٌ وَاسِعٌ جِدًّا لَا تَنْحَصِرُ أَفْرَادُ مَسَائِلِهِ وَنَوْعٌ شُرِعَ لِمَصْلَحَةِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَمَقْصُودُ الْبَابِ حَجْرُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ وَالْمُبَذِّرِ) بِالْمُعْجَمَةِ وَسَيَأْتِي تَفْسِيرُهُ، وَحَجْرُ كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ أَعَمُّ مِمَّا بَعْدَهُ، وَزَادَ الْمَاوَرْدِيُّ نَوْعًا ثَالِثًا وَهُوَ مَا شُرِعَ لِلْأَمْرَيْنِ: يَعْنِي مَصْلَحَةَ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الْمُكَاتَبُ كَمَا مَرَّ (فَبِالْجُنُونِ تَنْسَلِبُ الْوِلَايَاتُ) الثَّابِتَةُ بِالشَّرْعِ كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ أَوْ بِالتَّفْوِيضِ كَالْإِيصَاءِ وَالْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَلِ أَمْرَ نَفْسِهِ، فَأَمْرُ غَيْرِهِ أَوْلَى، وَعَبَّرَ بِالِانْسِلَابِ دُونَ الِامْتِنَاعِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ لَا يُفِيدُ السَّلْبَ بِخِلَافِ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: فَكَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ إلَخْ؛ لِأَنَّ الزَّرْكَشِيَّ تَبِعَهُ (قَوْلُهُ: مُفَرَّعٌ عَلَى هَذَا) قَدْ يُقَالُ لَا يَتَعَيَّنُ تَفْرِيعُهُ عَلَى مَا ذُكِرَ وَيُصَوَّرُ كَلَامُهُ بِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ التَّبَرُّعَ لِغَيْرِ الْغُرَمَاءِ امْتَنَعَ ذَلِكَ إنْ كَانَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا، وَجَازَ فِي قَدْرِ الثُّلُثِ مِمَّا زَادَ عَلَى الدَّيْنِ إنْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ فَيَكُونُ كَلَامُهُ فِي غَيْرِ تَوْفِيَةِ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ دُونَ بَعْضٍ وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ وَالْمَرِيضُ فِي ثُلُثَيْ إلَخْ وَسَيَأْتِي فِي الْوَصَايَا أَنَّهُ لَوْ وَفَّى بَعْضَ الْغُرَمَاءِ لَمْ يُزَاحِمْهُ غَيْرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَفِ مَالُهُ بِدَيْنِهِ كَمَا قَالَ الشَّيْخَانِ فَقَوْلُ جَمْعٍ: إنَّ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ تَرِكَتِهِ مُرَادُهُمْ بِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّبَرُّعَاتِ حَجّ: أَيْ بِخِلَافِ وَفَاءِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ بِتَقْدِيمِ السَّبَبِ م ر اهـ. وَهُوَ عَيْنُ مَا قُلْنَاهُ: هَذَا وَأَجَابَ حَجّ هُنَا بِأَنَّ تَقْدِيمَ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ مُجَرَّدُ تَخْصِيصٍ لَا تَبَرُّعَ فِيهِ فَلَا يُرَدُّ عَلَى كَلَامِهِمْ اهـ (قَوْلُهُ: وَالْمُرْتَدُّ لِلْمُسْلِمِينَ) ع مِنْهُ أَيْضًا الْحَجْرُ عَلَى السَّيِّدِ فِي الْعَبْدِ الَّذِي كَاتَبَهُ وَالْعَبْدُ الْجَانِي وَالْوَرَثَةُ فِي التَّرِكَةِ، إلَّا أَنَّ هَذِهِ رُبَّمَا تَدْخُلُ فِي عِبَارَةِ الشَّيْخِ، وَأَصْلُهُ وَالْحَجْرُ الْغَرِيبُ وَالْحَجْرُ عَلَى الْبَائِعِ بَعْدَ فَسْخِ الْمُشْتَرِي بِالْعَيْبِ حَتَّى يَدْفَعَ الثَّمَنَ، وَعَلَى السَّابِي لِلْحَرْبِيِّ فِي مَالِهِ إذَا كَانَ عَلَى الْحَرْبِيِّ دَيْنٌ، وَالْحَجْرُ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَعَلَى الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ، وَعَلَى السَّيِّدِ فِي نَفَقَةِ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ لَا يَتَصَرَّفُ فِيهَا حَتَّى يُعْطِيَهَا بَدَلَهَا، وَدَارُ الْمُعْتَدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ وَالْحَمْلِ، وَعَلَى الْمُشْتَرِي فِي الْعَبْدِ الْمُشْتَرَى بِشَرْطِ الْإِعْتَاقِ، وَعَلَى السَّيِّدِ فِي أُمِّ الْوَلَدِ، وَعَلَى الْمُؤَجِّرِ فِي الْعَيْنِ الَّذِي اسْتَأْجَرَ شَخْصًا عَلَى الْعَمَلِ فِيهَا كَصِبْغٍ أَوْ قِصَارَةٍ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَيُتَأَمَّلُ مَا قَالَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْحَجْرِ عَلَى الْبَائِعِ بَعْدَ فَسْخِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ بِالْفَسْخِ خَرَجَ الْمَبِيعُ عَنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَصَارَ الثَّمَنُ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ وَلَيْسَ الْمَبِيعُ مَرْهُونًا بِهِ فَمَا وَجْهُ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِيهِ، وَكَذَا يُتَأَمَّلُ فِي الصُّورَةِ التَّالِيَةِ لَهَا فَإِنَّ مُجَرَّدَ سَبْيِ الْحَرْبِيِّ لَا يَسْتَلْزِمُ دُخُولَ مَالِ الْحَرْبِيِّ فِي يَدِ سَابِيهِ فَمَا مَعْنَى الْحَجْرِ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُبَذِّرِ) وَلَمْ يَذْكُرْ مَنْ بَلَغَ غَيْرَ مُصْلِحٍ لِدَيْنِهِ مَعَ أَنَّ حُكْمَهُ مَذْكُورٌ فِي الْبَابِ أَيْضًا لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ حَجْرَ الصِّبَا إنَّمَا يَزُولُ بِبُلُوغِهِ رَشِيدًا، فَجَعَلَ مَا بَعْدَ الْبُلُوغِ مِنْ أَحْكَامِ الصِّبَا وَإِنْ كَانَ التَّحْقِيقُ أَنَّهُ ذَهَبَ حَجْرُ الصِّبَا وَخَلَفَهُ حَجْرُ السَّفَهِ (قَوْلُهُ أَعَمُّ مِمَّا بَعْدَهُ) أَيْ فَإِنَّ الْمَجْنُونَ لَا يُعْتَدُّ بِشَيْءٍ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ أَصْلًا، وَالصَّبِيُّ يُعْتَدُّ بِبَعْضِ تَصَرُّفَاتِهِ كَالْإِذْنِ فِي دُخُولِ الدَّارِ وَإِيصَالِ الْهَدِيَّةِ، وَالْمُبَذِّرُ يُعْتَدُّ بِقَبُولِهِ النِّكَاحَ بِإِذْنٍ مِنْ وَلِيِّهِ وَلَا يُزَوِّجُهُ وَلِيُّهُ إلَّا بِإِذْنِهِ وَيَصِحُّ تَدْبِيرُهُ لِأَرِقَّائِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ ثَمَّ: وَلِلَّهِ الْعِتْقُ وَمَصْلَحَتُهُ تَعُودُ عَلَى الْمُكَاتَبِ، فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ قَوْلِهِ ثَمَّ: لِسَيِّدِهِ وَلِلَّهِ وَقَوْلُهُ هُنَا: مَصْلَحَةَ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: كَالْإِيصَاءِ) بِأَنْ يَكُونَ وَصِيًّا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْمُكَاتَبُ لِسَيِّدِهِ وَلِلَّهِ تَعَالَى) عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ فَالْحَجْرُ عَلَيْهِ لِسَيِّدِهِ وَلِحَقِّهِ وَلِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي قَوْلٍ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي مَصْلَحَةَ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ) أَيْ عَلَى مَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَعَبَّرَ بِالِانْسِلَابِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَآثَرَ السَّلْبَ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ الْمَنْعَ وَلَا عَكْسَ انْتَهَتْ. لَكِنْ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَتْنِ التَّعْبِيرُ بِالِانْسِلَابِ، وَلَعَلَّهَا الَّتِي شَرَحَ عَلَيْهَا الشَّارِحُ، لَكِنْ فِي عِبَارَتِهِ قُصُورٌ عَنْ تَأْدِيَةِ الْمُرَادِ؛ لِأَنَّ صَرِيحَ قَوْلِهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يُفِيدُ السَّلْبَ وَهُوَ خِلَافُ الْمَقْصُودِ

الْأَوَّلِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْإِحْرَامَ مَانِعٌ مِنْ وِلَايَةِ النِّكَاحِ وَلَا يَسْلُبُ؛ وَلِهَذَا يُزَوِّجُ الْحَاكِمُ دُونَ الْأَبْعَدِ (وَاعْتِبَارُ الْأَقْوَالِ) لَهُ وَعَلَيْهِ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا كَالْإِسْلَامِ وَالْمُعَامَلَاتِ لِانْتِفَاءِ قَصْدِهِ وَسُكُوتِهِ عَنْ الْأَفْعَالِ؛ لِأَنَّ مِنْهَا مَا يُعْتَبَرُ كَإِحْبَالِهِ وَإِتْلَافِهِ مَالَ غَيْرِهِ وَتَقْرِيرِ الْمَهْرِ بِوَطْئِهِ وَتَرَتُّبِ الْحُكْمِ عَلَى إرْضَاعِهِ وَالْتِقَاطِهِ وَاحْتِطَابِهِ وَاصْطِيَادِهِ. وَعَمْدُهُ عَمْدٌ إنْ كَانَ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ وَمَا لَا يُعْتَبَرُ مِنْهُ كَالصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ، وَلَوْ أَحْرَمَ شَخْصٌ ثُمَّ جُنَّ فَقَتَلَ صَيْدًا لَمْ يَلْزَمْهُ جَزَاؤُهُ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ، وَالصَّبِيُّ كَالْمَجْنُونِ فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ إلَّا أَنَّ الصَّبِيَّ الْمُمَيِّزَ يُعْتَبَرُ قَوْلُهُ فِي إذْنِ الدُّخُولِ وَإِيصَالِ الْهَدِيَّةِ، وَيَصِحُّ إحْرَامُهُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ كَمَا مَرَّ وَتَصِحُّ عِبَادَتُهُ، وَلَهُ إزَالَةُ الْمُنْكَرِ، وَيُثَابُ عَلَيْهِ كَالْبَالِغِ، قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْغَصْبِ وَأَمَّا إسْلَامُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ صَبِيٌّ فَلِأَنَّ الْأَحْكَامَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ كَانَتْ مَنُوطَةً بِالتَّمْيِيزِ وَأَلْحَقَ الْقَاضِي بِالْمَجْنُونِ النَّائِمَ وَالْأَخْرَسَ الَّذِي لَا يَفْهَمُ، وَنَظَرَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَتَخَيَّلُ أَحَدٌ أَنَّ النَّائِمَ يَتَصَرَّفُ عَنْهُ وَلِيُّهُ وَبِأَنَّ الْأَخْرَسَ الْمَذْكُورَ غَيْرُ عَاقِلٍ، وَإِنْ اُحْتِيجَ إلَى إقَامَةِ أَحَدٍ مَكَانَهُ فَلْيَكُنْ هُوَ الْحَاكِمَ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ النَّائِمَ يُشْبِهُ الْمَجْنُونَ فِي سَلْبِ اعْتِبَارِ الْأَقْوَالِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْأَفْعَالِ، فَإِلْحَاقُهُ بِهِ مِنْ حَيْثُ ذَلِكَ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ لَا وَلِيَّ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى غَيْرِهِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِهِ أَنْ لَا تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ مِنْهُ عَلَى أَطْفَالِهِ وَإِنْ لَمْ يُسَمُّوا أَيْتَامًا إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ لَا يَكُونُ وَصِيًّا عَلَيْهِمْ فَقَدْ عُلِمَ مِنْ نَفْيِ وِلَايَةِ الْإِيصَاءِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: فِي الدِّينِ) بِكَسْرِ الدَّالِ (قَوْلُهُ: كَالْإِسْلَامِ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ إسْلَامُهُ، وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ إسْلَامُهُ فَلَا نَمْنَعُهُ مِنْ الْعِبَادَاتِ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ، قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَخْذًا مِنْ النَّصِّ، هَذَا كُلُّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلدُّنْيَا، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْآخِرَةِ فَيَصِحُّ وَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِهِ قَطْعًا سَوَاءٌ تَلَفَّظَ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَمْ أَضْمَرَهُ عَلَى مَا قَالَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ اهـ شَرْحُ الْإِرْشَادِ الْكَبِيرِ لحج. وَكَتَبَ بِهَامِشِهِ سم مَا نَصُّهُ: صَرِيحٌ فِي أَنَّ كَلَامَ الْأُسْتَاذِ مُصَوَّرٌ بِالْإِضْمَارِ فَقَطْ، لَكِنْ الَّذِي فِي الْإِسْعَادِ وَغَيْرِهِ تَصْوِيرُهُ بِالْإِضْمَارِ مَعَ الْإِظْهَارِ، وَعِبَارَةُ الْإِسْعَادِ نَصُّهَا: وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ: وَإِذَا أَضْمَرَ الْمُمَيِّزُ الْإِسْلَامَ كَمَا أَظْهَرهُ كَانَ مِنْ الْفَائِزِينَ بِالْجَنَّةِ اهـ. فَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ كَمَا أَظْهَرَهُ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي تَصْوِيرِ كَلَامِ الْأُسْتَاذِ بِمَا إذَا جَمَعَ بَيْنَ الْإِضْمَارِ وَالْإِظْهَارِ، وَفِيمَا قَالَهُ حَجّ وَقْفَةٌ بِأَنَّ كُفْرَهُ مُحَقَّقٌ وَعِبَارَتَهُ لَاغِيَةٌ، وَحَقِيقَةُ الْإِيمَانِ الْمَانِعِ مِنْ الْخُلُودِ فِي الْعَذَابِ التَّصْدِيقُ بِمَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُوَ مُنْتَفٍ عَنْ هَذَا؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ نَطَقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ فَذَلِكَ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، وَمَا لَيْسَ بِقَصْدٍ لَغْوٌ فَكَيْفَ يَنْفَعُهُ فِي الْآخِرَةِ. نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَأَوْلَادِ الْكُفَّارِ فَيَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ الْوَارِدُ فِيهِمْ وَالرَّاجِحُ مِنْهُ دُخُولُهُمْ الْجَنَّةَ ثُمَّ رَأَيْت حَجّ فِي الشَّرْحِ الْمَذْكُورِ فَرَضَ ذَلِكَ فِي (الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ) لَا فِي الْمَجْنُونِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَالْهَدِيَّةِ) وَالصَّلَاةِ وَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ جَزَاؤُهُ) أَيْ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ ضَمَانِ مَا أَتْلَفَهُ وَأَشَارَ إلَى إخْرَاجِهِ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا: وَإِتْلَافُهُ مَالَ غَيْرِهِ، فَإِنْ أَحْرَمَ عَنْهُ وَلِيُّهُ فِي زَمَنِ جُنُونِهِ فَهَلْ حُكْمُهُ كَذَلِكَ أَوْ لَا؟ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ وَلِيَّهُ لَمَّا صَيَّرَهُ مُحْرِمًا الْتَزَمَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى فِعْلِهِ فَيَلْزَمُهُ الْجَزَاءُ، فِيهِ نَظَرٌ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَإِنَّمَا تَصِحُّ مُبَاشَرَتُهُ مِنْ الْمُسْلِمِ إلَخْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى فَعَلَ مَحْظُورًا وَهُوَ غَيْرُ مُمَيِّزٍ فَلَا فِدْيَةَ عَلَى أَحَدٍ عَدِمَ الضَّمَانَ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ هُنَا أَحْرَمَ ثُمَّ جُنَّ لَيْسَ بِقَيْدٍ فَإِحْرَامُ وَلِيِّهِ عَنْهُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: كَالْبَالِغِ) التَّشْبِيهُ فِي أَصْلِ الثَّوَابِ لَا فِي مِقْدَارِهِ، وَإِلَّا فَالصَّبِيُّ يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ مِنْ الْفَرَائِضِ أَقَلَّ مِنْ ثَوَابِ نَافِلَةِ الْبَالِغِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ عَدَمُ خِطَابِهِ بِهِ، وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا ثَوَابَ أَصْلًا لِعَدَمِ خِطَابِهِ بِالْعِبَادَةِ لَكِنَّهُ أُثِيبَ تَرْغِيبًا لَهُ فِي الطَّاعَةِ فَلَا يَتْرُكُهَا بَعْدَ بُلُوغِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ: النَّائِمِ وَالْأَخْرَسِ) فِي عَدَمِ صِحَّةِ تَصَرُّفِهَا (قَوْلُهُ: وَنَظَرَ فِيهِ) أَيْ الْإِلْحَاقِ (قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ) أَيْ التَّنْظِيرُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ النَّائِمَ (قَوْلُهُ لَا وَلِيَّ لَهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالصَّبِيُّ كَالْمَجْنُونِ) وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ الْإِحْبَالُ، وَقَدْ يُقَالُ بِتَأَتِّيهِ مِنْهُ كَمَا سَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الشَّارِحِ

مُطْلَقًا، وَإِنْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: لَعَلَّ كَلَامَ الْقَاضِي مَحْمُولٌ عَلَى نَائِمٍ أَحْوَجَ طُولُ نَوْمِهِ إلَى النَّظَرِ فِي أَمْرِهِ وَكَانَ الْإِيقَاظُ يَضُرُّهُ مَثَلًا، وَبِأَنَّ الْأَخْرَسَ الَّذِي لَا يَفْهَمُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُسَمَّى مَجْنُونًا فَهُوَ مُلْحَقٌ بِالْمَجْنُونِ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ اُحْتِيجَ إلَخْ مَحَلُّ نَظَرٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ غَيْرَ عَاقِلٍ كَمَا قَالَهُ فَوَلِيُّهُ وَلِيُّ الْمَجْنُونِ، وَلِهَذَا تَرَدَّدَ الْإِسْنَوِيُّ فِيمَنْ يَكُونُ وَلِيَّهُ، وَبَحَثَ الْجَوْجَرِيُّ أَنَّ مَحَلَّ التَّرَدُّدِ فِيمَنْ عَرَضَ لَهُ هَذَا الْخَرَسُ بَعْدَ بُلُوغِهِ، أَمَّا مَنْ لَمْ يَبْلُغْ إلَّا كَذَلِكَ فَالظَّاهِرُ الْجَزْمُ بِأَنَّ وَلِيَّهُ هُوَ الَّذِي يَتَصَرَّفُ عَلَيْهِ اسْتِدَامَةً لِحَجْرِ الصَّبِيِّ؛ إذْ لَا يَرْتَفِعُ الْحَجْرُ عَنْهُ إلَّا بِبُلُوغِهِ رَشِيدًا، وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ اهـ. وَقَوْلُهُ الظَّاهِرُ إلَخْ مُحْتَمَلٌ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ التَّرَدُّدِ أَنَّ وَلِيَّهُ وَلِيُّ الْمَجْنُونِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْقَاضِي، وَصَرِيحُ قَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُ غَيْرُ عَاقِلٍ، وَالْمَجْنُونُ إذَا كَانَ لَهُ أَدْنَى تَمْيِيزٍ كَالصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ فِيمَا يَأْتِي نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ التَّتِمَّةِ وَأَقَرَّاهُ وَاعْتَرَضَهُ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهُ إنْ زَالَ عَقْلُهُ فَمَجْنُونٌ وَإِلَّا فَهُوَ مُكَلَّفٌ وَتَصَرُّفُهُ صَحِيحٌ فَإِنْ بَذَّرَ فَكَسَفِيهٍ اهـ. وَيُرَدُّ بِأَنَّ شَرْطَ التَّكْلِيفِ كَمَالُ التَّمْيِيزِ، أَمَّا أَدْنَاهُ فَلَا يَلْحَقُهُ بِالْمُكَلَّفِ وَلَا بِالْمَجْنُونِ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لَهُمَا فَتَعَيَّنَ إلْحَاقُهُ بِالصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ (وَيَرْتَفِعُ) حَجْرُ الْجُنُونِ (بِالْإِفَاقَةِ) مِنْهُ مِنْ غَيْرِ فَكٍّ وَلَا اقْتِرَانٍ بِشَيْءٍ آخَرَ كَإِينَاسِ رُشْدٍ. وَقَضِيَّتُهُ عَوْدُ الْوِلَايَاتِ وَاعْتِبَارُ الْأَقْوَالِ. نَعَمْ الْوِلَايَةُ الْجَعْلِيَّةُ كَالْقَضَاءِ لَا تَعُودُ إلَّا بِوِلَايَةٍ جَدِيدَةٍ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ عَوْدُ الْأَهْلِيَّةِ (وَحَجْرُ ـــــــــــــــــــــــــــــSمُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) طَالَ نَوْمُهُ أَوْ قَصُرَ (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ التَّرَدُّدِ) هُوَ مِنْ كَلَامِ م ر، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْهُ أَنَّ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ لَا يَتَقَيَّدُ بِمَنْ خَرَسُهُ أَصْلِيٌّ، وَإِلَّا فَهُوَ عِنْدَ قَوْلِ الْجَوْجَرِيِّ فَإِنَّ الظَّاهِرَ إلَخْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّائِمَ لَا وَلِيَّ لَهُ مُطْلَقًا، وَأَنَّ الْأَخْرَسَ الَّذِي لَا إشَارَةَ لَهُ وَلِيُّهُ وَلِيُّ الْمَجْنُونِ (قَوْلُهُ: مِنْ التَّرَدُّدِ) أَيْ تَرَدُّدِ الْإِسْنَوِيِّ الْمُتَقَدِّمِ (قَوْلُهُ: أَنَّ وَلِيَّهُ) أَيْ الْأَخْرَسِ سَوَاءٌ كَانَ خَرَسُهُ أَصْلِيًّا أَوْ طَارِئًا (قَوْلُهُ: وَلِيُّ الْمَجْنُونِ) أَيْ فَوَلِيُّهُ الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ ثُمَّ الْوَصِيُّ ثُمَّ الْقَاضِي، وَظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ الْوِلَايَةَ تَثْبُتُ عَلَيْهِ لِمَنْ ذُكِرَ وَإِنْ كَانَ لَهُ كِتَابَةٌ أَوْ أَمْكَنَ تَوْكِيلُهُ بِالْإِشَارَةِ. وَقَالَ فِي الْخَرْسَاءِ: إنَّهَا إنْ لَمْ تَكُنْ لَهَا إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ وَلَا كِتَابَةٌ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهَا كَالْمَجْنُونَةِ فَيُزَوِّجُهَا الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ ثُمَّ الْحَاكِمُ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَقَدْ يُشْكَلُ عَلَيْهِمَا مَا ذَكَرَ الشَّارِحُ فِي فَصْلٍ فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ وَيَنْعَقِدُ نِكَاحُ الْأَخْرَسِ وَإِشَارَتُهُ الَّتِي لَا يَخْتَصُّ بِفَهْمِهَا الْفَطِنُ وَكَذَا بِكِتَابَتِهِ عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ وَتَعَذَّرَ تَوْكِيلُهُ لِاضْطِرَارِهِ حِينَئِذٍ اهـ. فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا وَلِيَّ لَهُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ ذَاكَ إنَّمَا يَتَأَتَّى فِيمَا إذَا كَانَ لَهُ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ لِلْفَطِنِ، وَمَا هُنَا فِيمَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ إشَارَةٌ أَصْلًا، أَوْ يُفْرَضُ بِأَنَّ ذَاكَ فِي الْخَرَسِ الْعَارِضِ بَعْدَ الرُّشْدِ وَمَا هُنَا فِي اسْتِمْرَارِ خَرَسٍ مَوْجُودٍ فِي الصِّبَا (قَوْلُهُ: وَالْمَجْنُونُ) أَيْ وَلَوْ بَالِغًا (قَوْلُهُ: كَالصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ) أَيْ فِي الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِي التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ شَرْحُ رَوْضٍ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَأْتِي) مِنْهُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ وَعَدَمُ الْمُعَاقَبَةِ عَلَى تَرْكِهَا وَغَيْرُ ذَلِكَ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ تَشْبِيهِهِ بِالصَّبِيِّ، لَكِنَّ مُقْتَضَى قَوْلِ شَرْحِ الرَّوْضِ: أَيْ فِي الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِي التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ أَنَّهُ فِيمَا عَدَا الْمَالَ، كَالْبَالِغِ الْعَاقِلِ فَيُفِيدُ وُجُوبَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَعِقَابَهُ عَلَى تَرْكِهَا وَأَنَّهُ يُقْتَلُ إذَا قُتِلَ بِشَرْطِهِ وَيُحَدُّ إذَا زَنَى أَوْ شَرِبَ الْخَمْرَ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ. وَفِي سم عَلَى حَجّ مَا يُوَافِقُ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَعِبَارَتُهُ: قَوْلُهُ كَصَبِيٍّ مُمَيِّزٍ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَصِحُّ مِنْهُ مَا يَصِحُّ مِنْ الْمُمَيِّزِ كَالصَّلَاةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ وُجِدَ فِيهِ مَعْنَى التَّمْيِيزِ الَّذِي ضَبَطُوهُ وَهُوَ كَوْنُهُ بِحَيْثُ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَيَسْتَنْجِي وَحْدَهُ فِي الْجَمِيعِ لَكِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُتَّجَهُ إلَّا كَوْنُهُ مُكَلَّفًا، وَلَا يُتَّجَهُ حَمْلُ مَا نَقَلَاهُ عَنْ التَّتِمَّةِ عَلَيْهِ اهـ. وَصَرِيحُ قَوْلِ الشَّارِحِ كَالصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَرُدَّ الِاعْتِرَاضُ بِأَنَّ شَرْطَ التَّكْلِيفِ كَمَالُ التَّمْيِيزِ قَصْرُ التَّشْبِيهِ عَلَى صِحَّةِ الْعِبَادَاتِ فَقَطْ دُونَ بَقِيَّةِ التَّكَالِيفِ (قَوْلُهُ: كَمَالُ التَّمْيِيزِ) أَيْ الَّذِي ضَبَطَ بِهِ سم عَلَى حَجّ فِيمَا مَرَّ بِقَوْلِهِ: وَهُوَ كَوْنُهُ بِحَيْثُ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِالْإِفَاقَةِ) أَيْ الصَّافِيَةِ عَنْ الْخَبَلِ الْمُؤَدِّي إلَى حَالَةٍ يُحْمَلُ مِثْلُهَا عَلَى حِدَّةٍ فِي الْخُلُقِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ الْوِلَايَةُ الْجَعْلِيَّةُ كَالْقَضَاءِ) أَيْ وَالْإِمَامَةِ وَالْخَطَابَةِ وَنَحْوِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَبِأَنَّ الْأَخْرَسَ الَّذِي لَا يَفْهَمُ إلَخْ) حَقُّ الْعِبَارَةِ وَبِأَنَّ الْأَخْرَسَ الَّذِي لَا يَفْهَمُ لَا يُسَمَّى مَجْنُونًا وَإِنْ أُلْحِقَ بِالْمَجْنُونِ

الصِّبَا) بِكَسْرِ الصَّادِ وَفَتْحِ الْبَاءِ فَشَمِلَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (يَرْتَفِعُ) مِنْ حَيْثُ الصِّبَا بِمُجَرَّدِ بُلُوغِهِ وَمُطْلَقًا (بِبُلُوغِهِ رَشِيدًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: 6] الْآيَةَ، وَالِابْتِلَاءُ الِاخْتِبَارُ وَالِامْتِحَانُ، وَالرُّشْدُ ضِدُّ الْغَيِّ كَمَا مَرَّ وَفِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد «لَا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلَامٍ» وَالْمُرَادُ مِنْ إينَاسِ الرُّشْدِ الْعِلْمُ بِهِ، وَأَصْلُ الْإِينَاسِ الْإِبْصَارُ، وَتَعْبِيرُهُ بِرَشِيدًا كَجَمَاعَةٍ لَا يُنَافِي مَنْ عَبَّرَ بِالْبُلُوغِ، إذْ مَنْ زَادَ عَلَى الْبُلُوغِ الرُّشْدَ أَرَادَ الْإِطْلَاقَ الْكُلِّيَّ، وَمَنْ لَمْ يَزِدْهُ أَرَادَ حَجْرَ الصِّبَا. قَالَ: وَهَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ الصِّبَا سَبَبٌ مُسْتَقِلٌّ بِالْحَجْرِ، وَكَذَا التَّبْذِيرُ، وَأَحْكَامُهُمَا مُتَغَايِرَةٌ، وَمَنْ بَلَغَ مُبَذِّرًا فَحُكْمُ تَصَرُّفِهِ حُكْمُ تَصَرُّفِ السَّفِيهِ لَا حُكْمُ تَصَرُّفِ الصَّبِيِّ اهـ. وَلَوْ ادَّعَى الرُّشْدَ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَأَنْكَرَهُ وَلِيُّهُ لَمْ يَنْفَكَّ الْحَجْرُ عَنْهُ، وَلَا يَحْلِفُ الْوَلِيُّ كَالْقَاضِي وَالْقَيِّمِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا أَمِينٌ ادَّعَى انْعِزَالَهُ، وَلِأَنَّ الرُّشْدَ مِمَّا يُوقَفُ عَلَيْهِ بِالِاخْتِبَارِ فَلَا يَثْبُتُ بِقَوْلِهِ: وَلِأَنَّ الْأَصْلَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ يُعَضِّدُ قَوْلَهُ بَلْ الظَّاهِرُ أَيْضًا؛ إذْ الظَّاهِرُ فِيمَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْبُلُوغِ عَدَمُ الرُّشْدِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي دَوَامِ الْحَجْرِ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِرُشْدِهِ. نَعَمْ سُئِلَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَلْ الْأَصْلُ فِي النَّاسِ الرُّشْدُ أَوْ ضِدُّهُ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِيمَنْ عُلِمَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ: أَيْ بَعْدَ بُلُوغِهِ اسْتِصْحَابُهُ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ رُشْدُهُ بِالِاخْتِبَارِ وَأَمَّا مَنْ جُهِلَ حَالُهُ فَعُقُودُهُ صَحِيحَةٌ كَمَنْ عُلِمَ رُشْدُهُ (وَالْبُلُوغُ) يَحْصُلُ (بِاسْتِكْمَالِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً) قَمَرِيَّةً تَحْدِيدِيَّةً حَتَّى لَوْ نَقَصَتْ يَوْمًا لَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهِ، وَابْتِدَاؤُهَا مِنْ انْفِصَالِ جَمِيعِ الْوَلَدِ لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «عُرِضْت عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ أُحُدٍ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَمْ يُجِزْنِي وَلَمْ يَرَنِي بَلَغْت، وَعُرِضْت عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَجَازَنِي وَرَآنِي بَلَغْت» وَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ «وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً» : أَيْ طَعَنْت فِيهَا، وَبِقَوْلِهِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً أَيْ اسْتَكْمَلْتهَا؛ لِأَنَّ غَزْوَةَ أُحُدٍ كَانَتْ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSنَعَمْ يُسْتَثْنَى النَّاظِرُ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَالْحَاضِنَةِ وَالْأَبِ وَالْجَدِّ فَتَعُودُ إلَيْهِمْ الْوِلَايَةُ بِنَفْسِ الْإِفَاقَةِ مِنْ غَيْرِ تَوْلِيَةٍ جَدِيدَةٍ وَأُلْحِقَ بِهِمْ الْأُمُّ إذَا كَانَتْ وَصِيَّةً (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الصَّادِ) أَيْ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا وَكَسْرُ الْبَاءِ. قَالَ حَجّ رَدًّا عَلَى الْإِسْنَوِيِّ: أَنَّهُ لَا بُعْدَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَالِامْتِحَانُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: الْعِلْمُ بِهِ) أَيْ لَا تَوَهُّمُهُ (قَوْلُهُ: وَأَصْلُ الْإِينَاسِ) أَيْ اللُّغَوِيُّ (قَوْلُهُ: مَنْ عَبَّرَ بِالْبُلُوغِ) أَيْ كَشَيْخِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا أَوْلَى) الْإِشَارَةُ إلَى قَوْلِهِ وَمَنْ لَمْ يَزِدْهُ (قَوْلُهُ: حُكْمَ تَصَرُّفِ السَّفِيهِ) أَيْ مَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ صِحَّةُ نِكَاحِهِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ وَعَدَمُ صِحَّةِ تَزْوِيجِ وَلِيِّهِ إيَّاهُ بِدُونِ إذْنٍ مِنْهُ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَنْفَكَّ الْحَجْرُ عَنْهُ) بَقِيَ عَكْسُهُ وَهُوَ مَا لَوْ أَقَرَّ الْوَلِيُّ بِرُشْدِهِ هَلْ يَنْفَكُّ عَنْهُ الْحَجْرُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي. ثُمَّ رَأَيْته فِي حَجّ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فَعَلَى الْأَوَّلِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ إلَخْ مَا نَصُّهُ: وَلَا يَقْتَضِي إقْرَارُهُ: أَيْ الْوَلِيِّ بِهِ: أَيْ بِالرُّشْدِ فَكَّ الْحَجْرِ وَإِنْ اقْتَضَى انْعِزَالَهُ، وَحَيْثُ عَلِمَهُ لَزِمَهُ تَمْكِينُهُ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ، لَكِنَّ صِحَّةَ تَصَرُّفِهِ ظَاهِرًا مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى بَيِّنَةٍ بِرُشْدِهِ: أَيْ أَوْ ظُهُورِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ حَيْثُ قَالَ: يُصَدَّقُ الْوَلِيُّ فِي دَوَامِ الْحَجْرِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ مَا لَمْ يَظْهَرْ الرُّشْدُ أَوْ يَثْبُتْ، فَعَلَى هَذَا لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُ الصَّبِيِّ فِي مَالِهِ قَبْلَ ثُبُوتِ رُشْدِهِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ الظُّهُورِ، وَلَا تَصَرُّفُ الْوَلِيِّ لِاعْتِرَافِهِ بِرُشْدِهِ (قَوْلُهُ: بِقَوْلِهِ) أَيْ قَوْلِ الصَّبِيِّ (قَوْلُهُ: يُعَضِّدُ قَوْلَهُ) أَيْ يُقَوِّي قَوْلَ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ: بَلْ الظَّاهِرُ) أَيْ بَلْ الظَّاهِرُ يُعَضِّدُ قَوْلَ الْوَلِيِّ أَيْضًا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِرُشْدِهِ) أَيْ فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ بَعْدَ تَصَرُّفِ الْوَلِيِّ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ تَصَرُّفِهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُرِنِي) أَيْ لَمْ يُعْلِمْنِي (قَوْلُهُ: وَرَآنِي) عَطْفُ عِلَّةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَشَمِلَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ التَّفْرِيعِ عَلَى خُصُوصِ هَذَا التَّفْسِيرِ مَعَ أَنَّ عَكْسَهُ أَظْهَرُ فِي الشُّمُولِ. (قَوْلُهُ: وَالرُّشْدُ ضِدُّ الْغَيِّ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي الْخُطْبَةِ لَكِنْ هَذَا لَيْسَ الْمُرَادَ هُنَا. (قَوْلُهُ: وَتَعْبِيرُهُ بِرَشِيدًا) يَعْنِي وَتَقْيِيدُهُ الْبُلُوغَ بِالرُّشْدِ، وَقَوْلُهُ: لَا يُنَافِي مَنْ عَبَّرَ بِالْبُلُوغِ: يَعْنِي مَنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْبُلُوغِ .

وَالْخَنْدَقِ فِي جُمَادَى سَنَةَ خَمْسٍ وَقَدْ قَالَ الْقَمُولِيُّ: عَنْ الشَّافِعِيِّ «إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَدَّ سَبْعَةَ عَشَرَ صَحَابِيًّا وَهُمْ أَبْنَاءُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرَهُمْ بَلَغُوا، وَعُرِضُوا عَلَيْهِ وَهُمْ أَبْنَاءُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَجَازَهُمْ، مِنْهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَرَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ وَابْنُ عُمَرَ» (أَوْ خُرُوجُ الْمَنِيِّ) لِوَقْتِ إمْكَانِهِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} [النور: 59] وَخَبَرُ «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ: عَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ» . وَالْحُلُمُ الِاحْتِلَامُ، وَهُوَ لُغَةً مَا يَرَاهُ النَّائِمُ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا خُرُوجُ الْمَنِيِّ فِي نَوْمٍ أَوْ يَقَظَةٍ بِجِمَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَتَعْبِيرُهُ بِالْخُرُوجِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالِاحْتِلَامِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي تَحَقُّقَ خُرُوجِ الْمَنِيِّ، فَلَوْ أَتَتْ زَوْجَةُ الصَّبِيِّ بِوَلَدٍ يَلْحَقُهُ لَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ بِهِ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ اللِّعَانِ عَنْ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَلْحَقُ بِالْإِمْكَانِ، وَالْبُلُوغُ لَا يَكُونُ إلَّا بِتَحَقُّقِهِ، وَعَلَى هَذَا لَا يَثْبُتُ إيلَادُهُ إذَا وَطِئَ أَمَتَهُ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ فِي ثُبُوتِ إيلَادِهِ وَالْحُكْمِ بِبُلُوغِهِ (وَوَقْتُ إمْكَانِهِ اسْتِكْمَالُ تِسْعِ سِنِينَ) قَمَرِيَّةً بِالِاسْتِقْرَاءِ، وَأَفْهَمَ تَعْبِيرُهُ بِالِاسْتِكْمَالِ أَنَّهَا تَحْدِيدِيَّةٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ وَإِنْ بَحَثَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهَا تَقْرِيبِيَّةٌ كَالْحَيْضِ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ ضَبْطٌ لَهُ أَقَلُّ وَأَكْثَرُ فَالزَّمَنُ الَّذِي لَا يَسَعُ أَقَلَّ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ وُجُودُهُ كَالْعَدَمِ بِخِلَافِ الْمَنِيِّ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى (وَنَبَاتُ) شَعْرِ (الْعَانَةِ) الْخَشِنِ الَّذِي يَحْتَاجُ فِي إزَالَتِهِ إلَى نَحْوِ حَلْقٍ، وَظَاهِرٌ أَنَّهَا اسْمٌ لِلْمُنْبَتِ لَا لِلنَّابِتِ وَفِيهِ خِلَافٌ لِأَهْلِ اللُّغَةِ، وَالْأَشْهَرُ أَنَّهَا النَّابِتُ وَأَنَّ الْمُنْبَتِ شِعْرَةٌ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ (يَقْتَضِي الْحُكْمَ بِبُلُوغِ وَلَدِ الْكَافِرِ) وَمَنْ جُهِلَ إسْلَامُهُ إذَا كَانَ عَلَى فَرْجٍ وَاضِحٍ أَوْ فَرْجَيْ مُشْكَلٍ مَعًا كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ، وَتَوَقَّفَ الْبُلْقِينِيُّ فِيهِ يُجَابُ عَنْهُ بِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ فَاشْتُرِطَ كَوْنُهُ عَلَى الْفَرْجَيْنِ كَمَا يُشْتَرَطُ خُرُوجُ الْمَنِيِّ مِنْهُمَا وَشَمِلَ كَلَامُهُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَهُوَ كَذَلِكَ، خِلَافًا لِلْجُورِيِّ لِمَا صَحَّ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى مَعْلُولٍ: أَيْ أَجَازَنِي لِرُؤْيَتِهِ بُلُوغِي (قَوْلُهُ: سَنَةَ خَمْسٍ) الصَّحِيحُ أَنَّهَا سَنَةَ أَرْبَعٍ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَعَلَى هَذَا فَلَا إشْكَالَ فِي جَوَابِ الشَّارِحِ. أَمَّا عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهَا سَنَةَ خَمْسٍ فَلَا يَتِمُّ الْجَوَابُ بِمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ بَيْنَهُمَا أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ كَذَا بِهَامِشٍ، وَفِيهِ أَنَّ الْإِشْكَالَ مُنْدَفِعٌ بِمَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهَا فِي سَنَةِ خَمْسٍ أَنَّهُ اسْتَكْمَلَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ وَأَخَذَ جُزْءًا مِمَّا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: أَوْ خُرُوجِ الْمَنِيِّ) ضَابِطُهُ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ، وَلَوْ أَحَسَّ بِالْمَنِيِّ فِي قَصَبَةِ الذَّكَرِ فَقَبَضَهُ فَلَمْ يَخْرُجْ حُكِمَ بِبُلُوغِهِ، وَإِنْ لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ لِاخْتِلَافِ مُدْرَكِ الْبَابَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِي الْغُسْلِ عَلَى الْخُرُوجِ إلَى الظَّاهِرِ وَفِي الْبُلُوغِ عَلَى الْإِنْزَالِ قَالَهُ م ر. وَلَا يَرِدُ هَذَا عَلَى قَوْلِهِ السَّابِقِ: إنَّ ضَابِطَهُ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مَا يَكُونُ شَأْنُهُ إيجَابَ الْغُسْلِ لَوْ خَرَجَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: بِوَلَدٍ يَلْحَقُهُ) بِأَنْ بَلَغَ تِسْعَ سِنِينَ وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ مُدَّةَ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: لَا يَكُونُ إلَّا بِتَحَقُّقِهِ) أَيْ لَا يُحْكَمُ بِهِ إلَّا إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا يَثْبُتُ إيلَادُهُ) أَيْ وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ لِإِمْكَانِهِ (قَوْلُهُ: إذَا وَطِئَ) أَيْ وَثَبَتَ وَطْؤُهُ بِغَيْرِ إقْرَارِهِ؛ لِأَنَّ لُحُوقَ الْوَلَدِ مِنْ الْأَمَةِ لَا يَكْفِي فِيهِ مُجَرَّدُ الْإِمْكَانِ مِنْ غَيْرِ ثُبُوتِ الْوَطْءِ، بِخِلَافِ لُحُوقِ الْوَلَدِ مِنْ الزَّوْجَةِ فَإِنَّهُ يَكْفِي فِيهَا مُجَرَّدُ الْإِمْكَانِ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ وَطْءٌ (قَوْلُهُ: أَنَّهَا تَحْدِيدِيَّةٌ) أَيْ فِي الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ) مُرَادُهُ حَجّ (قَوْلُهُ: وَالْأَشْهَرُ) أَيْ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا يُشْتَرَطُ خُرُوجُ الْمَنِيِّ مِنْهُمَا) وَعَلَيْهِ لَوْ خَرَجَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَاسْتَدْخَلَتْهُ امْرَأَةٌ ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ لَحِقَهُ احْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ وَلَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ كَمَا مَرَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَلَوْ أَتَتْ زَوْجَةُ الصَّبِيِّ بِوَلَدٍ يَلْحَقُهُ) أَيْ: بِأَنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ بِأَنْ أَتَتْ بِهِ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَطْءِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: فَلَوْ أَتَتْ زَوْجَةُ صَبِيٍّ بَلَغَ تِسْعَ سِنِينَ بِوَلَدٍ لِلْإِمْكَانِ لَحِقَهُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ) لَعَلَّ مُرَادَهُ فِي الْحَيْضِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ) أَيْ ظَاهِرُ مَا حَلَّ بِهِ الْمَتْنُ مِنْ زِيَادَةِ لَفْظِ شَعْرِ. (قَوْلُهُ: وَتَوَقَّفَ الْبُلْقِينِيُّ فِيهِ) أَيْ فِي اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ عَلَى الْفَرْجَيْنِ أَخْذًا مِنْ الْجَوَابِ. (قَوْلُهُ: يُجَابُ عَنْهُ مِمَّا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ) الَّذِي سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ تَصْحِيحٌ أَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى الْبُلُوغِ بِأَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: لِمَا صَحَّ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ

عَطِيَّةَ الْقُرَظِيِّ: كُنْت مِنْ سَبْيِ بَنِي قُرَيْظَةَ فَكَانُوا يَنْظُرُونَ مَنْ أَنْبَتَ الشَّعْرَ قُتِلَ، وَمَنْ لَمْ يُنْبِتْ لَمْ يُقْتَلْ، فَكَشَفُوا عَنْ عَانَتِي فَوَجَدُوهَا لَمْ تُنْبِتْ فَجَعَلُونِي فِي السَّبْيِ. وَوَقْتُ إمْكَانِهِ وَقْتُ إمْكَانِ الِاحْتِلَامِ، وَلَوْ لَمْ يَحْتَلِمْ وَشَهِدَ عَدْلَانِ بِأَنَّ سِنَّهُ دُونَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً لَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهِ بِالْإِنْبَاتِ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ دَلِيلُ الْبُلُوغِ بِالسِّنِّ، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ كَالسُّبْكِيِّ يُتَّجَهُ أَنَّهُ دَلِيلٌ لِلْبُلُوغِ بِأَحَدِهِمَا اهـ. وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ. وَيَجُوزُ النَّظَرُ إلَى عَانَةِ مَنْ احْتَجْنَا لِمَعْرِفَةِ بُلُوغِهِ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ وَخَرَجَ بِهَا شَعْرُ اللِّحْيَةِ وَالْإِبِطِ فَلَيْسَ دَلِيلًا لِلْبُلُوغِ لِنُدُورِهِمَا دُونَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَلِأَنَّ إنْبَاتَهُمَا لَوْ دَلَّ عَلَى الْبُلُوغِ لَمَا كَشَفُوا الْعَانَةَ فِي وَقْعَةِ بَنِي قُرَيْظَةَ لِمَا فِيهِ مِنْ كَشْفِ الْعَوْرَةِ مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ، وَفِي مَعْنَاهُمَا الشَّارِبُ وَثِقَلُ الصَّوْتِ وَنُهُودُ الثَّدْيِ وَنُتُوُّ طَرَفِ الْحُلْقُومِ وَانْفِرَاقُ الْأَرْنَبَةِ وَنَحْوُ ذَلِكَ (لَا الْمُسْلِمُ فِي الْأَصَحِّ) فَلَا يَكُونُ عَلَامَةً عَلَى بُلُوغِهِ لِسُهُولَةِ مُرَاجَعَةِ آبَائِهِ وَأَقَارِبِهِ الْمُسْلِمِينَ، وَلِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي الْإِنْبَاتِ فَرُبَّمَا تَعَجَّلَهُ بِدَوَاءٍ دَفْعًا لِلْحَجْرِ وَتَشَوُّفًا لِلْوِلَايَاتِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُفْضِي بِهِ إلَى الْقَتْلِ أَوْ ضَرْبِ الْجِزْيَةِ، وَهَذَا جَرَى عَلَى الْأَصْلِ وَالْغَالِبِ؛ إذْ الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى وَمَنْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَةُ أَقَارِبِهِ الْمُسْلِمِينَ كَذَلِكَ، وَيُصَدَّقُ وَلَدُ كَافِرٍ سُبِيَ فَادَّعَى الِاسْتِعْجَالَ بِالدَّوَاءِ بِيَمِينِهِ لِدَفْعِ الْقَتْلِ لَا لِإِسْقَاطِ جِزْيَةٍ لَوْ كَانَ مِنْ أَوْلَادِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَطُولِبَ بِهَا، وَالْفَرْقُ الِاحْتِيَاطُ لِحَقِّ الْمُسْلِمِينَ فِي الْحَالَيْنِ وَيَجِبُ تَحْلِيفُهُ فِي الْأُولَى إذَا أَرَادَهُ وَلَا يُشْكَلُ تَحْلِيفُهُ بِأَنَّهُ يَثْبُتُ صِبَاهُ، وَالصَّبِيُّ لَا يَحْلِفُ لِمَنْعِ كَوْنِهِ يُثْبِتُهُ بَلْ هُوَ ثَابِتٌ بِالْأَصْلِ، وَإِنَّمَا الْعَلَامَةُ وَهِيَ الْإِنْبَاتُ عَارِضُهَا دَعْوَاهُ الِاسْتِعْجَالَ فَضَعُفَتْ دَلَالَتُهَا عَلَى الْبُلُوغِ فَاحْتِيجَ لِمُعِينٍ لِمَا عَارَضَهَا، وَأَيْضًا فَالِاحْتِيَاطُ لِحَقْنِ الدَّمِ قَدْ يُوجِبُ مُخَالَفَةَ الْقِيَاسِ، وَلِذَا قُبِلَتْ جِزْيَةُ الْمَجُوسِ مَعَ حُرْمَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي زَوْجَةِ الصَّبِيِّ (قَوْلُهُ: وَقْتَ إمْكَانِ الِاحْتِلَامِ) أَيْ فَلَوْ أَنْبَتَ قَبْلَ إمْكَانِ خُرُوجِ الْمَنِيِّ لَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ) أَيْ فَيُحْكَمُ بِبُلُوغِ الصَّبِيِّ وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِعَدَمِ بُلُوغِهِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَعِبَارَتُهُ قَوْلُهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ، بَلْ يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ بِالْإِنْبَاتِ فَلَا تُعْتَبَرُ الْبَيِّنَةُ اهـ. وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِيمَا قُلْنَاهُ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ النَّظَرُ إلَى عَانَةِ) أَيْ أَمَّا الْمَسُّ فَلَا، وَلَعَلَّهُ؛ لِأَنَّ مَعْرِفَةَ كَوْنِهِ يَحْتَاجُ إلَى حَلْقٍ تَكْفِي فِيهِ الرُّؤْيَةُ وَمَحَلُّ جَوَازِ النَّظَرِ حَيْثُ لَمْ يَرْتَكِبْ الْحُرْمَةَ وَيَمَسَّ، فَإِنْ خَالَفَ وَفَعَلَ فَيَنْبَغِي حُرْمَةُ النَّظَرِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْمَسِّ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ دَلِيلًا لِلْبُلُوغِ) أَيْ فَلَا يَتَوَقَّفُ الْحُكْمُ بِالْبُلُوغِ حَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ اسْتِكْمَالُ الْخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً عَلَى نَبَاتِهِمَا بَلْ يُكْتَفَى بِنَبَاتِ الْعَانَةِ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا نَبَتَتْ لِحْيَتُهُ بِالْفِعْلِ لَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ بَلْ ذَلِكَ عَلَامَةٌ بِالْأَوْلَى مِنْ نَبَاتِ الْعَانَةِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ لِنُدُورِهِمَا دُونَ خَمْسَةَ عَشْرَ، وَفِي حَجّ مَا يُصَرِّحُ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَعِبَارَتُهُ: وَخَرَجَ بِهَا نَبَاتُ نَحْوِ اللِّحْيَةِ فَلَيْسَ بُلُوغًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّرْحُ الصَّغِيرُ فِي الْإِبِطِ وَأُلْحِقَ بِهِ اللِّحْيَةُ وَالشَّارِبُ بِالْأَوْلَى فَإِنَّ الْبَغَوِيّ أَلْحَقَ الْإِبِطَ بِالْعَانَةِ دُونَهُمَا وَفِي كُلِّ ذَلِكَ نَظَرٌ، بَلْ الشَّعْرُ الْخَشِنُ مِنْ ذَلِكَ كَالْعَانَةِ فِي ذَلِكَ وَأَوْلَى إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهَا: أَيْ الْعَانَةِ أَمْرٌ تَعَبُّدِيٌّ وَهُوَ صَرِيحٌ مِنْهُ فِي أَنَّ اللِّحْيَةَ إذَا نَبَتَتْ لَا يُسْتَدَلُّ بِنَبَاتِهَا عَلَى الْبُلُوغِ حَيْثُ لَمْ تَنْبُتْ عَانَتُهُ وَلَكِنَّهُ نَظَرَ فِيهِ كَمَا تَرَى، فَلَعَلَّ مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا أَوْجَهُ (قَوْلُهُ: وَنُهُودِ الثَّدْيِ) أَيْ ارْتِفَاعِهِ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: نَهَدَ الثَّدْيُ نُهُودًا مِنْ بَابِ قَعَدَ وَمِنْ بَابِ نَفَعَ كَعَبَ وَأَشْرَفَ، وَجَارِيَةٌ نَاهِدٌ وَنَاهِدَةٌ أَيْضًا وَالْجَمْعُ نَوَاهِدُ (قَوْلُهُ: وَانْفِرَاقِ الْأَرْنَبَةِ) أَيْ طَرَفِ الْأَنْفِ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ فِي إنْبَاتِ عَانَتِهِمَا عَلَامَةُ وَلَدِ الْكَافِرِ دُونَ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ: وَطُولِبَ بِهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْجِزْيَةَ تُؤْخَذُ مِنْ أَوْلَادِ الذِّمِّيِّينَ تَبَعًا لِآبَائِهِمْ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا لَا تَجِبُ إلَّا بِالْتِزَامِهِمْ الْجِزْيَةَ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: لَا لِعَدَمِ ضَرْبِ الْجِزْيَةِ (قَوْلُهُ: إذَا أَرَادَهُ) أَيْ الْحَلِفَ فَلَوْ امْتَنَعَ مِنْهُ قُتِلَ لِلْحُكْمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِنُدُورِهِمَا) أَيْ فَلَمْ يُجْعَلَا مَنَاطًا لِلْحُكْمِ عَلَى الْقَاعِدَةِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ إنْبَاتَهُمَا لَوْ دَلَّ عَلَى الْبُلُوغِ لَمَا كَشَفُوا إلَخْ)

مُنَاكَحَتِهِمْ عَلَيْنَا. وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَتَزِيدُ الْمَرْأَةُ عَلَيْهِ (حَيْضًا) لِوَقْتِ إمْكَانِهِ السَّابِقِ بِالْإِجْمَاعِ (وَحَبَلًا) وَعَبَّرَ غَيْرُهُ بِالْوِلَادَةِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَيْسَ بُلُوغًا، وَإِنَّمَا الْبُلُوغُ بِالْإِنْزَالِ، وَالْوِلَادَةُ الْمَسْبُوقَةُ بِالْحَبَلِ دَلِيلٌ عَلَيْهِ، وَمِنْ ثَمَّ يُحْكَمُ بِالْبُلُوغِ قَبْلَهَا بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَحْظَةٍ، فَلَوْ أَتَتْ الْمُطَلَّقَةُ بِوَلَدٍ يَلْحَقُ الزَّوْجَ حَكَمْنَا بِالْبُلُوغِ لَهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ بِمَا مَرَّ وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ إنْ أَمْنَى بِذَكَرِهِ وَحَاضَ مِنْ فَرْجِهِ حُكِمَ بِبُلُوغِهِ، لَا إنْ وُجِدَا أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ أَحَدِ الْفَرْجَيْنِ لِجَوَازِ أَنْ يَظْهَرَ مِنْ الْآخَرِ مَا يُعَارِضُهُ، كَذَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ قَالَ الْإِمَامُ: يَنْبَغِي الْحُكْمُ بِبُلُوغِهِ بِأَحَدِهِمَا كَمَا يُحْكَمُ بِالْإِيضَاحِ بِهِ ثُمَّ يُغَيَّرُ إنْ ظَهَرَ خِلَافُهُ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: إنَّهُ الْحَقُّ وَسَكَتَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، وَأَمَّا قَوْلُ الْإِمَامِ كَالْحُكْمِ بِالْإِيضَاحِ بِهِ فَفَرَّقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَيْنَ الْحُكْمِ بِالْبُلُوغِ بِذَلِكَ وَبَيْنَ الْحُكْمِ بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ بِأَنَّ احْتِمَالَ ذُكُورَتِهِ مُسَاوٍ لِاحْتِمَالِ أُنُوثَتِهِ، فَإِذَا ظَهَرَتْ صُورَةُ مَنِيٍّ بِهِ أَوْ حَيْضٍ فِي وَقْتِ إمْكَانِهِ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ الذُّكُورَةُ أَوْ الْأُنُوثَةُ فَتَعَيَّنَ الْعَمَلُ بِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا غَايَةَ بَعْدَهُ مُحَقَّقَةٌ تُنْتَظَرُ، وَلَا يُحْكَمُ بِالْبُلُوغِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الصِّبَا فَلَا نُبْطِلُهُ عَمَّا يَجُوزُ أَنْ يَظْهَرَ بَعْدَهُ مَا يَقْدَحُ فِي تَرَتُّبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّ لَنَا غَايَةً تُنْتَظَرُ، وَهِيَ اسْتِكْمَالُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً. وَأَمَّا قَوْلُهُ: ثُمَّ يُغَيَّرُ فَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: تَغَيُّرُ الْحُكْمِ فِيمَا يُمْكِنُ مِنْ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ الَّتِي تَبْقَى مَعَهَا الْحَيَاةُ ظَاهِرٌ، لَكِنْ إذَا حَكَمْنَا بِبُلُوغِهِ رَتَّبْنَا عَلَيْهِ أَثَرَهُ مِنْ الْقَتْلِ بِقَوَدٍ وَرِدَّةٍ وَغَيْرِهِمَا مَعَ بَقَاءِ الشَّكِّ فِي الْبُلُوغِ وَفِيهِ بُعْدٌ اهـ. وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: إنْ وَقَعَ ذَلِكَ مَرَّةً لَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهِ وَإِنْ تَكَرَّرَ حَكَمْنَا بِهِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَهُوَ حَسَنٌ غَرِيبٌ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالِاسْتِدْلَالُ بِالْحَيْضِ عَلَى الْأُنُوثَةِ وَبِالْمَنِيِّ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى الذُّكُورَةِ شَرْطُهُ التَّكْرَارُ، وَالْإِمَامُ وَالرَّافِعِيُّ اسْتَنَدَا فِي تَصْوِيبِ الْأَخْذِ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ إلَى الْقِيَاسِ عَلَى الْأَخْذِ بِالذُّكُورَةِ أَوْ الْأُنُوثَةِ فَعُلِمَ أَنَّ صُورَةَ ذَلِكَ فِي التَّكْرَارِ اهـ. ـــــــــــــــــــــــــــــSبِبُلُوغِهِ بِنَبَاتِ الْعَانَةِ الْمُقْتَضِي لِبُلُوغِهِ وَلَمْ يَأْتِ بِدَافِعٍ (قَوْلُهُ: وَكُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ الْحَبَلُ وَالْوِلَادَةُ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الطَّلَاقِ بِمَا مَرَّ) أَيْ بِلَحْظَةٍ، وَإِنْ زَادَتْ الْمُدَّةُ عَلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَسَنَةٍ، وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ مِنْ اعْتِبَارِ اللَّحْظَةِ قَبْلَ الطَّلَاقِ حَيْثُ أَمْكَنَ اجْتِمَاعُهُ بِهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَإِلَّا فَالْمُدَّةُ إنَّمَا تُعْتَبَرُ مِنْ آخِرِ أَوْقَاتِ إمْكَانِ الِاجْتِمَاعِ (قَوْلُهُ: حُكِمَ بِبُلُوغِهِ) أَيْ أَوْ أَمْنَى بِهِمَا (قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ بِالْأَحَدِ حَيْثُ لَمْ نَقُلْ بِهِ (قَوْلُهُ: وَبَيْنَ الْحُكْمِ بِالذُّكُورَةِ) أَيْ حَيْثُ قُلْنَا بِهِمَا، وَالْمَعْنَى فَرَّقَ بَيْنَ عَدَمِ الْبُلُوغِ بِالْأَحَدِ وَحُصُولِ الْإِيضَاحِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأُنُوثَةِ) أَيْ فَيُحْكَمُ بِذُكُورَتِهِ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ آلَةِ الرِّجَالِ وَلَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ وَهُوَ مُشْكِلٌ، فَإِنَّ سَبَبَ الْحُكْمِ بِذُكُورَتِهِ كَوْنُهُ مَنِيًّا مِنْ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ وَمَنْ لَازَمَهُ الْبُلُوغُ فَالْحُكْمُ بِإِيضَاحِهِ بِالذُّكُورَةِ بِالْمَنِيِّ الْمَذْكُورِ وَعَدَمِ بُلُوغِهِ لَا يَظْهَرُ لَهُ مَعْنًى (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ لَنَا غَايَةً تُنْتَظَرُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَمْنَى أَوْ حَاضَتْ أَوْ وُجِدَا مِنْ أَحَدِهِمَا وَقُلْنَا بِعَدَمِ الْبُلُوغِ بِذَلِكَ ثُمَّ بَلَغَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَلَمْ يَعْرِضْ مَا يُخَالِفُ مَا ظَهَرَ مِنْهُ أَنَّا إنَّمَا نَحْكُمُ بِبُلُوغِهِ بَعْدَ بُلُوغِ الْخَمْسَ عَشْرَةَ وَلَا نَقُولُ تَبَيَّنَ بِذَلِكَ الْحُكْمُ بِبُلُوغِهِ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ مَثَلًا، وَعَلَيْهِ فَتَصَرُّفَاتُهُ الْوَاقِعَةُ بَعْدَ خُرُوجِ الْمَنِيِّ أَوْ الْحَيْضِ وَقَبْلَ بُلُوغِ السِّنِّ الْمَذْكُورِ بَاطِلَةٌ لِلْحُكْمِ بِصِبَاهُ، وَاحْتِمَالُ جَوَازِ عُرُوضِ خِلَافِهِ مُمْكِنٌ وَلَوْ بَعُدَ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا قَوْلُهُ) أَيْ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: الَّتِي تَبْقَى مَعَهَا الْحَيَاةُ) أَيْ تَمْتَدُّ (قَوْلُهُ: إنْ وَقَعَ ذَلِكَ) أَيْ الْحَيْضُ أَوْ الْمَنِيُّ مِنْ الْخُنْثَى (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي (قَوْلُهُ: حَسَنٌ) مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى غَرِيبٌ مِنْ حَيْثُ النَّقْلُ (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذَا إنَّمَا يَتَّضِحُ لَوْ كَانَ لِمَنْ كَشَفُوهُ شَعْرُ لِحْيَةٍ أَوْ إبِطٍ. (قَوْلُهُ: حَكَمْنَا بِالْبُلُوغِ لَهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ بِلَحْظَةٍ) أَيْ وَإِنْ زَادَتْ الْمُدَّةُ عَلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ كَالْمُسْتَثْنَى مِمَّا قَبْلَهُ، وَمِنْ ثَمَّ عَبَّرَ الشِّهَابُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ يُحْكَمُ بِبُلُوغِهَا قَبْلَهُ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَحْظَةٍ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ تَكُنْ مُطْلَقَةً وَتَأْتِي بِوَلَدٍ يَلْحَقُ الْمُطَلِّقَ فَيُحْكَمُ بِبُلُوغِهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ بِلَحْظَةٍ. (قَوْلُهُ: وَحَاضَ مِنْ فَرْجِهِ) أَيْ: أَوْ أَمْنَى مِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا قَوْلُ الْإِمَامِ كَالْحُكْمِ بِالْإِيضَاحِ) أَيْ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ بِقَوْلِهِ كَمَا يُحْكَمُ بِالِاتِّضَاحِ بِهِ وَكَانَ الْأَوْلَى خِلَافَ هَذَا السِّيَاقِ

فَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ كَلَامَ الْإِمَامِ مُوَافِقٌ لِكَلَامِ الْمُتَوَلِّي، وَمَرَّ وُجُوبُ الْغُسْلِ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ، فَعَلَيْهِ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْحَيْضِ وَخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ الذَّكَرِ لَكِنَّ ذَاكَ مَحَلُّهُ مَعَ انْسِدَادِ الْأَصْلِيِّ وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا وَيُصَدَّقُ مُدَّعِي الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ أَوْ الْحَيْضِ بِلَا يَمِينٍ وَلَوْ فِي خُصُومَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ، وَلِأَنَّهُ إنْ صُدِّقَ فَلَا يَحْلِفُ وَإِلَّا فَكَيْفَ يَحْلِفُ مَعَ صِغَرِهِ. نَعَمْ إنْ كَانَ مِنْ الْغُزَاةِ وَطَلَبَ سَهْمَ الْمُقَاتِلَةِ أَوْ إثْبَاتَ اسْمِهِ فِي الدِّيوَانِ حَلَفَ عِنْدَ التُّهْمَةِ، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ (وَالرُّشْدُ صَلَاحُ الدِّينِ وَالْمَالِ) جَمِيعًا كَمَا فَسَّرَ بِهِ آيَةَ {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء: 6] ؛ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ، وَهِيَ لِلْعُمُومِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْكَافِرَ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ مَا هُوَ صَلَاحٌ عِنْدَهُمْ فِي الدِّينِ وَالْمَالِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِ وَأَقَرَّاهُ. ثُمَّ بَيَّنَ صَلَاحَ الدِّينِ بِقَوْلِهِ (فَلَا يَفْعَلُ مُحَرَّمًا يُبْطِلُ الْعَدَالَةَ) مِنْ كَبِيرَةٍ أَوْ إصْرَارٍ عَنْ صَغِيرَةٍ مَعَ عَدَمِ غَلَبَةِ الطَّاعَاتِ الْمَعَاصِيَ، وَاحْتُرِزَ بِالْمُحَرَّمِ عَمَّا يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ لِإِخْلَالِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَعُلِمَ) أَيْ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لَكِنْ) اعْتِرَاضٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا مُنَافَاةَ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُنْتَفٍ) قَدْ يُمْنَعُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِانْسِدَادِهِ عَدَمُ خُرُوجِ شَيْءٍ مِنْهُ لَا انْسِدَادُهُ بِلَحْمَةٍ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ: مُدَّعِي الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ) بِخِلَافِ مُدَّعِيهِ بِالسِّنِّ فَلَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَكَيْفَ يَحْلِفُ) قَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ وَقَعَتْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ فِي تَصَرُّفٍ صَدَرَ قَبْلَ تَحَقُّقِ الْبُلُوغِ كَأَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ سَنَتَيْنِ مَثَلًا وَكَانَ صَبِيًّا فَادَّعَى هُوَ أَنَّهُ كَانَ بَالِغًا حَلَفَ؛ لِأَنَّ حَلِفَهُ يَنْفِي صِبَاهُ، لَكِنَّهُ إنَّمَا وَقَعَ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَلَا يُقَالُ فِيهِ إنَّ الصَّبِيَّ لَا يَحْلِفُ (قَوْلُهُ: حَلَفَ عِنْدَ التُّهْمَةِ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: قَدْ يُشْكِلُ عَلَى الْعُمُومِ هُنَا أَنَّ دَلَالَةَ الْعَامِّ كُلِّيَّةٌ بِمَعْنَى أَنَّ الْحُكْمَ مُتَعَلِّقٌ بِكُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ، وَلِكُلٍّ مِنْ صَلَاحِ الْمَالِ وَصَلَاحِ الدِّينِ أَفْرَادٌ كَثِيرَةٌ، فَإِنْ تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِكُلِّ وَاحِدٍ اقْتَضَى الِاكْتِفَاءَ فِي دَفْعِ الْأَمْوَالِ إلَيْهِمْ بِوُجُودِ أَيِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الصَّلَاحَيْنِ وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِهِمْ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِالْمَجْمُوعِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فِي الْعَامِّ اقْتَضَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ غَايَةِ كُلٍّ مِنْ الصَّلَاحَيْنِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْأَفْرَادِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. أَقُولُ: وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ التَّعَلُّقُ بِالْمَجْمُوعِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ مَتَى تَحَقَّقَ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ الْمَجْمُوعُ وُجِدَ الرُّشْدُ وَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى بُلُوغِ الْغَايَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ كَبِيرَةٍ) مُطْلَقًا اهـ حَجّ: أَيْ غَلَبَتْ الطَّاعَاتُ أَوْ لَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَمَّا قَوْلُهُ:) أَيْ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ كَلَامَ الْإِمَامِ مُوَافِقٌ لِكَلَامِ الْمُتَوَلِّي) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ فَكُلٌّ مِنْهُمَا ضَعِيفٌ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَمَرَّ وُجُوبُ الْغُسْلِ إلَخْ) حَاصِلُ الْمَقْصُودِ مِنْ هَذَا أَنَّهُمْ عَلَّلُوا الْحُكْمَ بِالْبُلُوغِ بِالْحَيْضِ مِنْ الْفَرْجِ وَالْإِمْنَاءِ مِنْ الذَّكَرِ بِأَنَّهُ إمَّا ذَكَرٌ أَمْنَى أَوْ أُنْثَى حَاضَتْ فَأَبْدَى فِيهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ سُؤَالًا، حَاصِلُهُ أَنَّهُمْ أَوْجَبُوا الْغُسْلَ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ، فَحِينَئِذٍ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ خُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ الذَّكَرِ وَالْحَيْضِ مِنْ الْفَرْجِ؛ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أُنْثَى حَاضَتْ مِنْ فَرْجِهَا وَأَمْنَتْ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ مَنِيِّهَا الْمُعْتَادِ: أَيْ فَلَا يَتِمُّ التَّرْدِيدُ فِي تَعْلِيلِهِمْ، ثُمَّ أَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ مَحَلَّ وُجُوبِ الْغُسْلِ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ إذَا انْسَدَّ الْأَصْلِيُّ وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا، وَالشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَسْقَطَ التَّعْلِيلَ الْمَذْكُورَ ثُمَّ ذَكَرَ مَا ذَكَرَهُ فَلَمْ يَظْهَرْ مَعْنَاهُ . (قَوْلُهُ: مِنْ كَبِيرَةٍ أَوْ إصْرَارٍ عَلَى صَغِيرَةٍ) أَيْ عِنْدَ الْبُلُوغِ بِدَلِيلِ مَا سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ أَنَّهُ لَوْ فَسَقَ: أَيْ بِفِعْلِ الْكَبِيرَةِ أَوْ الْإِصْرَارِ عَلَى الصَّغِيرَةِ بَعْدَ الْبُلُوغِ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ الصَّادِقُ ذَلِكَ بِقِلَّةِ الزَّمَنِ بَيْنَ الْبُلُوغِ وَبَيْنَ الْفِسْقِ وَكَثْرَتِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَتَحَقَّقُ السَّفَهُ إلَّا فِيمَنْ أَتَى بِالْمُفَسِّقِ مُقَارِنًا لِلْبُلُوغِ، وَحِينَئِذٍ فَالْبُلُوغُ عَلَى السَّفَهِ فِي غَايَةِ النُّدُورِ كَمَا لَا يَخْفَى فَلْيُنْظَرْ هُنَا الِاقْتِضَاءُ

بِالْمُرُوءَةِ كَالْأَكْلِ فِي السُّوقِ فَلَا يَمْنَعُ الرُّشْدَ؛ لِأَنَّ الْإِخْلَالَ بِالْمُرُوءَةِ لَيْسَ بِحَرَامٍ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَوْ شَرِبَ النَّبِيذَ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ فَفِي التَّحْرِيرِ وَالِاسْتِذْكَارِ إنْ كَانَ يَعْتَقِدُ حِلَّهُ لَمْ يُؤَثِّرْ، أَوْ تَحْرِيمَهُ فَوَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا التَّأْثِيرُ، وَإِصْلَاحُ الْمَالِ بِقَوْلِهِ (وَلَا يُبَذِّرُ بِأَنْ يُضَيِّعَ الْمَالَ) أَيْ جِنْسَهُ (بِاحْتِمَالِ غَبْنٍ فَاحِشٍ فِي الْمُعَامَلَةِ) وَنَحْوِهَا، وَهُوَ مَا لَا يُحْتَمَلُ غَالِبًا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ بِخِلَافِ الْيَسِيرِ كَبَيْعِ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً بِتِسْعَةٍ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عِنْدَ جَهْلِهِ بِحَالِ الْمُعَامَلَةِ، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا وَأَعْطَى أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا كَانَ الزَّائِدُ صَدَقَةً خَفِيَّةً مَحْمُودَةً (أَوْ رَمْيِهِ) أَيْ الْمَالَ وَإِنْ قَلَّ (فِي بَحْرٍ) أَوْ نَارٍ أَوْ نَحْوِهِمَا (أَوْ إنْفَاقِهِ فِي مُحَرَّمٍ) وَلَوْ صَغِيرَةً لِمَا فِيهِ مِنْ قِلَّةِ الدِّينِ، وَالتَّبْذِيرُ الْجَهْلُ بِمَوَاقِعِ الْحُقُوقِ، وَالسَّرَفُ الْجَهْلُ بِمَقَادِيرِ الْحُقُوقِ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي أَدَبِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا. وَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ يَقْتَضِي تَرَادُفَهُمَا، وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالْإِنْفَاقِ الْإِضَاعَةُ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ فِي الْمُخْرَجِ فِي الطَّاعَةِ إنْفَاقٌ، وَفِي الْمَكْرُوهِ وَالْمُحَرَّمِ إضَاعَةٌ وَخُسْرَانٌ وَغُرْمٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ إلْحَاقِ الِاخْتِصَاصِ هُنَا بِالْمَالِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ صَرْفَهُ) أَيْ الْمَالِ وَإِنْ كَثُرَ (فِي الصَّدَقَةِ وَ) بَاقِي (وُجُوهِ الْخَيْرِ) هُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ، وَهُوَ وَارِدٌ شَائِعٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ كَالْعِتْقِ (وَالْمَطَاعِمِ وَالْمَلَابِسِ الَّتِي لَا تَلِيقُ بِحَالِهِ لَيْسَ بِتَبْذِيرٍ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِمَا فِي السَّرَفِ فِي الْخَيْرِ مِنْ غَرَضِ الثَّوَابِ، وَلَا سَرَفَ فِي الْخَيْرِ كَمَا لَا خَيْرَ فِي السَّرَفِ، وَحَقِيقَةُ السَّرَفِ مَا لَا يُكْسِبُ حَمْدًا فِي الْعَاجِلِ وَلَا أَجْرًا فِي الْآجِلِ. وَقِيلَ يَكُونُ بِذَلِكَ مُبَذِّرًا إنْ بَلَغَ مُفَرِّطًا فِي الْإِنْفَاقِ وَإِنْ عَرَضَ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ الْبُلُوغِ مُقْتَصِدًا فَلَا. وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ الْمَالَ يُتَّخَذُ لِيُنْتَفَعَ بِهِ وَيُلْتَذَّ. وَقِيلَ يَكُونُ تَبْذِيرًا عَادَةً. وَقَضِيَّةُ مَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ. نَعَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْإِخْلَالَ بِالْمُرُوءَةِ لَيْسَ بِحَرَامٍ) وَمِنْ الْإِخْلَالِ الْمُحَافَظَةُ عَلَى تَرْكِ الرَّوَاتِبِ أَوْ بَعْضِهَا فَتُرَدُّ بِهَا الشَّهَادَةُ وَلَيْسَتْ مُحَرَّمَةً، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْوَرَقَاتِ الْكَبِيرِ لِلْعَلَّامَةِ سم نَصُّهَا: فَالْوَاجِبُ مَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ وَيُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ، وَالْمُرَادُ بِتَرْكِهِ كَفُّ نَفْسِهِ عَنْهُ، لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ، وَهُوَ فِي النَّهْيِ الْكَفُّ، وَالْمُرَادُ الْعِقَابُ فِي الْآخِرَةِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ فَلَا يَرِدُ قِتَالُ أَهْلِ بَلَدٍ اتَّفَقُوا عَلَى تَرْكِ الْأَذَانِ أَوْ الْعِيدِ عَلَى وَجْهٍ مَرْجُوحٍ، وَلَا رَدُّ شَهَادَةِ مَنْ وَاظَبَ عَلَى تَرْكِ رَوَاتِبِ النَّوَافِلِ، عَلَى أَنَّ الْفَزَارِيَّ أَجَابَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْمُقَاتَلَةَ لَمْ تَكُنْ عَلَى نَفْسِ التَّرْكِ بَلْ عَلَى لَازِمِهِ، وَهُوَ الْإِخْلَالُ فِي الدِّينِ وَهُوَ حَرَامٌ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ. وَعَلَى الثَّانِي بِأَنَّ رَدَّ الشَّهَادَةِ لَيْسَ عِقَابًا بَلْ هُوَ عَدَمُ أَهْلِيَّةِ مَرْتَبَةٍ شَرْعِيَّةٍ انْتَهَى (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ مُتَحَمِّلًا لِلشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ: فَفِي التَّحْرِيرِ) لِلْجُرْجَانِيِّ (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِذْكَارِ) لِلدَّارِمِيِّ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ يَعْتَقِدُ حِلَّهُ) كَالْحَنَفِيِّ (قَوْلُهُ: أَوْ تَحْرِيمَهُ) كَالشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: أَيْ جِنْسُهُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَمَوِّلًا (قَوْلُهُ: كَبَيْعِ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً بِتِسْعَةٍ) أَيْ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَخَرَجَ الدَّنَانِيرُ فَلَا يُحْتَمَلُ ذَلِكَ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَأَعْطَى) وَلَوْ كَانَ الْمُعْطَى لَهُ غَنِيًّا؛ إذْ لَا تَمْتَنِعُ مُحَابَاتُهُ وَتَجُوزُ الصَّدَقَةُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ إلَخْ) وَهُوَ ظَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الصَّرْفَ فِي الْمَآكِلِ اللَّذِيذَةِ وَنَحْوِهَا لَيْسَ تَبْذِيرًا، وَغَيْرُ ظَاهِرٍ عَلَى أَنَّهُ تَبْذِيرٌ يُحْجَرُ بِهِ مَعَ كَوْنِهِ لَيْسَ حَرَامًا (قَوْلُهُ: فِي الطَّاعَةِ) سَكَتَ عَنْ الْمُبَاحِ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالطَّاعَةِ مَا يَشْمَلُهُ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ: أَيْ فَيُلْحَقُ بِالْمَالِ فَيَحْرُمُ إضَاعَةُ مَا يُعَدُّ مُنْتَفَعًا بِهِ مِنْهُ عُرْفًا وَيُحْجَرُ بِسَبَبِهِ (قَوْلُهُ كَالْعِتْقِ) تَصْوِيرٌ لِوُجُوهِ الْخَيْرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَمَّا فِي الْأُولَى) هِيَ الصَّدَقَةُ وَوُجُوهُ الْخَيْرِ (قَوْلُهُ: مُقْتَصِدًا) أَيْ مُتَوَسِّطًا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ) هِيَ الْمَطَاعِمُ وَالْمَلَابِسُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُلْتَذُّ) أَيْ بِهِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ مَا تَقَرَّرَ إلَخْ) وَهَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــQمُرَادٌ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: لَيْسَ بِحَرَامٍ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: الْحُرْمَةُ مُطْلَقًا. وَالثَّانِي: إنْ كَانَ قَدْ تَحَمَّلَ شَهَادَةً كَمَا حَكَى ذَلِكَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ رَزِينٍ، وَلْيُرَاجَعْ مَا سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ فِي الشَّهَادَاتِ. (قَوْلُهُ: كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ) أَيْ تَبَعًا لِغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: هُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ) لَا يُلَاقِي هَذَا تَقْدِيرَهُ لَفْظَ بَاقِي فِي الْمَتْنِ؛ إذْ بِاعْتِبَارِهِ يَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْمُغَايِرِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُجَابُ عَنْ الْمَتْنِ بِجَوَابَيْنِ: أَحَدِهِمَا أَنَّهُ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ الَّذِي قَدَّرَهُ الشَّارِحُ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ. (قَوْلُهُ: وَحَقِيقَةُ الصَّرْفِ إلَخْ) هَذَا يُوَافِقُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ مِنْ تَرَادُفِ

إنْ صَرَفَهُ فِي ذَلِكَ بِطَرِيقِ الِاقْتِرَاضِ لَهُ، وَهُوَ لَا يَرْجُو وَفَاءَهُ مِنْ سَبَبٍ ظَاهِرٍ فَحَرَامٌ كَمَا يَأْتِي فِي قِسْمِ الصَّدَقَاتِ (وَيُخْتَبَرُ) مِنْ جِهَةِ الْوَلِيِّ وَلَوْ غَيْرَ أَصْلٍ (رُشْدُ الصَّبِيِّ) فِي الدِّينِ وَالْمَالِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: 6] أَيْ اخْتَبِرُوهُمْ. أَمَّا فِي الدِّينِ فَبِمُشَاهَدَةِ حَالِهِ فِي الْعِبَادَاتِ وَتَجَنُّبِ الْمَحْظُورَاتِ وَتَوَقِّي الشُّبُهَاتِ وَمُخَالَطَةِ أَهْلِ الْخَيْرِ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالصَّبِيِّ وَإِنْ كَانَتْ الْأُنْثَى كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَذْكُرُ الْمَرْأَةَ بَعْدُ (وَ) مَا فِي الْمَالِ فَإِنَّهُ (يَخْتَلِفُ بِالْمُرَتَّبِ فَيُخْتَبَرُ وَلَدُ التَّاجِرِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ) أَيْ بِمُقَدَّمَاتِهِمَا فَعَطْفُهُ مَا بَعْدَهُمَا عَلَيْهِمَا مِنْ عَطْفِ الرَّدِيفِ أَوْ الْأَخَصِّ وَذَلِكَ لِمَا يَذْكُرُهُ بَعْدُ مِنْ عَدَمِ صِحَّتِهِمَا مِنْهُ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ (وَالْمُمَاكَسَةِ فِيهِمَا) وَهُوَ طَلَبُ النُّقْصَانِ عَمَّا طَلَبَهُ الْبَائِعُ وَطَلَبُ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا يَبْذُلُهُ الْمُشْتَرِي وَإِذَا اُخْتُبِرَ فِي نَوْعٍ مِنْ التِّجَارَةِ كَفَى وَلَا يَحْتَاجُ إلَى اخْتِبَارِهِ فِي بَاقِيهَا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي تَعْلِيقِهِ، وَوَلَدُ السُّوقَةِ كَوَلَدِ التَّاجِرِ (وَ) يُخْتَبَرُ (وَلَدُ الزُّرَّاعِ) وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْمُحَرِّرِ وَالْمُزَارِعِ فَإِنَّهُ الَّذِي يَدْفَعُ أَرْضَهُ لِمَنْ يَزْرَعُهَا وَالزُّرَّاعُ يَتَنَاوَلُهُ كَمَا يَتَنَاوَلُ مَنْ يَزْرَعُ بِنَفْسِهِ (بِالزِّرَاعَةِ وَالنَّفَقَةِ عَلَى الْقِوَامِ بِهَا) أَيْ إعْطَاؤُهُمْ الْأُجْرَةَ وَهُمْ مَنْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى الْقِيَامِ بِمَصَالِحِ الزَّرْعِ مِنْ حَرْثٍ وَحَصْدٍ وَحِفْظٍ (وَ) يُخْتَبَرُ (الْمُحْتَرِفُ) كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ بِضَبْطِهِ بِالرَّفْعِ لِيُفِيدَ بِهِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِحَالِ الشَّخْصِ بِالِاحْتِرَافِ وَلَوْ مَآلًا لَا بِحِرْفَةِ أَبِيهِ حَيْثُ لَمْ يَرُدَّهَا وَيَصِحُّ جَرُّهُ، وَعَلَيْهِ يَرْجِعُ ضَمِيرُ حِرْفَتِهِ لِلْمُضَافِ إلَيْهِ وَهُوَ سَائِغٌ وَيَكُونُ فَائِدَتَهُ تَعْمِيمٌ بَعْدَ تَخْصِيصٍ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْكَافِي يُخْتَبَرُ الْوَلَدُ بِحِرْفَةِ أَبِيهِ وَأَقَارِبِهِ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى (بِمَا يَتَعَلَّقُ بِحِرْفَتِهِ) أَيْ حِرْفَةِ أَبِيهِ إنْ لَمْ يُرَدْ سِوَاهَا فَيُخْتَبَرُ وَلَدُ الْخَيَّاطِ مَثَلًا بِتَقْدِيرِ الْأُجْرَةِ، وَوَلَدُ الْأَمِيرِ وَنَحْوِهِ بِأَنْ يُعْطَى شَيْئًا مِنْ مَالِهِ لِيُنْفِقَهُ فِي مُدَّةِ شَهْرٍ فِي خُبْزٍ وَلَحْمٍ وَمَاءٍ وَنَحْوِهِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ تَبَعًا لِجَمَاعَةٍ، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ يُدْفَعُ إلَيْهِ نَفَقَةُ يَوْمٍ فِي مُدَّةِ شَهْرٍ ثُمَّ نَفَقَةُ أُسْبُوعٍ ثُمَّ نَفَقَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــSيُكْرَهُ؟ نَعَمْ قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ لَا يَرْجُو وَفَاءَهُ) أَيْ حَالًا، وَالْكَلَامُ مَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ الْمُقْرِضُ بِحَالِهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَيُخْتَبَرُ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ أَيْ اخْتَبِرُوهُمْ) تَفْسِيرُ الِابْتِلَاءِ بِمَا ذُكِرَ قَدْ يُنَافِي مَا مَرَّ لَهُ مِنْ أَنَّهُ نَبَّهَ بِهِ عَلَى الْحَجْرِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ لَمَّا أَمَرَ بِاخْتِبَارِهِمْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ مَمْنُوعُونَ مِنْ التَّصَرُّفِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى الِابْتِلَاءِ هُوَ الْحَجْرُ (قَوْلُهُ: وَتَوَقِّي الشُّبُهَاتِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ ارْتَكَبَ الشُّبُهَاتِ لَا يَكُونُ رَشِيدًا وَلَيْسَ مُرَادًا لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ ضَابِطَ صَلَاحِ الدِّينِ أَنْ لَا يَفْعَلَ مُحَرَّمًا يُبْطِلُ الْعَدَالَةَ، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ بِذَلِكَ الْمُبَالَغَةُ فِي اسْتِكْشَافِ حَالِ الصَّبِيِّ (قَوْلُهُ: فَيُخْتَبَرُ وَلَدُ التَّاجِرِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ التَّاجِرُ عُرْفًا كَالْبَزَّازِ لَا مَنْ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَوَلَدُ السُّوقَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ مِنْ عَطْفِ الرَّدِيفِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُمَاكَسَةِ جَمِيعُ مُقَدِّمَاتِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَقَوْلُهُ أَوْ الْأَخَصُّ: يَعْنِي بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُقَدِّمَاتِ أَعَمُّ وَأَنَّ الْمُمَاكَسَةَ طَلَبُ الشِّرَاءِ بِدُونِ مَا يَذْكُرُهُ الْبَائِعُ وَالْبَيْعُ بِأَكْثَرَ مِمَّا يَذْكُرُهُ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ) أَيْ ثُمَّ إنْ ظَهَرَ خِلَافُهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ النَّوْعِ تَبَيَّنَ عَدَمُ رُشْدِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ إعْطَاؤُهُمْ) أَيْ الَّتِي عَيَّنَهَا وَلِيُّهُ لِلدَّفْعِ لِلْعَمَلِ، وَيَكُونُ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِتَفْرِقَةِ الزَّكَاةِ وَنَحْوِهَا وَحَيْثُ احْتَاجَ إلَى شِرَاءِ مَا يُنْفِقُهُ عَلَيْهِمْ أَوْ اسْتِئْجَارِ بَعْضِهِمْ عَلَى عَمَلٍ يَعْمَلُهُ اُشْتُرِطَ أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ مِنْ وَلِيِّهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ بِالْمَعْنَى. وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي قَوْلِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مُفَرَّعًا عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ تَصَرُّفِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِلْمُضَافِ إلَيْهِ) هُوَ قَوْلُهُ: الزُّرَّاعِ (قَوْلُهُ نَفَقَةَ يَوْمٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّبْذِيرِ وَالسَّرَفِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ . (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالصَّبِيِّ وَإِنْ كَانَتْ الْأُنْثَى كَذَلِكَ) هَذَا لَا يُوَافِقُ مَا قَدَّمَهُ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَحَجْرُ الصَّبِيِّ يَرْتَفِعُ بِبُلُوغِهِ رَشِيدًا مِنْ شُمُولِ الصَّبِيِّ لِلْأُنْثَى. (قَوْلُهُ: أَيْ حِرْفَةَ أَبِيهِ) أَيْ: بِنَاءً عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي فِيمَا قَدَّمَهُ، لَكِنَّ هَذَا لَا يُنَاسِبُ مَا حَلَّ بِهِ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الْمُحْتَرِفِ، فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ:

شَهْرٍ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مُفَرَّعًا عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ تَصَرُّفِهِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يُمْتَحَنُ بِذَلِكَ، فَإِنْ أَرَادَ الْعَقْدَ عَقَدَ الْوَلِيُّ كَمَا سَيَأْتِي وَالْحِرْفَةُ الصَّنْعَةُ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ. سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَنْحَرِفُ إلَيْهَا وَيُخْتَبَرُ مَنْ لَا حِرْفَةَ لِأَبِيهِ بِالنَّفَقَةِ عَلَى الْعِيَالِ؛ إذْ لَا يَخْلُو مَنْ لَهُ وَلَدٌ عَنْ ذَلِكَ غَالِبًا (وَ) تُخْتَبَرُ (الْمَرْأَةُ) (بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالْغَزْلِ وَالْقُطْنِ) مِنْ حِفْظٍ وَغَيْرِهِ، وَالْغَزْلُ يُطْلَقُ عَلَى الْمَصْدَرِ وَعَلَى الْمَغْزُولِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ الْمَصْدَرَ: يَعْنِي أَنَّهَا هَلْ تَجْتَهِدُ فِيهِ أَوْ لَا؟ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِلْمَرْأَةِ الْبَرْزَةِ وَغَيْرِهَا، وَهُوَ أَوْجَهُ مِنْ قَصْرِ الْأَذْرَعِيِّ لَهُ عَلَى الْمُخَدَّرَةِ. أَمَّا الْبَرْزَةُ فَفِي بَيْعِ الْغَزْلِ وَشِرَاءِ الْقُطْنِ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ كَمَا أَفَادَهُ السُّبْكِيُّ فِيمَنْ يَلِيقُ بِهَا الْغَزْلُ وَالْقُطْنُ. أَمَّا بَنَاتُ الْمُلُوكِ وَنَحْوِهِمْ فَلَا يُخْتَبَرُونَ بِذَلِكَ بَلْ بِمَا يَعْمَلُهُ أَمْثَالُهُنَّ، وَالْمُخْتَبِرُ الْوَلِيُّ أَيْضًا كَمَا لَا يَخْفَى وَلَا يُنَافِيهِ النَّصُّ، عَلَى أَنَّ النِّسَاءَ وَالْمَحَارِمَ يَخْتَبِرُونَهَا؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ يُتَّهَمُ فِي ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ فَالْأَوْجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِأَحَدِهِمَا. وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا. وَقَضِيَّةُ هَذَا النَّصِّ عَدَمُ قَبُولِ شَهَادَةِ الْأَجَانِبِ لَهَا بِالرُّشْدِ، وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ خَلِّكَانَ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ كَمَا قَالَهُ التَّاجُ الْفَزَارِيّ. قَالَ: وَإِنَّمَا تَعَرَّضَ الشَّافِعِيُّ لِلطَّرِيقِ الْغَالِبِ فِي الِاخْتِبَارِ دُونَ الزِّيَادَةِ، وَيُؤَيَّدُ ذَلِكَ بِمَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ أَنَّ الشَّاهِدَ عَلَيْهَا لَا يُكَلَّفُ السُّؤَالَ عَنْ كَيْفِيَّةِ تَحَمُّلِهِ عَلَيْهَا مَا لَمْ يَكُنْ عَامِّيًّا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُظَنُّ صِحَّةُ تَحَمُّلِهِ عَلَيْهَا اعْتِمَادًا عَلَى صَوْتِهَا (وَصَوْنُ الْأَطْعِمَةِ عَنْ الْهِرَّةِ) أَيْ الْأُنْثَى، وَالذَّكَرُ مِثْلُهَا فِي ذَلِكَ، وَيُقَالُ لَهُ: هِرٌّ (وَنَحْوُهَا) كَفَأْرَةٍ وَدَجَاجَةٍ؛ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ يَتَبَيَّنُ الضَّبْطُ وَحِفْظُ الْمَالِ وَعَدَمُ الِانْخِدَاعِ وَذَلِكَ قِوَامُ الرُّشْدِ وَالْخُنْثَى تُخْتَبَرُ بِمَا يُخْتَبَرُ بِهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى لِيَحْصُلَ الْعِلْمُ بِالرُّشْدِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُسْلِمِ (وَيُشْتَرَطُ تَكَرُّرُ الِاخْتِبَارِ مَرَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ) بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ رُشْدُهُ فَلَا يَكْفِي مَرَّةً؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُصِيبُ فِيهَا اتِّفَاقًا (وَوَقْتُهُ) أَيْ الِاخْتِبَارِ (قَبْلَ الْبُلُوغِ) الْآيَةَ {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: 6] وَالْيُتْمُ يَكُونُ قَبْلَ الْبُلُوغِ، وَالْمُرَادُ بِالْقَبْلِيَّةِ: الزَّمَنُ الْمُقَارِبُ لِلْبُلُوغِ بِحَيْثُ يَظْهَرُ رُشْدُهُ لِيُسَلَّمَ إلَيْهِ الْمَالُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ (وَقِيلَ بَعْدَهُ) لِيَصِحَّ تَصَرُّفُهُ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْحَجْرِ عَلَى الْبَالِغِ الرَّشِيدِ إلَى اخْتِبَارِهِ وَهُوَ بَاطِلٌ، وَالْمُخَاطَبُ بِالِاخْتِبَارِ عَلَى الْأَوَّلِ كُلُّ وَلِيٍّ، وَعَلَى الثَّانِي وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا كَذَلِكَ. وَالثَّانِي الْحَاكِمُ فَقَطْ، وَنَسَبَ الْجُورِيُّ الْأَوَّلَ إلَى عَامَّةِ الْأَصْحَابِ وَالثَّانِي إلَى ابْنِ سُرَيْجٍ (فَعَلَى الْأَوَّلِ الْأَصَحُّ) بِالرَّفْعِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ (أَنَّهُ لَا يَصِحُّ عَقْدُهُ) لِمَا مَرَّ مِنْ بُطْلَانِ تَصَرُّفِهِ (بَلْ) يُسَلَّمُ إلَيْهِ الْمَالُ، وَ (يُمْتَحَنُ فِي الْمُمَاكَسَةِ، فَإِذَا أَرَادَ الْعَقْدَ عَقَدَ الْوَلِيُّ) وَالثَّانِي يَصِحُّ عَقْدُهُ لِلْحَاجَةِ، وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ لَوْ تَلِفَ الْمَالُ فِي يَدِ الْمُمْتَحِنِ لَمْ يَضْمَنْهُ وَلِيُّهُ؛ إذْ هُوَ مَأْمُورٌ بِدَفْعِ ذَلِكَ لَهُ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يُخْتَبَرُ السَّفِيهُ أَيْضًا، فَإِذَا ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ كُلَّ يَوْمٍ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ ذَلِكَ) أَيْ دَفْعُ النَّفَقَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يَنْحَرِفُ) أَيْ يُمَالُ إلَيْهَا (قَوْلُهُ عَنْ ذَلِكَ) أَيْ الْعِيَالِ (قَوْلُهُ: الْبَرْزَةِ) أَيْ الْكَثِيرَةِ الْخُرُوجِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ يُتَّهَمُ فِي ذَلِكَ) أَيْ الْإِرَادَةُ دَوَامُ حَجْرِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) أَيْ وَهُوَ قَبُولُ شَهَادَةِ الْأَجَانِبِ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ) أَيْ لِاكْتِفَاءِ بِشَهَادَةِ الْأَجَانِبِ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُسَلِّمِ) وَاسْمُهُ عَلِيٌّ (قَوْلُهُ: الزَّمَنُ الْمُقَارِبُ لِلْبُلُوغِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْبُلُوغِ هُنَا الْبُلُوغُ بِالسِّنِّ كَكَوْنِ سِنِّهِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً أَوْ مَا يَقْرَبُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ لَنَا بِخِلَافِ الِاحْتِلَامِ (قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ) أَيْ مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ وَهُوَ أَنَّ الْمُخْتَبَرَ لَهُ وَلِيُّهُ أَوْ النِّسَاءُ وَالْمَحَارِمُ (قَوْلُهُ وَالثَّانِي) أَيْ وَهُوَ أَنَّ الْمُخْتَبَرَ لَهُ عَلَى الثَّانِي الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: بِدَفْعِ ذَلِكَ لَهُ) كَذَا أَطْلَقُوهُ، وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ مُرَاقَبَتُهُ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ إغْفَالُهُ حَامِلًا عَلَى تَضْيِيعِهِ وَإِلَّا ضَمِنَهُ لَمْ يَبْعُدْ اهـ حَجّ. وَقَدْ تُفْهَمُ الْمُرَاقَبَةُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْقِدَ إلَخْ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْوَلِيَّ يَكُونُ عِنْدَ وَقْتِ الْمُمَاكَسَةِ وَبِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ بِحِرْفَةِ نَفْسِهِ، أَوْ بِحِرْفَةِ أَبِيهِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ. (قَوْلُهُ: مَنْ لَا حِرْفَةَ لِأَبِيهِ) أَيْ: وَلَا لَهُ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْبَرْزَةُ إلَخْ) هُوَ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ

ظَهَرَ رُشْدُهُ عَقَدَ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ (فَلَوْ بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ) لِاخْتِلَالِ صَلَاحِ دِينِهِ وَمَالِهِ (دَامَ الْحَجْرُ) أَيْ جِنْسُهُ وَإِلَّا فَقَدْ انْقَطَعَ حَجْرُ الصَّبِيِّ بِبُلُوغِهِ وَخَلَفَهُ حَجْرُ السَّفَهِ كَمَا مَرَّ فَيَتَصَرَّفُ فِي مَالِهِ مَنْ كَانَ يَتَصَرَّفُ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ (وَإِنْ بَلَغَ رَشِيدًا انْفَكَّ) الْحَجْرُ عَنْهُ (بِنَفْسِ الْبُلُوغِ) أَوْ غَيْرَ رَشِيدٍ ثُمَّ رَشَدَ فَبِنَفْسِ الرُّشْدِ (وَأُعْطِيَ مَالُهُ) وَلَوْ امْرَأَةً فَيَصِحُّ تَصَرُّفُهَا حِينَئِذٍ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى إذْنِ الزَّوْجِ (وَقِيلَ يُشْتَرَطُ فَكُّ الْقَاضِي) ؛ لِأَنَّ الرُّشْدَ يَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ حَجْرٌ ثَبَتَ مِنْ غَيْرِ حَاكِمٍ فَلَمْ يَتَوَقَّفْ زَوَالُهُ عَلَى إزَالَةِ الْحَاكِمِ كَحَجْرِ الْجُنُونِ، وَجَمَعَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَ الِانْفِكَاكِ وَإِعْطَاءِ الْمَالِ إشَارَةً لِرَدِّ مَذْهَبِ مَالِكٍ حَيْثُ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ لَا يُسَلَّمُ لَهَا إلَّا إنْ تَزَوَّجَتْ وَبَعْدَهُ بِإِذْنِ زَوْجِهَا وَلَا يَنْفُذُ تَبَرُّعُهَا بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ مَا لَمْ تَصِرْ عَجُوزًا. وَأَمَّا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد «لَا تَتَصَرَّفُ إلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا» أَشَارَ الشَّافِعِيُّ لِضَعْفِهِ وَبِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ يُحْمَلُ عَلَى الْأَوَّلِ (فَلَوْ) (بَذَّرَ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ بُلُوغِهِ رَشِيدًا (حُجِرَ) أَيْ حَجَرَ الْحَاكِمُ (عَلَيْهِ) دُونَ غَيْرِهِ مِنْ أَبٍ أَوْ جَدٍّ لِوُقُوعِهِ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ، وَإِنَّمَا حَجَرَ عَلَيْهِ لِآيَةِ {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: 5] أَيْ أَمْوَالَهُمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ} [النساء: 5] وَخَبَرِ «خُذُوا عَلَى أَيْدِي سُفَهَائِكُمْ» نَعَمْ نَقَلَ الرُّويَانِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ اسْتِحْبَابَ رَدِّ الْحَاكِمِ أَمْرَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ إلَى أَبِيهِ أَوْ جَدِّهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلِعَصَبَاتِهِ لِشَفَقَتِهِمْ، وَيُسْتَحَبُّ الْإِشْهَادُ عَلَى حَجْرِ السَّفِيهِ وَلَوْ رَأَى النِّدَاءَ عَلَيْهِ لِيَجْتَنِبَ فِي الْمُعَامَلَةِ فَعَلَ، وَعَلَى هَذَا لَوْ عَادَ رَشِيدًا لَمْ يَنْفَكَّ إلَّا بِرَفْعِ الْحَاكِمِ كَمَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِهِ (وَقِيلَ يَعُودُ الْحَجْرُ بِلَا إعَادَةٍ) كَالْجُنُونِ وَتَصَرُّفُهُ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ صَحِيحٌ، وَهَذَا هُوَ السَّفِيهُ الْمُهْمَلُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَيُطْلَقُ عَلَى مَنْ بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ أَيْضًا، وَهَذَا تَصَرُّفٌ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَلَوْ غُبِنَ فِي تَصَرُّفٍ دُونَ آخَرَ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ لِتَعَذُّرِ اجْتِمَاعِ الْحَجْرِ وَعَدَمِهِ فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ وَلَا حَجْرَ بِشِحَّتِهِ عَلَى نَفْسِهِ مَعَ الْيَسَارِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ، وَالْقَائِلُ بِالْحَجْرِ بِهِ لَمْ يُرِدْ بِهِ حَقِيقَتَهُ بِدَلِيلِ تَعْبِيرِهِ بِأَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ وَلَكِنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ مِنْ مَالِهِ إلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَيْهِ إخْفَاءَ مَالِهِ لِشِدَّةِ شُحِّهِ فَيُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ؛ لِأَنَّ هَذَا أَشَدُّ مِنْ التَّبْذِيرِ (وَلَوْ) (فَسَقَ) مَعَ صَلَاحِ تَصَرُّفِهِ فِي مَالِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ رَشِيدًا (لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلِينَ لَمْ يَحْجُرُوا عَلَى الْفَسَقَةِ، وَالثَّانِي يُحْجَرُ عَلَيْهِ كَالِاسْتِدَامَةِ وَكَمَا لَوْ بَذَّرَ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بَيْنَ اسْتِدَامَتِهِ بِالْفِسْقِ الْمُقْتَرِنِ بِالْبُلُوغِ وَبَيْنَ مَا هُنَا بِأَنَّ الْأَصْلَ ثَمَّ بَقَاؤُهُ وَهُنَا ثَبَتَ الْإِطْلَاقُ، وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَجْرِ يَعُودُ التَّبْذِيرُ أَنَّ الْفِسْقَ لَا يَتَحَقَّقُ بِهِ إتْلَافُ الْمَالِ وَلَا عَدَمُهُ بِخِلَافِ التَّبْذِيرِ (وَ) عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَجْرِ الْحَاكِمِ فِي عَوْدِ التَّبْذِيرِ (مَنْ) (حُجِرَ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ) أَيْ سُوءِ تَصَرُّفٍ (طَرَأَ) (فَوَلِيُّهُ الْقَاضِي) ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُعِيدُ الْحَجْرَ؛ إذْ وِلَايَةُ الْأَبِ وَنَحْوِهِ زَالَتْ فَصَارَ النَّظَرُ لِمَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ الْعَامَّةُ (وَقِيلَ وَلِيُّهُ فِي الصِّغَرِ) كَمَا لَوْ بَلَغَ سَفِيهًا، وَإِذَا قُلْنَا بِعَوْدِ الْحَجْرِ بِنَفْسِ السَّفَهِ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ الْقَاضِي أَيْضًا. وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ فِيهِ طَرِيقَيْنِ أَصَحُّهُمَا الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لِلْقَاضِي. قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَلَوْ شَهِدَ عَدْلَانِ بِسَفَهِ رَجُلٍ: أَيْ أَوْ امْرَأَةٍ وَفَسَّرَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا حِسْبَةً (وَلَوْ طَرَأَ ـــــــــــــــــــــــــــــSيُعْلَمُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُرَاقِبْهُ ضَمِنَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَلَغَ رَشِيدًا) وَالْمُرَادُ بِبُلُوغِهِ رَشِيدًا أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِالرُّشْدِ بِاعْتِبَارِ مَا يَرَى مِنْ أَحْوَالِهِ، وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ يَظْهَرُ فِيهَا ذَلِكَ عُرْفًا فَلَا يَتَقَيَّدُ بِخُصُوصِ الْوَقْتِ الَّذِي بَلَغَ فِيهِ كَوَقْتِ الزَّوَالِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: أَيْ أَمْوَالَهُمْ) هَذَا بَيَانٌ لِحَقِيقَةِ الْمَعْنَى الْمُرَادِ مِنْ اللَّفْظِ، وَإِلَّا فَتَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْأَوْلِيَاءِ وَأَنَّ الْإِضَافَةَ فِيهِ إلَيْهِمْ لِتَصَرُّفِهِمْ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَعَلَ) أَيْ نَدْبًا (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ السَّفِيهُ الَّذِي بَذَّرَ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُنْفَقُ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ) أَيْ وَلَكِنْ أَرَادَ هَذَا الْقَائِلُ بِالْحَجْرِ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُنْفَقُ عَلَيْهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَخَافَ) مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ وَلَا حَجْرَ بِشِحَّتِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَيُمْنَعُ) أَيْ بِالْحَجْرِ عَلَيْهِ عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ، لَكِنْ جَعَلَهُ ع تَفْرِيعًا عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ الْقَائِلِ بِالْحَجْرِ وَمَا قَالَهُ ع ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: ثَبَتَ الْإِطْلَاقُ) أَيْ إطْلَاقُ التَّصَرُّفِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَجْرٍ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَإِذَا قُلْنَا بِعَوْدِ الْحَجْرِ إلَخْ) مَرْجُوحٌ (قَوْلُهُ: وَفَسَّرَا) أَيْ مَا يَحْصُلُ بِهِ السَّفَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَيْهِ إخْفَاءَ مَالِهِ) مِنْ تَتِمَّةِ الضَّعِيفِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَجْرِ الْحَاكِمِ فِي عَوْدِ التَّبْذِيرِ)

[ما لا يصح من المحجور عليه لسفه]

جُنُونٌ فَوَلِيُّهُ وَلِيُّهُ فِي الصِّغَرِ) وَهُوَ الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ (وَقِيلَ) وَلِيُّهُ (الْقَاضِي) وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّصْحِيحَيْنِ أَنَّ السَّفَهَ مُجْتَهَدٌ فِيهِ فَاحْتَاجَ إلَى نَظَرِ الْحَاكِمِ بِخِلَافِ الْجُنُونِ (وَلَا يَصِحُّ مِنْ) (الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ) حِسًّا أَوْ شَرْعًا (بَيْعٌ) وَلَوْ بِغِبْطَةٍ أَوْ فِي الذِّمَّةِ (وَلَا شِرَاءٌ) وَإِنْ أَذِنَ الْوَلِيُّ وَقَدَّرَ الْعِوَضَ؛ لِأَنَّ تَصْحِيحَ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ مَعْنَى الْحَجْرِ، وَلِأَنَّهُمَا إتْلَافٌ أَوْ مَظِنَّةُ الْإِتْلَافِ. نَعَمْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَهُ إيجَارُ نَفْسِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَمَلُهُ مَقْصُودًا فِي نَفْسِهِ لِاسْتِغْنَائِهِ بِمَالِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ التَّطَوُّعَ بِمَنْفَعَتِهِ حِينَئِذٍ فَالْإِجَارَةُ أَوْلَى، بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ عَمَلَهُ؛ إذْ لِوَلِيِّهِ إجْبَارُهُ عَلَى الْكَسْبِ حِينَئِذٍ لِيَرْتَفِقَ بِهِ فِي النَّفَقَةِ فَلَا يَتَعَاطَى إيجَارَ غَيْرِهِ (وَلَا إعْتَاقٌ) حَالَ حَيَاتِهِ وَلَوْ بِعِوَضٍ كَالْكِتَابَةِ لِمَا مَرَّ، فَلَوْ كَانَ بَعْدَ الْمَوْتِ كَتَدْبِيرٍ وَوَصِيَّةٍ صَحَّ، وَيُكَفِّرُ فِي غَيْرِ الْقَتْلِ كَالْيَمِينِ بِالصَّوْمِ كَالْمُعْسِرِ لِئَلَّا يَضِيعَ مَالُهُ، بِخِلَافِ الْقَتْلِ فَإِنَّ الْوَلِيَّ يُعْتِقُ عَنْهُ فِيهِ؛ لِأَنَّ سَبَبَهُ حَصَلَ بِهِ قَتْلُ آدَمِيٍّ مَعْصُومٍ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، بِدَلِيلِ مَا حَكَاهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْجُورِيُّ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَمَفْهُومُهُ أَنَّهُمَا لَوْ لَمْ يُفَسِّرَا لَمْ يُقْبَلْ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَقَوْلُهُ حِسًّا) بِأَنْ بَلَغَ رَشِيدًا ثُمَّ بَذَّرَ وَقَوْلُهُ أَوْ شَرْعًا: أَيْ بِأَنْ بَلَغَ سَفِيهًا وَحُجِرَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَذِنَ الْوَلِيُّ) سَيَأْتِي حُكْمُ ذَلِكَ مَعَ الْإِذْنِ فِي الْمَتْنِ فَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ مَا هُنَا إلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَكَرَهُ هُنَا تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ إطْلَاقَ الْمَتْنِ شَامِلٌ لَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَصْحِيحَ ذَلِكَ) فِي هَذَا التَّعْلِيلِ وَمَا بَعْدَهُ نَظَرٌ بِالنِّسْبَةِ لِإِذْنِ الْوَلِيِّ فَإِنَّهُ لَا يَأْذَنُ لَهُ إلَّا إذَا قَضَتْ الْمَصْلَحَةُ ذَلِكَ فَلَيْسَ فِعْلُهُ إتْلَافًا وَلَا فِي مَعْنَاهُ، وَيَكْفِي فِي فَائِدَةِ الْحَجْرِ تَوَقُّفُ الصِّحَّةِ إذْنَ الْوَلِيِّ لَوْ قِيلَ بِالصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُمَا) أَيْ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ (قَوْلُهُ: نَعَمْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) لَمْ يَتَقَدَّمْ ذِكْرُ الْإِجَارَةِ فِي كَلَامِهِ حَتَّى يَسْتَثْنِيَ مِنْهَا مَا ذُكِرَ، وَكَأَنَّ وَجْهَ الِاسْتِثْنَاءِ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ ذِكْرَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مِثَالٌ وَأَنَّ الْمَقْصُودَ بُطْلَانُ جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ (قَوْلُهُ لِاسْتِغْنَائِهِ بِمَالِهِ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَقْصُودِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِلنَّفَقَةِ بِأَنْ كَانَ فَقِيرًا، وَبِغَيْرِ الْمَقْصُودِ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِكَوْنِهِ غَنِيًّا: لَكِنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ الْمَقْصُودِ أَنَّهُ مَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ لَهَا وَقَعَ عَادَةً وَبِغَيْرِ التَّافِهِ (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ قَصَدَ عَمَلَهُ بِأَنْ احْتَاجَ إلَيْهِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إجْبَارُهُ عَلَى الْكَسْبِ إذَا كَانَ غَنِيًّا بِمَالِهِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ رَاحَةَ الْبَدَنِ قَدْ تَكُونُ مَقْصُودَةً وَالْكَسْبُ غَيْرُ لَازِمٍ، لَكِنْ فِي ع مَا نَصُّهُ: وَلِلْوَلِيِّ إجْبَارُ الصَّبِيِّ وَالسَّفِيهِ عَلَى الْكَسْبِ اهـ. وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْغَنِيِّ وَغَيْرِهِ وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ فِي الْفَصْلِ الْآتِي (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ تَصْحِيحَ إلَخْ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ أَوْ مَظِنَّةُ الْإِتْلَافِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَوَصِيَّةٍ) فِي خُرُوجِهَا بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ قَوْلِهِ حَالَ حَيَاتِهِ إلَخْ نُظِرَ؛ لِأَنَّهُ مُعْتَبَرٌ فِي الْإِعْتَاقِ دُونَ غَيْرِهِ وَالْوَصِيَّةُ بِمَالٍ لِزَيْدٍ لَيْسَتْ إعْتَاقًا، وَقَدْ يُقَالُ هِيَ تُخَرَّجُ بِالْقَيْدِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْمُقَيَّدِ أَوْ يُجْعَلُ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ فَلَوْ كَانَ رَاجِعًا لِلتَّصَرُّفِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ إعْتَاقًا (قَوْلُهُ: كَالْيَمِينِ) أَيْ وَالظِّهَارِ وَالْوِقَاعِ، وَفِي حَجّ مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ، وَأَطَالَ فِي بَيَانِهِ فَرَاجِعْهُ، وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وَيُكَفِّرُ فِي مُخَيَّرَةٍ بِالصَّوْمِ فَقَطْ اهـ. وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ يُكَفِّرُ فِي الْمَرْتَبَةِ لِقَتْلٍ أَوْ غَيْرِهِ بِالْإِعْتَاقِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْقَتْلِ) عَمْدًا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ لِحَقِّ اللَّهِ) صِلَةُ يُعْتِقُ (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ مَا حَكَاهُ) تَوْجِيهٌ لِلتَّعْلِيلِ تَخْصِيصُ الْإِعْتَاقِ بِالْقَتْلِ بِأَنَّ سَبَبَهُ قَتْلُ آدَمِيٍّ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَأَنَّهُ إنَّمَا صَرَّحَ بِهَذَا جَرْيًا عَلَى ظَاهِرِ تَعْبِيرِ الْمَتْنِ بِقَوْلِهِ وَمَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ إذْ هُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ حُجِرَ عَلَيْهِ بِحَجْرٍ، وَإِلَّا فَمَوْضِعُ الْوَجْهَيْنِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ إذَا قُلْنَا يَعُودُ الْحَجْرُ بِنَفْسِهِ. قَالَ: أَمَّا إذَا قُلْنَا الْقَاضِي هُوَ الَّذِي يُعِيدُهُ فَهُوَ الَّذِي يَلِي أَمْرَهُ بِلَا خِلَافٍ اهـ. فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ فِيهِ طَرِيقَيْنِ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ وَيُرَاجَعُ كَلَامُ غَيْرِهِ [مَا لَا يَصِحُّ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ] . (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُمَا إتْلَافٌ) فِيهِ مَنْعٌ ظَاهِرٌ، وَهُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا التَّعْلِيلِ لِشَرْحِ الرَّوْضِ، لَكِنَّ ذَاكَ إنَّمَا عَلَّلَ بِهِ لِقَوْلِ الرَّوْضِ وَلَا يَصِحُّ مِنْ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ عَقْدٌ مَالِيٌّ فَهُوَ لَيْسَ تَعْلِيلًا لِخُصُوصِ عَدَمِ صِحَّةِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بَلْ لِعُمُومِ الْعَقْدِ الْمَالِيِّ الشَّامِلِ لِجَمِيعِ مَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: نَعَمْ إلَخْ) وَجْهُ الِاسْتِدْرَاكِ أَنَّ الْإِجَارَةَ بَيْعٌ لِلْمَنَافِعِ وَهُوَ أَوْلَى مِمَّا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ. (قَوْلُهُ: وَوَصِيَّةٍ) أَيْ: بِالْعِتْقِ كَمَا هُوَ حَقُّ الْمَفْهُومِ؛ إذْ الْكَلَامُ فِي خُصُوصِ الْإِعْتَاقِ فَانْدَفَعَ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِمَّا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مُطْلَقُ الْوَصِيَّةِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْكَافَ فِي قَوْلِهِ كَتَدْبِيرٍ وَوَصِيَّةٍ اسْتِقْصَائِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: حَصَلَ بِهِ قَتْلُ آدَمِيٍّ) الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ حَصَلَ بِهِ (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ مَا حَكَاهُ فِي الْمَطْلَبِ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ الدَّلَالَةِ

عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّهُ يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، فَظَهَرَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا قَرَّرْنَاهُ، وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ فِي كَفَّارَةِ الْجِمَاعِ، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ ذَهَبَ إلَى تَكْفِيرِهِ بِالْمَالِ فِيهَا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْقَتْلِ وَغَيْرِهِ بِأَنَّ فِيمَا ذُكِرَ زَجْرًا لَهُ عَنْ الْقَتْلِ لِتَضَرُّرِهِ بِإِخْرَاجِ مَالِهِ فِي كَفَّارَتِهِ مَعَ عِظَمِ الْقَتْلِ وَتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِحِفْظِ النُّفُوسِ (وَ) لَا (هِبَةَ) مِنْهُ لِمَا مَرَّ بِخِلَافِ الْهِبَةِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَفْوِيتٍ، وَإِنَّمَا هُوَ تَحْصِيلٌ، وَيَصِحُّ قَبُولُهُ الْهِبَةَ دُونَ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَالِيٌّ، كَذَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَهُوَ الْمُعْتَمَد، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ غَيْرُ أَهْلٍ لِتَمَلُّكٍ بِعَقْدٍ وَقَبُولُهُ الْوَصِيَّةَ تَمَلُّكٌ وَلَيْسَ فَوْرِيًّا فَأُنِيطَ بِالْوَلِيِّ وَصَحَّ قَبُولُهُ الْهِبَةَ مُرَاعَاةً لِمَصْلَحَتِهِ لِاشْتِرَاطِ اتِّصَالِ قَبُولِهَا بِإِيجَابِهَا مَعَ كَوْنِهِ لَيْسَ بِمُمَلَّكٍ، وَقَدْ يُوجَدُ إيجَابُهَا مَعَ غَيْبَةِ وَلِيِّهِ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَإِذَا صَحَّحْنَا قَبُولَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ تَسْلِيمُ الْمَوْهُوبِ وَالْمُوصَى بِهِ إلَيْهِ، فَإِنْ سَلَّمَهُمَا إلَيْهِ ضَمِنَ الْمُوصَى بِهِ دُونَ الْمَوْهُوبِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ الْمُوصَى بِهِ بِقَبُولِهِ بِخِلَافِ الْمَوْهُوبِ (وَ) لَا (نِكَاحَ) يَقْبَلُهُ لِنَفْسِهِ (بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ) ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ لِلْمَالِ أَوْ مَظِنَّةُ إتْلَافِهِ، وَقَوْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ قَالَ الشَّارِحُ: قَيْدٌ فِي الْجَمِيعِ لِرِعَايَةِ الْخِلَافِ الْآتِي لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ فَصَحَّ الْمَفْهُومُ، وَذَهَبَ غَيْرُهُ إلَى عَوْدِهِ لِلنِّكَاحِ خَاصَّةً إذْ هُوَ الَّذِي يَصِحُّ بِالْإِذْنِ دُونَ مَا قَبْلَهُ كَمَا سَيَأْتِي وَهُوَ أَوْضَحُ. أَمَّا قَبُولُهُ النِّكَاحَ لِغَيْرِهِ بِالْوَكَالَةِ فَصَحِيحٌ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْوَكَالَةِ. وَأَمَّا الْإِيجَابُ فَلَا مُطْلَقًا لَا أَصَالَةً وَلَا وَكَالَةً وَلَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ ذَهَبَ إلَخْ) مِنْهُمْ حَجّ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِعِصْيَانِهِ بِهِ فَاسْتُحِقَّ التَّغْلِيظُ عَلَيْهِ بِوُجُوبِ الْإِعْتَاقِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ تَصْحِيحَ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْهِبَةِ لَهُ) أَيْ فَإِنَّ صِيغَتَهَا مِنْ الْوَاهِبِ الرَّشِيدِ صَحِيحَةٌ مَعَ كَوْنِ الْمُخَاطَبِ بِهَا سَفِيهًا، وَقَوْلُهُ: وَيَصِحُّ إلَخْ بَيَانٌ لِصِحَّةِ قَبُولِهِ وَأَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى كَوْنِهِ مِنْ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ: مَعَ كَوْنِهِ) أَيْ الْقَبُولِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ بِمُمَلَّكٍ) أَيْ وَإِنَّمَا يَمْلِكُ فِيهِمَا بِالْقَبْضِ وَهُوَ مِنْ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ: وَإِذَا صَحَّحْنَا قَبُولَ ذَلِكَ) وَهُوَ الرَّاجِحُ مِنْ الْهِبَةِ دُونَ الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ تَسْلِيمُ الْمَوْهُوبِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَبُحِثَ فِي الْمَطْلَبِ جَوَازُ تَسْلِيمِ الْمَوْهُوبِ إلَيْهِ إذَا كَانَ ثَمَّ مَنْ يَنْزِعُهُ مِنْهُ عَقِبَ تَسَلُّمِهِ مِنْ وَلِيٍّ أَوْ حَاكِمٍ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ الْمُوصِي) أَيْ الدَّافِعُ مِنْ وَارِثِ الْمُوصِي (قَوْلُهُ: بِقَبُولِهِ) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ إلَّا بِقَبُولِ وَلِيِّهِ، وَيَجُوزُ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى الْمُوصَى بِهِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْقَبُولَ مِنْ وَلِيِّهِ لَا مِنْهُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ لِلْمَالِ) أَيْ بِالْفِعْلِ حَيْثُ يُزَوَّجُ بِلَا مَصْلَحَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ مَظِنَّةُ إتْلَافِهِ) أَيْ إنْ فُرِضَ عَدَمُ الْعِلْمِ بِانْتِفَاءِ الْمَصْلَحَةِ (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ) أَيْ الْإِذْنِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوْضَحُ) بَلْ الْأَوْلَى بِفَرْضِ الْمُصَنِّفِ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِذِكْرِ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ مَعْنًى، وَلَأَدَّى إلَى التَّنَاقُضِ فِي التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ حَيْثُ اقْتَضَى مَا هُنَا عَدَمَ صِحَّتِهَا قَطْعًا وَمَا يَأْتِي جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِيهَا (قَوْلُهُ: أَمَّا قَبُولُهُ النِّكَاحَ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: فَصَحِيحٌ) أَيْ إذَا كَانَ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ إذْنِ الْوَلِيِّ وَعَدَمِهِ، وَيُوَافِقُهُ مَا يَأْتِي فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ فِي الْوَكَالَةِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَشُرِطَ فِي الْوَكِيلِ صِحَّةُ مُبَاشَرَتِهِ التَّصَرُّفَ غَالِبًا مِنْ قَوْلِهِ وَخَرَجَ بِقَوْلِي غَالِبًا مَا اُسْتُثْنِيَ كَالْمَرْأَةِ فَتَتَوَكَّلُ فِي طَلَاقِ غَيْرِهَا وَالسَّفِيهِ وَالْعَبْدِ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْأَصْلِ فَيَتَوَكَّلُ فِي قَبُولِ النِّكَاحِ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ وَالسَّيِّدِ اهـ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْإِيجَابُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَظَهَرَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ إلَخْ) لَمْ يُمَهِّدْ مَا يَظْهَرُ مِنْهُ هَذَا فَانْظُرْ مَا وَجْهُ هَذَا التَّعْبِيرِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَالِيٌّ إلَخْ) حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ وَإِنْ كَانَ فِي عِبَارَتِهِ حَزَازَةٌ أَنَّهُ إنَّمَا صَحَّ قَبُولُهُ الْهِبَةَ دُونَ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّ قَبُولَ الْوَصِيَّةِ تَصَرُّفٌ مَالِيٌّ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا تُمْلَكُ بِالْقَبُولِ؛ وَلِأَنَّ قَبُولَهَا غَيْرُ فَوْرِيٍّ فَيَتَدَارَكُهُ الْوَلِيُّ بِخِلَافِ الْهِبَةِ فِيهِمَا. (قَوْلُهُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَإِذَا صَحَّحْنَا قَبُولَ ذَلِكَ) أَيْ: قَبُولَ الْوَصِيَّةِ وَالْمَاوَرْدِيُّ مِنْ الذَّاهِبِينَ إلَى صِحَّتِهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ مَظِنَّةُ إتْلَافِهِ) لَا وَجْهَ لِهَذَا الْعَطْفِ

بِإِذْنِ الْوَلِيِّ (فَلَوْ) (اشْتَرَى أَوْ اقْتَرَضَ) مِنْ غَيْرِ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ (وَقَبَضَ) بِإِذْنِهِ أَوْ إقْبَاضِهِ (وَتَلِفَ الْمَأْخُوذُ فِي يَدِهِ) قَبْلَ الْمُطَالَبَةِ لَهُ بِرَدِّهِ (أَوْ أَتْلَفَهُ فَلَا ضَمَانَ فِي الْحَالِ وَلَا بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ) لَكِنَّهُ يَأْثَمُ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَالرَّوْضَةِ عَدَمُ الضَّمَانِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ الْإِفْصَاحِ وَحَكَاهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمَا نُقِلَ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ مِنْ ضَمَانِهِ بَعْدَ انْفِكَاكِ الْحَجْرِ حَكَاهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَجْهًا وَضَعَّفَاهُ بِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ بَاطِنًا لَمْ تَمْتَنِعْ الْمُطَالَبَةُ بِهِ ظَاهِرًا، وَقَدْ مَرَّ مَا فِي نَظِيرِهِ فِي الصَّبِيِّ فِي بَابِ الْبَيْعِ و. أَمَّا لَوْ بَقِيَ بَعْدَ رُشْدِهِ ثُمَّ أَتْلَفَهُ ضَمِنَهُ، وَكَذَا لَوْ تَلِفَ وَقَدْ أَمْكَنَهُ رَدُّهُ بَعْدَ رُشْدِهِ، فَلَوْ قَالَ مَالِكُهُ إنَّمَا أَتْلَفَهُ بَعْدَ رُشْدِهِ وَقَالَ: آخِذُهُ بَلْ قَبْلَهُ فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِرُشْدِهِ حَالَ إتْلَافِهِ غَرِمَهُ وَإِلَّا فَالْمُتَبَادَرُ تَصْدِيقُ آخِذِهِ بِيَمِينِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. قَالَ: وَكُلُّ ذَلِكَ تَفَقُّهٌ فَتَأَمَّلْهُ اهـ. وَكُلُّهُ صَحِيحٌ جَارٍ عَلَى الْقَوَاعِدِ. أَمَّا قَبْضُهُ ذَلِكَ مِنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ تَلِفَ بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ كَمَا نَقَلَ الْقَطْعَ بِهِ فِي الصُّورَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي الثَّالِثَةِ وِفَاقًا لِتَصْرِيحِ الصَّيْدَلَانِيِّ، وَاقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الشِّرَاءِ وَالْقَرْضِ مِثَالٌ فَلَوْ نَكَحَ وَوَطِئَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ هُوَ فِي بَابِ النِّكَاحِ (سَوَاءٌ عُلِمَ حَالُهُ مِنْ عَامِلِهِ أَوْ جُهِلَ) ؛ لِأَنَّ مَنْ عَامَلَهُ سَلَّطَهُ عَلَى إتْلَافِهِ بِإِقْبَاضِهِ وَكَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَبْحَثَ عَنْهُ قَبْلَ مُعَامَلَتِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ إتْيَانِهِ بِهَمْزَةٍ بَعْدَ سَوَاءٍ وَبِأَوْ بَدَلَ أَمْ لُغَةٌ صَحِيحَةٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الرِّدَّةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (وَيَصِحُّ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ نِكَاحُهُ) عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي بَابِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ أَعَادَهَا ثَمَّ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا مَبْسُوطًا (لَا) (التَّصَرُّفُ الْمَالِيُّ) (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ عِبَارَتَهُ مَسْلُوبَةٌ كَمَا لَوْ أَذِنَ لِصَبِيٍّ. وَالثَّانِي يَصِحُّ كَالنِّكَاحِ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْحَجْرِ عَلَيْهِ حِفْظُ الْمَالِ دُونَ النِّكَاحِ. وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا عَيَّنَ لَهُ وَلِيُّهُ وَقَدَّرَ لَهُ الثَّمَنَ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ جَزْمًا وَفِيمَا إذَا كَانَ بِعِوَضٍ كَالْبَيْعِ فَلَوْ خَلَا عَنْهُ كَعِتْقٍ وَهِبَةٍ لَمْ يَصِحَّ جَزْمًا أَيْضًا. وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ مَا لَوْ انْتَهَى إلَى الضَّرُورَةِ فِي الْمَطَاعِمِ فَيَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا كَمَا بَحَثَهُ الْإِمَامُ، وَمَا لَوْ صَالَحَ عَنْ قِصَاصٍ وَلَوْ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ لَهُ الْعَفْوَ مَجَّانًا فَبَدَلٌ أَوْلَى أَوْ عَلَيْهِ وَلَوْ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSمُحْتَرَزُ قَوْلِهِ يَقْبَلُهُ فَهُوَ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُشَوَّشٌ وَهُوَ عِنْدَهُمْ أَوْلَى لِقِلَّةِ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَتْلَفَهُ) أَيْ قَبْلَ رُشْدِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ أَمَّا لَوْ بَقِيَ بَعْدَ رُشْدِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَأْثَمُ (قَوْلُهُ: مِنْ ضَمَانِهِ) أَيْ ضَمَانِهِ بَعْدَ الْحَجْرِ بَدَلَ مَا أَتْلَفَهُ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَقَامَ) أَيْ الْمَالِكُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْمُتَبَادَرُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْحَادِثَ يُقَدَّرُ بِأَقْرَبِ زَمَانٍ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: أَمَّا قَبْضُهُ ذَلِكَ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَلِفَ بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ) أَيْ أَوْ بِدُونِهَا وَأَمْكَنَهُ الرَّدُّ بَعْدَ رُشْدِهِ كَمَا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ: وَكَذَا لَوْ تَلِفَ وَقَدْ أَمْكَنَهُ إلَخْ، وَعِبَارَةُ حَجّ: أَوْ طَالَبَهُ بِهَا الْمَالِكُ فَامْتَنَعَ ثُمَّ تَلِفَتْ كَمَا نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَاسْتَظْهَرَهُ اهـ. وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا لَوْ طَالَبَهُ قَبْلَ الرُّشْدِ وَامْتَنَعَ مِنْ الْأَدَاءِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ بِامْتِنَاعِهِ صَارَتْ يَدُهُ عَلَى الْعَيْنِ بِلَا إذْنٍ مِنْ مَالِكِهَا فَتُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْمَغْصُوبَةِ، ثُمَّ رَأَيْته كَذَلِكَ فِي مَتْنِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ نَكَحَ) أَيْ رَشِيدَةً كَمَا يَأْتِي مُخْتَارَةً بِخِلَافِ السَّفِيهَةِ وَالْمُكْرَهَةِ وَنَحْوِهِمَا فَيَجِبُ لَهُنَّ مَهْرُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ) أَيْ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ انْتَهَى) أَيْ السَّفِيهُ وَاقْتِصَارُهُ عَلَيْهِ قَدْ يُخْرِجُ الصَّبِيَّ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ مِثْلَهُ فِي الشِّرَاءِ لِلِاضْطِرَارِ الصَّبِيُّ، وَقَدْ يُقَالُ: الِاضْطِرَارُ مُجَوِّزٌ لِلْأَخْذِ وَلَوْ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ فَلَا ضَرُورَةَ لِلصِّحَّةِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: فِي الْمَطَاعِمِ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِالطَّعَامِ غَيْرُهُ مِنْ كُلِّ مَا رُغِبَ إلَيْهِ ضَرُورَةً مِنْ نَحْوِ مَلْبُوسٍ وَمَرْكُوبٍ بِحَيْثُ لَوْ تَرَكَهُ لَهَلَكَ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ بِأَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQهُنَا وَكَانَ اللَّائِقُ بِالشَّارِحِ أَنْ يُوَزِّعَ التَّعْلِيلَ الَّذِي تَبِعَ فِيهِ شَرْحَ الرَّوْضِ كَمَا مَرَّ فِي كُلِّ مَحَلٍّ بِمَا يُنَاسِبُهُ (قَوْلُهُ: وَكُلُّهُ صَحِيحٌ) اُنْظُرْ هَلْ هُوَ رَاجِعٌ فِي الْأَخِيرَةِ لِلنَّظَرِ أَوْ لِلْمُنْظَرِ فِيهِ .

أَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ صِيَانَةً لِلرُّوحِ وَعَقْدُهُ الْجِزْيَةَ بِدِينَارٍ وَقَبْضُهُ دَيْنَهُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ كَمَا رَجَّحَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ، وَمَا لَوْ سَمِعَ قَائِلًا يَقُولُ: مَنْ رَدَّ عَلَيَّ عَبْدِي فَلَهُ كَذَا فَرَدَّهُ اسْتَحَقَّ الْجُعْلَ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْجَعَالَةِ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ يَسْتَحِقُّهُ فَالْبَالِغُ أَوْلَى، وَمَا لَوْ وَقَعَ فِي الْأَسْرِ فَفَدَى نَفْسَهُ بِمَالٍ صَحَّ وَمَا لَوْ فَتَحْنَا بَلَدًا لِلسُّفَهَاءِ عَلَى أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ لَنَا وَيُؤَدُّونَ خَرَاجَهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ (وَلَا يَصِحُّ) (إقْرَارُهُ) بِنِكَاحٍ كَمَا لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ وَلَا (بِدَيْنٍ) فِي مُعَامَلَةٍ أَسْنَدَ وُجُوبَهُ إلَى مَا (قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ) إلَى مَا (بَعْدَهُ) كَالصَّبِيِّ وَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِعَيْنٍ فِي يَدِهِ فِي حَالِ الْحَجْرِ (وَكَذَا بِإِتْلَافِ الْمَالِ) أَوْ جِنَايَةٍ تُوجِبُ الْمَالَ (فِي الْأَظْهَرِ) كَدَيْنِ الْمُعَامَلَةِ. وَالثَّانِي يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَاشَرَ الْإِتْلَافَ يَضْمَنُ، فَإِذَا أَقَرَّ بِهِ قُبِلَ. وَرُدَّ بِأَنَّ الصَّبِيَّ يَضْمَنُ بِإِتْلَافِهِ، وَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِهِ جَزْمًا، وَأَفْهَمَ تَعْبِيرُهُ بِنَفْيِ الصِّحَّةِ عَدَمَ الْمُطَالَبَةِ بِهِ حَالَ الْحَجْرِ وَبَعْدَ فَكِّهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ، وَيُحْمَلُ الْقَوْلُ بِلُزُومِ ذَلِكَ بَاطِنًا إذَا كَانَ صَادِقًا عَلَى مَا إذَا كَانَ سَبَبُهُ مُتَقَدِّمًا عَلَى الْحَجْرِ أَوْ مُضَمَّنًا لَهُ فِيهِ. نَعَمْ لَوْ أَقَرَّ بَعْدَ رُشْدِهِ بِأَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْحَاجَةَ إلَى الطَّعَامِ أَكْثَرُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُصَرِّحُ بِمَا قَالَهُ شَيْخُنَا حَيْثُ قَالَ فِي الْمَطَاعِمِ وَنَحْوِهَا. قَالَ حَجّ: وَقَدْ يُقَالُ الِاضْطِرَارُ مُجَوِّزٌ لِلْأَخْذِ وَلَوْ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ فَلَا ضَرُورَةَ لِلصِّحَّةِ هُنَا فِيهِمَا: أَيْ الصَّبِيِّ وَالسَّفِيهِ وَإِنْ قَطَعَ بِهَا الْإِمَامُ فِي السَّفِيهِ اهـ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّا لَوْ لَمْ نَقُلْ بِالصِّحَّةِ لَامْتَنَعَ الْبَائِعُ مِنْ تَسْلِيمِهِ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ، وَذَلِكَ قَدْ يُؤَدِّي إلَى الْهَلَاكِ فَقُلْنَا بِالصِّحَّةِ حِفْظًا لِلنُّفُوسِ عَنْ الْهَلَاكِ (قَوْلُهُ: وَعَقْدُهُ الْجِزْيَةَ بِدِينَارٍ) بِأَنْ كَانَ حَرْبِيًّا وَقَبِلَ عَقْدَ الْجِزْيَةِ مِنْ الْإِمَامِ بِدِينَارٍ (قَوْلُهُ: بِإِذْنِ وَلِيِّهِ) شَمِلَ مَا لَوْ قَبَضَهُ فِي غَيْبَةِ وَلِيِّهِ بِإِذْنٍ مِنْهُ فَتُبْرَأُ بِهِ ذِمَّةُ الْمَدِينِ، ثُمَّ إذَا تَلِفَ فِي يَدِهِ بَعْدَ قَبْضِهِ هَلْ يَضْمَنُهُ الْوَلِيُّ لِتَقْصِيرِهِ بِإِذْنِهِ لَهُ فِي الْقَبْضِ وَعَدَمِ مُرَاقَبَتِهِ لَهُ بَعْدَ الْقَبْضِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ لِمَا تَقَدَّمَ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت فِي سم يَنْبَغِي أَنَّ الْحَاصِلَ إنْ قَبَضَ دُيُونَهُ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ فَلَا يَبْرَأُ الدَّافِعُ وَلَا يَضْمَنُ الْوَلِيُّ مُطْلَقًا. أَمَّا بِإِذْنِهِ فَيُعْتَدُّ بِهِ وَيَضْمَنُ الْوَلِيُّ إنْ قَصَّرَ بِأَنْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ بَعْدَ تَمَكُّنِ الْوَلِيِّ مِنْ نَزْعِهَا وَأَنَّ قَبْضَ أَعْيَانِهِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ مُعْتَدٌّ بِهِ فَيَبْرَأُ الدَّافِعُ مُطْلَقًا ثُمَّ إنْ قَصَّرَ الْوَلِيُّ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا، فَإِنْ قَبَضَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنْ قَصَّرَ الْوَلِيُّ فِي نَزْعِهَا ضَمِنَ وَإِلَّا ضَمِنَ الدَّافِعُ، وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ كَلَامٌ يُوَافِقُ ذَلِكَ وَبَيَّنَّا حَاصِلَهُ ثَمَّ فَرَاجِعْهُ اهـ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ أَنَّ قَبْضَ دُيُونِهِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى وَلِيِّهِ أَخْذُهُ مِنْهُ وَرَدُّهُ لِلْمَدْيُونِ ثُمَّ يَسْتَعِيدُهُ مِنْهُ، أَوْ يَأْذَنُ لَهُ فِي دَفْعِهِ لِلْمَوْلَى عَلَيْهِ ثَانِيًا لِيُعْتَدَّ بِقَبْضِهِ، فَلَوْ أَرَادَ التَّصَرُّفَ فِيهِ قَبْلَ رَدِّهِ لِمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ لَمْ يَصِحَّ، وَكَإِذْنِهِ فِي رَدِّهِ لِلْمَوْلَى عَلَيْهِ إذْنُهُ فِي قَبْضِهِ عَنْ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَيَمْضِي زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْقَبْضُ (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ سَمِعَ قَائِلًا) عِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ فِي الْخَادِمِ: تَصِحُّ الْجَعَالَةُ مَعَهُ وَيَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ صَاحِبُ التَّعْجِيزِ فِي الصَّبِيِّ اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَقَيَّدُ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ حَتَّى لَوْ قَالَ لَهُ الْمَالِكُ جَاعَلْتُكَ عَلَى رَدِّ عَبْدِي بِكَذَا صَحَّ وَلَزِمَهُ الْمُسَمَّى وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا اكْتَفَى بِالسَّمَاعِ مِنْ غَيْرِ الْمَالِكِ فَلُزُومُهُ مَعَ السَّمَاعِ مِنْهُ أَوْلَى (قَوْلُهُ: صَحَّ) مُشْعِرٌ بِأَنَّ هَذَا يَكُونُ بِعَقْدٍ حَتَّى يُوصَفَ بِالصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ؛ إذْ غَيْرُ الْعُقُودِ وَالْعِبَادَاتِ لَا تُوصَفُ بِهَا، وَعَلَيْهِ فَمِنْ أَيْ أَنْوَاعِ الْعُقُودِ هَذَا فَتَأَمَّلْ ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْحَرْبِيَّ يَمْلِكُ مَا قَبَضَهُ مِنْهُ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي السِّيَرِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ فَتَحْنَا بَلَدًا) أَيْ مِنْ بِلَادِ الْكُفَّارِ وَكَانُوا فِي الْوَاقِعِ سُفَهَاءَ (قَوْلُهُ: أَوْ جِنَايَةٍ) أَيْ سَوَاءٌ أَسْنَدَهُمَا لِمَا قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ لِمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ مُضَمِّنًا) أَيْ كَإِتْلَافِهِ (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ الْحَجْرِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ أَقَرَّ بَعْدَ رُشْدِهِ) وَلَوْ سُئِلَ بَعْدَ رُشْدِهِ هَلْ أَتْلَفَ أَوْ لَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِقْرَارُ بِمَا يَعْلَمُهُ مِنْ نَفْسِهِ وَيَلْزَمُهُ، أَوْ قَبْلَ رُشْدِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِقْرَارُ لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ. وَالْحَاصِلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ أَقَرَّ بَعْدَ رُشْدِهِ بِأَنَّهُ كَانَ أَتْلَفَ إلَخْ) أَيْ: وَكَانَ الْمُتْلِفُ غَيْرَ مَأْخُوذٍ بِعَقْدٍ لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ أَتْلَفَ

[ما يصح من المحجور عليه]

كَأَنْ أَتْلَفَ مَالًا لَزِمَهُ الْآنَ قَطْعًا كَمَا نَقَلَهُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ عَنْ ابْنِ كَجٍّ (وَيَصِحُّ) إقْرَارُهُ (بِالْحَدِّ وَالْقِصَاصِ) لِعَدَمِ تَعَلُّقِهِمَا بِالْمَالِ وَلِبُعْدِ التُّهْمَةِ، وَسَائِرُ الْعُقُوبَاتِ مِثْلُهُمَا فِي ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ الْحَدُّ سَرِقَةً قُطِعَ وَلَا يَلْزَمُهُ الْمَالُ وَلَوْ عَفَا مُسْتَحِقُّ الْقِصَاصِ بَعْدَ إقْرَارِهِ عَلَى مَالٍ ثَبَتَ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِاخْتِيَارِ غَيْرِهِ لَا بِإِقْرَارِهِ (وَ) يَصِحُّ (طَلَاقُهُ) وَرَجْعَتُهُ (وَخُلْعُهُ) زَوْجَتَهُ وَلَوْ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا (وَ) يَصِحُّ (ظِهَارُهُ) وَإِيلَاؤُهُ (وَنَفْيُهُ النَّسَبَ) لِمَا وَلَدَتْهُ زَوْجَتُهُ (بِلِعَانٍ) أَوْ غَيْرِهِ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهَا مَا عَدَا الْخُلْعَ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالْمَالِ الَّذِي حُجِرَ لِأَجْلِهِ، وَأَمَّا الْخُلْعُ فَكَالطَّلَاقِ بَلْ أَوْلَى وَهُوَ خَاصٌّ بِالرَّجُلِ لِلْمَعْنَى الْمَذْكُورِ لَكِنْ يُسَلَّمُ الْمَالُ إلَى وَلِيِّهِ، فَإِنْ كَانَ مِطْلَاقًا سَرَّى جَارِيَةً إنْ احْتَاجَ إلَى الْوَطْءِ، فَإِنْ كَرِهَهَا أُبْدِلَتْ كَمَا سَيَأْتِي مَبْسُوطًا فِي كِتَابِ النِّكَاحِ. وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ قَوْلَهُ بِلِعَانٍ مِثَالٌ وَيَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ النَّسَبَ وَيُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِاسْتِيلَادِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنَّ مَا بَاشَرَ إتْلَافَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ وَلَمْ يَكُنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ، وَأَنَّ مَا أَقَرَّ بِلُزُومِهِ لَهُ قَبْلَ الْحَجْرِ يَضْمَنُهُ بَاطِنًا بِخِلَافِ مَا بَاشَرَ إتْلَافَهُ مُسْتَنِدَ الْعَقْدِ لَا يَضْمَنُهُ. وَالضَّابِطُ أَنَّ مَا لَوْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ بِهِ بَيِّنَةٌ ضَمِنَهُ إنْ كَانَ صَادِقًا فِيهِ لَزِمَهُ بَاطِنًا. وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْهُ بِتَقْدِيرِ إقَامَتِهِ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُهُ ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا (قَوْلُهُ: كَأَنْ أَتْلَفَ) أَيْ قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: بِالْحَدِّ وَالْقِصَاصِ) أَيْ بِمُوجِبِهِمَا (قَوْلُهُ قُطِعَ) فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ يُقْطَعُ مَعَ أَنَّ الْقَطْعَ يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِ الْمَالِكِ الْمَالَ، وَهُنَا لَا طَلَبَ وَأَيْضًا إقْرَارُهُ بِالْمَالِ مَلْغِيٌّ؟ قُلْت: هُنَا طَلَبٌ صُورِيٌّ؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ يَطْلُبُ مِنْ الْمُقِرِّ مَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ الْمَالُ: أَيْ الَّذِي قَطَعَ بِسَبَبِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَفَا مُسْتَحِقُّ الْقِصَاصِ) لَا يُقَالُ: هَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ: وَمَا لَوْ صَالَحَ عَنْ قِصَاصٍ إلَخْ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: ذَاكَ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ وَمَا هُنَا فِي قِصَاصٍ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ، وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: ثَبَتَ الْمَالُ عَلَى الصَّحِيحِ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع: اُنْظُرْ مَا يُقَابِلُهُ هَلْ هُوَ عَدَمُ ثُبُوتِ الْمَالِ بِالْكُلِّيَّةِ أَمْ لُزُومُ الذِّمَّةِ؟ الظَّاهِرُ الثَّانِي اهـ. وَصَرِيحُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّهُ لَمْ يَرَ الْمُقَابِلَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي كَلَامِهِمْ، وَلَعَلَّ هَذَا حِكْمَةُ عَدَمِ ذِكْرِ الشَّارِحِ لِهَذَا الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ إقْرَارِهِ) أَيْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَالٍ) مُتَعَلِّقٌ بِعَفَا (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ طَلَاقُهُ) أَيْ مَجَّانًا (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ) أَيْ وَهُوَ الْيَمِينُ فِي وَلَدِ الْأَمَةِ وَعَلَيْهِ فَفِي كَلَامِهِ حَذْفٌ وَالْأَصْلُ لِمَا وَلَدَتْهُ زَوْجَتُهُ أَوْ أَمَتُهُ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهَا) كَاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُسَلِّمُ الْمَالَ) أَيْ فِي الْخُلْعِ (قَوْلُهُ: إلَى وَلِيِّهِ) أَوْ إلَيْهِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ لِمَا مَرَّ مِنْ صِحَّةِ قَبْضِ دَيْنِهِ بِالْإِذْنِ، وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يُعَلَّقْ بِإِعْطَائِهَا لَهُ كَمَا فِي حَجّ، وَعِبَارَتُهُ: وَمَا عُلِّقَ بِإِعْطَائِهِ كَإِنْ أَعْطَيْتنِي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ لَا بُدَّ فِي الْوُقُوعِ مِنْ أَخْذِهِ لَهُ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ، وَلَا تَضْمَنُ الزَّوْجَةُ بِتَسْلِيمِهِ لَهُ لِاضْطِرَارِهَا إلَيْهِ وَلِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالْقَبْضِ اهـ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ) أَيْ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَبْدَلَتْ) أَيْ مَا لَمْ تَصِرْ مُسْتَوْلَدَةً فَإِنْ صَارَتْ كَذَلِكَ وَتَبَرَّمَ بِهَا أُخِذَ لَهُ أُخْرَى وَهَكَذَا (قَوْلُهُ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَيُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) اُنْظُرْ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ مَجَّانًا أَوْ قَرْضًا كَمَا فِي اللَّقِيطِ؟ الْأَقْرَبُ الثَّانِي إنْ تَبَيَّنَ لِلْمَجْهُولِ الْمُسْتَلْحِقِ مَالٌ قَبْلَ الِاسْتِلْحَاقِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أُنْفِقَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ مَالٍ لَهُ، أَمَّا لَوْ طَرَأَ لَهُ مَالٌ بَعْدُ أَوْ صَارَ الْمُسْتَلْحِقُ لَهُ رَشِيدًا فَلَا يَرْجِعُ عَلَى مَالِهِ بِمَا أُنْفِقَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَكُنْ ثَمَّ نَفَقَتُهُ مُتَعَلِّقَةً بِمَالِهِ الْحَاصِلِ، وَهَذَا كَالْإِنْفَاقِ عَلَى الْفَقِيرِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إذَا طَرَأَ لَهُ مَالٌ بَعْدُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ: أَيْ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ الْمُؤَدِّيَ إلَى تَفْوِيتِ الْمَالِ عَلَيْهِ لَغْوٌ فَقَبِلَ لِثُبُوتِ النَّسَبِ؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ ثُبُوتِ النَّسَبِ لَا يَفُوتُ عَلَيْهِ مَالٌ وَأُلْغِيَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالنَّفَقَةِ حَذَرًا مِنْ التَّفْوِيتِ لِلْمَالِ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا رَشَدَ يُطَالِبُ بِالنَّفَقَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَبِيعَ أَوْ الْمُقْرَضَ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ فِيمَا مَرَّ سَلَّطَهُ الْمَالِكُ عَلَى الْإِتْلَافِ [مَا يَصِحُّ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ] (قَوْلُهُ: لِمَا وَلَدَتْهُ زَوْجَتُهُ) لَعَلَّهُ سَقَطَ بَعْدَهُ قَوْلُهُ:

أَمَتِهِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ نَعَمْ لَوْ ثَبَتَ كَوْنُ الْمَوْطُوءَةِ فِرَاشًا لَهُ وَوَلَدَتْ لِمُدَّةِ الْإِمْكَانِ ثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ، قَالَهُ السُّبْكِيُّ، لَكِنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ لَمْ يَثْبُتْ بِإِقْرَارِهِ (وَحُكْمُهُ فِي الْعِبَادَةِ) الْبَدَنِيَّةِ وَاجِبَةً أَوْ مَنْدُوبَةً (كَالرَّشِيدِ) لِاجْتِمَاعِ الشَّرَائِطِ فِيهِ، أَمَّا مَنْذُورَةُ الْمَالِ كَصَدَقَةِ التَّطَوُّعِ فَلَيْسَ كَالرَّشِيدِ فِيهِ، وَمِثْلُهُ مَا فِيهِ وِلَايَةٌ وَتَصَرُّفٌ مَالِيٌّ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (لَكِنْ لَا يُفَرِّقُ الزَّكَاةَ بِنَفْسِهِ) لِمَا تَقَرَّرَ. نَعَمْ إنْ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ وَعَيَّنَ لَهُ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ صَحَّ صَرْفُهُ كَنَظِيرِهِ فِي الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَكَمَا يَجُوزُ لِلْأَجْنَبِيِّ تَوْكِيلُهُ فِيهِ. نَعَمْ يَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِحَضْرَةِ الْوَلِيِّ أَوْ نَائِبِهِ لِاحْتِمَالِ تَلَفِ الْمَالِ لَوْ خَلَا بِهِ أَوْ دَعْوَاهُ صَرْفَهُ كَاذِبًا، وَالْكَفَّارَةُ وَنَحْوُهَا كَالزَّكَاةِ فِي ذَلِكَ وَنَذْرُهُ فِي الذِّمَّةِ بِالْمَالِ صَحِيحٌ دُونَ عَيْنِ مَالِهِ وَالْمُرَادُ بِصِحَّةِ نَذْرِهِ فِيمَا ذُكِرَ ثُبُوتُهُ فِي ذِمَّتِهِ إلَى زَوَالِ حَجْرِهِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ (وَإِذَا) (أَحْرَمَ) حَالَ الْحَجْرِ (بِحَجِّ فَرْضٍ) أَصْلِيٍّ أَوْ قَضَاءٍ أَوْ مَنْذُورٍ قَبْلَ الْحَجْرِ وَبَعْدَهُ إذَا سَلَكْنَا بِهِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ وَهُوَ الْأَصَحُّ (أَعْطَى الْوَلِيُّ كِفَايَتَهُ لِثِقَةٍ يُنْفِقُ عَلَيْهِ فِي طَرِيقِهِ) وَلَوْ بِأُجْرَةٍ أَوْ يَخْرُجُ الْوَلِيُّ مَعَهُ خَوْفًا مِنْ تَفْرِيطِهِ فِيهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ إذَا أَرَادَ السَّفَرَ لِلْإِحْرَامِ، وَأَنَّ الْعُمْرَةَ كَالْحَجِّ فِيمَا ذُكِرَ. نَعَمْ إنْ قَصُرَ السَّفَرُ وَرَأَى الْوَلِيُّ دَفْعَهَا لَهُ جَازَ، قَالَهُ بَعْضُهُمْ بَحْثًا، وَلَوْ فَسَدَ حَجُّهُ الْمَفْرُوضُ بِالْجِمَاعِ فِي حَالِ سَفَهِهِ لَزِمَهُ الْمُضِيُّ فِيهِ وَالْقَضَاءُ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَيْهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إقْرَارٍ جَدِيدٍ لِثُبُوتِ النَّسَبِ بِإِقْرَارِهِ الثَّابِتِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ) أَيْ لِتَفْوِيتِهِ الْمَالَ عَلَى نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ ثَبَتَ) أَيْ بِبَيِّنَةٍ بِأَنْ شُوهِدَ وَهُوَ يَطَأُ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَنْذُورَةُ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ الْبَدَنِيَّةِ (قَوْلُهُ: كَصَدَقَةِ التَّطَوُّعِ) أَيْ وَلَوْ مِنْ مُؤْنَتِهِ (قَوْلُهُ: لِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْحَجْرِ عَلَيْهِ حِفْظُ مَالِهِ (قَوْلُهُ: تَوْكِيلُهُ) أَيْ مَعَ الْمُرَاقَبَةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَنْبَغِي) أَيْ يَجِبُ (قَوْلُهُ: أَوْ نَائِبِهِ) فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْوَلِيُّ وَلَا نَائِبُهُ فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ صَرَفَهُ اُعْتُدَّ بِهِ وَإِنْ أَثِمَ بِعَدَمِ الْحُضُورِ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ لِلْمَصْلَحَةِ وَإِلَّا ضَمِنَ وَلَا بُدَّ مِنْ الصَّرْفِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهَا) كَدِمَاءِ الْحَجِّ وَالْأُضْحِيَّةِ الْمَنْذُورَةِ قَبْلَ الْحَجْرِ (قَوْلُهُ: فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ إلَى زَوَالِ حَجْرِهِ) فَلَا يَجُوزُ لِوَلِيِّهِ صَرْفُهُ مِنْ مَالِهِ قَبْلَ فَكِّ الْحَجْرِ وَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْوَارِثِ الْوَفَاءُ مِنْ تَرِكَتِهِ إذَا مَاتَ قَبْلَ فَكِّ الْحَجْرِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِثُبُوتِهِ فِي ذِمَّتِهِ، وَكَتَبَ أَيْضًا. قَوْلُهُ إلَى زَوَالِ حَجْرِهِ عَلَيْهِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَذْرِ الْحَجِّ بَعْدَ الْحَجْرِ حَيْثُ يَصِحُّ مِنْهُ وَيَخْرُجُ مَعَهُ مَنْ يُرَاقِبُهُ وَيَصْرِفُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ إلَى رُجُوعِهِ وَلَا يُؤَخَّرُ إلَى فِكَاكِ الْحَجْرِ عَنْهُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْحَجُّ الْمُغَلَّبُ فِيهِ الْأَعْمَالُ الْبَدَنِيَّةُ فَلِمَ يُنْظَرُ إلَى الِاحْتِيَاجِ إلَى مَا يَصْرِفُهُ مِنْ الْمَالِ، بِخِلَافِ النَّذْرِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ هُوَ الْمَالُ لَا غَيْرُ (قَوْلُهُ: أَوْ قَضَاءٍ) أَيْ لِمَا أَفْسَدَهُ قَبْلَ الْحَجْرِ مُطْلَقًا أَوْ بَعْدَهُ وَكَانَ فَرْضًا عَلَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ فَسَدَ حَجُّهُ الْمَفْرُوضُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَصَحُّ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِأَكْثَرِ مَسَائِلِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُمْ سَلَكُوا بِهِ مَسْلَكَ جَائِزِ الشَّرْعِ فِي بَعْضِهَا (قَوْلُهُ: خَوْفًا مِنْ تَفْرِيطِهِ فِيهِ) أَيْ وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَحِقَّ أُجْرَةً مِثْلِ خُرُوجِهِ مَعَهُ وَصَرْفِهِ عَلَيْهِ إنْ فَوَّتَ خُرُوجَهُ بِسَبَبِهِ وَكَانَ فَقِيرًا، أَوْ احْتَاجَ بِسَبَبِ الْخُرُوجِ إلَى زِيَادَةٍ يَصْرِفُهَا عَلَى مُؤْنَتِهِ حَضَرًا كَأُجْرَةِ الْمَرْكَبِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ قَصُرَ السَّفَرُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ (قَوْلُهُ: جَازَ) أَيْ فَإِنْ أَتْلَفَهُ أَبْدَلَ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَلِيِّ لِجَوَازِ الدَّفْعِ لَهُ، وَمِثْلُهُ بِالْأَوْلَى مَا لَوْ سَرَقَ أَوْ تَلِفَ بِلَا تَقْصِيرٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فَسَدَ حَجُّهُ الْمَفْرُوضُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ التَّطَوُّعِ إذَا فَسَدَ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ فَلْيُرَاجَعْ. وَعِبَارَةُ حَجّ: بِحَجِّ فَرْضٍ، وَلَوْ نَذْرًا بَعْدَ الْحَجْرِ وَقَضَاءٍ وَلَوْ لِمَا أَفْسَدَهُ حَالَ سَفَهِهِ اهـ. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ أَمَتُهُ مِنْ الْكَتَبَةِ لِيَتَأَتَّى قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: الْبَدَنِيَّةِ) هَذَا التَّقْيِيدُ لَا يُنَاسِبُ الِاسْتِدْرَاكَ الْآتِيَ فِي الْمَتْنِ، وَمِنْ ثَمَّ أَبْقَى الشِّهَابُ حَجّ الْمَتْنَ عَلَى إطْلَاقِهِ لَكِنْ قَيَّدَهُ بِالْوَاجِبَةِ وَمُرَادُهُ الْوَاجِبَةُ بِأَصْلِ الشَّرْعِ بِدَلِيلِ اسْتِدْرَاكِهِ الْمَنْذُورَةَ بَعْدُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا الْمَسْنُونَةُ فَمَالِيُّهَا كَصَدَقَةِ التَّطَوُّعِ لَيْسَ هُوَ فِيهِ كَرَشِيدٍ اهـ. فَأَشَارَ إلَى أَنَّ فِي مَفْهُومِ التَّقْيِيدِ بِالْوَاجِبَةِ

[فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله]

وَيُعْطِيهِ الْوَلِيُّ نَفَقَةَ الْقَضَاءِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ كَلَامِهِ، وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ الْحَجَّ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَى أَدَائِهِ لَهُ حُكْمُ مَا تَقَدَّمَ وَمَا ادَّعَاهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّ الصَّوَابَ حَذْفُ اللَّامِ مِنْ ثِقَةٍ؛ لِأَنَّ أَعْطَى يَتَعَدَّى إلَى اثْنَيْنِ بِنَفْسِهِ يُرَدُّ بِجَوَازِ ذَلِكَ لِلتَّقْوِيَةِ (وَإِذَا) (أَحْرَمَ) حَالَ الْحَجْرِ (بِتَطَوُّعٍ) مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ بِنَذْرٍ بَعْدَ الْحَجْرِ وَقُلْنَا بِسُلُوكِهِ مَسْلَكَ جَائِزِ الشَّرْعِ، وَهُوَ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ (وَزَادَتْ مُؤْنَةُ سَفَرِهِ) لِإِتْمَامِ النُّسُكِ أَوْ إتْيَانِهِ بِهِ (عَلَى نَفَقَتِهِ الْمَعْهُودَةِ) فِي الْحَضَرِ (فَلِلْوَلِيِّ مَنْعُهُ) مِنْ الْإِتْمَامِ أَوْ الْإِتْيَانِ بِهِ صِيَانَةً لِمَالِهِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ صِحَّةُ إحْرَامِهِ بِدُونِ إذْنِ وَلِيِّهِ. وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ بِاسْتِقْلَالِ السَّفِيهِ (وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَمُحْصَرٍ فَيَتَحَلَّلُ) بِعَمَلِ عُمْرَةٍ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ الْمُضِيِّ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا هَذَا. وَالثَّانِي لَا يَتَحَلَّلُ إلَّا بِلِقَاءِ الْبَيْتِ كَمَنْ فَقَدَ زَادَهُ وَرَاحِلَتَهُ (قُلْت: وَيَتَحَلَّلُ بِالصَّوْمِ) وَالْحَلْقِ مَعَ النِّيَّةِ (إنْ قُلْنَا لِدَمِ الْإِحْصَارِ بَدَلٌ) وَهُوَ الْأَظْهَرُ كَمَا فِي الْحَجِّ (؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ الْمَالِ) فَإِنْ قُلْنَا لَا بُدَّ لَهُ بَقِيَ فِي ذِمَّةِ الْمُحْصَرِ. قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَيَظْهَرُ بَقَاؤُهُ فِي ذِمَّةِ السَّفِيهِ أَيْضًا (وَلَوْ كَانَ لَهُ فِي طَرِيقِهِ كَسْبٌ قَدْرَ زِيَادَةِ الْمُؤْنَةِ) عَلَى نَفَقَةِ الْحَضَرِ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ لَكِنَّهَا لَمْ تَزِدْ (لَمْ يَجُزْ مَنْعُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِإِمْكَانِ الْإِتْمَامِ بِدُونِ تَعَرُّضٍ لِلْمَالِ، وَمَا نَظَرَ بِهِ فِي الْمَطْلَبِ فِيمَا إذَا كَانَ عَمَلُهُ مَقْصُودًا بِالْأُجْرَةِ بِحَيْثُ لَا يَجُوزُ التَّبَرُّعُ بِهِ نَظَرَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ لَا يُعَدُّ مَالًا حَاصِلًا فَلَا يَلْزَمُهُ تَحْصِيلُهُ مَعَ غِنَاهُ، بِخِلَافِ الْمَالِ الْمَوْجُودِ فِي يَدِ الْوَلِيِّ وَتَعَجَّبَ الْغَزِّيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَهِيَ شَامِلَةٌ لِمَا أَفْسَدَهُ مِنْ التَّطَوُّعِ حَالَ سَفَهِهِ، وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ مِنْ الْفَرْضِ مَا لَوْ أَحْرَمَ بِتَطَوُّعٍ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ قَبْلَ إتْمَامِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَزِمَهُ الْمُضِيُّ فِيهِ صَارَ فَرْضًا اهـ. وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي أَمَّا لَوْ أَحْرَمَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُعْطِيهِ الْوَلِيُّ نَفَقَةَ الْقَضَاءِ) أَيْ وَلَوْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ مِرَارًا وَأَدَّى إلَى نَفَاذِ مَالِهِ (قَوْلُهُ لِلتَّقْوِيَةِ) يُتَأَمَّلُ فَإِنَّ لَامَ التَّقْوِيَةِ هِيَ اللَّامُ الزَّائِدَةُ لِتَقْوِيَةِ الْعَامِلِ الضَّعِيفِ إمَّا بِتَقْدِيمِ مَعْمُولِهِ عَلَيْهِ أَوْ كَوْنِهِ فَرْعًا فِي الْعَمَلِ كَاسْمِ الْفَاعِلِ وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْعَامِلَ فِيهِ أَعْطَى وَهُوَ فِعْلٌ لَمْ يَتَقَدَّمْ مَعْمُولُهُ (قَوْلُهُ وَإِذَا أَحْرَمَ) أَيْ أَوْ سَافَرَ لِيُحْرِمَ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: فَلِلْوَلِيِّ مَنْعُهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْمَنْعِ وَعَدَمِهِ، وَيَنْبَغِي وُجُوبُهُ عَلَيْهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ صِيَانَةً لِمَالِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْإِتْيَانِ بِهِ) قَالَ حَجّ: كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُمْ خِلَافًا لِمَا مَالَ إلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ مِنْ أَصْلِ السَّفَرِ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى ذَاتِهِ، وَيُرَدُّ مَا عَلَّلَ بِهِ بِأَنَّ لَهُ وِلَايَةً عَلَى ذَاتِهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يُفْضِي لِضَيَاعِ مَالِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ السَّفَرَ كَذَلِكَ اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ سَفَرًا قَصِيرًا أَوْ خُرُوجًا إلَى تَنَزُّهٍ فِي نَوَاحِي الْبَلَدِ أَوْ خَارِجَهَا بِحَيْثُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ ضَيَاعُ مَالٍ بِوَجْهٍ لَيْسَ لِوَلِيِّهِ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ اخْتِلَاطُهُ بِمَنْ لَا تَصْلُحُ مُرَافَقَتُهُمْ وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: بِاسْتِقْلَالِ السَّفِيهِ) أَيْ بِالتَّصَرُّفَاتِ الْغَيْرِ الْمَالِيَّةِ بَلْ وَالْمَالِيَّةِ الَّتِي فِيهَا تَحْصِيلٌ كَقَبُولِ الْهِبَةِ (قَوْلُهُ: فِي ذِمَّةِ السَّفِيهِ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ لَا بَدَلَ لَهُ وَهُوَ الْمَرْجُوحُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ مَنْعُهُ) فَإِنْ قُلْت: إذَا قُلْنَا لَا يَمْنَعُهُ فَسَافَرَ وَلَهُ كَسْبٌ يَفِي كَيْفَ يُحَصِّلُهُ مَعَ مَا مَرَّ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ إجَارَتُهُ لِنَفْسِهِ مُطْلَقًا أَوْ عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ. قُلْت: إذَا لَمْ يَجُزْ لِلْوَلِيِّ مَنْعُهُ يَلْزَمُهُ أَنَّهُ يُسَافِرُ مَعَهُ لِيُؤَجِّرَهُ لِذَلِكَ الْكَسْبِ أَوْ يُوَكِّلَ مَنْ يُؤَجِّرُهُ لَهُ ثُمَّ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْهُ وَلَوْ عَجَزَ أَثْنَاءَ الطَّرِيقِ فَهَلْ نَفَقَتُهُ حِينَئِذٍ فِي مَالِهِ أَوْ عَلَى الْوَلِيِّ لِإِذْنِهِ؟ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ حَيْثُ حَرُمَ عَلَيْهِ الْمَنْعُ لَا يُعَدُّ مُقَصِّرًا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَتَعَجَّبَ الْغَزِّيِّ) مُرَادُهُ صَاحِبُ مَيْدَانِ الْفُرْسَانِ. أَقُولُ: وَجْهُ تَعَجُّبِ الْغَزِّيِّ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْفَرْضُ مَا ذُكِرَ لَمْ يُصَدَّقْ أَنَّهُ فَوَّتَ بِالسَّفَرِ عَمْدًا مَقْصُودًا بِالْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّ الْكَسْبَ لَيْسَ فِي الْحَضَرِ حَتَّى يَفُوتَ بِالسَّفَرِ وَهُوَ يَأْتِي بِهِ فِي السَّفَرِ فَلَا تَفْوِيتَ أَصْلًا وَبِذَلِكَ يُنْظَرُ فِي نَظَرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَفْصِيلًا. (قَوْلُهُ: كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ كَلَامِهِ) فِي اقْتِضَائِهِ لِذَلِكَ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: بِعَمَلِ عُمْرَةٍ) الصَّوَابُ حَذْفُهُ. [فَصْلٌ فِيمَنْ يَلِي الصَّبِيَّ مَعَ بَيَانِ كَيْفِيَّةِ تَصَرُّفِهِ فِي مَالِهِ] .

مِمَّا ذَكَرَاهُ؛ إذْ الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْكَسْبُ فِي طَرِيقِهِ بِحَيْثُ لَا يَتَأَتَّى فِي غَيْرِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِمْ. أَمَّا لَوْ أَحْرَمَ بِتَطَوُّعٍ قَبْلَ الْحَجْرِ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ قَبْلَ إتْمَامِهِ كَانَ كَالْوَاجِبِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا فِي الْحَجِّ. فَصْلٌ فِيمَنْ يَلِي الصَّبِيَّ مَعَ بَيَانِ كَيْفِيَّةِ تَصَرُّفِهِ فِي مَالِهِ (وَلِيُّ الصَّبِيِّ) أَيْ الصَّغِيرِ وَلَوْ أُنْثَى (أَبُوهُ) إجْمَاعًا (ثُمَّ جَدُّهُ) أَبُو أَبِيهِ وَإِنْ عَلَا كَوَلَايَةِ النِّكَاحِ؛ وَإِنَّمَا لَمْ يَثْبُتْ بَعْدَهُمَا لِبَاقِي الْعُصْبَةِ كَالنِّكَاحِ لِقُصُورِ نَظَرِهِمْ فِي الْمَالِ وَكَمَالِهِ فِي النِّكَاحِ، وَتَكْفِي عَدَالَتُهُمَا الظَّاهِرَةُ لِوُفُورِ شَفَقَتِهِمَا، فَإِنْ فَسَقَا نَزَعَ الْحَاكِمُ الْمَالَ مِنْهُمْ كَمَا ذَكَرَاهُ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ وَيَنْعَزِلَانِ بِالْفِسْقِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ، وَعَلَيْهِ لَوْ فَسَقَ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ اللُّزُومِ لَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ فِي الْأَصَحِّ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ وَلَا يُعْتَبَرُ إسْلَامُهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ الْوَلَدُ مُسْلِمًا إذْ الْكَافِرُ يَلِي وَلَدَهُ الْكَافِرَ حَيْثُ كَانَ عَدْلًا فِي دِينِهِ، وَالْأَوْجَهُ بَقَاءُ وَلَايَتِهِ عَلَيْهِ وَإِنَّ تَرَافَعُوا إلَيْنَا كَالنِّكَاحِ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَقِيَاسُ قَوْلِ مَنْ قَالَ فِي وَلَايَةِ الْإِجْبَارِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالشَّارِحِ وَمَا وَجَّهَهُ بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم حَجّ (قَوْلُهُ: مِمَّا ذَكَرَاهُ) أَيْ صَاحِبُ الْمَطْلَبِ وَالْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِمْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا أَمْكَنَهُ كَسْبُ الزِّيَادَةِ فِي سَفَرِهِ وَإِقَامَتِهِ مَنَعَهُ مِنْ السَّفَرِ وَهُوَ مُشْكِلٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْبِرُهُ عَلَى الْكَسْبِ إذَا كَانَ غَنِيًّا فَمُجَرَّدُ الْإِمْكَانِ لَا يَسْتَلْزِمُ حُصُولَ الْكَسْبِ، فَإِذَا أَرَادَ السَّفَرَ وَكَانَ يَكْسِبُ فِيهِ مَا يَزِيدُ عَلَى نَفَقَةِ الْحَضَرِ لَا يُعَدُّ تَفْوِيتًا، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِ يَتَأَتَّى يَعْنِي يُوجَدُ وَيَحْصُلُ، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَكَانَ يَكْسِبُ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ: أَيْ فَإِنَّ مَا يَصْرِفُهُ فِي السَّفَرِ حِينَئِذٍ يُعَدُّ تَفْوِيتًا. (فَصْلٌ) فِيمَنْ يَلِي الصَّبِيَّ (قَوْلُهُ: مَعَ بَيَانِ إلَخْ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَدَعْوَاهُ عَدَمَ التَّصَرُّفِ بِالْمَصْلَحَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ الصَّغِيرِ) قَدْ يُوهِمُ تَفْسِيرَ الصَّبِيِّ بِهِ أَنَّهُ أَعَمُّ مِنْهُ وَأَنَّهُ يَشْمَلُ الْأُنْثَى دُونَ الصَّبِيِّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ حَجّ (قَوْلُهُ: وَكَمَالِهِ فِي النِّكَاحِ) أَيْ فَإِنَّهُمْ يُعَبِّرُونَ بِتَزْوِيجِ مُوَلِّيَتِهِمْ بِغَيْرِ الْكُفْءِ فَيَجْتَهِدُونَ فِيمَنْ يَصْلُحُ لِمُوَلِّيَتِهِمْ وَلَا كَذَلِكَ الْآلُ (قَوْلُهُ: وَتَكْفِي عَدَالَتُهُمَا الظَّاهِرَةُ) أَيْ إلَّا إذَا سَجَّلَ الْحَاكِمُ بِبَيْعِهِمَا فَلَا بُدَّ مِنْ إقَامَتِهِمَا الْبَيِّنَةَ بِعَدَالَتِهِمَا م ر. [فَرْعٌ] قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَوْ فَسَقَ الْوَلِيُّ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ انْفِسَاخِهِ، وَيَقُومُ غَيْرُهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ مَقَامَهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَعَلَيْهِ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ: وَعَلَيْهِ لَوْ فَسَقَ إلَخْ بَحْثٌ لِلسُّبْكِيِّ وَلَا يَسُوقُهُ مَسَاقَ الْمَنْقُولِ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُهُ: وَتَكْفِي عَدَالَتُهُمَا الظَّاهِرَةُ ظَاهِرُهُ وَلَوْ نُوزِعَا فِي فَصْلِ الْإِيصَاءِ أَنَّهُ إنْ نُوزِعَا لَمْ تَثْبُتْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَإِلَّا فَلَا، وَعِبَارَتُهُ ثُمَّ قَوْلُهُ: وَيَنْعَزِلَانِ بِالْفِسْقِ: أَيْ وَتَعُودُ لَهُمَا الْوَلَايَةُ بِمُجَرَّدِ التَّوْبَةِ وَلَوْ بِلَا تَوْلِيَةٍ مِنْ الْقَاضِي، وَمِثْلُهُمَا فِي ذَلِكَ الْحَاضِنَةُ وَالنَّاظِرُ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَلَوْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُمْ مِرَارًا، وَالْأُمُّ إذَا كَانَتْ وَصِيَّةً (قَوْلُهُ:: وَالْأَوْجَهُ بَقَاءُ وَلَايَتِهِ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: اُسْتُفْتِيَتْ عَنْ ذِمِّيِّ مَاتَ وَتَرَكَ طِفْلًا وَلَا وَصِيَّ لَهُ هَلْ لِقَاضِي الْمُسْلِمِينَ التَّعَرُّضُ لَهُمْ بِالنَّظَرِ وَنَصْبِ الْقَيِّمِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرْفَعَ أَمْرَهُمْ إلَيْهِ فَتَوَقَّفْت فِي الْإِفْتَاءِ، وَمِلْت إلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصْلٌ) فِيمَنْ يَلِي الصَّبِيَّ (قَوْلُهُ: أَيْ الصَّغِيرِ) لَا دَاعِيَ إلَى هَذَا التَّفْسِيرِ فَإِنَّ الصَّبِيَّ يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ لَوْ فَسَقَ)

فِي النِّكَاحِ: إنَّ شَرْطَهُمَا عَدَمُ الْعَدَاوَةِ أَنْ يَطَّرِدَ ذَلِكَ فِي وَلَايَةِ الْمَالِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَقَدْ نُقِلَ فِي بَابِ الْوَصَايَا عَنْ الرُّويَانِيِّ وَآخَرِينَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْوَصِيِّ عَدَمُ الْعَدَاوَةِ. وَقَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِ بِالصَّبِيِّ أَنَّهُ لَا وَلَايَةَ لِلْمَذْكُورِينَ عَلَى الْأَجِنَّةِ بِالتَّصَرُّفِ، وَصَرَّحَا بِهِ فِي الْفَرَائِضِ لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَاكِمِ فَقَطْ، فَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي فِي الْإِيصَاءِ مِنْ جَوَازِ النَّصْبِ عَلَى الْحَمْلِ لِحَمْلِهِ عَلَى مَنْصُوبِ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ (ثُمَّ وَصِيُّهُمَا) أَيْ وَصِيُّ مَنْ تَأَخَّرَ مَوْتُهُ مِنْهُمَا لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ وَشَرْطُهُ الْعَدَالَةُ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِهِ (ثُمَّ الْقَاضِي) أَيْ الْعَدْلُ الْأَمِينُ لِخَبَرِ «السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَلَوْ كَانَ الْيَتِيمُ بِبَلَدٍ وَمَالُهُ بِبَلَدٍ آخَرَ فَوَلِيُّ مَالِهِ قَاضِي بَلَدِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْوَلَايَةَ عَلَيْهِ تَرْتَبِطُ بِمَالِهِ كَمَالِ الْغَائِبِينَ، لَكِنَّ مَحَلَّهُ فِي تَصَرُّفِهِ فِيهِ بِالْحِفْظِ وَالتَّعَهُّدِ وَبِمَا يَقْتَضِيهِ الْحَالُ مِنْ الْغِبْطَةِ اللَّائِقَةِ إذَا أَشْرَفَ عَلَى التَّلَفِ، وَلِقَاضِي بَلَدِهِ الْمُتَّصِفِ بِمَا مَرَّ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ قَاضِي بَلَدِ مَالِهِ إحْضَارَهُ إلَيْهِ عِنْدَ أَمْنِ الطَّرِيقِ لِظُهُورِ الْمَصْلَحَةِ لَهُ فِيهِ لِيَتَّجِرَ لَهُ فِيهِ أَوْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ عَقَارًا، وَيَجِبُ عَلَى قَاضِي بَلَدِ الْمَالِ إسْعَافُهُ بِذَلِكَ وَحُكْمُ الْمَجْنُونِ وَمَنْ بَلَغَ سَفِيهًا كَالصَّبِيِّ فِي تَرْتِيبِ الْأَوْلِيَاءِ. قَالَ الْجُرْجَانِيُّ: وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ الْمَذْكُورِينَ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ النَّظَرُ فِي مَالِ مَحْجُورِهِمْ وَتَوَلِّي حِفْظِهِ لَهُمْ. وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَنْ عِنْدَهُ يَتِيمٌ أَجْنَبِيٌّ وَلَوْ سَلَّمَهُ لِحَاكِمٍ خَانَ فِيهِ بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ لِلضَّرُورَةِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ عِلَّتِهِ أَنَّهُ لَوْ وُلِّيَ عَدْلٌ أَمِينٌ وَجَبَ الرَّفْعُ إلَيْهِ حِينَئِذٍ وَلَا يَنْقُضُ مَا كَانَ تَصَرَّفَ فِيهِ زَمَنَ الْجَائِرِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ وَلِيًّا شَرْعًا، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْجُرْجَانِيِّ السَّابِقِ مَعَ مَا مَرَّ أَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَدَمِ التَّعَرُّضِ لِوُجُوهٍ اهـ (قَوْلُهُ: عَدَمُ الْعَدَاوَةِ) أَيْ الظَّاهِرَةِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ الْعَدَاوَةِ) أَيْ وَلَوْ بَاطِنَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: لَا وَلَايَةَ لِلْمَذْكُورَيْنِ) أَيْ فِيمَا مَرَّ وَيَأْتِي وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ مَا ذَكَرَ بَعْدَ قَوْلِهِ ثُمَّ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: وَصَرَّحَا بِهِ) أَيْ بِنَفْيِ. الْوَلَايَةِ بِالتَّصَرُّفِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَاكِمِ، وَلَمْ يُصَرِّحَا بِنَفْيِهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَبِ وَالْجَدِّ (قَوْلُهُ: لَكِنْ) أَيْ التَّصْرِيحُ (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحَاكِمِ) أَيْ وَمِثْلُهُ غَيْرُهُ وَمِنْ ثَمَّ وُجِدَ فِي نُسْخَةٍ بَعْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ فَقَطْ: قَالَ بَعْضُهُمْ: وَمِثْلُهُ غَيْرُهُ مِمَّنْ ذَكَرَ ثُمَّ وَصِيُّهُمَا، وَكَأَنَّهُ تَرَكَ قَوْلَهُ قَالَ بَعْضُهُمْ إلَخْ عَلَى مَا فِي الْأَصْلِ اكْتِفَاءً بِقَوْلِهِ قَبْلُ، وَقَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِ بِالصَّبِيِّ إلَخْ لَكِنْ عَلَى هَذَا يُتَأَمَّلُ قَوْلُهُ فَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي إلَخْ، فَإِنَّ مَا هُنَا عَلَى مَا ذَكَرَ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ وَلَايَةِ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَغَيْرِهِمَا، وَمَعَ ذَلِكَ كَيْفَ يَتِمُّ قَوْلُهُ لِحَمْلِهِ عَلَى مَنْصُوبِ الْأَبِ وَالْجَدِّ فَلْيُرَاجَعْ، فَإِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ فَلَا يُنَافِيهِ إلَخْ تَخْصِيصُ عَدَمِ الْوَلَايَةِ بِالْحَاكِمِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ وَصِيُّهُمَا) وَلَوْ أُمًّا بَلْ هِيَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَشَرْطُهُ) أَيْ الْوَصِيِّ (قَوْلُهُ: الْعَدَالَةُ) أَيْ الْبَاطِنَةُ كَمَا يَأْتِي لَهُ (قَوْلُهُ: مِنْ الْغِبْطَةِ) كَبَيْعِهِ وَإِجَارَتِهِ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّلَفِ الْأَعَمُّ مِنْ تَلَفِ الْعَيْنِ وَذَهَابِ الْمَنْفَعَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ بَاقِيَةً، فَلَوْ كَانَ لَهُ عَقَارٌ بِبَلَدِ قَاضِي الْمَالِ دُونَ بَلَدِ الصَّبِيِّ أَجَّرَهُ قَاضِي بَلَدِ مَالِهِ بِالْمَصْلَحَةِ، وَلَا تَصِحُّ إجَارَتُهُ مِنْ قَاضِي بَلَدِ الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ فِي مَحَلِّ وَلَايَتِهِ وَلَيْسَ بَلَدُ الْمَالِ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَلِقَاضِي بَلَدِهِ) قَالَ حَجّ: الْمُرَادُ بِبَلَدِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَطَنُهُ وَإِنْ سَافَرَ عَنْهُ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ إلَيْهِ اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ سَافَرَ مِنْ بَلَدِهِ إلَى مَالِهِ لَمْ يَجُزْ لِقَاضِي بَلَدِ الْمَالِ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ إلَّا إذَا كَانَ فِيهِ غِبْطَةٌ لَائِقَةٌ كَأَنْ أَشْرَفَ عَلَى التَّلَفِ (قَوْلُهُ: إسْعَافُهُ) أَيْ بِإِرْسَالِهِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: فِي مَالِ مَحْجُورِهِمْ) أَيْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ مِنْ الْمَذْكُورِينَ (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْقُضُ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ الْوَلِيُّ. (قَوْلُهُ: أَيْ وَصِيُّ مَنْ تَأَخَّرَ مَوْتُهُ مِنْهُمَا) أَيْ: أَوْ تَقَدَّمَ حَيْثُ كَانَ بِالْآخَرِ مَانِعٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْيَتِيمُ بِبَلَدٍ، وَمَالُهُ بِآخَرَ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَالْعِبْرَةُ بِقَاضِي بَلَدِ الْمَوْلَى: أَيْ: وَطَنِهِ، وَإِنْ سَافَرَ عَنْهُ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ إلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي التَّصَرُّفِ وَالِاسْتِنْمَاءِ وَبِقَاضِي بَلَدِ مَالِهِ فِي حِفْظِهِ وَتَعَهُّدِهِ وَنَحْوِ بَيْعِهِ وَإِجَارَتِهِ عِنْدَ خَوْفِ هَلَاكِهِ (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَنْ عِنْدَهُ يَتِيمٌ أَجْنَبِيٌّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْقُوتِ: وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَنْ عِنْدَهُ يَتِيمٌ أَجْنَبِيٌّ لَيْسَ بِوَصِيٍّ عَلَيْهِ وَلَهُ مَالٌ وَلَوْ سَلَّمَهُ لِوَلِيِّ الْأَمْرِ خَافَ ضَيَاعَهُ بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ النَّظَرُ فِي أَمْرِهِ وَالتَّصَرُّفُ

لَوْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا قَاضٍ فَاسِقٌ أَوْ غَيْرُ أَمِينٍ كَانَتْ الْوَلَايَةُ لِلْمُسْلِمِينَ: أَيْ لِصُلَحَائِهِمْ وَهُوَ مُتَّجَهٌ (وَلَا تَلِي الْأُمُّ فِي الْأَصَحِّ) قِيَاسًا عَلَى النِّكَاحِ. وَالثَّانِي تَلِي بَعْدَ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَتُقَدَّمُ عَلَى وَصِيِّهِمَا لِكَمَالِ شَفَقَتِهَا، وَمِثْلُهَا فِي عَدَمِ الْوَلَايَةِ سَائِرُ الْعُصْبَةِ كَأَخٍ وَعَمٍّ. نَعَمْ لَهُمْ الْإِنْفَاقُ مِنْ مَالِ الطِّفْلِ فِي تَأْدِيبِهِ وَتَعْلِيمِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَلَيْهِ وَلَايَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَلِيلٌ فَسُومِحَ بِهِ، وَمَحَلُّهُ عِنْدَ غَيْبَةِ وَلِيِّهِ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاجَعَتِهِ فِيمَا يَظْهَرُ. قَالَ الشَّيْخُ: وَالْمَجْنُونُ وَالسَّفِيهُ كَالصَّبِيِّ فِي ذَلِكَ، وَمُرَادُهُ بِالْمَجْنُونِ هُنَا مَنْ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ (وَيَتَصَرَّفُ) لَهُ (الْوَلِيُّ) أَبًا أَوْ غَيْرَهُ (بِالْمَصْلَحَةِ) وُجُوبًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: 152] وَقَوْلُهُ {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة: 220] وَاقْتَضَى كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ امْتِنَاعَ تَصَرُّفٍ اسْتَوَى طَرَفَاهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِانْتِفَاءِ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَالْمَاوَرْدِيُّ، وَيَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ حِفْظُ مَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ عَنْ أَسْبَابِ التَّلَفِ وَاسْتِنْمَاؤُهُ قَدْرَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي مُؤْنَةٍ مِنْ نَفَقَةٍ وَغَيْرِهَا إنْ أَمْكَنَ وَلَا تَلْزَمُهُ الْمُبَالَغَةُ، وَلِلْوَلِيِّ بَدَلُ بَعْضِ مَالِ الْيَتِيمِ وُجُوبًا لِتَخْلِيصِ الْبَاقِي عِنْدَ الْخَوْفِ عَلَيْهِ مِنْ اسْتِيلَاءِ ظَالِمٍ كَمَا يُسْتَأْنَسُ لِذَلِكَ بِخَرْقِ الْخَضِرِ لِلسَّفِينَةِ، وَلَوْ كَانَ لِلصَّبِيِّ كَسْبٌ لَائِقٌ بِهِ أَجْبَرَهُ الْوَلِيُّ عَلَى الِاكْتِسَابِ لِيَرْتَفِقَ بِهِ فِي ذَلِكَ. وَيُنْدَبُ شِرَاءُ الْعَقَارِ لَهُ، بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ التِّجَارَةِ عِنْدَ حُصُولِ الْكِفَايَةِ مِنْ رِيعِهِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَمَحَلُّهُ عِنْدَ الْأَمْنِ عَلَيْهِ مِنْ جَوْرِ السُّلْطَانِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ خَرَابٍ لِلْعَقَارِ وَلَمْ يَجِدْ بِهِ ثِقْلَ خَرَاجٍ وَلَهُ السَّفَرُ بِمَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ لِنَحْوِ صِبًا أَوْ جُنُونٍ فِي زَمَنٍ أَمِنَ صُحْبَةَ ثِقَةٍ وَإِنْ لَمْ تَدْعُ لَهُ ضَرُورَةٌ مِنْ نَحْوِ نَهْبٍ؛ إذْ الْمَصْلَحَةُ قَدْ تَقْتَضِي ذَلِكَ إلَّا فِي نَحْوِ بَحْرٍ إنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ عَدَمِهَا. أَمَّا الصَّبِيُّ فَيَجُوزُ إرْكَابُهُ الْبَحْرَ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ حَيْثُ يُصَدَّقُ الْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ بِأَنْ ادَّعَى نَفَقَةً لَائِقَةً إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: كَانَتْ الْوَلَايَةُ لِلْمُسْلِمِينَ) بَلْ عَلَيْهِمْ: أَيْ عِنْدَ عَدَمِ الْخَوْفِ عَلَى النَّفْسِ أَوْ الْمَالِ وَإِنْ قَلَّ أَوْ غَيْرِهِمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ تَوَلِّي سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ فِي مَالِهِ بِالْغِبْطَةِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَهُمْ الْإِنْفَاقُ) أَيْ وَعَدَمُهُ لَكِنَّ عِبَارَةَ حَجّ: نَعَمْ لِلْعُصْبَةِ مِنْهُمْ: أَيْ الْعَدْلِ عِنْدَ فَقْدِ الْوَلِيِّ الْإِنْفَاقَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ عِنْدَ غَيْبَةِ وَلِيِّهِ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ حَضَرَ الْوَلِيُّ وَأَنْكَرَ أَنَّهُمْ أَنْفَقُوا عَلَيْهِ مَا أَخَذُوهُ مِنْ مَالِهِ أَوْ أَنَّ فِعْلَهُمْ كَانَ بِغَيْرِ الْمَصْلَحَةِ، فَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُ الْوَلِيِّ فَعَلَيْهِمْ الْبَيِّنَةُ فِيمَا ادَّعَوْهُ (قَوْلُهُ: كَالصَّبِيِّ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي أَنَّ لِلْعُصْبَةِ الْإِنْفَاقَ عَلَيْهِ عِنْدَ غَيْبَةِ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ: مَنْ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ) أَيْ لِيَتَأَتَّى الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ فِي تَأْدِيبِهِ وَتَعْلِيمِهِ (قَوْلُهُ: وَاسْتِنْمَاؤُهُ إلَخْ) فَلَوْ تُرِكَ اسْتِنْمَاؤُهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَصَرَفَ مَالَهُ عَلَيْهِ فِي النَّفَقَةِ فَهَلْ يَضْمَنُهُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ تَرَكَ عِمَارَةَ الْعَقَارِ حَتَّى خَرِبَ الضَّمَانُ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ تَرْكَ الْعِمَارَةِ يُؤَدِّي إلَى فَسَادِ الْمَالِ، وَتَرْكُ الِاسْتِنْمَاءِ إنَّمَا يُؤَدِّي إلَى عَدَمِ التَّحْصِيلِ وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ ضَيَاعُ الْمَالِ فِي النَّفَقَةِ (قَوْلُهُ: لِتَخْلِيصِ الْبَاقِي) أَيْ وَإِنْ كَانَ مَا يَبْذُلُهُ كَثِيرًا بِحَيْثُ يَكُونُ التَّفَاوُتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَسْتَرْجِعُهُ مِنْ الظَّالِمِ قَلِيلًا (قَوْلُهُ: كَمَا يُسْتَأْنَسُ لِذَلِكَ) لَمْ يَقُلْ وَيُسْتَدَلُّ لِذَلِكَ إلَخْ؛ لِأَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا لَيْسَ شَرْعًا لَنَا، وَإِنْ وَرَدَ فِي شَرَعْنَا مَا يُقَرِّرُهُ (قَوْلُهُ: أَخْبَرَهُ الْوَلِيُّ) أَيْ حَيْثُ احْتَاجَ إلَيْهِ فِي النَّفَقَةِ عَلَى مَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ: لِيَرْتَفِقَ بِهِ وَقَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ: إنَّ وَلِيٍّ السَّفِيهِ يُجْبِرُهُ عَلَى الْكَسْبِ حَيْثُ احْتَاجَ إلَيْهِ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُجْبِرُهُ إنْ كَانَ غَنِيًّا وَلَا عَلَى مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ نَفَقَتِهِ وَفِي حَجّ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ وَلِيَّ الصَّبِيِّ يُجْبِرُهُ عَلَى الْكَسْبِ، وَلَوْ كَانَ غَنِيًّا اهـ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: مِنْ رِيعِهِ) أَيْ غَلَّتِهِ (قَوْلُهُ: فِي زَمَنِ أَمْنٍ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ اُحْتُمِلَ تَلَفُهُ فِي السَّفَرِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ، وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ فِيهِ تَرَدُّدٌ فَلْيُرَاجَعْ، وَالْأَقْرَبُ الْمَفْهُومُ الْمَذْكُورُ حَيْثُ قَوِيَ جَانِبُ الْخَوْفِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي مَالِهِ لِلضَّرُورَةِ . (قَوْلُهُ: أَجْبَرَهُ الْوَلِيُّ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، فَإِنْ كَانَ مُرَادًا فَلْيُنْظَرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّفِيهِ وَفِي التُّحْفَةِ التَّصْرِيحُ بِمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الشَّارِحِ هُنَا

عِنْدَ غَلَبَتِهَا خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ وَيُفَارِقُ مَالَهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا حَرَّمَ ذَلِكَ فِي الْمَالِ مُنَافَاتُهُ غَرَضَ وَلَايَتِهِ عَلَيْهِ فِي حِفْظِهِ وَتَنْمِيَتِهِ بِخِلَافِهِ هُوَ كَمَا يَجُوزُ إرْكَابُ نَفْسِهِ، وَالصَّوَابُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَدَمُ تَحْرِيمِ إرْكَابِ الْبَهَائِمِ وَالْأَرِقَّاءِ وَالْحَامِلِ عِنْدَ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ (وَيَبْنِي دُورَهُ) وَمَسَاكِنَهُ (بِالطِّينِ وَالْآجُرِّ) أَيْ الطُّوبِ الْمُحْرَقِ؛ لِأَنَّ الطِّينَ قَلِيلُ الْمُؤْنَةِ، وَيَنْتَفِعُ بِهِ بَعْدَ النَّقْضِ، وَالْآجُرُّ يَبْقَى (لَا اللَّبِنِ) وَهُوَ مَا لَمْ يُحْرَقْ مِنْ الطُّوبِ (وَالْجِصِّ) أَيْ الْجِبْسِ؛ لِأَنَّ اللَّبِنَ قَلِيلُ الْبَقَاءِ وَيَنْكَسِرُ عِنْدَ النَّقْضِ، وَالْجِصُّ كَثِيرُ الْمُؤْنَةِ وَلَا تَبْقَى مَنْفَعَتُهُ عِنْدَ النَّقْضِ بَلْ يُلْصَقُ بِالطُّوبِ فَيُفْسِدُهُ، وَتَعْبِيرُهُ كَأَصْلِهِ فِي الْجِصِّ بِالْوَاوِ بِمَعْنَى أَوْ فَفِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى الِامْتِنَاعِ فِي اللَّبِنِ سَوَاءٌ أَكَانَ مَعَ الطِّينِ أَمْ الْجِصِّ، وَعَلَى الِامْتِنَاعِ فِي الْجِصِّ سَوَاءٌ أَكَانَ مَعَ اللَّبِنِ أَمْ الْآجُرِّ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلِفَهْمِ الْمَنْعِ فِيمَا عَدَاهُمَا، وَالْمَجْنُونُ وَالسَّفِيهُ كَالصَّبِيِّ فِيمَا ذُكِرَ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ قَصْرِ الْبِنَاءِ عَلَى الْآجُرِّ وَالطِّينِ هُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ اخْتَارَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ جَوَازَ الْبِنَاءِ عَلَى عَادَةِ الْبَلَدِ كَيْفَ كَانَ، وَاخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ وَاسْتَحْسَنَهُ الشَّاشِيُّ. قَالَ فِي الْبَيَانِ بَعْدَ حِكَايَةِ مَا مَرَّ عَنْ النَّصِّ: وَهَذَا فِي الْبِلَادِ الَّتِي يَعِزُّ فِيهَا وُجُودُ الْحِجَارَةِ، فَإِنْ كَانَ فِي بَلَدٍ تُوجَدُ الْحِجَارَةُ فِيهِ فَهِيَ أَوْلَى مِنْ الْآجُرِّ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهَا أَكْثَرُ وَأَقَلُّ مُؤْنَةً، وَمَا اشْتَرَطَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي جَوَازِ الْبِنَاءِ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ أَنْ يُسَاوِيَ كُلْفَتَهُ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَيَانِ فِيهِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ: مُنِعَ لِلْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ مُسَاوَاتَهُ لِكُلْفَتِهِ فِي غَايَةِ النُّدُورِ وَكَمَا يَجُوزُ بِنَاءُ عَقَارِهِ يَجُوزُ ابْتِدَاءُ بِنَائِهِ لَهُ. نَعَمْ مَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ شِرَاؤُهُ أَحَظَّ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بَعْضُ أَهْلِ الْيَمَنِ، وَقَالَ ابْنُ الْمُلَقِّنِ: إنَّهُ فِقْهٌ ظَاهِرٌ. (وَلَا) يَشْتَرِي لَهُ مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ وَلَوْ كَانَ مُرْبِحًا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَا (يَبِيعُ عَقَارَهُ) ؛ لِأَنَّ الْعَقَارَ أَسْلَمُ وَأَنْفَعُ مِمَّا عَدَاهُ (إلَّا لِحَاجَةٍ) مِنْ كِسْوَةٍ وَنَفَقَةٍ وَنَحْوِهِمَا بِأَنْ لَمْ تَفِ غَلَّةُ الْعَقَارِ بِذَلِكَ وَلَمْ يَجِدْ مُقْرِضًا يَنْتَظِرُ مَعَهُ غَلَّةً تَفِي بِالْقَرْضِ، وَلَهُ بَيْعُهُ أَيْضًا لِثِقَلِ خَرَاجٍ أَوْ خَوْفِ خَرَابٍ أَوْ لِكَوْنِهِ بِغَيْرِ بَلَدِ الْيَتِيمِ، وَيَحْتَاجُ لِمُؤْنَةِ مَنْ يُوَجِّهُهُ لِيَجْمَعَ غَلَّتَهُ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ، وَيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ أَوْ يَبْنِيَ بِبَلَدِ الْيَتِيمِ مِثْلَهُ أَوْ لِحَاجَةِ عِمَارَةِ أَمْلَاكِهِ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُ الْعَقَارِ (أَوْ غِبْطَةٍ ظَاهِرَةٍ) كَبَيْعِهِ بِزِيَادَةٍ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ وَهُوَ يَجِدُ مِثْلَهُ بِبَعْضِهِ أَوْ خَيْرًا مِنْهُ بِكُلِّهِ، وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ جَوَازَ بَيْعِهِ بِثَمَنِ مِثْلِهِ دَفْعًا لِرُجُوعِ أَصْلِهِ فِي هِبَتِهِ لَهُ، وَنَظَرَ فِي دُخُولِ هَذِهِ الصُّورَةِ فِي الْغِبْطَةِ، وَالْأَقْرَبُ دُخُولُهَا فِيهَا فَقَدْ فَسَّرَهَا الْجَوْهَرِيُّ بِحُسْنِ الْحَالِ، وَأَفْتَى الْقَفَّالُ بِجَوَازِ بَيْعِ ضَيْعَةِ يَتِيمٍ خَرِبَتْ، وَخَرَاجُهَا يَسْتَأْصِلُ مَالَهُ وَلَوْ بِدِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِيهِ، وَأَخَذَ مِنْهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ لَهُ بَيْعَ كُلِّ مَا خِيفَ هَلَاكُهُ بِدُونِ ثَمَنِ مِثْلِهِ لِلضَّرُورَةِ، وَأُلْحِقَ بِذَلِكَ مَا لَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ غَصْبُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSظَاهِرُهُ وَلَوْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا وَهُوَ كَذَلِكَ حَيْثُ لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إلَى السَّفَرِ بِهِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ غَلَبَتِهَا) أَيْ السَّلَامَةِ (قَوْلُهُ: إرْكَابِ الْبَهَائِمِ) أَيْ الَّتِي لِغَيْرِ الصَّبِيِّ الْبَحْرَ (قَوْلُهُ: عَلَى عَادَةِ الْبَلَدِ) الْوَجْهُ جَوَازُ اتِّبَاعِهَا عِنْدَ الْمَصْلَحَةِ اهـ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. وَمِثْلُهُ عَلَى مَنْهَجٍ قَالَ حَجّ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ مُدْرَكًا، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَقْتَضِ الْمَصْلَحَةُ الْجَرْيَ عَلَى عَادَةِ الْبَلَدِ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ كَلَامِهِ هُنَا وَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ سم (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مُسَاوَاتَهُ إلَخْ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَكَمَا يَجُوزُ بِنَاءُ عَقَارِهِ) أَيْ الَّذِي تَهَدَّمَ بَعْضُ جُدْرَانِهِ، وَقَوْلُهُ يَجُوزُ ابْتِدَاءً إلَخْ: أَيْ أَنْ يُحْيِيَ لَهُ مَوَاتًا أَوْ يَشْتَرِيَ لَهُ أَرْضًا خَالِيَةً مِنْ الْبِنَاءِ ثُمَّ يُحَدِّثَهُ فِيهَا (قَوْلُهُ: مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَمْكَنَ بَيْعُهُ عَاجِلًا قَبْلَ خَشْيَةِ فَسَادِهِ، وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ بَيْعُهُ قَبْلَ ذَلِكَ بِحَسَبِ الْعَادَةِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَخْلَفَ فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ صَدَرَ بِنَاءً عَلَى الْمَصْلَحَةِ الظَّاهِرَةِ وَهُوَ كَافٍ (قَوْلُهُ: إلَّا لِحَاجَةٍ) وَكَبَيْعِ الْعَقَارِ إيجَارُ مَا يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهُ مُدَّةً طَوِيلَةً عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ فِي إيجَارِ مِثْلِهِ، وَالْمُرَادُ: أَنَّ مَا يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهُ مَا أَوْصَى بِهِ أَوْ كَانَ مُسْتَحَقًّا لَهُ بِإِجَارَةٍ أَمَّا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي الرُّجُوعُ فِيهِ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ (قَوْلُهُ: وَيَحْتَاجُ لِمُؤْنَةِ) أَيْ مُؤْنَةٍ لَهَا وَقْعٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يُحَصِّلُهُ مِنْ الْغَلَّةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِيهِ) وَمِثْلُهُ مَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى فِي مِصْرنَا مِنْ أَنَّ مَا خَرِبَ مِنْ الْأَوْقَافِ لَا يَعْمُرُ فَتَجُوزُ إجَارَةُ أَرْضِهِ لِمَنْ يَعْمُرُهَا بِأُجْرَةٍ وَإِنْ قَلَّتْ الْأُجْرَةُ الَّتِي يَأْخُذُهَا وَطَالَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَسْتَأْجِرُ بِزِيَادَةٍ عَلَيْهَا، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى النَّاظِرِ صَرْفُهُ فِي مَصَارِفِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لَوْ بَقِيَ، وَبَحَثَ الْبَالِسِيُّ جَوَازَ بَيْعِ مَالِ تِجَارَتِهِ بِدُونِ رَأْسِ الْمَالِ لِيَشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ مَا هُوَ مَظِنَّةُ الرِّبْحِ، وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ أَنَّ آنِيَةَ الْقِنْيَةِ مِنْ صُفْرٍ وَنَحْوِهِ كَالْعَقَارِ فِيمَا ذُكِرَ، قَالَ: وَمَا عَدَاهُمَا لَا يُبَاعُ أَيْضًا إلَّا لِغِبْطَةٍ أَوْ حَاجَةٍ، لَكِنْ يَجُوزُ لِحَاجَةٍ يَسِيرَةٍ وَرِبْحٍ قَلِيلٍ لَائِقٍ بِخِلَافِهِمَا، وَهُوَ أَوْجَهُ مِمَّا بَحَثَهُ فِي التَّوْشِيحِ مِنْ جَوَازِ بَيْعِهِ بِدُونِ حَاجَةٍ وَبِدُونِ رِبْحٍ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ بِقِيمَتِهِ مَصْلَحَةٌ فَلَا يُشْتَرَطُ زِيَادَتُهُ عَلَيْهَا، وَتَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ الْغِبْطَةَ بِالظَّاهِرَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى بَقِيَّةِ كُتُبِهِمَا، قَالَ الْإِمَامُ: وَضَابِطُ تِلْكَ الزِّيَادَةِ أَنْ لَا يَسْتَهِينَ بِهَا الْعُقَلَاءُ بِالنِّسْبَةِ إلَى شِرَاءِ الْعَقَارِ. نَعَمْ لَهُ صَوْغُ حُلِيٍّ لِمُوَلِّيهِ وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ أَوْ جُزْءٌ مِنْهُ وَصَبْغُ ثِيَابٍ وَتَقْطِيعُهَا وَكُلُّ مَا يَرْغَبُ فِي نِكَاحِهَا أَوْ بَقَائِهِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ: الْأَصْلُ، وَهُوَ مَا صَرَّحُوا بِهِ، وَالْوَصِيُّ، وَالْقَيِّمُ كَمَا بَحَثَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَجَرَى عَلَيْهِ أَبُو زُرْعَةَ فَقَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ لِلْقَيِّمِ شِرَاءَ جِهَازٍ مُعْتَادٍ لَهَا مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي فَيَقَعُ لَهَا وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ إذَا لَمْ يُكَذِّبْهُ ظَاهِرُ الْحَالِ، وَلَوْ تَرَكَ عِمَارَةَ عَقَارِهِ أَوْ إيجَارَهُ حَتَّى خَرِبَ مَعَ الْقُدْرَةِ أَثِمَ وَضَمِنَ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ، وَيُفَارِقُ مَسْأَلَةَ التَّلْقِيحِ بِأَنَّ التَّرْكَ فِيهِمَا يُفَوِّتُ الْمَنْفَعَةَ وَالتَّرْكُ فِيهَا يُفَوِّتُ الْأَجْوَدِيَّةَ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَيَقْرُبُ مِنْ هَذَا الْخِلَافِ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ فِي الْخُلْعِ: إذَا خَالَعَ السَّفِيهُ وَقَبَضَ الْمَالَ وَتَرَكَهُ الْوَلِيُّ فِي يَدِهِ حَتَّى تَلِفَ فَفِي ضَمَانِهِ وَجْهَانِ اهـ: أَيْ وَأَصَحُّهُمَا الضَّمَانُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ عَلَى لُقَطَةِ الصَّبِيِّ. قَالَ الْقَفَّالُ: وَيَضْمَنُ وَرِقَ الْفِرْصَادِ إذَا تَرَكَهُ حَتَّى فَاتَ وَكَأَنَّهُ قَاسَهُ عَلَى سَائِرِ الْأَطْعِمَةِ، وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ بَيْعِهِ لَتَوَقَّعَ زِيَادَةً فَتَلِفَ الْمَالُ فَلَا ضَمَانَ. قَالَ الْعَبَّادِيُّ: وَلَوْ أَجَّرَ بَيَاضَ أَرْضِ بُسْتَانِهِ بِأُجْرَةٍ وَافِيَةٍ بِمِقْدَارِ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ وَقِيمَةِ الثَّمَرَةِ ثُمَّ سَاقَ عَلَى شَجَرِهِ عَلَى سَهْمٍ مِنْ أَلْفِ سَهْمٍ لِلْيَتِيمِ، وَالْبَاقِي لِلْمُسْتَأْجِرِ كَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ: الظَّاهِرُ صِحَّةُ الْمُسَاقَاةِ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهِيَ مَسْأَلَةٌ نَفِيسَةٌ، وَيَمْتَنِعُ عَلَى غَيْرِ الْقَاضِي مِنْ الْأَوْلِيَاءِ إقْرَاضُ شَيْءٍ مِنْ مَالِ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ بِلَا ضَرُورَةٍ مِنْ نَحْوِ نَهْبٍ أَوْ حَرِيقٍ أَوْ إرَادَةِ سَفَرٍ يُخَافُ عَلَيْهِ فِيهِ. أَمَّا الْقَاضِي فَلَهُ ذَلِكَ مُطْلَقًا لِكَثْرَةِ أَشْغَالِهِ. وَلَا يُقْرِضُهُ إلَّا لِمَلِيءٍ أَمِينٍ وَيَأْخُذُ عَلَيْهِ رَهْنًا إنْ رَأَى ذَلِكَ مَصْلَحَةً ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَوْقُوفِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: مِنْ صُفْرٍ) اسْمٌ لِلنُّحَاسِ (قَوْلُهُ: وَمَا عَدَاهُمَا) أَيْ آنِيَةَ الْقِنْيَةِ وَالْعَقَارَ (قَوْلُهُ: إلَّا لِغِبْطَةٍ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: مِمَّا بَحَثَهُ فِي التَّوْشِيحِ) لِابْنِ السُّبْكِيّ صَاحِبِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ (قَوْلُهُ: فَيَقَعُ) أَيْ الشِّرَاءُ (قَوْلُهُ: حَتَّى خَرِبَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَخْرَبْ لَا تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ الَّتِي فَوَّتَهَا بِعَدَمِ الْإِيجَارِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ سم فَيَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَخْرَبْ، وَمِثْلُ ذَلِكَ النَّاظِرُ عَلَى الْوَقْفِ (قَوْلُهُ: فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: وَيُفَارِقُ مَسْأَلَةَ التَّلْقِيحِ) أَيْ حَيْثُ قِيلَ فِيهَا بِعَدَمِ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: فِيهِمَا) أَيْ الْعِمَارَةِ وَالْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: وَالتَّرْكُ فِيهَا) أَيْ مَسْأَلَةِ التَّلْقِيحِ (قَوْلُهُ: يُفَوِّتُ الْأَجْوَدِيَّةَ) هُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ فَاتَتْ الْأَجْوَدِيَّةُ كَمَا ذَكَرَهُ، أَمَّا لَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ فَسَادُهُ عِنْدَ عَدَمِ التَّلْقِيحِ اُتُّجِهَ الضَّمَانُ، ثُمَّ قَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقِ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ إيجَارَ دُورِهِ مُدَّةً تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ مَعَ تَيَسُّرِ مَنْ يَسْتَأْجِرُ عَدَمَ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَوِّتْ حَاصِلًا وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ سم الضَّمَانُ (قَوْلُهُ: وَقَبْضُ الْمَالِ) أَيْ عَيْنًا وَلَوْ بِلَا إذْنٍ أَوْ دَيْنًا وَأَذِنَ الْوَلِيُّ فِي قَبْضِهِ (قَوْلُهُ: الْفِرْصَادِ) أَيْ التُّوتِ حَيْثُ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّهُ يُجْنَى وَيُنْتَفَعُ بِهِ (قَوْلُهُ: لِتَوَقُّعِ زِيَادَةٍ) أَيْ تَوَقُّعًا قَرِيبًا (قَوْلُهُ: وَقِيمَةُ الثَّمَرَةِ) أَيْ وَقْتُ طُلُوعِهَا وَبَيْعِهَا عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْغَالِبَةُ فِيهِ (قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ صِحَّةُ الْمُسَاقَاةِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يُقْرِضُهُ) أَيْ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: إنْ رَأَى ذَلِكَ إلَخْ) تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الرَّهْنِ الْجَزْمُ بِوُجُوبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَضَابِطُ تِلْكَ الزِّيَادَةِ) أَيْ السَّابِقَةِ فِي تَفْسِيرِ الْغِبْطَةِ الظَّاهِرَةِ، فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: إلَخْ) لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ هَذَا جَوَابَ الشَّرْطِ فِي كَلَامِ الْعَبَّادِيِّ؛ لِأَنَّهُ مُتَقَدِّمٌ عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ. (قَوْلُهُ: إنْ رَأَى ذَلِكَ) تَقَدَّمَ لَهُ مِثْلُ هَذَا فِي فَصْلِ الْقَرْضِ، لَكِنَّهُ اسْتَوْجَهَ فِي بَابِ الرَّهْنِ الْوُجُوبَ مُطْلَقًا، وَأَوَّلَ عِبَارَةَ الشَّيْخَيْنِ الْمُوَافِقَة لِمَا ذَكَرَهُ هُنَا

وَإِلَّا تَرَكَهُ وَلَا يُودِعُهُ أَمِينًا إلَّا عِنْدَ عَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ إقْرَاضِهِ (وَلَهُ بَيْعُ مَالِهِ بِعَرَضٍ وَنَسِيئَةٍ لِلْمَصْلَحَةِ) الَّتِي يَرَاهَا فِيهِمَا كَأَنْ يَكُونَ فِي الْأَوَّلِ رِبْحٌ وَفِي الثَّانِي زِيَادَةٌ لَائِقَةٌ أَوْ خَافَ عَلَيْهِ مِنْ نَهْبٍ أَوْ إغَارَةٍ (وَإِذَا بَاعَ نَسِيئَةً أَشْهَدَ) عَلَى الْبَيْعِ وُجُوبًا (وَارْتَهَنَ بِهِ) أَيْ الثَّمَنِ رَهْنًا وَافِيًا بِهِ وُجُوبًا أَيْضًا، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مِنْ مُوسِرٍ ثِقَةٍ، وَقِصَرُ الْأَجَلِ عُرْفًا، وَزِيَادَةٌ لَائِقَةٌ بِهِ، فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ بَطَلَ الْبَيْعُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَكَانَ ضَامِنًا خِلَافًا لِلْإِمَامِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي مَلِيًّا وَلَا يُجْزَى الْكَفِيلُ عَنْ الِارْتِهَانِ. نَعَمْ لَا يَلْزَمُ الْأَبَ وَالْجَدَّ الِارْتِهَانُ مِنْ نَفْسِهِمَا وَالدَّيْنُ عَلَيْهِمَا كَأَنْ بَاعَا مَالَهُ لِنَفْسِهِمَا نَسِيئَةً؛ لِأَنَّهُمَا أَمِينَانِ فِي حَقِّهِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إذَا كَانَ مَلِيًّا، وَإِلَّا فَهُوَ مُضَيِّعٌ، وَيَحْكُمُ الْقَاضِي بِصِحَّةِ بَيْعِهِمَا مَالَ وَلَدِهِمَا إذَا رَفَعَاهُ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُثْبِتَا أَنَّ بَيْعَهُمَا وَقَعَ بِالْمَصْلَحَةِ؛ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مُتَّهَمَيْنِ فِي حَقِّ وَلَدِهِمَا وَيَجِبُ إثْبَاتُهُمَا الْعَدَالَةَ لِيُسَجَّلَ لَهُمَا فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ، كَمَا يَجِبُ إثْبَاتُ عَدَالَةِ الشُّهُودِ لِيُحْكَمَ وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُوَ الْأَصَحَّ بِخِلَافِ مَا فِي شُهُودِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي جَوَازِ تَرْكِ الْحَاكِمِ لَهُمَا عَلَى الْوَلَايَةِ وَهَذَا فِي طَلَبِهِمَا مِنْهُ التَّسْجِيلَ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَدْعِي ثُبُوتَهُ عِنْدَهُ وَالثُّبُوتُ يَحْتَاجُ لِلتَّزْكِيَةِ، وَنَظَرُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَمْنَعُ الشُّرَكَاءَ مِنْ قِسْمَةِ دَارٍ بِأَيْدِيهِمْ وَلَا يُجِيبُهُمْ إلَيْهَا إلَّا بَعْدَ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ بِمِلْكِهَا لَهُمْ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ تَسْتَدْعِي الْحُكْمَ وَهُوَ يَحْتَاجُ إلَى الْبَيِّنَةِ بِالْمِلْكِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْوَصِيِّ وَالْأَمِينِ فَإِنَّهُ يَجِبُ إقَامَتُهُمَا الْبَيِّنَةَ بِالْمَصْلَحَةِ وَبِعَدَالَتِهِمَا. وَلَا يَبِيعُ الْوَصِيُّ مَالَ نَحْوِ طِفْلٍ لِنَفْسِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالرَّهْنِ مُطْلَقًا، فَقَوْلُهُ هُنَا تَرَكَهُ: أَيْ الْقَرْضَ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ ثَمَّ أَيْضًا، وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الْقَرْضِ وَرَضِيَ بِاقْتِرَاضِهِ مِنْ وَلِيِّهِ مُوسِرٌ ثِقَةٌ لَكِنْ امْتَنَعَ مِنْ الرَّهْنِ لَمْ يَجُزْ الْإِقْرَاضُ وَإِنْ فَاتَتْ الْمَصْلَحَةُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا تَرَكَهُ) قَالَ حَجّ: فَإِنْ تَرَكَ وَاحِدًا مِمَّا ذَكَرَ بَطَلَ الْبَيْعُ إلَّا إذَا تَرَكَ الرَّهْنَ وَالْمُشْتَرِي مُوسِرٌ عَلَى مَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا، وَقَالَ السُّبْكِيُّ: لَا اسْتِثْنَاءَ وَضَمِنَ. نَعَمْ إنْ بَاعَهُ لِمُضْطَرٍّ لَا رَهْنَ مَعَهُ جَازَ، وَكَذَا لَوْ تَحَقَّقَ تَلَفُهُ وَأَنَّهُ لَا يُحْفَظُ إلَّا بِبَيْعِهِ مِنْ مُعَيَّنٍ بِأَدْنَى ثَمَنٍ قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْقَفَّالِ، ثُمَّ قَالَ: وَالْأَوْلَى عَلَى مَا قَالَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ أَنْ لَا يَرْتَهِنَ فِي الْبَيْعِ لِنَحْوِ نَهْبٍ إذَا خَشِيَ عَلَى الْمَرْهُونِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْفَعُهُ لِحَنَفِيٍّ وَيَضْمَنُهُ لَهُ، وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ الْوَلِيَّ بَعْدَ الرُّشْدِ اسْتِخْلَاصُ دُيُونِ الْمُولَى كَعَامِلِ الْقِرَاضِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَبِحَ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ مَأْذُونٌ لَهُ مِنْ الْمَالِكِ وَهَذَا مِنْ جُمْلَةِ الشَّرْعِ وَأَيَّدَهُ بِكَلَامٍ طَوِيلٍ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: وَالدَّيْنُ عَلَيْهِمَا) أَيْ وَالْحَالُ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ مَلِيًّا) أَيْ كُلٌّ مِنْ الْأَبِ وَالْجَدِّ (قَوْلُهُ: وَيَحْكُمُ الْقَاضِي) أَيْ فِي صُورَةِ شِرَائِهِمَا مِنْ أَنْفُسِهِمَا (قَوْلُهُ: إذَا رَفَعَاهُ) أَيْ الْأَمْرَ فِي الْمَالِ يُتَأَمَّلُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْحُكْمَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ سَبْقِ دَعْوَى وَلَيْسَ هُنَا مَنْ يَدَّعِي عَلَيْهِمَا حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ طَرِيقًا لِلْحُكْمِ، وَقَدْ يُقَالُ بِالِاكْتِفَاءِ بِرَفْعِهِمَا مِنْ أَنْفُسِهِمَا لِيَكُونَ ذَلِكَ وَسِيلَةً لِصَرْفِ الثَّمَنِ الَّذِي يَدْفَعَانِهِ فِي مَصَالِحِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ نِزَاعٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَيُصَوَّرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَفِي الْقَرْضِ. (قَوْلُهُ: الْمُصَنِّفُ وَارْتَهَنَ) أَيْ إنْ أَمِنَ عَلَى الرَّهْنِ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ قَالَ: فَالْأَوْلَى إذَا خَافَ عَلَى الرَّهْنِ أَنْ لَا يَرْتَهِنَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ وَيَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى حَاكِمٍ يَرَى سُقُوطَ الدَّيْنِ بِتَلَفِ الْمَرْهُونِ. (قَوْلُهُ: وُجُوبًا) أَيْ: وَلَوْ قَاضِيًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْإِمَامِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ بِالصِّحَّةِ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ إثْبَاتُهُمَا الْعَدَالَةَ لِيُسَجِّلَ) أَيْ لِيَحْكُمَ إذْ هُوَ الْمُرَادُ مِنْ التَّسْجِيلِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ كَشَرْحِ الرَّوْضِ وَإِنْ أَوْهَمَ صَنِيعُ الشَّارِحِ خِلَافَهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ بَيْعِ الْأَبِ وَالْجَدِّ عَلَى إثْبَاتِ أَنَّهُ وَقَعَ بِالْمَصْلَحَةِ، وَيَتَوَقَّفُ عَلَى إثْبَاتِ عَدَالَتِهِمَا كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ كَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَاكَ فِي جَوَازِ تَرْكِ الْحَاكِمِ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلِاكْتِفَاءِ بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ؛ لِبَقَائِهِمَا عَلَى الْوِلَايَةِ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ عِبَارَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَذْكُورًا هُنَا فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ.

وَلَا مَالَ نَفْسِهِ لَهُ وَلَا يَقْتَصُّ لَهُ وَلِيُّهُ، وَلَوْ أَبًا فَشَمَلَ مَا لَوْ وَرِثَهُ وَمَا لَوْ جَنَى عَلَى طَرْفِهِ، وَلَا يَعْفُو عَنْ قِصَاصٍ إلَّا فِي حَقِّ الْمَجْنُونِ الْفَقِيرِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ أَبًا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْجِنَايَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّ لِلصَّبِيِّ غَايَةً تُنْتَظَرُ بِخِلَافِ الْجُنُونِ، وَلَا يُكَاتِبُ رَقِيقَهُ وَلَا يُدَبِّرُهُ وَلَا يُعَلِّقُ عِتْقَهُ عَلَى صِفَةٍ وَلَا يُطَلِّقُ زَوْجَتَهُ وَلَوْ بِعِوَضٍ وَلَا يَصْرِفُ مَالَهُ فِي الْمُسَابِقَةِ وَلَا يَشْتَرِي لَهُ إلَّا مِنْ ثِقَةٍ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ مَنْعُ شِرَاءِ الْجَوَارِي لَهُ لِلتِّجَارَةِ لَغَرَرِ الْهَلَاكِ وَلَهُ أَنْ يَزْرَعَ لَهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ (وَيَأْخُذُ لَهُ بِالشُّفْعَةِ أَوْ يَتْرُكُ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ) الَّتِي رَآهَا فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِفِعْلِهَا وَيَتْرُكُ الْأَخْذَ عِنْدَ عَدَمِهَا، وَإِنْ عُدِمَتْ فِي التَّرْكِ أَيْضًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ، قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَالنَّصُّ يُفْهِمُهُ، وَالْآيَةُ تَشْهَدُ لَهُ: يَعْنِي قَوْله تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: 152] وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ قَطَعُوا هُنَا بِوُجُوبِ أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ وَحَكَوْا وَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا بِيعَ شَيْءٌ بِغِبْطَةٍ هَلْ يَجِبُ شِرَاؤُهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الشُّفْعَةَ ثَبَتَتْ وَفِي الْإِهْمَالِ تَفْوِيتٌ، وَالتَّفْوِيتُ مُمْتَنِعٌ، بِخِلَافِ الِاكْتِسَابِ فَإِنْ تَرَكَهَا مَعَ وُجُودِ الْغِبْطَةِ وَكَمُلَ الْمَحْجُورُ أَخَذَهَا؛ لِأَنَّ تَرْكَ الْوَلِيِّ حِينَئِذٍ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ وَلَايَتِهِ فَلَا يَفُوتُ بِتَصَرُّفِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا تَرَكَهَا لِعَدَمِ الْغِبْطَةِ وَلَوْ فِي الْأَخْذِ وَالتَّرْكِ مَعًا، وَلَوْ كَانَتْ الشُّفْعَةُ لِلْوَلِيِّ بِأَنْ بَاعَ شِقْصًا لِلْمَحْجُورِ وَهُوَ شَرِيكُهُ فِيهِ فَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ بِهَا؛ إذْ لَا تُؤْمَنُ مُسَامَحَتُهُ فِي الْبَيْعِ لِرُجُوعِ الْمَبِيعِ إلَيْهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي بَاعَ بِهِ، أَمَّا إذَا اشْتَرَى لَهُ شِقْصًا هُوَ شَرِيكٌ فِيهِ فَلَهُ الْأَخْذُ؛ إذْ لَا تُهْمَةَ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ، أَمَّا هُمَا فَلَهُمَا الْأَخْذُ مُطْلَقًا، وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ كَالرَّافِعِيِّ بِالْمَصْلَحَةِ دُونَ الْغِبْطَةِ أَوْلَى لِعُمُومِهَا؛ إذْ الْغِبْطَةُ كَمَا مَرَّ بَيْعٌ بِزِيَادَةٍ عَلَى الْقِيمَةِ لَهَا وَقْعٌ، وَالْمَصْلَحَةُ لَا تَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ لِصِدْقِهَا بِنَحْوِ شِرَاءِ مَا يُتَوَقَّعُ فِيهِ الرِّبْحُ وَبَيْعُ مَا يُتَوَقَّعُ فِيهِ الْخُسْرَانُ؛ لِأَنَّ عِبَارَتَهُ تُفِيدُ أَنَّ الْمُمْتَنِعَ عَلَى الْوَلِيِّ بَيْعٌ خَالٍ عَنْ نَفْعٍ وَضَرَرٍ لَا الَّذِي فِيهِ مَصْلَحَةٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ فِيهِ إلَى الْغِبْطَةِ، وَلَوْ أَخَذَ الْوَلِيُّ مَعَ الْمَصْلَحَةِ فَكَمُلَ الْمَحْجُورُ، وَأَرَادَ الرَّدَّ لَمْ يُمْكِنْ، وَلَوْ ادَّعَى عَلَى غَيْرِ الْأَصْلِ تَرْكَ الْأَخْذِ مَعَ الْمَصْلَحَةِ أَوْ التَّصَرُّفِ بِدُونِهِمَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ، بِخِلَافِ الْأَصْلِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ لِانْتِفَاءِ اتِّهَامِهِ. . (وَيُزَكِّي مَالَهُ) وَبَدَنَهُ فَوْرًا حَتْمًا؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ كَمَا مَرَّ فِي الزَّكَاةِ (وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ) ـــــــــــــــــــــــــــــSذَلِكَ بِمَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِمَا حِسْبَةً بِأَنَّهُمَا أَخَذَا مَالَ مَحْجُورِهِمَا وَتَصَرَّفَا فِيهِ لِأَنْفُسِهِمَا. (قَوْلُهُ: مَا لَوْ وَرِثَهُ) أَيْ وَرِثَ الصَّبِيُّ الْقِصَاصَ (قَوْلُهُ: وَلَا يَشْتَرِيَ لَهُ إلَّا مِنْ ثِقَةٍ) أَيْ خَوْفًا مِنْ خُرُوجِهِ مُسْتَحَقًّا أَوْ مَعِيبًا بِعَيْبٍ أَخْفَاهُ الْبَائِعُ وَقَدْ لَا يَتَأَتَّى التَّدَارُكُ بَعْدُ فَلَوْ خَالَفَ بَطَلَ (قَوْلُهُ: لِغَرَرِ الْهَلَاكِ) قَضِيَّةُ هَذِهِ الْعِلَّةِ جَرَيَانُ ذَلِكَ فِي الْحَيَوَانِ مُطْلَقًا، وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَقْلًا عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَعِبَارَتُهُ: وَلَا يَظْهَرُ جَوَازُ شِرَاءِ الْحَيَوَانِ لَهُ لِلتِّجَارَةِ لِغَرَرِ الْهَلَاكِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَرَكَهَا) أَيْ الشُّفْعَةَ: أَيْ الْأَخْذَ بِهَا (قَوْلُهُ: بِأَنْ بَاعَ) أَيْ الْأَجْنَبِيُّ (قَوْلُهُ: لَهُ الْأَخْذُ بِهَا) أَيْ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا اشْتَرَى لَهُ) أَيْ لِلطِّفْلِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْوَلِيُّ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) بَاعَ لَهُ أَوْ أَخَذَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ادَّعَى) لَا يُقَالُ: سَيَأْتِي هَذَا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ ادَّعَى بَعْدَ بُلُوغِهِ إلَخْ. لِأَنَّا نَقُولُ: مَا هُنَا أَعَمُّ لَا يَأْتِي فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ) أَيْ الصَّبِيُّ. (قَوْلُهُ: وَيُزَكِّي مَالَهُ وَبَدَنَهُ إلَخْ) إنْ كَانَ مَذْهَبُهُ ذَلِكَ وَافَقَ مَذْهَبَ الْوَلِيِّ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ قَامَ مَقَامَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَذْهَبَهُ فَالِاحْتِيَاطُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ أَنْ يَحْسِبَ زَكَاتَهُ حَتَّى يَبْلُغَ فَيُخْبِرَهُ بِهَا، أَوْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ لِقَاضٍ يَرَى وُجُوبَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: فَشَمِلَ مَا لَوْ وَرِثَهُ) مُرَادُهُ بِهِ تَصْوِيرُ ثُبُوتِ الْقِصَاصِ مَعَ بَقَاءِ الْوِلَايَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا مِنْ ثِقَةٍ) أَيْ فَقَدْ يَخْرُجُ الْبَيْعُ مُسْتَحَقًّا. (قَوْلُهُ: لِلْمَحْجُورِ) وَصْفٌ لِلشِّقْصِ أَيْ بَاعَ ذَلِكَ لِأَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ: إذْ الْغِبْطَةُ كَمَا مَرَّ بَيْعٌ بِزِيَادَةٍ إلَخْ) الَّذِي مَرَّ لَيْسَ هُوَ قَصْرَ الْغِبْطَةِ عَلَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا الَّذِي مَرَّ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَاصَدَقَاتِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ التَّصَرُّفَ بِدُونِهِمَا) يَعْنِي الْآخِذَ بِالشُّفْعَةِ إذْ غَيْرُهُ سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ بَعْضُهُ

فِي طَعَامٍ وَكِسْوَةٍ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ بِمَا يَلِيقُ بِهِ فِي يَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ، فَإِنْ قَصَرَ أَثِمَ أَوْ أَسْرَفَ ضَمِنَ وَأَثِمَ، وَيَخْرُجُ عَنْهُ أَرْشُ الْجِنَايَةِ إنْ لَمْ يُطْلَبْ مِنْهُ ذَلِكَ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ فِي الْفَلَسِ مَعَ أَنَّ الدَّيْنَ الْحَالَّ لَا يَجِبُ وَفَاؤُهُ إلَّا بَعْدَ الطَّلَبِ مَعَ أَنَّ الْأَرْشَ دَيْنٌ؛ لِأَنَّ ذَاكَ ثَبَتَ بِالِاخْتِيَارِ فَتَوَقَّفَ وُجُوبُ أَدَائِهِ عَلَى طَلَبِهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا، وَيُنْفِقُ عَلَى قَرِيبِهِ بَعْدَ الطَّلَبِ مِنْهُ كَمَا ذَكَرَاهُ لِسُقُوطِهَا بِمُضِيِّ الزَّمَانِ. نَعَمْ لَوْ كَانَ الْمُنْفَقُ عَلَيْهِ مَجْنُونًا أَوْ طِفْلًا أَوْ زَمِنًا يَعْجَزُ عَنْ الْإِرْسَالِ، وَلَا وَلِيَّ لَهُ خَاصٌّ لَمْ يَحْتَجْ إلَى طَلَبٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَكَلَامُهُمَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ لَهُ وَلِيٌّ خَاصٌّ اُعْتُبِرَ طَلَبُهُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَكَالصَّبِيِّ فِي ذَلِكَ الْمَجْنُونُ وَالسَّفِيهُ، وَلَا يَسْتَحِقُّ الْوَلِيُّ فِي مَالِ مَحْجُورِهِ نَفَقَةً وَلَا أُجْرَةً، فَإِنْ كَانَ فَقِيرًا وَاشْتَغَلَ بِسَبَبِهِ عَنْ الِاكْتِسَابِ أَخَذَ أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْأُجْرَةِ وَالنَّفَقَةِ بِالْمَعْرُوفِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 6] وَلِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مَالِ مَنْ لَا تُمْكِنُ مُوَافَقَتُهُ فَجَازَ لَهُ الْأَخْذُ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَعَامِلِ الصَّدَقَاتِ، وَكَالْأَكْلِ غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْمُؤَنِ وَإِنَّمَا خُصَّ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ وُجُوهِ الِانْتِفَاعَاتِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْحَاكِمِ، أَمَّا هُوَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِعَدَمِ اخْتِصَاصِ وَلَايَتِهِ بِالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ حَتَّى أَمِينِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَحَامِلِيُّ، وَلَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِالْأَخْذِ مِنْ غَيْرِ مُرَاجَعَةِ الْحَاكِمِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إذَا نَقَصَ أَجْرُ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ أَوْ الْأُمِّ إذَا كَانَتْ وَصِيَّةً عَنْ نَفَقَتِهِمْ وَكَانُوا فُقَرَاءَ يُتِمُّونَهَا مِنْ مَالِ مَحْجُورِهِمْ؛ لِأَنَّهَا إذَا وَجَبَتْ بِلَا عَمَلٍ فَمَعَهُ أَوْلَى، وَلَا يَضْمَنُ الْمَأْخُوذُ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ عَمَلِهِ، وَلِلْوَلِيِّ خَلْطُ مَالِهِ بِمَالِ الصَّبِيِّ وَمُوَاكَلَتُهُ لِلْإِرْفَاقِ حَيْثُ كَانَ لِلصَّبِيِّ فِيهِ حَظٌّ، وَيَظْهَرُ ضَبْطُهُ بِأَنْ تَكُونَ كُلْفَتُهُ مَعَ الِاجْتِمَاعِ أَقَلَّ مِنْهَا مَعَ الِانْفِرَادِ، وَلَهُ الضِّيَافَةُ وَالْإِطْعَامُ مِنْهُ حَيْثُ فَضَلَ لِلْمَوْلَى قَدْرُ حَقِّهِ، وَكَذَا خَلْطُ أَطْعِمَةِ أَيْتَامٍ إنْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ لِكُلٍّ مِنْهُمْ فِيهِ وَيُسَنُّ لِلْمُسَافِرِينَ خَلْطُ أَزْوَادِهِمْ وَإِنْ تَفَاوَتَ أُكُلُهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَيُلْزِمَهُ بِهَا حَتَّى لَا يَرْفَعَ بَعْدُ لِحَنَفِيٍّ يُغَرِّمُهُ إيَّاهَا اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِالِاحْتِيَاطِ جَوَازُ الْإِخْرَاجِ حَالًا، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّهُ كَيْفَ يُضَيِّعُ مَالَهُ فِيمَا لَا يَرَى وُجُوبَهُ عَلَيْهِ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالِاحْتِيَاطِ وُجُوبُ ذَلِكَ حِفْظًا لِمَالِ الْمُولَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ) أَيْ بِاعْتِبَارِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ لِمِثْلِهِ وَإِنْ زَادَ عَلَى الْحَاجَةِ وَتَعَدَّدَ مِنْ نَوْعٍ أَوْ أَنْوَاعٍ، وَمِنْهُ مَا يَقَعُ مِنْ التَّوَسُّعَةِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَالْأَعْيَادِ وَنَحْوِهَا مِنْ مَطْعَمٍ وَمَلْبَسٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَاكَ ثَبَتَ بِالِاخْتِيَارِ) وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَنْ أَتْلَفَ مَالًا لِغَيْرِهِ أَوْ تَعَدَّى بِاسْتِعْمَالِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ دَفْعُ الْبَدَلِ لِمَا أَتْلَفَهُ وَأُجْرَةُ مَا اسْتَعْمَلَهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ صَاحِبُهُ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الطَّلَبِ مِنْهُ) أَيْ الْقَرِيبِ، فَلَوْ لَمْ يَطْلُبْ وَصَرَفَ لَهُ ضَمِنَ (قَوْلُهُ: أَوْ زَمِنًا) أَيْ وَكَذَا لَوْ كَانَ عَاقِلًا قَادِرًا عَلَى الطَّلَبِ وَاضْطُرَّ وَلَمْ يَطْلُبْ فَيَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ إعْطَاؤُهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَا وَلِيَّ لَهُ) أَيْ أَوْ لَهُ وَلِيٌّ خَاصٌّ وَلَمْ يَطْلُبْ (قَوْلُهُ: أَخَذَ أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ) الضَّمِيرُ فِيهِ لِلْوَلِيِّ وَخَرَجَ بِهِ غَيْرُهُ كَالْوَكِيلِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ لَهُ مُوَكِّلُهُ شَيْئًا عَلَى عَمَلِهِ فَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ لِمَا يَأْتِي أَنَّ الْوَلِيَّ جَازَ لَهُ الْأَخْذُ؛ لِأَنَّهُ: أَيْ أَخْذَهُ تَصَرُّفٌ فِي مَالِ مَنْ لَا تُمْكِنُ مُوَافَقَتُهُ، وَهُوَ يُفْهِمُ عَدَمَ جَوَازِ أَخْذِ الْوَكِيلِ لِإِمْكَانِ مُرَاجَعَةِ مُوَكِّلِهِ فِي تَقْدِيرِ شَيْءٍ لَهُ أَوْ عَزْلِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ امْتِنَاعُ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ اخْتِيَارِ شَخْصٍ حَاذِقٍ لِشِرَاءِ مَتَاعٍ فَيَشْتَرِيهِ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ لِحِذْقِهِ وَمَعْرِفَتِهِ، وَيَأْخُذُ لِنَفْسِهِ تَمَامَ الْقِيمَةِ مُعَلِّلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي وَفَرَّهُ لِحِذْقِهِ وَبِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَى نَفْسِهِ أَيْضًا زَمَنًا كَانَ يُمْكِنُهُ فِيهِ الِاكْتِسَابُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ مَا بَقِيَ لِمَالِكِهِ لِمَا ذَكَرَ مِنْ إمْكَانِ مُرَاجَعَةِ إلَخْ، فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا (قَوْلُهُ مِنْ الْأُجْرَةِ) وَمَحَلُّ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْأَقَلِّ فِي الْأُجْرَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ أَبًا وَلَا جَدًّا وَلَا أُمًّا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَقَلَّ مِنْهَا) أَيْ وَلَوْ بِقَدْرٍ يَسِيرٍ (قَوْلُهُ: وَالْإِطْعَامُ مِنْهُ) أَيْ مِمَّا خَلَطَ. . (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ إلَخْ) إنَّمَا سُنَّ ذَلِكَ لِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الِاسْتِئْنَاسِ بِاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: خَلْطُ أَزْوَادِهِمْ) لَعَلَّهُ عِنْدَ الْأَكْلِ مَثَلًا بِأَنْ يَضَعَ كُلٌّ مِنْهُمْ شَيْئًا مِنْ زَادِهِ الْمُخْتَصِّ بِهِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ لَفْظِ الْخَلْطِ، فَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرُوهُ فِي الْحَجِّ مِنْ طَلَبِ عَدَمِ الْمُشَارَكَةِ فَلْيُرَاجَعْ

[باب الصلح وما يذكر معه من التزاحم على الحقوق والتنازع فيها]

حَيْثُ كَانَ فِيهِمْ أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ. ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ تَقْدِيمُ مُوَلِّيهِ فِي الشِّرَاءِ عَلَى نَفْسِهِ وَلَوْ تَضَجَّرَ الْأَبُ وَإِنْ عَلَا فَلَهُ الرَّفْعُ إلَى الْحَاكِمِ لِيُنَصِّبَ قَيِّمًا بِأُجْرَةٍ مِنْ مَالِ مَحْجُورِهِ، وَيُجِيبُهُ إلَى ذَلِكَ إنْ فَقَدَ مُتَبَرِّعًا، وَلَهُ أَنْ يُنَصِّبَ غَيْرَهُ بِهَا بِنَفْسِهِ وَيُنْفِقُ الْوَلِيُّ أَيْضًا عَلَى حَيَوَانِهِ وَيَسْتَأْجِرُ مَنْ يُعَلِّمُهُ الْوَاجِبَ مِنْ قُرْآنٍ أَوْ حِرْفَةٍ لَائِقَةٍ (فَإِنْ) (ادَّعَى) الصَّغِيرُ (بَعْدَ بُلُوغِهِ) أَوْ الْمَجْنُونُ بَعْدَ إفَاقَتِهِ أَوْ الْمُبَذِّرُ بَعْدَ رُشْدِهِ (عَلَى الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ بَيْعًا) لِمَالِهِ وَلَوْ غَيْرَ عَقَارٍ (بِلَا مَصْلَحَةٍ) وَلَا بَيِّنَةٍ كَمَا بِأَصْلِهِ وَحَذَفَهُ لِوُضُوحِهِ (صُدِّقَا بِالْيَمِينِ) ؛ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مُتَّهَمَيْنِ لِوُفُورِ شَفَقَتِهِمَا، وَمُقْتَضَى ذَلِكَ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ قَبُولُ قَوْلِ الْأُمِّ إنْ كَانَتْ وَصِيَّةً، وَكَذَا مَنْ فِي مَعْنَاهَا كَآبَائِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ (وَإِنْ ادَّعَاهُ عَلَى الْوَصِيِّ أَوْ الْأَمِينِ) أَيْ مَنْصُوبِ الْقَاضِي (صُدِّقَ هُوَ بِيَمِينِهِ) لِلتُّهْمَةِ فِي حَقِّهِمَا، وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي غَيْرِ أَمْوَالِ التِّجَارَةِ، أَمَّا فِيهَا فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَبُولُ قَوْلِهِمَا لِعُسْرِ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِمَا فِيهَا وَدَعْوَاهُ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ الْوَلِيِّ كَدَعْوَاهُ عَلَى الْوَلِيِّ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ إنْ اشْتَرَى مِنْ غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ لَا إنْ اشْتَرَى مِنْهُمَا، وَلَوْ أَقَامَ مَنْ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ مِنْ الْوَلِيِّ وَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَاهُ حُكِمَ لَهُ بِهَا وَلَوْ بَعْدَ الْحَلِفِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالدَّعْوَى عَلَى الْقَاضِي وَلَوْ قَبْلَ عَزْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْأَكْلِ وَالْوَحْشَةِ بِانْفِرَادِهِمْ وَلِلْبَرَكَةِ الْحَاصِلَةِ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَضَجَّرَ الْأَبُ) قَالَ حَجّ: وَلِلْأَبِ وَالْجَدِّ اسْتِخْدَامُ مَحْجُورِهِ فِيمَا لَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ وَلَا يَضُرُّ بِهِ عَلَى ذَلِكَ عَلَى الْأَوْجَهِ، خِلَافًا لِمَنْ جَزَمَ بِأَنَّ لَهُ ضَرْبَهُ عَلَيْهِ وَإِعَارَتَهُ لِذَلِكَ وَلِخِدْمَةِ مَنْ يَتَعَلَّمُ مِنْهُ مَا يَنْفَعُهُ دِينًا أَوْ دُنْيَا وَإِنْ قُوبِلَ بِأُجْرَةٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَوَّلَ الْعَارِيَّةِ وَبَحْثُ أَنَّ عِلْمَ رِضَا الْوَلِيِّ كَإِذْنِهِ، وَأَنَّ لِلْوَلِيِّ إيجَارَهُ بِنَفَقَتِهِ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ إنْ عَلِمَ أَنَّ لَهُ فِيهَا مَصْلَحَةً لِكَوْنِ نَفَقَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَتِهِ عَادَةً وَأَفْتَى الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهُ لَوْ اسْتَخْدَمَ ابْنَ بِنْتِهِ لَزِمَهُ أُجْرَتُهُ إلَى بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ، وَإِنْ لَمْ يُكْرِهْهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ بِمَنَافِعِهِ الْمُقَابَلَةِ بِالْعِوَضِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ تَجِبْ أُجْرَةُ الرَّشِيدِ إلَّا إنْ أَكْرَهَهُ، وَيَجْرِي هَذَا فِي غَيْرِ الْجَدِّ كَالْأُمِّ اهـ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ كَالْأُمِّ أَنَّهُ لَا يَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْأَبِ وَأَبِيهِ، وَقَدْ يَقْتَضِي قَوْلُهُ قَبْلَ الْأَبِ وَالْجَدِّ إلَخْ خِلَافَهُ فِيمَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ مِنْ حَجّ فِي غَيْرِ الْجَدِّ لِلْأُمِّ، وَهِيَ ظَاهِرَةٌ، وَقَوْلُهُ وَلِلْأَبِ اسْتِخْدَامُ مَحْجُورِهِ إلَخْ يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يُرِدْ تَرْبِيَتَهُ وَتَدْرِيبَهُ عَلَى الْأُمُورِ لِيَعْتَادَهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَلِخِدْمَةٍ إلَخْ، ثُمَّ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ بِمَا لَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ أَنَّهُ لَوْ اسْتَخْدَمَهُ فِيمَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ لَزِمَتْهُ وَإِنْ لَمْ يُكْرِهْهُ لَكِنَّهُ بِوَلَايَتِهِ عَلَيْهِ إذَا قَصَدَ بِإِنْفَاقِهِ عَلَيْهِ جَعْلَ النَّفَقَةِ فِي مُقَابَلَةِ الْأُجْرَةِ اللَّازِمَةِ لَهُ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ وُجُوبِ نَفَقَتِهِ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أَوْ كَسْبٌ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَهَذَا بِوُجُوبِ الْأُجْرَةِ لَهُ صَارَ لَهُ مَالٌ، أَمَّا الْإِخْوَةُ إذَا وَقَعَ مِنْهُمْ اسْتِخْدَامٌ لِبَعْضِهِمْ وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ عَلَيْهِمْ لِلصِّغَارِ مِنْهُمْ إذَا اسْتَخْدَمُوهُمْ وَلَمْ تَسْقُطْ عَنْهُمْ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ وَلَايَةُ التَّمْلِيكِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الِاسْتِخْدَامِ وَعَدَمِهِ صُدِّقَ مُنْكِرُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، وَطَرِيقُ مَنْ أَرَادَ الْخَلَاصَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ وَيَسْتَأْجِرَ إخْوَتَهُ الصِّغَارَ بِأُجْرَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَيَسْتَأْذِنَهُ فِي صَرْفِ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِمْ فَيَبْرَأَ بِذَلِكَ، وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي عَدَمِ بَرَاءَةِ الْأَخِ مَثَلًا مَا لَوْ كَانَ لِإِخْوَتِهِ جَامَكِيَّةٌ مَثَلًا، وَأَخَذَ مَا يَتَحَصَّلُ مِنْهَا وَصَرَفَهُ عَلَيْهِمْ فَلَا يَبْرَأُ مِنْ ذَلِكَ وَطَرِيقُهُ الرَّفْعُ إلَى الْحَاكِمِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ ادَّعَى) الظَّاهِرُ أَنَّ الْوَاوَ هُنَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ لَا يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمَهُ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ هُوَ) أَيْ الصَّغِيرُ (قَوْلُهُ: قَبُولُ قَوْلِهِمَا) أَيْ الْوَصِيِّ وَالْأَمِينِ (قَوْلُهُ: لِعُسْرِ الْإِشْهَادِ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَمَالَ م ر إلَى التَّفْصِيلِ بَيْنَ مَا يَعْسُرُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ كَأَنْ جَلَسَا فِي حَانُوتٍ لِيَبِيعَا شَيْئًا فَشَيْئًا فَيُقْبَلَ قَوْلُهُمَا مِنْ غَيْرِ إشْهَادٍ لِعُسْرِهِ، وَبَيْنَ أَنْ لَا يَعْسُرَ كَمَا لَوْ أَرَادَ بَيْعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ تَبَعًا لِشَيْخِهِ الْأَذْرَعِيِّ. [بَابُ الصُّلْحِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ مِنْ التَّزَاحُمِ عَلَى الْحُقُوقِ وَالتَّنَازُعِ فِيهَا] .

كَالدَّعْوَى عَلَى الْوَصِيِّ وَالْأَمِينِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ التَّنْبِيهِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ الْفَزَارِيّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ. . بَابُ الصُّلْحِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ مِنْ التَّزَاحُمِ عَلَى الْحُقُوقِ وَالتَّنَازُعِ فِيهَا (وَالصُّلْحُ لُغَةً: قَطْعُ النِّزَاعِ. وَشَرْعًا عَقْدٌ يَحْصُلُ بِهِ ذَلِكَ، وَهُوَ أَنْوَاعٌ) : (صُلْحٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ، وَبَيْنَ الْإِمَامِ وَالْبُغَاةِ، وَبَيْنَ الزَّوْجَيْنِ عِنْدَ الشِّقَاقِ، وَصُلْحٌ فِي الْمُعَامَلَةِ) ، وَهُوَ مَقْصُودُ الْبَابِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128] وَمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، إلَّا ـــــــــــــــــــــــــــــSمِقْدَارٍ كَبِيرٍ جُمْلَةً بِثَمَنٍ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِشْهَادِ اهـ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) عِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: قَوْلُهُ وَلَوْ بَعْدَ عَزْلِهِ إلَخْ الْمُعْتَمَدُ قَبُولُهُ بِيَمِينِهِ إنْ كَانَ بَاقِيًا عَلَى وَلَايَتِهِ لَا إنْ كَانَ مَعْزُولًا م ر اهـ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ) أَيْ حَيْثُ قَالَ آخِرًا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِلَا تَحْلِيفٍ وَلَوْ بَعْدَ عَزْلِهِ اهـ مَنْهَجٌ. (بَابُ الصُّلْحِ) لَوْ عَبَّرَ بِكِتَابٍ كَانَ أَوْضَحَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْدَرِجُ تَحْتَ مَا قَبْلَهُ، وَهُوَ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ فَيُقَالُ الصُّلْحُ جَائِزٌ وَجَائِزَةٌ، وَهُوَ رُخْصَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ هِيَ الْحُكْمُ الْمُتَغَيِّرُ إلَيْهِ السَّهْلُ لِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ لِلْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ، وَلَا يُشْتَرَطُ لِتَسْمِيَتِهَا رُخْصَةً التَّغَيُّرُ بِالْفِعْلِ بَلْ وُرُودُ الْحُكْمِ عَلَى خِلَافِ مَا تَقْتَضِيهِ الْأُصُولُ الْعَامَّةُ كَافٍ فِي كَوْنِهِ رُخْصَةً كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ مَتْنِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَشَرْحِهِ، وَنُقِلَ فِي الدَّرْسِ عَنْ الْعُبَابِ الْجَزْمُ بِمَا قُلْنَاهُ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: وَالتَّنَازُعُ فِيهَا) أَيْ: وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا كَالْجِدَارِ بَيْنَ الْمَالِكَيْنِ (قَوْلُهُ: وَالصُّلْحُ لُغَةً قَطْعُ النِّزَاعِ) عِبَارَةُ الشَّيْخِ عُمَيْرَةَ: لُغَةً وَعُرْفًا اهـ. أَقُولُ: وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الشَّارِحُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ اللُّغَةَ فِي شَيْءٍ، وَجَرَوْا هُنَا عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْهُ أَعَمُّ مِنْ الْمَنْقُولِ إلَيْهِ: أَيْ فَيَكُونُ الشَّرْعِيُّ فَرْدًا مِنْ أَفْرَادِ اللُّغَوِيِّ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ قَطْعُ النِّزَاعِ لَيْسَ فَرْدًا مِنْ أَفْرَادِ قَطْعِ النِّزَاعِ فَهُمَا مُتَبَايِنَانِ بِحَسَبِ الْمَفْهُومِ وَإِنْ اتَّحَدَا بِحَسَبِ التَّحَقُّقِ وَالْوُجُودِ: أَيْ فَالْمَكَانُ الَّذِي يَتَحَقَّقُ فِيهِ الْعَقْدُ يَتَحَقَّقُ فِيهِ قَطْعُ النِّزَاعِ وَلَا عَكْسٌ، فَبَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ بِحَسَبِ التَّحَقُّقِ وَتَبَايُنٌ بِحَسَبِ الْمَفْهُومِ، وَقَوْلُهُ {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128] هِيَ مُخَرَّجَةٌ عَلَى سَبَبٍ وَهُوَ الشِّقَاقُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ النَّكِرَةَ إذَا أُعِيدَتْ مَعْرِفَةً كَانَتْ عَيْنَ الْأَوْلَى فَلَمْ يَكُنْ نَصًّا فِي الْمُدَّعَى هُنَا. وَالْجَوَابُ أَنَّ الْقَاعِدَةَ أَغْلَبِيَّةٌ، وَالْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّ هَذَا مِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ الْعُدُولُ عَنْ الضَّمِيرِ إلَى الِاسْمِ الظَّاهِرِ، فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ عُمُومُ اللَّفْظِ لَا خُصُوصُ السَّبَبِ (قَوْلُهُ: وَبَيْنَ الْإِمَامِ وَالْبُغَاةِ) لِمَ خَصَّ الْإِمَامَ وَهَلَّا عُمِّمَ كَالْأَوَّلِ فَقَالَ بَيْنَ أَهْلِ الْعَدْلِ وَالْبُغَاةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَيُجَابُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (بَابُ الصُّلْحِ) (قَوْلُهُ: وَصُلْحٌ فِي الْمُعَامَلَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْقُوتِ وَعَلَى: أَيْ وَيَقَعُ عَلَى الصُّلْحِ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَالدَّعَاوَى وَالْخُصُومَاتِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا.

صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا» أَيْ كَأَنْ كَانَ عَلَى نَحْوِ خَمْرٍ «أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا» أَيْ كَأَنْ لَا يَتَصَرَّفُ فِي الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ، وَالْكُفَّارُ كَالْمُسْلِمِينَ، وَخُصُّوا بِالذِّكْرِ لِانْقِيَادِهِمْ إلَى الْأَحْكَامِ غَالِبًا، وَلَفْظُهُ يَتَعَدَّى إلَى الْمَتْرُوكِ بِمِنْ وَعَنْ وَلِلْمَأْخُوذِ بِعَلَى وَالْبَاءِ غَالِبًا. (هُوَ قِسْمَانِ) : (أَحَدُهُمَا يَجْرِي بَيْنَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ، وَهُوَ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا صُلْحٌ عَلَى إقْرَارٍ) أَوْ حُجَّةٍ أُخْرَى (فَإِنْ جَرَى عَلَى عَيْنِ غَيْرِ الْمُدَّعَاةِ) كَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ دَارًا فَأَقَرَّ لَهُ بِهَا وَصَالَحَهُ عَنْهَا بِمُعَيَّنٍ كَثَوْبٍ (فَهُوَ بَيْعٌ) لِلْمُدَّعَاةِ مِنْ الْمُدَّعِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ (بِلَفْظِ الصُّلْحِ) وَيُسَمَّى صُلْحَ الْمُعَاوَضَةِ (تَثْبُتُ فِيهِ أَحْكَامُهُ) أَيْ الْبَيْعِ (كَالشُّفْعَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ) وَخِيَارِ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ (وَمُنِعَ تَصَرُّفُهُ) فِي الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ (قَبْلَ قَبْضِهِ وَاشْتِرَاطِ التَّقَابُضِ إنْ اتَّفَقَا) أَيْ الْمُصَالَحُ عَنْهُ، وَالْمُصَالَحُ عَلَيْهِ (فِي عِلَّةِ الرِّبَا) وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِهِ كَاشْتِرَاطِ التَّسَاوِي إذَا كَانَ جِنْسًا رِبَوِيًّا وَاشْتِرَاطِ الْقَطْعِ فِي بَيْعِ الزَّرْعِ الْأَخْضَرِ وَجَرَيَانِ التَّحَالُفِ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ وَفَسَادِهِ بِالْغَرَرِ، وَالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَالْجَهْلِ؛ لِأَنَّ حَدَّ الْبَيْعِ يَصْدُقُ عَلَى ذَلِكَ. أَمَّا إذَا صَالَحَهُ عَلَى دَيْنٍ فَإِنْ كَانَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً فَهُوَ بَيْعٌ أَيْضًا أَوْ عَبْدًا أَوْ ثَوْبًا مَثَلًا مَوْصُوفًا بِصِفَةِ السَّلَمِ فَهُوَ سَلَمٌ، وَسَكَتَ الشَّيْخَانِ عَنْ ذَلِكَ لِظُهُورِهِ، قَالَهُ الشَّارِحُ جَوَابًا عَمَّا اُعْتُرِضَ بِهِ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ كَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَقُولَ فَإِنْ جَرَى عَلَى غَيْرِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ لِيَشْمَلَ مَا لَوْ كَانَ عَلَى عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ. وَوَجْهُ الرَّدِّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ ذَلِكَ لَمْ يَحْسُنْ إطْلَاقُ كَوْنِهِ بَيْعًا بَلْ فِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ. وَمَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ فَهُوَ سَلَمٌ: أَيْ حَقِيقَةً إنْ كَانَ بِلَفْظِهِ وَإِلَّا فَهُوَ سَلَمٌ حُكْمًا لَا حَقِيقَةً (أَوْ) جَرَى الصُّلْحُ مِنْ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ (عَلَى مَنْفَعَةٍ) لِغَيْرِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِأَنَّ الْقَائِمَ فِي الصُّلْحِ عَنْ أَهْلِ الْعَدْلِ نَائِبُ الْإِمَامِ فَكَأَنَّ الصُّلْحَ وَاقِعٌ مِنْهُ فَالْمُرَادُ الْإِمَامُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا (قَوْلُهُ: أَيْ كَأَنْ لَا يَتَصَرَّفَ إلَخْ) أَيْ وَكَأَنْ صَالَحَ زَوْجَتَهُ عَمَّا تَدَّعِيهِ عَلَيْهِ وَأَقَرَّ لَهَا بِهِ عَلَى أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ حُجَّةٍ أُخْرَى) عَبَّرَ بِهَا لِتَشْمَلَ الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ فَإِنَّهُمَا حُجَّةٌ لَا بَيِّنَةٌ وَمِنْ الْحُجَّةِ عِلْمُ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا صَالَحَهُ) أَيْ الْمُدَّعِي وَهُوَ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ عَلَى عَيْنٍ (قَوْلُهُ: عَلَى دَيْنٍ) أَيْ فِي ذِمَّةِ الْمُقِرِّ كَأَنْ يَقُولَ: صَالَحْتُك مِمَّا تَدَّعِيهِ عَلَى كَذَا فِي ذِمَّتِي (قَوْلُهُ: فَهُوَ بَيْعٌ أَيْضًا) وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي بَابِ السَّلَمِ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي النَّقْدَيْنِ إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ غَيْرَهُمَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: يُمْكِنُهُ حَمْلُ ذَاكَ عَلَى مَا إذَا جَرَى الْعَقْدُ بِلَفْظِ السَّلَمِ خَاصَّةً وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا لَمْ يُحْمَلْ عَلَى السَّلَمِ مَعَ صَلَاحِيَّتِهِ لَهُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي النَّقْدِ أَنْ لَا يَكُونَ مُسْلَمًا فِيهِ بَلْ يَكُونُ ثَمَنًا، وَلَمَّا كَانَ لَفْظُ الصُّلْحِ مُحْتَمِلًا لِلْبَيْعِ وَغَيْرِهِ حُمِلَ عَلَى الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ كَمَا تَقَرَّرَ (قَوْلُهُ: فَهُوَ سَلَمٌ) أَيْ إنْ جَرَى بِلَفْظِ السَّلَمِ وَإِلَّا فَهُوَ بَيْعٌ فِي الذِّمَّةِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَسَكَتَ الشَّيْخَانِ عَنْ ذَلِكَ) أَيْ عَنْ قَوْلِهِ عَلَى دَيْنٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهُوَ سَلَمٌ حُكْمًا) قَدْ يُفْهِمُ أَنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ السَّلَمِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا مَرَّ لَهُ فِي السَّلَمِ مِنْ أَنَّ الْعَقْدَ إذَا وَقَعَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ تَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ الْبَيْعِ دُونَ السَّلَمِ، وَقَالَ حَجّ: إنَّ الْبَيْعَ إذَا أُطْلِقَ إنَّمَا يَنْصَرِفُ لِمُقَابِلِ السَّلَمِ لِاخْتِلَافِ أَحْكَامِهِمَا، فَهُوَ أَعَنَى الْبَيْعَ لَا يَخْرُجُ عَنْ مَوْضُوعِهِ لِغَيْرِهِ، فَإِذَا نَافَى لَفْظُهُ مَعْنَاهُ غَلَبَ لَفْظُهُ؛ لِأَنَّهُ الْأَقْوَى. وَأَمَّا لَفْظُ الصُّلْحِ فَهُوَ مَوْضُوعٌ شَرْعًا لِعُقُودٍ مُتَعَدِّدَةٍ بِحَسَبِ الْمَعْنَى لَا غَيْرُ، فَلَيْسَ لَهُ مَوْضُوعٌ خَاصٌّ يَنْصَرِفُ إلَيْهِ لَفْظُهُ حَتَّى يَغْلِبَ فِيهِ فَتَعَيَّنَ فِيهِ تَحْكِيمُ الْمَعْنَى لَا غَيْرُ اهـ. فَيُحْتَمَلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَالشَّرْطُ الْفَاسِدُ) أَيْ الْمُفْسِدُ. (قَوْلُهُ: وَالْجَهْلُ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ ذِكْرِ الْغَرَرِ. (قَوْلُهُ: جَوَابًا عَمَّا اُعْتُرِضَ بِهِ عَلَى الْمُصَنِّفِ) أَيْ: الْمُوَافِقَةُ عِبَارَتُهُ لِبَقِيَّةِ كُتُبِهِ وَلِكُتُبِ الرَّافِعِيِّ، وَمِنْ ثَمَّ جَعَلَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ الْجَوَابَ عَنْ سُكُوتِ الشَّيْخَيْنِ مُطْلَقًا لَا عَنْ خُصُوصِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: فِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ) يَعْنِي مَفْهُومَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ عَلَى عَيْنٍ وَالتَّفْصِيلُ هُوَ كَوْنُ الدَّيْنِ تَارَةً يَكُونُ بَيْعًا وَتَارَةً يَكُونُ سَلَمًا. ..

كَخِدْمَةِ عَبْدٍ شَهْرًا (فَإِجَارَةٌ تَثْبُتُ أَحْكَامُهَا) أَيْ الْإِجَارَةِ فِي ذَلِكَ لِصِدْقِ حَدِّ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ. أَمَّا لَوْ صَالَحَ عَلَى مَنْفَعَةِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ فَهِيَ إعَارَةٌ تَثْبُتُ أَحْكَامُهَا، فَإِنْ عَيَّنَ مُدَّةً فَإِعَارَةٌ مُؤَقَّتَةٌ وَإِلَّا فَمُطْلَقَةٌ (أَوْ) جَرَى الصُّلْحُ (عَلَى بَعْضِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ) كَرُبُعِهَا (فَهِبَةٌ لِبَعْضِهَا) الْبَاقِي (لِصَاحِبِ الْيَدِ) عَلَيْهَا (فَتَثْبُتُ أَحْكَامُهَا) أَيْ الْهِبَةِ الْمُقَرَّرَةِ فِي بَابِهَا مِنْ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ وَغَيْرِهِ لِصِدْقِ حَدِّهَا، فَتَصِحُّ فِي الْبَعْضِ الْمَتْرُوكِ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَالتَّمْلِيكِ وَشَبَهِهِمَا (وَلَا يَصِحُّ بِلَفْظِ الْبَيْعِ) لَهُ لِعَدَمِ الثَّمَنِ (وَالْأَصَحُّ) (صِحَّتُهُ بِلَفْظِ الصُّلْحِ) كَصَالَحْتُكَ عَنْ الدَّارِ عَلَى رُبُعِهَا؛ لِأَنَّ الْخَاصِّيَّةَ الَّتِي يَفْتَقِرُ إلَيْهَا لَفْظُ الصُّلْحِ هِيَ سَبْقُ الْخُصُومَةِ وَقَدْ حَصَلَتْ وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الصُّلْحِ يَتَضَمَّنُ الْمُعَاوَضَةَ وَلَا عِوَضَ هُنَا لِلْمَتْرُوكِ. وَمُحَالٌ أَنْ يُقَابِلَ الْإِنْسَانُ مِلْكَهُ بِمُلْكِهِ، وَحَمْلُهُ الْأَوَّلَ عَلَى الْهِبَةِ تَنْزِيلًا لِهَذَا اللَّفْظِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ كَلَفْظِ التَّمْلِيكِ وَيُسَمَّى هَذَا صُلْحَ الْحَطِيطَةِ (وَلَوْ قَالَ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ خُصُومَةٍ: صَالِحْنِي عَنْ دَارِك) مَثَلًا (بِكَذَا) فَأَجَابَهُ (فَالْأَصَحُّ بُطْلَانُهُ) لِاسْتِدْعَاءِ لَفْظِ الصُّلْحِ سَبْقَ الْخُصُومَةِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ عِنْدَ حَاكِمٍ أَمْ لَا. وَالثَّانِي يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ فَلَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ. وَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ، فَإِنْ اسْتَعْمَلَاهُ وَنَوَيَا الْبَيْعَ كَانَ كِنَايَةً مِنْ غَيْرِ شَكٍّ كَمَا قَالَاهُ وَإِنْ رَدَّهُ فِي الْمَطْلَبِ (وَلَوْ) (صَالَحَ مِنْ دَيْنٍ) يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ (عَلَى) غَيْرِهِ (عَيْنٍ) أَوْ دَيْنٍ وَلَوْ مَنْفَعَةً كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ (صَحَّ) لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ سَوَاءٌ أَعُقِدَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ أَمْ الصُّلْحِ أَمْ الْإِجَارَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنَّ الشَّارِحَ تَبِعَ حَجّ. (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ صَالَحَ عَلَى مَنْفَعَةِ الْعَيْنِ) كَأَنْ صَالَحَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْهَا عَلَى أَنْ يَسْكُنَهَا سَنَةً (قَوْلُهُ: فَهِيَ إعَارَةٌ إلَخْ) وَمِنْهُ جَوَازُ الرُّجُوعِ فِيهَا مَتَى شَاءَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فَهِبَةٌ لِبَعْضِهَا) كَأَنَّ صُورَتَهُ أَنْ يَقُولَ وَهَبْتُك نِصْفَهَا وَصَالَحْتُك عَلَى الْبَاقِي. وَصُورَةُ الْبَيْعِ بِعْتُك نِصْفَهَا وَصَالَحْتُك عَلَى الْبَاقِي اهـ. قَالَ الشَّيْخُ عُمَيْرَةُ: قَالَ السُّبْكِيُّ: لَوْ قَالَ وَهَبْتُك نِصْفَهَا عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي النِّصْفَ الْآخَرَ فَسَدَ كَنَظِيرِهِ مِنْ الْإِبْرَاءِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لِصَاحِبِ الْيَدِ) أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَالتَّمْلِيكِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ صَالَحْتُك مِنْ هَذِهِ الدَّارِ عَلَى نِصْفِهَا لَا يَكُونُ هِبَةً لِبَاقِيهَا، وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ فَإِنَّ الصِّيغَةَ تَقْتَضِي أَنَّهُ رَضِيَ مِنْهَا بِبَعْضِهَا وَتَرَكَ بَاقِيَهَا، وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي كَ صَالَحْتُكَ عَنْ الدَّارِ عَلَى رُبُعِهَا (قَوْلُهُ: وَشِبْهِهِمَا) كَالرُّقْبَى وَالْعُمْرَى (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ) أَيْ فِيمَا إذَا جَرَى عَلَى بَعْضِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ (قَوْلُهُ: وَحَمَلَهُ الْأَوَّلُ عَلَى الْهِبَةِ) أَيْ فَتَثْبُتُ فِيهِ أَحْكَامُهَا مِنْ تَوَقُّفِ الْمِلْكِ عَلَى الْقَبْضِ فَيَجُوزُ لِلْمُصَالِحِ الرُّجُوعُ عَنْ الصُّلْحِ إذَا لَمْ يُوجَدْ قَبْضٌ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ الْمُصَالَحُ عَنْهَا بِيَدِ الْمُقِرِّ اُعْتُبِرَ إذْنُ الْمُصَالَحِ لَهُ فِي الْقَبْضِ وَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْقَبْضُ (قَوْلُهُ: وَيُسَمَّى هَذَا صُلْحَ الْحَطِيطَةِ إلَخْ) أَيْ: الصُّلْحُ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ عَلَى بَعْضِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ سَبْقِ خُصُومَةٍ) أَيْ: وَلَوْ مَعَ غَيْرِ الْمُصَالِحِ كَمَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ قَالَ الْأَجْنَبِيُّ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: صَالِحْنِي عَنْ الدَّارِ الَّتِي بِيَدِك لِفُلَانٍ بِكَذَا لِنَفْسِي فَإِنَّهُ صَحِيحٌ عَلَى مَا يَأْتِي اكْتِفَاءً بِالْمُخَاصَمَةِ السَّابِقَةِ بَيْنَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ (قَوْلُهُ: صَالِحْنِي عَنْ دَارِك) وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ بِلَا خُصُومَةٍ أَبْرِئْنِي مِنْ دَيْنِك عَلَيَّ بِأَنْ قَالَهُ اسْتِيجَابًا لِطَلَبِ الْبَرَاءَةِ فَأَبْرَأهُ جَازَ عُبَابٌ اهـ عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَكَانَتْ عِنْدَ حَاكِمٍ أَمْ لَا) يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِصِحَّةِ الصُّلْحِ مِنْ وُقُوعِ الْخُصُومَةِ عِنْدَ غَيْرِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ فَلَا تَكْفِي الْمُنَاكَرَةُ فِيمَا بَيْنَهُمَا، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، فَمَتَى سَبَقَ بَيْنَهُمَا تَنَازُعٌ ثُمَّ جَرَى الصُّلْحُ بِلَفْظِهِ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ بَعْدَ خُصُومَةٍ، وَيُمْكِنُ شُمُولُ قَوْلِهِ أَمْ لَا لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَنَوَيَا الْبَيْعَ) أَيْ أَوْ غَيْرَهُ مِمَّا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ لَفْظُ الصُّلْحِ مِنْ الْإِجَارَةِ وَغَيْرِهَا الْآتِي فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ، وَلِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: صَالِحْنِي عَنْ دَارِك بِكَذَا (قَوْلُهُ: كَانَ كِنَايَةً إلَخْ) مُعْتَمَدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أَمَّا مَا لَا يَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ كَدَيْنِ السَّلَمِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ صِحَّةُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ، وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ كَانَ حَقُّهُ أَنْ يُعَبِّرَ بِغَيْرٍ؛ لِأَنَّ لَفْظَةَ عَيْنٍ تُنَافِي التَّفْصِيلَ الْآتِيَ لِقَوْلِهِ: فَإِنْ كَانَ الْعِوَضُ عَيْنًا إلَى قَوْلِهِ أَوْ دَيْنًا أَجَابَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِمَا سَيَأْتِي، وَقَدْ قَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّهُ يُوجَدُ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمُحَرَّرِ عَلَى عِوَضٍ وَهُوَ الصَّوَابُ اهـ (فَإِنْ) (تَوَافَقَا) أَيْ الدَّيْنُ الْمُصَالَحُ عَنْهُ وَالْعِوَضُ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ (فِي عِلَّةِ الرِّبَا) كَأَنْ صَالَحَ عَنْ ذَهَبٍ بِفِضَّةٍ (اُشْتُرِطَ قَبْضُ الْعِوَضِ فِي الْمَجْلِسِ) حَذَرًا مِنْ الرِّبَا، فَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ قَبْضِهِ بَطَلَ الصُّلْحُ، وَتَعَيُّنُهُ فِي الْعَقْدِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْأَصَحِّ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَوَافَقْ الْمُصَالَحُ عَنْهُ الدَّيْنُ وَالْمُصَالَحُ عَلَيْهِ فِي عِلَّةِ الرِّبَا كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ فَجَعَلَهُ مُنْقَطِعًا عَنْ الْأَوَّلِ مُمَثِّلًا عَنْ فِضَّةٍ بِحِنْطَةٍ أَوْ ثَوْبٍ (فَإِنْ كَانَ الْعِوَضُ عَيْنًا لَمْ يُشْتَرَطْ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا لَوْ بَاعَ ثَوْبًا بِدَرَاهِمَ فِي الذِّمَّةِ لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ الثَّوْبِ فِي الْمَجْلِسِ. وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْعِوَضَيْنِ دَيْنٌ فَيُشْتَرَطُ قَبْضُ الْآخَرِ فِي الْمَجْلِسِ كَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ (أَوْ) كَانَ الْعِوَضُ (دَيْنًا) كَصَالَحْتُكَ عَنْ الدَّرَاهِمِ الَّتِي عَلَيْك بِكَذَا (اُشْتُرِطَ تَعْيِينُهُ فِي الْمَجْلِسِ) لَيَخْرُجَ عَنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ (وَفِي قَبْضِهِ فِي الْمَجْلِسِ الْوَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا (عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ) فَإِنْ كَانَ رِبَوِيَّيْنِ اُشْتُرِطَ لِمَا سَبَقَ فِي الِاسْتِبْدَالِ عَنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ الْعِوَضُ مَنْفَعَةً فَقَبْضُهَا بِقَبْضِ مَحَلِّهَا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيُتَّجَهُ تَخْرِيجُ اشْتِرَاطِهِ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ صَالَحَ عَلَى عَيْنٍ. (وَإِنْ صَالَحَ مِنْ دَيْنٍ عَلَى بَعْضِهِ) كَثَمَنِهِ (فَهُوَ إبْرَاءٌ عَنْ بَاقِيهِ) ؛ لِأَنَّهُ مَعْنَاهُ فَثَبَتَ فِيهِ أَحْكَامُهُ، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ انْقِسَامُ الصُّلْحِ عَنْ الدَّيْنِ إلَى مُعَاوَضَةٍ وَحَطِيطَةٍ كَالْعَيْنِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ اشْتِرَاطِ قَبْضِ الْبَاقِي فِي الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ هَذَا الْعَقْدَ مُعَاوَضَةً بَلْ إبْرَاءً، وَهَلْ يَعُودُ الدَّيْنُ إذَا امْتَنَعَ الْمُبَرَّأُ مِنْ أَدَاءِ الْبَاقِي أَمْ لَا؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ عَوْدِهِ. . (وَيَصِحُّ بِلَفْظِ الْإِبْرَاءِ وَالْحَطِّ وَنَحْوِهِمَا) كَالْإِسْقَاطِ وَالْهِبَةِ وَالْحَطِّ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: كَدَيْنِ السَّلَمِ) أَيْ كَالْمَبِيعِ فِي الذِّمَّةِ حَيْثُ عَقَدَهَا عَلَيْهِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَإِنْ ذَكَرَ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْهُ هُنَا جَوَازُ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ وَكَنُجُومِ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ) هُوَ قَوْلُهُ عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الصَّوَابُ) أَيْ لِشُمُولِهِ لِلدَّيْنِ (قَوْلُهُ: اشْتَرَطَ) أَيْ الْقَبْضَ فِي الْمَجْلِسِ (قَوْلُهُ: اشْتِرَاطُهُ) أَيْ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ: فِيمَا لَوْ صَالَحَ عَلَى عَيْنٍ) وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فَكَذَا هُنَا. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الصُّلْحَ (قَوْلُهُ: مَعْنَاهُ) أَيْ الْإِبْرَاءِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَدَاءِ الْبَاقِي) أَيْ حَالًا أَوْ مَآلًا (قَوْلُهُ: وَالْحَطِّ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْحَطِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ صِحَّةُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ صِحَّتِهَا مِمَّا قَرَّرَهُ؛ فَإِنَّ غَايَةَ مَا قَرَّرَهُ أَنَّهُ أَتَى بِحُكْمٍ خَارِجِيٍّ كَانَ مِنْ حَقِّ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ لِيُوَافِقَ عِبَارَتَهُ الْآتِيَةَ، وَبِفَرْضِ صِحَّتِهَا بِهِ فَمَا الدَّاعِي إلَى قَوْلِهِ وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ إلَخْ فَبَعْدَ التَّنَزُّلِ، وَأَنَّ مَا قَرَّرَهُ مُصَحِّحٌ لِعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَجْعَلَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ جَوَابًا ثَانِيًا عَنْ الِاعْتِرَاضِ وَأَجَابَ الشِّهَابُ حَجّ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ بِالْعَيْنِ هُنَا مَا يُقَابِلُ الْمَنْفَعَةَ الشَّامِلَةَ لِلْعَيْنِ وَالدَّيْنِ بِدَلِيلِ تَقْسِيمِهِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ إلَى عَيْنٍ وَدَيْنٍ، وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ اسْتَعْمَلَ الْعَيْنَ فِي الْأَمْرَيْنِ تَارَةً وَفِي مُقَابِلِ الدَّيْنِ أُخْرَى، وَذَلِكَ مَجَازٌ عُرْفِيٌّ دَلَّ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ يَقَعُ فِي عِبَارَاتِهِمْ كَثِيرًا. قَالَ: فَإِنْ قُلْت: فَمَا وَجْهُ الْمُقَابَلَةِ بِالْمَنْفَعَةِ مَعَ الصِّحَّةِ فِيهَا أَيْضًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ؟ قُلْت: لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى فِيهَا التَّفْرِيعُ الَّذِي قَصَدَهُ مِنْ التَّوَافُقِ فِي عِلَّةِ الرِّبَا تَارَةً وَعَدَمِهَا أُخْرَى (قَوْلُهُ: فَجَعَلَهُ مُنْقَطِعًا عَنْ الْأَوَّلِ) أَيْ: حَيْثُ قَيَّدَ الْمُصَالَحَ عَنْهُ بِالدَّيْنِ كَمَا هُوَ وَضْعُ الْمَسْأَلَةِ وَأَطْلَقَ فِي الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ فَشَمِلَ الدَّيْنَ وَالْعَيْنَ فَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُرْتَبِطٍ بِمَا قَبْلَهُ وَإِنْ اقْتَضَاهُ السِّيَاقُ، لَكِنَّ الشَّارِحَ هُنَا جَعَلَ الْقَطْعَ عَنْ الْأَوَّلِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، فَإِنْ تَوَافَقَا إلَخْ حَيْثُ عَبَّرَ فِي الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ بِالْعِوَضِ وَهَذَا لَمْ يَسْلُكْهُ الشَّارِحُ الْجَلَالُ . (قَوْلُهُ: عَدَمُ اشْتِرَاطِ قَبْضِ الْبَاقِي) يَعْنِي مَا يَأْخُذُهُ الْمُدَّعِي وَهُوَ الثَّمَنُ فِي مِثَالِهِ.

وَالتَّرْكِ وَالْإِحْلَالِ وَالتَّحْلِيلِ وَالْعَفْوِ وَالْوَضْعِ، وَلَا يُشْتَرَطُ حِينَئِذٍ الْقَبُولُ عَلَى الْمَذْهَبِ سَوَاءٌ أَقُلْنَا الْإِبْرَاءُ تَمْلِيكٌ أَمْ إسْقَاطٌ (وَ) يَصِحُّ (بِلَفْظِ الصُّلْحِ) وَحْدَهُ (فِي الْأَصَحِّ) كَ صَالَحْتُكَ مِنْ الْأَلْفِ الَّذِي لِي عَلَيْك عَلَى خَمْسِمِائَةٍ. وَيُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ قَبُولُهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمَا وَلَا يَصِحُّ هَذَا الصُّلْحُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ، وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ الْبُطْلَانِ فِيمَا لَوْ كَانَتْ الْخَمْسُمِائَةِ الْمُصَالَحُ بِهَا مُعَيَّنَةً، وَرَجَّحَهُ الْقَاضِي وَالْإِمَامُ وَقَطَعَ بِهِ الْقَفَّالُ وَصَوَّبَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ، يُخَالِفُهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْبَغَوِيّ وَالْخُوَارِزْمِيّ وَالْمُتَوَلِّي، وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ مِنْ الصِّحَّةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ مِنْ الْأَلْفِ عَلَى بَعْضِهِ إبْرَاءٌ لِلْبَعْضِ وَاسْتِيفَاءٌ لِلْبَاقِي فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ (وَلَوْ) (صَالَحَ مِنْ) دَيْنٍ (حَالٍّ عَلَى مُؤَجَّلٍ مِثْلِهِ) جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً (أَوْ عَكْسٌ) أَيْ صَالَحَ مِنْ مُؤَجَّلٍ عَلَى حَالٍّ مِثْلِهِ كَذَلِكَ (لَغَا) الصُّلْحُ؛ إذْ هُوَ مِنْ الدَّائِنِ وَعُدَّ فِي الْأُولَى بِإِلْحَاقِ الْأَجَلِ، وَصِفَةُ الْحُلُولِ لَا يَصِحُّ إلْحَاقُهَا، وَفِي الثَّانِيَةِ وَعُدَّ مِنْ الْمَدْيُونِ بِإِسْقَاطِ الْأَجَلِ وَهُوَ لَا يَسْقُطُ وَالصِّحَّةُ وَالتَّكْسِيرُ كَالْحُلُولِ وَالتَّأْجِيلِ (فَإِنْ عُجِّلَ) الدَّيْنُ (الْمُؤَجَّلُ صَحَّ الْأَدَاءُ) وَسَقَطَ الْأَجَلُ لِصُدُورِ الْإِيفَاءِ وَالِاسْتِيفَاءِ مِنْ أَهْلِهِمَا. وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يُؤَدِّ عَلَى ظَنِّ صِحَّةِ الصُّلْحِ وَوُجُوبِ التَّعْجِيلِ وَإِلَّا لَمْ يَسْقُطْ فَلَهُ الِاسْتِرْدَادُ كَمَا قَالُوهُ. وَمَحَلُّهُ فِيمَا لَوْ شَرَطَ بَيْعًا فِي بَيْعٍ وَأَتَى بِالثَّانِي عَلَى ظَنِّ الصِّحَّةِ، نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: تَضَافَرَتْ عَلَيْهِ النُّصُوصُ فَلْتَكُنْ الْفَتْوَى بِهِ (وَلَوْ صَالَحَ مِنْ عَشَرَةٍ حَالَّةٍ عَلَى خَمْسَةٍ مُؤَجَّلَةٍ بَرِئَ مِنْ خَمْسَةٍ وَبَقِيَتْ خَمْسَةٌ حَالَّةٌ) ؛ لِأَنَّهُ صَالَحَ بِحَطِّ الْبَعْضِ وَوَعَدَ بِتَأْجِيلِ الْبَاقِي، وَالْوَعْدُ لَا يَلْزَمُ وَالْحَطُّ صَحِيحٌ (وَلَوْ عَكَسَ) بِأَنْ صَالَحَ مِنْ عَشَرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ عَلَى خَمْسَةٍ حَالَّةٍ (لَغَا) الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ صِفَةَ الْحُلُولِ لَا يَصِحُّ إلْحَاقُهَا وَالْخَمْسَةُ الْأُخْرَى إنَّمَا تَرَكَهَا فِي مُقَابَلَةِ ذَلِكَ، فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ الْحُلُولُ لَا يَصِحُّ التَّرْكُ، وَالصِّحَّةُ وَالتَّكْسِيرُ كَالْحُلُولِ وَالتَّأْجِيلِ. وَقَضِيَّةُ مَا تَقَرَّرَ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: أَمْ إسْقَاطٌ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ) أَيْ الْإِبْرَاءُ (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ) هِيَ قَوْلُهُ كَ صَالَحْتُكَ مِنْ الْأَلْفِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ هَذَا الصُّلْحُ) أَيْ الصُّلْحُ مِنْ دَيْنٍ عَلَى بَعْضِهِ (قَوْلُهُ: وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ) حَيْثُ قَالَ مِنْ دَيْنٍ عَلَى بَعْضِهِ إذْ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ عَدَمُ التَّعْيِينِ لِلْمُصَالَحِ بِهِ (قَوْلُهُ: مُعَيَّنَةً) أَيْ بِالْمَجْلِسِ (قَوْلُهُ: مِثْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ جِنْسًا وَقَدْرًا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَسْقُطْ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: قَالَ م ر: وَيَنْشَأُ مِنْ هَذَا مَسْأَلَةٌ تَعُمُّ بِهَا الْبَلْوَى، وَهِيَ مَا لَوْ وَقَعَ بَيْنَهُمَا مُعَامَلَةٌ ثُمَّ صَدَرَ بَيْنَهُمَا تَصَادُقٌ مَبْنِيٌّ عَلَى تِلْكَ الْمُعَامَلَةِ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى الْآخَرِ شَيْئًا مَعَ ظَنِّهِمَا صِحَّةَ الْمُعَامَلَةِ ثُمَّ بَانَ فَسَادُهَا تَبَيَّنَ فَسَادُ التَّصَادُقِ وَإِنْ كَانَ عِنْدَ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الِاسْتِرْدَادُ) ع لَوْ أَرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَجْعَلَهُ مِنْ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ اسْتِرْدَادٍ فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ رَدِّهِ وَإِعَادَتِهِ يُتَأَمَّلُ ذَلِكَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ بِالتَّرَاضِي كَأَنَّهُ مَلَّكَهُ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ بِمَالِهِ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَ الْعَيْنَ الْمَغْصُوبَةَ لِلْغَاصِبِ بِمَا لَهُ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ فِيمَا لَوْ إلَخْ) لَا يَظْهَرُ هَذَا التَّقْيِيدُ لِمَا الْكَلَامُ فِيهِ؛ إذْ هُوَ فِي خُصُوصِ الصُّلْحِ، فَلَعَلَّ فِي الْعِبَارَةِ سَقْطًا. وَمَعَ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ رَدُّ هَذَا التَّفْصِيلِ بِأَنَّ مَحَلَّهُ فِي الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ دُونَ غَيْرِهِ فَيَكُونُ الْقَبْضُ صَحِيحًا مُطْلَقًا، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ إسْقَاطَ لَفْظَةِ وَمَحَلُّهُ (قَوْلُهُ: وَالصِّحَّةُ إلَخْ) لَا تَكْرَارَ فِيهِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ مَا مَرَّ اتَّفَقَ الْمُصَالَحُ مِنْهُ وَالْمُصَالَحُ عَنْهُ وَاخْتَلَفَا فِي الصِّفَةِ وَمَا هُنَا اخْتَلَفَا قَدْرًا وَصِفَةً (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ مَا تَقَرَّرَ) مِنْ أَنَّهُ لَوْ صَالَحَ مِنْ عَشَرَةٍ حَالَّةٍ عَلَى خَمْسَةٍ مُؤَجَّلَةٍ إلَخْ، وَقَوْلُهُ فِيهِ: أَيْ فِي التَّفْصِيلِ الْمُفَرِّقِ بَيْنَ الصُّلْحِ مِنْ الْمُؤَجَّلِ عَلَى الْحَالِّ وَعَكْسِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ) أَيْ: فِي قَوْلِهِ عَلَى بَعْضِهِ. (قَوْلُهُ: وَصِفَةُ الْحُلُولِ) صَوَابُهُ وَصِفَةُ التَّأْجِيلِ .

عَدَمُ الْفَرْقِ فِيهِ بَيْنَ الرِّبَوِيِّ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِصَاحِبِ الْجَوَاهِرِ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ انْقِسَامُ الصُّلْحِ إلَى سِتَّةِ أَقْسَامٍ: بَيْعٍ، وَإِجَارَةٍ، وَعَارِيَّةٍ، وَهِبَةٍ، وَسَلَمٍ، وَإِبْرَاءٍ. وَيُزَادُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ يَكُونُ خُلْعًا كَ صَالَحْتُكَ مِنْ كَذَا عَلَى أَنْ تُطَلِّقَنِي طَلْقَةً، وَمُعَاوَضَةً مِنْ دَمِ الْعَمْدِ كَ صَالَحْتُكَ مِنْ كَذَا عَلَى مَا تَسْتَحِقُّهُ عَلَى مِنْ قِصَاصٍ، وَجَعَالَةٍ كَصَالَحْتُكَ مِنْ كَذَا عَلَى رَدٍّ بِعَبْدِي، وَفِدَاءٍ كَقَوْلِهِ لِحَرْبِيٍّ صَالَحْتُك مِنْ كَذَا عَلَى إطْلَاقِ هَذَا الْأَسِيرِ، وَفَسْخًا كَأَنْ صَالَحَ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ، وَتَرَكَهَا الْمُصَنِّفُ كَكَثِيرٍ لِأَخْذِهَا مِنْ الْأَقْسَامِ الَّتِي ذَكَرَهَا فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ أَهْمَلَهَا الْأَصْحَابُ وَهِيَ وَارِدَةٌ عَلَيْهِمْ جَزْمًا. (النَّوْعُ الثَّانِي الصُّلْحُ عَلَى الْإِنْكَارِ) أَوْ السُّكُوتُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ سُلَيْمٍ الرَّازِيّ وَغَيْرِهِ، وَلَا حُجَّةَ لِلْمُدَّعِي كَأَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ شَيْئًا فَأَنْكَرَ أَوْ سَكَتَ ثُمَّ صَالَحَ عَنْهُ (فَيَبْطُلُ إنْ جَرَى عَلَى نَفْسِ الْمُدَّعِي) كَأَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ دَارًا فَيُصَالِحَهُ عَلَيْهَا بِأَنْ يَجْعَلَهَا لِلْمُدَّعِي أَوْ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا تَصْدُقُ بِهِ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ بَاطِلٌ فِيهِمَا؛ إذْ لَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُ التَّمْلِيكِ مَعَ ذَلِكَ لِاسْتِلْزَامِهِ أَنْ يَمْلِكَ الْمُدَّعِي مَالًا يَمْلِكُهُ أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا يَمْلِكُهُ، وَقِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَنْكَرَ الْخُلْعَ وَالْكِتَابَةَ ثُمَّ تَصَالَحَا عَلَى شَيْءٍ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ خَبَرَ أَبِي دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِرَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا فِي مَوَارِيثَ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا: اقْتَسِمَا ثُمَّ تَوَخَّيَا الْحَقَّ ثُمَّ اسْتَهِمَا ثُمَّ لْيُحْلِلْ كُلٌّ مِنْكُمَا صَاحِبَهُ» ؛ لِأَنَّهُ قَسَمَهَا بَيْنَهُمَا بِحُكْمِ كَوْنِهَا فِي يَدِهِمَا وَلَا مُرَجِّحَ، وَأَمَّا التَّحْلِيلُ مَعَ الْجَهْلِ فَمِنْ بَابِ الْوَرَعِ؛ لِأَنَّهُ أَقْصَى مَا يُمْكِنُ حِينَئِذٍ، بِخِلَافِ جَهْلِ مَا يُمْكِنُ اسْتِكْشَافُهُ، وَالْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ كَالْإِقْرَارِ، وَكَذَا قِيَامُ بَيِّنَةٍ بَعْدَ الْإِنْكَارِ فَيَصِحُّ الصُّلْحُ بَعْدَهَا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَاسْتِشْكَالُ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: عَدَمُ الْفَرْقِ إلَخْ) فِيهِ تَفْصِيلٌ كَمَا يُفْهَمُ مِمَّا نَقَلَهُ حَجّ عَنْ الْجَوَاهِرِ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ تُطَلِّقَنِي) أَيْ فَيُقْبَلَ بِقَوْلِهِ: صَالَحْتُكَ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ طَلَّقْتُك، وَلَا حَاجَةَ إلَى إنْشَاءِ عَقْدٍ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي كَلَامِ بَعْضِ أَهْلِ الْعَصْرِ (قَوْلُهُ: وَفَسْخًا) وَالْقِيَاسُ: صِحَّةُ كَوْنِهِ حَوَالَةً أَيْضًا بِأَنْ يَقُولَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعَى صَالَحْتُك مِنْ الْعَيْنِ الَّتِي تَدَّعِيهَا عَلَى عَلَى كَذَا حَوَالَةً عَلَى زَيْدٍ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: فَيَبْطُلُ) أَيْ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ «إلَّا صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا» فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ إنْ كَذَبَ فَقَدْ اسْتَحَلَّ مَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الَّذِي هُوَ حَرَامٌ، وَإِنْ صَدَقَ فَقَدْ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ مَالَهُ الَّذِي هُوَ حَلَالٌ: أَيْ بِصُورَةِ الْعَقْدِ، فَلَا يُقَالُ لِلْإِنْسَانِ تَرَكَ بَعْضَ حَقِّهِ اهـ حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ فَقَدْ حَرُمَ إلَخْ قَدْ يُنَاقَشُونَ بِأَنَّهُ لَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِمُعَامَلَةٍ صَحِيحَةٍ صَدَرَتْ بِاخْتِيَارِهِ كَسَائِرِ الْمُعَامَلَاتِ الصَّحِيحَةِ الْمُخْتَارَةِ، فَإِنَّ كُلًّا مِنْ الْمُتَعَامِلَيْنِ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ مَا بَذَلَهُ فِي تِلْكَ الْمُعَامَلَةِ، وَالْمُعَامَلَةُ هُنَا صَحِيحَةٌ. وَمِنْ ذَلِكَ الصَّالِحُ عَلَى الْإِقْرَارِ، فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ مَا بَذَلَهُ فِي تِلْكَ الْمُعَامَلَةِ، وَالْمُعَامَلَةُ هُنَا صَحِيحَةٌ عِنْدَ الْمُخَالِفِينَ فَهِيَ كَغَيْرِهَا مِنْ الْمُعَامَلَاتِ الصَّحِيحَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ الصُّلْحُ عَلَى الْإِقْرَارِ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ مَالَهُ بِمَا أَخَذَهُ عِوَضًا عَنْهُ إلَخْ اهـ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ ع بِأَنَّ غَيْرَهُ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ كُلٌّ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يَبِيعُ مَا لَا يَمْلِكُهُ أَيْ حَيْثُ كَانَ غَيْرَ مُحَقَّقٍ فِي إنْكَارِهِ وَالْمُشْتَرِي يَشْتَرِي مَا يَمْلِكُهُ: أَيْ حَيْثُ كَانَ صَادِقًا فِي دَعْوَاهُ (قَوْلُهُ: مَعَ ذَلِكَ) أَيْ الْإِنْكَارِ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسًا إلَخْ) لَعَلَّ هَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ، وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ فَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ الصُّلْحُ بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ تَعْدِيلِهَا وَإِنْ لَمْ يُحْكَمْ بِالْمِلْكِ: قَالَ سم عَلَى حَجّ: ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِاسْتِلْزَامِهِ أَنْ يَمْلِكَ الْمُدَّعِي مَا لَا يَمْلِكُهُ أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا يَمْلِكُهُ) أَيْ: إنْ كَانَ الْمُدَّعِي كَاذِبًا فِيهِمَا: فَإِنْ كَانَ صَادِقًا انْعَكَسَ الْحَالُ، فَلَوْ قَالَ؛ لِاسْتِلْزَامِهِ أَنْ يَمْلِكَ الشَّخْصُ مَا يَمْلِكُهُ أَوْ مَا لَا يَمْلِكُهُ لَشَمِلَهُمَا، عَلَى أَنَّ فِي هَذَا التَّعْلِيلِ نَظَرًا لَا يَخْفَى، إذْ لَا مَحْذُورَ فِي كَوْنِ الشَّخْصِ يَمْلِكُ مَا لَا يَمْلِكُهُ بِوَاسِطَةِ الصُّلْحِ كَغَيْرِهِ فَلْيُحَرَّرْ

الْغَزَالِيِّ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالْمِلْكِ؛ لِأَنَّ لَهُ سَبِيلًا إلَى الطَّعْنِ يُرَدُّ بِأَنَّ الْعُدُولَ إلَى الْمُصَالَحَةِ يَدُلُّ عَلَى عَجْزِهِ عَنْ إبْدَاءِ طَاعِنٍ، وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ عَيْنًا فَقَالَ: رَدَدْتهَا إلَيْكَ ثُمَّ صَالَحَهُ فَإِنْ كَانَتْ أَمَانَةً بِيَدِهِ لَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ لِقَبُولِ قَوْلِهِ فَيَكُونُ صُلْحًا عَلَى الْإِنْكَارِ، وَإِلَّا فَقَوْلُهُ فِي الرَّدِّ غَيْرُ مَقْبُولٍ فَيَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِالضَّمَانِ هَذَا مَا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ، وَلَهُ احْتِمَالَانِ بِالْبُطْلَانِ مُطْلَقًا فَإِنَّهُ لَمْ يُقِرَّ أَنَّ عَلَيْهِ شَيْئًا، وَيُرَدُّ بِمِثْلِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْعُدُولَ إلَى الْمُصَالَحَةِ يَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ ضَمَانِهِ، وَلِلْمُدَّعِي الْمُحِقِّ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ أَنْ يَأْخُذَ مَا بَذَلَهُ فِي الصُّلْحِ عَلَى إنْكَارٍ، لَكِنْ إنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى كَانَ ظَافِرًا فَفِيهِ مَا يَأْتِي فِي الظُّفُرِ، وَلَوْ أَنْكَرَ فَصُولِحَ ثُمَّ أَقَرَّ لَمْ يُفِدْ إقْرَارُهُ صِحَّةَ الصُّلْحِ السَّابِقِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ مِنْ سَبْقِ الْإِقْرَارِ، فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ السُّبْكِيّ يَنْبَغِي الصِّحَّةُ لِاتِّفَاقِهِمَا، عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ جَرَى بِشُرُوطِهِ فِي عِلْمِهِمَا أَوْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَعُلِمَ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا لَوْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ، فَإِنَّ الشَّرْطَ وَهُوَ الْمِلْكُ مَوْجُودٌ ثَمَّ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، بِخِلَافِهِ هُنَا؛ إذْ الْإِقْرَارُ إخْبَارٌ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ وُجُودُ مُخْبِرٍ بِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَلَوْ تَنَازَعَا فِي جَرَيَانِهِ عَلَى إنْكَارٍ أَوْ إقْرَارٍ صُدِّقَ مُدَّعِي الْإِنْكَارِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَقْدِ، وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ وَالْغَالِبَ جَرَيَانُ الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَالْغَالِبُ صُدُورُهُ عَلَى الصِّحَّةِ فَلِهَذَا كَانَ الْقَوْلُ فِيهِ قَوْلَ مُدَّعِيهَا، وَيُغْتَفَرُ جَرَيَانُهُ عَلَى غَيْرِ إقْرَارٍ فِيمَا لَوْ اصْطَلَحَ الْوَرَثَةُ فِيمَا وُقِفَ بَيْنَهُمْ كَمَا سَيَأْتِي إذَا لَمْ يَبْذُلْ أَحَدٌ عِوَضًا مِنْ خَالِصِ مِلْكِهِ، وَفِيمَا لَوْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَمَاتَ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ أَوْ طَلَّقَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ وَمَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ أَوْ التَّعْيِينِ وَوَقَفَ الْمِيرَاثَ بَيْنَهُنَّ فَاصْطَلَحْنَ، وَفِيمَا لَوْ تَدَاعَيَا وَدِيعَةً عِنْدَ آخَرَ فَقَالَ لَا أَعْلَمُ لِأَيِّكُمَا هِيَ أَوْ دَارًا فِي يَدِهِمَا وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً ـــــــــــــــــــــــــــــSوَخَرَجَ بِبُعْدِهَا مَا لَوْ أُقِيمَتْ بَعْدَهُ فَلَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا كَمَا لَوْ أَقَرَّ بَعْدَهُ كَمَا سَيَأْتِي، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أُقِيمَتْ بَعْدَ الصُّلْحِ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ كَانَ مُقِرًّا قَبْلَ الصُّلْحِ فَإِنَّ الصُّلْحَ صَحِيحٌ، فَعُلِمَ الْفَرْقُ فِي الْبَيِّنَةِ بَعْدَ الصُّلْحِ بَيْنَ الشَّاهِدَةِ بِنَفْسِ الْحَقِّ فَلَا يَكُونُ الصُّلْحُ صَحِيحًا، وَالشَّاهِدَةُ بِالْإِقْرَارِ قَبْلَهُ فَيَكُونُ صَحِيحًا م ر. وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ: وَلَوْ أُقِيمَتْ بَيِّنَةٌ بَعْدَ الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ بِأَنَّهُ مَلَّكَهُ وَقْتَهُ فَهَلْ تَلْحَقُ بِالْإِقْرَارِ؟ قَالَ الْجُورِيُّ: تُلْحَقُ بِهِ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الطَّعْنُ فِيهَا لَا فِيهِ اهـ. أَقُولُ: قَدْ تُمْنَعُ الْأَوْلَوِيَّةُ بِأَنَّ شَرْطَ الصُّلْحِ الْإِقْرَارُ، وَهُوَ مُنْتَفٍ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ الْمُدَّعِي مُحِقًّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا يَمْلِكُ الصُّلْحَ عَلَيْهِ اعْتِبَارًا بِذَلِكَ بَلْ يَتَصَرَّفُ فِيهِ مِنْ بَابِ الظَّفَرِ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، فَلَعَلَّ مُرَادَ الْجُورِيُّ مِنْ إلْحَاقِهِ بِالْإِقْرَارِ أَنَّهُ يَأْتِي فِيهِ إشْكَالُ الْغَزَالِيِّ مِنْ أَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الطَّعْنِ فِي الْبَيِّنَةِ قَبْلَ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهُ يَتَبَيَّنُ بِذَلِكَ صِحَّةُ الصُّلْحِ (قَوْلُهُ: ذَلِكَ) أَيْ الصُّلْحِ فِيمَا لَوْ أُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ أَمَانَةً) أَيْ بِغَيْرِ رَهْنٍ وَإِجَارَةٍ عَلَى مَا يُفِيدُهُ التَّعْلِيلُ (قَوْلُهُ: وَلَهُ احْتِمَالَانِ) كَانَ الْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ وَلَهُ احْتِمَالٌ، ثُمَّ رَأَيْته كَذَلِكَ فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ (قَوْلُهُ: فَصُولِحَ) أَيْ أَوْقَعَ الصُّلْحَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَصْمِهِ عَلَى شَيْءٍ (قَوْلُهُ: فِيمَا وُقِفَ بَيْنَهُمْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ إرْثُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَاجِزًا إلَّا أَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا مِقْدَارَ مَا لِكُلٍّ إمَّا لِعَدَمِ الْقِسْمَةِ أَوْ لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ مَا لِكُلٍّ شَرْعًا لَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَنُصُّوا عَلَى اسْتِثْنَائِهِ فَبَقِيَ عَلَى أَصْلِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ دَارًا فِي يَدِهِمَا) أَيْ تَدَاعَيَا دَارًا فِي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً) قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُمَا لَوْ تَصَالَحَا بِلَا بَيِّنَةٍ لَمْ يَصِحَّ، وَعَلَيْهِ فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ إقَامَةِ الْبَيِّنَتَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَسَاقَطَانِ وَيَبْقَى مُجَرَّدُ الْيَدِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْجَوَابِ عَنْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَسَمَ بَيْنَ اثْنَيْنِ تَخَاصَمَا فِي مِيرَاثٍ» ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ أَمَانَةً بِيَدِهِ) أَيْ وَكَانَ الْمُدَّعِي هُوَ الَّذِي ائْتَمَنَهُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ هِيَ الَّتِي يُقْبَلُ قَوْلُهُ: فِي رَدِّهَا إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَوَقَفَ الْمِيرَاثَ بَيْنَهُنَّ) الْأَوْلَى بَيْنَهُمَا

ثُمَّ اصْطَلَحَا، وَلَا يُنَافِي مَا عَبَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ تَعْبِيرَ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بِقَوْلِهَا عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعِي كَأَنْ يُصَالِحَهُ عَنْ الدَّارِ بِثَوْبٍ أَوْ دَيْنٍ فَقَدْ قَالَ الشَّارِحُ: وَكَأَنَّ نُسْخَةَ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْمُحَرَّرِ عَيْنٌ فَعَبَّرَ عَنْهَا بِالنَّفْسِ، وَلَمْ يُلَاحَظْ مُوَافَقَةُ مَا فِي الشَّرْحِ فَهُمَا مَسْأَلَتَانِ حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ اهـ. وَمُرَادُهُ بِذَلِكَ دَفْعُ اعْتِرَاضِ مَنْ قَالَ: إنَّ الصَّوَابَ التَّعْبِيرُ بِالْغَيْرِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَلِهَذَا ادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّ الرَّاءَ تَصَحَّفَتْ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِالنُّونِ فَعَبَّرَ عَنْهَا بِالنَّفْسِ. لَا يُقَالُ: التَّعْبِيرُ بِالنَّفْسِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّ عَلَى وَالْبَاءَ يَدْخُلَانِ عَلَى الْمَأْخُوذِ وَمِنْ وَعَنْ عَلَى الْمَتْرُوكِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: ذَلِكَ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ، وَأَيْضًا فَالْمُدَّعَى الْمَذْكُورُ مَأْخُوذٌ وَمَتْرُوكٌ بِاعْتِبَارَيْنِ غَايَتُهُ أَنَّ إلْغَاءَ الصُّلْحِ فِي ذَلِكَ لِلْإِنْكَارِ وَلِفَسَادِ الصِّيغَةِ بِاتِّحَادِ الْعِوَضَيْنِ (وَكَذَا) يَبْطُلُ الصُّلْحُ (إنْ جَرَى عَلَى بَعْضِهِ) أَيْ الْمُدَّعَى كَمَا لَوْ كَانَ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَصِحُّ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّ الْبَعْضَ مُسْتَحَقٌّ لِلْمُدَّعِي، وَلَكِنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ فِي جِهَةِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَاخْتِلَافُهُمَا فِي الْجِهَةِ لَا يَمْنَعُ الْأَخْذَ. وَرُدَّ بِأَنَّهُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الدَّافِعِ وَالْقَابِضِ فِي الْجِهَةِ الْمُصَدَّقُ الدَّافِعُ، وَهُوَ يَقُولُ: إنَّمَا بَذَلْت لِدَفْعِ الْأَذَى لِئَلَّا يَرْفَعَنِي إلَى قَاضٍ وَيُقِيمَ عَلَيَّ شُهُودَ زُورٍ، وَالْبَذْلُ لِهَذِهِ الْجِهَةِ بَاطِلٌ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ مَحَلِّ الْوَجْهَيْنِ مَا لَوْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ دَيْنًا وَصَالَحَ مِنْهُ عَلَى بَعْضِهِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ جَزْمًا؛ لِأَنَّ التَّصْحِيحَ إنَّمَا هُوَ بِتَقْدِيرِ الْهِبَةِ، وَإِيرَادُهَا عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ مُمْتَنَعٌ (وَقَوْلُهُ) بَعْدَ إنْكَارِهِ (صَالِحْنِي عَنْ الدَّارِ) مَثَلًا (الَّتِي تَدَّعِيهَا) (لَيْسَ إقْرَارًا فِي الْأَصَحِّ) لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ قَطْعَ الْخُصُومَةِ فَقَطْ، وَالثَّانِي نَعَمْ لِتَضَمُّنِهِ الِاعْتِرَافَ كَمَا لَوْ قَالَ: مَلِّكْنِي وَدُفِعَ بِمَا مَرَّ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ الصُّلْحُ بَعْدَ هَذَا الْتِمَاسَ صُلْحِ إنْكَارٍ، أَمَّا لَوْ قَالَ ذَلِكَ ابْتِدَاءً قَبْلَ إنْكَارِهِ كَانَ بَاطِلًا جَزْمًا، وَلَوْ قَالَ: بِعْنِي أَوْ هَبْنِي أَوْ مَلِّكْنِي الْمُدَّعَى بِهِ أَوْ زَوِّجْنِيهَا أَوْ أَبْرِئْنِي مِنْهُ فَإِقْرَارٌ لَا أَجِّرْنِي أَوْ أَعِرْنِي عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ؛ إذْ الْإِنْسَانُ قَدْ يَسْتَعِيرُ مِلْكَهُ وَيَسْتَأْجِرُهُ مِنْ مُسْتَأْجِرِهِ وَمِنْ الْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهِ. نَعَمْ يَظْهَرُ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ أَنَّهُ إقْرَارٌ بِأَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِأَنَّهُ إنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِكَوْنِهَا فِي يَدِهِمَا فَيُقَالُ بِمِثْلِهِ هُنَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ اصْطَلَحَا) أَيْ مَنْ هِيَ فِي يَدِهِمَا (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ) أَيْ فِي أَوَّلِ التَّرْجَمَةِ بِقَوْلِهِ: غَالِبًا وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِالْإِشَارَةِ الذِّكْرُ (قَوْلُهُ: وَإِيرَادُهَا) أَيْ الْهِبَةِ (قَوْلُهُ: مُمْتَنِعٌ) وَقَدْ يُدْفَعُ بِأَنَّهُ لَوْ قِيلَ بِالصِّحَّةِ لَكَانَ إبْرَاءً وَهُوَ مِمَّا فِي الذِّمَّةِ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ: كَانَ بَاطِلًا جَزْمًا) الْجَزْمُ هُنَا قَدْ يُخَالِفُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ السَّابِقَ، وَلَوْ قَالَ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ خُصُومَةٍ: صَالِحْنِي عَنْ دَارِك بِكَذَا فَالْأَصَحُّ بُطْلَانُهُ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ مَفْرُوضٌ فِي صِحَّةِ الصُّلْحِ وَفَسَادِهِ، وَمَا هُنَا فِي صِحَّةِ الْإِقْرَارِ وَبُطْلَانِهِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ حَجّ هُنَا، أَمَّا قَوْلُهُ ذَلِكَ ابْتِدَاءً قَبْلَ إنْكَارِهِ فَلَيْسَ إقْرَارًا قَطْعًا (قَوْلُهُ: فَإِقْرَارٌ) هَذَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا كَمَا هُوَ الْفَرْضُ فَلَوْ كَانَ دَيْنًا فَهُوَ بَاطِلٌ مُطْلَقًا اهـ حَجّ بِالْمَعْنَى. وَعِبَارَتُهُ: وَكَذَا قَوْلُهُ لِمُدَّعَى عَلَيْهِ أَلْفٌ: صَالِحْنِي مِنْهَا عَلَى خَمْسِمِائَةٍ وَهَبْنِي خَمْسَمِائَةٍ أَوْ أَبْرِئْنِي مِنْ خَمْسِمِائَةٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرَتَّبَ بِهِ قَطْعُ الْخُصُومَةِ لَا غَيْرُ اهـ. وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ فِيمَا سَبَقَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ مَحَلِّ الْوَجْهَيْنِ (قَوْلُهُ: لَا أَجِّرْنِي) أَيْ فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالْعَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَا يُقَالُ إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا السُّؤَالِ مِنْ حَيْثُ سِيَاقُهُ مِنْ الْقَلَاقَةِ. (قَوْلُهُ: جَرَى عَلَى الْغَالِبِ) أَيْ فَالْمَعْنَى: أَيْ مِنْ أَوْ عَنْ نَفْسِ الْمُدَّعِي: أَيْ عَلَى غَيْرِهِ: أَيْ وَحَذَفَهُ لِوُضُوحِهِ وَلِعِلْمِهِ مِنْ الْمَعْطُوفِ وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ مَعَ الْمَتْنِ: إنْ جَرَى عَلَى هِيَ هُنَا بِمَعْنَى عَنْ أَوْ مِنْ لِمَا مَرَّ أَنَّ كَوْنَ عَلَى وَالْبَاءِ لِلْمَأْخُوذِ وَعَنْ وَمِنْ لِلْمَتْرُوكِ أَغْلَبِيٌّ نَفْسَ الْمُدَّعَى عَلَى غَيْرِهِ كَأَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِدَارٍ أَوْ دَيْنٍ فَأَنْكَرَ ثُمَّ تَصَالَحَا عَلَى نَحْوِ قِنٍّ، وَيَصِحُّ كَوْنُهَا عَلَى بَابِهَا وَالتَّقْدِيرُ: إنْ جَرَى عَلَى نَفْسِ الْمُدَّعِي عَنْ غَيْرِهِ وَدَلَّ عَلَيْهِ ذِكْرُ الْمَأْخُوذِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي مَتْرُوكًا، وَيَصِحُّ مَعَ عَدَمِ هَذَا التَّقْدِيرِ أَيْضًا، وَغَايَتُهُ أَنَّ الْبُطْلَانَ فِيهِ لِأَمْرَيْنِ: كَوْنِهِ عَلَى إنْكَارٍ، وَعَدَمِ الْعِوَضِيَّةِ فِيهِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: وَأَيْضًا فَالْمُدَّعِي الْمَذْكُورُ إلَخْ) هَذَا هُوَ الَّذِي سَلَكَهُ هُوَ فِي حَلِّ الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: مَأْخُوذٌ وَمَتْرُوكٌ بِاعْتِبَارَيْنِ) أَيْ: فَعَلَى عَلَى بَابِهَا لِلِاعْتِبَارِ الثَّانِي .

مَالِكٌ لِلْمَنْفَعَةِ. (الْقِسْمُ الثَّانِي) مِنْ الصُّلْحِ (يَجْرِي بَيْنَ الْمُدَّعِي وَأَجْنَبِيٍّ) (، فَإِنْ) (قَالَ) الْأَجْنَبِيُّ لِلْمُدَّعِي (وَكَّلَنِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الصُّلْحِ) عَنْ الْمُدَّعَى بِهِ (وَهُوَ مُقِرٌّ لَك) بِهِ فِي الظَّاهِرِ أَوْ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ، وَلَمْ يُظْهِرْهُ خَوْفًا مِنْ أَخْذِ الْمَالِكِ لَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بِالْقِسْمَيْنِ فِي الْمُحَرَّرِ (صَحَّ) الصُّلْحُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ دَعْوَى الْإِنْسَانِ الْوَكَالَةَ فِي الْمُعَامَلَاتِ مَقْبُولٌ، وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ إذَا لَمْ يُعِدْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْإِنْكَارَ بَعْدَ دَعْوَى الْوَكَالَةِ فَإِنْ أَعَادَهُ كَانَ عَزْلًا فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْهُ ثُمَّ إنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَيْنًا وَصَالَحَ عَلَى بَعْضِ الْمُدَّعَى بِهِ أَوْ عَلَى عَيْنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ عَلَى دَيْنٍ فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ صَحَّ وَصَارَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ مِلْكًا لِلْمُوَكِّلِ لَهُ إنْ كَانَ الْأَجْنَبِيُّ صَادِقًا فِي الْوَكَالَةِ وَإِلَّا فَهُوَ شِرَاءُ فُضُولِيٍّ، وَقَدْ مَرَّ فِي الْبَيْعِ. نَعَمْ لَوْ قَالَ الْأَجْنَبِيُّ: وَكِّلْنِي فِي الْمُصَالَحَةِ لِقَطْعِ الْخُصُومَةِ، وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ لَك صَحَّ الصُّلْحُ فِي الْأَصَحِّ عِنْدَ الْمَاوَرْدِيِّ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّنْبِيهِ وَأَقَرَّهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَلَيْسَ فِي هَذِهِ تَعَرُّضٌ لِلْإِقْرَارِ، وَلَوْ قَالَ: هُوَ مُنْكِرٌ غَيْرَ أَنَّهُ مُبْطِلٌ فَصَالِحْنِي لَهُ عَلَى عَبْدِي هَذَا لِتَنْقَطِعَ الْخُصُومَةُ بَيْنَكُمَا وَكَانَ الْمُدَّعَى دَيْنًا صَحَّ الصُّلْحُ أَوْ عَيْنًا فَلَا، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَمْلِيكُ الْغَيْرِ عَيْنَ مَالٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَيُمْكِنُ قَضَاءُ دَيْنِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَلَوْ صَالَحَ الْوَكِيلُ عَنْ الْمُوَكِّلِ عَلَى عَيْنٍ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ أَوْ عَلَى دَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ بِإِذْنِهِ صَحَّ الْعَقْدُ وَوَقَعَ لِلْآذِنِ وَيَرْجِعُ الْمَأْذُونُ عَلَيْهِ بِالْمِثْلِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَبِالْقِيمَةِ إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا؛ لِأَنَّ الْمَدْفُوعَ قَرْضٌ لَا هِبَةٌ، وَخَرَجَ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَكِّلْنِي إلَخْ مَا لَوْ تَرَكَهُ فَهُوَ شِرَاءُ فُضُولِيٍّ فَلَا يَصِحُّ كَمَا مَرَّ، وَبِقَوْلِهِ: وَهُوَ مُقِرٌّ لَك مَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى وَكِّلْنِي فِي مُصَالَحَتِك فَلَا يَصِحُّ، وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعَى دَيْنًا فَقَالَ الْأَجْنَبِيُّ: وَكَّلَنِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُصَالَحَتِك عَنْ نِصْفِهِ أَوْ ثَوْبِهِ فَصَالَحَهُ صَحَّ كَمَا لَوْ كَانَ الْمُدَّعَى عَيْنًا أَوْ عَلَى ثَوْبِي هَذَا لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ شَيْءٍ بِدَيْنِ غَيْرِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِلْمُصَنِّفِ، وَمَا ادَّعَاهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ قَبْلَهُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ صُورَةِ الْعَيْنِ أَنَّهُ يَصِحُّ الْعَقْدُ وَيَقَعُ لِلْآذِنِ وَقَدْ صَرَّحَ الْإِمَامُ بِأَنَّ الْخِلَافَ فِيهِمَا سَوَاءٌ، وَتَبِعَهُ الشَّيْخُ بَلْ أَخَذَ بِقَضِيَّتِهِ فَقَالَ: الْأَوْجَهُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ مِنْ إلْحَاقِ هَذِهِ بِتِلْكَ فَيَصِحُّ وَيَسْقُطُ الدَّيْنُ كَمَنْ ضَمِنَ دَيْنًا وَأَدَّاهُ مَرْدُودٌ بِإِمْكَانِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِأَنْ بَذَلَ الْوَكِيلُ عَيْنَهُ فِي مُقَابَلَةِ الْعَيْنِ الَّتِي عِنْدَ مُوَكَّلِهِ لَيْسَ فِيهِ جَهَالَةٌ لِتَعَيُّنِ مَا بَذَلَ فِي مُقَابَلَتِهِ، بِخِلَافِ بَذْلِ عَيْنِهِ عَنْ مُوَكَّلِهِ فِي مُقَابَلَةِ دَيْنِ مُوَكِّلِهِ فَإِنَّ فِيهِ جَهَالَةً أَيَّ جَهَالَةٍ؛ إذْ الدَّيْنُ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِقَبْضِهِ وَمَا دَامَ فِي الذِّمَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) أَيْ مَحَلُّ مَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَعَادَهُ) أَيْ لِغَيْرِ غَرَضٍ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ مِنْ أَنَّ إنْكَارَ التَّوْكِيلِ يَكُونُ عَزْلًا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ فِي الْإِنْكَارِ (قَوْلُهُ: كَانَ) أَيْ الْإِنْكَارُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ مَرَّ) أَيْ بُطْلَانُهُ فِي الْجَدِيدِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَفْهُومِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مُقِرٌّ لَك (قَوْلُهُ: صَحَّ الصُّلْحُ) أَيْ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ إنْ لَمْ يَكُنْ أَذِنَ لَهُ فِي الصُّلْحِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَالَحَ) أَيْ مِنْ عَيْنٍ (قَوْلُهُ: مِنْ مَالِ نَفْسِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: بِإِذْنِهِ) أَيْ الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ: وَبِالْقِيمَةِ إلَخْ) يُشْكِلُ عَلَيْهِ التَّوْجِيهُ بِأَنَّ الْمَدْفُوعَ قَرْضٌ لَا هِبَةٌ؛ إذْ مُقْتَضَاهُ الرُّجُوعُ بِالْمِثْلِ مُطْلَقًا لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْقَرْضِ رَدُّ الْمِثْلِ الصُّورِيِّ فِي الْمُتَقَوِّمِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّهُ) أَيْ عَدَمَ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: بِإِمْكَانِ الْفَرْقِ) فِي الْفَرْقِ بِمَا ذَكَرَ نَظَرٌ فَإِنَّهُ لَوْ قِيلَ بِصِحَّتِهِ كَانَ الثَّوْبُ قَرْضًا لِلْمُصَالَحِ عَنْهُ، فَكَأَنَّهُ اشْتَرَى الدَّيْنَ الَّذِي عَلَيْهِ بِالثَّوْبِ الَّذِي دَفَعَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: خَوْفًا مِنْ أَخْذِ الْمَالِكِ) الْأَوْلَى الْإِضْمَارُ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِي هَذِهِ تَعَرُّضٌ لِلْإِقْرَارِ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ لِلْإِنْكَارِ بَدَلَ قَوْلِهِ لِلْإِقْرَارِ، وَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِهِ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا بَعْدَهَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَالَحَ الْوَكِيلُ عَنْ الْمُوَكِّلِ عَلَى عَيْنٍ إلَخْ) أَيْ: وَالصُّورَةُ أَنَّهُ قَائِلٌ إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِرٌّ فَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ أَوْ عَلَى عَيْنٍ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ عَلَى دَيْنٍ فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَبِالْقِيمَةِ إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا) اُنْظُرْ لِمَا لَا يَرْجِعُ بِالْمِثْلِ الصُّورِيِّ حَيْثُ كَانَ قَرْضًا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعَى دَيْنًا) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ ثَمَّ إنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَيْنًا

هُوَ بِالْمَجَاهِيلِ أَشْبَهُ (وَلَوْ) (صَالَحَ) الْأَجْنَبِيُّ عَنْ الْعَيْنِ (لِنَفْسِهِ) بِعَيْنِ مَالِهِ أَوْ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ، (وَالْحَالَةُ هَذِهِ) أَيْ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ قَائِلٌ بِأَنَّهُ مُقِرٌّ لَك بِالْمُدَّعَى أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (صَحَّ) الصُّلْحُ لِلْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ مَعَهُ خُصُومَةٌ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ تَرَتَّبَ عَلَى دَعْوَى وَجَوَابٍ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الْجُوَيْنِيُّ مِنْ أَنَّهُ يَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ قَالَ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ خُصُومَةٍ: صَالِحْنِي (وَكَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ) بِلَفْظِ الشِّرَاءِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ رَادًّا بِهِ عَلَى مَنْ اعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ كَيْفَ يَقُولُ: وَكَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مَعَ أَنَّهُ شِرَاءٌ حَقِيقَةً فَلَا مَعْنَى لِلتَّشْبِيهِ، وَفِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ إشَارَةٌ إلَى اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِوَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا مِمَّا يَجُوزُ بَيْعُهُ مَعَهُ، فَلَوْ كَانَ مَبِيعًا قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَصِحَّ (وَإِنْ) (كَانَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (مُنْكِرًا وَقَالَ الْأَجْنَبِيُّ: هُوَ مُبْطِلٌ فِي إنْكَارِهِ) ؛ لِأَنَّكَ صَادِقٌ عِنْدِي فَصَالِحْنِي لِنَفْسِي، فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا فَهُوَ شِرَاءُ مَغْصُوبٍ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ قُدْرَتِهِ عَلَى انْتِزَاعِهِ فَيَصِحُّ (وَعَدَمِهَا) فَلَا يَصِحُّ وَيَكْفِي لِلصِّحَّةِ قَوْلُهُ: أَنَا قَادِرٌ عَلَى انْتِزَاعِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ دَيْنًا فَفِيهِ الْخِلَافُ الْمَارُّ (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ هُوَ مُبْطِلٌ) مَعَ قَوْلِهِ: وَهُوَ مُنْكِرٌ وَصَالَحَ لِنَفْسِهِ وَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ (لَغَا الصُّلْحُ) ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ مَا يُثْبِتُ مِلْكَهُ لَهُ، وَكَلَامُهُ شَامِلٌ لِمَا لَوْ قَالَ: هُوَ مُحِقٌّ أَوْ لَا أَعْلَمُ أَوْ سَكَتَ، وَهَذِهِ الْأَخِيرَةُ لَمْ يُصَرِّحْ بِهَا فِي الرَّوْضَةِ، وَالْأَمْرُ فِيهَا كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ مَا أَفْهَمَهُ إطْلَاقُ الْكِتَابِ. وَلَوْ وَقَفَ مَكَانًا وَأَقَرَّ بِهِ لِمُدَّعٍ لَهُ غَرِمَ لَهُ قِيمَتَهُ لِحَيْلُولَتِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ بِوَقْفِهِ، وَلَوْ صَالَحَ مُتْلِفُ الْعَيْنِ مَالِكَهَا فَإِنْ كَانَ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا مِنْ جِنْسِهَا أَوْ بِمُؤَجَّلٍ لَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ قِيمَةُ الْمُتْلَفِ حَالَّةً، فَلَمْ يَصِحَّ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهَا وَلَا عَلَى مُؤَجَّلٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الرِّبَا، وَإِنْ كَانَ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ بِأَكْثَرَ بِغَيْرِ جِنْسِهَا جَازَ لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِمُجْمَلٍ ثُمَّ صَالَحَ عَنْهُ صَحَّ إنْ عَرَفَاهُ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ أَحَدٌ مِنْهُمَا، وَلَوْ وَكَّلَ الْمُنْكِرُ فِي الصُّلْحِ عَنْهُ أَجْنَبِيًّا جَازَ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي، وَإِنْكَارُ حَقِّ الْغَيْرِ حَرَامٌ فَلَوْ بَذَلَ لِلْمُنْكِرِ مَالًا لِيُقِرَّ فَفَعَلَ لَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ بَلْ يَحْرُمُ بَذْلُهُ وَأَخْذُهُ لِذَلِكَ وَلَا يَكُونُ بِهِ مُقِرًّا كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ كَجٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْأَجْنَبِيُّ قَرْضًا، وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ صَدَرَ مِنْ الْمَالِكِ نَفْسِهِ بِثَوْبِهِ كَانَ صَحِيحًا وَلَمْ يُنْظَرْ لِكَوْنِ الدَّيْنِ كَانَ مَجْهُولًا (قَوْلُهُ: مَعَهُ) أَيْ مَعَ كَوْنِهِ تَحْتَ يَدِ الْغَيْرِ بِخِلَافِ نَحْوِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ مَبِيعًا) أَيْ لِلْمُدَّعَى، وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ: الْمُرَادُ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَاعَهُ لِلْمُدَّعِي، وَلَمْ يَقْبِضْهُ لَهُ فَلَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ مِنْ الْمُدَّعِي حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي لِلصِّحَّةِ قَوْلُهُ إلَخْ) أَيْ مَا لَمْ يُكَذِّبْهُ الْحِسُّ فِيمَا يَظْهَرُ حَجّ (قَوْلُهُ: فَفِيهِ الْخِلَافُ الْمَارُّ) قَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الصِّحَّةِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ صِحَّةُ بَيْعِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، لَكِنْ يُشْكِلُ حِينَئِذٍ بِأَنَّ مَحَلَّ الصِّحَّةِ حَيْثُ كَانَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ مُقِرًّا، وَهُوَ هُنَا مُنْكِرٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ: نَزَّلُوا قَوْلَ الْمُشْتَرِي: إنَّهُ مُبْطِلٌ مَنْزِلَةَ إقْرَارِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ لِمُبَاشَرَتِهِ الْعَقْدَ (قَوْلُهُ: مَا أَفْهَمَهُ إطْلَاقُ الْكِتَابِ) أَيْ مِنْ إبْقَاءِ الصُّلْحِ. (قَوْلُهُ بِوَقْفِهِ) أَيْ وَيُحْكَمُ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ ظَاهِرًا، وَأَمَّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَالْمَدَارُ عَلَى الصِّدْقِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَكَّلَ الْمُنْكِرُ) يُتَأَمَّلُ مُغَايَرَةُ هَذِهِ لِقَوْلِ الْمَتْنِ فِيمَا سَبَقَ فَإِنْ قَالَ: وَكَّلَنِي إلَخْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ التَّوْكِيلَ فِيمَا سَبَقَ بَعْدَ إقْرَارِهِ لَهُ بَاطِنًا وَمَا هُنَا قَبْلَهُ ثُمَّ يَقَعُ الْإِقْرَارُ بَعْدَ التَّوْكِيلِ (قَوْلُهُ: حَرَامٌ) أَيْ بَلْ هُوَ كَبِيرَةٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَ أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ لَهُ مَالًا لِيُبْرِئَهُ مِمَّا لَهُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْحَقِّ لَمْ يَصِحَّ الْبَذْلُ وَلَا الْأَخْذُ، وَأَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: هُوَ بِالْمَجَاهِيلِ أَشْبَهُ) أَيْ: وَهُوَ غَيْرُ مَجْهُولٍ فَلَا يُلَائِمُ قَوْلَهُ فَإِنَّ فِيهِ جَهَالَةً أَيَّ جَهَالَةٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّك صَادِقٌ عِنْدِي) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَأَنْتَ الصَّادِقُ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُثْبِتْ مِلْكَهُ لَهُ) هُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: لِأَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ مَا لَمْ يَعْتَرِفْ لَهُ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ . (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ جِنْسِهَا) قَيْدٌ فِي مَسْأَلَةِ الْأَكْثَرِ (قَوْلُهُ: جَازَ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي) أَيْ: حَلَّ التَّوْكِيلُ وَقِيلَ لَا يَحِلُّ. .

وَغَيْرُهُ وَرَجَّحَهُ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ بِشَرْطٍ، قَالَ فِي الْخَادِمِ: يَنْبَغِي التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَعْتَقِدَ فَسَادَ الصُّلْحِ فَيَصِحَّ أَوْ يَجْهَلَهُ فَلَا كَمَا فِي نَظَائِرِهِ مِنْ الْمُنْشَآتِ عَلَى الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ. (فَصْلٌ) فِي التَّزَاحُمِ عَلَى الْحُقُوقِ الْمُشْتَرَكَةِ (الطَّرِيقُ النَّافِذُ) بِمُعْجَمَةٍ، وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِالشَّارِعِ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ عُمُومٌ مُطْلَقٌ؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ عَامٌّ فِي الصَّحَارِي وَالْبُنْيَانِ وَالنَّافِذِ وَغَيْرِهِ، وَالشَّارِعُ خَاصٌّ بِالْبُنْيَانِ وَبِالنَّافِذِ. وَقَوْلُ الْجَوْجَرِيِّ بَيْنَهُمَا عُمُومٌ مِنْ وَجْهٍ لِاجْتِمَاعِهِمَا فِي نَافِذٍ فِي الْبُنْيَانِ وَانْفِرَادِ الشَّارِعِ فِي نَافِذٍ فِي الْبُنْيَانِ، وَالطَّرِيقُ فِي نَافِذٍ فِي الصَّحْرَاءِ أَوْ غَيْرِ نَافِذٍ فِي الْبُنْيَانِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ إذْ الصُّورَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا لِاجْتِمَاعِهِمَا (لَا يُتَصَرَّفُ فِيهِ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (بِمَا يَضُرُّ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ، فَإِنْ ضُمَّ عُدِّيَ بِالْبَاءِ (الْمَارَّةَ) فِي مُرُورِهِمْ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهِ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ بِمَا يُبْطِلُ الْمُرُورَ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا أَبْطَلَ ضَرٌّ بِخِلَافِ الْعَكْسِ فَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ أَعَمُّ كَمَا فِي الدَّقَائِقِ (وَ) عَلَى هَذَا (لَا يُشْرَعُ) أَيْ يَخْرُجُ (فِيهِ جَنَاحٌ) أَيْ رَوْشَنٌ (وَلَا سَابَاطٌ) أَيْ سَقِيفَةٌ عَلَى حَائِطَيْنِ وَالطَّرِيقُ بَيْنَهُمَا (يَضُرُّهُمْ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الْجَنَاحِ وَالسَّابَاطِ (بَلْ) لِلِانْتِقَالِ إلَى بَيَانِ مَفْهُومِ يَضُرُّهُمْ (يُشْتَرَطُ ارْتِفَاعُهُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (بِحَيْثُ يَمُرُّ تَحْتَهُ) الْمَاشِي (مُنْتَصِبًا) مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى مُطَأْطَأَةِ رَأْسِهِ، إذْ مَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ إضْرَارٌ حَقِيقِيٌّ، وَيُشْتَرَطُ مَعَ هَذَا أَنْ يَكُونَ عَلَى رَأْسِهِ الْحُمُولَةُ الْعَالِيَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَأْتِي فِي الْإِبْرَاءِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى ذَلِكَ مَا ذَكَرَ مِنْ التَّفْصِيلِ هُنَا وَهُوَ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ فَسَادَ الشَّرْطِ ثُمَّ أَبْرَأَ صَحَّ الْإِبْرَاءُ وَإِلَّا بَطَلَ، فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا (قَوْلُهُ: عَلَى الْعُقُودِ) الْمُرَادُ مِنْ الْعُقُودِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ. (فَصْلٌ) فِي التَّزَاحُمِ عَلَى الْحُقُوقِ (قَوْلُهُ: فِي التَّزَاحُمِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُهَا كَمَا لَوْ صَالَحَهُ عَلَى إجْرَاءِ مَاءِ الْغُسَالَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِاجْتِمَاعِهِمَا) خَبَرُ قَوْلِهِ: إذْ الصُّورَةُ، وَالْمُرَادُ أَنَّ الصُّورَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا هِيَ صُورَةُ اجْتِمَاعِهِمَا فَجَعْلُهَا لِلِانْفِرَادِ تَارَةً وَالِاجْتِمَاعِ أُخْرَى غَيْرُ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ: الْمَارَّةَ) أَيْ جِنْسَهُمْ وَسَيُعْلَمُ مَا هُنَا وَفِي الْجِنَايَاتِ أَنَّ الضَّرَرَ الْمَنْفِيَّ مَا لَا يُصْبَرُ عَلَيْهِ مِمَّا لَا يُعْتَادُ لَا مُطْلَقًا اهـ حَجّ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِمَا لَا يُصْبَرُ عَلَيْهِ مِمَّا اُعْتِيدَ فَلْيُرَاجَعْ اهـ. أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ فَيَضُرُّ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الصَّبْرِ عَلَيْهِ عَادَةً يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَشَقَّةَ فِيهِ قَوِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُعَبِّرَ بِالْفَاءِ؛ لِأَنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَا ذَكَرَهُ لَيْسَ مُسْتَفَادًا بِتَمَامِهِ مِنْ عِبَارَتِهِ لَمْ يُفَرِّعْهُ (قَوْلُهُ: أَيْ رَوْشَنَ) وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يَبْنِيهِ صَاحِبُ الْجِدَارِ فِي الشَّارِعِ وَلَا يَصِلُ بِهِ إلَى الْجِدَارِ الْمُقَابِلِ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ خَشَبٍ أَوْ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: أَيْ كُلٌّ مِنْ الْجَنَاحِ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ مَا يُقَالُ كَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ يَضُرَّانِهِمْ. (قَوْلُهُ: مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الِانْتِصَابِ مِنْ غَيْرِ مُطَأْطَأَةٍ (قَوْلُهُ: الْحُمُولَةُ) بِضَمِّ الْحَاءِ: أَيْ الْأَحْمَالُ، وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: الْحُمُولَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (فَصْلٌ) فِي التَّزَاحُمِ عَلَى الْحُقُوقِ (قَوْلُهُ: وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِالشَّارِعِ) هَذَا لَا يُلَائِمُ إطْلَاقَهُ مَا سَيَأْتِي بَعْدَهُ مِنْ اخْتِصَاصِهِ بِالْبُنْيَانِ بِخِلَافِ الطَّرِيقِ. (قَوْلُهُ: إذْ الصُّورَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا) يَعْنِي لِانْفِرَادِ الشَّارِعِ إذْ هِيَ عَيْنُ مَا قَبْلَهَا، بَلْ وَقَوْلُهُ: وَالطَّرِيقُ فِي نَافِذٍ فِي الصَّحْرَاءِ قَاصِرٌ أَيْضًا؛ إذْ يَنْفَرِدُ الطَّرِيقُ بِكَوْنِهِ فِي الصَّحْرَاءِ نَافِذًا أَوْ غَيْرَ نَافِذٍ، وَفِي نُسْخَةٍ شَطَبَ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْبُنْيَانِ مِنْ صُورَةِ الِاجْتِمَاعِ، وَلَا بُدَّ مِنْهُ وَإِلَّا لَكَانَتْ مُتَّحِدَةً مَعَ مَا بَعْدَهَا فَلْتُرَاجَعْ عِبَارَةُ الْجَوْجَرِيِّ. .

كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَأَنْ لَا يُظْلِمَ الْمَوْضِعُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. نَعَمْ لَا اعْتِبَارَ بِإِظْلَامٍ خَفِيفٍ (وَإِنْ كَانَ مَمَرَّ الْفُرْسَانِ وَالْقَوَافِلِ فَلْيَرْفَعْهُ بِحَيْثُ يَمُرُّ تَحْتَهُ الْمَحْمِلُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ (عَلَى الْبَعِيرِ مَعَ أَخْشَابِ الْمِظَلَّةِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ فَوْقَ الْمَحْمِلِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَتَّفِقُ وَإِنْ كَانَ نَادِرًا، وَحَيْثُ امْتَنَعَ الْإِخْرَاجُ هَدَمَهُ الْحَاكِمُ لَا كُلُّ أَحَدٍ كَمَا رَجَّحَهُ فِي الْمَطْلَبِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَوَقُّعِ الْفِتْنَةِ. نَعَمْ لِكُلِّ أَحَدٍ مُطَالَبَتُهُ بِإِزَالَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ إزَالَةِ الْمُنْكِرِ، قَالَهُ سُلَيْمٌ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَصَبَ بِيَدِهِ مِيزَابًا فِي دَارِ عَمِّهِ الْعَبَّاسِ إلَى الطَّرِيقِ وَكَانَ شَارِعًا لِمَسْجِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَقِيسَ بِهِ الْجَنَاحُ وَنَحْوُهُ، وَلِإِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَى فِعْلِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ. . وَمَحَلُّ جَوَازِ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْإِمَامُ، أَمَّا الذِّمِّيُّ فَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ جَازَ لَهُ الِاسْتِطْرَاقُ؛ لِأَنَّهُ كَإِعْلَاءِ بِنَائِهِ عَلَى بِنَاءِ الْمُسْلِمِ أَوْ أَبْلَغُ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ الْإِشْرَاعِ فِي مَحَالِّهِمْ وَشَوَارِعِهِمْ الْمُخْتَصَّةِ بِهِمْ فِي دَارِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا فِي رَفْعِ الْبِنَاءِ، قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَحْثًا، وَأَفْتَى أَبُو زُرْعَةَ بِمَنْعِهِ مِنْ الْبُرُوزِ فِي الْبَحْرِ بِبِنَائِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ قِيَاسًا عَلَى ذَلِكَ، وَلَا يَجُوزُ الْإِشْرَاعُ فِي هَوَاءِ الْمَسْجِدِ، وَأَلْحَقَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ مَا قَرُبَ مِنْهُ كَمَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ وَتَرَدَّدَ فِي هَوَاءِ الْمَقْبَرَةِ هَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِالضَّمِّ الْأَحْمَالُ، وَأَمَّا الْحُمُولُ بِالضَّمِّ بِلَا هَاءٍ فَهِيَ الْإِبِلُ الَّتِي عَلَيْهَا الْهَوْدَجُ كَانَ نِسَاءً أَوْ لَمْ يَكُنْ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يُظْلِمَ الْمَوْضِعُ) هُوَ فَاعِلُ يُظْلِمَ: يُقَالُ أَظْلَمَ الْقَوْمُ إذَا دَخَلُوا فِي الظَّلَامِ (قَوْلُهُ بِحَيْثُ يَمُرُّ تَحْتَهُ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَمَرُّ الْفُرْسَانِ وَالْقَوَافِلِ وَأَخْرَجَ الرَّوْشَنَ وَالسَّابَاطَ ثُمَّ عَرَّضَ ذَلِكَ فَهَلْ يُكَلَّفُ رَفْعَهُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَشْرَعَ إلَى مِلْكِهِ ثُمَّ سُبُلَ مَا تَحْتَ جَنَاحِهِ شَارِعًا الْآتِي (قَوْلُهُ: وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ) أَيْ وَبِالْعَكْسِ أَيْضًا كَمَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ (قَوْلُهُ: لَا كُلُّ أَحَدٍ) أَيْ فَلَوْ خَالَفَ وَهَدَمَ عُزِّرَ فَقَطْ، وَلَا ضَمَانَ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ الْإِزَالَةَ، فَأَشْبَهَ الْمُهْدَرَ كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ إذَا قَتَلَهُ غَيْرُ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يُعَزَّرُ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلِإِطْبَاقِ النَّاسِ) الْأَوْلَى: وَإِطْبَاقٌ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى مَا صَحَّحَ. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ جَوَازِ ذَلِكَ) أَيْ الْإِشْرَاعِ بِلَا ضَرَرٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَازَ لَهُ الِاسْتِطْرَاقُ) قَالَ حَجّ: وَكَذَا حَفْرُ بِئْرٍ حَشَّهُ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: أَيْ فَيَمْتَنِعُ فِي دُورِهِمْ الَّتِي بَيْنَ دُورِنَا فَقَطْ اهـ. وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ امْتِنَاعُ ذَلِكَ فِي دُورِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَصِلْ الْحَشُّ إلَى الشَّارِعِ وَلَا تَوَلَّدَ مِنْهُ شَيْءٌ إلَيْهِ فَانْظُرْ مَا وَجْهُهُ حِينَئِذٍ فَإِنَّهُمْ إنَّمَا تَصَرَّفُوا فِي خَالِصِ مِلْكِهِمْ عَلَى وَجْهٍ لَا يَضُرُّ بِالْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ قِيلَ بِامْتِنَاعِ ذَلِكَ حَيْثُ امْتَدَّ أَسْفَلَ الْحَشِّ إلَى الشَّارِعِ أَوْ تَوَلَّدَ مِنْهُ مَا يَضُرُّ بِالشَّارِعِ لَمْ يُبْعَدْ (قَوْلُهُ: أَوْ أَبْلَغَ) بَقِيَ مَا لَوْ بَنَاهُ الْمُسْلِمُ فِي مِلْكِهِ قَاصِدًا بِهِ أَنْ يَسْكُنَ فِيهِ الذِّمِّيُّ هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَسْكُنُهُ الذِّمِّيُّ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ جَوَازُ الْبِنَاءِ وَمَنْعُ إسْكَانِ الذِّمِّيِّ فِيهِ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ (قَوْلُهُ: قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ) هُوَ مُعْتَمَدٌ، وَأَفْتَى أَبُو زُرْعَةَ بِمَنْعِهِ: أَيْ الذِّمِّيِّ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ مَا يَمُرُّ تَحْتَهُ بِوَجْهٍ بَلْ وَقَضِيَّتُهُ: امْتِنَاعُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَمَرًّا لِلسُّفُنِ أَصْلًا، وَمَفْهُومُهُ جَوَازُهُ لِلْمُسْلِمِ حَيْثُ لَمْ يَضُرَّ بِالسُّفُنِ الَّتِي تَمُرُّ تَحْتَهُ، وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُ ذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ الْبِنَاءُ الَّذِي أَخْرَجَ فِيهِ الرَّوْشَنَ سَابِقًا عَلَى النَّهْرِ فَلَا يُقَالُ صَرَّحُوا بِامْتِنَاعِ الْبِنَاءِ فِي حَرِيمِ النَّهْرِ فَكَيْفَ هَذَا مَعَ ذَاكَ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ الْإِشْرَاعُ) أَيْ لِأَحَدٍ لَا مُسْلِمٍ وَلَا غَيْرِهِ وَإِنْ أَمِنَ الضَّرَرَ بِكُلِّ وَجْهٍ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الشَّارِعِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالشَّارِعِ لَا يَتَقَيَّدُ بِنَوْعٍ مَخْصُوصٍ مِنْ الِانْتِفَاعَاتِ بَلْ لِكُلِّ أَحَدٍ الِانْتِفَاعُ بِأَرْضِهِ بِسَائِرِ وُجُوهِ الِانْتِفَاعَاتِ الَّتِي لَا تَضُرُّ وَلَا يَخْتَصُّ بِشَخْصٍ دُونَ آخَرَ بَلْ يَشْتَرِكُ فِيهِ الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ وَغَيْرُهُمَا، فَجَازَ الِانْتِفَاعُ بِهَوَائِهِ تَبَعًا لِلتَّوَسُّعِ فِي عُمُومِ الِانْتِفَاعِ بِهِ، وَلَا كَذَلِكَ الْمَسْجِدُ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ فَإِنَّ الِانْتِفَاعَ بِهِمَا بِنَوْعٍ مَخْصُوصٍ مِنْ الِانْتِفَاعَاتِ كَالصَّلَاةِ وَلِطَائِفَةٍ مِنْ النَّاسِ كَالْمُسْلِمِينَ أَوْ مَنْ وُقِفَتْ عَلَيْهِمْ الْمَدْرَسَةُ كَالشَّافِعِيَّةِ مَثَلًا فَكَانَا شَبِيهَيْنِ بِالْأَمْلَاكِ، وَهِيَ لَا يَجُوزُ الْإِشْرَاعُ فِيهَا لِغَيْرِ أَهْلِهَا إلَّا بِرِضَاهُمْ، وَالرِّضَا مِنْ أَهْلِهَا هُنَا مُتَعَذِّرٌ فَتَعَذَّرَ الْإِشْرَاعُ (قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بِهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: مَا قَرُبَ) أَيْ فِي الِاحْتِرَامِ (قَوْلُهُ: كَمَدْرَسَةٍ) أَيْ وَكَحَرِيمِ الْمَسْجِدِ وَفَسْقِيَّتِه وَدِهْلِيزِهِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لِلْمُرُورِ فِيهِ الَّذِي لَيْسَ بِمَسْجِدٍ كَمَا شَمِلَهُ قَوْلُ حَجّ وَكَالْمَسْجِدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

يَجُوزُ الْإِشْرَاعُ فِيهِ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ كَوْنِهَا مُسْبَلَةً أَوْ فِي مَوَاتٍ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ مَا حَرُمَ الْبِنَاءُ فِيهَا بِأَنْ كَانَتْ مَوْقُوفَةً أَوْ اعْتَادَ أَهْلُ الْبَلَدِ الدَّفْنَ فِيهَا يَحْرُمُ الْإِشْرَاعُ فِي هَوَائِهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا، وَلَوْ أَحْوَجَ الْإِشْرَاعُ إلَى وَضْعِ رُمْحِ الرَّاكِبِ عَلَى كَتِفِهِ بِحَيْثُ لَا يَتَأَتَّى نَصْبُهُ لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّ وَضْعَهُ عَلَى كَتِفِهِ لَيْسَ بِعَسِيرٍ، وَلَوْ أَشْرَعَ إلَى مِلْكِهِ ثُمَّ سَبَّلَ مَا تَحْتَ جَنَاحِهِ شَارِعًا وَهُوَ يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ أُمِرَ بِرَفْعِهِ عَلَى مَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَلَا يَضُرُّ أَيْضًا ضَرَرٌ يُحْتَمَلُ عَادَةً كَعَجْنِ طِينٍ إذَا بَقِيَ مِقْدَارُ الْمُرُورِ لِلنَّاسِ، وَإِلْقَاءُ الْحِجَارَةِ فِيهِ لِلْعِمَارَةِ إذَا تُرِكَتْ بِقَدْرِ مُدَّةِ نَقْلِهَا، وَرَبْطُ الدَّوَابِّ فِيهِ بِقَدْرِ حَاجَةِ النُّزُولِ وَالرُّكُوبِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ مَنْعُ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْعَلَّافِينَ مِنْ رَبْطِ الدَّوَابِّ فِي الشَّوَارِعِ لِلْكِرَاءِ فَلَا يَجُوزُ، وَعَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSفِيمَا ذَكَرَ كُلُّ مَوْقُوفٍ عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ كَرِبَاطٍ وَبِئْرٍ، أَمَّا مَا وُقِفَ عَلَى مُعَيَّنٍ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ لَكِنْ يَتَجَدَّدُ الْمَنْعُ لِمَنْ اسْتَحَقَّ بَعْدَهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ لِمَنْ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ الرُّجُوعَ مِنْ غَيْرِ أَرْشِ نَقْصٍ، وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ أَذِنُوا ثُمَّ رَجَعُوا وَطَلَبُوا الْهَدْمَ حَيْثُ غَرِمُوا أَرْشَ النَّقْصِ أَنَّهُمْ بِالْإِذْنِ وَرَّطُوهُ، فَإِذَا رَجَعُوا ضَمِنُوا مَا فَوَّتُوهُ عَلَيْهِ، وَلَا كَذَلِكَ الْبَطْنُ الثَّانِي فَإِنَّهُمْ لَمْ يَأْذَنُوا وَإِذْنُ مَنْ قَبْلَهُمْ لَمْ يَسْرِ عَلَيْهِمْ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ قَلْعُهُ مَجَّانًا إنْ كَانَ الِانْتِفَاعُ بِرُءُوسِ الْجُدْرَانِ أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا لَا يَكُونُ الِانْتِفَاعُ فِيهِ بِمَحْضِ هَوَاءِ الشَّارِعِ لِكَوْنِهِ وُضِعَ بِحَقٍّ فَيَتَعَيَّنُ تَبْقِيَتُهُ بِالْأُجْرَةِ، وَلَا يَجُوزُ قَلْعُهُ وَغَرَامَةُ الْأَرْشِ إنْ كَانَ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ (قَوْلُهُ: فِي هَوَائِهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَيَمْتَنِعُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: لَيْسَ بِعَسِيرٍ) بَقِيَ مَا لَوْ أَشْرَعَ إلَى مِلْكِ جَارِهِ بِإِذْنِهِ ثُمَّ وَقَفَ الْجَارُ دَارِهِ أَوْ أَشْرَعَهُ إلَى مِلْكِهِ ثُمَّ وَقَفَهُ مَسْجِدًا هَلْ يَبْقَى أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ بِوَقْفِهِ مَسْجِدًا صَارَ لَهُ حُرْمَةٌ وَشَرَفٌ فَكَيْفَ رَفْعُهُ عَنْ هَوَاءِ الْمَسْجِدِ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ كَمَا يَمْتَنِعُ إشْرَاعُهُ إلَيْهِ ابْتِدَاءً، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ لَهُ دَارًا، ثُمَّ قَالَ: وَقَفْت الْأَرْضَ دُونَ الْبِنَاءِ مَسْجِدًا، فَيُكَلَّفُ إزَالَةَ الْبِنَاءِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ فَتَقْيِيدُهُ بِالضَّرَرِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الشَّارِعِ. وَبَقِيَ مَا لَوْ وَقَفَ الْأَعْلَى دُونَ الْأَسْفَلِ فَهَلْ يَحْرُمُ الْإِشْرَاعُ إلَى الْأَعْلَى دُونَ الْأَسْفَلِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: مَا تَحْتَ جَنَاحِهِ) أَيْ فَلَوْ وَقَفَ الْجَنَاحَ أَيْضًا عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ تَعَلَّقَ النَّظَرُ فِيهِ بِالْإِمَامِ فَيَفْعَلُ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ (قَوْلُهُ: أَمَرَ بِرَفْعِهِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَضُرَّ بِالْمَارَّةِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ الْجَنَاحَ إلَى شَارِعٍ عَلَى وَجْهٍ لَا يَضُرُّ ثُمَّ ارْتَفَعَتْ الْأَرْضُ تَحْتَهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ رَفْعُهُ حَيْثُ صَارَ مُضِرًّا بِهِمْ أَوْ حَفَرَ الْأَرْضَ بِحَيْثُ يَنْتَفِي الضَّرَرُ الْحَاصِلُ بِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي الْجِنَايَاتِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ بَقِيَ جِدَارُهُ مُسْتَقِيمًا ثُمَّ مَالَ فَإِنَّهُ يُطَالِبُ بِهَدْمِهِ أَوْ إصْلَاحِهِ مَعَ أَنَّهُ وَضَعَهُ فِي الْأَصْلِ بِحَقٍّ، وَلَا تُشْكِلُ مُطَالَبَتُهُ بِهَدْمِهِ بِأَنَّهُ لَوْ انْهَدَمَ بِنَفْسِهِ فَأَتْلَفَ شَيْئًا لَا يَضْمَنُهُ مُعَلِّلِينَ لَهُ بِأَنَّهُ وُضِعَ بِحَقٍّ. ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ عَدَمُ الْمُطَالَبَةِ؛ لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ الْمُتَوَقَّعِ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَمَرَّ الْفُرْسَانِ وَالْقَوَافِلِ ثُمَّ صَارَ كَذَلِكَ كُلِّفَ رَفْعَهُ؛ لِأَنَّ الِارْتِفَاقَ بِالشَّارِعِ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلْقَاءُ الْحِجَارَةِ) أَيْ حَيْثُ أَبْقَى لِلْمَارَّةِ قَدْرَ الْمُرُورِ أَخْذًا مِمَّا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَالرُّكُوبُ) أَيْ وَمَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إذَا تُرِكَتْ بِقَدْرِ مُدَّةِ نَقْلِهَا) اُنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ نَقْلُهَا بِالتَّدْرِيجِ لِلْعِمَارَةِ، أَوْ نَقْلُهَا لِمَحَلٍّ آخَرَ، ثُمَّ ظَاهِرُ السِّيَاقِ أَنَّ لَهُ وَضْعَ الْحِجَارَةِ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مَحَلًّا لِلْمُرُورِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ مُدَّتَهُ لَا تَطُولُ، وَيُمْكِنُ الْمَشْيُ مِنْ فَوْقِهِ، ثُمَّ رَأَيْتُ عِبَارَةَ الْعُبَابِ وَنَصَّهَا: وَلَا أَثَرَ لِضَرَرٍ مُعْتَادٍ كَعَجْنِ طِينٍ وَإِلْقَاءِ حِجَارَةٍ فِي الشَّارِعِ لِلْعِمَارَةِ إنْ لَمْ يُعَطِّلْ الْمُرُورَ انْتَهَتْ. قَالَ فِي تَصْحِيحِهِ: قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُعَطِّلْ الْمُرُورَ لَيْسَ بِقَيْدٍ، بَلْ الشَّرْطُ أَنْ لَا يَضُرَّ ضَرَرًا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً اهـ. أَيْ بِأَنْ يَبْقَى فِي مَسْأَلَةِ الطِّينِ طَرِيقًا لَا يَضُرُّ الْمُرُورُ فِيهَا ضَرَرًا لَا يُحْتَمَلُ، وَبِأَنْ لَا تَكْثُرَ الْحِجَارَةُ بِحَيْثُ يَشُقُّ الْمُرُورُ مِنْ فَوْقِهَا مَثَلًا فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: بِقَدْرِ حَاجَةِ النُّزُولِ وَالرُّكُوبِ) قَدْ يَخْرُجُ رَبْطُ الدَّوَابِّ لِيَقْضِيَ نَحْوَ حَاجَةٍ وَيَعُودَ وَرَبْطِ حِمَارِ

وَلِيِّ الْأَمْرِ مَنْعُهُمْ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ مَزِيدِ الضَّرَرِ وَالرَّشِّ الْخَفِيفِ، بِخِلَافِ إلْقَاءِ الْقُمَامَاتِ وَالتُّرَابِ وَالْحِجَارَةِ وَالْحُفَر الَّتِي بِوَجْهِ الْأَرْضِ وَالرَّشِّ الْمُفْرِطِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي دَقَائِقِهِ، وَمِثْلُهُ إرْسَالُ الْمَاءِ مِنْ الْمَيَازِيبِ إلَى الطُّرُقِ الضَّيِّقَةِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَكَذَا إلْقَاءُ النَّجَاسَةِ فِيهِ بَلْ هُوَ كَالتَّخَلِّي فِيهِ فَيَكُونُ صَغِيرَةً اهـ. وَكَوْنُهُ صَغِيرَةً ضَعِيفٌ كَمَا مَرَّ فَعَلَيْهِ إنْ كَثُرَتْ كَانَتْ كَالْقُمَامَاتِ وَإِلَّا فَلَا. وَأَفْتَى الْقَاضِي بِكَرَاهَةِ ضَرْبِ اللَّبِنِ وَبَيْعِهِ مِنْ تُرَابِهِ إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالْمَارَّةِ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ الْعَبَّادِيِّ يَحْرُمُ أَخْذُ تُرَابِ سُوَرِ الْبَلَدِ يَقْتَضِي حُرْمَةَ أَخْذِ تُرَابِ الشَّارِعِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ أَخْذِ تُرَابِ السُّوَرِ أَنَّهُ يَضُرُّ فَحُرِّمَ مُطْلَقًا، بِخِلَافِ تُرَابِ الشَّارِعِ فَفُصِّلَ فِيهِ بَيْنَ الْمُضِرِّ وَغَيْرِهِ. وَلَوْ انْهَدَمَ جَنَاحُهُ فَسَبَقَهُ جَارُهُ إلَى بِنَاءِ جَنَاحٍ بِمُحَاذَاتِهِ جَازَ وَإِنْ تَعَذَّرَ مَعَهُ إعَادَةُ الْأَوَّلِ أَوْ لَمْ يَعْرِضْ صَاحِبُهُ، كَمَا لَوْ انْتَقَلَ الْوَاقِفُ ـــــــــــــــــــــــــــــSجَوَازِ ذَلِكَ فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِ؛ لِأَنَّ الِارْتِفَاقَ بِالشَّارِعِ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْبَصِيرِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَالرَّشُّ) أَيْ وَلَا يَضُرُّ الرَّشُّ إلَخْ، وَيَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ كَعَجْنِ طِينٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ إلْقَاءِ الْقُمَامَاتِ) أَيْ وَإِنْ قَلَّتْ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ) أَيْ لِأَنَّهُ مَظِنَّةٌ لِإِضْرَارِ الْمَارَّةِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْمَيَازِيبِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الزَّمَنُ شِتَاءً أَوْ صَيْفًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا إلْقَاءُ النَّجَاسَةِ فِيهِ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ قَلَّتْ، وَلَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ الْآتِي: إنْ كَثُرَتْ كَانَتْ كَالْقُمَامَاتِ خِلَافَهُ، هَذَا وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ النَّجَاسَةِ وَالتَّخَلِّي بِأَنَّ التَّخَلِّيَ لَمَّا كَانَ لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ قِيلَ فِيهِ بِالْكَرَاهَةِ فَقَطْ، بِخِلَافِ إلْقَاءِ النَّجَاسَةِ وَالتُّرَابِ فَإِنَّهُ يَسْهُلُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَكَوْنُهُ صَغِيرَةً ضَعِيفٌ) أَيْ بَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى الْقَاضِي بِكَرَاهَةِ ضَرْبِ اللَّبِنِ إلَخْ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: سُئِلَ م ر عَنْ طِينِ الْبِرَكِ فَقَالَ: يَنْبَغِي الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ، وَهِيَ إمَّا مَمْلُوكَةٌ فَيَمْتَنِعُ إلَّا بِإِذْنِ الْمَالِكِ، أَوْ مَوْقُوفَةٌ فَيَمْتَنِعُ؛ إذْ لَا مَصْلَحَةَ؛ فَسُئِلَ عَنْ طِينِ الْخَلِيجِ فَقَالَ: يَنْبَغِي الْجَوَازُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ اهـ. وَيَظْهَرُ أَنَّهُ حَيْثُ تَعَلَّقَ غَرَضُ أَصْحَابِ الْبِرَكِ بِإِزَالَةِ طِينِهَا جَازَ كَمَا لَوْ رَدَمَهَا الطِّينُ. وَسُئِلَ عَنْ الْإِخْصَاصِ وَالْبِنَاءِ فِي حَرِيمِ النَّهْرِ لِوَضْعِ نَحْوِ الْفَخَّارِ وَالْحَبِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ هَلْ يَلْزَمُ مِنْ فِعْلِهَا الْأُجْرَةُ؟ يَظْهَرُ وَوَافَقَ عَلَيْهِ م ر لُزُومَ الْأُجْرَةِ وَأَنَّهَا لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا فِي نَحْوِ عَرَفَةَ اهـ. وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ حَيْثُ قِيلَ بِامْتِنَاعِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ مِنْهُمْ لِأَرْبَابِ بَيْتِ الْمَالِ حَتَّى بُولِغَ فِي ذَمِّ آخِذِ الْأُجْرَةِ مِنْهُمْ بِأَنَّهُ بِأَيِّ وَجْهٍ يَلْقَى اللَّهَ مَعَ أَخْذِهِ لِلْأُجْرَةِ مِنْهُمْ بِأَنَّ مَقَاعِدَ الْأَسْوَاقِ لَوْ فُرِضَ احْتِيَاجُ النَّاسِ لَهُمْ فِي أَيِّ وَقْتِ مَنَعُوا الْجَالِسِينَ بِالْمَقَاعِدِ مِنْهَا فَكَانَ مَنْفَعَةُ الشَّارِعِ فِي أَيْدِي الْجَالِسِينَ لَمْ تَزَلْ عَنْهُمْ، بِخِلَافِ الْبَانِي فِي حَرِيمِ النَّهْرِ فَإِنَّهُ مُسْتَوْلٍ عَلَى مَحَلِّ الِانْتِفَاعِ الْمَبْنِيِّ فِيهِ آمِنٌ مِنْ نَقْضِ أَحَدٍ عَلَيْهِ مُدَّةَ غَيْبَةِ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: فَفَصَّلَ فِيهِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ انْهَدَمَ جَنَاحُهُ) أَيْ وَلَوْ بِهَدْمِ جَارِهِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الَّذِي أَخْرَجَهُ فِي الشَّارِعِ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ نَعَمْ لَوْ بَنَى دَارًا بِمَوَاتٍ إلَخْ. [فَائِدَةٌ] نَقَلَ الْغَزِّيِّ عَنْ الْكَافِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْجَنَاحِ الْمُخْرَجِ قَدْرٌ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْمِيزَابِ أَنْ لَا يُجَاوِزَ نِصْفَ السِّكَّةِ، وَجَّهَهُ الْغَزِّيِّ بِأَنَّ الْجَنَاحَ قَدْ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ وَبِفَرْضِهِ هُوَ نَادِرٌ، بِخِلَافِ الْمِيزَابِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْ الْمُتَجَاوِرَيْنِ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِإِخْرَاجِ الْمَاءِ، فَمُجَاوَزَةُ أَحَدِ الْجَارَيْنِ بِمِيزَابِهِ لِنِصْفِ السِّكَّةِ مُبْطِلٌ لِحَقِّ الْآخَرِ، وَنَظَرَ فِيهِ حَجّ وَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالسِّقَاءِ وَنَحْوِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ الْحَوَائِجُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالرُّكُوبِ وَالنُّزُولِ كَنَقْلِ الْأَمْتِعَةِ عَنْ الدَّابَّةِ، أَوْ نَقْلِهَا لِوَضْعِهَا عَلَيْهَا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ ذِكْرُ الرَّبْطِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: إرْسَالُ الْمَاءِ) أَيْ مَاءِ الْغُسَالَاتِ وَنَحْوِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ. (قَوْلُهُ: وَكَوْنُهُ صَغِيرَةً) يَعْنِي التَّخَلِّيَ. (قَوْلُهُ: تُرَابِ سُورِ الْبَلَدِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ التُّرَابُ الَّذِي يُوضَعُ فِي السُّورِ كَاَلَّذِي يُوضَعُ بَيْنَ السُّورَيْنِ لِشِدَّةِ الْمَنَعَةِ، أَوْ أَنَّ التُّرَابَ كَوْمٌ وَجُعِلَ سُوَرًا كَمَا فِي بِلَادِ الْأَرْيَافِ فَلْيُرَاجَعْ

أَوْ الْقَاعِدُ فِي الشَّارِعِ لَا لِلْمُعَامَلَةِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ حَقُّهُ بِمُجَرَّدِ انْتِقَالِهِ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ الْإِعْرَاضُ فِي الْجَالِسِ فِيهِ لِلْمُعَامَلَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَدُومُ، بَلْ الِانْتِقَالُ عَنْهَا ثُمَّ الْعَوْدُ إلَيْهَا ضَرُورِيٌّ، فَاعْتُبِرَ الْإِعْرَاضُ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَاعْتُبِرَ الِانْهِدَامُ، وَأَيْضًا فَالِارْتِفَاقُ بِالْقُعُودِ لِلْمُعَامَلَةِ اخْتِصَاصٌ بِالْأَرْضِ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تُمْلَكَ بِالْإِحْيَاءِ قَصْدًا فَقَوِيَ الْحَقُّ فِيهَا فَثَبَتَ اسْتِحْقَاقُهُ مَا دَامَ مُقْبِلًا عَلَيْهِ، وَالِاخْتِصَاصُ بِالْهَوَاءِ اخْتِصَاصٌ بِمَا لَا يَقْبَلُ الْمِلْكَ إلَّا تَبَعًا، وَلَا شَيْءَ يَقْتَضِي التَّبَعِيَّةَ فَضَعُفَ الْحَقُّ فِيهِ فَلِذَلِكَ زَالَ بِزَوَالِهِ، فَانْدَفَعَ مَا لِلْإِسْنَوِيِّ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ مِنْ الِاعْتِرَاضَاتِ هُنَا. نَعَمْ لَوْ بَنَى دَارًا بِمَوَاتٍ وَأَخْرَجَ لَهَا جَنَاحًا، ثُمَّ بَنَى آخَرُ دَارًا تُحَاذِيهِ وَاسْتَمَرَّ الشَّارِعُ لَمْ يَزُلْ حَقُّ الْأَوَّلِ بِانْهِدَامِ جَنَاحِهِ لِسَبْقِ حَقِّهِ بِالْإِحْيَاءِ، وَلَهُ إخْرَاجُ جَنَاحٍ تَحْتَ جَنَاحِ جَارِهِ وَفَوْقَهُ مَا لَمْ يَضُرَّ بِالْمَارِّ عَلَيْهِ وَمُقَابِلِهِ مَا لَمْ يَبْطُلْ انْتِفَاعُهُ بِهِ. وَالطَّرِيقُ مَا جُعِلَ عِنْدَ إحْيَاءِ الْبَلَدِ أَوْ قَبْلَهُ طَرِيقًا أَوْ وَقَفَهُ الْمَالِكُ وَلَا يَحْتَاجُ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ إلَى لَفْظٍ، وَبُنَيَّاتُ الطَّرِيقِ الَّتِي تَعْرِفُهَا الْخَوَاصُّ وَيَسْلُكُونَهَا لَا تَصِيرُ طَرِيقًا بِذَلِكَ وَيَجُوزُ إحْيَاؤُهَا كَمَا رَجَّحَهُ الْقَمُولِيُّ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ الْمَوَاتِ لَا يَخْلُو عَنْ ذَلِكَ، وَحَيْثُ وُجِدَ طَرِيقًا عُمِلَ فِيهِ بِالظَّاهِرِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى أَصْلِهِ، وَتَقْدِيرُ الطَّرِيقِ إلَى خِيرَةِ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْلُبَهُ مِنْ مِلْكِهِ، وَالْأَفْضَلُ تَوْسِيعُهُ وَعِنْدَ الْإِحْيَاءِ إلَى مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْمُحْيُونَ، فَإِنْ تَنَازَعُوا جُعِلَ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ كَمَا رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ لِخَبَرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَالْوَجْهُ جَوَازُ إخْرَاجِهِ مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ ضَرَرٌ لِمَالِ الْجَارِ سَوَاءٌ أَجَاوَزَ النِّصْفَ أَمْ لَا انْتَهَى. وَمَثَّلَ سم فِي حَاشِيَتِهِ عَلَيْهِ الضَّرَرَ بِأَنْ يُصِيبَ مَاؤُهُ جِدَارَ الْغَيْرِ بِحَيْثُ يُعِيبَهُ أَوْ يُتْلِفَهُ انْتَهَى (قَوْلُهُ: لَا لِلْمُعَامَلَةِ) تَنَازَعَهُ الْوَاقِفُ وَالْقَاعِدُ. وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ وَقَفَ أَوْ قَعَدَ فِي الشَّارِعِ لِغَيْرِ الْمُعَامَلَةِ ثُمَّ انْتَقَلَ بَطَلَ حَقُّهُ بِخِلَافِ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِلْمُعَامَلَةِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ بَنَى دَارًا) شَمَلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ أَخْرَجَ بَعْضَ أَهْلِ الشَّوَارِعِ الْمَوْجُودَةِ الْآنَ جَنَاحًا ثُمَّ انْهَدَمَ فَلِمُقَابِلِهِ إخْرَاجُ جَنَاحٍ إلَى الشَّارِعِ وَإِنْ مَنَعَ الْأَوَّلَ مِنْ إعَادَةِ جَنَاحِهِ؛ لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ سَبْقَ إحْيَاءِ الْأَوَّلِ بَلْ يَجُوزُ أَنَّ الثَّانِيَ هُوَ السَّابِقُ بِالْإِحْيَاءِ أَوْ أَنَّهُمَا أَحْيَيَا مَعًا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَضُرَّ بِالْمَارِّ) أَيْ الْمُجَاوِزِ لَهُ بِأَنْ مَرَّ تَحْتَ الْجَنَاحِ الْأَسْفَلِ فَإِنَّهُ الَّذِي يَتَأَتَّى الضَّرَرُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخْرَجَ فَوْقَ الْجَنَاحِ الْأَسْفَلِ فَإِنَّهُ لَا يَتَأَتَّى إضْرَارُ الْمَارِّ تَحْتَهُ: نَعَمْ لَوْ زَادَ فِي عَرْضِهِ عَلَى الْجَنَاحِ الْأَسْفَلِ أَمْكَنَ الْإِضْرَارُ بِهِ لِحُصُولِ ظُلْمَةٍ بِسَبَبِهِ لَمْ تَكُنْ حَاصِلَةً بِالْأَسْفَلِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَبْطُلْ انْتِفَاعُهُ) قَيْدٌ فِي الثَّلَاثَةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ حَجّ. وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ ضَرَرٌ لَا يُحْتَمَلُ مِثْلُهُ عَادَةً (قَوْلُهُ: وَمُقَابِلِهِ مَا لَمْ يَبْطُلْ) قَيْدٌ فِي الثَّلَاثَةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ حَجّ، وَقَوْلُهُ انْتِفَاعُهُ بِهِ: أَيْ أَوْ يَحْصُلْ ضَرَرٌ لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً، وَانْظُرْ صُورَةَ مَنْعِ الِانْتِفَاعِ بِهِ أَوْ إدْخَالِ الضَّرَرِ عَلَى جَارِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَإِنَّ غَايَتَهُ أَنْ يَمُدَّ الْجَنَاحَ حَتَّى يَلْتَصِقَ بِجَنَاحِ جَارِهِ وَأَيُّ ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ بِذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مَا جُعِلَ عِنْدَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ تُرِكَ عَلَى هَيْئَةِ الطَّرِيقِ أَوْ اعْتَادَ النَّاسُ الْمُرُورَ فِيهِ قَبْلَ الْإِحْيَاءِ (قَوْلُهُ: وَبِنَيَاتُ الطَّرِيقِ) بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ حَجّ: أَيْ وَبِضَمِّهَا وَفَتْحِ النُّونِ وَبِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ الْمُثَنَّاةِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ) الْأَوْلَى التَّفْرِيعُ (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ وَجَدَ) أَيْ الْمَارُّ (قَوْلُهُ: عَمِلَ فِيهِ بِالظَّاهِرِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ شَارِعًا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى أَنَّهُ كَانَ مَوَاتًا أَوْ مِلْكًا أَوْ غَيْرَهُمَا، وَمِنْ الظَّاهِرِ أَنَّهُمْ فَعَلُوهُ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَلَا يَهْدِمُ مَا جَاوَرَهُ مِنْ الْبِنَاءِ، وَمِثْلُهُ الشَّوَارِعُ الْمَوْجُودَةُ بِمِصْرِنَا فَلَا تَغَيُّرُ عَمَّا هِيَ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَضَرَّرَ بِذَلِكَ الْمَارَّةُ لِضِيقِهَا لِجَوَازِ أَنَّهَا اُتُّخِذَتْ مَمَرًّا بَعْدَ الْبِنَاءِ (قَوْلُهُ: أَنْ يُسْبِلَهُ) أَيْ وَإِنْ قَلَّ حَيْثُ أَمْكَنَ الِانْتِفَاعُ بِهِ، وَلَوْ بِمَشَقَّةٍ فِي الْمُرُورِ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الِانْتِفَاعُ بِهِ أَصْلًا بِأَنْ قَلَّ جِدًّا لَغَا التَّسْبِيلُ وَبَقِيَ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ (قَوْلُهُ: إلَى مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْمُحْيُونَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّ (قَوْلُهُ: جُعِلَ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: إلَّا تَبَعًا) أَيْ كَهَوَاءٍ مَلَكَهُ إلَى السَّمَاءِ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَضُرَّ بِالْمَارِّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى جَنَاحِ جَارِهِ..

الصَّحِيحَيْنِ بِذَلِكَ وَاعْتَرَضَهُ جَمْعٌ بِأَنَّ الْمَذْهَبَ اعْتِبَارُ قَدْرِ الْحَاجَةِ وَالْخَبَرُ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ وَلَا يُغَيَّرُ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ، وَلَوْ زَادَ عَلَى السَّبْعَةِ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ وَإِنْ قَلَّ، وَيَجُوزُ إحْيَاءُ مَا حَوْلَهُ مِنْ الْمَوَاتِ بِحَيْثُ لَا يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ (وَيَحْرُمُ الصُّلْحُ عَلَى إشْرَاعِ الْجَنَاحِ) أَوْ نَحْوِهِ مِنْ سَابَاطٍ بِعِوَضٍ وَإِنْ كَانَ الْإِمَامَ؛ لِأَنَّ الْهَوَاءَ لَا يُفْرَدُ بِعَقْدٍ، وَإِنَّمَا يُتَّبَعُ الْقَرَارُ كَالْحَمْلِ مَعَ الْأُمِّ، وَلِأَنَّهُ إنْ ضَرَّ امْتَنَعَ فِعْلُهُ وَإِلَّا اسْتَحَقَّهُ مُخْرِجُهُ وَمَا يَسْتَحِقُّهُ الْإِنْسَانُ فِي الطَّرِيقِ لَا يَجُوزُ أَخْذُ عِوَضٍ عَنْهُ كَالْمُرُورِ. . (وَ) يَحْرُمُ (أَنْ يَبْنِيَ فِي الطَّرِيقِ دَكَّةً) بِفَتْحِ الدَّالِ: أَيْ مَسْطَبَةً أَوْ غَيْرَهَا (أَوْ يَغْرِسَ فِيهِ شَجَرَةً) وَإِنْ اتَّسَعَ وَأَذِنَ الْإِمَامُ وَانْتَفَى الضَّرَرُ لِمَنْعِهَا الطُّرُوقَ فِيهِ وَقَدْ تَزْدَحِمُ الْمَارَّةُ فِيهِ فَيَصْطَكُّونَ إلَيْهَا، وَلِأَنَّهُ إذَا طَالَتْ الْمُدَّةُ أَشْبَهَ مَوْضِعُهُمَا الْأَمْلَاكَ وَانْقَطَعَ أَثَرُ اسْتِحْقَاقِ الطُّرُوقِ بِخِلَافِ الْأَجْنِحَةِ وَنَحْوِهَا، وَفَارَقَ حِلَّ الْغَرْسِ بِالْمَسْجِدِ مَعَ الْكَرَاهَةِ بِأَنَّهُ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ؛ إذْ لَا يُمْنَعُونَ مِنْ أَكْلِ ثَمَرِهِ، فَإِنْ غُرِسَ لَيُصْرَفَ رِيعُهُ لِلْمَسْجِدِ فَالْمَصْلَحَةُ عَامَّةٌ أَيْضًا بِخِلَافِ مَا هُنَا، وَقَضِيَّتُهُ جَوَازُ مِثْلِ ذَلِكَ هُنَا حَيْثُ لَا ضَرَرَ إلَّا أَنْ يُقَالَ: تَوَقُّعُ الضَّرَرِ فِي الشَّارِعِ أَكْثَرُ فَامْتَنَعَ مُطْلَقًا وَهُوَ الْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِهِمْ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى التَّعْلِيلِ الثَّانِي جَوَازُ فَتْحِ الْبَابِ إلَى دَرْبٍ مُنْسَدٍّ إذَا سَمَّرَهُ كَمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ الْحَقَّ ثَمَّ لِخَاصٍّ، وَالْخَاصُّ قَائِمٌ عَلَى مِلْكِهِ وَحَافِظٌ لَهُ، بِخِلَافِ الشَّارِعِ فَانْقِطَاعُ الْحَقِّ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: وَلَا يُغَيَّرُ) أَيْ الطَّرِيقُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ زَادَ عَلَى السَّبْعَةِ) غَايَةٌ لِقَوْلِهِ: اعْتِبَارُ قَدْرِ الْحَاجَةِ. وَالْمُرَادُ أَنَّ قَدْرَ الْحَاجَةِ إذَا زَادَ عَلَى السَّبْعَةِ لَا يُغَيَّرُ. (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ أَنْ يَبْنِيَ) يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ عَطْفٌ عَلَى الصُّلْحِ لَا عَلَى مَعْمُولِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُفِيدُ حُرْمَةَ الْبِنَاءِ عُمَيْرَةُ (قَوْلُهُ: دَكَّةً) وَمِنْ ذَلِكَ الْمَسَاطِبُ الَّتِي تُفْعَلُ فِي اتِّجَاهِ الصَّهَارِيخِ فِي شَوَارِعِ مِصْرِنَا فَتَنَبَّهْ لَهُ. قَالَ حَجّ: قَالَ بَعْضُهُمْ: وَمِثْلُهَا مَا يُجْعَلُ بِالْجِدَارِ الْمُسَمَّى بِالْكَبْشِ إلَّا إنْ اُضْطُرَّ إلَيْهِ لِخَلَلِ بِنَائِهِ وَلَمْ يَضُرَّ الْمَارَّةَ؛ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ اهـ. أَقُولُ: هَذَا يَتَعَيَّنُ تَصْوِيرُهُ بِمَا يُسَمَّى الْآنَ دِعَامَةً وَيَكُونُ مُتَّصِلًا بِالْجِدَارِ مِنْ أَسْفَلِهِ مَثَلًا، وَحَمْلُهُ عَلَى الْكَبْشِ الْمَعْرُوفِ الْآنَ بَعِيدٌ جِدًّا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُرَادًا لَهُ لَمْ يَلْحَقْهُ بِالدَّكَّةِ، وَلَمْ يُشْتَرَطْ لِوُجُودِ إخْرَاجِهِ وُجُودُ خَلَلٍ بِبِنَاءِ الْمَخْرَجِ إذْ هُوَ حِينَئِذٍ مِنْ أَفْرَادِ الْجَنَاحِ. قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمِيزَابَ يَلْحَقُ بِالْبَابِ فِي جَوَازِ الصُّلْحِ بِمَالٍ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ يَنْتَفِعُ بِالْقَرَارِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: أَوْ يَغْرِسَ فِيهِ شَجَرَةً) ع بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ مَنْعَ الذِّمِّيِّ مِنْ الْغَرْسِ فِي الشَّارِعِ قَطْعًا وَلَا يُجْرِي فِيهِ خِلَافَ الْمُسْلِمِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فَيَصْطَكُّونَ) أَيْ يَلْتَجِئُونَ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ حُرْمَةِ بِنَاءِ الدَّكَّةِ وَالْغَرْسِ فِي الطَّرِيقِ، وَظَاهِرُ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ مَا ذَكَرَ وَالْغَرْسِ فِي الْمَسْجِدِ امْتِنَاعُ الدَّكَّةِ فِي الْمَسْجِدِ وَإِنْ قُصِدَ بِهَا عُمُومُ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ بِأَنْ يَقْصِدُوا بِهِ ابْتِدَاءً أَوْ يُطْلَقُ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِمْ، فَلَوْ قَصَدَ نَفْسَهُ بِالْغَرْسِ كَانَ مُتَعَدِّيًا فَيُقْلَعُ مَجَّانًا وَتَلْزَمُهُ أُجْرَتُهُ مُدَّةَ الْغَرْسِ لِمَصَالِحِ الْمَسْجِدِ كَمَا لَوْ وَضَعَ فِيهِ مَا لَا يَجُوزُ وَضْعُهُ فِيهِ، وَكَالْمَسْجِدِ فِي ذَلِكَ مَا هُوَ فِي تَوَابِعِهِ كَفَسْقِيَّتِه وَحَرِيمِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ حَيْثُ عَلِمَ مَا ذَكَرَ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ كَأَنْ وَجَدْنَا شَجَرًا فِيهِ وَلَمْ نَعْرِفْ مَا قَصَدَهُ بِهِ وَاضِعُهُ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ فَيَنْتَفِعُونَ بِثَمَرِهِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِقَطْعِهِ مِنْ الشَّجَرِ أَوْ مِنْ ثِمَارِهِ الَّتِي تَبْقَى بَعْدَ أَكْلِ النَّاسِ تَكُونُ لِمَصَالِحِ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: فَالْمَصْلَحَةُ عَامَّةٌ) أَيْ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ إنْ كَانَ الْمَسْجِدُ عَامًّا أَوْ لِبَعْضِهِمْ إنْ كَانَ خَاصًّا بِطَائِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ كَالشَّافِعِيَّةِ (قَوْلُهُ: جَوَازُ مِثْلِ ذَلِكَ) أَيْ غَرْسِهَا لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: فَامْتَنَعَ) أَيْ الْغَرْسُ فِي الشَّارِعِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ اتَّسَعَ أَوَّلًا وَظَاهِرُهُ امْتِنَاعُ ذَلِكَ وَإِنْ حَصَلَ بِفِعْلِ ذَلِكَ انْتِفَاعٌ لِلْمَارَّةِ كَاسْتِظْلَالِهِمْ بِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْكِلُ عَلَى التَّعْلِيلِ الثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ إذَا طَالَتْ الْمُدَّةُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الشَّارِعِ) وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْفَرْقِ جَوَازُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا، وَهُوَ أَنَّ إنْسَانًا اسْتَأْجَرَ جُمْلَةً مِنْ الدَّكَاكِينِ مُدَّةً طَوِيلَةً بِجِوَارِ الشَّارِعِ ثُمَّ هَدَمَهَا وَأَعَادَ بِنَاءَهَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَرَادَهُ وَتَرَكَ قِطْعَةً مِنْ الْأَرْضِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

عِنْدَ طُولِ الْمُدَّةِ أَقْرَبُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَوْ صَرِيحَهُ: مَنْعُ أَحْدَاثِ الدَّكَّةِ وَإِنْ كَانَ بِفِنَاءِ دَارِهِ، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ بَحَثَ السُّبْكِيُّ جَوَازَهُ عِنْدَ انْتِفَاءِ الضَّرَرِ وَقَالَ؛ لِأَنَّهُ فِي حَرِيمِ مِلْكِهِ وَلِإِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ فَقَدْ رَدَّهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِهِمْ وَيُؤَدَّى إلَى تَمَلُّكِ الطُّرُقِ الْمُبَاحَةِ، وَبِأَنَّ الْبَنْدَنِيجِيَّ صَرَّحَ بِمَنْعِ بِنَاءِ الدَّكَّةِ عَلَى بَابِ الدَّارِ وَبِأَنَّ الْبُقْعَةَ الْمُنْحَرِفَةَ عَنْ سُنَنِ الطَّرِيقِ قَدْ تَفْزَعُ إلَيْهَا الْمَارَّةُ فَتَضِيقُ عَلَيْهِمْ، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ فِي نَحْوِ الدَّكَّةِ نَقْلُ الْمُصَنِّفِ كَالرَّافِعِيِّ فِي الْجِنَايَاتِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ أَنَّ لِلْإِمَامِ مَدْخَلًا فِي إقْطَاعِ الشَّوَارِعِ وَأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُقْطَعِ أَنْ يَبْنِيَ فِيهِ وَيَتَمَلَّكَهُ؛ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ اعْتِمَادِهِ، وَإِلَّا فَكَلَامُهُمَا هُنَا مُصَرِّحٌ بِخِلَافِهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا زَادَ مِنْ الشَّارِعِ عَلَى الْمَوْضِعِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ لِلطُّرُوقِ بِحَيْثُ لَا يَتَوَقَّعُ الِاحْتِيَاجُ إلَيْهِ بِوَجْهٍ وَلَوْ عَلَى النُّدُورِ فَحِينَئِذٍ لِلْإِمَامِ الْإِقْطَاعُ وَلِلْمُقْطَعِ بِنَاءُ مَا أَرَادَ (وَقِيلَ إنْ لَمْ يَضُرَّ) ذَلِكَ الْمَارَّ (جَازَ) كَإِشْرَاعِ الْجَنَاحِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِمَا مَرَّ. . (وَ) الطَّرِيقُ (غَيْرُ النَّافِذِ يَحْرُمُ الْإِشْرَاعُ) إلَيْهِ بِجَنَاحٍ أَوْ نَحْوِهِ (لِغَيْرِ أَهْلِهِ) بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ بِغَيْرِ رِضَاهُمْ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُمْ فَأَشْبَهَ الْإِشْرَاعَ إلَى الدُّورِ (وَكَذَا) يَحْرُمُ الْإِشْرَاعُ (لِبَعْضِ أَهْلِهِ فِي الْأَصَحِّ) كَسَائِرِ الْأَمْلَاكِ الْمُشْتَرَكَةِ تَضَرَّرُوا بِذَلِكَ أَمْ لَا (إلَّا بِرِضَا الْبَاقِينَ) فَيَجُوزُ وَإِنْ أَضَرَّ وَأَجْمَلَ أَهْلُهُ هُنَا لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا سَيَذْكُرُهُ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ إلَّا مَنْ بَابُهُ بَعْدَهُ أَوْ مُقَابِلُهُ كَسَائِرِ الْأَمْلَاكِ الْمُشْتَرَكَةِ وَالثَّانِي يَجُوزُ بِغَيْرِ رِضَاهُمْ إنْ لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَجُوزُ ـــــــــــــــــــــــــــــSلِيَتَّسِعَ بِهَا الشَّارِعُ فَهَلْ يَحْرُمُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ مَقْصِدَ الْوَاقِفِ بِوَقْفِهِ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ طُولِ الْمُدَّةِ يَظُنُّ كَوْنُهُ مِنْ الشَّارِعِ؟ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْفَرْقِ الْجَوَازُ؛ لِأَنَّ أَرْبَابَ الْوَقْفِ كَالْمَالِكِينَ لِلدَّرْبِ فَهُمْ قَائِمُونَ عَلَى حُقُوقِهِمْ وَيَتَمَكَّنُونَ مِنْ إعَادَتِهِ كَمَا كَانَ بِتَقْدِيرِ تَغْيِيرِهِمْ لِهَيْئَةِ الْبِنَاءِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: مَنْعُ إحْدَاثِ الدَّكَّةِ) أَيْ أَمَّا لَوْ وُجِدَ لِبَعْضِ الدُّورِ مَسَاطِبُ مَبْنِيَّةٌ بِفِنَائِهَا أَوْ سُلَّمٌ بِالشَّارِعِ يُصْعَدُ مِنْهُ إلَيْهَا وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ حَدَثَ السُّلَّمُ قَبْلَ وُجُودِ الشَّارِعِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ لَا يُغَيَّرُ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ وُضِعَ فِي الْأَصْلِ بِحَقٍّ وَأَنَّ الشَّارِعَ حَدَثَ بَعْدَهُ، وَلَوْ أَعْرَضَ عَنْهُ صَاحِبُهُ بِأَنْ تَرَكَ الصُّعُودَ مِنْ السُّلَّمِ وَهَدَمَهُ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ لَهُ أَثَرٌ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ بِذَلِكَ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ جَعَلَ الدَّكَّةَ لِلصَّلَاةِ مَثَلًا وَلَا ضَرَرَ فِيهَا بِوَجْهٍ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ الْجَوَازَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (قَوْلُهُ: وَيَتَمَلَّكُهُ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْإِمَامَ أَقْطَعَهُ لِلتَّمَلُّكِ لَا لِلْإِرْفَاقِ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَا يَجُوزُ لِوُكَلَاءِ بَيْتِ الْمَالِ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ الشَّوَارِعِ وَإِنْ اتَّسَعَتْ وَفَضَلَتْ عَنْ الْحَاجَةِ؛ لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ هَلْ أَصْلُهُ وَقْفٌ أَوْ مَوَاتٌ أُحْيِيَ، فَلْيُحْذَرْ ذَلِكَ وَإِنْ عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَكَلَامُهُمَا هُنَا مُصَرِّحٌ بِخِلَافِهِ) أَيْ وَهُوَ الِامْتِنَاعُ مُطْلَقًا اتَّسَعَ أَوْ لَا، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ اعْتِمَادُهُ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْقَوْلَ بِالْجَوَازِ مَحْمُولًا عَلَى مَا زَادَ عَلَى الْحَاجَةِ إنَّ سُلِّمَ أَنَّهُ مُعْتَمَدٌ وَهُوَ يُشْعِرُ بِتَمْوِيهٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ: بِمَا مَرَّ) مِنْ قَوْلِهِ لِمَنْعِهَا الطُّرُوقَ إلَخْ. . (قَوْلُهُ: إلَّا بِرِضَا الْبَاقِينَ) أَيْ فَلَوْ وُجِدَ فِي دَرْبٍ مُنْسَدٍّ أَجْنِحَةٌ أَوْ نَحْوُهَا قَدِيمَةٌ وَلَمْ يَعْلَمْ كَيْفِيَّةَ وَضْعِهَا حَمَلَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا وُضِعَتْ بِحَقٍّ فَلَا يَجُوزُ هَدْمُهَا وَلَا التَّعَرُّضُ لِأَهْلِهَا، وَلَوْ انْهَدَمَتْ وَأَرَادَ إعَادَتَهَا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِهِمْ لِانْتِهَاءِ الْحَقِّ الْأَوَّلِ بِانْهِدَامِهَا، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا أَرَادَ إعَادَتَهَا بِآلَةٍ جَدِيدَةٍ لَا بِآلَتِهَا الْقَدِيمَةِ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ أُذِنَ لَهُ فِي غَرْسِ شَجَرَةٍ فِي مِلْكِهِ فَانْقَلَعَتْ فَإِنَّ لَهُ إعَادَتَهَا إنْ كَانَتْ حَيَّةً وَلَيْسَ لَهُ غَرْسُ بَدَلِهَا، وَيُحْتَمَلُ الْمَنْعُ لِلْإِعَادَةِ وَلَوْ بِآلَتِهِ الْقَدِيمَةِ لِسُقُوطِ حَقِّهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَقَاءِ الشَّجَرَةِ حَيَّةً؛ لِأَنَّ بَقَاءَهَا حَيَّةً تَسْتَدْعِي إعَادَتَهَا كَمُفَارَقَةِ مَقَاعِدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: كَسَائِرِ الْأَمْلَاكِ الْمُشْتَرَكَةِ) تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ

لَهُ الِانْتِفَاعُ بِقَرَارِهِ فَيَجُوزُ بِهَوَائِهِ، وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ يَحْرُمُ الصُّلْحُ عَلَى إشْرَاعِهِ بِمَالٍ لِمَا مَرَّ وَيُعْتَبَرُ إذْنٌ لِمُكْتَرِي إنْ تَضَرَّرَ بِهِ، وَبِهِ أَفْتَى الْبَغَوِيّ، وَيُقَاسُ بِهِ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ وَنَحْوِهِ، وَلَوْ وَصَّى بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ بِذَلِكَ امْتَنَعَ الرُّجُوعُ عَلَيْهِمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ؛ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى قَلْعِهِ مَجَّانًا لِوَضْعِهِ بِحَقٍّ، وَلَا إلَى قَلْعِهِ مَعَ غُرْمِ الْأَرْشِ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ، وَهُوَ لَا يُكَلَّفُ ذَلِكَ، وَلَا إلَى بَقَائِهِ بِأُجْرَةٍ؛ لِأَنَّ الْهَوَاءَ لَا أُجْرَةَ لَهُ كَمَا مَرَّ. وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْإِخْرَاجَ لَوْ كَانَ فِيمَا لَا حَقَّ لِلْمُخْرِجِ فِيهِ بِأَنْ كَانَ بَيْنَ بَابِ دَارِهِ وَصَدْرِ السِّكَّةِ كَانَ لِمَنْ رَضِيَ الرُّجُوعَ لِيَقْلَعَ وَيَغْرَمَ أَرْشَ النَّقْصِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ إلَّا بِرِضَا الْمُسْتَحَقِّينَ كَانَ أَوْلَى لِيَعُودَ الِاسْتِثْنَاءُ لِلْأُولَى أَيْضًا وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْمُشْرِعُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ، وَلِئَلَّا يُتَوَهَّمَ اعْتِبَارُ إذْنِ مَنْ بَابُهُ أَقْرَبُ إلَى رَأْسِ السِّكَّةِ لِمَنْ بَابُهُ أَبْعَدُ مَعَ أَنَّهُ وَجْهٌ، وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ بِنَاءً عَلَى اسْتِحْقَاقِ كُلٍّ إلَى بَابِهِ لَا إلَى آخِرِ الدَّرْبِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي (وَأَهْلُهُ) أَيْ الدَّرْبِ غَيْرِ النَّافِذِ (مَنْ نَفَذَ بَابُ دَارِهِ إلَيْهِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ: وَالْمُرَادُ مَنْ لَهُ الْمُرُورُ فِيهِ إلَى مِلْكِهِ مِنْ دَارٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ فُرْنٍ أَوْ حَانُوتٍ (لَا مَنْ لَاصَقَهُ جِدَارُهُ) مِنْ غَيْرِ نُفُوذِ بَابٍ فِيهِ؛ لِأَنَّ أُولَئِكَ هُمْ الْمُسْتَحِقُّونَ لِلِانْتِفَاعِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ دُخُولُ بَعْضِهِمْ عَلَى إذْنِ الْبَاقِينَ بَلْ وَلَا يُؤْثِرُ لِمَنْعِهِمْ بِخِلَافِهِ فِي الْعَرْصَةِ الْمُشْتَرَكَةِ؛ لِأَنَّ التَّوَقُّفَ عَلَى الْإِذْنِ هُنَا يُؤَدِّي لِتَعْطِيلِ الْأَمْلَاكِ بِخِلَافِهِ ثُمَّ قَالَهُ الْقَاضِي، بَلْ لِغَيْرِهِمْ الدُّخُولُ بِلَا إذْنٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْحَلَالِ الْمُسْتَفَادِ بِقَرِينَةِ الْحَالِ، وَالظَّاهِرُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْبُلْقِينِيِّ وَغَيْرِهِ جَوَازُ الدُّخُولِ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ وَكَذَا الشُّرْبُ مِنْ نَهْرِهِ وَإِنْ كَانَ الْوَرَعُ خِلَافَهُ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ جَوَازِ الْمُرُورِ بِمِلْكِ الْغَيْرِ، لَكِنْ قَيَّدَهُ الْعَبَّادِيُّ بِمَا إذَا لَمْ يَصِرْ بِهِ طَرِيقًا لِلنَّاسِ وَغَيْرَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالسُّوقِ لَا لِلْإِعْرَاضِ وَلَا مُطْلَقًا وَلَا كَذَلِكَ الْأَجْنِحَةُ فَامْتَنَعَتْ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْهَوَاءَ لَا يُفْرَدُ بِعَقْدٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ وَنَحْوِهِ) كَالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: امْتَنَعَ الرُّجُوعُ عَلَيْهِمْ) أَيْ بَعْدَ الْوَضْعِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) وَيَظْهَرُ فِي غَيْرِ الشَّرِيكِ أَنَّ لَهُمْ الرُّجُوعَ، وَعَلَيْهِمْ أَرْشُ النَّقْصِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْعَارِيَّةِ اهـ حَجّ. وَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ إذَا رَجَعُوا فَلَهُمْ تَكْلِيفُ وَاضِعِ الْجَنَاحِ بِإِزَالَةِ مَا هُوَ مِنْ الْجَنَاحِ بِهَوَاءِ الشَّارِعِ لَا مَا بَنَى مِنْهُ عَلَى جِدَارِ الْمَالِكِ، فَلَا يُقَالُ: فِي تَكْلِيفِهِمْ الْبَانِيَ بِرَفْعِ الْجَنَاحِ إزَالَةٌ لِمِلْكِهِ وَهُوَ مَا بَنَى عَلَى الْجِدَارِ مِنْ مِلْكِهِ وَهُوَ الْجِدَارُ نَفْسُهُ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ قَلْعُهُ مَعَ غُرْمِ الْأَرْشِ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَّا بِرِضَا الْمُسْتَحَقِّينَ) أَيْ وَهُمْ مَنْ بَابُهُ أَبْعَدُ مِنْ الْمُشْرَعِ لَا جَمِيعُ أَهْلِ الدَّرْبِ اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ) أَيْ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَنْ نَفَذَ بَابُ دَارِهِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَوَقَّفُ دُخُولُ بَعْضِهِمْ) أَيْ لِمَا يَعْرِضُ لَهُ كَاسْتِعَارَةِ شَيْءٍ مِنْ الْبَاقِينَ أَوْ دُخُولِهِ لِمَا يَسْتَحِقُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ، وَهَذَا أَوْفَقُ بِقَوْلِهِ بَعْدُ لِتَعَطُّلِ الْأَمْلَاكِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِلَا إذْنٍ) أَيْ بَلْ، وَإِنْ مَنَعُوهُ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: جَوَازُ الدُّخُولِ) أَيْ لِحَاجَةٍ وَمِنْهَا الْبَيْعُ لَهُمْ وَالشِّرَاءُ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: مِنْ نَهْرِهِ) أَيْ الْمُخْتَصِّ بِهِمْ (قَوْلُهُ: بِمِلْكِ الْغَيْرِ) وَمِنْهُ مَا لَوْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ إلَى الْمُرُورِ مِنْهُ كَمَا لَوْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِلْوُصُولِ إلَى مَزْرَعَتِهِ أَوْ نَحْوِهَا فَلَا يَجُوزُ إلَّا إذَا لَمْ يَضُرَّ بِصَاحِبِ الْمِلْكِ، وَمِثْلُ الْمِلْكِ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِزِرَاعَتِهِ مِنْ الْأَرْضِ الْمَضْرُوبِ عَلَيْهَا الْخَرَاجُ، فَلَوْ دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى الْمُرُورِ فِي مَحَلٍّ مِنْ تِلْكَ الْأَرْضِ وَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ عَلَى مُسْتَحِقِّ مَنْفَعَتِهَا لَا يَجُوزُ إلَّا بِطَرِيقٍ مُسَوِّغٍ لَهُ كَالِاسْتِئْجَارِ مِمَّنْ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: يَحْرُمُ الصُّلْحُ عَلَى إشْرَاعِهِ بِمَالٍ لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْهَوَاءَ لَا يُفْرَدُ بِعَقْدٍ. (قَوْلُهُ: امْتَنَعَ الرُّجُوعُ) أَيْ بَعْدَ الْإِشْرَاعِ (قَوْلُهُ: كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي) كَانَ الْأَصْوَبُ أَنْ يُبَدِّلَ لَفْظَ قَوْلِهِ بِلَفْظِ كَلَامِهِ، أَوْ يَذْكُرَ الْمَقُولَ بِأَنْ يَقُولَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَهَلْ الِاسْتِحْقَاقُ فِي كُلِّهَا لِكُلِّهِمْ إلَخْ

بِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ بِالْمُسَامَحَةِ فِيهِ، وَيُمْكِنُ رَدُّ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ، وَيُكْرَهُ إكْثَارُهُ هُنَا وَفِي أَرْضٍ اُسْتُحِقَّ الْمُرُورُ فِيهَا بِلَا حَاجَةٍ. قَالَ الْقَاضِي: وَلَيْسَ لِغَيْرِهِمْ الْجُلُوسُ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ. قَالَ غَيْرُهُ: وَعَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَأْذَنُوا فِيهِ بِأُجْرَةٍ كَمَا لَيْسَ لَهُمْ بَيْعُهُ مَعَ أَنَّهُ مِلْكُهُمْ، وَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ هُوَ تَابِعٌ لِمِلْكِهِمْ وَلَيْسَ مِلْكَهُمْ ضَعِيفٌ. اهـ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا امْتَنَعَ؛ لِأَنَّ فِيهِ إتْلَافًا لِأَمْلَاكِهِمْ بِعَدَمِ مَمَرٍّ لَهَا، وَحِينَئِذٍ فَيُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ اتِّخَاذُ مَمَرٍّ لَهَا مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، وَالْإِجَارَةُ لَيْسَ فِيهَا ذَلِكَ فَفِي الْمَنْعِ مِنْهَا نَظَرٌ أَيُّ نَظَرٍ، عَلَى أَنَّ فِي تَوَقُّفِ مُطْلَقِ الْجُلُوسِ عَلَى إذْنِهِمْ نَظَرًا أَيْضًا، فَالْأَوْجَهُ حَمْلُهُ عَلَى جُلُوسٍ لَا يُتَسَامَحُ بِهِ عَادَةً، وَأَنَّ مَا يُتَوَقَّفُ عَلَى الْإِذْنِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِأُجْرَةٍ (وَهَلْ الِاسْتِحْقَاقُ فِي كُلِّهَا) أَيْ الطَّرِيقِ الْمَذْكُورَةِ وَهِيَ تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ فَزَعَمَ أَنَّ هَذَا سَهْوٌ هُوَ السَّهْوُ (لِكُلِّهِمْ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ فَالْكُلُّ هُنَا الْكُلُّ الْإِفْرَادِيُّ لَا الْمَجْمُوعِيُّ؛ إذْ لَا نِزَاعَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُمْ رُبَّمَا احْتَاجُوا إلَى التَّرَدُّدِ وَالِارْتِفَاقِ بِكُلِّهِ لِطَرْحِ الْقُمَامَاتِ عِنْدَ الْإِدْخَالِ وَالْإِخْرَاجِ (أَمْ تَخْتَصُّ شَرِكَةُ كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْهُمْ (بِمَا بَيْنَ رَأْسِ الدَّرْبِ وَبَابِ دَارِهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ هُوَ مَحَلُّ تَرَدُّدِهِ وَمُرُورِهِ، وَمَا عَدَاهُ هُوَ فِيهِ كَالْأَجْنَبِيِّ مِنْ السِّكَّةِ، وَلِأَهْلِ الدَّرْبِ الْمَذْكُورِ قِسْمَةُ صِحَّتِهِ كَسَائِرِ الْمُشْتَرَكَاتِ الْقَابِلَةِ لِلْقِسْمَةِ، وَلَوْ أَرَادَ الْأَسْفَلُونَ لَا الْأَعْلَوْنَ سَدَّ مَا يَلِيهِمْ أَوْ قِسْمَتَهُ جَازَ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَصَرَّفُونَ فِي مِلْكِهِمْ بِخِلَافِ الْأَعْلَيْنَ، وَلَوْ اتَّفَقُوا عَلَى سَدِّ رَأْسِ السِّكَّةِ لَمْ يُمْنَعُوا مِنْهُ، وَلَمْ يَفْتَحْهُ بَعْضُهُمْ بِغَيْرِ رِضَا الْبَاقِينَ. نَعَمْ إنْ سُدَّ بِآلَةِ نَفْسِهِ خَاصَّةً فَلَهُ فَتْحُهُ بِغَيْرِ رِضَاهُمْ. وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْمُقْرِي، وَصَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ أَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ بَعْضُهُمْ مِنْ سَدِّهِ لَمْ يَكُنْ لِلْبَاقِينَ السَّدُّ. . وَلَوْ وَقَفَ بَعْضُهُمْ دَارِهِ مَسْجِدًا أَوْ وُجِدَ ثُمَّ مَسْجِدٌ قَدِيمٌ شَارَكَهُمْ الْمُسْلِمُونَ فِي الْمُرُورِ إلَيْهِ فَيُمْنَعُونَ مِنْ السَّدِّ وَالْقِسْمَةِ، وَلَا يَجُوزُ الْإِشْرَاعُ عِنْدَ الضَّرَرِ وَإِنْ رَضِيَ أَهْلُ السِّكَّةِ، وَيَجُوزُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَلَايَةُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ رَدُّ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ) أَيْ بِأَنْ يُقَالَ: مُرَادُ غَيْرِ الْعَبَّادِيِّ بِمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْمُسَامَحَةِ فِيهِ أَنْ لَا يَصِيرَ بِهِ طَرِيقًا، وَقَدْ يُقَالُ لَا يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى ذَلِكَ بَلْ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ بِهِ عَمَّا لَوْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِهِ أَصْلًا كَالْبُيُوتِ النَّافِذَةِ حَيْثُ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِالدُّخُولِ مِنْ أَحَدِ بَابَيْهَا وَالْخُرُوجِ مِنْ الْآخَرِ فَيَمْتَنِعُ وَإِنْ لَمْ يَصِرْ بِهِ طَرِيقًا (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ إكْثَارُهُ) أَيْ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يُؤَدِّي لِإِضْرَارِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: بِلَا حَاجَةٍ) قَضِيَّتُهُ جَوَازُ أَصْلِ الدُّخُولِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ بِلَا حَاجَةٍ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي الْجَوَازِ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْحَاجَةِ سِيَّمَا إذَا تُوُهِّمَتْ رِيبَةٌ فِي دُخُولِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُفَرَّقُ) أَيْ بَيْنَ الْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يُمْكِنْ اتِّخَاذُ مَمَرٍّ لَهَا) أَيْ أَمَّا إذَا أَمْكَنَ فَيَجُوزُ كَمَا لَوْ بَاعَ دَارًا وَاسْتَثْنَى لِنَفْسِهِ بَيْتًا مِنْهَا وَنَفَى مَمَرَّهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إنْ أَمْكَنَ إحْدَاثُ مَمَرٍّ لِلْبَيْتِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ دَارًا لَا مَمَرَّ لَهَا أَصْلًا أَوْ لَهَا وَنَفَاهُ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ (قَوْلُهُ: فَزَعَمَ أَنَّ هَذَا) أَيْ التَّأْنِيثَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَرَادَ الْأَسْفَلُونَ) أَيْ عَنْ رَأْسِ الدَّرْبِ (قَوْلُهُ: سَدَّ مَا يَلِيهِمْ) أَيْ حَيْثُ أَمْكَنَهُمْ الِاسْتِطْرَاقُ مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ بِإِحْدَاثِ مَمَرٍّ مَا لَوْ لَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِأَنْ تَعَذَّرَ الِاسْتِطْرَاقُ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ الطَّرِيقِ عَلَى بَعْضِهِمْ امْتَنَعَ كَمَا لَوْ بَاعَ دَارِهِ وَاسْتَثْنَى لِنَفْسِهِ بَيْتًا مِنْهَا وَلَمْ يُمْكِنْهُ إحْدَاثُ مَمَرٍّ لَهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يُمْنَعُوا مِنْهُ) أَيْ حَيْثُ أَمْكَنَ كِلَا الِاسْتِطْرَاقِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ بِإِحْدَاثِ مَمَرٍّ. (قَوْلُهُ: أَوْ وُجِدَ ثَمَّ مَسْجِدٌ قَدِيمٌ) أَيْ عَلَى الْإِحْيَاءِ يَقِينًا اهـ حَجّ. وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا شَكَّ فِي كَوْنِهِ قَبْلَ الْإِحْيَاءِ أَوْ بَعْدَهُ كَانَ كَالْحَادِثِ الَّذِي لَمْ يَرْضَ أَهْلُهُ إحْدَاثَهُ فَيُتَوَقَّفُ بِإِخْرَاجِ الْجَنَاحِ فِيهِ عَلَى رِضَا أَهْلِ الدَّرْبِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي وَضْعِ الْيَدِ الْمِلْكُ وَذَلِكَ يَقْتَضِي اشْتَرَاكَ أَهْلِ الدَّرْبِ فِيهِ فَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ إلَّا بِرِضَا الْجَمِيعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ بِالْمُسَامَحَةِ فِيهِ) أَيْ: لَا كَنَحْوِ الْمُرُورِ فِي نَحْوِ دَارِهِ إنْ كَانَ لَهَا بَابَانِ، وَعَلَيْهِ فَلَا يُمْكِنُ رَدُّ هَذَا إلَى مَا قَبْلَهُ كَعَكْسِهِ خِلَافًا لِمَا ادَّعَاهُ الشَّارِحُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِغَيْرِهِمْ) أَيْ: أَهْلِ الدَّرْبِ.

إشْرَاعٌ لَا يَضُرُّ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ أَهْلُهَا. أَمَّا إذَا كَانَ الْمَسْجِدُ حَادِثًا فَإِنْ رَضِيَ بِهِ أَهْلُهَا فَكَذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَهُمْ الْمَنْعُ مِنْ الْإِشْرَاعِ؛ إذْ لَيْسَ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ إبْطَالُ حَقِّ الْبَقِيَّةِ مِنْ ذَلِكَ، وَكَالْمَسْجِدِ فِيمَا ذَكَرَ مَا سُبُلَ أَوْ وُقِفَ عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ كَبِئْرٍ وَمَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَدْ أَتَى فِي الْمُحَرَّرِ بِجَمِيعِ الضَّمَائِرِ مُؤَنَّثَةً لِتَعْبِيرِهِ أَوَّلًا بِالسِّكَّةِ، وَلَمَّا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِغَيْرِ النَّافِذِ عَدَلَ إلَى تَذْكِيرِهَا إلَّا قَوْلَهُ فِي كُلِّهَا. . (وَلَيْسَ لِغَيْرِهِمْ فَتْحُ بَابٍ إلَيْهِ لِلِاسْتِطْرَاقِ) ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَرْضَ أَهْلُهَا) هُوَ وَاضِحٌ إنْ كَانَ الْمَسْجِدُ قَدِيمًا، وَيُشْكِلُ فِيمَا لَوْ وَقَفَ دَارِهِ مَسْجِدًا؛ لِأَنَّهُ حَادِثٌ حِينَئِذٍ، وَالْحَادِثُ لَا يَجُوزُ الْإِشْرَاعُ فِيهِ بِدُونِ رِضَا أَهْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَمَّا إلَخْ، وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ مَا ذَكَرَ ابْنَ الرِّفْعَةِ أَيْضًا فِي حَادِثٍ بَعْدَ الْإِحْيَاءِ: أَيْ يَقِينًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ بَقَاءِ حَقِّهِمْ: أَيْ فَلَهُمْ الْمَنْعُ مِنْ الْإِشْرَاعِ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ؛ إذْ لَيْسَ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ إبْطَالُ حَقِّ الْبَقِيَّةِ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ مُتَّجَهٌ مَعْنًى، وَمِنْ ثَمَّ تَبِعَهُ غَيْرُهُ لَكِنَّ تَسْوِيَتَهُمَا بَيْنَ الْعَتِيقِ وَالْجَدِيدِ تُخَالِفُ ذَلِكَ اهـ. فَلَعَلَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا فِي الْحَادِثِ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ الرِّفْعَةِ، وَمَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا تَبِعَ فِيهِ إطْلَاقَهُمْ فَلْيُحَرَّرْ وَلْيُرَاجَعْ. هَذَا وَقَدْ يُقَالُ مَا ذَكَرَهُ فِيمَا لَوْ وَقَفَ دَارِهِ مَسْجِدًا فَرْضُهُ فِي جَوَازِ الْمُرُورِ إلَيْهِ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ أَمَّا الْحَادِثُ خَصَّهُ بِالْإِشْرَاعِ، وَعَلَيْهِ فَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجَرَّدِ الْمُرُورِ وَالْإِشْرَاعِ بِأَنَّ ضَرَرَ الْإِشْرَاعِ أَكْثَرُ، وَفِيهِ تَمَيُّزٌ عَلَى بَقِيَّةِ أَهْلِ الدَّرْبِ وَلَا كَذَلِكَ الْمُرُورُ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْحَادِثَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُرُورِ يُصَيِّرُهُ كَالشَّارِعِ وَبِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ بَاقٍ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْإِحْدَاثِ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ الْمَسْجِدُ حَادِثًا) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ مَا قَدَّمَهُ فِي وَقْفِ دَارِهِ مَسْجِدًا فَإِنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ إحْدَاثِهِ أَنَّهُ يُوقَفُ فَتَكُونُ هَذِهِ عَيْنَ تِلْكَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالْإِحْدَاثِ هُنَا أَنْ يَكُونَ ثَمَّ قِطْعَةٌ مَوَاتٌ فَيُحْيِيَهَا بَعْضُهُمْ مَسْجِدًا فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُتَوَقَّفُ عَلَى وَقْفٍ بَلْ تَصِيرُ مَسْجِدًا بِإِحْيَائِهِ بِقَصْدِ الْمَسْجِدِيَّةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ رَضِيَ بِهِ) أَيْ إحْدَاثِ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: أَهْلُهَا) أَيْ: أَهْلُ السِّكَّةِ (قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ) أَيْ فَلِأَهْلِهِ الْإِشْرَاعُ الَّذِي لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَهُمْ الْمَنْعُ مِنْ الْإِشْرَاعِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ السُّفْلُ لِإِنْسَانٍ، وَالْعُلُوُّ لِآخَرَ فَوَقَفَ صَاحِبُ السُّفْلِ أَرْضَهُ مَسْجِدًا فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ صَاحِبُ الْعُلُوِّ كُلِّفَ نَقْضَ عُلُوِّهِ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِجَعْلِ الْهَوَاءِ مُحْتَرَمًا بِإِذْنِهِ لِصَاحِبِ السُّفْلِ فِي جَعْلِهِ مَسْجِدًا، وَهُوَ يُمْنَعُ مِنْ إشْرَاعِ جَنَاحٍ فِي هَوَائِهِ فَيُمْنَعُ مِنْ إدَامَةِ السَّقْفِ الْمَمْلُوكِ فِي هَوَائِهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ جَازَ لَهُ إبْقَاءُ بِنَائِهِ، وَلَا يُكَلَّفُ نَقْضَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا يَقْتَضِي إسْقَاطَ حَقِّهِ (قَوْلُهُ: مِنْ ذَلِكَ) وَعَلَيْهِ فَيَتَحَصَّلُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمَسْجِدُ مَثَلًا قَدِيمًا: أَيْ بِأَنْ عُلِمَ بِنَاؤُهُ قَبْلَ إحْيَاءِ السِّكَّةِ الْمَوْجُودَةِ اُشْتُرِطَ لِجَوَازِ الْإِشْرَاعِ أَمْرٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ عَدَمُ ضَرَرِ الْمَارَّةِ أَوْ حَادِثًا اُشْتُرِطَ أَمْرَانِ عَدَمُ الضَّرَرِ وَرِضَا أَهْلِ السِّكَّةِ م ر. أَقُولُ: فَلَهُ حُكْمُ الْمِلْكِ وَحُكْمُ الشَّارِعِ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ امْتِنَاعُ الدَّكَّةِ مُطْلَقًا اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِغَيْرِهِمْ فَتْحُ بَابٍ إلَيْهِ إلَخْ) وَمِنْهُ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ مِنْ جَمَاعَةٍ بَيْنَهُمْ عَقَارٌ مُشْتَرَكٌ فَاقْتَسَمُوهُ، فَخَصَّ وَاحِدًا مِنْهُمْ قِطْعَةُ أَرْضٍ لَا مَمَرَّ لَهَا؛ لِأَنَّ بَاقِيَ الْعَقَارِ بِمَمَرِّهِ الْأَصْلِيِّ آلَ لِشُرَكَائِهِ، فَلَيْسَ لَهُ فَتْحُ بَابٍ مِنْ الدَّرْبِ الَّذِي فِيهِ الْعَقَارُ إلَّا بِإِذْنٍ مِنْهُمْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَسْجِدٌ قَدِيمٌ أَوْ بِئْرٌ أَوْ نَحْوُهُ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ صِحَّةِ الْقِسْمَةِ مِنْ أَصْلِهَا حَيْثُ أَمْكَنَ اتِّخَاذُ مَمَرٍّ لِلْحِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ شَارِعٍ نَافِذٍ أَوْ مِلْكٍ لِصَاحِبِ الْحِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ كَأَنْ أَمْكَنَهُ شِرَاءُ مَحَلٍّ يَجْعَلُهُ مَمَرًّا وَإِلَّا فَلَا، كَمَا لَوْ بَاعَ دَارًا وَاسْتَثْنَى لِنَفْسِهِ بَيْتًا مِنْهَا، وَلَمْ يُمْكِنْهُ اتِّخَاذُ مَمَرٍّ لَهُ فَإِنَّ الْبَيْعَ بَاطِلٌ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحْدِثَ مَمَرًّا فِي الدَّرْبِ الَّذِي كَانَ يَمُرُّ مِنْهُ بِسَبَبِ خُرُوجِهِ مِنْ الْبَابِ الْأَصْلِيِّ؛ لِأَنَّ إحْدَاثَهُ فِيهِ يَجْعَلُ لِهَذِهِ الدَّارِ الْمُرُورَ مِنْ بَابَيْنِ: أَحَدُهُمَا الْأَصْلِيُّ الَّذِي صَارَ حَقًّا لِشَرِيكِهِ، وَالثَّانِي الَّذِي أَرَادَ إحْدَاثَهُ لِيَمُرَّ مِنْهُ الْآنَ، فَطَرِيقُهُ أَنْ يَسْتَرْضِيَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ الْمَسْجِدُ حَادِثًا) هَذَا تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ وَلَا يَجُوزُ الْإِشْرَاعُ عِنْدَ الضَّرَرِ إلَخْ فَلْتُرَاجَعْ عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ.

إلَّا بِإِذْنِهِمْ لِتَضَرُّرِهِمْ، فَإِنْ أَذِنُوا جَازَ وَلَهُمْ الرُّجُوعُ وَلَوْ بَعْدَ الْفَتْحِ كَالْعَارِيَّةِ، قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا يَغْرَمُونَ شَيْئًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَعَارَ أَرْضًا لِبِنَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ حَيْثُ لَا يَقْلَعُ مَجَّانًا، قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ: وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الْفَرْقِ، وَفَرَّقَ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنَّهُ هُنَا بَنَى فِي مِلْكِهِ، وَالْمَبْنِيُّ بَاقٍ بِحَالِهِ لَا يَزَالُ فَلَا غُرْمَ، بِخِلَافِ الْبِنَاءِ عَلَى الْأَرْضِ فَإِنَّ الْمُعِيرَ يَقْلَعُ فَيَغْرَمُ أَرْشَ النَّقْصِ، وَأَوْضَحَهُ الشَّيْخُ بِأَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّ الرُّجُوعَ هُنَاكَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْقَلْعُ وَهُوَ خَسَارَةٌ فَلَمْ يَجُزْ الرُّجُوعُ مَجَّانًا، بِخِلَافِهِ هُنَا لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ خَسَارَةٌ لِعَدَمِ اقْتِضَائِهِ لُزُومَ سَدِّ الْبَابِ، وَخَسَارَةُ فَتْحِهِ إنَّمَا تَتَرَتَّبُ عَلَى الْإِذْنِ لَا عَلَى الرُّجُوعِ مَعَ أَنَّ فَتْحَهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِذْنِ وَإِنَّمَا الْمُتَوَقِّفُ عَلَيْهِ الِاسْتِطْرَاقُ (وَلَهُ فَتْحُهُ إذَا) لَمْ يَسْتَطْرِقْ مِنْهُ سَوَاءٌ (سَمَّرَهُ) بِالتَّشْدِيدِ أَيْ ثَقَبَهُ بِالْمِسْمَارِ وَالتَّخْفِيفُ لُغَةٌ قَالَهُ الْمُطَرِّزِيُّ أَمْ لَا كَمَا فِي الْبَيَانِ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ لَهُ رَفْعَ جَمِيعِ جِدَارِهِ فَبَعْضُهُ أَوْلَى. وَالثَّانِي لَا؛ لِأَنَّ فَتْحَهُ يُشْعِرُ بِثُبُوتِ حَقِّ الِاسْتِطْرَاقِ فَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَيْهِ، وَمَا صَحَّحَهُ تَبَعًا لِأَصْلِهِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ قَالَ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ: إنَّ الْأَفْقَهَ الْمَنْعُ، فَقَدْ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: إنَّ الْفَتْوَى عَلَى الْجَوَازِ فَقَدْ نَقَلَهُ ابْنُ حَزْمٍ عَنْ الشَّافِعِيِّ. نَعَمْ لَوْ رَكَّبَ عَلَى الْمَفْتُوحِ لِلِاسْتِضَاءَةِ شُبَّاكًا أَوْ نَحْوَهُ جَازَ جَزْمًا كَمَا نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ جَمْعٍ (وَمَنْ لَهُ فِيهِ بَابٌ) أَوْ مِيزَابٌ (فَفَتَحَ آخَرَ أَبْعَدَ مِنْ رَأْسِ الدَّرْبِ) مِنْ بَابِهِ الْأَصْلِيِّ (فَلِشُرَكَائِهِ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ (مَنْعُهُ) إذَا كَانَ بَابُهُ أَبْعَدَ مِنْ الْبَابِ الْأَوَّلِ سَوَاءٌ أَسَدَّ الْأَوَّلَ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِغَيْرِهِ، بِخِلَافِ مَنْ بَابُهُ بَيْنَ الْمَفْتُوحِ وَرَأْسِ الدَّرْبِ أَوْ مُقَابِلٌ لِلْمَفْتُوحِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَالْمُرَادُ مَنْ هُوَ مُقَابِلُ الْبَابِ الْأَوَّلِ كَمَا فَهِمَهُ السُّبْكِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ، وَلِهَذَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّ كَلَامَ النَّوَوِيِّ يُوهِمُ أَنَّ الْمُرَادَ الْبَابُ الْجَدِيدُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَوْ أُرِيدَ ذَلِكَ لَكَانَ الْمَنْعُ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ حِينَئِذٍ (وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ إلَى رَأْسِهِ وَلَمْ يَسُدَّ) الْبَابَ (الْقَدِيمَ) أَيْ وَلَمْ يَتْرُكْ التَّطَرُّقَ مِنْهُ (فَكَذَلِكَ) أَيْ لِشُرَكَائِهِ مَنْعُهُ؛ لِأَنَّ انْضِمَامَ الثَّانِي إلَى الْأَوَّلِ يُوجِبُ زَحْمَةً وَوُقُوفَ الدَّوَابِّ فِي الدَّرْبِ فَيَتَضَرَّرُونَ بِهِ، وَقِيلَ يَجُوزُ، وَاخْتَارَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَضَعَّفَ التَّوْجِيهَ بِالزَّحْمَةِ بِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ لَهُ جَعْلَ دَارِهِ حَمَّامًا أَوْ حَانُوتًا مَعَ أَنَّ الزَّحْمَةَ وَوُقُوفَ الدَّوَابِّ فِي السِّكَّةِ وَطَرْحَ الْأَثْقَالِ تَكْثُرُ أَضْعَافُ مَا كَانَ قَدْ يَقَعُ نَادِرًا فِي فَتْحِ بَابٍ آخَرَ لِلدَّارِ اهـ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مَوْضِعَ فَتْحِ الْبَابِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ اسْتِحْقَاقٌ بِخِلَافِ جَعْلِ دَارِهِ مَا ذَكَرَ (وَإِنْ سَدَّهُ) أَيْ الْقَدِيمَ (فَلَا مَنْعَ) ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ بَعْضَ حَقِّهِ، وَيَجُوزُ لِمَنْ دَارُهُ آخِرَ الدَّرْبِ تَقْدِيمُ بَابِهِ فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِ وَجَعْلُ مَا بَيْنَ الدَّارِ وَآخِرِ الدَّرْبِ دِهْلِيزًا. قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَنْ لَهُ حَقٌّ فِي الدَّرْبِ الَّذِي كَانَ يَمُرُّ مِنْهُ أَوَّلًا وَلَوْ بِمَالٍ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ فَتَنَبَّهْ لَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا بِإِذْنِهِمْ) أَيْ الْجَمِيعِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَهُمْ الرُّجُوعُ) أَيْ لِكُلِّهِمْ أَوْ لِبَعْضِهِمْ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْفَاتِحَ لَيْسَ شَرِيكًا وَلَا يَلْحَقُهُ ضَرَرٌ بِمَنْعِهِمْ إذْ لَهُ إبْقَاءُ الْبَابِ مَفْتُوحًا وَإِنْ مُنِعَ مِنْ الْمُرُورِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ خَسَارَةٌ) بِفَتْحِ الْخَاءِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ لِلْغَيْرِ (قَوْلُهُ: وَالتَّخْفِيفُ) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ مُقَابِلٌ لِلْمَفْتُوحِ (قَوْلُهُ: الْبَابِ الْأَوَّلِ) أَيْ الْقَدِيمِ (قَوْلُهُ: وَضَعُفَ التَّوْجِيهُ) أَيْ انْتِصَارًا لِمُقَابِلِ الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: فَلَا مَنْعَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَى فَتْحِهِ ضَرَرٌ لِأَهْلِ الدَّرْبِ لِكَوْنِ الْمَحَلِّ الَّذِي فَتَحَهُ فِيهِ ضَيِّقًا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلِ، وَلَوْ قِيلَ إنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الضَّرَرُ الْمَذْكُورُ لَمْ يَبْعُدْ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَرَكَ بَعْضَ حَقِّهِ) أَيْ وَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْ الْقَدِيمِ بِمَا فَعَلَهُ، فَلَوْ أَرَادَ الرُّجُوعَ لِلِاسْتِطْرَاقِ مِنْ الْقَدِيمِ وَسَدَّ الْحَادِثِ لَمْ يَمْتَنِعْ، وَلَوْ بَاعَ الدَّارَ الْمُشْتَمِلَةَ عَلَى مَا ذَكَرَ لِآخَرَ قَامَ مَقَامَهُ فَلَهُ الِاسْتِطْرَاقُ مِنْ الْقَدِيمِ مَعَ سَدِّ الْحَادِثِ؛ لِأَنَّ الدَّارَ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ بِتِلْكَ الصِّفَةِ، فَلَا تَغَيُّرَ؛ لِأَنَّ الْمَمَرَّ مُشْتَرَكٌ فِي الْأَصْلِ وَهُوَ عَيْنٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: مِنْ بَابِهِ الْأَصْلِيِّ) أَيْ: أَوْ مِيزَابِهِ الْأَصْلِيِّ

الْإِسْنَوِيُّ: وَلَوْ كَانَ لَهُ دَارٌ بِوَسَطِ السِّكَّةِ وَأُخْرَى بِآخِرِهَا فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ دَارُهُ بَيْنَهُمَا مَنْعُهُ مِنْ تَقْدِيمِ بَابِ الْمُتَوَسِّطَةِ، وَتَفْسِيرُ الشَّيْخِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ إلَى آخِرِ السِّكَّةِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ شَرِيكًا فِي الْجَمِيعِ لَكِنَّ شَرِكَتَهُ بِسَبَبِهَا إنَّمَا هُوَ إلَيْهَا خَاصَّةً، وَقَدْ يَبِيعُ لِغَيْرِهِ فَيَسْتَفِيدُ زِيَادَةَ اسْتِطْرَاقٍ صَحِيحٍ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ كَلَامُ الْإِسْنَوِيِّ بِمَا فَسَّرَهُ بِهِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ فِي سِكَّةٍ قِطْعَةُ أَرْضٍ فَبَنَاهَا دُورًا وَفَتَحَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ بَابًا جَازَ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ (وَمَنْ) (لَهُ دَارَانِ تُفْتَحَانِ إلَى دَرْبَيْنِ مَسْدُودَيْنِ) أَيْ مَمْلُوكَيْنِ (أَوْ مَسْدُودٍ) أَيْ مَمْلُوكٍ (وَشَارِعٍ فَفَتَحَ بَابًا) أَيْ أَرَادَ فَتْحَهُ (بَيْنَهُمَا) لِلِاسْتِطْرَاقِ (لَمْ يُمْنَعْ فِي الْأَصَحِّ) لِاسْتِحْقَاقِهِ الْمُرُورَ فِي الدَّرْبِ وَرَفْعَ الْحَائِلِ بَيْنَ الدَّارَيْنِ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ فَلَمْ يُمْنَعْ حَقَّهُ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ وَالْبَغَوِيِّ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ عَنْ الْجُمْهُورِ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي؛ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى يُثْبِتُ لِكُلٍّ مِنْ الدَّارَيْنِ اسْتِطْرَاقًا فِي الدَّرْبِ الْآخَرِ لَمْ يَكُنْ لَهُ، وَفِي الثَّانِيَةِ يُثْبِتُ لِلْمُلَاصِقَةِ لِلشَّارِعِ حَقًّا فِي الْمَسْدُودِ لَمْ يَكُنْ لَهَا، وَسَوَاءٌ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَبْقَى الْبَابَيْنِ عَلَى حَالِهِمَا أَمْ سَدَّ أَحَدَهُمَا وَإِنْ خَصَّهُ الرَّافِعِيُّ بِمَا إذَا سَدَّ بَابَ أَحَدِهِمَا وَفَتَحَ الْبَابَ لِغَرَضِ الِاسْتِطْرَاقِ، وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْمَسْدُودِ الْمَمْلُوكُ وَإِلَّا فَالسَّدُّ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْمِلْكُ بِدَلِيلِ مَا لَوْ كَانَ فِي أَقْصَاهُ مَسْجِدٌ أَوْ نَحْوُهُ كَمَا مَرَّ، وَتُفْتَحَانِ بِمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ فِي أَوَّلِهِ؛ لِأَنَّ الدَّارَ مُؤَنَّثَةٌ، وَكَذَا كُلُّ فِعْلٍ كَانَ ضَمِيرًا لِغَائِبَتَيْنِ كَمَا فِي الدَّقَائِقِ، وَقَدْ وَرَدَ بِهِ السَّمَاعُ فِي قَوْله تَعَالَى {عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ} [الرحمن: 50] ، وَ {أَنْ تَزُولا} [فاطر: 41] ، وَ {امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ} [القصص: 23] قَالَهُ أَبُو حَيَّانَ وَجَوَّزَ ابْنُ فَارِسٍ فِيهِ الْيَاءَ التَّحْتِيَّةَ (وَحَيْثُ مُنِعَ فَتْحُ الْبَابِ فَصَالَحَهُ أَهْلُ الدَّرْبِ) أَيْ الْمَالِكُونَ بِأَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ نَحْوُ مَسْجِدٍ (بِمَالٍ صَحَّ) ؛ لِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ بِالْأَرْضِ، بِخِلَافِ إشْرَاعِ الْجَنَاحِ؛ لِأَنَّ الْهَوَاءَ لَا يُبَاعُ مُنْفَرِدًا؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ، فَإِنْ صَالَحُوهُ عَلَى مُجَرَّدِ الْفَتْحِ بِمَالٍ لَمْ يَصِحَّ قَطْعًا، وَحَيْثُ صَحَّ فَإِنْ قَدَّرُوا لِلِاسْتِطْرَاقِ مُدَّةً كَانَ إجَارَةً، وَإِنْ أَطْلَقُوا أَوْ شَرَطُوا التَّأْبِيدَ كَانَ بَيْعَ جُزْءٍ شَائِعٍ مِنْ الدَّرْبِ لَهُ، وَيُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ أَحَدِهِمْ، كَمَا لَوْ صَالَحَ رَجُلًا عَلَى مَالٍ لِيُجْرِيَ فِي أَرْضِهِ مَاءَ نَهْرٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ تَمْلِيكًا لِمَكَانِ النَّهْرِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ صَالَحَهُ بِمَالٍ عَلَى فَتْحِ بَابٍ مِنْ دَارِهِ أَوْ إجْرَاءِ مَاءٍ عَلَى سَطْحِهِ فَإِنَّهُ وَإِنْ صَحَّ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا مِنْ الدَّارِ وَالسَّطْحِ؛ لِأَنَّ السِّكَّةَ لَا تُرَادُ إلَّا لِلِاسْتِطْرَاقِ فَإِثْبَاتُهُ فِيهَا يَكُونُ نَقْلًا لِلْمِلْكِ، وَأَمَّا الدَّارُ وَالسَّطْحُ فَلَا يُقْصَدُ بِهِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالْمِلْكُ فِي الْأَعْيَانِ لَا يَزُولُ إلَّا بِمُزِيلٍ وَهُوَ لَمْ يُوجَدْ هُنَا فَتَنَبَّهْ لَهُ، وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ خِلَافِهِ (قَوْلُهُ مِنْ تَقْدِيمِ بَابِ) أَيْ لِجِهَةِ صَدْرِ الدَّرْبِ (قَوْلُهُ: بِمَا فَسَّرَهُ بِهِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ إلَى آخِرِ السِّكَّةِ بَلْ لَا فَرْقَ بَيْنَ التَّقْدِيمِ إلَى آخِرِ السِّكَّةِ وَأَدْنَاهَا حَيْثُ كَانَ مَعَ فَتْحِ الْأَوَّلِ وَالِاسْتِطْرَاقِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لِغَرَضِ الِاسْتِطْرَاقِ) قَدْ يُوهِمُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ قَيْدًا لِمَحَلِّ الْخِلَافِ وَلَيْسَ مُرَادًا (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ أَيْ الْمَمْلُوكِ (قَوْلُهُ: وَجَوَّزَ ابْنُ فَارِسٍ فِيهِ) أَيْ فِي كُلِّ فِعْلٍ كَانَ ضَمِيرًا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَصَالَحَهُ أَهْلُ الدَّرْبِ) أَيْ عَلَى فَتْحِهِ لِيَسْتَطْرِقَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: بِمَالٍ صَحَّ) أَيْ وَيُوَزَّعُ الْمَالُ عَلَى عَدَدِ الدُّورِ ثُمَّ يُوَزَّعُ مَا خَصَّ كُلَّ بَيْتٍ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِ مُلَّاكِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، ثُمَّ رَأَيْت بِهَامِشِ نُسْخَةٍ قَدِيمَةٍ بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ مَا يُصَرِّحُ بِمَا قُلْنَاهُ بَلْ سَاقَهُ مَسَاقَ الْمَنْقُولِ، وَلَوْ كَانَ فِي الدَّرْبِ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْمَنْفَعَةَ بِنَحْوِ إجَارَةٍ فَلَا بُدَّ فِي جَوَازِ الْفَتْحِ مِنْ رِضَاهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْمَالِ الْمَأْخُوذِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَوْ كَانَ فِي الدَّرْبِ دَارٌ مَوْقُوفَةٌ فَالْأَقْرَبُ أَنَّ مَا يَخُصَّهَا يُصْرَفُ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَلَا بُدَّ فِي جَوَازِ ذَلِكَ مِنْ رِضَا مَنْ لَهُ الْوَلَايَةُ عَلَى الْوَقْفِ وَرِضَا الْمُسْتَأْجِرِ لَهَا إنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَتَفْسِيرُ الشَّيْخِ ذَلِكَ) أَيْ التَّقْدِيمِ. (قَوْلُهُ: غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ كَلَامُ الْإِسْنَوِيِّ بِمَا فَسَّرَهُ بِهِ) أَيْ بَلْ يَجْرِي فِيمَا إذَا فَتَحَ بَابًا أَدْنَى إلَى رَأْسِ الدَّرْبِ أَيْ: مَعَ بَقَاءِ الْأَوَّلِ هَذَا الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ لَكِنَّ هَذَا لَا يُوَافِقُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمَنْعَ حِينَئِذٍ إنَّمَا هُوَ لِمَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَأْسِ الدَّرْبِ (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَحَيْثُ مَنَعَ فَتْحَ الْبَابِ) أَيْ بِأَنْ أَرَادَ الِاسْتِطْرَاقَ.

الِاسْتِطْرَاقُ وَإِجْرَاءُ الْمَاءِ، أَمَّا إذَا كَانَ بِالسِّكَّةِ مَسْجِدٌ أَوْ نَحْوُهُ كَدَارٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ، إذْ الْبَيْعُ لَا يُتَصَوَّرُ فِي الْمَوْقُوفِ وَحُقُوقِهِ، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ زَادَ الْأَوَّلُ: وَأَمَّا الْإِجَارَةُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ فَيُتَّجَهُ فِيهَا تَفْصِيلٌ لَا يَخْفَى عَلَى الْفَقِيهِ اسْتِخْرَاجُهُ. (وَيَجُوزُ) لِمَالِكِ جِدَارٍ (فَتْحُ الْكَوَّاتِ) لِبَعْضِ أَهْلِهِ وَلِغَيْرِهِمْ وَهِيَ بِفَتْحِ الْكَافِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا الطَّاقَاتُ وَفَتْحُ شُبَّاكٍ وَلَوْ لِغَيْرِ الِاسْتِضَاءَةِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُشْرِفَ عَلَى حَرِيمِ جَارِهِ أَوْ لَا كَمَا فِي الْبَيَانِ عَنْ الشَّيْخ أَبِي حَامِدٍ لِتَمَكُّنِ الْجَارِ مِنْ دَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُ بِبِنَاءِ سُتْرَةٍ أَمَامَ الْكَوَّةِ وَإِنْ تَضَرَّرَ صَاحِبُهَا بِمَنْعِ الضَّوْءِ مِنْهَا أَوْ النَّظَرِ، وَلِأَنَّ صَاحِبَهَا لَوْ أَرَادَ رَفْعَ جَمِيعِ الْحَائِطِ لَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ فَتَقْيِيدُ الْجُرْجَانِيِّ بِمَا إذَا كَانَتْ عَالِيَةً لَا يَقَعُ النَّظَرُ مِنْهَا عَلَى دَارِ جَارِهِ ضَعِيفٌ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْكَوَّةَ لَوْ كَانَ لَهَا غِطَاءٌ أَوْ شُبَّاكٌ يَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ هَوَاءِ الدَّرْبِ مُنِعَتْ، وَإِنْ كَانَ فَاتِحُهَا مِنْ أَهْلِهِ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ (وَالْجِدَارُ) الْكَائِنُ (بَيْنَ الْمَالِكَيْنِ) لِدَارَيْنِ (قَدْ يَخْتَصُّ بِهِ) أَيْ بِمِلْكِهِ (أَحَدُهُمَا) وَيَكُونُ سَاتِرًا لِلْآخَرِ فَقَطْ (وَقَدْ يَشْتَرِكَانِ فِيهِ فَالْمُخْتَصُّ) بِهِ أَحَدُهُمَا (لَيْسَ لِلْآخَرِ) ـــــــــــــــــــــــــــــSكَانَ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ أَيْ الْمَالِكُونَ بِأَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ نَحْوُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا يَخْفَى عَلَى الْفَقِيهِ) يُشِيرُ إلَى مَا يَخُصُّ الْمَوْقُوفَ مِنْ الْأُجْرَةِ إنْ كَانَ قَدْرَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَفِيهِ مَصْلَحَةٌ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا اهـ سم، وَنَقَلَهُ عَنْ حَجّ عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ. (قَوْلُهُ: فَتْحُ الْكَوَّاتِ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ الْكَوَّةُ بِالْفَتْحِ ثُقْبُ الْبَيْتِ وَالْجَمْعُ كُوًى بِالْكَسْرِ مَمْدُودٌ وَمَقْصُورٌ، وَالْكُوَّةُ بِالضَّمِّ لُغَةً وَجَمْعُهَا كُوًى اهـ. وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ مَا سَلَكَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ جَمْعِهِ جَمْعَ تَصْحِيحٍ لَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ (قَوْلُهُ: مُنِعَتْ) أَيْ حَيْثُ لَا إذْنَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ بِذَلِكَ ضَرَرٌ لِأَهْلِ الدَّرْبِ بِوَجْهٍ؛ لِأَنَّ الْهَوَاءَ مُشْتَرَكٌ، وَالْمُشْتَرَكُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ وَلَيْسَ مِنْ الْإِذْنِ اعْتِيَادُ النَّاسِ فَتْحَ الطَّاقَاتِ الَّتِي لَهَا غِطَاءٌ، وَالشَّبَابِيكُ الَّتِي لَهَا ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مُعَارَضَةٍ. [حَادِثَةٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ بِمَا صُورَتُهُ: مَا قَوْلُكُمْ فِي أَمَاكِنَ مَوْقُوفَةٍ مِنْ وَاقِفٍ وَاحِدٍ عَلَى قُرُبَاتٍ وَخَيْرَاتٍ عَيَّنَهَا بِكِتَابِ وَقْفِهِ وَفِي أَحَدِ الْأَمْكِنَةِ الْمَذْكُورَةِ مَكَانٌ وَضَعَهُ الْوَاقِفُ مُتَمَيِّزًا عَنْ غَيْرِهِ وَبَارِزًا وَفِيهِ شُبَّاكٌ لِلضَّوْءِ وَالْهَوَاءِ، ثُمَّ إنَّ النَّاظِرَ عَلَى الْوَقْفِ أَجَّرَ الْمَكَانَ الْمَذْكُورَ لِشَخْصٍ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، ثُمَّ إنَّ شَخْصًا اسْتَأْجَرَ مَكَانًا مِنْ جُمْلَةِ الْوَقْفِ مُلَاصِقًا لِلْمَكَانِ الْمَذْكُورِ وَيُرِيدُ إحْدَاثَ بِنَاءٍ يَسُدُّ الشُّبَّاكَ وَيُنْقِصُ أُجْرَةَ الْمَكَانِ الَّذِي هُوَ بِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ أَوْ يُمْنَعُ مِنْهُ قَهْرًا عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَ الْكُلُّ وَقْفًا وَاحِدًا؟ وَأَجَبْت عَنْهُ بِمَا صُورَتُهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ الْمَذْكُورِ الْبِنَاءُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهِ سَدُّ الشُّبَّاكِ الْمَذْكُورِ لِمَا فِيهِ مِنْ نَقْصِ أُجْرَةِ الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ بِتَعْطِيلِ بَعْضِ مَنَافِعِهِ، وَعِبَارَةُ الشَّمْسِ الرَّمْلِيِّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمِنْهَاجِ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ: قَالَ السُّبْكِيُّ: وَاَلَّذِي أَرَاهُ جَوَازُ تَغْيِيرِ الْوَقْفِ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ، وَذَكَرَ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ فِي التَّغْيِيرِ مَصْلَحَةٌ لِلْوَقْفِ، وَالْبِنَاءُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ بَلْ فِيهِ إضْرَارٌ فَيُمْنَعُ وَيَأْثَمُ هُوَ وَمَنْ يُعَاوِنُهُ بِمُخَالَفَةِ مَا قَصَدَهُ الْوَاقِفُ، وَلَا نَظَرَ لِمَا يَحْدُثُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي يُرَادُ فِعْلُ الْبِنَاءِ فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ أُجْرَتِهِ عَمَّا كَانَ لَوْ حَصَلَتْ؛ لِأَنَّهَا عَلَى خِلَافِ غَرَضِ الْوَاقِفِ، مَعَ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْآنَ إنَّمَا يَعُودُ أَثَرُهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لَا عَلَى الْوَاقِفِ، وَأَمَّا مَا صَرَّحُوا بِهِ فِي بَابِ الصُّلْحِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ سَدِّ الطَّاقَاتِ وَالشَّبَابِيكِ وَإِنْ مَنَعَتْ الضَّوْءَ وَالْهَوَاءَ عَلَى الْجَارِ وَلَا مِنْ فَتْحِهَا وَإِنْ أَدَّتْ إلَى الْإِشْرَافِ عَلَى حَرِيمِ غَيْرِهِ فَمَحَلُّهُ كَمَا هُوَ فَرْضُ كَلَامِهِمْ فِي الْمِلْكِ، وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ الْمُتَصَرِّفَ فِي الْكَوَّاتِ لَوْ أَرَادَ رَفْعَ الْجِدَارِ مِنْ أَصْلِهِ لَمْ يُمْنَعْ فَكَيْفَ يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي بَعْضِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ: وَالْجِدَارُ الْكَائِنُ) بَيَّنَ بِهِ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بَيْنَ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ صِفَةٍ لِلْجِدَارِ (قَوْلُهُ: لِدَارَيْنِ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: لِبَعْضِ أَهْلِهِ وَلِغَيْرِهِمْ) بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ لِمَالِكِ جِدَارٍ

وَلَا لِغَيْرِهِ الْمَفْهُومِ بِالْأَوْلَى تَصَرُّفٌ فِيهِ بِمَا يَضُرُّ مُطْلَقًا فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ (وَضْعُ الْجُذُوعِ) أَيْ الْأَخْشَابِ، وَضْعُ جِذْعٍ وَاحِدٍ (عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِ) مَالِكِهِ وَلَا ظَنِّ رِضَاهُ (فِي الْجَدِيدِ، وَلَا يُجْبَرُ الْمَالِكُ عَلَيْهِ) لِخَبَرِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ فِي الْإِسْلَامِ» وَخَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ «لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ مِنْ مَالِ أَخِيهِ إلَّا مَا أَعْطَاهُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ» وَقِيَاسًا عَلَى سَائِرِ أَمْوَالِهِ وَأَمَّا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ الَّذِي اسْتَدَلَّ بِظَاهِرِهِ الْقَدِيمُ الْقَائِلُ بِجَوَازِ الْوَضْعِ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ وَهُوَ «لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدُكُمْ جَارَهُ أَنْ يَضَعَ خَشَبَهُ فِي جِدَارِهِ» . فَأُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ لِقُوَّةِ الْعُمُومَاتِ الْمُعَارِضَةِ لَهُ، وَيُؤَيِّدُهُ إعْرَاضُ مَنْ أَعْرَضَ فِي زَمَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَبِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي جِدَارِهِ لِجَارِهِ لِقُرْبِهِ: أَيْ لَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَضَعَ خَشَبَهُ فِي جِدَارِ نَفْسِهِ وَإِنْ تَضَرَّرَ بِهِ مِنْ جِهَةِ مَنْعِ الضَّوْءِ وَالْهَوَاءِ وَرُؤْيَةِ الْأَمَاكِنِ الْمُسْتَطْرَفَةِ وَنَحْوِهَا وَيَتَأَيَّدُ بِأَنَّهُ الْقِيَاسُ الْفِقْهِيُّ وَالْقَاعِدَةُ النَّحْوِيَّةُ فَإِنَّهُ أَقْرَبُ مِنْ الْأَوْلَى فَوَجَبَ عَوْدُ الضَّمِيرِ إلَيْهِ، وَلِلْقَدِيمِ شُرُوطٌ: أَنْ لَا يَحْتَاجَ مَالِكُهُ إلَى وَضْعِ جُذُوعِهِ عَلَيْهِ، وَأَنْ لَا يَزِيدَ الْجَارُ فِي ارْتِفَاعِ الْجُدْرَانِ، وَلَا يَبْنِيَ عَلَيْهِ أَزَجًا، وَلَا يَضَعَ عَلَيْهِ مَا يَضُرُّهُ، وَأَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ لَهُ نَصَّ عَلَيْهِ، وَأَنْ لَا يَمْلِكَ شَيْئًا مِنْ جُدْرَانِ الْبُقْعَةِ الَّتِي يُرِيدُ أَنْ يَسْقُفَهَا أَوْ لَا يَمْلِكَ إلَّا جِدَارًا وَاحِدًا وَلَا فَرْقَ عَلَى الْقَدِيمِ بَيْنَ أَنْ يَحْتَاجَ إلَى فَتْحِ شَيْءٍ فِي الْحَائِطِ لِتَدْخُلَ فِيهِ الْجُذُوعُ أَمْ لَا، صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمَا؛ لِأَنَّ رَأْسَ الْجِذْعِ يَسُدُّ الْمُنْفَتِحَ وَيُقَوِّيَ الْجِدَارَ، بِخِلَافِ فَتْحِ الْكَوَّةِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَقَوْلُهُ وَلَا يُجْبَرُ الْمَالِكُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْجَدِيدِ كَمَا قَالَهُ الْمُنَكِّتُ مُجِيبَهَا بِهِ عَنْ قَوْلِ الْمُعْتَرِضِ: إنَّهُ يَفْهَمُ أَنَّهُ مَجْزُومٌ بِهِ، وَأَنَّ الْقَوْلَيْنِ إنَّمَا هُمَا فِي الْجَوَازِ ابْتِدَاءً وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ حَذَفَهُ كَانَ أَوْلَى، وَفَرْضُ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ فِي الْجِدَارِ بَيْنَ الْمَالِكَيْنِ قَدْ يُخْرِجُ السَّابَاطَ إذَا أَرَادَ بِنَاءَهُ عَلَى شَارِعٍ أَوْ دَرْبٍ غَيْرِ نَافِذٍ، وَأَنْ يَضَعَ طَرَفَ الْجُذُوعِ عَلَى حَائِطِ جَارِهِ الْمُقَابِلِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا بِالرِّضَا قَطْعًا كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْجِدَارَ لَيْسَ بَيْنَ مَالِكَيْنِ بَلْ بَيْنَ مَالِكٍ وَشَارِعٍ (فَلَوْ رَضِيَ) الْمَالِكُ بِوَضْعِ جُذُوعٍ أَوْ بِنَاءٍ عَلَى جِدَارِهِ (بِلَا عِوَضٍ) وَقُلْنَا بِعَدَمِ الْإِجْبَارِ (فَهُوَ إعَارَةٌ) ـــــــــــــــــــــــــــــSمَثَلًا (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ «لَا ضَرَرَ» ) قَدَّمَهُ لِعُمُومِهِ (قَوْلُهُ: مَالِ أَخِيهِ) هُوَ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَالذِّمِّيُّ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَنْ طِيبِ نَفْسٍ) رَوَاهُ الْحَاكِمُ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ فِي مُعْظَمِهِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا فِي بَعْضِهِ. أَقُولُ: الْمُرَادُ بِشَرْطِهِمَا الرِّجَالُ الَّذِينَ اتَّفَقَا فِي الرِّوَايَةِ عَنْهُمْ وَشَرْطُ الْبُخَارِيِّ مَنْ انْفَرَدَ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُمْ عَنْ مُسْلِمٍ وَشَرْطُ مُسْلِمٍ مَنْ انْفَرَدَ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُمْ عَنْ الْبُخَارِيِّ اهـ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْأَلْفِيَّةِ بِالْمَعْنَى فَلْيُرَاجَعْ وَأَمَّا مَنْ اُشْتُهِرَ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِشَرْطِ الْبُخَارِيِّ مَا هُوَ مَعْرُوفٌ عَنْهُ مِنْ اللُّقَى وَالْمُعَاصَرَةِ وَبِشَرْطِ مُسْلِمٍ الْمُعَاصَرَةَ دُونَ اللُّقَى فَلَا تَصِحُّ إرَادَتُهُ هُنَا؛ لِأَنَّ شَرْطَهُمَا حِينَئِذٍ مُتَبَايِنَانِ فَيَفُوتُ قَوْلُهُمْ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ إنَّهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَبَعْضِهَا إنَّهُ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَبَعْضِهَا إنَّهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الْخَبَرُ (قَوْلُهُ: أَنْ يَضَعَ خَشَبَهُ) رُوِيَ بِالْإِفْرَادِ وَمُنَوَّنًا، وَالْأَكْثَرُ بِالْجَمْعِ مُضَافًا اهـ مَحَلِّيٌّ (قَوْلُهُ: مَنْ أَعْرَضَ) أَيْ عَنْ الْعَمَلِ بِهَذَا الْحَدِيثِ الْمُسْتَدِلِّ بِهِ الْقَدِيمُ (قَوْلُهُ: إنْ تَضَرَّرَ بِهِ) أَيْ جَارُهُ (قَوْلُهُ: الْمُسْتَطْرَفَةِ) بِالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ: أَيْ الْحَسَنَةِ، وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: وَالطُّرْفَةُ مَا يُسْتَطْرَفُ: أَيْ مَا يُسْتَمْلَحُ، وَالْجَمْعُ طُرَفٌ مِثْلَ غُرْفَةٌ وَغُرَفٌ، وَأَطْرَفَ إطْرَافًا جَاءَ بِطُرْفَةٍ اهـ. وَيَجُوزُ كَوْنُهُ بِالظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ الظُّرْفِ بِمَعْنَى الْحُسْنِ (قَوْلُهُ: وَيَتَأَيَّدُ) أَيْ قَوْلُهُ وَبِأَنَّ الضَّمِيرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَزَجًا) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الْبَيْتُ يُبْنَى طُولًا وَأَزَّجْتُهُ تَأْزِيجًا إذَا بَنَيْته كَذَلِكَ، وَيُقَالُ الْأَزَجُ السَّقْفُ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى كَيْفِيَّةِ السَّقْفِ وَالْمُرَادُ بِهَا الْعَقْدُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَضَعُ عَلَيْهِ مَا يَضُرُّهُ) هَذَا قَدْ يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ وَلَا يَبْنِي عَلَيْهِ أَزَجًا؛ لِأَنَّ وَجْهَ الْمَنْعِ مِنْ الْأَزَجِ ضَرَرُهُ (قَوْلُهُ: وَأَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ) أَيْ تَكُونَ الْأَرْضُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلِلْقَدِيمِ شُرُوطٌ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ تُحَرَّرَ هَذِهِ الشُّرُوطُ فَإِنَّ فِي فَهْمِهَا صُعُوبَةً وَمُخَالَفَةً لِمَا فِي الْقُوتِ فَلْيُرَاجَعْ

لِصِدْقِ حَدِّهَا عَلَيْهِ، وَيَسْتَفِيدُ بِهَا الْمُسْتَعِيرُ الْوَضْعَ مَرَّةً وَاحِدَةً حَتَّى لَوْ رَفَعَ جُذُوعَهُ أَوْ سَقَطَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ سَقَطَ الْجِدَارُ فَبَنَاهُ صَاحِبُهُ بِتِلْكَ الْآلَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْوَضْعُ ثَانِيًا فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ إنَّمَا تَنَاوَلَ مَرَّةً وَلَوْ وَضَعَ أَحَدُ مَالِكَيْ الْجِدَارِ جُذُوعَهُ عَلَيْهِ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ ثُمَّ انْهَدَمَ ذَلِكَ الْبِنَاءُ، فَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ تَجُوزُ لَهُ إعَادَةُ الْجُذُوعِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ إطْلَاقِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْجِدَارِ الْمُخْتَصِّ وَالْمُشْتَرَكِ فِي أَنَّهُ لَا تَجُوزُ لَهُ إعَادَةُ الْجُذُوعِ إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ عَلَى الْأَصَحِّ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ وَجْهًا ثَالِثًا، وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ إذَا وُضِعَتْ أَوَّلًا بِإِذْنٍ، فَلَوْ مَلَكَا دَارَيْنِ وَرَأَيَا خَشَبًا عَلَى الْجِدَارِ وَلَا يُعْلَمُ كَيْفَ وُضِعَتْ فَإِذَا سَقَطَ الْحَائِطُ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ إعَادَةِ الْجُذُوعِ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّا حَكَمْنَا بِأَنَّهُ وُضِعَ بِحَقٍّ وَشَكَكْنَا فِي الْمُجَوَّزِ لِلرُّجُوعِ، وَلَوْ أَرَادَ صَاحِبُ الْحَائِطِ نَقْضَهُ فَإِنْ كَانَ مُسْتَهْدَمًا جَازَ، وَحُكْمُ إعَادَةِ الْجُذُوعِ مَا سَبَقَ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا ذَكَرَهُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ. (وَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ) قَطْعًا (وَكَذَا بَعْدَهُ فِي الْأَصَحِّ) كَسَائِرِ الْعَوَارِيّ. وَالثَّانِي لَا رُجُوعَ لَهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْعَارِيَّةِ إنَّمَا يُرَادُ بِهَا التَّأْبِيدُ، فَأَشْبَهَ مَا إذَا أَعَارَ لِلدَّفْنِ وَمَا رَجَّحَهُ تَبَعًا لِلشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ هُنَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحَيْهِ فِي الْكَلَامِ عَلَى بَيْعِ الشَّجَرِ خِلَافًا، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ كَلَامَيْ الرَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ هُنَاكَ لِمَنْعِ الرُّجُوعِ بَلْ قَالَ: وَقَدْ يَسْتَحِقُّ غَيْرُ الْمَالِكِ الْمَنْفَعَةَ لَا إلَى غَايَةٍ كَمَا إذَا أَعَارَهُ جِدَارَهُ لِيَضَعَ عَلَيْهِ الْجُذُوعَ، فَلَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ الْمُدَّةِ (وَفَائِدَةُ الرُّجُوعِ تَخْيِيرُهُ بَيْنَ أَنْ يُبْقِيَهُ) أَيْ الْمَوْضُوعَ (بِأُجْرَةٍ أَوْ يَقْلَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالَّتِي يَسْكُنُ فِيهَا الْبَانِي لَهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ مُسْتَعِيرًا، أَوْ مُسْتَأْجِرًا فَلَا يُجْبَرُ جَارُهُ عَلَى تَمْكِينِهِ مِنْ الْبِنَاءِ (قَوْلُهُ: فِي الْأَصَحِّ) أَيْ الرَّاجِحِ، وَعَبَّرَ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى حَجّ بِقَوْلِهِ: خِلَافًا لِمَا فِي الْأَنْوَارِ، وَهُوَ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَيْسَ خِلَافًا بَيْنَ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَضَعَ) ذَكَرَهُ هُنَا لِمُنَاسَبَةِ مَا قَبْلَهُ، وَإِلَّا فَمَحَلُّهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي، وَأَمَّا الْجِدَارُ الْمُشْتَرَكُ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُخْتَصًّا بِغَيْرِ وَاضِعِ الْجُذُوعِ لَمْ تَجُزْ إعَادَتُهَا إلَّا بِإِذْنٍ فَيَكُونُ مُفَصَّلًا بَيْنَ الْمُشْتَرَكِ وَغَيْرِهِ، فَهُوَ ثَالِثٌ يُقَابِلُ كُلًّا مِنْ الْقَائِلِينَ بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا أَوْ الْجَوَازِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: عَلَى الْجِدَارِ) أَيْ وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِمَالِكِ إحْدَى الدَّارَيْنِ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ) أَيْ صَاحِبِ الْجِدَارِ (قَوْلُهُ: مَنْعُهُ) أَيْ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: وَشَكَكْنَا إلَخْ) أَيْ وَلِلشَّكِّ فِي ذَلِكَ لَمْ نَحْمِلْهُ عَلَى أَنَّهُ وُضِعَ بِالْإِعَارَةِ، وَإِلَّا لَامْتَنَعَتْ الْإِعَادَةُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَذِنَ لَهُ فِي الْوَضْعِ بِلَا عِوَضٍ ثُمَّ انْهَدَمَ الْجِدَارُ وَأُعِيدَ لَيْسَ لَهُ وَضْعُ الْخَشَبِ إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَيَأْتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ جُذُوعٌ إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا قَلْعَ وَلَا أُجْرَةَ أَخْذًا بِإِطْلَاقِهِمْ إلَخْ (قَوْلُهُ صَاحِبُ الْحَائِطِ) أَيْ فِيمَا لَوْ مَلَكَا دَارَيْنِ وَرَأَيَا إلَخْ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مُسْتَأْنَفٌ وَهُوَ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَا يَخْتَصُّ بِمَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ: وَحُكْمُ إعَادَةِ الْجُذُوعِ) أَيْ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ كَوْنِهَا وُضِعَتْ بِعِوَضٍ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: فَأَشْبَهَ مَا إذَا أَعَارَ لِلدَّفْنِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ إلَّا بَعْدَ الِانْدِرَاسِ لِلْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ) الْفَاءُ تَعْلِيلِيَّةٌ (قَوْلُهُ: الْمَوْضُوعُ بِأُجْرَةٍ) أَيْ فَلَوْ اخْتَارَ الْإِبْقَاءَ بِالْأُجْرَةِ هَلْ لَهُ الرُّجُوعُ بَعْدَ ذَلِكَ وَطَلَبُ الْقَلْعِ وَغَرَامَةُ الْأَرْشِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ مُوَافَقَتَهُ عَلَى الْأُجْرَةِ بِمَنْزِلَةِ ابْتِدَاءِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إذَا عَقَدَ بِشَيْءٍ ابْتِدَاءً لَيْسَ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ إذَا وُضِعَتْ أَوَّلًا بِإِذْنٍ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ لَيْسَ فِيهِ وَضْعٌ أَوَّلُ فَحَقُّ الْعِبَارَةِ وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الْوَضْعِ ابْتِدَاءً، أَمَّا إذَا وُضِعَتْ أَوَّلًا بِإِذْنٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَرَادَ صَاحِبُ الْحَائِطِ نَقْضَهُ) أَيْ: الْجِدَارِ الَّذِي لَمْ يَعْلَمْ أَصْلَ وَضْعِ الْجُذُوعِ عَلَيْهِ (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ قَبْلَ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْجِدَارِ أَوْ الْمَوْضُوعِ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ الشِّهَابُ حَجّ، وَلَا يَضُرُّ عَلَى الْأَوَّلِ كَوْنُ الْكَلَامِ فِي الْجُذُوعِ

ذَلِكَ وَيَغْرَمَ أَرْشَ نَفْسِهِ) وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ قَائِمًا وَمَقْلُوعًا كَمَا فِي إعَارَةِ الْأَرْضِ لِلْبِنَاءِ، قَالَا: وَلَا تَجِيءُ الْخَصْلَةُ الثَّالِثَةُ وَهِيَ التَّمَلُّكُ بِالْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ أَصْلٌ فَجَازَ أَنْ يَسْتَتْبِعَ الْبِنَاءَ، وَالْجِدَارُ تَابِعٌ فَلَا يَسْتَتْبِعُ، كَذَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ هُنَا، وَلَا يُخَالِفُ مَا ذُكِرَ هُنَا مَا يَأْتِي فِي الْعَارِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَعَارَ الشَّرِيكُ حِصَّتَهُ مِنْ أَرْضِ الْبِنَاءِ ثُمَّ رَجَعَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْقَلْعِ مَعَ الْأَرْشِ لِمَا فِيهِ مِنْ إلْزَامِ الْمُسْتَعِيرِ تَفْرِيغَ مِلْكِهِ عَنْ مِلْكِهِ؛ لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ بِالْقَلْعِ هُنَا تَوَجَّهَتْ إلَى مَا هُوَ بِمِلْكِ الْمُعِيرِ بِجُمْلَتِهِ، وَإِزَالَةُ الطَّرَفِ عَنْ مِلْكِ الْمُسْتَعِيرِ جَاءَتْ بِطَرِيقِ اللَّازِمِ، بِخِلَافِ الْحِصَّةِ مِنْ الْأَرْضِ فَنَظِيرُ مَا هُنَاكَ إعَارَةُ الْجِدَارِ الْمُشْتَرَكِ (وَقِيلَ فَائِدَتُهُ طَلَبُ الْأُجْرَةِ فَقَطْ) فِي الْمُسْتَقْبَلِ؛ لِأَنَّ ضَرَرَ الْقَلْعِ يَتَعَدَّى إلَى خَالِصِ مِلْكِ الْمُسْتَعِيرِ؛ إذْ الْجُذُوعُ إذَا ارْتَفَعَتْ أَطْرَافُهَا عَنْ جِدَارٍ لَا تُسْتَمْلَكُ عَلَى الْجِدَارِ الْآخَرِ وَالضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ. (وَلَوْ) (رَضِيَ بِوَضْعِ الْجُذُوعِ وَالْبِنَاءِ عَلَيْهَا بِعِوَضٍ) وَقُلْنَا بِمَنْعِ الْإِجْبَارِ (فَإِنْ) (أَجَّرَ رَأْسَ الْجِدَارِ لِلْبِنَاءِ) عَلَيْهِ (فَهُوَ إجَارَةٌ) كَسَائِرِ الْأَعْيَانِ الَّتِي تُسْتَأْجَرُ لِلْمَنَافِعِ لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا بَيَانُ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ يَرِدُ عَلَى الْمَنْفَعَةِ وَتَدْعُو الْحَاجَةُ إلَى دَوَامِهِ فَلَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ التَّأْقِيتُ كَالنِّكَاحِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: نَعَمْ لَوْ كَانَتْ الدَّارُ وَقْفًا عَلَيْهِ مَثَلًا وَأَجَّرَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الْمُدَّةِ قَطْعًا، ذَكَرَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَاعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ لِامْتِنَاعِ شَائِبَةِ الْبَيْعِ فِيهِ (وَإِنْ قَالَ بِعْته لِلْبِنَاءِ عَلَيْهِ أَوْ بِعْت حَقَّ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ فَالْأَصَحُّ أَنَّ هَذَا الْعَقْدَ فِيهِ شَوْبُ بَيْعٍ) لِكَوْنِهِ مُؤَبَّدًا (وَإِجَارَةٌ) ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ بِهِ مَنْفَعَةٌ فَقَطْ؛ إذْ لَا يَمْلِكُ الْمُشْتَرِي فِيهَا عَيْنًا، وَلَوْ كَانَ إجَارَةً مَحْضَةً لَاشْتُرِطَ تَأْقِيتُهَا أَوْ بَيْعًا مَحْضًا لَمَلَكَ رَأْسَ الْجِدَارِ صَاحِبُ الْجُذُوعِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ إجَارَةٌ مَحْضَةٌ، وَاغْتُفِرَ فِيهَا التَّأْبِيدُ لِلْحَاجَةِ كَسَوَادِ الْعِرَاقِ، وَرُدَّ بِأَنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ بِتَلَفِ الْجِدَارِ فَإِنَّهُ يَعُودُ حَقُّهُ بِإِعَادَةِ الْجِدَارِ وِفَاقًا. وَالثَّالِثُ أَنَّهُ بَيْعٌ يَمْلِكُ بِهِ الْمُشْتَرِي رَأْسَ الْجِدَارِ، هَذَا إذَا لَمْ يُقَدِّرْ مُدَّةً، فَإِنْ قَدَّرَ انْعَقَدَ إجَارَةً قَطْعًا، قَالَهُ شَارِحُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالرُّجُوعُ عَنْهُ، وَيَجُوزُ فِي الْأُجْرَةِ أَنْ تُقَدَّرَ دَفْعَةً كَأَنْ يُقَالَ أُجْرَةُ مِثْلِ هَذَا غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ بِمُدَّةِ كَذَا، وَأَنْ تُجْعَلَ مُقَسَّطَةً عَلَى الشُّهُورِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي عَنْ بِرّ فِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تُجْعَلَ الْأُجْرَةُ كُلَّ شَهْرٍ كَذَا كَمَا فِي الْخَرَاجِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ قَائِمًا) أَيْ مُسْتَحِقِّ الْقَلْعِ لَا مَجَّانًا كَمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُخَالِفُ مَا ذُكِرَ هُنَا) أَيْ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ يُقْلَعُ وَيَغْرَمُ أَرْشَ نَقْصِهِ (قَوْلُهُ: وَإِزَالَةُ الطَّرَفِ) أَيْ طَرَفِ الْجُذُوعِ (قَوْلُهُ: إعَارَةُ الْجِدَارِ) أَيْ لَا الْمُخْتَصُّ بِهِ أَحَدُهُمَا. (قَوْلُهُ: بَيَانُ الْمُدَّةِ) أَيْ وَلَا بَيَانُ تَقْدِيرِ أُجْرَةِ دَفْعِهِ فَيَكْفِي أَنْ يَقُولَ آجَرْتُك كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا، وَيُغْتَفَرُ الْغَرَرُ فِي الْإِجَارَةِ كَمَا اُغْتُفِرَ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَيَصِيرُ كَالْخَرَاجِ الْمَضْرُوبِ، قَالَهُ شَيْخُنَا بِرّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَمِنْ ذَلِكَ الْأَحْكَارُ الْمَوْجُودَةُ بِمِصْرِنَا فَيُغْتَفَرُ الْغَرَرُ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَقْفًا عَلَيْهِ مَثَلًا) كَمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهَا وَمُسْتَأْجَرَةٍ (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الْمُدَّةِ) أَيْ وَبَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ يُخَيَّرُ الْآذِنُ بَيْنَ تَبْقِيَتِهِ بِالْأُجْرَةِ وَالْقَلْعِ مَعَ غَرَامَةِ أَرْشِ النَّقْصِ إنْ أُخْرِجَ مِنْ خَالِصِ مِلْكِهِ أَمَّا إنْ كَانَ مَا يَدْفَعُهُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ فَلَا يَجُوزُ بَلْ يَتَعَيَّنُ التَّبْقِيَةُ بِالْأُجْرَةِ، وَكَذَا لَوْ انْتَقَلَ الْحَقُّ لِمَنْ بَعْدَ الْآذِنِ يَتَعَيَّنُ التَّبْقِيَةُ بِالْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: انْعَقَدَ إجَارَةً) وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ بِعْتُك؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ: لِحَقِّ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ بِالْقَلْعِ هُنَا إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ هَذَا عَنْ الْقِيلِ الْآتِي بِتَعْلِيلِهِ؛ لِأَنَّهُ جَوَابٌ عَنْهُ . (قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ) إنَّمَا لَمْ يُضْمَرْ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ رُجُوعُ الضَّمِيرِ لِلْقَاضِي. (قَوْلُهُ: لِامْتِنَاعِ شَائِبَةِ الْبَيْعِ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ هَذِهِ الْإِجَارَةَ فِيهَا شَائِبَةُ بَيْعٍ وَإِنْ اقْتَضَتْ مُقَابَلَةُ الْمَتْنِ خِلَافَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ إجَارَةً مَحْضَةً لَاشْتُرِطَ تَأْقِيتُهَا) يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ إجَارَةٌ مَحْضَةٌ وَلَمْ يُشْتَرَطْ تَأْقِيتُهَا. (قَوْلُهُ: انْعَقَدَ إجَارَةً قَطْعًا) اعْلَمْ أَنَّ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ كَالشِّهَابِ حَجّ مِنْ الصِّحَّةِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ غَيْرُ مُرَادٍ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ سم، وَإِلَّا لَنَافَى مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَصِحُّ بِلَفْظِ الْبَيْعِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَإِلَّا أَيْ: وَإِنْ أَقَّتَ بِوَقْتٍ فَلَا يَتَأَبَّدُ وَيَتَعَيَّنُ

التَّعْجِيزِ، وَتَجْرِي الْأَوْجُهُ فِيمَا لَوْ عَقَدَا بِلَفْظِ الصُّلْحِ أَيْضًا كَمَا فِي الْكِفَايَةِ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ لِلْبِنَاءِ عَلَيْهِ عَمَّا إذَا بَاعَهُ وَشَرَطَ عَدَمَ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ فَيَجُوزُ قَطْعًا، وَيَنْتَفِعُ بِهِ فِيمَا عَدَا الْبِنَاءَ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْبِنَاءِ فِي الْأَصَحِّ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَشَوْبٌ قَالَ فِي الدَّقَائِقِ إنَّهُ الصَّوَابُ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: شَائِبَةٌ تَصْحِيفٌ، وَاعْتَرَضَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِلتَّصْحِيفِ هُنَا وَصَوَابُهُ التَّحْرِيفُ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَا يَظْهَرُ لِي وَجْهُ التَّصْحِيفِ فِي ذَلِكَ؛ إذْ الشَّوْبُ الْخَلْطُ وَيُطْلَقُ عَلَى الْمَخْلُوطِ بِهِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَالشَّائِبَةُ يُشَابُ بِهَا فَكُلٌّ مِنْهُمَا صَوَابٌ (فَإِذَا بَنَى) بَعْدَ قَوْلِهِ بِعْته لِلْبِنَاءِ أَوْ بِعْت حَقَّ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ (فَلَيْسَ لِمَالِكِ الْجِدَارِ نَقْضُهُ) أَيْ نَقْضُ بِنَاءِ الْمُشْتَرِي (بِحَالٍ) أَيْ لَا مَجَّانًا وَلَا مَعَ إعْطَاءِ الْأَرْشِ لِاسْتِحْقَاقِهِ دَوَامَ الْبِنَاءِ بِعَقْدٍ لَازِمٍ، نَعَمْ إنْ اشْتَرَى مَالِكُ الْجِدَارِ حَقَّ الْبِنَاءِ مِنْ الْمُشْتَرِي جَازَ الشِّرَاءُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَحَامِلِيُّ وَأَبُو الطَّيِّبِ وَحِينَئِذٍ يَتَمَكَّنُ مِنْ الْخَصْلَتَيْنِ اللَّتَيْنِ جَوَّزْنَاهُمَا لَهُ لَوْ أَعَارَ. وَاسْتَشْكَلَ الْأَذْرَعِيُّ مَا قَالَاهُ مِنْ صِحَّةِ هَذَا الشِّرَاءِ وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ كَالرَّافِعِيِّ عَنْ تَمْكِينِ الْبَائِعِ مِنْ هَدْمِ الْحَائِطِ نَفْسِهِ وَمِنْ مَنْعِ الْمُشْتَرِي أَنْ يَبْنِيَ إذَا لَمْ يَكُنْ قَدْ بَنَى، وَلَا شَكَّ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي عَدَمِ التَّمْكِينِ مِنْهُمَا (وَلَوْ انْهَدَمَ الْجِدَارُ فَأَعَادَهُ مَالِكُهُ) بِاخْتِيَارِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِي الْجَدِيدِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَهَدَمَهُ الْمَالِكُ عُدْوَانًا أَمْ أَجْنَبِيٌّ (فَلِلْمُشْتَرِي إعَادَةُ الْبِنَاءِ) بِتِلْكَ الْآلَةِ أَوْ بِمِثْلِهَا؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَابِتٌ لَهُ، وَكَمَا لِلْمُشْتَرِي إعَادَةُ الْبِنَاءِ كَذَا لَهُ ابْتِدَاؤُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ بَنَى وَلَوْ لَمْ يَبْنِهِ الْمَالِكُ فَأَرَادَ صَاحِبُ الْجُذُوعِ ـــــــــــــــــــــــــــــSحَقِيقَةَ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: بِلَفْظِ الصُّلْحِ) أَيْ بِشَرْطِهِ مِنْ كَوْنِهِ عَلَى إقْرَارٍ وَسَبْقِ خُصُومَةٍ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ عِنْدَ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ قَطْعًا) قَضِيَّةُ قَوْلِهِ قَطْعًا أَنَّ فِي جَوَازِ مَا قَبْلَهُ خِلَافًا، وَالْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ فَالْأَصَحُّ أَنَّ هَذَا الْعَقْدَ فِيهِ شَوْبٌ إلَخْ أَنَّهُ صَحِيحٌ قَطْعًا، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي كَوْنِهِ بَيْعًا مَشُوبًا بِإِجَارَةٍ أَوْ إجَارَةً مَحْضَةً أَوْ بَيْعًا مَحْضًا (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْبِنَاءِ) أَيْ بِأَنْ بَاعَهُ وَأَطْلَقَ وَيُنْتَفَعُ بِهِ فِيمَا عَدَا الْبِنَاءَ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْبِنَاءُ يَحْتَاجُ لِبَيَانِ صِفَتِهِ بِالْأُمُورِ الْآتِيَةِ لَمْ تَنْزِلْ حَالَةُ الْإِطْلَاقِ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَقَدْ يُقَالُ مُقْتَضَى الْإِطْلَاقِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِرَأْسِ الْجِدَارِ بِسَائِرِ وُجُوهِ الِانْتِفَاعِ (قَوْلُهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ) خَبَرُ قَوْلِهِ: وَقَوْلُ (قَوْلُهُ: يُشَابُ) أَيْ آلَةٌ يُشَابُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَكُلٌّ مِنْهُمَا) شَوْبٌ وَشَائِبَةٌ (قَوْلُهُ: مَالِكُ الْجِدَارِ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ تَقَايَلَا فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: حَقُّ الْبِنَاءِ) أَيْ بَعْدَ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ دُونَ الْجُذُوعِ (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ يَتَمَكَّنُ) أَيْ مَالِكُ الْجِدَارِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْخَصْلَتَيْنِ) وَهُمَا الْقَلْعُ وَغَرَامَةُ أَرْشِ النَّقْصِ وَالتَّبْقِيَةُ بِالْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَاسْتَشْكَلَ الْأَذْرَعِيُّ) لَمْ يُبَيِّنْ مَا اسْتَشْكَلَ بِهِ (قَوْلُهُ: فِي عَدَمِ التَّمْكِينِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ مُسْتَهْدَمًا، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْعَارِيَّةِ جَوَازُ هَدْمِهِ حِينَئِذٍ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِقُوَّةٍ حَقُّ الْبَانِي هُنَا بِبَذْلِ الْعِوَضِ وَضَعْفِهِ ثَمَّ لِعَدَمِ مِلْكِهِ لِلْمَنْفَعَةِ، لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ مَنْعَهُ مِنْ الْهَدْمِ قَدْ يُؤَدِّي إلَى تَلَفِ مَالِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ) أَيْ الْإِعَادَةُ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَهَدَمَهُ) بَيَانٌ لِمَعْنَى الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: الْمَالِكُ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُ الْمِلْكِ الْمَوْقُوفُ وَلَوْ مَسْجِدًا فِي عَدَمِ لُزُومِ إعَادَتِهِ إذَا تَعَدَّى وَهَدَمَهُ فَلَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ التَّفَاوُتُ بَيْنَ قِيمَتِهِ قَائِمًا وَمَهْدُومًا فَتَنَبَّهْ لَهُ (قَوْلُهُ: كَانَ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ وَيَكُونُ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَفْظُ الْإِجَارَةِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ قَطْعًا) أَيْ كَمَا أَنَّهُ إذَا بَاعَهُ لِلْبِنَاءِ يَصِحُّ قَطْعًا الَّذِي هُوَ مَسْأَلَةُ الْمَتْنِ إذْ الْخِلَافُ فِيهِ إنَّمَا هُوَ فِي أَنَّهُ يَنْعَقِدُ بَيْعًا أَوْ إجَارَةً مَحْضَيْنِ أَوْ بَيْعًا فِيهِ شَوْبُ إجَارَةٍ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ هُنَا بِقَوْلِهِ قَطْعًا لِأَجْلِ حِكَايَةِ الْخِلَافِ فِي الَّذِي بَعْدَهُ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ لَهَا ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ: لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَبِيعَ لِلْبِنَاءِ، أَوْ يَشْرِطَ عَدَمَ الْبِنَاءِ، أَوْ يَسْكُتَ فَيَصِحُّ فِي الْأُولَيَيْنِ قَطْعًا وَفِي الثَّالِثَةِ الْخِلَافُ الْآتِي، فَمَفْهُومُ قَوْلِ الْمَتْنِ لِلْبِنَاءِ عَلَيْهِ فِيهِ تَفْصِيلٌ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ وَعَدَمُهُ كَمَا عَرَفْت (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ) مِنْ مَقُولِ الدَّقَائِقِ. (قَوْلُهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ: إلَخْ) هُوَ اعْتِرَاضٌ ثَانٍ عَلَى

إعَادَتَهُ مِنْ مَالِهِ لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: كَانَ لَهُ ذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّهُ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ الِانْفِسَاخِ بِالِانْهِدَامِ، وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِ الرَّافِعِيِّ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِمَا إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، فَأَمَّا إذَا أَجَّرَ إجَارَةً مُؤَقَّتَةً فَيَجْرِي فِي انْفِسَاخِهَا الْخِلَافُ فِي انْهِدَامِ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ هَلْ يُوجِبُ الْفَسْخَ وَمَنْ هَدَمَ السُّفْلَ مِنْ مَالِكٍ أَوْ غَيْرِهِ طُولِبَ بِقِيمَةِ حَقِّ الْبِنَاءِ عَلَى الْعُلُوِّ لِلْحَيْلُولَةِ سَوَاءٌ أَبَنَى الْأَعْلَى أَمْ لَا مَعَ غُرْمِ أَرْشِ النَّقْصِ إنْ كَانَ قَدْ بَنَى وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ قَائِمًا وَمَهْدُومًا، فَإِنْ أُعِيدَ السُّفْلُ اُسْتُعِيدَتْ الْقِيمَةُ لِزَوَالِ الْحَيْلُولَةِ، وَلَهُ الْبِنَاءُ إنْ لَمْ يَكُنْ بَنَى، وَإِعَادَتُهُ إنْ كَانَ قَدْ بَنَى، وَلَا يَغْرَمُ الْهَادِمُ أُجْرَةَ الْبِنَاءِ لِمُدَّةِ الْحَيْلُولَةِ. قَالَ الْإِمَامُ: لِأَنَّ الْحَقَّ عَلَى التَّأْبِيدِ وَمَا يَتَقَدَّرُ لَا يَنْحَطُّ مِمَّا لَا يَتَنَاهَى. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَفِي كَلَامِهِ إشَارَةٌ إلَى الْوُجُوبِ فِيمَا إذَا وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى مُدَّةٍ، وَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْأُجْرَةِ لِلْحَيْلُولَةِ إنَّمَا مَحَلُّهُ عِنْدَ قِيَامِ الْعَيْنِ وَلَمْ يُصَرِّحُوا بِوُجُوبِ إعَادَةِ الْجِدَارِ عَلَى مَالِكِهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ هَدَمَهُ مَالِكُهُ عُدْوَانًا فَعَلَيْهِ إعَادَتُهُ، وَإِنْ هَدَمَهُ أَجْنَبِيٌّ أَوْ مَالِكُهُ، وَقَدْ اسْتُهْدِمَ لَمْ يَجِبْ لَكِنْ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ إنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ وُجُوبِ إعَادَتِهِ مُطْلَقًا (وَسَوَاءٌ كَانَ الْإِذْنُ) فِي وَضْعِ الْبِنَاءِ (بِعِوَضٍ أَوْ غَيْرِهِ) وَمَرَّ أَنَّ هَذَا لُغَةٌ صَحِيحَةٌ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ (يُشْتَرَطُ بَيَانُ قَدْرِ الْمَوْضِعِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ طُولًا وَعَرْضًا، وَسُمْكُ الْجُدْرَانِ وَكَيْفِيَّتُهَا) أَيْ كَيْفِيَّةُ الْجُدْرَانِ أَهِيَ مُجَوَّفَةٌ أَمْ مُنَضَّدَةٌ وَهِيَ مَا الْتَصَقَ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ مِنْ حَجَرٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَكَيْفِيَّةُ السَّقْفِ الْمَحْمُولِ عَلَيْهَا) هَلْ هُوَ مِنْ خَشَبٍ أَوْ أَزَجٍ، وَهُوَ الْعَقْدُ الْمُسَمَّى بِالْقَبْوِ، وَهَلْ هُوَ بِالْقَصَبِ أَوْ بِالْجَرِيدِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ، وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْوَزْنِ فِي الْأَصَحِّ وَلَوْ كَانَتْ الْآلَاتُ حَاضِرَةً كَفَتْ مُشَاهَدَتُهَا عَنْ وَصْفِهَا (وَلَوْ أَذِنَ فِي الْبِنَاءِ عَلَى أَرْضِهِ كَفَى بَيَانُ قَدْرِ مَحَلِّ الْبِنَاءِ) عَنْ مَوْضِعِهِ وَطُولِهِ وَعَرْضِهِ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ تَحْمِلُ كُلَّ شَيْءٍ فَلَا يَخْتَلِفُ الْغَرَضُ إلَّا بِقَدْرِ مَكَانِ الْبِنَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْجِدَارُ مِلْكًا لَهُ نَقَضَهُ مَتَى شَاءَ كَمَا يَأْتِي فِي الْجِدَارِ الْمُشْتَرَكِ إذَا أَعَادَهُ أَحَدُهُمَا بِآلَةِ نَفْسِهِ وَلَهُ بَيْعُهُ أَيْضًا لِمَالِكِ الْأُسِّ وَلِغَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ: إنَّهُ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: اخْتِصَاصُ ذَلِكَ) أَيْ عَدَمُ الِانْفِسَاخِ (قَوْلُهُ: هَلْ يُوجِبُ الْفَسْخَ) أَيْ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ يُوجِبُهُ: أَيْ فَكَذَلِكَ هُنَا وَخَرَجَ مَا لَوْ لَمْ يُقَدِّرْ مُدَّةً فَلَا يَنْفَسِخُ بِالِانْهِدَامِ وَإِنْ عُقِدَ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ نَظَرًا لِشَوْبِ الْبَيْعِ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْإِسْنَوِيُّ فِي قَوْلِهِ الْآتِي قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَفِي كَلَامِهِ إشَارَةٌ إلَى إلَخْ عَدَمُ الِانْفِسَاخِ فِيمَا إذَا قُدِّرَتْ بِمُدَّةٍ أَيْضًا. هَذَا وَفِيمَا فَهِمَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ مِنْ عَدَمِ الْوُجُوبِ نَظَرًا لِجَوَازِ أَنَّ الْإِمَامَ قَائِلٌ بِالِانْفِسَاخِ إذَا قُدِّرَتْ بِمُدَّةٍ (قَوْلُهُ: لِلْحَيْلُولَةِ) أَيْ وَيَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ حَالًا، فَإِنْ أُعِيدَ السُّفْلُ رَدَّ بَدَلَهُ (قَوْلُهُ: قَائِمًا) أَيْ مُسْتَحِقَّ الْإِبْقَاءِ (قَوْلُهُ: أُجْرَةَ الْبِنَاءِ) أَيْ لَا يَغْرَمُ أُجْرَةَ مَا مَضَى قَبْلَ إعَادَتِهِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ الْوُجُوبِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْمُدَّةُ مُعَيَّنَةً أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ) نَقَلَهُ حَجّ عَنْ بَحْثِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: لِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ الِانْفِسَاخُ، وَالْكَلَامُ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا جَرَى بِلَفْظِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَنْفَسِخُ بِالِانْهِدَامِ قَبْلَ الْقَبْضِ، أَمَّا إذَا وَقَعَ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ أَوْ كَانَ الِانْهِدَامُ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ كَانَ الْمُرَادُ بِالْفَسْخِ حَقِيقَتَهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ مَرَّ أَنَّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْهَادِمُ الْمَالِكَ أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: عَنْ وَصْفِهَا) أَيْ فِي بَيَانِ صِفَةِ السَّقْفِ الْمَحْمُولِ عَلَيْهِ، فَرُؤْيَةُ الْآلَةِ إذَا كَانَتْ خَشَبًا تُغْنِي عَنْ وَصْفِهِ بِكَوْنِهِ أَزَجًا أَوْ غَيْرَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَذِنَ فِي الْبِنَاءِ عَلَى أَرْضِهِ) قَالَ حَجّ: بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ أَوْ بَيْعٍ اهـ (قَوْلُهُ: وَطُولِهِ وَعَرْضِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالدَّقَائِقِ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى. (قَوْلُهُ: فَأَمَّا إذَا أَجَّرَ إجَارَةً مُؤَقَّتَةً) سَكَتَ عَنْ غَيْرِ الْمُؤَقَّتَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا مِنْ النَّحْوِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، ثُمَّ رَأَيْتُ حَاشِيَةَ الزِّيَادِيِّ صَرِيحَةً فِيمَا ذَكَرْتُهُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُصَرِّحُوا إلَخْ) هَذَا

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: وَسَكَتُوا عَنْ حَفْرِ الْأَسَاسِ. وَيَنْبَغِي اشْتِرَاطُ بَيَانِ قَدْرِهِ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهِ، فَإِنَّ الْمَالِكَ قَدْ يَحْفِرُ سِرْدَابًا أَوْ غَيْرَهُ تَحْتَ الْبِنَاءِ لِيَنْتَفِعَ بِأَرْضِهِ، وَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ مُزَاحَمَةَ تَعْمِيقِ الْأَسَاسِ، بَلْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ إيجَارُ الْأَرْضِ لِلْبِنَاءِ عَلَيْهَا وَلَا بَيْعُ الْبِنَاءِ فِيهَا إلَّا بَعْدَ حَفْرِ الْأَسَاسِ لِيَرَى مَا يُؤَجِّرُهُ أَوْ يَبِيعُهُ أَوْ يَبِيعُ حُقُوقَهُ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَجْهُ الْأَرْضِ صَخْرَةً لَا يَحْتَاجُ أَنْ يُحْفَرَ لِلْبِنَاءِ أَسَاسٌ، أَوْ يَكُونَ الْبِنَاءُ خَفِيفًا لَا يَحْتَاجُ إلَى أَسَاسٍ، وَالْبَحْثُ الْأَخِيرُ مَحَلُّهُ إذَا أَجَّرَهُ لِيَبْنِيَ عَلَى الْأَسَاسِ لَا فِيمَا إذَا أَجَّرَهُ الْأَرْضَ لِيَبْنِيَ عَلَيْهَا وَبَيَّنَ لَهُ مَوْضِعَ الْأَسَاسِ وَطُولَهُ وَعَرْضَهُ وَعُمْقَهُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الشَّامِلِ. (وَأَمَّا) (الْجِدَارُ الْمُشْتَرَكُ) بَيْنَ اثْنَيْنِ (فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا وَضْعُ جُذُوعِهِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنٍ) وَلَا ظَنِّ رِضًا (فِي الْجَدِيدِ) هَذَانِ الْقَوْلَانِ هُمَا السَّابِقَانِ فِي جِدَارِ الْأَجْنَبِيِّ، وَقَدْ مَرَّ تَوْجِيهُهُمَا (وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتِدَ فِيهِ وَتِدًا) بِكَسْرِ التَّاءِ فِيهِمَا (أَوْ يَفْتَحَ) مِنْهُ (كَوَّةً بِلَا إذْنٍ) كَبَقِيَّةِ الْمُشْتَرَكَاتِ، وَكَذَا لَا يُتَرِّبُ الْكُتَّابَ بِتُرَابِهِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ رِضَاهُ كَكُلِّ مَا يُضَايَقُ فِيهِ عَادَةً، فَإِنْ أَذِنَ جَازَ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ بِعِوَضٍ فِي مَسْأَلَةِ الْكَوَّةِ، وَإِلَّا كَانَ صُلْحًا عَنْ الضَّوْءِ وَالْهَوَاءِ الْمُجَرَّدِ، ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ. قَالَ: وَإِذَا فَتَحَ بِالْإِذْنِ فَلَيْسَ لَهُ السَّدُّ أَيْضًا إلَّا بِهِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ وَلَمْ يَجِبْ ذِكْرُ سَمَكِهِ وَكَيْفِيَّتِهِ اهـ مَحَلِّيٌّ وحج. وَعَلَيْهِ فَلَوْ شَرَطَا قَدْرًا مِنْ السُّمْكِ كَعَشَرَةِ أَذْرُعٍ مَثَلًا فَهَلْ يَصِحُّ الْعَقْدُ وَيَجِبُ الْعَمَلُ بِذَلِكَ الشَّرْطِ أَوْ يَبْطُلُ الْعَقْدُ مُطْلَقًا أَوْ يَصِحُّ الْعَقْدُ وَيَلْغُو الشَّرْطُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ، فَإِنَّ مُقْتَضَى بَيْعِ الْأَرْضِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا الْمُشْتَرِي بِمَا أَرَادَ فَشَرْطُ خِلَافِهِ يُبْطِلُهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِالْأَوْلَى وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ الْمَحَلِّيُّ وحج، وَلَمْ يَجِبْ ذِكْرُ سُمْكِهِ أَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ نَفْيِ الْوُجُوبِ جَوَازُهُ، وَلَا مَعْنَى لِجَوَازِ ذِكْرِهِ إلَّا وُجُوبُ الْعَمَلِ بِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ مَا ذُكِرَ بَيْعُ جُزْءٍ مِنْ الْأَرْضِ بَلْ هَذَا إمَّا إجَارَةٌ أَوْ بَيْعٌ فِيهِ شَوْبُ إجَارَةٍ، وَأَيًّا مَا كَانَ فَلَيْسَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الْأَرْضَ مِنْ حَيْثُ هِيَ بَلْ الْأَرْضُ لِبِنَاءِ صِفَتِهِ كَذَا وَكَذَا وَكَانَ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ السُّمْكِ كَمَا قِيلَ بِهِ لَكِنَّهُمْ اغْتَفَرُوا عَدَمَ ذِكْرِهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ اشْتِرَاطُ عَدَمِ الْعَمَلِ بِهِ لَوْ ذَكَرَ، وَمَعَ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَالْبَحْثُ الْأَخِيرُ) هُوَ قَوْلُهُ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ إيجَارُ الْأَرْضِ. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا وَضْعُ جُذُوعِهِ وَلَا هَدْمُهُ) فَلَوْ فَعَلَ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ ضَمِنَ أَرْشَ نَقْصِهِ، وَهُوَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ قِيمَتِهِ قَائِمًا وَمَهْدُومًا وَلَا تَلْزَمُهُ إعَادَتُهُ، وَلَيْسَ لَهُ أَيْضًا الْبِنَاءُ عَلَيْهِ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ ضَرَرًا مِنْ الْجُذُوعِ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْجُذُوعِ لِكَوْنِهَا مَحَلَّ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ بِغَيْرِ إذْنٍ) أَيْ فَلَوْ خَالَفَ وَفَعَلَ هَدَمَ مَجَّانًا، وَإِنْ كَانَ مَا بَنَى عَلَيْهِ مُشْتَرَكًا لِتَعَدِّيهِ. [فَائِدَةٌ] لَوْ وَضَعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَادَّعَى أَنَّ شَرِيكَهُ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ وَيُطَالَبُ بِالْبَيِّنَةِ فَإِنْ أَقَامَهَا فَذَاكَ، وَإِلَّا هَدَمَ مَا بَنَاهُ مَجَّانًا. وَمِثْلُ صَاحِبِ الْجِدَارِ وَارِثُهُ فَيُقَالُ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ عَلِمَ وَضْعَهُ فِي زَمَنِ الْمُوَرِّثِ وَإِلَّا فَالْأَصْلُ أَنَّهُ وُضِعَ بِحَقٍّ فَلَا يُهْدَمُ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتِدَ فِيهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ الْوَجْهَ الْمُقَابِلَ لِمِلْكِهِ حَتَّى يَتَصَرَّفَ فِيهِ. وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اسْتُهْدِمَ مِنْ إحْدَى الْجِهَتَيْنِ كَانَ كَمَا لَوْ انْهَدَمَ بِكَمَالِهِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَذِنَ) أَيْ فِي وَضْعِ الْجُذُوعِ فَهُوَ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ بِغَيْرِ إذْنٍ (قَوْلُهُ: جَازَ) أَيْ ثُمَّ إنْ كَانَ بِعِوَضٍ فَلَا رُجُوعَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْوَضْعِ مُطْلَقًا، وَكَذَا بَعْدَهُ لَكِنْ لِأَخْذِ الْأُجْرَةِ لَا لِقَلْعِهِ مَعَ غَرَامَةِ أَرْشِ النَّقْصِ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ فَلَا يُكَلَّفُ إزَالَةَ مِلْكِهِ عَنْ مِلْكِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا كَانَ صُلْحًا) أَيْ وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَلَامُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَتَعَقَّبَهُ الشِّهَابُ حَجّ بِأَنَّ كَلَامَ الدَّارِمِيِّ مُصَرِّحٌ بِهِ (قَوْلُهُ: وَالْبَحْثُ الْأَخِيرُ)

فِي مِلْكِ الْغَيْرِ. . (وَلَهُ أَنْ يَسْتَنِدَ إلَيْهِ وَيَسْنُدَ مَتَاعًا لَا يَضُرُّ وَلَهُ ذَلِكَ فِي جِدَارِ الْأَجْنَبِيِّ) وَإِنْ مَنَعَ الْمَالِكُ مِنْ ذَلِكَ؛ إذْ الْمَنْعُ مِنْهُ عِنَادٌ مَحْضٌ، وَهُوَ كَالِاسْتِضَاءَةِ بِسِرَاجِ غَيْرِهِ وَالِاسْتِظْلَالِ بِجِدَارِهِ، وَقَوْلُهُ: لَا يَضُرُّ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ (وَلَيْسَ لَهُ إجْبَارُ شَرِيكِهِ عَلَى الْعِمَارَةِ فِي الْجَدِيدِ) لِخَبَرِ «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ» . وَأَمَّا خَبَرُ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» فَمَخْصُوصٌ بِغَيْرِ هَذَا؛ إذْ الْمُمْتَنِعُ يَتَضَرَّرُ أَيْضًا بِتَكْلِيفِهِ الْعِمَارَةَ، وَالضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي نَهْرٍ وَقَنَاةٍ وَبِئْرٍ مُشْتَرَكَةٍ وَاِتِّخَاذِ سُتْرَةٍ بَيْنَ سَطْحَيْهِمَا وَنَحْوِ ذَلِكَ كَزِرَاعَةِ أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ وَكَسَقْيِ نَبَاتٍ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَرَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَقَوْلُ الْجُورِيُّ: يَلْزَمُ أَنْ يَسْقِيَ الْأَشْجَارَ اتِّفَاقًا ضَعِيفٌ، وَالْقَدِيمُ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالْبُوَيْطِيِّ فِي مَسْأَلَةِ الْعُلُوِّ الْإِجْبَارُ صِيَانَةً لِلْأَمْلَاكِ الْمُشْتَرَكَةِ عَنْ التَّعْطِيلِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْقَوْلَيْنِ بِمُطْلَقِ التَّصَرُّفِ، فَلَوْ كَانَ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَمَصْلَحَتُهُ فِي الْعِمَارَةِ وَجَبَ عَلَى وَلِيِّهِ الْمُوَافَقَةُ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَحَلَّهُمَا فِي غَيْرِ الْوَقْفِ. أَمَّا هُوَ فَتَجِبُ عَلَى الشَّرِيكِ فِيهِ الْعِمَارَةُ، فَلَوْ قَالَ أَحَدُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ لَا أَعْمُرُ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَنَا أَعْمُرُ أُجْبِرَ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا يَجُوزُ. (قَوْلُهُ: وَيَسْنُدُ مَتَاعًا) وَخَرَجَ بِالْجِدَارِ الِانْتِفَاعُ بِأَمْتِعَةِ غَيْرِهِ كَالتَّغَطِّي بِثَوْبٍ لَهُ مُدَّةً لَا تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ، وَلَا تُورِثُ نَقْصًا فِي الْعَيْنِ بِوَجْهٍ. وَمِنْ ذَلِكَ أَخْذُ كِتَابِ غَيْرِهِ مَثَلًا بِلَا إذْنٍ فَلَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاسْتِيلَاءِ عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَهُوَ حَرَامٌ (قَوْلُهُ: لَا يَضُرُّ) أَمَّا مَا يَضُرُّ فَلَا يَجُوزُ فِعْلُهُ إلَّا بِإِذْنٍ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَسْنَدَ جَمَاعَةٌ أَمْتِعَةً مُتَعَدِّدَةً وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا لَا يَضُرُّ وَجُمْلَتُهَا تَضُرُّ فَإِنْ وَقَعَ فِعْلُهُمْ مَعًا مُنِعُوا كُلُّهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَا مَزِيَّةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ وَقَعَ مُرَتَّبًا مُنِعَ مَنْ حَصَلَ بِفِعْلِهِ الضَّرَرُ دُونَ غَيْرِهِ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِيمَا لَوْ اسْتَنَدُوا لِلْجِدَارِ وَمِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا يُقَالُ فِي الِاسْتِنَادِ إلَى أَثْقَالِ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَنَعَ الْمَالِكُ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمَانِعِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يُتَسَامَحُ بِهِ عَادَةً فَالْمَنْعُ مِنْهُ مَحْضُ عِنَادٍ (قَوْلُهُ: وَكَسَقْيِ نَبَاتٍ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي فِي إعَادَةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ بِالْآلَةِ الْمُشْتَرَكَةِ مِنْ الْمَنْعِ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ السَّقْيَ هُنَا مِنْ مَاءٍ مُشْتَرَكٍ مُعَدٍّ لِسَقْيِ ذَلِكَ النَّبَاتِ مِنْهُ مُنِعَ. وَمِمَّا مَرَّ فِي الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا السَّقْيَ بِمَاءٍ مَمْلُوكٍ لَهُ أَوْ مُبَاحٍ لَمْ يُمْنَعْ حَيْثُ لَمْ يَضُرَّ بِالزَّرْعِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَجَبَ عَلَى وَلِيِّهِ) أَيْ أَمَّا إذَا كَانَ الطَّالِبُ وَلِيَّ الطِّفْلِ فَلَا يَجِبُ عَلَى شَرِيكِهِ الْمُوَافَقَةُ، وَكَذَا لَوْ طَلَبَ نَاظِرُ الْوَقْفِ مِنْ شَرِيكِهِ الْمَالِكِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ مُوَافَقَتُهُ، وَظَاهِرُهُ: وَإِنْ أَدَّى ذَلِكَ إلَى ضَيَاعِ الْوَقْفِ وَمَالِ الطِّفْلِ. وَأُجِيبُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ عَلَى إجَارَةِ الْأَرْضِ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ الضَّرَرُ. وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ شَرِكَةً بَيْنَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَوَقْفٍ وَتَعَارَضَتْ عَلَيْهِ مَصْلَحَتَاهُمَا فَهَلْ تُقَدَّمُ مَصْلَحَةُ الْوَقْفِ أَوْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ طَلَبَ بَعْضُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ الْعِمَارَةَ مِنْ الْبَعْضِ الْآخَرِ فَتَجِبُ عَلَيْهِمْ الْمُوَافَقَةُ حَيْثُ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْوَقْفِ (قَوْلُهُ: أُجْبِرَ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الطَّالِبَ وَالْمَطْلُوبَ مِنْهُ مُشْتَرَكَانِ فِي الْوَقْفِ وَهُمْ مُشْتَرَكُونَ فِي النَّظَرِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ النَّاظِرِ لَا تُطْلَبُ مِنْهُ الْعِمَارَةُ وَلَا يَتَأَتَّى مِنْهُ فِعْلُهَا بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ النَّاظِرِ، أَمَّا إذَا كَانَ لِشَخْصٍ شَرِكَةٌ فِي وَقْفٍ وَطَلَبَ مِنْ النَّاظِرِ الْعِمَارَةَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِجَابَةُ، بِخِلَافِ عَكْسِهِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا الْمُؤَلِّفُ كَذَا بِهَامِشٍ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: وَطَلَبَ مِنْ النَّاظِرِ أَنَّ غَيْرَ النَّاظِرِ مِنْ أَرْبَابِ الْوَقْفِ وَلَوْ مُسْتَأْجِرًا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْعِمَارَةُ وَإِنْ أَدَّى عَدَمُ عِمَارَتِهِ إلَى خَرَابِ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَعْنِي قَوْلَهُ بَلْ يَنْبَغِي إلَخْ . (قَوْلُهُ: فِي مَسْأَلَةِ الْعُلُوِّ) يَعْنِي إذَا كَانَ عُلُوُّ الدَّارِ لِوَاحِدٍ وَسُفْلُهَا لِآخَرَ فَانْهَدَمَتْ وَطَلَبَ صَاحِبُ الْعُلُوِّ مِنْ صَاحِبِ السُّفْلِ أَنْ يُعِيدَ سُفْلَهُ لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْقَوْلَيْنِ يَجْرِيَانِ فِيهَا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ لَكِنَّ الشَّارِحَ لَمْ يَذْكُرْهَا قَبْلُ. (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ:) وَسَبَقَهُ إلَيْهِ شَيْخُهُ الْأَذْرَعِيُّ جَازَ مَا بِهِ مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ. (قَوْلُهُ: فَتَجِبُ عَلَى الشَّرِيكِ)

الْمُمْتَنِعُ عَلَيْهَا لِمَا فِيهِ مِنْ بَقَاءِ عَيْنِ الْوَقْفِ، وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ عَلَى إجَارَةِ الْأَرْضِ الْمُشْتَرَكَةِ وَبِهَا يَنْدَفِعُ الضَّرَرُ (فَإِنْ أَرَادَ) الشَّرِيكُ (إعَادَةَ مُنْهَدِمٍ بِآلَةٍ لِنَفْسِهِ لَمْ يُمْنَعْ) لِيَصِلَ إلَى حَقِّهِ بِذَلِكَ وَيَنْفَرِدَ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ، وَشَمَلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ كَانَ الْأُسُّ مُشْتَرَكًا، وَهُوَ الْمَنْقُولُ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِلْبَارِزِيِّ؛ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي وُصُولِهِ إلَى حَقِّهِ وَلِتَقْصِيرِ الْمُمْتَنِعِ فِي الْجُمْلَةِ وَلِأَنَّ لِلْبَانِي حَقًّا فِي الْحَمْلِ عَلَيْهِ فَكَانَ لَهُ الْإِعَادَةُ لِأَجْلِ ذَلِكَ سَوَاءٌ أَكَانَ لَهُ عَلَيْهِ قَبْلَ الِانْهِدَامِ بِنَاءٌ أَوْ جُذُوعٌ أَمْ لَا (وَيَكُونُ الْمُعَادُ) بِمَالِ نَفْسِهِ (مِلْكَهُ يَضَعُ عَلَيْهِ مَا شَاءَ وَيَنْقُضُهُ إذَا شَاءَ) ؛ لِأَنَّهُ بِآلَتِهِ وَلَا حَقَّ لِغَيْرِهِ فِيهِ، نَعَمْ لَوْ كَانَ لِلْمُمْتَنَعِ عَلَيْهِ حَمْلٌ فَهُوَ عَلَى حَالِهِ (وَلَوْ قَالَ الْآخَرُ: لَا تَنْقُضْهُ وَأَغْرَمُ لَك حِصَّتِي) (لَمْ تَلْزَمْهُ إجَابَتُهُ) كَمَا لَا يَلْزَمُهُ ابْتِدَاءُ الْعِمَارَةِ، وَلَوْ أَنْفَقَ عَلَى الْبِئْرِ أَوْ النَّهْرِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْعُ الشَّرِيكِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْمَاءِ إلَّا إنْ أَدَارَهُ بِنَحْوِ دُولَابِهِ الْمُحْدَثِ (وَإِنْ أَرَادَ إعَادَتَهُ بِنَقْضِهِ الْمُشْتَرَكَ فَلِلْآخَرِ مَنْعُهُ) كَسَائِرِ الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ جَوَازَ الْإِقْدَامِ عَلَيْهِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَنْعِ. قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: إنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِمْ بِلَا شَكٍّ، وَالنِّقْضُ بِكَسْرِ النُّونِ وَضَمِّهَا وَجَمْعُهُمَا أَنْقَاضٌ قَالَهُ فِي الدَّقَائِقِ (وَلَوْ تَعَاوَنَا عَلَى إعَادَتِهِ بِنَقْضِهِ) (عَادَ مُشْتَرَكًا كَمَا كَانَ) سَوَاءٌ أَتَعَاوَنَا بِبَدَنِهِمَا أَمْ بِإِخْرَاجِ أُجْرَةٍ؛ لِأَنَّهُمَا مُسْتَوِيَانِ فِي الْعَمَلِ، وَالْجِدَارُ وَالْعَرْصَةُ، فَلَوْ شَرَطَ زِيَادَةً لَمْ يَصِحَّ (وَلَوْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا) بِالْإِعَادَةِ بِالْآلَةِ الْمُشْتَرَكَةِ (وَشَرَطَ لَهُ الْآخَرُ زِيَادَةً) عَلَى حِصَّتِهِ كَسُدُسٍ (جَازَ وَكَانَتْ) الزِّيَادَةُ (فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ) وَمَحَلُّ هَذَا إذَا جَعَلَ لَهُ الزِّيَادَةَ مِنْ النِّقْضِ وَالْعَرْصَةِ حَالًّا فَإِنْ شَرَطَهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْأَعْيَانَ لَا تُؤَجَّلُ، قَالَهُ الْإِمَامُ كَمَا لَوْ شُرِطَ لِلْمُرْضِعَةِ جُزْءٌ مِنْ الرَّقِيقِ الْمُرْتَضَعِ، وَلَوْ أَعَادَهُ بِآلَةِ أَحَدِهِمَا وَشَرَطَ لَهُ الْآخَرُ ثُلُثَيْ الْجِدَارِ جَازَ وَيَكُونُ قَدْ قَابَلَ ثُلُثَ الْآلَةِ الْمَمْلُوكَةِ لَهُ وَعَمَلُهُ بِسُدُسِ الْعَرْصَةِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهَا، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَا يَخْفَى، أَنَّ شَرْطَ الصِّحَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْوَقْفِ (قَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ (قَوْلُهُ: بِآلَةٍ لِنَفْسِهِ) هَذَا مَفْرُوضٌ فِي الْجِدَارِ فَلَوْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ فِي دَارٍ انْهَدَمَتْ وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا إعَادَتَهَا بِآلَةِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِابْنِ الْمُقْرِي اهـ زِيَادِيٌّ وَسَمِّ عَلَى مَنْهَجٍ نَقْلًا عَنْ م ر. وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ مَا لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا حَشٌّ مُشْتَرَكٌ وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا إعَادَتَهُ بِآلَةِ نَفْسِهِ فَلَا يَجُوزُ لِمَا قِيلَ بِهِ فِي الدَّارِ (قَوْلُهُ لَمْ يُمْنَعْ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ امْتِنَاعٌ مِنْ الشَّرِيكِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ هـ فِي قَوْلِهِ: وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ جَوَازَ إلَخْ، لَكِنْ قَيَّدَهُ حَجّ بِمَا إذَا سَبَقَ الِامْتِنَاعُ، وَإِلَّا حُرِّمَتْ الْإِعَادَةُ وَجَازَ لِلشَّرِيكِ تَمَلُّكُهُ بِالْقِيمَةِ أَوْ إلْزَامُ الْمُعِيدِ لِلنَّقْضِ لِيُعِيدَهُ مُشْتَرَكًا كَمَا كَانَ (قَوْلُهُ: وَيَنْقُضُهُ إذَا شَاءَ) وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُعِيدَ أُجْرَةُ الْأُسِّ لِشَرِيكِهِ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ حَيْثُ كَانَ الْأُسُّ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ، وَهُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ (قَوْلُهُ: فَهُوَ عَلَى حَالِهِ) أَيْ مِنْ إعَادَتِهِ بَعْدَ إعَادَةِ الْجِدَارِ، وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ لَهُ الْوَضْعُ عَلَى الْأَوَّلِ لِكَوْنِهِ مُشْتَرَكًا، وَالْمَعَادُ مُخْتَصٌّ بِالْبَانِي لَا حَقَّ لِصَاحِبِ الْحِمْلِ فِيهِ لَمْ يَبْعُدْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اتَّفَقَ) أَيْ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْعُ الشَّرِيكِ إلَخْ) أَيْ وَلِلْبَانِي نَقْضُ الْبِنَاءِ مَتَى شَاءَ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ فِي الْجِدَارِ (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ) أَيْ قَوْلُهُ فَإِنْ أَرَادَ إعَادَةَ مُنْهَدِمٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: جَوَازُ الْإِقْدَامِ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: مِنْ الرَّقِيقِ الْمُرْتَضَعِ) أَيْ بَعْدَ الْفِطَامِ، أَمَّا حَالًا فَيَجُوزُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَعَادَهُ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ بِالْآلَةِ الْمُشْتَرَكَةِ (قَوْلُهُ: أَنَّ شَرْطَ الصِّحَّةِ) أَيْ فِيمَا لَوْ أَعَادَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ: الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ أَيْ: وَالصُّورَةُ أَنَّ لَهُ نَظَرًا كَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ) اُنْظُرْ مَا مُرَادُهُ بِذَلِكَ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِهِ مَا فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فَلْتُرَاجَعْ عِبَارَتُهُمَا هُنَا (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَلَوْ أَرَادَ إعَادَةَ مُنْهَدِمٍ) يَعْنِي خُصُوصَ الْجِدَارِ فَلَا يَجْرِي ذَلِكَ فِي الدَّارِ وَنَحْوِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي تَمْشِيَتِهِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الزِّيَادِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: فِي الْحَمْلِ عَلَيْهِ) يَعْنِي الْجِدَارَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا مُسْتَوِيَانِ) أَيْ: فَالصُّورَةُ أَنَّهُمَا مُسْتَوِيَانِ فِيمَا أَخْرَجَاهُ مِنْ الْأُجْرَةِ

الْعِلْمُ بِالْآلَاتِ وَبِصِفَاتِ الْجُدْرَانِ. (وَيَجُوزُ أَنْ يُصَالِحَ عَلَى إجْرَاءِ الْمَاءِ وَإِلْقَاءِ الثَّلْجِ فِي مِلْكِهِ عَلَى مَالٍ) كَحَقِّ الْبِنَاءِ، وَمَحَلُّ الْجَوَازِ فِي الثَّلْجِ إذَا كَانَ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ لَا فِي سَطْحٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ، بِخِلَافِ الْمَاءِ حَيْثُ يَجُوزُ فِيهِمَا هَذَا فِي الْمَاءِ الْمَجْلُوبِ مِنْ نَهْرٍ وَنَحْوِهِ إلَى أَرْضِهِ أَوْ الْحَاصِلِ إلَى سَطْحِهِ مِنْ الْمَطَرِ، أَمَّا مَاءُ غُسَالَةِ الثِّيَابِ وَالْأَوَانِي فَلَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَى إجْرَائِهَا عَلَى مَالٍ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ لَا تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهِ، كَذَا قَالَاهُ تَبَعًا لِلْمُتَوَلِّي، وَاعْتَرَضَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْهُ إذَا بَيَّنَ قَدْرَ الْجَارِي إذَا كَانَ عَلَى السَّطْحِ وَبَيَّنَ مَوْضِعَ الْجَرَيَانِ إذَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ، وَالْحَاجَةُ إلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ الْحَاجَةِ إلَى الْبِنَاءِ فَلَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَبْنِي، وَغَسْلُ الثِّيَابِ وَالْأَوَانِي لَا بُدَّ مِنْهُ لِكُلِّ النَّاسِ أَوْ الْغَالِبِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِآلَةِ أَحَدِهِمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَبِصِفَاتِ الْجُدْرَانِ) وَلَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيٍّ: عَمِّرْ دَارِيَ بِآلَتِك لِتَرْجِعَ عَلَيَّ لَمْ يَرْجِعْ لِتَعَذُّرِ الْبَيْعِ أَوْ بِآلَتِي لِتَرْجِعَ عَلَيَّ بِمَا صَرَفْته رَجَعَ بِهِ كَأَنْفِقْ عَلَى زَوْجَتِي أَوْ غُلَامِي وَيَنْبَغِي أَنَّ لَهُ مِثْلَ أُجْرَةِ عَمَلِهِ فِي الصُّورَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ طَامِعًا اهـ حَجّ. وَاسْتَشْكَلَ سم عَلَيْهِ تَعَذُّرَ الْبَيْعِ هُنَا بِعَدَمِ تَعَذُّرِهِ فِيمَا لَوْ أَعَادَ الْجِدَارَ أَحَدُ الْمَالِكَيْنِ بِآلَةِ نَفْسِهِ وَشَرَطَ لَهُ الْآخَرُ ثُلُثَيْ الْجِدَارِ حَيْثُ صَحَّ وَمَلَكَ آلَةَ الْمُعِيدِ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْجِدَارِ إنَّمَا صَحَّ لِلْعِلْمِ بِالْآلَةِ وَصِفَاتِ الْجُدْرَانِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، وَفِي مَسْأَلَةِ الدَّارِ لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ، فَلَوْ عُلِمَتْ الْآلَاتُ كَقَوْلِهِ عَمِّرْ دَارِيَ بِآلَتِك هَذِهِ وَعَلِمَ وَصْفَ الْبِنَاءِ صَحَّ فَالْمَسْأَلَتَانِ سَوَاءٌ، هَذَا وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ هَذَا وَمَا ذَكَرَ فِي الْقَرْضِ مِنْ أَنَّ عَمِّرْ دَارِيَ لِتَرْجِعَ عَلَيَّ قَرْضٌ حُكْمِيٌّ لِمَا صَرَفَهُ عَلَى الْعِمَارَةِ فَيَرْجِعُ بِهِ؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرَ الْآلَةَ فِيهِ لِمَالِكِ الدَّارِ، وَاَلَّذِي يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِهِ هُوَ مَا صَرَفَهُ، فَالْعُمْلَةُ كَأَنَّهُمْ وُكَلَاءُ فِي الْقَبْضِ وَمَا هُنَا الْآلَةُ فِيهِ لِغَيْرِ الْمَالِكِ، وَقَوْلُهُ لِتَرْجِعَ عَلَيَّ: أَيْ بِثَمَنِ الْآلَاتِ، وَقَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ الْبَيْعِ قَالَ سم عَلَيْهِ لَمْ يَتَعَذَّرْ، وَفِي هَذَا جَمْعٌ بَيْنَ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ اهـ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّمَا تَعَذَّرَ الْبَيْعُ لِفَقْدِ شَرْطِهِ وَهُوَ الْعِلْمُ بِالْمَبِيعِ، فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ كَوْنُهُ بَيْعًا حَكِيمًا وَتَعَذَّرَتْ الْإِجَارَةُ لِعَدَمِ وُرُودِهَا عَلَى مَنْفَعَةٍ مَعْلُومَةٍ لِكَوْنِهِ لَمْ يَرَ مَا يَبْنِي بِهِ وَلَا عَلِمَ قَدْرَهُ. (قَوْلُهُ: عَلَى إجْرَاءِ الْمَاءِ) وَمِنْهُ الصُّلْحُ عَلَى إخْرَاجِ مِيزَابٍ إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: يَجُوزُ فِيهِمَا) أَيْ الْأَرْضِ وَالسَّطْحِ (قَوْلُهُ: إلَى أَرْضِهِ) قَالَ حَجّ: وَخَرَجَ مَاءُ نَحْوِ النَّهْرِ مِنْ سَطْحٍ إلَى سَطْحٍ فَلَا يَجُوزُ لِلْجَهْلِ بِذَلِكَ مَعَ عَدَمِ مَسِّ الْحَاجَةِ إلَيْهِ اهـ. وَقَضِيَّتُهُ جَوَازُ إجْرَاءِ مَاءِ النَّهْرِ مِنْ سَطْحٍ إلَى أَرْضٍ وَيَشْمَلُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ إلَى أَرْضِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى إجْرَائِهَا) أَيْ لَا فِي سَطْحٍ وَلَا أَرْضٍ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَالٍ) أَفْهَمَ أَنَّ الصُّلْحَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ مَالٍ لَا يَمْتَنِعُ، وَيَكُونُ إعَارَةً لِلْأَرْضِ الَّتِي يَصِلُ إلَيْهَا الْمَاءُ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ) أَيْ وَلِأَنَّهُ يَفْعَلُ عَنْ اخْتِيَارٍ بِخِلَافِ مَاءِ الْمَطَرِ. [فَرْعٌ] قَالَ صَالَحْتُك عَلَى إجْرَاءِ الْمَطَرِ عَلَى سَطْحِ دَارِك كُلَّ سَنَةٍ بِكَذَا، قَالَ الْمُتَوَلِّي يَصِحُّ وَيُغْتَفَرُ الْغَرَرُ فِي الْأُجْرَةِ كَمَا اُغْتُفِرَ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَيَصِيرُ كَالْخَرَاجِ الْمَضْرُوبِ، قَالَهُ برسم عَلَى مَنْهَجٍ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ مَطَرٌ فِي بَعْضِ السِّنِينَ لَمْ يَسْتَحِقَّ لَهُ أُجْرَةً [فَرْعٌ] مَاءُ الْمَطَرِ النَّازِلِ فِي الْمَسْجِدِ هَلْ يَكُونُ مِلْكًا لَهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ فِيهِ مَكَانٌ عُدَّ لِجَمْعِهِ فِيهِ عَلَى وَجْهٍ يَنْتَفِعُ بِهِ مَنْ يَأْتِي الْمَسْجِدَ كَانَ مِلْكًا لَهُ وَإِلَّا فَلَا، وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ فَتَاوَى حَجّ مَا يُوَافِقُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَثَلًا، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: بِبَدَنِهِمَا أَوْ بِأُجْرَةٍ أَخْرَجَاهَا بِحَسَبِ مِلْكَيْهِمَا فَلْتُرَاجَعْ . (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ لَا تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهِ) أَيْ: وَمَاءُ الْمَطَرِ وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا إلَّا أَنَّهُ تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهِ فَهُوَ عَقْدٌ جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ كَمَا قَالُوهُ. (قَوْلُهُ: وَاعْتَرَضَهُ الْبُلْقِينِيُّ) هَذَا فِي الْحَقِيقَةِ تَقْيِيدٌ لِكَلَامِ الشَّيْخَيْنِ لَا اعْتِرَاضَ إذْ كَلَامُهُمَا مَفْرُوضٌ فِي أَنَّهُ مَجْهُولُ الَّذِي هُوَ الْغَالِبُ

وَهُوَ بِلَا شَكٍّ يَزِيدُ عَلَى حَاجَةِ الْبِنَاءِ، فَمَنْ بَنَى حَمَّامًا وَبِجَانِبِهِ أَرْضٌ لِغَيْرِهِ فَأَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ حَقَّ مَمَرِّ الْمَاءِ فَلَا تَوَقُّفَ فِي جَوَازِ ذَلِكَ بَلْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ حَاجَةِ الْبِنَاءِ عَلَى الْأَرْضِ، فَلَعَلَّ مُرَادَ الْمُتَوَلِّي مِنْ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ عَلَى السَّطْحِ، وَلَمْ يَحْصُلْ الْبَيَانُ فِي قَدْرِ مَا يُصَبُّ وَشَرْطُ الْمُصَالَحَةِ عَلَى إجْرَاءِ مَاءِ الْمَطَرِ عَلَى سَطْحِ غَيْرِهِ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مَصْرِفٌ إلَى الطَّرِيقِ إلَّا بِمُرُورِهِ عَلَى سَطْحِ جَارِهِ، قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ: وَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَنَحْوِهَا كَمَا قَالَهُ سُلَيْمٌ فِي التَّقْرِيبِ وَغَيْرِهِ، قَالَ: لَكِنْ يُعْتَبَرُ هُنَا أَمْرَانِ: التَّأْقِيتُ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ فَلَا يُمْكِنُهُ الْعَقْدُ عَلَيْهَا مُطْلَقًا، وَأَنْ يَكُونَ هُنَاكَ سَاقِيَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إحْدَاثُ سَاقِيَةٍ فِيهَا ابْتِدَاءً، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ إذَا كَانَ نَاظِرًا مُصَالَحَةَ غَيْرِهِ عَلَى إجْرَاءِ مَاءٍ فِي سَاقِيَةٍ مَحْفُورَةٍ بِالْأَرْضِ الْمَحْفُورَةِ لَا لِيَحْفِرَ فِيهَا سَاقِيَةً، وَعَلَى إجْرَائِهِ عَلَى سَطْحِ الدَّارِ الْمَوْقُوفَةِ إنْ قُدِّرَ بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ لَا مُطْلَقًا لِحَقِّ الْبَطْنِ الثَّانِي، نَعَمْ إنْ صَالَحَ بِلَا مَالٍ جَازَ، وَكَانَ عَارِيَّةً قَالَ الْعَبَّادِيُّ: وَلَوْ أَذِنَ صَاحِبُ الدَّارِ لِإِنْسَانٍ فِي حَفْرِ بِئْرٍ تَحْتَ دَارِهِ ثُمَّ بَاعَهَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ كَالْبَائِعِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ مُطَّرِدٌ فِي كُلِّ حُقُوقِ الدَّارِ كَالْبِنَاءِ عَلَيْهَا بِإِعَارَةٍ أَوْ إجَارَةٍ انْقَضَتْ ثَبَتَ لِلْمُشْتَرِي مَا ثَبَتَ لِلْبَائِعِ اهـ. وَلَوْ بَنَى عَلَى سَطْحِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ مَا يَمْنَعُ نُفُوذَ مَاءِ الْمَطَرِ نَقَبَهُ الْمُشْتَرِي، وَالْمُسْتَأْجِرُ لَا الْمُسْتَعِيرُ، وَلَا يَجِبُ عَلَى مُسْتَحِقِّ إجْرَاءِ الْمَاءِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ مُشَارَكَتُهُ فِي الْعِمَارَةِ لَهُ إذَا انْهَدَمَ وَلَوْ بِسَبَبِ الْمَاءِ، وَأَمَّا الْأَرْضُ فَلَا حَاجَةَ فِي الْعَارِيَّةِ لَهَا إلَى بَيَانٍ؛ لِأَنَّهَا يَرْجِعُ فِيهَا مَتَى شَاءَ وَهِيَ تَحْمِلُ مَا تَحْمِلُ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا لِإِجْرَاءِ الْمَاءِ فِيهَا وَجَبَ بَيَانُ مَوْضِعِ الْمُجْرَاةِ وَطُولِهَا وَعَرْضِهَا وَعُمْقِهَا وَقَدْرِ الْمُدَّةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إبْقَاءُ ذَلِكَ عَلَى عُمُومِهِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْإِجَارَةُ مُقَدَّرَةً بِمُدَّةٍ أَمْ لَا، ـــــــــــــــــــــــــــــSفَرَاجِعْهُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ هَذَا مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ وَهُوَ أَنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا أَنْ تُبْنَى الصَّهَارِيجُ بِجَانِبِ الْخَلِيجِ الْحَاكِمِيِّ، وَيُجْعَلَ لَهَا طَاقَاتٌ بِقَصْدِ أَنْ تُمْلَأَ مِنْهُ إذَا جَاءَ الْمَاءُ وَيُفْعَلَ كَذَلِكَ، فَبِدُخُولِ الْمَاءِ فِيهَا يَصِيرُ مِلْكًا لِمَنْ قَصَدَ ذَلِكَ وَلَا يَكُونُ بَاقِيًا عَلَى إبَاحَتِهِ بَلْ يُتَصَرَّفُ فِيهِ بِمَا أَعَدَّهُ الْوَاقِفُ لَهُ (قَوْلُهُ: فِي الْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ) أَيْ أَوْ السَّطْحِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَعَلَى إجْرَائِهِ عَلَى سَطْحِ الدَّارِ الْمَوْقُوفَةِ (قَوْلُهُ: الْمَحْفُورَةِ) صَوَابُهُ الْمَوْقُوفَةُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ صَالَحَ) مُحْتَرَزُ قَوْلُهُ أَوَّلًا: أَمَّا مَاءُ غُسَالَةِ الثِّيَابِ وَالْأَوَانِي فَلَا يَجُوزُ إلَخْ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَمَّا إنْ صَالَحَ بِلَا مَالٍ إلَخْ (قَوْلُهُ ثُمَّ بَاعَهَا) أَيْ الدَّارَ (قَوْلُهُ: كَالْبَائِعِ) أَيْ حَيْثُ أَذِنَ لَهُ مَجَّانًا، فَلَوْ كَانَ أَذِنَ لَهُ بِبَيْعٍ أَوْ أُجْرَةٍ فَلَيْسَ ذَلِكَ، وَإِذَا رَجَعَ تَخَيَّرَ بَيْنَ طَمِّهِ وَأَرْشِ نَقْصِهِ، وَهُوَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ كَوْنِهِ مَبْنِيًّا مُنْتَفَعًا بِهِ وَبَيْنَ كَوْنِهِ مَطْمُومًا خَالِيًا مِنْ الْبِنَاءِ وَبَيْنَ إبْقَائِهِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ وَبَيْنَ تَمَلُّكِ مَا بَنَاهُ بِالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: ثَبَتَ) أَيْ فَيُقَالُ ثَبَتَ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْعَقْدِ) أَيْ لِلْبَيْعِ أَوْ الْأُجْرَةِ أَوْ الْعَارِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْأَرْضُ) اُنْظُرْ مَا الَّذِي خَرَجَ بِهِ هَذَا فِي كَلَامِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ وَيُقَابِلُهُ قَوْلُهُ الْآتِي وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا لِإِجْرَاءِ الْمَاءِ فِيهَا إلَخْ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَإِنْ أَعَارَ الْأَرْضَ فَلَا حَاجَةَ فِيهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ) يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ قَبْلُ وَقَدَّرَ الْمُدَّةَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ فِي الْعُمْقِ وَالْعَرْضِ وَالطُّولِ بِقَطْعِ النَّظَرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَمَا يُصَرِّحُ بِهِ تَعْلِيلُهُمَا الْمَارُّ فَهُمَا جَارِيَانِ عَلَى الْغَالِبِ (قَوْلُهُ: فَلَعَلَّ مُرَادَ الْمُتَوَلِّي) بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُرَادُهُ كَمَا قَدَّمْتُهُ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُعْتَبَرُ هُنَا أَمْرَانِ التَّأْقِيتُ) سَيَأْتِي أَنَّ التَّأْقِيتَ شَرْطٌ حَتَّى فِي الْأَرْضِ الْمَمْلُوكَةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إحْدَاثُ سَاقِيَةٍ فِيهَا ابْتِدَاءً) كَأَنَّهُ احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا أَذِنَ الْمَالِكُ فِي ذَلِكَ: أَيْ أَوْ كَانَ مَا اسْتَأْجَرَ لَهُ الْأَرْضَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْحَفْرِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: جَازَ) أَيْ: بِلَا تَقْدِيرِ مُدَّةٍ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْأَرْضُ إلَخْ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ لِمَتْنِ الرَّوْضِ، وَهُوَ لَا يُنَاسِبُ فَرْضَهُ الْكَلَامَ أَوَّلًا فِي الْأَرْضِ وَالسَّطْحِ مَعًا وَأَمَّا الرَّوْضُ فَإِنَّهُ ذَكَرَ حُكْمَ الْإِجْرَاءِ عَلَى السَّطْحِ وَحْدَهُ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ الْحُكْمَ فِي الْأَرْضِ فَقَالَ: وَأَمَّا الْأَرْضُ إلَخْ فَلْتُرَاجَعْ عِبَارَتُهُ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْإِجَارَةُ مُقَدَّرَةً بِمُدَّةٍ أَمْ لَا)

وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ فِي بَيْعِ حَقِّ الْبِنَاءِ بِأَنَّهَا إنَّمَا حُمِلَتْ عَلَى التَّأْبِيدِ فِي مَسْأَلَةِ الْبِنَاءِ عِنْدَ عَدَمِ ذِكْرِ الْمُدَّةِ لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَى دَوَامِهِ وَلِلتَّضَرُّرِ بِهَدْمِهِ، وَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ دُخُولُ الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا إلَّا لِتَنْقِيَةِ نَهْرٍ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ أَرْضِهِ مَا يُخْرِجُهُ مِنْ النَّهْرِ، وَلَيْسَ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ فِي إجْرَاءِ مَاءِ الْمَطَرِ عَلَى السَّطْحِ طَرْحُ الثَّلْجِ عَلَيْهِ وَلَا تَرْكُهُ إلَى أَنْ يَذُوبَ وَيَسِيلَ إلَيْهِ، وَمَنْ أُذِنَ لَهُ فِي إلْقَاءِ الثَّلْجِ لَا يُجْرِي الْمَطَرَ وَلَا غَيْرَهُ، وَلَوْ كَانَ يُجْرِي مَاءً فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَادَّعَى الْمَالِكُ أَنَّهُ كَانَ عَارِيَّةً قَبْلَ قَوْلِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ، وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى قَضَاءِ حَاجَةِ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٌ أَوْ طَرْحِ قُمَامَةٍ وَلَوْ زِبْلًا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ عَلَى مَالٍ فَهُوَ عَقْدٌ فِيهِ شَائِبَةُ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ، وَكَذَا عَنْ الْمَبِيتِ عَلَى سَقْفٍ وَلِمُشْتَرِي الدَّارِ مَا لِبَائِعِهَا مِنْ إجْرَاءِ الْمَاءِ لَا الْمَبِيتِ. . ، وَيَجُوزُ تَحْوِيلُ أَغْصَانِ شَجَرَةِ غَيْرِهِ وَقَدْ مَالَتْ إلَى هَوَاءِ مِلْكِهِ، وَلَوْ مُشْتَرَكًا وَامْتَنَعَ مَالِكُهَا مِنْ تَحْوِيلِهَا عَنْ هَوَائِهِ، وَلَهُ قَطْعُهَا وَلَوْ بِلَا إذْنِ قَاضٍ إنْ لَمْ يُمْكِنُ تَحْوِيلُهَا، وَتَقْيِيدُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهَا بِالْقَطْعِ وَإِلَّا تَوَقَّفَ عَلَى إذْنِهِ فِيهِ نَظَرٌ قَالَ الْبَغَوِيّ: وَلَهُ إيقَادُ نَارٍ تَحْتَهَا، وَإِنْ أَدَّى إلَى حَرْقِهَا، وَفِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ، فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى حَالَةِ عَدَمِ تَقْصِيرِهِ كَأَنْ عَرَضَتْ رِيحٌ أَوْصَلَتْهَا إلَيْهَا وَلَمْ يُمْكِنْهُ طَفْيُهَا. وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ: إنَّ مُسْتَحِقَّ مَنْفَعَةِ الْمَلِكِ بِوَصِيَّةٍ أَوْ وَقْفٍ أَوْ إجَارَةٍ كَمَالِكِ الْعَيْنِ فِي ذَلِكَ صَحِيحٌ، وَلَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّ مَالِكَ الْمَنْفَعَةِ يُخَاصِمُ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ، وَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْ إبْقَاءِ الْأَغْصَانِ بِمَالٍ؛ لِأَنَّهُ اعْتِيَاضٌ عَنْ مُجَرَّدِ الْهَوَاءِ، وَلَا عَنْ اعْتِمَادِهَا عَلَى جِدَارِهِ مَادَامَتْ رَطْبَةً، وَانْتِشَارُ الْعُرُوقِ وَمَيْلُ الْجِدَارِ كَالْأَغْصَانِ فِيمَا تَقَرَّرَ، وَمَا يَنْبُتُ بِالْعُرُوقِ الْمُنْتَشِرَةِ لِمَالِكِهَا لَا لِمَالِكِ الْأَرْضِ الَّتِي هِيَ فِيهَا، وَحَيْثُ تَوَلَّى نَحْوَ الْقَطْعِ بِنَفْسِهِ لَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَنْ تَقْدِيرِ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ قَوْلِهِ) أَيْ حَيْثُ عَلِمَ ابْتِدَاءَ حُدُوثِهِ فِي مِلْكِهِ وَإِلَّا صَدَّقَ خَصْمُهُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ، وَكَلَامُ الْبَغَوِيّ الْمُوهِمُ لِخِلَافِ ذَلِكَ مِنْ إطْلَاقِ تَصْدِيقِ الْمَالِكِ حَمَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ حُدُوثَهُ فِي زَمَنِ مِلْكِ هَذَا الْمَالِكِ اهـ حَجّ. وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ تَصْدِيقُ الْمَالِكِ مُطْلَقًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ وُجِدَتْ الْجُذُوعُ أَوْ نَحْوُهَا فِي أَرْضٍ وَلَمْ يُعْلَمْ سَبَبُ وَضْعِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ طَرْحِ قُمَامَةٍ) وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ عَدَمِ صِحَّةِ الصُّلْحِ عَلَى مَاءِ الْغُسَالَةِ أَنَّ الِاحْتِيَاجَ إلَى إلْقَاءِ الْقُمَامَاتِ أَشَدُّ مِنْهُ إلَى إخْرَاجِ مَاءِ الْغُسَالَةِ (قَوْلُهُ: لَا الْمَبِيتِ) وَلَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ شِدَّةُ اخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ، فَقَدْ لَا يَرْضَى صَاحِبُ السَّطْحِ بِنَوْمِ غَيْرِ الْبَائِعِ عَلَى مِلْكِهِ لِعَدَمِ صَلَاحِ الْمُشْتَرِي مِنْهُ بِحَسَبِ مَا يَعْتَقِدُهُ صَاحِبُ الْمِلْكِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُشْتَرَكًا) أَيْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَجْنَبِيٍّ أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِكِ الشَّجَرَةِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: مِنْ تَحْوِيلِهَا) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ تَحْوِيلُهَا وَلَا قَطْعُهَا قَبْلَ امْتِنَاعِ الْمَالِكِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ قَبْلَ الِامْتِنَاعِ وَحَصَلَ نَقْصٌ فِي الْأَغْصَانِ بِالتَّحْوِيلِ أَوْ الْقَطْعِ ضَمِنَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَا إذْنِ قَاضٍ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مَبْنِيًّا) خَالَفَ فِيهِ حَجّ (قَوْلُهُ مَادَامَتْ رَطْبَةً) لَعَلَّ وَجْهَهُ عَدَمُ الْعِلْمِ بِمُدَّةِ الرُّطُوبَةِ (قَوْلُهُ: كَالْأَغْصَانِ فِيمَا تَقَرَّرَ) أَيْ فَيَجُوزُ لِمَنْ مَالَ الْجِدَارُ إلَى مِلْكِهِ، وَلَوْ مُشْتَرَكًا كَمَا مَرَّ هَدْمُهُ، وَمِنْهُ مَيْلُ جِدَارِ بَعْضِ أَهْلِ السِّكَّةِ الْمُنْسَدَّةِ إلَيْهَا فَلِغَيْرِ مَالِكِ الْجِدَارِ هَدْمُهُ، وَإِنْ كَانَتْ السِّكَّةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ مَالِكِ الْجِدَارِ وَبَيْنَ الْهَادِمِ (قَوْلُهُ: الَّتِي هِيَ فِيهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQالصَّوَابُ حَذْفُهُ وَهُوَ تَابِعٌ لِلرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فِي هَذَا التَّقْرِيرِ لَكِنَّهُ تَصَرَّفَ فِيهِ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ الْمُضِرَّةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّوْضَ ذَكَرَ أَنَّهُ إذَا أَجَّرَ الْأَرْضَ لِإِجْرَاءِ الْمَاءِ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مَوْضِعِ السَّاقِيَةِ وَحَدِّ طُولِهَا وَعَرْضِهَا وَعُمْقِهَا وَقَدْرِ الْمُدَّةِ. قَالَ شَارِحُهُ عَقِبَهُ: إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ مُقَدَّرَةً بِهَا وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ قَدْرِهَا كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ فِي بَيْعِ حَقِّ الْبِنَاءِ اهـ. وَمُرَادُهُ بِذَلِكَ إصْلَاحُ الْمَتْنِ وَأَنَّ مَحَلَّ قَوْلِهِ وَقَدْرَ الْمُدَّةِ إذَا أَرَادَ التَّقْدِيرَ بِهَا وَإِلَّا فَالتَّقْدِيرُ بِهَا لَيْسَ بِشَرْطٍ، ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ بَقِيَ الْكَلَامُ عَلَى عُمُومِهِ: أَيْ مِنْ اشْتِرَاطِ بَيَانِ قَدْرِ الْمُدَّةِ مُطْلَقًا أَشْكَلَ بِذَلِكَ: أَيْ بِبَيْعِ حَقِّ الْبِنَاءِ اهـ. وَالشَّارِحُ هُنَا فَرَّقَ بِمَا يَأْتِي إلَّا أَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي عِبَارَةِ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ بِمَا لَا يَصِحُّ، عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلَ السَّوَادَةِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فِي بَيْعِ حَقِّ الْبِنَاءِ) الصَّوَابُ حَذْفُ لَفْظِ بَيْعِ. (قَوْلُهُ: مَا دَامَتْ رَطْبَةً)

يَكُنْ لَهُ أُجْرَةٌ إلَّا إنْ حَكَمَ عَلَى مَالِكِهَا بِالتَّفْرِيغِ، وَلَوْ دَخَلَ الْغُصْنُ الْمَائِلُ إلَى هَوَاءِ مِلْكِهِ فِي بَرْنِيَّةِ وَنَبَتَ فِيهَا أُتْرُجَّةٌ وَكَبِرَتْ قَطَعَ الْغُصْنَ وَالْأُتْرُجَّةَ لِتَسْلَمَ الْبَرْنِيَّةُ لِاسْتِحْقَاقِ قَطْعِهِمَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا لَمْ يُذْبَحْ حَيَوَانُ غَيْرِهِ إذَا بَلَعَ جَوْهَرَةً لَهُ؛ لِأَنَّ لَهُ حُرْمَةً، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، وَلَوْ وَصَلَ غُصْنَهُ بِشَجَرَةِ غَيْرِهِ كَانَتْ ثَمَرَةُ الْغُصْنِ لِمَالِكِهِ وَإِنْ كَانَ مُتَعَدِّيًا. قَالَ الْبَغَوِيّ: وَيَقْلَعُ غُصْنَهُ مَجَّانًا بِخِلَافِ غُصْنِ الْمَأْذُونِ لَهُ لَا يَقْلَعُ مَجَّانًا بَلْ بِأَرْشِ نَقْصِهِ أَوْ يُبْقِيهِ بِأُجْرَةٍ، وَلَا مَنْعَ مِنْ غَرْسٍ أَوْ حَفْرٍ يُؤَدِّي فِي الْمَآلِ إلَى انْتِشَارِ الْعُرُوقِ أَوْ الْأَغْصَانِ وَسَرَيَانِ النَّدَاوَةِ إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَلَوْ اشْتَرَى الدَّارَ فِي أَوَّلِ انْتِشَارِهَا إلَيْهَا ثُمَّ عَظُمَتْ وَأَضَرَّتْ لَمْ يَكُنْ لَهُ طَلَبُ إزَالَتِهَا لِعِلْمِهِ بِأَنَّهَا سَتَزِيدُ كَمَنْ اشْتَرَى مَجْرُوحًا عَالِمًا فَسَرَى الْجُرْحُ. (وَلَوْ تَنَازَعَا جِدَارًا بَيْنَ مِلْكَيْهِمَا فَإِنْ اتَّصَلَ بِبِنَاءِ أَحَدِهِمَا بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّهُمَا بُنِيَا مَعًا فَلَهُ الْيَدُ) ؛ لِأَنَّ اتِّصَالَهُ أَمَارَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى يَدِهِ فَيَحْلِفُ وَيَحْكُمُ لَهُ مَا لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً بِخِلَافِهِ، وَيُتَصَوَّرُ بِأَنْ يُدْخِلَ نِصْفَ لَبِنَاتِ الْجِدَارِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ فِي جِدَارِهِ الْخَاصِّ وَنِصْفَ اللَّبِنَاتِ مِنْ جِدَارِهِ الْخَاصِّ فِي الْمُتَنَازَعِ فِيهِ وَيَظْهَرُ ذَلِكَ فِي الزَّوَايَا، وَلَا يَحْصُلُ الرُّجْحَانُ بِأَنْ يُوجَدَ ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ مَعْدُودَةٍ مِنْ طَرَفِ الْجِدَارِ لِإِمْكَانِ إحْدَاثِهِ بَعْدَ بِنَاءِ الْجِدَارِ بِنَزْعِ لَبِنَةٍ وَنَحْوِهَا وَإِدْرَاجِ أُخْرَى، وَبِأَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ أَزَجٌ وَهُوَ الْعَقْدُ، وَلَا يُتَصَوَّرُ إحْدَاثُهُ بَعْدَ تَمَامِ الْجِدَارِ بِأَنْ أُمِيلَ مِنْ مُبْتَدَإِ ارْتِفَاعِهِ مِنْ الْأَرْضِ كَذَا، قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إذَا أَمْكَنَ إحْدَاثُهُ بِأَنْ يَكُونَ الْمَيْلُ بَعْدَ ارْتِفَاعِ الْجِدَارِ لَا يَكُونُ فِيهِ تَرْجِيحٌ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي وَالْإِمَامُ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَصَاحِبِ التَّنْبِيهِ أَنَّهُ يُفِيدُ التَّرْجِيحَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الَّذِي بَنَى الْأَزَجَ بَنَاهُ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُمَا بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَزَعَمَ كَسْرَهَا؛ لِأَنَّ حَيْثُ لَا تُضَافُ إلَّا إلَى جُمْلَةٍ غَفْلَةٌ عَنْ كَوْنِهَا مَعْمُولَةً لِيَعْلَمَ لَا لِحَيْثُ وَبِفَرْضِ كَوْنِهَا مَعْمُولَةً لِحَيْثُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فَإِنْ رَضِيَ الْمَالِكُ لِلْأَرْضِ بِبَقَائِهَا فِي مِلْكِهِ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَلَهُ قَطْعُهَا (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ حَكَمَ عَلَى مَالِكِهَا بِالتَّفْرِيغِ) أَيْ بِأَنْ رَفَعَ لِقَاضٍ وَحَكَمَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، فَلَوْ قَطَعَهَا مَنْ انْتَشَرَتْ إلَى مِلْكِهِ اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَذْبَحْ) أَيْ فَيُقَالُ لَهُ: إنْ لَمْ تَذْبَحْ وَتُخْرِجْ الْجَوْهَرَةَ وَإِلَّا فَادْفَعْ قِيمَتَهَا إلَيَّ وَيُصَدَّقُ الدَّافِعُ فِي قَدْرِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ (قَوْلُهُ: وَلَا مَنْعَ مِنْ غَرْسٍ) هَذَا التَّفْصِيلُ يُخَالِفُ مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ مِنْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْمَنْعِ حَيْثُ خِيفَ الضَّرَرُ بَيْنَ الْحَالِ وَالْمَآلِ، وَعِبَارَتُهُ ثَمَّ: وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِمَّا الْغَالِبُ فِيهِ الْإِخْلَالُ بِنَحْوِ حَائِطِ الْجِدَارِ كَدَقٍّ عَنِيفٍ يُزْعِجُهَا وَحَبْسِ مَاءٍ بِمِلْكِهِ تَسْرِي نَدَاوَتُهُ إلَيْهَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ مَفْرُوضٌ فِي تَصَرُّفٍ يُؤَدِّي إلَى خَلَلٍ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ، وَمَا هُنَا فِي غَرْسٍ يَتَوَلَّدُ مِنْهُ انْتِشَارُ الْعُرُوقِ إلَى مِلْكِ الْغَيْرِ بِلَا إخْلَالٍ فِي الْبِنَاءِ (قَوْلُهُ: فِي أَوَّلِ انْتِشَارِهَا إلَيْهَا) الْمُتَبَادِرُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ أَصْلَ الشَّجَرَةِ بِغَيْرِ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ، وَعَلَيْهِ فَيُشْكِلُ عَدَمُ طَلَبِ الْإِزَالَةِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْبَائِعِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي عُمُومِ قَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ، وَهَذَا صَحِيحٌ مُطَّرِدٌ فِي كُلِّ حُقُوقِ الدَّارِ إلَخْ، إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ كَانَ الْبَائِعُ لِلدَّارِ هُوَ مَالِكُ الشَّجَرَةِ وَاسْتَثْنَاهَا فَهُوَ قَبْلَ الْبَيْعِ يَسْتَحِقُّ مَا تَنْتَشِرُ إلَيْهِ عُرُوقُهَا، فَكَأَنَّهُ بَاعَهُ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ مَا بَقِيَتْ الشَّجَرَةُ (قَوْلُهُ: لِعِلْمِهِ بِأَنَّهَا سَتَزِيدُ) أَيْ بِحَسَبِ الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ وَإِلَّا فَقَدْ تَهْلَكُ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ الْيَدُ) مِنْ ذَلِكَ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ مِنْ أَنَّ خَلْوَةَ بَابِهَا مِنْ دَاخِلِ مَسْجِدٍ يَعْلُوهَا بِنَاءٌ مُتَّصِلٌ بِبَيْتٍ مُجَاوِرٍ لِلْمَسْجِدِ فَادَّعَى صَاحِبُ الْبَيْتِ أَنَّ هَذَا الْبِنَاءَ مَوْضُوعٌ بِحَقٍّ، وَهُوَ قَدِيمٌ وَبِهِ عَلَامَاتٌ تُشْعِرُ بِكَوْنِهِ مِنْ الْبَيْتِ وَادَّعَى نَاظِرُ الْمَسْجِدِ أَنَّ هَذَا بِأَعْلَى الْخَلْوَةِ مِنْ الْمَسْجِدِ فَكَوْنُ بَابِ الْخَلْوَةِ مِنْ الْمَسْجِدِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا مِنْهُ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ مَا قَالُوهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ؛ لِأَنَّهَا تَزِيدُ وَالزِّيَادَةُ غَيْرُ مُنْضَبِطَةٍ. (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ حَكَمَ عَلَى مَالِكِهَا بِالتَّفْرِيغِ) اسْتَشْكَلَهُ الشِّهَابُ سم بِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلْوُجُوبِ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ مَعَ أَنَّ الشَّرْعَ حَاكِمٌ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَاكِمٌ. قَالَ: ثُمَّ رَأَيْت م ر اسْتَشْكَلَهُ بِذَلِكَ وَمَالَ إلَى حَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَ يَرَى وُجُوبَ الْأُجْرَةِ عَلَى التَّفْرِيغِ . (قَوْلُهُ: وَيُتَصَوَّرُ) أَيْ الِاتِّصَالُ الْمُفِيدُ لِلْعِلْمِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُتَصَوَّرُ) الْوَاوُ فِيهِ لِلْحَالِ

لَا يَتَعَيَّنُ الْكَسْرُ؛ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ الَّتِي يُضَافُ لَهَا حَيْثُ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ جُزْأَيْهَا (وَإِلَّا فَلَهُمَا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَحْصُلُ الِاتِّصَالُ الْمَذْكُورُ بِأَنْ يَكُونَ مُنْفَصِلًا عَنْهُمَا أَوْ مُتَّصِلًا بِهِمَا مُطْلَقًا أَوْ بِأَحَدِهِمَا اتِّصَالًا يُمْكِنُ إحْدَاثُهُ، فَالْيَدُ لَهُمَا لِانْتِفَاءِ الْمُرَجِّحِ، وَأَفْهَمَ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ التَّرْجِيحُ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ نَقْشٍ بِظَاهِرِ الْجِدَارِ كَصُوَرٍ وَكِتَابَاتٍ مُتَّخَذَةٍ مِنْ جِصٍّ أَوْ آجُرٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا طَاقَاتٍ وَمَحَارِيبَ بِبَاطِنِهِ وَتَوْجِيهِ بِنَاءٍ، كَأَنْ يَبْنِيَ بِلَبِنَاتٍ مُقَطَّعَةٍ وَيَجْعَلَ الْأَطْرَافَ الصِّحَاحَ إلَى جَانِبٍ وَمَوَاضِعَ الْكَسْرِ إلَى جَانِبٍ وَمَعَاقِدَ قُمُطٍ وَهُوَ حَبْلٌ رَقِيقٌ يُشَدُّ بِهِ الْجَرِيدُ وَنَحْوُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يُرَجَّحْ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الْجِدَارِ بَيْنَ الْمِلْكَيْنِ عَلَامَةٌ قَوِيَّةٌ فِي الِاشْتِرَاكِ فَلَا يُغَيَّرُ بِأَسْبَابٍ ضَعِيفَةٍ مُعْظَمُ الْقَصْدِ بِهَا الزِّينَةُ كَالتَّجْصِيصِ وَالتَّزْوِيقِ (فَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً) أَنَّهُ لَهُ (قُضِيَ لَهُ) بِهِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْيَدِ وَتَكُونُ الْعَرْصَةُ لَهُ تَبَعًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُقِمْ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً بَلْ أَقَامَهَا كُلٌّ مِنْهُمَا (حَلَفَا) أَيْ حَلَفَ كُلٌّ عَلَى نَفْيِ اسْتِحْقَاقِ صَاحِبِهِ لِلنِّصْفِ الَّذِي فِي يَدِهِ، وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ النِّصْفَ الَّذِي بِيَدِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُدَّعًى عَلَيْهِ، وَيَدُهُ عَلَى النِّصْفِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيهِ كَالْعَيْنِ الْكَامِلَةِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يُضَمِّنَ يَمِينَهُ النَّفْيَ وَالْإِثْبَاتَ كَمَا فَسَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ (فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا جُعِلَ بَيْنَهُمَا) لِظَاهِرِ الْيَدِ (وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا) وَنَكَلَ الْآخَرُ (قُضِيَ لَهُ) بِالْجَمِيعِ سَوَاءٌ أَنَكَلَ عَنْ يَمِينِ الْإِثْبَاتِ أَمْ النَّفْيِ أَمْ عَنْهُمَا، وَإِنْ حَلَفَ مَنْ ابْتَدَى بِيَمِينِهِ وَنَكَلَ الْآخَرُ حَلَفَ الْأَوَّلُ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ وَقُضِيَ لَهُ بِالْكُلِّ، وَإِنْ نَكَلَ الْأَوَّلُ وَرَغِبَ الثَّانِي فِي الْيَمِينِ فَقَدْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ يَمِينُ النَّفْيِ لِلنِّصْفِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْأَوَّلُ، وَيَمِينُ الْإِثْبَاتِ لِلنِّصْفِ الَّذِي ادَّعَاهُ هُوَ فَيَكْفِيهِ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ يَجْمَعُ فِيهَا النَّفْيَ وَالْإِثْبَاتَ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَقَوْلُ السُّبْكِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ أَنَّ جَمِيعَهَا لَهُ كَفَاهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَضَمِّنٌ لِلنَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ فِيهِ نَظَرٌ لِمَا مَرَّ فِي التَّحَالُفِ أَنَّ الْيَمِينَ لَا يُكْتَفَى فِيهَا بِاللَّازِمِ. . (وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ جُذُوعٌ لَمْ يُزَجِّجْ) ؛ لِأَنَّ وَضْعَهَا قَدْ يَكُونُ بِإِعَارَةٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ قَضَاءِ قَاضٍ يَرَى الْإِجْبَارَ عَلَى الْوَضْعِ فَلَا يُتْرَكُ الْمُحَقَّقُ بِالْمُحْتَمَلِ، وَلِأَنَّ الْجُذُوعَ كَالْأَمْتِعَةِ فِيمَا لَوْ تَنَازَعَا اثْنَانِ دَارًا بِيَدِهِمَا وَلِأَحَدِهِمَا أَمْتِعَةٌ، وَعَبَّرَ بِالْجُذُوعِ دُونَ الْجِذْعِ تَبَعًا لِلْمُحَرَّرِ لِيَنُصَّ عَلَى خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّ عِنْدَهُ التَّرْجِيحَ بِالْجَمْعِ دُونَ الْوَاحِدِ، وَفِي ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ صِحَّةِ الِاعْتِكَافِ بِهَا، وَحَيْثُ قَضَى بِأَنَّهَا لِلْمَسْجِدِ تَبِعَهَا الْهَوَاءُ فَلَا يَجُوزُ الْبِنَاءُ فِيهِ، وَكَوْنُ الْوَاقِفِ وَقَفَ الْخَلْوَةَ دُونَ مَا يَعْلُوهَا الْأَصْلُ عَدَمُهُ حَتَّى لَوْ فُرِضَ أَنَّ بِأَعْلَاهَا بِنَاءً هُدِمَ (قَوْلُهُ: فَالْيَدُ لَهُمَا) أَشَارَ بِذِكْرِ الْيَدِ إلَى أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِمِلْكِهِ لَهُمَا بَلْ يَبْقَى فِي يَدِهِمَا لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ، فَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً سَلِمَ لَهُ وَحُكِمَ بِهِ لَهُ أَوْ أَقَامَ غَيْرُهُمَا بِهِ بَيِّنَةً فَكَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَا طَاقَاتٍ) وَمِنْهَا مَا يُعْرَفُ الْآنَ بِالنِّصْفِ، وَمِثْلُهَا الرُّفُوفُ الْمُسَمَّرَةُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ جَرَتْ عَادَةُ أَهْلِهِ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ صَاحِبُ الْجِدَارِ الْمُخْتَصِّ بِهِ، أَوْ مَنْ لَهُ فِيهِ شَرِكَةٌ (قَوْلُهُ: لِظَاهِرِ الْيَدِ) فِيهِ مَا قَدَّمْنَا (قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِمْ) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُزَجِّجْ) أَيْ لَمْ يُزَجِّجْ صَاحِبُ الْجُذُوعِ بِمُجَرَّدِ وَضْعِ الْجُذُوعِ، أَمَّا لَوْ انْهَدَمَ الْجِدَارُ وَأَعَادَهُ أَحَدُهُمَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى مَثَلًا أَوْ كَانَ يَتَصَرَّفُ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ ثُمَّ نَازَعَهُ الْآخَرُ فَقَالَ: هُوَ شَرِكَةٌ بَيْنَنَا أَوْ هُوَ لِي خَاصَّةً صُدِّقَ الْمُتَصَرِّفُ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ عَمَلًا بِيَدِهِ، وَمَعَ تَصْدِيقِهِ لَا تُرْفَعُ جُذُوعُ مُدَّعِي الشَّرِكَةِ أَوْ الِاخْتِصَاصِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا وُضِعَتْ بِحَقٍّ (قَوْلُهُ: بِالْجَمْعِ) وَهُوَ ثَلَاثَةٌ فَمَا فَوْقَ أَخْذًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَتَكُونُ الْعَرْصَةُ) الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِهَا مَا يَحْمِلُ الْجِدَارَ مِنْ الْأَرْضِ وَهُوَ الْآسُ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: بَلْ أَقَامَهَا كُلٌّ مِنْهُمَا) الْأَصْوَبُ الْإِتْيَانُ بِأَوْ بَدَلَ بَلْ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَفَ مَنْ ابْتَدَأَ بِيَمِينِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: ثُمَّ إنْ كَانَ الْمَبْدُوءُ بِهِ هُوَ الْحَالِفُ حَلَفَ ثَانِيًا الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ لِيُقْضَى لَهُ بِالْكُلِّ أَوْ النَّاكِلُ فَقَدْ اجْتَمَعَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَقَدْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ يَمِينُ النَّفْيِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ قَدَّمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِمَا هُنَا وَالشِّهَابُ حَجّ إنَّمَا ذَكَرَ هَذَا؛ لِأَنَّهُ قَدَّمَ أَنَّهُ يَكْفِي فِي حَلِفِ كُلٍّ مِنْهُمَا إذَا حَلَفَا أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى

الْجِذْعَيْنِ اخْتِلَافُ رِوَايَةٍ عَنْهُ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَإِذَا تَحَالَفَا أُقِرَّتْ الْجُذُوعُ بِحَالِهَا لِجَوَازِ وَضْعِهَا بِحَقٍّ، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ الْحَائِطَ فَلِمَالِكِ الْجِدَارِ قَلْعُ الْجُذُوعِ بِالْأَرْشِ وَالْإِبْقَاءُ بِالْأُجْرَةِ، وَهَذَا مَفْرُوضٌ فِي الْجِدَارِ الْمُشْتَرَكِ حَمْلًا لِذَلِكَ عَلَى أَضْعَفِ السَّبَبَيْنِ وَهُوَ الْعَارِيَّةُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لِأَجْنَبِيٍّ فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَذَلِكَ. نَعَمْ قِيَاسُ مَا تَقَرَّرَ أَنَّا إذَا حَكَمْنَا بِأَنَّ ذَلِكَ لَهُمَا تَعَيَّنَ إبْقَاؤُهَا بِالْأُجْرَةِ، قَالَهُ الْفُورَانِيُّ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا قَلْعَ وَلَا أُجْرَةَ أَخْذًا بِإِطْلَاقِهِمْ إبْقَاءَهَا بِحَالِهَا فِي تِلْكَ، وَفِي كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ فِي الْعَارِيَّةِ عَنْ جَمْعٍ مُتَقَدِّمِينَ فِيمَا لَوْ جُهِلَ أَوْ وُضِعَتْ بِحَقٍّ لَازِمُ مَا يَدُلُّ لَهُ وَأَجْرَاهُ فِي الْأَجْنِحَةِ الْمُطْلَقَةِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ فِي الْقَنَوَاتِ الْمَدْفُونَةِ تَحْتَ الْأَمْلَاكِ. قَالَ: وَبِهِ صَرَّحَ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوَاعِدِهِ وَالْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ. قَالَ: وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِأُجْرَةٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَلَمْ يَذْكُرُوهُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْوَاضِعُ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ مُؤَبَّدًا بِطَرِيقِ الْبَيْعِ، وَأَلْحَقَ بِذَلِكَ مَا لَوْ رَأَيْنَا سَاقِيَةً عَلَى فُوَّهَةِ بِئْرٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ أَقْوَامٍ، وَعَلَيْهَا بُسْتَانَانِ وَمَمَرُّ مَاءِ الثَّانِي فِي أَرْضِ الْأَوَّلِ فَلَيْسَ لِمُشْتَرِيهِ مَنْعُ الْإِجْرَاءِ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّهُ بِحَقٍّ فَلَا يُزَالُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ وَفِي إحْيَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ قَوْلِهِ وَفِي الْجِذْعَيْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ الْحَائِطَ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُحْكَمْ بِهِ لِأَحَدِهِمَا بِسَبَبِ التَّنَازُعِ، وَلَكِنَّهُ لَهُ بِهِ بِمُقْتَضَى الْيَدِ لِيَتَأَتَّى قَوْلُهُ فَلِمَالِكِ الْجِدَارِ إلَخْ، وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَقَوْلُهُ أَيْ شَرْحِ الرَّوْضِ: فَلِمَالِكِ الْجِدَارِ، اُنْظُرْ هَذَا مَعَ أَنَّهُ حُكِمَ بِأَنَّهُ بَيْنَهُمَا وَالشَّرِيكُ لَا يُقْطَعُ حَقُّهُ بِالْأَرْشِ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِمَالِكِ الْجِدَارِ مَنْ يَثْبُتُ لَهُ الْجِدَارُ بَعْدَ ذَلِكَ بِطَرِيقِهِ فَلْيُحَرَّرْ، وَأَطَالَ فِي اسْتِشْكَالِ ذَلِكَ فِي حَوَاشِي حَجّ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ كَذَلِكَ) أَيْ مُدَّةَ تَخْيِيرِ مَالِكِ الْجِدَارِ بَيْنَ قَلْعِ الْجُذُوعِ بِالْأَرْشِ وَالْإِبْقَاءِ بِالْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا أُجْرَةَ) أَيْ وَلَهُ إعَادَتُهَا إذَا سَقَطَتْ أَوْ انْهَدَمَ الْجِدَارُ ثُمَّ أُعِيدَ (قَوْلُهُ: فِي تِلْكَ) هِيَ قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ جُذُوعٌ (قَوْلُهُ: فِي مِلْكِ الْغَيْرِ) قَالَ حَجّ: مَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ ابْتِدَاءَ حُدُوثِهَا، وَإِلَّا فَيُصَدَّقُ الْخَصْمُ فِي أَنَّهُ عَارِيَّةٌ، وَأَنَّ الْإِذْنَ وَقَعَ مِنْهُ بِلَا عِوَضٍ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ التَّبْقِيَةِ بِأُجْرَةٍ وَقَلْعِهِ وَغُرْمِ أَرْشِ نَقْصِهِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ إطْلَاقَ الشَّارِحِ يُخَالِفُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالنَّفْيِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الِاكْتِفَاءَ بِالنَّفْيِ هُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ الشَّارِحُ قَوْلٌ مُخَرَّجٌ مِنْ نَصِّهِ فِي الْمُتَبَايِعَيْنِ . (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ الْحَائِطَ) هُوَ آخِرُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ جَعَلَهُ غَايَةً فِي جَوَازِ وَضْعِ الْجُذُوعِ بِحَقٍّ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ الْقُوتِ، وَقَوْلُهُ: فَلِمَالِكِ الْجِدَارِ قَلْعُ الْجُذُوعِ إلَخْ تَفْرِيعُهُ عَلَى كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ لَا يَتَمَشَّى عَلَى الرَّاجِحِ الْآتِي، وَقَوْلُهُ: وَهَذَا مَفْرُوضٌ: يَعْنِي كَلَامَ الْمَاوَرْدِيِّ، وَهُوَ مَعْلُومٌ لَا حَاجَةَ لِلتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ إذْ وَضْعُ كَلَامِهِ فِيمَا إذَا تَحَالَفَا، وَقَوْلُهُ: حَمْلًا لِذَلِكَ عَلَى أَضْعَفِ السَّبَبَيْنِ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ فَلِمَالِكِ الْجِدَارِ قَلْعُ الْجُذُوعِ إلَخْ عَلَى مَا فِيهِ، وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لِأَجْنَبِيٍّ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَهَذَا مَفْرُوضٌ إلَخْ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: نَعَمْ قِيَاسُ مَا تَقَرَّرَ إلَخْ فَلَمْ أَفْهَمْ مَوْقِعَهُ وَلَا مَا أَرَادَ بِهِ، وَاَلَّذِي فِي الْقُوتِ عَنْ الْفُورَانِيِّ هُوَ قَوْلُهُ: فَإِنْ ثَبَتَ لِأَحَدِهِمَا نُزِّلَ عَلَى الْإِعَارَةِ؛ لِأَنَّهُ أَضْعَفُ الْأَسْبَابِ فَيَجُوزُ الْقَلْعُ مَعَ الْأَرْشِ اهـ. وَقَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا قَلْعَ: أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْجِدَارُ لِأَجْنَبِيٍّ إذْ هُوَ مُقَابِلُ قَوْلِهِ فِيهِ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَذَلِكَ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ كَلَامِهِ، فَقَوْلُهُ: بَعْدُ فِي تِلْكَ: أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْجِدَارُ لِأَجْنَبِيٍّ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُشْتَرَكَ مِثْلُهُ فِي ذَلِكَ بِالْأَوْلَى، وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ هُنَا الشِّهَابُ سم وَعِبَارَتُهُ بِهِ كَلَامٌ طَوِيلٌ سَاقَهُ اعْتِرَاضًا عَلَى شَرْحِ الرَّوْضِ نَصُّهَا: وَحِينَئِذٍ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ جَهِلَ حَالَ الْجُذُوعِ قُضِيَ بِاسْتِحْقَاقِ وَضْعِهَا أَبَدًا وَامْتِنَاعِ الْقَلْعِ بِالْأَرْشِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ لِأَجْنَبِيٍّ أَمْ شَرِيكٍ وَإِنْ عَلِمَ كَيْفِيَّةَ وَضْعِهَا عَمِلَ بِمُقْتَضَاهَا إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ، وَبِالْجُمْلَةِ فَكَلَامُ الشَّارِحِ هُنَا فِي هَذَا الْمَقَامِ لَا يَكَادُ يَنْتَظِمُ وَقَدْ عَلِمْتَ مَا فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَالْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ) هَذَا لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْجَلَالَ الْبُلْقِينِيَّ بَعْدَهُ بِكَثِيرٍ؛ لِأَنَّ وَالِدَهُ السِّرَاجَ الْبُلْقِينِيَّ تِلْمِيذُ التَّقِيِّ السُّبْكِيّ الَّذِي هُوَ تِلْمِيذُ ابْنِ الرِّفْعَةِ، فَلَعَلَّ قَوْلَ

[كتاب الحوالة]

الْمَوَاتِ مَا يَشْهَدُ لِذَلِكَ اهـ مُلَخَّصًا. وَفِي الْقَمُولِيِّ: لَوْ مَلَكَا دَارَيْنِ وَخَشَبُ إحْدَاهُمَا بِجِدَارِ الْأُخْرَى، وَلَا يُعْرَفُ كَيْفَ وُضِعَ فَسَقَطَ الْحَائِطُ لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِهِ الْمَنْعُ مِنْ إعَادَتِهَا فَوْقَهُ، وَإِنْ أَعَادَهُ بِآلَتِهِ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ، وَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ نَقْضُهُ وَغُرْمُ أَرْشِ نَقْصِهَا وَلَا أَنْ يُطَالِبَ بِأُجْرَةٍ اهـ. وَفِي الرَّوْضَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّهُ إذَا انْهَدَمَ الْجِدَارُ فَادَّعَاهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْمَنْعُ مِنْ إعَادَتِهَا فَوْقَهُ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّا حَكَمْنَا بِوَضْعِهَا بِحَقٍّ وَشَكَكْنَا فِي الْمُجَوِّزِ لِلرُّجُوعِ اهـ. وَهَذَانِ صَرِيحَانِ فِيمَا قَدَّمْنَاهُ، وَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَارِزِيُّ وَجَمْعٌ مِنْ أَئِمَّةِ عَصْرِهِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لِذِي جِدَارٍ بِهِ كَوَّةٌ يَنْزِلُ مِنْهَا ضَوْءٌ لِدَارِ جَارِهِ هَدْمُهُ وَلَا سَدُّهَا، وَنَقَلَهُ عَنْ فُرُوقِ الْجُوَيْنِيِّ. وَأَجَابَ التَّاجُ الْفَزَارِيّ عَمَّا يُقَالُ: الْهَوَاءُ لَا يُقَابَلُ بِعِوَضٍ فَكَيْفَ يَكُونُ فَتْحُ هَذِهِ بِحَقٍّ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ اشْتَرَى مِنْهُ بَعْضَ الْحَائِطِ، وَفَتْحُهُ طَاقَةً غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ احْتِمَالَ ذَلِكَ بَعِيدٌ فَلَيْسَ نَظِيرُ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْجُذُوعِ، عَلَى أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نُزُولُ الضَّوْءِ مِنْ هَذِهِ الطَّاقَةِ اتِّفَاقًا لَا عَنْ قَصْدٍ، بِخِلَافِ وَضْعِ الْجُذُوعِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا (وَالسَّقْفُ بَيْنَ عُلُوِّهِ) أَيْ الشَّخْصِ (وَسُفْلِ غَيْرِهِ كَجِدَارٍ بَيْنَ مِلْكَيْنِ فَيُنْظَرُ أَيُمْكِنُ إحْدَاثُهُ بَعْدَ الْعُلُوِّ) بِأَنْ يَكُونَ السَّقْفُ عَالِيًا فَيُنْقَبَ وَسَطُ الْحَائِطِ وَتُوضَعَ رَأْسُ الْجُذُوعِ فِي النَّقْبِ وَيُوضَعَ عَلَيْهَا أَلْوَاحٌ أَوْ غَيْرُهَا فَيَصِيرَ الْبَيْتُ الْوَاحِدُ بَيْتَيْنِ (فَيَكُونَ) السَّقْفُ (فِي يَدِهِمَا) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ فَإِنَّهُ أَرْضٌ لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ وَسَاتِرٌ لِصَاحِبِ السُّفْلِ (أَوْ لَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إحْدَاثُهُ كَالْأَزَجِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ عَقْدُهُ عَلَى وَسَطِ الْجِدَارِ بَعْدَ امْتِدَادِهِ فِي الْعُلُوِّ (فَلِصَاحِبِ السُّفْلِ) لِاتِّصَالِهِ بِبِنَائِهِ. وَلَوْ تَنَازَعَا أَرْضًا وَلِأَحَدِهِمَا فِيهَا بِنَاءٌ وَغِرَاسٌ فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ التَّرْجِيحِ خِلَافًا لِلْقَاضِي الْحُسَيْنِ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعَادَةَ لَمْ تَجْرِ بِإِعَارَةِ الْأَرْضِ لَهُمَا يُرَدُّ بِأَنَّهَا جَارِيَةٌ بِالْإِجَارَةِ لِذَلِكَ، وَلَوْ تَنَازَعَا فِي دِهْلِيزٍ أَوْ عَرْصَةٍ فَمِنْ الْبَابِ إلَى الْمَرْقَى مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا، وَالْبَاقِي لِلْأَسْفَلِ، وَالسُّلَّمُ فِي مَوْضِعِ الرُّقِيِّ لِلْأَعْلَى، وَلَوْ لَمْ يُسَمَّرْ لِعَوْدِ مَنْفَعَتِهِ إلَيْهِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ كَجٍّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ، وَمَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ خَيْرَانَ مِنْ أَنَّهُ لِلْأَسْفَلِ كَسَائِرِ الْمَنْقُولَاتِ يُرَدُّ بِالْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِمَا مَرَّ مِنْ التَّعْلِيلِ وَإِنْ قَالَ الشَّيْخَانِ: إنَّهُ الْوَجْهُ. أَمَّا غَيْرُ الْمُثْبَتِ بِمَوْضِعِ الرُّقِيِّ فَهُوَ لِمَنْ هُوَ فِي مِلْكِهِ وَكَالْمُثْبَتِ السَّابِقِ الْمَبْنِيِّ مِنْ لَبِنٍ أَوْ آجُرٍّ وَلَا شَيْءَ تَحْتَهُ، فَإِنْ كَانَ تَحْتَهُ بَيْتٌ فَهُوَ: أَيْ الْمَرْقَى لَا الْبَيْتُ الَّذِي تَحْتَهُ بَيْنَهُمَا، أَوْ مَوْضِعُ حَبٍّ أَوْ جَرَّةٍ فَالْمَرْقَى لِلْأَعْلَى عَمَلًا بِالظَّاهِرِ مَعَ ضَعْفِ مَنْفَعَةِ الْأَسْفَلِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَرْعٌ] مَوْقُوفَاتٌ عَلَى جِهَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُعَمَّرَ مِنْ رِيعِ بَعْضِهَا الْبَعْضُ الْآخَرُ؟ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ حَيْثُ كَانَ الْوَقْفُ وَفْقًا وَاحِدًا وَإِنْ اخْتَلَفَتْ جِهَاتُهُ وَمَصَارِفُهُ، ثُمَّ رَأَيْت م ر جَزَمَ بِذَلِكَ وَقَرَّرَهُ فَلْيُرَاجَعْ، وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ وَاحِدًا هَلْ بِاتِّحَادِ الْوَاقِفِ فَقَطْ أَوْ مَعَ اتِّحَادِ عَقْدِ الْوَقْفِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: الَّذِي يَظْهَرُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: فِيمَا قَدَّمْنَاهُ) أَيْ قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا قَلْعَ وَلَا أُجْرَةَ (قَوْلُهُ: وَأَجَابَ) اعْتِرَاضًا عَلَى الْبَارِزِيِّ (قَوْلُهُ: غَيْرُ ظَاهِرٍ) أَيْ فَلَهُ سَدُّ الْكَوَّةِ وَإِنْ مَنَعَ الضَّوْءَ عَنْ جَارِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ ذَلِكَ) أَيْ كَوْنَهُ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَنَازَعَا) أَيْ مَالِكُ عُلُوٍّ وَسُفْلٍ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ) أَيْ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ (قَوْلُهُ: وَالسُّلَّمُ) أَيْ الْمُثْبَتُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي أَمَّا غَيْرُ الْمُثْبَتِ وَمِنْ قَوْلِهِ أَيْضًا وَكَالْمُثْبَتِ السَّابِقِ، وَلَعَلَّ لَفْظَةَ الْمُثْبَتِ سَقَطَتْ مِنْ قَلَمِ النَّاسِخِ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يُسَمَّرْ مَعْنَاهُ سَوَاءٌ أَسَمَّرَ أَوْ لَمْ يُسَمِّرْ لَكِنَّهُ مُثْبَتٌ بِنَحْوِ حَفْرٍ لِأَسْفَلِهِ فِي الْأَرْضِ أَوْ إلْصَاقٍ لَهُ بِهَا نَحْوَ طِينٍ، وَوَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ حَاصِلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّارِحِ وَالْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ جُمْلَةُ قَالَ إلَخْ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إحْدَاثُهُ) كَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ أَوَّلًا يُمْكِنُ ذَلِكَ كَمَا فِي التُّحْفَةِ . (قَوْلُهُ: فِي مَوْضِعِ الرُّقِيِّ) سَيَأْتِي مُحْتَرَزُهُ فِي بَقِيَّةِ السَّوَادَةِ وَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: أَمَّا غَيْرُ الْمُثْبَتِ بِمَوْضِعِ الرُّقِيِّ) أَيْ: بِأَنْ كَانَ مَوْضُوعًا بِمَحَلٍّ غَيْرِ مَحَلِّ الرُّقِيِّ وَهَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَالسَّلَمُ فِي مَوْضِعِ الرُّقِيِّ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: فَإِنْ كَانَ غَيْرُ الْمُسَمَّرِ فِي بَيْتٍ لِلْأَسْفَلِ فَهُوَ فِي يَدِهِ، أَوْ فِي غُرْفَةٍ لِلْأَعْلَى فَفِي يَدِهِ. [كِتَابُ الْحَوَالَةِ] .

وَيَجُوزُ لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ شَرِيكًا كَانَ أَوْ أَجْنَبِيًّا وَضْعُ أَثْقَالٍ مُعْتَادَةٍ عَلَى السَّقْفِ وَغَرْزِ وَتِدٍ بِهِ عَلَى مَا رُجِّحَ، وَفِيهِ وَقْفَةٌ، وَلِلْآخَرِ تَعْلِيقٌ مُعْتَادٌ بِهِ، وَلَوْ بِوَتِدٍ يَتِدُهُ؛ لِأَنَّا لَوْ لَمْ نُجَوِّزْ ذَلِكَ لَعَظُمَ الضَّرَرُ وَتَعَطَّلَتْ الْمَنَافِعُ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْجِدَارِ كَمَا مَرَّ اتِّبَاعًا لِلْعُرْفِ، وَلِأَنَّ الْأَعْلَى هُنَا ثَبَتَ لَهُ الِانْتِفَاعُ قَطْعًا فَثَبَتَ لِلْأَسْفَلِ تَسْوِيَةٌ بَيْنَهُمَا، وَثَمَّ لَمْ يَثْبُتْ لِأَحَدِهِمَا فَلَمْ يَثْبُتْ لِلْآخَرِ تَسْوِيَةٌ بَيْنَهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــSمُجَاوِرٍ لِبَيْتٍ مِنْ الْجِهَةِ الْقِبْلِيَّةِ، ثُمَّ إنَّ الْخَارِجَ مِنْ الْحَاصِلِ لِيَتَوَصَّلَ إلَى الشَّارِعِ يَصِيرُ جِدَارُ الْمَنْزِلِ عَنْ يَسَارِهِ، وَفِيهِ صُورَةُ بَابٍ مَفْتُوحٍ كَأَنْ يَتَوَصَّلَ مِنْهُ إلَى مِرْحَاضِ الْمَنْزِلِ الْمَذْكُورِ، وَالْحَالُ أَنَّ الْمَنْزِلَ مُحِيطٌ بِالْمِرْحَاضِ مِنْ جِهَاتِهِ الْأَرْبَعِ، وَأَنَّ الْحَاصِلَ وَالْمَنْزِلَ كَانَا مِلْكَيْنِ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ فَبَاعَ الْمَنْزِلَ أَوَّلًا وَالْحَاصِلَ ثَانِيًا، فَهَلْ يُحْكَمُ بِالْمِرْحَاضِ لِلْمَنْزِلِ لِدُخُولِهِ فِي حُدُودِهِ الْأَرْبَعِ وَلَا عِبْرَةَ بِعَلَامَةِ الْبَابِ الَّتِي بِطَرِيقِ الْحَاصِلِ، أَوْ يُحْكَمُ بِهِ لِلْحَاصِلِ بِمُجَرَّدِ هَذِهِ الْعَلَامَةِ، وَإِنْ تَصَرَّفَ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ فِي الْمِرْحَاضِ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ كَبَائِعِهِ الَّذِي اشْتَرَى الْمَنْزِلَ مِنْهُ، وَإِذَا حُكِمَ بِالْمِرْحَاضِ لِصَاحِبِ الْمَنْزِلِ وَدَلَّ الْكَشْفُ عَلَى خِلَافِهِ يُعَوَّلُ عَلَى الْكَشْفِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ أَرْبَابَهُ إنَّمَا يُرَاعُونَ الْأُمُورَ الْعُرْفِيَّةَ لَا الشَّرْعِيَّةَ. وَالْجَوَابُ عَنْهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ حَيْثُ كَانَ الْحَاصِلُ وَالْمَنْزِلُ فِي الْأَصْلِ فِي مِلْكِ شَخْصٍ وَاحِدٍ حُكِمَ بِأَنَّ كُلَّ مَا يَحْتَوِي عَلَيْهِ الْمَنْزِلُ أَوْ الْحَاصِلُ مِلْكٌ لِمَالِكِ الْجُمْلَةِ، فَإِذَا بَاعَ الْمَنْزِلَ وَحْدَهُ دَخَلَ فِيهِ كُلُّ مَا هُوَ مِنْ حُقُوقِهِ وَمَرَافِقِهِ، وَمِنْ جُمْلَتِهَا الْمِرْحَاضُ وَالْبَابُ الْمَذْكُورَانِ لِاشْتِمَالِ الْمَبِيعِ عَلَيْهِمَا، وَإِذَا بَاعَ الْحَاصِلَ وَحْدَهُ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ مَا كَانَ مِنْ مَرَافِقِ الْبَيْتِ وَيَخْتَصُّ كُلٌّ مِنْ الْمُشْتَرِينَ بِمَا يَرْتَفِقُ بِهِ فِيمَا اشْتَرَاهُ، وَحِينَئِذٍ فَلَا حَقَّ لِصَاحِبِ الْحَاصِلِ فِي الْمِرْحَاضِ وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْ تَوَابِعِهِ لِشُمُولِ اسْمِ الْبَيْتِ الْمَبِيعِ لِلْمِرْحَاضِ عَلَى الْوَجْهِ السَّابِقِ، وَيُمْنَعُ مَنْ يَتَعَرَّضُ لِمُشْتَرِي الْمَنْزِلِ الْمَذْكُورِ فِيمَا بِيَدِهِ؛ إذْ الْحَقُّ فِيهِ لِصَاحِبِ الْمَنْزِلِ، وَالْحَالَةُ مَا ذَكَرَ، وَلَا يُعَوَّلُ عَلَى مَا يَقُولُهُ الْمُهَنْدِسُونَ وَأَرْبَابُ الْخِبْرَةِ بِمِثْلِ هَذَا الْأَمْرِ اعْتِمَادًا عَلَى قَرَائِنَ اعْتَادُوهَا كَالطَّاقَاتِ وَنَحْوِهَا. وَغَايَةُ أَمْرِهِمْ أَنَّهُمْ فِي هَذَا الْمَقَامِ عَوَّلُوا عَلَى وُجُودِ الْبَابِ وَجَعَلُوهُ عَلَامَةً عَلَى أَنَّ صَاحِبَ الْحَاصِلِ يَسْتَحِقُّ الْمُرُورَ إلَى الْمِرْحَاضِ مِنْ ذَلِكَ وَجَعَلُوا اسْتِحْقَاقَهُ عَلَامَةً عَلَى مِلْكِهِ لَهُ وَمِثْلُهُ بَاطِلٌ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

كِتَابُ الْحَوَالَةِ بِفَتْحِ الْحَاءِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا مِنْ التَّحَوُّلِ وَالِانْتِقَالِ. وَفِي الشَّرْعِ: عَقْدٌ يَقْتَضِي نَقْلَ دَيْنٍ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ، وَقَدْ تُطْلَقُ عَلَى انْتِقَالِهِ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى أُخْرَى. وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ مَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ» وَتُفَسِّرُهُ رِوَايَةُ الْبَيْهَقِيّ «وَإِذَا أُحِيلَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَحْتَلْ» وَيُؤْخَذُ مِنْهُ صَرَاحَةُ مَا فِي الْخَبَرِ فِي الْحَوَالَةِ؛ إذْ هُوَ رَدِيفُهَا، وَهِيَ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ لِأَنَّ كُلًّا مَلَكَ بِهَا مَا لَمْ يَمْلِكْهُ قَبْلُ، فَكَأَنَّ الْمُحِيلَ بَاعَ الْمُحْتَالُ مَالَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِمَا لِلْمُحْتَالِ فِي ذِمَّتِهِ: أَيْ الْغَالِبِ عَلَيْهَا، وَمُقْتَضَى كَوْنِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSكِتَابُ الْحَوَالَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ التَّحَوُّلِ) أَيْ هِيَ فِي اللُّغَةِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ التَّحَوُّلِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالِانْتِقَالِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: وَقَدْ تُطْلَقُ عَلَى انْتِقَالِهِ) أَيْ الَّذِي هُوَ أَثَرُ الْعَقْدِ الْمَذْكُورِ، وَهَذَا الْمَعْنَى الثَّانِي هُوَ الَّذِي يَرِدُ عَلَيْهِ الْفَسْخُ وَالِانْفِسَاخُ (قَوْلُهُ عَلَى مَلِيءٍ) ع هُوَ بِالْهَمْزِ مَأْخُوذٌ مِنْ الِامْتِلَاءِ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَزْهَرِيُّ فِي شَرْحِهِ أَلْفَاظَ مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ الْمَطْلَ إطَالَةُ الْمُدَافَعَةِ اهـ. وَمِنْهُ يُسْتَفَادُ أَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ بِالظُّلْمِ مَنْ اتَّصَفَ بِهَذَا لَا مَنْ امْتَنَعَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ عَاصِيًا فَلَا يَفْسُقُ بِذَلِكَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: فَأَمَّا الْمُدَافَعَةُ مَرَّةً وَاحِدَةً فَلَمْ تَدْخُلْ فِي الْحَدِيثِ حَتَّى يُسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهَا فِسْقٌ، وَإِنْ كَانَتْ مَعْصِيَةً. وَمَفْهُومُهَا أَنَّ الْمَرَّتَيْنِ دَاخِلَتَانِ فِي الْحَدِيثِ فَتَأَمَّلْ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْمَفْهُومَ غَيْرُ مُرَادٍ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ سم السَّابِقُ، هَذَا وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ تَكَرُّرِ الْمُطَالَبَةِ بِالْفِعْلِ مَا لَوْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى تَكَرُّرِ الطَّلَبِ مِنْ الدَّائِنِ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ أَمَّا دَيْنُ الْإِتْلَافِ فَيَجِبُ دَفْعُهُ فَوْرًا مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ، وَقَوْلُهُ فَلَا يَفْسُقُ بِذَلِكَ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا تَكَرَّرَ الِامْتِنَاعُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَسَقَ، وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ تَغْلِبْ طَاعَاتُهُ عَلَى مَعَاصِيهِ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الِامْتِنَاعِ صَغِيرَةٌ، هَذَا وَقَدْ قَالَ حَجّ: وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ» أَنَّهُ كَبِيرَةٌ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ ظُلْمًا فَهُوَ كَالْغَصْبِ فَيَفْسُقُ بِمَرَّةٍ مِنْهُ، قَالَهُ السُّبْكِيُّ مُخَالِفًا لِلْمُصَنِّفِ فِي اشْتِرَاطِهِ تَكَرُّرَهُ نَقْلًا عَنْ مُقْتَضَى مَذْهَبِنَا إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ فَلْيَتَّبِعْ) بِتَشْدِيدِ التَّاءِ أَوْ سُكُونِهَا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: صَرَاحَةُ مَا فِي الْخَبَرِ) وَهُوَ الِاتِّبَاعُ كَأَنْ يَقُولَ الْعَارِفُ بِمَدْلُولِ اللَّفْظِ أُتْبِعُك عَلَى فُلَانٍ بِمَا لَك عَلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: بِدَيْنٍ) أَيْ فَلَا بُدَّ لِصَلَحَتِهَا مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، وَلَا بُدَّ فِي الْإِيجَابِ أَنْ لَا يَكُونَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ كَمَا يَأْتِي. وَقِيَاسُهُ أَنْ لَا يَكُونَ الْقَبُولُ بِلَفْظِ الشِّرَاءِ، فَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْت مَا لَك عَلَى زَيْدٍ مِنْ الدَّيْنِ بِمَا لِي عَلَيْك لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ نَوَى بِهِ الْحَوَالَةَ (قَوْلُهُ جُوِّزَ) وَلِهَذَا لَمْ يُعْتَبَرْ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَاب الْحِوَالَة (قَوْلُهُ: أَيْ الْغَالِبُ عَلَيْهَا) أَيْ أَنَّهَا بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَإِلَّا فَهِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الِاسْتِيفَاءِ أَيْضًا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي حَقِيقَةِ الْحَوَالَةِ هَلْ هِيَ اسْتِيفَاءُ حَقٍّ أَوْ إسْقَاطُهُ بِعِوَضٍ أَوْ بَيْعُ عَيْنٍ بِعَيْنٍ تَقْدِيرًا أَوْ بَيْعُ عَيْنٍ بِدَيْنٍ أَوْ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ رُخْصَةً؟ وُجُوهٌ أَصَحُّهَا آخِرُهَا وَهُوَ الْمَنْصُوصُ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَالْإِمَامُ وَوَالِدُهُ وَالْغَزَالِيُّ الْقَطْعَ بِاشْتِمَالِهَا عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ الِاسْتِيفَاءِ، وَالْمُعَاوَضَةِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي أَيُّهُمَا الْغَالِبُ اهـ.

بَيْعًا صِحَّةُ الْإِقَالَةِ فِيهَا، وَهُوَ مَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْخُوَارِزْمِيَّ، وَهُوَ مَرْدُودٌ بِتَصْرِيحِ الرَّافِعِيِّ أَوَّلَ الْفَلَسِ فِي أَثْنَاءِ تَعْلِيلٍ بِامْتِنَاعِهَا فِيهَا، وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُتَوَلِّي وَالْقَمُولِيُّ وَالسُّبْكِيُّ وَمُقْتَضَاهُ أَيْضًا اشْتِرَاطُ إسْنَادِهَا لِجُمْلَةِ الْمُخَاطَبِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْبَيْعِ وَلَوْ لِمَحْجُورِهِ مَثَلًا كَأَحَلْتُك لِابْنَتِك عَلَى ذِمَّتِك بِمَا وَجَبَ لَهَا عَلَيَّ فِيمَا لَوْ طَلَّقَهَا عَلَى مَبْلَغٍ فِي ذِمَّتِهِ مَثَلًا، بِخِلَافِ أَحَلْت ابْنَتَك بِكَذَا إلَى آخِرِهِ كَ بِعْت مُوَكِّلَك، وَيُعْتَبَرُ لِصِحَّةِ الْحَوَالَةِ عَلَى أَبِيهَا أَوْ غَيْرِهِ وُجُودُ مَصْلَحَتِهَا فِيهَا، وَالْعِلْمُ بِقَدْرِ مَا لَزِمَهُ لَهَا بِهَا. وَلَهَا أَرْكَانٌ مُحِيلٌ وَمُحْتَالٌ وَمُحَالٌ عَلَيْهِ وَدَيْنٌ لِلْمُحِيلِ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَلِلْمُحْتَالِ عَلَى الْمُحِيلِ وَإِيجَابٌ وَقَبُولٌ، كَأَحَلْتُك عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِالدَّيْنِ الَّذِي لَك عَلَيَّ وَلَمْ يَنْوِهِ فَهُوَ صَرِيحٌ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَلَا يُعَارِضُهُ مَا يَأْتِي آخِرَ الْبَابِ مِنْ تَصْدِيقِ نَافِي إرَادَةِ الْحَوَالَةِ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ يَقْبَلُ الصَّرْفَ، وَلَا يَتَعَيَّنُ لَفْظُ الْحَوَالَةِ بَلْ يَكْفِي مَا يُؤَدِّي مَعْنَاهَا كَ نَقَلْت حَقَّك إلَى فُلَانٍ أَوْ جَعَلْت مَا أَسْتَحِقُّهُ عَلَى فُلَانٍ لَك أَوْ مَلَّكْتُك الدَّيْنَ الَّذِي عَلَيْهِ بِحَقِّك، وَلَوْ قَالَ: أَحِلْنِي فَكَقَوْلِهِ: بِعْنِي وَلَا تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ، وَلَوْ نَوَاهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSرِبَوِيَّيْنِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. قَالَ ع: وَإِنَّمَا امْتَنَعَتْ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَقْدَ مُمَاكَسَةٍ اهـ (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْخُوَارِزْمِيِّ) عِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: اعْتَمَدَ طب عَدَمَ صِحَّةِ الْإِقَالَةِ فِي الْحَوَالَةِ وَهُوَ مَنْقُولٌ عَلَى جَزْمِ الرَّافِعِيِّ، وَكَذَا اعْتَمَدَهُ م ر فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى حَجّ مَا يُوَافِقُ مَا فِي الشَّرْحِ مِنْ رَدِّ إفْتَاءِ الْبُلْقِينِيِّ (قَوْلُهُ: بِامْتِنَاعِهَا فِيهَا) مُعْتَمَدٌ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ فِي ذِمَّةِ أَبِيهَا فَتُجْعَلُ هَذِهِ طَرِيقًا فِيمَا لَوْ أَرَادَ وَلِيُّ السَّفِيهَةِ اخْتِلَاعَهَا عَلَى مُؤَخَّرِ صَدَاقِهَا حَيْثُ مَنَعْنَاهُ مِنْ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْوِيتِ عَلَيْهَا، فَالطَّرِيقُ أَنْ يَخْتَلِعَهَا عَلَى قَدْرِ مَا لَهَا عَلَى الزَّوْجِ فِي ذِمَّتِهِ فَيَصِيرُ ذَلِكَ وَاجِبًا لِلزَّوْجِ عَلَى الْأَبِ، وَدَيْنُ الْمَرْأَةِ بَاقٍ بِحَالِهِ، فَإِذَا أَرَادَ التَّخَلُّصَ مِنْهُ فَعَلَ مَا ذُكِرَ فَتَكُونُ الْمَرْأَةُ مُحْتَالَةً بِمَا لَهَا عَلَى الزَّوْجِ عَلَى أَبِيهَا (قَوْلُهُ: وَالْعِلْمُ) أَيْ وَمِنْهَا الْعِلْمُ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ لَهَا بِهَا) أَيْ بِالْحَوَالَةِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَشُرِطَ فِي صِحَّةِ الْحَوَالَةِ عَلَى أَبِيهَا أَوْ غَيْرِهِ أَنْ تَكُونَ لَهَا مَصْلَحَةٌ فِي ذَلِكَ، وَمِنْهَا أَنْ يُعْلَمَ مِنْهُ أَنَّهُ يَصْرِفُ عَلَيْهَا مَا لَزِمَهُ لَهَا بِالْحَوَالَةِ اهـ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَالْعِلْمُ إلَخْ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ، وَعِبَارَتُهُمَا صَرِيحَةٌ فِي بُطْلَانِ الْحَوَالَةِ إذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ يَصْرِفُ مَا يَتَحَصَّلُ مِنْهَا عَلَيْهَا لِانْتِفَاءِ الْمَصْلَحَةِ، وَهَلَّا قِيلَ بِصِحَّةِ الْحَوَالَةِ لَهُ، وَيَأْثَمُ بِعَدَمِ الصَّرْفِ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ ثَبَتَتْ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَيْهَا كَانَ مَا يَحْتَالُ لَهَا بِهِ عَلَيْهِ مِنْ جُمْلَةِ أَمْوَالِهَا وَعَلَيْهِ حِفْظُهَا وَمُرَاعَاتُهَا، وَإِنَّمَا يَنْعَزِلُ بِارْتِكَابِ مَا يُوجِبُ الِانْعِزَالَ وَمُجَرَّدُ عَدَمِ الْعِلْمِ بِصَرْفِهِ مَا ذُكِرَ لَا يَكُونُ سَبَبًا لِلِانْعِزَالِ، هَذَا وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ يُسِيءُ عِشْرَتَهَا وَتَوَقَّفَ خَلَاصُهُ مِنْهُ عَلَى الْبَرَاءَةِ فَجَعَلَ الْوَلِيُّ ذَلِكَ طَرِيقًا لِإِسْقَاطِ دَيْنِهَا عَنْ الزَّوْجِ. [فَرْعٌ] يَقَعُ الْآنَ كَثِيرًا أَنَّ الشَّخْصَ يُصَيِّرُ مَا لَهُ عَلَى غَيْرِهِ لِزَيْدٍ مَثَلًا وَيَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِذَلِكَ، وَحُكْمُهُ أَنَّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يُحْمَلُ عَلَى الْحَوَالَةِ، فَإِنْ أُرِيدَ خِلَافُ ذَلِكَ أَوْ عُلِمَ إرَادَةُ خِلَافِ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُهُ يُحْمَلُ عَلَى الْحَوَالَةِ: أَيْ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ دَيْنٌ بَاطِنًا صَحَّتْ الْحَوَالَةُ، وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: مُحِيلٌ وَمُحْتَالٌ) دَخَلَ فِي الْمُحِيلِ وَالْمُحْتَالِ حَوَالَةُ الْوَالِدِ عَلَى نَفْسِهِ لِوَلَدِهِ وَعَلَى وَلَدِهِ لِنَفْسِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ م ر سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ وَمَنْ تَبِعَهُ) أَيْ حَجّ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ إنَّهُ كِنَايَةٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: فَكَقَوْلِهِ بِعْنِي) أَيْ فَيَكُونُ اسْتِيجَابًا قَائِمًا مَقَامَ الْقَبُولِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ احْتَلْ عَلَى فُلَانٍ بِمَا لَك عَلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ فَقَالَ: احْتَلْت أَوْ قَبِلْت فَيَكُونُ اسْتِقْبَالًا قَائِمًا مَقَامَ الْإِيجَابِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَاهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ الْوَلِيِّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ حَاصِلَ الْمُرَادِ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْوَلِيَّ خَالَعَ عَلَى عِوَضٍ فِي ذِمَّةِ نَفْسِهِ وَكَانَ لِلزَّوْجَةِ دَيْنٌ عَلَى الزَّوْجِ فَأَحَالَهَا بِهِ عَلَى مَا فِي ذِمَّةِ الْوَلِيِّ مِنْ عِوَضِ الْخُلْعِ فَتَأَمَّلْ (وَقَوْلُهُ: وَالْعِلْمُ بِقَدْرِ مَا لَزِمَهُ) هَذَا لَا خُصُوصِيَّةَ لَهُ بِمَسْأَلَةِ الْمَحْجُورَةِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَمِنْهَا أَيْ مِنْ الْمَصْلَحَةِ أَنْ يَعْلَمَ مِنْهُ أَنَّهُ يَصْرِفُ عَلَيْهَا مَا لَزِمَهُ لَهَا بِالْحَوَالَةِ اهـ. فَلَعَلَّ الصَّادَ

عَلَى الْأَصَحِّ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ إذْ الِاعْتِبَارُ فِي الْعُقُودِ بِاللَّفْظِ لَا بِالْمَعْنَى (يُشْتَرَطُ لَهَا) أَيْ لِصِحَّتِهَا (رِضَا الْمُحِيلِ) لِأَنَّ لَهُ إيفَاءَ الْحَقِّ مِنْ حَيْثُ شَاءَ لِكَوْنِهِ مُرْسَلًا فِي ذِمَّتِهِ، فَلَمْ يَتَعَيَّنْ لِقَضَائِهِ مَحَلٌّ مُعَيَّنٌ (وَالْمُحْتَالِ) ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي ذِمَّتِهِ فَلَا يَنْتَقِلُ لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ لِتَفَاوُتِ الذِّمَمِ، وَالْخَبَرُ الْمَذْكُورُ لِلِاسْتِحْبَابِ، وَصَرْفُهُ عَنْ الْوُجُوبِ الْقِيَاسُ عَلَى سَائِرِ الْمُعَاوَضَاتِ وَيُعْتَبَرُ لِاسْتِحْبَابِ قَبُولُهَا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنْ تَكُونَ عَلَى مَلِيءٍ وَفِيٍّ، وَكَوْنُ مَالِهِ طَيِّبًا لِيَخْرُجَ الْمُمَاطَلُ، وَمَنْ فِي مَالِهِ شُبْهَةٌ وَمُرَادُهُ بِالرِّضَا مَا مَرَّ مِنْ الصِّيغَةِ وَتَنْبِيهًا عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا عَلَى الْمُحْتَالِ وَتَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ (لَا الْمُحَالِ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ) فَلَا يُعْتَبَرُ رِضَاهُ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْحَقِّ وَالتَّصَرُّفِ كَالرَّقِيقِ الْمَبِيعِ، وَلِأَنَّ الْحَقَّ لِلْمُحِيلِ فَلَمْ يَتَعَيَّنْ اسْتِيفَاؤُهُ بِنَفْسِهِ كَمَا لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ رِضَاهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا اسْتِيفَاءٌ (وَ) مَرَّ اعْتِبَارُ وُجُودِ الدَّيْنَيْنِ الْمُحَالِ بِهِ وَعَلَيْهِ فَحِينَئِذٍ (لَا تَصِحُّ) مِمَّنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَلَا (عَلَى مَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ) وَإِنْ رَضِيَ لِعَدَمِ الِاعْتِيَاضِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهَا بَيْعٌ (وَقِيلَ تَصِحُّ بِرِضَاهُ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا اسْتِيفَاءٌ (وَتَصِحُّ بِالدَّيْنِ اللَّازِمِ عَلَيْهِ) وَإِنْ كَانَ سَبَبُهُمَا مُخْتَلِفًا كَكَوْنِ أَحَدِهِمَا ثَمَنًا وَالْآخَرِ أُجْرَةً، وَمُرَادُهُ بِاللَّازِمِ مَا يَشْمَلُ ذَلِكَ، وَلَوْ مَآلًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَبِالثَّمَنِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ إنَّمَا حَذَفَهُ لِئَلَّا يَشْمَلَ حَوَالَةَ السَّيِّدِ عَلَى مُكَاتَبِهِ بِالنُّجُومِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ إذْ مَالُ الْكِتَابَةِ لَا يَلْزَمُ بِحَالٍ، وَلَا بُدَّ مَعَ كَوْنِهِ لَازِمًا وَهُوَ مَا لَا يَدْخُلُهُ خِيَارٌ مِنْ كَوْنِهِ مُسْتَقِرًّا وَهُوَ مَا يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ فَلَا تَصِحُّ بِدَيْنٍ سَلَمٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSغَايَةٌ (قَوْلُهُ: بِاللَّفْظِ) أَيْ غَالِبًا (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ) أَيْ الْمُحَالِ بِهِ (قَوْلُهُ: مُرْسَلًا) أَيْ ثَابِتًا فِي ذِمَّةِ الْمُحِيلِ: أَيْ غَيْرَ مُتَعَلِّقٍ بِشَيْءٍ بِخُصُوصِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُحْتَالُ) وَشَرْطُهُمَا أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ كَسَائِرِ الْمُعَاوَضَاتِ اهـ حَجّ. وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَوْنِهَا بَيْعَ دَيْنٍ بِدَيْنٍ فَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْهُ الشَّارِحُ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِأَهْلِيَّةِ التَّبَرُّعِ إطْلَاقُ التَّصَرُّفِ فَإِنَّ الْمُكَاتَبَ تَصِحُّ حَوَالَتُهُ وَالْحَوَالَةُ عَلَيْهِ بِدُيُونِ الْمُعَامَلَةِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ (قَوْلُهُ: وَالْخَبَرُ الْمَذْكُورُ) دَفَعَ بِهِ مَا يُقَالُ اشْتِرَاطُ رِضَا الْمُحْتَالِ يُنَافِي مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ مِنْ وُجُوبِ الْقَبُولِ بِقَوْلِهِ فَلْيَحْتَلْ فَإِنَّ اللَّامَ لِلْأَمْرِ وَمُقْتَضَاهُ الْوُجُوبُ (قَوْلُهُ: لِاسْتِحْبَابِ قَبُولِهَا) أَيْ الَّذِي حُمِلَ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ (قَوْلُهُ: وَمَنْ فِي مَالِهِ شُبْهَةٌ) أَيْ إنْ سَلِمَ مِنْهَا مَالُ الْمُحِيلِ أَوْ كَانَتْ الشُّبْهَةُ فِيهِ أَقَلَّ (قَوْلُهُ: مِنْ الصِّيغَةِ) أَيْ لَا الرِّضَا الْبَاطِنِيِّ (قَوْلُهُ: وَتَنْبِيهًا) أَيْ وَذَكَرَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا تَصِحُّ مِمَّنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ) هَلْ تَنْعَقِدُ وَكَالَةٌ اعْتِبَارًا بِالْمَعْنَى أَوْ لَا؟ اعْتَمَدَ م ر عَدَمَ الِانْعِقَادِ اعْتِبَارًا بِاللَّفْظِ فَإِنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُمْ يُرَجِّحُونَ اعْتِبَارَ اللَّفْظِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَمُرَادُهُ بِاللَّازِمِ) الْأَوْلَى بَقَاؤُهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَهُوَ مَا لَا خِيَارَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْآيِلَ إلَى اللُّزُومِ فِي صِحَّةِ الْحَوَالَةِ بِهِ وَعَلَيْهِ خِلَافٌ كَمَا يَأْتِي وَمَا هُنَا مَقْطُوعٌ بِهِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم حَجّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ: وَأَرَادَ إلَخْ قَدْ يُقَالُ بَلْ أَرَادَ الظَّاهِرَ بِدَلِيلِ إفْرَادِ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ فَتَأَمَّلْهُ، عَلَى أَنَّ إرَادَةَ مَا ذُكِرَ يُنَافِيهَا قَوْلُهُ وَهُوَ مَا لَا يَدْخُلُهُ خِيَارٌ فَتَأَمَّلْهُ وَهُوَ عَيْنُ مَا قُلْنَاهُ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَشْمَلَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: لَا مَحْذُورَ فِي شُمُولِ الْعَكْسِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ بِدَيْنِ سَلَمٍ) سَيَأْتِي لَنَا فِي الضَّمَانِ صِحَّةُ ضَمَانِ دَيْنِ السَّلَمِ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَعَلَيْهِ فَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْحَوَالَةَ بَيْعٌ فَصِحَّتُهَا تُؤَدِّي ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي يَصْرِفُ تَحَرَّفَتْ عَلَى الشَّارِحِ بِالْعَيْنِ كَمَا رَأَيْتُهُ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ فَعَبَّرَ عَنْهَا بِمَا ذَكَرَهُ. (قَوْلُهُ: رِضَا الْمُحِيلِ وَالْمُحْتَالِ) قَالَ وَالِدُ الشَّارِحِ نَقْلًا عَنْ الْمَرْعَشِيِّ: قَدْ يَرِدُ عَلَيْهِ مَا لَوْ كَانَ شَخْصٌ وَلِيُّ طِفْلَيْنِ وَثَبَتَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ دَيْنٌ فَأَحَالَ الْوَلِيَّ بِالدَّيْنِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى طِفْلِهِ الْآخَرِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ، ثُمَّ قَالَ: وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْحَظُّ فِيهِ فَلَوْ كَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مُعْسِرًا أَوْ كَانَ بِالدَّيْنِ رَهْنٌ أَوْ ضَامِنٌ لَمْ يَجُزْ اهـ. (قَوْلُهُ: وَتَنْبِيهًا) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ نَصْبِهِ وَلَعَلَّ الْوَاوَ زَائِدَةٌ أَوْ أَنَّهُ مَعْمُولٌ لِعَامِلٍ مَحْذُوفٍ: أَيْ وَلِيُنَبِّهَ تَنْبِيهًا. (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا اسْتِيفَاءٌ) أَيْ فَكَأَنَّ الْمُحْتَالَ اسْتَوْفَى مَا كَانَ لَهُ عَلَى الْمُحِيلِ وَأَقْرَضَهُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ وَيَتَعَذَّرُ إقْرَاضُهُ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُ . (قَوْلُهُ: إذْ مَالُ الْكِتَابَةِ لَا يَلْزَمُ بِحَالٍ) قَالَ الشِّهَابُ حَجّ: هَذَا فَاسِدٌ إلَّا إنْ أُرِيدَ مِنْ جِهَةِ الْعَبْدِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا لَا يَدْخُلُهُ خِيَارٌ) لَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ مَا لَمْ يَكُنْ مَوْكُولًا إلَى الْخِيَرَةِ أَبَدًا

أَوْ نَحْوِ جَعَالَةٍ وَلَا عَلَيْهِ لَا مَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ انْفِسَاخٌ بِتَلَفِ مُقَابِلِهِ وَلَا تَصِحُّ بِدَيْنِ الزَّكَاةِ كَمَا نَقَلَهُ جَمْعٌ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَاعْتَمَدُوهُ وَكَذَا عَلَيْهِ إنْ قُلْنَا بَيْعٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِعَدَمِ جَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهَا فِي الْجُمْلَةِ خِلَافًا لِمَنْ جَوَّزَ حَوَالَةَ السَّاعِي بِهَا عَلَى الْمَالِكِ إنْ كَانَ النِّصَابُ تَالِفًا؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ بَيْعٌ وَالسَّاعِي يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ مَالِ الزَّكَاةِ. وَأَمَّا الزَّكَاةُ فَنَقْلًا عَنْ الْمُتَوَلِّي امْتِنَاعُ حَوَالَةِ الْمَالِكِ بِهَا إنْ قُلْنَا بَيْعٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَيْضًا، وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ بَعْضُ الشَّارِحِينَ بِأَنَّهَا مَعَ تَعَلُّقِهَا بِالْعَيْنِ تَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَهَا بِالذِّمَّةِ أَمْرٌ ضَعِيفٌ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ مَعَ وُجُودِ الْعَيْنِ كَيْفَ وَالْمُسْتَحِقُّ مَلَكَ جُزْءًا مِنْهَا وَصَارَ شَرِيكًا لِلْمَالِكِ بِهِ فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ صِحَّةِ الْحَوَالَةِ بِهَا وَعَلَيْهَا لِذَلِكَ، ثُمَّ وَصَفَ الدَّيْنَ وَلَمْ يُبَالِ بِالْفَاصِلِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ أَجْنَبِيٍّ بِقَوْلِهِ (الْمِثْلِيُّ) كَنَقْدٍ وَحُبُوبٍ وَقِيلَ: لَا تَصِحُّ إلَّا بِأَثْمَانٍ فَقَطْ، قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ (وَكَذَا الْمُتَقَوِّمُ) بِكَسْرِ الْوَاوِ (فِي الْأَصَحِّ) لِثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ وَلُزُومِهِ، وَالثَّانِي لَا إذْ الْمَقْصُودُ مِنْ الْحَوَالَةِ إيصَالُ الْحَقِّ مِنْ غَيْرِ تَفَاوُتٍ وَلَا يَتَحَقَّقُ فِيمَا لَا مِثْلَ لَهُ (وَ) تَصِحُّ (بِالثَّمَنِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ) بِأَنْ يُحِيلَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عَلَى ثَالِثٍ (وَعَلَيْهِ) بِأَنْ يُحِيلَ الْبَائِعُ إنْسَانًا عَلَى الْمُشْتَرِي (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ آيِلٌ إلَى اللُّزُومِ بِنَفْسِهِ إذْ هُوَ الْأَصْلُ. وَالثَّانِي لَا يَصِحَّانِ لِعَدَمِ اللُّزُومِ الْآنَ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَبْطُلُ الْخِيَارُ بِالْحَوَالَةِ بِالثَّمَنِ لِتَرَاضِي عَاقِدِيهَا، وَلِأَنَّ مُقْتَضَاهَا اللُّزُومُ فَلَوْ بَقِيَ الْخِيَارُ فَاتَ مُقْتَضَاهَا، وَفِي الْحَوَالَةِ عَلَيْهِ يَبْطُلُ فِي حَقِّ الْبَائِعِ لِرِضَاهُ بِهَا لَا فِي حَقِّ مُشْتَرٍ لَمْ يَرْضَ، فَإِنْ رَضِيَ بِهَا بَطَلَ فِي حَقِّهِ أَيْضًا فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ رَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ فَسَخَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ اهـ. لَا يُقَالُ: هَذَا مُخَالِفٌ لِعُمُومِ مَا قَالُوهُ مِنْ كَوْنِ الْحَوَالَةِ عَلَى الثَّمَنِ لَا تَبْطُلُ بِالْفَسْخِ لِأَنَّا ـــــــــــــــــــــــــــــSإلَى الِاعْتِيَاضِ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِ جَعَالَةٍ) أَيْ قَبْلَ الْفَرَاغِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَا تَصِحُّ بِدَيْنِ الزَّكَاةِ) أَيْ بِالدَّيْنِ الَّذِي هُوَ بَدَلُ الزَّكَاةِ بِأَنْ يَكُونَ النِّصَابُ تَالِفًا وَقَدْ تَمَكَّنَ مِنْ الْإِخْرَاجِ قَبْلَ تَلَفِهِ اهـ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ جَوَازِ إلَخْ) قَضِيَّةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَنَحْوِهِ كَشَرْحِ الْعُبَابِ التَّعْلِيلُ بِهَذَا لِمَا قَبْلَ كَذَا أَيْضًا وَفَصْلُهُ هُنَا لَهُ يُفْهِمُ خِلَافَ ذَلِكَ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُجَابُ عَنْ الْفَصْلِ بِأَنَّهُ لَمَّا نَقَلَ مَا قَبْلَ كَذَا عَنْ غَيْرِهِ جَازِمًا بِهِ لَمْ يَحْتَجْ لِتَوْجِيهِهِ، بِخِلَافِ مَا بَعْدَ كَذَا فَلَيْسَ اقْتِصَارُهُ فِي التَّعْلِيلِ عَلَى الثَّانِيَةِ احْتِرَازًا عَنْ الْأُولَى عَلَى أَنَّ الظَّاهِرَ رُجُوعُ التَّعْلِيلِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ جَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهَا فِي الْجُمْلَةِ) كَأَنْ يُخْرِجَ عَنْ الذَّهَبِ فِضَّةً أَوْ عَكْسَهُ، وَكَأَنَّهُ احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ كَانَ النِّصَابُ بَاقِيًا وَأَخْرَجَ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ جِنْسِهِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَإِنْ تَعَلَّقَ حَقُّ الْفُقَرَاءِ بِعَيْنِ الْمَالِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الزَّكَاةَ تَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ تَعَلُّقَ الشَّرِكَةِ (قَوْلُهُ: فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ فِي غَالِبِ الصُّوَرِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الزَّكَاةُ) قَسِيمُ قَوْلِهِ دَيْنُ الزَّكَاةِ، وَصُورَتُهُ هُنَا أَنْ يَكُونَ النِّصَابُ بَاقِيًا (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ لِقَوْلِهِ وَالْمُسْتَحِقُّ مَلَكَ جُزْءًا مِنْهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلُزُومُهُ) عَطْفُ بَيَانٍ (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ) أَيْ اللُّزُومُ (قَوْلُهُ: وَفِي الْحَوَالَةِ عَلَيْهِ) أَيْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَرْضَ) أَيْ بِالْحَوَالَةِ صَرِيحًا فَلَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ بِمُجَرَّدِ عِلْمِهِ بِالْحَوَالَةِ وَعَدَمِ الرَّدِّ أَوْ الْقَبُولِ (قَوْلُهُ: بَطَلَ فِي حَقِّهِ) لَا يُقَالُ: هُوَ لَا يُشْتَرَطُ رِضَاهُ. لِأَنَّا نَقُولُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِهِ عَدَمُ وُقُوعِهِ وَحَيْثُ رَضِيَ بِهِ كَأَنَّهُ أُلْزِمَ الْعَقْدَ (قَوْلُهُ: فَسَخَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ نَحْوُ جَعَالَةٍ) تَمْثِيلٌ لِغَيْرِ اللَّازِمِ. (قَوْلُهُ: لَا مَا يَتَطَرَّقُ) صَوَابُهُ مَا لَا يَتَطَرَّقُ، فَلَعَلَّ لَفْظَ لَا سَقَطَ مِنْ الْكَتَبَةِ (قَوْلُهُ: لَا مَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ انْفِسَاخٌ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَا يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ، وَغَرَضُهُ مِنْ ذَلِكَ دَفْعُ مَا قِيلَ إنَّ مَا أَطْلَقَهُ الشَّيْخَانِ فِي اشْتِرَاطِ الِاسْتِقْرَارِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ غَيْرُ مُسْتَقِرَّةٍ، وَكَذَلِكَ الصَّدَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْمَوْتِ، وَالثَّمَنُ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَمَعَ ذَلِكَ تَصِحُّ الْحَوَالَةُ بِهَا وَعَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: وَلَا تَصِحُّ بِدَيْنِ الزَّكَاةِ) أَيْ إنْ كَانَ النِّصَابُ تَالِفًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، وَسَيَأْتِي أَنَّ الزَّكَاةَ: أَيْ مَعَ وُجُودِ النِّصَابِ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فِي الْجُمْلَةِ) يَعْنِي

[حوالة المكاتب سيده بالنجوم]

نَقُولُ: الْفَسْخُ بِالْخِيَارِ مُسْتَثْنًى وَلَا بُعْدَ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي ذَلِكَ وَإِنْ اسْتَبْعَدَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ مُزَلْزَلٌ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى صِحَّةِ الْحَوَالَةِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ بِمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ لَمْ يَنْتَقِلْ عَنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَقَدْ أُجِيبَ بِأَنَّ الْبَائِعَ إذَا أَحَالَ فَقَدْ أَجَازَ فَوَقَعَتْ الْحَوَالَةُ مُقَارِنَةً لِلْمِلْكِ، وَذَلِكَ كَافٍ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ هَذَا مُشْكِلٌ بِامْتِنَاعِ بَيْعِ الْبَائِعِ الثَّمَنَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُ رُدَّ بِأَنَّهُمْ لَمَّا تَوَسَّعُوا فِي بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ تَوَسَّعُوا فِي بَيْعِهِ فِيمَا ذُكِرَ (وَالْأَصَحُّ صِحَّةُ حَوَالَةِ الْمُكَاتَبِ سَيِّدَهُ بِالنُّجُومِ) لِلُزُومِ الدَّيْنِ مِنْ جِهَةِ الْمُحْتَالِ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ مَعَ تَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ (دُونَ حَوَالَةِ السَّيِّدِ عَلَيْهِ) بِالنُّجُومِ لِأَنَّ لَهُ إسْقَاطَهَا مَتَى شَاءَ لِجَوَازِ الْكِتَابَةِ مِنْ جِهَتِهِ، بِخِلَافِ دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ فَتَصِحُّ حَوَالَةُ السَّيِّدِ بِهِ عَلَيْهِ وَلَا نَظَرَ إلَى سُقُوطِهِ بِالتَّعْجِيزِ. وَالثَّانِي يَصِحَّانِ. وَالثَّالِثُ لَا يَصِحَّانِ (وَيُشْتَرَطُ) (الْعِلْمُ) مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا (بِمَا يُحَالُ بِهِ وَعَلَيْهِ قَدْرًا وَصِفَةً) وَجِنْسًا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى أَوْ أَرَادَ بِالصِّفَةِ مَا يَشْمَلُهُ كَحُلُولِ وَصِحَّةِ وُجُودِهِ وَأَضْدَادِهَا لِأَنَّ الْمَجْهُولَ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ فَلَا يَصِحُّ بِإِبِلِ الدِّيَةِ وَلَا عَلَيْهَا لِلْجَهْلِ بِهَا وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَصِحَّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا (وَفِي قَوْلٍ تَصِحُّ بِإِبِلِ الدِّيَةِ وَعَلَيْهَا) بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهَا وَهُوَ ضَعِيفٌ (وَيُشْتَرَطُ) (تُسَاوِيهِمَا) أَيْ الْمُحَالِ بِهِ وَعَلَيْهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَظَنِّ الْمُحِيلِ وَالْمُحْتَالِ وَكَأَنَّ وَجْهَ اعْتِبَارِ ظَنِّهِمَا هُنَا دُونَ نَحْوِ الْبَيْعِ الِاحْتِيَاطُ لِلْحَوَالَةِ لِخُرُوجِهَا عَنْ الْقِيَاسِ (جِنْسًا) فَلَا تَصِحُّ بِدَنَانِيرَ عَلَى دَرَاهِمَ وَعَكْسِهِ؛ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةُ إرْفَاقٍ كَالْقَرْضِ (وَقَدْرًا) فَلَا يُحَالُ بِتِسْعَةٍ عَلَى عَشَرَةٍ وَعَكْسِهِ لِمَا ذُكِرَ وَيَصِحُّ أَنْ يُحِيلَ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ خَمْسَةٌ بِخَمْسَةٍ مِنْ عَشَرَةٍ لَهُ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ (وَكَذَا حُلُولًا وَأَجَلًا) وَقَدْرَ الْأَجَلِ (وَصِحَّةً وَكَسْرًا) وَجَوْدَةً وَرَدَاءَةً وَغَيْرَهَا مِنْ بَقِيَّةِ الصِّفَاتِ (فِي الْأَصَحِّ) إلْحَاقًا لِتَفَاوُتِ الْوَصْفِ بِتَفَاوُتِ الْقَدْرِ. وَالثَّانِي إنْ كَانَ النَّفْعُ بِهِ لِلْمُحْتَالِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ أَحَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ بِأَنْ لَمْ يَرْضَ بِالْحَوَالَةِ وَفَسَخَ (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ) أَيْ الْحَوَالَةُ (قَوْلُهُ: بِمَا إذَا كَانَ) مُتَعَلِّقٌ بِ يُشْكِلُ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى يَعْتَرِضُ فَعَدَّاهُ بِالْبَاءِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الثَّمَنَ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَنْتَقِلْ عَنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي) أَيْ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي دَيْنٌ تَصِحُّ الْحَوَالَةُ بِهِ أَوْ عَلَيْهِ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ يُقَدِّرُ لُزُومَ الْعَقْدِ قُبَيْلَ الْحَوَالَةِ، وَبِهِ يَسْتَقِرُّ الدَّيْنُ (قَوْلُهُ: فَقَدْ) الْفَاءُ بِمَعْنَى اللَّامِ أَيْ لِأَنَّهُ قَدْ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ فِي الْحَوَالَةِ بِالثَّمَنِ مِنْ الْبَائِعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَيْهِ [حَوَالَةِ الْمُكَاتَبِ سَيِّدَهُ بِالنُّجُومِ] (قَوْلُهُ: فَتَصِحُّ حَوَالَةُ السَّيِّدِ بِهِ) لِلُزُومِهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مُعَامَلَةً وَبِهِ يَسْقُطُ مَا قِيلَ هُوَ قَادِرٌ عَلَى إسْقَاطِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِتَعْجِيزِهِ لِنَفْسِهِ اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ الْعِلْمُ) هَلْ الْمُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ الِاعْتِقَادَ أَوْ الظَّنَّ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَذَلِكَ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ إذَا أَحَالَهُ فَتَبَيَّنَ أَنْ لَا دَيْنَ بَانَ بُطْلَانُ الْحَوَالَةِ؛ إذْ لَوْ اشْتَرَطَ لِصِحَّتِهَا الْعِلْمَ لَمَا تَأَتَّى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِلْجَهْلِ بِهَا) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: لِلْجَهْلِ بِصِفَتِهَا، وَكَتَبَ عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ مَا نَصُّهُ: قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَوْ عُلِمَتْ صَحَّتْ الْحَوَالَةُ بِهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ. وَفِيهِ وَقْفَةٌ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِالصِّفَةِ لَا يُصَيِّرُهَا إلَى حَالَةٍ تَتَمَيَّزُ بِهَا بِحَيْثُ يَرْجِعُ فِيهَا إلَى قَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنْ يَعْلَمَ بِالصِّفَةِ أَنَّهَا مِنْ نَوْعِ كَذَا وَبِمُجَرَّدِهِ لَا يَكْفِي لِصِحَّةِ السَّلَمِ فِيهَا وَذَلِكَ لَيْسَ إلَّا لِعَدَمِ انْضِبَاطِهَا (قَوْلُهُ وَغَيْرَهَا) لَا يُقَالُ: هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا كَذَهَبٍ وَحُلُولٍ إلَخْ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: ذَاكَ بَيَانٌ لِمَا قَصَدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي غَالِبِ الصُّوَرِ كَمَا فِي الْإِيعَابِ . (قَوْلُهُ: كَرَهْنٍ وَحُلُولٍ إلَخْ) مِثَالَانِ لِلصِّفَةِ. (قَوْلُهُ: وَقِيمَةٍ) لَعَلَّهُ مُحَرَّفٌ عَنْ صِحَّةٍ فَإِنَّ الْعِبَارَةَ لِلتُّحْفَةِ وَهِيَ كَذَلِكَ فِيهَا وَهِيَ الصَّوَابُ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ النَّفْعُ بِهِ) أَيْ التَّفَاوُتِ

بِمُؤَجَّلٍ عَلَى مِثْلِهِ حَلَّتْ الْحَوَالَةُ بِمَوْتِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَلَا تَحِلُّ بِمَوْتِ الْمُحِيلِ لِبَرَاءَتِهِ بِالْحَوَالَةِ، وَأَفْهَمَ اقْتِصَارُهُ عَلَى مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ التَّفَاوُتُ فِي غَيْرِهِ، فَلَوْ كَانَ لَهُ أَلْفٌ عَلَى اثْنَيْنِ مُتَضَامِنَيْنِ فَأَحَالَ عَلَيْهِمَا لِيُطَالِبَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا بِالْأَلْفِ صَحَّ عِنْدَ جَمْعٍ مُتَقَدِّمِينَ، وَيُطَالِبُ أَيَّهُمَا شَاءَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ اخْتَارَ السُّبْكِيُّ تَبَعًا لِلْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ خِلَافَهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُطَالِبُ وَاحِدًا فَصَارَ يُطَالِبُ اثْنَيْنِ، فَلَوْ أَحَالَهُ لِيَأْخُذَ مِنْ كُلٍّ خَمْسَمِائَةٍ صَحَّ وَبَرِئَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَمَّا ضَمِنَهُ، وَلَا يُؤَثِّرُ فِي صِحَّةِ الْحَوَالَةِ وُجُودُ وَثِيقَةٍ بِأَحَدِ الدَّيْنَيْنِ كَرَهْنٍ أَوْ ضَامِنٍ. نَعَمْ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ الدَّيْنُ لَا بِصِفَةِ التَّوَثُّقِ كَمَا هُوَ الْمَنْقُولُ الْمَعْمُولُ بِهِ، وَإِنَّمَا انْتَقَلَ لِلْوَارِثِ بِهَا؛ لِأَنَّهُ خَلِيفَةُ مُوَرِّثِهِ فِي حُقُوقِهِ وَتَوَابِعِهَا بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ عَنْ جَمْعٍ مُتَقَدِّمِينَ مَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَحَلَّ الِانْتِقَالِ لَا بِصِفَةِ التَّوَثُّقِ إذَا لَمْ يَنُصَّ الْمُحِيلُ عَلَى الضَّامِنِ، وَإِلَّا لَمْ يَبْرَأْ بِالْحَوَالَةِ، فَإِذَا أَحَالَ الدَّائِنُ ثَالِثًا عَلَى الْمَدِينِ وَضَامِنِهِ فَلَهُ مُطَالَبَةُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ لَهُ الْمُحِيلُ عَلَى ذَلِكَ، وَفِي الْمَطْلَبِ إنْ أَطْلَقَ الْحَوَالَةَ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالرَّهْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَصِحَّ وَجْهًا وَاحِدًا وَيَنْفَكُّ الرَّهْنُ، كَمَا إذَا كَانَ لَهُ بِهِ ضَامِنٌ فَأَحَالَ عَلَيْهِ بِهِ مَنْ لَهُ دَيْنٌ لَا ضَامِنَ بِهِ صَحَّتْ الْحَوَالَةُ وَبَرَأَ الضَّامِنُ؛ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ أَوْ اسْتِيفَاءٌ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَقْتَضِي بَرَاءَةَ الْأَصْلِ، فَكَذَلِكَ يَقْتَضِي فَكَّ الرَّهْنِ، فَإِنْ شَرَطَ بَقَاءَ الرَّهْنِ فَهُوَ شَرْطٌ فَاسِدٌ تَبْطُلُ بِهِ الْحَوَالَةُ إنْ قَارَنَهَا: أَيْ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ شَرَطَ عَاقِدُ الْحَوَالَةِ رَهْنًا أَوْ ضَمِينًا لَمْ يَصِحَّ كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَرَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ، لَكِنْ جَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ بِالْجَوَازِ، وَحَمَلَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى اشْتِرَاطِهِ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ كَمَا جَزَمَ بِجَوَازِ شَرْطِهِ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَالْأَوَّلُ عَلَى الْمُحِيلِ؛ إذْ الدَّيْنُ الْمَرْهُونُ بِهِ أَوْ الْمَضْمُونُ لَيْسَ عَلَيْهِ وَهُوَ كَلَامٌ صَحِيحٌ؛ إذْ الْكَلَامُ فِي كَوْنِهِ جَائِزًا فَلَا يَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ، أَوْ غَيْرَهُ فَيُفْسِدُهُ لَا بِالنَّظَرِ لِكَوْنِهِ لَازِمًا أَوْ لَا فَسَقَطَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ شَرْطٌ عَلَى أَجْنَبِيٍّ عَنْ الْعَقْدِ (وَيَبْرَأُ بِالْحَوَالَةِ الْمُحِيلُ عَنْ دَيْنِ الْمُحْتَالِ، وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ عَنْ دَيْنِ الْمُحِيلِ وَيَتَحَوَّلُ حَقُّ الْمُحْتَالِ إلَى ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ) بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ هَذَا فَائِدَتُهَا، وَفُهِمَ مِنْهُ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ انْتِقَالِ صِفَةِ التَّوَثُّقِ ـــــــــــــــــــــــــــــSشُمُولَ الصِّفَةِ لَهُ، وَهَذَا تَفْصِيلٌ لَهُ وَتَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعَلُّقِ الْعِلْمِ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: عَلَى مِثْلِهِ حَلَّتْ) أَيْ وَحَلَّ الدَّيْنُ الْمُحَالُ بِهِ بِمَوْتِ إلَخْ وَإِلَّا فَالْحَوَالَةُ لَا تَتَّصِفُ بِحُيُولٍ وَلَا تَأْجِيلٍ (قَوْلُهُ: صَحَّ وَبَرِئَ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ بِلَا خِلَافٍ، وَإِلَّا فَهَذِهِ تُعْلَمُ مِمَّا قَبْلَهَا بِالطَّرِيقِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) بِأَنْ نَصَّ لَمْ يَبْرَأْ أَيْ الضَّامِنُ (قَوْلُهُ: فَإِذَا أَحَالَ الدَّائِنُ إلَخْ) تَصْوِيرٌ لِكَيْفِيَّةِ تَنْصِيصِ الْمُحِيلِ عَلَى الضَّامِنِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ عَنْ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى ذَلِكَ) أَيْ مُطَالَبَةِ مَنْ شَاءَ (قَوْلُهُ: إنْ أَطْلَقَ) أَيْ الْمُحِيلُ (قَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ) أَيْ الْمُحَالِ (قَوْلُهُ: أَنْ تَصِحَّ) أَيْ الْحَوَالَةُ (قَوْلُهُ: وَجْهًا وَاحِدًا) أَيْ قَطْعًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ شَرَطَ) أَيْ الْمُحِيلُ (قَوْلُهُ: رَهْنًا) أَيْ عَلَى الْمُحِيلِ كَمَا يَأْتِي لِيَكُونَ تَحْتَ يَدِ الْمُحْتَالِ أَوْ ضَامِنًا لِمَا أُحِيلَ بِهِ مِنْ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُحِيلِ بَعْدَ الْحَوَالَةِ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِهِ، فَلَوْ فَعَلَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ عَلِمَ بِفَسَادِ الشَّرْطِ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ صَحَّ الرَّهْنُ، وَإِنْ ظَنَّ صِحَّةَ الشَّرْطِ وَلَزِمَهُ لَهُ لَمْ يَصِحَّ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ لِلشَّارِحِ قُبَيْلَ فَصْلٍ فِي التَّزَاحُمِ عَلَى الْحُقُوقِ الْمُشْتَرَكَةِ مِنْ أَنَّ الْعُقُودَ الْمُنْشَأَةَ عَلَى الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ حُكْمُهَا مَا ذُكِرَ مِنْ التَّفَاصِيلِ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَهُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَارَ السُّبْكِيُّ إلَخْ) الَّذِي فِي التُّحْفَةِ أَنَّ السُّبْكِيَّ إنَّمَا اخْتَارَ الْأَوَّلَ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: كَرَهْنٍ) قَالَ الشِّهَابُ سم: هَذَا يَدُلُّ عَلَى اشْتِرَاطِ عِلْمِهِمَا بِالرَّهْنِ وَإِنْ انْفَكَّ بِالْحَوَالَةِ كَمَا يَأْتِي فَلْيُرَاجَعْ اهـ .

لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ حَقِّ الْمُحْتَالِ، وَلَوْ أَحَالَ مَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى مَيِّتٍ صَحَّتْ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ كَالْبَيَانِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ فِيمَا يَظْهَرُ وَقَوْلُهُمْ: الْمَيِّتُ لَا ذِمَّةَ لَهُ: أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلِالْتِزَامِ لَا لِلْإِلْزَامِ وَلَا يُشْكِلُ بِأَنَّ مَنْ أَحَالَ بِدَيْنٍ بِهِ رَهْنٌ انْفَكَّ الرَّهْنُ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي الرَّهْنِ الْجَعْلِيِّ لَا الشَّرْعِيِّ كَمَا لَا يَخْفَى؛ إذْ التَّرِكَةُ إنَّمَا جُعِلَتْ رَهْنًا بِدَيْنِ الْمَيِّتِ نَظَرًا لِمَصْلَحَتِهِ فَالْحَوَالَةُ عَلَيْهِ لَا تَنْفِيهِ، أَوْ عَلَى تَرِكَةٍ قُسِمَتْ أَوَّلًا لَمْ تَصِحَّ كَمَا قَالَهُ كَثِيرُونَ، وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ لَمْ تَقَعْ عَلَى دَيْنٍ بَلْ عَلَى عَيْنٍ هِيَ التَّرِكَةُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَتْ لِلْمَيِّتِ دُيُونٌ لَمْ تَصِحَّ أَيْضًا فِي أَوْجَهِ احْتِمَالَيْنِ حَكَاهُمَا الزَّرْكَشِيُّ لِانْتِقَالِهَا لِلْوَارِثِ، وَعَلَيْهِ الْوَفَاءُ. نَعَمْ إنْ تَصَرَّفَ فِي التَّرِكَةِ صَارَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ فَتَصِحُّ الْحَوَالَةُ عَلَيْهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSجَائِزًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَحَالَ مَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى مَيِّتٍ صَحَّتْ) وَيَتَعَلَّقُ الدَّيْنُ الْمُحَالُ بِهِ عَلَى الْمَيِّتِ بِتَرِكَتِهِ إنْ كَانَتْ، وَإِلَّا فَهُوَ بَاقٍ بِذِمَّتِهِ، فَإِنْ تَبَرَّعَ بِهِ أَحَدٌ عَنْهُ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ، وَإِلَّا فَلَا. [فَرْعٌ] لَوْ نَذَرَ الْمُحْتَالُ عَدَمَ مُطَالَبَةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ صَحَّتْ الْحَوَالَةُ وَالنَّذْرُ وَامْتَنَعَ عَلَيْهِ مُطَالَبَتُهُ حَتَّى يَدْفَعَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ، وَطَرِيقُهُ إنْ أَرَادَ الطَّلَبَ أَنْ يُوَكِّلَ فِي ذَلِكَ، وَبَقِيَ مَا لَوْ حَلَفَ أَوْ نَذَرَ أَنْ لَا يُطَالِبَهُ بِمَا عَلَيْهِ فَأَحَالَهُ عَلَيْهِ شَخْصٌ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى الْمُحِيلِ هَلْ لَهُ مُطَالَبَتُهُ لِأَنَّ هَذَا دَيْنٌ جَدِيدٌ غَيْرُ الَّذِي كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْحَلِفِ وَالنَّذْرِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، فَإِنَّ الْقَرِينَةَ ظَاهِرَةٌ فِي أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِالدَّيْنِ الْمَوْجُودِ. وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ. قَالَ طب: وَحَوَالَةُ نَاظِرِ الْوَقْفِ أَحَدَ الْمُسْتَحِقِّينَ فِي الْوَقْفِ أَوْ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَهُ مَالٌ فِي جِهَةِ الْوَقْفِ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِجِهَةِ الْوَقْفِ لَا تَصِحُّ، وَمَا وَقَعَ مِنْ النَّاظِرِ مِنْ التَّسْوِيغِ لَيْسَ حَوَالَةً بَلْ إذْنٌ فِي الْقَبْضِ فَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ قَبْضِهِ، وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ رم قَالَ: لِأَنَّ شَرْطَهَا أَنْ يَكُونَ الْمُحِيلُ مَدِينًا، وَالنَّاظِرُ ذِمَّتُهُ بَرِيئَةٌ، وَلَوْ أَحَالَ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى النَّاظِرِ بِمَعْلُومِهِ لَمْ تَصِحَّ أَيْضًا لِعَدَمِ الدَّيْنِ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ. قَالَ: وَلَوْ أَحَالَ عَلَى مَالِ الْوَقْفِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ أَحَالَ عَلَى التَّرِكَةِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْحَوَالَةِ أَنْ تَكُونَ عَلَى شَخْصٍ مَدِينٍ إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ انْتَهَى. أَقُولُ: قَوْلُهُ بَلْ أَذِنَ فِي الْقَبْضِ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِصَاحِبِ الْوَظِيفَةِ مُخَاصَمَةُ السَّاكِنِ الْمُسَوَّغِ عَلَيْهِ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَقَوْلُهُ وَالنَّاظِرُ ذِمَّتُهُ بَرِيئَةٌ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ النَّاظِرُ مَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُسْتَحِقُّ فِي الْوَقْفِ: أَيْ وَتَصَرَّفَ فِيهِ لِنَفْسِهِ صَحَّتْ الْحَوَالَةُ عَلَيْهِ سم (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ) أَيْ وَيَلْزَمُ الْحَقُّ ذِمَّتَهُ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُمْ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ أَيْ (قَوْلُهُ وَلَا يُشْكِلُ) أَيْ تَعَلُّقُهُ بِتَرِكَتِهِ، الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ (قَوْلُهُ: لَا تَنْفِيهِ) أَيْ لَا تَنْفِي التَّعَلُّقَ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ تَصَرَّفَ) أَيْ الْوَارِثُ (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ حَقِّ الْمُحْتَالِ) قَالَ الشِّهَابُ سم: هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُخْرِجَ لِحَقِّ التَّوَثُّقِ التَّعْبِيرُ بِالْحَقِّ، وَفِي إخْرَاجِهِ بِذَلِكَ بَحْثٌ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُخْرِجَ لَهُ قَوْلُهُ: إلَى ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ اهـ. وَكَأَنَّ وَجْهَ الْبَحْثِ مَنْعُ إطْلَاقِ أَنَّ صِفَةَ التَّوَثُّقِ لَيْسَتْ مِنْ حَقِّ الْمُحْتَالِ إذَا كَانَ لَهُ حَقُّ التَّوَثُّقِ أَيْضًا كَأَنْ كَانَ بِدَيْنِهِ رَهْنٌ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَحَالَ مَنْ لَهُ دَيْنٌ إلَخْ) يَصِحُّ جَعْلُ مَنْ مَفْعُولًا وَعَلَى مَيِّتٍ مُتَعَلِّقًا بِأَحَالَ وَالْفَاعِلُ ضَمِيرُ أَحَالَ، وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَنْ فَاعِلًا فَعَلَى مَيِّتٍ وَصْفٌ لِدَيْنٍ لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَوْلَى لِقِلَّةِ التَّقْدِيرِ. (قَوْلُهُ: لَا لِلْإِلْزَامِ) أَيْ لَا لَأَنْ لَا يَلْزَمَهَا الْغَيْرُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْكِلُ) يَعْنِي بَقَاءَ التَّرِكَةِ مَرْهُونَةً بِدَيْنِ الْمُحْتَالِ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَهُ قَبْلَ الْإِشْكَالِ. (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَتْ لِلْمَيِّتِ دُيُونٌ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ دُيُونٌ فَلِلزَّرْكَشِيِّ احْتِمَالَاتٌ أَوْجَهُهَا عَدَمُ الصِّحَّةِ أَيْضًا اهـ. وَالشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَصَرَّفَ فِيهَا بِمَا ذَكَرَهُ فَلَمْ يَصِحَّ لَهُ الِاسْتِنْتَاجُ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ تَصَرَّفَ إلَخْ) أَيْ: بِأَنْ حَدَثَ دَيْنُ الْمُحِيلِ بَعْدَ التَّصَرُّفِ بِنَحْوِ رَدٍّ بِعَيْبٍ وَإِلَّا فَالتَّصَرُّفُ بَاطِلٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْفَرَائِضِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِالتَّصَرُّفِ التَّصَرُّفَ تَعَدِّيًا

وَفِيمَا إذَا أَحَالَ عَلَى الْمَيِّتِ لِكُلٍّ مِنْ الْمُحِيلِ وَالْمُحْتَالِ إثْبَاتُ الدَّيْنِ عَلَيْهِ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ مَالِكُ الدَّيْنِ. وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ يَدَّعِي مَالًا لِغَيْرِهِ مُنْتَقِلًا مِنْهُ إلَيْهِ فَهُوَ كَالْوَارِثِ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ مِلْكِ مُوَرِّثِهِ فَعُلِمَ صِحَّةُ مَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْمُحِيلَ لَوْ مَاتَ بِلَا وَارِثٍ فَادَّعَى الْمُحْتَالُ أَوْ وَارِثُهُ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى وَارِثِهِ بِالدَّيْنِ الْمُحَالِ بِهِ فَأَنْكَرَ دَيْنَ الْمُحِيلِ وَمَعَهُ بِهِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ حَلَفَ مَعَهُ الْمُحْتَالُ أَنَّ دَيْنَ مُحِيلِهِ ثَابِتٌ فِي ذِمَّةِ الْمَيِّتِ، وَيَجِبُ تَسْلِيمُهُ إلَى مَنْ تَرِكَتُهُ أَوْ ثَابِتٌ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَا أَعْلَمُ أَنَّ مُحِيلِي أَبْرَأهُ قَبْلَ أَنْ يُحِيلَنِي، وَيُسْمَعُ قَوْلُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ: إنَّ الدَّيْنَ انْتَقَلَ لِغَائِبٍ قَبْلَ الْحَوَالَةِ فَيَحْلِفُ الْمُحْتَالُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ إنْ لَمْ يُقِمْ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِمَا ذَكَرَهُ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَلَوْ طَلَبَ الْمُحْتَالُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ فَقَالَ: أَبْرَأَنِي الْمُحِيلُ قَبْلَ الْحَوَالَةِ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِذَلِكَ سُمِعَتْ فِي وَجْهِ الْمُحْتَالِ، وَإِنْ كَانَ الْمُحِيلُ بِالْبَلَدِ اهـ. قَالَ الْغَزِّيِّ: وَهُوَ صَحِيحٌ فِي دَفْعِ الْمُحْتَالِ. أَمَّا إثْبَاتُ الْبَرَاءَةِ مِنْ دَيْنِ الْمُحِيلِ فَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَتِهَا فِي وَجْهِهِ (فَإِنْ) (تَعَذَّرَ) أَخَذَ الْمُحْتَالُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ (بِفَلَسٍ) طَرَأَ بَعْدَ الْحَوَالَةِ (أَوْ جَحَدَ وَحَلَفَ، وَنَحْوَهَا) كَمَوْتٍ (لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُحِيلِ) إذْ هِيَ عَقْدٌ لَازِمٌ لَا يَنْفَسِخُ بِفَسْخِهَا فَامْتَنَعَ الرُّجُوعُ، كَمَا لَا رُجُوعَ لَهُ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا وَغَبَنَ فِيهِ أَوْ أَخَذَ عِوَضًا عَنْ دَيْنِهِ وَتَلِفَ عِنْدَهُ، وَلِأَنَّهُ أَوْجَبَ فِي الْخَبَرِ اتِّبَاعَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ لَمَا كَانَ لِذِكْرِ الْمُلَاءَةِ فِي الْخَبَرِ فَائِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَصِلْ إلَى حَقِّهِ رَجَعَ بِهِ فَعُلِمَ بِذِكْرِهَا أَنَّ الْحَقَّ انْتَقَلَ انْتِقَالًا لَا رُجُوعَ بِهِ، وَأَنَّ فَائِدَةَ ذِكْرِهَا حِرَاسَةُ الْحَقِّ، وَلِأَنَّهُ بِقَبُولِهَا تَضَمَّنَ اعْتِرَافَهُ بِشُرُوطِهَا كَمَا فِي الْمَطْلَبِ فَلَا أَثَرَ لِتَبَيُّنِ أَنْ لَا دَيْنَ. نَعَمْ لَهُ تَحْلِيفُ الْمُحِيلِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بَرَاءَةَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُحْتَالُ فِيمَا يَظْهَرُ وَبَانَ بُطْلَانُ الْحَوَالَةِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَرَدِّ الْمُقَرِّ لَهُ الْإِقْرَارَ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ وَفَّى الْمُحِيلَ فَتَبْطُلُ الْحَوَالَةُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ إذْ التَّقْصِيرُ حِينَئِذٍ وَالتَّدْلِيسُ جَاءَ مِنْ قِبَلِ الْمُحِيلِ وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ رَدَّهُ، وَلَوْ شَرَطَ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ بَطَلَ الشَّرْطُ وَكَذَا الْحَوَالَةُ فِي أَوْجَهِ الْأَوْجُهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ جَمْعٌ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُنَافِي مُقْتَضَاهَا ، وَلَوْ تَبَيَّنَ كَوْنَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ رَقِيقًا لِغَيْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ: إثْبَاتُ الدَّيْنِ) أَيْ حَيْثُ أَنْكَرَهُ الْوَارِثُ (قَوْلُهُ: فَلِأَنَّهُ مَالِكُ الدَّيْنِ) أَيْ فِي الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: وَمَعَهُ) أَيْ الْمُحْتَالِ (قَوْلُهُ: إنَّ الدَّيْنَ انْتَقَلَ) أَيْ بِحَوَالَةٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ: فِي وَجْهِ الْمُحْتَالِ) أَيْ حَضْرَتِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَتِهَا فِي وَجْهِهِ) ثُمَّ الْمُتَّجَهُ أَنَّ لِلْمُحْتَالِ الرُّجُوعَ بِدَيْنِهِ عَلَى الْمُحِيلِ إلَّا إذَا اسْتَمَرَّ عَلَى تَكْذِيبِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ. وَقَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ قَبِلَ الْحَوَالَةَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ مِنْهُ دَعْوَى الْإِبْرَاءِ، وَلَا تُقْبَلُ مِنْهُ بَيِّنَتُهُ إلَّا إنْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ قَبِلَ الْحَوَالَةَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَ، وَمِنْ ثَمَّ أَفْتَى بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِالْحَوَالَةِ فَأَقَامَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِإِبْرَاءِ الْمُحِيلِ لَهُ لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَةُ الْإِبْرَاءِ: أَيْ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ دَعْوَى الْإِبْرَاءِ الْمُطْلَقِ وَالْبَيِّنَةَ الشَّاهِدَةَ بِهِ فَاسِدَانِ فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِبَيِّنَةِ الْحَوَالَةِ لِأَنَّهَا لَمْ تُعَارَضْ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: طَرَأَ بَعْدَ الْحَوَالَةِ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْفَلَسِ الْمَوْجُودِ عِنْدَ الْحَوَالَةِ يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: حِرَاسَةُ الْحَقِّ) أَيْ حِفْظُهُ وَبَابُهُ كَتَبَ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَهُ) أَيْ الْمُحْتَالِ (قَوْلُهُ: بَرَاءَةُ الْمُحَالِ) أَيْ قَبْلَ الْحَوَالَةِ بِدَلِيلِ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فَلَوْ نَكَلَ) أَيْ الْمُحِيلُ (قَوْلُهُ: وَفِي الْمُحِيلِ) أَيْ قَبْلَ الْحَوَالَةِ (قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ بِسَبَبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مَالِكُ الدَّيْنِ) أَيْ فِي الْأَصْلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْمُحِيلَ لَوْ مَاتَ بِلَا وَارِثٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمُحْتَالَ لَا يَحْلِفُ مَعَ وُجُودِ الْمُحِيلِ أَوْ وَارِثِهِ فَلْيُرَاجَعْ . (قَوْلُهُ: سَمِعْت فِي وَجْهِ الْمُحْتَالِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُحِيلِ لِيَتَبَيَّنَ أَنْ لَا يَنْفِيَ الْوَاقِعَ فَلْيُرَاجَعْ . (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ أَوْجَبَ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ إلَّا فَهُوَ لِلِاسْتِحْبَابِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يُعْلَمُ) اُنْظُرْ لِمَ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى الْبَتِّ. (قَوْلُهُ: فَتَبْطُلُ الْحَوَالَةُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ) وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي دَعْوَى الْبَرَاءَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ فِي وَجْهِ الْمُحِيلِ لِيَنْدَفِعَ..

الْمُحِيلِ فَكَمَا لَوْ بَانَ مُعْسِرًا فَلَا خِيَارَ لَهُ بَلْ يُطَالِبُهُ بَعْدَ الْعِتْقِ، فَإِنْ بَانَ رَقِيقًا لَهُ لَمْ تَصِحَّ الْحَوَالَةُ (فَلَوْ) (كَانَ) الْمُحَالُ عَلَيْهِ (مُفْلِسًا عِنْدَ الْحَوَالَةِ وَجَهِلَهُ الْمُحْتَالُ) (فَلَا رُجُوعَ لَهُ) لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا وَهُوَ مَغْبُونٌ فِيهِ (وَقِيلَ لَهُ الرُّجُوعُ إنْ شَرَطَ يَسَارَهُ) وَرُدَّ بِأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ مُقَصِّرٌ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ صِحَّتَهَا مَعَ شَرْطِ الْيَسَارِ وَأَنَّ الشَّرْطَ بَاطِلٌ، وَعَلَيْهِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ آنِفًا بِأَنَّ شَرْطَ الرُّجُوعِ مُنَافٍ صَرِيحٌ فَأَبْطَلَهَا، بِخِلَافِ شَرْطِ الْيَسَارِ فَبَطَلَ وَحْدَهُ (وَلَوْ) (أَحَالَ الْمُشْتَرِي) الْبَائِعَ (بِالثَّمَنِ فَرَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ) أَوْ تَحَالُفٍ أَوْ إقَالَةٍ بَعْدَ الْقَبْضِ لِلْمَبِيعِ وَلِمَالِ الْحَوَالَةِ (بَطَلَتْ) الْحَوَالَةُ (فِي الْأَظْهَرِ) لِارْتِفَاعِ الثَّمَنِ بِانْفِسَاخِ الْبَيْعِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَبْطُلْ فِيمَا لَوْ أَحَالَهَا بِصَدَاقِهَا ثُمَّ انْفَسَخَ النِّكَاحُ لِأَنَّ الصَّدَاقَ أَثْبَتُ مِنْ غَيْرِهِ، وَلِهَذَا لَوْ زَادَ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً لَمْ يَرْجِعْ فِي نِصْفِهِ بِغَيْرِ رِضَاهَا، بِخِلَافِ الْمَبِيعِ فَيَرُدُّ الْبَائِعُ مَا قَبَضَهُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لِلْمُشْتَرِي إنْ بَقِيَ وَإِلَّا فَبَدَلُهُ، فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ امْتَنَعَ عَلَيْهِ قَبْضُهُ. وَالثَّانِي لَا تَبْطُلُ كَمَا لَوْ اسْتَبْدَلَ عَنْ الثَّمَنِ ثَوْبًا فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِرَدِّ الْمَبِيعِ، وَيَرْجِعُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ، وَسَوَاءٌ فِي الْخِلَافِ أَكَانَ رَدَّ الْمَبِيعَ بَعْدَ قَبْضِهِ أَمْ قَبْلَهُ، وَبَعْدَ قَبْضِ الْمُحْتَالِ الثَّمَنَ أَمْ قَبْلَهُ (أَوْ) أَحَالَ (الْبَائِعُ) عَلَى الْمُشْتَرِي (بِالثَّمَنِ فَوَجَدَ الرَّدَّ) لِلْمَبِيعِ بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ (لَمْ تَبْطُلْ) الْحَوَالَةُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ هُنَا بِثَالِثٍ، وَهُوَ الَّذِي انْتَقَلَ إلَيْهِ الثَّمَنُ فَلَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ بِفَسْخِ الْعَاقِدَيْنِ كَمَا لَوْ تَصَرَّفَ الْبَائِعُ فِي الثَّمَنِ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ لَا يَبْطُلُ تَصَرُّفُهُ، وَلِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ إنْ قَبَضَ مِنْهُ الْمُحْتَالُ لَا قَبْلَهُ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِمَا مَرَّ، وَيُؤْخَذُ مِنْ الْفَرْقِ أَنَّ الْبَائِعَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لَوْ أَحَالَ عَلَى مَنْ أُحِيلَ عَلَيْهِ لَمْ تَبْطُلْ لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِثَالِثٍ وَهُوَ الْأَوْجَهُ (وَلَوْ) (بَاعَ عَبْدًا) أَيْ قِنًّا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (وَأَحَالَ بِثَمَنِهِ) آخَرَ عَلَى الْمُشْتَرِي (ثُمَّ اتَّفَقَ الْمُتَبَايِعَانِ، وَالْمُحْتَالُ عَلَى حُرِّيَّتِهِ) وَقْتَ الْبَيْعِ (أَوْ ثَبَتَتْ) حُرِّيَّتُهُ حِينَئِذٍ (بِبَيِّنَةٍ) شَهِدَتْ حِسْبَةً أَوْ أَقَامَهَا الْقِنُّ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُقِيمَهَا الْمُتَبَايِعَانِ لِأَنَّهُمَا كَذَّبَاهَا بِالْمُبَايَعَةِ، كَذَا فِي ـــــــــــــــــــــــــــــSذَلِكَ وَهُوَ الْفَلَسُ وَالْحَجْرُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَانَ رَقِيقًا لَهُ) أَيْ لِلْمُحِيلِ، وَقَضِيَّتُهُ الصِّحَّةُ فِيمَا لَوْ تَبَيَّنَ رَقِيقًا لِلْمُحْتَالِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَ ثَابِتًا لِغَيْرِهِ عَلَيْهِ اُغْتُفِرَ ذَلِكَ وَبَقِيَ فِي ذِمَّتِهِ يُطَالِبُهُ بِهِ سَيِّدُهُ بَعْدَ الْعِتْقِ وَفِيهِ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ شَرَطَ الرُّجُوعَ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْقَبْضِ) مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ لِمَا يَأْتِي بَعْدُ فِي قَوْلِهِ: وَسَوَاءٌ فِي الْخِلَافِ إلَخْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ انْفَسَخَ النِّكَاحُ) أَيْ وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا الزَّوْجُ بِالْكُلِّ وَبِنِصْفِهِ إنْ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ رُوِّضَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فِي نِصْفِهِ) أَيْ: الصَّدَاقِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ إلَخْ) ضَعَّفَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ، وَعِبَارَتُهُ قَوْلُهُ: وَالثَّانِي لَا تَبْطُلُ كَمَا لَوْ اسْتَبْدَلَ إلَخْ الرَّاجِحُ فِي هَذَا الْمَقِيسِ عَلَيْهِ الْبُطْلَانُ فَهُوَ ضَعِيفٌ مَقِيسٌ عَلَى ضَعِيفٍ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ) كَذَا قَطَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَبِهِ يَتَّضِحُ قَوْلُهُ الْآتِي، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي طُرِدَ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ: لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ هُنَا بِثَالِثٍ (قَوْلُهُ: فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى) هِيَ مَا لَوْ أَحَالَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ أَقَامَهَا الْقِنُّ إلَخْ) وَفِي نُسْخَةٍ وَهِيَ الْمُوَافِقَةُ لِمَا فِي الْمَنْهَجِ مَا نَصُّهُ: أَوْ أَقَامَهَا الْقِنُّ أَوْ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ وَلَمْ يُصَرِّحْ قَبْلَ إقَامَتِهَا بِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ كَمَا قَالَاهُ فِي الدَّعَاوَى وَالْبَيِّنَاتِ إذْ إطْلَاقُهُمَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا ذَكَرَاهُ ثُمَّ بَطَلَتْ الْحَوَالَةُ: أَيْ بِأَنَّ عَدَمَ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: بِعَيْبٍ أَوْ تَحَالُفٍ أَوْ إقَالَةٍ) أَيْ أَوْ خِيَارٍ بِالْأَوْلَى، وَكَأَنَّهُ إنَّمَا حَذَفَهُ لِتَتَأَتَّى لَهُ الْإِحَالَةُ فِي الشِّقِّ الثَّانِي بِقَوْلِهِ بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ أَوْ أَنَّ الرَّدَّ بِالْخِيَارِ لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْقَبْضِ إلَخْ) الْأَصْوَبُ حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ تَقْيِيدٌ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَسَوَاءٌ فِي الْخِلَافِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الْعَيْبِ وَالتَّحَالُفِ وَالْإِقَالَةِ، أَمَّا الْخِيَارُ فَقَدْ قَدَّمَ بُطْلَانَهَا فِيهِ..

الرَّوْضَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ صَحَّحَ فِي الْأُمِّ خِلَافَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الَّذِي أَقَامَهَا صَرَّحَ بِمِلْكِ الْمَبِيعِ بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى الْبَيْعِ، عَلَى أَنَّ إطْلَاقَ الرَّوْضَةِ يُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَيْهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَذْكُرْ تَأْوِيلًا فَإِنْ ذَكَرَهُ كَأَنْ قَالَ كُنْت أَعْتَقْته وَنَسِيت أَوْ اشْتَبَهَ عَلَيَّ بِغَيْرِهِ فَيَنْبَغِي سَمَاعُهَا قَطْعًا كَمَا لَوْ قَالَ: لَا شَيْءَ لِي عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ نَسِيَهُ أَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدُ (بَطَلَتْ الْحَوَالَةُ) أَيْ بَانَ عَدَمُ انْعِقَادِهَا لِتَبَيُّنِ أَنْ لَا بَيْعَ فَلَا ثَمَنَ، وَكَذَا كُلُّ مَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْبَيْعِ كَكَوْنِهِ مَمْلُوكًا لِلْغَيْرِ فَيَرُدُّ الْمُحْتَالُ مَا أَخْذِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَبْقَى حَقُّهُ فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ كَمَا كَانَ (وَإِنْ) (كَذَّبَهُمَا الْمُحْتَالُ) فِي الْحُرِّيَّةِ (وَلَا بَيِّنَةَ) (حَلَّفَاهُ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا تَحْلِيفُهُ (عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) بِهَا كَكُلِّ نَفْيٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْحَالِفِ، وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ الْحَلِفُ عَلَى اجْتِمَاعِهِمَا بَلْ يَحْلِفُ لِمَنْ اسْتَحْلَفَهُ مِنْهُمَا، أَمَّا الْبَائِعُ فَلِغَرَضِ انْتِفَاءِ مِلْكِهِ فِي الثَّمَنِ، وَأَمَّا الْمُشْتَرِي فَلِغَرَضِ دَفْعِ الْمُطَالَبَةِ. نَعَمْ لَوْ حَلَّفَهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَكُنْ لِلثَّانِي تَحْلِيفُهُ فِي أَوْجَهِ احْتِمَالَيْنِ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ؛ إذْ خُصُومَتُهُمَا مُتَّحِدَةٌ (ثُمَّ) بَعْدَ حَلِفِهِ كَذَلِكَ (يَأْخُذُ الْمَالَ مِنْ الْمُشْتَرِي) لِبَقَاءِ الْحَوَالَةِ ثُمَّ بَعْدَ أَخْذِ الْمَالِ لَا قَبْلَهُ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا لِقَضَائِهِ دَيْنَهُ بِإِذْنِهِ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ الْحَوَالَةُ فَلَا نَظَرَ لِقَوْلِهِ ظَلَمَنِي الْمُحْتَالُ بِمَا أَخَذَهُ مِنِّي. وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّهُ الْحَقُّ لَكِنْ تَعْلِيلُهُ بِأَنَّهُ، وَإِنْ أَذِنَ فِيهِ لَكِنَّهُ يَرْجِعُ بِطَرِيقِ الظَّفَرِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الرُّجُوعِ ظَاهِرٌ بِحَيْثُ يُلْزِمُهُ بِهِ الْحَاكِمُ لَا فِي الرُّجُوعِ بِالظَّفَرِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَحْلِفْ بِأَنْ نَكَلَ فَيَحْلِفُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْحُرِّيَّةِ وَيَبْطُلُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ (وَلَوْ) أَذِنَ مَدِينٌ لِدَائِنِهِ فِي الْقَبْضِ مِنْ مَدِينِهِ ثُمَّ (قَالَ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ) وَهُوَ الْمَدِينُ الْآذِنُ لَمْ يَصْدُرْ مِنِّي إلَّا أَنِّي قُلْت (وَكَّلْتُك لِتَقْبِضَ لِي وَقَالَ الْمُسْتَحِقُّ) وَهُوَ الدَّائِنُ بَلْ الصَّادِرُ مِنْك أَنَّك (أَحَلْتنِي) فَصَارَ الْحَقُّ لِي (أَوْ قَالَ) الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ (أَرَدْت بِقَوْلِي) اقْبِضْ مِنْهُ أَوْ (أَحَلْتُك) بِمِائَةٍ مَثَلًا عَلَى عَمْرٍو (الْوَكَالَةَ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ صِحَّةُ الْوَكَالَةِ بِلَفْظِ الْحَوَالَةِ، وَإِنَّمَا خَرَجَ هَذَا مِنْ قَاعِدَةِ مَا كَانَ صَرِيحًا لِاحْتِمَالِهِ وَلِهَذَا لَوْ لَمْ يَحْتَمِلْ صُدِّقَ مُدَّعِي الْحَوَالَةِ قَطْعًا كَمَا يَأْتِي (وَقَالَ الْمُسْتَحِقُّ بَلْ أَرَدْت الْحَوَالَةَ صُدِّقَ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ) إذْ الْأَصْلُ بَقَاءُ الْحَقَّيْنِ عَلَى مَا كَانَا عَلَيْهِ مَعَ كَوْنِهِ أَعْرَفَ بِنِيَّتِهِ وَلِأَنَّهُ اخْتِلَافٌ فِي صِفَةِ الْإِذْنِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْإِذْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، فَكَذَا إذَا اخْتَلَفَا فِي صِفَتِهِ، وَبِحَلِفِهِ تَنْدَفِعُ الْحَوَالَةُ، وَبِإِنْكَارِ الْآخَرِ الْوَكَالَةَ انْعَزَلَ فَيَمْتَنِعُ قَبْضُهُ، فَإِنْ كَانَ قَدْ قَبَضَ بَرِئَ الدَّافِعُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ لَهُ أَوْ مُحْتَالٌ وَيَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ مَا قَبَضَهُ لِلْحَالِفِ وَحَقُّهُ عَلَيْهِ بَاقٍ: أَيْ إلَّا أَنْ تُوجَدَ فِيهِ شُرُوطُ التَّقَاصِّ أَوْ لِلظَّفَرِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلِهِ وَإِنْ صَحَّحَ فِي الْأُمِّ) هَذَا يَقْتَضِي تَضْعِيفَ الْحَمْلِ الْآتِي لَكِنْ الْحَمْلُ مُوَافِقٌ لِمَا فِي النُّسْخَةِ الْأُخْرَى وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: لِكُلٍّ مِنْهُمَا تَحْلِيفُهُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُحَلِّفْهُ الْآخَرُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) أَيْ حَجّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَعْدَ أَخْذِ الْمَالِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِرُجُوعِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ أَخْذُ الْمُحْتَالِ حَقَّهُ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَبْرَأَ الْمُحْتَالُ الْمُشْتَرِيَ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: إنَّهُ الْحَقُّ) أَيْ الرُّجُوعُ (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِهِ أَمَّا إذَا قَالَ أَحَلْتُك بِالْمِائَةِ الَّتِي لَك عَلَيَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَعَ كَوْنِهِ) أَيْ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) أَيْ الْمَدِينِ (قَوْلُهُ: إذَا اخْتَلَفَا فِي صِفَتِهِ) وَإِنْ اقْتَضَتْ الْفَسَادَ كَأَنْ قَالَ أَرَدْت أَنْ تَقْبِضَ مَا لِي عَلَيْهِ لِنَفْسِك فَإِنَّ الْقَبْضَ فِي نَفْسِهِ صَحِيحٌ وَلِلْمَأْذُونِ لَهُ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ شُرُوطُ التَّقَاصِّ) يُتَأَمَّلُ فِيهِ فَإِنَّ التَّقَاصَّ إنَّمَا يَكُونُ فِي دَيْنَيْنِ مُتَوَافِقَيْنِ جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: قَبْلَ إقَامَتِهَا) أَيْ أَوْ صَرَّحَ بِالْمِلْكِ لَكِنَّهُ ذَكَرَ تَأْوِيلًا كَمَا فِي نَظَائِرِهِ قَالَهُ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ

فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ لَمْ يَضْمَنْهُ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ بِزَعْمِ خَصْمِهِ وَلَيْسَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِدَيْنِهِ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَاهُ بِزَعْمِهِ، وَقَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ: يَضْمَنُ لِثُبُوتِ وَكَالَتِهِ، وَالْوَكِيلُ إذَا أَخَذَ لِنَفْسِهِ يَضْمَنُ أَمَّا إذَا قَالَ أَحَلْتُك بِالْمِائَةِ الَّتِي لَك عَلَيَّ عَلَى عَمْرٍو فَيُصَدَّقُ الْمُسْتَحِقُّ بِيَمِينِهِ قَطْعًا؛ إذْ لَا يَحْتَمِلُ سِوَى الْحَوَالَةِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ عِنْدَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى الدَّيْنِ كَمَا أَفَادَهُ بِالْمُسْتَحِقِّ وَالْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ فَلَوْ أَنْكَرَ مُدَّعِي الْوَكَالَةِ الدَّيْنَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَجْهٌ) أَنَّهُ يُصَدَّقُ الْمُسْتَحِقُّ بِيَمِينِهِ بِنَاءً عَلَى الْمَرْجُوحِ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ بِلَفْظِ الْحَوَالَةِ لِتَنَافِيهِمَا (وَإِنْ) اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ اللَّفْظِ الصَّادِرِ كَأَنْ (قَالَ) الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ (أَحَلْتُك فَقَالَ) الْمُسْتَحِقُّ بَلْ (وَكَّلْتنِي) أَوْ فِي الْمُرَادِ مِنْ لَفْظٍ مُحْتَمَلٍ كَ اقْبِضْ أَوْ أَحَلْتُك (صُدِّقَ النَّافِي بِيَمِينِهِ) إذْ الْأَصْلُ بَقَاءُ حَقِّهِ فِي ذِمَّةِ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ وَبِحَلِفِ الْمُسْتَحِقِّ انْدَفَعَتْ الْحَوَالَةُ فَيَأْخُذُ حَقَّهُ مِنْ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ وَيَرْجِعُ هَذَا عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَيَظْهَرُ أَثَرُ النِّزَاعِ فِيمَا ذُكِرَ عِنْدَ إفْلَاسِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَلِلْمُحَالِ أَنْ يُحِيلَ، وَأَنْ يَحْتَالَ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ عَلَى مَدِينِهِ وَلَوْ آجَرَ جُنْدِيٌّ أَقْطَاعَهُ، وَأُحَال، بِبَعْضِ الْأُجْرَةِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ ثُمَّ مَاتَ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْإِجَارَةِ فِيمَا بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ الْمُدَّةِ وَبُطْلَانُ الْحَوَالَةِ فِيمَا يُقَابِلُهُ. وَتَصِحُّ الْإِجَارَةُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي قَبْلَ مَوْتِ الْمُؤَجِّرِ، وَتَصِحُّ الْحَوَالَةُ بِقَدْرِهَا، وَلَا رُجُوعَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ بِمَا قَبَضَهُ الْمُحْتَالُ مِنْهُ مِنْ ذَلِكَ وَيَبْرَأُ الْمُحِيلُ مِنْهُ. وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ غَرِيمَهُ الدَّائِنَ أَحَالَ عَلَيْهِ فُلَانًا لِغَائِبٍ سُمِعَتْ وَسَقَطَتْ مُطَالَبَتُهُ، فَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً صُدِّقَ غَرِيمُهُ بِيَمِينِهِ وَلَا يُقْضَى بِالْبَيِّنَةِ لِلْغَائِبِ بِأَنَّهَا تَثْبُتُ بِهَا الْحَوَالَةُ فِي حَقِّهِ حَتَّى لَا يَحْتَاجَ إلَى إقَامَةِ بَيِّنَةٍ إنْ قَدِمَ عَلَى أَحَدِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَمَا هُنَا دَيْنٌ لِلْمُحْتَالِ عَلَى الْمُحِيلِ وَمَا قَبَضَهُ الْمُحْتَالُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ وَكِيلًا هُوَ عَيْنٌ مَمْلُوكَةٌ لِلْمُحِيلِ، وَالْعَيْنُ وَالدَّيْنُ لَا تَقَاصَّ فِيهِمَا وَشَرْطُ الظَّفْرِ أَنْ يَتَعَذَّرَ أَخْذُ الْمُسْتَحِقِّ مَا لَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ كَأَنْ يَكُونَ مُنْكِرًا وَلَا بَيِّنَةَ عَلَيْهِ وَمَا هُنَا، وَإِنْ كَانَ فِيهِ دَيْنٌ لِلْمُحْتَالِ عَلَى الْمُحِيلِ لَيْسَ مُنْكِرًا لَهُ فَلَمْ تُوجَدْ فِيهِ شُرُوطُ الظَّفْرِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِحَمْلِ مَا هُنَا عَلَى مَا لَوْ تَلِفَ الْمَقْبُوضُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِتَقْصِيرٍ مِنْ الْمُحْتَالِ فَيَضْمَنُ بَدَلَهُ وَالْبَدَلُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسِ دَيْنِ الْمُحْتَالِ وَصِفَتِهِ فَيَقَعُ فِيهِ التَّقَاصُّ وَبِتَقْدِيرِ عَدَمِ تَلَفِهِ فَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَذَّرَ أَخْذُ دَيْنِ الْمُحْتَالِ مِنْ الْمُحِيلِ بِأَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَيِّنَةٌ فَيُنْكِرُ أَصْلَ الدَّيْنِ فَيَجُوزُ لِلْمُحْتَالِ أَخْذُهُ بِطَرِيقِ الظَّفْرِ (قَوْلُهُ: كَمَا أَفَادَهُ) أَيْ تَعْبِيرُهُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: النَّافِي) أَيْ لِلْحَوَالَةِ (قَوْلُهُ: أَقْطَاعَهُ) أَيْ مَا يُجْعَلُ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ رِزْقِهِ الْمُعَيَّنِ لَهُ مَا فِي مُقَابَلَةِ خِدْمَتِهِ مَثَلًا أَمَّا مَنْ انْكَسَرَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْجَامِكِيَّةِ ثُمَّ عَوَّضَهُ السُّلْطَانُ مَثَلًا قِطْعَةَ أَرْضٍ يَنْتَفِعُ بِهَا مُدَّةً مُعَيَّنَةً فِي مُقَابَلَةِ مَا تَجَمَّدَ لَهُ إجَارَةً لِلْأَرْضِ فَلَا يَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ فَلَوْ آجَرَهَا لِغَيْرِهِ ثُمَّ أَحَالَ عَلَى الْأُجْرَةِ اسْتَمَرَّتْ الْحَوَالَةُ بِحَالِهَا (قَوْلُهُ: بِبَعْضِ الْأُجْرَةِ) أَوْ بِكُلِّهَا (قَوْلُهُ: مِنْ الْمُدَّةِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ بِهَا زَرْعٌ لِلْمُسْتَأْجِرِ بَقِيَ إلَى أَوَانِ الْحَصَادِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَمْ يُصَرِّحْ) يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلْعَبْدِ أَيْضًا، وَلَوْ فُرِضَ رُجُوعُهُ لِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ فَقَطْ فَمِثْلُهُ الْعَبْدُ إذْ لَا فَرْقَ فَتَأَمَّلْ، قَالَهُ الشِّهَابُ سم أَيْضًا . (قَوْلُهُ: وَالْوَكِيلُ إذَا أَخَذَ لِنَفْسِهِ يَضْمَنُ) وَكَأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ عَلَى الْأَوَّلِ مُؤَاخَذَةَ خَصْمِهِ بِإِقْرَارِهِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ) يَعْنِي مَسْأَلَتَيْ الْمَتْنِ حَيْثُ يُصَدَّقُ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ فِي الْأُولَى مِنْهُمَا قَطْعًا وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى خِلَافٍ، وَمُرَادُهُ أَنَّ مَحَلَّ التَّفْصِيلِ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى أَصْلِ الدَّيْنِ، أَمَّا لَوْ أَنْكَرَ مُدَّعِي الْوَكَالَةِ أَصْلَ الدَّيْنِ فَهُوَ الْمُصَدَّقُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَطْعًا، وَحِينَئِذٍ فَكَانَ الْأَصْوَبُ أَنْ يُؤَخِّرَ الشَّارِحُ هَذَا عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَجْهٌ وَيَقُولُ عَقِبَ قَوْلِهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَطْعًا، وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ: وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْمُسْتَحِقُّ وَالْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ، يُشِيرُ إلَى فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى الدَّيْنِ كَمَا فَرَضَهَا الْأَئِمَّةُ أَمَّا لَوْ أَنْكَرَ مُدَّعِي الْوَكَالَةِ الدَّيْنَ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ قَطْعًا وَكَذَا فِي الثَّانِيَةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ. .

[باب الضمان الشامل للكفالة]

وَجْهَيْنِ، رَجَّحَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ، لَكِنَّ الْأَوْجَهَ الْقَضَاءُ بِهَا كَمَا هُوَ احْتِمَالٌ عِنْدَ ابْنِ الصَّبَّاغِ، وَتَابَعَهُ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْبَحْرِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَدِمَ يَدَّعِي الْمُحَالُ عَلَيْهِ لَا الْمُحِيلُ، وَهُوَ مُقِرٌّ لَهُ فَلَا حَاجَةَ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ. . [بَابُ الضَّمَانِ الشَّامِلِ لِلْكَفَالَةِ] ِ هُوَ لُغَةً: الِالْتِزَامُ، وَشَرْعًا: يُطْلَقُ عَلَى الْتِزَامِ الدَّيْنِ وَالْبَدَنِ وَالْعَيْنِ الْآتِي كُلٌّ مِنْهَا وَعَلَى الْعَقْدِ الْمُحَصِّلِ لِذَلِكَ، وَيُسَمَّى مُلْتَزَمُ ذَلِكَ أَيْضًا ضَامِنًا وَضَمِينًا وَحَمِيلًا وَزَعِيمًا وَكَفِيلًا وَصَبِيرًا. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: غَيْرَ أَنَّ الْعُرْفَ خَصَّصَ الْأَوَّلَيْنِ بِالْمَالِ وَالْحَمِيلَ بِالدِّيَةِ وَالزَّعِيمَ بِالْمَالِ الْعَظِيمِ وَالْكَفِيلَ بِالنَّفْسِ وَالصَّبِيرَ يَعُمُّ الْكُلَّ، وَمِثْلُهُ الْقَبِيلُ. وَأَصْلُهُ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ الْخَبَرُ الصَّحِيحُ «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» «وَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَحَمَّلَ عَنْ رَجُلٍ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ» ، وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِجِنَازَةٍ، فَقَالَ: هَلْ تَرَكَ شَيْئًا؟ قَالُوا لَا، قَالَ: هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟ قَالُوا: ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ، قَالَ: صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ؛ قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: صَلِّ عَلَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَعَلَيَّ دَيْنُهُ، فَصَلَّى عَلَيْهِ» لَا يُقَالُ: لَا دَلَالَةَ فِيهِ إلَّا عَلَى بَرَاءَةِ الْمَيِّتِ بِالِالْتِزَامِ عَنْهُ لَا عَلَى الضَّمَانِ وَإِلَّا لَكَانَ الْمَانِعُ مِنْ الصَّلَاةِ بَاقِيًا وَهُوَ اشْتِغَالُ ذِمَّتِهِ. لِأَنَّا نَمْنَعُ هَذِهِ الدَّعْوَى؛ إذْ الضَّمَانُ عَنْهُ لَا يَزِيدُ عَلَى مَا لَوْ خَلَّفَ تَرِكَةً، وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ بَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبَابُ الضَّمَانِ) (قَوْلُهُ: الشَّامِلِ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: وَيُذْكَرُ مَعَهُ الْكَفَالَةُ، وَمَا سَلَكَهُ الشَّارِحُ مُخَالِفٌ لَهُ حَيْثُ جَعَلَ الْكَفَالَةَ قِسْمًا مِنْ الضَّمَانِ هُنَا، وَصَرَّحَ بِهِ بَعْدُ فِي قَوْلِهِ وَشَرْعًا يُطْلَقُ عَلَى الْتِزَامِ إلَخْ، وَكَأَنَّ الْمَحَلِّيَّ جَرَى عَلَى كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ الْقَائِلِ بِتَخْصِيصِ الضَّمَانِ بِالْمَالِ وَالْكَفَالَةِ بِالْبَدَنِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْتِزَامِ الدَّيْنِ) وَلَوْ مَنْفَعَةً (قَوْلُهُ: وَالْبَدَنُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْعَقْدِ الْمُحَصَّلِ) أَيْ فَالضَّمَانُ يُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الضَّمَانِ وَالْأَثَرِ وَهُوَ الْحَاصِلُ بِالْمَصْدَرِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَاصِلِ بِالْمَصْدَرِ وَنَفْسِ الْمَصْدَرِ أَنَّ الْفِعْلَ لَا بُدَّ مِنْ تَعَلُّقِهِ بِالْفَاعِلِ وَالْأَثَرِ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهِ، فَهُوَ مَعَ مُلَاحَظَةِ التَّعَلُّقِ الْأَوَّلِ مَصْدَرٌ وَمَعَ مُلَاحَظَةِ التَّعَلُّقِ الثَّانِي اسْمٌ لِلْمَصْدَرِ، وَيُسَمَّى الْحَاصِلَ بِالْمَصْدَرِ (قَوْلُهُ: خَصَّصَ الْأَوَّلَيْنِ) عِبَارَةُ حَجّ: خَصَّصَ الضَّمِينَ بِالْمَالِ، قَالَ: أَيْ وَمِثْلُهُ الضَّامِنُ فَفِي نِسْبَةِ الشَّارِحِ الْأَوَّلَيْنِ لِلْمَاوَرْدِيِّ مُسَامَحَةٌ (قَوْلُهُ: بِالْمَالِ) أَيْ عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا (قَوْلُهُ: بِالْمَالِ الْعَظِيمِ) : ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ دِيَةً (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) مِنْ كَلَامِ م ر (قَوْلُهُ «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» ) قَالَ ع: لَفْظَةُ الْعَارِيَّةِ مُؤَدَّاةٌ: أَيْ مَرْدُودَةٌ وَالزَّعِيمُ غَارِمٌ وَالدَّيْنُ مَقْضِيٌّ: أَيْ مُوَفًّى اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نُمْنَعُ هَذِهِ الدَّعْوَى) لَا يُفِيدُ فِي رَدِّ كَلَامِ السَّائِلِ فَإِنَّ حَاصِلَهُ أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي امْتِنَاعِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ شَغْلُ ذِمَّتِهِ بِبَقَاءِ الْحَقِّ، فَلَوْ لَمْ يُحْمَلْ تَحَمُّلَ أَبِي قَتَادَةَ عَنْهُ عَلَى الْبَرَاءَةِ لَمْ تَظْهَرْ الْحِكْمَةُ فِي امْتِنَاعِهِ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْحَقَّ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا قَبْلَ التَّحَمُّلِ (قَوْلُهُ: إذْ الضَّمَانُ عَنْهُ إلَخْ) سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ فِي بَقِيَّةِ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ مَا نَصُّهُ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِأَبِي قَتَادَةَ: هُمَا عَلَيْك وَفِي مَالِكَ، وَالْمَيِّتُ مِنْهُمَا بَرِيءٌ، فَقَالَ نَعَمْ، فَصَلَّى عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» فَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِبَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمَيِّتِ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ بِمَا أَجَابَ بِهِ الشَّارِحُ لَكِنْ سَيَأْتِي لَهُ الِاعْتِذَارُ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ بَرِيءٌ: أَيْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ بَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (بَابُ الضَّمَانِ) (قَوْلُهُ: عَلَى الْتِزَامِ الدَّيْنِ إلَخْ) أَيْ الَّذِي هُوَ أَحَدُ شِقَّيْ الْعَقْدِ: أَيْ الْإِيجَابِ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى مَجْمُوعِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، وَهَذَا نَظِيرُ مَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَيْعِ أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى مَا يُقَابِلُ الشِّرَاءَ وَعَلَى الْعَقْدِ الْمُشْتَمِلِ عَلَيْهِمَا، وَهَذَا

عَلَى أَنَّ الْمَاوَرْدِيَّ وَغَيْرَهُ صَرَّحُوا بِأَنَّ نَفْسَ الْمُؤْمِنِ إنَّمَا تَكُونُ مُرْتَهِنَةً بِدَيْنِهِ إذَا لَمْ يَخْلُفْ وَفَاءً وَامْتِنَاعُهُ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا شَفَاعَةٌ وَشَفَاعَتُهُ مَقْبُولَةٌ، وَنَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ. قَالَ جَابِرٌ: وَكَانَ ذَلِكَ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ وَفِي الْمَالِ قِلَّةٌ. فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ الْفُتُوحَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، مَنْ خَلَّفَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ، وَمَنْ خَلَّفَ دَيْنًا أَوْ كَلًّا فَكُلُّهُ إلَيَّ وَدَيْنُهُ عَلَيَّ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَعَلَى كُلِّ إمَامٍ بَعْدَك؟ قَالَ: وَعَلَى كُلِّ إمَامٍ بَعْدِي» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَمُقْتَضَاهُ وُجُوبُ قَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ الْمُعْسِرِ عَلَى كُلِّ إمَامٍ لَكِنَّ الصَّحِيحَ عِنْدَ أَئِمَّتِنَا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَعِدَاتِهِ بِدَلِيلِ قَضَائِهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ فَيُحْمَلُ الْخَبَرُ بِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ عَلَى تَأَكُّدِ نَدْبِ ذَلِكَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ خَبَرِ التَّحَمُّلِ مَعَ قَوْلِهِمْ: إنَّهُ مَعْرُوفٌ الْآتِي أَنَّهُ سُنَّةٌ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي حَقِّ قَادِرٍ عَلَيْهِ أُمِنَ مِنْ غَائِلَتِهِ. وَأَرْكَانُ ضَمَانِ الذِّمَّةِ خَمْسَةٌ: ضَامِنٌ، وَمَضْمُونٌ، وَمَضْمُونٌ لَهُ، وَمَضْمُونٌ فِيهِ، وَصِيغَةٌ وَكُلُّهَا تُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ وَبَدَأَ بِشَرْطِ الضَّامِنِ فَقَالَ (شَرْطُ الضَّامِنِ) لِيَصِحَّ ضَمَانُهُ (الرُّشْدُ) بِالْمَعْنَى السَّابِقِ فِي الْحَجْرِ لَا الصَّوْمِ فِي قَوْلِهِ: أَوْ صِبْيَانٌ رُشَدَاءُ فَإِنَّهُ مَجَازٌ وَالِاخْتِيَارُ كَمَا يُعْلَمُ مَعَ صِحَّةِ ضَمَانِ السَّكْرَانِ مِنْ كَلَامِهِ فِي بَابِ الطَّلَاقِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ سَوَاءٌ خَلَّفَ وَفَاءً أَمْ لَا عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَصَرَّحَ بِهِ أَيْضًا حَجّ فِي أَوَّلِ الرَّهْنِ لَا يُقَالُ: مَا الْحِكْمَةُ فِي حَبْسِ رُوحِهِ إذَا لَمْ يُخَلِّفْ وَفَاءً مَعَ أَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُعْسِرِ وَالْمُعْسِرُ لَا يُحْبَسُ فِي الدُّنْيَا وَلَا يُلَازَمُ لِأَنَّا نَقُولُ: أَمْرُ الْآخِرَةِ يُغَايِرُ أَمْرَ الدُّنْيَا، فَإِنَّ حَبْسَ الْمُعْسِرِ فِي الدُّنْيَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَوَقَّعُ مِنْهُ وَفَاءٌ مَا دَامَ مَحْبُوسًا، وَيُظَنُّ مِنْهُ الْوَفَاءُ إذَا لَمْ يُحْبَسْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكْتَسِبُ مَا يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى وَفَاءِ الدَّيْنِ. وَأَمَّا الْآخِرَةُ فَالْحَبْسُ فِيهَا مُجَازَاةٌ لَهُ عَلَى بَقَاءِ الْحَقِّ فِي ذِمَّتِهِ حِفْظًا لِحَقِّ صَاحِبِ الدَّيْنِ وَيُسْتَوْفَى مِنْهُ بِأَخْذِ الْحَسَنَاتِ وَرَدِّ السَّيِّئَاتِ فَأَشْبَهَ مَنْ لَهُ مَالٌ فِي الدُّنْيَا فَيُنْتَظَرُ بِحَبْسِهِ حُضُورُ مَالِهِ، وَعَلَيْهِ فَهُوَ مَعْقُولُ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ: أَوْ كَلًّا) أَيْ عِيَالًا (قَوْلُهُ: كَعِدَاتِهِ) أَيْ فَإِنَّهُ كَانَ إذَا وَعَدَ بِشَيْءٍ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ قَضَائِهَا) أَيْ الْعِدَاتِ (قَوْلُهُ: فِي حَقِّ قَادِرٍ عَلَيْهِ إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا فَقَدَ أَحَدَ الشَّرْطَيْنِ لَا يُسَنُّ، وَهَلْ هُوَ مُبَاحٌ حِينَئِذٍ أَوْ مَكْرُوهٌ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: مِنْ غَائِلَتِهِ) وَمِنْهَا: أَنْ لَا يَكُونَ مَالُ الْمَضْمُونِ عَنْهُ إذَا ضَمِنَ بِإِذْنِهِ فِيهِ شُبْهَةٌ سَلَّمَ مِنْهَا مَالَ الضَّامِنِ (قَوْلُهُ: وَأَرْكَانُ ضَمَانِ الذِّمَّةِ) إنَّمَا قَيَّدَ بِالذِّمَّةِ لِقَوْلِهِ بَعْدُ: وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَضْمُونِ كَوْنُهُ ثَابِتًا إلَخْ، وَإِلَّا فَكَوْنُهَا خَمْسَةً لَا يَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ بَلْ يُجْرَى فِي ضَمَانِ الْعَيْنِ أَيْضًا، لَكِنْ هَذَا ظَاهِرٌ عَلَى مَا سَلَكَهُ الْمَحَلِّيُّ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ الْآتِيَ ثَابِتًا صِفَةٌ لِ دَيْنًا الْمَحْذُوفَ. أَمَّا عَلَى مَا سَلَكَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّهُ حَذَفَ دَيْنًا لِيَعُمَّ الثَّابِتُ الْعَيْنَ وَالدَّيْنَ فَلَا يَظْهَرُ هَذَا الْجَوَابُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: تُسْمَحُ فَأَرَادَ بِضَمَانِ الذِّمَّةِ مَا يَشْمَلُ ضَمَانَ الْعَيْنِ تَغْلِيبًا (قَوْلُهُ: لِيَصِحَّ ضَمَانُهُ) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ الضَّامِنَ اسْمُ ذَاتٍ، وَالشُّرُوطُ لَا تَتَعَلَّقُ بِالذَّوَاتِ، وَإِنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِالْأَحْكَامِ، وَحَيْثُ رُوعِيَتْ الْحَيْثِيَّةُ كَانَ الْمَعْنَى وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الضَّمَانِ الرُّشْدُ (قَوْلُهُ: الرُّشْدُ) أَيْ وَلَوْ حُكْمًا وَقَوْلُهُ بِالْمَعْنَى إلَخْ، قَدْ يُقَالُ إنَّمَا يُفِيدُ ذَلِكَ فِي دَفْعِ الِاعْتِرَاضِ لَوْ كَانَ هَذَا الْمَارُّ فِي الْمَتْنِ اهـ سم عَلَى حَجّ. إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ ذَلِكَ صَارَ مُرَادًا لِلْفُقَهَاءِ حَيْثُ عَبَّرُوا بِالرُّشْدِ، أَوْ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ فِي الْحَجْرِ قَوْلَهُ وَالرُّشْدُ صَلَاحُ الدَّيْنِ وَالْمَالِ، وَقَدْ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: لَا الصَّوْمِ فَإِنَّ فِيهِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ إنَّمَا اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ شُمُولِهِ لِلصَّبِيِّ (قَوْلُهُ: بِالْمَعْنَى السَّابِقِ) أَيْ وَهُوَ عَدَمُ الْحَجْرِ (قَوْلُهُ: لَا الصَّوْمِ) وَهُوَ عَدَمُ تَجْرِبَةِ الْكَذِبِ مِنْ الصَّبِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْلَى مِمَّا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مَعَ مَا فِيهِ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَتِهِ. (قَوْلُهُ: حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ) أَيْ أَوْ يَضْمَنُ عَنْهُ: أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ لَمْ يَخْلُفْ وَفَاءً عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: عَلَى تَأَكُّدِ نَدْبِ ذَلِكَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ) لَعَلَّهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ مِنْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: أَمِنَ مِنْ غَائِلَتِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِيهِ لِلضَّمَانِ: أَيْ: بِأَنْ يَجِدَ مَرْجِعًا إذَا

فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِصِبًا أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ وَمَرَّ أَنَّ فِي حُكْمِهِ أَخْرَسَ لَا يُفْهِمُ وَنَائِمًا، وَأَنَّ مَنْ بَذَّرَ بَعْدَ رُشْدِهِ وَلَمْ يُعَدَّ عَلَيْهِ الْحَجَرُ وَمَنْ فَسَقَ كَالرَّشِيدِ حُكْمًا، وَسَيَذْكُرُ ضَمَانَ الْمُكَاتَبِ قَرِيبًا فَلَا يَرِدُ عَلَى عِبَارَتِهِ شَيْءٌ خِلَافًا لِمَنْ ادَّعَاهُ، وَأَيْضًا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الشَّرْطِ وُجُودُ الْمَشْرُوطِ؛ إذْ يَتَخَلَّفُ لِعَوَارِضَ كَمَا هُنَا، وَلَيْسَ فِي الْعِبَارَةِ كُلُّ رَشِيدٍ يَصِحُّ ضَمَانُهُ، وَقَدْ زَادَ الْمَوْرِدُ عَلَى عِبَارَتِهِ فَقَالَ: يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَزِيدَ، وَالِاخْتِيَارُ وَأَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعُ وَصِحَّةُ الْعِبَارَةِ، وَلَوْ ادَّعَى الضَّامِنُ كَوْنَهُ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا وَقْتَ الضَّمَانِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ أَمْكَنَ الصِّبَا وَعَهْدُ الْجُنُونِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى ذَلِكَ بَعْدَ تَزْوِيجِ أَمَتِهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ الزَّوْجُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ قُبَيْلَ الصَّدَاقِ؛ إذْ الْأَنْكِحَةُ يُحْتَاطُ لَهَا غَالِبًا، فَالظَّاهِرُ وُقُوعُهَا بِشُرُوطِهَا، وَإِنْ نَظَرَ فِي ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ يَجْهَلُ الشُّرُوطَ، وَالْغَالِبُ عَلَى الْعُقُودِ الَّتِي يَنْفَرِدُ بِهَا الْعَوَامُّ الِاحْتِلَالُ، وَسَكَتُوا عَمَّا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ وَقْتَ الضَّمَانِ وَالْأَوْجَهُ: إلْحَاقُهُ بِدَعْوَى الصِّبَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إقْدَامُهُ عَلَى الضَّمَانِ مُتَضَمِّنٌ لِدَعْوَاهُ الرُّشْدَ فَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ كَانَ سَفِيهًا بِخِلَافِ الصِّبَا (وَضَمَانُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ كَشِرَائِهِ) بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ فَيَصِحُّ كَضَمَانِ الْمَرِيضِ نَعَمْ إنْ اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ مَالَ الْمَرِيضِ وَقَضَى بِهِ بَانَ بُطْلَانُ ضَمَانِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ حَدَثَ لَهُ مَالٌ أَوْ أُبْرِئَ، وَلَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مُسْتَغْرِقٍ قُدِّمَ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: وَمَرَّ أَنَّ فِي حُكْمِهِ) أَيْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِصِبًا إلَخْ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ (قَوْلُهُ: لَا يُفْهِمُ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْهَاءِ: أَيْ لَا يُفْهِمُ غَيْرَهُ بِإِشَارَةٍ وَلَا كِتَابَةٍ، بِخِلَافِ مَنْ لَهُ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ، ثُمَّ إنْ فَهِمَ إشَارَتَهُ كُلُّ أَحَدٍ فَصَرِيحُهُ، وَإِنْ اخْتَصَّ بِفَهْمِهَا الْفَطِنُ فَكِنَايَةٌ، وَمِنْهَا الْكِتَابَةُ، فَإِنْ احْتَفَتْ بِقَرَائِنَ أُلْحِقَتْ بِالصَّرِيحِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ هُنَا، وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ حَجّ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: وَنَائِمٌ) أَيْ وَمِثْلُهُ (قَوْلُهُ: وَسَيُذْكَرُ) أَيْ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ وَضَمَانُ عَبْدٍ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِي الْعِبَارَةِ كُلُّ رَشِيدٍ إلَخْ) أَيْ لَكِنْ هَذَا الْجَوَابُ الثَّانِي لَا يَدْفَعُ الِاعْتِرَاضَ بِمَنْ بَذَّرَ وَلَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ الْقَاضِي وَلَا بِالْفَاسِقِ، وَمَنْ تَعَدَّى بِسُكْرِهِ لِانْتِفَاءِ الرُّشْدِ عَنْهُمْ (قَوْلُهُ وَصِحَّةُ الْعِبَارَةِ) وَالْجَوَابُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّشِيدِ غَيْرُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَنَا الْآنَ غَيْرُ بَالِغٍ وَأَمْكَنَ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: تَزْوِيجِ أَمَتِهِ) أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ الزَّوْجُ) أَيْ وَإِنْ أَمْكَنَ الصِّبَا وَعَهْدُ الْجُنُونِ (قَوْلُهُ: يَحْتَاطُ لَهَا) أَيْ حَالَ الْإِقْدَامِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ إلْحَاقُهُ بِدَعْوَى الصِّبَا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إلْحَاقُهُ بِدَعْوَى الْجُنُونِ لِأَنَّ مَحَلَّ تَصْدِيقِ السَّفِيهِ فِي دَعْوَاهُ أَنْ يُعْهَدَ لَهُ سَفَهٌ وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ إمْكَانِهِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ (قَوْلُهُ: كَضَمَانِ الْمَرِيضِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَصِحُّ ظَاهِرًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ نَعَمْ إنْ اُسْتُغْرِقَ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ اُسْتُغْرِقَ الدَّيْنُ) أَيْ الَّذِي عَلَى الْمَرِيضِ (قَوْلُهُ: وَقَضَى بِهِ) أَيْ الدَّيْنِ بِأَنْ دَفَعَ الْمَالَ لِأَرْبَابِ الدُّيُونِ (قَوْلُهُ: بَانَ بُطْلَانُ ضَمَانِهِ) فِيهِ نَظَرٌ، وَهَلَّا قِيلَ بِصِحَّةِ ضَمَانِهِ وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْمُطَالَبَةِ فَسَادُ الضَّمَانِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ ضَمَانِ الْمُعْسِرِ، إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ ذِمَّةَ الْمَرِيضِ آيِلَةٌ إلَى الْخَرَابِ بِالْمَوْتِ فَهِيَ ضَعِيفَةٌ بِخِلَافِ الْمُعْسِرِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَرَّ) أَيْ الْمَرِيضُ (قَوْلُهُ: قُدِّمَ) أَيْ الدَّيْنُ، وَإِنْ تَأَخَّرَ الْإِقْرَارُ بِهِ عَنْ الضَّمَانِ اهـ. حَجّ. وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا تَأَخَّرَ بِسَبَبِ لُزُومِهِ عَنْ الضَّمَانِ، كَمَا لَوْ ضَمِنَ فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ ثُمَّ أَقَرَّ بِأَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQغَرِمَ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْخَبَرِ أَوَّلَ الْحَوَالَةِ فَلْيُرَاجَعْ . (قَوْلُهُ: وَأَيْضًا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الشَّرْطِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ إنَّمَا يَنْفَعُ فِيمَا وَرَدَ عَلَى الْمَنْطُوقِ وَهُوَ أَنَّ الرَّشِيدَ يَصِحُّ ضَمَانُهُ مِنْ عَدَمِ صِحَّتِهِ مِنْ الْمُكْرَهِ وَنَحْوِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَنْفَعُ فِيمَا وَرَدَ عَلَى الْمَفْهُومِ وَهُوَ أَنَّ غَيْرَ الرَّشِيدِ لَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ مِنْ صِحَّةِ ضَمَانِ السَّكْرَانِ وَنَحْوِهِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ مَالَهُ) يَعْنِي دَيْنَ الْمَرِيضِ الْمُتَعَلِّقَ بِذِمَّتِهِ غَيْرَ دَيْنِ الضَّمَانِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: لَا مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمَحْجُورِ سَفَهٍ

وَضَمَانُهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إلَّا مِنْ مُعْسِرٍ أَوْ حَيْثُ لَا رُجُوعَ فَمِنْ الثُّلُثِ (وَضَمَانُ عَبْدٍ) أَيْ رَقِيقٍ وَلَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ (بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ) (بَاطِلٌ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ إثْبَاتُ مَالٍ فِي الذِّمَّةِ بِعَقْدٍ فَأَشْبَهَ النِّكَاحَ، وَإِنَّمَا صَحَّ خُلْعُ أَمَةٍ بِمَالٍ فِي ذِمَّتِهَا بِلَا إذْنٍ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَضْطَرُّ إلَيْهِ لِنَحْوِ سُوءِ عِشْرَتِهِ. نَعَمْ يَصِحُّ ضَمَانُ مُبَعَّضٍ فِي نَوْبَتِهِ بِلَا إذْنٍ، وَيَصِحُّ ضَمَانُ الْمُكَاتَبِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَالْمَوْقُوفُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ بِغَيْرِ إذْنٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، فَإِنْ ضَمِنَ بِإِذْنِ مَالِكِ مَنْفَعَتِهِ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ بِإِذْنِهِ سَلَّطَ عَلَى التَّعَلُّقِ بِكَسْبِهِ الْمُسْتَحَقَّ لَهُ، وَعَلَيْهِ فَيُحْتَمَلُ بُطْلَانُهُ إذَا انْتَقَلَ الْوَقْفُ لِغَيْرِهِ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ وَهُوَ أَقْرَبُ، وَالْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ دُونَ رَقَبَتِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ كَالْقِنِّ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ فِي الْمَطْلَبِ، لَكِنَّ الْأَوْجَهَ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اعْتِبَارُ إذْنِهِمَا مَعًا؛ إذْ التَّعَلُّقُ بِكَسْبِهِ شَامِلٌ لِلْمُعْتَادِ مِنْهُ وَالنَّادِرِ، فَإِنْ أَذِنَ فِيهِ مَالِكُ الرَّقَبَةِ فَقَطْ صَحَّ وَتَعَلَّقَ بِكَسْبِهِ النَّادِرِ أَوْ مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ فَقَطْ صَحَّ وَتَعَلَّقَ بِالْمُعْتَادِ وَضَمَانُ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSسِلْعَةً فِي صَفَرٍ، وَلَمْ يُؤَدِّ ثَمَنَهَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي هَذِهِ بِاسْتِوَاءِ الدَّيْنَيْنِ؛ لِأَنَّهُ حِينَ ضَمِنَ وَقَعَ ضَمَانُهُ صَحِيحًا مُسْتَوْفِيًا لِلشُّرُوطِ (قَوْلُهُ: وَضَمَانُهُ) أَيْ الْمَرِيضِ (قَوْلُهُ: إلَّا عَنْ مُعْسِرٍ) أَيْ وَاسْتَمَرَّ إعْسَارُ الْمَضْمُونِ عَنْهُ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ، أَمَّا إذَا أَيْسَرَ وَأَمْكَنَ أَخْذُ الْمَالِ مِنْهُ فَيَتَبَيَّنُ أَنَّ ضَمَانَهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: لَا رُجُوعَ) بِأَنْ ضَمِنَ بِغَيْرِ إذْنٍ (قَوْلُهُ: لِنَحْوِ سُوءِ عِشْرَتِهِ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ إنَّمَا تُطَالَبُ بَعْدَ الْعِتْقِ وَالْيَسَارِ (قَوْلُهُ: فِي نَوْبَتِهِ) خَرَجَ بِنَوْبَتِهِ نَوْبَةُ السَّيِّدِ وَمَا إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِذْنِ، ثُمَّ إذَا أَذِنَ السَّيِّدُ فِي نَوْبَتِهِ فَهَلْ يَكُونُ مَا يُؤَدِّيهِ مِنْ الْكَسْبِ الْوَاقِعِ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ دُونَ الْعَبْدِ أَوْ مِنْ كَسْبِهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ أَوْ الرَّقِيقِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ اهـ. وَلَوْ ادَّعَى الْمُبَعَّضُ أَنَّ ضَمَانَهُ بِغَيْرِ الْإِذْنِ كَانَ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُهُ عِنْدَ الِاحْتِمَالِ كَمَا لَوْ ادَّعَى الضَّامِنُ الصِّبَا عِنْدَ الضَّمَانِ وَأَمْكَنَ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَأَمَّا هِبَةُ الْمُبَعَّضِ لِغَيْرِهِ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ فَتَصِحُّ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ كَمَا فِي حَجّ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَقْرَبُ) أَيْ خِلَافًا لحج، وَقَدْ يُشْكِلُ بِمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَوَالَةِ فِيمَا لَوْ أَجَّرَ الْجُنْدِيُّ أَقْطَاعَهُ وَأَحَالَ عَلَى بَعْضِ الْأُجْرَةِ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ حَيْثُ قِيلَ ثَمَّ بِبُطْلَانِ الْحَوَالَةِ عَلَى مَا زَادَ عَلَى مَا اسْتَقَرَّ فِي حَيَاتِهِ، وَبِمَا يَأْتِي فِي الْوَقْفِ مِنْ أَنَّ الْبَطْنَ الْأَوَّلَ إذَا أُجِّرَ وَشَرَطَ لَهُ النَّظَرَ مُدَّةَ اسْتِحْقَاقِهِ مِنْ بُطْلَانِ الْإِجَارَةِ بِمَوْتِهِ وَمِنْ ثَمَّ جَزَمَ حَجّ بِالْبُطْلَانِ، إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ بِمَوْتِ الْجُنْدِيِّ وَانْتِقَالِ الْوَقْفِ لِلْبَطْنِ الثَّانِي تَبَيَّنَ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِ الْمُؤَجَّرِ لِمَا أَجَّرَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْجُنْدِيِّ وَعَدَمِ وِلَايَةِ النَّاظِرِ فِي مَسْأَلَةِ الْوَقْفِ، وَكَذَلِكَ يَتَبَيَّنُ عَدَمُ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ وَقْتَ الْإِذْنِ مَالِكٌ لِلْمَنْفَعَةِ، وَعَلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَدْفَعَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِ مَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ صَارَ لَهُ وَحَيْثُ امْتَنَعَ مَنْ انْتَقَلَ لَهُ الْوَقْفُ مِنْ الْإِذْنِ فَفَائِدَةُ الضَّمَانِ احْتِمَالُ أَنْ يَتَبَرَّعَ أَحَدٌ عَنْ الضَّامِنِ بِمَا لَزِمَهُ أَوْ يَسْمَحَ مَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ الْوَقْفُ بِالْإِذْنِ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُؤَقَّتَةِ وَغَيْرِهَا، وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِغَيْرِ الْمُؤَقَّتَةِ، وَأَمَّا هِيَ فَإِنْ ضَمِنَ بِإِذْنِ مَالِكِ الرَّقَبَةِ تَعَلَّقَ بِالْأَكْسَابِ النَّادِرَةِ مُدَّةَ الْوَصِيَّةِ بِالْمَنْفَعَةِ وَبِالْأَكْسَابِ مُطْلَقًا بَعْدَ فَرَاغِ مُدَّةٍ، وَإِنْ ضَمِنَ بِإِذْنِ مَالِكِ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ، أَدَّى مِنْ الْمُعْتَادَةِ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ دُونَ مَا بَعْدَهَا فَلَا يُؤَدَّى مِنْ الْمُعْتَادَةِ وَلَا غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: كَالْقِنِّ) فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ إلَّا بِإِذْنِ مَالِكِ الرَّقَبَةِ (قَوْلُهُ: اعْتِبَارُ إذْنِهِمَا) أَيْ لِيَتَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِالْكَسْبِ مُطْلَقًا مُعْتَادًا أَوْ نَادِرًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ أَذِنَ فِيهِ إلَخْ وَالضَّمِيرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمَرِيضٍ مَرَضَ الْمَوْتِ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُكَاتَبًا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا تَتَأَتَّى فِيهِ جَمِيعُ الْأَحْكَامِ الْآتِيَةِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ فَيُحْتَمَلُ بُطْلَانُهُ) وَفِي نُسْخَةٍ مَا نَصُّهُ: وَعَلَيْهِ فَالْأَوْجَهُ بُطْلَانُهُ إذَا انْتَقَلَ الْوَقْفُ لِغَيْرِهِ اهـ

صَحِيحٌ كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهَا، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَصِحُّ وَيُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ وَيَسَارِهِ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى سَيِّدِهِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِإِتْلَافِ مَالٍ وَكَذَّبَهُ السَّيِّدُ (وَيَصِحُّ بِإِذْنِهِ) ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ كَانَ لِحَقِّهِ وَلَيْسَ لَهُ إكْرَاهُهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَسَلُّطَ لَهُ عَلَى ذِمَّتِهِ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الِاسْتِخْدَامَات، وَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ السَّيِّدِ بِقَدْرِ الْمَالِ الْمَأْذُونِ فِي ضَمَانِهِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَإِذَا أَدَّى بَعْدَ الْعِتْقِ فَالرُّجُوعُ لَهُ لِأَنَّهُ أَدَّى مِلْكَهُ بِخِلَافِهِ قَبْلَهُ، وَلَوْ ضَمِنَ السَّيِّدُ دَيْنًا وَجَبَ عَلَى عَبْدِهِ بِمُعَامَلَةٍ صَحَّ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ بِمَا أَدَّاهُ عَنْهُ وَلَوْ بَعْدَ عِتْقِهِ اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الضَّمَانِ، وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ لِعَبْدِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا لَهُ فِي مُعَامَلَةٍ ثَبَتَ عَلَيْهِ بِهَا دَيْنٌ، وَلَا ضَمَانُ الْقِنِّ لِسَيِّدِهِ مَا لَمْ يَكُنْ مُكَاتَبًا فِيمَا يَظْهَرُ (فَإِنْ عَيَّنَ لِلْأَدَاءِ كَسْبَهُ أَوْ غَيْرَهُ) مِنْ أَمْوَالِ السَّيِّدِ (قَضَى مِنْهُ) عَمَلًا بِتَعْيِينِهِ. نَعَمْ إنْ لَمْ يَفِ مَا عَيَّنَهُ لَهُ وَلَوْ لِتَعَلُّقِ دَيْنٍ بِهِ لِتَقَدُّمِهِ عَلَى الضَّمَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــSلِلْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ وَمَالِكِ الرَّقَبَةِ (قَوْلُهُ: وَيُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَأَتَّ عِتْقُهُ بِأَنْ كَانَ مَوْقُوفًا لَا يَجْرِي فِيهِ هَذَا الْوَجْهُ وَبِهِ صَرَّحَ ع. [فَرْعٌ] لَوْ عَتَقَ الْمُوصَى بِرَقَبَتِهِ وَمَنْفَعَتِهِ هَلْ يَصِحُّ ضَمَانُهُ؟ الْوَجْهُ صِحَّتُهُ خِلَافًا لِمَا قَدْ تَوَهَّمَهُ بَعْضُ الطَّلَبَةِ مُدَّعِيًا أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لَهُ. وَالْجَوَابُ أَنَّ فَائِدَتَهُ أَنَّهُ قَدْ يُوَفَّى غَيْرُهُ بِضَمَانٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَأَنَّ مُسْتَحِقَّ الْمَنْفَعَةِ قَدْ يَسْمَحُ لَهُ بِهَا أَوْ بِاكْتِسَابِهِ فَهُوَ مِنْ ذَلِكَ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ السَّيِّدِ) أَيْ وَالْعَبْدِ اهـ حَجّ: أَيْ وَسَوَاءٌ عَيَّنَ السَّيِّدُ لِلْأَدَاءِ جِهَةً مِنْ مَالِهِ خَاصَّةً أَوْ لَا (قَوْلُهُ: بِقَدْرِ الْمَالِ) أَيْ وَبِالْمَضْمُونِ لَهُ اهـ زِيَادِيٌّ وحج (قَوْلُهُ: وَإِذَا أَدَّى بَعْدَ الْعِتْقِ) أَيْ وَكَانَ الْمَضْمُونُ غَيْرَ سَيِّدِهِ لِمَا سَنَذْكُرُهُ (قَوْلُهُ: فَالرُّجُوعُ لَهُ) أَيْ الْعَبْدِ عَنْ الْمَضْمُونِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ) أَيْ فَالرُّجُوعُ لِلسَّيِّدِ (قَوْلُهُ: بِمُعَامَلَةٍ) أَيْ أَذِنَ فِيهَا السَّيِّدُ أَمْ لَا، وَخَرَجَ بِالْمُعَامَلَةِ دُيُونُ الْإِتْلَافِ فَتَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَلَوْ ضَمِنَ السَّيِّدُ دَيْنًا وَجَبَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِعَبْدِهِ) أَيْ بِأَنْ ضَمِنَ مَا عَلَى عَبْدِهِ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا لَهُ فِي مُعَامَلَةٍ) أَيْ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ صَحَّ ضَمَانُ مَا عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ ضَمِنَ السَّيِّدُ دَيْنًا وَجَبَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا ضَمَانُ الْقِنِّ لِسَيِّدِهِ) أَيْ لَا يَصِحُّ ضَمَانُ الْقِنِّ مَالًا لِسَيِّدِهِ عَلَى أَجْنَبِيٍّ. أَمَّا ضَمَانُ مَا عَلَى سَيِّدِهِ لِأَجْنَبِيٍّ بِإِذْنِهِ فَيَصِحُّ كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُ الْمَتْنِ أَوَّلًا، وَيُصَرِّحُ بِهَذَا قَوْلُهُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ: فَإِنْ ضَمِنَ الرَّقِيقُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ صَحَّ، وَلَوْ عَنْ السَّيِّدِ لَا لَهُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي مِنْ كَسْبِهِ وَهُوَ لِسَيِّدِهِ اهـ شَرْحُ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرُ، وَمِثْلُهُ حَجّ. ثُمَّ إذَا غَرِمَ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى سَيِّدِهِ وَإِنْ أَدَّى بَعْدَ الْعِتْقِ كَمَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلِلضَّامِنِ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ إلَخْ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَمَّا جَرَى سَبَبُ الْوُجُوبِ قَبْلَ الْعِتْقِ كَانَ الْمَغْرُومُ بِسَبَبِ الضَّمَانِ كَأَنَّهُ مِنْ مَالِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَيَّنَ) قَالَ حَجّ فِي إذْنِهِ لِلضَّمَانِ لَا بَعْدَهُ؛ إذْ لَا يُعْتَبَرُ تَعْيِينُهُ حِينَئِذٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ انْتَهَى. وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ عَيَّنَ جِهَةً بَعْدَ الْإِذْنِ وَقَبْلَ الضَّمَانِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ لَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ لَمْ يَفِ مَا عَيَّنَهُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ الْكَسْبِ لِيُلَاقِيَ قَوْلَهُ بَعْدُ إذْ التَّعْيِينُ إلَخْ وَسَوَاءٌ كَانَ مَا عَيَّنَهُ مِنْ أَمْوَالِ التِّجَارَةِ أَوْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ لِتَقَدُّمِهِ عَلَى الضَّمَانِ) أَيْ أَمَّا لَوْ لَزِمَتْهُ الدُّيُونُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ لِعَبْدِهِ) بِأَنْ يَضْمَنَ لَهُ الدَّيْنَ الَّذِي لَهُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ تَصْوِيرِهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَكْرَارٌ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا لَهُ فِي مُعَامَلَةٍ ثَبَتَ عَلَيْهِ بِهَا دَيْنٌ) أَيْ: بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مَأْذُونًا لَهُ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِمَا فِيهِ مِنْ تَوْفِيَةِ مَا عَلَى الْعَبْدِ: أَيْ بِاللَّازِمِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ حِينَئِذٍ يَصِيرُ مُطَالِبًا لِلسَّيِّدِ بِمَا يُوَفِّي بِهِ دَيْنَهُ، وَوَجْهُ عَدَمِ الصِّحَّةِ عِنْدَ انْتِفَاءِ مَا ذُكِرَ أَنَّ السَّيِّدَ يَصِيرُ ضَامِنًا لِنَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ مُكَاتَبًا) أَيْ: وَإِلَّا فَتَصِحُّ: أَيْ بِالْإِذْنِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وَلَوْ بِالْإِذْنِ إذْ السَّيِّدُ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ مَالٌ.

مَا لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ وَإِلَّا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ الضَّمَانُ أَصْلًا أُتْبِعَ الْقِنُّ بِالْبَاقِي بَعْدَ عِتْقِهِ كَمَا اعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ إذْ التَّعْيِينُ قَصْرُ الطَّمَعِ عَنْ تَعَلُّقِهِ بِالْكَسْبِ الَّذِي اعْتَمَدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ اقْتَصَرَ لَهُ عَلَى الْإِذْنِ فِي الضَّمَانِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ جِهَةٍ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ تَعَلَّقَ) غُرْمُ الضَّمَانِ (بِمَا فِي يَدِهِ) رِبْحًا وَرَأْسَ مَالٍ (وَمَا يَكْسِبُهُ بَعْدَ الْإِذْنِ) لَهُ فِي الضَّمَانِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا فِيهَا (فَ) لَا يَتَعَلَّقُ الضَّمَانُ إلَّا (بِمَا يَكْسِبُهُ) بَعْدَ الْإِذْنِ فِيهِ كَمُؤْنَةِ النِّكَاحِ الْوَاجِبِ بِإِذْنٍ فِي الصُّورَتَيْنِ سَوَاءٌ أَكَانَ مُعْتَادًا أَمْ نَادِرًا. نَعَمْ لَا يَتَعَلَّقُ فِي النِّكَاحِ إلَّا بِكَسْبٍ حَدَثَ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ إلَّا بِهِ، بِخِلَافِ الْمَضْمُونِ بِهِ لِثُبُوتِهِ حَالَ الْإِذْنِ فَانْدَفَعَ قَوْلُ مَنْ سَوَّى بَيْنَهُمَا وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الرَّهْنِ صِحَّةُ ضَمِنْت مَا لَك عَلَى زَيْدٍ فِي رَقَبَةِ عَبْدِي هَذَا فَيَتَعَلَّقُ بِهَا فَقَطْ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ فِي الْقِسْمَيْنِ يُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ ثُمَّ ذَكَرَ الرُّكْنَ الثَّانِيَ فَقَالَ (وَالْأَصَحُّ) (اشْتِرَاطُ مَعْرِفَةِ) الضَّامِنِ لِعَيْنِ (الْمَضْمُونِ لَهُ) وَهُوَ رَبُّ الدَّيْنِ لِتَفَاوُتِ النَّاسِ فِي الْمُطَالَبَةِ تَشْدِيدًا أَوْ تَسْهِيلًا فَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ نَسَبِهِ، وَإِنَّمَا كَفَتْ مَعْرِفَةُ عَيْنِهِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ عُنْوَانُ الْبَاطِنِ، وَتَقُومُ مَعْرِفَةُ وَكِيلِهِ مَقَامَ مَعْرِفَتِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبَعًا لِابْنِ الصَّلَاحِ وَخِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرِهِ؛ إذْ أَحْكَامُ الْعَقْدِ تَتَعَلَّقُ بِهِ. وَالْغَالِبُ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSبَعْدَ الضَّمَانِ لَمْ يَبْطُلْ تَعْيِينُ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ ضَمَانَهُ بَعْدَ تَعْيِينِ السَّيِّدِ يَصِيرُ مَا عَيَّنَهُ السَّيِّدُ مُسْتَحَقًّا لِتَوْفِيَةِ حَقِّ الْمَضْمُونِ لَهُ مِنْهُ فَلَا تَتَعَلَّقُ الدُّيُونُ إلَّا بِمَا زَادَ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ) أَيْ مُطْلَقًا قَبْلَ الضَّمَانِ أَوْ بَعْدَهُ فَهُوَ قَيْدٌ لِاعْتِبَارِ تَقَدُّمِ الدَّيْنِ عَلَى الضَّمَانِ. أَمَّا إنْ حَجَرَ عَلَيْهِ فَلَا يَتَعَلَّقُ دَيْنُ الضَّمَانِ بِهِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ) أَيْ بِمَا عَيَّنَهُ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ جِهَةٍ) أَيْ بِأَنْ قَالَ: اضْمَنْ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، أَوْ قَالَ: اضْمَنْ وَأَدِّ وَلَمْ يُعَيِّنْ جِهَةً لِلْأَدَاءِ، وَبَقِيَ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الضَّمَانِ وَعَيَّنَ وَاحِدَةً مِنْ جِهَتَيْنِ كَأَنْ قَالَ: أَدِّ إمَّا مِنْ كَسْبِك أَوْ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ فَهَلْ يَفْسُدُ هَذَا الْإِذْنُ لِإِبْهَامِ الْجِهَةِ الَّتِي يَدْفَعُ مِنْهَا أَوْ يَصِحُّ وَيَتَخَيَّرُ الْعَبْدُ فَيَدْفَعُ مِمَّا شَاءَ أَوْ يَتَخَيَّرُ الْمَضْمُونُ لَهُ فَيَأْخُذُ مِنْ أَيِّهِمَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ أَذِنَ السَّيِّدُ لِلْمُبَعَّضِ فِي نَوْبَتِهِ فَأَخَّرَ حَتَّى دَخَلَتْ نَوْبَةُ الْمُبَعَّضِ وَانْقَضَتْ ثُمَّ دَخَلَتْ نَوْبَةُ السَّيِّدِ الثَّانِيَةُ فَهَلْ يَحْتَاجُ إلَى إذْنٍ جَدِيدٍ لِتَخَلُّلِ نَوْبَتِهِ بَيْنَ نَوْبَتَيْ سَيِّدِهِ أَوْ يَكْتَفِي بِالْإِذْنِ السَّابِقِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ إذْنَهُ مُطْلَقٌ فَيُحْمَلُ عَلَى مَا يَتَوَقَّفُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ عَلَى إذْنِهِ وَهُوَ شَامِلٌ لِجَمِيعِ النُّوَبِ (قَوْلُهُ رِبْحًا) وَلَوْ قَدِيمًا خِلَافًا لِمَا فِي الْعُبَابِ حَيْثُ قَيَّدَ بِالْحَادِثِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: إلَّا بِمَا يَكْسِبُهُ) أَيْ فَلَوْ اسْتَخْدَمَهُ السَّيِّدُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ هَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ لَهُ أُجْرَةٌ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقِيَاسُ مَا فِي النِّكَاحِ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَ بِإِذْنِهِ وَاسْتَخْدَمَهُ مِنْ وُجُوبِ أُجْرَتِهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَكَانَ مُعْتَادًا) أَيْ الِاكْتِسَابُ (قَوْلُهُ: حَدَثَ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ النِّكَاحِ وَبَعْدَ الْوُجُوبِ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: فِي رَقَبَةِ عَبْدِي) وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: اضْمَنْ مَا عَلَى زَيْدٍ فِي كَذَا لَمْ يَصِحَّ خِلَافًا لِلْقَاضِي الْحُسَيْنِ انْتَهَى عَمِيرَةُ، وَقَدْ يُشْكِلُ ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: فَيَتَعَلَّقُ بِهَا) أَيْ الرَّقَبَةِ فَلَوْ فَاتَتْ الرَّقَبَةُ فَاتَ الضَّمَانُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ نَسَبِهِ) ظَاهِرٌ وَإِنْ اُشْتُهِرَ بِذَلِكَ شُهْرَةً تَامَّةً كَسَادَاتِنَا الْوَفَائِيَّةِ، وَلَوْ قِيلَ بِالِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا لِأَنَّ مَنْ اُشْتُهِرَ بِمَا ذُكِرَ يُعْرَفُ حَالُهُ أَكْثَرَ مِمَّا يُدْرِكُهُ مِنْهُ بِمُجَرَّدِ الْمُشَاهَدَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الظَّاهِرَ عُنْوَانُ الْبَاطِنِ) أَيْ غَالِبًا (قَوْلُهُ: وَتَقُومُ مَعْرِفَةُ وَكِيلِهِ) أَيْ مَا دَامَ وَكِيلًا، فَلَوْ انْعَزَلَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِيهِ: إنْ انْعَزَلَ بِسَبَبٍ لَا اخْتِيَارَ لِلْمُوَكِّلِ فِيهِ كَأَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ كَفَى مَعْرِفَتُهُ بَعْدَ الْعَزْلِ، أَوْ أَنَّ عَزْلَهُ اخْتِيَارًا لَا يَكْفِي لِأَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ مِثْلَهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ لَا تَكْفِي مَعْرِفَتُهُ الْآنَ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ التَّوْفِيَةِ لَهُ فَلَا فَائِدَةَ فِي مَعْرِفَتِهِ؛ لِأَنَّ الْمَعْرِفَةَ إنَّمَا اُشْتُرِطَتْ لِيُعْلَمَ حَالُ مَنْ يُسْتَوْفَى مِنْهُ: وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: تَتَعَلَّقُ بِهِ) يُتَأَمَّلُ كَوْنُ مَا ذُكِرَ مُقْتَضِيًا لِلِاكْتِفَاءِ بِمَعْرِفَةِ الْوَكِيلِ فَإِنَّ عَقْدَ الضَّمَانِ لَيْسَ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الشَّخْصَ يُوَكِّلُ مَنْ يُشْبِهُهُ. وَيُؤَيِّدُ مَا تَقَرَّرَ أَنَّا إذَا شَرَطْنَا رِضَا الْمَضْمُونِ لَهُ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: كَفَى رِضَا وَكِيلِهِ. وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ الرِّضَا (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ وَ) لَا (رِضَاهُ) لِأَنَّ الضَّمَانَ مَحْضُ الْتِزَامٍ لَا مُعَاوَضَةَ فِيهِ، وَقِيلَ يُشْتَرَطُ الرِّضَا ثُمَّ الْقَبُولُ لَفْظًا، وَقِيلَ الرِّضَا دُونَ الْقَبُولِ لَفْظًا ثُمَّ ذَكَرَ الرُّكْنَ الثَّالِثَ فَقَالَ (وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْمَضْمُونِ عَنْهُ قَطْعًا) لِجَوَازِ أَدَاءِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ فَالْتِزَامُهُ أَوْلَى وَفِيهِ وَجْهٌ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ لِشُذُوذِهِ (وَلَا مَعْرِفَتُهُ) حَيًّا أَوْ مَيِّتًا (فِي الْأَصَحِّ) كَرِضَاهُ، وَلِأَنَّ ضَمَانَهُ مَعْرُوفٌ مَعَهُ، وَهُوَ يَفْعَلُ مَعَ أَهْلِهِ وَغَيْرِ أَهْلِهِ. وَالثَّانِي: يُشْتَرَطُ لِيُعْلَمَ يَسَارُهُ أَوْ مُبَادَرَتُهُ إلَى وَفَاءِ دَيْنِهِ أَوْ اسْتِحْقَاقِهِ لِصُنْعِ الْمَعْرُوفِ مَعَهُ وَرُدَّ بِمَا مَرَّ، نَعَمْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مَدِينًا كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ (وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَضْمُونِ كَوْنُهُ) أَشَارَ بِحَذْفِهِ دَيْنًا هُنَا، وَذَكَرَهُ فِي الرَّهْنِ لِلْعَيْنِ الْمَضْمُونَةِ، وَمِنْهَا الزَّكَاةُ بَعْدَ التَّمَكُّنِ وَالْعَمَلِ الْمُلْتَزَمِ فِي الذِّمَّةِ بِالْإِجَارَةِ أَوْ الْمُسَاقَاةِ (ثَابِتًا) حَالَ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ وَثِيقَةٌ فَلَا تَتَقَدَّمُ ثُبُوتَ الْحَقِّ كَالشَّهَادَةِ، فَلَا يَكْفِي جَرَيَانُ سَبَبِ وُجُوبِهِ كَنَفَقَةِ الْغَدِ لِلزَّوْجَةِ، وَيَكْفِي فِي ثُبُوتِهِ اعْتِرَافُ الضَّامِنِ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَى الْمَضْمُونِ شَيْءٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ، بَلْ الضَّمَانُ مُتَضَمِّنٌ لِاعْتِرَافِهِ بِتَوَفُّرِ شَرَائِطِهِ كَقَبُولِ الْحَوَالَةِ، وَإِنَّمَا أَهْمَلَ رَابِعًا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ قَابِلًا لِتَبَرُّعٍ بِهِ فَخَرَجَ نَحْوُ قَوَدٍ وَحَقِّ شُفْعَةٍ لِفَسَادِهِ، إذْ يَرِدُ عَلَى طَرْدِهِ حَقُّ الْمَقْسُومِ لَهَا لِلْمَظْلُومَةِ يَصِحُّ تَبَرُّعُهَا بِهِ، وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ لَهَا، وَعَلَى عَكْسِهِ دَيْنُ اللَّهِ تَعَالَى كَزَكَاةٍ وَدَيْنِ مَرِيضٍ مُعْسِرٍ أَوْ مَيِّتٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ ضَمَانُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSحُكْمٌ يَتَعَلَّقُ بِالْوَكِيلِ هُنَا، وَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ الِاكْتِفَاءُ بِقَوْلِهِ وَالْغَالِبُ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَنْ يُشْبِهُهُ) أَيْ صُعُوبَةً وَضِدَّهَا (قَوْلُهُ: رِضَا الْمَضْمُونِ) عَلَى الْمَرْجُوحِ الْآتِي (قَوْلُهُ: لَا مُعَاوَضَةَ فِيهِ) وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ رَدُّهُ اهـ حَجّ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: لَكِنَّهُ يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ انْتَهَى. وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ سم وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ إذَا أَبْرَأَ الضَّامِنَ بَرِئَ وَبَقِيَ حَقُّهُ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَرَدُّهُ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ إبْرَائِهِ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الرِّضَا لِصِحَّةِ الضَّمَانِ كَوْنُهُ لَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يُشْتَرَطُ الرِّضَا) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِهِ عَلَى هَذَا هَلْ هُوَ مُجَرَّدُ عَدَمِ الْإِكْرَاهِ بِأَنْ يَقْبَلَ مُخْتَارًا أَوْ لَا بُدَّ لِلِاعْتِدَادِ بِهِ مِنْ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ كَرَضِيت، فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْقَبُولَ مُغْنٍ عَنْ اللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَى الرِّضَا، لَكِنْ قَوْلُ ع: وَإِنْ تَأَخَّرَ أَيْ الرِّضَا عَنْ الْقَبُولِ فَهُوَ إجَارَةٌ إنْ جَوَّزْنَا وَقْفَ الْعُقُودِ عَلَى الْقَدِيمِ اهـ قَدْ يَقْتَضِي الثَّانِيَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَفْعَلُ مَعَ أَهْلِهِ) أَيْ ثُمَّ إنْ ضَمِنَ بِإِذْنِهِ رَجَعَ وَإِلَّا فَلَا عَلَى مَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي فِي ثُبُوتِهِ اعْتِرَافُ الضَّامِنِ) أَيْ فَيُطَالَبُ بِهِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ إذَا غَرِمَ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا أَهْمَلَا رَابِعًا) أَيْ مِنْ شُرُوطِ الْمَضْمُونِ فِيهِ وَاقْتَصَرَا عَلَى كَوْنِهِ ثَابِتًا لَازِمًا مَعْلُومًا، وَلَوْ أَخَّرَ هَذَا عَنْ بَيَانِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ لَكَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: إذْ يُرَدُّ عَلَى طَرْدِهِ) أَيْ الرَّابِعِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى عَكْسِهِ) أَيْ لَكِنْ عَدَمُ ذِكْرِهِ يَقْتَضِي صِحَّةَ ضَمَانِ الْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ مَعَ أَنَّهُ بَاطِلٌ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: اقْتِصَارُهُ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ الشُّرُوطِ لِكَوْنِهَا مُصَرَّحًا بِهَا فِي كَلَامِهِمْ، وَعَدَمُ صِحَّةِ ضَمَانِ الْقِصَاصِ إلَخْ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَاعِدَةٍ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَقْبَلُ النَّقْلَ (قَوْلُهُ: كَزَكَاةٍ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالزَّكَاةِ هُنَا مَا يَشْمَلُ عَيْنَهَا بِأَنْ كَانَ النِّصَابُ بَاقِيًا، وَبَدَلَهَا بِأَنْ كَانَ تَالِفًا، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي الْحَوَالَةِ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الْحَوَالَةِ بِدَيْنِ الزَّكَاةِ وَعَلَيْهِ وَكَذَا بِنَفْسِ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ: وَدَيْنٍ مَرِيضٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِلْعَيْنِ الْمَضْمُونَةِ) قَالَ الشِّهَابُ سم: قَدْ يَتَوَقَّفُ فِي اتِّصَافِ الْعَيْنِ بِالثُّبُوتِ وَاللُّزُومِ. (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا الزَّكَاةُ) أَيْ مِنْ الْعَيْنِ الْمَضْمُونَةِ فَالصُّورَةُ أَنَّ تَعَلُّقَهَا بِالْعَيْنِ بَاقٍ بِأَنْ لَمْ يَتْلَفْ النِّصَابُ، أَمَّا دَيْنُهَا فَدَاخِلٌ فِي جُمْلَةِ الدُّيُونِ (قَوْلُهُ: وَالْعَمَلِ الْمُلْتَزَمِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ لِلْعَيْنِ (قَوْلُهُ: رَابِعًا) أَيْ لِثَلَاثَةٍ الَّتِي ذَكَرَهَا هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: حَقُّ الْمَقْسُومِ لَهَا إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ حَقُّ الْقَسْمِ لِلْمَظْلُومَةِ. (قَوْلُهُ: كَزَكَاةٍ) أَيْ كَأَنْ تَبَرَّعَ بِهَا الْمُسْتَحِقُّونَ قَبْلَ قَبْضِهَا

[ضمان الدرك]

وَلَا يَصِحُّ التَّبَرُّعُ بِهِ (وَصَحَّحَ الْقَدِيمُ ضَمَانَ مَا سَيَجِبُ) وَإِنْ لَمْ يَجْرِ سَبَبُ وُجُوبِهِ كَثَمَنِ مَا سَيَبِيعُهُ؛ إذْ الْحَاجَةُ قَدْ تَمَسُّ لَهُ، وَلَا يَجُوزُ ضَمَانُ نَفَقَةٍ لِلْقَرِيبِ مُسْتَقْبَلَةٍ قَطْعًا؛ إذْ سَبِيلُهَا الْبِرُّ وَالصِّلَةُ لَا الدُّيُونُ، وَلَوْ قَالَ: أَقْرِضْ هَذَا مِائَةً وَأَنَا ضَامِنُهَا فَفَعَلَ ضَمِنَهَا عَلَى الْقَدِيمِ أَيْضًا. (وَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ ضَمَانِ الدَّرَكِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِهَا وَهُوَ التَّبَعَةُ: أَيْ الْمُطَالَبَةُ سُمِّيَ بِهِ لِالْتِزَامِهِ الْغَرَامَةَ عِنْدَ إدْرَاكِ الْمُسْتَحِقِّ عَيْنَ مَالِهِ وَيُسَمَّى ضَمَانَ الْعُهْدَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا لِمَسِيسِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ فِي نَحْوِ غَرِيبٍ لَوْ خَرَجَ مَبِيعُهُ أَوْ ثَمَنُهُ مُسْتَحَقًّا لَمْ يَظْفَرْ بِهِ، عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ضَمَانِ مَا لَمْ يَجِبْ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْمُقَابِلَ لَوْ خَرَجَ عَمَّا شُرِطَ تَبَيَّنَ وُجُوبُ رَدِّ الْمَضْمُونِ (بَعْدَ قَبْضِ) مَا يُضْمَنُ مِنْ (الثَّمَنِ) فِي التَّصْوِيرِ الْآتِي وَالْمَبِيعِ فِيمَا يَذْكُرُهُ بَعْدُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ حِينَئِذٍ وَقَبْلَ الْقَبْضِ، وَكَذَا مَعَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَمْ يَتَحَقَّقْ ذَلِكَ، فَخَرَجَ مَا لَوْ بَاعَ الْحَاكِمُ عَقَارَ غَائِبٍ لِلْمُدَّعِي بِدَيْنِهِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَضْمَنَ لَهُ دَرَكَهُ لِعَدَمِ الْقَبْضِ وَنَحْوِهِ، وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ لَوْ أَجَّرَ الْمَدِينُ وَقْفًا عَلَيْهِ بِدَيْنِهِ وَضَمِنَ ضَامِنٌ دَرَكَهُ فَبَانَ بُطْلَانُ الْإِجَارَةِ لَمْ يَلْزَمْ الضَّامِنَ شَيْءٌ مِنْ الْأُجْرَةِ لِبَقَاءِ الدَّيْنِ الَّذِي هُوَ أُجْرَةٌ بِحَالِهِ فَلَمْ يُفَوِّتْ عَلَيْهِ شَيْئًا (وَهُوَ أَنْ يَضْمَنَ لِلْمُشْتَرِي الثَّمَنَ) وَقَدْ عَلِمَ قَدْرَهُ (إنْ خَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا) أَوْ مَأْخُوذًا بِشُفْعَةٍ كَبَيْعٍ سَابِقٍ (أَوْ مَعِيبًا) وَرَدَّهُ الْمُشْتَرِي (أَوْ نَاقِصًا لِنَقْصِ الصَّنْجَةِ) بِفَتْحِ الصَّادِ، وَفِي ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ التَّبَرُّعُ) أَيْ مِنْ الْمَرِيضِ (قَوْلُهُ: وَالصِّلَةُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: أَيْضًا) أَيْ كَمَا يَصِحُّ ضَمَانُ ثَمَنِ مَا سَيَبِيعُهُ، لَكِنْ عِبَارَةُ حَجّ قَدْ تَقْتَضِي الصِّحَّةَ عَلَى الْجَدِيدِ أَيْضًا حَيْثُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ ضَمِنَهَا عَلَى الْأَوْجَهِ نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِي: أَلْقِ مَتَاعَك فِي الْبَحْرِ وَعَلَى ضَمَانِهِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالضَّمَانِ مَا فِي هَذَا الْبَابِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ: أَقْرِضْ هَذَا إلَخْ عِبَارَةُ الْعُبَابِ: فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ مَا لَمْ يَثْبُتْ كَ أَقْرِضْهُ أَلْفًا وَعَلَى ضَمَانِهِ، وَلَمْ يُخَالِفْهُ فِي شَرْحِهِ بَلْ صَرَّحَ بِأَنَّ قَوْلَ ابْنِ سُرَيْجٍ بِالصِّحَّةِ ضَعِيفٌ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَلَوْ قَالَ أَقْرِضْ هَذَا مِائَةً (قَوْلُهُ: لَوْ خَرَجَ) أَيْ بِأَنْ وَجَدَ فِيهِ مَا يَقْتَضِي الرَّدَّ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَذْكُرُهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَذَكَرَ الضَّمَانَ لِلْمُشْتَرِي إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَضْمَنَ لَهُ دَرَكَهُ) أَيْ الثَّمَنَ وَهُوَ الدَّيْنُ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْغَائِبِ، وَقَضِيَّةُ الْعِلَّةِ أَنَّ مِثْلَ بَيْعِ الْقَاضِي مَا لَوْ بَاعَ الْمَدِينُ عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ لِرَبِّ الدَّيْنِ بِمَا لَهُ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ) أَيْ مِمَّا يُصَيِّرُهُ فِي ذِمَّتِهِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَنَحْوُهُ إفْتَاءُ ابْنِ الصَّلَاحِ وَهِيَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمُصَحِّحَ لِضَمَانِ الدَّرَكِ هُوَ قَبْضُ الْعِوَضِ فَقَطْ، وَلَمْ يَبْقَ فَرَدٌّ لِقَوْلِهِ وَنَحْوُهُ (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ) تَأْيِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: لَوْ أَجَّرَ الْمَدِينُ) أَيْ لِدَائِنِهِ (قَوْلُهُ: لِبَقَاءِ الدَّيْنِ) وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّ مِثْلَ الْوَقْفِ غَيْرُهُ، وَأَنَّهُ مَتَى كَانَ الْعِوَضُ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْمُؤَجِّرِ أَوْ الْبَائِعِ لَا يَلْزَمُ الضَّامِنَ شَيْءٌ لِبَقَاءِ حَقِّ الْمَضْمُونِ لَهُ فِي ذِمَّةِ خَصْمِهِ، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْوَقْفِ لِكَوْنِهِ صُورَةَ الْوَاقِعَةِ الَّتِي سُئِلَ عَنْهَا ابْنُ الصَّلَاحِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَأْخُوذًا بِشُفْعَةٍ) صُورَتُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ حِصَّةً مِنْ عَقَارٍ ثُمَّ يَبِيعَهَا لِآخَرَ وَيَقْبِضَ مِنْهُ الثَّمَنَ فَيَضْمَنَ لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي رَدَّ الثَّمَنِ إنْ أَخَذَهَا الشَّرِيكُ الْقَدِيمُ بِالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الصَّادِ) ، وَالسِّينُ أَفْصَحُ مِنْهَا كَمَا فِي الْقَامُوسِ اهـ حَجّ. وَفِي ـــــــــــــــــــــــــــــQلِغَيْرِ مُسْتَحِقٍّ كَغَنِيٍّ [ضَمَانِ الدَّرَكِ] . (قَوْلُهُ: فِي نَحْوِ غَرِيبٍ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: فِي غَرِيبٍ وَنَحْوِهِ مِمَّنْ لَوْ خَرَجَ مَبِيعُهُ أَوْ ثَمَنُهُ مُسْتَحَقًّا إلَخْ، فَلَعَلَّ لَفْظَ مِمَّنْ سَقَطَ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ) أَيْ أَوْ الْمُشْتَرِي. (قَوْلُهُ: فَخَرَجَ مَا لَوْ بَاعَ الْحَاكِمُ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَعَلَى قِيَاسِهِ لَوْ بَاعَهَا صَاحِبُهَا بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ وَضَمِنَ الدَّرَكَ لَا يَصِحُّ قَالَ: وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ ضَمَانُ الدَّرَكِ فِي الِاعْتِيَاضِ عَنْ الدَّيْنِ اهـ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَضْمَنَ لَهُ دَرَكَهُ) أَيْ لَا يَصِحُّ ضَمَانُ الْعَقَارِ لِلْمُشْتَرِي، وَقَوْلُهُ: بِعَدَمِ الْقَبْضِ: أَيْ قَبْضِ الثَّمَنِ، وَقَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى مَا لَوْ بَاعَ وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَنَحْوُهُ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ مَمْدُودًا بِغَيْرِ عَطْفٍ فَهُوَ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَأْخُوذًا بِشُفْعَةٍ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: كَأَنْ خَرَجَ

نُسْخَةٍ بَدَلَ اللَّامِ كَافٌ فَيَشْمَلُ نَقْصَ الْقَدْرِ وَنَقْصَ الصِّفَةِ الْمَشْرُوطَةِ كَمَا لَوْ بَاعَهُ بِشَرْطِ كَوْنِهِ مِنْ نَوْعِ كَذَا وَضَمِنَ ضَامِنٌ عُهْدَةَ ذَلِكَ وَأَلْ فِي الثَّمَنِ لِلْجِنْسِ فَشُمِلَ كُلُّهُ كَمَا تَقَرَّرَ وَمَا لَوْ ضَمِنَ بَعْضَهُ إنْ خَرَجَ بَعْضُ مُقَابِلِهِ مُسْتَحَقًّا أَوْ مَعِيبًا أَوْ نَاقِصًا لِنَقْصِ صَنْجَةٍ أَوْ صِفَةٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ وَإِنْ صَوَّرَهُ جَمْعٌ بِغَيْرِ ذَلِكَ لِخُرُوجِهِ عَمَّا الْكَلَامُ فِيهِ، وَلَوْ أَطْلَقَ ضَمَانَ الْعُهْدَةِ أَوْ الدَّرَكِ اخْتَصَّ بِمَا إذَا خَرَجَ بِالثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ مُسْتَحَقًّا؛ إذْ هُوَ الْمُتَبَادَرُ لَا مَا خَرَجَ فَاسِدًا بِغَيْرِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَذِكْرِ الضَّمَانِ لِلْمُشْتَرِي كَأَنَّهُ لِلْغَالِبِ لِصِحَّتِهِ لِلْبَائِعِ بِأَنْ يَضْمَنَ لَهُ الْمَبِيعَ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي لَهُ إنْ خَرَجَ الثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ مُسْتَحَقًّا مَثَلًا، وَلَوْ ضَمِنَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَوْ الْأَجِيرِ الدَّرَكَ صَحَّ أَيْضًا عَلَى وِزَانِ مَا ذُكِرَ، وَمِثْلُهُ ضَمَانُ دَرَكِ زَيْفٍ أَوْ نَقْصِ صَنْجَةِ مَا قُبِضَ مِنْ الدَّيْنِ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. قَالَ: فَإِنْ طَلَبَ الضَّامِنُ أَنْ يُعْطِيَهُ الْمُؤَدَّى لِيُبَدِّلَهُ لَهُ لَمْ يُعْطِهِ: أَيْ بَلْ يُبَدِّلُهُ لَهُ وَيَبْقَى نَحْوُ الْمَعِيبِ فِي يَدِهِ حَتَّى يَأْتِيَ مَالِكُهُ. قِيلَ: وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ ضَعْفُ قَوْلِ الْأَنْوَارِ: وَلَا يُطَالِبُ الْبَائِعُ الضَّامِنَ قَبْلَ رَدِّ نَحْوِ الْمَعِيبِ لِلْمُشْتَرِي، وَفِيهِ نَظَرٌ لِإِمْكَانِ حَمْلِ كَلَامِهِ عَلَى عَدَمِ مُطَالَبَتِهِ قَبْلَ وُجُودِ الرَّدِّ الْمُقْتَضِي لِلْمُطَالَبَةِ بِالْأَصَالَةِ، بَلْ كَلَامُهُمْ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْمُطَالَبَةِ مِنْ رَدِّهِ بِعَيْبٍ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا ضَمِنَهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ مُتَعَلِّقَ ضَمَانِ الدَّرَكِ عَيْنُ الْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنِ إنْ بَقِيَ وَسَهُلَ رَدُّهُ وَبَدَلُهُ: أَيْ قِيمَتُهُ إنْ عَسِرَ رَدُّهُ لِلْحَيْلُولَةِ، وَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةِ الْمُتَقَوِّمُ إنْ تَلِفَ، وَتَعَلُّقُهُ بِالْبَدَلِ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ عَلَى غَيْرِ قَاعِدَةِ ضَمَانِ الْأَعْيَانِ، وَمِنْ صِحَّةِ الضَّامِنِ الدَّرَكَ يَغْرَمُ بَدَلَ الْعَيْنِ عِنْدَ تَلَفِهَا، بِخِلَافِ ضَامِنِ الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ وَالْمُسْتَعَارَةِ، وَقَوْلُ الْمَطْلَبِ لَيْسَ الْمَضْمُونُ هُنَا رَدَّ الْعَيْنِ: أَيْ وَحْدَهَا وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ لَا تَجِبَ قِيمَتُهَا عِنْدَ التَّلَفِ، بَلْ الْمَضْمُونُ الْمَالِيَّةُ عِنْدَ تَعَذُّرِ الرَّدِّ حَتَّى لَوْ بَانَ الِاسْتِحْقَاقُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُخْتَارِ صَنْجَةُ الْمِيزَانِ مُعَرَّبٌ. وَلَا تَقُلْ سَنْجَةً (قَوْلُهُ: أَوْ الْأَجِيرِ) اُنْظُرْ مَا صُورَتُهُ ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ: أَيْ بِأَنْ يَضْمَنَ لَهُ دَرَكَ الْأُجْرَةِ إنْ اُسْتُحِقَّتْ الْمَنْفَعَةُ، وَقَوْلُهُ أَوْ الْأَجِيرِ لَعَلَّ صُورَتَهُ ضَمَانُ دَرَكِ الْمَنْفَعَةِ إنْ خَرَجَتْ الْأُجْرَةُ مُسْتَحَقَّةً مَثَلًا، وَقَضِيَّةُ اعْتِبَارِ قَبْضِ الْمَضْمُونِ دَرَكُهُ تَوَقُّفُ الصِّحَّةِ هُنَا عَلَى الْعَمَلِ كَيْ تَصِيرَ الْمَنْفَعَةُ مَقْبُوضَةً فَلْيُرَاجَعْ اهـ. وَقَدْ يُقَالُ: يُكْتَفَى بِقَبْضِ الْعَيْنِ الَّتِي تَعَلَّقَتْ بِهَا الْمَنْفَعَةُ، وَكَذَا يُقَالُ: يُمْكِنُ تَصْوِيرُ مَسْأَلَةِ الْأَجِيرِ بِأَنْ يَضْمَنَ لَهُ الْأُجْرَةَ إنْ خَرَجَتْ مَنْفَعَةُ الْأَجِيرِ مُسْتَحَقَّةً، وَلَعَلَّ هَذَا أَوْلَى مِمَّا صَوَّرَ بِهِ الْمُحَشِّي لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ بَعْدَ اسْتِيفَائِهَا لَا يُمْكِنُ رَدُّهَا (قَوْلُهُ: فِي يَدِهِ) أَيْ الْمَضْمُونُ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) أَيْ قَوْلِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ إلَخْ (قَوْلُهُ: حَمْلِ كَلَامِهِ) أَيْ الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ وُجُودِ الرَّدِّ) فَالْمُرَادُ بِالرَّدِّ فِي عِبَارَةِ الْأَنْوَارِ فَسْخُ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: أَوْ الثَّمَنِ إنْ بَقِيَ) أَيْ حَيْثُ كَانَ مُعَيَّنًا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَالْحَاصِلُ إلَخْ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ تَعَذَّرَ إحْضَارُهُ بِلَا تَلَفٍ لَا يَجِبُ عَلَى الضَّامِنِ شَيْءٌ لِأَنَّ الْعَيْنَ إذَا تَعَذَّرَ إحْضَارُهَا لَمْ يَجِبْ عَلَى مُلْتَزِمِهَا شَيْءٌ، نَعَمْ ضَمَانُ مَا ذُكِرَ، وَإِنْ كَانَ ضَمَانَ عَيْنٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَرْهُونًا أَوْ مَأْخُوذًا بِشُفْعَةٍ إلَخْ، وَلَعَلَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ سَقَطَ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ مِنْ الْكَتَبَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ ضَمِنَ لِلْمُسْتَأْجِرِ) أَيْ بِأَنْ يَضْمَنَ لَهُ دَرَكَ الْأُجْرَةِ فَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ الْمَنْفَعَةُ، وَقَوْلُهُ: أَوْ الْأَجِيرُ لَعَلَّ صُورَتَهُ ضَمَانُ دَرَكِ الْمَنْفَعَةِ إنْ خَرَجَتْ الْأُجْرَةُ مُسْتَحَقَّةً مَثَلًا، وَقَضِيَّتُهُ اعْتِبَارُ قَبْضِ الْمَضْمُونِ دَرَكُهُ تَوَقُّفُ الصِّحَّةِ هُنَا عَلَى الْعَمَلِ كَيْ تَصِيرَ الْمَنْفَعَةُ مَقْبُوضَةً فَلْيُرَاجَعْ، كَذَا فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ لِلشِّهَابِ سم، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ: وَقَدْ يُقَالُ يُكْتَفَى بِقَبْضِ الْعَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّ مُتَعَلِّقَ ضَمَانِ الدَّرَكِ إلَخْ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ فِي الذِّمَّةِ لِمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: وَبَدَلُهُ) أَيْ قِيمَتُهُ إنْ عَسُرَ رَدُّهُ لِلْحَيْلُولَةِ: أَيْ وَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةُ الْمُتَقَوِّمِ إنْ تَلِفَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشِّهَابُ حَجّ. (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْمَطْلَبِ لَيْسَ الْمَضْمُونُ هُنَا) أَيْ فِي ضَمَانِ الثَّمَنِ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ، وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا الْمَحَلُّ يَحْتَاجُ إلَى تَحْرِيرٍ. (قَوْلُهُ: أَيْ وَحْدَهَا إلَخْ) هَذَا التَّفْسِيرُ قَدْ لَا يُلَاقِي آخِرَ كَلَامِ الْمَطْلَبِ، عَلَى أَنَّا إذَا نَظَرْنَا لِهَذَا التَّفْسِيرِ فِي كَلَامِ الْمَطْلَبِ لَمْ يَكُنْ

وَالثَّمَنُ فِي الْبَائِعِ لَا يُطَالَبُ الضَّامِنُ بِقِيمَتِهِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ ضَمَانَ الْعُهْدَةِ يَكُونُ ضَمَانَ عَيْنٍ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا بَاقِيًا لَمْ يَتْلَفْ، وَضَمَانَ ذِمَّةٍ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ، وَلَا يَجْرِي ضَمَانُ الدَّرَكِ فِي نَحْوِ الرَّهْنِ كَمَا بَحَثَهُ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ لِأَنَّهُ لَا ضَمَانَ فِيهِ (وَكَوْنُهُ) أَيْ الْمَضْمُونِ (لَازِمًا) وَلَوْ غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ كَمَهْرٍ قَبْلَ دُخُولٍ أَوْ مَوْتٍ وَثَمَنِ مَبِيعٍ قَبْلَ قَبْضٍ وَدَيْنِ سَلَمٍ (لَا كَنُجُومِ كِتَابَةٍ) ؛ إذْ لِلْمُكَاتَبِ إسْقَاطُهَا مَتَى شَاءَ فَلَا مَعْنَى لِلتَّوَثُّقِ بِهَا، وَمِثْلُ ذَلِكَ جَعْلُ الْجَعَالَةِ قَبْلَ الْفَرَاغِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ، وَالْمُرَادُ بِاللَّازِمِ مَا لَا يَتَسَلَّطُ عَلَى فَسْخِهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ وَلَوْ بِاعْتِبَارِ وَضْعِهِ (وَ) مِنْ ثَمَّ (يَصِحُّ) (ضَمَانُ الثَّمَنِ) لِلْبَائِعِ (فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ) لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ آيِلٌ لِلُّزُومِ فَاحْتِيجَ فِيهِ لِلتَّوَثُّقِ. وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ الْآنَ، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ صِحَّةُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ وَهُوَ أَنَّ تَصْحِيحَ الضَّمَانِ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ لَا يَمْنَعُ نَقْلَ الْمِلْكِ فِي الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ، أَمَّا إذَا مَنَعَهُ فَهُوَ ضَمَانُ مَا لَمْ يَجِبْ، فَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا أَوْ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ لَمْ يَصِحَّ الضَّمَانُ، وَقَوْلُهُمَا عَنْ الْمُتَوَلِّي بِصِحَّةِ الضَّمَانِ هُنَا بِلَا خِلَافٍ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ، وَهُوَ أَنَّ مِلْكَ الْمَبِيعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي (وَضَمَانُ الْجُعْلِ كَالرَّهْنِ بِهِ) فَيَصِحُّ بَعْدَ الْفَرَاغِ لِلُزُومِهِ لَا قَبْلَهُ لِجَوَازِهِ مَعَ كَوْنِهِ غَيْرَ آيِلٍ لِلُزُومِ بِنَفْسِهِ بَلْ بِالْعَمَلِ وَبِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSيُخَالِفُ ضَمَانَ الْعَيْنِ فِي أَنَّهُ إذَا تَلِفَ يُطَالَبُ بِبَدَلِهِ، وَالْعَيْنُ إذَا تَلِفَتْ لَا يُطَالَبُ بِشَيْءٍ (قَوْلُهُ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ) أَيْ فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ بَدَلِ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ بَاقِيًا فِي يَدِ الْبَائِعِ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ قَبْلُ عَيْنُ الْمَبِيعِ إنْ بَقِيَ إلَخْ خِلَافُهُ، وَمِنْ ثَمَّ ذَكَرَ حَجّ مَا فِي الطَّلَبِ كَالتَّأْيِيدِ لِمَا قَبْلَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ. [فَرْعٌ] قَالَ حَجّ: وَلَوْ اخْتَلَفَ الضَّامِنُ وَالْبَائِعُ فِي نَقْصِ صَنْجَةِ الثَّمَنِ وَلَا بَيِّنَةَ حَلَفَ الضَّامِنُ لِأَصْلِ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ، أَوْ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي حَلَفَ الْبَائِعُ لِأَنَّ ذِمَّةَ الْمُشْتَرِي كَانَتْ مَشْغُولَةً، وَبِحَلِفِ الْبَائِعِ يُطَالَبُ الْمُشْتَرِي وَكَذَا الضَّامِنُ إنْ أَقَرَّ أَوْ ثَبَتَ بِحُجَّةٍ أُخْرَى اهـ: أَيْ إنْ ادَّعَى نَقْصَ الثَّمَنِ وَقِيَاسُهُ حَلِفُ الْمُشْتَرِي إنْ ادَّعَى نَقْصَ الْمَبِيعِ، ثُمَّ قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ ذِمَّةَ الْمُشْتَرِي إلَخْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا أَوْ الْمَبِيعُ وَشُرِطَ كَوْنُ وَزْنِهِ أَوْ ذَرْعِهِ كَذَا ثُمَّ اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي كَوْنِهِ نَاقِصًا عَمَّا قُدِّرَ بِهِ أَنَّ الْمُصَدَّقَ الْمُشْتَرِي إنْ ادَّعَى الْبَائِعُ نَقْصَ الثَّمَنِ، وَالْبَائِعُ إنْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي نَقْصَ الْمَبِيعِ لِعَدَمِ اشْتِغَالِ ذِمَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِشَيْءٍ فَلْيُرَاجَعْ. ثُمَّ مَا ذَكَرَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ تَلَفِ الْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنِ، أَمَّا مَعَ بَقَائِهِمَا فَيُعَادُ تَقْدِيرُ مَا وَقَعَ الْخِلَافُ فِيهِ بِكَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ أَوْ ذَرْعِهِ ثَانِيًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا ضَمَانَ فِيهِ) أَيْ وَلِأَنَّ الْعِلَّةَ وَهِيَ فَوَاتُ الْحَقِّ مُنْتَفِيَةٌ فِيهِ (قَوْلُهُ: لَا كَنُجُومِ كِتَابَةٍ) وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْحَوَالَةِ صِحَّةُ ضَمَانِ دُيُونِ الْمُعَامَلَةِ الَّتِي لِلسَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ وَإِنْ كَانَتْ مُعَرَّضَةً لِلسُّقُوطِ بِتَعْجِيزِهِ نَفْسَهُ، لَكِنَّ الَّذِي اعْتَمَدَهُ حَجّ خِلَافُهُ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الضَّمَانَ فِيهِ شَغْلُ ذِمَّةٍ فَارِغَةٍ فَاحْتِيطَ لَهُ بِاشْتِرَاطِ عَدَمِ قُدْرَةِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ عَلَى إسْقَاطِهِ لِئَلَّا يَغْرَمَ ثُمَّ يَحْصُلُ التَّعْجِيزُ فَيَتَضَرَّرُ الضَّامِنُ حِينَئِذٍ بِفَوَاتِ مَا أُخِذَ مِنْهُ لَا لِمَعْنَى، بِخِلَافِ الْحَوَالَةِ فَإِنَّ الَّذِي فِيهَا مُجَرَّدُ التَّحَوُّلِ الَّذِي لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُحْتَالِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ قَبَضَ مِنْ الْمُكَاتَبِ فَذَاكَ، وَإِلَّا أَخَذَ مِنْ السَّيِّدِ فَلَمْ يَنْظُرْ لِقَدْرِهِ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ عَلَى ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ خَفِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِاعْتِبَارِ وَضْعِهِ) دَفَعَ بِهِ مَا يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِلْجَمْعِ بَيْنَ قَوْلِهِ لَازِمًا وَقَوْلِهِ ثَابِتًا؛ إذْ اللَّازِمُ لَا يَكُونُ إلَّا ثَابِتًا. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ اللَّازِمَ قَدْ يُطْلَقُ بِاعْتِبَارِ مَا وَضَعَهُ ذَلِكَ فَثَمَنُ الْمَبِيعِ يُقَالُ لَهُ لَازِمٌ بِاعْتِبَارِ أَنَّ وَضْعَهُ ذَلِكَ وَلَوْ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِثَابِتٍ فَأَحَدُهُمَا لَا يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ، وَلَوْ قَالَ: أَمَّا لَوْ كَانَ إلَخْ كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQمُخَالِفًا لِكَلَامِهِمْ فَلَا يَتَأَتَّى قَوْلُهُ: فِيهِ إنَّهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ. (قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ إلَخْ) هَذَا الْحَاصِلُ لَا يُنَاسِبُ مَا قَرَّرَهُ وَإِنَّمَا يُنَاسِبُ مَا قَرَّرَهُ الشِّهَابُ حَجّ تَبَعًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي هَذَا الْمَقَامِ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَتِهِ .

فَارَقَ الثَّمَنَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ (وَكَوْنُهُ) أَيْ الْمَضْمُونِ (مَعْلُومًا) لِلضَّامِنِ فَقَطْ جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً، وَعَيْنًا (فِي الْجَدِيدِ) ؛ لِأَنَّهُ إثْبَاتُ مَالٍ فِي الذِّمَّةِ لِآدَمِيٍّ بِعَقْدٍ فَلَمْ يَصِحَّ مَعَ الْجَهْلِ كَالثَّمَنِ، وَالْقَدِيمُ لَا يَشْتَرِطُ ذَلِكَ لِتَيَسُّرِ مَعْرِفَتِهِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي مَجْهُولٍ تَمَكَّنَ الْإِحَاطَةُ بِهِ كَ ضَمِنْت مِثْلَ مَا بِعْت مِنْ زَيْدٍ فَإِنْ قَالَ: ضَمِنْت شَيْئًا مِنْهُ بَطَلَ جَزْمًا. نَعَمْ لَوْ قَالَ: ضَمِنْت لَك الدَّرَاهِمَ الَّتِي عَلَى فُلَانٍ كَانَ ضَامِنًا لِثَلَاثَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ، وَمِثْلُهُ لَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَا نَظَرَ لِمَنْ قَالَ أَقَلُّ الْجَمْعِ اثْنَانِ لِشُذُوذِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ (وَالْإِبْرَاءُ) الْمُوَقَّتُ وَالْمُعَلَّقُ بِغَيْرِ الْمَوْتِ. أَمَّا الْمُعَلَّقُ بِهِ كَإِذَا مِتُّ فَأَنْتَ بَرِيءٌ أَوْ أَنْتَ بَرِيءٌ بَعْدَ مَوْتِي فَهُوَ وَصِيَّةٌ وَ (مِنْ الْمَجْهُولِ) وَاَلَّذِي لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ الْمُبْرَأُ مِنْهُ، وَلَا نَوَى، وَمُرَادُهُ جَهَالَةُ الدَّائِنِ لَا وَكِيلُهُ أَوْ الْمَدِينِ إلَّا فِيمَا فِيهِ مُعَاوَضَةٌ كَإِنْ أَبْرَأْتنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ لَا فِيمَا سِوَى ذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (بَاطِلٌ فِي الْجَدِيدِ) لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ تَتَوَقَّفُ عَلَى الرِّضَا وَهُوَ غَيْرُ مَعْقُولٍ مَعَ الْجَهْلِ وَالْقَدِيمُ أَنَّهُ صَحِيحٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إسْقَاطٌ مَحْضٌ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الدَّيْنِ، أَمَّا الْإِبْرَاءُ مِنْ الْعَيْنِ فَبَاطِلٌ جَزْمًا نَعَمْ لَا أَثَرَ لِجَهْلٍ يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: لَوْ كَاتَبَهُ بِدَرَاهِمَ ثُمَّ وَضَعَ عَنْهُ دِينَارَيْنِ مُرِيدًا مَا يُقَابِلُهُمَا مِنْ الْقِيمَةِ صَحَّ وَيَكْفِي فِي النَّقْدِ الرَّائِجِ عِلْمُ الْعَدَدِ وَفِي الْإِبْرَاءِ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ مُوَرِّثِهِ عِلْمُ قَدْرِ التَّرِكَةِ وَإِنْ جَهِلَ قَدْرَ حِصَّتِهِ، وَلِأَنَّ الْإِبْرَاءَ، وَمِثْلُهُ التَّحْلِيلُ وَالْإِسْقَاطُ وَالتَّرْكُ تَمْلِيكٌ لِلْمَدِينِ مَا فِي ذِمَّتِهِ: أَيْ الْغَالِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ دُونَ الْإِسْقَاطِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَالَ لِأَحَدِ غَرِيمَيْهِ أَبْرَأْت أَحَدَكُمَا لَمْ يَصِحَّ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلِمَهُ وَجَهِلَ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ. وَإِنَّمَا لَمْ يُشْتَرَطْ قَبُولُ الْمَدِينِ نَظَرًا لِشَائِبَةِ الْإِسْقَاطِ، وَإِنَّمَا غَلَّبُوا فِي عِلْمِهِ شَائِبَةَ التَّمْلِيكِ، وَفِي قَبُولِهِ شَائِبَةَ الْإِسْقَاطِ؛ لِأَنَّ الْقَبُولَ أَدْوَنُ أَلَا تَرَى إلَى اخْتِيَارِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ جَوَازَ الْمُعَاطَاةِ فِي نَحْوِ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَلَمْ يَخْتَارُوا صِحَّةَ بَيْعِ الْغَائِبِ وَهِبَتِهِ، وَلَوْ أَبْرَأَ ثُمَّ ادَّعَى الْجَهْلَ قُبِلَ بَاطِنًا لَا ظَاهِرًا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا فِي الْأَنْوَارِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَعَيْنًا) أَيْ فِيمَا لَوْ كَانَ ضَمَانَ عَيْنٍ كَالْمَغْصُوبِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ قَالَ) أَيْ الْجَاهِلُ بِالْقَدْرِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ حَجّ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ ذَلِكَ الْعَالِمُ بِهِ كَانَ ضَامِنًا لِلْكُلِّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَوْلُهُ وَمِثْلُهُ إلَخْ يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مِثْلُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالْإِبْرَاءُ الْمُوَقَّتُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ كَأَنْ يَقُولَ: أَبْرَأْتُك مِنْ مَالِي عَلَيْك سَنَةً (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُعَلَّقُ بِهِ) أَيْ بِالْمَوْتِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ وَصِيَّةٌ) أَيْ فَفِيهِ تَفْصِيلُهَا وَهُوَ أَنَّهُ إنْ خَرَجَ الْمُبْرَأُ مِنْهُ مِنْ الثُّلُثِ بَرِئَ، وَإِلَّا تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ فِيمَا زَادَ (قَوْلُهُ: مِنْ الْعَيْنِ) أَيْ كَأَنْ غَصَبَ مِنْهُ كِتَابًا مَثَلًا (قَوْلُهُ: لَا أَثَرَ لِجَهْلٍ يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ) تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي مَجْهُولٍ يُمْكِنُ الْإِحَاطَةُ بِهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ ضَمَانُ الْمَجْهُولِ وَإِنْ أَمْكَنَتْ مَعْرِفَتُهُ فَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِبْرَاءِ، وَلَعَلَّهُ أَنَّ الضَّمَانَ لِكَوْنِهِ إثْبَاتَ مَالٍ فِي الذِّمَّةِ بِعَقْدٍ يُحْتَاطُ لَهُ مَا لَا يُحْتَاطُ لِلْإِبْرَاءِ؛ إذْ قَدْ يَغْلِبُ فِيهِ مَعْنَى الْإِسْقَاطِ (قَوْلُهُ: عَلِمَ قَدْرَ التَّرِكَةِ) كَأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ قَدْرَهَا أَلْفٌ وَقَوْلُهُ: بِأَنْ جَهِلَ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ قَدْرَ مَا يَخُصُّهُ أَهْوَ الرُّبْعُ أَوْ غَيْرُهُ؟ (قَوْلُهُ: الْغَالِبُ عَلَيْهِ) وَقَدْ يُغَلِّبُونَ الْإِسْقَاطَ وَمِنْهُ عَدَمُ عِلْمِ الْمُبْرَأِ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ، وَعَدَمُ اشْتِرَاطِ قَبُولِهِ، وَعَدَمُ اشْتِرَاطِ عِلْمِ الْوَكِيلِ بِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمِنْ الْمَجْهُولِ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ: عَلِمَهُ) أَيْ الدَّيْنَ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا غَلَّبُوا فِي عِلْمِهِ) أَيْ الدَّائِنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَعَيْنًا) أَيْ فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ أَحَدِ الدَّيْنَيْنِ مِنْهُمَا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ قَالَ ضَمِنْت الدَّرَاهِمَ إلَخْ) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ يَجْهَلُهُ . (قَوْلُهُ: عَلِمَ قَدْرَ التَّرِكَةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ قَدْرِ الدَّيْنِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْإِبْرَاءَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ ثَانٍ لِلْجَدِيدِ وَلَوْ أَخَّرَ حِكَايَةَ الْقَدِيمِ عَنْهُ لَكَانَ أَوْلَى. (قَوْلُهُ: وَجَهِلَ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الدَّيْنُ وَاحِدًا وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُ عَيْنَ الْمَدِينِ فَهُوَ جَهْلٌ وَمَا قَبْلَهُ إبْهَامٌ. (قَوْلُهُ: فِي عِلْمِهِ) أَيْ الْمُبْرَأِ مِنْهُ وَكَذَا الضَّمِيرُ فِي قَبُولِهِ

أَنَّهُ إنْ بَاشَرَ سَبَبَ الدَّيْنِ لَمْ يُقْبَلْ وَإِلَّا كَدَيْنٍ وَرِثَهُ قَبْلُ، وَفِي الْجَوَاهِرِ نَحْوُهُ، وَفِيهَا عَنْ الزَّبِيلِيِّ تُصَدَّقُ الصَّغِيرَةُ الْمُزَوَّجَةُ إجْبَارًا بِيَمِينِهَا فِي جَهْلِهَا بِمَهْرِهَا. قَالَ الْغَزِّيِّ: وَكَذَا الْكَبِيرَةُ الْمُجْبَرَةُ إنْ دَلَّ الْحَالُ عَلَى جَهْلِهَا، وَهَذَا أَيْضًا يُؤَيِّدُ مَا فِي الْأَنْوَارِ، وَيَجُوزُ بَذْلُ الْعِوَضِ فِي مُقَابَلَةِ الْإِبْرَاءِ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، وَعَلَيْهِ فَيَمْلِكُ الدَّائِنُ الْعِوَضَ الْمَبْذُولَ لَهُ بِالْإِبْرَاءِ وَيَبْرَأُ الْمَدِينُ، وَطَرِيقُ الْإِبْرَاءِ مِنْ الْمَجْهُولِ أَنْ يُبْرِئَهُ مِنْ قَدْرٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْ دَيْنِهِ كَأَلْفٍ شَكَّ هَلْ يَبْلُغُهَا أَوْ يَنْقُصُ عَنْهَا. نَعَمْ يَكْفِي فِي الْغِيبَةِ إذَا لَمْ تَبْلُغْ الْمُغْتَابَ النَّدَمُ وَالِاسْتِغْفَارُ، فَإِنْ بَلَغَتْهُ لَمْ يَصِحَّ الْإِبْرَاءُ مِنْهَا إلَّا بَعْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: إنْ بَاشَرَ سَبَبَ الدَّيْنِ) أَيْ أَوْ رُوجِعَ فِيهِ كَمَهْرِ الثَّيِّبِ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ وَفِيهَا) أَيْ الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْكَبِيرَةُ الْمُجْبَرَةُ) وَكَذَا غَيْرُهَا إنْ لِمَ تَتَعَرَّضْ لِلْمَهْرِ فِي الْإِذْنِ وَلَا رُوجِعَتْ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ بَذْلُ الْعِوَضِ) أَيْ كَأَنْ يُعْطِيَهُ ثَوْبًا مَثَلًا فِي مُقَابَلَةِ الْإِبْرَاءِ مِمَّا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ. أَمَّا لَوْ أَعْطَاهُ بَعْضَ الدَّيْنِ عَلَى أَنْ يُبْرِئَهُ مِنْ الْبَاقِي فَلَيْسَ مِنْ التَّعْوِيضِ فِي شَيْءٍ بَلْ مَا قَبَضَهُ بَعْضُ حَقِّهِ، وَالْبَاقِي مَا عَدَاهُ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ فَيَمْلِكُ الدَّائِنُ) عِبَارَةُ الشَّارِحِ قُبَيْلَ فَصْلِ الطَّرِيقِ النَّافِذِ إلَخْ نَصُّهَا: إنْكَارُ حَقِّ الْغَيْرِ حَرَامٌ. فَلَوْ بَذَلَ لِلْمُنْكِرِ مَالًا لِيُقِرَّ فَفَعَلَ لَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ بَلْ يَحْرُمُ بَذْلُهُ وَأَخْذُهُ لِذَلِكَ وَلَا يَكُونُ بِهِ مُقِرًّا كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ كَجٍّ وَغَيْرُهُ وَرَجَّحَهُ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ بِشَرْطٍ. قَالَ فِي الْخَادِمِ: يَنْبَغِي التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَعْتَقِدَ فَسَادَ الصُّلْحِ فَيَصِحَّ أَوْ يَجْهَلَهُ فَلَا كَمَا فِي نَظَائِرِهِ مِنْ الْمُنْشَآتِ عَلَى الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ اهـ. أَقُولُ: يُمْكِنُ أَنْ يُصَوَّرَ مَا هُنَا بِمَا لَوْ وَقَعَ ذَلِكَ بِالْمُوَاطَأَةِ مِنْهُمَا قَبْلَ الْعَقْدِ ثُمَّ دَفَعَ ذَلِكَ قَبْلَ الْبَرَاءَةِ أَوْ بَعْدَهَا. فَلَوْ قَالَ: أَبْرَأْتُكَ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي كَذَا كَانَ كَمَا لَوْ قَالَ: صَالَحْتُك عَلَى أَنْ تُقِرَّ لِي عَلَى أَنَّ لَك عَلَيَّ كَذَا فَكَمَا قِيلَ فِي ذَلِكَ بِالْبُطْلَانِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الشَّرْطِ يُقَالُ هُنَا كَذَلِكَ لِاشْتِمَالِ الْبَرَاءَةِ عَلَى الشَّرْطِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَطَرِيقُ الْإِبْرَاءِ مِنْ الْمَجْهُولِ إلَخْ) ذَكَرَ حَجّ فِي غَيْرِ شَرْحِ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ صِحَّةِ الْإِبْرَاءِ مِنْ الْمَجْهُولِ بِالنِّسْبَةِ لِلدُّنْيَا. أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْآخِرَةِ فَيَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْمُبْرِئَ رَاضٍ بِذَلِكَ اهـ. هَكَذَا رَأَيْته بِهَامِشٍ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعَصْرِ (قَوْلُهُ وَالِاسْتِغْفَارُ) أَيْ لِلْمُغْتَابِ اهـ حَجّ. كَأَنْ يَقُولَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِفُلَانٍ أَوْ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ فِي غَيْبَةِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ. وَأَمَّا غَيْبَةُ الصَّبِيِّ فَهَلْ يُقَالُ فِيهَا بِمِثْلِ ذَلِكَ التَّفْصِيلِ وَهُوَ أَنَّهَا إذَا بَلَغَتْهُ فَلَا بُدَّ مِنْ بُلُوغِهِ وَذِكْرِهَا لَهُ وَذِكْرِ مَنْ ذُكِرَتْ عِنْدَهُ أَيْضًا بَعْدَ الْبُلُوغِ لِأَنَّ بَرَاءَتَهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ أَوْ يَكْفِي مُجَرَّدُ الِاسْتِغْفَارِ حَالًّا مُطْلَقًا لِتَعَذُّرِ الِاسْتِحْلَالِ مِنْهُ الْآنَ؟ فِيهِ نَظَرٌ. الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَقَالَ سم عَلَى حَجّ: قَوْلُهُ وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُ: أَيْ وَلَوْ بَلَغَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ إلَّا بَعْدَ تَعْيِينِهَا بِالشَّخْصِ أَطْلَقَ السُّيُوطِيّ فِي فَتَاوِيهِ اعْتِبَارَ التَّعْيِينِ وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ الْمُغْتَابَ وَهُوَ مَمْنُوعٌ. وَقَالَ فِيمَنْ خَانَ رَجُلًا فِي أَهْلِهِ بِزِنًا وَغَيْرِهِ لَا تَصِحُّ التَّوْبَةُ مِنْهُ إلَّا بِالشُّرُوطِ الْأَرْبَعَةِ. وَمِنْهَا اسْتِحْلَالُهُ بَعْدَ أَنْ يُعَرِّفَهُ بِهِ بِعَيْنِهِ، ثُمَّ لَهُ حَالَانِ أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بِأَنْ أَكْرَهَهَا فَهَذَا كَمَا وَصَفْنَا. وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بِأَنْ تَكُونَ مُطَاوَعَةً، فَهَذَا قَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ سَاعٍ فِي إزَالَةِ ضَرَرِهِ فِي الْآخِرَةِ بِضَرَرِ الْمَرْأَةِ فِي الدُّنْيَا، وَالضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَسُوغَ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إخْبَارُهُ بِهِ، وَإِنْ أَدَّى إلَى بَقَاءِ ضَرَرِهِ فِي الْآخِرَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عُذْرًا، وَيُحْكَمُ بِصِحَّةِ تَوْبَتِهِ إذَا عَلِمَ اللَّهُ مِنْهُ حُسْنَ النِّيَّةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُكَلَّفَ الْإِخْبَارَ بِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَكِنْ يَذْكُرُ مَعَهُ مَا يَنْفِي الضَّرَرَ عَنْهَا بِأَنْ يَذْكُرَ أَنَّهُ أَكْرَهَهَا. وَيَجُوزُ الْكَذِبُ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَهَذَا فِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ، لَكِنَّ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ عِنْدِي، وَلَوْ خَافَ مِنْ ذِكْرِ ذَلِكَ الضَّرَرَ عَلَى نَفْسِهِ دُونَ غَيْرِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ عُذْرًا، لِأَنَّ التَّخَلُّصَ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ بِضَرَرِ الدُّنْيَا مَطْلُوبٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِلَّا كَدَيْنٍ وَرِثَهُ قَبْلُ) أَيْ بِأَنْ ادَّعَى أَنَّهُ يَجْهَلُ قَدْرَ التَّرِكَةِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ آنِفًا فَلْيُرَاجَعْ..

تَعْيِينِهَا بِالشَّخْصِ وَتَعْيِينِ حَاضِرِهَا فِيمَا يَظْهَرُ حَيْثُ اخْتَلَفَ بِهِ الْغَرَضُ، وَلَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ مُعَيَّنٍ مُعْتَقِدًا عَدَمَ اسْتِحْقَاقِهِ لَهُ فَتَبَيَّنَ خِلَافُ ذَلِكَ بَرِئَ (إلَّا) الْإِبْرَاءَ (مِنْ إبِلِ الدِّيَةِ) فَيَصِحُّ مَعَ الْجَهْلِ بِصِفَتِهَا لِاغْتِفَارِهِمْ ذَلِكَ فِي إثْبَاتِهَا فِي ذِمَّةِ الْجَانِي فَكَذَا هُنَا وَإِلَّا لَتَعَذَّرَ الْإِبْرَاءُ مِنْهَا، بِخِلَافِ غَيْرِهَا لِإِمْكَانِ مَعْرِفَتِهِ بِالْبَحْثِ عَنْهُ (وَيَصِحُّ ضَمَانُهَا فِي الْأَصَحِّ) كَالْإِبْرَاءِ لِلْعِلْمِ لِسِنِّهَا وَعَدَدِهَا، وَيَرْجِعُ فِي صِفَتِهَا لِغَالِبِ إبِلِ الْبَلَدِ، وَالثَّانِي لَا لِجَهَالَةِ وَصْفِهَا، وَالْإِبْرَاءُ مَطْلُوبٌ فَوَسِعَ فِيهِ بِخِلَافِ الضَّمَانِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَرْجِعُ ضَامِنُهَا بِالْإِذْنِ إذَا غَرِمَهَا بِمِثْلِهِ لَا قِيمَتِهَا كَالْقَرْضِ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي. وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ الدِّيَةِ عَنْ الْعَاقِلَةِ قَبْلَ الْحُلُولِ، وَلَوْ ضَمِنَ عَنْهُ زَكَاتَهُ أَوْ كَفَّارَتَهُ صَحَّ كَدَيْنِ الْآدَمِيِّ، وَيُعْتَبَرُ الْإِذْنُ عِنْدَ الْأَدَاءِ إنْ ضَمِنَ عَنْ حَيٍّ، فَإِنْ كَانَ عَنْ مَيِّتٍ لَمْ يَتَوَقَّفْ الْأَدَاءُ عَلَى إذْنٍ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ (وَلَوْ) (قَالَ ضَمِنْت مِمَّا لَك عَلَى زَيْدٍ) أَوْ أَبْرَأْتُك أَوْ نَذَرْت لَك مَثَلًا (مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ) (فَالْأَصَحُّ صِحَّتُهُ) لِانْتِفَاءِ الْغَرَضِ بِذِكْرِ الْغَايَةِ وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِجَهَالَةِ الْمِقْدَارِ، فَإِنَّهُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الدِّرْهَمِ وَالْعَشَرَةِ (وَ) عَلَى الْأَوَّلِ فَالْأَصَحُّ (أَنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا لِعَشَرَةٍ) إنْ كَانَتْ عَلَيْهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا وَمُبْرَأً مِنْهَا وَنَاذِرًا لَهَا إدْخَالًا لِلطَّرَفَيْنِ فِي الِالْتِزَامِ (قُلْت: الْأَصَحُّ) أَنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا وَمُبْرَأً وَنَاذِرًا (لِتِسْعَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) إدْخَالًا لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ مُبْتَدَأُ الِالْتِزَامِ وَلِتَرَتُّبِ صِحَّةِ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ، وَقِيلَ لِثَمَانِيَةٍ إخْرَاجًا لَهُمَا؛ لِأَنَّهُ الْيَقِينُ، وَلَا يَتَأَيَّدُ الْأَوَّلُ بِقَوْلِهِمْ: إنَّ الْغَايَةَ مَتَى كَانَتْ مِنْ جِنْسِ الْمُغَيَّا دَخَلَتْ؛ لِأَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ مَا نَحْنُ فِيهِ، إذْ هُوَ فِي الْأُمُورِ الِاعْتِبَارِيَّةِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ فِي الْأُمُورِ الْإِلْزَامِيَّةِ وَهِيَ مِمَّا يُحْتَاطُ لَهَا، وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي الْإِقْرَارِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ، وَلَوْ لَقَّنَ صِيغَةً نَحْوَ إبْرَاءٍ ثُمًّ ادَّعَى جَهْلَهُ بِمَدْلُولِهَا قُبِلَ مِنْهُ ذَلِكَ بِيَمِينِهِ إنْ أَمْكَنَ خَفَاءُ ذَلِكَ عَلَيْهِ عَادَةً وَإِلَّا فَلَا كَمَا يَأْتِي فِي النَّذْرِ، وَلَا يُعَارِضُ مَا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ حَيْثُ تَقَعُ الثَّلَاثُ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ ـــــــــــــــــــــــــــــSيُعْذَرُ بِذَلِكَ وَيُرْجَى مِنْ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَرْضَى عَنْهُ خَصْمُهُ إذَا عَلِمَ حُسْنَ نِيَّتِهِ، وَلَوْ لَمْ يَرْضَ صَاحِبُ الْحَقِّ فِي الْغِيبَةِ وَالزِّنَا وَنَحْوِهِمَا أَنَّهُ يَعْفُو إلَّا بِبَذْلِ مَالٍ فَلَهُ بَذْلُهُ سَعْيًا فِي خَلَاصِ ذِمَّتِهِ. ثُمَّ رَأَيْت الْغَزَالِيَّ قَالَ فِيمَنْ خَانَهُ فِي أَهْلِهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ نَحْوِهِ: لَا وَجْهَ لِلِاسْتِحْلَالِ وَالْإِظْهَارِ فَإِنَّهُ يُوَلِّدُ فِتْنَةً وَغَيْظًا، بَلْ يَفْزَعُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى لِيُرْضِيَهُ عَنْهُ اهـ بِاخْتِصَارٍ اهـ. أَقُولُ: الْأَقْرَبُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ حَتَّى لَوْ أَكْرَهَ الْمَرْأَةَ عَلَى الزِّنَا لَا يَسُوغُ لَهُ ذِكْرُ ذَلِكَ لِزَوْجِهَا إذَا لَمْ يَبْلُغْهُ مِنْ غَيْرِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ عِرْضِهَا. وَبَقِيَ مَا لَوْ اغْتَابَ ذِمِّيًّا فَهَلْ يَسُوغُ الدُّعَاءُ لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ لِيَتَخَلَّصَ هُوَ مِنْ إثْمِ الْغِيبَةِ أَوَّلًا، وَيَكْتَفِي بِالنَّدَمِ لِامْتِنَاعِ الدُّعَاءِ بِالْمَغْفِرَةِ لِلْكَافِرِ؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَدْعُو لَهُ بِمَغْفِرَةِ غَيْرِ الشِّرْكِ أَوْ كَثْرَةِ الْمَالِ وَنَحْوِهِ مَعَ النَّدَمِ. وَوَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ أَتَى بَهِيمَةَ غَيْرِهِ فَهَلْ يُخْبِرُهُ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ إظْهَارٌ لِقُبْحِ مَا صَنَعَ أَمْ لَا وَيَكْفِي النَّدَمُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الثَّانِي، وَيُفَارِقُ مَا لَوْ أَتَى أَهْلَ غَيْرِهِ حَيْثُ امْتَنَعَ الْإِخْبَارُ بِمَا وَقَعَ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إضْرَارًا لِلْمَرْأَةِ وَلِأَهْلِهَا فَامْتَنَعَ لِذَلِكَ، وَلَا كَذَلِكَ الْبَهِيمَةُ (قَوْلُهُ: وَتَعْيِينِ حَاضِرِهَا) هَذَا مِمَّا لَا مَحِيصَ عَنْهُ، وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ أَنْ بَلَغَتْهُ قَبْلَ الْإِبْرَاءِ مِنْهَا لَمْ يَصِحَّ إبْرَاءُ وَارِثِهِ بِخِلَافِهِ فِي الْمَالِ اهـ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَبْرَأهُ مِنْ مُعَيَّنٍ) فِي الْوَاقِعِ (قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ الْإِذْنُ) أَيْ مِنْ الْمَضْمُونِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: عِنْدَ) أَيْ لِأَجْلِ (قَوْلُهُ: الْأَدَاءِ) أَيْ لِلزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ: مِمَّا لَك) مِثْلُهُ مَا لَكَ ع (قَوْلُهُ: أَوْ نَذَرْت لَك) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ رَهَنْت عَلَى مَا لَك عَلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ اهـ حَجّ. وَانْظُرْ مَا حُكْمُ بَقِيَّةِ التَّصَرُّفَاتِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ إلْحَاقُهَا بِمَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ حَيْثُ حَمَلَ الْمَجْهُولَ عَلَى جُمْلَةِ مَا قَبْلَ الْغَايَةِ كَانَ كَالْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ: دَخَلَتْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ دُخُولَ الْغَايَةِ فِيمَا ذُكِرَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ وَالرَّاجِحُ فِيهَا عَدَمُ الدُّخُولِ (قَوْلُهُ الِاعْتِبَارِيَّةِ) كَغَسْلِ الْوَجْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ الْإِذْنُ) أَيْ: لِصِحَّتِهَا زَكَاةً. (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ فِي الْأُمُورِ الِاعْتِبَارِيَّةِ) وَنَازَعَ الشِّهَابُ سم فِي هَذِهِ التَّفْرِقَةِ

[فصل في قسم الضمان الثاني وهو كفالة البدن]

مَحْصُورٌ فِي عَدَدٍ فَالظَّاهِرُ اسْتِيفَاؤُهُ، بِخِلَافِ الدُّيُونِ لَا حَصْرٌ لِأَفْرَادِهَا، وَلَوْ ضَمِنَ مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةٍ لَزِمَهُ ثَمَانِيَةٌ، وَلَوْ مَاتَ مَدِينٌ فَسَأَلَ وَارِثُهُ دَائِنَهُ أَنْ يُبْرِئَهُ وَيَكُونَ ضَامِنًا لِمَا عَلَيْهِ فَأَبْرَأَهُ ظَانًّا صِحَّةَ الضَّمَانِ، وَأَنَّ الدَّيْنَ انْتَقَلَ إلَى ذِمَّةِ الضَّامِنِ لَمْ يَصِحَّ الْإِبْرَاءُ؛ لِأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى ظَنِّ انْتِقَالِهِ لِلضَّامِنِ وَلَمْ يَنْتَقِلْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَيَدُلُّ لِبُطْلَانِ الْإِبْرَاءِ قَوْلُ الْأُمِّ وَتَبِعُوهُ: لَوْ صَالَحَهُ مِنْ أَلْفٍ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ صُلْحَ إنْكَارٍ ثُمَّ أَبْرَأَهُ مِنْ خَمْسِمِائَةٍ ظَانًّا صِحَّةَ الصُّلْحِ لَمْ يَصِحَّ الْإِبْرَاءُ عَيَّنَ الْخَمْسَمِائَةِ الَّتِي أَبْرَأَ مِنْهَا أَمْ لَا، وَقَوْلُهُمْ لَوْ أَتَى الْمُكَاتَبُ لِسَيِّدِهِ بِالنُّجُومِ فَأَخَذَهَا مِنْهُ، وَقَالَ: اذْهَبْ فَأَنْت حُرٌّ خَرَجَ الْمَالُ مُسْتَحَقًّا بَانَ عَدَمُ عِتْقِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا عَتَقَهُ بِظَنِّ سَلَامَةِ الْعِوَضِ، وَقَوْلُهُمْ: لَوْ أَتَى بِالْبَيْعِ الْمَشْرُوطِ فِي بَيْعٍ ظَانًّا صِحَّةَ الشَّرْطِ بَطَلَ أَوْ عَالِمًا فَسَادَهُ صَحَّ، وَلَا يُنَافِيهِ صِحَّةُ الرَّهْنِ بِظَنِّ الْوُجُوبِ لِمَا مَرَّ. وَلَمَّا ذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ ذَلِكَ قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَأْتِيَّ بِهِ فِي نَحْوِ ذَلِكَ عَلَى مَا أَعْتَقِدُهُ مُخَالِفًا لِمَا فِي الْبَاطِنِ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ، وَتَزْيِيفُ الْإِمَامِ لِقَوْلِ الْقَاضِي الْمُوَافِقِ لِذَلِكَ مُزَيَّفٌ اهـ. وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فِي نَحْوِ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي تَصْدِيقِهِ مِنْ قَرِينَةٍ تَقْتَضِي صِدْقَ مَا ادَّعَاهُ مِنْ الظَّنِّ، وَلَوْ أَبْرَأَهُ فِي الدُّنْيَا دُونَ الْآخِرَةِ بَرِئَ فِيهِمَا لِأَنَّ أَحْكَامَ الْآخِرَةِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الدُّنْيَا، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ مُسَاوَاةُ عَكْسِهِ لَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ إبْرَاءٌ مُعَلَّقٌ، لَكِنْ مَرَّ صِحَّةُ تَعْلِيقِهِ بِالْمَوْتِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ هَذَا مِثْلُهُ، وَلَوْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ أَصْلِيٌّ وَدَيْنُ ضَمَانٍ عَلَى آخَرَ فَقَالَ أَبْرَأْتُك مِمَّا لِي عَلَيْك بَرِئَ مِنْهُمَا. (فَصْلٌ) فِي قَسْمِ الضَّمَانِ الثَّانِي وَهُوَ كَفَالَةُ الْبَدَنِ وَفِيهِ خِلَافٌ، وَأَصْلُهُ قَوْلُ إمَامِنَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنَّهَا ضَعِيفَةٌ: أَيْ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ الْحُرَّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ وَ (الْمَذْهَبُ) مِنْهُ (صِحَّةُ كَفَالَةِ الْبَدَنِ) وَهِيَ الْتِزَامُ إحْضَارِ الْمَكْفُولِ أَوْ جُزْءٍ شَائِعٍ مِنْهُ كَنِصْفِهِ أَوْ مَا لَا يَبْقَى بِدُونِهِ كَرَأْسِهِ أَوْ قَلْبِهِ أَوْ رُوحِهِ حَيْثُ كَانَ الْمُتَكَفِّلُ بِجُزْئِهِ حَيًّا كَمَا فِي الْإِرْشَادِ لِإِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَيْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَعَشَرَةٍ) أَيْ وَإِلَى عَشَرَةٍ اهـ زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ شَرَطَ الْمَرْهُونَ بِهِ إلَخْ لِوُجُودِ مُقْتَضِيهِ، وَالْمُرَادُ بِمُقْتَضِيهِ وُجُودُ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: فِي نَحْوِ ذَلِكَ عَلَى) أَيْ بِنَاءً عَلَى إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ بَرِئَ مِنْهُمَا) أَيْ فَلَوْ قَالَ: أَرَدْت الْإِبْرَاءَ مِنْ دَيْنِ الضَّمَانِ دُونَ الثَّمَنِ مَثَلًا لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا مَا لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى ذَلِكَ (فَصْلٌ) فِي قَسْمِ الضَّمَانِ الثَّانِي، وَهُوَ كَفَالَةُ الْبَدَنِ (قَوْلُهُ: فِي قَسْمِ الضَّمَانِ الثَّانِي) أَيْ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ كَكَوْنِهِ يَغْرَمُ أَوَّلًا (قَوْلُهُ:: وَالْمَذْهَبُ مِنْهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَالَ: إنَّهَا لَا مُسْتَنَدَ لَهَا. (قَوْلُهُ: مُخَالِفًا) حَالٌ مِنْ الْمَأْتِيِّ بِهِ. (قَوْلُهُ: عَلَى آخَرَ) خَبَرُ كَانَ. [فَصْلٌ فِي قَسْمِ الضَّمَانِ الثَّانِي وَهُوَ كَفَالَةُ الْبَدَنِ] (فَصْلٌ) فِي قِسْمِ الضَّمَانِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ) هَذَا التَّفْسِيرُ لَا مَحَلَّ لَهُ هُنَا؛ لِأَنَّا لَوْ نَظَرْنَا إلَيْهِ لَمْ يَتَأَتَّ خِلَافٌ، وَإِنَّمَا مَنْشَأُ الْخِلَافِ إطْلَاقُ الْعِبَارَةِ الْمَذْكُورَةِ عَنْ الشَّافِعِيِّ، فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ الضَّعْفَ عَلَى ظَاهِرِهِ فَمَنَعَ الْكَفَالَةَ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى الضَّعْفِ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ فَصَحَّحَهَا وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَمِنْ ثَمَّ أَخَّرَ الشِّهَابُ حَجّ هَذَا التَّفْسِيرَ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْمَذْهَبُ صِحَّةُ كَفَالَةِ الْبَدَنِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ جَوَابٌ مِنْ جِهَةِ الْمَذْهَبِ عَمَّا يُورِدُهُ عَلَيْهِ مُقَابِلُهُ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ الْمُتَكَفِّلُ بِجُزْئِهِ حَيًّا) هَذَا قَيْدٌ فِي الرُّوحِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَحِينَئِذٍ فَكَانَ اللَّائِقُ أَنْ يَقُولَ حَيْثُ كَانَ

وَمَسِيسِ الْحَاجَةِ لَهَا، وَيُشْتَرَطُ تَعْيِينُهُ فَلَا يَصِحُّ كَفَلْت بَدَنَ أَحَدِ هَذَيْنِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْأَوَّلِ (فَإِنْ كَفَلَ) بِفَتْحِ الْفَاءِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا (بَدَنَ مَنْ عَلَيْهِ مَالٌ) أَوْ عِنْدَهُ مَالٌ وَلَوْ أَمَانَةً (لَمْ يُشْتَرَطْ الْعِلْمُ بِقَدْرِهِ) لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ لَا يَغْرَمُهُ (وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ) أَيْ الْمَالِ الْمَكْفُولِ بِسَبَبِهِ (مِمَّا يَصِحُّ ضَمَانُهُ) فَلَا يَصِحُّ بِبَدَنِ مُكَاتَبٍ بِالنُّجُومِ وَلَا بِبَدَنِ مَنْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ عَلَى مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، لَكِنْ خَالَفَهُ الْأَذْرَعِيُّ فَبَحَثَ صِحَّتَهَا إذَا صَحَّ ضَمَانُهَا فِي الذِّمَّةِ (وَالْمَذْهَبُ) (صِحَّتُهَا بِبَدَنِ) كُلِّ مَنْ اسْتَحَقَّ حُضُورُهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ عِنْدَ الِاسْتِعْدَاءِ عَلَيْهِ لِحَقِّ آدَمِيٍّ كَأَجِيرٍ وَكَفِيلٍ وَقِنٍّ آبِقٍ لِمَوْلَاهُ وَامْرَأَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الْخِلَافُ (قَوْلُهُ: وَالطَّرِيقُ الثَّانِي) لَمْ يُصَرِّحْ فِيمَا سَبَقَ بِبَيَانِ الثَّانِي لَكِنَّهُ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا وَفِيهِ خِلَافٌ وَالْمَذْهَبُ مِنْهُ صِحَّةُ إلَخْ، وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ بَعْدَ تَقْرِيرِ كَلَامِ الْمَتْنِ: وَفِي قَوْلٍ لَا تَصِحُّ وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ: الْقَطْعُ بِالْأَوَّلِ) أَيْ وَإِذَا قُلْنَا بِالصِّحَّةِ فَإِنْ كَفَلَ إلَخْ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْمَحَلِّيُّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: صِحَّةُ كَفَالَةِ الْبَدَنِ فِي الْجُمْلَةِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي أَصْلِ الْكَفَالَةِ خِلَافًا، فَفِي قَوْلٍ: هِيَ بَاطِلَةٌ مُطْلَقًا وَالرَّاجِحُ أَنَّهَا صَحِيحَةٌ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ: فَإِنْ كَفَلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَفَلَ) قَضِيَّةُ مَا فِي الْمُخْتَارِ أَنَّهُ إنَّمَا يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ إذَا كَانَ بِمَعْنًى عَالَ، وَأَنَّهُ إذَا كَانَ بِمَعْنَى ضَمِنَ تَعَدَّى بِالْبَاءِ وَعِبَارَتُهُ: وَالْكَفِيلُ الضَّامِنُ. وَقَدْ كَفَلَ بِهِ يَكْفُلُ بِالضَّمِّ كَفَالَةً، وَكَفَلَ عَنْهُ بِالْمَالِ لِغَرِيمِهِ وَأَكْفَلَهُ بِالْمَالِ لِغَرِيمِهِ، وَأَكْفَلَهُ الْمَالَ ضَمَّنَهُ إيَّاهُ وَكَفَلَهُ إيَّاهُ بِالتَّخْفِيفِ، فَكَفَلَ هُوَ مِنْ بَابِ نَصَرَ وَدَخَلَ وَكَفَّلَهُ إيَّاهُ تَكْفِيلًا مِثْلُهُ، وَتَكَفَّلَ بِدَيْنِهِ وَالْكَافِلُ الَّذِي يَكْفُلُ إنْسَانًا يَعُولُهُ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} [آل عمران: 37] اهـ. ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ كَفَلَ بَدَنَ مَا نَصُّهُ: عَدَّاهُ كَغَيْرِهِ بِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى ضَمِنَ، لَكِنْ قِيلَ: إنَّ أَئِمَّةَ اللُّغَةِ لَمْ يَسْتَعْمِلُوهُ إلَّا مُتَعَدِّيًا بِالْبَاءِ اهـ. وَلَعَلَّهُ لِكَوْنِهِ الْأَفْصَحَ، أَمَّا كَفَلَ بِمَعْنَى عَالَ كَمَا فِي الْآيَةِ فَمُتَعَدٍّ بِنَفْسِهِ دَائِمًا: أَيْ وَمَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ الْغَامِدِيَّةِ الْآتِي الْبَاءُ فِيهِ زَائِدَةٌ تَأْكِيدًا اهـ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَمَانَةً) قَدْ يُخَالِفُ هَذَا مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مِمَّا يَصِحُّ ضَمَانُهُ؛ إذْ الْأَمَانَةُ لَا يَصِحُّ ضَمَانُهَا، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ فِيمَا يَأْتِي لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى مَا ذَكَرَ بَلْ ذَكَرَ بَعْدَهُ صِحَّةَ كَفَالَةِ مَنْ عَلَيْهِ عُقُوبَةٌ لِآدَمِيٍّ وَأُلْحِقَ بِهَا مَنْ عَلَيْهِ حَقُّ الْآدَمِيِّ يَسْتَحِقُّ بِسَبَبِهِ حُضُورَهُ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ إذَا طُلِبَ لَهُ، وَمِنْهُ الْوَدِيعُ وَالْأَجِيرُ وَنَحْوُهُمَا فَإِنَّهُمْ إذَا طُلِبُوا وَجَبَ عَلَيْهِمْ الْحُضُورُ لَكِنْ قَدْ يُتَوَقَّفُ فِي الْوَدِيعِ فَإِنَّ اللَّازِمَ لَهُ التَّخْلِيَةُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحُضُورُ لِمَجْلِسِ الْحُكْمِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: قَدْ يَطْرَأُ عَلَيْهِ مَا يُوجِبُ حُضُورَهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ كَمَا لَوْ ادَّعَى ضَيَاعَ الْعَيْنِ فَطَلَبَ مَالِكُهَا حُضُورَهُ (قَوْلُهُ: إنَّهُ لَا يَغْرَمُهُ) أَيْ لَا يُطَالَبُ بِالْغُرْمِ فَلَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ يُحْبَسُ مَا لَمْ يُؤَدِّ الْمَالَ؛ لِأَنَّ التَّأْدِيَةَ تَبَرُّعٌ مِنْهُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ حَضَرَ الْمَكْفُولُ أَوْ تَعَذَّرَ حُضُورُهُ اسْتَرَدَّ مَا غَرِمَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ الْمَالُ) أَيْ الَّذِي عَلَيْهِ بِصِفَةِ كَوْنِهِ دَيْنًا أَوْ عِنْدَهُ وَهُوَ عَيْنٌ (قَوْلُهُ: بِالنُّجُومِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ يَصِحُّ ضَمَانُ بَدَنِهِ بِدُيُونِ الْمُعَامَلَةِ الَّتِي لِلسَّيِّدِ عَلَى الْعَبْدِ الْمُكَاتَبِ، وَفِيهِ أَنَّ قِيَاسَ مَا قَدَّمْنَا عَنْ حَجّ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَكَوْنُهُ لَازِمًا عَدَمُ صِحَّةِ بَدَنِهِ (قَوْلُهُ: فَبَحَثَ صِحَّتَهَا) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فِي الذِّمَّةِ) تَقْيِيدُهُ بِالذِّمَّةِ قَدْ يَخْرُجُ مَا لَوْ كَانَ النِّصَابُ بَاقِيًا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُسْتَحَقِّ بِالْعَيْنِ، وَقَدْ مَرَّ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ صِحَّةُ ضَمَانِهَا فَالْقِيَاسُ صِحَّةُ ضَمَانِ مَنْ هِيَ لَازِمَةٌ لَهُ (قَوْلُهُ: وَقِنٍّ آبِقٍ) وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ الْآبِقُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُتَكَفِّلُ بِرُوحِهِ. (قَوْلُهُ: وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْأَوَّلِ) ذَكَرَ الشَّارِحُ الْجَلَالُ قَبْلَ هَذَا قَوْلًا بِعَدَمِ الصِّحَّةِ، فَمَا فِي الْمَتْنِ هُوَ أَحَدُ وَجْهَيْ الطَّرِيقَةِ الْحَاكِيَةِ، لَكِنَّ عِبَارَةَ الْجَلَالِ وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ فَكَأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ هَذَا الْقَطْعُ مَشْهُورًا لَمْ يُحْمَلْ الْمَتْنُ عَلَيْهِ . (قَوْلُهُ: أَيْ الْمَالِ الْمَكْفُولِ بِسَبَبِهِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: أَيْ مَا عَلَى الْمَكْفُولِ انْتَهَتْ. فَأَخْرَجَ بِذَلِكَ مَا عِنْدَهُ مِنْ الْعَيْنِ فَتَلَخَّصَ أَنَّهُ إنْ كَفَلَهُ بِسَبَبِ عَيْنٍ عِنْدَهُ صَحَّ وَإِنْ كَانَتْ أَمَانَةً، وَإِنْ كَفَلَهُ بِسَبَبِ دَيْنٍ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَصِحُّ ضَمَانُهُ. (قَوْلُهُ: كَأَجِيرٍ وَكَفِيلٍ وَقِنٍّ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْأَجِيرَ وَالْقِنَّ مِمَّنْ اُسْتُحِقَّ حُضُورُهُ مَجْلِسَ

لِمَنْ يَدَّعِي نِكَاحَهَا لِيُثْبِتَهُ أَوْ لِمَنْ ثَبَتَ نِكَاحُهَا لِيُسَلِّمَهَا لَهُ، وَكَذَا عَكْسُهُ كَمَا لَا يَخْفَى، وَ (مَنْ عَلَيْهِ عُقُوبَةُ آدَمِيٍّ كَقِصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ) وَتَعْذِيرٍ؛ لِأَنَّهُ لِحَقٍّ لَازِمٍ فَأَشْبَهَ الْمَالَ مَعَ أَنَّ الْأَوَّلَ يَدْخُلُهُ الْمَالُ وَلِذَا مَثَّلَ بِالْمِثَالَيْنِ، وَفِي قَوْلٍ: لَا تَصِحُّ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الدَّرْءِ فَتُقْطَعُ الذَّرَائِعُ الْمُؤَدِّيَةُ إلَى تَوْسِيعِهَا (وَمَنَعَهَا فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى) وَتَعَازِيرِهِ كَحَدِّ خَمْرٍ وَزِنًا وَسَرِقَةٍ؛ لِأَنَّا مَأْمُورُونَ بِسَتْرِهَا وَالسَّعْيِ فِي إسْقَاطِهَا مَا أَمْكَنَ، وَمَعْنَى تَكَفَّلَ الْأَنْصَارِيُّ بِالْغَامِدِيَّةِ بَعْدَ ثُبُوتِ زِنَاهَا إلَى أَنْ تَلِدَ: أَنَّهُ قَامَ بِمُؤَنِهَا وَمَصَالِحِهَا عَلَى حَدِّ {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} [آل عمران: 37] فَلَا يُشْكِلُ بِمَا ذُكِرَ هُنَا مَعَ وُجُوبِ الِاسْتِيفَاءِ فَوْرًا. وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا إذَا تَحَتَّمَ اسْتِيفَاءُ الْعُقُوبَةِ وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُمْ وَاعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي قَوْلَانِ ثَانِيهِمَا الصِّحَّةُ كَحُدُودِ الْآدَمِيِّينَ (وَتَصِحُّ بِبَدَنِ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) لِأَنَّهُ قَدْ يَسْتَحِقُّ إحْضَارَهُمَا لِيَشْهَدَ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ اسْمَهُمَا وَنَسَبَهُمَا عَلَيْهِمَا بِنَحْوِ إتْلَافٍ، وَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِ وَلِيِّهِمَا فَيُطَالَبُ بِإِحْضَارِهِمَا عِنْدَ الْحَاجَةِ مَا بَقِيَ حَجْرُهُ عَلَيْهِمَا. أَمَّا السَّفِيهُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اعْتِبَارُ إذْنِهِ، وَمُطَالَبَتُهُ دُونَ وَلِيِّهِ لِصِحَّةِ إذْنِهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَدَنِ، وَاسْتَظْهَرَ الْأَذْرَعِيُّ اعْتِبَارَ إذْنِ وَلِيِّهِ دُونَهُ، قَالَ: وَمِثْلُهُ الْقِنُّ فَيُعْتَبَرُ إذْنُهُ لَا إذْنُ سَيِّدِهِ انْتَهَى. وَإِنَّمَا يَظْهَرُ فِيمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي ذَلِكَ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُ، لَكِنْ قَيَّدَهُ سم عَلَى حَجّ بِمَا لَوْ أَذِنَ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مَا يَشْمَلُهُ فِي قَوْلِهِ وَمِثْلُهُ الْقِنُّ فَيُعْتَبَرُ إذْنُهُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا عَكْسُهُ) وَهُوَ كَفَالَةُ الزَّوْجِ لِامْرَأَةٍ ادَّعَتْ نِكَاحَهُ لِتُثْبِتَهُ أَوْ تَطْلُبَ النَّفَقَةَ وَالْمَهْرَ إنْ كَانَ نِكَاحُهُ ثَابِتًا (قَوْلُهُ: وَمَنْ عَلَيْهِ) عَطْفٌ عَلَى كَأَجِيرٍ (قَوْلُهُ: يَدْخُلُهُ الْمَالُ) أَيْ حَيْثُ عَفَا عَنْهُ وَلِيُّهُ (قَوْلُهُ: فَتُقْطَعُ) أَيْ تُدْفَعُ (قَوْلُهُ: الذَّرَائِعُ) أَيْ الْوَسَائِلُ (قَوْلُهُ: إلَى تَوْسِيعِهَا) أَيْ إلَى تَوْسِيعِ الطُّرُقِ الْمُؤَدِّيَةِ لِاسْتِيفَائِهَا (قَوْلُهُ: وَمَنْعِهَا) أَيْ وَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْ الْمَكْفُولِ وَظَهَرَ عَلَيْهِ التَّسَاهُلُ عَلَى الْإِقْدَامِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ وَعَدَمِ الْمُبَالَاةِ (قَوْلُهُ: إذَا تَحَتَّمَ اسْتِيفَاءُ الْعُقُوبَةِ) كَقَاطِعِ الطَّرِيقِ (قَوْلُهُ: وَمَجْنُونٍ) أَيْ سَوَاءٌ أَطْبَقَ جُنُونُهُ أَوْ تَقَطَّعَ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَذِنَ فِي زَمَنِ الْإِفَاقَةِ ثُمَّ جُنَّ هَلْ يَبْطُلُ إذْنُهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهُ حَيْثُ أَذِنَ. وَهُوَ صَحِيحُ الْعِبَارَةِ اعْتَدَّ بِهِ مِنْهُ بِنَاءً عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ فِي حَيَاتِهِ ثُمَّ مَاتَ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إذْنٍ مِنْ الْوَرَثَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ بِالْأَوَّلِ فَيُعْتَبَرُ إذْنُ الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إحْضَارُهُ إلَّا إذَا أَذِنَ، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ (قَوْلُهُ: مَا بَقِيَ حَجْرُهُ) شَمِلَ قَوْلُهُ مَا بَقِيَ حَجْرُهُ مَا لَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ غَيْرَ رَشِيدٍ. وَقَضِيَّةُ مَا يَأْتِي فِي السَّفِيهِ أَنَّ الطَّلَبَ مُتَعَلِّقٌ بِهِ دُونَ الْوَلِيِّ، وَقَدْ يُقَالُ لِمَا سَبَقَ إذْنُ الْوَلِيِّ اُسْتُصْحِبَ. وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْكَفَالَةِ بِبَدَنِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ سَفِيهًا وَبَيْنَ الْكَفَالَةِ بِهِ قَبْلَ بُلُوغِهِ إذَا بَلَغَ كَذَلِكَ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مَا بَقِيَ حَجْرُهُ مَا لَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ رَشِيدًا وَأَفَاقَ الْمَجْنُونُ فَيَتَوَجَّهُ الطَّلَبُ عَلَيْهِمَا وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُمَا إذْنٌ اكْتِفَاءً بِإِذْنِ وَلِيِّهِمَا (قَوْلُهُ: أَمَّا السَّفِيهُ) قَسِيمُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ: أَيْ سَوَاءٌ بَلَغَ غَيْرَ مُصْلِحٍ لِدِينِهِ وَمَالِهِ وَاسْتَمَرَّ الْحَجْرُ عَلَيْهِ أَوْ بَلَغَ مُصْلِحًا لَهُمَا ثُمَّ فَسَقَ وَبَذَّرَ حُجِرَ عَلَيْهِ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إذْنِ وَلِيِّهِ) أَيْ السَّفِيهِ (قَوْلُهُ: دُونَهُ) وَحَيْثُ قُلْنَا إنَّ السَّفِيهَ لَا تَصِحُّ كَفَالَتُهُ إلَّا بِإِذْنِ وَلِيِّهِ فَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا تَرَتَّبَ عَلَى كَفَالَتِهِ فَوَاتُ مَالٍ أَوْ اكْتِسَابٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: قَالَ وَمِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ السَّفِيهِ بِنَاءً عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ لَا عَلَى مَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحُكْمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: بِمَنْ لَزِمَهُ إجَابَةٌ إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ أَوْ اسْتَحَقَّ إحْضَارَهُ، إلَى أَنْ قَالَ: وَبِبَدَنِ آبِقٍ وَأَجِيرٍ فَجَعَلَهُمَا مَعْطُوفَيْنِ عَلَى الضَّابِطِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُشْكِلُ بِمَا ذُكِرَ هُنَا) أَيْ مِنْ مَنْعِ الْكَفَالَةِ فِي حُدُودِهِ تَعَالَى، وَقَوْلُهُ: مَعَ وُجُوبِ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى دَفْعِ إشْكَالٍ ثَانٍ يَرِدُ عَلَى قِصَّةِ الْغَامِدِيَّةِ وَهُوَ أَنَّ الْحَدَّ يَجِبُ فِيهِ الْفَوْرُ فَلِمَ أَخَّرَ حَدَّهَا؟ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قِصَّةَ الْغَامِدِيَّةِ مُشْكِلَةٌ مِنْ وَجْهَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ الْقِنُّ) فِيهِ أَمْرَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ فَإِسْنَادُهُ إلَيْهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ. الثَّانِي: أَنَّهُ جَعَلَ ضِدَّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ مَعَ أَنَّ إلْحَاقَ الْقِنِّ بِالسَّفِيهِ بَحْثٌ لِغَيْرِ

لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى السَّيِّدِ كَإِتْلَافِهِ الثَّابِتِ بِالْبَيِّنَةِ (وَمَحْبُوسٍ) بِإِذْنِهِ لِتَوَقُّعِ خَلَاصِهِ كَمَا يَصِحُّ ضَمَانُ مُعْسِرِ الْمَالِ (وَغَائِبٍ) لِذَلِكَ وَلَوْ فَوْقَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَإِنْ جُهِلَ مَكَانُهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْأَنْوَارِ فَيَلْزَمُهُ الْحُضُورُ مَعَهُ حَيْثُ عَرَفَ مَكَانَهُ لِإِذْنِهِ السَّابِقِ الْمُقْتَضِي لِذَلِكَ فَهُوَ الْمُوَرِّطُ لِنَفْسِهِ، وَمُخَالَفَةُ الْإِمَامِ فِيهِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَرْجُوحٍ (وَمَيِّتٍ لِيَحْضُرَهُ فَيُشْهَدَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَالِثِهِ (عَلَى صُورَتِهِ) لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ؛ إذْ قَدْ يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ، وَمَحَلُّهُ قَبْلَ دَفْنِهِ لَا بَعْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَمَعَ عَدَمِ النَّقْلِ الْمُحَرَّمِ وَأَنْ لَا يَتَغَيَّرَ فِي مُدَّةِ الْإِحْضَارِ وَإِذْنُ الْوَلِيِّ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ لَغْوٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْتَرَطُ إذْنُ الْوَارِثِ كَمَا بَحَثَهُ فِي الْمَطْلَبِ: أَيْ إنْ تَأَهَّلَ وَإِلَّا فَوَلِيُّهُ كَنَاظِرِ بَيْتِ الْمَالِ، وَوَافَقَهُ الْإِسْنَوِيُّ، ثُمَّ بَحَثَ اشْتِرَاطَ إذْنِ كُلِّ الْوَرَثَةِ وَتَعَقَّبَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ كَثِيرِينَ صَوَّرُوا مَسْأَلَةَ الْمَتْنِ بِمَا لَوْ كَفَلَهُ بِإِذْنِهِ فِي حَيَاتِهِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَأْذَنْ. وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ عِنْدَ مَوْتِهِ اُعْتُبِرَ إذْنُ الْوَلِيِّ مِنْ وَرَثَتِهِ فَقَطْ وَإِلَّا فَكُلُّهُمْ، فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ قَامَ وَلِيُّهُ مَقَامَهُ. أَمَّا مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ كَذِمِّيٍّ مَاتَ وَلَمْ يَأْذَنْ فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ صِحَّةِ كَفَالَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَمَحْبُوسٌ) أَيْ سَوَاءٌ حُبِسَ بِحَقٍّ أَمْ لَا خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ حَيْثُ قَيَّدَ بِالْأَوَّلِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ لِتَوَقُّعِ خَلَاصِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَغَائِبٌ لِذَلِكَ) أَيْ لِتَوَقُّعِ خَلَاصِهِ: أَيْ مِنْ الْغَيْبَةِ بِأَنْ يَحْضُرَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ جُهِلَ مَكَانُهُ) خِلَافًا لحج، وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ فَائِدَةَ الْكَفَالَةِ إحْضَارُ الْمَكْفُولِ وَلَا يَتَأَتَّى إلَّا إذَا عُرِفَ مَكَانُهُ، وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْجَهْلِ بِمَكَانِهِ وَقْتَ الْكَفَالَةِ اسْتِمْرَارُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ الْحُضُورُ مَعَهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِبَلَدٍ بِهَا حَاكِمٌ حَالَ الْكَفَالَةِ أَوْ بَعْدَهَا طَلَبَ إحْضَارَهُ بَعْدَ ثُبُوتِ الْحَقِّ أَوْ قَبْلَهُ لِلْمُخَاصَمَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَمُخَالَفَةُ الْإِمَامِ فِيهِ) أَيْ فِي صِحَّةِ كَفَالَةِ مَنْ فَوْقَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ (قَوْلُهُ: وَمَيِّتٌ) : أَيْ وَلَوْ كَانَ عَالِمًا وَوَلِيًّا وَنَبِيًّا، وَلَا نَظَرَ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْمَشَقَّةِ فِي حُضُورِهِمْ فِي جَانِبِ الْخُرُوجِ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) أَيْ مَحَلُّ صِحَّةِ كَفَالَةِ الْمَيِّتِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الْمَحَلِّيِّ حَيْثُ قَالَ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَمَيِّتٌ قَبْلَ دَفْنِهِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ دَفْنِهِ) الْمُرَادُ بِالدَّفْنِ وَضْعُهُ فِي الْقَبْرِ، وَإِنْ لَمْ يُهَلْ عَلَيْهِ التُّرَابُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الْوَضْعِ إدْلَاؤُهُ فِي الْقَبْرِ. ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ فِي الْعَارِيَّةِ وَعِبَارَتُهُ: بَلْ يُتَّجَهُ امْتِنَاعُ الرُّجُوعِ: أَيْ فِي الْعَارِيَّةِ بِمُجَرَّدِ إدْلَائِهِ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى أَرْضِ الْقَبْرِ لِأَنَّ فِي عَوْدِهِ مِنْ هَوَاءِ الْقَبْرِ بَعْدَ إدْلَائِهِ إزْرَاءً بِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ) أَيْ ابْنُ الرِّفْعَةِ (قَوْلُهُ: إنْ تَأَهَّلَ) أَيْ بِأَنْ كَانَ رَشِيدًا، أَمَّا غَيْرُهُ وَلَوْ سَفِيهًا فَيُعْتَبَرُ إذْنُ وَلِيِّهِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْكَفَالَةِ بِبَدَنِ السَّفِيهِ حَيْثُ يُعْتَبَرُ إذْنُهُ دُونَ وَلِيِّهِ وَبَيْنَ كَفَالَةِ مُوَرِّثِهِ بِأَنَّ الْحَقَّ فِي كَفَالَةِ الْمُوَرِّثِ مُتَعَلِّقٌ بِغَيْرِ السَّفِيهِ وَقَدْ تَكُونُ الْمَصْلَحَةُ فِي عَدَمِ إحْضَارِهِ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَحَثَ اشْتِرَاطَ إذْنِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: كُلِّ الْوَرَثَةِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَأْذَنْ فِي حَيَاتِهِ لِمَا يَأْتِي مِنْ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: مِنْ وَرَثَتِهِ) التَّقْيِيدُ بِهِ يَقْتَضِي تَخْصِيصَ الْوَلِيِّ بِالْأَبِ وَالْجَدِّ دُونَ الْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ إنْ كَانَا غَيْرَ وَارِثَيْنِ. وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ وَلِيٌّ قَبْلَ مَوْتِهِ اُعْتُبِرَ إذْنُهُ فَقَطْ لَا إذْنُ الْوَرَثَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ قَبْلَ مَوْتِهِ اُعْتُبِرَ إذْنُ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ إنْ كَانُوا أَهْلًا لِلْإِذْنِ، وَإِلَّا فَإِذْنُ أَوْلِيَائِهِمْ، وَهِيَ تُفِيدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْوَلِيِّ بَيْنَ الْوَصِيِّ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ قَامَ وَلِيُّهُ) وَمَحَلُّ الِاعْتِدَادِ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى إحْضَارِهِ نَقْلٌ مُحْتَرَمٌ وَلَا خِيفَ تَغَيُّرُهُ كَمَا سَبَقَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَذْرَعِيِّ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ اشْتِرَاطَ إذْنِ وَلِيِّ السَّفِيهِ، وَلَهُ احْتِمَالٌ بِخِلَافِهِ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ إلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ رَأَيْتُ غَيْرَهُ: أَيْ غَيْرَ الْأَذْرَعِيِّ قَالَ: وَمِثْلُهُ الْقِنُّ إلَخْ. وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي كَفَالَةِ بَدَنِ السَّفِيهِ إذْنُ وَلِيِّهِ لَا إذْنُهُ وَيُحْتَمَلُ غَيْرُهُ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: كَنَاظِرِ بَيْتِ الْمَالِ) أَيْ فِيمَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ خَاصٌّ .

(ثُمَّ إنْ) (عَيَّنَ مَكَانَ التَّسْلِيمِ) فِي الْكَفَالَةِ (تَعَيَّنَ) إنْ كَانَ صَالِحًا كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ صَالِحًا أَوْ كَانَ لَهُ مُؤْنَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهِ، وَلَوْ خَرَجَ عَنْ الصَّلَاحِيَّةِ بَعْدَهُ تَعَيَّنَ أَقْرَبُ مَحَلٍّ إلَيْهِ قِيَاسًا عَلَى السَّلَمِ، وَإِنْ فَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَهُمَا لِإِمْكَانِ رَدِّهِ بِأَنَّ الْمَدَارَ فِي الْبَابَيْنِ عَلَى الْعُرْفِ وَهُوَ قَاضٍ بِذَلِكَ فِيهِمَا. وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَأْذَنَ فِيهِ الْمَكْفُولُ بِبَدَنِهِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فَسَدَتْ، وَلَا يُغْنِي عَنْ ذَلِكَ مُطْلَقُ الْإِذْنِ فِي الْكَفَالَةِ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ ثَمَّ مُؤْنَةٌ أَمْ لَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُعَيِّنْ مَكَانًا (فَمَكَانُهَا) إنْ صَلَحَ (وَيَبْرَأُ الْكَفِيلُ بِتَسْلِيمِهِ) أَوْ تَسْلِيمِ وَكِيلِهِ (فِي مَكَانِ التَّسْلِيمِ) الْمُتَعَيَّنِ بِمَا ذُكِرَ وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ بِهِ (بِلَا حَائِلٍ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَكْفُولِ لَهُ لِإِتْيَانِهِ بِمَا لَزِمَهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا سَلَّمَهُ لَهُ بِحَضْرَةِ مَانِعٍ (كَمُتَغَلِّبٍ) يَمْنَعُهُ مِنْهُ فَلَا يَبْرَأُ لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ. نَعَمْ لَوْ قِيلَ مُخْتَارًا بَرِئَ وَخَرَجَ بِمَكَانِ التَّسْلِيمِ غَيْرُهُ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ فِيهِ حَيْثُ امْتَنَعَ لِغَرَضٍ بِأَنْ كَانَ لِمَحَلِّ التَّسْلِيمِ بَيِّنَةٌ أَوْ مَنْ يُعِينُهُ عَلَى خَلَاصِهِ، وَإِلَّا أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى قَبُولِهِ فَإِنْ صَمَّمَ تَسَلَّمَهُ عَنْهُ، فَإِنْ فُقِدَ الْحَاكِمُ أَشْهَدَ أَنَّهُ سَلَّمَهُ لَهُ وَبَرِئَ، وَيُجْرَى هَذَا التَّفْصِيلُ فِيمَا لَوْ أَحْضَرَهُ قَبْلَ زَمَنِهِ الْمُعَيَّنِ، وَيَبْرَأُ بِتَسْلِيمِهِ لَهُ مَحْبُوسًا بِحَقٍّ أَيْضًا لِإِمْكَانِ إحْضَارِهِ وَمُطَالَبَتِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ (حُبِسَ بِغَيْرِ حَقِّ) لِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِهِ، وَلَوْ ضَمِنَ لَهُ إحْضَارَهُ كُلَّمَا طَلَبَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ غَيْرُ مَرَّةٍ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا بَعْدَهَا مُعَلَّقٌ لِلضَّمَانِ عَلَى طَلَبِ الْمَكْفُولِ لَهُ وَتَعْلِيقُ الضَّمَانِ يُبْطِلُهُ، قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَتَابَعَهُ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ بِأَنَّ مُقْتَضَى اللَّفْظِ تَعْلِيقُ أَصْلِ الضَّمَانِ عَنْ الطَّلَبِ، وَتَعْلِيقُهُ مُبْطِلٌ لَهُ مِنْ أَصْلِهِ (وَبِأَنْ) (يَحْضُرَ الْمَكْفُولُ) الْبَالِغُ الْعَاقِلُ مَحَلَّ التَّسْلِيمِ، وَلَا حَائِلَ (وَيَقُولُ) لِلْمَكْفُولِ لَهُ (سَلَّمْت نَفْسِي عَنْ جِهَةِ الْكَفِيلِ) وَلَوْ فِي غَيْرِ زَمَنِ التَّسْلِيمِ، وَمَحَلُّهُ حَيْثُ لَا غَرَضَ فِي الِامْتِنَاعِ فَيَشْهَدُ أَنَّهُ سَلَّمَ نَفْسَهُ عَنْ كَفَالَةِ فُلَانٍ وَيَبْرَأُ الْكَفِيلُ، كَذَا أَطْلَقَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَالْأَوْجَهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ قَبْلَهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي إشْهَادُهُ إلَّا إنْ فُقِدَ الْحَاكِمُ. أَمَّا الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لِصِبًا أَوْ جُنُونٍ فَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِهِ إلَّا إنْ رَضِيَ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَكَانِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُغْنِي عَنْ ذَلِكَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ) أَيْ بِأَنْ يُقَالَ حَيْثُ أَذِنَ فِي ذَلِكَ لَا تَتَفَاوَتُ الْأَمَاكِنُ فِيهِ، وَيُرَدُّ بَيْنَ الْأَمَاكِنِ قَدْ تَخْتَلِفُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ غَرَضٌ فِيمَا أَذِنَ فِيهِ بِخُصُوصِهِ كَمَعْرِفَةِ أَهْلِهِ لَهُ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ أَكَانَ ثَمَّ مُؤْنَةٌ) أَيْ فِي حُضُورِ الْمَكْفُولِ (قَوْلُهُ: فَمَكَانُهَا) وَالْمُرَادُ بِهِ قِيَاسًا عَلَى مَا فِي السَّلَمِ تِلْكَ الْمَحَلَّةُ لَا ذَلِكَ الْمَحِلُّ بِعَيْنِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَسْلِيمِ وَكِيلِهِ) أَيْ وَكِيلِ الْكَفِيلِ. وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِتَسْلِيمِهِ: أَيْ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ إلَى الْمَكْفُولِ وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِيمَا قُلْنَاهُ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي إحْضَارُ وَكِيلِ الْمَكْفُولِ بِبَدَنِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يَتَسَلَّمْهُ الْمَكْفُولُ لَهُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ قَبِلَ) أَيْ الْمَكْفُولُ لَهُ (قَوْلُهُ: تَسَلَّمَهُ) أَيْ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَقَدَ) أَيْ الْكَفِيلُ الْحَاكِمَ أَيْ بِغَيْبَتِهِ عَنْ الْبَلَدِ إلَى مَا فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى أَوْ مَشَقَّةِ الْوُصُولِ إلَيْهِ لِتَحَجُّبِهِ أَوْ طَلَبِ دَرَاهِمَ، وَإِنْ قَلَّتْ (قَوْلُهُ: وَيَبْرَأُ بِتَسْلِيمِهِ) الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْكَفِيلَ إذَا سَلَّمَ الْمَكْفُولَ لِلْمَكْفُولِ لَهُ، وَهُوَ مَحْبُوسٌ بَرِئَ إنْ كَانَ الْحَبْسُ بِحَقٍّ كَأَنْ كَانَ عَلَى دَيْنٍ لِمَا عَلَّلَ بِهِ الشَّارِحُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمَكْفُولُ تَحْتَ يَدِ مُتَغَلِّبٍ فَلَا يَبْرَأُ لِمَا عَلَّلَ بِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَتَعْلِيقُهُ مُبْطِلٌ) أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ إحْضَارُهُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: الْبَالِغُ الْعَاقِلُ) أَيْ وَلَوْ سَفِيهًا (قَوْلُهُ: فَيَشْهَدُ) أَيْ الْمَكْفُولُ (قَوْلُهُ: فَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِهِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَحْضُرْ وَيَقُولُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إنْ كَانَ صَالِحًا) اُنْظُرْ لَوْ كَانَ غَيْرَ صَالِحٍ هَلْ تَبْطُلُ الْكَفَالَةُ أَوْ تَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَى أَقْرَبِ مَحَلٍّ إلَيْهِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْمُتَبَادَرُ الْأَوَّلُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ صَالِحًا، أَوْ كَانَ لَهُ مُؤْنَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهِ إلَى قَوْلِهِ وَهُوَ قَاضٍ بِذَلِكَ فِيهِمَا) لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ وَضْعِهِ وَإِنَّمَا مَوْضِعُهُ عَقِبَ قَوْلِهِ إنْ صَلُحَ الْآتِي عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَمَكَانُهَا . (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ بِتَسْلِيمِهِ) يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِيهِ لِلْكَافِرِ فَالْمَصْدَرُ مُضَافٌ إلَى فَاعِلِهِ، وَأَنْ يَكُونَ لِلْمَكْفُولِ لَهُ فَهُوَ مُضَافٌ

الْمَكْفُولُ لَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَتَسْلِيمُ وَلِيِّ الْمَكْفُولِ كَتَسْلِيمِهِ (وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ حُضُورِهِ) مِنْ غَيْرِ قَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ لِانْتِفَاءِ تَسْلِيمِهِ أَوْ أَحَدٍ مِنْ جِهَتِهِ إلَيْهِ حَتَّى لَوْ ظَفِرَ بِهِ الْمَكْفُولُ لَهُ، وَلَوْ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ وَادَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يَبْرَأْ الْكَفِيلُ، وَلَوْ سَلَّمَهُ إلَيْهِ أَجْنَبِيٌّ عَنْ جِهَةِ الْكَفِيلِ بِإِذْنِهِ بَرِئَ، وَإِلَّا فَلَا إنْ لَمْ يَقْبَلْ، فَإِنْ قَبِلَ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ بَرِئَ الْكَفِيلُ وَلَوْ تَكَفَّلَ بِهِ اثْنَانِ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا فَسَلَّمَهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَبْرَأْ الْآخَرُ، وَإِنْ قَالَ سَلَّمْته عَنْ صَاحِبِي وَلَوْ كَفَلَ وَاحِدٌ لِاثْنَيْنِ فَسَلَّمَ إلَى أَحَدِهِمَا لَمْ يَبْرَأْ مِنْ حَقِّ الْآخَرِ، فَإِنْ تَكَافَلَا بَرِئَ مَحْضَرُهُ مِنْ الْكَفَالَتَيْنِ، وَالْآخَرُ مِنْ الْأُخْرَى فَقَطْ، وَإِنْ قَالَ الْمَكْفُولُ لَهُ أَبْرَأْتُك مِنْ حَقِّي بَرِئَ أَوَّلًا حَقٌّ لِي عَلَى الْأَصِيلِ أَوْ قَبْلَهُ فَوَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا بَرَاءَةُ الْأَصِيلِ وَالْكَفِيلِ بِذَلِكَ (فَإِنْ) (غَابَ) الْمَكْفُولُ (لَمْ يَلْزَمْ الْكَفِيلَ إحْضَارُهُ إنْ جُهِلَ مَكَانُهُ) لِعُذْرِهِ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي جَهْلِهِ ذَلِكَ بِيَمِينِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ عُلِمَ مَكَانُهُ (فَيَلْزَمُهُ) عِنْدَ أَمْنِ الطَّرِيقِ، وَلَوْ فِي بَحْرٍ غَلَبَتْ فِيهِ السَّلَامَةُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يَمْنَعُهُ مِنْهُ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ فِي دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَمْ فِيهَا وَإِنْ طَالَتْ، وَمَا يَغْرَمُهُ الْكَفِيلُ مِنْ مُؤْنَةِ السَّفَرِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فِي مَالِهِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَمَا دُونَهَا مُرَادُهُ بِهِ مِنْ مَسَافَةٍ تُقْصَرُ فِيهَا الصَّلَاةُ لَا التَّقْيِيدُ بِمَرْحَلَتَيْنِ، وَقَوْلُهُ وَبِمَسَافَةِ الْإِحْضَارِ تَتَقَيَّدُ غَيْبَتُهُ فِي صِحَّةِ كَفَالَتِهِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ إمَّا مُفَرَّعٌ عَلَى الْمَرْجُوحِ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَهُ، وَلَوْ كَانَ الْمَكْفُولُ بِبَدَنِهِ يَحْتَاجُ لِمُؤَنِ السَّفَرِ وَلَا شَيْءَ مَعَهُ اُتُّجِهَ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا لَوْ كَانَ الْمَكْفُولُ مَحْبُوسًا بِحَقٍّ، وَقَدْ ذَكَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَرْسَلَنِي وَلِيِّي إلَيْك لِأُسَلِّمَ نَفْسِي عَنْ جِهَةِ الْكَفَالَةِ، وَيَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي الْإِذْنِ فِي دُخُولِ الدَّارِ وَإِيصَالِ الْهَدِيَّةِ (قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَوْ أَحَدٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَ وَلِيًّا (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ) يَنْبَغِي مَا لَمْ يَرْضَ الْمَكْفُولُ لَهُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالْآخَرُ مِنْ الْأُخْرَى) أَيْ وَهِيَ كَفَالَةُ صَاحِبِهِ دُونَ كَفَالَةِ الْمَكْفُولِ بِبَدَنِهِ (قَوْلُهُ: أَصَحُّهُمَا بَرَاءَةُ الْأَصِيلِ وَالْكَفِيلِ بِذَلِكَ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَظُنَّ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ فِي عَدَمِ سُقُوطِ الْحَقِّ عَلَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِ سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ مِنْ الْوَقَائِعِ مُسْتَحِقٌّ طَالَبَ إلَخْ (قَوْلُهُ: إنْ جَهِلَ مَكَانَهُ) وَلَا يُكَلَّفُ السَّفَرَ إلَى النَّاحِيَةِ الَّتِي عَلِمَ ذَهَابَهُ إلَيْهَا وَجَهِلَ خُصُوصَ الْقَرْيَةِ الَّتِي هُوَ بِهَا لِيَبْحَثَ عَنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّ إلَخْ) . [تَنْبِيهٌ] مِنْ الْوَاضِحِ أَنَّهُ إنَّمَا يُلْزَمُ بِالسَّفَرِ لِلْإِحْضَارِ وَيُمَكَّنُ مِنْهُ إنْ وَثِقَ الْحَاكِمُ مِنْهُ بِذَلِكَ وُثُوقًا ظَاهِرًا لَا يَتَخَلَّفُ عَادَةً، وَإِلَّا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يَلْزَمُ حِينَئِذٍ بِكَفِيلٍ كَذَلِكَ، فَإِنْ تَعَذَّرَ حُبِسَ حَتَّى يَزِنَ الْمَالَ قَرْضًا أَوْ يَيْأَسَ مِنْ إحْضَارِهِ انْتَهَى حَجّ (قَوْلُهُ: مِنْ مُؤْنَةِ السَّفَرِ) أَيْ عَلَى نَفْسٍ، وَأَمَّا مَعْرِفَةُ الْمَكْفُولِ فَسَتَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ كَانَ الْمَكْفُولُ بِبَدَنِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي مَالِهِ) أَيْ مَالِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ: مُرَادُهُ بِهِ مِنْ مَسَافَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِمَفْعُولِهِ الثَّانِي، وَأَمَّا رُجُوعُهُ لِلْمَكْفُولِ فَهُوَ وَإِنْ صَحَّ فِي الْمَتْنِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ إلَّا أَنَّهُ يَأْبَاهُ قَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ تَسْلِيمُ وَكِيلِهِ وَيَمْنَعُ الثَّانِي أَيْضًا أَنَّهُ سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَوْ سَلَّمَهُ إلَيْهِ أَجْنَبِيٌّ بِإِذْنِهِ بَرِئَ، وَحِينَئِذٍ فَيَتَعَيَّنُ فِي الشَّارِحِ حَمْلُهُ عَلَى الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: كَتَسْلِيمِهِ) أَيْ الْمَكْفُولِ الْمُعْتَبَرِ تَسْلِيمُهُ. (قَوْلُهُ: وَادَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ وَلَمْ يَسْتَوْفِ مِنْهُ الْحَقَّ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي آخِرَ السَّوَادَةِ . (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَكَافَلَا) مَحَلُّ وَضْعِهِ قَبْلَ قَوْلِهِ وَلَوْ كَفَلَ وَاحِدٌ لِاثْنَيْنِ (قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ الْحَالَةِ) أَيْ حَالَةِ إلْزَامِهِ إحْضَارَهُ. (قَوْلُهُ: وَبِمَسَافَةِ الْإِحْضَارِ تَتَقَيَّدُ غَيْبَتُهُ) هَذَا إنَّمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ الْجَلَالُ عَقِبَ قَوْلِ الْمَتْنِ الْآتِي: وَقِيلَ إنْ غَابَ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ صِحَّةَ كَفَالَةِ الْغَائِبِ تَابِعَةٌ لِلُزُومِ إحْضَارِهِ، فَالْمَحَلُّ الَّذِي يَلْزَمُهُ إحْضَارُهُ مِنْهُ لَوْ طَرَأَتْ غَيْبَتُهُ هُوَ الَّذِي تَصِحُّ كَفَالَتُهُ فِيهِ لَوْ كَانَ غَائِبًا ابْتِدَاءً فَسَيَأْتِي فِيهِ الْقَوْلَانِ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ هُنَا أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْمَرْجُوحِ فِيهِ وَقْفَةٌ ظَاهِرَةٌ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَهُ) يُتَأَمَّلُ مَعَ عِبَارَةِ الشَّارِحِ الْجَلَالِ

صَاحِبُ الْبَيَانِ وَغَيْرُهُ فِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ مَعَ حَبْسِهِ بِحَقٍّ فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ يَلْزَمُ بِإِحْضَارِهِ وَبِحَبْسِ مَا لَمْ يَتَسَبَّبْ فِي تَحْصِيلِهِ، وَلَوْ بِبَذْلِ مَا عَلَيْهِ (وَيُمْهَلُ مُدَّةَ ذَهَابٍ وَإِيَابٍ) عَلَى الْعَادَةِ لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ. وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَنْ يُعْتَبَرَ مَعَ ذَلِكَ مُدَّةُ إقَامَةِ الْمُسَافِرِينَ لِلِاسْتِرَاحَةِ وَتَجْهِيزِ الْمَكْفُولِ، وَهُوَ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ فِي الْأُولَى ظَاهِرٌ فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَأَكْثَرَ بِخِلَافِ مَا دُونَهَا، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إمْهَالُهُ عِنْدَ الذَّهَابِ وَالْعَوْدِ لِانْتِظَارِ رُفْقَةٍ يَأْمَنُ بِهِمْ، وَعِنْدَ الْأَمْطَارِ وَالثُّلُوجِ الشَّدِيدَةِ وَالْأَوْحَالِ الْمُؤْذِيَةِ الَّتِي لَا تُسْلَكُ عَادَةً وَلَا يُحْبَسُ مَعَ هَذِهِ الْأَعْذَارِ (فَإِنْ مَضَتْ) الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ (وَلَمْ يُحْضِرْهُ حُبِسَ) مَا لَمْ يُؤَدِّ الدَّيْنَ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ، فَلَوْ أَدَّاهُ ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ فَالْأَوْجَهُ أَنَّ لَهُ اسْتِرْدَادَهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا، وَبَدَلَهُ إنْ تَلِفَ خِلَافًا لِلْغَزِّيِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَبَرِّعٍ بِالْأَدَاءِ وَإِنَّمَا غَرِمَهُ لِلْفُرْقَةِ، وَيُتَّجَهُ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنْ يَلْحَقَ بِقُدُومِهِ تَعَذُّرُ حُضُورِهِ بِمَوْتٍ وَنَحْوِهِ حَتَّى يَرْجِعَ بِهِ، وَإِذَا حُبِسَ أَدِيمٌ حَبَسَهُ إلَى تَعَذُّرِ إحْضَارِ الْغَائِبِ بِمَوْتٍ أَوْ جَهْلٍ بِمَوْضِعِهِ أَوْ إقَامَتِهِ عِنْدَ مَنْ يَمْنَعُهُ، قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ (وَقِيلَ: إنْ غَابَ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ لَمْ يَلْزَمْهُ إحْضَارُهُ) لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ غَيْبَتِهِ الْمُنْقَطِعَةِ، وَرُدَّ بِأَنَّ مَالَ الْمَدِينِ لَوْ غَابَ إلَيْهِ لَزِمَهُ إحْضَارُهُ فَكَذَا هُوَ، وَلَا فَرْقَ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ بَيْنَ أَنْ تَطْرَأَ الْغَيْبَةُ أَوْ يَكُونَ غَائِبًا وَقْتَ الْكَفَالَةِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إذَا مَاتَ وَدُفِنَ) أَوْ هَرَبَ أَوْ تَوَارَى وَلَمْ يُعْرَفْ مَحَلُّهُ (لَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِالْمَالِ) فَالْعُقُوبَةُ أَوْلَى جَزْمًا ـــــــــــــــــــــــــــــSتُقْصَرُ فِيهَا الصَّلَاةُ (قَوْلُهُ: إنَّهُ يَلْزَمُهُ) أَيْ الْكَفِيلَ (قَوْلُهُ: قَضَاؤُهُ) أَيْ الدَّيْنِ: أَيْ فَيُقَالُ هُنَا يَلْزَمُهُ مُؤَنُ السَّفَرِ، ثُمَّ إنْ كَانَ قَضَاؤُهُ لِلدَّيْنِ بِإِذْنِ الْمَدِينِ وَصَرَفَهُ عَلَى الْمَكْفُولِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ بِإِذْنٍ رَجَعَ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِذَلِكَ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ نَشَأَ عَنْ الضَّمَانِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا لَهُ فِي الْأَدَاءِ وَالصَّرْفِ عَلَى الْمَكْفُولِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَهُ الرَّفْعُ إلَى قَاضٍ يَأْذَنُ لِلْكَفِيلِ فِي صَرْفِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ قَرْضًا؛ لِأَنَّ الْمَكْفُولَ بِإِذْنِهِ فِي الْكَفَالَةِ الْتَزَمَ الْحُضُورَ مَعَ الْكَفِيلِ لِلْقَاضِي وَمَنْ لَازَمَهُ صَرْفُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) وَالثَّانِيَةُ هِيَ قَوْلُهُ: وَتَجْهِيزِ الْمَكْفُولِ (قَوْلُهُ: فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَأَكْثَرَ) يَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَعْذَارِ مَا لَوْ غُرِّبَ الْمَكْفُولُ لِزِنًا ثَبَتَ عَلَيْهِ فَيُمْهَلُ الْكَفِيلُ مُدَّةَ التَّغْرِيبِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ) عِلَّةٌ لِلْحَبْسِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا غَرِمَهُ لِلْفُرْقَةِ) أَيْ الْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ، وَزَادَ حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ لِلْفُرْقَةِ: وَالْكَلَامُ حَيْثُ لَمْ يَنْوِ الْوَفَاءَ عَنْهُ وَإِلَّا لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ لِتَبَرُّعِهِ بِأَدَاءِ دَيْنِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (قَوْلُهُ: وَيُتَّجَهُ) وَلَوْ تَعَذَّرَ رُجُوعُهُ عَلَى الْمُؤَدَّى إلَيْهِ فَهَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْمَكْفُولِ؛ لِأَنَّ أَدَاءَهُ عَنْهُ يُشْبِهُ الْقَرْضَ الضِّمْنِيَّ لَهُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرَاعِ فِي الْأَدَاءِ جِهَةَ الْمَكْفُولِ بَلْ مَصْلَحَةَ نَفْسِهِ بِتَخْلِيصِهِ لَهَا بِهِ مِنْ الْحَبْسِ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ. وَالثَّانِي أَقْرَبُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: لَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِالْمَالِ) . [فَرْعٌ] كَفَلَهُ إلَى أَوَّلِ شَهْرِ رَجَبٍ بِإِذْنِهِ لِيُحْضِرَهُ بَعْدَ حُلُولِهِ ثُمَّ مَاتَ الْمَكْفُولُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ هَلْ يَلْزَمُهُ إحْضَارُهُ الْآنَ لِحُلُولِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ إلَى رَجَبٍ مَثَلًا عَلَى لَازِمِهِ وَهُوَ حُلُولُ الدَّيْنِ فَمَتَى حَلَّ بِمَوْتِهِ لَزِمَهُ إحْضَارُهُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ ضَمِنَ دَيْنًا مُؤَجَّلًا فَمَاتَ الْمَضْمُونُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ حَيْثُ بَقِيَ الْأَجَلُ فِي حَقِّ الضَّامِنِ مَعَ حُلُولِهِ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ بِأَنَّ بَقَاءَ الْأَجَلِ ثَمَّ فِي حَقِّ الضَّامِنِ لَا يَلْزَمُهُ تَفْوِيتٌ وَبَقَاؤُهَا هُنَا يُؤَدِّي إلَى فَوَاتِ مَقْصُودِ الْكَفَالَةِ؛ إذْ يَتَعَذَّرُ إحْضَارُهُ بَعْدَ الدَّفْنِ وَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ (قَوْلُهُ: فَالْعُقُوبَةُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) أَيْ الِاسْتِرَاحَةِ: يَعْنِي، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَهُوَ ظَاهِرٌ فِيهَا مُطْلَقًا، وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ، وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَقِبَ كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ الْمَذْكُورِ نَصُّهَا: وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَأَكْثَرَ اهـ. فَاسْتَظْهَرَ كَلَامَ الْإِسْنَوِيِّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ، وَالشَّارِحُ أَرَادَ أَنْ يُوَافِقَهُ فِي تَقْيِيدِ الْأُولَى وَيُبْقِيَ الثَّانِيَةَ عَلَى إطْلَاقِهَا فَعَبَّرَ بِمَا قَالَهُ بِمَا فِيهِ مِنْ الْقَلَاقَةِ. (قَوْلُهُ: حَتَّى يَرْجِعَ بِهِ) أَيْ حَتَّى يَرْجِعَ الْكَفِيلُ بِمَا غَرِمَهُ. (قَوْلُهُ: فَالْعُقُوبَةُ أَوْلَى جَزْمًا) يُوهِمُ أَنَّ الْجَزْمَ

لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْهُ أَصْلًا بَلْ النَّفْسُ وَقَدْ فَاتَتْ، وَإِنَّمَا ذُكِرَ الدَّفْنُ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَهُ قَدْ يُطَالَبُ بِإِحْضَارِهِ لِلْإِشْهَادِ عَلَى صُورَتِهِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ يُطَالَبُ قَبْلَهُ بِالْمَالِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. وَالثَّانِي يُطَالَبُ بِهِ لَا عَنْ الْإِحْضَارِ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فَائِدَةُ هَذِهِ الْوَثِيقَةِ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ الْفَرْقِ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ بَيْنَ أَنْ يُخَلِّفَ الْمَكْفُولُ وَفَاءً أَمْ لَا، لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ: إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ اخْتِصَاصُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُخَلِّفْ ذَلِكَ، وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ تَكَفَّلَ بِبَدَنِ رَقِيقٍ فَمَاتَ أَوْ زَوْجَةٍ فَمَاتَتْ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ فِي الْكَفَالَةِ أَنَّهُ يَغْرَمُ الْمَالَ) وَلَوْ مَعَ قَوْلِهِ (إنْ فَاتَ التَّسْلِيمُ بَطَلَتْ) الْكَفَالَةُ؛ إذْ هُوَ شَرْطٌ يُنَافِي مُقْتَضَاهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَغْرَمُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَالثَّانِي تَصِحُّ بِنَاءً عَلَى مُقَابِلِهِ، وَإِنَّمَا صَحَّ قَرْضٌ شُرِطَ فِيهِ رَدُّ نَحْوِ مُكَسَّرٍ عَنْ نَحْوِ صَحِيحٍ، وَضَمَانٌ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمَضْمُونِ لَهُ أَوْ حُلُولِ الْمُؤَجَّلِ؛ لِأَنَّ الْغُرْمَ هُنَا مُسْتَقِلٌّ يُفْرَدُ بِعَقْدٍ فَأَثَرُ شَرْطِهِ كَشَرْطِ عَقْدٍ وَغَيْرِهِ مِمَّا ذُكِرَ صِفَةً تَابِعَةً لَا يَحِلُّ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَأُلْغِيَتْ وَحْدَهَا، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنْ يَقُولَ: كَفَلْت بَدَنَهُ بِشَرْطِ الْغُرْمِ، أَوْ عَلَى أَنِّي أَغْرَمُ أَوْ نَحْوَهُ، فَلَوْ قَالَ: كَفَلْت بَدَنَهُ فَإِنْ مَاتَ فَعَلَى الْمَالِ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ وَبَطَلَ الْتِزَامُ الْمَالِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُرِدْ بِهِ الشَّرْطَ: أَيْ وَإِلَّا بَطَلَتْ الْكَفَالَةُ أَيْضًا، وَمَا عُورِضَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الِاخْتِلَافِ فِي دَعْوَى الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ وَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ كَمَا مَرَّ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ، وَإِنْ رَجَعَ إلَى ذَلِكَ بَطَلَتْ أَيْضًا كَمَا لَوْ بَاعَ ذِرَاعًا مِنْ أَرْضٍ وَقَالَ: أَرَدْت بِهِ مُعَيَّنًا؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِنِيَّتِهِ، وَلَوْ قَالَ كَفَلْت لَكَ نَفْسَهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ مَاتَ فَأَنَا ضَامِنُهُ بَطَلَتْ الْكَفَالَةُ وَالضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُنَافِيهَا أَيْضًا (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهَا لَا تَصِحُّ بِغَيْرِ رِضَا الْمَكْفُولِ) أَوْ وَلِيِّهِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ عَدَمِ إذْنِهِ لَا يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ مَعَهُ، فَتَبْطُلُ فَائِدَتُهَا، وَالثَّانِي تَصِحُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَغْرَمُ فَيَلْزَمُهُ الْمَالُ؛ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ إحْضَارِهِ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ رِضَا الْمَكْفُولِ لَهُ بِالْكَفِيلِ كَمَا فِي ضَمَانِ الْمَالِ، فَلَوْ كَفَلَ بِهِ بِلَا إذْنٍ لَمْ تَلْزَمْهُ إجَابَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ مِنْ حَدٍّ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: قَبْلَهُ) أَيْ الدَّفْنِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ تَكَفَّلَ) أَيْ قَطْعًا، وَإِلَّا فَهَذَا مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إذَا مَاتَ إلَخْ؛ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَالِ وَمَنْ ذُكِرَ مِنْ الْعَبْدِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَشَرْطِ عَقْدٍ) أَيْ فِي عَقْدٍ (قَوْلُهُ: فَأُلْغِيَتْ وَحْدَهَا) يُتَأَمَّلُ مَعْنَى إلْغَاءِ شَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمَضْمُونِ لَهُ فَإِنَّهُ صَاحِبُ الْحَقِّ وَمُتَمَكِّنٌ مِنْ الْإِبْرَاءِ مَتَى شَاءَ فَاشْتِرَاطُ الْخِيَارِ لَهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مَعْنَى إلْغَائِهَا أَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا شَيْءٌ يَزِيدُ عَلَى مُقْتَضَى الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: وَمَا عُورِضَ بِهِ) أَيْ قَوْلُهُ كَمَا قَالَ وَالزَّرْكَشِيُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي دَعْوَى الصِّحَّةِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ (قَوْلُهُ: مِنْ أَرْضٍ) أَيْ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ رِضَا الْمَكْفُولِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا بِدُونِ الْإِذْنِ بَاطِلَةٌ وَلَوْ قَدِرَ الْكَفِيلُ عَلَى إحْضَارِ الْمَكْفُولِ قَهْرًا عَلَيْهِ، وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ صِحَّةِ كَفَالَةِ الْعَيْنِ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى انْتِزَاعِهَا، الصِّحَّةُ هُنَا أَيْضًا، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْعَيْنَ وُجُوبُ إحْضَارِهَا مِمَّنْ قَدِرَ عَلَيْهَا لَا تَتَوَقَّفُ إلَّا عَلَى مُجَرَّدِ رِضَا مَالِكِهَا بِإِحْضَارِهَا وَالْبَدَنُ يَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُوبِ حُضُورِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ طَلَبِ الْقَاضِي مِنْ مَسَافَةِ الْعَدْوَى فَمَا دُونَهَا، عَلَى أَنَّهُ قَدْ لَا يَجِبُ الْحُضُورُ مَعَ ذَلِكَ كَمَا لَوْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ كَمَرَضٍ فَاحْتِيجَ إلَى إذْنِهِ لَيَجِبَ عَلَيْهِ مُوَافَقَةُ الطَّالِبِ إذَا أَرَادَ إحْضَارَهُ وَلَوْ مِنْ مَوْضِعٍ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحُضُورُ مِنْهُ كَكَوْنِهِ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى (قَوْلُهُ: أَوْ وَلِيِّهِ) وَمِثْلُهُ سَيِّدُ الْعَبْدِ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ إذْنُ السَّيِّدِ فِيمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ كَالْإِتْلَافِ الثَّابِتِ بِالْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ اشْتِرَاطِ رِضَا الْمَكْفُولِ) وَهَلْ يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ أَوَّلًا فِيهِ مَا قَدَّمْنَا فِي رَدِّ الْمَضْمُونِ لَهُ مِنْ كَلَامِ حَجّ وسم عَلَى مَنْهَجٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَفَلَ) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَأَنَّهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: بِلَا إذْنٍ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالنِّسْبَةِ لِلْأَوْلَوِيَّةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ فَالْعُقُوبَةُ أَوْلَى فَلِهَذَا لَمْ يُطَالِبْ بِهَا جَزْمًا. (قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ تَكَفَّلَ بِبَدَنِ رَقِيقٍ) أَيْ قَطْعًا وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ الْكَتَبَةِ . (قَوْلُهُ: وَمَا عُورِضَ بِهِ) أَيْ وَمَا عُورِضَ بِهِ مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُ الزَّرْكَشِيّ مَا إذَا لَمْ يُرِدْ بِهِ الشَّرْطَ مِنْ تَصْدِيقِهِ فِي هَذِهِ الْإِرَادَةِ. وَحَاصِلُ الْمُعَارَضَةِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُبْنَى عَلَى دَعْوَى

الْكَفِيلِ فَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ مُطَالَبَتُهُ وَإِنْ طَالَبَ الْمَكْفُولُ لَهُ الْكَفِيلَ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الْأَقْرَبُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَجَّهْ أَمْرُهُ بِطَلَبِهِ. قَالَ: وَتَوْجِيهُ اللُّزُومِ بِتَضَمُّنِ الْمُطَالَبَةِ التَّوْكِيلَ بَعِيدٌ إلَّا إنْ سَأَلَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ إحْضَارَهُ إلَى الْحَاكِمِ فَيَجِبُ حَتْمًا؛ إذْ هُوَ وَكِيلُ رَبِّ الدَّيْنِ، وَلَا حَبْسَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يُحْضِرْهُ مُطْلَقًا لِمَا مَرَّ أَنَّهُ إنَّمَا وَجَبَتْ الْإِجَابَةُ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ مَعَ اسْتِدْعَاءِ الْحَاكِمِ، أَمَّا الْكَفِيلُ بِالْإِذْنِ فَيُحْبَسُ إنْ لَمْ يُحْضِرْهُ كَمَا مَرَّ وَلَوْ مَاتَ الْكَفِيلُ بَطَلَتْ الْكَفَالَةُ وَلَا شَيْءَ لِلْمَكْفُولِ لَهُ فِي تَرِكَتِهِ أَوْ الْمَكْفُولُ لَهُ فَلَا وَيَبْقَى الْحَقُّ لِوَرَثَتِهِ، فَلَوْ خَلَّفَ وَرَثَةً وَوَصِيًّا وَغُرَمَاءَ لَمْ يَبْرَأْ الْكَفِيلُ إلَّا بِالتَّسْلِيمِ لِلْجَمِيعِ، وَيَكْفِي التَّسْلِيمُ إلَى الْمُوصَى لَهُ عَنْ التَّسْلِيمِ إلَى الْوَصِيِّ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ إنْ كَانَ الْمُؤَدَّى لَهُ مَحْصُورًا لَا كَالْفُقَرَاءِ وَنَحْوِهِمْ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ: هَذَا إنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِسَبَبِ مَالٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِسَبَبِهِ فَالْمُسْتَحِقُّ لِلْكَفَالَةِ الْوَارِثُ وَحْدَهُ ، وَيَصِحُّ التَّكَفُّلُ لِمَالِكِ عَيْنٍ وَلَوْ خَفِيفَةً لَا مُؤْنَةَ لِرَدِّهَا بِرَدِّهَا لَا قِيمَتِهَا لَوْ تَلِفَتْ مِمَّنْ هِيَ بِيَدِهِ إنْ كَانَتْ يَدُهُ يَدَ ضَمَانٍ وَأَذِنَ مَنْ هِيَ تَحْتَ يَدِهِ أَوْ قَدِرَ عَلَى انْتِزَاعِهَا مِنْهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّهَا لِنَحْوِ تَلَفٍ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــSأَوَّلًا لِأَنَّهُ مَعَ عَدَمِ إذْنِهِ إلَخْ، لَكِنَّهُ ذَكَرَهُ هُنَا لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: مِنْهُ) أَيْ الْمَكْفُولِ (قَوْلُهُ: مُطَالَبَتُهُ) أَيْ الْمَكْفُولِ حَيْثُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الْكَفَالَةِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يُوَجَّهْ) أَيْ لَمْ يُوجَدْ وَجْهٌ لِطَلَبِهِ الْحُضُورَ لِبُطْلَانِ الْكَفَالَةِ مِنْ أَصْلِهَا (قَوْلُهُ: وَتَوْجِيهُ اللُّزُومِ) أَيْ عَلَى كُلِّ مَنْ كَفَلَ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْمَكْفُولِ (قَوْلُهُ: يَتَضَمَّنُ الْمُطَالَبَةَ) أَيْ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَا حَبْسَ عَلَيْهِ) أَيْ فِيمَا لَوْ سَأَلَهُ الْمَكْفُولُ إحْضَارَهُ وَقَدْ كَفَلَ بِلَا إذْنٍ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْمُؤَدَّى لَهُ) أَيْ وَهُوَ الْمُوصَى لَهُ، وَفِي نُسْخَةٍ الْمُوصَى لَهُ وَهِيَ أَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ التَّكَفُّلُ) ذَكَرَهُ هُنَا، وَلَمْ يَكْتَفِ بِمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ مِنْ شُمُولِ الْمَتْنِ لَهُ فِي قَوْلِهِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَضْمُونِ كَوْنُهُ ثَابِتًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِضَمَانِ الْعَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ: أَيْ فَيُصَدَّقُ مُدَّعِي عَدَمِ نِيَّةِ الشَّرْطِيَّةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يُوَجَّهْ أَمْرُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقِيلَ تَلْزَمُهُ إجَابَتُهُ فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ إنْ طَالَبَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ كَأَنْ قَالَ لَهُ اُخْرُجْ عَنْ حَقِّي؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ التَّوْكِيلَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ وَمَا رَجَّحَهُ: أَيْ ابْنُ الْمُقْرِي: أَيْ مِنْ عَدَمِ لُزُومِ الْإِجَابَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الْأَقْرَبُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَجَّهْ أَمْرُهُ بِطَلَبِهِ، فَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إلَخْ رَدٌّ لِاكْتِفَاءِ الضَّعِيفِ بِتَضَمُّنِ قَوْلِ الْمَكْفُولِ لَهُ إخْرَاجٌ عَنْ حَقِّي لِتَوْكِيلِهِ فِي الْمُطَالَبَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَفَلَ بِغَيْرِ إذْنٍ لَا يَلْزَمُ الْمَكْفُولَ إجَابَتُهُ، وَإِنْ طَالَبَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ تَلْزَمُهُ فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ إنْ طَلَبَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ كَأَنْ قَالَ اُخْرُجْ عَنْ حَقِّي لَكِنْ لَا لِلْكَفَالَةِ بَلْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ التَّوْكِيلَ فِي الطَّلَبِ فَكَأَنَّهُ صَارَ وَكِيلَ الْمَكْفُولِ لَهُ فِي طَلَبِ الْمَكْفُولِ فَتَلْزَمُهُ إجَابَتُهُ لَكِنْ بِشَرْطِ اسْتِدْعَاءِ الْقَاضِي، وَالصَّحِيحُ لَا يُكْتَفَى بِذَلِكَ وَيَقُولُ لَا بُدَّ مِنْ تَوْجِيهِ الْأَمْرِ بِطَلَبِهِ صَرِيحًا بِشَرْطِهِ وَبِهَذَا يُعْلَمُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ سَأَلَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ لَمْ تَلْزَمْهُ إجَابَةُ الْكَفِيلِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ. (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ حَتْمًا) أَيْ إنْ اسْتَدْعَاهُ الْقَاضِي بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي.

[فصل في صيغتي الضمان والكفالة]

(فَصْلٌ) فِي صِيغَتَيْ الضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ وَهِيَ الرُّكْنُ الْخَامِسُ لِلضَّمَانِ، وَفِي مُطَالَبَةِ الضَّامِنِ وَأَدَائِهِ وَرُجُوعِهِ وَتَوَابِعَ لِذَلِكَ، وَعَبَّرَ عَنْ الرُّكْنِ بِالشَّرْطِ فَقَالَ (يُشْتَرَطُ فِي الضَّمَانِ) لِلْمَالِ (وَالْكَفَالَةِ) لِلْبَدَنِ أَوْ الْعَيْنِ (لَفْظٌ) غَالِبًا إذْ مِثْلُهُ الْكِتَابَةُ مَعَ النِّيَّةِ وَإِشَارَةُ أَخْرَسَ مُفْهِمَةٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ فِي مَوَاضِعَ (يُشْعِرُ بِالِالْتِزَامِ) كَغَيْرِهِ وَمِنْ الْعُقُودِ وَدَخَلَ فِي يُشْعِرُ الْكِنَايَةَ فَهُوَ أَوْضَحُ مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ كَغَيْرِهَا تَدُلُّ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ دَالَّةً: أَيْ دَلَالَةً ظَاهِرَةً ثُمَّ الصَّرِيحُ (كَ ضَمِنْت) وَإِنْ لَمْ يَضُمَّ لَهُ لَك كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ عَدَمُ ذِكْرِ الْمُصَنِّفِ لَهَا وَإِنْ ذَكَرَهَا كَالرَّافِعِيِّ فِي كُتُبٍ فَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ (دَيْنَكَ عَلَيْهِ) أَيْ فُلَانٍ (أَوْ تَحَمَّلْته أَوْ تَقَلَّدْته) أَوْ الْتَزَمْته (أَوْ تَكَفَّلْت بِبَدَنِهِ أَوْ أَنَا بِالْمَالِ) الَّذِي عَلَى عَمْرٍو مَثَلًا (أَوْ بِإِحْضَارِ الشَّخْصِ) الَّذِي هُوَ فُلَانٌ (ضَامِنٌ أَوْ كَفِيلٌ أَوْ زَعِيمٌ أَوْ حَمِيلٌ) أَوْ قَبِيلٌ ـــــــــــــــــــــــــــــS [فَصْلٌ فِي صِيغَتَيْ الضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ] (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ الصِّيغَةُ (قَوْلُهُ: لِلضَّمَانِ) أَيْ وَلِلْكَفَالَةِ أَيْضًا وَأَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُهَا (قَوْلُهُ: وَتَوَابِعِ ذَلِكَ) كَمِقْدَارِ مَا يَرْجِعُ بِهِ أَوْ جِنْسِهِ وَحُكْمِ مَا لَوْ أَدَّى دَيْنَ غَيْرِهِ بِلَا ضَمَانٍ (قَوْلُهُ: وَعَبَّرَ عَنْ الرُّكْنِ بِالشَّرْطِ) أَيْ لِأَنَّهُ أَرَادَ بِالشَّرْطِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَيَصْدُقُ بِالرُّكْنِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: عَبَّرَ بِالشَّرْطِ لِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْكَلَامُ مِنْ الْقَيْدِ وَهُوَ قَوْلُهُ يُشْعِرُ بِالِالْتِزَامِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: يُشْتَرَطُ إشْعَارُ اللَّفْظِ بِالِالْتِزَامِ (قَوْلُهُ: إذْ مِثْلُهُ الْكِتَابَةُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا مِنْ الْأَخْرَسِ أَوْ غَيْرِهِ، وَنَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الشَّارِحِ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَعِبَارَةُ حَجّ فِي أَوَّلِ الْبَابِ عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ شَرْطُ الضَّامِنِ الرُّشْدُ نَصُّهَا: تَنْبِيهٌ: وَقَعَ لَهُمَا هُنَا مَا يَقْتَضِي أَنَّ كِتَابَةَ الْأَخْرَسِ الْمُنْضَمِّ إلَيْهَا قَرَائِنُ تُشْعِرُ بِالضَّمَانِ صَرِيحَةٌ وَإِنْ كَانَ لَهُ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِإِطْلَاقِهِمْ أَنَّ كِتَابَتَهُ كِنَايَةٌ، وَلِقَوْلِهِمْ: الْكِنَايَةُ لَا تَنْقَلِبُ إلَى الصَّرِيحِ بِالْقَرَائِنِ وَإِنْ كَثُرَتْ كَأَنْتِ بَائِنٌ مُحَرَّمَةٌ أَبَدًا لَا تَحِلِّينَ لِي، وَعَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا فَهَلْ يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالضَّمَانِ أَوْ يَعُمُّ كُلَّ عَقْدٍ وَحِلٍّ وَيُقَيَّدُ بِهَذَا مَا أَطْلَقُوهُ ثَمَّ لِلنَّظَرِ فِيهِ مَجَالٌ، وَالْأَوَّلُ بَعِيدُ الْمَعْنَى لِأَنَّ الضَّمَانَ عَقْدُ غَرَرٍ، وَغَيْرُ مُحْتَاجٍ فَلَا يُنَاسِبُ جَعْلَ تِلْكَ الْكِتَابَةِ صَرِيحَةً فِيهِ دُونَ غَيْرِهِ. وَالثَّانِي بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِهِمْ اهـ: أَيْ فَالْكِتَابَةُ كِنَايَةٌ سَوَاءٌ انْضَمَّ إلَيْهَا قَرَائِنُ أَمْ لَا وُجِدَتْ مِنْ الْأَخْرَسِ أَوْ النَّاطِقِ فَيُوَافِقُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ م ر وَسَوَاءٌ فِي الْأَخْرَسِ أَكَانَ لَهُ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَدَخَلَ فِي يُشْعِرُ الْكِنَايَةَ) بِالنُّونِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْإِشْعَارَ أَمْرٌ خَفِيٌّ، وَقَدْ يُخَالِفُهُ قَوْلُ الْبَيْضَاوِيِّ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى {وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} [البقرة: 9] لَا يُحِسُّونَ بِذَلِكَ لِتَمَادِي غَفْلَتِهِمْ جَعَلَ لُحُوقَ وَبَالِ الْخِدَاعِ وَرُجُوعَ ضَرَرِهِ إلَيْهِمْ فِي الظُّهُورِ كَالْمَحْسُوسِ الَّذِي لَا يَخْفَى إلَّا عَلَى مُؤَفِّ الْحَوَاسِّ: أَيْ الَّذِي أُصِيبَتْ حَوَاسُّهُ بِالْآفَةِ حَتَّى فَسَدَتْ وَالشُّعُورُ الْإِحْسَاسُ وَمَشَاعِرُ الْإِنْسَانِ حَوَاسُّهُ اهـ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) أَيْ الْكِنَايَةَ بِالنُّونِ (قَوْلُهُ: دَيْنُك عَلَيْهِ) هُوَ ظَاهِرٌ إنْ اتَّحَدَ الدَّيْنُ وَتَوَافَقَا عَلَيْهِ، فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنُ قَرْضٍ، وَثَمَنُ مَبِيعٍ مَثَلًا وَطَالَبَهُ رَبُّ الدَّيْنِ فَقَالَ الْكَفِيلُ ضَمِنْت دَيْنَك عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: أَنَا ضَمِنْت شَيْئًا خَاصًّا كَدَيْنِ الْقَرْضِ مَثَلًا فَهَلْ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ الْكَفِيلِ إنْ دَلَّتْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ كَمَا لَوْ طَالَبَهُ بِدَيْنِ الْقَرْضِ فَقَالَ ذَلِكَ، فَلَوْ لَمْ تَقُمْ عَلَى ذَلِكَ قَرِينَةٌ حُمِلَ عَلَى جَمِيعِ الدُّيُونِ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُفْرَدٌ مُضَافٌ إلَى مَعْرِفَةٍ فَيَعُمُّ (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَا بِالْمَالِ أَوْ بِإِحْضَارِ الشَّخْصِ الَّذِي هُوَ فُلَانٌ) قَالَ حَجّ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذُكِرَ: وَإِنَّمَا قَيَّدْت الْمَالَ وَالشَّخْصَ بِمَا ذَكَرْته لِمَا هُوَ وَاضِحٌ أَنَّهُ لَا يَكْفِي ذِكْرُ مَا فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصْلٌ) فِي صِيغَتَيْ الضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ.

أَوْ عَلَيَّ مَا عَلَى فُلَانٍ وَمَا لَك عَلَى فُلَانٍ عَلَيَّ لِثُبُوتِ بَعْضِهَا نَصًّا وَبَاقِيهَا قِيَاسًا مَعَ اشْتِهَارِ لَفْظِ الْكَفَالَةِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ وَالْكِنَايَةُ نَحْوُ: دَيْنُ فُلَانٍ إلَيَّ أَوْ عِنْدِي وَلَوْ تَكَفَّلَ ثُمَّ أَبْرَأَهُ الْمُسْتَحِقُّ ثُمَّ وَجَدَهُ مُلَازِمًا لِخَصْمِهِ فَقَالَ خَلِّهِ وَأَنَا عَلَى مَا كُنْت عَلَيْهِ مِنْ الْكَفَالَةِ صَارَ كَفِيلًا وَفَارَقَ مَا لَوْ قَالَ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ بَعْدَ فَسْخِ الْكِتَابَةِ أَقْرَرْتُك عَلَيْهَا حَيْثُ لَمْ تَعُدْ بَانَ الضَّمَانُ مَحْضَ غَرَرٍ وَغَبْنٍ فَكَفَى فِيهِ ذَلِكَ مِنْ الْمُلْتَزَمِ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ وَنَحْوِهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصَرَاحَةِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ ذِكْرُ الْمَالِ فَنَحْوُ ضَمِنْت فُلَانًا مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ مَالٍ كِنَايَةٌ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا مَرَّ فِي إلَيَّ أَوْ عِنْدِي (وَلَوْ قَالَ أُؤَدِّي الْمَالَ أَوْ أُحْضِرُ الشَّخْصَ فَهُوَ وَعْدٌ) بِالِالْتِزَامِ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ لِأَنَّ الصِّيغَةَ غَيْرُ مُشْعِرَةٍ بِالِالْتِزَامِ. نَعَمْ إنْ حَفَّتْ بِهِ قَرِينَةٌ تَصْرِفُهُ إلَى الْإِنْشَاءِ انْعَقَدَ بِهِ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَأَيَّدَهُ السُّبْكِيُّ بِكَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ أَنَّ الْقَرِينَةَ تَلْحَقُهُ بِالصَّرِيحِ، لَكِنْ الْأَذْرَعِيُّ اشْتَرَطَ النِّيَّةَ مِنْ الْعَامِّيِّ وَجَعَلَ غَيْرَهُ مُحْتَمَلًا. نَعَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَتْنِ وَحْدَهُ. فَإِنْ قُلْت: يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ ذِكْرِهِمَا، وَتَكُونُ أَلْ لِلْعَهْدِ الذِّكْرِيِّ بَلْ، وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَهُمَا ذِكْرٌ حَمْلًا لَهَا عَلَى الْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ. قُلْت: لَا يَصِحُّ هَذَا الْحَمْلُ، وَإِنْ أَوْهَمَهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْمَعْهُودُ بَلْ الَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ فِيهَا كِنَايَةٌ لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلْقَرِينَةِ فِي الصَّرَاحَةِ اهـ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى مَا عَلَى فُلَانٍ) أَيْ إذَا ضَمَّ إلَيْهِ لَك بِأَنْ قَالَ مَا لَك عَلَيَّ إلَخْ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَبْرَأهُ) أَيْ الْكَافِلُ (قَوْلُهُ: الْمُسْتَحِقَّ) أَيْ الْمَكْفُولَ لَهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ وَجَدَهُ) أَيْ الْكَفِيلُ (قَوْلُهُ: لِخَصْمِهِ) أَيْ الْمَكْفُولِ (قَوْلُهُ: صَارَ كَفِيلًا) أَيْ فَيَكُونُ صَرِيحًا (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ تَعِدْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَبِلَ الْعَبْدُ، وَلَكِنْ يُخَالِفُ هَذَا مَا تَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ نَقْلًا عَنْ بَعْضِ الْهَوَامِشِ فِي بَابِ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَيَفْسَخَانِهِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ الْحَاكِمُ إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ قَالَا: أَبْقَيْنَا الْعَقْدَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ أَوْ أَقْرَرْنَاهُ عَادَ الْعَقْدُ بَعْدَ فَسْخِهِ لِمِلْكِ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ صِيغَةِ بِعْت وَاشْتَرَيْت وَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ بَعْدَ مَجْلِسِ الْفَسْخِ الْأَوَّلِ اهـ وَيُخَالِفُ أَيْضًا مَا يَأْتِي فِي الْقِرَاضِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ فَقَرَّرَ الْوَارِثُ الْعَقْدَ صَحَّ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي الْقِرَاضِ مِنْ أَنَّ الْبَائِعَ لَوْ قَرَّرَ الْعَقْدَ بَعْدَ فَسْخِهِ وَقَبِلَهُ الْمُشْتَرَى اكْتَفَى بِهِ عَنْ الصِّيغَةِ مَعَ أَنَّ الْبَيْعَ وَنَحْوَهُ لَيْسَا مَبْنِيَّيْنِ عَلَى الْغَرَرِ. نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ لَا يُرَادَ عَقْدُ الْكِتَابَةِ لِمَا فَرَّقَ بِهِ الشَّارِحُ ثُمَّ بَيَّنَ الْبَيْعَ وَالنِّكَاحَ مِنْ أَنَّ النِّكَاحَ يُعْتَبَرُ لَهُ صِيغَةٌ خَاصَّةٌ وَهِيَ الْإِنْكَاحُ أَوْ التَّزْوِيجُ فَلَمْ يَكْتَفِ فِيهِ بِالتَّقْرِيرِ فَيُقَالُ مِثْلُهُ فِي الْكِتَابَةِ وَيَبْقَى غَيْرُهُمَا عَلَى إشْكَالِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلضَّمَانِ فَلْيُنْظَرْ هَذَا. وَقَوْلُهُ: وَنَحْوُهَا يَنْبَغِي عَلَى مَا فَرَّقَ بِهِ قَصْرُهُ عَلَى النِّكَاحِ خَاصَّةً حَتَّى لَوْ فَسَخَ نِكَاحَ زَوْجَتِهِ أَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ قَالَ قَرَّرْت نِكَاحَهَا لَا تَعُودُ الزَّوْجِيَّةُ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهَا) أَيْ فَإِنَّهَا عُقُودُ مُعَاوَضَةٍ لَا غَرَرَ فِيهَا وَلَا غَبْنَ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) أَيْ فَإِنْ نَوَى بِهِ ضَمَانَ الْمَالِ وَعَرَفَ قَدْرَهُ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا. وَقَالَ ع مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ ضَمَانَ الْمَالِ حُمِلَ عَلَى كَفَالَةِ الْبَدَنِ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا مَعْرِفَةُ قَدْرِ الْمَالِ الْمَضْمُونِ اهـ. وَقَدْ يُحْمَلُ كَلَامُ الشَّارِحِ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ بِمَا ذَكَرَهُ الْتِزَامًا كَانَ لَغْوًا، وَإِنْ نَوَى بِهِ الْتِزَامَ الْمَالِ أَوْ الْبَدَنِ عَمِلَ بِمَا نَوَاهُ، وَإِنْ نَوَى بِهِ الِالْتِزَامَ لَا بِقَيْدِ الْمَالِ وَلَا الْبَدَنِ حُمِلَ عَلَى الْبَدَنِ (قَوْلُهُ: كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا مَرَّ) لَمْ يُقَدَّمْ فِي قَوْلِهِ: وَالْكِنَايَةُ نَحْوُ دَيْنِ فُلَانٍ إلَيَّ أَوْ عِنْدِي مَا يَظْهَرُ مِنْهُ الدَّلَالَةُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ، وَعِبَارَةُ حَجّ كَعِبَارَةِ الشَّارِحِ أَوَّلًا وَآخِرًا (قَوْلُهُ: إلَى الْإِنْشَاءِ) أَيْ كَأَنْ رَأَى صَاحِبَ الْحَقِّ يُرِيدُ حَبْسَ الْمَدْيُونِ فَقَالَ الضَّامِنُ: أَنَا أُؤَدِّي الْمَالَ فَذَلِكَ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ يُرِيدُ أَنَا ضَامِنُهُ وَلَا تَتَعَرَّضُ لَهُ (قَوْلُهُ: بِكَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ) وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: إنْ سَلَّمَ مَالِي أَعْتَقْت عَبْدِي انْعَقَدَ نَذْرُهُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: مُحْتَمَلًا) أَيْ لَأَنْ يُوَافِقَ ابْنَ الرِّفْعَةِ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: صَارَ كَفِيلًا) أَيْ فَاللَّفْظُ صَرِيحٌ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ مَالٍ كِنَايَةٌ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ مَالٍ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً كَخَلِّ عَنْ مُطَالَبَةِ فُلَانٍ الْآنَ فَإِنَّهُ كِنَايَةٌ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا مَرَّ إلَخْ، فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ يَدُلُّ عَلَيْهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ كَخَلِّ عَنْ مُطَالَبَةِ فُلَانٍ وَهُوَ سَاقِطٌ مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ فَلْيُحَرَّرْ . (قَوْلُهُ: وَجَعَلَ غَيْرَهُ مُحْتَمِلًا)

قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ عَنْ الْبُوشَنْجِيِّ فِي: طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ: أُطَلِّقُ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ حَالًا؛ لِأَنَّ مُطْلَقَهُ لِلِاسْتِقْبَالِ فَإِنْ أَرَادَتْ بِهِ الْإِنْشَاءَ وَقَعَتْ حَالًا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَا شَكَّ فِي جَرَيَانِهِ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ يُؤَثِّرُ مَعَ النِّيَّةِ وَحْدَهَا لَا مَعَ عَدَمِهَا سَوَاءٌ الْعَامِّيُّ وَغَيْرُهُ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ أَمْ لَا، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَحَلَّ مَا مَرَّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ إنْ نَوَى بِهِ الِالْتِزَامَ وَإِلَّا لَمْ تَنْعَقِدْ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ) (تَعْلِيقُهُمَا) أَيْ الضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ (بِشَرْطٍ) لِأَنَّهُمَا عَقْدَانِ كَالْبَيْعِ. وَالثَّانِي يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْقَبُولَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا فَجَازَ تَعْلِيقُهُمَا كَالطَّلَاقِ (وَلَا تَوْقِيتُ الْكَفَالَةِ) كَأَنَا كَفِيلُ يَزِيدَ إلَى شَهْرٍ وَبَعْدَهُ أَنَا بَرِيءٌ. وَالثَّانِي يَجُوزُ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي تَسْلِيمِهِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ، بِخِلَافِ الْمَالِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْأَدَاءُ فَلِهَذَا امْتَنَعَ تَأْقِيتُ الضَّمَانِ قَطْعًا كَمَا يُشْعِرُ بِهِ كَلَامُهُ حَيْثُ أَفْرَدَهَا وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ لِلضَّامِنِ أَوْ الْكَفِيلِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ لِمُنَافَاتِهِ مَقْصُودَهُمَا مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَيْهِ لِأَنَّ الْمُلْتَزَمَ فِيهِمَا عَلَى يَقِينٍ مِنْ الْغَرَرِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِضَمَانٍ أَوْ كَفَالَةٍ بِشَرْطِ خِيَارٍ مُفْسِدٍ أَوْ قَالَ الضَّامِنُ أَوْ الْكَفِيلُ لَا حَقَّ عَلَى مَنْ ضَمِنْت أَوْ كَفَلْت بِهِ أَوْ قَالَ الْكَفِيلُ بَرِئَ الْمَكْفُولُ صُدِّقَ الْمُسْتَحِقُّ بِيَمِينِهِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الضَّامِنُ وَالْكَفِيلُ وَبَرِئَا دُونَ الْمَضْمُونِ عَنْهُ وَالْمَكْفُولِ بِهِ، وَيَبْطُلُ الضَّمَانُ بِشَرْطِ إعْطَاءِ مَالٍ لَا يُحْسَبُ مِنْ الدَّيْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSالِاكْتِفَاءِ بِالْقَرِينَةِ وَأَنْ يَأْخُذَ بِإِطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَغْوٌ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ ظَاهِرُ الْآتِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَرَادَتْ بِهِ) أَيْ أُطَلِّقُ (قَوْلُهُ: وَقَعَتْ) أَيْ تِلْكَ الطَّلْقَةُ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ الْعَامِّيُّ وَغَيْرُهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَنَّ مَحَلَّ مَا مَرَّ) أَيْ عَنْ حَجّ فِي قَوْلِهِ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ سَلَّمَ مَالَ إلَخْ (قَوْلُهُ: حَيْثُ أَفْرَدَهَا) أَيْ الْكَفَالَةَ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ) أَيْ فَإِنْ شَرَطَهُ فَسَدَ الْعَقْدُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَلَوْ أَقَرَّ بِضَمَانٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ أَجْنَبِيٍّ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرَطَهُ لِلْمَضْمُونِ لَهُ أَوْ الْمَكْفُولِ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يَقْتَضِي فَسَادَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَهُ الْخِيَارُ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ خِيَارٍ مُفْسِدٍ) أَيْ بِأَنْ شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ: لَا يُحْسَبُ مِنْ الدَّيْنِ) هَذَا الْقَيْدُ إنَّمَا يَظْهَرُ إذَا كَانَ الدَّافِعُ هُوَ الضَّامِنَ أَوْ الْمَضْمُونَ عَنْهُ، وَكَانَ الْآخِذُ هُوَ الْمَضْمُونَ لَهُ، وَعَلَيْهِ فَهَلَّا قِيلَ بِإِلْغَاءِ الشَّرْطِ مَعَ صِحَّةِ الضَّمَانِ كَمَا لَوْ أَقْرَضَهُ صِحَاحًا بِشَرْطِ رَدِّ مُكَسَّرٍ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمَالَ الْمَغْرُومَ هُنَا لَيْسَ صِفَةً لِلْعَقْدِ فَأَثَّرَ اشْتِرَاطُهُ، بِخِلَافِ شَرْطِ الْمُكَسَّرِ عَنْ الصِّحَاحِ فَإِنَّهُ صِفَةٌ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ ذِكْرُهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ لِلشَّارِحِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ حَيْثُ سَكَتَ عَنْ حُكْمِهِ إذْ سُكُوتُهُ عَنْهُ صَارَ حُكْمُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْنَا مُحْتَمِلًا لَا يُدْرَى حُكْمُهُ عِنْدَهُ، وَإِلَّا فَالْأَذْرَعِيُّ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِغَيْرِ الْعَامِّيِّ وَعِبَارَتُهُ: وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ كِنَايَةٌ فَإِنَّ الْعَامِّيَّ يَقْصِدُ بِهِ الِالْتِزَامَ، فَإِنْ اعْتَرَفَ بِقَصْدِهِ بِهِ الضَّمَانَ أَوْ الْكَفَالَةَ أُلْزِمَ ذَلِكَ انْتَهَتْ. وَلَمَّا قَالَ الشِّهَابُ حَجّ وَالْأَذْرَعِيُّ: لَا يُشْتَرَطُ إلَّا النِّيَّةُ مِنْ الْعَامِّيِّ أَعْقَبَهُ بِقَوْلِهِ وَيُحْتَمَلُ فِي غَيْرِهِ أَنْ يُوَافِقَ ابْنَ الرِّفْعَةِ: أَيْ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ النِّيَّةُ مَعَ الْقَرِينَةِ كَمَا قَرَّرَهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَأْخُذَ بِإِطْلَاقِهِمْ إنَّهُ لَغْوٌ اهـ. وَلَك أَنْ تَقُولَ: مَا الْمَانِعُ مِنْ جَعْلِ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ فَإِذَا اعْتَرَفَ رَاجِعًا إلَى مُطْلَقِ الْقَائِلِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْمَقَامِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ فِي مَطْلَعِ كَلَامِهِ جَعَلَهُ كِنَايَةً مُطْلَقًا، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ اسْتَظْهَرَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْعَامِّيَّ يَقْصِدُ بِهِ الِالْتِزَامَ: أَيْ فَقَصْدُ الِالْتِزَامِ بِهِ وَاقِعٌ فِي الْجُمْلَةِ مِنْ الْعَامِّيِّ فَلَا بُعْدَ فِي كَوْنِهِ كِنَايَةً، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْأَذْرَعِيَّ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَجْعَلَهُ كِنَايَةً مِنْ الْعَامِّيِّ دُونَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا نَظِيرَ لَهُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَحَلَّ مَا مَرَّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ إنْ نَوَى إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يَذْكُرُ كَلَامَ الْمَاوَرْدِيِّ فِيمَا مَرَّ وَهُوَ أَنَّهُ قَالَ فِي بَابِ النَّذْرِ إذَا قَالَ إنْ سَلَّمَ مَالِي أَعْتَقْت عَبْدِي انْعَقَدَ نَذْرُهُ

وَلَوْ كَفَلَ بِزَيْدٍ عَلَى أَنَّ لِي عَلَيْك كَذَا، أَوْ إنْ أَحْضَرْته وَإِلَّا فَبِعَمْرٍو أَوْ بِشَرْطِ إبْرَاءً الْكَفِيلِ وَأَنَا كَفِيلُ الْمَكْفُولِ لَمْ تَصِحَّ (وَلَوْ) (نَجَّزَهَا) أَيْ الْكَفَالَةَ (وَشَرَطَ تَأْخِيرَ الْإِحْضَارِ شَهْرًا) كَضَمِنْت إحْضَارَهُ وَأَحْضَرَهُ بَعْدَ شَهْرٍ (جَازَ) ؛ لِأَنَّهُ الْتِزَامٌ بِعَمَلٍ فِي الذِّمَّةِ فَكَانَ كَعَمَلِ الْإِجَارَةِ يَجُوزُ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا وَمَنْ عَبَّرَ بِجَوَازِ تَأْجِيلِ الْكَفَالَةِ أَرَادَ هَذِهِ الصُّورَةَ وَخَرَجَ بِشَهْرٍ مَثَلًا نَحْوُ الْحَصَادِ فَلَا يَصِحُّ التَّأْجِيلُ إلَيْهِ. (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ يَصِحُّ ضَمَانُ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا أَجَلًا مَعْلُومًا) إذْ الضَّامِنُ تَبَرَّعَ، وَالْحَاجَةُ تَدْعُو لَهُ فَكَانَ عَلَى حَسَبِ مَا الْتَزَمَهُ وَيَثْبُتُ الْأَجَلُ فِي حَقِّ الضَّامِنِ، وَفُهِمَ مِنْهُ بِالْأَوْلَى جَوَازُ زِيَادَةِ الْأَجَلِ وَنَقْصِهِ وَإِسْقَاطِ الْمَالِ مِنْ قَوْلٍ أَصْلُهُ ضَمَانُ الْمَالِ الْحَالِّ لِيَشْمَلَ مَنْ تَكَفَّلَ كَفَالَةً مُؤَجَّلَةً بِبَدَنِ مَنْ تَكَفَّلَ بِغَيْرِهِ كَفَالَةً حَالَّةً، وَعُلِمَ مِنْ اشْتِرَاطِ مَعْرِفَةِ الضَّامِنِ لِجِنْسِ الدَّيْنِ اشْتِرَاطُ مَعْرِفَةِ كَوْنِهِ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا. وَالثَّانِي ـــــــــــــــــــــــــــــSالْكَفَالَةِ إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ: وَإِنَّمَا صَحَّ قَرْضُ شَرْطٍ فِيهِ رَدُّ نَحْوِ مُكَسَّرٍ عَنْ صَحِيحٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ لِي عَلَيْك) أَيْ الْمَكْفُولِ لَهُ قَدْ يُشْكِلُ عَدَمُ صِحَّةِ الضَّمَانِ بِشَرْطِ عِوَضٍ عَلَى الْمَضْمُونِ لَهُ بِجَوَازِ الْتِزَامِ الْعِوَضِ فِي مُقَابَلَةِ الْبَرَاءَةِ عَلَى مَا مَرَّ لِلشَّارِحِ عَنْ الْمُتَوَلِّي، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الصِّحَّةَ فِي الْبَرَاءَةِ مُصَوَّرَةٌ بِمَا إذَا تَرَاضَيَا قَبْلَ الْبَرَاءَةِ عَلَى دَفْعِ الْمَالِ فِي مُقَابَلَتِهَا وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لِلشَّرْطِ فِي الْبَرَاءَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ إنْ أَحْضَرَتْهُ) أَيْ فَذَاكَ (قَوْلُهُ: وَأَنَا كَفِيلُ الْمَكْفُولِ) مَعْنَاهُ إبْرَاءُ الْكَفِيلِ بِأَنْ يَقُولَ تَكَفَّلْت بِإِحْضَارِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ عَلَى أَنَّ مَنْ تَكَفَّلَ بِهِ قَبْلُ بَرِئَ (قَوْلُهُ: بَعْدَ شَهْرٍ) أَيْ: فَلَوْ أَسْقَطَ قَوْلَهُ وَأَحْضَرَهُ وَاقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ ضَمِنَتْ إحْضَارَهُ بَعْدَ شَهْرٍ قَالَ حَجّ: فَإِنْ نَوَى تَعَلُّقًا بَعْدُ بِإِحْضَارِهِ صَحَّ، فَإِنْ عَلَّقَهُ بِ ضَمِنْت فَوَاضِحٌ أَنَّهُ يَبْطُلُ وَأَنَّ كَلَامَهُمْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ الصِّحَّةُ، وَيُوَجَّهُ بِمَا مَرَّ أَنَّ كَلَامَ الْمُكَلَّفِ يُصَانُ عَنْ الْإِلْغَاءِ اهـ. وَقَدْ يُقَالُ لَوْ قِيلَ بِالْبُطْلَانِ كَانَ لَهُ وَجْهٌ لِمَا قَالُوهُ فِي الْكِنَايَةِ: إنَّهُ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ النِّيَّةِ، وَأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْوِ لَغَتْ وَلَمْ يَقُولُوا بِصِحَّتِهَا صَوْنًا لِعِبَارَةِ الْمُكَلَّفِ، وَأَيْضًا فَالْأَصْلُ هُنَا بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الضَّامِنِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعَمَلِ الْفِعْلُ، فَإِذَا كَانَ فِي الْكَلَامِ فِعْلٌ وَغَيْرُهُ تَعَلَّقَ الظَّرْفُ بِالْفِعْلِ، وَهُنَا الْإِحْضَارُ مَصْدَرٌ وَضَمِنَ فِعْلٌ، وَالتَّعَلُّقُ بِالْفِعْلِ هُنَا يُوجِبُ الْفَسَادَ فَكَانَ هُوَ الْأَصْلَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ التَّأْجِيلُ) أَيْ مَا لَمْ يُرِيدَا وَقْتَهُ وَيَكُونُ مَعْلُومًا لَهُمَا، فَلَوْ أَرَادَهُ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ أَوْ أَطْلَقَا كَانَ بَاطِلًا. وَبَقِيَ مَا لَوْ تَنَازَعَا فِي إرَادَةِ الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ وَعَدَمِهِ هَلْ يُصَدَّقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ أَوْ مُدَّعِي الْفَسَادِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَلَا يُعَارِضُهُ تَقْدِيمُ قَوْلِ مُدَّعِي الصِّحَّةِ عَلَى مُدَّعِي الْفَسَادِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ مَحَلُّهُ مَا لَمْ يُعَارِضْهُ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ، وَقَدْ عَارَضَهُ هُنَا كَوْنُ الْأَصْلِ بَرَاءَةَ ذِمَّةِ الضَّامِنِ، وَأَنَّ الْإِرَادَةَ لَا تُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ. (قَوْلُهُ: الَّذِي شُرِطَ فِيهِ التَّسْلِيمُ) أَيْ وَصَوَابُهُ: لَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ فِيهِ حَيْثُ امْتَنَعَ لِغَرَضٍ بِأَنْ كَانَ بِمَحَلِّ التَّسْلِيمِ بَيِّنَةٌ، أَوْ مَنْ يُعِينُهُ عَلَى خَلَاصِهِ وَإِلَّا أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى قَبُولِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَجَلًا مَعْلُومًا) أَيْ لِلضَّامِنِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فِي حَقِّ الضَّامِنِ) أَيْ دُونَ الْأَصِيلِ (قَوْلُهُ: وَفُهِمَ مِنْهُ بِالْأَوْلَى) لَوْ أُخِّرَ هَذَا عَنْ قَوْلِهِ وَأَنَّهُ يَصِحُّ ضَمَانُ الْمُؤَجَّلِ حَالًّا كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: لِجِنْسِ الدَّيْنِ) أَيْ الْمُتَقَدِّمِ قَبْلَ الْكَفَالَةِ (قَوْلُهُ: اشْتِرَاطِ إلَخْ) قَدْ يَمْنَعُ اسْتِفَادَةُ ذَلِكَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْحُلُولِ وَالتَّأْجِيلِ صِفَةٌ، وَهِيَ لَا تُعْلَمُ مِنْ الْجِنْسِ الَّذِي هُوَ كَوْنُ الدَّيْنِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً مَثَلًا، إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِالْجِنْسِ مَا يَشْمَلُ الصِّفَةَ (قَوْلُهُ: أَوْ مُؤَجَّلًا) أَيْ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ كَفَلَ بِزَيْدٍ عَلَى أَنَّ إلَخْ) أَيْ قَائِلًا عَلَى أَنَّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: كَضَمِنْتُ إحْضَارَهُ وَأَحْضَرَهُ بَعْدَ شَهْرٍ) عِبَارَةُ الْمُحَقِّقِ الْمَحَلِّيِّ: نَحْوُ أَنَا كَفِيلٌ بِزَيْدٍ أُحْضِرُهُ بَعْدَ شَهْرٍ . (قَوْلُهُ: وَنَقَصَهُ) أَيْ وَلَا يَلْحَقُ النَّقْصُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ

لَا يَصِحُّ الضَّمَانُ لِلْمُخَالَفَةِ، وَوَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمُحَرَّرِ تَصْحِيحُهُ، وَنَبَّهَ فِي الدَّقَائِقِ عَلَى أَنَّ الْأَصَحَّ مَا فِي بَقِيَّةِ النُّسَخِ وَالْمِنْهَاجِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ يَصِحُّ ضَمَانُ الْمُؤَجَّلِ حَالًّا) لِتَبَرُّعِهِ بِالْتِزَامِ التَّعْجِيلِ فَصَحَّ كَأَصْلِ الضَّمَانِ، وَيُفَارِقُ مَا لَوْ رَهَنَ بِدَيْنٍ حَالٍّ، وَشَرَطَ فِي الرَّهْنِ أَجَلًا أَوْ عَكْسَهُ حَيْثُ لَمْ يَصِحَّ مَعَ أَنَّ كُلًّا وَثِيقَةٌ بِأَنَّ الرَّهْنَ عَيْنٌ وَهِيَ لَا تَقْبَلُ تَأْجِيلًا وَلَا حُلُولًا، وَالضَّمَانُ ضَمُّ ذِمَّةٍ لِذِمَّةٍ، وَالذِّمَّةُ قَابِلَةٌ لِالْتِزَامِ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا وَعَكْسِهِ. وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِمَا مَرَّ (وَ) الْأَصَحُّ عَلَى الْأَوَّلِ (أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ التَّعْجِيلُ) كَمَا لَوْ الْتَزَمَهُ الْأَصِيلُ فَيَثْبُتُ الْأَجَلُ فِي حَقِّهِ تَبَعًا لَا مَقْصُودًا فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ كَمَا رَجَّحَهُ صَاحِبُ التَّعْجِيزِ فِي شَرْحِهِ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ الْأَقْرَبُ، فَلَوْ مَاتَ الْأَصِيلُ حَلَّ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يَحِلُّ عَلَى الضَّامِنِ بِمَوْتِهِ مُطْلَقًا وَإِنْ ثَبَتَ الْأَجَلُ فِي حَقِّهِ تَبَعًا. نَعَمْ فِيمَا لَوْ ضَمِنَ مُؤَجَّلًا لِشَهْرَيْنِ مُؤَجَّلًا لِشَهْرٍ لَا يَحِلُّ بِمَوْتِ الْأَصِيلِ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ الْأَقْصَرِ. وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ تَبَرُّعٌ لَزِمَ فَلَزِمَتْ صِفَتُهُ كَمَا لَوْ نَذَرَ إعْتَاقَ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ (وَلِلْمُسْتَحِقِّ) الشَّامِلِ لِلْمَضْمُونِ لَهُ وَلِوَارِثِهِ، وَلَا يَشْمَلُ الْمُحْتَالُ، وَإِنْ قِيلَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ بِالنِّسْبَةِ لِلضَّامِنِ لِمَا مَرَّ مِنْ بَرَاءَتِهِ بِهَا (مُطَالَبَةُ الضَّامِنِ) وَضَامِنِهِ وَهَكَذَا، وَإِنْ كَانَ بِالدَّيْنِ رَهْنٌ وَافٍ (وَالْأَصِيلِ) اجْتِمَاعًا وَانْفِرَادًا وَتَوْزِيعًا بِأَنْ يُطَالِبَ كُلًّا بِبَعْضِ الدَّيْنِ لِبَقَاءِ الدَّيْنِ عَلَى الْأَصِيلِ وَلِلْخَبَرِ الْمَارِّ «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» وَلَا مَحْذُورَ فِي مُطَالَبَتِهِمَا وَإِنَّمَا الْمَحْذُورُ فِي تَغْرِيمِهِمَا مَعًا كُلَّ الدَّيْنِ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الذِّمَّتَيْنِ إنَّمَا اُشْتُغِلَتَا بِدَيْنٍ وَاحِدٍ كَالرَّهْنَيْنِ بِدَيْنٍ وَاحِدٍ فَهُوَ كَفَرْضِ الْكِفَايَةِ يَتَعَلَّقُ بِالْكُلِّ وَيَسْقُطُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ، فَالتَّعَدُّدُ فِيهِ لَيْسَ فِي ذَاتِهِ بَلْ بِحَسَبِ ذَاتَيْهِمَا، وَلِهَذَا حَلَّ عَلَى أَحَدِهِمَا فَقَطْ وَيَتَأَجَّلُ فِي حَقِّ أَحَدِهِمَا كَذَلِكَ وَلَوْ أَفْلَسَ الْأَصِيلُ فَطَلَبَ الضَّامِنُ بَيْعَ مَالِهِ أَوَّلًا. أُجِيبَ إنْ ضَمِنَ بِإِذْنِهِ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ مُوَطِّنٌ نَفْسَهُ عَلَى عَدَمِ الرُّجُوعِ، وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ فِي حَقِّهِ) أَيْ الضَّامِنِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ مَاتَ الْأَصِيلُ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ تَبَعًا لَا مَقْصُودًا (قَوْلُهُ: عَلَى الضَّامِنِ بِمَوْتِهِ) أَيْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) سَوَاءٌ قُلْنَا يَثْبُتُ تَبَعًا أَوْ مَقْصُودًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ ثَبَتَ) هِيَ غَايَةٌ (قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ الْأَقْصَرِ) أَيْ لِأَنَّهُ ثَبَتَ مَقْصُودًا فِي حَقِّ الضَّامِنِ فَلَا يَحِلُّ بِمَوْتِ الْأَصِيلِ (قَوْلُهُ: رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) أَيْ فَإِنَّهَا تَلْزَمُهُ بِصِفَةِ الْإِيمَانِ فَلَا يَكْفِي غَيْرُهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يَشْمَلُ الْمُحْتَالَ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَبِهِ كَفِيلٌ ثُمَّ أَحَالَ الْمَدِينُ الدَّائِنَ عَلَى آخَرَ لَمْ يُطَالِبْ الْمُحْتَالُ الضَّامِنَ لِبَرَاءَتِهِ بِالْحَوَالَةِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ مِنْ بَرَاءَتِهِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُحِيلُ لِلضَّامِنِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَحَالَ عَلَيْهِمَا فَلَا يَبْرَأُ فَيُطَالِبُ الْمُحْتَالُ كُلًّا مِنْ الْأَصِيلِ وَالضَّامِنِ كَمَا مَرَّ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ صَاحِبِ الْقِيلِ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: اجْتِمَاعًا وَانْفِرَادًا) . [فَرْعٌ] مِنْ الْوَقَائِعِ مُسْتَحِقٌّ طَالَبَ الضَّامِنِ، فَقِيلَ لَهُ: طَالِبْ الْأَصِيلَ، فَقَالَ مَا لِي بِهِ شُغْلٌ، فَقِيلَ لَهُ الْحَقُّ لَك قِبَلَهُ، فَقَالَ لَا حَقَّ لِي قِبَلَهُ، وَهُوَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ الْحَالُ وَيَظُنُّ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ فِي إسْقَاطِ حَقِّهِ وَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ الْإِقْرَارَ بِسُقُوطِ حَقِّهِ، فَأَفْتَى م ر بِأَنَّ حَقَّهُ بَاقٍ وَأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِذَلِكَ لِجَهْلِهِ وَخَفَاءِ الْحَالِ عَلَيْهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: أَوَّلًا) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَأَصْلِ الضَّمَانِ) اُنْظُرْ مَا فَائِدَةُ صِحَّتِهِ مَعَ عَدَمِ لُزُومِ الْوَفَاءِ بِهِ. (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي بَابِ الْحَوَالَةِ. (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا حَلَّ عَلَى أَحَدِهِمَا فَقَطْ) قَالَ الشِّهَابُ سم: قَدْ يُقَالُ هَذَا بِالتَّعَدُّدِ أَنْسَبُ مِنْهُ بِعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: فَطَلَبَ الضَّامِنُ بَيْعَ مَا لَهُ أَوَّلًا) مُرَادُهُ بِذَلِكَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشِّهَابُ سم فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَفْلَسَ الْأَصِيلُ وَالضَّامِنُ وَأَرَادَ الْحَاكِمُ بَيْعَ مَالِهِمَا فِي دَيْنِهِمَا فَقَالَ الضَّامِنُ: ابْدَأْ بِمَالِ الْأَصِيلِ وَقَالَ الضَّامِنُ: ابْدَأْ بِمَالِ أَيِّكُمَا شِئْت بِدَيْنِي إنْ كَانَ الضَّمَانُ بِأَمْرِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ فَالْمُجَابُ الضَّامِنُ أَوَّلًا بِإِذْنِهِ فَالْخِيَرَةُ إلَى الدَّائِنِ. (قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي إلَخْ) فِي اقْتِضَاءِ كَلَامِهِ لِمَا ذُكِرَ وَقْفَةٌ لَا تَخْفَى .

اثْنَانِ لِآخَرَ ضَمِنَّا مَا لَك عَلَى زَيْدٍ وَهُوَ أَلْفٌ مَثَلًا مُطَالَبَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِجَمِيعِ الْأَلْفِ وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ صَحَّحَهُ الْمُتَوَلِّي كَمَا لَوْ قَالَا: رَهَنَّا عَبْدَنَا هَذَا بِأَلْفٍ لَك عَلَى فُلَانٍ فَإِنَّ حِصَّةَ كُلٍّ مِنْهُمَا رَهْنٌ بِجَمِيعِ الْأَلْفِ، وَصَوَّبَهُ السُّبْكِيُّ مُعَلِّلَا لَهُ بِأَنَّ الضَّمَانَ تَوْثِقَةٌ كَالرَّهْنِ وَالْبُلْقِينِيُّ وَأَفْتَى بِهِ فُقَهَاءُ عَصْرِ السُّبْكِيّ. وَالثَّانِي أَنَّهُ يُطَالِبُ كُلًّا مِنْهُمَا بِالنِّصْفِ فَقَطْ كَمَا لَوْ قَالَا: اشْتَرَيْنَا عَبْدَك بِأَلْفٍ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالرُّويَانِيُّ وَالصَّيْمَرِيُّ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْقَلْبُ إلَيْهِ أَمْيَلُ، وَبِهِ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهُ الْيَقِينُ، وَشَغْلُ ذِمَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ بِالزَّائِدِ مَشْكُوكٌ فِيهِ، وَبِذَلِكَ أَفْتَى الْبَدْرُ بْنِ شُهْبَةٌ عِنْدَ دَعْوَى أَحَدِ الضَّامِنَيْنِ ذَلِكَ وَحَلِفِهِمَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ ظَاهِرٌ فِيهِ، وَبِالتَّبْعِيضِ قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْأَصَحِّ فِي مَسْأَلَةِ الرَّهْنِ الْمُشَبَّهِ بِهَا أَنَّ حِصَّةَ كُلٍّ مَرْهُونَةٌ بِالنِّصْفِ فَقَطْ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ: لَا وَجْهَ لِلْأَوَّلِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ) الضَّمَانُ، وَمِثْلُهُ الْكَفَالَةُ (بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ) لِمُنَافَاتِهِ مُقْتَضَاهُ. وَالثَّانِي يَصِحُّ كُلٌّ مِنْ الضَّمَانِ وَالشَّرْطِ لِخَبَرِ جَابِرٍ فِي «ضَمَانِ أَبِي قَتَادَةَ لِلْمَيِّتِ حَيْثُ قَالَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُمَا عَلَيْك وَفِي مَالِك وَالْمَيِّتُ مِنْهُمَا بَرِيءٌ، فَقَالَ نَعَمْ، فَصَلَّى عَلَيْهِ» قَالَ الْحَاكِمُ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ. وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ بَرِيءٌ فِي الْمُسْتَقْبَلِ (وَلَوْ) (أَبْرَأَ الْأَصِيلَ) أَوْ بَرِئَ بِنَحْوِ اعْتِيَاضٍ أَوْ حَوَالَةٍ أَوْ أَدَاءٍ، وَإِنَّمَا آثَرَ لَفْظَ أَبْرَأَ لِتَعَيُّنِهِ فِي صُورَةِ الْعَكْسِ (بَرِئَ الضَّامِنُ) وَضَامِنُهُ وَهَكَذَا لِسُقُوطِ الْحَقِّ (وَلَا عَكْسَ) فَلَوْ بَرِئَ الضَّامِنُ بِإِبْرَاءٍ لَمْ يَبْرَأْ الْأَصِيلُ، وَلَا مَنْ قَبْلَهُ بِخِلَافِ مَنْ بَعْدَهُ، وَكَذَا فِي كَفِيلِ الْكَفِيلِ وَكَفِيلِهِ وَهَكَذَا؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطُ وَثِيقَةٍ فَلَا يَسْقُطُ بِهَا الدَّيْنُ كَفَكِّ الرَّهْنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَرِئَ بِنَحْوِ أَدَاءً، وَلَوْ قَالَ الْمَضْمُونُ لَهُ الضَّامِنُ فَإِنْ قَصَدَ إبْرَاءَهُ بَرِئَ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ فَإِنْ قَبِلَ فِي الْمَجْلِسِ بَرِئَ وَإِلَّا فَلَا كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ وَقَالَ: إنَّهُ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ. قَالَ: وَيُصَدَّقُ الْمَضْمُونُ لَهُ فِي أَنَّ الضَّامِنَ لَمْ يَقْبَلْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ أَبْرَأَ الضَّامِنَ مِنْ الدَّيْنِ فَلَا يَبْرَأُ الْأَصِيلُ إلَّا إنْ قَصَدَ إسْقَاطَهُ عَنْ الْمَضْمُونِ عَنْهُ (وَلَوْ) (مَاتَ أَحَدُهُمَا) أَوْ اُسْتُرِقَّ وَالدَّيْنُ مُؤَجَّلٌ (حَلَّ عَلَيْهِ) لِخَرَابِ ذِمَّتِهِ (دُونَ الْآخَرِ) فَلَا يَحِلُّ عَلَيْهِ لِارْتِفَاقِهِ بِالْأَجَلِ، فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ الْأَصِيلَ، وَلَهُ تَرِكَةٌ فَلِلضَّامِنِ مُطَالَبَةُ الْمُسْتَحِقِّ بِأَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا أَوْ يُبْرِئَهُ لِاحْتِمَالِ تَلَفِهَا، فَلَا يَجِدُ مَرْجِعًا إذَا غَرِمَ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ ضَمِنَ بِغَيْرِ الْإِذْنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ؛ إذْ لَا رُجُوعَ لَهُ، وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ قَبْلَ غُرْمِ الضَّامِنِ كَأَنْ قَالَ بِيعُوا مَالَ الْمُفْلِسِ وَوَفُّوا مِنْهُ مَا يَخُصُّ دَيْنَ الْمَضْمُونِ لَهُ فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ غَرِمْته، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْمَضْمُونَ لَهُ يُقَدَّمُ بِدَيْنِهِ عَلَى بَقِيَّةِ الْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ حِصَّةَ كُلٍّ مِنْهُمَا رَهْنٌ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ وَالثَّانِي) أَيْ وَالْوَجْهُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: لِلْأَوَّلِ) أَيْ مُطَالَبَةُ كُلٍّ بِجَمِيعِ الْأَلْفِ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ) هُوَ ظَاهِرٌ فِي الضَّمَانِ، وَيُصَوَّرُ فِي الْكَفَالَةِ بِإِبْرَاءِ كَفِيلِ الْكَفِيلِ بِأَنْ يَقُولَ تَكَفَّلْت بِإِحْضَارِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ عَلَى أَنَّ مَنْ تَكَفَّلَ بِهِ قَبْلُ بَرِئَ (قَوْلُهُ: هُمَا عَلَيْك) الَّذِي مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ أَنَّ قَدْرَ الدَّيْنِ الَّذِي ضَمِنَهُ أَبُو قَتَادَةَ ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ فَلَعَلَّهُمَا وَاقِعَتَانِ لَكِنَّهُ بَعِيدٌ وَلَوْ وَقَعَ لَنُقِلَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَبْرَأَ الْأَصِيلَ) يَنْبَغِي أَنَّ مِنْ الْبَرَاءَةِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ أَبْرَأْتَنِي فَقَالَ نَعَمْ، فَيَبْرَأُ بِذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ قِيلَ لَهُ الْتِمَاسًا طَلَّقْت زَوْجَتَك فَقَالَ: نَعَمْ، وَمِثْلُهُ أَيْضًا مَا لَوْ قَالَ ضَمِنْت لِي مَا عَلَى فُلَانٍ مِنْ الدَّيْنِ فَقَالَ: نَعَمْ فَيَكُونُ ضَامِنًا لَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا مَنْ قَبِلَهُ) أَيْ الضَّامِنِ الْمُبْرَأِ (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ أَدَاءً) أَيْ فَإِنَّ الْأَصِيلَ يَبْرَأُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَبِلَ فِي الْمَجْلِسِ) أَيْ مَجْلِسِ الْإِيجَابِ بِأَنْ لَا يَطُولَ الْفَصْلُ عُرْفًا بَيْنَ لَفْظَيْهِمَا (قَوْلُهُ لَمْ يَقْبَلْ) أَيْ الْإِقَالَةَ (قَوْلُهُ: عَنْ الْمَضْمُونِ عَنْهُ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَ أَوْ قَصَدَ إبْرَاءَ الضَّامِنِ وَحْدَهُ أَوْ لِتُرَاضِي أَوْ ارْتَدَّ وَاتَّصَلَتْ رِدَّتُهُ بِالْمَوْتِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ إلَخْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَمْ يَبْرَأْ الْأَصِيلُ وَلَا مَنْ قَبْلَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَإِنْ ضَمِنَ بِهِ أَوْ كَفَلَ آخَرُ وَبِالْآخَرِ آخَرُ وَهَكَذَا طَالَبَهُمْ، فَإِنْ بَرِئَ الْأَصِيلُ بَرَءُوا أَوْ غَيْرُهُ بَرِئَ وَمَنْ بَعْدُ لَا مَنْ قَبْلُهُ انْتَهَتْ .

قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي إفْلَاسِ الْأَصِيلِ، وَلَوْ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ فِيهِمَا مُطْلَقًا حَتَّى لَا يَغْرَمَ لَمْ يَبْعُدْ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ الِاسْتِئْذَانِ، وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ الضَّامِنَ وَأَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ الدَّيْنَ مِنْ تَرِكَتِهِ لَمْ يَكُنْ لِوَرَثَتِهِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ الْآذِنِ فِي الضَّمَانِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ، وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ لَوْ أَعَارَ عَيْنًا لِيَرْهَنَهَا ثُمَّ مَاتَ لَمْ يَحِلَّ الدَّيْنُ لِتَعَلُّقِهِ بِهَا لِمَا مَرَّ أَنَّهُ ضَمَانٌ فِي رَقَبَتِهَا دُونَ الذِّمَّةِ (وَإِذَا) (طَالَبَ الْمُسْتَحِقُّ الضَّامِنَ) بِالدَّيْنِ (فَلَهُ مُطَالَبَةُ الْأَصِيلِ) أَوْ وَلِيِّهِ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ (بِتَخْلِيصِهِ بِالْأَدَاءِ إنْ ضَمِنَ بِإِذْنِهِ) لِأَنَّهُ الَّذِي وَرَّطَهُ فِي الْمُطَالَبَةِ، نَعَمْ لَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ وَإِنْ حُبِسَ وَلَا مُلَازَمَتُهُ، فَفَائِدَتُهَا إحْضَارُهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ، وَتَفْسِيقُهُ بِالِامْتِنَاعِ إذَا ثَبَتَ لَهُ مَالٌ. أَمَّا لَوْ ضَمِنَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّطْهُ عَلَيْهِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُطَالِبُهُ) بِالدَّيْنِ الْحَالِّ (قَبْلَ أَنْ يُطَالِبَ) بِهِ كَمَا لَا يُغَرِّمُهُ قَبْلَ أَنْ يَغْرَمَ. وَالثَّانِي يُطَالَبُ بِتَخْلِيصِهِ كَمَا لَوْ اسْتَعَارَ عَيْنًا لِلرَّهْنِ وَرَهَنَهَا فَإِنَّ لِلْمَالِكِ الْمُطَالَبَةَ بِفَكِّهَا، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الرَّهْنَ مَحْبُوسٌ بِالدَّيْنِ وَفِيهِ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ، بِخِلَافِ الضَّامِنِ، وَلَيْسَ لَهُ عَلَى الْأَوَّلِ مُطَالَبَةُ الْمَضْمُونِ لَهُ بِأَنْ يُطَالِبَهُ أَوْ يُبْرِئَهُ وَلَا مُطَالَبَةُ الْأَصِيلِ بِالْمَالِ حَيْثُ كَانَ ضَامِنًا بِالْإِذْنِ مَا لَمْ يُسَلِّمْهُ، فَلَوْ دَفَعَ لَهُ الْأَصِيلُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مُطَالَبَةٍ لَمْ يَمْلِكْهُ وَلَزِمَهُ رَدُّهُ وَضَمَانُهُ إنْ تَلِفَ كَالْمَقْبُوضِ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ، فَلَوْ قَالَ لَهُ: اقْضِ بِهِ مَا ضَمِنْته عَنِّي كَانَ وَكِيلًا، وَالْمَالُ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ وَلَوْ أَبْرَأَ الضَّامِنُ الْأَصِيلَ أَوْ صَالَحَ عَمَّا سَيَغْرَمُ فِيهِمَا أَوْ رَهَنَهُ الْأَصِيلُ شَيْئًا بِمَا ضَمِنَهُ أَوْ أَقَامَ بِهِ كَفِيلًا لَمْ يَصِحَّ؛ إذْ لَمْ يَثْبُتْ لِلضَّامِنِ حَقٌّ بِمُجَرَّدِ الضَّمَانِ، وَلَوْ شَرَطَ الضَّامِنُ حَالَ الضَّمَانِ أَنْ يَرْهَنَهُ الْأَصِيلُ شَيْئًا أَوْ يُقِيمَ لَهُ بِهِ ضَامِنًا فَسَدَ لِفَسَادِ الشَّرْطِ (وَلِلضَّامِنِ) بَعْدَ أَدَائِهِ مِنْ مَالِهِ، وَلَمْ يَقْصِدْ الْأَدَاءَ عَنْ غَيْرِ جِهَةِ الضَّمَانِ كَمَا أَفَادَهُ السِّيَاقُ (الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ فِيهِمَا) أَيْ فِي الضَّمَانِ بِالْإِذْنِ وَعَدَمِهِ وَيُحْتَمَلُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ رُجُوعُهُ لِمَا لَوْ مَاتَ الْأَصِيلُ وَالضَّمَانُ بِغَيْرِ إذْنٍ، وَلِمَا لَوْ أَفْلَسَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَالضَّمَانُ بِغَيْرِ إذْنٍ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَاتَ) أَيْ الْمُعِيرُ (قَوْلُهُ: دُونَ الذِّمَّةِ) وَذِكْرُ الْعَارِيَّةِ مِثَالٌ، وَالْمَدَارُ عَلَى تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالْعَيْنِ بِضَمَانٍ فِيهِمَا أَوْ رَهْنٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَدِينِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الَّذِي وَرَّطَهُ) أَيْ أَوْقَعَهُ فِي مَشَقَّةِ الْمُطَالَبَةِ. وَأَصْلُ التَّوْرِيطِ الْإِيقَاعُ فِي الْهَلَاكِ. فَفِي الْمُخْتَارِ الْوَرْطَةُ الْهَلَاكُ، وَأَوْرَطَهُ وَوَرَّطَهُ تَوْرِيطًا أَوْقَعَهُ فِي الْوَرْطَةِ اهـ، فَكَأَنَّهُ قَالَ أَوْقَعَهُ فِي الْهَلَاكِ بِسَبَبِ الْمُطَالَبَةِ (قَوْلُهُ نَعَمْ) لَا مَوْقِعَ لِلِاسْتِدْرَاكِ بَلْ كَانَ الْأَوْلَى جَعْلَهُ مُسْتَأْنَفًا (قَوْلُهُ: لَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: لَكِنْ لَهُ أَنْ يَقُولَ احْبِسْهُ مَعِي اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْبِسَهُ مَعَهُ بَلْ يَتَخَيَّرُ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ لَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ: أَيْ لَيْسَ لَهُ الْإِلْزَامُ بِحَبْسِهِ (قَوْلُهُ فَفَائِدَتُهَا) أَيْ الْمُطَالَبَةِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلضَّامِنِ عِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَلَهُ عَلَى الْأَوْجَهِ كَمَا فِي الشَّامِلِ، وَحَكَاهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالرُّويَانِيُّ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ وَأَقَرَّهُ أَنْ يَقُولَ لِلْمُسْتَحِقِّ إمَّا أَنْ تُطَالِبَنِي أَوْ تُبْرِئَنِي اهـ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَلَيْسَ لَهُ عَلَى الْأَوَّلِ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى رَدِّ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُطَالِبَهُ) أَيْ الضَّامِنُ (قَوْلُهُ: فَلَوْ دَفَعَ لَهُ) أَيْ الضَّامِنُ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ مُطَالَبَةٍ) أَيْ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَمْلِكْهُ) أَيْ الضَّامِنُ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ الضَّامِنُ إذَا دَفَعَهُ لَهُ الْأَصِيلُ بَعْدَ مُطَالَبَةِ رَبِّ الدَّيْنِ لَهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الضَّامِنَ مَا لَمْ يَغْرَمْ لَا يَثْبُتُ لَهُ حَقٌّ عَلَى الْأَصِيلِ، فَقَبْضُهُ لِنَفْسِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ بِمَا إذَا غَرِمَ لَهُ الدَّيْنَ ثُمَّ قَبَضَ مِنْ الْأَصِيلِ بَعْدَ الْغُرْمِ (قَوْلُهُ: فِيهِمَا) أَيْ الضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ (قَوْلُهُ: فَسَدَ) أَيْ الضَّمَانُ وَلَا يُغْنِي عَنْ هَذَا قَوْلُهُ قَبْلُ: أَوْ رَهَنَهُ الْأَصِيلُ شَيْئًا بِمَا ضَمِنَهُ إلَخْ؛ لِأَنَّ مَا سَبَقَ نَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّهُ إذَا وَقَعَ ذَلِكَ بَعْدَ الضَّمَانِ لَغَا وَلَمْ يَبْطُلْ الضَّمَانُ وَنَبَّهَ بِمَا هُنَا عَلَى أَنَّ الضَّمَانَ يَفْسُدُ بِفَسَادِ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ: عَنْ غَيْرِ جِهَةِ الضَّمَانِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَمْ يَقْصِدْ الْأَدَاءَ عَنْ غَيْرِ جِهَةِ الضَّمَانِ إلَخْ) أَيْ: بِأَنْ قَصَدَ جِهَةَ الضَّمَانِ أَوْ أَطْلَقَ، وَيَنْبَغِي فِي صُورَةِ الْإِطْلَاقِ

إنْ وَجَدَ إذْنَهُ فِي الضَّمَانِ وَالْأَدَاءِ) لِصَرْفِهِ مَالَهُ لِغَرَضِ الْغَيْرِ بِإِذْنِهِ. أَمَّا لَوْ أَدَّى مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِينَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ خِلَافًا لِلْمُتَوَلِّي، وَكَذَا لَوْ ضَمِنَ سَيِّدُهُ ثُمَّ أَدَّى بَعْدَ عِتْقِهِ أَوْ ضَمِنَ السَّيِّدُ دَيْنًا عَلَى عَبْدِهِ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ بِإِذْنِهِ، وَأَدَّاهُ قَبْلَ عِتْقِهِ أَوْ عَلَى مُكَاتَبِهِ بِإِذْنِهِ وَأَدَّاهُ بَعْدَ تَعْجِيزِهِ أَوْ ضَمِنَ فَرْعٌ عَنْ أَصْلِهِ صَدَاقَ زَوْجَتِهِ بِإِذْنِهِ ثُمَّ طَرَأَ إعْسَارُهُ بِحَيْثُ وَجَبَ إعْفَافُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَامْتَنَعَتْ الزَّوْجَةُ مِنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا حَتَّى تَقْبِضَ الصَّدَاقَ فَأَدَّاهُ الضَّامِنُ فَلَا رُجُوعَ وَإِنْ أَيْسَرَ الْمَضْمُونُ، وَكَذَا لَوْ ضَمِنَهُ عَنْهُ عِنْدَ وُجُوبِ الْإِعْفَافِ بِإِذْنِهِ ثُمَّ أَدَّى أَوْ نَذَرَ ضَامِنٌ بِالْإِذْنِ الْأَدَاءَ وَعَدَمَ الرُّجُوعِ (إنْ انْتَفَى) إذْنُهُ (فِيهِمَا) أَيْ الضَّمَانِ وَالْأَدَاءِ (فَلَا) رُجُوعَ لَهُ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ، وَشَمِلَ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ الْمَدْيُونُ فِي أَدَاءِ دَيْنِهِ فَضَمِنَهُ وَأَدَّى عَنْ جِهَةِ الضَّمَانِ وَمَا لَوْ قَالَ لَهُ: أَدِّ عَنِّي مَا ضَمِنْته لِتَرْجِعَ بِهِ عَلَيَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِأَنْ قَصَدَ الْأَدَاءَ عَنْ جِهَةٍ أَوْ أَطْلَقَ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ أَدَّى) أَيْ الضَّامِنُ وَهُوَ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ أَوَّلًا مِنْ مَالِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إلَخْ) مُسْتَثْنَى، وَيُمْكِنُ دُخُولُهُ فِيمَا خَرَجَ بِمَالِهِ بِمَا ذُكِرَ مِنْ التَّوْجِيهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ بَعْدُ فِي قَوْلِنَا: لَعَلَّ وَجْهَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَوْ ضَمِنَ سَيِّدُهُ) أَيْ بِإِذْنِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَدَّى بَعْدَ عِتْقِهِ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَمَّا جَرَى سَبَبُ الْوُجُوبِ قَبْلَ الْعِتْقِ كَانَ الْمَغْرُومُ بِسَبَبِ الضَّمَانِ كَأَنَّهُ مِنْ مَالِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَأَدَّاهُ قَبْلَ عِتْقِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَدَّى بَعْدَ عِتْقِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ، وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا أَدَّاهُ الْعَبْدُ بَعْدَ عِتْقِهِ وَقَدْ ضَمِنَ سَيِّدُهُ بِأَنَّ مَا أَدَّاهُ الْعَبْدُ لَمَّا جَرَى سَبَبُهُ، وَهُوَ فِي مِلْكِ السَّيِّدِ نُزِّلَ مَنْزِلَةَ مَا غَرِمَهُ قَبْلَ الْعِتْقِ وَهُوَ بِتَقْدِيرِ ذَلِكَ إنَّمَا يُؤَدَّى مِنْ مَالِ السَّيِّدِ، وَلَا يَسُوغُ الرُّجُوعُ عَلَى السَّيِّدِ بِمَا أَدَّاهُ مِنْ مَالِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا رُجُوعَ) أَيْ لِأَنَّ مَا أَدَّاهُ صَارَ وَاجِبًا عَلَيْهِ بِإِعْسَارِ أَصْلِهِ. وَعَلَى هَذَا لَوْ تَزَوَّجَ الْأَصْلُ زَوْجَتَيْنِ وَضَمِنَ صَدَاقَهُمَا الْفَرْعُ بِإِذْنِ أَصْلِهِ ثُمَّ أَعْسَرَ الْأَصْلُ فَيَنْبَغِي أَنَّ الْفَرْعَ إذَا غَرِمَ يَرْجِعُ بِصَدَاقِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لِحُصُولِ الْإِعْفَافِ بِهَا وَتَكُونُ الْخِيَرَةُ لِلْفَرْعِ فِيمَا يَرْجِعُ بِهِ مِنْ الصَّدَاقَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَيْسَرَ الْمَضْمُونُ) أَيْ الْأَصْلُ (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ الرُّجُوعِ) أَيْ فَإِنْ نَذَرَ الْأَدَاءَ وَلَمْ يَذْكُرْ الرُّجُوعَ ثُمَّ أَدَّى لَمْ يَرْجِعْ، قَالَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ؛ لِأَنَّ الْأَدَاءَ صَارَ وَاجِبًا فَيَقَعُ الْأَدَاءُ عَنْ الْوَاجِبِ، وَنَازَعَهُ م ر فِي نَفْسِ انْعِقَادِ النَّذْرِ؛ لِأَنَّ الْأَدَاءَ وَاجِبٌ، وَالْوَاجِبُ لَا يَصِحُّ نَذْرُهُ اهـ. وَقَدْ يُورَدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ الْأَدَاءُ بِالطَّلَبِ فَقَبِلَهُ لَا وُجُوبَ فَيَنْعَقِدُ، وَقَدْ يُدْفَعُ بِمَنْعِ ذَلِكَ، كَمَا أَنَّ صَلَاةَ الظُّهْرِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَاجِبَةُ الْأَدَاءِ مَعَ تَوَقُّفِ وُجُوبِ أَدَائِهَا عَلَى ضِيقِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهَا فَلْيُحَرَّرْ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُهُ: وَقَدْ يُدْفَعُ بِمَنْعِ ذَلِكَ إلَخْ فِيهِ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ نَذَرَ صَلَاةَ الظُّهْرِ لَا بِقَيْدِ أَوَّلِ الْوَقْتِ، وَلَا غَيْرِهِ، فَعَدَمُ الِانْعِقَادِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْذِرْ إلَّا مَا هُوَ مُخَاطَبٌ بِهِ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ نَذَرَ تَعْجِيلَهَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ فَلَا وَجْهَ إلَّا صِحَّةُ النَّذْرِ. وَعِبَارَةُ حَجّ بَدَلٌ وَعَدَمُ الرُّجُوعِ أَوْ عَدَمُ الرُّجُوعِ، وَهِيَ ظَاهِرَةٌ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَافٍ فِي عَدَمِ الرُّجُوعِ (قَوْلُهُ: وَأَدَّى عَنْ جِهَةِ الضَّمَانِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا أَدَّى عَنْ جِهَةِ الْإِذْنِ فِي الْأَدَاءِ أَوْ أَطْلَقَ رَجَعَ، لَكِنْ فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا نَصُّهُ: قَالَ م ر: إنْ أَدَّى عَنْ جِهَةِ الْإِذْنِ السَّابِقِ رَجَعَ أَوْ عَنْ الضَّمَانِ لَا رُجُوعَ، وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ وَقَرَّرَ فِي الْعَكْسِ كَذَلِكَ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا ضَمِنَ بِلَا إذْنٍ ثُمَّ أَدَّى بِشَرْطِ الرُّجُوعِ رَجَعَ إنْ أَدَّى عَنْ جِهَةِ الْأَدَاءِ، وَإِلَّا فَلَا اهـ فَرَاجِعْهُ. وَفِي حَجّ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ مَتَى ضَمِنَ بِلَا إذْنٍ بَعْدَ الْإِذْنِ فِي الْأَدَاءِ لَا رُجُوعَ لَهُ سَوَاءٌ قَصَدَ الْأَدَاءَ عَنْ الضَّمَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّ مَحَلَّهَا إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ آخَرُ لِلْمَضْمُونِ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لِغَرَضِ الْغَيْرِ) أَيْ الْوَاجِبِ عَلَى ذَلِكَ الْغَيْرِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِي الْقَرْضِ. (قَوْلُهُ: وَأَدَّى عَنْ جِهَةِ الضَّمَانِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ أَدَّى عَنْ جِهَةِ الْإِذْنِ أَوْ أَطْلَقَ فَيَرْجِعُ، لَكِنَّ الشِّهَابَ سم نَقَلَ عَنْهُ فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ فِي صُورَةِ الْإِطْلَاقِ، فَلَعَلَّ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ هُنَا غَيْرُ مُرَادٍ لَهُ فَلْيُرَاجَعْ

وَأَدَّى لَا عَنْ جِهَةِ الْإِذْنِ (فَإِنْ أَذِنَ) لَهُ (فِي الضَّمَانِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْأَدَاءِ، وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ (رَجَعَ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الضَّمَانَ هُوَ الْأَصْلُ، وَالْإِذْنُ فِيهِ إذْنٌ فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي لَا يَرْجِعُ لِانْتِفَاءِ الْإِذْنِ فِي الْأَدَاءِ، أَمَّا لَوْ نَهَاهُ بَعْدَ الضَّمَانِ فَلَا تَأْثِيرَ لَهُ أَوْ قَبْلَهُ وَانْفَصَلَ عَنْ الْإِذْنِ كَانَ رُجُوعًا عَنْهُ، وَإِلَّا أَفْسَدَهُ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَقَدْ لَا يَرْجِعُ بِأَنْ أَنْكَرَ أَصْلَ الضَّمَانِ فَثَبَتَ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ مَعَ إذْنِ الْأَصِيلِ لَهُ فِيهِ فَكَذَّبَهَا، لِأَنَّهُ بِتَكْذِيبِهَا صَارَ مَظْلُومًا بِزَعْمِهِ وَالْمَظْلُومُ لَا يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِ ظَالِمِهِ وَهُوَ هُنَا الْمُسْتَحِقُّ (وَلَا عَكْسَ فِي الْأَصَحِّ) بِأَنْ ضَمِنَ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَأَدَّى بِإِذْنِهِ لِأَنَّ وُجُوبَ الْأَدَاءِ سَبَبُهُ الضَّمَانُ وَلَمْ يَأْذَنْ فِيهِ. نَعَمْ إنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْأَدَاءِ بِشَرْطِ الرُّجُوعِ رَجَعَ، وَحَيْثُ ثَبَتَ الرُّجُوعُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْقَرْضِ حَتَّى يُرَدَّ فِي الْمُتَقَوِّمِ مِثْلُهُ صُورَةً كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ. وَالثَّانِي: يَرْجِعُ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ الدَّيْنَ عَنْ الْأَصِيلِ بِإِذْنِهِ. (وَلَوْ) (أَدَّى مُكَسَّرًا عَنْ صِحَاحٍ أَوْ صَالَحَ عَنْ مِائَةٍ) ضَمِنَهَا (بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ خَمْسُونَ) (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إلَّا بِمَا غَرِمَ) لِأَنَّهُ الَّذِي بَذَلَهُ، أَمَّا الْقَدْرُ الَّذِي حَصَلَتْ بِهِ الْمُسَامَحَةُ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى الْأَصِيلِ مَا لَمْ يَقْصِدْ الدَّائِنُ مُسَامَحَتَهُ بِهِ أَيْضًا، قَالَهُ شَارِحُ التَّعْجِيزِ. وَالْأَوْجَهُ بَرَاءَةُ الْأَصِيلِ مِنْهُ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَمْ يُسَامِحْ هُنَا بِقَدْرٍ وَإِنَّمَا أَخَذَ بَدَلًا عَنْ الْكُلِّ، وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ صُلْحُهُ عَنْ مُكَسَّرٍ بِصَحِيحٍ، وَعَنْ عِشْرِينَ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ خَمْسُونَ فَلَا يَرْجِعُ إلَّا بِالْأَصْلِ، فَتَلَخَّصَ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِمَّا أَدَّاهُ وَالدَّيْنِ وَبِالصُّلْحِ مَا لَوْ بَاعَهُ بِمِائَةٍ ثُمَّ وَقَعَ تَقَاصٌّ فَيَرْجِعُ بِالْمِائَةِ قَطْعًا وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ الثَّوْبَ بِمَا ضَمِنَهُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا مَرَّ فِي الصُّلْحِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ الْمُسَامَحَةُ بِتَرْكِ بَعْضِ الْحَقِّ، وَعَدَمِ مُقَابَلَةِ الْمُصَالَحِ بِهِ الْجَمِيعَ الْمُصَالَحَ عَنْهُ فَيَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ، وَفِي الْبَيْعِ الْمُشَاحَّةُ، وَمُقَابَلَةُ جَمِيعِ الثَّمَنِ بِجَمِيعِ الْمَبِيعِ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ لِشَيْءٍ مِنْهُمَا فَرَجَعَ بِالثَّمَنِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ الصُّلْحُ بَيْعٌ أَيْضًا وَلَوْ صَالَحَ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى بَعْضِهِ أَوْ أَدَّى بَعْضَهُ وَأَبْرَأَ مِنْ الْبَاقِي رَجَعَ بِمَا أَدَّى وَبَرِئَ فِيهِمَا، وَكَذَا الْأَصِيلُ لَكِنْ فِي صُورَةِ الصُّلْحِ؛ لِأَنَّهُ يَقَعُ عَنْ أَصْلِ الدَّيْنِ مَعَ أَنَّ لَفْظَهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَا بِالنَّظَرِ لِمَنْ جَرَى مَعَهُ يُشْعِرُ بِقَنَاعَةِ الْمُسْتَحِقِّ بِالْقَلِيلِ عَنْ الْكَثِيرِ دُونَ صُورَةِ الْإِبْرَاءِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَقَعَ لِلضَّامِنِ عَنْ الْوَثِيقَةِ دُونَ أَصْلِ الدَّيْنِ وَلَوْ ضَمِنَ لِذِمِّيٍّ دَيْنًا عَلَى مُسْلِمٍ ثُمَّ تَصَالَحَا عَلَى خَمْرٍ لَمْ يَرْجِعْ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَوْ بِسَبَبِ الْإِذْنِ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا (قَوْلُهُ: وَأَدَّى) أَيْ فَلَا رُجُوعَ لَهُ (قَوْلُهُ: عَنْ جِهَةِ الْإِذْنِ) أَيْ بِأَنْ أَدَّى عَنْ جِهَةِ الضَّمَانِ أَوْ أَطْلَقَ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي النِّيَّةِ وَعَدَمِهَا صُدِّقَ الدَّافِعُ فَإِنَّ النِّيَّةَ لَا تُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ) أَيْ الْأَدَاءِ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ نَهَاهُ) أَيْ عَنْ الْأَدَاءِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَأْثِيرَ لَهُ) أَيْ النَّهْيِ فَيَرْجِعُ بِمَا أَدَّى (قَوْلُهُ: وَانْفَصَلَ عَنْ الْإِذْنِ) بِأَنْ طَالَ الزَّمَنُ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: كَانَ) أَيْ النَّهْيُ رُجُوعًا عَنْهُ أَيْ الْإِذْنِ، وَهُوَ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ: إلَّا بِمَا غَرِمَ) قَضِيَّتُهُ هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ حَيْثُ ثَبَتَ الرُّجُوعُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْقَرْضِ إلَخْ أَنْ يَرْجِعَ بِمِثْلِ الثَّوْبِ لَا قِيمَتِهِ (قَوْلُهُ: قَالَهُ شَارِحُ التَّعْجِيزِ) هُوَ ابْنُ يُونُسَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَرْجِعُ إلَّا بِالْأَصْلِ) وَهُوَ الْمُكَسَّرُ وَالْعِشْرِينَ لِتَبَرُّعِهِ بِالزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ بَاعَهُ) أَيْ الْمُصَالَحَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَيَرْجِعُ بِالْمِائَةِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسَاوِ مَا بَاعَهُ مَا بَاعَ الثَّوْبَ بِهِ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ فِي الصُّلْحِ) أَيْ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ خَمْسُونَ عَنْ مِائَةٍ حَيْثُ لَا يَرْجِعُ إلَّا بِمَا غَرِمَ (قَوْلُهُ: وَأَبْرَأَ) أَيْ الضَّامِنُ (قَوْلُهُ: وَبَرِئَ) أَيْ الضَّامِنُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي صُورَةِ الصُّلْحِ) أَيْ دُونَ صُورَةِ الْإِبْرَاءِ (قَوْلُهُ: دُونَ أَصْلِ الدَّيْنِ) أَيْ فَيُطَالَبُ بِهِ الْأَصِيلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بَعْدَ الضَّمَانِ) حَقُّ الْعِبَارَةِ: أَمَّا لَوْ نَهَاهُ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الضَّمَانِ إلَخْ . (قَوْلُهُ: وَلَوْ ضَمِنَ لِذِمِّيٍّ دَيْنًا إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ: وَلَوْ ضَمِنَ ذِمِّيٌّ لِذِمِّيٍّ عَنْ مُسْلِمٍ دَيْنًا فَصَالَحَ صَاحِبَهُ عَلَى خَمْرٍ لَغَا الصُّلْحُ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ أَدَاءَ الضَّامِنِ يَتَضَمَّنُ إقْرَاضَ الْأَصْلِ مَا أَدَّاهُ وَتَمَلُّكَهُ إيَّاهُ وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ هُنَا فَلَا يَبْرَأُ الْمُسْلِمُ كَمَا لَوْ دَفَعَ الْخَمْرَ بِنَفْسِهِ انْتَهَتْ. وَعُلِمَ مِنْهَا

لِتَعَلُّقِهَا بِالْمُسْلِمِ وَلَا قِيمَةَ لِلْخَمْرِ عِنْدَهُ وَلَوْ أَبْرَأَ الْمُحْتَالُ الضَّامِنَ لَمْ يَرْجِعْ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِلْجَلَالِ الْبُلْقِينِيِّ لِأَنَّهُ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَرْجِعُ بِالصِّحَاحِ وَالْمِائَةِ لِحُصُولِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ، وَالنُّقْصَانُ جَرَى مِنْ رَبِّ الْمَالِ مُسَامَحَةً لِلضَّامِنِ (وَمَنْ) (أَدَّى دَيْنَ غَيْرِهِ) وَلَيْسَ أَبًا وَلَا جَدًّا (بِلَا ضَمَانٍ وَلَا إذْنٍ) (فَلَا رُجُوعَ) لَهُ لِتَبَرُّعِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْجَرَ مُضْطَرًّا؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إطْعَامُهُ مَعَ تَرْغِيبِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ أَمَّا الْأَبُ وَالْجَدُّ إذَا أَدَّى دَيْنَ مَحْجُورِهِ أَوْ ضَمِنَهُ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ كَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ (وَإِنْ) (أَذِنَ) لَهُ فِي الْأَدَاءِ (بِشَرْطِ الرُّجُوعِ) (رَجَعَ) عَلَيْهِ وَفَاءً بِالشَّرْطِ (وَكَذَا إنْ أَذِنَ) لَهُ إذْنًا (مُطْلَقًا) عَنْ شَرْطِ الرُّجُوعِ فَأَدَّى لَا بِقَصْدِ التَّبَرُّعِ فِيمَا يَظْهَرُ (فِي الْأَصَحِّ) كَمَا لَوْ قَالَ: اعْلِفْ دَابَّتِي، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ، وَيُفَارِقُ مَا لَوْ قَالَ: أَطْعِمْنِي رَغِيفًا بِجَرَيَانِ الْمُسَامَحَةِ فِي مِثْلِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَا أُجْرَةَ فِي نَحْوِ اغْسِلْ ثَوْبِي؛ لِأَنَّ الْمُسَامَحَةَ فِي الْمَنَافِعِ أَكْثَرُ مِنْهَا فِي الْأَعْيَانِ. وَقَوْلُ الْقَاضِي: لَوْ قَالَ لِشَرِيكِهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ: عَمِّرْ دَارِي أَوْ أَدِّ دَيْنَ فُلَانٍ عَلَى أَنْ تَرْجِعَ عَلَيَّ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ؛ إذْ لَا يَلْزَمُهُ عِمَارَةُ دَارِهِ، وَلَا أَدَاءُ دَيْنِ غَيْرِهِ، بِخِلَافِ اقْضِ دَيْنِي وَأَنْفِقْ عَلَى زَوْجَتِي أَوْ عَبْدِي اهـ ضَعِيفٌ بِالنِّسْبَةِ لِشِقِّهِ الْأَوَّلِ لِمَا مَرَّ فِي أَوَائِلِ الْقَرْضِ أَنَّهُ مَتَى شَرَطَ الرُّجُوعَ هُنَا وَفِي نَظَائِرِهِ رَجَعَ وَفَارَقَ نَحْوَ أَدِّ دَيْنِي وَاعْلِفْ دَابَّتِي بِوُجُوبِهِمَا عَلَيْهِ فَيَكْفِي الْإِذْنُ فِيهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ الرُّجُوعُ، وَأُلْحِقَ بِذَلِكَ فِدَاءُ الْأَسِيرِ؛ لِأَنَّهُمْ اعْتَنَوْا فِي وُجُوبِ السَّعْيِ فِي تَحْصِيلِهِ مَا لَمْ يَعْتَنُوا بِهِ فِي غَيْرِهِ. قَالَ الْقَاضِي أَيْضًا: وَلَوْ قَالَ أَنْفِقْ عَلَى امْرَأَتِي مَا تَحْتَاجُهُ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَهُ صَحَّ ضَمَانُ نَفَقَةِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ دُونَ مَا بَعْدَهُ اهـ. وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا بَعْدَ الْأَوَّلِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لَيْسَ حَقِيقَةَ الضَّمَانِ الْمَارِّ بَلْ مَا يُرَادُ بِقَوْلِهِ: عَلَى أَنْ تَرْجِعَ عَلَيَّ بَلْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْقَاضِي نَفْسِهِ أَنَّ أَنْفِقْ عَلَى زَوْجَتِي لَا يَحْتَاجُ لِشَرْطِ الرُّجُوعِ، فَإِنْ أَرَادَ حَقِيقَةَ الضَّمَانِ فَالْأَوْجَهُ تَصْدِيقُهُ بِيَمِينِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ سِوَى الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، وَيُمْكِنُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لَمْ يَرْجِعْ) عِبَارَةُ حَجّ كَشَيْخِ الْإِسْلَامِ لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يَرْجِعْ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْمَرْجُوحِ وَهُوَ سُقُوطُ الدَّيْنِ اهـ. فَقَوْلُهُ لَمْ يَرْجِعْ فِي إطْلَاقِهِ مُسَامَحَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي صِحَّةَ الصُّلْحِ (قَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِهَا) أَيْ الْمُصَالَحَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَبْرَأَ الْمُحْتَالَ) يُتَأَمَّلُ مَا ذُكِرَ فَإِنَّ الضَّمَانَ إنْ كَانَ قَبْلَ الْحَوَالَةِ فَقَدْ بَرِئَ الضَّامِنُ بِالْحَوَالَةِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الدَّيْنَ يَنْتَقِلُ لِلْمُحْتَالِ بِدُونِ الْوَثِيقَةِ الَّتِي بِالدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهَا فَلَا وَجْهَ لِلتَّعْبِيرِ بِالْمُحْتَالِ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْحَوَالَةَ عَلَى الضَّامِنِ وَبِهَا سَقَطَ حَقُّ الْمُحِيلِ وَبَقِيَ الْحَقُّ لِلْمُحْتَالِ، فَإِذَا أَبْرَأَ الضَّامِنَ سَقَطَ الْحَقُّ عَنْ الْأَصِيلِ، وَلَا رُجُوعَ لِلضَّامِنِ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَغْرَمْ (قَوْلُهُ: بِلَا ضَمَانٍ وَلَا إذْنٍ) لَيْسَ هَذَا مُكَرَّرًا مَعَ مَا سَبَقَ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ انْتَفَى فِيهِمَا فَلَا؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ وُجِدَ ضَمَانٌ وَأَدَّى بِلَا إذْنٍ فِي الضَّمَانِ وَالْأَدَاءِ وَمَا هُنَا لَمْ يُوجَدْ فِيهِ ضَمَانٌ وَمَعَ ذَلِكَ أَدَّى بِلَا إذْنٍ فِي الْأَدَاءِ (قَوْلُهُ مَا لَوْ أُوجِرَ) وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ وَصَلَ إلَى حَالَةٍ لَا يُمْكِنُ الْعَقْدُ مَعَهُ فِيهَا (قَوْلُهُ: إذَا أَدَّى) أَيْ أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ: أَوْ ضَمِنَهُ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ) وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ قَالَ اعْلِفْ دَابَّتِي) فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَطْعِمْنِي رَغِيفًا) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ، وَإِنْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَدْفَعُ بِمُقَابِلٍ كَأَنْ قَالَ ذَلِكَ لِمَنْ حِرْفَتُهُ بَيْعُ الْخُبْزِ (قَوْلُهُ: فِي نَحْوِ اغْسِلْ ثَوْبِي) أَيْ وَإِنْ كَانَ عَادَتُهُ الْغُسْلَ بِالْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: ضَعِيفٌ بِالنِّسْبَةِ إلَخْ) أَيْ فَيَكُونُ الْمُعْتَمَدُ فِيهِ الرُّجُوعَ حَيْثُ شَرَطَهُ. وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْآلَةَ لِمَالِكِ الدَّارِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: عَمِّرْ دَارِي بِآلَتِك فَلَا رُجُوعَ لِتَعَذُّرِ الْبَيْعِ كَمَا مَرَّ، وَالْآلَةُ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ حَجّ قُبَيْلَ الْحَوَالَةِ (قَوْلُهُ لِشِقِّهِ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ: عَمِّرْ دَارِي أَوْ أَدِّ دَيْنَ فُلَانٍ عَلَى أَنْ تَرْجِعَ عَلَيَّ إلَخْ وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ بِخِلَافِ اقْضِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ) أَيْ قَوْلُهُ: عَمِّرْ دَارِي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بِذَلِكَ) أَيْ بِ أَدِّ دَيْنِي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ سِوَى الْيَوْمِ الْأَوَّلِ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ ذَلِكَ فَإِنَّ مَا تَأْخُذُهُ الزَّوْجَةُ تَمْلِكُهُ فَلَمْ يَبْقَ ثَمَّ أَصِيلٌ وَضَامِنٌ حَتَّى ـــــــــــــــــــــــــــــQعَدَمُ الرُّجُوعِ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ . (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَبْرَأَ الْمُحْتَالُ الضَّامِنَ) أَيْ: بِأَنْ أَحَالَ الْمُسْتَحِقُّ ثَالِثًا عَلَى الضَّامِنِ فَأَبْرَأَهُ الْمُحْتَالُ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَرْجِعْ فِيمَا يَظْهَرُ) وَهَلْ يَسْقُطُ الدَّيْنُ عَنْ الْأَصِيلِ بِإِبْرَاءِ الْمُحْتَالِ، الظَّاهِرُ نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ سَقَطَ حَقُّهُ بِالْحَوَالَةِ وَالْمُحْتَالُ لَمْ يَتَوَجَّهْ مُطَالَبَتُهُ إلَّا عَلَى الضَّامِنِ لَا عَلَى الْأَصِيلِ فَلْيُرَاجَعْ، وَسَيَأْتِي أَنَّ حَوَالَةَ الْمُسْتَحِقِّ

حَمْلُ كَلَامِ الْقَاضِي عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ بِعْ لِهَذَا بِأَلْفٍ وَأَنَا أَدْفَعُهُ لَك فَفَعَلَ لَمْ يَلْزَمْهُ الْأَلْفُ خِلَافًا لِابْنِ سُرَيْجٍ ، وَلَوْ ضَمِنَ شَخْصٌ الضَّامِنَ بِإِذْنِ الْأَصِيلِ وَغَرِمَ رَجَعَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَدِّ دَيْنِي فَأَدَّاهُ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا إذْ لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ الْإِذْنِ الرُّجُوعُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ مُصَالَحَتَهُ) أَيْ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي الْأَدَاءِ (عَلَى غَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ لَا تَمْنَعُ الرُّجُوعَ) إذْ مَقْصُودُ الْإِذْنِ الْبَرَاءَةُ، وَقَدْ حَصَلَتْ فَيَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ كَمَا مَرَّ. وَالثَّانِي: تَمْنَعُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَذِنَ فِي الْأَدَاءِ دُونَ الْمُصَالَحَةِ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ، وَإِحَالَةُ الْمُسْتَحِقِّ عَلَى الضَّامِنِ لَهُ قَبْضٌ، وَمَتَى وَرِثَ الضَّامِنُ الدَّيْنَ رَجَعَ بِهِ مُطْلَقًا (ثُمَّ إنَّمَا يَرْجِعُ الضَّامِنُ وَالْمُؤَدِّي) بِشَرْطِهِمَا الْمَارِّ (إذَا أَشْهَدَا بِالْأَدَاءِ) مَنْ لَمْ يُعْلَمْ سَفَرُهُ عَنْ قُرْبٍ (رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ) وَلَوْ مَسْتُورَيْنِ وَإِنْ بَاتَا فَاسِقَيْنِ لِعَدَمِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ بَاطِنًا (وَكَذَا رَجُلٌ) يَكْفِي إشْهَادُهُ (لِيَحْلِفَ مَعَهُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ كَافٍ فِي إثْبَاتِ الْأَدَاءِ، وَإِنْ كَانَ حَاكِمُ الْبَلَدِ حَنَفِيًّا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ. نَعَمْ لَوْ كَانَ كُلُّ الْإِقْلِيمِ كَذَلِكَ فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِهِ، وَالثَّانِي لَا لِاحْتِمَالِ تَرَافُعِهِمَا إلَى حَنَفِيٍّ لَا يَقْضِي بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَكَانَ ذَلِكَ ضَرْبًا مِنْ التَّقْصِيرِ. وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ أَحَدٌ إشْهَادَ مَنْ يَتَّفِقُ الْعُلَمَاءُ عَلَى قَبُولِهِ، وَقَوْلُهُ لِيَحْلِفَ مَعَهُ عِلَّةٌ غَائِيَّةٌ فَلَا يُشْتَرَطُ عَزْمُهُ عَلَى الْحَلِفِ حِينَ الْإِشْهَادِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا أَفَادَهُ الزَّرْكَشِيُّ بَلْ أَنْ يَحْلِفَ عِنْدَ الْإِثْبَاتِ، فَقَوْلُ الْحَاوِي إنْ لَمْ يَقْصِدْهُ كَانَ كَمَنْ لَمْ يَشْهَدْ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْلِفْ أَصْلًا (فَإِنْ) (لَمْ يَشْهَدْ) أَيْ الضَّامِنُ بِالْأَدَاءِ وَأَنْكَرَ رَبُّ الدَّيْنِ أَوْ سَكَتَ (فَلَا رُجُوعَ لَهُ إنْ أَدَّى فِي غَيْبَةِ الْأَصِيلِ وَكَذِبِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْأَدَاءِ وَهُوَ مُقَصِّرٌ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ (وَكَذَا إنْ صَدَّقَهُ فِي الْأَصَحِّ) لِعَدَمِ انْتِفَاعِهِ بِأَدَائِهِ، إذْ الْمُطَالَبَةُ بَاقِيَةٌ. وَالثَّانِي يَرْجِعُ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ أَبْرَأَ ذِمَّتَهُ بِإِذْنِهِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَأْمُرْهُ الْأَصِيلُ بِإِشْهَادٍ فَإِنْ أَمَرَهُ بِهِ فَلَمْ يَفْعَلْ لَمْ يَرْجِعْ جَزْمًا، أَوْ أَذِنَ لَهُ فِي تَرْكِهِ رَجَعَ، قَالَهُ فِي الْبَحْرِ وَجَزَمَ بِهِ الدَّارِمِيُّ ـــــــــــــــــــــــــــــSيُوجَدَ فِيهِ حَقِيقَةُ الضَّمَانِ بَلْ الدَّافِعُ كَالْمُقْرِضِ وَالْآذِنُ كَالْمُقْتَرِضِ، إلَّا أَنْ يُصَوِّرَ كَلَامَ الْقَاضِي بِمَا لَوْ صَدَرَ ذَلِكَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَيَتِمَّ مَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ تَجِبُ بِطُلُوعِ فَجْرِهِ فَتُوجَدُ فِيهَا حَقِيقَةُ الضَّمَانِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ صِحَّةُ ضَمَانِ نَفَقَةِ الْيَوْمِ، وَمَا قَبْلَهُ، بِخِلَافِ نَفَقَةِ الْغَدِ، وَمَعَ ذَلِكَ فِيهِ شَيْءٌ فَإِنَّهَا، وَإِنْ وَجَبَتْ عَلَى الزَّوْجِ فَالْمُنْفِقُ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنَّمَا أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ بِمُقْتَضَى قَوْلِهِ عَلَى أَنَّى ضَامِنٌ لَهُ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِابْنِ سُرَيْجٍ) مِثْلُهُ فِي حَجّ وَتَقَدَّمَ لَهُ فِيمَا لَوْ قَالَ: أَقْرِضْهُ كَذَا، وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ مَا يُخَالِفُهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بِإِذْنِ) مُتَعَلِّقٌ بِ ضَمِنَ، وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا لَوْ لَمْ يَأْذَنْ الْأَصِيلُ لِلضَّامِنِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: الْأَصِيلِ) مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ (قَوْلُهُ: وَغَرِمَ) أَيْ الضَّامِنُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: رَجَعَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْأَصِيلِ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِيمَا لَوْ ضَمِنَ بِالْإِذْنِ، وَصَالَحَ عَنْ الدَّيْنِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ (قَوْلُهُ: قَبْضٌ) أَيْ فَيَرْجِعُ عَلَى الْأَصِيلِ بِمُجَرَّدِ الْحَوَالَةِ، وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ لِلْمُحْتَالِ، وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُبْرِئْهُ الْمُحْتَالُ لَيْلًا ثُمَّ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ أَبْرَأَ الْمُحْتَالُ الضَّامِنَ لَمْ يَرْجِعْ إلَخْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الْخَطِيبِ هُنَا مَا نَصُّهُ: فُرُوعٌ: لَوْ أَحَالَ الْمُسْتَحِقَّ عَلَى الضَّامِنِ ثُمَّ أَبْرَأَ الْمُحْتَالُ الضَّامِنَ هَلْ يَرْجِعُ الضَّامِنُ عَلَى الْأَصِيلِ أَوْ لَا؟ رَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَوَّلَ، وَالْمُعْتَمَدُ الثَّانِي لِقَوْلِ الْأَصْحَابِ إذَا غَرِمَ رَجَعَ بِمَا غَرِمَ وَهَذَا لَمْ يَغْرَمْ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ وَهَبَهُ الْمُسْتَحِقُّ الدَّيْنَ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَبَضَهُ مِنْهُ ثُمَّ وَهَبَهُ لَهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ، كَمَا لَوْ وَهَبَتْ الْمَرْأَةُ الصَّدَاقَ لِلزَّوْجِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبْرَأَتْهُ مِنْهُ قَبْلَ قَبْضِهَا فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ اهـ وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا قُلْنَاهُ (قَوْلُهُ: رَجَعَ بِهِ مُطْلَقًا) سَوَاءٌ أَدَّاهُ لِمُوَرِّثِهِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: عَنْ قُرْبٍ) أَيْ عُرْفًا فِيمَا يَظْهَرُ، وَيُحْتَمَلُ ضَبْطُهُ بِمَنْ لَا يُعْلَمُ سَفَرُهُ قَبْلَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِهِ) أَيْ الرَّجُلِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَقْصِدْهُ) أَيْ الْحَلِفَ (قَوْلُهُ: رَجَعَ) أَيْ إنْ صَدَّقَهُ الْأَصِيلُ فِي الدَّفْعِ (قَوْلُهُ: قَالَهُ فِي الْبَحْرِ) أَيْ لِلرُّويَانِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَبْضٌ . (قَوْلُهُ: وَمَتَى وَرِثَ الضَّامِنُ الدَّيْنَ رَجَعَ بِهِ مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ ضَمِنَ بِالْإِذْنِ أَمْ بِدُونِهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ لَهُ وَهُوَ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْأَصِيلِ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالرُّجُوعِ وَإِنْ كَانَتْ الصُّورَةُ أَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُمْ نَزَّلُوا انْتِقَالَ الدَّيْنِ لَهُ بِالْإِرْثِ مَنْزِلَةَ

فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ لَمْ يَشْهَدْ ثُمَّ أَدَّى ثَانِيًا وَأَشْهَدَ فَهَلْ يَرْجِعُ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ الْمُبْرِئُ لِلذِّمَّةِ أَوْ بِالثَّانِي؛ لِأَنَّهُ الْمُسْقِطُ لِلضَّمَانِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ تَظْهَرُ فَائِدَتُهُمَا فِيمَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا صِحَاحًا، وَالْآخَرُ مُكَسَّرًا مَثَلًا، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ بِأَقَلِّهِمَا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَهُوَ بِزَعْمِهِ مَظْلُومٌ بِالثَّانِي، وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَهُوَ الْمُبْرِئُ لِكَوْنِهِ أَشْهَدَ بِهِ، وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْأَصِيلِ مِنْ الزَّائِدِ (فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمَضْمُونُ لَهُ) أَوْ وَارِثُهُ الْخَاصُّ لَا الْعَامُّ، وَقَدْ كَذَّبَهُ الْأَصِيلُ، وَلَا بَيِّنَةَ عَلَى مَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ لِسُقُوطِ الطَّلَبِ بِذَلِكَ حَيْثُ اعْتَرَفَ الْوَارِثُ الْمَذْكُورُ بِقَبْضِهِ. أَمَّا إقْرَارُ الْعَامِّ بِقَبْضِ الْمُوَرِّثِ فَغَيْرُ مَقْبُولٍ كَإِقْرَارِ الْوَلِيِّ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ (أَوْ أَدَّى بِحَضْرَةِ الْأَصِيلِ) وَأَنْكَرَ الْمَضْمُونُ لَهُ (رَجَعَ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِسُقُوطِ الطَّلَبِ فِي الْأُولَى بِإِقْرَارِ ذِي الْحَقِّ، وَلِأَنَّ الْمُقَصِّرَ هُوَ الْأَصِيلُ فِي الثَّانِيَةِ حَيْثُ لَمْ يَحْتَطْ لِنَفْسِهِ، وَكَالضَّامِنِ فِيمَا ذُكِرَ الْمُؤَدِّي. نَعَمْ يَظْهَرُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ تَصْدِيقُهُ فِي نَحْوِ: أَطْعِمْ دَابَّتِي، وَأَنْفِقْ عَلَى مَحْجُورِي فِي أَصْلِ الْإِطْعَامِ وَالْإِنْفَاقِ، وَفِي قَدْرِهِ حَيْثُ كَانَ مُحْتَمَلًا كَمَا هُوَ قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي نَحْوِ تَعْمِيرِ الْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْفَاقِ الْوَصِيِّ، وَالثَّانِي فِي الْأُولَى يَقُولُ تَصْدِيقُ رَبِّ الدَّيْنِ لَيْسَ حُجَّةً عَلَى الْأَصِيلِ وَلَوْ قَالَ أَشْهَدْت بِالْأَدَاءِ شُهُودًا وَمَاتُوا أَوْ غَابُوا أَوْ طَرَأَ فِسْقُهُمْ وَكَذَّبَهُ الْأَصِيلُ فِي الْإِشْهَادِ قُبِلَ قَوْلُ الْأَصِيلِ بِيَمِينِهِ وَلَا رُجُوعَ، وَإِنْ كَذَّبَهُ الشُّهُودُ فَكَمَا لَوْ لَمْ يَشْهَدْ، وَإِنْ قَالُوا لَا نَدْرِي وَرُبَّمَا نَسِينَا فَلَا رُجُوعَ كَمَا رَجَّحَهُ الْإِمَامُ وَلَوْ شَهِدَ الْأَصِيلُ لِآخَرَ بِأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْ قُبِلَتْ مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الضَّمَانِ عَنْهُ كَذَا قِيلَ، وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ إذْ هُوَ نَفْيُ غَيْرِ مَحْصُورٍ، وَلَا تُقْبَلُ بِهِ الشَّهَادَةُ، فَإِنْ حُمِلَ عَلَى نَفْيِ مَحْصُورٍ كَوَقْتٍ مُعَيَّنٍ كَانَ صَحِيحًا وَلِلضَّامِنِ بَاطِنًا إذَا أَدَّى لِلْمُسْتَحِقِّ فَأَنْكَرَ وَطَالَبَ الْأَصِيلَ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ اسْتَوْفَى الْحَقَّ الْمُدَّعَى بِهِ كَشَهَادَةِ بَعْضِ قَافِلَةٍ عَلَى قُطَّاعٍ أَنَّهُمْ قَطَعُوا الطَّرِيقَ مَا لَمْ يَقُولُوا عَلَيْنَا ذَكَرَهُ الْقَفَّالُ وَلَوْ ضَمِنَ صَدَاقَ زَوْجَةِ ابْنِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَمَاتَ وَلَهُ تَرِكَةٌ فَلَهَا أَنْ تُغَرِّمَ الْأَبَ وَتَفُوزَ بِإِرْثِهَا مِنْ التَّرِكَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ، وَقَوْلُ الْفَزَارِيِّ لَهُ الِامْتِنَاعُ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: فِي الثَّانِيَةِ) هِيَ قَوْلُهُ أَوْ أَذِنَ لَهُ فِي تَرْكِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الرَّوْضَةِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ) أَيْ الْأَقَلَّ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) أَيْ فَتَصْدِيقُ الْعَامِّ كَالْخَاصِّ (قَوْلُهُ: الْوَارِثُ الْمَذْكُورُ) أَيْ الْعَامُّ كَالْخَاصِّ (قَوْلُهُ: بِقَبْضِهِ) بِأَنْ اعْتَرَفَ الْوَارِثُ بِأَنَّهُ قَبَضَ مِنْ الضَّامِنِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ صَدَقَ الضَّامِنُ فِي أَنَّهُ دَفَعَ لِلْمَضْمُونِ لَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَهِيَ صُورَةُ الْإِقْرَارِ الْمَذْكُورَةُ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ وَلَا بَيِّنَةَ عَلَى مَا بَحْثَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) عَلَى قَوْلِهِ أَمَّا إقْرَارُ الْعَامِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمَضْمُونُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالُوا: لَا نَدْرِي إلَخْ) فِي ع هَذَا التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْإِشْهَادِ وَتَرْكِهِ وَكَوْنُهُ بِحَضْرَةِ الْأَصِيلِ أَوْ لَا وَكَوْنُ الْمُسْتَحِقِّ مُصَدَّقًا عَلَى الْأَدَاءِ أَوْ لَا يُجْرَى مِثْلُهُ فِي أَدَاءِ الْوَكِيلِ، فَحَيْثُ رَجَعَ الْمُؤَدِّي هُنَا خَرَجَ الْوَكِيلُ عَنْ الْعُهْدَةِ، وَحَيْثُ لَا فَلَا، إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ مَا لَوْ وَكَّلَهُ بِأَدَاءِ شَيْءٍ لِمَنْ لَا دَيْنَ لَهُ عَلَيْهِ فَأَدَّاهُ بِغَيْرِ حُضُورِ الْمُوَكِّلِ بِغَيْرِ إشْهَادٍ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيَبْرَأُ عَنْ الْعُهْدَةِ م ر فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَقُولُ: وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ أَذِنَ فِي الْأَدَاءِ لِمَنْ لَا دَيْنَ لَهُ عَلَيْهِ عَلَى جِهَةِ التَّبَرُّعِ. أَمَّا إنْ أَمَرَهُ بِدَفْعِهِ لِمَنْ يَتَصَرَّفُ لَهُ فِيهِ بِبَيْعٍ أَوْ نَحْوِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالدَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَهِدَ الْأَصِيلُ) أَيْ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ (قَوْلُهُ: لِآخَرَ) أَيْ مَنْ ادَّعَى رَبُّ الدَّيْنِ أَنَّهُ ضَامِنٌ (قَوْلُهُ: قُبِلَتْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ) أَيْ الْأَصِيلَ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ إذْنِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَدَاءِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ

مِنْ الْأَدَاءِ لِتَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ تَعَلُّقَ شَرِكَةٍ فَقُدِّمَ مُتَعَلَّقُ الْعَيْنِ عَلَى مُتَعَلَّقِ الذِّمَّةِ كَدَيْنٍ بِهِ رَهْنٌ لَا يَلْزَمُ الْأَدَاءُ مِنْ غَيْرِهِ مَرْدُودٌ، وَمَا عَلَّلَ بِهِ مَمْنُوعٌ، وَالْخِيَرَةُ فِي الْمُطَالَبَةِ لِلْمَضْمُونِ لَهُ لَا لِلضَّامِنِ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الضَّمَانَ كَالرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ ضَمُّ ذِمَّةٍ، وَالرَّهْنُ ضَمُّ عَيْنٍ إلَى ذِمَّةٍ وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَلَوْ بَاعَ مِنْ اثْنَيْنِ وَشَرَطَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَكُونُ ضَامِنًا لِلْآخَرِ بَطَلَ الْبَيْعُ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَرَأَيْت ابْنَ الرِّفْعَةِ فِي حِسْبَتِهِ يَمْنَعُ أَهْلَ سُوقِ الرَّقِيقِ مِنْ الْبَيْعِ مُسْلَمًا. وَمَعْنَاهُ إلْزَامُ الْمُشْتَرِي بِمَا يَلْحَقُ الْبَائِعَ مِنْ الدَّلَالَةِ وَغَيْرِهَا، قَالَ: وَلَعَلَّهُ أَخَذَهُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالرَّقِيقِ، وَهَذَا إذَا كَانَ مَجْهُولًا، فَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا فَلَا، وَكَأَنَّهُ جَعَلَ جُزْءًا مِنْ الثَّمَنِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ ضَمَانِ أَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ لِلْآخَرِ لَا يُمْكِنُ فِيهَا ذَلِكَ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَكِنَّهُ هُنَا شَرَطَ عَلَيْهِ أَمْرًا آخَرَ وَهُوَ أَنْ يَدْفَعَ كَذَا إلَى جِهَةِ كَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُبْطِلًا مُطْلَقًا اهـ وَهُوَ كَمَا قَالَ. ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الِابْنِ (قَوْلُهُ: فَلَهَا أَنْ تُغَرِّمَ الْأَبَ) فَإِنْ امْتَنَعَ أُجْبِرَ أَيْ: وَلَهَا الْأَخْذُ مِنْ عَيْنِ التَّرِكَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا رُجُوعَ) أَيْ لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِي الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْفَزَارِيِّ لَهُ) أَيْ لِلْأَبِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) مَعْلُومًا كَانَ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَمَا قَالَ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْهُ هُنَا مِنْ قَوْلِهِ: وَحَاصِلُ مَا قَرَّرَهُ م ر أَنَّهُ لَوْ قَالَ: بِعْتُك بِكَذَا دَلَالَةً وَثَمَنًا صَحَّ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الدَّلَالَةَ عَلَى وَذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ لِأَنَّ الدَّلَالَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ بِكَذَا سَالِمًا وَأَرَادَ أَنَّ الدَّلَالَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي بَطَلَ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَيْهِ فَهُوَ شَرْطٌ يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ، وَلَمَّا قَدَّمَهُ عَنْهُ فِي بَابِ التَّوْلِيَةِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ قَالَ: بِعْتُك بِمَا قَامَ عَلَيَّ إلَخْ مِنْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ الْتَزَمَ أُجْرَةَ الْكَيَّالِ مُعَيَّنَةً أَوْ أُجْرَةَ دَلَّالِ الْمَبِيعِ مُعَيَّنَةً صَحَّ وَكَانَتْ عَلَيْهِ اهـ فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُتَأَمَّلْ، وَمَعَ ذَلِكَ فَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الشَّرْحِ هُنَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْأَوَّلِ) أَيْ قَوْلُهُ: لَا الْعَامُّ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ. (قَوْلُهُ: تَصْدِيقُهُ) أَيْ: الْمُطْعِمِ أَوْ الْمُنْفِقِ الْآتِي ذِكْرُهُمَا وَهَذَا اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا عُلِمَ مِنْ الْمَتْنِ مِنْ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ إلَّا إذَا صَدَّقَهُ الْمَضْمُونُ لَهُ أَوْ أَدَّى بِحَضْرَةِ الْأَصِيلِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي فِي الْأُولَى إلَخْ) أَسْقَطَ ذِكْرَ الثَّانِي فِي الثَّانِيَةِ وَعِبَارَةُ الْجَلَالِ فِيهِ: وَفِي الثَّانِيَةِ يَقُولُ لَمْ يَنْتَفِعْ الْأَصِيلُ بِالْأَدَاءِ لِتَرْكِ الْإِشْهَادِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ الْمُقَصِّرُ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ . (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَهِدَ الْأَصِيلُ لِآخَرَ) وَهُوَ مَنْ ادَّعَى ضَمَانَهُ

[كتاب الشركة]

«مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» (حَدِيثٌ شَرِيفٌ) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابُ الشِّرْكَةِ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ، وَحُكِيَ فَتْحٌ فَكَسْرٌ وَفَتْحٌ فَسُكُونٌ، وَقَدْ تُحْذَفُ تَاؤُهَا فَتَصِيرُ بِمَعْنَى النَّصِيبِ. وَهِيَ لُغَةً: الِاخْتِلَاطُ. وَشَرْعًا: ثُبُوتُ الْحَقِّ شَائِعًا فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ أَوْ عَقْدٍ يَقْتَضِي ذَلِكَ. وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ الْخَبَرُ الصَّحِيحُ الْقُدْسِيُّ «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَخُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَإِذَا خَانَهُ خَرَجْت مِنْ بَيْنِهِمَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ. وَالْمَعْنَى: أَنَا مَعَهُمَا بِالْحِفْظِ وَالْإِعَانَةِ فَأَمُدُّهُمَا بِالْمُعَاوَنَةِ فِي أَمْوَالِهِمَا وَإِنْزَالِ الْبَرَكَةِ فِي تِجَارَتِهِمَا، فَإِذَا وَقَعَتْ الْخِيَانَةُ بَيْنَهُمَا رَفَعْت الْبَرَكَةَ وَالْإِعَانَةَ عَنْهُمَا، وَهُوَ مَعْنَى خَرَجْت مِنْ بَيْنِهِمَا. وَمَقْصُودُ الْبَابِ شَرِكَةٌ تَحْدُثُ بِالِاخْتِيَارِ بِقَصْدِ التَّصَرُّفِ وَتَحْصِيلِ الرِّبْحِ وَلَيْسَتْ عَقْدًا مُسْتَقِلًّا، بَلْ هِيَ فِي الْحَقِيقَةِ وَكَالَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــS [كِتَابُ الشِّرْكَة] ِ (قَوْلُهُ: وَحُكِيَ فَتْحٌ) يُشْعِرُ بِأَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْأَفْصَحُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ تُحْذَفُ تَاؤُهَا) أَيْ عَلَى الْأَوَّلِ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ أَنَّهُ عَلَى الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا ثُبُوتُ الْحَقِّ) وَلَوْ قَهْرًا انْتَهَى حَجّ: أَيْ كَالْإِرْثِ (قَوْلُهُ: فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ) أَيْ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ شَائِعًا (قَوْلُهُ: الْقُدْسِيُّ) نِسْبَةٌ إلَى الْقُدْسِ بِمَعْنَى الطَّهَارَةِ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِنِسْبَتِهَا لَهُ جَلَّ وَعَلَا حَيْثُ أَنْزَلَ أَلْفَاظَهَا كَالْقُرْآنِ، لَكِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ لِلْإِعْجَازِ بِسُورَةٍ مِنْهُ، وَالْأَحَادِيثُ الْقُدْسِيَّةُ لَيْسَ إنْزَالُهَا لِذَلِكَ، وَأَمَّا غَيْرُ الْقُدْسِيَّةِ فَأَوْحَى إلَيْهِ مَعَانِيَهَا وَعَبَّرَ عَنْهَا بِأَلْفَاظٍ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَخُنْ) أَيْ وَلَوْ بِغَيْرِ مُتَمَوِّلٍ، ثُمَّ فِي قَوْلِهِ: مَا لَمْ يَخُنْ إشْعَارٌ بِأَنَّ مَا أَخَذَهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْمُسَامَحَةِ بِهِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ كَشِرَاءِ طَعَامٍ أَوْ خُبْزٍ جَرَتْ الْعَادَةُ بِمِثْلِهِ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ مِنْ نَزْعِ الْبَرَكَةِ (قَوْلُهُ: وَالْإِعَانَةُ) عَطْفٌ مُغَايِرٌ (قَوْلُهُ: فَإِذَا وَقَعَتْ الْخِيَانَةُ) وَلَيْسَ مِنْ الْخِيَانَةِ مَا لَوْ تَمَيَّزَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ بِزِيَادَةٍ عَلَى قَدْرِ نَصِيبِهِ فَأَخَذَ شَرِيكُهُ مِنْ الْمَالِ قَدْرَ حِصَّتِهِ الَّتِي أَخَذَهَا الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَ حَقَّهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ رَفْعُ الْبَرَكَةِ (قَوْلُهُ: بَلْ هِيَ فِي الْحَقِيقَةِ وَكَالَةٌ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQكِتَابُ الشَّرِكَةِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ تُحْذَفُ تَاؤُهَا إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَقَدْ تُحْذَفُ هَاؤُهَا فَتَصِيرُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّصِيبِ

وَتَوْكِيلٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي (هِيَ) أَيْ الشَّرِكَةُ مِنْ حَيْثُ هِيَ (أَنْوَاعٌ) أَرْبَعَةٌ أَحَدُهَا (شَرِكَةُ الْأَبْدَانِ كَشَرِكَةِ الْحَمَّالِينَ وَسَائِرِ الْمُحْتَرِفَةِ لِيَكُونَ بَيْنَهُمَا كَسْبُهُمَا) بِحِرْفَتِهِمَا (مُتَسَاوِيًا أَوْ مُتَفَاوِتًا مَعَ اتِّفَاقِ الصَّنْعَةِ) كَنَجَّارٍ وَنَجَّارٍ (أَوْ اخْتِلَافِهَا) كَنَجَّارٍ وَرَفَّاءٍ، وَهِيَ بَاطِلَةٌ لِمَا فِيهَا مِنْ الْغَرَرِ وَالْجَهْلِ. (وَ) ثَانِيهَا (شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ مِنْ تَفَاوَضَا فِي الْحَدِيثِ شَرَعَا فِيهِ جَمِيعًا أَوْ قَوْمٌ فَوْضَى: أَيْ مُسْتَوُونَ (لِيَكُونَ بَيْنَهُمَا كَسْبُهُمَا) بِبَدَنٍ أَوْ مَالٍ مِنْ غَيْرِ خَلْطٍ (وَعَلَيْهِمَا مَا يَعْرِضُ مِنْ غُرْمٍ) بِنَحْوِ غَصْبٍ أَوْ إتْلَافٍ، وَهِيَ بَاطِلَةٌ أَيْضًا لِاشْتِمَالِهَا عَلَى أَنْوَاعٍ مِنْ الْغَرَرِ فَيَخْتَصُّ كُلٌّ فِي هَاتَيْنِ بِمَا كَسَبَهُ، نَعَمْ لَوْ نَوَيَا هُنَا شَرِكَةَ الْعِنَانِ وَثَمَّ مَالٌ بَيْنَهُمَا صَحَّتْ. (وَ) ثَالِثُهَا (شَرِكَةُ الْوُجُوهِ بِأَنْ يَشْتَرِكَ الْوَجِيهَانِ) عِنْدَ النَّاسِ لِحُسْنِ مُعَامَلَتِهِمَا مَعَهُمْ (لِيَبْتَاعَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمُؤَجَّلٍ) وَيَكُونَ الْمُبْتَاعُ (لَهُمَا، فَإِذَا بَاعَا كَانَ الْفَاضِلُ عَنْ الْأَثْمَانِ) الْمُبْتَاعِ بِهَا (بَيْنَهُمَا) أَوْ أَنْ يَبْتَاعَ وَجِيهٌ فِي ذِمَّتِهِ وَيُفَوِّضَ بَيْعَهُ لِخَامِلٍ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا، ـــــــــــــــــــــــــــــSفَيُعْتَبَرُ فِيهَا مَا يُعْتَبَرُ فِي الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ: هِيَ) بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ أَنْوَاعٌ إلَخْ حَجّ، وَهِيَ أَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِمَّا ذَكَرَ دَفْعُ مَا يَرِدُ عَلَى الْمَتْنِ مِنْ أَنَّ الْبَاطِلَ لَا يُسَمَّى شَرْعًا شَرِكَةً، وَقَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ أَظْهَرُ فِي دَفْعِ الْإِيرَادِ مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَإِنْ كَانَ مُرَادًا لَهُ، فَإِنَّ قَوْلَهُ مِنْ حَيْثُ هِيَ الْمُرَادُ بِهِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهَا شَرِكَةَ عَنَانٍ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ هِيَ) أَيْ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهَا مَأْذُونًا فِيهَا وَلَا مَمْنُوعًا مِنْهَا فَتَشْمَلُ الصَّحِيحَةَ وَالْفَاسِدَةَ (قَوْلُهُ: كَسْبُهُمَا) لَعَلَّهُ بِمَعْنَى مَكْسُوبِهِمَا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: بِحِرْفَتِهِمَا) أَيْ سَوَاءٌ شَرَطَا أَنَّ عَلَيْهِمَا مَا يَعْرِضُ مِنْ غُرْمٍ أَمْ لَا، وَعَلَى هَذَا فَبَيْنَهَا وَبَيْنَ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ عُمُومٌ مِنْ وَجْهٍ (قَوْلُهُ: وَهِيَ بَاطِلَةٌ) صَرَّحَ بِذَلِكَ مَعَ عِلْمِهِ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي تَوْطِئَةً لِلتَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: مَنْ تَفَاوَضَا) أَيْ مَأْخُوذٌ مِنْ إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ قَوْمٌ فَوْضَى) أَيْ مِنْ قَوْلِهِمْ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ فَوْضَى (قَوْلُهُ: وَهِيَ بَاطِلَةٌ) فِيهِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ نَوَيَا) مَفْهُومُهُ أَنَّ الْخَلْطَ بِمُجَرَّدِهِ لَا يَكْفِي بِدُونِ النِّيَّةِ وَإِنْ وُجِدَتْ بَقِيَّةُ الشُّرُوطِ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ مَعَ وُجُودِ الشُّرُوطِ لَا تُعْتَبَرُ النِّيَّةُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَا تَشْتَمِلُ عَلَيْهِ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ، أَنَّ عَلَيْهِمَا مَا يَعْرِضُ مِنْ غُرْمٍ وَهُوَ مُفْسِدٌ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمَا إذَا نَوَيَا بِالْمُفَاوَضَةِ شَرِكَةَ الْعِنَانِ اقْتَضَى حَمْلَ الْغُرْمِ الْمَشْرُوطِ عَلَى غُرْمٍ يَنْشَأُ مِنْ الشَّرِكَةِ دُونَ الْغَصْبِ مَثَلًا، فَفَائِدَةُ النِّيَّةِ حَمْلُ الْمُفَاوَضَةِ فِيمَا لَوْ قَالَا تَفَاوَضْنَا مَثَلًا عَلَى شَرِكَةٍ مُسْتَجْمِعَةٍ لِلشُّرُوطِ الصَّحِيحَةِ (قَوْلُهُ: شَرِكَةَ الْعِنَانِ) أَيْ كَأَنْ قَالَا تَفَاوَضْنَا أَوْ تَشَارَكْنَا شَرِكَةَ الْعِنَانِ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ ثُمَّ اسْتَشْكَلَهُ (قَوْلُهُ: وَثَمَّ مَالٌ) أَيْ وَخَلَطَاهُ، وَأَرَادَ بِالْغُرْمِ الْعَارِضَ الْحَاصِلَ بِسَبَبِ التِّجَارَةِ كَالْخُسْرَانِ وَالرِّبْحِ وَإِلَّا فَهُوَ لَا يُلَاقِي قَوْلَهُ أَوَّلًا مِنْ غَيْرِ خَلْطٍ (قَوْلُهُ: وَيَكُونَ) بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى يَبْتَاعَ، قَالَهُ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا) قَدْ يُقَالُ هَلَّا كَانَ هَذَا جَعَالَةً: أَيْ فَيَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ مِثْلِ عَمَلِهِ وَلَوْ فَاسِدَةً لِعَدَمِ تَعْيِينِ الْعِوَضِ فَإِنَّ قَوْلَهُ: بِعْ هَذَا وَلَك نِصْفُ الرِّبْحِ كَقَوْلِك رُدَّ عَبْدِي وَلَك كَذَا، إلَّا أَنْ يُصَوِّرَ هَذَا بِأَنْ يَقُولَ: اشْتَرَكْنَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ نَوَيَا هُنَا شَرِكَةَ الْعِنَانِ إلَخْ) يَعْنِي: فِيمَا إذَا قَالَا تَفَاوَضْنَا. وَالصُّورَةُ أَنَّ شُرُوطَ شَرِكَةِ الْعِنَانِ مُتَوَفِّرَةٌ فَيَصِحُّ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْعُقُودِ بِالْكِنَايَاتِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: فَإِنْ أَرَادَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِلَفْظِ الْمُفَاوَضَةِ شَرِكَةَ الْعِنَانِ كَأَنْ قَالَا تَفَاوَضْنَا: أَيْ اشْتَرَكْنَا شَرِكَةَ عِنَانٍ جَازَ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْعُقُودِ بِالْكِنَايَاتِ انْتَهَتْ. وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَدَّمْتُهُ أَنَّهُمَا لَمْ يَشْرِطَا أَنَّ عَلَيْهِمَا غُرْمَ مَا يَعْرِضُ وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا أَطَالَ بِهِ الشَّيْخُ فِي حَاشِيَتِهِ مِمَّا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِدْرَاكَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ إلَى صُورَةِ الْمُفَاوَضَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ رَاجِعًا إلَّا لِلَفْظِ الْمُفَاوَضَةِ فَقَطْ وَإِنْ كَانَ فِي السِّيَاقِ إيهَامٌ (قَوْلُهُ: لِيَبْتَاعَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمُؤَجَّلٍ) أَيْ لِنَفْسِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ وَكَّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ أَنْ يَشْتَرِيَ فِي الذِّمَّةِ لَهُمَا عَيْنًا وَقَصَدَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ صَارَا شَرِيكَيْنِ فِي الْعَيْنِ الْمُشْتَرَاةِ.

أَوْ يَشْتَرِكَ وَجِيهٌ لَا مَالَ لَهُ وَخَامِلٌ لَهُ مَالٌ لِيَكُونَ الْمَالُ مِنْ هَذَا وَالْعَمَلُ مِنْ هَذَا مِنْ غَيْرِ تَسْلِيمٍ لِلْمَالِ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا وَالْكُلُّ بَاطِلٌ إذْ لَيْسَ بَيْنَهُمَا مَالٌ مُشْتَرَكٌ فَكُلُّ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا فَهُوَ لَهُ عَلَيْهِ خُسْرُهُ وَلَهُ رِبْحُهُ وَالثَّالِثُ قِرَاضٌ فَاسِدٌ لِاسْتِبْدَادِ الْمَالِكِ بِالْيَدِ (وَهَذِهِ الْأَنْوَاعُ بَاطِلَةٌ) لِمَا ذَكَرْنَاهُ (وَ) رَابِعُهَا (شَرِكَةُ الْعِنَانِ) وَسَيُعْلَمُ أَنَّهَا اشْتِرَاكٌ فِي مَالٍ لِيَتَّجِرَا فِيهِ، وَهِيَ (صَحِيحَةٌ) بِالْإِجْمَاعِ وَلِسَلَامَتِهَا مِنْ سَائِرِ أَنْوَاعِ الْغَرَرِ مِنْ عَنَانِ الدَّابَّةِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي التَّصَرُّفِ وَغَيْرِهِ كَاسْتِوَاءِ طَرَفَيْ الْعِنَانِ أَوْ لِمَنْعِ كُلٍّ الْآخَرَ مِمَّا يُرِيدُ كَمَنْعِ الْعِنَانِ لِلدَّابَّةِ، أَوْ مِنْ عَنَّ ظَهَرَ لِظُهُورِهَا بِالْإِجْمَاعِ عَلَيْهَا، أَوْ مِنْ عِنَانِ السَّمَاءِ: أَيْ مَا ظَهَرَ مِنْهَا فَهِيَ عَلَى غَيْرِ الْأَخِيرِ بِكَسْرِ الْعَيْنِ عَلَى الْأَشْهَرِ وَعَلَيْهِ بِفَتْحِهَا. وَلَهَا خَمْسَةُ أَرْكَانٍ عَاقِدَانِ وَمَعْقُودٌ عَلَيْهِ وَعَمَلٌ وَصِيغَةٌ. وَبَدَأَ الْمُصَنِّفُ مِنْهَا بِالْأَخِيرِ مُعَبِّرًا عَنْهَا بِالشَّرْطِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ فَقَالَ (وَيُشْتَرَطُ فِيهَا لَفْظٌ) صَرِيحٌ مِنْ كُلٍّ لِلْآخَرِ (يَدُلُّ عَلَى الْإِذْنِ) لِلْمُتَصَرِّفِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا (فِي التَّصَرُّفِ) أَيْ التِّجَارَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، أَوْ كِنَايَةٌ تُشْعِرُ بِذَلِكَ لِمَا مَرَّ آنِفًا أَنَّهَا مُشْعِرَةٌ لَا دَالَّةٌ إلَّا بِتَجَوُّزٍ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يَشْمَلُهَا كَلَامُهُ، وَكَاللَّفْظِ وَالْكِتَابَةِ وَإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ الْمُفْهِمَةِ، فَلَوْ أَذِنَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ تَصَرَّفَ الْمَأْذُونُ فِي الْكُلِّ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى أَنَّك تَبِيعُ هَذَا وَالرِّبْحُ بَيْنَنَا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُقَالُ إنَّ مَا ذُكِرَ لَا يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ سم مِنْ أَنَّهُ جَعَالَةٌ لِأَنَّ الْمُسْتَفَادَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ فِي هَذِهِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مَلَكَ الْوَجِيهُ لَهُ رِبْحَهُ وَعَلَيْهِ خُسْرُهُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ فِيهِ لِمَا يَجِبُ لِلْعَامِلِ، فَيُحْمَلُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُحَشِّيُّ مِنْ أَنَّهُ جَعَالَةٌ، وَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِ عَمَلِهِ (قَوْلُهُ وَالثَّالِثُ) أَيْ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ الثَّالِثِ وَهُوَ قَوْلُهُ أَوْ يَشْتَرِكُ وَجِيهٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَاسِدٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: وَحِينَئِذٍ يَسْتَحِقُّ الْوَجِيهُ الَّذِي هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَامِلِ عَلَى الَّذِي هُوَ رَبُّ الْمَالِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ فِي مُقَابَلَةِ تَصَرُّفِهِ فِي مَالِهِ بِإِذْنِهِ عَلَى أَنَّ لَهُ حِصَّةً مِنْ الرِّبْحِ فَدَخَلَ طَامِعًا فِيهِ، فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ شَيْءٌ إذْ هُوَ كُلُّهُ لِلْمَالِكِ وَجَبَتْ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ كَالْعَامِلِ فِي الْقِرَاضِ الْفَاسِدِ فِي نَحْوِ هَذِهِ الصُّورَةِ. قَالَ الْقَمُولِيُّ: وَلَوْ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ إلَّا كَلِمَةٌ لَا تَعَبَ فِيهَا كَلَفْظِ بِعْت لَمْ يَسْتَحِقَّ أُجْرَةً اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ مَعْلُومٌ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لِاسْتِبْدَادِ) أَيْ اسْتِقْلَالِ (قَوْلِهِ بِالْيَدِ) أَيْ وَلِذَا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ السَّابِقِ مِنْ غَيْرِ تَسْلِيمٍ لِلْمَالِكِ. لَكِنْ قَدْ يَحْصُلُ الْفَسَادُ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَكَوْنِ الْمَالِ غَيْرَ نَقْدٍ فَلَا يُتَوَقَّفُ الْفَسَادُ حِينَئِذٍ عَلَى عَدَمِ تَسْلِيمِ الْمَالِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ الْأَنْوَاعُ بَاطِلَةٌ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ فِيهَا مَالٌ وَسُلِّمَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَهُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ لِأَنَّ فَاسِدَ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لِمَا ذَكَرْنَاهُ) أَيْ مِنْ أَنَّ فِيهَا غَرَرًا وَجَهْلًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ فِي مَالِ) أَيْ مِثْلِيٍّ أَوْ مُتَقَوِّمٍ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَهِيَ عَلَى غَيْرِ الْأَخِيرِ) هُوَ قَوْلُهُ مِنْ عَنَانِ السَّمَاءِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ الْأَخِيرِ، وَقَوْلُهُ بِفَتْحِهَا: أَيْ لَا غَيْرُ، وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ قَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ عَنَّ إذَا ظَهَرَ إلَخْ: أَيْ لِأَنَّ جَوَازَهَا ظَاهِرٌ بَارِزٌ. وَقِيلَ مِنْ عَنَانِ السَّمَاءِ وَهُوَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا. وَقِيلَ مِنْ عَنَانِ الدَّابَّةِ. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: فَعَلَى الْأَوَّلَيْنِ تَكُونُ الْعَيْنُ مَفْتُوحَةً، وَعَلَى الْأَخِيرِ تَكُونُ مَكْسُورَةً عَلَى الْمَشْهُورِ انْتَهَى. وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِنَاءً عَلَى الْأَخْذِ مِنْ عَنَّ الشَّيْءُ ظَهَرَ، فَإِنَّ صَرِيحَ الشَّارِحِ أَنَّهَا بِالْكَسْرِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ عَنْ الْقَاضِي أَنَّهَا بِالْفَتْحِ (قَوْلُهُ: وَعَمَلٌ) اُسْتُشْكِلَ عَدُّ الْعَمَلِ مِنْ الْأَرْكَانِ مَعَ أَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ الْعَقْدِ وَإِنْ وُجِدَ فَلْيَكُنْ بَعْدَهُ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْعَمَلَ الَّذِي يَقَعُ بَعْدَ الْعَقْدِ هُوَ مُبَاشَرَةُ الْفِعْلِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَاَلَّذِي اُعْتُبِرَ رُكْنًا هُوَ تَصَوُّرُ الْعَمَلِ وَذِكْرُهُ فِي الْعَقْدِ عَلَى وَجْهٍ يُعْلَمُ مِنْهُ مَا تَعَلَّقَ بِهِ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ مُعَبِّرًا عَنْهَا) أَيْ الصِّيغَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ كُلٍّ لِلْآخَرِ) هُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ بِالنِّسْبَةِ لِمَا لَوْ أَذِنَ أَحَدُهُمَا إلَّا أَنْ يُقَالَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُوَ الْأَصْلُ، وَأَنَّ الْمُرَادَ مَا يَشْمَلُ الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ (قَوْلُهُ: تُشْعِرُ بِذَلِكَ) أَيْ بِالْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ آنِفًا) أَيْ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ: لَفْظٌ يُشْعِرُ بِالِالْتِزَامِ، لَكِنْ قَوْلُهُ إلَّا بِتَجَوُّزٍ ظَاهِرٍ فِي أَنَّهُ إذَا اُسْتُعْمِلَ عَلَى وَجْهِ الْكِنَايَةِ لَا يَكُونُ حَقِيقَتَهُ، وَقَدْ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ ثُمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَالْإِذْنُ فِي نَصِيبِهِ خَاصَّةً، فَإِنْ شَرَطَ عَدَمَ تَصَرُّفِهِ فِي نَصِيبِهِ لَمْ تَصِحَّ (فَلَوْ اقْتَصَرَا عَلَى) قَوْلِهِمَا (اشْتَرَكْنَا لَمْ يَكْفِ) عَنْ الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ (فِي الْأَصَحِّ) لِاحْتِمَالِهِ الْإِخْبَارَ عَنْ وُقُوعِ الشَّرِكَةِ فَقَطْ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ نَوَيَاهُ كَفَى كَمَا جَزَمَ بِهِ السُّبْكِيُّ. وَالثَّانِي يَكْفِي لِفَهْمِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ عُرْفًا وَعَبَّرَ عَنْ الرُّكْنِ الثَّانِي. وَالثَّالِثُ وَهُمَا الْعَاقِدَانِ بِقَوْلِهِ (وَ) يُشْتَرَطُ (فِيهِمَا) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ إنْ تَصَرَّفَا (أَهْلِيَّةُ التَّوَكُّلِ وَالتَّوْكِيلِ) فِي الْمَالِ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا وَكِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ وَمُوَكِّلٌ لَهُ، فَإِنْ تَصَرَّفَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ اُشْتُرِطَ فِيهِ أَهْلِيَّةُ التَّوَكُّلِ وَفِي الْآخَرِ أَهْلِيَّةُ التَّوْكِيلِ حَتَّى يَصِحَّ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي أَعْمَى دُونَ الْأَوَّلِ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ جَوَازُ مُشَارَكَةِ الْوَلِيِّ عَلَى مَالِ مَحْجُورِهِ، وَتَوَقَّفَ ابْنُ الرِّفْعَةَ فِيهِ بِأَنَّ فِيهِ خَلْطًا قَبْلَ الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ مَصْلَحَةٍ نَاجِزَةٍ، بَلْ قَدْ يُورِثُ نَقْصًا مَرْدُودًا بِأَنَّ الْغَرَضَ وُجُودُ مَصْلَحَةٍ فِيهِ لِتَوَقُّفِ تَصَرُّفِ الْوَلِيِّ عَلَيْهَا وَاشْتِرَاطُ إنْجَازِ الْمَصْلَحَةِ مَمْنُوعٌ. نَعَمْ يُشْتَرَطُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ كَوْنُ الشَّرِيكِ أَمِينًا بِحَيْثُ يَجُوزُ إيدَاعُ مَالِ الْيَتِيمِ عِنْدَهُ، قَالَ غَيْرُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ تَصَرَّفَ دُونَ مَا إذَا تَصَرَّفَ الْوَلِيُّ وَحْدَهُ، وَيُكْرَهُ مُشَارَكَةُ الْكَافِرِ وَمَنْ لَا يَحْتَرِزُ مِنْ الشُّبْهَةِ، وَلَوْ شَارَكَ الْمُكَاتَبُ غَيْرَهُ لَمْ يَصِحَّ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنْ كَانَ هُوَ الْمَأْذُونَ لَهُ: أَيْ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ السَّيِّدُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّبَرُّعِ بِعَمَلِهِ وَيَصِحُّ إنْ كَانَ هُوَ الْآذِنُ، فَإِنْ أَذِنَ السَّيِّدُ صَحَّ مُطْلَقًا. ثُمَّ ذَكَرَ الرُّكْنَ الرَّابِعَ وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــSلِأَنَّهَا: أَيْ الْكِنَايَةَ لَيْسَتْ دَالَّةً: أَيْ دَلَالَةً ظَاهِرَةً انْتَهَى. فَإِنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ قَوْلِهِ أَيْ دَلَالَةً ظَاهِرَةً أَنَّهَا تَدُلُّ دَلَالَةً خَفِيَّةً وَيَكُونُ حَقِيقَةً، وَقَدْ يُقَالُ مُرَادُهُ ثُمَّ إنَّ دَلَالَتَهَا حَيْثُ كَانَتْ خَفِيَّةً مَجَازٌ فَيُحْمَلُ مَا هُنَاكَ عَلَى مَا هُنَا (قَوْلُهُ خَاصَّةً) أَيْ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ شَرِكَةً إلَّا إذَا صَرَّحَ بِلَفْظِ الشَّرِكَةِ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُ سم عَلَى مَنْهَجٍ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْ الْعُبَابِ حَيْثُ قَالَ: قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ فَقَطْ: اتَّجِرْ مَثَلًا تَصَرَّفَ فِي الْجَمِيعِ وَصَاحِبُهُ فِي نَصِيبِهِ فَقَطْ حَتَّى يَأْذَنَ لَهُ شَرِيكُهُ وَهَذِهِ صُورَةٌ أَيْضًا ع لَا شَرِكَةٌ وَلَا قِرَاضٌ انْتَهَى. فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا يُخَصُّ بِمَا إذَا كَانَ هُنَاكَ لَفْظُ شَرِكَةٍ فَتَأَمَّلْهُ، لَكِنَّهُ قَالَ فِي حَاشِيَةِ حَجّ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ الْعُبَابِ: وَالْوَجْهُ حَيْثُ وُجِدَ خَلْطُ مَالَيْنِ بِشَرْطِهِ وَوُجِدَ إذْنٌ فِي التَّصَرُّفِ وَلَوْ لِأَحَدِهِمَا فَقَطْ كَانَ شَرِكَةً، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَالٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ بَلْ مِنْ أَحَدِهِمَا مَعَ إذْنِ صَاحِبِهِ لِلْآخَرِ كَانَ قِرَاضًا بِشَرْطِهِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: لَمْ تَصِحَّ) أَيْ لِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَهُوَ مَنْعُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَتَصَرُّفُ الْآذِنِ فِي نَصِيبِهِ صَحِيحٌ وَتَصَرُّفُ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي الْكُلِّ صَحِيحٌ أَيْضًا بِعُمُومِ الْإِذْنِ وَإِنْ بَطَلَ خُصُوصُ الشَّرِكَةِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ اقْتَصَرَا عَلَى قَوْلِهِمَا) فِيهِ إشَارَةٌ عَلَى التَّصْوِيرِ بِوُقُوعِ هَذَا الْقَوْلِ مِنْهُمَا، وَأَنَّهُ إذَا انْضَمَّ إلَيْهِ الْإِذْنُ فِي التَّصَرُّفِ كَفَى، وَيَبْقَى مَا لَوْ وَقَعَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْ أَحَدِهِمَا مَعَ الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكْفِيَ لِأَنَّهُ عَقْدٌ مُتَعَلِّقٌ بِمَالِهِمَا فَلَا يَكْفِي فِيهِ اللَّفْظُ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ وُقُوعِهِ مِنْ الْآخَرِ أَوْ قَبُولِهِ وِفَاقًا ل م ر انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ الثَّانِي) أَيْ غَيْرُ الْمُتَصَرِّفِ (قَوْلُهُ أَعْمَى) اُنْظُرْ كَيْفَ يَصِحُّ عَقْدُ الْأَعْمَى عَلَى الْعَيْنِ وَهُوَ الْمَالُ الْمَخْلُوطُ. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ عَقْدُ تَوْكِيلٍ وَتَوْكِيلُهُ جَائِزٌ كَمَا يَأْتِي وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ صِحَّةُ قِرَاضِهِ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَشْتَرِطُوا فِي الشَّرِيكِ كَوْنَهُ مَالِكًا (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَجُوزُ) أَيْ فَلَوْ ظَنَّهُ أَمِينًا أَوْ عَدْلًا فَبَانَ خِلَافُهُ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الشَّرِكَةِ، وَهَلْ يَضْمَنُ الْوَلِيُّ بِتَسْلِيمِ الْمَالِ لَهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ الْبَحْثِ عَنْ حَالِهِ قَبْلَ تَسْلِيمِ الْمَالِ لَهُ (قَوْلُهُ: مَا إذَا تَصَرَّفَ الْوَلِيُّ وَحْدَهُ) قَالَ حَجّ: نَعَمْ قِيَاسُ مَا مَرَّ أَنْ لَا يَكُونَ بِمَالِهِ شُبْهَةٌ: أَيْ إنْ سَلِمَ مَالُ الْمُولَى عَنْهَا انْتَهَى (قَوْلُهُ وَمَنْ لَا يَحْتَرِزُ مِنْ الشُّبْهَةِ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ حَيْثُ سَلِمَ مَالُ الْمُشَارِكِ مِنْ الشُّبْهَةِ أَوْ كَانَتْ فِيهِ أَقَلَّ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ) أَيْ فِي الشَّرِكَةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: صَحَّ مُطْلَقًا) أَيْ آذِنًا أَوْ مَأْذُونًا لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الْمَالُ فَقَالَ (وَتَصِحُّ) الشَّرِكَةُ (فِي كُلِّ مِثْلِيٍّ) بِالْإِجْمَاعِ فِي النَّقْدِ الْخَالِصِ وَعَلَى الْأَصَحِّ فِي الْمَغْشُوشِ الرَّائِجِ لِأَنَّهُ بِاخْتِلَاطِهِ يَرْتَفِعُ تَمَيُّزُهُ كَالنَّقْدِ وَمِنْهُ التِّبْرُ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ فِي الْغَصْبِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَلَا تَجُوزُ فِي التِّبْرِ وَفِيهِ وَجْهٌ فِي التَّتِمَّةِ فَرَّعَهُ عَلَى الْمَرْجُوحِ الْقَائِلِ بِاخْتِصَاصِهَا بِالنَّقْدِ الْمَضْرُوبِ. نَعَمْ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى نَوْعٍ مِنْهُ غَيْرِ مُنْضَبِطٍ (دُونَ الْمُتَقَوِّمِ) بِكَسْرِ الْوَاوِ لِتَعَذُّرِ الْخَلْطِ فِي الْمُتَقَوِّمَات لِأَنَّهَا أَعْيَانٌ مُتَمَيِّزَةٌ وَحِينَئِذٍ تَتَعَذَّرُ الشَّرِكَةُ لِأَنَّ بَعْضَهَا قَدْ يَتْلَفُ فَيَذْهَبُ عَلَى صَاحِبِهِ وَحْدَهُ (وَقِيلَ يَخْتَصُّ بِالنَّقْدِ الْمَضْرُوبِ) الْخَالِصِ كَالْقِرَاضِ فَالْمَضْرُوبُ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ إنْ قِيلَ بِأَنَّ النَّقْدَ لَا يَكُونُ غَيْرَ مَضْرُوبٍ كَمَا هُوَ أَحَدُ الِاصْطِلَاحَيْنِ (وَيُشْتَرَطُ خَلْطُ الْمَالَيْنِ) قَبْلَ عَقْدِهَا، فَلَوْ وَقَعَ بَعْدَهُ فِي الْمَجْلِسِ لَمْ يَكْفِ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّ أَسْمَاءَ الْعُقُودِ الْمُشْتَقَّةِ مِنْ الْمَعَانِي يَجِبُ تَحَقُّقُ تِلْكَ الْمَعَانِي فِيهَا، وَمَعْنَى الشَّرِكَةِ الِاخْتِلَاطُ وَالِامْتِزَاجُ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ فِي ذَلِكَ لِمَا يَأْتِي أَوْ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ لَمْ يَكْفِ جَزْمًا (بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزَانِ) وَإِنْ لَمْ تَتَسَاوَ أَجْزَاؤُهُمَا فِي الْقِيمَةِ لِتَعَذُّرِ إثْبَاتِ الشَّرِكَةِ مَعَ التَّمْيِيزِ (وَلَا يَكْفِي الْخَلْطُ مَعَ اخْتِلَافِ جِنْسٍ) كَدَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ (أَوْ صِفَةٍ كَصِحَاحٍ وَمُكَسَّرَةٍ) وَأَبْيَضَ وَغَيْرِهِ كَبُرٍّ أَحْمَرَ بِأَبْيَضَ لِإِمْكَانِ التَّمْيِيزِ وَإِنْ عَسِرَ فَإِنْ كَانَ لِكُلٍّ عَلَامَةٌ مُمَيِّزَةٌ عِنْدَ مَالِكِهِ دُونَ بَقِيَّةِ النَّاسِ لَمْ يَكْفِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ تَسَاوِي الْمِثْلَيْنِ فِي الْقِيمَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: فِي الْمَغْشُوشِ) وَكَالْمَغْشُوشِ فِي الْخِلَافِ سَائِرُ الْمِثْلِيَّاتِ، وَلَمْ يُنَبِّهْ الشَّارِحُ عَلَى ذَلِكَ اكْتِفَاءً بِمَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقِيلَ يَخْتَصُّ بِالنَّقْدِ إلَخْ (قَوْلُهُ: الرَّائِجِ) أَيْ فِي بَلَدِ التَّصَرُّفِ فِيمَا يَظْهَرُ حَيْثُ كَانَتْ بَلَدُ التَّصَرُّفِ غَيْرَ بَلَدِ الْعَقْدِ بِأَنْ نَصَّ عَلَيْهَا، وَلَوْ أَطْلَقَ الْإِذْنَ احْتَمَلَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِبَلَدِ الْعَقْدِ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ (قَوْلُهُ: يَرْتَفِعُ) أَيْ يَزُولُ (قَوْلُهُ: بِالنَّقْدِ الْمَضْرُوبِ) أَوْلَى مِنْهُ مَا فِي كَلَامِ سم مِنْ أَنَّ هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى اشْتِرَاطِ الْمِثْلِيَّةِ، وَوَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ تَفْرِيعُهُ عَلَى اشْتِرَاطِ كَوْنِ النَّقْدِ مَضْرُوبًا لِأَنَّ الضَّرْبَ مُنْتَفٍ فِي التِّبْرِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَتَصِحُّ الشَّرِكَةُ فِي التِّبْرِ، وَمَا أَطْلَقَهُ الْأَكْثَرُونَ هُنَا مِنْ مَنْعِ الشَّرِكَةِ فِيهِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ مُتَقَوِّمٌ اهـ بِالْمَعْنَى، وَهُوَ مُوَافِقٌ ل سم (قَوْلُهُ كَالْقِرَاضِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْقَرْضَ عَلَى الْمَغْشُوشِ غَيْرُ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُمْكِنُ حَمْلُهُ) أَيْ كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ أَحَدُ الِاصْطِلَاحَيْنِ) أَيْ لِلْفُقَهَاءِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لِلنَّقْدِ مُطْلَقًا وَجَرَوْا عَلَيْهِ فِي بَابِ الزَّكَاةِ، وَالثَّانِي أَنَّهُ اسْمٌ لِلدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الْمَضْرُوبَةِ وَجَرَوْا عَلَيْهِ هُنَا وَفِي الْقِرَاضِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ وَقَعَ بَعْدَهُ) بَقِيَ مَا لَوْ وَقَعَ مُقَارِنًا وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ بِالدَّرْسِ أَنَّهُ كَالْبَعْدِيَّةِ فَلَا يَكْفِي وَفِيهِ وَقْفَةٌ، وَيُقَالُ: يَنْبَغِي إلْحَاقُهُ بِالْقَبْلِيَّةِ فَيَكْفِي لِأَنَّ الْعَقْدَ إنَّمَا تَمَّ حَالَةَ عَدَمِ التَّمْيِيزِ وَهُوَ كَافٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ لَا يَحْصُلُ فِي ذَلِكَ) أَيْ الْمَخْلُوطِ بَعْدَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزَانِ) قَالَ حَجّ فِي الْإِيعَابِ مَا حَاصِلُهُ: لَوْ كَانَ مُتَمَيِّزًا عِنْدَ الْعَقْدِ وَغَيْرَ مُتَمَيِّزٍ بَعْدَهُ فَهَلْ يَصِحُّ نَظَرًا لِعَدَمِ التَّمَيُّزِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَوْ لَا يَصِحُّ نَظَرًا لِحَالَةِ الْعَقْدِ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ. أَقُولُ: الْأَقْرَبُ الثَّانِي لِجَوَازِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى الْحَالَةِ الَّتِي لَا يَتَمَيَّزُ فِيهَا وَبَقِيَ عَكْسُهُ، وَالْأَقْرَبُ فِيهِ أَيْضًا الصِّحَّةُ، وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُ مَا قَالَهُ حَجّ بِأَنْ يَكُونَ بِكُلٍّ مِنْ النَّقْدَيْنِ عَلَامَةٌ تُمَيِّزُهُ عَنْ الْآخَرِ، لَكِنْ عَرَضَ قُبَيْلَ الْعَقْدِ مَا يَمْنَعُ ذَلِكَ كَطِلَاءٍ أَوْ صَدَأٍ أَوْ نَحْوِهِ يَمْنَعُ وَقْتَ الْعَقْدِ لَكِنَّهُ يُعْلَمُ زَوَالُهُ بَعْدُ (قَوْلُهُ: مَعَ اخْتِلَافِ جِنْسٍ) أَيْ يَحْصُلُ مَعَهُ التَّمْيِيزُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ كَدَرَاهِمَ إلَخْ، أَمَّا خَلْطُ أَحَدِ الْجِنْسَيْنِ بِآخَرَ بِحَيْثُ لَا يَحْصُلُ مَعَهُ تَمْيِيزٌ فَإِنَّهُ يَكْفِي كَخَلْطِ زَيْتٍ بِشَيْرَجٍ (قَوْلُهُ: فِي أَوْجِهِ الْوَجْهَيْنِ) وَمِثْلُهُ عَكْسُهُ بِالْأَوْلَى، لَكِنْ نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ حَمْدَانَ أَنَّهُ قَالَ بَعْدَ مِثْلِ كَلَامِ الشَّارِحِ وَحُكْمُ عَكْسِهِ عَكْسُ حُكْمِهِ اهـ. أَيْ فَإِذَا كَانَ مُتَمَيِّزًا عِنْدَ غَيْرِ الْعَاقِدَيْنِ وَلَيْسَ مُتَمَيِّزًا عِنْدَهُمَا صَحَّتْ الشَّرِكَةُ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّهُ مُتَمَيِّزٌ بِالْفِعْلِ عِنْدَ عَامَّةِ النَّاسِ وَعَدَمُ التَّمْيِيزِ لِلْعَاقِدَيْنِ بِجَوَازِ أَنَّهُ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ بِصِفَةِ النُّقُودِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ اشْتِرَاطِ تَسَاوِي الْمِثْلَيْنِ) لَا يُقَالُ: هَذَا عُلِمَ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِالْإِجْمَاعِ فِي النَّقْدِ الْخَالِصِ) يُوهِمُ قَصْرَ الْمِثْلِيِّ عَلَى النَّقْدِ، وَعِبَارَةُ الْجَلَالِ: نَقْدٌ وَغَيْرُهُ كَالْحِنْطَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بِاخْتِلَاطِهِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلْمَتْنِ

وَهُوَ كَذَلِكَ (هَذَا) الْمَذْكُورُ مِنْ اشْتِرَاطِ خَلْطِهِمَا (إنْ أَخْرَجَا مَالَيْنِ وَعَقَدَا، فَإِنَّ مِلْكًا مُشْتَرَكًا) بَيْنَهُمَا عَلَى جِهَةِ الشُّيُوعِ وَهُوَ مِثْلِيٌّ إذْ الْكَلَامُ فِيهِ، وَلِهَذَا قَيَّدَهُ بِهِ الشَّارِحُ لَا لِلِاحْتِرَازِ عَنْ مُقَابِلِهِ إذْ ذَلِكَ عُلِمَ حُكْمُهُ مِنْ قَوْلِهِ وَالْحِيلَةُ إلَى آخِرِهِ، وَيَصِحُّ التَّعْمِيمُ هُنَا وَتَكُونُ تِلْكَ الْحِيلَةُ لِابْتِدَاءِ الشَّرِكَةِ فِي عُرُوضٍ حَاصِلَةٍ بَيْنَهُمَا (بِإِرْثٍ وَشِرَاءٍ وَغَيْرِهِمَا وَأَذِنَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (لِلْآخَرِ فِي التِّجَارَةِ فِيهِ) أَوْ أَذِنَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ نَظِيرَ مَا مَرَّ (تَمَّتْ الشَّرِكَةُ) لِحُصُولِ الْمَعْنَى الْمَقْصُودِ بِالْخَلْطِ (وَالْحِيلَةُ فِي الشَّرِكَةِ فِي) الْمُتَقَوِّمِ مِنْ (الْعُرُوضِ) لَهَا طُرُقٌ مِنْهَا أَنْ يَرِثَاهَا مَثَلًا أَوْ (أَنْ يَبِيعَ) مَثَلًا (كُلُّ وَاحِدٍ بَعْضَ عَرَضِ الْآخَرِ) سَوَاءٌ أَتَجَانَسَ الْعَرَضَانِ أَمْ اخْتَلَفَا، وَأَرَادَ بِكُلٍّ: الْكُلَّ الْبَدَلِيَّ لَا الشُّمُولِيَّ، إذْ يَكْفِي بَيْعُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَعْضَ عَرَضِهِ لِصَاحِبِهِ بِبَعْضِ عَرَضِ الْآخَرِ لِأَنَّهُ بَائِعُ الثَّمَنِ، فَيَكُونُ " كُلُّ " حِينَئِذٍ عَلَى ظَاهِرِهَا عَلَى أَنَّ " كُلُّ " لَا بُدَّ مِنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ (وَيَأْذَنُ) لَهُ (فِي التَّصَرُّفِ) فِيهِ بَعْدَ التَّقَابُضِ وَغَيْرِهِ مِمَّا شُرِطَ فِي الْبَيْعِ، وَمَحِلُّهُ مَا لَمْ يَشْرِطَا فِي التَّبَايُعِ الشَّرِكَةَ، فَإِنْ شَرَطَاهَا فَسَدَ الْبَيْعُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ جَمَاعَةٍ وَأَقَرَّهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُهُمَا بِقِيمَةِ الْعَرَضَيْنِ، وَمِنْهَا أَنْ يَشْتَرِيَا سِلْعَةً بِثَمَنٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يَدْفَعُ كُلٌّ عَرَضَهُ بِمَا يَخُصُّهُ (وَلَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِي قَدْرِ الْمَالَيْنِ) أَيْ تَسَاوِيهِمَا فِي الْقَدْرِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِقَدْرِهِمَا) أَيْ بِقَدْرِ كُلٍّ مِنْ الْمَالَيْنِ أَهُوَ النِّصْفُ أَمْ غَيْرُهُ (عِنْدَ الْعَقْدِ) حَيْثُ أَمْكَنَتْ مَعْرِفَتُهُ بَعْدُ بِنَحْوِ مُرَاجَعَةِ حِسَابٍ أَوْ وَكِيلٍ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا لَا يَعْدُوهُمَا، بِخِلَافِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلِهِ أَوَّلًا وَإِنْ لَمْ تَتَسَاوَ أَجْزَاؤُهُمَا لِأَنَّا نَقُولُ: يَجُوزُ حَمْلُ مَا مَرَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ لَمْ تَتَسَاوَ أَجْزَاءُ مَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْقِيمَةِ، لَكِنْ تَسَاوَى مَجْمُوعُ مَالَيْهِمَا فِي الْقِيمَةِ وَمَا هُنَا فِي عَدَمِ تَسَاوِي مَجْمُوعِ الْمَالَيْنِ وَعَلَى تَسْلِيمِ أَنَّ مَا هُنَا مُسَاوٍ لِمَا مَرَّ فَيَجُوزُ أَنَّهُ ذَكَرَهُ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يُفِيدُهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ وَيَكُونُ الِاشْتِرَاكُ فِي الْمَالِ بَيْنَهُمَا بِحَسَبِ الْقِيمَةِ، نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْقِيمَةِ وَقَفَ الْأَمْرُ إلَى الِاصْطِلَاحِ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا قَيَّدَهُ بِهِ الشَّارِحُ) أَيْ بِقَوْلِهِ مِمَّا تَصِحُّ فِيهِ الشَّرِكَةُ (قَوْلُهُ: لَا لِلِاحْتِرَازِ عَنْ مُقَابِلِهِ) أَيْ وَهُوَ الْمُتَقَوِّمُ (قَوْلُهُ: عَلَى ظَاهِرِهَا) أَيْ مِنْ الشُّمُولِ لَهُمَا (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ كُلَّ) أَيْ لَفْظَ كُلٍّ (قَوْلُهُ: لَا بُدَّ مِنْهُ) فِيهِ نَظَرٌ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِمْ وَقِيَاسُ مَا سَبَقَ فِي شَرِكَةِ الْمِثْلِيِّ الِاكْتِفَاءُ بِإِذْنِ أَحَدِهِمَا. فَإِنْ قِيلَ: الْحَامِلُ عَلَى مَا قَالَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَيَتَسَلَّطُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى التَّصَرُّفِ بِلَا ضَرَرٍ. قُلْت: هَذَا رَاجِعٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمِثْلِيِّ أَيْضًا مَعَ أَنَّ الشَّارِحَ بَيَّنَ الِاكْتِفَاءَ بِإِذْنِ أَحَدِهِمَا فِيهِ وَجَعَلَهُ دَاخِلًا فِي مَعْنَى الْمَتْنِ فَلْيُحَرَّرْ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُقَالُ يَكْفِي فِي أَنَّ كُلًّا لَا بُدَّ مِنْ مُوَافَقَتِهِ لِلظَّاهِرِ، وَالْغَالِبُ مِنْ أَنَّ كُلًّا مِنْ الشَّرِيكَيْنِ يَأْذَنُ لِصَاحِبِهِ، وَكَوْنُ ذَلِكَ هُوَ الْغَالِبَ لَا يُنَافِي الِاكْتِفَاءَ بِإِذْنِ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: الشَّرِكَةَ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهَا التَّصَرُّفُ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِلْفَسَادِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: الْعَرَضَيْنِ) أَيْ اللَّذَيْنِ وَقَعَ التَّبَايُعُ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: بِمَا يَخُصُّهُ) أَيْ فِيمَا يَخُصُّهُ (قَوْلُهُ: أَيْ تَسَاوِيهِمَا فِي الْقَدْرِ) أَيْ وَهِيَ أَوْضَحُ لِأَنَّ التَّسَاوِيَ بَيْنَ ذَاتِ الْمَالَيْنِ فِي الْقَدْرِ الَّذِي هُوَ صِفَةٌ فِيهِمَا، وَعِبَارَة ع نَصُّهَا: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ تَسَاوِي قَدْرِ الْمَالَيْنِ التَّسَاوِي هُوَ التَّمَاثُلُ فَيَكُونُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فَأَكْثَرَ، وَقَدْ أَضَافَهُ الْمُصَنِّفُ لِقَدْرِ الْمَالَيْنِ وَهُوَ مُفْرَدٌ، فَلَا بُدَّ أَنْ يُؤَوَّلَ قَدْرُ الْمَالَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مَا لَمْ يَشْرِطَا فِي التَّبَايُعِ الشَّرِكَةَ) أَيْ الْمُفِيدَةَ لِصِحَّةِ التَّصَرُّفِ الَّتِي هِيَ مَقْصُودُ الْبَابِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَعَدَلَ عَنْهُ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: عَدَلَ إلَيْهِ عَنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ الشَّرِكَةِ تَسَاوِي الْمَالَيْنِ فِي الْقَدْرِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ كَوْنِهِ بِمَعْنَاهُ أَخْصَرَ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَةُ أَصْلِهِ أَوْضَحَ إذْ التَّعَدُّدُ فِي فَاعِلِ التَّفَاعُلِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ فِيهِ أَظْهَرُ فِي عِبَارَةِ الْأَصْلِ مِنْهُ فِي عِبَارَةِ الْمَتْنِ، إذْ الْمُضَافُ إلَى مُتَعَدِّدٍ مُتَغَايِرٌ مُتَعَدِّدٌ انْتَهَتْ. وَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَعَدَلَ عَنْهُ لِلدَّفْعِ إلَخْ سَاقِطٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَهِيَ الصَّوَابُ إذْ لَا مَعْنَى لَهُ

مَا لَا تُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ. وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ وَإِلَّا أَدَّى إلَى جَهْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِمَا أَذِنَ فِيهِ وَبِمَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ، وَلَوْ جَهِلَا الْقَدْرَ وَعَلِمَا النِّسْبَةَ بِأَنْ وَضَعَ أَحَدُهُمَا الدَّرَاهِمَ فِي كِفَّةِ الْمِيزَانِ وَوَضَعَ الْآخَرُ بِإِزَائِهَا مِثْلَهَا صَحَّ جَزْمًا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَوْ اشْتَبَهَا ثَوْبَاهُمَا لَمْ يَكْفِ لِلشَّرِكَةِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ لِأَنَّ ثَوْبَ كُلٍّ مِنْهُمَا مُمَيَّزٌ عَنْ الْآخَرِ (وَيَتَسَلَّطُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى التَّصَرُّفِ) إذَا أَذِنَ كُلٌّ لِصَاحِبِهِ (بِلَا ضَرَرٍ) كَالْوَكِيلِ فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي فِيهِ بِأَنْ يَكُونَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ غِبْطَةٌ خِلَافًا لِمَا أَوْهَمَهُ تَعْبِيرُ أَصْلِهِ مِنْ مَنْعِ شِرَاءِ مَا تُوُقِّعَ رِبْحُهُ إذْ هِيَ التَّصَرُّفُ فِيمَا فِيهِ رِبْحٌ عَاجِلٌ لَهُ وَقَعَ (فَلَا) يَبِيعُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَثَمَّ رَاغِبٌ، بَلْ لَوْ ظَهَرَ وَلَوْ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لَزِمَهُ الْفَسْخُ وَإِلَّا انْفَسَخَ، وَلَا (يَبِيعُ نَسِيئَةً) لِلْغَرَرِ (وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ) كَالْوَكِيلِ كَذَا جَزْمًا بِهِ هُنَا، وَلَا يُنَافِيهِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْعَامِلِ الْبَيْعُ بِغَيْرِهِ مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْبَابَيْنِ مُتَّحِدٌ وَهُوَ الرِّبْحُ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ فِي الشَّرِكَةِ غَيْرُ مُقَابَلٍ بِعِوَضٍ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ امْتِنَاعِ التَّصَرُّفِ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ تَضَرُّرٌ، بِخِلَافِ الْعَمَلِ ثُمَّ فَإِنَّهُ يُقَابَلُ بِالرِّبْحِ، فَلَوْ مَنَعْنَاهُ مِنْ التَّصَرُّفِ بِغَيْرِ النَّقْدِ لَضَيَّقْنَا عَلَيْهِ طُرُقَ الرِّبْحِ الَّذِي فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ وَفِيهِ مِنْ الضَّرَرِ وَالْمَشَقَّةِ مَا لَا يَخْفَى، عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِ الشَّرِيكِ لَا يَبِيعُ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ بِنَقْدٍ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ إلَّا أَنْ يَرُوجَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ، وَلَمَّا أَشْكَلَ هَذَا الْمَقَامُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إنَّ اشْتِرَاطَ مَا ذُكِرَ هُنَا غَلَطٌ وَقَدْ عُلِمَ رَدُّهُ، إذْ الشَّرِيكُ يَجُوزُ لَهُ الْبَيْعُ بِالْعَرَضِ أَيْضًا، وَفَارَقَ نَقْدَ غَيْرِ الْبَلَدِ بِأَنَّهُ لَا يَرُوجُ ثَمَّ فَيَتَعَطَّلُ الرِّبْحُ بِخِلَافِ الْعَرَضِ، وَلِهَذَا لَوْ رَاجَ جَازَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ أَخْرَجَ بِالنَّقْدِ الْعَرَضَ، وَفِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ رَاجَ جَازَ وَإِلَّا فَلَا، وَالْمَفْهُومُ إذَا كَانَ فِيهِ ذَلِكَ لَا يُرَدُّ، هَذَا وَالْأَوْجَهُ الْأَخْذُ بِالْإِطْلَاقِ هُنَا ـــــــــــــــــــــــــــــSبِقَدْرَيْهِمَا أَوْ يُرْتَكَبَ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: فِي كِفَّةِ) بِكَسْرِ الْكَافِ وَفَتْحِهَا مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: صَحَّ جَزْمًا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الدَّرَاهِمِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ مِنْ الطَّيِّبَةِ أَوْ الْمَقَاصِيصِ حَيْثُ عُرِفَتْ قِيمَتُهَا، وَيُوَجَّهُ فِيهَا بِأَنَّ الشَّرِكَةَ لَيْسَ وَضْعُهَا عَلَى أَنْ يُرَدَّ مِثْلُ مَا أُخِذَ، بَلْ الْمَقْصُودُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِالْمَالِ الْمَخْلُوطِ مَا يَحْصُلُ مِنْهُ رِبْحٌ، ثُمَّ عِنْدَ إرَادَةِ الِانْفِصَالِ تَحْصُلُ قِسْمَةُ الْمَالَيْنِ بِمَا يَتَرَاضَيَانِ عَلَيْهِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْقَرْضِ فَإِنَّ مَبْنَاهُ عَلَى رَدِّ الْمِثْلِ الصُّورِيِّ، وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ لِعَدَمِ انْضِبَاطِ الْقَصِّ فَالْقِيَاسُ فِيهِ عَدَمُ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكْفِ) أَيْ الِاشْتِبَاهُ لِصِحَّةِ الشَّرِكَةِ عَنْ الِاخْتِلَاطِ، فَإِنْ أَرَادَا صِحَّةَ الشَّرِكَةِ فَلْيَبِعْ أَحَدُهُمَا بَعْضَ ثَوْبِهِ لِلْآخَرِ بِبَعْضِ ثَوْبِهِ وَيُغْتَفَرُ ذَلِكَ مَعَ الْجَهْلِ لِلضَّرُورَةِ كَمَا فِي اخْتِلَاطِ حَمَامِ الْبُرْجَيْنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ثَوْبَ كُلٍّ مِنْهُمَا مُمَيَّزٌ عَنْ الْآخَرِ) أَيْ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ فَيَذْهَبُ عَلَى صَاحِبِهِ وَحْدَهُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: إذْ هِيَ) أَيْ الْغِبْطَةُ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الْفَسْخُ) أَيْ فِي الْقِرَاضِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا انْفَسَخَ) أَيْ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ) أَيْ لَا يَجُوزُ بِالْعَرَضِ وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ وَقَوْلُ سم: وَلَا بِنَقْدِ غَيْرِ الْبَلَدِ ظَاهِرُهُ وَإِنْ رَاجَ كُلٌّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْعَامِلِ) أَيْ فِي الْقِرَاضِ (قَوْلُهُ: بِنَقْدٍ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ) أَيْ أَمَّا الْعَرَضُ فَيَبِيعُ بِهِ عَلَى مَا تُفِيدُهُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ وَصَرَّحَ بِهِ سم عَلَى مَنْهَجٍ حَيْثُ قَالَ: قَوْلُهُ وَلَا بِنَقْدِ غَيْرِ بَلَدِ الْبَيْعِ إلَخْ: أَيْ بِنَقْدِ غَيْرِ نَقْدِ بَلَدِ الْبَيْعِ، بِخِلَافِ الْعَرَضِ فَيَجُوزُ الْبَيْعُ بِهِ وَإِنْ خَالَفَ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ سم نَقْلًا عَنْ الشَّارِحِ وَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ هَذَا وَالْأَوْجَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقَدْ عُلِمَ) أَيْ مِنْ كَلَامِ م ر (قَوْلُهُ رَدُّهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَفَارَقَ) أَيْ الْعَرَضُ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا لَوْ رَاجَ) أَيْ نَقْدُ غَيْرِ الْبَلَدِ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ) أَيْ الْعَرَضِ (قَوْلُهُ هَذَا وَالْأَوْجَهُ الْأَخْذُ بِالْإِطْلَاقِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقَدْ عُلِمَ رَدُّهُ) أَيْ: بِالتَّأْوِيلِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ: أَيْ فَهُمْ قَائِلُونَ هُنَا بِجَوَازِ الْبَيْعِ بِالْعَرَضِ أَيْضًا لَمْ يَغْلَطُوا (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا) أَيْ بِتَقْدِيرِ أَنَّ مَوْصُوفَ لَفْظِ غَيْرِ الْمَحْذُوفِ لَفْظُ نَقْدٍ: أَيْ وَلَا يَبِيعُ بِنَقْدٍ

فَلَا يَبِيعُ بِعَرَضٍ وَإِنْ رَاجَ (وَلَا) يَبِيعُ وَلَا يَشْتَرِي (بِغَبْنٍ فَاحِشٍ) وَسَيَأْتِي ضَابِطُهُ فِي الْوَكَالَةِ، فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ صَحَّ فِي نَصِيبِهِ خَاصَّةً فَتُفْسَخُ الشَّرِكَةُ فِيهِ وَيَصِيرُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَالشَّرِيكِ (وَلَا يُسَافِرُ بِهِ) حَيْثُ لَمْ يُعْطِهِ لَهُ فِي السَّفَرِ إلَّا إذَا اُضْطُرَّ إلَيْهِ لِنَحْوِ قَحْطٍ وَخَوْفٍ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، بَلْ قَدْ يَجِبُ عَلَيْهِ. كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْوَدِيعَةِ وَلَا كَانَا مِنْ أَهْلِ النُّجْعَةِ وَإِنْ أَعْطَاهُ لَهُ حَضَرًا، فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ وَصَحَّ تَصَرُّفُهُ (وَلَا يُبْضِعُهُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ فَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ يَدْفَعُهُ لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهِ لَهُمَا وَلَوْ تَبَرُّعًا لِعَدَمِ رِضَاهُ بِغَيْرِ يَدِهِ، فَلَوْ فَعَلَ ضَمِنَ أَيْضًا، وَاقْتِصَارُ كَثِيرٍ عَلَى دَفْعِهِ لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهِ مُتَبَرِّعًا بِاعْتِبَارِ تَفْسِيرِ الْأَبْضَاعِ (بِغَيْرِ إذْنِهِ) قَيْدٌ فِي الْجَمِيعِ، نَعَمْ مُجَرَّدُ الْإِذْنِ فِي السَّفَرِ لَا يَتَنَاوَلُ رُكُوبَ الْبَحْرِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ النَّصِّ عَلَيْهِ كَنَظِيرِهِ فِي الْقِرَاضِ، وَقَوْلُهُ بِمَا شِئْت إذْنٌ فِي الْمُحَابَاةِ كَمَا يَأْتِي بِزِيَادَةٍ فِي الْوَكَالَةِ لَا بِمَا تَرَى لِأَنَّ فِيهِ تَفْوِيضًا لِرَأْيِهِ وَهُوَ يَقْتَضِي النَّظَرَ بِالْمَصْلَحَةِ وَعَقْدُ الشَّرِكَةِ جَائِزٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَمَا قَالَ (وَلِكُلٍّ) مِنْ الشَّرِيكَيْنِ (فَسْخُهُ) (مَتَى شَاءَ) كَالْوَكَالَةِ (وَيَنْعَزِلَانِ عَنْ التَّصَرُّفِ) جَمِيعًا (بِفَسْخِهِمَا) أَيْ فَسْخِ كُلٍّ مِنْهُمَا (فَإِنْ) (قَالَ أَحَدُهُمَا) لِلْآخَرِ (عَزَلْتُك أَوْ لَا تَتَصَرَّفْ فِي نَصِيبِي) ـــــــــــــــــــــــــــــSعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَمَحِلُّ مَنْعِ نَقْدِ غَيْرِ الْبَلَدِ إذَا لَمْ يَرُجْ فِي الْبَلَدِ وَإِلَّا جَازَ اهـ. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَلَا يَبِيعُ بِعَرَضٍ وَإِنْ رَاجَ) أَيْ أَمَّا نَقْدُ غَيْرِ الْبَلَدِ فَيَبِيعُ بِهِ إنْ رَاجَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ سم فِيمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَيَصِيرُ مُشْتَرَكًا) أَيْ عَلَى جِهَةِ الشُّيُوعِ، وَلَكِنْ لَا يَتَصَرَّفُ أَحَدُهُمَا إلَّا بِإِذْنِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَالشَّرِيكِ) أَيْ غَيْرِ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: وَلَا كَانَا مِنْ أَهْلِ النُّجْعَةِ) يَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ أَهْلِ النُّجْعَةِ مَنْ جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِالذَّهَابِ إلَى أَسْوَاقٍ مُتَعَدِّدَةٍ بِبِلَادٍ مُخْتَلِفَةٍ كَبَعْضِ بَائِعِ الْأَقْمِشَةِ فَيَجُوزُ لَهُ السَّفَرُ بِالْمَالِ عَلَى الْعَادَةِ وَلَوْ فِي الْبَحْرِ حَيْثُ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَهْلُ النُّجْعَةِ يَضْطَرُّونَ لِلنُّجْعَةِ لِأَغْرَاضٍ تَتَعَلَّقُ بِهِمْ، وَلَا كَذَلِكَ الْمُسَافِرُونَ لِلْبَيْعِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَيَضْمَنُ حَيْثُ سَافَرَ بِلَا إذْنٍ مِنْ الشَّرِيكِ، وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِالْإِذْنِ لَهُ فِي السَّفَرِ عَلَى وَجْهِ التَّعْمِيمِ أَوْ يُطْلِقُ الْإِذْنَ فَيُحْمَلُ عَلَى الْعُمُومِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ فَعَلَ ضَمِنَ) وَظَاهِرُهُ صِحَّةُ التَّصَرُّفِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ تَوْكِيلِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ تَفْسِيرِ الْأَبْضَاعِ) أَيْ وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ فِي الضَّمَانِ بَيْنَ ذَلِكَ وَدَفْعِهِ لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهِ بِأُجْرَةٍ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ إذْنِهِ) قَيْدٌ فِي الْجَمِيعِ، أَمَّا بِإِذْنِهِ فَيَصِحُّ ثُمَّ إنْ كَانَ لِمَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ مَحْمَلٌ حُمِلَ عَلَيْهِ، كَأَنْ كَانَتْ النَّسِيئَةُ مَثَلًا مُعْتَادَةً فِي أَجَلٍ مَعْلُومٍ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي اشْتِرَاطُ بَيَانِ قَدْرِ النَّسِيئَةِ وَيَحْتَمِلُ الصِّحَّةَ وَيَبِيعُ بِأَيِّ أَجَلٍ اتَّفَقَ لِصِدْقِ النَّسِيئَةِ بِهِ (قَوْلُهُ: لَا يَتَنَاوَلُ رُكُوبَ الْبَحْرِ) . [فَائِدَةٌ] الْإِذْنُ فِي السَّفَرِ لَا يَتَنَاوَلُ الْبَحْرَ الْمِلْحَ إلَّا بِالنَّصِّ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: يَنْبَغِي وَلَا الْأَنْهَارَ الْعَظِيمَةَ حَيْثُ خِيفَ مِنْ السَّفَرِ فِيهَا، وَمَحِلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَتَعَيَّنْ الْبَحْرُ طَرِيقًا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لِلْبَلَدِ الْمَأْذُونِ فِيهِ طَرِيقٌ غَيْرُ الْبَحْرِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِهِ مَا لَوْ كَانَ لِلْبَلَدِ طَرِيقٌ أُخْرَى لَكِنْ كَثُرَ فِيهِ الْخَوْفُ أَوْ لَمْ يَكْثُرْ لَكِنْ غَلَبَ سَفَرُهُمْ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: إذْنٌ فِي الْمُحَابَاةِ) أَيْ بِلَا هَمْزٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُخْتَارِ حَيْثُ ذَكَرَهُ فِي الْمُعْتَلِّ، وَمَعَ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُبَالِغَ فِي الْمُحَابَاةِ بَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــQغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ، وَهَذَا مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ وَهُوَ غَيْرُ سَدِيدٍ؛ فَإِنَّ هَذَا إنَّمَا يَنْبَنِي عَلَى أَخْذِ الْمَتْنِ عَلَى ظَاهِرِهِ قَبْلَ التَّأْوِيلِ، كَمَا لَا يَخْفَى، عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ أَخْرَجَ بِالنَّقْدِ الْعَرَضَ لَا يُنَاسِبُ مَا قَرَّرَهُ، وَإِنَّمَا الَّذِي يُنَاسِبُهُ أَنْ يَقُولَ أَخْرَجَ بِنَقْدِ الْبَلَدِ نَقْدَ غَيْرِ الْبَلَدِ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا يَبِيعُ بِعَرَضٍ وَإِنْ رَاجَ) سَكَتَ عَنْ نَقْدِ غَيْرِ الْبَلَدِ الرَّائِجِ، لَكِنْ تَمَسُّكُهُ بِإِطْلَاقِهِمْ يَقْتَضِي الْمَنْعَ فِيهِ مُطْلَقًا كَالْعَرَضِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَشْتَرِي) أَيْ بِعَيْنِ مَالِ الشَّرِكَةِ فَإِنْ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ وَقَعَ لَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ فَسْخِ كُلٍّ مِنْهُمَا) مُرَادُهُ بِهِ الْكُلُّ الْبَدَلِيُّ؛ إذْ الصَّحِيحُ أَنَّهُ إذَا فَسَخَهَا أَحَدُهُمَا انْعَزَلَ، وَيُحْتَمَلُ

انْعَزَلَ الْمُخَاطَبُ وَ (لَمْ يَنْعَزِلْ الْعَازِلُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْهُ أَحَدٌ فَيَتَصَرَّفُ فِي نَصِيبِ الْمَعْزُولِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمَعْزُولُ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ (وَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَبِجُنُونِهِ وَبِإِغْمَائِهِ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ نَقْلًا عَنْ الْبَحْرِ: إلَّا إغْمَاءً لَا يَسْقُطُ بِهِ فَرْضُ صَلَاةٍ: أَيْ لَمْ يَسْتَغْرِقْ وَقْتَ فَرْضِ صَلَاةٍ فَلَا يُؤَثِّرُ، لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ، وَبِطُرُوِّ حَجْرِ سَفَهٍ وَفَلَسٍ فِي كُلِّ تَصَرُّفٍ لَا يَنْفُذُ مِنْهُمَا كَالْوَكَالَةِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ طُرُوَّ الِاسْتِرْقَاقِ وَالرَّهْنِ كَذَلِكَ، وَلَا يَنْتَقِلُ الْحُكْمُ فِي الثَّالِثَةِ عَنْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يُوَلَّى عَلَيْهِ، فَإِذَا أَفَاقَ تَخَيَّرَ بَيْنَ الْقِسْمَةِ وَاسْتِئْنَافِ الشَّرِكَةِ وَلَوْ بِلَفْظِ التَّقْرِيرِ أَوْ كَانَ الْمَالُ عَرَضًا، وَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ غَيْرَ رَشِيدٍ فَعَلَى وَلِيِّهِ كَوَلِيِّ الْمَجْنُونِ اسْتِئْنَافُهَا وَلَوْ بِلَفْظِ التَّقْرِيرِ عِنْدَ الْغِبْطَةِ فِيهَا وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْقِسْمَةُ، وَحَيْثُ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَوْ وَصِيَّةٌ لَمْ يَجُزْ الِاسْتِئْنَافُ مِنْ الْوَارِثِ الرَّشِيدِ وَوَلِيِّ غَيْرِهِ إلَّا بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ وَوَصِيَّتِهِ غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ لِأَنَّ الْمَالَ حِينَئِذٍ كَالْمَرْهُونِ وَالشَّرِكَةُ فِي الْمَرْهُونِ بَاطِلَةٌ وَالْمُعَيَّنُ كَوَارِثٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَفْعَلُ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ الْمُسَامَحَةُ بِهِ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمَعْزُولِ وَغَيْرِهِ) وَصُورَتُهُ فِي الْمَعْزُولِ أَنْ يُمَيِّزَ حِصَّةً مِنْ الْمَالِ الْمَخْلُوطِ لِلشَّرِيكِ ثُمَّ يَعْزِلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَيَتَصَرَّفُ الْعَازِلُ فِي الْجَمِيعِ دُونَ الْمَعْزُولِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَسْتَغْرِقْ وَقْتَ فَرْضِ صَلَاةٍ) هَلْ يُعْتَبَرُ أَقَلُّ أَوْقَاتِ الْفُرُوضِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَا وَقَعَ فِيهِ الْإِغْمَاءُ، أَوْ يُعْتَبَرُ مَا وَقَعَ فِيهِ الْإِغْمَاءُ فَإِنْ اسْتَغْرَقَهُ أَثَّرَ وَإِلَّا فَلَا؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ. سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِقْدَارٌ يَحْصُلُ بِهِ الْعَزْلُ مِنْ غَيْرِ تَفْرِقَةٍ بَيْنَ شَخْصٍ وَشَخْصٍ (قَوْلُهُ: فَلَا يُؤَثِّرُ) جَزَمَ بِهِ حَجّ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ) أَيْ فَيَضُرُّ الْإِغْمَاءُ وَإِنْ قَلَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ تَصَرُّفٍ لَا يَنْفُذُ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ نَقْلِهِ مِثْلَ مَا ذَكَرَ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ: يُحَرَّرُ وَيُرَاجَعُ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فِي كُلِّ تَصَرُّفٍ إلَخْ، وَفِي حَاشِيَتِهِ عَلَى حَجّ: يُمْكِنُ أَنَّهُ احْتِرَازٌ عَنْ نَحْوِ شِرَائِهِ لِلشَّرِكَةِ بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ اهـ. وَلَمْ يَذْكُرْ مُحْتَرَزَهُ بِالنِّسْبَةِ لِحَجْرِ السَّفَهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَالرَّهْنِ) أَيْ لِلْمَالِ الْمُشْتَرَكِ. وَصُورَتُهُ أَنْ يَرْهَنَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ مُشَاعًا فَيَكُونُ فَسْخًا لِلشَّرِكَةِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ وَالرَّهْنُ الْمَقْبُوضُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْتَقِلُ الْحُكْمُ فِي الثَّالِثَةِ) أَيْ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَيَنْتَقِلُ الْحُكْمُ فِيهَا لِوَلِيِّهِ فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْقِسْمَةِ وَاسْتِئْنَافِ الشَّرِكَةِ لِوِلَايَتِهِ عَلَى الْمَجْنُونِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يُوَلَّى عَلَيْهِ) مَحِلُّ ذَلِكَ حَيْثُ رُجِيَ زَوَالُهُ عَنْ قُرْبٍ، فَإِنْ أُيِسَ مِنْ إفَاقَتِهِ أَوْ زَادَتْ مُدَّةُ إغْمَائِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ اُلْتُحِقَ بِالْمَجْنُونِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ فِي بَابِ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْغِبْطَةِ) وَعَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ تَكْفِي الْمَصْلَحَةُ (قَوْلُهُ: غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُعَيِّنْ مَنْ أَوْصَى لَهُ بِالْمَالِ كَقَوْلِهِ: أَوْصَيْت لِلْفُقَرَاءِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَالْمُعَيَّنُ كَالْوَارِثِ إلَخْ، فَإِنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لِمُعَيَّنٍ كَزَيْدٍ كَانَ لَهُ تَقْرِيرُ الشَّرِكَةِ مَعَ الشَّرِيكِ الْحَيِّ، وَيُحْتَمَلُ بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِغَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ كَوْنُ الْمُوصَى بِهِ غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَجُزْءٍ مَثَلًا مِنْ مَالِهِ وَاحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا لَوْ أَوْصَى بِهَذَا الثَّوْبِ مَثَلًا فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ فِيهِ تَلْزَمُ بِالْقَبُولِ وَيَكُونُ لِلْوَارِثِ اسْتِئْنَافُ الشَّرِكَةِ فِي غَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّ الشَّارِحَ كَالشِّهَابِ حَجّ جَرَى عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ مِنْ أَنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ إلَّا بِفَسْخِهِمَا جَمِيعًا فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ تَصَرُّفٍ لَا يَنْفُذُ مِنْهُمَا) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ: أَيْ الْمُفْلِسِ: أَيْ لِأَنَّ السَّفِيهَ لَا يَصِحُّ مِنْهُ تَصَرُّفٌ مَالِيٌّ إلَّا الْوَصِيَّةُ وَالتَّدْبِيرُ انْتَهَتْ. وَفَائِدَةُ بَقَائِهَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَصِحُّ مِنْ الْمُفْلِسِ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى شَيْئًا فِي الذِّمَّةِ يَصِيرُ مُشْتَرَكًا بِشَرْطِهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ شَرِيكَ الْمُفْلِسِ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِي نَصِيبِ الْمُفْلِسِ مِنْ الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ الْمَالُ عَرَضًا) كَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَى قَوْلِهِ وَلَوْ بِلَفْظِ التَّقْرِيرِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِئْنَافِ الشَّرِكَةِ وَلَوْ كَانَ الْمَالُ عَرَضًا (قَوْلُهُ: وَوَصِيَّتِهِ غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ) بِأَنْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ

فَلَهُ أَوْ لِوَلِيِّهِ اسْتِئْنَافُهَا مَعَ الْوَارِثِ أَوْ وَلِيِّهِ (وَالرِّبْحُ وَالْخُسْرَانُ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ) بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ لَا بِالْأَجْزَاءِ وَلَا بِقَدْرِ الْعَمَلِ، فَلَوْ خَلَطَا قَفِيزًا بِمِائَةٍ بِقَفِيزٍ بِخَمْسِينَ فَالشَّرِكَةُ أَثْلَاثٌ، وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَشَرَةُ دَنَانِيرَ مَثَلًا وَلِلْآخَرِ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَيَا بِهِمَا رَقِيقًا مَثَلًا قُوِّمَ غَيْرُ نَقْدِ الْبَلَدِ مِنْهُمَا بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَعُرِفَ التَّسَاوِي وَالتَّفَاضُلُ، فَإِنْ اسْتَوَيَا بِنِسْبَةِ قِيمَةِ الْمُتَقَوِّمِ كَأَنْ كَانَتْ الدَّنَانِيرُ مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ وَقِيمَتُهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ فَالشَّرِكَةُ مُنَاصَفَةٌ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا مِائَتَيْنِ فَبِالْأَثْلَاثِ، وَلَا يُخَالِفُهُ مَا فِي الْبَيْعِ فِيمَا لَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْ اثْنَيْنِ عَبْدٌ فَبَاعَاهُمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِلْجَهْلِ بِحِصَّةِ كُلٍّ مِنْ الثَّمَنِ عِنْدَ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَتْ تُعْلَمُ بِالتَّقْوِيمِ، وَكَذَا هُنَا كُلٌّ مِنْهُمَا يَجْهَلُ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَبِيعِ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي قِيَمِ النُّقُودِ الِانْضِبَاطُ وَعَدَمُ التَّغَيُّرِ فَخَفَّ الْجَهْلُ، وَأَيْضًا فَالْمُقَوَّمُ وَالْمُقَوَّمُ بِهِ هُنَا مُتَّحِدَانِ فِي النَّقْدِيَّةِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا بِغَلَبَةِ تَعَامُلِ أَهْلِ الْبَلَدِ بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فَأُدِيرَ الْأَمْرُ هُنَا عَلَى الْغَالِبِ وَهُوَ لَا يَخْتَلِفُ فَخَفَّ بِهِ الْجَهْلُ أَيْضًا فَاغْتُفِرَ هُنَا لِمَا ذُكِرَ مَا لَمْ يُغْتَفَرُ فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدَيْنِ السَّابِقَةِ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي قِيمَتِهِمَا الِاخْتِلَافُ وَلَا غَالِبَ ثَمَّ مَعَ تَغَايُرِ الْقِيمَةِ لِلْمُقَوَّمِ جِنْسًا وَصِفَةً فَزَادَ فِيهَا الْغَرَرُ وَالْجَهْلُ، وَيُؤَيِّدُ مَا قَرَّرْنَاهُ مَا أَجَابَ بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْضًا بِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمَا عَالِمَانِ بِالنِّسْبَةِ حَالَ الشِّرَاءِ إذْ الْغَالِبُ مَعْرِفَةُ نِسْبَةِ النَّقْدِ غَيْرِ الْغَالِبِ مِنْ الْغَالِبِ، بِخِلَافِ الْعُرُوضِ إذْ الْقِيمَةُ فِيهَا لَا تَكَادُ تَنْضَبِطُ (تَسَاوَيَا) أَيْ الشَّرِيكَانِ (فِي الْعَمَلِ أَوْ تَفَاوَتَا) فِيهِ (فَإِنْ شَرَطَا خِلَافَهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ كَأَنْ شَرَطَا تَسَاوِيَ الرِّبْحِ وَالْخُسْرَانِ مَعَ تَفَاضُلِ الْمَالَيْنِ أَوْ عَكْسِهِ، (فَسَدَ الْعَقْدُ) لِمُنَافَاتِهِ لِوَضْعِ الشَّرِكَةِ (فَيَرْجِعُ كُلٌّ عَلَى الْآخَرِ بِأُجْرَةِ عَمَلِهِ فِي مَالِهِ) أَيْ مَالِ الْآخَرِ كَالْقِرَاضِ إذَا فَسَدَ وَقَدْ يَقَعُ التَّقَاصُّ، وَلَوْ تَسَاوِيَا فِي الْمَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالتَّرِكَةِ (قَوْلُهُ: وَالرِّبْحُ وَالْخُسْرَانُ) وَمِنْهُ مَا يُدْفَعُ لِلرَّصَدِيِّ وَالْمَكَّاسِ وَهَلْ مِثْلُهُ مَا لَوْ سُرِقَ الْمَالُ وَاحْتَاجَ فِي رَدِّهِ إلَى مَالٍ أَمْ لَا لِأَنَّ هَذَا غَيْرُ مُعْتَادٍ بِخِلَافِ الْمَكَّاسِ وَنَحْوِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ نَشَأَ عَنْ الشَّرِكَةِ فَسَاوَى مَا يُدْفَعُ لِلْمَكَّاسِ وَنَحْوِهِ وَلَيْسَ مِثْلُ ذَلِكَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ سَرِقَةِ الدَّوَابِّ الْمُشْتَرَكَةِ، ثُمَّ إنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ يَغْرَمُ عَلَى عَوْدِهَا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَلَا يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى شَرِيكِهِ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِمَا دَفَعَهُ، وَلَوْ اسْتَأْذَنَ الْقَاضِيَ فِي ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْإِذْنُ لِأَنَّ أَخْذَ الْمَالِ عَلَى ذَلِكَ ظُلْمٌ وَالْحَاكِمُ لَا يَأْمُرُ بِهِ، وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ فِي شَرِكَةِ الدَّوَابِّ غُرْمًا وَلَا هُوَ مُعْتَادٌ، بِخِلَافِ الشَّرِكَةِ الَّتِي الْكَلَامُ فِيهَا فَإِنَّهُ جَرَتْ الْعَادَةُ فِيهَا بِصَرْفِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ كَأُجْرَةِ الدَّلَّالِ وَالْحَمَّالِ وَنَحْوِهِمَا. [فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ كَثِيرًا عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ الشَّخْصَ يَمُوتُ وَيَخْلُفُ تَرِكَةً وَأَوْلَادًا وَيَتَصَرَّفُونَ بَعْدَ الْمَوْتِ فِي التَّرِكَةِ بِالْبَيْعِ وَالزَّرْعِ وَالْحَجِّ وَالزَّوَاجِ وَغَيْرِهَا ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ يَطْلُبُونَ الِانْفِصَالَ، فَهَلْ لِمَنْ لَمْ يَحُجَّ وَلَمْ يَتَزَوَّجْ مِنْهُمْ الرُّجُوعُ بِمَا يَخُصُّهُ عَلَى مَنْ تَصَرَّفَ بِالزَّوَاجِ وَنَحْوِهِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّهُ إنْ حَصَلَ إذْنٌ مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِإِذْنِهِ بِأَنْ كَانَ بَالِغًا رَشِيدًا لِلْمُتَصَرِّفِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الْإِذْنِ مَا لَوْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى الرِّضَا بِمَا ذُكِرَ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إذْنٌ وَلَا رِضًا أَوْ حَصَلَ الْإِذْنُ مِمَّنْ لَا يُعْتَدُّ بِإِذْنِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُتَصَرِّفِ بِمَا يَخُصُّهُ (قَوْلُهُ: إذْ الْغَالِبُ مَعْرِفَةُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُمَا لَوْ جَهِلَا الْقِيمَةَ حَالَ الْعَقْدِ لَمْ تَصِحَّ لِعَدَمِ عِلْمِهِمَا بِالنِّسْبَةِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ بِالْعِلْمِ مَا يَشْمَلُ الْعِلْمَ بِالْقُوَّةِ وَهُوَ التَّمَكُّنُ مِنْ مَعْرِفَةِ الْحَالِ بِالسُّؤَالِ عَنْهُ وَاكْتَفَى بِهِ لِغَلَبَةِ وُقُوعِهِ وَانْضِبَاطِهِ بِخِلَافِ الْعُرُوضِ (قَوْلُهُ: فَسَدَ الْعَقْدُ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ الْمَالُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ (قَوْلُهُ: بِأُجْرَةِ عَمَلِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ رِبْحٌ وَتَقَدَّمَ عَنْ سم عَلَى حَجّ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُقَابِلِ (قَوْلُهُ: مَعَ تَغَايُرِ الْقِيمَةِ) الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ مَعَ مُغَايَرَةِ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمَا عَالِمَانِ إلَخْ) لَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّهُمَا فِي قُوَّةِ الْعَالِمَيْنِ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ بَعْدَهُ وَبِدَلِيلِ إتْيَانِهِ بِهِ عَلَى وَجْهِ التَّأْيِيدِ، وَإِلَّا فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمَا عَالِمَانِ بِالْفِعْلِ

وَتَفَاوَتَا فِي الْعَمَلِ وَشَرَطَ الْأَقَلَّ لِلْأَكْثَرِ عَمَلًا لَمْ يَرْجِعْ بِالزَّائِدِ لِأَنَّهُ عَمِلَ مُتَبَرِّعًا غَيْرَ طَامِعٍ فِي شَيْءٍ كَمَا لَوْ عَمِلَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ فِي فَاسِدِهِ (وَتَنْفُذُ التَّصَرُّفَاتُ) مِنْهُمَا لِوُجُودِ الْإِذْنِ (وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا) فِي هَذَا أَيْضًا (عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ) رُجُوعًا لِلْأَصْلِ (وَيَدُ الشَّرِيكِ يَدُ أَمَانَةٍ) كَالْمُودَعِ وَالْوَكِيلِ (فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ) لِنَصِيبِ الشَّرِيكِ إلَيْهِ لَا لِنَصِيبِهِ، هُوَ إلَيْهِ (وَالْخُسْرَانِ وَالتَّلَفِ) كَالْوَكِيلِ (فَإِنْ ادَّعَاهُ) أَيْ التَّلَفَ (بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ) كَحَرِيقٍ وَجَهْلٍ (طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ) بِالسَّبَبِ (ثُمَّ) بَعْدَ إقَامَتِهَا (يُصَدَّقُ فِي التَّلَفِ بِهِ) بِيَمِينِهِ كَمَا يَأْتِي ذَلِكَ مَعَ بَقِيَّةِ أَحْكَامِ الْمَسْأَلَةِ آخِرَ الْوَدِيعَةِ. وَحَاصِلُهَا أَنَّهُ إنْ عُرِفَ دُونَ عُمُومِهِ أَوْ ادَّعَاهُ بِلَا سَبَبٍ أَوْ بِسَبَبٍ خَفِيٍّ كَسَرِقَةٍ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَإِنْ عُرِفَ هُوَ وَعُمُومُهُ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ (وَلَوْ) (قَالَ مَنْ فِي يَدِهِ الْمَالُ) مِنْ الشَّرِيكَيْنِ (هُوَ لِي وَقَالَ الْآخَرُ مُشْتَرَكٌ أَوْ) قَالَا (بِالْعَكْسِ) أَيْ قَالَ مَنْ بِيَدِهِ الْمَالُ هُوَ مُشْتَرَكٌ وَقَالَ الْآخَرُ هُوَ لِي (صُدِّقَ صَاحِبُ الْيَدِ) بِيَمِينِهِ لِدَلَالَتِهَا عَلَى الْمِلْكِ الْمُوَافِقِ لِدَعْوَاهُ بِهِ فِي الْأُولَى وَنِصْفِهِ فِي الثَّانِيَةِ (وَلَوْ) (قَالَ) ذُو الْيَدِ (اقْتَسَمْنَا وَصَارَ لِي) (صُدِّقَ الْمُنْكِرُ) بِيَمِينِهِ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الْقِسْمَةِ فِيهِ، وَإِنَّمَا قُبِلَ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْوَكِيلِ قَبُولُ قَوْلِهِ فِيهِ تَوْسِعَةً عَلَيْهِ، وَلَوْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ مَلَكَ هَذَا الرَّقِيقَ مَثَلًا بِالْقِسْمَةِ وَحَلَفَا أَوْ نَكَلَا جُعِلَ مُشْتَرَكًا وَإِلَّا فَلِلْحَالِفِ (وَلَوْ) (اشْتَرَى) الشَّرِيكُ (وَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا يُصَرِّحُ بِهِ وَيُخَالِفُهُ مَا يَأْتِي لَهُ فِيمَا لَوْ اشْتَرَكَ مَالِكُ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ وَآلَةِ الْحَرْثِ إلَخْ مِنْ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إلَّا إذَا حَصَلَ شَيْءٌ، وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ عَلَيْهِ هُنَا الْعَمَلُ وَقَدْ وُجِدَ فَاسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ مُطْلَقًا، وَالزَّرْعُ الْمُعَامَلُ عَلَيْهِ جُعِلَ لَهُ مِنْهُ جُزْءُ شَرِكَةٍ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ إلَّا إذَا ظَهَرَ مِنْهُ شَيْءٌ وَإِنْ قَلَّ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ شَيْءٌ كَأَنْ كَانَ الْعَمَلُ لَمْ يُوجَدْ (قَوْلُهُ: فِي فَاسِدِهِ) أَيْ الْقِرَاضِ، وَفِي نُسْخَةٍ فَاسِدَةٍ، وَمَا فِي الْأَصْلِ أَوْلَى لِأَنَّ التَّاءَ فِيهِ تَقْتَضِي تَشْبِيهَ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَيَدُ الشَّرِيكِ يَدُ أَمَانَةٍ) . [فَرْعٌ] تَلِفَتْ الدَّابَّةُ الْمُشْتَرَكَةُ تَحْتَ يَدِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَفِي ضَمَانِهَا وَعَدَمِهِ تَفَاصِيلُ: مِنْهَا أَنَّهُ إنْ دَفَعَهَا أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ عَلَى أَنْ يَعْلِفَهَا وَيَنْتَفِعَ بِهَا فَحِصَّتُهُ مَقْبُوضَةٌ بِالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ فَلَا يَضْمَنُ: أَيْ بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ، وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ انْتَفَعْ بِهَا فَهِيَ إعَارَةٌ فَيَضْمَنُهَا حَيْثُ كَانَ التَّلَفُ بِغَيْرِ الِانْتِفَاعِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، وَإِنْ دَفَعَهَا وَدِيعَةً كَأَنْ قَالَ: احْفَظْهَا فَلَا ضَمَانَ إنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ شَرْطِ عَلَفِهَا عَلَيْهِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ إذَا دَفَعَ الدَّابَّةَ الْمُشْتَرَكَةَ لِشَرِيكِهِ لِتَكُونَ تَحْتَ يَدِهِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْعَلَفِ إثْبَاتًا وَلَا نَفْيًا، فَإِذَا تَلِفَتْ تَحْتَ يَدِ مَنْ هِيَ عِنْدَهُ بِلَا تَقْصِيرٍ لَمْ يَضْمَنْ وَلَا يُرْجَعُ عَلَيْهِ بِمَا عَلَفَهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِالدَّابَّةِ كَأَنْ مَاتَتْ صَغِيرَةً لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِالْعَلَفِ، وَإِنْ قَالَ: قَصَدْت الرُّجُوعَ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ حَقِّهِ مُرَاجَعَةُ الْمَالِكِ إنْ تَيَسَّرَ وَإِلَّا رَجَعَ الْحَاكِمُ وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ وَاسْتَعْمَلَ كُلٌّ فِي نَوْبَتِهِ فَلَا ضَمَانَ لِأَنَّ هَذَا شَبِيهٌ بِالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ، وَإِذَا بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ وَسَلَّمَ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ صَارَا ضَامِنَيْنِ، وَالْقَرَارُ عَلَى مَنْ تَلِفَتْ تَحْتَ يَدِهِ اهـ ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ وَقَوْلُهُ مُهَايَأَةٌ: أَيْ فِي الْعَمَلِ بِأَنْ قَالَ: تَسْتَعْمِلُهُ الْمُدَّةَ الْفُلَانِيَّةَ، فَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ لَهُ بِالِاسْتِعْمَالِ وَاسْتَعْمَلَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ ضَمِنَهُ وَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ اسْتِعْمَالَهُ تِلْكَ الْمُدَّةَ. [فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا فِي قُرَى الرِّيفِ مِنْ ضَمَانِ دَوَابِّ اللَّبَنِ كَالْجَامُوسِ وَالْبَقَرِ مَا حُكْمُهُ وَمَا يَجِبُ فِيهِ عَلَى الْآخِذِ وَالْمَأْخُوذِ مِنْهُ؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ فِيهِ: إنَّ اللَّبَنَ مَقْبُوضٌ فِيهِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ، وَذَاتَ اللَّبَنِ مَقْبُوضَةٌ هِيَ وَوَلَدُهَا بِالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ، فَإِنَّ مَا يَدْفَعُهُ الْآخِذُ لِلدَّابَّةِ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالْعَلَفِ فِي مُقَابَلَةِ اللَّبَنِ وَالِانْتِفَاعِ بِالْبَهِيمَةِ بِالْوُصُولِ إلَى اللَّبَنِ، فَاللَّبَنُ مَضْمُونٌ عَلَى الْآخِذِ بِمِثْلِهِ وَالْبَهِيمَةُ وَوَلَدُهَا أَمَانَتَانِ كَسَائِرِ الْأَعْيَانِ الْمُسْتَأْجَرَةِ، فَإِنْ تَلِفَتْ هِيَ أَوْ وَلَدُهَا بِلَا تَقْصِيرٍ لَمْ يَضْمَنْهَا أَوْ بِتَقْصِيرٍ ضَمِنَ (قَوْلُهُ: هُوَ إلَيْهِ) الضَّمِيرُ فِي هُوَ لِلرَّادِّ وَفِي إلَيْهِ لِلشَّرِيكِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا قُبِلَ قَوْلُهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

اشْتَرَيْته لِلشَّرِكَةِ أَوْ لِنَفْسِي وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ) (صَدَقَ الْمُشْتَرِي) بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِقَصْدِهِ سَوَاءٌ ادَّعَى أَنَّهُ صَرَّحَ بِذَلِكَ أَمْ نَوَاهُ، نَعَمْ لَوْ اشْتَرَى مَا ظَهَرَ عَيْبُهُ وَأَرَادَ رَدَّ حِصَّتِهِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ عَلَى الْبَائِعِ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِلشَّرِكَةِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ فَلَيْسَ لَهُ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ، قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَالْعِمْرَانِيُّ، وَظَاهِرُ هَذَا تَعَدُّدُ الصَّفْقَةِ لَوْ صَدَّقَهُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ أَصِيلٌ فِي الْبَعْضِ وَوَكِيلٌ فِي الْبَعْضِ فَكَانَا بِمَنْزِلَةِ عَقْدَيْنِ، وَلَوْ أَخَذَ مِنْ آخَرَ جَمَلًا وَمِنْ آخَرَ رَاوِيَةً لِيَسْتَقِيَ الْمَاءَ وَالْحَاصِلُ بَيْنَهُمْ لَمْ تَصِحَّ الشَّرِكَةُ وَالْمَاءُ لِلْمُسْتَسْقِي إنْ كَانَ مِلْكَهُ أَوْ مُبَاحًا وَقَصَدَهُ لِنَفْسِهِ أَوْ أَطْلَقَ وَعَلَيْهِ لِكُلٍّ أُجْرَةُ مِثْلِ مَالِهِ. وَلَوْ قَصَدَ الشَّرِكَةَ بِالِاسْتِقَاءِ فَالْمُبَاحُ بَيْنَهُمْ وَقِسْمَتُهُ عَلَى قَدْرِ أَجْرِ أَمْثَالِهِمْ بِلَا تَرَاجُعٍ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَ الْجَمَلَ مِنْ وَاحِدٍ وَالرَّاوِيَةَ مِنْ آخَرَ وَالْمُسْتَقِيَ لِاسْتِقَاءِ الْمَاءِ وَهُوَ مُبَاحٌ، فَإِنْ اسْتَأْجَرَ كُلًّا فِي عَقْدٍ صَحَّ أَوْ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَسَدَتْ وَلَزِمَهُ لِكُلٍّ أَجْرُ مِثْلِهِ وَالْمَاءُ لِلْمُسْتَأْجِرِ، وَلَوْ قَصَدَ بِهِ الْمُسْتَقِيَ نَفْسَهُ وَإِنْ أَلْزَمَ ذِمَّتَهُمْ الِاسْتِقَاءَ بِأَلْفٍ صَحَّ، وَلَوْ أَلْزَمَ مَالِكُ بُرٍّ فِيمَا لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ بَيْتُ رَحَا وَلِآخَرَ حَجَرُهَا وَلِآخَرَ بَغْلٌ يُدِيرُهُ وَآخَرُ يَطْحَنُ فِيهَا ذِمَّةَ الطَّحَّانِ وَمُلَّاكِ بَيْتِ الرَّحَا وَحَجَرِ الرَّحَا وَالْبَغْلِ طَحْنَ بُرٍّ فِي عَقْدٍ فِي الذِّمَّةِ صَحَّ وَكَانَ الْمُسَمَّى بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا وَيَتَرَاجَعُونَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ، وَإِذَا اسْتَأْجَرَ الْأَعْيَانَ وَكُلُّ وَاحِدٍ فِي عَقْدٍ صَحَّ بِالْمُسَمَّى أَوْ مَعًا فَسَدَ وَالْحُكْمُ مَا سَبَقَ، وَلَوْ اشْتَرَكَ مَالِكُ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ وَآلَةِ الْحَرْثِ مَعَ رَابِعٍ يَعْمَلُ فِي أَنَّ الْغَلَّةَ بَيْنَهُمْ لَمْ يَصِحَّ شَرِكَةً فَالزَّرْعُ لِمَالِكِ الْبَذْرِ وَلَهُمْ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ إنْ حَصَلَ مِنْ الزَّرْعِ شَيْءٌ وَإِلَّا فَلَا. وَلَوْ غَصَبَ نَحْوَ نَقْدٍ أَوْ بُرٍّ وَخَلَطَهُ بِمَالِهِ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ فَلَهُ إفْرَازُ قَدْرِ الْمَغْصُوبِ وَيَحِلُّ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي الْبَاقِي أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ، وَلَوْ بَاعَ أَحَدُ شُرَكَاءَ مُشْتَرَكًا صَفْقَةً أَوْ وَكَّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَبَاعَهُ وَقَبَضَ قَدْرَ حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ اخْتَصَّ بِهِ كَمَا أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ أَيْضًا وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ لَوْ وَرِثَ جَمْعٌ دَيْنًا لَمْ يَخْتَصَّ أَحَدُهُمْ بِمَا قَبَضَهُ مِنْهُ بَلْ يُشَارِكُهُ فِيهِ الْبَقِيَّةُ لِاتِّحَادِ الْجِهَةِ وَلَوْ آجَرَ حِصَّتَهُ فِي مُشْتَرَكٍ لَمْ يُشَارِكْ فِيمَا قَبَضَهُ مِمَّا آجَرَ بِهِ وَإِنْ تَعَدَّى بِتَسْلِيمِهِ الْعَيْنَ لِلْمُسْتَأْجِرِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الشَّرِيكِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَصَدَ) غَايَةً (قَوْلُهُ: الْمُسْتَقِيَ نَفْسَهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْإِجَارَةِ فَاسِدَةً أَوْ صَحِيحَةً، وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ فِي الْفَاسِدَةِ مَا سَيَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ فِي تَمَلُّكِ الْمُبَاحِ وَقَصَدَ بِهِ الْوَكِيلَ نَفْسَهُ أَوْ أَطْلَقَ كَانَ لِلْوَكِيلِ، وَوَجْهُ الْإِشْكَالِ أَنَّهُ حَيْثُ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ كَانَ الْحَاصِلُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ مُجَرَّدَ الْإِذْنِ، وَالْإِجَارَةُ لَاغِيَةٌ فَيَكُونُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي تَمَلُّكِ الْمُبَاحِ، وَقَدْ يُقَالُ: لَمَّا وُجِدَتْ صُورَةُ الْإِجَارَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلُزُومِ الْعَمَلِ لَهُ ظَاهِرًا قَوِيَتْ عَلَى مُجَرَّدِ الْوَكَالَةِ فَاقْتَضَتْ كَوْنَ الْمَاءِ لِلْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ: ذِمَّتَهُمْ) أَيْ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: بِأَلْفٍ) أَيْ وَيُقَسَّمُ الْأَلْفُ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ ثُمَّ يَتَرَاجَعُونَ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرَهُ فِي مَسْأَلَةِ الطَّحْنِ (قَوْلُهُ: وَيَتَرَاجَعُونَ) وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ قَصَدَ الشَّرِكَةَ بِالِاسْتِقَاءِ إلَخْ حَيْثُ قُسِّمَ الْمَاءُ عَلَى أُجْرَةِ أَمْثَالِهِمْ مِنْ غَيْرِ تَرَاجُعٍ بِأَنَّ مَا هُنَا لَمَّا أَلْزَمَ فِيهِ ذِمَّةَ الْأَرْبَعَةِ بِالْعَمَلِ كَانَ كَأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُمْ فَقُسِّمَتْ الْأُجْرَةُ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ فَإِنَّ الْحَاصِلَ فِيهِ مُجَرَّدُ قَصْدِ مَالِكِ الْجَمَلِ وَالرَّاوِيَةِ بِالْمَاءِ (قَوْلُهُ: وَيَحِلُّ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي الْبَاقِي) أَيْ وَأَمَّا مَا أَفْرَزَهُ مِنْ جِهَةِ الْغَصْبِ فَيَجِبُ رَدُّهُ لِأَرْبَابِهِ وَلَوْ تَلِفَ فَهُوَ فِي ضَمَانِهِ وَمَتَى تَمَكَّنَ مِنْ رَدِّهِ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّهُ خُرُوجًا مِنْ الْمَعْصِيَةِ (قَوْلُهُ: مُشْتَرَكًا) أَيْ بِإِذْنِ بَقِيَّةِ الشُّرَكَاءِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَخْتَصَّ أَحَدُهُمْ بِمَا قَبَضَهُ مِنْهُ) وَلَوْ ادَّعَيَا عَيْنًا فِي يَدِ ثَالِثٍ بِالشِّرَاءِ مَعًا فَأَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا بِنِصْفِهَا شَارَكَهُ الْآخَرُ فِيهِ لِأَنَّ الثُّبُوتَ يُنْسَبُ لِلْإِقْرَارِ لَا لِلشِّرَاءِ (قَوْلُهُ: لِاتِّحَادِ الْجِهَةِ) أَيْ وَهِيَ الْإِرْثُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ بَاعَ أَحَدُ شُرَكَاءَ مُشْتَرَكًا صَفْقَةً إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَنْوَارِ: وَلَوْ مَلَكَا عَبْدًا فَبَاعَاهُ صَفْقَةً وَاحِدَةً أَوْ وَكَّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَبَاعَهُ فَكُلُّ وَاحِدٍ يَسْتَقِلُّ بِقَبْضِ حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَلَا يُشَارِكُهُ الْآخَرُ فِيهِ.

[كتاب الوكالة]

كِتَابُ الْوَكَالَةِ هِيَ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا لُغَةً: التَّفْوِيضُ وَالْمُرَاعَاةُ وَالْحِفْظُ وَاصْطِلَاحًا: تَفْوِيضُ شَخْصٍ لِغَيْرِهِ مَا يَفْعَلُهُ عَنْهُ حَالَ حَيَاتِهِ مِمَّا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ أَيْ شَرْعًا فَلَا دَوْرَ. وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ} [النساء: 35] بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ وَكِيلٌ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا يَأْتِي وَتَوْكِيلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ فِي نِكَاحِ أُمِّ حَبِيبَةَ وَأَبَا رَافِعٍ فِي نِكَاحِ مَيْمُونَةَ وَعُرْوَةَ الْبَارِقِيَّ فِي شِرَاءِ شَاةٍ بِدِينَارٍ وَالْحَاجَةُ مَاسَّةٌ إلَيْهَا، وَلِهَذَا نُدِبَ قَبُولُهَا لِأَنَّهَا قِيَامٌ بِمَصْلَحَةِ الْغَيْرِ، أَمَّا عَقْدُهَا الْمُشْتَمِلُ عَلَى الْإِيجَابِ فَلَا إلَّا أَنْ يُقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــSكِتَابُ الْوَكَالَةُ (قَوْلُهُ: وَكَسْرِهَا لُغَةً) وَهِيَ اسْمُ مَصْدَرِ وَكَّلَ بِالتَّشْدِيدِ. قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: الْوَكِيلُ مَعْرُوفٌ، يُقَالُ: وَكَّلَهُ بِأَمْرِ كَذَا تَوْكِيلًا وَالِاسْمُ الْوَكَالَةُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا اهـ (قَوْلُهُ: وَالْحِفْظُ) عَطْفُ لَازِمٍ عَلَى مَلْزُومٍ (قَوْلُهُ: وَاصْطِلَاحًا تَفْوِيضُ إلَخْ) مِثْلُهُ فِي حَجّ، وَعَبَّرَ شَرْحُ الْمَنْهَجِ بِقَوْلِهِ وَشَرْعًا تَفْوِيضُ إلَخْ. أَقُولُ: قَدْ فَرَّقُوا بَيْنَ الْحَقِيقَةِ الِاصْطِلَاحِيَّةِ وَالشَّرْعِيَّةِ بِأَنَّ مَا تُلُقِّيَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِعِ فَهُوَ حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ، وَمَا كَانَ بِاصْطِلَاحِ أَهْلِ الْفَنِّ يُسَمَّى اصْطِلَاحِيَّةً أَوْ عُرْفِيَّةً، فَإِنْ كَانَ هَذَا الْمَعْنَى مَأْخُوذًا مِنْ اسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ أَشْكَلَ قَوْلُ الْمَنْهَجِ وَشَرْعًا. وَإِنْ كَانَ مُتَلَقًّى مِنْ كَلَامِ الشَّارِعِ أَشْكَلَ قَوْلُ الشَّارِحِ وحج وَاصْطِلَاحًا، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِمَا قَالَهُ سم فِي حَوَاشِي الْبَهْجَةِ فِي بَابِ الزَّكَاةِ مِنْ أَنَّ الْفُقَهَاءَ قَدْ يُطْلِقُونَ الشَّرْعِيَّ مَجَازًا عَلَى مَا وَقَعَ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ وَإِنْ لَمْ يَرِدْ بِخُصُوصِهِ عَنْ الشَّارِعِ (قَوْلُهُ: فَلَا دَوْرَ) الظَّاهِرُ أَنَّ الدَّوْرَ الْمَنْفِيَّ هُوَ أَنَّ النِّيَابَةَ هِيَ الْوَكَالَةُ وَقَدْ أُخِذَتْ فِي تَعْرِيفِ الْوَكَالَةِ، وَحِينَئِذٍ فَفِي انْدِفَاعِهِ بِقَوْلِهِ: أَيْ شَرْعًا نَظَرٌ لِأَنَّ النِّيَابَةَ شَرْعًا هِيَ الْوَكَالَةُ. فَإِنْ أُجِيبَ بِأَنَّ النِّيَابَةَ شَرْعًا أَعَمُّ مِنْ الْوَكَالَةِ فَلَا دَوْرَ كَانَ التَّعْرِيفُ غَيْرَ مَانِعٍ نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُتَصَوَّرَ مَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ شَرْعًا بِوَجْهٍ أَنَّهُ مَا لَيْسَ عِبَادَةً وَنَحْوَهَا، وَهَذَا الْوَجْهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْوَكَالَةِ فَلَا دَوْرَ فَلَا يُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ شَرْعًا: إذْ التَّقْدِيرُ حِينَئِذٍ مِمَّا لَيْسَ بِعِبَادَةٍ وَنَحْوِهِ اهـ. وَهَذَا عَيْنُ مَا تَرَجَّاهُ الْمُحَشِّيُّ بِقَوْلِهِ نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ إلَخْ فَلَعَلَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ سَاقِطَةٌ مِنْ نُسْخَةِ الْمُحَشِّيِّ (قَوْلُهُ: الضَّمْرِيَّ) بِالْفَتْحِ: أَيْ لِلضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَالسُّكُونِ نِسْبَةٌ إلَى ضَمْرَةَ بْنِ بَكْرٍ اهـ ل ب (قَوْلُهُ: وَالْحَاجَةُ مَاسَّةٌ إلَيْهَا) ع يُرِيدُ الْقِيَاسَ فَحِينَئِذٍ هِيَ ثَابِتَةٌ بِالْكِتَابِ وَالْإِجْمَاعِ وَالسُّنَّةِ وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِيهَا أَيْضًا اهـ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا نُدِبَ قَبُولُهَا) أَيْ الْأَصْلُ فِيهَا النَّدْبُ، وَقَدْ تَحْرُمُ إنْ كَانَ فِيهَا إعَانَةٌ عَلَى حَرَامٍ، وَتُكْرَهُ إنْ كَانَ فِيهَا إعَانَةٌ عَلَى مَكْرُوهٍ، وَتَجِبُ إنْ تَوَقَّفَ عَلَيْهَا دَفْعُ ضَرُورَةٍ الْمُوَكِّلِ كَتَوْكِيلِ الْمُضْطَرِّ غَيْرَهُ فِي شِرَاءِ طَعَامٍ قَدْ عَجَزَ الْمُضْطَرُّ عَنْ شِرَائِهِ، وَقَدْ تُتَصَوَّرُ فِيهَا الْإِبَاحَةُ أَيْضًا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُوَكِّلِ حَاجَةٌ فِي الْوَكَالَةِ وَسَأَلَهُ الْوَكِيلُ لَا لِغَرَضٍ (قَوْلُهُ: فَلَا) أَيْ فَلَا يُنْدَبُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُقَالَ إلَخْ) وَقَدْ يُقَالُ لَا يَخْتَصُّ النَّدْبُ بِمَا ذُكِرَ بَلْ مَتَى كَانَ التَّوْكِيلُ طَرِيقًا لِمَنْدُوبٍ نُدِبَ كَالتَّوْكِيلِ فِي شِرَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْوَكَالَةِ] ِ (قَوْلُهُ: وَالْحِفْظُ) وَمِنْهُ وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ

مَا لَا يَتِمُّ الْمَنْدُوبُ إلَّا بِهِ فَمَنْدُوبٌ هُوَ ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يُرِدْ الْمُوَكِّلُ غَرَضَ نَفْسِهِ. وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ: مُوَكِّلٌ، وَوَكِيلٌ، وَمُوَكَّلٌ فِيهِ وَصِيغَةٌ. وَقَدْ شَرَعَ فِي الْأَوَّلِ فَقَالَ (شَرْطُ الْمُوَكِّلِ صِحَّةُ مُبَاشَرَةِ مَا وَكَّلَ) بِفَتْحِ الْوَاوِ (فِيهِ بِمِلْكٍ) لِكَوْنِهِ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ (أَوْ وِلَايَةٍ) كَكَوْنِهِ أَبًا فِي مَالٍ أَوْ نِكَاحٍ (فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ) وَلَا مُغْمًى عَلَيْهِ وَلَا مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ فِي نَحْوِ مَالٍ لِأَنَّهُمْ إذَا عَجَزُوا عَنْ تَعَاطِي مَا وُكِّلُوا فِيهِ فَنَائِبُهُمْ أَوْلَى وَخَرَجَ بِمِلْكٍ أَوْ وِلَايَةِ الْوَكِيلِ فَإِنَّهُ لَا يُوَكِّلُ كَمَا يَأْتِي لِانْتِفَاءِ كَوْنِهِ مَالِكًا أَوْ وَلِيًّا، وَصِحَّةُ تَوْكِيلِهِ عَنْ نَفْسِهِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ أَمْرٌ خَارِجٌ عَنْ الْقِيَاسِ فَلَا يُرَدُّ نَقْضًا وَالْقِنُّ الْمَأْذُونُ لَهُ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ بِالْإِذْنِ فَقَطْ (وَ) لَا تَوْكِيلُ (الْمَرْأَةِ) لِغَيْرِهَا فِي النِّكَاحِ لِأَنَّهَا لَا تُبَاشِرُهُ ولَا يُرَدُّ صِحَّةُ إذْنِهَا لِوَلِيِّهَا بِلَفْظِ الْوَكَالَةِ لِانْتِفَاءِ كَوْنِهِ وَكَالَةً حَقِيقَةً وَإِنَّمَا هُوَ مُتَضَمِّنٌ لِلْإِذْنِ (وَ) لَا تَوْكِيلُ (الْمُحْرِمِ) بِضَمِّ الْمِيمِ لِحَلَالٍ (فِي النِّكَاحِ) يَعْقِدُ لَهُ أَوْ لِمُوَلِّيَتِهِ حَالَ إحْرَامِ الْمُوَكِّلِ لِأَنَّهُ لَا يُبَاشِرُهُ فَإِنْ وَكَّلَهُ لِيَعْقِدَ عَنْهُ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ أَوْ أَطْلَقَ صَحَّ، كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ لِيَشْتَرِيَ لَهُ هَذِهِ الْخَمْرَةَ بَعْدَ تَخَلُّلِهَا، أَوْ أَطْلَقَ أَوْ وَكَّلَ حَلَالٌ مُحْرِمًا لِيُوَكِّلَ حَلَالًا فِي التَّزْوِيجِ لِأَنَّهُ سَفِيرٌ مَحْضٌ (وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ الْوَلِيِّ) أَبًا أَوْ جَدًّا (فِي حَقِّ الطِّفْلِ) أَوْ الْمَجْنُونِ أَوْ السَّفِيهِ فِي الْمَالِ وَالنِّكَاحِ أَوْ وَصِيًّا أَوْ قَيِّمًا فِي الْمَالِ إنْ عَجَزَ عَنْهُ أَوْ لَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا يُجَدِّدُ بِهِ الْوُضُوءَ وَطَعَامٍ يَتَسَحَّرُ بِهِ أَوْ يُعَجِّلُ الْفِطْرَ بِهِ وَقَدْ عَجَزَ عَنْ تَحْصِيلِهِ بِنَفْسِهِ، وَقَدْ يَجِبُ كَأَنْ اُضْطُرَّ إلَى مَا يَتَطَهَّرُ بِهِ أَوْ مَا يَدْفَعُ بِهِ ضَرُورَةَ الْجُوعِ الَّتِي تُبِيحُ التَّيَمُّمَ، وَقَدْ تَحْرُمُ إنْ كَانَتْ وَسِيلَةً إلَى حَرَامٍ كَالتَّوْكِيلِ فِي الْخِطْبَةِ عَلَى خِطْبَةِ الْغَيْرِ أَوْ الشِّرَاءِ عَلَى الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ: مَا لَا يَتِمُّ الْمَنْدُوبُ إلَّا بِهِ فَمَنْدُوبٌ) أَيْ فَيُثَابُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الِامْتِثَالَ (قَوْلُهُ: فَمَنْدُوبٌ) أَيْ فَيَكُونُ إيجَابُهَا مَنْدُوبًا كَقَبُولِهَا (قَوْلُهُ: كَكَوْنِهِ أَبًا فِي مَالٍ إلَخْ) قَالَ حَجّ أَوْ غَيْرَهُ فِي مَالٍ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِمِلْكٍ أَوْ وِلَايَةِ الْوَكِيلِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالْوِلَايَةِ التَّسْلِيطُ مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ فَيَدْخُلُ فِيهَا الْوَكِيلُ وَغَيْرُهُ وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِمِلْكِ الْمُلْتَقِطِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ بَعْدَ التَّمَلُّكِ وَقَبْلَهُ هِيَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ (قَوْلُهُ: وَصِحَّةُ تَوْكِيلِهِ) فِي هَذَا الْجَوَابِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى لِأَنَّ الْمَقْصُودَ ضَبْطُهُ لَا بَيَانُ مَا كَانَ مِنْهُ عَلَى الْقِيَاسِ، هَذَا وَيُمْكِنُ دَفْعُ النَّقْضِ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ مَفْهُومَ كَلَامِهِ هُنَا مَخْصُوصٌ بِمَا سَيُبَيِّنُهُ مِنْ أَحْكَامِ تَوْكِيلِ الْوَكِيلِ، فَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا مَعَ الْآتِي مِنْ قَبِيلِ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ أَوْ الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ وَلَا إشْكَالَ فِيهِ فَتَأَمَّلْهُ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَالْقِنُّ) أَيْ وَخَرَجَ الْقِنُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ أَطْلَقَ) عِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ تَخَلَّلَهَا: أَوْ هَذِهِ وَأَطْلَقَ اهـ. فَصُوَرُ مَسْأَلَةِ الْإِطْلَاقِ بِمَا إذَا قَالَ: هَذِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْخَمْرَةَ فَاقْتَضَى الْفَسَادَ فِيمَا إذَا قَالَ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: إنْ عَجَزَ عَنْهُ إلَخْ) فِي اعْتِبَارِ هَذَا فِي التَّوْكِيلِ عَنْ الْمَوْلَى نَظَرٌ، فَيَنْبَغِي تَخْصِيصُ هَذَا الشَّرْطِ بِالْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ لِمَا قَرَّرَهُ فِي بَابِ النِّكَاحِ مِمَّا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ هُنَاكَ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ. وَعِبَارَتُهُ ثُمَّ قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ كَوْنَ الْوَكِيلِ لَا يُوَكِّلُ إلَخْ، هَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْوَلِيَّ وَلَوْ غَيْرَ مُجْبَرٍ وَمِنْهُ الْقَاضِي يُوَكِّلُ وَإِنْ لَاقَتْ بِهِ الْمُبَاشَرَةُ وَلَمْ يَعْجَزْ عَنْهَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، فَقَوْلُهُ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ مَا نَصُّهُ، وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ الْوَلِيِّ فِي حَقِّ الطِّفْلِ أَوْ الْمَجْنُونِ أَوْ السَّفِيهِ كَأَصْلٍ فِي تَزْوِيجٍ أَوْ مَالٍ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ قَيِّمٍ فِي مَالٍ إنْ عَجَزَ عَنْهُ أَوْ لَمْ تَلِقْ بِهِ مُبَاشَرَتُهُ، لَكِنْ رَجَّحَ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمَا هُنَا اهـ. يَنْبَغِي أَنَّ مَرْجِعَ قَوْلِهِ فِيهِ إنْ عَجَزَ عَنْهُ إلَخْ لِقَوْلِهِ وَوَصِيٌّ أَوْ قَيِّمٌ دُونَ مَا قَبْلَهُمَا وَإِلَّا خَالَفَ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ هُنَا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. فَالْحَاصِلُ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَكَوْنِهِ أَبًا فِي مَالٍ أَوْ نِكَاحٍ) أَيْ أَوْ غَيْرِهِ فِي مَالٍ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي عِبَارَةِ الشِّهَابِ حَجّ، وَلَعَلَّهُ سَاقِطٌ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ مِنْ النُّسَّاخِ بِقَرِينَةِ مُجَارَاتِهِ لِلشِّهَابِ الْمَذْكُورِ هُنَا فِي حَلِّ الْمَتْنِ، وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِلِاقْتِصَارِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْأَبِ مَا يَشْمَلُ الْجَدَّ، عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ وَجْهُ التَّقْيِيدِ بِالْأَبِ فِي النِّكَاحِ مَعَ أَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّ غَيْرَ الْمُجْبَرِ إذَا أَذِنَ فِي النِّكَاحِ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ وَإِنْ لَمْ يُؤْذِنْ فِي خُصُوصِ التَّوْكِيلِ فَلْيُحَرَّرْ

تَلِقْ بِهِ مُبَاشَرَتُهُ سَوَاءٌ أَوْقَعَ التَّوْكِيلَ عَنْ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ أَمْ عَنْ نَفْسِهِ أَمْ عَنْهُمَا مَعًا. وَفَائِدَةُ كَوْنِهِ وَكِيلًا عَنْ الطِّفْلِ أَنَّهُ لَوْ بَلَغَ رَشِيدًا لَمْ يَنْعَزِلْ الْوَكِيلُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ وَكِيلًا عَنْ الْوَلِيِّ، وَحَيْثُ وَكَّلَ لَا يُوَكِّلُ إلَّا أَمِينًا كَمَا يَأْتِي، وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ سَفِيهٍ أَوْ مُفْلِسٍ أَوْ قِنٍّ فِي تَصَرُّفٍ يَسْتَبِدُّ بِهِ لَا غَيْرِهِ إلَّا بِإِذْنِ وَلِيٍّ أَوْ غَرِيمٍ أَوْ سَيِّدٍ (وَيُسْتَثْنَى) مِنْ عَكْسِ الضَّابِطِ الْمَارِّ وَهُوَ أَنَّ كُلَّ مَنْ لَا تَصِحُّ مِنْهُ الْمُبَاشَرَةُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ التَّوْكِيلُ (تَوْكِيلُ الْأَعْمَى فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ) وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَى الرُّؤْيَةِ كَإِجَارَةٍ وَأَخْذٍ بِشُفْعَةٍ (فَيَصِحُّ) وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى مُبَاشَرَتِهِ لِلضَّرُورَةِ، وَمَا نَازَعَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ فِي اسْتِثْنَائِهِ بِأَنَّ بَيْعَهُ صَحِيحٌ فِي الْجُمْلَةِ وَهُوَ السَّلَمُ وَشِرَاؤُهُ لِنَفْسِهِ صَحِيحٌ أَيْضًا، وَبِأَنَّ الشَّرْطَ صِحَّةُ الْمُبَاشَرَةِ فِي الْجُمْلَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ وَرِثَ بَصِيرٌ عَيْنًا لَمْ يَرَهَا صَحَّ تَوْكِيلُهُ فِي بَيْعِهَا مَعَ عَدَمِ صِحَّتِهِ مِنْهُ يُمْكِنُ رَدُّهُ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي بَيْعِ الْأَعْيَانِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ مِنْهُ مُطْلَقًا وَفِي الشِّرَاءِ الْحَقِيقِيِّ، وَشِرَاؤُهُ لِنَفْسِهِ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ عَقْدُ عَتَاقَةٍ فَصَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَمَسْأَلَةُ الْبَصِيرِ الْمَذْكُورَةُ مُلْحَقَةٌ بِمَسْأَلَةِ الْأَعْمَى، لَكِنْ يَأْتِي فِي الْوَكِيلِ عَنْ الْمُصَنِّفِ مَا يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَبِهِ يَسْقُطُ أَكْثَرُ الْمُسْتَثْنَيَاتِ الْآتِيَةِ، وَيُضَمُّ لِلْأَعْمَى فِي الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْعَكْسِ الْمُحْرِمُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ السَّابِقَةِ، وَتَوْكِيلُ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ فِي أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَقْبِضُ الْمَبِيعَ عَنْهُ مَعَ اسْتِحَالَةِ مُبَاشَرَتِهِ الْقَبْضَ مِنْ نَفْسِهِ، وَالْمُسْتَحِقِّ لِنَحْوِ قَوَدِ طَرَفٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSالتَّوْكِيلَ مِنْ الْأَبِ وَالْجَدِّ يَصِحُّ مُطْلَقًا، وَمِنْ الْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ إنْ عَجَزَ أَوْ لَمْ تَلِقْ بِهِ الْمُبَاشَرَةُ وَمِثْلُهُمَا الْوَكِيلُ. وَكَتَبَ عَلَى مَنْهَجٍ مَا نَصُّهُ: قَالَ م ر: الْوَلِيُّ، وَفِي مَرَّةٍ قَالَ: الْوَصِيُّ كَالْوَكِيلِ فِي أَنَّهُ إنَّمَا يُوَكِّلُ كُلٌّ فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ أَوْ لَا يَلِيقُ بِهِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي بَابِ الْوَصَايَا، وَكَلَامُ الْمِنْهَاجِ هَذَا مُطْلَقٌ يُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ اهـ (قَوْلُهُ: أَمْ عَنْهُمَا مَعًا) أَيْ أَمَّا إذَا أُطْلِقَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا عَنْ الْوَلِيِّ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَفِي الزِّيَادِيِّ أَنَّهُ يَكُونُ وَكِيلًا عَنْ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ، وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ سم لِأَنَّ التَّصَرُّفَ مَطْلُوبٌ مِنْهُ فَيَقَعُ التَّوْكِيلُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَتْ مَنْفَعَتُهُ عَائِدَةً عَلَى الْمُوَلَّى عَلَيْهِ، وَفَائِدَةُ كَوْنِهِ وَكِيلًا عَنْ الْوَلِيِّ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِبُلُوغِ الصَّبِيّ رَشِيدًا لَكِنْ مَا قَالَهُ الزِّيَادِيُّ هُوَ قِيَاسُ مَا فِي خُلْعِ الْأَجْنَبِيِّ مِنْ أَنَّ وَكِيلَهَا لَوْ أَطْلَقَ فَلَمْ يَصِفْ الْعِوَضَ لَهُ وَلَا لَهَا وَقَعَ لَهَا لِعَوْدِ الْمَنْفَعَةِ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: عَنْ الطِّفْلِ) أَيْ وَلَوْ مَعَ الْوَلِيِّ لَكِنْ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَوْ وَكَّلَهُ عَنْهُمَا وَبَلَغَ رَشِيدًا انْعَزَلَ عَنْ الْوَلِيِّ دُونَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فَيَتَصَرَّفُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَنْعَزِلْ الْوَكِيلُ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَيَنْعَزِلُ مِنْ جِهَةِ الْوَلِيِّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: عَنْ الْوَلِيِّ) أَيْ وَحْدَهُ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ إلَخْ) وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَصِحُّ تَوْكِيلُ الْعَبْدِ فِي الْقَبُولِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَالسَّفِيهِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ فَالتَّقْيِيدُ بِالْإِذْنِ هُنَا إنَّمَا هُوَ لِيَكُونَ حُكْمُهُمَا مُسْتَفَادًا مِنْ الضَّابِطِ، أَمَّا مِنْ حَيْثُ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا فَلَا فَرْقَ (قَوْلُهُ: يَسْتَبِدُّ بِهِ) أَيْ يَسْتَقِلُّ بِهِ (قَوْلُهُ: يُمْكِنُ رَدُّهُ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْكَلَامُ أَعَمُّ مِنْ الْبَيْعِ وَمِنْ بَيْعِ الْأَعْيَانِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْكَلَامِ مَا ذُكِرَ فِي الْأَعْمَى، لَكِنْ هَذَا لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَى الرُّؤْيَةِ، ثُمَّ قَدْ يُقَالُ: لَا حَاجَةَ فِي مَسْأَلَةِ الْبَصِيرِ الْمَذْكُورَةِ إلَى الْإِلْحَاقِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ تَوَقُّفَ صِحَّةِ تَصَرُّفِ الْوَارِثِ عَلَى رُؤْيَتِهَا لَا يَنْفِي اتِّصَافَهُ بِصِحَّةِ مُبَاشَرَتِهِ التَّصَرُّفَ تَأَمَّلْ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَخْ؛ لِأَنَّ مَا وَجَّهَ بِهِ عَدَمَ الِاحْتِيَاجِ حَاصِلُهُ يَرْجِعُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ التَّصَرُّفُ فِي الْجُمْلَةِ، وَقَدْ يُقَالُ: مَبْنَى الرَّدِّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ صِحَّةُ التَّصَرُّفِ فِي خُصُوصِ مَا وَكَّلَ فِيهِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْكَلَامَ) أَيْ هُنَا (قَوْلُهُ: مُلْحَقَةٌ) أَيْ فَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ: لَكِنْ يَأْتِي) الْآتِي هُوَ قَوْلُهُ: وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ فِي مَسْأَلَةِ طَلَاقِ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمَةِ بِأَنَّهُ يَصِحُّ طَلَاقُهُ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: وَالْمُسْتَحِقِّ) هُوَ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْمُشْتَرِي ع (قَوْلُهُ: فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ السَّابِقَةِ) هِيَ قَوْلُهُ فَإِنْ وَكَّلَهُ لِيَعْقِدَ عَنْهُ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَنْ يَقْبِضُ الْمَبِيعَ عَنْهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ سَفِيهٍ) الْمَصْدَرُ مُضَافٌ إلَى فَاعِلِهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي شُرُوطِ الْمُوَكِّلِ، وَأَمَّا كَوْنُ السَّفِيهِ يَصِحُّ مِنْهُ أَنْ يَتَوَكَّلَ فَسَيَأْتِي فِي شُرُوطِ الْوَكِيلِ بِمَا فِيهِ وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ

مَعَ أَنَّهُ لَا يُبَاشِرُهُ وَالْوَكِيلُ فِي التَّوْكِيلِ وَمَالِكَةُ أَمَةٍ لِوَلِيِّهَا فِي تَزْوِيجِهَا. وَيُسْتَثْنَى مِنْ طَرْدِهِ وَهُوَ أَنَّ كُلَّ مَنْ صَحَّتْ مُبَاشَرَتُهُ بِمِلْكٍ أَوْ وِلَايَةٍ صَحَّ تَوْكِيلُهُ وَلِيٌّ غَيْرُ مُجْبِرٍ نُهِيَ عَنْهُ فَلَا يُوَكِّلُ وَظَافِرٌ بِحَقِّهِ فَلَا يُوَكِّلُ فِي نَحْوِ كَسْرِ بَابٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ وَيُحْتَمَلُ جَوَازُهُ عِنْدَ عَجْزِهِ، وَالتَّوْكِيلُ فِي الْإِقْرَارِ وَتَوْكِيلُ وَكِيلٍ قَادِرٍ بِنَاءً عَلَى شُمُولِ الْوِلَايَةِ لِلْوَكَالَةِ وَسَفِيهٌ أُذِنَ لَهُ فِي النِّكَاحِ وَمِثْلُهُ الْعَبْدُ فِي ذَلِكَ، قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ. وَالتَّوْكِيلُ فِي تَعْيِينٍ أَوْ تَبْيِينِ مُبْهَمَةٍ وَاخْتِيَارِ أَرْبَعٍ مَا لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ عَيْنَ امْرَأَةِ وَتَوْكِيلُ مُسْلِمِ كَافِرًا فِي اسْتِيفَاءِ قَوَدٍ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ نِكَاحِ الْمُسْلِمَةِ، وَذَكَرَا فِي تَوْكِيلِ الْمُرْتَدِّ لِغَيْرِهِ فِي تَصَرُّفٍ مَالِيِّ الْوَقْفَ، وَجَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي بِبُطْلَانِهِ، وَاسْتَوْجَهَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَتَاوِيهِ، وَيَجُوزُ تَوْكِيلُ مُسْتَحِقٍّ فِي قَبْضِ زَكَاةٍ لَهُ، قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ فِي الْخَادِمِ: وَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا حَيْثُ لَمْ يَتَّحِدْ قَصْدُ الدَّافِعِ وَالْوَكِيلِ (وَشَرْطُ الْوَكِيلِ) تَعْيِينُهُ إلَّا فِي نَحْوِ مَنْ حَجّ عَنَى فَلَهُ كَذَا فَيَبْطُلُ وَكَّلْت أَحَدَكُمَا، نَعَمْ إنْ وَقَعَ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ تَبَعًا لِمُعَيَّنٍ كَوَكَّلْتُك فِي كَذَا وَكُلِّ مُسْلِمٍ صَحَّ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ، قَالَ: وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ، وَمَا نُظِرَ فِيهِ مِنْ قِيَاسِهِ عَلَى الْمُوَكَّلِ فِيهِ غَيْرُ صَحِيحٍ فَسَيَأْتِي الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا، وَدَعْوَى أَنَّهُ يُحْتَاطُ فِي الْعَاقِدِ مَا لَا يُحْتَاطُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لَا الْتِفَاتَ لَهُ هُنَا إذْ الْغَرَضُ الْأَعْظَمُ الْإِتْيَانُ بِالْمَأْذُونِ فِيهِ وَ (صِحَّةِ مُبَاشَرَتِهِ التَّصَرُّفَ) الَّذِي وُكِّلَ فِيهِ (لِنَفْسِهِ) وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ تَوْكِيلُهُ إذْ تَصَرُّفُهُ لِنَفْسِهِ أَقْوَى مِنْهُ لِغَيْرِهِ، فَإِذَا لَمْ يَمْلِكْ الْأَقْوَى لَمْ يَمْلِكْ دُونَهُ بِالْأُولَى (لَا صَبِيٍّ وَ) لَا (مَجْنُونٍ) وَلَا مُغْمًى عَلَيْهِ وَلَا نَائِمٍ وَلَا مَعْتُوهٍ لِسَلْبِ وِلَايَتِهِمْ نَعَمْ يَصِحُّ تَوْكِيلُ صَبِيٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: فَلَا يُوَكِّلُ فِي نَحْوِ كَسْرِ بَابٍ إلَخْ) وَمُقْتَضَاهُ وَلَوْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا: أَيْ لَا يُمْكِنُ مِنْ مُبَاشَرَتِهِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُرَدِّدُ الْآلَةَ فَيَقْضِي ذَلِكَ لِلنَّفْسِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ بَاشَرَ بِنَفْسِهِ اُعْتُدَّ بِهِ (قَوْلُهُ: وَجَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي بِبُطْلَانِهِ) وَأَمَّا تَوْكِيلُ الْمُرْتَدِّ فِي التَّصَرُّفِ عَنْ غَيْرِهِ فَصَحِيحٌ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا كَغَيْرِهِمَا وَسَيَأْتِي، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَتَوْكِيلُ الْمُرْتَدِّ كَتَصَرُّفِهِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: فَلَا يَصِحُّ، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَلَوْ وَكَّلَهُ: أَيْ الْمُرْتَدَّ أَحَدٌ صَحَّ تَصَرُّفُهُ انْتَهَى قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَفُهِمَ مِنْهُ بِالْأَوْلَى مَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ ارْتَدَّ الْوَكِيلُ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي التَّوْكِيلِ اهـ. وَقَالَ فِيمَا تَقَدَّمَ: وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ أَصْلِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ ارْتَدَّ الْمُوَكِّلُ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي التَّوْكِيلِ بَلْ يُوقَفُ كَمِلْكِهِ بِأَنْ يُوقَفَ اسْتِمْرَارُهُ، لَكِنْ جَزَمَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنَّ ارْتِدَادَهُ عَزْلٌ وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَاسْتَوْجَهَهُ) أَيْ الْبُطْلَانَ وَهُوَ مُعْتَمَدٌ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ مَا يَقْبَلُ الْوَقْفَ هُوَ الَّذِي يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ وَذَلِكَ مُنْتَفٍ فِي الْوَكَالَةِ (قَوْلُهُ: لَهُ) أَيْ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْخَادِمِ) عِبَارَةُ حَجّ: وَقَيَّدَهُ الزَّرْكَشِيُّ نَقْلًا عَنْ الْقَفَّالِ بِمَا إذَا كَانَ الْوَكِيلُ مِمَّنْ لَا يَسْتَحِقُّهَا وَفِيهِ نَظَرٌ إلَخْ، وَعَلَيْهِ فَالصَّوَابُ حَذْفُ الْوَاوِ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَإِنْ. (قَوْلُهُ: مِنْهُمَا) أَيْ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَتَّحِدْ) أَيْ قَصَدَاهُمَا بِأَنْ قَصَدَا أَحَدُهُمَا الْمُوَكِّلَ وَالْآخَرُ الْوَكِيلَ. وَأَمَّا إذَا اتَّحَدَ فَيَمْلِكُهُ مَنْ اتَّفَقَا عَلَى قَصْدِهِ وَإِنْ وُجِدَ قَصْدٌ مِنْ أَحَدِهِمَا وَأَطْلَقَ الْآخَرُ اُعْتُبِرَتْ نِيَّةُ الدَّافِعِ انْتَهَى حَجّ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: مِنْ قِيَاسِهِ عَلَى الْمُوَكِّلِ) أَيْ حَيْثُ قِيلَ بِالْبُطْلَانِ (قَوْلُهُ: وَدَعْوَى) أَيْ اعْتِرَاضًا عَلَى الْفَرْقِ الْآتِي (قَوْلُهُ: لَا الْتِفَاتَ لَهُ) أَيْ لِهَذَا الْقَوْلِ (قَوْلُهُ: وَلَا مَعْتُوهٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى شُمُولِ الْوِلَايَةِ لِلْوَكَالَةِ) حَتَّى يَصِحَّ كَوْنُهُ مُسْتَثْنًى مِنْ طَرْدِ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَتَوْكِيلُ مُسْلِمٍ كَافِرًا إلَخْ) فِي اسْتِثْنَاءِ هَذِهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُمْ عَلَى الْأَصْلِ مِنْ أَنَّ الْمُوَكِّلَ يَصِحُّ أَنْ يُوَكِّلَ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي وَكِيلِهِ هُنَا أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا كَمَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيمَنْ يُوَكِّلُهُ الْوَلِيُّ أَنْ يَكُونَ ثِقَةً وَإِلَّا فَلَمْ يَسْتَثْنُوا الْوَلِيَّ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَذَكَرَا فِي تَوْكِيلِ الْمُرْتَدِّ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَرَجَّحَا فِي تَوْكِيلِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا حَيْثُ لَمْ يَتَّحِدْ قَصْدُ الدَّافِعِ وَالْوَكِيلِ) يُفْهَمُ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ الْوَكِيلُ نَفْسَهُ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ وَقَصَدَهُ الدَّافِعُ أَيْضًا أَنَّهُ يَمْلِكُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، فَالْمَفْهُومُ فِيهِ تَفْصِيلٌ بَسَطَ الْقَوْلَ فِيهِ الْعَلَّامَةُ حَجّ (قَوْلُهُ: فَإِذَا لَمْ يَمْلِكْ الْأَقْوَى لَمْ يَمْلِكْ دُونَهُ إلَخْ) فِي هَذَا التَّعْلِيلِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى،

فِي نَحْوِ تَفْرِقَةِ زَكَاةٍ وَذَبْحِ أُضْحِيَّةٍ وَمَا يَأْتِي (وَكَذَا الْمَرْأَةُ وَالْمُحْرِمُ) بِضَمِّ الْمِيمِ (فِي) عَقْدِ (النِّكَاحِ) إيجَابًا وَقَبُولًا لِسَلْبِ عِبَارَتِهِمَا فِيهِ وَلَا تَوْكِيلُ الْمَرْأَةِ فِي الرَّجْعَةِ وَلَا فِي الِاخْتِيَارِ لِلنِّكَاحِ إذَا أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ، وَلَا فِي الِاخْتِيَارِ لِلْفِرَاقِ إذَا عَيَّنَ لِلْمَرْأَةِ مَنْ يَخْتَارُهَا أَوْ يُفَارِقُهَا، فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ لَمْ يَصِحَّ مِنْ الرَّجُلِ أَيْضًا كَمَا مَرَّ، وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُسْلِمِ فِي أَحْكَامِ الْخَنَاثَى وَذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ تَفَقُّهًا. نَعَمْ لَوْ بَانَ الْخُنْثَى ذَكَرًا بَعْدَ تَصَرُّفِهِ ذَلِكَ بَانَتْ صِحَّتُهُ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْوَكِيلِ الْعَدَالَةُ إذَا وَكَّلَهُ الْوَلِيُّ فِي نَحْوِ بَيْعِ مَالِ مَحْجُورِهِ، وَيَمْتَنِعُ تَوْكِيلُ الْمَرْأَةِ لِغَيْرِ زَوْجِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ عَلَى مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، قِيلَ: وَكَأَنَّهُ أَرَادَ الْحُرَّةَ. أَمَّا الْأَمَةُ إذَا أَذِنَ سَيِّدُهَا لَمْ يَكُنْ لِزَوْجِهَا اعْتِرَاضٌ كَالْإِجَارَةِ وَأَوْلَى. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الْوَجْهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ مِنْ الصِّحَّةِ إنْ لَمْ يُفَوِّتْ عَلَى الزَّوْجِ حَقًّا انْتَهَى. وَالْأَوْجَهُ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ لِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِمَّا يُفَوِّتُ حَقًّا لَهُ لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ خَارِجٌ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَالْإِجَارَةِ بِأَنَّ حَقَّهَا لَازِمٌ يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ فَعَارَضَ حَقَّ الزَّوْجِ وَهُوَ أَوْلَى فَأَبْطَلَهُ وَلَا كَذَلِكَ الْوَكَالَةُ، وَتَوْكِيلُ مُسْلِمٍ كَافِرًا فِي اسْتِيفَاءِ قَوَدٍ مِنْ مُسْلِمِ، وَهَذِهِ مَرْدُودَةٌ بِأَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَسْتَوْفِيهِ لِنَفْسِهِ وَبِأَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا جَعَلَ صِحَّةَ مُبَاشَرَتِهِ شَرْطًا لِصِحَّةِ تَوَكُّلِهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الشَّرْطِ وُجُودُ الْمَشْرُوطِ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُهُ، وَالْأَوَّلُ صَحِيحٌ وَالثَّانِي فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ، إذْ الشَّرْطُ وَهُوَ صِحَّةُ الْمُبَاشَرَةِ غَيْرُ مَوْجُودٍ هُنَا رَأْسًا (لَكِنْ الصَّحِيحُ اعْتِمَادُ قَوْلِ صَبِيٍّ) وَلَوْ رَقِيقًا إذَا كَانَ مُمَيِّزًا لَمْ يُجَرَّبْ عَلَيْهِ كَذِبٌ، وَكَذَا فَاسِقٌ وَكَافِرٌ كَذَلِكَ، بَلْ قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا (فِي الْإِذْنِ فِي دُخُولِ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَطَفَهُ عَلَى الْمَجْنُونِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِأَنَّ الْعَتَهَ نَوْعٌ مِنْ الْجُنُونِ. وَفِي الْمُخْتَارِ: الْمَعْتُوهُ النَّاقِصُ الْعَقْلِ، وَقَدْ عَتِهَ فَهُوَ مَعْتُوهٌ بَيِّنُ الْعَتَهِ اهـ. وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ حَمْلُ الْمَجْنُونِ عَلَى مَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَالْمَعْتُوهُ عَلَى مَنْ عِنْدَهُ أَصْلُ الْعَقْلِ لَا كَمَالُهُ فَيَكُونُ مُبَايِنًا لِلْمَجْنُونِ (قَوْلُهُ: وَلَا فِي الِاخْتِيَارِ) أَيْ وَلَا تَوْكِيلُ الْمَرْأَةِ فِي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ فِي الْوَكِيلِ الْعَدَالَةُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعٍ مُعَيَّنٍ مِنْ أَمْوَالِ الْمَحْجُورِ وَلَوْ قِيلَ بِصِحَّةِ تَوْكِيلِ الْفَاسِقِ فِي ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يُسَلِّمْ الْمَالَ لَهُ لَمْ يَبْعُدْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ فِيمَا يَأْتِي قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَحْكَامُ الْعَقْدِ تَتَعَلَّقُ بِالْوَكِيلِ إلَخْ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَيَمْتَنِعُ تَوْكِيلُ الْمَرْأَةِ) فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِمَّا أَفَادَهُ الْمَتْنُ أَنَّ مَنْ صَحَّ تَصَرُّفُهُ لِنَفْسِهِ صَحَّ تَوْكِيلُهُ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا) فَوَّتَ أَوْ لَا حَيْثُ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً فِيمَا تَسْتَقِلُّ بِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَأَذِنَ لَهَا السَّيِّدُ كَمَا مَرَّ فِي تَوْكِيلِ الْقِنِّ (قَوْلُهُ: وَالْإِجَارَةِ) أَيْ حَيْثُ قِيلَ فِيهَا بِالْبُطْلَانِ إذَا فَوَّتَتْ حَقَّ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: وَتَوْكِيلُ مُسْلِمٍ) أَيْ وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْوَكِيلَ) أَيْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَقَوْلُهُ لَا يَسْتَوْفِيهِ لِنَفْسِهِ: أَيْ فَلَمْ يَشْمَلْهُ هَذَا الشَّرْطُ فَلَا حَاجَةَ لِاسْتِثْنَائِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ صَحِيحٌ) هُوَ قَوْلُهُ بِأَنَّ الْوَكِيلَ إلَخْ، وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ وَبِأَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الثَّانِيَ مَذْكُورٌ عَلَى التَّنَزُّلِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّهُ صَرَّحَ فِي الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَسْتَوْفِيهِ لِنَفْسِهِ فَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَمْ يُوجَدْ هُنَا أَصْلًا اهـ سم عَلَى حَجّ. لَكِنَّ الصَّحِيحَ اعْتِمَادُ قَوْلِ الصَّبِيّ. [فَرْعٌ] قَالَ الْخَطِيبُ الشِّرْبِينِيُّ: يَجُوزُ تَوْكِيلُ الصَّبِيّ وَالسَّفِيهِ لِيَتَصَرَّفَ بَعْدَ بُلُوغِ الصَّبِيّ، وَرُشْدِ السَّفِيهِ كَتَوْكِيلِ الْمُحْرِمِ لَيَعْقِدَ بَعْدَ حِلِّهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْوَجْهُ وِفَاقًا لِ م ر عَدَمُ الصِّحَّةِ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ فِيهِ الْأَهْلِيَّةِ إلَّا أَنَّهُ عَرَضَ لَهُ مَانِعٌ بِخِلَافِهِمَا فَإِنَّهُ لَا أَهْلِيَّةَ لَهُمَا، وَفِي الرَّوْضَةِ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَمِثْلُهُ عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لَمْ يُجَرَّبْ عَلَيْهِ كَذِبٌ) وَلَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى كَذِبِهِ اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: وَكَافِرٌ) أَيْ وَلَوْ بَالِغًا (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ لَمْ يُجَرَّبْ عَلَيْهِ كَذِبٌ (قَوْلُهُ: لَا أَعْلَمُ فِيهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQوَعِبَارَةُ غَيْرِهِ: لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَنْهُ التَّصَرُّفُ لِنَفْسِهِ فَلِغَيْرِهِ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَيَمْتَنِعُ تَوْكِيلُ الْمَرْأَةِ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ (قَوْلُهُ: لَا أَعْلَمُ فِيهِ) أَيْ: فِي اعْتِمَادِ قَوْلِ الْفَاسِقِ وَالْكَافِرِ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ كَلَامِ النَّوَوِيِّ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي

دَارٍ وَإِيصَالِ هَدِيَّةٍ) وَلَوْ أَمَةً قَالَتْ لَهُ أَهْدَانِي سَيِّدِي لَك كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَإِنْ اسْتَشْكَلَ فَيَجُوزُ وَطْؤُهَا وَطَلَبُ صَاحِبِ وَلِيمَةٍ لِتَسَامُحِ السَّلَفِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ، أَمَّا غَيْرُ الْمَأْمُونِ بِأَنْ جُرِّبَ كَذِبُهُ وَلَوْ مَرَّةً فِيمَا يَظْهَرُ بِحَيْثُ جَوَّزْنَا كَذِبَهُ لِمَا مَرَّ مِنْهُ فَلَا يُعْتَمَدُ قَطْعًا، وَمَا حَفَّتْهُ قَرِينَةٌ يُعْتَمَدُ قَطْعًا، وَفِي الْحَقِيقَةِ الْعَمَلُ حِينَئِذٍ بِالْعِلْمِ لَا بِالْخَبَرِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ الْفَرْقِ هُنَا بَيْنَ الصَّادِقِ وَغَيْرِهِ، وَلِلْمُمَيِّزِ وَنَحْوِهِ تَوْكِيلُ غَيْرِهِ فِي ذَلِكَ بِشَرْطِهِ الْآتِي (وَالْأَصَحُّ صِحَّةُ تَوْكِيلِ عَبْدٍ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ، وَلَوْ حُذِفَتْ الْيَاءُ لَكَانَ مُضَافًا لِلْفَاعِلِ وَهُوَ أَوْضَحُ (فِي قَبُولِ نِكَاحٍ) وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ لِانْتِفَاءِ ضَرَرِهِ، وَتَعْبِيرُهُ بِلَكِنْ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى اسْتِثْنَاءِ هَذَيْنِ مِنْ عَكْسِ الضَّابِطِ وَهُوَ مَنْ لَا تَصِحُّ مُبَاشَرَتُهُ لِنَفْسِهِ لَا يَصِحُّ تَوَكُّلُهُ، وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا صِحَّةُ تَوَكُّلِ سَفِيهٍ فِي قَبُولِ نِكَاحٍ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ وَتَوَكُّلِ امْرَأَةٍ فِي طَلَاقِ غَيْرِهَا وَمُرْتَدٍّ فِي تَصَرُّفٍ لِغَيْرِهِ مَعَ امْتِنَاعِهِ لِنَفْسِهِ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ ذَلِكَ إنْ لَمْ يُشْرَطْ فِي بُطْلَانِ تَصَرُّفِهِ لِنَفْسِهِ حَجْرُ الْحَاكِمِ عَلَيْهِ، وَسَيَأْتِي فِي بَابِهِ مَا فِيهِ، وَرَجُلٍ فِي قَبُولِ نِكَاحِ أُخْتِ زَوْجَتِهِ مَثَلًا أَوْ خَامِسَةٍ وَتَحْتَهُ أَرْبَعٌ وَالْمُوسِرِ فِي قَبُولِ نِكَاحِ أَمَةٍ، وَاسْتِثْنَاءُ بَعْضِهِمْ تَوَكُّلَ كَافِرٍ عَنْ مُسْلِمٍ فِي شِرَاءِ مُسْلِمٍ أَوْ طَلَاقِ مُسْلِمَةٍ غَيْرُ صَحِيحٍ، إذْ لَوْ أَسْلَمَتْ زَوْجَتُهُ فَطَلَّقَ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ بَانَ نُفُوذُ طَلَاقِهِ. وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ فِي مَسْأَلَةِ طَلَاقِ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمَةِ بِأَنَّهُ يَصِحُّ طَلَاقُهُ فِي الْجُمْلَةِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ صِحَّةُ مُبَاشَرَةِ الْوَكِيلِ التَّصَرُّفَ لِنَفْسِهِ فِي جِنْسٍ مَا وَكَّلَ فِيهِ فِي الْجُمْلَةِ لَا فِي عَيْنِهِ، وَحِينَئِذٍ فَيَسْقُطُ أَكْثَرُ مَا مَرَّ مِنْ الْمُسْتَثْنَيَاتِ، وَقِيَاسُهُ جَرَيَانُ ذَلِكَ فِي الْمُوَكِّلِ أَيْضًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ (وَمَنَعَهُ) أَيْ تَوْكِيلَ الْعَبْدِ أَيْ مَنْ فِيهِ رِقٌّ (فِي الْإِيجَابِ) لِلنِّكَاحِ لِأَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ عَلَيْهِ تَزْوِيجُ ابْنَتِهِ فَبِنْتُ غَيْرِهِ أَوْلَى، وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ الْمُكَاتَبِ فِي تَزْوِيجِ أَمَتِهِ كَمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فِي الْكَافِرِ، وَعِبَارَةُ حَجّ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ وَطْؤُهَا) أَيْ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ: أَيْ وَلَوْ رَجَعَتْ وَكَذَّبَتْ نَفْسَهَا لِاتِّهَامِهَا فِي حَقِّ غَيْرِهَا وَخَرَجَ بِكَذَّبَتْ نَفْسَهَا مَا لَوْ كَذَّبَهَا السَّيِّدُ فَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ، وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ وَطْءُ الْمُهْدَى إلَيْهِ وَطْءَ شُبْهَةٍ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَهْرُ لِأَنَّ السَّيِّدَ بِدَعْوَاهُ ذَلِكَ يَدَّعِي زِنَاهَا، وَلَا الْحَدُّ أَيْضًا لِلشُّبْهَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا حَدَّ عَلَيْهَا أَيْضًا لِزَعْمِهَا أَنَّ السَّيِّدَ أَهْدَاهَا لَهُ وَأَنَّ الْوَلَدَ حُرٌّ لِظَنِّهِ أَنَّهَا مِلْكُهُ وَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ لِتَفْوِيتِهِ رِقَّهُ عَلَى السَّيِّدِ بِزَعْمِهِ، وَأَمَّا لَوْ وَافَقَهَا السَّيِّدُ عَلَى وَطْءِ الشُّبْهَةِ فَيَجِبُ الْمَهْرُ (قَوْلُهُ: لِتَسَامُحِ السَّلَفِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ) وَلَيْسَ فِي مَعْنَى مَنْ ذُكِرَ الْبَبَّغَاءُ وَالْقِرْدُ وَنَحْوُهُمَا إذَا حَصَلَ مِنْهُمْ الْإِذْنُ وَلَمْ يُجَرَّبْ عَلَيْهِمْ الْكَذِبُ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْإِذْنِ أَصْلًا، بِخِلَافِ الصَّبِيِّ فَإِنَّهُ أَهْلٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ جَعْلِ الْبَبَّغَاءِ كَالصَّبِيِّ لِأَنَّ ذَاكَ فِيمَا لَوْ احْتَفَتْ بِهِ قَرِينَةٌ لِأَنَّهَا الْمُعَوَّلُ عَلَيْهَا بِخِلَافِ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: فَلَا يُعْتَمَدُ قَطْعًا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ مَضَى عَلَيْهِ سَنَةٌ فَأَكْثَرُ لَمْ يُجَرَّبْ عَلَيْهِ فِيهَا كَذِبٌ، وَلَوْ قِيلَ بِجَوَازِ اعْتِمَادِ قَوْلِهِ حِينَئِذٍ لَمْ يَبْعُدْ بَلْ وَإِنْ لَمْ تَمْضِ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ وَيَكُونُ الْمَدَارُ عَلَى مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ (قَوْلُهُ: بِالْعِلْمِ) وَعَلَى هَذَا فَيَنْبَغِي أَنَّ الْبَبَّغَاءَ، وَنَحْوَهَا مَعَ الْقَرِينَةِ كَالصَّبِيِّ لِأَنَّ التَّعْوِيلَ لَيْسَ عَلَى خَبَرِهَا بَلْ عَلَى الْقَرِينَةِ، وَبَقِيَ مَا لَوْ جُهِلَ حَالُ الصَّبِيّ، وَالْأَقْرَبُ فِيهِ أَنَّهُ لَا يُعْتَمَدُ قَوْلُهُ إلَّا بِقَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ قَبُولِ خَبَرِهِ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ الْآتِي) وَهُوَ الْعَجْزُ أَوْ كَوْنُهُ لَمْ تَلِقْ بِهِ مُبَاشَرَتُهُ (قَوْلُهُ: فِيهِ إشَارَةٌ إلَى اسْتِثْنَاءِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَصِحُّ ذَلِكَ) أَيْ اسْتِثْنَاءُ الْمُرْتَدِّ (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي فِي بَابِهِ) وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فَيَكُونُ مُسْتَثْنًى (قَوْلُهُ: إذْ لَوْ أَسْلَمَتْ زَوْجَتُهُ) هَذَا التَّعْلِيلُ لَا يَصْلُحُ لِرَدِّ اسْتِثْنَاءِ تَوْكِيلِ الْمُسْلِمِ الْكَافِرَ، فَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِأَنَّ الْكَافِرَ يَصِحُّ طَلَاقُهُ لِزَوْجَتِهِ الْمُسْلِمَةِ فَيَصِحُّ تَوْكِيلُ الْمُسْلِمِ لَهُ فِي طَلَاقِ زَوْجَتِهِ الْكَافِرَةِ (قَوْلُهُ: أَكْثَرُ مِمَّا مَرَّ) وَمِنْهُ تَوْكِيلُ الْمُسْلِمِ الْكَافِرَ فِي شِرَاءِ مُسْلِمٍ لِأَنَّهُ يَصِحُّ شِرَاؤُهُ لَهُ فِي الْجُمْلَةِ وَذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ صَحِيحٍ) أَيْ بِالنَّسَّةِ لِشِقِّهِ الثَّانِي فَقَطْ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ غَيْرَ صَحِيحٍ فِي الثَّانِي

بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ إنْ قُلْنَا: إنَّهُ يُزَوِّجُهَا، وَمِثْلُهُ الْمُبَعَّضُ فِي ذَلِكَ بَلْ أَوْلَى، وَيَجُوزُ تَوْكِيلُ رَقِيقٍ فِي نَحْوِ بَيْعٍ أَذِنَ سَيِّدُهُ وَلَوْ بِجُعْلٍ، وَيَمْتَنِعُ تَوْكِيلُهُ عَلَى طِفْلٍ أَوْ مَالِهِ مُطْلَقًا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ (وَشَرْطُ الْمُوَكَّلِ فِيهِ أَنْ يَمْلِكَهُ الْمُوَكِّلُ) حَالَةَ التَّوْكِيلِ وَإِلَّا فَكَيْفَ يَأْذَنُ فِيهِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا فِيمَنْ يُوَكِّلُ فِي مَالِهِ وَإِلَّا فَنَحْوُ الْوَلِيِّ وَكُلُّ مَنْ جَازَ لَهُ التَّوْكِيلُ فِي مَالِ الْغَيْرِ لَا يَمْلِكُهُ، وَرَدُّ الْغَزِّيِّ لَهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ التَّصَرُّفُ الْمُوَكَّلُ فِيهِ لَا مَحِلُّ التَّصَرُّفِ يُرَدُّ بِمَنْعِ مَا ذَكَرَهُ لِأَنَّهُ مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الْمَحِلُّ وَمِنْ ثَمَّ فَرَّعَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (فَلَوْ وَكَّلَ بِبَيْعِ) أَوْ إعْتَاقِ (عَبْدٍ سَيَمْلِكُهُ) سَوَاءٌ أَكَانَ مُعَيَّنًا أَمْ مَوْصُوفًا أَمْ لَا، لَكِنْ هَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَلَمْ يَكُنْ تَابِعًا لِمَمْلُوكٍ كَمَا يَأْتِي عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ (وَطَلَاقِ مَنْ سَيَنْكِحُهَا) مَا لَمْ تَكُنْ تَبَعًا لِمَنْكُوحَةٍ أَخْذًا مِمَّا قَبْلَهُ (بَطَلَ فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَكَذَا لَوْ وَكَّلَ مَنْ يُزَوِّجُ مُوَلِّيَتَهُ إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَوْ طَلُقَتْ عَلَى مَا قَالَاهُ هَذَا وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَكَذَا لَوْ قَالَتْ لَهُ وَهِيَ فِي نِكَاحٍ أَوْ عِدَّةٍ: أَذِنْت لَك فِي تَزْوِيجِي إذَا حَلَلْت، لَكِنْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِصِحَّةِ إذْنِ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ لِوَلِيِّهَا كَمَا نَقَلَاهُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّاهُ، وَعَدَمُ صِحَّةِ تَوْكِيلِ الْوَلِيِّ الْمَذْكُورِ كَمَا صَحَّحَاهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا هُنَا. وَأَمَّا قَوْلُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ عَقِبَ مَسْأَلَةِ الْإِذْنِ كَمَا لَوْ قَالَ الْوَلِيُّ لِلْوَكِيلِ: زَوِّجْ بِنْتِي إذَا فَارَقَهَا زَوْجُهَا أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَفِي هَذَا التَّوْكِيلِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَقَدْ سَبَقَ فِي الْوَكَالَةِ فَمَبْنِيٌّ عَلَى رَأْيِهِ إذْ هُوَ قَائِلٌ بِالصِّحَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْأَصَحَّ خِلَافُهُ فَالْأَصَحُّ صِحَّةُ الْإِذْنِ دُونَ التَّوْكِيلِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ تَزْوِيجَ الْوَلِيِّ بِالْوِلَايَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَتَزْوِيجَ الْوَكِيلِ بِالْوِلَايَةِ الْجَعْلِيَّةِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْأُولَى أَقْوَى فَيُكْتَفَى فِيهَا بِمَا لَا يُكْتَفَى بِهِ فِي الثَّانِيَةِ، وَأَنَّ بَابَ الْإِذْنِ أَوْسَعُ مِنْ بَابِ الْوَكَالَةِ، وَمَا جَمَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ بَيْنَ مَا ذُكِرَ فِي الْبَابَيْنِ بِحَمَلِ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَمَا لَوْ حُكِمَ بِعِتْقِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إنْ قُلْنَا إنَّهُ يُزَوِّجُهَا) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَبِجُعْلٍ) وَفِي نُسْخَةٍ بَعْدَ قَوْلِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَلَوْ بِجُعْلٍ وَيَمْتَنِعُ إلَخْ وَمَا فِي الْأَصْلِ هُوَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) مَعْنَى مُطْلَقًا بِإِذْنٍ أَوَّلًا، وَيَنْبَغِي مُرَاجَعَةُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْقِيَاسَ الْبُطْلَانُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، وَقَدْ يُسْتَدَلُّ عَلَى الصِّحَّةِ بِصِحَّةِ قَبُولِ الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ بِغَيْرِ إذْنٍ. وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ هُنَا إتْلَافَ مَنْفَعَةٍ لِلْغَيْرِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: قَوْلُ سم وَالْوَصِيَّةُ، يُفِيدُ أَنَّ قَبُولَهُ لِلْوَصِيَّةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنٍ مِنْ السَّيِّدِ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْهِبَةِ أَنَّ الْقَبُولَ فِي الْهِبَةِ فَوْرِيٌّ، فَلَوْ مَنَعْنَاهُ مِنْهُ فَرُبَّمَا طَالَ الْفَصْلُ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَقَبُولِ السَّيِّدِ لِغَيْبَتِهِ مَثَلًا فَيَفُوتُ الْمَقْصُودُ مِنْ الْهِبَةِ، وَلَا كَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ فَإِنَّ الشَّرْطَ فِيهَا كَوْنُ الْقَبُولِ بَعْدَ الْمَوْتِ اتَّصَلَ بِالْمَوْتِ أَوْ تَرَاخَى عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ شَرْطُ مِلْكِهِ (قَوْلُهُ: لَا يَمْلِكُهُ) أَيْ مَا يُرِيدُ أَنْ يُوَكِّلَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الْمَحِلُّ) قَدْ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ الْآتِي وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ شَرْطَ الْمُوَكَّلِ فِيهِ أَنْ يَمْلِكَ الْمُوَكِّلُ التَّصَرُّفَ فِيهِ حِينَ التَّوْكِيلِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ فَرَّعَ) قَدْ يُقَالُ التَّفْرِيعُ لَا يُنَافِي كَوْنَ الْمُرَادِ مَلَّكَهُ التَّصَرُّفَ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَالِكًا التَّصَرُّفَ الَّذِي وُكِّلَ فِيهِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ هَذَا) أَيْ قَوْلُهُ أَمْ لَا. وَأَمَّا الْأَوَّلَانِ فَفِيهِمَا الْخِلَافُ وَهُمَا مَا لَوْ كَانَ مُعَيَّنًا أَوْ مَوْصُوفًا (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ جَعَلَ الْمَعْدُومَ تَبَعًا لِحَاضِرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَطَلَ فِي الْأَصَحِّ) لَا يُقَالُ: كَانَ الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِلَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَقْصُودُ الْحُكْمَ بِالْبُطْلَانِ فِيمَا مَضَى لِأَنَّا نَقُولُ: الْأَفْعَالُ الْوَاقِعَةُ فِي عِبَارَاتِ الْمُصَنِّفِينَ إنَّمَا يَقْصِدُونَ مِنْهَا مُجَرَّدَ الْحَدَثِ دُونَ الزَّمَانِ، فَلَا فَرْقَ فِي الْمُرَادِ مِنْ التَّعْبِيرِ بَيْنَ الْمَاضِي وَالْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا قَالَاهُ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا) أَيْ الْإِذْنِ مِنْ الْمَرْأَةِ وَالتَّوْكِيلِ مِنْ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ: وَمَا جَمَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ بِجُعْلٍ) غَايَةٌ فِي اشْتِرَاطِ الْإِذْنِ فَإِنَّ هُنَاكَ مَنْ يَقُولُ إنَّهُ إذَا كَانَ ثَمَّ جُعْلٌ لَا يَحْتَاجُ لِلْإِذْنِ وَفِي نُسْخَةٍ عَقِبَ قَوْلِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ مَا نَصُّهُ وَلَوْ بِجُعْلٍ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ تَكَسُّبٌ اهـ. وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ عَقِبَ مِثْلِ هَذِهِ النُّسْخَةِ نَصُّهَا: كَذَا عَبَّرَ بِهِ شَارِحٌ وَصَوَابُهُ لَا يَتَوَكَّلُ بِلَا إذْنٍ عَنْ غَيْرِهِ فِيمَا يَلْزَمُ ذِمَّتَهُ عُهْدَتُهُ كَبَيْعٍ وَلَوْ بِجُعْلٍ بَلْ فِيمَا لَا يَلْزَمُهَا كَقَبُولِ نِكَاحٍ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنٍ انْتَهَتْ. وَنُسَخُ الشَّارِحِ مُخْتَلِفَةٌ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فَلْيُرَاجَعْ مُخْتَارُهُ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا قَالَاهُ) تَبِعَ فِي هَذَا التَّبَرِّي كَلَامَ حَجّ

عَدَمِ الصِّحَّةِ عَلَى الْوَكَالَةِ وَالصِّحَّةِ عَلَى التَّصَرُّفِ إذْ قَدْ تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ وَيَصِحُّ التَّصَرُّفُ رُدَّ بِأَنَّهُ خَطَأٌ صَرِيحٌ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ إذْ الْأَبْضَاعُ يُحْتَاطُ لَهَا فَوْقَ غَيْرِهَا وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهُ يَصِحُّ، وَيُكْتَفَى بِحُصُولِ الْمِلْكِ عِنْدَ التَّصَرُّفِ فَإِنَّهُ الْمَقْصُودُ مِنْ التَّوْكِيلِ، وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي الْمُطَالَبَةِ بِحُقُوقِهِ دَخَلَ مَا يَتَجَدَّدُ بَعْدَ الْوَكَالَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ لَكِنْ خَالَفَهُ الْجُورِيُّ فَقَالَ: لَوْ وَكَّلَهُ فِي كُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ دَيْنٌ ثُمَّ حَدَثَ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَبْضُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُوَكَّلٍ إلَّا فِيمَا كَانَ وَاجِبًا يَوْمَئِذٍ، وَقَدْ يُقَالُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا إذْ عَدَمُ الدُّخُولِ فِي مَسْأَلَةِ الْجُورِيُّ إنَّمَا هُوَ لِوَصْفِ الْحَقِّ فِيهَا بِكَوْنِهَا لِلْمُوَكِّلِ حَالَ التَّوْكِيلِ، وَلَا يَضُرُّنَا وُجُودُ الْإِضَافَةِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ يَكْفِي فِيهَا أَدْنَى مُلَابَسَةٍ كَمَا فِي التَّصْوِيرِ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ الثَّانِي فَقَوِيَتْ فِيهَا بِاللَّامِ الدَّالَّةِ عَلَى الْمِلْكِ فَلَمْ يَدْخُلْ الْمُتَجَدِّدُ، وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ جَعَلَ الْمَعْدُومَ تَبَعًا لِحَاضِرٍ كَبَيْعِ مَمْلُوكٍ وَمَا سَيَمْلِكُهُ فَفِيهِ احْتِمَالَانِ لِلرَّافِعِيِّ، وَالْمَنْقُولُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ الصِّحَّةُ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ الْمَوْجُودِ وَمَنْ سَيَحْدُثُ لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَيْنٍ يَمْلِكُهَا وَأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِثَمَنِهَا كَذَا فَأَشْهَرُ الْقَوْلَيْنِ صِحَّةُ التَّوْكِيلِ بِالشِّرَاءِ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ، وَمِثْلُهُ إذْنُ الْمُقَارِضِ لِلْعَامِلِ فِي بَيْعِ مَا سَيَمْلِكُهُ، وَأَلْحَقَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ الشَّرِيكَ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ شَرْطَ الْمُوَكِّلِ فِيهِ أَنْ يَمْلِكَ الْمُوَكِّلُ التَّصَرُّفَ فِيهِ حِينَ التَّوْكِيلِ أَوْ يَذْكُرُهُ تَبَعًا لِذَلِكَ، وَلَا حَاجَةَ لِمَا زَادَهُ بَعْضُهُمْ هُنَا بِقَوْلِهِ أَوْ يَمْلِكُ أَصْلَهُ لِأَنَّهُ أَشَارَ بِهِ إلَى مَا حَكَاهُ ابْنُ الصَّلَاحِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ إطْلَاعِهَا صَحَّ، وَوُجِّهَ بِمَا مَرَّ مِنْ كَوْنِهِ مَالِكًا لِأَصْلِهَا إذْ هُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى مَرْجُوحٍ كَمَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ (وَأَنْ يَكُونَ قَابِلًا لِلنِّيَابَةِ) لِأَنَّ التَّوْكِيلَ اسْتِنَابَةٌ (فَلَا يَصِحُّ) التَّوْكِيلُ (فِي عِبَادَةٍ) وَإِنْ لَمْ تَتَوَقَّفْ عَلَى نِيَّةٍ إذْ الْقَصْدُ امْتِحَانُ عَيْنِ الْمُكَلَّفِ وَلَيْسَ مِنْهَا نَحْوُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهَا التَّرْكُ (إلَّا الْحَجَّ) وَالْعُمْرَةَ عِنْدَ الْعَجْزِ وَيَنْدَرِجُ فِيهَا تَوَابِعُهُمَا كَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ (وَتَفْرِقَةَ زَكَاةٍ) وَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ وَصَدَقَةٍ (وَذَبْحَ أُضْحِيَّةٍ) وَعَقِيقَةٍ وَهَدْيٍ وَشَاةِ وَلِيمَةٍ سَوَاءٌ أَوَكَّلَ الذَّابِحُ الْمُسْلِمُ الْمُمَيِّزُ فِي النِّيَّةِ أَمْ وَكَّلَ فِيهَا مُسْلِمًا مُمَيِّزًا غَيْرَهُ لِيَأْتِيَ بِهَا عِنْدَ ذَبْحِهِ كَمَا لَوْ نَوَى الْمُوَكِّلُ عِنْدَ ذَبْحِ وَكِيلِهِ، وَدَعْوَى عَدَمِ جَوَازِ تَوْكِيلِ آخَرَ فِيهَا غَيْرُ مُسَلَّمَةٍ وَنَحْوِ وَقْفٍ وَعِتْقٍ وَغَسْلِ أَعْضَاءٍ لَا فِي نَحْوِ غُسْلِ مَيِّتٍ لِأَنَّهُ فَرْضٌ فَيَقَعُ عَنْ مُبَاشِرِهِ، وَقَضِيَّتُهُ صِحَّةُ تَوْكِيلِ مَنْ لَمْ يَتَوَجَّهْ عَلَيْهِ فَرْضُهُ كَالْعَبْدِ، عَلَى أَنَّ الْأَذْرَعِيَّ رَجَّحَ جَوَازَ التَّوْكِيلِ هُنَا مُطْلَقًا لِصِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَيْهِ (وَلَا فِي شَهَادَةٍ) لِبِنَائِهَا عَلَى التَّعَبُّدِ وَالْيَقِينِ الَّذِي لَا تُمْكِنُ النِّيَابَةُ فِيهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSحَجّ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ عَلَّقَ ذَلِكَ وَلَوْ ضِمْنًا عَلَى الِانْقِضَاءِ أَوْ الطَّلَاقِ فَسَدَتْ الْوَكَالَةُ وَنَفَذَ التَّزْوِيجُ اهـ (قَوْلُهُ: دَخَلَ مَا يَتَجَدَّدُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لَهُ قَبْضُهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي التَّصْوِيرِ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي الْمُطَالَبَةِ بِحُقُوقِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ دَخَلَ مَا يَتَجَدَّدُ بِهِ بَعْدَ الْوَكَالَةِ (قَوْلُهُ وَمَنْ سَيَحْدُثُ لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ) أَيْ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ مُفَرَّعٌ) أَيْ الصِّحَّةُ فِي بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ إطْلَاعِهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَتَوَقَّفْ إلَخْ) أَيْ كَالْأَذَانِ (قَوْلُهُ: نَحْوُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ) أَيْ فَيَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِيهَا (قَوْلُهُ: تَوَابِعُهُمَا) أَيْ الْمُتَقَدِّمَةُ وَالْمُتَأَخِّرَةُ (قَوْلُهُ: فِيهَا) أَيْ فِي النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: عَنْ مُبَاشِرِهِ) أَيْ وَلَوْ عَبْدًا (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ صِحَّةُ تَوْكِيلِ إلَخْ) مُعْتَدٌّ (قَوْلُهُ: جَوَازَ التَّوْكِيلِ هُنَا) قَالَ م ر: الْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ التَّوْكِيلِ فِي الْغُسْلِ، وَمِثْلُهُ غَيْرُهُ مِنْ خِصَالِ التَّجْهِيزِ لِأَنَّهُ يَقَعُ عَنْ الْوَكِيلِ، وَيُفَارِقُ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَكِنْ سَيَأْتِي لَهُ نَقْلُ هَذَا عَنْ إفْتَاءِ وَالِدِهِ بِمَا يُشْعِرُ بِرِضَاهُ بِهِ فَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ عَدَمُ التَّبَرِّي مِنْهُ هُنَا، وَفِي نُسْخَةٍ كَمَا قَالَاهُ هُنَا، وَهِيَ لَا تُنَاسِبُ الِاسْتِدْرَاكَ الْآتِيَ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ اسْتِدْرَاكُ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ جَعَلَ الْمَعْدُومَ تَبَعًا إلَخْ) حَقُّ الْعِبَارَةِ: وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ الصِّحَّةُ فِيمَا لَوْ جَعَلَ الْمَعْدُومَ تَبَعًا لِحَاضِرٍ إلَخْ وَفِيهِ احْتِمَالَانِ

وَلَا يَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ صِحَّةُ الشَّهَادَةِ عَنْ الشَّهَادَةِ إذْ لَيْسَتْ بِتَوْكِيلٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ بَلْ الْحَاجَةُ جَعَلَتْ الشَّاهِدَ الْمُتَحَمِّلَ عَنْهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَاكِمِ الْمُؤَدَّى عَنْهُ عِنْدَ حَاكِمٍ آخَرَ (وَإِيلَاءٍ) لِأَنَّهُ حَلِفٌ وَهُوَ لَا يَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ (وَلِعَانٍ) إذْ هُوَ يَمِينٌ أَوْ شَهَادَةٌ، وَلَا مَدْخَلَ لِلنِّيَابَةِ فِيهِمَا كَمَا مَرَّ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ (وَسَائِرِ الْأَيْمَانِ) أَيْ بَاقِيهَا لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَا تَعْظِيمُهُ تَعَالَى فَأَشْبَهَتْ الْعِبَادَةَ، وَمِثْلُهَا النَّذْرُ وَتَعْلِيقُ نَحْوِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَهَلْ يَصِيرُ بِتَوْكِيلِهِ مُدَبَّرًا أَوْ مُعَلَّقًا وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا لَا. وَقَضِيَّةُ تَقْيِيدِهِمْ بِتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ صِحَّةُ التَّوْكِيلِ بِتَعْلِيقِ غَيْرِهِمَا كَالْوِصَايَةِ، وَالظَّاهِرُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَنَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَلَا يُعْتَبَرُ مَفْهُومُهُ، وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ عَدَمُ صِحَّةِ ذَلِكَ فِي التَّعْلِيقِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَعْلِيقٍ عَارٍ عَنْ حَثٍّ أَوْ مَنْعٍ كَهُوَ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ (وَلَا) فِي (ظِهَارٍ) كَأَنْ يَقُولَ: أَنْتِ عَلَى مُوَكِّلِي كَظَهْرِ أُمِّهِ أَوْ جَعَلْته مُظَاهِرًا مِنْك (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ مُنْكَرٌ وَمَعْصِيَةٌ، وَكَوْنُهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامٌ أُخَرُ لَا تَمْنَعُ النَّظَرَ لِكَوْنِهِ مَعْصِيَةً، وَعُلِمَ مِنْهُ عَدَمُ صِحَّةِ التَّوْكِيلِ فِي كُلِّ مَعْصِيَةٍ. نَعَمْ مَا الْإِثْمُ فِيهِ لِمَعْنًى خَارِجٍ كَالْبَيْعِ بَعْدَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ، الثَّانِي يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِيهِ وَكَذَا الطَّلَاقُ فِي الْحَيْضِ، قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَدْرِيبِهِ. فَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا كَانَ مُبَاحًا فِي الْأَصْلِ وَحَرُمَ لِعَارِضٍ صَحَّ التَّوْكِيلُ فِيهِ وَيَمْتَنِعُ فِيمَا كَانَ مُحَرَّمًا بِأَصْلِ الشَّرْعِ، وَالثَّانِي يَلْحَقُهُ بِالطَّلَاقِ (وَيَصِحُّ فِي طَرَفَيْ بَيْعٍ وَهِبَةٍ وَسَلَمٍ وَرَهْنٍ وَنِكَاحٍ) لِلنَّصِّ فِي النِّكَاحِ وَالشِّرَاءِ كَمَا مَرَّ وَقِيَاسًا عَلَيْهِمَا فِي الْبَاقِي (وَ) فِي (طَلَاقٍ) مُنَجَّزٍ لِمُعَيَّنَةٍ، فَلَوْ وَكَّلَهُ بِتَطْلِيقِ إحْدَى نِسَائِهِ لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ كَمَا فِي الْبَحْرِ (وَسَائِرِ الْعُقُودِ) كَصُلْحٍ وَإِبْرَاءٍ وَحَوَالَةٍ وَضَمَانٍ وَشَرِكَةٍ وَوَكَالَةٍ وَقِرَاضٍ وَمُسَاقَاةٍ وَإِجَارَةٍ وَأَخْذٍ بِشُفْعَةٍ وَصِيغَةُ الضَّمَانِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْحَوَالَةِ: جَعَلْت مُوَكِّلِي ضَامِنًا لَك أَوْ مُوصِيًا لَك بِكَذَا أَوْ أَحَلْتُك بِمَالِك عَلَى مُوَكِّلِي مِنْ كَذَا بِنَظِيرِهِ مِنْ مَالِهِ عَلَى فُلَانٍ، وَيُقَاسُ بِذَلِكَ غَيْرُهُ (وَالْفُسُوخِ) وَلَوْ فَوْرِيَّةً لَا يَحْصُلُ بِالتَّوْكِيلِ تَأْخِيرٌ مُضِرٌّ. أَمَّا ـــــــــــــــــــــــــــــSصِحَّةَ الِاسْتِئْجَارِ لِذَلِكَ بِأَنَّ بَذْلَ الْعِوَضِ يَقْتَضِي وُقُوعَ الْعَمَلِ لِلْمُسْتَأْجِرِ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الثَّوَابَ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَلَوْ بِلَفْظِ الْوَكَالَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُعْتَبَرُ مَفْهُومُهُ) أَيْ فَالتَّوْكِيلُ بِسَائِرِ التَّعَالِيقِ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ: الثَّانِي) أَيْ وَهُوَ الْأَذَانُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ (قَوْلُهُ: صَحَّ التَّوْكِيلُ فِيهِ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الصِّحَّةِ جَوَازُ التَّوْكِيلِ فَيَحْرُمُ التَّوْكِيلُ فِي الْبَيْعِ وَقْتَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ لِمَنْ تَلْزَمُهُ وَإِنْ صَحَّ (قَوْلُهُ: وَفِي طَلَاقٍ مُنَجَّزٍ) . [فَرْعٌ] وَكَّلَهُ فِي طَلَاقِ زَوْجَتِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا هُوَ كَانَ لِلْوَكِيلِ التَّعْلِيقُ إذَا كَانَ طَلَاقُ الْمُوَكِّلِ رَجْعِيًّا، بِخِلَافِ حُكْمِ الزَّوْجِ فِي الشِّقَاقِ إذَا سَبَقَ الزَّوْجُ إلَى الطَّلَاقِ لَيْسَ لَهُ هُوَ الطَّلَاقُ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ هُنَاكَ لِحَاجَةِ قَطْعِ الشِّقَاقِ، وَقَدْ حَصَلَ بِطَلَاقِ الزَّوْجِ بِخِلَافِهِ هُنَا م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ وَإِنْ عُلِمَ بِطَلَاقِ الزَّوْجِ أَوَّلًا، وَلَوْ قِيلَ بِالْحُرْمَةِ فِي هَذِهِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا وَلَا سِيَّمَا إذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَذًى لِلزَّوْجِ، وَقَوْلُ سم رَجْعِيًّا: أَيْ وَإِنْ بَانَتْ الْبَيْنُونَةَ الْكُبْرَى بِمَا يَحْصُلُ مِنْ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: وَسَائِرِ الْعُقُودِ) هَذَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ كَصُلْحٍ وَإِبْرَاءٍ، وَلَعَلَّهُ ذَكَرَهُ هُنَا تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: جَعَلْت مُوَكِّلِي ضَامِنًا) يَنْبَغِي أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ فَيَصِحُّ الضَّمَانُ بِقَوْلِ الْوَكِيلِ ضَمِنْت مَالَكَ عَلَى زَيْدٍ عَنْ مُوَكِّلِي، أَوْ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ عَنْهُ وَالْوَصِيَّةِ بِنَحْوِ أَوْصَيْت لَك بِكَذَا عَنْ مُوَكِّلِي، أَوْ نِيَابَةً عَنْهُ وَالْحَوَالَةِ بِنَحْوِ جَعَلْت مُوَكِّلِي مُحِيلًا لَك بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى زَيْدٍ (قَوْلُهُ: لَا يَحْصُلُ بِالتَّوْكِيلِ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلرَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: وَالتَّدْبِيرِ) مَعْطُوفٌ عَلَى النَّذْرِ وَلَيْسَ مِنْ مَدْخُولِ تَعْلِيقٍ (قَوْلُهُ: وَإِبْرَاءِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي بِمَا فِيهِ (قَوْلُهُ: جَعَلْتُ مُوَكِّلِي ضَامِنًا لَك) وَصِيغَةُ التَّوْكِيلِ فِي الضَّمَانِ كَمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْعِجْلِيّ أَنْ يَقُولَ الْمُوَكِّلُ اجْعَلْنِي ضَامِنًا لِدَيْنِهِ أَوْ اجْعَلْنِي كَفِيلًا بِبَدَنِ فُلَانٍ اهـ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّصْوِيرِ: أَيْ تَبَعًا

الَّتِي بِخِلَافِ ذَلِكَ فَلَا لِلتَّقْصِيرِ وَمَرَّ، وَيَأْتِي امْتِنَاعُهُ فِي فَسْخِ نِكَاحِ الزَّائِدَاتِ عَلَى أَرْبَعٍ (وَ) فِي (قَبْضِ الدُّيُونِ) وَلَوْ مُؤَجَّلَةً كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُمْ لِإِمْكَانِ قَبْضِهِ عَقِبَ الْوَكَالَةِ بِتَعْجِيلِ الْمَدِينِ، فَإِنْ جَعَلَهَا تَابِعَةً لِحَالٍ لَمْ يَحْتَمِلْ سِوَى الصِّحَّةِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ قَبْضَ الرِّبَوِيِّ وَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ إذَا قَبَضَهُ الْوَكِيلُ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْمُوَكِّلِ الْمَجْلِسَ وَلَا يَرِدُ مَنْعُ ذَلِكَ فِي غَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ لِأَنَّهُ بِغَيْبَتِهِ بَطَلَ الْعَقْدُ فَلَا دَيْنَ (وَإِقْبَاضِهَا) لِعُمُومِ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ وَيَصِحُّ فِي الْإِبْرَاءِ مِنْهُ، نَعَمْ لَوْ قَالَ: وَكَّلْتُك فِي إبْرَاءِ نَفْسِك لَا بُدَّ مِنْ الْفَوْرِ تَغْلِيبًا لِلتَّمْلِيكِ، لَكِنْ ذَكَرَ السُّبْكِيُّ أَنَّ قِيَاسَ الطَّلَاقِ جَوَازُ التَّرَاخِي، وَخَرَجَ بِالدُّيُونِ الْأَعْيَانُ فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ فِيمَا قَدَرَ عَلَى رَدِّهِ مِنْهَا بِنَفْسِهِ مَضْمُونَةً كَانَتْ أَوْ لَا لِانْتِفَاءِ إذْنِ مَالِكِهَا فِيهِ، وَمِنْ ثَمَّ ضَمِنَ بِهِ مَا لَمْ تَصِلْ بِحَالِهَا لِمَالِكِهَا، وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ الْوَكِيلُ مِنْ عِيَالِ الْمَالِكِ وَهُوَ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ خِلَافًا لِلْجُورِيِّ، نَعَمْ لَهُ الِاسْتِعَانَةُ بِمَنْ يَحْمِلُهَا مَعَهُ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا يَأْتِي فِي الْوَدِيعَةِ (وَ) فِي (الدَّعْوَى) بِنَحْوِ مَالٍ أَوْ عُقُوبَةٍ لِغَيْرِ اللَّهِ (وَالْجَوَابِ) وَإِنْ كَرِهَ الْخَصْمُ وَيَنْعَزِلُ وَكِيلُ الْمُدَّعِي بِإِقْرَارِهِ بِقَبْضِ مُوَكِّلِهِ أَوْ إبْرَائِهِ، وَلَوْ قَالَ وَكِيلُ الْخَصْمِ: إنَّ مُوَكِّلَهُ أَقَرَّ بِالْمُدَّعَى بِهِ انْعَزَلَ، وَتَعْدِيلُهُ لِبَيِّنَةِ الْمُدَّعِي غَيْرُ مَقْبُولٍ، وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى مُوَكِّلِهِ مُطْلَقًا، ـــــــــــــــــــــــــــــSلَمْ يَحْصُلْ، وَعِبَارَةُ حَجّ: إذَا لَمْ يَحْصُلْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي امْتِنَاعُهُ) أَيْ التَّوْكِيلِ (قَوْلُهُ: فِي فَسْخِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُعَيِّنَ لَهُ الْمُخْتَارَةَ لِلْفِرَاقِ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ وَلَا فِي الِاخْتِيَارِ لِلْفِرَاقِ إذَا عَيَّنَ لِلْمَرْأَةِ مَنْ يَخْتَارُهَا أَوْ يُفَارِقُهَا، فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ لَمْ يَصِحَّ مِنْ الرَّجُلِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ فِي الْإِبْرَاءِ) هَذَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ كَصُلْحٍ وَإِبْرَاءٍ، وَلَعَلَّهُ ذَكَرَهُ هُنَا تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: لَا بُدَّ مِنْ الْفَوْرِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَنَّ قِيَاسَ الطَّلَاقِ) أَيْ فِيمَا لَوْ قَالَ: وَكَّلْتُك فِي أَنْ تُطَلِّقِي نَفْسَك فَلَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ ضَمِنَ) أَيْ الْمُوَكِّلُ وَكَذَا الْوَكِيلُ فِي الْمَضْمُونِ لَهُ مُطْلَقًا وَفِي الْأَمَانَةِ إنْ عَلِمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِلْكَ الدَّافِعِ (قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ بِسَبَبِ التَّوْكِيلِ وَذَلِكَ إذَا سَلَّمَ الْعَيْنَ لِلْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْجُورِيِّ) قَالَ فِي اللُّبِّ: الْجُورِيُّ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَالرَّاءُ نِسْبَةٌ إلَى جُورٍ بَلَدِ الْوَرْدِ بِفَارِسٍ وَمَحَلَّةٍ بِنَيْسَابُورَ، وَبِالزَّايِ إلَى جُوزَةٍ قَرْيَةٍ بِالْمَوْصِلِ، ثُمَّ قَالَ: وَبِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ وَالرَّاءِ إلَى جُورٍ قَرْيَةٍ بِأَصْبَهَانَ (قَوْلُهُ: بِمَنْ يَحْمِلُهَا) أَيْ إذَا كَانَ مُلَاحِظًا لَهُ لِأَنَّ يَدَهُ لَمْ تَزَلْ عَنْهَا (قَوْلُهُ: وَفِي الدَّعْوَى) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَشَرْحُهُ: وَخُصُومَةٍ مِنْ دَعْوَى وَجَوَابٍ رَضِيَ الْخَصْمُ أَمْ لَا اهـ. وَفِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ لِوَالِدِ الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ: قَالَ الْقَاضِي: وَلَوْ قَالَ: وَكَّلْتُك لِتَكُونَ مُخَاصِمًا عَنِّي لَا يَكُونُ وَكِيلًا فِي سَمَاعِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ إلَّا أَنْ يَقُولَ: جَعَلْتُك مُخَاصِمًا وَمُحَاكِمًا اهـ (قَوْلُهُ: بِإِقْرَارِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: أَوْ إبْرَائِهِ) وَمَعَ ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ عَلَى مُوَكِّلِهِ (قَوْلُهُ: أَقَرَّ بِالْمُدَّعَى بِهِ) أَيْ أَنَّهُ مِلْكٌ لِمَنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ (قَوْلُهُ: انْعَزَلَ) أَيْ وَكِيلُ الْخَصْمِ (قَوْلُهُ: وَتَعْدِيلُهُ) أَيْ تَعْدِيلُ وَكِيلِ الْخَصْمِ الَّذِي هُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، لَكِنْ يُتَأَمَّلُ وَجْهُ عَدَمِ قَبُولِهِ لِأَنَّ شَهَادَتَهُ لَا تَجُرُّ لِنَفْسِهِ نَفْعًا وَلَا تَدْفَعُ ضَرَرًا. نَعَمْ هَذَا وَاضِحٌ فِيمَا لَوْ عَدَّلَ وَكِيلُ الْمُدَّعِي فِي الْخُصُومَةِ بَيِّنَتَهُ فَلَا يُقْبَلُ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ بِإِثْبَاتِ مَا وُكِّلَ فِيهِ: ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ وَلَا يُقْبَلُ تَعْدِيلُهُ إلَخْ لِأَنَّهُ كَالْإِقْرَارِ فِي كَوْنِهِ قَاطِعًا لِلْخُصُومَةِ وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ قَطْعُ الْخُصُومَةِ بِالِاخْتِيَارِ، فَلَوْ عَدَّلَ انْعَزَلَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ. قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَيُفْهَمُ مِنْ عَدَمِ قَبُولِ التَّعْدِيلِ عَدَمُ الصِّحَّةِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ) أَيْ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) ـــــــــــــــــــــــــــــQلِابْنِ الرِّفْعَةِ مُتَعَيَّنٌ، وَمَا صَوَّرَ بِهِ الشَّيْخُ فِي حَاشِيَتِهِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ انْتِفَاءُ حَقِيقَةِ الْوَكَالَةِ كَمَا يُعْلَمُ بِتَأَمُّلِهِ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ فِي الْإِبْرَاءِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَيَصِحُّ فِي الْإِبْرَاءِ مِنْهُ لَكِنْ فِي أَبْرِئِي نَفْسَك لَا بُدَّ مِنْ الْفَوْرِ تَغْلِيبًا لِلتَّمْلِيكِ. قِيلَ وَكَذَا فِي وَكَّلْتُك لِتُبْرِئِي نَفْسَك عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، لَكِنْ قِيَاسُ الطَّلَاقِ جَوَازُ التَّرَاخِي، ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ ضَمِنَ بِهِ) أَيْ فِي صُورَةِ الْأَمَانَةِ

وَلَهُ فِيمَا لَمْ يُوَكِّلْ فِيهِ وَفِيمَا وَكَّلَ فِيهِ إنْ انْعَزَلَ قَبْلَ خَوْضِهِ فِي الْخُصُومَةِ، وَيَلْزَمُهُ إقَامَةُ بَيِّنَةٍ بِوَكَالَتِهِ عِنْدَ عَدَمِ تَصْدِيقِ الْخَصْمِ لَهُ وَتُسْمَعُ وَإِنْ لَمْ تَتَقَدَّمْ دَعْوَى حَضَرَ الْخَصْمُ أَوْ غَابَ فَإِنْ صَدَّقَ الْخَصْمُ عَلَيْهَا جَازَ لَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ التَّسْلِيمِ حَتَّى يُثْبِتَهَا (وَكَذَا فِي تَمَلُّكِ الْمُبَاحَاتِ كَالْإِحْيَاءِ وَالِاصْطِيَادِ وَالِاحْتِطَابِ فِي الْأَظْهَرِ) كَالشِّرَاءِ لِأَنَّ كُلًّا سَبَبٌ لِلْمِلْكِ فَيَمْلِكُهَا الْمُوَكِّلُ إذَا قَصَدَهُ الْوَكِيلُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَقْصِدْهُ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ قِيَاسًا عَلَى الِاغْتِنَامِ وَلِأَنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ وَهُوَ وَضْعُ الْيَدِ قَدْ وُجِدَ مِنْهُ فَلَا يَنْصَرِفُ عَنْهُ بِالنِّيَّةِ أَمَّا التَّوْكِيلُ فِي الِالْتِقَاطِ فَلَا كَمَا قَالَاهُ هُنَا، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّوْكِيلِ عَلَى الْعُمُومِ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي فِي اللُّقَطَةِ إذْ هُوَ مَفْرُوضٌ فِي مَخْصُوصٍ بَعْدَ وُجُودِهَا فَافْتَرَقَتْ أَحْكَامُ اللُّقَطَةِ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ (لَا فِي إقْرَارٍ) كَوَكَّلْتُك لِتُقِرَّ عَنِّي لِفُلَانٍ بِكَذَا (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ فَلَمْ يُقْبَلْ التَّوْكِيلُ كَالشَّهَادَةِ نَعَمْ يَكُونُ بِهِ مُقِرًّا لِإِشْعَارِهِ بِثُبُوتِ الْحَقِّ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَأْمُرُ غَيْرَهُ بِأَنْ يُخْبِرَ عَنْهُ بِشَيْءٍ إلَّا وَهُوَ ثَابِتٌ. وَالثَّانِي يَصِحُّ لِأَنَّهُ قَوْلٌ يَلْزَمُ بِهِ الْحَقُّ فَأَشْبَهَ الشِّرَاءَ. نَعَمْ إنْ قَالَ: أُقِرُّ لَهُ عَنِّي بِأَلْفٍ لَهُ عَلَيَّ كَانَ إقْرَارًا جَزْمًا، وَلَوْ قَالَ: أُقِرُّ لَهُ بِأَلْفٍ لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا قَطْعًا (وَيَصِحُّ) التَّوْكِيلُ (فِي اسْتِيفَاءِ عُقُوبَةِ آدَمِيٍّ) وَلَوْ قَبْلَ ثُبُوتِهَا فِيمَا يَظْهَرُ (كَقِصَاصٍ وَحْدِ قَذْفٍ) بَلْ يَتَعَيَّنُ فِي قَطْعِ طَرَفٍ وَحْدِ قَذْفٍ كَمَا يَأْتِي، وَيَصِحُّ فِي اسْتِيفَاءِ عُقُوبَةٍ لَهُ تَعَالَى مِنْ الْإِمَامِ أَوْ السَّيِّدِ لَا فِي إثْبَاتِهَا مُطْلَقًا. نَعَمْ لِلْقَاذِفِ أَنْ يُوَكِّلَ فِي ثُبُوتِ زِنَا الْمَقْذُوفِ لِيَسْقُطَ الْحَدُّ عَنْهُ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ عَلَيْهِ أَنَّهُ زَنَى (وَقِيلَ لَا يَجُوزُ) التَّوْكِيلُ فِي اسْتِيفَائِهَا (إلَّا بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ) لِاحْتِمَالِ عَفْوِهِ، وَرُدَّ بِأَنَّ احْتِمَالَهُ كَاحْتِمَالِ رُجُوعِ الشُّهُودِ إذَا ثَبَتَتْ بِبَيِّنَةٍ فَلَا يَمْتَنِعُ الِاسْتِيفَاءُ فِي غَيْبَتِهِمْ اتِّفَاقًا (وَلْيَكُنْ الْمُؤَكَّلُ فِيهِ مَعْلُومًا مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ) لِئَلَّا يَعْظُمَ الْغَرَرُ (وَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ وَكَّلَ فِيهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ وَتُقْبَلُ لَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: إذَا قَصَدَهُ) أَيْ الْمُوَكِّلُ وَاسْتَمَرَّ قَصْدُهُ، فَلَوْ عَنَّ لَهُ قَصْدُ نَفْسِهِ بَعْدَ قَصْدِ مُوَكِّلِهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَيَمْلِكُ مَا أَحْيَاهُ إلَخْ مِنْ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَقْصِدْهُ) بِأَنْ قَصَدَ نَفْسَهُ أَوْ أَطْلَقَ أَوْ قَصَدَ وَاحِدًا لَا بِعَيْنِهِ لِأَنَّ قَصْدَ وَاحِدٍ لَا بِعَيْنِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فَيُحْمَلُ عَلَى حَالَةِ الْإِطْلَاقِ، فَإِنْ قَصَدَ نَفْسَهُ وَمُوَكِّلَهُ كَانَ مُشْتَرِكًا فِيمَا يَظْهَرُ، وَقَدْ يُشْكِلُ هَذَا عَلَى مَا مَرَّ لِلشَّارِحِ فِيمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ الْجَمَلَ مِنْ وَاحِدٍ وَالرَّاوِيَةَ مِنْ آخَرَ إلَخْ، وَقَدْ قَدَّمْنَا الْجَوَابَ عَنْهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقِيلَ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ كَمَا أَنَّ التَّوْكِيلَ بِالْإِبْرَاءِ لَيْسَ إبْرَاءً، وَبِهِ يَتَّضِحُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي كَانَ إقْرَارًا جَزْمًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ أُقِرُّ لَهُ بِأَلْفٍ) وَكَذَا لَوْ قَالَ: أُقِرُّ لَهُ عَلَيَّ بِأَلْفٍ فَإِنَّهُ لَغْوٌ اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ وحج (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ فِي اسْتِيفَاءِ عُقُوبَةٍ لَهُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَبْلَ ثُبُوتِهَا وَهُوَ مُتَّجَهٌ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لَا فِي إثْبَاتِهَا مُطْلَقًا) قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا فِي خَبَرِ «اُغْدُ يَا أُنَيْسُ إلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» فَإِنَّ قَوْلَهُ فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا تَوْكِيلٌ مِنْ الْإِمَامِ فِي إثْبَاتِ الرَّجْمِ وَفِي اسْتِيفَائِهِ، إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ فَإِنْ دَامَتْ عَلَى الِاعْتِرَافِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ اعْتَرَفَتْ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ بَلَغَهُ اعْتِرَافُهَا بِطَرِيقٍ مُعْتَبَرٍ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لِيَسْقُطَ الْحَدُّ عَنْهُ) أَيْ الْقَاذِفِ (قَوْلُهُ: فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ) أَيْ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ الْمَقْذُوفِ (قَوْلُهُ: فِي اسْتِيفَائِهَا) أَيْ الْعُقُوبَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الشَّارِحِ اسْتِيفَائِهَا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: إذَا ثَبَتَتْ) أَيْ الْعُقُوبَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَانَ إقْرَارًا جَزْمًا) أَشْعَرَ بِأَنَّ مَا صَوَّرَ بِهِ الْمَتْنُ فِيهِ خِلَافٌ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: مِنْ الْإِمَامِ أَوْ السَّيِّدِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: لَكِنْ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ السَّيِّدِ وَهِيَ الَّتِي يَتَّضِحُ عَلَيْهَا مَعْنَى قَوْلِهِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: فَلَا يَمْتَنِعُ الِاسْتِيفَاءُ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ مَعَ الِاسْتِيفَاءِ فِي غَيْبَتِهِمْ إلَخْ

يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ) وَلَا ذِكْرُ أَوْصَافِ الْمُسَلَّمِ فِيهَا لِأَنَّهَا جُوِّزَتْ لِلْحَاجَةِ فَسُومِحَ فِيهَا (فَلَوْ قَالَ: وَكَّلْتُك فِي كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ) لِي (أَوْ فِي كُلِّ أُمُورِي) أَوْ حُقُوقِي (أَوْ فَوَّضْت إلَيْك كُلَّ شَيْءٍ) لِي أَوْ كُلَّ مَا شِئْت مِنْ مَالِي (لَمْ يَصِحَّ) لِمَا فِيهِ مِنْ عَظِيمِ الْغَرَرِ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ مَا لَا يَسْمَحُ الْمُوَكِّلُ بِبَعْضِهِ كَعِتْقِ أَرِقَّائِهِ وَطَلَاقِ زَوْجَاتِهِ وَالتَّصَدُّقِ بِأَمْوَالِهِ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ بُطْلَانُ هَذَا وَإِنْ كَانَ تَابِعًا لِمُعَيَّنٍ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْوَكِيلِ فِي شَيْءٍ مِنْ التَّابِعِ لِأَنَّ عِظَمَ الْغَرَرِ فِيهِ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ فِي الْبُطْلَانِ لَا يَنْدَفِعُ بِذَلِكَ، وَفَارَقَ مَا مَرَّ عَنْ أَبِي حَامِدٍ بِأَنَّ ذَاكَ فِي جُزْئِيٍّ خَاصٍّ مُعَيَّنٍ فَسَاغَ كَوْنُهُ تَابِعًا لِقِلَّةِ الْغَرَرِ فِيهِ بِخِلَافِ هَذَا وَبِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي وَكَّلْتُك فِي كَذَا وَكُلِّ مُسْلِمٍ، إذْ الْوَكِيلُ الْمَتْبُوعُ مُعَيَّنٌ وَالتَّابِعُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ، وَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ مُعَيَّنًا وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِثْلَ ذَلِكَ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ كَثْرَةِ الْغَرَرِ فِي التَّابِعِ فِيهَا (وَإِنْ) (قَالَ) : وَكَّلْتُك (فِي بَيْعِ أَمْوَالِي وَعِتْقِ أَرِقَّائِي) وَوَفَاءِ دُيُونِي وَاسْتِيفَائِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ (صَحَّ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَا ذَكَرَ مَعْلُومًا عِنْدَهُمَا لِقِلَّةِ الْغَرَرِ فِيهِ وَلَوْ قَالَ فِي بَعْضِ أَمْوَالِي أَوْ شَيْءٍ مِنْهَا لَمْ يَصِحَّ كَبِعْ هَذَا أَوْ هَذَا بِخِلَافِ أَحَدِ عَبِيدِي لِتَنَاوُلِهِ كُلًّا مِنْهُمْ بِطَرِيقِ الْعُمُومِ الْبَدَلِيِّ فَلَا إبْهَامَ فِيهِ، بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ، أَوْ أَبْرِئْ فُلَانًا عَنْ شَيْءٍ مِنْ دَيْنِي وَصَحَّ وَحُمِلَ عَلَى أَدْنَى شَيْءٍ إذْ الْإِبْرَاءُ عَقْدُ غَبْنٍ فَتُوُسِّعَ فِيهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ، أَوْ عَمَّا شِئْت مِنْ دَيْنِي فَلْيُبْقِ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْهُ أَوْ عَنْ جَمِيعِهِ صَحَّ إبْرَاؤُهُ عَنْ بَعْضِهِ، بِخِلَافِ بَيْعِهِ لِبَعْضِ مَا وَكَّلَهُ بِبَيْعِهِ بِأَنْقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْجَمِيعِ لِتَضَمُّنِ التَّشْقِيصِ فِيهِ الْغَرَرَ إذْ لَا يُرْغَبُ عَادَةً فِي شِرَاءِ الْبَعْضِ، وَلَوْ بَاعَهُ بِأَنْقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْجَمِيعِ بِقَدْرٍ يَقْطَعُ عَادَةً بِأَنَّهُ يَرْغَبُ فِي الْبَاقِي بِهِ لَمْ يَبْعُدْ صِحَّتُهُ (وَإِنْ) (وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ عَبْدٍ) مَثَلًا لِلْقِنْيَةِ (وَجَبَ بَيَانُ نَوْعِهِ) كَتُرْكِيٍّ وَهِنْدِيٍّ أَوْ نَحْوِهِمَا، وَلَا يُغْنِي ذِكْرُ الْجِنْسِ كَعَبْدٍ وَلَا الْوَصْفِ كَأَبْيَضَ. وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا بَيَانُ صِنْفِهِ إنْ اخْتَلَفَ النَّوْعُ اخْتِلَافًا ظَاهِرًا وَصِفَةٍ اخْتَلَفَ بِهَا الْغَرَضُ. نَعَمْ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ أَوْصَافِ السَّلَمِ وَلَا مَا يَقْرَبُ مِنْهَا، أَمَّا إذَا كَانَ لِلتِّجَارَةِ فَلَا يَجِبُ فِيهِ ذِكْرُ نَوْعٍ وَلَا غَيْرِهِ، بَلْ يَكْفِي اشْتَرِ مَا شِئْت مِنْ الْعُرُوضِ أَوْ مَا فِيهِ حَظٌّ كَالْقِرَاضِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ وَأَقَرَّهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَوْ اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَى الْمُوَكِّلِ صَحَّ وَعَتَقَ عَلَيْهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَوْ حُقُوقِي) لَا يُخَالِفُ هَذَا مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ فِي الْمُطَالَبَةِ بِحُقُوقِهِ دَخَلَ مَا يَتَجَدَّدُ إلَخْ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ الْوَكَالَةِ فِي ذَلِكَ لِمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ عَظِيمِ الْغَرَرِ. وَأَمَّا مَا مَرَّ فَلِتَعَلُّقِهِ بِخُصُوصِ الْمُطَالَبَةِ يَقِلُّ الْغَرَرُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ مَا مَرَّ عَنْ أَبِي حَامِدٍ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ جَعَلَ الْمَعْدُومَ تَبَعًا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِ مَا مَرَّ) أَيْ فَإِنَّهُ يَصِحُّ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِ ذَلِكَ) مِنْ النَّحْوِ اقْتِرَاضٌ أَوْ شِرَاءٌ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْوَكِيلُ فِي مَالِهِ تَعَلَّقَ بِمَا وُكِّلَ فِيهِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ شَخْصًا يُوَكِّلُ آخَرَ فِي التَّصَرُّفِ فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الرِّيفِ بِالزَّرْعِ وَالزِّرَاعَةِ وَنَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ أَحَدِ عَبِيدِي) قَدْ يُشْكِلُ هَذَا بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ قَالَ: وَكَّلْت أَحَدَكُمَا أَوْ وَكَّلْتُك فِي تَطْلِيقِ إحْدَى نِسَائِي كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ) أَيْ أَوْ قَالَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَحُمِلَ عَلَى أَدْنَى شَيْءٍ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُتَمَوَّلًا أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ، إذْ الْعُقُودُ لَا تُرَدُّ عَلَى غَيْرِ مُتَمَوَّلٍ (قَوْلُهُ: عَمَّا شِئْت مِنْ دَيْنِي) بَقِيَ مَا لَوْ حَذَفَ مِنْ دَيْنِي. وَفِي حَوَاشِي الرَّوْضِ: وَلَوْ حَذَفَ مِنْهُ، وَقَالَ أَبْرِئْهُ عَمَّا شِئْت أَبْقَى شَيْئًا احْتِيَاطًا لِلْمُوَكِّلِ إذْ الْمَعْنَى عَلَى أَنَّهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: صَحَّ إبْرَاؤُهُ) أَيْ كَمَا يَصِحُّ عَنْ مُوَكِّلِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ بَيْعِهِ لِبَعْضِ) أَيْ فَإِنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ: صَحَّ وَعَتَقَ) أَيْ مَا لَمْ يَبِنْ مَعِيبًا كَمَا يَأْتِي لَهُ فِي الْفَصْلِ الْآتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَلِكُلٍّ مِنْ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ الرَّدُّ، وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى لَهُ زَوْجَتَهُ أَوْ لَهَا زَوْجَهَا صَحَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بِخِلَافِ الْقِرَاضِ لِمُنَافَاتِهِ مَوْضُوعَهُ مِنْ طَلَبِ الرِّبْحِ، وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي تَزْوِيجِ امْرَأَةٍ اشْتَرَطَ تَعْيِينَهَا وَلَا يُكْتَفَى بِكَوْنِهَا مُكَافِئَةً لَهُ لِأَنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلِفُ مَعَ وُجُودِ وَصْفِ الْمُكَافَأَةِ كَثِيرًا فَانْدَفَعَ مَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ هُنَا نَعَمْ إنْ أَتَى لَهُ بِلَفْظٍ عَامٍّ كَزَوِّجْنِي مَنْ شِئْت صَحَّ لِلْعُمُومِ وَجَعْلِ الْأَمْرِ رَاجِعًا إلَى رَأْيِ الْوَكِيلِ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ مُطْلَقٌ، وَدَلَالَةُ الْعَامِّ عَلَى أَفْرَادِهِ ظَاهِرَةٌ، وَأَمَّا الْمُطْلَقُ فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى فَرْدٍ فَلَا تَنَاقُضَ (أَوْ) فِي شِرَاءِ (دَارٍ) لِلْقِنْيَةِ أَيْضًا (وَجَبَ بَيَانُ الْمَحِلِّ) أَيْ الْحَارَّةِ، وَمِنْ لَازِمِهَا بَيَانُ الْبَلَدِ فَلِذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ (وَالسِّكَّةِ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَهِيَ الزُّقَاقُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَيْهِ وَعَلَى مِثْلِهِ الْحَارَّةُ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ، وَقَدْ يُغْنِي تَعْيِينُ السِّكَّةِ عَنْ الْحَارَّةِ (لَا قَدْرِ الثَّمَنِ) فِي الْعَبْدِ وَالدَّارِ مَثَلًا (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ غَرَضَهُ قَدْ يَتَعَلَّقُ بِوَاحِدٍ مِنْ النَّوْعِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِخَسَّةٍ وَنَفَاسَةٍ. نَعَمْ يُرَاعَى حَالُ الْمُوَكِّلِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ. وَالثَّانِي لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِهِ كَمِائَةٍ أَوْ بَيَانِ غَايَةٍ كَمِائَةٍ إلَى أَلْفٍ لِتَفَاوُتِ أَثْمَانِ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ إذْ الْمَحَلَّةُ تَجْمَعُ دَارَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ الرُّكْنِ الرَّابِعِ وَهُوَ الصِّيغَةُ فَقَالَ: (وَيُشْتَرَطُ مِنْ الْمُوَكِّلِ) أَوْ نَائِبِهِ (لَفْظٌ) صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ كَكِتَابَةِ أَوْ إشَارَةِ أَخْرَسَ مُفْهِمَةٍ لَا لِكُلِّ أَحَدٍ (يَقْتَضِي رِضَاهُ كَوَكَّلْتُك فِي كَذَا أَوْ فَوَّضْته إلَيْك) أَوْ أَنَبْتُك فِيهِ أَوْ أَقَمْتُك مَقَامِي فِيهِ (أَوْ أَنْتَ وَكِيلِي فِيهِ) كَبَقِيَّةِ الْعُقُودِ، إذْ الشَّخْصُ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ غَيْرِهِ إلَّا بِرِضَاهُ، وَخَرَجَ بِكَافِ الْخِطَابِ وَمِثْلِهَا وَكَّلْت فُلَانًا مَا لَوْ قَالَ: وَكَّلْت مَنْ أَرَادَ بَيْعَ دَارِي مَثَلًا فَلَا يَصِحُّ، وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ أَحَدٍ بِهَذَا الْإِذْنِ لِفَسَادِهِ. نَعَمْ لَوْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِعَيْنِ الْوَكِيلِ فِيهِ غَرَضٌ كَوَكَّلْت مَنْ أَرَادَ فِي إعْتَاقِ عَبْدِي هَذَا أَوْ تَزْوِيجِ أَمَتِي هَذِهِ صَحَّ عَلَى مَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ وَأَخَذَ مِنْهُ صِحَّةَ قَوْلِ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا: أَذِنْتُ لِكُلِّ عَاقِدٍ فِي الْبَلَدِ أَنْ يُزَوِّجَنِي. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا إنْ صَحَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَانْفَسَخَ النِّكَاحُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْقِرَاضِ) فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ لِأَنَّ صِحَّتَهُ تَسْتَدْعِي دُخُولَهُ فِي مِلْكِهِ وَهُوَ مُقْتَضٍ لِلْعِتْقِ كَمَا يَأْتِي فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ فِي الْقِرَاضِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي تَزْوِيجِ امْرَأَةٍ إلَخْ) وَلَوْ قَالَتْ لِوَلِيِّهَا: زَوِّجْنِي مِنْ رَجُلٍ فَقِيَاسُ ذَلِكَ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا وَلَا يُزَوِّجُهَا إلَّا مِنْ كُفْءٍ وَإِنْ قَالَتْ لَهُ: زَوِّجْنِي مِمَّنْ شِئْت زَوَّجَهَا وَلَوْ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ (قَوْلُهُ: فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى فَرْدٍ) أَيْ بِعَيْنِهِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ بَيَانُ الْمَحَلَّةِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ لَازِمِهَا بَيَانُ الْبَلَدِ) أَيْ غَالِبًا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ مِنْ الْمُوَكِّلِ لَفْظٌ) . [فَرْعٌ] لَوْ قَالَ وَكَّلْتُك فِي أُمُورِ زَوْجَتِي هَلْ يَسْتَفِيدُ طَلَاقَهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيُتَّجَهُ لَا حَيْثُ لَا قَرِينَةَ احْتِيَاطًا م ر اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لَا لِكُلِّ أَحَدٍ) أَيْ فَإِنْ فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ كَانَتْ صَرِيحَةً (قَوْلُهُ: فِي إعْتَاقِ عَبْدِي) قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ: وَكَّلْت مَنْ أَرَادَ فِي وَقْفِ دَارِي هَذِهِ مَثَلًا اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ عُيِّنَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ، وَشُرُوطُ الْوَقْفِ الَّتِي أَرَادَهَا كَمَا لَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ وَكَّلْت كُلَّ عَاقِدٍ فِي تَزْوِيجِي حَيْثُ اُشْتُرِطَ لِصِحَّتِهِ تَعْيِينُ الزَّوْجِ وَيَحْتَمِلُ الْأَخْذُ بِظَاهِرِهِ فَيَصِحُّ مُطْلَقًا، وَيُعْتَبَرُ تَعْيِينُ مَا يُصَحِّحُ الْوَقْفَ مِنْ الْوَكِيلِ وَكَأَنَّ الْمُوَكِّلَ أَرَادَ تَحْصِيلَ وَقْفٍ صَحِيحٍ عَلَى أَيِّ حَالَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ تَزْوِيجِ أَمَتَى هَذِهِ صَحَّ) عَدَمُ تَعَلُّقِ الْغَرَضِ فِي هَذِهِ ظَاهِرٌ إنْ عَيَّنَ لَهُ الزَّوْجُ كَمَا يَأْتِي عَنْ الْأَذْرَعِيِّ فِي الْحُرَّةِ (قَوْلُهُ: وَأُخِذَ مِنْهُ صِحَّةُ إلَخْ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَاعْتُمِدَ عَدَمُ الصِّحَّةِ إلَّا تَبَعًا لِغَيْرِهِ، فَلَا يَصِحُّ إذْنُ الْمَرْأَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ اهـ (قَوْلُهُ: لِكُلِّ عَاقِدٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مُفْهِمَةٍ لَا لِكُلِّ أَحَدٍ) أَيْ حَتَّى يَكُونَ كِنَايَةً وَكَانَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَنْ يَذْكُرَ الْمُفْهِمَةَ لِكُلِّ أَحَدٍ فِي الصَّرِيحِ، وَالشِّهَابُ حَجّ لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ لِكُلِّ أَحَدٍ لِأَنَّ الْكَافَ فِي قَوْلِهِ كَكِتَابَةٍ لِلتَّنْظِيرِ؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَ مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ أَنَّ هُنَاكَ لَفْظًا فَكَأَنَّهُ قَالَ وَمَسْأَلَةُ الْكِتَابَةِ وَالْإِشَارَةِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَعْلُومِ فِيهَا. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِكَافِ الْخِطَابِ) لَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ كَافٍ لِيَشْمَلَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَمْثِلَةِ لَكَانَ وَاضِحًا (قَوْلُهُ: وَهَذَا إنْ صَحَّ) يَعْنِي مَا ذُكِرَ مِنْ تَزْوِيجِ الْأَمَةِ، وَعِبَارَتُهُ فِي قُوَّتِهِ نَصُّهَا: وَمَا ذَكَرَهُ يَعْنِي السُّبْكِيَّ فِي تَزْوِيجِ الْأَمَةِ إنْ صَحَّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِيمَا إذَا عَيَّنَ الزَّوْجُ وَلَمْ يُفَوِّضْ إلَّا

فَمَحِلُّهُ عِنْدَ تَعْيِينِهَا الزَّوْجَ وَلَمْ تُفَوِّضْ سِوَى صِيغَةِ الْعَقْدِ خَاصَّةً وَبِذَلِكَ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ، وَيَجْرِي ذَلِكَ التَّعْمِيمُ فِي التَّوْكِيلِ إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ الْوَكِيلِ غَرَضٌ وَعَلَيْهِ عَمَلُ الْقُضَاةِ. نَعَمْ كِتَابَةُ الشُّهُودِ وَوَكَّلَا فِي ثُبُوتِ ذَلِكَ وَطَلَبِ الْحُكْمِ بِهِ لَاغِيَةٌ إذْ ذَلِكَ لَيْسَ تَوْكِيلًا لِمُعَيَّنٍ وَلَا مُبْهَمٍ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكْتُبُوا وَكَّلَا فِي ثُبُوتِهِ وُكَلَاءَ الْقَاضِي أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَلَوْ قَالُوا فُلَانًا وَكُلَّ مُسْلِمٍ جَازَ كَمَا مَرَّ (وَلَوْ قَالَ: بِعْ أَوْ أَعْتِقْ حَصَلَ الْإِذْنُ) فَهُوَ قَائِمٌ مَقَامَ الْإِيجَابِ وَأَبْلَغُ مِنْهُ (وَلَا يُشْتَرَطُ) فِي وَكَالَةٍ بِغَيْرِ جَعْلِ (الْقَبُولُ لَفْظًا) بَلْ الشَّرْطُ أَنْ لَا يَرُدَّ وَإِنْ أَكْرَهَهُ الْمُوَكِّلُ، وَلَا يُشْتَرَطُ هُنَا فَوْرٌ وَلَا مَجْلِسٌ إذْ التَّوْكِيلُ رَفْعُ حَجْرٍ كَإِبَاحَةِ الطَّعَامِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ تَصَرَّفَ غَيْرُ عَالِمٍ بِالْوَكَالَةِ صَحَّ كَمَا لَوْ بَاعَ مَالَ مُوَرِّثِهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا، وَسَيَأْتِي فِي الْوَدِيعَةِ الِاكْتِفَاءُ بِلَفْظٍ مِنْ أَحَدِهِمَا وَقَبُولٍ مِنْ الْآخَرِ، وَقِيَاسُهُ جَرَيَانُ ذَلِكَ هُنَا لِأَنَّهَا تَوْكِيلٌ وَتَوَكُّلٌ، وَقَدْ يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ هُنَا لَفْظًا كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ عَيْنٌ مُؤَجَّرَةٌ أَوْ مُعَارَةٌ أَوْ مَغْصُوبَةٌ فَوَهَبَهَا لِآخَرَ وَأَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِهَا فَوَكَّلَ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ فِي قَبْضِهَا لَهُ لَا بُدَّ مِنْ قَبُولٍ لَفْظًا لِتَزُولَ يَدُهُ عَنْهَا بِهِ. أَمَّا لَوْ كَانَتْ بِجَعْلٍ فَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِهِ لَفْظًا كَمَا فِي الْمَطْلَبِ، وَيَنْبَغِي تَصْوِيرُهُ بِمَا إذَا كَانَ الْعَمَلُ الْمُوَكَّلُ فِيهِ مَضْبُوطًا لِتَكُونَ الْوَكَالَةُ حِينَئِذٍ إجَارَةً (وَقِيلَ يُشْتَرَطُ) مُطْلَقًا لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ لِلتَّصَرُّفِ (وَقِيلَ يُشْتَرَطُ فِي صِيَغِ الْعُقُودِ كَوَكَّلْتُك) قِيَاسًا عَلَيْهَا (دُونَ صِيَغِ الْأَمْرِ كَبِعْ أَوْ أَعْتِقْ) لِأَنَّهُ إبَاحَةٌ (وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِشَرْطٍ) مِنْ صِفَةٍ أَوْ وَقْتٍ (فِي الْأَصَحِّ) كَسَائِرِ الْعُقُودِ سِوَى الْوَصِيَّةِ لِقَبُولِهَا الْجَهَالَةَ وَالْأَمَارَةَ لِلْحَاجَةِ. وَالثَّانِي تَصِحُّ كَالْوَصِيَّةِ وَرُدَّ بِمَا مَرَّ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِي ذَلِكَ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ الْعَقْدِ مِنْ الْقُضَاةِ (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي ذَلِكَ التَّعْمِيمُ فِي التَّوْكِيلِ) قَالَ حَجّ فِي الدَّعْوَى اهـ (قَوْلُهُ: وَوَكَّلَا) أَيْ الزَّوْجَةُ وَالْمُدَّعِي (قَوْلُهُ: وَوَكَّلَا) أَيْ الْمُدَّعِيَانِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالُوا) أَيْ فِي كِتَابَتِهِمْ أَوْ عِنْدَ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ هُنَا فَوْرٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: نَعَمْ لَوْ وَكَّلَهُ فِي إبْرَاءِ نَفْسِهِ أَوْ عَرَضَهَا الْحَاكِمُ عَلَيْهِ عِنْدَ ثُبُوتِهَا عِنْدَهُ اُعْتُبِرَ الْقَبُولُ بِالِامْتِثَالِ فَوْرًا، ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهَذَانِ لَا يُسْتَثْنَيَانِ فِي الْحَقِيقَةِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مِنْهُمَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ تَمْلِيكٌ لَا تَوْكِيلٌ كَنَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ. وَالثَّانِي إنَّمَا اُعْتُبِرَ فِيهِ الْفَوْرُ لِإِلْزَامِ الْحَاكِمِ إبْقَاءَ حَقِّ الْغَرِيمِ لَا لِلْوَكَالَةِ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ. فَإِنَّهُ قَدْ لَا يَتَعَلَّقُ بِمَا فِيهِ غَرِيمٌ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَقَبُولُ) أَيْ قَبُولُ مَا خُوطِبَ بِهِ مِنْ أَخْذِ الْوَدِيعَةِ أَوْ دَفْعِهَا (قَوْلُهُ: وَأَذِنَ) أَيْ الْوَاهِبُ (قَوْلُهُ: لَهُ) أَيْ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: فَوَكَّلَ) أَيْ الْآخَرُ (قَوْلُهُ: لَا بُدَّ مِنْ قَبُولِ) أَيْ مِمَّنْ هِيَ تَحْتَ يَدِهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ كَانَتْ بِجُعْلٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ التَّوْكِيلِ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ أَوْ غَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَفِي حَجّ أَمَّا الَّتِي بِجُعْلٍ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْقَبُولِ لَفْظًا إنْ كَانَ الْإِيجَابُ بِصِيغَةِ الْعَقْدِ لَا الْأَمْرِ اهـ (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِهِ لَفْظًا) أَيْ وَفَوْرًا أَيْضًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ لِتَكُونَ الْوَكَالَةُ حِينَئِذٍ إجَارَةً (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يُشْتَرَطُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ صِيَغُ الْعُقُودِ وَغَيْرُهَا (قَوْلُهُ: سِوَى الْوَصِيَّةِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَقَدْ أَوْصَيْت لَهُ بِكَذَا، وَقَضِيَّةُ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ سم أَنَّ مَحِلَّ الصِّحَّةِ فِي تَعْلِيقِ الْإِيصَاءِ كَمَا لَوْ قَالَ: إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَفُلَانٌ وَصِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالْأَمَارَةُ) فِي فَتَاوَى الْبُلْقِينِيِّ فِي بَابِ الْوَقْفِ مَسْأَلَةٌ هَلْ يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْوِلَايَةِ؟ الْجَوَابُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْوِلَايَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQصِيغَةَ الْعَقْدِ، ثُمَّ قَالَ: وَسُئِلَ ابْنُ الصَّلَاحِ عَمَّنْ أَذِنَتْ أَنْ يُزَوِّجَهَا الْعَاقِدُ فِي الْبَلَدِ مِنْ زَوْجٍ مُعَيَّنٍ بِكَذَا فَهَلْ لِكُلِّ أَحَدٍ عَاقِدٍ بِالْبَلَدِ تَزْوِيجُهَا؟ فَأَجَابَ إنْ اقْتَرَنَ بِإِذْنِهَا قَرِينَةٌ تَقْتَضِي التَّعْيِينَ فَلَا شَكَّ إنْ سَبَقَ إذْنَهَا قَرِيبًا ذِكْرُ عَاقِدٍ مُعَيَّنٍ أَوْ كَانَتْ تَعْتَقِدُ أَنْ لَيْسَ بِالْبَلَدِ غَيْرُ وَاحِدٍ، فَإِنَّ إذْنَهَا حِينَئِذٍ يَخْتَصُّ وَلَا يَعُمُّ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فَذِكْرُهَا الْعَاقِدَ مَحْمُولٌ عَلَى مُسَمَّى الْعَاقِدِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَحِينَئِذٍ لِكُلِّ عَاقِدٍ بِالْبَلَدِ تَزْوِيجُهَا هَذَا مُقْتَضَى الْفِقْهِ فِي هَذَا اهـ. وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ كَالشِّهَابِ حَجّ (قَوْلُهُ: تَعْيِينُهَا) صَوَابُهُ تَعْيِينُهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ: وَقَبُولٍ مِنْ الْآخَرِ) أَيْ وَلَوْ الْمُوَكِّلُ هُنَا (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِمَا مَرَّ) أَيْ بِقَبُولِ الْوَصِيَّةِ الْجَهَالَةَ أَيْ بِمَا لَا تَقْبَلُهُ الْوَكَالَةُ

لِوُجُودِ الْإِذْنِ، وَيَنْفُذُ أَيْضًا تَصَرُّفٌ صَادَفَ الْإِذْنَ حَيْثُ فَسَدَتْ الْوَكَالَةُ مَا لَمْ يَكُنْ الْإِذْنُ فَاسِدًا كَمَا لَوْ قَالَ: وَكَّلْت مَنْ أَرَادَ بَيْعَ دَارِي فَلَا يَنْفُذُ التَّصَرُّفُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَالْإِقْدَامُ عَلَى التَّصَرُّفِ بِالْوَكَالَةِ الْفَاسِدَةِ جَائِزٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، إذْ لَيْسَ مِنْ تَعَاطِي الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا قُدِّمَ عَلَى عَقْدٍ صَحِيحٍ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ (فَإِنْ نَجَّزَهَا وَشَرَطَ لِلتَّصَرُّفِ شَرْطًا جَازَ) اتِّفَاقًا كَوَكَّلْتُك الْآنَ بِبَيْعِ هَذَا وَلَكِنْ لَا تَبِعْهُ إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ، وَيَظْهَرُ الِاكْتِفَاءُ بِلَا تَبِعْهُ إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِآخَرَ قَبْلَ رَمَضَانَ: وَكَّلْتُك فِي إخْرَاجِ فِطْرَتِي وَأَخْرَجَهَا فِي رَمَضَانَ صَحَّ لِتَنْجِيزِهِ الْوَكَالَةَ، وَإِنَّمَا قَيَّدَهَا بِمَا قَيَّدَهَا بِهِ الشَّارِعُ، بِخِلَافِ إذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَأَخْرِجْ فِطْرَتِي لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ مَحْضٌ، وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ مَنْ أَطْلَقَ الْجَوَازَ وَمَنْ أَطْلَقَ الْمَنْعَ اهـ. وَالْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِهِمْ عَدَمُ الصِّحَّةِ، إذْ كُلٌّ مِنْ الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ حَالَ التَّوْكِيلِ، وَظَاهِرُ صِحَّةِ إخْرَاجِهَا عَنْهُ فِيهِ حَتَّى عَلَى الثَّانِي لِعُمُومِ الْإِذْنِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ، وَيَصِحُّ تَوْقِيتُ الْوَكَالَةِ كَوَكَّلْتُك شَهْرًا، فَإِذَا مَضَى الشَّهْرُ امْتَنَعَ عَلَى الْوَكِيلِ التَّصَرُّفُ (وَلَوْ) (قَالَ وَكَّلْتُك) فِي كَذَا (وَمَتَى) أَوْ مَهْمَا أَوْ إذَا (عَزَلْتُك فَأَنْت وَكِيلِي) (صَحَّتْ) الْوَكَالَةُ (فِي الْحَالِّ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ نَجَّزَهَا. وَالثَّانِي لَا تَصِحُّ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى شَرْطِ التَّأْبِيدِ وَهُوَ إلْزَامُ الْعَقْدِ الْجَائِزِ، وَرُدَّ بِمَنْعِ التَّأْبِيدِ بِمَا ذُكِرَ لِمَا يَأْتِي. وَلِلْخِلَافِ شُرُوطٌ هُنَا لَا حَاجَةَ لِلْإِطَالَةِ بِذِكْرِهَا، فَمَتَى انْتَفَى وَاحِدٌ مِنْهَا صَحَّتْ قَطْعًا (وَفِي عَوْدِهِ وَكِيلًا بَعْدَ الْعَزْلِ الْوَجْهَانِ فِي تَعْلِيقِهَا) لِأَنَّهُ عَلَّقَهَا ثَانِيًا بِالْعَزْلِ، وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الْعَوْدِ لِفَسَادِ التَّعْلِيقِ، وَالثَّانِي تَعُودُ مَرَّةً وَاحِدَةً، نَعَمْ يَعُودُ الْإِذْنُ الْعَامُّ عَلَى الْأَوَّلِ الرَّاجِحِ فَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ، فَطَرِيقُهُ أَنْ يَقُولَ: عَزَلْتُك وَمَتَى أَوْ مَهْمَا عُدْت وَكِيلِي فَأَنْتَ مَعْزُولٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَا مَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَتَى بِكُلَّمَا عَزَلْتُك فَأَنْتَ وَكِيلِي عَادَ مُطْلَقًا لِاقْتِضَائِهَا التَّكْرَارَ، فَطَرِيقُهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَعْزِلُهُ، أَوْ يَقُولَ: وَكُلَّمَا وَكَّلْتُك فَأَنْتَ مَعْزُولٌ، فَإِنْ قَالَ: وَكُلَّمَا انْعَزَلْت فَطَرِيقُهُ وَكُلَّمَا عُدْت وَكِيلِي لِتَقَاوُمِ التَّوْكِيلَ وَالْعَزْلَ وَاعْتِضَادِهِ بِالْأَصْلِ وَهُوَ الْحَجْرُ فِي حَقِّ الْغَيْرِ فَقُدِّمَ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ التَّعْلِيقِ قَبْلَ الْمِلْكِ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ لِأَنَّهُ مَلَكَ أَصْلَ التَّعْلِيقَيْنِ (وَيَجْرِيَانِ فِي تَعْلِيقِ الْعَزْلِ) بِنَحْوِ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَالْأَصَحُّ عَدَمُ صِحَّتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إلَّا فِي مَحَلِّ الضَّرُورَةِ كَالْإِمَارَةِ وَالْإِيصَاءِ اهـ. وَمِنْهُ تَسْتَفِيدُ أَنَّ مَا يَحْصُلُ فِي مَوَاضِعِ الْإِحْبَاسِ مِنْ جَعْلِ النَّظَرِ لَهُ وَلِأَوْلَادِهِ بَعْدَهُ لَا يَصِحُّ فِي حَقِّ الْأَوْلَادِ بِرٌّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَالْإِقْدَامُ) أَيْ بَعْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ الِاكْتِفَاءُ بِلَا تَبِعْهُ) قَضِيَّتُهُ وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْهُ وَكَّلْتُك وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ بَعْدَ قَوْلِهِ: وَكَّلْتُك وَإِنْ لَمْ يَقُلْ الْآنَ، ثُمَّ رَأَيْت حَجّ جَزَمَ فِي تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ بِهَذَا الِاحْتِمَالِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ: عَدَمُ الصِّحَّةِ) أَيْ لِلْوَكَالَةِ فِي الشِّقَّيْنِ وَهُمَا مَا لَوْ قَالَ: وَكَّلْتُك فِي إخْرَاجِ فِطْرَتِي إلَخْ وَمَا لَوْ قَالَ: إذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَأَخْرِجْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إخْرَاجِهَا) أَيْ الْفِطْرَةِ (قَوْلُهُ: فَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ) أَيْ إذَا أَرَادَ مَنْعَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ بِالْإِذْنِ الْعَامِّ (قَوْلُهُ: أَنْ يَقُولَ: عَزَلْتُك) عَزَلْتُك اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ هَذَا) أَيْ قَوْلُهُ وَكُلَّمَا عُدْت إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَلَكَ أَصْلَ التَّعْلِيقَيْنِ) أَيْ تَعْلِيقِ الْعَزْلِ وَتَعْلِيقِ الْوَكَالَةِ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ عَدَمُ صِحَّتِهِ) أَيْ فَلَا يَنْعَزِلُ بِطُلُوعِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ الِاكْتِفَاءُ بِلَا تَبِعْهُ إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ) إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِذَلِكَ عَنْ أَصْلِ التَّوْكِيلِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ ذِكْرَ الْآنَ غَيْرُ قَيْدٍ كَمَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ فَقَصُرَتْ عَنْهُ عِبَارَةُ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا مُرَادُهُ مَا رَتَّبَهُ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ إلَخْ فَإِنَّ الشِّهَابَ حَجّ رَتَّبَهُ عَلَيْهِ

فَيُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ لِوُجُودِ الْمَنْعِ كَمَا أَنَّ التَّصَرُّفَ يَنْفُذُ فِي الْوَكَالَةِ الْفَاسِدَةِ بِالتَّعْلِيقِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ لِوُجُودِ الْإِذْنِ، وَقِيلَ لَا يَنْعَزِلُ بِطُلُوعِهَا، وَحِينَئِذٍ فَيَنْفُذُ التَّصَرُّفُ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ، وَمَا أَطَالَ بِهِ جَمْعٌ فِي اسْتِشْكَالِهِ بِأَنَّهُ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ مَعَ مَنْعِ الْمَالِكِ مِنْهُ. أُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْعَزْلِ نُفُوذُ التَّصَرُّفِ وَلَا رَفْعُ الْوَكَالَةِ بَلْ قَدْ يَبْقَى وَلَا يَنْفُذُ كَمَا لَوْ نَجَّزَهَا، وَشَرَطَ لِلتَّصَرُّفِ شَرْطًا وَأَخَذَ بَعْضُهُمْ بِقَضِيَّةِ ذَلِكَ حَيْثُ جَزَمَ بِعَدَمِ نُفُوذِ التَّصَرُّفِ يُمْكِنُ رَدُّهُ بِمَنْعِ ذَلِكَ مَا لَمْ تَكُنْ الصِّيغَةُ مُخْتَلَّةً مِنْ أَصْلِهَا فَلَا يَسْتَفِيدُ بِهَا شَيْئًا، وَهَذَا الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ. ـــــــــــــــــــــــــــــSاهـ حَجّ (قَوْلُهُ: فَيُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ) أَيْ وَمَعَ عَدَمِ الْعَزْلِ يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يَنْعَزِلُ) هَذَا عَيْنُ الْأَصَحِّ السَّابِقِ فَكَانَ الْأَظْهَرَ، وَقِيلَ يَنْعَزِلُ، وَلَا يَتَأَتَّى حِينَئِذٍ مَا فَرَّعَهُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَحِينَئِذٍ فَيَنْفُذُ التَّصَرُّفُ إلَخْ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ لَا يَنْعَزِلُ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ مِنْ التَّصَرُّفِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ انْعِزَالِهِ مِنْ الْوَكَالَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَلَعَلَّ فِي الْعِبَارَةِ سَقْطًا. وَقَدْ يُقَالُ: الْمَقْصُودُ مِنْ حِكَايَةِ الْقِيلِ صِحَّةُ التَّصَرُّفِ لِعَدَمِ الْعَزْلِ وَكَأَنَّهُ قَالَ: وَالْأَصَحُّ عَدَمُ صِحَّتِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَنْفُذُ التَّصَرُّفُ لِوُجُودِ الْمَنْعِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْعَزْلِ جَوَازُ التَّصَرُّفِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ فَسَادِ الْوَكَالَةِ فَسَادُ التَّصَرُّفِ، وَقِيلَ حَيْثُ قُلْنَا: لَا يَنْعَزِلُ صَحَّ تَصَرُّفُهُ، فَيَصِيرُ حَاصِلُ الْخِلَافِ أَنَّهُ إذَا عُلِّقَ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ لَا يَنْعَزِلُ بِطُلُوعِهَا لِفَسَادِ التَّعْلِيقِ، وَفِي صِحَّةِ التَّصَرُّفِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُهُ (قَوْلُهُ: وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ) وَهُوَ الْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ صِحَّتِهِ فَيُمْنَعُ إلَخْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَيُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ) الْمُنَاسِبُ لَكِنْ يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ التَّصَرُّفِ لَا يَتَفَرَّعُ عَلَى عَدَمِ الْعَزْلِ وَإِنَّمَا يَتَفَرَّعُ عَلَى الْعَزْلِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يَنْعَزِلُ) لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ هَذَا مُقَابِلًا لِمَا اخْتَارَهُ إذْ هُوَ عَيْنُهُ، وَإِنَّمَا مَحَطُّ الْمُخَالَفَةِ نُفُوذُ التَّصَرُّفِ وَعَدَمُهُ، فَالشَّارِحُ مُوَافِقٌ لِهَذَا الْقِيلِ فِي عَدَمِ نُفُوذِ الْعَزْلِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، فَكَانَ الْمُنَاسِبُ خِلَافَ هَذَا السِّيَاقِ، وَعُذْرُهُ أَنَّهُ كَانَ أَوَّلًا تَبِعَ الْعَلَّامَةَ حَجّ فِي هَذَا الْقِيلِ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ بَعْدَ أَنْ سَطَّرَ الْعِبَارَةَ فَزَادَ قَوْلَهُ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ صِحَّتِهِ إلَخْ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَى مَا كَانَ سَطَّرَهُ مِنْ الْعِبَارَةِ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ فَحَصَلَ مَا تَرَاهُ (قَوْلُهُ: وَمَا أَطَالَ بِهِ جَمْعٌ إلَى قَوْلِهِ فَلَا يَسْتَفِيدُ بِهَا شَيْئًا) مِنْ كَلَامِ الْقِيلِ وَقَائِلُهُ الشِّهَابُ حَجّ لَكِنْ لَا بِهَذَا اللَّفْظِ وَعِبَارَتِهِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ صِحَّتِهِ فَلَا يَنْعَزِلُ بِطُلُوعِهَا وَحِينَئِذٍ فَيَنْفُذُ التَّصَرُّفُ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ، لَكِنْ أَطَالَ جَمْعٌ فِي اسْتِشْكَالِهِ بِأَنَّهُ كَيْفَ يَنْفُذُ مَعَ مَنْعِ الْمَالِكِ مِنْهُ وَتَخَلَّصَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْعَزْلِ نُفُوذُ التَّصَرُّفِ وَلَا رَفْعُ الْوَكَالَةِ بَلْ قَدْ تَبْقَى وَلَا يَنْفُذُ كَمَا لَوْ نَجَّزَهَا وَشَرَطَ لِلتَّصَرُّفِ شَرْطًا، وَأَخَذَ بَعْضُهُمْ بِقَضِيَّةِ ذَلِكَ فَجَزَمَ بِعَدَمِ نُفُوذِ التَّصَرُّفِ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْمَنْعَ مُفِيدٌ إلَّا لَوْ صَحَّتْ الصِّيغَةُ الدَّالَّةُ عَلَيْهِ، وَنَحْنُ قَدْ قَرَّرْنَا بُطْلَانَ هَذِهِ الْمُعَلَّقَةِ فَعَمِلْنَا بِأَصْلِ بَقَاءِ الْوَكَالَةِ إذْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ رَافِعٌ صَحِيحٌ، وَحِينَئِذٍ اتَّضَحَ نُفُوذُ التَّصَرُّفِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ الْمَذْكُورِ فَتَأَمَّلْهُ انْتَهَتْ، وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَوَّلًا وَآخِرًا.

[فصل في أحكام الوكالة بعد صحتها]

فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ بَعْدَ صِحَّتِهَا وَهِيَ مَا لِلْوَكِيلِ وَعَلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَتَعْيِينِ الْأَجَلِ وَشِرَائِهِ لِلْمَعِيبِ، وَتَوْكِيلِهِ لِغَيْرِهِ (الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ) حَالَ كَوْنِ الْبَيْعِ (مُطْلَقًا) فِي التَّوْكِيلِ بِأَنْ لَمْ يَنُصَّ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ أَوْ حَالَ التَّوْكِيلِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْوَكِيلِ مُطْلَقًا: أَيْ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِشَيْءٍ، وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ أَيْ تَوْكِيلًا لَمْ يُقَيَّدْ (لَيْسَ لَهُ الْبَيْعُ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ) الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْبَيْعُ بِالْإِذْنِ لِدَلَالَةِ الْقَرِينَةِ الْعُرْفِيَّةِ عَلَيْهِ، فَإِنْ سَافَرَ بِمَا وُكِّلَ فِي بَيْعِهِ لِبَلَدٍ بِلَا إذْنٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ بَيْعُهُ إلَّا بِنَقْدِ الْبَلَدِ الْمَأْذُونِ فِيهَا، وَمُرَادُهُ بِنَقْدِ الْبَلَدِ مَا يَتَعَامَلُ بِهِ أَهْلُهَا غَالِبًا نَقْدًا كَانَ أَوْ عَرَضًا لِدَلَالَةِ الْقَرِينَةِ الْعُرْفِيَّةِ عَلَيْهِ، فَإِنْ تَعَدَّدَ لَزِمَهُ بِالْأَغْلَبِ، فَإِنْ تَسَاوَيَا فَبِالْأَنْفَعِ وَإِلَّا تَخَيَّرَ أَوْ بَاعَ بِهِمَا كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ، وَمَحِلُّ الِامْتِنَاعِ بِالْعَرَضِ فِي غَيْرِ مَا يُقْصَدُ لِلتِّجَارَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ (قَوْلُهُ: وَتَعْيِينِ الْأَجَلِ) أَيْ وَحُكْمِ تَعْيِينِ الْأَجَلِ، وَيَجُوزُ رَفْعُهُ (قَوْلُهُ: وَشِرَائِهِ) أَيْ وَحُكْمِ شِرَائِهِ، وَيَجُوزُ رَفْعُهُ، وَيُوَافِقُهُ رَسْمُ حَجّ لَهُ بِالْوَاوِ وَهُوَ أَوْلَى لِسَلَامَتِهِ مِنْ حَذْفِ الْمُضَافِ وَإِبْقَاءِ عَمَلِهِ (قَوْلُهُ: وَتَوْكِيلِهِ لِغَيْرِهِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَانْعِزَالِ وَكِيلِ الْوَكِيلِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ التَّوْكِيلِ فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: أَوْ حَالَ التَّوْكِيلِ الْمَفْهُومِ إلَخْ) زَادَ حَجّ: وَيَصِحُّ كَوْنُهُ صِفَةً لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ: أَيْ تَوْكِيلًا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: لَيْسَ لَهُ الْبَيْعُ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ) لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَ بِنَقْدِ عَيْنِهِ فَأُبْطِلَ بَعْدَ التَّوْكِيلِ وَقَبْلَ الْبَيْعِ وَجُدِّدَ آخَرُ فَيُتَّجَهُ امْتِنَاعُ الْبَيْعِ بِالْجَدِيدِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ وَكَذَا بِالْقَدِيمِ، وَيُحْتَاجُ إلَى مُرَاجَعَتِهِ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَلَوْ قِيلَ بِجَوَازِ الْبَيْعِ بِالْجَدِيدِ تَعْوِيلًا عَلَى الْقَرِينَةِ الْعُرْفِيَّةِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا، إذْ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْمُوَكِّلِ إرَادَةُ مَا يَرُوجُ فِي الْبَلَدِ وَقْتَ الْبَيْعِ مِنْ النُّقُودِ سِيَّمَا إذَا تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَةُ الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ لَهُ بَيْعُهُ إلَّا بِنَقْدِ الْبَلَدِ الْمَأْذُونِ فِيهَا) أَيْ وَإِذَا بَاعَ بِنَقْدِ الْبَلَدِ صَحَّ وَضَمِنَ الثَّمَنَ، وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي: وَلَا يَنْعَزِلُ بِالتَّعَدِّي فِي الْأَصَحِّ إلَخْ، وَيَزُولُ ضَمَانُهُ عَمَّا تَعَدَّى فِيهِ بِبَيْعِهِ وَتَسْلِيمِهِ وَلَا يَضْمَنُ ثَمَنَهُ لِانْتِفَاءِ تَعَدِّيهِ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّى بِسَفَرِهِ بِمَا وُكِّلَ فِيهِ وَبَاعَهُ فِيهِ ضَمِنَ ثَمَنَهُ وَإِنْ تَسَلَّمَهُ وَعَادَ مِنْ سَفَرِهِ فَيُسْتَثْنَى مِمَّا مَرَّ: أَيْ فِي قَوْلِهِ وَيَزُولُ ضَمَانُهُ عَمَّا تَعَدَّى إلَخْ (قَوْلُهُ نَقْدًا كَانَ أَوْ عَرَضًا) تَقَدَّمَ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الشَّرِكَةِ عِنْدَ الشَّارِحِ أَنَّ الْأَوْجَهَ امْتِنَاعُ الْبَيْعِ بِالْعَرَضِ مُطْلَقًا فَلْيُنْظَرْ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِنَاءً عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَا تَخَالُفَ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالنَّقْدِ فِي بَابِ الشَّرِكَةِ مَا ذَكَرَهُ هُنَا وَهُوَ مَا يَغْلِبُ التَّعَامُلُ بِهِ وَلَوْ عَرَضًا، وَعَلَيْهِ فَالْعَرَضُ الَّذِي يَمْتَنِعُ الْبَيْعُ بِهِ ثُمَّ مَا لَا يُتَعَامَلُ بِهِ مَثَلًا إذَا كَانَ أَهْلُ الْبَلَدِ يَتَعَامَلُونَ بِالْفُلُوسِ فَهِيَ نَقْدُهَا فَيَبِيعُ الشَّرِيكُ بِهَا دُونَ نَحْوِ الْقُمَاشِ. نَعَمْ يُشْكِلُ عَلَى مَا فِي الشَّرِكَةِ جَوَازُ الْبَيْعِ هُنَا بِالْعَرَضِ حَيْثُ كَانَ الْمَقْصُودُ بِهِ التِّجَارَةَ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مُتَعَلِّقَ الْوَكَالَةِ هُنَا مُعَيَّنٌ كَمَا لَوْ قَالَ: وَكَّلْتُك فِي بَيْعِ هَذَا الْعَبْدِ فَحَيْثُ كَانَ غَرَضُ الْبَائِعِ التِّجَارَةَ فِيهِ كَفَى مَا يَحْصُلُ الرِّبْحُ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ وَالشَّرِكَةُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مُتَعَلِّقُهَا خَاصًّا، بَلْ إمَّا نَوْعٌ مَخْصُوصٌ كَالْقُمَاشِ أَوْ مُطْلَقٌ مَا يُتَّجَرُ فِيهِ كَانَ الْغَرَرُ فِيهَا أَكْثَرَ فَاحْتِيطَ لَهَا (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ بِالْأَغْلَبِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ أَنْفَعَ لِلْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ: فَبِالْأَنْفَعِ) هَذَا ظَاهِرٌ إنْ تَيَسَّرَ مَنْ يَشْتَرِي بِكُلٍّ مِنْهُمَا، فَلَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مَنْ يَشْتَرِي بِغَيْرِ الْأَنْفَعِ فَهَلْ لَهُ الْبَيْعُ مِنْهُ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ. وَظَاهِرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ بَعْدَ صِحَّتِهَا] (فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ) (قَوْلُهُ: أَوْ عَرَضًا) لَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي الشَّرِكَةِ مِنْ امْتِنَاعِ الْبَيْعِ بِالْعَرَضِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مُعَامَلَةَ

وَإِلَّا جَازَ بِهِ كَالْقِرَاضِ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ، وَبِمَا تَقَرَّرَ فِي مَعْنَى مُطْلَقًا انْدَفَعَ مَا قِيلَ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ بِمُطْلَقِ الْبَيْعِ فَإِنَّ صُورَتَهُ أَنْ يَقُولَ: بِعْ كَذَا وَلَا يَتَعَرَّضُ لِبَلَدٍ وَلَا أَجَلٍ وَلَا نَقْدٍ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ لِتَقْيِيدِ الْبَيْعِ بِقَيْدِ الْإِطْلَاقِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الْبَيْعُ لَا بِقَيْدٍ اهـ. وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ مُطْلَقًا حَالٌ مِنْ الْبَيْعِ الْمُرَادِ بِهِ الْبَيْعُ بِقَيْدِ الْإِطْلَاقِ بِأَنْ لَمْ يَنُصَّ لَهُ عَلَى صِفَةِ ثَمَنٍ كَبِعْ هَذَا أَوْ كَبِعْهُ بِأَلْفٍ، فَمَعْنَى الْإِطْلَاقِ فِي هَذَا الْإِطْلَاقِ فِي صِفَاتِهِ فَانْدَفَعَ قَوْلُهُ فَإِنَّ صُورَتَهُ إلَى آخِرِهِ، وَكَذَا مَا رَتَّبَهُ عَلَيْهِ (وَلَا) الْبَيْعُ (بِنَسِيئَةٍ) وَلَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ لِأَنَّ الْمُعْتَادَ غَالِبًا الْحُلُولُ مَعَ الْخَطَرِ فِي النَّسِيئَةِ (وَلَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَهُوَ مَا لَا يُحْتَمَلُ غَالِبًا) فِي الْمُعَامَلَةِ كَدِرْهَمَيْنِ فِي عَشَرَةٍ إذْ النُّفُوسُ تَشِحُّ بِهِ، بِخِلَافِ الْيَسِيرِ كَدِرْهَمٍ فِيهَا. نَعَمْ قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ: الْعَشَرَةُ إنْ سُومِحَ بِهَا فِي الْمِائَةِ فَلَا يُتَسَامَحُ بِالْمِائَةِ فِي الْأَلْفِ، فَالصَّوَابُ الرُّجُوعُ لِلْعُرْفِ، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُهُمَا عَنْ الرُّويَانِيِّ إنَّهُ يَخْتَلِفُ بِأَجْنَاسِ الْأَمْوَالِ، لَكِنْ قَوْلُهُ فِي الْبَحْرِ: إنَّ الْيَسِيرَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْوَالِ، فَرُبْعُ الْعُشْرِ كَثِيرٌ فِي النَّقْدِ وَالطَّعَامِ وَنِصْفُهُ يَسِيرٌ فِي الْجَوَاهِرِ وَالرَّقِيقِ وَنَحْوِهِمَا مَحَلُّ نَظَرٍ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى عُرْفِ زَمَنِهِ إذْ الْأَوْجَهُ اعْتِبَارُ الْعُرْفِ الْمُطَّرِدِ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ بِمَا يَتَسَامَحُ بِهِ فِيهَا. وَلَوْ بَاعَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَثَمَّ رَاغِبٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَلَامِ الشَّارِحِ الثَّانِي، وَلَوْ قِيلَ بِالْأَوَّلِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا لِأَنَّ الْأَنْفَعَ حِينَئِذٍ كَالْمَعْدُومِ (قَوْلُهُ: انْدَفَعَ مَا قِيلَ إلَخْ) أَيْ لِصَلَاحِيَّتِهِ لِمَا قَرَّرْته بِهِ فَلَا يُرَدُّ أَنَّ أَوَّلَ وُجُوهِ إعْرَابِهِ لَا يُنَافِي كَوْنَهُ وَلَوْ بِمَعْنَاهُ مِنْ كَلَامِ الْمُوَكِّلِ فَتَأَمَّلْهُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَا رَتَّبَهُ عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ كَانَ يَنْبَغِي إلَخْ، وَوَجْهُ تَرْتِيبِهِ أَنَّهُ جَعَلَ كَوْنَ صُورَتِهِ كَذَا عِلَّةً، وَالْمَعْلُولُ مُرَتَّبٌ عَلَى عِلَّتِهِ تَقَدَّمَ فِي اللَّفْظِ أَوْ تَأَخَّرَ (قَوْلُهُ: بِنَسِيئَةٍ) وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ وَقْتَ نَهْبٍ جَازَ لَهُ الْبَيْعُ نَسِيئَةً لِمَنْ يَأْتِي إذَا حُفِظَ عَنْ النَّهْبِ، وَكَذَا لَوْ وَكَّلَهُ وَقْتَ الْأَمْنِ ثُمَّ عَرَضَ النَّهْبُ لِأَنَّ الْقَرِينَةَ قَاضِيَةٌ قَطْعًا بِرِضَاهُ بِذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ: بِعْهُ بِبَلَدِ أَوْ سُوقِ كَذَا وَأَهْلُهُ لَا يَشْتَرُونَ إلَّا نَسِيئَةً وَعَلِمَ الْوَكِيلُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ يَعْلَمُ ذَلِكَ فَلَهُ الْبَيْعُ نَسِيئَةً حِينَئِذٍ فِيمَا يَظْهَرُ، ثُمَّ رَأَيْت مَا سَأَذْكُرُهُ آخِرَ مَهْرِ الْمِثْلِ عَنْ السُّبْكِيّ كَالْعِمْرَانِيِّ أَنَّ الْوَلِيَّ يَجُوزُ لَهُ الْعَقْدُ بِمُؤَجَّلٍ اُعْتِيدَ وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْته، لَكِنْ سَيَأْتِي فِيهِ كَلَامٌ لَا يَبْعُدُ مَجِيئُهُ هُنَا حَجّ، وَعِبَارَتُهُ ثُمَّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ كَلَامَ السُّبْكِيّ وَالْعِمْرَانِيِّ نَصُّهَا: فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ هُنَا مَا فِي الْوَلِيِّ إذَا بَاعَ بِمُؤَجَّلٍ لِلْمَصْلَحَةِ مِنْ يَسَارِ الْمُشْتَرِي وَعَدَالَتِهِ وَغَيْرِهِمَا وَأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَيْضًا فِيمَنْ يَعْتَدْنَهُ: أَيْ الْأَجَلِ أَنْ يَعْتَدْنَ أَجَلًا مُعَيَّنًا مُطَّرِدًا فَإِنْ اُخْتُلِفَ فِيهِ اُحْتُمِلَ إلْغَاؤُهُ وَاحْتُمِلَ اتِّبَاعُ أَقَلِّهِنَّ فِيهِ. وَقَوْلُهُ: أَقَلِّهِنَّ فِيهِ هُوَ الْأَقْرَبُ لِاتِّفَاقِ الْكُلِّ عَلَيْهِ إذْ الْأَقَلُّ فِي ضِمْنِ الْأَكْثَرِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْيَسِيرِ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ حَيْثُ لَا رَاغِبَ بِتَمَامِ الْقِيمَةِ أَوْ أَكْثَرَ، وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي فِيمَا لَوْ عَيَّنَ لَهُ الثَّمَنَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا عَيَّنَهُ إذَا وُجِدَ رَاغِبًا كَمَا سَيَأْتِي وَقَدْ يُفَرَّقُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي الْفَرْقِ بِأَنَّ الْوَكِيلَ يَجِبُ عَلَيْهِ رِعَايَةُ الْمَصْلَحَةِ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ فِيمَا لَوْ بَاعَ بِالْغَبْنِ الْيَسِيرِ مَعَ وُجُودِ مَنْ يَأْخُذُ بِكَامِلِ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاعَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَثَمَّ رَاغِبٌ) أَيْ وَلَوْ بِمَا لَا يُتَغَابَنُ بِهِ أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِهِ، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ التَّقْيِيدُ بِمَا لَا يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ. قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَهُوَ يُفْهِمُ الصِّحَّةَ إذَا وُجِدَ الرَّاغِبُ بِاَلَّذِي يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ. أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ الْعُرْفُ فِي مِثْلِهِ جَارٍ بِالْمِسَاحَةِ وَعَدَمِ الْفَسْخِ لِلزِّيَادَةِ الْيَسِيرَةِ اهـ. وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَرَ مَصْلَحَةً فِي الْبَيْعِ بِالْأَقَلِّ كَأَنْ يَكُونَ مَنْ يُرِيدُ الشِّرَاءَ بِالزِّيَادَةِ يُوَاكِسُ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ أَوْ يُخْشَى مِنْهُ خُرُوجُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَهْلِ الْبَلَدِ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ: فِيمَا يَأْتِي وَمَحَلُّ الِامْتِنَاعِ بِالْعَرَضِ إلَخْ (قَوْلُهُ: الْمُرَادُ بِهِ الْبَيْعُ بِقَيْدِ الْإِطْلَاقِ) لَعَلَّ الْكَتَبَةَ أَسْقَطُوا لَفْظَ لَا قَبْلَ قَوْلِهِ بِقَيْدٍ حَتَّى يُلَاقِيَ مَا مَرَّ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي عِبَارَةِ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: مَحَلُّ نَظَرٍ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِلتَّمْثِيلِ خَاصَّةً

أَوْ حَدَثٌ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ أَتَى جَمِيعُ مَا مَرَّ فِي عِدْلِ الرَّهْنِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ لَيْسَ لَهُ إلَى آخِرِهِ بُطْلَانَ تَصَرُّفِهِ فَلِهَذَا فَرَّعَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (فَلَوْ بَاعَ عَلَى أَحَدِ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ وَسَلَّمَ الْمَبِيعَ ضَمِنَهُ) لِلْحَيْلُولَةِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ التَّسَلُّمِ وَلَوْ فِي مِثْلِيٍّ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ، فَإِنْ تَلِفَ وَلَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ طَالَبَ الْمُشْتَرِي بِالْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْقِيمَةِ فِي الْمُتَقَوِّمِ، وَإِنْ صَحَّ وَتَعَدَّى الْوَكِيلُ بِالتَّسْلِيمِ، فَإِنْ شَاءَ طَالَبَهُ بِالثَّمَنِ أَوْ بِالْبَدَلِ الْمَذْكُورِ، وَلَهُ مُطَالَبَةُ الْوَكِيلِ بِرَدِّهِ فِي صُورَةِ الْبُطْلَانِ لِتَعَدِّيهِ بِتَسْلِيمِهِ لِمَنْ لَا يَسْتَحِقُّهُ بِبَيْعٍ بَاطِلٍ فَيَسْتَرِدُّهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا، وَلَهُ حِينَئِذٍ بَيْعُهُ بِالْإِذْنِ السَّابِقِ وَقَبْضُ الثَّمَنِ وَيَدُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالثَّمَنِ مُسْتَحَقًّا أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِأَنَّ الْأُمُورَ الْمُسْتَقْبَلَةَ لَا نَظَرَ إلَيْهَا وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ كَشَرْحِ الْمَنْهَجِ. ثُمَّ رَأَيْت الْأَوَّلَ فِي الْخَطِيبِ حَيْثُ قَالَ: وَمَحِلُّهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إذَا لَمْ يَكُنْ الرَّاغِبُ مُمَاطِلًا وَلَا مُتَجَوِّهًا وَلَا مَالُهُ وَلَا كَسْبُهُ حَرَامًا اهـ (قَوْلُهُ: أَوْ حَدَثَ) أَيْ الرَّاغِبُ (قَوْلُهُ: فِي زَمَنِ الْخِيَارِ) أَيْ وَكَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا فَإِنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي امْتَنَعَ اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ فِيمَا يَأْتِي فِي فَصْلِ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ. وَقَوْلُهُ: جَمِيعُ مَا مَرَّ، وَمِنْهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُفْسَخْ انْفَسَخَ بِنَفْسِهِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْهُ أَيْضًا هُنَا مَا لَوْ اجْتَهَدَ الْوَكِيلُ فِي الْبَيْعِ وَأَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى أَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً ثُمَّ تَبَيَّنَ خِلَافُهَا فَيَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ (قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ لِلْحَيْلُولَةِ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَإِذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَأَحْضَرَ بَدَلَهُ وَكَانَ مُسَاوِيًا لِمَا غَرِمَهُ جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً فَهَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بَدَلَ مَا غَرِمَهُ لِلْحَيْلُولَةِ، وَيَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِتَرَاضِيهِمَا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ بَيْعُ الدَّيْنِ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَهُوَ جَائِزٌ. أَمَّا لَوْ أَرَادَ أَخْذَ مَا قَبَضَهُ الْوَكِيلُ مِنْ الْمُشْتَرِي فِي مُقَابَلَةِ الْقِيمَةِ الَّتِي أَخَذَهَا الْمُوَكِّلُ مِنْهُ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ مَا قَبَضَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي عَيْنٌ وَالْقِيمَةَ الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا دَيْنٌ، وَالتَّقَاصُّ إنَّمَا يَكُونُ بَيْنَ دَيْنَيْنِ اسْتَوَيَا، فَلَوْ تَلِفَتْ الْقِيمَةُ فِي يَدِ الْآخِذِ ضَمِنَهَا، فَإِنْ كَانَ الْمَضْمُونُ بِهِ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ وَتَوَفَّرَتْ فِيهِ شُرُوطُ التَّقَاصِّ حَصَلَ التَّقَاصُّ، وَكُتِبَ أَيْضًا قَوْلُهُ ضَمِنَهُ لِلْحَيْلُولَةِ: أَيْ وَيَجُوزُ لِلْمُوَكِّلِ التَّصَرُّفُ فِيمَا أَخَذَهُ مِنْ الْوَكِيلِ لِأَنَّهُ يُمْلَكُ كَمِلْكِ الْقَرْضِ (قَوْلُهُ: بِقِيمَتِهِ) فَإِنْ قُلْنَا: إنَّهُ أَيْ الْوَكِيلَ يَغْرَمُ الْقِيمَةَ مُطْلَقًا فَهَلْ يَرْجِعُ فِي الْمِثْلِيِّ بِهَا عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّهَا الَّتِي غَرِمَهَا أَوْ بِالْمِثْلِ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي فِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إنَّمَا يُطَالِبُهُ بِالْمِثْلِ لِأَنَّهُ الْمَضْمُونُ بِهِ مَا تَلِفَ فِي يَدِهِ، وَإِذَا أَخَذَهُ بَعْدَ تَلَفِ الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي دَفَعَهُ لِلْمُوَكِّلِ وَاسْتَرَدَّ الْقِيمَةَ، وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الْقِيَاسُ أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي رَجَعَ الْوَكِيلُ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِالْقِيمَةِ وَغَرِمَ لَهُ الْمِثْلَ لِأَنَّهُ الَّذِي يَضْمَنُ بِهِ مَتَاعَهُ الْآنَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَلِفَ) لَيْسَ هَذَا تَفْرِيعًا عَلَى خُصُوصِ مَا ذَكَرَهُ لِأَنَّ الْبَيْعَ فِيهِ بَاطِلٌ دَائِمًا، فَلَعَلَّهُ بَيَانٌ لِلْحُكْمِ فِيمَا لَوْ تَعَدَّى الْوَكِيلُ بِالتَّسْلِيمِ لَا بِقَيْدِ مَا الْكَلَامُ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ شَاءَ) أَيْ الْمُوَكِّلُ (قَوْلُهُ: طَالَبَهُ) أَيْ الْوَكِيلُ (قَوْلُهُ: أَوْ بِالْبَدَلِ) قَدْ يُتَوَقَّفُ فِي الْمُطَالَبَةِ بِالْبَدَلِ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ بِالْبَيْعِ، وَحَيْثُ صَحَّ فَقَدْ انْتَقَلَ الْمِلْكُ فِي الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي وَاسْتَحَقَّ الْبَائِعُ عَلَيْهِ ثَمَنَهُ، وَاَلَّذِي فَوَّتَهُ بِالتَّسْلِيمِ إنَّمَا هُوَ الثَّمَنُ فَكَيْفَ يُطَالِبُ بِالْبَدَلِ، وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ قَوْلِهِ بِالْبَدَلِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْقِيمَةُ فِي الْمُتَقَوِّمِ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ الْآتِي ضَمِنَ لِلْمُوَكِّلِ إلَخْ أَنَّهُ الْقِيمَةُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ بَاقِيًا) وَهُوَ يَزُولُ الضَّمَانُ بِالِاسْتِرْدَادِ أَوْ لَا يَزُولُ إلَّا بِبَيْعِهِ ثَانِيًا أَوْ بِاسْتِئْمَانٍ مِنْ الْمَالِكِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّى بِالْبَيْعِ لَا يَزُولُ ضَمَانُهُ بِاسْتِرْدَادِهِ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ بِالْإِذْنِ السَّابِقِ) قَالَ الشَّارِحُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي وَلَا يَنْعَزِلُ فِي الْأَصَحِّ: فَلَوْ رُدَّ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنْ تَلِفَ وَلَمْ يَصِحَّ) أَيْ كَمَا هُوَ الصُّورَةُ هُنَا. وَأَمَّا قَوْلُهُ: بَعْدُ فَإِنْ صَحَّ إلَى آخِرِهِ فَلَا مَحَلَّ لَهُ هُنَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَاءَ طَالَبَهُ بِالثَّمَنِ إلَخْ) هَذَا قَدْ يُعَارِضُ مَا سَيَأْتِي لَهُ فِيمَا قَرَّبَهُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ خَالَفَ ضَمِنَ، ثُمَّ لَا يَخْفَى مَا فِي هَذِهِ السَّوَادَةِ مِنْ الْقَلَاقَةِ وَنُسَخُ الشَّارِحِ فِيهَا مُخْتَلِفَةٌ فَلْيُحَرَّرْ.

أَمَانَةُ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ كَانَ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ وَقَرَارُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَعُلِمَ بِمَا تَقَرَّرَ فِي التَّفْرِيعِ رَدُّ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: لَمْ يَصِحَّ وَيَضْمَنُ، فَلَوْ لَمْ يُطْلِقْ اتَّبَعَ مَا عَيَّنَهُ، فَفِي بِعْ بِمَا شِئْت أَوْ تَيَسَّرَ لَهُ غَيْرُ النَّقْدِ لَا بِنَسِيئَةٍ وَلَا غَبْنٍ لِأَنَّ مَا لِلْجِنْسِ خِلَافًا لِجَمْعٍ مِنْهُمْ السُّبْكِيُّ فِي تَجْوِيزِهِ بِالْغَبْنِ أَوْ بِعْهُ كَيْفَ شِئْت جَازَ بِنَسِيئَةٍ فَقَطْ لِأَنَّ كَيْفَ لِلْحَالِّ فَشَمِلَ الْحَالَّ وَالْمُؤَجَّلَ، أَوْ بِكَمْ شِئْت جَازَ بِالْغَبْنِ فَقَطْ لِأَنَّ كَمْ لِلْعَدَدِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، أَوْ بِمَا عَزَّ وَهَانَ جَازَ غَيْرُ النَّسِيئَةِ لِأَنَّ مَا لِلْجِنْسِ فَقَرْنُهَا بِمَا بَعْدَهَا يَشْمَلُ عُرْفًا الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ وَغَيْرِهِ (فَإِنْ وَكَّلَهُ لِيَبِيعَ مُؤَجَّلًا وَقَدَّرَ الْأَجَلَ فَذَاكَ) أَيْ فَبَيْعُهُ بِالْأَجَلِ الْمُقَدَّرِ ظَاهِرٌ، وَلَهُ النَّقْصُ مَا لَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ أَوْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ ضَرَرٌ كَأَنْ يَكُونَ لِحِفْظِهِ مُؤْنَةٌ: أَيْ أَوْ يَتَرَتَّبَ خَوْفٌ كَنَهْبٍ قَبْلَ حُلُولِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَوْ عَيَّنَ لَهُ الْمُشْتَرِيَ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ لِظُهُورِ قَصْدِ الْمُحَابَاةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي فِي تَقْدِيرِ الثَّمَنِ (وَإِنْ أَطْلَقَ) الْأَجَلَ (صَحَّ) التَّوْكِيلُ (فِي الْأَصَحِّ وَحُمِلَ) الْأَجَلُ (عَلَى الْمُتَعَارَفِ) بَيْنَ النَّاسِ (فِي مِثْلِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ فِي الْأَصَحِّ أَيْضًا لِأَنَّهُ الْمَعْهُودُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَرَفَ رَاعَى الْأَنْفَعَ لِمُوَكِّلِهِ ثُمَّ يَتَخَيَّرُ نَظِيرَ مَا مَرَّ. وَيُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ قِيَاسًا عَلَى عَامِلِ الْقِرَاضِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي ـــــــــــــــــــــــــــــSبِعَيْبٍ مَثَلًا بِنَفْسِهِ أَوْ بِالْحَاكِمِ عَادَ الضَّمَانُ مَعَ أَنَّ الْعَقْدَ يَرْتَفِعُ مِنْ حِينِهِ عَلَى الرَّاجِحِ، غَيْرَ أَنَّا لَا نَقْطَعُ النَّظَرَ عَنْ أَصْلِهِ بِالْكُلِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَقَرَارُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي) أَيْ فَيَضْمَنُهُ بِالْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ وَأَقْصَى الْقِيَمِ فِي الْمُتَقَوِّمِ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ بِمَا تَقَرَّرَ فِي التَّفْرِيعِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ لَيْسَ لَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِجَمْعٍ مِنْهُمْ السُّبْكِيُّ فِي تَجْوِيزِهِ بِالْغَبْنِ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ فِي الشَّرِكَةِ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلِكُلٍّ فَسْخُهُ مَتَى شَاءَ إلَخْ حَيْثُ قَالَ: وَقَوْلُهُ بِمَا شِئْت إذْنٌ فِي الْمُحَابَاةِ كَمَا يَأْتِي بِزِيَادَةٍ فِي الْوَكَالَةِ، فَكَأَنَّهُ جَرَى ثَمَّ عَلَى مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ، وَحَيْثُ رَدَّهَا هُنَا دَلَّ عَلَى اعْتِمَادِ مَا هُنَا، هَذَا وَفَرَّقَ ثَمَّ بَيْنَ " بِمَا شِئْت " وَبَيْنَ " بِمَا تَرَى " حَيْثُ قَالَ لَا بِمَا تَرَى لِأَنَّ فِيهِ تَفْوِيضًا لِرَأْيِهِ وَهُوَ يَقْتَضِي النَّظَرَ بِالْمَصْلَحَةِ اهـ. وَسَوَّى شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ بَيْنَهُمَا هُنَا فِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْبَيْعُ بِالْمُحَابَاةِ (قَوْلُهُ: جَازَ بِنَسِيئَةٍ فَقَطْ) أَيْ لَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ (قَوْلُهُ: جَازَ بِالْغَبْنِ) وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُفَرَّطَ فِيهِ بِحَيْثُ يُعَدُّ إضَاعَةً وَأَنْ لَا يَكُونَ ثَمَّ رَاغِبٌ بِالزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ: فَقَطْ) أَيْ لَا بِالنَّسِيئَةِ وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كَمْ لِلْعَدَدِ) قَالَ حَجّ: وَيَظْهَرُ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ يَعْلَمُ مَدْلُولَ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ كَمَا ذُكِرَ، وَإِلَّا فَإِنْ عُرِفَ لَهُ فِيهَا عُرْفٌ مُطَّرِدٌ حُمِلَتْ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهُ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ التَّوْكِيلُ لِلْجَهْلِ بِمُرَادِهِ مِنْهَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَعِبَارَتُهُ فِي شَرْحِهِ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ بَيْنَ النَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ لِأَنَّ لَهَا مَدْلُولًا عُرْفِيًّا فَيُحْمَلُ لَفْظُهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ جَهِلَهُ وَلَيْسَ كَمَا يَأْتِي فِي الطَّلَاقِ فِي أَنْ دَخَلَتْ بِالْفَتْحِ لِأَنَّ الْعُرْفَ فِي غَيْرِ النَّحْوِيِّ ثُمَّ لَا يُفَرَّقُ. نَعَمْ قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي النَّذْرِ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الْجَهْلَ بِمَدْلُولِ ذَلِكَ مِنْ أَصْلِهِ صَدَقَ إنْ شَهِدَتْ قَرَائِنُ حَالِهِ بِذَلِكَ اهـ. فَلَعَلَّ مَا نَقَلَهُ سم عَنْهُ لَهُ فِي غَيْرِ الشَّرْحِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: بِمَا بَعْدَهَا) أَيْ عَزَّ وَهَانَ (قَوْلُهُ: يَشْمَلُ عُرْفًا الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ) قَالَ حَجّ: وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي بِأَيِّ شَيْءٍ شِئْت وَبِمَهْمَا شِئْت وَلَوْ قِيلَ بِمَا شِئْت لَمْ يَبْعُدْ (قَوْلُهُ: لِيَبِيعَ مُؤَجَّلًا) هَلْ لَهُ الْبَيْعُ حَالًّا حِينَئِذٍ يَنْبَغِي نَعَمْ إلَّا لِغَرَضٍ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لِظُهُورِ قَصْدِ الْمُحَابَاةِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى قَصْدِ الْمُحَابَاةِ وَإِلَّا جَازَ لَهُ النَّقْصُ عَنْ الْأَجَلِ وَالزِّيَادَةُ عَلَى الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي مُعَيَّنًا (قَوْلُهُ: نَظِيرَ مَا مَرَّ) أَيْ فِي تَعَدُّدِ النَّقْدَيْنِ (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ) سَكَتَ عَنْ الرَّهْنِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يُؤَدِّي لِامْتِنَاعِ الْبَيْعِ، إذْ الْغَالِبُ عَدَمُ رِضَا الْمُشْتَرِي بِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَيَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ إلَخْ، وَمَرَّ فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الْإِشْهَادَ كَانَ شَرْطًا لِلصِّحَّةِ.

وَبَيَانُ الْمُشْتَرِي إنْ لَمْ يَعْرِفْهُ الْمُوَكِّلُ وَإِلَّا ضَمِنَ وَإِنْ نَسِيَ وَلَيْسَ لَهُ قَبْضُ الثَّمَنِ بَعْدَ حُلُولِهِ إلَّا إنْ نَصَّ لَهُ عَلَيْهِ أَوْ دَلَّتْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ كَأَنْ أَذِنَ لَهُ فِي السَّفَرِ لِبَلَدٍ بَعِيدٍ وَالْبَيْعُ فِيهَا بِمُؤَجَّلٍ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ عَدَمُ الصِّحَّةِ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِتَفَاوُتِ الْأَجَلِ طُولًا وَقِصَرًا (وَلَا يَبِيعُ لِنَفْسِهِ) وَإِنْ نَصَّ لَهُ عَلَى ذَلِكَ وَقَدَّرَ الثَّمَنَ وَنَهَاهُ عَنْ الزِّيَادَةِ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ وَدَعْوَاهُ جَوَازُ اتِّحَادِ الطَّرَفَيْنِ عِنْدَ انْتِفَاءِ التُّهْمَةِ بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِهِمْ إذْ عِلَّةُ مَنْعِ الِاتِّحَادِ لَيْسَتْ التُّهْمَةَ بَلْ عَدَمُ انْتِظَامِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ، وَخَرَجَ عَنْ ذَلِكَ الْأَبُ لِعَارِضٍ فَبَقِيَ مَنْ عَدَاهُ عَلَى الْمَنْعِ (وَوَلَدِهِ الصَّغِيرِ) أَوْ الْمَجْنُونِ أَوْ السَّفِيهِ وَلَوْ مَعَ مَا مَرَّ لِئَلَّا يَلْزَمَ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَذِنَ فِي إبْرَاءٍ أَوْ إعْتَاقٍ مِنْ ذَكَرٍ صَحَّ لِانْتِفَاءِ التَّوَلِّي وَلِأَنَّهُ حَرِيصٌ طَبْعًا وَشَرْعًا عَلَى الِاسْتِقْصَاءِ لِمُوَكِّلِهِ فَتَضَادَّا وَأُخِذَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ عِنْدَ انْتِفَائِهِمَا بِأَنْ كَانَ وَلَدُهُ فِي وِلَايَةِ غَيْرِهِ وَقَدَّرَ الْمُوَكِّلُ الثَّمَنَ وَنَهَاهُ عَنْ الزِّيَادَةِ جَازَ الْبَيْعُ لَهُ إذْ لَا تَوَلِّيَ وَلَا تُهْمَةَ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي تَعْلِيقِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ بَيْعِ الْوَلِيِّ مَالَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ حَيْثُ اشْتَرَطَ فِيهِ الرَّهْنَ الِاحْتِيَاطُ لِمَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ يُشْتَرَطُ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُشْهِدْ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَكُنْ الشُّهُودُ حَاضِرَةً وَقْتَ الْبَيْعِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ وَإِنْ أَشْهَدَ فِيمَا بَعْدُ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَيَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ وَبَيَانُ الْمُشْتَرِي حَيْثُ بَاعَ بِمُؤَجَّلٍ وَإِلَّا ضَمِنَ اهـ. وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِلْإِثْمِ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ مَعَ صِحَّةِ الْعَقْدِ وَالضَّمَانِ، وَمِنْ ثَمَّ كَتَبَ عَلَيْهِ سم: لَيْسَ فِيهِ إفْصَاحٌ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ أَوْ فَسَادِهِ عِنْدَ تَرْكِ الْإِشْهَادِ اهـ. وَسَيَأْتِي بِمَا فِيهِ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ وَيُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ وَيَنْبَغِي رُجُوعُ هَذَا، وَقَوْلُهُ وَبَيَانُ الْمُشْتَرِي إلَخْ لِمَا لَوْ بَاعَ بِمُؤَجَّلٍ سَوَاءٌ قَدَّرَ الْمُوَكِّلُ الْأَجَلَ أَوْ أَطْلَقَ (قَوْلُهُ: وَبَيَانُ الْمُشْتَرِي) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ الْوَكِيلُ لِلْمُوَكِّلِ: بِعْته لِفُلَانٍ فَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْهُ لَهُ كَأَنْ قَالَ: بِعْته لِرَجُلٍ لَا أَعْرِفُهُ ضَمِنَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا ضَمِنَ) أَيْ الْقِيمَةَ لَا الْبَدَلَ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهَا تُغْرَمُ لِلْحَيْلُولَةِ. وَكَتَبَ سم قَوْلُهُ وَإِلَّا ضَمِنَ لَيْسَ فِيهِ إفْصَاحٌ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ أَوْ فَسَادِهِ عِنْدَ تَرْكِ الْإِشْهَادِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنَّهُ شَرْطٌ لِعَدَمِ الضَّمَانِ لَا لِلصِّحَّةِ لِأَنَّ الْإِشْهَادَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ، لَكِنْ نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ بِالدَّرْسِ اعْتِمَادُ أَنَّهُ شَرْطٌ لِلصِّحَّةِ وَقَالَ خِلَافًا لحج حَيْثُ جَعَلَهُ شَرْطًا لِلضَّمَانِ اهـ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَسِيَ) أَيْ الْوَكِيلُ (قَوْلُهُ: كَأَنْ أَذِنَ لَهُ فِي السَّفَرِ) هُوَ ظَاهِرٌ إنْ لَمْ تَجْرِ عَادَةُ الْمُوَكِّلِ بِالسَّفَرِ إلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ عَنْ قُرْبٍ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَقْبِضَ إلَّا بَعْدَ مُرَاجَعَةِ الْمُوَكِّلِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ تَرْكَهُ السَّفَرَ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ كَافٍ فِي جَوَازِ الْقَبْضِ بَلْ وُجُوبِهِ لِأَنَّ فِي تَرْكِهِ ضَيَاعًا لَهُ وَهُوَ لَا يَرْضَى بِهِ (قَوْلُهُ: إذْ عِلَّةُ مَنْعِ الِاتِّحَادِ) أَيْ فِيمَا ذُكِرَ فَلَا يُنَافِي أَنَّ التُّهْمَةَ قَدْ تَكُونُ مَانِعَةً مَعَ انْتِفَاءِ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ (قَوْلُهُ: فَبَقِيَ مَنْ عَدَاهُ) شَمِلَ الْوَصِيَّ وَالْقَيِّمَ وَنَاظِرَ الْوَقْفِ فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَلْزَمَ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ) أَيْ لِأَنَّ الْأَبَ إنَّمَا يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ فِي مُعَامَلَتِهِ لِنَفْسِهِ مَعَ مُوَلِّيهِ أَوْ لِمُوَلِّيَتِهِ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُعَامَلَةَ لِغَيْرِهِ، وَلَا يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ وَيَتَوَلَّى هُوَ الطَّرَفَ الْآخَرَ، وَلَا وَكِيلَيْنِ فِي الطَّرَفَيْنِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي النِّكَاحِ أَنَّ مَنْ لَا يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا فِي أَحَدِهِمَا أَوْ وَكِيلَيْنِ فِيهِمَا. نَعَمْ لَوْ وَكَّلَ وَكِيلًا عَنْ طِفْلِهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَيَتَوَلَّى هُوَ الْآخَرَ لَمْ يَبْعُدْ جَوَازُهُ إذَا قَدَّرَ الثَّمَنَ، وَنَهَى عَنْ الزِّيَادَةِ إذْ لَا تُهْمَةَ وَلَا تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ حِينَئِذٍ نَائِبُ طِفْلِهِ لَا نَائِبُهُ كَمَا صَرَّحُوا بِذَلِكَ أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ تَوْكِيلِهِ عَنْ طِفْلِهِ مَا لَوْ أَطْلَقَ فَيَكُونُ وَكِيلًا عَنْ الطِّفْلِ. وَقَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ: أَيْ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ يُطْلِقَ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِيَ. نَعَمْ لَوْ وَكَّلَ وَكِيلًا إلَخْ. وَقَوْلُهُ إذَا قُدِّرَ الثَّمَنُ أَقُولُ: لَوْ قِيلَ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا لِأَنَّ الثَّمَنَ لَهُ مَرَدٌّ شَرْعِيٌّ يُرْجَعُ إلَيْهِ وَهُوَ كَوْنُهُ حَالًّا مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّقْدِيرِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْعِلَّةَ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ (قَوْلُهُ: أَوْ إعْتَاقٍ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَأْتِي مِنْ جَوَازِ التَّوْكِيلِ فِي الْعَفْوِ عَنْ نَفْسِهِ فِي الْقِصَاصِ وَحْدِ الْقَذْفِ (قَوْلُهُ: مِنْ ذَكَرٍ) أَيْ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ وَلَدِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا عَلَى الِاسْتِقْصَاءِ لِمُوَكِّلِهِ) عِبَارَةُ حَجّ: طَبْعًا وَشَرْعًا عَلَى الِاسْتِرْخَاصِ لَهُ وَشَرْعًا عَلَى الِاسْتِقْصَاءِ لِمُوَكِّلِهِ اهـ (قَوْلُهُ: فِي وِلَايَةِ غَيْرِهِ) أَيْ لِفِسْقِ أَبِيهِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَقَدَّرَ الْمُوَكِّلُ الثَّمَنَ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُقَدِّرْ الثَّمَنَ أَوْ قَدَّرَ وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

عَلَى التَّنْبِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَوْ وَكَّلَهُ لِيَهَبَ مِنْ نَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ لِمَا مَرَّ أَوْ فِي تَزْوِيجٍ أَوْ اسْتِيفَاءِ حَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ أَوْ دَيْنٍ مِنْ نَفْسِهِ فَكَذَلِكَ، وَمُقْتَضَاهُ مَنْعُ تَوْكِيلِ السَّارِقِ فِي الْقَطْعِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا لَكِنْ صَرَّحُوا فِي بَابِ اسْتِيفَاءِ الْقَوَدِ بِخِلَافِهِ، وَجَمَعَ الْبُلْقِينِيُّ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ مَا هُنَا عَلَى حَالَةٍ وَمَا هُنَاكَ عَلَى أُخْرَى، وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ ثَمَّ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَيَصِحُّ تَوْكِيلُهُ فِي إبْرَاءِ نَفْسِهِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ فِيهِ وَفِي إعْتَاقِهَا وَالْعَفْوِ عَنْهَا مِنْ قِصَاصٍ أَوْ حَدِّ قَذْفٍ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ) (يَبِيعُ) أَيْ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ مُطْلَقًا (لِأَبِيهِ) وَسَائِرِ أُصُولِهِ (وَابْنِهِ الْبَالِغِ) وَسَائِرِ فُرُوعِهِ الْمُسْتَقِلِّينَ، سَوَاءٌ أَعَيَّنَ الثَّمَنَ أَمْ لَا لِانْتِفَاءِ مَا ذُكِرَ. وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ بِالْمَيْلِ إلَيْهِمْ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ لِمَنْ فُوِّضَ إلَيْهِ أَنْ يُوَلَّى الْقَضَاءَ تَوْلِيَةَ أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ لِأَنَّ هُنَا مُرَادًا يَنْفِي التُّهْمَةَ وَهُوَ ثَمَنُ الْمِثْلِ وَلَا كَذَلِكَ ثَمَّ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي وَكِيلِ الشِّرَاءِ فَلَا يَشْتَرِي مِنْ نَفْسِهِ وَمَحْجُورِهِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ) (الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ) بِحَالٍ (لَهُ قَبْضُ الثَّمَنِ وَتَسْلِيمُ الْمَبِيعِ) الَّذِي بِيَدِهِ مَا لَمْ يَنْهَهُ لِأَنَّهُمَا مِنْ تَوَابِعِ الْبَيْعِ. وَالثَّانِي لَا لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِيهِمَا وَقَدْ يَرْضَاهُ لِلْبَيْعِ دُونَ الْقَبْضِ. نَعَمْ لَهُ فِي نَحْوِ الصَّرْفِ الْقَبْضُ وَالْإِقْبَاضُ قَطْعًا وَالْقَبْضُ مِنْ مُشْتَرٍ مَجْهُولٍ وَالْمُوَكِّلُ غَائِبٌ عَنْ الْبَيْعِ لِئَلَّا يَضِيعَ لَا فِي الْبَيْعِ بِمُؤَجَّلٍ وَإِنْ حَلَّ إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ كَمَا مَرَّ وَهُنَا لَهُ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ جَرَيَانُ ذَلِكَ وَإِنْ بَاعَهُ بِحَالِهِ وَصَحَّحْنَاهُ لِأَنَّ إذْنَ الْمُوَكِّلِ فِي التَّأْجِيلِ عَزْلٌ لَهُ عَنْ قَبْضِ الثَّمَنِ وَإِذْنٌ لَهُ فِي إقْبَاضِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ فَلَمْ يَرْتَفِعْ بِمَا أَتَى بِهِ الْوَكِيلُ وَإِنْ كَانَ أَنْفَعَ لِلْمُوَكِّلِ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ إنَّمَا رَضِيَ بِذَلِكَ مَعَ التَّأْجِيلِ دُونَ الْحُلُولِ، وَلَيْسَ لِمَنْ وُكِّلَ فِي هِبَةٍ تَسْلِيمٌ قَطْعًا لِأَنَّ عَقْدَهَا غَيْرُ مُمَلَّكٍ، فَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا وَحَلَّ أَوْ حَالًّا وَنَهَاهُ عَنْ قَبْضِهِ لَمْ يَمْلِكْ قَبْضَهُ قَطْعًا (وَلَا يُسَلِّمُهُ) أَيْ الْمَبِيعَ (حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ) الْحَالَّ لِمَا فِي التَّسْلِيمِ قَبْلَهُ مِنْ الْخَطَرِ (فَإِنْ خَالَفَ) بِأَنْ سَلَّمَهُ لَهُ بِاخْتِيَارِهِ قَبْلَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالزِّيَادَةِ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ لَهُ، وَهُوَ مُشْكِلٌ بِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي امْتِنَاعِ بَيْعِهِ لِمَنْ هُوَ فِي وِلَايَتِهِ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: إذْ لَا تَوَلِّيَ وَلَا تُهْمَةَ وَبِأَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ لِأَبِيهِ وَابْنِهِ الْبَالِغِ وَإِنْ لَمْ يُقَدِّرْ الثَّمَنَ وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْ الزِّيَادَةِ وَلَا نَظَرَ لِلتُّهْمَةِ فِي ذَلِكَ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ التُّهْمَةَ مَعَ صِغَرِ الْوَلَدِ أَوْ جُنُونِهِ أَقْوَى مِنْهَا فِي الْأَبِ وَالِابْنِ الْكَبِيرِ لِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ زِيَادَةِ الْحُنُوِّ مِنْ الْأَبِ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ أَوْ الْمَجْنُونِ فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى مَنْهَجٍ صَرَّحَ بِالْفَرْقِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: أَوْ قِصَاصٍ) لَعَلَّ الْعِلَّةَ فِي ذَلِكَ عَدَمُ حُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ التَّشَفِّي لِلْمُسْتَحِقِّ مَعَ أَنَّهُ فِي إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى نَفْسِهِ قَدْ يَأْتِي بِمَا لَا يَحْصُلُ بِهِ مَا هُوَ مَقْصُودُ الْحَدِّ شَرْعًا مِمَّا يَحْصُلُ الْأَلَمُ لِلْمَحْدُودِ وَالْعِلَّةُ فِي التَّزْوِيجِ وَاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ نَفْسِهِ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ تَوْكِيلُهُ فِي إبْرَاءِ) هَذَا عَيْنُ قَوْلِهِ السَّابِقِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَذِنَ فِي إبْرَاءِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ فِيهِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَفِي إعْتَاقِهَا) أَيْ نَفْسِهِ، وَهَذِهِ عُلِمَتْ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ أَوْ إعْتَاقٍ مِنْ ذَكَرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَعَيَّنَ) أَيْ الْمُوَكِّلُ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ وَالتُّهْمَةِ (قَوْلُهُ: تَوْلِيَةُ) فَاعِلُ يَجُزْ (قَوْلُهُ: وَلَا كَذَلِكَ ثَمَّ) أَيْ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ هُنَاكَ مَنْ هُوَ أَصْلَحُ مِنْهُمَا مَعَ وُجُودِ الشُّرُوطِ فِي الْكُلِّ حَتَّى لَوْ فَرَضَ انْحِصَارَ الْأَمْرِ فِي أَحَدِهِمَا أَمْكَنَ تَوْلِيَةُ السُّلْطَانِ لَهُ (قَوْلُهُ: مِنْ نَفْسِهِ وَمَحْجُورِهِ) أَيْ وَلَا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَلَا بِنَسِيئَةٍ وَلَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ فِي الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ (قَوْلُهُ: فِي نَحْوِ الصَّرْفِ) أَيْ كَالْمَطْعُومَاتِ وَرَأْسِ مَالِ الْمُسَلَّمِ (قَوْلُهُ: الْقَبْضُ) أَيْ لِأَنَّ الْقَبْضَ فِي الْمَجْلِسِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: وَالْقَبْضُ) أَيْ قَطْعًا (قَوْلُهُ: إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ) أَيْ أَوْ دَلَالَةِ الْقَرِينَةِ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَهُنَا) أَيْ فِي الْبَيْعِ بِمُؤَجَّلٍ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ) أَيْ وَإِنْ حَلَّ الثَّمَنُ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ وَصَحَّحْنَاهُ) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ حَيْثُ لَا ضَرَرَ يَلْحَقُ الْمُوَكِّلَ بِالْحُلُولِ (قَوْلُهُ: فِي هِبَةِ) أَيْ عَقَدَهَا (قَوْلُهُ: تَسْلِيمٍ) أَيْ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بِأَنْ يُقْبِضَهُ إيَّاهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا وَحَلَّ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا لَا فِي الْبَيْعِ بِمُؤَجَّلٍ وَإِنْ حَلَّ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ الْحَالَّ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

قَبْضِ الثَّمَنِ (ضَمِنَ) لِلْمُوَكِّلِ قِيمَةَ الْمَبِيعِ، وَلَوْ مِثْلِيًّا كَمَا مَرَّ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى الثَّمَنِ يَوْمَ التَّسْلِيمِ لِلْحَيْلُولَةِ، فَإِذَا قَبَضَهُ رَدَّهَا، أَمَّا لَوْ أَجْبَرَهُ حَاكِمٌ عَلَى التَّسْلِيمِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ الْأَشْبَهُ حَيْثُ كَانَ يَرَى ذَلِكَ مَذْهَبًا بِالدَّلِيلِ أَوْ تَقْلِيدًا مُعْتَبَرًا، فَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَيْهِ ظَالِمٌ فَكَالْوَدِيعَةِ فَيَضْمَنُ، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَالْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ لَا يُسَلِّمُ الثَّمَنَ حَتَّى يَقْبِضَ الْمَبِيعَ وَإِلَّا ضَمِنَ (وَإِذَا وَكَّلَهُ فِي شِرَاءٍ) مَوْصُوفٍ أَوْ مُعَيَّنٍ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا وَإِنْ جَهِلَ الْمُوَكِّلُ عَيْبَهُ وَمَنْعُ السُّبْكِيّ إجْرَاءَ الْأَقْسَامِ الْآتِيَةِ فِيهِ غَيْرُ صَحِيحٍ (لَا يَشْتَرِي مَعِيبًا) أَيْ لَا يَنْبَغِي لَهُ لِمَا يَأْتِي مِنْ الصِّحَّةِ الْمُسْتَلْزِمَةِ لِلْحِلِّ غَالِبًا فِي أَكْثَرِ الْأَقْسَامِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يَقْتَضِي السَّلَامَةَ، وَإِنَّمَا جَازَ لِعَامِلِ الْقِرَاضِ شِرَاؤُهُ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ الرِّبْحُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْقَصْدَ هُنَا ذَلِكَ جَازَ لَهُ شِرَاؤُهُ (فَإِنْ اشْتَرَاهُ) أَيْ الْمَعِيبَ (فِي الذِّمَّةِ) وَلَمْ يَنُصَّ لَهُ عَلَى السَّلِيمِ (وَهُوَ يُسَاوِي مَعَ الْعَيْبِ مَا اشْتَرَاهُ بِهِ وَقَعَ) الشِّرَاءُ (عَنْ الْمُوَكِّلِ إنْ جَهِلَ) الْوَكِيلُ (الْعَيْبَ) لِانْتِفَاءِ الْمُخَالَفَةِ وَالتَّقْصِيرِ وَالضَّرَرِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ رَدِّهِ. نَعَمْ لَوْ نَصَّ لَهُ عَلَى السَّلِيمِ لَمْ يَقَعْ لِلْمُوَكِّلِ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّهُ الْوَجْهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ وَخَرَجَ بِذِمَّةِ الشِّرَاءِ بِعَيْنِ مَالِ مُوَكِّلِهِ فَيَقَعُ لِلْمُوَكِّلِ أَيْضًا بِهَذِهِ الشُّرُوطِ وَلَكِنْ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ رَدُّهُ لِتَعَذُّرِهِ انْقِلَابَ الْعَقْدِ لَهُ، بِخِلَافِ الشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ فَالتَّقْيِيدُ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ هَذَا خَاصَّةً (وَإِنْ عَلِمَهُ فَلَا) يَقَعُ الشِّرَاءُ لِلْمُوَكِّلِ (فِي الْأَصَحِّ) سَوَاءٌ أَسَاوَى مَا اشْتَرَاهُ أَمْ زَادَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ عُرْفًا. وَالثَّانِي يَقَعُ لَهُ لِأَنَّ الصِّيغَةَ مُطْلَقَةٌ وَلَا نَقْصَ فِي الْمَالِيَّةِ (وَإِنْ لَمْ يُسَاوِهِ) أَيْ مَا اشْتَرَاهُ بِهِ (لَمْ يَقَعْ عَنْهُ) أَيْ الْمُوَكِّلِ (إنْ عَلِمَهُ) أَيْ الْوَكِيلُ الْعَيْبَ لِتَقْصِيرِهِ إذْ قَدْ يَتَعَذَّرُ الرَّدُّ فَيَتَضَرَّرُ (وَإِنْ جَهِلَهُ وَقَعَ لِلْمُوَكِّلِ فِي الْأَصَحِّ) لِعُذْرِ الْوَكِيلِ بِجَهْلِهِ مَعَ انْدِفَاعِ الضَّرَرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSع اُنْظُرْ لَوْ كَانَ الْبَائِعُ وَكِيلًا وَالْمُشْتَرِي وَكِيلًا اهـ. أَقُولُ فِي الْعُبَابِ فِي بَابِ الْبَيْعِ فِي بَحْثِ التَّسْلِيمِ مَا نَصُّهُ: وَلَوْ تَبَايَعَ وَكِيلَانِ أَوْ وَلِيَّانِ أُجْبِرَا مُطْلَقًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا: أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا أَمْ فِي الذِّمَّةِ وَوَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ وَكَّلْتُك فِي كَذَا لِتَتَصَرَّفَ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ هَلْ هُوَ صَحِيحٌ أَمْ بَاطِلٌ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ فِيهِ الصِّحَّةُ، وَيُحْمَلُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِيهِ بِالْبَيْعِ دُونَ الْهِبَةِ وَالْقَرْضِ فَلَهُ بَيْعُهُ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ وَبِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ وَالنَّسِيئَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِثْلِيًّا كَمَا مَرَّ) الَّذِي مَرَّ هُوَ قَوْلُهُ وَإِنْ صَحَّ وَتَعَدَّى الْوَكِيلُ بِالتَّسْلِيمِ إلَخْ وَلَيْسَ فِيهِ مَا ذُكِرَ فَلْيُتَأَمَّلْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ اللَّامَ فِي الْبَدَلِ لِلْعَهْدِ الذِّكْرِيِّ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ ضَمِنَهُ لِلْحَيْلُولَةِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ التَّسْلِيمِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ أَجْبَرَهُ حَاكِمٌ) أَيْ أَوْ مُتَغَلِّبٌ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ حَجّ. وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى مَا قَالَهُ حَجّ أَيْضًا مِنْ أَنَّهُ قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ إكْرَاهِ الظَّالِمِ عَلَى التَّسْلِيمِ هُنَا وَبَيْنَ الْوَدِيعَةِ بِأَنَّ لِلْمُكْرَهِ هُنَا شُبْهَةَ انْتِقَالِ الْمِلْكِ وَثَمَّ لَا شُبْهَةَ لَهُ بِوَجْهٍ، وَأَمَّا عَلَى مَا اسْتَوْجَهَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ إكْرَاهِ الظَّالِمِ وَإِكْرَاهِ الْحَاكِمِ الَّذِي يَرَاهُ فَقَدْ يُشْكِلُ إلْحَاقُ الْمُتَغَلِّبِ بِالْحَاكِمِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُتَغَلِّبُ يَصِيرُ كَالْحَاكِمِ لِدَفْعِ الْمَفَاسِدِ الْمُتَوَلِّدَةِ بِالْفِتَنِ لِمُخَالَفَتِهِ (قَوْلُهُ: فَيَضْمَنُ) أَيْ الْوَكِيلُ أَيْ يَكُونُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا ضَمِنَ) أَيْ الْقِيمَةَ لِلْحَيْلُولَةِ قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ لَهُ فِي تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: عَيْبَهُ) بِالْمُوَحَّدَةِ (قَوْلُهُ: لَا يَشْتَرِي مَعِيبًا) وَهَلْ لَهُ الشِّرَاءُ نَسِيئَةً وَبِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ حَيْثُ رَأَى فِيهِ مَصْلَحَةً أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ إذْ لَا ضَرُورَةَ فِيهِ عَلَى الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ: لَا يَنْبَغِي لَهُ) أَيْ لَا يَحْسُنُ لَهُ (قَوْلُهُ فِي أَكْثَرِ الْأَقْسَامِ) احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ فِي أَكْثَرِ الْأَقْسَامِ عَمَّا لَوْ اشْتَرَى بِالْعَيْنِ وَكَانَ عَالِمًا بِالْعَيْبِ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَيَحْرُمُ لِتَعَاطِيهِ عَقْدًا فَاسِدًا اهـ زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: لِتَمَكُّنِهِ) أَيْ الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ نَصَّ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَمَّا لَوْ نَصَّ إلَخْ لِأَنَّهُ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَلَمْ يَنُصَّ لَهُ (قَوْلُهُ: بِهَذِهِ الشُّرُوطِ) هِيَ عَدَمُ النَّصِّ عَلَى التَّسْلِيمِ وَمُسَاوَاتُهُ مَا اشْتَرَاهُ وَجَهْلُ الْوَكِيلِ الْعَيْبَ (قَوْلُهُ: فَالتَّقْيِيدُ) أَيْ بِقَوْلِهِ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: عَنْ هَذَا) أَيْ قَوْلُهُ لَكِنْ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ رَدُّهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُسَاوِهِ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا جَازَ لِعَامِلِ الْقِرَاضِ إلَخْ) أَيْ جَازَ لَهُ ذَلِكَ دَائِمًا وَبِهِ يَحْصُلُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَكَالَةِ.

بِثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهُ. وَالثَّانِي لَا لِأَنَّ الْغَبْنَ يَمْنَعُ الْوُقُوعَ عَنْهُ مَعَ السَّلَامَةِ فَعِنْدَ الْعَيْبِ أَوْلَى، وَرَدُّهُ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْخِيَارَ يَثْبُتُ فِي الْعَيْبِ فَلَا ضَرَرَ بِخِلَافِ الْغَبْنِ (وَإِذَا وَقَعَ) الشِّرَاءُ فِي الذِّمَّةِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ الرَّدُّ فِي الْمُعَيَّنِ (لِلْمُوَكِّلِ) فِي صُورَتَيْ الْجَهْلِ (فَلِكُلٍّ مِنْ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ الرَّدُّ) بِالْعَيْبِ. أَمَّا الْمُوَكِّلُ فَلِأَنَّهُ الْمَالِكُ وَالضَّرَرُ لَاحِقٌ بِهِ. نَعَمْ يُشْتَرَطُ لِرَدِّهِ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يُسَمِّيَهُ الْوَكِيلُ فِي الْعَقْدِ أَوْ يَنْوِيَهُ وَيُصَدِّقَهُ الْبَائِعُ وَإِلَّا رَدَّهُ عَلَى الْوَكِيلِ، وَلَوْ رَضِيَ بِهِ امْتَنَعَ عَلَى الْوَكِيلِ رَدُّهُ بِخِلَافِ عَكْسِهِ. وَأَمَّا الْوَكِيلُ فَلِأَنَّهُ لَوْ مَنَعَ لَرُبَّمَا لَا يَرْضَى بِهِ الْمُوَكِّلُ فَيَتَعَذَّرُ الرَّدُّ لِكَوْنِهِ فَوْرِيًّا فَيَقَعُ لِلْوَكِيلِ فَيَتَضَرَّرُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ رَضِيَ بِهِ الْمُوَكِّلُ لَمْ يُرَدَّ كَمَا مَرَّ، وَالْعَيْبُ الطَّارِئُ قَبْلَ الْقَبْضِ كَالْقَارِنِ فِي الرَّدِّ وَعَدَمِهِ كَمَا اعْتَمَدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ نَاقِلًا لَهُ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ أَبِي الطَّيِّبِ، وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَقَعْ لِلْمُوَكِّلِ فَإِنْ وَقَعَ الشِّرَاءُ بِالْعَيْنِ لَمْ يَصِحَّ وَإِلَّا وَقَعَ لِلْوَكِيلِ، وَلَهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ شِرَاءُ مَنْ يُعْتَقُ عَلَى مُوَكِّلِهِ فَيُعْتَقُ كَمَا مَرَّ مَا لَمْ يَبِنْ مَعِيبًا فَلِلْمُوَكِّلِ رَدُّهُ وَلَا عِتْقَ خِلَافًا لِلْقَمُولِيِّ (وَلَيْسَ لِوَكِيلٍ أَنْ يُوَكِّلَ بِلَا إذْنٍ إنْ تَأَتَّى مِنْهُ مَا وَكَّلَ فِيهِ) لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ لَمْ يَرْضَ بِتَصَرُّفِ غَيْرِهِ وَلَا ضَرُورَةَ كَالْمُودَعِ لَا يُودِعُ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ أَرَادَ إرْسَالَ مَا وُكِّلَ فِي قَبْضِهِ مِنْ دَيْنٍ مَعَ بَعْضِ عِيَالِهِ فَيَضْمَنُ إنْ فَعَلَهُ خِلَافًا لِلْجُورِيِّ، وَعَلَى رَأْيِهِ يُشْتَرَطُ فِي الْمُرْسَلِ مَعَهُ كَوْنُهُ أَهْلًا لِلتَّسْلِيمِ بِأَنْ يَكُون رَشِيدًا، وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ مَنْعُ التَّوْكِيلِ بِمَا ذُكِرَ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ وَكَّلْتُك فِي بَيْعِهِ وَفِي أَنْ تَبِيعَهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ حَيْثُ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَجَوَّزَ التَّوْكِيلَ مُطْلَقًا فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي (وَإِنْ لَمْ يَتَأَتَّ) مَا وُكِّلَ ـــــــــــــــــــــــــــــSسَوَاءٌ كَانَ الشِّرَاءُ فِي الذِّمَّةِ أَوْ بِالْعَيْنِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُشْتَرَطُ لِرَدِّهِ) أَيْ الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَضِيَ) أَيْ الْمُوَكِّلُ (قَوْلُهُ: امْتَنَعَ عَلَى الْوَكِيلِ رَدُّهُ) لَوْ رَدَّهُ قَبْلَ عِلْمِهِ بِرِضَا الْمُوَكِّلِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ رَاضِيًا بِهِ حِينَ الرَّدِّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَبَيَّنَ بُطْلَانَ الرَّدِّ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَلِأَنَّهُ لَوْ مَنَعَ إلَخْ) أَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ بِتَقْدِيرِ أَنْ لَا رَدَّ لَهُ يَكُونُ أَجْنَبِيًّا فَتَأْخِيرُ الرَّدِّ مِنْهُ حِينَئِذٍ لَا أَثَرَ لَهُ. قَالَ سم عَلَى حَجّ: وَيُجَابُ بِأَنَّ مُجَرَّدَ كَوْنِهِ أَجْنَبِيًّا لَا يَقْتَضِي عَدَمَ النَّظَرِ إلَيْهِ اهـ. هَذَا وَقَدْ يُقَالُ عَدَمُ رِضَا الْمُوَكِّلِ بِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِوُقُوعِ الْعَقْدِ لَهُ لَغْوٌ فَلَا عِبْرَةَ بِعَدَمِ رِضَاهُ وَلَا يَقَعُ بِذَلِكَ لِلْوَكِيلِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ رِضَاهُ أَنْ يَذْكُرَ سَبَبًا يَقْتَضِي عَدَمَ وُقُوعِ الْعَقْدِ لَهُ كَإِنْكَارِ الْوَكَالَةِ بِمَا اشْتَرَى بِهِ الْوَكِيلُ، أَوْ إنْكَارِ تَسْمِيَةِ الْوَكِيلِ إيَّاهُ فِي الْعَقْدِ أَوْ نِيَّتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: كَالْقَارِنِ فِي الرَّدِّ وَعَدَمِهِ) أَيْ لَا فِي عَدَمِ وُقُوعِهِ لِلْمُوَكِّلِ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي شِرَائِهِ وَقْتَ الْعَقْدِ لِسَلَامَتِهِ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: فِي الرَّدِّ وَعَدَمِهِ) أَيْ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إنْ كَانَ الشِّرَاءُ بِالْعَيْنِ فَلَا رَدَّ لِلْوَكِيلِ أَوْ فِي الذِّمَّةِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الرَّدُّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَقَعَ الشِّرَاءُ بِالْعَيْنِ لَمْ يَصِحَّ) لَوْ تَعَذَّرَ الرَّدُّ عَلَى الْبَائِعِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِأَنْ قَصَّرَ الْوَكِيلُ وَلَمْ يُصَدِّقْ الْبَائِعُ أَنَّ الشِّرَاءَ لِلْمُوَكِّلِ وَأَخَذَ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ فَيَنْبَغِي أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي فِي مَسَائِلِ الْجَارِيَةِ أَنْ يُقَالَ يَرُدُّهُ الْمُوَكِّلُ عَلَى الْوَكِيلِ وَيُغَرِّمُهُ بَدَلَ الثَّمَنِ وَلِلْوَكِيلِ بَيْعُهُ بِالظَّفَرِ وَاسْتِيفَاءُ مَا غَرِمَهُ مِنْ ثَمَنِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَقَعَ لِلْوَكِيلِ) وَالْكَلَامُ فِي الْعَيْبِ الْمُقَارِنِ، أَمَّا الطَّارِئُ فَيَقَعُ فِيهِ الْمُوَكِّلُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ اشْتَرَاهُ بِالْعَيْنِ أَوْ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: شِرَاءُ مَنْ يُعْتَقُ) أَيْ وَإِنْ عَلِمَ بِكَوْنِهِ يُعْتَقُ عَلَيْهِ، وَلَا نَظَرَ إلَى ضَرَرِ الْمُوَكِّلِ لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ التَّعْيِينِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الْغَرَضُ مِنْ شِرَائِهِ التِّجَارَةَ فِيهِ مِنْ الْمُوَكِّلِ وَعِبَارَتُهُ فِيمَا مَرَّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كحج: فَإِنْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ عَبْدٍ وَجَبَ بَيَانُ نَوْعِهِ، وَلَوْ اشْتَرَى مَعِيبًا يُعْتَقُ عَلَى الْمُوَكِّلِ صَحَّ وَعَتَقَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْقِرَاضِ لِمُنَافَاتِهِ مَوْضُوعَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا عِتْقَ) قِيَاسُ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى مَعِيبًا لَا يَعْلَمُ عَيْبَهُ وَأَعْتَقَهُ ثُمَّ اطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ مِنْ أَنَّهُ يَنْفُذُ الْعِتْقُ وَلَا رَدَّ وَلَهُ الْأَرْشُ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ لَمَّا أَنْشَأَ الْعِتْقَ هُنَاكَ عُومِلَ بِمُقْتَضَى مَا أَتَى بِهِ، بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّهُ إنَّمَا حُكِمَ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فَاشْتُرِطَ لِصِحَّةِ شِرَائِهِ أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ مَا يَمْنَعُ مِنْ الرِّضَا بِهِ (قَوْلُهُ: بَعْضِ عِيَالِهِ) وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ أَوْلَادُهُ وَمَمَالِيكُهُ وَزَوْجَاتُهُ اهـ حَجّ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِمَنْ ذُكِرَ خَدَمَتُهُ بِإِجَارَةٍ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ: فَيَضْمَنُ) أَيْ خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: وَعَلَى رَأْيِهِ) أَيْ الْجُورِيُّ (قَوْلُهُ: فِي الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ وَكَّلْتُك فِي بَيْعِهِ (قَوْلُهُ: دُونَ الثَّانِي) ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فِيهِ مِنْهُ (لِكَوْنِهِ لَا يُحْسِنُهُ أَوْ لَا يَلِيقُ بِهِ) أَوْ يَشُقُّ عَلَيْهِ تَعَاطِيهِ مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ فِي الْعَادَةِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ (فَلَهُ التَّوْكِيلُ) عَنْ مُوَكِّلِهِ دُونَ نَفْسِهِ لِأَنَّ التَّفْوِيضَ لِمِثْلِهِ إنَّمَا يُقْصَدُ بِهِ الِاسْتِنَابَةُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ الْمُوَكِّلُ جَاهِلًا بِحَالِهِ أَوْ اعْتَقَدَ خِلَافَ حَالِهِ امْتَنَعَ تَوْكِيلُهُ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّهُ ظَاهِرٌ وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي قَوْلِهِ (وَلَوْ كَثُرَ) الْمُوَكَّلُ فِيهِ (وَعَجَزَ) الْوَكِيلُ (عَنْ الْإِتْيَانِ بِكُلِّهِ) (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُوَكِّلُ) عَنْ مُوَكِّلِهِ فَقَطْ، فَلَوْ وَكَّلَ عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ أَوْ أَطْلَقَ وَقَعَ عَنْ الْمُوَكِّلِ (فِيمَا زَادَ عَلَى الْمُمْكِنِ) دُونَ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ الْمُضْطَرُّ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُمْكِنِ: أَيْ فِي الْعَادَةِ بِأَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ كَبِيرُ مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ غَالِبًا فِيمَا يَظْهَرُ، وَفِي كَلَامِ مُجَلِّي مَا يُقَارِبُ ذَلِكَ وَتَزْيِيفُ مُقَابِلِهِ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْمُرَادَ عَدَمُ تَصَوُّرِ الْقِيَامِ بِالْكُلِّ مَعَ بَذْلِ الْمَجْهُودِ، وَلَوْ طَرَأَ الْعَجْزُ لِطُرُوِّ نَحْوِ مَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ امْتَنَعَ تَوْكِيلُهُ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ، وَكَطُرُوِّ الْعَجْزِ مَا لَوْ جَهِلَ الْمُوَكِّلُ حَالَ تَوْكِيلِهِ ذَلِكَ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ آنِفًا عَنْ الْإِسْنَوِيِّ، فَإِنْ كَانَ التَّوْكِيلُ فِي حَالِ عِلْمِهِ بِسَفَرِهِ أَوْ مَرَضِهِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ (وَلَوْ) (أَذِنَ) الْمُوَكِّلُ فِي التَّوْكِيلِ (وَقَالَ) لِلْوَكِيلِ: (وَكِّلْ عَلَى نَفْسِك فَفَعَلَ فَالثَّانِي وَكِيلُ الْوَكِيلِ) عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْإِذْنِ، وَلِلْمُوَكِّلِ عَزْلُهُ أَيْضًا كَمَا أَفْهَمَهُ جَعْلُهُ وَكِيلَ وَكِيلِهِ، إذْ مَنْ مَلَكَ عَزْلَ الْأَصْلِ مَلَكَ عَزْلَ فَرْعِهِ بِالْأَوْلَى، وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تُفْهِمُ ذَلِكَ أَيْضًا فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ (وَالْأَصَحُّ) ـــــــــــــــــــــــــــــSهُوَ قَوْلُهُ وَفِي أَنْ تَبِيعَهُ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الثَّانِيَ مُشْتَمِلٌ عَلَى نِسْبَةِ الْبَيْعِ لِلْوَكِيلِ صَرِيحًا وَلَا كَذَلِكَ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ لَا يُحْسِنُهُ) أَيْ أَصْلًا، أَمَّا إذَا أَحْسَنَهُ لَكِنْ كَانَ غَيْرُهُ فِيهِ أَحْذَقَ مِنْهُ لَمْ يَجُزْ التَّوْكِيلُ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ لَمْ يَرْضَ بِيَدِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ إنَّمَا يَقْصِدُ بِهِ الِاسْتِنَابَةَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ وَإِنْ صَارَ أَهْلًا لِمُبَاشَرَتِهِ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: امْتَنَعَ تَوْكِيلُهُ) أَيْ وَلَوْ فَعَلَهُ لَمْ يَصِحَّ وَإِذَا تَسَلَّمَ ضَمِنَ (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي مِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ قَوْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ الْمُوَكِّلُ جَاهِلًا إلَخْ (قَوْلُهُ: امْتَنَعَ تَوْكِيلُهُ) أَيْ وَذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُوَكِّلَ لَمْ يَرْضَ بِتَصَرُّفِ غَيْرِهِ، لَكِنْ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ ثُمَّ وَلَا ضَرُورَةَ كَالْمُودَعِ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ دَعَتْ الضَّرُورَةُ إلَى التَّوْكِيلِ عِنْدَ طُرُوُّ مَا ذُكِرَ كَأَنْ خِيفَ تَلَفُهُ لَوْ لَمْ يُبَعْ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ الرَّفْعُ فِيهِ إلَى قَاضٍ وَلَا إعْلَامُ الْمُوَكِّلِ جَازَ لَهُ التَّوْكِيلُ، بَلْ قَدْ يُقَالُ بِوُجُوبِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَبَقِيَ عَكْسُهُ وَهُوَ مَا لَوْ وَكَّلَ عَاجِزًا ثُمَّ قَدَرَ هَلْ لَهُ الْمُبَاشَرَةُ بِنَفْسِهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْمَارِّ كحج لِأَنَّ التَّفْوِيضَ لِمِثْلِهِ إنَّمَا يُقْصَدُ بِهِ الِاسْتِنَابَةُ، لَكِنْ عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: لِأَنَّ التَّفْوِيضَ لِمِثْلِ هَذَا لَا يُقْصَدُ مِنْهُ عَيْنُهُ اهـ. وَمُقْتَضَاهَا أَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ حُصُولَ الْمُوَكِّلِ فِيهِ مِنْ جِهَةِ الْوَكِيلِ فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْمُبَاشَرَةِ بِنَفْسِهِ وَالتَّفْوِيضِ إلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَكَطُرُوِّ الْعَجْزِ) لَا حَاجَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ أَطْلَقَ وَقَعَ عَنْ الْمُوَكِّلِ) لَا يَخْفَى جَرَيَانُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَكَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهُ هُنَاكَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ التَّوْكِيلُ فِي حَالِ عِلْمِهِ إلَخْ) هَذَا قَسِيمُ قَوْلِهِ وَلَوْ طَرَأَ الْعَجْزُ لِطُرُوِّ نَحْوِ مَرَضٍ إلَخْ، فَكَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهُ عَقِبَهُ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بِقَوْلِهِ وَكَطُرُوِّ الْعَجْزِ إلَخْ مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ وَكَطُرُوِّ الْعَجْزِ إلَخْ مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَسَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي قَوْلِهِ الَّذِي دَخَلَ بِهِ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ كَثُرَ إلَخْ، وَعُذْرُهُ أَنَّهُ تَبِعَ هُنَاكَ صَنِيعَ التُّحْفَةِ ثُمَّ تَبِعَ هُنَا شَرْحَ الرَّوْضِ بِهَذَا التَّصَرُّفِ فَحَصَلَ التَّكْرَارُ مَعَ الْإِيهَامِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَوْ وَكَّلَهُ فِيمَا يُمْكِنُهُ عَادَةً وَلَكِنَّهُ عَاجِزٌ عَنْهُ بِسَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ، فَإِنْ كَانَ التَّوْكِيلُ فِي حَالِ عِلْمِهِ بِسَفَرِهِ أَوْ مَرَضِهِ جَازَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ، وَإِنْ طَرَأَ الْعَجْزُ فَلَا خِلَافًا لِلْجُورِيِّ، قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ، وَكَطُرُوِّ الْعَجْزِ مَا لَوْ جَهِلَ الْمُوَكِّلُ حَالَ تَوْكِيلِهِ ذَلِكَ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ آنِفًا عَنْ الْإِسْنَوِيِّ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تُفْهِمُ ذَلِكَ أَيْضًا) أَيْ كَمَا أَفْهَمَتْهُ عِبَارَةُ أَصْلِهِ حَيْثُ عَبَّرَ فِيمَا يَأْتِي بِقَوْلِهِ لَكِنْ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ، فَفِي إتْيَانِهِ بِلَكِنَّ تَنْبِيهٌ عَلَى ذَلِكَ، فَحِينَئِذٍ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُحَرَّرُ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ فَالثَّانِي وَكِيلُ الْوَكِيلِ بِاللَّازِمِ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ زِيَادَةً عَلَى الْمُحَرَّرِ، إذْ الضَّمِيرُ فِي عَزْلِهِ رَاجِعٌ فِي عِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ لِلْمُوَكِّلِ وَفِي عِبَارَةِ

عَلَى الْأَصَحِّ السَّابِقِ (أَنَّهُ) أَيْ الثَّانِيَ (يَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ) أَيْ الْأَوَّلِ إيَّاهُ (وَانْعِزَالُهُ) بِنَحْوِ مَوْتِهِ أَوْ جُنُونِهِ أَوْ عَزْلِ الْمُوَكِّلِ لَهُ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ وَسَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ فِيمَا يَنْعَزِلُ بِهِ الْوَكِيلُ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِغَيْرِ ذَلِكَ، وَالثَّانِي لَا يَنْعَزِلُ بِذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْ الْمُوَكِّلِ (وَإِنْ قَالَ وَكِّلْ عَنِّي) وَعَيِّنْ الْوَكِيلَ أَوَّلًا فَفَعَلَ (فَالثَّانِي وَكِيلُ الْمُوَكِّلِ) لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْإِذْنِ (وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ) بِأَنْ لَمْ يَقُلْ عَنْك وَلَا عَنِّي (فِي الْأَصَحِّ) إذْ تَوْكِيلُهُ لِلثَّالِثِ تَصَرُّفٌ تَعَاطَاهُ بِإِذْنِ الْمُوَكِّلِ فَوَجَبَ وُقُوعُهُ عَنْهُ وَالثَّانِي أَنَّهُ وَكِيلُ الْوَكِيلِ وَكَأَنَّهُ قَصَدَ تَسْهِيلَ الْأَمْرِ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ قَالَ الْإِمَامُ أَوْ الْقَاضِي لِنَائِبِهِ: اسْتَنِبْ فَاسْتَنَابَ فَإِنَّهُ نَائِبٌ عَنْهُ لَا عَنْ مُنِيبِهِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْوَكِيلَ نَاظِرٌ فِي حَقِّ مُوَكِّلِهِ فَحُمِلَ الْإِطْلَاقُ عَلَيْهِ وَتَصَرُّفَاتُ الْقَاضِي لِلْمُسْلِمِينَ فَهُوَ نَائِبٌ عَنْهُمْ وَلِذَا نَفَذَ حُكْمُهُ لِمُسْتَنِيبِهِ، وَعَلَيْهِ فَالْغَرَضُ بِالِاسْتِنَابَةِ مُعَاوَنَتُهُ وَهُوَ رَاجِعٌ لَهُ (قُلْت: وَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ) وَهُمَا إذَا قَالَ عَنِّي أَوْ أَطْلَقَ (لَا يَعْزِلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ وَلَا يَنْعَزِلُ بِانْعِزَالِهِ) لِانْتِفَاءِ كَوْنِهِ وَكِيلًا عَنْهُ (وَحَيْثُ جَوَّزْنَا لِلْوَكِيلِ التَّوْكِيلَ) عَنْهُ أَوْ عَنْ الْمُوَكِّلِ (يُشْتَرَطُ أَنْ يُوَكِّلَ أَمِينًا) كَافِيًا لِذَلِكَ التَّصَرُّفِ وَإِنْ عَيَّنَ لَهُ الثَّمَنَ، وَالْمُشْتَرِيَ إذْ شَرْطُ الِاسْتِنَابَةِ عَنْ الْغَيْرِ الْمَصْلَحَةُ (إلَّا أَنْ يُعَيِّنَ الْمُوَكِّلُ غَيْرَهُ) أَيْ الْأَمِينِ فَيُتَّبَعُ تَعْيِينُهُ لِإِذْنِهِ فِيهِ. نَعَمْ لَوْ عَلِمَ الْوَكِيلُ فِسْقَهُ دُونَ مُوَكِّلِهِ لَمْ يُوَكِّلْهُ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ كَمَا لَا يَشْتَرِي مَا عَيَّنَهُ مُوَكِّلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ عَيْبَهُ وَالْوَكِيلُ يَعْلَمُهُ، فَإِنْ عَيَّنَ لَهُ فَاسِقًا فَزَادَ فِسْقُهُ امْتَنَعَ تَوْكِيلُهُ أَيْضًا كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي نَظِيرِهِ فِي عَدْلِ الرَّهْنِ لَوْ زَادَ فِسْقُهُ، وَمَحِلُّ مَا تَقَرَّرَ فِيمَنْ وَكَّلَ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنْ وَكَّلَ عَنْ غَيْرِهِ كَوَلِيٍّ لَمْ يُوَكِّلْ إلَّا عَدْلًا، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ تَوْكِيلِ غَيْرِ الْأَمِينِ وَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSإلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ آنِفًا وَيَأْتِي مِثْلُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ عَزْلِ الْمُوَكِّلِ لَهُ) أَيْ لِلْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الثَّانِيَ (قَوْلُهُ: نَائِبُهُ) أَيْ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ ذَلِكَ) كَجُنُونِهِ أَوْ إغْمَائِهِ (قَوْلُهُ: عَنْهُ) أَيْ الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ نَائِبٌ عَنْهُ) أَيْ عَنْ النَّائِبِ (قَوْلُهُ: لَا عَنْ مُنِيبِهِ) أَيْ وَهُوَ الْإِمَامُ أَوْ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: أَنْ يُوَكِّلُ أَمِينًا) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ الْأَمِينُ رَقِيقًا وَأَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي التَّوْكِيلِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ وَاضِحٌ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ أَمِينًا قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَ فَاسِقًا لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ كَانَ الْمَالُ تَحْتَ يَدِ الْمُوَكِّلِ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنَّمَا وَكَّلَ الْفَاسِقَ فِي مُجَرَّدِ الْعَقْدِ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّارِحِ الْآتِي فِيمَا لَوْ وَكَّلَ الْوَلِيُّ عَدْلًا فَفَسَقَ حَيْثُ قَالَ وَلَا يُنَافِيهِ: أَيْ عَدَمُ عَزْلِهِ وَبَقَاءُ الْمَالِ فِي يَدِهِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْوَلِيَّ لَا يُوَكِّلُ فِي مَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فَاسِقًا لِأَنَّ ذَاكَ بِالنِّسْبَةِ لِلِابْتِدَاءِ، لَكِنْ قَالَ حَجّ: ثُمَّ تَوْجِيهًا لِعَدَمِ انْعِزَالِهِ بِالْفِسْقِ أَنَّ الَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّ مَحِلَّ مَا مَرَّ مِنْ مَنْعِ تَوْكِيلِ الْفَاسِقِ فِي بَيْعِ مَالِ الْمَحْجُورِ مَا إذَا تَضَمَّنَ وَضْعَ يَدِهِ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِمَنْعِهِ مِنْ مُجَرَّدِ الْعَقْدِ لَهُ اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِي جَوَازِ تَوْكِيلِ الْفَاسِقِ حَيْثُ لَمْ يُسَلِّمْهُ الْمَالَ (قَوْلُهُ: لَمْ يُوَكِّلْهُ) أَيْ لَمْ يَجُزْ وَلَمْ يَنْفُذْ تَوْكِيلُهُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعْلَمْ) أَيْ الْمُوَكِّلُ (قَوْلَهُ إلَّا عَدْلًا) أَيْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ عَيَّنَ لَهُ فَاسِقًا أَوْ غَيْرَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمِنْهَاجِ لِلْوَكِيلِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَانْعِزَالُهُ إذْ لَا انْعِزَالَ لِلْمُوَكِّلِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ السَّابِقِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْأَصَحَّ السَّابِقَ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ خِلَافٌ هَلْ يَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ وَانْعِزَالِهِ أَوْ لَا؟ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْحَاصِلُ أَنَّ الْخِلَافَ هَلْ هُوَ فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ وَكِيلُ الْوَكِيلِ أَوْ وَكِيلُ الْمُوَكِّلِ؟ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ انْعَزَلَ بِعَزْلِ الْوَكِيلِ وَانْعِزَالِهِ، وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي فَلَا وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ مِنْ الْعِنَايَةِ بِكَلَامِ الشَّارِحِ لِيَصِحَّ بِأَنْ يُقَالَ مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَى الْأَصَحِّ السَّابِقِ: أَيْ بِنَاءً عَلَيْهِ بِقَرِينَةِ تَصْرِيحِهِ بِالْبِنَاءِ فِي الْمُقَابِلِ، فَالْأَصَحُّ مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَصَحِّ وَمُقَابِلُهُ عَلَى مُقَابِلِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَكَّلَ عَنْ غَيْرِهِ) عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ قَيَّدْتُ إطْلَاقَهُ بِقَوْلِي عَنْ نَفْسِهِ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ عَيَّنَ الْوَلِيُّ وَنَحْوُهُ لِوَكِيلِهِ غَيْرَ الْأَمِينِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ تَوْكِيلُهُ قَطْعًا وَلَا تَوْكِيلُ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: فِي الصُّوَرِ الْمُتَقَدِّمَةِ) أَيْ حَيْثُ وَقَعَ التَّوْكِيلُ عَنْ الْمُوَكِّلِ

[فصل في بقية من أحكام الوكالة]

قَالَ لَهُ: وَكِّلْ مَنْ شِئْت وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ، وَفَارَقَ مَا لَوْ قَالَتْ لِوَلِيِّهَا: زَوِّجْنِي مِمَّنْ شِئْت حَيْثُ جَازَ لَهُ تَزْوِيجُهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا حِفْظُ الْمَالِ وَحُسْنُ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَغَيْرُ الْأَمِينِ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ ذَلِكَ، وَثَمَّ مُجَرَّدُ صِفَةِ كَمَالٍ هِيَ الْكَفَاءَةُ، وَقَدْ يُتَسَامَحُ بِتَرْكِهَا بَلْ قَدْ يَكُونُ غَيْرُ الْكُفْءِ أَصْلَحَ (وَلَوْ وَكَّلَ) الْوَكِيلُ (أَمِينًا) فِي شَيْءٍ مِنْ الصُّورَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ (فَفَسَقَ لَمْ يَمْلِكْ الْوَكِيلُ عَزْلَهُ فِي الْأَصَحِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ أُذِنَ فِي التَّوْكِيلِ دُونَ الْعَزْلِ. وَالثَّانِي نَعَمْ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي التَّوْكِيلِ يَقْتَضِي تَوْكِيلَ الْأُمَنَاءِ فَإِذَا فَسَقَ لَمْ يَجُزْ اسْتِعْمَالُهُ فَيَجُوزُ عَزْلُهُ. فَصْلٌ فِي بَقِيَّةٍ مِنْ أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ أَيْضًا وَهِيَ مَا يَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ عِنْدَ التَّقْيِيدِ لَهُ بِغَيْرِ الْأَجَلِ وَمُخَالَفَتُهُ لِمَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ وَكَوْنُ يَدِهِ يَدَ أَمَانَةٍ وَتَعَلُّقُ أَحْكَامِ الْعَقْدِ بِهِ (قَالَ: بِعْ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ أَوْ فِي زَمَنٍ) مُعَيَّنٍ (أَوْ مَكَانٌ مُعَيَّنٍ) (تَعَيَّنَ) يَعْنِي بِتَعْيِينِهِ فِي الْجَمِيعِ نَحْوُ لِزَيْدٍ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي سُوقِ كَذَا، كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ مُرِيدًا بِهِ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ " مُعَيَّنٍ " وَمَا بَعْدَهُ حِكَايَةٌ لِلَّفْظِ الْمُوَكِّلِ بِالْمَعْنَى، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْمُوَكِّلَ. (فَصْلٌ) فِي بَقِيَّةٍ مِنْ أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ (قَوْلُهُ: وَمُخَالَفَتُهُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَا يَجِبُ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ، وَالْأَصْلُ وَحُكْمُ مُخَالَفَتِهِ فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ لَيْسَتْ مِنْ الْأَحْكَامِ (قَوْلُهُ: قَالَ بِعْ) وَمِثْلُ الْبَيْعِ غَيْرُهُ مِنْ سَائِرِ الْعُقُودِ كَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: لِشَخْصٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَبِيعُ مِنْهُ وَيَمْتَنِعُ الْبَيْعُ مِنْ غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ هُوَ إلَّا ثَمَنَ الْمِثْلِ وَإِنْ رَغِبَ غَيْرُهُ بِزِيَادَةٍ عَنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ لِامْتِنَاعِ الْبَيْعِ مِنْ الرَّاغِبِ بِهَا فَهِيَ كَالْعَدَمِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحِلَّ التَّعَيُّنِ إذَا لَمْ تَدُلَّ الْقَرِينَةُ عَلَى عَدَمِ إرَادَةِ التَّقْيِيدِ بِهِ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَوْ لَمْ يَبِعْ مِنْ غَيْرِهِ نُهِبَ الْمَبِيعُ وَفَاتَ عَلَى الْمَالِكِ جَازَ الْبَيْعُ مِنْ غَيْرِهِ لِلْقَطْعِ بِرِضَا الْمَالِكِ بِذَلِكَ، وَأَنَّ الْمُرَادَ التَّقْيِيدُ بِهِ فِي غَيْرِ مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ. فَإِنْ قُلْت: قِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّ الشَّخْصَ لَوْ لَمْ يَأْذَنْ فِي بَيْعِ مَالِهِ لِأَحَدٍ فَرَأَى شَخْصٌ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَبِعْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ نُهِبَ وَفَاتَ عَلَى مَالِكِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ. قُلْت: فِيهِ نَظَرٌ، وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ لِأَنَّهُ هُنَا إذْنٌ فِي الْبَيْعِ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِهِ هُنَاكَ فَإِنَّهُ لَا إذْنَ مُطْلَقًا اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحِلَّ الْمَنْعِ إذَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ رِضَا مَالِكِهِ بِأَنَّهُ يَبِيعُهُ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِلْمَنْعِ، وَقَدْ قِيلَ بِمِثْلِهِ فِي عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ هَذَا مِنْهُ وَفَرْضُهُ فِي الشَّخْصِ الْمُعَيَّنِ لَيْسَ قَيْدًا بَلْ مِثْلُهُ الْمَكَانُ الْمُعَيَّنُ إذَا خَرَجَ عَنْ الْأَهْلِيَّةِ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ فَيَجُوزُ لَهُ الْبَيْعُ فِي غَيْرِهِ حَيْثُ خِيفَ عَلَيْهِ النَّهْبُ أَوْ التَّلَفُ لَوْ لَمْ يَبِعْهُ فِي غَيْرِهِ، أَمَّا لَوْ خَرَجَ السُّوقُ الْمُعَيَّنُ عَنْ الصَّلَاحِيَّةِ مَعَ بَقَاءِ الْأَمْنِ فِي الْبَلَدِ وَعَدَمِ الْخَوْفِ عَلَى الْمُوَكَّلِ فِيهِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فِي غَيْرِ الْمَكَانِ الْمُعَيَّنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي بَقِيَّةٍ مِنْ أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ] (فَصْلٌ فِي بَقِيَّةٍ مِنْ أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ) (قَوْلُهُ: يَعْنِي بِتَعْيِينِهِ فِي الْجَمِيعِ إلَخْ) هَذَا إنَّمَا قَالَهُ الشَّارِحُ الْجَلَالُ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مُعَيَّنٍ، فَمُرَادُهُ بِهِ تَفْسِيرُ الْمُرَادِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مُعَيَّنٍ: أَيْ إنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ مِنْ تَعْيِينِ الْمُوَكِّلِ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ عَنْهُ بِمُعَيَّنٍ أَنْ يَقُولَ الْمُوَكِّلُ لِزَيْدٍ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي سُوقِ كَذَا فَنَحْوُ فِي كَلَامِهِ مَفْعُولٌ لِيَعْنِيَ (قَوْلُهُ: مُرِيدًا بِهِ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ مُعَيَّنٌ وَمَا بَعْدَهُ) الصَّوَابُ إسْقَاطُ لَفْظِ وَمَا بَعْدَهُ، وَعُذْرُهُ أَنَّهُ شَرَحَ كَلَامَ الْجَلَالِ بِكَلَامِ الشِّهَابِ حَجّ، وَالشِّهَابُ الْمَذْكُورُ إنَّمَا قَالَ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ وَأَحَالَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ صَنِيعِهِ

إذْ الْمُوَكِّلُ لَا يَقُولُ ذَلِكَ بَلْ مِنْ فُلَانٍ وَهَذَا وَاضِحٌ، وَوَجْهُ تَعَيُّنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي تَخْصِيصِهِ كَطِيبِ مَالِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ أَصْلًا عَمَلًا بِإِذْنِهِ، فَلَوْ بَاعَ مِنْ وَكِيلِهِ لَمْ يَصِحَّ سَوَاءٌ أَتَقَدَّمَ الْإِيجَابُ أَمْ الْقَبُولُ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالسِّفَارَةِ أَمْ لَا كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ، وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: بِعْ مِنْ وَكِيلِ زَيْدٍ: أَيْ لِزَيْدٍ فَبَاعَ مِنْ زَيْدٍ لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ كَانَ الْوَكِيلُ أَسْهَلَ مِنْهُ أَوْ أَرْفَقَ، وَلَوْ مَاتَ زَيْدٌ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ امْتَنَعَ مِنْ الشِّرَاءِ إذْ تَجُوزُ رَغْبَتُهُ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: بِعْ هَذَا مِنْ أَيْتَامِ زَيْدٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ حُمِلَ عَلَى الْبَيْعِ لِوَلِيِّهِمْ، وَلَا نَقُولُ بِفَسَادِ التَّوْكِيلِ أَصْلًا عَمَلًا بِإِذْنِهِ، فَلَوْ بَاعَ مِنْ وَكِيلِهِ لَمْ يَصِحَّ: نَعَمْ لَوْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الرِّبْحِ وَأَنَّهُ لَا غَرَضَ لَهُ فِي التَّعْيِينِ سِوَاهُ لِكَوْنِ الْمُعَيِّنِ يَرْغَبُ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ كَقَوْلِ التَّاجِرِ لِغُلَامِهِ: بِعْ هَذَا عَلَى السُّلْطَانِ فَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ جَوَازُ الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ، وَاعْتَرَضَ بِأَنَّهُ لِرَغْبَتِهِ فِيهِ قَدْ يَزِيدُهُ فِي الثَّمَنِ وَهَذَا غَرَضٌ صَحِيحٌ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّمَا يَأْتِي أَصْلُ الْبَحْثِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي فِي الْمَكَانِ مَا لَمْ يُفَرَّقْ بِكَوْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَرْعٌ] قَالَ ع: لَوْ قَالَ: أَنْفِقْ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ عَلَى أَهْلِي فِي رَمَضَانَ فَأَنْفَقَهَا فِي غَيْرِهِ ضَمِنَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ وَوَجْهُ تَعَيُّنِ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ قَالَ: بِعْ لِشَخْصٍ وَلَوْ امْتَنَعَ الْمُعَيِّنُ مِنْ الشِّرَاءِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ لِغَيْرِهِ بَلْ يُرَاجَعُ الْمُوَكِّلُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ بَعْدُ وَلَوْ مَاتَ زَيْدٌ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ إلَخْ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحِلَّهُ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْهُ بِخُصُوصِهِ بَلْ لِسُهُولَةِ الْبَيْعِ مِنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ بَاعَ مِنْ وَكِيلِهِ) أَيْ أَوْ عَبْدِهِ وِفَاقًا ل م ر لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ إثْبَاتُ إذْنِهِ لِعَبْدِهِ وَتَتَعَلَّقُ الْعُهْدَةُ بِالْعَبْدِ وَقَدْ لَا يَكُونُ غَرَضُهُ ذَلِكَ كَمَا قِيلَ بِمِثْلِهِ فِي امْتِنَاعِ الْبَيْعِ مِنْ الْوَكِيلِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحِلَّ الْبُطْلَانِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَكِيلُهُ مِثْلَهُ أَوْ أَرْفَقَ مِنْهُ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرَهُ فِيمَا لَوْ قَالَ: بِعْ مِنْ وَكِيلِ زَيْدٍ فَبَاعَ مِنْ زَيْدٍ لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا قِيلَ فِي عَدَمِ صِحَّةِ الْبَيْعِ مِنْ عَبْدِهِ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ عَدَمَ ثُبُوتِ الْإِذْنِ لِلْعَبْدِ يُؤَدِّي إلَى تَأَخُّرِ الْمُطَالَبَةِ إلَى الْعِتْقِ وَالْيَسَارِ وَقَدْ لَا يَتَّفِقُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُصَرِّحْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ الْقَبُولُ (قَوْلُهُ أَيْ لِزَيْدٍ) أَيْ دُونَ نَفْسِ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ فَلَا تَبْطُلُ فِيمَا يَظْهَرُ لِجَوَازِ زَوَالِ الْمَانِعِ عَنْ زَيْدٍ فَيَبِيعُ لَهُ الْوَكِيلُ بَعْدَ الزَّوَالِ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ وُصُولُهُ لِزَيْدٍ وَزَيْدٌ بَاقٍ، نَعَمْ لَوْ لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ زَيْدٍ وَإِنَّمَا دَلَّتْ عَلَى إرَادَةِ الْبَيْعِ مِنْ وَكِيلِ زَيْدِ بِصِفَةِ الْوَكَالَةِ اُحْتُمِلَ أَنْ يُقَالَ بِالْبُطْلَانِ لِأَنَّ وَكَالَةَ زَيْدٍ بَطَلَتْ بِجُنُونِ زَيْدٍ وَإِنْ قَلَّ وَاحْتُمِلَ بَقَاءُ الْوَكَالَةِ هُنَا لِاحْتِمَالِ إفَاقَةِ زَيْدٍ بَعْدُ وَتَجْدِيدِهِ الْوَكَالَةَ، وَيَنْبَغِي لَهُ مُرَاجَعَةُ الْمُوَكِّلِ وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنَّ مَحِلَّ عَدَمِ الْبُطْلَانِ مَا إذَا كَانَ الزَّمَنُ الْمُعَيَّنُ بَاقِيًا، فَلَوْ دَامَ الْجُنُونُ مَثَلًا إلَى مُضِيِّ الزَّمَنِ الْمُعَيَّنِ انْعَزَلَ (قَوْلُهُ: وَلَا نَقُولُ بِفَسَادِ التَّوْكِيلِ) وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ مِنْ الْأَيْتَامِ لَوْ بَلَغُوا رُشَدَاءَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَتُتَّجَهُ الصِّحَّةُ لِأَنَّهُ إنَّمَا انْصَرَفَ لِلْوَلِيِّ لِلضَّرُورَةِ فَإِذَا كَمَلُوا جَازَ الْبَيْعُ مِنْهُمْ لِزَوَالِ السَّبَبِ الصَّارِفِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الْوَلِيُّ أَسْهَلَ فِي الْمُعَامَلَةِ مِنْهُمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ قَالَ بِعْ مِنْ وَكِيلِ زَيْدٍ فَبَاعَ مِنْ زَيْدٍ حَيْثُ قِيلَ بِالْبُطْلَانِ إذَا كَانَ الْوَكِيلُ أَسْهَلَ بِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ ثَمَّ إلَى الْبَيْعِ مِنْ الْمُوَكِّلِ فَعُدُولُهُ عَنْ الْوَكِيلِ السَّهْلِ إلَى الْمُوَكِّلِ مَعَ إمْكَانِهِ تَقْصِيرٌ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ تَعَذَّرَ الْبَيْعُ لِلْوَلِيِّ بَعْدَ رُشْدِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ) أَيْ الْمُعَيَّنَ (قَوْلُهُ: إنَّمَا يَأْتِي أَصْلُ) وَكَأَنَّهُ إنَّمَا زَادَ لَفْظَ الْأَصْلِ لِئَلَّا يَسْبِقَ الذِّهْنُ إلَى قَوْلِهِ وَاعْتُرِضَ إلَخْ (قَوْلُهُ: الْبَحْثِ) هُوَ قَوْلُهُ فَالْمُتَّجَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ) أَيْ فِي تَقْيِيدِهِ الْبُطْلَانَ بِمَا إذَا تَقَدَّمَ الْإِيجَابُ أَوْ الْقَبُولُ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالسِّفَارَةِ: أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا تَقَدَّمَ أَحَدُهُمَا وَصَرَّحَ بِالسِّفَارَةِ فِي الْمُتَقَدِّمِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ: فَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) كَانَ الْمُنَاسِبُ حَيْثُ هُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَهُ كَمَا سَيَأْتِي لَهُ أَنْ يَقُولَ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ

التَّعْيِينِ ثَمَّ لَمْ يُعَارِضْهُ مَا يُلْغِيهِ وَهُنَا عَارَضَتْهُ الْقَرِينَةُ الْمُلْغِيَةُ لَهُ، لَوْلَا أَنَّ ذَلِكَ الْمُعَيَّنَ قَدْ يَزِيدُ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ وَذَلِكَ مُوَافِقٌ لِغَرَضِهِ وَهُوَ زِيَادَةُ الرِّبْحِ، فَاتَّضَحَ أَنَّ تَعْيِينَهُ لَا يُنَافِي غَرَضَهُ بَلْ يُوَافِقُهُ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ. وَوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَدْعُو لِلْبَيْعِ فِيهِ خَاصَّةً فَلَا يَجُوزُ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ وَلَوْ فِي الطَّلَاقِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ نَقْلًا عَنْ الْبُوشَنْجِيِّ، وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الْعِتْقُ، وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّلَاقِ بِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ فِي الثَّوَابِ فَقَدْ وَهَمَ بَلْ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ ظَاهِرٌ فِي طَلَاقِهَا فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ، بَلْ الطَّلَاقُ أَوْلَى لِحُرْمَتِهِ زَمَنَ الْبِدْعَةِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ، وَلَوْ قَالَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ الْعِيدِ مَثَلًا تَعَيَّنَ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ أَوَّلَ جُمُعَةٍ وَعِيدٍ يَلْقَاهُ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ لِيَشْتَرِيَ لَهُ جَمْدًا فِي الصَّيْفِ فَجَاءَ الشِّتَاءُ قَبْلَ الشِّرَاءِ لَمْ يَكُنْ لَهُ شِرَاؤُهُ فِي الصَّيْفِ الْآتِي كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَلَيْلَةُ الْيَوْمِ مِثْلُهُ إنْ اسْتَوَى الرَّاغِبُونَ فِيهِمَا وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْقَاضِي: لَوْ بَاعَ: أَيْ فِيمَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ زَمَنًا لَيْلًا وَالرَّاغِبُونَ نَهَارًا أَكْثَرُ لَمْ يَصِحَّ. وَوَجْهُ الثَّالِثِ أَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ إخْفَاءَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَقْدُهُ أَجْوَدَ وَلَا الرَّاغِبُونَ فِيهِ أَكْثَرَ. نَعَمْ لَوْ قَدَّرَ لَهُ الثَّمَنَ وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْ غَيْرِهِ صَحَّ الْبَيْعُ فِي غَيْرِهِ، قَالَ الْقَاضِي اتِّفَاقًا، وَرَدَّ السُّبْكِيُّ لَهُ بِاحْتِمَالِهِ زِيَادَةَ رَاغِبٍ مَرْدُودٍ بِأَنَّ الْمَانِعَ تَحَقُّقُهَا لَا تَوَهُّمُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSكَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَاتَّضَحَ أَنَّ تَعْيِينَهُ) أَيْ الشَّخْصَ (قَوْلُهُ: لَا يُنَافِي غَرَضَهُ) أَيْ الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي الطَّلَاقِ) غَايَةٌ لِتَعَيُّنِ الزَّمَانِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي التَّوْكِيلِ لَا لِقَوْلِهِ قَدْ تَدْعُو لِلْبَيْعِ فِيهِ إلَخْ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَيْسَ غَايَةً لِلْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الْعِتْقُ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُمَا غَيْرُهُمَا مِنْ بَقِيَّةِ التَّصَرُّفَاتِ وَالْكَلَامُ كُلُّهُ حَيْثُ لَا قَرِينَةَ أَمَّا مَعَ وُجُودِهَا فَالْمَدَارُ عَلَى مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُ) أَيْ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: وَبَيْنَ الطَّلَاقِ) يَتَعَيَّنُ الزَّمَنُ فِي الْعِتْقِ دُونَ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ) أَفْهَمَ قَوْلُهُمْ الْجُمُعَةِ أَوْ الْعِيدِ أَنَّ يَوْمَ جُمُعَةٍ أَوْ عِيدٍ بِخِلَافِهِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمَلْحَظُ فِيهِمَا وَاحِدٌ وَهُوَ صِدْقُ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ بِأَوَّلِ مَا تَلْقَاهُ فَهُوَ مُحَقَّقٌ وَمَا بَعْدَهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَيَتَعَيَّنُ الْأَوَّلُ هُنَا أَيْضًا اهـ حَجّ. وَقَوْلُ حَجّ بِخِلَافِهِ: أَيْ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْجُمُعَةِ الَّتِي تَلِيهِ (قَوْلُهُ: أَوَّلَ جُمُعَةٍ وَعِيدٍ) دَلَّ عَلَى أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ دُخُولِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَيَوْمِ الْعِيدِ وَبَقِيَ مَا لَوْ قَالَهُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَوْ الْعِيدِ فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى بَقِيَّتِهِ أَوْ عَلَى أَوَّلِ جُمُعَةٍ أَوْ عِيدٍ تَلْقَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ عُدُولَهُ عَنْ الْيَوْمِ إلَى يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَوْ الْعِيدِ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ إرَادَتِهِ بَقِيَّةَ الْيَوْمِ (قَوْلُهُ: وَعِيدٍ يَلْقَاهُ) الْمُرَادُ بِالْعِيدِ مَا يُسَمَّى عِيدًا شَرْعًا كَالْفِطْرِ وَالْأَضْحَى، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ اعْتَادَ قَوْمٌ تَسْمِيَةَ أَيَّامٍ فِيمَا بَيْنَهُمْ بِالْعِيدِ كَالنَّصَارَى إذَا وَقَعَ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُمْ فَيُحْمَلُ عَلَى أَوَّلِ عِيدٍ مِنْ أَعْيَادِهِمْ يَكُونُ بَعْدَ يَوْمِ الشِّرَاءِ مَا لَمْ يُصَرِّحُوا بِخِلَافِهِ أَوْ تَدُلَّ الْقَرِينَةُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: جَمْدًا فِي الصَّيْفِ) هَلْ صُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الْمُوَكِّلُ: اشْتَرِ لِي جَمْدًا فِي الصَّيْفِ فَيُحْمَلُ عَلَى صَيْفٍ يَلِيهِ أَوْ مَا هُوَ فِيهِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى التَّشْبِيهِ، أَوْ يَكْفِي وُقُوعُ الْوَكَالَةِ فِي الصَّيْفِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ عَمَلًا بِالْقَرِينَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ قَدَّرَ لَهُ الثَّمَنَ) لَمْ يَسْتَثْنُوا نَظِيرَ هَذَا فِي تَعْيِينِ الزَّمَنِ فَلْيُحَرَّرْ الْفَرْقُ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِشِدَّةِ تَفَاوُتِ الْغَرَضِ بِالتَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ فِي إزَالَةِ الْمِلْكِ سم عَلَى حَجّ. وَإِذَا تَأَمَّلْت مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَالْحَاصِلُ إلَخْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: صَحَّ الْبَيْعُ فِي غَيْرِهِ) قَدْ يُشْكِلُ صِحَّةُ الْبَيْعِ مَعَ مَا ذُكِرَ بِمَا عَلَّلَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ قَدْ يُقْصَدُ إخْفَاؤُهُ وَمُجَرَّدُ الْبَيْعِ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ قَدْ يَفُوتُ مَعَهُ الْإِخْفَاءُ (قَوْلُهُ: قَالَ الْقَاضِي اتِّفَاقًا) أَيْ وَلَوْ قَبْلَ مُضِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَالْمُتَّجَهُ إلَخْ، ثُمَّ إنَّ فِي نِسْبَةِ مَا ذَكَرَهُ لِلزَّرْكَشِيِّ مُخَالَفَةً لِمَا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ مِنْ نِسْبَتِهِ لِلْأَذْرَعِيِّ وَهُوَ الَّذِي يُوَافِقُهُ قَوْلُهُ: الْآتِي خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ، فَلَعَلَّهُ فِي كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ أَيْضًا كَمَا هُوَ الْغَالِبُ مِنْ تَبَعِيَّتِهِ لِشَيْخِهِ الْأَذْرَعِيِّ، لَكِنْ كَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَذْكُرَ الشَّارِحُ الزَّرْكَشِيَّ فِي الْمَوْضِعَيْنِ أَوْ الْأَذْرَعِيَّ فِي الْمَوْضِعَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي الطَّلَاقِ) فِي هَذِهِ الْغَايَةِ تَهَافُتٌ لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الْعِتْقُ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ فِيهِ مَحَلُّ وِفَاقٍ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الطَّلَاقِ

(وَفِي الْمَكَانِ وَجْهٌ) أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ (إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ غَرَضٌ) صَحِيحٌ لِلْمُوَكِّلِ وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْ غَيْرِهِ لِأَنَّ تَعْيِينَهُ حِينَئِذٍ اتِّفَاقِيٌّ، وَانْتَصَرَ لَهُ جَمْعٌ كَالسُّبْكِيِّ وَغَيْرِهِ، وَمَعَ جَوَازِ النَّقْلِ لِغَيْرِهِ يَضْمَنُ وَيُفَارِقُ مَا لَوْ قَالَ لِلْمُودَعِ: احْفَظْهُ فِي هَذَا فَنَقَلَهُ لِمِثْلِهِ حَيْثُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عَلَى مَا يَأْتِي بِأَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى الْحِفْظِ وَمِثْلُهُ فِيهِ بِمَنْزِلَتِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلَا تَعَدِّيَ بِوَجْهٍ وَهُنَا عَلَى رِعَايَةِ غَرَضِ الْمُوَكِّلِ فَقَدْ لَا يَظْهَرُ لَهُ غَرَضٌ وَيَكُونُ لَهُ غَرَضٌ خَفِيٌّ فَاقْتَضَتْ مُخَالَفَتُهُ الضَّمَانَ، وَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي عَبْدَ فُلَانٍ وَكَانَ فُلَانٌ قَدْ بَاعَهُ فَلِلْوَكِيلِ شِرَاؤُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ قَالَ: طَلِّقْ زَوْجَتِي ثُمَّ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ فَلِلْوَكِيلِ طَلَاقُهَا أَيْضًا فِي الْعِدَّةِ، قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ (وَإِنْ) (قَالَ) : بِعْ (بِمِائَةٍ) مَثَلًا (لَمْ يَبِعْ بِأَقَلَّ) مِنْهَا وَلَوْ بِتَافِهٍ لِفَوَاتِ اسْمِ الْمِائَةِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا لَهُ، وَبِهِ فَارَقَ الْبَيْعَ بِالْغَبْنِ الْيَسِيرِ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ كَوْنَهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ (وَلَهُ) بَلْ عَلَيْهِ (أَنْ يَزِيدَ) عَلَيْهَا وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا كَمَا يَأْتِي لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ تَقْدِيرِهَا عُرْفًا امْتِنَاعُ النَّقْصِ عَنْهَا فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُ إبْدَالُ صِفَتِهَا كَمُكَسَّرَةٍ بِصِحَاحٍ وَفِضَّةٍ بِذَهَبٍ (إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ بِالنَّهْيِ) عَنْ الزِّيَادَةِ فَتَمْتَنِعُ إذْ النُّطْقُ أَبْطَلَ حُكْمَ الْعُرْفِ، وَكَذَا لَوْ عَيَّنَ الشَّخْصَ كَبِعْ بِكَذَا مِنْ زَيْدٍ فَلَيْسَ لَهُ الزِّيَادَةُ لِأَنَّ تَعْيِينَهُ دَالٌّ عَلَى مُحَابَاتِهِ. نَعَمْ لَوْ قَالَ: بِعْهُ مِنْهُ بِمِائَةٍ وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُدَّةِ الَّتِي يَتَأَتَّى فِيهَا الْوُصُولُ إلَى الْمَكَانِ الْمَأْذُونِ فِيهِ لِأَنَّ الزَّمَانَ إنَّمَا اُعْتُبِرَ تَبَعًا لِلْمَكَانِ لِتَوَقُّفِهِ عَلَيْهِ فَلَمَّا سَقَطَ اعْتِبَارُ الْمَتْبُوعِ سَقَطَ اعْتِبَارُ التَّابِعِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَمَعَ جَوَازِ النَّقْلِ) أَيْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ هَذَا فَرَّعَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَيُمْكِنُ تَفْرِيعُهُ عَلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا فِيمَا إذَا قَدَّرَ الثَّمَنَ وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْ الْبَيْعِ فِي غَيْرِهِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ، لَكِنْ عَبَّرَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بِقَوْلِهِ وَمَتَى نَقَلَهُ لِغَيْرِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ فِيهِ ضَمِنَ الثَّمَنَ وَالْمُثَمَّنَ اهـ. فَأَفْهَمَ عَدَمَ الضَّمَانِ حَيْثُ جَازَ النَّقْلُ إذْ لَا يَتَعَيَّنُ حِينَئِذٍ الْبَيْعُ فِيهِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ مَعْنًى اهـ (قَوْلُهُ: وَيُفَارِقُ إلَخْ) أَيْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ وَجْهٍ) قَدْ يَكُونُ شَرْطُهُ الْحِفْظَ فِي الْمَكَانِ الْخَاصِّ لِمَعْنًى خَفِيَ عَلَيْنَا اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُقَالُ اشْتِمَالُ الْمَكَانِ الْمَوْصُوفِ بِمَا ذُكِرَ عَلَى مَعْنًى خَفِيٍّ بَعِيدٍ، بِخِلَافِ الْأَسْوَاقِ فَإِنَّ اخْتِلَافَهَا فِي أَنْفُسِهَا يَكْثُرُ فَرُبَّمَا عَلِمَ الْمُوَكِّلُ فِي بَعْضِهَا مَعْنًى خَفِيَ عَلَى الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي عَبْدَ فُلَانٍ) مِثَالٌ فَمِثْلُ الْعَبْدِ غَيْرُهُ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: فَلِلْوَكِيلِ طَلَاقُهَا إلَخْ) أَيْ عَلَى غَيْرِ عِوَضٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ نَقْلِ سم عَنْ م ر لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ قَدْ يُرِيدُ تَأْدِيبَهَا وَمُرَاجَعَتَهَا فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْهَا إذَا فَعَلَ الْوَكِيلُ غَيْرَ مَا ذُكِرَ بِأَنْ طَلَّقَهَا بِعِوَضٍ، وَعَلَى هَذَا فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الطَّلَاقُ الَّذِي أَوْقَعَهُ الزَّوْجُ ثَانِيًا امْتَنَعَ عَلَى الْوَكِيلِ أَنْ يُطَلِّقَ الثَّالِثَةَ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ لُحُوقِ الضَّرَرِ بِالزَّوْجِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ فَلِلْوَكِيلِ طَلَاقُهَا إلَخْ وَحَيْثُ طَلَّقَ الْوَكِيلُ وَقَدْ أَطْلَقَ الْمُوَكِّلُ التَّوْكِيلَ فَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِعَدَدٍ هَلْ يَمْتَنِعُ عَلَى الْوَكِيلِ الزِّيَادَةُ عَلَى الْوَاحِدَةِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي امْتِنَاعُ الزِّيَادَةِ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي الْوَاحِدَةِ مُحَقَّقٌ وَمَا زَادَ مَشْكُوكٌ فِيهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَيُحْتَمَلُ جَوَازُ ذَلِكَ لِصِدْقِ لَفْظِ الْمُوَكِّلِ بِهِ فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ نَقَلَ فِي الدَّرْسِ عَنْ الشَّيْخِ حَمْدَانَ الْجَزْمَ بِمَا قُلْنَاهُ وَالتَّعْلِيلَ بِمَا عَلَّلْنَا بِهِ وَبَقِيَ مَا لَوْ طَلَّقَ ثَلَاثًا هَلْ يَلْغُو ذَلِكَ أَمْ تَقَعُ وَاحِدَةٌ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَعِبَارَةُ حَجّ فِي الطَّلَاقِ فِي فَصْلٍ مَرَّ بِإِنْسَانٍ نَائِمٍ نَصُّهَا: وَمِنْ ثَمَّ قَالَ لِرَجُلٍ: طَلِّقْ زَوْجَتِي وَأَطْلَقَ فَطَلَّقَ الْوَكِيلُ ثَلَاثًا لَمْ يَقَعْ إلَّا وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ: بَلْ عَلَيْهِ) يَنْبَغِي أَنَّ هَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ الْمُوَكِّلُ: بِعْ بِكَمْ شِئْت حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ الْبَيْعُ بِالْغَبْنِ وَإِنْ تَيَسَّرَ خِلَافُهُ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْقَدْرَ إلَى خِبْرَتِهِ ر م اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ وَيُقَالُ بِعَدَمِ الْفَرْقِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ أَيْضًا (وَقَوْلُهُ وَفِضَّةٍ بِذَهَبٍ) قِيَاسُ مَا مَرَّ أَنَّ مَحِلَّ الِامْتِنَاعِ حَيْثُ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا عَيَّنَ الصِّفَةَ لِتَيَسُّرِهَا لَا لِعَدَمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بَلْ عَلَيْهِ) أَيْ إذَا كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَرْغَبُ بِالْأَكْثَرِ

يُسَاوِي خَمْسِينَ لَمْ تَمْتَنِعْ الزِّيَادَةُ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ وَإِنَّمَا جَازَ لِوَكِيلِهِ فِي خُلْعِ زَوْجَتِهِ بِمِائَةٍ مَثَلًا الزِّيَادَةُ لِأَنَّهُ غَالِبًا يَقَعُ عَنْ شِقَاقٍ فَلَا مُحَابَاةَ فِيهِ، وَأُلْحِقَ بِهِ مَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي الْعَفْوِ عَنْ الْقَوَدِ بِنِصْفٍ فَعَفَا بِالدِّيَةِ حَيْثُ صَحَّ بِهَا وَقَدْ يُنْظَرُ فِيهِ بِأَنَّهُ لَا قَرِينَةَ هُنَا تُنَافِي الْمُحَابَاةَ، بِخِلَافِ الْخُلْعِ وَقَرِينَةُ قَتْلِهِ لِمُوَرِّثِهِ يُبْطِلُهَا سَمَاحَةً بِالْعَفْوِ عَنْهُ لَا سِيَّمَا مَعَ نَصِّهِ عَلَى النَّقْصِ عَنْهَا، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ عَبْدَ زَيْدٍ بِمِائَةٍ جَازَ لَهُ شِرَاؤُهُ بِأَقَلَّ، وَلَمْ يُحْمَلْ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الْبَيْعَ مُمْكِنٌ مِنْ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ فَتُمُحِّضَ التَّعْيِينُ لِلْمُحَابَاةِ، وَالشِّرَاءُ لِتِلْكَ الْعَيْنِ غَيْرُ مُمْكِنٍ إلَّا مِنْ مَالِكِهَا فَضَعُفَ احْتِمَالُ ذَلِكَ الْقَصْدِ وَظَهَرَ قَصْدُ التَّعْرِيفِ، وَلَوْ أَمَرَهُ بِبَيْعِ الرَّقِيقِ مَثَلًا بِمِائَةٍ فَبَاعَهُ بِهَا وَثَوْبٍ أَوْ دِينَارٍ صَحَّ عِنْدَ جَوَازِ الْبَيْعِ بِالزِّيَادَةِ لِأَنَّهُ حَصَلَ غَرَضُهُ وَزَادَ خَيْرًا، وَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ بِمِائَةٍ لَا بِخَمْسِينَ جَازَ الشِّرَاءُ بِالْمِائَةِ وَبِمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْخَمْسِينَ لَا بِمَا عَدَا ذَلِكَ، أَوْ بِعْ بِمِائَةٍ لَا بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ لَمْ يَجُزْ النَّقْصُ عَنْ الْمِائَةِ وَلَا اسْتِكْمَالُ الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ وَلَا الزِّيَادَةُ عَلَيْهِمَا لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ وَيَجُوزُ مَا عَدَاهُ، أَوْ لَا تَبِعْ أَوْ لَا تَشْتَرِ بِأَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ مَثَلًا وَبَاعَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَهُوَ مِائَةٌ أَوْ مَا دُونَهَا لَا أَكْثَرُ جَازَ لِإِتْيَانِهِ بِالْمَأْمُورِ بِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى أَوْ بَاعَ بِأَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ لِلنَّهْيِ عَنْهُ (وَلَوْ) (قَالَ: اشْتَرِ بِهَذَا الدِّينَارِ شَاةً وَوَصَفَهَا) بِصِفَةٍ بِأَنْ بَيَّنَ نَوْعَهَا وَغَيْرَهُ مِمَّا مَرَّ فِي شِرَاءِ الْعَبْدِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ التَّوْكِيلُ، فَإِنْ أُرِيدَ بِالْوَصْفِ زِيَادَةٌ عَلَى مَا مَرَّ ثُمَّ كَانَ شَرْطًا لِوُجُوبِ رِعَايَةِ الْوَكِيلِ لَهُ فِي الشِّرَاءِ لَا لِصِحَّةِ التَّوْكِيلِ حَتَّى يَبْطُلَ بِعَقْدِهِ (فَاشْتَرَى بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSإرَادَةِ خِلَافِهَا سِيَّمَا إذَا كَانَ غَيْرُهَا أَنْفَعَ مِنْهَا (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ) نَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الشَّارِحِ امْتِنَاعَ الزِّيَادَةِ فِي هَذِهِ أَيْضًا، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ حَجّ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ يُحَابِيهِ بِعَدَمِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمِائَةِ وَإِنْ لَمْ يُحَابِهِ مُحَابَاةً كَامِلَةً اهـ. وَقَدْ نَقَلَ هَذَا ع عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ فَيَجُوزُ أَنَّهُ تَابِعٌ لَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا جَازَ لِوَكِيلِهِ فِي خُلْعِ زَوْجَتِهِ) أَيْ مَعَ أَنَّهُ نَظِيرُ بِعْهُ لِزَيْدٍ بِمِائَةٍ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بِهِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُنْظَرُ فِيهِ) أَيْ الْإِلْحَاقِ (قَوْلُهُ: وَقَرِينَةِ قَتْلِهِ لِمُوَرِّثِهِ يُبْطِلُهَا إلَخْ) مَمْنُوعٌ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ لِجَوَازِ ظَنِّهِ عَدَمَ قُدْرَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَلَى الزِّيَادَةِ عَلَى النِّصْفِ أَوْ عَدَمِ الرِّضَا بِالزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُحْمَلْ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ الْمُحَابَاةِ (قَوْلُهُ: بِمِائَةٍ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ وَلَهُ بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهَا وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا (قَوْلُهُ: صَحَّ عِنْدَ جَوَازِ الْبَيْعِ بِالزِّيَادَةِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ الْمُشْتَرِيَ وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْ الزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ: لَا بِمَا عَدَا ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الشِّرَاءِ بِخَمْسِينَ وَالزِّيَادَةِ عَلَى الْمِائَةِ مَا لَمْ تَدُلَّ الْقَرِينَةُ عَلَى جَوَازِ الزِّيَادَةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَلَا اسْتِكْمَالُ الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ) أَيْ فَيَبِيعُ بِمَا دُونَهَا وَإِنْ كَانَ مَا نَقَصَ مِنْهَا تَافِهًا (قَوْلُهُ: مِمَّا مَرَّ فِي شِرَاءِ الْعَبْدِ) أَيْ مِنْ ذِكْرِ نَوْعِهِ وَصِنْفِهِ إنْ اخْتَلَفَ النَّوْعُ اخْتِلَافًا ظَاهِرًا وَصِفَتُهُ إنْ اخْتَلَفَ بِهَا الْغَرَضُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَوْنِ الْمُسَاوِيَةِ هِيَ الْمُشْتَرَاةُ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شِرَائِهِمَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ، أَوْ تَكُونُ الْمُسَاوِيَةُ هِيَ الْمُشْتَرَاةُ أَوَّلًا انْتَهَتْ. فَلَعَلَّ لَفْظَ أَوَّلًا سَاقِطٌ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ عَقِبَ قَوْلِهِ هِيَ الْمُشْتَرَاةُ، لَكِنْ الظَّاهِرُ أَنَّ الشِّهَابَ حَجّ إنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِوُقُوعِهِمَا لِلْمُوَكِّلِ: أَيْ فَإِنْ كَانَتْ غَيْرُ الْمُسَاوِيَةِ هِيَ الْمُشْتَرَاةُ أَوَّلًا فِي حَالَةِ تَعَدُّدِ الْعَقْدِ لَمْ تَقَعْ لِلْمُوَكِّلِ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ بِالْعَيْنِ لَمْ تَصِحَّ وَإِلَّا وَقَعَتْ لِلْوَكِيلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا يَخْفَى وُقُوعُ الثَّانِيَةِ لِلْمُوَكِّلِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَ الشَّارِحِ أَنَّ الْمُسَاوِيَةَ تَقَعُ لِلْمُوَكِّلِ مُطْلَقًا فِي حَالَةِ تَعَدُّدِ الْعَقْدِ تَقَدَّمَتْ أَوْ تَأَخَّرَتْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ: هِيَ الْمُشْتَرَاةُ: أَيْ لِلْمُوَكِّلِ: وَيَكُونُ قَوْلُهُ: فَتَقَعُ الْمُسَاوِيَةُ لِلْمُوَكِّلِ فَقَطْ إيضَاحًا لِمَا قَبْلَهُ، وَفِي نُسْخَةٍ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ: وَأَمَّا حَالَةُ تَعَدُّدِ الْعَقْدِ فَتَقَعُ الْمُسَاوِيَةُ لِلْمُوَكِّلِ فَقَطْ انْتَهَتْ. وَهِيَ تَعَيُّنُ الِاحْتِمَالِ الْمَذْكُورِ فَلْيُحَرَّرْ.

شَاتَيْنِ بِالصِّفَةِ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ اشْتَرَى شَاةً كَذَلِكَ وَثَوْبًا (فَإِنْ لَمْ تُسَاوِ وَاحِدَةٌ) مِنْهُمَا (دِينَارًا لَمْ يَصِحَّ الشِّرَاءُ لِلْمُوَكِّلِ) وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُمَا جَمِيعًا عَلَى الدِّينَارِ لِانْتِفَاءِ تَحْصِيلِ غَرَضِهِ، ثُمَّ إنْ وَقَعَ بِعَيْنِ الدِّينَارِ بَطَلَ مِنْ أَصْلِهِ أَوْ فِي الذِّمَّةِ وَنَوَى الْمُوَكِّلَ، وَكَذَا إنْ سَمَّاهُ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ لِلْأَذْرَعِيِّ هُنَا وَقَعَ لِلْوَكِيلِ (وَإِنْ سَاوَتْهُ كُلُّ وَاحِدَةٍ فَالْأَظْهَرُ الصِّحَّةُ) أَيْ صِحَّةُ الشِّرَاءِ (وَحُصُولُ الْمِلْكِ فِيهِمَا لِلْمُوَكِّلِ) لِخَبَرِ عُرْوَةَ الْمَارِّ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَلِأَنَّهُ حَصَلَ غَرَضُهُ وَزَادَ خَيْرًا وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي الزَّائِدِ فِيمَا يَظْهَرُ وَإِنْ سَاوَتْهُ إحْدَاهُمَا فَقَطْ فَكَذَلِكَ، وَلَا تُرَدُّ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْخِلَافَ الَّذِي فِيهَا طُرُقٌ لَا أَقْوَالٌ، وَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُ وُقُوعِ شِرَائِهِمَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ تَقَدَّمَتْ فِي اللَّفْظِ أَوْ تَأَخَّرَتْ، وَأَمَّا حَالَةُ تَعَدُّدِ الْعَقْدِ فَتَقَعُ الْمُسَاوِيَةُ لِلْمُوَكِّلِ فَقَطْ. وَالثَّانِي يَقُولُ: إنْ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ فَلِلْمُوَكِّلِ وَاحِدَةٌ بِنِصْفِ دِينَارٍ وَالْأُخْرَى لِلْوَكِيلِ وَيَرُدُّ عَلَى الْمُوَكِّلِ نِصْفَ دِينَارٍ وَإِنْ اشْتَرَى بِعَيْنِ الدِّينَارِ فَقَدْ اشْتَرَى شَاةً بِإِذْنٍ وَأُخْرَى بِغَيْرِ إذْنٍ فَيَبْطُلُ فِي وَاحِدَةٍ وَيَصِحُّ فِي أُخْرَى عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ (وَلَوْ) (أَمَرَهُ بِالشِّرَاءِ بِمُعَيَّنٍ) أَيْ بِعَيْنِ مَالٍ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ كَاشْتَرِ بِعَيْنِ هَذَا (فَاشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ لَمْ يَقَعْ لِلْمُوَكِّلِ) لِمُخَالَفَتِهِ إذْ أَمَرَهُ بِعَقْدٍ يَنْفَسِخُ بِتَلَفِ الْمَدْفُوعِ حَتَّى لَا يُطَالِبَ الْمُوَكِّلُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَقَعَ لِلْوَكِيلِ) أَيْ وَلَغَتْ التَّسْمِيَةُ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ عُرْوَةَ) قَدْ يُشْكِلُ بِمَا مَرَّ لَهُ ثَمَّ مِنْ الْجَوَابِ عَنْ تَمَسُّكِ الْقَدِيمِ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ. وَأُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ عُرْوَةَ كَانَ وَكِيلًا مُطْلَقًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِدَلِيلِ أَنَّهُ بَاعَ الشَّاةَ وَسَلَّمَهَا اهـ. وَوَجْهُ الْإِشْكَالِ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ وَكِيلًا مُطْلَقًا كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي شِرَاءِ الثَّانِيَةِ وَغَيْرِهَا فَلَا يَتِمُّ الِاسْتِدْلَال بِهِ عَلَى مَا الْكَلَامُ فِيهِ لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِي التَّوْكِيلِ فِي شِرَاءِ شَاةٍ فَقَطْ (قَوْلُهُ: فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ) لَعَلَّهُ إنَّمَا أَحَالَ عَلَى بَيْعِ الْفُضُولِيِّ مَعَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْوَكَالَةِ لِكَوْنِهِ ذَكَرَهُ ثَمَّ بِطُولِهِ، ثُمَّ رَاجَعْته فَوَجَدْت عِبَارَتَهُ وَاسْتَدَلَّ لَهُ: أَيْ الْقَدِيمُ بِظَاهِرِ خَبَرِ عُرْوَةَ اهـ. وَلَعَلَّهُ إنَّمَا أَحَالَ عَلَيْهِ لِتَقَدُّمِهِ لَا لِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ) أَيْ فَالْأَظْهَرُ الصِّحَّةُ (قَوْلُهُ: تَقَدَّمَتْ) أَيْ غَيْرُ الْمُسَاوِيَةِ (قَوْلُهُ: فَتَقَعُ الْمُسَاوِيَةُ) تَقَدَّمَتْ أَوْ تَأَخَّرَتْ. وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَإِنْ اشْتَرَاهَا بِعَيْنِ مَالِ الْوَكِيلِ لَمْ يَصِحَّ، أَوْ فِي الذِّمَّةِ وَقَعَ لِلْوَكِيلِ وَإِنْ سَمَّى الْمُوَكِّلُ هَذَا إنْ سَاوَتْهُ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى، فَإِنْ سَاوَتْهُ كُلٌّ مِنْهُمَا وَقَعَتْ الْأُولَى لِلْمُوَكِّلِ دُونَ الثَّانِيَةِ. ثُمَّ رَأَيْت مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ فِي سم عَلَى حَجّ نَقْلًا، عَنْ الْكَنْزِ لِلْبَكْرِيِّ، وَأَنَّهُ نَقَلَهُ عَنْ الزَّرْكَشِيّ وَعِبَارَتُهُ: وَلَوْ اشْتَرَى الشَّاتَيْنِ صَفْقَتَيْنِ وَالْأُولَى تُسَاوِي دِينَارًا فَإِنَّ لِلْمُوَكِّلِ الْأُولَى فَقَطْ. قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ اهـ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَالْأُولَى تُسَاوِي دِينَارًا أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ مُسَاوَاةِ الثَّانِيَةِ دِينَارًا وَعَدَمِهِ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ شَخْصٍ اشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ ثُمَّ ادَّعَى وَقْتَ الْحِسَابِ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ وَأَنَّهُ تَعَدَّى بِدَفْعِ مَالِ الْمُوَكِّلِ فَهَلْ الْبَيْعُ صَحِيحٌ وَعَلَيْهِ فَهَلْ هُوَ لِلْوَكِيلِ أَوْ لِلْمُوَكِّلِ أَوْ الشِّرَاءُ بَاطِلٌ؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ اشْتَرَى الْوَكِيلُ بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ بِأَنْ قَالَ: اشْتَرَيْت هَذَا بِهَذَا وَسَمَّى نَفْسَهُ فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ، أَمَّا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ مِنْ أَنَّهُ يَقُولُ: اشْتَرَيْت هَذَا بِكَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ عَيْنًا وَلَا ذِمَّةً فَلَيْسَ شِرَاءً بِالْعَيْنِ بَلْ فِي الذِّمَّةِ فَيَقَعُ الْعَقْدُ فِيهِ لِلْوَكِيلِ، ثُمَّ إنْ وَقَعَ مَالُ الْمُوَكِّلِ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ لَزِمَهُ بَدَلُهُ وَهُوَ مِثْلُهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَأَقْصَى قِيمَةٍ مِنْ وَقْتِ الدَّفْعِ إلَى وَقْتِ تَلَفِهِ إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا، وَلِلْمُوَكِّلِ مُطَالَبَةُ الْبَائِعِ لِلْوَكِيلِ بِمَا قَبَضَهُ مِنْهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَبِبَدَلِهِ الْمَذْكُورِ إنْ كَانَ تَالِفًا، وَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: كَاشْتَرِ بِعَيْنِ هَذَا) وَحِينَئِذٍ فَيَتَعَيَّنُ عَلَى الْوَكِيلِ الشِّرَاءُ بِتِلْكَ الْعَيْنِ، فَلَوْ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ لَمْ يَقَعْ لِلْمُوَكِّلِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ حَذَفَ لَفْظَةَ " عَيْنِ " كَأَنْ قَالَ: اشْتَرِ بِهَذَا الدِّينَارِ أَوْ اشْتَرِ لِي بِدِينَارٍ أَوْ اشْتَرِ كَذَا فَإِنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الشِّرَاءِ بِعَيْنِ الدِّينَارِ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ وَالشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ، وَعَلَى كُلٍّ فَيَقَعُ الشِّرَاءُ لِلْمُوَكِّلِ فَإِنْ نَقَدَ الْوَكِيلُ دِينَارَ الْمُوَكِّلِ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ نَقَدَهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ بَرِئَ الْمُوَكِّلُ مِنْ الثَّمَنِ وَلَا رُجُوعَ لِلْوَكِيلِ عَلَيْهِ وَيَلْزَمُهُ رَدُّ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ إلَيْهِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ نَقَدَ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْمَجْلِسِ، أَمَّا لَوْ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ لِمُوَكِّلِهِ وَدَفَعَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْمَجْلِسِ فَهَلْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بِغَيْرِهِ فَأَتَى بِضِدِّهِ لِلْوَكِيلِ بَلْ وَإِنْ صَرَّحَ بِالسِّفَارَةِ (وَكَذَا عَكْسُهُ فِي الْأَصَحِّ) بِأَنْ قَالَ: اشْتَرِ فِي الذِّمَّةِ وَسَلِّمْ هَذَا فِي ثَمَنِهِ فَاشْتَرَى بِعَيْنِهِ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ لِلْمُوَكِّلِ وَكَذَا لَا يَقَعُ لِلْوَكِيلِ أَيْضًا لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِعَقْدٍ لَا يَنْفَسِخُ بِتَلَفِ الْمُقَابِلِ فَخَالَفَهُ وَقَدْ يُقْصَدُ تَحْصِيلُهُ بِكُلِّ حَالٍّ فَلَا نَظَرَ هُنَا لِكَوْنِهِ لَمْ يُلْزِمْ ذِمَّتَهُ بِشَيْءٍ. وَالثَّانِي يَقَعُ لَهُ لِأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا حَيْثُ لَمْ يُلْزِمْ ذِمَّتَهُ شَيْئًا، وَلَوْ دَفَعَ لَهُ شَيْئًا وَقَالَ: اشْتَرِ كَذَا تَخَيَّرَ بَيْنَ الشِّرَاءِ بِعَيْنِهِ وَفِي الذِّمَّةِ لِتَنَاوُلِ الشِّرَاءِ لَهُمَا، أَوْ اشْتَرِ بِهَذَا تَخَيَّرَ أَيْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلْإِمَامِ وَأَبِي عَلِيٍّ الطَّبَرِيِّ (وَمَتَى) (خَالَفَ) الْوَكِيلُ (الْمُوَكِّلَ فِي بَيْعِ مَالِهِ) أَيْ الْمُوَكِّلِ بِأَنْ بَاعَهُ عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الْمَأْذُونِ فِيهِ (أَوْ) فِي (الشِّرَاءِ بِعَيْنِهِ) كَأَنْ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ ثَوْبٍ بِهَذَا فَاشْتَرَاهُ بِغَيْرِهِ: أَيْ بِعَيْنِهِ مِنْ مَالِ مُوَكِّلِهِ أَوْ بِشِرَاءٍ فِي الذِّمَّةِ فَاشْتَرَى بِالْعَيْنِ (فَتَصَرُّفُهُ بَاطِلٌ) لِانْتِفَاءِ إذْنِ الْمُوَكِّلِ فِيهِ وَكَذَا لَوْ أَضَافَ لِذِمَّةِ الْمُوَكِّلِ مُخَالِفًا لَهُ (وَلَوْ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ) مَعَ الْمُخَالَفَةِ كَأَنْ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ فِي الذِّمَّةِ بِخَمْسَةٍ فَزَادَ أَوْ بِالشِّرَاءِ بِعَيْنِ هَذَا فَاشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ (وَلَمْ يُسَمِّ الْمُوَكِّلَ وَقَعَ) الشِّرَاءُ (لِلْوَكِيلِ) دُونَ الْمُوَكِّلِ وَإِنْ نَوَاهُ لِأَنَّهُ الْمُخَاطَبُ وَالنِّيَّةُ غَيْرُ مُؤَثِّرَةٍ مَعَ مُخَالَفَةِ الْإِذْنِ (وَإِنْ سَمَّاهُ فَقَالَ الْبَائِعُ: بِعْتُك فَقَالَ: اشْتَرَيْت لِفُلَانٍ) أَيْ مُوَكِّلِهِ (فَكَذَا) يَقَعُ لِلْوَكِيلِ (فِي الْأَصَحِّ) وَتَلْغُو تَسْمِيَةُ الْمُوَكِّلِ فِي الْقَبُولِ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فِي الصِّحَّةِ. فَإِذَا وَقَعَتْ مُخَالَفَةٌ لِلْإِذْنِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَغَتْ، وَالثَّانِي يُبْطِلُ الْعَقْدَ لِتَصْرِيحِهِ بِإِضَافَتِهِ لِلْمُوَكِّلِ وَقَدْ امْتَنَعَ إيقَاعُهُ لَهُ فَأُلْغِيَ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ وُجُوبِ تَسْمِيَةِ الْمُوَكِّلِ فِي الْعَقْدِ وَهُوَ كَذَلِكَ. نَعَمْ قَدْ تَجِبُ تَسْمِيَتُهُ وَإِلَّا فَيَقَعُ الْعَقْدُ لِلْوَكِيلِ كَأَنْ وَكَّلَهُ فِي قَبُولِ نَحْوِ هِبَةٍ وَعَارِيَّةٍ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا لَا عِوَضَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَوْ يَقَعُ الْعَقْدُ لِلْوَكِيلِ وَكَأَنَّهُ سَمَّى مَا دَفَعَهُ فِي الْعَقْدِ لِقَوْلِهِمْ: الْوَاقِعُ فِي الْمَجْلِسِ كَالْوَاقِعِ فِي الْعَقْدِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ بِمُجَرَّدِ الصِّيغَةِ وَحُصُولِ الْمِلْكِ لِلْمُوَكِّلِ بِذَلِكَ، وَقَوْلُهُمْ: إنَّ الْوَاقِعَ فِي الْمَجْلِسِ كَالْوَاقِعِ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ غَيْرُ مُطَّرِدٍ (قَوْلُهُ: بَلْ لِلْوَكِيلِ) أَيْ بَلْ يَقَعُ لِلْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّ) غَايَةُ (قَوْلِهِ مُخَالِفًا لَهُ) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَهُ اشْتَرِ بِالْعَيْنِ أَوْ فِي ذِمَّتِك فَأَضَافَ لِذِمَّةِ الْمُوَكِّلِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: اشْتَرِ فِي الذِّمَّةِ وَأَطْلَقَ لَمْ يَمْتَنِعْ الشِّرَاءُ فِي ذِمَّةِ الْمُوَكِّلِ لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ الزِّيَادِيِّ مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ حَيْثُ قَالَ قَوْلُهُ فِي ذِمَّتِهِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالذِّمَّةِ لِتَنْصِيصِهِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ ذِمَّةُ الْوَكِيلِ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى فِي ذِمَّةِ الْوَكِيلِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ اهـ. وَقَدْ يُقَالُ: لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الزِّيَادِيُّ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ خَالَفَ فِي الشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ بِأَنْ قَالَ: اشْتَرِ بِخَمْسَةٍ فَاشْتَرَى بِعَشَرَةٍ فِي ذِمَّةِ الْمُوَكِّلِ فَلَا سَبِيلَ إلَى وُقُوعِهِ لِلْوَكِيلِ لِتَنْصِيصِهِ عَلَى ذِمَّةِ الْمُوَكِّلِ وَلَا لِلْمُوَكِّلِ بِالْعَشَرَةِ لِلْمُخَالَفَةِ فَتَعَيَّنَ الْبُطْلَانُ (قَوْلُهُ وَتَلْغُو تَسْمِيَةُ الْمُوَكِّلِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ صَدَّقَهُ الْبَائِعُ فِي أَنَّهُ اشْتَرَى لِمُوَكِّلِهِ، وَفِي حَجّ أَنَّهُ حَيْثُ صَدَّقَهُ وَحَلَفَ الْمُوَكِّلُ عَلَى نَفْيِ الْوَكَالَةِ بَطَلَ الْعَقْدُ وَأَقَرَّهُ سم (قَوْلُهُ: قَدْ تَجِبُ تَسْمِيَتُهُ) وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ تَجِبُ تَسْمِيَتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: وَقَفْت عَلَيْك أَوْ أَوْصَيْت لَك فَقَالَ: قَبِلْت لِمُوَكِّلِي وَقَعَ الْعَقْدُ لِلْمُوَكِّلِ وَنَظَرَ فِيهِ سم عَلَى حَجّ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ مَا ذَكَرَ وَهُوَ بَعِيدٌ، إذْ كَيْفَ يَنْصَرِفُ إلَى الْمُوَكِّلِ مَعَ قَوْلِهِ وَقَفْت عَلَيْك أَوْ أَوْصَيْت لَك وَالْقِيَاسُ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي قَوْلِنَا شَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ نَوَى إلَخْ صِحَّةَ الْوَقْفِ وَالْوَصِيَّةِ عَلَى الْوَكِيلِ. [فَرْعٌ] قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَإِنْ أَعْطَى وَكِيلَهُ شَيْئًا لِيَتَصَدَّقَ بِهِ فَنَوَى التَّصَدُّقَ عَنْ نَفْسِهِ وَقَعَ لِلْآمِرِ وَلَغَتْ النِّيَّةُ اهـ. فَعُلِمَ أَنَّهُ مَعَ الْمُخَالَفَةِ قَدْ يَقَعُ عَنْ الْمُوَكِّلِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيَقَعُ الْعَقْدُ إلَخْ) شَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ نَوَى الْوَاهِبُ الْوَكِيلَ وَالْوَكِيلُ الْمُوَكِّلَ فَتَلْغُو نِيَّةُ الْمُوَكِّلِ وَيَقَعُ الْعَقْدُ لِلْوَكِيلِ وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ نِيَّةِ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ وَتَسْمِيَتُهُ إيَّاهُ بِأَنَّ التَّسْمِيَةَ أَقْوَى مِنْ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ وَكَّلَهُ فِي قَبُولِ نَحْوِ هِبَةٍ) أَيْ وَلَمْ يُصَرِّحْ الْوَاهِبُ بِكَوْنِهَا لِلْوَكِيلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ أَضَافَ لِذِمَّةِ الْمُوَكِّلِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا أَضَافَهُ لِلْمُوَكِّلِ وَلَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ الذِّمَّةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فِي الصِّحَّةِ إلَخْ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ صِحَّةُ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ إجَارَةِ النَّاظِرِ عَلَى الْوَقْفِ حِصَّةً مِنْهُ

فِيهِ، وَلَا تُجْزِي النِّيَّةُ فِي وُقُوعِ الْعَقْدِ لِلْمُوَكِّلِ. إذْ الْوَاهِبُ وَنَحْوُهُ قَدْ يَسْمَحُ بِالتَّبَرُّعِ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ. نَعَمْ لَوْ نَوَاهُ الْوَاهِبُ أَيْضًا وَقَعَ عَنْهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ تَعْلِيلِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْوَاهِبَ قَدْ يَقْصِدُ بِتَبَرُّعِهِ الْمُخَاطَبَ، وَكَأَنْ تَضَمَّنَ عَقْدُ الْبَيْعِ الْعَتَاقَةَ كَأَنْ وَكَّلَ قِنًّا فِي شِرَاءِ نَفْسِهِ مِنْ سَيِّدِهِ أَوْ عَكْسِهِ لِأَنَّ صَرْفَ الْعَقْدِ عَنْ مَوْضُوعِهِ بِالذِّمَّةِ مُتَعَذِّرٌ، وَلِأَنَّ الْمَالِكَ قَدْ لَا يَرْضَى بِعَقْدٍ يَتَضَمَّنُ الْإِعْتَاقَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ (وَلَوْ قَالَ: بِعْت) هَذَا (مُوَكِّلَك زَيْدًا فَقَالَ: اشْتَرَيْت لَهُ فَالْمَذْهَبُ بُطْلَانُهُ) وَلَوْ وَافَقَ الْإِذْنَ وَحُذِفَ لَهُ لِانْتِفَاءِ خِطَابِ الْعَاقِدِ، وَإِنَّمَا كَانَ ذِكْرُهُ مُتَعَيَّنًا فِي النِّكَاحِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِيهِ سَفِيرٌ مَحْضٌ إذْ لَا يُمْكِنُ وُقُوعُهُ لَهُ بِحَالٍ، فَإِنْ قَالَ بِعْتُك لِمُوَكِّلِك وَقَالَ قَبِلْت لَهُ صَحَّ جَزْمًا كَمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ، وَلَمْ يُصَرِّحْ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا أَصْلِهَا بِمُقَابِلِ الْمَذْهَبِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ ذَلِكَ فِي مُوَافِقِ الْإِذْنِ (وَيَدُ الْوَكِيلِ يَدُ أَمَانَةٍ وَإِنْ كَانَ بِجُعْلٍ) لِنِيَابَتِهِ عَنْ مُوَكِّلِهِ فِي الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ وَلِأَنَّهُ عَقْدُ إحْسَانٍ وَالضَّمَانُ مُنَفَّرٌ عَنْهُ (فَإِنْ تَعَدَّى ضَمِنَ) كَسَائِرِ الْأُمَنَاءِ، وَمِنْ التَّعَدِّي أَنْ يُضَيِّعَ الْمَالَ مِنْهُ وَلَا يَعْرِفُ كَيْفَ ضَاعَ أَوْ وَضَعَهُ بِمَحِلٍّ ثُمَّ نَسِيَهُ، وَهَلْ يَضْمَنُ بِتَأْخِيرِ مَا وُكِّلَ فِي بَيْعِهِ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا عَدَمُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّا يَسْرُعُ فَسَادُهُ وَأَخَّرَهُ مَعَ عِلْمِهِ بِالْحَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِأَنْ قَالَ: وَهَبْتُك وَأَطْلَقَ أَوْ وَهَبْتُك لِمُوَكِّلِك، أَمَّا لَوْ قَالَ: وَهَبْتُك لِنَفْسِك أَوْ وَهَبْتُك وَنَوَى كَوْنَ الْهِبَةِ لِلْوَكِيلِ دُونَ غَيْرِهِ فَقَالَ الْوَكِيلُ قَبِلْت لِمُوَكِّلِي فَيَنْبَغِي بُطْلَانُ الْهِبَةِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَمْ يَقْبَلْ مَا أَوْجَبَهُ الْمُوَكِّلُ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى مَنْهَجٍ نَقَلَا عَنْ الشَّارِحِ اعْتِمَادَ مَا جَنَحْنَا إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَا تَجْزِي النِّيَّةُ) أَيْ مِنْ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ نَوَاهُ) أَيْ الْمُوَكِّلُ (قَوْلُهُ: أَيْضًا) أَيْ مَعَ نِيَّةِ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: وَقَعَ عَنْهُ) أَيْ الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ: فِي شِرَاءِ نَفْسِهِ) أَيْ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَكْسِهِ) أَيْ بِأَنْ وَكَّلَ الْقِنُّ غَيْرَ مَا يَشْتَرِيهِ مِنْ سَيِّدِهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ صَرْفَ الْعَقْدِ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَكُلَّ قِنٍّ إلَخْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْمَالِكَ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ أَوْ عَكْسِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: بِمُقَابِلِ الْمَذْهَبِ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ بَعْدَ مَا ذَكَرَ فِي الْكِفَايَةِ حِكَايَةَ وَجْهَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَدَّى إلَخْ) أَيْ كَأَنْ رَكِبَ الدَّابَّةَ أَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ اهـ مَحَلِّيٌّ. وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا بِمِصْرِنَا مِنْ لُبْسِ الدَّلَّالِينَ لِلْأَمْتِعَةِ الَّتِي تُدْفَعُ إلَيْهِمْ وَرُكُوبِ الدَّوَابِّ أَيْضًا الَّتِي تُدْفَعُ إلَيْهِمْ لِبَيْعِهَا مَا لَمْ يَأْذَنْ فِي ذَلِكَ أَوْ تَجْرِي بِهِ الْعَادَةُ وَيَعْلَمُ الدَّافِعُ بِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِذَلِكَ فَلَا يَكُونُ تَعَدِّيًا لَكِنْ يَكُونُ عَارِيَّةً فَإِنْ تَلِفَ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ عَلَى مَا مَرَّ فَلَا ضَمَانَ وَإِلَّا ضَمِنَ بِقِيمَتِهِ وَقْتَ التَّلَفِ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ) أَيْ ضَمَانَ الْغُصُوبِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ نَسِيَهُ) أَيْ أَوْ نَسِيَ مَنْ عَامَلَهُ (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا عَدَمُهُ) أَيْ عَدَمُ الضَّمَانِ ثُمَّ إنْ كَانَ الْإِذْنُ لَهُ فِي الْبَيْعِ فِي يَوْمٍ مُعَيَّنٍ وَفَاتَ رَاجَعَهُ فِي الْبَيْعِ ثَانِيًا وَإِلَّا بَاعَهُ بِالْإِذْنِ السَّابِقِ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ أَوْجَهُهُمَا عَدَمُهُ وَعَلَيْهِ فَلَوْ سُرِقَ أَوْ تَلِفَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَخَّرَ الْبَيْعَ بِلَا عُذْرٍ (قَوْلُهُ: مَعَ عِلْمِهِ بِالْحَالِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيُضِيفُهَا لِبَعْضِ الْمُسْتَحِقِّينَ وَتَكُونُ الْإِجَارَةُ لِضَرُورَةِ الْعِمَارَةِ بِأَنْ يَقُولَ أَجَرْت حِصَّةَ فُلَانٍ وَهِيَ كَذَا لِضَرُورَةِ الْعِمَارَةِ فَتَصِحُّ الْإِجَارَةُ وَتَلْغُو التَّسْمِيَةُ الْمَذْكُورَةُ وَتَقَعُ الْإِجَارَةُ شَائِعَةً عَلَى الْجَمِيعِ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: قَدْ يَسْمَحُ بِالتَّبَرُّعِ لَهُ) أَيْ لِلْوَكِيلِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَوْ عَكْسَهُ) أَيْ بِأَنْ وَكَّلَ الْقِنُّ غَيْرَهُ لِيَشْتَرِيَ لَهُ نَفْسَهُ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ صُرِفَ إلَى آخِرِهِ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ كَأَنْ وَكَّلَ قِنًّا إلَخْ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَالِكَ إلَخْ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ أَوْ عَكْسَهُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ سم (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ ذَلِكَ فِي مَوَاقِفِ الْإِذْنِ) لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ السَّابِقَ وَلَوْ وَافَقَ الْإِذْنَ وَهُوَ تَابِعٌ فِي السَّابِقِ لِلشِّهَابِ حَجّ، وَهُوَ إنَّمَا ذَكَرَهُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَاعِي الْخِلَافَ، وَتَبِعَ فِي اللَّاحِقِ الشَّارِحَ الْجَلَالَ فَلَمْ يَلْتَئِمْ الْكَلَامُ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّا يُسْرِعُ فَسَادُهُ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ ضَمَانُهُ بِالْفَسَادِ أَوْ بِضَيَاعِهِ فِي مُدَّةِ التَّأْخِيرِ

مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ (وَلَا يَنْعَزِلُ) بِالتَّعَدِّي بِغَيْرِ إتْلَافِ الْمُوَكَّلِ فِيهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْوَكَالَةَ إذْنٌ فِي التَّصَرُّفِ وَالْأَمَانَةُ حُكْمٌ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ارْتِفَاعِهَا ارْتِفَاعُ أَصْلِهَا كَالرَّهْنِ. وَالثَّانِي يَنْعَزِلُ كَالْمُودَعِ وَرُدَّ بِأَنَّ الْوَدِيعَةَ مَحْضُ ائْتِمَانٍ، وَمَحِلُّ هَذَا الْوَجْهِ إذَا تَعَدَّى بِالْفِعْلِ، فَإِنْ تَعَدَّى بِالْقَوْلِ كَمَا لَوْ بَاعَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَلَوْ بِسَلَمٍ لَمْ يَنْعَزِلْ جَزْمًا لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ وَنَحْوُهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْبَحْرِ. نَعَمْ لَوْ كَانَ وَكِيلًا عَنْ وَلِيٍّ أَوْ وَصِيٍّ انْعَزَلَ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ كَالْوَصِيِّ يَفْسُقُ إذْ لَا يَجُوزُ إبْقَاءُ مَالِ مَحْجُورٍ بِيَدِ غَيْرِ عَدْلٍ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ إبْقَاءِ الْمَالِ فِي يَدِهِ. أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى عَدَمِ بَقَائِهِ وَكِيلًا فَلَا لِعَدَمِ كَوْنِهِ وَلِيًّا فَلَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِالتَّصَرُّفِ الْمُوَكَّلِ فِيهِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْوَلِيَّ لَا يُوَكِّلُ فِي مَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فَاسِقًا لِأَنَّ ذَاكَ بِالنِّسْبَةِ لِلِابْتِدَاءِ، وَيُغْتَفَرُ هُنَا طُرُوُّ فِسْقِهِ إذْ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ، وَيَزُولُ ضَمَانُهُ عَمَّا تَعَدَّى فِيهِ بِبَيْعِهِ وَتَسْلِيمِهِ وَلَا يَضْمَنُ ثَمَنَهُ لِانْتِفَاءِ تَعَدِّيهِ فِيهِ، فَلَوْ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ مَثَلًا بِنَفْسِهِ أَوْ بِالْحَاكِمِ عَادَ الضَّمَانُ مَعَ أَنَّ الْعَقْدَ قَدْ يَرْتَفِعُ مِنْ حِينِهِ عَلَى الرَّاجِحِ غَيْرَ أَنَّا لَا نَقْطَعُ النَّظَرَ عَنْ أَصْلِهِ بِالْكُلِّيَّةِ، فَلَا يُشْكِلُ بِمَا لَوْ وَكَّلَ مَالِكُ الْمَغْصُوبِ غَاصِبَهُ فِي بَيْعِهِ فَبَاعَهُ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ بِبَيْعِهِ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ يَدِهِ حَتَّى لَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ قَبْلَ قَبْضِ مُشْتَرِيهِ لَمْ يَضْمَنْهُ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ قُوَّةُ يَدِ الْوَكِيلِ الَّذِي طَرَأَ تَعَدِّيهِ لِكَوْنِهِ نَائِبًا عَنْ الْمُوَكِّلِ فِي الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ مَعَ كَوْنِهَا يَدَ أَمَانَةٍ فَكَأَنَّهَا لَمْ تَزَلْ، وَضَعْفُ يَدِ الْغَاصِبِ لِتَعَدِّيهِ فَلَيْسَتْ بِيَدٍ شَرْعِيَّةٍ فَانْقَطَعَ حُكْمُهَا بِمُجَرَّدِ زَوَالِهَا، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّى بِسَفَرِهِ بِمَا وُكِّلَ فِيهِ وَبَاعَهُ فِيهِ ضَمِنَ ثَمَنَهُ وَإِنْ تَسَلَّمَهُ وَعَادَ مِنْ سَفَرِهِ فَيُسْتَثْنَى مِمَّا مَرَّ، وَلَوْ امْتَنَعَ الْوَكِيلُ مِنْ التَّخْلِيَةِ بَيْنَ الْمُوَكِّلِ وَالْمَالِ بِعُذْرٍ لَمْ يَضْمَنْ وَإِلَّا ضَمِنَ كَالْمُودَعِ. وَلَوْ قَالَ لَهُ: بِعْ هَذَا بِبَلَدِ كَذَا وَاشْتَرِ لِي بِثَمَنِهِ قِنًّا جَازَ لَهُ إيدَاعُهُ فِي الطَّرِيقِ أَوْ الْمَقْصِدِ عِنْدَ حَاكِمٍ أَمِينٍ ثُمَّ أَمِينٍ إذْ الْعَمَلُ غَيْرُ لَازِمٍ لَهُ وَلَا تَغْرِيرَ مِنْهُ بَلْ الْمَالِكُ هُوَ الْمُخَاطِرُ بِمَالِهِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ بَاعَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شِرَاءُ الْقِنِّ وَلَوْ اشْتَرَاهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَأَخَّرَ فَلَا ضَمَانَ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِ ظَرْفًا فِيهِ شَيْءٌ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ هُوَ مِمَّا يَسْرُعُ فَسَادُهُ أَوْ لَا فَأَخَّرَ وَلَمْ يَنْظُرْ مَا فِي الظَّرْفِ عَدَمُ الضَّمَانِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ) أَيْ فَيَضْمَنُ ضَمَانَ الْمَغْصُوبِ وَلَوْ تَلِفَ بِنَحْوِ السَّرِقَةِ ضَمِنَهُ لِأَنَّهُ بِالتَّأْخِيرِ صَارَ كَالْغَاصِبِ لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهَا وَضْعَ يَدَهُ عَلَيْهِ بَعْدَ فَوَاتِ الزَّمَنِ الَّذِي أَمْكَنَ الْبَيْعُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَمَحِلُّ هَذَا الْوَجْهِ) هُوَ قَوْلُهُ وَالثَّانِي يَنْعَزِلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ فِي الْكِفَايَةِ) فِي نُسْخَةٍ ذَكَرَهُ فِي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَحْمُولٌ) هُوَ قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ كَانَ وَكِيلًا عَنْ وَلِيٍّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ الْوَلِيِّ فِي حَقِّ الطِّفْلِ وَالْمَجْنُونِ إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ وَحَيْثُ وَكَّلَ لَا يُوَكِّلُ إلَّا أَمِينًا (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ تَعَدِّيهِ فِيهِ) أَيْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: لَانْقَطَعَ النَّظَرُ عَنْ أَصْلِهِ) أَيْ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُشْكِلُ) أَيْ عَوْدُ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: فَبَاعَهُ) أَيْ الْغَاصِبُ (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ) أَيْ الْغَاصِبِ. [فَرْعٌ] لَوْ أَرْسَلَ إلَى بَزَّازٍ لِيَأْخُذَ مِنْهُ ثَوْبًا سَوْمًا فَتَلِفَ فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَهُ الْمُرْسِلُ لَا الرَّسُولُ اهـ عب. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا أَرْسَلَ إلَى آخَرَ جَرَّةً لِيَأْخُذَ فِيهَا عَسَلًا فَمَلَأَهَا وَدَفَعَهَا لِلرَّسُولِ وَرَجَعَ بِهَا فَانْكَسَرَتْ مِنْهُ فِي الطَّرِيقِ وَهُوَ أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْمُرْسِلِ. وَمَحِلُّهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ حَيْثُ تَلِفَ الثَّوْبُ وَالْجَرَّةُ بِلَا تَقْصِيرٍ مِنْ الرَّسُولِ وَإِلَّا فَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرْسِلُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَتْ) أَيْ يَدُ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ) أَيْ فِي الْفَصْلِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَسَلَّمَهُ) أَيْ الثَّمَنَ (قَوْلُهُ: وَعَادَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ وَصَلَ بِهِ إلَى الْمَحِلِّ الَّذِي كَانَ حَقُّهُ أَنْ يَبِيعَ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَيُسْتَثْنَى مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ أَوْ يَزُولُ ضَمَانُهُ (قَوْلُهُ: جَازَ لَهُ إيدَاعُهُ) أَيْ الْمُوَكِّلِ فِي بَيْعِهِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ بَاعَهُ) أَيْ الْوَكِيلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَانَ وَكِيلًا عَنْ وَلِيِّ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَنْعَزِلُ (قَوْلُهُ: فَيُسْتَثْنَى مِمَّا مَرَّ) أَيْ مِنْ عَدَمِ ضَمَانِ

لَمْ يَلْزَمْهُ رَدُّهُ بَلْ لَهُ إيدَاعُهُ عِنْدَ مَنْ ذُكِرَ، وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الثَّمَنِ حَيْثُ لَا قَرِينَةَ ظَاهِرَةٌ تَدُلُّ عَلَى رَدِّهِ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ، فَإِنْ عَلَا فَهُوَ فِي ضَمَانِهِ إلَى وُصُولِهِ لِمَالِكِهِ (وَأَحْكَامُ الْعَقْدِ تَتَعَلَّقُ بِالْوَكِيلِ دُونَ الْمُوَكِّلِ فَيُعْتَبَرُ فِي الرُّؤْيَةِ وَلُزُومِ الْعَقْدِ بِمُفَارَقَةِ الْمَجْلِسِ، وَالتَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ حَيْثُ يُشْتَرَطُ) كَالرِّبَوِيِّ وَالسَّلَمِ (الْوَكِيلُ) لِأَنَّهُ الْعَاقِدُ (دُونَ الْمُوَكِّلِ) فَلَهُ الْفَسْخُ بِخِيَارَيْ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ وَإِنْ أَجَازَ الْمُوَكِّلُ، بِخِلَافِ خِيَارِ الْعَيْبِ لَا رَدَّ لِلْوَكِيلِ إذَا رَضِيَ بِهِ الْمُوَكِّلُ لِأَنَّهُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْمَالِكِ وَلَيْسَ مَنُوطًا بِاسْمِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ كَمَا نِيطَ بِهِ فِي الْفَسْخِ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ بِخَبَرِ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا» وَبِخِيَارِ الشَّرْطِ بِالْقِيَاسِ عَلَى خِيَارِ الْمَجْلِسِ (وَإِذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ طَالَبَهُ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ إنْ كَانَ دَفَعَهُ) إلَيْهِ (الْمُوَكِّلُ) لِلْعُرْفِ سَوَاءٌ اشْتَرَى بِعَيْنِهِ أَمْ فِي الذِّمَّةِ وَلِتَعَلُّقِ أَحْكَامِ الْعَقْدِ بِالْوَكِيلِ وَلَهُ مُطَالَبَةُ الْمُوَكِّلِ أَيْضًا عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا ذَكَرَاهُ فِي مُعَامَلَةِ الْعَبِيدِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَدْفَعْهُ إلَيْهِ (فَلَا) يُطَالِبُهُ (إنْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا) لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي يَدِهِ وَحَقُّ الْبَائِعِ مَقْصُورٌ عَلَيْهِ (وَإِنْ كَانَ) الثَّمَنُ (فِي الذِّمَّةِ طَالَبَهُ) بِهِ دُونَ الْمُوَكِّلِ (إنْ أَنْكَرَ وَكَالَتَهُ أَوْ قَالَ: لَا أَعْلَمُهَا) لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يَشْتَرِي لِنَفْسِهِ وَالْعَقْدُ وَقَعَ مَعَهُ وَمَسْأَلَةُ عَدَمِ الْعِلْمِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الْمُحَرَّرِ (وَإِنْ اعْتَرَفَ بِهَا طَالَبَهُ) بِهِ (أَيْضًا فِي الْأَصَحِّ) وَإِنْ لَمْ يَضَعْ يَدَهُ عَلَيْهِ (كَمَا يُطَالِبُ الْمُوَكِّلَ وَيَكُونُ الْوَكِيلُ كَضَامِنٍ) لِمُبَاشَرَتِهِ الْعَقْدَ (وَالْمُوَكِّلُ كَأَصِيلٍ) لِأَنَّهُ الْمَالِكُ وَمِنْ ثَمَّ رَجَعَ عَلَيْهِ الْوَكِيلُ إذَا غَرِمَ. وَالثَّانِي لَا يُطَالِبُ الْوَكِيلَ بَلْ الْمُوَكِّلُ فَقَطْ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ لَهُ وَالْوَكِيلُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الثَّمَنِ) أَيْ فِي صُورَةِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ: اشْتَرِ لِي بِثَمَنِهِ كَذَا إلَخْ (قَوْلُهُ: تَدُلُّ عَلَى رَدِّهِ) وَلَيْسَ مِنْ الْقَرِينَةِ عَلَى الرَّدِّ ارْتِفَاعُ سِعْرِ مَا أَذِنَ فِي شِرَائِهِ عَنْ الْعَادَةِ فَلَهُ شِرَاؤُهُ وَإِنْ ارْتَفَعَ سِعْرُهُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِ فَلَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ بَلْ يُودِعُهُ ثَمَّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ) وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا مَا ذَكَرَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: احْمِلْ هَذَا إلَى الْمَكَانِ الْفُلَانِيِّ فَبِعْهُ فَحَمَلَهُ وَرَدَّهُ صَارَ مَضْمُونًا فِي حَالَةِ الرَّدِّ فَلَوْ حَمَلَ ثَانِيًا إلَيْهِ صَحَّ الْبَيْعُ اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَتَيَسَّرَ لَهُ الْبَيْعُ فِي الْمَكَانِ فَيَتْرُكَهُ ثُمَّ يَرْجِعَ بِهِ بِلَا عُذْرٍ وَبَيْنَ مَا لَوْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِعَدَمِ وُجُودِ مُشْتَرٍ بِثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ عُرُوضِ مَانِعٍ لِلْوَكِيلِ مِنْ الْبَيْعِ، وَفِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ حِينَئِذٍ كَأَنْ عَدِمَ الْبَيْعَ لِمَانِعٍ لِأَنَّ الْعُرْفَ قَاضٍ فِي مِثْلِهِ بِالْعَوْدِ بِهِ لِلْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ يُشْتَرَطُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ يُعْتَبَرُ الْمُوَكِّلُ دُونَ الْوَكِيلِ. وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي جَوَازِ قَبْضِ الْوَكِيلِ الثَّمَنَ الْحَالَّ جَوَازُ قَبْضِ الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ وَالْمَوْصُوفِ لِكُلٍّ مِنْ الْوَكِيلِ وَمُوَكِّلِهِ حَيْثُ كَانَ حَالًّا، ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ صَرَّحَ بِذَلِكَ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ حَيْثُ يُشْتَرَطُ: أَيْ التَّقَابُضُ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَلَا يُطَالِبُهُ) فِي عَدَمِ الْمُطَالَبَةِ نَظَرٌ حَيْثُ أَنْكَرَ وَكَالَتَهُ، وَأَنَّ الْمُعَيَّنَ لَيْسَ لَهُ بَلْ الْوَجْهُ الْمُطَالَبَةُ حِينَئِذٍ وَقَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ إنْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَنْكَرَ وَكَالَتَهُ بِدَلِيلِ التَّفْصِيلِ فِيمَا بَعْدَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَقَوْلُهُ كَمَا يُطَالَبُ الْمُوَكِّلُ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ: أَيْ مُطَالَبَةُ الْمُوَكِّلِ وَإِنْ أَمَرَهُ الْمُوَكِّلُ بِالشِّرَاءِ بِعَيْنِ مَا دَفَعَهُ إلَيْهِ بِأَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ الْوَكِيلِ وَيُسَلِّمَهُ لِلْبَائِعِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: إنْ أَنْكَرَ) أَيْ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ الْوَكِيلُ كَضَامِنٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْوَكِيلُ إلَّا بَعْدَ غُرْمِهِ وَبَعْدَ إذْنِهِ لَهُ فِي الْأَدَاءِ إنْ دَفَعَ إلَيْهِ مَا يَشْتَرِي بِهِ وَأَمَرَهُ بِتَسْلِيمِهِ فِي الثَّمَنِ وَإِلَّا فَالْوَكَالَةُ تَكْفِي عَنْ الْإِذْنِ اهـ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ شَيْئًا رَجَعَ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ تَتَضَمَّنُ الْإِذْنَ، وَإِنْ دَفَعَ فَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِتَسْلِيمِهِ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا لَمْ يَرْجِعْ إلَّا إنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْأَدَاءِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ الَّذِي جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضِ مِنْ الرُّجُوعِ عَلَى الْوَكِيلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQثَمَنِ مَا تَعَدَّى فِيهِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الثَّمَنِ) أَيْ بِخِلَافِ الْقِنِّ كَمَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ اشْتَرَاهُ لَمْ يَلْزَمْهُ رَدُّهُ بَلْ لَهُ إيدَاعُهُ عِنْدَ مَنْ ذُكِرَ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا) قَالَ الشِّهَابُ سم: ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَنْكَرَ وَكَالَتَهُ بِدَلِيلِ التَّفْصِيلِ فِيمَا بَعْدَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ.

سَفِيرٌ مَحْضٌ، وَقِيلَ عَكْسُهُ لِأَنَّ الِالْتِزَامَ وُجِدَ مَعَهُ، وَلَوْ أَرْسَلَ مَنْ يَقْتَرِضُ لَهُ فَاقْتَرَضَ فَهُوَ كَوَكِيلِ الْمُشْتَرِي فَيُطَالَبُ وَإِذَا غَرِمَ رَجَعَ عَلَى مُوَكِّلِهِ (وَإِذَا) (قَبَضَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ الثَّمَنَ) حَيْثُ جَوَّزْنَاهُ لَهُ (وَتَلِفَ فِي يَدِهِ) أَوْ بَعْدَ خُرُوجِهِ عَنْهَا (وَخَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا رَجَعَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي) بِبَدَلِ الثَّمَنِ (وَإِنْ اعْتَرَفَ بِوَكَالَتِهِ فِي الْأَصَحِّ) لِدُخُولِهِ فِي ضَمَانِهِ بِقَبْضِهِ وَالثَّانِي يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَحْدَهُ لِأَنَّ الْوَكِيلَ سَفِيرٌ مَحْضٌ (ثُمَّ يَرْجِعُ الْوَكِيلُ) إذَا غَرِمَ (عَلَى الْمُوَكِّلِ) بِمَا غَرِمَهُ لِأَنَّهُ غَرَّهُ. وَمَحِلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ مَنْصُوبًا مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْحَاكِمِ وَهُوَ لَا يُطَالَبُ (قُلْت: وَلِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ عَلَى الْمُوَكِّلِ ابْتِدَاءً فِي الْأَصَحِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّ الْوَكِيلَ مَأْمُورٌ مِنْ جِهَتِهِ وَيَدُهُ كَيَدِهِ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ تَخْيِيرُ الْمُشْتَرِي فِي الرُّجُوعِ عَلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، وَأَنَّ الْقَرَارَ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَيَأْتِي مَا تَقَرَّرَ فِي وَكِيلِ مُشْتَرٍ تَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ ثُمَّ ظَهَرَ مُسْتَحَقًّا. وَالثَّانِي لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُوَكِّلِ لِأَنَّهُ تَلِفَ تَحْتَ يَدِ الْوَكِيلِ وَقَدْ بَانَ فَسَادُ الْوَكَالَةِ وَخَرَجَ بِالْوَكِيلِ فِيمَا ذَكَرَ الْوَلِيُّ فَيَضْمَنُ وَحْدَهُ الثَّمَنَ إنْ لَمْ يَذْكُرْ مُوَلِّيَهُ فِي الْعَقْدِ وَإِلَّا ضَمِنَهُ الْمُوَلِّي، وَالْفَرْقُ أَنَّ شِرَاءَ الْوَلِيِّ لَازِمٌ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَمْ يَلْزَمْ الْوَلِيَّ ضَمَانُهُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ. وَفِي أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلْغَزِّيِّ: لَوْ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ بِنِيَّةِ أَنَّهُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ فَهُوَ لِلِابْنِ وَالثَّمَنُ فِي مَالِهِ: أَعْنِي الِابْنَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى لَهُ بِمَالِ نَفْسِهِ يَقَعُ لِلطِّفْلِ وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ وَهَبَهُ الثَّمَنَ: أَيْ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي. وَقَالَ الْقَفَّالُ: لَا يَقَعُ لِلْأَبِ، قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَهُوَ الْأَوْفَقُ لِإِطْلَاقِ الْأَصْحَابِ وَالْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ مُطَالَبَتِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَاقْتَرَضَ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ اقْتَرَضَ هُوَ وَأَرْسَلَ مَا يَأْخُذُهُ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُرْسِلِ لَا عَلَى الرَّسُولِ، وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: رَجَعَ عَلَى مُوَكِّلِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ صَرَّحَ بِالسِّفَارَةِ، لَكِنْ قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ نَقْلًا عَنْ الْقُوتِ إذَا صَرَّحَ بِالسِّفَارَةِ لَا يُطَالَبُ. وَمَحِلُّهُ حَيْثُ صَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ فِي التَّوْكِيلِ بِالْقَرْضِ، فَإِنْ كَذَّبَهُ فِي ذَلِكَ صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ بِيَمِينِهِ وَالْمُطَالَبَةُ حِينَئِذٍ عَلَى الْآخِذِ لِانْتِفَاءِ وَكَالَتِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ تَكَرَّرَ الِاقْتِرَاضُ مِنْهُ مَرَّاتٍ وَصَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ فِي بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ لِكُلٍّ حُكْمُهُ (قَوْلُهُ: حَيْثُ جَوَّزْنَاهُ لَهُ) بِأَنْ كَانَ الثَّمَنُ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا وَحَلَّ وَدَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى الْإِذْنِ فِي الْقَبْضِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَمَحِلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ مَنْصُوبًا) أَيْ الْوَكِيلُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ:) (تَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْوَكِيلِ إلَخْ) هَذَا مَفْرُوضٌ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِيمَا قَبْلَ مَسَائِلِ الِاسْتِحْقَاقِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْله وَإِلَّا ضَمِنَهُ الْمَوْلَى) أَيْ فِي ذِمَّتِهِ فَلَا يَلْزَمُ الْوَلِيَّ نَقْدُهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَإِنَّمَا يَبْذُلُهُ مِنْ مَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا بَقِيَ فِي ذِمَّتِهِ، وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ هَذَا: لَكِنْ يَنْقُدُهُ الْوَلِيُّ مِنْ مَالِهِ انْتَهَى: أَيْ مَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيَصِيرُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: كَأَنَّهُ وَهَبَهُ الثَّمَنَ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ أَنَّهُ أَدَّى لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَيَكُونُ قَرْضًا لِلطِّفْلِ فَيَرْجِعْ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[فصل في بيان جواز الوكالة وما تنفسخ به]

فَصْلٌ فِي بَيَانِ جَوَازِ الْوَكَالَةِ وَمَا تَنْفَسِخُ بِهِ وَتَخَالُفِ الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ وَدَفْعِ الْحَقِّ لِمُسْتَحِقِّهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ (الْوَكَالَةُ) وَلَوْ بِجُعْلٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِصِيَغِ الْعُقُودِ هُنَا كَمَا رَجَّحَهُ الرُّويَانِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الْجُوَيْنِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ مَا لَمْ تَكُنْ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ بِشُرُوطِهَا وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ (جَائِزَةٌ) أَيْ غَيْرُ لَازِمَةٍ (مِنْ الْجَانِبَيْنِ) لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ قَدْ تَظْهَرُ لَهُ الْمَصْلَحَةُ فِي تَرْكِ مَا وُكِّلَ فِيهِ أَوْ تَوْكِيلٍ آخَرَ وَلِأَنَّ الْوَكِيلَ قَدْ يَعْرِضُ لَهُ مَا يَمْنَعُهُ عَنْ الْعَمَلِ، نَعَمْ لَوْ عَلِمَ الْوَكِيلُ أَنَّهُ لَوْ عَزَلَ نَفْسَهُ فِي غَيْبَةِ مُوَكِّلِهِ اسْتَوْلَى عَلَى الْمَالِ جَائِرٌ حَرُمَ عَلَيْهِ الْعَزْلُ إلَى حُضُورِ مُوَكِّلِهِ أَوْ أَمِينِهِ عَلَى الْمَالِ قِيَاسًا عَلَى الْوَصِيِّ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقِيَاسُهُ عَدَمُ النُّفُوذِ (فَإِذَا) (عَزَلَهُ الْمُوَكِّلُ فِي حُضُورِهِ) بِأَنْ قَالَ عَزَلْتُك (أَوْ قَالَ) فِي حُضُورِهِ أَيْضًا (رَفَعْت الْوَكَالَةَ، أَوْ أَبْطَلْتهَا) أَوْ فَسَخْتهَا أَوْ أَزَلْتهَا أَوْ نَقَضْتهَا أَوْ صَرَفْتهَا ـــــــــــــــــــــــــــــS [فَصْلٌ فِي بَيَانِ جَوَازِ الْوَكَالَة وَمَا تَنْفَسِخُ بِهِ] فَصْلٌ) فِي بَيَانِ جَوَازِ الْوَكَالَةِ (قَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ) أَيْ كَالتَّلَطُّفِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِجُعْلٍ) أَيْ وَوَقَعَ التَّوْكِيلُ بِلَفْظِ الْوَكَالَةِ فَإِنْ وَقَعَ بِلَفْظِ الِاسْتِئْجَارِ فَلَازِمٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ مَا لَمْ تَكُنْ بِلَفْظِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ بِجُعْلٍ إلَخْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ لَفْظًا أَنَّهَا إذَا كَانَتْ بِجُعْلٍ اُشْتُرِطَ فَقَوْلُ سم عَلَى حَجّ وَقِيَاسُ ذَلِكَ عَدَمُ وُجُوبِ الْقَبُولِ لَفْظًا مُخَالِفٌ لَهُ اهـ. لَكِنَّهُ مُقْتَضَى قَوْلِ الشَّارِحِ هُنَا مَا لَمْ تَكُنْ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي ثُبُوتِ جَمِيعِ أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ حَيْثُ لَمْ يَعْقِدْ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ وَمِنْهَا عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ (قَوْلُهُ: بِصِيَغِ الْعُقُودِ) أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّ لَفْظَ وَكَّلْتُك فِي عَمَلِ كَذَا بِكَذَا مَعْنَاهُ إجَارَةٌ وَهِيَ لَازِمَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَصِيغَةُ وَكَالَةٍ فَلَوْ غَلَبَ الْمَعْنَى كَانَتْ لَازِمَةً لَكِنَّ الرَّاجِحَ تَغْلِيبُ اللَّفْظِ فَهِيَ جَائِزَةٌ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ هُنَا إلَى أَنَّهُمْ قَدْ يُغَلِّبُونَ الْمَعْنَى كَالْهِبَةِ بِثَوَابٍ فَإِنَّهَا بَيْعٌ مَعَ لَفْظِ الْهِبَةِ نَظَرًا لِلْمَعْنَى (قَوْلُهُ: وَجَزَمَ بِهِ الْجُوَيْنِيُّ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: أَيْ غَيْرُ لَازِمَةٍ) أَيْ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ مَا قَابَلَ التَّحْرِيمَ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ عَلِمَ الْوَكِيلُ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ عَلِمَ الْمُوَكِّلُ مَفْسَدَةً تَتَرَتَّبُ عَلَى عَزْلِ الْوَكِيلِ كَمَا لَوْ وَكَّلَ فِي مَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ حَيْثُ جَوَّزْنَاهُ وَعَلِمَ أَنَّهُ إذَا عَزَلَ الْوَكِيلَ اسْتَوْلَى عَلَى مَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ ظَالِمٌ أَوْ وَكَّلَ فِي شِرَاءِ مَاءٍ لِطُهْرِهِ أَوْ ثَوْبٍ لِلسَّتْرِ بِهِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ أَوْ شِرَاءِ ثَوْبٍ لِدَفْعِ الْحَرِّ أَوْ الْبَرْدِ اللَّذَيْنِ يَحْصُلُ بِسَبَبِهِمَا عِنْدَ عَدَمِ السَّتْرِ مَحْذُورٌ تَيَمَّمَ وَعَلِمَ أَنَّهُ إذَا عَزَلَ الْوَكِيلَ لَا يَتَيَسَّرُ لَهُ ذَلِكَ فَيَحْرُمُ الْعَزْلُ وَلَا يَنْفُذُ (قَوْلُهُ: حَرُمَ عَلَيْهِ) أَيْ وَكَذَا لَوْ تَرَتَّبَ عَلَى عَزْلِهِ نَفْسَهُ فِي حُضُورِ الْمُوَكِّلِ الِاسْتِيلَاءُ الْمَذْكُورُ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ وَلَمْ يَنْعَزِلْ وَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ حَاضِرًا فِيمَا يَظْهَرُ اهـ حَجّ. وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ مِنْ بَابِ دَفْعِ الصَّائِلِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ زِيَادِيٌّ. لَكِنْ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمِنْهَاجِ تَقْيِيدُ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ بِمَا إذَا كَانَ الْعَزْلُ فِي غَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ وَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ سم مِثْلُهُ، وَيُسْتَفَادُ مِنْهُمَا أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ فِي غَيْبَةِ مُوَكِّلِهِ لَيْسَ قَيْدًا (قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ فِي حُضُورِهِ) قَيَّدَ بِهِ لِقَوْلِهِ بَعْدُ فَإِنْ عَزَلَهُ وَهُوَ غَائِبٌ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ أَوْ أَبْطَلْتهَا) قَالَ حَجّ: ظَاهِرُهُ انْعِزَالُ الْحَاضِرِ بِمُجَرَّدِ هَذَا اللَّفْظِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ بِهِ وَلَا ذَكَرَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَأَنَّ الْغَائِبَ فِي ذَلِكَ كَالْحَاضِرِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ تَعَدَّدَ لَهُ وُكَلَاءُ وَلَمْ يَنْوِ أَحَدَهُمْ فَهَلْ يَنْعَزِلُ الْكُلُّ لِأَنَّ حَذْفَ الْمَعْمُولِ يُفِيدُ الْعُمُومَ أَوْ يَلْغُو لِإِبْهَامِهِ؟ لِلنَّظَرِ فِي كُلِّ ذَلِكَ مَجَالٌ، وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِي حَاضِرٍ أَوْ غَائِبٍ لَيْسَ لَهُ وَكِيلٌ غَيْرُهُ انْعِزَالُهُ بِمُجَرَّدِ هَذَا اللَّفْظِ، وَتَكُونُ أَلْ لِلْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصْلٌ فِي بَيَانِ جَوَازِ الْوَكَالَةِ)

(أَوْ أَخْرَجْتُك مِنْهَا انْعَزَلَ) مِنْهَا فِي الْحَالِ لِدَلَالَةِ كُلٍّ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ عَلَيْهِ (فَإِنْ عَزَلَهُ وَهُوَ غَائِبٌ انْعَزَلَ فِي الْحَالِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَحْتَجْ لِلرِّضَا فَلَمْ يَحْتَجْ لِلْعِلْمِ كَالطَّلَاقِ، وَيَنْبَغِي لِلْمُوَكِّلِ الْإِشْهَادُ عَلَى الْعَزْلِ إذْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ بَعْدَ تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ وَإِنْ وَافَقَهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُشْتَرِي مَثَلًا مِنْ الْوَكِيلِ، أَمَّا فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَإِذَا وَافَقَهُ عَلَى الْعَزْلِ وَلَكِنْ ادَّعَى أَنَّهُ بَعْدَ التَّصَرُّفِ لِيَسْتَحِقَّ الْجُعْلَ مَثَلًا فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فِي تَقَدُّمِ الرَّجْعَةِ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، فَإِذَا اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الْعَزْلِ وَقَالَ: تَصَرَّفْت قَبْلَهُ وَقَالَ الْمُوَكِّلُ: بَعْدَهُ حَلَفَ الْمُوَكِّلُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ تَصَرَّفَ قَبْلَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ إلَى مَا بَعْدَهُ أَوْ عَلَى وَقْتِ التَّصَرُّفِ وَقَالَ: عَزَلْتُك قَبْلَهُ فَقَالَ الْوَكِيلُ: بَلْ بَعْدَهُ حَلَفَ الْوَكِيلُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ عَزْلَهُ قَبْلَهُ، فَإِنْ تَنَازَعَا فِي السَّبْقِ بِلَا اتِّفَاقٍ صَدَقَ مَنْ سَبَقَ بِالدَّعْوَى لِأَنَّ مُدَّعَاهُ سَابِقٌ لِاسْتِقْرَارِ الْحُكْمِ بِقَوْلِهِ (وَفِي قَوْلِ لَا) يَنْعَزِلُ (حَتَّى يَبْلُغَهُ الْخَبَرُ) مِمَّنْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ كَالْقَاضِي، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِتَعَلُّقِ الْمَصَالِحِ الْكُلِّيَّةِ بِعَمَلِ الْقَاضِي، فَلَوْ انْعَزَلَ قَبْلَ الْخَبَرِ عَظُمَ ضَرَرُ النَّاسِ بِنَقْصِ الْأَحْكَامِ وَفَسَادِ الْأَنْكِحَةِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْحَاكِمَ فِي وَاقِعَةٍ خَاصَّةٍ كَالْوَكِيلِ. قَالَ الْبَدْرُ بْنُ شُهْبَةَ: وَمُقْتَضَاهُ أَيْضًا أَنَّ الْوَكِيلَ الْعَامَّ كَوَكِيلِ السُّلْطَانِ كَالْقَاضِي اهـ. وَالْأَوْجَهُ خِلَافُ مَا قَالَاهُ إلْحَاقًا لِكُلٍّ بِالْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ فِي نَوْعِهِ، وَلَا يَنْعَزِلُ وَدِيعٌ وَمُسْتَعِيرٌ إلَّا بِبُلُوغِ الْخَبَرِ وَفَارَقَ الْوَكِيلَ بِأَنَّ الْقَصْدَ مَنْعُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ الضَّارِّ بِمُوَكِّلِهِ بِإِخْرَاجِ أَعْيَانِهِ عَنْ مِلْكِهِ فَأَثَّرَ فِيهِ الْعَزْلُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ بِخِلَافِهِمَا، وَإِذَا تَصَرَّفَ بَعْدَ عَزْلٍ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ جَاهِلًا لَمْ يَصِحَّ تَصَرُّفُهُ وَضَمِنَ مَا سَلَّمَهُ فِيمَا يَظْهَرُ إذْ الْجَهْلُ غَيْرُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُوجِبِ لِعَدَمِ إلْغَاءِ اللَّفْظِ وَأَنَّهُ فِي التَّعَدُّدِ وَلَا نِيَّةَ يَنْعَزِلُ الْكُلُّ لِقَرِينَةِ حَذْفِ الْمَعْمُولِ وَلِأَنَّ الصَّرِيحَ حَيْثُ أَمْكَنَ اسْتِعْمَالُهُ فِي مَعْنَاهُ الْمُطَابِقِ لَهُ خَارِجًا لَا يَجُوزُ إلْغَاؤُهُ (قَوْلُهُ: فَإِذَا اتَّفَقَا إلَخْ) بَيَانٌ لِلتَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ) أَيْ الْوَكِيلُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ) أَيْ فَيُصَدَّقُ (قَوْلُهُ: حَلَفَ الْوَكِيلُ) فَيُصَدَّقُ (قَوْلُهُ صَدَقَ مَنْ سَبَقَ) أَيْ جَاءَا مَعًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: لِاسْتِقْرَارِ الْحُكْمِ بِقَوْلِهِ) وَإِنْ جَاءَا مَعًا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ تَصْدِيقُ الْمُوَكِّلِ لِأَنَّ جَانِبَهُ أَقْوَى إذْ أَصْلُ عَدَمِ التَّصَرُّفِ أَقْوَى مِنْ أَصْلِ بَقَائِهِ لِأَنَّ بَقَاءَهُ مُتَنَازَعٌ فِيهِ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا جَزَمَ بِتَصْدِيقِ الْمُوَكِّلِ وَلَمْ يُوَجِّهْهُ اهـ حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم عِبَارَةَ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَوْ وَقَعَ كَلَامُهُمَا مَعًا صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ اهـ. وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ جَاءَا مَعًا أَنَّهُمَا ادَّعَيَا مَعًا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ قَبْلُ: صَدَقَ مَنْ سَبَقَ بِالدَّعْوَى دُونَ قَوْلِهِ: مَنْ جَاءَ لِلْقَاضِي أَوَّلًا، وَقَوْلُهُ أَقْوَى مِنْ أَصْلِ بَقَائِهِ: أَيْ بَقَاءِ جَوَازِ التَّصَرُّفِ النَّاشِئِ عَنْ الْإِذْنِ (قَوْلُهُ: وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ) أَيْ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالْقَاضِي (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْحَاكِمَ إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ أَنَّ الْمُحَكَّمَ إلَخْ: أَيْ الَّذِي حَكَّمَهُ الْقَاضِي فَلَا تَخَالُفَ بَيْنَ كَلَامِ الشَّارِحِ وحج (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ خِلَافُ مَا قَالَاهُ) أَيْ فَيَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِالْعَزْلِ وَلَوْ لَمْ يَبْلُغْهُ الْخَبَرُ، وَلَا يَنْعَزِلُ الْقَاضِي فِي أَمْرٍ خَاصٍّ إلَّا بَعْدَ بُلُوغِ الْخَبَرِ اعْتِبَارًا بِمَا مِنْ شَأْنِهِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، وَلَكِنْ لَا شَكَّ أَنَّ مَا قَالَاهُ هُوَ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْعَزِلُ وَدِيعٌ) وَفَائِدَةُ عَدَمِ عَزْلِهِ فِي الْوَدِيعِ وُجُوبُ حِفْظِهِ وَرِعَايَتِهِ قَبْلَ بُلُوغِ الْخَبَرِ حَتَّى لَوْ قَصَّرَ فِي ذَلِكَ كَأَنْ لَمْ يَدْفَعْ مُتْلِفَاتِ الْوَدِيعَةِ عَنْهَا ضَمِنَ، وَفِي الْمُسْتَعِيرِ أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ فِي اسْتِعْمَالِ الْعَارِيَّةِ قَبْلَ بُلُوغِ الْخَبَرِ، وَأَنَّهَا لَوْ تَلِفَتْ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْقَصْدَ) أَيْ مِنْ الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ: مَنَعَهُ) أَيْ الْوَكِيلُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِمَا) أَيْ الْوَدِيعِ وَالْمُسْتَعِيرِ (قَوْلُهُ: وَضَمِنَ مَا سَلَّمَهُ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي صَرْفِ مَالٍ فِي شَيْءٍ لِلْمُوَكِّلِ كَبِنَاءٍ وَزِرَاعَةٍ وَثَبَتَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِلْمُشْتَرِي مَثَلًا) وَانْظُرْ مَاذَا يَفْعَلُ فِي الثَّمَنِ وَكُلٌّ مِنْ الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّ الْمُوَكِّلَ لَا يَسْتَحِقُّهُ وَهَلْ يَأْتِي فِيهِ مَا يَأْتِي فِي الظَّفْرِ، وَهَلْ إذَا لَمْ يَكُنْ قَبَضَ الثَّمَنَ لَهُمَا الْمُطَالَبَةُ أَوْ لَا؟ (قَوْلُهُ: فَإِذَا اتَّفَقَا إلَخْ) هُوَ بَيَانٌ لِلتَّفْصِيلِ الْمُشَارِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ خِلَافُ مَا قَالَاهُ) لَا يَخْفَى مَا فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِيَةِ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَفَاسِدِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا عَدَمُ

مُؤَثِّرٍ فِي الضَّمَانِ وَمِنْ ثَمَّ غَرِمَ الدِّيَةَ وَالْكَفَّارَةَ إذَا قَتَلَ جَاهِلًا بِالْعَزْلِ كَمَا سَيَأْتِي قُبَيْلَ الدِّيَاتِ، وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى مُوَكِّلِهِ عَلَى الْأَصَحِّ وَإِنْ غَرَّهُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، وَهَذَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّاشِيِّ وَالْغَزَالِيِّ، وَمَا تَلِفَ فِي يَدِ الْوَكِيلِ بِلَا تَقْصِيرٍ وَلَوْ بَعْدَ الْعَزْلِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِسَبَبِهِ، وَكَالْوَكِيلِ فِيمَا ذَكَرَ عَامِلُ الْقِرَاضِ، وَلَوْ عَزَلَ أَحَدَ وَكِيلَيْهِ مُبْهِمًا لَمْ يَتَصَرَّفْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا حَتَّى يُمَيَّزَ لِلشَّكِّ فِي الْأَهْلِيَّةِ، وَلَوْ وَكَّلَ عَشَرَةً ثُمَّ قَالَ عَزَلْت أَكْثَرَهُمْ انْعَزَلَ سِتَّةٌ، وَإِذَا عَيَّنَهُمْ فَفِي تَصَرُّفِ الْبَاقِينَ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُهُ: أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّصَرُّفِ الصَّادِرِ مِنْهُمْ قَبْلَ التَّعْيِينِ (وَلَوْ) (قَالَ) الْوَكِيلُ الَّذِي لَيْسَ قِنًّا لِلْمُوَكِّلِ (عَزَلْت نَفْسِي أَوْ رَدَدْت الْوَكَالَةَ) أَوْ فَسَخْتهَا أَوْ أَخْرَجْت نَفْسِي مِنْهَا (انْعَزَلَ) حَالًا وَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَزْلُهُ لَهُ قَبْلَ التَّصَرُّفِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا صَرَفَهُ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ ثُمَّ مَا بَنَاهُ أَوْ زَرَعَهُ إنْ كَانَ مِلْكًا لِلْمُوَكِّلِ وَكَانَ مَا صَرَفَهُ مِنْ الْمَالِ فِي أُجْرَةِ الْبِنَاءِ وَنَحْوِهِ كَانَ الْبِنَاءُ عَلَى مِلْكِ الْمُوَكِّلِ وَامْتَنَعَ عَلَى الْوَكِيلِ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِمَا غَرِمَهُ، وَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ بِمَالِ الْمُوَكِّلِ جَازَ لِلْوَكِيلِ هَدْمُهُ وَلَوْ مَنَعَهُ الْمُوَكِّلُ وَتَرَكَهُ إنْ لَمْ يُكَلِّفْهُ الْمُوَكِّلُ بِهَدْمِهِ وَتَفْرِيغِ مَكَانِهِ، فَإِنْ كَلَّفَهُ لَزِمَهُ نَقْضُهُ وَأَرْشُ نَقْصِ مَوْضِعِ الْبِنَاءِ إنْ نَقَصَ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ التَّخْيِيرِ مَحِلُّهُ إنْ لَمْ تَثْبُتْ وَكَالَتُهُ عِنْدَ الْبَائِعِ فِيمَا اشْتَرَاهُ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ نَقْضُهُ وَتَسْلِيمُهُ لِبَائِعِهِ إنْ طَلَبَهُ وَيَجِبُ لَهُ عَلَى الْوَكِيلِ أَرْشُ نَقْصِهِ إنْ نَقَصَ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ غَرِمَ) أَيْ الْوَكِيلُ الدِّيَةَ: أَيْ دِيَةَ عَمْدٍ (قَوْلُهُ: جَاهِلًا بِالْعَزْلِ) أَيْ وَلَا قِصَاصَ (قَوْلُهُ: عَلَى مُوَكِّلِهِ) أَيْ وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ إعْلَامِهِ بِالْعَزْلِ وَلَمْ يَعْلَمْهُ، لَكِنْ هَلْ يَأْثَمُ بِعَدَمِ إعْلَامِهِ حَيْثُ قَدَرَ وَيُعَزَّرُ عَلَى ذَلِكَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْإِثْمُ فَيُعَزَّرُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّاشِيِّ وَالْغَزَالِيِّ) أَيْ حَيْثُ قَالَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا لِمُوَكِّلِهِ جَاهِلًا بِانْعِزَالِهِ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ وَغَرِمَ بَدَلَهُ رَجَعَ عَلَى الْمُوَكِّلِ لِأَنَّهُ الَّذِي غَرَّهُ (قَوْلُهُ: فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ وَلَوْ بَعْدَ الْعَزْلِ (قَوْلُهُ: لِلشَّكِّ فِي الْأَهْلِيَّةِ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ مَا ذَكَرَ أَقُولُ: لَوْ تَصَرَّفَ ثُمَّ عَيَّنَ غَيْرَهُ لِلْعَزْلِ هَلْ يَتَبَيَّنُ صِحَّةُ تَصَرُّفِهِ أَوْ لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ رَاجِعْهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَبْنِي عَلَى أَنَّهُ إذَا عَيَّنَ تَبَيَّنَ انْعِزَالُهُ بِاللَّفْظِ دُونَ الْآخَرِ فَتَكُونُ الْوِلَايَةُ لِلْآخَرِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَهِيَ كَافِيَةٌ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الشَّارِحِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُهُ إلَخْ، لَكِنْ مَا قَالَهُ سم هُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِمْ: الْعِبْرَةُ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَأَنَّهُ لَوْ تَصَرَّفَ بِظَنِّ عَدَمِ الْوِلَايَةِ فَبَانَ خِلَافُهُ بَانَ صِحَّةُ تَصَرُّفِهِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِ الشَّارِحِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ فِي ظَاهِرِ الْحَالِ (قَوْلُهُ: انْعَزَلَ سِتَّةٌ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ قَالَ: رَفَعْت الْوَكَالَةَ أَوْ أَحَدَ وُكَلَائِي وَنَوَى مُعَيَّنًا فَتَصَرَّفَ الْوُكَلَاءُ جَاهِلِينَ بِالْعَزْلِ ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ بِأَنَّهُ نَوَى زَيْدًا مَثَلًا مِنْهُمْ فَقِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ بُطْلَانِ تَصَرُّفِ مَنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ لِلْعَزْلِ فِيمَا لَوْ قَالَ: عَزَلْت أَكْثَرَ وُكَلَائِي ثُمَّ عَيَّنَ سِتَّةً مِنْهُمْ؛ الْبُطْلَانُ هُنَا لِتَصَرُّفِ الْوَكِيلِ قَبْلَ إخْبَارِ الْمُوَكِّلِ بِنِيَّةِ مَنْ أَبْقَاهُ لِلْوَكَالَةِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْوَكِيلَ فِي مَسْأَلَةِ الشَّارِحِ كَانَ حَالُهُ مُبْهَمًا وَقْتَ التَّصَرُّفِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى حَالَ الْعَزْلِ مُعَيَّنًا فَإِنَّ الْإِبْهَامَ إنَّمَا هُوَ فِي الظَّاهِرِ لَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: وَإِذَا عَيَّنَهُمْ) أَيْ السِّتَّةَ (قَوْلُهُ: الْبَاقِينَ) وَهُمْ الْأَرْبَعَةُ (قَوْلُهُ: أَصَحُّهُمَا عَدَمُهُ) أَيْ عَدَمُ النُّفُوذِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِلتَّصَرُّفِ) أَمَّا السِّتَّةُ فَتَصَرُّفُهُمْ بَاطِلٌ قَطْعًا لِتَبَيُّنِ انْتِفَاءِ وِلَايَتِهِمْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَاسْتَقَرَّ بِهِ سم عَلَى حَجّ. [فَائِدَةٌ] قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَلَوْ عَزَلَ أَحَدَ وَكِيلَيْهِ فَتَصَرَّفَا مَعًا قَبْلَ التَّعْيِينِ صَحَّ التَّصَرُّفُ اهـ. أَقُولُ: قَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ الْعَزْلَ يَنْفُذُ مِنْ اللَّفْظِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمَا تَصَرَّفَا فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ مَعًا، وَيُوَجَّهُ النُّفُوذُ حِينَئِذٍ بِأَنَّ أَحَدَهُمَا غَيْرُ مَعْزُولٍ فَالنُّفُوذُ بِالنِّسْبَةِ لِتَصَرُّفِهِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِرَفِيقِهِ وَفِي سم عَلَى حَجّ مَا يُؤَيِّدُهُ نَقْلًا عَنْ م ر (قَوْلُهُ: وَإِنْ غَابَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQصِحَّةِ تَوْلِيَةِ قَاضٍ وَلَّاهُ حَيْثُ فَوَّضَ لَهُ ذَلِكَ خُصُوصًا إذَا وَقَعَتْ مِنْهُ أَحْكَامٌ (قَوْلُهُ: أَصَحُّهُمَا عَدَمُهُ) أَيْ عَدَمُ نُفُوذِهِ فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ

غَابَ الْمُوَكِّلُ لِمَا مَرَّ أَنَّ مَا لَا يَحْتَاجُ لِلرِّضَا لَا يَحْتَاجُ لِلْعِلْمِ، وَلِأَنَّ قَوْلَهُ الْمَذْكُورَ إبْطَالٌ لِأَصْلِ إذْنِ الْمُوَكِّلِ لَهُ فَلَا يُشْكِلُ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ فَسَادِ الْوَكَالَةِ فَسَادُ التَّصَرُّفِ لِبَقَاءِ الْإِذْنِ. أَمَّا لَوْ وَكَّلَ السَّيِّدُ قِنَّهُ فِي تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ فَلَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ مِنْ الِاسْتِخْدَامِ الْوَاجِبِ (وَيَنْعَزِلُ) أَيْضًا (بِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا) أَيْ الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ (عَنْ أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ) (بِمَوْتٍ أَوْ جُنُونٍ) وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْآخَرُ أَوْ قَصُرَ زَمَنُ الْجُنُونِ لِأَنَّهُ لَوْ قَارَنَ مَنَعَ الِانْعِقَادَ، فَإِذَا طَرَأَ أَبْطَلَهُ، وَخَالَفَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَقَالَ: الصَّوَابُ أَنَّ الْمَوْتَ لَيْسَ بِعَزْلٍ وَإِنَّمَا تَنْتَهِي بِهِ الْوَكَالَةُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَفَائِدَةُ عَزْلِ الْوَكِيلِ بِمَوْتِهِ انْعِزَالُ مَنْ وَكَّلَهُ عَنْ نَفْسِهِ إنْ جَعَلْنَاهُ وَكِيلًا عَنْهُ اهـ. وَقِيلَ لَا فَائِدَةَ لِذَلِكَ فِي غَيْرِ التَّعَالِيقِ (وَكَذَا إغْمَاءٌ) يَنْعَزِلُ بِهِ فِي الْأَصَحِّ إلْحَاقًا لَهُ بِالْجُنُونِ كَمَا مَرَّ فِي الشَّرِكَةِ، وَالثَّانِي لَا يَنْعَزِلُ بِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَحِقْ بِمَنْ يُوَلَّى عَلَيْهِ. نَعَمْ لَا يَنْعَزِلُ وَكِيلٌ رَمَى الْجِمَارَ بِإِغْمَاءِ مُوَكِّلِهِ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ فِي عَجْزِهِ الْمُشْتَرَطِ لِصِحَّةِ الْإِنَابَةِ، وَذِكْرُهُ لِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ مِثَالٌ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ مِثْلَهَا طُرُوُّ نَحْوِ فِسْقِهِ فِيمَا شَرْطُهُ السَّلَامَةُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَا مَرَّ، وَرِدَّةُ الْمُوَكِّلِ يَنْبَنِي الْعَزْلُ بِهَا عَلَى أَقْوَالِ مِلْكِهِ، وَفِي رِدَّةِ الْوَكِيلِ وَجْهَانِ، وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ فِي الْمَطْلَبِ الِانْعِزَالُ بِرِدَّةِ الْمُوَكِّلِ دُونَ الْوَكِيلِ، وَلَوْ تَصَرَّفَ نَحْوُ وَكِيلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSغَايَةُ (قَوْلِهِ لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْتَجْ لِلرِّضَا (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ وَكَّلَ السَّيِّدُ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ لَيْسَ قِنًّا (قَوْلُهُ: فِي تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ) هُوَ لِلْغَالِبِ وَلَمْ يَحْتَرِزْ بِهِ عَنْ شَيْءٍ وَإِنْ كَانَ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ فِي غَيْرِ الْمَالِ كَطَلَاقِ زَوْجَتِهِ انْعِزَالُهُ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) بَيَانٌ لِثَمَرَةِ الْخِلَافِ بَيْنَ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَغَيْرِهِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَإِبْدَاءُ الزَّرْكَشِيّ لَهُ فَائِدَةٌ أُخْرَى. أَيْ غَيْرُ التَّعَالِيقِ مَنْظُورٌ فِيهِ اهـ. وَلَعَلَّ وَجْهَ النَّظَرِ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ، سَوَاءٌ قُلْنَا: إنَّ الْوَكِيلَ يَنْعَزِلُ بِالْمَوْتِ أَوْ تَنْتَهِي بِهِ وَكَالَتُهُ (قَوْلُهُ: إنْ جَعَلْنَاهُ وَكِيلًا عَنْهُ) أَيْ بِأَنْ أَذِنَ لَهُ الْمَالِكُ فِي التَّوْكِيلِ عَنْ نَفْسِهِ فَفَعَلَ أَوْ قُلْنَا بِالْمَرْجُوحِ فِيمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ وَأَطْلَقَ (قَوْلُهُ: إلْحَاقًا لَهُ بِالْجُنُونِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ طُولِ الْإِغْمَاءِ وَقِصَرِهِ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ، لَهُ فِي الشَّرِكَةِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا، لَكِنْ فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا نَصُّهُ: فَرْعٌ: دَخَلَ فِي كَلَامِهِ الْإِغْمَاءُ فَيَنْعَزِلُ بِهِ، وَاسْتَثْنَى مِنْهُ قَدْرَ مَا يُسْقِطُ الصَّلَاةَ فَلَا انْعِزَالَ بِهِ وَاعْتَمَدَهُ م ر. [فَرْعٌ] لَوْ سَكِرَ أَحَدُهُمَا بِلَا تَعَدٍّ انْعَزَلَ الْوَكِيلُ أَوْ بِتَعَدٍّ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِأَنَّ الْمُتَعَدِّيَ حُكْمُهُ حُكْمُ الصَّاحِي. وَقَالَ م ر. بَحْثًا بِالْأَوَّلِ فِي الْوَكِيلِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ فَإِنَّ فِيهِ نَظَرًا لِمَا مَرَّ مِنْ صِحَّةِ تَصَرُّفَاتِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَهِيَ مُقْتَضِيَةٌ لِصِحَّةِ تَوْكِيلِهِ فِي حَالِ السُّكْرِ وَتَصَرُّفِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ انْعِزَالُهُ فِيمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ انْعِزَالُهُ كَكَوْنِهِ وَكِيلًا عَنْ مَحْجُورٍ اهـ. أَوْ يُقَالُ إنَّمَا لَمْ تَبْطُلُ تَصَرُّفَاتُ السَّكْرَانِ عَنْ نَفْسِهِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، وَهَذَا يَقْتَضِي عَزْلَ الْوَكِيلِ لِأَنَّ مُوَكِّلَهُ لَيْسَ مَحِلًّا لِلتَّغْلِيظِ وَالسَّكْرَانُ خَرَجَ عَنْ الْأَهْلِيَّةِ بِزَوَالِ التَّكْلِيفِ فَأَشْبَهَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمَجْنُونَ. [فَرْعٌ] لَا يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِتَوْكِيلِ وَكِيلٍ آخَرَ كَمَا فِي الرَّوْضِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، ثُمَّ يَجْتَمِعَانِ عَلَى التَّصَرُّفِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَذَكَرَهُ لِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ) هِيَ الْمَوْتُ وَالْجُنُونُ وَالْإِغْمَاءُ (قَوْلُهُ: طُرُوُّ نَحْوِ فِسْقِهِ) أَيْ مِنْ الرِّقِّ وَالتَّبْذِيرِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّ عَزْلَهُ بِالنِّسْبَةِ لِنَزْعِ الْمَالِ مِنْ يَدِهِ لَا لِعَدَمِ صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَقْوَالِ مِلْكِهِ) وَالرَّاجِحُ الْوَقْفُ، وَقَوْلُهُ وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ إلَخْ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: بِرِدَّةِ الْمُوَكِّلِ) قُدِّمَتْ أَوَّلَ الْبَابِ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ عَدَمُ الِانْعِزَالِ بِرِدَّةِ الْمُوَكِّلِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُ الشَّارِحِ دُونَ الْوَكِيلِ يُفِيدُ أَنَّ رِدَّتَهُ لَا تُوجِبُ انْعِزَالَهُ، وَعَلَيْهِ فَتَصِحُّ تَصَرُّفَاتُهُ فِي زَمَنِ رِدَّتِهِ عَنْ الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَصَرَّفَ نَحْوُ وَكِيلٍ) أَيْ كَشَرِيكٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: يَنْعَزِلُ بِهِ) هُوَ خَبَرُ قَوْلِهِ وَكَذَا (قَوْلُهُ: الِانْعِزَالُ بِرِدَّةِ الْمُوَكِّلِ) أَيْ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِمَا عُلِمَ مِنْ جَزْمِهِ بِخِلَافِهِ

وَعَامِلِ قِرَاضٍ بَعْدَ انْعِزَالِهِ جَاهِلًا فِي عَيْنِ مَالِ مُوَكِّلِهِ لَمْ يَصِحَّ وَضَمِنَهَا إنْ سَلَّمَهَا كَمَا مَرَّ أَوْ فِي ذِمَّتِهِ انْعَقَدَ لَهُ (وَبِخُرُوجِ) الْوَكِيلِ عَنْ مِلْكِ الْمُوَكِّلِ وَ (مَحَلِّ التَّصَرُّفِ) أَوْ مَنْفَعَتِهِ (عَنْ مِلْكِ الْمُوَكِّلِ) كَأَنْ أَعْتَقَ أَوْ بَاعَ مَا وُكِّلَ فِي بَيْعِهِ أَوْ إعْتَاقِهِ أَوْ آجَرَ مَا أَذِنَ فِي إيجَارِهِ لِزَوَالِ وِلَايَتِهِ حِينَئِذٍ، فَلَوْ عَادَ لِمِلْكِهِ لَمْ تَعُدْ الْوَكَالَةُ، وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعٍ ثُمَّ زَوَّجَ أَوْ أَجَّرَ أَوْ رَهَنَ وَأَقْبَضَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ كَجٍّ أَوْ وَصَّى أَوْ دَبَّرَ أَوْ عَلَّقَ الْعِتْقَ بِصِفَةٍ أُخْرَى كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ أَوْ كَاتَبَ انْعَزَلَ لِأَنَّ مُرِيدَ الْبَيْعِ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ غَالِبًا، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ الِانْعِزَالُ بِمَا يُبْطِلُ الِاسْمَ كَطَحْنِ الْحِنْطَةِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَلَوْ وَكَّلَ قِنًّا بِإِذْنِ مَالِكِهِ ثُمَّ بَاعَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ لَمْ يَنْعَزِلْ. نَعَمْ يَعْصِي بِتَصَرُّفِهِ بِغَيْرِ إذْنِ مُشْتَرِيهِ لِصَيْرُورَةِ مَنَافِعِهِ مُسْتَحَقَّةً لَهُ (وَإِنْكَارُ الْوَكِيلِ الْوَكَالَةَ لِنِسْيَانٍ) مِنْهُ لَهَا (أَوْ لِغَرَضٍ) لَهُ (فِي الْإِخْفَاءِ) كَخَوْفِ أَخْذِ ظَالِمٍ الْمَالَ الْمُوَكَّلَ فِيهِ (لَيْسَ بِعَزْلٍ) لِعُذْرِهِ (فَإِنْ تَعَمَّدَهُ وَلَا غَرَضَ) لَهُ فِيهِ (انْعَزَلَ) بِذَلِكَ لِأَنَّ الْجَحْدَ حِينَئِذٍ رَدٌّ لَهَا وَالْمُوَكِّلُ فِي إنْكَارِهَا كَالْوَكِيلِ فِي ذَلِكَ وَمَا أَطْلَقَاهُ فِي التَّدْبِيرِ مِنْ كَوْنِ جَحْدِ الْمُوَكِّلِ عَزْلًا مَحْمُولٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ النَّقِيبِ عَلَى مَا هُنَا (وَإِذَا) (اخْتَلَفَا فِي أَصْلِهَا) كَوَكَّلْتَنِي فِي كَذَا فَقَالَ: مَا وَكَّلْتُك (أَوْ) فِي (صِفَتِهَا) (بِأَنْ قَالَ: وَكَّلْتنِي فِي الْبَيْعِ نَسِيئَةً أَوْ) فِي (الشِّرَاءِ بِعِشْرِينَ فَقَالَ بَلْ نَقْدًا) رَاجِعٌ لِلْأَوَّلِ (أَوْ بِعَشَرَةٍ) رَاجِعٌ لِلثَّانِي (صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ بِيَمِينِهِ) فِي الْكُلِّ لِأَنَّ الْأَصْلَ مَعَهُ. وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى كَمَا قَالَ الْفَارِقِيُّ أَنْ يَتَخَاصَمَا بَعْدَ التَّصَرُّفِ، أَمَّا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَبِخُرُوجِ الْوَكِيلِ) كَأَنْ وَكَّلَ عَبْدَهُ ثُمَّ بَاعَهُ لَكِنَّ إذْنَهُ فِي الْحَقِيقَةِ لَهُ لَيْسَ تَوْكِيلًا بَلْ اسْتِخْدَامٌ، وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلُ الْوَكِيلِ الْمُوَكِّلِ فِيهِ عَنْ إلَخْ، وَمَا فِي الْأَصْلِ هُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ هَذِهِ هِيَ عَيْنُ قَوْلِهِ مَحِلُّ التَّصَرُّفِ (قَوْلُهُ: أَوْ آجَرَ مَا أَذِنَ فِي إيجَارِهِ) أَيْ أَوْ بَيْعِهِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: ثُمَّ زَوَّجَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمُوَكِّلُ فِي بَيْعِهِ عَبْدًا أَوْ أَمَةً (قَوْلُهُ: أَوْ أَجَّرَ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ أَوْ مَنْفَعَتِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ) أَيْ فِيمَا لَوْ رَهَنَ وَأَقْبَضَ (قَوْلُهُ: انْعَزَلَ) أَيْ الْوَكِيلُ (قَوْلُهُ: كَطَحْنِ الْحِنْطَةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي تَوْكِيلِهِ قَالَ: وَكَّلْتُك فِي بَيْعِ هَذِهِ الْحِنْطَةِ أَوْ فِي بَيْعِ هَذِهِ. قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ مَحِلَّهُ بُطْلَانُ الْوَصِيَّةِ بِالطَّحْنِ إذَا قَالَ: أَوْصَيْت بِهَذِهِ الْحِنْطَةِ، فَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت بِهَذِهِ مُشِيرًا إلَى الْحِنْطَةِ لَمْ تَبْطُلْ الْوَصِيَّةُ بِطَحْنِهَا فَيَأْتِي هُنَا مِثْلُ ذَلِكَ، قَالَ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَنْعَزِلْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا لَوْ وَكَّلَ الْمَالِكُ قِنَّهُ فِي تَصَرُّفٍ حَيْثُ يَنْعَزِلُ بِخُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهِ عَلَى مَا مَرَّ أَنَّ تَوْكِيلَ الْمَالِكِ لِقِنِّهِ اسْتِخْدَامٌ وَبِخُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهِ لَمْ يَبْقَ لَهُ حَقٌّ فِي الِاسْتِخْدَامِ، قَالَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ وَكَّلَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا اهـ وَاعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَعْصِي) أَيْ وَلَعَلَّ مَحِلَّ الْعِصْيَانِ إنْ فَوَّتَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ نَحْوِ إيجَابِ الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ مُعَارَضَةِ كَلَامٍ يَتَعَلَّقُ بِالسَّيِّدِ فَلَا وَجْهَ لِلْعِصْيَانِ بِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَعْصِي) أَيْ الْعَبْدُ (قَوْلُهُ: مُسْتَحِقَّةً لَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: أَوْ لِغَرَضٍ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي كَوْنِهِ غَرَضًا اعْتِقَادُهُ حَتَّى لَوْ اعْتَقَدَ مَا لَيْسَ غَرَضًا غَرَضًا كَفَى وَصَدَقَ فِي اعْتِقَادِهِ لِذَلِكَ عِنْدَ الْإِمْكَانِ اهـ سم عَلَى حَجّ. [تَنْبِيهٌ] لَوْ وَكَّلَ شَخْصًا فِي تَزْوِيجِ أَمَتِهِ وَآخَرَ فِي بَيْعِهَا فَإِنْ وَقَعَا مَعًا يَقِينًا أَوْ احْتِمَالًا فَهُمَا بَاطِلَانِ فَيَبْطُلُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِمَا مِنْ تَزْوِيجِ الْوَكِيلِ أَوْ بَيْعِهِ، وَإِنْ تَرَتَّبَا فَالثَّانِي مُبْطِلٌ لِلْأَوَّلِ لِأَنَّ مُرِيدَ التَّزْوِيجِ لَا يُرِيدُ الْبَيْعَ وَكَذَا عَكْسُهُ اهـ حَجّ بِالْمَعْنَى. وَلَوْ آجَرَ ثُمَّ زَوَّجَ كَانَ التَّزْوِيجُ عَزْلًا سَوَاءٌ التَّزْوِيجُ لِأَمَةٍ أَوْ عَبْدٍ اهـ سم عَلَى حَجّ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: عَلَى مَا هُنَا) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْكَارُ الْوَكِيلِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي أَصْلِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقُبَيْلَهُ، وَكَأَنَّهُ إنَّمَا سَاقَ كَلَامَ الْمَطْلَبِ لِيَعْلَمَ مِنْهُ حُكْمَ رِدَّةِ الْوَكِيلِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) يَعْنِي فِي الْوَكِيلِ خَاصَّةً (قَوْلُهُ: كَأَنْ أَعْتَقَ أَوْ بَاعَ) أَيْ أَوْ أَجَرَ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: أَوْ أَجَرَ مَا أَذِنَ فِي إيجَارِهِ) هَذَا مِنْ صُوَرِ خُرُوجِ مَحَلِّ التَّصَرُّفِ عَنْ مِلْكِ الْمُوَكِّلِ لَا مِنْ خُرُوجِ الْمَنْفَعَةِ كَمَا لَا يَخْفَى.

قَبْلَهُ فَتَعَمُّدُ إنْكَارِ الْوَكَالَةِ عَزْلٌ فَلَا فَائِدَةَ لِلْمُخَاصَمَةِ، وَتَسْمِيَتُهُ فِيهَا مُوَكِّلًا بِالنَّظَرِ لِزَعْمِ الْوَكِيلِ (وَلَوْ) (اشْتَرَى) الْوَكِيلُ (جَارِيَةً) مَثَلًا (بِعِشْرِينَ) هِيَ تُسَاوِيهَا فَأَكْثَرَ (وَزَعَمَ أَنَّ الْمُوَكِّلَ أَمَرَهُ) بِالشِّرَاءِ بِهَا (فَقَالَ) الْمُوَكِّلُ (بَلْ) إنَّمَا أَذِنْت (بِعَشَرَةٍ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فِي عَشَرَةٍ (صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ بِيَمِينِهِ) حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ (وَ) حِينَئِذٍ فَإِذَا (حَلَفَ الْمُوَكِّلُ، فَإِنْ) كَانَ الْوَكِيلُ قَدْ (اشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ وَسَمَّاهُ فِي الْعَقْدِ) بِأَنْ قَالَ: اشْتَرَيْتهَا لِفُلَانٍ بِهَذَا وَالْمَالُ لَهُ (أَوْ قَالَ بَعْدَهُ) أَيْ الشِّرَاءِ بِالْعَيْنِ الْخَالِي عَنْ تَسْمِيَةِ الْمُوَكِّلِ (اشْتَرَيْته) أَيْ الْمُوَكَّلَ فِيهِ (لِفُلَانٍ وَالْمَالُ لَهُ وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ) فِيمَا ذَكَرَهُ، أَوْ قَامَتْ بِهِ حُجَّةٌ (فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ) فِي الصُّورَتَيْنِ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِالتَّسْمِيَةِ وَالتَّصْدِيقِ أَوْ الْبَيِّنَةِ أَنَّ الْمَالَ وَالشِّرَاءَ لِغَيْرِ الْعَاقِدِ، وَثَبَتَ بِيَمِينِ ذِي الْمَالِ عَدَمُ إذْنِهِ فِي الشِّرَاءِ بِذَلِكَ الْقَدْرِ فَيَبْطُلُ الشِّرَاءُ وَحِينَئِذٍ فَالْجَارِيَةُ لِبَائِعِهَا وَعَلَيْهِ رَدُّ مَا أَخَذَهُ لِلْمُوَكِّلِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ شِرَاؤُهُ فِي الذِّمَّةِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يَأْتِي الْبُطْلَانُ فِي بَعْضِهِ أَيْضًا فَلَا يُرَدُّ هُنَا وَبِقَوْلِهِ: وَالْمَالُ لَهُ مَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى شَرْيَتِهِ لِفُلَانٍ فَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ إذْ مَنْ اشْتَرَى لِغَيْرِهِ بِمَالِ نَفْسِهِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِاسْمِ الْغَيْرِ بَلْ نَوَاهُ يَصِحُّ الشِّرَاءُ لِنَفْسِهِ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْغَيْرُ فِي الشِّرَاءِ (وَإِنْ كَذَّبَهُ) الْبَائِعُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ بِأَنْ قَالَ لَهُ: إنَّمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَتَسْمِيَتِهِ فِيهَا) أَيْ الْأُولَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ اشْتَرَى الْوَكِيلُ إلَخْ) مِنْ فُرُوعِ تَصْدِيقِ الْمُوَكِّلِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: فَلَوْ اشْتَرَى إلَخْ، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا عَبَّرَ بِالْوَاوِ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَقْصُودُ بِذَلِكَ مُجَرَّدَ تَصْدِيقِ الْمُوَكِّلِ بَلْ تَفْصِيلَ مَا يَأْتِي بَعْدَهُ مِنْ بُطْلَانِ الْعَقْدِ تَارَةً وَوُقُوعِهِ لِلْوَكِيلِ أُخْرَى وَهَذَا لَا يَتَفَرَّعُ عَلَى مَا سَبَقَ (قَوْلُهُ: وَهِيَ تُسَاوِيهَا فَأَكْثَرُ) أَيْ أَمَّا إذَا لَمْ تُسَاوِ الْعِشْرِينَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ الشِّرَاءُ بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ فَبَاطِلٌ وَإِلَّا وَقَعَ لِلْوَكِيلِ وَلَا تَحَالُفَ، وَلَوْ تَنَازَعَ الْوَكِيلُ وَالْمَالِكُ فَقَالَ الْوَكِيلُ الْمَالُ لِلْمُوَكِّلِ فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ وَقَالَ الْبَائِعُ الْمَالُ لَك فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ، فَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ إذَا اخْتَلَفَا فِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ صِدْقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ أَنْ يُصَدَّقَ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ: وَزَعَمَ) أَيْ قَالَ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ بِيَمِينِهِ) أَيْ فِي أَنَّهُ إنَّمَا وَكَّلَهُ فِي الشِّرَاءِ بِعَشَرَةٍ (قَوْلُهُ: فَإِذَا حَلَفَ) وَهَلْ يَكْفِي حَلِفُهُ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَذِنَ بِعَشَرَةٍ أَوَّلًا لِمَا مَرَّ فِي التَّحَالُفِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي ذَلِكَ، وَالْجَامِعُ أَنَّ ادِّعَاءَ الْإِذْنِ بِعِشْرِينَ أَوْ عَشَرَةٍ كَادِّعَاءِ الْبَيْعِ بِعِشْرِينَ أَوْ عَشَرَةٍ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الِاخْتِلَافَ هُنَا فِي صِفَةِ الْإِذْنِ دُونَ مَا وَقَعَ الْعَقْدُ بِهِ، وَلَا يَسْتَلْزِمُ ذِكْرَ نَفْيٍ وَلَا إثْبَاتٍ وَثُمَّ فِيمَا وَقَعَ بِهِ الْعَقْدُ الْمُسْتَلْزِمُ أَنَّ كُلًّا مُدَّعٍ وَمُدَّعَى عَلَيْهِ وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُهُمَا صَرِيحًا وَهُوَ الْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِهِمْ اهـ حَجّ. فَيَكُونُ الْأَقْرَبُ الِاكْتِفَاءَ بِالْحَلِفِ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَذِنَ فِي الشِّرَاءِ بِعَشَرَةٍ (قَوْلُهُ: وَالْمَالُ لَهُ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُ مَا لَوْ سَكَتَ عَنْ ذَلِكَ أَوْ قَالَ وَالْمَالُ لِي أَخْذًا مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي إذْ مَنْ اشْتَرَى لِغَيْرِهِ بِمَالِ نَفْسِهِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِاسْمِ إلَخْ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ حَيْثُ صَرَّحَ بِاسْمِ غَيْرِهِ وَالْمَالُ لَهُ لَا يَنْعَقِدُ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ فُضُولِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ قَامَتْ بِهِ حُجَّةٌ) أَيْ بَيِّنَةٌ، وَلَعَلَّ مُسْتَنَدَ الْحُجَّةِ فِي الشَّهَادَةِ قَرِينَةٌ غَلَبَتْ عَلَى ظَنِّهَا ذَلِكَ لِعِلْمِهَا بِأَنَّ الْمَالَ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ لِزَيْدٍ وَسَمِعْت تَوْكِيلَهُ وَإِلَّا فَمِنْ أَيْنَ تَطَلَّعَ عَلَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لَهُ مَعَ احْتِمَالِ أَنَّهُ نَوَى نَفْسَهُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُصَرِّحْ بِاسْمِ الْغَيْرِ) أَيْ فَلَوْ صَرَّحَ بِهِ وَقَدْ ثَبَتَ بِيَمِينِ الْمُوَكِّلِ عَدَمُ التَّوْكِيلِ فِي ذَلِكَ فَهُوَ شِرَاءُ فُضُولِيٍّ. لَا يُقَالُ: هُوَ هُنَا مَا صَرَّحَ بِاسْمِ الْمُوَكِّلِ حَيْثُ قَالَ: اشْتَرَيْتهَا لِفُلَانٍ. لِأَنَّا نَقُولُ: هَذِهِ التَّسْمِيَةُ إنَّمَا وَقَعَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا الْعَقْدُ فَلَا تَسْمِيَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ الشِّرَاءُ لِنَفْسِهِ) يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ اشْتَرَى لِابْنِهِ الصَّغِيرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ رَدُّ مَا أَخَذَهُ لِلْمُوَكِّلِ) قَالَ الشِّهَابُ حَجّ: وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الْبَائِعُ عَلَى أَنَّهُ وَكِيلٌ بِعِشْرِينَ، وَإِلَّا فَهِيَ بِاعْتِرَافِهِ مِلْكٌ لِلْمُوَكِّلِ فَيَأْتِي فِيهِ التَّلَطُّفُ الْآتِي اهـ. (قَوْلُهُ: وَبِقَوْلِهِ وَالْمَالُ لَهُ) أَيْ: فِي الثَّانِيَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ (قَوْلُهُ: أَذِنَ مَنْ اشْتَرَى لِغَيْرِهِ بِمَالِ نَفْسِهِ إلَى آخِرِهِ) أَيْ لِأَنَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ لَمْ يُسَمِّ الْمُوَكِّلَ فِي الْعَقْدِ وَلَمْ يَذْكُرْ بَعْدَهُ إلَّا أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لَهُ

اشْتَرَيْت لِنَفْسِك وَالْمَالُ لَك أَوْ سَكَتَ عَنْ الْمَالِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَا بَيِّنَةَ وَقَالَ لَهُ الْوَكِيلُ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي وَكِيلٌ فَقَالَ: لَا أَعْلَمُ ذَلِكَ أَوْ بِأَنْ قَالَ لَهُ لَسْت وَكِيلًا (وَحَلَفَ) الْبَائِعُ (عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْوَكَالَةِ) وَإِنَّمَا فَرَّقْنَا بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ بِفَرْضِ الْأُولَى فِي دَعْوَى الْوَكِيلِ عَلَيْهِ بِمَا ذُكِرَ دُونَ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْأُولَى لَا تَتَضَمَّنُ نَفْيَ فِعْلِ الْغَيْرِ وَلَا إثْبَاتَهُ فَتَوَقَّفَ الْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ عَلَى ذِكْرِ الْوَكِيلِ لَهُ ذَلِكَ، وَالثَّانِيَةُ تَتَضَمَّنُ نَفْيَ تَوْكِيلِ غَيْرِهِ لَهُ وَهَذَا لَا يُمْكِنُ الْحَلِفُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ حَلِفٌ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، وَبِهَذَا التَّفْصِيلِ يَنْدَفِعُ اسْتِشْكَالُ الْإِسْنَوِيِّ الْحَلِفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ الَّذِي أَطْلَقُوهُ، وَقَرَّرَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ النَّاشِئَةِ عَنْ التَّوْكِيلِ مُشِيرًا بِهِ لِرَدِّ مَا اُعْتُرِضَ بِهِ عَلَى الْمُصَنِّفِ، وَوَجْهُ الرَّدِّ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْحَلِفَ عَلَى نَفْيِ تَوْكِيلِ مُطْلَقٍ وَلَا نَفْيِ عِلْمٍ مُطْلَقٍ بَلْ نَفْيُ وَكَالَةٍ خَاصَّةٍ نَاشِئَةٍ عَنْ تَوْكِيلٍ فَيَسْتَلْزِمُ أَنَّ الْمَالَ لِغَيْرِهِ (وَ) إذَا حَلَفَ الْبَائِعُ كَمَا ذَكَرْنَاهُ (وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ) ظَاهِرًا فَيَسْتَلِمُ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ لِلْبَائِعِ وَيَغْرَمُ بَدَلَهُ لِلْمُوَكِّلِ (وَكَذَا إنْ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ وَلَمْ يُسَمِّ الْمُوَكِّلَ) فِي الْعَقْدِ بِأَنْ نَوَاهُ وَقَالَ بَعْدَهُ اشْتَرَيْته لَهُ وَالْمَالُ لَهُ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ فَيَحْلِفُ كَمَا مَرَّ وَيَقَعُ شِرَاؤُهَا لِلْوَكِيلِ ظَاهِرًا، فَإِنْ صَدَّقَهُ الْبَائِعُ بَطَلَ الشِّرَاءُ كَمَا قَالَهُ الْقَمُولِيُّ. وَقَوْلُ ابْنِ الْمُلَقِّنِ: إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ وُقُوعُ الْعَقْدِ لِلْوَكِيلِ صَرَّحَ بِالسِّفَارَةِ أَوْ لَا صَدَّقَهُ الْبَائِعُ أَوْ لَا رَدَّهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهُ غَيْرُ سَدِيدٍ (وَكَذَا إنْ سَمَّاهُ فِي الْعَقْدِ) ـــــــــــــــــــــــــــــSبِنِيَّتِهِ فَإِنَّهُ يَقَعُ الشِّرَاءُ لِلِابْنِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي وَكِيلٌ) أَيْ أَوْ قَالَ الْوَكِيلُ: أَنَا وَكِيلٌ أَوْ نَحْوُهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ: أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي وَكِيلٌ (قَوْلُهُ: الَّذِي أَطْلَقُوهُ) فِي الصُّورَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ وَهُمَا قَوْلُهُ بِأَنْ قَالَهُ لَهُ إنَّمَا إلَخْ وَقَوْلُهُ أَوْ بِأَنْ قَالَ لَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: صَدَّقَهُ الْبَائِعُ) أَيْ فِي أَنَّهُ نَوَى الْمُوَكِّلَ (قَوْلُهُ: بَطَلَ الشِّرَاءُ) وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ اشْتَرَى لِغَيْرِهِ بِمَالِ نَفْسِهِ وَقَدْ أَذِنَ لَهُ حَيْثُ لَمْ تَكْفِ نِيَّتُهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِاسْمِهِ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَالُ لَهُ تَضَمَّنَ ذَلِكَ الْغَرَضَ الْحِكَمِيَّ لِلْآذِنِ، وَالْغَرَضُ إنَّمَا يَحْصُلُ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ، فَاشْتَرَطَ التَّصْرِيحَ بِالِاسْمِ لِيُوجَدَ مَا يَقُومُ مَقَامَ الصِّيغَةِ، وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا يَأْتِي عَنْهُ أَيْضًا لِاشْتِمَالِهِ عَلَى جِهَةِ الضَّعْفِ فَلَا يُعَدُّ تَكْرَارًا (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ غَيْرُ سَدِيدٍ) وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى بِمَالِ نَفْسِهِ وَنَوَى غَيْرَهُ وَقَدْ أُذِنَ لَهُ حَيْثُ يَقَعُ لِلْوَكِيلِ، ثُمَّ إنَّهُ لَمَّا كَانَ الشِّرَاءُ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِمَالِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا بَيِّنَةَ) أَيْ بِالْوَكَالَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ وَكَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُهُ عَنْ الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ كَمَا صَنَعَ حَجّ (قَوْلُهُ: وَهَذَا لَا يُمْكِنُ الْحَلِفُ عَلَيْهِ) أَيْ بَتًّا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) أَيْ؛ لِأَنَّ قَاعِدَتَهُ الْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَهَذَا لَا يُمْكِنُ الْحَلِفُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ فَتَعَيَّنَ الْحَلِفُ فِيهِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ فَلَعَلَّ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ سَقْطًا مِنْ الْكَتَبَةِ (قَوْلُهُ: مُشِيرًا بِهِ لِرَدِّ مَا اعْتَرَضَ بِهِ عَلَى الْمُصَنِّفِ إلَخْ) كَأَنَّ مُرَادَهُ اعْتِرَاضُ الْإِسْنَوِيِّ الَّذِي مِنْ تَتِمَّةِ اسْتِشْكَالِهِ السَّابِقِ، وَعِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ كَذَّبَهُ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْوَكَالَةِ مَا نَصُّهُ، اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَدْ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحِهِ، وَفَسَّرَ التَّكْذِيبَ بِأَنْ يَقُولَ إنَّمَا اشْتَرَيْت لِنَفْسِك وَالْمَالُ لَك، وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ وَفِيهِ أَمْرَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ التَّكْذِيبَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ هُوَ نَفْيَ عِلْمٍ حَتَّى يَحْلِفَ قَائِلُهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، إلَى أَنْ قَالَ: الثَّانِي: أَنَّ مَعَ هَذَا التَّفْسِيرِ لَا يَسْتَقِيمُ الِاقْتِصَارُ فِي التَّحْلِيفِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْوَكَالَةِ بَلْ الْقِيَاسُ وُجُوبُ الْحَلِفِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِكَوْنِ الْمَالِ لِغَيْرِهِ، فَإِنَّهُ لَوْ أَنْكَرَ الْوَكَالَةَ وَلَكِنْ اعْتَرَفَ بِأَنَّ الْمَالَ لِغَيْرِهِ كَانَ كَافِيًا فِي إبْطَالِ الْبَيْعِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ اهـ. وَحِينَئِذٍ فَفِي دَفْعِهِ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ نَظَرٌ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَرَاجِعْهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الَّذِي أَرَادَهُ الشَّارِحُ الْجَلَالُ بِمَا ذَكَرَهُ إنَّمَا هُوَ دَفْعُ الِاعْتِرَاضِ الْأَوَّلِ كَأَنَّهُ يَقُولُ إنَّ الْحَلِفَ عَلَى نَفْيِ الْوَكَالَةِ حَلِفٌ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ فِي الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ نَفْيَهَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ التَّوْكِيلِ النَّاشِئَةِ هِيَ عَنْهُ وَهُوَ فِعْلُ الْغَيْرِ، عَلَى أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ هُنَا لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْحَلِفَ عَلَى نَفْيِ تَوْكِيلٍ مُطْلَقٍ إلَخْ كَلَامٌ لَا يَكَادُ يُعْقَلُ فَتَأَمَّلْ.

وَالشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ أَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَالشِّرَاءِ بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ (وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ فِي الْأَصَحِّ) أَيْ فِي الْوَكَالَةِ بِأَنْ قَالَ: سَمَّيْته وَلَسْت وَكِيلًا عَنْهُ وَحَلَفَ كَمَا ذُكِرَ يَقَعُ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ ظَاهِرًا وَتَسْمِيَتُهُ لِلْمُوَكِّلِ تَلْغُو، وَكَذَا لَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ فَيُسَلِّمُ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ لِلْبَائِعِ وَيَغْرَمُ بَدَلَهُ لِلْمُوَكِّلِ، وَهَذَا الْخِلَافُ هُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ سَمَّاهُ فَقَالَ الْبَائِعُ: بِعْتُك فَقَالَ اشْتَرَيْت لِفُلَانٍ (وَإِنْ) اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ وَسَمَّاهُ فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُ وَ (صَدَّقَهُ) الْبَائِعُ فِيمَا سَمَّاهُ أَوْ قَامَتْ بِهِ حُجَّةٌ (بَطَلَ الشِّرَاءُ) لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى وُقُوعِ الْعَقْدِ لِلْمُوَكِّلِ وَثَبَتَ كَوْنُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِيَمِينِهِ، وَلَا يُشْكِلُ هَذَا بِمَا مَرَّ مِنْ وُقُوعِ الْعَقْدِ لِلْوَكِيلِ إذَا اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ عَلَى خِلَافِ مَا أَمَرَ بِهِ الْوَكِيلُ وَصَرَّحَ بِالسِّفَارَةِ لِأَنَّ مَا هُنَاكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ الْبَائِعُ (وَحَيْثُ حُكِمَ بِالشِّرَاءِ لِلْوَكِيلِ) مَعَ قَوْلِهِ إنَّهُ لِلْمُوَكِّلِ فَفِيمَا إذَا اشْتَرَى بِالْعَيْنِ وَكَذَّبَهُ بَائِعُهُ إنْ صَدَقَ فَالْمِلْكُ لِلْمُوَكِّلِ وَإِلَّا فَلِلْبَائِعِ فَيُسْتَحَبُّ لِلْحَاكِمِ الرِّفْقُ بِهِمَا جَمِيعًا لِيَقُولَ لَهُ الْبَائِعُ إنْ لَمْ يَكُنْ مُوَكِّلُك أَمَرَكَ بِشِرَائِهَا بِعِشْرِينَ فَقَدْ بِعْتُكهَا بِهَا فَيَقْبَلُ وَالْمُوَكِّلُ: إنْ كُنْت أَمَرْتُك بِشِرَائِهَا بِعِشْرِينَ فَقَدْ بِعْتُكهَا بِهَا فَيَقْبَلُ وَفِيمَا إذَا اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ وَسَمَّاهُ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ أَوْ لَمْ يُسَمِّهِ إنْ صَدَقَ الْوَكِيلُ فَهِيَ لِلْمُوَكِّلِ وَإِلَّا فَهِيَ لِلْوَكِيلِ فَحِينَئِذٍ (يُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي) وَمِثْلُهُ الْمُحَكَّمُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بَلْ وَكُلُّ مَنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِمَا مِمَّنْ يَظُنُّ مِنْ نَفْسِهِ طَاعَةَ أَمْرِهِ لَوْ أَمَرَ بِذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ (أَنْ يَرْفُقَ بِالْمُوَكِّلِ) أَيْ يَتَلَطَّفَ بِهِ (لِيَقُولَ لِلْوَكِيلِ إنْ كُنْت أَمَرْتُك) بِشِرَائِهَا (بِعِشْرِينَ فَقَدْ بِعْتُكهَا بِهَا وَيَقُولُ هُوَ: اشْتَرَيْت) وَإِنَّمَا نُدِبَ لَهُ ذَلِكَ لِيَتَمَكَّنَ الْوَكِيلُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهَا لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهَا لِلْمُوَكِّلِ وَ (لِتَحِلَّ لَهُ) بَاطِنًا إنْ صَدَقَ فِي إذْنِهِ لَهُ بِعِشْرِينَ، وَاغْتُفِرَ التَّعْلِيقُ الْمَذْكُورُ بِتَقْدِيرِ صِدْقِ الْوَكِيلِ أَوْ كَذَّبَهُ لِلضَّرُورَةِ عَلَى أَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ كَانَ مِلْكِي فَقَدْ بِعْتُكَهُ وَبِعْتُك إنْ شِئْت، وَلَوْ نَجَّزَ الْبَيْعَ صَحَّ جَزْمًا وَلَا يَكُونُ إقْرَارًا بِمَا قَالَهُ الْوَكِيلُ إذْ إتْيَانُهُ بِهِ امْتِثَالًا لِأَمْرِ الْحَاكِمِ لِلْمَصْلَحَةِ. فَإِنْ لَمْ يَجِبْ الْبَائِعُ وَلَا الْمُوَكِّلُ لِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَتَلَطَّفْ بِهِ أَحَدٌ فَإِنْ صَدَقَ الْوَكِيلُ فَهُوَ كَظَافِرٍ بِغَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ لِأَنَّهَا لِلْمُوَكِّلِ بَاطِنًا فَعَلَيْهِ لِلْوَكِيلِ الثَّمَنُ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ مِنْ أَدَائِهِ فَلَهُ بَيْعُهَا وَأَخْذُ حَقِّهِ مِنْ ثَمَنِهَا، وَإِنْ كَذَبَ لَمْ يَحِلَّ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِشَيْءٍ إنْ اشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ لِأَنَّهَا لِلْبَائِعِ لِبُطْلَانِ الْبَيْعِ بَاطِنًا فَلَهُ بَيْعُهَا مِنْ جِهَةِ الظَّفَرِ لِتَعَذُّرِ رُجُوعِهِ عَلَى الْبَائِعِ بِحَلِفِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ تَصَرَّفَ فِيهَا بِمَا شَاءَ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ لِوُقُوعِ الشِّرَاءِ لَهُ بَاطِنًا (وَلَوْ) (قَالَ) الْوَكِيلُ (أَتَيْت بِالتَّصَرُّفِ الْمَأْذُونِ فِيهِ) مِنْ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ) ذَلِكَ (صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ) ـــــــــــــــــــــــــــــSبِعَيْنِ مَالِ الْوَكِيلِ ضَعُفَ انْصِرَافُهُ لِلْمُوَكِّلِ فَلَمْ تُؤَثِّرْ نِيَّتُهُ، وَهُنَا لَمَّا كَانَ الشِّرَاءُ فِي الذِّمَّةِ وَقَدْ نَوَى الْمُوَكِّلَ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يَصْرِفُهُ عَنْهُ لِلْوَكِيلِ عُمِلَ بِنِيَّتِهِ وَحُكِمَ بِوُقُوعِهِ لِلْمُوَكِّلِ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ فَأُبْطِلَ (قَوْلُهُ: وَالشِّرَاءُ بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ) هَذِهِ قَدْ تَقَدَّمَتْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ كَذَّبَهُ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْوَكَالَةِ وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى إسْقَاطُهَا (قَوْلُهُ: وَحَلَفَ كَمَا ذُكِرَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الْحَلِفُ فِي هَذِهِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَإِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ إلَخْ مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ (قَوْلُهُ: وَثَبَتَ) أَيْ وَالْحَالُ (قَوْلُهُ: وَالْمُوَكِّلُ) عَطْفٌ عَلَى الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: امْتِثَالًا لِأَمْرِ الْحَاكِمِ) وَكَالْحَاكِمِ الْمُحَكَّمُ وَكُلُّ مَنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ) بِيَمِينِهِ. [فَرْعٌ] قَالَ الْمُوَكِّلُ بَاعَ الْوَكِيلُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ بِثَمَنِ الْمِثْلِ صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ، فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ مَعَ بَيِّنَتِهِ زِيَادَةَ عِلْمٍ بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ. أَقُولُ: قَضِيَّةُ هَذَا الْقَوْلِ بِمِثْلِهِ فِي تَصَرُّفِ الْوَلِيِّ وَالنَّاظِرِ إذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَانِ فِي أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَدُونِهَا أَوْ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَدُونِهِ اهـ عَمِيرَةُ. وَقَدْ يُقَالُ مَا ذُكِرَ مِنْ تَصْدِيقِ الْمُوَكِّلِ مُشْكِلٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَالشِّرَاءِ بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ) لَا حَاجَةَ لَهُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ آنِفًا. (قَوْلُهُ: إذْ إتْيَانُهُ بِهِ امْتِثَالًا لِأَمْرِ الْحَاكِمِ لِلْمَصْلَحَةِ ) رُبَّمَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ إقْرَارًا إذَا أَتَى بِهِ لَا لِأَمْرِ الْحَاكِمِ فَلْيُرَاجَعْ

بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ مَعَهُ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْوَكِيلُ مَا شُرِطَ لَهُ مِنْ الْجُعْلِ عَلَى التَّصَرُّفِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، نَعَمْ يُصَدَّقُ وَكِيلٌ بِيَمِينِهِ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ ادَّعَاهُ وَصَدَّقَهُ رَبُّ الدَّيْنِ عَلَيْهِ فَيَسْتَحِقُّ جُعَلًا شُرِطَ لَهُ (وَفِي قَوْلٍ) يُصَدَّقُ (الْوَكِيلُ) لِأَنَّهُ أَمِينُهُ وَلِقُدْرَتِهِ عَلَى الْإِنْشَاءِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ بَعْدَ الْعَزْلِ صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ قَطْعًا (وَقَوْلُ الْوَكِيلِ فِي تَلَفِ الْمَالِ مَقْبُولٌ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّهُ أَمِينٌ كَالْوَدِيعِ فَيَأْتِي فِيهِ تَفْصِيلُهُ الْآتِي آخِرَ بَابِ الْوَدِيعَةِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَهَذَا هُوَ غَايَةُ الْقَبُولِ هُنَا وَإِلَّا فَنَحْوُ الْغَاصِبِ يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ. نَعَمْ يَضْمَنُ الْبَدَلَ وَلَوْ تَعَدَّى فَأَحْدَثَ لَهُ الْمُوَكِّلُ اسْتِئْمَانًا صَارَ أَمِينًا كَالْوَدِيعِ (وَكَذَا) قَوْلُهُ كَسَائِرِ الْأُمَنَاءِ إلَّا الْمُكْتَرِيَ وَالْمُرْتَهِنَ (فِي الرَّدِّ) لِلْمُعَوَّضِ أَوْ الْعِوَضِ عَلَى مُوَكِّلِهِ مَقْبُولٌ لِأَنَّهُ أَخَذَ الْعَيْنَ لِنَفْعِ الْمُوَكِّلِ، وَانْتِفَاعُهُ بِجُعْلٍ إنْ كَانَ إنَّمَا هُوَ لِيَعْمَلَ فِيهَا لَا بِهَا نَفْسِهَا، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَكَانَ قَبْلَ الْعَزْلِ أَمْ بَعْدَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمَا خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيِّ فِي عَدَمِ قَبُولِ ذَلِكَ مِنْهُ بَعْدَهُ، وَدَعْوَى تَأْيِيدِهِ بِقَوْلِ الْقَفَّالِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ قَيِّمِ الْوَقْفِ فِي الِاسْتِدَانَةُ مَمْنُوعَةٌ بِمَنْعِ كَوْنِ ذَلِكَ نَظِيرَ مَا نَحْنُ فِيهِ، بَلْ هُوَ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ: أَتَيْتُ بِالتَّصَرُّفِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَقَدْ مَرَّ عَدَمُ تَصْدِيقِ الْوَكِيلِ فِيهِ (وَقِيلَ إنْ كَانَ بِجُعْلٍ فَلَا) يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ لِأَنَّهُ أَخَذَ الْعَيْنَ لِغَرَضِ نَفْسِهِ فَأَشْبَهَ الْمُرْتَهِنَ، وَرُدَّ بِمَا مَرَّ وَمَحِلُّ قَبُولِ قَوْلِهِ فِي الرَّدِّ مَا لَمْ تَبْطُلْ أَمَانَتُهُ، فَلَوْ طَالَبَهُ الْمُوَكِّلُ فَقَالَ: لَمْ أَقْبِضْهُ مِنْك فَأَقَامَ الْمُوَكِّلُ بَيِّنَةً عَلَى قَبْضِهِ فَقَالَ الْوَكِيلُ: رَدَدْته إلَيْك أَوْ تَلِفَ عِنْدِي ضَمِنَهُ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ لِبُطْلَانِ أَمَانَتِهِ بِالْجُحُودِ وَتَنَاقُضِهِ، وَأَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ بِقَبُولِ قَوْلِ الْوَكِيلِ فِي الرَّدِّ وَإِنْ ضَمِنَ كَمَا لَوْ ضَمِنَ لِشَخْصٍ مَالًا عَلَى آخَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِأَنَّهُ يَدَّعِي خِيَانَةَ الْوَكِيلِ بِبَيْعِهِ بِالْغَبْنِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا، فَالْقِيَاسُ تَصْدِيقُ الْمُشْتَرِي لِدَعْوَاهُ صِحَّةَ الْعَقْدِ وَعَدَمِ خِيَانَةِ الْوَكِيلِ. ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ ع قَالَ: وَقَوْلُهُ: صَدَقَ الْمُوَكِّلُ إلَخْ نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ. وَقَالَ م ر: هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي الْفَسَادِ اهـ. وَفِي حَوَاشِي الرَّوْضِ لِوَالِدِ الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ: وَلَوْ ادَّعَى الْمُوَكِّلُ أَنَّ وَكِيلَهُ بَاعَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَنَازَعَهُ الْوَكِيلُ أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ كُلٍّ مِنْهُمَا اهـ: أَيْ مِنْ الْوَكِيلِ وَالْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: فَلَا يَسْتَحِقُّ الْوَكِيلُ) أَيْ وَيُحْكَمُ بِبُطْلَانِ التَّصَرُّفِ الَّذِي ادَّعَاهُ وَإِنْ وَافَقَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْوَكِيلِ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فِي الرَّدِّ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَرْسَلَهُ لَهُ مَعَ وَكِيلٍ عَنْ نَفْسِهِ فِي الدَّفْعِ فَلَا يُقْبَلُ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ لَمْ يَأْتَمِنْ الرَّسُولَ وَلَمْ يَأْذَنْ لِلْوَكِيلِ فِي الدَّفْعِ إلَيْهِ فَطَرِيقُهُ فِي بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ مِمَّا بِيَدِهِ أَنْ يَسْتَأْذِنَ الْمُوَكِّلُ فِي الْإِرْسَالِ لَهُ مَعَ مَنْ تَيَسَّرَ الْإِرْسَالُ مَعَهُ وَلَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ: مَقْبُولٌ) حَيْثُ لَمْ تَبْطُلْ أَمَانَتُهُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ) أَيْ قَبُولِ قَوْلِهِ (قَوْلُهُ: بَعْدَهُ) أَيْ الْعَزْلِ (قَوْلُهُ: وَدَعْوَى تَأْيِيدِهِ) أَيْ عَدَمُ الْقَبُولِ بَعْدَ الْعَزْلِ (قَوْلُهُ: رَدَدْته إلَيْك أَوْ تَلِفَ عِنْدِي إلَخْ) رَاجِعْ مَا ذَكَرَهُ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ مِنْ الْوَدِيعَةِ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَجُحُودُهَا بَعْدَ طَلَبِ الْمَالِكِ لَهَا مُضَمَّنٌ مَا نَصُّهُ: بِأَنْ قَالَ لَمْ يُودِعْنِي فَيُمْنَعُ قَبُولُ دَعْوَاهُ الرَّدَّ أَوْ التَّلَفَ قَبْلَ ذَلِكَ لِلتَّنَاقُضِ لَا الْبَيِّنَةِ بِأَحَدِهِمَا لِاحْتِمَالِ نِسْيَانِهِ، وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ قَبُولِ دَعْوَاهُ النِّسْيَانَ فِي الْأَوَّلِ، وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ التَّنَاقُضَ مِنْ مُتَكَلِّمٍ وَاحِدٍ أَقْبَحُ فَغِلَظٌ فِيهِ أَكْثَرُ، بِخِلَافِ نَحْوِ قَوْلِهِ: لَا وَدِيعَةَ لَك عِنْدِي يُقْبَلُ مِنْهُ الْكُلُّ لِعَدَمِ التَّنَاقُضِ، وَسَوَاءٌ ادَّعَى غَلَطًا أَوْ نِسْيَانًا لَمْ يُصَدِّقْهُ فِيهِ لِأَنَّهُ خِيَانَةٌ اهـ. فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ هُنَا بَيِّنَةً عَلَى رَدِّهِ قُبِلَتْ مِنْهُ لِاحْتِمَالٍ أَوْ لَا لَمْ أَقْبِضْ مِنْك كَانَ عَنْ نِسْيَانٍ وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: لَيْسَ لَك عِنْدِي شَيْءٌ قَبْلَ دَعْوَاهُ الرَّدَّ أَوْ التَّلَفَ لِعَدَمِ مُنَاقَضَتِهِ لِمَا ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ) هَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ قَبْلُ وَمَحِلُّ قَبُولِ قَوْلِهِ فِي الرَّدِّ مَا لَمْ تَبْطُلْ أَمَانَتُهُ، وَقَضِيَّتُهُ ذَلِكَ عَدَمُ قَبُولِ قَوْلِهِ فِي الرَّدِّ إذَا تَعَدَّى فِيمَا وُكِّلَ فِي بَيْعِهِ مَثَلًا لِصَيْرُورَتِهِ ضَامِنًا بِالتَّعَدِّي، إلَّا أَنَّ هَذَا لَا تَنَاقُضَ فِيهِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَخُصُّ مَا تَقَدَّمَ بِمَا فِيهِ تَنَاقُضٌ كَالصُّورَةِ الَّتِي ذَكَرهَا الشَّارِحُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: فِي الرَّدِّ) أَيْ أَمَّا بَيِّنَتُهُ فَتُقْبَلُ عَلَى الرَّاجِحِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ضَمِنَ) أَيْ ضَمَانًا جُعْلِيًّا بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ

فَوَكَّلَهُ فِي قَبْضِهِ مِنْ الْمَضْمُونِ عَنْهُ فَقَبَضَهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ اعْتِرَافِ مُوَكِّلِهِ وَادَّعَى رَدَّهُ لَهُ وَلَيْسَ هُوَ مُسْقِطًا عَنْ نَفْسِهِ الدَّيْنَ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ قَبْضَهُ ثَابِتٌ وَبِهِ يَبْرَآنِ مَعَ كَوْنِ مُوَكِّلِهِ هُوَ الَّذِي سَلَّطَهُ عَلَى ذَلِكَ وَكَالْوَكِيلِ فِيمَا مَرَّ مَا لَوْ ادَّعَى الْجَابِي تَسْلِيمَ مَا جَبَاهُ عَلَى مَنْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْجِبَايَةِ (وَلَوْ) (ادَّعَى) الْوَكِيلُ (الرَّدَّ عَلَى رَسُولِ الْمُوَكِّلِ وَأَنْكَرَ الرَّسُولُ) (صُدِّقَ الرَّسُولُ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتَمِنْهُ فَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ عَلَيْهِ (وَلَا يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ تَصْدِيقُ الْوَكِيلِ عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهُ يَدَّعِي الرَّدَّ عَلَى غَيْرِ مَنْ ائْتَمَنَهُ فَلْيُثْبِتْهُ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ لِاعْتِرَافِهِ بِإِرْسَالٍ وَيَدُ رَسُولِهِ كَيَدِهِ فَكَأَنَّهُ ادَّعَى عَلَيْهِ وَلَوْ صَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ عَلَى الدَّفْعِ إلَى رَسُولِهِ لَمْ يَغْرَمْ الْوَكِيلُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْأَصَحُّ وَلَوْ اعْتَرَفَ الرَّسُولُ بِالْقَبْضِ، وَادَّعَى التَّلَفَ فِي يَدِهِ لَمْ يَلْزَمْ الْمَالِكَ الرُّجُوعُ إلَيْهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَبْضِ (وَلَوْ) (قَالَ الْوَكِيلُ) بِالْبَيْعِ (قَبَضْت الثَّمَنَ) حَيْثُ جَازَ لَهُ قَبْضُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي قَوْلِهِ فَلَوْ طَالَبَهُ الْمُوَكِّلُ إلَخْ وَنَحْوُهَا، وَهَذَا إنْ أُرِيدَ بِالضَّمَانِ دُخُولُ الْمُوَكِّلِ فِيهِ فِي ضَمَانِهِ، فَإِنْ أُرِيدَ مَا يَحْتَاجُ إلَى أَصِيلٍ وَهُوَ مَا أَشْعَرَ بِهِ قَوْلُهُ كَمَا لَوْ ضَمِنَ إلَخْ فَهِيَ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى (قَوْلُهُ: فَوَكَّلَهُ) أَيْ الْمَضْمُونُ لَهُ (قَوْلُهُ: وَادَّعَى) أَيْ الضَّامِنُ (قَوْلُهُ: رَدَّهُ لَهُ) أَيْ الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ هُوَ) أَيْ الضَّامِنَ (قَوْلُهُ: وَبِهِ يَبْرَآنِ) أَيْ الضَّامِنُ وَالْأَصِيلُ (قَوْلُهُ: مَا جَبَاهُ) أَيْ أَوْ أَتْلَفَهُ بِلَا تَقْصِيرٍ. وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ عَدَمِ تَصْدِيقِ الرَّسُولِ فِي أَنَّهُ قَبَضَ مَا وَكَّلَهُ فِي قَبْضِهِ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لِلْوَقْفِ مَثَلًا هُنَا لَوْ أَنْكَرَ قَبْضَ الْجَابِي مِنْ أَصْلِهِ صَدَقَ مَا لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً هُوَ أَوْ مَنْ جَبَى مِنْهُ. وَكَمَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْقَبْضِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ مَنْ جَبَى مِنْهُمْ فِي الدَّفْعِ إلَيْهِ. أَمَّا لَوْ شَهِدَ بَعْضُهُمْ عَلَى الْجَابِي بِالْقَبْضِ مِنْ غَيْرِهِ وَشَهِدَ غَيْرُهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ قُبِلَتْ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الشَّهَادَتَيْنِ مُسْتَقِلَّةٌ لَا تَجْلِبُ نَفْعًا وَلَا تَدْفَعُ ضَرَرًا (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ اسْتَأْجَرَهُ) سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ مُسْتَحِقًّا لِقَبْضِ مَا اسْتَأْجَرَهُ لَهُ بِمِلْكٍ أَوْ غَيْرِهِ كَالنَّاظِرِ إذَا وَكَّلَ مَنْ يَجْبِي لَهُ الْأُجْرَةَ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْجَابِي مُقَرَّرًا مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ عَلَى النَّاظِرِ لِأَنَّ النَّاظِرَ لَمْ يَأْتَمِنْهُ (قَوْلُهُ: فَلْيُثْبِتْهُ عَلَيْهِ) قَالَ حَجّ: فَإِنْ صَدَّقَهُ فِي الدَّفْعِ لِرَسُولِهِ بَرِئَ عَلَى الْأَوْجَهِ وَلَا نَظَرَ إلَى تَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ إشْهَادِهِ عَلَى الرَّسُولِ انْتَهَى. أَقُولُ: وَهَذَا يُشْكِلُ عَلَى مَا لَوْ أَدَّى الضَّامِنُ الدَّيْنَ لِرَبِّ الدَّيْنِ فَأَنْكَرَ وَصَدَّقَهُ الْأَصِيلُ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَصِيلِ لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ الْإِشْهَادِ وَعَدَمِ انْتِفَاعِ الْأَصِيلِ بِمَا أَدَّاهُ، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الضَّامِنَ لَمَّا كَانَ مُؤَدِّيًا عَنْ غَيْرِهِ طُلِبَ مِنْهُ الِاحْتِيَاطُ لِحَقِّ الْغَيْرِ فَامْتَنَعَ رُجُوعُهُ لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ الِاحْتِيَاطِ، وَمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ هُنَا مُؤَدٍّ عَنْ نَفْسِهِ فَلَا يُنْسَبُ لِتَقْصِيرٍ فِي عَدَمِ الْإِشْهَادِ كَنِسْبَةِ الضَّامِنِ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ لَيْسَ عَنْ غَيْرِهِ حَتَّى يُطْلَبَ مِنْهُ الِاحْتِيَاطُ (قَوْلُهُ: وَادَّعَى التَّلَفَ) وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ لِمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَبْضِ، وَقَدْ يُقَالُ يُصَدَّقُ فِيهِمَا لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ ائْتَمَنَهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْ الْمَالِكَ الرُّجُوعُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الرَّسُولِ بَلْ يَرْجِعُ عَلَى الدَّيْنِ وَلَا رُجُوعَ لِلْمَدِينِ عَلَى الرَّسُولِ حَيْثُ اعْتَرَفَ بِوَكَالَتِهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي التَّلَفِ، وَالدَّائِنُ هُوَ الظَّالِمُ لِلْمَدِينِ بِالْأَخْذِ مِنْهُ، وَالْمَظْلُومُ لَا يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِ ظَالِمِهِ. [فَرْعٌ] وَكَّلَ الدَّائِنُ لِلْمَدِينِ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ شَيْئًا بِمَا فِي ذِمَّتِهِ لَمْ يَصِحَّ خِلَافًا لِمَا فِي الْأَنْوَارِ؛ لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ وَلَمْ يُوجَدْ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ قَابِضًا مُقْبِضًا مِنْ نَفْسِهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَاعْتَمَدَ حَجّ فِي شَرْحِهِ مَا فِي الْأَنْوَارِ وَمَنَعَ كَوْنَهُ مِنْ اتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ فَلْيُرَاجَعْ وَقَوْلُ سم لَمْ يَصِحَّ أَيْ وَإِذَا فَعَلَ وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْمَدِينِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: عَلَى مَنْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْجِبَايَةِ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ عَلَى مَنْ اسْتَأْجَرَهُ مَا لَوْ ادَّعَى الْجَابِي الْمُقَرَّرُ فِي الْوَقْفِ الرَّدَّ عَلَى النَّاظِرِ؛ لِأَنَّ النَّاظِرَ لَمْ يَسْتَأْمِنْهُ حَتَّى يَقْبَلَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْأَصَحُّ) وَجْهُ مُقَابِلِهِ أَنَّهُ تَرَكَ الْإِشْهَادَ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْ الْمَالِكَ الرُّجُوعُ إلَيْهِ) أَيْ فَيَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِقَبْضِ رَسُولِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ

(وَتَلِفَ) فِي يَدِي (وَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ) قَبْضَهُ (صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ إنْ كَانَ) الِاخْتِلَافُ (قَبْلَ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ) إذْ الْأَصْلُ بَقَاءُ حَقِّهِ وَعَدَمُ الْقَبْضِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ (فَالْوَكِيلُ) هُوَ الْمُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ يَنْسُبُهُ إلَى تَقْصِيرٍ وَخِيَانَةٍ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَفِي وَجْهِ تَصْدِيقِ الْمُوَكِّلِ إذْ الْأَصْلُ بَقَاءُ حَقِّهِ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِي الْمُصَدَّقِ مِنْهَا فِي الْحَالَيْنِ الْقَوْلَانِ فِي دَعْوَى الْوَكِيلِ التَّصَرُّفَ وَإِنْكَارِ الْمُوَكِّلِ لَهُ، فَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي التَّسْلِيمِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ فِي الْبَيْعِ بِمُؤَجَّلٍ وَفِي الْقَبْضِ بَعْدَ الْأَجَلِ فَهُوَ كَمَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ إذْ لَا خِيَانَةَ بِالتَّسْلِيمِ، وَإِذَا صَدَّقْنَا الْوَكِيلَ فَحَلَفَ بَرِئَ الْمُشْتَرِي فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ وَصَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الْبَغَوِيّ عَدَمُهُ، وَعَلَى نَقْلِهِ اقْتَصَرَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ، وَلَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ لِوَكِيلِهِ: قَبَضْت الثَّمَنَ فَسَلِّمْهُ لِي وَأَنْكَرَ الْوَكِيلُ قَبْضَهُ صُدِّقَ الْوَكِيلُ بِيَمِينِهِ وَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي بِهِ لِاعْتِرَافِهِ بِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَلَا مُطَالَبَةُ الْوَكِيلِ بَعْدَ حَلِفِهِ إلَّا أَنْ يُسَلِّمَ الْوَكِيلُ الْمَبِيعَ بِلَا إذْنٍ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ لِلْمُوَكِّلِ قِيمَةَ الْمَبِيعِ لِلْحَيْلُولَةِ لِاعْتِرَافِهِ بِالتَّعَدِّي بِتَسْلِيمِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا يُشْكِلُ بِكَوْنِ الْقِيمَةِ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي لَا يَسْتَحِقُّهُ غَيْرُهُ (وَلَوْ) أَعْطَاهُ مُوَكِّلُهُ مَالًا وَ (وَكَّلَهُ بِقَضَاءِ دَيْنٍ) عَلَيْهِ بِهِ (فَقَالَ قَضَيْته وَأَنْكَرَ الْمُسْتَحِقُّ) دَفْعَهُ إلَيْهِ (صُدِّقَ الْمُسْتَحِقُّ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَضَاءِ فَيَحْلِفُ وَيُطَالِبُ الْمُوَكِّلَ فَقَطْ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يُصَدِّقُ الْوَكِيلُ عَلَى الْمُوَكِّلِ) فِيمَا قَالَ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) أَوْ حُجَّةٍ أُخْرَى لِدَعْوَاهُ الدَّفْعَ لِغَيْرِ مَنْ ائْتَمَنَهُ فَكَانَ حَقُّهُ إمَّا الْإِشْهَادَ عَلَيْهِ وَلَوْ وَاحِدًا مَسْتُورًا وَإِمَّا الدَّفْعَ بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ نَظِيرَ مَا مَرَّ آخِرَ الضَّمَانِ، وَمِنْ ثَمَّ يَأْتِي هُنَا مَا لَوْ أَشْهَدَ فَغَابُوا أَوْ مَاتُوا مِنْ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ وَيُصَدَّقُ الْمُوَكِّلُ بِيَمِينِهِ فِي أَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّ بِحَضْرَتِهِ، وَلَا عِبْرَةَ بِإِنْكَارِ وَكِيلٍ بِقَبْضِ دَيْنٍ لِمُوَكِّلِهِ ادَّعَاهُ الْمَدِينُ وَصَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ (وَقَيِّمُ الْيَتِيمِ) مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي إذْ ذَاكَ مُرَادُهُمْ بِالْقَيِّمِ حَالَةَ الْإِطْلَاقِ، وَدَعْوَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يَعُمُّ الْأَبَ وَالْجَدَّ مَرْدُودَةٌ بِأَنَّ الْيَتِيمَ لَا أَبَ لَهُ وَلَا جَدَّ، وَالْوَصِيُّ يَأْتِي فِي بَابِهِ فَتَعَيَّنَ مَا مَرَّ وَمِثْلُهُ وَلِيُّ الْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ (إذَا) (ادَّعَى دَفْعَ الْمَالِ إلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ) وَالْعَقْلِ وَالرُّشْدِ (يَحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ) إذْ لَمْ يَأْتَمِنْهُ وَالْمَشْهُورُ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ أَنَّ الْأَبَ وَالْجَدَّ كَالْقَيِّمِ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ حَيْثُ جَزَمَ بِقَبُولِ قَوْلِهِمَا تَبَعًا لِتَصْرِيحِ الْمَاوَرْدِيِّ وَالْإِمَامِ وَأُلْحِقَ بِهِمَا قَاضٍ عَدْلٌ أَمِينٌ اُدُّعِيَ ذَلِكَ زَمَنَ قَضَائِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSثُمَّ إنْ دَفَعَهُ لِلدَّائِنِ رَدَّهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَإِلَّا رَدَّ بَدَلَهُ (قَوْلُهُ: عَدَمُهُ) أَيْ عَدَمُ بَرَاءَةِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَعَلَى نَقْلِهِ) أَيْ الْبَغَوِيّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) وَذَلِكَ لِأَنَّ تَصْدِيقَ الْوَكِيلِ إنَّمَا يَنْفِي الضَّمَانَ عَنْهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ سُقُوطُ حَقِّ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: أَكْثَرُ) أَيْ قَدْ يَكُونُ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ) أَيْ حَيْثُ صَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ فِي الدَّفْعِ لِلْمُسْتَحِقِّ (قَوْلُهُ: وَلَا عِبْرَةَ بِإِنْكَارِ وَكِيلٍ) أَيْ فَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ مُطَالَبَةُ الْوَكِيلِ وَلَا الْمَدِينِ لِتَصْدِيقِ الْمَدِينِ فِي دَفْعِهِ لِلْوَكِيلِ وَتَصْدِيقِ الْوَكِيلِ فِي عَدَمِ الْقَبْضِ بِحَلِفِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ) أَيْ لِلْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْيَتِيمَ لَا أَبَ لَهُ) مُرَادُ مَنْ فَسَّرَ الْيَتِيمَ هُنَا بِمَنْ لَا أَبَ لَهُ وَلَا جَدَّ أَنَّ قَيِّمَ الْقَاضِي لَا يَكُونُ إلَّا مَعَ فَقْدِهِمَا وَلَا دَخْلَ لَهُ مَعَ وُجُودِ الْجَدِّ الْأَصْلِ فَلَا يُنَافِي مَا قِيلَ فِي قِسْمِ الصَّدَقَاتِ مِنْ أَنَّهُ صَغِيرٌ لَا أَبَ لَهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ جَدٌّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بِهِمَا قَاضٍ) مُعْتَمَدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا عِبْرَةَ بِإِنْكَارِ وَكِيلٍ بِقَبْضِ دَيْنٍ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا حَاصِلُهُ، وَفِي الرَّوْضِ كَغَيْرِهِ مَا قَدْ يُخَالِفُهُ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ: وَلَوْ صَدَّقَ الْمُوَكِّلُ بِقَبْضِ دَيْنٍ أَوْ اسْتِرْدَادِ وَدِيعَةٍ أَوْ نَحْوِهِ مُدَّعِيَ التَّسْلِيمَ إلَى وَكِيلِهِ الْمُنْكِرِ لِذَلِكَ لَمْ يُغَرِّمْهُ: أَيْ الْمُوَكِّلُ مُدَّعِي التَّسْلِيمَ بِتَرْكِهِ الْإِشْهَادَ اهـ. وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ الْوَكِيلِ بِالنِّسْبَةِ لِتَغْرِيمِ الْمَدِينِ وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِي مُطَالَبَةِ الْوَكِيلِ، وَفِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ أَنَّهُ لَا يُطَالِبُهُ لِإِنْكَارِهِ الْقَبْضَ اهـ. وَعَلَيْهِ فَإِنْكَارُ الْوَكِيلِ لَهُ عِبْرَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِدَفْعِ الْمُطَالَبَةِ عَنْهُ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بِهِمَا) أَيْ

وَوَجْهُ جَزْمِهِ فِي الْوَصِيِّ بِعَدَمِ قَبُولِهِ وَحِكَايَتِهِ هَذَا الْخِلَافَ فِي الْقَيِّمِ بِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْقَاضِي لِأَنَّهُ نَائِبُهُ فَكَانَ أَقْوَى مِنْ الْوَصِيِّ، وَالثَّانِي يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فَأَشْبَهَ الْمُودَعَ وَالْوَصِيَّ (وَلَيْسَ لِوَكِيلٍ وَلَا مُودَعٍ) وَلَا غَيْرِهِمَا مِمَّنْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ كَشَرِيكٍ وَعَامِلِ قِرَاضٍ (أَنْ يَقُولَ بَعْدَ طَلَبِ الْمَالِكِ) مَالَهُ (لَا أَرُدُّ الْمَالَ) (إلَّا بِإِشْهَادٍ فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ حَاجَتِهِ لِذَلِكَ مَعَ قَبُولِ قَوْلِهِ فِي الرَّدِّ، وَخَشْيَةُ وُقُوعِهِ فِي الْحَلِفِ غَيْرُ مُؤَثِّرَةٍ إذْ لَا ذَمَّ فِيهِ مُعْتَدٌّ بِهِ آجِلًا وَلَا عَاجِلًا، وَالثَّانِي لَهُ ذَلِكَ حَتَّى لَا يَحْتَاجَ إلَى يَمِينٍ لِأَنَّ الْأُمَنَاءَ يَحْتَرِزُونَ عَنْهَا حَسَبَ الْإِمْكَانِ (وَلِلْغَاصِبِ وَمَنْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ) مِنْ الْأُمَنَاءِ كَمُرْتَهِنٍ وَمُسْتَأْجِرٍ وَغَيْرِهِمْ كَمُسْتَعِيرٍ (فِي الرَّدِّ) أَوْ الدَّفْعِ كَالْمَدِينِ (ذَلِكَ) أَيْ التَّأْخِيرُ لِلْإِشْهَادِ وَاغْتُفِرَ لَهُ الْإِمْسَاكُ هَذِهِ اللَّحْظَةَ وَإِنْ كَانَ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَعْصِيَةِ فَوْرِيًّا لِلضَّرُورَةِ هَذَا حَيْثُ كَانَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، بِالْأَخْذِ، وَإِلَّا فَنُقِلَ عَنْ الْبَغَوِيّ: أَيْ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمَرَاوِزَةِ وَالْمَاوَرْدِيُّ أَنَّ لَهُ الِامْتِنَاعَ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَرْفَعُهُ لِمَالِكِيٍّ يَرَى الِاسْتِفْصَالَ، وَمِنْ ثَمَّ جَزَمَ بِهِ الْأَصْفُونِيُّ وَرَجَّحَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَاقْتَضَى كَلَامُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ تَرْجِيحَهُ، وَعَنْ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الِامْتِنَاعُ وَاقْتَضَى كَلَامُهُمَا تَرْجِيحَهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ أَنْ يَقُولَ لَيْسَ لَهُ عِنْدِي شَيْءٌ وَيَحْلِفَ (وَلَوْ) (قَالَ رَجُلٌ) لِآخَرَ عَلَيْهِ أَوْ عِنْدَهُ مَالٌ لِلْغَيْرِ: (وَكَّلَنِي الْمُسْتَحِقُّ بِقَبْضِ مَالِهِ عِنْدَك مِنْ دَيْنٍ) اسْتَعْمَلَ عِنْدَ فِي الدَّيْنِ تَغْلِيبًا بَلْ وَحْدَهُ صَحِيحٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْإِقْرَارِ (أَوْ عَيَّنَ وَصَدَّقَهُ) مَنْ عِنْدَهُ ذَلِكَ (فَلَهُ دَفْعُهُ إلَيْهِ) لِأَنَّهُ مُحِقٌّ بِزَعْمِهِ. نَعَمْ مَحِلُّ مَا ذُكِرَ فِي الْعَيْنِ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إذْنُ الْمَالِكِ لَهُ فِي قَبْضِهَا بِقَرِينَةٍ قَوْلِيَّةٍ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُمْ لَا يَجُوزُ دَفْعُ الْعَيْنِ الْمُدَّعَى وَكَالَةً لَمْ يُثَبِّتْهَا لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ لِظُهُورِ الْمُرَادِ مَعَ النَّظَرِ لِقَوْلِهِمْ الْمَذْكُورِ وَإِذَا دَفَعَ إلَيْهِ ثُمَّ أَنْكَرَ الْمُسْتَحِقُّ وَحَلَفَ عَلَى نَفْيِ وَكَالَتِهِ فَإِنْ كَانَ الْمَدْفُوعُ عَيْنًا اسْتَرَدَّهَا إنْ بَقِيَتْ وَإِلَّا غَرَّمَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا وَلَا رُجُوعَ لِلْغَارِمِ عَلَى الْآخَرِ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ بِزَعْمِهِ، قَالَ الْمُتَوَلِّي هَذَا إنْ لَمْ تَتْلَفْ بِتَفْرِيطِ الْقَابِضِ، وَإِلَّا فَإِنْ غَرِمَهُ لَمْ يَرْجِعْ أَوْ الدَّافِعِ رَجَعَ لِأَنَّ الْقَابِضَ وَكِيلٌ بِزَعْمِهِ وَالْوَكِيلُ يَضْمَنُ بِالتَّفْرِيطِ وَالْمُسْتَحِقُّ ظَلَمَهُ وَمَالُهُ فِي ذِمَّةِ الْقَابِضِ فَيَسْتَوْفِيهِ بِحَقِّهِ أَوْ دَيْنًا طَالَبَ الدَّافِعَ فَقَطْ لِأَنَّ الْقَابِضَ فُضُولِيٌّ بِزَعْمِهِ، وَإِذَا غَرِمَ الدَّافِعُ فَإِنْ بَقِيَ الْمَدْفُوعُ عِنْدَ الْقَابِضِ اسْتَرَدَّهُ ظَفَرًا وَإِلَّا فَإِنْ فَرَّطَ فِيهِ غَرِمَ وَإِلَّا فَلَا (وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ) الدَّفْعُ إلَيْهِ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى وَكَالَتِهِ) لِاحْتِمَالِ إنْكَارِ الْمُسْتَحِقِّ لَهَا فَيَغْرَمُهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ لَمْ يُحَلِّفْهُ لِأَنَّ النُّكُولَ كَالْإِقْرَارِ، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ وَإِنْ صَدَّقَهُ لَا يَلْزَمُهُ الدَّفْعُ إلَيْهِ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا هَذَا وَهُوَ الْمَنْصُوصُ. وَالثَّانِي وَهُوَ مُخَرَّجٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْوَارِثِ الْآتِيَةِ يَلْزَمُهُ الدَّفْعُ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ لِاعْتِرَافِهِ بِاسْتِحْقَاقِهِ الْأَخْذَ (وَإِنْ) (قَالَ) لِمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ (أَحَالَنِي) مُسْتَحِقُّهُ (عَلَيْك) وَقَبِلْت الْحَوَالَةَ (وَصَدَّقَهُ) (وَجَبَ الدَّفْعُ) إلَيْهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا سَيَأْتِي فِي الْوَارِثِ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: آجِلًا وَلَا عَاجِلًا) أَيْ بَلْ قَدْ يَنْدُبُ الْحَلِفُ فِيمَا لَوْ كَانَ صَادِقًا وَتَرَتَّبَ عَلَى عَدَمِ حَلِفِهِ فَوَاتُ حَقٍّ لَهُ (قَوْلُهُ: يَحْتَرِزُونَ عَنْهَا) أَيْ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ: وَاقْتَضَى كَلَامُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ إلَخْ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: بَلْ وَحْدَهُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَغْلِيبٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا غَرِمَ) أَيْ الْمَالِكُ (قَوْلُهُ: مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا) أَيْ الْوَكِيلِ وَمَنْ كَانَتْ تَحْتَ يَدِهِ الْعَيْنُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ غَرِمَهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْأَبِ وَالْجَدِّ: أَيْ فِي الْقَبُولِ الَّذِي جَزَمَ بِهِ السُّبْكِيُّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَمِينٌ ادَّعَى ذَلِكَ زَمَنَ قَضَائِهِ: أَيْ وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْقَبُولِ فِي الْمُشَبَّهِ كَالْمُشَبَّهِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَوَجْهُ جَزْمِهِ) أَيْ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: فَأَشْبَهَ الْمُودِعَ وَالْوَصِيَّ) كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ وَلَعَلَّ الْوَصِيَّ مُحَرَّفٌ عَنْ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَنْكَرَ الْمُسْتَحَقَّ) أَيْ الْوَكَالَةَ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: اسْتَرَدَّهَا إنْ بَقِيَتْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ أَخَذَهَا أَوْ أَخَذَهَا الدَّافِعُ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ مُكَذِّبٌ لَهُ فِي الْوَكَالَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ النُّكُولَ) يَعْنِي مَعَ الْحَلِفِ

[كتاب الإقرار]

بِخِلَافِ مَا لَوْ كَذَّبَهُ وَلَهُ تَحْلِيفُهُ هُنَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يُقِرَّ أَوْ يَنْكُلَ فَيَحْلِفَ الْمُدَّعِي وَيَأْخُذَ مِنْهُ، وَإِذَا دَفَعَ إلَيْهِ ثُمَّ أَنْكَرَ الدَّائِنُ الْحَوَالَةَ وَحَلَفَ أَخَذَ دَيْنَهُ مِمَّنْ كَانَ عَلَيْهِ وَلَا يَرْجِعُ الْمُؤَدِّي عَلَى مَنْ دَفَعَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ اعْتَرَفَ بِالْمِلْكِ لَهُ. وَالثَّانِي لَا يَجِبُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِاحْتِمَالِ إنْكَارِ صَاحِبِ الْحَقِّ الْحَوَالَةَ (قُلْت: وَإِنْ) (قَالَ) لِمَنْ عِنْدَهُ عَيْنٌ أَوْ دَيْنٌ لِمَيِّتٍ: (أَنَا وَارِثُهُ) الْمُسْتَغْرِقُ لِتَرِكَتِهِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ وَالشَّامِلِ وَغَيْرِهِمَا وَلَعَلَّهُمْ لَمْ يَنْظُرُوا إلَى أَنَّ أَنَا وَارِثُهُ صِيغَةُ حَصْرٍ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى نَحْوِ قَوْلِهِ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرِي لِخَفَائِهِ جِدًّا فَانْدَفَعَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْعِمَادِ هُنَا أَوْ وَصِيَّةٌ أَوْ مُوصًى لَهُ بِمَا تَحْتَ يَدِك وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ وَصَدَّقَهُ وَجَبَ الدَّفْعُ إلَيْهِ (عَلَى الْمَذْهَبِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِاعْتِرَافِهِ بِانْتِقَالِ الْحَقِّ لَهُ وَلَيْسَ مِنْ التَّكْذِيبِ وَبِهِ فَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْوَكِيلِ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا هَذَا وَهُوَ الْمَنْصُوصُ. وَالثَّانِي وَهُوَ مُخَرَّجٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ السَّابِقَةِ لَا يَجِبُ الدَّفْعُ إلَيْهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى إرْثِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَا يَرِثُهُ الْآنَ لِحَيَاتِهِ وَيَكُونُ ظَنُّ مَوْتِهِ خَطَأً، وَإِذَا سَلَّمَهُ ثُمَّ ظَهَرَ الْمُسْتَحِقُّ حَيًّا وَغَرِمَهُ رَجَعَ الْغَرِيمُ عَلَى الْوَارِثِ وَالْوَصِيِّ وَالْمُوصَى لَهُ بِمَا دَفَعَهُ إلَيْهِمْ لِتَبَيُّنِ كَذِبِهِمْ، بِخِلَافِ صُورَةِ الْوَكَالَةِ لَا رُجُوعَ فِيهَا فِي بَعْضِ صُوَرِهَا كَمَا مَرَّ لِأَنَّهُ صَدَّقَهُ عَلَى الْوَكَالَةِ وَإِنْكَارُ الْمُسْتَحِقِّ لَا يَرْفَعُ تَصْدِيقَهُ وَصُدِّقَ الْوَكِيلُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ وَكَّلَهُ ثُمَّ جَحَدَ وَهَذَا بِخِلَافِهِ. كِتَابُ الْإِقْرَارِ هُوَ لُغَةً: الْإِثْبَاتُ، مِنْ قَرَّ الشَّيْءُ يَقِرُّ قَرَارًا ثَبَتَ. وَشَرْعًا: إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ عَلَى الْمُخْبِرِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ فَدَعْوَى، أَوْ لِغَيْرِهِ عَلَى غَيْرِهِ فَشَهَادَةٌ هَذَا إنْ كَانَ خَاصًّا، فَإِنْ اقْتَضَى شَرْعًا عَامًّا وَكَانَ عَنْ أَمْرٍ مَحْسُوسٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الْقَابِضُ (قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ مُدَّعِي الْحَوَالَةِ. كِتَابُ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: يُقِرُّ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِهَا، يُقَالُ قَرَرْت بِالْمَكَانِ بِالْكَسْرِ أَقَرَّ بِالْفَتْحِ، وَقَرَرْت بِالْفَتْحِ أَقِرُّ بِالْكَسْرِ اهـ مُخْتَارُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُخْبِرِ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجِ: فَرْعٌ: التَّوْكِيلُ فِي الْإِقْرَارِ لَا يَجُوزُ عَلَى الْأَصَحِّ فَإِنْ جَوَّزْنَاهُ فَهُوَ وَارِدٌ عَلَى التَّعْرِيفِ اهـ. أَقُولُ: يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ إخْبَارٌ مِنْهُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا لِأَنَّ فِعْلَ الْوَكِيلِ كَفِعْلِ الْمُوَكِّلِ، أَوْ أَنَّ التَّعْرِيفَ بِالْأَخَصِّ وَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ بَعْضِهِمْ، هَذَا وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْوَارِدِ عَلَى التَّعْرِيفِ هُوَ إقْرَارُ الْوَكِيلِ لَا التَّوْكِيلُ فِي الْإِقْرَارِ، وَعَلَيْهِ فَفِي كَلَامِ الْمُحَشِّيِّ مُسَامَحَةٌ، وَيَرُدُّ عَلَى كَلَامِهِ أَيْضًا إقْرَارُ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ أَوْ وَلِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الْإِمَامَ نَائِبٌ عَنْ الْمُسْلِمِينَ، وَوَلِيَّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ نَائِبٌ عَنْهُ فَكَأَنَّ الْإِقْرَارَ صَدَرَ مِمَّنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُخْبِرِ) أَيْ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: هَذَا إنْ كَانَ) أَيْ الْإِخْبَارُ (قَوْلُهُ فَإِنْ اقْتَضَى شَرْعًا عَامًّا) أَيْ أَمْرًا مَشْرُوعًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْمُسْتَغْرِقُ) أَيْ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَإِنَّ مَا يَأْخُذُهُ لَا يَخْتَصُّ بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. [كِتَابُ الْإِقْرَارِ] (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ) أَيْ مُطْلَقُ الْإِخْبَارِ لَا الْإِخْبَارُ الْمَذْكُورُ فِي التَّعْرِيفِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِغَيْرِهِ عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ بِشَرْطِهِ

فَرِوَايَةٌ، أَوْ عَنْ أَمْرٍ شَرْعِيٍّ فَإِنْ كَانَ فِيهِ إلْزَامٌ فَحُكْمٌ وَإِلَّا فَفَتْوَى. وَأَصْلُهُ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النساء: 135] قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: شَهَادَةُ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ هِيَ الْإِقْرَارُ، وَخَبَرُ الشَّيْخَيْنِ «اُغْدُ يَا أُنَيْسُ إلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» وَأَرْكَانُهُ أَرْبَعَةٌ: مُقِرٌّ وَمَقَرٌّ لَهُ وَبِهِ وَصِيغَةٌ، وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ فَقَالَ: (يَصِحُّ) الْإِقْرَارُ (مِنْ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ) أَيْ الْمُكَلَّفِ الرَّشِيدِ وَلَوْ إمَامًا بِالنِّسْبَةِ لِبَيْتِ الْمَالِ وَوَلِيًّا بِالنِّسْبَةِ لِمَا يُمْكِنُهُ إنْشَاؤُهُ فِي مَالِ مُوَلِّيهِ، وَسَيُعْلَمُ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا يَخْتَصُّ بِوَاحِدٍ (قَوْلُهُ: أَوْ عَنْ أَمْرٍ شَرْعِيٍّ) عُطِفَ عَلَى غَيْرِ مَحْسُوسٍ فَهَلْ يَشْمَلُ يَلْزَمُ زَيْدًا كَذَا فِي جَوَابِ هَلْ يَلْزَمُ زَيْدًا كَذَا: أَيْ بِسَبَبِ فِعْلِهِ كَذَا، وَجَوَابُهُ أَنَّهُ يَشْمَلُ لِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَا يَخْتَصُّ بِهِ وَإِنْ فُرِضَ أَنَّ مُتَعَلِّقَهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ إلَّا فِيهِ لِأَنَّهُ لَوْ تَتَحَقَّقَ فِي غَيْرِهِ ثَبَتَ لَهُ هَذَا الْحُكْمُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: شَهَادَةُ الْمَرْءِ) أَيْ فَسَّرْت شَهَادَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ:: «اُغْدُ يَا أُنَيْسُ» ) هُوَ أُنَيْسُ بْنُ الضَّحَّاكِ الْأَسْلَمِيُّ مَعْدُودٌ فِي الشَّامِيِّينَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هُوَ أُنَيْسُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَصَحُّ الْمَشْهُورُ، وَهُوَ أَسْلَمِيٌّ وَالْمَرْأَةُ أَيْضًا أَسْلَمِيَّةٌ. قَالَ الْحَافِظُ: أُنَيْسٌ هُوَ ابْنُ الضَّحَّاكِ الْأَسْلَمِيُّ، نَقَلَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي الْحَدِيثِ " فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَسْلَمَ " وَوَهِمَ مَنْ قَالَ: إنَّهُ أُنَيْسُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ فَإِنَّهُ غَنَوِيٌّ، وَكَذَا قَوْلُ ابْنِ التِّينِ كَانَ الْخِطَابُ فِي ذَلِكَ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ لَكِنَّهُ صُغِّرَ اهـ مِنْ مُخْتَصَرِ شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ لِلطَّيِّبِ بْنِ عَفِيفِ الدِّينِ الشَّهِيرِ بِابْنِ مَخْرَمَةَ الْيَمَنِيِّ (قَوْلُهُ: وَأَرْكَانُهُ أَرْبَعَةٌ) زَادَ بَعْضُهُمْ الْمُقِرَّ عِنْدَهُ مِنْ حَاكِمٍ أَوْ شَاهِدٍ، وَقَدْ يُنْظَرُ فِيهِ بِأَنَّهُ لَوْ تَوَقَّفَ تَحَقُّقُ الْإِقْرَارِ عَلَى ذَلِكَ لَزِمَهُ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ خَالِيًا بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُهُ إلَّا اللَّهُ تَعَالَى ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَقَرَّ خَالِيًا فِي يَوْمِ كَذَا لَمْ يُعْتَدَّ بِهَذَا الْإِقْرَارِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُقَرِّ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِمُقْتَضَاهُ وَلَا الدَّعْوَى بِسَبَبِهِ لِفَسَادِهِ وَعَدَمِ صِحَّتِهِ شَرْعًا لِعَدَمِ وُجُودِ رُكْنِهِ الْمَذْكُورِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ مَمْنُوعٌ قَطْعِيًّا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَيْ الْمُكَلَّفِ الرَّشِيدِ) الْمُرَادُ غَيْرُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْبَيْعِ، فَلَا يُرَدُّ السَّكْرَانُ الْمُتَعَدِّي وَلَا الْفَاسِقُ وَلَا مَنْ بَذَرَ بَعْدَ رُشْدِهِ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ إمَامًا) إنَّمَا أَخَذَهُمَا غَايَةً لِأَنَّهُ قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّ كُلًّا لَيْسَ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ مُقَيَّدٌ بِالْمَصْلَحَةِ فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ يُنَافِي الْإِطْلَاقَ. [فَرْعٌ] قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَيُقْبَلُ إقْرَارُ الرَّشِيدِ بِجِنَايَةٍ فِي الصِّغَرِ: قَالَ فِي شَرْحِهِ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهٍ يَسْقُطُ عَنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ كَالْمُقْرِضِ وَالْمُبِيعِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤَاخَذَ بِهِ اهـ. [فَرْعٌ] إقْرَارُ الْمُرْتَدِّ بِالْعُقُوبَةِ فِي بَدَنِهِ مَقْبُولٌ وَفِي مَالِهِ مَوْقُوفٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجِ (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِمَا يُمْكِنُهُ إنْشَاؤُهُ) كَأَنْ أَقَرَّ بِثَمَنِ شَيْءٍ اشْتَرَاهُ لَهُ وَثَمَنُهُ بَاقٍ لِلْبَائِعِ، أَوْ أَنَّهُ بَاعَ هَذَا مِنْ مَالِ الطِّفْلِ عَلَى وَجْهٍ يَصِحُّ بَيْعُهُ فِيهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ عَلَى مُوَلِّيهِ بِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَالًا مَثَلًا فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَعَلَيْهِ فَمَا طَرِيقُهُ فِي الْخُرُوجِ مِنْ ذَلِكَ مَعَ أَنَّ مُتْلِفَاتِ الصَّبِيِّ مَضْمُونَةٌ فِي مَالِهِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْأَحْوَطَ فِي حَقِّهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ ثَمَّ حَاكِمٌ يَرَى صِحَّةَ إقْرَارِهِ وَجَبَ الرَّفْعُ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يَرَاهُ أَخَّرَ الْأَمْرَ إلَى بُلُوغِهِ، وَلِمَنْ أَتْلَفَ الصَّبِيُّ مَالَهُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى الصَّبِيِّ وَيُقِيمَ وَلِيُّهُ شَاهِدًا وَيُقِيمَ آخَرَ أَوْ يَحْلِفَ مَعَ الْوَلِيِّ، وَلَوْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ ذَلِكَ جَازَ لَهُ الدَّفْعُ بَاطِنًا، وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ ظَهَرَ الْأَمْرُ وَلَوْ بَعْدَ بُلُوغِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِهِ (قَوْلُهُ: لِمَا يُمْكِنُهُ إنْشَاؤُهُ فِي مَالِ مُوَلِّيه) ظَاهِرُهُ رُجُوعُ قَوْلِهِ لِمَا يُمْكِنُهُ إنْشَاؤُهُ إلَخْ لِلْوَلِيِّ فَقَطْ دُونَ الْإِمَامِ بِالنِّسْبَةِ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَاقْتَصَرَ حَجّ عَلَى مَسْأَلَةِ الْإِمَامِ وَلَمْ يَذْكُرْ إقْرَارَ الْوَلِيِّ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمَا أَنَّ إقْرَارَ الْإِمَامِ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ مَقْبُولٌ مُطْلَقًا فَلْيُحَرَّرْ، ثُمَّ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ: يُمْكِنُهُ إنْشَاؤُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ عَلَى الصَّبِيِّ بَعْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ فِيهِ إلْزَامٌ فَحُكْمٌ) فِي كَوْنِ الْحُكْمِ يَقْتَضِي شَرْعًا عَامًّا نَظَرٌ ظَاهِرٌ؛ وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ غَيْرُهُ كَالشِّهَابِ حَجّ وَالدَّمِيرِيِّ فِي هَذَا التَّقْسِيمِ، بَلْ فِي كَوْنِ الْحُكْمِ إخْبَارٌ اُنْظُرْ أَيْضًا، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْشَاءٌ كَصِيَغِ الْعُقُودِ وَإِنْ كَانَ لَفْظُهُ

مِنْ آخَرِ الْبَابِ اشْتِرَاطُ عَدَمِ تَكْذِيبِ الْحِسِّ وَالشَّرْعِ لَهُ. وَمِنْ الطَّلَاقِ الِاخْتِيَارُ عَلَى أَنَّ هَذَا قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ هُنَا بِادِّعَاءِ أَنَّ الْمُكْرَهَ غَيْرُ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، بَلْ سَيَأْتِي بَعْدُ بِقَلِيلٍ اشْتِرَاطُ أَنْ لَا يَكُونَ مُكْرَهًا، وَلَوْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ وَأَنَّهُ مُخْتَارٌ فِيهِ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ بِأَنَّهُ كَانَ مُكْرَهًا إلَّا أَنْ يُثْبِتَ أَنَّهُ كَانَ مُكْرَهًا حَتَّى عَلَى إقْرَارِهِ بِأَنَّهُ مُخْتَارٌ كَمَا يَأْتِي وَمَرَّ أَنَّ طَلَبَ الْبَيْعِ إقْرَارٌ بِالْمِلْكِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْإِجَارَةِ إقْرَارٌ بِمِلْكِ الْمَنْفَعَةِ لَكِنَّ تَعْيِينَهَا فِي الْأَخِيرِ إلَى الْمُقِرِّ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ (وَإِقْرَارُ الصَّبِيِّ) وَلَوْ مُرَاهِقًا وَأَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ (وَالْمَجْنُونُ) وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَكُلُّ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِمَا يُعْذَرُ بِهِ (لَاغٍ) لِسُقُوطِ أَقْوَالِهِمْ (فَإِنْ ادَّعَى) الصَّبِيُّ (الْبُلُوغَ بِالِاحْتِلَامِ) أَيْ نُزُولِ الْمَنِيِّ يَقَظَةً أَوْ نَوْمًا أَوْ الصَّبِيَّةُ الْبُلُوغَ بِالْحَيْضِ (مَعَ الْإِمْكَانِ) لَهُ بِأَنْ كَانَ فِي سِنٍّ يَحْتَمِلُ الْبُلُوغَ، وَقَدْ مَرَّ بَيَانُ زَمَنِ الْإِمْكَانِ فِي بَابَيْ الْحَيْضِ وَالْحَجْرِ (صُدِّقَ) فِي ذَلِكَ إذْ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ وَلَا يُعَارِضُهُ إمْكَانُ الْبَيِّنَةِ عَلَى إمْكَانِ الْحَيْضِ لِأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ عُسْرٌ (وَلَا يَحْلِفُ) عَلَيْهِ وَإِنْ فَرَضَتْ خُصُومَةٌ لِأَنَّهُ إنْ صُدِّقَ لَمْ يَحْتَجْ إلَى يَمِينٍ وَإِلَّا فَالصَّبِيُّ لَا يَحْلِفُ، وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ عَلَيْهَا عِنْدَ اتِّهَامِهِ إعْطَاءُ غَازٍ ادَّعَى الِاحْتِلَامَ وَطَلَبَ سَهْمَ الْمُقَاتِلَةِ أَوْ إثْبَاتَ اسْمِهِ، وَكَذَا وَلَدٌ مُرْتَزَقٌ ادَّعَاهُ وَطَلَبَ إثْبَاتَ اسْمِهِ فِي الدِّيوَانِ وَاتَّهَمَ ـــــــــــــــــــــــــــــSبُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ بِنَحْوِ بَيْعِ شَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِهِ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ هَذَا) أَيْ الِاخْتِيَارَ، وَقَوْلُهُ مِنْ كَلَامِهِ هُنَا: أَيْ فِي قَوْلِهِ يَصِحُّ مِنْ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ، وَقَوْلُهُ لَهُ: أَيْ الْمُقِرِّ، وَقَوْلُهُ وَأَنَّهُ مُخْتَارٌ: أَيْ وَذَكَرَ أَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ مُكْرَهٍ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ بَاعَ كَذَا مُكْرَهًا إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَمَرَّ: أَيْ فِي بَابِ الصُّلْحِ، وَقَوْلُهُ وَالْعَارِيَّةِ: أَيْ وَطَلَبُ الْعَارِيَّةِ (قَوْلُهُ: فِي الْأَخِيرَةِ) هُوَ طَلَبُ الْعَارِيَّةِ وَالْإِجَارَةِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِالْأَخِيرَتَيْنِ كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: وَإِقْرَارُ الصَّبِيِّ) قِيلَ الْأَوْلَى التَّفْرِيعُ بِالْفَاءِ اهـ، وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَا حَصْرَ فِيمَا قَبْلَهُ، وَمَفْهُومُ الْمَجْرُورِ ضَعِيفٌ اهـ حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ إذْ لَا حَصْرَ إلَخْ هَذَا لَا يَمْنَعُ الْأَوْلَوِيَّةَ، وَمَفْهُومُ الْمَجْرُورِ وَإِنْ ضَعُفَ يُعْتَدُّ بِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْمَجْرُورِ قَوْلُهُ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ مُرَاهِقًا غَايَةٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ ادَّعَى الصَّبِيُّ) أَيْ لِيَصِحَّ إقْرَارُهُ أَوْ لِيَتَصَدَّقَ فِي أَمْوَالِهِ (قَوْلُهُ: فِي بَابَيْ الْحَيْضِ) وَهُوَ تِسْعُ سِنِينَ تَحْدِيدِيَّةٍ فِي خُرُوجِ الْمَنِيِّ وَتَقْرِيبِيَّةٍ فِي الْحَيْضِ، وَلَا بُدَّ فِي ثُبُوتِ ذَلِكَ مِنْ بَيِّنَةٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ عَلَى إمْكَانِ) الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِقَوْلِهِ عَلَى وُجُودِ الْحَيْضِ وَإِنَّمَا خَصَّهُ بِالذَّكَرِ لِتَصْرِيحِهِمْ بِقَبُولِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْحَيْضِ وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي الْمَنِيِّ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْيَمِينِ (قَوْلُهُ ادَّعَى الِاحْتِلَامَ) أَيْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ فَأَنْكَرَهُ أَمِيرُ الْجَيْشِ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْزَمْ مِنْ تَحْلِيفِهِ الْمَحْذُورُ السَّابِقُ اهـ حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَلْزَمْ إلَخْ: أَيْ لِأَنَّ الْغَرَضَ الْبُلُوغُ حِينَ التَّحْلِيفِ، إذْ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ بَالِغٌ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ مُدَّعٍ أَنَّهُ كَانَ بَالِغًا قَبْلَ انْقِضَائِهَا فَيَحْلِفُ بَعْدَ الِانْقِضَاءِ أَنَّهُ كَانَ بَالِغًا حِينَئِذٍ كَمَا صُوِّرَ بِذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَطَلَبَ سَهْمَ الْمُقَاتِلَةِ) وَيَسْتَثْنِي أَيْضًا مَا لَوْ أَسْلَمَ الْأَبُ وَادَّعَى عَدَمَ بُلُوغِ وَلَدِهِ حَتَّى يَتْبَعَهُ فِي الْإِسْلَامِ وَادَّعَى الْوَلَدُ الْبُلُوغَ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ الْوَلَدُ: أَيْ وَيُتْرَكُ عَلَى دِينِهِ سم، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْأَبُ وَحُكِمَ بِإِسْلَامِهِ، قَالَهُ م ر، وَانْظُرْ هَذَا مَعَ دَعْوَى الْوَلَدِ الْبُلُوغَ فَإِنَّهَا تَتَضَمَّنُ إنْكَارَ الْإِسْلَامِ ثُمَّ ظَهَرَ مَعَ مُبَاحَثَةِ م ر أَنَّهُ يَكُونُ مُرْتَدًّا بَعْدَ دَعْوَى الْبُلُوغِ بَعْدَ دَعْوَى الْأَبِ الصِّغَرَ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجِ. أَقُولُ: قَدْ يُقَالُ لَمْ يَثْبُت إسْلَامُهُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِ الْأَبِ حَتَّى يَكُونَ إنْكَارُهُ رِدَّةً بَلْ فِيمَا لَوْ نَكَلَ الصَّبِيُّ وَحَلَفَ الْأَبُ إنَّمَا ثَبَتَ صِبَاهُ فَكَيْفَ يَكُونُ إنْكَارُهُ الْإِسْلَامَ رِدَّةً، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: يُصَوَّرُ مَا قَالَهُ م ر بِمَا إذَا مَضَى بَعْدَ إسْلَامِ الْأَبِ مُدَّةً يُحْكَمُ فِيهَا بِبُلُوغِ الِابْنِ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا حَلَفَ الْأَبُ نُقِلَ فِي الدَّرْسِ عَنْ حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ لِلرَّمْلِيِّ عَدَمُ تَحْلِيفِ الْأَبِ (قَوْلُهُ: أَوْ إثْبَاتَ اسْمِهِ) عَطْفٌ عَلَى " إعْطَاءَ " اهـ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَفْظَ الْخَبَرِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: فِي الْأَخِيرَةِ) لَعَلَّ مُرَادَهُ بِالْأَخِيرَةِ مَسْأَلَةُ الْإِقْرَارِ بِالْمَنْفَعَةِ فَيَشْمَلُ طَلَبَ الْعَارِيَّةِ وَالْإِجَارَةِ لِيُوَافِقَ كَلَامَ الشِّهَابِ حَجّ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ تَعْيِينُ جِهَةِ الْمَنْفَعَةِ مِنْ وَصِيَّةٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا حَتَّى لَوْ عَيَّنَهَا بِإِجَارَةِ يَوْمٍ مَثَلًا قُبِلَ وَهَذَا ظَاهِرٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَإِنَّهَا تُوقِفُ عَلَيْهَا إعْطَاءَ غَازٍ ادَّعَى

عَلَى يَمِينِهِ احْتِيَاطًا لِأَنَّهُ هُنَا يُرِيدُ مُزَاحَمَةَ غَيْرِهِ فَنَاسَبَ تَحْلِيفَهُ، وَإِذَا لَمْ يَحْلِفْ فَبَلَغَ مَبْلَغًا يَقْطَعُ بِبُلُوغِهِ لَمْ يَحْلِفْ لِانْتِهَاءِ الْخُصُومَةِ لِقَبُولِهِ قَوْلَهُ أَوْ لَا فَلَا نَنْقُضُهُ، قَالَهُ الْإِمَامُ وَأَقَرَّهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الصَّغِيرِ مِنْ غَيْرِ عَزْوٍ (وَإِنَّ ادَّعَاهُ بِالسِّنِّ طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ) عَلَيْهِ وَلَوْ غَرِيبًا غَيْرَ مَعْرُوفٍ لِسُهُولَةِ إقَامَتِهَا فِي الْجُمْلَةِ، وَلَا بُدَّ فِي بَيِّنَةِ السِّنِّ مِنْ بَيَانِ قَدْرِهِ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ. نَعَمْ لَا يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ بِالْإِطْلَاقِ مِنْ فَقِيهٍ مُوَافِقٍ لِلْحَاكِمِ فِي مَذْهَبِهِ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ لِأَنَّ هَذَا ظَاهِرٌ لَا اشْتِبَاهَ فِيهِ. أَمَّا لَوْ شَهِدَتْ بِالْبُلُوغِ وَلَمْ نَتَعَرَّضْ لِسَنٍّ فَتُقْبَلُ وَهِيَ رَجُلَانِ. نَعَمْ لَوْ شَهِدَ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ بِوِلَادَتِهِ يَوْمَ كَذَا قُبِلْنَ وَثَبَتَ بِهِنَّ السِّنُّ تَبَعًا فِيمَا يَظْهَرُ وَخَرَجَ بِالسِّنِّ وَالِاحْتِلَامِ مَا لَوْ ادَّعَاهُ وَأَطْلَقَ فَيُسْتَفْسَرُ عَلَى مَا رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى النَّدْبِ إذْ الْأَوْجَهُ الْقَبُولُ مُطْلَقًا، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ تَفْرِيعًا عَلَى الْأَوَّلِ فَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِفْسَارُهُ عُمِلَ بِأَصْلِ الصِّبَا مَرْدُودٌ، فَقَدْ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَلَوْ شَهِدَا بِبُلُوغِهِ وَلَمْ يُعَيِّنَا نَوْعًا قُبِلَا: أَيْ إنْ كَانَ فَقِيهَيْنِ مُوَافِقَيْنِ لِمَذْهَبِ الْحَاكِمِ فِي الْبُلُوغِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ وَمَا فَرَّقَ بِهِ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا بِأَنَّ عَدَالَتَهُمَا مَعَ خِبْرَتِهِمَا إذْ لَا بُدَّ مِنْهَا قَاضِيَةٌ بِتَحَقُّقِهِمَا أَحَدَ نَوْعَيْهِ قَبْلَ الشَّهَادَةِ لَيْسَ بِشَيْءٍ (وَالسَّفِيهُ وَالْمُفْلِسُ سَبَقَ حُكْمُ إقْرَارِهِمَا) فِي بَابَيْهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــSسم عَلَى حَجّ وَيُمْكِنُ عَطْفُهُ عَلَى سَهْمٍ: أَيْ طَلَبَ إثْبَاتَ إلَخْ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُحَشِّي لِقَوْلِهِ بَعْدُ وَكَذَا وَلَدٌ مُرْتَزَقٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى يَمِينِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَا تَضْمَنَّهُ وَكَذَا وَلَدٌ مُرْتَزَقٌ إلَخْ، وَلَوْ حَذَفَهُ كَانَ أَوْلَى لِعِلْمِهِ مِنْ التَّشْبِيهِ (قَوْلُهُ: احْتِيَاطًا) عِلَّةٌ لِتَوَقُّفِ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ عِلَّةُ الِاحْتِيَاطِ (قَوْلُهُ: يُرِيدُ مُزَاحَمَةَ غَيْرِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الْبُلُوغَ وَدَفَعَ الْجِزْيَةَ لَا يَحْلِفُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: لِانْتِهَاءِ الْخُصُومَةِ) لِقَبُولِ قَوْلِهِ وَقْتَ الْخُصُومَةِ بِلَا يَمِينٍ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ وَقَعَتْ الْخُصُومَةُ فِي زَمَنٍ يُقْطَعُ بِبُلُوغِهِ فِيهِ فَادَّعَى أَنَّ تَصَرُّفَهُ وَقَعَ فِي الصِّبَا حَلَفَ، وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ) لَا يُقَالُ: إنَّمَا يَظْهَرُ هَذَا إنْ كَانَ ذَهَبَ أَحَدٌ إلَى أَنَّهُ أَقَلُّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ يَكْفِي فِي التَّعْلِيلِ أَنَّ الشَّاهِدَ قَدْ يَظُنُّ كِفَايَةَ دُونَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: مِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: مُوَافِقٌ لِلْحَاكِمِ فِي مَذْهَبِهِ) يَنْبَغِي أَوْ حَنَفِيٌّ وَالْحَاكِمُ شَافِعِيٌّ لِأَنَّ السِّنَّ عِنْدَ الْحَنَفِيِّ أَكْثَرُ مِنْهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَيَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيِّ وُجُودُهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، فَالشَّاهِدُ الْفَقِيهُ الْحَنَفِيُّ سَوَاءٌ أَرَادَ السِّنَّ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَثْبُتُ الْمَطْلُوبُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ تَبَعًا) أَيْ لِلْوِلَادَةِ، وَقَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ اسْتِفْسَارُهُ وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ فَسَّرَهُ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ: تَفْرِيعًا عَلَى الْأَوَّلِ هُوَ قَوْلُهُ فَيُسْتَفْسَرُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُعَيِّنَا نَوْعًا) أَيْ مِنْ الِاحْتِلَامِ وَالسِّنِّ وَقَوْلُهُ كَمَا مَرَّ: أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِسِنٍّ فَتُقْبَلُ (قَوْلُهُ وَمَا فَرَّقَ) الْفَارِقُ حَجّ، وَقَوْلُهُ بَيْنَ هَذِهِ هِيَ قَوْلُهُ وَلَوْ شَهِدَا بِبُلُوغِهِ وَلَمْ يُعَيِّنَا نَوْعًا وَقَوْلُهُ وَمَا قَبْلَهُ هِيَ قَوْلُهُ مَا لَوْ ادَّعَاهُ وَأَطْلَقَ وَقَوْلُهُ: أَحَدُ نَوْعَيْهِ: أَيْ كَالسِّنِّ أَوْ الِاحْتِلَامِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ بِشَيْءٍ) لَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَ الرَّدِّ لِلْفَرْقِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: إنَّ الْفَرْقَ ظَاهِرٌ قَوِيٌّ فِي نَفْسِهِ وَكَتَبَ سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: ـــــــــــــــــــــــــــــQالِاحْتِلَامَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ فَأَنْكَرَهُ أَمِيرُ الْجَيْشِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ مِنْ تَحْلِيفِهِ الْمَحْذُورُ السَّابِقُ وَإِثْبَاتُ وَلَدِ مُرْتَزِقٍ طَلَبَهُ احْتِيَاطًا لِمَالِ الْغَنِيمَةِ؛ وَلِأَنَّهُ لَا خَصْمَ هُنَا يَعْتَرِفُ بِعَدَمِ صِحَّةِ يَمِينِهِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: عَلَى يَمِينِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِنَظِيرِ الْعَامِلِ فِي عَلَيْهَا مُقَدَّرًا وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَهُ (قَوْلُهُ: مَرْدُودٌ فَقَدْ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الْأَنْوَارِ إنَّمَا يُعَارِضُ أَصْلَ بَحْثِ الْأَذْرَعِيِّ لَا التَّفْرِيعَ الْمَذْكُورَ الَّذِي هُوَ لِلْعَلَّامَةِ حَجّ، وَعِبَارَتُهُ بَعْدَ جَزْمِهِ بِكَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ: فَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِفْسَارُهُ اُتُّجِهَ الْعَمَلُ بِأَصْلِ الصِّبَا، وَقَدْ يُعَارِضُ مَا رَجَّحَهُ: أَيْ الْأَذْرَعِيُّ قَوْلُ الْأَنْوَارِ إلَخْ، ثُمَّ قَالَ: إلَّا أَنْ

أَمَّا إقْرَارُ الْمُفْلِسِ بِالنِّكَاحِ فَمَقْبُولٌ بِخِلَافِ السَّفِيهِ فَلَا يُقْبَلُ، وَيُقْبَلُ إقْرَارُ السَّفِيهَةِ بِهِ لِمَنْ صَدَّقَهَا كَالرَّشِيدَةِ إذْ لَا أَثَرَ لِلسَّفَهِ مِنْ جَانِبِهَا لِتَحْصِيلِهَا الْمَالَ بِهِ بِخِلَافِ الذَّكَرِ. (وَيُقْبَلُ) (إقْرَارُ الرَّقِيقِ بِمُوجِبِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ (عُقُوبَةٍ) كَقَوَدٍ وَزِنًا وَشُرْبِ خَمْرٍ وَسَرِقَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَطْعِ لِبُعْدِ التُّهْمَةِ لِأَنَّ النُّفُوسَ مَجْبُولَةٌ عَلَى الِاحْتِرَازِ عَنْ الْمُؤْلِمِ مَا أَمْكَنَهَا، وَلَوْ عَفَا عَنْ الْقَوَدِ عَلَى مَالٍ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ وَإِنْ كَذَّبَهُ السَّيِّدُ لِأَنَّهُ وَقَعَ تَبَعًا (وَلَوْ) (أَقَرَّ) مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَوْ غَيْرُهُ (بِدَيْنِ جِنَايَةٍ لَا تُوجِبُ عُقُوبَةً) أَيْ حَدًّا أَوْ قَوَدًا كَجِنَايَةِ خَطَأٍ أَوْ غَصْبٍ وَإِتْلَافٍ أَوْ أَوْجَبَتْهَا كَسَرِقَةٍ وَإِنْ زَعَمَ كَوْنَ الْمَسْرُوقِ بَاقِيًا فِي يَدِهِ أَوْ يَدِ سَيِّدِهِ (فَكَذَّبَهُ السَّيِّدُ) فِي ذَلِكَ أَوْ سَكَتَ (تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ دُونَ رَقَبَتِهِ) لِلتُّهْمَةِ فَيُتْبَعُ بِهِ إذَا عَتَقَ فَإِنْ صَدَّقَهُ وَلَمْ يَكُنْ جَانِيًا وَلَا مَرْهُونًا تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ فَيُبَاعُ فِي ذَلِكَ مَا لَمْ يَفْدِهِ السَّيِّدُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْمَالِ وَلَا يُتْبَعُ بِمَا بَقِيَ بَعْدَ عِتْقِهِ إذْ مَا تَعَلَّقَ بِالرَّقَبَةِ مُنْحَصِرٌ فِيهَا (وَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ) وَهُوَ مَا وَجَبَ بِرِضَا مُسْتَحِقِّهِ (لَمْ يُقْبَلْ عَلَى السَّيِّدِ) وَلَوْ صَدَّقَهُ (إنْ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ) بَلْ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ يُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ لِتَقْصِيرِ مُعَامِلِهِ بِخِلَافِ الْجِنَايَةِ (وَيُقْبَلُ) إقْرَارُهُ بِدَيْنِ التِّجَارَةِ (إنْ كَانَ) مَأْذُونًا لَهُ فِيهَا لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الْإِنْشَاءِ، وَلِهَذَا لَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ لَمْ يُقْبَلْ وَإِنْ أَضَافَهُ لِزَمَنِ الْإِذْنِ لِعَجْزِهِ عَنْ الْإِنْشَاءِ حِينَئِذٍ، وَإِنَّمَا كَانَ إقْرَارُ الْمُفْلِسِ عَلَى الْغُرَمَاءِ صَحِيحًا لِبَقَاءِ مَا يَبْقَى لَهُمْ فِي ذِمَّتِهِ وَالْعَبْدُ لَوْ قَبِلَ فَاتَ حَقُّ السَّيِّدِ بِالْكُلِّيَّةِ. أَمَّا مَالًا يَتَعَلَّقُ بِالتِّجَارَةِ كَالْقَرْضِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ. لَا يُقَالُ: مَا اقْتَرَضَهُ إنْ كَانَ لِنَفْسِهِ كَانَ فَاسِدًا أَوْ لِلتِّجَارَةِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُؤَدِّيَ مِنْهُ لِأَنَّهُ مَالُ تِجَارَةٍ، فَقَدْ رُدَّ بِأَنَّ السَّيِّدَ مُنْكِرٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ أَنَّ عَدَالَتَهُمَا إلَخْ، قِيلَ هَذَا الْفَرْقُ لَيْسَ بِشَيْءٍ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بِمُوجِبِ) أَيْ بِسَبَبٍ وَقَوْلُهُ بِكَسْرِ الْجِيمِ أَمَّا بِالْفَتْحِ فَهُوَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا كَالضَّمَانِ أَوْ عَدَمِهِ (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِلْقَطْعِ) أَيْ وَأَمَّا الْمَالُ فَيَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ تَالِفًا كَانَ أَوْ بَاقِيًا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَذَّبَهُ) غَايَةٌ وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَيْ الْمَالَ (قَوْلُهُ: أَيْ حَدًّا إلَخْ) إنَّمَا فَسَّرَ الْعُقُوبَةَ بِذَلِكَ لِإِخْرَاجِ نَحْوِ الْغَصْبِ وَالْإِتْلَافِ، فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُوجِبُ التَّعْزِيرَ الَّذِي هُوَ عُقُوبَةٌ، وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِهِ حَيْثُ كَذَّبَهُ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَعَمَ) إنَّمَا أَخَذَهَا غَايَةً لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهَا بَاقِيَةً لَمْ يَكُنْ ثَمَّ دَيْنٌ حَتَّى يَثْبُتَ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ صَدَّقَهُ) أَيْ السَّيِّدُ، وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ: أَيْ الْعَبْدُ، وَقَوْلُهُ جَانِيًا: أَيْ جِنَايَةً أُخْرَى (قَوْلُهُ: تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ جَانِيًا أَوْ مَرْهُونًا لَمْ يُؤَثِّرْ تَصْدِيقُ السَّيِّدِ فَيُقَدَّمُ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ انْفَكَّ الرَّهْنُ أَوْ عَفَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَنْ حَقِّهِ أَوْ بِيعَ فِي الْجِنَايَةِ أَوْ الدَّيْنِ ثُمَّ عَادَ لِمِلْكِ السَّيِّدِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ مُؤَاخَذَةٌ لِلسَّيِّدِ بِتَصْدِيقِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا كَانَ) دَفَعَ بِهِ مَا يَرُدُّ عَلَى الشِّقِّ الْأَوَّلِ وَهُوَ عَدَمُ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ مِنْ غَيْرِ الْمَأْذُونِ (قَوْلُهُ: لِبَقَاءِ مَا يَبْقَى لَهُمْ) أَيْ الْغُرَمَاءِ الَّذِينَ قُبِلَ إقْرَارُهُ عَلَيْهِمْ كَقَوْلِهِ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ كَذَا قَبْلَ الْحَجْرِ (قَوْلُهُ لَوْ قَبْلَ) أَيْ إقْرَارِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ) عَبْدٌ عَلَى السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ رَدَّ بِأَنَّ السَّيِّدَ إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ صَدَّقَهُ السَّيِّدُ عَلَى الِاقْتِرَاضِ تَعَلَّقَ بِكَسْبِهِ وَمَا فِي يَدِهِ، وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ وَالْقَرْضُ لَيْسَ مِنْ لَوَازِمِ إلَخْ خِلَافُهُ فَكَانَ الْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ، هَذَا وَقَضِيَّةُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ الْقَرْضَ لَيْسَ مِنْ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ اضْطَرَّ إلَى اقْتِرَاضِ مَا يَصْرِفُهُ عَلَى مَالِ التِّجَارَةِ كَأَنْ مَاتَتْ الْجِمَالُ الَّتِي تَحْمِلُ مَالَ التِّجَارَةِ وَاحْتَاجَ إلَى مَا يَصْرِفُهُ فِي أُجْرَةِ الْحَمْلِ فَاقْتَرَضَ مَا يَصْرِفُهُ عَلَيْهِ أَنَّ مَا اقْتَرَضَهُ يَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ لِأَنَّ الْقَرْضَ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَيْسَ مِنْ لَوَازِمِ التِّجَارَةِ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ حَيْثُ تَعَيَّنَ الِاقْتِرَاضُ طَرِيقًا لِذَلِكَ وَصَدَّقَهُ السَّيِّدُ عَلَيْهِ أَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ تَعَلَّقَ بِمَالِ التِّجَارَةِ لِلْعِلْمِ بِرِضَا السَّيِّدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQيُفَرَّقَ بِأَنَّ عَدَالَتَهُمَا مَعَ خِبْرَتِهِمَا إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: أَمَّا إقْرَارُ الْمُفْلِسِ بِالنِّكَاحِ) لَا مَوْقِعَ لِلتَّعْبِيرِ بِأَمَّا هُنَا إذْ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَيَقْبَلُ إقْرَارَ السَّفِيهِ بِهِ) قَالَ وَالِدُ الشَّارِحِ: بِأَنْ تَقُولَ زَوَّجَنِي مِنْهُ وَلِيٌّ بِحَضْرَةِ عَدْلَيْنِ وَرِضَايَ إنْ كَانَ شَرْطًا (قَوْلُهُ: كَالْقَرْضِ) قَالَ وَالِدُهُ: مِثْلُ الْقَرْضِ الشِّرَاءُ فَاسِدًا؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَا يَتَنَاوَلُ الْفَاسِدَ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ السَّيِّدَ مُنْكِرٌ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ السَّيِّدَ لَوْ اعْتَرَفَ بِهِ لَزِمَ

وَالْقَرْضُ لَيْسَ مِنْ لَوَازِمِ التِّجَارَةِ الَّذِي يَضْطَرُّ إلَيْهَا التَّاجِرُ فَلَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ بِهِ عَلَى السَّيِّدِ، وَلَوْ أَطْلَقَ الدَّيْنَ لَمْ يُقْبَلْ أَيْضًا: أَيْ إلَّا إنْ اسْتَفْسَرَ وَفَسَّرَ بِالتِّجَارَةِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ الْقَايَاتِيُّ (وَيُؤَدِّي) مَا لَزِمَهُ (مِنْ كَسْبِهِ) بِنَحْوِ شِرَاءٍ صَحِيحٍ لَا فَاسِدٍ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ الْإِذْنِ لَهُ (وَمَا فِي يَدِهِ) لِمَا مَرَّ فِي بَابِهِ وَإِقْرَارُ مُبَعَّضٍ بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِهِ الْقِنِّ كَالْقِنِّ لِمَا مَرَّ وَلِبَعْضِهِ الْحُرِّ كَالْحُرِّ فِيمَا مَرَّ، وَالْأَوْجَهُ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ مَا لَزِمَ ذِمَّتَهُ فِي نِصْفِهِ الرَّقِيقِ يَجِبُ تَأْخِيرُ الْمُطَالَبَةِ بِهِ إلَى الْعِتْقِ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِمَا مَلَكَهُ بِنِصْفِهِ الْحُرِّ فَاقْتَضَى الْحَالُ تَأْخِيرَ الْمُطَالَبَةِ بِهِ. (وَيَصِحُّ) (إقْرَارُ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ لَأَجْنَبِيٍّ) بِمَالِ عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ فَيَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ. نَعَمْ لِلْوَارِثِ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ وَبَطَلَ الْإِقْرَارُ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِلْقَفَّالِ، وَيُؤَيِّدُ مَا قَرَّرْنَاهُ قَوْلَهُمْ تَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ فِي كُلِّ دَعْوَى لَوْ أَقَرَّ بِمَطْلُوبِهَا لَزِمَتْهُ، وَمَا يَأْتِي فِي الْوَارِثِ وَكَوْنِ التُّهْمَةِ فِيهِ أَقْوَى غَيْرُ مُنَافٍ تَوْجِيهَ الْيَمِينِ (وَكَذَا) يَصِحُّ إقْرَارُهُ (لِوَارِثٍ) حَالَ الْمَوْتِ بِمَالٍ وَإِقْرَارُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَى بَيْتِ الْمَالِ، وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِنَحْوِ هِبَةٍ مَعَ قَبْضٍ فِي الصِّحَّةِ قُبِلَ، فَإِنْ لَمْ يَقُلْ فِي الصِّحَّةِ أَوْ قَالَ فِي عَيْنٍ عُرِفَ أَنَّهَا مِلْكُهُ: هَذِهِ لِوَارِثِي نَزَلَ عَلَى حَالَةِ الْمَرَضِ كَمَا يَأْتِي (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَإِنْ كَذَّبَهُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ أَوْ بَعْضُهُمْ لِانْتِهَائِهِ إلَى حَالَةٍ يَصْدُقُ فِيهَا الْكَاذِبُ وَيَتُوبُ الْفَاجِرُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُحِقٌّ، وَفِي قَوْلٍ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ بِحِرْمَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِذَلِكَ قَطْعًا وَبَقِيَ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَاضْطَرَّ لِنَحْوِ جُوعٍ أَوْ بَرْدٍ وَلَمْ تُمْكِنْهُ مُرَاجَعَةُ السَّيِّدِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ الِاقْتِرَاضُ حِينَئِذٍ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ جَوَازُ الِاقْتِرَاضِ بِإِذْنِ الْقَاضِي إنْ وَجَدَهُ وَإِلَّا أَشْهَدَ عَلَى الِاقْتِرَاضِ، وَيَتَعَلَّقُ مَا اقْتَرَضَهُ بِكَسْبِهِ إنْ كَانَ كَسُوبًا فَيُقَدَّمُ بِهِ صَاحِبُهُ عَلَى السَّيِّدِ بِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَسُوبًا رَجَعَ بِهِ عَلَى السَّيِّدِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَلِبَعْضِهِ الْحُرِّ كَالْحُرِّ) إطْلَاقُهُ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ وَلَمَّا لَوْ لَمْ تَكُنْ فَفِي سم عَلَى مَنْهَجِ مَا نَصُّهُ: فَرْعٌ لَمْ يُفَرِّقُوا فِي تَفَاصِيلِ الْمُبَعَّضِ بَيْنَ الْمُهَايَأَةِ وَغَيْرِهَا اهـ. أَقُولُ: وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ كَانَ إقْرَارُهُ بِدَيْنِ جِنَايَةٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْتَلِفْ بِالْمُهَايَأَةِ وَعَدِمَهَا وَمُشْكِلٌ بِالنِّسْبَةِ لِدُيُونِ الْمُعَامَلَةِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) هُوَ حَجّ (قَوْلُهُ: فِي نِصْفِهِ الرَّقِيقِ) أَيْ أَمَّا مَا لَزِمَهُ بِنِصْفِهِ الْحُرِّ فَيُطَالَبُ بِهِ حَالًّا، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ فِي مُعَامَلَةِ الرَّقِيقِ مِنْ أَنَّ الرَّقِيقَ لَوْ اشْتَرَى مَثَلًا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِذِمَّتِهِ، وَلَا يُطَالَبُ بِهِ إلَّا بَعْدَ الْعِتْقِ لِكُلِّهِ بِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ لَمَّا كَانَ رَقِيقًا وَقْتَ الْمُعَامَلَةِ اُسْتُصْحِبَ لِكَمَالِ الْحُرِّيَّةِ وَمَا هُنَا لَمَّا كَانَ بَعْضُهُ حُرًّا قَوِيَ جَانِبُ تَعَلُّقِهِ بِهِ حَالًّا لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَانِعٌ يُسْتَصْحَبُ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَتَعَلَّقُ) أَيْ مَا لَزِمَهُ. (قَوْلُهُ: بِمَالِ عَيْنٍ) أَيْ غَيْرِ مَعْرُوفَةٍ بِالْمَقَرِّ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمَعْرُوفَةَ بِهِ يَنْزِلُ الْإِقْرَارُ بِهَا عَلَى الْمَرِيضِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَلَ) أَيْ الْمُقَرُّ لَهُ، وَقَوْلُهُ حَلَفَ: أَيْ الْوَارِثُ، وَقَوْلُهُ بِذَلِكَ: أَيْ الْوَالِدِ (قَوْلُهُ: لَزِمَتْهُ) أَيْ الدَّعْوَى بِمَعْنَى أَنَّ مَا ادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ إذَا أَنْكَرَهُ تَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لَزِمَهُ مَا ادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِانْتِهَائِهِ إلَى حَالَةٍ يَصْدُقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَقَوْلُهُ غَيْرُ مُنَافٍ تَوْجِيهَ الْيَمِينِ: أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ وَإِنْ وَصَلَ إلَى تِلْكَ الْحَالَةِ يَحْتَمِلُ أَنَّ إقْرَارَهُ غَيْرُ مُطَابِقٍ لِلْوَاقِعِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الشَّارِحُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُحَقَّقٌ (قَوْلُهُ: وَإِقْرَارٌ) أَيْ فِي الْمَرَضِ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى حَالَةِ الْمَرَضِ) أَيْ فَيَتَوَقَّفُ نُفُوذُهُ عَلَى إجَازَةِ بَاقِي الْوَرَثَةِ كَذَا قِيلَ، وَالْمُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ يَكُونُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا يُتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةٍ لَكِنْ عَلَى الْمَذْهَبِ: فَإِنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ إلَّا مِنْ حَيْثُ إنَّ فِي الْإِقْرَارِ حَالَ الْمَرَضِ خِلَافًا دُونَ الصِّحَّةِ، وَفِيهِ أَنَّهُ حَيْثُ نَزَلَ عَلَى الْمَرَضِ وَالْعَيْنُ مَعْرُوفَةٌ بِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ تَبَرَّعَ بِهَا فِي مَرَضِهِ لِلْوَارِثِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ، هَذَا وَخَرَجَ بِمَا ذَكَرَهُ فِي الْعَيْنِ الْمَعْرُوفَةِ مِنْ أَنَّ الْإِقْرَارَ إذَا كَانَ فِي حَالَةِ الْمَرَضِ يَنْزِلُ عَلَيْهِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِالْعَيْنِ الْمَذْكُورَةِ فِي الصِّحَّةِ فَتَسْلَمُ لِلْمَقَرِّ لَهُ لِاحْتِمَالِ بَيْعِهَا لَهُ أَوْ هِبَتِهَا مِنْهُ مَعَ إقْبَاضِهَا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ طُرُقِ التَّمْلِيكِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بَعْضِ الْوَرَثَةِ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْقَبُولِ، وَاخْتَارَ جَمْعٌ عَدَمَ قَبُولِهِ إنْ اُتُّهِمَ لِفَسَادِ الزَّمَانِ بَلْ قَدْ تَقْطَعُ الْقَرَائِنُ بِكَذِبِهِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَلَا يَنْبَغِي لِمَنْ يَخْشَى اللَّهَ أَنْ يَقْضِيَ أَوْ يُفْتِيَ بِالصِّحَّةِ، وَلَا شَكَّ فِيهِ إذَا عَلِمَ أَنَّ قَصْدَهُ الْحِرْمَانَ، وَقَدْ صَرَّحَ جَمْعٌ بِالْحُرْمَةِ حِينَئِذٍ وَأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَخْذُهُ. وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي إقْرَارِ الزَّوْجَةِ بِقَبْضِ صَدَاقِهَا مِنْ زَوْجِهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهَا، وَلِبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ إنْ أَقَرَّ لَهُ بِحَقٍّ لَازِمٍ يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ بِهِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفُوا وَقَاسَمُوهُ، وَلَا يَسْقُطُ الْيَمِينُ بِإِسْقَاطِهِمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ، وَيَصِحُّ إقْرَارُهُ بِنَحْوِ عُقُوبَةٍ أَوْ نِكَاحٍ جَزْمًا وَإِنْ أَفْضَى إلَى مَالٍ، وَلَوْ كَانَ لِلْمَرِيضِ دَيْنٌ عَلَى وَارِثِهِ ضَمِنَ بِهِ أَجْنَبِيٌّ فَأَقَرَّ بِقَبْضِهِ مِنْ الْوَارِثِ لَمْ يَبْرَأْ، وَفِي الْأَجْنَبِيِّ وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا فِي الْجَوَاهِرِ أَوْجُهُهُمَا بَرَاءَةُ الْأَجْنَبِيِّ، وَقَدْ نَظَرَ بَعْضُهُمْ فِي عَدَمِ بَرَاءَةِ الْوَارِثِ وَالنَّظَرُ ظَاهِرٌ إذْ هَذَا لَا يَزِيدُ عَلَى الْإِقْرَارِ لَهُ بِدَيْنٍ. (وَلَوْ) (أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ بِدَيْنٍ) لِشَخْصٍ (وَفِي مَرَضِهِ) بِدَيْنٍ (لِآخَرَ) (لَمْ يُقَدَّمْ الْأَوَّلُ) بَلْ يَتَسَاوَيَانِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِهِمَا فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ. (وَلَوْ) (أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ) بِدَيْنٍ لِشَخْصٍ (وَأَقَرَّ وَارِثُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ) بِدَيْنٍ (لِآخَرَ) (لَمْ يُقَدَّمْ الْأَوَّلُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ إقْرَارَ الْوَارِثِ كَإِقْرَارِ الْمُوَرِّثِ فَكَأَنَّهُ أَقَرَّ بِالدِّينَيْنِ، وَالثَّانِي: يُقَدَّمُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ بِالْمَوْتِ تَعَلَّقَ بِالتَّرِكَةِ فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ صَرْفُهَا عَنْهُ، وَلَوْ أَقَرَّ الْوَارِثُ لِمُشَارِكِهِ فِي الْإِرْثِ وَهُمَا مُسْتَغْرِقَانِ كَزَوْجَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَاخْتَارَ جَمْعٌ عَدَمَ قَبُولِهِ) أَيْ لِلْوَارِثِ فِي الْمَرَضِ (قَوْلُهُ لِمَنْ يَخْشَى اللَّهَ أَنْ يَقْضِيَ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا شَكَّ فِيهِ) أَيْ فِيمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَخْذُهُ) أَيْ لَكِنْ يُقْبَلُ ظَاهِرًا وَلَوْ حَكَمَ بِهِ الْقَاضِي نَفَذَ حُكْمُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَسْقُطُ الْيَمِينُ بِإِسْقَاطِهِمْ) أَيْ فَإِنْ أَرَادُوا التَّحْلِيفَ بَعْدَ الْإِسْقَاطِ مُكِّنُوا مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ إقْرَارُهُ) أَيْ الْمَرِيضِ، وَقَوْلُهُ ضَمِنَ: أَيْ ضَمِنَهُ بِهِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ فَأَقَرَّ بِقَبْضِهِ: أَيْ الْمَرِيضِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَبْرَأْ) أَيْ الْوَارِثُ، ذَكَرَ حَجّ أَنَّ صَاحِبَ الْجَوَاهِرِ فَرَّعَهُ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ، قَالَ فَظَنَّهُ بَعْضُهُمْ مَبْنِيًّا عَلَى الصَّحِيحِ فَاعْتَرَضَهُ مِمَّا لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُقَدَّمْ الْأَوَّلُ فِي الْأَصَحِّ) هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ بِدَيْنٍ مَثَلًا، فَلَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ إنْ بِعَيْنٍ كَأَنْ قَالَ الْمُوَرِّثُ: هَذَا الْعَبْدُ لِزَيْدٍ وَقَالَ الْوَارِثُ بَعْدَ مَوْتِهِ: هَذَا لِعَمْرٍو فَقِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمُقِرَّ إذَا قَالَ: هَذَا لِزَيْدٍ ثُمَّ قَالَ: هَذَا لِعَمْرٍو وَجَبَ تَسْلِيمُ الْمُقَرِّ بِهِ لِزَيْدٍ وَيَغْرَمُ لِعَمْرٍو قِيمَتَهُ لِأَنَّهُ أَحَالَ بَيْنَ عَمْرٍو وَبَيْنَ حَقِّهِ لِإِقْرَارِهِ لِزَيْدٍ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ فَيُسَلَّمُ الْمُقَرُّ بِهِ لِمَنْ سَمَّاهُ الْمُوَرِّثُ وَيَغْرَمُ الْوَارِثُ قِيمَتَهُ لِلثَّانِي تَنْزِيلًا لِإِقْرَارِ الْوَارِثِ مَنْزِلَةَ إقْرَارِ الْمُوَرِّثِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّا إنَّمَا غَرَّمْنَا الْمُقِرَّ لِعَمْرٍو لِأَنَّهُ أَحَالَ بِإِقْرَارِهِ الْأَوَّلِ بَيْنَ عَمْرٍو وَبَيْنَ حَقِّهِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ إقْرَارَ الْوَارِثِ بِهِ لِعَمْرٍو وَقَعَ فِي حَالَةِ كَوْنِ الْمُقَرِّ بِهِ لَيْسَ بِيَدِهِ لِأَنَّ الْمُوَرِّثَ أَخْرَجَهُ مِنْ يَدِهِ بِإِقْرَارِهِ لِلْأَوَّلِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ بِيَدِ الْمُقِرِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: قَدْ تَقْطَعُ الْقَرَائِنُ إلَخْ) هَذَا أَوَّلُ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ، فَكَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُ قَوْلِ الشَّارِحِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ عَلَيْهِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ عَقِبَ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْهُ: نَعَمْ لَوْ أَقَرَّ لِمَنْ لَا يَسْتَغْرِقُ الْإِرْثَ مَعَهُ إلَّا بَيْتُ الْمَالِ، فَالْوَجْهُ إمْضَاؤُهُ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ لِفَسَادِ بَيْتِ الْمَالِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ لِذَوِي الْأَرْحَامِ قَطْعًا حَيْثُ لَا يَرِثُهُ إلَّا بَيْتُ الْمَالِ، وَلَا يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ مَعَ تَطَرُّقِ التُّهْمَةِ وَلَا بَأْسَ بِهِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَخْذُهُ) لَا يَخْفَى أَنَّ حِلَّ الْأَخْذِ وَعَدَمَهُ مَنُوطٌ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: وَهُمَا مُسْتَغْرِقَانِ) اعْلَمْ أَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمُسْتَغْرَقِينَ لَا يَظْهَرُ لَهُ أَثَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ دَيْنُ الزَّوْجَةِ بِالْبَيِّنَةِ لَا بِالْإِقْرَارِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ لِأَنَّهَا لَا تَأْخُذُ مِنْ دَيْنِهَا الَّذِي عَلَى الزَّوْجِ إلَّا مَا يَخُصُّ غَيْرَهَا مِنْ الْوَرَثَةِ وَيَسْقُطُ مِنْهُ مَا يَخُصُّ إرْثَهَا كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الرَّهْنِ فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْإِقْرَارِ فِي ذَلِكَ، وَبِهَذَا يُعْلَمُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِمَّا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْإِقْرَارَ فِي ذَلِكَ لَهُ أَثَرٌ، وَلَوْ صَوَّرَ الشَّارِحُ الْمَسْأَلَةَ بِغَيْرِ الْمُسْتَغْرَقِينَ لَظَهَرَ الْأَثَرُ كَمَا لَا يَخْفَى

وَابْنٍ أَقَرَّ لَهَا بِدَيْنٍ عَلَى أَبِيهِ وَهِيَ مُصَدِّقَةٌ لَهُ ضَارَبَتْ بِسَبْعَةِ أَثْمَانِ الدَّيْنِ مَعَ أَصْحَابِ الدُّيُونِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ صَدَرَ مِمَّنْ عِبَارَتُهُ نَافِذَةٌ فِي سَبْعَةِ أَثْمَانٍ فَعَمِلَتْ عِبَارَتُهُ فِيهَا كَعَمَلِ عِبَارَةِ الْجَائِزِ فِي الْكُلِّ، قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ. وَلَوْ ادَّعَى إنْسَانٌ عَلَى الْوَارِثِ أَنَّ مُوَرِّثَهُ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ مَثَلًا وَآخَرُ بِأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنًا مُسْتَغْرِقًا وَصَدَّقَ الْوَارِثُ مُدَّعِيَ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ مُدَّعِيَ الدَّيْنِ الْمُسْتَغْرِقِ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ صَدَّقَهُمَا مَعًا قُدِّمَ الدَّيْنُ كَمَا لَوْ ثَبَتَا بِالْبَيِّنَةِ وَلَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ لِإِنْسَانٍ بِدَيْنٍ وَلَوْ مُسْتَغْرِقًا ثُمَّ أَقَرَّ لِآخَرَ بِعَيْنٍ قُدِّمَ صَاحِبُهَا كَعَكْسِهِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالدَّيْنِ لَا يَتَضَمَّنُ حَجْرًا فِي الْعَيْنِ بِدَلِيلِ نُفُوذِ تَصَرُّفِهِ فِيهَا بِغَيْرِ تَبَرُّعٍ، وَلَوْ أَقَرَّ بِإِعْتَاقِ أَخِيهِ فِي الصِّحَّةِ عَتَقَ وَوَرِثَ إنْ لَمْ يَحْجُبْهُ غَيْرُهُ، أَوْ بِإِعْتَاقِ عَبْدٍ فِي الصِّحَّةِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لِتَرِكَتِهِ عَتَقَ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ لَا تَبَرُّعٌ. (وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ مُكْرَهٍ) بِمَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل: 106] جَعَلَ الْإِكْرَاهَ مُسْقِطًا لِحُكْمِ الْكُفْرِ فَبِالْأَوْلَى مَا سِوَاهُ كَأَنْ ضُرِبَ لِيُقِرَّ أَمَّا مُكْرَهٌ عَلَى الصِّدْقِ كَأَنْ ضُرِبَ لِيَصْدُقَ فِي قَضِيَّةٍ اُتُّهِمَ فِيهَا فَيَصِحُّ حَالَ الضَّرْبِ وَبَعْدَهُ وَيَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكْرَهٍ، إذْ الْمُكْرَهُ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ وَهَذَا إنَّمَا ضُرِبَ لِيَصْدُقَ، وَلَمْ يَنْحَصِرْ الصِّدْقُ فِي الْإِقْرَارِ لَكِنْ يُكْرَهُ إلْزَامُهُ حَتَّى يَرْجِعَ وَيُقِرَّ ثَانِيًا، وَاسْتَشْكَلَ الْمُصَنِّفُ قَبُولَ إقْرَارِهِ حَالَ الضَّرْبِ بِأَنَّهُ قَرِيبٌ مِنْ الْمُكْرَهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكْرَهًا. وَعَلَّلَهُ بِمَا مَرَّ ثُمَّ قَالَ: وَقَبُولُ إقْرَارِهِ بَعْدَ الضَّرْبِ فِيهِ نَظَرٌ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إعَادَةُ الضَّرْبِ إنْ لَمْ يُقِرَّ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الصَّوَابُ فِيمَا لَوْ ضُرِبَ لِيُقِرَّ بِالْحَقِّ وَيُرَادُ بِذَلِكَ الْإِقْرَارُ بِمَا ادَّعَاهُ خَصْمُهُ أَنَّهُ إكْرَاهٌ سَوَاءٌ أَقَرَّ فِي حَالِ ضَرْبِهِ أَمْ بَعْدَهُ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُقِرَّ بِذَلِكَ لَضُرِبَ ثَانِيًا، وَمَا ذَكَرَهُ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ، وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ بَاعَ كَذَا مُكْرَهًا لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَى الْإِكْرَاهِ وَالشَّهَادَةِ بِهِ إلَّا مُفَصَّلَةً، وَإِذَا فَصَّلَا وَكَانَ أَقَرَّ فِي كِتَابِ التَّبَايُعِ بِالطَّوَاعِيَةِ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ أُكْرِهَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالطَّوَاعِيَةِ، قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي فَتَاوِيهِ. وَإِذَا فَصَّلَ دَعْوَى الْإِكْرَاهِ صُدِّقَ فِيهَا إنْ ثَبَتَتْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَيْهِ كَحَبْسٍ بِدَارِ ظَالِمٍ لَا عَلَى دَيْنٍ وَكَتَقْيِيدٍ وَتَوَكُّلٍ بِهِ. قَالَ الْقَفَّالُ: وَيُسَنُّ أَنْ لَا تَشْهَدَ حَيْثُ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى الْإِكْرَاهِ، فَإِنْ شَهِدَتْ كَتَبَ صُورَةَ الْحَالِ لِيَنْتَفِعَ الْمُكْرَهُ بِذِكْرِ الْقَرِينَةِ، وَأَخَذَ السُّبْكِيُّ مِنْ كَلَامِ الْجُرْجَانِيِّ حُرْمَةَ الشَّهَادَةِ عَلَى مُقَيَّدٍ أَوْ مَحْبُوسٍ، وَبِهِ جَزَمَ الْعَلَائِيُّ. ثُمَّ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الثَّانِي فَقَالَ (وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُقَرِّ لَهُ) تَعْيِينُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَدِيعَةً مَثَلًا وَغُصِبَتْ فِي حَيَاةِ الْمُوَرِّثِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْوَارِثَ إعْطَاءُ بَدَلِهَا مِنْ التَّرِكَةِ (قَوْلُهُ: ضَارَبَتْ بِسَبْعَةِ أَثْمَانِ الدَّيْنِ) أَيْ دُونَ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ ثُمَّ الدَّيْنُ فَلَا يُضَارَبُ بِهِ لِعَدَمِ صِحَّةِ إقْرَارِ غَيْرِهَا بِالنِّسْبَةِ لَهُ، وَهِيَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِيهِ بِمُجَرَّدِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ فَتُوَفَّى الدُّيُونُ مَعَ السَّبْعَةِ أَثْمَانِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ التَّرِكَةِ، فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ قُسِمَ عَلَى الْوَرَثَةِ فَمَا يَخُصُّهَا مِنْ بَاقِي الثُّمُنِ الَّذِي كَانَتْ تَأْخُذُهُ لَوْلَا الدُّيُونُ يُؤَاخَذُ بِهِ الْمُقِرُّ حَيْثُ كَانَ جَائِزًا كَمَا هُوَ الْغَرَضُ فَيَدْفَعُ لِلزَّوْجَةِ إنْ بَقِيَ بَعْدَ الدُّيُونِ مَا بَقِيَ بِهِ (قَوْلُهُ: كَعَكْسِهِ) أَيْ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ لِشَخْصٍ ثُمَّ بِدَيْنٍ لِآخَرَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَرَّ) أَيْ فِي الْمَرَضِ وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَحْجُبْهُ غَيْرُهُ أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ يَحْجُبُ الْأَخَ كَالِابْنِ، وَقَوْلُهُ عَتَقَ: أَيْ وَبَقِيَ الدَّيْنُ فِي ذِمَّتِهِ. (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ حَقٍّ) أَيْ أَمَّا بِحَقٍّ كَأَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ مَجْهُولٍ وَلَمْ يُبَيِّنْهُ وَطُولِبَ بِبَيَانِهِ فَامْتَنَعَ فَأُكْرِهَ عَلَى بَيَانِهِ فَيَصِحُّ (قَوْلُهُ: كَأَنْ ضُرِبَ لَيَصْدُقَ) وَظَاهِرٌ جِدًّا أَنَّ الضَّرْبَ حَرَامٌ فِي الشِّقَّيْنِ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَ حِلَّهُ إذَا ضُرِبَ لِيَصْدُق وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الضَّرْبُ خَفِيفًا وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَعَلَّلَهُ) أَيْ وَعَلَّلَ كَوْنَهُ قَرِيبًا مِنْ الْمُكْرَهِ لَا مُكْرَهًا، وَقَوْلُهُ بِمَا مَرَّ: أَيْ فِي قَوْلِهِ إذْ الْمُكْرَهُ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: أَمْ بَعْدَهُ) أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ الضَّارِبُ لَهُ حَاكِمَ الشَّرْعِ أَمْ السِّيَاسَةِ أَمْ غَيْرِهِمَا كَمَشَايِخِ الْعَرَبِ (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ) أَيْ الأذرعي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقَوْلُهُ وَأَخَذَ السُّبْكِيُّ إلَخْ مُعْتَمَدٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ أَوْ مَحْبُوسٌ) عَلَى الْإِقْرَارِ مِنْ مُقَيَّدٍ أَوْ مَحْبُوسٍ حَالَ إقْرَارِهِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ جَزَمَ الْعَلَائِيُّ) فَقَالَ: إنْ ظَهَرَتْ قَرَائِنُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَعَلَّلَهُ بِمَا مَرَّ) أَيْ عَلَّلَ كَوْنَهُ غَيْرَ مُكْرَهٍ بِمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ الْمُكْرَهُ مَنْ أُكْرِهَ إلَخْ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ كَلَامِهِ

بِحَيْثُ يُمْكِنُ مُطَالَبَتُهُ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ لِحَمْلِ هِنْدٍ كَعَلَيَّ مَالٌ لِأَحَدِ هَؤُلَاءِ الْعَشَرَةِ، بِخِلَافِ لِوَاحِدٍ مِنْ الْبَلَدِ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا إنْ كَانُوا مَحْصُورِينَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَوْ قَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ: أَنَا الْمَعْنِيُّ بِذَلِكَ وَلِي عَلَيْك أَلْفٌ صُدِّقَ الْمُقِرُّ بِيَمِينِهِ وَلَوْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ لِمَجْهُولٍ كَعِنْدِي مَالٌ لَا أَعْرِفُ مَالِكَهُ لِوَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ نَزَعَ مِنْهُ: أَيْ نَزَعَ مِنْهُ نَاظِرُ بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ بِمَالٍ ضَائِعٍ وَهُوَ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَالْأَوْجَهُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَدَّعِ أَوْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ لُقَطَةٌ وَ (أَهْلِيَّةُ اسْتِحْقَاقِ الْمُقَرِّ بِهِ) حِسًّا وَشَرْعًا إذْ الْإِقْرَارُ بِدُونِهِ كَذِبٌ (فَلَوْ قَالَ) : لَهُ عَلَيَّ الْأَلْفُ الَّذِي فِي هَذَا الْكِيسِ وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ أَوْ (لِهَذِهِ الدَّابَّةِ عَلَيَّ كَذَا) وَأَطْلَقَ (فَلَغْوٌ) أَيْ الْإِقْرَارُ لِانْتِفَاءِ أَهْلِيَّةِ اسْتِحْقَاقِهَا لِعَدَمِ قَابِلِيَّتِهَا لِلْمِلْكِ حَالًّا وَمَآلًا، وَلَا يُتَصَوَّرُ مِنْهَا تَعَاطِي السَّبَبِ كَبَيْعٍ وَنَحْوِهِ بِخِلَافِ الرَّقِيقِ كَمَا سَيَأْتِي. نَعَمْ لَوْ أَضَافَهُ إلَى سَبَبٍ مُمْكِنٍ كَإِقْرَارٍ بِمَالٍ مِنْ نَحْوِ وَصِيَّةٍ صَحَّ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْمَمْلُوكَةِ، أَمَّا الْإِقْرَارُ لِخَيْلٍ مُسْبَلَةٍ فَالْأَشْبَهُ فِيهِ الصِّحَّةُ كَالْإِقْرَارِ لِغَيْرِهِ، وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ غَلَّةِ وَقْفٍ عَلَيْهَا أَوْ وَصِيَّةٍ لَهَا، وَبِهِ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ (فَإِنْ) (قَالَ) عَلَيَّ لِهَذِهِ الدَّابَّةِ (بِسَبَبِهَا لِمَالِكِهَا) كَذَا (وَجَبَ) لِإِمْكَانِهِ بِسَبَبِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْإِكْرَاهِ ثُمَّ أَقَرَّ لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ عِنْدَ ظُهُورِ تِلْكَ الْقَرَائِنِ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ سَوَاءٌ كَانَ الْإِقْرَارُ لِلظَّالِمِ الْمُكْرِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ الْحَامِلِ لِلظَّالِمِ عَلَى الْإِكْرَاهِ، وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْإِكْرَاهِ عَلَى بَيِّنَةِ اخْتِيَارٍ لَمْ يَقُلْ كَانَ مُكْرَهًا وَزَالَ إكْرَاهُهُ ثُمَّ أَقَرَّ اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: كَعَلَيَّ مَالٌ) مِثَالٌ لِلتَّعْيِينِ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَقْبِضُهُ الْحَاكِمُ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا يَقْبِضُ مَالَ الْغَائِبِينَ فِي الذِّمَمِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَخْشَى عَلَيْهِ بِحَيْثُ تُوجِبُ الْمَصْلَحَةُ قَبْضَهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَقَوْلُهُ مِنْهُمْ: أَيْ مِنْ الْعَشَرَةِ، وَقَوْلُهُ نَاظِرُ بَيْتِ الْمَالِ الَّذِي نَقَلَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَنْ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: أَنَّ الْقَاضِيَ يَتَوَلَّى حِفْظَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ الْمُقِرُّ بِيَمِينِهِ) أَيْ أَنَّهُ لَمْ يَرُدُّهُ بِالْإِقْرَارِ، وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: فَإِنْ كَانَ قَالَ: لِأَحَدِهِمْ عَلَيَّ أَلْفٌ فَلِكُلٍّ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَتَحْلِيفُهُ، فَإِنْ حَلَفَ لِتِسْعَةٍ فَهَلْ تَنْحَصِرُ الْأَلْفُ فِي الْعَاشِرِ فَيَأْخُذُهُ بِلَا يَمِينٍ أَوْ يَحْلِفُ لَهُ أَيْضًا لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ فِي حَلِفِهِ لِلَّذِي قَبْلَهُ؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، ثُمَّ رَأَيْتهمْ قَالُوا فِي إنْ كَانَ هَذَا الطَّائِرُ غُرَابًا فَنِسَائِي طَوَالِقُ وَإِلَّا فَعَبْدِي حُرٌّ وَأَشْكَلَ لَوْ أَنْكَرَ الْحِنْثَ فِي يَمِينِ أَحَدِهِمَا كَانَ اعْتِرَافًا بِهِ فِي الْآخَرِ، فَقَوْلُهُ: لَمْ أَحْنَثْ فِي يَمِينِ الْعَبْدِ كَقَوْلِهِ حَنِثْت فِي يَمِينِ النِّسْوَةِ وَعَكْسِهِ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي تَرْجِيحِ الْأَوَّلِ اهـ. وَهُوَ كَوْنُ الْعَاشِرِ يَسْتَحِقُّهُ بِلَا يَمِينٍ (قَوْلُهُ: نَزَعَ مِنْهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَهُوَ إقْرَارٌ صَحِيحٌ، بِخِلَافِ مَا يَأْتِي قَرِيبًا مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: عَلَيَّ مَالٌ لِرَجُلٍ لَا يَكُونُ إقْرَارًا لِفَسَادِ الصِّيغَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ مَا هُنَا فِي الْعَيْنِ وَمَا هُنَاكَ فِي الدَّيْنِ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ، ثُمَّ رَأَيْت السُّبْكِيَّ أَجَابَ بِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ لِبَيْتِ الْمَالِ) هَذَا ظَاهِرٌ إنْ أَيِسَ مِنْ مَعْرِفَةِ صَاحِبِهِ، وَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِمَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ أَقَرَّ بِمُبْهَمٍ ثُمَّ فَسَّرَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ تَقُمْ قَرِينَةٌ) فَإِنْ ادَّعَى ذَلِكَ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ لَمْ يُنْزَعْ مِنْهُ (قَوْلُهُ: حِسًّا وَشَرْعًا) أَيْ بِأَنْ لَا يُكَذِّبَهُ فِيهِ الْحِسُّ وَلَا الشَّرْعُ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَلَغْوٌ: أَيْ لِتَكْذِيبِ الْحِسِّ فِي مَسْأَلَةِ الْكِيسِ وَالشَّرْعِ فِي مَسْأَلَةِ الدَّابَّةِ (قَوْلُهُ: فَالْأَشْبَهُ فِيهِ الصِّحَّةُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ عَلَيَّ لِهَذِهِ الدَّابَّةِ) تَقْدِيرُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ أَيْ الْمَتْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلِي عَلَيْك عَشَرَةٌ) إنَّمَا احْتَاجَ لِهَذَا لِتَصِحَّ الدَّعْوَى إذْ لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى بِمُجَرَّدِ الْإِقْرَارِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ: صَدَقَ الْمُقِرُّ بِيَمِينِهِ) وَلِكُلٍّ مِنْ الْعَشَرَةِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَتَحْلِيفُهُ فَإِنْ حَلَفَ لِتِسْعَةٍ انْحَصَرَ الْأَلْفُ فِي الْعَاشِرِ بِلَا تَحْلِيفٍ كَمَا يَمِيلُ إلَى تَرْجِيحِهِ كَلَامُ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَرَّ بِعَيْنِ الْمَجْهُولِ) خَرَجَ بِالْعَيْنِ الدَّيْنُ فَالْإِقْرَارُ بِهِ لِمَجْهُولٍ بَاطِلٌ كَمَا مَرَّ قُبَيْلَهُ (قَوْلُهُ: لَا أَعْرِفُ مَالِكَهُ لِوَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ) مِثْلُهُ فِي التُّحْفَةِ وَانْظُرْ مَا وَجْهُ التَّقْيِيدِ بِوَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ وَلَيْسَ هُوَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: لَهُ عَلَيَّ الْأَلْفُ الَّذِي فِي هَذَا الْكِيسِ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا مُنَاسَبَةُ إيرَادِهِ هُنَا مَعَ أَنَّهُ سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ مَبْسُوطًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ لِيُمَثِّلَ لِلْمُسْتَحِيلِ حِسًّا. (قَوْلُهُ: عَلَيَّ لِهَذِهِ الدَّابَّةِ) كَأَنَّ الدَّاعِيَ لَهُ إلَى ذِكْرِ هَذَا

جِنَايَةٍ عَلَيْهَا أَوْ اسْتِيفَاءِ مَنْفَعَتِهَا بِإِجَارَةٍ أَوْ غَصْبٍ وَيُحْمَلُ مَالِكُهَا فِي كَلَامِهِ عَلَى مَالِكِهَا حَالَ الْإِقْرَارِ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ، فَإِنْ أَرَادَ غَيْرَهُ قُبِلَ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ لِمَالِكِهَا لَمْ يُحْكَمْ بِذَلِكَ لِمَالِكِهَا حَالًّا بَلْ يُرَاجَعُ وَيُعْمَلُ بِتَفْسِيرِهِ، وَلَيْسَ فِيهِ إبْهَامُ الْمُقَرِّ لَهُ إنَّمَا رَبَطَ إقْرَارَهُ بِمُعَيَّنٍ هُوَ هَذِهِ الدَّابَّةُ فَصَارَ الْمُقَرُّ لَهُ مَعْلُومًا تَبَعًا فَاكْتَفَى بِهِ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْبَلَدِ لِأَنَّهَا وَإِنْ عُيِّنَتْ لَيْسَتْ سَبَبًا لِلِاسْتِحْقَاقِ فَلَمْ تَصْلُحْ لِلِاسْتِتْبَاعِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ لِحَرْبِيٍّ ثُمَّ اُسْتُرِقَّ أَوْ بَعْدَ الرِّقِّ وَأَسْنَدَهُ لِحَالَةِ الْحِرَابَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لَمْ يَكُنْ الْمُقَرُّ بِهِ لِسَيِّدِهِ: أَيْ بَلْ يُوقَفُ، فَإِنْ عَتَقَ فَلَهُ وَإِنْ مَاتَ قِنًّا فَهُوَ فَيْءٌ (وَإِنْ) (قَالَ لِحَمْلِ هِنْدٍ كَذَا) عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي (بِإِرْثٍ) مِنْ نَحْوِ أَبِيهِ (أَوْ وَصِيَّة) لَهُ مَقْبُولَةٌ (لَزِمَهُ) ذَلِكَ لِإِمْكَانِهِ وَالْخَصْمُ فِي ذَلِكَ وَلِيُّ الْحَمْلِ إذَا وُضِعَ. نَعَمْ إنْ انْفَصَلَ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ حِينِ الِاسْتِحْقَاقِ مُطْلَقًا أَوْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ وَهِيَ فِرَاشٌ لَمْ يَسْتَحِقَّ نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ، ثُمَّ إنْ اسْتَحَقَّهُ بِوَصِيَّةٍ. فَلَهُ الْكُلُّ، أَوْ بِإِرْثٍ مِنْ الْأَبِ وَهُوَ ذَكَرٌ فَكَذَلِكَ، أَوْ أُنْثَى فَلَهَا النِّصْفُ، وَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى فَهُوَ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ إنْ أَسْنَدَهُ إلَى وَصِيَّةٍ وَأَثْلَاثًا إنْ أَسْنَدَهُ إلَى إرْثٍ فَإِنْ اقْتَضَتْ جِهَةُ ذَلِكَ التَّسْوِيَةَ كَوَلَدَيْ أُمٍّ سُوِّيَ بَيْنَهُمَا فِي الثُّلُثِ، وَإِنْ أَطْلَقَ الْإِرْثَ سَأَلْنَاهُ عَنْ الْجِهَةِ وَعَمِلْنَا بِمُقْتَضَاهَا، فَإِنْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَةُ الْمُقِرِّ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: فَيَنْبَغِي الْقَطْعُ بِالتَّسْوِيَةِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ (وَإِنْ أَسْنَدَهُ إلَى جِهَةٍ لَا تُمْكِنُ فِي حَقِّهِ) كَقَوْلِهِ بَاعَنِي شَيْئًا (فَلَغْوٌ) أَيْ الْإِقْرَارُ لِلْقَطْعِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِسَبَبِهَا لِمَالِكِهَا لَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الْحَزَازَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَمَعَ ذَلِكَ فَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ قَوْلَهُ لِمَالِكِهَا بَدَلٌ مِنْ لِهَذِهِ الدَّابَّةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَرَادَ غَيْرَهُ) أَيْ كَأَنْ قَالَ: أَرَدْت مَنْ انْتَقَلَتْ مِنْهُ إلَى مَنْ هِيَ تَحْتَ يَدِهِ الْآنَ وَإِنْ طَالَتْ مُدَّةُ كَوْنِهَا فِي مِلْكِ مَنْ هِيَ تَحْتَ يَدِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَقُلْ لِمَالِكِهَا) بَلْ قَالَ عَلَيَّ بِسَبَبِ هَذِهِ الدَّابَّةِ (قَوْلُهُ: لِمَالِكِهَا حَالًّا) أَيْ بَلْ وَلَا لِمَالِكِهَا مُطْلَقًا لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ فِي يَدِهِ بِنَحْوِ إعَارَةٍ أَوْ غَصْبٍ فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ لِمَالِكِهِ لَا لِمَالِكِهَا فَيُسْتَفْسَرُ وَيُعْمَلُ بِتَفْسِيرِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ عَنْ شَرْحِ الْبَهْجَةِ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) أَيْ الْبَلَدِ وَقَوْلُهُ ثُمَّ اُسْتُرِقَّ أَيْ الْحَرْبِيُّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَتَقَ فَلَهُ) وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَدِينُ الْمُقِرُّ مُسْلِمًا، فَإِنْ كَانَ حَرْبِيًّا سَقَطَ الْمَدِينُ بِاسْتِرْقَاقِ الدَّائِنِ لِمَا ذَكَرُوا فِي السِّيَرِ أَنَّ الْمُتَدَايِنَيْنِ الْحَرْبِيَّيْنِ يَسْقُطُ الدَّيْنُ بِاسْتِرْقَاقِ أَحَدِهِمَا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ فِرَاشًا أَوْ لَا (قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ) أَيْ فَلَهُ الْكُلُّ حَيْثُ كَانَ مُسْتَغْرِقًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ اقْتَضَتْ جِهَةُ ذَلِكَ) أَيْ الْإِرْثِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَةُ الْمُقِرِّ) أَوْ رُوجِعَ وَلَمْ يُتَّفَقْ مِنْهُ بَيَانٌ لِدَعْوَاهُ عَدَمَ مَعْرِفَةِ السَّبَبِ أَوْ مَوْتِهِ بَعْدَ الْمُرَاجَعَةِ وَقَبْلَ بَيَانِهِ، وَقَوْلُهُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: فَلَغْوٌ) يُوَجَّهُ كَلَامُ الْقَائِلِ بِلَغْوِيَّةِ الْإِقْرَارِ بِأَنَّ مَسْأَلَةَ الْمَتْنِ فِيهَا صَلَاحِيَّةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّصْوِيرِ مُجَارَاةُ ظَاهِرِ الْمَتْنِ وَإِلَّا فَعِبَارَةُ الرَّوْضِ كَغَيْرِهِ فَلَوْ قَالَ عَلَيَّ لِمَالِكِهَا بِسَبَبِهَا أَلْفٌ اهـ. عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَتَوَقَّفُ فِي هَذَا التَّصْوِيرِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلشِّهَابِ حَجّ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ وَالْإِعْرَابُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا وَإِنْ عُيِّنَتْ غَيْرَ سَبَبٍ لِلِاسْتِحْقَاقِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ عَيَّنَهَا فِي إقْرَارِهِ لَمْ يَجْعَلْهَا سَبَبًا لِلِاسْتِحْقَاقِ كَالدَّابَّةِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا لِمُجَرَّدِ التَّعْرِيفِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ جَعَلَهَا سَبَبًا لِلِاسْتِحْقَاقِ كَالدَّابَّةِ يَأْتِي فِيهَا أَحْكَامُهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: بِإِرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ) أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَبِ) أَيْ مَثَلًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَوْ بِإِرْثٍ مِنْ الْأَبِ وَهُوَ ذَكَرٌ فَكَذَلِكَ) أَيْ وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ وَارِثٌ غَيْرُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَوَجْهُ احْتِمَالِ أَخْذِ غَيْرِهِ حِصَّتَهُ إذْ الصُّورَةُ أَنَّهُ أَقَرَّ لِخُصُوصِ الْحَمْلِ لَكِنْ هَذَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: عَقِبَهُ أَوْ أُنْثَى فَلَهَا النِّصْفُ فَتَعَيَّنَ أَنَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ لَا وَارِثَ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي الْقَطْعُ بِالتَّسْوِيَةِ) ظَاهِرُهُ فِي الْكُلِّ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ لِأَنَّ التَّسْوِيَةَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي إخْوَةِ الْأُمِّ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا فِي الثُّلُثِ فَقَطْ فَانْظُرْ الْمُرَادَ (قَوْلُهُ: بَاعَنِي شَيْئًا) أَيْ بِهِ

بِكَذِبِهِ بِذَلِكَ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَاَلَّذِي فِي الشَّرْحَيْنِ فِيهِ طَرِيقَانِ أَصَحُّهُمَا لِلْقَطْعِ بِالصِّحَّةِ، وَالثَّانِي عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي تَعْقِيبِ الْإِقْرَارِ بِمَا يَرْفَعُهُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَطَرِيقَةُ التَّرْجِيحِ جَزَمَ بِهَا أَكْثَرُ الْعِرَاقِيِّينَ، وَطَرِيقَةُ الْقَطْعِ بِالصِّحَّةِ ذَكَرَهَا الْمَرَاوِزَةِ، وَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ مَمْنُوعٌ، وَلَمْ أَرَ مَنْ قَطَعَ بِإِلْغَاءِ الْإِقْرَارِ وَمَا عَزَاهُ لِلْمُحَرَّرِ بَنَاهُ عَلَى فَهْمِهِ مِنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ وَإِنْ أَسْنَدَهُ إلَى جِهَةٍ لَا تُمْكِنُ فَهُوَ لَغْوٌ مِنْ أَنَّهُ أَرَادَ فَالْإِقْرَارُ لَغْوٌ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ مُرَادُهُ فَالْإِسْنَادُ لَغْوٌ بِقَرِينَةِ كَلَامِ الشَّرْحَيْنِ اهـ. وَذَكَرَ مِثْلَهُ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَاسْتَحْسَنَهُ الشَّيْخُ، هَذَا وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ قَرِينَةَ حَالِ الْمُقَرِّ لَهُ مَلْغِيَّةٌ لِلْإِقْرَارِ لَهُ، وَتَقْرِيرُهُ إنَّمَا يَحْسُنُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ دُونَ التَّقْيِيدِ بِجِهَةٍ مُسْتَحِيلَةٍ، بِخِلَافِ أَلْفٍ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ فَإِنَّهُ لَا قَرِينَةَ فِي الْمُقَرِّ لَهُ مَلْغِيَّةٌ فَعُمِلَ بِهِ وَأُلْغِيَ الْمُبْطِلُ، وَهَذَا مَعْنًى ظَاهِرٌ يَصِحُّ الِاسْتِمْسَاكُ بِهِ فِي الْفَرْقِ، فَتَغْلِيظُ الْمُصَنِّفِ فِي فَهْمِهِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ بُطْلَانِ الْإِقْرَارِ عَلَى تَقْدِيمِ الْمُنَافِي كُلِّهِ عَلَى ثَمَنِ مَا بَاعَهُ إلَى أَلْفٍ كَنَظِيرِهِ فِي بَاعَنِي خَمْرًا بِأَلْفٍ وَحَمَلَ بُطْلَانَ الْإِسْنَادِ فَقَطْ عَلَى تَأْخِيرِهِ كُلِّهِ عَلَى أَلْفٍ أَقْرَضَنِيهِ كَنَظِيرِهِ فِي لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ غَيْرِ صَحِيحٍ لِمَا فِيهِ مِنْ تَسْلِيمِ كَوْنِ اللَّاغِي الْإِسْنَادَ لَا الْإِقْرَارَ، وَمِنْ الْمُسْتَحِيلِ شَرْعًا أَنْ يُقِرَّ لِقِنٍّ عَقِبَ عِتْقِهِ بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ، وَالْأَوْجَهُ تَقْيِيدُهُ بِمَنْ لَمْ تُعْلَمْ حِرَابَتِهِ وَمِلْكُهُ قَبْلُ لِمَا مَرَّ فِيهِ بِخِلَافِ مَنْ احْتَمَلَ فِيهِ ذَلِكَ، وَأَنْ يَثْبُتَ لَهُ دَيْنٌ بِنَحْوِ صَدَاقٍ أَوْ خُلْعٍ أَوْ جِنَايَةٍ فَيُقِرُّ بِهِ لِغَيْرِهِ عَقِبَ ثُبُوتِهِ لِعَدَمِ احْتِمَالِ جَرَيَانِ نَاقِلٍ حِينَئِذٍ، وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا أَنْ يُقِرَّ عَقِبَ إرْثِهِ لِآخَرَ بِمَا يَخُصُّهُ. (وَإِنْ) (أَطْلَقَ) الْإِقْرَارَ بِأَنْ لَمْ يُسْنِدْهُ إلَى شَيْءٍ (صَحَّ فِي الْأَظْهَرِ) وَيُحْمَلُ عَلَى الْمُمْكِنِ فِي حَقِّهِ وَإِنْ نَذَرَ كَوَصِيَّةٍ أَوْ إرْثٍ صَوْنًا لِكَلَامِ الْمُكَلَّفِ عَنْ الْإِلْغَاءِ مَا أَمْكَنَ، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمَالَ لَا يَجِبُ إلَّا بِمُعَامَلَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ وَهُمَا مُنْتَفِيَانِ فِي حَقِّهِ فَحَمَلَ الْإِطْلَاقَ عَلَى الْوَعْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــSاللَّفْظِ لِغَيْرِ الْحَمْلِ فَبُطْلَانُهُ لِعَارِضٍ، بِخِلَافِ نَحْوِ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِشَخْصٍ دُونَ غَيْرِهِ بَلْ مَمْنُوعٌ لِكُلِّ أَحَدٍ، فَقَوَّى أَوَّلَ اللَّفْظِ وَلَغَا آخِرَهُ اهـ مُؤَلَّفٌ (قَوْلُهُ: وَطَرِيقُهُ التَّرْجِيحُ) أَيْ الْحَاكِيَةُ لِلْقَوْلَيْنِ كَمَا يَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ وَمَا صَحَّحَهُ مَمْنُوعٌ إلَخْ وَقَوْلُهُ مِنْ أَنَّهُ: أَيْ الْمُحَرَّرَ وَقَوْلُهُ وَمَا عَزَاهُ: أَيْ لِلنَّوَوِيِّ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ أَيْ الْإِقْرَارِ لِلْقَطْعِ بِكَذِبِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَتَقْرِيرُهُ) أَيْ إثْبَاتُ مَا قَالَهُ الْمُقِرُّ، وَقَوْلُهُ فَعُمِلَ بِهِ: أَيْ الْإِقْرَارِ، وَقَوْلُهُ وَأَلْغَى الْمُبْطِلَ وَهُوَ مِنْ ثَمَنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كُلُّهُ) أَيْ كَقَوْلِهِ لَهُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَمَلَكَهُ قَبْلَ: أَيْ قَبْلَ الْإِرْقَاقِ، وَقَوْلُهُ: وَأَنْ يَثْبُتَ عُطِفَ عَلَى أَنْ يُقِرَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا) لَعَلَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يُرَدُّ الْإِقْرَارُ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي أَوَّلَ فَصْلٍ يُشْتَرَطُ فِي الْمُقَرِّ بِهِ عَنْ الْأَنْوَارِ فِي الدَّارِ الَّتِي وَرِثْتهَا مِنْ أَبِي لِفُلَانٍ أَنَّهُ إقْرَارٌ إنْ كَانَ شَامِلًا لِلْإِقْرَارِ عَقِبَ الْإِرْثِ اهـ سم عَلَى حَجّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ: وَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ فَالْإِقْرَارُ لَغْوٌ كَمَا عَزَاهُ فِي الرَّوْضَةِ لِلْمُحَرَّرِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ مُرَادَ الْمُحَرَّرِ فَالْإِسْنَادُ لَغْوٌ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الشَّرْحَيْنِ إنَّا إذَا صَحَّحْنَا الْإِقْرَارَ الْمُطْلَقَ كَمَا هُوَ الْأَظْهَرُ فَهُنَا طَرِيقَانِ أَصَحُّهُمَا الْقَطْعُ بِالصِّحَّةِ وَالثَّانِيَةُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي تَعْقِيبِ الْإِقْرَارِ بِمَا يَرْفَعُهُ، وَطَرِيقَةُ التَّخْرِيجِ مَشْهُورَةٌ جَزَمَ بِهَا أَكْثَرُ الْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرُهُمْ وَأَمَّا الْقَطْعُ بِإِلْغَاءِ الْإِقْرَارِ فَلَمْ أَرَهُ لِأَحَدٍ. نَعَمْ مَنْ صَحَّحَ الْبُطْلَانَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَقُولُ بِالْبُطْلَانِ عِنْدَ هَذَا الْإِسْنَادِ، وَأَمَّا طَرِيقَةُ الْقَطْعِ بِالصِّحَّةِ فَذَكَرَهَا الْمَرَاوِزَةُ اهـ الْمَقْصُودُ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ) يَعْنِي الشِّهَابَ حَجّ (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ مِنْ تَسْلِيمِ كَوْنِ اللَّاغِي الْإِسْنَادَ) أَيْ: فِي أَحَدِ الشِّقَّيْنِ، قَالَ الشِّهَابُ سم: وَأَقُولُ هُوَ اعْتِرَاضٌ عَجِيبٌ فَأَيُّ مَحْذُورٍ فِي ذَلِكَ التَّسْلِيمِ فِي الْجُمْلَةِ حَتَّى يَقْتَضِيَ عَدَمَ صِحَّةِ ذَلِكَ الْجَمْعِ فَعَلَيْكَ بِالتَّأَمُّلِ الصَّحِيحِ اهـ. (قَوْلُهُ: أَنْ يُقِرَّ عَقِبَ إرْثِهِ لِآخَرَ بِمَا يَخُصُّهُ) خَرَجَ بِهِ مَا إذَا أَقَرَّ لَهُ بِعَيْنٍ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ، وَظَاهِرٌ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ فِيمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَإِنْ أَرَادَ الْمُقِرُّ الْإِقْرَارَ لِاسْتِحَالَةِ أَنَّ خُصُوصَ مَا يَخُصُّهُ بِالْإِرْثِ لِلْغَيْرِ إذْ الصُّورَةُ أَنَّهُ لَمْ يَتَمَيَّزْ لَهُ،

وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ انْفَصَلَ الْحَمْلُ مَيِّتًا فَلَا شَيْءَ لَهُ لِلشَّكِّ فِي حَيَاتِهِ، فَيَسْأَلُ الْقَاضِي الْمُقِرَّ حِسْبَةً عَنْ جِهَةِ إقْرَارِهِ مِنْ إرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ لِيَصِلَ الْحَقُّ لِمُسْتَحِقِّهِ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ بَطَلَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ، وَغَيْرُهُ وَلَوْ أَلْقَتْ حَيًّا وَمَيِّتًا جُعِلَ الْمَالَ لِلْحَيِّ إذْ الْمَيِّتُ كَالْمَعْدُومِ، وَلَوْ قَالَ: لِهَذَا الْمَيِّتِ عَلَيَّ كَذَا فَفِي الْبَحْرِ عَنْ وَالِدِهِ أَنَّ ظَاهِرَ لَفْظِ الْمُخْتَصَرِ يَقْتَضِي صِحَّةَ الْإِقْرَارِ وَأَنَّهُ يُمْكِنُ الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ لِأَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ لَا يُتَصَوَّرُ ثُبُوتُ الْمِلْكِ لَهُ حِينَ الْإِقْرَارِ اهـ. وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ. وَالْإِقْرَارُ لِرِبَاطٍ أَوْ قَنْطَرَةٍ أَوْ مَسْجِدٍ كَالْإِقْرَارِ لِلْحَمْلِ، أَمَّا إذَا أَسْنَدَهُ لِمُمْكِنٍ بَعْدَ الْإِقْرَارِ فَيَصِحُّ جَزْمًا كَمَا لَوْ أَقَرَّ لِطِفْلٍ وَأَطْلَقَ. وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ عَدَمُ تَكْذِيبِ الْمُقَرِّ لَهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ (وَإِذَا) (كَذَّبَ الْمُقَرُّ لَهُ الْمُقِرَّ) بِمَالٍ (تُرِكَ الْمَالُ) الْمُقَرُّ بِهِ (فِي يَدِهِ) فِي صُورَةِ الْعَيْنِ وَلَمْ يُطَالَبْ بِالدَّيْنِ فِي صُورَتِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ يَدَهُ مُشْعِرَةٌ بِالْمِلْكِ ظَاهِرًا، وَالْإِقْرَارُ بِالطَّارِئِ عَارَضَهُ التَّكْذِيبُ فَسَقَطَ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ يَدَهُ تَبْقَى عَلَيْهِ يَدَ مِلْكٍ لَا مُجَرَّدَ اسْتِحْفَاظٍ، وَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ حُرْمَةِ وَطْئِهِ لِإِقْرَارِهِ بِتَحْرِيمِهِ عَلَيْهِ بَلْ قَالَ: يَنْبَغِي تَحْرِيمُ جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ حَتَّى يَرْجِعَ يُرَدُّ بِأَنَّ التَّعَارُضَ الْمَذْكُورَ أَوْجَبَ لَهُ الْعَمَلَ بِدَوَامِ الْمِلْكِ ظَاهِرًا فَقَطْ، وَأَمَّا بَاطِنًا فَالْمَدَارُ فِيهِ عَلَى صِدْقِهِ وَعَدَمِهِ وَلَوْ ظَنًّا، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ مَا ذَكَرَهُ بِإِطْلَاقِهِ، وَالثَّانِي يَنْزِعُهُ الْحَاكِمُ وَيَحْفَظُهُ إلَى ظُهُورِ مَالِكِهِ (فَإِنْ رَجَعَ الْمُقِرُّ فِي حَالِ تَكْذِيبِهِ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ (وَقَالَ غَلِطْت) فِي الْإِقْرَارِ أَوْ تَعَمَّدْت الْكَذِبَ (قُبِلَ قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ) لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ يَدَهُ عَلَيْهِ يَدُ مِلْكٍ. وَالثَّانِي لَا بِنَاءَ عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ يَنْزِعُهُ مِنْهُ إلَى ظُهُورِ مَالِكِهِ، أَمَّا رُجُوعُ الْمُقَرِّ لَهُ وَإِقَامَةُ بَيِّنَةٍ بِهِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ حَتَّى يُصَدِّقَهُ ثَانِيًا لِأَنَّ نَفْيَهُ عَنْ نَفْسِهِ بِطَرِيقِ الْمُطَالَبَةِ وَنَفْيَ الْمُقِرِّ بِطَرِيقِ الِالْتِزَامِ فَكَانَ أَضْعَفَ، وَلَوْ أَقَرَّتْ لَهُ امْرَأَةٌ بِالنِّكَاحِ وَأَنْكَرَ سَقَطَ حَقُّهُ، قَالَ الْمُتَوَلِّي: حَتَّى لَوْ رَجَعَ بَعْدُ وَادَّعَى نِكَاحَهَا لَمْ تُسْمَعْ مَا لَمْ يَدَّعِ نِكَاحًا مُجَدَّدًا. وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ لِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي صِحَّةِ إقْرَارِ الْمَرْأَةِ بِالنِّكَاحِ تَصْدِيقُ الزَّوْجِ لَهَا فَاحْتِيطَ لَهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَلَوْ أَقَرَّ لِآخَرَ بِقِصَاصِ أَوْ حَدِّ قَذْفٍ وَكَذَّبَهُ سَقَطَ وَكَذَا حَدُّ سَرِقَةٍ وَفِي الْمَالِ مَا مَرَّ مِنْ كَوْنِهِ يُتْرَكُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَيُسْأَلُ الْقَاضِي) أَيْ وُجُوبًا فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: لِيَصِلَ الْحَقُّ لِمُسْتَحِقِّهِ) وَهُوَ وَرَثَةُ أَبِي الْحَمْلِ إنْ قَالَ: أَسْتَحِقُّهُ بِإِرْثٍ، وَوَرَثَةُ الْمُوصِي إنْ قَالَ بِوَصِيَّةٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَاتَ) أَيْ الْمُقِرُّ (قَوْلُهُ: فَفِي الْبَحْرِ) أَيْ لِلرُّويَانِيِّ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ) أَيْ فَيُدْفَعُ الْمُقَرُّ بِهِ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ قَوْلُهُ يَقْتَضِي صِحَّةَ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: كَالْإِقْرَارِ لِلْحَمْلِ) أَيْ فَيَأْتِي فِيهِ تَفْصِيلُهُ الْمُتَقَدِّمُ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا كَذَّبَ الْمُقَرُّ لَهُ) زَادَ حَجّ أَوْ وَارِثُهُ (قَوْلُهُ: بِمَالٍ) وَمِثْلُ الْمَالِ الِاخْتِصَاصُ، وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِمُوجِبِ عُقُوبَةٍ وَرَدَّ لَا يَسْتَوْفِي مِنْهُ فَالتَّقْيِيدُ بِالْمَالِ إنَّمَا هُوَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ تَرَكَ الْمَالَ إلَخْ، وَإِلَّا فَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ عَدَمُ التَّكْذِيبِ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ بَيَّنَ لِتَكْذِيبِهِ وَجْهًا مُحْتَمَلًا، وَقِيَاسُ نَظَائِرِهِ أَنْ تُسْمَعَ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ إنْ بَيَّنَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: حَتَّى يُصَدِّقَهُ) أَيْ الْمُقِرُّ، وَقَوْلُهُ وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ لِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ هُوَ قَوْلُهُ مَا لَمْ يَدَّعِ نِكَاحًا، وَقَوْلُهُ وَكَذَّبَهُ: أَيْ الْمُقَرُّ لَهُ، وَقَوْلُهُ لَمْ يُقْبَلْ فِيمَا عَيَّنَهُ: أَيْ الْمُقَرُّ لَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَبِهَذَا يُعْلَمُ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ مَا سَيَأْتِي فِي دَارِي الَّتِي وَرَثْتُهَا مِنْ أَبِي لِفُلَانٍ، وَإِنْ تَوَقَّفَ الشِّهَابُ سم فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْإِقْرَارِ) مُتَعَلِّقٌ بِ أَسْنَدَهُ، وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ: وَالْقَوْلَانِ إذَا أَطْلَقَ وَلَمْ يُبَيِّنْ بَعْدُ أَمَّا إذَا بَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ وَجْهًا صَحِيحًا عُمِلَ بِهِ بِلَا خِلَافٍ اهـ. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ أَقَرَّ لِطِفْلٍ وَأَطْلَقَ) أَيْ: فَيَصِحُّ جَزْمًا (قَوْلُهُ: وَنَفْيُ الْمُقِرِّ) أَيْ عَنْ نَفْسِهِ: يَعْنِي الَّذِي تَضَمَّنَهُ إقْرَارُهُ لِلْغَيْرِ إذْ يَلْزَمُ مِنْ إقْرَارِهِ بِهِ لِلْغَيْرِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ (قَوْلُهُ: فَكَانَ أَضْعَفَ) أَيْ فَلِهَذَا قَبِلْنَا رُجُوعَهُ (قَوْلُهُ: لِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ) يَعْنِي الْمُشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ يَدَّعِ نِكَاحًا مُجَدَّدًا، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ إلَخْ، وَالتَّعْبِيرُ بِالِاسْتِثْنَاءِ عَلَيْهَا ظَاهِرٌ.

[فصل في صيغة الإقرار]

فِي يَدِهِ، وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِعَبْدٍ فَأَنْكَرَهُ لَمْ يُحْكَمْ بِعِتْقِهِ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِرِقِّهِ فَلَا يُرْفَعُ إلَّا بِيَقِينٍ، بِخِلَافِ اللَّقِيطِ فَإِنَّهُ مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ بِالدَّارِ، فَإِذَا أَقَرَّ وَنَفَاهُ الْمُقَرُّ لَهُ بَقِيَ عَلَى أَصْلِ الْحُرِّيَّةِ، وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِأَحَدِ عَبْدَيْنِ وَعَيَّنَهُ فَرَدَّهُ وَعَيَّنَ الْآخَرَ لَمْ يُقْبَلْ فِيمَا عَيَّنَهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَصَارَ مُكَذِّبًا لِلْمُقِرِّ فِيمَا عَيَّنَهُ لَهُ. ثُمَّ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ مُتَرْجِمًا لَهُ بِفَصْلٍ فَقَالَ: فَصْلٌ فِي الصِّيغَةِ وَشَرْطُهَا لَفْظٌ أَوْ كِتَابَةٌ وَلَوْ مِنْ نَاطِقٍ أَوْ إشَارَةُ أَخْرَسَ تُشْعِرُ بِالِالْتِزَامِ بِحَقٍّ فَحِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: لِزَيْدٍ) عَلَيَّ أَلْفٌ فِيمَا أَحْسِبُ أَوْ أَظُنُّ لَغْوٌ، أَوْ فِيمَا أَعْلَمُ أَوْ أَشْهَدُ صَحِيحٌ، وَقَوْلُهُ لَيْسَ لَك عَلَيَّ أَلْفَانِ وَلَكِنْ لَك أَلْفُ دِرْهَمٍ لَمْ يَجِبْ مَا بَعْدُ لَكِنْ لِمُنَاقَضَةِ مَا قَبْلَهَا لَهَا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ نَفْيِ خَاصٍّ وَقَوْلُهُ لِزَيْدٍ (كَذَا صِيغَةُ إقْرَارٍ) إذْ اللَّامُ لِلْمِلْكِ، ثُمَّ إنْ كَانَ ذَلِكَ مُعَيَّنًا كَلِزَيْدٍ هَذَا الثَّوْبُ فَإِنْ كَانَ بِيَدِهِ حَالَ الْإِقْرَارِ أَوْ انْتَقَلَ إلَيْهِ لَزِمَهُ تَسْلِيمُهُ لِزَيْدٍ أَوْ غَيْرِهِ كَلَهُ ثَوْبٌ أَوْ أَلْفٌ اشْتَرَطَ أَنْ يَنْضَمَّ إلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا يَأْتِي كَعِنْدِي أَوْ عَلَيَّ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ خَبَرٍ لَا يَقْتَضِي لُزُومَ شَيْءٍ لِلْمُخْبِرِ، وَلِهَذَا التَّفْصِيلِ ذَكَرَ كَوْنَهُ صِيغَةً وَلَمْ يَذْكُرْ اللُّزُومَ. نَعَمْ إنْ وَصَلَ بِهِ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْإِقْرَارِ كَلَهُ عَلَيَّ كَذَا بَعْدَ مَوْتِي أَوْ إنْ فَعَلَ كَذَا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَالثَّانِيَةُ مَأْخُوذَةٌ مِمَّا يَأْتِي فِي نَحْوِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ تَعْقِيبِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ) فِي الصِّيغَةِ (قَوْلُهُ: فِي الصِّيغَةِ) لَعَلَّ وَجْهَ تَأْخِيرِهَا إلَى هُنَا تَقَدُّمُ كُلٍّ مِنْ الْمُقِرِّ وَالْمَقَرِّ لَهُ عَلَيْهَا وَابْتَدَأَ بِهَا فِي الْمَنْهَجِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْبَيْعِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ كَوْنُ الْعَاقِدِ عَاقِدًا إلَّا بِالصِّيغَةِ فَهِيَ مُتَأَخِّرَةٌ بِالْوُجُودِ مُتَقَدِّمَةٌ فِي الِاعْتِبَارِ (قَوْلُهُ: وَشَرْطُهَا لَفْظٌ) أَيْ كَوْنُهَا لَفْظًا وَإِلَّا فَاللَّفْظُ هُوَ ذَاتُ الصِّيغَةِ، وَالْمُرَادُ بِاللَّفْظِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ صَرِيحًا أَوْ كِنَايَةً (قَوْلُهُ: تُشْعِرُ) أَيْ الْمَذْكُورَاتُ مِنْ اللَّفْظِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِيمَا أَحْسِبُ أَوْ أَظُنُّ لَغْوٌ) أَيْ لِعَدَمِ إشْعَارِهِمَا بِالْإِلْزَامِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ لَك إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ: وَلَوْ قَالَ لَيْسَ لَك عَلَيَّ شَيْءٌ بَدَلَ أَلْفَانِ وَالتَّنَاقُضُ عَلَيْهَا قَرِيبٌ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ مَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ: لِمُنَاقَضَةِ مَا قَبْلَهَا لَهَا) قَدْ يَدْفَعُ مَا ذَكَرَ بِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِكَلَامٍ فِي جُمْلَتَيْنِ عَمِلَ بِمَا يَضُرُّهُ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَاتَانِ الْجُمْلَتَانِ بِمَنْزِلَةِ جُمْلَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّ لَكِنْ بِمَنْزِلَةِ إلَّا الِاسْتِثْنَائِيَّة وَمَعَ ذَلِكَ فِيهِ شَيْءٌ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُعَلِّلَ بِمِثْلِ مَا عَلَّلَ بِهِ سم وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفَانِ لَكِنْ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ بِمَنْزِلَةِ لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةٌ وَاللَّازِمُ فِيهَا خَمْسَةٌ فَقَطْ؛ لِأَنَّ عَشَرَةً إلَّا خَمْسَةً هِيَ خَمْسَةٌ فَكَانَ قَوْلُهُ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَخْ كَقَوْلِهِ لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ خَمْسَةٌ وَقَوْلُهُ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفَانِ إلَخْ بِمَنْزِلَةِ لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ، وَمَعَ هَذَا قَالَ سم: قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةٌ، وَقَوْلُهُ لَيْسَ لَهُ أَلْفَانِ لَكِنْ لَهُ أَلْفٌ انْتَهَى. قَالَ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ آحَادَ الْعَشَرَةِ تُسْتَثْنَى مِنْهَا عُرْفًا فِي الِاسْتِعْمَالِ، وَيُقَالُ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا وَاحِدًا مَثَلًا، وَالْأَلْفُ لَا تُسْتَثْنَى مِنْ الْأَلْفَيْنِ فَمَا فَوْقَهَا بَلْ يُقَالُ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ أَوْ لَهُ عَلَيَّ أَلْفَانِ بِدُونِ اسْتِثْنَاءٍ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَقَوْلُهُ هِيَ بِمَعْنَى أَوْ أَيْ الْوَاوُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي صِيغَةِ الْإِقْرَارُ] فَصْلٌ) فِي الصِّيغَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَك عَلَيَّ شَيْءٌ وَلَكِنْ لَك أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَخْ) كَذَا فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ وَفِي النُّسْخَةِ الَّتِي كَتَبَ عَلَيْهَا الشَّيْخُ مَا نَصُّهُ وَلَوْ قَالَ لَك عَلَيَّ أَلْفَيْنٍ وَلَكِنْ لَك عَلَيَّ أَلْفٌ إلَخْ، وَكَأَنَّ الشَّارِحَ أَصْلَحَ عَلَيْهِ النُّسْخَةَ بَعْدَ أَنْ كَانَ تَبِعَ التُّحْفَةَ لِقَوْلِ الشِّهَابِ سم لَا يَخْفَى إشْكَالُهُ وَمُخَالَفَتُهُ لِقَوْلِهِمْ الْآتِي فِي فَصْلِ الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ إلَّا خَمْسَةٌ لَزِمَهُ خَمْسَةٌ إلَى أَنْ قَالَ نَعَمْ لَوْ قَالَ لَيْسَ لَك عَلَيَّ أَلْفَيْنٍ وَلَكِنْ لَك عَلَيَّ أَلْفٌ كَانَ عَدَمُ الْوُجُوبِ مُمْكِنًا؛ لِأَنَّهُ مِثْلُ لَيْسَ لَك عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةٌ وَسَيَأْتِي فِيهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ لَيْسَ لَك عَلَيَّ خَمْسَةٌ. قَالَ: وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ وَلَعَلَّهُ

الْإِقْرَارِ بِمَا يَرْفَعُهُ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ: عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي بَعْدَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَشَارَ بِهِ إلَى نَفْيِ تَوَهُّمِ أَنَّ مَقُولَ الْقَوْلِ كَذَا فَقَطْ (وَقَوْلُهُ عَلَيَّ وَفِي) هِيَ بِمَعْنَى أَوْ كَاَلَّتِي بَعْدَهَا (ذِمَّتِي كُلٌّ) عَلَى انْفِرَادِهَا (لِلدَّيْنِ) الْمُلْتَزَمِ فِي الذِّمَّةِ إذْ هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ عُرْفًا، فَإِنْ ادَّعَى إرَادَتَهُ الْعَيْنَ قُبِلَ فِي عَلَيَّ فَقَطْ لِإِمْكَانِهِ: أَيْ عَلَى حِفْظِهَا (وَمَعِي) وَلَدَيَّ (وَعِنْدِي) كُلٌّ عَلَى انْفِرَادِهَا (لِلْعَيْنِ) لِذَلِكَ فَيُحْمَلُ كُلٌّ مِنْهُمَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى عَيْنٍ لَهُ بِيَدِهِ، فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهَا وَدِيعَةٌ وَأَنَّهَا تَلِفَتْ أَوْ أَنَّهُ رَدَّهَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَقِبَلِي بِكَسْرِ أَوَّلِهِ صَالِحٌ لَهُمَا كَمَا رَجَّحَاهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَإِنْ أَتَى بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهِمَا كَقَوْلِهِ: عَلَيَّ وَمَعِي عَشَرَةٌ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يُرْجَعُ إلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ بَعْضِ ذَلِكَ بِالْعَيْنِ وَبَعْضِهِ بِالدَّيْنِ. (وَلَوْ) (قَالَ: لِي عَلَيْك أَلْفٌ) أَوْ اقْضِ الْأَلْفَ الَّذِي لِي عَلَيْك فَقَالَ لَا يَلْزَمُنِي الْيَوْمَ تَسْلِيمُ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا لِانْتِفَاءِ ثُبُوتِهِ بِالْمَفْهُومِ: أَيْ لِضَعْفِ دَلَالَتِهِ فِيمَا الْمَطْلُوبُ فِيهِ الْيَقِينُ أَوْ الظَّنُّ الْغَالِبُ وَهُوَ الْإِقْرَارُ، وَبِذَلِكَ يَنْدَفِعُ قَوْلُ التَّاجِ السُّبْكِيّ مُضَعِّفًا لَهُ، وَهَذَا يَقُولُهُ مَنْ يَقْصُرُ الْمَفَاهِيمَ عَلَى أَقْوَالِ الشَّارِعِ، وَوَجْهُ انْدِفَاعِهِ أَنَّهُ يَأْتِي حَتَّى عَلَى الْأَصَحِّ الْمُقَرَّرِ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الْمَفْهُومَ يُعْمَلُ بِهِ فِي غَيْرِ أَقْوَالِ الشَّارِعِ لِمَا قَرَّرْنَاهُ مِنْ خُرُوجِ الْإِقْرَارِ عَنْ ذَلِكَ بِمَزِيدِ احْتِيَاطٍ، وَمِنْ ثَمَّ أَطْلَقَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُ فِيهِ بِالْيَقِينِ وَلَا يَسْتَعْمِلُ الْغَلَبَةَ، لَكِنَّ مُرَادَهُ مَا تَقَرَّرَ مِنْ إلْحَاقِ الظَّنِّ الْقَوِيِّ بِالْيَقِينِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي أَكْثَرِ مَسَائِلِهِ، وَيُؤَيِّدُ مَا ذُكِرَ قَوْلُهُمْ لَوْ قَالَ: لِي عَلَيْك أَلْفٌ فَقَالَ: لَيْسَ لَك أَكْثَرُ مِنْ أَلْفٍ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِأَنَّ نَفْيَ الزَّائِدِ عَلَيْهِ لَا يُوجِبُ إثْبَاتَهُ وَلَا إثْبَاتَ مَا دُونَهُ، وَلَوْ قَالَ: لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِمَّا لَك بِفَتْحِ اللَّامِ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَسَرَهَا فَإِنَّهُ إقْرَارٌ لِزَيْدٍ. لَا يُقَالُ يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ التَّاجُ قَوْلُ الرَّوْضَةِ لَوْ قَالَ: أَقْرَضْتُك كَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: قُبِلَ فِي عَلَيَّ فَقَطْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ فِي ذِمَّتِي فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ إنْ ذَكَرَهُ مُنْفَصِلًا، وَكَذَا فِيمَا لَوْ ذَكَرَهُ مُتَّصِلًا أَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ فِي ذِمَّتِي وَدِيعَةٌ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ كَمَا يَأْتِي لَهُ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَصْلٌ قَالَ: لَهُ عِنْدِي سَيْفٌ فِي غِمْدٍ إلَخْ فَإِنْ كَانَ قَالَ: لَهُ فِي ذِمَّتِي أَوْ دَيْنًا صُدِّقَ الْمُقَرُّ لَهُ مِنْ قَوْلِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ فِي ذِمَّتِي أَوْ دَيْنًا وَدِيعَةً فَلَا يُقْبَلُ مُتَّصِلًا وَلَا مُنْفَصِلًا عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: لَهُ عَلِيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ قَبُولُهُ مُتَّصِلًا لَا مُنْفَصِلًا اهـ (قَوْلُهُ: كُلٌّ عَلَى انْفِرَادِهَا) أَيْ مِنْ عَلَيَّ وَفِي ذِمَّتِي وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا هِيَ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّهُ رَدَّهَا) أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الرَّدُّ (قَوْلُهُ: صَالِحٌ لَهُمَا) أَيْ لِلدَّيْنِ وَالْعَيْنِ (قَوْلُهُ: بِالْعَيْنِ) أَيْ فَيُقْبَلُ دَعْوَاهُ التَّلَفَ وَالرَّدَّ لِلْعَيْنِ الَّتِي فَسَّرَ بِهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ اقْضِ) قَسِيمٌ لِقَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ: لِي عَلَيْك (قَوْلُهُ: وَبِذَلِكَ) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لِانْتِفَاءِ ثُبُوتِهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ كَوْنُهُ لَيْسَ إقْرَارًا (قَوْلُهُ: إنَّمَا يَأْخُذُ فِيهِ) أَيْ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ مُرَادَهُ) أَيْ الشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ إقْرَارًا (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا) أَيْ لِأَنَّهُ مَعَ فَتْحِ اللَّامِ صَادِقٌ بِكُلِّ مَا يُنْسَبُ لِزَيْدٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ مَا يُقَرُّ بِهِ كَالْعِلْمِ وَالشُّجَاعَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ إقْرَارٌ لِزَيْدٍ) أَيْ وَيَلْزَمُهُ لَهُ مَا فَسَّرَهُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَمَوَّلْ كَمَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ (قَوْلُهُ: لَا يُقَالُ يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ التَّاجُ) وَهُوَ قَوْلُهُ وَهَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQأَقْرَبُ اهـ. (قَوْلُهُ: أَشَارَ بِهِ إلَى نَفْيِ تَوَهُّمِ أَنَّ مَقُولَ الْقَوْلِ كَذَا فَقَطْ) الْأَصْوَبُ أَنْ يَقُولَ نَفْيَ تَوَهُّمِ أَنَّ مَقُولَ الْقَوْلِ لِزَيْدٍ كَذَا فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهَا تَلِفَتْ أَوْ أَنَّهُ رَدَّهَا) أَيْ إذَا ادَّعَى ذَلِكَ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ التَّلَفُ أَوْ الرَّدُّ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ: فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ بَعْضِ ذَلِكَ إلَخْ) كَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ تَكُونُ إقْرَارًا بِالْعَيْنِ وَالدَّيْنِ مَعًا لَكِنَّهُ مُبْهَمٌ فَيَرْجِعُ إلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ مِقْدَارِ الْعَيْنِ وَمِقْدَارِ الدَّيْنِ، وَإِلَّا فَوَضَعَ الْأَوَّلُ الدَّيْنَ وَالثَّانِي الْعَيْنَ فَلَا يَحْتَاجُ فِي انْصِرَافِهِ إلَيْهِمَا إلَى رُجُوعٍ إلَيْهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ فَسَّرَ ذَلِكَ بِالْعَيْنِ فَقَطْ يُقْبَلُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ قُبَيْلَهُ أَنَّهُ يُقْبَلُ فِي تَفْسِيرِ عَلَيَّ بِالْعَيْنِ، بَلْ نَقَلَ الشِّهَابُ سم عَنْ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَوْ فَسَّرَ مَعِي وَعِنْدِي بِمَا فِي الذِّمَّةِ قُبِلَ؛ لِأَنَّهُ غَلَّظَ

فَقَالَ: مَا اقْتَرَضْت غَيْرَهُ كَانَ إقْرَارًا بِهِ، فَفِيهِ ثُبُوتُ الْإِقْرَارِ بِالْمَفْهُومِ لِأَنَّا نَمْنَعُ التَّأْيِيدَ، إذْ هَذَا فِي قُوَّةِ مَا اقْتَرَضْت إلَّا هُوَ، وَمَفْهُومُ هَذِهِ الصِّيغَةِ وَهِيَ ثُبُوتُ اقْتِرَاضِهِ أَعْلَى الْمَفَاهِيمِ، بَلْ ذَهَبَ جَمْعٌ إلَى صَرَاحَتِهِ فَلَا يُقَاسُ بِهِ مَفْهُومُ الظَّرْفِ الْمُخْتَلَفِ فِي حُجِّيَّتِهِ، وَلَا يُرَدُّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ: إنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ عُرْفًا الْإِقْرَارُ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي الْعَمَلِ فِيهِ بِالْمَفْهُومِ لِأَنَّ مَحَلَّهُ فِي أَلْفَاظٍ اطَّرَدَ الْعُرْفُ فِي اسْتِعْمَالِهَا مُرَادًا مِنْهَا ذَلِكَ، وَهَذَا لَا نِزَاعَ فِي الْعَمَلِ بِهِ، وَكَلَامُنَا فِي مَفْهُومِ لَفْظٍ لَمْ يَطَّرِدْ الْعُرْفُ فِي قَصْدِهِ مِنْهُ، وَلَوْ قَالَ لَهُ أَحَدَ تَيْنِكَ الصِّيغَتَيْنِ (فَقَالَ) مَعَ خَمْسِينَ أَوْ (زِنْ أَوْ خُذْ أَوْ زِنْهُ أَوْ خُذْهُ أَوْ اخْتِمْ عَلَيْهِ أَوْ اجْعَلْهُ فِي كِيسِك) أَوْ هُوَ صِحَاحٌ أَوْ مُكَسَّرَةٌ (فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِالْتِزَامٍ وَإِنَّمَا يُذْكَرُ فِي مَعْرِضِ الِاسْتِهْزَاءِ (وَلَوْ قَالَ) فِي جَوَابِ: لِي عَلَيْك مِائَةٌ أَوْ أَلَيْسَ لِي عَلَيْك مِائَةٌ (بَلَى أَوْ نَعَمْ أَوْ صَدَقْت) أَوْ أَجَلْ أَوْ جَيْرِ أَوْ إي (أَوْ أَبْرَأْتنِي مِنْهُ أَوْ قَضَيْته) أَوْ اقْضِي غَدًا وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِضَمِيرٍ وَقِيَاسُهُ إنْ قَضَيْت بِدُونِ ضَمِيرٍ كَذَلِكَ (أَوْ أَنَا مُقِرٌّ بِهِ) أَوْ لَا أُنْكِرُ مَا تَدَّعِي بِهِ (فَهُوَ إقْرَارٌ) لِأَنَّ السِّتَّةَ الْأُوَلَ مَوْضُوعَةٌ لِلتَّصْدِيقِ. نَعَمْ لَوْ اقْتَرَنَ بِوَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ كَصَدَقْتَ، وَنَحْوُهُ قَرِينَةُ اسْتِهْزَاءٍ كَإِيرَادِ كَلَامِهِ بِنَحْوِ هَزِّ رَأْسٍ وَضَحِكٍ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى التَّعَجُّبِ وَالْإِنْكَارِ لَمْ يَكُنْ بِهِ مُقِرًّا، وَلِأَنَّ دَعْوَى الْإِبْرَاءِ أَوْ الْقَضَاءِ اعْتِرَافٌ بِالْأَصْلِ، وَلَوْ حُذِفَ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا لِاحْتِمَالِهِ الْإِبْرَاءَ مِنْ الدَّعْوَى وَهُوَ لَغْوٌ، وَكَذَا أَقَرَّ أَنَّهُ أَبْرَأَنِي أَوْ اسْتَوْفَى مِنِّي كَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ، وَهِيَ حِيلَةٌ لِدَعْوَى الْبَرَاءَةِ مَعَ السَّلَامَةِ مِنْ الِالْتِزَامِ، وَيَلْحَقُ بِهِ أَبْرَأْتَنِي مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى، وَلِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي بِهِ عَائِدٌ لِلْأَلْفِ الْمُدَّعَى بِهَا فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ لَك كَمَا أَجَابَ بِهِ السُّبْكِيُّ عَنْ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مُقِرٌّ لِغَيْرِهِ عِنْدَ حَذْفِ لَك، وَلَوْ سَأَلَ الْحَاكِمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ جَوَابِ الدَّعْوَى فَقَالَ: عِنْدِي كَانَ إقْرَارًا، قَالَهُ السُّبْكِيُّ، وَلَوْ قَالَ: إنْ شَهِدَا عَلَيَّ بِكَذَا صَدَّقْتُهُمَا أَوْ قَالَا ذَلِكَ فَهُوَ عِنْدِي أَوْ صَدَّقْتهمَا لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا لِانْتِفَاءِ الْجَزْمِ وَلِأَنَّ الْوَاقِعَ لَا يُعَلَّقُ، بِخِلَافِ فَهُمَا صَادِقَانِ لِأَنَّهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSيَقُولُ إلَخْ (قَوْلُهُ: تَيْنِكَ) هُمَا قَوْلُهُ: لِي عَلَيْك أَلْفٌ وَقَوْلُهُ: أَوْ اقْضِ الْأَلْفَ الَّذِي لِي إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ أَلَيْسَ لِي عَلَيْك) الْأَوْلَى عَدَمُ ذِكْرِ هَذِهِ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ قَالَ أَلَيْسَ لِي عَلَيْك كَذَا إلَخْ مِنْ حِكَايَةِ الْخِلَافِ فِي نَعَمْ، بَلْ لَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِهِ أَيْضًا وَلَوْ قَالَ فِي جَوَابٍ لِي عَلَيْك مِائَةٌ لِأَنَّهُ مُسْتَفَادٌ (قَوْلُهُ: مَوْضُوعَةٌ لِلتَّصْدِيقِ) قَدْ يُقَالُ فِي نَعَمْ وَمَا بَعْدَهَا نَظَرٌ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ: أَلَيْسَ لِي عَلَيْك لِأَنَّهُ نَفْيٌ وَتَصْدِيقُ النَّفْيِ لَيْسَ إقْرَارًا، وَسَيَأْتِي الْجَوَابُ عَنْهُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بِأَنَّ الْإِقْرَارَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْعُرْفِ (قَوْلُهُ: لِدَعْوَى الْبَرَاءَةِ) أَيْ أَوْ الِاسْتِيفَاءِ وَقَوْلُهُ وَيُلْحَقُ بِهِ: أَيْ بِقَوْلِهِ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا وَقَوْلُهُ الْمُدَّعَى بِهَا الْأَوْلَى بِهِ لِأَنَّ الْأَلْفَ مُذَكَّرٌ وَقَوْلُهُ وَكَذَا أَقَرَّ: أَيْ لَيْسَ إقْرَارًا (قَوْلُهُ: فَهُمَا صَادِقَانِ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجِ بَعْدِ مِثْلِ مَا ذُكِرَ: وَيَنْبَغِي وِفَاقًا ل م ر أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَعَبْدٍ وَصَبِيٍّ فَلْيُنْظَرْ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا لَوْ قَالَ: إنْ شَهِدَا عَلَيَّ بِكَذَا صَدَقَتُهُمَا وَبَيْنَ إنْ شَهِدَا عَلَيَّ فَهُمَا صَادِقَانِ أَنَّ الْجَوَابَ فِي قَوْلِهِ: فَهُمَا صَادِقَانِ اسْمِيَّةٌ مَدْلُولُهَا الثُّبُوتُ وَهُوَ لَا يُعَلِّقُ فَيُؤَوَّلُ بِأَنَّ الْمَعْنَى إنْ شَهِدَا عَلَيَّ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّهُمَا صَادِقَانِ وَمَتَى كَانَ صَادِقَيْنِ كَانَ ذَلِكَ إقْرَارًا مِنْهُ بِاعْتِرَافِهِ بِالْحَقِّ، بِخِلَافِ صَدَّقْتهمَا فَإِنَّ الْمَعْنَى فِيهِ إنْ شَهِدَا ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ عَلَى هَذَا قَوْلُهُمْ) أَيْ: فِي شَأْنِ أَلْفَاظٍ ذَكَرُوا أَنَّهَا إقْرَارٌ مِمَّا سَيَأْتِي وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَحَلَّهُ فِي أَلْفَاظٍ اطَّرَدَ الْعُرْفُ) إلَخْ أَيْ: فَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ الْمَفْهُومَ الِاصْطِلَاحِيَّ الَّذِي هُوَ دَلَالَةُ اللَّفْظِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ النُّطْقِ، بَلْ الْمُرَادُ مِنْهُ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ غَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ فِي هَذَا الْمَعْنَى بِحَيْثُ صَارَ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إلَّا هَذَا الْمَعْنَى، لَكِنْ قَوْلُهُ: وَكَلَامُنَا فِي مَفْهُومِ لَفْظِ إلَخْ قَدْ لَا يُوَافِقُ ذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: فِي جَوَابِ لِي عَلَيْكَ مِائَةٌ) الْأَوْلَى أَلْفٌ لِأَنَّهَا الَّتِي فِي الْمَتْنِ وَلِمُرَاعَاةِ تَذْكِيرِ الضَّمِيرِ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِضَمِيرٍ) أَيْ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَعَ فِي جَوَابِ اقْضِ الْأَلْفَ الَّذِي لِي عَلَيْكَ كَمَا سَيَأْتِي عَنْ الْإِسْنَوِيِّ.

لَا يَكُونَانِ صَادِقَيْنِ إلَّا إنْ كَانَ عَلَيْهِ الْمُدَّعَى بِهِ الْآنَ فَيَلْزَمُهُ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدَا، فَلَوْ قَالَ: فَهُمَا عَدْلَانِ فِيمَا شَهِدَا بِهِ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ كَقَوْلِهِ فَهُمَا صَادِقَانِ لِأَنَّهُ بِمَعْنَاهُ، وَلَوْ قَالَ لِمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ هُوَ عَدْلٌ أَوْ صَادِقٌ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ حَتَّى يَقُولَ فِيمَا شَهِدَ بِهِ وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِعَيْنٍ فَقَالَ: صَالَحَنِي عَمَّا كَانَ عَلَيَّ فَهُوَ إقْرَارٌ بِمُبْهَمٍ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِبَيَانِهِ، وَيُفَارِقُ كَانَ لَك عِنْدِي أَوْ عَلَيَّ أَلْفٌ بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَقَعْ جَوَابًا عَنْ شَيْءٍ كَانَ بِاللَّغْوِ أَشْبَهَ، وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفًا فَأَنْكَرَ فَقَالَ: اشْتَرِ هَذَا مِنِّي بِالْأَلْفِ الَّذِي ادَّعَيْته كَانَ إقْرَارًا بِهِ كَبِعْنِي بِخِلَافِ صَالِحْنِي عَنْهُ بِهِ إذْ لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ الصُّلْحِ كَوْنُهُ بَيْعًا حَتَّى يَكُونَ ثَمَّ ثَمَنٌ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ، وَلَوْ قَالَ فِي جَوَابِ دَعْوَاهُ لَا تُدِمْ الْمُطَالَبَةَ وَمَا أَكْثَرَ مَا تَتَقَاضَى لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا لِانْتِفَاءِ صَرَاحَتِهِ، قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ، وَلَوْ قَالَ فِي جَوَابِ دَعْوَى عَيْنٍ بِيَدِهِ اشْتَرَيْتهَا أَوْ مَلَكْتُهَا مِنْك أَوْ مِنْ وَكِيلِك كَانَ إقْرَارًا لِتَضَمُّنِهِ ذَلِكَ الْمِلْكَ لِلْمُخَاطَبِ عُرْفًا وَلَمْ يَنْظُرُوا إلَى احْتِمَالِ كَوْنِ الْمُخَاطَبِ وَكِيلًا فِي الْبَيْعِ وَلَا إلَى احْتِمَالِ كَوْنِ الْوَكِيلِ بَاعَ مِلْكَ غَيْرِ الْمُخَاطَبِ لِبُعْدِهِ عَنْ الْمَقَامِ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ مَلَكْتهَا عَلَى يَدِك لَا يَكُونُ إقْرَارًا لِأَنَّ مَعْنَاهُ كُنْت وَكِيلًا فِي تَمْلِيكِهَا، وَلَوْ طَالَبَهُ بِوَفَاءِ شَيْءٍ فَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (وَلَوْ) (قَالَ: أَنَا مُقِرٌّ) وَلَمْ يَقُلْ بِهِ (أَوْ أَنَا أُقِرُّ بِهِ) (فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ) لِصِدْقِ الْأَوَّلِ بِإِقْرَارِهِ بِبُطْلَانِهِ أَوْ بِوَحْدَانِيِّتِهِ تَعَالَى وَلِاحْتِمَالِ الثَّانِي لِلْوَعْدِ بِالْإِقْرَارِ فِي ثَانِي الْحَالِ، وَلَا يُرَدُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ فِي لَا أُنْكِرُ مَا تَدَّعِيه أَنَّهُ إقْرَارٌ مَعَ احْتِمَالِ الْوَعْدِ لِأَنَّ الْعُمُومَ إلَى النَّفْيِ أَسْرَعُ مِنْهُ إلَى الْإِثْبَاتِ بِدَلِيلِ النَّكِرَةِ فَإِنَّهَا تَعُمُّ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ دُونَ الْإِثْبَاتِ، وَمَا شَكَّكَ بِهِ الرَّافِعِيُّ مِنْ فَرْضِ كَوْنِ الْفَرْقِ مُبَيِّنًا لَكِنَّهُ غَيْرُ نَافٍ لِلِاحْتِمَالِ وَقَاعِدَةُ الْبَابِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْيَقِينِ، أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْمَفْهُومَ عُرْفًا مِنْ لَا أُنْكِرُ مَا تَدَّعِيه أَنَّهُ إقْرَارٌ بِخِلَافِ أَنَا أُقِرُّ بِهِ. (وَلَوْ قَالَ: أَلَيْسَ) أَوْ هَلْ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ (لِي عَلَيْكَ كَذَا فَقَالَ بَلَى أَوْ نَعَمْ فَإِقْرَارٌ) لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ ذَلِكَ (وَفِي نَعَمْ وَجْهٌ) لِأَنَّهَا فِي اللُّغَةِ تَصْدِيقٌ لِلنَّفْيِ الْمُسْتَفْهَمِ عَنْهُ بِخِلَافِ بَلَى فَإِنَّهَا رَدٌّ لَهُ وَنَفْيُ النَّفْي إثْبَاتٌ، وَلِهَذَا جَاءَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى نِسْبَتِهِمَا لِلصِّدْقِ وَذَلِكَ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الدَّلَالَةُ عَلَى صِدْقِهِمَا (قَوْلُهُ: فِيمَا شَهِدَا بِهِ) فَإِنْ أَسْقَطَ فِيمَا شَهِدَا بِهِ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا اهـ حَجّ. قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِصِيغَةِ الشَّهَادَةِ بَلْ قَالَ: إذَا قَالَ زَيْدٌ إنَّ لِعَمْرٍو عَلَيَّ كَذَا فَهُوَ صَادِقٌ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ اهـ. وَمِنْهُ يُعْلَمُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا اُتُّهِمَ بِمَتَاعِ إنْسَانٍ فَشَهِدَ عَلَيْهِ شَخْصٌ بِأَنَّهُ رَأَى بَعْضَ الْمَتَاعِ عِنْدَهُ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنْ حَلَفَ هَذَا الشَّاهِدُ أَنَّهُ رَأَى عِنْدِي هَذَا الْمَشْهُودَ بِهِ فَهُوَ صَادِقٌ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُقِرًّا بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ الشَّاهِدُ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَكَمَ بِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ بِمُجَرَّدِ التَّعْلِيقِ عَلَى الْإِخْبَارِ الْخَالَيْ عَنْ الْيَمِينِ فَمَعَ الْإِخْبَارِ عَلَى التَّعْلِيقِ بِالْيَمِينِ يَكُونُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِبَيَانِهِ) قَضِيَّةُ كَوْنِهِ تَفْسِيرَ الْمُبْهَمِ أَنْ يَقْبَلَ تَفْسِيرَهُ بِمَا لَا يَتَمَوَّلُ كَحَبَّةِ بُرٍّ وَفِيهِ أَنَّ غَيْرَ الْمُتَمَوِّلِ لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْهُ بِمَالٍ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَنْ الْعَيْنِ أَوْ الدَّيْنِ بِمَالٍ بَيْعٌ وَمَا لَا يَتَمَوَّلُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَصِحُّ تَفْسِيرُهُ بِمَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْهُ بِمَالٍ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: وَمَا أَكْثَرَ مَا تَتَقَاضَى) أَيْ تَطْلُبُ وَقَوْلُهُ دَعْوَى عَيْنٍ بِيَدِهِ أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ عَلَى الرَّأْسِ وَالْعَيْنِ بِالْأَوْلَى. (قَوْلُهُ: مُبِينًا) أَيْ وَاضِحًا. (قَوْلُهُ: أَوْ نَعَمْ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجِ: وَلَوْ وَقَعَا: أَيْ نَعَمْ وَبَلَى فِي جَوَابِ الْخَبَرِ الْمَنْفِيِّ نَحْوُ لَيْسَ لِي عَلَيْك أَلْفٌ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَيُتَّجَهُ أَنْ يَكُونَ إقْرَارًا مَعَ بَلَى بِخِلَافِ نَعَمْ بِرّ اهـ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ نَعَمْ لِإِثْبَاتِ النَّفْيِ وَتَقْرِيرِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: نَعَمْ لَيْسَ لَك عَلَيَّ شَيْءٌ، وَبَلَى لِرَدِّهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَك عَلَيَّ لِأَنَّهُ إذَا رَدَّ النَّفْيَ فَقَدْ أَثْبَتَ نَقِيضَهُ وَهُوَ مَا نَفَاهُ، وَلَعَلَّ الْإِسْنَوِيَّ جَارٍ عَلَى مُقْتَضَى اللُّغَةِ لِأَنَّ الْأَلْفَاظَ إذَا أُطْلِقَتْ حُمِلَتْ عَلَى حَقَائِقِهَا اللُّغَوِيَّةِ مَا لَمْ يَرِدْ مَا يُخَالِفُهُ، وَفِي أَلَيْسَ قَدْ يَدَّعِي وُجُودَ عُرْفٍ يُخَالِفُ اللُّغَةِ، وَلَعَلَّهُ عَدِمَ تَفْرِقَةَ حَمَلَةِ الشَّرِيعَةِ بَيْنَ بَلَى وَنَعَمْ فِي أَلَيْسَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ بَلَى) وَقَدْ نَظَّمَ هَذَا الْمَعْنَى شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الَأُجْهُورِيُّ فَقَالَ: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي آيَةِ {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} [الأعراف: 172] لَوْ قَالُوا نَعَمْ كَفَرُوا، وَرُدَّ هَذَا الْوَجْهُ بِأَنَّ الْأَقَارِيرَ وَنَحْوَهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ الْمُتَبَادَرِ مِنْ اللَّفْظِ لَا عَلَى دَقَائِقِ الْعَرَبِيَّةِ وَعُلِمَ مِنْهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ النَّحْوِيِّ، وَغَيْرِهِ خِلَافًا لَلْغَزَالِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِي أَنْتِ طَالِقٌ أَنْ دَخَلْت الدَّارَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ بِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ هُنَا عِنْدَ النَّحْوِيِّ عَدَمُ الْفَرْقِ لِخَفَائِهِ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النُّحَاةِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَوْ لُقِّنَ فَارِسِيٌّ كَلِمَاتٍ عَرَبِيَّةً لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهَا لَمْ يُؤَاخَذْ بِهَا لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَعْرِفْ مَدْلُولَهَا يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ قَصْدُهَا لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ يَفْهَمُهُ الْعَامِّيُّ أَيْضًا وَكَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي لَفْظٍ لَا يَعْرِفُهُ الْعَامِّيُّ أَيْضًا، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْعَامِّيَّ غَيْرُ الْمُخَالِطِ لَنَا يُقْبَلُ دَعْوَاهُ الْجَهْلَ بِمَدْلُولِ أَكْثَرِ أَلْفَاظِ الْفُقَهَاءِ، بِخِلَافِ الْمُخَالِطِ لَنَا لَا يُقْبَلُ فِي الْخَفِيِّ الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَى مِثْلِهِ مَعْنَاهُ. (وَلَوْ) (قَالَ: اقْضِ الْأَلْفَ الَّذِي لِي عَلَيْك) أَوْ أُخْبِرْت أَنَّ لِي عَلَيْك أَلْفًا (فَقَالَ نَعَمْ) أَوْ جَيْرِ أَوْ بَلَى أَوْ إي (أَوْ أَقْضِي غَدًا) ذَلِكَ أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا يُخْرِجُهُ عَنْ احْتِمَالِ الْوَعْدِ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ (أَوْ أَمْهِلْنِي) فِي ذَلِكَ (يَوْمًا أَوْ حَتَّى أَقْعُدَ أَوْ أَفْتَحَ الْكِيسَ أَوْ أَجِدَ) أَيْ الْمِفْتَاحَ (فَإِقْرَارٌ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ عُرْفًا. وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ صَرِيحَةٌ فِي الِالْتِزَامِ، وَلَوْ قَالَ: اُكْتُبُوا لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ كَمَا قَالَهُ الزَّبِيلِيُّ لِأَنَّهُ إنَّمَا مَرَّ بِالْكِتَابَةِ فَقَطْ، وَلَوْ قَالَ: اشْهَدُوا عَلَيَّ بِكَذَا كَانَ إقْرَارًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْغَزَالِيُّ وَاعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَتَاوِيهِ آخِرًا وَلَا يُعَارِضُ مَا أَفْتَى بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ اشْهَدُوا عَلَيَّ أَنِّي وَقَفْت جَمِيعَ أَمْلَاكِي وَذَكَرَ مَصْرِفَهَا وَلَمْ يُحَدِّدْ شَيْئًا مِنْهَا صَارَتْ جَمِيعُ أَمْلَاكِهِ الَّتِي يَصِحُّ وَقْفُهَا وَقْفًا وَلَا يَضُرُّ جَهْلُ الشُّهُودِ بِحُدُودِهَا وَلَا سُكُوتُهُ عَنْهَا، وَمَهْمَا شَهِدُوا بِهَذَا اللَّفْظِ ثَبَتَ الْوَقْفُ مَا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ لَوْ قَالَ: الْمَوَاضِعُ الَّتِي أُثْبِتُ أَسَامِيَهَا وَحُدُودَهَا فِي هَذَا مِلْكٌ لِفُلَانٍ وَكَانَ الشَّاهِدُ لَا يَعْرِفُ حُدُودَهَا ثَبَتَ الْإِقْرَارُ، وَلَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ عَلَيْهَا: أَيْ بِحُدُودِهَا وَتَجُوزُ عَلَى تَلَفُّظِهِ بِالْإِقْرَارِ، وَأَفْتَى السُّبْكِيُّ بِأَنَّ قَوْلَهُ مَا نَزَلَ فِي دَفْتَرِي صَحِيحٌ يُعْمَلُ بِهِ فِيمَا عُلِمَ أَنَّهُ بِهِ حَالَةَ الْإِقْرَارِ وَيُوقَفُ مَا حَدَثَ بَعْدَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ قَالَ غَيْرُهُ وَفِي وَقْفِ مَا عُلِمَ حُدُوثُهُ نَظَرٌ اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَوْ قَالَ: لِي عَلَيْك عَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَقَالَ: صَدَقَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةُ قَرَارِيطَ لَزِمَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا غَيْرَ أَنَّ الْقَرَارِيطَ مَجْهُولَةٌ. ثُمَّ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الرَّابِعِ وَهُوَ الْمُقَرُّ بِهِ مُتَرْجَمًا عَنْهُ بِفَصْلٍ فَقَالَ: ـــــــــــــــــــــــــــــSنَعَمْ جَوَابٌ لِلَّذِي قَبْلَهُ ... إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا كَذَا قَرَّرُوا بَلَى جَوَابُ النَّفْيِ لَكِنَّهُ ... يَصِيرُ إثْبَاتًا كَذَا حَرَّرُوا (قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُ) أَيْ فِي كَوْنِ نَعَمْ وَبَلَى إقْرَارًا (قَوْلُهُ: بَيَّنَهُمَا) أَيْ النَّحْوِيُّ وَغَيْرُهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوُهُ) أَيْ كَقَوْلِهِ حَتَّى يَتَيَسَّرَ أَوْ إذَا جَاءَنِي مَالٌ قَضَيْت (قَوْلُهُ: مَا أَفْتَى بِهِ) أَيْ الْوَالِدُ (قَوْلُهُ: فِي هَذَا) أَيْ الْمَكْتُوبِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَتَجُوزُ عَلَيَّ تَلَفُّظُهُ بِالْإِقْرَارِ) لَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَ عَدَمِ الْمُعَارَضَةِ وَلَعَلَّهُ أَنَّ الشَّهَادَةَ إنَّمَا امْتَنَعَتْ فِي مَسْأَلَةِ الْبَغَوِيّ لِأَنَّ الْمُقِرَّ لَمْ يُبَيِّنْ شَيْئًا مِنْ الْحُدُودِ حَتَّى يَشْهَدَ بِهِ، وَجَازَتْ فِيمَا أَفْتَى بِهِ وَالِدُهُ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَشْهَدُونَ عَلَى مُجَرَّدِ أَنَّهُ وَقَفَ مَا يَمْلِكُهُ وَلَمْ يُثْبِتُوا شَيْئًا بِخُصُوصِهِ أَنَّهُ مِلْكُهُ، وَعَلَيْهِ فَمَا ثَبَتَ أَنَّهُ مِلْكُهُ ثَبَتَ وَقْفُهُ وَمَا لَا فَلَا (قَوْلُهُ: وَيُوقَفُ) أَيْ عَنْ الْعَمَلِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ بَلْ هُوَ لَغْوٌ، وَيُجْزَمُ بِعَدَمِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى مَا نَزَلَ أَيْ الَّذِي هُوَ مُنَزَّلٌ فِي دَفْتَرِي الْآنَ، وَهُوَ لَا يَشْمَلُ مَا حَدَثَ تَنْزِيلُهُ بَعْدُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: أَيْ الْمِفْتَاحَ) أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْتَى بِهِ الْغَزَالِيُّ) لَيْسَ هَذَا إفْتَاءً لِلْغَزَالِيِّ مُسْتَقِلًّا وَإِنَّمَا هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ إفْتَائِهِ الْآتِي عَقِبَهُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ بِحُدُودِهَا) هَذَا هُوَ الدَّافِعُ لِلْمُعَارَضَةِ فَانْدَفَعَ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ.

[فصل شروط المقر به]

(فَصْلٌ) (يُشْتَرَطُ فِي الْمُقَرِّ بِهِ) أَنْ يَكُونَ مِمَّا تَجُوزُ بِهِ الْمُطَالَبَةُ وَ (أَنْ لَا يَكُونَ مِلْكًا لِلْمُقِرِّ) حِينَ يُقِرُّ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَيْسَ إزَالَةً عَنْ الْمِلْكِ، وَإِنَّمَا هُوَ إخْبَارٌ عَنْ كَوْنِهِ مِلْكًا لِلْمُقَرِّ لَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِ الْمُخْبَرِ عَنْهُ عَلَى الْخَبَرِ (فَلَوْ) (قَالَ: دَارِي أَوْ ثَوْبِي) أَوْ دَارِي الَّتِي اشْتَرَيْتهَا لِنَفْسِي لِزَيْدٍ (أَوْ دَيْنِي الَّذِي عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو) وَلَمْ يُرِدْ الْإِقْرَارَ (فَهُوَ لَغْوٌ) لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَيْهِ تَقْتَضِي الْمِلْكَ لَهُ فَيُنَافِي إقْرَارَهُ لِغَيْرِهِ إذْ هُوَ إخْبَارٌ بِسَابِقٍ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ فَحُمِلَ عَلَى الْوَعْدِ بِالْهِبَةِ وَمِنْ ثَمَّ صَحَّ مَسْكَنِي أَوْ مَلْبُوسِي لَهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْكُنُ وَيَلْبِسُ غَيْرَ مِلْكِهِ، فَلَوْ أَرَادَ بِالْإِضَافَةِ فِي دَارِي لِزَيْدٍ إضَافَةَ سَكَنِي صَحَّ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ اسْتِفْسَارَهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَالْعَمَلَ بِقَوْلِهِ، وَلَوْ قَالَ: الدَّيْنُ الَّذِي كَتَبْته أَوْ بِاسْمِي عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو صَحَّ، إذْ لَا مُنَافَاةَ أَيْضًا، أَوْ الدَّيْنُ الَّذِي لِي عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو لَمْ يَصِحَّ إلَّا إنْ قَالَ: وَاسْمِي فِي الْكِتَابِ عَارِيَّةٌ، وَكَذَا إنْ أَرَادَ الْإِقْرَارَ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ، فَلَوْ كَانَ بِالدَّيْنِ الْمُقَرِّ بِهِ رَهْنٌ أَوْ كَفِيلٌ انْتَقَلَ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ بِذَلِكَ كَمَا فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ، لَكِنَّ الْأَوْجَهَ مَا فَصَّلَهُ التَّاجُ الْفَزَارِيّ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ أَقَرَّ بِأَنَّ الدَّيْنَ صَارَ لِزَيْدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ) يُشْتَرَطُ فِي الْمُقَرِّ بِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَكُونَ مِلْكًا لِلْمُقِرِّ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ هَذَا أَنْ لَا يَأْتِيَ فِي لَفْظِهِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِلْكٌ لِلْمُقِرِّ وَلَيْسَتْ صِحَّةُ الْإِقْرَارِ وَبُطْلَانُهُ دَائِرَيْنِ عَلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لِأَنَّهُ لَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَيْهِ حَتَّى نُرَتِّبَ الْحُكْمَ عَلَيْهِ. نَعَمْ فِي الْبَاطِنِ الْعِبْرَةُ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ حَتَّى لَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ لِزَيْدٍ وَلَمْ تَكُنْ لِزَيْدٍ لَمْ يَصِحَّ الْإِقْرَارُ، أَوْ دَارِي الَّتِي مَلَّكْتُهَا لِزَيْدٍ وَكَانَتْ لَهُ فِي الْوَاقِعِ فَهُوَ إقْرَارٌ صَحِيحٌ، وَيَجِبُ تَأْوِيلُ الْإِضَافَةِ وَالْكَذِبُ لَا يُحَصِّلُ الْمِلْكَ (قَوْلُهُ: الَّتِي اشْتَرَيْتهَا لِنَفْسِي لِزَيْدٍ) قِيَاسُهُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ: مَالِي الَّذِي وَرِثْتُهُ مِنْ أَبِي لِزَيْدٍ (قَوْلُهُ: فَهُوَ لَغْوٌ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ فِي دَارِي أَوْ مَالِي أَلْفٌ فَلَا يَكُونُ لَغْوًا بَلْ هُوَ إقْرَارٌ كَمَا يَأْتِي مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ذَلِكَ فِي الْفَصْلِ الْآتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ قَالَ: لَهُ فِي مِيرَاثِي مِنْ أَبِي أَلْفٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَيْهِ تَقْتَضِي الْمِلْكَ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْمُضَافُ مُشْتَقًّا وَلَا فِي حُكْمِهِ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ اقْتَضَى الِاخْتِصَاصَ بِالنَّظَرِ لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ مَبْدَأُ الِاشْتِقَاقِ، فَقَوْلُهُ فَمِنْ ثَمَّ كَانَ قَوْلُهُ: دَارِي أَوْ ثَوْبِي لِزَيْدٍ لَغْوًا لِأَنَّ الْمُضَافَ فِيهِ غَيْرُ مُشْتَقٍّ فَأَفَادَتْ إضَافَتُهُ الِاخْتِصَاصَ مُطْلَقًا، وَمِنْ لَازِمِهِ الْمَلِكُ بِخِلَافِ مَسْكَنِي فَإِنَّ إضَافَتَهُ إنَّمَا تُفِيدُ الِاخْتِصَاصَ مِنْ حَيْثُ السُّكْنَى لَا مُطْلَقًا لِاشْتِقَاقِهِ (قَوْلُهُ: وَيَلْبَسُ غَيْرَ مِلْكِهِ إلَخْ) وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي قَوْلِهِ: دَارِي الَّتِي أَسْكُنُهَا لِأَنَّ ذِكْرَ هَذَا الْوَصْفِ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِالْإِضَافَةِ الْمِلْكَ اهـ حَجّ. أَقُولُ: الْأَقْرَبُ عَدَمُ الصِّحَّةِ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ لَا يَصْلُحُ لِدَفْعِ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْإِضَافَةُ. وَنَقَلَ سم عَلَى حَجّ مَا يُصَرِّحُ بِهِ، وَالْكَلَامُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَلَوْ أَرَادَ بِهِ الْإِقْرَارَ عُمِلَ بِهِ (قَوْلُهُ: إضَافَةَ سَكَنِي) أَيْ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: صَحَّ) أَيْ وَيَكُونُ إقْرَارُهُ لِزَيْدٍ بِالدَّارِ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ أَرَادَ الْإِقْرَارَ) أَيْ فَيَصِحُّ، وَقِيَاسُهُ الصِّحَّةُ فِيمَا لَوْ قَالَ: دَارِي الَّتِي هِيَ مِلْكِي لِزَيْدٍ وَقَالَ: أَرَدْت الْإِقْرَارَ، لَكِنْ فِي سم عَلَى مَنْهَجِ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ فِي هَذِهِ، وَعَنْ عِ أَنَّ ظَاهِرَ شَرْحِ الْمَنْهَجِ عَدَمُ قَبُولِ إرَادَةِ الْإِقْرَارِ اهـ. وَلَوْ قِيلَ بِقَبُولِ إرَادَتِهِ وَحَمْلِهِ عَلَى إرَادَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ شُرُوط الْمُقَرِّ بِهِ] فَصْلٌ) يُشْتَرَطُ فِي الْمُقَرِّ بِهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَرَادَ بِالْإِضَافَةِ فِي دَارِي إلَخْ) أَيْ: أَوْ أَرَادَ فِي دَارِي الَّتِي اشْتَرَيْتهَا لِنَفْسِي أَنَّهُ اشْتَرَاهَا سَابِقًا وَخَرَجَتْ

فَلَا يَنْتَقِلُ بِالرَّهْنِ لِأَنَّ صَيْرُورَتَهُ إلَيْهِ إنَّمَا تَكُونُ بِالْحَوَالَةِ وَهِيَ تُبْطِلُ الرَّهْنَ، وَإِنْ أَقَرَّ بِأَنَّ الدَّيْنَ كَانَ لَهُ بَقِيَ الرَّهْنُ بِحَالِهِ، وَمَرَّ أَنَّ دَيْنَ الرَّهْنِ وَنَحْوَ الْمُتْعَةِ وَالْخُلْعِ وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ وَالْحُكُومَةِ لَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِهَا عَقِبَ ثُبُوتِهَا، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الْبَغَوِيّ مَحَلُّ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ فِيمَا مَرَّ إذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ لِلْمُقِرِّ إذْ لَا يَزُولُ الْمِلْكُ بِالْكَذِبِ (وَلَوْ) (قَالَ: هَذَا لِفُلَانٍ وَكَانَ مِلْكِي إلَى أَنْ أَقْرَرْت) بِهِ (فَأَوَّلُ كَلَامِهِ إقْرَارٌ وَآخِرُهُ لَغْوٌ) فَلْيُطْرَحْ آخِرُهُ فَقَطْ وَيُعْمَلْ بِأَوَّلِهِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى جُمْلَتَيْنِ مُسْتَقِلَّتَيْنِ، وَمِنْ هَذَا عُلِمَ صِحَّةُ هَذَا مِلْكِي هَذَا لِفُلَانٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ، أَوْ هَذَا لِي وَكَانَ مِلْكَ زَيْدٍ إلَى أَنْ أَقْرَرْت لِأَنَّهُ إقْرَارٌ بَعْدَ إنْكَارٍ أَوْ عَكْسُهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ شَاهِدٍ تَنَاقَضَ كَأَنْ حَكَى مَا ذُكِرَ وَإِنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ فِيهِ لِأَنَّهُ يُحْتَاطُ فِي الشَّهَادَةِ مَا لَا يُحْتَاطُ لِلْإِقْرَارِ (وَلْيَكُنْ الْمُقَرُّ بِهِ) مِنْ الْأَعْيَانِ (فِي يَدِ الْمُقِرِّ) حِسًّا أَوْ حُكْمًا (لِيُسَلَّمَ بِالْإِقْرَارِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ) لِأَنَّهُ عِنْدَ انْتِفَاءِ يَدِهِ عَنْهُ إمَّا مُدَّعٍ أَوْ شَاهِدٍ بِغَيْرِ لَفْظَيْهِمَا فَلَمْ يُقْبَلْ وَاشْتِرَاطُ كَوْنِهِ بِيَدِهِ بِالنِّسْبَةِ لِأَعْمَالِ الْإِقْرَارِ وَهُوَ التَّسْلِيمُ لَا لِصِحَّتِهِ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ لَاغٍ بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ مَتَى حَصَلَ بِيَدِهِ لَزِمَهُ تَسْلِيمُهُ إلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي. وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ بَاعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ أَوْ لَهُمَا ثُمَّ ادَّعَاهُ رَجُلٌ فَأَقَرَّ الْبَائِعُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لَهُ بِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ لِأَنَّ لَهُ الْفَسْخَ، وَمَا لَوْ بَاعَ الْحَاكِمُ مَالَ غَائِبٍ بِسَبَبٍ اقْتَضَاهُ ثُمَّ قَدِمَ وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ قَدْ تَصَرَّفَ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَجَازِ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ أَوْ فِي ظَاهِرِ الْحَالِ لَمْ يَبْعُدْ (قَوْلُهُ: كَانَ لَهُ) أَيْ أَوْ أَطْلَقَ، وَاقْتَضَى الْإِطْلَاقُ الصِّحَّةَ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ) أَيْ قَبْلَ فَصْلِ الصِّيغَةِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ أَسْنَدَهُ إلَى جِهَةٍ لَا تُمْكِنُ فِي حَقِّهِ إلَخْ فِي قَوْلِهِ، وَمِنْ الْمُسْتَحِيلِ شَرْعًا أَنْ يُقِرَّ لِقِنٍّ عَقِبَ عِتْقِهِ وَأَنْ يَثْبُتَ لَهُ دَيْنٌ بِنَحْوِ صَدَاقٍ أَوْ خُلْعٍ أَوْ جِنَايَةٍ فَيُقِرُّ بِهِ لِغَيْرِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَنَّ دَيْنَ الرَّهْنِ) عِبَارَةُ حَجّ أَنَّ دَيْنَ الْمَهْرِ وَهِيَ الصَّوَابُ وَالْمُوَافَقَةُ لِمَا مَرَّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالصَّدَاقِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُ الْمُتْعَةِ) كَوَطْءِ الشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَرَادَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِظُهُورِ الْكَذِبِ فِيهِ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ دَيْنُ الْمَهْرِ إلَخْ إنْ عَيَّنَ مَا ذَكَرَهُ كَأَنْ أَمْهَرَ أَوْ أَمْتَعَ عَيْنًا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِهَا عَقِبَ ثُبُوتِهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي، فَلَوْ أَقَرَّ وَلَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ ثُمَّ صَارَ عَمِلَ بِمُقْتَضَى الْإِقْرَارِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ وَقَوْلُ سم بِمُقْتَضَى الْإِقْرَارِ: أَيْ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ مَغْصُوبَةً فَلَمْ تَدْخُلْ فِي مِلْكِهَا (قَوْلُهُ: وَمِنْ هَذَا) الْإِشَارَةُ رَاجِعَةٌ إلَى قَوْلِهِ عَلَى جُمْلَتَيْنِ (قَوْلُهُ: عَلِمَ صِحَّةَ هَذَا) أَيْ فَيَكُونُ إقْرَارًا (قَوْلُهُ: أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ وَكُلٌّ مِنْهُمَا صَحِيحٌ، وَالْمُرَادُ بِعَكْسِهِ الْإِنْكَارُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ حَكَى مَا ذُكِرَ) بِأَنْ قَالَ: إنَّ زَيْدًا أَقَرَّ بِأَنَّ هَذَا مِلْكُ عَمْرٍو، وَكَانَ مِلْكَ زَيْدٍ إلَى أَنْ أَقَرَّ بِهِ شَرْحُ الرَّوْضِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الْقَبُولِ بَيْنَ كَوْنِهِ يَجْعَلُ ذَلِكَ إخْبَارًا مِنْ نَفْسِهِ أَوْ نَقْلًا عَنْ كَلَامِ الْمُقِرِّ، وَقَالَ سم عَلَى حَجّ: إنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَوْ جَعَلَهُ مِنْ نَفْسِهِ حِكَايَةً لِكَلَامِ الْغَيْرِ بِالْمَعْنَى. ثُمَّ قَالَ: لَكِنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ ظَاهِرٌ فِي خِلَافِهِ فَلْيُرَاجَعْ، وَمَعَ ذَلِكَ فَالْأَوْجَهُ مَعْنَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ قَالَ زَيْدٌ هَذَا مِلْكُ عَمْرٍو وَكَانَ مِلْكِي إلَى أَنْ أَقْرَرْت بِهِ كَانَ إقْرَارًا لِأَنَّ هَذَا نَقْلٌ لِخُصُوصِ مَا قَالَهُ الْمُقِرُّ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ صَادِرًا مِنْهُ أَوْ مِنْ الشَّاهِدِ إخْبَارًا عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ حُكْمًا) أَيْ كَالْمُعَارِ أَوْ الْمُؤَجَّرِ تَحْتَ يَدِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَبَقَاءِ مِلْكِ الْبَائِعِ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لَهُ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ وَيَنْفَسِخُ الْأَثَرُ الَّذِي كَانَ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْعَقْدِ لَوْ لَمْ يَأْتِ بِمَا يَقْتَضِي الِانْفِسَاخَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَهُ الْفَسْخَ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ اطَّلَعَ الْبَائِعُ عَلَى عَيْبٍ فِي الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ أَوْ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ فِي الْمَبِيعِ ثُمَّ أَقَرَّ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ لِأَجْنَبِيٍّ صَحَّ لِأَنَّ لَهُمَا الْفَسْخَ فَلْيُرَاجَعْ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمَا أَفْتَى بِهِ صَاحِبُ الْبَيَانِ إلَخْ خِلَافُهُ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ لَا يَحْصُلُ بِهِ الْفَسْخُ، وَهَذَا وَالْأَوْلَى تَعْلِيلُ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَنْ مِلْكِهِ بِنَاقِلٍ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَلْيَكُنْ الْمُقَرُّ بِهِ فِي يَدِ الْمُقِرِّ) أَيْ: فِي تَصَرُّفِهِ فَلَا يَرِدُ نَحْوُ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لَهُ) لَفْظُ لَهُ مُتَعَلِّقٌ بِ أَقَرَّ. وَاعْلَمْ أَنَّ الصُّورَةَ أَنَّ الْإِقْرَارَ بَعْدَ الْقَبْضِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

قَبْلَ بَيْعِ الْحَاكِمِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ قُبَيْلَ كِتَابِ الصَّدَاقِ عَنْ النَّصِّ، وَمَا أَفْتَى بِهِ صَاحِبُ الْبَيَانِ مِنْ قَبُولِ إقْرَارِ مَنْ وَهَبَ لِوَلَدِهِ عَيْنًا ثُمَّ أَقْبَضَهُ إيَّاهَا ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا لِغَيْرِهِ مُفَرَّعٌ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَلَى أَنَّ تَصَرُّفَ الْوَاهِبِ رُجُوعٌ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ، وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ إذَا كَانَ فِي يَدِهِ لِنَفْسِهِ، فَلَوْ كَانَ نَائِبًا عَنْ غَيْرِهِ كَنَاظِرِ وَقْفٍ وَوَلِيِّ مَحْجُورٍ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ وَخَرَجَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي تَقْرِيرِ كَلَامِهِ الدَّيْنُ فَلَا يَأْتِي فِيهِ مَا ذُكِرَ (فَلَوْ) (أَقَرَّ وَلَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ ثُمَّ صَارَ) فِي يَدِهِ (عُمِلَ بِمُقْتَضَى الْإِقْرَارِ) بِأَنْ يُسَلَّمَ لِلْمُقَرِّ لَهُ فِي الْحَالِ. (فَلَوْ) (أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ) مُعَيَّنٍ (فِي يَدِ غَيْرِهِ) أَوْ شَهِدَ بِهَا ثُمَّ (اشْتَرَاهُ) لِنَفْسِهِ أَوْ مَلَكَهُ بِوَجْهٍ آخَرَ وَخَصَّ الشِّرَاءَ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ جَمِيعُ الْأَحْكَامِ الْآتِيَةِ (حُكِمَ بِحُرِّيَّتِهِ) بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ خِيَارِ الْبَائِعِ، وَتُرْفَعُ يَدُ الْمُشْتَرِي عَنْهُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ، فَلَوْ اشْتَرَاهُ لِمُوَكِّلِهِ لَمْ يُحْكَمْ بِحُرِّيَّتِهِ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَقَعُ ابْتِدَاءً لِلْمُوَكِّلِ، وَكَمَا لَوْ اشْتَرَى أَبَاهُ بِالْوَكَالَةِ وَتَسْمِيَتُهُ الْحُرَّ فِي زَعْمِ الْمُقِرِّ عَبْدًا بِاعْتِبَارِ ظَاهِرِ الِاسْتِرْقَاقِ أَوْ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ أَوْ بِاعْتِبَارِ مَدْلُولِهِ الْعَامِّ (ثُمَّ إنْ كَانَ قَالَ) فِي إقْرَارِهِ (هُوَ حُرُّ الْأَصْلِ فَشِرَاؤُهُ افْتِدَاءٌ) مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ فَلَا يَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ الشِّرَاءِ لِأَنَّ اعْتِرَافَهُ بِحُرِّيَّتِهِ مَانِعٌ مِنْ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــSبِزَمَنِ الْخِيَارِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّ الْمَقَرَّ بِهِ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِ الْمُقِرِّ بِالْبَيْعِ لِفَرْضِ الْكَلَامِ فِيمَا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا، وَعَلَيْهِ فَلَا يُشْكِلُ مَا يَأْتِي فِي الْهِبَةِ وَلَا يُتَوَجَّهُ إلْحَاقُ خِيَارِ الْعَيْبِ بِخِيَارِ الشَّرْطِ فَلَا يَكُونُ الْإِقْرَارُ بِهِ صَحِيحًا (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ) أَيْ بِيَمِينِهِ عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ أَنَّهُمْ حَيْثُ أَطْلَقُوا الْقَبُولَ حُمِلَ عَلَى مَا هُوَ بِالْيَمِينِ، فَإِنْ أَرَادُوا خِلَافَهُ قَالُوا بِلَا يَمِينٍ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ) أَيْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ لَغْوًا، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى صِدْقِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ) أَيْ مَا لَمْ يَسْتَأْذِنْ الْحَاكِمَ وَيُقِيمُ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً تَشْهَدُ بِذَلِكَ فَيَصِحُّ تَصْدِيقًا لِلْبَيِّنَةِ بَلْ لَوْ أَنْكَرَ عُمِلَ بِالْبَيِّنَةِ، وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ لِاسْتِئْذَانِ الْحَاكِمِ لِتُقَامَ الْبَيِّنَةُ عَلَى مُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ) مِنْ قَوْلِهِ مِنْ الْأَعْيَانِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَأْتِي فِيهِ) أَيْ لَكِنْ لَوْ أَقَرَّ الْوَارِثُ فِي حَيَاةِ مُوَرِّثِهِ بِأَنَّ مَا لِمُوَرِّثِهِ عَلَى زَيْدٍ لَا يَسْتَحِقُّهُ ثُمَّ مَاتَ مُوَرِّثُهُ وَصَارَ الدَّيْنُ لِلْمُقِرِّ عُمِلَ بِمُقْتَضَى إقْرَارِهِ فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْمَدِينِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، فَلَوْ أَقَرَّ وَلَمْ يَكُنْ إلَخْ (قَوْلُهُ: عُمِلَ بِمُقْتَضَى الْإِقْرَارِ) . [تَنْبِيهٌ] يُؤْخَذُ مِنْ الْمَتْنِ وَغَيْرِهِ صِحَّةُ مَا أَجَبْت بِهِ فِي مَمَرٍّ مُسْتَطِيلٍ إلَى بُيُوتٍ أَوْ مَجْرَى مَاءٍ كَذَلِكَ إلَى أَرَاضٍ لَا يُقْبَلُ: أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا قِسْمَةٌ، فَأَقَرَّ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ لِآخَرَ بِحَقٍّ فِيهِ مِنْ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ وَوَقَفَ الْأَمْرُ لِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِ الْمَقَرِّ بِهِ لِأَنَّ يَدَ الشُّرَكَاءِ حَائِلَةٌ، فَإِنْ صَارَ بِيَدِ الْمُقِرِّ مَا يُمْكِنُهُ بِهِ تَسْلِيمُ الْحَقِّ الْمَقَرِّ بِهِ أَوْ أَخَذَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا، وَلَا قِيمَةَ هُنَا لِلْحَيْلُولَةِ لِأَنَّ الشَّرْطَ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْمُقِرِّ وَهِيَ هُنَا مِنْ غَيْرِهِ لِتَعَذُّرِ الْقِسْمَةِ وَالْمُرُورِ فِي حَقِّ الْغَيْرِ اهـ حَجّ. وَقَوْلُ حَجّ لِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِ الْمَقَرِّ بِهِ قَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ جُزْءٍ شَائِعٍ مِنْ دَارٍ وَيَصِحُّ تَسْلِيمُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ، وَلَمْ يَنْظُرْ لِكَوْنِ يَدِهِ حَائِلَةً إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الدَّارَ يُمْكِنُ انْتِفَاعُ الشَّرِيكَيْنِ بِهَا مُهَايَأَةً أَوْ قِسْمَتُهَا أَوْ إيجَارُهَا مِنْ الْقَاضِي عَلَيْهِمَا بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمَمَرِّ وَالْمَجْرَى. (قَوْلُهُ: وَتُرْفَعُ يَدُ الْمُشْتَرِي) الْأَوْلَى فَتُرْفَعُ (قَوْلُهُ: إذَا اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ) هَذَا التَّقْيِيدُ تَقَدَّمَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي قَوْلِهِ لِنَفْسِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ اشْتَرَاهُ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَمَّا لَوْ اشْتَرَاهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَوْ اشْتَرَاهُ لِمُوَكِّلِهِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ مُوَكِّلِهِ مُوَلِّيهِ كَمَا أَفْهَمَهُ التَّقْيِيدُ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ الْكَلَامُ فِي الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ ظَاهِرٌ، أَمَّا بِحَسَبِ نَفْسِ الْأَمْرِ فَإِنْ كَانَ صَادِقًا فِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحُرِّيَّةِ فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ وَيَأْثَمُ بِإِقْدَامِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِاعْتِبَارِ مَدْلُولِهِ) وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ إلَخْ) حَقُّ الْعِبَارَةِ أَمَّا لَوْ اشْتَرَاهُ لِمُوَكِّلِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ) يَعْنِي فِيمَا إذَا

وَأَمَّا الْبَائِعُ فَفِيهِ الْخِلَافُ الْآتِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَطْلَبِ فَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارَانِ وَلَا يُرَدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَرْتَضِيه، وَإِذَا مَاتَ الْمُدَّعِي حُرِّيَّتَهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَمِيرَاثُهُ لِوَارِثِهِ الْخَاصِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلِبَيْتِ الْمَالِ. وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ لِأَنَّهُ بِزَعْمِهِ لَيْسَ لِلْبَائِعِ كَمَا مَرَّ وَاعْتِرَافُ الْمُشْتَرِي بِأَنَّهُ كَانَ مَمْلُوكًا وَلَكِنْ أَعْتَقَهُ مَالِكُهُ قَبْلَ شِرَاءِ الْبَائِعِ لَهُ كَاعْتِرَافِهِ بِحُرِّيَّةِ أَصْلِهِ لَكِنَّهُ هُنَا يُورَثُ بِالْوَلَاءِ بِشَرْطِهِ وَيَأْخُذُ الْمُشْتَرِي مِنْ تَرِكَتِهِ أَقَلَّ الثَّمَنَيْنِ (وَإِنْ قَالَ: أَعْتَقَهُ) الْبَائِعُ وَهُوَ يَسْتَرِقُّهُ ظُلْمًا (فَافْتِدَاءٌ) أَيْ فَشِرَاؤُهُ حِينَئِذٍ افْتِدَاءٌ (مِنْ جِهَتِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي لِذَلِكَ (وَبَيْعٌ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ عَلَى الْمَذْهَبِ) فِيهِمَا عِنْدَ السُّبْكِيّ أَوْ فِي الْبَائِعِ فَقَطْ عِنْدَ الْإِسْنَوِيِّ بِنَاءً عَلَى اعْتِقَادِهِ. قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: إنَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ إلَى ظَاهِرِ الْعِبَارَةِ، وَالثَّانِي أَقْرَبُ إلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (فَيَثْبُتُ فِيهِ الْخِيَارَانِ) أَيْ الْمَجْلِسُ وَالشَّرْطُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ خِيَارُ عَيْبِ الثَّمَنِ (لِلْبَائِعِ فَقَطْ) لَا لِلْمُشْتَرِي لِمَا مَرَّ أَنَّهُ افْتِدَاءٌ مِنْ جِهَتِهِ، وَمِنْ ثَمَّ امْتَنَعَ رَدُّهُ بِعَيْبٍ وَلَمْ يَسْتَحِقَّ أَرْشًا، بِخِلَافِ الْبَائِعِ إذْ لَوْ رَدَّ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ بِعَيْبٍ جَازَ لَهُ اسْتِرْدَادُ الْعَبْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْإِنْسَانُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ) أَيْ الْخِلَافُ (قَوْلُهُ: قَدْ لَا يَرْتَضِيهِ) أَيْ فَيَكُونُ مَا هُنَا افْتِدَاءً مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي وَبَيْعًا مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ قَطْعًا (قَوْلُهُ: لِوَارِثِهِ الْخَاصِّ) أَيْ كَالِابْنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ مَا يَأْخُذُهُ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ) أَيْ الْعَبْدَ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ) أَيْ وَهُوَ عَدَمُ وَارِثٍ خَاصٍّ (قَوْلُهُ: مِنْ تَرِكَتِهِ) أَيْ الْمُدَّعِي حُرِّيَّتَهُ (قَوْلُهُ: أَقَلَّ الثَّمَنَيْنِ) أَيْ ثَمَنِ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَالْبَائِعِ الثَّانِي، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْأَقَلَّ إنْ كَانَ هُوَ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ فَهُوَ الَّذِي تَعَدَّى سَيِّدُ الْعَبْدِ بِقَبْضِهِ فَيُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ دُونَ مَا زَادَ، وَإِنْ كَانَ الْأَقَلُّ هُوَ الثَّانِيَ فَلِأَنَّ الْمُقِرَّ بِالْحُرِّيَّةِ لَمْ يَغْرَمْ إلَّا هُوَ فَلَا يَأْخُذُ زِيَادَةً عَلَيْهِ. [فَرْعٌ] قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَوْ اشْتَرَى أَرْضًا وَوَقَفَهَا مَسْجِدًا: أَيْ مَثَلًا، فَجَاءَ آخَرُ وَادَّعَاهَا وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي لَمْ تَبْطُلْ الْوَقْفِيَّةُ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا اهـ حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ. أَقُولُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ مَأْخُوذٌ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْحَقَّ إذَا تَعَلَّقَ بِثَالِثٍ لَا الْتِفَاتَ إلَى قَوْلِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي إذَا اتَّفَقَا عَلَى بُطْلَانِ الْبَيْعِ، وَلَا يَثْبُتُ مَا ادَّعَاهُ الثَّالِثُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ حَيْثُ لَمْ يُصَدِّقْهُ الْبَائِعُ عَلَى الْوَقْفِيَّةِ (قَوْلُهُ: أَيْ الْمُشْتَرِي لِذَلِكَ) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ لِأَنَّ اعْتِرَافَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي الْبَائِعِ) أَيْ أَوْ عَلَى الْمَذْهَبِ فِي الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: الْأَوَّلَ) هُوَ قَوْلُهُ فِيهِمَا عِنْدَ السُّبْكِيّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمَحَلِّيُّ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ أَوْ فِي الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ خِيَارُ عَيْبِ الثَّمَنِ) أَيْ فَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ فَلَهُ الْأَرْشُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ امْتَنَعَ رَدُّهُ) أَيْ الْمُشْتَرَى (قَوْلُهُ: إذْ لَوْ رَدَّ) أَيْ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ: جَازَ لَهُ اسْتِرْدَادُ الْعَبْدِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْأَكْسَابَ الْحَاصِلَةَ مِنْ الْعَبْدِ إذَا رُدَّ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْبَائِعِ لَيْسَتْ لِلْبَائِعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ، وَعَلَيْهِ فَانْظُرْ مَاذَا يَفْعَلُ فِيهَا لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ أَخْذُهَا لِدَعْوَاهُ حُرِّيَّتَهُ وَالْمَبِيعُ رَقِيقٌ بِزَعْمِ الْبَائِعِ، وَالرَّقِيقُ لَا يَمْلِكُ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الْعُبَابِ مَا نَصُّهُ: فَلَهُ دُونَ الْمُقِرِّ الْخِيَارَانِ وَالْفَسْخُ فِي الثَّمَنِ الْمَعِيبِ، فَإِنْ عَيَّنَ فِي الْعَقْدِ اسْتَرَدَّ الْمَبِيعَ. وَكَتَبَ بِهَامِشِهِ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ اسْتَرَدَّ الْمَبِيعَ: أَيْ وَمَا كَسَبَهُ مِنْ الْبَيْعِ إلَى الْفَسْخِ لَا يَأْخُذُهُ الْبَائِعُ بَلْ يُوقَفُ تَحْتَ يَدِ مَنْ يَخْتَارُهُ الْقَاضِي إنْ عَتَقَ فَلَهُ وَإِنْ مَاتَ فَحُكْمُ الْفَيْءِ كَمَالٍ مِنْ رِقٍّ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ كَمَا أَوْضَحَ ذَلِكَ الشِّهَابُ حَجّ فِي الْفَتَاوَى. وَقَوْلُهُ: جَازَ لَهُ التَّعْبِيرُ بِالْجَوَازِ يُشْعِرُ بِأَنَّ لَهُ حَالَةً أُخْرَى، وَانْظُرْ مَا هِيَ فَإِنَّهُ بِرَدِّ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فَيَعُودُ لَهُ الْمَبِيعُ، وَلَوْ قَالَ فَبِاطِّلَاعِهِ عَلَى عَيْبٍ فِي الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ يَجُوزُ لَهُ اسْتِرْدَادُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ أَعْتَقَهُ مَالِكُهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَرْتَضِيهِ) فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ مَا نَصُّهُ: يُمْكِنُ جَعْلُ قَوْلِهِ الْآتِي وَبِيعَ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ عَلَى الْمَذْهَبِ رَاجِعًا لِهَذِهِ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْمُتَبَادَرِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا مَاتَ الْمُدَّعِي حُرِّيَّتَهُ) أَيْ وَهُوَ صُورَةُ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى اعْتِقَادِهِ) هَذَا تَعْلِيلٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ وَبِيعَ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَمَّا بَعْدَهُ

بِخِلَافِ رَدِّهِ بَعْدَ عِتْقِ الْمُشْتَرِي فِي غَيْرِ ذَلِكَ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى عِتْقِهِ ثَمَّ وَيُوقَفُ وَلَاؤُهُ لِانْتِفَاءِ اعْتِرَافِ الْبَائِعِ بِعِتْقِهِ وَالْمُشْتَرِي لَمْ يَعْتِقْهُ، فَإِنْ مَاتَ بِلَا وَارِثٍ بِغَيْرِ الْوَلَاءِ وَلَهُ تَرِكَةُ وَرِثَهُ الْبَائِعُ وَرَدَّ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي إنْ صَدَّقَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ بِعِتْقِهِ، فَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ فَلِلْمُشْتَرِي أَخْذُ قَدْرِ الثَّمَنِ مِنْ تَرِكَتِهِ وَيُوقَفُ الْبَاقِي إنْ كَانَ لِأَنَّهُ إمَّا كَاذِبٌ فِي حُرِّيَّتِهِ فَجَمِيعُ الْكَسْبِ لَهُ أَوْ صَادِقٌ فَالْكُلُّ لِلْبَائِعِ إرْثًا بِالْوَلَاءِ وَقَدْ ظَلَمَهُ بِأَخْذِ الثَّمَنِ مِنْهُ وَتَعَذَّرَ اسْتِرْدَادُهُ وَقَدْ ظَفِرَ بِمَالِهِ. أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ وَارِثٌ بِغَيْرِ الْوَلَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَغْرِقًا فَلَهُ مِنْ مِيرَاثِهِ مَا يَخُصُّهُ وَفِي الْبَاقِي مَا مَرَّ وَإِلَّا فَجَمِيعُ مِيرَاثِهِ لَهُ، وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَخْذُ شَيْءٍ لِأَنَّهُ بِزَعْمِهِ لَيْسَ لِلْبَائِعِ إلَّا إذَا كَانَ الْبَائِعُ يَرِثُ بِغَيْرِ الْوَلَاءِ كَأَنْ كَانَ أَخًا لِلْعَبْدِ فَلَا إرْثَ لَهُ، بَلْ يَكُونُ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ بِغَيْرِ الْوَلَاءِ كَمَا اقْتَضَاهُ التَّعْلِيلُ، وَصَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَوْ أَقَرَّ بِأَنَّ مَا فِي يَدِ زَيْدٍ مَغْصُوبٌ صَحَّ شِرَاؤُهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ قَدْ يُقْصَدُ اسْتِنْقَاذُهُ، وَلَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ لِمَنْ يَطْلُبُ الشِّرَاءَ مِلْكًا لِنَفْسِهِ أَوْ مُسْتَنِيبِهِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ لِغَيْرِهِ فَاسْتَأْجَرَهَا لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ أَوْ نَكَحَهَا لَزِمَهَا الْمَهْرُ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْأُولَى اسْتِخْدَامُهَا وَلَا فِي الثَّانِيَةِ وَطْؤُهَا إلَّا إنْ كَانَ نَكَحَهَا بِإِذْنِهَا وَسَيِّدُهَا عِنْدَهُ وَلِيٌّ بِالْوَلَاءِ كَأَنْ قَالَ: أَنْتَ أَعْتَقْتهَا أَوْ بِغَيْرِ الْوَلَاءِ كَأَنْ كَانَ أَخَاهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَبِيعِ كَانَ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ رَدِّهِ) أَيْ الثَّمَنِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ (قَوْلُهُ: فَجَمِيعُ الْكَسْبِ لَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَقَدْ ظَلَمَهُ) أَيْ ظَلَمَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ (قَوْلُهُ: وَقَدْ ظَفِرَ) أَيْ الْمُشْتَرِي بِمَا لَهُ: أَيْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَغْرِقًا) أَيْ كَبِنْتٍ وَزَوْجَةٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَفِي الْبَاقِي مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ إنْ صَدَّقَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ بِعِتْقِهِ أَخَذَ الْبَاقِيَ وَرَدَّ قَدْرَ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ أَخَذَ الْمُشْتَرِي قَدْرَ الثَّمَنِ مِنْ الْبَاقِي وَوَقَفَ الزَّائِدَ (قَوْلُهُ: فَجَمِيعُ مِيرَاثِهِ لَهُ) أَيْ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ) أَيْ مِيرَاثِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ كَانَ) أَيْ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ: فَلَا إرْثَ لَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ) أَيْ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْبَائِعُ دَفَعَ قَدْرَ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي وَأَخَذَ التَّرِكَةَ وَإِلَّا أَخَذَ الْمُشْتَرِي مِنْ التَّرِكَةِ قَدْرَ الثَّمَنِ وَوَقَفَ الْبَاقِيَ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِمَّا تَقَدَّمَ عَنْ حَجّ فِي كَسْبِ الْعَبْدِ أَنَّ مَا خَلَفَهُ هُنَا يَكُونُ لِبَيْتِ الْمَالِ لَكِنَّ ظَاهِرَ مَا قَدَّمْنَاهُ الْوَقْفُ (قَوْلُهُ: صَحَّ شِرَاؤُهُ) أَيْ حُكِمَ بِصِحَّةِ شِرَائِهِ مِنْهُ. وَيَجِبُ رَدُّهُ لِمَنْ قَالَ: إنَّهُ مَغْصُوبٌ مِنْهُ إنْ عُرِفَ وَإِلَّا انْتَزَعَهُ الْحَاكِمُ مِنْهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي كُتُبِ الْأَوْقَافِ، فَإِذَا عَلِمَ بِوَقْفِيَّتِهَا، وَلَيْسَ مِنْ الْعِلْمِ مَا يُكْتَبُ بِهَوَامِشِهَا مِنْ لَفْظِ وَقْفٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا كَانَ شِرَاؤُهُ اقْتِدَاءً فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهَا لِمَنْ لَهُ وِلَايَةُ حِفْظِهَا إنْ عُرِفَ وَإِلَّا سَلَّمَهَا لِمَنْ يَعْرِفُ الْمَصْلَحَةَ، فَإِنْ عَرَفَهَا هُوَ وَأَبْقَاهَا فِي يَدِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ دَفْعُهَا وَالْإِعَارَةُ مِنْهَا عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي كُتُبِ الْأَوْقَافِ (قَوْلُهُ: أَمَةٍ لِغَيْرِهِ) أَيْ مَمْلُوكَةٍ لِغَيْرِهِ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ فِي الْأُولَى اسْتِخْدَامُهَا) أَيْ لِأَنَّ الْمُؤَجِّرَ لَمْ يَمْلِكْ مَنْفَعَتَهَا فِي زَعْمِ الْمُسْتَأْجِرِ لِاعْتِرَافِهِ بِحُرِّيَّتِهَا. [تَنْبِيهٌ] لَوْ كَانَ الْمُقَرُّ بِحُرِّيَّتِهِ مُسْتَأْجَرًا أَوْ مَرْهُونًا أَوْ جَانِيًا، ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى مِلْكِ الْمُقِرِّ بِإِرْثٍ أَوْ نَحْوِهِ فَهَلْ يُحْكَمُ بِحُرِّيَّتِهِ حَتَّى تَكُونَ أَكْسَابُهُ فِي حَالَةِ الرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ لَهُ وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً فَوُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ كَانَ الْمَهْرُ لَهَا أَوْ حَدَثَ مَا يُوجِبُ فَسْخَ الْإِجَارَةِ كَانَتْ الْمَنَافِعُ لَهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَلَوْ أَقَرَّ بِأَنَّ هَذِهِ الدَّارَ وَقْفٌ ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ اهـ حَوَاشِي الرَّوْضِ. وَقَوْلُهُ فِيهِ نَظَرٌ الَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ أَنَّهُ لَا يُنْقَلُ الرَّهْنُ وَلَا تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ بِانْتِقَالِهِ لِمُدَّعِي الْحُرِّيَّةِ، ثُمَّ إنْ انْفَكَّ بِطَرِيقٍ مِنْ الطُّرُقِ اسْتَقَلَّ الْعَبْدُ بِالْأَكْسَابِ الْمَاضِيَةِ وَالْآتِيَةِ، وَمَا دَامَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ مَوْجُودًا اسْتَحَقَّ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَنْفَعَةَ الَّتِي عَقَدَ عَلَيْهَا بِمُقْتَضَى الْإِجَارَةِ لِأَنَّ قَوْلَ مُدَّعِي الْحُرِّيَّةِ لَا يُقْبَلُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، وَأَنَّهُ لَوْ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ مَلَكَ الْعَبْدُ مَنْفَعَةَ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ حُكِمَ بِحُرِّيَّتِهِ بِانْتِقَالِهِ لِمَنْ أَقَرَّ بِهَا، وَأَنَّ مَهْرَ الْأَمَةِ إذَا وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ بَعْدَ انْتِقَالِهَا لِمَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهَا تَأْخُذُهُ لِعَدَمِ الْمُعَارِضِ فِيهِ، وَإِذَا لَمْ يَنْفَكَّ الرَّهْنُ وَلَا فَدَى الْجَانِي بِيعَ الْعَبْدُ فِي الْجِنَايَةِ وَالرَّهْنِ: وَالْأَكْسَابُ الَّتِي تَحَصَّلَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَسَوَاءٌ أَحَلَّتْ لَهُ الْأَمَةُ أَمْ لَا لِاعْتِرَافِهِ بِحُرِّيَّتِهَا، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. لَكِنْ قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ: يَنْبَغِي عَدَمُ الصِّحَّةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ حَلَّتْ لَهُ الْأَمَةُ لِاسْتِرْقَاقِ أَوْلَادِهَا كَأُمِّهِمْ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ. وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَنْ أَوْصَى بِأَوْلَادِ أَمَتِهِ لِآخَرَ ثُمَّ مَاتَ وَأَعْتَقَهَا الْوَارِثُ فَلَا بُدَّ فِي تَزْوِيجِهَا مِنْ شُرُوطِ نِكَاحِ الْأَمَةِ. ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْإِقْرَارِ بِالْمَجْهُولِ فَقَالَ (وَيَصِحُّ) (الْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ) إجْمَاعًا ابْتِدَاءً كَانَ أَوْ جَوَابًا لِدَعْوَى لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ فَيَقَعُ مُجْمَلًا وَمُفَصَّلًا، وَأَرَادَ بِهِ مَا يَعُمَّ الْمُبْهَمَ كَأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ كَمَا أَلْحَقَهُ بِهِ السُّبْكِيُّ (فَإِذَا) (قَالَ) مَا يَدَّعِيه زَيْدٌ فِي تَرِكَتِي فَهُوَ فِي حَقٍّ عَيَّنَهُ الْوَارِثُ أَوْ (لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِكُلِّ مَا يُتَمَوَّلُ وَإِنْ قَلَّ) كَفَلْسٍ لِصِدْقِ اسْمِ الشَّيْءِ عَلَيْهِ، فَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ التَّفْسِيرِ أَوْ نُوزِعَ فِيهِ فَسَيَأْتِي قَرِيبًا. وَضَابِطُ الْمُتَمَوَّلِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ مَا يَسُدُّ مَسَدًا أَوْ يَقَعُ مَوْقِعًا يَحْصُلُ بِهِ جَلْبُ نَفْعٍ أَوْ دَفْعُ ضَرَرٍ، وَتَنْظِيرُ الْأَذْرَعِيِّ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَوَّلِ مَا لَهُ فِي الْعُرْفِ قِيمَةٌ وَلَوْ قَلَّتْ جِدًّا كَفَلْسٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مُتَمَوَّلٍ مَالٌ وَلَا يَنْعَكِسُ كَحَبَّةِ بُرٍّ وَقَوْلُهُمْ فِي الْبَيْعِ لَا يُعَدُّ مَالًا. أَيْ مُتَمَوَّلًا (وَلَوْ فَسَّرَهُ بِمَا لَا يَتَمَوَّلُ) أَيْ لَا يُتَّخَذُ مَالًا (لَكِنَّهُ مِنْ جِنْسِهِ كَحَبَّةِ حِنْطَةٍ أَوْ بِمَا يَحِلُّ اقْتِنَاؤُهُ كَكَلْبٍ مُعَلَّمٍ) لِحِرَاسَةٍ أَوْ صَيْدٍ وَقِشْرَةِ نَحْوِ لَوْزٍ وَمَيْتَةٍ لِمُضْطَرٍّ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ خِلَافًا لِلْقَاضِي (وَسَرْجَيْنِ) وَهُوَ الزِّبْلُ، وَكَذَا بِكُلِّ نَجَسٍ يُقْتَنَى كَجِلْدِ مَيْتَةٍ يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ وَخَمْرٍ مُحْتَرَمَةٍ (قُبِلَ) كَمَا لَوْ فَسَّرَهُ بِحَقِّ شُفْعَةٍ وَحْدِ قَذْفٍ الْوَدِيعَةٍ (فِي الْأَصَحِّ) لِصِدْقِ مَا ذُكِرَ عَلَى هَذِهِ الْأُمُورِ وَيَحْرُمُ أَخْذُهُ وَيَجِبُ رَدُّهُ، وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ فِيهِمَا لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا قِيمَةَ لَهُ فَلَا يَصِحُّ الْتِزَامُهُ بِكَلِمَةِ عَلَيَّ وَالثَّانِي لَيْسَ بِمَالٍ، وَظَاهِرُ الْإِقْرَارِ الْمَالُ وَخَرَجَ بِعَلَيَّ فِي ذِمَّتِهِ فَلَا يُقْبَلُ فِيهِ بِنَحْوِ حَبَّةِ حِنْطَةٍ وَكَلْبٍ قَطْعًا لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِيهَا، وَلَوْ قَالَ لِزَيْدٍ هَذِهِ الدَّارُ وَمَا فِيهَا صَحَّ وَاسْتَحَقَّ جَمِيعَ مَا فِيهَا وَقْتَ الْإِقْرَارِ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي شَيْءٍ أَهُوَ بِهَا وَقْتَهُ صُدِّقَ الْمُقِرُّ وَعَلَى الْمُقَرِّ لَهُ الْبَيِّنَةُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِجَمِيعِ مَا فِي يَدِهِ أَوْ مَا يُنْسَبُ إلَيْهِ صَحَّ وَصُدِّقَ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي تِلْكَ الْمُدَّةِ قَبْلَ بَيْعِهِ فِي الْجِنَايَةِ أَوْ الرَّهْنِ يَأْتِي فِيهَا مَا تَقَدَّمَ عَنْ فَتَاوَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ) أَيْ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ. (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ) أَيْ لِأَيِّ شَخْصٍ كَانَ (قَوْلُهُ: فَهُوَ فِي حَقِّ عَيْنِهِ) أَيْ صَحَّ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْمُقِرُّ لَهُ شَيْئًا وَعَيَّنَهُ الْوَارِثُ وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ فَوَّضَ أَمَرَ الْمَقَرِّ بِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ دُونَ الْوَارِثِ فَكَيْفَ يُرْجَعُ لِتَعْيِينِهِ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ إقْرَارٌ مِنْهُ حَالًّا لَكِنَّ الْمُقَرَّ بِهِ مَجْهُولٌ، فَلَمَّا لَمْ تَتَوَقَّفْ صِحَّةُ الْإِقْرَارِ عَلَى تَعْيِينِ الْمُقَرِّ لَهُ رَجَعَ لِتَعْيِينِ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ: فَسَيَأْتِي قَرِيبًا) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي وَمَتَى أَقَرَّ بِمُبْهَمٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ مَا يَسُدُّ إلَخْ، وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ أَوْ يَقَعُ إلَخْ لَكِنْ فِي حَجّ التَّعْبِيرُ بِالْوَاوِ وَعَلَيْهَا فَهُوَ عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَوَّلِ مَا يَحْصُلُ بِهِ نَفْعٌ (قَوْلُهُ: أَيْ مُتَمَوَّلًا) يُمْكِنُ أَنْ لَا يَحْتَاجَ لِذَلِكَ إلَّا لَوْ قَالُوا: لَيْسَتْ مَالًا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَوَجْهُهُ أَنَّ قَوْلَهُمْ لَا يُعَدُّ مَالًا نَفْيٌ لِإِعْدَادِهِ: أَيْ تَسْمِيَتِهِ فِي الْعُرْفِ مَالًا، وَعَدَمُ التَّسْمِيَةِ فِي الْعُرْفِ لَا يُنَافِي أَنَّهُ مَالٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ بِهِ لِحَقَارَتِهِ (قَوْلُهُ: يَظْهَرُ بِالدِّبَاغِ) هَذَا يُخْرِجُ الْمُغَلَّظَ فَلَا يَحِلُّ اقْتِنَاؤُهُ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِمَا فِي اللِّبَاسِ مِنْ أَنَّهُ يَحِلُّ جَعْلُهُ غِشَاءً لِنَحْوِ الْكَلْبِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِيهَا) يُمْكِنُ أَنْ يُصَوِّرَ ثُبُوتَ نَحْوِ الْحَبَّةِ بِمَا لَوْ أَتْلَفَ لَهُ حَبَّاتٍ مُتَمَوِّلَةً كَمِائَةٍ مَعْلُومَةِ الْأَعْيَانِ لَهُمَا ثُمَّ أَبْرَأَهُ الْمَالِكُ مِمَّا عَدَا حَبَّةً مُعَيَّنَةً فَإِنَّ الظَّاهِرَ بَقَاؤُهَا فِي ذِمَّتِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مِثْلُ هَذَا نَادِرٌ فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: صَدَّقَ الْمُقِرُّ) أَيْ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ (قَوْلُهُ: أَوْ مَا يُنْسَبُ إلَيْهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: فَيَقَعُ مُجْمَلًا وَمُفَصَّلًا) أَيْ كَمَا هُوَ شَأْنُ سَائِرِ الْإِخْبَارَاتِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ وَالشَّيْءُ يُخْبَرُ عَنْهُ مُفَصَّلًا تَارَةً وَمُجْمَلًا أُخْرَى (قَوْلُهُ: كَمَا أَلْحَقَهُ بِهِ السُّبْكِيُّ) الْمُنَاسِبُ لِمَا قَبْلَهُ كَمَا أَدْخَلَهُ فِيهِ السُّبْكِيُّ، فَإِنْ كَانَ السُّبْكِيُّ إنَّمَا ذَكَرَهُ عَلَى وَجْهِ الْإِلْحَاقِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَإِنْ جَعَلَهُ السُّبْكِيُّ مُلْحَقًا بِهِ (قَوْلُهُ: لَصَدَقَ مَا ذُكِرَ عَلَى هَذِهِ الْأُمُورِ وَيَحْرُمُ أَخْذُهُ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ؛ لِأَنَّهُ شَيْءٌ وَيَحْرُمُ أَخْذُهُ وَيَجِبُ رَدُّهُ

إذَا تَنَازَعَا فِي شَيْءٍ أَكَانَ بِيَدِهِ حِينَئِذٍ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ اخْتَلَفَ وَارِثُ الْمُقِرِّ وَالْمُقَرِّ لَهُ صُدِّقَ وَارِثُ الْمُقِرِّ لِأَنَّهُ خَلِيفَةُ مُوَرِّثِهِ فَيَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِوُجُودِ ذَلِكَ فِيهَا حَالَةَ الْإِقْرَارِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَا يَقْنَع مِنْهُ بِحَلِفِهِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ فِيهَا شَيْئًا، وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ، وَهُوَ أَوْجَهُ مِنْ قَوْلِ الْقَاضِي يُصَدَّقُ الْمُقَرُّ لَهُ، قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَلَوْ كَانَ لِلْمُقِرِّ زَوْجَةٌ سَاكِنَةٌ مَعَهُ فِي الدَّارِ قُبِلَ قَوْلُهَا فِي نِصْفِ الْأَعْيَانِ بِيَمِينِهَا لِأَنَّ الْيَدَ لَهَا مَعَهُ عَلَى جَمِيعِ مَا فِيهَا صُلْحٌ لِأَحَدِهِمَا فَقَطْ أَوْ لِكِلَيْهِمَا. (وَلَا يُقْبَلُ بِمَا لَا يُقْتَنَى كَخِنْزِيرٍ وَكَلْبٍ لَا نَفْعَ فِيهِ) بِوَجْهٍ حَالًّا وَلَا مَآلًا، وَخَمْرٍ غَيْرِ مُحْتَرَمَةٍ؛ لِأَنَّ " عَلَيَّ " تَقْتَضِي ثُبُوتَ حَقٍّ وَهَذَا لَيْسَ حَقًّا وَلَا اخْتِصَاصًا وَلَا يَجِبُ رَدُّهَا، وَبَحْثُ الْإِسْنَوِيِّ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ قَبُولُ تَفْسِيرِهِ بِخِنْزِيرٍ وَخَمْرٍ إذَا أَقَرَّ لِذِمِّيٍّ لِأَنَّهُ يُقِرُّ عَلَيْهِمَا إذَا لَمْ يُظْهِرْهُمَا وَيَجِبُ رَدُّهُمَا لَهُ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ بِإِطْلَاقِهِمْ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي شَيْءٌ أَوْ غَصَبْت مِنْهُ شَيْئًا صَحَّ تَفْسِيرُهُ بِمَا لَا يُقْتَنَى إذْ لَيْسَ فِي لَفْظِهِ مَا يُشْعِرُ بِالْتِزَامِ حَقٍّ إذْ الْغَصْبُ لَا يَقْتَضِي الْتِزَامًا وَثُبُوتَ مَالٍ وَإِنَّمَا يَقْتَضِي الْأَخْذَ قَهْرًا بِخِلَافِ قَوْلِهِ عَلَيَّ، وَلَا يُشْكِلُ مَا تَقَرَّرَ فِي الْغَصْبِ بِأَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSعِبَارَةُ حَجّ عَنْ الْأَنْوَارِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ جَمِيعُ مَا عُرِفَ لِي لِفُلَانٍ صَحَّ (قَوْلُهُ: وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ) فِي حَجّ، وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الصَّبَّاغِ، وَفِي نُسْخَةٍ مِنْهُ: ابْنُ الصَّلَاحِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ لِلْمُقِرِّ زَوْجَةٌ سَاكِنَةٌ مَعَهُ) أَيْ فَلَوْ كَانَ السَّاكِنُ مَعَهُ أَكْثَرَ مِنْ زَوْجَةٍ جُعِلَ فِي أَيْدِيهِمْ بِعَدَدِ الرُّءُوسِ (قَوْلُهُ: فِي نِصْفِ الْأَعْيَانِ) أَيْ الَّتِي فِي الدَّارِ، بِخِلَافِ مَا فِي يَدِهَا كَخَلْخَالٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهَا تَخْتَصُّ بِهِ لِانْفِرَادِهَا بِالْيَدِ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَلْبُوسًا لَهَا وَقْتَ الْمُنَازَعَةِ أَوْ لَا حَيْثُ عَلِمَ أَنَّهَا تَتَصَرَّفُ فِيهِ، وَعِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ فِي النَّفَقَاتِ. [تَنْبِيهٌ] قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ فَمَنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ لَهُ، وَمَنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً فَالْقِيَاسُ الَّذِي لَا يُعْذَرُ أَحَدٌ عِنْدِي بِالْغَفْلَةِ عَنْهُ أَنَّ هَذَا الْمَتَاعَ فِي أَيْدِيهِمَا مَعًا فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ عَلَى دَعْوَاهُ، فَإِنْ حَلَفَا جَمِيعًا فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ قُضِيَ لِلْحَالِفِ، وَسَوَاءٌ اخْتَلَفَا مَعَ دَوَامِ النِّكَاحِ أَمْ بَعْدَ التَّفَرُّقِ، وَاخْتِلَافُ وَرَثَتِهِمَا كَهُمَا، وَكَذَلِكَ أَحَدُهُمَا وَوَارِثُ الْآخَرِ، وَسَوَاءٌ مَا يَصْلُحُ لِلزَّوْجِ كَالسَّيْفِ وَالْمِنْطَقَةِ أَوْ لِلزَّوْجَةِ كَالْحُلِيِّ وَالْغَزْلِ أَوْ لَهُمَا كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، وَلَا يَصْلُحُ لَهُمَا كَالْمُصْحَفِ وَهُمَا أُمِّيَّانِ وَالنَّبْلِ وَتَاجِ الْمُلُوكِ وَهُمَا عَامِّيَّانِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ كَانَ فِي يَدِهِمَا حِسًّا فَهُوَ لَهُمَا، وَإِنْ كَانَ فِي يَدِهَا حُكْمًا فَمَا يَصْلُحُ لِلرِّجَالِ لِلزَّوْجِ أَوْ لَهَا فَلَهَا، وَاَلَّذِي يَصْلُحُ لَهُمَا فَلَهُمَا، وَعِنْدَ أَحْمَدَ وَمَالِكٍ قَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ. وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَمْلِكُ مَتَاعَ الْمَرْأَةِ وَالْمَرْأَةُ تَمْلِكُ مَتَاعَ الرَّجُلِ، إذْ لَوْ اُسْتُعْمِلَتْ الظُّنُونُ لَحُكِمَ فِي دَبَّاغٍ وَعَطَّارٍ تَدَاعَيَا عِطْرًا وَدِبَاغًا فِي أَيْدِيهِمَا أَنْ يَكُونَ لِكُلٍّ مَا يَصْلُحُ لَهُ، وَفِيمَا إذَا تَنَازَعَ مُوسِرٌ وَمُعْسِرٌ فِي لُؤْلُؤٍ أَنْ يُجْعَلْ لِلْمُوسِرِ وَلَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِالظُّنُونِ اهـ. وَيَنْبَغِي أَنَّ مِمَّا يَقْتَضِي الْحُكْمَ لِأَحَدِهِمَا بِيَدِهِ مَعْرِفَتُهُ بِهِ قَبْلَ التَّنَازُعِ كَمَلْبُوسِ الرَّجُلِ الَّذِي يُشَاهَدُ عَلَيْهِ فِي أَوْقَاتِ انْتِفَاعِهِ بِهِ، وَمَعْرِفَةُ الْمَرْأَةِ بِحُلِيٍّ تَلْبِسُهُ فِي بَيْتِهَا وَغَيْرِهِ، لَكِنْ اتَّفَقَ وَقْتُ التَّنَازُعِ أَنَّ الْحُلِيَّ وَالْمَلْبُوسَ مَوْضُوعَانِ فِي الْبَيْتِ فَتُسْتَصْحَبُ الْيَدُ الَّتِي عَرَفَتْ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: أَوْ لِكِلَيْهِمَا) أَيْ أَوْ لَمْ يَصْلُحْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: وَبَحْثُ الْإِسْنَوِيِّ) الَّذِي فِي حَجّ أَنَّ الَّذِي بَحَثَ هَذَا هُوَ السُّبْكِيُّ وَأَنَّ الْإِسْنَوِيَّ اعْتَمَدَهُ (قَوْلُهُ: وَخَمْرٍ) أَيْ وَإِنْ عَصَرَهَا الذِّمِّيُّ بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُقِرُّ عَلَيْهِمَا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ فَسَّرَهُ لِحَنَفِيٍّ بِنَبِيذٍ قُبِلَ مِنْهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ بِإِطْلَاقِهِمْ) أَيْ إنَّ الْخَمْرَةَ غَيْرُ الْمُحْتَرَمَةِ لَا يُقْبَلُ التَّفْسِيرُ مِنْهُ بِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا يَقْنَعُ مِنْهُ بِحَلِفِهِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ فِيهَا) أَيْ فِي الدَّارِ: أَيْ لِأَنَّ قَضِيَّةَ إقْرَارِ مُورَثِهِ أَنَّ فِيهَا شَيْئًا فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْ وَارِثِهِ مَا يُنَافِيهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ لِلْمُقِرِّ زَوْجَةٌ إلَخْ) سَيَأْتِي هَذَا فِي الدَّعَاوَى بِأَبْسَطَ مِمَّا هُنَا

اسْتِيلَاءٌ عَلَى مَالٍ أَوْ حَقٍّ لِلْغَيْرِ فَكَيْفَ قَبْلَ تَفْسِيرِهِ بِمَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا حَقٍّ لِشُمُولِهِ ذَلِكَ لُغَةً وَعُرْفًا فَصَحَّ التَّفْسِيرُ بِهِ. (وَلَا) يُقْبَلُ أَيْضًا (بِعِيَادَةٍ) لِمَرِيضٍ (وَرَدِّ سَلَامٍ) لِبُعْدِ فَهْمِهِمَا فِي مَعْرِضِ الْإِقْرَارِ إذْ لَا مُطَالَبَةَ بِهِمَا، وَيُقْبَلُ بِهِمَا فِي لَهُ عَلَيَّ حَقٌّ لِشُيُوعِ الْحَقِّ فِي اسْتِعْمَالِهِ فِي ذَلِكَ كَكُلِّ مَا لَا يُطَالَبُ بِهِ شَرْعًا وَعُرْفًا، فَقَدْ عَدَّ فِي الْخَبَرِ مِنْ حَقِّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ وَالشَّيْءُ الْأَعَمُّ مِنْ الْحَقِّ هُوَ الشَّيْءُ الْمُطْلَقُ لَا الشَّيْءُ الْمُقَرُّ بِهِ، قَالَهُ السُّبْكِيُّ رَادًّا بِهِ اسْتِشْكَالَ الرَّافِعِيِّ الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالشَّيْءِ مَعَ كَوْنِ الشَّيْءِ أَعَمُّ، فَكَيْفَ يُقْبَلُ فِي تَفْسِيرِ الْأَخَصِّ مَا لَا يُقْبَلُ فِي تَفْسِيرِ الْأَعَمِّ، وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ الْفَرْقُ مِنْ أَنَّ الشَّافِعِيَّ لَا يَسْتَعْمِلُ ظَوَاهِرَ الْأَلْفَاظِ وَحَقَائِقَهَا فِي الْإِقْرَارِ بَلْ قَالَ: أَصْلُ مَا أَبْنِي عَلَيْهِ الْإِقْرَارَ أَنْ لَا أَلْزَمَ إلَّا الْيَقِينَ وَأَطْرَحَ الشَّكَّ وَلَا اسْتَعْمَلَ الْغَلَبَةَ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يُقَدِّمُ الْحَقِيقَةَ عَلَى الْمَجَازِ وَلَا الظَّاهِرَ عَلَى الْمُؤَوَّلِ فِي هَذَا الْبَابِ اهـ. رُدَّ بِمَنْعِ كَوْنِهِ صَرِيحًا فِي ذَلِكَ بَلْ وَلَا ظَاهِرًا فِيهِ، كَيْفَ وَعُمُومُ هَذَا النَّفْيِ النَّاشِئِ عَنْ فَهْمِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْيَقِينِ هُنَا مَا انْتَفَتْ عَنْهُ الِاحْتِمَالَاتُ الْعَشَرَةُ الْمُقَرَّرَةُ فِي الْأُصُولِ يَقْتَضِي أَنْ لَا يُوجَدَ إقْرَارٌ يُعْمَلُ بِهِ إلَّا نَادِرًا وَلَا يَتَوَهَّمُ هَذَا أَحَدٌ، وَمَنْ عَرَفَ فُرُوعَ الْبَابِ ظَهَرَ لَهُ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْيَقِينِ الظَّنُّ الْقَوِيُّ، وَبِقَوْلِهِ وَلَا أَسْتَعْمِلُ الْغَلَبَةَ: أَيْ حَيْثُ عَارَضَهَا مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهَا، وَحِينَئِذٍ اتَّجَهَ فَرْقُ السُّبْكِيّ، وَلَوْ قَالَ: غَصَبْتُكَ أَوْ غَصَبْتُكَ مَا تَعْلَمُ لَمْ يَصِحَّ إذْ قَدْ يُرِيدُ نَفْسَهُ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت غَيْرَ نَفْسِك قُبِلَ لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ قَالَ: غَصَبْتُك شَيْئًا ثُمَّ قَالَ أَرَدْت نَفْسَك لَمْ تُقْبَلْ إرَادَتُهُ وَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ لَوْ قَالَ: غَصَبْتُكَ شَيْئًا تَعْلَمُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي غَصَبْتُك مَا تَعْلَمُ بِأَنَّ شَيْئًا اسْمٌ تَامٌّ ظَاهِرٌ فِي الْمُغَايَرَةِ بِخِلَافِ مَا (وَلَوْ) (أَقَرَّ بِمَالٍ) مُطْلَقٍ (أَوْ مَالٍ عَظِيمٍ أَوْ كَبِيرٍ) بِمُوَحَّدَةٍ (أَوْ كَثِيرٍ) بِمُثَلَّثَةٍ أَوْ جَلِيلٍ أَوْ خَطِيرٍ أَوْ وَافِرٍ أَوْ نَفِيسٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ مَالِ فُلَانٍ أَوْ مِمَّا بِيَدِهِ أَوْ مِمَّا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ عَلَيْهِ أَوْ حَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ عَلَى فُلَانٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِمَا قَلَّ مِنْهُ) أَيْ الْمَالِ وَلَوْ لَمْ يُتَمَوَّلْ كَحَبَّةِ بُرٍّ وَقُمْعِ بَاذِنْجَانَةٍ: أَيْ صَالِحٍ لِلْأَكْلِ وَإِلَّا فَهُوَ غَيْرُ مَالٍ وَلَا مِنْ جِنْسِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فِيمَا فَوْقَهُ، وَوَصْفُهُ بِنَحْوِ الْعَظِيمِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِتَيَقُّنِ حِلِّهِ أَوْ الشَّحِيحِ أَوْ لِكُفْرِ مُسْتَحِلِّهِ وَعِقَابِ غَاصِبِهِ وَثَوَابِ بَاذِلِهِ لِنَحْوِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لِبُعْدِ فَهْمِهِمَا فِي مَعْرِضٍ) كَمَجْلِسٍ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ اهـ. وَنَقَلَ الشَّنَوَانِيُّ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الشَّافِيَةِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّهَا بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ (قَوْلُهُ: الِاحْتِمَالَاتُ الْعَشَرَةُ) مِنْهَا عَدَمُ احْتِمَالِ الْمَجَازِ وَالْإِضْمَارِ وَالنَّقْلِ وَالِاشْتِرَاكِ وَالتَّخْصِيصِ وَالتَّقْيِيدِ وَالنَّسْخِ وَعَدَمِ الْمُعَارِضِ الْعَقْلِيِّ (قَوْلُهُ: اُتُّجِهَ فَرْقُ السُّبْكِيّ) أَيْ السَّابِقُ فِي قَوْلِهِ وَالشَّيْءُ الْأَعَمُّ مِنْ الْحَقِّ هُوَ الشَّيْءُ الْمُطْلَقُ لَا الشَّيْءُ الْمُقَرُّ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ غَصَبْتُك) أَيْ نَفْسَك (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ) أَيْ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: مِنْ مَالِ فُلَانٍ) الْمَشْهُورِ بِالْمَالِ الْكَثِيرِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: أَيْ صَالِحٍ) هَلَّا قَالَ مَثَلًا أَوْ لِغَيْرِهِ مِنْ وُجُوهِ الِانْتِفَاعِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مِنْ جِنْسِ الْمَالِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُقَالُ: لَمَّا لَمْ يَكُنْ الْمَقْصُودُ مِنْهُ إلَّا ذَلِكَ وَلَمْ يَصْلُحْ لَهُ عُدَّ غَيْرَ مُنْتَفَعٍ بِهِ بِالْمَرَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: لِشُمُولِهِ ذَلِكَ) أَيْ لِشُمُولِ الْغَصْبِ مَا لَا يَقْتَضِي. وَحَاصِلُ هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ الْإِشْكَالَ مَبْنِيٌّ عَلَى تَفْسِيرِ الْغَصْبِ بِالْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ وَنَحْنُ لَا نَلْتَزِمُهُ وَنَنْظُرُ إلَى اللُّغَةِ وَالْعُرْفِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَعُدُّ مَا ذُكِرَ غَصْبًا (قَوْلُهُ: لَا الشَّيْءُ الْمُقَرُّ بِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ صَارَ خَاصًّا بِقَرِينَةِ عَلَيَّ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي كَلَامِ السُّبْكِيّ، وَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَهُ (قَوْلُهُ: وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ الْفَرْقُ) أَيْ فَرْقُ السُّبْكِيّ بَيْنَ الشَّيْءِ الْمُطْلَقِ وَالشَّيْءِ الْمُقَيَّدِ بِالْإِقْرَارِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي وَحِينَئِذٍ اُتُّجِهَ فَرْقُ السُّبْكِيّ (قَوْلُهُ: كَيْفَ وَعُمُومُ هَذَا النَّفْيِ) أَيْ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِ الْمُعْتَرِضِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ لَا يَسْتَعْمِلُ ظَوَاهِرَ الْأَلْفَاظِ

مُضْطَرٍّ، وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِثْلُ مَا فِي يَدِ زَيْدٍ أَوْ مِثْلُ مَا عَلَيَّ لِزَيْدٍ كَانَ مُبْهَمًا جِنْسًا وَنَوْعًا وَلَا قَدْرًا فَلَا يُقْبَلُ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ عَدَدًا لِأَنَّ الْمِثْلِيَّةَ لَا تَحْتَمِلُ مَا مَرَّ لِتَبَادُرِ الِاسْتِوَاءِ عَدَدًا مِنْهَا (وَكَذَا) يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ (بِالْمُسْتَوْلَدَةِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهَا تُؤَجَّرُ وَيُنْتَفَعُ بِهَا وَتَجِبُ قِيمَتُهَا إذَا أَتْلَفَهَا أَجْنَبِيٌّ وَلِأَنَّهَا تُسَمَّى مَالًا وَبِهِ فَارَقَتْ الْمَوْقُوفَ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّاهُ. وَالثَّانِي لَا لِخُرُوجِهَا عَنْ اسْمِ الْمَالِ الْمُطْلَقِ إذْ لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا وَسَوَاءٌ عَلَى الْأَوَّلِ أَقَالَ: لَهُ عَلَيَّ مَالٌ أَمْ لَهُ عِنْدِي مَالٌ (لَا بِكَلْبٍ وَجِلْدِ مَيْتَةٍ) وَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ لِانْتِفَاءِ اسْمِ الْمَالِ عَنْهَا (وَقَوْلُهُ لَهُ) عِنْدَ أَوْ عَلَيَّ (كَذَا كَقَوْلِهِ) لَهُ (شَيْءٌ) بِجَامِعِ الْإِبْهَامِ فِيهِمَا فَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ فِيهِ بِمَا يُقْبَلُ ثَمَّ مِمَّا مَرَّ، وَكَذَا مُرَكَّبَةٌ فِي الْأَصْلِ مِنْ اسْم الْإِشَارَةِ وَكَافِ التَّشْبِيهِ، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ ذَلِكَ وَصَارَ يُكَنَّى بِهِ عَنْ الْمُبْهَمِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْعَدَدِ، وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا فِي النَّوْعَيْنِ مُفْرَدَةً وَمُرَكَّبَةً وَمَعْطُوفَةً (وَقَوْلُهُ شَيْءٌ شَيْءٌ أَوْ كَذَا كَذَا) وَإِنْ زَادَ عَلَى مَرَّتَيْنِ مِنْ غَيْرِ عَطْفٍ (كَمَا لَوْ لَمْ يُكَرِّرْ) حَيْثُ لَمْ يُرِدْ الِاسْتِئْنَافَ لِظُهُورِهِ فِي التَّأْكِيدِ (وَقَوْلُهُ شَيْءٌ وَشَيْءٌ أَوْ كَذَا وَكَذَا) وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مِثْلَ الْوَاوِ هُنَا مَا يَأْتِي (وَجَبَ شَيْئَانِ) مُتَّفِقَانِ أَوْ مُخْتَلِفَانِ بِحَيْثُ يُقْبَلُ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي تَفْسِيرِ شَيْءٍ لِاقْتِضَاءِ الْعَطْفِ الْمُغَايِرَةَ وَمَا صَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ فِي كَذَا دِرْهَمًا بَلْ كَذَا إنَّهُ إقْرَارٌ بِشَيْءٍ وَاحِدٍ، وَيَلْزَمُهُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي كَذَا دِرْهَمًا وَكَذَا بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِهِمْ لِأَنَّ تَفْسِيرَ أَحَدِ الْمُبْهَمَيْنِ غَيْرُ مُقْتَضٍ لِاتِّحَادِهِمَا وَلَوْ مَعَ بَلْ الِانْتِقَالِيَّةِ أَوْ الْإِضْرَابِيَّةِ، وَإِنَّمَا الْمُقْتَضِي لِلِاتِّحَادِ نَفْسُ بَلْ لِمَا يَأْتِي فِيهَا فَقَوْلُهُ دِرْهَمًا يُوهِمُ أَنَّهُ سَبَبُ الِاتِّحَادِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (وَلَوْ) (قَالَ) : لَهُ عِنْدِي أَوْ عَلَيَّ (كَذَا دِرْهَمًا) بِنَصْبِهِ تَمْيِيزًا لِإِبْهَامِ كَذَا (أَوْ رَفْعِ الدِّرْهَمِ) عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ كَمَا قَالَهُ غَيْرُهُ؛ وَدَعْوَى السُّبْكِيّ كَوْنَهُ لَحْنًا بَعِيدَةٌ وَإِنْ سَبَقَهُ لِذَلِكَ ابْنُ مَالِكٍ فَقَالَ تَجْوِيزُ الْفُقَهَاءِ لِلرَّفْعِ خَطَأٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْمَعْ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَلَعَلَّهُ بَنَى ذَلِكَ عَلَى عَدَمِ النَّقْلِ السَّابِقِ فِي كَذَا (أَوْ جَرَّهُ) وَهُوَ لَحْنٌ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ أَوْ سَكَّنَهُ وَقْفًا (لَزِمَهُ دِرْهَمٌ) وَلَا نَظَرَ لِلَّحْنِ لِعَدَمِ تَأْثِيرِهِ هُنَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَوْ مِثْلُ) أَيْ أَوَّلَهُ عَلَى مِثْلِ مَا عَلَيَّ لِزَيْدٍ (قَوْلُهُ: فَلَا يُقْبَلُ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ عَدَدًا) أَيْ وَيُقْبَلُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ (قَوْلُهُ: فِي النَّوْعَيْنِ) أَيْ الْمُبْهَمِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَمُرَكَّبَةً) أَيْ مُكَرَّرَةً مَرَّةً فَأَكْثَرَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَادَ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمَجْلِسُ مُخْتَلِفًا (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مِثْلَ الْوَاوِ هُنَا مَا يَأْتِي) لَكِنَّ مَحَلَّهُ فِي الْفَاءِ حَيْثُ أَرَادَ الْعَطْفَ وَإِلَّا فَلَا تَعَدُّدَ لِمَجِيئِهَا كَثِيرًا لِلتَّفْرِيعِ وَتَزْيِينِ اللَّفْظِ وَمُقْتَرِنَةٍ بِجَزَاءِ حَذْفٍ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي فِي الْفَصْلِ الْآتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ قَالَ: وَدِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ) أَيْ السُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الْمُقْتَضِي إلَخْ) هَذَا عَلَى خِلَافِ مَا صَحَّحَهُ فِي بَلْ بُعْدٌ مِنْ لُزُومِ التَّعَدُّدِ (قَوْلُهُ: لِمَا يَأْتِي) أَيْ فِي الْفَصْلِ الْآتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ قَالَ: وَدِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ. (قَوْلُهُ: عَلَى عَدَمِ النَّقْلِ السَّابِقِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَا تَحْتَمِلُ مَا مَرَّ) أَيْ الْأَقَلَّ (قَوْلُهُ: لِتَبَادُرِ الِاسْتِوَاءِ عَدَدًا مِنْهَا) فِي كَوْنِ التَّبَادُرِ فِي مَعْنَى يَمْنَعُ احْتِمَالَ غَيْرِهِ بِالْكُلِّيَّةِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: الِانْتِقَالِيَّةِ أَوْ الْإِضْرَابِيَّةِ) يُوهِمُ أَنَّهُمَا قَسِيمَانِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الِانْتِقَالِيَّةُ قِسْمٌ مِنْ قِسْمَيْ الْإِضْرَابِيَّةِ لِأَنَّ بَلْ لِلْإِضْرَابِ مُطْلَقًا وَتَنْقَسِمُ إلَى انْتِقَالِيَّةٍ وَإِبْطَالِيَّةٍ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الْمُقْتَضِي لِلِاتِّحَادِ نَفْسُ بَلْ) تَبِعَ فِي هَذَا الشِّهَابَ حَجّ، لَكِنْ ذَاكَ جَارٍ عَلَى طَرِيقَتِهِ أَنَّ الْعَطْفَ بِبَلْ لَا يُوجِبُ إلَّا شَيْئًا وَاحِدًا. وَأَمَّا الشَّارِحُ فَإِنَّهُ سَيَأْتِي لَهُ قَرِيبًا اخْتِيَارُ أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ الْقَائِلِ بِلُزُومِ شَيْئَيْنِ وَهَذَا لَا يُنَاسِبُهُ، وَقَدْ فَرَّقَ الشَّارِحُ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ سم فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بَيْنَ مَا اخْتَارَهُ مِنْ لُزُومِ شَيْئَيْنِ وَبَيْنَ مَا سَيَأْتِي لَهُ فِي الْفَصْلِ الْآتِي فِيمَا لَوْ قَالَ دِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمٌ مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا دِرْهَمٌ بِأَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الدِّرْهَمِ أَعَادَ نَفْسَ الْأَوَّلِ، بِخِلَافِ كَذَا فَإِنَّ الْمُعَادَ صَالِحٌ لِإِرَادَةِ غَيْرِ مَا أُرِيدَ بِهِ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ: فَقَوْلُهُ: دِرْهَمًا يُوهِمُ أَنَّهُ سَبَبُ الِاتِّحَادِ) قَالَ الشِّهَابُ سم: قَدْ يُقَالُ إنَّمَا ذَكَرَ دِرْهَمًا لِيَدْفَعَ تَوَهُّمَ التَّعَدُّدِ لِتَفْسِيرِ الْأَوَّلِ قَبْلَ ذِكْرِ الثَّانِي فَيُفْهَمُ مِنْهُ الِاتِّحَادُ إذَا لَمْ يَذْكُرْ دِرْهَمًا

وَدَعْوَى لُزُومِ عِشْرِينَ لِنَحْوِي لِأَنَّهَا أَقَلُّ عَدَدٍ يُمَيَّزُ بِمُفْرَدٍ مَجْرُورٍ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ، وَقَوْلُ جَمْعٍ بِوُجُوبِ بَعْضِ دِرْهَمٍ فِي الْجَرِّ إذْ التَّقْدِيرُ كَذَا مِنْ دِرْهَمٍ مَرْدُودٌ، وَإِنْ نُسِبَ لِلْأَكْثَرِينَ بِأَنَّ كَذَا إنَّمَا تَقَعُ عَلَى الْآحَادِ دُونَ كُسُورِهَا (وَالْمَذْهَبُ بِهِ لَوْ قَالَ كَذَا وَكَذَا) أَوْ ثُمَّ كَذَا أَوْ فَكَذَا أَوْ أَرَادَ الْعَطْفَ بِالْفَاءِ لِمَا يَأْتِي فِيهَا مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ بَلْ (دِرْهَمًا بِالنَّصْبِ وَجَبَ دِرْهَمَانِ) لِإِقْرَارِهِ بِشَيْئَيْنِ مُبْهَمَيْنِ وَتَعْقِيبِهِمَا بِالدِّرْهَمِ مَنْصُوبًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَاحْتِمَالُ التَّأْكِيدِ يَمْنَعُهُ الْعَاطِفُ، وَلِأَنَّ التَّمْيِيزَ وَصْفٌ فِي الْمَعْنَى وَهُوَ يَعُودُ لِكُلِّ مَا تَقَدَّمَهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْوَقْفِ وَلَوْ زَادَ فِي التَّكْرِيرِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ الْآتِي، وَفِي قَوْلٍ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ لِجَوَازِ إرَادَتِهِ تَفْسِيرًا لِلَّفْظَيْنِ مَعًا بِالدِّرْهَمِ وَفِي قَوْلِ: دِرْهَمٌ وَشَيْءٌ أَمَّا الدِّرْهَمُ فَلِتَفْسِيرِهِ الثَّانِي وَأَمَّا الشَّيْءُ فَلِلْأَوَّلِ الْبَاقِي عَلَى إبْهَامِهِ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْأَوَّلِ (وَ) الْمَذْهَبُ (أَنَّهُ لَوْ رَفَعَ أَوْ جَرَّ) الدِّرْهَمَ أَوْ سَكَّنَهُ (فَدِرْهَمٌ) أَمَّا الرَّفْعُ فَلِأَنَّهُ خَبَرٌ عَنْ الْمُبْهَمَيْنِ: أَيْ هُمَا دِرْهَمٌ وَيَجُوزُ كَوْنُهُ بَدَلًا مِنْهُمَا أَوْ بَيَانًا لَهُمَا نَظِيرَ مَا مَرَّ وَهُوَ الْأَوْلَى، وَأَمَّا الْجَرُّ فَلِأَنَّهُ وَإِنْ امْتَنَعَ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَعْنَى عِنْدَ جُمْهُورِ النُّحَاةِ لَكِنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ عُرْفًا أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِجُمْلَةِ مَا سَبَقَ فَحُمِلَ عَلَى الضَّمِّ، وَأَمَّا السُّكُونُ فَوَاضِحٌ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي قَوْلَانِ ثَانِيهمَا دِرْهَمَانِ لِأَنَّهُ يَسْبِقُ إلَى الْفَهْمِ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لَهُمَا وَأَنَّهُ أَخْطَأَ فِي إعْرَابِ التَّفْسِيرِ (وَلَوْ حَذَفَ الْوَاوَ فَدِرْهَمٌ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا) رَفْعًا وَنَصْبًا وَجَرًّا لِاحْتِمَالِ التَّأْكِيدِ حِينَئِذٍ وَيَتَحَصَّلُ مِمَّا تَقَرَّرَ اثْنَتَا عَشْرَةَ مَسْأَلَةً؛ لِأَنَّ كَذَا إمَّا أَنْ يُؤْتَى بِهَا مُفْرَدَةً أَوْ مُرَكَّبَةً أَوْ مَعْطُوفَةً، وَالدِّرْهَمُ إمَّا أَنْ يُرْفَعَ أَوْ يُنْصَبَ أَوْ يُجَرَّ أَوْ يُسَكَّنَ ثَلَاثَةٌ فِي أَرْبَعَةٍ يَحْصُلُ مَا ذُكِرَ، وَالْوَاجِبُ فِي جَمِيعِهَا دِرْهَمٌ إلَّا إذَا عَطَفَ وَنَصَبَ تَمْيِيزَهَا فَدِرْهَمَانِ، وَلَوْ قَالَ كَذَا بَلْ كَذَا فَفِيهِ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا لُزُومُ شَيْئَيْنِ، إذْ لَا يَسُوغُ رَأَيْت زَيْدًا بَلْ زَيْدًا إذَا عَنَى الْأَوَّلَ، فَإِنْ عَنَى غَيْرَهُ صَحَّ. (وَلَوْ) (قَالَ) لَهُ (عَلَيَّ أَلْفٌ وَدِرْهَمٌ) (قُبِلَ تَفْسِيرُ الْأَلْفِ بِغَيْرِ الدَّرَاهِمِ) مِنْ الْمَالِ اتَّحَدَ الْجِنْسُ أَوْ اخْتَلَفَ لِأَنَّهُ مُبْهَمٌ، وَالْعَطْفُ إنَّمَا يُفِيدُ زِيَادَةَ عَدَدٍ لَا تَفْسِيرًا كَأَلْفٍ وَثَوْبٍ، وَلَوْ قَالَ أَلْفٌ وَدِرْهَمُ فِضَّةٍ فَالْجَمِيعُ فِضَّةٌ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي، وَهُوَ ظَاهِرٌ مَا لَمْ يَجُرَّهَا بِإِضَافَةِ دِرْهَمٍ إلَيْهَا، وَيَبْقَى تَنْوِينُ أَلْفٍ فَالْأَوْجَهُ حِينَئِذٍ بَقَاءُ الْأَلْفِ عَلَى إبْهَامِهَا، وَلَوْ قَالَ: أَلْفٌ وَقَفِيزُ حِنْطَةً بِالنَّصْبِ، لَمْ يَعُدْ لِلْأَلْفِ إذْ لَا يُقَالُ أَلْفُ حِنْطَةٍ، وَلَوْ قَالَ أَلْفُ دِرْهَمًا أَوْ أَلْفُ دِرْهَمٍ بِالْإِضَافَةِ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ رَفَعَهُمَا وَنَوَّنَهُمَا أَوْ نَوَّنَ الْأَلْفَ فَقَطْ فَلَهُ تَفْسِيرُ الْأَلْفِ بِمَا لَا تَنْقُصُ قِيمَتُهُ عَنْ دِرْهَمٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَلْفٌ مِمَّا قِيمَةُ الْأَلْفِ مِنْهُ دِرْهَمٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ ذَلِكَ وَصَارَ يُكَنَّى بِهِ عَنْ الْمُبْهَمِ وَغَيْرِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ كَذَا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: مَرْدُودٍ (قَوْلُهُ: إنَّمَا تَقَعُ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمَفْهُومَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّهَا بِمَعْنَى شَيْءٍ، وَهُوَ كَمَا يَشْمَلُ الْآحَادَ يَشْمَلُ الْأَبْعَاضَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهَا تَقَعُ عَلَى الْآحَادِ فِي الِاسْتِعْمَالِ أَوْ يَثْبُتُ أَنَّهَا إنَّمَا نُقِلَتْ لِلْآحَادِ دُونَ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ أَرَادَ الْعَطْفَ) أَمَّا ثُمَّ وَالْوَاوُ فَلَا يَحْتَاجَانِ إلَى الْإِرَادَةِ (قَوْلُهُ: لِمَا يَأْتِي) أَيْ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ فِيهَا دِرْهَمٌ وَاحِدٌ إنْ لَمْ يُرِدْ الْعَطْفَ لِأَنَّهَا تَأْتِي لِلتَّفْرِيعِ وَتَزْيِينِ اللَّفْظِ كَثِيرًا فَلَا تُحْمَلُ عَلَى الْعَطْفِ إلَّا بِقَصْدِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي نَظِيرِهِ الْآتِي) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ حَذَفَ الْوَاوَ فَدِرْهَمٌ فِي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا السُّكُونُ فَوَاضِحٌ) أَيْ لِإِمْكَانِ أَنَّ التَّقْدِيرَ هُمَا دِرْهَمٌ (قَوْلُهُ: وَجَرًّا) أَيْ وَسُكُونًا (قَوْلُهُ: ثَلَاثَةٌ فِي أَرْبَعَةٍ) أَيْ وَضَرْبُ ثَلَاثَةٍ فِي أَرْبَعَةٍ يَحْصُلُ مَا ذُكِرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ كَذَا) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ عَلَى أَنَّ الْأَوْجَهَ فِي بَلْ اعْتِبَارُ إلَخْ إلَّا أَنْ يُحْمَلْ مَا هُنَا عَلَى قَصْدِ الِاسْتِئْنَافِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَعُدْ لِلْأَلْفِ) أَيْ لَفْظُ حِنْطَةٍ (قَوْلُهُ: فَظَاهِرٌ) أَيْ لُزُومُ الْأَلْفِ مِنْ الدَّرَاهِمِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: أَوْ نَوَّنَ الْأَلْفَ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْأَوْلَى اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا لُزُومُ شَيْئَيْنِ) ظَاهِرُهُ مُطْلَقًا خُصُوصًا بِالنَّظَرِ لِلتَّعْلِيلِ، لَكِنْ سَيَأْتِي لَهُ فِي الْفَصْلِ الْآتِي مَا يُخَالِفُهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ (قَوْلُهُ: فَالْجَمِيعُ فِضَّةٌ) لَكِنْ لَا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ دَرَاهِمَ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ فَلْيُرَاجَعْ

(وَلَوْ) (قَالَ) لَهُ عَلَيَّ (خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا) أَوْ أَلْفٌ وَمِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا أَوْ أَلْفٌ وَنِصْفُ دِرْهَمٍ (فَالْجَمِيعُ دَرَاهِمُ عَلَى الصَّحِيحِ) لِجَعْلِهِ الدِّرْهَمَ تَمْيِيزًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِجَمِيعِ الْمَذْكُورَاتِ بِمُقْتَضَى الْعَطْفِ، وَالظَّاهِرُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَنَّهُ لَوْ رَفَعَ الدَّرَاهِمَ أَوْ نَصَبَهُ فِي الْأَخِيرَةِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَلَا يَضُرُّ فِيهِ اللَّحْنُ وَأَنَّهُ لَوْ رَفَعَهُ أَوْ نَصَبَهُ فِيهَا لَكِنْ مَعَ تَنْوِينِ نِصْفٍ أَوْ رَفْعِهِ أَوْ خَفْضِهِ فِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ لَزِمَهُ مَا عَدَّدَهُ الْعَدَدُ الْمَذْكُورُ وَقِيمَتُهُ دِرْهَمٌ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي أَلْفِ دِرْهَمٍ مَنُونِينَ مَرْفُوعِينَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَقُولُ الْخَمْسَةُ فِي مِثَالِ الْمُصَنِّفِ مُجْمَلَةٌ وَالْعِشْرُونَ مُفَصَّلَةٌ بِالدَّرَاهِمِ لِمَكَانِ الْعَطْفِ فَالْتَحَقَتْ بِأَلْفٍ وَدِرْهَمٍ. وَعَنْ ابْنِ الْوَرْدِيِّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ فِي اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا وَسُدُسًا سَبْعَةُ دَرَاهِمَ لِأَنَّهُمَا تَمْيِيزَانِ لِكُلٍّ مِنْ الِاثْنَيْ عَشَرَ، فَيَكُونُ كُلٌّ مُمَيَّزَ النِّصْفِ لِلِاثْنَيْ عَشَرَ الْمُبْهَمَةِ حَذَرًا مِنْ التَّرْجِيحِ بِلَا مُرَجِّحٍ وَنِصْفُهَا دَرَاهِمَ سِتَّةً وَسُدُسَيْ دِرْهَمٍ أَوْ دِرْهَمًا أَوْ دِرْهَمًا وَرُبْعًا فَسَبْعَةٌ وَنِصْفٌ أَوْ وَثُلُثًا فَثَمَانِيَةٌ أَوْ وَنِصْفًا فَتِسْعَةٌ كَنَظِيرِ مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ نِصْفَ الْمُبْهَمِ بَعْدَ ذَلِكَ الْكَسْرِ، فَإِنْ قَالَ أَرَدْت وَسُدُسَ دِرْهَمٍ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِاحْتِمَالِهِ وَكَذَا الْبَاقِي. قَالَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَمَا حُكِيَ عَنْهُ غَيْرُ بَعِيدٍ بَلْ هُوَ جَارٍ عَلَى الْقَوَاعِدِ، وَلَكِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْكَسْرَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَنَحْوِهَا مِنْ الدِّرْهَمِ فَيَلْزَمُهُ فِي الْأُولَى اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَسُدُسُ دِرْهَمٍ وَفِي الثَّانِيَةِ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَرُبْعُ دِرْهَمٍ وَفِي الثَّالِثَةِ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَثُلُثُ دِرْهَمٍ وَفِي الرَّابِعَةِ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَنِصْفُ دِرْهَمٍ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ فِي قَوْلِهِ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَسُدُسًا لَاحِنٌ وَهُوَ لَا يَمْنَعُ الْحُكْمَ هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ نَحْوِيًّا، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ لَزِمَهُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا، أَمَّا لَوْ قَالَ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَسُدُسُ بِالرَّفْعِ أَوْ سُدُسِ بِالْجَرِّ فَلَا نِزَاعَ فِي لُزُومِ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا وَزِيَادَةُ سُدُسٍ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي الدَّرَاهِمِ الْمُقَرِّ بِهَا دَرَاهِمُ الْإِسْلَامِ وَإِنْ كَانَتْ دَرَاهِمُ الْبَلَدِ أَكْثَرَ وَزْنًا مِنْهَا مَا لَمْ يُفَسِّرْهَا الْمُقِرُّ بِمَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ فَعَلَى هَذَا (لَوْ قَالَ الدَّرَاهِمُ الَّتِي أَقْرَرْت بِهَا نَاقِصَةُ الْوَزْنِ) كَدَرَاهِمَ طَبَرِيَّةٍ كُلُّ دِرْهَمٍ مِنْهَا أَرْبَعَةُ دَوَانِقَ (فَإِنْ كَانَتْ دَرَاهِمُ الْبَلَدِ) أَوْ الْقَرْيَةِ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا (تَامَّةَ الْوَزْنِ) أَيْ كَامِلَتَهُ بِأَنْ كَانَ كُلُّ دِرْهَمٍ سِتَّةَ دَوَانِقَ (فَالصَّحِيحُ قَبُولُهُ) أَيْ التَّفْسِيرِ بِالنَّاقِصَةِ (إنْ ذَكَرَهُ مُتَّصِلًا) بِالْإِقْرَارِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالِاسْتِثْنَاءِ وَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ لِتَفْسِيرِهِ فِي قَدْرِ النَّاقِصِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ بَيَانُهُ نَزَلَ عَلَى أَقَلِّ الدَّرَاهِمِ، وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ لِأَنَّ اللَّفْظَ صَرِيحٌ فِي التَّامِّ وَضْعًا وَعُرْفًا وَرُدَّ بِمَنْعِ الصَّرَاحَةِ (وَمَنْعُهُ إنْ فَصَلَهُ عَنْ الْإِقْرَارِ) وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فَيَلْزَمُهُ دَرَاهِمُ تَامَّةٌ لِأَنَّ اللَّفْظَ وَالْعُرْفَ يَنْفِيَانِ قَوْلَهُ وَالثَّانِي يُقْبَلُ لِأَنَّ اللَّفْظَ مُحْتَمَلٌ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ (وَإِنْ كَانَتْ) دَرَاهِمُ الْبَلَدِ (نَاقِصَةً قُبِلَ) قَوْلُهُ (إنْ وَصَلَهُ) بِالْإِقْرَارِ إذْ اللَّفْظُ مِنْ حَيْثُ الِاتِّصَالُ وَالْعُرْفُ يُصَدِّقَانِهِ (وَكَذَا إنْ فَصَلَهُ) عَنْهُ (فِي النَّصِّ) عَمَلًا بِعُرْفِ الْبَلَدِ كَمَا فِي الْمُعَامَلَةِ وَفِي وَجْهٍ لَا يُقْبَلُ حَمْلًا لِإِقْرَارِهِ عَلَى وَزْنِ الْإِسْلَامِ، وَيَجْرِي ذَلِكَ عَلَى الْأَوْجَهِ فِي بَلَدٍ زَادَ وَزْنُهُمْ عَلَى دِرْهَمِ الْإِسْلَامِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSوَسَكَّنَ الدِّرْهَمَ أَوْ رَفَعَهُ أَوْ جَرَّهُ بِلَا تَنْوِينٍ. (قَوْلُهُ: لِمَكَانِ الْعَطْفِ) أَيْ لِأَجْلِ الْعَطْفِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا) أَيْ الدِّرْهَمَ وَالسُّدُسَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ أَرَدْت وَسُدُسَ) وَعِبَارَةُ حَجّ أَنَّ جُمْلَةَ ذَلِكَ الْعَدَدِ تُسَاوِي دِرْهَمًا اهـ (قَوْلُهُ: وَمَا حَكَى عَنْهُ) أَيْ ابْنُ الْوَرْدِيِّ (قَوْلُهُ: أَرْبَعَةَ عَشَرَ) أَيْ فِيمَا لَوْ قَالَ وَسُدُسًا (قَوْلُهُ: دَرَاهِمُ الْإِسْلَامِ) وَوَزْنُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِالْحَبِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: تَمْيِيزَانِ لِكُلٍّ مِنْ الِاثْنَيْ عَشَرَ) الْوَجْهُ حَذْفُ لَفْظِ مِنْ. (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ الْأَصَحُّ) أَيْ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدِهَا: مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْوَرْدِيِّ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ الدَّمِيرِيِّ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي ذَلِكَ عَلَى الْأَوْجُهِ فِي بَلَدٍ زَادَ وَزْنُهُمْ إلَخْ) هَذَا يُنَافِي مَا قَدَّمَهُ آنِفًا مِنْ حَمْلِ الدَّرَاهِمِ فِي الْإِقْرَارِ عَلَى دَرَاهِمِ الْإِسْلَامِ مَا لَمْ يُفَسِّرْ بِغَيْرِهَا مِمَّا يَحْتَمِلُ، وَعُذْرُهُ أَنَّهُ خَالَفَ فِي هَذَا الْمُتَقَدِّمِ آنِفًا الشِّهَابَ حَجّ، فَإِنَّ ذَاكَ يَخْتَارُ أَنَّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يُحْمَلُ عَلَى دَرَاهِمِ الْبَلَدِ الْغَالِبِ، ثُمَّ تَبِعَهُ فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي مِمَّا

فَإِنْ قَالَ: أَرَدْته قُبِلَ إنْ وَصَلَهُ لَا إنْ فَصَلَهُ (وَالتَّفْسِيرُ بِالْمَغْشُوشَةِ كَهُوَ بِالنَّاقِصَةِ) فَإِنَّ الدِّرْهَمَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ مَحْمُولٌ عَلَى الْفِضَّةِ الْخَالِصَةِ وَمَا فِيهَا مِنْ الْغِشِّ يَنْقُصُهَا فَكَانَتْ كَالنَّاقِصَةِ فِي تَفْصِيلِهَا الْمَذْكُورِ، وَلَوْ فَسَّرَهَا بِجِنْسٍ رَدِيءٍ أَوْ بِغَيْرِ سِكَّةِ الْبَلَدِ قُبِلَ مُطْلَقًا وَفَارَقَ النَّاقِصَ بِأَنَّهُ يَرْفَعُ بَعْضَ مَا أَقَرَّ بِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَبِخِلَافِ الْبَيْعِ حَيْثُ يُحْمَلُ عَلَى سِكَّةِ الْبَلَدِ لِأَنَّ الْبَيْعَ إنْشَاءُ مُعَامَلَةٍ، وَالْغَالِبُ أَنَّهَا فِي كُلِّ مَحَلٍّ تَقَعُ بِمَا يَرُوجُ فِيهِ، وَالْإِقْرَارُ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ يُحْتَمَلُ ثُبُوتُهُ بِمُعَامَلَةٍ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ فَيُرْجَعُ إلَى إرَادَتِهِ، وَلَوْ فَسَّرَهَا بِالْفُلُوسِ لَمْ يُقْبَلْ لِانْتِفَاءِ تَسْمِيَتِهَا دَرَاهِمَ، سَوَاءٌ أَفَصَلَهُ أَمْ وَصَلَهُ. نَعَمْ لَوْ غَلَبَ التَّعَامُلُ بِهَا بِبَلَدٍ بِحَيْثُ هُجِرَ التَّعَامُلُ بِالْفِضَّةِ، وَإِنَّمَا تُؤْخَذُ عِوَضًا عَنْ الْفُلُوسِ كَالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ، فَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْقَبُولُ وَإِنْ كَانَ مُنْفَصِلًا، وَلَوْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ حُمِلَ عَلَى دَرَاهِمِ الْبَلَدِ الْغَالِبَةِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي الْمَكِيلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِإِرْدَبِّ بُرٍّ وَبِمَحَلِّ الْإِقْرَارِ مَكَايِيلُ مُخْتَلِفَةٌ وَلَا غَالِبَ فِيهَا تَعَيَّنَ أَقَلُّهَا مَا لَمْ يَخْتَصَّ الْمُقَرُّ بِهِ بِمِكْيَالٍ مِنْهَا فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ لَا عَلَى غَيْرِهِ وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَلَوْ قَالَ: أَرَدْت غَيْرَهَا، وَفِي الْعُقُودِ يُحْمَلُ عَلَى الْغَالِبِ الْمُخْتَصِّ مِنْ تِلْكَ الْمَكَايِيلِ كَالنَّقْدِ، وَيُصَدَّقُ الْغَاصِبُ وَالْمُتْلِفُ بِيَمِينِهِ فِي قَدْرِ كَيْلِ مَا غَصَبَهُ أَوْ أَتْلَفَهُ، وَلَوْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِ بِكَذَا كَذَا أَشَرَفِيًّا حُمِلَ عَلَى الْقَدْرِ الْمَعْلُومِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِشُمُولِ الْعُرْفِ لِذَلِكَ فَهُوَ مُجْمَلٌ فَيُرْجَعُ فِي تَفْسِيرِهِ إلَى الْمُقِرِّ ثُمَّ إلَى وَرَثَتِهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ بِأَيْمَانِهِمْ فِي أَنَّ الْقَدْرَ الْمُقَرَّ بِهِ مِنْ الْفِضَّةِ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَدَعْوَى أَنَّهُ يُنَافِيه قَوْلُهُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ أَنَّهُ مَوْضِعٌ لِضَرْبٍ مَخْصُوصٍ مِنْ الذَّهَبِ فَيُحْمَلُ فِي الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ عَلَيْهِ غَيْرُ مُسَلَّمَةٍ، وَقَوْلُ الْمُنَازِعِ بِأَنْ وَضَعَهُ لِمِقْدَارٍ مَعْلُومٍ مِنْ الذَّهَبِ هُوَ الْأَصْلُ فِيهِ. وَأَمَّا اسْتِعْمَالُهُ فِيمَا يَعُمُّ الْفِضَّةَ أَيْضًا فَهُوَ اصْطِلَاحٌ حَادِثٌ. وَقَاعِدَةُ الْبَابِ قَبُولُ مِثْلِهِ مُتَّصِلًا لَا مُنْفَصِلًا مَمْنُوعٌ بِأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِيمَا لِلشَّرْعِ فِيهِ عُرْفٌ قَدِيمٌ، وَهَذَا لَيْسَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ إذْ الْأَشَرُّ فِي حَادِثٍ، وَاسْتِعْمَالُهُ فِي قَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْ الذَّهَبِ مُتَجَدِّدٌ فَجَازَ فِيهِ مَا تَقَرَّرَ. وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دُرَيْهِمٍ بِالتَّصْغِيرِ أَوْ دِرْهَمٌ صَغِيرٌ لَزِمَهُ صَغِيرُ الْقَدْرِ وَزْنًا ـــــــــــــــــــــــــــــSخَمْسُونَ شَعِيرَةً وَخُمُسَا شَعِيرَةٍ، وَبِالدَّوَانِقِ سِتٌّ وَكُلُّ دَانَقٍ ثَمَانُ حَبَّاتٍ وَخُمُسَا حَبَّةٍ (قَوْلُهُ: قُبِلَ مُطْلَقًا) أَيْ فَصَلَهُ أَوْ وَصَلَهُ كَانَتْ دَرَاهِمُ الْبَلَدِ كَذَلِكَ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: كَالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ) أَيْ فِي زَمَنِهِ إذْ ذَاكَ، وَأَمَّا فِي زَمَانِنَا فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ التَّفْسِيرُ بِهَا لِأَنَّهَا لَا يَتَعَامَلُ بِهَا الْآنَ إلَّا فِي الْمُحَقَّرَاتِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ) هِيَ غَايَةٌ (قَوْلُهُ: فِي قَدْرِ كَيْلٍ) أَيْ وَفِي قِيمَتِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَالْفِضَّةِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ لِأَنَّ الْأَشْرَفِيَّ يُطْلَقُ تَارَةً عَلَى الذَّهَبِ الْخَالِصِ وَتَارَةً عَلَى قَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْفِضَّةِ كَعَشَرَةٍ (قَوْلُهُ: فَجَازَ فِيهِ مَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ مُجْمَلٌ فَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِالْفِضَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَسْأَلَةِ فَوَقَعَ فِي التَّنَاقُضِ فِي مَوَاضِعَ كَمَا سَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَى بَعْضِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْقَبُولُ إنْ كَانَ مُتَّصِلًا) وَفِي نُسْخَةٍ: وَإِنْ كَانَ مُنْفَصِلًا، وَهِيَ الْمُوَافِقَةُ لِمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي الْكَيْلِ) تَبِعَ فِي هَذَا الشِّهَابَ الْمَذْكُورَ، لَكِنْ ذَاكَ جَارٍ عَلَى طَرِيقَتِهِ، فَمَعْنَى قَوْلِ الشِّهَابِ وَيَجْرِي ذَلِكَ: يَعْنِي الْحَمْلَ عَلَى الْغَالِبِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ الَّذِي يَقُولُ بِهِ هُوَ دُونَ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ حُمِلَ عَلَى دَرَاهِمِ الْبَلَدِ) تَبِعَ فِيهِ أَيْضًا الشِّهَابَ الْمَذْكُورَ، وَهُوَ نَقِيضُ مَا صَدَرَ بِهِ مِنْ الرُّجُوعِ إلَى دِرْهَمِ الْإِسْلَامِ، فَهَذَا اخْتِيَارُ الشِّهَابِ الْمَذْكُورِ الْمُقَابِلِ لِاخْتِيَارِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ لَا عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ الْأَنْقَصِ مِنْهُ إلَّا إنْ وَصَلَهُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْعُقُودِ يُحْمَلُ عَلَى الْغَالِبِ الْمُخْتَصِّ مِنْ تِلْكَ الْمَكَايِيلِ كَالنَّقْدِ) هَذَا لَا يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ فِي الْحُكْمِ، وَالْعَلَّامَةُ حَجّ ذَكَرَ عَقِبَ هَذَا مَا نَصُّهُ: مَا لَمْ يَخْتَلِفَا فِي تَعْيِينِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُمَا حِينَئِذٍ يَتَحَالَفَانِ اهـ. فَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ الْمَذْكُورُ هُوَ مَحَطُّ الْمُخَالَفَةِ فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَهُ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُسَلَّمَةٍ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ عَدَمِ التَّسْلِيمِ

إنْ كَانَ فِي مَحَلِّ أَوْزَانِهِمْ فِيهِ وَافِيَةٌ لِأَنَّ الدِّرْهَمَ صَرِيحٌ فِي الْوَازِنِ، وَالْوَصْفُ بِالصِّغَرِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي الشَّكْلِ وَأَنْ يَكُونَ بِالْإِضَافَةِ إلَى الدِّرْهَمِ الْبَغْلِيِّ فَلَا يُتْرَكُ الصَّرِيحُ بِالِاحْتِمَالِ، فَإِنْ كَانَ فِي مَحَلِّ أَوْزَانِهِمْ نَاقِصَةٌ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي إرَادَتِهِ مِنْهَا وَلَزِمَهُ دِرْهَمٌ نَاقِصٌ وَيَجِبُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ أَوْ قَلِيلَةٌ ثَلَاثَةٌ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِيهَا فِي الْوَزْنِ بَلْ يَكْفِي أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ زِنَةَ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَبِقَوْلِهِ: لَهُ عَلَيَّ أَقَلُّ عَدَدِ الدَّرَاهِمِ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَيْسَ بِعَدَدٍ. (وَلَوْ) (قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ) (لَزِمَهُ تِسْعَةٌ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ بِتَوْجِيهِهِ، وَقِيلَ عَشَرَةٌ إدْخَالًا لِلطَّرَفَيْنِ، وَقِيلَ ثَمَانِيَةٌ إخْرَاجًا لَهُمَا كَمَا لَوْ قَالَ: عِنْدِي أَوْ بِعْتُك مِنْ هَذَا الْجِدَارِ إلَى هَذَا الْجِدَارِ فَإِنَّهُمَا لَا يَدْخُلَانِ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ أَوْ الْمَبِيعَ هُنَاكَ السَّاحَةُ وَلَيْسَ الْجِدَارَ مِنْهَا بِخِلَافِ الدَّرَاهِمِ، وَذِكْرُ الْجِدَارِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِثَالٌ فَالشَّجَرَةُ كَذَلِكَ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ إلَى هَذِهِ الدَّرَاهِمِ فَكَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّ الْقَصْدَ التَّحْدِيدُ لَا التَّقْيِيدُ مَمْنُوعٌ بِالْفَرْقِ الْمَذْكُورِ، وَلَا يُخَالِفُ مَا تَقَرَّرَ هُنَا مَا فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ حَيْثُ وَقَعَ الثَّلَاثُ لِأَنَّ عَدَدَ الطَّلَاقِ مَحْصُورٌ فَأَدْخَلُوا فِيهِ الطَّرَفَيْنِ بِخِلَافِهِ هُنَا، فَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مَا بَيْنَ الدِّرْهَمِ وَالْعَشَرَةِ أَوْ إلَى الْعَشَرَةِ لَزِمَهُ ثَمَانِيَةٌ إخْرَاجًا لِلطَّرَفَيْنِ لِأَنَّ مَا بَيْنَهُمَا لَا يَشْمَلُهُمَا. (وَإِنْ) (قَالَ) : (لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ فِي عَشَرَةٍ) أَوْ دِرْهَمٌ فِي دِينَارٍ (فَإِنْ أَرَادَ الْمَعِيَّةَ لَزِمَهُ أَحَدَ عَشَرَ) أَوْ الدِّرْهَمُ وَالدِّينَارُ لِمَجِيءِ " فِي " بِمَعْنَى مَعَ كَادْخُلُوا فِي أُمَمٍ: أَيْ مَعَهُمْ، وَاسْتِشْكَالُ الْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرِهِ لَهُ بِجَزْمِهِمْ فِي دِرْهَمٍ مَعَ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ لِاحْتِمَالِ إرَادَتِهِ مَعَ دِرْهَمٍ لِي فَلَمْ يَجِبْ سِوَى وَاحِدٍ فَالْمَسْأَلَتَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، وَفِيهِ تَكَلُّفٌ يُنَافِيهِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ. أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ نِيَّةَ الْمَعِيَّةِ تَجْعَلُ فِي عَشَرَةٍ بِمَعْنَى وَعَشَرَةٍ بِدَلِيلِ تَقْدِيرِهِمْ جَاءَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو مَعَ عَمْرٍو، بِخِلَافِ لَفْظَةِ مَعَ فَإِنَّ غَايَتَهَا الْمُصَاحَبَةُ وَهِيَ صَادِقَةٌ بِمُصَاحَبَةِ دِرْهَمٍ لِلْمُقِرِّ، وَمَا نُظِرَ بِهِ فِيهِ مِنْ أَنَّ الْوَاوَ لَيْسَتْ بِمَعْنَى مَعَ بَلْ تَحْتَمِلُهَا وَغَيْرَهَا يُرَدُّ بِلُزُومِ الدِّرْهَمِ الثَّانِي، بَلْ وَلَا إشَارَةَ إلَيْهِ فَلَمْ يَجِبْ فِيهِ إلَّا وَاحِدٌ، وَأَمَّا فِي عَشَرَةٍ فَهُوَ صَرِيحٌ فِي الظَّرْفِيَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلُزُومِ وَاحِدٍ فَقَطْ فَنِيَّةُ مَعَ بِهَا قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرُدَّ مَا مَرَّ بِمَعَ دِرْهَمٍ لِأَنَّهُ يُرَادِفُهَا بَلْ ضَمَّ الْعَشَرَةَ إلَى الدِّرْهَمِ فَوَجَبَ الْأَحَدَ عَشَرَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الدِّرْهَمَ لَازِمٌ فِيهِمَا، وَالدِّرْهَمُ الثَّانِي فِي مَعَ دِرْهَمٍ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى لُزُومِهِ وَالْعَشَرَةُ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى لُزُومِهَا، إذْ لَوْلَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَيْسَ بِعَدَدٍ) أَيْ وَالْمَقْصُودُ بَيَانُ أَقَلِّ عَدَدِ هَذَا الْجِنْسِ وَأَقَلِّ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ وَبِهَذَا فَارَقَ مَا لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ فَإِنَّ ذَلِكَ جَمْعٌ وَأَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ. (قَوْلُهُ: وَفِيهِ تَكَلُّفٌ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ تَكَلُّفٌ فِي الْإِشْكَالِ نَفْسِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ التَّكَلُّفَ إنَّمَا هُوَ فِي جَوَابٍ عَنْهُ لِلْبُلْقِينِيِّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ حَجّ حَيْثُ قَالَ كَعَشَرَةٍ (قَوْلُهُ: بَلْ ضَمَّ الْعَشَرَةَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ) أَيْ الْبَعْضُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ إلَى هَذِهِ الدَّرَاهِمِ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً بِدَلِيلِ الْإِشَارَةِ وَالتَّنْظِيرِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ إرَادَتِهِ مَعَ دِرْهَمٍ لِي فَلَمْ يَجِبْ سِوَى وَاحِدٍ إلَخْ) هُنَا سَقْطٌ فِي النُّسَخِ عَقِبَ قَوْلِهِ مَعَ دِرْهَمٍ وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ حَجّ الَّذِي تَبِعَهُ الشَّارِحُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ السَّوَادَةِ بِبَعْضِ تَصَرُّفٍ نَصُّهَا: لِاحْتِمَالِ إرَادَتِهِ مَعَ دِرْهَمٍ لِي فَمَعَ نِيَّتِهِ أَوْلَى. وَأَجَابَ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ فَرْضَ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الظَّرْفَ بَلْ الْمَعِيَّةَ فَوَجَبَ أَحَدَ عَشَرَ وَفَرْضُ دِرْهَمٍ مَعَ دِرْهَمٍ أَنَّهُ أَطْلَقَ وَهُوَ مُحْتَمَلُ الظَّرْفِ: أَيْ مَعَ دِرْهَمٍ لِي فَلَمْ يَجِبْ سِوَى وَاحِدٍ إلَى آخِرِ مَا فِي الشَّرْحِ. (قَوْلُهُ: أُجِيبُ عَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَصْلِ الْإِشْكَالِ، وَهُوَ فِي النُّسَخِ بِلَا وَاوٍ عَاطِفَةٍ، وَحَذْفُهَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا سَقْطَ، وَقَدْ عَرَفْتَ السَّاقِطَ وَأَنَّهُ مُتَضَمِّنٌ لِجَوَابِ الْبُلْقِينِيِّ فَيَجِبُ هُنَا الْعَطْفُ عَلَيْهِ بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ: يَرُدُّ بِلُزُومِ الدِّرْهَمِ إلَخْ) هُنَا أَيْضًا سَقْطٌ فِي النُّسَخِ عَقِبَ يَرُدُّ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الشِّهَابَ حَجّ لَمَّا أَوْرَدَ الْجَوَابَ الثَّانِيَ الْمَذْكُورَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ أُجِيبُ إلَى آخِرِهِ نَظَرَ فِيهِ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، فَالشَّارِحُ أَشَارَ إلَى رَدِّهِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْمَرْدُودَ بِهِ فِي النُّسَخِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: بِلُزُومِ الدِّرْهَمِ إلَخْ فَهُوَ لَيْسَ

[فصل في بيان أنواع من الإقرار]

أَنَّ نِيَّةَ الْمَعِيَّةِ تُفِيدُ مَعْنًى زَائِدًا عَلَى الظَّرْفِيَّةِ الَّتِي هِيَ صَرِيحُ اللَّفْظِ لَمَا أَخْرَجَهُ عَنْ مَدْلُولِهِ الصَّرِيحِ إلَى غَيْرِهِ، وَمَا اسْتَشْكَلَ بِهِ أَيْضًا مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنَّ الْعَشَرَةَ مُبْهَمَةٌ كَالْأَلْفِ فِي أَلْفٍ وَدِرْهَمٍ بِالْأُولَى. أَجَابَ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ الْعَطْفَ فِي هَذِهِ يَقْتَضِي مُغَايَرَةَ الْأَلْفِ لِلدَّرَاهِمِ فَبَقِيَتْ عَلَى إبْهَامِهَا بِخِلَافِهِ فِي دِرْهَمٍ فِي عَشَرَةٍ. وَأَجَابَ غَيْرُهُ بِأَنَّ الْعَشَرَةَ هُنَا عُطِفَتْ تَقْدِيرًا عَلَى مُبَيَّنٍ فَتَخَصَّصَتْ بِهِ إذْ الْأَصْلُ مُشَارَكَةُ الْمَعْطُوفِ لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَثُمَّ الْمُبَيَّنُ عَلَى الْأَلْفِ فَلَمْ يُخَصِّصْهَا، وَنُظِرَ فِيهِ بِأَنَّ قَضِيَّةَ أَلْفٍ فِي أَلْفِ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةٍ تَكُونُ الْعَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَكَلَامُهُمْ يَأْبَاهُ، فَالْأَوْجَهُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ فِي الظَّرْفِيَّةَ الْمُقْتَرِنَةَ بِنِيَّةِ الْمَعِيَّةِ إشْعَارًا بِالتَّجَانُسِ وَالِاتِّحَادِ لِاجْتِمَاعِ أَمْرَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا مُقَرِّبٌ لِذَلِكَ، بِخِلَافِ أَلْفٍ وَدِرْهَمٍ فَإِنَّ فِيهِ مُجَرَّدَ الْعَطْفِ وَهُوَ لَا يَقْتَضِي بِمُفْرَدِهِ صَرْفَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ عَنْ إبْهَامِهِ الَّذِي هُوَ مَدْلُولُ لَفْظِهِ، وَقَدْ أَجَابَ عَنْهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِنِيَّتِهِ بِذَلِكَ إرَادَةُ مَعَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ لَهُ وَجَرَى عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَعَلَيْهِ فَلَا يُرَدُّ شَيْءٌ مِنْ الْإِشْكَالَيْنِ، وَلَا حَاجَةَ لِتِلْكَ الْأَجْوِبَةِ لَوْلَا أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إلَّا مُجَرَّدَ مَعْنَى مَعَ عَشَرَةٍ فَعَلَيْهِ يُرَدُّ الْإِشْكَالَانِ وَيَحْتَاجُ إلَى الْجَوَابِ عَنْهُمَا بِمَا ذُكِرَ (أَوْ) أَرَادَ (الْحِسَابَ) وَعَرَّفَهُ (فَعَشَرَةٌ) لِأَنَّهَا مُوجِبَةٌ، فَإِنْ لَمْ يُعَرِّفْهُ فَدِرْهَمٌ وَإِنْ قَصَدَ مَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِهِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُرِدْ الْمَعِيَّةَ وَلَا الْحِسَابَ بِأَنْ أَطْلَقَ أَوْ أَرَادَ الظَّرْفَ (فَدِرْهَمٌ) لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ. (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْإِقْرَارِ وَفِي بَيَانِ الِاسْتِثْنَاءِ (قَالَ لَهُ عِنْدِي سَيْفٌ فِي غِمْدٍ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ غِلَافُهُ (أَوْ ثَوْبٌ فِي صُنْدُوقٍ) أَوْ زَيْتٌ فِي جَرَّةٍ أَوْ ثَمَرَةٌ عَلَى شَجَرَةٍ (لَا يَلْزَمُهُ الظَّرْفُ) لِمُغَايَرَتِهِ لِلْمَظْرُوفِ وَمُعْتَمَدُ الْإِقْرَارِ عَلَى الْيَقِينِ، وَهَكَذَا كُلُّ ظَرْفٍ وَمَظْرُوفٍ لَا يَكُونُ الْإِقْرَارُ بِأَحَدِهِمَا إقْرَارًا بِالْآخَرِ (أَوْ غِمْدٌ فِيهِ سَيْفٌ أَوْ صُنْدُوقٌ فِيهِ ثَوْبٌ لَزِمَهُ الظَّرْفُ وَحْدَهُ) دُونَ الْمَظْرُوفِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ بَلْ أَرَادَ ضَمَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَجَابَ عَنْهُ) أَيْ أَصْلِ الْإِشْكَالِ بِنَوْعَيْهِ. (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: فِي بَيَانِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْإِقْرَارِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَاَلَّذِي يُفْعَلُ بِالْمُمْتَنِعِ مِنْ التَّفْسِيرِ (قَوْلُهُ: وَهَكَذَا كُلُّ ظَرْفٍ وَمَظْرُوفٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الظَّرْفُ خُلُقِيًّا لِلْمَظْرُوفِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدَ جَارِيَةٍ فِي بَطْنِهَا حَمْلٌ إلَخْ، وَمِنْهُ مَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِنَوًى فِي تَمْرٍ أَوْ طَلْعٍ فِي كُوزٍ فَيَكُونُ إقْرَارًا بِالْمَظْرُوفِ دُونَ الظَّرْفِ لِجَوَازِ أَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِهِ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الظَّرْفُ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي سَيْفٌ بِغِمْدِهِ أَوْ ثَوْبٌ بِصُنْدُوقٍ هَلْ يَلْزَمُهُ الْجَمِيعُ كَمَا لَوْ قَالَ دَابَّةٌ بِسَرْجِهَا أَوْ لَا؟ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا يَرُدُّ بِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ جَوَابٌ ثَالِثٌ لِلشِّهَابِ الْمَذْكُورِ سَقَطَ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ صَدْرُهُ، وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ الْمَذْكُورِ عَقِبَ الْجَوَابِ الثَّانِي نَصُّهَا: وَفِيهِ نَظَرٌ وَتَكَلُّفٌ، وَلَيْسَتْ الْوَاوُ بِمَعْنَى مَعَ بَلْ تَحْتَمِلُهَا وَغَيْرَهَا. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَعَ دِرْهَمٍ صَرِيحٌ فِي الْمُصَاحَبَةِ الصَّادِقَةِ بِدِرْهَمٍ لَهُ وَلِغَيْرِهِ فَلَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِلُزُومِ الدِّرْهَمِ الثَّانِي بَلْ وَلَا إشَارَةَ إلَيْهِ إلَى آخِرِ مَا فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَجَابَ عَنْهُ السُّبْكِيُّ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم: الْوَجْهُ التَّعْوِيلُ عَلَى جَوَابِ السُّبْكِيّ لِظُهُورِ الْمَعْنَى عَلَيْهِ، وَكَلَامُهُمْ لَا يُنَافِيهِ بَلْ قَوَاعِدُهُمْ تَقْتَضِيهِ قَطْعًا وَدَعْوَى أَنَّ كَلَامَهُمْ صَرِيحٌ فِي خِلَافِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ قَطْعًا أَوْ أَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي خِلَافِهِ لَا أَثَرَ لَهُ، بَلْ كَلَامُهُمْ مَعَ مُلَاحَظَةِ الْمَعْنَى وَقَوَاعِدُهُمْ لَا يَكُونُ ظَاهِرًا فِي خِلَافِهِ بَلْ لَا يَكُونُ إلَّا ظَاهِرًا فِيهِ فَأَحْسِنْ التَّأَمُّلَ اهـ. [فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْإِقْرَارِ]

لِمَا مَرَّ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَهُ عِنْدِي جَارِيَةٌ فِي بَطْنِهَا حَمْلٌ أَوْ خَاتَمٌ فِيهِ أَوْ عَلَيْهِ فَصٌّ أَوْ دَابَّةٌ فِي حَافِرِهَا نَعْلٌ أَوْ قُمْقُمَةٌ عَلَيْهَا عُرْوَةٌ أَوْ فَرَسٌ عَلَيْهَا سَرْجٌ لَزِمَتْهُ الْجَارِيَةُ وَالدَّابَّةُ وَالْقُمْقُمَةُ وَالْفَرَسُ لَا الْحَمْلُ وَالنَّعْلُ وَالْعُرْوَةُ وَالسَّرْجُ، وَلَوْ عَكَسَ انْعَكَسَ الْحُكْمُ، وَلَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي جَارِيَةٌ وَأَطْلَقَ وَكَانَتْ حَامِلًا. لَمْ يَدْخُلْ الْحَمْلُ لِأَنَّ الْجَارِيَةَ لَمْ تَتَنَاوَلْهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ كَمَا مَرَّ، وَرُبَّمَا كَانَتْ الْجَارِيَةُ لَهُ دُونَ الْحَمْلِ بِأَنْ كَانَ مُوصَى بِهِ، وَلِهَذَا لَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّابَّةُ لِفُلَانٍ إلَّا حَمْلَهَا صَحَّ، وَلَوْ قَالَ: بِعْتُكهَا إلَّا حَمْلَهَا فَلَا وَالشَّجَرَةُ كَالْجَارِيَةِ وَالثَّمَرَةُ كَالْحَمْلِ فِيمَا ذُكِرَ، وَلَوْ قَالَ: عِنْدِي خَاتَمٌ دَخَلَ فِي الْإِقْرَارِ فَصُّهُ لِتَنَاوُلِ الْخَاتَمِ لَهُ فَلَوْ ادَّعَى عَدَمَ إرَادَتِهِ الْفَصَّ لَمْ يُقْبَلْ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ بَعْضِ مَا أَقَرَّ بِهِ (أَوْ) قَالَ: لَهُ عِنْدِي (عَبْدٌ عَلَى رَأْسِهِ عِمَامَةٌ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَضَمِّهَا (لَمْ تَلْزَمْهُ الْعِمَامَةُ عَلَى الصَّحِيحِ) لِمَا مَرَّ، وَالثَّانِي تَلْزَمُهُ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَهُ عَلَى مَلْبُوسِهِ يَدٌ وَيَدُهُ كَيَدِ سَيِّدِهِ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ لَمْ تَدْخُلْ فِي الْبَيْعِ فَكَذَا الْإِقْرَارُ. وَضَابِطُ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ أَنَّ كُلَّ مَا دَخَلَ فِي مُطْلَقِ الْبَيْعِ دَخَلَ هُنَا وَمَا لَا فَلَا، إلَّا الثَّمَرَةُ غَيْرُ الْمُؤَبَّرَةِ وَالْحَمْلُ وَالْجِدَارُ فَيَدْخُلُ ثُمَّ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِيهِ عَلَى الْعُرْفِ لَا هُنَا (أَوْ) لَهُ عِنْدِي (دَابَّةٌ بِسَرْجِهَا) أَوْ عَبْدٌ بِعِمَامَتِهِ (أَوْ ثَوْبٌ مُطَرَّزٌ) بِالتَّشْدِيدِ (لَزِمَهُ الْجَمِيعُ) إذْ الْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ نَحْوُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ أَيْ مَعَهُ، وَالطِّرَازُ جُزْءٌ مِنْ الثَّوْبِ بِاعْتِبَارِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ يَلْزَمُهُ الْمَظْرُوفُ فَقَطْ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ دَابَّةٍ بِسَرْجِهَا بِأَنَّ الْبَاءَ إذَا دَخَلَتْ عَلَى الظَّرْفِ كَانَتْ فِي اسْتِعْمَالِهِمْ بِمَعْنَى فِي كَثِيرًا فَتُحْمَلُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِمُغَايَرَتِهِ (قَوْلُهُ: وَكَانَتْ حَامِلًا) مَفْهُومُهُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ حَائِلًا كَانَ الْحَمْلُ الْحَادِثُ لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ وَرُبَّمَا كَانَتْ الْجَارِيَةُ إلَخْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي عَدَمِ دُخُولِ الْحَمْلِ بَيْنَ الْمَوْجُودِ وَالْحَادِثِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِحَمْلِ جَارِيَةٍ ثُمَّ مَاتَ كَانَ حَمْلُهَا لِلْمُوصَى لَهُ وَإِنْ تَكَرَّرَ، مِثْلُ مَا ذُكِرَ يَأْتِي فِي الثَّمَرَةِ مَعَ الشَّجَرَةِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ مُغَايَرَةِ الظَّرْفِ لِلْمَظْرُوفِ (قَوْلُهُ: أَنَّ كُلَّ مَا دَخَلَ فِي مُطْلَقِ الْبَيْعِ إلَخْ) قَضِيَّةُ تَخْصِيصِ الِاسْتِثْنَاءِ بِمَا ذَكَرَهُ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِأَرْضٍ أَوْ سَاحَةٍ أَوْ بُقْعَةٍ وَفِيهَا شَجَرٌ أَوْ حَجَرٌ حَيٌّ مُثْبَتٌ أَوْ سَاقِيَّةٌ أَوْ وَتَدٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مُنْفَصِلٍ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ نَفْعٌ مُتَّصِلٌ دَخَلَ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ لَيْسَتْ مِنْ مُسَمَّى الْأَرْضِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ الدُّخُولِ (قَوْلُهُ: وَالْحَمْلُ وَالْجِدَارُ) أَيْ فِيمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِأَرْضٍ أَوْ سَاحَةٍ أَوْ بُقْعَةٍ أَمَّا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِدَارٍ أَوْ بَيْتٍ دَخَلَتْ الْجُدْرَانُ لِأَنَّهَا مِنْ مُسَمَّاهُمَا (قَوْلُهُ: أَوْ عَبْدٌ بِعِمَامَتِهِ) قِيَاسُهُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي جَارِيَةٌ بِحَمْلِهَا أَوْ خَاتَمٌ بِفَصِّهِ إلَى آخِرِ الصُّوَرِ السَّابِقَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ ثَوْبٌ مُطَرَّزٌ) الْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يُخَاطُ عَلَى كَتِفِ الثَّوْبِ مَثَلًا لِلزِّينَةِ مِنْ قِطَعِ الْحَرِيرِ وَنَحْوِهَا. قَالَ سم عَلَى حَجّ: وَهَلْ الْأَمْرُ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الطِّرَازُ بِالْإِبْرَةِ نَظَرًا لِأَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى الثَّوْبِ عَارِضٌ لَهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ. وَلَعَلَّ تَرَدُّدَهُ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ طِرَازٌ دُونَ الْمُطَرَّزِ فَإِنَّ دُخُولَ الْحَرِيرِ فِي الْمُطَرَّزِ بِالْإِبْرَةِ إذَا قَالَ لَهُ عِنْدِي ثَوْبٌ مُطَرَّزٌ أَوْ لِي مِنْ قِطَعِ الْحَرِيرِ الْمَخِيطَةِ عَلَى الْكَتِفِ، هَذَا وَلَوْ أَقَرَّ بِثَوْبٍ ثُمَّ أَحْضَرَ ثَوْبًا فِيهِ طِرَازٌ وَقَالَ لَمْ أُرِدْ الطِّرَازَ فَفِي سم عَلَى حَجّ أَنَّ مُقْتَضَى مَا قِيلَ فِيمَا لَوْ قَالَ عِنْدِي خَاتَمٌ ثُمَّ أَحْضَرَ خَاتَمًا بِهِ فَصٌّ وَقَالَ: لَمْ أُرِدْ الْفَصَّ، مَنْ عَدِمَ الْقَبُولَ فِيهِ عَدِمَ الْقَبُولَ هُنَا. أَقُولُ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَاتَمِ حَيْثُ دَخَلَ فَصُّهُ فِيمَا لَوْ قَالَ عِنْدِي خَاتَمٌ إلَخْ بِأَنَّ الْفَصَّ جُزْءٌ مِنْ الْخَاتَمِ، بِخِلَافِ الطِّرَازِ فَإِنَّهُ عَارِضٌ بَعْدَ تَمَامِ صَنَعْتِهِ، وَالْفَصُّ إنَّمَا يُتَّخَذُ فِي الْخَاتَمِ عِنْدَ صَوْغِهِ إذَا لَمْ يُعْهَدْ اتِّخَاذُ الْخَاتَمِ بِلَا فَصٍّ ثُمَّ يُرَكَّبُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الثَّوْبِ (قَوْلُهُ: إذْ الْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ) وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: بِخِلَافِ مَا لَوْ أَتَى بِمَعَ: أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ سِوَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَزِمَتْهُ الْجَارِيَةُ وَالدَّابَّةُ إلَخْ) أَسْقَطَ ذِكْرَ الْخَاتَمِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ (قَوْلُهُ: إلَّا الثَّمَرَةَ غَيْرَ الْمُؤَبَّرَةِ وَالْحَمْلَ إلَخْ) وَلَا يُرَدُّ خَاتَمٌ فِيهِ فَصٌّ وَإِنْ أَوْرَدَهُ السُّبْكِيُّ حَيْثُ يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ لَا هُنَا؛ أَنَّ الْكَلَامَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ

لَفْظِهِ وَإِنْ كَانَ فِي الْوَاقِعِ مُرَتَّبًا عَلَيْهِ، وَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ إلْحَاقِ عَلَيْهِ طِرَازٌ بِمَا ذُكِرَ، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الْمُلَقِّنِ إذْ هُوَ عَلَيْهِ كَعَلَيْهِ ثَوْبٌ، وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ فِي هَذَا الْكِيسِ لَزِمَهُ أَلْفٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ لِاقْتِضَاءِ عَلَى اللُّزُومَ وَلَا نَظَرَ إلَى مَا عَقَّبَ بِهِ، فَإِنْ وُجِدَ فِيهِ دُونَ الْأَلْفِ لَزِمَهُ تَمَامُ الْأَلْفِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ فَيَلْزَمُهُ الْأَلْفُ، فَإِنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ الْأَلْفُ الَّذِي فِي الْكِيسِ فَلَا تَتْمِيمَ لَوْ نَقَصَ، وَلَا غُرْمَ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَرِفْ بِشَيْءٍ فِي ذِمَّتِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَفَرْقٌ أَيْضًا بَيْنَ الْمُنَكَّرِ وَالْمُعَرَّفِ بِأَنَّ الْإِخْبَارَ عَنْ الْمُنَكَّرِ الْمَوْصُوفِ فِي قُوَّةِ خَبَرَيْنِ فَأَمْكَنَ قَبُولُ أَحَدِهِمَا وَإِلْغَاءُ الْآخَرِ، وَالْإِخْبَارُ عَنْ الْمُعَرَّفِ الْمَوْصُوفِ يَعْتَمِدُ الصِّفَةَ فَإِذَا كَانَتْ مُسْتَحِيلَةً بَطَلَ الْخَبَرُ كُلُّهُ. (وَلَوْ) (قَالَ) ابْنٌ حَائِزٍ مَثَلًا لِزَيْدٍ (فِي مِيرَاثِ أَبِي أَلْفٌ فَهُوَ إقْرَارٌ) (عَلَى أَبِيهِ بِدَيْنٍ) لِإِضَافَةِ جَمِيعِ التَّرِكَةِ الْمُضَافَةِ إلَى الْأَبِ دُونَهُ، وَهَذَا وَاضِحٌ فِي تَعَلُّقِ الْمَالِ بِجَمِيعِهَا وَضْعًا تَعَلُّقًا يَمْنَعُهُ مِنْ تَمَامِ التَّصَرُّفِ فِيهَا، وَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ إلَّا الدَّيْنُ فَانْدَفَعَ بِالتَّعَلُّقِ بِالْجَمِيعِ احْتِمَالُ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِالثُّلُثِ وَاحْتِمَالُ نَحْوِ الرَّهْنِ عَنْ دَيْنِ الْغَيْرِ، وَوَجْهُ انْدِفَاعِ هَذَا أَنَّ الرَّهْنَ عَنْ دَيْنِ الْغَيْرِ لَا يُتَصَوَّرُ عُمُومُهُ لَهَا مِنْ حَيْثُ الْوَضْعُ، وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِنَا وَضْعًا مُفَارَقَةُ ذَلِكَ قَوْلَهُ لَهُ فِي هَذَا الْعَبْدِ أَلْفٌ حَيْثُ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ مِنْهُ بِنَحْوِ جِنَايَةٍ أَوْ رَهْنٍ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْوَارِثِ هُنَا ظَاهِرٌ فِي التَّعْلِيقِ بِجَمِيعِ التَّرِكَةِ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا لَا بِالنَّظَرِ لِزِيَادَةِ مَا ذُكِرَ عَلَيْهَا أَوْ نَقْصِهِ عَنْهَا وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ إلَّا فِي نَحْوِ الدَّيْنِ، بِخِلَافِ الْجِنَايَةِ وَالرَّهْنِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ فِي الْمَوْجُودِ بِقَدْرِهِ مِنْهُ، وَحِينَئِذٍ فَلَا نَظَرَ هُنَا لِتَفْسِيرِهِ مَا يَعُمُّ الْمِيرَاثَ وَلَا ثَمَّ إلَى تَفْسِيرِهِ بِمَا يَخُصُّ الْبَعْضَ كُلَّهُ فِي هَؤُلَاءِ أَلْفٌ وَفَسَّرَهَا بِجِنَايَةِ أَحَدِهِمْ (وَلَوْ) (قَالَ) لَهُ (فِي مِيرَاثِي مِنْ أَبِي) أَلْفٌ أَوْ نِصْفُهُ وَلَمْ يُرِدْ الْإِقْرَارَ وَلَمْ يَأْتِ بِنَحْوِ عَلَيَّ (فَهُوَ وَعْدُ هِبَةٍ) بِأَنْ يَهَبَهُ أَلْفًا لِإِضَافَتِهِ الْمِيرَاثَ لِنَفْسِهِ، وَهُوَ يَقْتَضِي عُرْفًا عَدَمَ تَعَلُّقِ دَيْنٍ بِهَا، وَمَا يَكُونُ مُضَافًا لَهُ يَمْتَنِعُ الْإِقْرَارُ بِهِ لِغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ فِي مَالِي لِزَيْدٍ فَجَعَلَ جُزْءًا لَهُ مِنْهُ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا بِالْهِبَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَخَرَجَ بَعْضُهُمْ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ إقْرَارٌ مِنْ نَصِّهِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ لَهُ فِي مَالِي أَلْفٌ إقْرَارٌ رُدَّ بِأَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالدَّابَّةِ (قَوْلُهُ: مُرَتَّبًا) عِبَارَةُ حَجّ مُرَكَّبًا عَلَيْهِ وَهِيَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ) لَكِنْ يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّ الطِّرَازَ يُطْلَقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مِنْ الثَّوْبِ وَلَا كَذَلِكَ الثَّوْبُ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَبْدِ (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ الطِّرَازِ وَفِي حَجّ إسْقَاطٌ عَلَيْهِ وَهُوَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: الَّذِي فِي الْكِيسِ) هِيَ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ، فَلَوْ أَسْقَطَهَا وَقَالَ الْأَلْفُ فِي الْكِيسِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ كَمَا يُفِيدُهُ الْفَرْقُ الْآتِي، وَفِي حَجّ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: دُونَهُ) أَيْ الِابْنِ وَقَوْلُهُ وَهَذَا وَاضِحٌ أَيْ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: يَمْنَعُهُ) أَيْ الِابْنُ (قَوْلُهُ: وَوَجْهُ انْدِفَاعِ هَذَا) أَيْ الِاحْتِمَالِ (قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ الْوَضْعُ) أَيْ وَإِنْ أَمْكَنَ عُمُومُهُ مِنْ حَيْثُ الِانْحِصَارُ بِأَنْ تَكُونَ تَرِكَةُ الْأَبِ الْعَبْدَ الْمَرْهُونَ فَقَطْ (قَوْلُهُ: مُفَارَقَةُ ذَلِكَ قَوْلَهُ) أَيْ الْوَارِثِ أَوْ الْمُقِرِّ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ) يُتَأَمَّلْ، وَقَوْلُهُ هُنَا: أَيْ فِي مِيرَاثِ الْحَائِزِ، وَقَوْلُهُ ثَمَّ: أَيْ نَحْوُ: لَهُ فِي هَذَا الْعَبْدِ أَلْفٌ وَتَوْضِيحُ الْمَقَامِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَلَعَلَّ وَجْهَ التَّأَمُّلِ أَنَّ أَرْشَ الْجِنَايَةِ وَدَيْنَ الرَّهْنِ يَتَعَلَّقَانِ بِجَمِيعِ الْمَرْهُونِ وَالْجَانِي لَا بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَحْدَهُ (قَوْلُهُ: فَجُعِلَ جُزْءٌ لَهُ) أَيْ لِغَيْرِهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: مِنْهُ) أَيْ الْمِيرَاثِ (قَوْلُهُ: رُدَّ بِأَنَّهُ) أَيْ مَا قِيلَ إنَّهُ نَصٌّ قَوْلٌ مَرْجُوحٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ فِي هَذَا الْكِيسِ إلَخْ) هَذَا لَا مُنَاسَبَةَ لَهُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِظَرْفٍ لَا يَلْزَمُهُ مَظْرُوفُهُ وَعَكْسُهُ، فَلَعَلَّهُ إنَّمَا أَوْرَدَهُ هُنَا لِمُطْلَقِ مُنَاسَبَةِ أَنَّ فِيهِ صُورَةَ الظَّرْفِ وَالْمَظْرُوفِ (قَوْلُهُ: أَوْ نِصْفَهُ) أَيْ نِصْفَ مِيرَاثِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ) أَيْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي مَسْأَلَتَيْ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: رُدَّ) يَعْنِي التَّخْرِيجَ لَا قَوْلَ الشَّارِحِ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُخْبِرُ عَنْهُ فِي الْعِبَارَةِ، وَكَانَ حَقُّ التَّعْبِيرِ أَنْ يَقُولَ قَالَ الشَّارِحُ وَخَرَجَ بَعْضُهُمْ إلَخْ، ثُمَّ يَقُولُ وَهَذَا

قَوْلٌ مَرْجُوحٌ، بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ مِنْ خَطِّ النَّاسِخِ، وَرُبَّمَا أَوَّلُوهُ عَلَى مَا إذَا أَتَى بِالْتِزَامٍ كَعَلَيَّ فِي مَالِي. وَمَحَلُّهُ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّ فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ مَا يُشِيرُ إلَيْهِ مَا إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ دَرَاهِمَ وَإِلَّا فَهُوَ كُلُّهُ فِي هَذَا الْعَبْدِ أَلْفٌ فَيُعْمَلُ بِتَفْسِيرِهِ. أَمَّا غَيْرُ الْحَائِزِ إذَا كَذَّبَهُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ فَيَتَعَلَّقُ فِي الْأُولَى بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَقَطْ. وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ الْإِقْرَارَ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ أَتَى بِنَحْوِ عَلِيَّ كَانَ إقْرَارًا كَمَا فِي الشَّرْحَ الصَّغِيرِ وَلَوْ أَقَرَّ فِي الْأُولَى بِجُزْءٍ شَائِعٍ صَحَّ وَحُمِلَ عَلَى وَصِيَّةٍ قِبَلَهَا وَأُجِيزَتْ إنْ زَادَتْ عَلَى الثُّلُثِ وَلَا يَنْصَرِفُ لِلدَّيْنِ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِبَعْضِ التَّرِكَةِ بَلْ بِكُلِّهَا، ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَهُوَ أَوْجَهُ مِمَّا فَصَلَهُ السُّبْكِيُّ بَيْنَ النِّصْفِ فَهُوَ وَعْدُ هِبَةٍ وَالثُّلُثُ فَإِقْرَارٌ بِوَصِيَّةِ بِهِ. (وَلَوْ) (قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ) (لَزِمَهُ دِرْهَمٌ) وَاحِدٌ وَإِنْ كَرَّرَهُ أُلُوفًا فِي مَجَالِسَ لِاحْتِمَالِهِ التَّأْكِيدَ مَعَ انْتِفَاءِ مَا يَصْرِفُهُ عَنْهُ وَأَخَذَ مِنْ ذَلِكَ رَدَّ مَا سَيَأْتِي فِي الطَّلَاقِ مَعَ رَدِّهِ أَيْضًا مِنْ تَقْيِيدِ إفَادَةِ التَّأْكِيدِ بِثَلَاثٍ فَمَا دُونَهَا (فَإِنْ قَالَ وَدِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ) لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُغَايِرَةُ وَثُمَّ كَالْوَاوِ، وَأَمَّا الْفَاءُ فَالنَّصُّ فِيهَا لُزُومُ دِرْهَمٍ مَا لَمْ يَرِدْ الْعَطْفُ لِمَجِيئِهَا كَثِيرًا لِلتَّفْرِيعِ وَتَزْيِينِ اللَّفْظِ وَمُقْتَرِنَةً بِجَزَاءٍ حُذِفَ شَرْطُهُ: أَيْ فَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ دِرْهَمٌ يَلْزَمُنِي لَهُ فَتَعَيَّنَ الْقَصْدُ فِيهَا كَسَائِرِ الْمُشْتَرَكَاتِ، وَإِنَّمَا وَقَعَ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ مِنْ الطَّلَاقِ طَلْقَتَانِ لِأَنَّهُ إنْشَاءٌ، وَهُوَ أَقْوَى مَعَ تَعَلُّقِهِ بِالْأَبْضَاعِ الَّتِي مَبْنَاهَا عَلَى الِاحْتِيَاطِ، وَالْأَوْجَهُ فِي بَلْ اعْتِبَارُ قَصْدِ الِاسْتِئْنَافِ فِيهَا وَأَنَّ مُجَرَّدَ إرَادَةِ الْعَطْفِ بِهَا لَا يُلْحِقُهَا بِالْفَاءِ لِأَنَّهَا مَعَ قَصْدِ الْعَطْفِ لَا تُنَافِي قَوْلَهُمْ فِيهَا لَا يَلْزَمُ مَعَهَا إلَّا وَاحِدٌ لِاحْتِمَالِ قَصْدِهِ الِاسْتِدْرَاكَ فَيَذْكُرُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فَيُعِيدُ الْأَوَّلَ (وَلَوْ) (قَالَ) : (لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ) (لَزِمَهُ بِالْأَوَّلَيْنِ دِرْهَمَانِ) لِمَكَانِ الْوَاوِ كَمَا مَرَّ (وَأَمَّا الثَّالِثُ فَإِنْ أَرَادَ بِهِ التَّأْكِيدَ الثَّانِيَ) بِعَاطِفِهِ (لَمْ يَجِبْ بِهِ شَيْءٌ) كَنَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ خِلَافًا لِمَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا (وَإِنْ نَوَى الِاسْتِئْنَافَ لَزِمَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) أَيْ كَوْنُ قَوْلِهِ: لَهُ فِي مِيرَاثِي مِنْ أَبِي إلَخْ وَعُدَّ هِبَةً كَمَا يُعْلَمُ مِنْ حَجّ (قَوْلُهُ: فَيُعْمَلُ بِتَفْسِيرِهِ) الْمُرَادُ أَنَّهُ يَكُونُ إقْرَارًا بِدَيْنٍ مُتَعَلِّقٍ بِالتَّرِكَةِ وَيُطْلَبُ تَفْسِيرُهُ مِنْهُ فَإِنَّ فَسَّرَهُ بِنَحْوِ جِنَايَةٍ قُبِلَ (قَوْلُهُ وَحُمِلَ عَلَى وَصِيَّةٍ) أَيْ صَدَرَتْ مِنْ أَبِيهِ وَقَوْلُهُ قَبِلَهَا: أَيْ الْمُوصَى لَهُ (قَوْلُهُ: وَأُجِيزَتْ) هَذَا الْحَمْلُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ ثَمَّ وَصَايَا بِالثُّلُثِ غَيْرَ هَذِهِ لَمْ تُشَارِكْ الْمُقَرَّ لَهُ فِي الْجُزْءِ الَّذِي عُيِّنَ لَهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ قَوْلِهِ لَهُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ وَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ إلَّا حَيْثُ لَمْ يُشَارِكْهُ غَيْرُهُ فِيهِ. (قَوْلُهُ: مِنْ تَقْيِيدٍ إلَخْ) بَيَانٌ لِمَا مِنْ قَوْلِهِ مَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: فَتَعَيَّنَ الْقَصْدُ) أَيْ تَوَقَّفَ اللُّزُومُ فِيهَا عَلَى قَصْدِ الْعَطْفِ، وَقَوْلُهُ فِيهَا: أَيْ الْفَاءِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا وَقَعَ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ مِنْ الطَّلَاقِ) أَيْ وَهُوَ مَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ) هَذَا قَدْ يُخَالِفُ مَا اسْتَوْجَهَهُ فِيمَا لَوْ قَالَ كَذَا بَلْ كَذَا مِنْ التَّعَدُّدِ حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْ ثَمَّ بِإِرَادَةِ الِاسْتِئْنَافِ إلَّا أَنْ يَحْمِلَ مَا تَقَدَّمَ عَلَى إرَادَةِ ذَلِكَ وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ: اعْتِبَارُ قَصْدِ الِاسْتِئْنَافِ) أَيْ فَلَا يَتَكَرَّرُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَوْ إرَادَةِ الْعَطْفِ (قَوْلُهُ: لَا يَلْحَقُهَا بِالْفَاءِ) أَيْ بِحَيْثُ يَتَكَرَّرُ الدِّرْهَمُ بَلْ لَا يَلْزَمُهُ مَعَ ذَلِكَ إلَّا وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: فَيَذْكُرُ) أَيْ يَتَذَكَّرُ (قَوْلُهُ: وَدِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ) أَيْ أَوْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ فِيهِ هَذَا التَّفْصِيلَ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ بِكُلِّ وَاحِدٍ تَأْكِيدَ مَا يَلِيه قُبِلَ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ تَأْكِيدَ مَا لَا يَلِيه أَوْ الِاسْتِئْنَافَ أَوْ أَطْلَقَ تَعَدَّدَ (قَوْلُهُ: لِمَكَانٍ) أَيْ لِوُجُودٍ (قَوْلُهُ: بِعَاطِفِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّخْرِيجُ عَلَى قَوْلٍ مَرْجُوحٍ بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: بِأَنَّهُ يَعْنِي مَا نُسِبَ لِلنَّصِّ فِي لَهُ فِي مَالِي (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) أَيْ مَحَلُّ مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ الْأَخِيرَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: فَيَتَعَلَّقُ فِي الْأُولَى بِقَدْرِ حِصَّتِهِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: فَيَغْرَمُ فِي الْأُولَى قَدْرَ حِصَّتِهِ فَقَطْ عَلَى مَا فِي بَعْضِ نُسَخِهَا وَفِي بَعْضِهَا كَالشَّارِحِ. قَالَ الشِّهَابُ سم: الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ مَا سَيَأْتِي فِي الْفَائِدَةِ الْآتِيَةِ آخِرَ الْفَصْلِ بِقَوْلِهِ فَمِنْ فُرُوعِهَا هُنَا إقْرَارُ بَعْضِ الْوَرَثَةِ عَلَى التَّرِكَةِ بِدَيْنٍ أَوْ وَصِيَّةٍ فَيَشِيعُ حَتَّى لَا يَلْزَمَهُ إلَّا قِسْطُهُ مِنْ حِصَّةِ التَّرِكَةِ اهـ. (قَوْلُهُ: فَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ دِرْهَمٌ يَلْزَمُنِي) هَذَا بَيَانٌ لِمَعْنَى التَّفْرِيعِ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَعْنَى الْجَزَاءِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ حَجّ فِي تُحْفَتِهِ وَلَفْظُهُ: إنْ أَرَدْت مَعْرِفَةَ مَا يَلْزَمُنِي بِهَذَا الْإِقْرَارِ فَهُوَ دِرْهَمٌ اهـ. وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ

ثَالِثٌ، وَكَذَا إنْ نَوَى تَأْكِيدَ الْأَوَّلِ) بِالثَّالِثِ لِمَنْعِ الْفَصْلِ وَالْعَاطِفِ مِنْهُ (أَوْ أَطْلَقَ فِي الْأَصَحِّ) إذْ الْعَطْفُ ظَاهِرٌ فِي الْمُغَايَرَةِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِيهِمَا يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ فِي قَوْلِهِ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ مَعْطُوفٌ عَلَى الْأَوَّلِ فَامْتَنَعَ تَأْكِيدُهُ، وَهُنَا الثَّالِثُ مَعْطُوفٌ عَلَى الثَّانِي عَلَى رَأْيٍ فَأَمْكَنَ أَنْ يُؤَكِّدَ الْأَوَّلَ بِهِ، وَلَوْ عَطَفَ بِثُمَّ فِي الثَّالِثِ كَقَوْلِهِ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ ثُمَّ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ بِكُلِّ حَالٍ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اتِّفَاقِ حَرْفِ الْعَطْفِ فِي الْمُؤَكَّدِ وَالْمُؤَكِّدِ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمٌ أَوَّلًا بَلْ دِرْهَمٌ أَوْ لَكِنْ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمَانِ أَوْ لَا بَلْ دِرْهَمَانِ أَوْ لَكِنْ دِرْهَمَانِ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ، وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ انْتِفَاءِ تَعْيِينِ الدِّرْهَمَيْنِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ الْجِنْسُ، فَإِنْ عَيَّنَهُمَا أَوْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ كَهَذَا الدِّرْهَمِ بَلْ هَذَانِ الدِّرْهَمَانِ أَوْ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ بَلْ دِينَارٌ لَزِمَهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فِي الْأَوَّلِ وَدِرْهَمٌ وَدِينَارٌ فِي الثَّانِي لِعَدَمِ دُخُولِ مَا قَبْلَ بَلْ فِيمَا بَعْدَهَا وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ عَنْهُ، وَكَاخْتِلَافِ الْجِنْسِ اخْتِلَافُ النَّوْعِ وَالصِّفَةِ أَوْ لَهُ عِنْدِي دِرْهَمَانِ بَلْ دِرْهَمٌ أَوْ لَا بَلْ دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ أَوْ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمَانِ فَثَلَاثَةٌ أَوْ دِرْهَمٌ مَعَ أَوْ فَوْقَ أَوْ تَحْتَ دِرْهَمٍ أَوْ مَعَهُ أَوْ فَوْقَهُ أَوْ تَحْتَهُ دِرْهَمٌ فَدِرْهَمٌ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَرَادَ مَعَ أَوْ فَوْقَ أَوْ تَحْتَ دِرْهَمٌ لِي أَوْ مَعَهُ أَوْ فَوْقَهُ أَوْ تَحْتَهُ دِرْهَمٌ لِي أَوْ يُرِيدُ فَوْقَهُ فِي الْجَوْدَةِ وَتَحْتَهُ فِي الرَّدَاءَةِ وَمَعَهُ فِي أَحَدِهِمَا وَيَلْزَمُهُ فِي عَلَيَّ دِرْهَمٌ قَبْلَ أَوْ بَعْدَ دِرْهَمٍ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ دِرْهَمٌ دِرْهَمَانِ لِاقْتِضَاءِ الْقَبْلِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةِ الْمُغَايَرَةَ وَتَعَذَّرَ التَّأْكِيدُ، وَفَرَّقُوا بَيْنَ الْفَوْقِيَّةِ وَالتَّحْتِيَّةِ وَبَيْنَ الْقَبْلِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةِ بِأَنَّهُمَا يَرْجِعَانِ إلَى الْمَكَانِ فَيَتَّصِفُ بِهِمَا نَفْسُ الدِّرْهَمِ، وَالْقَبْلِيَّةُ وَالْبَعْدِيَّةُ يَرْجِعَانِ إلَى الزَّمَانِ فَلَمْ يَتَّصِفْ بِهِمَا نَفْسُ الدِّرْهَمِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَمْرٍ يَرْجِعُ إلَيْهِ التَّقَدُّمُ وَالتَّأَخُّرُ وَلَيْسَ إلَّا الْوُجُوبُ عَلَيْهِ. (وَمَتَى) (أَقَرَّ بِمُبْهَمٍ) وَلَمْ تُمْكِنْ مَعْرِفَتُهُ بِغَيْرِ مُرَاجَعَتِهِ (كَشَيْءٍ وَثَوْبٍ وَطُولِبَ بِالْبَيَانِ) لِمَا أَبْهَمَهُ (فَامْتَنَعَ) (فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُحْبَسُ) لِامْتِنَاعِهِ مِمَّا وَجَبَ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ طُولِبَ وَارِثُهُ وَتُوقَفُ جَمِيعُ التَّرِكَةِ وَلَوْ فِيمَا يُقْبَلُ فِيهِ التَّفْسِيرُ بِغَيْرِ الْمَالِ كَمَا مَرَّ احْتِيَاطًا لِحَقِّ الْغَيْرِ، وَسُمِعَتْ الدَّعْوَى هُنَا بِالْمَجْهُولِ وَالشَّهَادَةِ بِهِ لِلضَّرُورَةِ إذْ لَا يُتَوَصَّلُ لِمَعْرِفَتِهِ إلَّا بِسَمَاعِهَا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَمْكَنَ مَعْرِفَةُ الْمَجْهُولِ مِنْ غَيْرِهِ كَأَنْ أَحَالَهُ عَلَى مَعْرُوفٍ كَزِنَةِ هَذِهِ الصَّنْجَةِ أَوْ مَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ أَوْ ذَكَرَ مَا يُمْكِنُ اسْتِخْرَاجُهُ بِالْحِسَابِ وَإِنْ دَقَّ لَمْ تُسْمَعْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ بَلْ أَرَادَ تَأْكِيدَ الثَّانِي مُجَرَّدًا عَنْ عَاطِفِهِ وَجَبَ ثَالِثٌ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمُؤَكَّدَ حِينَئِذٍ زَائِدٌ عَلَى الْمُؤَكِّدِ فَأَشْبَهَ تَوْكِيدَ الْأَوَّلِ بِالثَّانِي (قَوْلُهُ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَتَعَدَّدُ إنْ قَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ بِبَلْ فَلَعَلَّ مَا هُنَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَوْ إرَادَةِ الْعَطْفِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا بَلْ دِرْهَمَانِ) أَيْ بِأَنْ قَالَ فِي إقْرَارِهِ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ لَا بَلْ إلَخْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ ذِكْرِ لَا وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ) الْأَنْسَبُ بِمَا مَرَّ لَزِمَهُ الثَّلَاثَةُ الْمُعَيَّنَةُ فِي الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: فَالصَّحِيحُ) لَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ مُقَابِلَ الصَّحِيحِ، وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: وَالثَّانِي لَا يُحْبَسُ لِإِمْكَانِ حُصُولِ الْغَرَضِ بِدُونِ الْحَبْسِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُحْبَسُ) هَلَّا قَالَ يُعَزَّرُ بِحَبْسٍ أَوْ غَيْرِهِ لِيَشْمَلَ كُلَّ مَا يَحْصُلُ بِهِ التَّعْزِيرُ مِنْ ضَرْبٍ أَوْ غَيْرِهِ. وَقَدْ يُقَالُ: وَجْهُ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْحَبْسِ أَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي كَلَامِهِمْ (قَوْلُهُ: طُولِبَ وَارِثُهُ) قَضِيَّةُ اقْتِصَارِهِ عَلَى مُطَالَبَةِ الْوَارِثِ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ لَمْ يُحْبَسْ، وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ وَارِثًا عِلْمُهُ بِمُرَادِ مُوَرِّثِهِ وَالْمُقَرُّ لَهُ يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَى حَقِّهِ بِأَنْ يَذْكُرَ قَدْرًا بِهِ وَيَدَّعِي، فَإِنْ امْتَنَعَ الْوَارِثُ مِنْ الْحَلِفِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مُرَادُ الْمُوَرِّثِ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ رُدَّتْ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ فَيَحْلِفُ وَيَقْضِي بِمَا ادَّعَاهُ ثُمَّ رَأَيْت فِي ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ لَهُ مَا يُصَرِّحُ بِهِ وَبَقِيَ مَا لَوْ لَمْ يُعَيِّنْ الْوَارِثُ وَلَا الْمُقَرُّ لَهُ شَيْئًا لِعَدَمِ عِلْمِهِمَا بِمَا أَرَادَهُ الْمُقِرُّ فَمَاذَا يُفْعَلُ فِي التَّرِكَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَجْبُرُهُمَا عَلَى الِاصْطِلَاحِ عَلَى شَيْءٍ لِيَنْفَكَّ التَّعَلُّقُ بِالتَّرِكَةِ إذَا كَانَ ثَمَّ دُيُونٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِهَا وَطَلَبَهَا أَرْبَابُهَا (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ الْمُقِرِّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ دَقَّ) أَيْ قَلَّ جِدًّا ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّرْحِ مِنْ النُّسَّاخِ (قَوْلُهُ: كَزِنَةِ هَذِهِ الصَّنْجَةِ) أَيْ: مِنْ الذَّهَبِ مَثَلًا كَمَا فِي التُّحْفَةِ، فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ فِي مِثْلِ مَا فِي يَدِ

وَلَمْ يُحْبَسْ، وَالْأَوْجَهُ إلْحَاقُ الْمَجْنُونِ بِالْغَائِبِ، وَقَدْ نَقَلَ الْهَرَوِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ فِيهِ أَنَّ لَهُ أَنْ يُعَيِّنَ مِقْدَارًا وَيَحْلِفَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَنَّ الْمُقِرَّ أَرَادَهُ بِإِقْرَارِهِ وَيَأْخُذَهُ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي اشْتِرَاطِ الْحَلِفِ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَهُ بِإِقْرَارِهِ. (وَلَوْ) (بَيَّنَ) الْمُقِرُّ إقْرَارَهُ الْمُبْهَمَ تَبْيِينًا صَحِيحًا (وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ) فِي ذَلِكَ (فَلْيُبَيِّنْ) الْمُقَرُّ لَهُ جِنْسَ الْحَقِّ وَقَدْرَهُ وَصِفَتَهُ (وَلْيَدَّعِ) بِهِ إنْ شَاءَ (وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ فِي نَفْيِهِ) أَيْ مَا ادَّعَاهُ الْمُقَرُّ لَهُ ثُمَّ إنْ ادَّعَى بِزَائِدٍ عَلَى الْمُبَيَّنِ مِنْ جِنْسِهِ كَأَنْ بَيَّنَ بِمِائَةٍ وَادَّعَى بِمِائَتَيْنِ فَإِنْ صَدَّقَهُ عَلَى إرَادَةِ الْمِائَةِ ثَبَتَتْ وَحَلَفَ الْمُقِرُّ عَلَى نَفْي الزِّيَادَةِ، وَإِنْ قَالَ: بَلْ أَرَدْت الْمِائَتَيْنِ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ إرَادَتِهِمَا وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ سِوَى مِائَةٌ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُمَا لَا أَنَّهُ أَرَادَهُمَا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يُثْبِتُ حَقًّا وَإِنَّمَا هُوَ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ، وَبِهِ فَارَقَ حَلِفَ الزَّوْجَةِ أَنَّ زَوْجَهَا أَرَادَ الطَّلَاقَ بِالْكِنَايَةِ لِأَنَّهُ إنْشَاءٌ يُثْبِتُ الطَّلَاقَ، أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ كَأَنْ بَيَّنَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَادَّعَى بِمِائَةِ دِينَارٍ فَإِنْ صَدَّقَهُ عَلَى إرَادَةِ الدَّرَاهِمِ أَوْ كَذَّبَهُ فِي إرَادَتِهَا وَقَالَ: إنَّمَا أَرَدْت الدَّنَانِيرَ فَإِنْ وَافَقَهُ عَلَى أَنَّ الدَّرَاهِمَ عَلَيْهِ ثَبَتَتْ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهَا وَإِلَّا بَطَلَ الْإِقْرَارُ بِهَا وَكَانَ مُدَّعِيًا لِلدَّنَانِيرِ فَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ عَلَى نَفْيِهَا، وَكَذَا عَلَى نَفْي إرَادَتِهَا فِي صُورَةِ التَّكْذِيبِ. (وَلَوْ) (أَقَرَّ بِأَلْفٍ) فِي يَوْمٍ (ثُمَّ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ فِي يَوْمٍ آخَرَ) (لَزِمَهُ أَلْفٌ فَقَطْ) وَلَوْ كَتَبَ بِكُلِّ وَثِيقَةٍ مَحْكُومًا بِهَا لِأَنَّهُ إخْبَارٌ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَعَدُّدِهِ تَعَدُّدُ الْمَخْبَرِ عَنْهُ إلَّا إذَا عَرَضَ مَا يَمْنَعُ مِنْهُ، وَلَا يُرَدُّ ذَلِكَ عَلَى قَاعِدَةِ أَنَّ النَّكِرَةَ إذَا أُعِيدَتْ كَانَتْ غَيْرَ الْأُولَى لِأَنَّ هَذَا مَعَ كَوْنِهِ مُخْتَلِفًا فِيهِ غَيْرُ مُشْتَهِرٍ وَلَا مُطَّرِدٍ، إذْ كَثِيرٌ مَا تُعَادُ وَهِيَ عَيْنُ الْأُولَى كَمَا فِي نَحْوِ {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: 84] فَلَمْ يُعْمَلْ بِقَضِيَّتِهَا لِذَلِكَ وَبِفَرْضِ تَسْلِيمِ اطِّرَادِهَا فَصَرَفَ عَنْ ذَلِكَ قَاعِدَةَ الْبَابِ وَهُوَ الْأَخْذُ بِالْيَقِينِ مَعَ الِاعْتِضَادِ بِالْأَصْلِ وَهُوَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِمَّا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ. (وَلَوْ) (اخْتَلَفَ الْقَدْرُ) كَأَنْ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ فِي يَوْمٍ وَفِي آخَرَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ (دَخَلَ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ قَدْ ذَكَرَ بَعْضَ مَا أَقَرَّ بِهِ (وَلَوْ وَصَفَهُمَا بِصِفَتَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلَمْ يُحْبَسْ) هُوَ ظَاهِرٌ مَا دَامَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَاقِيًا فَلَوْ تَلِفَتْ الصَّنْجَةُ أَوْ مَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ هَلْ يُحْبَسُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ إقْرَارَهُ صَحِيحٌ وَتَعَذَّرَتْ مَعْرِفَةُ الْمُقَرِّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ فَيُرْجَعُ فِي التَّفْسِيرِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ إلْحَاقُ الْمَجْنُونِ بِالْغَائِبِ) أَيْ فِيمَا لَوْ أَقَرَّ ثُمَّ جُنَّ أَوْ أَقَرَّ وَهُوَ حَاضِرٌ ثُمَّ سَافَرَ أَوْ فِي سَفَرِهِ ثُمَّ شَهِدَا عَلَيْهِ بِهِ وَأَرَادَ الْمُقَرُّ لَهُ أَخْذَهُ (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ الْغَائِبِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي اشْتِرَاطِ الْحَلِفِ) أَيْ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْبَلَ قَوْلُهُ فِي شَيْءٍ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ أَوْ يُفِيقَ الْمَجْنُونُ فَيُبَيِّنُ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي الْعَمَلُ بِهِ، لَكِنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَكْفِي تَعَيُّنُهُ وَالْحَلِفُ عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ فَيُسَلَّمُ لَهُ مَا يَدَّعِيه، وَعَلَيْهِ فَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ وَأَفَاقَ الْمَجْنُونُ قُبِلَ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ إنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ مَا ذَكَرَهُ وَأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّهُ بِإِقْرَارِهِ. (قَوْلُهُ: تَبْيِينًا صَحِيحًا) أَيْ بِأَنْ فَسَّرَ مَا يُقْبَلُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ سِوَى مِائَةٍ) وَيَكْفِي لَهُمَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ انْتَهَى شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ) (نَكَلَ) أَيْ الْمُقِرُّ (قَوْلُهُ: حَلَفَ) أَيْ الْمُقَرُّ لَهُ (قَوْلُهُ: وَبِهِ) أَيْ بِكَوْنِهِ إخْبَارًا عَنْ حَقٍّ (قَوْلُهُ وَإِلَّا بَطَلَ الْإِقْرَارُ بِهَا) أَيْ الدَّرَاهِمِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَقَرَّ بِأَلْفٍ فِي يَوْمٍ آخَرَ لَزِمَهُ) بَقِيَ مَا لَوْ اتَّحَدَ الزَّمَنُ كَأَنْ أَقَرَّ فِي ثَانِيَ عَشَرَ رَبِيعٍ الثَّانِي بِأَنَّهُ أَقْرَضَهُ بِمِصْرَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَلْفًا ثُمَّ أَقَرَّ لَهُ فِي الْيَوْمِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّهُ أَقْرَضَهُ بِمَكَّةَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَلْفًا فَهَلْ يَلْزَمُهُ أَلْفٌ فَقَطْ أَوْ يَلْزَمُهُ الْأَلْفَانِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ يُتَعَذَّرُ الْإِقْرَارُ فِي مِصْرَ وَمَكَّةَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَتَسْقُطُ الْإِضَافَةُ إلَيْهِمَا لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَى أَحَدِهِمَا تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ، وَالنِّسْبَةُ إلَيْهِمَا مَعًا مُسْتَحِيلَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَتَبَ) غَايَةٌ، وَقَوْلُهُ مَحْكُومًا بِهَا أَيْ فِيهَا بِالْإِقْرَارِ بِالْأَلْفِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQزَيْدٍ، وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الْمِثَالِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا عَرَضَ مَا يَمْنَعُ مِنْهُ) صَوَابُهُ إلَّا إذَا عَرَضَ مَا يَقْتَضِيهِ

مُخْتَلِفَتَيْنِ) تَأْكِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ كَمِائَةٍ صِحَاحٍ فِي مَجْلِسٍ وَمِائَةٍ مُكَسَّرَةٍ فِي آخَرَ (أَوْ أَسْنَدَهُمَا إلَى جِهَتَيْنِ) كَثَمَنِ مَبِيعٍ مَرَّةً وَبَدَلِ قَرْضٍ أُخْرَى (أَوْ قَالَ: قَبَضْت) مِنْهُ (يَوْمَ السَّبْتِ عَشَرَةً ثُمَّ قَالَ قَبَضْت يَوْمَ الْأَحَدِ عَشَرَةً لَزِمَا) أَيْ الْقَدْرَانِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ لِتَعَذُّرِ اتِّخَاذِهَا، إذْ اخْتِلَافُ الْوَصْفِ أَوْ السَّبَبِ يُوجِبُ اخْتِلَافَ الْمَوْصُوفِ أَوْ الْمُسَبَّبِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَطْلَقَ مَرَّةً وَقَيَّدَ أُخْرَى حُمِلَ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَلَمْ يَلْزَمْهُ غَيْرُهُ. (وَلَوْ) (قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ كَلْبٍ) مَثَلًا (أَوْ أَلْفٌ) (قَضِيَّته لَزِمَهُ الْأَلْفُ) وَلَوْ كَافِرًا، جَاهِلًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ (فِي الْأَظْهَرِ) إلْغَاءٌ لِآخِرِ لَفْظِهِ الرَّافِعِ لِمَا أَثْبَتَهُ فَأَشْبَهَ عَلَيَّ أَلْفٌ لَا تَلْزَمُنِي، نَعَمْ لَوْ قَالَ: ظَنَنْته يَلْزَمُنِي حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى نَفْيِهِ رَجَاءَ أَنْ تُرَدَّ الْيَمِينُ عَلَيْهِ فَيَحْلِفَ الْمُقِرُّ وَلَا يَلْزَمُهُ، وَلَوْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُقِرِّ، وَإِنْ كَذَّبَهُ وَحَلَفَ لَزِمَهُ الْمُقَرُّ بِهِ مَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى الْمُنَافِي فَلَا يَلْزَمُهُ، وَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ وَتَبِعَهُ غَيْرُهُ فِي حَنَفِيٍّ أَقَرَّ بِأَنَّ لِزَيْدٍ عِنْدَهُ مِائَةً قِيمَةَ نَبِيذٍ أَتْلَفَهُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ رَفَعَ لِشَافِعِيٍّ وَقَدْ أَقَرَّ بِذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ لِانْتِفَاءِ قَصْدِهِ رَفْعُ حُكْمِ الْإِقْرَارِ فَلَيْسَ مُكَذِّبًا لِنَفْسِهِ مَحَلُّ نَظَرٍ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ: إنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الْحَاكِمِ لَا الْخَصْمِ، وَحَيْثُ كَانَ كَذَلِكَ فَالْحَاكِمُ الشَّافِعِيُّ يَحْمِلُهُ عَلَى تَعْقِيبِ الْإِقْرَارِ بِمَا يَرْفَعُهُ وَيَلْزَمُهُ بِذَلِكَ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّ الْكُلَّ كَلَامٌ وَاحِدٌ فَتُعْتَبَرُ جُمْلَتُهُ وَلَا يَتَبَعَّضُ وَيُفْصَلُ أَوَّلُهُ عَنْ آخِرِهِ، وَعَلَيْهِ فَلِلْمُقَرِّ لَهُ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ كَانَ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ، وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ مَثَلًا كَذَا لَمْ يَلْزَمْهُ قَطْعًا، وَلَوْ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ سَيُقِرُّ لَهُ بِمَا لَيْسَ عَلَيْهِ فَأَقَرَّ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ كَذَا لَزِمَهُ وَلَمْ يَنْفَعْهُ الْإِشْهَادُ، وَلَوْ قَالَ كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ وَلَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: تَأْكِيدٌ) أَيْ قَوْلُهُ مُخْتَلِفَتَيْنِ، وَقَوْلُهُ لِمَا قَبْلَهُ: أَيْ قَوْلُهُ بِصِفَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَطْلَقَ) وَمِنْهُ مَا لَوْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ نَذَرَ لَهُ أَلْفًا ثُمَّ أَقَرَّ بِأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفًا فَيُحْمَلُ الْأَلْفُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ سَوَاءٌ سَبَقَ إقْرَارُهُ بِالْمُقَيَّدِ أَوْ الْمُطْلَقِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَافِرًا) قَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ إذَا كَانَ الْمُقِرُّ وَالْمُقَرُّ لَهُ كَافِرَيْنِ بِعِلْمِنَا بِالتَّعَامُلِ بِالْخَمْرِ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبِاعْتِقَادِهِمْ حِلَّهُ، وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ لُزُومِ الْأَلْفِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ نَكَحَهَا بِخَمْرٍ فِي الْكُفْرِ وَأُقْبَضَهُ لَهَا ثُمَّ أَسْلَمَا، وَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الْحَاكِمِ. لِأَنَّا نَقُولُ: الْقَرِينَةُ مُخَصِّصَةٌ وَمُقْتَضَاهَا عَدَمُ اللُّزُومِ فَلَيْسَ هُوَ مِنْ تَعْقِيبِ الْإِقْرَارِ بِمَا يَرْفَعُهُ، وَسَيَأْتِي مَا يُصَرِّحُ بِهَذَا التَّوَقُّفِ عَنْ سم فِي قَوْلِهِ قَدْ يُقَالُ اعْتِبَارُ عَقِيدَةِ الْحَاكِمِ إلَخْ (قَوْلُهُ: جَاهِلًا) سَيَأْتِي مَا يُفِيدُ قَبُولَ ذَلِكَ مِنْهُ لَوْ قَطَعَ بِصِدْقِهِ كَكَوْنِهِ بَدَوِيًّا جِلْفًا فَمَا هُنَا مَحَلُّهُ حَيْثُ لَا يُذْكَرُ مَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: أَتْلَفَهُ عَلَيْهِ) أَيْ وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ (قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ قَصْدِهِ) أَيْ الْحَنَفِيِّ (قَوْلُهُ: مَحَلُّ نَظَرٍ) قَدْ يُقَالُ اعْتِبَارُ عَقِيدَةِ الْحَاكِمِ لَا يُنَافِيه الْعَمَلُ بِالْقَرِينَةِ، لَكِنَّ قَضِيَّتَهُ عَدَمُ اللُّزُومِ إذَا كَانَ الْمُقِرُّ كَافِرًا أَيْضًا لِلْقَرِينَةِ وَهُوَ وَجِيهٌ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ الْمُقَابِلِ وَقَوْلُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ قَطْعًا: أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا عَالِمًا أَوْ جَاهِلًا، وَنُقِلَ فِي الدَّرْسِ عَنْ سم مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَنْفَعْهُ الْإِشْهَادُ) وَخَرَجَ بِالْإِشْهَادِ مَا لَوْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ حِينَ الْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عِنْدَهُ شَيْئًا ثُمَّ أَقَرَّ لَهُ بِشَيْءٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنَّ مُضِيَّ زَمَنٍ يُمْكِنُ لُزُومُ ذِمَّةِ الْمُقِرِّ بِمَا أَقَرَّ بِهِ لَزِمَهُ عَدَمُ مُنَافَاتِهِ تَصْدِيقَ الْمُقَرِّ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَمْضِ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ) عِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ: وَلَوْ قَالَ كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ قَضَيْته فَلَغْوٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إذْ اخْتِلَافُ الْوَصْفِ أَوْ السَّبَبِ إلَخْ) كَأَنَّهُ أَدْخَلَ فِي هَذَا تَعْلِيلَ الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ تَوَسُّعًا تَنْزِيلًا لِاخْتِلَافِ الْإِضَافَةِ إلَى الزَّمَنِ مَنْزِلَةَ اخْتِلَافِ الْوَصْفِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ قَالَ ظَنَنْتُهُ يَلْزَمُنِي) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: نَعَمْ إنْ قَالَ مِنْ نَحْوِ خَمْرٍ وَظَنَنْتُهُ يَلْزَمُنِي (قَوْلُهُ:) (حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى نَفْيِهِ) أَيْ نَفْيِ كَوْنِهِ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى الْمُنَافِي) اُنْظُرْ مَا وَجْهَ قَبُولِ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ مَعَ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَزِمَهُ الْأَلْفُ بِسَبَبٍ آخَرَ فَهِيَ شَاهِدَةٌ بِنَفْيٍ غَيْرِ مَحْصُورٍ (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ إلَخْ) أَيْ؛ وَلِأَنَّهُ كَالْكَافِرِ بِالنِّسْبَةِ لِلْخَمْرِ مَثَلًا فِيمَا مَرَّ بَلْ أَوْلَى، وَلَعَلَّ هَذَا الْبَاحِثَ يَجْعَلُ الْكَافِرَ مِثْلَهُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَالْحَاكِمُ الشَّافِعِيُّ يَحْمِلُهُ إلَخْ)

يَكُنْ فِي جَوَابِ دَعْوَى فَلَغْوٌ كَمَا مَرَّ لِانْتِفَاءِ إقْرَارِهِ لَهُ حَالًّا بِشَيْءٍ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ وَقَدْ قَضَيْته بِأَنَّ جُمْلَةَ قَضِيَّتِهِ وَقَعَتْ حَالًّا مُقَيَّدَةً لِعَلَيَّ فَاقْتَضَتْ كَوْنَهُ مُعْتَرَفًا بِلُزُومِهَا إلَى أَنْ يَثْبُتَ الْقَضَاءُ وَإِلَّا فَيَبْقَى اللُّزُومُ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ لَا إشْعَارَ فِيهِ بِلُزُومِ شَيْءٍ حَالًّا أَصْلًا فَكَانَ لَغْوًا، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ أَوْ لَا بِسُكُونِ الْوَاوِ فَلَغْوٌ لِلشَّكِّ، وَلَوْ شَهِدَا عَلَيْهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَطْلَقَا قُبِلَا، وَلَا نَظَرَ لِقَوْلِهِ: إنَّهَا مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ، وَلَا يُجَابُ لِتَحْلِيفِ الْمُدَّعِي، وَلِلْحَاكِمِ اسْتِفْسَارُهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الْمُلْزِمِ بِالْأَلْفِ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ أَخَذْتُهُ أَنَا وَفُلَانٌ لَزِمَهُ الْأَلْفُ، وَلَا يُنَافِيه قَوْلُهُمْ لَوْ قَالَ: غَصَبْنَا مِنْ زَيْدٍ أَلْفًا ثُمَّ قَالَ كُنَّا عَشَرَةَ أَنْفُسٍ وَخَالَفَهُ زَيْدٌ صُدِّقَ الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ أَتَى هُنَا بِنُونِ الْجَمْعِ الدَّالَّةِ عَلَى مَا وَصَّلَهُ بِهِ فَلَا رَفْعَ فِيهِ (وَلَوْ) (قَالَ) لَهُ عَلَيَّ الْأَلْفُ (مِنْ ثَمَنِ) بَيْعٍ فَاسِدٍ لَزِمَهُ الْأَلْفُ أَوْ مِنْ ثَمَنِ (عَبْدٍ لَمْ أَقْبِضْهُ إذَا سَلَّمَهُ) إلَيَّ (سَلَّمْت) لَهُ الْأَلْفَ وَأَنْكَرَ الْمُقَرُّ لَهُ الْبَيْعَ وَطَالَبَهُ بِالْأَلْفِ (قُبِلَ) إقْرَارُهُ كَمَا ذُكِرَ (عَلَى الْمَذْهَبِ وَجُعِلَ ثَمَنًا) إذْ الْمَذْكُورُ آخِرًا لَا يَرْفَعُ مَا ذُكِرَ أَوَّلًا، وَلَا بُدَّ مِنْ اتِّصَالِ قَوْلِهِ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ، وَالْأَوْجَهُ إلْحَاقُ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَذَا فِي أَصْلِ الرَّوْضِ، وَفِي شَرْحِ م ر مَا نَصُّهُ: وَلَوْ قَالَ: كَانَ عَلَيَّ إلَخْ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ وَقَدْ قَضَيْتُهُ بِأَنَّ جُمْلَةَ قَضَيْتُهُ وَقَعَتْ حَالًا مُقَيِّدَةً لِعَلَيَّ فَاقْتَضَتْ كَوْنَهُ مُعْتَرِفًا بِلُزُومِهَا إلَى أَنْ يَثْبُتَ الْقَضَاءُ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي اللُّزُومُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ لَا إشْعَارَ فِيهِ بِلُزُومِ شَيْءٍ حَالًا أَصْلًا فَكَانَ لَغْوًا اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ فِي نَفْسِهِ ثُمَّ مَعَ مَسْأَلَةِ الرَّوْضِ الْمَذْكُورَةِ، فَإِنَّ " قَضَيْتُهُ " بِدُونِ الْوَاوِ حَالٌ أَيْضًا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: هِيَ مَعَ الْوَاوِ أَقْرَبُ لِلْحَالِيَّةِ، لَكِنْ لَيْسَ فِي كَلَامِ م ر قَضَيْتُهُ، وَإِنَّمَا قَالَ كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ وَالْفَرْقُ عَلَيْهَا ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَقَدْ قَضَيْته) حَيْثُ لَزِمَهُ، وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الْأُولَى هِيَ قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ كَانَ لَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلِلْحَاكِمِ اسْتِفْسَارُهُمَا) أَيْ فَإِنْ امْتَنَعَا لَمْ يُؤَثِّرْ فِي شَهَادَتِهِمَا فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا يَأْتِي بِقَيْدِهِ فِي الشَّهَادَاتِ فِي بَحْثِ الْمُنْتَقِبَةِ وَغَيْرِهَا اهـ حَجّ. وَقَدْ يُقَالُ بِالتَّأْثِيرِ لِجَوَازِ أَنْ يَعْتَقِدَ لُزُومَهُ بِوَجْهٍ لَا يَرَاهُ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الْأَلْفُ) أَيْ وَلَا شَيْءَ عَلَى فُلَانٍ (قَوْلُهُ: وَخَالَفَهُ زَيْدٌ) أَيْ فَادَّعَى أَنَّهُ غَصَبَهُ وَحْدَهُ مَثَلًا، وَقَوْلُهُ صُدِّقَ الْغَاصِبُ: أَيْ فَيَلْزَمُهُ عُشْرُ الْأَلْفِ (قَوْلُهُ: الدَّالَّةِ عَلَى مَا وَصَلَهُ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ هُنَا أَنَا وَفُلَانٌ أَخَذْنَا مِنْ زَيْدٍ أَلْفًا كَانَ كَالْغَاصِبِ فَيَلْزَمُهُ النِّصْفُ (قَوْلُهُ: مِنْ ثَمَنِ بَيْعٍ فَاسِدٍ) أَيْ مِنْ ثَمَنٍ مَبِيعٍ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ اتِّصَالِ قَوْلِهِ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ) أَيْ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لَمْ أَقْبِضْهُ فَيُقْبَلُ سَوَاءٌ قَالَهُ مُتَّصِلًا بِهِ أَوْ مُنْفَصِلًا عَنْهُ اهـ شَرْحُ مَنْهَجِ. أَقُولُ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ قَوْلِهِ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ وَبَيْنَ قَوْلِهِ لَمْ أَقْبِضْهُ أَنَّ ذِكْرَ الثَّمَنِ بَعْدَ قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ قَدْ يُؤَدِّي إلَى إسْقَاطِ الْحَقِّ بَعْدَ لُزُومِهِ كَأَنْ يَتْلَفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ وَوَجَبَ الْأَلْفُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ بِسَبَبٍ آخَرَ لَا يَقْتَضِي السُّقُوطَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ فِي الِاسْتِدْرَاكِ مِنْ تَحْلِيفِ الْمُقَرِّ لَهُ رَجَاءَ أَنْ يَرُدَّ الْيَمِينَ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ فِي جَوَابِ دَعْوَى) اُنْظُرْ مَا حُكْمُ مَفْهُومِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ اتِّصَالِ قَوْلِهِ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَا بُدَّ مِنْ اتِّصَالِ قَوْلِهِ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ، وَيَلْحَقُ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ كُلُّ تَقْيِيدٍ لِمُطْلَقٍ أَوْ تَخْصِيصٍ لِعَامٍّ كَاتِّصَالِ الِاسْتِثْنَاءِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِلَّا لَبَطَلَ الِاحْتِجَاجُ إلَخْ، فَقَوْلُهُ: كَاتِّصَالِ الِاسْتِثْنَاءِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ اتِّصَالِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ اتِّصَالِ إلَخْ، وَمُرَادُهُ بِذَلِكَ أَنَّ ضَابِطَ الِاتِّصَالِ هُنَا كَضَابِطِهِ الْآتِي فِي الِاسْتِثْنَاءِ، وَقَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ بِهِ إلَخْ مُعْتَرِضٌ بَيْنَ الْمُتَعَلِّقِ وَالْمُتَعَلَّقِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَالشَّارِحُ فَهِمَ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ يَقِيسُ كُلًّا مِنْ تَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ، وَتَخْصِيصِ الْعَامِّ، وَالِاسْتِثْنَاءُ عَلَى مَا هُنَا فِي وُجُوبِ مُطْلَقِ الِاتِّصَالِ فَعَبَّرَ عَنْهُ بِمَا تَرَى مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مَا أَرَادَهُ قَطْعًا، كَيْفَ وَوُجُوبُ اتِّصَالِ الِاسْتِثْنَاءِ سَيَأْتِي قَرِيبًا فِي الْمَتْنِ فَكَيْفَ يَبْحَثُهُ بِقَوْلِهِ فِيمَا يَظْهَرُ فَيَجِبُ إصْلَاحُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ بِأَنْ يَحْذِفَ مِنْهَا لَفْظَ بِمَا تَقَرَّرَ وَيَجْعَلَ بَدَلَهُ لَفْظَ بِهِ عَقِبَ قَوْلِهِ

كُلِّ تَقْيِيدٍ لِمُطْلَقٍ أَوْ تَخْصِيصٍ لِعَامٍّ كَاتِّصَالِ الِاسْتِثْنَاءِ بِمَا تَقَرَّرَ وَإِلَّا لَبَطَلَ الِاحْتِجَاجُ بِالْإِقْرَارِ بِخِلَافِ لَمْ أَقْبِضْهُ، وَقَوْلُهُ: إذَا إلَى آخِرِهِ إيضَاحٌ لِحُكْمٍ لَمْ أَقْبِضْهُ وَكَذَا جُعِلَ ثَمَنًا مَعَ قُبِلَ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا لِأَنَّهُ يَرْفَعُهُ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ إعْطَاءِ الْعَبْدِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ أَلْفٍ عَنْ قَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ ادَّعَى عَدَمَ قَبْضِهِ قُبِلَ لِتَحْلِيفِ الْمُقَرِّ لَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: أَقْرَضَنِي أَلْفًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الشَّاشِيُّ وَغَيْرُهُ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ فِي الْحَاوِي وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ: لَا أَظُنُّ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ خِلَافٌ، وَلَا فَرْقَ فِي الْقَبُولِ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ مُتَّصِلًا أَوْ مُنْفَصِلًا، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا فِي الشَّامِلِ. وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِأَلْفٍ فَقَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَقُولَ مِنْ ثَمَنٍ قَبَضْته مِنْهُ، بِخِلَافِ لَهُ عَلَيَّ تَسْلِيمُ أَلْفٍ ثَمَنِ مَبِيعٍ لِأَنَّ عَلَيَّ وَمَا بَعْدَهَا هُنَا تَقْتَضِي أَنَّهُ قَبَضَهُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ ادَّعَى عَدَمَ قَبْضِهِ لَمْ يُقْبَلْ. (وَلَوْ) (قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ) أَوْ إنْ أَوْ إذَا مَثَلًا شَاءَ أَوْ قَدِمَ زَيْدٌ أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَوْ يَقْدَمَ أَوْ إنْ جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ وَلَمْ يُرِدْ التَّأْجِيلَ (لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِالْإِقْرَارِ بَلْ عَلَّقَهُ بِمَا هُوَ مَغِيبٌ عَنَّا كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الطَّلَاقِ، وَمِنْ ثَمَّ اعْتَبَرَ هُنَا قَصْدَهُ التَّعْلِيقَ قَبْلَ فَرَاغِ الصِّيغَةِ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَفَارَقَ مِنْ ثَمَنِ كَلْبٍ بِأَنَّ دُخُولَ الشَّرْطِ عَلَى الْجُمْلَةِ يُصَيِّرُهَا جُزْءًا مِنْ جُمْلَةِ الشَّرْطِ فَلَزِمَ تَغْيِيرُ أَوَّلِ الْكَلَامِ. بِخِلَافِ مِنْ ثَمَنِ كَلْبٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُغَيِّرٍ بَلْ مُبَيِّنٍ لِجِهَةِ اللُّزُومِ بِمَا هُوَ بَاطِلٌ شَرْعًا فَلَمْ يُقْبَلْ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي قَوْلِهِ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ لِأَنَّ آخِرَهُ يَرْفَعُ أَوَّلَهُ وَرُدَّ بِمَا مَرَّ. (وَلَوْ) (قَالَ أَلْفٌ لَا تَلْزَمُ) (لَزِمَهُ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنْتَظِمٍ فَلَمْ يَبْطُلْ بِهِ الْإِقْرَارُ (وَلَوْ) (قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ ثُمَّ جَاءَ بِأَلْفٍ وَقَالَ: أَرَدْت هَذَا وَهُوَ وَدِيعَةٌ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ لِي عَلَيْك أَلْفٌ آخَرُ) غَيْرُ أَلْفِ الْوَدِيعَةِ وَهُوَ الَّذِي أَرَدْته بِإِقْرَارِك (صُدِّقَ الْمُقِرُّ فِي الْأَظْهَرِ بِيَمِينِهِ) أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ أَلْفٍ أُخْرَى إلَيْهِ وَأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِإِقْرَارِهِ سِوَى هَذِهِ لِأَنَّ عَلَيْهِ حِفْظَ الْوَدِيعَةِ فَصُدِّقَ لَفْظُهُ بِهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ تَعَدَّى بِهَا فَصَارَتْ مَضْمُومَةً عَلَيْهِ فَحَسُنَ الْإِتْيَانُ فِيهَا بِعَلَيَّ وَقَدْ تُسْتَعْمَلْ عَلَيَّ بِمَعْنَى عِنْدِي كَمَا فِي {وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ} [الشعراء: 14] وَالثَّانِي يُصَدَّقُ الْمُقَرُّ لَهُ لِأَنَّ كَلِمَةَ عَلَيَّ ظَاهِرَةٌ فِي الثُّبُوتِ فِي الذِّمَّةِ الْوَدِيعَةُ لَا تَثْبُتُ فِيهَا (فَإِنْ كَانَ قَالَ) لَهُ أَلْفٌ (فِي ذِمَّتِي أَوْ دَيْنًا) ثُمَّ جَاءَ بِأَلْفٍ وَفَسَّرَ الْوَدِيعَةِ كَمَا تَقَرَّرَ (صُدِّقَ الْمُقَرُّ لَهُ) بِيَمِينِهِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) إذْ الْعَيْنُ لَا تَكُونُ فِي الذِّمَّةِ وَلَا دَيْنًا الْوَدِيعَةُ لَا تَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ بِالتَّعَدِّي بَلْ بِالتَّلَفِ وَلَا تَلَفَ، وَأَفْهَمَ قَوْلَهُ ثُمَّ جَاءَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: عَلَيَّ أَلْفٌ وَدِيعَةً قُبِلَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ فِي ذِمَّتِي أَوْ دَيْنًا وَدِيعَةً فَلَا يُقْبَلُ مُتَّصِلًا وَلَا مُنْفَصِلًا عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ، لَكِنَّ الْأَوْجَهَ قَبُولُهُ مُتَّصِلًا لَا مُنْفَصِلًا، وَقَوْلُهُ وَأَرَدْت هَذِهِ أَنَّهُ لَوْ جَاءَ هُنَا بِأَلْفٍ وَقَالَ: الْأَلْفُ الَّتِي أَقْرَرْت بِهَا كَانَتْ وَدِيعَةً وَتَلِفَتْ وَهَذِهِ بَدَلُهَا قُبِلَ مِنْهُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ تَلِفَ مِنْهُ بِتَفْرِيطِهِ فَيَكُونُ ثَابِتًا فِي ذِمَّتِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ أَبِي الطَّيِّبِ وَابْنِ الصَّبَّاغِ، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّهُ الْمَشْهُورُ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: بِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اتِّصَالِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) أَيْ لَمْ يَلْزَمْهُ تَسْلِيمُ شَيْءٍ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُرِدْ التَّأْجِيلَ) أَيْ فَإِنْ قَصَدَ التَّأْجِيلَ وَلَوْ بِأَجَلٍ فَاسِدٍ فَيَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ، قَالَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُ سم بِأَجَلٍ فَاسِدٍ: أَيْ كَأَنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إذَا جَاءَ الْحَصَادُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ اُعْتُبِرَ هُنَا قَصْدُهُ التَّعْلِيقُ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ قَصْدُ الْإِتْيَانِ بِالصِّيغَةِ أَعَمُّ مِنْ الْإِتْيَانِ بِهَا بِقَصْدِ التَّعْلِيقِ أَوْ مَعَ الْإِطْلَاقِ بِخِلَافِ قَصْدِ التَّبَرُّكِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ) أَيْ قَوْلُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْأَوْجَهَ قَبُولُهُ) قَدْ يُنَافِي هَذَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ إذْ الْعَيْنُ لَا يَكُونُ فِي الذِّمَّةِ إلَخْ، ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ تَخْصِيصٌ لِعَامٍّ؛ لِيُوَافِقَ عِبَارَةَ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: بَلْ عَلَّقَهُ بِمَا هُوَ مَغِيبٌ عَنَّا) هَذَا تَعْلِيلٌ لِمَا فِي الْمَتْنِ خَاصَّةً كَمَا هِيَ عَادَتُهُ فِي غَالِبِ التَّعَالِيلِ (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: ثُمَّ جَاءَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: ثُمَّ جَاءَتْهُ لَوْ وَصَلَهُ

حِكَايَةُ وَجْهَيْنِ ثَانِيهِمَا الْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الْمُقِرِّ لِجَوَازِ أَنْ يُرِيدَ لُزُومَ ذَلِكَ عِنْدَ تَلَفِ الْوَدِيعَةِ (قُلْت: فَإِذَا قَبِلْنَا التَّفْسِيرَ الْوَدِيعَةِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا أَمَانَةٌ فَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ) وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ (التَّلَفَ) الْوَاقِعَ (بَعْدَ) تَفْسِيرِ (الْإِقْرَارِ) بِمَا ذُكِرَ (وَدَعْوَى الرَّدِّ) الْوَاقِعِ بَعْدَهُ أَيْضًا لِأَنَّ هَذَا شَأْنُ الْوَدِيعَةِ. وَالثَّانِي أَنَّهَا تَكُونُ مَضْمُونَةً حَتَّى لَا تُقْبَلَ دَعْوَاهُ التَّلَفَ وَالرَّدَّ نَظَرًا إلَى قَوْلِهِ: عَلَيَّ الصَّادِقُ بِالتَّعَدِّي فِيهَا. وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِصِدْقِ وُجُوبِ حِفْظِهَا وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ الَّذِي هُوَ ظَرْفٌ لِلتَّلَفِ كَمَا تَقَرَّرَ مَا لَوْ قَالَ أَقْرَرْت بِهَا ظَانًّا بَقَاءَهَا ثُمَّ بَانَ لِي أَوْ ذَكَرْت تَلَفَهَا أَوْ إنِّي رَدَدْتهَا قَبْلَ الْإِقْرَارِ فَلَا يُقْبَلُ لِأَنَّهُ يُخَالِفُ قَوْلَهُ عَلَيَّ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ. (وَإِنْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي أَوْ مَعِي أَلْفٌ صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ (فِي دَعْوَى الْوَدِيعَةِ وَ) دَعْوَى (الرَّدِّ وَالتَّلَفِ) الْوَاقِعَيْنِ بَعْدَ تَفْسِيرِ الْإِقْرَارِ نَظِيرُ مَا تَقَرَّرَ فِي عَلَيَّ (قَطْعًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) إذْ لَا إشْعَارَ لَعِنْدِي وَمَعِي بِذِمَّةٍ وَلَا ضَمَانٍ (وَلَوْ أَقَرَّ بِبَيْعٍ) مَثَلًا (أَوْ هِبَةٍ وَإِقْبَاضٍ) بَعْدَهَا (ثُمَّ قَالَ) وَلَوْ مُتَّصِلًا فَثُمَّ لِمُجَرَّدِ التَّرْتِيبِ (كَانَ) ذَلِكَ (فَاسِدًا وَأَقْرَرْت لِظَنِّي الصِّحَّةَ لَمْ يُقْبَلْ) لِأَنَّ الِاسْمَ مَحْمُولٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلِأَنَّ الْإِقْرَارَ يُرَادُ بِهِ الِالْتِزَامَ فَلَمْ يَشْمَلْ الْفَاسِدَ لِانْتِفَاءِ الِالْتِزَامِ فِيهِ. نَعَمْ لَوْ كَانَ مَقْطُوعًا بِصِدْقِهِ بِمُقْتَضَى ظَاهِرِ الْحَالِ كَبَدَوِيٍّ جِلْفٍ فَالْأَوْجَهُ قَبُولُهُ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ وَإِقْبَاضٍ عَمَّا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْهِبَةِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُقِرًّا بِالْإِقْبَاضِ، فَلَوْ قَالَ: وَهَبْتُهُ لَهُ وَخَرَجَتْ إلَيْهِ مِنْهُ أَوْ وَمَلَكَهُ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا بِالْقَبْضِ لِجَوَازِ إرَادَةِ الْخُرُوجِ إلَيْهِ مِنْهُ بِالْهِبَةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْفَقِيهَ الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ بِوَجْهٍ يَكُونُ فِي حَقِّهِ بِمَنْزِلَةِ الِاعْتِرَافِ بِالْإِقْبَاضِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَمَحَلُّ مَا مَرَّ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ بِيَدِ الْمُقَرِّ لَهُ وَإِلَّا فَهُوَ إقْرَارٌ بِالْقَبْضِ (وَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ) عَلَى نَفْيِ كَوْنِهِ فَاسِدًا لِإِمْكَانِ مَا يَدَّعِيهِ وَقَدْ تَخْفَى جِهَاتُ الْفَسَادِ عَلَيْهِ وَلَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ لِتَكْذِيبِهَا بِإِقْرَارِهِ السَّابِقِ (فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْحَلِفِ (حَلَفَ الْمُقِرُّ) أَنَّهُ كَانَ فَاسِدًا وَحَكَمَ بِهِ (وَبَرِئَ) لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ وَتَعْبِيرُهُ بِبَرِئَ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ النِّزَاعُ فِي عَيْنٍ فَقَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ دَيْنٌ كَالثَّمَنِ فَغَلَبَ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُرِيدَ بِبَرِئَ بَطَلَ الَّذِي بِأَصْلِهِ. وَأَجَابَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ قَوْلَهُ: وَبَرِئَ أَيْ مِنْ الدَّعْوَى فَيَشْمَلُ حِينَئِذٍ الْعَيْنَ وَالدَّيْنَ فَلَا اعْتِرَاضَ حِينَئِذٍ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَإِنْ كَانَ الشَّارِحُ قَدْ سَلَّمَ الِاعْتِرَاضَ. (وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ) مَثَلًا (لِزَيْدٍ بَلْ) أَوْ ثُمَّ وَالْفَاءُ هُنَا ـــــــــــــــــــــــــــــSإلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ قَوْلَهُ ذَلِكَ مُتَّصِلًا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِفِي ذِمَّتِي وَدَيْنًا مَعْنَاهُمَا بَلْ أَرَادَ بِفِي ذِمَّتِي مَعْنَى جِهَتِي أَوْ قِبَلِي وَأَنَّ دَيْنًا مَعْنَاهُ كَالدَّيْنِ فِي لُزُومِ رَدِّهِ لِمَالِكِهِ (قَوْلُهُ: الْوَاقِعَيْنِ بَعْدَ تَفْسِيرِ الْإِقْرَارِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَضَافَ الْإِتْلَافَ أَوْ الرَّدَّ بَعْدَ التَّفْسِيرِ إلَى مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِقْرَارِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ، وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ كَمَا نَقَلَهُ سم عَلَى مَنْهَجِ عَنْ الشَّارِحِ، وَيُمْكِنُ جَعْلُ الْإِضَافَةِ فِي كَلَامِهِ بَيَانِيَّةً وَيَكُونُ التَّفْسِيرُ هُوَ نَفْسَ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَانَ لِي) قَدْ يَتَوَقَّفُ فِي عَدَمِ الْقَبُولُ فِي قَوْلِهِ بَانَ لِي تَلَفُهَا لِأَنَّهُ أَخْبَرَ بِأَنَّ إقْرَارَهُ بِنَاءً عَلَى الظَّاهِرِ مِنْ بَقَائِهَا وَقَوْلُهُ أَوْ ذَكَرْت أَيْ تَذَكَّرْت. (قَوْلَهُ لَمْ يُقْبَلْ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِسُقُوطِ الْحَقِّ وَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا صَحِيحٌ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: لِجَوَازِ إرَادَةِ الْخُرُوجِ) أَيْ أَوْ الْمِلْكِ (قَوْلُهُ بِوَجْهٍ يَكُونُ) أَيْ خَرَجَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ مَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لَا يَكُونُ مُقِرًّا بِالْإِقْبَاضِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ إقْرَارٌ بِالْقَبْضِ) وَفِيهِ أَنَّ مُجَرَّدَ الْيَدِ لَا يَسْتَلْزِمُ كَوْنَ الْقَبْضِ عَنْ الْهِبَةِ بَلْ يَجُوزُ كَوْنُهُ فِي يَدِهِ عَارِيَّةً أَوْ غَصْبًا وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ بَعْدَ الْهِبَةِ فِي الْقَبْضِ عَنْهَا (قَوْلُهُ: وَحُكِمَ بِهِ) أَيْ الْفَسَادِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQكَعَلَيَّ أَلْفٌ وَدِيعَةٌ قُبِلَ (قَوْلُهُ: كَمَا تَقَرَّرَ) أَيْ بِقَوْلِهِ الْوَاقِعِ (قَوْلُهُ: لِجَوَازِ إرَادَةِ الْخُرُوجِ إلَيْهِ مِنْهُ بِالْهِبَةِ) أَيْ: أَوْ أَنَّهُ يَعْقِدُ الْمِلْكَ بِمُجَرَّدِ الْهِبَةِ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُرِيدَ بِ بَرِئَ بَطَلَ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: أَنْ يُرِيدَ بِ بَرِئَ غَايَةَ بَطَلَ انْتَهَتْ. فَلَعَلَّ لَفْظَ غَايَةَ سَقَطَ مِنْ الشَّرْحِ مِنْ الْكَتَبَةِ، وَإِلَّا فَالْبَرَاءَةُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهَا الْبُطْلَانُ لِتَبَايُنِ مَفْهُومَيْهِمَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ

مِثْلُهَا، وَفِيمَا يَأْتِي (لِعَمْرٍو أَوْ غَصَبْتهَا مِنْ زَيْدٍ بَلْ) أَوْ ثُمَّ كَمَا فِي الْوَسِيطِ (مِنْ عَمْرٍو سَلِمَتْ لِزَيْدٍ) إذْ مَنْ تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِشَيْءٍ بِمُقْتَضَى إقْرَارِ أَحَدٍ بِهِ لَمْ يَمِلْك رُجُوعُهُ عَنْهُ سَوَاءٌ أَقَالَ ذَلِكَ مُتَّصِلًا بِمَا قَبْلَهُ أَمْ مُنْفَصِلًا عَنْهُ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُقِرَّ يَغْرَمُ قِيمَتَهَا) وَلَوْ مِثْلِيَّةً (لِعَمْرٍو) إنْ أَخَذَهَا زَيْدٌ مِنْهُ جَبْرًا بِالْحَاكِمِ لِحَيْلُولَتِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مِلْكِهِ بِإِقْرَارِهِ الْأَوَّلِ كَمَا يَضْمَنُ قِنًّا غَصَبَهُ فَأَبَقَ فِي يَدِهِ. وَالثَّانِي لَا يَغْرَمُ لَهُ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ الثَّانِيَ صَادَفَ مِلْكَ الْغَيْرِ فَلَا يَلْزَمُهُ بِهِ شَيْءٌ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِالدَّارِ الَّتِي بِيَدِ زَيْدٍ لِعَمْرٍو وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي غَصَبْتهَا مِنْ زَيْدٍ وَهُوَ غَصَبَهَا مِنْ عَمْرٍو كَمَا هُوَ أَوْجَهُ الْوَجْهَيْنِ وَرَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ، فَإِنْ قَالَ: غَصَبْتهَا مِنْهُ وَالْمِلْكُ فِيهَا لِعَمْرٍو وَسُلِّمَتْ لِزَيْدٍ لِأَنَّهُ اعْتَرَفَ لَهُ بِالْيَدِ وَلَا يَغْرَمُ لِعَمْرٍو لِجَوَازِ كَوْنِهَا مِلْكَ عَمْرٍو وَهِيَ فِي يَدِ زَيْدٍ بِإِجَارَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ بِمَنَافِعِهَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ كَرَهْنٍ، وَلَوْ قَالَ عَنْ عَيْنٍ فِي تَرِكَةِ مُوَرِّثِهِ هَذِهِ لِزَيْدِ بَلْ لِعَمْرٍو فَفِي غُرْمِهِ لَهُ طَرِيقَانِ: أَوْجَهُهُمَا الْقَطْعُ بِعَدَمِهِ وَالْفَرْقُ كَوْنُهُ مَعْذُورًا هُنَا لِعَدَمِ كَمَالِ اطِّلَاعِهِ. ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ الِاسْتِثْنَاءِ وَهُوَ إخْرَاجُ مَا لَوْلَاهُ لَدَخَلَ بِنَحْوِ إلَّا فَقَالَ (وَيَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ) هُنَا كَكُلِّ إنْشَاءٍ وَإِخْبَارٍ لِوُرُودِهِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الثَّنْيِ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ: أَيْ الرُّجُوعِ لِرُجُوعِهِ عَمَّا اقْتَضَاهُ لَفْظُهُ (إنْ اتَّصَلَ) بِالْإِجْمَاعِ وَمَا حُكِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قِيلَ لَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ وَلَئِنْ ثَبَتَ فَهُوَ مُؤَوَّلٌ. نَعَمْ السُّكُوتُ الْيَسِيرُ بِقَدْرِ سَكْتَةِ تَنَفُّسٍ أَوْ عِيٍّ أَوْ تَذَكُّرٍ أَوْ انْقِطَاعِ صَوْتٍ غَيْرُ مُضِرٍّ وَيَضُرُّ كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ يَسِيرٌ أَوْ سُكُوتٌ طَوِيلٌ، فَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ الْحَمْدُ لِلَّهِ إلَّا مِائَةً أَوْ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ أَوْ يَا فُلَانُ ضَرَّ عَلَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ، فَإِنَّهُ لَمَّا نَقَلَ صِحَّةَ الِاسْتِثْنَاءِ مَعَ ذَلِكَ نَظَرَ فِيهِ، وَاسْتَوْضَحَ غَيْرُهُ النَّظَرَ فِي يَا فُلَانُ بِخِلَافِهِ فِي أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِقَوْلِ الْكَافِي: لَا يَضُرُّ لِأَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُقِرَّ يَغْرَمُ قِيمَتَهَا) وَهَلْ يَجِبُ مَعَ الْقِيمَةِ أُجْرَةُ مِثْلِهَا مُدَّةَ وَضْعِ الْأَوَّلِ يَدَهُ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْمَغْرُومَ لِلْحَيْلُولَةِ كَمَا فِي سَائِرِ صُوَرِ الْغَصْبِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ. لَا يُقَالُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ أَقَرَّ بِمَا لِلثَّانِي اسْتِحْقَاقُ الثَّانِي مَنْفَعَتَهَا لِجَوَازِ كَوْنِهِ أَجَّرَهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ وَاشْتَرَاهَا مَثَلًا مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ. لِأَنَّا نَقُولُ: مَا ذُكِرَ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَالْأَصْلُ أَنَّ مَنْ مَلَكَ مَنْفَعَتَهَا حَتَّى يُوجَدَ مَا يُخَالِفُهُ وَبَقِيَ مَا لَوْ رَجَعَ الْمُقَرُّ بِهِ لِلْمُقِرِّ بَعْدَ غُرْمِ الْقِيمَةِ هَلْ لَهُ حَبْسُهُ حَتَّى يَرُدَّ لَهُ مَا غَرِمَهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ. ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى بَهْجَةٍ ذَكَرَ خِلَافًا فِي الْغَاصِبِ إذَا غَرِمَ الْقِيمَةَ لِلْحَيْلُولَةِ هَلْ يَجُوزُ لَهُ حَبْسُ الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ حَتَّى يَسْتَرْجِعَ الْقِيمَةَ أَمْ لَا؟ وَذَكَرَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مِنْهُ عَدَمُ جَوَازِ الْحَبْسِ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ مَا هُنَا مِثْلُهُ فَلَا يَجُوزُ الْحَبْسُ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ حَبْسِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ بَعْدَ الْفَسْخِ لِيَقْبِضَ الثَّمَنَ، وَإِنْ جَرَى فِي الرَّوْضَةِ عَلَى جَوَازِ الْحَبْسِ لِلْمَبِيعِ وَنَحْوِهِ فِي جَمِيعِ الْفُسُوخِ، وَجَرَى الشَّارِحُ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ وَفِي خِيَارِ الْعَيْبِ عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ إنْ كَانَتْ مُتَقَوِّمَةً وَمِثْلُهَا إنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً، وَقَالَ سم: إنَّهُ رَجَعَ عَمَّا فِي ذَلِكَ الْبَعْضِ إلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي غَصَبْتهَا مِنْ زَيْدٍ) أَيْ فَتُسَلَّمُ لِزَيْدٍ وَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا لِعَمْرٍو (قَوْلُهُ: وَهِيَ فِي يَدِ زَيْدٍ) أَيْ لِعَمْرٍو (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا الْقَطْعُ بِعَدَمِهِ) أَيْ عَدَمِ الْغُرْمِ لِعَمْرٍو. (قَوْلُهُ: وَمَا حُكِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ) مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الِاتِّصَالِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ وَكَذَا إلَخْ وَهِيَ تُفِيدُ أَنَّهُ لَمْ يَنْظُرْ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْحَمْدِ لِلَّهِ (قَوْلُهُ: وَاسْتَوْضَحَ غَيْرُهُ النَّظَرَ فِي يَا فُلَانُ) سَكَتَ عَنْ الْفَصْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: لَمْ يَمْلِكْ) أَيْ الْأَحَدَ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ) أَيْ بَيْنَ هَذِهِ وَنَظِيرَتِهَا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ) يَعْنِي فِي أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَيَا فُلَانُ، وَإِلَّا فَمَسْأَلَةُ الْحَمْدِ لِلَّهِ لَيْسَتْ فِي الرَّوْضَةِ. (قَوْلُهُ: وَاسْتَوْضَحَ غَيْرُهُ النَّظَرَ فِي يَا فُلَانُ) أَيْ وَمِثْلُهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ عِلَّةِ الْكَافِي وَصَرَّحَ بِهِ الزِّيَادِيُّ

لِاسْتِدْرَاكِ مَا سَبَقَ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَقْصِدَهُ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِقْرَارِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الطَّلَاقِ وَلِكَوْنِهِ رَفْعًا لِبَعْضِ مَا شَمِلَهُ اللَّفْظُ احْتَاجَ إلَى نِيَّةٍ وَلَوْ كَانَ إخْبَارًا وَلَا بُعْدَ فِيهِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ (وَلَمْ يَسْتَغْرِقْ) الْمُسْتَثْنَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، فَإِنْ اسْتَغْرَقَهُ كَخَمْسَةٍ إلَّا خَمْسَةٍ كَانَ بَاطِلًا بِالْإِجْمَاعِ إلَّا مَنْ شَذَّ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمُنَاقَضَةِ الصَّرِيحَةِ، وَلِهَذَا لَمْ يُخْرِجُوهُ عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَ مَا يَجُوزُ وَمَا لَا يَجُوزُ لِانْتِفَاءِ الْمُنَاقَضَةِ فِيهِ، هَذَا كُلُّهُ إنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا كَخَمْسَةٍ إلَّا خَمْسَةٍ إلَّا ثَلَاثَةٍ فَهُوَ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْ الْخَمْسَةِ خَمْسَةً إلَّا ثَلَاثَةً، وَخَمْسَةٌ إلَّا ثَلَاثَةً اثْنَانِ أَوْ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ وَعَكْسُهُ كَمَا قَالَ (فَلَوْ) (قَالَ لَهُ) عَلَيَّ (عَشَرَةٌ إلَّا تِسْعَةً) أَيْ إلَّا تِسْعَةً لَا تَلْزَمُ (إلَّا ثَمَانِيَةٌ) تَلْزَمُ فَتَضُمُّ الْوَاحِدَ الْبَاقِيَ مِنْ الْعَشَرَةِ فَلِذَا كَانَ الْوَاجِبُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (لَزِمَهُ تِسْعَةٌ) وَطَرِيقُ ذَلِكَ وَنَظَائِرُهُ أَنْ تَجْمَعَ كُلَّ مُثْبَتٍ وَكُلَّ مَنْفِيٍّ وَتُسْقِطَ هَذَا مِنْ ذَاكَ فَالْبَاقِي هُوَ الْوَاجِبُ، فَمُثْبَتُ هَذِهِ الصُّورَةِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَمَنْفِيُّهَا تِسْعَةٌ أَسْقِطْهَا مِنْهَا تَبْقَى تِسْعَةٌ وَلَوْ زَادَ عَلَيْهَا إلَى الْوَاحِدِ كَانَ مُثْبَتُهَا ثَلَاثِينَ وَمَنْفِيُّهَا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ أَسْقِطْهَا مِنْهَا تَبْقَى خَمْسَةٌ، هَذَا كُلُّهُ عِنْدَ تَكَرُّرِهِ مِنْ غَيْرِ عَطْفٍ، وَإِلَّا كَعَشَرَةٍ إلَّا خَمْسَةً وَثَلَاثَةً أَوْ إلَّا خَمْسَةً وَإِلَّا ثَلَاثَةً كَانَا مُسْتَثْنَيَيْنِ مِنْ الْعَشَرَةِ فَيَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ، فَإِنْ كَانَ لَوْ جُمِعَا اُسْتُغْرِقَا كَعَشَرَةٍ إلَّا سَبْعَةً وَثَلَاثَةً اخْتَصَّ الْبُطْلَانُ بِمَا بِهِ الِاسْتِغْرَاقُ وَهُوَ الثَّلَاثَةُ فَيَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ، وَفِي لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ إلَّا خَمْسَةً يَلْزَمُهُ خَمْسَةٌ وَفِي لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةٌ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّ عَشَرَةً إلَّا خَمْسَةً خَمْسَةٌ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ خَمْسَةٌ بِجَعْلِ النَّفْي مُوَجَّهًا إلَى كُلٍّ مِنْ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَإِنْ كَانَ خَارِجًا عَنْ الْقَاعِدَةِ السَّابِقَةِ أَنَّهُ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ احْتِيَاطًا لِلْإِلْزَامِ، وَفِي لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِنْ مِائَةٍ لَا تَلْزَمُ الْمِائَةُ وَلَا أَقَلُّ مِنْهَا، وَلَا يُجْمَعُ مُفَرَّقٌ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَلَا فِي الْمُسْتَثْنَى وَلَا فِيهِمَا لِاسْتِغْرَاقٍ وَلَا لِعَدَمِهِ فَعَلَيَّ دِرْهَمَانِ وَدِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمًا مُسْتَغْرِقٌ وَثَلَاثَةٌ إلَّا دِرْهَمَيْنِ وَدِرْهَمًا أَوْ إلَّا دِرْهَمًا وَدِرْهَمًا وَدِرْهَمًا نُلْغِي دِرْهَمًا لِحُصُولِ الِاسْتِغْرَاقِ بِهِ فَيَجِبُ دِرْهَمٌ، وَكَذَا ثَلَاثَةٌ إلَّا دِرْهَمًا وَدِرْهَمًا يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ لِجَوَازِ الْجَمْعِ هُنَا فَلَا اسْتِغْرَاقَ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ إلَّا شَيْئًا أَوْ مَالٌ إلَّا مَالًا أَوْ نَحْوُهُمَا فَكُلٌّ مِنْ الْمُسْتَثْنَى والْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مُجْمَلٌ فَلْيُفَسِّرْهُمَا، فَإِنْ فَسَّرَ الثَّانِيَ بِأَقَلَّ مِمَّا فَسَّرَ بِهِ الْأَوَّلَ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَإِلَّا لَغَا، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِالْحَمْدِ لِلَّهِ وَالْقِيَاسُ الضَّرَرُ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الزِّيَادِيَّ جَزَمَ بِهِ فِي حَاشِيَتِهِ وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي الضَّرَرِ الْفَصْلُ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: قَبْلَ فَرَاغِ الْإِقْرَارِ) أَيْ وَلَوْ مَعَ آخِرِ حَرْفٍ مِنْهُ أَوْ عِنْدَ أَوَّلِ حَرْفٍ مَثَلًا وَإِنْ عَزَبَتْ النِّيَّةُ قَبْلَ فَرَاغِ الصِّيغَةِ، ثُمَّ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَقْصِدَهُ إلَخْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ الْإِخْرَاجِ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الصِّيغَةِ، وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ سم فِي التَّعْلِيقِ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي قَوْلِهِ يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ قَصْدُ الْإِتْيَانِ بِالصِّيغَةِ إلَى آخِرِهِ أَنْ يَكْتَفِيَ هُنَا بِقَصْدِ الْإِتْيَانِ بِصِيغَةِ الِاسْتِثْنَاءِ قَصَدَهُ أَوْ أَطْلَقَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَسْتَغْرِقْ) أَيْ وَأَنْ يَسْمَعَهُ مَنْ بِقُرْبِهِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ صَحِيحٌ) أَيْ فَيَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ. [فَائِدَةٌ] ذَكَرَهَا ابْنُ سُرَاقَةَ عَلَيْهِ أَلْفٌ لِرَجُلٍ وَلَهُ عَلَيْهِ قِيمَةُ عَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ مَثَلًا وَيَخْشَى أَنْ يُقِرَّ لَهُ بِأَلْفٍ فَيَجْحَدُ الَّذِي لَهُ فَطَرِيقُهُ أَنْ يَقُولَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا كَذَا وَكَذَا وَيُقَوِّمُ الَّذِي لَهُ وَيَحْلِفُ عَلَيْهِ ع (قَوْلُهُ: فَتَضُمُّ) أَيْ الثَّمَانِيَةُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ زَادَ عَلَيْهَا) أَيْ الثَّمَانِيَةِ وَقَوْلُهُ إلَى الْوَاحِدِ كَأَنْ قَالَ إلَّا سَبْعَةً إلَّا سِتَّةً إلَخْ (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ) أَيْ الْبَاقِيَةُ مِنْ الْعَشَرَةِ بَعْدَ اسْتِثْنَاءِ السَّبْعَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا أَقَلُّ مِنْهَا) أَيْ لِأَنَّ دَلَالَةَ الْمَفْهُومِ ضَعِيفَةٌ لَا يُعْمَلُ بِهَا فِي الْأَقَارِيرِ (قَوْلُهُ: وَلَا فِيهِمَا) أَيْ وَإِنْ قَصَدَ الْجَمْعَ لَا يُعْتَدُّ بِقَصْدِهِ (قَوْلُهُ: مُسْتَغْرِقٌ) فَتَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا بُعْدَ فِيهِ) مَا فِيهِ مِنْ الْبُعْدِ لَا يُنْكَرُ كَمَا يُعْرَفُ بِالتَّأَمُّلِ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْإِنْشَاءَاتِ وَالْإِخْبَارَاتِ (قَوْلُهُ: لِجَوَازِ الْجَمْعِ هُنَا فَلَا اسْتِغْرَاقَ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: إذْ لَا اسْتِغْرَاقَ

أَلْفٌ إلَّا شَيْئًا أَوْ عَكَسَ فَالْأَلْفُ وَالشَّيْءُ مُجْمَلَانِ فَلْيُفَسِّرْهُمَا مَعَ الِاجْتِنَابِ فِي تَفْسِيرِهِ لِمَا يَقَعُ بِهِ الِاسْتِغْرَاقُ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا دِرْهَمًا فَالْأَلْفُ مُجْمَلٌ فَلْيُفَسِّرْهُ بِمَا فَوْقَ الدِّرْهَمِ، فَلَوْ فَسَّرَهُ بِمَا قِيمَتُهُ دِرْهَمٌ فَمَا دُونَهُ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ لَاغِيًا وَكَذَا التَّفْسِيرُ، وَلَوْ قَدَّمَ الْمُسْتَثْنَى عَلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ صَحَّ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ أَوَّلَ كِتَابِ الْأَيْمَانِ. (وَيَصِحُّ) الِاسْتِثْنَاءُ (مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ) وَهُوَ الْمُنْقَطِعُ (كَأَلْفِ) دِرْهَمٍ (إلَّا ثَوْبًا) لِوُرُودِهِ فِي الْكِتَابِ وَغَيْرِهِ نَحْوُ {لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلا سَلامًا} [مريم: 62] وَنَحْوُ {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} [النساء: 157] (وَيُبَيِّنُ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ دُونَ أَلْفٍ) خَشْيَةَ الِاسْتِغْرَاقِ، فَإِنْ فَسَّرَهُ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ أَلْفٌ بَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ وَالتَّفْسِيرُ كَمَا مَرَّ (وَ) يَصِحُّ أَيْضًا (مِنْ الْمُعَيَّنِ كَهَذِهِ الدَّارُ لَهُ إلَّا هَذَا الْبَيْتَ أَوْ هَذِهِ الدَّرَاهِمُ لَهُ إلَّا هَذَا الدِّرْهَمَ) أَوْ هَذَا الْقَطِيعُ لَهُ إلَّا هَذِهِ الشَّاةَ أَوْ الثَّوْبُ لَهُ إلَّا كُمَّهُ لِصِحَّةِ الْمَعْنَى فِيهِ إذْ هُوَ إخْرَاجٌ بِلَفْظٍ مُتَّصِلٍ فَأَشْبَهَ التَّخْصِيصَ (وَفِي الْمُعَيَّنِ وَجْهٍ شَاذٌّ) أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْهُ إذْ الْإِقْرَارُ بِالْعَيْنِ يَتَضَمَّنُ مِلْكَ جَمِيعِهَا فَالِاسْتِثْنَاءُ يَكُونُ رُجُوعًا بِخِلَافِهِ فِي الدَّيْنِ. قُلْت كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (لَوْلَا) (قَالَ: هَؤُلَاءِ الْعَبِيدُ لَهُ إلَّا وَاحِدًا) (قُبِلَ) وَالِاعْتِبَارُ بِالْجَهْلِ بِالْمُسْتَثْنَى كَمَا لَوْ قَالَ إلَّا شَيْئًا (وَرَجَعَ فِي الْبَيَانِ إلَيْهِ) لِكَوْنِهِ أَعْرَفَ بِمُرَادِهِ وَيُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ، فَإِنْ مَاتَ خَلَفَهُ وَارِثُهُ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ (فَإِنْ مَاتُوا إلَّا وَاحِدًا وَزَعَمَ أَنَّهُ الْمُسْتَثْنَى صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) أَنَّهُ الَّذِي أَرَادَهُ بِالِاسْتِثْنَاءِ (عَلَى الصَّحِيحِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِاحْتِمَالِ مَا ادَّعَاهُ، وَالثَّانِي لَا يُصَدَّقُ لِلتُّهْمَةِ وَلَوْ قُتِلُوا قَتْلًا مُضَمَّنًا قُبِلَ قَطْعًا لِبَقَاءِ أَثَرِ الْإِقْرَارِ وَهُوَ الْقِيمَةُ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: غَصَبْتُهُمْ إلَّا وَاحِدًا فَمَاتُوا وَبَقِيَ وَاحِدٌ وَزَعَمَ أَنَّهُ الْمُسْتَثْنَى أَنَّهُ يُصَدَّقُ لِأَنَّ أَثَرَ الْإِقْرَارِ بَاقٍ وَهُوَ الضَّمَانُ، وَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُ شَرِيكَيْنِ بِنِصْفِ الْأَلْفِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا لِثَالِثٍ تَعَيَّنَ مَا أَقَرَّ بِهِ فِي نَصِيبِهِ وَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ قَاعِدَةِ الْحَصْرِ وَالْإِشَاعَةِ وَلَا يُطْلَقُ فِيهَا تَرْجِيحٌ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، بَلْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَبْوَابِ، وَلَوْ أَقَرَّ لِوَرَثَةِ أَبِيهِ بِمَالٍ وَكَانَ هُوَ أَحَدَهُمْ لَمْ يَدْخُلْ إذْ الْمُتَكَلِّمُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ وَمَحَلِّهِ كَمَا قَالَهُ السَّرَخْسِيُّ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَإِنْ نَصَّ عَلَى نَفْسِهِ دَخَلَ فِي الْأَوْجُهِ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي فَفِيهِ وَجْهَانِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: لَعَلَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ إقْرَارٌ وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَنَقَلَهُ الْهَرَوِيُّ عَنْ النَّصِّ كَمَا لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ، وَلَوْ قَالَ: غَصَبْت دَارِهِ وَلَوْ بِإِسْكَانِ الْهَاءِ ثُمَّ ادَّعَى دَارَةَ الشَّمْسِ أَوْ الْقَمَرِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إذْ غَصْبُ ذَلِكَ مُحَالٌ فَلَمْ يُقْبَلْ إرَادَتُهُ، وَلَوْ أَقَرَّ أَوْ أَوْصَى بِثِيَابِ بَدَنِهِ دَخَلَ فِيهِ كُلُّ مَا يَلْبَسُهُ وَلَوْ فَرْوَةً لَا الْخُفُّ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مُسَمَّى الثِّيَابِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ النَّوْعُ وَالصِّفَةُ (قَوْلُهُ: إلَّا هَذِهِ الشَّاةَ أَوْ الثَّوْبَ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ الشَّاةُ مِنْ نَوْعِ الْغَنَمِ الْمُعَيَّنَةِ وَصِفَتُهَا وَالْكَمُّ بِصِفَةٍ بَقِيَّةِ الثَّوْبِ وَلَيْسَ ثَمَّ مَنْ يَصْلُحُ نِسْبَةُ الْكَمِّ لَهُ مِنْ الْمُقَرِّ بِهِ إلَّا الْمُقَرُّ لَهُ (قَوْلُهُ: قَبْلَ) أَيْ تَفْسِيرِهِ (قَوْلُهُ: فِي نَصِيبِهِ) أَيْ الْخَمْسِمِائَةِ فَيَسْتَحِقُّهُ الْمُقَرُّ لَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَكَذَا التَّفْسِيرُ) وَانْظُرْ هَلْ لَهُ أَنْ يُفَسِّرَ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ؟ (قَوْلُهُ: وَزَعَمَ أَنَّهُ الْمُسْتَثْنَى أَنَّهُ يَصْدُقُ) أَيْ: قَطْعًا.

[فصل في الإقرار بالنسب]

(فَصْلٌ) فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ وَهُوَ مَعَ الصِّدْقِ وَاجِبٌ وَمَعَ الْكَذِبِ فِي ثُبُوتِهِ أَوْ نَفْيِهِ حَرَامٌ، وَمَا صَحَّ فِي الْخَبَرِ مِنْ أَنَّهُ كُفْرٌ مَحْمُولٌ عَلَى مُسْتَحِلِّهِ أَوْ عَلَى كُفْرِ النِّعْمَةِ إذَا (أَقَرَّ) بَالِغٌ عَاقِلٌ وَلَوْ سَكْرَانَ ذَكَرٌ مُخْتَارٌ وَإِنْ كَانَ سَفِيهًا قِنًّا كَافِرًا (بِنَسَبٍ) (إنْ أَلْحَقَهُ بِنَفْسِهِ) مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ كَهَذَا أَبِي أَوْ ابْنِي لَا أُمِّي لِسُهُولَةِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بِوِلَادَتِهَا عَلَى مَا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ، وَلَوْ قَالَ: يَدُ فُلَانٍ ابْنِي فَلَغْوٌ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ كُلُّ تَصَرُّفٍ قَبْلَ التَّعْلِيقِ صَحَّ إضَافَتُهُ لِبَعْضِ مَحَلِّهِ بِخِلَافِ مَا لَا يَقْبَلُهُ كَمَا هُنَا وَهَذَا شَامِلٌ لِنَحْوِ رَأْسِهِ مِمَّا لَا يَبْقَى بِدُونِهِ فَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمَا قِيَاسًا عَلَى الْكَفَالَةِ وَهْمٌ (اشْتَرَطَ لِصِحَّتِهِ) أَيْ الْإِلْحَاقِ (أَنْ لَا يُكَذِّبَهُ الْحِسُّ) بِأَنْ يَكُونَ فِي سِنٍّ يُمْكِنُ كَوْنَهُ مِنْهُ، فَإِنْ كَذَّبَهُ بِأَنْ كَانَ فِي سِنٍّ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُولَدَ لِمِثْلِهِ مِثْلُهُ وَلَوْ لِطُرُوِّ قَطْعِ ذَكَرِهِ وَأُنْثَيَيْهِ قَبْلَ زَمَنِ إمْكَانِ الْعُلُوقِ بِذَلِكَ الْمَوْلِدِ كَانَ إقْرَارُهُ لَغْوًا بِالنِّسْبَةِ لِلنَّسَبِ لَا لِلْعِتْقِ فَلَوْ اسْتَلْحَقَ رَقِيقَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ وَلَحِقَهُ حَيْثُ كَانَ مَجْهُولَ النَّسَبِ وَأَمْكَنَ ذَلِكَ وَإِلَّا بِأَنْ عُرِفَ نَسَبُهُ مِنْ غَيْرِهِ عَتَقَ فَقَطْ، وَلَوْ قَدِمَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ) فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ (قَوْلُهُ: فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ ثُبُوتِ الِاسْتِيلَادِ وَإِرْثِ الْمُسْتَلْحِقِ (قَوْلُهُ: حَرَامٌ) أَيْ بَلْ كَبِيرَةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى كُفْرِ النِّعْمَةِ) أَيْ فَإِنَّ حُصُولَ الْوَلَدِ لَهُ نِعْمَةٌ مِنْ اللَّهِ فَإِنْكَارُهَا جَحْدٌ لِنِعْمَتِهِ تَعَالَى، وَلَا نَظَرَ لِمَا قَدْ يَعْرِضُ لِلْوَلَدِ مِنْ عُقُوقٍ وَنَحْوِهِ، وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ: أَبِي زَيْدٌ جَوَابًا لِمَنْ سَأَلَهُ عَنْ أَبِيهِ وَلَيْسَ زَيْدٌ أَبَاهُ فِي الْوَاقِعِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ نَفْيَ أُبُوَّةِ أَبِيهِ عَنْهُ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ إنْكَارُ النِّعْمَةِ ظَاهِرٌ فِي النَّفْي دُونَ الْإِثْبَاتِ كَذِبًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَكْرَانَ) مُتَعَدِّيًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ) غَايَةٌ كَانَ: أَيْ الْمُسْتَلْحِقُ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ) أَيْ لِابْنِ الرِّفْعَةِ، وَاعْتَمَدَهُ حَجّ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ) أَيْ فَيَصِحُّ إلْحَاقُ نَسَبِ الْأُمِّ بِهِ (قَوْلُهُ: وَهِمَ) أَيْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعِيشَ بِدُونِهِ أَوْ لَا فِي كَوْنِهِ لَغْوًا، وَقَوْلُهُ لِنَحْوِ رَأْسِهِ شَامِلٌ لِلْجُزْءِ الشَّائِعِ كَرُبُعِهِ، وَصَرَّحَ حَجّ بِخِلَافِهِ وَعِبَارَتُهُ وَمِثْلُهُ: أَيْ مِثْلُ مَا لَا يَبْقَى بِدُونِهِ كَالرَّأْسِ، الْجُزْءُ الشَّائِعُ كَرُبُعِهِ (قَوْلُهُ: لَا لِلْعِتْقِ) قَضِيَّةُ هَذَا عِتْقُهُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ كَوْنُهُ مِنْهُ لِكَوْنِهِ أَكْبَرَ سِنًّا مِنْهُ مَثَلًا، وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ الرَّوْضِ خِلَافُهُ، وَنَقَلَهُ سم عَلَى مَنْهَجِ، وَأَقَرَّهُ، وَمِثْلُهُ فِي الزِّيَادِيِّ، وَلَا يَقْدَحُ فِي الْقَضِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ. قَوْلُهُ بَعْدُ: وَأَمْكَنَ ذَلِكَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ اعْتِبَارُ الْأَمْرَيْنِ لِلْعِتْقِ وَثُبُوتِ النَّسَبِ مَعًا، وَإِنْ اقْتَصَرَ فِي بَيَانِ الْمُحْتَرِزِ عَلَى مَعْلُومِ النَّسَبِ، وَيُوَافِقُ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: أَنْتَ مَوْلَايَ إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ وَقَوْلُهُ: أَنْتَ ابْنِي أَوْ بِنْتِي أَوْ أَبِي أَوْ أُمِّي إعْتَاقٌ إنْ أَمْكَنَ مِنْ حَيْثُ السِّنُّ وَإِنْ عُرِفَ كَذِبُهُ وَنَسَبُهُ مِنْ غَيْرِهِ اهـ (قَوْلُهُ: عَتَقَ عَلَيْهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَعْرُوفَ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِهِ أَمْ لَا حَيْثُ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ لِيُوَافِقَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَأَمْكَنَ ذَلِكَ) أَيْ بِأَنْ لَا يَكُونَ أَكْبَرَ سِنًّا مِنْ الْمُقِرِّ، وَأَفْهَمَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يَكُونَ وُلِدَ لَهُ لَا يُعْتَقُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ] ِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَفْيِهِ) فِي هَذَا الْعَطْفِ مُسَاهَلَةٌ لَا تَخْفَى (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّهُ كُفْرٌ) يَعْنِي نَفْيَهُ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَمَعَ الْكَذِبِ فِي ثُبُوتِهِ حَرَامٌ كَالْكَذِبِ فِي نَفْيِهِ بَلْ صَحَّ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ كُفْرٌ إلَخْ، فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلنَّفْيِ فَقَطْ وَجَعَلَهُ مَقِيسًا عَلَيْهِ لِلنَّصِّ عَلَيْهِ فِي الْخَبَرِ (قَوْلُهُ: لَا لِلْعِتْقِ) يُخَالِفُهُ مَا سَيَأْتِي لَهُ فِي بَابِ الْعِتْقِ مِنْ أَنَّ شَرْطَ الْعِتْقِ أَيْضًا إمْكَانُ كَوْنِهِ مِنْهُ، وَصَرَّحَ بِهِ هُنَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ وَأَمْكَنَ ذَلِكَ إنْ جَعَلْنَاهُ رَاجِعًا لِكُلٍّ مِنْ

كَافِرَةٌ بِطِفْلٍ وَادَّعَاهُ رَجُلٌ وَأَمْكَنَ اجْتِمَاعُهُمَا بِأَنْ احْتَمَلَ أَنَّهُ خَرَجَ إلَيْهَا أَوْ أَنَّهَا قَدِمَتْ إلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ لَحِقَهُ، وَمَا زَادَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ احْتِمَالِ أَنَّهُ أَنْفَذَ إلَيْهَا مَاءَهُ فَاسْتَدْخَلَتْهُ رَأْيٌ مَرْدُودٌ لِأَبِي حَامِدٍ غَلَّطَهُ فِيهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ لِأَنَّهُ إحْبَالٌ بِالْمُرَاسَلَةِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ، وَقَوْلُهُمْ كَافِرَةٌ: أَيْ مِنْ دَارِ الْكُفْرِ مِثَالٌ فَكُلُّ بَلَدٍ بَعِيدٍ كَذَلِكَ (وَ) أَنْ (لَا) يُكَذِّبَهُ (الشَّرْعُ) فَإِنْ كَذَّبَهُ (بِأَنْ يَكُونَ مَعْرُوفَ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِهِ) أَوْ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ لَمْ يَصِحَّ اسْتِلْحَاقُهُ وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُسْتَلْحِقُ لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَقْبَلُ النَّقْلَ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ عَدَمُ صِحَّةِ اسْتِلْحَاقِ مَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ النَّافِي إذْ لَهُ اسْتِلْحَاقُهُ، وَأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ قَائِفٌ وَلَا انْتِسَابٌ يُخَالِفُ حُكْمَ الْفِرَاشِ، بَلْ لَا يَنْتَفِي إلَّا بِاللِّعَانِ رُخْصَةٌ أَثْبَتَهَا الشَّارِعُ لِرَفْعِ الْأَنْسَابِ الْبَاطِلَةِ، فَإِنْ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ جَازَ لِلْغَيْرِ اسْتِلْحَاقُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ نَازَعَهُ قَبْلَ النَّفْيِ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ، وَيَمْتَنِعُ اسْتِلْحَاقُ وَلَدِ الزِّنَا مُطْلَقًا. وَاعْلَمْ أَنَّ اشْتِرَاطَ عَدَمِ تَكْذِيبِ الْمُقِرِّ الْحِسُّ وَالشَّرْعُ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِمَا هُنَا، بَلْ هُوَ شَامِلٌ لِسَائِرِ الْأَقَارِيرِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمُقَرِّ لَهُ أَهْلِيَّةُ اسْتِحْقَاقِ الْمُقَرِّ بِهِ حِسًّا وَشَرْعًا كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَا بُدَّ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُسْتَلْحَقُ بِفَتْحِ الْحَاءِ رَقِيقًا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَقَدَّمْنَا مَا فِيهِ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ قَوْلَهُ حَيْثُ كَانَ مَجْهُولَ النَّسَبِ إلَخْ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ وَلَحِقَهُ دُونَ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَادَّعَاهُ رَجُلٌ وَأَمْكَنَ اجْتِمَاعُهُمَا) أَيْ سَوَاءٌ زَعَمَ نِكَاحَهَا قَبْلُ أَوْ لَا لِاحْتِمَالِ وَطْئِهِ لَهَا بِشُبْهَةٍ، أَوْ أَنَّهُ قَصَدَ الِاسْتِيلَاء عَلَيْهَا بِبِلَادِ الْحَرْبِ (قَوْلُهُ: فَكُلُّ بَلَدٍ بَعِيدٍ كَذَلِكَ) أَيْ وَلَا عِبْرَةَ بِإِنْكَارِ أُمِّهِ وَلَوْ كَانَتْ أَدَيْنَ مِنْ الْأَبِ: أَيْ كَأَنْ كَانَتْ مُسْلِمَةً وَالْمُدَّعِي كَافِرًا فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِلْأُمِّ (قَوْلُهُ: وَلَدٌ عَلَى فِرَاشِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ) وَمِثْلُهُ وَلَدُ الْأَمَةِ وَلَوْ غَيْرَ مُسْتَوْلَدَةٍ الْمَنْفِيُّ بِحَلِفِ السَّيِّدِ فَلَيْسَ لِغَيْرِ السَّيِّدِ اسْتِلْحَاقُهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي لِأَنَّهُ لَوْ نَازَعَهُ قَبْلَ النَّفْيِ إلَخْ، بَلْ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَنْفِيًّا لِأَنَّهُ مِلْكٌ لِسَيِّدِهَا وَلَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُ رَقِيقِ الْغَيْرِ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ السَّيِّدِ. (قَوْلُهُ: أَوْ وَلَدٌ عَلَى فِرَاشِ نِكَاحِ صَحِيحٍ) قَالَ حَجّ: وَأَخَذَ ابْنُ الصَّلَاحِ مِنْ هَذَا الْمَذْكُورِ فِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا إفْتَاءَهُ فِي مَرِيضٍ أَقَرَّ بِأَنَّهُ بَاعَ كَذَا مِنْ ابْنِهِ هَذَا فَمَاتَ فَادَّعَى ابْنُ أَخِيهِ أَنَّهُ الْوَارِثُ وَأَنَّ ذَلِكَ الِابْنَ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ فُلَانٍ وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً وَفُلَانٌ وَالِابْنُ مُنْكِرَانِ لِذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِذِي الْفِرَاشِ وَلَا أَثَرَ لِإِقْرَارِ الْمَيِّتِ وَلَا لِإِنْكَارِ ذَيْنِكَ، وَسُمِعَتْ دَعْوَى ابْنُ الْأَخِ وَبَيِّنَتُهُ وَإِنْ كَانَ إثْبَاتًا لِلْغَيْرِ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ فِي دَفْعِ الْخَصْمِ وَيَسْتَحِقُّ الِابْنُ مَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ وَإِنْ انْتَفَى نَسَبُهُ نَظَرًا لِلتَّعْيِينِ فِي قَوْلِهِ هَذَا وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ الْمُقِرِّ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ فَيَرِثُهُ، وَكَأَنَّ وَجْهَ تَقْدِيمِ بَيِّنَتِهِ أَنَّهَا تَرَجَّحَتْ بِإِقْرَارِ هَذَا لَا سِيَّمَا مَعَ إنْكَارِ صَاحِبِ ذَلِكَ الْفِرَاشِ (قَوْلُهُ: بَلْ لَا يَنْتَفِي) أَيْ حُكْمُ الْفِرَاشِ أَوْ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ: أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ) عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ إذْ الْمَوْطُوءَةُ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ مِنْ الْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَمْكَنَ نِسْبَتُهُ إلَيْهِ مِنْ حَيْثُ السِّنُّ أَوْ لَا كَانَ الْمُسْتَلْحِقُ الْوَاطِئَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: رَقِيقًا) أَيْ صَغِيرًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ فَلَوْ صَدَّقَهُ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ وَلَحِقَهُ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ. (قَوْلُهُ: وَمَا زَادَهُ بَعْضُهُمْ) يَعْنِي فِي تَصْوِيرِ الْإِمْكَانِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ: وَأَمْكَنَ اجْتِمَاعُهُمَا بِأَنْ احْتَمَلَ أَنَّهُ خَرَجَ إلَيْهَا أَوْ أَنَّهَا قَدِمَتْ إلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ أَنَّهُ أَنْفَذَ إلَيْهَا مَاءَهُ فَاسْتَدْخَلَتْهُ (قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ بِلَادِ الْكُفْرِ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِلْمُرَادِ مِنْ الْكَافِرَةِ فِي كَلَامِهِمْ، وَمِنْ ثَمَّ اقْتَصَرَ فِي الْمُحْتَرَزِ عَلَى مَفْهُومِهِ وَلَيْسَ تَقْيِيدًا لِلْكَافِرَةِ. (قَوْلُهُ: مَعْرُوفَ النَّسَبِ) أَيْ مَشْهُورَهُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ غَيْرُهُ. (قَوْلُهُ: وَأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ) أَيْ: الْمَوْلُودَ عَلَى فِرَاشِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ: سُمِعَتْ دَعْوَاهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ قَبْلَ نَفْيِ صَاحِبِ الْفِرَاشِ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ فَلْيُرَاجَعْ

لِلْغَيْرِ أَوْ عَتِيقًا صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَصِحَّ اسْتِلْحَاقُهُ مُحَافَظَةً عَلَى حَقِّ وَلَاءِ السَّيِّدِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ، فَلَوْ صَدَّقَهُ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ قُبِلَ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي خِلَافًا لِتَرْجِيحِ الْأَنْوَارِ نَفْيَ الْقَبُولِ وَيَبْقَى الْعَبْدُ عَلَى رِقِّهِ إذْ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الرِّقِّ وَالنَّسَبِ لِانْتِفَاءِ اسْتِلْزَامِهِ الْحُرِّيَّةَ وَلَمْ تَثْبُتْ (وَأَنْ يُصَدِّقَهُ الْمُسْتَلْحَقُ) بِفَتْحِ الْحَاءِ (إنْ كَانَ أَهْلًا لِلتَّصْدِيقِ) بِأَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي نَسَبِهِ وَهُوَ أَعْرَفُ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَخَرَجَ بِالتَّصْدِيقِ سُكُوتُهُ فَلَا يَثْبُتُ مَعَهُ النَّسَبُ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ لَهُمَا فِي مَوْضِعٍ. نَعَمْ لَوْ مَاتَ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ التَّصْدِيقِ صَحَّ، وَقَدْ يُحْمَلُ كَلَامُهُمَا عَلَيْهِ (فَإِنْ كَانَ بَالِغًا) عَاقِلًا (فَكَذَّبَهُ) أَوْ قَالَ لَا أَعْلَمُ أَوْ سَكَتَ وَأَصَرَّ (لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ) مِنْهُ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) أَوْ يَمِينٍ مَرْدُودَةٍ كَبَقِيَّةِ الْحُقُوقِ وَلَوْ تَصَادَقَا ثُمَّ رَجَعَا لَمْ يَبْطُلْ نَسَبُهُ لِأَنَّ النَّسَبَ الْمَحْكُومَ بِثُبُوتِهِ لَا يَرْتَفِعُ بِالِاتِّفَاقِ كَالثَّابِتِ بِالِافْتِرَاشِ (وَإِنْ اسْتَلْحَقَ صَغِيرًا) أَوْ مَجْنُونًا (ثَبَتَ) نَسَبُهُ مِنْهُ بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ مَا سِوَى التَّصْدِيقِ لِعُسْرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ النَّسَبِ. (فَلَوْ) (بَلَغَ) الصَّغِيرُ أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ (وَكَذَّبَهُ) (لَمْ يَبْطُلْ) اسْتِلْحَاقُهُ بِتَكْذِيبِهِ (فِي الْأَصَحِّ) فِيهِمَا لِأَنَّ النَّسَبَ يُحْتَاطُ لَهُ فَلَا يَنْدَفِعُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ، وَالثَّانِي يَبْطُلُ فِيهِمَا لِأَنَّا حَكَمْنَا بِهِ حِينَ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلْإِنْكَارِ، وَقَدْ صَارَ وَالْأَحْكَامُ تَدُورُ مَعَ عِلَلِهَا وُجُودًا وَعَدَمًا، وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ اسْتَلْحَقَ أَبَاهُ الْمَجْنُونَ ثُمًّ أَفَاقَ وَكَذَّبَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: مُحَافَظَةً عَلَى حَقِّ وَلَاءِ السَّيِّدِ) أَيْ الثَّابِتِ حَالًّا فِي الْعَتِيقِ وَبِتَقْدِيرِ الْإِعْتَاقِ فِي الْقِنِّ (قَوْلُهُ: فَلَوْ صَدَّقَهُ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ) أَيْ مِنْ كُلٍّ مِنْ الرَّقِيقِ وَالْعَتِيقِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَيَبْقَى الْعَبْدُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَبْقَى الْعَبْدُ عَلَى رِقِّهِ) أَيْ وَمَنْ لَهُ الْوَلَاءُ عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ كَمَا فِي حَجّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَعْرَفُ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِأَنَّ الشَّخْصَ يَبْحَثُ عَنْ نَسَبِهِ فَلِذَلِكَ كَانَ أَدْرَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ التَّصْدِيقِ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: يَنْبَغِي أَوْ بَعْدَهُ اهـ. أَقُولُ: وَيُصَوَّرُ ذَلِكَ بِمَا إذَا اسْتَمَرَّ الْمُسْتَلْحِقُ عَلَى دَعْوَى النَّسَبِ مِنْهُ، وَيَنْزِلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا اسْتَلْحَقَهُ وَهُوَ مَيِّتٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) فُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ فِي هَذِهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا لَوْ اسْتَلْحَقَهُ اثْنَانِ فَسَكَتَ الْآتِي بِأَنْ عَرَضَهُ عَلَى الْقَائِفِ ثَمَّ لِقَطْعِ الْمُنَازَعَةِ بَيْنَ الْمُسْتَلْحَقَيْنِ وَهُنَا الْمُنَازَعَةُ بَيْنَ الْمُسْتَلْحِقِ وَالْمَجْهُولِ، وَأُلْحِقَ فِي النَّسَبِ لَهُ فَلَمْ يُنْظَرْ لِلْقَائِفِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ مَا يُصَرِّحُ بِهِ حَيْثُ قَالَ: وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْقَائِفَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ عِنْدَ الْمُزَاحَمَةِ وَنَحْوِهَا، وَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْأَبِ لِأَنَّهَا مُثَبِّتَةٌ وَتِلْكَ نَافِيَةٌ. [فَرْعٌ] الذِّمِّيُّ إذَا نَفَى وَلَدَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِ الْمَنْفِيِّ لِأَنَّا حَكَمْنَا بِأَنْ لَا نَسَبَ بَيْنَهُمَا فَلَا يَتَّبِعُهُ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَوْ مَاتَ الْمَوْلُودُ وَصَرَفْنَا مِيرَاثَهُ إلَى أَقَارِبِهِ الْكُفَّارِ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ النَّافِي حُكِمَ بِالنَّسَبِ وَيَتَبَيَّنُ أَنَّهُ صَارَ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا وَيُسْتَرَدُّ مِيرَاثُهُ مِنْ وَرَثَتِهِ الْكُفَّارِ وَيُصْرَفُ إلَيْهِ اهـ دَم وَخَطِيبٌ. وَعَلَيْهِ فَهَلْ يُنْقَلُ إلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ مَا لَمْ يَتَهَرَّ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ غُسِّلَ وَجَبَ نَبْشُهُ لِغُسْلِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَدُفِنَ بِلَا غُسْلٍ وَجَبَ نَبْشُهُ لِغُسْلِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ غُسِّلَ احْتَمَلَ نَبْشَهُ لِيُدْفَنَ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَعَدَمَهُ، وَيُصَلَّى عَلَيْهِ فِي الْقَبْرِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ حِفْظًا لَهُ عَنْ انْتِهَاكِ حُرْمَتِهِ بِالنَّبْشِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَجْنُونًا) أَيْ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ عَقْلٌ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي: وَالْوَجْهَانِ جَارِيَانِ إلَخْ. وَبَقِيَ مَا لَوْ اسْتَلْحَقَ مُغْمًى عَلَيْهِ هَلْ يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ أَوْ تُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُوَلَّى عَلَيْهِ زَمَنَ إغْمَائِهِ، نَعَمْ إنْ أَيِسَ مِنْ إفَاقَتِهِ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمَجْنُونِ. (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ) أَيْ مَنْ قَوْلُهُ إنْ كَانَ أَهْلًا لِلتَّصْدِيقِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَفَاقَ) أَيْ الْأَبُ، وَقَوْلُهُ وَكَذَّبَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مُحَافَظَةً عَلَى حَقِّ وَلَاءِ السَّيِّدِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ صَحَّ اسْتِلْحَاقُهُ بَطَلَ وَلَاءُ السَّيِّدِ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الرِّقِّ وَالنَّسَبِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْوَلَاءَ فَرْعُ الرِّقِّ فَلْيُتَأَمَّلْ

فَلَا اعْتِبَارَ بِتَكْذِيبِهِ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ مِمَّنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْأَبِ وَغَيْرِهِ بِأَنَّ اسْتِلْحَاقَ الْأَبِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ وَالْقِيَاسِ فَاحْتِيطَ لَهُ أَكْثَرُ. (وَيَصِحُّ أَنْ) (يَسْتَلْحِقَ مَيِّتًا) (صَغِيرًا) وَلَوْ بَعْدَ قَتْلِهِ لَهُ وَلَا أَثَرَ لِتُهْمَةِ الْمِيرَاثِ وَلَا لِسُقُوطِ الْقَوَدِ لِلِاحْتِيَاطِ فِي النَّسَبِ وَلِهَذَا لَوْ نَفَاهُ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ لَحِقَهُ وَوَرِثَهُ (وَكَذَا كَبِيرٌ) مَيِّتٌ يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَمَّا تَعَذَّرَ تَصْدِيقُهُ كَانَ كَالْمَجْنُونِ الْكَبِيرِ، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِفَوَاتِ التَّصْدِيقِ، وَهُوَ شَرْطٌ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الِاسْتِلْحَاقِ إلَى الْمَوْتِ يُشْعِرُ بِإِنْكَارِهِ لَوْ وَقَعَ فِي حَيَاتِهِ، وَالْوَجْهَانِ جَارِيَانِ فِيمَنْ جُنَّ بَعْدَ بُلُوغِهِ عَاقِلًا وَلَمْ يَمُتْ لِأَنَّهُ سَبَقَ لَهُ حَالَةٌ يُعْتَبَرُ فِيهَا تَصْدِيقُهُ وَلَيْسَ الْآنَ مِنْ أَهْلِ التَّصْدِيقِ (وَيَرِثُهُ) أَيْ الْمُسْتَلْحِقُ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمَيِّتُ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ لِأَنَّ الْإِرْثَ فَرْعُ النَّسَبِ وَقَدْ ثَبَتَ وَمَسْأَلَةُ الْإِرْثِ مَزِيدَةٌ عَلَى الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ. (وَلَوْ) (اسْتَلْحَقَا اثْنَانِ بَالِغًا) عَاقِلًا (ثَبَتَ) نَسَبُهُ (لِمَنْ صَدَّقَهُ) مِنْهُمَا لِاجْتِمَاعِ الشُّرُوطِ فِيهِ دُونَ الْآخَرِ، فَلَوْ لَمْ يُصَدِّقْ وَاحِدًا مِنْهُمَا بِأَنْ سَكَتَ عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ كَمَا قَالَاهُ، وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ مِنْ أَنَّ اسْتِلْحَاقَ الْبَالِغِ يُعْتَبَرُ فِيهِ تَصْدِيقُهُ يُرَدُّ بِمَا يَأْتِي أَنَّ قَوْلَ الْقَائِفِ حُكْمٌ فَلَا اسْتِلْحَاقَ هُنَا حَتَّى يَحْتَاجَ لِلتَّصْدِيقِ. (وَحُكْمُ) (الصَّغِيرِ) الَّذِي يَسْتَلْحِقُهُ اثْنَانِ وَاسْتِلْحَاقُ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ (يَأْتِي فِي اللَّقِيطِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) وَلَوْ اشْتَبَهَ طِفْلٌ مُسْلِمٌ بِطِفْلٍ نَصْرَانِيٍّ وَقَفَ أَمْرُهُمَا نَسَبًا وَغَيْرَهُ إلَى وُجُودِ بَيِّنَةٍ فَقَائِفٍ فَانْتِسَابٍ بَعْدَ التَّكْلِيفِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ وُقِفَ النَّسَبُ وَيَتَلَطَّفُ بِهِمَا حَتَّى يُسْلِمَا بِاخْتِيَارِهِمَا مِنْ غَيْرِ إجْبَارٍ، فَإِنْ مَاتَا قَبْلَ الِامْتِنَاعِ مِنْ الْإِسْلَامِ فَكَمُسْلِمَيْنِ لَكِنَّ دَفْنَهُمَا يَكُونُ بَيْنَ مَقْبَرَتَيْ الْكُفَّارِ وَالْمُسْلِمِينَ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا (وَلَوْ قَالَ لِوَلَدِ أَمَتِهِ هَذَا وَلَدِي) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ مِنْهَا، وَذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَالتَّنْبِيهِ تَصْوِيرٌ فَقَطْ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الِابْنُ (قَوْلُهُ: فَلَا اعْتِبَارَ بِتَكْذِيبِهِ) وَقَالَ حَجّ: لَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ فِي زَمَنِ جُنُونِهِ حَتَّى يُفِيقَ وَيُصَدِّقَ. (قَوْلُهُ: يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ) أَيْ وَإِنْ نَفَاهُ بِلِعَانٍ فِي حَيَاتِهِ أَخْذًا مِمَّا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ التَّصْدِيقُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَأْخِيرَ الِاسْتِلْحَاقِ إلَخْ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ إلَّا الْآنَ كَكَوْنِهِ قَدِمَ مِنْ أَرْضٍ بَعِيدَةٍ وَعَلِمَتْ أُمُّهُ دُونَ أَبِيهِ فَاسْتَلْحَقَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَنَّهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ قَطْعًا (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الْآنَ مِنْ أَهْلِ التَّصْدِيقِ) أَيْ فَجَرَى فِيهِ الْخِلَافُ، وَالرَّاجِحُ فِيهِ الصِّحَّةُ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ سَكَتَ) وَمِثْلُ سُكُوتِهِ تَصْدِيقُهُ لَهُمَا مَعًا اهـ حَجّ. وَبَقِيَ مَا لَوْ كَذَّبَهُمَا مَعًا، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا لَوْ اسْتَلْحَقَهُ وَاحِدٌ فَكَذَّبَهُ حَيْثُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، لَكِنَّ عِبَارَةَ حَجّ: فَإِنَّ صَدَّقَهُمَا أَوْ لَمْ يُصَدِّقْ وَاحِدًا مِنْهُمَا كَأَنْ سَكَتَ اهـ. وَهِيَ تَشْمَلُ التَّكْذِيبَ (قَوْلُهُ: عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ) بَقِيَ مَا لَوْ صُدِّقَ أَحَدُهُمَا وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً هَلْ يُعْمَلُ بِالْأَوَّلِ أَوْ بِالثَّانِي؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: وُقِفَ أَمْرُهُمَا نَسَبًا وَغَيْرَهُ) أَيْ وَأَمَّا نَفَقَتُهُمَا فَيَنْبَغِي وُجُوبُهَا عَلَى الْأَبَوَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ لِتَحَقُّقِ النَّسَبِ مِنْهُمَا، وَالِاشْتِبَاهُ لَا يَمْنَع مِنْهُ، وَعَلَيْهِ لَوْ زَالَ الِاشْتِبَاهُ بَعْدُ وَكَانَ مَا يَخُصُّ أَحَدَهُمَا مِنْ النَّفَقَةِ أَكْثَرَ مِمَّا يَخُصُّ الْآخَرَ فَهَلْ لِمَنْ كَانَتْ نَفَقَةُ وَلَدِهِ الْقَلِيلَةِ الرُّجُوعُ بِمَا زَادَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ كَانَ أَنْفَقَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ أَوْ أَشْهَدَ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْحَاكِمِ أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ رَجَعَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: فَكَمُسْلِمَيْنِ) الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ كَمَا لَوْ اخْتَلَطَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ لِيُفِيدَ أَنَّهُ يُصَلِّي عَلَيْهِمَا مَعًا، وَيَنْوِي الصَّلَاةَ عَلَى الْمُسْلِمِ مِنْهُمَا أَوْ يُعَلِّقُ النِّيَّةَ إنْ صَلَّى عَلَى كُلٍّ وَحْدَهُ وَعِبَارَةُ حَجّ فِي تَجْهِيزِهِمَا اهـ أَمَّا فِي الصَّلَاةِ فَكَاخْتِلَاطِ الْمُسْلِمِ بِالْكَافِرِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ الِامْتِنَاعِ (قَوْلُهُ: فَلَا) أَيْ فَلَا يَكُونَانِ كَالْمُسْلِمَيْنِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا كَافِرٌ أَصْلِيٌّ وَالْآخَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: فَلَوْ لَمْ يُصَدِّقْ وَاحِدًا مِنْهُمَا بِأَنْ سَكَتَ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ كَأَنْ سَكَتَ (قَوْلُهُ: فَلَا اسْتِلْحَاقَ هُنَا إلَخْ) يُقَالُ بِنَظِيرِهِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُسْتَلْحَقُ وَاحِدًا فَلَمْ تَظْهَرْ فَائِدَةٌ فِي هَذَا الْجَوَابِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَكَمُسْلِمَيْنِ) أَيْ: فِي تَجْهِيزِهِمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التُّحْفَةِ، وَإِلَّا فَهُمَا فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِمَا وَنَحْوِهِمَا لَيْسَا كَمُسْلِمَيْنِ

أَوْ تَقْيِيدٌ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ (ثَبَتَ نَسَبُهُ) بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَيُشْتَرَطُ خُلُوُّهَا مِنْ زَوْجٍ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي (وَلَا يَثْبُتُ) الِاسْتِيلَادُ (فِي الْأَظْهَرِ) لِاحْتِمَالِ مِلْكِهِ لَهَا بَعْدَ عُلُوقِهَا مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةٍ وَإِنَّمَا اسْتَقَرَّ مَهْرُ مُسْتَفْرَشَةٍ رَجُلٍ أَتَتْ بِوَلَدٍ يَلْحَقُهُ وَإِنْ أَنْكَرَ الْوَطْءَ لِأَنَّ هُنَا ظَاهِرًا يُؤَيِّدُ دَعْوَاهَا وَهُوَ الْوِلَادَةُ مِنْهُ إذْ الْحَمْلُ مِنْ الاستدخال نَادِرٌ وَفِي مَسْأَلَتِنَا لَا ظَاهِرٌ عَلَى الِاسْتِيلَادِ، وَالثَّانِي وَصَحَّحَهُ جَمْعٌ يَثْبُتُ حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ أَوَلَدَهَا بِالْمِلْكِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ النِّكَاحِ (وَكَذَا لَوْ قَالَ) فِيهِ (وَلَدِي وَلَدَتْهُ فِي مِلْكِي) لِمَا ذُكِرَ (فَإِنْ قَالَ: عَلِقَتْ بِهِ فِي مِلْكِي) أَوْ اسْتَوْلَدْتهَا بِهِ فِي مِلْكِي أَوْ هَذَا وَلَدِي مِنْهَا وَهِيَ فِي مِلْكِي مِنْ عَشْرِ سِنِينَ وَالْوَلَدُ ابْنُ سِتَّةٍ مَثَلًا (ثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ) قَطْعًا لِانْتِفَاءِ ذَلِكَ الِاحْتِمَالِ وَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا رَهْنًا ثُمَّ أَوَلَدَهَا مَعَ إعْسَارِهِ فَبِيعَتْ فِي الدَّيْنِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا لِأَنَّهُ نَادِرٌ، وَشَرْطُهُ فِي الْمُكَاتَبِ قَبْلَ إقْرَارِهِ انْتِفَاءُ احْتِمَالِ حَمْلِهَا بِهِ زَمَنَ الْكِتَابَةِ لِأَنَّ الْحَمْلَ فِيهَا لَا يُفِيدُهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ (فَإِنْ كَانَتْ) الْأَمَةُ (فِرَاشًا لَهُ) بِأَنْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا (لَحِقَهُ) عِنْدَ الْإِمْكَانِ (بِالْفِرَاشِ مِنْ غَيْرِ اسْتِلْحَاقٍ) لِخَبَرِ «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ (وَإِنْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً فَالْوَلَدُ لِلزَّوْجِ) عِنْدَ إمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْهُ لِأَنَّ الْفِرَاشَ لَهُ (وَاسْتِلْحَاقُ السَّيِّدِ) لَهُ حِينَئِذٍ (بَاطِلٌ) لِلُحُوقِهِ بِالزَّوْجِ شَرْعًا. (وَأَمَّا إذَا) (أَلْحَقَ النَّسَبَ بِغَيْرِهِ) مِمَّنْ يَتَعَدَّى النَّسَبُ مِنْهُ إلَى نَفْسِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمُرْتَدٌّ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا اسْتَقَرَّ مَهْرُ مُسْتَفْرَشَةِ رَجُلٍ) بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ كَمَا شَمِلَهُ التَّعْبِيرُ بِالِاسْتِفْرَاشِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هُنَا) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَإِنَّمَا اسْتَقَرَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَفِي مَسْأَلَتِنَا) هِيَ قَوْلُ الْمُصَنَّفِ وَلَا يَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ عَدَمُ النِّكَاحِ) أَيْ وَعَدَمُ وَطْءِ الشُّبْهَةِ وَقَوْلُهُ لِمَا ذُكِرَ: أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِاحْتِمَالِ مِلْكِهِ لَهَا بَعْدَ عُلُوقِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهِيَ فِي مِلْكِي) هُوَ قَيْدٌ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ لَمْ يَقُلْهُ وَعَلِمَ دُخُولَهَا فِي مِلْكِهِ مِنْ عَشْرِ سِنِينَ فَيَثْبُتُ النَّسَبُ وَلَا يَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ بِبَيْعٍ مَثَلًا وَحَمَلَتْ بِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا وَهِيَ حَامِلٌ (قَوْلُهُ: وَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالٍ إلَخْ) وَبِتَقْدِيرِ ذَلِكَ يَعُودُ حُكْمُ الِاسْتِيلَادِ فَلَا وَجْهَ لِهَذَا الِاحْتِمَالِ مُطْلَقًا فَلْيُتَأَمَّلْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّمَا ذَكَرَهُ دَفْعًا لِمَا يَرِدُ عَلَى قَوْلِهِ قَطْعًا، فَإِنَّ فِي عَوْدِ اسْتِيلَادِهَا قَوْلَيْنِ مَرَّ الْأَرْجَحُ مِنْهُمَا: أَيْ وَهُوَ النُّفُوذُ اهـ حَجّ بِالْمَعْنَى، وَعِبَارَتُهُ نَصُّهَا: وَلَا نَظَرَ فِي الْقَطْعِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ رَهَنَهَا ثُمَّ أَوَلَدَهَا وَهُوَ مُعْسِرٌ فَبِيعَتْ فِي الدَّيْنِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَإِنَّ فِي عَوْدِ اسْتِيلَادِهَا قَوْلَيْنِ مَرَّ الْأَرْجَحُ مِنْهُمَا لِنُدْرَةِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَشَرْطُهُ) أَيْ ثُبُوتِ الِاسْتِيلَادِ (قَوْلُهُ: انْتِفَاءُ احْتِمَالِ حَمْلِهَا) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَقْتِ الْإِعْتَاقِ، فَلَوْ وَلَدَتْهُ مَثَلًا لِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْإِعْتَاقِ لَمْ يَلْحَقْهُ لِاحْتِمَالِ وُجُودِهِ قَبْلَ الْإِعْتَاقِ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ: انْتِفَاءُ احْتِمَالِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَا تَصِيرُ فِرَاشًا بِاسْتِدْخَالِ مَنِيِّهِ الْمُحْتَرَمِ، وَأَنَّ نَسَبَ الْوَلَدِ لَا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ وَلَيْسَ مُرَادًا. (قَوْلُهُ: مِمَّنْ يَتَعَدَّى النَّسَبَ مِنْهُ إلَى نَفْسِهِ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مِمَّنْ يَتَعَدَّى النَّسَبُ مِنْهُ إلَى نَفْسِهِ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم: لَا يَخْفَى أَنَّ صَرِيحَ الصَّنِيعِ أَنَّ مِنْ بَيَانٌ لِلْغَيْرِ وَذَلِكَ الْغَيْرُ هُوَ الْأَبُ فِي هَذَا أَخِي وَالْجَدُّ فِي هَذَا عَمِّي، فَانْظُرْ أَيَّ وَاسِطَةٍ فِي تَعَدِّي النَّسَبِ مِنْ الْأَبِ إلَى الْمُقِرِّ الَّذِي هُوَ ابْنُهُ؛ فَإِنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَعَدِّي النَّسَبِ بِوَاسِطَةٍ إلَّا أَنَّ النَّسَبَ يَتَعَدَّى مِنْ الْمُلْحَقِ بِهِ إلَيْهَا ثُمَّ مِنْهَا إلَى الْمُقِرِّ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ هُنَا إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بِهِ، وَأَجَابَ شَيْخُنَا عَنْهُ فِي حَاشِيَتِهِ بِمَا لَا يُلَاقِي الْإِشْكَالَ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَتِهِ. وَأَقُولُ: الْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلِ: أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ كَوْنُ مِمَّنْ بَيَانًا لِلْغَيْرِ، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِالنَّسَبِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَمَّا إذَا أَلْحَقَ النَّسَبَ بِغَيْرِهِ، وَلَا يَضُرُّ الْفَصْلُ بِلَفْظٍ بِغَيْرِهِ كَمَا لَا يَخْفَى، فَمِنْ الْمَوْصُولَةِ وَاقِعَةٌ عَلَى الْمُسْتَلْحَقِ بِفَتْحِ الْحَاءِ، وَالضَّمِيرُ فِي مِنْهُ يَرْجِعُ إلَيْهِ. وَالْجَوَابُ الثَّانِي وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَنَّا نَلْتَزِمُ أَنَّ مِمَّنْ بَيَانٌ لِلْغَيْرِ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ بِوَاسِطَةٍ وَاحِدَةٍ لَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِ يَتَعَدَّى مِنْ قَوْلِهِ مِمَّنْ يَتَعَدَّى النَّسَبُ مِنْهُ إلَخْ حَتَّى يَلْزَمَ الْإِشْكَالُ الْمَذْكُورُ، بَلْ هِيَ تَفْصِيلٌ لِوُجُوهِ

بِوَاسِطَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ الْأَبُ (كَهَذَا أَخِي) وَفِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلُهَا: هَذَا أَخِي ابْنُ أَبِي وَأُمِّي، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى الْإِلْحَاقِ بِالْأُمِّ وَسَيَأْتِي (أَوْ) أَبِي أَوْ جَدِّي أَوْ (عَمِّي) أَوْ ابْنِ عَمِّي. قِيلَ: وَالْأَوْجَهُ اشْتِرَاطُ ذِكْرِ بَيَانِ إخْوَتِهِ مِنْ أَبَوَيْهِ أَوْ أَبِيهِ وَبُنُوَّةِ عَمِّهِ كَذَلِكَ: كَمَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي الْبَيِّنَةِ كَالدَّعْوَى كَمَا ذَكَرَهُ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ وَأَقَرَّهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ كَالرَّافِعِيِّ أَوَاخِرَ الْبَابِ الثَّالِثِ إذْ هُوَ بَعْدَ تَفْسِيرِهِ يَنْظُرُ فِي الْمُقِرِّ أَهُوَ وَارِثُ الْمُلْحَقِ بِهِ الْحَائِزِ لِتَرِكَتِهِ فَيَصِحُّ أَوْ لَا فَلَا وَفِي الْمُلْحَقِ بِهِ تَجَوَّزَ أَوْ لَا وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ بَيَانِ الْمُلْحَقِ بِهِ وَقَدْ يُقَالُ يَنْبَغِي عَدَمُ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُقِرَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا يَخْفَى أَنَّ صَرِيحَ هَذَا الصَّنِيعِ أَنَّ مِمَّنْ بَيَانٌ لِلْغَيْرِ وَذَلِكَ الْغَيْرُ هُوَ الْأَبُ فِي هَذَا أَخِي وَالْجَدُّ فِي هَذَا عَمِّي، فَانْظُرْ أَيَّ وَاسِطَةٍ فِي تَعَدِّي النَّسَبِ مِنْ الْأَبِ إلَى الْمُقِرِّ الَّذِي هُوَ ابْنُهُ، فَإِنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَعَدِّي النَّسَبِ بِوَاسِطَةٍ، إلَّا أَنَّ النَّسَبَ يَتَعَدَّى مِنْ الْمُلْحَقِ بِهِ إلَيْهَا ثُمَّ مِنْهَا إلَى الْمُقِرِّ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ هُنَا، وَأَيُّ وَاسِطَتَيْنِ فِي تَعَدِّيهِ مِنْ الْجَدِّ إلَى الْمُقِرِّ الَّذِي هُوَ ابْنُ ابْنِهِ فِي هَذَا عَمِّي، فَإِنَّ النَّسَبَ لَمْ يَتَعَدَّ مِنْ الْجَدِّ إلَّا إلَى أَبِي الْمُقِرِّ ثُمَّ مِنْهُ إلَى الْمُقِرِّ فَلَيْسَ هُنَاكَ إلَّا وَاسِطَةٌ وَاحِدَةٌ اهـ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ قَوْلَهُ هَذَا أَخِي إثْبَاتٌ لِنَسَبِهِ مِنْ أَبِيهِ، فَتَثْبُتُ بُنُوَّةُ الْمُسْتَلْحَقِ بِالْأَبِ لَهُ ثُمَّ يَنْتَقِلُ الْحُكْمُ بِالْأُخُوَّةِ مِنْ ثُبُوتِ الْأُبُوَّةِ لِلْمُسْتَلْحَقِ بِهِ فَقَدْ تَحَقَّقَتْ الْوَاسِطَةُ الْوَاحِدَةُ فِي الْأَبِ وَالْوَاسِطَتَانِ فِي الْإِلْحَاقِ بِالْجَدِّ (قَوْلُهُ: أَوْ أَبِي) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ هَذَا أَبِي إلْحَاقٌ بِالنَّفْسِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ صَالِحٌ لِلْأَمْرَيْنِ، فَالتَّمْثِيلُ فِي كُلٍّ بِمَا يُنَاسِبُهُ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: أَوْ إلَى أَبِي: أَيْ أَخِي إلَى أَبِي وَعَلَيْهَا فَلَا تَعَارُضَ (قَوْلُهُ: عَدَمُ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ) أَيْ بَيَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِلْحَاقِ، وَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ: وَأَمَّا إذَا أَلْحَقَ النَّسَبَ بِغَيْرِهِ مِمَّنْ يَتَعَدَّى النَّسَبُ مِنْ ذَلِكَ الْغَيْرِ إلَى نَفْسِهِ إمَّا بِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْإِلْحَاقُ بِوَاسِطَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ الْأَبُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِوَاسِطَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ الْأَبُ إلَخْ) ظَاهِرُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّ جَمِيعَ الْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ لِلْوَاسِطَةِ الْوَاحِدَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَعُذْرُهُ أَنَّهُ تَبِعَ الشِّهَابَ حَجّ فِي صَدْرِ الْعِبَارَةِ وَلَمْ يَتْبَعْهُ فِي بَاقِيهَا؛ فَلَزِمَ مَا ذُكِرَ، وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ الْمَذْكُورِ مَعَ الْمَتْنِ نَصُّهَا: بِوَاسِطَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ الْأَبُ كَهَذَا أَخِي أَوْ ثِنْتَيْنِ كَالْأَبِ وَالْجَدِّ فِي هَذَا عَمِّي أَوْ بِثَلَاثَةٍ كَهَذَا ابْنِ عَمِّي (قَوْلُهُ: أَوْ أَبِي) هَذَا مِنْ الْإِلْحَاقِ بِالنَّفْسِ كَمَا قَدَّمَهُ هُنَاكَ فَلَا وَجْهَ لِذِكْرِهِ هُنَا. (قَوْلُهُ: قِيلَ وَالْأَوْجَهُ إلَخْ) قَائِلُهُ الشِّهَابُ حَجّ، وَآخِرُ كَلَامِهِ قَوْلُهُ: وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ بَيَانِ الْمُلْحَقِ بِهِ. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إنَّ مَا اسْتَوْجَهَهُ الْعَلَّامَةُ حَجّ لَا مَحِيدَ عَنْهُ، وَأَمَّا مَا اسْتَوْجَهَهُ الشَّارِحُ فِيمَا يَأْتِي فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أُمُورٌ: مِنْهَا مُخَالَفَةُ الْمَنْقُولِ الَّذِي اسْتَنَدَ إلَيْهِ حَجّ مِمَّا ذُكِرَ، وَمِنْهَا أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ إلْغَاءُ اشْتِرَاطِهِمْ كَوْنَ الْمُقِرِّ وَارِثًا حَائِزًا الْآتِي، إذْ لَا يُعْرَفُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ جِهَةِ الْأُخُوَّةِ مَثَلًا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ حَجّ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الشَّارِحُ، وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ عَقِبَ اسْتِيجَاهِهِ الْآتِي: وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُقِرَّ يَحْتَاطُ لِنَفْسِهِ فَلَا يُقِرُّ إلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ فَيُقَالُ عَلَيْهِ إنَّ الْأُخُوَّةَ وَبُنُوَّةَ الْعُمُومَةِ مَثَلًا كَمَا أَنَّهُمَا حَقِيقَتَانِ فِيمَا كَانَ مِنْ جِهَةِ الْأَبَوَيْنِ أَوْ الْأَبِ كَذَلِكَ هُمَا حَقِيقَتَانِ فِيمَا كَانَ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ، وَكَذَلِكَ هُمَا حَقِيقَتَانِ عِنْدَ وُجُودِ مَانِعٍ مِنْ الْإِرْثِ، وَإِطْلَاقُهُمَا عَلَى ذَلِكَ مِنْ إطْلَاقِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى أَحَدِ مَعَانِيهِ فَهُوَ لَا يُنَافِي التَّحْقِيقَ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَلَا يُقِرُّ إلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ، وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِي قَوْلِ الْمُقِرِّ: هَذَا وَارِثِي حَتَّى يُعَلِّلَ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي مُجَرَّدِ قَوْلِهِ هَذَا أَخِي أَوْ ابْنُ عَمِّي مَثَلًا وَالْإِرْثُ هُنَا إنَّمَا يَقَعُ تَابِعًا لِلنَّسَبِ لَا مَقْصُودًا، وَأَمَّا مَا اسْتَظْهَرَ بِهِ الشَّارِحُ مِنْ قَوْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَقَرَّ بِأُخُوَّةِ مَجْهُولٍ لَمْ يُقْبَلْ تَفْسِيرُهُ بِأُخُوَّةِ الرَّضَاعِ أَوْ الْإِسْلَامِ، فَيُقَالُ عَلَيْهِ إنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَقْبَلْ تَفْسِيرَهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ صَرَفَ اللَّفْظَ عَنْ حَقِيقَتِهِ إلَى مَجَازِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا فَسَّرَهُ بِأُخُوَّةِ الْأُمِّ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُقْبَلُ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِلَّفْظِ بِأَحَدِ حَقَائِقِهِ وَمَا صَدَقَاتِهِ فَتَأَمَّلْ وَأَنْصِفْ. (قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرَهُ الْقَفَّالُ) مَا ذَكَرَهُ عَنْ الْقَفَّالِ لَا يُوَافِقُ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ غَيْرُهُ، وَعِبَارَتُهُ حَسْبَ مَا نَقَلَهُ فِي الْقُوتِ: لَوْ قَالَ فُلَانٌ عَصَبَتِي وَوَارِثِي إذَا مِتُّ مِنْ غَيْرِ عَقِبٍ لَمْ يَكُنْ هَذَا

يَحْتَاطُ لِنَفْسِهِ فَلَا يُقِرُّ إلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَقَرَّ بِأُخُوَّةِ مَجْهُولٍ لَمْ يُقْبَلْ تَفْسِيرُهُ بِأُخُوَّةِ الرَّضَاعِ وَلَا الْإِسْلَامِ، وَسَوَاءٌ فِيمَا تَقَرَّرَ أَقَالَ: فُلَانٌ وَارِثٌ وَسَكَتَ أَمْ زَادَ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ، وَتَفْرِقَةُ الْهَرَوِيِّ بَيْنَهُمَا مَرْدُودَةٌ، وَتَبِعَهُ جَمْعٌ عَلَيْهِ كَالتَّاجِ السُّبْكِيّ، وَيَكْفِي فِي الْبَيِّنَةِ أَنْ تَقُولَ: ابْنُ عَمٍّ لِأَبٍ مَثَلًا وَإِنْ لَمْ تُسَمِّ الْوَسَائِطَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُلْحَقِ بِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَالْأَوْجَهُ فَرْضُهُ فِي فَقِيهَيْنِ عَارِفَيْنِ بِحُكْمِ الْإِلْحَاقِ بِالْغَيْرِ، بِخِلَافِ عَامِّيَّيْنِ لَا يَعْرِفَانِ ذَلِكَ فَيَجِبُ اسْتِفْصَالُهُمَا، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُقِرِّ، وَلِهَذَا بَحَثَ الْغَزِّيِّ فِي مَسْأَلَتِنَا قَبُولَ شَهَادَةِ الْفَقِيهِ الْمُوَافِقِ لِمَذْهَبِ الْقَاضِي وَلَوْ لَمْ يُفَصِّلْ، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ لَوْ حَكَمَ قَاضٍ بِأَنَّهُ وَارِثَهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ ثُمَّ حَمَلَ عَلَى الصِّحَّةِ ثُمَّ قَيَّدَهُ بِقَاضٍ عَالَمٍ: أَيْ ثِقَةٍ أَمِينٍ، قَالَ: وَيُقَاسُ بِهِ كُلُّ حُكْمٍ أَجْمَلَهُ اهـ. وَهِيَ فَائِدَةٌ حَسَنَةٌ يَتَعَيَّنُ اسْتِحْضَارُهَا فِي فُرُوعٍ كَثِيرَةٍ يَأْتِي بَعْضُهَا فِي الْقَضَاءِ وَغَيْرِهِ (فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الْمُلْحَقِ بِهِ) لِأَنَّ الْوَرَثَةَ يَخْلُفُونَ مُوَرِّثَهُمْ فِي حُقُوقِهِ وَالنَّسَبُ مِنْ جُمْلَتِهَا، وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِالذَّكَرِ إذْ اسْتِلْحَاقُ الْمَرْأَةِ غَيْرُ مَقْبُولٍ فَوَارِثُهَا أَوْلَى وَلَوْ رَجُلًا لِأَنَّهُ خَلِيفَتُهَا، وَاسْتَوْضَحَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSإخْوَتِهِ مِنْ أَبِيهِ. وَقَوْلُهُ وَهُوَ الْأَوْجُهُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ وَعَلَيْهِ فَإِذَا أَثْبَتَنَا الْأُخُوَّةَ وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهَا جِهَةً ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا كَيْف يَكُونُ إرْثُ الْحَيِّ مِنْهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: إنْ احْتَمَلَ الْإِرْثَ وَعَدَمَهُ لَا يُعْطَى شَيْئًا، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِأُخُوَّةِ شَخْصٍ وَمَاتَ الْمُقِرُّ عَنْ أَخٍ شَقِيقٍ فَالْمَجْهُولُ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ شَقِيقًا أَوْ لِأُمٍّ يَرِثُ، وَبِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ لِأَبٍ لَا يَرِثُ فَيُعَامَلُ بِالْأَضَرِّ فِي حَقِّهِ وَهُوَ عَدَمُ الْإِرْثِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ النَّسَبِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ مِقْدَارُ إرْثِهِ فَإِنْ احْتَمَلَ كَوْنَهُ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ وَرِثَ الْأَقَلَّ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالُوهُ فِي إرْثِ الْخُنْثَى، وَهَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ أُلْحِقَ بِغَيْرِهِ وَهُوَ مَيِّتٌ صَحَّ وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ أُنْثَى، أَمَّا عَلَى اشْتِرَاطِ الذُّكُورَةِ بِالْمُلْحَقِ بِهِ فَلَا يَتَأَتَّى كَوْنُهُ أَخًا لِأُمٍّ، وَمِنْ ثَمَّ جَعَلَ حَجّ هَذَا مِنْ أَسْبَابِ بُطْلَانِ الْإِقْرَارِ مِنْ أَصْلِهِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِكَوْنِهِ أَخَا لِأُمٍّ، فَلَا يَصِحُّ لِانْتِفَاءِ الذُّكُورَةِ فِي الْمُلْحَقِ بِهِ أَوْ لِأَبٍ فَيَصِحُّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُفَرَّقُ) أَيْ بَيْنَ الْمُقِرِّ وَالْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ لَمْ يُقْبَلْ تَفْسِيرُهُ بِأُخُوَّةِ الرَّضَاعِ وَلَا الْإِسْلَامِ) أَيْ حَيْثُ ذَكَرَهُ مُنْفَصِلًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ لَمْ يُقْبَلْ تَفْسِيرُهُ فَإِنَّ التَّفْسِيرَ إنَّمَا يَكُونُ لِلْمُقَرِّ بِهِ الْمُبْهَمِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ فِيمَا تَقَرَّرَ أَقَالَ) أَيْ الشَّاهِدُ الْمَفْهُومُ مِنْ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا بَحَثَ الْغَزِّيِّ فِي مَسْأَلَتِنَا) هِيَ قَوْلُهُ وَيَكْفِي فِي الْبَيِّنَةِ أَنْ يَقُولَ ابْنُ عَمٍّ لِأَبٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: حُمِلَ عَلَى الصِّحَّةِ) وَيَأْتِي فِيهِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ قَوْلِنَا وَعَلَيْهِ فَإِذَا أَثْبَتَنَا الْأُخُوَّةَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَيَّدَهُ) أَيْ الْغَزِّيِّ، وَقَوْلُهُ قَالَ: أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQشَيْئًا لِأَنَّ الْمُقِرَّ بِهِ إذَا كَانَ مَعْرُوفَ النَّسَبِ فَلَا فَائِدَةَ فِي إقْرَارِهِ وَإِنْ كَانَ مَجْهُولَ النَّسَبِ فَلَا يَصِحُّ أَيْضًا مَا لَمْ يُفَسِّرْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ بِقَوْلِهِ إنَّهُ عَصَبَتِي أَنَّهُ أَخُوهُ، وَرُبَّمَا يُرِيدُ أَنَّهُ عَمُّهُ أَوْ ابْنُ عَمِّهِ ثُمَّ بَعْدَ التَّفْسِيرِ يُنْظَرُ فِيهِ فَإِنْ قَالَ هُوَ أَخِي يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هُوَ جَمِيعَ وَارِثِ أَبِيهِ وَإِنْ كَانَ عَمًّا فَيَكُونُ هُوَ جَمِيعَ وَارِثِ جَدِّهِ، وَإِنْ كَانَ ابْنُ عَمِّهِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ جَمِيعَ وَارِثِ عَمِّهِ لِيَصِحَّ مِنْهُ الْإِقْرَارُ بِالنَّسَبِ عَلَى طَرِيقَةِ الْخِلَافَةِ عَنْهُ، ثُمَّ الْمِيرَاثُ مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ عِنْدَنَا انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ فِيمَا تَقَرَّرَ أَقَالَ فُلَانٌ وَارِثٌ وَسَكَتَ أَمْ زَادَ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ) كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ وَانْظُرْ هُوَ تَعْمِيمٌ فِي مَاذَا، وَفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ أَنَّهُ تَعْمِيمٌ فِي شَهَادَةِ الشَّاهِدِ، وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ بِالْفَهْمِ تَصْحِيحًا لِلْكَلَامِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى أَصْلِهِ، وَهُوَ لَا يُوَافِقُ مَا أَعْقَبَهُ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَتَفْرِقَةُ الْهَرَوِيِّ بَيْنَهُمَا مَرْدُودَةٌ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَفْرِقَةَ الْهَرَوِيِّ إنَّمَا هِيَ بَيْنَ الْإِقْرَارِ بِأَنَّهُ وَارِثُهُ وَالْإِقْرَارِ بِأَنَّهُ وَارِثُ فُلَانٍ، وَعِبَارَتُهُ: لَوْ أَقَرَّ أَنَّ هَذَا وَارِثُ فُلَانٍ لَا يُقْبَلُ، وَلَوْ قَالَ هَذَا وَارِثِي قُبِلَ انْتَهَتْ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِفُلَانٍ كَأَبِيهِ مَثَلًا إذَا أُلْحِقَ بِهِ، وَاَلَّذِي فِي التُّحْفَةِ الَّتِي هِيَ أَصْلٌ لِمَا هُنَا: وَسَوَاءٌ فِيمَا تَقَرَّرَ أَقَالَ فُلَانٌ وَارِثِي وَسَكَتَ أَمْ زَادَ لَا وَارِثَ لِي غَيْرُهُ انْتَهَتْ. وَهُوَ مُنَاسِبٌ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ اخْتِيَارِ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِإِطْلَاقِ الْإِقْرَارِ فَهُوَ تَعْمِيمٌ فِيهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ سم (قَوْلُهُ: فِي مَسْأَلَتِنَا) يَعْنِي مَسْأَلَةَ الشَّهَادَةِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: ثُمَّ رَأَيْت

الْإِسْنَوِيُّ وَجَزَمَ بِهِ ابْن اللَّبَّانِ، لَكِنَّ قَوْلَ الْأَصْحَابِ لَا بُدَّ مِنْ مُوَافَقَةِ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ وَلَوْ بِزَوْجِيَّةٍ وَوَلَاءٍ يَشْمَلُ الزَّوْجَةَ وَالزَّوْجَ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ حَيْثُ قَالَ: وَيُشْتَرَطُ مُوَافَقَةُ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ عَلَى الصَّحِيحِ اهـ. وَصُورَتُهُ فِي الزَّوْجِ أَنْ تَمُوتَ امْرَأَةٌ وَتَخْلُفَ ابْنًا وَزَوْجًا فَيَقُولُ الِابْنُ لِشَخْصٍ هَذَا أَخِي فَلَا بُدَّ مِنْ مُوَافَقَةِ الزَّوْجِ عَلَى الصَّحِيحِ فَهَذَا اسْتِلْحَاقٌ بِامْرَأَةٍ، وَهَذَا كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي خَادِمِهِ يُرَدُّ عَلَى ابْنِ اللَّبَّانِ وَالْعِمْرَانِيِّ، فَالْمُعْتَمَدُ صِحَّةُ اسْتِلْحَاقِ وَارِثِهَا، وَفَرَّقَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَيْنَ اسْتِلْحَاقِ الْوَارِثِ بِهَا وَبَيْنَ عَدَمِ صِحَّةِ اسْتِلْحَاقِهَا بِأَنَّ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ تَسْهُلُ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْوَارِثِ لَا سِيَّمَا إذَا تَرَاخَى النَّسَبُ (بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ) فِيمَا إذَا أَلْحَقَهُ بِنَفْسِهِ فَيَصِحُّ هُنَا مِنْ السَّفِيهِ أَيْضًا (وَيُشْتَرَطُ) هُنَا زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ (كَوْنُ الْمُلْحَقِ بِهِ مَيِّتًا) فَلَا يَصِحُّ الْإِلْحَاقُ بِالْحَيِّ وَلَوْ مَجْنُونًا لِأَنَّهُ قَدْ يَتَأَهَّلُ، فَلَوْ أَلْحَقَ بِهِ ثُمَّ صَدَّقَ فَالثُّبُوتُ مُحَالٌ عَلَى التَّصْدِيقِ لَا الْإِلْحَاقِ، وَأَمَّا تَصْدِيقُ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْوَسَائِطِ فَمُعْتَبَرٌ، قَالَهُ فِي الْمُهَذَّبِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْحَاوِي، لَكِنْ قَالَ فِي الْبَيَانِ: إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا اثْنَانِ بِأَنْ أَقَرَّ بِعَمٍّ فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يُشْتَرَطُ تَصْدِيقُ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَكْفِي تَصْدِيقُ الْجَدِّ فَإِنَّهُ الْأَصْلُ الَّذِي ثَبَتَ النَّسَبُ بِهِ، وَلَوْ اعْتَرَفَ بِهِ وَكَذَّبَهُ ابْنُهُ لَمْ يُؤَثِّرْ تَكْذِيبُهُ فَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ تَصْدِيقِهِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَمَا قَالَهُ صَحِيحٌ لَا شَكَّ فِيهِ اهـ. وَهُوَ كَمَا قَالَ: وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ مِنْ اعْتِبَارِ تَصْدِيقِ الْوَسَائِطِ كَوْنَ الْوَاسِطَةِ قَدْ لَا يَكُونُ وَارِثًا لِأَنَّهُ قَدْ يُعْتَبَرُ تَصْدِيقُ مَنْ لَمْ يَرِثْ لِأَنَّ فِي إثْبَاتِ النَّسَبِ بِدُونِهِ إلْحَاقًا بِهِ وَهُوَ أَصْلُ الْمُقِرِّ، وَيَبْعُدُ إثْبَاتُ نَسَبِ الْأَصْلِ بِقَوْلِ الْفَرْعِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَلْحَقَ النَّسَبَ بِنَفْسِهِ فَإِنَّ فِيهِ إلْحَاقًا بِأُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ لَكِنَّهُ بِطَرِيقِ الْفَرْعِيَّةِ عَنْ إلْحَاقِهِ بِنَفْسِهِ وَلَا يَبْعُدُ تَبَعِيَّةُ الْأَصْلِ لِلْفَرْعِ (وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ) الْمُلْحَقُ بِهِ (نَفَاهُ فِي الْأَصَحِّ) فَيَجُوزُ إلْحَاقُهُ بِهِ كَمَا لَوْ اسْتَلْحَقَهُ النَّافِي. وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ مَا ذُكِرَ لِمَا فِي إلْحَاقِهِ مِنْ الْعَارِ عَلَى الْمَيِّتِ، وَالْوَارِثُ لَا يَفْعَلُ إلَّا مَا فِيهِ حَظُّ مُوَرِّثِهِ (وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُقِرِّ وَارِثًا) بِخِلَافِ غَيْرِهِ كَرَقِيقٍ وَقَاتِلٍ وَأَجْنَبِيٍّ (حَائِزًا) لِتَرِكَةِ الْمُلْحَقِ بِهِ حِينَ الْإِقْرَارِ وَإِنْ تَعَدَّدَ، فَلَوْ مَاتَ وَخَلَفَ ابْنًا وَاحِدًا فَأَقَرَّ بِأَخٍ آخَرَ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَوَرِثَ، أَوْ مَاتَ عَنْ بَنِينَ وَبَنَاتٍ اُعْتُبِرَ اتِّفَاقُ جَمِيعِهِمْ، وَكَذَا مُوَافَقَةُ الزَّوْجَةِ وَالزَّوْجِ كَمَا مَرَّ وَالْمُعْتَقُ لِأَنَّهُ مِنْ الْوَرَثَةِ، وَأُلْحِقَ بِالْوَارِثِ الْحَائِزِ الْإِمَامُ فَيَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، فَيُلْحَقُ حِينَئِذٍ بِالْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْوَارِثِ وَهُوَ جِهَةُ الْإِسْلَامِ، وَلَوْ قَالَهُ حُكْمًا ثَبَتَ أَيْضًا لِأَنَّ لَهُ الْقَضَاءَ بِعِلْمِهِ، وَلَا بُدَّ أَنْ لَا يَكُونَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْغَزِّيِّ (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ مُوَافَقَةِ الزَّوْجِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَفُتْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْإِرْثِ بِثُبُوتِ الْمَجْهُولِ (قَوْلُهُ: فَهَذَا اسْتِلْحَاقٌ) الْأَوْلَى إلْحَاقٌ، وَقَوْلُهُ وَارِثُهَا: أَيْ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ هُنَا) أَيْ الْإِلْحَاقُ بِالْغَيْرِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أُلْحِقَ بِهِ) أَيْ الْحَيِّ (قَوْلُهُ: فَالثُّبُوتُ مُحَالٌ عَلَى التَّصْدِيقِ) أَيْ مُرَتَّبٌ عَلَى إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا تَصْدِيقُ مَا بَيْنَهُمَا) أَيْ الْحَيِّ وَالْمُسْتَلْحَقِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ) أَيْ الْعُمْرَانِيُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا اثْنَانِ) لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمَا بَيْنَ الْمُقِرِّ وَالْمُلْحَقِ بِهِ، بَلْ الْمُرَادُ بِهِمَا الْمُلْحَقُ بِهِ وَوَاحِدٌ دُونَهُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ بِأَنْ أَقَرَّ بِعَمٍّ فَقَالَ إلَخْ، وَعِبَارَةُ حَجّ: إذَا أَلْحَقَ النَّسَبَ بِغَيْرِهِ بِوَاسِطَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ الْأَبُ كَهَذَا أَخِي أَوْ اثْنَتَيْنِ كَالْأَبِ وَالْجَدِّ فِي هَذَا عَمِّي اهـ. وَهِيَ أَوْضَحُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَمَا قَالَ) أَيْ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ تَصْدِيقِ الْأَبِ وَنَحْوِهِ دُونَ الْوَسَائِطِ الَّذِينَ هُمْ دُونَ الْأَقْرَبِ لِلْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ مِنْ اعْتِبَارِ إلَخْ) أَيْ عَلَى مَا فِي الْمُهَذَّبِ الَّذِي اعْتَمَدَ خِلَافَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَهُ حُكْمًا) أَيْ بِأَنْ حَكَمَ بِثُبُوتِ نَسَبِهِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَهُ الْقَضَاءُ بِعِلْمِهِ) أَيْ بِشَرْطِ كَوْنِهِ مُجْتَهِدًا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْغَزِّيِّ بَحَثَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا تَصْدِيقُ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْوَسَائِطِ إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يُتَّجَهُ إيرَادُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِلْحَاقَ بِالْحَيِّ لَهُ أَثَرٌ، أَمَّا بَعْدَ مَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ وَإِنَّمَا الْإِلْحَاقُ مُحَالٌ عَلَى التَّصْدِيقِ فَلَا يُتَّجَهُ إيرَادُ هَذَا الْكَلَامِ هُنَا فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ مِنْ اعْتِبَارِ تَصْدِيقِ الْوَسَائِطِ إلَخْ) أَيْ عَلَى مَا فِي الْمُهَذَّبِ الضَّعِيفِ

أَيْضًا عَلَيْهِ وَلَاءٌ، فَلَوْ أَقَرَّ عَتِيقٌ بِأَخٍ أَوْ عَمٍّ لَمْ يُقْبَلْ لِإِضْرَارِهِ بِمَنْ لَهُ الْوَلَاءُ الَّذِي لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى إسْقَاطِهِ كَأَصْلِهِ وَهُوَ مِلْكُهُ أَوْ بِابْنٍ قُبِلَ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى اسْتِحْدَاثِهِ بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ فَلَمْ يَقْدِرْ مَوْلَاهُ عَلَى مَنْعِهِ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ حِينَ الْإِقْرَارِ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِابْنٍ لِعَمِّهِ فَأَثْبَتَ آخَرُ أَنَّهُ ابْنُهُ لَمْ يَبْطُلْ إقْرَارُهُ، لَكِنْ أَفْتَى الْقَفَّالُ بِبُطْلَانِهِ لِأَنَّهُ بَانَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهُ غَيْرُ حَائِزٍ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ اعْتِبَارُ كَوْنِ الْمُقِرِّ حَائِزًا لِمِيرَاثِ الْمُلْحَقِ بِهِ لَوْ قُدِّرَ مَوْتُهُ حِين الْإِلْحَاقِ وَهُوَ كَذَلِكَ، لَكِنْ مَعَ اعْتِبَارِ أَنْ لَا يَكُونَ بِالْمُلْحِقِ مَانِعٌ مِنْ مِيرَاثٍ الْمُلْحَقِ بِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ فَصَحَّ قَوْلُهُمْ لَوْ مَاتَ مُسْلِمٌ وَتَرَكَ وَلَدَيْنِ مُسْلِمًا وَكَافِرًا ثُمَّ مَاتَ الْمُسْلِمُ وَتَرَكَ ابْنًا مُسْلِمًا وَأَسْلَمَ عَمُّهُ الْكَافِرُ فَحَقَّ الْإِلْحَاقُ بِالْجَدِّ لِابْنِ ابْنِهِ الْمُسْلِمِ لَا لِابْنِهِ الَّذِي أَسْلَمَ بَعْدَ مَوْتِهِ. (وَالْأَصَحُّ) فِيمَا إذَا أَقَرَّ أَحَدُ حَائِزَيْنِ بِثَالِثٍ أَوْ بِزَوْجَةٍ لِلْمَيِّتِ وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ أَوْ سَكَتَ (أَنَّ الْمُسْتَلْحَقَ لَا يَرِثُ) لِانْتِفَاءِ ثُبُوتِ نَسَبِهِ، وَبِمَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِلشَّارِحِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي بَعْضِ النُّسَخِ يَنْدَفِعُ مَا اعْتَرَضَهُ بِهِ الْفَزَارِيّ وَأَطَالَ فِيهِ وَتَبِعَهُ كَثِيرٌ (وَلَا يُشَارِكُ الْمُقِرَّ فِي حِصَّتِهِ) ظَاهِرًا بَلْ بَاطِنًا إنْ كَانَ صَادِقًا فَبِثُلُثِ مَا بِيَدِهِ. وَالثَّانِي يُشَارِكُ الْمُقِرَّ فِي حِصَّتِهِ دُونَ الْمُنْكِرِ وَعَلَى انْتِفَاءِ الْإِرْثِ يَحْرُمُ عَلَى الْمُقِرِّ بِنْتُ الْمُقَرِّ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهَا مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَيُقَاسُ بِالْبِنْتِ مَنْ فِي مَعْنَاهَا، وَفِي عِتْقِ حِصَّةِ الْمُقِرِّ لَوْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ عَبْدًا مِنْ التَّرِكَةِ كَأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِعَبْدٍ فِيهَا: إنَّهُ ابْنُ أَبِينَا وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا أَنَّهُ يُعْتَقُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ. (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ) (الْبَالِغَ) الْعَاقِلَ (مِنْ الْوَرَثَةِ لَا يَنْفَرِدُ بِالْإِقْرَارِ) لِأَنَّهُ غَيْرُ حَائِزٍ لِلْمِيرَاثِ فَيَنْتَظِرُ كَمَالَ الْبَاقِينَ، فَإِنْ أَقَرَّ فَمَاتَ غَيْرُ الْكَامِلِ وَوَرِثَهُ نَفَذَ إقْرَارُهُ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدٍ كَمَا فِي قَوْلِهِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَوْ) (أَقَرَّ أَحَدُ الْوَارِثَيْنِ) الْحَائِزَيْنِ بِثَالِثٍ (وَأَنْكَرَ الْآخَرُ) لَمْ يَرِثْ شَيْئًا وَلَا مِنْ حِصَّةِ الْمُقِرِّ لَكِنْ ظَاهِرًا فَقَطْ كَمَا تَقَرَّرَ لِأَنَّ الْإِرْثَ فَرْعُ النَّسَبِ وَلَمْ يَثْبُتْ (وَ) يَسْتَمِرُّ عَدَمُ إرْثِ الْمُقَرِّ بِهِ إلَى مَوْتِ الْمُنْكِرِ فَإِنْ (مَاتَ وَلَمْ يَرِثْهُ إلَّا الْمُقِرُّ ثَبَتَ النَّسَبُ) بِالْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ وَوَرِثَ لِأَنَّهُ صَارَ حَائِزًا، وَكَذَا لَوْ وَرِثَهُ الْمُنْكِرُ وَصَدَّقَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَلَوْ أَقَرَّ عَتِيقٌ بِأَخٍ أَوْ عَمٍّ لَمْ يُقْبَلْ) أَيْ إقْرَارُهُ فَلَمْ يَثْبُتُ نَسَبُهُ، وَفِي سم عَلَى حَجّ: هَلَّا صَحَّ وَبَقِيَ الْوَلَاءُ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ الضَّرَرُ كَمَا قَدَّمَهُ فِي الْإِلْحَاقِ بِنَفْسِهِ وَالْفَرْقُ مُمْكِنٌ اهـ أَيْ بِأَنْ يُقَالَ: الْوَلَاءُ فِيمَا سَبَقَ كَانَ ثَابِتًا قَبْلَ الْإِقْرَارِ فَبَقِيَ بِلَا مُزَاحِمٍ، وَالْوَلَاءُ هُنَا وَإِنْ كَانَ ثَابِتًا قَبْلُ، لَكِنْ لَوْ صَحَّحْنَا إلْحَاقَ الْعَتِيقِ لِلْمَجْهُولِ لَزِمَ إرْثُهُ مِنْ الْمُلْحَقِ بِهِ فَيَفُوتُ أَثَرُ الْوَلَاءِ لِلسَّيِّدِ عَلَى الْمُلْحَقِ مَعَ ثُبُوتِهِ لَهُ وَلَا كَذَلِكَ ثُمَّ (قَوْلُهُ: فَأَثْبَتَ آخَرُ أَنَّهُ) أَيْ الْآخَرَ ابْنُهُ: أَيْ ابْنُ الْعَمِّ وَقَوْلُهُ لَمْ يَبْطُلْ إقْرَارُهُ: أَيْ الْمُقِرِّ بِابْنٍ لِعَمِّهِ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ حِينَ الْإِقْرَارِ. [فَرْعٌ] لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِي الِاسْتِلْحَاقِ لِأَنَّ الِاسْتِلْحَاقَ إقْرَارٌ، لَكِنْ يَكُونُ مُقِرًّا بِتَوْكِيلِهِ إنْ اشْتَمَلَتْ صِيغَتُهُ عَلَى مَا يُثْبِتُ النَّسَبَ كَأَنْ يَقُولَ: وَكَّلْتُك فِي اسْتِلْحَاقِ ابْنِي هَذَا أَوْ فِي أَنْ تُقِرَّ بِأَنَّ هَذَا ابْنِي. (قَوْلُهُ: أَوْ بِزَوْجَةٍ لِلْمَيِّتِ) اُنْظُرْ مَا صُورَتُهُ (قَوْلُهُ: وَبِمَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ) هُوَ قَوْلُهُ فِيمَا إذَا أَقَرَّ أَحَدُهُمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَبِثُلُثِ مَا بِيَدِهِ) أَيْ فَيُشَارِكُهُ بِثُلُثِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالثَّانِي يُشَارِكُهُ الْمُقِرُّ فِي حِصَّتِهِ) أَيْ بِالثُّلُثِ وَقِيلَ بِالنِّصْفِ اهـ ع (قَوْلُهُ: وَفِي عِتْقِ حِصَّةِ الْمُقِرِّ إلَخْ) أَيْ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْمَعْرُوفُ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِهِ: هَذَا ابْنِي عَتَقَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يُكَذِّبْهُ الْحِسُّ (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا أَنَّهُ يُعْتَقُ) أَيْ وَلَا سِرَايَةَ وَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ مُوسِرًا لِعَدَمِ اعْتِرَافِهِ بِمُبَاشَرَةِ الْعِتْقِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَرِثْ شَيْئًا) أَيْ مِنْ حِصَّةِ الْمُنْكِرِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ وَرِثَهُ الْمُنْكِرُ) عِبَارَةُ حَجّ غَيْرُ الْمُقِرِّ وَصَدَّقَهُ: أَيْ الْمُقِرُّ وَهِيَ الصَّوَابُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَهُوَ مِلْكُهُ) أَيْ كَوْنُهُ مَمْلُوكًا لِلسَّيِّدِ فَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُضَافًا لِلْفَاعِلِ، أَوْ الْمَفْعُولِ وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَهُوَ الْمِلْكُ (قَوْلُهُ: كَوْنَ الْمُقِرِّ حَائِزًا لِمِيرَاثِ الْمُلْحَقِ بِهِ) أَيْ وَلَوْ مَآلًا بِدَلِيلِ مَا سَيَأْتِي فِيمَا لَوْ أَقَرَّ أَحَدُ الْوَارِثَيْنِ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ، وَمَاتَ وَلَمْ يَرِثْهُ إلَّا الْمُقِرُّ حَيْثُ يَثْبُتُ النَّسَبُ بِالْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا أَنَّهُ) أَيْ: الشَّأْنُ أَوْ الْمَذْكُورُ مِنْ الْحِصَّةِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ وَرِثَهُ) أَيْ الْمُلْحَقُ بِهِ غَيْرُ الْمُقِرِّ، أَيْ كَابْنِهِ مَثَلًا، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَكَذَا لَوْ وَرِثَهُ الْمُنْكِرُ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ إلَّا بِتَكَلُّفٍ

وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي الْأُولَى يَنْفَرِدُ دُونَهُ وَيُحْكَمُ بِثُبُوتِ النَّسَبِ فِي الْحَالِ احْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ، وَفِي الثَّانِيَةِ لَا يَثْبُتُ لِأَنَّ إقْرَارَ الْفَرْعِ مَسْبُوقٌ بِإِنْكَارِ الْأَصْلِ وَهُوَ الْمُوَرِّثُ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ عَمَّا لَوْ أَقَرَّ أَحَدُ الْوَرَثَةِ وَسَكَتَ الْبَاقِي ثُمَّ مَاتَ السَّاكِتُ وَوَرِثَهُ الْمُقِرُّ أَوْ غَيْرُهُ فَصُدِّقَ عَلَى النَّسَبِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَثْبُتُ هَهُنَا النَّسَبُ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْهُ تَكْذِيبٌ مِنْ أَصْلِهِ. (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَوْ) (أَقَرَّ ابْنٌ حَائِزٍ) مَشْهُورُ النَّسَبِ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ (بِأُخُوَّةِ مَجْهُولٍ فَأَنْكَرَ الْمَجْهُولُ نَسَبَ الْمُقِرِّ) بِأَنْ قَالَ: أَنَا ابْنُ الْمَيِّتِ وَلَسْت أَنْتَ ابْنَهُ (لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ) إنْكَارُهُ لِثُبُوتِهِ وَشُهْرَتِهِ وَلِأَنَّهُ لَوْ أَثَّرَ فِيهِ لَبَطَلَ نَسَبُ الْمَجْهُولِ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا لِإِرْثِهِ وَحِيَازَتِهِ، وَلَوْ بَطَلَ نَسَبُهُ ثَبَتَ نَسَبُ الْمُقِرِّ وَذَلِكَ دَوْرٌ حُكْمِيٌّ (وَيَثْبُتُ أَيْضًا نَسَبُ الْمَجْهُولِ) لِأَنَّ الْحَائِزَ قَدْ اسْتَلْحَقَهُ فَلَمْ يَنْظُرْ لِإِخْرَاجِهِ لَهُ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْإِقْرَارِ بِتَكْذِيبِهِ. وَالثَّانِي يُؤَثِّرُ الْإِنْكَارُ فَيَحْتَاجُ الْمُقِرُّ إلَى بَيِّنَةٍ بِنَسَبِهِ، وَقِيلَ لَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْمَجْهُولِ لِزَعْمِهِ فِي إرْثِ الْمُقِرِّ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ أَقَرَّ الْحَائِزُ وَالْمَجْهُولُ بِنَسَبِ ثَالِثٍ فَأَنْكَرَ الثَّالِثُ نَسَبَ الثَّانِي سَقَطَ نَسَبُهُ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ نَسَبُ الثَّالِثِ فَاعْتُبِرَتْ مُوَافَقَتُهُ فِي نَسَبِ الثَّانِي وَهَذَا مِنْ بَابِ أَدْخِلْنِي أُخْرِجْكَ، وَلَوْ أَقَرَّ بِأَخَوَيْنِ مَجْهُولَيْنِ مَعًا فَكَذَّبَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ أَوْ صَدَّقَهُ ثَبَتَ نَسَبُهُمَا لِوُجُودِ الْإِقْرَارِ مِنْ الْحَائِزِ، وَإِنْ صَدَّقَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَكَذَّبَهُ الْآخَرُ سَقَطَ نَسَبُ الْمُكَذَّبِ بِفَتْحِ الذَّالِ دُونَ نَسَبِ الْمُصَدِّقِ إنْ لَمْ يَكُونَا تَوْأَمَيْنِ، وَإِلَّا فَلَا أَثَرَ لِتَكْذِيبِ الْآخَرِ لِأَنَّ الْمُقِرَّ بِأَحَدِ تَوْأَمَيْنِ مُقِرٌّ بِالْآخَرِ، وَلَوْ كَانَ الْمُنْكِرُ اثْنَيْنِ وَالْمُقِرُّ وَاحِدًا فَلِلْمُقِرِّ تَحْلِيفُهُمَا، فَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا لَمْ تُرَدَّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُقِرِّ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِهَا نَسَبٌ وَلَا يَسْتَحِقُّ بِهَا إرْثًا، وَلَوْ أَقَرَّ الْوَرَثَةُ بِزَوْجِيَّةِ امْرَأَةٍ لِمُوَرِّثِهِمْ وَرِثَتْ كَإِقْرَارِهِمْ بِنَسَبِ شَخْصٍ وَمِثْلُهُ إقْرَارُهُمْ بِزَوْجٍ لِلْمَرْأَةِ وَإِنْ أَقَرَّ الْبَعْضُ لَمْ يَثْبُتْ لَهَا مِيرَاثٌ ظَاهِرًا كَالنَّسَبِ أَمَّا بَاطِنًا فَفِيهِ مَا مَرَّ. (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ إذَا) (كَانَ الْوَارِثُ الظَّاهِرُ يَحْجُبُهُ الْمُسْتَلْحَقُ) بِفَتْحِ الْحَاءِ حَجْبَ حِرْمَانٍ (كَأَخٍ أَقَرَّ بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ) (ثَبَتَ النَّسَبُ) لِلِابْنِ لِأَنَّ الْحَائِزَ ظَاهِرًا قَدْ اسْتَلْحَقَهُ (وَلَا إرْثَ) لَهُ لِلدَّوْرِ الْحُكْمِيِّ وَهُوَ أَنْ يَلْزَمَ مِنْ إثْبَاتِ الشَّيْءِ رَفْعُهُ، إذْ لَوْ وَرِثَ حَجَبَ الْأَخَ فَخَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ وَارِثًا فَلَمْ يَصِحَّ اسْتِلْحَاقُهُ فَلَمْ يَرِثْ فَأَدَّى إرْثُهُ إلَى عَدَمِ إرْثِهِ، وَلَوْ ادَّعَى الْمَجْهُولُ عَلَى الْأَخِ فَنَكَلَ وَحَلَفَ الْمَجْهُولُ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَلَا إرْثَ إنْ قُلْنَا: الْمَرْدُودَةُ كَالْإِقْرَارِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ جَعَلْنَاهَا كَالْبَيِّنَةِ وَخَرَجَ بِيَحْجُبُهُ مَا لَوْ أَقَرَّتْ بِنْتٌ مُعْتَقَةٌ لِلْأَبِ بِأَخٍ لَهَا فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ لِكَوْنِهَا حَائِزَةً وَيَرِثَانِهِ أَثْلَاثًا فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ لَا يَحْجُبُهَا حِرْمَانًا وَإِنَّمَا يَمْنَعُهَا عُصُوبَةَ الْوَلَاءِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ عَدَمُ ثُبُوتِهِمَا، أَمَّا الْإِرْثُ فَلِمَا مَرَّ، وَأَمَّا النَّسَبُ فَلِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ لَثَبَتَ الْإِرْثُ وَهَذَا قَطْعٌ لِلدَّوْرِ مِنْ أَوَّلِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ قَطْعٌ لَهُ مِنْ وَسَطِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْبَالِغَ إلَخْ (وَقَوْلُهُ وَفِي الثَّانِيَةِ) هِيَ قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا لَمْ تُرَدَّ الْيَمِينُ) أَيْ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي رَدِّهَا، فَإِنَّ غَايَةَ الرَّدِّ أَنْ يُجْعَلَ النَّاكِلُ كَالْمُقِرِّ، وَهُوَ بِتَقْدِيرِ إقْرَارِهِ لَا يُفِيدُ لِبَقَاءِ الْآخَرِ عَلَى إنْكَارِهِ وَحَلِفِهِ، وَقَوْلُهُ عَلَى الْمُقِرِّ الْأَوْلَى الْمُقَرُّ بِهِ لِأَنَّهُ الَّذِي يَرِثُ عَلَى تَقْدِيرِ تَصْدِيقِ الْمُنْكِرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[كتاب العارية]

[كِتَابُ الْعَارِيَّةُ] بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَقَدْ تُخَفَّفُ وَفِيهَا لُغَةٌ ثَالِثَةٌ عَارَةٌ بِوَزْنِ نَاقَةٍ، وَهِيَ اسْمٌ لِمَا يُعَارُ وَلِلْعَقْدِ الْمُتَضَمِّنِ لِإِبَاحَةِ الِانْتِفَاعِ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ لِيَرُدَّهُ مِنْ عَارَ إذَا ذَهَبَ وَجَاءَ بِسُرْعَةٍ، وَمِنْ التَّعَاوُرِ: أَيْ التَّنَاوُبِ لَا مِنْ الْعَارِ لِأَنَّهُ يَائِيٌّ وَهِيَ وَاوِيَّةٌ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: 7] قَالَ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ: وَهُوَ مَا يَسْتَعِيرُهُ الْجِيرَانُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ «وَاسْتِعَارَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَسًا لِأَبِي طَلْحَةَ فَرَكِبَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، «وَدِرْعًا مِنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ يَوْمَ حُنَيْنٍ فَقَالَ: أَغَصْبٌ يَا مُحَمَّدُ؟ فَقَالَ: لَا بَلْ عَارِيَّةٌ مَضْمُونَةٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَهِيَ سُنَّةٌ وَكَانَتْ أَوَّلَ الْإِسْلَامِ وَاجِبَةً كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَدْ تَكُونُ وَاجِبَةً كَإِعَارَةِ نَحْوِ ثَوْبٍ لِدَفْعِ مُؤْذٍ كَحَرٍّ وَمُصْحَفٍ عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ تَبَعًا لِلْكِفَايَةِ، أَوْ ثَوْبٍ تَوَقَّفَتْ صِحَّةُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ عَلَى مَا مَرَّ، وَالظَّاهِرُ مِنْ حَيْثُ الْفِقْهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وُجُوبُ ـــــــــــــــــــــــــــــSكِتَابُ الْعَارِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَفِيهَا لُغَةٌ) يُشْعِرُ تَعْبِيرُهُ بِمَا ذَكَرَ بِقِلَّتِهَا بِالنِّسْبَةِ لِلتَّخْفِيفِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ اسْمٌ لِمَا يُعَارُ) أَيْ شَرْعًا (قَوْلُهُ: وَلِلْعَقْدِ) أَيْ فَهِيَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا، وَقَدْ تُطْلَقُ عَلَى الْأَثَرِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ جَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِهَا وَعَدَمِ الضَّمَانِ وَهَذَا مَوْرِدُ الْفَسْخِ وَالِانْفِسَاخِ كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي أَوَّلِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ التَّعَاوُرِ) أَيْ وَمَأْخُوذَةٌ أَيْضًا مِنْ التَّعَاوُرِ فَمَأْخَذُهَا مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: وَهِيَ وَاوِيَّةٌ) هَذَا بِمُجَرَّدِهِ لَا يَمْنَعُ لِأَنَّهُمْ قَدْ يُدْخِلُونَ بَنَاتِ الْيَاءِ عَلَى بَنَاتِ الْوَاوِ كَمَا فِي الْبَيْعِ مِنْ مَدِّ الْبَاعِ مَعَ أَنَّ الْبَيْعَ يَائِيٌّ وَالْبَاعَ وَاوِيٌّ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُمْ لَا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ إلَّا عِنْدَ الِاضْطِرَارِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يَسْتَعِيرُهُ الْجِيرَانُ بَعْضُهُمْ) فَسَّرَهُ الْبَيْضَاوِيُّ بِالزَّكَاةِ، وَحَكَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ بِقِيلَ (قَوْلُهُ: وَدِرْعًا مِنْ صَفْوَانَ) أَرَادَ بِهِ الْجِنْسَ وَإِلَّا فَالْمَأْخُوذَةُ مِنْ صَفْوَانَ مِائَةُ دِرْعٍ (قَوْلُهُ: وَكَانَتْ أَوَّلَ الْإِسْلَامِ وَاجِبَةً) أَيْ لِلْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ تَكُونُ وَاجِبَةً إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهَا قَدْ تُبَاحُ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَقَدْ تُصَوَّرُ الْإِبَاحَةُ بِإِعَارَةِ مَنْ لَا حَاجَةَ لَهُ بِالْمُعَارِ بِوَجْهٍ (قَوْلُهُ: لِدَفْعِ مُؤْذٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّ الْأَذَى، وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِأَذًى لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً أَوْ يُبِيحُ مَحْذُورَ تَيَمُّمٍ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي عَنْ الأذرعي فِي قَوْلِهِ كُلُّ مَا فِيهِ إحْيَاءُ مُهْجَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ ثَوْبٍ تَوَقَّفَتْ صِحَّةُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ عَلَى مَا مَرَّ) عِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ فَإِنْ جَهِلَ الْفَاتِحَةَ إلَخْ نَصُّهَا: حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ بِالْبَلَدِ إلَّا مُصْحَفٌ وَاحِدٌ وَلَوْ لَمْ يُمْكِنْ التَّعَلُّمُ إلَّا مِنْهُ لَمْ يَلْزَمْ مَالِكَهُ إعَارَتُهُ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ بِالْبَلَدِ إلَّا مُعَلِّمٌ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّعْلِيمُ إلَّا بِأُجْرَةٍ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ كَمَا لَوْ احْتَاجَ إلَى السُّتْرَةِ أَوْ الْوُضُوءِ وَمَعَ غَيْرِهِ ثَوْبٌ أَوْ مَاءٌ فَيَنْتَقِلُ إلَى الْبَلَدِ اهـ. وَحَمَلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQكِتَابُ الْعَارِيَّةِ (قَوْلُهُ: لِإِبَاحَةِ الِانْتِفَاعِ بِهِ) كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ وَفِيهِ مَا لَا يَخْفَى، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ؛ لِإِبَاحَةِ الِانْتِفَاعِ بِمَا يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ، فَلَعَلَّ قَوْلَهُ بِمَا يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ سَقَطَ مِنْ نُسَّاخِ الشَّارِحِ؛ لِانْتِقَالِ النَّظَرِ مِنْ الِانْتِفَاعِ إلَى الِانْتِفَاعِ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ) الَّذِي فِي الْعُبَابِ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ إنَّمَا هُوَ عَدَمُ الْوُجُوبِ، وَكَذَلِكَ الْكِفَايَةُ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهَا غَيْرُ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: تَوَقَّفَتْ صِحَّةُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُصْحَفِ أَوْ الثَّوْبِ

إعَارَةِ كُلِّ مَا فِيهِ إحْيَاءُ مُهْجَةٍ مُحْتَرَمَةٍ لَا أُجْرَةَ لِمِثْلِهِ، وَكَذَا إعَارَةُ سِكِّينٍ لِذَبْحِ مَأْكُولٍ يُخْشَى مَوْتُهُ وَكَإِعَارَةِ مَا كَتَبَ بِنَفْسِهِ أَوْ مَأْذُونِهِ فِيهِ سَمَاعُ غَيْرِهِ أَوْ رِوَايَتُهُ لِيَنْسَخَهُ مِنْهُ كَمَا صَوَّبَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ، وَتَحْرُمُ كَإِعَارَةِ غَيْرِ صَغِيرَةٍ مِنْ أَجْنَبِيٍّ، وَتُكْرَهُ كَإِعَارَةِ مُسْلِمٍ لِكَافِرِ، وَلَهَا أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ: مُعِيرٌ، وَمُسْتَعِيرٌ، وَمُعَارٌ، وَصِيغَةٌ. (شَرْطُ الْمُعِيرِ) الِاخْتِيَارُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِ الطَّلَاقِ فَلَا تَصِحُّ إعَارَةُ مُكْرَهٍ، وَ (صِحَّةُ تَبَرُّعِهِ) بِأَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَحْجُورٍ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ بِالْمَنَافِعِ فَلَا يَصِحُّ إعَارَةُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ، وَيَصِحُّ إعَارَةُ السَّفِيهِ لِبَدَنِ نَفْسِهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ عَمَلُهُ مَقْصُودًا لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْهُ بِمَالِهِ، وَلَا حَاجَةَ فِي الْحَقِيقَةِ إلَى اسْتِثْنَائِهِ لِأَنَّ بَدَنَهُ فِي يَدِهِ فَلَا عَارِيَّةَ، وَكَذَا لِلْمُفْلِسِ إعَارَةُ عَيْنٍ زَمَنًا لَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ، وَلَا تَصِحُّ إعَارَةُ مُكَاتَبٍ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ إلَّا فِي نَظِيرِ مَا مَرَّ فِي الْمُفْلِسِ فِيمَا يَظْهَرُ. وَيُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي الْمُسْتَعِيرِ أَيْضًا فَلَا تَصِحُّ اسْتِعَارَةُ مَحْجُورٍ وَلَوْ سَفِيهًا وَلَا اسْتِعَارَةُ وَلِيِّهِ لَهُ إلَّا إنْ انْتَفَى الضَّمَانُ كَأَنْ اسْتَعَارَ مِنْ نَحْوِ مُسْتَأْجِرٍ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُخْتَارًا، وَتَعْيِينُهُ، فَلَوْ فَرَشَ بِسَاطَهُ لِمَنْ لَمْ يَجْلِسْ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ عَارِيَّةً بَلْ مُجَرَّدَ إبَاحَةٍ (وَمِلْكُهُ لِلْمَنْفَعَةِ) وَلَوْ لَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSحَجّ الْوُجُوبَ عَلَى مَا إذَا أَعَارَ ذَلِكَ زَمَنًا لَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إعَارَةُ سِكِّينٍ لِذَبْحِ مَأْكُولٍ) لَا يُنَافِي وُجُوبَ الْإِعَارَةِ هُنَا أَنَّ الْمَالِكَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَبْحُهُ وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ إضَاعَةُ مَالٍ لِأَنَّهَا بِالتَّرْكِ هُنَا، وَهُوَ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ لِأَنَّ عَدَمَ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ لَا يُنَافِي وُجُوبَ اسْتِعَارَتِهِ إذَا أَرَادَ حِفْظَ مَالِهِ كَمَا يَجِبُ الِاسْتِيدَاعُ إذَا تَعَيَّنَ لِلْحِفْظِ وَإِنْ جَازَ لِلْمَالِكِ الْإِعْرَاضُ عَنْهُ إلَى التَّلَفِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ وَإِنْ تَوَهَّمَ بَعْضُ الطَّلَبَةِ الْمُنَافَاةَ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لِيَنْسَخَهُ) أَيْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: كَإِعَارَةِ غَيْرِ صَغِيرَةٍ) وَكَالصَّغِيرَةِ الْقَبِيحَةُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: مِنْ أَجْنَبِيٍّ) أَيْ مَعَ فَسَادِهَا، وَعَلَيْهِ فَلَيْسَ هَذَا مِنْ أَقْسَامِ الْعَارِيَّةِ الصَّحِيحَةِ، فَالْأَوْلَى التَّمْثِيلُ لَهُ بِإِعَارَةِ خَيْلٍ وَسِلَاحٍ لِحَرْبِيٍّ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: كَإِعَارَةِ مُسْلِمٍ لِكَافِرٍ) لِيَخْدُمَهُ اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ إعَارَةُ مُكْرَهٍ) أَيْ بِغَيْرِ حَقٍّ، أَمَّا بِهِ كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى إعَارَةٍ وَاجِبَةٍ فَتَصِحُّ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ بَدَنَهُ فِي يَدِهِ فَلَا عَارِيَّةَ) قَدْ يُشْكِلُ بِمَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ رُكِّبَ مُنْقَطِعًا مِنْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْعَارِيَّةِ كَوْنُ الْمُعَارِ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ، بَلْ حُكْمُ الْعَارِيَّةِ ثَابِتٌ لَهُ وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُعِيرِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ سَأَلَ شَخْصٌ صَاحِبَ الدَّابَّةِ فِي حَمْلِ مَتَاعٍ لَهُ عَلَى دَابَّتِهِ فَحَمَلَهُ عَلَيْهَا كَانَ إعَارَةً لَهَا، وَإِنْ تَلِفَتْ ضَمِنَهَا السَّائِلُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: السَّفِيهُ لَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ تَحْتَ يَدِ غَيْرِهِ لِكَوْنِهِ حُرًّا بِخِلَافِ الدَّابَّةِ فَكَأَنَّهُ فِي يَدِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لِلْمُفْلِسِ إعَارَةُ عَيْنٍ إلَخْ) هَلَّا قِيلَ بِالِامْتِنَاعِ مُطْلَقًا فِيهِ وَفِي الْمُكَاتَبِ لِأَنَّهَا قَدْ تَتْلَفُ فَتَفُوتُ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَعَلَى السَّيِّدِ وَلَوْ قِيلَ بِذَلِكَ لَكَانَ وَجِيهًا (قَوْلُهُ: إلَّا فِي نَظِيرِ مَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ زَمَنًا لَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَفِيهًا) أَيْ بِأَنْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ، أَمَّا الْمُفْلِسُ فَتَصِحُّ اسْتِعَارَتُهُ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ لَهَا عَلَى الْغُرَمَاءِ لِأَنَّهَا لَوْ تَلِفَتْ تَلَفًا مُضَمَّنًا لَا يُزَاحِمُ الْمُعِيرُ الْغُرَمَاءَ بِبَدَلِهَا (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ انْتَفَى الضَّمَانُ) أَيْ أَوْ لِضَرُورَةٍ كَبَرْدٍ مُهْلِكٍ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ) أَيْ الْمُسْتَعِيرُ (قَوْلُهُ: وَتَعْيِينُهُ) أَيْ الْمُسْتَعِيرِ، وَقَوْلُهُ بَلْ مُجَرَّدُ إبَاحَةٍ، وَلَوْ أَرْسَلَ صَبِيًّا لِيَسْتَعِيرَ لَهُ شَيْئًا لَمْ يَصِحَّ، فَلَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ أَوْ أَتْلَفَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ هُوَ وَلَا مُرْسِلُهُ: أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي يَدِهِ كَذَا فِي الْجَوَاهِرِ، وَنَظَرَ غَيْرُهُ فِي قَوْلِهِ أَوْ أَتْلَفَهُ، وَالنَّظَرُ وَاضِحٌ إذْ الْإِعَارَةُ مِمَّنْ عَلِمَ أَنَّهُ رَسُولٌ لَا تَقْتَضِي تَسْلِيطَهُ عَلَى الْإِتْلَافِ فَلْيُحْمَلْ ذَلِكَ: أَيْ عَدَمُ الضَّمَانِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ رَسُولٌ اهـ حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلَهُ فَلْيُحْمَلْ ذَلِكَ إلَخْ، أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا لِأَنَّ الْإِعَارَةَ لَا تَقْتَضِي تَسْلِيطَ الْمُسْتَعِيرِ عَلَى الْإِتْلَافِ: أَيْ فَيَضْمَنُ فِيهِ إلَّا فِي التَّلَفِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهَا تَقْتَضِي الْمُسَامَحَةَ بِالتَّلَفِ بِوَاسِطَةِ الِاسْتِعْمَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَا أُجْرَةَ لِمِثْلِهِ) أَمَّا الَّذِي لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ وَاجِبٌ أَيْضًا لَكِنْ لَا بِالْعَارِيَّةِ بَلْ بِالْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا عَارِيَّةَ) فِيهِ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ اغْسِلْ ثَوْبِي كَانَ اسْتِعَارَةً لِبَدَنِهِ

يَمْلِكْ الرَّقَبَةَ، إذْ الْإِعَارَةُ إنَّمَا تُرَدُّ عَلَى الْمَنْفَعَةِ، وَأَخَذَ مِنْهُ الْأَذْرَعِيُّ امْتِنَاعَ إعَارَةِ فَقِيهٍ أَوْ صُوفِيٍّ سَكَنُهُمَا فِي مَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ لِأَنَّهُمَا يَمْلِكَانِ الِانْتِفَاعَ لَا الْمَنْفَعَةَ. وَلَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى عَارِيَّةً حَقِيقَةً، فَإِنْ أَرَادَ حُرْمَتَهُ فَمَمْنُوعٌ حَيْثُ لَمْ يَنُصَّ الْوَاقِفُ عَلَى شَيْءٍ وَلَمْ تَكُنْ فِي زَمَنِهِ عَادَةٌ مُطَّرِدَةٌ بِمَنْعِ ذَلِكَ، وَيَلْحَقُ بِمِلْكِ الْمَنْفَعَةِ اخْتِصَاصُهُ بِهَا لِمَا سَيَذْكُرُهُ فِي الْأُضْحِيَّةِ مِنْ جَوَازِ إعَارَةِ أُضْحِيَّةٍ أَوْ هَدْيٍ نَذَرَهُ مَعَ خُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهِ، وَمِثْلُهُ إعَارَةُ كَلْبٍ لِصَيْدٍ وَأَبٍ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَمَجْنُونٍ وَسَفِيهٍ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ بَحْثًا إذَا كَانَ الزَّمَنُ غَيْرَ مُقَابِلٍ بِأُجْرَةٍ وَلَا يَضُرُّ بِهِ لِجَوَازِ اسْتِخْدَامِهِ فِي ذَلِكَ حِينَئِذٍ، وَأَطْلَقَ الرُّويَانِيُّ حِلَّ إعَارَتِهِ لِخِدْمَةِ مَنْ يَتَعَلَّمُ مِنْهُ لِقِصَّةِ أَنَسٍ فِي الصَّحِيحِ. وَظَاهِرٌ أَنَّ تَسْمِيَةَ مِثْلِ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ عَارِيَّةً فِيهِ نَوْعُ تَجَوُّزٍ، وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ بِإِعَارَةِ الْإِمَامِ مَالَ بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ لَهُ التَّمْلِيكُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَأْذُونِ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهَا وَإِنْ لَمْ تَقْتَضِ التَّسْلِيطَ بِالْإِتْلَافِ لَكِنَّهَا اقْتَضَتْهُ بِالتَّسْلِيطِ عَلَى الْعَيْنِ الْمُعَارَةِ بِوُجُوهِ الِانْتِفَاعِ الْمُعْتَادِ فَأَشْبَهَتْ الْمَبِيعَ، وَقَدْ صَرَّحُوا فِيهِ بِأَنَّ الْمَقْبُوضَ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ مِنْ السَّفِيهِ لَا يَضْمَنُهُ إذَا أَتْلَفَهُ (قَوْلُهُ: مِنْ جَوَازِ إعَارَةِ أُضْحِيَّةٍ أَوْ هَدْيٍ) لَوْ تَلِفَ ضَمِنَهُ الْمُعِيرُ وَالْمُسْتَعِيرُ وَلَيْسَ لَنَا مُعِيرٌ يَضْمَنُ إلَّا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، وَمُرَادُهُ إنْ كَانَ طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ وَأَنَّ الْقَرَارَ عَلَى مَنْ تَلِفَتْ تَحْتَ يَدِهِ (قَوْلُهُ: لِجَوَازِ اسْتِخْدَامِهِ فِي ذَلِكَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَبِ اسْتِخْدَامُ وَلَدِهِ فِيمَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ أَوْ كَانَ يَضُرُّهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الثَّانِي، وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ فِي الْأَوَّلِ بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ الْمُعَلِّمِ الْآتِي، وَبِتَسْلِيمِ الْأَوَّلِ فَيَنْبَغِي لِلْأَبِ إذَا اسْتَخْدَمَ مَنْ ذَكَرَ أَنْ يَحْسِبَ أُجْرَةَ مِثْلِهِ مُدَّةَ اسْتِخْدَامِهِ ثُمَّ يُمَلِّكَهَا لَهُ عَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ ثُمَّ يَصْرِفَهَا عَلَيْهِ فِيمَا يَحْتَاجُهُ مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ. وَمِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى أَنْ يَمُوتَ إنْسَانٌ وَيَتْرُكَ أَوْلَادًا صِغَارًا فَتَتَوَلَّى أُمُّهُمْ أَمَرَهُمْ بِلَا وِصَايَةٍ، أَوْ كَبِيرُ الْإِخْوَةِ أَوْ عَمٌّ لَهُمْ مَثَلًا وَيَسْتَخْدِمُونَهُ م فِي رَعْيِ دَوَابَّ إمَّا لَهُمْ أَوْ لِغَيْرِهِمْ. وَالْقِيَاسُ وُجُوبُ الْأُجْرَةِ عَلَى مَنْ اسْتَخْدَمَهُمْ سَوَاءٌ كَانَ أَجْنَبِيًّا أَوْ قَرِيبًا، وَلَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ بِقَبْضِ الْأُمِّ أَوْ كَبِيرِ الْإِخْوَةِ أَوْ نَحْوِهِمَا حَيْثُ لَا وِصَايَةَ وَلَا وِلَايَةَ مِنْ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: وَأَطْلَقَ الرُّويَانِيُّ حِلَّ إعَارَتِهِ) أَيْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ، وَقَوْلُهُ لِخِدْمَتِهِ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً لَهُ. وَمِنْ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى الْفَقِيهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ كُلِّهِ إذَا أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ أَمَّا إذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ أَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ رِضَاهُ بِذَلِكَ أَوْ كَانَ اسْتِخْدَامُهُ يُعَدُّ إزْرَاءً بِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ، وَبَقِيَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ أَنَّ الْمُعَلِّمَ يَأْمُرُ بَعْضَ مَنْ يَتَعَلَّمُ مِنْهُ بِتَعْلِيمِ بَعْضٍ آخَرَ هَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً لِلْوَلَدِ بِإِتْقَانِهِ لِلصَّنْعَةِ بِتَكْرَارِهَا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ كَانَ الْأَبُ هُوَ الْمُعَلِّمَ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ بِإِعَارَةٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَخَذَ مِنْهُ الْأَذْرَعِيُّ امْتِنَاعَ إعَارَةِ فَقِيهٍ إلَخْ) إنْ كَانَتْ الصُّورَةُ أَنَّهُ أَعَارَ لِمُسْتَحِقِّ السُّكْنَى فِي الْمَدْرَسَةِ، أَوْ الرِّبَاطِ فَلَا يُتَّجَهُ إلَّا الْجَوَازُ، لَكِنْ هَذَا لَيْسَ عَارِيَّةً وَإِنَّمَا هُوَ إسْقَاطُ حَقٍّ، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الَّذِي فَهِمَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ، وَإِنْ كَانَتْ الصُّورَةُ أَنَّهُ أَعَارَ لِغَيْرِ مُسْتَحِقٍّ فَلَا يُتَّجَهُ إلَّا الْمَنْعُ، وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الْأَذْرَعِيِّ فَلَمْ يَتَوَارَدْ مَعَهُ الشَّارِحُ عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الصُّورَةَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا أَنَّ الْفَقِيهَ أَوْ الصُّوفِيَّ يَخْرُجُ مِنْ السَّكَنِ الْمَذْكُورِ وَيُعِيرُهُ لِغَيْرِهِ. أَمَّا كَوْنُهُ يَدْخُلُ عِنْدَهُ نَحْوُ ضَيْفٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا لَا نِزَاعَ فِي جَوَازِهِ، ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَةَ الْأَذْرَعِيِّ وَنَصَّهَا: قَوْلُهُ: أَيْ الْمُصَنِّفُ وَمِلْكُهُ الْمَنْفَعَةَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا تَصِحُّ إعَارَةُ الصُّوفِيِّ، وَالْفَقِيهِ سَكَنَهُمَا بِالرِّبَاطِ وَالْمَدْرَسَةِ، وَكَذَا كُلُّ مَنْ فِي مَعْنَاهُمَا؛ لِأَنَّهُمْ يَمْلِكُونَ الِانْتِفَاعَ لَا الْمَنْفَعَةَ انْتَهَتْ. وَهُوَ كَمَا تَرَى لَمْ يُثْبِتْ حُكْمًا مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ حَتَّى يَتَوَجَّهَ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ وَلَعَلَّ مُرَادَهُ إلَخْ، وَأَيْضًا إذَا كَانَتْ عِبَارَتُهُ لَا تَصِحُّ إعَارَةُ الصُّوفِيِّ إلَخْ فَكَيْفَ يَتَأَتَّى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَأَبٌ لِابْنِهِ) أَيْ وَأَنْ يُعِيرَ الْأَبُ ابْنَهُ لِلْغَيْرِ

فَالْإِعَارَةُ أَوْلَى مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ ذَلِكَ لِمَنْ لَهُ حَقٌّ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَهُوَ إيصَالُ حَقٍّ لِمُسْتَحِقِّهِ فَلَا يُسَمَّى عَارِيَّةً، أَوْ لِمَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ الْإِمَامَ فِيهِ كَالْوَلِيِّ فِي مَالِ مُوَلِّيهِ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ لَهُ إعَارَةُ شَيْءٍ مِنْهُ مُطْلَقًا. وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الصَّوَابُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَدَمَ صِحَّةِ بَيْعِهِ لِقِنِّ بَيْتِ الْمَالِ مِنْ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ عَقْدُ عَتَاقَةٍ، وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعِتْقِ وَلَوْ بِعِوَضٍ كَالْكِتَابَةِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لِبَعْضِ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ بِبَعْضٍ آخَرَ لِمِلْكِهِ أَكْسَابَهُ لَوْلَا الْبَيْعُ، وَلِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ مَا بَاعَهُ قَبْلَ قَبْضِ ثَمَنِهِ، وَهَذَا مِثْلُهُ لِأَنَّ الْقِنَّ قَبْلَ الْعِتْقِ لَا مِلْكَ لَهُ وَبَعْدَهُ قَدْ يَحْصُلُ وَقَدْ لَا، فَالْمَصْلَحَةُ مُنْتَفِيَةٌ فِي ذَلِكَ لِبَيْتِ الْمَالِ رَأْسًا، وَأَخَذَ مِنْ ذَلِكَ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ عَدَمَ وُجُوبِ مُرَاعَاةِ شُرُوطِ أَوْقَافِ الْأَتْرَاكِ لِبَقَائِهَا عَلَى مِلْكِ بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّهُمْ أَرِقَّاءٌ لَهُ، فَمَنْ لَهُ فِيهِ حَقٌّ حَلَّتْ لَهُ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ وَصَلَتْ إلَيْهِ، وَمَنْ لَا حَقَّ لَهُ لَا يَحِلُّ لَهُ مُطْلَقًا اهـ. وَالْأَوْجَهُ اتِّبَاعُ شُرُوطِهِمْ حَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ رِقُّهُمْ، وَفَعَلُوا ذَلِكَ عَلَى وَجْهٍ اقْتَضَتْهُ الْمَصْلَحَةُ فِي نَظَرِهِمْ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ خَطَؤُهُمْ فِي ذَلِكَ لِإِخْرَاجِهِمْ ذَلِكَ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ. وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَشْبِيهِ الْإِمَامِ بِالْوَلِيِّ إعْطَاؤُهُ أَحْكَامَهُ مِنْ سَائِرِ أَوْجُهِهِ، وَقِيَاسُ ذَلِكَ عَلَى إعْتَاقِ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ مَمْنُوعٌ (فَيُعِيرُ مُسْتَأْجِرٌ) إجَارَةً صَحِيحَةً لِمِلْكِهِ الْمَنْفَعَةَ وَمُوصًى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ عَلَى مَا سَيَأْتِي تَحْرِيرُهُ فِي بَابِهِ وَمَوْقُوفٌ عَلَيْهِ لَمْ يَشْرُطْ الْوَاقِفُ اسْتِيفَاءَهُ بِنَفْسِهِ لَكِنْ بِإِذْنِ النَّاظِرِ كَمَا أَفَادَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (لَا مُسْتَعِيرٌ) بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا وَإِنَّمَا أُبِيحَ لَهُ الِانْتِفَاعُ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُؤَجِّرْ وَلَمْ تَبْطُلْ عَارِيَّتُهُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ لَهُ فِيهَا وَلَمْ يَبْرَأْ مِنْ ضَمَانِهَا إنْ لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ الثَّانِيَ كَمَا أَفَادَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَالثَّانِي: يُعِيرُ كَمَا أَنَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُؤَجِّرَ (وَلَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ مَنْ يَسْتَوْفِي الْمَنْفَعَةَ لَهُ) كَأَنْ يَرْكَبَ مِثْلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ بِجَوَازِ إعَارَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ لَا يَجُوزُ لَهُ إعَارَةُ شَيْءٍ مِنْهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَا أَعَارَهُ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: مِنْ نَفْسِهِ) أَيْ الْقِنِّ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ) أَيْ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ) مِنْهُمْ حَجّ فِي شَرْحِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ سَائِرِ أَوْجُهِهِ) يَظْهَرُ مِنْ هَذَا اعْتِرَاضُ مَا رَدَّ بِهِ عَلَى الْإِسْنَوِيِّ مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ فِيمَا سَبَقَ اعْتِمَادُ الرَّدِّ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الرَّدُّ إنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ تَسْمِيَةِ الْإِسْنَوِيِّ دَفَعَ الْإِمَامُ شَيْئًا لِمُسْتَحِقِّهِ عَارِيَّةً (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ ذَلِكَ عَلَى إعْتَاقِ الْعَبْدِ) الْأَوْلَى بَيْعُ الْعَبْدِ كَمَا قَدَّمَهُ، وَلَكِنَّهُ عَبَّرَ بِذَلِكَ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ بَيْعَ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ فِي الْحَقِيقَةِ إعْتَاقٌ (قَوْلُهُ: وَمُوصًى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ) إلَّا مُدَّةَ حَيَاتِهِ عَلَى تَنَاقُضٍ فِيهِ اهـ حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: هَذَا مُسْلِمٌ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى مُبَاشَرَةِ الِانْتِفَاعِ بِنَفْسِهِ كَأَنْ أَوْصَى أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ وَإِلَّا فَلَهُ الْإِعَارَةُ وَإِنْ قُيِّدَ بِمُدَّةِ حَيَاتِهِ اهـ. وَقَوْلُ سم: وَإِلَّا أَيْ كَأَنْ أَوْصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ. وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الْإِعَارَةِ الْإِجَارَةُ حَيْثُ قُيِّدَتْ بِمُدَّةٍ أَوْ بِمَحَلِّ عَمَلٍ ثُمَّ إنْ مَاتَ الْمُؤَجِّرُ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا انْفَسَخَتْ فِيمَا بَقِيَ (قَوْلُهُ: لَكِنْ بِإِذْنِ النَّاظِرِ) مَفْهُومُهُ أَنَّ النَّاظِرَ لَا يُعِيرُ وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ، وَإِلَّا بِأَنْ شَرَطَ النَّظَرَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَانْحَصَرَ فِيهِ فَيَجُوزُ لَهُ الْإِعَارَةُ، لَكِنْ لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ نَاظِرًا بَلْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مُسْتَحِقًّا لِلْمَنْفَعَةِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُعَيِّنْ) أَيْ الْمَالِكُ لَهُ: أَيْ الْمُسْتَعِيرَ، وَقَوْلُهُ الثَّانِي مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا عَيَّنَهُ لَهُ وَأَعَارَهُ انْتَهَتْ عَارِيَّتُهُ وَانْتَفَى الضَّمَانُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: كَأَنْ يَرْكَبَ مِثْلُهُ) أَشَارَ بِهِ لِتَقْيِيدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَفَعَلُوا ذَلِكَ عَلَى وَجْهٍ اقْتَضَتْهُ الْمَصْلَحَةُ إلَخْ) هَذَا يُعَرِّفُكَ أَنَّ وُجُوبَ اتِّبَاعِ شُرُوطِهِمْ حِينَئِذٍ لَيْسَ مِنْ حَيْثِيَّةِ الْوَقْفِ؛ إذْ الْوَاقِفُ لَا يَشْتَرِطُ فِي صِحَّةِ وَقْفِهِ مُرَاعَاةَ مَصْلَحَةٍ وَلَا غَيْرَهَا وَإِنَّمَا ذَاكَ مِنْ حَيْثُ إنَّ لَهُمْ الْوِلَايَةَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَقَدْ أَخْرَجُوا مِنْهُ ذَلِكَ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ فَلَا تَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ؛ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ الصُّورَةَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ فَاعِلَ ذَلِكَ مِمَّنْ لَهُ دَخْلٌ فِي أُمُورِ بَيْتِ الْمَالِ، فَمُرَادُهُ بِالْأَتْرَاكِ الْفَاعِلِينَ لِذَلِكَ السَّلَاطِينَ وَأَتْبَاعَهُمْ فَتَنَبَّهْ

أَوْ دُونَهُ لِحَاجَتِهِ دَابَّةً اسْتَعَارَهَا لِلرُّكُوبِ. قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَكَذَا زَوْجَتُهُ وَخَادِمُهُ لِرُجُوعِ الِانْتِفَاعِ إلَيْهِ أَيْضًا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: نَعَمْ يَظْهَرُ أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ لَهُ أَنَّهُ يُرْكِبُهَا زَوْجَتَهُ زَيْنَبَ وَهِيَ بِنْتُ الْمُعِيرِ أَوْ أُخْتُهُ أَوْ نَحْوُهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ إرْكَابُ ضَرَّتِهَا لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُعِيرَ لَا يَسْمَحُ بِهَا لِضَرَّتِهَا، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ إرْكَابِ ضَرَّةِ الْمُسْتَعَارِ لِرُكُوبِهَا حَيْثُ كَانَتْ مِثْلَهَا أَوْ دُونَهَا وَلَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى التَّخْصِيصِ كَكَوْنِ الْمُسَمَّاةِ أَجْنَبِيَّةً مِنْ الْمُعِيرِ. (وَشَرْطُ الْمُسْتَعَارِ كَوْنُهُ مُنْتَفَعًا بِهِ) انْتِفَاعًا مُبَاحًا مَقْصُودًا فَلَا يُعَارُ مَا لَا نَفْعَ بِهِ كَحِمَارٍ زَمِنٍ. أَمَّا مَا يُتَوَقَّعُ نَفْعُهُ كَجَحْشٍ صَغِيرٍ فَالْأَوْجَهُ صِحَّةُ إعَارَتِهِ إنْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُطْلَقَةً أَوْ مُؤَقَّتَةً زَمَنًا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِيهِ وَإِلَّا فَلَا، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ اشْتِرَاطُ وُجُودِ النَّفْعِ حَالَ الْعَقْدِ فِي الْإِجَارَةِ لِمُقَابَلَتِهَا بِعِوَضٍ بِخِلَافِ مَا هُنَا، وَلَا قَوْلُ الرُّويَانِيِّ كُلُّ مَا جَازَتْ إجَارَتُهُ جَازَتْ إعَارَتُهُ وَمَا لَا فَلَا، وَاسْتَثْنَى فُرُوعًا لَيْسَ هَذَا مِنْهَا، وَالِاسْتِثْنَاءُ مِعْيَارُ الْعُمُومِ لِقَبُولِهِ التَّخْصِيصَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ وَلَا آلَةُ لَهْوٍ وَأَمَةٌ لِخِدْمَةِ أَجْنَبِيٍّ وَنَقْدٌ إذْ مُعْظَمُ الْمَقْصُودِ مِنْهُ الْإِخْرَاجُ. نَعَمْ لَوْ صَرَّحَ بِإِعَارَتِهِ لِلتَّزْيِينِ بِهِ أَوْ الضَّرْبِ عَلَى طَبْعِهِ صَحَّ، وَنِيَّةُ ذَلِكَ كَافِيَةٌ عَنْ التَّصْرِيحِ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ لِاِتِّخَاذِ هَذِهِ الْمَنْفَعَةِ مَقْصِدًا وَإِنْ ضَعُفَتْ. قَالَ فِي الْخَادِمِ: وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ الضَّرْبِ عَلَى طَبْعِهِمَا جَوَازُ اسْتِعَارَة الْخَطِّ أَوْ الثَّوْبِ الْمُطَرَّزِ لِيَكْتُبَ وَيُخَاطَ عَلَى صُورَتِهِ، وَحَيْثُ لَمْ تَصِحَّ الْعَارِيَّةُ فَجَرَتْ ضَمِنَتْ لِأَنَّ لِلْفَاسِدِ حُكْمَ الصَّحِيحِ فِي الضَّمَانِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهَا مَعَ اخْتِلَالِ شَرْطٍ أَوْ شُرُوطٍ مِمَّا ذَكَرُوهُ تَكُونُ فَاسِدَةً مَضْمُونَةً، بِخِلَافِ الْبَاطِلَةِ قَبْلَ اسْتِعْمَالِهَا وَالْمُسْتَعِيرُ أَهْلٌ لِلتَّبَرُّعِ وَهِيَ الَّتِي اخْتَلَّ فِيهَا بَعْضُ الْأَرْكَانِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْكِتَابَةِ، وَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ: إنَّ مِنْ الْفَاسِدَةِ الْإِعَارَةَ بِشَرْطِ رَهْنٍ أَوْ كَفِيلٍ صَحِيحِ الْقَوْلُ بِصِحَّتِهَا مُفَرَّعٌ فِيمَا يَظْهَرُ عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ مِنْ صِحَّةِ ضَمَانِ الدَّرْكِ فِيهَا، وَإِنْ جَمَعَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ كَلَامَهُ فِي شَرْطِ ذَلِكَ ابْتِدَاءً وَمَا هُنَا فِي شَرْطِهِ دَوَامًا (مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ) كَثَوْبٍ وَعَبْدٍ فَلَا تَصِحُّ إعَارَةُ طَعَامٍ لِأَكْلٍ وَنَحْوِ شَمْعَةٍ لِوَقُودٍ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُمَا بِاسْتِهْلَاكِهِمَا وَمِنْ ثَمَّ صَحَّتْ لِلتَّزْيِينِ بِهِمَا كَالنَّقْدِ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ، وَكَوْنُ الْإِعَارَةِ لِاسْتِفَادَةِ الْمُسْتَعِيرِ مَحْضَ الْمَنْفَعَةِ هُوَ الْغَالِبَ، فَلَا يُنَافِيهِ أَنَّهُ قَدْ يَسْتَفِيدُ عَيْنًا مِنْ الْمُعَارِ كَإِعَارَةِ شَجَرَةٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ بِئْرٍ لِأَخْذِ ثَمَرَةٍ وَدَرٍّ وَنَسْلٍ أَوْ مَاءٍ، إذْ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَتْنِ بِأَنَّ لَهُ الِاسْتِنَابَةَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا ضَرَرٌ زَائِدٌ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمُسْتَعِيرِ (قَوْلُهُ: أَوْ دُونَهُ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ عَدُوًّا لِلْمُعِيرِ فِيمَا يَظْهَرُ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ، وَقَوْلُ سم: مَا لَمْ يَكُنْ عَدُوًّا: أَيْ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: لِرُجُوعِ الِانْتِفَاعِ إلَيْهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّ جَوَازِ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ أَرْكَبَ زَوْجَتَهُ أَوْ خَادِمَهُ لِقَضَاءِ مَصَالِحِهِ. أَمَّا لَوْ أَرْكَبَهُمَا لِمَا لَا تَعُودُ مَنْفَعَتُهُ إلَيْهِ كَأَنْ أَرْكَبَ زَوْجَتَهُ لِسَفَرِهَا لِحَاجَتِهَا لَمْ يَجُزْ. (قَوْلُهُ: كَوْنُهُ مُنْتَفَعًا بِهِ) أَيْ حَالَ الْعَقْدِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: لِقَبُولِهِ التَّخْصِيصَ) أَيْ قَوْلُ الرُّويَانِيِّ، وَقَوْلُهُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ: أَيْ مِنْ اسْتِثْنَاءِ الْجَحْشِ الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ: أَوْ الضَّرْبِ عَلَى طَبْعِهِ) أَيْ صُورَتِهِ، وَقَوْلُهُ نِيَّةُ ذَلِكَ: أَيْ مِنْهُمَا، وَقَوْلُهُ أَوْ الضَّرْبِ عَلَى طَبْعِهِمَا: أَيْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ) كَذَا شَرْحُ م ر وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْوَجْهُ الضَّمَانُ لِأَنَّ الْيَدَ يَدُ ضَمَانٍ، ثُمَّ رَأَيْت م ر تَوَقَّفَ فِيهِ بَعْدَ أَنْ كَانَ وَافَقَهُ ثُمَّ ضَرَبَ عَلَى قَوْلِهِ وَحَيْثُ لَمْ تَصِحَّ الْعَارِيَّةُ فَجَرَتْ إلَى هُنَا مِنْ شَرْحِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَالْمُسْتَعِيرُ أَهْلٌ لِلتَّبَرُّعِ) الْأَوْلَى وَالْمُعِيرُ (قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ بِصِحَّتِهَا) أَيْ الْوَاقِعُ فِي كَلَامِ غَيْرِ الْمَاوَرْدِيِّ (قَوْلُهُ: وَكَوْنُ الْإِعَارَةِ لِاسْتِفَادَةِ الْمُسْتَعِيرِ إلَخْ) وَيَجُوزُ أَيْضًا إعَارَةُ الْوَرَقِ لِلْكِتَابَةِ وَكَذَلِكَ إعَارَةُ الْمَاءِ لِلْوُضُوءِ مَثَلًا وَلِغَسْلِ مَتَاعٍ وَنَجَاسَةٍ لَا يُنَجَّسُ بِهَا كَأَنْ يَكُونَ وَارِدًا وَالنَّجَاسَةُ حُكْمِيَّةٌ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَمَعَ بَعْضُهُمْ) مُرَادُهُ حَجّ (قَوْلُهُ: كَإِعَارَةِ شَجَرَةٍ أَوْ شَاةٍ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ إعَارَةُ الدَّوَاةِ لِلْكِتَابَةِ مِنْهَا وَالْمُكْحُلَةِ لِلِاكْتِحَالِ مِنْهَا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ مَاءٍ) أَيْ لِلْغُسْلِ أَوْ الْوُضُوءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: مُنْتَفَعًا بِهِ) أَيْ وَلَوْ مَآلًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، وَهُوَ مُخَالِفٌ فِي هَذَا لحج خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: بِمَا ذَكَرْنَاهُ) أَيْ مِمَّا يُتَوَقَّعُ نَفْعُهُ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ إنَّ مِنْ الْفَاسِدَةِ إلَخْ) كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ، وَهُوَ مُرَتَّبٌ عَلَى كَلَامٍ كَانَ أَثْبَتَهُ فِي الشَّارِحِ تَبَّ تَبَعًا لِلتُّحْفَةِ ثُمَّ ضَرَبَ عَلَيْهِ، كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ سم

الْأَصْلُ فِي الْعَارِيَّةُ أَنْ لَا يَكُونَ فِيهَا اسْتِهْلَاكُ الْمُعَارِ، لَا أَنْ لَا يَكُونَ الْمَقْصُودُ فِيهَا اسْتِثْنَاءَ عَيْنٍ، وَحَقَّقَ الْأُشْمُونِيُّ فَقَالَ: إنَّ الدَّرَّ وَالنَّسْلَ لَيْسَ مُسْتَفَادًا بِالْعَارِيَّةِ بَلْ بِالْإِبَاحَةِ، وَالْمُسْتَعَارُ هُوَ الشَّاةُ لِمَنْفَعَةٍ وَهِيَ التَّوَصُّلُ لِمَا أُبِيحَ وَكَذَا الْبَاقِي، وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمُسْتَعَارِ فَيَكْفِي خُذْ مَا شِئْت مِنْ دَوَابِّي بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ. (وَتَجُوزُ إعَارَةُ جَارِيَةٍ لِخِدْمَةِ امْرَأَةٍ) لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ وَسَيَأْتِي فِي النِّكَاحِ حُرْمَةُ نَظَرِ كَافِرَةٍ لِمَا لَا يَبْدُو فِي الْمِهْنَةِ مِنْ مُسْلِمَةٍ فَيَمْتَنِعُ إعَارَتُهَا لَهَا فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ (أَوْ) ذَكَرٍ (مُحَرَّمٍ) لِلْجَارِيَةِ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ، وَمِثْلُ الْمُحَرَّمِ مَالِكُهَا بِأَنْ يَسْتَعِيرَهَا مِنْ مُسْتَأْجِرٍ، وَكَذَا مِنْ مُوصًى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ إنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَحْبَلُ لِجَوَازِ وَطْئِهِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَنْ تَحْبَلُ لِأَنَّهَا قَدْ تَلِدُ فَتَكُونُ مَنَافِعُ وَلَدِهِ لِلْمُوصَى لَهُ، أَوْ زَوْجٍ وَيَضْمَنُهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَوْ فِي بَقِيَّةِ اللَّيْلِ إلَى أَنْ يُسَلِّمَهَا لِسَيِّدِهَا أَوْ نَائِبِهِ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ، بِخِلَافِ إعَارَتِهَا لِأَجْنَبِيٍّ وَلَوْ شَيْخًا أَوْ مُرَاهِقًا أَوْ خَصِيًّا لِخِدْمَتِهِ وَقَدْ تَضَمَّنَتْ نَظَرًا وَخَلْوَةً مُحَرَّمَةً وَلَوْ بِاعْتِبَارِ الْمَظِنَّةِ فِيمَا يَظْهَرُ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَتَضَمَّنْ ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ، وَفِي مَعْنَى الْمُحَرَّمِ وَنَحْوِهِ الْمَمْسُوحُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ: وَسَكَتُوا عَنْ إعَارَةِ الْعَبْدِ لِلْمَرْأَةِ وَهُوَ كَعَكْسِهِ بِلَا شَكٍّ، وَلَوْ كَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَثَلًا، وَلَا نَظَرَ لِمَا تَتَشَرَّبُهُ الْأَعْضَاءُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْأَجْزَاءِ الذَّاهِبَةِ بِلُبْسِ الثَّوْبِ، وَقَوْلُهُ وَحَقَّقَ الْأُشْمُونِيُّ إلَخْ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ أَنَّ الْقَائِلَ بِالْإِبَاحَةِ يَقُولُ بِمِلْكِهِ مِلْكًا مُرَاعًى فَلَا يَجُوزُ نَقْلُهُ لِغَيْرِهِ، كَمَا قَالُوهُ فِيمَنْ أَبَاحَ ثَمَرَةَ بُسْتَانِهِ لِغَيْرِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ نَقْلُهُ لِغَيْرِهِ، وَالْقَائِلُ بِالْمِلْكِ يَقُولُ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: حُرْمَةُ نَظَرِ كَافِرَةٍ) فِي حَجّ أَنَّ مِثْلَهَا الْفَاسِقَةُ بِفُجُورٍ أَوْ قِيَادَةٍ اهـ. وَفِي عَدَمِ ذِكْرِ الشَّارِحِ لِلْفَاسِقَةِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ كَالْكَافِرَةِ فَيَجُوزُ لَهَا النَّظَرُ كَالْعَفِيفَةِ (قَوْلُهُ: فَتَكُونُ مَنَافِعُ وَلَدِهِ لِلْمُوصَى لَهُ) فَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْإِرْقَاقِ كَذَا قَالَهُ شَارِحٌ وَهُوَ غَفْلَةٌ عَمَّا يَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ بِالْمَنَافِعِ أَنَّ الْمَالِكَ إذَا أَوَلَدَهَا يَكُونُ الْوَلَدُ حُرًّا وَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ لِيَشْتَرِيَ بِمَا مِثْلَهُ، وَأَنَّ حُرْمَةَ وَطْئِهَا إنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحْبَلُ لَيْسَتْ لِذَلِكَ بَلْ لِخَوْفِ الْهَلَاكِ أَوْ النَّقْصِ وَالضَّعْفِ أَوْ زَوْجٍ إلَخْ حَجّ. وَقَدْ يُقَالُ: حَيْثُ كَانَتْ الْحُرْمَةُ لِمَا ذُكِرَ كَانَ الْقِيَاسُ جَوَازَهُ عِنْدَ إذْنِ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ لِرِضَاهُ بِإِتْلَافِهَا عَلَى نَفْسِهِ، وَقَضِيَّةِ إطْلَاقِهِ خِلَافَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ زَوْجٍ) عُطِفَ عَلَى مَحْرَمٍ وَهَلْ تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا عَنْهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِتَمَكُّنِهِ مِنْ التَّمَتُّعِ بِهَا أَيَّ وَقْتٍ أَرَادَهُ، وَبِفَرْضِ اسْتِخْدَامِهَا فِي وَقْتٍ يُرِيدُ التَّمَتُّعَ بِهَا فِيهِ فَهُوَ الْمُفَوِّتُ لِلْمَنْفَعَةِ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَوْ طَلَّقَهَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ اسْتَعَارَهَا لِخِدْمَةِ نَفْسِهِ بَطَلَتْ الْعَارِيَّةُ، كَمَا لَوْ اسْتَعَارَ أَمَةً أَجْنَبِيَّةً بَلْ هَذِهِ أَوْلَى لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْأُلْفَةِ السَّابِقَةِ، وَإِنْ اسْتَعَارَهَا لِتَرْبِيَةِ وَلَدِهِ مَثَلًا لَا تَبْطُلُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي الِانْتِفَاعِ بِهَا فِيمَا اسْتَعَارَهَا لَهُ خَلْوَةٌ مُحَرَّمَةٌ وَلَا نَظَرٌ، وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ سُقُوطِ النَّفَقَةِ ظَاهِرٌ إنْ تَمَتَّعَ بِهَا وَأَعْرَضَ عَنْ الْعَارِيَّةِ، أَمَّا لَوْ تَمَتَّعَ بِهَا مُلَاحِظًا الْعَارِيَّةَ فَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهَا مُسَلَّمَةٌ عَنْ جِهَةِ الْعَارِيَّةِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى هَذَا مَا نُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ الزِّيَادِيِّ مِنْ أَنَّهَا لَا نَفَقَةَ لَهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا تُسَلِّمُهَا عَنْ الْعَارِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ) نَعَمْ لِامْرَأَةٍ خِدْمَةُ مَرِيضٍ مُنْقَطِعٍ أَيْ بِأَنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَخْدُمُهُ وَلِسَيِّدِ أَمَةٍ إعَارَتُهَا لِخِدْمَتِهِ اهـ حَجّ. وَمِثْلُهُ عَكْسُهُ كَإِعَارَةِ الذَّكَرِ لِخِدْمَةِ امْرَأَةٍ مُنْقَطِعَةٍ، وَيَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْهَا النَّظَرُ بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَكَانَ يَنْبَغِي الضَّرْبُ عَلَى هَذَا أَيْضًا أَوْ سِيَاقُهُ عَلَى وَجْهٍ مُسْتَقِلٍّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا قَدْ تَلِدُ فَتَكُونُ مَنَافِعُ وَلَدِهِ لِلْمُوصَى لَهُ) هَذَا قَدْ تَبِعَ فِيهِ الشَّارِحُ مَا كَانَ فِي التُّحْفَةِ أَوَّلًا، إلَّا أَنَّ الشِّهَابَ حَجّ أَلْحَقَ عَقِبَ هَذَا مَا نَصُّهُ: كَذَا قَالَ شَارِحٌ وَهُوَ غَفْلَةٌ عَمَّا يَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ بِالْمَنَافِعِ أَنَّ الْمَالِكَ إذَا أَوْلَدَهَا يَكُونُ الْوَلَدُ حُرًّا وَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ لِيَشْتَرِيَ بِهَا مِثْلَهُ، وَأَنَّ حُرْمَةَ وَطْئِهَا إنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحْبَلُ لَيْسَتْ لِذَلِكَ بَلْ لِجَوَازِ الْهَلَاكِ أَوْ النَّقْصِ أَوْ الضَّعْفِ اهـ. نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ سم (قَوْلُهُ: أَوْ زَوْجٌ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَالِكِهَا

الْمُسْتَعِيرُ أَوْ الْمُعَارُ خُنْثَى امْتَنَعَ احْتِيَاطًا، وَالْمَفْهُومُ مِنْ الِامْتِنَاعِ فِيهِ وَفِي الْأَمَةِ الْفَسَادُ كَالْإِجَارَةِ لِلْمَنْفَعَةِ الْمُحَرَّمَةِ، وَهُوَ مَا بَحَثَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي صُورَةِ الْأَمَةِ وَاسْتَشْهَدَ عَلَيْهِ بِإِطْلَاقِ الْجُمْهُورِ نَفْيَ الْجَوَازِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وُجُوبُ الْأُجْرَةِ فِي الْفَاسِدَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَقَدَّمْت فِي الرَّهْنِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُخَالِفُ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: إنَّ فَاسِدَ الْعُقُودِ كَصَحِيحِهَا فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ، وَإِنْ زَعَمَ الْمُخَالَفَةَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَتَجُوزُ إعَارَةُ صَغِيرَةٍ وَقَبِيحَةٍ يُؤْمَنُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا لِانْتِفَاءِ خَوْفِ الْفِتْنَةِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ فِي الثَّانِيَةِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَلْحَقُ بِالْمُشْتَهَاةِ الْأَمْرَدُ الْجَمِيلُ وَلَوْ لِمَنْ لَمْ يُعْرَفْ بِالْفُجُورِ وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ تَقْيِيدَ الْمَنْعِ بِمَنْ عُرِفَ بِهِ، وَإِنَّمَا جَازَ إيجَارُ حَسْنَاءَ لِأَجْنَبِيٍّ وَالْإِيصَاءُ لَهُ بِمَنْفَعَتِهَا لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الْمَنْفَعَةَ فَيَنْقُلُهَا لِمَنْ شَاءَ، وَالْمُعِيرُ لَا يُعِيرُ فَيَنْحَصِرُ اسْتِيفَاؤُهُ بِنَفْسِهِ: أَيْ أَصَالَةً حَتَّى لَا يُنَافِيَ مَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ إنَابَتِهِ. (وَتُكْرَهُ) كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ (إعَارَةٌ) وَإِجَارَةُ (عَبْدٍ مُسْلِمٍ لِكَافِرِ) وَاسْتِعَارَتُهُ لِأَنَّ فِيهَا نَوْعُ امْتِهَانٍ لَهُ، وَقِيلَ يَحْرُمُ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ، وَيُكْرَهُ اسْتِعَارَةُ وَإِعَارَةُ فَرْعِ أَصْلِهِ مَا لَمْ يَقْصِدْ تَرْفِيهَهُ فَيُنْدَبُ، وَإِعَارَةُ أَصْلِ نَفْسِهِ لِفَرْعِهِ وَاسْتِعَارَةُ فَرْعٍ أَبَاهُ مِنْهُ لَيْسَتْ حَقِيقَةَ عَارِيَّةٍ لِمَا مَرَّ فِي السَّفِيهِ فَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــSأَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي نَظَرِ الطَّبِيبِ لِلْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَعَكْسِهِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يُخَالِفُ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ كَلَامَهُمْ مَفْرُوضٌ فِي حُكْمِ الْأَعْيَانِ الَّتِي لَا تَعَدِّيَ فِيهَا فَتَخْرُجُ بِهَا الْمَنَافِعُ وَالِاسْتِئْجَارُ مِنْ غَاصِبٍ مَثَلًا، وَحِينَئِذٍ فَالْمَقْبُوضَةُ بِالْإِعَارَةِ الْفَاسِدَةِ إنْ تَلِفَتْ بِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ لَمْ تُضَمْنَ، وَإِنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِهِ ضُمِنَتْ عَمَلًا بِالْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَأَمَّا مَنْفَعَتُهَا فَمَضْمُونَةٌ مُطْلَقًا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَشْبِيهِ الْفَاسِدِ بِالصَّحِيحِ عَدَمُ الضَّمَانِ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، عَلَى أَنَّ حَجّ قَالَ بِعَدَمِ الضَّمَانِ لِلْمَنْفَعَةِ كَالْعَيْنِ، وَالْكَلَامُ فِيمَا إذَا وَضَعَ يَدَهُ بِإِذْنٍ مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِإِذْنِهِ، فَإِنْ قَبَضَ مِمَّنْ لَا يُعْتَدُّ بِإِذْنِهِ كَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ ضَمِنَ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَتَجُوزُ إعَارَةُ صَغِيرَةٍ وَقَبِيحَةٍ) لَعَلَّ قِيَاسَ ذَلِكَ جَوَازُ إعَارَةِ الْقِنِّ الْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَغِيرًا وَلَا قَبِيحًا مِنْ صَغِيرَةٍ أَوْ قَبِيحَةٍ مَعَ الْأَمْنِ الْمَذْكُورِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِمَنْ لَمْ يُعْرَفْ بِالْفُجُورِ) قَيَّدَهُ حَجّ بِمَا إذَا كَانَتْ الْإِعَارَةُ لِخِدْمَةٍ ضَمِنَتْ خَلْوَةً أَوْ نَظَرًا مُحَرَّمًا اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِجَارَةُ عَبْدٍ مُسْلِمٍ لِكَافِرٍ) هَذَا يُفِيدُ جَوَازَ خِدْمَةِ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ الْإِعَارَةِ أَنَّهُ يَسْتَخْدِمُهُ فِيمَا يُرِيدُ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ مُبَاشَرَةٌ لِخِدْمَتِهِ كَصَبِّ مَاءٍ عَلَى يَدَيْهِ وَتَقْدِيمِ نَعْلٍ لَهُ أَوْ كَغَيْرِ ذَلِكَ كَإِرْسَالِهِ فِي حَوَائِجِهِ، وَتَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَشَرْطُ الْعَاقِدِ الرُّشْدُ إلَخْ أَنَّهُ يَجُوزُ إجَارَةُ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ وَيُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ يَدِهِ عَنْهُ بِأَنْ يُؤَجِّرَهُ لِغَيْرِهِ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ اسْتِخْدَامِهِ، وَهُوَ يُفِيدُ حُرْمَةَ خِدْمَةِ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ، وَعَلَيْهِ فَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْإِجَارَةِ وَالْعَارِيَّةِ بِأَنَّ الْإِذْلَالَ فِي الْإِجَارَةِ أَقْوَى مِنْهُ فِي الْعَارِيَّةِ لِلُزُومِهَا، فَلَا يُمْكِنُ مِنْ بَقَاءِ يَدِهِ عَلَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ وَتُجْعَلُ تَحْتَهَا فِي الْعَارِيَّةِ لِاحْتِمَالِ التَّخَلُّصِ مِنْهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ بِرُجُوعِ الْمُعِيرِ، لَكِنْ يُرَدُّ عَلَى هَذَا أَنَّ فِي مُجَرَّدِ خِدْمَةِ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ تَعْظِيمًا لَهُ وَهُوَ حَرَامٌ، وَقَدْ يُقَالُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ الْإِعَارَةِ جَعْلُهُ تَحْتَ يَدِهِ وَخِدْمَتُهُ لَهُ لِجَوَازِ أَنْ يُعِيرَهُ لِمُسْلِمٍ بِإِذْنٍ مِنْ الْمَالِكِ أَوْ يَسْتَنِيبُ مُسْلِمًا فِي اسْتِخْدَامِهِ فِيمَا تَعُودُ مَنْفَعَتُهُ عَلَيْهِ، فَلْيُتَأَمَّلْ ذَلِكَ كُلُّهُ وَلْيُرَاجَعْ، وَفِي عِبَارَةِ الْمَحَلِّيِّ مَا يُصَرِّحُ بِحُرْمَةِ خِدْمَتِهِ حَيْثُ قَالَ: وَعَلَّلَ فِي الْمَذْهَبِ عَدَمَ الْجَوَازِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَخْدُمَهُ، وَقَوْلُهُ عَدَمُ الْجَوَازِ: أَيْ لِلْعَارِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِعَارَةُ فَرْعِ أَصْلِهِ) أَيْ الرَّقِيقِ (قَوْلُهُ: وَاسْتِعَارَةُ فَرْعٍ) لَا تَخْفَى مُغَايَرَةُ هَذَا لِقَوْلِهِ السَّابِقِ وَتُكْرَهُ اسْتِعَارَةُ فَرْعِ أَصْلِهِ، إذْ صُورَةُ هَذِهِ أَنَّهُ اسْتَعَارَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَتَجُوزُ إعَارَةُ صَغِيرَةٍ وَقَبِيحَةٍ إلَخْ) صَرِيحُ الْإِطْلَاقِ هُنَا، وَتَقْيِيدُ الْمَنْعِ فِيمَا مَرَّ فِي غَيْرِ الصَّغِيرَةِ، وَالْقَبِيحَةِ بِمَا إذَا تَضَمَّنَ نَظَرًا أَوْ خَلْوَةً مُحَرَّمَةً أَنَّهُ تَجُوزُ إعَارَةُ الْقَبِيحَةِ وَإِنْ تَضَمَّنَتْ نَظَرًا أَوْ خَلْوَةً مُحَرَّمَةً، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ، وَفِي التُّحْفَةِ أَنَّهُمَا وَغَيْرُهُمَا سَوَاءٌ فِي التَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ مِثْلُهُ كَمَا هُوَ مَنْقُولٌ عَنْ الشَّارِحِ فِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ فَلْيُرَاجَعْ

كَرَاهَةَ فِيهِمَا. وَتَحْرُمُ إعَارَةُ خَيْلٍ وَسِلَاحٍ لِحَرْبِيٍّ وَنَحْوُ مُصْحَفٍ لِكَافِرٍ وَإِنْ صَحَّتْ وَفَارَقَتْ الْمُسْلِمَ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ دَفْعُ الذُّلِّ عَنْ نَفْسِهِ بِخِلَافِهَا. (وَالْأَصَحُّ) فِي نَاطِقٍ (اشْتِرَاطُ لَفْظِ) يُشْعِرُ بِالْإِذْنِ أَوْ بِطَلَبِهِ إذْ الِانْتِفَاعُ بِمِلْكِ الْغَيْرِ يَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ كِتَابَةٌ مَعَ نِيَّةٍ وَإِشَارَةُ أَخْرَسَ وَاللَّفْظُ الْمُشْعِرُ بِذَلِكَ (كَأَعَرْتُكَ) هَذَا أَوْ أَعَرْتُك مَنْفَعَتَهُ وَإِنْ لَمْ يُضِفْهُ لِلْعَيْنِ كَنَظِيرِهِ فِي الْإِجَارَةِ (أَوْ أَعِرْنِي) أَوْ خُذْهُ لِتَنْتَفِعَ بِهِ أَوْ أَبَحْتُك مَنْفَعَتَهُ وَكَارْكَبْ وَأَرْكِبْنِي، وَلَوْ شَاعَ أَعِرْنِي فِي الْقَرْضِ كَمَا فِي الْحِجَازِ كَانَ صَرِيحًا فِيهِ، قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِمْ فِي الطَّلَاقِ لَا أَثَرَ لِلْإِشَاعَةِ فِي الصَّرَاحَةِ بِأَنَّهُ يُحْتَاطُ لِلْأَبْضَاعِ مَا لَا يُحْتَاطُ لِغَيْرِهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ صَرَاحَةُ جَمِيعِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَنَحْوِهَا وَأَنَّهُ لَا كِنَايَةَ لِلْعَارِيَّةِ، وَفِيهِ تَوَقُّفٌ ظَاهِرٌ. (وَيَكْفِي لَفْظُ أَحَدِهِمَا مَعَ فِعْلِ الْآخَرِ) وَإِنْ تَأَخَّرَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ كَالْوَدِيعَةِ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِمَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا إذْ ظَنُّ الرِّضَا حَاصِلٌ حِينَئِذٍ، وَقَدْ يَحْصُلُ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ ضَمِنَا كَأَنْ فَرَشَ لَهُ ثَوْبًا لِيَجْلِسَ عَلَيْهِ عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُتَوَلِّي وَنَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْهُ نَقْلَ الْأَوْجُهِ الضَّعِيفَةِ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي بَعْضِ نُسَخِ الرَّوْضِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعَارِيَّةَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا لَفْظٌ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ ذَلِكَ إبَاحَةً لَا عَارِيَّةً، وَلَا دَلِيلَ لِلْأَوَّلِ فِيمَا يَأْتِي فِيمَنْ أَرْكَبَ مُنْقَطِعًا دَابَّتَهُ بِلَا سُؤَالٍ لِإِمْكَانِ حَمْلِ نَفْيِ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَصْلَهُ مِنْ نَفْسِهِ بِأَنْ كَانَ أَصْلُهُ حُرًّا، وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ اسْتَعَارَ أَصْلَهُ مِنْ سَيِّدِهِ بِأَنْ كَانَ رَقِيقًا، وَهَذَا ظَاهِرٌ مِنْ عِبَارَتِهِ، لَكِنِّي نَبَّهْت عَلَيْهِ لِأَنَّهُ خَفِيَ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ الطَّلَبَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِ مُصْحَفٍ لِكَافِرٍ وَإِنْ صَحَّتْ) لَعَلَّ مَحَلَّ الصِّحَّةِ إذَا لَمْ تَكُنْ اسْتِعَارَةُ الْحَرْبِيِّ الْخَيْلَ أَوْ السِّلَاحَ لِمُقَاتَلَتِنَا وَالْكَافِرِ الْمُصْحَفَ لِقِرَاءَتِهِ فِيهِ مَعَ الْمَسِّ وَالْحَمْلِ وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ عَلَى قِيَاسِ مَا قَدَّمَهُ فِي اسْتِعَارَةِ الْأَمَةِ الْكَبِيرَةِ لِخِدْمَةِ نَفْسِهِ مَعَ نَظَرٍ أَوْ خَلْوَةٍ أَوْ يُفَرَّقُ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ قِتَالُهُ، وَلَنَا تَحْرُمُ إعَارَتُهُ لَهُ وَتَصِحُّ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ حَيْثُ ظَنَّ ذَلِكَ لَا وَجْهَ لِلْحُرْمَةِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الزِّيَادِيُّ: إنَّهُ إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ عِصْيَانُهُ بِمَا ذُكِرَ حَرُمَتْ إعَارَتُهُ لَهُ وَلَمْ تَصِحَّ وَإِلَّا صَحَّتْ وَلَا حُرْمَةَ، وَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الصِّحَّةِ. قَوْلُهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ فَلَا تَصِحُّ إعَارَةُ مَا يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَآلَةِ لَهْوٍ وَفَرَسٍ وَسِلَاحٍ لِحَرْبِيٍّ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنْ يُقَاتِلَنَا بِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ فَلَا تَصِحَّ إعَارَةٌ إلَخْ لِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِهِ إلَّا إذَا كَانَ يُقَاتِلُنَا بِهِ. (قَوْلُهُ: كَانَ صَرِيحًا) وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: تَتَمَيَّزُ الْعَارِيَّةُ بِمَعْنَى الْإِبَاحَةِ عَنْهَا بِمَعْنَى الْقَرْضِ بِالْقَرَائِنِ، فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ قَرِينَةٌ تُعَيِّنُ وَاحِدًا مِنْهُمَا فَيَنْبَغِي عَدَمُ الصِّحَّةِ أَوْ يُقَيَّدُ حَمْلُهُ عَلَى الْفَرْضِ بِمَا اُشْتُهِرَ فِيهِ بِحَيْثُ هَجَرَ مَعَهُ اسْتِعْمَالَهُ فِي الْعَارِيَّةِ إلَّا بِقَرِينَةٍ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ شَائِعٌ حَتَّى فِي غَيْرِ الدَّرَاهِمِ كَأَعِرْنِي دَابَّتَك مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَفِيهِ تَوَقُّفٌ) وَلَوْ قِيلَ: إنَّ نَحْوَ خُذْهُ أَوْ ارْتَفِقْ بِهِ كِنَايَةٌ لَمْ يَبْعُدْ وَلَا يَضُرُّ صَلَاحِيَّةُ خُذْهُ لِلْكِتَابَةِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَأَخَّرَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ جِدًّا، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ حَيْثُ حَصَلَتْ الصِّيغَةُ لَا يَضُرُّ التَّأَخُّرُ إنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمُعِيرِ مَا يَدُلُّ عَلَى الرُّجُوعِ وَلَا مِنْ الْمُسْتَعِيرِ مَا يَدُلُّ عَلَى الرَّدِّ (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ ذَلِكَ إبَاحَةً) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُضِفْهُ لِلْعَيْنِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ أَعَرْتُكَهُ أَوْ عَيْنَهُ مَثَلًا فَهُوَ تَأْكِيدٌ لِقَوْلِهِ أَوْ أَعَرْتُكَ مَنْفَعَتَهُ (قَوْلُهُ: كَانَ صَرِيحًا فِيهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِيمَا يُعَارُ كَالدَّابَّةِ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ مَعَ الْقَاعِدَةِ أَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَوَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ لَا يَكُونُ صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ يُحْتَاطُ لِلْأَبْضَاعِ) أَيْ: فَلَا نُوقِعُ الطَّلَاقَ بِمَا اُشْتُهِرَ مُطْلَقًا بَلْ بِالنِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الْقَوْلِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ الْقَوْلُ بِحِلِّ الْبُضْعِ لِآخَرَ وَهُوَ خِلَافُ الِاحْتِيَاطِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَأَخَّرَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّأَخُّرِ هُنَا التَّرَاخِي، وَهُوَ الَّذِي فَهِمَهُ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ مُطْلَقُ التَّأَخُّرِ: أَيْ: فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَأَخَّرَ الْفِعْلُ عَنْ الْقَوْلِ أَوْ عَكْسِهِ. (قَوْلُهُ: لِإِمْكَانِ حَمْلِ نَفْيِ ذَلِكَ إلَخْ) لَمْ يَظْهَرْ الْمُرَادُ

عَلَى الْجِهَتَيْنِ. أَمَّا مِنْ أَحَدِهِمَا فَلَا بُدَّ مِنْهُ وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي ضَمَانِ الْعَارِيَّةِ كَوْنُهَا بِيَدِ الْمُسْتَعِيرِ، وَخَرَجَ مِنْهُ جُلُوسُهُ عَلَى مَفْرُوشٍ لِلْعُمُومِ فَهُوَ إبَاحَةٌ حَتَّى عِنْدَ الْمُتَوَلِّي وَكَأَنْ أَذِنَ لَهُ فِي حَلْبِ دَابَّتِهِ وَاللَّبَنُ لِلْحَالِبِ فَهِيَ مُدَّةُ الْحَلْبِ عَارِيَّةٌ تَحْتَ يَدِهِ، وَكَأَنْ سَلَّمَهُ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ فِي ظَرْفٍ فَهُوَ عَارِيَّةٌ، وَكَأَنْ أَكَلَ الْهَدِيَّةَ مِنْ ظَرْفِهَا الْمُعْتَادِ أَكْلُهَا مِنْهُ وَقَبْلَ أَكْلِهَا هُوَ أَمَانَةٌ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يُشْتَرَطُ اللَّفْظُ حَتَّى لَوْ رَآهُ حَافِيًا فَأَعْطَاهُ نَعْلًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ كَانَ عَارِيَّةً. (وَلَوْ) (قَالَ أَعَرْتُكَهُ) أَيْ فَرَسِي مَثَلًا (لِتَعْلِفَهُ) أَوْ عَلَى أَنْ تَعْلِفَهُ (أَوْ لِتُعِيرَنِي فَرَسَك) (فَهُوَ إجَارَةٌ) نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَهُوَ وُجُودُ الْعِوَضِ (فَاسِدَةٌ) لِجَهَالَةِ الْمُدَّةِ، وَالْعِوَضُ مَعَ التَّعْلِيقِ فِي الثَّانِيَةِ (تُوجِبُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ) إذَا مَضَى بَعْدَ قَبْضِهِ زَمَنٌ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِتَلَفِهَا كَالْمُؤَجَّرَةِ، وَكَلَامُهُمْ هَذَا صَرِيحٌ فِي وُجُوبِ مُؤْنَةِ الْمُسْتَعَارِ عَلَى الْمُعِيرِ دُونَ الْمُسْتَعِيرِ، وَهُوَ كَذَلِكَ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْعَارِيَّةُ صَحِيحَةً أَمْ فَاسِدَةً، فَإِنْ أَنْفَقَ لَمْ يَرْجِعْ إلَّا بِإِذْنِ حَاكِمٍ أَوْ إشْهَادِ بَيِّنَةِ الرُّجُوعِ عِنْدَ فَقْدِهِ. أَمَّا لَوْ عَيَّنَ الْمُدَّةَ وَالْعِوَضَ كَأَعَرْتُكَ هَذِهِ شَهْرًا مِنْ الْآنَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، أَوْ لِتُعِيرَنِي ثَوْبَكَ هَذَا شَهْرًا مِنْ الْآنِ فَقَبِلَ فَهُوَ إجَارَةٌ صَحِيحَةٌ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ وَهُوَ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ وَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِرَدِّهَا لِلْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ دُونَ نَحْوِ وَلَدِهِ وَزَوْجَتِهِ فَيَضْمَنَاهَا وَهُوَ طَرِيقٌ. نَعَمْ يَبْرَأُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ بِرَدِّهَا لِمَا أَخَذَهَا مِنْهُ إنْ عَلِمَ الْمَالِكُ بِهِ وَلَوْ بِخَبَرِ ثِقَةٍ فَتَرَكَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ وَالْإِبَاحَةُ لَا تَقْتَضِي الضَّمَانَ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ مِنْهُ) أَيْ عَقْدُ الْعَارِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَقَبْلَ أَكْلِهَا هُوَ أَمَانَةٌ) وَكَذَا إنْ كَانَتْ عَرَضًا اهـ حَجّ. قَالَ سم: اسْتَشْكَلَ بِمَسْأَلَةِ ظَرْفِ الْمَبِيعِ، وَفَرَّقَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنَّهُ لَمَّا اُعْتِيدَ الْأَكْلَ مِنْ ظَرْفِ الْهَدِيَّةِ قُدِّرَ أَنَّ عِوَضَهَا مُقَابِلٌ لَهَا مَعَ مَنْفَعَةِ ظَرْفِهَا، بِخِلَافِهِ فِي الْبَيْعِ فَكَانَ عَارِيَّةً فِيهِ عَلَى الْأَصْلِ: وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَأَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ هَدِيَّةَ تَطَوُّعٍ بِأَنْ كَانَ لَهَا عِوَضٌ، فَإِنْ اُعْتِيدَ الْأَكْلُ مِنْهُ لَمْ يَضْمَنْهُ بَلْ تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَإِلَّا ضَمِنَهُ بِحُكْمِ الْغَصْبِ: ثُمَّ قَالَ: وَحَيْثُ قُلْنَا بِضَمَانِهِ تَوَقَّفَ اسْتِعْمَالُهُ وَإِلَّا كَانَ أَمَانَةً، وَإِنْ كَانَ بِلَا عِوَضٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ اهـ. وَهُوَ حَاصِلُ مَا فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَشَرْحِ الْبَهْجَةِ وَغَيْرِهَا. فَالْحَاصِلُ أَنَّ الظَّرْفَ أَمَانَةٌ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ مُطْلَقًا وَمَغْصُوبٌ بِالِاسْتِعْمَالِ الْغَيْرِ الْمُعْتَادِ مُطْلَقًا، وَعَارِيَّةٌ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمُعْتَادِ إنْ لَمْ يَكُنْ عِوَضٌ وَإِلَّا فَمُؤَجَّرٌ إجَارَةً فَاسِدَةً اهـ. وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا حُكْمُ مَا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ مُرِيدَ الشِّرَاءِ يَدْفَعُ ظَرْفَهُ لِزَيَّاتٍ مَثَلًا فَيَتْلَفُ مِنْهُ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ التَّلَفُ قَبْلَ وَضْعِ الْمَبِيعِ فِيهِ فَلَا ضَمَانَ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ وَضْعِ الْمَبِيعِ فِيهِ ضَمِنَهُ لِأَنَّهُ عَارِيَّةٌ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِحُكْمِ الظَّرْفِ بَعْدَ أَكْلِ الْهَدِيَّةِ مِنْهُ وَلَا لِحُكْمِ الدَّابَّةِ قَبْلَ حَلْبِ اللَّبَنِ وَلَا بَعْدَهُ، وَلَا لِحُكْمِ ظَرْفِ الْمَبِيعِ بَعْدَ أَخْذِ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ مِنْهُ، وَصَرِيحُ مَا يَأْتِي مِنْ الضَّمَانِ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْعَارِيَّةِ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: دُونَ الْمُسْتَعِيرِ وَهُوَ كَذَلِكَ) عَلَّلَهُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ بِأَنَّهَا مِنْ حُقُوقِ الْمِلْكِ اهـ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ أُجْرَةَ الْمُرَكَّبِ الَّذِي يُعَدَّى فِيهَا أَوْ مَنْ يَسُوقُهَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ دُونَ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَنْفَقَ) أَيْ الْمُسْتَعِيرُ (قَوْلُهُ: عِنْدَ فَقْدِهِ) أَيْ وَأَخْذِهِ دَرَاهِمَ وَإِنْ قُلْت: (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ عَيَّنَ) أَيْ الْمُعِيرُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِخَبَرِ ثِقَةٍ فَتَرَكَهَا الْمَالِكُ) أَيْ لَمْ يَأْخُذْهَا مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ إبْقَاءَهَا فِيهِ فَلَا يُشْتَرَطُ مِنْهُ قَصْدُ التَّرْكِ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى الْعِلْمِ بِعَوْدِهَا لِمَحِلِّهَا مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ هَذَا الْكَلَامِ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِهِ مَا فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ لِلشِّهَابِ سم وَإِنْ قَصُرَتْ عِبَارَتُهُ عَنْهُ، وَنَصُّ مَا فِي الْحَوَاشِي الْمَذْكُورَةِ لَك أَنْ تَحْمِلَ مَا يَأْتِي عَلَى مَا إذَا وُجِدَ لَفْظٌ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُصَرِّحُوا فِيمَا يَأْتِي بِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ لَفْظٌ مِنْ أَحَدِهِمَا اهـ. (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي ضَمَانِ الْعَارِيَّةِ إلَخْ) أَيْ: وَلَا دَلِيلَ لِلْأَوَّلِ أَيْضًا فِيمَا يَأْتِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إلَخْ الَّذِي اسْتَدَلَّ بِهِ الشِّهَابُ حَجّ، وَلَا يَخْفَى مَا فِي سِيَاقِ الشَّارِحِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ مَا يَرُدُّ الِاسْتِدْلَالَ

فِيهِ، وَلَوْ اسْتَعَارَهَا لِيَرْكَبَهَا فَرَكِبَهَا مَالِكُهَا مَعَهُ ضَمِنَ نِصْفَهَا فَقَطْ، وَلَوْ قَالَ: أَعْطِهَا لِهَذَا لِيَجِيءَ مَعِي فِي شُغْلِي فَهُوَ الْمُسْتَعِيرُ أَوْ فِي شُغْلِهِ فَالرَّاكِبُ إنْ وَكَّلَهُ وَلَيْسَ طَرِيقًا كَوَكِيلِ السَّوْمِ وَإِلَّا فَهُوَ الْمُسْتَعِيرُ وَالْقَرَارُ عَلَى الرَّاكِبِ. (وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ) لِلْعَارِيَّةِ حَيْثُ كَانَ لَهُ مُؤْنَةٌ أَوْ عِنْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ (عَلَى الْمُسْتَعِيرِ) مِنْ الْمَالِكِ أَوْ نَحْوِ مُسْتَأْجَرٍ رَدَّ عَلَيْهِ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» وَلِأَنَّهُ قَبَضَهَا لِغَرَضِ نَفْسِهِ. أَمَّا إذَا رَدَّ عَلَى الْمَالِكِ فَالْمُؤْنَةُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ رَدَّهُ عَلَيْهِ مُعِيرُهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ بُعْدِ دَارِ هَذَا عَنْ دَارِ مُعِيرِهِ وَعَدَمِهِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ مُعِيرِهِ، وَمُعِيرُهُ لَوْ كَانَ فِي مَحَلِّهِ لَمْ تَلْزَمْهُ مُؤْنَةٌ، فَسَقَطَ مَا لِلْأَذْرَعِيِّ هُنَا، وَيَجِبُ الرَّدُّ فَوْرًا عِنْدَ طَلَبِ مُعِيرٍ أَوْ مَوْتِهِ أَوْ عِنْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فَيَرُدَّ لِوَلِيِّهِ، فَإِنْ أَخَّرَ بَعْدَ عِلْمِهِ وَتَمَكُّنِهِ ضَمِنَ مَعَ الْأُجْرَةِ وَمُؤْنَةِ الرَّدِّ. نَعَمْ لَوْ اسْتَعَارَ نَحْوَ مُصْحَفٍ أَوْ مُسْلِمٍ فَارْتَدَّ مَالِكُهُ امْتَنَعَ رَدُّهُ إلَيْهِ بَلْ يَتَعَيَّنُ لِلْحَاكِمِ. (فَإِنْ) (تَلِفَتْ) الْعَيْنُ الْمُسْتَعَارَةُ أَوْ شَيْءٌ مِنْ أَجْزَائِهَا، وَمِنْهَا مَا لَوْ أَرْكَبَ مَالِكَهَا عَلَيْهَا مُنْقَطِعًا وَإِنْ قَصَدَ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَمْ يَسْأَلْهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهَا تَحْتَ يَدِهِ (لَا بِاسْتِعْمَالِ) مَأْذُونٍ فِيهِ كَسُقُوطِهَا فِي بِئْرٍ حَالَةَ سَيْرِهَا، وَقِيَاسُهُ كَمَا قَالَهُ الْغَزِّيِّ: إنَّ عُثُورَهَا حَالَ الِاسْتِعْمَالِ بِذَلِكَ، وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يُعْرَفَ ذَلِكَ مِنْ طَبْعِهَا أَوْ لَا، وَالْأَوْجَهُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْعُثُورُ مِمَّا أَذِنَ فِي حَمْلِهِ عَلَيْهَا عَلَى أَنَّ جَمْعًا اعْتَرَضُوهُ بِأَنَّ التَّعَثُّرَ يُعْتَادُ كَثِيرًا: أَيْ وَلَا تَقْصِيرَ مِنْهُ. وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَتَوَلَّدْ مِنْ شِدَّةِ إزْعَاجِهَا وَإِلَّا فَهُوَ ضَامِنٌ لِتَقْصِيرِهِ وَكَأَنْ جَنَى الرَّقِيقُ أَوْ صَالَتْ الدَّابَّةُ فَقُتِلَا لِلدَّفْعِ وَلَوْ مِنْ مَالِكِهِمَا نَظِيرَ قَتْلِ الْمَالِكِ قِنَّهُ الْمَغْصُوبَ إذَا صَالَ عَلَيْهِ فَقَصَدَ دَفْعَهُ فَقَطْ (ضَمِنَهَا) بَدَلًا أَوْ أَرْشًا لِلْخَبَرِ الْمَارِّ بَلْ عَارِيَّةٌ مَضْمُونَةٌ حَتَّى لَوْ أَعَارَهَا بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ أَمَانَةً لَغَا الشَّرْطُ كَمَا ذَكَرَاهُ وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لِصِحَّتِهَا وَلَا فَسَادِهَا، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ صِحَّتُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSأَخْذِهَا مِنْهُ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ نِصْفَهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُقَدَّمًا عَلَى مَالِكِهَا أَوْ رَدِيفًا لَهُ (قَوْلُهُ: فَهُوَ الْمُسْتَعِيرُ) أَيْ الْقَائِلُ. (قَوْلُهُ: فَالرَّاكِبُ) أَيْ هُوَ الْمُسْتَعِيرُ (قَوْلُهُ: إنْ وَكَّلَهُ) أَيْ الْقَائِلُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوَكِّلْهُ (قَوْلُهُ: وَالْقَرَارُ عَلَى الرَّاكِبِ) لَمْ يُبَيِّنْ مَنْ الْقَرَارُ عَلَيْهِ صَرِيحًا فِيمَا لَوْ كَانَ الشُّغْلُ لِلْآمِرِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الْآمِرُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: إنَّ الْقَائِلَ هُوَ الْمُسْتَعِيرُ لَا الرَّاكِبُ. (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا رَدَّ) أَيْ الْمُسْتَعِيرُ (قَوْلُهُ: فَالْمُؤْنَةُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَالِكِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ اسْتِحْقَاقُ الْمُسْتَأْجِرِ بَاقِيًا (قَوْلُهُ: بَعْدَ دَارِ هَذَا) أَيْ الرَّادِّ (قَوْلُهُ: وَوَجْهُهُ أَنَّهُ) أَيْ الْمُسْتَعِيرَ (قَوْلُهُ: بِمَنْزِلَةِ مُعِيرِهِ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَتَعَيَّنُ لِلْحَاكِمِ) أَيْ إنْ كَانَ أَمِينًا، وَإِلَّا أَبْقَاهُ تَحْتَ يَدِهِ إنْ كَانَ كَذَلِكَ، وَإِلَّا دَفَعَهُ لِأَمِينٍ يَحْفَظُهُ. (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا) أَيْ الْعَارِيَّةِ (قَوْلُهُ: كَسُقُوطِهَا) هُوَ مِثَالٌ لِلتَّلَفِ بِغَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ بَعْدُ وَالْأَوْجَهُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ إلَخْ، وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا مِنْ الْغَيْرِ لِأَنَّهُ تَلَفٌ فِي اسْتِعْمَالٍ لَا بِهِ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ كَسُقُوطِهَا فِي بِئْرٍ، وَمِنْهُ مَا لَوْ اسْتَعَارَ ثَوْرًا لِاسْتِعْمَالِهِ فِي سَاقِيَةٍ فَسَقَطَ فِي بِئْرِهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ لِأَنَّهُ تَلِفَ فِي الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ بِغَيْرِهِ لَا بِهِ، وَمِنْهُ أَيْضًا مَا لَوْ أَصَابَهُ السِّلَاحُ مَثَلًا مِنْ آلَةِ الْحَرْبِ فَيَضْمَنُهُ كُلٌّ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ وَالْحَارِثِ وَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَى الْحَارِثِ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُهُ) أَيْ قِيَاسُ سُقُوطِهَا فِي بِئْرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ مُضَمَّنُ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ تَقْيِيدُهُ) أَيْ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ جَمْعًا اعْتَرَضُوهُ) أَيْ الْقِيَاسَ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَتَوَلَّدْ) أَيْ الضَّمَانُ (قَوْلُهُ: فَقُتِلَا) أَيْ فَيَضْمَنُهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ مَعَ الْأُجْرَةِ) كَأَنَّهُ إنَّمَا صَرَّحَ بِالضَّمَانِ، مَعَ أَنَّ حُكْمَ الْعَارِيَّةِ الضَّمَانُ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ مَعَ الْأُجْرَةِ؛ وَلِأَنَّ الضَّمَانَ هُنَا غَيْرُ الضَّمَانِ قَبْلَ الطَّلَبِ إذْ هُوَ حِينَئِذٍ ضَامِنٌ مُطْلَقًا حَتَّى لَوْ تَلِفَتْ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ قَبْلَ حُدُوثِ شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: كَسُقُوطِهَا فِي بِئْرٍ إلَخْ) مِثَالٌ لِلِاسْتِعْمَالِ الْغَيْرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ

وَالْأَوْجَهُ فَسَادُهَا وَلَا يُعْتَبَرُ لِلضَّمَانِ التَّفْرِيطُ فَيَضْمَنُهَا (وَلَوْ لَمْ يُفَرِّطْ) وَسَيَأْتِي كَيْفِيَّةُ ضَمَانِهَا آخِرَ الْبَابِ وَلَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً وَمَعَهَا تَبَعٌ لَمْ يَضْمَنْهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَهُ لِعُسْرِ حَبْسِهِ عَنْ أُمِّهِ، وَكَذَا لَوْ تَبِعَهَا وَلَدُهَا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ مَالِكُهَا لَهُ بِنَفْيٍ وَلَا إثْبَاتٍ فَهُوَ أَمَانَةٌ: قَالَهُ الْقَاضِي، وَلَا تُضْمَنُ ثِيَابُ الرَّقِيقِ الْمُسْتَعَارِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهَا لِاسْتِعْمَالِهَا، بِخِلَافِ إكَافِ الدَّابَّةِ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ، وَلَا يَضْمَنُ الْمُعِيرُ جِلْدَ الْأُضْحِيَّةِ الْمَنْذُورَةِ، وَلَا يَضْمَنُهُ الْمُسْتَعِيرُ لَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ لَا بِنِتَاءِ يَدِهِ عَلَى يَدِ مَنْ لَيْسَ بِمَالِكٍ، وَلَا الْمُسْتَعَارِ لِلرَّهْنِ لَوْ تَلِفَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ نَظِيرَ مَا مَرَّ وَلَا صَيْدًا اسْتَعَارَهُ مِنْ مُحْرِمٍ، وَلَا مَا قَبَضَهُ مِنْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ مَنْ لَهُ فِيهِ حَقٌّ، لَكِنْ مَرَّ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَارِيَّةٍ وَلَا كِتَابًا مَوْقُوفًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ أَحَدُهُمْ، وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَا مَا صَالَحَ بِهِ عَلَى مَنْفَعَةٍ أَوْ جَعَلَ رَأْسَ الْمَالِ مَنْفَعَةً أَوْ أَصْدَقَ زَوْجَتَهُ الْمَنْفَعَةَ، فَإِنَّهُ إذَا أَعَارَ مُسْتَحِقُّ الْمَنْفَعَةِ شَخْصًا وَتَلِفَ تَحْتَ يَدِهِ فَلَا ضَمَانَ. (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ) أَيْ الْمُسْتَعِيرَ (لَا يَضْمَنُ مَا يَنْمَحِقُ) أَيْ يَتْلَفُ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ نَحْوِهِ (أَوْ يَنْسَحِقُ) أَيْ يَنْقُصُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (بِاسْتِعْمَالٍ) مَأْذُونٍ فِيهِ لِحُدُوثِهِ بِإِذْنِ الْمَالِك فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ: اُقْتُلْ عَبْدِي وَالثَّانِي يَضْمَنُ مُطْلَقًا لِمَا مَرَّ (وَالثَّالِثُ) وَهُوَ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ (يَضْمَنُ الْمُنْمَحِقَ) دُونَ الْمُنْسَحِقَ، إذْ مُقْتَضَى الْإِعَارَةِ الرَّدُّ وَلَمْ يُوجَدْ فِي الْأَوَّلِ، وَمَوْتُ الدَّابَّةِ كَالِانْمِحَاقِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُسْتَعِيرُ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ فَسَادُهَا) أَيْ فَيَضْمَنُ الْأُجْرَةَ لِمِثْلِهَا وَيَأْثَمُ بِاسْتِعْمَالِهَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ تَبِعَهَا وَلَدُهَا) عِبَارَةُ حَجّ: نَعَمْ إنْ تَبِعَهَا وَالْمَالِكُ سَاكِتٌ وَجَبَ رَدُّهُ فَوْرًا وَإِلَّا ضَمِنَ كَالْأَمَانَةِ الشَّرْعِيَّةِ اهـ. وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَشْبِيهُهُ بِالْأَمَانَةِ الشَّرْعِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَعَرَّضْ مَالِكُهَا لَهُ) أَيْ وَقَدْ عَلِمَ تَبَعِيَّتَهُ لِأُمِّهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ وَجَبَ رَدُّهُ فَوْرًا وَإِلَّا ضَمِنَهُ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إعْلَامُ مَالِكِهِ: أَيْ حَيْثُ عُدَّ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهِ لِمَا يَأْتِي فِي الْغَصْبِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ حَيَوَانًا وَتَبِعَهُ وَلَدُهُ لَا يَكُونُ غَاصِبًا لَهُ لِعَدَمِ اسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَضْمَنُ الْمُعِيرُ جِلْدَ الْأُضْحِيَّةِ الْمَنْذُورَةِ) وَهَذَا بِخِلَافِ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْأُضْحِيَّةِ نَفْسِهَا عَنْ سم وَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ أَنَّهَا مَضْمُونَةٌ عَلَى الْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ، وَعَلَى هَذَا فَلْيُنْظَرْ الْفَرْقُ بَيْنَ الْأُضْحِيَّةِ وَجِلْدِهَا، وَلَعَلَّهُ أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ لَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا ذَبْحَهَا وَتَفْرِقَةَ لَحْمِهَا أَشْبَهَتْ الْوَدِيعَةَ فَضُمِّنَتْ عَلَى الْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ، بِخِلَافِ الْجِلْدِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ مُجَرَّدُ الِانْتِفَاعِ فَأَشْبَهَ الْمُبَاحَاتِ فَلَمْ يَكُنْ مَضْمُونًا عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: لَوْ تَلِفَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ تَلِفَ قَبْلَ الرَّهْنِ أَوْ بَعْدَ فِكَاكِ الرَّهْنِ وَنَزَعَهُ مِنْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ لِيَرُدَّهُ عَلَى الْمَالِكِ فَيَضْمَنُهُ فِي الصُّورَتَيْنِ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ مَرَّ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَارِيَّةٍ) أَيْ فَلَا يُسْتَثْنَى مِنْ حُكْمِهَا (قَوْلُهُ: وَلَا مَا صَالَحَ بِهِ عَلَى مَنْفَعَةٍ) قَضِيَّةُ تَخْصِيصِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِعَدَمِ الضَّمَانِ أَنَّ مُؤْنَةَ الرَّدِّ فِيهَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ وَإِنْ كَانَتْ شَبِيهَةً بِالْأَمَانَاتِ الشَّرْعِيَّةِ لِعَدَمِ الضَّمَانِ. (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي يَضْمَنُ مُطْلَقًا لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ تَلَفِ الْعَيْنِ أَوْ نُقْصَانِهَا الْمُفَسَّرِ بِهِمَا الِانْمِحَاقُ وَالِانْسِحَاقُ (قَوْلُهُ: وَمَوْتُ الدَّابَّةِ) أَيْ بِالِاسْتِعْمَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا يَضْمَنُهُ الْمُسْتَعِيرُ لَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ) ظَاهِرُ ذِكْرِ هَذَا عَقِبَ مَا قَبْلَهُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِيمَا قَبْلَهُ لِلْمُعِيرِ وَهُوَ خِلَافُ السِّيَاقِ، فَلَوْ قَدَّمَ هَذَا عَلَى مَا قَبْلَهُ كَانَ أَوْلَى. (قَوْلُهُ: وَلَا الْمُسْتَعَارُ لِلرَّهْنِ) أَيْ: وَلَا يَضْمَنُ الْمُسْتَعَارُ لِلرَّهْنِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ السِّيَاقِ، وَحِينَئِذٍ فَكَانَ الْأَوْلَى خِلَافَ مَا عَبَّرَ بِهِ فِي قَوْلِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَخْ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلَا مَا صَالَحَ بِهِ عَلَى مَنْفَعَةٍ إلَخْ) حَقُّ الْعِبَارَةِ وَلَا مَا صُولِحَ عَلَى مَنْفَعَةٍ، أَوْ جُعِلَتْ مَنْفَعَتُهُ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ أَوْ صَدَاقًا عَلَى أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ سَتَأْتِي (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ خَبَرِ «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ» (قَوْلُهُ: وَمَوْتُ الدَّابَّةِ) أَيْ بِالِاسْتِعْمَالِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ سم وَلَعَلَّ صُورَتَهُ أَنَّهُ حَمَلَهَا حَمْلًا ثَقِيلًا بِالْإِذْنِ فَمَاتَتْ بِسَبَبِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ خَفِيفًا لَا تَمُوتُ بِمِثْلِهِ فِي الْعَادَةِ فَاتَّفَقَ مَوْتُهَا لِمَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا إذَا مَاتَتْ بِالِاسْتِعْمَالِ وَمَا إذَا مَاتَتْ فِي الِاسْتِعْمَالِ

وَتَقَرُّحُ ظَهْرِهَا وَعَرَجُهَا بِاسْتِعْمَالٍ مَأْذُونٍ فِيهِ، وَكَسْرُهُ سَيْفًا أَعَارَهُ لِيُقَاتِلَ بِهِ كَالِانْسِحَاقِ كَمَا قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ فِي الْأَخِيرَةِ، وَمَرَّ جَوَازُ إعَارَةِ الْمَنْذُورِ لَكِنْ يَضْمَنُ كُلٌّ مِنْ الْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ مَا نَقَصَ مِنْهُ بِالِاسْتِعْمَالِ، وَلَوْ اسْتَعَارَ رَقِيقًا لِتَنْظِيفِ نَحْوِ سَطْحٍ فَسَقَطَ مِنْ سُلَّمِهِ وَمَاتَ ضَمِنَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ضَمَانِ الْمُسْتَعِيرِ كَوْنُ الْعَيْنِ فِي يَدِهِ بَلْ يَضْمَنُ وَلَوْ كَانَتْ بِيَدِ الْمَالِكِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ، وَفِي الرَّوْضَةِ لَوْ حَمَلَ مَتَاعَ غَيْرِهِ عَلَى دَابَّتِهِ بِسُؤَالِ الْغَيْرِ كَانَ مُسْتَعِيرًا لِكُلِّ الدَّابَّةِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا شَيْءٌ لِغَيْرِ الْمُسْتَعِيرِ وَإِلَّا فَبِقَدْرِ مَتَاعِهِ، وَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ قَوْلُهُمَا نَقْلًا عَنْ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ: لَوْ سَخَّرَ رَجُلًا وَدَابَّتَهُ فَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ فِي يَدِ صَاحِبِهَا لَمْ يَضْمَنْهَا الْمُسَخِّرُ لِأَنَّهَا فِي يَدِ صَاحِبِهَا لِأَنَّ هَذَا مِنْ ضَمَانِ الْغَصْبِ وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الِاسْتِيلَاءِ وَهُوَ مَفْقُودٌ، وَكَلَامُنَا هُنَا فِي ضَمَانِ الْعَارِيَّةِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا ذَلِكَ لِحُصُولِهَا بِدُونِهِ، وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا أَشَارَ لَهُ الْقَمُولِيُّ مِنْ ضَعْفِ أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي حُصُولِ التَّلَفِ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ أَوَّلًا صُدِّقَ الْمُسْتَعِيرُ بِيَمِينِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِعُسْرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ، خِلَافًا لِمَا عُزِيَ لِلْجَلَالِ الْبُلْقِينِيِّ مِنْ تَصْدِيقِ الْمُعِيرِ وَمَا وَجَّهَ بِهِ مِنْ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعَارِيَّةِ الضَّمَانُ حَتَّى يَثْبُتَ مُسْقِطُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ مَحَلُّ ضَمَانِهَا أَصَالَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْيَدِ لَا لِلذِّمَّةِ، وَكَلَامُ الْبُلْقِينِيِّ فِي تَعَلُّقِهِ بِالذِّمَّةِ وَهُوَ أَمْرٌ طَارِئٌ عَلَى الْأَصْلِ فَافْهَمْ. (وَالْمُسْتَعِيرُ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ) أَوْ مُوصًى لَهُ أَوْ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ بِقَيْدَيْهِمَا السَّابِقَيْنِ أَوْ مُسْتَحَقِّ مَنْفَعَةٍ بِنَحْوِ صَدَاقٍ أَوْ سَلَمٍ أَوْ صُلْحٍ (لَا يَضْمَنُ) التَّالِفَ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ يَدَهُ نَائِبَةٌ عَنْ يَدٍ غَيْرِ ضَامِنَةٍ، هَذَا إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً، فَلَوْ كَانَتْ فَاسِدَةً ضَمِنَا مَعًا وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ، وَلَا يُنَافِيه قَوْلُهُمْ فَاسِدُ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ، إذْ الْفَاسِدَةُ لَيْسَتْ حُكْمَ الصَّحِيحَةِ فِي كُلِّ مَا تَقْتَضِيهِ بَلْ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ بِمَا تَنَاوَلَهُ الْإِذْنُ لَا بِمَا اقْتَضَاهُ حُكْمُهُمَا، وَالثَّانِي يَضْمَنُ كَالْمُسْتَعِيرِ مِنْ الْمَالِكِ. (وَلَوْ) (تَلِفَتْ دَابَّتُهُ فِي يَدِ وَكِيلٍ) لَهُ (بَعَثَهُ فِي شُغْلِهِ أَوْ) تَلِفَتْ (فِي يَدِ مَنْ سَلَّمَهَا إلَيْهِ لِيُرَوِّضَهَا) أَيْ يُعَلِّمَهَا الْمَشْيَ الَّذِي يَسْتَرِيحُ بِهِ رَاكِبُهَا (فَلَا ضَمَانَ) عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يُفَرِّطْ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَهَا لِغَرَضِ الْمَالِكِ، فَإِنْ تَعَدَّى كَمَا لَوْ رَكِبَهَا فِي غَيْرِ الرِّيَاضَةِ ضَمِنَ كَمَا لَوْ سَلَّمَهُ قِنَّهُ لِيُعَلِّمَهُ حِرْفَةً فَاسْتَعْمَلَهُ فِي غَيْرِهَا. (وَلَهُ) أَيْ الْمُسْتَعِيرِ (الِانْتِفَاعُ) بِالْمُعَارِ (بِحَسَبِ الْإِذْنِ) لِرِضَا الْمَالِكِ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ لَوْ أَعَارَهُ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا لِمَحَلِّ كَذَا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلرُّكُوبِ فِي رُجُوعِهِ جَازَ لَهُ الرُّكُوبُ فِيهِ كَمَا نَقَلَاهُ وَأَقَرَّاهُ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ بِيَدِ الْمَالِكِ) قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ يَضْمَنُهَا قَبْلَ قَبْضِهِ إيَّاهَا وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ لَا تَزِيدُ عَلَى نَحْوِ الْبَيْعِ الصَّحِيحِ أَوْ الْفَاسِدِ مَعَ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ فِيهِ عَلَى الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ بَلْ لَيْسَ لَنَا شَيْءٌ تُضْمَنُ فِيهِ الْعَيْنُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ، وَيَتَعَيَّنُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ تَلَفَهَا فِي يَدِ الْمَالِكِ بَعْدَ قَبْضِ الْمُسْتَعِيرِ وَبَقَاءِ حُكْمِ الْعَارِيَّةِ أَوْ قَبْلَ قَبْضِهَا بِالْفِعْلِ لَكِنْ اسْتَعْمَلَهَا الْمَالِكُ فِي شُغْلِ الْمُسْتَعِيرِ مُضَمَّنٌ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: كَانَ) أَيْ الْغَيْرُ مُسْتَعِيرًا إلَخْ (قَوْلُهُ: عَنْ أَبِي حَامِدٍ) الْإسْفَرايِينِيّ (قَوْلُهُ: وَمَا وَجَّهَ بِهِ) أَيْ الْبُلْقِينِيُّ. (قَوْلُهُ: بِقَيْدَيْهِمَا السَّابِقَيْنِ) هُمَا قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُوصَى لَهُ عَلَى مَا يَأْتِي تَحْرِيرُهُ، وَبِالنِّسْبَةِ لِلْمَوْقُوفِ لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ اسْتِيفَاءَهُ بِنَفْسِهِ لَكِنْ بِإِذْنِ النَّاظِرِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُسْتَحِقٍّ مَنْفَعَةً) هَذَا عَيْنُ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَلَا مَا صَالَحَ بِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَاسْتَعْمَلَهُ فِي غَيْرِهَا) أَيْ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْحُرْمَةِ. (قَوْلُهُ: جَازَ لَهُ الرُّكُوبُ) أَيْ وَجَازَ لَهُ الذَّهَابُ وَالْعَوْدُ فِي أَيِّ طَرِيقٍ أَرَادَهُ إذَا تَعَدَّدَتْ الطُّرُقُ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ؛ لِأَنَّ سُكُوتَ الْمُعِيرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِقَيْدَيْهِمَا السَّابِقَيْنِ) الْقَيْدُ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَلَّا يَشْتَرِطَ الْوَاقِفُ اسْتِيفَاءَهُ بِنَفْسِهِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ حَجّ، وَأَمَّا قَيْدُ الْمُوصَى لَهُ فَلَعَلَّهُ أَنْ لَا تَكُونَ مِمَّنْ تَحْبَلُ إذَا كَانَتْ أَمَةً وَاسْتَعَارَهَا مَالِكُهَا. (قَوْلُهُ: ضَمِنَا مَعًا) أَيْ ضَمَانَ غَصْبٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: بَلْ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ بِمَا تَنَاوَلَهُ الْإِذْنُ) أَيْ: وَالْإِذْنُ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ اسْتِعْمَالَهُ بِنَفْسِهِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الْعَقْدِ، وَقَوْلُهُ: لَا بِمَا اقْتَضَاهُ حُكْمُهُمَا: أَيْ: وَجَوَازُ اسْتِعْمَالِ الْغَيْرِ إنَّمَا هُوَ حُكْمٌ مِنْ

الْإِجَارَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا لُزُومُ الرَّدِّ لِلْمُسْتَعِيرِ فَيَتَنَاوَلُ الْإِذْنُ الرُّكُوبَ فِي عَوْدِهِ عُرْفًا، وَلَا كَذَلِكَ الْمُسْتَأْجِرُ فَلَا رَدَّ عَلَيْهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ الَّذِي لَا يَلْزَمُهُ رَدٌّ كَالْمُسْتَأْجِرِ وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ، وَلَوْ جَاوَزَ الْمَحَلَّ الْمَشْرُوطَ لَزِمَهُ أُجْرَةُ مِثْلِ الذَّهَابِ مِنْهُ وَالْعَوْدِ إلَيْهِ، وَلَهُ الرُّجُوعُ مِنْهُ رَاكِبًا كَمَا صَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَارِيَّةَ لَا تَبْطُلُ بِالْمُخَالَفَةِ وَهُوَ مَا صَحَّحَاهُ (فَإِنْ أَعَارَهُ لِزِرَاعَةِ حِنْطَةٍ) مَثَلًا (زَرَعَهَا) لِإِذْنِهِ فِيهَا (وَمِثْلُهَا) أَوْ دُونَهَا بِالْأَوْلَى فِي الضَّرَرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَنْ ذَلِكَ رِضًا مِنْهُ بِكُلِّهَا (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا لُزُومُ الرَّدِّ لِلْمُسْتَعِيرِ) أَيْ وَإِذَا لَزِمَهُ الرَّدُّ فَهِيَ عَارِيَّةٌ قِبَلَهُ وَإِنْ انْتَهَى الِاسْتِعْمَالُ الْمَأْذُونُ فِيهِ، فَلَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِحَمْلِ مَتَاعٍ مُعَيَّنٍ فَوَضَعَهُ عَنْهَا وَرَبَطَهَا فِي الْخَانِ مَثَلًا إلَى أَنْ يَرُدَّهَا إلَى مَالِكِهَا فَمَاتَتْ مَثَلًا ضَمِنَهَا (قَوْلُهُ: فَلَا رَدَّ عَلَيْهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ اطَّرَدَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَرُدُّهَا عَلَى مَالِكِهَا وَلَوْ قِيلَ بِجَوَازِ الرُّكُوبِ فِي الْعَوْدِ اعْتِمَادًا عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ لَمْ يَبْعُدْ. [فَرْعٌ] قَالَ الْعَبَّادِيُّ وَغَيْرُهُ: وَاعْتَمَدُوهُ فِي كِتَابٍ مُسْتَعَارٍ رَأَى فِيهِ خَطَأً لَا يُصْلِحُهُ إلَّا الْمُصْحَفُ فَيَجِبُ، وَيُوَافِقُهُ إفْتَاءُ الْقَاضِي بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ رَدُّ الْغَلَطِ فِي كِتَابِ الْغَيْرِ، وَقَيَّدَهُ الرِّيمِيُّ بِغَلَطٍ لَا يُغَيِّرُ الْحُكْمَ وَإِلَّا رَدَّهُ، وَكُتُبَ الْوَقْفِ أَوْلَى وَغَيْرُهُ بِمَا إذَا تَحَقَّقَ ذَلِكَ دُونَ مَا ظَنَّهُ فَلَا وَيَكْتُبُ لَعَلَّهُ كَذَا، وَرُدَّ بِأَنَّ كِتَابَةَ لَعَلَّهُ إنَّمَا هِيَ عِنْدَ الشَّكِّ فِي اللَّفْظِ لَا الْحُكْمِ، وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّ الْمَمْلُوكَ غَيْرَ الْمُصْحَفِ لَا يُصْلِحُ فِيهِ شَيْئًا مُطْلَقًا إلَّا إنْ ظَنَّ رِضَا مَالِكِهِ بِهِ وَأَنَّهُ يَجِبُ إصْلَاحُ الْمُصْحَفِ لَكِنْ إنْ لَمْ يَنْقُصْهُ خَطُّهُ لِرَدَاءَتِهِ وَأَنَّ الْوَقْفَ يَجِبُ إصْلَاحُهُ إنْ تَيَقَّنَ الْخَطَأَ وَكَانَ خَطُّهُ مُسْتَصْلَحًا سَوَاءٌ الْمُصْحَفُ وَغَيْرُهُ، وَأَنَّهُ مَتَى تَرَدَّدَ فِي عَيْنِ لَفْظٍ أَوْ فِي الْحُكْمِ لَا يُصْلِحُ شَيْئًا وَمَا اُعْتِيدَ مِنْ كِتَابَةٍ لَعَلَّهُ كَذَا لَعَلَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ فِي مِلْكِ الْكَاتِبِ اهـ حَجّ. وَقَالَ سم عَلَى مَنْهَجِ: فَائِدَةٌ: لَوْ اسْتَعَارَ كِتَابًا فَرَأَى فِيهِ خَطَأً لَا يُصْلِحُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قُرْآنًا. أَقُولُ: وَالْحَدِيثُ فِي مَعْنَاهُ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. أَقُولُ: قَوْلُ حَجّ إنْ لِمَ يَنْقُصْهُ خَطُّهُ إلَخْ يَنْبَغِي أَنْ يَدْفَعَهُ لِمَنْ يُصْلِحُهُ حَيْثُ كَانَ خَطُّهُ مُنَاسِبًا لِلْمُصْحَفِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إجَابَةُ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ وَلَمْ تَلْحَقْهُ مَشَقَّةٌ فِي سُؤَالِهِ، وَقَوْلُهُ وَكَانَ خَطُّهُ مُسْتَصْلَحًا: أَيْ وَخَرَجَ بِذَلِكَ كِتَابَةُ الْحَوَاشِي بِهَوَامِشِهِ فَلَا تَجُوزُ وَإِنْ اُحْتِيجَ إلَيْهَا لِمَا فِيهِ مِنْ تَغْيِيرِ الْكِتَابِ عَنْ أَصْلِهِ وَلَا نَظَرَ لِزِيَادَةِ الْقِيمَةِ بِفِعْلِهَا لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ. [فَرْعٌ اسْتِطْرَادِيٌّ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ الشَّرِيكَ فِي فَرَسٍ يَتَوَجَّهُ بِهَا إلَى عَدُوٍّ وَيُقَاتِلُهُ وَتَتْلَفُ الْفَرَسُ هَلْ يَضْمَنُ الشَّرِيكُ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنْ يُقَالَ: إنْ جَاءَهُمْ الْعَدُوُّ إلَى بَلْدَتِهِمْ وَخَرَجُوا لِلدِّفَاعِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَتَلِفَتْ الْفَرَسُ وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ خَرَجُوا ابْتِدَاءً وَقَصَدُوا الْعَدُوَّ عَلَى نِيَّةِ قِتَالِهِ وَتَلِفَتْ ضَمِنَهَا لِأَنَّ الشَّرِيكَ لَا يَرْضَى بِخُرُوجِ الشَّرِيكِ بِهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، بِخِلَافِ الْحَالَةِ الْأُولَى فَإِنَّهَا الْمُعْتَادُ عِنْدَهُمْ فِي الِانْتِفَاعِ. [فَرْعٌ آخَرُ] وَقَعَ السُّؤَالُ أَيْضًا عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ مُسْتَعِيرَ الدَّابَّةِ إذَا نَزَلَ عَنْهَا بَعْدَ رُكُوبِهِ لَهَا يُرْسِلُهَا مَعَ تَابِعِهِ فَيَرْكَبُهَا التَّابِعُ فِي الْعَوْدِ ثُمَّ تَتْلَفُ بِغَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ فَهَلْ يَضْمَنُهَا الْمُسْتَعِيرُ أَمْ التَّابِعُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ لِأَنَّ التَّابِعَ وَإِنْ رَكِبَهَا فَهُوَ فِي حَاجَةِ الْمُسْتَعِيرِ مِنْ إيصَالِهَا إلَى مَحَلِّ الْحِفْظِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: الَّذِي لَا يَلْزَمُهُ رَدٌّ) اُنْظُرْ أَيْ مُسْتَعِيرٌ لَا يَلْزَمُهُ الرَّدُّ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَقُولُ: هُوَ الْمُسْتَعِيرُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَنَحْوِهِ إذَا رَدَّ عَلَى الْمَالِكِ، فَإِنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ التَّخْلِيَةُ دُونَ الرَّدِّ كَمُعِيرِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ جَاوَزَ الْمَحَلَّ الْمَشْرُوطَ) وَيَنْبَغِي ضَمَانُ تَلَفِهَا بِالِاسْتِعْمَالِ حَالَ الْمُجَاوَزَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَهُ الرُّجُوعُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَحَلِّ الْمَشْرُوطِ فَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحْكَامِهَا ثَبَتَ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْعَقْدِ مُتَرَتِّبًا عَلَى صِحَّتِهِ فَلَا تُشَارِكُهَا فِيهِ الْفَاسِدَةُ

كَالْفُولِ وَالشَّعِيرِ لَا أَعْلَى مِنْهَا كَذُرَةٍ وَقُطْنٍ (إنْ لَمْ يَنْهَهُ) فَإِنْ نَهَاهُ عَنْ الْمِثْلِ وَالْأَدْوَنِ امْتَنَعَا أَيْضًا اتِّبَاعًا لِنَهْيِهِ وَعُلِمَ مِنْهُ مَا صَرَّحَ بِهِ. أَصْلُهُ أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ نَوْعًا وَنَهَى عَنْ غَيْرِهِ اتَّبَعَ (أَوْ) أَعَارَهُ أَرْضًا (لِشَعِيرٍ) يَزْرَعُهُ فِيهَا (لَمْ يَزْرَعْ فَوْقَهُ) ضَرَرًا (كَحِنْطَةٍ) بَلْ دُونَهُ وَمِثْلُهُ، وَنَكَّرَ الْمُصَنِّفُ الْحِنْطَةَ وَالشَّعِيرَ وَإِنْ عَرَّفَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ إشَارَةً إلَى عَدَمِ الْفَرْقِ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ بَيْنَ أَعَرْتُك لِزِرَاعَةِ الْحِنْطَةِ أَوْ حِنْطَةٍ، وَتَرْجِيحُ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّهُ إذَا أَشَارَ لِمُعَيَّنٍ مِنْهُمَا وَأَعَارَهُ لِزِرَاعَتِهِ لَا يَجُوزُ الِانْتِقَالُ عَنْهُ. قَالَ: وَلِهَذَا عَرَّفَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالصَّحِيحُ فِي الْإِجَارَةِ الْجَوَازُ فَكَذَا هُنَا، وَصَرَّحَ فِي الشَّعِيرِ بِمَا لَا يَجُوزُ فَقَطْ عَكْسُ الْحِنْطَةِ تَفَنُّنًا وَلِدَلَالَةِ كُلٍّ عَلَى الْآخَرِ فَفِيهِ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَدِيعِ الْمَشْهُورَةِ وَحَيْثُ زَرَعَ مَا لَيْسَ لَهُ زَرْعُهُ فَلِلْمَالِكِ قَلْعُهُ مَجَّانًا، فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ لَزِمَهُ جَمِيعُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ هُوَ الْأَوْجَهُ وَالزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ أَرْجَحُ، وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي الْإِجَارَةِ بِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ اسْتَوْفَى مَا كَانَ يَمْلِكُهُ مِمَّا لَا يَقْبَلُ الرَّدَّ بِزِيَادَةٍ، وَالْمُسْتَعِيرُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا، فَهُوَ بِعُدُولِهِ عَنْ الْجِنْسِ كَالرَّادِّ لِمَا أُبِيحَ لَهُ فَلَا يَسْقُطُ بِإِزَائِهِ عَنْهُ شَيْءٌ (وَلَوْ) (أَطْلَقَ) الْمُعِيرُ (الزِّرَاعَةَ) أَيْ الْإِذْنَ فِيهَا كَأَعَرْتُكَ لِلزِّرَاعَةِ أَوْ لِتَزْرَعَهَا (صَحَّ) عَقْدُ الْإِعَارَةِ (فِي الْأَصَحِّ وَيَزْرَعُ مَا شَاءَ) لِإِطْلَاقِ اللَّفْظِ وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا كَانَ مِمَّا يُعْتَادُ زَرْعُهُ ثُمَّ وَلَوْ نَادِرًا حَمْلًا لِلْإِطْلَاقِ عَلَى الرِّضَا. وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِتَفَاوُتِ ضَرَرِ الْمَزْرُوعِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُكَلَّفْ الِاقْتِصَارُ عَلَى أَخَفِّ الْأَنْوَاعِ ضَرَرًا لِأَنَّ الْمُطْلَقَاتِ إنَّمَا لَمْ تَنْزِلْ عَلَى الْأَقَلِّ ضَرَرًا لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى النِّزَاعِ، وَالْعُقُودُ تُصَانُ عَنْ ذَلِكَ، قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ جَوَابًا عَنْ قَوْلِهِمَا لَوْ قِيلَ لَا يَزْرَعُ إلَّا أَقَلَّ الْأَنْوَاعِ ضَرَرًا لَكَانَ مَذْهَبًا، وَلَوْ قَالَ لَهُ: لِتَزْرَعْ مَا شِئْت زَرَعَ مَا شَاءَ جَزْمًا. (وَإِذَا اسْتَعَارَ لِبِنَاءٍ أَوْ غِرَاسٍ فَلَهُ الزَّرْعُ) إنْ لَمْ يَنْهَهُ لِأَنَّهُ أَخَفُّ (وَلَا عَكْسُ) لِأَنَّ ضَرَرَهُمَا أَكْثَرُ وَيُقْصَدُ بِهِمَا الدَّوَامُ (وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَغْرِسُ مُسْتَعِيرٌ لِبِنَاءٍ وَكَذَا الْعَكْسُ) لِاخْتِلَافِ الضَّرَرِ فَإِنَّ ضَرَرَ الْبِنَاءِ فِي ظَاهِرِ الْأَرْضِ أَكْثَرُ مِنْ بَاطِنِهَا، وَالْغِرَاسُ بِالْعَكْسِ لِانْتِشَارِ عُرُوقِهِ وَكَالزَّرْعِ مَا يُغْرَسُ فِي عَامِّهِ لِلنَّقْلِ وَيُسَمَّى الشَّتْلُ. وَالثَّانِي يَجُوزُ مَا ذُكِرَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ لِلتَّأْبِيدِ، وَإِذَا اسْتَعَارَ لِوَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ فَفَعَلَهُ ثُمَّ مَاتَ أَوْ قَلَعَهُ وَلَمْ يَكُنْ قَدْ صَرَّحَ لَهُ بِالتَّجْدِيدِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى لَمْ يَجُزْ لَهُ فِعْلُ نَظِيرِهِ وَلَا إعَادَتُهُ مَرَّةً ثَانِيَةً إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ (وَ) الصَّحِيحُ (أَنَّهُ لَا تَصِحُّ إعَادَةُ الْأَرْضِ مُطْلَقَةً بَلْ يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ نَوْعِ الْمَنْفَعَةِ) قِيَاسًا عَلَى الْإِجَارَةِ. نَعَمْ لَوْ عَمَّمَ فَقَالَ لِتَنْتَفِعْ بِهَا كَيْفَ شِئْت أَوْ بِمَا بَدَا لَك صَحَّ وَيَنْتَفِعُ بِمَا شَاءَ كَالْإِجَارَةِ، وَمُقْتَضَى التَّشْبِيهِ تَقْيِيدُهُ بِمَا كَانَ مُعْتَادًا نَظِيرُ مَا مَرَّ، وَبِهِ جَزَمَ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَرْكَبُ إلَّا بَعْدَ عَوْدِهِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَالْفُولِ وَالشَّعِيرِ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ اسْتَعَارَ لِلشَّعِيرِ هَلْ يَزْرَعُ الْفُولَ وَعَكْسُهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إذَا اسْتَعَارَ الشَّعِيرَ لَا يَزْرَعُ فُولًا بِخِلَافِ عَكْسِهِ (قَوْلُهُ: فَفِيهِ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَدِيعِ) أَيْ وَهُوَ الِاحْتِبَاكُ (قَوْلُهُ: وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي الْإِجَارَةِ) أَيْ حَيْثُ يَلْزَمُهُ الزَّائِدُ فَقَطْ (قَوْلُهُ فَلَا يَسْقُطُ بِأَدَائِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْإِبَاحَةَ تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ، وَفِي سم عَلَى مَنْهَجِ أَوَّلِ الْبَابِ عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لحج مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْعَارِيَّةَ تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ، وَإِنْ قُلْنَا: إنَّهَا إبَاحَةٌ لَا هِبَةٌ لِلْمَنَافِعِ. ثُمَّ قَالَ: فَإِنَّ قُلْت مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّ الْإِبَاحَةَ لَا تُرَدُّ بِالرَّدِّ. قُلْت: ذَاكَ فِي الْإِبَاحَةِ الْمَحْضَةِ وَهَذِهِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ اهـ. أَيْ وَبِتَقْدِيرِ أَنَّهَا إبَاحَةٌ مَحْضَةٌ فَهُوَ لَمْ يَسْتَوْفِ مَا أُبِيحَ لَهُ وَقَدْ اسْتَوْفَى مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ خَاصَّةً (قَوْلُهُ: زَرْعُ مَا شَاءَ) أَيْ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: وَيُسَمَّى الشَّتْلُ) وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ الَّتِي يَبْقَى فِيهَا الشَّتْلُ قَبْلَ نَقْلِهِ عَلَى مُدَّةِ الزَّرْعِ الْمُعْتَادَةِ، وَإِلَّا فَبَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الزَّرْعِ يُقْلَعُ مَجَّانًا كَمَا يَشْمَلُهُ قَوْلُهُ الْآتِي أَوْ زَرَعَ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ مِمَّا يُبْطِئُ أَكْثَرَ مِنْهُ كَمَا فِي نَظِيرِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى التَّشْبِيهِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: بِزِيَادَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِاسْتَوْفَى وَالْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُطْلَقَاتِ) هُوَ تَعْلِيلٌ مِنْ جَانِبِ السَّائِلِ وَالْجَوَابُ قَوْلُهُ:

[فصل في بيان جواز العارية وما للمعير]

ابْنُ الْمُقْرِي، فَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَرْجُوحِ الْمَارِّ فِي إطْلَاقِ الزِّرَاعَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَالثَّانِي يَصِحُّ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ، وَالْأَرْضُ مِثَالٌ لِمَا يُنْتَفَعُ بِجِهَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ كَالدَّابَّةِ، أَمَّا مَا انْحَصَرَتْ مَنْفَعَتُهُ فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ كَبِسَاطٍ لَا يَصْلُحُ إلَّا لِلْفَرْشِ فَلَا يَحْتَاجُ فِي إعَارَتِهِ إلَى بَيَانِ الِانْتِفَاعِ، وَيُسْتَعْمَلُ فِي ذَلِكَ بِالْمَعْرُوفِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَكَذَا لَوْ كَانَ الِانْتِفَاعُ بِجِهَاتٍ لَكِنَّ إحْدَاهَا هِيَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ عَادَةً اهـ. (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ جَوَازِ الْعَارِيَّةِ وَمَا لِلْمُعِيرِ وَعَلَيْهِ بَعْدَ الرَّدِّ فِي عَارِيَّةِ الْأَرْضِ وَحُكْمِ الِاخْتِلَافِ وَهِيَ مِنْ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ كَالْوَكَالَةِ، فَحِينَئِذٍ (لِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ الْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ (رَدُّ الْعَارِيَّةِ) وَلَوْ مُؤَقَّتَةً بِوَقْتٍ لَمْ يَنْقَضِ أَمَدُهُ (مَتَى شَاءَ) لِأَنَّهَا مَبَرَّةٌ مِنْ الْمُعِيرِ وَارْتِفَاقٌ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ فَالْإِلْزَامُ غَيْرُ لَائِقٍ بِهَا، وَالرَّدُّ فِي الْمُعِيرِ بِمَعْنَى الِاسْتِرْدَادِ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ أَصْلُهُ، وَلَوْ اسْتَعْمَلَ الْمُسْتَعَارَ أَوْ الْمُبَاحَ لَهُ مَنَافِعُهُ بَعْدَ الرُّجُوعِ جَاهِلًا فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ، فَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ إنَّ الضَّمَانَ لَا يَخْتَلِفُ بِالْعِلْمِ وَالْجَهْلِ إذْ مَحَلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ تَسْلِيطِ الْمَالِكِ وَلَمْ يُقَصِّرْ بِتَرْكِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَيُسْتَعْمَلُ فِي ذَلِكَ) أَيْ فَإِنْ اسْتَعْمَلَهُ فِي غَيْرِهِ كَأَنْ تَغَطَّى بِهِ ضَمِنَ. (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ جَوَازِ الْعَارِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ بَعْدَ الرَّدِّ إلَخْ) أَيْ انْتِهَاءِ الْعَارِيَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ أَوْ انْتَهَتْ بِفَرَاغِ الْمُدَّةِ لِكَوْنِهَا مُؤَقَّتَةً (قَوْلُهُ: وَحُكْمُ الِاخْتِلَافِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَوُجُوبِ تَسْوِيَةِ الْحُفَرِ وَإِعْرَاضِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: وَارْتِفَاقٌ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ) أَيْ شَأْنُهَا ذَلِكَ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ قَدْ يَسْتَعِيرُ مَا هُوَ غَنِيٌّ عَنْ الِارْتِفَاقِ بِهِ لِوُجُودِ غَيْرِهِ فِي مِلْكِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَعْمَلَ الْمُسْتَعَارُ أَوْ الْمُبَاحُ لَهُ مَنَافِعَهُ) خَرَجَ بِهَا الْأَعْيَانُ فَإِنَّهَا مَضْمُونَةٌ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الرُّجُوعِ جَاهِلًا) وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ اسْتَعْمَلَ الْعَارِيَّةَ بَعْدَ جُنُونِ الْغَيْرِ غَيْرَ عَالِمٍ بِهِ فَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ لِأَنَّهُ بَعْدَ جُنُونِهِ لَيْسَ أَهْلًا لِلْإِبَاحَةِ اهـ حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ: أَوْ وَلَا يُنْسَبُ لَهُ تَقْصِيرٌ بِعَدَمِ الْإِعْلَامِ، وَمِثْلُ الْجُنُونِ إغْمَاؤُهُ أَوْ مَوْتُهُ فَتَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ مُطْلَقًا لِبُطْلَانِ الْإِذْنِ بِالْإِغْمَاءِ وَالْمَوْتِ (قَوْلُهُ فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ) وَانْظُرْ لَوْ اسْتَعْمَلَ الْعَيْنَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فِي الْإِعَارَةِ الْمُؤَقَّتَةِ جَاهِلًا بِانْقِضَائِهَا هَلْ هُوَ كَاسْتِعْمَالِهِ بَعْدَ الرُّجُوعِ فِي الْمُطْلَقَةِ حَتَّى لَا تَلْزَمَهُ أُجْرَةٌ أَوْ لَا وَيُفَرَّقُ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُقَالُ: الْأَقْرَبُ الْفَرْقُ، فَإِنَّ الِاسْتِعْمَالَ فِي الْمُؤَقَّتَةِ بَعْدَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ الْإِذْنُ أَصْلًا فَاسْتِعْمَالُهُ مَحْضُ تَعَدٍّ وَجَهْلُهُ إنَّمَا يُفِيدُ عَدَمَ الْإِثْمِ كَمَا لَوْ اسْتَعْمَلَ مَالَ غَيْرِهِ جَاهِلًا بِكَوْنِهِ مَالَهُ، وَقَدْ يُشْعِرُ بِالْفَرْقِ قَوْلُ الشَّارِحِ إذْ مَحَلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ تَسْلِيطِ الْمَالِكِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ الرُّجُوعِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الْمُسْتَعِيرِ الْمُسْتَعْمِلِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَارِثُهُ فِي وُجُوبِ الْأُجْرَةِ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَمْ يَشْمَلْهُ، هَذَا وَيَرُدُّ عَلَى قَوْلِهِ إذْ مَحَلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ تَسْلِيطِ الْمَالِكِ إلَخْ مَا ذَكَرَهُ فِي الْقَسَمِ وَالنُّشُوزِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَخْ (قَوْلُهُ فِي إطْلَاقِ الزِّرَاعَةِ) صَوَابُهُ فِي إطْلَاقِ الْإِعَارَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ، وَمُرَادُهُ بِهَذَا الرَّدِّ عَلَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي الشَّرْحِ الْمَذْكُورِ فَلْيُرَاجَعْ. [فَصْلٌ فِي بَيَانِ جَوَازِ الْعَارِيَّةِ وَمَا لِلْمُعِيرِ] (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ جَوَازِ الْعَارِيَّةِ (قَوْلُهُ: الَّذِي عَبَّرَ بِهِ أَصْلُهُ) الَّذِي فِي أَصْلِهِ إنَّمَا هُوَ التَّعْبِيرُ بِالرُّجُوعِ فَهُوَ قَدْ عَبَّرَ عَمَّا فِي الْأَصْلِ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: فَلَا يُنَافِيهِ) الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالْوَاوِ بَدَلَ الْفَاءِ

إعْلَامِهِ، وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي الْوَكَالَةِ بِأَنَّهَا عَقْدٌ وَالْإِعَارَةُ إبَاحَةٌ، وَإِنَّمَا ضَمِنَ وَكِيلٌ اقْتَصَّ جَاهِلًا بِعَفْوِ مُوَكِّلِهِ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِتَوْكِيلِهِ فِي الْقَوَدِ إذْ هُوَ غَيْرُ مُسْتَحَبٍّ، لِأَنَّ الْعَفْوَ مَطْلُوبٌ فَضَمِنَ زَجْرًا عَنْ التَّوْكِيلِ فِيهِ، وَلَوْ أَعَارَهُ لِحَمْلِ مَتَاعِهِ إلَى بَلَدٍ فَرَجَعَ قَبْلَ وُصُولِهِ لَزِمَهُ لَكِنْ بِالْأُجْرَةِ نَقْلُ مَتَاعِهِ إلَى مَأْمَنٍ، وَيَظْهَرُ أَنَّ مِثْلَهُ فِي ذَلِكَ نَفْسِهِ إذَا عَجَزَ عَنْ الْمَشْيِ أَوْ خَافَ وَعَلِمَ مِنْ جَوَازِهَا كَالْوَكَالَةِ انْفِسَاخَهَا بِمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَوْ جُنُونِهِ أَوْ إغْمَائِهِ أَوْ الْحَجْرِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ، وَكَذَا بِحَجْرِ فَلَسٍ عَلَى الْمُعِيرِ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ، وَحَيْثُ انْفَسَخَتْ أَوْ انْتَهَتْ وَجَبَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ أَوْ وَرَثَتِهِ إنْ مَاتَ رَدُّهَا فَوْرًا ـــــــــــــــــــــــــــــSأَبَاحَهُ ثَمَرَةَ بُسْتَانِهِ ثُمَّ رَجَعَ وَلَمْ يَعْلَمْ مَنْ أُبِيحَ لَهُ بِالرُّجُوعِ فَأَكَلَ الثَّمَرَةَ مِنْ أَنَّهُ يَضْمَنُ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَنَافِعِ وَالْأَعْيَانِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَخُصَّ بِالْمَنَافِعِ أَوْ أَنَّهُ جَرَى هُنَا عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الْمَنَافِعَ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ حَيْثُ اسْتَوْفَاهَا جَاهِلًا بِالرُّجُوعِ لِتَسْلِيطِ الْمَالِكِ لَهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْبَائِعَ لَوْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِي الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ فَفَسَخَ الْعَقْدَ وَلَمْ يُعْلِمْ بِذَلِكَ الْمُشْتَرِيَ فَاسْتَعْمَلَ الْمَبِيعَ جَاهِلًا لَمْ يَضْمَنْ مَا اسْتَوْفَاهُ مِنْ الْمَنَافِعِ، بِخِلَافِ الْأَعْيَانِ كَاللَّبَنِ فَإِنَّهَا مَضْمُونَةٌ عَلَيْهِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُشْتَرِي لَوْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِي الْمَبِيعِ فَفَسَخَ الْعَقْدَ وَلَمْ يُعْلِمْ بِهِ الْبَائِعَ وَاسْتَعْمَلَ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ أَوْ اسْتَوْفَى مِنْهُ عَيْنًا وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي نَظَائِرِهِ (قَوْلُهُ: تَوْجِيهًا لِلتَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ فِي الضَّمَانِ) بِقَوْلِهِ إذْ مَحَلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ تَسْلِيطِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُقَصِّرْ) أَيْ الْمُعِيرُ، وَقَوْلُهُ بِتَرْكِ إعْلَامِهِ أَيْ الْمُسْتَعِيرِ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي الْوَكَالَةِ) حَيْثُ قِيلَ بِبُطْلَانِ تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ بَعْدَ عَزْلِ الْمُوَكَّلِ لَهُ وَقَبْلَ بُلُوغِ الْخَبَرِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا ضَمِنَ وَكِيلٌ) أَيْ بِالدِّيَةِ لَا بِالْقِصَاصِ (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ غَيْرُ مُسْتَحَبٍّ) أَيْ بَلْ يَنْبَغِي كَرَاهَتُهُ (قَوْلُهُ فَرَجَعَ) أَيْ الْمُعِيرُ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ) أَيْ الْمُعِيرَ (قَوْلُهُ إذَا عَجَزَ عَنْ الْمَشْيِ) أَيْ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى مَا ادَّعَاهُ (قَوْلُهُ: أَوْ جُنُونِهِ) هَذَا شَامِلٌ لِمَا لَوْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ غَيْرَ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِ كَأَنْ كَانَتْ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ أَوْ دَعَتْ إلَيْهَا ضَرُورَةٌ فَهَلَّا قِيلَ بِعَدَمِ انْفِسَاخِهَا، وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ لِجَوَازِ إنْشَائِهَا مِنْ الْوَلِيِّ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَ الِانْتِفَاعُ بِهَا مُسْتَنِدًا لِعَقْدِ الْمُسْتَعِيرِ وَقَدْ زَالَتْ أَهْلِيَّتُهُ قُلْنَا بِبُطْلَانِ عَقْدِهِ، وَلَيْسَ ثَمَّ مَا يَسْتَنِدُ إلَيْهِ فِي الِانْتِفَاعِ لِيَكُونَ اسْتِدَامَةً، وَالْوَلِيُّ مُتَمَكِّنٌ مِنْ إنْشَاءِ الْعَقْدِ إنْ أَرَادَهُ بِأَنْ رَآهُ مَصْلَحَةً (قَوْلُهُ: أَوْ الْحَجْرِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ) أَيْ عَلَى أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا بِحَجْرِ فَلَسٍ) لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُفْلِسَ تَجُوزُ لَهُ إعَارَةُ عَيْنٍ مِنْ مَالِهِ زَمَنًا لَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ، وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا كَانَ الْبَاقِي مِنْ الْمُدَّةِ مَثَلًا كَذَلِكَ عَدَمُ الِانْفِسَاخِ (قَوْلُهُ: أَوْ انْتَهَتْ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ مُؤَقَّتَةً بِمُدَّةٍ وَانْقَضَتْ (قَوْلُهُ: رَدَّهَا فَوْرًا) ظَاهِرُهُ وُجُوبُ الرَّدِّ فَوْرًا عَلَى الْمَالِكِ وَإِنْ اسْتَعَارَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَا يَكْفِي الرَّدُّ عَلَيْهِ، لَكِنْ قَدَّمْت فِي الْإِقْرَارِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ غَصَبُوا مِنْ زَيْدٍ إلَخْ أَنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ يُرَدُّ عَلَيْهِ وَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَوَارِثُهُ كَذَلِكَ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي كَوْنِ مَا ذَكَرَ قَضِيَّةُ كَلَامِهِ إذْ مُجَرَّدُ قَوْلِهِ وَجَبَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ إلَخْ لَا يَقْتَضِي قَصْرَ الرَّدِّ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ ضَمِنَ وَكِيلٌ اقْتَصَّ جَاهِلًا إلَخْ) فِي هَذَا الِاسْتِنْتَاجِ وَقْفَةٌ لَا تَخْفَى، سِيَّمَا وَقَدْ عَلَّلَ الْحُكْمَ بِمَا يَأْتِي فَهُوَ غَيْرُ مَعْلُومٍ مِمَّا قَبْلَهُ حَتَّى يُسْتَنْتَجَ مِنْهُ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَإِنَّمَا ضَمِنَ وَكِيلٌ إلَخْ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِسِيَاقِ شَرْحِ الرَّوْضِ، إذْ هُوَ جَوَابٌ عَمَّا يَرِدُ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الِاخْتِلَافِ بِالْعِلْمِ وَالْجَهْلِ عِنْدَ عَدَمِ تَسْلِيطِ الْمَالِكِ فَيُقَالُ: مَسْأَلَةُ الْوَكَالَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهَا تَسْلِيطٌ فَلِمَ ضَمِنَ الْوَكِيلُ مُطْلَقًا؟ فَأَجَابَ بِمَا ذَكَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

كَمَا مَرَّ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْمُعِيرُ، فَإِنْ أُخِّرَ الْوَرَثَةُ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِمْ ضُمِنَتْ فِي التَّرِكَةِ وَلَا أُجْرَةَ وَإِلَّا ضَمِنُوهَا مَعَ الْأُجْرَةِ، وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ فِي هَذِهِ عَلَيْهِمْ وَفِيمَا قَبْلَهَا عَلَى التَّرِكَةِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَمْ يَلْزَمْهُمْ سِوَى التَّخْلِيَةِ، وَكَالْوَرَثَةِ فِي ذَلِكَ وَلِيُّهُ لَوْ جُنَّ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ. وَالْمُرَادُ بِجَوَازِ الْعَارِيَّةِ جَوَازُهَا أَصَالَةً وَإِلَّا فَقَدْ يَعْرِضُ لَهَا اللُّزُومُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (إلَّا إذَا) (أَعَارَ لِدَفْنِ) مَيِّتٍ مُحْتَرَمٍ وَدُفِنَ (فَلَا يَرْجِعُ حَتَّى يَنْدَرِسَ أَثَرُ الْمَدْفُونِ) بِحَيْثُ لَا يَبْقَى مِنْهُ شَيْءٌ فَيَرْجِعُ حِينَئِذٍ بِأَنْ يَكُونَ قَدْ أُذِنَ لَهُ فِي تَكْرِيرِ الدَّفْنُ وَإِلَّا فَالْعَارِيَّةُ انْتَهَتْ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ دُفِنَ بِحَقٍّ وَفِي النَّبْشِ هَتْكُ حُرْمَةٍ، وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ عَجْبُ الذَّنَبِ فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَنْدَرِسْ إلَّا أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْأَجْزَاءِ الَّتِي تُحَسُّ وَهُوَ لَا يُحَسُّ، وَحُكْمُ الْوَرَثَةِ حُكْمُ مُوَرِّثِهِمْ فِي عَدَمِ الرُّجُوعِ، وَلَا أُجْرَةَ لِذَلِكَ مُحَافَظَةً عَلَى حُرْمَةِ الْمَيِّتِ وَلِقَضَاءِ الْعُرْفِ بِعَدَمِ الْأُجْرَةِ وَالْمَيِّتُ لَا مَالَ لَهُ، وَعُلِمَ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالِانْدِرَاسِ لُزُومُهَا فِي دَفْنِ النَّبِيِّ وَالشَّهِيدِ لِعَدَمِ بَلَائِهِمَا، فَلَا يَرِدُ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ إنْ رَجَعَ بَعْدَ تَمَامِ الدَّفْنِ، فَلَوْ رَجَعَ بَعْدَ وَضْعِ الْمَيِّتِ فِي الْقَبْرِ وَلَمْ يُوَارَ لَمْ يُؤَثِّرْ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نُقِلَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْمُتَوَلِّي مِنْ غَيْرِ مُخَالَفَةٍ جَوَازُهُ وَلِلْمُعِيرِ سَقْيُ شَجَرَةِ الْمَقْبَرَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى الْمَالِكِ. (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي مَوْتِ الْمُعَارِ وَبِهَا عَبَّرَ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَا أُجْرَةَ) أَيْ لِلْعَيْنِ الْمُعَارَةِ فِي مُدَّةِ التَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا ضَمِنُوهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَضَعْ أَحَدٌ مِنْهُمْ يَدَهُ عَلَيْهَا، وَلَعَلَّ مَحَلَّهُ إذَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وُصُولُهَا إلَى مُسْتَحِقِّهَا. وَوَجْهُهُ أَنَّهُ خَلِيفَةُ الْمُوَرِّثِ فَيَلْزَمُهُ مَا يَلْزَمُهُ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ وَلَا تَوَقَّفَ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ تَوَقَّفَ رَدُّهَا عَلَى وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا فَأَخَذَهَا لِيَرُدَّهَا عَلَى مَالِكِهَا فَتَلِفَتْ لَمْ يَضْمَنْهَا كَمَا لَوْ تَلِفَتْ قَبْلَ وَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَفِيمَا قَبْلَهَا) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِمَا قَبْلَهَا أَنَّهُمْ حَيْثُ رَدُّوا فَوْرًا أَوْ عَقِبَ زَوَالِ الْمَانِعِ مِنْ الرَّدِّ لَا أُجْرَةَ عَلَيْهِمْ إذْ لَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ الرَّدِّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ) أَيْ التَّرِكَةُ (قَوْلُهُ لَوْ جُنَّ) لَمْ يَقُلْ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ لَا وَلِيَّ لَهُ إلَّا إنْ زَادَتْ مُدَّةُ إغْمَائِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: وَكَالْوَرَثَةِ فِي ذَلِكَ وَلِيُّهُ) أَيْ الْمُسْتَعِيرُ (قَوْلُهُ: لِدَفْنِ مَيِّتٍ مُحْتَرَمٍ) وَهُوَ كُلُّ مَنْ وَجَبَ دَفْنُهُ فَيَدْخُلُ فِيهِ الزَّانِي الْمُحْصِنُ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ وَالذِّمِّيُّ وَقَاطِعُ الطَّرِيقِ، وَخَرَجَ بِالْمُعِيرِ الْمُسْتَأْجِرُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفِنَ مَوْتَاهُ فِيهَا إلَّا إنْ عَمَّمَ لَهُ الْمُؤَجِّرُ فِي الِانْتِفَاعِ وَنَصَّ لَهُ عَلَى الدَّفْنِ بِخُصُوصِهِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ فَهَلْ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُعِيرَهَا لِغَيْرِهِ لِلدَّفْنِ فِيهَا لِجَوَازِ ذَلِكَ لَهُ فَيَنْزِلُ مَنْزِلَتَهُ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَدُفِنَ) بَقِيَ مَا لَوْ وُضِعَ فِي الْقَبْرِ بِالْفِعْلِ ثُمَّ أُخْرِجَ مِنْهُ لِغَرَضٍ مَا كَتَوْسِعَةِ الْقَبْرِ أَوْ إصْلَاحِ كَفَنِهِ مَثَلًا فَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا قِيلَ فِيمَا لَوْ أَظْهَرَهُ سَيْلٌ أَوْ سَبُعٌ الْآتِي (قَوْلُهُ: فَلَا يَرْجِعُ حَتَّى يَنْدَرِسَ) وَيُعْلَمَ ذَلِكَ بِمُضِيِّ مُدَّةٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ انْدِرَاسُهُمْ فِيهَا (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ قَدْ أَذِنَ لَهُ) تَصْوِيرٌ لِصُورَةِ الرُّجُوعِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ الْكَلَامَ) الْأَوْلَى لِأَنَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي الْأَجْزَاءِ الَّتِي تُحَسُّ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ كُلَّ مَا لَا يُحَسُّ مِنْ الْأَجْزَاءِ كَعَجْبِ الذَّنَبِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لُزُومُهَا) أَيْ الْعَارِيَّةِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ بَلَائِهِمَا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مِثْلَهُمَا غَيْرُهُمَا مِمَّنْ ثَبَتَ فِيهِمْ عَدَمُ الِانْدِرَاسِ، وَلَعَلَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ لِعَدَمِ عِلْمِنَا بِالشُّرُوطِ الْمُقْتَضِيَةِ لِعَدَمِ بَلَائِهِمْ (قَوْلُهُ: فَلَوْ رَجَعَ بَعْدَ وَضْعِ الْمَيِّتِ) أَيْ أَوْ إدْلَائِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ وَعِبَارَتُهُ بَلْ يَتَّجِهُ امْتِنَاعُ الرُّجُوعِ بِمُجَرَّدِ إدْلَائِهِ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى أَرْضِ الْقَبْرِ لِأَنَّ فِي عَوْدِهِ مِنْ هَوَاءِ الْقَبْرِ بَعْدَ إدْلَائِهِ إزْرَاءً بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَوْلُ سم بِمُجَرَّدِ إدْلَائِهِ: أَيْ أَوْ إدْلَاءِ بَعْضِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: لَمْ يُؤَثِّرْ) أَيْ الرُّجُوعُ (قَوْلُهُ: وَلِلْمُعِيرِ سَقْيُ شَجَرَةِ الْمَقْبَرَةِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِلَّا ضَمِنُوهَا) أَيْ: فِي أَمْوَالِهِمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يُؤَثِّرْ) هُوَ عَيْنُ مَا قَبْلَهُ فَكَانَ اللَّائِقُ خِلَافَ هَذَا التَّعْبِيرِ. وَحَاصِلُ الْمُغَايَرَةِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ الْخِلَافُ فِي هَذَا وَالْوِفَاقُ فِي ذَاكَ، فَكَأَنَّهُ قَالَ:

إنْ أَمِنَ ظُهُورَ شَيْءٍ مِنْ الْمَيِّتِ وَضَرَرِهِ، وَلَوْ أَظْهَرَهُ السَّيْلُ مِنْ قَبْرِهِ وَجَبَ إعَادَتُهُ فِيهِ فَوْرًا مَا لَمْ يُمْكِنْ حَمْلُهُ إلَى مَوْضِعٍ مُبَاحٍ يُمْكِنُ دَفْنُهُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ فَلَا يَجُوزُ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَعَلَى الْمُعِيرِ لِوَلِيِّ الْمَيِّتِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ مُؤْنَةُ حَفْرِ مَا رَجَعَ فِيهِ قَبْلَ الدَّفْنِ لِأَنَّهُ الْمُوَرِّطُ لَهُ، وَفَارَقَ مَا لَوْ بَادَرَ إلَى الْأَرْضِ بَعْدَ تَكْرِيبِ الْمُسْتَعِيرِ لَهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ التَّكْرِيبِ بِأَنَّ الدَّفْنَ لَا يُمْكِنُ بِدُونِ الْحَفْرِ وَالزَّرْعُ يُمْكِنُ بِدُونِ التَّكْرِيبِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَعَارَهُ لِغِرَاسٍ أَوْ بِنَاءٍ مِنْ لَازِمِهِ التَّكْرِيبُ وَرَجَعَ بَعْدَهُ غَرِمَ لَهُ أُجْرَةَ الْحَفْرِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَوْ انْفَسَخَتْ بِنَحْوِ جُنُونِ الْمُعِيرِ لَمْ تَلْزَمْهُ مُؤْنَةُ حَفْرِ الْقَبْرِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ، وَلَا يَلْزَمُ الْوَارِثَ طَمُّ مَا حَفَرَهُ لِلْإِذْنِ لَهُ فِيهِ. وَفِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَيَانِ: لَوْ أَعَارَهُ أَرْضًا لِحَفْرِ بِئْرٍ فِيهَا صَحَّ، فَإِذَا نَبَعَ الْمَاءُ جَازَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَخْذُهُ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ بِالْإِبَاحَةِ وَلِلْمُتَوَلِّي تَفْصِيلٌ حَاصِلُهُ أَنَّ لِلْمُعِيرِ إذَا رَجَعَ مَنْعَهُ مِنْ الِاسْتِقَاءِ وَلَهُ طَمُّهَا مَعَ غُرْمِ مَا الْتَزَمَهُ مِنْ الْمُؤْنَةِ وَتَمَلُّكُهَا بِالْبَدَلِ إنْ كَانَ لَهُ فِيهَا عَيْنٌ كَآجُرٍّ وَخَشَبٍ، وَإِلَّا فَإِنْ قُلْنَا الْقُصَارَةُ وَنَحْوُهَا كَالْأَعْيَانِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا، وَالتَّقْرِيرُ بِأُجْرَةٍ إنْ احْتَاجَ الِاسْتِقَاءَ إلَى نَحْوِ اسْتِطْرَاقٍ فِي مِلْكِهِ وَأَخْذُهَا فِي مُقَابَلَتِهِ، فَإِنْ أَخَذَهَا فِي مُقَابَلَةِ الْمَاءِ فَلَا بُدَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ وَإِنْ حَدَثَتْ بَعْدَ الدَّفْنِ لِجَوَازِ تَصَرُّفِهِ فِي ظَاهِرِ الْأَرْضِ بِمَا لَا يَضُرُّ الْمَيِّتَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَظْهَرَهُ السَّيْلُ) أَيْ أَوْ السَّبُعُ (قَوْلُهُ: وَجَبَ إعَادَتُهُ فِيهِ فَوْرًا) أَيْ عَلَى كُلِّ مَنْ عَلِمَ بِهِ فَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ،، وَاعْتَمَدَ م ر أَنَّهُ إنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ لَمْ تُقْسَمْ سم فَمُؤْنَةُ الرَّدِّ فِيهَا وَإِنْ قُسِمَتْ سم فَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَإِلَّا فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ كَمَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ سُرِقَ كَفَنُهُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ) أَيْ عَنْ مُدَّةِ إرْجَاعِهِ لِلْأَوَّلِ بِأَنْ كَانَ مُسَاوِيًا أَوْ أَقْرَبَ (قَوْلُهُ: فَلَا تَجُوزُ) أَيْ إعَادَتُهُ، وَالْأَوْلَى فَلَا تَجِبُ لِأَنَّهُ حَيْثُ كَانَ الْمُبَاحُ مُسَاوِيًا لِلْأَوَّلِ أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ بَلْ أَوْ أَقْرَبَ فَلَا مَعْنَى لِوُجُوبِ إعَادَتِهِ لِلْأَوَّلِ لِأَنَّ عَوْدَهُ إلَيْهِ لَا إزْرَاءَ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ وَيُمْكِنُ تَخْصِيصُ عَدَمِ الْجَوَازِ بِمَا إذَا كَانَ مَحَلُّهُ أَبْعَدَ مِنْ الْمُبَاحِ أَوْ كَانَ عَوْدُهُ إلَى الْأَوَّلِ يَحْتَاجُ إلَى إصْلَاحِ الْقَبْرِ (قَوْلُهُ: لِوَلِيِّ الْمَيِّتِ) أَيْ وَارِثِهِ (قَوْلُهُ: مُؤْنَةُ حَفْرِ مَا رَجَعَ فِيهِ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ حَفَرَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ اسْتَأْجَرَ مَنْ يَحْفِرُ لَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ حَفَرَهُ لَهُ مُتَبَرِّعٌ بِقَصْدِ الْمُسْتَعِيرِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْمُوَرِّطُ لَهُ) أَيْ إعَارَتُهُ إيَّاهُ الْأَرْضَ فَمَنْعُهُ مِنْ الدَّفْنِ تَقْصِيرٌ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ بَادَرَ إلَخْ) أَيْ بَادَرَ الْمُعِيرُ إلَى الرُّجُوعِ فِي الْأَرْضِ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ تَكْرِيبٍ: أَيْ حَرْثٍ، وَقَوْلُهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ: أَيْ مِنْ قَوْلِهِ بِأَنَّ الدَّفْنَ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ بِنَاءٍ) أَيْ أَوْ زَرْعٍ (قَوْلُهُ: غَرِمَ لَهُ أُجْرَةَ الْحَفْرِ وَهُوَ كَذَلِكَ) . قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَمَا ذَكَرَ: قَالَ م ر: وَصُورَةُ مَسْأَلَةِ الْقَبْرِ أَنْ يَكُونَ الْحَافِرُ الْوَارِثَ، فَلَوْ كَانَ الْحَافِرُ الْمَيِّتَ بِأَنْ اسْتَعَارَ الْأَرْضَ لِيَحْفِرَ لَهُ فِيهَا قَبْرًا فَحَفَرَهُ ثُمَّ مَاتَ فَرَجَعَ الْمُعِيرُ لَمْ يَغْرَمْ أُجْرَةَ الْحَفْرِ، وَأَظُنُّهُ عَلَّلَهُ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيمَا حَفَرَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ (قَوْلُهُ: كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ) لَعَلَّهُ بِمُلَاحَظَةِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ رُجُوعَهُ بَعْدَ الْإِذْنِ تَقْصِيرٌ وَإِضْرَارٌ وَهُمَا مُنْتَفِيَانِ هُنَا (قَوْلُهُ: لِلْإِذْنِ لَهُ) أَيْ لِلْوَارِثِ (قَوْلُهُ: وَلِلْمُتَوَلِّي إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ الْمُعِيرِ طَمُّهَا مَعَ غُرْمِ مَا الْتَزَمَهُ: أَيْ الْمُعِيرُ بِتَوْرِيطِ الْمُسْتَعِيرِ فِي الْحَفْرُ وَالْمُرَادُ بِالْمُؤْنَةِ مَا يُقَابِلُ الْحَفْرَ عَادَةً لَا مَا صَرَفَهُ الْمُسْتَعِيرُ عَلَى الْحَفْرِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ لَهُ) أَيْ الْمُسْتَعِيرِ (قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ) أَيْ لَهُ تَمَلُّكُهَا بِالْبَدَلِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِتَمَلُّكِهَا غُرْمُ مَا زَادَ فِي قِيمَتِهَا بِسَبَبِ الْحَفْرِ (قَوْلُهُ: وَأَخَذَهَا) أَيْ الْأُجْرَةَ وَقَوْلُهُ فِي مُقَابَلَتِهِ: أَيْ الِاسْتِطْرَاقِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلَوْ رَجَعَ بَعْدَ وَضْعِ الْمَيِّتِ فَفِيهِ خِلَافٌ الْمُعْتَمَدُ مِنْهُ عَدَمُ التَّأْثِيرِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: مِنْ لَازِمِهِ التَّكْرِيبُ) الْأَوْلَى الْحَفْرُ وَالتَّكْرِيبُ الْحَرْثُ (قَوْلُهُ: وَلِلْمُتَوَلِّي تَفْصِيلٌ حَاصِلُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: إنْ قَصَدَ أَنْ يَسْتَقِيَ مِنْهَا فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ إذَا رَجَعَ الْمُعِيرُ فَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ الِاسْتِقَاءِ، وَإِنْ أَرَادَ طَمَّهَا وَيَغْرَمُ مَا الْتَزَمَهُ مِنْ الْمُؤْنَةِ جَازَ، وَإِنْ

مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ أَوْ تَرْكِ الطَّمِّ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ وَضْعَ الْإِجَارَةِ جَلْبُ النَّفْعِ لَا دَفْع الضَّرَرِ، فَإِنْ كَانَتْ بِئْرُ حُشٍّ أَوْ يَجْتَمِعُ فِيهَا مَاءُ الْمَزَارِيبِ، وَأَرَادَ الطَّمَّ أَوْ التَّمَلُّكَ فَكَمَا مَرَّ، أَوْ التَّقْرِيرُ بِعِوَضٍ فَكَمَا لَوْ صَالَحَ عَلَى إجْرَاءِ الْمَاءِ عَلَى سَطْحٍ بِمَالٍ وَإِلَّا إذَا أَعَارَ كَفَنًا وَكُفِّنَ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يُدْفَنْ فَإِنَّ الْأَصَحَّ بَقَاؤُهُ عَلَى مِلْكِهِ وَلَا يَرْجِعُ فِيهِ حَتَّى يَنْدَرِسَ أَيْضًا، وَإِلَّا إذَا قَالَ أَعِيرُوا دَارِي بَعْدَ مَوْتِي لِزَيْدٍ سَنَةً مَثَلًا وَخَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ فَيَمْتَنِعُ عَلَى الْوَارِثِ الرُّجُوعُ، أَوْ نَذَرَ أَنْ يُعِيرَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً أَوْ أَنْ لَا يَرْجِعَ، وَإِلَّا إذَا رَجَعَ مُعِيرُ سَفِينَةٍ بِهَا أَمْتِعَةٌ مَوْضُوعَةٌ وَهِيَ فِي اللُّجَّةِ وَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ مِنْ حِينَئِذٍ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ كَمَا لَوْ رَجَعَ قَبْلَ انْتِهَاءِ الزَّرْعِ. وَإِلَّا إذَا أَعَارَ ثَوْبًا لِلسِّتْرِ أَوْ الْفَرْشِ عَلَى نَجِسٍ فِي مَفْرُوضَةٍ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ لِحُرْمَةِ قَطْعِ الْفَرْضِ، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْبَحْرِ لَيْسَ لِلْمُعِيرِ الِاسْتِرْدَادُ وَلَا لِلْمُسْتَعِيرِ الرَّدُّ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الصَّلَاةِ، لَكِنْ يَرُدُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الْمَجْمُوعِ: لَوْ رَجَعَ الْمُعِيرُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ نَزَعَهُ وَبَنَى عَلَى صَلَاتِهِ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ بِلَا خِلَافٍ، وَقِيَاسُهُ ذَلِكَ فِي الْمَفْرُوشِ عَلَى النَّجِسِ إلَّا أَنَّ عَلَيْهِ الْإِعَادَةَ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالْأَوْجَهُ لُزُومُ الِاقْتِصَارِ عَلَى أَقَلِّ مُجْزِئٍ مِنْ وَاجِبَاتِهَا بَعْدَ الرُّجُوعِ، وَقَدْ حَمَلَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلَ عَلَى مَا إذَا اسْتَعَارَ ذَلِكَ لِيُصَلِّيَ فِيهِ الْفَرْضَ وَرَجَعَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فَهِيَ لَازِمَةٌ مِنْ جِهَتِهِمَا. وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا اسْتَعَارَهَا لِمُطْلَقِ الصَّلَاةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَقَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ شُرُوطِ الْبَيْعِ وَذَلِكَ بِأَنَّهُ يَبِيعُهُ الْأَرْضَ وَمَا فِيهَا مِنْ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَرَكَ الطَّمَّ لَمْ يَجُزْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا خَلَا عَنْ الِاسْتِطْرَاقِ فِي مِلْكِهِ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ الَّتِي حَفَرَ فِيهَا الْبِئْرَ تُقَابَلُ فِي نَفْسِهَا بِأُجْرَةٍ، وَيَنْبَغِي جَوَازُ أَخْذِ الْأُجْرَةِ لِمِثْلِ تِلْكَ الْأَرْضِ مُجَرَّدَةً عَنْ الْحَفْرِ (قَوْلُهُ: فَكَمَا مَرَّ) مِنْ جَوَازِ الطَّمِّ إنْ غَرِمَ لَهُ الْمُؤْنَةَ. وَمِنْ التَّخْيِيرِ بَيْنَ التَّمَلُّكِ بِالْقِيمَةِ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فَكَمَا لَوْ صَالَحَ عَلَى إجْرَاءِ الْمَاءِ إلَخْ) أَيْ فَيَجُوزُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا إذَا أَعَارَ كَفَنًا إلَخْ) وَلَوْ أَعَارَ كَفَنًا فَيَنْبَغِي امْتِنَاعُ الرُّجُوعِ بِوَضْعِ الْمَيِّتِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُلَفَّ عَلَيْهِ لِأَنَّ فِي أَخْذِهِ إزْرَاءً بِالْمَيِّتِ بَعْدَ الْوَضْعِ، وَيَتَّجِهُ عَدَمُ الْفَرْقِ فِي الِامْتِنَاعِ بَيْنَ الثَّوْبِ الْوَاحِدِ وَالثَّلَاثِ بَلْ وَالْخَمْسِ بِخِلَافِ مَا زَادَ م ر: وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُلَفَّ عَلَيْهِ: أَيْ بِخِلَافِ هَوِيِّهِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ وَضْعٍ فَلَا يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا إذَا رَجَعَ مُعِيرُ سَفِينَةٍ بِهَا إلَخْ) قَالَ سم عَلَى حَجّ أَيْ فَيَلْزَمُهُ الصَّبْرُ إلَى أَقْرَبِ مَأْمَنٍ: أَيْ وَلَوْ مَبْدَأَ السَّيْرِ حَتَّى يَجُوزَ لَهُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ إنْ كَانَ أَقْرَبَ، وَقَوْلُهُ وَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ إلَخْ ظَاهِرُ الْعِبَارَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنَّهُ حَيْثُ قِيلَ بِوُجُوبِ الْأُجْرَةِ اسْتَوْقَفَ وُجُوبُهَا عَلَى عَقْدٍ، بَلْ حَيْثُ رَجَعَ وَجَبَ لَهُ أُجْرَةٌ مِثْلُ كُلِّ مُدَّةٍ مَضَتْ، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ حَيْثُ وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ صَارَتْ الْعَيْنُ أَمَانَةً لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ فِي الْأَصْلِ عَارِيَّةً صَارَ لَهَا حُكْمُ الْمُسْتَأْجَرَةِ. [فَائِدَةٌ] كُلُّ مَسْأَلَةٍ امْتَنَعَ عَلَى الْمُعِيرِ الرُّجُوعُ فِيهَا تَجِبُ لَهُ الْأُجْرَةُ إلَّا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ: إذَا أَعَارَ أَرْضًا لِلدَّفْنِ فِيهَا فَلَا رُجُوعَ لَهُ قَبْلَ انْدِرَاسِ الْمَيِّتِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ، وَمِثْلُهَا إعَارَةُ الثَّوْبِ لِلتَّكْفِينِ فِيهِ لِعَدَمِ جَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالْمُقَابِلِ، وَإِذَا أَعَارَ الثَّوْبَ لِصَلَاةِ الْفَرْضِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ أَيْضًا، وَمِثْلُهَا إذَا أَعَارَ سَيْفًا لِلْقِتَالِ، فَإِذَا الْتَقَى الصَّفَّانِ امْتَنَعَ الرُّجُوعُ وَلَا أُجْرَةَ لِقِلَّةِ زَمَنِهِ عَادَةً كَمَا يُفِيدُ ذَلِكَ كَلَامُ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَنَقْلُ اعْتِمَادِ م ر فِيهِ (قَوْلُهُ: وَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ مِنْ حِينَئِذٍ) أَيْ الرُّجُوعِ فِي السَّفِينَةِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: لِحُرْمَةِ قَطْعِ الْفَرْضِ) وَيَنْبَغِي لُزُومُ الْأُجْرَةِ حَيْثُ كَانَ الْبَاقِي مِنْ زَمَنِ الصَّلَاةِ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ، لَكِنْ فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا يُخَالِفُهُ، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ الْعُرْفَ قَاضٍ بِعَدَمِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ لِذَلِكَ كَمَا قِيلَ بِهِ فِيمَا لَوْ رَجَعَ فِي الْأَرْضِ بَعْدَ الْإِعَارَةِ لِلدَّفْنِ (قَوْلُهُ الْأَوَّلَ عَلَى مَا إذَا اسْتَعَارَ إلَخْ) هُوَ قَوْلُ الْبَحْرِ لَيْسَ لِلْمُعِيرِ الِاسْتِرْدَادُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالثَّانِيَ عَلَى مَا إذَا اسْتَعَارَهَا) وَهُوَ قَوْلُ الْمَجْمُوعِ لَوْ رَجَعَ الْمُعِيرُ نَزَعَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَرَادَ تَمَلُّكَهَا بِالْبَدَلِ؛ فَإِنْ كَانَ لَهُ فِيهَا عَيْنٌ كَآجُرٍّ وَخَشَبٍ جَازَ كَمَا فِي الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ تَرْكٍ) بِالْجَرِّ (قَوْلُهُ: أَمْتِعَةٌ مَوْضُوعَةٌ) كَذَا فِي النُّسَخِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: أَمْتِعَةٌ مَعْصُومَةٌ، وَلَعَلَّ مَا فِي الشَّرْحِ مُحَرَّفٌ عَنْهُ مِنْ النُّسَّاخِ

فَتَكُونُ لَازِمَةً مِنْ جِهَةِ الْمُسْتَعِيرِ فَقَطْ إنْ أَحْرَمَ بِفَرْضٍ، وَلِلْمُعِيرِ الرُّجُوعُ وَنَزْعُ الثَّوْبِ، وَلَا إعَادَةَ وَجَائِزَةٌ مِنْ جِهَتِهِمَا إنْ أَحْرَمَ بِنَفْلٍ، وَإِلَّا إذَا أَعَارَ سُتْرَةً لِيَسْتَتِرَ بِهَا فِي الْخَلْوَةِ أَوْ أَعَارَ دَارًا لِسُكْنَى مُعْتَدَّةٍ فَهِيَ لَازِمَةٌ مِنْ جِهَةِ الْمُسْتَعِيرِ، وَإِلَّا إذَا أَعَارَ جِذْعًا لِيَسْنُدَ بِهِ جِدَارًا مَائِلًا فَيَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ فِيمَا يَظْهَرُ وِفَاقًا لِلْبَحْرِ، وَالْأَوْجَهُ ثُبُوتُ الْأُجْرَةِ لَهُ، وَكَذَا لَوْ أَعَارَ مَا يَدْفَعُ بِهِ عَمَّا يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهُ كَآلَةٍ لِسَقْيٍ مُحْتَرَمٍ أَوْ مَا يَقِي نَحْوُ بَرْدٍ مُهْلِكٍ أَوْ مَا يُنْقِذُ بِهِ غَرِيقًا، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ ثُبُوتُ الْأُجْرَةِ أَيْضًا. (وَإِذَا) (أَعَارَ لِلْبِنَاءِ أَوْ) لِغَرْسِ (الْغِرَاسِ وَلَمْ يَذْكُرْ مُدَّةً) بِأَنْ أَطْلَقَ (ثُمَّ رَجَعَ) بَعْدَ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ (إنْ كَانَ) الْمُعِيرُ (شَرَطَ الْقَلْعَ مَجَّانًا) أَيْ بِلَا بَدَلٍ (لَزِمَهُ) عَمَلًا بِالشَّرْطِ، فَإِنْ امْتَنَعَ فَلِلْمُعِيرِ الْقَلْعُ، وَيَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ أَيْضًا تَسْوِيَةُ حَفْرٍ إنْ شَرَطَهَا وَإِلَّا فَلَا، وَاحْتَرَزَ بِمَجَّانًا عَمَّا لَوْ شَرَطَ الْقَلْعَ وَغُرْمَ أَرْشِ النَّقْصِ. فَيَلْزَمُهُ، وَإِنْ ذَهَبَ جَمْعٌ تَبَعًا لِلنَّصِّ وَالْجُمْهُورِ إلَى أَنَّ الصَّوَابَ حَذْفُ مَجَّانًا، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي وُقُوعِ شَرْطِ الْقَلْعِ بِلَا أَرْشٍ أَوْ مَعَهُ صُدِّقَ الْمُعِيرُ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْعَارِيَّةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSوَبَنَى عَلَى صَلَاتِهِ (قَوْلُهُ: إنْ أَحْرَمَ بِفَرْضٍ) وَعَلَى هَذَا لَوْ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ صَلَاتِهِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا لَيْسَ لَهُ إعَادَتُهَا فِي الثَّوْبِ إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ، كَذَا نُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ سم بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ، وَأَمَّا إذَا تَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي الْأَثْنَاءِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا يَطُولُ زَمَنُهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ كَانَ كَالتَّبَيُّنِ بَعْدَهَا، وَإِنْ كَانَ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ بِحَيْثُ يَكُونُ الْمَاضِي قَبْلَ التَّبَيُّنِ مِمَّا يَقَعُ قَدْرُهُ فِي تَطْوِيلُ الصَّلَاةِ عَادَةً جَازَ إعَادَتُهَا فِيهِ بِلَا إذْنٍ، لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ بُطْلَانَهَا وَطُولَ ذَلِكَ الْقَدْرِ لَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ، وَبَقِيَ مَا لَوْ اسْتَعَارَ سُتْرَةً لِصَلَاةٍ فَصَلَّى غَيْرَهَا هَلْ لِلْمُعِيرِ الرُّجُوعُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: إنْ أَحْرَمَ بِمِثْلِهَا أَوْ دُونَهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ عَدَدًا مِنْهَا كَأَنْ أَعَارَهُ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ فَصَلَّى الظُّهْرَ مَثَلًا فَلَهُ الرُّجُوعُ، وَهَلْ يَرْجِعُ مِنْ الِابْتِدَاءِ أَوْ بَعْدَ صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ نُقِلَ عَنْ سم بِالدَّرْسِ الثَّانِي، وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ اسْتَعَارَهُ لِيُصَلِّيَ فِيهِ مَقْصُورَةً فَأَحْرَمَ بِهَا ثُمَّ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ فَهَلْ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَرْجِعَ بَعْدَ تَمَامِ الرَّكْعَتَيْنِ لِأَنَّهُمَا الْمَأْذُونُ فِيهِمَا وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ أَوْ لَا لِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي الدُّخُولِ فِيهَا فَلَا يَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ وَيَلْزَمُهُ الْإِبْقَاءُ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ حَيْثُ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ، فَلَوْ رَجَعَ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ لَزِمَهُ بِاخْتِيَارِهِ فَيَنْزِعُ الثَّوْبَ مِنْهُ وَيُصَلِّي عَارِيًّا وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ. وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ اسْتَعَارَهُ لِصَلَاةِ فَرْضٍ وَأَطْلَقَ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى أَقَلِّ الْفَرَائِضِ أَوْ يَتَخَيَّرُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي. وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ اسْتَعَارَهُ لِيَخْطُبَ فِيهِ فَهَلْ لَهُ فِعْلُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْآنَ مِنْ الدُّعَاءِ لِلسُّلْطَانِ وَنَحْوِهِ وَإِنْ رَجَعَ الْمُعِيرُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَرْكَانِ فَقَطْ حَيْثُ رَجَعَ الْمُعِيرُ (قَوْلُهُ: فَهِيَ لَازِمَةٌ) أَيْ فِي إعَارَةِ الثَّوْبِ لِيَسْتَتِرَ بِهَا فِي الْخَلْوَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ جِهَةِ الْمُسْتَعِيرِ) أَيْ لَا الْمُعِيرِ (قَوْلُهُ: فَيَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ) أَيْ مِنْ الْمُعِيرِ (قَوْلُهُ: ثُبُوتُ الْأُجْرَةِ أَيْضًا) أَيْ فِي السَّقْيِ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ) بَقِيَ مَا لَوْ رَجَعَ قَبْلَهُمَا فَلَيْسَ لَهُ فِعْلُهُمَا، قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَإِنْ فَعَلَ عَالِمًا أَوْ جَاهِلًا بِرُجُوعِهِ قَلَعَ مَجَّانًا وَكُلِّفَ تَسْوِيَةَ الْأَرْضِ اهـ. وَلَا يَبْعُدُ أَنْ تَلْزَمَهُ الْأُجْرَةُ وَهُوَ ظَاهِرٌ عِنْدَ الْعِلْمِ بِالرُّجُوعِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْمُعِيرُ شَرَطَ الْقَلْعَ مَجَّانًا) أَيْ أَوْ سَكَتَ عَنْ ذِكْرِ مَجَّانًا فَيَلْزَمُهُ الْقَلْعُ فِي الصُّورَتَيْنِ بِلَا أَرْشٍ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ وَاحْتَرَزَ بِمَجَّانًا عَمَّا لَوْ شَرَطَ الْقَلْعَ وَغَرِمَ أَرْشَ النَّقْصِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) دَخَلَ فِيهِ مَا لَوْ اخْتَارَ الْمُعِيرُ الْقَلْعَ وَطَلَبَهُ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ فَفَعَلَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ تَسْوِيَةُ الْحَفْرِ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ اخْتِيَارًا (قَوْلُهُ: عَمَّا لَوْ شَرَطَ) أَيْ الْمُعِيرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا إعَادَةَ) يَعْنِي فِي صُورَةِ السَّتْرِ (قَوْلُهُ: فِي الْخَلْوَةِ) أَيْ وَمِثْلُهَا غَيْرُهَا بِالْأَوْلَى كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، فَكَانَ يَنْبَغِي وَلَوْ فِي الْخَلْوَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي وُقُوعِ شَرْطِ الْقَلْعِ) هَذَا هُوَ مَحَلُّ الِاخْتِلَافِ أَيْ بِأَنْ قَالَ الْمُعِيرُ: شَرَطْنَا الْقَلْعَ وَالْمُسْتَعِيرُ

لِأَنَّ مَنْ صُدِّقَ فِي شَيْءٍ صُدِّقَ فِي صِفَتِهِ، وَإِنْ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى تَصْدِيقِ الْمُسْتَعِيرِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الشَّرْطِ وَاحْتِرَامُ مَالِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَشْرُطْ عَلَيْهِ الْقَلْعَ (فَإِنْ اخْتَارَ الْمُسْتَعِيرُ الْقَلْعَ قَلَعَ) بِلَا أَرْشٍ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَقَدْ رَضِيَ بِنَقْصِهِ (وَلَا تَلْزَمُهُ تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْإِعَارَةَ مَعَ عِلْمِ الْمُعِيرِ بِأَنَّ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَقْلَعَ رِضًا بِمَا يُحْدِثُ مِنْ الْقَلْعِ (قُلْت: الْأَصَحُّ تَلْزَمُهُ) التَّسْوِيَةُ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ قَلَعَ بِاخْتِيَارِهِ وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْهُ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ فَيَلْزَمُهُ إذَا قَلَعَ رَدُّهَا إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ لِيَرُدَّ كَمَا أَخَذَ، وَهَذَا هُوَ مُرَادُهُمْ بِالتَّسْوِيَةِ عِنْدَ إطْلَاقِهَا فَلَا يُكَلَّفُ تُرَابًا آخَرَ لَوْ كَانَ تُرَابُهَا لَا يَكْفِيهَا، وَمَحَلُّهُ كَمَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ فِي حَفْرٍ حَاصِلُهُ بِالْقَلْعِ، بِخِلَافِ مَا حَصَلَ فِي زَمَنِ الْعَارِيَّةِ لِأَجْلِ الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ فَإِنَّهَا حَدَثَتْ بِالِاسْتِعْمَالِ وَهَذَا ظَاهِرٌ، بَلْ قَالَ الْأَذْرَعِيَّ: إنَّ كَلَامَ الْأَصْحَابِ مُصَرِّحٌ بِهَذَا التَّفْصِيلِ، وَلَوْ حَفَرَ زَائِدًا عَلَى حَاجَةِ الْقَلْعِ لَزِمَهُ الزَّائِدُ جَزْمًا (وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ) الْمُسْتَعِيرُ الْقَلْعَ (لَمْ يَقْلَعُ مَجَّانًا) لِاحْتِرَامِهِ إذْ هُوَ مَوْضُوعٌ بِحَقٍّ (بَلْ لِلْمُعِيرِ الْخِيَارُ) لِأَنَّهُ الْمُحْسِنُ وَلِأَنَّهُ مَالِكُ الْأَرْضِ الَّتِي هِيَ الْأَصْلُ (بَيْنَ أَنْ يُبْقِيَهُ بِأُجْرَةٍ) لِمِثْلِهِ. وَاسْتَشْكَلَ مَعَ جَهَالَةِ الْمُدَّةِ فَلِذَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَأَقْرَبُ مَا يُمْكِنُ سُلُوكُهُ مَا مَرَّ فِي بَيْعِ حَقِّ الْبِنَاءِ دَائِمًا عَلَى الْأَرْضِ بِعِوَضٍ حَالٍّ بِلَفْظِ بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ فَيُنْظَرُ لِمَا شَغَلَ مِنْ الْأَرْضِ، ثُمَّ يُقَالُ لَوْ أَجَرَ هَذَا لِنَحْوِ بِنَاءٍ دَائِمًا بِحَالٍ كَمْ يُسَاوِي؟ فَإِذَا قِيلَ كَذَا أَوْجَبْنَاهُ، وَعَلَيْهِ فَالْأَوْجَهُ أَنَّ لَهُ إبْدَالَ مَا قَلَعَ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ التَّقْدِيرِ مَلَكَ مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ عَلَى الدَّوَامِ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمَّا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لِأَنَّ مَنْ صَدَقَ فِي شَيْءٍ صَدَقَ فِي صِفَتِهِ) وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي حُصُولِ التَّلَفِ بِالِاسْتِعْمَالِ حَيْثُ صَدَقَ الْمُسْتَعِيرُ ثُمَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِأَنَّ مَا ادَّعَاهُ الْمُعِيرُ هُنَا رَاجِعٌ لِلْعَقْدِ وَهُوَ لَوْ ادَّعَى عَدَمَهُ صَدَقَ، بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّ التَّلَفَ لَيْسَ مِنْ صِفَاتِ الْعَقْدِ فَرَجَحَ جَانِبُ الْمُسْتَعِيرِ فَإِنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ضَمَانِهِ وَيُؤْخَذُ هَذَا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ لِأَنَّ مَنْ صَدَقَ فِي شَيْءٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ إذَا قَلَعَ رَدُّهَا إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ يُعِيدَ الْأَجْزَاءَ الَّتِي انْفَصَلَتْ مِنْهَا فَقَطْ (قَوْلُهُ: لَوْ كَانَ تُرَابُهَا لَا يَكْفِيهَا) أَيْ فَلَا تَلْزَمُهُ إعَادَتُهُ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الزَّائِدُ) أَيْ طَمُّهُ وَأَرْشُ نَقْصِهِ إنْ نَقَصَ. (قَوْلُهُ: بَيْنَ أَنْ يُبْقِيَهُ بِأُجْرَةٍ) هَلْ يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى عَقْدِ إيجَارٍ مِنْ إيجَابٍ وَقَبُولٍ أَمْ يَكْفِي مُجَرَّدُ اخْتِيَارِ الْمُعِيرِ فَتَلْزَمُهُ بِمُجَرَّدِ الْوَجْهِ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عَقْدِ إيجَارٍ، ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ بَسَطَ الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي فَتْوَى وَاسْتَدَلَّ مِنْ كَلَامِهِمْ بِمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِيهِ. وَقَدْ يُقَالُ إنْ عَقَدَ فَلَا كَلَامَ وَإِلَّا وَجَبَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ اهـ سم عَلَى حَجّ. لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ التَّقْدِيرِ مِلْكُ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ قَدْ يُخَالِفُهُ، فَإِنَّ قَوْلَهُ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمَّا رَضِيَ بِالْأُجْرَةِ وَأَخَذَهَا كَانَ كَأَنَّهُ أَجَرَهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ بَيْنَهُمَا عَقْدٌ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ لِاخْتِصَاصِ قَوْلِهِ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمَّا رَضِيَ إلَخْ بِمَا صَوَّرَ بِهِ مِنْ جَرَيَانِ عَقْدٍ بَيْنَهُمَا وَكَتَبَ أَيْضًا بَيْنَ أَنْ يُبْقِيَهُ بِأُجْرَةٍ لَوْ أَرَادَ الْمُعِيرُ أَنْ يَسْكُنَ فِي بِنَاءِ الْمُسْتَعِيرِ وَيَدْفَعَ لَهُ أُجْرَتَهُ لَمْ تَلْزَمْهُ مُوَافَقَتُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِي مِلْكِهِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ قَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ وَأَقْرَبُ مَا يُمْكِنُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ أَنَّ لَهُ إبْدَالَ مَا قَلَعَ) هُوَ ظَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى مَا صَوَّرَ بِهِ، وَتَقَدَّمَ عَنْ ع فِي بَابِ الصُّلْحِ أَنَّ مِنْ طُرُقِ التَّبَعِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَمْ نَشْرِطْهُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: بِلَا أَرْشٍ أَوْ مَعَهُ فَهُوَ تَعْمِيمٌ فِي الْحُكْمِ: أَيْ سَوَاءٌ ذَكَرَا مَعَ ذَلِكَ اشْتِرَاطَ الْأَرْشِ أَوْ لَا، لَكِنْ قَوْلُهُ: وَإِنْ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَخْ مُوهِمٌ؛ لِأَنَّ هَذَا الْبَعْضَ هُوَ الْأَذْرَعِيُّ وَالتَّعْلِيلُ لَهُ، وَفِي النُّسَخِ بَدَلُ قَوْلِهِ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مَا نَصُّهُ: كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي التُّحْفَةِ، لَكِنْ الْمَوْجُودُ فِي كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ اخْتِيَارُ تَصْدِيقِ الْمُسْتَعِيرِ، وَعِبَارَتُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي وُقُوعِ شَرْطِ الْقَلْعِ فَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُ الْمُسْتَعِيرِ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُهُ وَاحْتِرَامُ مَالِهِ وَلَمْ أَرَهُ نَصًّا انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْهُ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ) لَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: الْآتِي وَإِذَا اخْتَارَ مَا لَهُ اخْتِيَارُهُ لَزِمَ الْمُسْتَعِيرَ مُوَافَقَتُهُ، فَإِنْ أَبَى كُلِّفَ تَفْرِيغَ الْأَرْضِ مَجَّانًا لِتَقْصِيرِهِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي امْتِنَاعِهِ بَعْدَ اخْتِيَارِ الْمُعِيرِ وَهَذَا فِي امْتِنَاعِهِ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا حَصَلَ فِي زَمَنِ الْعَارِيَّةِ لِأَجْلِ الْغَرْسِ إلَخْ) أَيْ: فَاَلَّذِي حَفَرَهُ وَغَرَسَ فِيهِ أَوْ بَنَى إذَا ظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ

رَضِيَ بِالْأُجْرَةِ وَأَخَذَهَا كَانَ كَأَنَّهُ آجَرَهُ الْآنَ إجَارَةً مُؤَبَّدَةً (أَوْ يَقْلَعُ) أَوْ يَهْدِمُ الْبِنَاءَ وَإِنْ وَقَفَ مَسْجِدًا خِلَافًا لِمَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ إبْقَاؤُهُ بِالْأُجْرَةِ (وَيَضْمَنُ أَرْشَ نَقْصِهِ) وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ قَائِمًا وَمَقْلُوعًا كَمَا فِي الْكِفَايَةِ، وَلَا بُدَّ مِنْ مُلَاحَظَةِ كَوْنِهِ مُسْتَحِقَّ الْأَخْذِ لِنَقْصِ قِيمَتِهِ حِينَئِذٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْعِمْرَانِيُّ، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّ مُؤْنَةَ الْقَلْعِ عَلَى صَاحِبِ الْبِنَاءِ، وَالْغِرَاسُ كَالْإِجَارَةِ حَيْثُ يَجِبُ فِيهَا ذَلِكَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، أَمَّا أُجْرَةُ نَقْلِ النِّقْضِ فَعَلَى مَالِكِهِ قَطْعًا، وَلَوْ أَرَادَ تَمَلُّكَ الْبَعْضِ وَإِبْقَاءَ الْبَعْضِ بِالْأُجْرَةِ أَوْ الْقَلْعَ بِالْأَرْشِ وَإِبْقَاءَ الْبَعْضِ فَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَدَمُ إجَابَتِهِ لِكَثْرَةِ الضَّرَرِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ، إذْ مَا جَازَ فِيهِ التَّخْيِيرُ لَا يَجُوزُ تَبْعِيضُهُ كَالْكَفَّارَةِ (قِيلَ أَوْ يَتَمَلَّكُهُ) بِعَقْدٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى إيجَابٍ وَقَبُولٍ وَلَا يَلْحَقُ بِالشَّفِيعِ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ (بِقِيمَتِهِ) حَالَ التَّمَلُّكِ مُسْتَحِقَّ الْقَلْعِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَنَظَائِرِهِ مِنْ الشُّفْعَةِ وَغَيْرِهَا، وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ إنَّهُمَا جَزَمَا بِهِ فِي مَوَاضِعَ، وَجَرَى عَلَيْهِ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ، وَلَمْ يَعْتَمِدُوا مَا فِي الرَّوْضَةِ هُنَا مِنْ تَخْصِيصِ التَّخْيِيرُ بِالتَّمَلُّكِ وَالْقَلْعِ وَلَا مَا فِي الْكِتَابِ فَالْمُعْتَمَدُ تَخْيِيرُهُ بَيْنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ، بَلْ نَقَلَ بَعْضُهُمْ الِاتِّفَاقَ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْهِبَةِ فِي رُجُوعِ الْأَبِ فِي هِبَتِهِ: إنَّهُ يُتَخَيَّرُ بَيْنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ كَالْعَارِيَّةِ، وَأَيْضًا فَيُسْتَفَادُ اعْتِمَادُ ذَلِكَ مِنْ مَجْمُوعِ مَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ وَالْكِتَابِ، وَقَدْ يَتَعَيَّنُ الْأَوَّلُ بِأَنْ بَنَى أَوْ غَرَسَ شَرِيكٌ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ ثُمَّ رَجَعَ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّاهُ، فَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهَا أَعْرَضَ عَنْهَا كَمَا يَأْتِي خِلَافًا لِابْنِ الصَّلَاحِ، وَمَحَلُّ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ إذَا لَمْ يُوقَفْ وَإِلَّا تُخُيِّرَ بَيْنَ الْأَوَّلَيْنِ وَامْتَنَعَ الثَّالِثُ. وَإِذَا لَمْ تُوقَفْ الْأَرْضُ، فَإِنْ وُقِفَتْ لَمْ يَقْلَعْ بِالْأَرْشِ إلَّا إذَا كَانَ أَصْلَحَ لِلْوَقْفِ مِنْ التَّبْقِيَةِ بِالْأُجْرَةِ وَلَمْ يَتَمَلَّكْ بِالْقِيمَةِ إلَّا إذَا كَانَ الْوَاقِفُ شَرَطَ جَوَازَ تَحْصِيلِ مِثْلِهَا مِنْ رِيعِهِ، وَبِذَلِكَ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْإِجَارَةِ. وَظَاهِرُ مَا تَقَرَّرَ أَنَّ التَّبْقِيَةَ بِالْأُجْرَةِ تَأْتِي فِي هَذِهِ الْحَالَةِ حَتَّى عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الشَّيْخَيْنِ. وَبَحَثَ فِي الْإِسْعَادِ أَنَّ الْمُعِيرَ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِالْأُجْرَةِ أَنْ يَتَوَافَقَا عَلَى تَرْكِهِ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا، وَيُغْتَفَرُ ذَلِكَ لِلْحَاجَةِ كَالْخَرَاجِ الْمَضْرُوبِ عَلَى الْأَرْضِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ قُلِعَ غِرَاسُهُ أَوْ سَقَطَ بِنَاؤُهُ لَيْسَ لَهُ إعَادَتُهُ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَنْفَعَةَ وَإِنَّمَا يُجْبِرُهُ عَلَيْهِ أُجْرَةَ مَا اسْتَوْفَاهُ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلَهُ فَالْأَوْجَهُ أَنَّ لَهُ إبْدَالَ مَا قَلَعَ: أَيْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ حَيْثُ لَمْ يَزِدْ ضَرَرُهُ عَنْ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: كَأَنَّهُ آجَرَهُ الْآنَ) أَيْ أَوْقَعَ فِي الزَّمَنِ الْحَاضِرِ إجَارَةً إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَقَفَ مَسْجِدًا) أَيْ وَيَنْبَغِي إنْ بَنَى بِأَنْقَاضِهِ مَسْجِدًا آخَرَ إنْ أَمْكَنَ عَلَى مَا يَأْتِي نَظِيرُهُ فِي الْوَقْفِ فِيمَا لَوْ انْهَدَمَ مَسْجِدٌ وَتَعَذَّرَتْ إعَادَتُهُ (قَوْلُهُ: مُسْتَحِقَّ الْأَخْذِ) أَيْ الْقَلْعِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَرَادَ) أَيْ الْمُعِيرُ (قَوْلُهُ وَإِبْقَاءَ الْبَعْضِ) أَيْ بِأُجْرَةٍ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ إذْ مَا جَازَ فِيهِ التَّخْيِيرُ إلَخْ امْتِنَاعُ تَمَلُّكِ الْبَعْضِ وَقَلْعِ الْبَعْضِ مَعَ أَرْشِ نَقْصِهِ، وَيُمْكِنُ شُمُولُ قَوْلِهِ وَإِبْقَاءُ الْبَعْضِ لِلصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْحَقُ بِالشَّفِيعِ) أَيْ فِي الْأَخْذِ قَهْرًا مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ (قَوْلُهُ: فَالْمُعْتَمَدُ تَخْيِيرُهُ بَيْنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ) ع قَالَ الْبَغَوِيّ: إذَا اشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا وَبَنَى أَوْ غَرَسَ فَالْحُكْمُ كَمَا هُنَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الشَّرْحِ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْغَصْبِ فَيُقْلَعُ مَجَّانًا. (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يُوقَفْ) أَيْ الْبِنَاءُ أَوْ الْغِرَاسُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا تُخُيِّرَ بَيْنَ الْأَوَّلَيْنِ) وَهُمَا التَّبْقِيَةُ بِالْأُجْرَةِ وَالْقَلْعِ وَغَرَامَةُ الْأَرْشِ (قَوْلُهُ: مِنْ التَّبْقِيَةِ بِالْأُجْرَةِ) وَهِيَ مِنْ الرِّيعِ ثُمَّ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ اهـ عُبَابٌ: أَيْ فَإِنْ لِمَ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْءٌ أَوْ مَنَعَ مُتَوَلِّيهِ فَعَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ، كَذَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ، وَفِيهِ وَقْفَةٌ بِأَنَّ مَيَاسِيرَ الْمُسْلِمِينَ إنَّمَا يُلْزَمُونَ بِالضَّرُورِيِّ دُونَ غَيْرِهِ وَهَذَا لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا مَرَّ) لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ شَيْءٌ عَنْهُمَا فَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ وَبَحَثَ فِي الْإِسْعَادِ أَنَّ الْمُعِيرَ إلَخْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا تَلْزَمُهُ تَسْوِيَتُهُ، بِخِلَافِ مَا اتَّسَعَ عَلَيْهِ بِسَبَبِ الْقَلْعِ. (قَوْلُهُ: كَأَنَّهُ آجَرَهُ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ هُنَا إلَى عَقْدٍ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ أَنَّ هُنَاكَ ابْتِدَاءَ انْتِفَاعٍ فَلَا يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَهُوَ دَوَامُ انْتِفَاعٍ كَانَ ابْتِدَاؤُهُ بِعَقْدِ الْعَارِيَّةِ. (قَوْلُهُ: إذْ مَا جَازَ إلَخْ) هُوَ عِلَّةٌ ثَانِيَةٌ لِلْحُكْمِ كَمَا لَا يَخْفَى فَكَانَ يَنْبَغِي فِيهِ الْعَطْفُ (قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ الْحَالَةِ)

لَوْ كَانَ نَاظِرًا لَمْ يَتَعَذَّرْ عَلَيْهِ التَّمَلُّكُ لِنَفْسِهِ، ثُمَّ بَعْدَ انْتِقَالِ الِاسْتِحْقَاقِ فِي الْأَرْضِ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ لَيْسَ وَارِثًا لَهُ يَبْقَى بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ. وَيُمْكِنُ رَدُّهُ بِأَنَّ التَّمَلُّكَ بِالْقِيمَةِ إنَّمَا هُوَ تَبَعٌ لِمِلْكِ الْأَرْضِ، فَحَيْثُ انْتَفَى مِلْكُهَا لِوَقْفِيَّتِهَا امْتَنَعَ عَلَى النَّاظِرِ التَّمَلُّكُ وَإِنَّمَا جَازَ التَّمَلُّكُ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بِذَلِكَ وَقْفًا تَبَعًا لِلْأَرْضِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْغِرَاسِ ثَمَرٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَإِلَّا لَمْ يُتَخَيَّرْ إلَّا بَعْدَ الْجِذَاذِ كَمَا فِي الزَّرْعِ لِأَنَّ لَهُ أَمَدًا يُنْتَظَرُ، قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَكِنَّ الْمَنْقُولَ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْإِجَارَةِ التَّخْيِيرُ، فَإِنْ اخْتَارَ التَّمَلُّكَ مَلَكَ الثَّمَرَةَ أَيْضًا إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ وَأَبْقَاهَا إلَى الْجِذَاذِ إنْ كَانَتْ مُؤَبَّرَةً، وَإِذَا اخْتَارَ مَا لَهُ اخْتِيَارُهُ لَزِمَ الْمُسْتَعِيرَ مُوَافَقَتُهُ، فَإِنْ أَبَى كُلِّفَ تَفْرِيغَ الْأَرْضِ مَجَّانًا لِتَقْصِيرِهِ (فَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ) الْمُسْتَعِيرُ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ (لَمْ يَقْلَعْ مَجَّانًا) فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ (إنْ بَذَلَ) بِالْمُعْجَمَةِ: أَيْ أَعْطَى (الْمُسْتَعِيرَ الْأُجْرَةَ) لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ (وَكَذَا إنْ لَمْ يَبْذُلْهَا فِي الْأَصَحِّ) لِتَقْصِيرِ الْمُعِيرِ بِتَرْكِ الِاخْتِيَارِ مَعَ رِضَاهُ بِإِتْلَافِ مَنَافِعِهِ، وَالثَّانِي يَقْلَعُ لِأَنَّهُ بَعْدَ الرُّجُوعِ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِمَالِهِ مَجَّانًا (ثُمَّ) عَلَيْهِ (قِيلَ يَبِيعُ الْحَاكِمُ الْأَرْضَ وَمَا فِيهَا) مِنْ بِنَاءٍ وَغِرَاسٍ (وَيَقْسِمُ بَيْنَهُمَا) وَيَجُوزُ بَيْعُهُمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ لِلضَّرُورَةِ فَيُوَزِّعُ الثَّمَنَ عَلَى قِيمَةِ الْأَرْضِ مَشْغُولَةً بِالْغِرَاسِ أَوْ الْبِنَاءِ وَعَلَى قِيمَةِ مَا فِيهَا وَحْدَهُ، فَحِصَّةُ الْأَرْضِ لِلْمُعِيرِ وَحِصَّةُ مَا فِيهَا لِلْمُسْتَعِيرِ كَذَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي، وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَالْحِجَازِيُّ وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ كَلَامَ الْمُتَوَلِّي الْقَائِلِ بِالتَّوْزِيعِ كَمَا فِي الرَّهْنِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ) أَيْ الْحَاكِمَ (يُعْرِضُ عَنْهُمَا حَتَّى يَخْتَارَا شَيْئًا) أَيْ يَخْتَارَ الْمُعِيرُ مَا لَهُ اخْتِيَارُهُ وَيُوَافِقَهُ عَلَيْهِ الْمُسْتَعِيرُ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ بَيْنَهُمَا، وَقَوْلُهُ يَخْتَارُ؛ الْمَحْكِيُّ عَنْ خَطِّهِ هُنَا وَعَنْ أَصْلِهِ وَأَكْثَرُ نُسَخِ الشَّارِحِينَ قَدْ يُنَافِيهِ إسْقَاطُ الْأَلِفِ مِنْ خَطِّهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَصَحَّحَ عَلَيْهِ وَاسْتَحْسَنَهُ السُّبْكِيُّ وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ لِأَنَّ اخْتِيَارَ الْمُعِيرِ كَافٍ فِي فَصْلِ الْخُصُومَةِ مَعَ أَنَّهُ مَعَ حَذْفِ الْأَلِفِ يَصِحُّ الْإِسْنَادُ لِأَحَدِهِمَا الشَّامِلِ لِلْمُسْتَعِيرِ، لِأَنَّهُ إذَا اخْتَارَ مَا لَهُ اخْتِيَارُهُ كَالْقَلْعِ مَجَّانًا تَنْفَصِلُ أَيْضًا. وَأَيْضًا فَالْمُعِيرُ وَإِنْ كَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَتَأَمَّلُ جَوَازَ الْإِعَارَةِ مِنْ النَّاظِرِ إذْ لَا يُبَاحُ لَهُ التَّبَرُّعُ بِالْمَنْفَعَةِ فَلَا تَجُوزُ إعَارَتُهُ. وَقَدْ يُقَالُ: يُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِمَا لَوْ كَانَ مَالِكًا لِلْأَرْضِ فَأَعَارَهَا ثُمَّ وَقَفَهَا وَشَرَطَ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ رَجَعَ، أَوْ أَنَّ الْوَقْفَ انْحَصَرَ فِي النَّاظِرِ فَكَانَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ اسْتِحْقَاقًا وَنَظَرًا (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ رَدُّهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا جَازَ) مُسْتَأْنَفٌ (قَوْلُهُ: وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْغِرَاسِ ثَمَرٌ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إذَا لَمْ يُوقَفْ وَإِلَّا تُخُيِّرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الزَّرْعِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا أَعَارَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَوَانِ الْحَصَادِ يُتَخَيَّرُ بَعْدَ إدْرَاكِهِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَإِذَا أَعَارَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ فَرَجَعَ إلَخْ، فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ التَّأْخِيرِ وَأَنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ التَّبْقِيَةُ بِالْأُجْرَةِ، وَقِيلَ لَهُ الْقَلْعُ: أَيْ حَالًا، وَقِيلَ يَتَمَلَّكُ بِالْقِيمَةِ كَذَلِكَ اهـ. فَفِي التَّشْبِيهِ مُسَامَحَةٌ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: أَيْ كَمَا يَمْتَنِعُ الْقَلْعُ حَالًا فِي الزَّرْعِ (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْمَنْقُولَ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْإِجَارَةِ التَّخْيِيرُ) أَيْ فِي الْحَالِ، وَنَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الشَّارِحِ اعْتِمَادَهُ اهـ (قَوْلُهُ: وَأَبْقَاهَا إلَى الْجِذَاذِ) وَيَنْبَغِي وُجُوبُ الْأُجْرَةِ كَمَا فِي الزَّرْعِ (قَوْلُهُ: أَيْ أَعْطَى) أَيْ الْتَزَمَ ذَلِكَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ دَفْعَهَا بِالْفِعْلِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ بَيْعُهُمَا إلَخْ) مُسْتَأْنَفٌ وَلَيْسَ مُفَرَّعًا عَلَى قَوْلِهِ قِيلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: تَنْفَصِلُ أَيْضًا) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ فِيمَا إذَا وُقِفَتْ الْأَرْضُ، وَقَوْلُهُ: مَا مَرَّ عَنْ الشَّيْخَيْنِ: أَيْ مِنْ تَخْصِيصِ التَّخْيِيرِ بِالْقَلْعِ، وَالتَّمَلُّكِ وَإِنْ عَزَاهُ هُوَ فِيمَا مَرَّ إلَى الرَّوْضَةِ فَقَطْ: أَيْ فَمَحَلُّ مَنْعِ الْإِبْقَاءِ بِالْأُجْرَةِ عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ إذَا لَمْ تُوقَفْ الْأَرْضُ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا جَازَ التَّمَلُّكُ) جَوَابٌ عَمَّا يَرِدُ عَلَى الرَّدِّ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَلَيْهِ) يَعْنِي عَلَى الْأَصَحِّ وَكَانَ الْأَوْلَى الْإِظْهَارَ (قَوْلُهُ: وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ كَلَامَ الْمُتَوَلِّي) أَيْ قَدَّمَ حِكَايَتَهُ عَلَى حِكَايَةِ مُقَابِلِهِ الَّذِي هُوَ قَوْلُ الْبَغَوِيّ الْمُتَقَدِّمُ هُنَا. (قَوْلُهُ: مَا لَهُ اخْتِيَارُهُ) يَعْنِي مِنْ غَيْرِ الثَّلَاثِ الْمَارَّةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي عَنْ التُّحْفَةِ مِنْ قَوْلِهَا وَأَمَّا الثَّانِي إلَخْ، وَيُعِينُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي كَمَا قَرَّرْنَاهُ عَلَى مَا سَيَأْتِي فِيهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ اخْتِيَارَ الْمُعِيرِ كَافٍ فِي فَصْلِ الْخُصُومَةِ) الظَّاهِرُ أَنَّ هُنَا سَقْطًا فِي نُسَخِ

هُوَ الْأَصْلَ لَكِنْ لَا يَتِمُّ الْأَمْرُ عِنْدَ اخْتِيَارِ غَيْرِ الثَّلَاثِ إلَّا بِمُوَافَقَةِ الْمُسْتَعِيرِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ فَصَحَّ الْإِسْنَادُ إلَيْهِمَا، ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى الْإِعْرَاضِ عَنْهُمَا حَتَّى يَخْتَارَا فَقَالَ: (وَلِلْمُعِيرِ دُخُولُهَا وَالِانْتِفَاعُ بِهَا) فِي مُدَّةِ الْمُنَازَعَةِ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ كَمَا فِي الْخَادِمِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْبِنَاءُ مَسْطَبَةً امْتَنَعَ الْجُلُوسُ عَلَيْهَا وَهُوَ وَاضِحٌ، وَلَهُ الِاسْتِنَادُ إلَى بِنَاءِ الْمُسْتَعِيرِ وَغِرَاسِهِ وَالِاسْتِظْلَالُ بِهِمَا وَإِنْ مَنَعَهُ كَمَا مَرَّ فِي الصُّلْحِ، وَتَمَحُّلُ فَرْقٍ بَيْنَهُمَا غَيْرُ صَحِيحٍ، وَإِطْلَاقُ جَمْعٍ امْتِنَاعَ الْإِسْنَادِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَضُرُّ حَالًا أَوْ مَآلًا وَإِنْ قَلَّ. وَالْأَوْجَهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَدَمُ لُزُومِ الْأُجْرَةِ مُدَّةَ التَّوَقُّفِ لِأَنَّ الْخِيَرَةَ فِي ذَلِكَ إلَيْهِ خِلَافًا لِلْإِمَامِ (وَلَا يَدْخُلُهَا الْمُسْتَعِيرُ بِغَيْرِ إذْنٍ) مِنْ الْمُعِيرِ (لِتَفَرُّجٍ) وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَغْرَاضِ التَّافِهَةِ كَالْأَجْنَبِيِّ وَهِيَ مُوَلَّدَةٌ قِيلَ لَعَلَّهَا مِنْ انْفِرَاجِ الْهَمِّ: أَيْ انْكِشَافِهِ (وَيَجُوزُ) دُخُولُهُ (لِلسَّقْيِ وَالْإِصْلَاحِ) لِلْبِنَاءِ بِغَيْرِ آلَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ وَنَحْوِهَا كَاجْتِنَاءِ الثَّمَرِ (فِي الْأَصَحِّ) صِيَانَةً لِمِلْكِهِ عَنْ الضَّيَاعِ، فَإِنْ عَطَّلَ مَنْفَعَتَهَا بِدُخُولِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يُمَكِّنَهُ مِنْ دُخُولِهَا إلَّا بِأُجْرَةٍ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ التَّتِمَّةِ وَأَقَرَّهُ. أَمَّا إصْلَاحُ الْبِنَاءِ بِآلَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ فَلَا يُمْكِنُ مِنْهُ لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا بِالْمُعِيرِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَتَعَيَّنُ لَهُ التَّمَلُّكُ أَوْ النَّقْضُ مَعَ الْغُرْمِ فَيَزِيدُ الْغُرْمُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَيْهِ بِخِلَافِ إصْلَاحِهِ بِآلَتِهِ، كَمَا أَنَّ سَقْيَ الشَّجَرِ يُحْدِثُ فِيهَا زِيَادَةَ عَيْنٍ وَقِيمَةٍ. وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهُ يَشْغَلُ مِلْكَ الْغَيْرِ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى مِلْكِهِ، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ جَوَازِ الدُّخُولِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ جَوَازُهُ لِأَخْذِ الثِّمَارِ بِالْأَوْلَى (وَلِكُلٍّ) مِنْهُمَا (بَيْعُ مِلْكِهِ) مِنْ صَاحِبِهِ وَغَيْرِهِ وَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي مِنْ كُلِّ مَا كَانَ لِبَائِعِهِ أَوْ عَلَيْهِ، نَعَمْ إنْ كَانَ جَاهِلًا بِالْحَالِ فَلَهُ الْفَسْخُ (وَقِيلَ لَيْسَ لِمُسْتَعِيرٍ بَيْعُهُ لِثَالِثٍ) إذْ بَيْعُهُ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ لِأَنَّ لِلْمُعِيرِ تَمَلُّكَهُ. وَرُدَّ بِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ كَشِقْصٍ مَشْفُوعٍ، وَقِيلَ لَيْسَ لِلْمُعِيرِ ذَلِكَ أَيْضًا لِلْجَهْلِ بِأَمْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الْخُصُومَةُ. (قَوْلُهُ: عَدَمُ لُزُومِ الْأُجْرَةِ) أَيْ لِلْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ، وَقَوْلُهُ إلَيْهِ: أَيْ الْمُعِيرِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مُوَلَّدَةٌ) أَيْ لَيْسَتْ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَإِنَّمَا الَّذِي فِي كَلَامِهِمْ عَلَى مَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمُخْتَارِ الْفَرْجَةُ بِفَتْحِ الْفَاءِ التَّفَصِّي مِنْ الْهَمِّ (قَوْلُهُ: وَالْإِصْلَاحِ لِلْبِنَاءِ بِغَيْرِ آلَةٍ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الْقَيْدِ الِاحْتِرَازُ عَمَّا يُمْكِنُ إعَادَتُهَا بِدُونِهِ كَالْجَدِيدِ مِنْ الْخَشَبِ وَالْآجُرِّ، أَمَّا نَحْوُ الطِّينِ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ لِإِصْلَاحِ الْمُنْهَدِمِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُعَدُّ أَجْنَبِيًّا (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ الْمُعِيرَ (قَوْلُهُ: إلَّا بِأُجْرَةٍ) أَيْ لِدُخُولِهِ وَإِلَّا فَتَقَدَّمَ أَنَّ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ أُجْرَةَ الْأَرْضِ مُدَّةَ التَّوَقُّفِ فَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. لَكِنَّ الَّذِي تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ قَرِيبًا أَنَّ الْأَوْجَهَ عَدَمُ لُزُومِ الْأُجْرَةِ مُدَّةَ التَّوَقُّفِ (قَوْلُهُ: كَمَا أَنَّ سَقْيَ الشَّجَرِ يُحْدِثُ فِيهَا زِيَادَةَ عَيْنٍ) هَذَا التَّوْجِيهُ يَقْتَضِي امْتِنَاعَهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَجُرُّ إلَى ضَرَرٍ بِالْمُعِيرِ كَمَا فِي الْإِصْلَاحِ بِالْآلَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ، فَكَانَ الْأَوْلَى تَوْجِيهَ جَوَازِ السَّقْيِ بِنَحْوِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ جَوَازِ الدُّخُولِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ حَجّ قَوْلَهُ وَقَدْ عُلِمَ إلَخْ، وَلَعَلَّهُ تَرَكَهُ لِأَنَّهُ عَيْنُ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَنَحْوُهُمَا كَاجْتِنَاءِ الثَّمَرَةِ، وَقَدْ يُقَالُ: أَرَادَ الشَّارِحُ بِالثِّمَارِ هُنَا الثِّمَارَ السَّاقِطَةَ قَبْلَ أَوَانِ الْجِذَاذِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّارِحِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ بَعْدَ مَا ذَكَرَ نَصَّهَا: وَرَجَّحَ الْأَذْرَعِيُّ إثْبَاتَهَا؛ لِأَنَّهُ الْمُوَافِقُ لِتَعْبِيرِ جَمْعٍ بِأَنَّهُ يُقَالُ لَهُمَا انْصَرِفَا حَتَّى تَصْطَلِحَا عَلَى شَيْءٍ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَخْتَارُ الْمُعِيرُ مَا لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ الْمُسْتَعِيرُ وَلَا يُوَافِقُهُ كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ اهـ. وَالْوَجْهُ صِحَّةُ كُلٍّ مِنْ التَّعْبِيرَيْنِ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْمُعِيرَ هُوَ الْمُخَيَّرُ أَوَّلًا فَصَحَّ إسْنَادُ الِاخْتِيَارِ إلَيْهِ وَحْدَهُ، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ إذَا عَادَ وَطَلَبَ شَيْئًا مِنْ الْخِصَالِ الثَّلَاثِ أُجِيبَ كَالِابْتِدَاءِ، وَإِنْ اخْتَارَ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ الثَّلَاثِ وَوَافَقَهُ الْمُسْتَعِيرُ انْفَصَلَ الْأَمْرُ وَإِلَّا اسْتَمَرَّ الْإِعْرَاضُ عَنْهُمَا مَعَ أَنَّهُ مَعَ حَذْفِ الْأَلْفِ يَصِحُّ الْإِسْنَادُ لِأَحَدِهِمَا الشَّامِلُ لِلْمُسْتَعِيرِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اخْتَارَ مَا لَهُ اخْتِيَارُهُ كَالْقَلْعِ مَجَّانًا انْفَصَلَتْ الْخُصُومَةُ أَيْضًا. وَأَمَّا الثَّانِي؛ فَلِأَنَّ الْمُعِيرَ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْأَصْلُ إلَى آخِرِ مَا سَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ إلَّا قَوْلَهُ كَمَا قَرَّرْنَاهُ فَتَأَمَّلْهُ لِتَعْلَمَ مَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ مِنْ السَّقْطِ. (قَوْلُهُ: لِأَخْذِ الثِّمَارِ بِالْأَوْلَى) وَقَدْ مَرَّ أَيْضًا

الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ، وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى بَيْعِ الْجَمِيعِ مِنْ ثَالِثٍ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ جَازَ لِلضَّرُورَةِ وَوُزِّعَ كَمَا مَرَّ (وَالْعَارِيَّةُ الْمُؤَقَّتَةُ) لِبِنَاءٍ أَوْ غِرَاسٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (كَالْمُطْلَقَةِ) فِيمَا مَرَّ مِنْ الْأَحْكَامِ إذَا انْتَهَتْ الْمُدَّةُ أَوْ رَجَعَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا إذْ التَّأْقِيتُ وَعْدٌ لَا يُلْزِمُ، وَبَيَانُ الْمُدَّةِ كَمَا يَحْتَمِلُ كَوْنُهُ لِلْقَلْعِ يَحْتَمِلُ كَوْنُهُ لِمَنْعِ الْإِحْدَاثِ أَوْ لِطَلَبِ الْأُجْرَةِ (وَفِي قَوْلٍ لَهُ الْقَلْعُ فِيهَا) أَيْ الْمُؤَقَّتَةِ بَعْدَ الْمُدَّةِ (مَجَّانًا إذَا رَجَعَ) أَيْ انْتَهَتْ بِانْتِهَاءِ الْمُدَّةِ لِأَنَّ فَائِدَةَ التَّأْقِيتِ الْقَلْعُ بَعْدَ الْمُدَّةِ، وَجَوَابُهُ مَا مَرَّ قُبَيْلَهُ (وَإِذَا) (أَعَارَ) أَرْضًا (لِزِرَاعَةٍ) مُطْلَقًا (وَرَجَعَ قَبْلَ إدْرَاكِ الزَّرْعِ) (فَالصَّحِيحُ أَنَّ عَلَيْهِ الْإِبْقَاءَ إلَى الْحَصَادِ) إنْ نَقَصَ بِالْقَلْعِ قَبْلَهُ لِأَنَّهُ مُحْتَرَمٌ وَلَهُ أَمَدٌ يُنْتَظَرُ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ. وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا لَهُ الْقَلْعُ وَيَغْرَمُ أَرْشَ نَقْصِهِ، وَثَانِيهِمَا لَهُ التَّمَلُّكُ بِالْقِيمَةِ فِي الْحَالِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَنْقُصْ بِالْقَلْعِ وَإِنْ لَمْ يُعْتَدْ قَطْعُهُ أَوْ اُعْتِيدَ قَلْعُهُ لِكَوْنِهِ قَصِيلًا فَإِنَّهُ يُكَلَّفُ ذَلِكَ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ (وَ) الصَّحِيحُ (أَنَّ لَهُ الْأُجْرَةَ) أَيْ أُجْرَةَ مُدَّةِ الْإِبْقَاءِ مِنْ وَقْتِ رُجُوعِهِ إلَى حَصَادِهِ لِانْقِطَاعِ الْإِبَاحَةِ بِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَعَارَهُ دَابَّةً ثُمَّ رَجَعَ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ فَإِنَّ عَلَيْهِ نَقْلَ مَتَاعِهِ إلَى مَأْمَنٍ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ كَمَا مَرَّ. وَالثَّانِي لَا أُجْرَةَ لَهُ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ إلَى الْحَصَادِ كَالْمُسْتَوْفَاةِ بِالزَّرْعِ (فَلَوْ) (عَيَّنَ) الْمُعِيرُ (مُدَّةً) لِلزِّرَاعَةِ (وَلَمْ يُدْرِكْ) أَيْ الزَّرْعُ (فِيهَا لِتَقْصِيرِهِ) أَيْ الْمُسْتَعِيرِ (بِتَأْخِيرِ الزِّرَاعَةِ) أَوْ بِنَفْسِهَا كَأَنْ كَانَ عَلَى الْأَرْضِ نَحْوُ ثَلْجٍ أَوْ سَيْلٍ ثُمَّ زَرَعَ بَعْدَ زَوَالِهِ مَا لَا يُدْرِكُ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ أَوْ زَرَعَ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ مِمَّا يُبْطِئُ أَكْثَرَ مِنْهُ كَمَا فِي نَظِيرِهِ الْآتِي فِي الْإِجَارَةِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ (قَلَعَ مَجَّانًا) لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ تَقْصِيرِهِ، وَعَلَيْهِ أَيْضًا تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ، فَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ لَمْ يَقْلَعْ مَجَّانًا كَمَا لَوْ أَطْلَقَ سَوَاءٌ كَانَ عَدَمُ الْإِدْرَاكِ لِنَحْوِ بَرْدٍ أَمْ لِقِصَرِ الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ (وَلَوْ) (حَمَلَ السَّيْلُ) أَوْ نَحْوُ الْهَوَاءِ (بَذْرًا) بِمُعْجَمَةٍ: أَيْ مَا سَيَصِيرُ مَبْذُورًا وَلَوْ نَوَاةً أَوْ حَبَّةً لَمْ يُعْرِضْ عَنْهَا مَالِكُهَا (إلَى أَرْضٍ) لِغَيْرِ مَالِكِهِ (فَنَبَتَ فَهُوَ) أَيْ النَّبَاتُ (لِصَاحِبِ الْبَذْرِ) لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ تَحَوَّلَ إلَى صِفَةٍ أُخْرَى فَلَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ، وَيَجِبُ رَدُّهُ إلَيْهِ إنْ حَضَرَ وَعَلِمَهُ، وَإِلَّا فَلِلْحَاكِمِ لِأَنَّهُ مَالٌ ضَائِعٌ. أَمَّا مَا أَعْرَضَ عَنْهُ مَالِكُهُ وَهُوَ مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِإِعْرَاضِهِ لَا كَمَحْجُورِ سَفَهٍ فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ إنْ قُلْنَا بِزَوَالِ مِلْكِ مَالِكِهِ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ الْإِعْرَاضِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ سَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي قُبَيْلَ الْأُضْحِيَّةِ جَوَازُ أَخْذِ مَا يَلْقَى مِمَّا يُعْرِضُ عَنْهُ غَالِبًا، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَا هُنَا كَذَلِكَ يَمْلِكُهُ مَالِكُ الْأَرْضِ هُنَا وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ إعْرَاضُ الْمَالِكِ، وَحِينَئِذٍ فَالشَّرْطُ أَنْ لَا يَعْلَمَ عَدَمَ إعْرَاضِهِ لَا أَنْ يَعْلَمَ إعْرَاضَهُ وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُهُمْ هُنَا خِلَافَ ذَلِكَ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى قَلْعِهِ) لِانْتِفَاءِ إذْنِ الْمَالِكِ فِيهِ فَصَارَ شَبِيهًا بِمَا لَوْ انْتَشَرَتْ أَغْصَانُ شَجَرَةِ غَيْرِهِ إلَى هَوَاءِ دَارِهِ فَإِنَّ لَهُ قَطْعَهَا، وَلَا أُجْرَةَ لِمَالِكِ الْأَرْضِ عَلَى مَالِكِ الْبَذْرِ لِمُدَّتِهِ قَبْلَ الْقَلْعِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا كَمَا فِي الْمَطْلَبِ لِعَدَمِ الْفِعْلِ مِنْهُ وَمِنْ ثَمَّ أُجْبِرَ عَلَى تَسْوِيَةِ الْحُفَرِ الْحَاصِلَةِ بِالْقَلْعِ لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِهِ. وَالثَّانِي لَا يُجْبَرُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ بِهِ فَهُوَ كَالْمُسْتَعِيرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَبِالثَّمَرِ فِي قَوْلِهِ أَوَّلًا كَاجْتِنَاءِ الثَّمَرِ مَا يُقْطَعُ وَقْتَ الْجِذَاذِ. (قَوْلُهُ لِكَوْنِهِ قَصِيلًا) أَيْ شَتْلًا (قَوْلُهُ: لِانْقِطَاعِ الْإِبَاحَةِ بِهِ) أَيْ الرُّجُوعِ (قَوْلُهُ قُلِعَ مَجَّانًا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَقْلُوعُ قَدْرًا يُنْتَفَعُ بِهِ (قَوْلُهُ لِنَحْوِ بَرْدٍ) كَحَرٍّ أَوْ مَطَرٍ أَوْ جَرَادٍ أَكَلَ أَعْلَى الزَّرْعِ ثُمَّ نَبَتَ مِنْ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ بِمُجَرَّدِ الْإِعْرَاضِ) وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: فَالشَّرْطُ أَنْ لَا يَعْلَمَ عَدَمَ إعْرَاضِهِ) قَدْ يُقَالُ هَذَا يَشْمَلُ مَا يُشَكُّ فِيهِ هَلْ هُوَ مِمَّا يُعْرَضُ عَنْهُ غَالِبًا أَوْ لَا وَفِي مِلْكِهِ نَظَرٌ، فَالْوَجْهُ أَنَّ الشَّرْطَ عِلْمُ الْإِعْرَاضِ أَوْ عِلْمُ كَوْنِ الْمَوْجُودِ مِمَّا يُعْرَضُ عَنْهُ غَالِبًا مَعَ الشَّكِّ فِي الْإِعْرَاضِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لِمُدَّتِهِ) أَيْ بَقَاءِ الْبَذْرِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْقَلْعِ) مَفْهُومُهُ الْوُجُوبُ لِمُدَّةِ الْقَلْعِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِمُدَّةِ الْقَلْعِ مَا لَوْ تَمَكَّنَ مِنْ الْقَلْعِ وَأَخَّرَهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي وَارِثِ الْمُسْتَعِيرِ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَخَّرَ مَعَ التَّمَكُّنِ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَجْبَرَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَمْ لِقِصَرِ الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الْمُعِيرُ جَاهِلًا بِالْحَالِ، وَالْمُسْتَعِيرُ عَالِمًا بِهِ وَدَلَّسَ وَفِيهِ بُعْدٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلِلْحَاكِمِ) يَعْنِي إنْ لَمْ يَعْلَمْهُ فَهُوَ الدَّاخِلُ تَحْتَ وَإِلَّا فَقَطْ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ السِّيَاقِ

(وَلَوْ) (رَكِبَ دَابَّةً) لِغَيْرِهِ (وَقَالَ لِمَالِكِهَا أَعَرْتنِيهَا، فَقَالَ) لَهُ (بَلْ أَجَرْتُكَهَا) مُدَّةً كَذَا بِكَذَا، وَيَجُوزُ كَمَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ إطْلَاقُ الْأُجْرَةِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ الْآتِي أَنَّ الْوَاجِبَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ (أَوْ اخْتَلَفَ مَالِكُ الْأَرْضِ وَزَارِعُهَا كَذَلِكَ فَالْمُصَدَّقُ الْمَالِكُ عَلَى الْمَذْهَبِ) فِي اسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ أَوْ الْقِيمَةِ بِتَفْصِيلِهِمَا الْآتِي لَا فِي بَقَاءِ الْعَقْدِ لَوْ بَقِيَ، إذْ الْغَالِبُ أَنَّهُ لَا يَأْذَنُ فِي الِانْتِفَاعِ بِمِلْكِهِ إلَّا بِمُقَابِلٍ، فَيَحْلِفُ لِكُلٍّ يَمِينًا تَجَمَّعَ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا أَنَّهُ مَا أَعَارَهُ بَلْ أَجَرَهُ وَاسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ إنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ مَعَ بَقَائِهَا وَبَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ، فَإِنْ وَقَعَ قَبْلَ مُضِيِّ تِلْكَ الْمُدَّةِ صُدِّقَ مُدَّعِي الْعَارِيَّةِ بِيَمِينِهِ جَزْمًا لِأَنَّهُ لَمْ يُتْلِفْ شَيْئًا حَتَّى يُجْعَلَ مُدَّعِيًا لِسُقُوطِ بَدَلِهِ أَوْ بَعْدَ تَلَفِهَا، فَإِنْ لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ فَذُو الْيَدِ مُقِرٌّ بِالْقِيمَةِ لِمُنْكِرِهَا، وَإِلَّا فَهُوَ مُدَّعٍ لِلْمُسَمَّى وَذُو الْيَدِ مُقِرٌّ لَهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَالْقِيمَةِ، فَإِنْ لَمْ يَزِدْ الْمُسَمَّى عَلَيْهِمَا أَخَذَهُ بِلَا يَمِينٍ وَإِلَّا حَلَفَ لِلزَّائِدِ. وَالثَّانِي يُصَدَّقُ الرَّاكِبُ وَالزَّارِعُ لِأَنَّ الْمَالِكَ وَافَقَهُمَا عَلَى إبَاحَةِ الْمَنْفَعَةِ لَهُمَا، وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِمَا مِنْ الْأُجْرَةِ الَّتِي يَدَّعِيهَا. وَالثَّالِثُ يُصَدَّقُ الْمَالِكُ فِي الْأَرْضِ دُونَ الدَّابَّةِ لِأَنَّ الدَّابَّةَ تَكْثُرُ فِيهَا الْإِعَارَةُ بِخِلَافِ الْأَرْضِ (وَكَذَا) يُصَدَّقُ الْمَالِكُ فِيمَا (لَوْ) (قَالَ) الرَّاكِبُ أَوْ الزَّارِعُ (أَعَرْتنِي وَقَالَ الْمَالِكُ لَقَدْ غَصَبْته مِنِّي) وَقَدْ مَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ وَالْعَيْنُ بَاقِيَةٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ فَيَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ. وَالثَّانِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ تَصَرُّفَهُ بِحَقٍّ (فَإِنْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ) قَبْلَ رَدِّهَا تَلَفًا تُضْمَنُ بِهِ الْعَارِيَّةُ (فَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى الضَّمَانِ) لَهَا لِضَمَانِ كُلٍّ مِنْ الْمُعَارِ وَالْمَغْصُوبِ (لَكِنْ) هِيَ لِلِاسْتِدْرَاكِ وَوَجْهُهُ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا وَجْهَ لَهُ أَنَّ قَوْلَهُ اتَّفَقَا عَلَى الضَّمَانِ يَقْتَضِي مُسَاوَاةَ ضَمَانِ الْعَارِيَّةِ لِضَمَانِ الْغَصْبِ الَّذِي سَيَذْكُرُهُ، وَمَا قَبْلَهُ مِنْ ذِكْرِ الِاخْتِلَافِ يَقْتَضِي تَخَالُفَهُمَا وَأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، فَبَيَّنَ تَحَالَفَهُمَا بِذِكْرِ مَا تُضْمَنُ بِهِ الْعَارِيَّةُ هُنَا الْمُخَالِفِ لِمَا سَيَذْكُرُهُ فِي الْغَصْبِ وَمَا فِيهَا مِنْ الْخِلَافِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى بَيَانِ اتِّحَادِهِمَا عَلَى وَجْهٍ (الْأَصَحُّ أَنَّ الْعَارِيَّةَ تُضْمَنُ بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ) مُتَقَوِّمَةً كَانَتْ أَوْ مِثْلِيَّةً كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ فَقَدْ قَالَ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ: لَا يَضْمَنُهُ بِالْمِثْلِ بِلَا خِلَافٍ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا. قُلْت: وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ رَدَّ عَيْنِ مِثْلِهَا مَعَ اسْتِعْمَالِ جُزْءٍ مِنْهَا مُتَعَذِّرٌ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ نَقْدِ الْمِثْلِ فَيَرْجِعُ لِلْقِيمَةِ و (لَا) تُضْمَنُ الْعَارِيَّةُ (بِأَقْصَى الْقِيَمِ وَلَا بِيَوْمِ الْقَبْضِ) خِلَافًا لِمُقَابِلِ الْأَصَحِّ، وَلَوْ أَعَارَهُ شَيْئًا عَلَى أَنْ يَضْمَنَهُ إذَا تَلِفَ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَإِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ كَمَا فِي التَّهْذِيبِ، وَإِنْ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّ الْأَقْيَسَ أَنَّهَا إعَارَةٌ فَاسِدَةٌ أَوْ بِشَرْطِ أَنَّهَا أَمَانَةٌ أَوْ ضَمَانُهَا بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ فَسَدَ الشَّرْطُ وَالْعَارِيَّةُ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِمَنْ ذَهَبَ إلَى فَسَادِهِ فَقَطْ (فَإِنْ كَانَ) (مَا يَدَّعِيهِ الْمَالِكُ) بِالْغَصْبِ (أَكْثَرَ) ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَالِكُ أَوْ الْحَاكِمُ لَا يَلْزَمُهُ مَا ذَكَرَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَيُوَجَّهُ مَا ذَكَرَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ فِي الْأَصْلِ تَعَدٍّ، ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ فِي قَوْلِهِ صَرَّحَ بِالْمَفْهُومِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ لَا فِي بَقَاءِ الْعَقْدِ) لَوْ بَقِيَ بَعْضُ الْمُدَّةُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: إنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ مَعَ بَقَائِهَا) أَيْ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ قَبْلَ رَدِّهَا تَلَفًا) أَيْ بِأَنْ كَانَ التَّلَفُ بَعْدَ الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَسَدَ الشَّرْطُ وَالْعَارِيَّةُ) أَيْ فَتَكُونُ مَضْمُونَةً بِقِيمَتِهَا إنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا لَوْ شَرَطَ أَنْ تُضْمَنَ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا عَلَى مَا مَرَّ لَهُ أَنَّهُ كَأَنَّهُ جَعَلَ الزَّائِدَ عَلَى قِيمَتِهَا فِي مُقَابَلَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: فَيَحْلِفُ لِكُلٍّ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْ الْمُدَّعِيَيْنِ فِي مَسْأَلَتَيْ الدَّابَّةِ وَالْأَرْضِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ تَلَفِهَا فَإِنْ لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ إلَخْ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ هُنَا تَغْيِيرٌ وَمُوَافَقَةٌ لِمَا فِي التُّحْفَةِ وَفِيهِ بَعْضُ خَلَلٍ (قَوْلُهُ: وَذُو الْيَدِ مُقِرٌّ لَهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَالْقِيمَةِ) لَعَلَّ الصَّوَابَ إسْقَاطُ لَفْظِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَلَمْ أَرَهُ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: مَعَ اسْتِعْمَالِ جُزْءٍ مِنْهَا) أَيْ: مِنْ الْعَيْنِ الْمَغْرُومَةِ (قَوْلُهُ: فَسَدَ الشَّرْطُ وَالْعَارِيَّةُ فِيمَا يَظْهَرُ) تَقَدَّمَ لَهُ اسْتِيجَاهُهُ أَيْضًا فِي صُورَةِ الْأَمَانَةِ مُخَالِفًا فِيهَا لِلْإِسْنَوِيِّ.

مِنْ قِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ (حَلَفَ لِلزِّيَادَةِ) أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهَا. وَأَمَّا مُسَاوِيهَا وَمَا دُونَهُ فَيَأْخُذُهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ نَظِيرَ مَا مَرَّ. وَذُكِرَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْمَالِكُ غَصَبْتنِي وَذُو الْيَدِ أَوْدَعْتنِي حَلَفَ الْمَالِكُ عَلَى نَفْيِ الْإِيدَاعِ لِأَنَّهُ يَدَّعِي عَلَيْهِ الْإِذْنَ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَأَخْذُ الْقِيمَةِ إنْ تَلِفَ وَالْأُجْرَةِ إنْ مَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ، وَمَحَلُّهُ حَيْثُ لَا اسْتِعْمَالَ مِنْ ذِي الْيَدِ وَإِلَّا فَالْمُصَدَّقُ الْمَالِكُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ. وَلَا يُخَالِفُ مَا تَقَرَّرَ مَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ ثُمَّ فَسَّرَهَا الْوَدِيعَةِ قُبِلَ: أَيْ سَوَاءٌ أَقَالَ أَخَذْتهَا مِنْهُ أَمْ دَفَعَهَا إلَيَّ وَلَمْ يَنْظُرْ لِدَعْوَى الْمُقِرِّ لَهُ الْغَصْبَ لِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا كَوْنُ الْأَلْفِ لَمْ تَثْبُتْ ثُمَّ إلَّا بِإِقْرَارِهِ فَيُصَدَّقُ فِي صِفَةِ ثُبُوتِهَا. وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ مَنْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي أَصْلِ الْإِذْنِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي صِفَتِهِ، وَلِأَنَّهُ لَا أَصْلَ هُنَا يُخَالِفُ دَعْوَاهُ الْوَدِيعَةَ، بِخِلَافِهِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّهُ لَمَّا عَلِمَ أَنَّ يَدَهُ عَلَى الْعَيْنِ اقْتَضَى ذَلِكَ ضَمَانَهُ إذْ هُوَ الْأَصْلُ فِي الِاسْتِيلَاءِ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ فَدَعْوَاهُ الْإِذْنَ يُخَالِفُ أَصْلَ الضَّمَانِ النَّاشِئِ عَنْ الِاسْتِيلَاءِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْإِذْنِ فَيُصَدَّقُ الْمَالِكُ. وَبِمَا تَقَرَّرَ ظَهَرَ ضَعْفُ قَوْلِ الْبَغَوِيّ لَوْ دَفَعَ لِغَيْرِهِ أَلْفًا فَهَلَكَ فَادَّعَى الدَّافِعُ الْقَرْضَ وَالْمَدْفُوعُ لَهُ الْوَدِيعَةَ صُدِّقَ الْمَدْفُوعُ لَهُ، وَقَدْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِتَصْدِيقِ الْمَالِكِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْأَنْوَارِ عَنْ مِنْهَاجِ الْقُضَاةِ: لَوْ قَالَ بَعْدَ تَلَفِهِ دَفَعْته قَرْضًا وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ وَكَالَةً صُدِّقَ الدَّافِعُ. ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَنَافِعِ فَكَانَتْ إجَارَةً فَاسِدَةً، وَمَا هُنَا لَمْ يَجْعَلْ فِي مُقَابَلَةِ الْمَنَافِعِ شَيْئًا لَكِنْ شَرَطَ شَرْطًا فَاسِدًا فَأَفْسَدَهَا. وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا لَوْ شَرَطَ ضَمَانَهَا بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ دُونَ قِيمَتِهَا، فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ كَانَ كَمَا لَوْ شَرَطَ ضَمَانَهَا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا فَتَكُونُ أَمَانَةً (قَوْلُهُ: حَلَفَ لِلزِّيَادَةِ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ لِلْأُجْرَةِ الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا فِي مُدَّةِ وَضْعُ يَدِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْمُصَدَّقُ الْمَالِكُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ) أَيْ لِأَنَّهَا بِتَقْدِيرِ كَوْنِهَا وَدِيعَةً صَارَتْ بِالِاسْتِعْمَالِ كَالْمَغْصُوبَةِ (قَوْلُهُ: فَادَّعَى الدَّافِعُ الْقَرْضَ إلَخْ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ ادَّعَى الْآخِذُ الْهِبَةَ وَالدَّافِعُ الْقَرْضَ فَيُصَدَّقُ الدَّافِعُ فِي ذَلِكَ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لِلدَّافِعِ بِهِ إلْمَامٌ لِكَوْنِهِ خَادِمَهُ مَثَلًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: بِتَصْدِيقِ الْمَالِكِ) وَمِثْلُهُ وَارِثُهُ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ وَكَالَةً صُدِّقَ الدَّافِعُ) وَعَلَى قِيَاسِهِ لَوْ ادَّعَى الدَّافِعُ أَوْ وَارِثُهُ الْبَيْعَ وَالْآخِذُ الْوَكَالَةَ أَوْ الْقِرَاضَ أَوْ الشَّرِكَةَ أَوْ نَحْوَهَا مِمَّا لَا يَقْتَضِي الضَّمَانَ صُدِّقَ الدَّافِعُ لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِلُزُومِ الْبَدَلِ الشَّرْعِيِّ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْبَدَلِ صُدِّقَ الْغَارِمُ لِإِبْقَاءِ الْعَقْدِ. . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[كتاب الغصب]

كِتَابُ الْغَصْبِ (هُوَ) لُغَةً: أَخْذُ الشَّيْءِ ظُلْمًا، وَقِيلَ بِشَرْطِ الْمُجَاهَرَةِ. وَشَرْعًا (الِاسْتِيلَاءُ) وَمَدَارُهُ عَلَى الْعُرْفِ كَمَا يَظْهَرُ بِالْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ، فَلَيْسَ مِنْهُ مَنْعُ الْمَالِكِ مِنْ سَقْيِ زَرْعِهِ أَوْ مَاشِيَتِهِ حَتَّى تَلِفَ فَلَا ضَمَانَ لِانْتِفَاءِ الِاسْتِيلَاءِ سَوَاءٌ أَقَصَدَ مَنْعَهُ عَنْهُ أَمْ لَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَفَارَقَ هَذَا هَلَاكَ وَلَدِ شَاةٍ ذَبَحَهَا بِأَنَّهُ ثَمَّ أَتْلَفَ غِذَاءَ الْوَلَدِ الْمُتَعَيَّنِ لَهُ بِإِتْلَافِ أُمِّهِ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَبِهَذَا الْفَرْقِ يَتَأَيَّدُ مَا يَأْتِي عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ وَغَيْرِهِ قُبَيْلَ وَالْأَصَحُّ أَنَّ السَّمْنَ وَيَأْتِي قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: فَإِنْ أَرَادَ قَوْمٌ سَقْيَ أَرْضِهِمْ فِيمَنْ عَطَّلَ شِرْبَ مَاءِ الْغَيْرِ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ (عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ) وَلَوْ كَلْبًا وَخَمْرًا مُحْتَرَمَيْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــS [كِتَابُ الْغَصْبِ] ِ (قَوْلُهُ: وَمَدَارُهُ) أَيْ الِاسْتِيلَاءِ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ مِنْهُ مَنْعُ الْمَالِكِ) أَيْ أَوْ غَيْرِهِ مَنْعًا خَاصًّا كَمَنْعِ الْمَالِكِ وَأَتْبَاعِهِ مَثَلًا، أَمَّا الْمَنْعُ الْعَامُّ كَأَنْ مَنَعَ جَمِيعَ النَّاسِ عَنْ سَقْيِهَا فَيَضْمَنُ بِذَلِكَ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الشَّبْشِيرِيِّ بِالدَّرْسِ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: مِنْ سَقْيِ زَرْعِهِ) أَيْ كَأَنْ حَبَسَهُ مَثَلًا فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ عَدَمُ السَّقْيِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ بَعْدُ سَوَاءٌ أَقَصَدَ مَنْعَهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ ثَمَّ) أَيْ فِي الشَّاةِ (قَوْلُهُ: مَا يَأْتِي عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ) لَمْ يَذْكُرْ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ شَيْئًا، وَفِي حَجّ ثُمَّ مَا نَصُّهُ: وَأَفْتَى أَيْضًا: أَيْ ابْنُ الصَّلَاحِ بِضَمَانِ شَرِيكٍ غَوَّرَ مَاءَ عَيْنٍ مِلْكٍ لَهُ وَلِشُرَكَائِهِ فَيَبِسَ مَا كَانَ يَسْقِي بِهَا مِنْ الشَّجَرِ وَنَحْوِهِ أَفْتَى الْفَقِيهُ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ وَنَظَرَ فِيهِ بَعْضُهُمْ وَكَأَنَّهُ نَظَرَ لِقَوْلِهِمْ لَوْ أَخَذَ ثِيَابَهُ مَثَلًا فَهَلَكَ بَرْدًا لَمْ يَضْمَنْهُ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ مُهْلِكٌ لَهُ، وَمَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ مَا يَرُدُّهُ: أَيْ النَّظَرَ فَتَأَمَّلْهُ اهـ. وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ وَيَأْتِي قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ أَرَادَ قَوْمٌ إلَخْ لَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِ قَوْلَهُ ثُمَّ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَنْ لِأَرْضِهِ شِرْبٌ مِنْ مَاءٍ مُبَاحٍ فَعَطَّلَهُ آخَرُ بِأَنْ أَحْدَثَ مَا يَنْحَدِرُ بِهِ الْمَاءُ عَنْهُ تَأْثِيمُ فَاعِلِهِ وَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ مُدَّةَ تَعْطِيلِهَا لَوْ سُقِيَتْ بِذَلِكَ الْمَاءِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْمُسَاقَاةِ اهـ إلَّا أَنَّهُ يَتَأَمَّلُ حِينَئِذٍ كَوْنَ هَذَا مُؤَيِّدًا لِلْفَرْقِ، فَإِنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْهُ رَدُّهُ لَا تَأْيِيدُهُ. إلَّا أَنْ يُقَالَ: وَجْهُ التَّأْيِيدِ أَنَّهُ يَجْعَلُ عِلَّةَ عَدَمِ الضَّمَانِ فِيمَا يَأْتِي أَنَّ سَقْيَ الْأَرْضِ لَمْ يَتَعَيَّنْ لَهُ ذَلِكَ الْمَاءُ بَلْ يُمْكِنُ السَّقْيُ بِغَيْرِهِ، بِخِلَافِ الشَّاةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ مَا يَصْلُحُ لِغِذَاءِ وَلَدِ الشَّاةِ سِوَى لَبَنِ أُمِّهِ أَوْ أَنَّ مَا يَأْتِي عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ مُؤَيِّدٌ لِضَمَانِ وَلَدِ الشَّاةِ وَمَا بَعْدَهُ مُؤَيِّدٌ لِعَدَمِ ضَمَانِ الزَّرْعِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إنَّ وَجْهَ تَأْيِيدِ مَا هُنَا لِمَا يَأْتِي عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّ لَبَنَ الشَّاةِ مِنْ حَيْثُ نِسْبَتُهُ إلَيْهَا مُتَعَيِّنٌ لِوَلَدِهَا، وَكَذَلِكَ الْعَيْنُ الَّتِي أُعِدَّتْ بِخُصُوصِهَا لِسَقْيِ زَرْعٍ فَإِنَّهَا مُعَدَّةٌ بِحَسَبِ الْقَصْدِ مِمَّنْ هَيَّأَهَا لِذَلِكَ الزَّرْعِ. وَعَلَيْهِ فَيَتَعَيَّنُ فَرْضُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ هُنَا فِي مَسْأَلَةِ الزَّرْعِ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَاءُ مُعَدًّا لَهُ كَمَاءِ الْأَمْطَارِ وَالسُّيُولِ وَنَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَلْبًا) أَيْ نَافِعًا، وَخَرَجَ بِهِ الْعَقُورُ: أَيْ وَكَذَا مَا لَا نَفْعَ فِيهِ وَلَا ضَرَرَ كَالْفَوَاسِقِ ـــــــــــــــــــــــــــــQكِتَابُ الْغَصْبِ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ هَذَا هَلَاكَ وَلَدِ شَاةٍ إلَخْ) قَضِيَّةُ السِّيَاقِ أَنَّ هَذَا يُسَمَّى غَصْبًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَسَيُعِيدُ الْمَسْأَلَتَيْنِ مَعَ فَرْقٍ آخَرَ أَظْهَرَ مِنْ هَذَا. (قَوْلُهُ: يَتَأَيَّدُ مَا يَأْتِي عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ إلَخْ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِمَا فِي التُّحْفَةِ، لَكِنَّهُ أَغْفَلَ مَا فِي التُّحْفَةِ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي أَحَالَ عَلَيْهِ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ وَهُوَ ضَمَانُ شَرِيكٍ غَوَّرَ مَاءَ عَيْنٍ مِلْكٍ لَهُ وَلِشُرَكَائِهِ فَيَبِسَ مَا كَانَ يَسْقِي بِهَا مِنْ الشَّجَرِ، وَقَوْلُهُ: قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ أَرَادَ قَوْمٌ إلَخْ أَيْ: فِي بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

وَشَمِلَ الِاخْتِصَاصَاتِ كَحَقٍّ مُتَحَجِّرٍ وَمَنْ قَعَدَ بِنَحْوِ مَسْجِدٍ أَوْ شَارِعٍ لَا يُزْعِجُ عَنْهُ وَجَعَلَ الْمُصَنِّفُ فِي دَقَائِقِهِ حَبَّةَ الْبُرِّ غَيْرَ مَالِ مُرَادِهِ بِهِ غَيْرَ مُتَمَوَّلٍ لِمَا قَدَّمَهُ فِي الْإِقْرَارِ أَنَّهَا مَالٌ، وَعَبَّرَ عَنْهُ أَصْلُهُ بِالْمَالِ إذْ هُوَ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ الْآتِي، وَعَدَلَ عَنْهُ إلَى أَعَمَّ مِنْهُ لِيَكُونَ التَّعْرِيفُ جَامِعًا لِأَفْرَادِ الْغَصْبِ الْمُحَرَّمِ الْوَاجِبِ فِيهِ الرَّدُّ، وَأَمَّا الضَّمَانُ فَسَيُصَرِّحُ بِانْتِفَائِهِ عَنْ غَيْرِ الْمَالِ بِقَوْلِهِ وَلَا يَضْمَنُ الْخَمْرَ، فَمَا صَنَعَهُ هُنَا أَحْسَنُ مِنْ أَصْلِهِ وَإِنْ عَكَسَهُ بَعْضُهُمْ (عُدْوَانًا) أَيْ وَجْهُ الظُّلْمِ وَالتَّعَدِّي فَخَرَجَ بِهِ نَحْوَ مَأْخُوذٍ بِسَوْمٍ وَعَارِيَّةٍ وَمَا كَانَ أَمَانَةً شَرْعِيَّةً كَثَوْبٍ طَيَّرَتْهُ الرِّيحُ إلَى دَارِهِ أَوْ حِجْرِهِ، وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ مَا لَوْ أَخَذَ مَالَ غَيْرِهِ يَظُنُّهُ مَالَهُ حَيْثُ ضَمِنَهُ ضَمَانَ الْغَصْبِ لِأَنَّ الثَّابِتَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ حُكْمُ الْغَصْبِ لَا حَقِيقَتَهُ، قَالَهُ الرَّافِعِيُّ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمُتَبَادَرَ وَالْغَالِبَ مِنْ الْغَصْبِ مَا يَقْتَضِي الْإِثْمَ، وَاسْتُحْسِنَ تَعْبِيرُهُ فِي الرَّوْضَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ لِشُمُولِهَا هَذِهِ الصُّورَةَ وَاقْتِضَائِهَا أَنَّ الثَّابِتَ فِيهَا حَقِيقَةُ الْغَصْبِ نَظَرًا إلَى أَنَّ حَقِيقَتَهُ صَادِقَةٌ مَعَ انْتِفَاءِ التَّعَدِّي، إذْ الْقَصْدُ بِالْحَدِّ ضَبْطُ جَمِيعِ صُوَرِ الْغَصْبِ الَّتِي فِيهَا إثْمٌ وَاَلَّتِي لَا إثْمَ فِيهَا، وَمَا اسْتَحْسَنَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ زِيَادَةٍ قَهْرًا لِإِخْرَاجِ السَّرِقَةِ وَغَيْرِهَا وَمِنْ زِيَادَةٍ لَا عَلَى وَجْهِ اخْتِلَاسٍ أَوْ نَحْوِهِ رُدَّ بِخُرُوجِ الثَّلَاثَةِ بِالِاسْتِيلَاءِ، فَإِنَّهُ يُنْبِئُ عَنْ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ، وَالتَّنْظِيرُ فِيهِ بِادِّعَاءِ أَنَّ السَّرِقَةَ نَوْعٌ مِنْ الْغَصْبِ أُفْرِدَ بِحُكْمٍ خَاصٍّ فِيهِ نَظَرٌ، وَصَنِيعُهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْخَمْسُ فَلَا بُدَّ عَلَيْهَا وَلَا يَجِبُ رَدُّهَا بِرّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَهُوَ ظَاهِرٌ لَكِنْ قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ فِي الْإِقْرَارِ وَلَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي شَيْءٌ قَبْلَ تَفْسِيرِهِ بِنَجِسٍ لَا يُقْتَنَى، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي ثُبُوتِ الْيَدِ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ تَسُوغُ الْمُطَالَبَةُ بِهِ. وَأُجِيبَ ثَمَّ بِأَنَّ قَبُولَ التَّفْسِيرِ بِهِ إنَّمَا هُوَ لِصِدْقِ الشَّيْءِ عَلَيْهِ وَوَصْفُهُ بِكَوْنِهِ عِنْدَهُ لَا يَسْتَدْعِي أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ يَدًا (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ) أَيْ التَّعْرِيفُ أَوْ أُلْحِقَ الِاخْتِصَاصَاتُ: أَيْ فَيَكُونُ غَصْبُهَا كَبِيرَةً فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي حَبَّةِ الْبُرِّ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ النَّفْعَ بِهَا أَكْثَرُ مِنْ النَّفْعِ بِحَبَّةِ الْبُرِّ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمْوَالُكُمْ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ قَعَدَ) أَيْ وَشَمِلَ مَنْ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا يُزْعِجُ عَنْهُ) أَيْ قُعُودٌ لَا يُزْعِجُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: مُرَادُهُ بِهِ غَيْرُ مُتَمَوَّلٍ) بِفَتْحِ الْوَاوِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْمِصْبَاحِ تَمَوَّلَ اتَّخَذَ مَالًا وَمَوَّلَهُ غَيْرُهُ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: تَمَوَّلَ مَالًا اتَّخَذَهُ قُنْيَةٌ، فَقَوْلُ الْفُقَهَاءِ مَا يُتَمَوَّلُ مَا يُعَدُّ مَالًا فِي الْعُرْفِ وَالْمَالُ عِنْدَ أَهْلِ الْبَادِيَةِ النَّعَمُ اهـ. فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَا كَانَ صِفَةً لِلْمَالِ اسْمُ مَفْعُولٍ وَمَا كَانَ صِفَةً لِلْفَاعِلِ اسْمُ فَاعِلٍ (قَوْلُهُ: وَعَبَّرَ عَنْهُ) أَيْ الْحَقِّ (قَوْلُهُ وَالتَّعَدِّي) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: أَوْ حِجْرِهِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ طَيَّرَتْهُ إلَى مَحَلٍّ قَرِيبٍ مِنْهُ وَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ يَدٌ كَالْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُنْبِئُ عَنْ الْقَهْرِ) فِي إخْرَاجِهِ لِلِانْتِهَاءِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْآخِذَ فِيهِ يُعَدُّ مُسْتَوْلِيًا بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ بَلْ قَدْ يَتَوَقَّفُ فِي إخْرَاجِهِ لِلْجَمِيعِ، سِيَّمَا وَقَدْ جَعَلَ الشَّارِحُ الِاسْتِيلَاءَ شَامِلًا لِمَا قَبَضَهُ لِسَوْمٍ أَوْ أَمَانَةٍ كَثَوْبٍ طَيَّرَتْهُ الرِّيحُ إلَى دَارٍ أَوْ حِجْرِهِ (قَوْلُهُ وَالتَّنْظِيرُ فِيهِ) أَيْ فِي إخْرَاجِ السَّرِقَةِ وَنَحْوِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَشَمِلَ الِاخْتِصَاصَاتِ) لَعَلَّ لَفْظَ شَمِلَ مُحَرَّفٌ عَنْ لَفْظِ سَائِرِ مِنْ الْكَتَبَةِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَسَائِرُ الْحُقُوقِ وَالِاخْتِصَاصَاتِ كَحَقٍّ مُتَحَجِّرٍ (قَوْلُهُ: وَمَنْ قَعَدَ بِنَحْوِ مَسْجِدٍ) أَيْ: وَكَحَقِّ مَنْ قَعَدَ بِنَحْوِ مَسْجِدٍ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَكَإِقَامَةِ مَنْ قَعَدَ بِسُوقٍ أَوْ مَسْجِدٍ لَا يُزْعَجُ مِنْهُ، وَالْجُلُوسُ مَحَلُّهُ انْتَهَتْ. وَقَوْلُهُ: لَا يُزْعَجُ مِنْهُ وَصْفٌ لِمَسْجِدٍ أَوْ شَارِعٍ: أَيْ بِأَنْ كَانَ جُلُوسُهُ بِحَقٍّ (قَوْلُهُ: نَظَرًا إلَى الْمُتَبَادَرِ وَالْغَالِبِ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ هُنَاكَ صُوَرًا مِنْ الْغَصْبِ الْحَقِيقِيِّ لَا إثْمَ فِيهَا، وَهُوَ قَدْ يُنَافِي مَا مَرَّ، بَلْ قَدْ تَدْخُلُ الصُّورَةُ الْمَذْكُورَةُ بِادِّعَاءِ أَنَّهَا مِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ (قَوْلُهُ: وَمَا اسْتَحْسَنَهُ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَاسْتَحْسَنَ الرَّافِعِيُّ زِيَادَةَ قَهْرًا لِيُخْرِجَ السَّرِقَةَ، وَغَيْرَهُ زِيَادَةً لَا عَلَى وَجْهِ اخْتِلَاسٍ أَوْ انْتِهَابٍ وَرَدَّا بِأَنَّ الثَّلَاثَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالتَّنْظِيرُ فِيهِ) أَيْ: فِي الرَّدِّ الْمَذْكُور

بِإِفْرَادِهَا بِبَابٍ مُسْتَقِلٍّ وَجَعْلُهَا مِنْ مَبَاحِثِ الْجِنَايَاتِ قَاضٍ بِخِلَافِهِ، وَقَدْ أَفَادَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي تَعْرِيفِ الْغَصْبِ أَنَّهُ حَقِيقَةً وَإِثْمًا وَضَمَانًا الِاسْتِيلَاءُ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ عُدْوَانًا، وَضَمَانًا الِاسْتِيلَاءُ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَإِنَّمَا الِاسْتِيلَاءُ عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ عُدْوَانًا، وَلَوْ أَخَذَ مَالَ غَيْرِهِ بِالْحَيَاءِ كَانَ لَهُ حُكْمُ الْغَصْبِ، فَقَدْ قَالَ الْغَزَالِيُّ: مَنْ طَلَبَ مِنْ غَيْرِهِ مَالًا فِي الْمَلَا فَدَفَعَهُ إلَيْهِ لِبَاعِثِ الْحَيَاءِ فَقَطْ لَمْ يَمْلِكْهُ وَلَا يَحِلُّ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ وَهُوَ كَبِيرَةٌ، قَالَا نَقْلًا عَنْ الْهَرَوِيِّ إنْ بَلَغَ نِصَابًا، لَكِنْ نَقَلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ غَصْبَ الْحَبَّةِ وَسَرِقَتَهَا كَبِيرَةٌ، وَتَوَقَّفَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ، وَيُوَافِقُهُ إطْلَاقُ الْمَاوَرْدِيِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ فِعْلَهُ مَعَ الِاسْتِحْلَالِ مِمَّا لَا يَخْفَى عَلَيْهِ كُفْرٌ وَمَعَ عَدَمِهِ فِسْقٌ، وَلَعَلَّ هَذَا التَّفْصِيلَ إنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ حِكَايَةِ الْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَصَرِيحُ مَذْهَبِنَا أَنَّ اسْتِحْلَالَ مَا تَحْرِيمُهُ ضَرُورِيٌّ كُفْرٌ وَمَا لَا فَلَا وَإِنْ فَعَلَهُ فَتَفَطَّنْ لَهُ (فَلَوْ) (رَكِبَ دَابَّةً) لِغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ وَإِنْ كَانَ مَالِكُهَا حَاضِرًا وَسَيَّرَهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ وَضَعَ عَلَيْهَا مَتَاعًا مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ بِحُضُورِهِ فَسَيَّرَهَا الْمَالِكُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْمَتَاعَ وَلَا يَضْمَنُ مَالِكُهُ الدَّابَّةَ إذْ لَا اسْتِيلَاءَ مِنْهُ عَلَيْهَا (أَوْ جَلَسَ) أَوْ تَحَامَلَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: قَاضٍ بِخِلَافِهِ) أَيْ لَكِنَّهُ يَقْتَضِي تَخَلُّفَ أَحْكَامِ الْغَصْبِ عَنْهَا كَالضَّمَانِ بِأَقْصَى الْقِيَمِ وَالْأُجْرَةِ وَهُوَ خِلَافُ الْوَاقِعِ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ حَقٍّ) أَيْ حَيْثُ ظَنَّهُ مَالَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الِاسْتِيلَاءُ إلَخْ) زَادَ فِي الْعُبَابِ وَلَا إثْمًا وَلَا ضَمَانًا اهـ. وَصُورَتُهُ أَنْ يَسْتَوْلِيَ عَلَى اخْتِصَاصِ غَيْرِهِ يَظُنُّهُ اخْتِصَاصَهُ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا أَوْ تَحَامَلَ بِرِجْلِهِ زَادَ حَجّ: أَيْ وَإِنْ اعْتَمَدَ مَعَهَا عَلَى الرِّجْلِ الْأُخْرَى فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: كَانَ لَهُ حُكْمُ الْغَصْبِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ طَلَبٌ مِنْ الْآخِذِ فَالْمَدَارُ عَلَى مُجَرَّدِ الْعِلْمِ بِأَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ دَفَعَهُ حَيَاءً لَا مُرُوءَةً أَوْ رَغْبَةً فِي خَيْرٍ، وَمِنْهُ مَا لَوْ جَلَسَ عِنْدَ قَوْمٍ يَأْكُلُونَ مَثَلًا وَسَأَلُوهُ فِي أَنْ يَأْكُلَ مَعَهُمْ وَعَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ لِمُجَرَّدِ حَيَائِهِمْ مِنْ جُلُوسِهِ عِنْدَهُمْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَبِيرَةٌ) إطْلَاقُهُ شَامِلٌ لِلْمَالِ وَإِنْ قَلَّ وَلِلِاخْتِصَاصَاتِ وَمَا لَوْ أَقَامَ إنْسَانًا مِنْ نَحْوِ مَسْجِدٍ أَوْ سُوقٍ فَيَكُونُ كَبِيرَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ، بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ غَصْبِ نَحْوِ حَبَّةِ الْبُرِّ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ بِهِ أَكْثَرُ وَالْإِيذَاءُ الْحَاصِلُ بِذَلِكَ أَشَدُّ (قَوْلُهُ: وَمَعَ عَدَمِهِ) أَيْ الِاسْتِحْلَالِ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّ هَذَا التَّفْصِيلَ) أَيْ وَلَعَلَّ نِسْبَةَ هَذَا التَّفْصِيلِ لِلْمَاوَرْدِيِّ إلَخْ، وَإِلَّا فَصَرِيحُ الْمَذْهَبِ يُفِيدُ ذَلِكَ وَلَا حَاجَةَ لِعَزْوِهِ لِلْمَاوَرْدِيِّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ فَعَلَهُ) أَيْ وَعَلِمَ بِحُرْمَتِهِ. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ بِحُضُورِهِ) أَيْ أَوْ سَاقَهَا أَوْ أَشَارَ إلَيْهَا بِحَشِيشٍ مَثَلًا فِي يَدِهِ فَتَبِعَتْهُ (قَوْلُهُ أَوْ تَحَامَلَ بِرِجْلِهِ) وَمِنْهُ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ الْمَشْيِ عَلَى مَا يُفْرَشُ فِي صَحْنِ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ مِنْ الْفَرَاوِيُّ وَالثِّيَابِ وَنَحْوِهِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَنَّ الَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي تَعْرِيفِ الْغَصْبِ أَنَّهُ حَقِيقَةً وَإِثْمًا وَضَمَانًا إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الْعَطْفِ وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ: وَحَقِيقَتُهُ ضَمَانًا وَإِثْمًا الِاسْتِيلَاءُ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ عُدْوَانًا، وَضَمَانًا فَقَطْ الِاسْتِيلَاءُ بِلَا تَعَدٍّ كَلُبْسِ مُودِعٍ غَلَطًا وَإِثْمًا فَقَطْ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى مُحْتَرَمٍ وَلَا مَالِيَّةَ لَهُ عُدْوَانًا انْتَهَتْ. فَجَعَلَ الْكُلَّ حَقَائِقَ لِلْغَصْبِ لَكِنْ بِاعْتِبَارَاتٍ وَزَادَ الشِّهَابُ سم عَلَيْهِ: وَحَقِيقَةً لَا ضَمَانًا وَلَا إثْمًا بَلْ وُجُوبُ رَدٍّ فَقَطْ الِاسْتِيلَاءُ بِلَا تَعَدٍّ عَلَى مُحْتَرَمٍ غَيْرِ مَالٍ كَأَخْذِ سِرْجِينِ الْغَيْرِ يَظُنُّهُ لَهُ، قَالَ: وَبَقِيَ حَقِيقَتُهُ الْأَعَمُّ مِنْ الضَّمَانِ وَالْإِثْمِ وَالرَّدِّ وَهُوَ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى مُحْتَرَمِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ حَقٍّ مُطْلَقًا اهـ. وَهَذَا الْأَخِيرُ قَدْ يَشْمَلُ الِاسْتِيلَاءَ عَلَى زَوْجَةِ الْغَيْرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ: وَضَمَانًا الِاسْتِيلَاءُ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ حَقٍّ) صَرِيحُ السِّيَاقِ كَمَا لَا يَخْفَى أَنَّ حَقِيقَةَ الضَّمَانِ غَيْرُ مَوْجُودَةٍ فِيهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى، وَمِنْ جِهَةِ أَنَّ الْمُقَسَّمَ الْغَصْبُ فَتَأَمَّلْ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الَّذِي بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَسَيَّرَهَا) أَيْ الْمَالِكُ فَهُوَ مَدْخُولُ الْغَايَةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ وَضَعَ عَلَيْهَا مَتَاعًا إلَخْ) لَعَلَّ صُورَتَهُ أَنَّهُ وَضَعَهُ لِيَقْضِيَ حَاجَةً مَثَلًا ثُمَّ يَأْخُذَهُ، إذْ يَبْعُدُ أَنَّ مَالِكَ الدَّابَّةِ لَوْ كَانَ قَاصِدًا نَحْوَ دَارِ صَاحِبِ الْمَتَاعِ فَوَضَعَ الْمَتَاعَ عَلَى الدَّابَّةِ وَدَلَّتْ الْحَالُ عَلَى إذْنِهِ لَهُ فِي إيصَالِهِ إلَى مَحَلِّهِ أَنَّهُ يَضْمَنُ فَلْيُرَاجَعْ.

بِرِجْلِهِ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ (عَلَى فِرَاشٍ) لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةُ الْحَالِ عَلَى إبَاحَةِ الْجُلُوسِ مُطْلَقًا أَوْ لِنَاسٍ مَخْصُوصِينَ كَفَرْشِ مَسَاطِبِ التُّجَّارِ لِمَنْ لَهُ عِنْدَهُمْ حَاجَةٌ فَغَاصِبٌ وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْهُ إذْ غَايَةُ الِاسْتِيلَاءِ حَاصِلَةٌ بِذَلِكَ، وَهِيَ الِانْتِفَاعُ بِهِ مُتَعَدِّيًا وَسَوَاءٌ أَقَصَدَ الِاسْتِيلَاءَ أَمْ لَا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ السُّبْكِيُّ، وَصَوَّبَ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلَ الْكَافِي مَنْ لَمْ يَقْصِدْهُ لَا يَكُونُ غَاصِبًا وَلَا ضَامِنًا، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ اعْتِبَارَ النَّقْلِ فِي كُلِّ مَنْقُولٍ سِوَى الْأَمْرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ ذَهَبَ جَمْعٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ رَفَعَ مَنْقُولًا كَكِتَابٍ مِنْ بَيْنِ يَدَيْ مَالِكٍ لِيَنْظُرَهُ وَيَرُدَّهُ حَالًا مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ اسْتِيلَاءً عَلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْهُ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُمْ عَلَى مَا إذَا دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى رِضَا مَالِكِهِ بِأَخْذِهِ لِلنَّظَرِ فِيهِ، وَلَا دَلِيلَ لَهُمْ فِيمَا يَأْتِي فِي الدُّخُولِ لِلتَّفَرُّجِ، لِأَنَّ الْأَخْذَ وَالرَّفْعَ اسْتِيلَاءٌ حَقِيقِيٌّ فَلَمْ يَحْتَجْ مَعَهُ إلَى قَصْدٍ، وَلَا كَذَلِكَ مُجَرَّدُ الدُّخُولِ وَمَحَلُّ اشْتِرَاطِ نَقْلِ الْمَنْقُولِ فِي الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ فِي مَنْقُولٍ لَيْسَ بِيَدِهِ، فَإِنْ كَانَ بِيَدِهِ كَوَدِيعَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ الضَّمَانِ مَا لَمْ تَعُمَّ الْفَرَاوِيُّ وَنَحْوُهَا الْمَسْجِدَ بِأَنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ كَثُرَتْ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ وَلَا حُرْمَةَ لِتَعَدِّي الْوَاضِعِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى فِرَاشٍ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: لَوْ جَلَسَ عَلَيْهِ ثُمَّ انْتَقَلَ عَنْهُ ثُمَّ جَلَسَ آخَرُ عَلَيْهِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا غَاصِبٌ، وَلَا يَزُولُ الْغَصْبُ عَنْ الْأَوَّلِ بِانْتِقَالِهِ عَنْهُ لِأَنَّ الْغَاصِبَ إنَّمَا يَبْرَأُ بِالرَّدِّ لِلْمَالِكِ أَوْ لِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ، فَلَوْ تَلِفَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ تَلِفَ فِي يَدِ الثَّانِي فَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ أَوْ بَعْدَ انْتِقَالِهِ أَيْضًا عَنْهُ فَعَلَى كُلٍّ الْقَرَارُ، لَكِنْ هَلْ لِلْكُلِّ أَوْ لِلنِّصْفِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَظْهَرُ الْأَوَّلُ؛ وَلَوْ نَقَلَ الدَّابَّةَ وَمَالِكُهَا رَاكِبٌ عَلَيْهَا بِأَنْ أَخَذَ بِرَأْسِهَا وَسَيَّرَهَا مَعَ ذَلِكَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ غَاصِبًا لِأَنَّهُ يُعَدُّ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهِ مَعَ اسْتِقْلَالِ مَالِكِهَا بِالرُّكُوبِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُمَا لَوْ تَنَازَعَا أَوْ أُتْلِفَتْ حُكِمَ بِهَا لِلرَّاكِبِ وَاخْتُصَّ بِهِ الضَّمَانُ اهـ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ فَعَلَى كُلٍّ الْقَرَارُ أَنَّ مَنْ غَرِمَ مِنْهُمَا لَا يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ لِأَنَّ الْمَالِكَ يَأْخُذُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا بَدَلَ الْمَغْصُوبِ. لَا يُقَالُ: بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ غَرِمَ مِنْهُمَا يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِالنِّصْفِ. لِأَنَّا نَقُولُ: هَذَا عَيْنُ الِاحْتِمَالِ الثَّانِي، وَلِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمَالِكَ يُطَالِبُ كُلًّا بِالنِّصْفِ لِمَا مَرَّ أَنَّ كُلًّا طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ هَذَا. وَبَقِيَ فِي الْمَقَامِ احْتِمَالٌ آخَرُ. وَهُوَ أَنَّ قَرَارَ الضَّمَانِ عَلَى الثَّانِي وَحْدَهُ لِأَنَّ يَدَهُ أَزَالَتْ يَدَ الْأَوَّلِ الْحِسِّيَّةَ وَلَمْ يُوجَدْ بَعْدُ مَا يُزِيلُهَا فَهِيَ مُسْتَصْحَبَةٌ وَإِنْ انْتَقَلَ عَنْهُ هَذَا. وَقَدْ يُقَالُ: الْأَقْرَبُ الثَّانِي لِدُخُولِهَا فِي ضَمَانِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَتُسَاوِيهِمَا فِي كَوْنِهَا تَلِفَتْ لَا فِي يَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَقَالَ سم فِي قَوْلَةٍ أُخْرَى: الظَّاهِرُ أَنَّ الْفِرَاشَ مِثَالٌ، وَعَلَيْهِ فَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ مَعَ مَا ذَكَرَهُ عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّ مَنْ تَحَامَلَ بِرِجْلِهِ عَلَى خَشَبَةٍ كَانَ غَاصِبًا لَهَا وَقَدْ يُفَرَّقُ اهـ، وَقَوْلُ سم فِي الْقَوْلَةِ الْأُولَى فَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَكُونَ غَاصِبًا إلَخْ، وَيُصَرِّحُ بِعَدَمِ الضَّمَانِ مَا تَقَدَّمَ فِي الشَّارِحِ عَنْ أَبِي حَامِدٍ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْعَارِيَّةِ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مَا يَنْمَحِقُ إلَخْ مِنْ أَنَّهُ لَوْ سَخَّرَ رَجُلًا وَدَابَّتَهُ فَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ فِي يَدِ صَاحِبِهَا لَمْ يَضْمَنْهَا الْمُسَخِّرُ لِأَنَّهَا فِي يَدِ صَاحِبِهَا، وَقَوْلُهُ أَيْضًا فِي الْقَوْلَةِ الْأُخْرَى: وَقَدْ يُفَرَّقُ: أَيْ بِأَنَّ الْفِرَاشَ لَمَّا كَانَ مُعَدًّا لِلِانْتِفَاعِ بِالْجُلُوسِ عَلَيْهِ كَانَ الْجُلُوسُ وَنَحْوُهُ انْتِفَاعًا مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي قُصِدَ مِنْهُ فَعُدَّ ذَلِكَ اسْتِيلَاءً، بِخِلَافِ الْخَشَبَةِ وَنَحْوِهَا فَأُلْحِقَتْ بِبَاقِي الْمَقُولَاتِ وَيَدُلُّ لِلْفَرْقِ عُمُومُ قَوْلِ الشَّارِحِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ اعْتِبَارَ النَّقْلِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا لَوْ جَلَسَ عَلَيْهِ ثُمَّ انْتَقَلَ إلَخْ يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ تَعَاقَبَ اثْنَانِ عَلَى دَابَّةٍ ثُمَّ تَلِفَتْ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ أَقَصَدَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ مَنْقُولٍ) وَهُوَ كَذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ نَابِعًا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: سِوَى الْأَمْرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ) أَيْ وَسِوَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا فِي الدَّارِ مِنْ الْأَمْتِعَةِ، وَالْأَمْرَانِ الْمَذْكُورَانِ هُمَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَلَوْ رَكِبَ دَابَّةً، وَقَوْلُهُ أَوْ جَلَسَ عَلَى فِرَاشٍ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ اشْتِرَاطِ نَقْلِ الْمَنْقُولِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ وَنَقْلُ الْمَنْقُولِ كَالْبَيْعِ. وَقَضِيَّتُهَا أَنَّ مُجَرَّدَ رَفْعِ الْمَنْقُولِ الثَّقِيلِ وَإِنْ وَضَعَهُ مَكَانَهُ لَا يَكُونُ غَصْبًا، بِخِلَافِ الْخَفِيفِ الَّذِي يُتَنَاوَلُ بِالْيَدِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّ النَّقْلَ إلَى مَوْضِعٍ يَخْتَصُّ بِهِ الْمَالِكُ لَا يَكُونُ غَصْبًا، لَكِنْ مَرَّ فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَنَّ عَدَمَ صِحَّةِ الْقَبْضِ بِذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي عَدَمِ جَوَازِ التَّصَرُّفِ لَا فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أَوْ غَيْرِهَا فَنَفْسُ إنْكَارِهِ غَصْبٌ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نَقْلٍ كَمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ. وَأَفْهَمَ اشْتِرَاطُ النَّقْلِ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ بِيَدِ قِنٍّ وَلَمْ يُسَيِّرْهُ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَقَوْلُ الْبَغَوِيّ إنَّهُ لَوْ بَعَثَ عَبْدَ غَيْرِهِ فِي حَاجَةٍ لَهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ مَا لَمْ يَكُنْ أَعْجَمِيًّا أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ ضَعِيفٌ فَقَدْ رُجِّحَ خِلَافُهُ فِي الْأَنْوَارِ. وَنُقِلَ عَنْ تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ آخِرَ الْعَارِيَّةِ ضَمَانُهُ، وَصَرَّحَ كَثِيرٌ بِأَنَّهُ لَوْ أَخَذَ بِيَدِ قِنٍّ غَيْرِهِ وَخَوَّفَهُ بِسَبَبِ تُهْمَةٍ وَلَمْ يَنْقُلْهُ مِنْ مَكَانِهِ إلَى آخَرَ أَوْ نَقَلَهُ لَا بِقَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ: أَيْ بِنَاءً عَلَى خِلَافِ مَا مَرَّ عَنْ الرَّوْضَةِ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَكَذَا إنْ انْتَقَلَ هُوَ مِنْ مَحَلِّهِ بِاخْتِيَارِهِ أَوْ ضَرَبَ ظَالِمٌ قِنَّ غَيْرِهِ فَأَبَقَ لِأَنَّ الضَّرْبَ لَيْسَ بِاسْتِيلَاءٍ. نَعَمْ إنْ لَمْ يَهْتَدِ إلَى دَارِ سَيِّدِهِ ضَمِنَهُ، وَلَوْ زَلِقَ دَاخِلَ حَمَّامٍ مَثَلًا فَوَقَعَ عَلَى مَتَاعٍ لِغَيْرِهِ فَكَسَرَهُ ضَمِنَهُ، وَلَا يَضْمَنُ صَاحِبُهُ الزَّالِقَ إلَّا إنْ وَضَعَهُ بِالْمَمَرِّ بِحَيْثُ لَا يَرَاهُ الدَّاخِلُ، وَلَوْ دَفَعَ قِنَّهُ إلَى مَنْ يُعَلِّمُهُ حِرْفَةً كَانَ أَمَانَةً وَإِنْ اسْتَعْمَلَهُ فِي مَصَالِحِ تِلْكَ الْحِرْفَةِ بِخِلَافِ اسْتِعْمَالِهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، وَأَفْهَمَ أَيْضًا عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ حُضُورِ الْمَالِكِ وَغَيْبَتِهِ، لَكِنْ نَقَلَا عَنْ الْمُتَوَلِّي أَنَّ مَحَلَّ ضَمَانِ الْجَمِيعِ حَيْثُ كَانَ غَائِبًا، فَإِنْ حَضَرَ اشْتَرَطَ أَنْ يُزْعِجَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ التَّصَرُّفَ فِيهِ وَإِلَّا بِأَنْ جَلَسَ أَوْ رَكِبَ مَعَهُ لَمْ يَضْمَنْ سِوَى النِّصْفِ، وَلَوْ كَانَ الْمَالِكُ ضَعِيفًا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْعَقَارِ، وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ: إنَّمَا يَكُونُ قِيَاسُ ذَلِكَ إنْ اسْتَوْلَى عَلَى نِصْفِ الْبِسَاطِ بِجُلُوسِهِ، فَإِنْ اسْتَوْلَى عَلَى ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ بِجُلُوسِهِ وَقُمَاشِهِ وَالْمَالِكُ عَلَى رُبُعِهِ ضَمِنَ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ قِيَاسَ ذَلِكَ أَنَّ الضَّمَانَ نِصْفَانِ مُطْلَقًا لِكَوْنِ يَدِهِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSعَدَمِ الضَّمَانِ، وَقِيَاسُهُ هُنَا أَنْ يَكُونَ ضَامِنًا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِحُصُولِ الِاسْتِيلَاءِ، وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ ثَمَّ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ لَمْ يَكْفِ مَحَلُّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى التَّصَرُّفِ. أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى حُصُولِ الضَّمَانِ فَإِنَّهُ يَكُونُ كَافِيًا لِاسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ اهـ. وَيُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي فِي رَفْعِ السَّجَّادَةِ أَنَّهُ لَوْ رَفَعَ طَرَفَ الْمَنْقُولِ بِيَدِهِ عَنْ الْأَرْضِ وَلَمْ يَنْفَصِلْ لَا يَكُونُ غَاصِبًا لَهُ وَلَا ضَامِنًا، وَفِي الْعُبَابِ: فَرْعٌ: لَوْ دَخَلَ عَلَى حَدَّادٍ يَطْرُقُ الْحَدِيدَ فَطَارَتْ شَرَارَةٌ أَحْرَقَتْ ثَوْبَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ الْحَدَّادُ وَإِنْ دَخَلَ بِإِذْنِهِ اهـ. أَقُولُ: وَكَذَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَوْ طَارَتْ شَرَارَةٌ مِنْ الدُّكَّانِ أَحْرَقَتْ شَيْئًا حَيْثُ أَوْقَدَ الْكُورَ عَلَى الْعَادَةِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ جَلَسَ بِالشَّارِعِ نَفْسِهِ أَوْ أَوْقَدَ لَا عَلَى الْعَادَةِ وَتَوَلَّدَ مِنْهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِأَنَّ الِارْتِفَاقَ بِالشَّارِعِ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ. وَفِي الْعُبَابِ أَيْضًا: فَرْعٌ: مَنْ ضَلَّ نَعْلَهُ فِي مَسْجِدٍ وَوَجَدَ غَيْرَهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ لُبْسُهَا وَإِنْ كَانَتْ لِمَنْ أَخَذَ نَعْلَهُ اهـ. وَلَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بَيْعُهَا وَأَخْذُ قَدْرِ قِيمَةِ نَعْلِهِ مِنْ ثَمَنِهَا إنْ عَلِمَ أَنَّهَا لِمَنْ أَخَذَ نَعْلَهُ، وَإِلَّا فَهِيَ لُقَطَةٌ. وَفِي الْعُبَابِ: فَرْعٌ: مَنْ أَخَذَ إنْسَانًا ظَنَّهُ عَبْدًا حِسْبَةً فَقَالَ أَنَا حُرٌّ وَهُوَ عَبْدٌ فَتَرَكَهُ فَأَبَقَ ضَمِنَ اهـ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهَا) أَيْ مِنْ سَائِرِ الْأَمَانَاتِ (قَوْلُهُ: فَنَفْسُ إنْكَارِهِ غَصْبٌ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ إنْكَارَهُ لِغَرَضِ الْمَالِكِ كَأَنْ خَافَ عَلَيْهِ مِنْ ظَالِمٍ يَنْتَزِعُهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لَوْ أَخَذَ بِيَدِ قِنٍّ وَلَمْ يُسَيِّرْهُ إلَخْ) وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ بِزِمَامِ دَابَّةٍ أَوْ بِرَأْسِهَا وَلَمْ يُسَيِّرْهَا لَمْ يَكُنْ غَاصِبًا (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ لَمْ يَهْتَدِ إلَى دَارِ سَيِّدِهِ ضَمِنَهُ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ الضَّمَانِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ غَاصِبًا، وَقَدْ يُقَالُ لَمَّا تَرَتَّبَ عَدَمُ رُجُوعِهِ عَلَى فِعْلِهِ كَانَ ضَامِنًا كَمَا لَوْ فَتَحَ قَفَصًا عَنْ طَائِرٍ لِمَا يَأْتِي فِيهِ مِنْ التَّوْجِيهِ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يَرَاهُ الدَّاخِلُ) أَيْ وَوَجَدَ لَهُ مَحَلًّا سِوَى الْمَمَرِّ فَيَهْدِرُ الْمَتَاعَ دُونَ الزَّالِقِ بِهِ اهـ حَجّ. وَقَوْلُهُ وَوَجَدَ صَوَابَهُ وَإِنْ وَجَدَ لَهُ إلَخْ لِعُذْرِ الزَّالِقِ بِكَوْنِ الْمَتَاعِ بِمَحَلٍّ لَمْ يَرَهُ الدَّاخِلُ، وَقَوْلُهُ وَأَفْهَمَ: أَيْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِأَنْ جَلَسَ إلَخْ) قَسِيمُ مَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَلَوْ رَكِبَ دَابَّةً إلَخْ مِنْ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ رَكِبَ أَوْ جَلَسَ لَا مَعَ صَاحِبِ الدَّابَّةِ وَالْفِرَاشِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ) غَايَةٌ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي غَيْرِ الْمَالِكِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَوِيًّا أَوْ ضَعِيفًا جِدًّا بِحَيْثُ لَا تُنْسَبُ لَهُ يَدٌ أَصْلًا مَعَ الْمَالِكِ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الضَّعِيفَ بِحَيْثُ لَا تُنْسَبُ لَهُ يَدٌ مَعَ الْمَالِكِ إذَا دَخَلَ دَارَ غَيْرِهِ وَالْمَالِكُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ أَيْضًا) يَعْنِي: الْمَتْنَ (قَوْلُهُ: أَنَّ مَحَلَّ ضَمَانِ الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ الْمَغْصُوبِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ جَلَسَ أَوْ رَكِبَ مَعَهُ)

مَعًا عَلَى الْفِرَاشِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ لَمْ يُفَرِّقُوا فِي كَوْنِهِ غَاصِبًا فِي الصُّورَةِ الْآتِيَةِ بَيْنَ كَوْنِهِ مُسْتَوْلِيًا عَلَى نِصْفِهَا أَوْ لَا، وَلَوْ رَفَعَ شَيْئًا بِرِجْلِهِ بِالْأَرْضِ لِيَنْظُرَ جِنْسَهُ ثُمَّ تَرَكَهُ فَضَاعَ لَمْ يَضْمَنْهُ، قَالَهُ الْمُتَوَلِّي. وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّ نَظِيرَهُ رَفْعُ سَجَّادَةٍ بِرِجْلِهِ لِيُصَلِّ مَكَانَهَا مَحْمُولٌ عَلَى رَفْعٍ لَمْ يَنْفَصِلْ بِهِ الْمَرْفُوعُ عَنْ الْأَرْضِ عَلَى رِجْلِهِ وَإِلَّا ضَمِنَهُ كَمَا لَا يَخْفَى، إذْ الْأَخْذُ بِالرِّجْلِ كَالْيَدِ فِي حُصُولِ الِاسْتِيلَاءِ؛ وَلَوْ أَخَذَ شَيْئًا لِغَيْرِهِ مِنْ غَاصِبٍ أَوْ سَبُعٍ حِسْبَةً لِيَرُدَّهُ عَلَى مَالِكِهِ تَلِفَ فِي يَدِهِ قَبْلَ إمْكَانِ رَدِّهِ لَمْ يَضْمَنْ إنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ غَيْرَ أَهْلٍ لِلضَّمَانِ كَحَرْبِيٍّ وَقِنِّ الْمَالِكِ وَإِلَّا ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ مُعْرِضًا لِلتَّلَفِ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ. وَإِطْلَاقُ الْمَاوَرْدِيِّ وَابْنِ كَجٍّ الضَّمَانَ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ، وَلَا يُنَافِيهِ عَدَمُ ضَمَانِ الْمُحْرِمِ صَيْدًا لِيُدَاوِيَهُ، إذْ هُوَ حَقٌّ لَهُ تَعَالَى فَسُومِحَ فِيهِ؛ وَلَوْ غَصَبَ حَيَوَانًا فَتَبِعَهُ وَلَدُهُ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَتْبَعَهُ أَوْ هَادِي الْغَنَمِ فَتَبِعَهُ الْغَنَمُ لَمْ يَضْمَنْ التَّابِعَ فِي الْأَصَحِّ لِانْتِفَاءِ اسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ؛ وَكَذَا لَوْ غَصَبَ أُمَّ النَّحْلِ فَتَبِعَهَا النَّحْلُ لَا يَضْمَنُهُ إلَّا إنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ (وَلَوْ) (دَخَلَ دَارِهِ) أَيْ دَارَ غَيْرِهِ (وَأَزْعَجَهُ عَنْهَا) أَيْ أَخْرَجَهُ مِنْهَا فَغَاصِبٌ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ اسْتِيلَاءً لِأَنَّ وُجُودَهُ مُغْنٍ عَنْ قَصْدِهِ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَكَانَ بِأَهْلِهِ عَلَى هَيْئَةِ مَنْ يَقْصِدُ السُّكْنَى أَمْ لَا، فَمَا فِي الرَّوْضَةِ تَصْوِيرٌ لَا قَيْدٌ (أَوْ أَزْعَجَهُ) أَيْ أَخْرَجَهُ عَنْهَا (وَقَهَرَهُ عَلَى الدَّارِ) أَيْ مَنَعَهُ التَّصَرُّفَ فِيهَا وَهُوَ مُلَازِمٌ لِلْإِزْعَاجِ فَالتَّصْرِيحُ بِهِ تَصْرِيحٌ بِاللَّازِمِ وَمِنْ ثَمَّ حَذَفَهُ غَيْرُهُ (وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ فَغَاصِبٌ) وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ الِاسْتِيلَاءَ عَلَيْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSفِيهَا مِنْ أَنَّهُ لَا يَكُونُ غَاصِبًا لِشَيْءٍ مِنْهَا أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْيَدَ عَلَى الْمَنْقُولِ حِسِّيَّةٌ وَعَلَى الدَّارِ حُكْمِيَّةٌ (قَوْلُهُ: فِي الصُّورَةِ الْآتِيَةِ) وَهِيَ مَا لَوْ دَخَلَ دَارَ غَيْرِهِ وَهُوَ فِيهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ رَفَعَ شَيْئًا بِرِجْلِهِ) أَيْ وَلَمْ يَنْفَصِلْ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَخَذَ شَيْئًا لِغَيْرِهِ مِنْ غَاصِبٍ) بَقِيَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ بَعْضَ الدَّوَابِّ يَفِرُّ مِنْ صَاحِبِهِ ثُمَّ إنَّ شَخْصًا يَحُوزُهُ عَلَى نِيَّةِ عَوْدِهِ لِمَالِكِهِ فَيَتْلَفُ حِينَئِذٍ هَلْ يَضْمَنُهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِلْعِلْمِ بِرِضَا صَاحِبِهِ بِذَلِكَ، إذْ الْمَالِكُ لَا يَرْضَى بِضَيَاعِ مَالِهِ وَيُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ نَوَى رَدَّهُ عَلَى مَالِكِهِ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الضَّمَانِ. وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا نَقَلَهُ حَجّ عَنْ الْقَاضِي بِأَنَّ مَنْ ظَفِرَ بِآبِقٍ لِصَدِيقِهِ: أَيْ أَوْ خَلَّصَهُ مِنْ نَحْوِ غَاصِبٍ فَأَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ فَهَرَبَ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ رَدِّهِ وَرَفَعَهُ لِحَاكِمٍ لَمْ يَضْمَنْهُ، لَكِنَّهُ نَقَلَ بَعْدُ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَابْنِ كَجٍّ الضَّمَانَ، وَعَنْ الشَّيْخَيْنِ التَّصْرِيحُ بِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مُعْرِضًا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ مَتَاعًا مَثَلًا مَعَ سَارِقٍ أَوْ مُنْتَهِبٍ وَعَلِمَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ ضَاعَ عَلَى صَاحِبِهِ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ الْآخِذَ فَأَخَذَهُ مِنْهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَلَوْ بِصُورَةِ شِرَاءٍ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ حَتَّى لَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ بِلَا تَقْصِيرٍ غَرِمَ بَدَلَهُ لِصَاحِبِهِ، وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى مَالِكِهِ لِعَدَمِ إذْنِهِ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ عَدَمُ مَعْرِفَةِ مَالِكِهِ لَوْ بَقِيَ بِيَدِ السَّارِقِ فَإِنَّ مَا ذَكَرَ طَرِيقٌ لِحِفْظِ مَالِ الْمَالِكِ وَهُوَ لَا يَرْضَى بِضَيَاعِهِ (قَوْلُهُ: لِيُدَاوِيَهُ) أَيْ أَخَذَهُ لِيُدَاوِيَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ هَادِي الْغَنَمِ) وَهُوَ الْمُسَمَّى الْآنَ بِالنَّاعُوتِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ غَصَبَ أُمَّ النَّحْلِ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ غَصَبَ وَلَدَ بَهِيمَةٍ فَتَبِعَتْهُ أُمُّهُ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَتَخَلَّفُ عَنْهُ عَادَةً (قَوْلُهُ إلَّا إنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ) قَيْدٌ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ. قَالَ حَجّ: وَلَوْ سِيقَتْ أَوْ انْسَاقَتْ بَقَرَةٌ إلَى رَاعٍ لَمْ تَدْخُلْ فِي ضَمَانِهِ إلَّا إنْ سَاقَهَا مَعَ الْبَقَرِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ) أَيْ فِي أُمِّ النَّحْلِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ اسْتِيلَاءً) أَيْ بِأَنْ أَطْلَقَ أَوْ قَصَدَ أَخْذَ الرَّجُلِ وَمَنَعَهُ مِنْ الْعَوْدِ لَهَا وَالتَّصَرُّفِ فِيهَا حَتَّى يَكُونَ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهَا، أَمَّا لَوْ قَصَدَ أَخْذَ الرَّجُلِ لِيُسَخِّرَهُ فِي عَمَلٍ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَقِيَ مَا إذَا جَلَسَ وَحْدَهُ أَوْ رَكِبَ بِحُضُورِ الْمَالِكِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى رَفْعٍ لَمْ يَنْفَصِلْ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُمَا: أَيْ كَلَامُ الْمُتَوَلِّي وَالْبَعْضِ عَلَى رَفْعِ إلَخْ، لَكِنَّهُ عَبَّرَ بَدَلَ قَوْلِ الشَّارِحِ وَقَوْلِ بَعْضِهِمْ بِقَوْلِهِ قَالَهُ شَارِحٌ وَنَظِيرُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَحَرْبِيٍّ) أَيْ أَوْ سَبُعٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُلَازِمٌ لِلْإِزْعَاجِ) قَالَ الشِّهَابُ سم: فِيهِ نَظَرٌ مَعَ

خِلَافًا لِجَمْعٍ (وَفِي الثَّانِيَةِ وَجْهٌ وَاهٍ) أَنَّهُ لَا يَكُونُ غَاصِبًا عَمَلًا بِالْعُرْفِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا فِي الدَّارِ مِنْ الْأَمْتِعَةِ فَيَكُونُ غَاصِبًا لَهَا أَيْضًا كَمَا ذَكَرَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: إنَّهُ الْأَقْرَبُ، وَفِيهِ كَمَا قَالَ الْقَمُولِيُّ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمَنْقُولَ لَا يَتَوَقَّفُ غَصْبُهُ عَلَى نَقْلِهِ إذَا كَانَ تَابِعًا، وَذَهَبَ إلَيْهِ الْقَاضِي (وَلَوْ) (سَكَنَ بَيْتًا) مِنْ الدَّارِ (وَمَنَعَ الْمَالِكَ مِنْهُ دُونَ بَاقِي الدَّارِ) (فَغَاصِبٌ لِلْبَيْتِ فَقَطْ) لِأَنَّهُ الَّذِي اسْتَوْلَى عَلَيْهِ (وَلَوْ دَخَلَ بِقَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ وَلَيْسَ الْمَالِكُ فِيهَا) وَلَا مَنْ يَخْلُفُهُ مِنْ أَهْلٍ وَمُسْتَعِيرٍ وَمُسْتَأْجِرٍ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ (فَغَاصِبٌ) وَإِنْ ضَعُفَ الدَّاخِلُ وَقَوِيَ الْمَالِكُ حَتَّى لَوْ انْهَدَمَتْ حِينَئِذٍ ضَمِنَهَا لِأَنَّ قُوَّتَهُ إنَّمَا هِيَ بِاعْتِبَارِ سُهُولَةِ النَّزْعِ مِنْهُ حَالًا وَلَا يَمْنَعُ اسْتِيلَاءَهُ، أَمَّا إذَا لَمْ يَقْصِدْ الِاسْتِيلَاءَ كَأَنْ دَخَلَ لِتَفَرُّجٍ لَمْ يَكُنْ غَاصِبًا، وَإِنَّمَا ضَمِنَ مَنْقُولًا رَفَعَهُ لَا بِقَصْدِ ذَلِكَ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَيْهِ حَقِيقَةٌ كَمَا مَرَّ، وَيَدُهُ عَلَى الْعَقَارِ حُكْمِيَّةٌ فَتَوَقَّفَتْ عَلَى قَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ (وَإِنْ كَانَ) الْمَالِكُ أَوْ نَحْوُهُ فِيهَا (وَلَمْ يُزْعِجْهُ) عَنْهَا (فَغَاصِبٌ لِنِصْفِ الدَّارِ) لِاجْتِمَاعِ يَدِهِمَا فَيَكُونُ الِاسْتِيلَاءُ لَهُمَا مَعًا (إلَّا أَنْ يَكُونَ ضَعِيفًا لَا يُعَدُّ مُسْتَوْلِيًا عَلَى صَاحِبُ الدَّارِ) فَلَا يَكُونُ غَاصِبًا لِشَيْءٍ مِنْهَا وَإِنْ قَصَدَ الِاسْتِيلَاءَ إذْ لَا عِبْرَةَ بِقَصْدِ مَا لَا يُمْكِنُ تَحَقُّقُهُ، وَأَخَذَ السُّبْكِيُّ مِنْهُ وَتَبِعَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَوْ ضَعُفَ الْمَالِكُ بِحَيْثُ لَا يُعَدُّ لَهُ مَعَ قُوَّةِ الدَّاخِلِ اسْتِيلَاءً يَكُونُ غَاصِبًا لِجَمِيعِهَا، إذْ قَصْدُ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا رَدَّهُ الْأَذْرَعِيَّ وَتَبِعَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ يَدَ الْمَالِكِ بَاقِيَةٌ لَمْ تَزُلْ فَهِيَ قَوِيَّةٌ لِاسْتِنَادِهَا لِلْمِلْكِ، وَالْمُعَارَضَةُ بِمِثْلِهِ فِي الدَّاخِلِ الضَّعِيفِ بِقَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ مَرْدُودَةٌ بِوُضُوحِ الْفَرْقِ بِأَنَّ يَدَ الْمَالِكِ الْحِسِّيَّةَ مُنْتَفِيَةٌ ثَمَّ فَأَثَّرَ قَصْدُ الِاسْتِيلَاءِ وَمَوْجُودَةٌ هُنَا فَلَمْ يُؤَثِّرْ قَصْدُهُ مَعَهَا فِي رَفْعِهَا مِنْ أَصْلِهَا وَإِنْ ضَعُفَتْ، وَحَيْثُ لَمْ يُجْعَلْ غَاصِبًا لَمْ تَلْزَمْهُ أُجْرَةٌ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ الْقَاضِي فِي سَارِقٍ تَعَذَّرَ خُرُوجُهُ فَاخْتَبَأَ فِي الدَّارِ لَيْلَةً، لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ مُشْكِلٌ لَا يُوَافَقُ عَلَيْهِ اهـ. فَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ، وَالْأَقْرَبُ فِيمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَالِكِ وَأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ مَعَهُمَا فِي الدَّارِ أَوْ لَا، وَلَا بَيْنَ كَوْنِ الدَّارِ مَعْرُوفَةً بِصَاحِبِهَا أَوْ لَا، وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا فَقَدْ قَالَ الكوهكيلوني فِي شَرْحِ الْحَاوِي: إذَا سَاكَنَ الدَّاخِلُ السَّاكِنَ بِالْحَقِّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَعَ الدَّاخِلِ أَهْلٌ مُسَاوُونَ لِأَهْلِ السَّاكِنِ أَمْ لَا حَتَّى لَوْ دَخَلَ غَاصِبٌ وَمَعَ السَّاكِنِ مِنْ أَهْلِهِ عَشَرَةٌ لَزِمَهُ النِّصْفُ، وَلَوْ كَانَ السَّاكِنُ بِالْحَقِّ اثْنَيْنِ كَانَ ضَامِنًا لِلثُّلُثِ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ عَشَرَةٌ مِنْ أَهْلِهِ. (وَعَلَى الْغَاصِبِ الرَّدُّ) فَوْرًا عِنْدَ التَّمَكُّنِ وَإِنْ عَظُمَتْ الْمُؤْنَةُ فِي رَدِّهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُتَمَوَّلًا كَحَبَّةِ بُرٍّ أَوْ كَلْبٍ يُقْتَنَى، وَسَوَاءٌ أَكَانَ مِثْلِيًّا أَمْ مُتَقَوِّمًا بِبَلَدِ الْغَصْبِ أَمْ مُسْتَنْقَلًا عَنْهُ وَلَوْ بِنَفْسِهِ أَوْ فِعْلِ أَجْنَبِيٍّ لِخَبَرِ «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» وَلَوْ وَضَعَ الْعَيْنَ ـــــــــــــــــــــــــــــSغَيْرِ قَصْدِ مَنْعٍ لَهُ عَنْهَا لَا يَكُونُ غَاصِبًا لَهَا لِعَدَمِ اسْتِيلَائِهِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَفِي الثَّانِيَةِ وَجْهٌ وَاهٍ) هِيَ قَوْلُهُ أَوْ أَزْعَجَهُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَذَهَبَ إلَيْهَا الْقَاضِي مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ وَلَا مَنْ يَخْلُفُهُ مِنْ أَهْلٍ الْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يَشْمَلُ أَتْبَاعَهُ كَخَدَمِهِ لَا خُصُوصَ الزَّوْجَةِ وَالْأَوْلَادِ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّ وُجُودَهُ أَيْ وُجُودَ الْمُزْعِجِ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ دَخَلَ لِتَفَرُّجٍ) أَيْ أَوْ لِسَرِقَةِ شَيْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الدَّارِ، وَقَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ غَاصِبًا: أَيْ وَإِنْ مُنِعَ وَأُمِرَ بِالْخُرُوجِ (قَوْلُهُ: لَا بِقَصْدِ ذَلِكَ) أَيْ الِاسْتِيلَاءِ (قَوْلُهُ: فَتَوَقَّفَتْ) أَيْ الْيَدُ (قَوْلُهُ: يَكُونُ غَاصِبًا) أَيْ الدَّاخِلُ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) مِنْ كَلَامِ م ر: أَيْ فَتَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ فِي الصُّورَتَيْنِ، قَالَ حَجّ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي نَظَرَ إلَى أَنَّ اللَّيْلَةَ لَا أُجْرَةَ لَهَا غَالِبًا فَيَصِحُّ كَلَامُهُ حِينَئِذٍ اهـ (قَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ فِيمَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ لُزُومِ أُجْرَةِ النِّصْفِ فَقَطْ عَلَى الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: مَعَهُمَا) أَيْ الْغَاصِبِ وَالسَّارِقِ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ النِّصْفُ) أَيْ الْغَاصِبَ. (قَوْلُهُ: بِبَلَدِ الْغَصْبِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِبَلَدٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: حَتَّى تُؤَدِّيَهُ) كَذَا اسْتَدَلُّوا بِهِ، وَهُوَ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQتَفْسِيرِ الْإِزْعَاجِ بِمُجَرَّدِ الْإِخْرَاجِ عَنْهَا (قَوْلُهُ: مِنْ أَهْلٍ وَمُسْتَعِيرٍ وَمُسْتَأْجِرٍ) قَالَ الشِّهَابُ سم: يَنْبَغِي وَغَيْرُهُمْ كَحَارِسٍ

لَا بُدَّ لَهَا بَيْنَ يَدَيْ الْمَالِكِ مَعَ عِلْمِهِ وَتَمَكُّنِهِ مِنْ أَخْذِهَا أَوْ فِي دَارِهِ وَعَلِمَ وَلَوْ بِإِخْبَارِ ثِقَةٍ كَفَى وَيَبْرَأُ بِالرَّدِّ لِمَنْ غَصَبَ مِنْهُ وَلَوْ نَحْوَ مُودِعٍ وَمُسْتَأْجِرٍ وَمُرْتَهِنٍ لَا مُلْتَقِطٍ وَفِي مُسْتَعِيرٍ وَمُسْتَامٍ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا أَنَّهُمَا كَالْأَوَّلِ لِأَنَّهُمَا مَأْذُونٌ لَهُمَا مِنْ جِهَةِ الْمَالِكِ، وَإِنْ كَانَا ضَامِنَيْنِ وَلَوْ أَخَذَ مِنْ رَقِيقٍ شَيْئًا ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ فَإِنْ كَانَ سَيِّدُهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ كَمَلْبُوسٍ وَآلَاتٍ يَعْمَلُ بِهَا بَرِيءَ، وَكَذَا لَوْ أَخَذَ الْآلَةَ مِنْ الْأَجِيرِ وَرَدَّهَا إلَيْهِ لِأَنَّ الْمَالِكَ رَضِيَ بِهِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ وَقَدْ يَجِبُ مَعَ الرَّدِّ الْقِيمَةُ لِلْحَيْلُولَةِ، كَمَا لَوْ غَصَبَ أَمَةً فَحَمَلَتْ بِحُرٍّ لَتَعَذَّرَ بَيْعُهَا، قَالَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ. وَقَدْ لَا يَجِبُ الرَّدُّ كَكَوْنِهِ مَلَكَهُ بِالْغَصْبِ كَأَنْ غَصَبَ حَرْبِيٌّ مَالَ حَرْبِيٍّ، أَوْ لِخَوْفِ ضَرَرٍ كَأَنْ غَصَبَ خَيْطًا وَخَاطَ بِهِ جُرْحًا فِي مُحْتَرَمٍ فَلَا يَنْزِعُ مِنْهُ مَا دَامَ حَيًّا إلَّا إذَا لَمْ يَخَفْ مِنْ نَزْعِهِ مُبِيحَ تَيَمُّمٍ أَوْ لِتَعَذُّرِ تَمْيِيزٍ كَأَنْ خَلَطَ بِالْحِنْطَةِ أُخْرَى أَجْوَدَ مِنْهَا فَإِنَّهُمَا يُبَاعَانِ وَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى نِسْبَةِ الْقِيمَةِ أَوْ لِمِلْكِ الْغَاصِبِ لَهَا بِفِعْلِهِ فِيمَا يَسْرِي لِلْهَلَاكِ وَغَرِمَ بَدَلَهَا وَهِيَ بَاقِيَةٌ، وَقَدْ لَا يَجِبُ الرَّدُّ فَوْرًا كَأَنْ غَصَبَ لَوْحًا وَأَدْرَجَهُ فِي سَفِينَةٍ وَكَانَتْ فِي الْمَاءِ وَخِيفَ مِنْ نَزْعِهِ هَلَاكُ مُحْتَرَمٍ وَكَانَ أَخَّرَهُ لِلْإِشْهَادِ كَمَا مَرَّ آخِرَ الْوَكَالَةِ. (فَإِنْ) (تَلِفَ عِنْدَهُ) الْمَغْصُوبُ أَوْ بَعْضُهُ وَهُوَ مُتَمَوَّلٌ بِإِتْلَافٍ أَوْ تَلِفَ (ضَمِنَهُ) إجْمَاعًا، نَعَمْ لَوْ غَصَبَ حَرْبِيٌّ مَالًا مُحْتَرَمًا ثُمَّ عُصِمَ فَإِنْ كَانَ بَاقِيًا رَدَّهُ أَوْ تَالِفًا لَمْ يَضْمَنْهُ، كَقِنٍّ غَيْرِ مُكَاتَبٍ غَصَبَ مَالَ سَيِّدِهِ وَأَتْلَفَهُ، وَبَاغٍ أَوْ عَادِلٍ غَصَبَ شَيْئًا وَأَتْلَفَهُ حَالَ الْقِتَالِ أَوْ تَلِفَ فِيهِ بِسَبَبِهِ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَمَوَّلٍ كَحَبَّةٍ أَتْلَفَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSوُجُوبُ الضَّمَانِ، وَلَعَلَّهُمْ وَكَّلُوا ذَلِكَ إلَى مَا هُوَ مَعْلُومٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ أَنَّ الْخُرُوجَ عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَاجِبٌ فَوْرِيٌّ اهـ حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ وَهُوَ إنَّمَا يَدُلُّ إلَخْ قَدْ يَمْنَعُ هَذَا الْحَصْرَ، بَلْ قَوْلُهُ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ أَيْ نَفْسَ مَا أَخَذَتْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ قَدْ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الرَّدِّ (قَوْلُهُ: لَا بُدَّ لَهَا) خِلَافًا لحج، وَوَجْهُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَنَّ بَدَلَهَا تَعْوِيضٌ عَنْهَا وَالْعِوَضُ لَا يُمْلَكُ إلَّا بِالرِّضَا، وَمُجَرَّدُ عِلْمُهُ بِهِ لَيْسَ رِضًا، وَسَيَأْتِي نَظِيرُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ أَمَّا إذَا غَصَبَ حَبًّا وَلَحْمًا أَوْ عَسَلًا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَعَلِمَ وَلَوْ بِإِخْبَارِ ثِقَةٍ) ظَاهِرُهُ بَرَاءَةُ الْغَاصِبِ بِمُجَرَّدِ عِلْمِ الْمَالِكِ بِكَوْنِهَا فِي دَارِهِ وَإِنْ لَمْ تَدْخُلْ فِي يَدِهِ وَلَا تَمَكَّنَ مِنْ الْوُصُولِ إلَيْهَا، وَلَوْ قِيلَ بِخِلَافِهِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا، وَيُقَيَّدُ قَوْلُهُ وَعَلِمَ بِمَا لَوْ مَضَتْ مُدَّةٌ يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَيْهَا وَالِاسْتِيلَاءُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَحْوَ مُودِعٍ) مِنْ نَحْوِ الْمُودِعِ الْقَصَّارُ وَالصَّبَّاغُ وَنَحْوُهُمَا مِنْ الْأُمَنَاءِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُمَا كَالْأَوَّلِ) أَيْ فَيَبْرَأُ (قَوْلُهُ: كَمَلْبُوسٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ لَائِقٍ بِهِ، وَقَوْلُهُ رَضِيَ بِهِ: أَيْ الْأَجِيرُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَجِبُ مَعَ رَدِّ الْقِيمَةِ لِلْحَيْلُولَةِ) وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ مَالِكَ الْأَمَةِ إذَا أَخَذَ الْقِيمَةَ مَلَكَهَا مِلْكَ قَرْضٍ فَيَتَصَرَّفُ فِيهَا مَعَ كَوْنِ الْأَمَةِ فِي يَدِهِ لِأَنَّ تَعَذُّرَ بَيْعِهَا عَلَيْهِ نَزَّلَهَا مَنْزِلَةَ الْخَارِجَةِ عَنْ مِلْكِهِ (قَوْلُهُ فَحَمَلَتْ بِحُرٍّ) أَيْ بِشُبْهَةٍ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُمَا يُبَاعَانِ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ خَلَطَ الْمَغْصُوبَ بِغَيْرِهِ وَأَمْكَنَ التَّمْيِيزُ لَزِمَهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَالتَّالِفِ اهـ. إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنْ خُلِطَ فِي كَلَامِهِ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْخَلْطُ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: وَخِيفَ مِنْ نَزْعِهِ هَلَاكُ مُحْتَرَمٍ) وَلَوْ لِغَاصِبٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَا فِي الْبَهْجَةِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ عُصِمَ) أَيْ الْحَرْبِيُّ (قَوْلُهُ: غَصَبَ شَيْئًا وَأَتْلَفَهُ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ (قَوْلُهُ: حَالَ الْقِتَالِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ غَصَبَهُ فِي غَيْرِ الْقِتَالِ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ فَلْيُرَاجَعْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQلَهَا (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَجِبُ مَعَ الرَّدِّ الْقِيمَةُ لِلْحَيْلُولَةِ كَمَا لَوْ غَصَبَ أَمَةً إلَخْ) اُنْظُرْ لَوْ مَاتَتْ بَعْدَ الرَّدِّ مَا الْحُكْمُ؟ وَيَظْهَرُ أَنَّهَا إنْ مَاتَتْ بِسَبَبِ الْحَمْلِ كَانَتْ مَضْمُونَةً، وَسَيَأْتِي مَا يُصَرِّحُ بِهِ، وَإِنْ مَاتَتْ بِغَيْرِهِ اسْتَرَدَّ الْقِيمَةَ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِمِلْكِ الْغَاصِبِ لَهَا بِفِعْلِهِ فِيمَا يَسْرِي لِلْهَلَاكِ إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ: حَالَ الْقِتَالِ) قَيْدٌ فِي كُلٍّ مِنْ الْغَصْبِ

لَمْ يَضْمَنْهَا كَاخْتِصَاصٍ وَإِنْ غَرِمَ الْمَالِكُ عَلَى نَقْلِهِ أُجْرَةً، وَاسْتَطْرَدَ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلْأَصْحَابِ هُنَا مَسَائِلَ يَقَعُ بِهَا الضَّمَانُ بِلَا غَصْبٍ بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ سَبَبٍ لِمُنَاسَبَتِهَا لَهُ وَإِنْ كَانَ الْأَنْسَبُ بِهَا بَابَ الْجِنَايَاتِ. فَقَالَ (وَلَوْ) (أَتْلَفَ مَالًا) مُحْتَرَمًا (فِي يَدِ مَالِكِهِ) (ضَمِنَهُ) بِالْإِجْمَاعِ، وَقَدْ لَا يَضْمَنُهُ كَكَسْرِ بَابٍ وَنَقْبِ جِدَارٍ فِي مَسْأَلَةِ الظَّفَرِ وَكَسْرِ إنَاءِ خَمْرٍ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إرَاقَتِهِ إلَّا بِذَلِكَ، أَوْ قَتْلِ دَابَّةِ صَائِلٍ وَكَسْرِ سِلَاحٍ لَهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ دَفْعِهِ بِدُونِهِ، وَمَا أَتْلَفَهُ بَاغٍ عَلَى عَادِلٍ وَعَكْسُهُ حَالَ الْقِتَالِ وَحَرْبِيٌّ عَلَى مَعْصُومٍ وَقِنٌّ غَيْرُ مُكَاتَبٍ عَلَى سَيِّدِهِ وَمُهْدَرٌ بِنَحْوِ رِدَّةٍ، أَوْ صِيَالٌ أُتْلِفَ وَهُوَ فِي يَدِ مَالِكِهِ وَخَرَجَ بِالْإِتْلَافِ التَّلَفُ فَلَا يَضْمَنُهُ، كَأَنْ سَخَّرَ دَابَّةً فِي يَدِ مَالِكِهَا فَتَلِفَتْ يَضْمَنُهَا كَمَا قَالَاهُ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ إلَّا إذَا كَانَ السَّبَبُ مِنْهُ، كَمَا لَوْ اكْتَرَى لِحَمْلِ مِائَةٍ فَحَمَلَ زِيَادَةً عَلَيْهَا وَتَلِفَتْ بِذَلِكَ وَصَاحِبُهَا مَعَهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِسْطَ الزِّيَادَةِ: أَمَّا أُجْرَةُ مِثْلِ ذَلِكَ الْعَمَلِ فَلَازِمَةٌ، وَأَفْتَى الْبَغَوِيّ بِضَمَانِ مَنْ سَقَطَ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ لِصَرْعٍ حَصَلَ لَهُ فَأَتْلَفَهُ، كَمَا لَوْ سَقَطَ عَلَيْهِ طِفْلٌ مِنْ مَهْدِهِ، وَلَا يُنَافِيه مَا فِي الرَّوْضَةِ فِي إتْلَافِ الْبَهَائِمِ أَنَّهُ لَوْ سَقَطَتْ الدَّابَّةُ مَيِّتَةً لَمْ يَضْمَنْ رَاكِبُهَا مَا تَلِفَ بِهَا، لِأَنَّ الْأَوَّلَ إتْلَافُ مُبَاشَرَةٍ. وَالثَّانِي إتْلَافُ سَبَبٍ وَيُغْتَفَرُ فِيهِ لِضَعْفِهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْأَوَّلِ لِقُوَّتِهَا (وَلَوْ فَتَحَ رَأْسَ زِقٍّ) بِكَسْرِ الزَّايِ وَهُوَ السِّقَاءُ وَتَلِفَ ضَمِنَ لِمُبَاشَرَةِ إتْلَافِهِ، فَإِنْ كَانَ مَا فِيهِ جَامِدًا فَخَرَجَ بِتَقْرِيبِ غَيْرِهِ نَارًا إلَيْهِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُقَرِّبِ لِقَطْعِهِ أَثَرَ الْأَوَّلِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ خَرَجَ بِرِيحٍ هَابَّةٍ حَالَ الْفَتْحِ ـــــــــــــــــــــــــــــS [فَرْعٌ] فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ مَا نَصُّهُ: مَسْأَلَةٌ: سَيِّدٌ قَطَعَ يَدَ عَبْدِهِ ثُمَّ غَصَبَهُ غَاصِبٌ فَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ عِنْدَهُ فَمَاذَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ؟ الْجَوَابُ مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّ هَلَاكَهُ مُسْتَنِدٌ إلَى سَبَبٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَى الْغَصْبِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: غَرِمَ الْمَالِكُ عَلَى نَقْلِهِ) أَيْ الِاخْتِصَاصِ. (قَوْلُهُ: وَحَرْبِيٌّ عَلَى مَعْصُومٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ مَا أَتْلَفَهُ الْمُرْتَدُّونَ فِي حَالِ قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ إيَّاهُمْ يَضْمَنُونَهُ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ، وَعِبَارَتُهُ فِي كِتَابِ الْبُغَاةِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْمُتَأَوِّلُ بِلَا شَوْكَةٍ يَضْمَنُ وَعَكْسُهُ كَبَاغٍ أَمَّا مُرْتَدُّونَ لَهُمْ شَوْكَةٌ فَهُمْ كَالْبُغَاةِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِأَنَّ الْقَصْدَ ائْتِلَافُهُمْ عَلَى الْعَوْدِ إلَى الْإِسْلَامِ وَتَضْمِينُهُمْ يُنَفِّرُهُمْ عَنْ ذَلِكَ خِلَافًا لِجَمْعٍ جَعَلُوهُمْ كَالْقُطَّاعِ مُطْلَقًا لِجِنَايَتِهِمْ عَلَى الْإِسْلَامِ اهـ (قَوْلُهُ: وَهُوَ فِي يَدِ مَالِكِهِ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ غَصَبَهُ حَالَ صِيَالِهِ وَتَلِفَ حَالَ الصِّيَالِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. بِخِلَافِ مَا لَوْ غَصَبَهُ أَوَّلًا ثُمَّ صَالَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ بِغَصْبِهِ لَهُ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْهَا) بِخِلَافِ مَا لَوْ حَمَلَ الْغَاصِبُ الْمَتَاعَ عَلَى الدَّابَّةِ وَأَكْرَهَ مَالِكَهَا عَلَى تَسْيِيرِهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الدَّابَّةَ لِعَدَمِ زَوَالِ يَدِ الْغَاصِبِ عَنْهَا (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ السَّبَبُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: مَا فِي الرَّوْضَةِ) أَيْ قُبَيْلَ الْجِهَادِ حَجّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْ رَاكِبُهَا مَا تَلِفَ بِهَا) أَيْ أَوْ بِمَا عَلَى ظَهْرِهَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَوَّلَ) هُوَ قَوْلُهُ وَأَفْتَى الْبَغَوِيّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ لَوْ سَقَطَتْ الدَّابَّةُ مَيِّتَةً إلَخْ (قَوْلُهُ: لِقُوَّتِهَا) أَيْ الْمُبَاشَرَةِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ خَرَجَ بِرِيحٍ) قَضِيَّةُ مَا ذَكَرَهُ فِي الرِّيحِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ خُرُوجِهِ بِسَبَبِهَا لِسُقُوطِ الزِّقِّ بِهَا مَثَلًا أَوْ بِتَقَاطُرِ مَا فِيهِ وَابْتِلَالِ جَوَانِبِهِ حَتَّى سَقَطَ، لَكِنْ فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ أَنَّ مَحَلَّ التَّفْصِيلِ فِي الرِّيحِ الْمُسْقِطَةِ لِلزِّقِّ. أَمَّا السُّقُوطُ بِالِابْتِلَالِ الْحَاصِلِ بِحَرَارَةِ الرِّيحِ فَلَا فَرْقَ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْإِتْلَافِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ غَرِمَ إلَخْ) أَيْ: لَا يَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ ضَمَانُ الِاخْتِصَاصِ وَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ قَدْ غَرِمَ بِسَبَبِ نَقْلِهِ أُجْرَةً (قَوْلُهُ: مُحْتَرَمًا) أَيْ فِي حَدِّ ذَاتِهِ، وَإِلَّا فَمَا سَيَأْتِي فِي الْمُسْتَثْنَيَاتِ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُتْلِفِ، نَعَمْ يَرُدُّ الْعَبْدَ الْمُرْتَدَّ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَمُهْدَرٍ بِنَحْوِ رِدَّةٍ أَوْ صِيَالٍ أُتْلِفَ) بِبِنَاءِ أُتْلِفَ لِلْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ: أَمَّا أُجْرَةُ مِثْلِ ذَلِكَ الْعَمَلِ فَلَازِمَةٌ) لَا مَحَلَّ لِلَفْظِ أَمَّا هُنَا عَلَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ مِنْ أَصْلِهِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَتَلِفَ) أَيْ نَفْسُ الزِّقِّ، وَقَوْلُهُ: ضَمِنَ جَعَلَهُ جَوَابَ الشَّرْطِ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُقَدِّرَ شَرْطًا لِضَمِنَ الْآتِي فِي كَلَامِ

أَوْ شَمْسٍ مُطْلَقًا لِعَدَمِ صَلَاحِيَّتِهِمَا لِلْقَطْعِ وَمِثْلُهُمَا فِعْلُ غَيْرِ الْعَاقِلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (مَطْرُوحٌ عَلَى الْأَرْضِ) مَثَلًا (فَخَرَجَ مَا فِيهِ بِالْفَتْحِ أَوْ مَنْصُوبٌ فَسَقَطَ بِالْفَتْحِ) لِتَحْرِيكِهِ الْوِكَاءَ وَجَذْبِهِ أَوْ لِتَقَاطُرِ مَا فِيهِ حَتَّى ابْتَلَّ أَسْفَلُهُ وَسَقَطَ (وَخَرَجَ مَا فِيهِ) بِذَلِكَ وَتَلِفَ (ضَمِنَ) لِتَسَبُّبِهِ فِي إتْلَافِهِ إذْ هُوَ نَاشِئٌ عَنْ فِعْلِهِ وَلَوْ بِحَضْرَةِ مَالِكِهِ وَتَمَكُّنِهِ مِنْ تَدَارُكِهِ كَمَا لَوْ رَآهُ يَقْتُلُ قِنَّهُ فَلَمْ يَمْنَعْهُ، وَدَعْوَى أَنَّ السَّبَبَ يُسْقِطُ حُكْمَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى مَنْعِهِ بِخِلَافِ الْمُبَاشَرَةِ مَمْنُوعَةٌ. (وَإِنْ) (سَقَطَ) الزِّقُّ بَعْدَ فَتْحِهِ لَهُ (بِعَارِضِ رِيحٍ) وَنَحْوُهَا كَزَلْزَلَةٍ أَوْ وُقُوعِ طَائِرٍ عَلَيْهِ (لَمْ يَضْمَنْ) لِأَنَّ التَّلَفَ لَمْ يَحْصُلْ بِفِعْلِهِ مَعَ عَدَمِ تَحَقُّقِ هُبُوبِهَا، بِخِلَافِ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَلَمْ يَبْعُدْ قَصْدُ الْفَاتِحِ لَهُ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ الرِّيحَ لَوْ كَانَتْ هَابَّةً حَالَ الْفَتْحِ ضَمِنَ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ وَمِنْ تَفْرِقَتِهِمْ بَيْنَ الْمُقَارَنِ وَالْعَارِضِ، فِيمَا لَوْ أَوْقَدَ نَارًا فِي أَرْضِهِ فَحَمَلَتْهَا الرِّيحُ إلَى أَرْضِ غَيْرِهِ فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْفَارِقِيُّ، وَلَوْ قَلَبَ الزِّقُّ غَيْرَ الْفَاتِحِ فَخَرَجَ مَا فِيهِ ضَمِنَهُ لَا الْفَاتِحُ، وَلَوْ أَزَالَ وَرَقَ الْعِنَبِ فَفَسَدَتْ بِالشَّمْسِ عَنَاقِيدُهُ، أَوْ ذَبَحَ شَاةَ غَيْرِهِ أَوْ حَمَامَتَهُ فَهَلَكَ فَرْخُهُمَا ضَمِنَهُمَا لِفَقْدِ مَا تَحْصُلُ بِهِ الْحَيَاةُ، وَفَارَقَ عَدَمَ الضَّمَانِ فِيمَا لَوْ حَبَسَ الْمَالِكَ عَنْ مَاشِيَتِهِ حَتَّى تَلِفَتْ وَلَوْ ظُلْمًا حَيْثُ لَمْ يَضْمَنْهَا بِأَنَّ التَّالِفَ هُنَا جُزْءٌ أَوْ كَالْجُزْءِ مِنْ الْمَذْبُوحِ، بِخِلَافِ الْمَاشِيَةِ مَعَ مَالِكِهَا وَبِأَنَّهُ هُنَا أَتْلَفَ غِذَاءَ الْوَلَدِ الْمُتَعَيَّنِ لَهُ بِإِتْلَافِ أُمِّهِ بِخِلَافِهِ ثُمَّ وَلَوْ أَرَادَ سَوْقَ الْمَاءِ إلَى النَّخْلِ أَوْ الزَّرْعِ فَمَنَعَهُ ظَالِمٌ مِنْ السَّقْيِ حَتَّى فَسَدَتْ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ قِيَاسًا عَلَى حَبْسِ الْمَالِكِ عَنْ مَاشِيَتِهِ وَإِنْ صُحِّحَ فِي الْأَنْوَارِ الضَّمَانُ، وَلَوْ حَلَّ رِبَاطَ سَفِينَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSبَيْنَ كَوْنِ الرِّيحِ هَابَّةً وَقْتَ الْفَتْحِ وَكَوْنِهَا عَارِضَةً. قَالَ سم فِي مَقَامِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الرِّيحَ الَّتِي تُؤَثِّرُ حَرَارَتُهَا مَعَ مُرُورِ الزَّمَانِ لَا يَخْلُو الْجَوُّ عَنْهَا وَإِنْ خَفِيَتْ لِخِفَّتِهَا، بِخِلَافِ الرِّيحِ الَّتِي تُؤَثِّرُ السُّقُوطَ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ شَمْسٍ مُطْلَقًا) أَيْ مَوْجُودَةٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُمَا) أَيْ الرِّيحِ وَالشَّمْسِ وَفِي التَّشْبِيهِ بِهِمَا نَظَرٌ لِاخْتِلَافِ حُكْمِهِمَا فَإِنَّ شَرْطَ الضَّمَانِ بِالرِّيحِ كَوْنُهَا هَابَّةً وَقْتَ الْفَتْحِ، بِخِلَافِ الشَّمْسِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ طُلُوعُهَا وَقْتَهُ، وَعَلَيْهِ فَمُقْتَضَى التَّشْبِيهِ بِالرِّيحِ حُضُورُ غَيْرِ الْعَاقِلِ وَقْتَ الْفَتْحِ، وَمُقْتَضَى التَّشْبِيهِ بِالشَّمْسِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ حُضُورِهِ فَتَأَمَّلْهُ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ وَمِثْلُهُمَا إلَخْ التَّشْبِيهُ فِي أَنَّ فِعْلَ غَيْرِ الْعَاقِلِ لَا يَقْطَعُ فِعْلَ الْمُبَاشِرِ، وَيُمْكِنُ دَفْعُ الْإِيرَادِ مِنْ أَصْلِهِ بِجَعْلِ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ وَمِثْلُهُمَا لِلرِّيحِ الْهَابَّةِ وَالشَّمْسِ (قَوْلُهُ: وَدَعْوَى أَنَّ السَّبَبَ إلَخْ) لَكِنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ مَا لَوْ تَرَكَ الْمَجْرُوحُ عِلَاجَ جُرْحِهِ الْمَوْثُوقَ بِبُرْئِهِ، كَأَنْ تَرَكَ رَبْطَ مَحَلِّ الْفَصْدِ حَتَّى هَلَكَ فَإِنَّ الْجَارِحَ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّ التَّرْكَ مَعَ الْقُدْرَةِ قَطَعَ فِعْلَ الْأَوَّلِ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْجَانِيَ لَمَّا بَاشَرَ الْقَتْلَ الْمُحَصِّلَ لِلْإِتْلَافِ لَمْ يَنْظُرْ مَعَهُ إلَى حُضُورِ الْمَالِكِ وَتَمَكُّنِهِ مِنْ مَنْعِ الْجَانِي، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْجُرْحِ فَإِنَّ فِعْلَ الْجَانِي انْقَطَعَ بِمُجَرَّدِ جِنَايَتِهِ فَتَرَكَ الْمَجْرُوحُ الْعِلَاجَ بَعْدَ انْتِهَاءِ فِعْلِ الْأَوَّلِ نَزَلَ مَنْزِلَةَ جِنَايَةٍ أُخْرَى. (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَبْعُدْ قَصْدُ الْفَاتِحِ لَهُ) وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي الْبِلَادِ الْبَارِدَةِ الَّتِي يُعْتَادُ فِيهَا الْغَيْمُ أَيَّامًا أَوْ عَدَمُ إذَابَتِهَا لِمِثْلِ هَذَا فَطَلَعَتْ وَإِذَابَتُهُ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ وَمُقْتَضَى نَظَرِهِمْ لِلتَّحَقُّقِ فِيهَا الْمُقْتَضِي لِلْقَصْدِ الْمَذْكُورِ عَدَمُ الضَّمَانِ عِنْدَ اطِّرَادِ الْعَادَةِ بِذَلِكَ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: فِيمَا لَوْ أَوْقَدَ نَارًا فِي أَرْضِهِ) يَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ بِأَرْضِهِ مَا يَسْتَحِقُّ الِانْتِفَاعَ بِهَا، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَوْقَدَ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ ضَمِنَ مَا تَوَلَّدَ مِنْ فِعْلِهِ مُطْلَقًا مُقَارِنًا كَانَ أَوْ عَارِضًا لِتَعَدِّيهِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا بِقُرَى الرِّيفِ مِنْ أَخْذِ الْفَرِيكِ وَنَحْوِهِ وَإِيقَادِ النَّارِ عَلَيْهِ لِيَسْتَوِيَ وَيُؤْكَلَ فَيَضْمَنُ فِيهِ لِتَعَدِّيهِ لِعَدَمِ مِلْكِ مَنْفَعَةُ الْأَرْضُ الَّتِي أَوْقَدَ بِهَا النَّارَ وَإِنْ كَانَتْ فِي تَآجُرِهِ لِأَنَّ اسْتِئْجَارَ الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ لَا يُبِيحُ إيقَادَ النَّارِ بِهَا. نَعَمْ لَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِمِثْلِ ذَلِكَ كَمَا لَوْ اُضْطُرَّ لِإِيقَادِ نَارٍ لِدَفْعِ الْبَرْدِ عَنْ نَفْسِهِ وَعَلِمَ الْمَالِكُ بِاعْتِيَادِ مِثْلِ ذَلِكَ فِيهَا جَازَ وَلَا ضَمَانَ لِمَا تَلِفَ بِسَبَبِ الْإِيقَادِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ) أَيْ الْقَالِبَ (قَوْلُهُ: فَهَلَكَ فَرْخُهُمَا) فِي إطْلَاقِ الْفَرْخِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُصَنِّفِ الَّذِي كَانَ جَوَابًا لِهَذَا الشَّرْطِ فَقَدْ صَارَ مُهْمَلًا

فَغَرِقَتْ بِحَلِّهِ ضَمِنَهَا أَوْ بِعَارِضِ رِيحٍ أَوْ نَحْوِهِ فَلَا لِمَا مَرَّ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ حَادِثٌ فَوَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الضَّمَانُ، إذْ الْمَاءُ أَحَدُ الْمُتْلِفَاتِ وَحَلُّ رِبَاطِهَا وَلَا رِيحَ فِي اللُّجَّةِ سَبَبٌ ظَاهِرٌ فِي إحَالَةِ الْغَرَقِ عَلَى الْفِعْلِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ فَتَحَ قَفَصًا عَنْ طَائِرٍ وَطَارَ فِي الْحَالِ، بِخِلَافِ الزِّقِّ فَلَيْسَ فَتْحُهُ سَبَبًا ظَاهِرًا لِسُقُوطِهِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ. (وَلَوْ) (فَتَحَ قَفَصًا عَنْ طَائِرٍ) أَيِّ طَيْرٍ، فَقَدْ قَالَ جُمْهُورُ اللُّغَوِيِّينَ إنَّ الطَّائِرَ مُفْرَدٌ وَالطَّيْرَ جَمْعُهُ فَانْدَفَعَ قَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّ الْأَوْلَى طَيْرٌ لَا طَائِرٌ لِأَنَّهُ فِي الْقَفَصِ لَا يَطِيرُ (وَهَيَّجَهُ فَطَارَ) حَالًا (ضَمِنَ) هـ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ إلْجَاءَهُ إلَى الْفِرَارِ كَإِكْرَاهِ الْآدَمِيِّ (وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْفَتْحِ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ طَارَ فِي الْحَالِ) أَوْ كَانَ آخِرُ الْقَفَصِ مَفْتُوحًا فَمَشَى عَقِبَ الْفَتْحِ قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى طَارَ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي، قَالَ أَوْ كَانَ الْقَفَصُ مَفْتُوحًا فَمَشَى إنْسَانٌ عَلَى بَابِهِ فَفَزِعَ الطَّائِرُ وَخَرَجَ، أَوْ وَثَبَتَ هِرَّةٌ عَقِبَ الْفَتْحِ فَقَتَلَتْهُ وَهُوَ مُقَيَّدٌ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ بِمَا إذَا عَلِمَ بِحُضُورِهَا حِينَ الْفَتْحِ وَإِلَّا كَانَتْ كَرِيحٍ طَرَأَتْ بَعْدَهُ (ضَمِنَ) هـ لِإِشْعَارِهِ بِتَنْفِيرِهِ، وَمَحَلُّ قَوْلِهِمْ تَقَدُّمُ الْمُبَاشَرَةِ عَلَى السَّبَبِ مَا لَمْ يَكُنْ السَّبَبُ مُلْجِئًا؛ وَالثَّانِي يَضْمَنُهُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَفْتَحْ لَمْ يَطِرْ، وَالثَّالِثُ لَا يَضْمَنُ مُطْلَقًا لِأَنَّ لَهُ قَصْدًا وَاخْتِيَارًا (وَإِنْ وَقَفَ ثُمَّ طَارَ فَلَا) يَضْمَنُهُ لِأَنَّ طَيَرَانَهُ بَعْدَ الْوُقُوفِ يُشْعِرُ بِاخْتِيَارِهِ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِيمَا لَوْ حَلَّ رِبَاطَ بَهِيمَةٍ أَوْ فَتَحَ الْبَابَ فَخَرَجَتْ، وَمِثْلُهَا قِنٌّ غَيْرُ مُمَيِّزٍ وَمَجْنُونٌ لَا عَاقِلٌ وَلَوْ آبِقًا لِأَنَّهُ صَحِيحُ الِاخْتِيَارِ فَخُرُوجُهُ عَقِبَ مَا ذَكَرَ يُحَالُ عَلَيْهِ، وَأَلْحَقَ جَمْعٌ بِفَتْحِ الْقَفَصِ مَا لَوْ كَانَ بِيَدِ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ طَائِرٌ فَأَمَرَهُ إنْسَانٌ بِإِطْلَاقِهِ مِنْ يَدِهِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا حَيْثُ لَا تَمْيِيزَ وَإِلَّا فَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ عَمْدُ الْمُمَيِّزِ عَمْدٌ وَمِثْلُ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ مَنْ يَرَى طَاعَةَ أَمْرِهِ، وَلَوْ حَلَّ رِبَاطًا عَنْ عَلَفٍ فِي وِعَاءٍ فَأَكَلَتْهُ فِي الْحَالِ بَهِيمَةٌ ضَمِنَ، وَلَا يُنَافِيهِ تَصْرِيحُ الْمَاوَرْدِيِّ بِأَنَّهُ لَوْ حَلَّ رِبَاطَ بَهِيمَةٍ فَأَكَلَتْ عَلَفًا أَوْ كَسَرَتْ إنَاءً لَمْ يَضْمَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى وَلَدِ الشَّاةِ تَغْلِيبٌ فَإِنَّ الْفَرْخَ وَلَدُ الطَّائِرِ وَالْأُنْثَى فَرْخَةٌ كَمَا فِي مُخْتَارِ الصِّحَاحِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّ التَّلَفَ لَمْ يَحْصُلْ بِفِعْلِهِ مَعَ عَدَمِ تَحَقُّقِ هُبُوبِهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ حَادِثٌ) أَيْ يُحَالُ عَلَيْهِ الْغَرَقُ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ فَتْحُهُ سَبَبًا إلَخْ) أَيْ فَلَوْ شَكَّ بَعْدَ خُرُوجِ مَا فِيهِ فِي أَنَّ الْخُرُوجَ بِسَبَبِ الْفَتْحِ أَوْ عُرُوضِ حَادِثٍ فَلَا ضَمَانَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، وَقَدْ يُقَالُ بِالضَّمَانِ لِأَنَّ فَتْحَ رَأْسِ الزِّقِّ سَبَبٌ ظَاهِرٌ فِي تَرَتُّبِ خُرُوجِ مَا فِيهِ عَلَى الْفَتْحِ. وَالْأَصْلُ عَدَمُ عُرُوضِ الْحَادِثُ. (قَوْلُهُ: وَالطَّيْرُ جَمْعُهُ) وَقِيلَ الطَّيْرُ اسْمُ جِنْسٍ يَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ. وَقِيلَ اسْمُ جَمْعٍ لَا يُطْلَقُ عَلَى الْوَاحِدِ، وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: الطَّائِرُ عَلَى صِيغَةِ اسْمِ فَاعِلٍ مِنْ طَارَ يَطِيرُ طَيَرَانًا وَهُوَ لَهُ فِي الْجَوِّ كَمَشْيِ الْحَيَوَانِ فِي الْأَرْضِ، وَيُعَدَّى بِالْهَمْزَةِ وَالتَّضْعِيفِ فَيُقَالُ طَيَّرْتُهُ وَأَطَرْتُهُ، وَجَمْعُ الطَّائِرِ طَيْرٌ مِثْلُ صَاحِبٍ وَصَحْبٍ وَرَاكِبٍ وَرَكْبٍ، وَجَمْعُ الطَّيْرِ طُيُورٌ وَأَطْيَارٌ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَقُطْرُبٌ: وَيَقَعُ الطَّيْرُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ، وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: الطَّيْرُ جَمَاعَةٌ وَتَأْنِيثُهَا أَكْثَرُ مِنْ التَّذْكِيرِ، وَلَا يُقَالُ لِلْوَاحِدِ طَيْرٌ بَلْ طَائِرٌ قَلَّمَا مَا يُقَالُ لِلْأُنْثَى طَائِرَةٌ اهـ (قَوْلُهُ: وَهَيَّجَهُ فَطَارَ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: أَوْ طَارَ فَصَدَمَهُ جِدَارٌ أَوْ كَسَرَ قَارُورَةَ الْقَفَصِ ضَمِنَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: بِمَا إذَا عَلِمَ بِحُضُورِهَا) قَالَ حَجّ: وَيَتَّجِهُ أَنَّ عِلْمَهُ بِوُجُودِ نَحْوِ هِرَّةٍ ضَارِيَةٍ بِذَلِكَ الْمَكَانِ غَالِبًا كَحُضُورِهَا حَالَ الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: فِيمَا لَوْ حَلَّ رِبَاطَ) أَيْ أَوْ حَلَّ قَيْدَهَا اهـ مَتْنُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا قِنٌّ) أَيْ فِي فَتْحِ الْبَابِ وَحَلِّ الْقَيْدِ (قَوْلُهُ: يُحَالُ عَلَيْهِ) أَيْ فَلَوْ اخْتَلَفَ الْمَالِكُ وَالْفَاتِحُ فِي أَنَّهُ خَرَجَ عَقِبَ الْفَتْحِ أَوْ تَرَاخَى عَنْهُ فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ الْفَاتِحِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ لَوْ حَلَّ رِبَاطَ بَهِيمَةٍ) أَيْ لِغَيْرِهِ، وَلَعَلَّ عَدَمَ الضَّمَانِ هُنَا مَعَ ضَمَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الزِّقِّ فَلَيْسَ فَتْحُهُ سَبَبًا إلَخْ) أَيْ: وَالصُّورَةُ فِيهِ أَنَّهُ شَكَّ فِي مُسْقِطِهِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الْمُقَايَسَةِ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ هَذَا فِي كَلَامِهِ، وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ ضَمَانِ الزِّقِّ حِينَئِذٍ نَقَلَهُ فِي التُّحْفَةِ عَنْ الشَّامِلِ وَالْبَحْرِ (قَوْلُهُ: إنَّ الطَّائِرَ مُفْرَدٌ، وَالطَّيْرُ جَمْعُهُ) يُقَالُ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ تَفْسِيرُهُ بِهِ كَمَا صَنَعَ، فَلَوْ قَالَ بَدَلَ التَّفْسِيرِ مُفْرَدُ طَيْرٍ لَصَحَّ. (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي يَضْمَنُهُ مُطْلَقًا إلَخْ)

سَوَاءٌ اتَّصَلَ ذَلِكَ بِالْحَلِّ أَمْ لَا، لِأَنَّ انْتِفَاءَ الضَّمَانِ فِي تِلْكَ لِعَدَمِ تَصَرُّفِهِ فِي التَّالِفِ بَلْ الْمُتْلَفُ عَكْسُ مَا هُنَا، وَلَوْ خَرَجَتْ الْبَهِيمَةُ عَقِبَ فَتْحِ الْبَابِ لَيْلًا فَأَتْلَفَتْ زَرْعًا أَوْ غَيْرَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ الْفَاتِحُ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي، وَإِنْ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِخِلَافِهِ إذْ لَا يَلْزَمُهُ حِفْظُ بَهِيمَةِ غَيْرِهِ عَنْ ذَلِكَ، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى جِدَارِهِ طَائِرٌ فَنَفَّرَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ لِأَنَّ لَهُ مَنْعَهُ مِنْ جِدَارِهِ، وَإِنْ رَمَاهُ فِي الْهَوَاءِ وَلَوْ فِي هَوَاءِ دَارِهِ فَقَتَلَهُ ضَمِنَهُ إذْ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ هَوَاءِ دَارِهِ، وَلَوْ فَتَحَ حِرْزًا فَأَخَذَ غَيْرُهُ مَا فِيهِ أَوْ دَلَّ عَلَيْهِ اللُّصُوصَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ يَدِهِ عَلَى الْمَالِ وَتَسَبُّبُهُ بِالْفَتْحِ فِي الْأَوْلَى قَدْ انْقَطَعَ بِالْمُبَاشَرَةِ. نَعَمْ لَوْ أَخَذَ غَيْرُهُ بِأَمْرِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُمَيِّزٍ أَوْ أَعْجَمِيٌّ يَرَى طَاعَةَ أَمْرِهِ ضَمِنَهُ دُونَ الْآخِذِ، وَلَوْ بَنَى دَارًا فَأَلْقَتْ الرِّيحُ فِيهَا ثَوْبًا وَضَاعَ لَمْ يَضْمَنْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْلِ عَلَيْهِ. (وَالْأَيْدِي الْمُتَرَتِّبَةُ) بِغَيْرِ تَزَوُّجٍ (عَلَى يَدِ الْغَاصِبِ) الضَّامِنِ وَإِنْ كَانَتْ فِي أَصْلِهَا أَمَانَةً كَوَكَالَةٍ بِأَنْ وَكَّلَهُ فِي الرَّدِّ الْوَدِيعَةٍ (أَيْدِي ضَمَانٍ وَإِنْ جَهِلَ صَاحِبُهَا الْغَصْبَ) لِوَضْعِ ـــــــــــــــــــــــــــــSصَاحِبِهَا إذَا أَرْسَلَهَا فِي وَقْتٍ جَرَتْ فِيهِ الْعَادَةُ بِحِفْظِهَا فِيهِ أَنَّ الْمُطْلِقَ لَهَا هُنَا لَا يَدُلُّهُ عَلَيْهَا، وَلَا اسْتِيلَاءَ حَتَّى يَضْمَنَ مَا تَوَلَّدَ مِنْ فِعْلِهَا، بِخِلَافِ الْمَالِكِ فَإِنَّ عَلَيْهِ حِفْظَ مَا فِي يَدِهِ فَإِرْسَالُهُ لَهَا تَقْصِيرٌ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرَ فِي إتْلَافِ الدَّوَابِّ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا لَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِحِفْظِ الْمَالِكِ لِدَابَّتِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ جَرَتْ بِعَدَمِ حِفْظِهَا وَإِرْسَالِهَا لَيْلًا وَنَهَارًا فَلَا ضَمَانَ لِمُتْلِفِ مَا أَرْسَلَهُ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ، وَمِنْ ذَلِكَ الْإِوَزُّ إذَا كَانَ فِي بَلْدَةٍ جَرَتْ عَادَةُ أَهْلِهَا بِأَنَّهُمْ لَا يَحْفَظُونَهُ، فَإِذَا خَرَجَ مِنْ دُورِ أَهْلِهِ عَلَى عَادَتِهِمْ وَأَتْلَفَ زَرْعًا لَا يَضْمَنُهُ مَالِكُ الْإِوَزِّ لِأَنَّ صَاحِبَ الزَّرْعِ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ حِرَاسَتِهِ وَمَنْعِ الْإِوَزِّ عَنْهُ (قَوْلُهُ: بَلْ فِي الْمُتْلَفِ عَكْسُ مَا هُنَا) قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا قَدَّمْنَاهُ فِيمَا لَوْ فَتَحَ قَفَصًا عَنْ طَائِرٍ فَخَرَجَ وَكَسَرَ فِي خُرُوجِهِ قَارُورَةً، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدُ مِثْلَ مَا ذَكَرَ: إلَّا أَنْ يُقَالَ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي الْحَقِيقَةِ لِأَنَّ التَّلَفَ حَيْثُ كَانَ مِنْ ضَرُورَةِ الْحَلِّ أَوْ الْفَتْحِ عَادَةً ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا اهـ مُلَخَّصًا. وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يُوَافِقُ مَا فَرَّقَ بِهِ الشَّارِحُ هُنَا مِنْ أَنَّ التَّصَرُّفَ فِي التَّالِفِ لَا فِي الْمُتْلَفِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ كَسْرَ الطَّائِرِ لِنَحْوِ الْقَارُورَةِ فِي خُرُوجِهِ يُعَدُّ مِنْ فِعْلِ الْمُتْلِفِ لِنِسْبَةِ الْخُرُوجِ الَّذِي حَصَلَ بِهِ التَّلَفُ لِلْفَاتِحِ، وَلَا كَذَلِكَ أَكْلُ الدَّابَّةِ لِلْعَلَفِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِالْخُرُوجِ بَلْ بِأَمْرٍ حَصَلَ بَعْدَ الْخُرُوجِ وَهُوَ قَرِيبٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْهُ الْفَاتِحُ) أَيْ وَلَا صَاحِبُ الْبَهِيمَةِ أَيْضًا لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَهُ مَنْعَهُ مِنْ جِدَارِهِ) أَيْ فَلَوْ اعْتَادَ الطَّائِرُ النُّزُولَ عَلَى جِدَارِ غَيْرِهِ وَشَقَّ مَنْعُهُ كُلِّفَ صَاحِبُهُ مَنْعَهُ بِحَبْسِهِ أَوْ قَصِّ جَنَاحٍ لَهُ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَتَوَلَّدْ مِنْ الطَّائِرِ ضَرَرٌ بِجُلُوسِهِ عَلَى الْجِدَارِ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الطَّيْرِ تَوَلُّدُ النَّجَاسَةِ مِنْهُ بِرَوْثِهِ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى جُلُوسِهِ مَنْعُ صَاحِبِ الْجِدَارِ مِنْهُ لَوْ أَرَادَ الِانْتِفَاعَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَنَى دَارًا) هُوَ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي كُلِّ دَارٍ فِي يَدِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْهُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إعْلَامِ صَاحِبِهِ وَلَمْ يُعْلِمْهُ وَإِلَّا ضَمِنَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَهِلَ صَاحِبُهَا الْغَصْبَ) أَيْ أَوْ أُكْرِهَ عَلَى الِاسْتِيلَاءِ عَلَى الْمَغْصُوبِ، فَإِذَا تَلِفَ فِي يَدِهِ كَانَ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ، وَقَرَارُ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ حِكَايَةِ الْقَوْلَيْنِ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ وَقَفَ ثُمَّ طَارَ فَلَا (قَوْلُهُ: فِي تِلْكَ) يَعْنِي فِي مَسْأَلَةِ الْمَاوَرْدِيِّ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ فِي هَذِهِ وَيَقُولَ فِيمَا يَأْتِي عَكْسَ مَا هُنَاكَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِخِلَافِهِ) الَّذِي فِي الْأَنْوَارِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِابْنِ الْمُقْرِي لَا مُخَالِفٌ لَهُ (قَوْلُهُ: فَنَفَّرَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ) هَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ إذَا نَفَّرَهُ فَتَلِفَ بَعْدَ التَّنْفِيرِ بِحَادِثٍ أَوْ أَنَّهُ أَتْلَفَهُ بِتَنْفِيرِهِ كَأَنْ رَمَاهُ بِمَا يَقْتُلُهُ فَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ يَنْدَفِعُ بِأَخَفَّ مِمَّا رَمَاهُ بِهِ يُرَاجَعُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَنَى دَارًا) الْبِنَاءُ لَيْسَ بِقَيْدٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَأَلْقَتْ الرِّيحُ فِيهَا ثَوْبًا وَضَاعَ لَمْ يَضْمَنْهُ) أَيْ إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إعْلَامِ صَاحِبِهِ حَتَّى لَا يُنَافِيَ مَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ، وَقَدْ قَيَّدَ بِذَلِكَ هُنَا فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ: الضَّامِنِ) أَخْرَجَ بِهِ مَا لَوْ كَانَ غَاصِبًا الِاخْتِصَاصَ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ مَا سَيَأْتِي

يَدِهِ عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَجَهْلُهُ إنَّمَا يُسْقِطُ الْإِثْمَ إذْ هُوَ مِنْ خِطَابِ التَّكْلِيفِ لَا الضَّمَانِ لِأَنَّهُ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ فَيُطَالِبُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا. نَعَمْ الْحَاكِمُ وَأَمِينُهُ لَا يَضْمَنَانِ بِوَضْعِ يَدِهِمَا لِلْمَصْلَحَةِ، وَاسْتَثْنَى الْبَغَوِيّ مِنْ الْجَهْلِ مَا لَوْ غَصَبَ عَيْنًا وَدَفَعَهَا لِقِنِّ الْغَيْرِ لِيَرُدَّهَا لِمَالِكِهَا فَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ، فَإِنْ جَهِلَ الْعَبْدُ ضَمِنَ الْغَاصِبُ فَقَطْ وَإِلَّا تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ وَغَرِمَ الْمَالِكُ أَيَّهمَا شَاءَ، وَفِيهِ نَظَرٌ، أَمَّا لَوْ زَوَّجَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَةَ فَتَلِفَتْ عِنْدَ الزَّوْجِ فَلَا يَضْمَنُهَا لِأَنَّ الزَّوْجَةَ مِنْ حَيْثُ هِيَ زَوْجَةٌ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ يَدِ الزَّوْجِ وَبِهَذَا انْدَفَعَ إيرَادُ هَذِهِ عَلَى الْمُصَنِّفِ، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ تَخْصِيصُهُ بِمَا إذَا تَلِفَتْ بِغَيْرِ الْوِلَادَةِ وَإِلَّا فَيَضْمَنُهَا، كَمَا لَوْ أَوْلَدَ أَمَةَ غَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ وَمَاتَتْ بِالْوِلَادَةِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الرَّهْنِ (ثُمَّ إنْ عَلِمَ) الثَّانِي الْغَصْبَ (فَغَاصِبٌ مِنْ غَاصِبٍ فَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ ضَمَانُ مَا تَلِفَ عِنْدَهُ) وَيُطَالِبُ بِكُلِّ مَا يُطَالِبُ بِهِ الْأَوَّلُ لِأَنَّ حَدَّ الْغَصْبِ صَادِقٌ عَلَيْهِ. نَعَمْ لَا مُطَالَبَةَ عَلَيْهِ بِزِيَادَةِ قِيمَةٍ حَصَلَتْ فِي يَدِ الْأَوَّلِ فَقَطْ بَلْ الْمَطَالِبُ بِهَا هُوَ الْأَوَّلُ، وَيَبْرَأُ الْأَوَّلُ لِكَوْنِهِ كَالضَّامِنِ لِتَقَرُّرِ الضَّمَانِ عَلَى الثَّانِي بِإِبْرَاءِ الْمَالِكِ لِلثَّانِي وَلَا عَكْسَ، قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ، وَكَذَا إنْ جَهِلَ الثَّانِي الْغَصْبَ (وَكَانَتْ يَدُهُ فِي أَصْلِهَا يَدَ ضَمَانٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSالضَّمَانِ عَلَى الْمُكْرِهِ لَهُ كَمَا لَوْ أَكْرَهَ غَيْرَهُ عَلَى إتْلَافِ مَالٍ فَأَتْلَفَهُ، فَإِنَّ كُلًّا طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ، وَمِنْ ذَلِكَ يُؤْخَذُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا غَصَبَ مِنْ آخَرَ فَرَسًا وَأَكْرَهَ آخَرَ عَلَى الذَّهَابِ بِهَا إلَى مَحَلَّةِ كَذَا فَتَلِفَتْ وَهُوَ عَدَمُ ضَمَانِ الْمُكْرَهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ بَلْ هُوَ طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ فَقَطْ، وَمِنْهُ أَيْضًا مَا يَقَعُ فِي قُرَى الرِّيفِ مِنْ أَمْرِ الشَّادِّ مَثَلًا لِاتِّبَاعِهِ بِإِحْضَارِ بَهَائِمِ الْفَلَّاحِينَ لِلِاسْتِعْمَالِ فِي زَرْعِهِ أَوْ غَيْرِهِ بِطَرِيقِ الظُّلْمِ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ أَكْرَهَ تَابِعَهُ عَلَى إحْضَارِ بَهَائِمَ عَيَّنَهَا كَانَ كُلٌّ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ وَالْقَرَارُ عَلَى الشَّادِّ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ إكْرَاهٌ أَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى إحْضَارِ بَعْضِ الدَّوَابِّ بِلَا تَعْيِينٍ لِلْمُحْضَرَةِ فَأَحْضَرَ لَهُ شَيْئًا مِنْهَا ضَمِنَهُ لِاخْتِيَارِهِ فِي الْأَوَّلِ، لِأَنَّ تَعْيِينَهُ لِلْبَعْضِ وَإِحْضَارَهُ لَهُ اخْتِيَارٌ مِنْهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: نَعَمْ الْحَاكِمُ وَأَمِينُهُ) وَهَلْ مِثْلُهُمَا أَصْحَابُ الشَّوْكَةِ مِنْ مَشَايِخِ الْبُلْدَانِ وَالْعُرْبَانِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ فِي قُوَّتِهِ: تَنْبِيهٌ: يُسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الْأَيْدِي أَيْدِي الْحُكَّامِ وَأَمْثَالِهِمْ فَإِنَّهُمْ لَا يَضْمَنُونَ لِوَضْعِهَا عَلَى وَجْهِ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ اهـ. وَهَلْ يَشْمَلُ مَا ذَكَرَ مِنْ مَشَايِخِ الْبُلْدَانِ إلَخْ حَيْثُ عَدَلَ عَنْ نُوَّابِهِمْ إلَى التَّعْبِيرِ بِأَمْثَالِهِمْ (قَوْلُهُ: لَا يَضْمَنَانِ) أَيْ وَأَمَّا الْغَاصِبُ فَلَا يَبْدَأُ إلَّا بِالرَّدِّ لِلْمَالِكِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْحَاكِمُ وَأَمِينُهُ هُمَا الطَّالِبَانِ لِلْأَخْذِ، وَأَمَّا لَوْ رَدَّ الْغَاصِبُ بِنَفْسِهِ عَلَيْهِمَا فَيَنْبَغِي بَرَاءَتُهُ بِذَلِكَ لِقِيَامِ الْحَاكِمِ مَقَامَ الْمَالِكِ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ مِنْ الْغَاصِبِ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ الشَّارِحِ فِي الرَّوْضِ: وَيُسْتَثْنَى الْحَاكِمُ وَنَائِبُهُ لِأَنَّهُمَا نَائِبَانِ عَنْ الْمَالِكِ اهـ أَنَّ الْغَاصِبَ يَبْرَأُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: لِيَرُدَّهَا) أَيْ الْقِنَّةَ وَقَوْلُهُ فِي يَدِهِ أَيْ يَدِ الْقِنِّ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) أَيْ فِيمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ، وَلَعَلَّهُ بِالنَّظَرِ لِمَا لَوْ جَهِلَ الْقِنَّ إلَخْ، وَوَجْهُ النَّظَرِ أَنَّ الْعَبْدَ وَإِنْ كَانَ أَمِينًا لِكَوْنِهِ وَكِيلًا عَنْ الْغَاصِبِ فِي الرَّدِّ فَحَقُّهُ أَنْ يَكُونَ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ وَالْقَرَارُ عَلَى الْغَاصِبِ، وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِ الْبَغَوِيّ نَفْيُ الضَّمَانِ عَنْ الْعَبْدِ مُطْلَقًا وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مُرَادَ الْبَغَوِيّ بِقَوْلِهِ ضَمِنَ الْغَاصِبُ أَنَّ عَلَيْهِ الْقَرَارَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَضْمَنُهَا) أَيْ لَا يَضْمَنُ عَيْنَهَا إذَا تَلِفَتْ، لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَهْرُ وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ إنْ وَطِئَهَا لِلشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ هِيَ) قَدْ يُقَالُ هَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ بِغَيْرِ تَزَوُّجٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ اسْتِثْنَاءٌ صُورِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَا عَكْسَ) أَيْ لِأَنَّ الْأَوَّلَ كَالضَّامِنِ وَالثَّانِيَ كَالْأَصِيلِ وَهُوَ لَا يَبْرَأُ بِبَرَاءَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِأَنَّ الزَّوْجَةَ مِنْ حَيْثُ هِيَ زَوْجَةٌ إلَخْ) وَحِينَئِذٍ فَمَا صَنَعَهُ فِي مَزْجِ الْمَتْنِ مِنْ اسْتِثْنَاءِ التَّزَوُّجِ مِنْ وَضْعِ الْيَدِ مُشْكِلٌ، إلَّا أَنْ يَكُونَ اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعًا. (قَوْلُهُ: بِإِبْرَاءِ الْمَالِكِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَيَبْرَأُ

كَالْعَارِيَّةِ) وَالسَّوْمِ وَالْقَرْضِ وَالْبَيْعِ وَكَذَا الْهِبَةُ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى الضَّمَانِ فَلَا تَغْرِيرَ مِنْ الْغَاصِبِ، وَفِي الْهِبَةِ أَخَذَ لِلتَّمَلُّكِ ثُمَّ مَا تَقَرَّرَ فِي الْهِبَةِ هُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي بِحَسَبِ تَصَرُّفِهِ، لَكِنَّ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ يَدَهُ لَيْسَتْ يَدَ ضَمَانٍ وَإِنْ كَانَ الْمُرَجِّحُ أَنَّ قَرَارَ الضَّمَانِ عَلَيْهِ لِمَا قُلْنَا (وَإِنْ كَانَتْ يَدَ أَمَانَةٍ) بِغَيْرِ اتِّهَابٍ (كَوَدِيعَةٍ) وَقِرَاضٍ (فَالْقَرَارُ عَلَى الْغَاصِبِ) دُونَهُ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَنَّ يَدَهُ نَائِبَةٌ عَنْ الْغَاصِبِ، فَلَوْ غَرِمَ الْغَاصِبُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ، وَإِنْ غَرِمَ هُوَ رَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ صَالَ الْمَغْصُوبُ عَلَى شَخْصٍ فَأَتْلَفَهُ كَمَا مَرَّ آنِفًا، وَيَدُ الِالْتِقَاطِ وَلَوْ لِلتَّمَلُّكِ قَبْلَهُ كَيَدِ الْأَمَانَةِ وَبَعْدَهُ كَيَدِ الضَّمَانِ (وَمَتَى) (أَتْلَفَ الْآخِذُ مِنْ الْغَاصِبِ) شَيْئًا (مُسْتَقِلًّا بِهِ) أَيْ بِالْإِتْلَافِ وَهُوَ أَهْلٌ لِلضَّمَانِ (فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا) سَوَاءٌ أَكَانَتْ يَدُهُ يَدَ أَمَانَةٍ أَمْ ضَمَانٍ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ أَقْوَى مِنْ إثْبَاتِ الْيَدِ الْعَادِيَّةِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَسْتَقِلَّ بِالْإِتْلَافِ بِأَنْ حَمَلَهُ عَلَيْهِ الْغَاصِبُ فَإِنْ كَانَ لِغَرَضِهِ كَذَبْحِ شَاةٍ أَوْ قَطْعِ ثَوْبٍ أَمَرَهُ بِهِ فَفَعَلَهُ جَاهِلًا فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ، أَوْ لَا لِغَرَضٍ فَعَلَى الْمُتْلِفِ، وَكَذَا إنْ كَانَ لِغَرَضِ نَفْسِهِ كَمَا قَالَ (وَإِنْ حَمَلَهُ الْغَاصِبُ عَلَيْهِ بِأَنْ قَدَّمَ لَهُ طَعَامًا مَغْصُوبًا ضِيَافَةً فَأَكَلَهُ فَكَذَا) الْقَرَارُ عَلَيْهِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ الْمُتْلِفُ وَإِلَيْهِ عَادَتْ الْمَنْفَعَةُ. وَالثَّانِي أَنَّ الْقَرَارَ عَلَى الْغَاصِبِ لِأَنَّهُ غَرَّ الْآكِلَ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ قَدَّمَهُ لِآخَرَ وَقَالَ لَهُ هُوَ مِلْكِي فَالْقَرَارُ عَلَى الْآكِلِ أَيْضًا فَلَا يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الْغَاصِبِ لَكِنْ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ إنْ غَرِمَ الْغَاصِبُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْآكِلِ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّ الْمَالِكَ ظَلَمَهُ وَالْمَظْلُومُ لَا يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِ ظَالِمِهِ، وَتَقْدِيمُهُ لِرَقِيقٍ وَلَوْ بِإِذْنِ مَالِكِهِ جِنَايَةُ يَدٍ مِنْهُ يُبَاعُ فِيهَا لِتَعَلُّقِ مُوجِبِهَا بِرَقَبَتِهِ، فَلَوْ غَرِمَ الْغَاصِبُ رَجَعَ عَلَى قِيمَةِ الْآكِلِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَدَّمَهُ لِبَهِيمَةٍ فَأَكَلَتْهُ وَغَرِمَ الْغَاصِبُ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَالِكِ إنْ لَمْ يَأْذَنْ وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ (وَعَلَى هَذَا) أَيْ الْأَظْهَرِ فِي أَكْلِ الضَّيْفِ (لَوْ قَدَّمَهُ) الْغَاصِبُ (لِمَالِكِهِ) أَوْ لَمْ يُقَدِّمْهُ لَهُ (فَأَكَلَهُ) جَاهِلًا بِأَنَّهُ لَهُ (بَرِئَ الْغَاصِبُ) لِمُبَاشَرَتِهِ إتْلَافَ مَالِهِ مُخْتَارًا، أَمَّا إذَا أَكَلَهُ عَالِمًا فَيَبْرَأُ قَطْعًا هَذَا كُلُّهُ إنْ قَدَّمَهُ لَهُ عَلَى هَيْئَتِهِ. أَمَّا إذَا غَصَبَ حَبًّا وَلَحْمًا أَوْ عَسَلًا وَدَقِيقًا وَصَنَعَهُ هَرِيسَةً أَوْ حَلْوَاءَ مَثَلًا فَلَا يَبْرَأُ قَطْعًا، قَالَهُ الزُّبَيْرِيُّ لِأَنَّهُ لَمَّا صَيَّرَهُ كَالتَّالِفِ انْتَقَلَ الْحَقُّ لِقِيمَتِهِ وَهِيَ لَا تَسْقُطُ بِبَذْلِ غَيْرِهَا بِدُونِ رِضَا مُسْتَحِقِّهَا وَهُوَ لَمْ يَرْضَ، وَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ أَيْضًا بِإِعَارَتِهِ أَوْ بَيْعِهِ أَوْ إقْرَاضِهِ لِلْمَالِكِ وَلَوْ جَاهِلًا بِكَوْنِهِ لَهُ لِأَنَّهُ بَاشَرَ أَخْذَ مَالِهِ مُخْتَارًا لَا بِإِيدَاعِهِ وَرَهْنِهِ وَإِجَارَتِهِ وَتَزْوِيجِهِ مِنْهُ وَالْقِرَاضِ مَعَهُ فِيهِ جَاهِلًا بِأَنَّهُ لَهُ، إذْ التَّسْلِيطُ فِيهَا غَيْرُ تَامٍّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ عَالِمًا، وَشَمِلَ التَّزْوِيجُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالضَّامِنِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْهِبَةُ) أَيْ فَالْيَدُ مَعَهَا يَدُ ضَمَانٍ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا يَدُ أَمَانَةٍ كَمَا يَأْتِي وَمَعَ ذَلِكَ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ تَحْتَ يَدِهِ، وَلَوْ جَعَلَ قَوْلَهُ وَكَذَا الْهِبَةُ إلَخْ مُشَابِهًا لِلْيَدِ الضَّامِنَةِ لَا الْعَارِيَّةِ لَمْ يُتَوَجَّهْ الِاعْتِرَاضُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ فَأَتْلَفَهُ) أَيْ أَتْلَفَ الْمَصُولُ عَلَيْهِ الْمَغْصُوبَ (قَوْلُهُ قَبْلَهُ) أَيْ التَّمَلُّكِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ لِغَرَضِهِ) أَيْ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ) أَيْ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ) هِيَ قَوْلُهُ وَقَالَ لَهُ هِيَ مِلْكِي إلَخْ (قَوْلُهُ وَتَقْدِيمُهُ) أَيْ الطَّعَامِ الْمَغْصُوبِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ بِإِذْنِ مَالِكِهِ أَيْ مَالِكِ الرَّقِيقِ، وَقَوْلُهُ جِنَايَةٌ مِنْهُ: أَيْ الرَّقِيقِ، وَقَوْلُهُ عَلَى قِيمَةِ الْآكِلِ: أَيْ وَهُوَ الرَّقِيقُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَالِكِ) أَيْ وَلَيْسَ لِمَالِكِ الْعَلَفِ مُطَالَبَةُ صَاحِبِ الْبَهِيمَةِ فَلَيْسَ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ لِأَنَّهُ لَا يُنْسَبُ إلَى تَقْصِيرٍ فِي إتْلَافِ مَا أَكَلَتْهُ بَهِيمَتُهُ (قَوْلُهُ: انْتَقَلَ الْحَقُّ لِقِيمَتِهِ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ إلَّا بَعْدَ دَفْعِ بَدَلِهِ لِلْمَالِكِ وَلَا لِغَيْرِهِ مِمَّنْ عَلِمَ أَنَّ أَصْلَهُ مَغْصُوبٌ تَنَاوُلُ شَيْءٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ إذْ التَّسْلِيطُ فِيهَا غَيْرُ تَامٍّ) قَدْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: ثُمَّ مَا تَقَرَّرَ فِي الْهِبَةِ) أَيْ: فِي سَرْدِهَا مَعَ مَا الْيَدُ فِيهِ يَدُ ضَمَانٍ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ التَّعْلِيلِ، وَأَمَّا بِالنَّظَرِ إلَيْهِ فَلَا يَكُونُ مُوَافِقًا لِمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي، بَلْ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ سِيَّمَا وَقَدْ فَصَّلَهَا بِكَذَا فَكَانَ الْأَوْلَى خِلَافَ هَذَا الصَّنِيعِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ آنِفًا) اُنْظُرْ أَيْنَ مَرَّ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ قَدَّمَهُ لِآخَرَ) كَانَ الْأَوْلَى هُنَا الْإِضْمَارَ. (قَوْلُهُ: وَتَقْدِيمُهُ لِرَقِيقٍ وَلَوْ بِإِذْنِ مَالِكِهِ جِنَايَةٌ) صَوَابُهُ كَمَا فِي الرَّوْضِ وَإِذَا قَدَّمَهُ لِعَبْدٍ فَالْأَكْلُ جِنَايَةٌ يُبَاعُ فِيهَا.

[فصل في بيان حكم الغصب وانقسام المغصوب]

الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى، وَمَحَلُّهُ فِيهَا مَا لَمْ يَسْتَوْلِدْهَا، فَإِنْ اسْتَوْلَدَهَا وَإِنْ لَمْ يَتَسَلَّمْهَا بَرِئَ الْغَاصِبُ لِحُصُولِ تَسَلُّمِهَا بِمُجَرَّدِ اسْتِيلَادِهَا، وَلَوْ قَالَ الْغَاصِبُ لِلْمَالِكِ أَعْتِقْهُ أَوْ أُعْتِقُهُ عَنْك فَأَعْتَقَهُ وَلَوْ جَاهِلًا بِأَنَّهُ لَهُ عَتَقَ وَبَرِئَ، فَلَوْ قَالَ لَهُ أَعْتِقْهُ عَنِّي فَأَعْتَقَهُ وَلَوْ جَاهِلًا بِأَنَّهُ لَهُ عَتَقَ وَبَرِئَ الْغَاصِبُ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي وَصَرَّحَ بِهِ السُّبْكِيُّ، وَيَقَعُ الْعِتْقُ عَنْ الْمَالِكِ لَا عَنْ الْغَاصِبِ عَلَى الصَّحِيحِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةُ، لَكِنَّ الْأَوْجَهَ مَعْنًى كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ وُقُوعُهُ عَنْ الْغَاصِبِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ بَيْعًا ضِمْنِيًّا إنْ ذَكَرَ عِوَضًا وَإِلَّا فَهِبَةٌ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ فِيمَا لَوْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا. (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ الْغَصْبِ وَانْقِسَامِ الْمَغْصُوبِ إلَى مِثْلِيٍّ وَمُتَقَوِّمٍ وَبَيَانِهِمَا وَمَا يُضْمَنُ بِهِ الْمَغْصُوبُ وَغَيْرُهُ. (تُضْمَنُ نَفْسَ الرَّقِيقِ) وَلَوْ مُسْتَوْلَدَةً وَمُكَاتَبًا (بِقِيمَتِهِ) بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ (تَلِفَ أَوْ أُتْلِفَ تَحْتَ يَدٍ عَادِيَةٍ) بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ، وَمُرَادُهُ بِالْعَادِيَةِ الضَّامِنَةُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهَا مُتَعَدِّيًا لِيَدْخُلَ نَحْوُ مُسْتَعِيرٍ وَمُسْتَامٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــSيُقَالُ: التَّسْلِيطُ بِالْإِجَارَةِ أَقْوَى مِنْهُ بِالْعَارِيَّةِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَتْ يَدُ الْمُسْتَعِيرِ ضَامِنَةً نَزَلَتْ مَنْزِلَةَ الْمُشْتَرِي بِجَامِعِ الضَّمَانِ وَالْمُسْتَأْجِرُ لِكَوْنِهِ أَمِينًا نَزَلَ مَنْزِلَةَ الْوَدِيعِ. وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ: سُئِلَ م ر عَمَّا لَوْ غَصَبَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ فَتَلِفَ هَلْ يَضْمَنُ لَهُ أَقْصَى الْقِيَمِ وَيَجْعَلُ رَهْنًا مَكَانَهُ؟ فَمَالَ إلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَضْمَنُ لَهُ قِيمَةً يَوْمَ التَّلَفِ، فَلْتُحَرَّرْ الْمَسْأَلَةُ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَضْمَنُ أَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ إلَى التَّلَفِ، وَخَرَجَ بِغَصْبِهِ مَا لَوْ أَتْلَفَهُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَيَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ التَّلَفِ وَمَا لَوْ أَخَذَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ لِيَنْتَفِعَ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا تَلِفَ فِي يَدِهِ بِلَا تَقْصِيرٍ هَذَا، وَمَا نُوزِعَ بِهِ مِنْ أَنَّ الْمَالِكَ إنَّمَا يَضْمَنُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْقِيمَةِ وَالدَّيْنُ ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ دَفَعَهَا الرَّاهِنُ لِتَكُونَ مِنْ الدَّيْنِ وَمَا هُنَا يَدْفَعُهَا لِتَكُونَ رَهْنًا فَلَا وَجْهَ لِاعْتِبَارِ الْأَقَلِّ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ فِيهَا) أَيْ الْأُنْثَى (قَوْلُهُ: فَلَوْ قَالَ لَهُ) أَيْ الْمَالِكُ (قَوْلُهُ وَبَرِئَ الْغَاصِبُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِالْإِعْتَاقِ الْوَقْفُ وَنَحْوُهُ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُ سم وَنَحْوُهُ: أَيْ كَأَنْ أَمَرَهُ بِهِبَتِهِ لِمَسْجِدٍ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ الْجِهَاتِ الْعَامَّةِ أَوْ قَالَ لَهُ اُنْذُرْ إعْتَاقَهُ أَوْ أَوْصِ بِهِ لِجِهَةِ كَذَا ثُمَّ مَاتَ الْمَالِكُ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْأَوْجَهَ مَعْنًى) أَيْ لَا نَقْلًا، وَهَذَا يُشْعِرُ بِاعْتِمَادِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الْأَوْجَهُ نَقْلًا عِنْدَهُ، لَكِنْ اعْتَمَدَ أَنَّهُ عَنْ الْغَاصِبِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ الْغَصْبِ (قَوْلُهُ: وَانْقِسَامُ الْمَغْصُوبِ) تَفْسِيرٌ لِلْمُرَادِ بِحُكْمِ الْغَصْبِ هُنَا، وَإِلَّا فَلَيْسَ مَا ذَكَرَ حُكْمًا لَهُ إذْ لَا تَعَرُّضَ فِيهِ لِحُرْمَةٍ وَلَا لِعَدَمِهَا، وَيَجُوزُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحُكْمِ بَيَانُ الضَّمَانِ وَهُوَ غَيْرُ مَا يَضْمَنُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَمَا يَضْمَنُ بِهِ الْمَغْصُوبَ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَعَدَمِ إرَاقَةِ الْمُسْكِرِ عَلَى الذِّمِّيِّ (قَوْلُهُ: تُضْمَنُ نَفْسُ الرَّقِيقِ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا فَيَدْخُلُ فِيهِ الْمُبَعَّضُ فَيُضْمَنُ جُزْءُ الرِّقِّ مِنْهُ بِقِيمَتِهِ، وَجُزْءُ الْحُرِّيَّةِ بِمَا يُقَابِلُهُ مِنْ الدِّيَةِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ) أَيْ الْمُتَقَوِّمَةِ وَإِلَّا فَالْمِثْلِيُّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ الْغَصْبِ وَانْقِسَامِ الْمَغْصُوبِ] فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ الْغَصْبِ

وَيَخْرُجَ نَحْوُ حَرْبِيٍّ وَقِنٍّ لِلْمَالِكِ وَآثَرَهَا لِكَوْنِ الْبَابِ مَوْضُوعًا لِلتَّعَدِّي، وَالْمُرَادُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي بِالْقِيمَةِ فِي الْمَغْصُوبِ وَأَبْعَاضِهِ أَقْصَاهَا مِنْ الْغَصْبِ إلَى التَّلَفِ (وَأَبْعَاضُهُ الَّتِي لَا يَتَقَدَّرُ أَرْشُهَا مِنْ الْحُرِّ) كَهُزَالٍ وَزَوَالِ بَكَارَةٍ وَجِنَايَةٍ عَلَى نَحْوِ عُنُقٍ أَوْ ظَهْرٍ يَضْمَنُ (بِمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ) إجْمَاعًا، فَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ. أَمَّا الْجِنَايَةُ عَلَى نَحْوِ كَفٍّ مِمَّا هُوَ مُقَدَّرٌ مِنْهُ بِنَظِيرِهِ فِي الْحُرِّ فَفِيهَا مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُسَاوِيَ النَّقْصُ مُقَدَّرَهُ كَنِصْفِ الْقِيمَةِ فِي الْيَدِ، فَإِنْ سَاوَاهُ نَقَصَ عَنْهُ الْحَاكِمُ شَيْئًا بِاجْتِهَادِهِ، كَذَا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ نَقْلًا عَنْ الْمُتَوَلِّي قَالَ: وَهُوَ تَفْصِيلٌ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَإِطْلَاقُ مَنْ أَطْلَقَ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ الْغَاصِبِ. أَمَّا هُوَ وَالْكَلَامُ فِيهِ هُنَا فَيَضْمَنُ بِمَا نَقَصَ مُطْلَقًا لِتَشْدِيدِهِمْ عَلَيْهِ فِي الضَّمَانِ مَا لَمْ يُشَدِّدُوا عَلَى غَيْرِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِي نَحْوِ قَطْعِ يَدِهِ مِنْ أَنَّهُ يَضْمَنُ الْأَكْثَرَ (وَكَذَا الْمُقَدَّرَةُ) كَيَدٍ (إنْ تَلِفَتْ) بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، إذْ السَّاقِطُ مِنْ غَيْرِ جِنَايَةٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ قِصَاصٌ وَلَا كَفَّارَةٌ وَلَا ضَرْبٌ عَلَى عَاقِلَةٍ فَأَشْبَهَ الْأَمْوَالَ، فَإِنْ نَقَصَتْ كَأَنْ سَقَطَ ذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ لَزِمَهُ مَا نَقَصَ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ مِنْ عَدَمِ تَنْقِيصِ الْقِيمَةِ لَمْ يَلْزَمْ شَيْءٌ قَطْعًا (وَإِنْ أُتْلِفَتْ) بِجِنَايَةٍ (فَكَذَا) يَضْمَنُ بِمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ (فِي الْقَدِيمِ) قِيَاسًا عَلَى الْبَهِيمَةِ (وَعَلَى الْجَدِيدِ تَتَقَدَّرُ مِنْ الرَّقِيقِ) لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْحُرَّ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ (وَالْقِيمَةُ فِيهِ كَالدِّيَةِ فِي الْحُرِّ فَفِي) يَدَيْهِ تَمَامُ قِيمَتِهِ، نَعَمْ لَوْ قَطَعَهُمَا مُشْتَرٍ وَهُوَ بِيَدِ الْبَائِعِ لَمْ يَكُنْ قَابِضًا لَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا نَقَصَ وَإِلَّا كَانَ قَابِضًا لَهُ مَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ الْأَمْوَالِ يُضْمَنُ بِمِثْلِهِ كَمَا يَأْتِي، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي أَصْلِ الضَّمَانِ وَالْأَمْوَالِ عَلَى عُمُومِهَا (قَوْلُهُ: بِالْقِيمَةِ فِي الْمَغْصُوبِ) أَيْ الْمُتَقَوِّمِ فَلَا يُشْكِلُ بِمَا يَأْتِي فِي الْمِثْلِيِّ إذَا فُقِدَ مِنْ أَنَّ الْأَصَحَّ فِيهِ أَنَّهُ يُضْمَنُ بِأَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ إلَى وَقْتِ الْفَقْدِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْغَصْبِ إلَى التَّلَفِ) وَفِي غَيْرِهِ قِيمَةُ يَوْمِ التَّلَفِ اهـ حَجّ. وَهُوَ شَامِلٌ لِلْمُسْتَامِ فَيُضْمَنُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ: أَيْ لَائِقًا بِالْحَالِ عَادَةً (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ قَطَعَ الْغَاصِبُ أُصْبُعًا زَائِدَةً وَلَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ بِالْقَطْعِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ هُنَا حَالُهُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا هُنَا مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ شَيْئًا لَا قَبْلَ الِانْدِمَالِ وَلَا بَعْدَهُ ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْجِنَايَةُ) أَيْ بِجُرْحٍ لَا مُقَدِّرَ لَهُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ سم وَهُوَ مُقَابِلُ قَوْلِهِ عَلَى نَحْوِ ظَهْرٍ أَوْ عُنُقٍ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ هَذَا دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَكَذَا الْمُقَدَّرَةُ فَلِمَ ذَكَرَ هَذَا هُنَا فَلْيُتَأَمَّلْ. وَيُجَابُ بِالْمَنْعِ لِأَنَّ الْمُرَادَ فِي الْآتِي أَنْ تَكُونَ الْجِنَايَةُ بِإِتْلَافِ الْمُقَدَّرَةِ، وَهُنَا أَنْ تَكُونَ بِإِتْلَافِ شَيْءٍ فِيهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ سَاوَاهُ نَقَصَ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: أَمَّا هُوَ) أَيْ الْغَاصِبُ (قَوْلُهُ: فَيَضْمَنُ بِمَا نَقَصَ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا، أَيْ سَاوَى الْمُقَدَّرَ أَمْ زَادَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إنْ تَلِفَتْ بِآفَةٍ) أَيْ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ تَلِفَتْ بِجِنَايَةٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَقَصَتْ) أَيْ الْقِيمَةُ وَهُوَ مُسْتَأْنَفٌ (قَوْلُهُ كَأَنْ سَقَطَ ذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ) أَيْ بِأَنْ سَقَطَتْ بِلَا جِنَايَةٍ أَوْ قُطِعَتْ قَوَدًا اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ أَمَّا بِالْجِنَايَةِ فَيَضْمَنُ، وَقَوْلُهُ لَزِمَهُ: أَيْ بَعْدَ الِانْدِمَالِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ بِيَدِ الْبَائِعِ) غَرَضُهُ مُجَرَّدُ إفَادَةِ الْحُكْمِ وَإِلَّا فَالْكَلَامُ فِي الْمَغْصُوبِ. نَعَمْ بِالنَّظَرِ لِمَا فَسَّرَ بِهِ الشَّارِحُ الْيَدَ الْعَادِيَةَ يَكُونُ اسْتِدْرَاكًا (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ) أَيْ الْمُشْتَرِي وَقَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا نَقَصَ. أَيْ إلَّا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مِمَّا هُوَ مُقَدَّرٌ) بَيَانٌ لِنَحْوِ كَفٍّ أَيْ: وَلَوْ جَنَى عَلَى مَا هُوَ مُقَدَّرٌ مِنْهُ بِنَظِيرِهِ فِي الْحُرِّ كَالْكَفِّ وَالرِّجْلِ أَيْ: وَالصُّورَةُ أَنَّ الْجِنَايَةَ لَا مُقَدَّرَ لَهَا كَأَنْ جَرَحَ كَفَّهُ فَهُوَ غَيْرُ مَا سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَقَصَتْ كَأَنْ سَقَطَ ذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: فَإِنْ لَمْ تَنْقُصْ كَأَنْ سَقَطَ ذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ انْتَهَتْ. فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الشَّارِحِ فَإِنْ نَقَصَتْ؛ لِأَنَّهُ فَرْضُ الْمَتْنِ وَسُقُوطُ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِلتَّمْثِيلِ لِعَدَمِ النَّقْصِ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْقَطْعُ بِجِنَايَةٍ أَنَّهُ يَضْمَنُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا نَقَصَ) بِمَعْنَى أَنَّهُ يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ النَّقْصِ وَيُجْعَلُ

كَوْنِهِ بِيَدِ الْبَائِعِ كَمَا حَكَاهُ الْإِمَامُ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ وَقَالَ إنَّهُ مِنْ مَحَاسِنِ تَفْرِيعَاتِهِ. وَفِي (يَدِهِ) وَلَوْ مُدَبَّرًا وَمُكَاتَبًا وَأُمَّ وَلَدٍ (نِصْفُ قِيمَتِهِ) كَمَا سَيَذْكُرُهُ آخِرَ الدِّيَاتِ. هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ الْجَانِي غَاصِبًا، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ لَزِمَهُ أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ أَوْ النَّقْصُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ لِاجْتِمَاعِ الشَّبَهَيْنِ، فَلَوْ كَانَ النَّاقِصُ بِقَطْعِهَا ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ لَزِمَاهُ النِّصْفُ بِالْقَطْعِ وَالسُّدُسُ بِالْيَدِ الْعَادِيَةِ. نَعَمْ لَوْ قَطَعَهَا الْمَالِكُ ضَمِنَ الْغَاصِبُ مَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ فَقَطْ كَمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الرُّويَانِيِّ، وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ قَطَعَهَا أَجْنَبِيٌّ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الزَّائِدُ عَلَى النِّصْفِ، وَلَوْ قَطَعَ الْغَاصِبُ مِنْهُ أُصْبُعًا زَائِدَةً وَبَرِئَ وَلَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ لَزِمَهُ مَا نَقَصَ كَمَا قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ وَيُقَوَّمُ قَبْلَ الْبُرْءِ وَالدَّمُ سَائِلٌ لِلضَّرُورَةِ، وَلَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ قِصَاصًا أَوْ حَدًّا فَكَالْآفَةِ كَمَا صَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَالْمُبَعَّضُ يُعْتَبَرُ بِمَا فِيهِ مِنْ الرِّقِّ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، فَفِي قَطْعِ يَدِهِ مَعَ رُبُعِ الدِّيَةِ أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رُبُعِ الْقِيمَةِ وَنِصْفِ الْأَرْشِ (وَسَائِرِ الْحَيَوَانِ) أَيْ بَاقِيهِ مَا عَدَا الْآدَمِيَّ إلَّا الصَّيْدُ فِي الْحَرَمِ أَوْ عَلَى الْمُحْرِمِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِمِثْلِهِ لِلنَّصِّ تُضْمَنُ نَفْسُهُ (بِالْقِيمَةِ) أَيْ أَقْصَاهَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، وَأَجْزَاؤُهُ بِمَا نَقَصَ مِنْهَا لِأَنَّهُ لَا يُشْبِهُ الْآدَمِيَّ بَلْ الْجَمَادَ، وَحَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ أَوْلَى مِنْ تَخْصِيصِ الْإِسْنَوِيِّ لَهُ بِالْإِجْزَاءِ قَالَ: ـــــــــــــــــــــــــــــSبِنِسْبَةِ مَا نَقَصَ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ بِأَنْ أَلْزَمْنَاهُ، وَقَوْلُهُ مَعَ كَوْنِهِ أَيْ وَلَا قَائِلَ بِهِ. (قَوْلُهُ: نِصْفُ قِيمَتِهِ) أَيْ بَعْدَ الِانْدِمَالِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ) قَضِيَّةُ تَخْصِيصِ الْأَكْثَرِ بِالْغَاصِبِ أَنَّ غَيْرَهُ إذَا جَنَى عَلَيْهِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ لَا يَضْمَنُهُ بِالْأَكْثَرِ، وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ: إلَّا إنْ أُتْلِفَتْ بِأَنْ أَتْلَفَهَا الْغَاصِبُ أَوْ غَيْرُهُ اهـ. وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ فِي إتْلَافِ غَيْرِ الْغَاصِبِ فَتَأَمَّلْ. وَيُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى مَا هُنَا بِأَنْ يُقَالَ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْغَاصِبِ وَغَيْرِهِ فِي أَصْلِ الضَّمَانِ لَا فِي قَدْرِ الْمَضْمُونِ. وَحُكْمُهُ أَنَّ غَيْرَ الْغَاصِبِ إذَا أَتْلَفَ ضَمِنَ بِقَدْرِ الْقِيمَةِ وَالْغَاصِبِ الزَّائِدِ، فَإِنْ غَرِمَ الْكُلَّ رَجَعَ عَلَى الْمُتْلِفِ بِقَدْرِ الْقِيمَةِ. ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ) هَلْ يُطَالِبُ الْغَاصِبَ قَبْلَ الِانْدِمَالِ أَوْ هُوَ كَغَيْرِهِ يَنْبَغِي الثَّانِي، وَقَوْلُهُ لِاجْتِمَاعِ الشَّبَهَيْنِ: أَيْ شَبَهِ الْحُرِّ وَشَبَهِ الْمَالِ، وَقَوْلُهُ ضَمِنَ الْغَاصِبُ مَا زَادَ ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ نَقْصٌ بَعْدَ الِانْدِمَالِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الزَّائِدَ خَارِجُ أَرْشِ الْمُقَدَّرِ فَهُوَ كَأَرْشِ غَيْرِ الْمُقَدَّرِ الَّذِي لَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ حَيْثُ لَمْ يَبْقَ نَقْصٌ بَعْدَ الِانْدِمَالِ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ الْمَارُّ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لِاجْتِمَاعِ الشَّبَهَيْنِ) أَيْ شَبَهِ الْحُرِّ وَشَبَهِ الْبَهِيمَةِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ قَطَعَهَا الْمَالِكُ) أَيْ وَلَوْ تَعَدِّيًا، وَكَذَا لَوْ قَطَعَ الرَّقِيقُ يَدَ نَفْسِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَقَدْ يُقَالُ: الْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَضْمَنُ أَكْثَرَ الْأَمْرَيْنِ لِأَنَّ جِنَايَتَهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ مَضْمُونَةٌ عَلَى الْغَاصِبُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ جِنَايَتِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَجِنَايَةِ السَّيِّدِ عَلَيْهِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ بِأَنَّ السَّيِّدَ جِنَايَتُهُ مَضْمُونَةٌ عَلَى نَفْسِهِ فَسَقَطَ مَا يُقَابِلُهَا عَنْ الْغَاصِبِ، بِخِلَافِ جِنَايَةِ الْعَبْدِ فَإِنَّهَا مَضْمُونَةٌ عَلَى الْغَاصِبِ مَا دَامَ فِي يَدِهِ (قَوْلُهُ: اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ) أَيْ الْغَاصِبُ (قَوْلُهُ: وَيُقَوَّمُ قَبْلَ الْبُرْءِ) أَيْ فَيُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ سَلِيمًا ذَا أُصْبُعٍ زَائِدَةٍ وَمَجْرُوحًا سَائِلَ الدَّمُ وَيَجِبُ التَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: قِصَاصًا أَوْ حَدًّا) أَيْ بِجِنَايَةٍ وَقَعَتْ مِنْهُ بَعْدَ الْغَصْبِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قُطِعَتْ بِجِنَايَةٍ فِي يَدِ الْمَالِكِ فَإِنَّهَا غَيْرُ مَضْمُونَةٍ لِأَنَّ الْمُسْتَنِدَ إلَى سَبَبٍ سَابِقٍ عَلَى الْغَصْبِ كَالْمُتَقَدِّمِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مَعَ رُبُعِ الدِّيَةِ) أَيْ الْمُقَابِلِ لِجُزْئِهِ الْحُرِّ (قَوْلُهُ: وَنِصْفِ الْأَرْشِ) وَهُوَ نِصْفُ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ (قَوْلُهُ: وَسَائِرُ الْحَيَوَانِ) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ تُضْمَنُ نَفْسُهُ خَبَرٌ (قَوْلُهُ: أَيْ أَقْصَاهَا) أَيْ إنْ كَانَ غَاصِبًا (قَوْلُهُ: عَلَى مَا تَقَرَّرَ) مِنْ شُمُولِ كَلَامِهِ لِنَفْسِهِ وَأَجْزَائِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَابِضًا لِمُقَابِلِهِ، فَإِذَا نَقَصَ ثُلُثُ الْقِيمَةِ يُجْعَلُ قَابِضًا لِلثُّلُثِ وَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ ثُلُثُ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: أَيْ: أَقْصَاهَا) لَا يُنَاسِبُ مَا قَدَّمَهُ أَوَّلَ الْفَصْلِ مِنْ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْغَصْبِ وَلَا مَا سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ فِي الْمُتَقَوِّمِ

لِأَنَّ ضَمَانَ نَفْسِهِ بِالْقِيمَةِ يُشَارِكُ فِيهِ الْقِنَّ. وَوَجْهُ مَا مَرَّ أَنَّ أَجْزَاءَهُ كَنَفْسِهِ، بِخِلَافِ الْقِنِّ فَحَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى هَذَا التَّعْمِيمِ الْمُخْتَصِّ بِهِ لِيُفَرِّقَ بِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِنِّ أَوْلَى. (وَغَيْرُهُ) أَيْ الْحَيَوَانِ مِنْ الْأَمْوَالِ (مِثْلِيٌّ وَمُتَقَوِّمٌ) بِكَسْرِ الْوَاوِ وَقِيلَ بِفَتْحِهَا (وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمِثْلِيَّ مَا حَصَرَهُ كَيْلٌ أَوْ وَزْنٌ) إنْ أَمْكَنَ ضَبْطُهُ بِأَحَدِهِمَا وَإِنْ لَمْ يُعْتَدَّ فِيهِ (وَجَازَ السَّلَمُ فِيهِ) فَمَا حَصَرَهُ عَدٌّ أَوْ زَرْعٌ كَحَيَوَانٍ وَثِيَابٍ مُتَقَوِّمٍ وَإِنْ جَازَ السَّلَمُ فِيهِ وَالْمَعْجُونَاتُ وَالْجَوَاهِرُ وَنَحْوُهَا وَكُلُّ مَا مَرَّ مِمَّا يَمْتَنِعُ السَّلَمُ فِيهِ مُتَقَوِّمٌ وَإِنْ حَصَرَهُ وَزْنٌ أَوْ كَيْلٌ، إذْ الْمَانِعُ مِنْ ثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ بِعَقْدِ السَّلَمِ مَانِعٌ مِنْ ثُبُوتِهِ فِيهَا بِالتَّعَدِّي. وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ خَلُّ التَّمْرِ فَإِنَّهُ مُتَقَوِّمٌ مَعَ حَصْرِهِ بِأَحَدِهِمَا، وَصِحَّةُ السَّلَمِ فِيهِ لِأَنَّا نَمْنَعُ حَصْرَهُ بِذَلِكَ إذْ الْمَاءُ الَّذِي بِهِ صَيَّرَهُ مَجْهُولًا كَذَا قِيلَ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ مِثْلِيٌّ وَلَا بُرٌّ اخْتَلَطَ بِشَعِيرٍ فَهُوَ مِثْلِيٌّ مَعَ عَدَمِ صِحَّةِ السَّلَمِ فِيهِ فَيَجِبُ إخْرَاجُ الْقَدْرِ الْمُحَقَّقِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، فَقَدْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ بِمَنْعِ رَدِّ مِثْلِهِ لِأَنَّهُ بِالِاخْتِلَاطِ انْتَقَلَ مِنْ الْمِثْلِيِّ إلَى الْمُتَقَوِّمِ لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ كُلٍّ مِنْهُمَا. قُلْت: وَكَلَامُهُمْ مُصَرَّحٌ بِهِ حَيْثُ شَرَطُوا فِي الْمِثْلِيِّ صِحَّةَ السَّلَمِ فِيهِ، فَعَلَيْهِ لَا إيرَادَ عَلَى أَنَّ إيجَابَ رَدِّ الْمِثْلِ غَيْرُ مُسْتَلْزِمٍ كَوْنَهُ مِثْلِيًّا كَمَا يَجِبُ رَدُّ مِثْلِ الْمُتَقَوِّمِ فِي الْقَرْضِ، وَمَعِيبُ حَبٍّ أَوْ غَيْرِهِ تَجِبُ قِيمَتُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: كَنَفْسِهِ) أَيْ تُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ أَيْ بِمَا نَقَصَ اهـ سم (قَوْلُهُ: لِيُفَرِّقَ بِهِ إلَخْ) فِيهِ مَا لَا يَخْفَى اهـ سم عَلَى حَجّ، لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ إذَا حُمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَجْزَاءِ يَحْصُلُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِنِّ أَيْضًا لِأَنَّ الْإِسْنَوِيَّ يَجْعَلُ غَيْرَ الْقِنِّ كَالْقِنِّ فِي أَنَّ نَفْسَهُ تُضْمَنُ بِأَقْصَى الْقِيَمِ، وَإِذَا حُمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَجْزَاءِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْقِنَّ إنَّمَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فِي الْأَبْعَاضِ. [فَرْعٌ] أَخَذَ قِنًّا فَقَالَ أَنَا حُرٌّ فَتَرَكَهُ ضَمِنَهُ، وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ فِيمَنْ أَطْعَمَ دَابَّةَ غَيْرِهِ مَسْمُومًا فَمَاتَتْ بِأَنَّهُ يَضْمَنُهَا لَا غَيْرَ مَسْمُومٍ مَا لَمْ يَسْتَوْلِ عَلَيْهَا؛ وَمَنْ آجَرَ دَارِهِ إلَّا بَيْتًا وَضَعَ فِيهِ دَابَّتَهُ لَمْ يَضْمَنْ مَا أَتْلَفَتْهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إلَّا إنْ غَابَ فَظَنَّ أَنَّ الْبَيْتَ مُغْلَقٌ، وَبِهَذَا يُقَيِّدُ مَا يَأْتِي قُبَيْلَ السَّيْرِ مِنْ إطْلَاقِ عَدَمِ الضَّمَانِ اهـ حَجّ قَوْلُهُ مَا لَمْ يَسْتَوْلِ عَلَيْهَا وَيَنْبَغِي مَا لَمْ يَكُنْ مَا أَطْعَمَهُ إيَّاهَا مُضِرًّا بِهَا اهـ سم (قَوْلُهُ: وَقِيلَ بِفَتْحِهَا) فِيهِ تَأَمُّلٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَلَعَلَّ وَجْهَ التَّأَمُّلِ أَنَّ " تَقَوَّمَ " لَازِمٌ لِأَنَّهُ مُطَاوِعُ قَوَّمَهُ وَالْوَصْفُ مِنْ اللَّازِمِ إنَّمَا هُوَ اسْمُ فَاعِلٍ وَالْمَفْعُولُ مِنْهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالصِّلَةِ، وَلَيْسَ الْمَعْنَى هُنَا عَلَى تَقْدِيرِهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُعْتَدَّ فِيهِ) عِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: قَوْلُهُ أَوْ وَزْنًا يَنْبَغِي شَرْعًا وَإِلَّا فَالثِّيَابُ يُمْكِنُ وَزْنُهَا تَأَمَّلْ اهـ. أَقُولُ: قَوْلُهُ شَرْعًا لَعَلَّ الْمُرَادَ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ أَهْلِ الشَّرْعِ فِيهِ بِمِثْلِهِ، وَإِلَّا فَالثِّيَابُ إذَا بِيعَتْ وَزْنًا لَا تَمْتَنِعُ شَرْعًا (قَوْلُهُ: مَعَ حَصْرِهِ بِأَحَدِهِمَا) أَيْ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ مِثْلِيٌّ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: فَهُوَ مِثْلِيٌّ) تَوْجِيهٌ لِلْإِيرَادِ (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ إخْرَاجُ الْقَدْرِ الْمُحَقَّقِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ وَيُصَدَّقُ الْغَاصِبُ فِي قَدْرِ ذَلِكَ إذَا اخْتَلَفَا فِيهِ لِأَنَّهُ الْغَارِمُ، وَيَحْتَمِلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ: يُوقَفُ الْأَمْرُ إلَى الصُّلْحِ لِأَنَّ مَحَلَّ تَصْدِيقِ الْغَارِمِ إذَا اتَّفَقَا عَلَى شَيْءٍ وَاخْتَلَفَا فِي الزَّائِدِ، وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَقَدْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) تَوْجِيهٌ لِقَوْلِهِ وَلَا يُرَدُّ (قَوْلُهُ: قُلْت) هُوَ مِنْ كَلَامِ م ر (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ) أَيْ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ إيجَابَ رَدِّ الْمِثْلِيِّ) هَذَا قَدْ يَقْتَضِي اعْتِمَادُ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ وَاَلَّذِي فِي الْمَنْهَجِ الْجَزْمَ بِرَدِّ الْمِثْلِ وَالِاقْتِصَارُ فِي الْجَوَابِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ عَلَى أَنَّ إيجَابَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَعِيبُ حَبٍّ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَحَمَلَ كَلَامَهُ عَلَى هَذَا التَّعْمِيمِ) قَدْ يُقَالُ إنَّهُ لَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى التَّعْمِيمِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى ضَمَانِ النَّفْسِ وَجَعَلَ ضَمَانَ الْأَجْزَاءِ قَدْرًا زَائِدًا عَلَيْهِ كَمَا لَا يَخْفَى، فَهُوَ تَخْصِيصٌ عَكْسَ مَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ لَا تَعْمِيمٌ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ بِفَتْحِهَا) قَالَ الشِّهَابُ سم: فِيهِ تَأَمُّلٌ اهـ. وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ اسْمَ الْمَفْعُولِ لَا يُصَاغُ مِنْ قَاصِرٍ. (قَوْلُهُ: وَلَا بُرٌّ اخْتَلَطَ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَبُرٌّ اخْتَلَطَ بِشَعِيرٍ مِثْلِيٍّ مَعَ عَدَمِ صِحَّةِ السَّلَمِ فِيهِ فَيَجِبُ إخْرَاجُ الْقَدْرِ الْمُحَقَّقِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا كَذَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَتَبِعَهُ جَمْعٌ، لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ عَجِيبٌ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَدْ يَمْنَعُ رَدَّ مِثْلِهِ إلَخْ، فَقَوْلُهُ: وَبُرٌّ اخْتَلَطَ بِشَعِيرٍ مِثْلِيٍّ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ،

مَعَ صِدْقِ حَدِّ الْمِثْلِيِّ عَلَيْهِ. عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ مَنْعُ صِدْقِهِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ بِوَصْفِ الْعَيْبِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ (كَمَاءٍ) وَلَوْ حَارًّا كَمَا نُقِلَ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْإِمَامِ جَوَازُ بَيْعِ الْمَاءِ الْمُسَخَّنِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ، وَإِنْ ذَهَبَ فِي الْمَطْلَبِ إلَى كَوْنِ الْحَارِّ مُتَقَوِّمًا لِدُخُولِ النَّارِ فِيهِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا يَطْرُقُ غَيْرَهُ مِنْ الْمَائِعَاتِ، وَلَوْ أَلْقَى حَجَرًا مُحْمًى فِي مَاءٍ بَرُدَ فِي الصَّيْفِ فَزَالَ بَرْدُهُ فَفِيهِ أَوْجُهٌ، أَوْجَهُهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لُزُومُ أَرْشِ نَقْصِهِ. وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ بَارِدًا وَحَارًّا حِينَئِذٍ (وَتُرَابٌ) وَرَمْلٌ (وَنُحَاسٌ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهِ وَحَدِيدٌ وَفِضَّةٌ (وَتِبْرٌ) وَهُوَ ذَهَبُ الْمَعْدِنِ الْخَالِصِ عَنْ تُرَابِهِ (وَمِسْكٌ) وَعَنْبَرٌ (وَكَافُورٌ) وَثَلْجٌ وَجَمْدٌ (وَقُطْنٌ) وَلَوْ بِحَبِّهِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَلَمْ يَسْتَحْضِرْهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَبَحَثَ خِلَافَهُ وَصُوفٌ وَإِنْ نُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ مَا يُوهِمُ تَوَقُّفَهُ فِي مِثْلِيَّتِهِ حَيْثُ قَالَ: يُضْمَنُ بِالْمِثْلِ إنْ كَانَ لَهُ مِثْلٌ لِإِمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى فَقْدِ الْمِثْلِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا (وَعِنَبٌ) وَسَائِرُ الْفَوَاكِهِ الرَّطْبَةِ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ هُنَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ صُحِّحَ فِي الزَّكَاةِ نَقْلًا عَنْ الْأَكْثَرِينَ تَقَوُّمُ الْعِنَبِ وَالرُّطَبِ (وَدَقِيقٌ) كَمَا فِي الرَّوْضَةِ هُنَا وَنُخَالَةٌ كَمَا فِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ، وَحُبُوبٌ وَأَدْهَانٌ وَسَمْنٌ وَلَبَنٌ وَمَخِيضٌ وَخَلٌّ وَبَيْضٌ وَصَابُونٌ وَتَمْرٌ وَزَبِيبٌ وَدَرَاهِمُ خَالِصَةٌ أَوْ مَغْشُوشَةٌ وَمُكَسَّرَةٌ أَوْ سَبِيكَةٌ (لَا غَالِيَةً وَمَعْجُونٌ) لِاخْتِلَافِ أَجْزَائِهِمَا مَعَ عَدَمِ انْضِبَاطِهَا (فَيُضْمَنُ الْمِثْلِيُّ بِمِثْلِهِ) مَا لَمْ يَتَرَاضَيَا عَلَى قِيمَتِهِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى حَقِّهِ، فَإِنْ خَرَجَ الْمِثْلِيُّ عَنْ الْقِيمَةِ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ مَاءً بِمَفَازَةٍ ثُمَّ اجْتَمَعَا بِمَحَلٍّ لَا قِيمَةَ لِلْمَاءِ فِيهِ أَصْلًا لَزِمَهُ قِيمَتُهُ بِمَحَلِّ الْإِتْلَافِ، بِخِلَافِ مَا إذَا بَقِيَتْ لَهُ قِيمَةٌ وَلَوْ تَافِهَةً لِأَنَّ الْأَصْلَ الْمِثْلُ فَلَا يَعْدِلُ عَنْهُ إلَّا حَيْثُ زَالَتْ مَالِيَّتُهُ مِنْ أَصْلِهَا وَإِلَّا فَلَا، كَمَا لَا نَظَرَ عِنْدَ رَدِّ الْعَيْنِ إلَى تَفَاوُتِ الْأَسْعَارِ. وَمَحَلُّهُ كَمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ وَلَا يُرَدُّ مَعِيبٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَاءٍ) أَيْ عَذْبٍ أَوْ مَالِحٍ لَمْ تَخْتَلِفْ مُلُوحَتُهُ، فَإِنْ اخْتَلَفَتْ مُلُوحَتُهُ فَمُتَقَوِّمٌ لِعَدَمِ صِحَّةِ السَّلَمِ فِيهِ. قَوْلُهُ وَلَوْ حَارًّا خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: وَهَذَا يَطْرُقُ غَيْرَهُ مِنْ الْمَائِعَاتِ) أَيْ وَقَدْ قَالُوا فِيهِ إنَّهُ مِثْلِيٌّ وَإِنْ أَغْلَى أَيْضًا سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فِي مَاءٍ بَرُدَ) يَنْبَغِي قِرَاءَتُهُ بِضَمِّ الرَّاءِ بِوَزْنِ سَهُلَ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ، وَفِي الْمُخْتَارِ بَرُدَ الشَّيْءُ مِنْ بَابِ سَهُلَ وَبَرَدَهُ غَيْرُهُ مِنْ بَابِ نَصَرَ فَهُوَ مَبْرُودٌ وَبَرَّدَهُ أَيْضًا تَبْرِيدًا (قَوْلُهُ: وَحَارًّا حِينَئِذٍ) أَيْ فَلَوْ رَجَعَ بَعْدَ صَيْرُورَتِهِ حَارًّا إلَى الْبُرُودَةِ لَمْ يَسْقُطْ الْأَرْشُ كَمَا فِي مَسَائِلِ السِّمَنِ وَنَحْوِهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ فِي الْفَصْلِ الْآتِي. أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ قِيَاسُ مَا ذَكَرُوهُ فِي زَوَالِ الْعَيْبِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُعَدُّ مَعَهُ نُقْصَانًا أَنْ لَا ضَمَانَ هُنَا، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السِّمَنِ فَإِنَّ السِّمَنَ زِيَادَةٌ فِي الْعَيْنِ مُحَقَّقَةٌ وَالْحَرَارَةُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ مُجَرَّدُ عَيْبٍ، وَزَوَالُ الْعَيْبِ يُسْقِطُ الضَّمَانَ، عَلَى أَنَّهُ سَيَأْتِي عَنْهُ أَيْضًا أَنَّ زِيَادَةَ الْقِيمَةِ مَانِعَةٌ مِنْ طَلَبِ الْمِثْلِ. [فَرْعٌ] قَالَ فِي الْعُبَابِ: الْمَلَاعِقُ الْمُسْتَوِيَةُ مُتَقَوِّمَةٌ، وَالْأَصْطَالُ الْمُرَبَّعَةُ وَالْمَصْبُوبَةُ فِي قَالِبٍ مِثْلِيَّةٌ وَتُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ اهـ. وَنَقَلَ فِي تَجْرِيدِهِ هَذَا الْأَخِيرَ عَنْ الْمُهِمَّاتِ. وَقَالَ فِي التَّجْرِيدِ: ذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّ الزَّيْتُونَ مُتَقَوِّمٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَمَا ذَكَرَهُ فِي الزَّيْتُونِ قَدْ يُخَالِفُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَسَائِرُ الْفَوَاكِهِ الرَّطْبَةِ، وَقَوْلُهُ وَتُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ قِيَاسُ مَا سَيَأْتِي فِي الْحُلِيِّ أَنَّهُ يُضْمَنُ مِثْلُ النُّحَاسِ وَقِيمَةِ الصَّنْعَةِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ (قَوْلُهُ: وَسَائِرِ الْفَوَاكِهِ الرَّطْبَةِ إلَخْ) دَخَلَ فِيهِ الزَّيْتُونُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ التَّجْرِيدِ مَا يُخَالِفُهُ، وَالظَّاهِرُ الدُّخُولُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ فِي بَابِ الرِّبَا بِجَوَازِ بَيْعِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ، وَأَنَّ مَا فِيهِ دُهْنِيَّةٌ لَا مَائِيَّةٌ فَجَوَازُ السَّلَمِ فِيهِ أَوْلَى مِنْ بَيْعِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ (قَوْلُهُ: كَمَا صَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ) أَمَّا التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ فَمِثْلِيَّانِ بِلَا خِلَافٍ (قَوْلُهُ: وَحُبُوبٍ) أَيْ وَلَوْ حَبَّ بِرْسِيمٍ وَغَاسُولٍ (قَوْلُهُ: مَعَ عَدَمِ انْضِبَاطِهَا) أَيْ الْأَجْزَاءِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ الْمِثْلَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَافِهَةً) يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي عَنْ سم أَنَّ هَذَا فِيمَا لَا مُؤْنَةَ لِنَقْلِهِ وَإِلَّا وَجَبَتْ قِيمَتُهُ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ إلَخْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQوَبِتَأَمُّلِ عِبَارَةِ التُّحْفَةِ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَبَيْضٌ) الْجَمْعُ فِيهِ مُعْتَبَرٌ؛ لِأَنَّ الْبَيْضَةَ الْوَاحِدَةَ مُتَقَوِّمَةٌ

يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ ظَفِرَ بِالْغَاصِبِ فِي غَيْرِ بَلَدِ التَّلَفِ إلَى آخِرِهِ فِيمَا لَا مُؤْنَةَ لِنَقْلِهِ وَإِلَّا غَرَّمَهُ قِيمَتَهُ بِمَحَلِّ التَّلَفِ، كَمَا لَوْ نَقَلَ الْمَالِكُ بُرًّا مِنْ مِصْرَ إلَى مَكَّةَ ثُمَّ غَصَبَهُ آخَرُ هُنَاكَ ثُمَّ طَالَبَهُ مَالِكُهُ بِهِ بِمِصْرَ فَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ بِمَكَّةَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ صَارَ الْمِثْلِيُّ مُتَقَوِّمًا أَوْ مِثْلِيًّا آخَرَ أَوْ الْمُتَقَوِّمُ مِثْلِيًّا كَمَا لَوْ جَعَلَ الدَّقِيقَ خُبْزًا وَالسِّمْسِمَ شَيْرَجًا وَالشَّاةَ لَحْمًا ثُمَّ تَلِفَ ضَمِنَ الْمِثْلَ سَاوَى قِيمَةَ الْآخَرِ أَمْ لَا مَا لَمْ يَكُنْ الْآخَرُ أَكْثَرَ قِيمَةً فَيَضْمَنُ بِقِيمَتِهِ فِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ وَيُتَخَيَّرُ الْمَالِكُ بِمُطَالَبَتِهِ بِأَيِّ الْمِثْلَيْنِ فِي الثَّانِيَةِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ صَاعَ بُرٍّ قِيمَتُهُ دِرْهَمٌ فَطَحَنَهُ فَصَارَتْ قِيمَتُهُ دِرْهَمًا وَسُدُسًا فَخَبَزَهُ فَصَارَتْ دِرْهَمًا وَثُلُثًا وَأَكَلَهُ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ وَثُلُثٌ، وَكَيْفِيَّةُ الدَّعْوَى هُنَا اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ قِيمَةَ خُبْزٍ دِرْهَمًا وَثُلُثًا، وَلَوْ أَتْلَفَ حُلِيًّا ضَمِنَ الْوَزْنَ بِمِثْلِهِ وَالصَّنْعَةَ بِنَقْدِ الْبَلَدِ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ ذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْجُمْهُورِ ضَمَانَ الْجِرْمِ وَالصَّنْعَةِ بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَلَا رِبًا. وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ لِأَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالْعُقُودِ (تَلِفَ) الْمَغْصُوبُ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ (أَوْ أُتْلِفَ، فَإِنْ تَعَذَّرَ) الْمِثْلُ حِسًّا كَأَنْ لَمْ يُوجَدْ بِمَحَلِّ الْغَصْبُ وَلَا حَوَالَيْهِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي السَّلَمِ أَوْ شَرْعًا (كَأَنْ لَمْ يُوجَدْ الْمِثْلُ) فِيمَا ذُكِرَ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ (فَالْقِيمَةُ) هِيَ الْوَاجِبُ إذْ هُوَ الْآنَ كَمَا لَا مِثْلَ لَهُ (وَالْأَصَحُّ) فِيمَا لَوْ كَانَ الْمِثْلُ مَوْجُودًا عِنْدَ التَّلَفِ فَلَمْ يُسَلِّمْهُ حَتَّى فَقَدَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ (أَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَقْصَى قِيَمِهِ) أَيْ الْمِثْلِ كَمَا صَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّنْبِيهِ وَجَرَى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ، وَيُؤَيِّدُهُ تَصْحِيحُهُمْ أَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ الْغَصْبِ إلَى الْإِعْوَازِ، خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْمَغْصُوبُ لِأَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فَالتَّفْصِيلُ بَيِّنٌ أَنْ يَبْقَى لَهُ قِيمَةٌ وَلَوْ تَافِهَةً وَأَنْ لَا إنَّمَا هُوَ إذَا لَمْ يَكُنْ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ الْقِيمَةُ مُطْلَقًا م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا نَظَرَ لِاخْتِلَافِ الْأَسْعَارِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ، وَمِنْ ثَمَّ صَرَّحَ فِي فَصْلِ الْقَرْضِ بِأَنَّ كُلًّا مِنْ اخْتِلَافِ الْأَسْعَارِ وَالْمُؤْنَةِ عِبَارَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ هُنَا: الْمُرَادُ بِمُؤْنَةِ النَّقْلِ ارْتِفَاعُ الْأَسْعَارِ بِسَبَبِ النَّقْلِ اهـ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ الْمِثْلَ) هُوَ ظَاهِرٌ فِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ، بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْ السِّمْسِمِ وَالشَّيْرَجِ مِثْلِيٌّ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا مَعْهُودًا حَتَّى يُحْمَلَ عَلَيْهِ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ ضَمِنَ الْمِثْلَ فِي غَيْرِ الثَّانِيَةِ وَيُتَخَيَّرُ فِيهَا. وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ: قَوْلُهُ ضَمِنَ الْمِثْلَ إلَخْ عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ أَخَذَ الْمَالِكُ الْمِثْلَ فِي الثَّلَاثَةِ مُخَيَّرًا فِي الثَّالِثِ مِنْهَا: أَيْ مَا لَوْ صَارَ الْمِثْلِيُّ مِثْلِيًّا بَيْنَ الْمِثْلَيْنِ اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا قُلْنَاهُ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ شَارِحِ الْمَنْهَجِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ أَكْثَرَ قِيمَةً فَيَضْمَنُ بِهِ فِي الثَّانِي أَنَّهُ إذَا صَيَّرَ السِّمْسِمَ شَيْرَجًا وَكَانَتْ قِيمَةُ الشَّيْرَجِ أَكْثَرَ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ شَيْرَجًا، وَهُوَ مُنَافٍ لِقَوْلِهِ أَيْضًا وَالْمَالِكُ فِي الثَّانِي مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْمِثْلَيْنِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ الثَّانِي عَلَى مَا إذَا اسْتَوَتْ قِيمَةُ الْمِثْلَيْنِ وَالْأَوَّلُ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ زَادَتْ قِيمَةُ الثَّانِي، فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ كَلَامَيْهِ لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا فِي شَرْحُ الرَّوْضِ وَكَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ الْوَزْنَ بِمِثْلِهِ وَالصَّنْعَةَ إلَخْ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ غَصَبَ إنَاءَ نُحَاسٍ وَأَتْلَفَهُ فَيَضْمَنُ مِثْلَ النُّحَاسِ وَقِيمَةَ الصَّنْعَةِ: أَيْ عَادَةً لَا مَا غَرِمَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ زِيَادِيٌّ. وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْأَسْطَالُ الْمُرَبَّعَةُ وَالْمَصْبُوبَةُ فِي قَالِبٍ، وَتَقَدَّمَ ل سم عَنْ الْمُهِمَّاتِ مَا يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُخْتَصٌّ) أَيْ وَمَا هُنَا بَدَلُ مُتْلَفٍ وَهُوَ لَيْسَ مَضْمُونًا بِعَقْدٍ (قَوْلُهُ: وَلَا حَوَالَيْهِ) أَيْ فِيمَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ كَمَا فِي الرَّوْضِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ إلَّا بِأَكْثَرَ) أَيْ وَإِنْ قَلَّ (قَوْلُهُ: مِنْ الْغَصْبِ إلَى الْإِعْوَازِ) أَيْ الْفَقْدِ لِلْمِثْلِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) مُرَادُهُ حَجّ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمُرَادَ الْمَغْصُوبُ) أَيْ أَقْصَى قِيَمِ الْمَغْصُوبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَمَا لَوْ نَقَلَ الْمَالِكُ بُرًّا مِنْ مِصْرَ إلَخْ) هَذَا عَيْنُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَلَوْ ظَفِرَ بِالْغَاصِبِ فِي غَيْرِ بَلَدِ التَّلَفِ إلَخْ، وَظَاهِرٌ أَنَّ نَقْلَ الْمَالِكِ لَهُ مِنْ مِصْرَ لَا دَخْلَ لَهُ فِي الْحُكْمِ إذْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ النَّقْلُ الْمَذْكُورُ بِأَنْ اشْتَرَاهُ مَثَلًا الْمَالِكُ مِنْ مَكَّةَ وَغَصَبَهُ مِنْهُ آخَرُ هُنَاكَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي (قَوْلُهُ: ثُمَّ غَصَبَهُ آخَرُ هُنَاكَ) أَيْ: وَأَتْلَفَهُ هُنَاكَ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ الْمِثْلَ سَاوَى قِيمَةَ الْآخَرِ أَمْ لَا) أَيْ: فِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَأَكَلَهُ)

الْمَغْصُوبَ بَعْدَ تَلَفِهِ لَا تُعْتَبَرُ الزِّيَادَةُ الْحَاصِلَةُ فِيهِ بَعْدَ التَّلَفِ (مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ إلَى تَعَذُّرِ الْمِثْلِ) لِأَنَّ وُجُودَ الْمِثْلِ كَبَقَاءِ الْمَغْصُوبِ بِعَيْنِهِ لِكَوْنِهِ كَانَ مَأْمُورًا بِرَدِّ الْمَغْصُوبِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ غَرِمَ أَقْصَى قِيَمِهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، إذْ مَا مِنْ حَالَةٍ إلَّا وَهُوَ مُطَالَبٌ بِرَدِّهَا فِيهَا. أَمَّا لَوْ كَانَ الْمِثْلُ فِيهَا مَفْقُودًا عِنْدَ التَّلَفِ فَيَجِبُ الْأَكْثَرُ مِنْ الْغَصْبِ إلَى التَّلَفِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ عَشَرَةُ أَوْجُهٍ: الْوَجْهُ الثَّانِي يُعْتَبَرُ الْأَقْصَى مِنْ الْغَصْبِ إلَى التَّلَفِ. وَالثَّالِثُ مِنْ التَّلَفِ إلَى التَّعَذُّرِ. وَالرَّابِعُ الْأَقْصَى مِنْ الْغَصْبِ إلَى تَغْرِيمِ الْقِيمَةِ وَالْمُطَالَبَةِ بِهَا. وَالْخَامِسُ الْأَقْصَى مِنْ انْقِطَاعِ الْمِثْلِ إلَى الْمُطَالَبَةِ. وَالسَّادِسُ الْأَقْصَى مِنْ التَّلَفِ إلَى الْمُطَالَبَةِ. وَالسَّابِعُ الِاعْتِبَارُ بِقِيمَةِ الْيَوْمِ الَّذِي تَلِفَ فِيهِ الْمَغْصُوبُ. وَالثَّامِنُ بِقِيمَةِ يَوْمِ الْإِعْوَازِ. وَالتَّاسِعُ بِقِيمَةِ يَوْمِ الْمُطَالَبَةِ. وَالْعَاشِرُ إنْ كَانَ مُنْقَطِعًا فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ فَالِاعْتِبَارُ بِقِيمَةِ يَوْمِ الْإِعْوَازِ وَإِنْ فُقِدَ فِي تِلْكَ الْبُقْعَةِ فَالِاعْتِبَارُ بِيَوْمِ الْحُكْمِ بِالْقِيمَةِ. (وَلَوْ) (نُقِلَ الْمَغْصُوبُ) (الْمِثْلِيُّ) أَوْ انْتَقَلَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ فَذِكْرُ نَقْلِهِ مِثَالٌ وَاقْتِصَارُهُ عَلَى الْمِثْلِيِّ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ جَمِيعُ التَّفْرِيعَاتِ الْآتِيَةِ الَّتِي مِنْهَا قَوْلُهُ طَالَبَهُ بِالْمِثْلِ وَإِلَّا فَنَقْلُ الْمُتَقَوِّمِ يُوجِبُ الْمُطَالَبَةَ بِرَدِّهِ أَوْ قِيمَتِهِ (إلَى بَلَدٍ) أَوْ مَحَلٍّ (آخَرَ) وَلَوْ مِنْ بَلَدٍ وَاحِدٍ إنْ تَعَذَّرَ إحْضَارُهُ حَالًا كَمَا اعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَيْ وَإِلَّا فَلَا يُطَالِبُهُ بِالْقِيمَةِ (فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُكَلِّفَهُ رَدَّهُ) إنْ عَلِمَ مَكَانَهُ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ» (وَأَنْ يُطَالِبَهُ) وَلَوْ مَعَ قُرْبِ مَحَلِّ الْمَغْصُوبِ وَأَمْنِهِ مِنْ هَرَبِهِ أَوْ تَوَارِيهِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ (بِقِيمَتِهِ) أَيْ بِأَقْصَى قِيَمِهِ مِنْ الْغَصْبِ إلَى الْمُطَالَبَةِ (فِي الْحَالِ) أَيْ قَبْلَ الرَّدِّ لِوُجُودِ الْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مِلْكِهِ، وَلِهَذَا امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْمُطَالَبَةُ بِالْمِثْلِ لِثُبُوتِ التَّرَادِّ فَقَدْ يَزِيدُ السِّعْرُ وَيَنْحَطُّ فَيَحْصُلُ الضَّرَرُ وَالْقِيمَةُ شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَيَمْلِكُهَا الْآخِذُ مِلْكَ قَرْضٍ لِانْتِفَاعِهِ بِهَا عَلَى حُكْمِ رَدِّهَا أَوْ رَدِّ بَدَلِهَا عِنْدَ رُجُوعِ الْعَيْنِ. وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ جَوَازِ أَخْذِ أَمَةٍ تَحِلُّ لَهُ بَدَلُهَا كَمَا لَا يَحِلُّ لَهُ اقْتِرَاضُهَا، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ إذْ الضَّرُورَةُ قَدْ تَدْعُوهُ إلَى أَخْذِهَا خَشْيَةً مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَهُوَ مُطَالَبٌ بِرَدِّهَا) أَيْ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ كَانَ الْمِثْلُ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فِيمَا لَوْ كَانَ الْمِثْلُ مَوْجُودًا (قَوْلُهُ: عَشَرَةُ أَوْجُهٍ) الْأَوْلَى مِنْ عَشَرَةِ أَوْجُهٍ فَيَكُونُ الْأَصَحُّ أَحَدَهَا لِأَنَّ مَا ذَكَرَ أَنَّهُ مُقَابِلُ تِسْعَةٍ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: أَوْ انْتَقَلَ بِنَفْسِهِ) أَيْ كَمَا لَوْ نَقَلَهُ سَيْلٌ أَوْ رِيحٌ (قَوْلُهُ: إنْ تَعَذَّرَ إحْضَارُهُ حَالًا) أَيْ بِحَسَبِ الْعَادَةِ وَإِنْ اسْتَغْرَقَ حَمْلُهُ زَمَنًا يَزِيدُ عَلَى الْوَقْتِ الَّذِي هُمْ فِيهِ عُرْفًا (قَوْلُهُ: مِنْ هَرَبِهِ) أَيْ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: أَيْ بِأَقْصَى قِيَمِهِ) لَوْ زَادَتْ الْقِيمَةُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَخْذُ الزِّيَادَةِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَقْلًا عَنْ الْإِسْنَوِيِّ لِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُهُ أَخْذُ الزِّيَادَةِ: أَيْ مِنْ الْغَاصِبِ لِأَنَّ الْمَغْصُوبَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَيَمْلِكُهَا الْآخِذُ مِلْكَ قَرْضٍ، وَقَوْلُهُ بَدَلُهَا: أَيْ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) أَيْ فَيَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْوَطْءُ، وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: فَلَوْ كَانَتْ أَمَةٌ تَحِلُّ لَهُ فَهَلْ يَمْتَنِعُ أَخْذُهَا عَنْ الْقِيمَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّهُ يَمْلِكُهَا مِلْكَ قَرْضٍ وَاقْتِرَاضُهَا مُمْتَنِعٌ أَوْ يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهَا وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا؟ الْمُعْتَمَدُ الثَّانِي لِأَنَّ أَخْذَهَا حَالَ ضَرُورَةٍ بِخِلَافِ الْقَرْضِ اهـ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ خَالَفَ وَوَطِئَ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQلَيْسَ بِقَيْدٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ عَشَرَةُ أَوْجُهٍ الْوَجْهُ الثَّانِي إلَخْ) حَقُّ الْعِبَارَةِ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ، حَتَّى يُوَافِقَ كَوْنَ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ عَشَرَةً لَيْسَ مِنْهَا الْأَصَحُّ، وَالْوَاقِعُ أَنَّهَا عَشَرَةٌ كَمَا سَرَدَهَا الْعَلَّامَةُ الْأَذْرَعِيُّ، وَالشَّارِحُ أَدْرَجَ وَجْهَيْنِ فِي وَجْهٍ وَهُوَ الرَّابِعُ فِي كَلَامِهِ. قَالَ الْعَلَّامَةُ الْمَذْكُورُ: وَكُلُّهَا مَنْقُولَةٌ خَلَا الْأَخِيرَ فَإِنَّ ابْنَ الرِّفْعَةِ اسْتَنْبَطَهُ فِي الْكِفَايَةِ وَرَجَعَ عَنْهُ فِي الْمَطْلَبِ اهـ. وَعَبَّرَ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْمُطَالَبَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ بِالْحُكْمِ (قَوْلُهُ: بَدَلَهَا) مَنْصُوبٌ بِ أَخَذَ وَالضَّمِيرُ فِيهِ لِلْقِيمَةِ: أَيْ بِأَنْ يَعْتَاضَ الْأَمَةَ عَنْ الْقِيمَةِ، وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ لَا تَكُونُ إلَّا مِنْ النَّقْدِ بِشَرْطِهِ، وَانْظُرْ إذَا رَدَّ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ فِي صُورَةِ الْأَمَةِ هَلْ يَرُدُّ الْمَالِكُ مِثْلَ الْأَمَةِ أَوْ يَرُدُّ الْقِيمَةَ

فَوَاتِ حَقِّهِ، وَالْمِلْكُ لَا يَسْتَلْزِمُ حَلَّ الْوَطْءِ بِدَلِيلِ الْمُحَرَّمِ وَالْوَثَنِيَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ بِخِلَافِ الْقَرْضِ، وَتَجِبُ أُجْرَةُ الْمَغْصُوبِ وَضَمَانُ جِنَايَتِهِ وَزَوَائِدِهِ وَإِنْ أَبَقَ وَسَلِمَتْ الْقِيمَةُ لِلْحَيْلُولَةِ وَتَكُونُ الْأُجْرَةُ بَعْدَ النَّقْصِ أُجْرَةَ نَاقِصٍ. وَمَعْنَى كَوْنِهَا لِلْحَيْلُولَةِ وُقُوعُ التَّرَادِّ فِيهَا (فَإِذَا رَدَّهُ) أَيْ الْمَغْصُوبُ أَوْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِعِتْقٍ مِنْهُ أَوْ مَوْتٍ فِي الْإِيلَادِ، وَكَالْإِعْتَاقِ إخْرَاجُهُ عَنْ مِلْكِهِ بِوَقْفٍ أَوْ وَنَحْوِهِ (رَدَّهَا) إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً وَإِلَّا رَدَّ بَدَلَهَا لِزَوَالِ الْحَيْلُولَةِ وَلَيْسَ لَهُ مَعَ وُجُودِهَا رَدُّ بَدَلِهَا قَهْرًا وَلَوْ تَوَافَقَا عَلَى تَرْكِ التَّرَادِّ فِي مُقَابَلَتِهَا لَمْ يَكْفِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيْعٍ بِشَرْطِهِ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْغَاصِبِ حَبْسُهُ لِاسْتِرْدَادِهَا وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ، كَمَا لَا يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي فَاسِدًا حَبْسُ الْمَبِيعِ لِاسْتِرْدَادِ ثَمَنِهِ. وَمَا فَرَّقَ بِهِ غَيْرُهُ مِنْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ رَضِيَ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَى الثَّمَنِ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ فَإِنَّهَا أُخِذَتْ مِنْهُ قَهْرًا، رُدَّ بِأَنَّهُ قَهْرٌ بِحَقٍّ فَكَانَ كَالِاخْتِيَارِ. عَلَى أَنَّ وُجُوبَ الرَّدِّ عَلَيْهِ فَوْرًا يَمْنَعُ الْحَبْسَ مُطْلَقًا، وَلَهُ الْحَبْسُ لِلْإِشْهَادِ لِمَا مَرَّ قُبَيْلَ الْإِقْرَارِ. (فَإِنْ) (تَلِفَ) الْمَغْصُوبُ الْمِثْلِيُّ (فِي الْبَلَدِ) أَوْ الْمَحَلِّ (الْمَنْقُولِ) أَوْ الْمُنْتَقِلِ (إلَيْهِ) أَوْ عَادَ وَتَلِفَ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ (طَالَبَهُ بِالْمِثْلِ فِي أَيِّ الْبَلَدَيْنِ) أَوْ الْمَحَلَّيْنِ (شَاءَ) لِتَوَجُّهِ رَدِّ الْعَيْنِ عَلَيْهِ فِيهِمَا، وَأَخَذَ الْإِسْنَوِيُّ مِنْهُ ثُبُوتَ الطَّلَبِ لَهُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ شَاءَ مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي وَصَلَ إلَيْهَا فِي طَرِيقِهِ بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ (فَإِنْ فَقَدَ الْمِثْلَ غَرَّمَهُ أَكْثَرَ الْبَلَدَيْنِ قِيمَةً) لِذَلِكَ، وَيَأْتِي هُنَا مَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَيْضًا، فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِأَقْصَى قِيَمِ الْمَحَالِّ الَّتِي وَصَلَ إلَيْهَا الْمَغْصُوبُ (وَلَوْ) (ظَفِرَ بِالْغَاصِبِ فِي غَيْرِ بَلَدِ التَّلَفِ) وَالْمَغْصُوبُ مِثْلِيٌّ وَالْمِثْلُ مَوْجُودٌ (فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَا مُؤْنَةَ لِنَقْلِهِ كَالنَّقْدِ) الْيَسِيرِ وَكَانَ الطَّرِيقُ آمِنًا (فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْمِثْلِ) لِعَدَمِ الضَّرَرِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا حِينَئِذٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ أَوْ خَافَ الطَّرِيقَ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَلَوْ حَمَلَتْ مِنْهُ صَارَتْ مُسْتَوْلَدَةً وَلَزِمَهُ قِيمَتُهَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْقَرْضِ) أَيْ لِأَنَّ صِحَّتَهُ تَتَوَقَّفُ عَلَى عَدَمِ حَلِّ الْوَطْءِ فَحَيْثُ جَازَ التَّمَلُّكُ لِلْقِيمَةِ جَازَ أَخْذُ الْأَمَةِ وَإِنْ حَلَّ وَطْؤُهَا كَمَا يَحِلُّ شِرَاؤُهَا وَإِنْ امْتَنَعَ الْقَرْضُ (قَوْلُهُ: وَتَجِبُ أُجْرَةُ الْمَغْصُوبِ) أَيْ عَلَى الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: وَضَمَانُ جِنَايَتِهِ) أَيْ الْمَغْصُوبِ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ أَبَقَ غَايَةٌ، وَقَوْلُهُ وَسُلِّمَتْ الْقِيمَةُ مِنْ جُمْلَةِ الْغَايَةِ (قَوْلُهُ: بِعِتْقٍ مِنْهُ) أَيْ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَوْتٍ فِي الْإِيلَادِ) أَيْ فَيَرُدُّ الْوَارِثُ إنْ كَانَتْ حَيَّةً عِنْدَ مَوْتِ الْمُورِثِ، فَلَوْ جَهِلَ حَيَاتَهَا فَهَلْ تُرَدُّ الْقِيمَةُ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْحَيَاةُ فِيهِ نَظَرٌ. وَأَمَّا لَوْ مَاتَتْ قَبْلَهُ فَتَسْتَقِرُّ الْقِيمَةُ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُ سم فَيَرُدُّ الْوَارِثُ: أَيْ الْقِيمَةَ الَّتِي أَخَذَهَا مُوَرِّثُهُ مِنْ الْغَاصِبِ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ عَدَمُ الرَّدِّ لِتَحَقُّقِ ضَمَانِ الْغَاصِبِ بِاسْتِيلَائِهِ وَلَا يَسْقُطُ إلَّا بِعَوْدِهِ لِيَدِ مَالِكِهِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَ الْعَوْدِ وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: رَدَّهَا) قَالَ ع: لَوْ زَادَتْ زِيَادَةً مُنْفَصِلَةً فَهِيَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَيُصَوَّرُ ذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ أَخَذَ عَنْ الْقِيمَةِ عَرْضًا اهـ. وَقَوْلُهُ عَرْضًا: أَيْ كَالْحَيَوَانِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ الْمَالِكِ، وَقَوْلُهُ مَعَ وُجُودِهَا: أَيْ الْقِيمَةِ وَقَوْلُهُ عَلَى تَرْكِهِ أَيْ الْمَغْصُوبِ، وَقَوْلُهُ فِي مُقَابَلَتِهَا: أَيْ الْقِيمَةُ (قَوْلُهُ: بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيْعٍ بِشَرْطِهِ) وَمِنْهُ قُدْرَةُ الْمُشْتَرِي عَلَى تَسَلُّمِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَبَقَ الْمَغْصُوبُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهِ لَمْ يَصِحَّ شِرَاؤُهُ، وَيَحْتَمِلُ خِلَافُهُ لِتَنْزِيلِ ضَمَانِهِ مَنْزِلَةَ كَوْنِهِ فِي يَدِهِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ لِلْغَاصِبِ حَبْسُهُ) أَيْ الْمَغْصُوبِ (قَوْلُهُ: يَمْنَعُ الْحَبْسَ مُطْلَقًا) أَيْ أَخَذَ بِحَقٍّ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ وَأَخَذَ الْإِسْنَوِيُّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ فَقَدَ الْمِثْلَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: أَوْ وُجِدَ بِزِيَادَةٍ: أَيْ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ، قَالَ فِي شَرْحِهِ: أَوْ مَنَعَهُ مِنْ الْوُصُولِ إلَيْهِ مَانِعٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُ سم أَوْ وُجِدَ بِزِيَادَةٍ وَإِنْ قَلَّتْ وَامْتَنَعَ الْغَاصِبُ مِنْ بَذْلِهَا (قَوْلُهُ: قِيمَةً) أَيْ وَالْعِبْرَةُ فِي التَّقْوِيمِ بِالنَّقْدِ الْغَالِبِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: هَذَا كُلُّهُ إنْ لَمْ يَنْقُلْهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ) أَيْ وَزِيَادَةُ قِيمَةٍ هُنَاكَ مَانِعٌ عَنْ الْمُطَالَبَةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: أَوْ خَافَ الطَّرِيقَ) اُنْظُرْ لِمَا مَنَعَ الْخَوْفُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْمِلْكُ لَا يَسْتَلْزِمُ حِلَّ الْوَطْءِ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَقَدَ الْمِثْلَ) ظَاهِرُهُ فِي الْبَلَدَيْنِ، وَانْظُرْ لَوْ فُقِدَ فِي أَحَدِهِمَا فَقَطْ هَلْ يَتَعَيَّنُ الْمِثْلُ فِي الْبَلَدِ الْآخَرِ أَوْ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْمُطَالَبَةِ بِهِ وَقِيمَةِ الْبَلَدِ الْآخَرِ؟ يُرَاجَعُ

(فَلَا مُطَالَبَةَ لَهُ بِالْمِثْلِ) وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ تَكْلِيفُهُ قَبُولَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُؤْنَةِ وَالضَّرَرِ. وَالثَّانِي يُطَالِبُهُ بِالْمِثْلِ مُطْلَقًا. وَالثَّالِثُ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ ذَلِكَ الْبَلَدِ مِثْلَ قِيمَةِ بَلَدِ التَّلَفِ أَوْ أَقَلَّ طَالَبَهُ بِالْمِثْلِ وَإِلَّا فَلَا، وَنَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ جَمْعٍ كَثِيرٍ وَزَعَمَ أَنَّ حَمْلَ الْإِطْلَاقِ عَلَى ذَلِكَ التَّفْصِيلِ مُتَعَيِّنٌ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى وَهُوَ الضَّرَرُ (بَلْ يُغَرِّمُهُ قِيمَةَ بَلَدِ التَّلَفِ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَلَدَ الْغَصْبِ. وَمَحَلُّ ذَلِكَ إنْ كَانَتْ أَكْثَرَ قِيمَةِ الْمَحَالِّ الَّتِي وَصَلَ إلَيْهَا الْمَغْصُوبُ وَإِلَّا فَقِيمَةُ الْأَقْصَى مِنْ سَائِرِ الْبِقَاعِ الَّتِي حَلَّ الْمَغْصُوبُ بِهَا وَالْقِيمَةُ الْمَأْخُوذَةُ هُنَا لِلْفَيْصُولَةِ، فَإِذَا غَرِمَهَا ثُمَّ اجْتَمَعَا فِي بَلَدِ الْغَصْبِ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِكِ رَدُّهَا وَطَلَبُ الْمِثْلِ وَلَا لِلْغَاصِبِ اسْتِرْدَادُهَا وَبَذْلُ الْمِثْلِ. (وَأَمَّا) (الْمُتَقَوِّمُ) كَحَيَوَانٍ وَأَبْعَاضِهِ قِنًّا أَوْ غَيْرَهُ (فَيَضْمَنُهُ بِأَقْصَى قِيمَةٍ مِنْ الْغَصْبِ إلَى التَّلَفِ) لِمُطَالَبَتِهِ فِي حَالَةِ زِيَادَةِ الْقِيمَةِ بِالرَّدِّ إذْ هُوَ غَاصِبٌ، فَإِذَا لَمْ يَرُدَّ كَانَ ضَامِنًا لِلْبَدَلِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ رَدَّهُ بَعْدَ رُخْصِهِ حَيْثُ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا لِأَنَّهُ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ مُتَوَقَّعٌ زِيَادَتُهَا، عَلَى أَنَّهُ لَا نَظَرَ مَعَ وُجُودِهَا لِلْقِيمَةِ أَصْلًا، وَتَجِبُ قِيمَتُهُ مِنْ غَالِبِ نَقْدِ بَلَدِ التَّلَفِ، هَذَا كُلُّهُ إنْ لَمْ يَنْقُلْهُ، وَإِلَّا اُعْتُبِرَ نَقْدُ مَحَلِّ الْقِيمَةِ وَهُوَ أَكْثَرُ الْمَحَالِّ الَّتِي وَصَلَ إلَيْهَا، وَقَدْ يُضْمَنُ الْمُتَقَوِّمُ بِالْمِثْلِ الصُّورِيِّ كَمَا لَوْ تَلِفَ الْمَالُ الزَّكَوِيُّ فِي يَدِهِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ لِأَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ مِثْلَهُ الصُّورِيَّ مَعَ بَقَائِهِ جَازَ فَمَعَ تَلَفِهِ بِالْأَوْلَى. (وَفِي الْإِتْلَافِ) لِمَضْمُونٍ بِلَا غَصْبٍ يَضْمَنُهُ (بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ) إذَا لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَبَعْدَهُ مَعْدُومٌ لَا وُجُودَ لَهُ، وَضَمَانُ الزَّائِدِ فِي الْمَغْصُوبِ إنَّمَا كَانَ بِالْغَصْبِ وَهُوَ مَفْقُودٌ هُنَا، هَذَا إنْ صَلُحَ الْمَحَلُّ وَإِلَّا كَمَفَازَةٍ فَقِيمَةُ أَقْرَبِ مَحَلٍّ إلَيْهِ، وَلَوْ أَتْلَفَ أَمَةً مُغَنِّيَةً أَوْ أَمْرَدَ كَذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ مَا زَادَ عَلَى قِيمَتِهِمَا بِسَبَبِ الْغِنَاءِ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ كَمَا فِي كَسْرِ الْمَلَاهِي وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى غِنَاءٍ يُخَافُ مِنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُطَالَبَةَ مَعَ أَنَّ ضَرَرَهُ يَعُودُ عَلَى الْمَالِكِ وَقَدْ رَضِيَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: بَلْ يَعُودُ الضَّرَرُ عَلَى الْغَاصِبِ أَيْضًا، لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ حُصُولُهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ إنَّمَا هُوَ مَعَ الْخَطَرِ كَانَ كَذِي الْمُؤْنَةِ إذْ الْخَطَرُ وَمُعَانَاتُهُ كَالْمُؤْنَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ أَنْ لَا يُطَالِبَهُ بِالرَّدِّ إلَى مَحَلِّهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ عَلَى الْغَاصِبِ، فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُطَالِبُهُ بِمِثْلِهِ إنْ أَرَادَ أَخْذَهُ ثَمَّ، وَقَدْ يُؤَيِّدُ هَذَا مَا مَرَّ فِي السَّلَمِ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ وَتَحَمَّلَهَا الْمُسْلِمُ أُجْبِرَ عَلَى التَّسْلِيمِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ تَكْلِيفُهُ قَبُولَهُ) أَيْ الْمِثْلِ وَمِثْلُهُ الْعَيْنُ الْمَغْصُوبَةُ لِمَا ذَكَرَ. (قَوْلُهُ مُتَوَقَّعٌ زِيَادَتُهَا) أَيْ بِالنَّظَرِ لِذَاتِهَا وَإِنْ قُطِعَ بِعَدَمِهَا عَادَةً (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَضْمَنُ الْمُتَقَوِّمَ) غَرَضُهُ مِنْهُ مُجَرَّدُ الْفَائِدَةِ وَإِلَّا فَالْكَلَامُ فِي الْمَغْصُوبِ. نَعَمْ هُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ بِالنَّظَرِ لِمَا أَوَّلَ بِهِ قَوْلَ الْمَتْنِ فِي قَوْلِهِ قَبْلُ يَدٌ عَادِيَةٌ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الضَّامِنَةُ، فَإِنَّ حَاصِلَهُ أَنَّ الضَّمَانَ لِلْمُتَقَوِّمِ بِقِيمَتِهِ مَغْصُوبًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْمَالُ الزَّكَوِيُّ بَعْدَ التَّمَكُّنِ فَإِنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَى الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ) أَيْ الْمَالِكُ. (قَوْلُهُ: يَضْمَنُهُ بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ) دَخَلَ فِيهِ الْمُعَارُ وَالْمُسْتَامُ فَيَضْمَنَانِ بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ كَلَامَ حَجّ شَامِلٌ لَهُ. وَقَالَ سم عَلَيْهِ: ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَأَبْعَاضُهُ) مَحَلُّهُ فِي الرَّقِيقِ إنْ كَانَ أَقْصَى الْقِيَمِ أَكْثَرَ مِنْ مُقَدَّرِ الْعُضْوِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِهِ) بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ تَشْتَغِلْ ذِمَّتُهُ بِبَدَلِهِ فَالْمَنْفِيُّ ضَمَانُ الذِّمَّةِ وَإِلَّا فَضَمَانُ الْيَدِ مَوْجُودٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يُوَضِّحُ هَذَا فِي الشَّرْحِ فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ (قَوْلُهُ: هَذَا إنْ صَلَحَ الْمَحَلُّ إلَخْ) لَمْ يَتَقَدَّمْ لِهَذِهِ الْإِشَارَةِ مَرْجِعٌ، وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ النُّسَّاخِ، وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِهِ فِي مَحَلِّهِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الرَّوْضَةِ) إلَى آخِرِ السَّوَادَةِ إلَّا قَوْلَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ الْغِنَاءُ مُحَرَّمًا فَيَلْزَمُهُ تَمَامُ قِيمَتِهِ، وَكَالْأَمَةِ فِي ذَلِكَ الْعَبْدُ هُوَ عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، لَكِنْ صَدَرَ الْفَرْعُ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فِيمَا لَوْ تَعَلَّمَتْ الْأَمَةُ الْغِنَاءَ عِنْدَ الْغَاصِبِ ثُمَّ نَسِيَتْهُ. وَعِبَارَتُهُمَا فَرْعٌ: لَوْ تَعَلَّمَتْ الْجَارِيَةُ الْمَغْصُوبَةُ الْغِنَاءَ فَزَادَتْ قِيمَتُهَا ثُمَّ نَسِيَتْهُ لَمْ يَضْمَنْهُ. قَالَ فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ مُحَرَّرٌ كَمَا فِي كَسْرِ الْمَلَاهِي، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى غِنَاءٍ يَخَافُ مِنْهُ الْفِتْنَةَ إلَى آخِرِ مَا فِي الشَّرْحِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَوْ أَتْلَفَ عَبْدًا مُغَنِّيًا

الْفِتْنَةُ لِئَلَّا يُنَافِيَ مَا فِي الشَّهَادَاتِ مِنْ كَرَاهَتِهِ، بِخِلَافِ مَا لَمْ يَكُنْ الْغِنَاءُ مُحَرَّمًا فَيَلْزَمُهُ تَمَامُ قِيمَتِهِ وَكَالْأَمَةِ فِي ذَلِكَ الْعَبْدُ، وَيُفَارِقُ صِحَّةَ بَيْعِهَا فِيمَا لَوْ اشْتَرَاهَا بِأَلْفَيْنِ وَقِيمَتُهَا سَاذَجَةً أَلْفٌ بِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ عَلَى نَفْسِهَا لَا عَلَى الْغِنَاءِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى مَا يُسَاوِي دِرْهَمًا بِأَلْفٍ، بِخِلَافِ الْمَغْصُوبِ فَإِنَّ الْوَاجِبَ رَدُّ الْعَيْنِ وَقَدْ رَدَّهَا، وَلَوْ أَتْلَفَ دِيكَ الْهِرَاشِ أَوْ كَبْشَ النِّطَاحِ ضَمِنَهُ غَيْرَ مُهَارِشٍ أَوْ نَاطِحٍ، وَالْأَوْجَهُ فِيمَا لَوْ اسْتَوَى فِي الْقُرْبِ إلَيْهِ مَحَالُّ مُخْتَلِفَةُ الْقِيَمِ تَخَيُّرُ الْغَاصِبِ (فَإِنْ) (جَنَى) عَلَيْهِ بِتَعَدٍّ وَهُوَ بِيَدِ مَالِكِهِ أَوْ مَنْ يَخْلُفُهُ فِي الْيَدِ (وَتَلِفَ بِسِرَايَةٍ) مِنْ تِلْكَ الْجِنَايَةِ (فَالْوَاجِبُ الْأَقْصَى أَيْضًا) مِنْ وَقْتِ الْجِنَايَةِ إلَى التَّلَفِ لِأَنَّ ذَلِكَ إذَا وَجَبَ فِي الْيَدِ الْعَادِيَةِ فَفِي الْإِتْلَافِ أَوْلَى. (وَلَا تُضْمَنُ الْخَمْرُ) وَلَوْ مُحْتَرَمَةً لِذِمِّيٍّ لِانْتِفَاءِ قِيمَتِهَا كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ الدُّهْنُ وَالْمَاءُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَمُرَادُهُ بِالْخَمْرِ مَا يَشْمَلُ النَّبِيذَ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إلَّا أَنَّهُ لَا يُرِيقُهُ إلَّا بِأَمْرِ حَاكِمٍ مُجْتَهِدٍ لِئَلَّا يَتَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْغُرْمُ عِنْدَ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ؛ فَإِنَّهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مَالٌ وَظَاهِرٌ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَنَّ الْحَاكِمَ الْمُقَلِّدَ لِمَنْ يَرَى إرَاقَتَهُ كَالْمُجْتَهِدِ فِي ذَلِكَ، وَلَا نَظَرَ هُنَا لِكَوْنِ مَنْ هُوَ لَهُ يَعْتَقِدُ حِلَّهُ أَوْ حُرْمَتَهُ، خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِوُجُوبِ الْإِنْكَارِ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ فِي مُجْمَعٍ عَلَيْهِ أَوْ مَا يَعْتَقِدُ الْفَاعِلُ تَحْرِيمَهُ، وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: الْحَشِيشَةُ مُسْكِرَةٌ، فَعَلَيْهِ يَتَّجِهُ إلْحَاقُهَا بِالْخَمْرِ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَمَا نَظَرَ بِهِ فِيهِ مِنْ أَنَّهَا طَاهِرَةٌ يَصِحُّ بَيْعُهَا فَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا فَوَّتَهَا عَلَى مُرِيدِ أَكْلِهَا وَانْحَصَرَ تَفْوِيتُهَا فِي إتْلَافِهَا، يُرَدُّ بِأَنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ لِإِتْلَافِ الْمُسْكِرِ فَانْتَفَى الضَّمَانُ فِيهَا حِينَئِذٍ (وَلَا تُرَاقُ) هِيَ فَبَقِيَّةُ الْمُسْكِرَاتِ (أَوْلَى عَلَى ذِمِّيٍّ) وَمِثْلُهُ مُعَاهَدٌ وَمُؤَمَّنٌ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُمْ مُقِرُّونَ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِهَا بِمَعْنَى أَنَّهُمْ لَا يُتَعَرَّضُ لَهُمْ فِيهِ (إلَّا أَنْ يُظْهِرَ شُرْبَهَا أَوْ بَيْعَهَا) أَوْ هِبَتَهَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَلَوْ مِنْ مِثْلِهِ بِأَنْ يَطَّلِعَ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَهَذَا فِي غَيْرِ الْمِثْلِيِّ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَتْلَفَهُ مَعَ وُجُودِ مِثْلِهِ ثُمَّ فُقِدَ فَيَضْمَنُ بِالْأَقْصَى إلَى تَلَفِ الْمِثْلِ اهـ (قَوْلُهُ: وَكَالْأَمَةِ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي ذَلِكَ التَّفْصِيلِ بَيْنَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ مِنْهُ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: سَاذِجَةً) أَيْ خَالِيَةً (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ إلَخْ) مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ هَذَا إنْ صَلَحَ إلَخْ (قَوْلُهُ: تَخَيُّرُ الْغَاصِبِ) أَيْ لِأَنَّهُ الْغَارِمُ. لَا يُقَالُ: فِيهِ إضْرَارٌ بِالْمَالِكِ. لِأَنَّا نَقُولُ: لَوْ فُرِضَ أَنَّ مَحَلَّ الْإِتْلَافِ صَالِحٌ لِلتَّسْلِيمِ وَكَانَتْ الْقِيمَةُ فِيهِ أَقَلَّ كَانَتْ هِيَ الْوَاجِبَةَ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُحْتَرَمَةً لِذِمِّيٍّ) هَذَا قَدْ يُفْهَمُ أَنَّ الْخَمْرَ فِي يَدِ الذِّمِّيِّ قَدْ تَكُونُ غَيْرَ مُحْتَرَمَةٍ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ هِيَ مُحْتَرَمَةٌ، وَإِنْ عَصَرَهَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ فَلَا تُرَاقُ عَلَيْهِ إلَّا إذَا أَظْهَرَ بَيْعَهَا فَتُرَاقُ لِلْإِظْهَارِ لَا لِعَدَمِ احْتِرَامِهَا فِي الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ الدُّهْنُ) وَالْمَاءُ إذَا تَنَجَّسَا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّهُ لَا يُرِيقُهُ) أَيْ النَّبِيذَ. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ لَا يُرِيقَهُ إلَّا بِأَمْرِ الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ لَا أَنَّهُ يَمْتَنِعُ: يَعْنِي أَمْرَهُ لِأَنَّ مُجَرَّدَ خَوْفِ الْغُرْمِ لَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ وَمَا نَظَرَ بِهِ) مُرَادُهُ حَجّ. أَقُولُ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَوَجْهُهُ أَنَّهَا طَاهِرَةٌ يُنْتَفَعُ بِهَا وَيَجُوزُ أَكْلُهَا عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ كَالدَّوَاءِ، فَإِتْلَافُهَا يُفَوِّتُ ذَلِكَ عَلَى مُحْتَاجِهَا (قَوْلُهُ: فَيُحْمَلُ) أَيْ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ (قَوْلُهُ: عَلَى مُرِيدِ أَكْلِهَا) زَادَ حَجّ الْمُحَرَّمِ (قَوْلُهُ: عَلَى ذِمِّيٍّ) اُنْظُرْ إرَاقَةَ النَّبِيذِ عَلَى الْحَنَفِيِّ. وَقَدْ يَدُلُّ إطْلَاقُ قَوْلِهِ نَعَمْ لَا يَنْبَغِي إلَخْ وَقَوْلِهِ وَلَا نَظَرَ إلَخْ أَنَّهُ يُرَاقُ عَلَيْهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُظْهِرَ شُرْبَهَا) وَمِنْ الْإِظْهَارِ مَا يَقَعُ فِي مِصْرِنَا كَثِيرًا مِنْ شَيْلِ الْعَتَّالِينَ لِظُرُوفِهَا وَالْمُرُورِ بِهَا فِي الشَّوَارِعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَزِمَهُ تَمَامُ قِيمَتِهِ، أَوْ أَمَةٌ مُغَنِّيَةٌ لَمْ يَلْزَمْهُ مَا زَادَ عَلَى قِيمَتِهَا بِسَبَبِ الْغِنَاءِ؛ لِأَنَّهُ لِحُرْمَةِ اسْتِمَاعِهِ مِنْهَا عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ لَا قِيمَةَ لَهُ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ غِنَاءَ الْعَبْدِ لَوْ حَرُمَ لِكَوْنِهِ أَمْرَدَ حَسَنًا تُخْشَى مِنْهُ الْفِتْنَةُ، أَوْ غَيْرَ أَمْرَدَ لَكِنَّهُ لَا يَعْرِفُ الْغِنَاءَ إلَّا عَلَى وَجْهٍ مُحَرَّمٍ كَانَ مِثْلَهَا فِي ذَلِكَ اهـ. فَالشَّارِحُ أَخَذَ صَدْرَ الْفَرْعِ مِنْ كَلَامِ التُّحْفَةِ وَشَرَحَهُ بِكَلَامِ الرَّوْضِ فَلَمْ يَصِحَّ؛ لِعَدَمِ تَوَارُدِهِمَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ كَمَا عَلِمْتَ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ فِيمَا لَوْ اسْتَوَى فِي الْقُرْبِ إلَخْ) مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ مَا قَبْلَ مَسْأَلَةِ الْأَمَةِ فَكَانَ اللَّائِقُ تَقْدِيمَهُ هُنَاكَ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ الدُّهْنُ وَالْمَاءُ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: كَكُلِّ نَجَسٍ وَلَوْ دُهْنًا وَمَاءً

عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَجَسُّسٍ فَتُرَاقُ عَلَيْهِ، وَآلَةُ اللَّهْوِ وَالْخِنْزِيرُ مِثْلُهَا فِي ذَلِكَ. قَالَ الْإِمَامُ: وَبِأَنْ يَسْمَعَ الْآلَةَ مَنْ لَيْسَ فِي دَارِهِمْ: أَيْ مَحَلَّتِهِمْ، وَمَحَلُّهُ حَيْثُ كَانُوا بَيْنَ أَظْهُرِنَا وَإِنْ انْفَرَدُوا بِمَحَلَّةٍ مِنْ الْبَلَدِ، فَإِنْ انْفَرَدُوا بِبَلَدٍ: أَيْ بِأَنْ لَمْ يُخَالِطْهُمْ مُسْلِمٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لَمْ نَتَعَرَّضْ لَهُمْ (وَتُرَدُّ عَلَيْهِ) عِنْدَ أَخْذِهَا وَلَمْ يُظْهِرْهَا (إنْ بَقِيَتْ الْعَيْنُ) لِإِقْرَارِهِ عَلَيْهَا، وَمُؤْنَةُ رَدِّهَا عَلَى الْغَاصِبِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ (وَكَذَا الْمُحْتَرَمَةُ) وَهِيَ الَّتِي عُصِرَتْ لَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ فَشَمِلَ مَا لَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا عَلَى الْأَصَحِّ، أَوْ قَصَدَ الْخَلِّيَّةَ أَوْ شَرِبَ عَصِيرَهَا أَوْ طَبَخَهُ دِبْسًا، أَوْ انْتَقَلَتْ لَهُ بِنَحْوِ هِبَةٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ مِمَّنْ جَهِلَ قَصْدَهُ، أَوْ عَصَرَهَا مَنْ لَا يَصِحُّ قَصْدُهُ فِي الْعَصْرِ كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ، أَوْ قَصَدَ الْخَمْرِيَّةَ ثُمَّ مَاتَ، أَوْ عَصَرَهَا كَافِرٌ لِلْخَمْرِ ثُمَّ أَسْلَمَ. وَالِاتِّخَاذُ يَكُونُ فِي الِابْتِدَاءِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَطْرَأَ بَعْدَهُ قَصْدٌ يُفْسِدُهُ، فَلَوْ طَرَأَ قَصْدُ الْخَمْرِيَّةِ زَالَ الِاحْتِرَامُ وَعَكْسُهُ بِالْعَكْسِ. وَقَوْلُهُمْ عَلَى الْغَاصِبِ إرَاقَةُ الْخَمْرِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَوْ كَانَتْ بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ لِعَدَمِ احْتِرَامِهَا وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لَهُ إرَاقَتُهَا وَإِنْ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: إنَّ وُجُوبَ إرَاقَتِهَا ظَاهِرٌ مُتَّجِهٌ، لِأَنَّ الْعَصِيرَ لَمَّا انْقَلَبَ عِنْدَ الْغَاصِبِ لَزِمَهُ مِثْلُهُ، وَانْتَقَلَ حَقُّ الْمَالِكِ مِنْ الْعَصِيرِ الَّذِي قَدْ صَارَ خَمْرًا وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ الْغَاصِبِ قَصْدٌ صَحِيحٌ (إذَا غُصِبَتْ مِنْ مُسْلِمٍ) يَجِبُ رَدُّهَا مَا دَامَتْ الْعَيْنُ بَاقِيَةً إذْ لَهُ إمْسَاكُهَا لِتَصِيرَ خَلًّا، أَمَّا غَيْرُ الْمُحْتَرَمَةِ وَهِيَ مَا عُصِرَ بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ فَتُرَاقُ وَلَا تُرَدُّ عَلَيْهِ، وَمَنْ أَظْهَرَ خَمْرًا وَزَعَمَ أَنَّهَا خَمْرُ خَلٍّ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ طَوَائِفَ، وَإِلَّا لَاتَّخَذَ الْفُسَّاقُ ذَلِكَ وَسِيلَةً إلَى إفْشَاءِ الْخُمُورِ وَإِظْهَارِهَا. نَعَمْ لَوْ كَانَ مَعْلُومَ الْوَرَعِ مَشْهُورَ التَّقْوَى قُبِلَ مِنْهُ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْإِمَامِ لَوْ شَهِدَتْ مَخَايِلُ أَنَّهَا مُحْتَرَمَةٌ لَمْ يُتَعَرَّضْ لَهَا. (وَالْأَصْنَامُ) وَالصُّلْبَانُ (وَآلَاتُ الْمَلَاهِي) كَطُنْبُورٍ وَمِثْلُهَا الْأَوَانِي الْمُحَرَّمَةُ (لَا يَجِبُ فِي إبْطَالِهَا شَيْءٌ) لِأَنَّ مَنْفَعَتَهَا مُحَرَّمَةٌ وَالْمُحَرَّمُ لَا يُقَابَلُ بِشَيْءٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَالْخِنْزِيرُ مِثْلُهَا) أَيْ الْخَمْرَةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُظْهِرْهَا) أَيْ وَالْحَالُ (قَوْلُهُ: أَوْ وَصِيَّةٍ مِمَّنْ جَهِلَ قَصْدَهُ) سَيَأْتِي أَنَّهَا مُحْتَرَمَةٌ إذَا عَصَرَهَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ (قَوْلُهُ ثُمَّ مَاتَ) وَعَلَيْهِ فَالْجَهْلُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِرْثِ، وَقَدْ يُقَالُ بِمِثْلِهِ فِي الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا يَدٌ حَقِيقَةً لَكِنْ حَصَلَ نَقْلُ الْيَدِ الصُّورِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ أَظْهَرَ خَمْرًا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَوْ وُجِدَتْ فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ إظْهَارٍ وَادَّعَى مَا ذَكَرَ لَا تُرَاقُ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهَا إذَا جُهِلَ حَالُهَا لَا تُرَاقُ عَلَى مَنْ هِيَ بِيَدِهِ، وَقَوْلُهُ وَزَعَمَ: أَيْ قَالَ (قَوْلُهُ: قُبِلَ مِنْهُ) أَيْ أَوْ عُرِفَ مِنْهُ اتِّخَاذُ ذَلِكَ لِلْخَلِيَّةِ (قَوْلُهُ: مَخَايِلُ) أَيْ عَلَامَاتٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَبِأَنْ يَسْمَعَ الْآلَةَ) كَأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِأَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ فَهُوَ تَصْوِيرٌ لِإِظْهَارِ آلَةِ اللَّهْوِ ثُمَّ رَأَيْتُ كَلَامَ وَالِدِهِ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ يُعَيِّنُ مَا ذَكَرْتُهُ، وَفِي النُّسَخِ فِي بَعْضِ هَذِهِ السَّوَادَةِ اخْتِلَافٌ (قَوْلُهُ: وَهِيَ الَّتِي عَسِرَتْ إلَخْ) عِبَارَةُ الشَّيْخَيْنِ: وَهِيَ الَّتِي اُتُّخِذَتْ إلَخْ، وَيُنَاسِبُهَا قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي: وَالِاتِّخَاذُ يَكُونُ فِي الِابْتِدَاءِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ) أَيْ قَصْدًا مُعْتَبَرًا حَتَّى يَشْمَلَ عَصْرَ مَنْ لَا يُعْتَبَرُ قَصْدُهُ مِمَّنْ يَأْتِي، وَلَوْ قَالَ وَهِيَ الَّتِي لَمْ يُعْلَمْ عَصْرُهَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ لِيَشْمَلَ مَسْأَلَةَ الِانْتِقَالِ بِنَحْوِ الْهِبَةِ مِمَّا يَأْتِي لَكَانَ أَظْهَرَ، وَمَعَ ذَلِكَ تَخْرُجُ عَنْهُ الْمَسْأَلَتَانِ الْأَخِيرَتَانِ. (قَوْلُهُ: مِمَّنْ جَهِلَ قَصْدَهُ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ، وَانْظُرْ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلْهِبَةِ؟ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُمْ عَلَى الْغَاصِبِ إلَخْ) كَأَنَّهُ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ يَرِدُ عَلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعَصِيرَ لَمَّا انْقَلَبَ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إذْ صُورَتُهَا أَنَّهُ غَصَبَ خَمْرًا، وَلَعَلَّ كَلَامَ ابْنِ الْعِمَادِ مَفْرُوضٌ فِي غَيْرِ مَا هُنَا فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَا عُصِرَ بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ) أَيْ قَصْدًا مُعْتَبَرًا وَلَمْ يَطْرَأْ عَلَيْهِ مَا يُوجِبُ احْتِرَامَهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ وَالْمُنَاسِبُ لِمَا مَرَّ وَهِيَ الَّتِي اُتُّخِذَتْ إلَخْ

مَعَ وُجُوبِ إبْطَالِهَا عَلَى الْقَادِرِ عَلَيْهِ، أَمَّا آلَةُ لَهْوٍ غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ كَدُفٍّ فَيَحْرُمُ كَسْرُهَا وَيَجِبُ أَرْشُهَا (وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تُكْسَرُ الْكَسْرَ الْفَاحِشَ) لِإِمْكَانِ إزَالَةِ الْهَيْئَةِ الْمُحَرَّمَةِ مَعَ بَقَاءِ بَعْضِ الْمَالِيَّةِ (بَلْ تُفْصَلُ لِتَعُودَ كَمَا قَبْلَ التَّأْلِيفِ) لِزَوَالِ اسْمِهَا وَهَيْئَتِهَا الْمُحَرَّمَةِ بِذَلِكَ، فَلَا تَكْفِي إزَالَةُ الْأَوْتَارِ مَعَ بَقَاءِ الْجِلْدِ اتِّفَاقًا لِأَنَّهَا مُجَاوِرَةٌ لَهَا مُنْفَصِلَةٌ. وَالثَّانِي لَا يَجِبُ تَفْصِيلُ الْجَمِيعِ بَلْ بِقَدْرِ مَا يَصْلُحُ لِلِاسْتِعْمَالِ (فَإِنْ عَجَزَ الْمُنْكِرُ عَنْ رِعَايَةِ هَذَا الْحَدِّ) فِي الْإِنْكَارِ (لِمَنْعِ صَاحِبِ الْمُنْكَرِ) مَنْ يُرِيدُ إبْطَالَهُ لِقُوَّتِهِ (أَبْطَلَهُ كَيْفَ تَيَسَّرَ) وَلَوْ بِإِحْرَاقٍ تَعَيَّنَ طَرِيقًا وَإِلَّا فَبِكَسْرٍ، فَإِنْ أَحْرَقَهَا وَلَمْ يَتَعَيَّنْ غَرِمَ قِيمَتَهَا مَكْسُورَةً بِالْحَدِّ الْمَشْرُوعِ لِتَمَوُّلِ رُضَاضِهَا وَاحْتِرَامِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ جَاوَزَ الْحَدَّ الْمَشْرُوعَ مَعَ إمْكَانِهِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ سِوَى التَّفَاوُتِ بَيْنَ قِيمَتِهَا مَكْسُورَةً بِالْحَدِّ الْمَشْرُوعِ وَقِيمَتِهَا مُتَهَيِّئَةً إلَى الْحَدِّ الَّذِي أَتَى بِهِ، وَيَجْرِي مَا تَقَرَّرَ مِنْ الْإِبْطَالِ كَيْفَ تَيَسَّرَ كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ فِيمَا لَوْ عَجَزَ عَنْ صَبِّ الْخَمْرِ لِضِيقِ رُءُوسِ أَوَانِيهَا مَعَ خَشْيَةِ لُحُوقِ الْفَسَقَةِ لَهُ وَمَنْعِهِمْ مِنْ ذَلِكَ أَوْ كَانَ يُمْضِي فِي ذَلِكَ زَمَانَهُ وَتَتَعَطَّلُ أَشْغَالُهُ: أَيْ بِحَيْثُ تَمْضِي مُدَّةٌ فِيهِ يُقَابَلُ عَمَلُهُ فِيهَا بِأُجْرَةٍ غَيْرِ تَافِهَةٍ عُرْفًا فِيمَا يَظْهَرُ، وَلِلْوُلَاةِ كَسْرُ ظُرُوفِهَا مُطْلَقًا زَجْرًا وَتَأْدِيبًا لَا الْآحَادَ، قَالَهُ الْغَزَالِيُّ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ مِنْ النَّفَائِسِ الْمُهِمَّةِ، وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمَالِكُ فِي أَنَّهُ تُمْكِنُ بِدُونِ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ إلَّا مَا فَعَلَهُ صُدِّقَ الْمُتْلِفُ فِيمَا يَظْهَرُ، بِدَلِيلِ مَا سَيَأْتِي أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ ضَرَبَ زَوْجَتَهُ وَادَّعَى أَنَّهُ بِحَقٍّ وَقَالَتْ بَلْ تَعَدِّيًا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمَّا أَبَاحَ لَهُ الضَّرْبَ جَعَلَهُ وَلِيًّا فِيهِ فَوَجَبَ تَصْدِيقُهُ فِيهِ، وَهَذَا بِعَيْنِهِ يَأْتِي هُنَا، وَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ تَصْدِيقِ الْمَالِكِ لَا الْمُتْلِفِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْبَغَوِيّ لَوْ أَرَاقَهُ ثُمَّ قَالَ كَانَ خَمْرًا وَقَالَ الْمَالِكُ بَلْ عَصِيرًا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِأَصْلِ الْمَالِيَّةِ يُرَدُّ بِظُهُورِ الْفَرْقِ، لِأَنَّا قَدْ تَحَقَّقْنَا الْمَالِيَّةَ هُنَا وَاخْتُلِفَ فِي زَوَالِهَا فَصُدِّقَ مُدَّعِي بَقَائِهَا لِوُجُودِ الْأَصْلِ مَعَهُ. وَأَمَّا فِي مَسْأَلَتِنَا فَهُمَا مُتَّفِقَانِ عَلَى إهْدَارِ تِلْكَ الْهَيْئَةِ الَّتِي الْأَصْلُ عَدَمُ ضَمَانِهَا، فَإِذَا اخْتَلَفَا فِي الْمُضَمَّنِ صُدِّقَ الْمُنْكِرُ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ ضَمَانِهِ، وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ السِّيَرِ أَنَّهُ يَجِبُ إزَالَةُ الْمُنْكَرِ، وَيَخْتَصُّ وُجُوبُهُ بِكُلِّ مُكَلَّفٍ قَادِرٍ وَلَوْ أُنْثَى وَقِنًّا وَفَاسِقًا. نَعَمْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَيْسَ لِلْكَافِرِ إزَالَتُهُ، وَجَزَمَ بِذَلِكَ ابْنُ الْمُلَقِّنِ فِي الْعُمْدَةِ وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُ الْغَزَالِيِّ فِي الْإِحْيَاءِ: مِنْ شُرُوطِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: كَدُفٍّ) أَيْ طَارٍ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ جَاوَزَ الْحَدَّ الْمَشْرُوعَ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ فِي الْآحَادِ، أَمَّا الْإِمَامُ فَلَهُ ذَلِكَ زَجْرًا وَتَأْدِيبًا عَلَى مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي إنَاءِ الْخَمْرِ بَلْ أَوْلَى اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ. أَقُولُ: وَمِثْلُ الْإِمَامِ أَرْبَابُ الْوِلَايَاتِ كَالْقُضَاةِ وَنُوَّابِهِمْ (قَوْلُهُ: وَلِلْوُلَاةِ كَسْرُ ظُرُوفِهَا مُطْلَقًا) أَيْ تَوَقَّفَتْ إرَاقَةُ الْخَمْرِ عَلَيْهَا أَوَّلًا (قَوْلُهُ: صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) الِاحْتِيَاجُ لِلْيَمِينِ ظَاهِرٌ إنْ تَكَرَّرَ الضَّرْبُ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ عُزِّرَ، أَمَّا لَوْ لَمْ يَتَكَرَّرْ فَقَدْ يُقَالُ لَا فَائِدَةَ لِلْيَمِينِ، وَإِنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ ذَلِكَ لَا يُعَزَّرُ. وَقَدْ يُقَالُ: فَائِدَتُهُ تَوَجُّهُ اللُّوَّمِ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَنْهَاهُ الْقَاضِي عَنْ الْعَوْدِ لِمِثْلِهِ، هَذَا. وَمَحَلُّ تَصْدِيقِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّعْزِيرِ وَنَحْوِهِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِسُقُوطِ حَقِّهَا مِنْ الْقَسْمِ وَالنَّفَقَةِ وَغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: فَوَجَبَ تَصْدِيقُهُ فِيهِ) قَدْ يُقَالُ: لَا دَلَالَةَ فِيمَا يَأْتِي لِمَا صَرَّحَ بِهِ ثَمَّ مِنْ أَنَّ الزَّوْجَ إنَّمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي عَدَمِ التَّعْزِيرِ لَا فِي سُقُوطِ حَقِّهَا مِنْ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَمَا هُنَا شَبِيهٌ بِالنَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ لِأَدَائِهِ إلَى سُقُوطِ الضَّمَانِ، فَكَانَ الْأَوْلَى تَعْلِيلَ قَبُولِ قَوْلِ الْمُتْلِفِ بِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ لَيْسَ لِلْكَافِرِ إزَالَتُهُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِقَوْلٍ أَوْ وَعْظٍ نَحْوُ لَا تَزْنِ وَاتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّ الْمَعْصِيَةَ تُوجِبُ الْعُقُوبَةَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمَا عَلَّلَ بِهِ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ نَهْيَهُ عَنْ الْمُنْكَرِ اسْتِهْزَاءٌ بِالدِّينِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ، لَكِنْ فِي كَلَامِ سم مَا يَأْتِي جَوَازُهُ بِالْقَوْلِ، وَفِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ مَا نَصُّهُ: مَسْأَلَةٌ: رَجُلٌ ذِمِّيٌّ نَهَى مُسْلِمًا عَنْ مُنْكَرٍ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ أَوْ لَا؟ الْجَوَابُ لِإِنْكَارِ الْمُنْكَرِ مَرَاتِبُ مِنْهَا الْقَوْلُ كَقَوْلِهِ لَا تَزْنِ مَثَلًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ جَاوَزَ الْحَدَّ الْمَشْرُوعَ) أَيْ: مِنْ غَيْرِ إتْلَافٍ لِيُلَائِمَ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ

الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ أَنْ يَكُونَ الْمُنْكِرُ مُسْلِمًا لِأَنَّ ذَلِكَ نُصْرَةٌ لِلدِّينِ، فَكَيْفَ يَكُونُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ وَهُوَ جَاحِدٌ لِأَصْلِ الدِّينِ وَعَدُوٌّ لَهُ. وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ ذَلِكَ مُفَرَّعٌ عَلَى عَدَمِ مُخَاطَبَةِ الْكَافِرِ بِالْفُرُوعِ يُرَدُّ بِأَنَّا إنَّمَا مَنَعْنَاهُ مِنْهُ لِأَنَّ فِعْلَهُ لِذَلِكَ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ اسْتِهْزَائِهِ بِالدِّينِ، وَيُثَابُ عَلَيْهِ الْمُمَيِّزُ كَمَا يُثَابُ الْبَالِغُ. (وَتُضْمَنُ مَنْفَعَةُ الدَّارِ وَالْعَبْدِ وَنَحْوِهِمَا) مِنْ كُلِّ مَنْفَعَةٍ يَسْتَأْجِرُ عَلَيْهَا (بِالتَّفْوِيتِ) بِالِاسْتِعْمَالِ (وَالْفَوَاتُ) وَهُوَ ضَيَاعُ الْمَنْفَعَةِ مِنْ غَيْرِ انْتِفَاعٍ كَإِغْلَاقِ الدَّارِ (فِي يَدٍ عَادِيَةٍ) لِأَنَّ الْمَنَافِعَ مُتَقَوِّمَةٌ فَضُمِنَتْ بِالْغَصْبِ كَالْأَعْيَانِ، سَوَاءٌ أَكَانَ مَعَ ذَلِكَ أَرْشُ نَقْصٍ أَمْ لَا كَمَا يَأْتِي، فَلَوْ كَانَ لِلْمَغْصُوبِ أُجْرَةٌ مُتَفَاوِتَةٌ فِي الْمُدَّةِ ضَمِنَ كُلَّ مُدَّةٍ بِمَا يُقَابِلُهَا، وَلَا يَتَأَتَّى هُنَا أَقْصَى لِانْفِصَالِ وَاجِبِ كُلِّ مُدَّةٍ بِاسْتِقْرَارِهِ فِي الذِّمَّةِ عَمَّا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ بِخِلَافِ الْقِيمَةِ، وَتَوَهَّمَ بَعْضُهُمْ اسْتِوَاءَهُمَا فِي اعْتِبَارِ الْأَقْصَى، فَإِنْ كَانَ لَهُ صَنَائِعُ وَجَبَ أُجْرَةُ أَعْلَاهَا إنْ لَمْ يُمْكِنْ جَمْعُهَا، وَإِلَّا فَأُجْرَةُ الْجَمِيعِ كَخِيَاطَةٍ وَحِرَاسَةٍ وَتَعْلِيمِ قُرْآنٍ، أَمَّا مَا لَا مَنْفَعَةَ لَهُ أَوْ كَانَتْ مِمَّا لَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهُ لَهَا كَحَبَّةِ حِنْطَةٍ وَكَلْبٍ وَآلَةِ لَهْوٍ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ. وَلَوْ اصْطَادَ الْغَاصِبُ بِهِ فَهُوَ لَهُ كَمَا لَوْ اصْطَادَ بِشَبَكَةٍ أَوْ قَوْسٍ غَصَبَهُمَا وَنَصَبَهُمَا لِأَنَّهُ آلَةٌ فَقَطْ، بِخِلَافِ مَا لَوْ غَصَبَ رَقِيقًا وَاصْطَادَ لَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ صَيْدَهُ إنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهِ وَأُجْرَتَهُ أَيْضًا إذْ رُبَّمَا اسْتَعْمَلَهُ مَالِكُهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، وَلَوْ أَتْلَفَ وَلَدَ دَابَّةٍ تُحْلَبُ فَانْقَطَعَ لَبَنُهَا بِسَبَبِهِ لَزِمَهُ مَعَ قِيمَتِهِ أَرْشُ نَقْصِهَا وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهَا حَلُوبًا وَقِيمَتِهَا وَلَا لَبَنَ فِيهَا، وَلَوْ غَصَبَ بُرًّا قِيمَتُهُ خَمْسُونَ فَطَحَنَهُ فَصَارَتْ عِشْرِينَ فَخَبَزَهُ فَصَارَتْ خَمْسِينَ فَأَتْلَفَهُ لَزِمَهُ ثَمَانُونَ، وَلَا يُجْبَرُ النَّقْصُ الْحَاصِلُ بِالطَّحْنِ بِزِيَادَةِ الْخُبْزِ لِأَنَّ صِفَةَ الطَّحْنِ غَيْرُ صِفَةِ الْخُبْزِ، كَمَا لَوْ غَصَبَ ذَا حِرْفَةٍ فَنَسِيَهَا ثُمَّ عَلَّمَهُ حِرْفَةً أُخْرَى. (وَلَا تُضْمَنُ مَنْفَعَةُ الْبُضْعِ) وَهُوَ الْفَرْجُ (إلَّا بِتَفْوِيتٍ) بِالْوَطْءِ فَيَضْمَنُهُ بِمَهْرِ مِثْلِهَا عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي آخِرَ الْبَابِ لَا بِفَوَاتٍ لِانْتِفَاءِ ثُبُوتِ الْيَدِ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا صَحَّ تَزْوِيجُهُ لِأَمَتِهِ الْمَغْصُوبَةِ مُطْلَقًا لَا إيجَارُهَا إنْ عَجَزَ كَالْمُسْتَأْجِرِ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَمِنْهَا الْوَعْظُ كَقَوْلِهِ اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّ الزِّنَا حَرَامٌ وَعُقُوبَتَهُ شَدِيدَةٌ. وَمِنْهَا السَّبُّ وَالتَّوْبِيخُ وَالتَّهْدِيدُ كَقَوْلِهِ يَا فَاسِقُ يَا مَنْ لَا يَخْشَى اللَّهَ لَئِنْ لَمْ تُقْلِعْ عَنْ الزِّنَا لَأَرْمِيَنَّكَ بِهَذَا السَّهْمِ. وَمِنْهَا الْفِعْلُ كَرَمْيِهِ بِالسَّهْمِ مَنْ أَمْسَكَ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً لِيَزْنِيَ بِهَا وَكَكَسْرِهِ آلَاتِ الْمَلَاهِي وَإِرَاقَتِهِ أَوَانِي الْخُمُورِ. وَهَذِهِ الْمَرَاتِبُ الْأَرْبَعَةُ لِلْمُسْلِمِ وَلَيْسَ لِلذِّمِّيِّ مِنْهَا سِوَى الْأُولَيَيْنِ فَقَطْ دُونَ الْأُخْرَيَيْنِ لِأَنَّ فِيهِمَا وِلَايَةً وَتَسَلُّطًا لَا يَلِيقَانِ بِالْكَافِرِ، وَأَمَّا الْأُولَيَانِ فَلَيْسَ فِيهِمَا ذَلِكَ بَلْ هُمَا مُجَرَّدُ فِعْلِ خَيْرٍ. وَقَدْ ذَكَرَ الْإِسْنَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ أَنَّهُ فِي حِفْظِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْكَافِرِ إزَالَةُ الْمُنْكَرِ حَتَّى بِالْقَوْلِ وَهِيَ الْمَرْتَبَةُ الرَّابِعَةُ، وَكَذَا ذَكَرَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ. وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ ذَلِكَ نُصْرَةٌ لِلدِّينِ فَلَا يَكُونُ مِنْ أَهْلِهَا مَنْ هُوَ جَاحِدٌ لِأَصْلِ الدِّينِ وَعَدُوٌّ لَهُ، ثُمَّ قَالَ فِي أَثْنَاءِ الْبَيَانِ مَا نَصُّهُ: فَإِنْ قِيلَ فَلْيَجُزْ لِلْكَافِرِ الذِّمِّيِّ أَنْ يَحْتَسِبَ عَلَى الْمُسْلِمِ إذَا رَآهُ يَزْنِي. قُلْنَا: إنْ مَنَعَ الْمُسْلِمَ بِفِعْلِهِ فَهُوَ تَسْلِيطٌ عَلَيْهِ فَنَمْنَعُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ تَسْلِيطٌ وَمَا جَعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا، وَأَمَّا مُجَرَّدُ قَوْلِهِ لَا تَزْنِ فَلَيْسَ بِمَمْنُوعٍ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ نَهْيٌ عَنْ الزِّنَا بَلْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إدْلَالٌ لِلْمُسْلِمِ، إلَى أَنْ قَالَ: بَلْ يَقُولُ إنَّ الْكَافِرَ إذَا لَمْ يَقُلْ لِلْمُسْلِمِ لَا تَزْنِ يُعَاقَبُ عَلَيْهِ إنْ رَأَيْنَا خِطَابَ الْكُفَّارِ بِالْفُرُوعِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مُطْلَقًا بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: كَمَا يُثَابُ الْبَالِغُ) أَيْ فِي أَصْلِ الثَّوَابِ لَا فِي مِقْدَارِهِ إذْ الصَّبِيُّ يُثَابُ عَلَيْهِ ثَوَابَ النَّافِلَةِ. (قَوْلُهُ وَتَوَهَّمَ بَعْضُهُمْ اسْتِوَاءَهُمَا) أَيْ الْأُجْرَةِ وَالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: تَحْلُبُ) بِضَمِّ اللَّامِ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: مَعَ قِيمَتِهِ) أَيْ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ إلَّا بِتَفْوِيتٍ بِالْوَطْءِ) أَيْ وَلَوْ فِي الدُّبُرِ بِخِلَافِ اسْتِدْخَالِ الْمَنِيِّ (قَوْلُهُ لِأَمَتِهِ الْمَغْصُوبَةِ مُطْلَقًا) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَحَبَّةِ حِنْطَةٍ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ كَحَبٍّ وَلَعَلَّهَا أَوْلَى لِإِيهَامِ هَذِهِ أَنَّ عَدَمَ الْأُجْرَةِ لِحَقَارَةِ الْحَبَّةِ، وَكَأَنَّ الشَّارِحَ عَدَلَ عَنْهَا لِقَوْلِ الشِّهَابِ سم: وَمَا الْمَانِعُ مِنْ صِحَّةِ اسْتِئْجَارِ الْحَبِّ لِتَزْيِينِ نَحْوِ الْحَانُوتِ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ ثَمَانُونَ) أَيْ: ثَلَاثُونَ

انْتِزَاعِهَا لِحَيْلُولَةِ يَدِ الْغَاصِبِ. (وَكَذَا) (مَنْفَعَةُ بَدَنِ الْحُرِّ) لَا تُضْمَنُ إلَّا بِالتَّفْوِيتِ (فِي الْأَصَحِّ) دُونَ الْفَوَاتِ كَأَنْ حَبَسَهُ وَلَوْ صَغِيرًا لِمَا سَيَأْتِي فِي السَّرِقَةِ أَنَّ الْحُرَّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ حَمَلَهُ لِمَسْبَعَةٍ فَأَكَلَهُ سَبُعٌ لَمْ يَضْمَنْهُ فَمَنَافِعُهُ تَفُوتُ تَحْتَ يَدِهِ، فَإِنْ أَكْرَهَهُ عَلَى الْعَمَلِ لَزِمَتْ أُجْرَتُهُ مَا لَمْ يَكُنْ مُرْتَدًّا وَمَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ بِنَاءً عَلَى زَوَالِ مِلْكِهِ بِالرِّدَّةِ أَوْ وَقْفِهِ، وَمَنْفَعَةُ الْمَسْجِدِ وَالْمَدْرَسَةِ وَالرِّبَاطِ كَمَنْفَعَةِ الْحُرِّ، فَلَوْ وَضَعَ فِيهِ مَتَاعًا وَأَغْلَقَهُ ضَمِنَ أُجْرَةَ جَمِيعِهِ تُصْرَفُ لِمَصَالِحِهِ، وَإِنْ لَمْ يُغْلِقْهُ ضَمِنَ أُجْرَةَ مَوْضِعِ مَتَاعِهِ فَقَطْ وَإِنْ أُبِيحَ لَهُ وَضْعُهُ أَوْ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ تَضْيِيقٌ عَلَى الْمُصَلِّينَ أَوْ كَانَ مَهْجُورًا لَا يُصَلِّي أَحَدٌ فِيهِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَكَذَا الشَّوَارِعُ وَمِنًى وَمُزْدَلِفَةٌ وَعَرَفَةُ وَأَرْضٌ وُقِفَتْ لِدَفْنِ الْمَوْتَى كَمَا فِي التَّتِمَّةِ، أَمَّا إغْلَاقُهُ مِنْ غَيْرِ وَضْعِ مَتَاعٍ بِهِ وَمَنْعِ النَّاسِ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا تَثْبُتُ عَلَيْهِ يَدٌ، وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الْبَقِيَّةُ، هَذَا. وَالْأَوْجَهُ تَقْيِيدُ مَا ذَكَرَ فِي نَحْوِ الْمَسْجِدِ بِمَا إذَا شَغَلَهُ بِمَتَاعٍ لَا يَعْتَادُ الْجَالِسُ فِيهِ وَضْعَهُ فِيهِ وَلَا مَصْلَحَةَ لِلْمَسْجِدِ فِي وَضْعِهِ فِيهِ زَمَنًا لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ، بِخِلَافِ مَتَاعٍ يَحْتَاجُ نَحْوُ الْمُصَلِّي أَوْ الْمُعْتَكِفُ لِوَضْعِهِ، وَفِي نَحْوِ عَرَفَةَ بِمَا إذَا شَغَلَهُ وَقْتَ احْتِيَاجِ النَّاسِ لَهُ فِي النُّسُكِ بِمَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ أَلْبَتَّةَ حَتَّى ضَيَّقَ عَلَى النَّاسِ وَأَضَرَّهُمْ بِهِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ فِي غَرْسِ الشَّجَرَةِ فِي نَحْوِ الْمَسْجِدِ حَيْثُ مُنِعَ مِنْهُ لَزِمَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهَا أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لِمَا أُبِيحَ وَضْعُهُ وَأَنَّهُ تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ لِمَا لَمْ يُبَحْ وَضْعُهُ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدُ وَعَرَفَةُ وَغَيْرُهُمَا، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ ضَمَانُهَا بِالْفَوَاتِ أَيْضًا لِأَنَّ مَنَافِعَهُ تُقَوَّمُ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ: أَيْ فِي الْإِجَارَةِ فَأَشْبَهَتْ مَنَافِعَ الْأَمْوَالِ. (وَإِذَا) (نَقَصَ الْمَغْصُوبُ) أَوْ شَيْءٌ مِنْ زَوَائِدِهِ (بِغَيْرِ اسْتِعْمَالٍ) كَسُقُوطِ يَدِ الْقِنِّ بِآفَةٍ وَعَمَاهُ (وَجَبَ الْأَرْشُ مَعَ الْأُجْرَةِ) لِلنَّقْصِ وَالْفَوَاتِ، وَتَجِبُ أُجْرَتُهُ سَلِيمًا مِنْ الْغَصْبِ إلَى حُدُوثِ النَّقْصِ، وَمَعِيبًا مِنْ حِينَئِذٍ إلَى رَدِّهِ وَإِنْ حَدَثَتْ الزَّوَائِدُ فِي يَدِهِ ثُمَّ نَقَصَتْ (وَكَذَا لَوْ) (نَقَصَ بِهِ) أَيْ بِالِاسْتِعْمَالِ (بِأَنْ بَلِيَ الثَّوْبُ) بِاللُّبْسِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَجِبُ ضَمَانُهُ عِنْدَ الِانْفِرَادِ فَكَذَا عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ. وَالثَّانِي يَجِبُ أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَأَرْشِ النُّقْصَانِ لِأَنَّهُ نَشَأَ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ، وَهُوَ مُقَابَلٌ بِالْأُجْرَةِ فَلَمْ يَجِبْ لَهُ ضَمَانٌ آخَرُ. وَرُدَّ بِأَنَّ الْأُجْرَةَ غَيْرُ مُقَابَلَةٍ بِالِاسْتِعْمَالِ بَلْ فِي مُقَابَلَةِ الْفَوَاتِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ قَدَرَ عَلَى انْتِزَاعِهَا أَوَّلًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَنْفَعَةُ بَدَنِ الْحُرِّ) . [فَرْعٌ] مَنْ نَقَلَ حُرًّا قَهْرًا إلَى مَكَان لَزِمَتْهُ مُؤْنَةُ رَدِّهِ إلَى مَكَانِهِ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِي الرُّجُوعِ إلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا اهـ عُبَابٌ (قَوْلُهُ وَمَنْفَعَةُ الْمَسْجِدِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَضَعُ فِيهِ شَيْئًا وَأَغْلَقَهُ لَمْ تَلْزَمْهُ أُجْرَةٌ كَمَا لَوْ حَبَسَ الْحُرَّ وَلَمْ يَسْتَعْمِلْهُ اهـ سم عَلَى حَجّ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ أَمَّا إغْلَاقُهُ مِنْ غَيْرِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أُبِيحَ) هِيَ غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الشَّوَارِعُ) أَيْ حُكْمُهَا مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: بِمَا إذَا شَغَلَهُ بِمَتَاعٍ لَا يُعْتَادُ) أَفْهَمَ أَنَّ شُغْلَهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ حَرَامٌ وَيَجِبُ فِيهِ الْأُجْرَةُ، وَمِنْهُ مَا اُعْتِيدَ كَثِيرًا مِنْ بَيْعِ الْكُتُبِ بِالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ فَيَحْرُمُ إنْ حَصَلَ بِهِ تَضْيِيقٌ وَتَجِبُ الْأُجْرَةُ إنْ شَغَلَهُ بِهَا مُدَّةً تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لِمَا أُبِيحَ وَضْعُهُ) شَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ دَخَلَ بِمَتَاعٍ يَبِيعُهُ فِي الْمَسْجِدِ فَوَضَعَهُ فِيهِ وَلَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالنَّقْصِ وَخَمْسُونَ بِالتَّلَفِ (قَوْلُهُ: دُونَ الْفَوَاتِ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَتْ مَنَافِعُهُ مُسْتَحَقَّةً لِلْغَيْرِ بِنَحْوِ إجَارَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ بِهَا قَبْلَ عِتْقِهِ وَتَوَقَّفَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ: كَأَنْ حَبَسَهُ) هُوَ مِثَالٌ لِلْفَوَاتِ، وَمِثَالُ التَّفْوِيتِ يَأْتِي فِي قَوْلِهِ فَإِنْ أَكْرَهَهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا الشَّوَارِعُ إلَخْ) وَتُصْرَفُ الْأُجْرَةُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ مَنَعَ مِنْهُ لَزِمَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهَا) هُوَ بَدَلٌ مِنْ كَلَامٍ فِي قَوْلِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ وَقَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ هُوَ الْمَأْخُوذُ.

[فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان المغصوب]

[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ وَضَمَانِ الْمَغْصُوبِ] (فَصْلٌ) فِي اخْتِلَافِ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ وَضَمَانِ الْمَغْصُوبِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا. لَوْ (ادَّعَى) الْغَاصِبُ (تَلَفَهُ وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ) ذَلِكَ (صُدِّقَ الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ عَلَى الصَّحِيحِ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ صَادِقًا وَيَعْجِزُ عَنْ الْبَيِّنَةِ، فَلَوْ لَمْ نُصَدِّقْهُ لَأَدَّى إلَى تَخْلِيدِ حَبْسِهِ. وَالثَّانِي يُصَدَّقُ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ، وَقَضِيَّةُ التَّوْجِيهِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ تَصْوِيرُ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ سَبَبًا، فَإِنْ ذَكَرَهُ وَكَانَ ظَاهِرًا حُبِسَ حَتَّى يُقِيمَ بَيِّنَةً بِهِ كَالْمُودِعِ (فَإِذَا حَلَفَ) الْغَاصِبُ (غَرَّمَهُ الْمَالِكُ) بَدَلَ الْمَغْصُوبِ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ (فِي الْأَصَحِّ) لِعَجْزِهِ عَنْ الْوُصُولِ إلَى عَيْنِ مَالِهِ بِيَمِينِ الْغَاصِبِ. وَالثَّانِي لَا، لِبَقَاءِ الْعَيْنِ فِي زَعْمِهِ. (وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَتِهِ) بَعْدَ اتِّفَاقِهِمَا عَنْ الْهَلَاكِ أَوْ حَلَفَ الْغَاصِبُ عَلَيْهِ. (أَوْ) اخْتَلَفَا فِي (الثِّيَابِ الَّتِي عَلَى الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ أَوْ فِي عَيْبٍ خِلْقِيٍّ) كَأَنْ قَالَ الْغَاصِبُ وَلَدٌ فَاقِدُ الرِّجْلِ أَوْ أَعْمَى وَقَالَ الْمَالِكُ كَانَ سَلِيمًا وَإِنَّمَا حَدَثَ عِنْدَك (صُدِّقَ الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ) فِي ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَحْصُلْ بِهِ تَضْيِيقٌ عَلَى الْمُصَلِّينَ فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ لِإِبَاحَةِ وَضْعِهِ لَهُ حِينَئِذٍ، وَقَوْلُهُ لِمَا لَمْ يَبُحْ وَضْعُهُ إلَخْ يَدْخُلُ فِيهِ مَا لَوْ ضَيَّقَ عَلَى الْمُصَلِّينَ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ وَضْعُهُ فِيهِ، فَإِنْ وَضَعَهُ مُدَّةً تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ لَزِمَتْهُ وَإِلَّا فَلَا. [فَائِدَةٌ] ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي تَارِيخِ قَزْوِينَ مَا هُوَ صَرِيحٌ كَمَا بَيَّنْته ثُمَّ أَيْضًا فِي جَوَازِ وَضْعِ مُجَاوِرِي الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ خَزَائِنَهُمْ لِوَضْعِهِ فِيهَا مِنْ حَيْثُ الْإِقَامَةُ لِتَوَقُّفِهَا عَلَيْهِ دُونَ الَّتِي يَجْعَلُونَهَا لِأَمْتِعَتِهِمْ الَّتِي يَسْتَغْنُونَ عَنْهَا، وَإِطْلَاقُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ الْجَوَازَ رَدَدْته عَلَيْهِمْ ثُمَّ أَيْضًا اهـ حَجّ. وَقَوْلُهُ وَلَمَا يَضْطَرُّونَ إلَخْ يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَضْعُهَا لِإِجَارَتِهَا وَلَوْ لِمَنْ يَحْتَاجُ إلَيْهَا، وَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ عَلَى السَّاكِنِ لِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ بِغَيْرِ حَقٍّ. (فَصْلٌ) فِي اخْتِلَافِ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: وَضَمَانُ الْمَغْصُوبِ) أَيْ زِيَادَةٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَإِلَّا فَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْمِثْلِيَّ يُضْمَنُ بِمِثْلِهِ وَالْمُتَقَوِّمَ بِأَقْصَى قِيمَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ قِيمَةٍ فِي الْأَصَحِّ) وَلَهُ إجْبَارُهُ عَلَى قَبُولِ الْبَدَلِ مِنْهُ لِتَبْرَأَ ذِمَّتُهُ اهـ حَجّ. أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ الْإِبْرَاءِ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى الْهَلَاكِ) قَالَ فِي التَّجْرِيدِ مَا نَصُّهُ: إذَا اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ التَّالِفِ فَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمَالِكِ، وَيَجُوزُ لِلشَّاهِدِ اعْتِمَادُ الرُّؤْيَةِ السَّابِقَةِ، وَيَكْفِي عِنْدَ أَبِي إِسْحَاقَ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ وَشَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ، وَعِنْدَ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا مَدْخَلَ لِلنِّسَاءِ فِيهِ، وَاقْتَصَرَ فِي الْأَنْوَارِ عَلَى الثَّانِي اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُهُ لَا مَدْخَلَ لِلنِّسَاءِ كَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ: هَذَا لَا مَحِيصَ عَنْهُ اهـ. أَقُولُ: وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ قَوَاعِدِهِمْ فِي جَمِيعِ الْأَبْوَابِ مِنْ أَنَّ الْمَالَ يَكْفِي فِيهِ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ رَجُلٌ وَيَمِينٌ، فَانْظُرْ مَا وَجْهُ خُرُوجِ هَذَا، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ مَا هُنَا لَيْسَ شَهَادَةً عَلَى نَفْسِ الْمَالِ بَلْ عَلَى قِيمَتِهِ وَهِيَ تُطْلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالَ غَالِبًا، وَالتَّقْوِيمُ لَيْسَ مِنْ الْمَالِ. قَالَ سم عَلَى حَجّ: وَبَقِيَ مَا لَوْ لَمْ يُعَيِّنْ فِي حَلِفِهِ مِنْ التَّلَفِ فَهَلْ تَجِبُ الْأُجْرَةُ بِجَمِيعِ الزَّمَنِ السَّابِقِ عَلَى الْحَلِفِ دُونَ مَا بَعْدَهُ أَمْ كَيْفَ الْحُكْمُ اهـ؟ أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ تَصْدِيقُ الْغَاصِبِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي عَيَّنَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ أَوْ حَلَفَ الْغَاصِبُ عَلَيْهِ) أَيْ الْهَلَاكِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصْلٌ) فِي اخْتِلَافِ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ

لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ فِي الْأَوْلَى مِنْ الزِّيَادَةِ وَعَلَى الْمَالِكِ الْبَيِّنَةُ. فَإِنْ أَقَامَ الْمَالِكُ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ الْقِيمَةَ أَكْثَرُ مِمَّا قَالَهُ الْغَاصِبُ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ سُمِعَتْ وَكُلِّفَ الْغَاصِبُ الزِّيَادَةَ عَلَى مَا قَالَهُ إلَى حَدٍّ لَا تَقْطَعُ الْبَيِّنَةُ بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَقَامَهَا عَلَى الصِّفَاتِ لِيُقَوِّمَهُ الْمُقَوِّمُونَ بِهَا لَمْ تُقْبَلْ. نَعَمْ يَسْتَفِيدُ الْمَالِكُ بِإِقَامَتِهَا إبْطَالَ دَعْوَى الْغَاصِبِ مِقْدَارًا حَقِيرًا لَا يَلِيقُ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ وَصَارَ كَمَا لَوْ أَقَرَّ الْغَاصِبُ بِالصِّفَاتِ وَذَكَرَ قِيمَةً حَقِيرَةً فَيُؤْمَرُ بِالزِّيَادَةِ إلَى حَدِّ اللَّائِقِ، وَإِنْ أَقَامَهَا بِقِيمَتِهِ قَبْلَ الْغَصْبِ لَمْ تُسْمَعْ عَلَى الصَّحِيحِ وَلِأَنَّ يَدَ الْغَاصِبِ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى الْعَبْدِ وَمَا عَلَيْهِ. أَمَّا الْحُرُّ فَلَا يَثْبُتُ عَلَى نَحْوِ غَاصِبِهِ يَدٌ كَمَا مَرَّ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الثَّالِثَةِ الْعَدَمُ وَإِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ مُمْكِنَةٌ (وَفِي عَيْبٍ حَادِثٍ) بَعْدَ تَلَفِهِ كَأَنْ قَالَ الْغَاصِبُ كَانَ أَقْطَعَ أَوْ سَارِقًا (يُصَدَّقُ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ) (عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ وَالْغَالِبَ السَّلَامَةُ، وَالثَّانِي يُصَدَّقُ الْغَاصِبُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ. فَإِنْ رَدَّهُ الْغَاصِبُ مَعِيبًا وَقَالَ غَصَبْته هَكَذَا وَادَّعَى الْمَالِكُ حُدُوثَهُ عِنْدَهُ صُدِّقَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: سَمِعْت) أَيْ بِخِلَافِ الدَّعْوَى فِي هَذَا وَغَيْرِهِ فَإِنَّهَا لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ نَبَّهَ عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَعَلَيْهِ فَتَصَوُّرُ الْمَسْأَلَةِ هُنَا بِأَنْ يَدَّعِيَ الْمَالِكُ الزِّيَادَةَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْغَاصِبُ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ فَتَشْهَدُ الْبَيِّنَةُ بِأَنَّ قِيمَتَهُ تَزِيدُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْغَاصِبُ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ شَيْءٍ (قَوْلُهُ: لَا تَقْطَعُ الْبَيِّنَةُ) أَيْ بِأَنْ تَجُوزَ الزِّيَادَةُ وَعَدَمُهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَامَهَا) أَيْ الْمَالِكُ (قَوْلُهُ بِإِقَامَتِهَا) أَيْ عَلَى الصِّفَاتِ (قَوْلُهُ: وَصَارَ) أَيْ الْحَالُ بَعْدَ إقَامَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَى الْحَدِّ اللَّائِقِ) أَيْ فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ حُبِسَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَامَهَا هُوَ) وَقَوْلُهُ السَّابِقُ وَإِنْ أَقَامَهَا عَلَى الصِّفَاتِ مُقَابِلَانِ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا: فَإِنْ أَقَامَ الْمَالِكُ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ الْقِيمَةَ أَكْثَرُ مِمَّا قَالَهُ الْغَاصِبُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَمْ تُسْمَعْ) أَفْهَمَ عَلَى أَنَّهَا لَوْ شَهِدَتْ عَلَى أَنَّ قِيمَتَهُ بَعْدَ الْغَصْبِ كَذَا قُبِلَتْ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ التَّجْرِيدِ السَّابِقُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْعَبْدِ وَمَا عَلَيْهِ) وَمِنْ ثَمَّ لَوْ غَصَبَ حُرًّا أَوْ سَرَقَهُ لَمْ تَثْبُتْ يَدُهُ عَلَى ثِيَابِهِ فَيُصَدَّقُ الْوَلِيُّ أَنَّهَا لِمُوَلِّيهِ حَجّ: أَيْ بِلَا يَمِينٍ فَتَبْقَى تَحْتَ يَدِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِعْمَالٍ لَهَا، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَيُنْتَظَرُ بُلُوغُ الصَّبِيِّ لِيَحْلِفَ اهـ وَمِثْلُهُ إفَاقَةُ الْمَجْنُونِ فَيُنْتَظَرُ، فَإِنْ امْتَنَعَ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَالْإِفَاقَةِ مِنْ الْحَلِفِ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْغَاصِبِ وَقُضِيَ لَهُ بِهَا، فَإِنْ أَيِسَ مِنْ إفَاقَةِ الْمَجْنُونِ فَهَلْ تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْغَاصِبِ فَيُقْضَى لَهُ بِمَا ذَكَرَهُ أَوْ لَا وَيُوقَفُ الْأَمْرُ؟ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْحُرُّ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا الْمُبَعَّضُ الْبَالِغُ لَوْ اخْتَلَفَ هُوَ وَالْغَاصِبُ فِي الثِّيَابِ الَّتِي عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ الْمُبَعَّضِ فِيمَا يُقَابِلُ الْحُرِّيَّةَ وَتَصْدِيقُ الْغَاصِبِ فِيمَا يُقَابِلُ الرِّقَّ. وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنْ يُوقَفَ الْأَمْرُ فِيمَا يَخُصُّ الْحُرِّيَّةَ إلَى الْبُلُوغِ ثُمَّ يَحْتَمِلُ تَخْصِيصُ مَا ذَكَرَ بِمَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ، وَيَحْتَمِلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ لِأَنَّ الْيَدَ لِلْمُبَعَّضِ عَلَى ثِيَابِهِ الْمَنْسُوبَةِ إلَيْهِ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ نَوْبَةِ السَّيِّدِ وَنَوْبَتِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَثْبُتُ عَلَى نَحْوِ غَاصِبِهِ يَدٌ) الْأَوْلَى فَلَا يَثْبُتُ لِنَحْوِ غَاصِبِهِ عَلَى مَا عَلَيْهِ يَدٌ، وَلَعَلَّ الْأَصْلَ لَا يَثْبُتُ عَلَيْهِ لِنَحْوِ إلَخْ، وَيُمْكِنُ بَقَاؤُهَا عَلَى ظَاهِرِهَا وَتَصَوُّرُهُ بِمَا لَوْ غَصَبَ حُرًّا وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ وَبَلِيَتْ تَحْتَ يَدِ الْمَغْصُوبِ فَلَا يُطَالَبُ الْغَاصِبُ بِهَا حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: وَالْغَالِبُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ رَدَّهُ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ بَعْدَ تَلَفِهِ (قَوْلُهُ: مَعِيبًا) . ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَامَهَا عَلَى الصِّفَاتِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَا تُسْمَعُ: أَيْ: لَا تُقْبَلُ لِإِفَادَةِ مَا يَأْتِي أَنَّهُ يُصْغِي إلَيْهَا بِالصِّفَاتِ؛ لِاخْتِلَافِ الْقِيمَةِ مَعَ اسْتِوَائِهَا، لَكِنْ يَسْتَفِيدُ بِإِقَامَتِهَا إبْطَالَ دَعْوَى الْغَاصِبِ بِقِيمَةٍ حَقِيرَةٍ إلَخْ. وَقَوْلُهُ: بِالصِّفَاتِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَلَا تُسْمَعُ، وَقَوْلُهُ: لِإِفَادَةِ عِلَّةٍ لِتَفْسِيرِ نَفْيِ السَّمَاعِ بِنَفْيِ الْقَبُولِ. (قَوْلُهُ: أَمَّا الْحُرُّ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ غَصَبَ حُرًّا أَوْ سَرَقَهُ لَمْ تَثْبُتْ يَدُهُ عَلَى ثِيَابِهِ فَيَصْدُقُ الْوَلِيُّ أَنَّهَا لِمُوَلِّيهِ

الْغَاصِبُ إذْ الْأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِمَّا يَزِيدُ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ، وَمَا قِيلَ مِنْ عَدَمِ تَقْيِيدِ ذَلِكَ بِرَدِّ الْمَغْصُوبِ إذْ لَوْ تَلِفَ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ وَمِنْ مَسْأَلَةِ الطَّعَامِ الْآتِيَةِ رُدَّ بِأَنَّ الْغَاصِبَ فِي التَّلَفِ قَدْ لَزِمَهُ الْغُرْمُ فَضَعُفَ جَانِبُهُ بِخِلَافِهِ بَعْدَ الرَّدِّ، وَلَوْ غَصَبَ ثَوْبًا ثُمَّ أَحْضَرَ لِلْمَالِكِ ذَلِكَ وَقَالَ هَذَا الَّذِي غَصَبْته مِنْك وَقَالَ الْمَالِكُ بَلْ غَيْرُهُ جُعِلَ الْمَغْصُوبُ كَالتَّالِفِ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ فَيَلْزَمُ الْغَاصِبَ الْقِيمَةُ، فَإِذَا قَالَ الْمَالِكُ غَصَبْت مِنِّي ثَوْبًا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ وَقَالَ الْغَاصِبُ هُوَ هَذَا الثَّوْبُ وَقِيمَتُهُ خَمْسَةٌ لَزِمَ الْغَاصِبَ لِلْمَالِكِ خَمْسَةٌ، هَذَا. وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ مُقِرٌّ بِثَوْبٍ لِمَنْ يُنْكِرُهُ فَيَبْقَى فِي يَدِ الْمُقِرِّ وَيَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ سِوَاهُ. (وَلَوْ) (رَدَّهُ) أَيْ الْمَغْصُوبَ (نَاقِصَ الْقِيمَةِ) بِسَبَبِ الرُّخْصِ (لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) لِبَقَائِهِ بِحَالِهِ وَالْفَائِتُ رَغَبَاتُ النَّاسِ (وَلَوْ) (غَصَبَ ثَوْبًا) مَثَلًا (قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ) مَثَلًا (فَصَارَتْ بِالرُّخْصِ دِرْهَمًا ثُمَّ لَبِسَهُ) مَثَلًا (فَأَبْلَاهُ فَصَارَتْ نِصْفَ دِرْهَمٍ فَرَدَّهُ) (لَزِمَهُ خَمْسَةٌ وَهِيَ قِسْطُ التَّالِفِ مِنْ أَقْصَى الْقِيَمِ) لِأَنَّ النَّاقِصَ بِاللُّبْسِ نِصْفُ الثَّوْبِ فَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مَا كَانَتْ مِنْ الْغَصْبِ إلَى التَّلَفِ، وَهُوَ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ خَمْسَةٌ وَالنُّقْصَانُ الْبَاقِي وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَنِصْفٌ سَبَبُهُ الرُّخْصُ وَهُوَ غَيْرُ مَضْمُونٍ، وَيَجِبُ مَعَ الْخَمْسَةِ أُجْرَةُ اللُّبْسِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَلَوْ عَادَتْ الْعَشَرَةُ بِاللُّبْسِ إلَى خَمْسَةٍ ثُمَّ بِالْغَلَاءِ إلَى عِشْرِينَ لَزِمَهُ رَدُّ خَمْسَةٍ فَقَطْ، وَهِيَ الْفَائِتَةُ بِاللُّبْسِ لِامْتِنَاعِ تَأْثِيرِ الزِّيَادَةِ الْحَاصِلَةِ بَعْدَ التَّلَفِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ الثَّوْبُ كُلُّهُ ثُمَّ زَادَتْ الْقِيمَةُ لَمْ يَغْرَمْ الزِّيَادَةَ، وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمَالِكُ وَالْغَاصِبُ فِي حُدُوثِ الْغَلَاءِ قَبْلَ التَّلَفِ بِاللُّبْسِ فَقَالَ الْمَالِكُ حَدَثَ قَبْلَهُ وَقَالَ الْغَاصِبُ بَلْ بَعْدَهُ صُدِّقَ الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ الْغَارِمُ (قُلْت: وَلَوْ غَصَبَ خُفَّيْنِ) أَيْ فَرْدَى خُفٍّ فَكُلُّ وَاحِدٍ يُسَمَّى خُفًّا (قِيمَتُهُمَا عَشَرَةٌ فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا وَرَدَّ الْآخَرَ وَقِيمَتُهُ دِرْهَمَانِ أَوْ أَتْلَفَ أَحَدَهُمَا) فِي يَدِهِ (غَصْبًا) لَهُ فَقَطْ فَأَتْلَفَ مَعْطُوفٌ عَلَى غَصَبَ (أَوْ فِي يَدِ مَالِكِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــS [فَرْعٌ] لَوْ حُمَّ الْعَبْدُ عِنْدَهُ فَرَدَّهُ مَحْمُومًا فَمَاتَ بِيَدِ الْمَالِكِ غَرِمَ جَمِيعَ قِيمَتِهِ، بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ إذَا حُمَّ الْعَبْدُ فِي يَدِهِ كَذَلِكَ فَمَاتَ بِيَدِ الْمَالِكِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ مَا نَقَصَ فَقَطْ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا التَّغْلِيظُ عَلَى الْغَاصِبِ وَمِنْ ثَمَّ ضَمِنَ بِأَقْصَى الْقِيَمِ، بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَضْمَنُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ التَّلَفِ وَلَا نَظَرَ إلَى مَا قَبْلَهُ، فَكَمَا أَنَّهُمْ لَمْ يَنْظُرُوا لِمَا قَبْلَ وَقْتِ التَّلَفِ لَمْ يَنْظُرُوا إلَى مَا بَعْدَ الرَّدِّ (قَوْلُهُ: وَمَا قِيلَ مِنْ عَدَمِ تَقْيِيدِ ذَلِكَ) أَيْ تَصْدِيقُ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَحْضَرَ لِلْمَالِكِ ذَلِكَ) أَيْ ثَوْبًا، وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُ الْغَاصِبَ الْقِيمَةُ) أَيْ الَّتِي يَدَّعِيهَا وَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ (قَوْلُهُ: وَيَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ إلَخْ) أَيْ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ الْغَصْبَ ثَابِتٌ بِاتِّفَاقِهِمَا، وَدَعْوَى الْمَالِكِ أَنَّهُ ثَوْبٌ آخَرُ لَا تُسْقِطُ حَقَّ الْمَالِكِ. قَالَ سم بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ: وَهُوَ فَاسِدٌ لِأَنَّهُ بِإِنْكَارِ الْمَالِكِ وَحَلِفِهِ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ هَذَا الثَّوْبِ وَيَحْلِفُ الْغَاصِبُ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ غَيْرَهُ انْتَفَى لُزُومُ غَيْرِهِ فَلَمْ يَبْقَ فِي جِهَةِ الْغَاصِبِ شَيْءٌ لَا مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ لِحَلِفِ الْمَالِكِ أَنَّ الثَّوْبَ الْمَدْفُوعَ لَهُ لَيْسَ مِلْكَهُ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ لِحَلِفِ الْغَاصِبِ عَلَى نَفْيِهِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ لَبِسَهُ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ لَبِسَهُ قَبْلَ الرُّخْصِ فَأَبْلَاهُ ثُمَّ رَخُصَ سِعْرُهُ فَأَرْشُهُ مَا نَقَصَ مِنْ أَقْصَى قِيَمِهِ وَهُوَ الْعَشَرَةُ (قَوْلُهُ: فَصَارَتْ نِصْفَ دِرْهَمٍ) لَوْ صَارَتْ قِيمَتُهُ بِالرُّخْصِ خَمْسَةً ثُمَّ لَبِسَهُ فَصَارَتْ قِيمَتُهُ دِرْهَمَيْنِ لَزِمَهُ سِتَّةُ دَرَاهِمَ لِأَنَّهَا ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ التَّالِفِ مِنْ أَقْصَى قِيَمِهِ (قَوْلُهُ الْحَاصِلَةِ بَعْدَ التَّلَفِ) أَيْ التَّلَفِ لِمَا ذَهَبَ مِنْ أَجْزَائِهِ بِسَبَبِ اللُّبْسِ كَأَنْ صَارَ وَالرِّبْع بَعْدَ أَنْ كَانَ جَدِيدًا (قَوْلُهُ: فَكُلُّ وَاحِدٍ يُسَمَّى خُفًّا) لَا يَظْهَرُ هَذَا التَّفْرِيعُ، بَلْ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْخُفَّ اسْمٌ لِمَجْمُوعِهِمَا وَأَنَّ الْوَاحِدَةَ فَرْدَةُ خُفٍّ لَا خُفٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ أَتْلَفَ أَحَدَهُمَا) يَجُوزُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مِمَّا يَزِيدُ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ) لَعَلَّ عَلَى هُنَا تَعْلِيلِيَّةٌ: أَيْ: مِمَّا يَزِيدُ مِنْ الْغُرْمِ لِأَجْلِ تِلْكَ الصِّفَةِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنْ الزِّيَادَةِ.

لَزِمَهُ ثَمَانِيَةٌ فِي الْأَصَحِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) خَمْسَةٌ لِلتَّالِفِ وَثَلَاثَةٌ لِأَرْشِ مَا حَصَلَ مِنْ التَّفْرِيقِ عِنْدَهُ فَالثَّمَانِيَةُ قِيمَةُ مَا تَلِفَ أَوْ أَتْلَفَهُ وَأَرْشُ التَّفْرِيقِ الْحَاصِلُ بِذَلِكَ، وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ قِيمَةُ مَا تَلِفَ أَوْ أَتْلَفَهُ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ فِي يَدِ مَالِكِهِ عَمَّا لَوْ أَتْلَفَهُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَلَا يَلْزَمُهُ سِوَى دِرْهَمَيْنِ وَهُمَا قِيمَتُهُ وَحْدَهُ، وَنَبَّهَ بِالْخُفَّيْنِ عَلَى إجْرَاءِ الْخِلَافِ فِي كُلِّ فَرْدَيْنِ لَا يَصْلُحُ أَحَدُهُمَا بِدُونِ الْآخَرِ كَزَوْجَيْ النَّعْلِ وَمِصْرَاعَيْ الْبَابِ، وَأَجْرَاهُ الدَّارِمِيُّ فِي زَوْجَيْ الطَّائِرِ إذَا كَانَ يُسَاوِي مَعَ زَوْجِهِ أَكْثَرَ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ أَحَدِهِمَا إذَا لَمْ يَبْلُغْ أَحَدُهُمَا نِصَابًا وَإِنْ ضَمَّنَّاهُ إيَّاهُ لِأَنَّهُ كَانَ نِصَابًا فِي الْحِرْزِ حَالَ الِاتِّصَالِ وَنَقَصَ بِالتَّفْرِيقِ حَالَ الْإِخْرَاجِ فَضَمَّنَّاهُ لِأَنَّهُ يَضْمَنُ الْأَقْصَى مَعَ وَضْعِ الْيَدِ وَلَمْ نَقْطَعْهُ اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْإِخْرَاجِ. (وَلَوْ) (حَدَثَ) فِي الْمَغْصُوبِ (نَقْصٌ يَسْرِي إلَى التَّلَفِ) (بِأَنْ) بِمَعْنَى كَأَنْ (جَعَلَ) الْغَاصِبُ (الْحِنْطَةَ هَرِيسَةً) أَوْ الدَّقِيقَ عَصِيدَةً أَوْ صَبَّ الْمَاءَ فِي الزَّيْتِ وَتَعَذَّرَ تَخْلِيصُهُ أَوْ وَضَعَ الْحِنْطَةَ فِي مَكَان نَدِيٍّ فَتَعَفَّنَتْ عَفَنًا غَيْرَ مُتَنَاهٍ (فَكَالتَّالِفِ) إذْ لَوْ تَرَكَهُ بِحَالِهِ فَسَدَ فَكَأَنَّهُ هَلَكَ فَيَغْرَمُ بَدَلَ جَمِيعِ الْمَغْصُوبِ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ (وَفِي قَوْلٍ يَرُدُّهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ) قِيَاسًا عَلَى التَّعْيِيبِ الَّذِي لَا يَسْرِي، وَقِيلَ يُتَخَيَّرُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَمْلِكُ الْغَاصِبُ ذَلِكَ إتْمَامًا لِلتَّشْبِيهِ بِالتَّالِفِ لِأَنَّهُ غَرِمَ لِلْمَالِكِ مَا يَقُومُ مَقَامَ الْحِنْطَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي نُكَتِهِ، وَرَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْإِمَامِ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ، وَقِيلَ يَبْقَى لِلْمَالِكِ لِئَلَّا يَقْطَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِنَاءُ أَتْلَفَ لِلْفَاعِلِ وَنَصْبُ غَصْبًا عَلَى الْحَالِ مِنْهُ: أَيْ غَاصِبًا أَوْ ذَا غَصْبٍ أَوْ عَلَى الْحَالِ مِنْ الْمَفْعُولِ: أَيْ أَحَدَهُمَا أَيْ مَغْصُوبًا أَوْ ذَا غَصْبٍ، وَهَذَا أَوْفَقُ بِجَعْلِ " أَوْ " فِي يَدِ مَالِكِهِ عَطْفًا عَلَى الْحَالِ: أَيْ أَوْ حَالَ كَوْنِهِ أَوْ أَحَدِهِمَا فِي يَدِ مَالِكِهِ، وَقَوْلُهُ عَطْفًا عَلَى غَصَبَ: أَيْ لَا عَلَى تَلِفَ لِئَلَّا يَلْزَمَ تَصْوِيرُ ذَلِكَ بِمَا إذَا غَصَبَهُمَا، وَقَوْلُهُ غَصْبًا بِأَنْ غُصِبَ أَحَدُهُمَا فَأُتْلِفَ أَوْ تَلِفَ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: لَكِنْ يُرَدُّ عَلَى قِرَاءَتِهِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ أَنَّهُ يُصَدَّقُ بِمَا لَوْ كَانَ الْمُتْلِفُ لَهُ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ غَيْرَهُ مَعَ أَنَّ الَّذِي يَلْزَمُهُ فِي هَذِهِ دِرْهَمَانِ لَا ثَمَانِيَةٌ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ ثَمَانِيَةٌ) يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا، وَهِيَ مَا لَوْ مَشَى شَخْصٌ عَلَى فَرْدَةِ نَعْلٍ غَيْرِهِ فَجَذَبَهَا صَاحِبُ النَّعْلِ فَانْقَطَعَتْ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يُقَالُ: تُقَوَّمُ النَّعْلُ سَلِيمَةً هِيَ وَرَفِيقَتُهَا ثُمَّ يُقَوَّمَانِ مَعَ الْعَيْبِ وَمَا نَقَصَ يُقْسَمُ عَلَى الْمَاشِي وَصَاحِبِ النَّعْلِ، فَمَا يَخُصُّ صَاحِبَ النَّعْلِ يَسْقُطُ لِأَنَّ فِعْلَهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ هَدَرٌ، وَمَا يَخُصُّ الْآخَرَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: عَمَّا لَوْ أَتْلَفَهُ) أَيْ الشَّخْصُ، وَقَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ: أَيْ الْمُتْلِفَ (قَوْلُهُ: سِوَى دِرْهَمَيْنِ) أَيْ وَالْبَاقِي عَلَى الْغَاصِبِ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الْغَاصِبِ غَصَبَ وَاحِدَةً فَقَطْ وَبَيْنَ كَوْنِ غَصْبِهِمَا مَعًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْأُولَى لِأَنَّ التَّفْرِيقَ حَصَلَ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهَا بِأَنَّ التَّفْرِيقَ وَالْإِتْلَافَ كِلَاهُمَا مِنْ فِعْلِ الْمُتْلِفِ (قَوْلُهُ: فِي زَوْجَيْ الطَّائِرِ) أَيْ فِي إتْلَافِ أَحَدِ زَوْجَيْ إلَخْ وَسُمِّيَ كُلٌّ زَوْجًا لِاقْتِرَانِهِ بِصَاحِبِهِ. (قَوْلُهُ: يَسْرِي إلَى التَّلَفِ) هَذَا يُخَرَّجُ نَحْوَ جَعَلَ عَسَلَ الْقَصَبِ سُكَّرًا لِأَنَّهُ لَا يَسْرِي إلَى التَّلَفِ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ فَيَرُدُّهُ مَعَ أَرْشِ نَقْصِهِ إنْ نَقَصَ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ جَعَلَ اللَّحْمَ قَدِيدًا أَوْ ذَبَحَ الْحَيَوَانَ فَصَيَّرَهُ لَحْمًا (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ وَكَالتَّالِفِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَبْقَى لِلْمَالِكِ) يُتَأَمَّلُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَفِي قَوْلٍ يَرُدُّهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ فَإِنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَبْقِيَتِهِ لِلْمَالِكِ، إلَّا أَنَّهُ يُتْرَكُ لَهُ بِحَالِهِ إذَا لَمْ يَنْقُصْ وَمَعَ الْأَرْشِ إنْ نَقَصَ، وَهَذَا عَيْنُ الْقَوْلِ الثَّانِي فِي كَلَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: مَا حَصَلَ مِنْ التَّفْرِيقِ عِنْدَهُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ عِنْدَ التَّلَفِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَبْقَى لِلْمَالِكِ) أَيْ: مَعَ أَخْذِهِ لِلْبَدَلِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ السِّيَاقِ، وَبِهَذَا يَحْصُلُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَفِي قَوْلٍ يَرُدُّهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ وَإِنْ

الظُّلْمُ حَقَّهُ، وَكَمَا لَوْ قَتَلَ شَاةً يَكُونُ الْمَالِكُ أَحَقَّ بِجِلْدِهَا لَكِنْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَالِيَّةَ هُنَا بَاقِيَةٌ وَفِي مَسْأَلَةِ جِلْدِ الشَّاةِ غَيْرُ بَاقِيَةٍ، وَمَعْنَى مَلَكَ الْغَاصِبُ لِمَا ذَكَرَ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ مِلْكًا مُرَاعًى بِمَعْنَى أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ قَبْلَ غُرْمِ الْقِيمَةِ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالتَّمْثِيلِ إلَى أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ إذَا حَدَثَ النَّقْصُ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ، فَلَوْ حَدَثَ فِي يَدِهِ كَمَا لَوْ تَعَفَّنَ الطَّعَامُ بِنَفْسِهِ أَخَذَهُ الْمَالِكُ مَعَ الْأَرْشِ، أَمَّا مَا لَا يَسْرِي إلَى التَّلَفِ فَيَجِبُ أَرْشُهُ كَمَا مَرَّ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى خَلْطِ مِثْلِيٍّ بِمِثْلِهِ. (وَلَوْ) (جَنَى) الرَّقِيقُ (الْمَغْصُوبُ) فِي يَدِ غَاصِبِهِ (فَتَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ) ابْتِدَاءً أَوْ لِلْعَفْوِ عَنْهُ (لَزِمَ الْغَاصِبَ تَخْلِيصُهُ) إذْ هُوَ نَقْصٌ حَادِثٌ فِي يَدِهِ فَكَانَ ضَامِنًا لَهُ (بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْمَالِ) الْوَاجِبِ بِالْجِنَايَةِ، لِأَنَّ الْأَقَلَّ إنْ كَانَ الْقِيمَةَ فَهُوَ الَّذِي دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ أَوْ الْمَالَ فَلَا وَاجِبَ غَيْرُهُ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَيْضًا أَرْشُ مَا اتَّصَفَ بِهِ مِنْ الْعَيْبِ وَهُوَ كَوْنُهُ جَانِيًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْبَيْعِ (فَإِنْ) (تَلِفَ) الْجَانِي (فِي يَدِهِ) أَيْ الْغَاصِبِ (غَرَّمَهُ الْمَالِكُ أَقْصَى الْقِيَمِ) مِنْ الْغَصْبِ إلَى التَّلَفِ كَسَائِرِ الْأَعْيَانِ الْمَغْصُوبَةِ (وَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ تَغْرِيمُهُ) أَيْ الْغَاصِبِ لِأَنَّ جِنَايَةَ الْمَغْصُوبِ مَضْمُونَةٌ عَلَيْهِ (وَ) لَهُ (أَنْ يَتَعَلَّقَ بِمَا أَخَذَهُ الْمَالِكُ) مِنْ الْغَاصِبِ بِقَدْرِ حَقِّهِ، إذْ حَقُّهُ كَانَ مُتَعَلِّقًا ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمَالِيَّةَ هُنَا) أَيْ فِيمَا لَوْ حَدَثَ فِي الْمَغْصُوبِ نَقْصٌ إلَخْ (قَوْلُهُ قَبْلَ غُرْمِ الْقِيمَةِ) أَيْ فَلَوْ عَجَزَ عَنْ الْقِيمَةِ وَأَشْرَفَ عَلَى التَّلَفِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُرْفَعَ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي لِيَبِيعَهُ وَيَدْفَعَ قِيمَتَهُ مِنْ ثَمَنِهِ لِلْمَالِكِ، فَإِنْ فُقِدَ الْقَاضِي احْتَمَلَ أَنْ يَتَوَلَّى الْمَالِكُ بَيْعَهُ بِحَضْرَةِ الْغَاصِبِ أَوْ الْغَاصِبُ بِحَضْرَةِ الْمَالِكِ وَيَأْخُذَ الْمَالِكُ قَدْرَ الْقِيمَةِ مِنْ ثَمَنِهِ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِلْغَاصِبِ لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ دُخُولُهُ فِي مِلْكِهِ قُبَيْلَ التَّلَفِ، فَالزِّيَادَةُ إنَّمَا حَدَثَتْ فِي مِلْكِهِ وَبِهَذَا يُفَارِقُ مَا يَأْتِي فِي الْفَصْلِ الْآتِي فِيمَا لَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ أَثَرًا مِنْ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ لِعَدَمِ مِلْكِهِ، فَإِنْ فُقِدَ الْمَالِكُ تَوَلَّى الْغَاصِبُ بَيْعَهُ وَحِفْظَ ثَمَنِهِ لِحُضُورِ الْمَالِكِ. وَبَقِيَ مَا يَقَعُ فِي بِلَادِ الْأَرْيَافِ مِنْ الطَّعَامِ الْمُسَمَّى بِالْوَجْبَةِ وَمِنْ الْوَلَائِمِ الَّتِي تُفْعَلُ بِمِصْرِنَا مِنْ مَالِ الْأَيْتَامِ الْقَاصِرِينَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْغَصْبِ فَهَلْ بِوَضْعِهِ فِي فَمِهِ يَصِيرُ كَالتَّالِفِ وَإِنْ لَمْ يَمْضُغْهُ أَوْ لَا يَصِيرُ كَذَلِكَ إلَّا بِالْمَضْغِ؟ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهَلْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ بَلْعُهُ قَبْلَ دَفْعِ الْقِيمَةِ، فَإِنْ قِيلَ بِذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ، فَهَلْ يَلْفِظُهُ مِنْ فِيهِ أَوْ يَبْلَعُهُ وَتَثْبُتُ الْقِيمَةُ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ يَلْفِظُهُ وَيَرُدُّهُ لِصَاحِبِهِ مَعَ غَرَامَةِ أَرْشِ النَّقْصِ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْبَلْعُ قَبْلَ غُرْمِهِ الْقِيمَةَ، فَإِنْ لَمْ يَغْرَمْهَا وَجَبَ عَلَيْهِ لَفْظُهُ مِنْ فِيهِ وَرَدُّهُ لِمَالِكِهِ مَعَ غَرَامَةِ أَرْشِ النَّقْصِ (قَوْلُهُ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالتَّمْثِيلِ) أَيْ بِقَوْلِهِ بِأَنَّ جَعْلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَوْ حَدَثَ فِي يَدِهِ) فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَاصِبِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَيَشْمَلُ مَنْ أُثْبِتَتْ يَدُهُ عَلَى يَدِ الْغَاصِبِ، وَمِنْهُ مَا لَوْ بَاشَرَ الْفِعْلَ الَّذِي يَسْرِي إلَى التَّلَفِ أَجْنَبِيٌّ وَهُوَ بِيَدِ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: أَخَذَهُ الْمَالِكُ مَعَ الْأَرْشِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَمْ يُجْعَلْ كَالتَّالِفِ نَظِيرَ مَا مَرَّ لِأَنَّ النَّقْصَ هُنَا حَصَلَ بِلَا جِنَايَةٍ بِخِلَافِهِ ثَمَّ، وَعَلَى هَذَا لَوْ صَارَ الْمَغْصُوبُ هَرِيسَةً بِنَفْسِهِ أَخَذَهُ الْمَالِكُ مَعَ الْأَرْشِ اهـ. بَقِيَ مَا لَوْ صَارَ هَرِيسَةً بِنَفْسِهِ بِوَاسِطَةِ وُقُوعِهِ فِي قِدْرٍ عَلَى النَّارِ فِيهِ مَاءٌ لِلْمَالِكِ فَهَلْ يُشَارِكُ الْمَالِكُ بِنِسْبَةِ مَائِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: الْقِيَاسُ الْمُشَارَكَةُ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِلْعَفْوِ عَنْهُ) أَيْ لِأَجْلِ الْعَفْوِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَزِمَ الْغَاصِبَ تَخْلِيصُهُ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يُخَلِّصْهُ وَبِيعَ أَخَذَ الْمَالِكُ مِنْ الْغَاصِبِ مَا بِيعَ بِهِ فَقَطْ لَا أَقْصَى قِيَمِهِ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمَا صَوَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُغَرِّمَهُ أَقْصَى قِيَمِهِ مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ إلَى الْبَيْعِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْبُلْقِينِيِّ بِأَنَّ فِيهَا رَدًّا لِلْمَالِكِ، وَإِنَّمَا وَقَعَ الْبَيْعُ بَعْدَ حُصُولِهِ فِي يَدِ الْمَالِكِ، بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ الْعَيْنَ بِيعَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَنَزَلَتْ مَنْزِلَةَ التَّالِفَةِ لِعَدَمِ عَوْدِهَا لِيَدِ مَالِكِهَا (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ عَلَيْهِ) أَيْ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ وَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ تَغْرِيمُهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQتَوَقَّفَ فِيهِ الشَّيْخُ فِي حَاشِيَتِهِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ غُرْمِ الْقِيمَةِ) أَيْ: أَوْ الْمِثْلِ

بِالرَّقَبَةِ فَيَتَعَلَّقُ بِبَدَلِهَا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَخَذَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْأَرْشَ لَمْ يَتَعَلَّقْ الْمَالِكُ بِهِ (ثُمَّ) إذَا أَخَذَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ حَقَّهُ (يَرْجِعُ الْمَالِكُ عَلَى الْغَاصِبِ) بِمَا أَخَذَهُ مِنْهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْهُ بِجِنَايَةٍ مَضْمُونَةٍ عَلَى الْغَاصِبِ وَأَفْهَمَ تَعْبِيرُهُ بِثَمَّ عَدَمَ رُجُوعِهِ قَبْلَ أَخْذِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِنْهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ يُبَرِّئُ الْغَاصِبَ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ. نَعَمْ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْأَدَاءِ كَمَا يُطَالِبُ بِهِ الضَّامِنُ الْمَضْمُونَ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ (وَلَوْ) (رُدَّ الْعَبْدُ) أَيْ الْقِنُّ الْجَانِي (إلَى الْمَالِكِ فَبِيعَ فِي الْجِنَايَةِ) (رَجَعَ الْمَالِكُ بِمَا أَخَذَهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَلَى الْغَاصِبِ) لِأَنَّ الْجِنَايَةَ حَصَلَتْ حِينَ كَانَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ، وَمَا صَوَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ الثَّمَنَ بِجُمْلَتِهِ مَثَلًا وَكَانَ أَقَلَّ مِنْ أَقْصَى الْقِيَمِ رَجَعَ الْمَالِكُ عَلَى الْغَاصِبِ بِالْأَقْصَى لَا بِمَا بِيعَ بِهِ فَقَطْ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَإِنْ بَسَطَهُ وَاسْتَشْهَدَ لَهُ، إذْ لَا نَظَرَ لِلْأَقْصَى عِنْدَ رَدِّ الْعَيْنِ وَإِنَّمَا ذَاكَ عِنْدَ تَلَفِهَا فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَلَمْ يُوجَدْ هُنَا ذَلِكَ فَهُوَ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الرُّخْصِ. وَلَا يُقَالُ: إنَّ بَيْعَهُ لِسَبَبٍ وُجِدَ بِيَدِ الْغَصْبِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ تَلَفِهِ فِي يَدِهِ لِلْفَرْقِ الظَّاهِرِ بَيْنَهُمَا. (وَلَوْ) (غَصَبَ أَرْضًا فَنَقَلَ تُرَابَهَا) بِكَشْطٍ عَنْ وَجْهِهَا أَوْ حَفْرِهَا (أَجْبَرَهُ الْمَالِكُ عَلَى رَدِّهِ) إنْ كَانَ بَاقِيًا وَلَوْ غَرِمَ عَلَيْهِ أَضْعَافَ قِيمَتِهِ وَإِنْ فُرِضَ أَنْ لَا قِيمَةَ لَهُ (أَوْ رَدَّ مِثْلَهُ) إنْ تَلِفَ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ مِثْلِيٌّ، وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْمِثْلِ إلَّا بِإِذْنِ الْمَالِكِ لِأَنَّهُ فِي الذِّمَّةِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ قَبْضِ الْمَالِكِ لَهُ حَتَّى يَبْرَأَ مِنْهُ (وَ) عَلَى (إعَادَةِ الْأَرْضِ كَمَا كَانَتْ) مِنْ ارْتِفَاعٍ وَضِدِّهِ لِإِمْكَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إلَّا بِإِعَادَةِ تُرَابٍ آخَرَ لَزِمَهُ ذَلِكَ إنْ أَذِنَ لَهُ الْمَالِكُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ غَرِمَ أَرْشَ النَّقْصِ وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهَا بِتُرَابِهَا وَقِيمَتِهَا بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْهَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ، وَمَحَلُّ مَا مَرَّ مَا لَمْ يَكُنْ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْقُمَامَاتِ وَإِلَّا فَفِي الْمَطْلَبِ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا ضَمَانٌ عِنْدَ تَلَفِهَا لِأَنَّهَا مُحَقَّرَةٌ، وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ وُجُوبُ رَدِّهَا مَا دَامَتْ بَاقِيَةً وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ (وَلِلنَّاقِلِ) لِلتُّرَابِ (الرَّدُّ) لَهُ (وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ الْمَالِكُ) بِهِ بَلْ وَإِنْ مَنَعَهُ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي (إنْ) لَمْ يَتَيَسَّرْ نَقْلُهُ لِمَوَاتٍ وَ (كَانَ لَهُ فِيهِ غَرَضٌ) كَأَنْ ضَيَّقَ مِلْكَهُ أَوْ مِلْكَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الْأَقَلَّ مِنْ الْأَرْشِ وَقِيمَتَهُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ) أَيْ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَهُ) أَيْ الْمَالِكِ، وَقَوْلُهُ مُطَالَبَتُهُ: أَيْ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ بِالْأَدَاءِ) أَيْ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ الثَّمَنَ) أَيْ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ وَإِنَّمَا ذَاكَ: أَيْ النَّظَرُ لِلْأَقْصَى عِنْدَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُوجَدْ) أَيْ التَّلَفُ (قَوْلُهُ: لِلْفَرْقِ الظَّاهِرِ) وَهُوَ أَنَّ الْعَيْنَ هُنَا رُدَّتْ إلَى يَدِ الْمَالِكِ، فَالْبَيْعُ وَإِنْ كَانَ بِسَبَبٍ سَابِقٍ لَكِنَّهُ مَعَ قِيَامِ صُورَةِ الْعَيْنُ بِصِفَتِهَا وَكَانَ إلْحَاقُهُ بِالرُّخْصِ أَظْهَرَ مِنْ إلْحَاقِهِ بِالتَّلَفِ. (قَوْلُهُ: رَدَّ مِثْلَهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّ مِثْلِهِ غَرِمَ الْمِثْلَ اهـ سم عَلَى حَجّ وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ (قَوْلُهُ حَتَّى يَبْرَأَ مِنْهُ) قَدْ يُقَالُ: مُجَرَّدُ إذْنِ الْمَالِكِ لَيْسَ قَبْضًا اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: قَدْ يُقَالُ تُسُومِحَ فِيهِ لِلُزُومِ الرَّدِّ لَهُ فَنَزَلَ إذْنُهُ مَنْزِلَةَ قَبْضِهِ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: رَدُّ الْمِثْلِ بِإِذْنِ الْمَالِكِ إلَى مَوْضِعِهِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ وَضْعِ الدَّيْنِ بَيْنَ يَدَيْ مَالِكِهِ بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ مِنْ أَخْذِهِ وَقَدْ عَدُّوا ذَلِكَ قَبْضًا تَبْرَأُ بِهِ ذِمَّةُ الْمَدِينِ (قَوْلُهُ: إنْ أَذِنَ لَهُ الْمَالِكُ) أَيْ وَبَعْدَ إذْنِهِ يَرُدُّ مِثْلَهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَإِنْ عَيَّنَ لَهُ شَيْئًا تَعَيَّنَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ) أَيْ إمَّا لِعَدَمِ رِضَا الْمَالِكِ أَوْ لِفَقْدِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْقُمَامَاتِ) قَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِمَا ذَكَرَ أَنَّهُ يَجِبُ رَدُّ مِثْلِ التُّرَابِ إذَا تَلِفَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي نَحْوِ حَبَّتَيْ الْبُرِّ مِنْ كُلِّ مَا لَا يُتَمَوَّلُ مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ عَدَمُ وُجُوبِ رَدِّ الْمِثْلِ هُنَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَ رَدُّهُ طَرِيقًا إلَى دَفْعِ نَقْصِ الْأَرْضِ نَزَلَ مَنْزِلَةَ مَالِهِ قِيمَةً (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مُحَقَّرَةٌ) الْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِأَنَّهَا لَا قِيمَةَ لَهَا إذْ مُجَرَّدُ كَوْنِهَا مُحَقَّرَةً لَا يَقْتَضِي عَدَمَ ضَمَانِهَا. (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ وُجُوبُ رَدِّهَا) أَيْ الْقُمَامَاتِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) هُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَةُ الْأَرْضِ بِأَخْذِهَا، وَإِلَّا فَالْقِيَاسُ وُجُوبُ أَرْشِ النَّقْصِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ نَظَائِرِهِ (قَوْلُهُ: وَكَانَ لَهُ فِيهِ غَرَضٌ) هَذَا الْعَطْفُ يُوهِمُ أَنَّهُ لَوْ تَيَسَّرَ نَقْلُهُ إلَى مَوَاتٍ وَلَكِنْ دَخَلَ الْأَرْضَ نَقْصٌ يَزُولُ بِرَدِّهِ لَمْ يَرُدَّهُ، وَسَيَأْتِي خِلَافُهُ فِي قَوْلِهِ أَوْ حَصَلَ فِي الْأَرْضِ نَقْصٌ وَكَانَ إلَخْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ نَقْلُهُ لِمَوَاتٍ إلَخْ اشْتِرَاطُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

غَيْرِهِ أَوْ نَقَلَهُ لِشَارِعٍ وَخَشِيَ مِنْهُ ضَمَانًا أَوْ حَصَلَ فِي الْأَرْضِ نَقْصٌ وَكَانَ يَزُولُ بِالرَّدِّ وَلَمْ يُبْرِئْهُ مِنْهُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ لَهُ رَفْءُ ثَوْبٍ تَخَرَّقَ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ لَا يَعُودُ بِهِ كَمَا كَانَ، فَإِنْ تَيَسَّرَ نَقْلُهُ لِنَحْوِ مَوَاتٍ فِي طَرِيقِهِ وَلَمْ تَنْقُصْ الْأَرْضُ لَوْ لَمْ يَرُدَّهُ أَوْ أَبْرَأَهُ فَلَا يَرُدُّهُ إلَّا بِإِذْنٍ، وَكَذَا فِي غَيْرِ طَرِيقِهِ وَمَسَافَتُهُ كَمَسَافَةِ أَرْضِ الْمَالِكِ أَوْ أَقَلُّ، وَلِلْمَالِكِ مَنْعُهُ مِنْ بَسْطِهِ وَإِنْ كَانَ فِي الْأَصْلِ مَبْسُوطًا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَرَضٌ لَهُ بِأَنْ نَقَلَهُ لِمَوَاتٍ وَلَمْ يَطْلُبْ الْمَالِكُ رَدَّهُ (فَلَا يَرُدُّهُ إلَّا بِإِذْنٍ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِلَا حَاجَةٍ، فَإِنْ فَعَلَ كَلَّفَهُ النَّقْلَ (وَيُقَاسُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ) (حَفْرُ الْبِئْرِ) الَّذِي تَعَدَّى الْغَاصِبُ بِهِ (وَطَمَّهَا) إذَا أَرَادَهُ، فَإِنْ أَمَرَهُ الْمَالِكُ بِالطَّمِّ وَجَبَ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِيهِ اسْتَقَلَّ بِهِ وَإِنْ مَنَعَهُ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا، وَمِنْ الْغَرَضِ هُنَا ضَمَانُ التَّرَدِّي فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ غَيْرُهُ وَقَالَ لَهُ الْمَالِكُ رَضِيت بِاسْتِدَامَةِ الْبِئْرِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الطَّمُّ لِانْدِفَاعِ الضَّمَانِ عَنْهُ بِذَلِكَ، وَتُطَمُّ بِتُرَابِهَا إنْ بَقِيَ وَإِلَّا فَبِمِثْلِهِ، وَمَا اسْتَشْكَلَ بِهِ الْقَوْلُ بِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ مِنْ الْمِثْلِ لَا يُمْلَكُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَوْ أَذِنَ الْمَمَالِكُ لَهُ فِي رَدِّهِ، وَلَهُ نَقْلُ مَا طَوَى بِهِ الْبِئْرَ وَيُجْبِرُهُ الْمَالِكُ عَلَيْهِ وَإِنْ سَمَحَ لَهُ بِهِ (وَإِذَا) (أَعَادَ) الْغَاصِبُ (الْأَرْضَ كَمَا كَانَتْ) (وَلَمْ يَبْقَ نَقْصٌ فَلَا أَرْشَ) لِانْتِفَاءِ مُوجِبِهِ (لَكِنْ عَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِمُدَّةِ الْإِعَادَةِ) وَالْحُفَرِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا لِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSهَذَا يَقْتَضِي اعْتِبَارَهُ فِي قَوْلِهِ أَوْ نَقَصَتْ الْأَرْضُ بِهِ إلَخْ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ أَمَّا إذَا تَيَسَّرَ إلَخْ (قَوْلُهُ رَفْءُ ثَوْبٍ) بِالْهَمْزِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَعُودُ) أَيْ وَلِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لَوْ لَمْ يَرُدَّهُ) أَيْ مَا لَمْ تَنْقُصْ الْقِيمَةُ لِلْأَرْضِ بِعَدَمِ بَسْطِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ رَدَّهُ الْغَاصِبُ بِلَا إذْنٍ، وَقَوْلُهُ كَلَّفَهُ: أَيْ الْمَالِكُ النَّقْلَ (قَوْلُهُ لِانْدِفَاعِ الضَّمَانِ عَنْهُ بِذَلِكَ) أَيْ وَتَصِيرُ الْبِئْرُ بِرِضَا الْمَالِكِ كَمَا لَوْ حَفَرَهَا فِي مِلْكِهِ ابْتِدَاءً فَلَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهَا بَعْد رِضَا الْمَالِكِ بِبَقَائِهَا، وَهَذَا نَظِيرُ مَا لَوْ قَصَدَ الْخَمْرِيَّةَ لِمَا عَصَرَهُ لَا بِقَصْدِهَا حَيْثُ يَزُولُ بِهِ الِاحْتِرَامُ، أَوْ قَصَدَ الْخَلِيَّةَ لِمَا عَصَرَهُ بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُحْتَرَمًا كَمَا تَقَدَّمَ. وَبَقِيَ مَا لَوْ لَمْ يَطُمَّهَا ثُمَّ حَصَلَ بِهَا تَلَفٌ فَطَلَبَ مِنْ الْغَاصِبِ بَدَلَ التَّالِفِ فَادَّعَى الْغَاصِبُ أَنَّ الْمَالِكَ رَضِيَ بِاسْتِدَامَةِ الْبِئْرِ فَأَنْكَرَهُ الْمُسْتَحِقُّ فَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُ الْمُسْتَحِقِّ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الضَّمَانِ وَعَدَمُ رِضَا الْمَالِكِ بِبَقَائِهَا، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ طُولِ زَمَنِ تَصَرُّفِ الْمَالِكِ فِيهَا بَعْدَ زَوَالِ الْغَصْبِ وَعَدَمِهِ. (قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَوْ أَذِنَ) قَدْ يُقَالُ هَلَّا جَازَ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْمَالِكُ لِغَرَضِ دَفْعِ الضَّمَانِ وَإِنْ لَمْ يَبْرَأْ مِنْ عُهْدَةِ الْمَالِكِ لِعَدَمِ الْقَبْضِ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الْبَكْرِيَّ قَالَ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلِلنَّاقِلِ الرَّدُّ إلَى إنْ كَانَ لَهُ فِيهِ غَرَضٌ مَا نَصُّهُ: وَاسْتَشْكَلَ رَدُّ بَدَلِ التَّالِفِ إذَا لَمْ يَأْذَنْ الْمَالِكُ بِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ. وَيُجَابُ بِأَنَّ غَرَضَ الْبَرَاءَةِ سُومِحَ فِيهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ الْغَاصِبِ. وَقَوْلُهُ نَقَلَ مَا طَوَى بِهِ: أَيْ بَنَى بِهِ، وَقَوْلُهُ وَيُجْبِرُهُ الْمَالِكُ عَلَيْهِ: أَيْ عَلَى نَقْلِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَمَحَ) أَيْ الْغَاصِبُ، وَقَوْلُهُ بِهِ: أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: أَوْ حَصَلَ فِي الْأَرْضِ نَقْصٌ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ إذَا كَانَ فِي طَرِيقِهِ مَثَلًا مَوَاتٌ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشِّهَابُ سم أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي فَإِنْ تَيَسَّرَ نَقْلُهُ لِنَحْوِ مَوَاتٍ فِي طَرِيقِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلِلْمَالِكِ مَنْعُهُ مِنْ بَسْطِهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِي بَسْطِهِ كَدَفْعِ ضَمَانِ التَّعَثُّرِ أَوْ النَّقْصِ، لَكِنْ فِي الْأَذْرَعِيِّ خِلَافُهُ فِي الْأُولَى، وَيُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ فِي الشَّرْحِ فِي مَسْأَلَةِ الرَّدِّ أَنَّ لَهُ الْبَسْطَ وَإِنْ مَنَعَهُ الْمَالِكُ لِدَفْعِ أَرْشِ النَّقْصِ إنْ لَمْ يُبْرِئْهُ الْمَالِكُ مِنْهُ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ نَقَلَهُ) الْأَوْلَى كَأَنْ نَقَلَهُ. (قَوْلُهُ: وَمَا اسْتَشْكَلَ بِهِ الْقَوْلَ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَاسْتَشْكَلَ بِمَا مَرَّ أَنَّ الْمِثْلَ فِي الذِّمَّةِ وَهُوَ لَا يُمْلَكُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ فَلْيُحْمَلْ عَلَى مَا إذَا أَذِنَ لَهُ الْمَالِكُ فِي رَدِّهِ.

مُدَّتَهُمَا تَعَدِّيًا وَإِنْ كَانَ آتِيًا بِوَاجِبٍ (وَإِنْ بَقِيَ نَقْصٌ) فِي الْأَرْضِ بَعْدَ الْإِعَادَةِ (وَجَبَ أَرْشُهُ مَعَهَا) أَيْ الْأُجْرَةِ لِاخْتِلَافِ سَبَبَيْهِمَا. (وَلَوْ) غَصَبَ زَيْتًا وَنَحْوَهُ) مِنْ الْأَدْهَانِ (وَأَغْلَاهُ فَنَقَصَتْ عَيْنُهُ دُونَ قِيمَتِهِ) بِأَنْ كَانَ صَاعًا قِيمَتُهُ دِرْهَمٌ فَصَارَ نِصْفَ صَاعٍ قِيمَتُهُ دِرْهَمٌ (رَدَّهُ) لِبَقَاءِ الْعَيْنِ (وَلَزِمَهُ مِثْلُ الذَّاهِبِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ لَهُ بَدَلًا مُقَدَّرًا وَهُوَ الْمِثْلُ فَأَوْجَبْنَاهُ وَإِنْ زَادَتْ الْقِيمَةُ بِالْإِغْلَاءِ؛ كَمَا لَوْ خُصِيَ الْعَبْدُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ وَإِنْ زَادَتْ أَضْعَافَهَا، وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ جَبْرُ النُّقْصَانِ، إذْ مَا فِيهِ مِنْ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ حَصَلَ مِنْ سَبَبٍ وَاحِدٍ فَيَنْجَبِرُ النُّقْصَانُ بِالزِّيَادَةِ (وَإِنْ نَقَصَتْ الْقِيمَةُ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْعَيْنِ (لَزِمَهُ الْأَرْشُ) جَبْرًا لَهُ (إنْ نَقَصَتَا) أَيْ الْعَيْنُ وَالْقِيمَةُ جَمِيعًا (غَرِمَ الذَّاهِبَ وَرَدَّ الْبَاقِيَ) مُطْلَقًا وَ (مَعَ أَرْشِهِ إنْ كَانَ نَقْصُ الْقِيمَةِ أَكْثَرَ) مِنْ نَقْصِ الْعَيْنِ كَرَطْلَيْنِ قِيمَتُهُمَا دِرْهَمَانِ صَارَا بِالْإِغْلَاءِ رَطْلًا قِيمَتُهُ نِصْفُ دِرْهَمٍ فَيَرُدُّ الْبَاقِي وَيَرُدُّ مَعَهُ رَطْلًا وَنِصْفَ دِرْهَمٍ. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ نَقْصُ الْقِيمَةِ أَكْثَرَ بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ فِي الْبَاقِي نَقْصٌ كَمَا لَوْ صَارَا رَطْلًا قِيمَتُهُ دِرْهَمٌ أَوْ أَكْثَرُ فَيَغْرَمُ الذَّاهِبَ فَقَطْ وَيَرُدُّ الْبَاقِيَ، وَلَوْ غَصَبَ عَصِيرًا وَأَغْلَاهُ فَنَقَصَتْ عَيْنُهُ دُونَ قِيمَتِهِ لَمْ يَغْرَمْ مِثْلَ الذَّاهِبِ لِأَنَّهُ مَائِيَّةٌ لَا قِيمَةَ لَهُ، وَالذَّاهِبُ مِنْ الدُّهْنِ دُهْنٌ مُتَقَوِّمٌ، وَمِثْلُ ذَلِكَ الرُّطَبُ يَصِيرُ تَمْرًا، وَأَجْرَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ فِي اللَّبَنِ إذَا صَارَ جُبْنًا وَنَقَصَ كَذَلِكَ، وَنَظَرَ فِيهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الْجُبْنَ لَا يُمْكِنُ كَيْلُهُ حَتَّى تُعْرَفَ نِسْبَةُ نَقْصِهِ مِنْ عَيْنِ اللَّبَنِ اهـ. نَعَمْ تُعْرَفُ النِّسْبَةُ بِوَزْنِهَا، وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ بِأَنَّ الذَّاهِبَ مِمَّا ذُكِرَ مَائِيَّةٌ لَا قِيمَةَ لَهَا أَنَّهُ لَوْ نَقَصَ مِنْهُ عَيْنُهُ وَقِيمَتُهُ ضَمِنَ الْقِيمَةَ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّهُ يَضْمَنُ مِثْلَ الذَّاهِبِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمِنَّةِ (قَوْلُهُ: مُدَّتَهُمَا) أَيْ الْإِعَادَةِ وَالْحَفْرِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ آتِيًا بِوَاجِبٍ) أَيْ فِي الْأَوَّلِ اِ هـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ) أَيْ فِي مُقَابَلَةِ مَا جَنَى عَلَيْهِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَادَتْ) أَيْ قِيمَتُهُ بَعْدَ الْخَصْيِ أَضْعَافَ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَرَدَّ الْبَاقِيَ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ نَقْصُ الْقِيمَةِ أَكْثَرَ مِنْ نَقْصِ الْعَيْنِ أَوْ لَا. [فَرْعٌ] غَصَبَ وَثِيقَةً كَالْحِجَجِ وَالتَّذَاكِرِ لَزِمَهُ إذَا تَلِفَتْ قِيمَةُ الْوَرَقِ وَأُجْرَةُ الْكِتَابَةِ أَوْ ثَوْبًا مُطَرَّزًا لَزِمَهُ قِيمَتُهُ مُطَرَّزًا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْكِتَابَةَ تَعِيبُ الْوَرَقَ وَتُنْقِصُ قِيمَتَهُ، فَلَوْ أَلْزَمْنَاهُ قِيمَةُ الْوَثِيقَةِ دُونَ الْأُجْرَةِ لَأَجْحَفْنَا بِالْمَالِكِ، وَلَا كَذَلِكَ الطِّرَازُ لِأَنَّهُ يَزِيدُ فِي قِيمَةِ الثَّوْبُ فَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مَائِيَّةٌ لَا قِيمَةَ لَهُ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: قَدْ تَكْثُرُ هَذِهِ الْمَائِيَّةُ حَتَّى تَتَقَوَّمَ قَطْعًا كَمَا لَوْ غَصَبَ أَلْفَ صَاعٍ مِنْ الْعَصِيرِ قِيمَتُهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَأَغْلَاهُ فَصَارَ مِائَةَ صَاعٍ يُسَاوِي مِائَةَ دِرْهَمٍ فَالذَّاهِبُ تِسْعُمِائَةِ صَاعٍ، وَلَا شُبْهَةَ أَنَّ لَهَا قِيمَةً لِأَنَّهُ مَائِعٌ طَاهِرٌ يُنْتَفَعُ بِهِ فِي أَغْرَاضٍ لَا تُحْصَى فَكَيْفَ يُقَالُ إنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ فِي مِثْلِ هَذَا ضَمَانَ نَقْصِ الْعَيْنِ، لَكِنْ عَلَى هَذَا فِي ضَمَانِ النَّقْصِ إشْكَالٌ لِأَنَّهُ إنْ ضَمِنَهُ بِعَصِيرٍ خَالِصٍ فَلَيْسَ مِثْلَهُ لِأَنَّ الذَّاهِبَ هُنَا مُجَرَّدُ مَائِيَّةٍ، بِخِلَافِ الْعَصِيرِ الْخَالِصِ وَإِنْ ضَمِنَهُ بِالْقِيمَةِ فَقَدْ يُقَالُ لَيْسَ هَذَا مُتَقَوِّمًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَقَدْ يُوَجَّهُ وُجُوبُ رَدِّ الْقِيمَةِ بِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ غَصَبَ مِثْلِيًّا وَتَلِفَ ثُمَّ فُقِدَ الْمِثْلُ حَيْثُ وَجَبَ فِيهِ رَدُّ الْقِيمَةِ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ رَدَّ الْقِيمَةِ لَيْسَ خَاصًّا بِالْمُتَقَوِّمِ، أَوْ يُقَالُ إنَّ مَا انْفَصَلَ مِنْ النَّارِ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ مِنْ الْمُتَقَوِّمِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مِنْ الْإِشْكَالِ. وَالْجَوَابُ يُقَالُ فِي اللَّبَنِ إذَا صَيَّرَهُ جُبْنًا. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ) الْإِشَارَةُ لِقَوْلِهِ وَلَوْ غَصَبَ عَصِيرًا (قَوْلُهُ: وَأَجْرَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ) أَيْ أَجْرَى قَوْلَهُ لَمْ يَغْرَمْ مِثْلَ الذَّاهِبِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَنَقَصَ كَذَلِكَ) أَيْ الْعَيْنُ دُونَ الْقِيمَةُ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الذَّاهِبَ مِمَّا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ الْعَصِيرِ وَالرُّطَبِ وَالْجُبْنِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ نَقَصَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْعَصِيرِ (قَوْلُهُ: إنَّهُ يَضْمَنُ مِثْلَ الذَّاهِبِ) أَيْ مِمَّا ذَكَرَ مِنْ الْعَصِيرِ وَالرُّطَبِ وَالْجُبْنِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ الذَّاهِبُ أَجْزَاءً مُتَقَوِّمَةً، فَإِنْ كَانَ مَائِيَّةً فَلَا هَذَا، وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِ عَوْدُهُ لِلْجُبْنِ فَقَطْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ) أَيْ: الْعَصِيرِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ الْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَضْمَنُ مِثْلَ الذَّاهِبِ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي الذَّهَابِ وَعَدَمِهِ

كَالدُّهْنِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ السَّمْنَ) الطَّارِئَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ (لَا يُجْبِرُ نَقْصَ هُزَالٍ قَبْلَهُ) فَلَوْ غَصَبَ سَمِينَةً فَهَزَلَتْ ثُمَّ سَمِنَتْ رَدَّهَا وَأُرِشَ السَّمْنِ الْأَوَّلِ، إذْ الثَّانِي غَيْرُهُ، وَمَا نَشَأَ مِنْ فِعْلِ الْغَاصِبِ لَا قِيمَةَ لَهُ حَتَّى لَوْ زَالَ الْمُتَجَدِّدُ غَرِمَ أَرْشَهُ أَيْضًا هَذَا إنْ رَجَعَتْ قِيمَتُهَا إلَى مَا كَانَتْ وَإِلَّا غَرِمَ أَرْشَ النَّقْصِ جَزْمًا. وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ نَقْصُ هُزَالٍ إلَى أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِزَوَالِ سَمْنٍ مُفْرِطٍ لَا يُنْقِصُ زَوَالُهُ الْقِيمَةَ، وَلَوْ انْعَكَسَ الْحَالُ بِأَنْ سَمِنَتْ فِي يَدِهِ مُعْتَدِلَةً سِمَنًا مُفْرِطًا نَقَصَ قِيمَتَهَا رَدَّهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ نَقْصِهَا حَقِيقَةً وَعُرْفًا عَلَى مَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ وَأَقَرَّهُ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُ الْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرُهُ خِلَافُهُ لِمُخَالَفَتِهِ لِقَاعِدَةِ الْبَابِ مِنْ تَضْمِينِ الْقِيمَةِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يُجْبَرُ كَمَا لَوْ جَنَى عَلَى عَيْنٍ فَابْيَضَّتْ ثُمَّ زَالَ الْبَيَاضُ. (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ) (تَذَكُّرَ صَنْعَةٍ نَسِيَهَا) عِنْدَ الْغَاصِبِ (يَجْبُرُ النِّسْيَانَ) سَوَاءٌ أَتَذَكَّرهَا عِنْدَ الْغَاصِبِ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَمْ عِنْدَ الْمَالِكِ كَمَا بَحَثَهُ فِي الْمَطْلَبِ، وَشَمِلَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ عَيْنُ الْأَوَّلِ فَصَارَ كَنِسْيَانِهَا، بِخِلَافِ السِّمَنِ فَإِنَّهُ زِيَادَةٌ فِي الْجِسْمِ مَحْسُوسَةٌ مُغَايِرَةٌ لِتِلْكَ الْأَجْزَاءِ الذَّاهِبَةِ، وَالثَّانِي لَا يَجْبُرُ كَالسِّمَنِ وَرُدَّ بِمَا مَرَّ، وَلَوْ تَعَلَّمَ الصَّنْعَةَ عِنْدَ الْغَاصِبِ بَعْدَ نِسْيَانِهَا فَكَالتَّذَكُّرِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، أَوْ عِنْدَ الْمَالِكِ فَلَا كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ الْمُتَّجَهُ، وَعَوْدُ الْحُسْنِ كَعَوْدِ السِّمَنِ لَا كَتَذَكُّرِ الصَّنْعَةِ قَالَهُ الْإِمَامُ، وَكَذَا صَوْغُ حُلِيٍّ انْكَسَرَ، وَلَوْ تَعَلَّمَتْ الْجَارِيَةُ الْمَغْصُوبَةُ الْغِنَاءَ فَزَادَتْ قِيمَتُهَا بِهِ ثُمَّ نَسِيَتْهُ لَمْ يَضْمَنْهُ حَيْثُ كَانَ مُحَرَّمًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَمَرَضُ الْقِنِّ وَالْمَغْصُوبِ أَوْ تَمَعُّطُ شَعْرِهِ أَوْ سُقُوطُ سِنِّهِ يَنْجَبِرُ بِعَوْدِهِ كَمَا كَانَ، وَلَوْ عَادَ بَعْدَ الرَّدِّ لِلْمَالِكِ بِخِلَافِ سُقُوطِ صُوفِ الشَّاةِ أَوْ وَرَقِ الشَّجَرَةِ لَا يَنْجَبِرُ بِعَوْدِهِ كَمَا كَانَ لِأَنَّهُ مُتَقَوِّمٌ يَنْقُصُ بِهِ، وَصِحَّةُ الرَّقِيقِ وَشَعْرِهِ وَسِنِّهِ غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ (وَتَعَلُّمُ صَنْعَةٍ لَا يَجْبُرُ نِسْيَانَ) صَنْعَةٍ (أُخْرَى قَطْعًا) وَلَوْ أَرْفَعَ مِنْ الْأُولَى لِلتَّغَايُرِ مَعَ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِ الصَّنَائِعِ. (وَلَوْ) (غَصَبَ عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ ثُمَّ تَخَلَّلَ) عِنْدَهُ (فَالْأَصَحُّ أَنَّ الْخَلَّ لِلْمَالِكِ) لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ وَإِنَّمَا انْتَقَلَ مِنْ صِفَةٍ إلَى أُخْرَى (وَعَلَى الْغَاصِبِ الْأَرْشُ) ـــــــــــــــــــــــــــــS [فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَنْ شَخْصٍ غَصَبَ مِنْ آخَرَ عَبْدَيْنِ ثُمَّ إنَّ أَحَدَهُمَا جَنَى عَلَى الْآخَرِ وَاقْتَصَّ السَّيِّدُ مِنْ الْجَانِي فِي يَدِ الْغَاصِبِ هَلْ يَضْمَنُهُمَا لِأَنَّهُمَا مَاتَا بِجِنَايَةٍ فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَوْ يَضْمَنُ الْجَانِيَ فَقَطْ لِأَنَّ السَّيِّدَ اسْتَوْفَى حَقَّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِاقْتِصَاصِهِ مِنْ الْجَانِي؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ الْأَوَّلُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: فَهُزِلَتْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ اهـ حَجّ. وَفِي الْقَامُوسِ هَزَلَ كَنَصَرَ انْتَهَى. فَتَلَخَّصَ أَنَّ فِيهِ لُغَتَيْنِ، فَمَنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لَعَلَّهُ لِكَوْنِهِ الْأَكْثَرَ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُخْتَارِ أَنَّ مَحَلَّ بِنَائِهِ لِلْفَاعِلِ إذَا ذَكَرَ نَحْوَ قَوْلِك هَزَلَ الدَّابَّةَ صَاحِبُهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ الْمَفْعُولِ فَإِنَّهُ يُقَالُ هُزِلَتْ الدَّابَّةُ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ لَا غَيْرُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا غَرِمَ أَرْشَ النَّقْصِ جَزْمًا) لَوْ نَقَصَتْ بِالْهُزَالِ نِصْفَ الْقِيمَةِ ثُمَّ رَجَعَتْ بِالسِّمَنِ الثَّانِي إلَى ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْقِيمَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَغْرَمَ الرُّبُعَ الْفَائِتَ قَطْعًا وَالرُّبُعَ الرَّاجِعَ بِالسِّمَنِ الثَّانِي عَلَى الْأَصَحِّ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ كَنِسْيَانِهَا) صَوَابُهُ كَعَدَمِ نِسْيَانِهَا (قَوْلُهُ أَوْ عِنْدَ الْمَالِكِ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَغْرَمْ فِي تَعَلُّمِهِ شَيْئًا كَأَنْ عَلَّمَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمُتَبَرِّعٍ، لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ مَنْسُوبٌ لِلْمَالِكِ وَقَدْ تَحَقَّقَ نَقْصُهُ حِينَ رُجُوعِهِ لِيَدِهِ (قَوْلُهُ: يَنْجَبِرُ بِعَوْدِهِ) أَيْ وَلَوْ مَثْغُورًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ، وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَفِي مِقْدَارِ الذَّاهِبِ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ. وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْمِثْلِ الَّذِي يَضْمَنُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَضْمَنَهُ عَصِيرًا، تَقُولُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: إنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى عَصِيرٍ خَالِصٍ مِنْ الْمَائِيَّةِ بِمِقْدَارِ الذَّاهِبِ، أَوْ يُكَلَّفُ إغْلَاءَ عَصِيرٍ حَتَّى تَذْهَبَ مَائِيَّتُهُ وَيَغْرَمُ مِنْهُ بِمِقْدَارِ الذَّاهِبِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَمَا نَشَأَ مِنْ فِعْلِ الْغَاصِبِ لَا قِيمَةَ لَهُ) أَيْ: لَا يُقَابَلُ بِشَيْءٍ لِلْغَاصِبِ لِيُلَائِمَ مَا رَتَّبَهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: جَزْمًا) الْجَزْمُ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ لِأَصْلِ الْأَرْشِ، وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمِقْدَارَ مُخْتَلِفٌ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ مِنْ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ (وَقَوْلُهُ: وَصِحَّةُ الرَّقِيقِ وَشَعْرُهُ وَسِنُّهُ غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ) بِمَعْنَى أَنَّهَا إذَا انْفَصَلَتْ لَا تُقَابَلُ بِشَيْءٍ فَلَا يُشْكِلُ

لِنَقْصِهِ (إنْ كَانَ الْخَلُّ أَنْقَصَ قِيمَةً) مِنْ الْعَصِيرِ لِحُصُولِهِ فِي يَدِهِ، وَإِنْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ مِثْلُ الْعَصِيرِ لِأَنَّهُ بِالتَّخَمُّرِ كَالتَّالِفِ وَالْخَلُّ عَلَى هَذَا لِلْمَالِكِ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ فَرْعُ مِلْكِهِ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ غَصَبَ بَيْضًا فَتَفَرَّخَ أَوْ حَبًّا فَنَبَتَ أَوْ بَزْرَ قَزٍّ فَصَارَ قَزًّا. وَخَرَجَ بِثَمَّ تَخَلُّلٌ مَا لَوْ تَخَمَّرَ وَلَمْ يَتَخَلَّلْ فَيَلْزَمُهُ مِثْلُ الْعَصِيرِ لِفَوَاتِ الْمَالِيَّةِ وَعَلَيْهِ إرَاقَةُ الْخَمْرِ إنْ عَصَرَهَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ وَإِلَّا فَلَا تَجُوزُ لَهُ إرَاقَتُهَا لِاحْتِرَامِهَا، وَلَا يَجِبُ رَدُّهَا لِلْمَالِكِ لِأَنَّ رَدَّ مِثْلِ الْعَصِيرِ قَائِمٌ مَقَامَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي جِلْدِ الشَّاةِ آنِفًا، كَذَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ. وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ كَجِلْدِ الْمَيِّتَةِ (وَلَوْ) (غَصَبَ خَمْرًا فَتَخَلَّلَتْ) عِنْدَهُ (أَوْ جِلْدَ مَيِّتَةٍ) يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ (فَدَبَغَهُ) (فَالْأَصَحُّ أَنَّ الْخَلَّ وَالْجِلْدَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ) لِأَنَّهُمَا فَرْعَا مِلْكِهِ، فَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ ضَمِنَهُمَا. وَالثَّانِي هُمَا لِلْغَاصِبِ لِحُصُولِ الْمَالِيَّةِ عِنْدَهُ، وَخَرَجَ بِغَصْبٍ مَا لَوْ أَعْرَضَ عَنْهُمَا وَهُوَ مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِإِعْرَاضِهِ فَيَمْلِكُهُ آخِذُهُ. وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِ الْأَوَّلِ إخْرَاجُ الْخَمْرَةِ غَيْرِ الْمُحْتَرَمَةِ، وَبِهِ جَزَمَ الْإِمَامُ وَسَوَّى الْمُتَوَلِّي بَيْنَهُمَا. قَالَ الشَّيْخُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ مَا لَمْ يُعْرِضْ الْمَالِكُ عَنْهَا، فَإِنْ أَعْرَضَ لَمْ يَجِبْ رَدُّهَا عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِلْمَالِكِ اسْتِرْدَادُهَا، وَإِعْرَاضُ الْمَالِكِ عَنْهَا كَإِعْرَاضِهِ عَنْ الْخَمْرِ، وَإِذَا لَمْ يُعْرِضْ عَنْهُ لَزِمَ الْغَاصِبَ رَدُّهُ لِعُمُومِ الْخَبَرِ لِأَنَّهُ مُنْتَفِعٌ بِهِ، وَلَوْ أَتْلَفَ جِلْدًا لَمْ يُدْبَغْ فَادَّعَى مَالِكُهُ تَذْكِيَتَهُ وَالْمُتْلِفُ عَدَمَهَا صُدِّقَ الْمُتْلِفُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّزْكِيَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSظَاهِرٌ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ نَاقِصًا بَعْدَ الْعَوْدِ عَنْ حَالِهِ قَبْلَ الْغَصْبِ (قَوْلُهُ: وَيُجْرَى إلَخْ) قَدْ يَتَوَقَّفُ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ لِتَخَلُّفِ عِلَّةِ الثَّانِي فِيهَا، فَإِنَّ تَخَمُّرَ الْعَصِيرِ يُخْرِجُهُ عَنْ الْمَالِيَّةِ فَيُمْكِنُ جَعْلُهُ كَالتَّالِفِ، وَلَا كَذَلِكَ الْمَذْكُورَاتُ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَوَسَّطْ بَيْنَ الصِّفَةِ الْعَارِضَةِ لَهَا وَمَا كَانَتْ عَلَيْهِ مَا يُخْرِجُهَا عَنْ ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْبَيْضُ يَصِيرُ دَمًا قَبْلَ صَيْرُورَتِهِ فَرْخًا، وَالْحَبُّ يَصِيرُ إلَى حَالَتِهِ لَوْ أُخْرِجَ مِنْ الْأَرْضِ وَبِيعَ بِتِلْكَ الْحَالَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ فَجُعِلَ كَالتَّالِفِ قَبْلَ صَيْرُورَتِهِ فَرْخًا وَنَبَاتًا (قَوْلُهُ: فَتَفَرَّخَ) أَيْ وَلَوْ بِفِعْلِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ. وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ حَطَبًا وَأَحْرَقَهُ أَنَّهُ يَرُدُّهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ. نَعَمْ إنْ صَارَ لَا قِيمَةَ لَهُ فَيَحْتَمِلُ وُجُوبُ رَدِّهِ مَعَ قِيمَتِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَصَارَ قَزًّا) فِيهِ مُسَامَحَةٌ، إذْ الْبَزْرُ لَا يَصِيرُ قَزًّا وَإِنَّمَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ بَعْدَ حُلُولِ الْحَيَاةِ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ الْمَالِكِ، وَقَوْلُهُ إنْ عَصَرَهَا: أَيْ الْمَالِكُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي جِلْدِ الشَّاةِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَرِدْ فِيهَا مَا يَقُومُ مَقَامَ الشَّاةِ، وَلَا يُقَالُ: الْقِيمَةُ مُنَزَّلَةٌ مَنْزِلَتَهَا لِمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (قَوْلُهُ: كَجِلْدِ الْمَيْتَةِ) أَيْ وَكَمَا لَوْ نَجَّسَ زَيْتَهُ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ بَدَلَهُ وَالْمَالِكُ أَحَقُّ بِزَيْتِهِ اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ. مَعَ أَنَّهُ رَدَّ مِثْلَ الزَّيْتِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِ الْأَوَّلِ إخْرَاجُ الْخَمْرَةِ) نَازَعَ حَجّ فِي كَوْنِ ذَلِكَ قَضِيَّتَهُ فَقَالَ: وَلَيْسَ قَضِيَّتُهُ إخْرَاجَ غَيْرِ الْمُحْتَرَمَةِ خِلَافًا لِمَنْ ادَّعَاهُ لِأَنَّ مِلْكَهُ هُوَ الْعَصِيرُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ خَلَّ الْمُحْتَرَمَةِ وَغَيْرِهَا فَرْعٌ عَنْهُ، وَمِنْ ثَمَّ سَوَّى الْمُتَوَلِّي إلَخْ اهـ. نَعَمْ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مُقْتَضَى قَوْلِ الْمَحَلِّيِّ لِأَنَّهُمَا فَرْعُ مَا اخْتَصَّ بِهِ اهـ. وَذَلِكَ لِأَنَّ الْخَمْرَةَ الْغَيْرَ الْمُحْتَرَمَةِ تُرَاقُ عَلَى عَاصِرِهَا فَلَمْ يُصَدَّقْ عَلَى خَلِّهَا أَنَّهُ فَرْعُ مَا اخْتَصَّ بِهِ (قَوْلُهُ: وَإِذَا لَمْ يُعْرِضْ عَنْهُ) أَيْ الْجِلْدِ (قَوْلُهُ: لِعُمُومِ الْخَبَرِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّذْكِيَةِ) أَيْ وَبَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْغَاصِبِ أَيْضًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالسِّمَنِ، إذْ هُوَ لَوْ انْفَصَلَ قُوبِلَ بِالْقِيمَةِ إذْ هُوَ شَحْمٌ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ إرَاقَةُ الْخَمْرِ) أَيْ: عَلَى الْغَاصِبِ لِيُلَائِمَ قَوْلَهُ بَعْدَهُ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لَهُ إرَاقَتُهَا خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُمَا فَرْعَا مِلْكِهِ) جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَقَدْ لَا يَسْبِقُ لَهُ مِلْكٌ، كَمَا لَوْ وَرِثَ الْخَمْرَةَ أَوْ الْجَلْدَ مَثَلًا، وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُمَا فَرْعَا اخْتِصَاصِهِ. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِ الْأَوَّلِ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ: وَلَيْسَ قَضِيَّتُهُ إخْرَاجَ غَيْرِ الْمُحْتَرَمَةِ خِلَافًا لِمَنْ ادَّعَاهُ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ هُوَ الْعَصِيرُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ حِلَّ الْمُحْتَرَمَةِ وَغَيْرِهَا فَرْعٌ عَنْهُ اهـ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ مُنْتَفِعٌ بِهِ) لَعَلَّهُ سَقَطَ قَبْلَهُ وَاوٌ.

[فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة]

فَصْلٌ) فِيمَا يَطْرَأُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْ زِيَادَةٍ وَوَطْءٍ وَانْتِقَالٍ لِلْغَيْرِ وَتَوَابِعِهَا (زِيَادَةُ الْمَغْصُوبِ إنْ كَانَتْ أَثَرًا مَحْضًا كَقِصَارَةٍ) لِثَوْبٍ وَخِيَاطَةٍ بِخَيْطٍ مِنْ الثَّوْبِ وَطَحْنٍ لِبُرٍّ وَضَرْبِ سَبِيكَةِ دَرَاهِمَ (فَلَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ بِسَبَبِهَا) لِتَعَدِّيهِ بِعَمَلِهِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ، وَبِهِ فَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْمُفْلِسِ مِنْ مُشَارَكَتِهِ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهُ عَمِلَ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ (وَلِلْمَالِكِ تَكْلِيفُهُ رَدَّهُ) أَيْ الْمَغْصُوبَ (كَمَا كَانَ إنْ أَمْكَنَ) وَلَوْ مَعَ عُسْرٍ كَرَدِّ الْحُلِيِّ سَبَائِكَ وَاللَّبِنِ طِينًا إلْحَاقًا لِرَدِّ الصِّفَةِ بِرَدِّ الْعَيْنِ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ تَعَدِّيهِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَإِنْ شَرَطَ الْمُتَوَلِّي أَنْ يَكُونَ لَهُ غَرَضٌ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ رَدُّهُ مِمَّا كَانَ كَالْقِصَارَةِ لَمْ يُكَلَّفْ ذَلِكَ بَلْ يَرُدُّهُ بِحَالِهِ. وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ رَضِيَ الْمَالِكُ بِبَقَائِهِ لَمْ يُعِدْهُ؛ مُقَيَّدٌ بِمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ، فَإِنْ كَانَ كَأَنْ ضَرَبَ الدَّرَاهِمَ بِغَيْرِ إذْنِ السُّلْطَانِ أَوْ عَلَى غَيْرِ عِيَارِهِ فَلَهُ إعَادَتُهُ. خَوْفًا مِنْ التَّعْزِيرِ (وَأَرْشُ) بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى " تَكْلِيفُهُ " وَالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى " رَدَّهُ " (النَّقْصِ) لِقِيمَتِهِ قَبْلَ الزِّيَادَةِ سَوَاءٌ أَحَصَلَ النَّقْصُ بِهَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَمْ بِإِزَالَتِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ) فِيمَا يَطْرَأُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْ زِيَادَةٍ وَوَطْءٍ وَانْتِقَالٍ لِلْغَيْرِ (قَوْلُهُ: وَتَوَابِعِهَا) أَيْ كَالْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ (قَوْلُهُ: بِخَيْطٍ مِنْ الثَّوْبِ) أَيْ أَمَّا لَوْ كَانَ الْخَيْطُ مِنْ الْغَاصِبِ وَزَادَتْ بِهِ الْقِيمَةُ شَارَكَ بِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ فَصَلَهُ كَمَا يَأْتِي فِي الصِّيَغِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: بِخَيْطِ الْمَالِكِ اهـ. وَهِيَ أَعَمُّ مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: لِتَعَدِّيهِ) أَيْ بِحَسَبِ نَفْسِ الْأَمْرِ حَتَّى لَوْ قَصَّرَ ثَوْبَ غَيْرِهِ يَظُنُّهُ ثَوْبَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْمُفْلِسَ (قَوْلُهُ: إلْحَاقًا لِرَدِّ الصِّفَةِ) وَهِيَ جَعْلُهُ سَبَائِكَ وَطِينًا (قَوْلُهُ: لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ الْمَالِكَ (قَوْلُهُ: وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ) يَتَأَمَّلُ وَجْهَ الِاقْتِضَاءِ، فَإِنَّ قَوْلَهُ: وَلِلْمَالِكِ تَكْلِيفُهُ إلَخْ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَالِكَ إذَا رَضِيَ بِهِ امْتَنَعَ عَلَى الْغَاصِبِ إعَادَتُهُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ قَوْلَهُ وَلِلْمَالِكِ التَّكْلِيفُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ تَكْلِيفُهُ الرَّدَّ، وَقَدْ يُفْهَمُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَرْضَ بِرَدِّهِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ جَعَلَ رَدَّ الْغَاصِبِ لَهُ مُرَتَّبًا عَلَى تَكْلِيفِ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ إعَادَتُهُ) أَيْ الْغَاصِبِ، وَقَوْلُهُ: خَوْفًا إلَخْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ فِي الْوَاقِعِ يَسْقُطُ التَّعْزِيرُ بِإِعَادَتِهِ، قَدْ تَمْنَعُ دَلَالَتُهُ عَلَى ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ بَقَاءَ الدَّرَاهِمِ بِحَالِهَا يُؤَدِّي إلَى اطِّلَاعِ السُّلْطَانِ فَيُعَزِّرُهُ، وَإِعَادَتُهَا طَرِيقٌ إلَى عَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَى مَا وَقَعَ، وَقَدْ يُقَالُ: لَوْلَا سُقُوطُ التَّعْزِيرِ مَا جَازَ لَهُ التَّسَبُّبُ فِي دَفْعِهِ بِالْإِعَادَةِ، وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ مَا لَمْ يَبْلُغْ الْإِمَامَ فَيَنْبَغِي لَهُ كَتْمُهُ وَالسَّعْيُ فِي دَفْعِهِ كَمَا فِي مُوجِبِ الْحَدِّ. [فَرْعٌ] قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَوْ ضَرَبَ الشَّرِيكُ الطِّينَ الْمُشْتَرَكَ لَبِنًا أَوْ السَّبَائِكَ دَرَاهِمَ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَيَجُوزُ لَهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ أَنْ يَنْقُضَهُ وَإِنْ رَضِيَ شَرِيكُهُ بِالْبَقَاءِ لِيَنْتَفِعَ بِمِلْكِهِ كَمَا كَانَ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَمِنْهُ مَا لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ شَخْصٍ وَآخَرَ فَغَرَسَ فِيهَا أَوْ بَنَى بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَإِنَّهُ يُكَلَّفُ الْقَلْعَ لِتَعَدِّيهِ بِفِعْلِهِ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا فَكَانَ كَالْغَاصِبِ لَا يُقَالُ فِيهِ: تَكْلِيفُهُ قَلْعَ مِلْكِهِ عَنْ مِلْكِهِ. لِأَنَّا نَقُولُ: لَيْسَ الْمَقْصُودُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ الْخُرُوجُ مِنْ حَقِّ الْغَيْرِ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِقَلْعِ الْجَمِيعِ، وَسَيَأْتِي فِي الشُّفْعَةِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلِلشَّفِيعِ نَقْضُ مَا لَا شُفْعَةَ إلَخْ مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ بَنَى الْمُشْتَرِي أَوْ غَرَسَ فِي الْمَشْفُوعِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِهَا) أَيْ الزِّيَادَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِيمَا يَطْرَأُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْ زِيَادَة] ٍ، وَوَطْءٍ وَانْتِقَالٍ لِلْغَيْرِ. (قَوْلُهُ: وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَقَدْ يَقْتَضِي الْمَتْنُ إلَخْ

وَعَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ أُجْرَةُ مِثْلِهِ لِدُخُولِهِ فِي ضَمَانِهِ لَا لِمَا زَادَ بِصَنْعَتِهِ لِأَنَّ فَوَاتَهُ بِأَمْرِ الْمَالِكِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ رَدَّهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ مَعَ عَدَمِ غَرَضٍ لَهُ غَرِمَ أَرْشَهُ، وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي رَدِّ التُّرَابِ أَنَّهُ لَوْ تَعَيَّنَ غَرَضُ الْغَاصِبِ فِي الرَّدِّ لِعَدَمِ لُزُومِ الْأَرْشِ لَهُ وَمَنَعَهُ الْمَالِكُ مِنْهُ وَأَبْرَأَهُ امْتَنَعَ عَلَيْهِ وَسَقَطَ الْأَرْشُ عَنْهُ (وَإِنْ كَانَتْ) الزِّيَادَةُ الَّتِي فَعَلَهَا الْغَاصِبُ (عَيْنًا كَبِنَاءٍ وَغِرَاسٍ كُلِّفَ الْقَلْعَ) وَأَرْشَ النَّقْصِ لِخَبَرِ «لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» وَإِعَادَتُهَا كَمَا كَانَتْ وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ إنْ مَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ، وَلَوْ أَرَادَ الْمَالِكُ تُمَلَّكَهُ أَوْ إبْقَاءَهُ بِأُجْرَةٍ لَمْ يَلْزَمْ الْغَاصِبَ إجَابَتُهُ لِإِمْكَانِ الْقَلْعِ مِنْ غَيْرِ أَرْشٍ بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ، وَلَوْ أَرَادَ الْغَاصِبُ الْقَلْعَ بِغَيْرِ رِضَا الْمَالِكِ لَمْ يُمْنَعْ، فَإِنْ بَادَرَ أَجْنَبِيٌّ لِذَلِكَ غَرِمَ الْأَرْشَ لِأَنَّ عَدَمَ احْتِرَامِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى مُسْتَحِقِّ الْأَرْضِ فَقَطْ، وَلَوْ كَانَ الْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ مَغْصُوبَيْنِ مِنْ آخَرَ فَلِكُلٍّ مِنْ مَالِكِي الْأَرْضِ وَالْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ إلْزَامُ الْغَاصِبِ بِالْقَلْعِ، وَإِنْ كَانَا لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَرَضِيَ بِهِ الْمَالِكُ امْتَنَعَ عَلَى الْغَاصِبِ قَلْعُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ طَالَبَهُ بِقَلْعِهِ؛ فَإِنْ كَانَ لَهُ فِيهِ غَرَضٌ لَزِمَهُ قَلْعُهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ أَوْجُهُهُمَا نَعَمْ لِتَعَدِّيهِ. أَمَّا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ لِأَنَّ فَوَاتَهُ: أَيْ مَا زَادَ، وَقَوْلُهُ لَوْ رَدَّهُ: أَيْ أَعَادَهُ، وَقَوْلُهُ مَعَ عَدَمِ غَرَضٍ لَهُ: أَيْ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: غَرِمَ أَرْشَهُ) أَيْ أَرْشَ النَّقْصِ لِمَا زَادَ بِصَنْعَتِهِ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَمَنَعَهُ الْمَالِكُ) لَيْسَ الْمَنْعُ بِقَيْدٍ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى الْبَرَاءَةِ، وَيَنْبَغِي فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْبَرَاءَةِ وَعَدَمِهَا أَنَّ الْمُصَدَّقَ هُوَ الْمَالِكُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِبْرَاءِ وَبَقَاءُ شُغْلِ ذِمَّةِ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: وَأَبْرَأَهُ) أَيْ مِنْ الْأَرْشِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ لِعِرْقِ ظَالِمٍ) أَيْ الْأَصْلُ وَهُوَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَقَوْلُهُ حَقٌّ قَالَ حَجّ: هُوَ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَفِيهِمَا التَّنْوِينُ وَتَنْوِينُ الْأَوَّلِ وَإِضَافَةِ الثَّانِي اِ هـ. وَفِي قَوْلِهِ وَإِضَافَةِ الثَّانِي تَأَمُّلٌ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمِشْكَاةِ: وَإِضَافَةُ الْأَوَّلِ وَتَنْوِينُ الثَّانِي وَهِيَ الصَّوَابُ لِأَنَّ " حَقُّ " اسْمُ لَيْسَ بِمَعْنَى احْتِرَامٍ فَلَا يَكُونُ مُضَافًا إلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْ الْغَاصِبَ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ قَبُولُهُ لَوْ وَهَبَهُ لَهُ الْغَاصِبُ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمِنَّةِ (قَوْلُهُ: لِإِمْكَانِ الْقَلْعِ) أَيْ مِنْ الْمَالِكِ لِلْأَرْضِ وَقَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ أَرْشٍ: أَيْ لِلْمَقْلُوعِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَوْ طَلَبَ الْمُعِيرُ مِنْهُ التَّبْقِيَةَ بِالْأُجْرَةِ أَوْ تَمَلُّكَهُ بِالْقِيمَةِ لَزِمَ الْمُسْتَعِيرَ مُوَافَقَتُهُ، لَكِنَّ مَحِلَّهُ كَمَا مَرَّ حَيْثُ لَمْ يَخْتَرْ الْقَلْعَ، أَمَّا عِنْدَ اخْتِيَارِهِ لَهُ فَلَا تَلْزَمُهُ مُوَافَقَةُ الْمُعِيرِ لَوْ طَلَبَ التَّبْقِيَةَ بِالْأُجْرَةِ أَوْ التَّمَلُّكَ بِالْقِيمَةِ ثُمَّ رَأَيْتُ فِي سم عَلَى حَجّ مَا يُصَرِّحُ بِهِ، وَعِبَارَتُهُ: قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ مَا فِي الْعَارِيَّةِ فِيهِ نَظَرٌ، وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِيمَا إذَا امْتَنَعَ الْمُسْتَعِيرُ وَالْغَاصِبُ مِنْ الْقَلْعِ فَلِلْمَالِكِ حِينَئِذٍ قَهْرًا الْإِبْقَاءُ بِالْأُجْرَةِ أَوْ التَّمَلُّكُ بِالْقِيمَةِ هُنَاكَ لَا هُنَا فَلْيُرَاجَعْ اهـ (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ الْقَلْعِ، وَقَوْلُهُ: غَرِمَ الْأَرْشَ: أَيْ لِلْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: إلْزَامُ الْغَاصِبِ بِالْقَلْعِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ جَازَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِعْلُهُ بِنَفْسِهِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُؤَنَ الَّتِي تُصْرَفُ عَلَى الْقَلْعِ إنْ تَبَرَّعَ بِهَا صَاحِبُ الْأَرْضِ أَوْ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ فَذَاكَ، وَإِلَّا رُفِعَ الْأَمْرُ إلَى قَاضٍ يُلْزِمُ الْغَاصِبَ بِصَرْفِهَا، فَإِنْ فُقِدَ الْقَاضِي صَرَفَهَا الْمَالِكُ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ وَأَشْهَدَ (قَوْلُهُ: امْتَنَعَ) أَيْ فَإِنْ فَعَلَ لَزِمَهُ الْأَرْشُ إنْ نَقَصَ (قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْغَاصِبِ حَيْثُ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ عَمَّا كَانَ قَبْلَ نَقْلِهِ لِلْمَحِلِّ الْآخَرِ لَا بِسَبَبِ عَدَمِ إعَادَتِهِ لِلْمَحِلِّ الْمَنْقُولِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا نَعَمْ) لَيْسَ هَذَا مُكَرَّرًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَا لِمَا مَا زَادَ) عُطِفَ عَلَى لِقِيمَتِهِ: أَيْ لَهُ أَرْشُ نَقْصِ قِيمَتِهِ قَبْلَ الزِّيَادَةِ لَا أَرْشُ نَقْصٍ حَصَلَ بِإِزَالَةِ الصَّنْعَةِ الْحَاصِلَةِ بِفِعْلِهِ (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ رَدَّهُ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ رَدَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ لُزُومِ الْأَرْشِ) اللَّامُ فِيهِ بِمَعْنَى فِي، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ فِي الرَّدِّ سِوَاهُ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْغَاصِبِ غَرَضٌ فِي الرَّدِّ سِوَى عَدَمِ لُزُومِ الْأَرْشِ

نَمَاءُ الْمَغْصُوبِ كَمَا لَوْ اتَّجِرْ الْغَاصِبُ فِي الْمَالِ الْمَغْصُوبِ فَالرِّبْحُ لَهُ، فَلَوْ غَصَبَ دَرَاهِمَ وَاشْتَرَى شَيْئًا فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ نَقَدَهَا فِي ثَمَنِهِ وَرَبِحَ رَدَّ مِثْلَ الدَّرَاهِمِ عِنْدَ تَعَذُّرِ رَدِّ عَيْنِهَا، فَإِنْ اشْتَرَى الْعَيْنَ بَطَلَ، وَلَوْ غَصَبَ أَرْضًا وَبَذْرًا مِنْ آخَرَ وَبَذَرَهُ فِي الْأَرْضِ كَلَّفَهُ الْمَالِكُ إخْرَاجَ الْبَذْرِ مِنْهَا وَأَرْشَ النَّقْصِ، وَإِنْ رَضِيَ الْمَالِكُ بِبَقَاءِ الْبَذْرِ فِي الْأَرْضِ امْتَنَعَ عَلَى الْغَاصِبِ إخْرَاجُهُ، وَلَوْ زَوَّقَ الْغَاصِبُ الدَّارَ الْمَغْصُوبَةَ بِمَا لَا يَحْصُلُ مِنْهُ شَيْءٌ بِقَلْعِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ قَلْعُهُ إنْ رَضِيَ الْمَالِكُ بِبَقَائِهِ وَلَيْسَ لَهُ إجْبَارُهُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ كَالثَّوْبِ إذَا قَصَّرَهُ (وَلَوْ) (صَبَغَ) الْغَاصِبُ (الثَّوْبَ بِصِبْغِهِ وَأَمْكَنَ فَصْلُهُ) مِنْهُ بِأَنْ لَمْ يَنْعَقِدْ الصِّبْغُ بِهِ (أُجْبِرَ عَلَيْهِ) أَيْ الْفَصْلِ وَإِنْ خَسِرَ كَثِيرًا أَوْ نَقَصَتْ قِيمَةُ الصِّبْغِ بِالْفَصْلِ (فِي الْأَصَحِّ) كَالْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ، وَلَهُ الْفَصْلُ قَهْرًا عَلَى الْمَالِكِ، وَإِنْ نَقَصَ الثَّوْبُ بِهِ لِأَنَّهُ يَغْرَمُ أَرْشَ النَّقْصِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ آنِفًا، فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ نَقْصٌ فَكَالتَّزْوِيقِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَسْتَقِلُّ الْغَاصِبُ بِفَصْلِهِ وَلَا يَجْبُرُهُ الْمَالِكُ عَلَيْهِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا لِمَا فِيهِ مِنْ ضَرَرِ الْغَاصِبِ لِأَنَّهُ يَضِيعُ بِفَصْلِهِ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ، وَخَرَجَ بِصِبْغِهِ صِبْغُ الْمَالِكِ فَالزِّيَادَةُ كُلُّهَا لَهُ وَالنَّقْصُ عَلَى الْغَاصِبِ وَيَمْتَنِعُ فَصْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ، وَلَهُ إجْبَارُهُ عَلَيْهِ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ وَصِبْغِ مَغْصُوبٍ مِنْ آخَرَ، فَلِكُلٍّ مِنْ مَالِكِي الثَّوْبِ وَالصِّبْغِ تَكْلِيفُهُ فَصْلًا أَمْكَنَ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَهُمَا فِي الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: (وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ) فَصْلُهُ لِتَعَقُّدِهِ (فَإِنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ) وَلَمْ تَنْقُصْ بِأَنْ كَانَ يُسَاوِي عَشَرَةً قَبْلَهُ وَسَاوَاهَا بَعْدَهُ مَعَ أَنَّ الصِّبْغَ قِيمَتَهُ خَمْسَةٌ لَا لِانْخِفَاضِ سُوقِ الثِّيَابِ بَلْ لِأَجْلِ الصِّبْغِ (فَلَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ فِيهِ) وَلَا عَلَيْهِ، إذْ غَصْبُهُ كَالْمَعْدُومِ حِينَئِذٍ (وَإِنْ نَقَصَتْ) قِيمَتُهُ بِأَنْ صَارَ يُسَاوِي خَمْسَةً (لَزِمَهُ الْأَرْشُ) لِحُصُولِ النَّقْصِ بِفِعْلِهِ (وَإِنْ زَادَتْ) قِيمَتُهُ بِسَبَبِ الْعَمَلِ وَالصَّنْعَةِ (اشْتَرَكَا فِيهِ) أَيْ الثَّوْبِ هَذَا بِصِبْغِهِ، وَهَذَا بِثَوْبِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ غَرَضٌ لِاشْتِمَالِ مَا هُنَا عَلَى التَّفْصِيلِ وَحِكَايَةِ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اشْتَرَى بِالْعَيْنِ بَطَلَ) أَيْ وَالزِّيَادَةُ لِلْبَائِعِ، فَإِنْ جَهِلَ كَانَ ذَلِكَ مِنْ الْأَمْوَالِ الضَّائِعَةِ وَأَمْرُهَا لِبَيْتِ الْمَالِ، وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلِغَيْرِهِ أَخْذُهَا لِيُعْطِيَهَا لِلْمُسْتَحِقِّ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْغَاصِبَ إنْ غَرِمَ مِثْلَ الدَّرَاهِمِ الْمَغْصُوبَةِ لِصَاحِبِهَا جَازَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ هَذَا الْمَالِ مَا يُسَاوِي مَا غَرِمَهُ مِنْ بَابِ الظَّفَرِ وَيُحَصِّلُ بِهِ مِثْلَ حَقِّهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَصَبَ أَرْضًا) أَيْ مِنْ شَخْصٍ (قَوْلُهُ: إنْ رَضِيَ الْمَالِكُ) أَيْ لِلْأَرْضِ وَالْبَذْرِ (قَوْلُهُ كَالثَّوْبِ إذَا قَصَّرَهُ) قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّوْبِ بِتَعَذُّرِ زَوَالِ الْقِصَارَةِ مِنْهَا، بِخِلَافِ الزَّوَاقِ فَالْأَوْلَى تَكْلِيفُهُ إزَالَتَهُ كَإِعَادَةِ الْحُلِيِّ سَبِيكَةً، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ زَوَاقِ الدَّارِ وَالْحُلِيِّ بِأَنَّ الْغَاصِبَ لِلسَّبِيكَةِ لَمَّا أَخْرَجَهَا عَنْ صُورَتِهَا الْأَصْلِيَّةِ كُلِّفَ الْإِعَادَةَ، بِخِلَافِهِ فِي التَّزْوِيقِ، فَإِنَّ هَيْئَةَ الدَّارِ لَمْ تَخْرُجْ عَنْ صُورَتِهَا الْأَصْلِيَّةِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي كُلِّ مَا لَمْ يَتَعَذَّرْ نَفْعُهُ مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي كَانَ يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْهَا أَوَّلًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ) أَشَارَ بِهِ إلَى اعْتِبَارِ قَيْدٍ فِي الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ أَنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ فَصْلُهُ إذَا نَقَصَ الثَّوْبُ بِالصِّبْغِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَسْتَقِلُّ الْغَاصِبُ) يَقْتَضِي إمْكَانَ فَصْلِهِ فَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ تَمْوِيهٌ مَحْضٌ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ وَلَا يَتَحَصَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ وَهَذَا لَا يُنَافِي إمْكَانَ الْفَصْلِ، وَقَوْلُهُ تَكْلِيفُهُ فَصْلًا أَمْكَنَ إلَخْ هَلْ لَهُ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا أَوْ مَعَ رِضَاهُمَا بِبَقَائِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ أَوْ مَعَ رِضَاهُ بِبَقَائِهِ مَعَ سُكُوتِ مَالِكِ الثَّوْبِ، وَيَنْبَغِي لَا إلَّا أَنْ يَحْصُلَ نَقْصٌ فِي الثَّوْبِ وَالصِّبْغِ أَوْ فِي أَحَدِهِمَا وَتَصَوُّرِ زَوَالِهِ بِالْفَصْلِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ مَسْأَلَةِ حَفْرِ تُرَابِ الْأَرْضِ السَّابِقَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَالصَّنْعَةِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ، وَعِبَارَةُ حَجّ بِسَبَبِ الصِّبْغِ أَوْ الصَّنْعَةِ (قَوْلُهُ: اشْتَرَكَا فِيهِ) وَبَقِيَ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ صَبَّاغًا لِيَصْبُغَ قَمِيصًا مَثَلًا بِخَمْسَةٍ فَوَقَعَ بِنَفْسِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَالرِّبْحُ لَهُ) إنَّمَا أَطْلَقَ هَذَا هُنَا مَعَ أَنَّهُ سَيَأْتِي قَرِيبًا أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى بِالْعَيْنِ بَطَلَ حَمْلًا لِلِاتِّجَارِ عَلَى الصَّحِيحِ بِأَنْ كَانَ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَصَبَ أَرْضًا وَبَذْرًا مِنْ آخَرَ) أَيْ: آخَرَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَلَوْ غَصَبَهُمَا مِنْ غَيْرِهِ وَالصُّورَةُ أَنَّ مَالِكَ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ وَاحِدٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ نَقْصٌ فَكَالتَّزْوِيقِ) هُنَا كَلَامٌ سَاقِطٌ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ: أَيْ قَوْلُهُ: وَلَهُ الْفَصْلُ إلَخْ فِي صَبْغٍ يَحْصُلُ مِنْهُ عَيْنُ مَالٍ، أَمَّا مَا هُوَ تَمْوِيهٌ مَحْضٌ وَلَمْ يَحْصُلْ بِهِ نَقْصٌ فَهُوَ كَالتَّزْوِيقِ انْتَهَتْ. وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ تَقْرِيرِ مَا فِي الشَّارِحِ بِمَا يَقْتَضِي عَدَمَ السَّقْطِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَتِهِ. (قَوْلُهُ: بِسَبَبِ الْعَمَلِ وَالصَّنْعَةِ) صَوَابُهُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ بِسَبَبِ الْعَمَلِ وَالصَّبْغِ، عَلَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ

أَثْلَاثًا، ثُلُثَاهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَثُلُثُهُ لِلْغَاصِبِ. أَمَّا إذَا زَادَ سِعْرُ أَحَدِهِمَا فَقَطْ بِارْتِفَاعِهِ فَالزِّيَادَةُ لِصَاحِبِهِ، وَإِنْ نَقَصَ عَنْ الْخَمْسَةَ عَشَرَ قِيمَتِهِمَا كَأَنْ سَاوَى اثْنَيْ عَشَرَ؛ فَإِنْ كَانَ النَّقْصُ بِسَبَبِ انْخِفَاضِ سِعْرِ الثِّيَابِ فَهُوَ عَلَى الثَّوْبِ، أَوْ سِعْرِ الصِّبْغِ أَوْ بِسَبَبِ الصَّنْعَةِ فَعَلَى الصِّبْغِ، قَالَهُ فِي الشَّامِلِ وَالتَّتِمَّةِ، وَبِهَذَا أَعْنِي اخْتِصَاصَ الزِّيَادَةِ عَنْ ارْتِفَاعِ سِعْرِ مِلْكِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ مَعْنَى اشْتِرَاكِهِمَا كَوْنَهُ عَلَى وَجْهِ الشُّيُوعِ بَلْ هَذَا بِثَوْبِهِ، وَهَذَا بِصِبْغِهِ، وَلَوْ بَذَلَ صَاحِبُ الثَّوْبِ لِلْغَاصِبِ قِيمَةَ الصِّبْغِ لِيَتَمَلَّكَهُ لَمْ يَجِبْ إلَيْهِ أَمْكَنَ فَصْلُهُ أَمْ لَا، وَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا الِانْفِرَادَ بِبَيْعِ مِلْكِهِ لِثَالِثٍ لَمْ يَصِحَّ، إذْ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَحْدَهُ كَبَيْعِ دَارٍ لَا مَمَرَّ لَهَا. نَعَمْ لَوْ أَرَادَ الْمَالِكُ بَيْعَ الثَّوْبِ لَزِمَ الْغَاصِبَ بَيْعُ صِبْغِهِ مَعَهُ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَضُرَّ بِالْمَالِكِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرَادَ الْغَاصِبُ بَيْعَ صِبْغِهِ لَا يَلْزَمُ مَالِكَ الثَّوْبِ بَيْعُهُ مَعَهُ لِئَلَّا يَسْتَحِقَّ الْمُتَعَدِّي بِتَعَدِّيهِ إزَالَةَ مِلْكِ غَيْرِهِ، وَلَوْ طَيَّرَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا إلَى مَصْبَغَةِ آخَرَ فَانْصَبَغَ فِيهَا اشْتَرَكَا فِي الْمَصْبُوغِ مِثْلَ مَا مَرَّ وَلَمْ يُكَلَّفْ أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ وَلَا الْفَصْلَ وَلَا الْأَرْشَ وَإِنْ حَصَلَ نَقْصٌ إذْ لَا تَعَدِّيَ (وَلَوْ) (خَلَطَ الْمَغْصُوبَ) أَوْ اخْتَلَطَ عِنْدَهُ (بِغَيْرِهِ) كَبُرٍّ أَبْيَضَ بِأَسْمَرَ أَوْ بِشَعِيرٍ وَكَغَزْلِ سُدًى نَسَجَهُ بِلَحْمَتِهِ لِنَفْسِهِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ خَلْطَهُ أَوْ اخْتِلَاطَهُ بِاخْتِصَاصٍ كَتُرَابٍ بِزِبْلٍ (وَأَمْكَنَ التَّمْيِيزُ) لِكُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ (لَزِمَهُ وَإِنْ شَقَّ) عَلَيْهِ لِيَرُدَّهُ كَمَا أَخَذَهُ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) التَّمْيِيزُ كَخَلْطِ زَيْتٍ بِمِثْلِهِ أَوْ شَيْرَجٍ وَبُرٍّ أَبْيَضَ بِمِثْلِهِ، وَدَرَاهِمَ بِمِثْلِهَا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَإِنْ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ بِاشْتِرَاكِهِمَا، وَمَا فَرَّقَ بِهِ مِنْ أَنَّ كُلَّ دِرْهَمٍ مُتَمَيِّزٍ فِي نَفْسِهِ بِخِلَافِ الزَّيْتِ وَنَحْوِهِ مُنْتَقَضٌ بِالْحُبُوبِ (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَالتَّالِفِ فَلَهُ تَغْرِيمُهُ) بَدَلَهُ سَوَاءٌ أَخَلَطَهُ بِمِثْلِهِ أَمْ بِأَجْوَدَ أَمْ بِأَرْدَأَ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ رَدُّهُ أَبَدًا أَشْبَهَ التَّالِفَ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي دَنٍّ قِيمَةُ صَبْغِهِ عَشَرَةٌ هَلْ يَضِيعُ ذَلِكَ عَلَى الصَّبَّاغِ أَوْ يَشْتَرِكَانِ فِيهِ لِعُذْرِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَأَمَّا لَوْ غَلَطَ الصَّبَّاغُ وَفَعَلَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِي مُقَابَلَةِ الزِّيَادَةِ لِتَعَدِّيهِ بِذَلِكَ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي الصِّبْغِ تَمْوِيهًا، وَأَمَّا لَوْ حَصَلَ بِهِ عَيْنٌ وَزَادَتْ بِهَا الْقِيمَةُ فَهُوَ شَرِيكٌ بِهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَقَصَ) قَسِيمُ مَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِأَنْ كَانَ يُسَاوِي عَشَرَةً قَبِلَهُ وَسَاوَاهُ بَعْدَهُ مَعَ أَنَّ الصِّبْغَ قِيمَتُهُ خَمْسَةٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ إلَيْهِ) أَيْ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الْإِجَابَةِ، فَلَوْ رَضِيَ بِذَلِكَ جَازَ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ) وَبِهِ يُفَرِّقُ بَيْنَ مَا لَوْ أَرَادَ الْغَاصِبُ بَيْعَ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ، أَوْ الْمَالِكُ بَيْعَ الْأَرْضِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِإِمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِكُلٍّ مِنْ الْأَرْضِ وَالْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ عَلَى حِدَتِهِ (قَوْلُهُ لَزِمَ الْغَاصِبَ) أَيْ فَإِنْ امْتَنَعَ بَاعَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَسْتَحِقَّ الْمُتَعَدِّي) وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِيمَا لَوْ كَانَ الصِّبْغُ لِثَالِثٍ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ وَاحِدًا مِنْ مَالِكِي الصِّبْغِ وَالثَّوْبِ مُوَافَقَةُ الْآخَرِ فِي الْبَيْعِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَلَطَ الْمَغْصُوبَ) شَمِلَ مَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ مَالٍ أَوْ فِي شِرَاءِ شَيْءٍ أَوْ أَوْدَعَهُ عِنْدَهُ فَخَلَطَهُ بِمَالِ نَفْسِهِ فَيَلْزَمُهُ تَمْيِيزُهُ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَيَجِبُ رَدُّ بَدَلِهِ لِأَنَّهُ كَالتَّالِفِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ جَوَابُ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ فِي الدَّرْسِ مِنْ أَنَّ شَخْصًا وَكَّلَ آخَرَ فِي شِرَاءِ قُمَاشٍ مِنْ مَكَّةَ مَثَلًا فَاشْتَرَاهُ وَخَلَطَهُ بِمِثْلِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، وَهُوَ أَنَّهُ كَالتَّالِفِ (قَوْلُهُ: وَدَرَاهِمَ بِمِثْلِهَا) أَوْ بِدَرَاهِمَ مِثْلِهَا لِلْغَاصِبِ، فَإِنْ غَصَبَهُمَا مِنْ اثْنَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعَمَلِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ لَا دَخْلَ لَهُ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: أَوْ اخْتَلَطَ عِنْدَهُ) هَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا يُمْكِنُ تَمْيِيزُهُ، أَمَّا فِي الشِّقِّ الثَّانِي فَهُوَ حِينَئِذٍ يَكُونُ مُشْتَرَكًا كَمَا نَقَلَهُ الشِّهَابُ سم عَنْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: كَبُرٍّ أَبْيَضَ بِأَسْمَرَ إلَخْ) الَّذِي يَنْبَغِي ذِكْرُ هَذَا عَقِبَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَأَمْكَنَ التَّمْيِيزُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ أَمْثِلَتُهُ، وَالْكَلَامُ هُنَا فِي مُطْلَقِ الْخَلْطِ الشَّامِلِ لِمَا يُمْكِنُ تَمْيِيزُهُ كَالْأَمْثِلَةِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا وَمَا لَا يُمْكِنُ كَالْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ فِي قَوْلِهِ كَخَلْطِ زَيْتٍ بِمِثْلِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِنَفْسِهِ) اُنْظُرْ مَا الدَّاعِي لَهُ مَعَ الْإِضَافَةِ فِي لَحْمَتِهِ؟ (قَوْلُهُ: كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ) أَيْ: فِي مَسْأَلَةِ الدَّرَاهِمِ

فَيَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ إنْ كَانَ مِمَّا يَقْبَلُ التَّمَلُّكَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَتُرَابِ أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ خَلَطَهُ بِزِبْلٍ وَجَعَلَهُ آجُرًّا غَرِمَ مِثْلَهُ وَرَدَّ الْآجُرَّ لِلنَّاظِرِ، وَلَا نَظَرَ لِمَا فِيهِ مِنْ الزِّبْلِ لِاضْمِحْلَالِهِ بِالنَّارِ، قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَمَعَ تَمَلُّكِهِ الْمَذْكُورَ فَالْأَوْجَهُ كَمَا مَرَّ أَنَّهُ يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِيهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ مِثْلَهُ لِمَالِكِهِ، وَيَكْفِي كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ أَنْ يَعْزِلَ مِنْ الْمَخْلُوطِ: أَيْ بِغَيْرِ الْأَرْدَإِ قَدْرَ حَقِّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَيَتَصَرَّفَ فِي الْبَاقِي كَمَا يَأْتِي، وَبِهَذَا مَعَ مَا يَأْتِي أَيْضًا سَقَطَ مَا أَطَالَ بِهِ السُّبْكِيُّ مِنْ الرَّدِّ وَالتَّشْنِيعِ عَلَى الْقَوْلِ بِمِلْكِهِ بَلْ هُوَ تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ مُنَاسِبٌ لِلتَّعَدِّي حَيْثُ عَلَّقْنَا الْحَقَّ بِذِمَّتِهِ بَعْدَ خُلُوِّهَا عَنْهُ، وَإِنَّمَا قُلْنَا بِالشَّرِكَةِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْمُفْلِسِ لِئَلَّا يَحْتَاجَ لِلْمُضَارَبَةِ بِالثَّمَنِ وَهُوَ إضْرَارٌ بِهِ، وَهُنَا الْوَاجِبُ الْمِثْلُ فَلَا إضْرَارَ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ فَرَضَ فَلْسَ الْغَاصِبِ أَيْضًا لَمْ يَبْعُدْ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ جَعَلَ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ أَحَقَّ بِالْمُخْتَلِطِ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَوْ خَلَطَ مِثْلِيًّا مَغْصُوبًا بِمِثْلِهِ مَغْصُوبٍ بِرِضَا مَالِكِهِ أَوَّلًا أَوْ انْصَبَّ كَذَلِكَ بِنَفْسِهِ فَمُشْتَرَكٌ لِانْتِفَاءِ التَّعَدِّي كَمَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَخَلَطَهُمَا اشْتَرَكَا فِيهِمَا (قَوْلُهُ كَتُرَابِ أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ) أَفْهَمَ أَنَّ تُرَابَ الْمَمْلُوكَةِ إذَا خَلَطَهُ بِالزِّبْلِ يَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ بِخَلْطِهِ، وَإِنْ جَعَلَهُ آجِرًا فَلَا يَرُدُّهُ لِمَالِكِهِ، وَإِنَّمَا يَرُدُّ مِثْلَ التُّرَابِ، وَقِيَاسُ رَدِّ الزَّيْتِ الْمُتَنَجِّسِ وَجِلْدِ الشَّاةِ أَنْ يَرُدَّهُ لِمَالِكِهِ لِأَنَّهُ أَثَرُ مِلْكِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الزَّيْتُ الْمُتَنَجِّسُ لَا يُمْكِنُ تَمَلُّكُهُ بِوَجْهٍ، وَالتُّرَابُ الْمَخْلُوطُ بِالزِّبْلِ يُمْكِنُ الْحُكْمُ بِمِلْكِ الْغَاصِبِ لَهُ لِأَنَّهُ وَإِنْ اخْتَلَطَ بِالزِّبْلِ عَيْنُهُ بَاقِيَةٌ، وَنَجَاسَتُهُ إنَّمَا هِيَ لِلزِّبْلِ الْمُخَالِطِ لَهُ، وَالْمَنْعُ مِنْ بَيْعِهِ إنَّمَا هُوَ لِتَعَذُّرِ تَمْيِيزِ الزِّبْلِ مِنْ التُّرَابِ فَبَقِيَ لِلْغَاصِبِ لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ مَعَ كَوْنِهِ فِي نَفْسِهِ قَابِلًا لِلْمِلْكِ (قَوْلُهُ: لِاضْمِحْلَالِهِ بِالنَّارِ) بَقِيَ مَا لَوْ كَانَ لَبِنًا اهـ سم عَلَى حَجّ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ تَمْيِيزُ تُرَابِهِ مِنْ الزِّبْلِ بَعْدَ بَلِّهِ لَزِمَهُ وَإِلَّا رَدَّهُ لِلنَّاظِرِ كَالْآجُرِّ وَغَرِمَ مِثْلَ التُّرَابِ (قَوْلُهُ: وَيَتَصَرَّفُ فِي الْبَاقِي إلَخْ) قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ فِي الْقَدْرِ الْمَغْصُوبِ لَا فِي جَمِيعِ الْمَخْلُوطِ حَتَّى يَصِحَّ بَيْعُ مَا عَدَا الْقَدْرَ الْمَغْصُوبَ شَائِعًا قَبْلَ الْعَزْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ لَكِنْ لَوْ تَلِفَ مَا أَفْرَزَهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ هَلْ يَضْمَنُ بَدَلَهُ لِتَعَيُّنِهِ بِإِفْرَازِهِ أَوْ يَتَبَيَّنُ عَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِالْإِفْرَازِ حَتَّى لَا يَجُوزَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيمَا بَقِيَ إلَّا بَعْدَ إفْرَازِ قَدْرِ التَّالِفِ، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ تَصَرَّفَ فِي الْبَاقِي قَبْلَ تَلَفِ الْمُفْرَزِ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ تَصَرُّفِهِ فِي قَدْرِ الْمَغْصُوبِ، فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ إلَّا بَعْدَ رَدِّ الْمَغْصُوبِ أَوْ بَدَلَهُ، وَحَيْثُ تَلِفَ مَا عَيَّنَ لَهُ تَبَيَّنَ بَقَاءُ حَقِّهِ فِي جِهَةِ الْغَاصِبِ نَظَرًا لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ وَبِهَذَا إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّهُ يُحْجَرُ عَلَيْهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِرِضَا مَالِكِهِ) أَيْ جِنْسِ الْمَالِكِ الصَّادِقِ بِالْمَالِكَيْنِ (قَوْلُهُ: أَوْ انْصَبَّ) قَدْ يُخَالِفُ قَوْلَهُ: أَوْ اخْتَلَطَ عِنْدَهُ حَيْثُ جَعَلَهُ ثَمَّ كَالتَّالِفِ وَهُنَا مُشْتَرَكًا، وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ بِغَيْرِهِ الْمُرَادُ مِنْ مَالِ الْغَاصِبِ وَمَا هُنَا بِغَيْرِهِ فَلَا تَنَاقُضَ. هَذَا وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ مَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ اخْتَلَطَا عِنْدَهُ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا أَمْكَنَ تَمْيِيزُ الْمَخْلُوطِ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَخَرَجَ بِخَلْطٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ التَّعَدِّي) هَذَا لَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ خَلَطَ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ الشَّرِيكِ الْمُشَارِ إلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَيْ: بِغَيْرِ الْأَرْدَإِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ لِلْمَالِكِ مِنْ عَيْنِهِ، بِخِلَافِ الْمَخْلُوطِ بِالْأَرْدَإِ. وَقَضِيَّةُ التَّوْجِيهِ أَنَّ مَا لَا يَجُوزُ فِيهِ ذَلِكَ كَجَعْلِ الْبُرِّ هَرِيسَةً كَذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا) أَيْ: كَوْنِهِ يَحْجُرُ عَلَيْهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ مِثْلَهُ، وَقَوْلُهُ: مَعَ مَا يَأْتِي: أَيْ: فِي شَرْحِ الْمَتْنِ الْآتِي (قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ) عُطِفَ عَلَى مَا فُهِمَ مِنْ السِّيَاقِ. وَالْمَعْنَى إنْ انْدَفَعَ بِمَا ذُكِرَ تَشْنِيعُ السُّبْكِيّ الَّذِي حَاصِلُهُ أَنَّ مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ مِنْ مِلْكِ الْغَاصِبِ بِالْخَلْطِ تَخْفِيفٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ تَخْفِيفًا عَلَيْهِ بَلْ هُوَ تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ:؛ لِانْتِفَاءِ التَّعَدِّي) قَاصِرٌ عَلَى مَا إذَا اخْتَلَطَ بِنَفْسِهِ، وَكَلَامُ الْبُلْقِينِيِّ وَغَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ فِي خُصُوصِ مَا إذَا خَلَطَهُمَا بِغَيْرِ رِضَا مَالِكَيْهِمَا كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي سِيَاقِ الشَّارِحِ، وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ: بِرِضَا مَالِكِيهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ انْصَبَّ بِنَفْسِهِ لَيْسَ مِنْ صُوَرِ الْمَغْصُوبِ بِالْخُصُوصِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْضًا عَلَى أَنَّ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ

الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ مِنْهُ شَيْئًا وَلَا يَكُونُ كَالْهَالِكِ وَأَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ جَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي بِخِلَافِهِ، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَا أَفْتَى الْمُصَنِّفُ، وَفَرَّقَ بِأَنَّهُ إنَّمَا مَلَكَهُ فِي الْخَلْطِ بِمَا لَهُ تَبَعًا لِمَا لَهُ وَلَا تَبَعِيَّةَ هُنَا، وَمِنْ أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ مِنْ جَمْعٍ دَرَاهِمَ مَثَلًا وَخَلَطَهَا خَلْطًا لَا يَتَمَيَّزُ ثُمَّ فَرَّقَ عَلَيْهِمْ الْمَخْلُوطَ بِقَدْرِ حُقُوقِهِمْ حَلَّ لِكُلِّ مِنْهُمْ قَدْرُ حِصَّتِهِ، فَإِنْ خَصَّ أَحَدَهُمْ بِحِصَّتِهِ لَزِمَهُ أَنْ يُقَسِّمَ مَا أَخَذَهُ عَلَيْهِ وَعَلَى الْبَاقِينَ بِالنِّسْبَةِ إلَى قَدْرِ أَمْوَالِهِمْ؛ هَذَا كُلُّهُ عِنْدَ مَعْرِفَةِ الْمَالِكِ أَوْ الْمُلَّاكِ كَمَا تَقَرَّرَ، أَمَّا مَعَ جَهْلِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الْيَأْسُ مِنْ مَعْرِفَتِهِمْ وَجَبَ إعْطَاؤُهَا لِلْإِمَامِ لِيُمْسِكَهَا أَوْ ثَمَنَهَا لِوُجُودِ مُلَّاكِهَا وَلَهُ اقْتِرَاضُهَا لِبَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ أَيِسَ مِنْهَا: أَيْ عَادَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ صَارَتْ مِنْ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ، فَلِمُتَوَلِّيهِ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِالْبَيْعِ وَإِعْطَاؤُهَا لِمُسْتَحِقِّ شَيْءٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلِلْمُسْتَحِقِّ أَخْذُهَا ظَفَرًا وَلِغَيْرِهِ أَخْذُهَا لِيُعْطِيَهَا لِلْمُسْتَحِقِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ جَمَاعَةَ وَغَيْرُهُ بِذَلِكَ، وَقَوْلُ الْإِمَامِ كَغَيْرِهِ لَوْ عَمَّ الْحَرَامُ قُطْرًا بِحَيْثُ نَدَرَ وُجُودُ الْحَلَالِ جَازَ أَخْذُ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُضْطَرَّ بِلَا تَبَسُّطٍ مَحْمُولٍ عَلَى تَوَقُّعِ مَعْرِفَةِ أَهْلِهِ وَإِلَّا فَهُوَ لِبَيْتِ الْمَالِ فَيُصْرَفُ لِلْمَصَالِحِ وَخَرَجَ بِخَلْطٍ وَاخْتَلَطَ عِنْدَهُ الِاخْتِلَاطُ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ كَأَنْ سَالَ بُرٌّ عَلَى مِثْلِهِ فَيَشْتَرِكُ مَالِكَاهُمَا بِحَسْبِهِمَا فَإِنْ اسْتَوَيَا قِيمَةً فَبِقَدْرِ كَيْلِهِمَا، وَإِنْ اخْتَلَفَا قِيمَةً بِيعَا وَقُسِّمَ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا بِحَسَبِ حَقِّهِمَا كَمَا يَأْتِي فِي نَظِيرِهِ مِنْ اخْتِلَاطِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِقَوْلِهِ أَوَّلًا إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ لِانْتِفَاءِ التَّعَدِّي مِنْ الْمَالِكَيْنِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ) أَيْ الْغَاصِبَ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ) هُوَ قَوْلُهُ فَمُشْتَرَكٌ (قَوْلُهُ: مَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ) أَيْ السَّابِقُ فِي قَوْلِهِ: وَيَكْفِي كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ أَنْ يَعْزِلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمِنْ أَنَّهُ) عَطْفٌ عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ مَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ قَوْلِهِ: أَنْ يَعْزِلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَيِسَ مِنْهَا) أَيْ الْمَعْرِفَةِ، وَلَيْسَ مِنْ هَذَا مَا يُقْبَضُ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ مِنْ جَمَاعَةٍ بَلْ يُتَصَرَّفُ فِيهِ مِنْ بَابِ الظَّفَرِ لِأَنَّهُ دَفَعَ فِي مُقَابَلَتِهِ الثَّمَنَ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ اسْتِرْجَاعُهُ مَعَ أَنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ بِهِ فِي الْآخِرَةِ لِأَخْذِهِ بِرِضَا مَالِكِيهِ (قَوْلُهُ: وَلِغَيْرِهِ أَخْذُهَا إلَخْ) أَيْ وَمِنْ الْغَيْرِ الْغَاصِبِ فَلَهُ الْأَخْذُ مِنْ ذَلِكَ وَرَدُّهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَوْ لِوَارِثِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ يُتَوَقَّعُ مَعْرِفَةُ أَهْلِهِ فَهُوَ: أَيْ جَمِيعُ مَا فِي ذَلِكَ الْقُطْرِ وَإِنْ كَانَ بِأَيْدٍ مَوْضُوعَةٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَيَشْتَرِكُ مَالِكَاهُمَا بِحَسْبِهِمَا) أَيْ فَلَوْ تَنَازَعَا فِي قَدْرِ السَّائِلِ أَوْ قِيمَتِهِ صُدِّقَ صَاحِبُ الْبُرِّ الَّذِي سَالَ إلَيْهِ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الْيَدَ لَهُ، فَلَوْ اخْتَلَطَا وَلَمْ يُعْلَمْ يَدٌ لِأَحَدِهِمَا كَأَنْ سَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَى الْآخَرِ وَاخْتَلَطَ وَقَفَ الْأَمْرُ إلَى الصُّلْحِ [فَرْعٌ] سُئِلَ سم فِي الدَّرْسِ عَمَّنْ بَذَرَ فِي أَرْضٍ بَذْرًا وَبَذَرَ بَعْدَهُ آخَرُ عَلَى بَذْرِهِ هَلْ يَمْلِكُ الثَّانِي بَذْرَ الْأَوَّلِ لِلْخَلْطِ وَيَلْزَمُهُ لِلْأَوَّلِ بَدَلُ بَذْرِهِ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنَّ الثَّانِيَ إنْ عُدَّ مُسْتَوْلِيًا عَلَى الْأَرْضِ بِبَذْرِهِ مَلَكَ بَذْرَ الْأَوَّلِ وَكَانَ الْبَذْرُ لِلثَّانِي، وَلَزِمَهُ لِلْأَوَّلِ بَدَلُ بَذْرِهِ لِأَنَّهُ إذَا اسْتَوْلَى عَلَى الْأَرْضِ كَانَ غَاصِبًا لَهَا وَلِمَا فِيهَا، وَإِنْ لَمْ يُعَدُّ الثَّانِي مُسْتَوْلِيًا بِبَذْرِهِ عَلَى الْأَرْضِ لَمْ يَمْلِكْ الثَّانِي بَذْرَ الْأَوَّلِ وَكَانَ الزَّرْعُ بَيْنَهُمَا بِحَسَبِ بَذْرِهِمَا. وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ: فَرْعٌ: مَنْ بَثَّ بَذْرَهُ عَلَى بَذْرِ غَيْرِهِ مِنْ جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ وَأَثَارَ الْأَرْضَ انْقَطَعَ حَقُّ الْأَوَّلِ وَغَرِمَ لَهُ الثَّانِي مِثْلَهُ، وَأَمَّا لَوْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ كَأَنْ كَانَ الْبَذْرُ الثَّانِي غَيْرَ الْأَوَّلِ كَأَنَّ بَذَرَ الْأَوَّلُ حِنْطَةً مَثَلًا، وَالْآخَرُ بَاقِلًا فَلَا يَكُونُ بَذْرُ الْأَوَّلِ كَالتَّالِفِ اهـ وَقَدْ أَفْتَى الشَّيْخُ الرَّمْلِيُّ فِي هَذِهِ بِأَنَّ النَّابِتَ مِنْ بَذْرِهِمَا لَهُمَا وَعَلَيْهِمَا الْأُجْرَةُ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ غَصَبَ بَذْرًا وَزَرَعَهُ فِي أَرْضِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِمَالِكِهِ، وَعَلَى الْغَاصِبِ أَرْشُ النَّقْصِ اهـ. وَقَوْلُ الْعُبَابِ: وَغَرِمَ الثَّانِي مِثْلَهُ، أَفْتَى شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الثَّانِي فِي قَدْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ. هَكَذَا رَأَيْته بِهَامِشٍ بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ. وَقَوْلُ سم إنْ عُدَّ مُسْتَوْلِيًا عَلَى الْأَرْضِ: أَيْ كَأَنْ كَانَ أَقْوَى مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ كَانَ بَذْرُهُ أَكْثَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَرَّرَ إحْدَاهُمَا فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَخَرَجَ بِخَلَطَ أَوْ اخْتَلَطَ عِنْدَهُ الِاخْتِلَاطُ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ) أَيْ: الْآتِي عَلَى الْأَثَرِ فِي قَوْلِهِ وَمَرَّ أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ مِنْ جَمْعٍ دَرَاهِمَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ) أَيْ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْبُلْقِينِيِّ وَبَيْنَ مَا حَمَلَ

حَمَامِ الْبُرْجَيْنِ وَتَمْتَنِعُ قِسْمَةُ الْحَبِّ عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهَا لَلرِّبَا وَلَوْ غَصَبَ وَرَقًا وَكَتَبَ عَلَيْهِ قُرْآنًا أَوْ غَيْرَهُ كَانَ كَالْهَالِكِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ، وَاعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ بِحَالِهِ خِلَافًا لِمَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ كَالصِّبْغِ فِيمَا مَرَّ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا مَا مَرَّ وَالثَّانِي يَشْتَرِكَانِ فِي الْمَخْلُوطِ وَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ قَدْرُ حَقِّهِ مِنْ الْمَخْلُوطِ (وَلِلْغَاصِبِ أَنْ يُعْطِيَهُ) أَيْ الْمَالِكَ وَإِنْ أَبَى (مِنْ غَيْرِ الْمَخْلُوطِ) لِانْتِقَالِ الْحَقِّ إلَى ذِمَّتِهِ، وَلِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمُخْتَلِطَ صَارَ كَالْهَالِكِ وَمِنْ الْمَخْلُوطِ إنْ خَلَطَهُ لَهُ أَوْ أَجْوَدَ مُطْلَقًا أَوْ بِأَرْدَأَ إنْ رَضِيَ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْغَاصِبَ لَيْسَ أَوْلَى مِنْ الْمَالِكِ بِمِلْكِ الْكُلِّ بَلْ الْهَالِكُ أَوْلَى بِهِ لِانْتِفَاءِ تَعَدِّيهِ مَمْنُوعٌ، إذْ الْمَغْصُوبُ لَمَّا تَعَذَّرَ رَدُّ عَيْنِهِ لِمَالِكِهِ بِسَبَبٍ يَقْتَضِي شُغْلَ ذِمَّةِ الْغَاصِبِ بِهِ لِتَعَدِّيهِ مَعَ تَمْكِينِ الْمَالِكِ مِنْ أَخْذِ بَدَلِهِ حَالًّا جُعِلَ كَالْهَالِكِ لِلضَّرُورَةِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْمَالِكِ لِعَدَمِ تَعَدٍّ يَقْتَضِي ضَمَانَ مَا لِلْغَاصِبِ، فَلَوْ مَلَكَ الْكُلَّ لَمْ يَلْزَمْهُ رَدُّ شَيْءٍ وَبِفَرْضِ لُزُومِهِ لَا يَلْزَمُهُ الْفَوْرُ فَفِيهِ حَيْفٌ ظَاهِرٌ، وَقَدْ يُوجَدُ الْمِلْكُ مَعَ انْتِفَاءِ الرِّضَا لِلضَّرُورَةِ كَأَخْذِ مُضْطَرٍّ طَعَامَ غَيْرِهِ قَهْرًا عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِدَابَّتِهِ، وَلَيْسَ إبَاقُ الرَّقِيقِ كَالْخَلْطِ حَتَّى يَمْلِكَهُ الْغَاصِبُ لِرَجَاءِ عَوْدِهِ فَلَزِمَهُ قِيمَتُهُ لِلْحَيْلُولَةِ وَلَا ضَرُورَةَ لِكَوْنِهَا لِلْفَيْصُولَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُرَجِّحُوا قَوْلَ الشَّرِكَةِ لِأَنَّهُ صَارَ مَشَاعًا فَفِيهِ تَمَلُّكُ كُلِّ حَقِّ الْآخَرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَيْضًا، بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقْنَا حَقَّهُ بِالذِّمَّةِ فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ حَالًّا بِحَوَالَةٍ أَوْ نَحْوِهَا، وَلِهَذَا صَوَّبَ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلَ الْهَلَاكِ. قَالَ: وَيَنْدَفِعُ الْمَحْذُورُ بِمَنْعِ الْغَاصِبِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ بَذْرِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: كَانَ كَالْهَالِكِ) أَيْ فَيُرَدُّ مِثْلُهُ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ أَجْوَدَ مُطْلَقًا) أَيْ رَضِيَ الْمَالِكُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: فَلَوْ مَلَكَ) أَيْ الْمَالِكُ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) فِي هَذِهِ الْمُلَازَمَةِ كَالْآتِيَةِ خَفَاءٌ اهـ سم عَلَى حَجّ لَعَلَّ وَجْهَ الْخَفَاءِ أَنَّا لَوْ قُلْنَا بِمِلْكِهِ الْكُلَّ أَلْزَمْنَاهُ بِرَدِّ بَدَلِ مَالِ الْغَاصِبِ أَوْ جَعْلِ الْكُلَّ شَرِكَةً بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ فَفِيهِ حَيْفٌ) أَيْ بِالْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُوجَدُ الْمِلْكُ) دَفَعَ بِهِ مَا قَدْ يُقَالُ كَيْفَ يَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ بِدُونِ تَمْلِيكٍ مِنْ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: كَأَخْذِ مُضْطَرٍّ) هَلْ يَحْصُلُ مِلْكُهُ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ كَمَا قَدْ تَدُلُّ لَهُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ، أَوْ يَجْرِي فِيهِ مَا قِيلَ فِي مِلْكِ الضَّيْفِ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ اهـ سم عَلَى حَجّ. الْقِيَاسُ الثَّانِي بَلْ لَوْ قِيلَ بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ هُنَا إلَّا بِازْدِرَادٍ وَإِنْ قُلْنَا بِمِلْكِ الضَّيْفِ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهِ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمَتْنِ مِنْ كَوْنِ الْغَيْرِ لِلْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ مَلَكَ الْكُلَّ لَمْ يَلْزَمْهُ رَدُّ شَيْءٍ) قَالَ الشِّهَابُ سم: فِي هَذِهِ الْمُلَازَمَةِ كَالْآتِيَةِ خَفَاءٌ اهـ. وَأَقُولُ: لَا خَفَاءَ فِيهِمَا إذْ الَّذِي شَغَلَ ذِمَّةَ الْغَاصِبِ لِلْمَالِكِ وَأَوْجَبَ عَلَيْهِ الْفَوْرَ إنَّمَا هُوَ تَعَدِّيهِ كَمَا قَرَّرَ الشَّارِحُ كَالشِّهَابِ حَجّ وَالتَّعَدِّي مَفْقُودٌ فِي الْمَالِكِ، فَلَوْ قُلْنَا بِمِلْكِهِ لِلْجَمِيعِ لَمْ يَكُنْ لِرُجُوعِ الْغَاصِبِ عَلَيْهِ مُوجِبٌ كَمَا لَا يَخْفَى؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ صَارَتْ مَمْلُوكَةً لَهُ، وَذِمَّتُهُ غَيْرُ مَشْغُولَةٍ لَهُ بِشَيْءٍ فَاتَّضَحَتْ الْمُلَازَمَةُ. (قَوْلُهُ: فَفِيهِ تَمَلُّكُ كُلِّ حَقِّ الْآخَرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَيْضًا) أَيْ: كَمَا أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ كَالْهَالِكِ كَذَلِكَ إذْ فِيهِ تَمَلُّكُ الْغَاصِبِ عَيْنَ مَالِ الْمَالِكِ وَتَمَلُّكُ الْمَالِكِ مَا فِي ذِمَّةِ الْغَاصِبِ قَهْرًا. قَالَ فِي التُّحْفَةِ عَقِبَ مَا فِي الشَّارِحِ هُنَا مَا نَصُّهُ: وَمَنْعُ أَيْ: وَفِيهِ مَنْعُ تَصَرُّفِ الْمَالِكِ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ الْقِسْمَةِ هُنَا أَيْضًا بِسَبَبِ التَّعَدِّي بَلْ فَوَاتُ حَقِّهِ إذْ قَدْ يَتْلَفُ ذَلِكَ فَلَا يَجِدُ مَرْجِعًا، بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقْنَاهُ بِالذِّمَّةِ إلَى آخِرِ مَا فِي الشَّارِحِ، وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا الَّذِي فِي التُّحْفَةِ إذْ هُوَ الَّذِي يَمْتَازُ بِهِ الْقَوْلُ بِالشَّرِكَةِ عَنْ الْقَوْلِ بِالْهَلَاكِ، وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ إلَخْ إنَّمَا يَنْتَظِمُ مَعَهُ، وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ نُسَخِ الشَّرْحِ مِنْ الْكَتَبَةِ. وَحَاصِلُ مَا فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنَّهُمْ إنَّمَا لَمْ يُرَجِّحُوا قَوْلَ الشَّرِكَةِ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَا فِي الْقَوْلِ بِالْهَلَاكِ وَزِيَادَةً، أَمَّا كَوْنُهُ فِيهِ مَا فِي الْقَوْلِ بِالْهَلَاكِ؛ لِأَنَّ حَقَّ كُلٍّ مِنْ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ يَصِيرُ مُشَاعًا فَيَلْزَمُ أَنَّ كُلًّا تَمَلَّكَ حَقَّ الْآخَرِ بِالْإِشَاعَةِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَهُوَ الْمَحْظُورُ الْمَوْجُودُ فِي الْقَوْلِ بِالْهَلَاكِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى مَا فِي الْقَوْلِ بِالْهَلَاكِ فَهُوَ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ مَنْعُ الْمَالِكِ مِنْ التَّصَرُّفِ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ الْقِسْمَةِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْقَوْلِ بِالْهَلَاكِ؛ فَلِذَلِكَ رَجَّحُوهُ، وَبِمَا قَرَّرْتُهُ يَنْدَفِعُ مَا أَطَالَ بِهِ

مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَعَدَمِ نُفُوذِهِ مِنْهُ. حَتَّى يَدْفَعَ الْبَدَلَ كَمَا مَرَّ، وَإِذَا كَانَ الْمَالِكُ لَوْ مَلَكَهُ ذَلِكَ بِعِوَضٍ لَمْ يَتَصَرَّفْ حَتَّى رَضِيَ بِذِمَّتِهِ، فَمَعَ عَدَمِ رِضَاهُ بِالْأَوْلَى قَالَ بَعْضُهُمْ: كَيْفَ يُسْتَبْعَدُ الْقَوْلُ بِالْمِلْكِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ بَلْ اتَّسَعَتْ دَائِرَتُهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ (وَلَوْ) (غَصَبَ خَشَبَةً) مَثَلًا (وَبَنَى عَلَيْهَا) فِي مِلْكِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَخَفْ مِنْ إخْرَاجِهَا تَلَفَ نَحْوُ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ مَعْصُومٍ، وَكَلَامُهُ الْآتِي صَالِحٌ لِشُمُولِهِ هَذِهِ أَيْضًا (أُخْرِجَتْ) وَلَوْ تَلِفَ مِنْ مَالِ الْغَاصِبِ أَضْعَافُ قِيمَتِهَا لِتَعَدِّيهِ وَيَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ مَثَلًا وَأَرْشُ نَقْصِهَا وَمَحِلُّهُ إنْ بَقِيَ لَهَا قِيمَةٌ وَلَوْ تَافِهَةً وَإِلَّا فَهِيَ هَالِكَةٌ فَيَلْزَمُهُ مِثْلُهَا، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَقِيمَتُهَا، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِأَرْشِ نَقْصِ بِنَائِهِ إنْ كَانَ جَاهِلًا، وَمِنْ ثَمَّ أَفْتَى بَعْضُهُمْ فِيمَنْ أَكْرَى آخَرَ جَمَلًا وَأَذِنَ فِي السَّفَرِ بِهِ مَعَ الْخَوْفِ وَتَلِفَ فَأَثْبَتَهُ آخَرُ لَهُ وَغَرَّمَهُ قِيمَتَهُ بِأَنَّهُ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى مُكْرِيهِ إنْ جَهِلَ أَنَّ الْجَمَلَ لِغَيْرِهِ (وَلَوْ) غَصَبَ خَشَبَةً وَ (أَدْرَجَهَا فِي سَفِينَةٍ) (فَكَذَلِكَ) تَخْرُجُ مَا لَمْ تَصِرْ لَا مِثْلَ لَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSبِوَضْعِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ فِي فَمِهِ لَمْ يَبْعُدْ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَازَ أَخْذُهُ لِضَرُورَةٍ، وَحَيْثُ يَبْلَعُهُ بِأَنْ سَقَطَ مِنْ فَمِهِ أَوْ لَمْ يُدْخِلْهُ فَمَهُ أَصْلًا لَمْ يَتَحَقَّقْ دَفْعُ الضَّرُورَةِ بِهِ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَدْفَعَ الْبَدَلَ) أَيْ أَوْ يَعْزِلَ مِنْ الْمَخْلُوطِ قَدْرَ الْمَغْصُوبِ كَمَا قَدَّمَهُ عَنْ فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ اهـ سم عَلَى حَجّ. فَلَوْ تَعَذَّرَ رَدُّ الْبَدَلِ لِغَيْبَةِ الْمَالِكِ رُفِعَ الْأَمْرُ لِحَاكِمٍ يَقْبِضُهُ عَنْ الْغَائِبِ أَوْ تَعَذَّرَ رَدُّ الْبَدَلِ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَيُحْتَمَلُ مَنْعُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ لِتَقْصِيرِهِ، وَإِنْ تَلِفَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ لِيَبِيعَهُ وَيُحَصِّلَ بِثَمَنِهِ الْبَدَلَ أَوْ بَعْضَهُ وَمَا بَقِيَ مِنْ الْبَدَلِ يَبْقَى دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: كَيْفَ يُسْتَبْعَدُ الْقَوْلُ بِالْمِلْكِ) أَيْ لِلْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَصَبَ خَشَبَةً وَبَنَى عَلَيْهَا) قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَلَوْ مَنَارَةً لِمَسْجِدٍ، ثُمَّ قَالَ: وَغَرِمَ نَقْصَ الْمَنَارَةِ لِلْمَسْجِدِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُتَطَوِّعَ بِهَا لِخُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِهِ، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهِيَ هَالِكَةٌ وَيَنْبَغِي أَنَّ الْخَشَبَةَ حِينَئِذٍ لِلْمَالِكِ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ، وَهِيَ أَثَرُ مِلْكِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا نَظَرَ إلَى تَلَفِ مَا بَنَى عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ مَعْصُومًا وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يَخَافَ تَلَفَ مَالٍ: يَعْنِي غَيْرَ مَا أُدْرِجَتْ فِيهِ الْخَشَبَةُ إذَا كَانَ تَلَفُهُ بِإِخْرَاجِهَا لَا بِنَحْوِ غَرَقٍ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ قَوْلُهُ: وَلَوْ تَلِفَ مِنْ مَالِ الْغَاصِبِ إلَخْ مُنَافٍ لِمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ لِلْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي) أَيْ مِنْ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ جَاهِلًا) وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ مَا لَمْ تَدُلُّ قَرِينَةٌ عَلَى خِلَافِهِ (قَوْلُهُ: وَأَذِنَ فِي السَّفَرِ بِهِ مَعَ الْخَوْفِ) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ مَظِنَّةٌ لِعَدَمِ رُجُوعِ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْغَاصِبِ لِكَوْنِهِ قَصَّرَ بِالسَّفَرِ بِهِ زَمَنَ الْخَوْفِ، لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ بِإِذْنٍ مِنْ الْغَاصِبِ نَسَبَ التَّعْزِيرَ لَهُ فَرَجَعَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَيْهِ، أَمَّا زَمَنُ الْأَمْنِ فَالرُّجُوعُ فِيهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ ظَاهِرٌ فَلَا يَحْتَاجُ لِلتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَغَرِمَهُ) أَيْ الْمُكْتَرِي (قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ تُخْرَجُ) هُوَ ظَاهِرٌ إنْ عَلِمَ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ كَأَنْ اخْتَلَطَتْ السَّفِينَةُ بِسُفُنٍ فَهَلْ يُعَدُّ كَالتَّالِفِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ قِيَاسًا عَلَى مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ مِنْ قَوْلِهِ، وَلَوْ غَصَبَ ثَوْبًا ثُمَّ أَحْضَرَ لِلْمَالِكِ ذَلِكَ، وَقَالَ: هَذَا الَّذِي غَصَبْته مِنْك وَقَالَ الْمَالِكُ: بَلْ غَيْرُهُ إلَخْ أَنْ يُقَالَ: إنْ أَقَامَ الْمَالِكُ بَيِّنَةً عُمِلَ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً صُدِّقَ الْغَاصِبُ فِي تَعْيِينِهِ، ثُمَّ إنْ صَدَّقَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَذَاكَ وَإِلَّا كَانَ كَمَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لِغَيْرِهِ وَكَذَّبَهُ فِيهِ فَيَبْقَى تَحْتَ يَدِهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ بِنَاءً عَلَى مَا اسْتَوْجَهَهُ الشَّارِحُ فِي مَسْأَلَةِ الثَّوْبِ الْمَذْكُورَةِ وَلَزِمَهُ بَدَلُ الْخَشَبَةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُ هَذَا فِيمَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْغَصْبِ وَادَّعَى الْغَاصِبُ أَنَّ الْمَغْصُوبَ اللَّوْحُ الَّذِي فِي أَعْلَى السَّفِينَةِ، وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَنَّهُ فِي أَسْفَلِهَا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَصِرْ لَا مِثْلَ لَهَا) أَيْ فَلَا تُخْرَجُ لِأَنَّهَا كَالْهَالِكَةِ، وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ سم مِنْ أَنَّهَا لِلْمَالِكِ، إذْ هِيَ أَثَرُ مِلْكِهِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا إذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالشِّهَابُ سم فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى التُّحْفَةِ مِمَّا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى فَهْمِ أَنَّ الْمُرَادَ فِيهَا أَنَّ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِهِ فَفِيهِ تَمَلُّكُ كُلِّ حَقِّ الْآخَرِ إلَخْ مَوْجُودٌ فِي الْقَوْلِ بِالشَّرِكَةِ وَلَيْسَ مَوْجُودًا فِي الْقَوْلِ بِالْهَلَاكِ، وَقَدْ تَبَيَّنَ بِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مُرَادَهُ فَتَأَمَّلْ.

(إلَّا أَنْ يَخَافَ تَلَفَ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ مَعْصُومَيْنِ) أَوْ اخْتِصَاصٍ كَذَلِكَ، وَلَوْ لِلْغَاصِبِ بِأَنْ كَانَتْ فِي اللُّجَّةِ وَالْخَشَبَةِ فِي أَسْفَلِهَا فَلَا تُنْزَعُ إلَّا بَعْدَ وُصُولِهَا لِلشَّطِّ وَلِلْمَالِكِ حِينَئِذٍ أَخْذُ قِيمَتِهَا لِلْحَيْلُولَةِ، وَالْمُرَادُ أَقْرَبُ شَطٍّ يُمْكِنُ الْوُصُولُ إلَيْهِ وَالْأَمْنُ فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لَا شَطَّ مَقْصِدِهِ وَكَالنَّفْسِ نَحْوُ الْعُضْوِ وَكُلُّ مُبِيحٍ لِلتَّيَمُّمِ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَغَيْرِهِ إلَّا الشَّيْنَ أَخْذًا مِمَّا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْخَيْطِ مُرَادُهُ إلَّا الشَّيْنَ فِي حَيَوَانٍ غَيْرِ آدَمِيٍّ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي صَرَّحَا بِهِ ثُمَّ حَيْثُ قَالَا: وَكَخَوْفِ الْهَلَاكِ خَوْفُ كُلِّ مَحْذُورٍ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ وِفَاقًا وَخِلَافًا، ثُمَّ قَالَا: لِلْحَيَوَانِ غَيْرِ الْمَأْكُولِ حُكْمُ الْآدَمِيِّ إلَّا أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِبَقَاءِ الشَّيْنِ اهـ. وَلَوْ شَهِدَ بِمَغْصُوبِ جَبِيرَةٍ كَانَ كَمَا لَوْ خَالَطَ بِهِ جُرْحَهُ، قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، وَلَا يُذْبَحُ لِنَزْعِهِ مَأْكُولًا وَلَا غَيْرَهُ لِلنَّهْيِ عَنْ ذَبْحِ الْحَيَوَانِ لِغَيْرِ أَكْلِهِ، وَيَضْمَنُهُ لِأَنَّهُ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنِ مَالِكِهِ، وَلَوْ خَالَطَ بِهِ الْغَاصِبُ جُرْحًا لِآدَمِيٍّ بِإِذْنِهِ فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ وَإِنْ جَهِلَ الْغَصْبَ كَأَكْلِهِ طَعَامًا مَغْصُوبًا وَيَنْزِعُ الْخَيْطَ الْمَغْصُوبَ مِنْ الْمَيِّتِ، وَلَوْ آدَمِيًّا، وَإِنَّمَا لَمْ يَنْزِعْ مِنْهُ حَالَ الْحَيَاةِ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ، أَمَّا نَفْسٌ غَيْرُ مَعْصُومَةٍ كَزَانٍ مُحْصَنٍ وَلَوْ رَقِيقًا كَأَنْ زَنَى ذِمِّيًّا ثُمَّ حَارَبَ وَاسْتُرِقَّ وَتَارِكِ صَلَاةٍ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ بِهَا، وَحَرْبِيٍّ وَمُرْتَدٍّ وَمَالٍ غَيْرِ مَعْصُومٍ كَمَالِ حَرْبِيٍّ فَلَا يَبْقَى لِأَجْلِهِمَا لِإِهْدَارِهِمَا (وَلَوْ) (وَطِئَ الْمَغْصُوبَةَ) الْغَاصِبُ (عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ) وَلَمْ يَكُنْ أَصْلًا لِمَالِكِهَا (حُدَّ) وَإِنْ جَهِلَتْ لِأَنَّهُ زَانٍ (وَإِنْ جَهِلَ) تَحْرِيمَ الزِّنَا مُطْلَقًا أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ (فَلَا حَدَّ) لِلشُّبْهَةِ (وَفِي الْحَالَيْنِ) أَيْ حَالَيْ عِلْمِهِ وَجَهْلِهِ (يَجِبُ الْمَهْرُ) لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ وَهِيَ غَيْرُ زَانِيَةٍ، لَكِنْ فِي حَالَةِ الْجَهْلِ يَجِبُ مَهْرٌ وَاحِدٌ وَإِنْ تَكَرَّرَ الْوَطْءُ وَفِي حَالَةِ الْعِلْمِ يَتَعَدَّدُ، وَإِنْ وَطِئَهَا مَرَّةً عَالِمًا وَأُخْرَى جَاهِلًا فَمَهْرَانِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الصَّدَاقِ (إلَّا أَنْ تُطَاوِعَهُ) عَالِمَةً بِالتَّحْرِيمِ ـــــــــــــــــــــــــــــSخَرَجَتْ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَتْ لِلْمَالِكِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ أَقْرَبُ شَطٍّ) أَيْ وَلَوْ مَا سَارَ مِنْهُ اهـ سم (قَوْلُهُ: إلَّا الشَّيْنَ) قَضِيَّةُ الِاقْتِصَارِ عَلَى هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّ بُطْءَ الْبُرْءِ كَغَيْرِهِ، وَلَا يَخْلُو عَنْ وَقْفَةٍ وَقَوْلُهُ: حَيَوَانٍ شَامِلٌ لِلْمَأْكُولِ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ وَهُوَ مُنَافٍ لِمَا قَيَّدَ بِهِ بَعْدُ فِي قَوْلِهِ حَيَوَانٍ غَيْرَ الْمَأْكُولِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ ثُمَّ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْخَيْطِ (قَوْلُهُ: بِبَقَاءِ الشَّيْنِ) أَيْ فِي الْحَيَوَانِ غَيْرِ الْمَأْكُولِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ خَاطَ بِهِ جُرْحَهُ) أَيْ فَلَا يُنْزَعُ إنْ خِيفَ مِنْ نَزْعِهِ مَحْذُورٌ تَيَمَّمَ (قَوْلُهُ: لِنَزْعِهِ) أَيْ الْمَغْصُوبِ (قَوْلُهُ: وَيَضْمَنُهُ) أَيْ مَالِكُ الْحَيَوَانِ (قَوْلُهُ: فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ) أَيْ الْآدَمِيِّ (قَوْلُهُ: وَيَنْزِعُ الْخَيْطَ) أَيْ يَجُوزُ وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ إزْرَاءٌ بِالْمَيِّتِ كَمَا فِي تَفَرَّقَتْ أَوْصَالُهُ بِسَبَبِ نَزْعِهِ (قَوْلُهُ: كَمَالِ حَرْبِيٍّ) أَيْ أَوْ اخْتِصَاصَاتِهِ (قَوْلُهُ: لِأَجْلِهِمَا) أَيْ النَّفْسِ وَالْمَالِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ أَصْلًا) أَمَّا إذَا كَانَ أَصْلًا لَهُ فَلَا لِمَا فِي مَالِ وَلَدِهِ مِنْ شُبْهَةِ الْإِعْفَافِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَهِلَ تَحْرِيمَ الزِّنَا مُطْلَقًا) اُنْظُرْ مَعْنَى الْإِطْلَاقِ وَلَعَلَّهُ قُرْبُ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ أَمْ لَا، وَلَكِنْ يُقَيَّدُ الْحَدُّ فِيمَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِمَنْ كَانَ غَيْرَ مُخَالِطٍ لَنَا مُخَالَطَةً تَمْنَعُ مِنْ خَفَاءِ التَّحْرِيمِ عَلَيْهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي، وَعِبَارَةُ حَجّ تَحْرِيمُ الزِّنَا مُطْلَقًا أَوْ بِالْمَغْصُوبَةِ، وَقَدْ عُذِرَ بِقُرْبِ إسْلَامِهِ وَلَمْ يَكُنْ مُخَالِطًا لَنَا أَوْ مُخَالِطَنَا، وَأَمْكَنَ اشْتِبَاهُ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَوْ نَشْئِهِ بَعِيدًا عَنْ إلَخْ اهـ. وَمَعْنَى الْإِطْلَاقِ عَلَيْهَا ظَاهِرٌ، فَإِنَّ مَعْنَى سَوَاءٍ غَيْرُ الْمَغْصُوبَةِ وَالْمَغْصُوبَةُ (قَوْلُهُ: يَجِبُ الْمَهْرُ إلَّا أَنْ تُطَاوِعَهُ) وَيَظْهَرُ فِي مُمَيِّزَةٍ عَالِمَةٍ بِالتَّحْرِيمِ أَنَّهَا كَكَبِيرَةٍ فِي سُقُوطِ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّ مَا وُجِدَ مِنْهَا صُورَةُ زِنًا فَأُعْطِيَتْ حُكْمَهُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهَا ثُمَّ رَأَى فِيهَا ذَلِكَ رَدَّهَا اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الرَّدِّ وَمَا ذَكَرَ بِأَنَّ الْعَيْبَ فِي الْمَبِيعِ مَا نَقَصَ الْقِيمَةَ وَالزِّنَا مِنْهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ يُنْقِصُ قِيمَتَهَا وَيُقَلِّلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: تَحْرِيمُ الزِّنَا مُطْلَقًا أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ) هَكَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ وَلَعَلَّ فِيهِ سَقْطًا مِنْ النُّسَّاخِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ تَحْرِيمُ الزِّنَا مُطْلَقًا أَوْ بِالْمَغْصُوبَةِ وَقَدْ عُذِرَ بِقُرْبِ إسْلَامِهِ وَلَمْ يَكُنْ مُخَالِطًا لَنَا، أَوْ مُخَالِطًا، وَأَمْكَنَ اشْتِبَاهُ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَوْ نَشْئِهِ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ

كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي إنْ عَلِمَتْ (لَا يَجِبُ) مَهْرٌ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهَا زَانِيَةٌ وَقَدْ نَهَى عَنْ مَهْرِ الْبَغِيِّ. وَالثَّانِي يَجِبُ لِأَنَّهُ لِسَيِّدِهَا فَلَمْ يَسْقُطْ بِمُطَاوَعَتِهَا كَمَا لَوْ أَذِنَتْ فِي قَطْعِ يَدِهَا. وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمَهْرَ وَإِنْ كَانَ لِلسَّيِّدِ فَقَدْ عَهِدْنَا تَأَثُّرَهُ بِفِعْلِهَا كَمَا لَوْ ارْتَدَّتْ قَبْلَ الدُّخُولِ (وَعَلَيْهَا الْحَدُّ إنْ عَلِمَتْ) بِالتَّحْرِيمِ كَزِنَاهَا، وَكَالزَّانِيَةِ مُرْتَدَّةٌ مَاتَتْ عَلَى رِدَّتِهَا، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا هُنَا أَرْشُ الْبَكَارَةِ وَمَهْرُ ثَيِّبٍ (وَوَطْءُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ كَوَطْئِهِ) أَيْ الْغَاصِبِ (فِي الْحَدِّ وَالْمَهْرِ) وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ أَيْضًا إنْ كَانَتْ بِكْرًا لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي وَضْعِ الْيَدِ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ حَقٍّ. نَعَمْ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ هُنَا الْجَهْلَ مُطْلَقًا مَا لَمْ يَقُلْ: عَلِمَتْ الْغَصْبَ فَيُشْتَرَطُ عُذْرٌ مِنْ نَحْوِ قُرْبِ إسْلَامٍ مَعَ عَدَمِ مُخَالَطَتِنَا أَوْ خَالَطَ وَأَمْكَنَ اشْتِبَاهُ ذَلِكَ عَلَيْهِ (فَإِنْ غَرَّمَهُ) أَيْ الْمَالِكُ الْمُشْتَرِيَ الْمَهْرَ (لَمْ يَرْجِعْ بِهِ) الْمُشْتَرِي (عَلَى الْغَاصِبِ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ الَّذِي انْتَفَعَ وَبَاشَرَ الْإِتْلَافَ، وَكَذَا أَرْشُ الْبَكَارَةِ لِأَنَّهُ بَدَلُ جُزْءٍ مِنْهَا أَتْلَفَهُ. وَالثَّانِي يَرْجِعُ إنْ جَهِلَ الْغَصْبَ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْعَقْدِ عَلَى ضَمَانِهِ فَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ غَرَّهُ بِالْبَيْعِ (وَإِنْ) (أَحْبَلَ) الْغَاصِبُ أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ الْمَغْصُوبَةَ (عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ) (فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ غَيْرُ نَسِيبٍ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ زِنًا، فَلَوْ انْفَصَلَ حَيًّا فَمَضْمُونٌ عَلَى الْغَاصِبِ، أَوْ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ فَبَدَلُهُ لِلسَّيِّدِ، أَوْ بِغَيْرِهَا فَفِي وُجُوبِ ضَمَانِهِ عَلَى الْمُحِيلِ وَجْهَانِ، أَوْجُهُهُمَا كَمَا قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ عَدَمُهُ؛ لِأَنَّ حَيَاتَهُ غَيْرُ مُتَيَقَّنَةٍ وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي حَمْلِ بَهِيمَةٍ مَغْصُوبَةٍ انْفَصَلَ مَيِّتًا، وَاقْتِصَارُ الشَّارِحِ عَلَى حِكَايَةِ الضَّمَانِ لِثُبُوتِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالرَّغْبَةَ فِيهَا وَمَدَارُ الْمَهْرِ عَلَى الزِّنَا، وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهَا زِنًا حَقِيقَةً (قَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ مَهْرٌ) خَرَجَ أَرْشُ الْبَكَارَةِ فَيَجِبُ مَعَ الْمُطَاوَعَةِ كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَا يَسْقُطُ يَتَوَقَّفُ مُطَاوَعَتِهَا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ نَهَى عَنْ مَهْرِ الْبَغِيِّ) أَيْ الزَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: كَزِنَاهَا) أَيْ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْمَهْرِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الْغَاصِبِ يَجِبُ بِوَطْئِهِ الْبِكْرَ مَهْرُ ثَيِّبٍ وَأَرْشَ بَكَارَةٍ، وَعَلَيْهِ فَيَخُصُّ قَوْلُهُمْ الْمَقْبُوضَةَ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ يَجِبُ بِوَطْئِهَا مَهْرُ بِكْرٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ بِالْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ الْغَاصِبِ، وَأَمَّا الْمُشْتَرَى مِنْهُ فَالْوَاجِبُ بِوَطْئِهَا مَهْرُ ثَيِّبٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ، وَقَدْ يَلْتَزِمُ ذَلِكَ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُمْ ثُمَّ إنَّمَا أَوْجَبُوا مَهْرَ الْبِكْرِ مَعَ الْأَرْشِ لِاسْتِنَادِ الْوَطْءِ إلَى عَقْدٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ، بِخِلَافِ الشِّرَاءِ مِنْ الْغَاصِبِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي فَسَادِهِ فَنَزَلَ مَنْزِلَةَ الْغَاصِبِ وَحُكْمُهُ مَا تَقَدَّمَ، وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَقْبُوضِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ، وَمَنْ أَرَادَ تَحْقِيقَ الْفَرْقِ فَلْيَنْظُرْ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَمْ لَا نَشَأَ بَعِيدًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَأَمْكَنَ اشْتِبَاهُ ذَلِكَ عَلَيْهِ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا وَطِئَ جَارِيَةَ زَوْجَتِهِ وَأَحْبَلَهَا مُدَّعِيًا حِلَّهَا لَهُ وَأَنَّ مِلْكَ زَوْجَتِهِ مِلْكٌ لَهُ وَهُوَ عَدَمُ قَبُولِ ذَلِكَ مِنْهُ وَحَدَهُ وَكَوْنُ الْوَلَدِ رَقِيقًا لِعَدَمِ خَفَاءِ ذَلِكَ عَلَى مُخَالِطِنَا. [فَرْعٌ] أَذِنَ الْمَالِكُ لِلْغَاصِبِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي مِنْهُ بِالْوَطْءِ هَلْ يَسْقُطُ الْمَهْرُ؟ فِيهِ قَوْلَانِ، أَوْ تَسْقُطُ قِيمَةُ الْوَلَدِ؟ فِيهِ طَرِيقَانِ، رَجَّحَ ابْنُ الْقَطَّانِ عَدَمَ سُقُوطِ الْمَهْرِ وَهُوَ قِيَاسُ نَظِيرِهِ فِي الرَّهْنِ، وَقِيَاسُهُ تَرْجِيحُ عَدَمِ سُقُوطِ قِيمَةِ الْوَلَدِ اهـ سم عَلَى حَجّ. ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الشَّارِحِ وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَوْ انْفَصَلَ حَيًّا) أَيْ وَمَاتَ رُوِّضَ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ فَإِنْ بَقِيَ حَيًّا وَأَحْبَلَهَا الْغَاصِبُ بِزِنًا كَمَا هُوَ الْفَرْضُ فَهُوَ رَقِيقٌ لِلسَّيِّدِ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: انْفَصَلَ مَيِّتًا) قَضِيَّتُهُ أَنَّ وَلَدَ الْبَهِيمَةِ يُفْرَدُ بِالضَّمَانِ عَنْ أُمِّهِ، وَلَيْسَ مُرَادًا فَإِنَّ حَمْلَ الْبَهِيمَةِ إنَّمَا يُضْمَنُ بِمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ أُمِّهِ وَحِينَئِذٍ يَتَأَمَّلُ الْوَجْهَ الْقَائِلَ بِعَدَمِ الضَّمَانِ مَا الْمُرَادُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَاقْتِصَارُ الشَّارِحِ عَلَى حِكَايَةِ الضَّمَانِ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَمَضْمُونٌ عَلَى الْغَاصِبِ) أَيْ: وَالْمُشْتَرِي مِنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التُّحْفَةِ

الْيَدِ عَلَيْهِ تَبَعًا لِأُمِّهِ تَبِعَ فِيهِ الرَّافِعِيَّ هُنَا، وَقَالَ: إنَّهُ ظَاهِرُ النَّصِّ، لَكِنْ صَحَّحَ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَوْرَاقِ عَدَمِ الضَّمَانِ، وَقَوَّاهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ (وَإِنْ جَهِلَ) التَّحْرِيمَ (فَحُرٌّ) مِنْ أَصْلِهِ لَا أَنَّهُ انْعَقَدَ رَقِيقًا ثُمَّ عَتَقَ كَمَا قَالَ فِي الْمَطْلَبِ الْمَشْهُورِ (نَسِيبٌ) لِلشُّبْهَةِ (وَعَلَيْهِ) إذَا انْفَصَلَ حَيًّا حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً (قِيمَتُهُ) بِتَقْدِيرِ رِقِّهِ لِتَفْوِيتِهِ رِقَّهُ بِظَنِّهِ، فَإِنْ انْفَصِلْ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ فَعَلَى الْجَانِي ضَمَانُهُ وَهِيَ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ، كَمَا يَضْمَنُ الْجَنِينَ الْحُرَّ بِغُرَّةِ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي فِي الْجِرَاحِ فَتَضْمِينُ الْمَالِكِ لِلْغَاصِبِ وَلِلْمُشْتَرِي مِنْهُ بِذَلِكَ، وَسَيَأْتِي ثُمَّ إنَّ بَدَلَ الْجَنِينِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ؛ لِأَنَّا نُقَدِّرُهُ قِنًّا فِي حَقِّهِ، وَالْغُرَّةُ مُؤَجَّلَةٌ فَلَا يَغْرَمُ الْوَاطِئُ حَتَّى يَأْخُذَهَا، قَالَ الْمُتَوَلِّي، وَتَوَقَّفَ الْإِمَامُ فِيهِ أَوْ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ فَلَا ضَمَانَ لِانْتِفَاءِ تَيَقُّنِ حَيَاتِهِ، وَيُخَالِفُ مَا لَوْ انْفَصَلَ رَقِيقًا مَيِّتًا عَلَى الْقَوْلِ بِضَمَانِهِ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ فَجُعِلَ تَبَعًا لِلْأُمِّ، وَلَوْ انْفَصَلَ حَيًّا حَيَاةً غَيْرَ مُسْتَقِرَّةٍ ثُمَّ مَاتَ وَجَبَ ضَمَانُهُ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ تَرَدُّدٍ لِلْأَذْرَعِيِّ، وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ أَيْضًا كَمَا أَفْهَمَهُ تَعْلِيلُهُمْ الْمَيِّتَ بِأَنَّا لَمْ نَتَيَقَّنْ حَيَاتَهُ، وَاقْتِصَارُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي يُفْهِمُ أَنَّ الْمُتَّهَبَ مِنْ الْغَاصِبِ لَا يَرْجِعُ بِهَا وَهُوَ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ لُزُومُ الْمَهْرِ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ لِلْغَاصِبِ وَالْمُشْتَرِي مِنْهُ، وَإِنْ أَذِنَ الْمَالِكُ فِي الْوَطْءِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَالْعِبْرَةُ بِقِيمَتِهِ (يَوْمَ الِانْفِصَالِ) لِتَعَذُّرِ التَّقْوِيمِ قَبْلَهُ وَيَلْزَمُهُ أَرْشُ نَقْصِ الْوِلَادَةِ (وَيَرْجِعُ بِهَا) أَيْ بِالْقِيمَةِ (الْمُشْتَرِي عَلَى الْغَاصِبِ) لِأَنَّهُ غَرَّهُ بِالْبَيْعِ، وَغُرْمُهَا لَيْسَ مِنْ قَضِيَّةِ الشِّرَاءِ، بَلْ قَضِيَّتُهُ أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ الْوَلَدَ حُرًّا مِنْ غَيْرِ غَرَامَةٍ، وَمَا وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَرْجِعُ نَسَبٌ لِسَبْقِ الْقَلَمِ (وَلَوْ تَلِفَ الْمَغْصُوبُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي) مِنْ الْغَاصِبِ (وَغَرَّمَهُ) لِمَالِكِهِ (لَمْ يَرْجِعْ) بِمَا غَرَّمَهُ عَلَى الْغَاصِبِ عَالِمًا أَوْ جَاهِلًا وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ (وَكَذَا) لَا يَرْجِعُ بِالْأَرْشِ الَّذِي غَرَّمَهُ (لَوْ تَعَيَّبَ عِنْدَهُ) بِآفَةٍ (فِي الْأَظْهَرِ) تَسْوِيَةً بَيْنَ الْجُمْلَةِ وَالْإِجْزَاءِ. وَالثَّانِي يَرْجِعُ لِلتَّغْرِيرِ بِالْبَيْعِ، أَمَّا إذَا كَانَ بِفِعْلِهِ فَلَا يَرْجِعُ قَطْعًا (وَلَا يَرْجِعُ) عَلَيْهِ (بِغُرْمِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِيمَا لَوْ انْفَصَلَ الْوَلَدُ الرَّقِيقُ مَيِّتًا بِلَا جِنَايَةٍ (قَوْلُهُ: لَا أَنَّهُ انْعَقَدَ رَقِيقًا إلَخْ) أَيْ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ ذَلِكَ فِي الْكَفَاءَةِ فِي النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا لِأَنَّا نُقَدِّرُ الْحُرَّ رَقِيقًا فِي حَقِّ الْغَاصِبِ وَالْمُشْتَرِي لِأَنَّ ضَمَانَهُمَا لِتَفْوِيتِ الرِّقِّ عَلَى السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَغْرَمُ الْوَاطِئُ) أَيْ لِلْمَالِكِ حَتَّى يَأْخُذَهَا أَيْ مِنْ الْجَانِي (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْمُتَوَلِّي) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: عَلَى الْقَوْلِ بِضَمَانِهِ) أَيْ وَهُوَ مَرْجُوحٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ انْفَصَلَ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً (قَوْلُهُ: وَجَبَ ضَمَانُهُ) اُنْظُرْ بِمَاذَا يَضْمَنُ، وَزَادَ حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ: ضَمَانُهُ كَالْحَيِّ اهـ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ هَلْ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ بِتَقْدِيرِ أَنَّ لَهُ حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً، أَوْ يَضْمَنُهُ بِعُشْرِ قِيمَةِ أُمِّهِ كَمَا لَوْ نَزَلَ مَيِّتًا بِالْجِنَايَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ الْمُرَادَ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ الَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ التَّرَدُّدُ بَيْنَ كَوْنِهِ مَضْمُونًا أَوْ لَا (قَوْلُهُ: لَا يَرْجِعُ بِهَا) أَيْ الْقِيمَةِ عَلَى الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ) وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْمُتَّهَبَ لَمَّا لَمْ يَغْرَمْ بَدَلَ الْأُمِّ لِلْغَاصِبِ ضَعُفَ جَانِبُهُ فَالْتَحَقَ لِخِسَّتِهِ، وَالْمُشْتَرِي بِبَذْلِهِ الثَّمَنَ قَوَّى جَانِبَهُ، وَتَأَكَّدَ تَغْرِيرُهُ مِنْ الْبَائِعِ بِأَخْذِهِ الثَّمَنَ قِيَاسُ التَّغْلِيظِ عَلَى الْبَائِعِ بِالرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ بِالْقِيمَةِ) أَيْ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَمِثْلِهِ قِيمَةُ أَرْشِ الْوِلَادَةِ اهـ حَجّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَدَمُ الرُّجُوعِ بِأَرْشِ الْوِلَادَةِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ مَا فَاتَ مِنْ الْجَارِيَةِ فَهُوَ شَبِيهٌ بِمَا لَوْ تَغَيَّبَتْ فِي يَدِهِ، وَأَرْشُ الْعَيْبِ إذَا غَرِمَهُ الْغَاصِبُ لَا يَرْجِعُ بِهِ (قَوْلُهُ: لَوْ تَعَيَّبَ عِنْدَهُ بِآفَةٍ) خَرَجَ بِهِ مَا غَرِمَهُ بِنُقْصَانِهَا بِالْوِلَادَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ حَجّ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ إلَخْ) مُحْتَرَزُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيُخَالِفُ مَا لَوْ انْفَصَلَ رَقِيقًا مَيِّتًا إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي الرَّقِيقِ بِأَنَّهُ يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ فَجُعِلَ تَبَعًا لِلْأُمِّ فِي الضَّمَانِ، وَهَذَا حُرٌّ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ انْتَهَتْ. وَاعْلَمْ أَنَّ فِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ هُنَا كَلَامًا غَيْرَ مُنْتَظِمٍ وَفِي بَعْضِهَا مَا يُوَافِقُ مَا فِي التُّحْفَةِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ.

مَنْفَعَةٍ اسْتَوْفَاهَا) كَلُبْسٍ وَرُكُوبٍ وَسُكْنَى فِي الْأَظْهَرِ لِمَا مَرَّ (فِي الْمَهْرِ) وَمُقَابِلُ الرَّاجِحِ يَقُولُ غَرَّهُ بِالْبَيْعِ (وَيَرْجِعُ) عَلَيْهِ (بِغُرْمِ مَا تَلِفَ عِنْدَهُ) مِنْ الْمَنَافِعِ وَنَحْوِهَا كَثَمَرٍ وَنِتَاجٍ وَكَسْبٍ مِنْ غَيْرِ اسْتِيفَاءٍ إذَا غَرَّمَهُ الْمَالِكُ مُقَابِلَهَا، وَشُمُولُ الْعِبَارَةِ لِلْعَيْنِ غَيْرُ مُرَادٍ لِتَقَدُّمِ حُكْمِهِ، وَكَلَامُهُ هَذَا إنَّمَا هُوَ فِي الْمَنْفَعَةِ وَالْفَوَائِدُ مِنْ قَبِيلِ الْمَنْفَعَةِ (وَبِأَرْشِ نَقْصِ) بِالْمُهْمَلَةِ (بِنَائِهِ وَغِرَاسِهِ إذَا نَقَضَ) بِالْمُعْجَمَةِ مِنْ جِهَةِ مِلْكِ الْأَرْضِ (فِي الْأَصَحِّ) فِيهِمَا أَمَّا الْأُولَى فَلِأَنَّهُ لَمْ يُتْلِفْهَا وَلَمْ يَلْتَزِمْ ضَمَانَهَا بِالْعَقْدِ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلِأَنَّهُ غَرَّهُ بِالْبَيْعِ وَالثَّانِي فِي الْأُولَى يَنْزِلُ التَّلَفُ عِنْدَهُ مَنْزِلَةَ إتْلَافِهِ وَفِي الثَّانِيَةِ يَقُولُ كَأَنَّ بِالْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ يُتْلِفُ مَالَهُ (وَكُلَّمَا) أَيُّ شَيْءٍ (لَوْ غَرِمَهُ الْمُشْتَرِي رَجَعَ بِهِ) عَلَى الْغَاصِبِ كَأُجْرَةِ الْمَنَافِعِ الْفَائِتَةِ تَحْتَ يَدِهِ وَقِيمَةِ الْوَلَدِ (لَوْ غَرِمَهُ الْغَاصِبُ) ابْتِدَاءً (لَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي) لِأَنَّ الْقَرَارَ عَلَى الْغَاصِبِ فَقَطْ (وَمَا لَا) أَيْ وَكُلَّمَا لَوْ غَرِمَهُ الْمُشْتَرِي لَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ كَقِيمَةِ الْعَيْنِ وَالْأُجَرَاءِ وَمَنَافِعَ اسْتَوْفَاهَا (فَيَرْجِعُ) بِهِ الْغَاصِبُ إذَا غَرِمَهُ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْقَرَارَ عَلَيْهِ فَقَطْ لِتَلَفِهِ تَحْتَ يَدِهِ. نَعَمْ إنْ سَبَقَ مِنْ الْغَاصِبِ اعْتِرَافٌ بِالْمِلْكِ لَمْ يَرْجِعْ قَطْعًا لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِأَنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ ظَالِمٌ لَهُ وَالْمَظْلُومُ لَا يَرْجِعُ إلَّا عَلَى ظَالِمِهِ، وَلَوْ غَرِمَ قِيمَةَ الْعَيْنِ وَقْتَ الْغَصْبِ لِكَوْنِهَا أَكْثَرَ لَمْ يَرْجِعْ بِالزَّائِدِ عَلَى الْأَكْثَرِ مِنْ قِيمَتِهِ وَقْتَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي إلَى التَّلَفِ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي، وَلَا تُسْتَثْنَى هَذِهِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَغْرَمُ الزَّائِدَ فَلَا يَصْدُقُ بِهِ الضَّابِطُ الْمَذْكُورُ (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَكُلُّ مَنْ انْبَنَتْ) بِنُونَيْنِ ثَانِيَةٍ وَرَابِعَةٍ كَمَا بِخَطِّهِ (يَدُهُ عَلَى يَدِ الْغَاصِبِ فَكَالْمُشْتَرِي) فِيمَا مَرَّ مِنْ الرُّجُوعِ وَعَدَمِهِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَقَدْ سَبَقَ أَوَّلَ الْبَابِ بَيَانُ ذَلِكَ فَقَالَ: وَالْأَيْدِي الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَى يَدِ الْغَاصِبِ أَيْدِي ضَمَانٍ إلَى آخِرِهِ، فَتَأَمَّلْ مَا قَالَهُ هُنَاكَ وَقَيِّدْ بِهِ مَا أَطْلَقَهُ هُنَا. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلِهِ بِآفَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ الَّذِي انْتَفَعَ بِهِ وَبَاشَرَ الْإِتْلَافَ (قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْغَاصِبِ وَيَخْرُجُ بِالْمُشْتَرِي الْمُتَّهَبُ، فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِبَدَلِ مَا غَرِمَهُ فِي الْمَنَافِعِ الْفَائِتَةِ بِلَا اسْتِيفَاءٍ مِنْهُ وَهُوَ قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ عَدَمِ الرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ. [فَرْعٌ] ادَّعَى عَلَى آخَرَ تَحْتَ يَدِهِ دَابَّةٌ أَنَّ لَهُ فِيهَا النِّصْفَ مَثَلًا وَأَنَّهُ غَصَبَهَا فَأَجَابَ بِأَنَّهَا إنَّمَا كَانَتْ عِنْدِي بِجِهَةِ الْمُهَايَأَةِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِهَا لَمْ يَضْمَنْهَا كَمَا اسْتَنْبَطَهُ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ كَلَامِ الْمَرْوَزِيِّ فِي الشَّرِكَةِ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: إنَّهَا فِي زَمَنِ نَوْبَتِهِ كَالْمُعَارَةِ عِنْدَهُ فَلْيَضْمَنْهَا يُرَدُّ بِأَنَّ جَعْلَ الْأَكْسَابِ كُلِّهَا لَهُ زَمَنَ نَوْبَتِهِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ كَالْمَالِكِ لَهَا لَا كَالْمُسْتَعِيرِ اهـ حَجّ وَكَتَبَ سم عَلَى قَوْلِهِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً إلَخْ سَكَتَ عَنْ بَيَانِ حُكْمِ مَفْهُومِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ تَصْدِيقُ الْمُدَّعِي كَمَا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ الْغَصْبَ وَادَّعَى آخَرُ الْوَدِيعَةَ مَثَلًا اهـ: أَيْ فَالْمُصَدَّقُ مُدَّعِي الْغَصْبِ (قَوْلُهُ: وَشُمُولُ الْعِبَارَةِ) هِيَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَيَرْجِعُ بِغُرْمِ مَا تَلِفَ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ بِغُرْمِ مَا تَلِفَ عِنْدَهُ. وَالثَّانِيَةُ هِيَ قَوْلُهُ بِأَرْشِ نَقْصِ بِنَائِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَرْجِعْ) أَيْ عَلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَرِمَ) أَيْ الْغَاصِبُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَرْجِعْ بِالزَّائِدِ) أَيْ عَلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَ بِهِ مَا أَطْلَقَهُ هُنَا) أَيْ بِأَنْ يُقَالَ وَكُلُّ مَنْ انْبَنَتْ يَدُهُ هِيَ ضَامِنَةٌ كَالْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَامِ، أَمَّا لَوْ كَانَتْ يَدُهُ أَمِينَةً كَالْوَدِيعِ فَهُوَ كَالْغَاصِبِ فِي كَوْنِهِ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ، وَأَمَّا قَرَارُ الضَّمَانِ فَعَلَى الْغَاصِبِ مَا لَمْ يَكُنْ مَنْ انْبَنَتْ يَدُهُ عَلَى يَدِ الْغَاصِبِ مُتَّهَبًا فَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ كَالْمُشْتَرِي. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْمَتْنُ فَكَالْمُشْتَرِي) أَيْ: إلَّا فِيمَا مَرَّ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَاقْتِصَارُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي.

[كتاب الشفعة]

كِتَابُ الشُّفْعَةِ بِإِسْكَانِ الْفَاءِ، وَحُكِيَ ضَمُّهَا. وَهِيَ لُغَةً مِنْ الشَّفْعِ ضِدُّ الْوِتْرِ، فَكَأَنَّ الشَّفِيعَ يَجْعَلُ نَفْسَهُ شَفْعًا بِضَمِّهِ نَصِيبَ شَرِيكِهِ إلَيْهِ، أَوْ مِنْ الشَّفَاعَةِ لِأَنَّ الْأَخْذَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ بِهَا: أَيْ بِالشَّفَاعَةِ، أَوْ مِنْ الزِّيَادَةِ وَالتَّقْوِيَةِ وَيَرْجِعَانِ لِمَا قَبْلَهُمَا، وَشَرْعًا: حَقُّ تَمَلُّكٍ قَهْرِيٍّ ثَبَتَ لِلشَّرِيكِ الْقَدِيمِ عَلَى الْحَادِثِ فِيمَا مَلَكَ بِعِوَضٍ بِمَا مَلَكَ بِهِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ: أَيْ ضَرَرِ مُؤْنَةِ الْقِسْمَةِ وَاسْتِحْدَاثِ الْمَرَافِقِ وَغَيْرِهَا كَمَنْوَرٍ وَمِصْعَدٍ وَبَالُوعَةٍ فِي الْحِصَّةِ الصَّائِرَةِ إلَيْهِ، وَقِيلَ ضَرَرُ سُوءِ الْمُشَارَكَةِ، وَلِكَوْنِهَا تُؤْخَذُ قَهْرًا نَاسَبَ ذِكْرُهَا عَقِبَ الْغَصْبِ لِلْإِشَارَةِ إلَى اسْتِثْنَائِهَا مِنْهُ، وَالْأَصْلُ فِيهَا الْإِجْمَاعُ إلَّا مَنْ شَذَّ، وَالْأَخْبَارُ كَخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ فَإِذَا ـــــــــــــــــــــــــــــSكِتَابُ الشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ الشَّفْعِ ضِدُّ الْوِتْرِ) مَأْخُوذَةٌ مِنْهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمَعْنَى الَّذِي نُقِلَتْ إلَيْهِ عَنْ اللُّغَةِ حِينَ الْأَخْذِ، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ ضَمُّ نَصِيبٍ إلَى نَصِيبٍ آخَرَ اهـ. فَيَكُونُ الْمَأْخُوذُ أَخَصَّ مِنْ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ وَهُوَ كَافٍ فِي الْمُغَايَرَةِ (قَوْلُهُ: يَجْعَلُ نَفْسَهُ) أَيْ أَوْ نَصِيبَهُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: بِضَمِّهِ) أَيْ بِسَبَبِ ضَمِّهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ الشَّفَاعَةِ) عَطْفٌ عَلَى مِنْ الشَّفْعِ (قَوْلُهُ: وَالتَّقْوِيَةِ) عَطْفٌ مُغَايِرٌ (قَوْلُهُ: وَيَرْجِعَانِ) أَيْ الزِّيَادَةُ وَالتَّقْوِيَةُ لِمَا قَبْلَهُمَا: أَيْ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ مِنْ الشَّفَاعَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ أَقَلَّ مَا يُزَادُ عَلَيْهِ الْوَاحِدُ وَالْمَزِيدُ عَلَيْهِ وِتْرٌ وَالزَّائِدُ إذَا انْضَمَّ إلَى الْوَاحِدِ كَانَ الْمَجْمُوعُ ضِدَّ الْوِتْرِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ ضَرَرُ إلَخْ) الْمَانِعُ مِنْ إرَادَةِ الْأَمْرَيْنِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَلَعَلَّهُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ إذَا جُعِلَ ضَرَرُ الْقِسْمَةِ اُشْتُرِطَ فِي الْمَأْخُوذِ قَبُولُهُ لَهَا، وَإِنْ جُعِلَ ضَرَرُ الْمُشَارَكَةِ لَمْ يُشْتَرَطْ (قَوْلُهُ: لِلْإِشَارَةِ إلَى اسْتِثْنَائِهَا) فِي الِاسْتِثْنَاءِ شَيْءٌ لِعَدَمِ دُخُولِهَا فِي الْغَصْبِ لِخُرُوجِهَا عَنْهُ بِقَيْدٍ عُدْوَانًا أَوْ بِغَيْرِ حَقٍّ إلَّا أَنْ يُرَادَ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّهَا كَأَنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِنْهُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: إلَّا مَنْ شَذَّ) أَيْ حَيْثُ مَنَعَ الْأَخْذَ بِهَا (قَوْلُهُ: «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقَسَّمْ» إلَخْ) فَإِنْ قُلْت: الْأَفْعَالُ وَمَا نُزِّلَ مَنْزِلَتَهَا لَا عُمُومَ فِيهَا، وَمَا مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ لِأَنَّهَا مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي إخْبَارًا عَنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالْعُمُومُ إنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ الْأَلْفَاظِ وَلَمْ يَعْلَمْ مَا وَقَعَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْوَاقِعَ مِنْهُ أَنَّ شَخْصًا بَاعَ حِصَّتَهُ مِنْ دَارٍ فَقَضَى لِشَرِيكِهِ بِالشُّفْعَةِ، وَيَحْتَمِلُ خِلَافَ ذَلِكَ، فَلَمْ يَصِحَّ الِاسْتِدْلَال بِالْعُمُومِ الَّذِي فِي مَا وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الرَّاوِيَ فَهِمَ الْعُمُومَ مِمَّا وَقَعَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَ عَمَّا فَهِمَهُ مِنْ حَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَقَرَّ عَلَيْهِ فَصَارَ إجْمَاعًا عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقَسَّمْ، أَوْ يُقَالُ نَزَّلَ الْقَضَاءَ مَنْزِلَةَ الْإِفْتَاءِ: أَيْ أَفْتَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقَسَّمْ) أَيْ مُشْتَرَكٍ لَمْ يُقَسَّمْ لِأَنَّ عَدَمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الشُّفْعَة] ِ (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ الزِّيَادَةِ، وَالتَّقْوِيَةِ) الْمُنَاسِبُ أَوْ التَّقْوِيَةُ؛ لِأَنَّهُمَا مَأْخَذَانِ مُخْتَلِفَانِ قَالَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا قَائِلٌ وَانْظُرْ اللَّفْظَ الْمُسْتَعْمَلَ فِي الزِّيَادَةِ وَالتَّقْوِيَةِ هَلْ هُوَ لَفْظُ الشَّفْعِ أَوْ الشَّفَاعَةِ أَوْ غَيْرِهِمَا؟ (قَوْلُهُ: بِمَا مَلَكَ بِهِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فِي التَّعْرِيفِ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ التَّعْرِيفَ لِلْحَقِّ الثَّابِتِ بِالشِّرَاءِ الَّذِي هُوَ حَقِيقَةُ الشُّفْعَةِ وَأَمَّا مَا يَمْلِكُ بِهِ الشَّفِيعُ فَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّمَلُّكِ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ نَظِيرُ مَا سَيَأْتِي فِي صِفَةِ التَّمَلُّكِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ ضَرَرُ سُوءِ الْمُشَارَكَةِ) وَيَنْبَنِي عَلَى الْقَوْلَيْنِ أَنَّا إنْ

وَقَعَتْ الْحُدُودُ وَصُرِّفَتْ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ» وَفِي رِوَايَةٍ: «لَهُ فِي أَرْضٍ أَوْ رَبْعٍ أَوْ حَائِطٍ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ» : أَيْ لَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ حِلًّا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ إذْ لَا إثْمَ فِي عَدَمِ اسْتِئْذَانِ الشَّرِيكِ. وَالرَّبْعُ الْمَنْزِلُ وَالْحَائِطُ الْبُسْتَانُ، وَقَوْلُهُ لَمْ يُقْسَمْ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ إذْ الْأَصْلُ فِيمَا نُفِيَ بِلَمْ كَوْنُهُ فِي الْمُمْكِنِ بِخِلَافِ مَا نُفِيَ بِلَا، وَاسْتِعْمَالُ أَحَدِهِمَا مَكَانَ الْآخَرِ تَجَوُّزٌ، أَوْ إجْمَالٌ قَالَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ، وَالْعَفْوُ عَنْهَا أَفْضَلُ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي نَادِمًا أَوْ مَغْبُونًا. وَلَهَا ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ: آخِذٌ، وَمَأْخُوذٌ، وَمَأْخُوذٌ مِنْهُ، وَالصِّيغَةُ إنَّمَا تَجِبُ فِي التَّمَلُّكِ كَمَا سَيَأْتِي (لَا تَثْبُتُ فِي مَنْقُولٍ) ابْتِدَاءً كَحَيَوَانٍ وَثِيَابٍ وَإِنْ بِيعَ مَعَ الْأَرْضِ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ وَلِأَنَّهُ لَا يَدُومُ بِخِلَافِ الْعَقَارِ فَيَتَأَبَّدُ فِيهِ ضَرَرُ الْمُشَارَكَةِ، وَخَرَجَ بِابْتِدَاءٍ تَهَدُّمُ الدَّارِ بَعْدَ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ فَيُؤْخَذُ نَقْضُهَا بِهَا (بَلْ) إنَّمَا تَثْبُتُ (فِي أَرْضٍ وَمَا فِيهَا مِنْ بِنَاءٍ) وَتَوَابِعِهِ الدَّاخِلَةِ فِي مُطْلَقِ الْبَيْعِ كَأَبْوَابٍ مَنْصُوبَةٍ وَرُفُوفٍ مُسَمَّرَةٍ وَمِفْتَاحِ غَلَقٍ مُثَبَّتٍ وَكُلِّ مُنْفَصِلٍ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ نَفْعٌ مُتَّصِلٌ (وَشَجَرٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــSالْقِسْمَةِ يَسْتَلْزِمُ الشَّرِكَةَ، وَرِوَايَةُ مُسْلِمٍ: «فِي كُلِّ شَرِكَةٍ لَمْ تُقَسَّمْ» (قَوْلُهُ: وَصُرِّفَتْ) أَيْ مُيِّزَتْ وَبُيِّنَتْ، وَهُوَ بِالتَّشْدِيدِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ مَالِكٍ حَيْثُ قَالَ مِنْ الصِّرْفِ بِكَسْرِ الصَّادِ وَهُوَ الشَّيْءُ الْخَالِصُ اهـ شَرْحُ الْمِشْكَاةِ بِالْمَعْنَى، وَنَصُّهَا: وَفُسِّرَتْ صُرِّفَتْ بِبُيِّنَتْ لِقَوْلِ مَالِكٍ مَعْنَاهُ خُلِّصَتْ وَبُيِّنَتْ مِنْ الصِّرْفِ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَهُوَ الْخَالِصُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ (قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ فِي أَرْضٍ) لَعَلَّهُ بَعْدَ قَوْلِهِ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقَسَّمْ، وَحِينَئِذٍ فَيُوَافِقُ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ قَوْلِهِ «فِي كُلِّ شَرِكَةٍ لَمْ تُقْسَمْ رَبْعَةٍ أَوْ حَائِطٍ» ، وَقَوْلُهُ: إذْ لَا إثْمَ فِي عَدَدِ إلَخْ لَا يَصْلُحُ هَذَا بِمُجَرَّدِهِ صَارِفًا عَنْ الْحُرْمَةِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِهَا، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ إذْ لَا إثْمَ لِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُمْ بِالدَّلِيلِ وَمَعَ ذَلِكَ فِيهِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: حَتَّى يُؤْذِنَ) أَيْ يُعْلِمَ (قَوْلُهُ: وَالرَّبْعُ الْمَنْزِلُ) أَيْ فَهُوَ مُفْرَدٌ، وَقِيلَ اسْمُ جَمْعٍ. قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ: وَالرَّبْعُ وَالرَّبْعَةُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَإِسْكَانِ الْبَاءِ وَالرَّبْعُ الدَّارُ وَالْمَسْكَنُ وَمُطْلَقُ الْأَرْضِ وَأَصْلُهُ الْمَنْزِلُ الَّذِي كَانُوا يَرْبَعُونَ فِيهِ، وَالرَّبْعَةُ تَأْنِيثُ الرَّبْعِ وَقِيلَ وَاحِدَةٌ، وَالْجَمْعُ الَّذِي هُوَ اسْمُ الْجِنْسِ رَبْعٌ كَتَمْرَةٍ وَتَمْرٍ اهـ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا نُفِيَ بِلَا) أَيْ فَيَكُونُ فِي الْمُمْكِنِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ إجْمَالٌ) أَيْ لَمْ تَتَّضِحْ دَلَالَتُهُ وَذَلِكَ حَيْثُ لَمْ تُنْصَبْ قَرِينَةٌ عَلَى الْمُرَادِ، فَالْمَعْنَى هُوَ مَجَازٌ إنْ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ وَإِجْمَالٌ إنْ لَمْ تُوجَدْ قَرِينَةٌ تُعَيِّنُ الْمُرَادَ مَعَ كَوْنِهَا صَارِفَةً عَنْ إرَادَةِ الْحَقِيقِيِّ بِخُصُوصِهِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ تُنْصَبْ قَرِينَةٌ أَصْلًا فَيَجِبُ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْمَنْفِيِّ بِلَمْ لِأَنَّهُ خَاصٌّ بِالْمُمْكِنِ فَلَا يَكُونُ فِي الْكَلَامِ تَجَوُّزٌ وَلَا إجْمَالٌ. وَأَمَّا الْمَنْفِيُّ بِلَا فَحَيْثُ لَا قَرِينَةَ هُوَ مُجْمَلٌ (قَوْلُهُ: وَالْعَفْوُ عَنْهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ اشْتَدَّتْ إلَيْهَا حَاجَةُ الشَّرِيكِ الْقَدِيمِ، وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ وَيُحْتَمَلُ بَقَاؤُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْإِيثَارِ، وَهُوَ أَوْلَى حَيْثُ لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ كَالِاحْتِيَاجِ لِلْمَاءِ لِلطَّهَارَةِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ، وَمَحَلُّهُ أَيْضًا مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى التَّرْكِ مَعْصِيَةٌ، فَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَأَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي مَشْهُورًا بِالْفُجُورِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَخْذُ مُسْتَحَبًّا بَلْ وَاجِبًا إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِدَفْعِ مَا يُرِيدُهُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْفُجُورِ ثُمَّ (قَوْلُهُ: أَوْ مَغْبُونًا) عَطْفُ سَبَبٍ عَلَى مُسَبَّبٍ: أَيْ فَيَكُونُ الْأَخْذُ أَفْضَلَ (قَوْلُهُ: وَالصِّيغَةُ إنَّمَا تَجِبُ) أَيْ فَلَا حَاجَةَ إلَى عَدِّهَا رُكْنًا بَلْ لَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ: فَيَتَأَبَّدُ فِيهِ ضَرَرُ الْمُشَارَكَةِ) قَدْ يُقَالُ: الَّذِي اعْتَبَرَهُ فِيمَا سَبَقَ ضَرَرُ مُؤْنَةِ الْقِسْمَةِ وَهُوَ لَا يَتَكَرَّرُ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ لَمْ يَقْتَصِرْ ثَمَّ عَلَى ضَرَرِ الْقِسْمَةِ بَلْ ذَكَرَ التَّعْلِيلَيْنِ مَعًا، فَقَوْلُهُ هُنَا لِلْخَبَرِ نَاظِرٌ لِلتَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ لَا يَدُومُ نَاظِرٌ لِلتَّعْلِيلِ الثَّانِي (قَوْلُهُ فَيُؤْخَذُ نَقْضُهَا) وَإِنْ نَقَلَ، وَفِي حَجّ خِلَافُهُ وَفِيهِ وَقْفَةٌ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ مَا ذَكَرْته، وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ مِنْ أَخْذِ الثَّمَرَةِ وَإِنْ قُطِعَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقُلْنَا بِالْأَوَّلِ لَمْ تَثْبُتْ الشُّفْعَةُ فِيمَا لَوْ قُسِمَ بَطَلَتْ مَنْفَعَتُهُ الْمَقْصُودَةُ كَحَمَّامٍ وَرَحًى صَغِيرَيْنِ وَهُوَ الْأَصَحُّ الْآتِي، وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي ثَبَتَتْ؛ فَانْدَفَعَ قَوْلُ الشِّهَابِ ابْنِ قَاسِمٍ مَا الْمَانِعُ مِنْ الْقَوْلِ بِهِمَا.

رُطَبٍ وَأَصْلٍ يُجَزُّ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى كَقَتٍّ وَهِنْدِبَا (تَبَعًا) لِلْأَرْضِ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ؛ وَخَرَجَ بِهِ بَيْعُ بِنَاءٍ وَشَجَرٍ فِي أَرْضٍ مُحْتَكَرَةٍ إذْ هُوَ كَالْمَنْقُولِ، وَشَرْطُ التَّبَعِيَّةِ أَنْ يُبَاعَا مَعَ مَا حَوْلِهِمَا مِنْ الْأَرْضِ، فَلَوْ بَاعَ شِقْصًا مِنْ جِدَارٍ وَأُسِّهِ لَا غَيْرُ أَوْ مِنْ أَشْجَارٍ وَمَغَارِسِهَا لَا غَيْرُ فَلَا شُفْعَةَ لِأَنَّ الْأَرْضَ تَابِعَةٌ هُنَا. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ حَيْثُ صَرَّحَ بِدُخُولِ الْأَسَاسِ وَالْمُغْرَسِ فِي الْبَيْعِ، وَكَانَا مَرْئِيَّيْنِ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَرَهُمَا وَصَرَّحَ بِدُخُولِهِمَا لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ فِي الْأَصَحِّ. وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي " بِعْتُك الْجِدَارَ وَأَسَاسَهُ " بِأَنَّهُ ثُمَّ يَدْخُلُ مَعَ السُّكُوتِ عَنْهُ، بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّهُ عَيْنٌ مُنْفَصِلَةٌ لَا تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَاشْتُرِطَتْ رُؤْيَتُهَا، وَبَحَثَ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْجِدَارُ عَرِيضًا بِحَيْثُ كَانَتْ أَرْضُهُ هِيَ الْمَقْصُودَةَ ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ هِيَ الْمَتْبُوعَةُ حِينَئِذٍ، وَهُوَ مُرَادُهُمْ بِلَا شَكٍّ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: تَبَعًا عَمَّا لَوْ بَاعَ أَرْضًا، وَفِيهَا شَجَرَةٌ جَافَّةٌ شَرَطَا دُخُولَهَا فِي الْبَيْعِ فَلَا تُؤْخَذُ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّهَا لَمْ تَدْخُلْ فِي الْبَيْعِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ بَلْ بِالشَّرْطِ (وَكَذَا ثَمَرٌ لَمْ يُؤَبَّرْ) عِنْدَ الْبَيْعِ (فِي الْأَصَحِّ) وَإِنْ تَأَبَّرَ عِنْدَ الْأَخْذِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَأَصْلٍ يُجَزُّ) أَيْ مَا يَثْبُتُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَهِنْدِبَا) بِكَسْرِ الدَّالِ وَيُقْصَرُ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: تَبَعًا لِلْأَرْضِ) أَيْ تَثْبُتُ فِي بِنَاءٍ وَشَجَرٍ دَخَلَ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهَا تَثْبُتُ فِي الشَّجَرِ تَبَعًا لِثُبُوتِهَا فِي الْأَرْضِ. وَالْمُرَادُ بِالتَّبَعِيَّةِ أَنَّهَا تَدْخُلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ تَبَعًا، وَإِنْ نَصَّ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: فِي أَرْضٍ مُحْتَكَرَةٍ) وَصُورَتُهَا عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْآنَ أَنْ يُؤْذِنَ فِي الْبِنَاءِ فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ أَوْ مَمْلُوكَةٍ بِأُجْرَةٍ مُقَدَّرَةٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ فِي مُقَابَلَةِ الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ مُدَّةٍ فَهِيَ كَالْخَرَاجِ الْمَضْرُوبِ عَلَى الْأَرْضِ كُلَّ سَنَةٍ بِكَذَا وَاغْتُفِرَ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَرْضَ تَابِعَةٌ هُنَا) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْقَصْدُ لِلْمُشْتَرِي، لَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ بَاعَ الْجِدَارَ وَدَخَلَتْ الْأَرْضُ تَبَعًا لِمَا يَأْتِي عَنْ السُّبْكِيّ (قَوْلُهُ: حَيْثُ صَرَّحَ بِدُخُولِ الْأَسَاسِ) أَيْ مَا غَابَ مِنْهُ فِي الْأَرْضِ عَلَى مَا يَتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَتِهِ، لَكِنَّ الْمَفْهُومَ مِمَّا يَأْتِي فِي الشَّارِحِ عَنْ السُّبْكِيّ أَنَّ الْمُرَادَ حَفِيرَتُهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ فِي الْأَصَحِّ) عِبَارَةُ السُّبْكِيّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ بَعْدَ هَذَا: فَإِنْ قُلْت: كَلَامُهُمْ فِي الْبَيْعِ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا قَالَ: بِعْتُك الْجِدَارَ وَأَسَاسَهُ صَحَّ وَإِنْ لَمْ يَرَ الْأَسَاسَ. قُلْت: الْمُرَادُ بِذَلِكَ الْأَسَاسِ الَّذِي هُوَ بَعْضُهُ كَحَشْوِ الْجُبَّةِ. أَمَّا الْأَسَاسُ الَّذِي هُوَ مَكَانُ الْبِنَاءِ فَهُوَ عَيْنٌ مُنْفَصِلَةٌ لَا تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فِي الْأَصَحِّ، فَإِذَا صَرَّحَ بِهِ اُشْتُرِطَ فِيهِ شُرُوطُ الْبَيْعِ، وَالْحَمْلُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْمَرْتَبَتَيْنِ يُشْبِهُ الْجُزْءَ وَيُشْبِهُ الْمُنْفَصِلَ، فَلِذَلِكَ جَرَى الْخِلَافُ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ إذَا قَالَ: بِعْتُك الْجَارِيَةَ وَحَمْلَهَا اهـ. وَتَبِعَهُ فِي الْقُوتِ عَلَى ذَلِكَ وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي اخْتِصَارِ الشَّارِحِ لَهُ مِنْ الْإِجْمَالِ وَالْإِيهَامِ اِ هـ سم عَلَى حَجّ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ فِي الْفَرْقِ الْآتِي مَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ أَنَّهُ إذَا بَاعَ الْجِدَارَ وَأُسَّهُ وَأَرَادَ بِهِ الْأَرْضَ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ، أَوْ مَا هُوَ مَسْتُورٌ بِالْأَرْضِ صَحَّ لِأَنَّهُ الَّذِي يَدْخُلُ فِي اسْمِ الْجِدَارِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَمْ تَدْخُلْ) قَضِيَّتُهُ ثُبُوتُهَا فِي الشَّجَرِ الرَّطْبِ وَإِنْ نَصَّ عَلَى دُخُولِهِ لِأَنَّهُ لَوْ سَكَتَ عَنْهُ دَخَلَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ بَلْ بِالشَّرْطِ) وَحَيْثُ شَرَطَ دُخُولَهَا وَأَرَادَ الشَّفِيعُ الْأَخْذَ قُوِّمَتْ الْأَرْضُ مَعَ الشَّجَرِ ثُمَّ بِدُونِهَا وَقُسِّمَ الثَّمَنُ عَلَى مَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْهُمَا كَمَا لَوْ بَاعَ شِقْصًا مَشْفُوعًا وَسَيْفًا (قَوْلُهُ: لَمْ يُؤَبَّرْ عِنْدَ الْبَيْعِ) أَيْ وَإِنْ شَرَطَ دُخُولَهُ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَلَا يُخْرِجُهُ عَنْ التَّبَعِيَّةِ، هَذَا مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الشَّارِحِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ حَجّ الْآتِي أَوْ مَا شَرَطَ دُخُولَهُ خِلَافُهُ فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ مِثْلَ مَا اسْتَظْهَرْته، وَعِبَارَتُهُ قَوْلُهُ: وَلَمْ يَشْتَرِطْ دُخُولَهُ فِيهِ أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ يَقْتَضِي أَنَّ غَيْرَ الْمُؤَبَّرِ إذَا شُرِطَ دُخُولُهُ لَا يُؤْخَذُ، وَكَذَا يَقْتَضِي ذَلِكَ قَوْلُهُ الْآتِي أَمَّا مُؤَبَّرٌ عِنْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَرَهُمَا وَصَرَّحَ بِدُخُولِهِمَا لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ فِي الْأَصَحِّ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِدُخُولِهِمَا لَمْ يَدْخُلَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّهُ عَيْنٌ مُنْفَصِلَةٌ) يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَسَاسِ هُنَاكَ بَعْضُ الْجِدَارِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ

سَوَاءٌ أَكَانَ عِنْدَ الْبَيْعِ أَمْ حَدَثَ بَعْدَهُ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ لِتَبَعِيَّةِ الْأَصْلِ فِي الْبَيْعِ فَكَذَا فِي الْأَخْذِ هُنَا، وَلَا نَظَرَ لِطُرُوِّ تَأَبُّرِهِ لِتَقَدُّمِ حَقِّهِ وَزِيَادَتِهِ كَزِيَادَةِ الشَّجَرِ، بَلْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: يَأْخُذُهُ وَإِنْ قُطِعَ. وَالثَّانِي: لَا لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ بِهِ التَّأْبِيدُ. إمَّا مُؤَبَّرٌ عِنْدَ الْبَيْعِ شُرِطَ دُخُولُهُ فَلَا يُؤْخَذُ، وَإِنَّمَا تُؤْخَذُ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ لِانْتِفَاءِ التَّبَعِيَّةِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ (وَلَا شُفْعَةَ فِي حُجْرَةٍ) مُشْتَرَكَةٍ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْهَا، وَقَدْ (بُنِيَتْ عَلَى سَقْفٍ مُشْتَرَكٍ) بِأَنْ اخْتَصَّ بِهِ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِيهَا أَوْ غَيْرُهُمَا إذْ لَا قَرَارَ لَهَا، فَهِيَ كَالْمَنْقُولِ (وَكَذَا مُشْتَرَكٌ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ السَّقْفَ الَّذِي هُوَ أَرْضُهَا لَا ثَبَاتَ لَهُ فَمَا عَلَيْهِ كَذَلِكَ. وَالثَّانِي يَجْعَلُهُ كَالْأَرْضِ، وَلَوْ اشْتَرَكَا فِي سُفْلٍ وَاخْتَصَّ أَحَدُهُمَا بِعُلُوِّهِ فَبَاعَ صَاحِبُ الْعُلُوِّ عُلُوَّهُ مَعَ نَصِيبِهِ مِنْ السُّفْلِ أَخَذَ الشَّرِيكُ هَذَا فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْعُلُوَّ لَا شَرِكَةَ فِيهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُشْتَرَكَةً، وَفِيهَا أَشْجَارٌ لِأَحَدِهِمَا فَبَاعَهُ مَعَ نَصِيبِهِ مِنْهَا فَالشُّفْعَةُ لَهُ فِي الْأَرْضِ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ لَا فِي الشَّجَرِ (وَكُلُّ مَا لَوْ قُسِمَ بَطَلَتْ مَنْفَعَتُهُ الْمَقْصُودَةُ) مِنْهُ بِأَنْ لَا يُنْتَفَعَ بِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ يُقْصَدُ مِنْهُ قَبْلَهَا (كَحَمَّامٍ وَرَحًى) صَغِيرَيْنِ لَا يُمْكِنُ تَعَدُّدُهُمَا (لَا شُفْعَةَ فِيهِ فِي الْأَصَحِّ) بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَا كَبِيرَيْنِ لِأَنَّ عِلَّةَ ثُبُوتِهَا فِي الْمُنْقَسِمِ كَمَا مَرَّ دَفْعُ ضَرَرِ مُؤْنَةِ الْقِسْمَةِ وَالْحَاجَةُ إلَى إفْرَادِ الْحِصَّةِ الصَّائِرَةِ إلَى الشَّرِيكِ بِالْمَرَافِقِ، وَهَذَا الضَّرَرُ حَاصِلٌ قَبْلَ الْبَيْعِ وَمِنْ حَقِّ الرَّاغِبِ فِيهِ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُخَلِّصَ صَاحِبَهُ مِنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْبَيْعِ أَوْ مَا شُرِطَ دُخُولُهُ فِيهِ إلَخْ، وَلَا يَخْفَى إشْكَالُ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ، فَإِنَّ عِبَارَةَ الرَّوْضِ وَأَصْلَهُ لَا تُفِيدُ ذَلِكَ بَلْ تُشْعِرُ بِخِلَافِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَلَا يَأْخُذُ الدَّاخِلَةَ بِالشَّرْطِ فَتَخْرُجُ الثَّمَرَةُ الْمُؤَبَّرَةُ الْمَشْرُوطَةُ اهـ. فَاقْتِصَارُهُ عَلَى الثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ مُشْعِرٌ بِأَنَّ غَيْرَهَا يُؤْخَذُ، وَإِنْ شَرَطَ دُخُولَهُ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَكَانَ عِنْدَ الْبَيْعِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الثَّمَرَةَ الْحَادِثَةَ بَعْدَ الْعَقْدِ تُتْبَعُ فِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ، وَإِنْ كَانَتْ مُؤَبَّرَةً وَقْتَ الْأَخْذِ، وَلَكِنْ فِي حَاشِيَةِ سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا يُفِيدُ أَنَّهَا لَا تُتْبَعُ فِيمَا ذَكَرَ، وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: وَلَوْ حَدَثَ الثَّمَرُ بَعْدَ الْبَيْعِ وَلَمْ يُؤَبَّرْ عِنْدَ الْأَخْذِ أُخِذَ بِالشُّفْعَةِ تَبَعًا وَإِلَّا فَلَا اهـ. وَعَلَيْهِ فَيُقَيَّدُ قَوْلُ الشَّارِحِ بِمَا لَمْ يُؤَبَّرْ وَقْتَ الْأَخْذِ (قَوْلُهُ: فَكَذَا فِي الْأَخْذِ هُنَا) أَيْ ثُمَّ إنْ وَجَدَهُ بَاقِيًا أَخَذَهُ أَوْ تَالِفًا أَخَذَ مِثْلَهُ (قَوْلُهُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: شُرِطَ دُخُولُهُ) عِبَارَةُ حَجّ: أَوْ مَا شُرِطَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تُؤْخَذُ) أَيْ الْأَرْضُ وَالثَّمَرَةُ (قَوْلُهُ: فَبَاعَهُ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ الْأَشْجَارِ (قَوْلُهُ لَا فِي الشَّجَرِ) أَيْ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ لِعَدَمِ الشَّرِكَةِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ عَلَى مَالِكِ الشَّجَرِ نِصْفُ الْأُجْرَةِ لِلشَّفِيعِ وَهُوَ مَا يَخُصُّ النِّصْفَ الَّذِي كَانَ لِلشَّرِيكِ الْقَدِيمِ قَبِلَ دُونَ مَا يُقَابِلُ النِّصْفَ الَّذِي انْتَقَلَ إلَيْهِ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّ صَاحِبَهُ كَانَ يَسْتَحِقُّ الْإِبْقَاءَ فِيهِ مَجَّانًا فَتَنْتَقِلُ الْأَرْضُ لِلشَّفِيعِ مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ، كَمَا لَوْ بَاعَ أَرْضًا وَاسْتَثْنَى لِنَفْسِهِ الشَّجَرَ فَإِنَّهُ يَبْقَى بِلَا أُجْرَةٍ، وَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ تَكْلِيفُ الْمُشْتَرِي قَطْعَ الشَّجَرِ لَا تَمَلُّكَهُ بِالْقِيمَةِ وَلَا الْقَلْعَ مَعَ غَرَامَةِ أَرْشِ النَّقْصِ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقُّ الْإِبْقَاءِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ اقْتَسَمَا الْأَرْضَ وَخَرَجَ النِّصْفُ الَّذِي فِيهِ الشَّجَرُ لِغَيْرِ مَالِكِ الشَّجَرِ فَهَلْ يُكَلَّفُ الْآنَ أُجْرَةَ الْجَمِيعِ أَوْ النِّصْفِ أَوْ لَا يُكَلَّفُ شَيْئًا لِاسْتِحْقَاقِهِ بَقَاءَ الْكُلِّ قَبْلَ الْقِسْمَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، فَيُحْتَمَلُ الْأَخِيرُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِمَالِكِ الشَّجَرِ الْآنَ فِي الْأَرْضِ (قَوْلُهُ: لَا يُمْكِنُ تَعَدُّدُهُمَا) ظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ جَارٍ وَإِنْ أَعْرَضَا عَنْ بَقَائِهِمَا عَلَى ذَلِكَ وَقَصَدَا جَعْلَهُمَا دَارَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ مَا دَامَا عَلَى صُورَةِ الْحَمَّامِ وَالطَّاحُونِ، فَلَوْ غَيَّرَا صُورَتَهُمَا عَنْ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ مَا غَيَّرَا إلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ عِلَّةَ ثُبُوتِهَا) لَكِنْ هَذَا لَا يَتَأَتَّى فِيمَا لَوْ سَأَلَهُ فِي الشِّرَاءِ قَبْلَ الْبَيْعِ فَلَمْ يُجِبْهُ مَعَ أَنَّ الشُّفْعَةَ ثَبَتَتْ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَنْ يُخَلِّصَ صَاحِبَهُ) هَذَا قَدْ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَوْ عَرَضَ الْأَمْرَ عَلَى شَرِيكِهِ قَبْلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُرَادَ بِهِ الْأَرْضُ الْحَامِلَةُ لِلْجِدَارِ وَصَرَّحَ الْأَذْرَعِيُّ هُنَا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تُؤْخَذُ) يَعْنِي الْأَرْضَ مَثَلًا

بِالْبَيْعِ لَهُ، فَلَمَّا بَاعَ لِغَيْرِهِ سَلَّطَهُ الشَّرْعُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ فَعُلِمَ ثُبُوتُهَا فِي كُلِّ مَا يُجْبَرُ الشَّرِيكُ عَلَى قِسْمَتِهِ كَمَالِكٍ عُشْرَ دَارٍ صَغِيرَةٍ بَاعَ شَرِيكُهُ بَاقِيَهَا، بِخِلَافِ عَكْسِهِ لِإِجْبَارِ الْأَوَّلِ عَلَى الْقِسْمَةِ دُونَ الثَّانِي كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، وَعَدَلَ عَنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِطَاحُونَةٍ إلَى رَحًى لِأَنَّهُ أَخْصَرُ، وَدَعْوَى أَنَّ الطَّاحُونَةَ تُطْلَقُ فِي الْعُرْفِ عَلَى الْمَكَانِ وَالرَّحَى عَلَى الْحَجَرِ وَأَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ هُنَا لِأَنَّهُ مَنْقُولٌ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ تَبَعًا لِلْمَكَانِ فَالْمُرَادُ الْمَحِلُّ الْمُعَدُّ لِلطَّحْنِ، وَحِينَئِذٍ فَتَعْبِيرُ الْمُحَرِّرِ أَوْلَى غَيْرُ سَدِيدَةٍ لِأَنَّ هَذَا عُرْفٌ طَارٍ وَاَلَّذِي تَقَرَّرَ تَرَادُفُهُمَا فِي اللُّغَةِ فَلَا إيرَادَ (وَلَا شُفْعَةَ إلَّا لِشَرِيكٍ) فِي الْعَقَارِ الْمَأْخُوذِ وَلَوْ ذِمِّيًّا وَمُكَاتَبًا مَعَ سَيِّدِهِ وَغَيْرِ آدَمِيٍّ كَمَسْجِدٍ لَهُ شِقْصٌ لَمْ يُوقَفْ فَبَاعَ شَرِيكُهُ حِصَّتَهُ يَشْفَعُ لَهُ نَاظِرُهُ فَلَا شُفْعَةَ لِغَيْرِ شَرِيكٍ، كَأَنْ مَاتَ عَنْ دَارِ شَرِيكُهُ فِيهَا وَارِثُهُ فَبِيعَتْ حِصَّتُهُ فِي دَيْنِهِ فَلَا يَشْفَعُ الْوَارِثُ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ، وَكَالْجَارِ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ عَنْ الْبُخَارِيِّ لِصَرَاحَتِهِ وَعَدَمِ قَبُولِهِ التَّأْوِيلَ، بِخِلَافِ أَحَادِيثِ إثْبَاتِهَا لِلْجَارِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الشَّرِيكِ فَتَعَيَّنَ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ، وَلَوْ قَضَى حَنَفِيٌّ بِهَا لِلْجَارِ لَمْ يَنْقَضِ، وَحَلَّ الْأَخْذُ بَاطِنًا وَإِنْ كَانَ الْآخِذُ شَافِعِيًّا، وَلَا شُفْعَةَ لِصَاحِبِ شِقْصٍ مِنْ أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ إذَا بَاعَ شَرِيكُهُ الْآخَرُ نَصِيبَهُ لِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يُسْتَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ فَلَا تُسْتَحَقُّ بِهِ الشُّفْعَةُ وَلَا لِشَرِيكِهِ إذَا بَاعَ شَرِيكٌ آخَرُ نَصِيبَهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ لِامْتِنَاعِ قِسْمَةِ الْوَقْفِ عَنْ الْمِلْكِ إذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ بَيْعًا وَلِانْتِفَاءِ مِلْكِ الْأَوَّلِ عَنْ الرَّقَبَةِ. نَعَمْ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ وَالْمُصَنِّفُ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْبَيْعِ فَامْتَنَعَ مِنْ الشِّرَاءِ وَبَاعَ لِغَيْرِهِ لَا يَثْبُتُ لِغَيْرِهِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ مُرَادًا وَإِنَّمَا ذَلِكَ أَصْلُ حِكْمَةِ الْمَشْرُوعِيَّةِ (قَوْلُهُ: كَمَالِكٍ عُشْرَ دَارٍ صَغِيرَةٍ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ مَسْجِدًا صَحَّ، وَيُجْبَرُ صَاحِبُ الْمِلْكِ عَلَى قِسْمَتِهِ فَوْرًا، وَإِنْ بَطَلَتْ مَنْفَعَتُهُ الْمَقْصُودَةُ كَمَا يُجْبَرُ صَاحِبُ الْعُشْرِ إذَا طَلَب صَاحِبُ التِّسْعَةِ أَعْشَارِ الْقِسْمَةَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ عَكْسِهِ) اُنْظُرْ لَوْ كَانَ بَيْعُ الْعُشْرِ هُنَا لِمَنْ لَهُ مِلْكٌ مُلَاصِقٌ لَهُ إذْ تَجِبُ الْقِسْمَةُ بِطَلَبِهِ كَمَا يَأْتِي اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَالْقِيَاسُ ثُبُوتُ الْقِسْمَةِ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ سَدِيدَةٍ) بَلْ هِيَ سَدِيدَةٌ فَتَأَمَّلْهَا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا عُرْفٌ) قَدْ يُقَالُ: هَذَا لَا يَمْنَعُ أَوْلَوِيَّةَ تَعْبِيرِ الْمُحَرِّرِ لِأَنَّهُ لَا إيهَامَ فِيهِ لُغَةً وَلَا عُرْفًا، وَمَا لَا إيهَامَ فِيهِ مُطْلَقًا أَوْلَى مِمَّا فِيهِ إيهَامٌ فِي الْجُمْلَةِ فَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لَهُ شِقْصٌ لَمْ يُوقَفْ) أَيْ بِأَنْ وُهِبَ لَهُ (قَوْلُهُ: فِيهَا وَارِثُهُ) أَيْ بِشَرْطِ كَوْنِهِ حَائِزًا كَابْنِهِ مَثَلًا، بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَيَأْخُذُ شَرِيكُ الْمَيِّتِ بِالشُّفْعَةِ مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْ الْإِرْثِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ إلَخْ) أَيْ فَكَأَنَّ الْوَارِثَ بَاعَ مِلْكَ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ) أَيْ الْجَارِ الْوَاقِعِ فِيهَا (قَوْلُهُ: فَتَعَيَّنَ) أَيْ الْحَمْلُ (قَوْلُهُ: وَحَلَّ الْأَخْذُ) أَيْ لِلْجَارِ (قَوْلُهُ: وَيَمْتَنِعُ حِينَئِذٍ عَلَى الْحَنَفِيِّ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ مَنْعَ الشَّافِعِيِّ حَكَمَ بِمَنْعِهَا اهـ سم عَلَى حَجّ. وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ: مَنَعْتُك مِنْ الْأَخْذِ فِي قُوَّةِ حَكَمْت بِعَدَمِ الشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يُسْتَحَقُّ) أَيْ يُؤْخَذُ (قَوْلُهُ: فَلَا تُسْتَحَقُّ بِهِ) أَيْ بِسَبَبِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا لِشَرِيكِهِ) أَيْ الْوَقْفِ بِأَنْ كَانَتْ أَثْلَاثًا لِزَيْدٍ وَلِعَمْرٍو وَلِلْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ لِامْتِنَاعِ قِسْمَةِ الْوَقْفِ) أَيْ وَإِنْ زَادَتْ أُجْرَتُهُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ بَيْعًا) بِأَنْ كَانَتْ قِسْمَةَ رَدٍّ وَتَعْدِيلٍ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ امْتِنَاعِ قِسْمَةِ الرَّدِّ إذَا كَانَ الدَّافِعُ لِلدَّرَاهِمِ صَاحِبَ الْمِلْكِ لِأَنَّهُ شِرَاءٌ لِبَعْضِ الْوَقْفِ بِمَا دَفَعَهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ، أَمَّا لَوْ كَانَ الدَّافِعُ نَاظِرَ الْوَقْفِ مِنْ رِيعِهِ لَمْ يَمْتَنِعْ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ بَيْعُ الْوَقْفِ بَلْ فِيهِ شِرَاءٌ لَهُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ عَلَى مَا اخْتَارَهُ إلَخْ) لَا مَوْقِعَ لِهَذَا الِاسْتِدْرَاكِ فَإِنَّهُ مَفْهُومُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: فِي الْعَقَارِ الْمَأْخُوذِ) أَيْ: فِي رَقَبَتِهِ

جَوَازِ قِسْمَتِهِ عَنْهُ إذَا كَانَتْ إفْرَازًا لَا مَانِعَ مِنْ أَخْذِ الثَّانِي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَا لِمُوصًى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ وَلَوْ مُؤَبَّدًا، وَأَرَاضِي الشَّامِ غَيْرُ مَوْقُوفَةٍ كَمَا قَطَعَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ، قَالَ جَمْعٌ: بِخِلَافِ أَرَاضِي مِصْرَ لِكَوْنِهَا فُتِحَتْ عَنْوَةً وَوُقِفَتْ، وَأَخَذَ السُّبْكِيُّ مِنْ وَصِيَّةِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ كَانَ لَهُ بِهَا أَرْضٌ تَرْجِيحَ أَنَّهَا مِلْكٌ، وَهُوَ يُؤَيِّدُ الْقَائِلَ بِأَنَّهَا فُتِحَتْ صُلْحًا كَمَا سَيَأْتِي بَسْطُهُ فِي السِّيَرِ، وَقَدْ لَا يَشْفَعُ الشَّرِيكُ لَكِنْ لِعَارِضٍ كَوَلِيٍّ غَيْرِ أَصْلِ شَرِيكٍ لِمُوَلِّيهِ بَاعَ شِقْصَ مَحْجُورِهِ فَلَا تَثْبُتُ لِاتِّهَامِهِ بِمُحَابَاتِهِ فِي الثَّمَنِ، وَفَارَقَ مَا لَوْ وَكَّلَ شَرِيكَهُ فَبَاعَ فَإِنَّهُ يَشْفَعُ بِأَنَّ الْمُوَكَّلَ مُتَأَهِّلٌ لِلِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ عِنْدَ تَقْصِيرِهِ وَلَوْ بَاعَ دَارًا وَلَهُ شَرِيكٌ فِي مَمَرِّهَا فَقَطْ كَدَرْبٍ غَيْرِ نَافِذٍ (فَلَا شُفْعَةَ لَهُ فِيهَا) لِانْتِفَاءِ الشَّرِكَةِ فِيهَا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَ عَقَارًا غَيْرَ مُشْتَرَكٍ وَشِقْصًا مُشْتَرَكًا (وَالصَّحِيحُ ثُبُوتُهَا فِي الْمَمَرِّ) بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ (إنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي طَرِيقٌ آخَرُ إلَى الدَّارِ أَوْ أَمْكَنَ) مِنْ غَيْرِ مُؤْنَةٍ لَهَا وَقَعَ (فَتْحُ بَابٍ إلَى شَارِعٍ) وَنَحْوِهِ أَوْ إلَى مِلْكِهِ لِإِمْكَانِ الْوُصُولِ إلَيْهَا مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ (فَلَا) تَثْبُتُ فِيهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إضْرَارِ الْمُشْتَرِي، وَالشُّفْعَةُ تَثْبُتُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَلَا يُزَالُ الضَّرَرِ بِالضَّرَرِ. وَالثَّانِي تَثْبُتُ فِيهِ وَالْمُشْتَرِي هُوَ الْمُضِرُّ بِنَفْسِهِ بِشِرَائِهِ هَذِهِ الدَّارَ. وَالثَّالِثُ: الْمَنْعُ مُطْلَقًا إذَا كَانَ فِي اتِّخَاذِ الْمَمَرِّ عُسْرٌ أَوْ مُؤْنَةٌ لَهَا وَقَعَ؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا ظَاهِرًا، وَمَحِلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَتَّسِعْ الْمَمَرُّ، فَإِنْ اتَّسَعَ بِحَيْثُ يُمْكِنُ أَنْ يُتْرَكَ لِلْمُشْتَرِي مِنْهُ شَيْءٌ يَمُرُّ فِيهِ ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ فِي الْبَاقِي قَطْعًا، وَمَجْرَى النَّهْرِ كَالْمَمَرِّ فِيمَا ذَكَرَ، وَلَوْ اشْتَرَى ذُو دَارٍ لَا مَمَرَّ لَهَا نَصِيبًا فِي مَمَرٍّ ثَبَتَتْ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْلِ الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّ الْمَمَرَّ لَيْسَ مِنْ حُقُوقِ الدَّارِ هُنَا قَبْلَ الْبَيْعِ بِخِلَافِهِ ثُمَّ (وَإِنَّمَا) (تَثْبُتُ فِيمَا مُلِكَ بِمُعَاوَضَةٍ) مَحْضَةٍ أَوْ غَيْرِهَا بِالنَّصِّ فِي الْبَيْعِ وَبِالْقِيَاسِ فِي غَيْرِهِ بِجَامِعِ الِاشْتِرَاكِ فِي الْمُعَاوَضَةِ مَعَ لُحُوقِ الضَّرَرِ فَخَرَجَ مَا مُلِكَ بِغَيْرِهَا كَإِرْثٍ وَوَصِيَّةٍ وَهِبَةٍ بِلَا ثَوَابٍ (مِلْكًا لَازِمًا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلِ الْبُلْقِينِيِّ إذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ بَيْعًا (قَوْلُهُ: إذَا كَانَتْ إفْرَازًا) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ الْأَرْضُ وَمَا فِيهَا مُسْتَوِيَةَ الْأَجْزَاءِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) وَيَنْبَغِي حِينَئِذٍ أَنْ يَأْخُذَ الْجَمِيعَ لِأَنَّ جِهَةَ الْوَقْفِ لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهَا الْأَخْذَ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ كَوَلِيٍّ غَيْرِ أَصْلٍ) أَفْهَمَ أَنَّ الْأَصْلَ لَهُ ذَلِكَ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ، وَقَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِغَيْرِ أَصْلٍ أَنَّ الْأُمَّ لَوْ كَانَتْ وَصِيَّةً أَخَذَتْ بِالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ: بِمُحَابَاتِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ فِي الْبَاقِي قَطْعًا) يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ قَوْلِ الْمَحَلِّيِّ، وَحَيْثُ قِيلَ بِالثُّبُوتِ فَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمَمَرِّ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ عَلَى الْأَصَحِّ، فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَنْ يَقُولُ بِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ بِشَرْطِ كَوْنِهِ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ مَا يَبْطُلُ نَفْعُهُ الْمَقْصُودُ بِالْقِسْمَةِ لَا شُفْعَةَ فِيهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالْإِطْلَاقِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُمْكِنَ اتِّخَاذُ مَمَرٍّ لِلدَّارِ وَلَا مَعَ كَوْنِ الْمَمَرِّ صَالِحًا لِلْقِسْمَةِ، أَوْ يُقَالُ، وَهُوَ الْأَوْلَى: إنَّ مُرَادَ الْمَحَلِّيِّ أَنَّهُ يُمْكِنُ قِسْمَةُ الْمَمَرِّ اثْنَيْنِ، وَمُرَادُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ حَيْثُ اتَّسَعَ إلَخْ أَنَّهُ يُمْكِنُ قِسْمَةُ الْحِصَّةِ الْمَبِيعَةِ مِنْ الْمَمَرِّ بِحَيْثُ يَتْرُكُ بَعْضَهَا لِلْمُشْتَرِي مِنْهُ وَبَعْضَهَا يَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ، فَالْمَأْخُوذُ هُنَا بَعْضُ الْمَبِيعِ وَفِي كَلَامِ الْمَحَلِّيِّ جَمِيعُهُ (قَوْلُهُ: كَالْمَمَرِّ فِيمَا ذَكَرَ) الرَّوْضُ وَلِصِحْنَ بُيُوتِ الْخَانِ وَمَجْرَى النَّهْرِ: أَيْ وَبِئْرِ الْمَزْرَعَةِ حُكْمُ الْمَمَرِّ اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: أَيْ الشَّرِكَةُ فِي صِحْنِ الْخَانِ دُونَ بُيُوتِهِ وَفِي مَجْرَى الْمَاءِ دُونَ الْأَرْضِ وَفِي بِئْرِ الْمَزْرَعَةِ كَالشَّرِكَةِ فِي الْمَمَرِّ فِيمَا مَرَّ اهـ سم عَلَى ابْنِ حَجَرَ (قَوْلُهُ: نَصِيبًا فِي مَمَرٍّ) أَيْ تَمَكُّنَ قِسْمَتِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: ثَبَتَتْ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَمَا سَيَأْتِي بَسْطُهُ فِي السِّيَرِ) الَّذِي يَأْتِي لَهُ فِي السِّيَرِ إنَّمَا هُوَ الْجَزْمُ بِأَنَّهَا فُتِحَتْ عَنْوَةً، وَهُوَ الَّذِي أَفْتَى بِهِ وَالِدُهُ وَزَادَ أَنَّهَا لَمْ تُوقَفْ (قَوْلُهُ: وَالثَّالِثُ: الْمَنْعُ مُطْلَقًا) هَذَا الْإِطْلَاقُ مُقَابِلٌ لِتَفْصِيلِ الصَّحِيحِ فَقَطْ فَهُوَ إطْلَاقٌ نِسْبِيٌّ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ

مُتَأَخِّرًا) سَبَبُهُ (عَنْ) سَبَبِ (مِلْكِ الشَّفِيعِ) وَسَيَذْكُرُ مُحْتَرِزَاتِ ذَلِكَ، فَالْمَحْضَةُ (كَمَبِيعٍ وَ) غَيْرُهَا نَحْوُ (مَهْرٍ وَعِوَضِ خُلْعٍ وَ) عِوَضِ (صُلْحِ دَمٍ) فِي قَتْلِ عَمْدٍ (وَ) عِوَضِ صُلْحٍ عَنْ (نُجُومٍ) بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهَا، وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ وَصَحَّحَهُ جَمْعٌ، لَكِنَّ الَّذِي جَزَمَا بِهِ فِي بَابِهَا الْمَنْعُ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُسْتَقِرَّةٍ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَيَصِحُّ عَطْفُ نُجُومٍ عَلَى بَيْعٍ وَالْقَوْلُ بِتَعَيُّنِ التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ فِيهِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْكِتَابَةِ بِالشِّقْصِ غَيْرُ مُمْكِنٍ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ ثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ، وَالْمُعَيَّنُ لَا يَمْلِكُهُ الْعَبْدُ مَمْنُوعٌ بَلْ بِتَسْلِيمِهِ يُمْكِنُ عَطْفُهُ عَلَى خُلْعٍ: أَيْ وَعِوَضُ نُجُومٍ بِأَنْ يَمْلِكَ شِقْصًا وَيُعَوِّضَهُ السَّيِّدُ عَنْ النُّجُومِ (وَأُجْرَةِ وَرَأْسِ مَالِ سَلَمٍ) لِحُصُولِهِمَا بِالْمُعَاوَضَةِ (وَلَوْ) (شَرَطَ) أَوْ ثَبَتَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ كَخِيَارِ الْمَجْلِسِ (فِي الْبَيْعِ الْخِيَارَ لَهُمَا أَوْ لِلْبَائِعِ) (لَمْ يُؤْخَذْ بِالشُّفْعَةِ حَتَّى يَنْقَطِعَ الْخِيَارُ) لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَمْلِكْ فِيهِمَا إذْ هُوَ فِي الْأُولَى مَوْقُوفٌ وَفِي الثَّانِيَةِ مِلْكُ الْبَائِعِ، وَهَذَا مُحْتَرَزُ مِلْكٍ كَمَا احْتَرَزَ بِهِ أَيْضًا عَمَّا جَرَى سَبَبُ مِلْكِهِ كَالْجُعَلِ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ، وَعَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ يَمْلِكُ الْمُشْتَرِي هُوَ مُحْتَرِزٌ لَازِمًا (وَإِنْ شَرَطَ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُؤْخَذُ) بِهَا (إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي) وَهُوَ الْأَصَحُّ إذْ لَا حَقَّ فِيهِ لِغَيْرِهِ، وَلَا يُرَدُّ هَذَا عَلَى لَازِمًا لِأَنَّهُ لِكَوْنِهِ يَئُولُ إلَى اللُّزُومِ مَعَ إفَادَتِهِ الْمِلْكَ لِلْمُشْتَرِي كَاللَّازِمِ أَوَّلًا مِنْهُ لَازِمٌ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ، فَانْدَفَعَ الْقَوْلُ بِأَنَّ اللُّزُومَ قَيْدٌ مُضِرٌّ وَلَا يُقَالُ فِيمَا لَوْ كَانَ لَهُمَا أَوْ لِلْبَائِعِ أَنَّهُ آيِلٌ إلَى اللُّزُومِ لِخُرُوجِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ مِلْكَ إذْ لَا مِلْكَ لِلْمُشْتَرِي فِيهِمَا. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَنْتَقِلَ الْخِيَارُ الثَّابِتُ لِلْمُشْتَرِي إلَى الشَّفِيعِ وَيَأْخُذُ الْمِلْكَ بِصِفَتِهِ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ كَمَا فِي الْوَارِثِ مَعَ الْمُوَرِّثِ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ. وَقِيَاسُ الشَّفِيعِ عَلَى الْوَارِثِ مَمْنُوعٌ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ قُلْنَا: الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ أَوْ مَوْقُوفٌ (فَلَا) يُؤْخَذُ لِبَقَاءِ مِلْكِ الْبَائِعِ أَوْ انْتِظَارِ عَوْدِهِ (وَلَوْ) (وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالشِّقْصِ عَيْبًا وَأَرَادَ رَدَّهُ بِالْعَيْبِ وَأَرَادَ الشَّفِيعُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي الْمَمَرِّ، وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا: أَيْ أَمْكَنَ اتِّخَاذُ مَمَرٍّ لِلدَّارِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهَا) يَدْخُلُ فِيهِ الْقَرْضُ بِأَنْ أَقْرَضَ شِقْصًا بِشَرْطِهِ فَتَثْبُتُ فِيهِ الشُّفْعَةُ، وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الدَّمِيرِيِّ وَسَنَذْكُرُهُ عَنْ الرَّوْضِ اِ هـ سم: أَيْ وَيَأْخُذُهُ الشَّرِيكُ بِقِيمَتِهِ وَقْتَ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: نَحْوُ مَهْرٍ) هُوَ مِثَالٌ لِمَا مُلِكَ بِالْمُعَاوَضَةِ الْغَيْرِ الْمَحْضَةِ، فَالْمَبِيعُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِثَالٌ لِمَا مُلِكَ بِالْمَحْضَةِ وَمَا بَعْدَهُ أَمْثِلَةٌ لِمَا مُلِكَ بِغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ عَطْفُ نُجُومٍ) أَيْ وَلَا يَكُونُ تَفْرِيعًا عَلَى الضَّعِيفِ، وَصُورَتُهُ حِينَئِذٍ أَنْ يُكَاتِبَهُ السَّيِّدُ عَلَى نِصْفِ عَقَارٍ وَدِينَارٍ مَثَلًا وَيُنَجِّمُ كُلًّا بِوَقْتٍ، ثُمَّ يَدْفَعُ الْمُكَاتَبُ الشِّقْصَ الْمَوْصُوفَ بَعْدَ مِلْكِهِ لَهُ لِسَيِّدِهِ فَيَثْبُتُ لِشَرِيكِهِ الْمُكَاتَبِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ مِنْ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: مَمْنُوعٌ) أَيْ لِأَنَّ الْمُمْتَنِعَ إنَّمَا هُوَ ثُبُوتُ الْعَقَارِ الْكَامِلِ فِي الذِّمَّةِ لَا شِقْصُهُ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا اعْتَرَضَ بِهِ سم عَلَى حَجّ عَلَى الْمَنْعِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: وَبِتَسْلِيمِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ بِتَسْلِيمِهِ) أَيْ تَسْلِيمِ امْتِنَاعِ ثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ وَأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ عَلَى النُّجُومِ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ بِتَقْدِيرِ عَطْفِهِ عَلَى الْخُلْعِ يَكُونُ تَفْرِيعًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ امْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ (قَوْلُهُ: الْخِيَارُ لَهُمَا) أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ عَنْهُمَا اهـ حَجّ وَقَوْلُهُ لَمْ يُؤْخَذْ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أُخِذَ قَبْلَ انْقِطَاعِ الْخِيَارِ لَغَا، وَإِنْ تَمَّ الْعَقْدُ، وَلَكِنْ فِي ع مَا نَصُّهُ: بَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ الْأَخْذَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَوْ صَدَرَ يُوقَفُ أَيْضًا وَقْفَ تَبَيَّنَ اهـ. وَعَلَيْهِ فَمَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَمْ يُؤْخَذْ إلَخْ: أَخْذًا مُسْتَقِرًّا (قَوْلُهُ: لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ) أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ عَنْهُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَيَأْخُذُ الْمِلْكَ) أَيْ لِأَنَّ الْوَارِثَ خَلِيفَةُ مُوَرِّثِهِ وَلَا كَذَلِكَ الشَّفِيعُ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) أَيْ فَلَا خِيَارَ لِلشَّفِيعِ إذَا أَخَذَ فِي زَمَنِ خِيَارِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: مَمْنُوعٌ) أَيْ لِأَنَّ الْوَارِثَ خَلِيفَةُ مُوَرِّثِهِ وَلَا كَذَلِكَ الشَّفِيعُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي) وَكَذَا لَوْ وَجَدَ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ عَيْبًا، وَلِهَذَا عَبَّرَ فِي الرَّوْضِ بِقَوْلِهِ لِلشَّفِيعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مَمْنُوعٍ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ الْمَنْعِ (قَوْلُهُ: بَلْ بِتَسْلِيمِهِ يُمْكِنُ عَطْفُهُ عَلَى خُلْعٍ) أَيْ وَيَلْزَمُهُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ عَنْ النُّجُومِ، وَمُرَادُهُ بِهَذَا دَفْعُ تَعْيِينِ عَطْفِهِ عَلَى دَمٍ (قَوْلُهُ: وَرَأْسِ مَالِ سَلَمٍ) اُنْظُرْ هَلْ يَنْتَقِلُ الْمُسْلَمُ فِيهِ إلَى ذِمَّةِ الشَّفِيعِ بِصِفَتِهِ؟ (قَوْلُهُ: لَمْ يُؤْخَذْ بِالشُّفْعَةِ) أَيْ لَمْ يَأْخُذْهَا الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ يَمْلِكُ الْمُشْتَرِي إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ

أَخْذَهُ وَيَرْضَى بِالْعَيْبِ) (فَالْأَظْهَرُ إجَابَةُ الشَّفِيعِ) لِأَنَّ حَقَّهُ سَابِقٌ عَلَى حَقِّ الْمُشْتَرِي لِثُبُوتِهِ بِالْبَيْعِ، وَأَمَّا حَقُّ الْمُشْتَرِي فَبِالِاطِّلَاعِ. وَالثَّانِي إجَابَةُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الشَّفِيعَ إنَّمَا يَأْخُذُ إذَا اسْتَقَرَّ الْعَقْدُ، وَلِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ اسْتِرْدَادَ عَيْنِ مَالِهِ وَدَفْعَ عُهْدَةِ الشِّقْصِ عَنْ نَفْسِهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ رَدَّهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ طَلَبِ الشَّفِيعِ فَلَهُ فَسْخُ الرَّدِّ. وَقِيلَ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ، وَعَلَيْهِ فَالزَّوَائِدُ مِنْ الرَّدِّ إلَى رَدِّهِ لِلْمُشْتَرِي وَكَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ رَدُّهُ بِالْإِقَالَةِ (وَلَوْ) (اشْتَرَى اثْنَانِ) مَعًا (دَارًا أَوْ بَعْضَهَا فَلَا شُفْعَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ) لِاسْتِوَائِهِمَا فِي وَقْتِ حُصُولِ الْمِلْكِ وَهَذَا مُحْتَرَزٌ مُتَأَخِّرٌ إلَخْ. وَحَاصِلُهُ كَمَا أَشَرْت إلَيْهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَأَخُّرِ سَبَبِ مِلْكِ الْمَأْخُوذِ عَنْهُ عَنْ سَبَبِ مِلْكِ الْآخِذِ، فَلَوْ بَاعَ أَحَدُ شَرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ فَبَاعَ الْآخَرُ نَصِيبَهُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ بَيْعَ بَتٍّ فَالشُّفْعَةُ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ إنْ لَمْ يَشْفَعْ بَائِعُهُ لِتَقَدُّمِ سَبَبِ مِلْكِهِ عَلَى سَبَبِ مِلْكِ الثَّانِي، وَلَا شُفْعَةَ لِلثَّانِي، وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْ مِلْكِهِ مِلْكُ الْأَوَّلِ لِتَأَخُّرِ سَبَبِ مِلْكِهِ عَنْ سَبَبِ مِلْكِ الْأَوَّلِ، وَكَذَا لَوْ بَاعَا مُرَتَّبًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُمَا دُونَ الْمُشْتَرِي سَوَاءٌ أَجَازَا مَعًا أَمْ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ (وَلَوْ) (كَانَ لِلْمُشْتَرِي شِرْكٌ) بِكَسْرِ الشِّينِ (فِي الْأَرْضِ) كَأَنْ كَانَتْ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ أَثْلَاثًا فَبَاعَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ لِأَحَدِ شَرِيكَيْهِ (فَالْأَصَحُّ أَنَّ الشَّرِيكَ لَا يَأْخُذُ كُلَّ الْمَبِيعِ بَلْ حِصَّتَهُ) وَهِيَ السُّدُسُ، كَمَا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَجْنَبِيًّا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الشَّرِكَةِ. وَالثَّانِي يَأْخُذُ الْجَمِيعَ وَهُوَ الثُّلُثُ وَلَا حَقَّ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ تَسْتَحِقُّ عَلَى الْمُشْتَرِي فَلَا يَسْتَحِقُّهَا عَنْ نَفْسِهِ. وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّا لَا نَقُولُ: ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَنْعُ مِنْ الْفَسْخِ بِعَيْبِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ إذَا رَضِيَ بِأَخْذِهِ وَالْعُبَابِ بِقَوْلِهِ: لِلشَّفِيعِ مَنْعُ الْبَائِعِ الْفَسْخَ بِعَيْبِ الثَّمَنِ وَالْمُشْتَرِي بِعَيْبِ الشِّقْصِ إذَا رَضِيَ بِهِ اهـ. فَفِي الْأَوَّلِ يَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْأَرْشِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَفِي ع مَا نَصُّهُ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَبِيعِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هُوَ بِالْمِيمِ قَبْلَ الْبَاءِ وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْبَيْعِ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ شَرْطَ الْخِيَارِ فِي الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ وَذَلِكَ مَانِعٌ مِنْ الْأَخْذِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا حَقُّ الْمُشْتَرِي فَبِالِاطِّلَاعِ) أَيْ عَلَى الْعَيْبِ، وَبِهَذَا يُجَابُ عَنْ قَوْلِ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَقَدْ يُقَالُ وَحَقُّ الرَّدِّ ثَابِتٌ أَيْضًا بِالْبَيْعِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. وَوَجْهُ مَا قَالَهُ أَنَّ الْعَيْبَ مَوْجُودٌ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ الْعَقْدِ، وَوُجُودُهُ يُثْبِتُ خِيَارَ الْمُشْتَرِي فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ وَجَوَابُهُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى مَا يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ الرَّدِّ، وَهُوَ إنَّمَا يَتَمَكَّنُ بِظُهُورِ الْعَيْبِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ) أَيْ الشَّفِيعِ الْفَسْخُ. قَالَ فِي الرَّوْضِ: لِأَنَّ الْفَسْخَ يُتْلِفُ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ قَبْلَ قَبْضِهِ: أَيْ فَلَا يَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَأْخُذُهَا لِمَا مَرَّ فِي الْفَسْخِ وَالِانْفِسَاخِ كَالْفَسْخِ فِي كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ اهـ أَيْ فَعَلَى هَذَا الْأَوْجَهِ يَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِبَدَلِ الثَّمَنِ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الشَّفِيعَ يَدْفَعُ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ شِرَاؤُهُ انْفَسَخَ بِتَلَفِ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ فِي يَدِهِ وَالْمُشْتَرِي يَدْفَعُ بَدَلَ مَا تَلِفَ فِي يَدِهِ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ) أَيْ الرَّدِّ، وَقَوْلُهُ وَعَلَيْهِ: أَيْ عَلَى الْقِيلِ (قَوْلُهُ: فَالزَّوَائِدُ مِنْ الرَّدِّ إلَى رَدِّهِ لِلْمُشْتَرِي) أَيْ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالزَّوَائِدُ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ: كَمَا أَشَرْت إلَيْهِ) أَيْ بِقَوْلِهِ مُتَأَخِّرًا سَبَبُهُ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ الْخِيَارِ) أَيْ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَشْفَعْ بَائِعُهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQيُعْلَمُ مِنْ الْمَتْنِ عَقِبَهُ (قَوْلُهُ: سَابِقٌ عَلَى حَقِّ الْمُشْتَرِي) أَيْ: عَلَى حَقِّهِ فِي الرَّدِّ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ عَلَيْهِ إلَخْ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ كَالتُّحْفَةِ مَا نَصُّهُ: فَلَهُ رَدُّ الرَّدِّ وَيَشْفَعُ، وَلَا يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ كَمَا صَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ، فَالزَّوَائِدُ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي، فَقَوْلُهُ: فَالزَّوَائِدُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْمَنْفِيِّ وَالنَّفْيُ مُنْصَبٌّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ) أَمَّا إذَا كَانَتْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي فَلَا تَوَقُّفَ فِي ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ لِلْمُشْتَرِي لِثُبُوتِ الْمِلْكِ لَهُ (قَوْلُهُ: فَالشُّفْعَةُ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ) أَيْ: حَقُّهَا ثَابِتٌ لَهُ لَكِنَّهُ إنَّمَا يُؤْخَذُ بَعْدَ لُزُومِ الْبَيْعِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُمَا دُونَ الْمُشْتَرِي) أَمَّا إذَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي فَفِيهِ مَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُمَا) أَيْ: الْبَائِعَيْنِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ السِّيَاقِ، وَأَوْلَى مِنْهُ إذَا شَرَطَ لِلْمُتَبَايِعَيْنِ

إنَّ الْمُشْتَرِيَ اسْتَحَقَّهَا عَلَى نَفْسِهِ بَلْ دَفَعَ الشَّرِيكَ عَنْ أَخْذِ حِصَّتِهِ، فَلَوْ تَرَكَ الْمُشْتَرِي حَقَّهُ لَمْ يَلْزَمْ الشَّفِيعَ أَخْذُهُ (وَلَا يُشْتَرَطُ فِي) اسْتِحْقَاقِ (التَّمَلُّكِ بِالشُّفْعَةِ حُكْمُ حَاكِمٍ) لِثُبُوتِهِ بِالنَّصِّ (وَلَا إحْضَارُ الثَّمَنِ) كَالْبَيْعِ بِجَامِعِ أَنَّهُ تَمَلُّكٌ بِعِوَضٍ وَلَا ذِكْرُهُ (وَلَا حُضُورُ الْمُشْتَرِي) وَلَا رِضَاهُ كَمَا فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَمَا قَرَّرْنَاهُ فِي كَلَامِهِ يَنْدَفِعُ بِهِ مَا أَوْرَدَ أَنَّ مَا هُنَا يُنَافِي مَا بَعْدَهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَحَدِ هَذِهِ الْأُمُورِ أَوْ مَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَحَدُهَا. وَوَجْهُ الِانْدِفَاعِ أَنَّ مَا هُنَا فِي ثُبُوتِ التَّمَلُّكِ بِالشُّفْعَةِ وَاسْتِحْقَاقِهِ، وَمَا يَأْتِي إنَّمَا هُوَ فِي حُصُولِ الْمِلْكِ بَعْدَ ذَلِكَ الِاسْتِحْقَاقِ وَتَقَرُّرِهِ فَلَا اتِّحَادَ وَلَا مُنَافَاةَ، وَهُوَ أَوْضَحُ مِنْ الْجَوَابِ بِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ بِخُصُوصِهِ عَلَى انْفِرَادِهِ لَا يُشْتَرَطُ، وَثُمَّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ وَاحِدٍ مِمَّا يَأْتِي، وَعَلَى عَدَمِ تَقْدِيرِ الِاسْتِحْقَاقِ لَا مُنَافَاةَ أَيْضًا لِأَنَّ التَّمَلُّكَ وَهُوَ مَا هُنَا غَيْرُ حُصُولِ الْمِلْكِ وَهُوَ مَا يَأْتِي، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ التَّمَلُّكِ حُصُولُ الْمِلْكِ عَقِبَهُ كَالْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ، وَقَدْ أَجَابَ الْفَتَى بِنَحْوِ ذَلِكَ غَيْرَ أَنَّهُ فَسَّرَ التَّمَلُّكَ بِأَخْذِ الشُّفْعَةِ فَوْرًا: أَيْ بِطَلَبِهَا فَوْرًا ثُمَّ السَّعْيُ فِي وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ، فَهَذَا هُوَ التَّمَلُّكُ لَا مُجَرَّدُ طَلَبِهَا فَوْرًا خِلَافَ مَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِ تَلَامِذَتِهِ: وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ وَلَا يَكْفِي أَنْ يَقُولَ: لِي حَقُّ الشُّفْعَةِ وَأَنَا مُطَالِبٌ بِهَا وَقَوْلُهُمَا فِي الطَّلَبِ أَنَا مُطَالِبٌ بِهَا، فَهُوَ بِنَاءٌ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الطَّلَبِ وَالتَّمَلُّكِ فَكَلَامُهُمَا أَوَّلًا فِي حَقِيقَةِ التَّمَلُّكِ. وَثَانِيًا فِي مُجَرَّدِ طَلَبِ الشُّفْعَةِ هَذَا. وَالْأَوْجَهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَصَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ فِي اللِّعَانِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْفَوْرِ فِي التَّمَلُّكِ عَقِبَ الْأَخْذِ: أَيْ فِي سَبَبِهِ. نَعَمْ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ حَاضِرًا وَقْتَ التَّمَلُّكِ أُمْهِلَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ وَهُوَ الشَّرِيكُ الْقَدِيمُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْ الشَّفِيعَ أَخْذُهُ) وَقِيلَ يَأْخُذُ الْكُلَّ أَوْ يَدَعُ الْكُلَّ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ ذَلِكَ) أَيْ قَوْلُهُ: وَعَلَى عَدَمِ تَقْدِيرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَهَذَا هُوَ التَّمَلُّكُ) مِنْ كَلَامِ م ر (قَوْلُهُ: خِلَافُ مَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُ) أَيْ مَنْ أَنْهَى الطَّلَبَ، وَقَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ: أَيْ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُمَا فِي الطَّلَبِ) أَيْ حَيْثُ قَالُوا: إنَّهُ يَكْفِي (قَوْلُهُ: هَذَا وَالْأَوْجَهُ إلَخْ) يُفِيدُ قَوْلُهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّ الْفَوْرَ عَلَى الطَّلَبِ لَا عَلَى التَّمَلُّكِ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ أَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ إلَّا بِدَفْعِ الثَّمَنِ فِيمَا إذَا بَانَ مُسْتَحِقًّا لِغَيْرِهِ، وَلَوْ عَالِمًا فَلَا بُدَّ مِنْ أَخْذِهِ فِي أَسْبَابِ إبْدَالِهِ عَقِبَ ظُهُورِهِ مُسْتَحِقًّا وَإِلَّا بَطَلَ اهـ مُؤَلَّفٌ. هَكَذَا رَأَيْته بِهَامِشِ نُسْخَةٍ قَدِيمَةٍ. وَقَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ أَخْذِهِ فِي أَسْبَابِ إلَخْ فِيهِ وَقْفَةٌ، لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ وَلَمْ يَشْرَعْ عَقِبَهَا فِي سَبَبِ التَّمَلُّكِ بَطَلَ حَقُّهُ مِنْ الشُّفْعَةِ، وَإِنْ اتَّفَقَ لَهُ حُصُولُ الثَّمَنِ أَوْ كَانَ حَاصِلًا عِنْدَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بَلْ دَفَعَ الشَّرِيكُ عَنْ أَخْذِ حِصَّتِهِ) وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا دَخَلَتْ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي بِهَذَا الْبَيْعِ الْوَاقِعِ فَلَا تَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ إلَّا بِمُوجِبٍ، وَحِينَئِذٍ فَلَكَ أَنْ تَتَوَقَّفَ فِي ظَاهِرِ مَفْهُومِ قَوْلِهِ عَقِبَهُ، فَلَوْ تَرَكَ الْمُشْتَرِي حَقَّهُ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لِمُجَرَّدِ تَرْكِهِ حَقَّهُ يَجُوزُ لِلشَّفِيعِ أَخْذُ الْجَمِيعِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فِي وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ) أَيْ: الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ بِنَاءٌ عَلَى الْفَرْقِ إلَخْ) هُوَ جَوَابُ أَمَّا وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: وَأَمَّا قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ إلَخْ فَهُوَ بِنَاءٌ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْمَبْنِيَّ هُوَ قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ لَا الْجَوَابُ، وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ عَلَى مَا هُنَا: وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ إلَخْ فَهُوَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَبْنِيٌّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فِي سَبَبِهِ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ فِي التَّمَلُّكِ، وَهُوَ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا أَفَادَهُ لَفْظُ ثُمَّ فِي كَلَامِ الْفَتِيُّ، فَالْمُرَادُ بِالسَّبَبِ هُنَا هُوَ أَحَدُ تِلْكَ الثَّلَاثَةِ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) هَذَا لَيْسَ اسْتِدْرَاكًا فِي الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الْإِمْهَالِ فِيهِ بَعْدَ التَّمَلُّكِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ الشَّارِحَ ذَكَرَهُ فِيمَا يَأْتِي قَرِيبًا بِلَفْظِ: وَإِذَا مَلَكَ الشِّقْصَ بِغَيْرِ تَسْلِيمٍ لَمْ يُسَلِّمْهُ حَتَّى يُؤَدِّيَهُ، فَإِنْ لَمْ يُؤَدِّهِ أُمْهِلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إلَخْ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُمْهَلُ لِلتَّمَلُّكِ مُطْلَقًا. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّمَلُّكِ فِي كَلَامِ الرَّوْضَةِ غَيْرُ التَّمَلُّكِ فِي كَلَامِ الْبُلْقِينِيِّ، فَالْمُرَادُ بِالتَّمَلُّكِ فِي كَلَامِ الرَّوْضَةِ التَّمَلُّكُ الْحَقِيقِيُّ

ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ انْقَضَتْ وَلَمْ يُحْضِرْهُ فَسَخَ الْحَاكِمُ تَمَلُّكَهُ، هَكَذَا حَكَاهُ ابْنُ سُرَيْجٍ وَسَاعَدَهُ الْمُعَظَّمُ انْتَهَى. وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ غَيْبَةَ الثَّمَنِ عُذْرٌ فَأُمْهِلَ لِأَجْلِهِ مُدَّةً قَرِيبَةً يُتَسَامَحُ بِهَا غَالِبًا فَانْدَفَعَ دَعْوَى بِنَائِهِ عَلَى مَرْجُوحٍ، وَلِلشَّفِيعِ إجْبَارُ الْمُشْتَرِي عَلَى قَبْضِ الشِّقْصِ حَتَّى يَأْخُذَهُ مِنْهُ، وَلَهُ أَخْذُهُ مِنْ الْبَائِعِ وَيَقُومُ قَبْضُهُ مَقَامَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي (وَيُشْتَرَطُ) فِي حُصُولِ الْمِلْكِ بِالشُّفْعَةِ (لَفْظٌ) أَوْ نَحْوُهُ كَكِتَابَةٍ وَإِشَارَةِ أَخْرَسَ (مِنْ الشَّفِيعِ كَتَمَلَّكْتُ أَوْ أَخَذْت بِالشُّفْعَةِ) وَنَحْوِهَا كَاخْتَرْتُ الْأَخْذَ بِهَا، بِخِلَافِ أَنَا مُطَالِبٌ بِهَا وَإِنْ سَلَّمَ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ رَغْبَةٌ فِي التَّمَلُّكِ، وَهُوَ لَا يَحْصُلُ بِالرَّغْبَةِ الْمُجَرَّدَةِ (وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ) اللَّفْظِ أَوْ نَحْوِهِ كَوْنُ الثَّمَنِ مَعْلُومًا لِلشَّفِيعِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ اشْتَرَى بِجُزَافٍ. نَعَمْ لَا يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ فِي الطَّلَبِ وَرُؤْيَةُ شَفِيعِ الشِّقْصِ كَمَا يَذْكُرُهُ الْآنَ (أَمَّا تَسْلِيمُ الْعِوَضِ إلَى الْمُشْتَرِي فَإِذَا تَسَلَّمَهُ أَوْ أَلْزَمَهُ الْقَاضِي) لِامْتِنَاعِهِ مِنْ أَخْذِ الْعِوَضِ (التَّسَلُّمَ) بِضَمِّ اللَّامِ (مَلَكَ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ) لِوُصُولِهِ إلَى حَقِّهِ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى وَتَقْصِيرِهِ فِيمَا بَعْدَهَا وَمِنْ ثَمَّ كَفَى وَضْعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ مِنْ قَبْضِهِ سَوَاءٌ الثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ وَمَا فِي الذِّمَّةِ، وَقَبْضُ الْحَاكِمِ عَنْ الْمُشْتَرِي كَافٍ (وَأَمَّا رِضَا الْمُشْتَرِي بِكَوْنِ الْعِوَضِ فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ الشَّفِيعِ وَلَمْ يَمْنَعْ مَانِعٌ، فَإِنْ وُجِدَ كَمَا لَوْ بَاعَ دَارًا فِيهَا ذَهَبٌ يَتَحَصَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ بِفِضَّةٍ أَوْ عَكْسِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّقَابُضِ الْحَقِيقِيِّ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ فِي الرِّبَا (وَأَمَّا قَضَاءُ الْقَاضِي لَهُ بِالشُّفْعَةِ) أَيْ بِثُبُوتِهَا لَا بِالْمِلْكِ كَمَا قَالَ فِي الْمَطْلَبِ (إذَا حَضَرَ مَجْلِسَهُ وَأَثْبَتَ حَقَّهُ) فِيهَا وَطَلَبَهُ (فَيَمْلِكُهُ بِهِ فِي الْأَصَحِّ) لِتَأَكُّدِ اخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ وَلَا يَقُومُ الْإِشْهَادُ عَلَى الطَّلَبِ مَقَامَهُ وَاخْتِيَارُ الشُّفْعَةِ مَقَامَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَدَفَعَهُ لِلْمُشْتَرِي بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ لِلشَّفِيعِ (قَوْلُهُ: وَرُؤْيَةُ شَفِيعٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ الْمُشْتَرِي. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَسَبَبُهُ أَنَّهُ قَهْرِيٌّ وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الشِّرَاءِ بِالْوِكَالَةِ وَفِي الْأَخْذِ مِنْ الْوَارِثِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَصُورَتُهُ فِي الْوَارِثِ أَنْ يَمُوتَ الْمُشْتَرِي لِلشِّقْصِ فَيَنْتَقِلُ لِوَارِثِهِ وَيَأْخُذُ مِنْهُ الشَّرِيكُ الْقَدِيمُ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ مِنْ قَبْضِهِ) أَيْ فَلَوْ أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي وَضْعَ الشَّفِيعِ الثَّمَنَ بَيْنَ يَدَيْهِ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي لِبَقَاءِ الثَّمَنِ فِي جِهَةِ الشَّفِيعِ، وَيُصَدَّقُ الشَّفِيعُ فِي الْوَضْعِ حَتَّى لَا يَسْقُطَ حَقُّهُ مِنْ الشُّفْعَةِ لِأَنَّهَا ثَبَتَتْ بِالْبَيْعِ وَالْمُشْتَرِي يُرِيدُ إسْقَاطَهَا بِعَدَمِ مُبَادَرَةِ الشَّفِيعِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وُجِدَ) أَيْ مَانِعٌ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ بَاعَ دَارًا) أَيْ وَأَمَّا لَوْ بَاعَ مَا فِيهَا ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً بِجِنْسِهِ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ (قَوْلُهُ: وَاخْتِيَارُ الشُّفْعَةِ مَقَامَهُ) أَيْ مَا ذَكَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَأَنْ أَخَذَ وَقَضَى لَهُ الْقَاضِي بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ فَسَخَ الْحَاكِمُ تَمَلُّكَهُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَيَقُومُ قَبْضُهُ مَقَامَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي) أَشَارَ بِهِ إلَى دَفْعِ مَا عَلَّلَ بِهِ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ مَا اخْتَارَهُ مِنْ تَعْيِينِ إجْبَارِ الْمُشْتَرِي مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ أَخْذَهُ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ يُفْضِي إلَى سُقُوطِ الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ بِهِ يَفُوتُ حَقُّ التَّسْلِيمِ الْمُسْتَحَقُّ لِلْمُشْتَرِي فَيَبْطُلُ الْبَيْعُ وَتَسْقُطُ الشُّفْعَةُ اهـ. وَوَجْهُ الرَّدِّ أَنَّ قَبْضَ الشَّفِيعِ قَائِمٌ مَقَامَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَرُدُّ مَا قَالَهُ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ مِثْلُ مَا قَالَهُ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّارِحَ رَجَعَ عَنْهُ بَعْدَ أَنْ كَانَ تَبِعَهُ فِيهِ وَأَشَارَ إلَى رَدِّهِ بِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: كَمَا يَذْكُرُهُ الْآنَ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ عَقِبَ هَذَا مَا لَفْظُهُ: وَأَحَدُ الثَّلَاثَةِ مُدْخَلٌ بِهِ عَلَى الْمَتْنِ، وَلَا بُدَّ مِنْهُ وَإِلَّا صَارَ الْكَلَامُ غَيْرَ مُنْتَظِمٍ، وَهُوَ مَرْفُوعٌ عَطْفًا عَلَى نَائِبِ الْفَاعِلِ الَّذِي أَتَى بِهِ: أَعْنِي قَوْلَهُ كَوْنَ الثَّمَنِ إلَخْ، وَكَذَا قَوْلُهُ: وَرُؤْيَةُ الشَّفِيعِ، فَالتَّقْدِيرُ: وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ: كَوْنُ الثَّمَنِ مَعْلُومًا لِلشَّفِيعِ، وَرُؤْيَةُ الشَّفِيعِ الشِّقْصَ، وَأَحَدُ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَمَّا تَسْلِيمُ الْعِوَضِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا بِالْمِلْكِ) يَعْنِي لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ فِي حُكْمِهِ بِالْمِلْكِ بَلْ حُكْمُهُ بِثُبُوتِهَا يَحْصُلُ بِهِ مَعَ سَبْقِ طَلَبِ الْمِلْكِ كَذَا نُقِلَ عَنْ الشَّارِحِ.

[فصل في بيان بدل الشقص الذي يؤخذ به]

كَمَا أَفْهَمهُ كَلَامُهُ، وَمَحِلُّهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عِنْدَ وُجُودِ الْحَاكِمِ وَإِلَّا قَامَ كَمَا فِي هَرَبِ الْجِمَالِ وَنَظَائِرِهِ، لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ، وَاسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ فِي غُرُرِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي، وَبِفَرْضِ اعْتِمَادِ مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَإِنَّمَا يَظْهَرُ إنْ غَلَبَ الْمُشْتَرِي أَوْ امْتَنَعَ مِنْ أَخْذِ الثَّمَنِ. وَالثَّانِي لَا يَمْلِكُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِذِمَّتِهِ، وَإِذَا مَلَكَ الشِّقْصَ بِغَيْرِ تَسْلِيمٍ لَمْ يَتَسَلَّمْهُ حَتَّى يُؤَدِّيَهُ، فَإِنْ لَمْ يُؤَدِّهِ أُمْهِلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ مَضَتْ وَلَمْ يُحْضِرْهُ فَسَخَ الْحَاكِمُ مِلْكَهُ (وَلَا يَتَمَلَّكُ شِقْصًا لَمْ يَرَهُ الشَّفِيعُ) تَنَازَعَهُ الْفِعْلَانِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) بِنَاءٌ عَلَى بُطْلَانِ بَيْعِ الْغَائِبِ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي مَنْعُ الشَّفِيعِ مِنْ الرُّؤْيَةِ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ قَهْرِيٌّ لَا يُنَاسِبُهُ إثْبَاتُ الْخِيَارِ فِيهِ. فَصْلٌ فِي بَيَانِ بَدَلِ الشِّقْصِ الَّذِي يُؤْخَذُ بِهِ وَالِاخْتِلَافِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ وَكَيْفِيَّةِ أَخْذِ الشُّرَكَاءِ إذَا تَعَدَّدُوا أَوْ تَعَدَّدَ الشِّقْصُ (إنْ اشْتَرَى بِمِثْلِيٍّ) كَبَّرَ وَنَقَدَ (أَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِمِثْلِهِ) إنْ تَيَسَّرَ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى حَقِّهِ، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ حَالَ الْأَخْذِ فَبِقِيمَتِهِ، وَلَوْ قَدَّرَ الْمِثْلَ بِغَيْرِ مِعْيَارِهِ الشَّرْعِيِّ كَقِنْطَارِ حِنْطَةٍ أَخَذَهُ بِوَزْنِهِ، وَلَوْ تَرَاضَيَا عَنْ دَنَانِيرَ حَصَلَ الْأَخْذُ بِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَإِلَّا قَامَ) أَيْ الْإِشْهَادُ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ خِلَافًا) أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَلَا يَقُومُ الْإِشْهَادُ مَقَامَ الْحَاكِمِ عِنْدَ فَقْدِهِ، وَيُعْذَرُ فِي التَّأْخِيرِ إلَى حُضُورِ الْحَاكِمِ حَيْثُ امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ قَبْضِ الثَّمَنِ وَلَمْ يَتَأَتَّ لِلشَّفِيعِ وَضْعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ. [فَرْعٌ] الشَّفِيعُ يَرُدُّ بِالْعَيْبِ أَيْ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَا يَتَصَرَّفُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَوْ سَلَّمَ الثَّمَنَ، فَإِنْ قَبَضَهُ بِالْإِذْنِ وَأَفْلَسَ رَجَعَ فِيهِ الْمُشْتَرِي: أَيْ كَمَا فِي الْبَيْعِ رَوْضٌ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَسَلَّمْهُ) أَيْ الشِّقْصَ (قَوْلُهُ: حَتَّى يُؤَدِّيَهُ) أَيْ الثَّمَنَ (قَوْلُهُ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) أَيْ غَيْرَ يَوْمِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: تَنَازَعَهُ الْفِعْلَانِ) هُمَا يَتَمَلَّكُ وَيَرَى. (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ بَدَلِ الشِّقْصِ (قَوْلُهُ: وَنَقْدٍ) أَيْ وَلَوْ مَغْشُوشًا حَيْثُ رَاجَ (قَوْلُهُ: أَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِمِثْلِهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ قِيمَةُ الْمِثْلِ بِأَنْ اشْتَرَى دَارًا بِمَكَّةَ بِحَبٍّ غَالٍ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهَا بِمِصْرَ بِقَدْرِ ذَلِكَ الْحَبِّ وَإِنْ رَخُصَ جِدًّا، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ هُوَ الَّذِي لَزِمَ بِالْعَقْدِ م ر. وَانْظُرْ فِي عَكْسِ الْمِثَالِ هَلْ يَرْجِعُ لِقِيمَةِ بَلَدِ الْعَقْدِ كَمَا فِي الْقَرْضِ وَالْغَصْبِ اهـ سم عَلَى حَجّ؟ أَقُولُ: لَا وَجْهَ لِلتَّرَدُّدِ فِي عَكْسِ الْمِثَالِ مَعَ تَسْلِيمِ الشِّقِّ الْأَوَّلِ، بَلْ قَدْ يُتَوَقَّفُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا بِأَنَّ قِيَاسَ الْغَصْبِ وَالْقَرْضِ وَالسَّلَمِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَحِلِّ الْعَقْدِ حَيْثُ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ حَيْثُ ظَفِرَ بِهِ فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ. وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَنَذْكُرُهُ عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ بَلْ هُوَ صَرِيحٌ فِيهِ، ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَكْسِ الْمِثَالِ فِي كَلَامِهِ أَنَّهُ اشْتَرَى بِمِثْلِيٍّ بِمَحِلٍّ رَخِيصٍ ثُمَّ ظَفِرَ بِهِ بِمَحِلٍّ قِيمَةُ الْمِثْلِيِّ فِيهِ أَكْثَرُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ اشْتَرَى بِمُتَقَوِّمٍ بِمَحِلٍّ قِيمَتُهُ كَثِيرَةٌ ثُمَّ ظَفِرَ بِمَحِلٍّ قِيمَتُهُ دُونَ مَحِلِّ الشِّرَاءِ وَفِي كِلَيْهِمَا مَا مَرَّ، وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ هَلْ يَرْجِعُ لِقِيمَةِ بَلَدِ الْعَقْدِ إلَخْ (قَوْلُهُ: إنْ تَيَسَّرَ) أَيْ بِأَنْ وُجِدَ فِيمَا دُونَ الْمَرْحَلَتَيْنِ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فَبِقِيمَتِهِ) أَيْ الْمِثْلِيِّ يَوْمَ الْبَيْعِ مَثَلًا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْمُتَقَوِّمِ (قَوْلُهُ: أَخَذَهُ) أَيْ الشِّقْصَ بِوَزْنِهِ أَيْ حِنْطَةً (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَرَاضَيَا) أَيْ الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي بَيَانِ بَدَلِ الشِّقْصِ الَّذِي يُؤْخَذُ بِهِ] فَصْلٌ) فِي بَيَانِ بَدَلِ الشِّقْصِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَعَدُّدِ الشِّقْصِ) مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى بَيَانِ وَالشِّقْصِ مُضَافٌ إلَيْهِ

بِدَرَاهِمَ كَانَ شِرَاءً مُسْتَجَدًّا تَبْطُلُ بِهِ الشُّفْعَةُ كَمَا فِي الْحَاوِي. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهِيَ غَرِيبَةٌ انْتَهَى. وَالْأَوْجَهُ مَجِيءُ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ صَالَحَ بِمَالٍ عَنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ هُنَا (أَوْ بِمُتَقَوِّمٍ) كَعَبْدٍ وَثَوْبٍ (فَبِقِيمَتِهِ) لَا قِيمَةِ الشِّقْصِ لِأَنَّ مَا يَبْذُلُهُ الشَّفِيعُ فِي مُقَابَلَةِ مَا بَذَلَهُ الْمُشْتَرِي لَا فِي مُقَابَلَةِ الشِّقْصِ؛ وَلَوْ مَلَكَ الشَّفِيعُ نَفْسَ الثَّمَنِ قَبْلَ الْأَخْذِ تَعَيَّنَ أَنْ يَأْخُذَ بِهِ لَا سِيَّمَا الْمُتَقَوِّمُ، لِأَنَّ الْعُدُولَ عَنْهُ إنَّمَا كَانَ لِتَعَذُّرِهِ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَوْ حَطَّ عَنْ الْمُشْتَرِي بَعْضَ الثَّمَنِ قَبْلَ اللُّزُومِ انْحَطَّ عَنْ الشَّفِيعِ أَوْ كُلَّهُ فَلَا شُفْعَةَ لِانْتِفَاءِ الْبَيْعِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي: وَيُؤْخَذُ الْمَمْهُورُ إلَخْ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْقِيمَةِ هُنَا غَيْرُ مَا ذَكَرَ فِي الْغَصْبِ، فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ مَا لَوْ صَالَحَ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ عَلَى شِقْصٍ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ بِقِيمَةِ الدَّمِ، وَهُوَ الدِّيَةُ فَيَأْخُذُهُ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ الْجِنَايَةِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْمُتَقَوِّمِ فِي غَيْرِ هَذَا (يَوْمَ الْبَيْعِ) أَيْ وَقْتَهُ لِأَنَّهُ وَقْتُ إثْبَاتِ الْعِوَضِ وَاسْتِحْقَاقِ الشُّفْعَةِ، وَلَا اعْتِبَارَ بِمَا يَحْدُثُ بَعْدَهَا لِحُدُوثِهِ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ، وَيُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ فِي قَدْرِهَا حِينَئِذٍ كَمَا فِي الْبَحْرِ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ أَعْلَمُ بِمَا بَاشَرَهُ (وَقِيلَ يَوْمَ) أَيْ وَقْتَ (اسْتِقْرَارِهِ بِانْقِطَاعِ الْخِيَارِ) كَمَا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الثَّمَنِ حَالَةُ اللُّزُومِ، وَلَمَّا كَانَ مَا سَبَقَ شَامِلًا لِلدَّيْنِ وَغَيْرِهِ وَكَانَ الدَّيْنُ يَشْمَلُ الْحَالَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: كَانَ شِرَاءً مُسْتَجَدًّا) بِفَتْحِ الْجِيمِ مِنْ اسْتَجَدَّهُ إذَا أَحْدَثَهُ، وَبِكَسْرِهَا مِنْ اسْتَجَدَّ لَازِمًا بِمَعْنَى حَدَثَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ: تَبْطُلُ بِهِ الشُّفْعَةُ) يَنْبَغِي أَنَّ هَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَخَذَ بِالدَّنَانِيرِ ثُمَّ عَوَّضَ عَنْهَا بِالدَّرَاهِمِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَبْطُلَ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: عَنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ هُنَا) أَيْ مِنْ أَنَّ مَحِلَّ الْبُطْلَانِ إنْ عَلِمَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: فَبِقِيمَتِهِ) أَيْ كَالْغَصْبِ قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنْ يَأْتِيَ هُنَا نَظِيرُ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ ظَفِرَ الشَّفِيعُ بِالْمُشْتَرِي بِبَلَدٍ آخَرَ وَأَخَذَ فِيهِ وَهُوَ أَنَّهُ يَأْخُذُ بِالْمِثْلِ وَيُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى قَبْضِهِ هُنَاكَ إنْ لَمْ يَكُنْ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ وَالطَّرِيقُ آمِنٌ، وَإِلَّا أَخَذَ بِالْقِيمَةِ لِحُصُولِ الضَّرَرِ بِقَبْضِ الْمِثْلِ، وَأَنَّ الْقِيمَةَ حَيْثُ أُخِذَتْ تَكُونُ لِلْفَيْصُولَةِ. وَلِابْنِ الرِّفْعَةِ فِي ذَلِكَ احْتِمَالَاتٌ غَيْرُ مَا ذَكَرْت لَمْ يُرَجِّحْ مِنْهَا هُوَ وَلَا غَيْرُهُ شَيْئًا، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَا ذَكَرْته هُوَ الْقِيَاسُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ عُذْرًا فِي تَأْخِيرِ الْأَخْذِ وَلَا الطَّلَبِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَفِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمَنْهَجِ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذَكَرَ: وَقَالَ م ر إلَى إجْبَارِ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةً. أَقُولُ: وَفِيهِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ التَّوَقُّفِ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ يُوَافِقُ مَا مَالَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ اللُّزُومِ) أَيْ لُزُومِ الشِّرَاءِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: مَا زِيدَ أَوْ حُطَّ مِنْ الثَّمَنِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَقَدْ يُلْحَقُ بِالثَّمَنِ، فَإِنْ حُطَّ الْكُلُّ فَلَا شُفْعَةَ اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ مَا زِيدَ أَوْ حُطَّ بَعْدَهَا فَلَا يُلْحَقُ بِالثَّمَنِ كَمَا مَرَّ اهـ. وَقَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ إلَخْ قَدْ يُقَالُ: لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ مَعَ اقْتِصَارِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الشِّرَاءِ، وَقَوْلُهُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ إلَخْ عِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَإِنْ صَالَحَ بِهِ عَنْ دَمٍ أَخَذَهُ بِقِيمَةِ الدِّيَةِ يَوْمَ الْجِنَايَةِ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: كَذَا فِي الْأَصْلِ أَيْضًا وَصَوَابُهُ يَوْمَ الصُّلْحِ انْتَهَى اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُ سم عَلَى شَرْحِ الرَّوْضِ: فَلَا يُلْحَقُ بِالثَّمَنِ: أَيْ فَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِجَمِيعِ مَا وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ لَا بِمَا دَفَعَهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْإِسْقَاطِ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الْبَيْعِ) أَيْ لِبُطْلَانِهِ بِالْإِبْرَاءِ مِنْ الثَّمَنِ قَبْلَ اللُّزُومِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بَيْعًا بِلَا ثَمَنٍ (قَوْلُهُ: فَيَأْخُذُهُ بِقِيمَتِهَا) أَيْ الدِّيَةِ مِنْ غَالِبِ إبِلِ الْبَلَدِ فَلَا يَأْخُذُ بِنَفْسِ الْإِبِلِ. وَبِمَا ذَكَرَ مِنْ اعْتِبَارِ الْغَالِبِ يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ: صِفَةُ الْإِبِلِ مَجْهُولَةٌ فَلَا يَتَأَتَّى التَّقْوِيمُ بِهَا مَعَ الْجَهْلِ بِصِفَتِهَا (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ) هُوَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ حَيْثُ قَالَ اعْتِرَاضًا عَلَى مَتْنِهِ وَصَوَابُهُ يَوْمَ الصُّلْحِ (قَوْلُهُ: فِي قَدْرِهَا) أَيْ إذَا تَلِفَ الثَّمَنُ (قَوْلُهُ كَمَا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الثَّمَنِ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مَجِيءُ مَا مَرَّ إلَخْ) أَيْ: فَيَكُونُ مَحَلُّ مَا فِي الْحَاوِي إذَا عَلِمَ الْمَنْعَ، وَإِلَّا تَعَيَّنَ أَنْ يَأْخُذَ بِهِ، اُنْظُرْ مَا لَوْ تَرَاضَيَا عَلَى غَيْرِهِ هَلْ يَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ عَنْ الْحَاوِي وَمَا عَقَّبَهُ بِهِ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ) يَعْنِي شَيْخَ الْإِسْلَامِ حَيْثُ قَالَ عَقِبَ قَوْلِ الرَّوْضِ يَوْمَ الْجِنَايَةِ: صَوَابُهُ يَوْمَ الصُّلْحِ. (قَوْلُهُ: كَمَا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الثَّمَنِ حَالَةُ اللُّزُومِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَهَا لَحِقَهُ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ

وَالْمُؤَجَّلَ بَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ الْحَالُّ بِقَوْلِهِ (أَوْ) اشْتَرَى (بِمُؤَجَّلٍ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُخَيَّرُ) وَإِنْ حَلَّ الثَّمَنُ بِمَوْتِ الْمُشْتَرِي أَوْ كَانَ مُنَجَّمًا بِأَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ (بَيْنَ أَنْ يُعَجِّلَ) الثَّمَنَ (وَيَأْخُذَ فِي الْحَالِّ أَوْ يَصِيرَ إلَى الْمَحِلِّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ: أَيْ حُلُولِ الْكُلِّ وَلَيْسَ لَهُ كُلَّمَا حَلَّ نَجْمٌ أَنْ يُعْطِيَهُ وَيَأْخُذَ بِقَدْرِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَلَوْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِدَفْعِ الشِّقْصِ وَتَأْجِيلِ الثَّمَنِ إلَى مَحِلِّهِ وَأَبَى الشَّفِيعُ إلَّا الصَّبْرَ إلَى الْمَحِلِّ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. (وَيَأْخُذُ) دَفْعًا لِلضَّرَرِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ بِتَأْخِيرِهِ لِعُذْرِهِ إذْ لَوْ جَوَّزْنَا لَهُ الْأَخْذَ بِمُؤَجَّلٍ أَضْرَرْنَا بِالْمُشْتَرِي لِاخْتِلَافِ الذِّمَمِ، وَإِنْ أَلْزَمْنَاهُ الْأَخْذَ فِي الْحَالِ بِنَظِيرِهِ مِنْ الْحَالِّ أَضْرَرْنَا بِالشَّفِيعِ لِأَنَّ الْأَجَلَ يُقَابِلُهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ، وَلَا يَلْزَمُهُ إعْلَامُ الْمُشْتَرِي بِالطَّلَبِ حَيْثُ خَيَّرْنَاهُ عَلَى مَا فِي الشَّرْحَيْنِ، وَمَا وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ اللُّزُومِ نُسِبَ لِسَبْقِ الْقَلَمِ، وَالثَّانِي يَأْخُذُهُ بِالْمُؤَجَّلِ تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ اخْتَارَ الصَّبْرَ عَلَى الْأَوَّلِ ثُمَّ عَنَّ لَهُ أَنْ يُعَجِّلَ الثَّمَنَ وَيَأْخُذَ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَجْهًا وَاحِدًا، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَكُنْ زَمَنَ نَهْبٍ يَخْشَى مِنْهُ عَلَى الثَّمَنِ الْمُعَجَّلِ الضَّيَاعَ (وَلَوْ بِيعَ شِقْصٌ وَغَيْرُهُ) مِمَّا لَا شُفْعَةَ فِيهِ كَسَيْفٍ (أَخَذَهُ) أَيْ الشِّقْصَ لِوُجُودِ سَبَبِ الْأَخْذِ دُونَ غَيْرِهِ، وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الْمُوَرِّطُ لِنَفْسِهِ، وَالتَّعْلِيلُ بِكَوْنِهِ دَخَلَ عَالِمًا بِالْحَالِ مُشْعِرٌ بِأَنَّ الْجَاهِلَ يُخَيَّرُ وَإِطْلَاقُهُمْ يُخَالِفُهُ، وَبِكُلٍّ مِنْ التَّعْلِيلَيْنِ فَارَقَ هَذَا مَا مَرَّ مِنْ امْتِنَاعِ إفْرَادِ الْمَعِيبِ بِالرَّدِّ وَلَعَلَّهُمْ جَرَوْا فِي ذِكْرِ الْعِلْمِ عَلَى الْغَالِبِ (بِحِصَّتِهِ) أَيْ بِقَدْرِهَا (مِنْ الْقِيمَةِ) مِنْ الثَّمَنِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ بِأَنْ يُوَزِّعَ الثَّمَنَ عَلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهِمَا حَالَ الْبَيْعِ وَيَأْخُذَ الشِّقْصَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، فَلَوْ سَاوَى مِائَتَيْنِ، وَالسَّيْفُ مِائَةً وَالثَّمَنُ خَمْسَةَ عَشَرَ أَخَذَهُ بِثُلُثَيْ الثَّمَنِ، وَمَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِلشَّارِحِ هُوَ مُرَادُهُ كَمَا لَا يَخْفَى وَبِهِ تُرَدُّ دَعْوَى أَنَّ ذِكْرَ الْقِيمَةِ سَبْقُ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِهَذَا التَّشْبِيهِ، فَإِنَّهُ إنْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْبَائِعِ زَادَتْ قِيمَتُهُ أَوْ نَقَصَتْ، وَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ طُولِبَ بِهِ وَإِنْ أَبْطَلَهُ السُّلْطَانُ. ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ اللُّزُومَ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ لُحُوقِ الْحَطِّ وَالزِّيَادَةِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ اهـ (قَوْلُهُ: بَيْنَ أَنْ يُعَجِّلَ الثَّمَنَ وَيَأْخُذَ فِي الْحَالِ) وَمَحِلُّهُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ وَغَيْرِهِ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُشْتَرِي ضَرَرٌ فِي قَبُولِهِ لِنَحْوِ نَهْبٍ، وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ الشَّفِيعُ اهـ حَجّ. وَهَذِهِ تُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي: فَإِنْ اخْتَارَ الصَّبْرَ عَلَى الْأَوَّلِ إلَخْ، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ عَدَمِ الْإِجْبَارِ حَيْثُ كَانَ ثَمَّ نَهْبٌ، وَقَدْ اخْتَارَ الْأَخْذَ حَالًّا وَبَيْنَ مَا إذَا أَرَادَ الْأَخْذَ بِمُؤَجَّلٍ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ اخْتَارَ الْأَخْذَ، وَقَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَّ الثَّمَنُ غَايَةً (قَوْلُهُ: بَيْنَ أَنْ يُعَجِّلَ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحِلَّ التَّخْيِيرِ إذَا لَمْ يَكُنْ الزَّمَنُ زَمَنَ نَهْبٍ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي عَنْ الْأَذْرَعِيِّ وَغَيْرِهِ، وَيَحْتَمِلُ الْفَرْقَ، وَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُلْزَمُ بِالْأَخْذِ هُنَا مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَمَّا أَخَذَ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ فَقَدْ وَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَى أَنْ أَخَذَ الثَّمَنَ حَالًّا فَأُلْزِمَ بِقَبُولِهِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْأَذْرَعِيِّ فَإِنَّ التَّأْخِيرَ فِيهَا لِذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْ تَصَرُّفِ الشَّفِيعِ خَاصَّةً لِغَرَضِ نَفْسِهِ فَلَا تَلْزَمُ مُرَاعَاتُهُ، وَلَعَلَّ الثَّانِيَ أَقْرَبُ (قَوْلُهُ: أَوْ يَصْبِرَ) هِيَ بِمَعْنَى الْوَاوِ نَظِيرُ مَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ بَيْنَ إنَّمَا تَدْخُلُ عَلَى مُتَعَدِّدٍ (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحِلَّهُ حَيْثُ عَلِمَ بِذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ) أَيْ الشَّفِيعَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اخْتَارَ) أَيْ الشَّفِيعُ (قَوْلُهُ: وَالتَّعْلِيلُ) أَيْ الْوَاقِعُ فِي كَلَامِهِمْ وَأَشْعَرَ بِهِ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ الْمُوَرِّطُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِطْلَاقُهُمْ يُخَالِفُهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: عَلَى الْغَالِبِ بِحِصَّتِهِ) يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافَيْنِ: أَيْ بِمِثْلِ نِسْبَةِ حِصَّتِهِ مِنْ الْقِيمَةِ: أَيْ مِنْ الثَّمَنِ اهـ سم (قَوْلُهُ: كَمَا لَا يَخْفَى) أَيْ فَإِنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ) تَبِعَ فِي ذِكْرِهِ الشِّهَابَ ابْنَ حَجَرٍ بَعْدَ أَنْ تَبِعَ فِي حَلِّ الْمَتْنِ الْجَلَالَ الْمَحَلِّيَّ فَلَمْ يَلْتَئِمْ، وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ الْمَذْكُورِ مَعَ الْمَتْنِ بِحِصَّتِهِ: أَيْ بِقَدْرِهَا مِنْ الثَّمَنِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ انْتَهَتْ. فَلَفْظُ الْقِيمَةِ فِي عِبَارَتِهِ هُوَ مَا فِي الْمَتْنِ فَلَا مَوْقِعَ لَهَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بَعْدَ مَا فِي الْمَتْنِ مَعَ مَا حَلَّهُ بِهِ

قَلَمٍ (وَيُؤْخَذُ) الشِّقْصُ (الْمَمْهُورُ بِمَهْرِ مِثْلِهَا) يَوْمَ النِّكَاحِ (وَكَذَا) شِقْصٌ هُوَ (عِوَضُ خُلْعٍ) فَيُؤْخَذُ بِمَهْرِ مِثْلِهَا يَوْمَ الْخُلْعِ سَوَاءٌ أَنَقَصَ عَنْ قِيمَةِ الشِّقْصِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْبُضْعَ مُتَقَوِّمٌ وَقِيمَتُهُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَلَوْ أَمْهَرَهَا شِقْصًا مَجْهُولًا وَجَبَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، وَلَا شُفْعَةَ لِبَقَاءِ الشِّقْصِ عَلَى مِلْكِ الزَّوْجِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ، وَيَجِبُ فِي الْمُتْعَةِ مُتْعَةُ مِثْلِهَا لِأَنَّهَا الْوَاجِبَةُ بِالْفِرَاقِ، وَالشِّقْصُ عِوَضٌ عَنْهَا لَا مَهْرُ مِثْلِهَا، وَلَوْ اعْتَاضَ عَنْ النُّجُومِ شِقْصًا أَخَذَ الشَّفِيعُ بِمِثْلِ النُّجُومِ أَوْ بِقِيمَتِهَا بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهَا، وَكَلَامُ الشَّارِحِ مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ (وَلَوْ) (اشْتَرَى بِجُزَافٍ) بِتَثْلِيثِ جِيمِهِ نَقْدًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (وَتَلِفَ) الثَّمَنُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِأَخْذِهِ، أَوْ غَابَ وَتَعَذَّرَ إحْضَارُهُ، أَوْ بِمُتَقَوِّمٍ كَفَصٍّ مَجْهُولِ الْقِيمَةِ أَوْ اخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ (امْتَنَعَ الْأَخْذُ) لِتَعَذُّرِ الْأَخْذِ بِالْمَجْهُولِ، وَهَذَا مِنْ الْحِيَلِ الْمُسْقِطَةِ لِلشُّفْعَةِ وَهِيَ مَكْرُوهَةٌ كَمَا أَطْلَقَاهُ: أَيْ فِي غَيْرِ شُفْعَةِ الْجِوَارِ، وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا قَبْلَ الْبَيْعِ أَمَّا بَعْدَهُ فَهِيَ حَرَامٌ، وَخَرَجَ بِالتَّلَفِ مَا لَوْ كَانَ بَاقِيًا فَيُكَالُ مَثَلًا، وَيُؤْخَذُ بِقَدْرِهِ. نَعَمْ لَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ إحْضَارُهُ وَلَا الْإِخْبَارُ بِقِيمَتِهِ، وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِيمَا لَمْ يَرَهُ مِنْ وُجُوبِ تَمْكِينِ الْمُشْتَرِي الشَّفِيعَ مِنْ الرُّؤْيَةِ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي (فَإِنْ) (عَيَّنَ الشَّفِيعُ قَدْرًا) كَاشْتَرَيْتُهُ بِمِائَةٍ (وَقَالَ الْمُشْتَرِي) بِمِائَتَيْنِ حَلَفَ كَمَا يَأْتِي بِنَاءً عَلَى مُدَّعَاهُ وَأَلْزَمَ الشَّفِيعَ الْأَخْذَ بِهِ، وَإِنْ قَالَ: (لَمْ يَكُنْ مَعْلُومَ الْقَدْرِ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) بِقَدْرِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ عِلْمِهِ بِهِ، وَحِينَئِذٍ تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي نُكَتِهِ وَنَصَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: الْمَمْهُورُ بِمَهْرِ مِثْلِهَا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَإِنْ أَجْعَلَهُ: أَيْ جَعَلَهُ جُعْلًا عَلَى عَمَلٍ، أَوْ أَقْرَضَهُ أَخَذَهُ بَعْدَ الْعَمَلِ بِأُجْرَتِهِ: أَيْ الْعَمَلِ فِي الْأُولَى، أَوْ بَعْدَ مِلْكِ الْمُسْتَقْرَضِ بِقِيمَتِهِ: أَيْ فِي الثَّانِيَةِ، وَإِنْ قُلْنَا الْمُقْتَرِضُ يَرُدُّ الْمِثْلَ الصُّورِيَّ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَمْهَرَهَا شِقْصًا مَجْهُولًا) أَيْ بِأَنْ لَمْ تَرَهُ (قَوْلُهُ: بِمِثْلِ النُّجُومِ) أَيْ إنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً (قَوْلُهُ: أَوْ بِقِيمَتِهَا) أَيْ إنْ كَانَتْ مُتَقَوِّمَةً، وَفِي سم عَلَى حَجّ: يَنْبَغِي يَوْمَ التَّعْوِيضِ (قَوْلُهُ: مِنْ جَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهَا) وَهُوَ الْمَرْجُوحُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اشْتَرَى بِجُزَافٍ) أَيْ مِثْلِيٍّ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي أَوْ بِمُتَقَوِّمٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: امْتَنَعَ الْأَخْذُ) أَيْ فِيهَا فَلَا كَرَاهَةَ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مِنْ الْحِيَلِ) يُمْكِنُ دَفْعُ هَذِهِ الْحِيلَةِ بِأَنْ يَطْلُبَ الشَّفِيعُ الْأَخْذَ بِقَدْرٍ يَعْلَمُ أَنَّ الثَّمَنَ لَا يَزِيدُ عَلَيْهِ قَدْرًا فِي الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةً فِي الْمُتَقَوِّمِ، فَالْوَجْهُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَأَنْ يَحْلِفَ الْمُشْتَرِي إنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ وَاسْتَحَقَّ الْأَخْذَ بِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي التَّوَصُّلِ إلَى الشُّفْعَةِ بِذَلِكَ لَا لِسُقُوطِ الْحُرْمَةِ عَنْ الْمُشْتَرِي بِمَا ذَكَرَ لِاحْتِمَالِ أَنَّ مَا عَيَّنَهُ وَحَلَفَ عَلَيْهِ بَعْدَ نُكُولِ الْمُشْتَرِي أَزْيَدُ مِمَّا أَخَذَ بِهِ فَيَعُودُ الضَّرَرُ عَلَى الشَّفِيعِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ أَمَّا بَعْدَهُ) أَيْ كَأَنْ اشْتَرَى بِصُرَّةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ ثُمَّ أَتْلَفَ بَعْضَهَا عَلَى الْإِبْهَامِ حَتَّى لَا يَتَوَصَّلَ إلَى مَعْرِفَةِ قَدْرِ الثَّمَنِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُ سم ثُمَّ أَتْلَفَ بَعْضَهَا: أَيْ بِأَنْ تَصَرَّفَ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَهِيَ حَرَامٌ) . قَالَ حَجّ: وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ كَلَامُهُمَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فَإِنَّهُمَا ذَكَرَا مِنْ جُمْلَةِ الْحِيَلِ كَثِيرًا مِمَّا هُوَ بَعْدَ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ إحْضَارُهُ) أَيْ فَيَتَعَذَّرُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ، وَطَرِيقُهُ أَنْ يَذْكُرَ قَدْرًا يَعْلَمُ أَنَّ الثَّمَنَ لَا يَزِيدُ عَلَيْهِ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ سم (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ مَا مَرَّ) أَيْ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي مَنْعُ الشَّفِيعِ مِنْ الرُّؤْيَةِ أَيْ لِلشِّقْصِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: حَلَفَ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَأَلْزَمَ الشَّفِيعَ الْأَخْذَ) أَيْ إنْ أَرَادَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) أَيْ فَلَوْ أَقَامَ الشَّفِيعُ بَيِّنَةً بِقَدْرِ الثَّمَنِ فَالْوَجْهُ قَبُولُهَا وَاسْتِحْقَاقُ الْأَخْذِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَا تَعُودُ وَإِنْ تَبَيَّنَ الْحَالُ لِانْقِطَاعِ الْخُصُومَةِ بِالْحَلِفِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِالتَّحْلِيفِ إذَا كَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: كَفَصٍّ مَجْهُولِ الْقِيمَةِ) لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ مُجَرَّدَ التَّمْثِيلِ بَلْ هُوَ قَيْدٌ فِي الْمُتَقَوِّمِ: أَيِّ مُتَقَوِّمٍ هُوَ كَفَصٍّ مَجْهُولِ الْقِيمَةِ إلَخْ. وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: أَوْ بِمُتَقَوِّمٍ وَتَعَذَّرَ الْعِلْمُ بِقِيمَتِهِ

عَلَيْهِ وَإِنْ نَقَلَ عَنْ الْقَاضِي عَنْ النَّصِّ الْوَقْفَ إلَى اتِّضَاحِ الْحَالِ وَاعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ، وَلَيْسَ لَهُ الْحَلِفُ عَلَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْلَمُهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الشَّفِيعُ عَلَى مَا عَيَّنَهُ وَأَخَذَ بِهِ، وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي: لَمْ أَشْتَرِ بِذَلِكَ الْقَدْرِ حَلَفَ كَذَلِكَ وَلِلشَّفِيعِ بَعْدَ حَلِفِ الْمُشْتَرِي أَنْ يَزِيدَ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ وَيُحَلِّفَهُ ثَانِيًا وَثَالِثًا وَهَكَذَا حَتَّى يَنْكُلَ الْمُشْتَرِي فَيُسْتَدَلُّ بِنُكُولِهِ فَيَحْلِفُ عَلَى مَا عَيَّنَهُ وَيَشْفَعُ لِأَنَّ الْيَمِينَ قَدْ تَسْتَنِدُ إلَى التَّخْمِينِ كَمَا لَوْ حَلَفَ عَلَى خَطِّ أَبِيهِ حَيْثُ سَكَنَتْ نَفْسُهُ إلَيْهِ، وَلَا يَكُونُ قَوْلُهُ: نَسِيت قَدْرَ الثَّمَنِ عُذْرًا بَلْ يُطْلَبُ مِنْهُ جَوَابٌ كَافٍ (وَإِنْ ادَّعَى عِلْمَهُ) بِقَدْرِهِ وَطَالَبَهُ بِبَيَانِهِ (وَلَمْ يُعَيِّنْ قَدْرًا) فِي دَعْوَاهُ (لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ حَقًّا لَهُ. وَالثَّانِي تُسْمَعُ وَيَحْلِفُ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ قَدْرَهُ، وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ الثَّمَنَ كَانَ أَلْفًا وَكَفًّا مِنْ الدَّرَاهِمِ هُوَ دُونَ الْمِائَةِ يَقِينًا فَقَالَ الشَّفِيعُ: أَنَا آخُذُهُ بِأَلْفٍ وَمِائَةٍ كَانَ لَهُ الْأَخْذُ كَمَا فِي فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ لَكِنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْمُشْتَرِي قَبْضُ تَمَامِ الْمِائَةِ (وَإِذَا) (ظَهَرَ) بَعْدَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ (الثَّمَنُ) الَّذِي بَذَلَهُ مُشْتَرِي الشِّقْصِ نَقْدًا أَوْ غَيْرَهُ (مُسْتَحَقًّا) بِبَيِّنَةٍ أَوْ تَصَادَقَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعُ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي (فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا) بِأَنْ وَقَعَ الشِّرَاءُ بِعَيْنِهِ (بَطَلَ الْبَيْعُ) لِأَنَّهُ بِغَيْرِ ثَمَنٍ (وَالشُّفْعَةُ) لِتَرَتُّبِهَا عَلَى الْبَيْعِ، وَلَوْ خَرَجَ بَعْضُهُ بَطَلَ أَيْضًا وَخُرُوجُ النَّقْدِ نُحَاسًا كَخُرُوجِهِ مُسْتَحَقًّا، ـــــــــــــــــــــــــــــSيُمْكِنُهُ تَرْكُ التَّحْلِيفِ إلَى تَبَيُّنِ الْحَالِ، وَلَيْسَ هَذَا كَذِي الْحَقِّ الْأَصْلِيِّ فَإِنَّهُ بَعْدَ تَحْلِيفِ خَصْمِهِ لَهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ هُنَا عَارِضٌ يَسْقُطُ فِي الْجُمْلَةِ بِالتَّقْصِيرِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُقَالُ قَوْلُهُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ إلَخْ إنَّمَا يَتِمُّ إذَا كَانَ يُجَابُ لِتَأْخِيرِ الْأَمْرِ، وَقَضِيَّةُ تَضْعِيفِ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْقَاضِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْلِفْ حَالًا عُدَّ نَاكِلًا وَحَلَفَ الشَّفِيعُ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ يَعْلَمُهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ) أَيْ وَقَبْلَ الْحَلِفِ (قَوْلُهُ: وَهَكَذَا حَتَّى يَنْكُلَ) أَيْ وَلَوْ فِي أَيَّامٍ مُخْتَلِفَةٍ وَإِنْ أَدَّى ذَلِكَ لِإِضْرَارِ الْمُشْتَرِي بِإِحْضَارِهِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ تِلْكَ الْمَرَّاتِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِهِ حَيْثُ اشْتَرَى بِمَجْهُولٍ أَنَّهُ قَصَدَ مَنْعَ الشَّفِيعِ مِنْ الشُّفْعَةِ فَعُوقِبَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَيُسْتَدَلُّ بِنُكُولِهِ) أَيْ عَلَى أَنَّ مَا وَقَفَ عِنْدَهُ هُوَ الثَّمَنُ (قَوْلُهُ: فَيَحْلِفُ) أَيْ الشَّفِيعُ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا عَيَّنَهُ) أَيْ آخِرًا، وَهَلْ يَكْفِيهِ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ لَا يَزِيدُ عَلَى كَذَا أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الْحَلِفِ عَلَى الْبَتِّ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي أَنَّ الشَّاهِدَ لَوْ قَالَ: كَانَ الثَّمَنُ أَلْفًا وَكَفًّا مِنْ الدَّرَاهِمِ هُوَ دُونَ مِائَةٍ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ هُنَا كَذَلِكَ اُعْتُدَّ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَكُونُ قَوْلُهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: بَلْ يُطْلَبُ مِنْهُ جَوَابٌ كَافٍ) فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ فِي جَهْلِهِ بِهِ مِثْلُ الْجَهْلِ فِي الْحُكْمِ مَا لَوْ قَالَ بِسَبَبِ الْقَدْرِ اهـ. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: لَا يَحِلُّ لِلْمُشْتَرِي قَبْضُ تَمَامِ الْمِائَةِ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى مِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ قِيمَتِهِ وَلَوْ بِالتَّرَاضِي، عَلَى أَنَّهُ هُنَا لَا تَرَاضِيَ لِأَنَّ الشَّفِيعَ إنَّمَا دَفَعَ تَمَامَ الْمِائَةِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الْأَخْذِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَرَجَ بَعْضُهُ بَطَلَ) أَيْ فِيمَا يُقَابَلُ مِنْ الشِّقْصِ (قَوْلُهُ: وَخُرُوجُ النَّقْدِ نُحَاسًا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ مُتَمَوَّلًا، وَقَدْ يُشْكِلُ الْبُطْلَانُ حِينَئِذٍ فِي الْمُعَيَّنِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا لَمْ يَقْصِدْ إلَّا الْفِضَّةَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ غَيْرِ الْمُتَمَوَّلِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُشْكِلُ الْجَوَابُ بِمَا لَوْ اشْتَرَى زُجَاجَةً يَظُنُّهَا جَوْهَرَةً حَيْثُ قَالُوا فِيهِ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَعَدَمِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ، وَلَمْ يَنْظُرُوا لِلظَّنِّ الْمَذْكُورِ؛ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمَسْأَلَةَ مُصَوَّرَةٌ بِمَا لَوْ قَالَ اشْتَرَيْت بِهَذِهِ الْفِضَّةِ مَثَلًا فَبَانَ الثَّمَنُ نُحَاسًا، وَقَدْ يَدُلُّ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ سم مِنْ قَوْلِهِ يَنْبَغِي إلَخْ (قَوْلُهُ: كَخُرُوجِهِ مُسْتَحَقًّا) يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى الْمُعَيَّنُ الْمُتَمَوَّلُ الَّذِي لَمْ يُوصَفْ بِأَنَّهُ دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ كَبِعْتُكَ بِهَذَا فَيَنْبَغِي صِحَّةُ الْبَيْعِ بِهِ أَخْذًا مِنْ شِرَاءِ زُجَاجَةٍ ظَنَّهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ الْحَلِفُ إلَخْ) أَيْ: لِعَدَمِ كِفَايَةِ ذَلِكَ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَا يَكْفِيهِ (قَوْلُهُ: بَطَلَ أَيْضًا) أَيْ: الْبَعْضُ فَقَطْ

فَلَوْ خَرَجَ رَدِيئًا تَخَيَّرَ الْبَائِعُ بَيْنَ الرِّضَا بِهِ وَالِاسْتِبْدَالِ، فَإِنْ رَضِيَ بِهِ لَمْ يَلْزَمْ الْمُشْتَرِيَ الرِّضَا بِمِثْلِهِ بَلْ يَأْخُذُ مِنْ الشَّفِيعِ الْجَيِّدَ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَنَظَرَ فِيهِ الْمُصَنِّفُ وَرَدَّهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ جَارٍ عَلَى قَوْلِهِ فِيمَا إذَا ظَهَرَ الْعَبْدُ الَّذِي بَاعَ بِهِ الْبَائِعُ مَعِيبًا وَرَضِيَ بِهِ أَنَّ عَلَى الشَّفِيعِ قِيمَتَهُ سَلِيمًا لِأَنَّهُ الَّذِي اقْتَضَاهُ الْعَقْدُ، وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ: إنَّهُ غَلَطٌ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ قِيمَتُهُ مَعِيبًا فَالتَّغْلِيظُ بِالْمِثْلِيِّ أَوْلَى. قَالَ: وَالصَّوَابُ فِي كِلْتَا الْمَسْأَلَتَيْنِ ذِكْرُ وَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا اعْتِبَارُ مَا ظَهَرَ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي الْمَعِيبِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَقِيَاسُ مَا قَالُوهُ فِي حَطِّ بَعْضِ الثَّمَنِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا قَبْلَ اللُّزُومِ وَبَعْدَهُ أَنْ يُقَالَ بِنَظِيرِهِ هُنَا مِنْ أَنَّ الْبَائِعَ إنْ رَضِيَ بِرَدِيءٍ أَوْ مَعِيبٍ قَبْلَ اللُّزُومِ لَزِمَ لِمُشْتَرٍ الرِّضَا بِهِمَا مِنْ الشَّفِيعِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا، وَحِينَئِذٍ فَيُحْتَمَلُ الْتِزَامُ ذَلِكَ لِأَنَّ مِنَّةَ الْبَائِعِ وَمُسَامَحَتَهُ مَوْجُودَةٌ فِيهِمَا، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الرَّدِيءَ وَالْمَعِيبَ غَيْرُ مَا وَقَعَ بِهِ الْعَقْدُ بِالْكُلِّيَّةِ، بِخِلَافِ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ وَقَعَ بِهِ الْعَقْدُ فَسَرَى مَا وَقَعَ فِيهِ إلَى الشَّفِيعِ، هَذَا وَالْأَوْجَهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَعِيبِ وَالرَّدِيءِ، إذْ ضَرَرُ الرَّدَاءَةِ أَكْثَرُ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSجَوْهَرَةً فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَحِينَئِذٍ تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ فَلْيُرَاجَعْ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَلَوْ خَرَجَ رَدِيئًا) أَيْ وَإِنْ وَقَعَ الشِّرَاءُ بِعَيْنِهِ بَلْ هُوَ ظَاهِرٌ فِي ذَلِكَ، لَكِنْ لَا وَجْهَ حِينَئِذٍ لِقَوْلِهِ: وَالِاسْتِبْدَالِ اهـ سم (قَوْلُهُ: تَخَيَّرَ الْبَائِعُ بَيْنَ الرِّضَا بِهِ وَالِاسْتِبْدَالِ) إنَّمَا يَظْهَرُ الِاسْتِبْدَالُ إذَا بَاعَ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ، أَمَّا بِالْمُعَيَّنِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الرِّضَا بِهِ وَالْفَسْخِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّ لَهُ طَلَبَ بَدَلِهِ إذَا عُيِّنَ فِي الْعَقْدِ لَا يَخْلُو عَنْ إشْكَالٍ، فَإِنَّ الْقِيَاسَ فِي الْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ أَنْ يَتَخَيَّرَ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ، وَأَمَّا رَدُّهُ وَأَخْذُ بَدَلِهِ فَلَا فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ أَوْرَدْت ذَلِكَ عَلَى م ر فَحَاوَلَ عِبَارَةَ الْعُبَابِ عَلَى أَنَّ الْبَدَلَ فِي الْمُعَيَّنِ طَلَبُ الْأَرْشِ فَلْيُتَأَمَّلْ م ر اهـ. هَذَا الْحَمْلُ إنَّمَا يَتِمُّ لَوْ كَانَ إذَا طَلَبَ الْأَرْشَ وَوَافَقَهُ جَازَ أَخْذُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: وَرَدَّهُ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ رَدَّ كَلَامَ الْبَغَوِيّ (قَوْلُهُ: قَالَ وَالصَّوَابُ) أَيْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ (قَوْلُهُ: أَصَحُّهُمَا اعْتِبَارُ مَا ظَهَرَ) أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَهُوَ مِثْلُ الرَّدِيءِ وَقِيمَةِ الْمَعِيبِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) مِنْ كَلَامِ م ر ظَاهِرُهُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِمَا ظَهَرَ مِنْ الْمَعِيبِ وَالرَّدِيءِ، وَاسْتَوْجَهَهُ سم عَلَى حَجّ حَيْثُ كَانَ الشِّرَاءُ بِالْمُعَيَّنِ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ، وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَعِيبِ وَالرَّدِيءِ. وَعِبَارَتُهُ: الْمُعْتَمَدُ مَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي الْمَعِيبِ دُونَ الرَّدِيءِ، فَالْوَاجِبُ مِثْلُهُ جَيِّدًا كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي مَتْنِ الرَّوْضِ أَيْضًا، وَيَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الرَّدَاءَةُ أَقْوَى مِنْهُ لِأَنَّهَا وَصْفٌ لَازِمٌ، بِخِلَافِ الْعَيْبِ فَإِنَّهُ يَطْرَأُ وَيَزُولُ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ الْآتِيَ: هَذَا وَالْأَوْجَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَعِيبِ وَالرَّدِيءِ) أَيْ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي قَبُولُ الرَّدِيءِ وَيَجِبُ قَبُولُ قِيمَةِ الْمَعِيبِ وَهَذَا الْأَوْجَهُ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ السَّابِقِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي الْمَعِيبِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَلَوْ خَرَجَ رَدِيئًا تَخَيَّرَ الْبَائِعُ بَيْنَ الرِّضَا بِهِ وَالِاسْتِبْدَالِ إلَخْ) هُوَ مُشْكِلٌ إنْ كَانَتْ الصُّورَةُ أَنَّ الثَّمَنَ مُعَيَّنٌ كَمَا هُوَ صَرِيحُ السِّيَاقِ فَإِنَّ الْقِيَاسَ فِيهِ إنَّمَا هُوَ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ لَا رَدِّ الْمُعَيَّنِ وَطَلَبِ بَدَلِهِ. قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: إلَّا أَنْ يُرَادَ بِطَلَبِ بَدَلِهِ طَلَبُ قِيمَةِ الشِّقْصِ إذَا تَعَذَّرَ رَدُّهُ فَيَزُولُ الْإِشْكَالُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) أَيْ فَيَبْذُلُ لِلْمُشْتَرِي الْمَعِيبَ دُونَ الرَّدِيءِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَمُسَامَحَتُهُ مَوْجُودَةٌ فِيهِمَا) أَيْ: فِي الْحَطِّ وَقَبُولِ الرَّدِيءِ أَوْ الْمَعِيبِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الثَّمَنِ) أَيْ: إذَا حُطَّ أَوْ بَعْضُهُ. (قَوْلُهُ: فَسَرَى مَا وَقَعَ فِيهِ إلَى الشَّفِيعِ) أَيْ: بِخِلَافِ الرَّدِيءِ، وَالْمَعِيبِ فَلَا يَسْرِي فَلَا يُعْطِيهِ إلَّا الْجَيِّدَ سَوَاءٌ مَا قَبْلَ اللُّزُومِ وَمَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ ثَبَتَ بِالْفَرْقِ الْمَذْكُورِ، وَمَا بَعْدَهُ بِالْأَوْلَى، وَهَذَا الْفَرْقُ يُوَافِقُ مَا مَرَّ عَنْ الْبَغَوِيّ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَعِيبِ وَالرَّدِيءِ) أَيْ: فَيَدْفَعُ مِثْلَ الْمَعِيبِ بِخِلَافِ الرَّدِيءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الزِّيَادِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ إذْ ضَرَرُ الرَّدَاءَةِ أَكْثَرُ: أَيْ: عَلَى الْمُشْتَرِي، ثُمَّ اُنْظُرْ هَلْ مَا ذُكِرَ فِي الْمَعِيبِ يُجْرَى

الْمَعِيبِ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَيْبِهِ رَدَاءَتُهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ اشْتَرَى بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ وَدَفَعَ عَمَّا فِيهَا فَخَرَجَ الْمَدْفُوعُ مُسْتَحَقًّا (أَبْدَلَ) الْمَدْفُوعَ (وَبَقِيَا) أَيْ الْمَبِيعُ وَالشُّفْعَةُ لِأَنَّ إعْطَاءَهُ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ فَكَانَ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ، وَلِلْبَائِعِ اسْتِرْدَادُ الشِّقْصِ إنْ لَمْ يَكُنْ تَبَرَّعَ بِتَسْلِيمِهِ وَحَبْسِهِ إلَى قَبْضِ الثَّمَنِ (وَإِنْ) (دَفَعَ الشَّفِيعُ مُسْتَحَقًّا) أَوْ نَحْوَ نُحَاسٍ (لَمْ تَبْطُلْ شُفْعَتُهُ إنْ جَهِلَ) لِعُذْرِهِ (وَكَذَا إنْ عَلِمَ فِي الْأَصَحِّ) لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ فِي الطَّلَبِ، وَالشُّفْعَةُ لَا تُسْتَحَقُّ بِمَالٍ مُعَيَّنٍ حَتَّى تَبْطُلَ بِاسْتِحْقَاقِهِ. وَالثَّانِي تَبْطُلُ لِأَنَّهُ أَخَذَ بِمَا لَا يَمْلِكُ فَكَأَنَّهُ تَرَكَ الْأَخْذَ مَعَ الْقُدْرَةِ، فَلَوْ لَمْ يَأْخُذْهَا بِمُعَيَّنٍ كَتَمَلَّكْتُ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ثُمَّ نَقَدَ الْمُسْتَحِقَّ لَمْ تَبْطُلْ قَطْعًا، وَإِذَا بَقِيَ حَقُّهُ فَهَلْ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ فَيَحْتَاجُ لِتَمَلُّكٍ جَدِيدٍ أَوْ مِلْكٍ، وَالثَّمَنُ دَيْنٌ عَلَيْهِ فَالْفَوَائِدُ لَهُ وَجْهَانِ رَجَّحَ الرَّافِعِيُّ الْأَوَّلَ، وَغَيْرُهُ الثَّانِيَ وَاسْتَظْهَرَ هَذَا، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْأَخْذَ إنْ كَانَ بِالْعَيْنِ تَعَيَّنَ الْأَوَّلُ أَوْ فِي الذِّمَّةِ تَعَيَّنَ الثَّانِي (وَتَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي فِي الشِّقْصِ) الْمَشْفُوعِ (كَبَيْعٍ وَوَقْفٍ) وَلَوْ مَسْجِدًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ (وَإِجَارَةٍ صَحِيحٌ) لِوُقُوعِهِ فِي مِلْكِهِ، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ فَكَانَ كَتَصَرُّفِ الْوَلَدِ فِيمَا وَهَبَهُ أَبُوهُ (وَلِلشَّفِيعِ نَقْضُ مَا لَا شُفْعَةَ لَهُ فِيهِ) ابْتِدَاءً (كَالْوَقْفِ) وَالْهِبَةِ وَالْإِجَارَةِ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَإِذَا أَمْضَى الْإِجَارَةَ فَالْأُجْرَةُ لِلْمُشْتَرِي (وَأَخَذَهُ) أَيْ الشِّقْصَ (وَيَتَخَيَّرُ فِيمَا فِيهِ شُفْعَةٌ كَبَيْعٍ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ بِالْبَيْعِ الثَّانِي أَوْ يَنْقُضَ وَيَأْخُذَ بِالْأَوَّلِ) لِمَا مَرَّ إذْ الثَّمَنُ قَدْ يَكُونُ فِي الْأَوَّلِ أَقَلَّ أَوْ جِنْسُهُ أَيْسَرَ، وَأَوْ هُنَا بِمَعْنَى الْوَاوِ الْوَاجِبَةِ فِي حَيِّزٍ بَيِّنٍ لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ كَثِيرًا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَدَفَعَ عَمَّا فِيهَا) أَيْ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْمَجْلِسِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: الْوَاقِعُ فِي الْمَجْلِسِ كَالْوَاقِعِ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ تَبَرَّعَ بِتَسْلِيمِهِ) كَأَنْ دَفَعَهُ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ بِلَا إجْبَارٍ وَلَوْ اخْتَلَفَا فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُهُ فِي عَدَمِ التَّبَرُّعِ (قَوْلُهُ:، وَكَذَا إنْ عَلِمَ فِي الْأَصَحِّ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُشْتَرَطُ لَفْظٌ إلَخْ مِنْ أَنَّهُ إذَا شَرَعَ فِي سَبَبِ الْأَخْذِ وَجَبَ الْفَوْرُ فِي التَّمَلُّكِ، وَجْهُ الْإِشْكَالِ أَنَّ دَفْعَ الْمُسْتَحَقِّ مَعَ الْعِلْمِ بِحَالِهِ تَقْصِيرٌ يُنَافِي الْفَوْرِيَّةَ، مَعَ أَنَّهُ شَرَعَ فِي الْأَخْذِ بِدَلِيلِ ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي أَنَّهُ يَحْتَاجُ لِتَمَلُّكٍ جَدِيدٍ أَوَّلًا فَلْيُتَأَمَّلْ فَيُحْمَلُ هَذَا عَلَى مَا إذَا لَمْ تَفُتْ الْفَوْرِيَّةُ بِأَنْ تَدَارَكَ فَوْرًا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَإِذَا بَقِيَ حَقُّهُ) أَيْ الشَّفِيعِ (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ الثَّانِي) أَيْ وَعَلَى كُلٍّ لَا يَضُرُّ تَأْخِيرُ إحْضَارِ الْبَدَلِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُ، وَلَكِنْ قَدَّمْنَا عَنْ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَخْذِهِ فِي أَسْبَابِ إبْدَالِهِ عَقِبَ ظُهُورِهِ مُسْتَحِقًّا وَإِلَّا بَطَلَ اهـ. وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: وَإِجَارَةٍ صَحِيحٌ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ قَبْضَ الشِّقْصِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنٍ مِنْ الشَّرِيكِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ قَبْلَ عِلْمِ الشَّفِيعِ وَرِضَاهُ بِالْقَبْضِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ فِي الْعَقَارِ دُونَ الْمَنْقُولِ كَالْحَيَوَانِ، فَلَا بُدَّ لِصِحَّةِ قَبْضِهِ مِنْ إذْنِ الشَّرِيكِ، وَأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَنْقُولِ وَالْعَقَارِ أَنَّ الْيَدَ عَلَى الْعَقَارِ حُكْمِيَّةٌ بِخِلَافِ الْمَنْقُولِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ) أَيْ مِلْكَهُ لِإِمْكَانِ أَخْذِ الشَّفِيعِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَكَانَ كَتَصَرُّفِ الْوَلَدِ) أَيْ حَيْثُ قُلْنَا بِنُفُوذِهِ لَكِنَّ تَصَرُّفَ الْوَلَدِ يَمْنَعُ رُجُوعَ الْأَبِ، بِخِلَافِ تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ لِلشَّفِيعِ نَقْضَهُ وَالْأَخْذَ (قَوْلُهُ: ابْتِدَاءً) مَعْمُولٌ لِلنَّقْضِ، وَمِنْهُ مَا لَوْ أَوْصَى بِالشِّقْصِ وَمَاتَ قَبْلَ الْمُوصَى لَهُ فَلَهُ نَقْضُ ذَلِكَ وَأَخْذُ الشِّقْصِ وَدَفْعُ الثَّمَنِ أَوْ قِيمَتِهِ لِلْوَارِثِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَإِذَا أَمْضَى الْإِجَارَةَ) أَيْ الشَّفِيعُ بِأَنْ طَلَبَ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ الْآنَ وَأَخَّرَ التَّمَلُّكَ إلَى انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ ثُمَّ أَخَذَ فَالْأُجْرَةُ لِلْمُشْتَرِي لِحُصُولِهَا فِي مِلْكِهِ، وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ: أَوْ أَيْ أَوْ تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي بِمَا لَا يُزِيلُ مِلْكَهُ كَرَهْنٍ وَإِجَارَةٍ، فَإِنْ أَخَّرَ الْأَخْذَ لِزَوَالِهِمَا بَطَلَ حَقُّهُ، وَإِنْ شَفَعَ بَطَلَ الرَّهْنُ لِلْإِجَارَةِ، فَإِنْ فَسَخَهَا فَذَاكَ وَإِنْ قَرَّرَهَا فَالْأُجْرَةُ لِلْمُشْتَرِي اهـ. وَقَوْلُهُ بَطَلَ حَقُّهُ قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا يَأْتِي أَنَّ الَّذِي عَلَى الْفَوْرِ هُوَ الطَّلَبُ لَا التَّمَلُّكُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيمَا قَبْلَ اللُّزُومِ وَمَا بَعْدَهُ؟ (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ الْأَوَّلُ) وَعَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْفَوْرِ

مَا يَتَسَامَحُونَ فِي ذَلِكَ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالنَّقْضِ الْفَسْخَ ثُمَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ، بَلْ الْأَخْذُ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ لَفْظُ فَسْخٍ كَمَا اسْتَنْبَطَهُ فِي الْمَطْلَبِ مِنْ كَلَامِهِمْ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ تَصَرُّفُ الْأَصْلِ فِيمَا وَهَبَهُ لِفَرْعِهِ رُجُوعًا بِخِلَافِهِ هُنَا لِأَنَّ الْأَصْلَ هُنَاكَ هُوَ الْوَاهِبُ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ تَصَرُّفِهِ بِخِلَافِ الشَّفِيعِ، وَلَوْ بَنَى الْمُشْتَرِي أَوْ غَرَسَ فِي الْمَشْفُوعِ قَبْلَ عِلْمِ الشَّفِيعِ بِذَلِكَ ثُمَّ عَلِمَ قَلَعَ مَجَّانًا لِتَعَدِّي الْمُشْتَرِي. نَعَمْ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي نَصِيبِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ ثُمَّ أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ لَمْ يَقْلَعْ مَجَّانًا. فَإِنْ قِيلَ: الْقِسْمَةُ تَتَضَمَّنُ رِضَا الشَّفِيعِ بِتَمَلُّكِ الْمُشْتَرِي غَالِبًا رُدَّ بِأَنَّ ذَلِكَ يُتَصَوَّرُ بِصُوَرٍ كَأَنْ يَظُنَّ الْمَبِيعَ هِبَةً ثُمَّ يَتَيَقَّنُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ أَوْ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِثَمَنٍ كَثِيرٍ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ بِأَقَلَّ، أَوْ يَظُنَّ الشَّفِيعُ كَوْنَ الْمُشْتَرِي وَكِيلًا لِلْبَائِعِ، وَلِبِنَاءِ الْمُشْتَرِي وَغِرَاسِهِ حِينَئِذٍ حُكْمُ بِنَاءِ الْمُسْتَعِيرِ وَغِرَاسِهِ إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يُكَلَّفُ تَسْوِيَةَ الْأَرْضِ إذَا اخْتَارَ الْقَلْعَ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَصَرِّفًا فِي مِلْكِهِ، فَإِنْ حَدَثَ فِي الْأَرْضِ نَقْصٌ أَخَذَهُ الشَّفِيعُ عَلَى صِفَتِهِ، أَوْ يَتْرُكُهُ وَيُبْقِي زَرْعَهُ إلَى أَوَانِ الْحَصَادِ مِنْ غَيْرِ أُجْرَةٍ، وَلِلشَّفِيعِ تَأْخِيرُ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ إلَى أَوَانِ الْحَصَادِ لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهِ قَبْلُ، وَفِي جَوَازِ التَّأْخِيرِ إلَى أَوَانِ جِذَاذِ الثَّمَرَةِ فِيمَا إذَا كَانَ فِي الشِّقْصِ شَجَرٌ عَلَيْهِ ثَمَرَةٌ لَا تُسْتَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ وَجْهَانِ أَرْجَحُهُمَا كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ الْمَنْعُ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الثَّمَرَةَ لَا تَمْنَعُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْمَأْخُوذِ بِخِلَافِ الزَّرْعِ. وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْجَوَازِ عَلَى مَا لَوْ كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ تَنْقُصُ بِهَا مَعَ بَقَائِهِ وَالْمَنْعُ عَلَى خِلَافِهِ. وَلَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي إحْدَاثَ بِنَاءٍ وَادَّعَى الشَّفِيعُ قِدَمَهُ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي كَمَا فِي الشَّامِلِ وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ فِي الْمَطْلَبِ (وَلَوْ) (اخْتَلَفَ الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعُ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ) وَلَا بَيِّنَةَ أَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ وَتَعَارَضَتَا (صُدِّقَ الْمُشْتَرِي) بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِمَا بَاشَرَهُ مِنْ الشَّفِيعِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الشَّفِيعُ وَأُخِذَ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ ـــــــــــــــــــــــــــــSإلَّا أَنْ يُصَوَّرَ هَذَا بِمَا إذَا شَرَعَ فِي الْأَخْذِ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ قَبْلَ الْفَصْلِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ. نَعَمْ لَوْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِذِمَّةِ الشَّفِيعِ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْأَخْذُ حَالًّا وَإِلَّا سَقَطَ حَقُّهُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: بَلْ الْأَخْذُ بِهَا) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ أَخَذْت بِالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ تَصَرُّفُ) أَيْ بِالْبَيْعِ وَالْإِعْتَاقِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَرْجِعَ) أَيْ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: عَنْ تَصَرُّفِهِ) أَيْ وَهُوَ الْهِبَةُ (قَوْلُهُ: لِتَعَدِّي الْمُشْتَرِي) أَيْ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّرِيكِ الْقَدِيمِ، وَقَدْ فَعَلَ بِلَا إذْنٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْقِسْمَةِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الْقِسْمَةِ مَا لَوْ اسْتَأْذَنَ الشَّفِيعَ فَأَذِنَ لِظَنِّهِ أَنَّهُ اتَّهَبَهُ أَوْ اسْتَعَارَ مِنْ الْبَائِعِ نَصِيبَهُ أَوْ اسْتَأْجَرَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَقْلَعْ مَجَّانًا) أَيْ بَلْ يُخَيَّرُ الشَّفِيعُ بَعْدَ الْأَخْذِ بَيْنَ التَّمَلُّكِ بِالْقِيمَةِ وَالْقَلْعِ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ وَالتَّبْقِيَةِ بِالْأُجْرَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَلِبِنَاءِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: حُكْمُ بِنَاءِ الْمُسْتَعِيرِ وَغِرَاسِهِ) أَيْ مِنْ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ (قَوْلُهُ: وَلِلشَّفِيعِ تَأْخِيرُ الْأَخْذِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ يُرِيدُ السَّفَرَ وَتَكُونُ غَيْبَتُهُ عُذْرًا أَوْ يُوَكِّلُ مَنْ يَتَمَلَّكُ لَهُ بَعْدَ الْحَصَادِ (قَوْلُهُ: لَا تُسْتَحَقُّ) أَيْ بِأَنْ حَدَثَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَتَأَبَّرَتْ قَبْلَ الْأَخْذِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: الْمَنْعُ) أَيْ مَنْعُ التَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْجَوَازِ) أَيْ لِلتَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ: تَنْقُصُ بِهَا) أَيْ بِالْأَرْضِ، وَقَوْلُهُ مَعَ بَقَائِهِ: أَيْ الثَّمَرِ. (قَوْلُهُ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي) أَيْ فَلَهُ نَقْضُهُ أَوْ بَيْعُهُ لِلشَّفِيعِ مَثَلًا، وَمَحِلُّهُ أَيْضًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَا لَمْ تَدُلَّ الْقَرِينَةُ عَلَى خِلَافِهِ (قَوْلُهُ: وَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) الْوَجْهُ أَنَّهُ لَا عُدُولَ عَنْ بَحْثِ الزَّرْكَشِيّ، إذْ قَدْ يَسْتَحِيلُ فِي الْعَادَةِ مَا ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي كَمَا لَوْ عُلِمَ أَنَّهُ فِي غَايَةِ الرُّشْدِ وَالْيَقَظَةِ، وَانْتَفَى احْتِمَالُ غَرَضِ مَالِهِ فِي ذَلِكَ الشِّقْصِ بِأَزْيَدَ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ تَصَرُّفُ الْأَصْلِ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ (قَوْلُهُ: عَنْ تَصَرُّفِهِ) أَيْ: هِبَتِهِ الَّتِي تَعَاطَاهَا (قَوْلُهُ: غَالِبًا) يَتَعَيَّنُ حَذْفُهُ مِنْ الْإِشْكَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى مَعَهُ إشْكَالٌ إذْ هُوَ حَاصِلُ الْجَوَابِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) اسْتَوْجَهَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَقَرَّرَهُ فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ تَقْرِيرًا حَسَنًا فَلْيُرَاجَعْ

مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَذَّبَهُ الْحِسُّ كَأَنْ ادَّعَى أَنَّ الثَّمَنَ أَلْفُ دِينَارٍ وَهُوَ يُسَاوِي دِينَارًا لَمْ يُصَدَّقْ فِيهِ نَظَرٌ، مَأْخَذُهُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ فِي شِرَاءِ زُجَاجَةٍ بِأَلْفٍ وَهِيَ تُسَاوِي دِرْهَمًا، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْحِسَّ لَا يُكَذِّبُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْغَبْنَ بِذَلِكَ قَدْ يَقَعُ (وَكَذَا لَوْ) (أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي) فِي زَعْمِ الشَّفِيعِ (الشِّرَاءَ) وَإِنْ كَانَ الشِّقْصُ فِي يَدِهِ (أَوْ) أَنْكَرَ (كَوْنَ الطَّالِبِ شَرِيكًا) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا وَيَحْلِفُ فِي الْأُولَى أَنَّهُ مَا اشْتَرَاهُ، وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِشَرِكَتِهِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الطَّالِبُ بَتًّا وَأَخَذَ (فَإِنْ اعْتَرَفَ الشَّرِيكُ) الْقَدِيمُ (بِالْبَيْعِ فَالْأَصَحُّ ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ) عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ وَإِنْ حَضَرَ الْمُشْتَرِي وَكَذَّبَهُ سَوَاءٌ اعْتَرَفَ الْبَائِعُ بِقَبْضِ الثَّمَنِ أَمْ لَا، إذْ الْغَرَضُ أَنَّ الشِّقْصَ فِي يَدِهِ أَوْ يَدِ الْمُشْتَرِي، وَقَالَ: إنَّهُ وَدِيعَةٌ مِنْهُ أَوْ عَارِيَّةٌ مَثَلًا. وَالثَّانِي لَا تَثْبُتُ لَهُ؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي، فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ الشِّرَاءُ لَمْ يَثْبُتْ مَا تَفَرَّعَ عَلَيْهِ. أَمَّا لَوْ كَانَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَادَّعَى مِلْكَهُ وَأَنْكَرَ الشِّرَاءَ لَمْ يُصَدَّقْ الْبَائِعُ عَلَيْهِ لِأَنَّ إقْرَارَ غَيْرِ ذِي الْيَدِ لَا يَسْرِي عَلَى ذِي الْيَدِ (وَيُسَلِّمُ الثَّمَنَ إلَى الْبَائِعِ إنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِقَبْضِهِ) مِنْ الْمُشْتَرِي لِتَلَقِّي الْمِلْكِ مِنْهُ فَكَأَنَّهُ الْمُشْتَرِي مِنْهُ، فَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ قَبْضِهِ مِنْ الشَّفِيعِ كَانَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ رَجَّحَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ مَالَهُ قَدْ يَكُونُ أَبْعَدُ عَنْ الشُّبْهَةِ، وَإِنْ حَلَفَ الْمُشْتَرِي فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْبَائِعُ وَأَخَذَ مِنْهُ الثَّمَنَ، وَكَانَتْ عُهْدَتُهُ عَلَيْهِ (وَإِنْ اعْتَرَفَ الْبَائِعُ بِقَبْضِهِ فَهَلْ يُتْرَكُ الثَّمَنُ فِي يَدِ الشَّفِيعِ) إنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَذِمَّتِهِ إنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَالِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي التَّعْبِيرُ بِذِمَّةِ الشَّفِيعِ غَيْرُ صَحِيحٍ (أَمْ يَأْخُذُهُ الْقَاضِي وَيَحْفَظُهُ) لِأَنَّهُ مَالٌ ضَائِعٌ (فِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ فِي) أَوَائِلِ (الْإِقْرَارِ نَظِيرُهُ) وَالْأَصَحُّ مِنْهُ الْأَوَّلُ، وَذَكَرَ هُنَا الْمُقَابِلَ دُونَ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَثَلًا لِخِسَّتِهِ وَخِسَّةِ مَحِلِّهِ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِأَلْفِ دِينَارٍ فَإِنَّهُ لَا شُبْهَةَ، وَالْحَالُ مَا ذَكَرَ فِي اسْتِحَالَةِ ذَلِكَ عَادَةً وَتَكْذِيبِ الْحِسِّ لَهُ، وَلَا تُرَدُّ مَسْأَلَةُ الزُّجَاجَةِ لِأَنَّ الْغَبْنَ فِيهَا إنَّمَا أَمْكَنَ مِنْ جِهَةِ اشْتِبَاهِهَا بِالْجَوْهَرَةِ الَّتِي يَرْغَبُ فِيهَا بِمِثْلِ ذَلِكَ الثَّمَنِ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَتَأَتَّى فِيمَا نَحْنُ فِيهِ، وَالْحَالَةُ مَا ذَكَرَ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَالْفَرْقُ لَهُ وَجْهٌ. [فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ كَانَ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ دَارٌ شَرِكَةٌ فَبَاعَ الذِّمِّيُّ مَا يَخُصُّهُ لِذِمِّيٍّ آخَرَ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ كَلْبٍ وَثَبَتَتْ لِلْمُسْلِمِ الشُّفْعَةُ فَمَاذَا يَأْخُذُ بِهِ الْمُسْلِمُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ فِيهِ: يَأْخُذُ بِبَدَلِ مَا ذَكَرَ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ مَالًا عِنْدَنَا بِأَنْ يُقَدِّرَ الْخَمْرَ خَلًّا لَا عَصِيرًا وَالْخِنْزِيرَ بَقَرَةً أَوْ شَاةً أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، وَفِيمَا لَوْ نَكَحَهَا بِخَمْرٍ فِي الْكُفْرِ وَلَمْ تَقْبِضْهُ ثُمَّ أَسْلَمَتْ مِنْ أَنَّهُ يَرْجِعُ لِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَأْخُذَ بِقِيمَةِ الْخَمْرِ عِنْدَهُمْ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَرَى ذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: تَأْخُذُ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ الْأَخْذُ بِالْخَمْرِ لِكَوْنِهِ لَا قِيمَةَ لَهُ عِنْدَ الْمُسْلِمِ رَجَعَ إلَى قِيمَةِ الشِّقْصِ كَمَا لَوْ جَعَلَ الشِّقْصَ صَدَاقًا أَوْ عِوَضَ خُلْعٍ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِيهِ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، فَقِيمَةُ الشِّقْصِ هُنَا بَدَلُ الْخَمْرِ، كَمَا أَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ هُنَاكَ بَدَلُ الْبُضْعِ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ الزَّوْجُ فِي النِّكَاحِ وَجُعِلَ الشِّقْصُ فِي مُقَابَلَتِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَال بِسُقُوطِ الشُّفْعَةِ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ الْأَخْذُ بِالثَّمَنِ، وَكَانَ لَا قِيمَةَ لَهُ أَشْبَهَ الْهِبَةَ أَوْ مَا أُخِذَ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ وَالْأَوَّلُ مِنْ الِاحْتِمَالَاتِ أَقْرَبُهَا. أَقُولُ: أَقْرَبُ الِاحْتِمَالَاتِ آخِرُهَا لِأَنَّ الْمُسْلِمَ يَرَى بُطْلَانَ شِرَاءِ الذِّمِّيِّ بِالْخَمْرِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ لِبَقَاءِ مِلْكِ الذِّمِّيِّ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَذَّبَهُ الْحِسُّ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ تَقَعُ الْقَرَائِنُ بِالتَّكْذِيبِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فِيهِ نَظَرٌ) مُعْتَمَدٌ: أَيْ فَيُصَدَّقُ (قَوْلُهُ: فِي زَعْمِ الشَّفِيعِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: لَمْ يُصَدَّقْ الْبَائِعُ عَلَيْهِ) أَيْ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ (قَوْلُهُ: وَيُسَلِّمُ) أَيْ الشَّفِيعُ (قَوْلُهُ: كَانَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي) أَيْ وَيَبْقَى الثَّمَنُ فِي يَدِ الشَّفِيعِ حَتَّى يُطَالِبَهُ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَفَ الْمُشْتَرِي) الْأَنْسَبُ فَإِنْ حَلَفَ بِالْفَاءِ، وَالتَّعْبِيرُ بِالْوَاوِ فِيمَا بَعْدَهُ أَحْسَنُ

التَّصْحِيحِ عَكْسُ مَا ذَكَرَ ثُمَّ اكْتِفَاءً عَنْ كُلٍّ بِنَظِيرِهِ، وَاغْتُفِرَ لِلشَّفِيعِ التَّصَرُّفُ فِي الشِّقْصِ مَعَ بَقَاءِ الثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ لِعُذْرِهِ بِعَدَمِ مُسْتَحِقٍّ مُعَيَّنٍ لَهُ، وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ مِنْ تَوَقُّفِ تَصَرُّفِهِ عَلَى أَدَاءِ الثَّمَنِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا فَرَّقَ بِهِ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ هُنَاكَ مُعْتَرِفٌ بِالشِّرَاءِ وَهُنَا بِخِلَافِهِ. نَعَمْ لَوْ عَادَ وَصَدَّقَهُ سُلِّمَ إلَيْهِ بِغَيْرِ إقْرَارٍ جَدِيدٍ وَفَارَقَ مَا مَرَّ بِأَنَّ مَا هُنَا مُعَاوَضَةٌ فَقَوِيَ جَانِبُهَا وَيَكْفِي فِي سَبْقِ النَّظِيرِ تَرْكُهُ فِي يَدِ الْمُقِرِّ إتْيَانُ الْمُصَنِّفِ هُنَا بِأَمْ بَدَلَ أَوْ صَحِيحٌ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ خِلَافُ الصَّوَابِ لِأَنَّ أَمْ تَكُونُ بَعْدَ الْهَمْزَةِ وَأَوْ بَعْدَ هَلْ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ أَغْلَبِيٌّ لَا كُلِّيٌّ (وَلَوْ) (اسْتَحَقَّ الشُّفْعَةَ جَمْعٌ) ابْتِدَاءً كَدَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ جَمَاعَةٍ بَاعَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ أَوْ دَوَامًا كَأَنْ وَرِثُوهَا عَنْ وَاحِدٍ وَاخْتَلَفَ قَدْرُ أَمْلَاكِهِمْ (أَخَذُوا بِهَا عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ) مِنْ الْمِلْكِ لِأَنَّهُ حَقٌّ مُسْتَحَقٌّ بِهِ فَقَسَطَ عَلَى قَدْرِهِ كَالْأُجْرَةِ وَكَسْبِ الْقِنِّ (وَفِي قَوْلٍ عَلَى الرُّءُوسِ) لِأَنَّ أَصْلَ الشَّرِكَةِ سَبَبُ الشُّفْعَةِ وَقَدْ تَسَاوَوْا فِيهَا بِدَلِيلِ أَنَّ الْوَاحِدَ يَأْخُذُ الْجَمِيعَ وَإِنْ قَلَّ نَصِيبُهُ، وَانْتَصَرَ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ لِهَذَا، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى الْأَوَّلِ (وَلَوْ) (بَاعَ أَحَدُ شَرِيكَيْنِ نِصْفَ حِصَّتِهِ) مَثَلًا (لِرَجُلٍ) أَيْ شَخْصٍ (ثُمَّ بَاقِيَهَا لِآخَرَ) قَبْلَ أَخْذِ الشَّرِيكِ الْقَدِيمِ مَا بِيعَ أَوَّلًا (فَالشُّفْعَةُ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ لِلشَّرِيكِ الْقَدِيمِ) إذْ لَيْسَ مَعَهُ شَرِيكٌ حَالَ الْبَيْعِ سِوَى الْبَائِعِ وَلَا يَشْفَعُ فِيمَا بَاعَهُ وَقَدْ يَعْفُو عَنْهُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إذَا عَفَا) الشَّرِيكُ الْقَدِيمُ (عَنْ النِّصْفِ الْأَوَّلِ) بَعْدَ الْبَيْعِ الثَّانِي (شَارَكَهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي) لِأَنَّ مِلْكَهُ قَدْ سَبَقَ الْبَيْعَ الثَّانِيَ وَاسْتَقَرَّ بِعَفْوِ الشَّرِيكِ الْقَدِيمِ عَنْهُ فَيَسْتَحِقُّ مُشَارَكَتَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَعْفُ الشَّرِيكُ الْقَدِيمُ عَنْ النِّصْفِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بَلْ أَخَذَهُ مِنْهُ (فَلَا) يُشَارِكُ الْأَوَّلُ الْقَدِيمَ لِزَوَالِ مِلْكِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُشَارِكُهُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ شَرِيكُهُ حَالَةَ الشِّرَاءِ، وَخَرَجَ بِثُمَّ مَا لَوْ وَقَعَ الْبَيْعَانِ مَعًا فَالشُّفْعَةُ فِيهِمَا مَعًا لِلْأَوَّلِ وَحْدَهُ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ مِنْ كَوْنِ الْعَفْوِ بَعْدَ الْبَيْعِ الثَّانِي أَنَّهُ لَوْ عَفَا قَبْلَهُ اشْتَرَكَا فِيهِ جَزْمًا أَوْ أَخَذَ قَبْلَهُ انْتَفَتْ جَزْمًا (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَوْ عَفَا أَحَدُ شَفِيعَيْنِ سَقَطَ حَقُّهُ) مِنْهَا كَسَائِرِ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ (وَتَخَيَّرَ الْآخَرُ بَيْنَ أَخْذِ الْجَمِيعِ وَتَرْكِهِ) كَالْمُنْفَرِدِ (وَلَيْسَ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى حِصَّتِهِ) لِئَلَّا تَتَبَعَّضَ الصَّفْقَةُ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSالْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إقْرَارٍ جَدِيدٍ (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي فِي سَبْقِ النَّظِيرِ) أَيْ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ سَبَقَ فِي الْإِقْرَارِ نَظِيرُهُ. [فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ اخْتَلَفَ الشَّفِيعُ وَالْمُشْتَرِي فِي الْعَفْوِ عَنْ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ هَلْ يُصَدَّقُ الشَّفِيعُ أَوْ الْمُشْتَرِي؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ تَصْدِيقُ الشَّفِيعِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَقِّهِ وَعَدَمُ الْعَفْوِ (قَوْلُهُ وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى الْأَوَّلِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَيْ شَخْصٍ) أَوَّلَ بِهِ لِيَشْمَلَ الْأُنْثَى (قَوْلُهُ: وَتَخَيَّرَ الْآخَرُ) لَوْ كَانَ عَفْوُهُ بَعْدَ أَخْذِ الْآخَرِ حِصَّتَهُ فَهَلْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فَيُقَالُ لِلْآخَرِ إنْ لَمْ تَأْخُذْ الْبَاقِيَ وَهُوَ حِصَّةُ الْعَافِي وَإِلَّا بَطَلَ تَمَلُّكٌ لِحِصَّتِك أَوَّلًا؟ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ، وَقَدْ يَشْمَلُ قَوْلَ الْمَتْنِ وَلَيْسَ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى حِصَّتِهِ مَا لَوْ كَانَ الْعَفْوُ بَعْدَ أَخْذِ حِصَّتِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: كَالْمُنْفَرِدِ) أَيْ فِي أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ الْبَعْضَ وَيَتْرُكُ الْبَعْضَ، بَلْ إمَّا يَأْخُذُ الْجَمِيعَ أَوْ يَتْرُكُهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَدْ يَأْخُذُ بَعْضَ الْمَبِيعِ، كَمَا لَوْ بَاعَ مَالِكٌ دَارًا جَمِيعَهَا وَلَهُ فِيهَا مَمَرٌّ فَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ فِي الْمَمَرِّ أَخْذُهُ لِئَلَّا يُعَطِّلَ مَنْفَعَةَ الدَّارِ إلَّا إذَا اتَّسَعَ حِصَّةُ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ جِدًّا بِحَيْثُ يُمْكِنُ جَعْلُهَا مَمَرَّيْنِ فَلِلشَّرِيكِ أَخْذُ مَا زَادَ عَلَى مَا يَكْفِي مُشْتَرِيَ الدَّارِ لِلْمُرُورِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى حِصَّتِهِ) أَيْ وَإِنْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي عَلَى قِيَاسِ مَا يَأْتِي عَنْ السُّبْكِيّ وَإِنْ اقْتَضَى التَّعْلِيلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِغَيْرِ إقْرَارٍ جَدِيدٍ) أَيْ: مِنْ الْبَائِعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي فِي سَبْقِ النَّظِيرِ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَ هَذَا عَقِبَ قَوْلِهِ اكْتِفَاءً عَنْ كُلٍّ بِنَظِيرِهِ (قَوْلُهُ: ابْتِدَاءً) هُنَا وَدَوَامًا فِيمَا يَأْتِي اُنْظُرْ مَا مَعْنَاهُمَا، وَلَعَلَّهُ لَا مَعْنَى لَهُمَا هُنَا فَإِنَّهُ بِبَيْعِ هَذَا الْأَحَدِ اسْتَحَقُّوهَا ابْتِدَاءً سَوَاءٌ مَلَكُوا بِالشِّرَاءِ أَوْ بِالْإِرْثِ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ جَمْعٌ نَصُّهَا: كَدَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ جَمْعٍ بِنَحْوِ شِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ بَاعَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَعْفُو عَنْهُ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِهِ هُنَا؟ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى حِصَّتِهِ) أَيْ: وَإِنْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي كَمَا يَأْتِي

الْمُشْتَرِي وَالثَّانِي يُسْقِطُ حَقَّ الْعَافِي وَغَيْرِهِ كَالْقِصَاصِ. وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْقِصَاصَ يَسْتَحِيلُ تَبْعِيضُهُ وَيُنْقَلُ إلَى بَدَلِهِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْوَاحِدَ إذَا أَسْقَطَ بَعْضَ حَقِّهِ سَقَطَ) حَقُّهُ (كُلُّهُ) كَالْقَوْدِ، وَالثَّانِي لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْهُ كَعَفْوِهِ عَنْ بَعْضِ حَدِّ الْقَذْفِ (وَلَوْ) (حَضَرَ أَحَدُ شَفِيعَيْنِ) وَغَابَ الْآخَرُ (فَلَهُ) أَيْ الْحَاضِرِ (أَخْذُ الْجَمِيعِ فِي الْحَالِ) لَا الِاقْتِصَارُ عَلَى حِصَّتِهِ لِئَلَّا تَتَبَعَّضَ الصَّفْقَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي لَوْ لَمْ يَأْخُذْ الْغَائِبُ، إذْ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَزَالَ مِلْكَهُ بِوَقْفٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ لَا رَغْبَةَ لَهُ فِي الْأَخْذِ، فَلَوْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِأَنْ يَأْخُذَ الْحَاضِرُ حِصَّتَهُ فَقَطْ فَالْمُتَّجَهُ كَمَا اعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ كَابْنِ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ كَمَا لَوْ أَرَادَ الشَّفِيعُ الْوَاحِدُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَ حَقِّهِ وَالْأَصَحُّ مَنْعُهُ، وَإِذَا أَخَذَ الْحَاضِرُ الْكُلَّ اسْتَمَرَّ الْمِلْكُ لَهُ مَا لَمْ يَحْضُرْ الْغَائِبُ وَيَأْخُذْ (فَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ شَارَكَهُ) لِثُبُوتِ حَقِّهِ، وَمَا اسْتَوْفَاهُ الْحَاضِرُ مِنْ الْفَوَائِدِ قَبْلَ تَمَلُّكِ الْغَائِبِ مِنْ نَحْوِ ثَمَرَةٍ وَأُجْرَةٍ لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ كَمَا أَنَّ الشَّفِيعَ لَا يُشَارِكُ الْمُشْتَرِيَ فِيهِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ تَأْخِيرَ الْأَخْذِ إلَى قُدُومِ الْغَائِبِ) وَإِنْ كَانَ الْأَخْذُ بِهَا عَلَى الْفَوْرِ لِظُهُورِ عُذْرِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي تَرْكِ أَخْذِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِعْلَامُ بِالطَّلَبِ كَمَا مَرَّ وَالثَّانِي لَا لِتُمَكِّنَّهُ مِنْ الْأَخْذِ، وَلَوْ اسْتَحَقَّهَا ثَلَاثَةٌ كَدَارٍ بَيْنَ أَرْبَعَةٍ بِالسَّوِيَّةِ بَاعَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ وَاسْتَحَقَّهَا الْبَاقُونَ فَحَضَرَ أَحَدُهُمْ أَخَذَ الْكُلَّ أَوْ تَرَكَ أَوْ أَخَّرَ لِحُضُورِهِمَا كَمَا مَرَّ، فَإِنْ أَخَذَ الْكُلَّ وَحَضَرَ الثَّانِي نَاصَفَهُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا شَفِيعَانِ، وَإِذَا حَضَرَ الثَّالِثُ أَخَذَ مِنْ كُلٍّ ثُلُثَ مَا بِيَدِهِ لِأَنَّهُ قَدْرُ حِصَّتِهِ، وَلَوْ أَرَادَ أَخْذَ ثُلُثِ مَا فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ جَازَ كَمَا يَجُوزُ لِلشَّفِيعِ أَخْذُ نَصِيبِ أَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ. وَاعْلَمْ أَنَّ لِلثَّانِي أَخْذَ الثُّلُثِ مِنْ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَا يَفُوتُ الْحَقُّ عَلَيْهِ إذْ الْحَقُّ ثَبَتَ لَهُمْ أَثْلَاثًا، وَإِنْ حَضَرَ الثَّالِثُ وَأَخَذَ نِصْفَ مَا بِيَدِ الْأَوَّلِ أَوْ ثُلُثَ مَا بِيَدِ كُلٍّ مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَكَانَ الثَّانِي فِي الثَّانِيَةِ قَدْ أَخَذَ مِنْ الْأَوَّلِ النِّصْفَ اسْتَوَوْا فِي الْمَأْخُوذِ، أَوْ أَخَذَ الثَّالِثُ ثُلُثَ الثُّلُثِ الَّذِي فِي يَدِ الثَّانِي فَلَهُ ضَمُّهُ لِمَا فِي يَدِ الْأَوَّلِ وَاقْتَسَمَاهُ بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمَا فَتَصِحُّ قِسْمَةُ الشِّقْصِ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ ثُلُثَ الثُّلُثِ وَهُوَ وَاحِدٌ مِنْ تِسْعَةٍ يَضُمُّهُ إلَى سِتَّةٍ مِنْهَا فَلَا تَصِحُّ عَلَى اثْنَيْنِ فَتُضْرَبُ اثْنَيْنِ فِي تِسْعَةٍ فَلِلثَّانِي مِنْهُمَا اثْنَانِ فِي الْمَضْرُوبِ فِيهَا بِأَرْبَعَةٍ تَبْقَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا سَبْعَةٌ، وَإِذَا كَانَ رُبْعُ الدَّارِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــSلِلْمَذْكُورِ خِلَافَهُ، وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ تَعْلِيلٌ قَاصِرٌ أَوْ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَيُنْقَلُ إلَى بَدَلِهِ) وَهُوَ الدِّيَةُ (قَوْلُهُ: كَعَفْوِهِ عَنْ بَعْضِ حَدِّ الْقَذْفِ) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لِحَدِّ الْقَذْفِ إذَا عَفَا عَنْ بَعْضِهِ لَا يَسْقُطُ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَالْقِصَاصِ حَيْثُ سَقَطَ كُلُّهُ بِإِسْقَاطِ بَعْضِهِ أَنَّ فِيهِ حَقْنَ الدِّمَاءِ، وَأَيْضًا لَهُ بَدَلٌ وَهُوَ الدِّيَةُ (قَوْلُهُ: لَا الِاقْتِصَارُ عَلَى حِصَّتِهِ) فَإِنْ قَالَ: لَا آخُذُ إلَّا قَدْرَ حِصَّتِي بَطَلَ حَقُّهُ مُطْلَقًا لِتَقْصِيرِهِ اهـ حَجّ. وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ بِذَلِكَ سِيَّمَا إنْ كَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ كَمَا لَوْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مَنْ رَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ بِعِوَضٍ (قَوْلُهُ: اسْتَمَرَّ الْمِلْكُ) أَيْ فَيَفُوزُ بِالزَّوَائِدِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِعْلَامُ بِالطَّلَبِ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ اشْتَرَى بِمُؤَجَّلٍ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُعَجِّلَ الثَّمَنَ إلَخْ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْصِدْ الْأَخْذَ بِأَنْ اسْتَمَرَّ عَلَى السُّكُوتِ سَقَطَ حَقُّهُ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِأَنَّهُ ثَبَتَ لَهُ ذَلِكَ بِتَخْيِيرِهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الصَّارِفِ (قَوْلُهُ: نَاصَفَهُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ) أَيْ إنْ شَاءَ أَوْ أَخَذَ الثُّلُثَ بِثُلُثِ الثَّمَنِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ لِلثَّانِي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ نِصْفَ مَا بِيَدِ الْأَوَّلِ) وَهُوَ الْأَرْبَعَةُ بَعْدَ أَخْذِ الثَّانِي ثُلُثَ مَا بِيَدِ الْأَوَّلِ وَهُوَ اثْنَانِ مِنْ سِتَّةِ قَرَارِيطَ الَّتِي هِيَ الْمَبِيعَةُ (قَوْلُهُ: قَدْ أَخَذَ مِنْ الْأَوَّلِ النِّصْفَ) أَيْ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ مِنْ سِتَّةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ أَخَذَ الثَّالِثُ ثُلُثَ الثُّلُثِ) وَقَدْرُهُ سِتَّةٌ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: الَّذِي فِي يَدِ الثَّانِي) وَهُوَ قِيرَاطَانِ وَثُلُثُهُمَا ثُلُثَا قِيرَاطٍ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ) أَيْ الثَّالِثَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ وَاحِدٌ مِنْ تِسْعَةٍ) أَيْ لِأَنَّ أَقَلَّ عَدَدٍ لَهُ ثُلُثٌ وَثُلُثُ ثُلُثٍ تِسْعَةٌ (قَوْلُهُ: بِضَمِّهِ إلَى سِتَّةٍ) أَيْ وَهِيَ الْبَاقِيَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَجُمْلَتُهَا اثْنَانِ وَسَبْعُونَ، وَإِنَّمَا كَانَ لِلثَّالِثِ أَخْذُ ثُلُثِ الثُّلُثِ مِنْ الثَّانِي لِأَنَّهُ يَقُولُ مَا مِنْ جُزْءٍ إلَّا وَلِي مِنْهُ ثُلُثُهُ، وَلَوْ اسْتَحَقَّ الشُّفْعَةَ حَاضِرٌ وَغَائِبٌ فَعَفَا الْحَاضِرُ ثُمَّ مَاتَ الْغَائِبُ فَوَرِثَهُ الْحَاضِرُ أَخَذَ الْكُلَّ بِهَا، وَإِنْ عَفَا أَوَّلًا لِأَنَّهُ الْآنَ يَأْخُذُ بِحَقِّ الْإِرْثِ (وَلَا اشْتَرَيَا شِقْصًا فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ نَصِيبِهِمَا) وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَنَصِيبِ أَحَدِهِمَا) لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ عَلَيْهِ مِلْكَهُ (وَلَوْ اشْتَرَى وَاحِدٌ مِنْ اثْنَيْنِ) أَوْ وَكِيلُهُمَا الْمُتَّحِدُ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْعِبْرَةَ هُنَا فِي التَّعَدُّدِ، وَعَدَمُهُ بِالْمَعْقُودِ لَهُ لَا الْعَاقِدِ (فَلَهُ أَخْذُ حِصَّةِ أَحَدِ الْبَائِعِينَ فِي الْأَصَحِّ) لِتَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِينَ وَلِوُجُودِ التَّفْرِيقِ هُنَا جَرَى الْخِلَافُ دُونَ مَا قَبْلَهُ، وَبِهَذَا فَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ مِنْ عَكْسِ ذَلِكَ هُوَ تَعَدُّدُهُمَا بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ قَطْعًا وَالْمُشْتَرِي عَلَى الْأَصَحِّ وَيَتَعَدَّدُ هُنَا بِتَعَدُّدِ الْمَحِلِّ أَيْضًا، فَلَوْ بَاعَ شِقْصَيْنِ مِنْ دَارَيْنِ صَفْقَةً وَشَفِيعُهُمَا وَاحِدٌ فَلَهُ أَخْذُ أَحَدِهِمَا فَقَطْ، وَالثَّانِي لَا لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مَلَكَ الْجَمِيعَ فَلَا يُفَرَّقُ مِلْكُهُ عَلَيْهِ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ) (الشُّفْعَةَ) أَيْ طَلَبَهَا وَإِنْ تَأَخَّرَ التَّمَلُّكُ (عَلَى الْفَوْرِ) لِخَبَرٍ ضَعِيفٍ فِيهِ وَلِأَنَّهُ خِيَارٌ ثَبَتَ بِنَفْسِهِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَكَانَ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَقَدْ لَا يَجِبُ فِي صُوَرٍ عُلِمَ أَكْثَرُهَا مِنْ كَلَامِهِ كَالْمَبِيعِ بِمُؤَجَّلٍ، أَوْ وَأَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ غَائِبٌ، وَكَأَنْ أَخْبَرَ بِنَحْوِ زِيَادَةٍ فَتَرَكَ ثُمَّ بَانَ خِلَافُهُ، وَكَالتَّأْخِيرِ لِانْتِظَارِ إدْرَاكِ زَرْعٍ وَحَصَادِهِ، أَوْ لِيَعْلَمَ قَدْرَ الثَّمَنِ أَوْ لِيُخَلِّصَ نَصِيبَهُ الْمَغْصُوبَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَحِلَّهُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى نَزْعِهِ إلَّا بِمَشَقَّةٍ أَوْ لِجَهْلِهِ بِأَنَّ لَهُ الشُّفْعَةَ أَوْ بِأَنَّهَا عَلَى الْفَوْرِ وَهُوَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَكَمُدَّةِ خِيَارِ شَرْطِ الْغَيْرِ وَكَتَأْخِيرِ الْوَلِيِّ أَوْ عَفْوِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ التِّسْعَةِ فِي يَدِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: فَجُمْلَتُهُمَا اثْنَانِ وَسَبْعُونَ) أَيْ حَاصِلَةٌ مِنْ ضَرْبِ أَرْبَعَةٍ فِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ (قَوْلُهُ: فَوَرِثَهُ الْحَاضِرُ) أَيْ وَكَانَ جَائِزًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْآنَ يَأْخُذُ بِحَقِّ الْإِرْثِ) أَيْ لِلشُّفْعَةِ الَّتِي ثَبَتَتْ لِلْغَائِبِ (قَوْلُهُ: أَوْ وَكِيلُهُمَا الْمُتَّحِدُ لِمَا مَرَّ) . [قَاعِدَةٌ] الْعِبْرَةُ فِي اتِّحَادِ الْعَقْدِ وَتَعَدُّدِهِ بِالْوَكِيلِ إلَّا فِي الشُّفْعَةِ وَالرَّهْنِ فَالْعِبْرَةُ فِيهِمَا بِالْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ: لِخَبَرٍ ضَعِيفٍ فِيهِ) لَكِنَّهُ تَقَوَّى بِوُرُودِهِ مِنْ طُرُقٍ فَصَارَ حَسَنًا لِغَيْرِهِ اهـ حَجّ بِالْمَعْنَى. وَعِبَارَةُ عَمِيرَةَ: قَوْلُهُ عَلَى الْفَوْرِ: أَيْ لِحَدِيثِ «الشُّفْعَةُ كَحَلِّ الْعِقَالِ» أَيْ تَفُوتُ بِتَرْكِ الْمُبَادَرَةِ كَمَا يَفُوتُ الْبَعِيرُ الشُّرُودُ عِنْدَ حَلِّ الْعِقَالِ إذَا لَمْ يُبَادَرْ إلَيْهِ اهـ (قَوْلُهُ: لِانْتِظَارِ إدْرَاكِ زَرْعٍ) أَيْ كُلِّهِ فَلَوْ أَدْرَكَ بَعْضَهُ دُونَ بَعْضٍ لَا يُكَلَّفُ أَخْذَ مَا أَدْرَكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِ: قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَفِي جَوَازِ التَّأْخِيرِ إلَى جِذَاذِ الثَّمَرَةِ: أَيْ فِيمَا لَوْ كَانَ فِي الشِّقْصِ شَجَرٌ عَلَيْهِ ثَمَرَةٌ لَا تُسْتَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ وَجْهَانِ اهـ. وَالْأَرْجَحُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ الْمَنْعُ، وَالْفَرْقُ إمْكَانُ الِانْتِفَاعِ مَعَ بَقَاءِ الثَّمَرَةِ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الشَّارِحِ السَّابِقِ: وَفِي جَوَازِ التَّأْخِيرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ لَيُخَلِّصَ نَصِيبَهُ الْمَغْصُوبَ) مَا الْحِكْمَةُ فِي انْتِظَارِ تَخْلِيصِ نَصِيبِهِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَخْذِ الْحِصَّةِ الْمَبِيعَةِ بِالشُّفْعَةِ وَتَصَرُّفِهِ فِيهَا، وَإِنْ دَامَ الْغَصْبُ فِي نَصِيبِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَحِلَّهُ) أَيْ كَوْنَ الْغَصْبِ عُذْرًا (قَوْلُهُ: وَكَتَأْخِيرِ الْوَلِيِّ أَوْ عَفْوِهِ) أَيْ وَالْمَصْلَحَةُ فِي الْأَخْذِ، فَلِلْوَلِيِّ الْأَخْذُ بَعْدَ تَأْخِيرِهِ وَلِلْمَوْلَى الْأَخْذُ إذَا كَمُلَ قَبْلَ أَخْذِ الْوَلِيِّ، وَلَا يَمْنَعُ تَأْخِيرَ الْوَلِيِّ، وَإِنْ لَمْ يُعْذَرْ فِي التَّأْخِيرِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِغَيْرِهِ فَلَا يَسْقُطُ بِتَأْخِيرِهِ وَتَقْصِيرِهِ، أَمَّا إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي التَّرْكِ فَيَمْتَنِعُ أَخْذُ الْوَلِيِّ وَلَوْ فَوْرًا فَضْلًا عَنْ السُّقُوطِ بِالتَّأْخِيرِ وَيُعْتَدُّ بِعَفْوِهِ، بَلْ لَا اعْتِبَارَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنْ تَأَخَّرَ التَّمَلُّكُ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالتَّمَلُّكِ، بَلْ يَكْفِي أَنْ يُبَادِرَ بِالطَّلَبِ ثُمَّ يَتَمَلَّكَ عَقِبَهُ، وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ فَوْرِيَّةِ التَّمَلُّكِ وَالشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ أَخَّرَ هَذِهِ الْغَايَةَ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْفَوْرِ وَمَا صَنَعَهُ أَقْعَدُ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: لِخَبَرٍ ضَعِيفٍ فِيهِ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ: وَكَأَنَّهُ اُعْتُضِدَ عِنْدَهُمْ بِمَا صَيَّرَهُ حَسَنًا لِغَيْرِهِ اهـ. فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَ هَذَا وَإِلَّا فَالضَّعِيفُ لَا يُحْتَجُّ بِهِ فِي مِثْلِ هَذَا

فَإِنَّهُ لَا يُسْقِطُ حَقَّ الْمَوْلَى، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ أَقْوَالٌ: أَحَدُهَا يَمْتَدُّ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. وَثَانِيهَا يَمْتَدُّ مُدَّةً تَسَعُ التَّأَمُّلَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الشِّقْصِ. وَثَالِثُهَا أَنَّهَا عَلَى التَّأْبِيدِ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِإِسْقَاطِهَا أَوْ يُعَرِّضْ بِهِ كَبِعْهُ لِمَنْ شِئْت (فَإِذَا عَلِمَ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ فَلْيُبَادِرْ) عَقِبَ عِلْمِهِ مِنْ غَيْرِ فَاصِلٍ (عَلَى الْعَادَةِ) وَلَا يُكَلَّفُ الْبِدَارَ عَلَى خِلَافِهَا بِعَدُوٍّ وَنَحْوِهِ بَلْ يَرْجِعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ، فَمَا عَدَّهُ تَوَانِيًا وَتَقْصِيرًا كَانَ مُسْقِطًا وَمَا لَا فَلَا، وَضَابِطُ مَا هُنَا مَا مَرَّ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَذَكَرَ كَغَيْرِهِ بَعْضَ ذَلِكَ ثُمَّ وَبَعْضُهُ هُنَا إشَارَةٌ إلَى اتِّحَادِ الْبَابَيْنِ: أَيْ غَالِبًا لِمَا يَأْتِي، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ كَانَ عَلَى شُفْعَتِهِ وَإِنْ مَضَى سُنُونَ: نَعَمْ يَأْتِي فِي خِيَارِ أَمَةٍ عَتَقَتْ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ دَعْوَاهَا الْجَهْلَ بِهِ إذَا كَذَّبَتْهَا الْعَادَةُ بِأَنْ كَانَتْ مَعَهُ فِي دَارِهِ وَشَاعَ عِتْقُهَا فَالْأَوْجَهُ أَنْ يُقَالَ بِمِثْلِهِ هُنَا (فَإِنْ كَانَ مَرِيضًا) أَوْ مَحْبُوسًا وَلَوْ بِحَقٍّ وَعَجَزَ عَنْ الطَّلَبِ بِنَفْسِهِ (أَوْ غَائِبًا عَنْ بَلَدِ الْمُشْتَرِي) بِحَيْثُ تُعَدُّ غَيْبَتُهُ حَائِلَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُبَاشَرَةِ الطَّلَبِ كَمَا جَزَمَ بِهِ السُّبْكِيُّ تَبَعًا لِابْنِ الصَّلَاحِ (أَوْ خَائِفًا مِنْ عَدُوٍّ) أَوْ إفْرَاطِ بَرْدٍ أَوْ حَرٍّ (فَلْيُوَكِّلْ) فِي الطَّلَبِ (إنْ قَدَرَ) عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ (وَإِلَّا) بِأَنْ عَجَزَ عَنْ التَّوْكِيلِ (فَلْيُشْهِدْ) رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ وَاحِدًا لِيَحْلِفَ مَعَهُ قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ الْأَقْرَبُ، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ كَجٍّ فِي التَّجْرِيدِ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ (عَلَى الطَّلَبِ) وَلَوْ قَالَ: أَشْهَدْت فُلَانًا وَفُلَانًا فَأَنْكَرَا لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ (فَإِنْ تَرَكَ الْمَقْدُورَ عَلَيْهِ مِنْهُمَا) أَيْ التَّوْكِيلِ وَالْإِشْهَادِ الْمَذْكُورَيْنِ (بَطَلَ حَقُّهُ فِي الْأَظْهَرِ) لِتَقْصِيرِهِ الْمُشْعِرِ بِالرِّضَا، وَالثَّانِي لَا إحَالَةَ لِلتَّرْكِ عَلَى السَّبَبِ الظَّاهِرِ لَا سِيَّمَا أَنَّ التَّوْكِيلَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ بَدَلِ مُؤْنَةٍ أَوْ تَحَمُّلٍ مِنْهُ، نَعَمْ الْغَائِبُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ التَّوْكِيلِ وَالرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ كَمَا أَخَذَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ كَلَام الْبَغَوِيّ قَالَ: وَكَذَا إذَا حَضَرَ الشَّفِيعُ وَغَابَ الْمُشْتَرِي، وَيَجُوزُ لِلْقَادِرِ التَّوْكِيلُ أَيْضًا فَغَرَضُهُمْ ذَلِكَ عِنْدَ الْعَجْزِ إنَّمَا هُوَ لِتَعَيُّنِهِ حِينَئِذٍ طَرِيقًا لَا لِامْتِنَاعِهِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى الطَّلَبِ بِنَفْسِهِ، وَلَوْ سَارَ عَقِبَ الْعِلْمِ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكَّلَ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ عَلَى الطَّلَبِ حِينَئِذٍ، بِخِلَافِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِعَفْوِهِ وَعَدَمِهِ لِامْتِنَاعِ الْأَخْذِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا لِكَوْنِهِ خِلَافَ الْمَصْلَحَةِ، وَلَوْ تَرَكَ الْوَلِيُّ الْأَخْذَ أَوْ عَفَا وَالْحَالَةُ مَا ذَكَرَ: أَيْ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِي التَّرْكِ امْتَنَعَ عَلَى الْمُوَلِّي الْأَخْذُ بَعْدَ كَمَالِهِ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ وَقَوْلُ سم امْتَنَعَ: أَيْ فَيَحْرُمُ تَمَلُّكُهُ لِفَسَادِهِ وَلَا يَنْفُذُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ حَقُّ الْمُوَلِّي) قَالَ الْأُسْتَاذُ الْبَكْرِيُّ فِي كَنْزِهِ: وَيَتَّجِهُ مِثْلُهُ فِي الشُّفْعَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمَسْجِدِ وَبَيْتِ الْمَالِ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ فَلَوْ تَرَكَ مُتَوَلِّي الْمَسْجِدِ أَوْ بَيْتِ الْمَالِ الْأَخْذَ أَوْ عَفَا عَنْهُ لَمْ يَكُنْ مُسْقِطًا لِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ، فَلَهُ الْأَخْذُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ سَبَقَ الْعَفْوُ مِنْهُ إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ، وَلَوْ لَمْ يَأْخُذْ ثُمَّ عُزِلَ وَتَوَلَّى غَيْرُهُ كَانَ لِلْغَيْرِ الْأَخْذُ، وَلَوْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي التَّرْكِ فَعَفَا امْتَنَعَ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ الْأَخْذُ بَعْدَ ذَلِكَ لِإِسْقَاطِهَا بِانْتِفَاءِ الْمَصْلَحَةِ وَقْتَ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: أَحَدُهَا يَمْتَدُّ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) أَيْ وَأَصْلُ الثَّلَاثَةِ قَوْله تَعَالَى {تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ} [هود: 65] اهـ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: فَمَا عَدَّهُ) أَيْ الْعُرْفُ (قَوْلُهُ: أَوْ إفْرَاطِ بَرْدٍ) وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الشُّفَعَاءِ فَقَدْ يَكُونُ عُذْرًا فِي حَقِّ نَحِيفِ الْبَدَنِ مَثَلًا دُونَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَلْيُشْهِدْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَلَا يُغْنِيهِ الْإِشْهَادُ عَنْ الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي اهـ ثُمَّ قَالَا: فَإِنْ غَابَ الْمُشْتَرِي رَفَعَ الشَّفِيعُ أَمْرَهُ إلَى الْقَاضِي وَإِلَّا أَخَذَ مَعَ حُضُورِهِ كَنَظِيرِهِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَالضَّمِيرُ فِي حُضُورِهِ رَاجِعٌ إلَى الْقَاضِي (قَوْلُهُ: لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ) أَيْ لِاحْتِمَالِ نِسْيَانِ الشُّهُودِ (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: فَمَا عَدَّهُ الْعُرْفُ تَوَانِيًا إلَخْ) هَذَا هُوَ الضَّابِطُ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ تُعَدُّ غَيْبَتُهُ حَائِلَةً) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِحَيْلُولَةِ الْغَيْبَةِ؟ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ حَيْلُولَةَ الْغَيْبَةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ غَيْبَةٌ فَكُلُّ غَيْبَةٍ كَذَلِكَ وَإِنْ قَصُرَتْ، إذْ لَا يَتَأَتَّى مَعَهَا طَلَبٌ فِي الْحَالِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ حَيْلُولَتَهَا بِاعْتِبَارِ مَانِعٍ قَارَنَهَا فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْغَيْبَةِ بِذَلِكَ إذْ الْحَاضِرُ كَذَلِكَ إذَا مَنَعَهُ مَانِعٌ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ الْغَائِبُ مُخَيَّرٌ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا مَوْقِعُ هَذَا الِاسْتِدْرَاكِ

فِي نَظِيرِهِ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ لِأَنَّ الْإِشْهَادَ تَمَّ عَلَى الْمَقْصُودِ وَهُوَ الْفَسْخُ وَهُنَا عَلَى الطَّلَبِ وَهُوَ وَسِيلَةٌ يُغْتَفَرُ فِيهَا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَقْصُودِ وَإِذَا كَانَ الْفَوْرُ بِالْعَادَةِ (فَلَوْ كَانَ فِي صَلَاةٍ أَوْ حَمَّامٍ أَوْ طَعَامٍ) أَوْ قَضَاءِ حَاجَةٍ (فَلَهُ الْإِتْمَامُ) عَلَى الْعَادَةِ وَلَا يُكَلَّفُ الِاقْتِصَارَ عَلَى أَقَلَّ مُجْزِئٍ، وَلَوْ دَخَلَ وَقْتُ هَذِهِ الْأُمُورِ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِيهَا فَلَهُ الشُّرُوعُ، وَلَوْ نَوَى نَفْلًا مُطْلَقًا فِي اقْتِصَارِهِ عَلَى رَكْعَةٍ أَوْ رَكْعَتَيْنِ، وَزِيَادَتُهُ عَلَيْهِمَا مَا مَرَّ فِي الْمُتَيَمِّمِ إذَا رَأَى مَاءً فِي صَلَاتِهِ عَلَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ. وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ لَهُ الزِّيَادَةُ مُطْلَقًا مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى الْعَادَةِ فِي ذَلِكَ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْأَعْذَارَ هُنَا أَوْسَعُ مِنْهَا ثُمَّ كَمَا يُعْلَمُ بِتَأَمُّلِ الْبَابَيْنِ، وَلَهُ التَّأْخِيرُ لَيْلًا حَتَّى يُصْبِحَ مَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الذَّهَابِ إلَيْهِ لَيْلًا مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ، وَلَوْ أَخَّرَ ثُمَّ اعْتَذَرَ بِمَرَضٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ غَيْبَةٍ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ عَلِمَ بِهِ الْعَارِضَ الَّذِي يَدَّعِيهِ صُدِّقَ الشَّفِيعُ وَإِلَّا فَالْمُشْتَرِي، وَلَوْ لَقِيَ الشَّفِيعُ الْمُشْتَرِيَ فِي غَيْرِ بَلَدِ الشِّقْصِ فَأَخَّرَ الْأَخْذَ إلَى الْعَوْدِ إلَى بَلَدِ الشِّقْصِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ لِاسْتِغْنَاءِ الْآخِذِ عَنْ الْحُضُورِ عِنْدَ الشِّقْصِ (وَلَوْ أَخَّرَ الطَّلَبَ) لَهَا (وَقَالَ لَمْ أُصَدِّقْ الْمُخْبِرَ) بِبَيْعِ الشَّرِيكِ الشِّقْصَ (لَمْ يُعْذَرْ) جَزْمًا (إنْ أَخْبَرَهُ عَدْلَانِ) أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ بِصِفَةِ الْعَدَالَةِ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَعْتَمِدَ ذَلِكَ. نَعَمْ لَوْ ادَّعَى جَهْلَهُ بِعَدَالَتِهِمَا صُدِّقَ فِيمَا يَظْهَرُ حَيْثُ أَمْكَنَ خَفَاءُ ذَلِكَ عَلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَلَوْ كَانَا عَدْلَيْنِ عِنْدَهُ دُونَ الْحَاكِمِ عُذِرَ عَلَى مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَإِنْ نَظَرَ غَيْرُهُ فِيهِ، وَلَوْ أَخْبَرَهُ مَسْتُورَانِ عُذِرَ قَالَهُ ابْنُ الْمُلَقِّنِ بَحْثًا، وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ كَلَامِ السُّبْكِيّ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقَعْ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهُمَا وَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِيمَا بَعْدَهُ، وَلَا يُنَافِي الْأَوَّلَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَمْ يُعْذَرْ إنْ أَخْبَرَهُ عَدْلَانِ إذْ مَا هُنَا فِيمَا إذَا قَالَ: إنَّهُمَا غَيْرُ عَدْلَيْنِ عِنْدَ الْحَاكِمِ (وَكَذَا ثِقَةٌ فِي الْأَصَحِّ) وَلَوْ أَمَةً لِأَنَّهُ إخْبَارٌ وَخَبَرُ الثِّقَةِ مَقْبُولٌ. وَالثَّانِي يُعْذَرُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَثْبُتُ بِوَاحِدٍ وَلَوْ عَدْلًا إلَّا مُنْضَمًّا إلَى الْيَمِينِ (وَيُعْذَرُ إنْ أَخْبَرَهُ مَنْ لَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ) كَصَبِيٍّ وَفَاسِقٍ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ، وَمَحِلُّهُ مَا لَمْ يَبْلُغْ عَدَدَ التَّوَاتُرِ وَإِلَّا بَطَلَ حَقُّهُ وَلَوْ صِبْيَانًا وَكُفَّارًا وَفَسَقَةً لِحُصُولِ الْعِلْمِ بِهِمْ حِينَئِذٍ هَذَا كُلُّهُ فِي الظَّاهِرِ، أَمَّا بَاطِنًا فَالْعِبْرَةُ بِمَنْ يَقَعُ فِي نَفْسِهِ صِدْقُهُ وَكَذِبُهُ، وَلَوْ قَالَ: أَخْبَرَنِي ـــــــــــــــــــــــــــــSحِينَ السَّيْرِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ فِي صَلَاةٍ) وَلَوْ نَفْلًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَوْ طَعَامٍ) أَيْ فِي وَقْتِ حُضُورِ طَعَامٍ أَوْ تَنَاوُلِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ لَهُ الزِّيَادَةُ مُطْلَقًا) أَيْ نَوَى قَدْرًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى الْعَادَةِ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَادَةً اقْتَصَرَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ، فَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا بَطَلَ حَقُّهُ (قَوْلُهُ: لِاسْتِغْنَاءِ الْآخِذِ عَنْ الْحُضُورِ عِنْدَ الشِّقْصِ) أَيْ مَا لَمْ يُحْوِجُ ذَلِكَ إلَى رَفْعٍ إلَى حَاكِمٍ يَأْخُذُ مِنْهُ دَرَاهِمَ وَإِنْ قَلَّتْ أَوْ مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ عَادَةً (قَوْلُهُ: دُونَ الْحَاكِمِ) أَيْ لِمُخَالَفَتِهِ مَذْهَبَ الشَّفِيعِ مَثَلًا، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ عَكْسُهُ لِعَدَمِ الثِّقَةِ بِقَوْلِهِمَا، وَلَا يُقَالُ: الْعِبْرَةُ بِمَذْهَبِ الْحَاكِمِ لِأَنَّا نَقُولُ: الرَّفْعُ إلَى الْحَاكِمِ فَرْعٌ عَنْ ظَنِّ الْبَيْعِ أَوْ تَحَقُّقِهِ وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقَعْ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهُمَا) أُورِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ بَعْدَ كَوْنِهِمَا عَدْلَيْنِ عِنْدَهُ كَيْفَ لَا يَقَعُ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهُمَا. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مُجَرَّدَ الْعَدَالَةِ لَا يَمْنَعُ مِنْ جَوَازِ الْإِخْبَارِ بِخِلَافِ الْوَاقِعِ غَلَطًا أَوْ نَحْوِهِ، وَبِفَرْضِ تَعَمُّدِ الْإِخْبَارِ بِخِلَافِ الْوَاقِعِ، فَذَلِكَ مُجَرَّدُ كَذِبٍ، وَالْكِذْبَةُ الْوَاحِدَةُ كَمَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ لَا تُوجِبُ فِسْقًا فَلَا تُنَافِي الْعَدَالَةَ (قَوْلُهُ: إذْ مَا هُنَا) أَيْ قَوْلُ السُّبْكِيّ وَمَا هُنَاكَ فِيمَا إذَا كَانَا عَدْلَيْنِ عِنْدَهُ وَعِنْدَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَالْعِبْرَةُ بِمَنْ يَقَعُ فِي نَفْسِهِ صِدْقُهُ وَكَذِبُهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ تَرَدَّدَ فِي ظَاهِرِ الْعَدْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى الْعَادَةِ) اُنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ بِالْعَادَةِ الْعُرْفُ كَمَا قَدْ يُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ: أَيْ مَا يَعُدُّهُ الْعُرْفُ تَوَانِيًا وَمَا لَا يَعُدُّهُ كَذَلِكَ، أَوْ الْمُرَادُ الْعَادَةُ فِي الصَّلَاةِ؟ فَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَهَلْ الْمُرَادُ عَادَتُهُ أَوْ عَادَةُ مَنْ؟ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ عَادَتَهُ فَلْيَنْظُرْ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ عَادَةٌ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَا عَدْلَيْنِ عِنْدَهُ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ حَاصِلُ هَذِهِ السَّوَادَةِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ) فِيهِ تَعْلِيلُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ

رَجُلَانِ وَلَيْسَا عَدْلَيْنِ عِنْدِي وَهُمَا عَدْلَانِ لَمْ تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ مُحْتَمَلٌ (وَلَوْ) (أَخْبَرَهُ) الشَّفِيعُ (بِالْبَيْعِ بِأَلْفٍ) أَوْ جِنْسٍ أَوْ نَوْعٍ أَوْ وَصْفٍ أَوْ أَنَّ الْمَبِيعَ قَدْرُهُ كَذَا، أَوْ أَنَّ الْبَيْعَ مِنْ فُلَانٍ، أَوْ أَنَّ الْبَائِعَ اثْنَانِ أَوْ وَاحِدٌ (فَتَرَكَ) الشُّفْعَةَ (فَبَانَ) بِأَقَلَّ كَأَنْ بَانَ (بِخَمْسِمِائَةٍ) أَوْ بِغَيْرِ الْجِنْسِ أَوْ النَّوْعِ أَوْ الْوَصْفِ أَوْ الْقَدْرِ الَّذِي أَخْبَرَ بِهِ، أَوْ أَنَّ الْمَبِيعَ مِنْ غَيْرِ فُلَانٍ، أَوْ أَنَّ الْبَائِعَ أَكْثَرُ أَوْ أَقَلُّ مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ (بَقِيَ حَقُّهُ) لِأَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَهُ لِغَرَضٍ بَانَ خِلَافُهُ وَلَمْ يَتْرُكْهُ رَغْبَةً عَنْهُ (أَوْ بَانَ بِأَكْثَرَ) مِنْ أَلْفٍ (بَطَلَ) حَقُّهُ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَرْغَبْ فِيهِ بِالْأَقَلِّ فَبِالْأَكْثَرِ أَوْلَى، وَكَذَا لَوْ أُخْبِرَ بِمُؤَجَّلٍ فَعَفَا عَنْهُ فَبَانَ حَالًّا لِأَنَّ عَفْوَهُ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ رَغْبَتِهِ لِمَا مَرَّ أَنَّ لَهُ التَّأْخِيرَ إلَى الْحُلُولِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ أُخْبِرَ بِمَا هُوَ الْأَنْفَعُ لَهُ فَتَرَكَ الْأَخْذَ بَطَلَ حَقُّهُ وَإِلَّا فَلَا (وَلَوْ) (لَقِيَ) الشَّفِيعُ (الْمُشْتَرِيَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ أَوْ قَالَ) لَهُ (بَارَكَ اللَّهُ) لَك (فِي صَفْقَتِك) أَوْ سَأَلَهُ عَنْ الثَّمَنِ (لَمْ يَبْطُلْ) حَقُّهُ لِأَنَّ السَّلَامَ قَبْلَ الْكَلَامِ سُنَّةٌ وَلِأَنَّ جَاهِلَ الثَّمَنِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مَعْرِفَتِهِ، وَقَدْ يُرِيدُ الْعَارِفُ إقْرَارَ الْمُشْتَرِي وَلِأَنَّهُ يَدْعُو بِالْبَرَكَةِ لِيَأْخُذَ صَفْقَةً مُبَارَكَةً، وَكَذَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ السَّلَامِ وَالدُّعَاءِ كَمَا اقْتِضَاءُ كَلَامِ الْمَحَامِلِيِّ فِي التَّجْرِيدِ، فَأَوْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَى الْوَاوِ (وَفِي الدُّعَاءِ وَجْهٌ) أَنَّهُ يَبْطُلُ بِهِ حَقُّ الشُّفْعَةِ لِإِشْعَارِهِ بِتَقْرِيرِ الشِّقْصِ فِي يَدِهِ، وَمَحِلُّ هَذَا الْوَجْهِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ إذَا زَادَ لَفْظَةُ " لَك " (وَلَوْ) (بَاعَ الشَّفِيعُ حِصَّتَهُ) كُلَّهَا أَوْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهَا بِغَيْرِ الْبَيْعِ كَهِبَةٍ (جَاهِلًا بِالشُّفْعَةِ) (فَالْأَصَحُّ بُطْلَانُهَا) لِزَوَالِ سَبَبِهَا وَهُوَ الشَّرِكَةُ بِخِلَافِ بَيْعِ الْبَعْضِ. وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهُ كَانَ شَرِيكًا عِنْدَ الْبَيْعِ وَلَمْ يَرْضَ بِسُقُوطِ حَقِّهِ، وَخَرَجَ بِالْجَهْلِ مَا لَوْ عَلِمَ فَيَبْطُلُ جَزْمًا، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا بَاعَ بَعْضَ حِصَّتِهِ كَمَا لَوْ عَفَا عَنْ الْبَعْضِ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ حَيْثُ انْتَقَلَ الْمِلْكُ عَنْهُ لِأَنَّ مِلْكَهُ الْعَائِدَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي، وَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْ الشُّفْعَةِ بِمَالٍ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَتَبْطُلُ شُفْعَتُهُ إنْ عَلِمَ بِفَسَادِهِ، فَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَتَرَكَ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ مِنْ الشُّفْعَةِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَهَذَا فِي غَيْرِ الْعَدْلِ كُلُّهُ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ اهـ. فَأَفْهَمَ أَنَّهُ فِي الْعَدْلِ لَا عِبْرَةَ بِتَرَدُّدِهِ (قَوْلُهُ: وَهُمَا عَدْلَانِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُمَا عَدْلَانِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ أَخْبَرَ بِمَا هُوَ الْأَنْفَعُ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي مُسْقِطِ الشُّفْعَةِ بِأَنْ ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي وَنَفَاهُ الشَّفِيعُ صُدِّقَ الشَّفِيعُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَقِّهِ (قَوْلُهُ: فِي صَفْقَتِك) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُ هُنَاكَ اللَّهُ بِهَذِهِ الصَّفْقَةِ سَقَطَ حَقُّهُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِالرِّضَا بِبَقَاءِ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّ السَّلَامَ قَبْلَ الْكَلَامِ سُنَّةٌ) يُؤْخَذُ مِنْهُ بُطْلَانُ حَقِّهِ إذَا لَمْ يُسَنَّ السَّلَامُ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. وَهُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ: إذَا زَادَ لَفْظَةَ لَك) أَيْ فَلَوْ لَمْ يُزِدْ لَك لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ بِلَا خِلَافٍ. وَعِبَارَةُ عَمِيرَةَ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ مَحِلُّ الْخِلَافِ فِي الدُّعَاءِ إذَا خَاطَبَ لَهُ كَأَنْ يَقُولَ: بَارَكَ اللَّهُ لَك، وَأَمَّا بَارَكَ اللَّهُ فِيهِ فَلَا يَضُرُّ جَزْمًا كَمَا أَوْضَحْته فِي الْمُهِمَّاتِ، وَهِيَ تُخَالِفُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُزِدْ لَك لَمْ يَكُنْ مِنْ مَحِلِّ الْخِلَافِ، وَإِنْ خَاطَبَ (قَوْلُهُ: جَاهِلًا بِالشُّفْعَةِ) أَيْ وَبِالْبَيْعِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ لِزَوَالِ سَبَبِهَا وَهُوَ الشَّرِكَةُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ بَيْعِ الْبَعْضِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَوْ زَالَ الْبَعْضُ قَهْرًا كَأَنْ مَاتَ الشَّفِيعُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ قَبْلَ الْأَخْذِ فَبِيعَ بَعْضُ حِصَّتِهِ فِي دَيْنِهِ جَبْرًا عَلَى الْوَارِثِ وَبَقِيَ بَاقِيهَا لَهُ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ أَنَّ لَهُ الشُّفْعَةَ لِانْتِفَاءِ تَخَيُّلِ الْعَفْوِ مِنْهُ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ فَيَأْخُذُ الْجَمِيعَ. وَقَوْلُهُ أَنَّ لَهُ: أَيْ لِوَارِثِ الشَّفِيعِ، وَقَضِيَّتُهُ قَوْلُهُ: قَهْرًا أَنَّهُ لَوْ زَالَ مِلْكُهُ اخْتِيَارًا سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الشُّفْعَةِ وَبَطَلَتْ الشُّفْعَةُ، وَمُقْتَضَى إطْلَاقِ الشَّارِحِ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ بَاعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ) أَيْ وَلَوْ جَاهِلًا بِبَيْعِ الشَّرِيكِ لِمَا عَلَّلَ بِهِ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: حَيْثُ انْتَقَلَ الْمِلْكُ عَنْهُ) أَيْ بِأَنْ شَرَطَ الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي مِنْهُ فَقَطْ اهـ سم عَلَى حَجّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ وَاحِدٌ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْبَائِعُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ تَيَسَّرَ أَخْذُ حِصَّتهِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِمَا مَرَّ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ بِتَعَدُّدِهِ، وَقَدْ لَا يَجِدُ عِنْدَهُ مَا يَأْخُذُ بِهِ الْجَمِيعَ، أَوْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي عَدَمِ أَخْذِ الْجَمِيعِ.

[كتاب القراض]

صَالَحَهُ عَنْهَا فِي الْكُلِّ عَلَى أَخْذِ الْبَعْضِ بَطَلَ الصُّلْحُ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ لَا تُقَابَلُ بِعِوَضٍ، وَكَذَا الشُّفْعَةُ إنْ عَلِمَ بِبُطْلَانِهِ وَإِلَّا فَلَا كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ، وَلِلْمُفْلِسِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَالْعَفْوُ عَنْهَا، وَلَا يُزَاحِمُ الْمُشْتَرِي الْغُرَمَاءَ بَلْ يَبْقَى ثَمَنُ مَا اشْتَرَاهُ فِي ذِمَّةِ الشَّفِيعِ إلَى أَنْ يُوسِرَ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِي مُشْتَرَاهُ إنْ جَهِلَ فَلَسَهُ، وَلِلْعَامِلِ فِي الْقِرَاضِ أَخْذُهَا، فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهَا جَازَ لِلْمَالِكِ أَخْذُهَا، وَعَفْوُ الشَّفِيعِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَشَرْطُ الْخِيَارِ وَضَمَانُ الْعُهْدَةِ لِلْمُشْتَرِي لَا يُسْقِطُ كُلٌّ مِنْهُمَا شُفْعَتَهُ، وَإِنْ بَاعَ شَرِيكُ الْمَيِّتِ شَفَعَ الْوَارِثُ لَا وَلِيُّ الْحَمْلِ لِعَدَمِ تَيَقُّنِ وُجُودِهِ، فَإِنْ وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ لِلْمَيِّتِ وَوَرِثَهَا الْحَمْلُ أُخِّرَتْ لِانْفِصَالِهِ فَلَيْسَ لِوَلِيِّهِ الْأَخْذُ قَبْلَ الِانْفِصَالِ لِذَلِكَ، وَلَوْ تَوَكَّلَ الشَّفِيعُ فِي بَيْعِ الشِّقْصِ لَمْ تَبْطُلْ شُفْعَتُهُ فِي الْأَصَحِّ. كِتَابُ الْقِرَاضِ هُوَ بِكَسْرِ الْقَافِ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ، مُشْتَقٌّ مِنْ الْقَرْضِ: وَهُوَ الْقَطْعُ لِأَنَّ الْمَالِكَ يَقْطَعُ لِلْعَامِلِ قِطْعَةً مِنْ مَالِهِ يَتَصَرَّفُ فِيهَا وَقِطْعَةً مِنْ الرِّبْحِ أَوْ الْمُقَارَضَةِ وَهِيَ الْمُسَاوَاةُ لِتَسَاوِيهِمَا فِي الرِّبْحِ، أَوْ لِأَنَّ الْمَالَ مِنْ الْمَالِكِ وَالْعَمَلَ مِنْ الْعَامِلِ، وَيُسَمَّى عِنْدَ أَهْلِ الْعِرَاقِ مُضَارَبَةً لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَضْرِبُ بِسَهْمٍ فِي الرِّبْحِ وَلِمَا فِيهِ غَالِبًا مِنْ السَّفَرِ وَهُوَ يُسَمَّى ضَرْبًا، وَقَدْ جَمَعَ الْمُصَنِّفُ فِي كَلَامِهِ بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ. وَالْأَصْلُ فِيهِ الْإِجْمَاعُ. وَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ وَغَيْرُهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَارَبَ لِخَدِيجَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِنَحْوِ شَهْرَيْنِ وَسَنَةٍ، وَكَانَ إذْ ذَاكَ ابْنَ نَحْوِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَلَهُ الرُّجُوعُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: إنْ جَهِلَ فَلَسَهُ) أَيْ أَوْ كَوْنَهُ شَرِيكًا أَوْ أَنَّ لَهُ الشُّفْعَةَ حَيْثُ كَانَ يَخْفَى عَلَى مِثْلِهِ (قَوْلُهُ: وَلِلْعَامِلِ فِي الْقِرَاضِ أَخْذُهَا) أَيْ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ لِلْحِصَّةِ الْمَبِيعَةِ (قَوْلُهُ: وَضَمَانُ الْعُهْدَةِ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ ضَمَانَ الْعُهْدَةِ إنَّمَا يُحْمَلُ عَلَى رَدِّ الثَّمَنِ لَوْ خَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا، وَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لَأَخْذِ الشَّرِيكِ وَلَا لِعَدَمِهِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ بَاعَ شَرِيكُ الْمَيِّتِ) أَيْ بِأَنْ وَقَعَ الْبَيْعُ بَعْدَ الْمَوْتِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ فَإِنْ وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ لِلْمَيِّتِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ لِلْمَيِّتِ) أَيْ بِأَنْ بَاعَ شَرِيكُهُ فِي حَيَاتِهِ وَلَمْ يَتَّفِقْ لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ لِعُذْرٍ. كِتَابُ الْقِرَاضِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْمُقَارَضَةِ) عَطْفٌ عَلَى الْقَرْضِ: أَيْ إنَّ الْقِرَاضَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُشْتَقًّا مِنْ الْقَرْضِ وَمِنْ الْمُقَارَضَةِ، وَهَذَا الصَّنِيعُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ دَفْعَ الْمَالِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي لَا يُسَمَّى مُقَارَضَةً بَلْ قِرَاضًا وَمُضَارَبَةً، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَتْنِ حَيْثُ اقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا، لَكِنَّ كَلَامَ الْمَحَلِّيِّ يُخَالِفُهُ حَيْثُ عَطَفَ الْمُقَارَضَةَ عَلَى مَا فِي الْمَتْنِ فَأَفَادَ أَنَّ الْقِرَاضَ وَالْمُقَارَضَةَ بِمَعْنًى، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَيْهِ بِجَعْلِ " أَوْ " فِي كَلَامِهِ بِمَعْنَى الْوَاوِ (قَوْلُهُ: لِتَسَاوِيهِمَا فِي الرِّبْحِ) أَيْ فِي أَصْلِهِ وَإِنْ تَفَاوَتَا فِي مِقْدَارِهِ (قَوْلُهُ: وَالْعَمَلُ مِنْ الْعَامِلِ) أَيْ فَاسْتَوَيَا فِي أَنَّ مِنْ كُلٍّ شَيْئًا (قَوْلُهُ: وَيُسَمَّى) مُقَابِلُ قَوْلِهِ: لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ (قَوْلُهُ: يَضْرِبُ بِسَهْمٍ) أَيْ يُحَاسَبُ بِسَهْمٍ (قَوْلُهُ: وَقَدْ جَمَعَ الْمُصَنِّفُ فِي كَلَامِهِ) أَيْ قَوْلِهِ الْآتِي الْقِرَاضَ وَالْمُضَارَبَةَ (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِيهِ) أَيْ فِي جَوَازِهِ (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ شَهْرَيْنِ وَسَنَةٍ) عِبَارَةُ حَجّ: ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْقِرَاضِ]

بِمَالِهَا إلَى الشَّامِ وَأَنْفَذَتْ مَعَهُ عَبْدَهَا مَيْسَرَةَ وَهُوَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ» فَلَعَلَّ وَجْهَ الدَّلَالَةِ فِيهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَكَاهُ مُقَرِّرًا لَهُ بَعْدَهَا، وَهُوَ قِيَاسُ الْمُسَاقَاةِ بِجَامِعِ الْعَمَلِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا بِبَعْضِ مَالِهِ مَعَ جَهَالَةِ الْعِوَضِ، وَلِهَذَا اتَّحَدَا فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهِ، وَلَعَلَّ عَكْسَهُمْ لِذَلِكَ إنَّمَا هُوَ لِأَنَّهُ أَشْهُرُ وَأَكْثَرُ، وَأَيْضًا فَهِيَ شَبِيهَةٌ بِالْإِجَارَةِ فِي اللُّزُومِ وَالتَّأْقِيتِ فَوُسِّطَتْ بَيْنَهُمَا إشْعَارًا بِمَا فِيهَا مِنْ الشَّبَهَيْنِ، وَهُوَ رُخْصَةٌ لِخُرُوجِهِ عَنْ قِيَاسِ الْإِجَارَاتِ كَمَا أَنَّهَا كَذَلِكَ لِخُرُوجِهَا عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يَخْلُقْ (الْقِرَاضُ وَالْمُضَارَبَةُ) أَيْ مَوْضُوعُهُمَا الشَّرْعِيُّ هُوَ الْعَقْدُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى تَوْكِيلِ الْمَالِكِ لِآخَرَ، وَعَلَى (أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَالًا لِيَتَّجِرَ فِيهِ وَالرِّبْحُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا) فَخَرَجَ بِقَيْدِ الدَّفْعِ مُقَارَضَتُهُ عَلَى مَنْفَعَةٍ كَسُكْنَى دَارٍ أَوْ عَلَى دَيْنٍ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ: بِعْ هَذَا وَقَارَضْتُك عَلَى ثَمَنِهِ وَاشْتَرِ شَبَكَةً وَاصْطَدْ بِهَا فَلَا يَصِحُّ. نَعَمْ الْبَيْعُ صَحِيحٌ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَالْعَمَلُ إنْ عَمِلَ وَالصَّيْدُ لِلْعَامِلِ فِي الْأَخِيرَةِ، وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِ الشَّبَكَةِ إنْ لَمْ يَمْلِكْهَا كَالْمَغْصُوبَةِ، وَيَذْكُرُ الرِّبْحَ الْوَكِيلُ وَالْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ. وَأَرْكَانُهُ سِتَّةٌ: عَاقِدَانِ، وَعَمَلٌ، وَرِبْحٌ، وَمَالٌ، وَصِيغَةٌ. وَسَتُعْلَمُ كُلُّهَا بِشُرُوطِهَا مِنْ كَلَامِهِ (وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ كَوْنُ الْمَالِ دَرَاهِمَ أَوْ) هِيَ مَانِعَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَشَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ بِنَحْوِ شَهْرَيْنِ وَسَنَةٍ إذْ ذَاكَ نَحْوُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ إلَخْ وَهِيَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ: وَأَنْفَذَتْ) أَيْ أَرْسَلَتْ. وَقَدْ يُرَدُّ عَلَيْهِ مَا قَالُوهُ فِي السِّيَرِ مِنْ أَنَّهَا اسْتَأْجَرَتْهُ بِقَلُوصَيْنِ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِتَعَدُّدِ الْوَاقِعَةِ أَوْ أَنَّ مَنْ عَبَّرَ بِالِاسْتِئْجَارِ تَسْمَحُ بِهِ فَعَبَّرَ بِهِ عَنْ الْهِبَةِ (قَوْلُهُ: مَيْسَرَةَ) لَمْ يُذْكَرْ فِي الصَّحَابَةِ فَالظَّاهِرُ هَلَاكُهُ قَبْلَ الْمَبْعَثِ، قَالَهُ الْبُرْهَانُ الْحَلَبِيُّ فِي حَوَاشِي الشِّفَاءِ (قَوْلُهُ: مُقَرِّرًا لَهُ) أَيْ مُبَيِّنًا لَهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْقِرَاضُ (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى ذَلِكَ) أَيْ كَوْنِهِ قِيَاسَ الْمُسَاقَاةِ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّ عَكْسَهُمْ) قَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهَا كَالدَّلِيلِ لِأَنَّهُ مَقِيسٌ عَلَيْهَا، وَالدَّلِيلُ يُذْكَرُ بَعْدَ الْمَدْلُولِ فَذَكَرَهَا بَعْدَهُ كَإِقَامَةِ الدَّلِيلِ بَعْدَ ذِكْرِ الْمَدْلُولِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَهِيَ) أَيْ الْمُسَاقَاةُ (قَوْلُهُ: شَبِيهَةٌ بِالْإِجَارَةِ فِي اللُّزُومِ) أَيْ وَلِلْقِرَاضِ فِي جَهَالَةِ الْعِوَضِ وَالْعَمَلِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْقِرَاضُ (قَوْلُهُ: رُخْصَةً) فَإِنْ قُلْت: الرُّخْصَةُ هِيَ الْحُكْمُ الْمُتَغَيِّرُ إلَيْهِ السَّهْلُ لِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ لِلْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ وَجَعْلُ الْقِرَاضِ رُخْصَةً يَقْتَضِي أَنَّهُ كَانَ أَوَّلًا مَمْنُوعًا ثُمَّ تَغَيَّرَ مِنْ الْمَنْعِ إلَى الْجَوَازِ وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ، إذْ مَشْرُوعِيَّتُهُ عَلَى الْجَوَازِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ. قُلْت: لَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّغَيُّرِ فِي التَّعْرِيفِ التَّغَيُّرَ بِالْفِعْلِ بَلْ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ أَوْ يَكُونَ تَغَيُّرُهُ بِاعْتِبَارِ مَا تَقْتَضِيهِ قَوَاعِدُ الشَّرْعِ كَمَا هُنَا. وَقَدْ أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ لِخُرُوجِهِ عَنْ قِيَاسِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا أَنَّهَا) أَيْ الْمُسَاقَاةَ (قَوْلُهُ: وَالْمُضَارَبَةُ) عَطْفٌ مُسَاوٍ (قَوْلُهُ: وَعَلَى أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا مُسْتَقِلًّا وَإِلَّا فَفِي عِبَارَتِهِ مُسَامَحَةٌ، إذْ الدَّفْعُ لَيْسَ مِنْ مُسَمَّى الْقِرَاضِ، أَوْ يُفَسَّرُ قَوْلُهُ الْمُشْتَمِلُ بِالْمُقْتَضَى لِتَوْكِيلِ إلَخْ، وَهَذَا أَظْهَرُ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ مِنْ عَطْفِ قَوْلِهِ، وَعَلَى أَنْ يَدْفَعَ إلَخْ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى تَوْكِيلٍ، وَلَعَلَّ فِي التَّعْبِيرِ بِالْعَقْدِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى التَّوْكِيلِ دُونَ التَّعْبِيرِ بِالتَّوْكِيلِ الْإِشَارَةَ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ تَوْكِيلًا مَحْضًا، إذْ يُعْتَبَرُ لِصِحَّةِ الْقِرَاضِ الْقَبُولُ بِخِلَافِ التَّوْكِيلِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى دَيْنٍ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعَامِلِ ظَاهِرُهُ وَلَوْ عَيَّنَهُ الْعَامِلُ فِي الْمَجْلِسِ، وَفِي حَجّ مَا يُخَالِفُهُ كَمَا سَنَذْكُرُهُ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: وَاشْتَرِ) أَيْ وَقَوْلُهُ: وَاشْتَرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَمْلِكْهَا) أَيْ بِأَنْ اشْتَرَاهَا فِي ذِمَّتِهِ لِقَصْدِ نَفْسِهِ، وَإِنْ دَفَعَ دَرَاهِمَ الْمَالِكِ عَنْ ثَمَنِهَا بَعْدُ (قَوْلُهُ: وَعَمَلٌ وَرِبْحٌ) الْمُرَادُ مِنْ كَوْنِ الْعَمَلِ وَالرِّبْحِ رُكْنَيْنِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِمَا لِيُوجِدَ مَاهِيَّةَ الْقِرَاضِ، فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ الرِّبْحُ وَالْعَمَلُ إنَّمَا يُوجَدَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَلَعَلَّ وَجْهَ الدَّلَالَةِ فِيهِ أَنَّهُ إلَخْ) وَقَدْ يُقَالُ أَيْضًا: إنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَدَّ عَلَيْهَا مَا أَخَذَهُ مِنْهَا فِي نَظِيرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِبَعْضِ مَالِهِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: بِبَعْضِ نَمَائِهِ (قَوْلُهُ: مُقَارَضَتُهُ عَلَى مَنْفَعَةٍ كَسُكْنَى دَارٍ) كَأَنْ

خُلُوٍّ لَا جَمْعٍ (دَنَانِيرَ خَالِصَةً) بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ وَلِأَنَّهُ عَقْدُ غَرَرٍ لِعَدَمِ انْضِبَاطِ الْعَمَلِ، وَالْوُثُوقِ بِالرِّبْحِ جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ فَكَانَ خَاصًّا بِمَا يَرُوجُ غَالِبًا وَهُوَ النَّقْدُ الْمَضْرُوبُ لِأَنَّهُ ثَمَنُ الْأَشْيَاءِ، وَلَوْ أَبْطَلَهُ السُّلْطَانُ جَازَ عَقْدُهُ عَلَيْهِ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَتَنْظِيرُ الْأَذْرَعِيِّ فِيهِ بِأَنَّهُ قَدْ يَعِزُّ وُجُودُهُ أَوْ يُخَافُ عِزَّتُهُ عِنْدَ الْمُفَاصَلَةِ يُرَدُّ بِأَنَّ الْغَالِبَ مَعَ ذَلِكَ تَيَسُّرُ الِاسْتِبْدَالِ بِهِ (فَلَا يَجُوزُ عَلَى تِبْرٍ) وَهُوَ ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ لَمْ يُضْرَبْ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْقِرَاضَةُ وَغَيْرُهَا وَتَسْمِيَةُ الْفِضَّةِ بِهِ تَغْلِيبٌ (وَحُلِيٍّ) وَسَبَائِكَ لِاخْتِلَافِ قِيَمِهَا (وَمَغْشُوشٍ) وَإِنْ رَاجَ وَعُلِمَ قَدْرُ غِشِّهِ وَجَازَ التَّعَامُلُ بِهِ، نَعَمْ إنْ اسْتَهْلَكَ غِشُّهُ جَازَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ وَقِيلَ إنْ رَاجَ وَاقْتَضَى كَلَامُهُمَا فِي الشَّرِكَةِ تَصْحِيحَهُ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ (وَعُرُوضٍ) مِثْلِيَّةٍ أَوْ مُتَقَوِّمَةٍ لِمَا مَرَّ (وَ) كَوْنُهُ (مَعْلُومًا) قَدْرًا وَجِنْسًا وَصِفَةً فَلَا يَجُوزُ عَلَى نَقْدٍ مَجْهُولٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSبَعْدَ عَقْدِ الْقِرَاضِ، بَلْ قَدْ يُقَارِضُ وَلَا يُوجَدْ عَمَلٌ مِنْ الْعَامِلِ أَوْ يَعْمَلُ وَلَا يُوجَدْ رِبْحٌ (قَوْلُهُ لَا جَمْعٍ) أَيْ لَا مَانِعَةَ جَمْعٍ بِحَيْثُ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُهُ دَرَاهِمَ وَبَعْضُهُ دَنَانِيرَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ ثَمَنُ الْأَشْيَاءِ) أَيْ الثَّمَنُ الَّذِي تُشْتَرَى بِهِ الْأَشْيَاءُ غَالِبًا (قَوْلُهُ: تَيَسَّرَ) أَيْ وَإِنْ رَخُصَ بِسَبَبِ إبْطَالِ السُّلْطَانِ لَهُ جِدًّا (قَوْلُهُ: وَتَسْمِيَةُ الْفِضَّةِ بِهِ) أَيْ بِالتِّبْرِ لَا ضَرُورَةَ إلَى حَمْلِ الْعِبَارَةِ عَلَى مَا يَشْمَلُ الْفِضَّةَ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى التَّغْلِيبِ اهـ سم. أَقُولُ: لَكِنَّ حَمْلَهُ عَلَى ذَلِكَ جَعَلَ حُكْمَ الْفِضَّةِ مُسْتَفَادًا بِالْمَنْطُوقِ (قَوْلُهُ: تَغْلِيبٌ) أَيْ فَقَوْلُهُ أَوَّلًا وَهُوَ ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ تَفْسِيرٌ مُرَادٌ لَا بَيَانٌ لِلْمَعْنَى الْمَوْضُوعِ لَهُ وَهُوَ الذَّهَبُ (قَوْلُهُ وَمَغْشُوشٍ) فَإِنْ قُلْت: لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِهِ مَا يَخْرُجُ بِهِ الْمَغْشُوشُ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ دَنَانِيرَ خَالِصَةً لِيَصِحَّ التَّفْرِيعُ. قُلْت: أَجَابَ سم فِي الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ عَنْ مِثْلِهِ بِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي التَّفْرِيعِ إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ مَا يُخْرِجُهُ يُعْتَبَرُ فِي الْمُفَرَّعِ عَلَيْهِ قَيْدٌ مَحْذُوفٌ لِيَخْرُجَ بِهِ ذَلِكَ الْمَذْكُورُ فَيَكُونَ الْمَحْذُوفُ مَعْلُومًا مِنْ الْمُفَرَّعِ، قَالَ: وَهُوَ كَافٍ فِي صِحَّةِ التَّفْرِيعِ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوَّلًا خَالِصَةً إشَارَةٌ إلَى هَذَا، وَيُحْتَمَلُ حَمْلُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ عَلَى الْخَالِصَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الشَّيْءَ إذَا أُطْلِقَ انْصَرَفَ لِفَرْدِهِ الْكَامِلِ، وَعَلَيْهِ فَلَا حَذْفَ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ حِينَئِذٍ خَالِصَةً تَصْرِيحٌ بِمَا عُلِمَ مِنْ الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ اسْتَهْلَكَ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَا يَتَحَصَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ تَحَصَّلَ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ النُّحَاسُ مَثَلًا عَنْ الْفِضَّةِ، وَعَلَيْهِ فَالدَّرَاهِمُ الْمَوْجُودَةُ بِمِصْرَ الْآنَ لَا يَصِحُّ الْقِرَاضُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ يَتَحَصَّلُ مِنْ الْغِشِّ قَدْرُ لَوْ مُيِّزَ بِالنَّارِ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي يَنْبَغِي الصِّحَّةُ وَيُرَادُ بِالْمُسْتَهْلِكِ عَدَمُ تَمَيُّزِ النُّحَاسِ عَنْ الْفِضَّةِ مَثَلًا فِي رَأْيِ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ إنْ رَاجَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسْتَهْلَكْ لِمَا مَرَّ عَنْ الْجُرْجَانِيِّ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ عَلَى نَقْدٍ مَجْهُولٍ) أَيْ قَدْرًا أَوْ جِنْسًا أَوْ صِفَةً، وَمِنْ ذَلِكَ مَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى مِنْ التَّعَامُلِ بِالْفِضَّةِ الْمَقْصُوصَةِ فَلَا يَصِحُّ الْقِرَاضُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ صِفَةَ الْقَبْضِ وَإِنْ عُلِمَتْ إلَّا أَنَّ مِقْدَارَ الْقَصِّ مُخْتَلِفٌ فَلَا يُمْكِنُ ضَبْطُ مِثْلِهَا عِنْدَ التَّفَاضُلِ، حَتَّى لَوْ قَارَضَهُ عَلَى قَدْرٍ مِنْهَا مَعْلُومِ الْقَدْرِ وَزْنًا فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الصِّحَّةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ حِينَ الرَّدِّ وَإِنْ أَحْضَرَ قَدْرَهُ وَزْنًا لَكِنَّ الْقَرْضَ يَخْتَلِفُ بِتَفَاوُتِ الْقَصِّ قِلَّةً وَكَثْرَةً، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ فَلَا يَجُوزُ عَلَى نَقْدٍ مَجْهُولٍ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَالشَّرِكَةِ حَيْثُ صَحَّتْ مَعَ الْجَهْلِ بِالْمَالَيْنِ حَيْثُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ لَهُ قَارَضْتُكَ عَلَى مَنْفَعَةِ هَذِهِ الدَّارِ لِتُسْكِنَ فِيهَا الْغَيْرَ وَمَهْمَا حَصَلَ بَيْنَنَا (قَوْلُهُ: تَغْلِيبٌ) أَيْ: وَالْقَرِينَةُ عَلَيْهِ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُفَرَّعِ عَلَيْهِ مِنْ ذِكْرِ الدَّرَاهِمِ مَعَ الدَّنَانِيرِ، وَأَمَّا قَوْلُ الشِّهَابِ ابْنِ قَاسِمٍ لَا ضَرُورَةَ إلَى حَمْلِ الْعِبَارَةِ عَلَى مَا يَشْمَلُ الْفِضَّةَ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى التَّغْلِيبِ انْتَهَى. فَيُقَالُ عَلَيْهِ: لَيْسَ مِنْ شَرْطِ التَّغْلِيبِ الضَّرُورَةُ، بَلْ يَكْفِي فِي إرَادَتِهِ قِيَامُ الْقَرِينَةِ عَلَيْهِ وَالْبَاعِثُ عَلَيْهِ الِاخْتِصَارُ. وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ إنْ رَاجَ) هَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ

وَإِنْ أَمْكَنَ عِلْمُهُ حَالًّا، وَلَوْ عَلِمَ جِنْسَهُ أَوْ قَدْرَهُ أَوْ صِفَتَهُ فِي الْمَجْلِسِ لِجَهَالَةِ الرِّبْحِ وَبِهِ فَارَقَ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ (مُعَيَّنًا) فَلَا يَجُوزُ عَلَى إحْدَى الصُّرَّتَيْنِ. نَعَمْ لَوْ قَارَضَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ مَثَلًا فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ عَيَّنَهَا فِي الْمَجْلِسِ جَازَ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا خِلَافًا لِجَمْعٍ كَالصَّرْفِ وَالسَّلَمِ، وَلَوْ خَلَطَ أَلْفَيْنِ لَهُ بِأَلْفٍ لِغَيْرِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ: قَارَضْتُك عَلَى أَحَدِهِمَا وَشَارَكْتُك فِي الْآخَرِ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ أَلْفُ الْقِرَاضِ وَيَنْفَرِدُ الْعَامِلُ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ وَيَشْتَرِكَانِ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْبَاقِي، وَلَوْ قَارَضَهُ عَلَى أَلْفَيْنِ عَلَى أَنَّ لَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا نِصْفَ الرِّبْحِ وَمِنْ الْآخَرِ ثُلُثَهُ صَحَّ إنْ عَيَّنَ كُلًّا مِنْهُمَا وَإِلَّا فَلَا، وَمَا فِي الْجَوَاهِرِ مِمَّا يُوهِمُ التَّنَاقُضَ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ (وَقِيلَ يَجُوزُ عَلَى إحْدَى الصُّرَّتَيْنِ) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ كَمَا وُجِدَ بِخَطِّهِ إنْ عَلِمَ مَا فِيهِمَا وَتَسَاوَيَا جِنْسًا وَصِفَةً وَقَدْرًا، فَيَتَصَرَّفُ الْعَامِلُ فِي أَيِّهِمَا شَاءَ فَيَتَعَيَّنُ لِلْقِرَاضِ، وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ لِانْتِفَاءِ التَّعْيِينِ كَالْبَيْعِ، وَمَحِلُّ الْمَنْعِ مَا لَمْ يُعَيَّنْ أَحَدُهُمَا فِي الْمَجْلِسِ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَانَ يُمْكِنُ عِلْمُهُمَا بَعْدَ الْعَقْدِ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْقِرَاضِ الرِّبْحُ فَاشْتُرِطَ الْعِلْمُ بِقَدْرِ الْمَالِ لِيَعْلَمَ الْعَامِلُ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الرِّبْحِ، بِخِلَافِ الشَّرِكَةِ فَيَكْفِي الْعِلْمُ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْهُمَا عِنْدَ الْقِسْمَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلِمَ جِنْسَهُ) قَدْ يُقَالُ: لَا مَوْقِعَ لِلْمُبَالَغَةِ فِي هَذَا مَعَ التَّعْبِيرِ بِأَلْفٍ؛ لِأَنَّ مِنْ لَازِمِهِ السَّلَمَ بِالْقَدْرِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُبَالَغَةُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ إلَخْ مُتَعَلِّقَةٌ أَيْضًا بِقَوْلِهِ فَلَا يَجُوزُ عَلَى نَقْدٍ مَجْهُولِ الْقَدْرِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ: أَوْ قَدْرَهُ بِاعْتِبَارِ هَذَا اهـ سم عَلَى حَجّ. لَكِنْ لَيْسَ لَفْظُ الْأَلْفِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فَالْمُبَالَغَةُ فِيهِ ظَاهِرَةٌ، وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ كَلَامٍ مَا نَصُّهُ: فَقَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلِمَ جِنْسَهُ وَقَدْرَهُ وَصِفَتَهُ: أَيْ عَلِمَ الثَّلَاثَةَ فِيهِ بِأَنْ جَهِلَ الثَّلَاثَةَ فِي الْعَقْدِ، أَمَّا لَوْ جَهِلَ فِي الْعَقْدِ الْقَدْرَ فَقَطْ ثُمَّ عَلِمَهُ فِي الْمَجْلِسِ فَيَصِحُّ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ الْبَهْجَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الْعِلْمُ بِالْجِنْسِ وَالصِّفَةِ فِي الْمَجْلِسِ دُونَ الْعَقْدِ، وَظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ أَنَّ أَحَدَهُمَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ الْمَالِكَ مَفْهُومُهُ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ فِي ذِمَّةِ غَيْرِ الْمَالِكِ لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ عَيَّنَ فِي الْمَجْلِسِ وَقَبَضَهُ الْمَالِكُ أَوْ لَا، وَفِي كَلَامِ حَجّ أَنَّهُ إذَا قَارَضَهُ عَلَى دَيْنٍ فِي ذِمَّةِ الْعَامِلِ وَعَيَّنَ وَقَبَضَهُ الْمَالِكُ صَحَّ أَيْ فَيَرُدُّهُ لِلْعَامِلِ بِلَا تَجْدِيدِ عَقْدٍ، وَإِنْ قَارَضَهُ عَلَى دَيْنٍ فِي ذِمَّةِ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ عَيَّنَ فِي الْمَجْلِسِ وَقَبَضَهُ الْمَالِكُ فَيَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ عَقْدٍ عَلَيْهِ بَعْدَ تَعْيِينِهِ وَقَبْضِ الْمَالِكِ لَهُ، وَفَرَّقَ بَيْنَ الْعَامِلِ وَغَيْرِهِ بِأَنَّ مَا فِي ذِمَّةِ غَيْرِ الْعَامِلِ مَعْجُوزٌ عَنْهُ حَالَ الْعَقْدِ، بِخِلَافِ مَا فِي ذِمَّةِ الْعَامِلِ فَإِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى تَحْصِيلِهِ فَصَحَّ الْعَقْدُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَيَّنَهَا فِي الْمَجْلِسِ) أَيْ أَوْ قَالَ لِمَدْيُونِهِ: ادْفَعْهَا إلَيْهِ وَدَفَعَهَا إلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَكَأَنَّ الْمَالِكَ قَالَ لِلْعَامِلِ: قَارَضْتُك عَلَى أَلْفٍ فِي ذِمَّتِي ثُمَّ قَالَ لِمَدْيُونِهِ مَا ذَكَرَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ قَبْلُ قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَكَوْنُهُ مُعَيَّنًا فِي الْعَقْدِ أَوْ مَجْلِسِهِ كَأَنْ قَارَضَهُ عَلَى أَلْفٍ ثُمَّ قَالَ لِمَنْ عَلَيْهِ أَلْفٌ: ادْفَعْهُ إلَيْهِ فَفَعَلَ فِي الْمَجْلِسِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ لَهُ) أَيْ صَاحِبُ الْأَلْفَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَنْفَرِدُ الْعَامِلُ) أَيْ يَجُوزُ لَهُ الِانْفِرَادُ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْمَالِكَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِي حِصَّةِ الْقِرَاضِ بَلْ يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي أَلْفَيْنِ: أَحَدُهُمَا حِصَّةُ الْقِرَاضِ، وَالْآخَرُ حِصَّتُهُ مِنْ الْمُشْتَرَكِ، وَيَدُلُّ لِهَذَا قَوْلُ الشَّارِحِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِكُلٍّ فَسْخُهُ أَوْ بَاعَ مَا اشْتَرَاهُ الْعَامِلُ لِلْقِرَاضِ لَمْ يَكُنْ فَسْخًا لَهُ لِعَدَمِ دَلَالَتِهِ عَلَيْهِ بَلْ بَيْعُهُ إعَانَةٌ لِلْعَامِلِ (قَوْلُهُ: بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ) وَلَوْ مُمَيِّزًا (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ لَهُ) أَيْ الْعَامِلَ (قَوْلُهُ: إنْ عَيَّنَ كُلًّا مِنْهُمَا) لَعَلَّ وَجْهَ اشْتِرَاطِ التَّعْيِينِ أَنَّهُ قَدْ يَشْتَرِي بِكُلٍّ مِنْ الْأَلْفَيْنِ نَوْعًا مُغَايِرًا لِلنَّوْعِ الْآخَرِ وَيَخْتَلِفُ رِبْحُ النَّوْعَيْنِ، فَعَدَمُ التَّمْيِيزِ قَدْ يُؤَدِّي إلَى الْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْ الْأَلْفَيْنِ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ) بِالنَّظَرِ لِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْمَالِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُعَيِّنْ أَحَدَهُمَا) أَيْ أَحَدَ الْقَدْرَيْنِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إحْدَاهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِنْ رَاجَ فَهُوَ قَوْلٌ فِي أَصْلِ الْمَغْشُوشِ وَإِنْ لَمْ يُسْتَهْلَكْ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ عَلَى إحْدَى الصُّرَّتَيْنِ) أَيْ: وَلَا عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ، وَكَانَ يَنْبَغِي لِلشَّيْخِ ذِكْرُهُ تَوْطِئَةً لِلِاسْتِدْرَاكِ الَّذِي ذَكَرَهُ. (قَوْلُهُ: فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ: الْمَالِكِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ سَوَابِقِ كَلَامِهِ وَلَوَاحِقِهِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ فِي هَذَا لِلشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ، وَمِنْ ثَمَّ حُذِفَ مِنْ كَلَامِهِ مَا يُفِيدُ رُجُوعَ الضَّمِيرِ إلَى الْعَامِلِ

وَالْأَصَحُّ حَيْثُ عَلِمَ مَا فِيهَا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ فِي الْعِلْمِ بِنَحْوِ الْقَدْرِ فِي الْمَجْلِسِ بِأَنَّ الْإِبْهَامَ هُنَا أَخَفُّ لِتَعْيِينِ الصُّرَّتَيْنِ، وَإِنَّمَا الْإِبْهَامُ فِي الْمُرَادَةِ مِنْهُمَا بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ (وَ) كَوْنُهُ (مُسَلَّمًا إلَى الْعَامِلِ) بِحَيْثُ يَسْتَقِلُّ بِيَدِهِ عَلَيْهِ لَا أَنَّ الْمُرَادَ تَسَلُّمُهُ وَقْتَ الْعَقْدِ وَلَا فِي الْمَجْلِسِ، بَلْ أَنْ لَا يُشْتَرَطَ عَدَمُ تَسَلُّمِهِ كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ (فَلَا يَجُوزُ) وَلَا يَصِحُّ (شَرْطُ كَوْنِ الْمَالِ فِي يَدِ الْمَالِكِ) أَوْ غَيْرِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يَجِدَهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ (وَ) لَا بُدَّ أَيْضًا مِنْ اسْتِقْلَالِ الْعَامِلِ بِالصَّرْفِ فَحِينَئِذٍ (لَا) يَجُوزُ شَرْطُ (عَمَلِهِ) أَيْ الْمَالِكِ، وَمِثْلُهُ غَيْرُهُ (مَعَهُ) لِأَنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَاهُ مِنْ اسْتِقْلَالِ الْعَامِلِ بِالْعَمَلِ (وَيَجُوزُ) (شَرْطُ عَمَلِ غُلَامِ الْمَالِكِ) أَيْ مَمْلُوكِهِ أَوْ مَنْ يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهُ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ وَهُوَ ظَاهِرٌ. نَعَمْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مَعْلُومًا بِمُشَاهَدَةٍ أَوْ وَصْفٍ (مَعَهُ) سَوَاءٌ أَكَانَ الشَّارِطُ الْعَامِلَ أَمْ الْمَالِكَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ يَدًا وَلَا تَصَرُّفًا (عَلَى الصَّحِيحِ) كَالْمُسَاقَاةِ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَالِهِ فَجَازَ اسْتِتْبَاعُ بَقِيَّةِ الْمَالِ لِعَمَلِهِ وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ كَشَرْطِ عَمَلِ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ يَدَ عَبْدِهِ يَدُهُ. وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ عَبْدَهُ وَبَهِيمَتَهُ مَالُهُ فَجَعَلَ عَمَلَهُمَا تَبَعًا لِلْمَالِ، بِخِلَافِ الْمَالِكِ، أَمَّا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الْحَجْرَ لِلْغُلَامِ أَوْ كَوْنَ بَعْضِ الْمَالِ فِي يَدِهِ فَسَدَ جَزْمًا، وَلَوْ شَرَطَ نَفَقَتَهُ عَلَيْهِ جَازَ، وَالْأَوْجَهُ اشْتِرَاطُ تَقْدِيرِهَا وَكَأَنَّ الْعَامِلَ اسْتَأْجَرَهُ بِهَا، وَقَدْ اعْتَبَرَ أَبُو حَامِدٍ ذَلِكَ فِي نَظِيرِهِ مِنْ عَامِلِ الْمُسَاقَاةِ، وَلَا يُقَاسُ بِالْحَجِّ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْقِيَاسِ فَكَانَتْ الْحَاجَةُ دَاعِيَةً إلَى التَّوْسِعَةِ فِي تَحْصِيلِ تِلْكَ الْعِبَادَةِ الْمُشِقَّةِ (وَوَظِيفَةُ الْعَامِلِ التِّجَارَةُ) وَهِيَ الِاسْتِرْبَاحُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ دُونَ الطَّحْنِ وَالْخَبْزِ، إذْ لَا يُسَمَّى فَاعِلُهَا تَاجِرًا بَلْ مُحْتَرِفًا (وَتَوَابِعُهَا) مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ يَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ (كَنَشْرِ الثِّيَابِ وَطَيِّهَا) وَذَرْعِهَا وَجَعْلِهَا فِي الْوِعَاءِ وَوَزْنِ الْخَفِيفِ وَقَبْضِ الثَّمَنِ وَحَمْلِهِ لِقَضَاءِ الْعُرْفِ بِذَلِكَ (فَلَوْ) (قَارَضَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: حَيْثُ عُلِمَ) أَيْ جِنْسًا وَصِفَةً وَقَدْرًا قَبْلَ الْعَقْدِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَيُفَرَّقُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِتَعْيِينِ الصُّرَّتَيْنِ) أَيْ عِنْدَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَسْتَقِلُّ بِيَدِهِ) أَيْ بِوَضْعِ يَدِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) كَدَارِهِ وَحَانُوتِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ مَمْلُوكَهُ) أَيْ وَلَوْ بَهِيمَةً أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ؛ لِأَنَّ عَبْدَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ) أَيْ الْمَمْلُوكِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَالِهِ) عَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً لِيَشْمَلَ أَجِيرَهُ وَالْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ عَبْدَهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ شَرْطُ عَمَلِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ أَخِيهِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ شَرَطَ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: وَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ يَدًا وَلَا تَصَرُّفًا (قَوْلُهُ: فِي يَدِهِ) أَيْ الْغُلَامِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَرَطَ نَفَقَتَهُ) أَيْ الْمَمْلُوكِ وَخَرَجَ بِهِ الْحُرُّ فَلَا يَجُوزُ فِيهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَالْعَبْدُ الْمُسْتَأْجَرُ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: وَقَدْ اعْتَبَرَ أَبُو حَامِدٍ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: مِنْ عَامِلِ الْمُسَاقَاةِ) عِبَارَةُ الشَّارِحِ ثُمَّ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ يُشْتَرَطُ تَخْصِيصُ الثَّمَنِ بِهِمَا: نَعَمْ لَوْ شَرَطَ نَفَقَةَ قِنِّ الْمَالِكِ عَلَى الْعَامِلِ جَازَ، فَإِنْ قُدِّرْت فَذَاكَ وَإِلَّا حُمِلَ عَلَى الْوَسَطِ الْمُعْتَادِ، وَعَلَيْهِ فَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَلَعَلَّهُ أَنَّ عَقْدَ الْقِرَاضِ لَمَّا كَانَ جَائِزًا مِنْ الطَّرَفَيْنِ تَوَسَّعُوا فِيهِ لِإِمْكَانِ الْمُتَضَرِّرِ مِنْ الْفَسْخِ أَيَّ وَقْتٍ، بِخِلَافِ الْمُسَاقَاةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُقَاسُ) أَيْ الْقِرَاضُ (قَوْلُهُ: بِالْحَجِّ) أَيْ حَيْثُ جَوَّزُوا الِاسْتِئْجَارَ فِيهِ بِالنَّفَقَةِ بِلَا تَقْدِيرٍ لَهَا. [فَرْعٌ] قَارَضَهُ بِمَكَّةَ عَلَى أَنْ يَذْهَبَ إلَى الْيَمَنِ لِيَشْتَرِيَ مِنْ بِضَائِعِهَا وَيَبِيعَهَا هُنَاكَ أَوْ يَرُدَّهَا إلَى مَكَّةَ فَفِي الصِّحَّةِ وَجْهَانِ: الْأَكْثَرُونَ عَلَى الْفَسَادِ؛ لِأَنَّ النَّقْلَ عَمَلٌ مَقْصُودٌ وَقَدْ شَرَطَهُ مَعَ التِّجَارَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ أَقُولُ: قَدْ يُقَالُ لَيْسَ الْمَشْرُوطُ نَقْلَهُ بِنَفْسِهِ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى نَقْلِهِ عَلَى مَا جَرَتْ عَلَيْهِ الْعَادَةُ، وَهُوَ حِينَئِذٍ مِنْ أَعْمَالِ التِّجَارَةِ فَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ. وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ جَوَازِ اسْتِئْجَارِ مَنْ يَطْحَنُ الْحِنْطَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَوَزْنِ الْخَفِيفِ) أَيْ فَإِنْ اسْتَأْجَرَ عَلَى فِعْلِ ذَلِكَ كَانَتْ الْأُجْرَةُ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ كَمَا يُعْلَمُ بِمُقَابَلَةِ كَلَامِهِ مَعَ كَلَامِهِ فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ عُلِمَ مَا فِيهَا) اُنْظُرْ مَا الْحَاجَةُ إلَى هَذَا الْقَيْدِ مَعَ أَنَّهُ مِنْ صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ: دُونَ الطَّحْنِ وَالْخَبْزِ) أَيْ: وَنَحْوِهِمَا، وَلَعَلَّهُ سَاقِطٌ مِنْ النُّسَخِ بِدَلِيلِ تَأْنِيثِ

لِيَشْتَرِيَ حِنْطَةً فَيَطْحَنَ وَيَخْبِزَ أَوْ غَزْلًا) مَثَلًا (يَنْسِجُهُ وَيَبِيعُهُ) أَيْ كُلًّا مِنْهُمَا (فَسَدَ الْقِرَاضُ) لِأَنَّهُ شُرِعَ رُخْصَةً لِلْحَاجَةِ وَهَذِهِ مَضْبُوطَةٌ بِتَيَسُّرِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَيْهَا فَلَمْ تَشْمَلْهَا الرُّخْصَةُ، وَلَوْ اشْتَرَاهَا وَطَحَنَهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ لَمْ يَنْفَسِخْ الْقِرَاضُ فِيهَا، ثُمَّ إنْ طَحَنَ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ لَمْ يَسْتَحِقَّ أُجْرَةً لَهُ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ عَلَيْهِ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ وَصَارَ ضَامِنًا، وَيَغْرَمُ أَرْشَ مَا نَقَصَ بِالطَّحْنِ، فَإِنْ بَاعَهُ لَمْ يَضْمَنْ الثَّمَنَ لِعَدَمِ التَّعَدِّي فِيهِ، وَإِنْ رَبِحَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا عَمَلًا بِالشَّرْطِ، وَلَوْ شَرَطَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْعَامِلُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ، وَحَظُّ الْعَامِلِ التَّصَرُّفُ فَقَطْ، قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: فَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْجَوَازُ، وَنَظَرَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ الرِّبْحَ لَمْ يَنْشَأْ عَنْ تَصَرُّفِ الْعَامِلِ، وَهَذَا أَوْجُهُ، وَلَوْ قَارَضَهُ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ الْحِنْطَةَ وَيُخَزِّنَهَا مُدَّةً، فَإِذَا ارْتَفَعَ سِعْرُهَا بَاعَهَا لَمْ يَصِحَّ قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ غَيْرُ حَاصِلٍ مِنْ جِهَةِ التَّصَرُّفِ، وَفِي الْبَحْرِ نَحْوُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، بَلْ لَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ تَشْتَرِيَ حِنْطَةً وَتَبِيعَهَا فِي الْحَالِ لَمْ يَصِحَّ (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ شِرَاءَ) بِالْمَدِّ بِخَطِّهِ (مَتَاعٍ مُعَيَّنٍ) كَهَذِهِ الْحِنْطَةِ أَوْ هَذَا الْعَبْدِ (أَوْ) شِرَاءَ (نَوْعٍ يَنْدُرُ وُجُودُهُ) كَالْيَاقُوتِ الْأَحْمَرِ وَالْخَيْلِ الْبُلْقِ (أَوْ مُعَامَلَةَ شَخْصٍ) بِعَيْنِهِ كَالْبَيْعِ مِنْ زَيْدٍ وَالشِّرَاءِ مِنْهُ لِإِخْلَالِهِ بِالْمَقْصُودِ بِسَبَبِ التَّضْيِيقِ، وَالْأَوْجَهُ فِي الْأَشْخَاصِ الْمُعَيَّنِينَ أَنَّهُمْ إنْ كَانُوا بِحَيْثُ تَقْضِي الْعَادَةُ بِالرِّبْحِ مَعَهُمْ لَمْ يَضُرَّ، وَإِلَّا ضَرَّ. وَفِي الْحَاوِي: يَضُرُّ تَعْيِينُ حَانُوتٍ كَعَرْضٍ مُعَيَّنٍ لَا سُوقٍ كَنَوْعٍ عَامٍّ، وَلَا يَضُرُّ تَعْيِينُ غَيْرِ نَادِرٍ لَمْ يَدُمْ كَفَاكِهَةٍ رَطْبَةٍ، وَلَوْ نَهَاهُ عَنْ هَذِهِ الْأُمُورِ صَحَّ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ شِرَاءِ غَيْرِهَا وَمُعَامَلَةِ غَيْرِ مَنْ نَهَاهُ عَنْهُ، وَلَوْ قَارَضَهُ عَلَى أَنْ يُصَارِفَ مَعَ الصَّيَارِفَةِ فَهَلْ يَتَعَيَّنُونَ عَمَلًا بِالشَّرْطِ فَتَفْسُدُ الْمُصَارَفَةُ مَعَ غَيْرِهِمْ أَوْ لَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ تَصَرُّفًا لَا مَعَ قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ؟ وَجْهَانِ أَوْجُهُهُمَا ثَانِيهِمَا، وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ مَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِخِلَافِ الْوِكَالَةِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ لِلْعَامِلِ حَظًّا يَحْمِلُهُ عَلَى بَذْلِ الْمَجْهُودِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ، وَعَلَيْهِ الِامْتِثَالُ لِمَا عَيَّنَهُ إنْ عَيَّنَ كَمَا فِي سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ الْمُسْتَفَادَةِ بِالْإِذْنِ، فَالْإِذْنُ فِي الْبَزِّ يَتَنَاوَلُ مَا يُلْبَسُ مِنْ الْمَنْسُوجِ لَا الْأَكْسِيَةَ وَنَحْوَهَا كَالْبُسُطِ عَمَلًا بِالْعُرْفِ (وَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ) نَوْعٍ هُنَا لِمَا مَرَّ وَلَا بَيَانُ (مُدَّةِ الْقِرَاضِ) إذْ لَيْسَ لِلرِّبْحِ زَمَنٌ مَعْلُومٌ وَبِهِ فَارَقَ وُجُوبَ تَعْيِينِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا يَلْزَمُهُ لَهُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَسَدَ الْقِرَاضُ) وَلَوْ شَرَطَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْعَامِلُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ فَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ اهـ عَلَى مَنْهَجٍ، وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اشْتَرَاهَا) أَيْ الْعَامِلُ (قَوْلُهُ: وَصَارَ ضَامِنًا) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَوْ اشْتَرَاهَا إلَخْ، وَقَوْلِهِ: وَلَوْ اسْتَأْجَرَ عَلَيْهِ إلَخْ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى مَنْهَجٍ صَرَّحَ بِرُجُوعِهِ لَهُمَا (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ التَّنْظِيرُ أَوْجَهُ: أَيْ فَلَا يَجُوزُ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ حِنْطَةً وَيَبِيعَهَا فِي الْحَالِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) أَيْ لِتَضْيِيقِهِ عَلَيْهِ بِطَلَبِ الْفَوْرِيَّةِ فِي الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ فِي الْحَالِ كَانَ قِرَاضًا صَحِيحًا (قَوْلُهُ: بِالْمَدِّ بِخَطِّهِ) أَيْ فَالْقَصْرُ، وَإِنْ كَانَ جَائِزًا لَكِنْ يَنْبَغِي الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا أَثْبَتَهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: أَوْ مُعَامَلَةَ شَخْصٍ بِعَيْنِهِ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِحُصُولِ الرِّبْحِ بِمُعَامَلَتِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَشْخَاصِ الْمُعَيَّنِينَ سُهُولَةُ الْمُعَامَلَةِ مَعَ الْأَشْخَاصِ أَكْثَرَ مِنْهَا مَعَ الْوَاحِدِ لِاحْتِمَالِ قِيَامِ مَانِعٍ بِهِ تَفُوتُ الْمُعَامَلَةُ مَعَهُ (قَوْلُهُ: صَحَّ) أَيْ الْقِرَاضُ (قَوْلُهُ: مَعَ الصَّيَارِفَةِ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الْجَائِزِ (قَوْلُهُ: يَتَنَاوَلُ مَا يُلْبَسُ) أَيْ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ كَانَ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ نَوْعٍ إلَخْ) وَعِبَارَةُ حَجّ هُنَا بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَيَانُ نَوْعٍ هُنَا: وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْوَكِيلِ بِأَنَّ لِلْعَامِلِ حَظًّا يَحْمِلُهُ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQالضَّمِيرِ فِي فَاعِلِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَرَطَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْعَامِلُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ) أَيْ: فِي صُورَةِ الْمَتْنِ فَهُوَ اسْتِدْرَاكٌ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَنَظَرَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ الرِّبْحَ إلَخْ) صَوَابُهُ إنْ كَانَ الرِّبْحُ إلَخْ لِيُوَافِقَ مَا فِي الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ قَارَضَهُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي فَاشْتَرَى هُوَ وَآخَرُ بِاخْتِيَارِهِ إلَى ارْتِفَاعِ السِّعْرِ لَمْ يَضُرَّ. (قَوْلُهُ: بَلْ لَوْ قَالَ عَلَى أَنْ تَشْتَرِيَ حِنْطَةً إلَخْ) نَقَلَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ عَنْ الشَّارِحِ أَنَّهُ قَرَّرَ أَنَّهُ يُتَّجَهُ أَنَّ سَبَبَ عَدَمِ الصِّحَّةِ تَقْيِيدٌ بِالْحَالِ فَقَدْ لَا يَحْصُلُ الرِّبْحُ؛ فَإِنْ أَطْلَقَ اُتُّجِهَ الصِّحَّةُ؛ إذْ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ قَيَّدَ إذْنَهُ بِنَوْعٍ خَاصٍّ وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: نَوْعٍ هُنَا) أَيْ: خِلَافُ الْوَكِيلِ كَمَا مَرَّ

فِي الْمُسَاقَاةِ، وَلَوْ قَالَ: قَارَضْتُك مَا شِئْت أَوْ شِئْت جَازَ كَمَا هُوَ شَأْنُ الْعَقْدِ الْجَائِزِ أَوْ عَلَّقَهُ عَلَى شَرْطٍ كَإِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَقَدْ قَارَضْتُك، أَوْ عَلَّقَ تَصَرُّفَهُ كَقَارَضْتُكَ الْآنَ وَلَا تَتَصَرَّفْ إلَى انْقِضَاءِ الشَّهْرِ، أَوْ دَفَعَ لَهُ مَالًا وَقَالَ: إذَا مِتُّ فَتَصَرَّفْ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ قِرَاضًا عَلَى أَنَّ لَك نِصْفَ الرِّبْحِ لَمْ يَصِحَّ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ بَعْدَ مَوْتِهِ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ وَلِبُطْلَانِ الْقِرَاضِ بِمَوْتِهِ لَوْ صَحَّ (فَلَوْ ذَكَرَ) لَهُ (مُدَّةً) عَلَى جِهَةِ تَأْقِيتِهِ بِهَا كَسَنَةٍ فَسَدَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَسَكَتَ أَمْ مَنَعَهُ التَّصَرُّفَ بَعْدَهَا أَمْ الْبَيْعَ أَمْ الشِّرَاءَ إذْ تِلْكَ الْمُدَّةُ قَدْ لَا يَرُوجُ فِيهَا شَيْءٌ، وَإِنْ ذَكَرَهَا لَا عَلَى وَجْهِ التَّأْقِيتِ (وَمَنَعَهُ التَّصَرُّفَ بَعْدَهَا) كَقَارَضْتُكَ عَلَى كَذَا وَلَا تَتَصَرَّفْ بَعْدَ سَنَةٍ (فَسَدَ) لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَجِدُ فِيهَا رَاغِبًا فِي شِرَاءِ مَا عِنْدَهُ مِنْ الْعَرَضِ (وَإِنْ مَنَعَهُ الشِّرَاءَ بَعْدَهَا) دُونَ الْبَيْعِ (فَلَا) يَفْسُدُ (فِي الْأَصَحِّ) لِحُصُولِ الِاسْتِرْبَاحِ بِالْبَيْعِ الَّذِي لَهُ فِعْلُهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ تَمْثِيلِ التَّنْبِيهِ بِشَهْرٍ أَنْ تَكُونَ الْمُدَّةُ يَتَأَتَّى فِيهَا الشِّرَاءُ لِغَرَضِ الرِّبْحِ، بِخِلَافِ نَحْوِ سَاعَةٍ، وَلَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ مَجْهُولَةً كَمُدَّةِ إقَامَةِ الْعَسْكَرِ لَمْ يَصِحَّ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ. وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّ ذِكْرَ الْمُدَّةِ ابْتِدَاءَ تَأْقِيتٍ مُضِرٌّ إنْ مَنَعَهُ بَعْدَهَا مُتَرَاخِيًا عَنْهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: قَارَضْتُك سَنَةً وَذَكَرَ مَنْعَ الشِّرَاءِ مُتَّصِلًا لِضَعْفِ التَّأْقِيتِ حِينَئِذٍ، وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ كَلَامَيْ الشَّيْخِ فِي شَرْحَيْ الْمَنْهَجِ وَالرَّوْضِ وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِمَنْعِ الشِّرَاءِ بَعْدَهَا: أَيْ دُونَ الْبَيْعِ أَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْهُ بِأَنْ قَالَ: وَلَك الْبَيْعُ بَعْدَهَا، أَوْ سَكَتَ عَنْهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ وَاخْتَارَهُ فِي الْمَطْلَبِ فِي الثَّانِيَةِ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِيهَا الْفَسَادَ (وَيُشْتَرَطُ اخْتِصَاصُهُمَا بِالرِّبْحِ) فَيَمْتَنِعُ شَرْطُ بَعْضِهِ لِثَالِثٍ مَا لَمْ يَشْرُطْ عَلَيْهِ الْعَمَلَ مَعَهُ فَيَكُونُ قِرَاضًا بَيْنَ اثْنَيْنِ، نَعَمْ شَرْطُهُ لِقِنِّ أَحَدِهِمَا كَشَرْطِهِ لِسَيِّدِهِ (وَاشْتِرَاكِهِمَا فِيهِ) لِيَأْخُذَ الْمَالِكُ بِمِلْكِهِ وَالْعَامِلُ بِعَمَلِهِ، فَلَوْ شَرَطَ اخْتِصَاصَ أَحَدِهِمَا بِهِ لَمْ يَصِحَّ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِهَذَا لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ اخْتِصَاصِهِمَا بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبَذْلِ الْجَهْدِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ قِرَاضًا) مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ، وَإِلَّا فَلَوْ حَذَفَهُ كَانَ فَاسِدًا أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ بَعْدَ مَوْتِهِ) أَمَّا تَصَرُّفُهُ بَعْدَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فِي الصُّورَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَ هَذِهِ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْوِكَالَةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا بَطَلَ خُصُوصُهَا تُصْرَفُ بِعُمُومِ الْإِذْنِ صِحَّةُ التَّصَرُّفِ هُنَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْقِرَاضَ نَوْعٌ مِنْ الْوِكَالَةِ، بَلْ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِيهَا صِحَّةُ الْقِرَاضِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَجَّزَ الْوِكَالَةَ وَعَلَّقَ التَّصَرُّفَ لَمْ يَمْتَنِعْ، لَكِنْ فَرَّقَ حَجّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ تَأْخِيرَ التَّصَرُّفِ مُنَافٍ لِغَرَضِ الرِّبْحِ بِخِلَافِ الْوِكَالَةِ (قَوْلُهُ: أَمْ الشِّرَاءَ) سَيَأْتِي لَهُ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ مَحِلَّ الْفَسَادِ فِيمَا لَوْ مَنَعَهُ الشِّرَاءَ بَعْدَ ذِكْرِ السَّنَةِ إنْ مَنَعَهُ مُتَرَاخِيًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ مَنَعَهُ مُتَّصِلًا فَلَا يَفْسُدُ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ) مِنْ قَوْلِهِ: وَإِنْ ذَكَرَهَا لَا عَلَى وَجْهِ التَّأْقِيتِ، لَكِنْ قَدْ يُتَوَقَّفُ فِي عِلْمِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّفْصِيلِ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: قَارَضْتُك) صَرِيحُ هَذِهِ الصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ قَالَ: قَارَضْتُك وَلَا تَتَصَرَّفْ بَعْدَ شَهْرٍ وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ الْجَزْمُ بِالْبُطْلَانِ وَهُوَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ مَنْعَ التَّصَرُّفِ فِيهِ تَضْيِيقٌ لِجَوَازِ أَنْ لَا يَتَيَسَّرَ لَهُ بَيْعُ مَا اشْتَرَاهُ فِي الشَّهْرِ فَيَتَعَطَّلُ بَعْدَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَسَنَةٍ) بِأَنْ قَالَ قَارَضْتُكَ سَنَةً كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: أَمْ الشِّرَاءُ) مَحَلُّهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي إنْ وَقَعَ الْمَنْعُ مُتَرَاخِيًا (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ) لَمْ يُعْلَمْ هَذَا مِمَّا قَرَّرَهُ بَلْ عُلِمَ مِنْهُ خِلَافُهُ وَهُوَ أَنَّ ذِكْرَ الْمُدَّةِ عَلَى وَجْهِ التَّأْقِيتِ مُضِرٌّ مُطْلَقًا وَأَنَّ التَّفْصِيلَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا ذَكَرَهَا لَا عَلَى وَجْهِ التَّأْقِيتِ. (قَوْلُهُ: إنْ مَنَعَهُ بَعْدَهَا مُتَرَاخِيًا) أَيْ: أَوْ سَكَتَ (قَوْلُهُ: مُتَرَاخِيًا) لَعَلَّهُ بِأَنْ فَصَلَهُ عَنْ الْكَلَامِ بِمَا فَوْقَ سَكْتَةِ التَّنَفُّسِ وَالْعَيِّ كَمَا قَدْ يُرْشِدُ إلَيْهِ مُقَابَلَتُهُ بِمُتَّصِلًا فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ كَلَامَيْ الشَّيْخِ فِي شَرْحَيْ الْمَنْهَجِ وَالرَّوْضِ) أَيْ عَلَى مَا فِي بَعْضِ نُسَخِ شَرْحِ الرَّوْضِ، وَفِي بَعْضِهَا مَا يُوَافِقُ مَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ

مَرْدُودٌ بِمَنْعِ اللُّزُومِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرَادَ بِاخْتِصَاصِهِمَا بِهِ أَنْ لَا يَخْرُجَ عَنْهُمَا، وَإِنْ اسْتَأْثَرَ بِهِ أَحَدُهُمَا فَتَعَيَّنَ ذِكْرُ الِاشْتِرَاكِ لِزَوَالِ ذَلِكَ الْإِبْهَامِ (فَلَوْ) (قَالَ: قَارَضْتُك عَلَى أَنَّ كُلَّ الرِّبْحِ لَك) (فَقِرَاضٌ فَاسِدٌ) لِمُخَالَفَتِهِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ عَمِلَ طَامِعًا، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَكَانَ عَالَمًا بِالْفَسَادِ أَمْ لَا، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ طَامِعٌ فِيمَا أَوْجَبَهُ لَهُ الشَّرْعُ مِنْ الْأُجْرَةِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ (وَقِيلَ قِرَاضٌ صَحِيحٌ) نَظَرًا لِلْمَعْنَى (وَإِنْ قَالَ) الْمَالِكُ (كُلُّهُ لِي فَقِرَاضٌ فَاسِدٌ) لِمَا مَرَّ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ وَإِنْ ظَنَّ وُجُوبَهَا (وَقِيلَ) هُوَ (إبْضَاعٌ) أَيْ تَوْكِيلٌ بِلَا جُعْلٍ، وَالْبِضَاعَةُ الْمَالُ الْمَبْعُوثُ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ قَالَ: أَبْضَعْتُكَ عَلَى أَنَّ نِصْفَ الرِّبْحِ لَك أَوْ كُلَّهُ لَك هَلْ يَكُونُ قِرَاضًا فَاسِدًا أَوْ إبْضَاعًا، وَلَوْ قَالَ: خُذْهُ وَتَصَرَّفْ فِيهِ وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لَك فَقَرْضٌ صَحِيحٌ أَوْ كُلُّهُ لِي فَإِبْضَاعٌ، وَفَارَقَتْ هَذِهِ مَا مَرَّ قَبْلَهَا بِأَنَّ اللَّفْظَ فِيهَا صَرِيحٌ فِي عَقْدٍ آخَرَ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: أَبْضَعْتُكَ فَهُوَ بِمَثَابَةِ تَصَرُّفٍ وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِي فَيَكُونُ إبْضَاعًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ. قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَكَلَامُ الْفُورَانِيِّ وَغَيْرِهِ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ دَرَاهِمَ وَقَالَ: اتَّجِرْ فِيهَا لِنَفْسِك كَانَ هِبَةً لَا قَرْضًا فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي الْوِكَالَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي عَبْدَ فُلَانٍ بِكَذَا فَفَعَلَ مَلَكَهُ الْآمِرُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ شَرْطِ جُزْءٍ لِلْمَالِكِ وَجُزْءٍ لِلْعَامِلِ وَجُزْءٍ لِلْمَالِ أَوْ الدَّابَّةِ الَّتِي يَدْفَعُهَا الْمَالِكُ لِلْعَامِلِ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مَالُ الْقِرَاضِ مَثَلًا هَلْ هُوَ صَحِيحٌ أَمْ بَاطِلٌ؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ الصِّحَّةُ، وَكَأَنَّ الْمَالِكَ شَرَطَ لِنَفْسِهِ جُزْأَيْنِ وَلِلْعَامِلِ جُزْءًا وَهُوَ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَأْثَرَ) أَيْ اسْتَقَلَّ (قَوْلُهُ: وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) أَيْ لِلْعَامِلِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) أَيْ حَجّ تَبَعًا لِلشَّيْخِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ (قَوْلُهُ: وَالْبِضَاعَةُ) أَيْ فَتَفْسِيرُ الْإِبْضَاعِ بِالتَّوْكِيلِ تَفْسِيرٌ مُرَادٌ، وَإِلَّا فَمَعْنَى أَبْضَعَهُ دَفَعَ لَهُ بِضَاعَةً: أَيْ مَالًا مَبْعُوثًا (قَوْلُهُ أَوْ إبْضَاعًا) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ كَوْنِهِ إبْضَاعًا مَعَ جَعْلِ نِصْفِ الرِّبْحِ لَهُ فِي الْأُولَى وَكُلِّهِ فِي الثَّانِيَةِ مَعَ كَوْنِ الْإِبْضَاعِ هُوَ التَّوْكِيلَ بِلَا جُعْلٍ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ أَنْ يُقَالَ: وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ قَالَ أَبْضَعْتُكَ عَلَى أَنَّ نِصْفَ الرِّبْحِ لَك هَلْ هُوَ قِرَاضٌ فَاسِدٌ أَوْ قَرْضٌ وَفِيمَا لَوْ قَالَ: أَبْضَعْتُكَ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ كُلَّهُ لِي هَلْ قِرَاضٌ صَحِيحٌ أَوْ إبْضَاعٌ (قَوْلُهُ: فَقَرْضٌ صَحِيحٌ) أَيْ فَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْعَامِلِ، وَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ كَانَ مِنْ ضَمَانِهِ، وَعَلَيْهِ رَدُّ مِثْلِ مَا قَبَضَهُ مِنْ الْمَالِكِ لَهُ (قَوْلُهُ: فَإِبْضَاعٌ) أَيْ تَوْكِيلٌ بِلَا جُعْلٍ فَيَصِحُّ تَصَرُّفُ الْعَامِلِ وَكُلُّ الرِّبْحِ لِلْمَالِكِ (قَوْلُهُ: كَانَ هِبَةً) أَيْ لِلدَّرَاهِمِ لَا قَرْضًا، اُنْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا لَوْ قَالَ: خُذْهُ وَتَصَرَّفْ فِيهِ إلَخْ، وَقَدْ يُقَالُ التَّنْصِيصُ فِي الْأُولَى عَلَى تَخْصِيصِ الْعَامِلِ بِالرِّبْحِ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ الْهِبَةِ، بِخِلَافِهِ فِي الثَّانِيَةِ فَإِنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ اتَّجِرْ فِيهِ لِنَفْسِك الْهِبَةُ، هَذَا وَقَدْ نَقَلَ سم فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ عَنْ الشَّارِحِ أَنَّهُ اعْتَمَدَ فِي تِلْكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلَا مُخَالَفَةَ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَكَانَ عَالِمًا بِالْفَسَادِ) أَيْ: وَإِنْ ظَنَّ أَنْ لَا أُجْرَةَ لَهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَالْبِضَاعَةُ الْمَالُ الْمَبْعُوثُ) فِي التُّحْفَةِ قَبْلَ هَذَا مَا نَصُّهُ: الْإِبْضَاعُ بَعْثُ الْمَالِ مَعَ مَنْ يَتَّجِرُ لَهُ بِهِ تَبَرُّعًا، ثُمَّ قَالَ: وَالْبِضَاعَةُ الْمَالُ الْمَبْعُوثُ، وَلَعَلَّ مَا فِي التُّحْفَةِ سَقَطَ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ مِنْ الْكَتَبَةِ، وَإِلَّا فَقَوْلُهُ: وَالْبِضَاعَةُ إلَخْ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: وَفَارَقَتْ هَذِهِ) يَعْنِي خُذْهُ وَتَصَرَّفْ فِيهِ وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لَك، وَقَوْلُهُ: مَا مَرَّ قَبْلَهَا: يَعْنِي مَا فِي الْمَتْنِ، وَمَا أَعْقَبَهُ بِهِ، وَقَوْلُهُ: بِأَنَّ اللَّفْظَ فِيهَا: يَعْنِي فِيمَا قَبْلَهَا فَالضَّمِيرُ فِي فِيهَا يَرْجِعُ إلَى مَعْنًى مَا: أَيْ: الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ قَبْلَهَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ كَالرَّوْضَةِ وَكَانَ الْأَوْضَحُ تَذْكِيرَ ضَمِيرِ فِيهَا. (قَوْلُهُ: وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ) أَيْ: حَيْثُ لَمْ يَجْعَلْ دَفْعَ الثَّمَنِ هِبَةً، وَكَأَنَّ الْفَرْقَ أَنَّهُ هُنَا دَفَعَ الْمَالَ لَهُ نَفْسَهُ بِصِيغَةٍ تُشْعِرُ بِالتَّمْلِيكِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ.

وَرَجَعَ عَلَيْهِ الْمَأْمُورُ بِبَدَلِ مَا دَفَعَهُ وَاضِحٌ، وَلَوْ قَالَ: خُذْ الْمَالَ قِرَاضًا بِالنِّصْفِ مَثَلًا صَحَّ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ رَجَّحَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ، وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ: إنَّ النِّصْفَ لِي فَيَكُونُ فَاسِدًا وَادَّعَى الْعَامِلُ الْعَكْسَ صُدِّقَ الْعَامِلُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ (وَكَوْنُهُ مَعْلُومًا بِالْجُزْئِيَّةِ) كَنِصْفٍ أَوْ ثُلُثٍ (فَلَوْ) (قَالَ) : قَارَضْتُك (عَلَى أَنَّ لَك) أَوْ لِي (فِيهِ شَرِكَةً أَوْ نَصِيبًا) أَوْ جُزْءًا أَوْ شَيْئًا مِنْ الرِّبْحِ، أَوْ عَلَى أَنْ يَخُصَّنِي دَابَّةٌ تُشْتَرَى مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، أَوْ تَخُصَّنِي بِرُكُوبِهَا أَوْ بِرِبْحِ أَحَدِ الْأَلْفَيْنِ مَثَلًا وَلَوْ مَخْلُوطَيْنِ، أَوْ عَلَى أَنَّك إنْ رَبِحَتْ أَلْفًا فَلَكَ نِصْفُهُ أَوْ أَلْفَيْنِ فَلَكَ رُبْعُهُ (فَسَدَ) الْقِرَاضُ فِي جَمِيعِهَا لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ الرِّبْحِ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأُوَلِ وَتَعْيِينِهَا فِي الْأَخِيرَةِ، وَلِأَنَّ الدَّابَّةَ فِي صُورَتِهَا الثَّانِيَةِ قَدْ تُنْقَصُ بِالِاسْتِعْمَالِ وَيَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِيهَا، وَلِأَنَّهُ خِصِّيصُ الْعَامِلِ فِي الَّتِي تَلِيهَا وَفِي صُورَتِهَا الْأُولَى بِرِبْحِ بَعْضِ الْمَالِ (أَوْ) عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ (بَيْنَنَا فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ وَيَكُونُ نِصْفَيْنِ) كَمَا لَوْ قَالَ: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ فُلَانٍ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْهُ حِينَئِذٍ الْمُنَاصَفَةُ. وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ غَيْرَ الْمُنَاصَفَةِ فَلَا يَكُونُ الْجُزْءُ مَعْلُومًا كَمَا لَوْ قَالَ: بِعْتُك بِأَلْفٍ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ، وَلَوْ قَالَ: قَارَضْتُك عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَنَا أَثْلَاثًا لَمْ يَصِحَّ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ لِلْجَهْلِ بِمَنْ لَهُ الثُّلُثُ وَمَنْ لَهُ الثُّلُثَانِ، أَوْ قَارَضْتُك كَقِرَاضِ فُلَانٍ صَحَّ إنْ عَلِمَا قَدْرَ الْمَشْرُوطِ وَإِلَّا فَلَا، أَوْ قَارَضْتُك وَلَك رُبْعُ سُدُسِ الْعُشْرِ صَحَّ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ قَدْرَهَا عِنْدَ الْعَقْدِ لِسُهُولَةِ مَعْرِفَتِهِ كَمَا لَوْ بَاعَهُ مُرَابَحَةً وَجَهِلَا حِسَابَهُ حَالَ الْعَقْدِ (وَلَوْ قَالَ: لِي النِّصْفُ) مَثَلًا وَسَكَتَ عَمَّا لِلْعَامِلِ (فَسَدَ فِي الْأَصَحِّ) لِانْصِرَافِ الرِّبْحِ لِلْمَالِكِ أَصَالَةً لِأَنَّهُ نَمَاءُ مَالِهِ دُونَ الْعَامِلِ فَصَارَ كُلُّهُ مُخْتَصًّا بِالْمَالِكِ، وَالثَّانِي يَصِحُّ وَيَكُونُ النِّصْفُ الْآخَرُ لِلْعَامِلِ (وَإِنْ قَالَ: لَك النِّصْفُ) وَسَكَتَ عَنْ جَانِبِهِ (صَحَّ عَنْ الصَّحِيحِ) لِانْصِرَافِ مَا لَمْ يَشْرُطْ لِلْمَالِكِ بِحُكْمِ الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ وَإِسْنَادُ كُلِّ مَا ذَكَرَ لِلْمَالِكِ مِثَالٌ، فَلَوْ صَدَرَ مِنْ الْعَامِلِ شَرْطٌ مُشْتَمِلٌ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرَ فَكَذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ كَالَّتِي قَبْلَهَا (وَلَوْ) عَلِمَ لَكِنْ لَا بِالْجُزْئِيَّةِ كَأَنْ (شَرَطَ لِأَحَدِهِمَا عَشَرَةً) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالشِّينِ وَالْبَاقِي لِلْآخَرِ أَوْ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (أَوْ رِبْحَ صِنْفٍ) كَالرَّقِيقِ (فَسَدَ) الْقِرَاضُ لِانْتِفَاءِ الْعِلْمِ بِالْجُزْئِيَّةِ، وَلِأَنَّ الرِّبْحَ قَدْ يَنْحَصِرُ فِيمَا قَدَّرَهُ أَوْ فِي ذَلِكَ الصِّنْفِ فَيُؤَدِّي لِاسْتِقْلَالِ أَحَدِهِمَا بِالرِّبْحِ، وَهُوَ خِلَافُ وَضْعِ الْبَابِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنَّهُ هِبَةُ فَتَكُونُ الْمَسْأَلَتَانِ مُسْتَوِيَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَاضِحٌ) وَهُوَ أَنْ اشْتَرِ لِي عَبْدَ فُلَانٍ يَسْتَدْعِي لُزُومَ الثَّمَنِ لِذِمَّةِ الْآمِرِ فَدَفْعُ الْوَكِيلِ عَنْهُ قَضَاءٌ لِدَيْنِ الْغَيْرِ بِإِذْنِهِ وَهُوَ يَقْتَضِي الرُّجُوعَ، بِخِلَافِ اتَّجِرْ فِيهَا لِنَفْسِك فَإِنَّهُ إذْنٌ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ لِلْمَأْمُورِ مِنْ غَيْرِ قَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى رُجُوعِ بَدَلِهِ لِلْآمِرِ (قَوْلُهُ: صَحَّ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ) أَيْ وَيَكُونُ الرِّبْحُ مُنَاصَفَةً بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: شَرِكَةً أَوْ نَصِيبًا) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ مُشَاطَرَةً فَلَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ: فِي الْأَرْبَعَةِ الْأُوَلِ) هِيَ قَوْلُهُ شَرِكَةً أَوْ نَصِيبًا أَوْ جُزْءًا أَوْ شَيْئًا مِنْ الرِّبْحِ (قَوْلُهُ: وَتَعْيِينُهَا فِي الْأَخِيرَةِ) هِيَ قَوْلُهُ أَوْ عَلَى أَنَّك إنْ رَبِحْت أَلْفًا فَلَكَ نِصْفُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَفِي صُورَتِهَا) أَيْ الدَّابَّةِ (قَوْلُهُ: صَحَّ إنْ عَلِمَا) أَيْ عِنْدَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ قَدْرَهَا) أَيْ الْحِصَّةِ (قَوْلُهُ: فَصَارَ كُلُّهُ مُخْتَصًّا) يُحْتَمَلُ أَنْ تَجِبَ الْأُجْرَةُ هُنَا عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ إذْ لَيْسَ فِي الصِّيغَةِ تَصْرِيحٌ بِنَفْيِهِ عَنْ الْعَامِلِ اهـ سم عَلَى حَجّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِالنِّصْفِ مَثَلًا صَحَّ) أَيْ: وَيَكُونُ الْمَشْرُوطُ لِلْعَامِلِ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ إنَّ النِّصْفَ لِي) أَيْ: النِّصْفُ الَّذِي وَقَعَ النَّصُّ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَتَعْيِينُهَا) يَعْنِي الْجُزْئِيَّةَ (قَوْلُهُ:؛ وَلِأَنَّهُ خَصَّصَ الْعَامِلَ فِي الَّتِي تَلِيهَا وَفِي صُورَتِهَا الْأُولَى بِرِبْحِ بَعْضِ الْمَالِ) أَيْ: حَيْثُ خَصَّصَ نَفْسَهُ مِنْ الْمَالِ بِالدَّابَّةِ أَوْ بِرِبْحِ أَحَدِ الْأَلْفَيْنِ، فَيَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْعَامِلِ إلَّا رِبْحُ مَا عَدَا ذَلِكَ.

[فصل في بيان العاقدين وأحكام القراض]

(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الصِّيغَةِ، وَمَا يُشْتَرَطُ فِي الْعَاقِدَيْنِ، وَذِكْرُ أَحْكَامِ الْقِرَاضِ (يُشْتَرَطُ) لِصِحَّةِ الْقَرْضِ أَيْضًا (إيجَابٌ) كَقَارَضْتُكَ وَعَامَلْتُكَ وَضَارَبْتُكَ وَخُذْ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ وَاتَّجِرْ فِيهَا أَوْ بِعْ وَاشْتَرِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَنَا، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى بِعْ وَاشْتَرِ فَسَدَ (وَقَبُولٌ) بِلَفْظٍ مُتَّصِلٍ بِالْإِيجَابِ كَنَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ، وَمُرَادُهُ بِالشَّرْطِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَيَشْمَلُ الرُّكْنَ كَمَا هُنَا (وَقِيلَ يَكْفِي الْقَبُولُ بِالْفِعْلِ) كَمَا فِي الْوَكَالَةِ وَالْجَعَالَةِ. وَرُدَّ بِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يَخْتَصُّ بِمُعَيَّنٍ فَلَا يُشْبِهُهُمَا، وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ هَذَا الْوَجْهَ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ كَخُذْ هَذَا الْأَلْفَ مَثَلًا وَاتَّجِرْ فِيهِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَنَا أَوْ بِغَيْرِ هَذِهِ الصِّيغَةِ كَقَارَضْتُك وَضَارَبْتُك، وَحَمَلَ الشَّارِحُ كَأَكْثَرِ الشُّرَّاحِ ذَلِكَ عَلَى الْحَالَةِ الْأُولَى. قَالَ الْغَزِّيِّ. وَلَك أَنْ تَقُولَ هَذِهِ طَرِيقَةٌ تَقَدَّمَتْ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ فِي صِيَغِ الْعُقُودِ دُونَ صِيَغِ الْأَمْرِ، وَحِينَئِذٍ فَإِطْلَاقُ الْكِتَابِ الْوَجْهَ صَحِيحٌ لِأَنَّ هَذَا الْعَقْدَ وَكَالَةٌ فِي الِابْتِدَاءِ قَطْعًا وَلَنَا وَجْهٌ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّهُ يَكْفِي الْقَبُولُ بِالْفِعْلِ مُطْلَقًا. (وَشَرْطُهُمَا) أَيْ الْمَالِكِ وَالْعَامِلِ (كَوَكِيلٍ وَمُوَكِّلٍ) لِأَنَّ الْمَالِكَ كَالْمُوَكِّلِ وَالْعَامِلَ كَالْوَكِيلِ، فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَلَمْ يَأْذَنْ السَّيِّدُ فِي ذَلِكَ أَوْ الْعَامِلُ أَعْمَى لَمْ يَصِحَّ، وَيَجُوزُ لِوَلِيٍّ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ سَفِيهٍ أَنْ يُقَارِضَ مَنْ يَجُوزُ إيدَاعُهُ الْمَالَ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلُ) فِي بَيَانِ الصِّيغَةِ (قَوْلُهُ: وَذِكْرُ أَحْكَامِ الْقِرَاضِ) أَيْ شَيْءٍ مِنْ أَحْكَامِهِ وَإِلَّا فَمَا مَرَّ وَيَأْتِي بَعْدَهُ مِنْ أَحْكَامِهِ أَيْضًا، وَلَعَلَّ حِكْمَةَ تَأْخِيرِ الصِّيغَةِ أَنَّ مَا عَدَاهَا كَأَنَّهُ مُقَدَّمَةٌ عَلَيْهَا، وَأَنَّ مُقَارَضَةَ الْمَالِكِ لِاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ وَمُقَارَضَةَ الْعَامِلِ آخَرَ لِافْتِقَارِهَا لِلصِّيغَةِ كَأَنَّهَا مِنْ جُزْئِيَّاتِهَا فَطَالَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا فَأَخَّرَهَا لِذَلِكَ وَتَرْجَمَ لَهَا بِالْفَصْلِ لِأَنَّهَا بِاعْتِبَارِ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنْ الْأَحْكَامِ الْآتِيَةِ زَائِدَةٌ عَلَى الْأَرْكَانِ مُتَعَلِّقَةٌ بِهَا. (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَنَا) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: فَسَدَ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ إذَا أُرِيدَ الْقِرَاضُ حَتَّى لَوْ أُطْلِقَ كَانَ تَوْكِيلًا صَحِيحًا اهـ سم عَلَى حَجّ، وَقَوْلُهُ تَوْكِيلًا صَحِيحًا: أَيْ بِلَا جُعْلٍ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ فِيهِ شَيْئًا، وَعِبَارَةُ حَجّ: فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى بِعْ أَوْ اشْتَرِ فَسَدَ وَلَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ لَهُ مَطْمَعًا اهـ. وَمِنْهُ يُؤْخَذُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا طَلَبَ مِنْ آخَرَ دَرَاهِمَ لِيَتَّجِرَ فِيهَا فَأَحْضَرَ لَهُ ذَلِكَ وَدَفَعَهُ لَهُ وَقَالَ اتَّجِرْ فِيهَا وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِمَا عَلَّلَ بِهِ حَجّ (قَوْلُهُ: يَخْتَصُّ بِمُعَيَّنٍ فَلَا يُشْبِهُهُمَا) أَيْ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ لَا مُعَاوَضَةَ فِيهَا وَالْجَعَالَةُ لَا تَخْتَصُّ بِمُعَيَّنٍ بَلْ قَدْ يَكُونُ الْعَامِلُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ كَمَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ كَذَا (قَوْلُهُ قَالَ الْغَزِّيِّ إلَخْ) مُرَادُهُ بِهِ صَاحِبُ مَيْدَانِ الْفُرْسَانِ وَلَيْسَ هُوَ ابْنَ قَاسِمٍ شَارِحَ الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ: أَوْ الْعَامِلُ أَعْمَى) أَيْ أَمَّا لَوْ كَانَ الْمَالِكُ أَعْمَى فَيَجُوزُ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَجُوزَ مُقَارَضَتُهُ عَلَى مُعَيَّنٍ كَمَا يَمْتَنِعُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْعَاقِدَيْنِ وَأَحْكَامِ الْقِرَاضِ] فَصْلُ) فِي بَيَانِ الصِّيغَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَنَا) رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى بِعْ وَاشْتَرِ فَسَدَ) أَيْ: وَلَا شَيْءَ لَهُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ، وَهَذَا حِكْمَةُ النَّصِّ عَلَى هَذِهِ دُونَ مَا قَبْلَهَا، وَإِلَّا فَالْفَسَادُ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْجَمِيعِ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ، وَالرِّبْحُ بَيْنَنَا فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَهُ، وَقَضِيَّةُ مَا فِي التُّحْفَةِ اسْتِحْقَاقُ الْعَامِلِ فِي مَسْأَلَةِ اتَّجِرْ فِيهَا إذَا لَمْ يَقُلْ وَالرِّبْحُ بَيْنَنَا وَانْظُرْ مَا وَجْهَهُ (قَوْلُهُ: وَمُرَادُهُ بِالشَّرْطِ) أَيْ: هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي حَتَّى يَتَأَتَّى التَّعْبِيرُ بِ يَشْمَلُ، وَإِلَّا فَالْمُرَادُ هُنَا

وَلَهُ أَنْ يَشْتَرِطَ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ إنْ لَمْ يَجِدْ كَافِيًا غَيْرَهُ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ أَنْ لَا يَتَضَمَّنُ الْعَقْدُ الْإِذْنَ فِي السَّفَرِ وَإِلَّا فَالْمُتَّجَهُ فِي الْمَطْلَبِ أَنَّهُ كَإِرَادَتِهِ السَّفَرَ بِنَفْسِهِ، أَمَّا الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَارِضَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَامِلًا وَيَصِحُّ مِنْ الْمَرِيضِ، وَلَا يُحْسَبُ مَا زَادَ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّ الْمَحْسُوبَ مِنْهُ مَا يَفُوتُهُ مِنْ مَالِهِ، وَالرِّبْحُ لَيْسَ بِحَاصِلٍ حَتَّى يَفُوتَهُ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ يُتَوَقَّعُ حُصُولُهُ، وَإِذَا حَصَلَ كَانَ بِتَصَرُّفِ الْعَامِلِ، بِخِلَافِ مُسَاقَاتِهِ فَإِنَّهُ يُحْسَبُ فِيهَا ذَلِكَ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّ الثِّمَارَ فِيهَا مِنْ عَيْنِ الْمَالِ بِخِلَافِهِ. (وَلَوْ) (قَارَضَ الْعَامِلُ) شَخْصًا (آخَرَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ لِيُشَارِكَهُ) ذَلِكَ الْآخَرُ (فِي الْعَمَلِ وَالرِّبْحِ) (لَمْ يَجُزْ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْقِرَاضَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، وَمَوْضُوعُهُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ مَالِكًا لَا عَمَلَ لَهُ وَالْآخَرُ عَامِلًا وَلَوْ مُتَعَدِّدًا لَا مِلْكَ لَهُ فَلَا يَعْدِلُ إلَى أَنْ يَعْقِدَ عَامِلَانِ، وَمَحَلُّ الْمَنْعِ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِي. أَمَّا الْأَوَّلُ فَالْقِرَاضُ بَاقٍ فِي حَقِّهِ، فَإِنْ تَصَرَّفَ الثَّانِي فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْمَالِكِ، وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ حَيْثُ لَمْ يَعْمَلْ شَيْئًا. وَالثَّانِي يَجُوزُ، كَمَا يَجُوزُ لِلْمَالِكِ أَنْ يُقَارِضَ شَخْصَيْنِ فِي الِابْتِدَاءِ، وَرُدَّ بِمَا مَرَّ. وَخَرَجَ بِيُشَارِكُهُ مَا إذَا أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ لِيَنْسَلِخَ مِنْ الْقِرَاضِ وَيَكُونَ وَكِيلًا فِيهِ فَيَصِحَّ، وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إذَا كَانَ الْمَالُ مِمَّا يَجُوزُ عَلَيْهِ الْقِرَاضُ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ قِرَاضٍ، فَلَوْ وَقَعَ بَعْدَ تَصَرُّفِهِ وَصَيْرُورَةِ الْمَالِ عَرْضًا لَمْ يَجُزْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ عَدَمِ التَّعْيِينِ أَنْ يُقَارِضَ إلَّا أَمِينًا، وَالْأَشْبَهُ فِي الْمَطْلَبِ انْعِزَالُهُ بِمُجَرَّدِ الْإِذْنِ لَهُ فِي ذَلِكَ إنْ ابْتَدَأَهُ الْمَالِكُ بِهِ لَا إنْ أَجَابَ بِهِ سُؤَالَهُ فِيهِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا فِيمَا إذَا أَمَرَهُ أَمْرًا جَازِمًا، لَا كَمَا صَوَّرَهُ الدَّارِمِيُّ إنْ رَأَيْت أَنْ تُقَارِضَ غَيْرَك فَافْعَلْ (وَبِغَيْرِ إذْنِهِ فَاسِدٌ) مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَقَصَدَ الْمُشَارَكَةَ فِي عَمَلٍ وَرِبْحٍ أَمْ رِبْحٍ فَقَطْ أَمْ قَصَدَ الِانْسِلَاخَ لِانْتِفَاءِ إذْنِ الْمَالِكِ فِيهِ وَائْتِمَانِهِ عَلَى الْمَالِ غَيْرَهُ، كَمَا لَوْ أَرَادَ الْوَصِيُّ أَنْ يُنْزِلَ وَصِيًّا مَنْزِلَتَهُ فِي حَيَاتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبَيْعُهُ الْمُعَيَّنَ، وَأَنْ لَا يَجُوزَ إقْبَاضُهُ الْمُعَيَّنَ فَلَا بُدَّ مِنْ تَوْكِيلِهِ فَرَاجِعْهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: قَدْ يُقَالُ فِيهِ نَظَرٌ إذْ الْقِرَاضُ تَوْكِيلٌ، وَهُوَ لَا يَمْتَنِعُ فِي الْمُعَيَّنِ كَقَوْلِهِ لِوَكِيلِهِ بِعْ هَذَا الثَّوْبَ وَتَقَدَّمَ فِي الشَّرِكَةِ لِلْمُحَشِّي عَلَى حَجّ مَا يُوَافِقُ هَذَا النَّظَرَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا هُنَا لَيْسَ تَوْكِيلًا مَحْضًا بِدَلِيلِ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ هُنَا لَفْظًا (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يَشْتَرِطَ لَهُ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَشْتَرِطُ جُزْءًا مِنْ الرِّبْحِ تَقْضِي الْعَادَةُ بِحُصُولِ مِثْلِهِ وَهُوَ يَزِيدُ فِي الْوَاقِعِ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَإِلَّا فَشَرْطُ قَدْرٍ مَعْلُومٍ كَعَشَرَةٍ يُفْسِدُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: أَنَّهُ كَإِرَادَتِهِ السَّفَرَ بِنَفْسِهِ) وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ السَّفَرُ لِإِذْنٍ لَكِنْ لَا يَرْكَبُ الْبَحْرَ إلَّا إذَا تَعَيَّنَ طَرِيقًا أَوْ نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي أَيْضًا حَيْثُ عَرَضَ الْإِذْنَ فِي السَّفَرِ بَعْدَ الْعَقْدِ، أَمَّا لَوْ قَارَضَهُ لِيَجْلِبَ مِنْ بَلْدَةٍ إلَى أُخْرَى لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ عَمَلٌ زَائِدٌ عَلَى التِّجَارَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُحْسَبُ فِيهَا ذَلِكَ) أَيْ مَا زَادَ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: فَالْقِرَاضُ بَاقٍ فِي حَقِّهِ) أَيْ وَلَا يَكُونُ إذْنُ الْمَالِكِ لَهُ عَزْلًا (قَوْلُهُ: فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) أَيْ عَلَى الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَعْمَلْ شَيْئًا) أَيْ أَمَّا لَوْ عَمِلَ فَهَلْ يَكُونُ الرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْمَالِكِ أَوْ لَهُمَا بِحَسَبِ مَا شَرَطَاهُ أَوْ لِلْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ بِقَدْرِ عَمَلِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: لِيَنْسَلِخَ) أَيْ لِيَخْرُجَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ وَكِيلًا) فِيهِ أَيْ فِي إقْرَاضِهِ لِلثَّانِي (قَوْلُهُ: وَالْأَشْبَهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِ الْإِذْنِ لَهُ فِي ذَلِكَ) وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ لَمَّا كَانَ الْمَأْذُونُ فِيهِ غَيْرَ صَحِيحٍ جُعِلَ كَالْعَدَمِ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ أَجَابَ) أَيْ الْمَالِكُ، فَإِنْ أَجَابَ سُؤَالَهُ لَمْ يَنْعَزِلْ ـــــــــــــــــــــــــــــQخُصُوصُ الرُّكْنِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَعْمَلْ شَيْئًا) قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْمَالِكِ وَفِي قَوْلِهِ وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ، أَمَّا لَوْ عَمِلَ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْمَشْرُوطَ إذْ الصُّورَةُ أَنَّ الْقِرَاضَ بَاقٍ فِي حَقِّهِ، وَاسْتَقْرَبَ الشَّيْخُ هَذَا فِي حَاشِيَتِهِ مِنْ ثَلَاثِ احْتِمَالَاتٍ لَهُ (قَوْلُهُ: لَا إنْ أَجَابَ بِهِ سُؤَالَهُ) أَيْ: فَلَا يَنْعَزِلُ بِمُجَرَّدِ الْإِذْنِ، وَفِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ أَنْ يَنْعَزِلَ بِالْعَقْدِ

يُقِيمُهُ فِي كُلِّ مَا هُوَ مَنُوطٌ بِهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَوْ أَرَادَ نَاظِر وَقْفٍ شَرَطَ لَهُ النَّاظِرُ إقَامَةَ غَيْرِهِ مُقَامَهُ وَإِخْرَاجَ نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ فِي الْوَصِيِّ. قَالَ: وَلَقَدْ وَقَعَتْ لِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْفَتَاوَى وَلَمْ أَتَرَدَّدْ فِي أَنَّ ذَلِكَ مَمْنُوعٌ (فَإِنْ تَصَرَّفَ) الْعَامِلُ (الثَّانِي) بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ (فَتَصَرُّفُ غَاصِبٍ) فَيَضْمَنُ مَا تَصَرَّفَ فِيهِ لِأَنَّ الْإِذْنَ صَدَرَ مِمَّنْ لَيْسَ بِمَالِكٍ وَلَا وَكِيلٍ (فَإِنْ) (اشْتَرَى) لِلْأَوَّلِ (فِي الذِّمَّةِ) وَنَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ وَرَبِحَ (وَقُلْنَا بِالْجَدِيدِ) الْمُقَرَّرِ فِي الْمَذْهَبِ الْمَعْلُومِ لِمَنْ لَهُ أَدْنَى إلْمَامٌ بِهِ وَهُوَ أَنَّ الرِّبْحَ لِلْغَاصِبِ إذَا اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ وَنَقَدَ مِنْ الْمَغْصُوبِ لِصِحَّةِ شِرَائِهِ وَإِنَّمَا الْفَاسِدُ تَسْلِيمُهُ فَيَضْمَنُ مَا سَلَّمَهُ، وَبِمَا تَقَرَّرَ انْدَفَعَ مَا قِيلَ لَمْ يَتَقَدَّمْ لِهَذَا الْجَدِيدِ ذِكْرٌ فَلَا تَحْسُنُ الْإِحَالَةُ عَلَيْهِ (فَالرِّبْحُ) هُنَا كُلُّهُ (لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الثَّانِيَ تَصَرَّفَ بِإِذْنِهِ فَأَشْبَهَ الْوَكِيلَ (وَعَلَيْهِ لِلثَّانِي أُجْرَتُهُ) هُوَ مِنْ زِيَادَتِهِ مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ مَجَّانًا (وَقِيلَ هُوَ لِلثَّانِي) جَمِيعُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَصَرَّفْ بِإِذْنِ الْمَالِكِ فَأَشْبَهَ الْغَاصِبَ، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ. أَمَّا لَوْ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ لِنَفْسِهِ فَيَقَعُ لِنَفْسِهِ (وَإِنْ) (اشْتَرَى بِغَيْرِ مَالِ الْقِرَاضِ) (فَبَاطِلٌ) شِرَاؤُهُ لِأَنَّهُ شِرَاءٌ فُضُولِيٌّ. (وَيَجُوزُ أَنْ) (يُقَارِضَ) الْمَالِكُ (الْوَاحِدُ اثْنَيْنِ) (مُتَفَاضِلًا) حَظَّهُمَا مِنْ الرِّبْحِ وَيَجِبُ تَعْيِينُ أَكْثَرِهِمَا (وَمُتَسَاوِيًا) لِأَنَّ عَقْدَهُ مَعَهُمَا كَعَقْدَيْنِ، وَإِنْ شَرَطَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا مُرَاجَعَةَ الْآخَرِ لَمْ يَضُرَّ كَمَا رَجَّحَهُ جَمْعٌ. خِلَافًا لِمَا أَطَالَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ لِأَنَّهُمَا بِمَنْزِلَةِ عَامِلٍ وَاحِدٍ فَهُوَ غَيْرُ مُنَافٍ لِمَا مَرَّ مِنْ اشْتِرَاطِ اسْتِقْلَالِ الْعَامِلِ، وَقَوْلُهُمْ لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ مُشْرِفًا لَمْ يَصِحَّ (وَ) يَجُوزُ أَنْ يُقَارِضَ (الِاثْنَانِ وَاحِدًا) لِأَنَّهُ كَعَقْدَيْنِ وَيُشْتَرَطُ فِيمَا إذَا تَفَاوَتَا ـــــــــــــــــــــــــــــSإلَّا بِمُقَارَضَةِ غَيْرِهِ. وَقَوْلُهُ سُؤَالُهُ: أَيْ الْعَامِلِ. وَقَوْلُهُ وَهَذَا: أَيْ انْعِزَالُهُ بِمُجَرَّدِ الْإِذْنِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَرَادَ نَاظِرُ وَقْفٍ شَرَطَ لَهُ) وَمِنْهُ الْأَرْشَدُ فِي الْوَقْفِ الْأَهْلِيِّ الْمَشْرُوطِ فِيهِ النَّظَرُ لِأَرْشَدِ كُلِّ طَبَقَةٍ عَلَيْهَا، فَلَا يَجُوزُ لَهُ إخْرَاجُ نَفْسِهِ وَإِقَامَةُ غَيْرِهِ مُقَامَهُ. وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَا يَنْفُذُ وَحَقُّهُ بَاقٍ (قَوْلُهُ: وَإِخْرَاجَ نَفْسِهِ) أَيْ أَمَّا لَوْ أَقَامَهُ مُقَامَهُ فِي أُمُورٍ خَاصَّةٍ كَالتَّصَرُّفِ فِي عِمَارَةٍ أَوْ نَحْوِهَا مَعَ بَقَاءِ الْمُقِيمِ عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ لَمْ يَمْتَنِعْ، لَكِنْ مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّ الْوَصِيَّ وَالْقَيِّمَ لَا يُوَكِّلُ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَّا فِيمَا يَعْجِزُ عَنْهُ أَوْ لَمْ تَلْقَ بِهِ مُبَاشَرَتُهُ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ إقَامَةُ غَيْرِهِ فِي الْأُمُورِ الْخَاصَّةِ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ وَعَدَمِ اللِّيَاقَةِ، وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي النَّاظِرِ، ثُمَّ قَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ أَنَّ النَّاظِرَ لَا يَجُوزُ لَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ وَفِي بَابِ الْوَقْفِ مَا يُخَالِفُهُ. وَالْجَوَابُ أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِيمَا لَوْ أَرَادَ عَزْلَ نَفْسِهِ وَإِقَامَةَ غَيْرِهِ مُقَامَهُ وَمَا هُنَاكَ فِي مُجَرَّدِ الْعَزْلِ فَلَا تُخَالِفُ، وَخَرَجَ بِمَنْ شَرَطَ لَهُ النَّظَرَ غَيْرُهُ فَلَهُ إخْرَاجُ نَفْسِهِ مِنْ النَّظَرِ مَتَى شَاءَ، وَيَصِيرُ الْحَقُّ فِي ذَلِكَ لِلْقَاضِي يُقَرِّرُ فِيهِ مَنْ شَاءَ كَبَقِيَّةِ الْوَظَائِفِ، وَإِذَا أَسْقَطَ حَقَّهُ لِغَيْرِهِ جَازَ لَهُ الْأَخْذُ فِي مُقَابَلَةِ الْإِسْقَاطِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْقَسَمِ وَالنُّشُوزِ وَالْجَعَالَةِ (قَوْلُهُ: كَانَ كَمَا مَرَّ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ: وَلَقَدْ وَقَعَتْ لِي) أَيْ عِنْدِي (قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ) هُوَ قَوْلُ الْمُقَرِّرِ فِي الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ: انْدَفَعَ مَا قِيلَ) فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَلَعَلَّ وَجْهَهُ مَنْعُ أَنَّ ذَلِكَ مَعْلُومٌ لِمَنْ ذَكَرَ بَلْ لَا يَهْتَدِي إلَيْهِ إلَّا مَنْ لَهُ كَثْرَةُ إحَاطَةٍ فَلَا تَنْبَغِي الْإِحَالَةُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزٍ) أَيْ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِاصْطِلَاحِهِ مِنْ أَنَّ مَا زَادَهُ يُمَيِّزُهُ بِقَوْلِهِ فِي أَوَّلِهِ قُلْت وَفِي آخِرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْجَوَابُ أَنَّهُ عُلِمَ مِنْ تَتَبُّعِ كَلَامِهِ أَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْكَلِمَةِ أَوْ الْكَلِمَتَيْنِ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ لِنَفْسِهِ) أَيْ أَوْ أَطْلَقَ. بَقِيَ مَا لَوْ نَوَى نَفْسَهُ وَالْعَامِلَ الْأَوَّلَ هَلْ يَقَعُ لَهُمَا أَوْ لِلْعَامِلِ الثَّانِي؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ بِالدَّرْسِ أَنَّهُ يَقَعُ لِلْعَامِلِ الثَّانِي قِيَاسًا عَلَى مَا فِي الْوَكَالَةِ مِنْ أَنَّ الْوَكِيلَ لَوْ اشْتَرَى فِي ذِمَّتِهِ وَنَوَى نَفْسَهُ وَمُوَكِّلَهُ وَقَعَ لِلْوَكِيلِ. أَقُولُ: هَذَا قَرِيبٌ فِيمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي شِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ، فَإِنَّهُ حَيْثُ نَوَى نَفْسَهُ، وَالْمَالِكُ لَمْ يَأْذَنْ بِمَا أَذِنَ لَهُ فِي شِرَائِهِ، أَمَّا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِشَيْءٍ بِخُصُوصِهِ فَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ وَيَكُونُ مَا اشْتَرَاهُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ فَيَقَعُ لِنَفْسِهِ) أَيْ لَا الْقِرَاضُ فَيَكُونُ الرِّبْحُ كُلُّهُ لَهُ وَالْمَالُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ ضَمَانَ الْغُصُوبِ. (قَوْلُهُ وَيَجِبُ تَعْيِينُ أَكْثَرِهِمَا) أَيْ حَظًّا (قَوْلُهُ لَمْ يَصِحَّ) وَذَلِكَ لَمَّا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُمَا بِمَنْزِلَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQانْتَهَى وَلَعَلَّ الْمُرَادَ انْعِزَالُهُ بِالشُّرُوعِ فِي الْعَقْدِ وَإِلَّا لَزِمَ عَلَيْهِ الْمَحْظُورُ الْمُتَقَدِّمُ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ تَعْيِينُ أَكْثَرِهِمَا) الْمُرَادُ تَعْيِينُ أَحَدِهِمَا

فِيمَا شَرَطَ لَهُ تَعْيِينُ مَنْ لَهُ الْأَكْثَرُ (وَالرِّبْحُ بَعْدَ نَصِيبِ الْعَامِلِ بَيْنَهُمَا بِحَسَبِ الْمَالِ) وَإِلَّا فَسَدَ لِمَا فِيهِ مِنْ شَرْطِ بَعْضِ الرِّبْحِ لِمَنْ لَيْسَ بِمَالِكٍ وَلَا عَامِلٍ. (وَإِذَا فَسَدَ الْقِرَاضُ) وَبَقِيَ الْإِذْنُ لِنَحْوِ فَوَاتِ شَرْطٍ كَكَوْنِهِ غَيْرَ نَقْدٍ وَالْمُقَارِضُ مَالِكٌ (نَفَذَ تَصَرُّفُ الْعَامِلِ) نَظَرًا لِبَقَاءِ الْإِذْنِ كَالْوَكَالَةِ الْفَاسِدَةِ، أَمَّا إذَا فَسَدَ لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الْعَاقِدِ أَوْ وَالْمُقَارِضُ وَلِيٌّ أَوْ وَكِيلٌ فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ (وَالرِّبْحُ) بِكَمَالِهِ (لِلْمَالِكِ) لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ وَالْخَسْرَانُ عَلَيْهِ أَيْضًا (وَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِ عَمَلِهِ) وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ رِبْحٌ لِأَنَّهُ عَمِلَ طَامِعًا فِي الْمُسَمَّى وَلَمْ يُسَلِّمْ فَرَجَعَ إلَى الْأُجْرَةِ وَإِنْ عُلِمَ الْفَسَادُ وَظَنَّ أَنَّ الْأُجْرَةَ نَظِيرُ مَا مَرَّ كَمَا أَفَادَهُ السُّبْكِيُّ (إلَّا إذَا قَالَ قَارَضْتُك وَجَمِيعُ الرِّبْحِ لِي فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ عَمِلَ مَجَّانًا غَيْرَ طَامِعٍ فِي شَيْءٍ. وَالثَّانِي يَرْجِعُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ كَسَائِرِ أَسْبَابِ الْفَسَادِ. (وَيَتَصَرَّفُ الْعَامِلُ مُحْتَاطًا لَا بِغَبْنٍ) فَاحِشٍ فِي نَحْوِ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءِ (وَلَا نَسِيئَةٍ) فِي ذَلِكَ لِلْغَرَرِ وَلِاحْتِمَالِ تَلَفِ رَأْسِ الْمَالِ فَتَبْقَى الْعُهْدَةُ مُتَعَلِّقَةً بِالْمَالِكِ (بِلَا إذْنٍ) كَالْوَكِيلِ، فَإِنْ أَذِنَ جَازَ لِأَنَّ الْمَنْعَ لَحِقَهُ وَقَدْ زَالَ بِإِذْنِهِ، وَيَأْتِي فِي التَّعَرُّضِ فِي النَّسِيئَةِ فِي قَدْرِ الْمُدَّةِ مَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSعَامِلٍ إلَخْ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ بِمَنْزِلَةِ عَامِلٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: فِيمَا شَرَطَهُ لَهُ) أَيْ الْعَامِلُ (قَوْلُهُ مَنْ لَهُ الْأَكْثَرُ) عِبَارَةُ حَجّ عَلَيْهِ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ هِيَ الْأَوْضَحُ لِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِعَلَيْهِ يُوهِمُ ثُبُوتَ الْأَكْثَرِ فِي ذِمَّةِ أَحَدِ الْمَالِكَيْنِ. نَعَمْ الْأَوْضَحُ مِنْهُمَا أَنْ يَقُولَ مِنْ الْأَكْثَرِ مِنْ جِهَتِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَسَدَ) أَيْ بِأَنْ شَرَطَ التَّسَاوِيَ بَيْنَ الْمَالِكَيْنِ أَوْ شَرَطَ لِصَاحِبِ الْأَقَلِّ مِنْ الْمَالَيْنِ الْأَكْثَرَ مِنْ الرِّبْحِ (قَوْلُهُ: وَالْمُقَارِضُ) أَيْ وَالْحَالُّ (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ) أَيْ وَيَضْمَنُهُ ضَمَانَ الْغُصُوبِ لِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ بِلَا إذْنٍ مِنْ مَالِكِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ رِبْحٌ) أَيْ بَلْ وَإِنْ حَصَلَ خُسْرَانٌ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ حَيْثُ قِيلَ فِيهَا بِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِ أُجْرَةٍ إنْ لَمْ يَحْصُلْ رِبْحٌ فِي الْمَالِ، وَفَرَّقَ أَنَّ الشَّرِيكَ يَعْمَلُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ فَاحْتِيجَ فِي وُجُوبِ أُجْرَتِهِ لِوُجُودِ نَفْعِ شَرِيكِهِ بِخِلَافِ الْعَامِلِ فِي الْقِرَاضِ وَالْمُسَاقَاةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عُلِمَ الْفَسَادُ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ نَظِيرُ مَا مَرَّ) بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَلَوْ قَالَ قَارَضْتُك عَلَى أَنَّ كُلَّ الرِّبْحِ لَك فَقِرَاضٌ فَاسِدٌ مِنْ قَوْلِهِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ كَانَ عَالِمًا بِالْفَسَادِ أَوْ لَا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ طَامِعٌ فِيمَا أَوْجَبَهُ لَهُ الشَّرْعُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ أَوْ قَالَ بِعْ فِي هَذَا وَاشْتَرِ أَوْ قَالَ اتَّجِرْ فِيهِ وَلَمْ يَذْكُرْ رِبْحًا فَلَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ تَوْكِيلٌ لَا قِرَاضٌ. (قَوْلُهُ: وَلَا نَسِيئَةٍ فِي ذَلِكَ) قِيَاسًا عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْمَنْهَجُ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ خَالَفَ وَسَلَّمَ الْمَبِيعُ ضِمْنَ قِيمَةِ يَوْمِ التَّسْلِيمِ، وَعَلَيْهِ فَإِذَا غَرِمَ الْقِيمَةَ هَلْ يَرُدُّهَا لِمَالِ الْقِرَاضِ مِنْ غَيْرِ مُرَاجَعَةِ الْمَالِكِ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْعَزِلْ، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ دَفْعِهَا لِمَالِكٍ وَأَخْذِهَا مِنْهُ لِئَلَّا يَلْزَمَ عَلَيْهِ اتِّحَادُ الْقَابِضِ وَالْمُقْبَضُ لَوْ لَمْ يَدْفَعْهَا لَهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِيمَا لَوْ أَتْلَفَ الْعَامِلُ مَالَ الْقِرَاضِ مِنْ أَنَّهُ يَقْبِضُ الْمَالِكُ مِنْهُ بَدَلَهُ وَيَرُدُّهُ إلَيْهِ كَمَا بَحْثَاهُ وَسَبَقَهُمَا إلَيْهِ الْمُتَوَلِّي (قَوْلُهُ: بِلَا إذْنٍ) أَيْ فِي الْغَبْنِ وَالنَّسِيئَةِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَبِيعُ بِغَيْرِ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ وَلَوْ كَانَ ثَمَّ مَنْ يَرْغَبُ فِيهِ بِتَمَامِ قِيمَتِهِ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّ مَحَلَّ الصِّحَّةِ إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ رَاغِبٌ يَأْخُذُهُ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَذِنَ جَازَ) وَمَعَ جَوَازِهِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُبَالِغَ فِي الْغَبْنِ لِيَبِيعَ مَا يُسَاوِي مِائَةً بِعَشَرَةٍ، بَلْ يَبِيعُ بِمَا تَدُلُّ الْقَرِينَةُ عَلَى ارْتِكَابِهِ عَادَةً فِي مِثْلِ ذَلِكَ: أَيْ فَإِنْ بَالَغَ فِي الْغَبْنِ لَمْ يَصِحَّ تَصَرُّفُهُ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ إنْ عَيَّنَ لَهُ قَدْرًا اتَّبَعَ، وَإِلَّا فَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ الْآخَرِ إمَّا بِتَعْيِينِ أَكْثَرِهِمَا أَوْ أَقَلِّهِمَا، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: نَظِيرُ مَا مَرَّ) الَّذِي مَرَّ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ وَإِنْ عَلِمَ الْفَسَادَ. وَأَمَّا كَوْنُهُ يَسْتَحِقُّ مَعَ ظَنِّ أَنْ لَا أُجْرَةَ فَهُوَ لَمْ يَمُرَّ فِي كَلَامِهِ وَإِنَّمَا أَفَادَهُ هُنَا، وَهُوَ مُخَالِفٌ فِيهِ لِلشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: لِلْغَرَرِ) يَرْجِعُ لِلْبَيْعِ، وَقَوْلُهُ: وَلِاحْتِمَالِ إلَخْ رَاجِعٌ لِلشِّرَاءِ (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي فِي التَّعَرُّضِ فِي النَّسِيئَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَمِنْ ثَمَّ

وَيَجِبُ الْإِشْهَادُ وَإِلَّا ضَمِنَ، بِخِلَافِ الْحَالِ لِأَنَّهُ يَحْبِسُ الْمَبِيعَ إلَى اسْتِيفَاءِ ثَمَنِهِ، وَمَتَى أَذِنَ فِي التَّسْلِيمِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ لَمْ يَجِبْ إشْهَادٌ لِعَدَمِ جَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالْإِشْهَادِ فِي الْبَيْعِ الْحَالِّ. وَالْمُرَادُ بِالْإِشْهَادِ الْوَاجِبِ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنْ لَا يُسَلِّمَ الْمَبِيعُ حَتَّى يُشْهِدَ شَاهِدَيْنِ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْعَقْدِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: أَوْ وَاحِدًا ثِقَةً اهـ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ عَلَى الْعَقْدِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ قَدْ تَيَسَّرَ لَهُ الْبَيْعُ بِرِبْحٍ بِدُونِ شَاهِدَيْنِ، وَلَوْ أَخَّرَ لِحُضُورِهِمَا فَاتَ ذَلِكَ فَجَازَ لَهُ الْعَقْدُ بِدُونِهِمَا وَلَزِمَهُ الْإِشْهَادُ عِنْدَ التَّسْلِيمِ. (وَلَهُ) (الْبَيْعُ) وَمِثْلُهُ الشِّرَاءُ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ (بِعَرْضٍ) وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْمَالِكُ إذْ الْغَرَضُ الرِّبْحُ وَقَدْ يَكُونُ فِيهِ، وَبِهِ فَارَقَ الْوَكِيلَ، وَقَضَيْتُهُ أَنَّ لَهُ الْبَيْعَ بِنَقْدِ غَيْرِ الْبَلَدِ، لَكِنْ مَنَعَهُ الْعِرَاقِيُّونَ وَجَزْمًا بِهِ فِي الشَّرِكَةِ، وَفَرَّقَ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ نَقْدَ غَيْرِ الْبَلَدِ لَا يُرَوَّجُ فِيهَا بِخِلَافِ الْعَرْضِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إنْ رَاجَ جَازَ ذَلِكَ، وَيُؤَيِّدُهُ كَلَامُ ابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ السَّابِقُ (وَلَهُ) بَلْ عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ (الرَّدُّ بِعَيْبٍ) حَالَ كَوْنِ الرَّدِّ ( تَقْتَضِيهِ مَصْلَحَةٌ ) بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ وَلَيْسَ بِضَعِيفٍ وَإِنْ ادَّعَاهُ بَعْضُهُمْ، وَيَصِحُّ كَوْنُهُ حَالًا مِنْ ضَمِيرِ الظَّرْفِ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ إذَا تَقَدَّمَ لَا يَتَحَمَّلُ ضَمِيرًا مَرْدُودٌ، وَيَصِحُّ كَوْنُهُ صِفَةً لِلرَّدِّ إذْ تَعْرِيفُهُ لِلْجِنْسِ وَهُوَ كَالنَّكِرَةِ نَحْوُ {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ} [يس: 37] (فَإِنْ اقْتَضَتْ) الْمَصْلَحَةُ (الْإِمْسَاكَ فَلَا) يَرُدُّهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِإِخْلَالِهِ بِمَقْصُودِ الْعَقْدِ. وَالثَّانِي نَعَمْ كَالْوَكِيلِ، فَإِنْ اسْتَوَى الرَّدُّ وَالْإِمْسَاكُ كَانَ لَهُ الرَّدُّ قَطْعًا كَمَا فِي الْبَسِيطِ (وَلِلْمَالِكِ الرَّدُّ) حَيْثُ يَجُوزُ لِلْعَامِلِ وَأَوْلَى لِمِلْكِهِ الْأَصْلَ، ثُمَّ إنْ كَانَ الشِّرَاءُ بِالْعَيْنِ رَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَانَ ثَمَّ عُرْفٌ فِي الْأَجَلِ حُمِلَ عَلَيْهِ وَإِلَّا رَاعَى الْمَصْلَحَةَ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ الْإِشْهَادُ) أَيْ فِي النَّسِيئَةِ، وَاقْتِصَارُهُ فِي وُجُوبِ الْإِشْهَادِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ بَيَانُ الْمُشْتَرِي لِلْمَالِكِ، وَهَذَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي الْوَكِيلِ، وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْعَامِلَ هُنَا لَمَّا كَانَ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الرِّبْحِ وَكَانَ مُطَالَبًا بِتَنْضِيضِ رَأْسِ الْمَالِ أَغْنَى ذَلِكَ عَنْ بَيَانِهِ لِلْمَالِكِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا ضَمِنَ) أَيْ بِالْقِيمَةِ وَقْتَ التَّسْلِيمِ وَيَكُونُ لِلْحَيْلُولَةِ لَا أَنَّهُ يَضْمَنُ الثَّمَنَ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ جَرَيَانِ الْعَادَةِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْعَادَةَ لَوْ جَرَتْ بِهِ فِي مَحَلِّ الْقِرَاضِ وَعَلِمَ الْمَالِكُ بِهَا وَجَبَ الْإِشْهَادُ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَوْ وَاحِدًا ثِقَةً) أَيْ وَلَوْ مَسْتُورًا كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ إذْ الْغَرَضُ الرِّبْحُ. (قَوْلُهُ: وَجَزْمًا بِهِ) أَيْ بِالْمَنْعِ وَاعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ ثَمَّ (قَوْلُهُ: السَّابِقُ) أَيْ فِي الشَّرِكَةِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً) أَيْ كَوْنُهُ حَالًا عَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ أَيْ مِنْ صِحَّةِ مَجِيءِ الْحَالِ مِنْ الْمُبْتَدَإِ (قَوْلُهُ: نَحْوُ {وَآيَةٌ لَهُمُ} [يس: 37] أَيْ فَإِنَّ " نَسْلَخُ " الْآيَةَ صِفَةٌ لِلَّيْلِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَرُدُّهُ) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ وَلَا يَنْفُذُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: كَانَ لَهُ الرَّدُّ قَطْعًا) وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا يَأْتِي قَرِيبًا مِنْ أَنَّهُ إذَا اسْتَوَى الْأَمْرَانِ فِي الْمَصْلَحَةِ رَجَعَ إلَى اخْتِيَارِ الْعَامِلِ لِأَنَّ ذَاكَ عِنْدَ اخْتِلَافِهِمَا، وَمَا هُنَا فِيمَا إذَا تَوَافَقَا عَلَى اسْتِوَاءِ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ حَيْثُ يَجُوزُ لِلْعَامِلِ) وَذَلِكَ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ الْمَصْلَحَةُ فِي الْإِبْقَاءِ (قَوْلُهُ: أَوْلَى لِمِلْكِهِ الْأَصْلَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: بَلْ الْقِيَاسُ وُجُوبُهُ: أَيْ الرَّدُّ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِيهِ عَلَى الْعَامِلِ كَعَكْسِهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَنَازَعَ فِي حَوَاشِي حَجّ فِي صُورَةِ الْعَكْسِ، وَتُوَجَّهُ الْمُنَازَعَةُ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَالِكَ حَيْثُ رَضِيَ بِعَيْبِهِ فَقَدْ رَضِيَ بِالتَّفْوِيتِ عَلَى نَفْسِهِ، وَالْعَامِلُ هُوَ الْمُبَاشِرُ لِلْعَقْدِ فَإِنْ أَرَادَ الرَّدَّ وَكَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لَمْ يَمْنَعْهُ الْمَالِكُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: رَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ) قَدْ يَتَعَذَّرُ ذَلِكَ لِعَدَمِ ثُبُوتِ الْحَالِ مَعَ إنْكَارِ الْبَائِعِ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ فَيَكُونُ الرَّدُّ مِنْ جِهَةِ الْعَامِلِ فَقَطْ، فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ الْمَالِكُ بِالظَّفَرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQجَرَى هُنَا فِي قَدْرِ النَّسِيئَةِ وَإِطْلَاقِهَا فِي الْبَيْعِ مَا مَرَّ ثَمَّ: أَيْ فِي الْوَكَالَةِ. (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ الْإِشْهَادُ) أَيْ: فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: عَلَى إقْرَارِهِ) أَيْ: الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ كَلَامُ ابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ السَّابِقُ) أَيْ: فِي الشَّرِكَةِ

وَنَقَضَ الْبَيْعَ أَوْ فِي الذِّمَّةِ صَرَفَهُ لِلْعَامِلِ، وَفِي وُقُوعِهِ لَهُ مَا مَرَّ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي الْوَكِيلِ بَيْنَ أَنْ يُسَمِّيَهُ فِي الْعَقْدِ وَيُصَدِّقَهُ الْبَائِعُ وَأَنْ لَا. (وَإِنْ) (اخْتَلَفَا) أَيْ الْمَالِكُ وَالْعَامِلُ فِي الرَّدِّ وَعَدَمِهِ (عَمِلَ) مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ ( بِالْمَصْلَحَةِ ) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا حَقًّا فَإِنْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ فِيهَا رَجَعَ إلَى اخْتِيَارِ الْعَامِلِ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ شِرَاءِ الْمَعِيبِ بِقِيمَتِهِ: أَيْ فَكَانَ جَانِبُهُ هُنَا أَقْوَى (وَلَا) (يُعَامَلُ الْمَالِكُ) بِمَالِ الْقِرَاضِ: أَيْ لَا يَبِيعُهُ إيَّاهُ لِأَدَائِهِ إلَى بَيْعِ مَالِهِ بِمَالِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى لَهُ مِنْهُ بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ يَمْتَنِعُ لِكَوْنِهِ مُتَضَمِّنًا فَسْخَ الْقِرَاضِ، وَلِهَذَا لَوْ اشْتَرَى ذَلِكَ مِنْهُ بِشَرْطِ بَقَاءِ الْقِرَاضِ بَطَلَ فِيمَا يَظْهَرُ وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُ بَعْضِهِمْ الصِّحَّةَ مُطْلَقًا، وَلَوْ كَانَ لَهُ عَامِلَانِ مُسْتَقِلَّانِ فَهَلْ لِأَحَدِهِمَا مُعَامَلَةُ الْآخَرِ؟ وَجْهَانِ: أَوْجَهُهُمَا نَعَمْ إنْ أَثْبَتَ الْمَالِكُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الِاسْتِقْلَالَ بِالتَّصَرُّفِ أَوْ الِاجْتِمَاعَ فَلَا كَالْوَصِيَّيْنِ عَلَى مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِيهِمَا وَرَجَّحَهُ غَيْرُهُ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلْإِصْطَخْرِيِّ مَنْعُ بَيْعِ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ فَيَأْتِي نَظِيرُ ذَلِكَ فِي الْعَامِلَيْنِ. (وَلَا يَشْتَرِي لِلْقِرَاضِ بِأَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) وَالرِّبْحُ إلَّا بِإِذْنِ الْمَالِكِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ. عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ رُجُوعٌ بِغَيْرِ إذْنِهِ إلَى هَذِهِ أَيْضًا وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ أَرَهُ نَصًّا وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يَرْضَ بِهِ، فَإِنْ فَعَلَ فَسَيَأْتِي ـــــــــــــــــــــــــــــS [فَرْعٌ] لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الشِّرَاءِ سَلَمًا جَازَ، وَفِي الْبَيْعِ سَلَمًا لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْحَظَّ غَالِبًا فِي الشِّرَاءِ سَلَمًا دُونَ الْبَيْعِ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. قَالَ: وَالْإِذْنُ فِي النَّسِيئَةِ لَا يَتَنَاوَلُ السَّلَمَ لِأَنَّهُ غَرَرٌ، وَكَأَنَّ الْمُرَادَ فِي مَسْأَلَةِ السَّلَمِ أَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ سِوَى الْبَيْعِ سَلَمًا أَوْ الشِّرَاءِ سَلَمًا فَيَصِحُّ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى. وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَدْ يُقَالُ الْأَوْجَهُ الْجَوَازُ: أَيْ فِي الْأُولَى وَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ لَا يَتَنَاوَلُ السَّلَمَ: أَيْ لَا بَيْعًا وَلَا شِرَاءً اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَقَوْلُهُ وَفِي الْبَيْعِ سَلَمًا لَا يَجُوزُ قَالَ حَجّ: وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ اهـ: أَيْ فَالْقِيَاسُ الْجَوَازُ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا لَا يَعْدُوهُمَا، فَحَيْثُ أَذِنَ جَازَ لِأَنَّهُ رَاضٍ بِالضَّرَرِ وَالْعَامِلُ هُوَ الْمُبَاشِرُ (قَوْلُهُ: وَنَقَضَ الْبَيْعَ) أَيْ فَسَخَهُ (قَوْلُهُ: صَرَفَهُ) أَيْ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ وَأَنْ لَا) أَيْ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ سَمَّاهُ وَصَدَّقَهُ لَمْ يَقَعْ الْعَقْدُ لِلْوَكِيلِ وَإِلَّا وَقَعَ لَهُ. (قَوْلُهُ: مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ) أَوْ الْمُحَكِّمِ اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُعَامَلُ الْمَالِكُ) أَيْ وَلَا وَكِيلُهُ حَيْثُ كَانَ يَشْتَرِي لِلْمَالِكِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى) أَيْ الْعَامِلُ لِنَفْسِهِ مَالَ الْقِرَاضِ وَذَلِكَ بِأَنْ اشْتَرَى الْعَامِلُ مَالَ الْقِرَاضِ لِنَفْسِهِ بِعَيْنٍ مِنْ مَالِهِ أَوْ دَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ فَلَا يَمْتَنِعُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ مِنْهُ: أَيْ الْمَالِكُ (قَوْلُهُ: وَجْهَانِ) اعْلَمْ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِمُعَامَلَةِ الْآخَرِ أَنَّ الْآخَرَ يَشْتَرِي مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ لِنَفْسِهِ فَالْجَوَازُ قَرِيبٌ لَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ كَمَا فِي الْوَصِيَّيْنِ الْمُسْتَقِلَّيْنِ، فَإِنَّ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَشْتَرِيَ لِنَفْسِهِ مِنْ الْآخَرِ كَمَا يَأْتِي فِي مَحَلِّهِ بِمَا فِيهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهَا أَنَّ الْآخَرَ يَشْتَرِي لِلْقِرَاضِ مِنْ صَاحِبِهِ بِمَالِ الْقِرَاضِ فَلَا يَنْبَغِي إلَّا الْقَطْعُ بِامْتِنَاعِ ذَلِكَ فَضْلًا عَنْ إجْرَاءِ خِلَافٍ فِيهِ مَعَ تَرْجِيحِ الْجَوَازِ لِأَنَّ فِيهِ مُقَابَلَةَ مَالِ الْمَالِكِ بِمَالِ الْمَالِكِ، فَكَمَا امْتَنَعَ بَيْعُ الْعَامِلِ مِنْ الْمَالِكِ فَيَمْتَنِعُ بَيْعُ أَحَدِ الْعَامِلَيْنِ مِنْ الْآخَرِ لِلْقِرَاضِ لِأَنَّ الْمَالَ لِلْمَالِكِ فَيَلْزَمُ مُقَابَلَةُ مَالِهِ بِمَالِهِ. هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ الْمَالَ وَاحِدٌ وَكُلٌّ مِنْهُمَا عَامِلٌ فِيهِ عَلَى الِاسْتِقْلَالِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ. أَمَّا لَوْ قَارَضَ أَحَدُهُمَا وَحْدَهُ عَلَى مَالٍ وَقَارَضَ الْآخَرَ وَحْدَهُ عَلَى مَالِ آخَرَ كَمَا صَوَّرَ بَعْضُهُمْ بِذَلِكَ مَسْأَلَةَ الْوَجِيهَيْنِ وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَشْتَرِيَ لِنَفْسِهِ مِنْ الْآخَرِ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ الَّذِي مَعَهُ فَالْوَجْهُ جَوَازُ ذَلِكَ، بَلْ الْقَطْعُ بِهِ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ بِالنِّسْبَةِ لِمَا مَعَ الْآخَرِ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ لِقِرَاضِهِ مِمَّا مَعَ الْآخَرِ فَالْوَجْهُ امْتِنَاعُهُ لِأَنَّ فِيهِ مُقَابَلَةَ مَالِ الْمَالِكِ بِمَالِ الْمَالِكِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ الِاجْتِمَاعِ) قَسِيمٌ لِقَوْلِهِ إنْ أَثْبَتَ الْمَالِكُ إلَخْ وَلَوْ قَالَ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِمَا الِاجْتِمَاعَ كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: فَيَأْتِي نَظِيرُ ذَلِكَ فِي الْعَامِلَيْنِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: أَيْ لَا يَبِيعُهُ إيَّاهُ) أَيْ: وَلَا يَشْتَرِي مِنْهُ لِلْقِرَاضِ كَمَا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ هَذَا التَّفْسِيرِ لِإِيهَامِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى مَالَهُ) أَيْ: الْقِرَاضِ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: إنْ أَثْبَتَ الْمَالِكُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الِاسْتِقْلَالَ) هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ.

وَلَا بِغَيْرِ جِنْسِ مَالِهِ أَيْضًا، فَلَوْ كَانَ ذَهَبًا وَوَجَدَ مَا يُبَاعُ بِدَرَاهِمَ بَاعَ الذَّهَبَ بِدَرَاهِمَ ثُمَّ اشْتَرَى ذَلِكَ بِهَا وَلَا بِثَمَنِ الْمِثْلِ مَا لَا يَرْجُو فِيهِ رِبْحًا: أَيْ إلَّا بَعْدَ زَمَنٍ طَوِيلٍ لَا يَبْقَى لَهُ الْقِرَاضُ غَالِبًا فِيمَا يَظْهَرُ (وَلَا مَنْ يَعْتِقُ عَلَى الْمَالِكِ) كَأَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ، أَوْ مَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ أَوْ شَهِدَ بِهَا وَرُدَّتْ، أَوْ مُسْتَوْلَدَةٍ لَهُ وَبِيعَتْ لِنَحْوِ رَهْنٍ (بِغَيْرِ إذْنِهِ) إذْ الْقَصْدُ الرِّبْحُ وَهَذَا خُسْرَانٌ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ صَحَّ، ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ عَتَقَ عَلَى الْمَالِكِ وَمَا بَقِيَ هُوَ رَأْسُ الْمَالِ، وَكَذَا إنْ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ فَيَعْتِقُ عَلَى الْمَالِكِ نَصِيبَ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ، وَلَوْ أَعْتَقَ الْمَالِكُ عَبْدًا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ فَكَذَلِكَ (وَكَذَا زَوْجُهُ) أَيْ الْمَالِكُ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى لَا يَشْتَرِيهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِتَضَرُّرِ الْمَالِكِ بِانْفِسَاخِ نِكَاحِهِ، وَالثَّانِي يَجُوزُ إذْ قَدْ يَكُونُ مُرْبِحًا. وَأَمَّا الضَّرَرُ فِي حَقِّهِ فَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى بِخِلَافِ شِرَاءِ الْقَرِيبِ لِفَوَاتِهِ بِالْكُلِّيَّةِ، أَمَّا لَوْ اشْتَرَى الْعَامِلُ زَوْجَهُ أَوْ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ بِالْعَيْنِ وَلَا رِبْحَ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُهُ، وَكَذَا إنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ وَاشْتَرَى لِلْقِرَاضِ (وَلَوْ) (فَعَلَ) مَا مَنَعَ مِنْهُ مِنْ نَحْوِ شِرَاءِ أَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ أَوْ زَوْجِهِ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ (لَمْ يَقَعْ لِلْمَالِكِ وَيَقَعُ لِلْعَامِلِ إنْ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ) وَإِنْ صَرَّحَ بِالسِّفَارَةِ لِمَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ، فَإِنْ اشْتَرَى بِالْعَيْنِ كَانَ بَاطِلًا مِنْ أَصْلِهِ. (وَلَا يُسَافِرُ بِالْمَالِ بِلَا إذْنٍ) وَإِنْ قَرُبَتْ الْمَسَافَةُ وَأَمِنَ الطَّرِيقَ وَانْتَفَتْ الْمُؤْنَةُ لِأَنَّ السَّفَرَ مَظِنَّةُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فَيَمْتَنِعُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَثَبَتَ لِكُلٍّ الِاسْتِقْلَالَ أَوْ شَرَطَ الِاجْتِمَاعَ. (قَوْلُهُ: وَلَا بِغَيْرِ جِنْسِ مَالِهِ) أَيْ مَعَ بَقَائِهِ فَلَوْ بَاعَهُ بِجِنْسٍ آخَرَ جَازَ الشِّرَاءُ بِذَلِكَ الْآخَرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَهُوَ حِينَئِذٍ نَظِيرُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ بَاعَ الذَّهَبَ بِدَرَاهِمَ إلَخْ. [فَرْعٌ] هَلْ لِلْعَامِلِ الْكَافِرِ شِرَاءُ الْمُصْحَفِ لِلْقِرَاضِ الَّذِي يُتَّجَهُ الصِّحَّةُ إنْ صَحَّحْنَا شِرَاءَ الْوَكِيلِ الْكَافِرِ الْمُصْحَفَ لِمُوَكِّلِهِ الْمُسْلِمِ لِوُقُوعِ الْمِلْكِ لِلْمُوَكِّلِ دُونَهُ، وَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَمْلِكُ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ بِشَرْطِهِ فَيَلْزَمُ أَنْ يَمْلِكَ جُزْءًا مِنْ الْمُصْحَفِ لِأَنَّ حُصُولَ الرِّبْحِ أَمْرٌ مُسْتَقْبَلٌ غَيْرُ لَازِمٍ لِلْعَقْدِ، عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ بِمُجَرَّدِ حُصُولِ الرِّبْحِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ قِسْمَةُ الْمُصْحَفِ وَإِلَّا لَزِمَ مِلْكُهُ جُزْءًا مِنْهُ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ. نَعَمْ يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ لِمِلْكِ حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ بِنُضُوضِ الْمَالِ مَعَ فَسْخِ الْعَقْدِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ الطُّرُقِ الَّتِي تَحْصُلُ مِلْكُ الْحِصَّةِ وَاسْتِقْرَارُهُ بِهَا فَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ أَيْ إلَّا بَعْدَ زَمَنٍ طَوِيلٍ) عِبَارَةُ حَجّ: أَيْ أَبَدًا أَوْ إلَّا إلَخْ وَلَعَلَّ عَدَمَ ذِكْرِ الشَّارِحِ لِذَلِكَ لِفَهْمِ الْبُطْلَانِ فِيهَا بِالْأَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ أَوْ لِادِّعَاءِ دُخُولِهَا فِي الزَّمَنِ الطَّوِيلِ (قَوْلُهُ كَأَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ يَشْتَرِي ذَوِي الْأَرْحَامِ، وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ إذَا كَانَ هُنَاكَ حَاكِمٌ يَرَى عِتْقَهُمْ عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ رَفْعِهِ إلَيْهِ فَيَعُودُ عَلَيْهِ الضَّرَرُ (قَوْلُهُ: نَصِيبَ الْعَامِلِ) أَيْ فَيَسْتَقِرُّ لِلْعَامِلِ بِقَدْرِ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الرِّبْحِ فَيَأْخُذُهُ مِمَّا بَقِيَ بِيَدٍ مِنْ الْمَالِ أَوْ مِنْ الْمَالِكِ، فَلَوْ لَمْ يَبْقَ بِيَدِ الْعَامِلِ شَيْءٌ بِأَنْ كَانَ ثَمَنُ الْعَبْدِ جَمِيعَ مَالِ الْقِرَاضِ وَكَانَ الْمَالِكُ مُعْسِرًا بِمَا يَخُصُّ الْعَامِلُ فَيَنْبَغِي عَدَمُ نُفُوذِ الْعِتْقِ فِي قَدْرِ نَصِيبِ الْعَامِلِ (قَوْلُهُ: زَوْجُهُ) أَيْ زَوْجُ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ شِرَاءِ الْقَرِيبِ) أَيْ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ كَأَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ اشْتَرَى) عِبَارَةُ الرَّوْضِ: فَرْعٌ اشْتَرَى الْعَامِلُ لِلْقِرَاضِ أَبَاهُ وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ وَالرِّبْحُ ظَاهِرٌ صَحَّ وَلَمْ يَعْتِقْ اهـ. وَهِيَ تُفِيدُ عَدَمَ الْعِتْقِ فِي الشِّرَاءِ بِالْعَيْنِ وَفِي الذِّمَّةِ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الرِّبْحِ، بِخِلَافِ عِبَارَةِ الشَّارِحِ. وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ لِلْقِرَاضِ صَحَّ وَلَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُهُ، وَيُتَّجَه أَنَّ لَهُ الْوَطْءَ لِبَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ لِعَدَمِ مِلْكِهِ لِشَيْءٍ مِنْهَا وَاسْتِحْقَاقِهِ الْوَطْءَ قَبْلَ الشِّرَاءِ فَيُسْتَصْحَبُ. وَلَا يُعَارَضُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْعَامِلِ وَطْءُ أَمَةِ الْقِرَاضِ لِأَنَّ ذَاكَ فِي الْوَطْءِ مِنْ حَيْثُ الْقِرَاضُ وَالْوَطْءُ هُنَا بِزَوْجِيَّةٍ ثَابِتَةٍ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَاشْتَرَى لِلْقِرَاضِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ رِبْحٌ وَعَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضِ الَّذِي نَقَلَهُ سم لَا فَرْقَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اشْتَرَى بِالْعَيْنِ) ظَاهِرُهُ الْبُطْلَانِ فِي الْكُلِّ لَا فِي الزَّائِدِ، بِخِلَافِ عِبَارَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ فَإِنَّهُ قَالَ: فَإِنْ اشْتَرَى بِأَكْثَرَ مِنْهُ لَمْ يَقَعْ مَا زَادَ عَنْ جِهَةِ الْقِرَاضِ إلَخْ اهـ. وَهُوَ شَامِلٌ لِنَحْوِ شِرَاءِ عَبْدٍ بِعِشْرِينَ وَرَأْسُ الْمَالِ عَشَرَةٌ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَرُبَتْ الْمَسَافَةُ) سَبَقَ أَنَّ مَحَلَّ امْتِنَاعِ السَّفَرِ إلَى مَا يَقْرُبُ مِنْ بَلَدِ الْقِرَاضِ إذَا لَمْ يَعْتَدْ أَهْلُ بَلَدِ الْقِرَاضِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الْخَطَرِ، فَلَوْ سَافَرَ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ ضَمِنَ وَأَثِمَ وَلَمْ يَنْفَسِخْ الْقِرَاض سَوَاءٌ أَسَافَرَ بِعَيْنِ الْمَالِ أَمْ الْعُرُوضِ الَّتِي اشْتَرَاهَا بِهِ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ، وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ: لَوْ خَلَطَ مَالَ الْقِرَاضِ بِمَالِهِ ضَمِنَ وَلَمْ يَنْعَزِلْ ثُمَّ إذَا بَاعَ فِيمَا سَافَرَ إلَيْهِ وَهُوَ أَكْثَرُ قِيمَةٍ مِمَّا سَافَرَ مِنْهُ أَوْ اسْتَوَيَا صَحَّ الْبَيْعُ لِلْقِرَاضِ أَوْ أَقَلُّ قِيمَةً مِمَّا لَا يَتَغَابَنُ بِهِ لَمْ يَصِحَّ، أَمَّا بِإِذْنٍ فَيَجُوزُ. نَعَمْ لَا يَسْتَفِيدُ رُكُوبَ الْبَحْرِ إلَّا بِالنَّصِّ عَلَيْهِ أَوْ الْإِذْنِ فِي بَلَدٍ لَا يُسْلَكُ إلَيْهَا إلَّا فِيهِ، وَأَلْحَقَ الْأَذْرَعِيُّ بِهِ الْأَنْهَارَ إذَا زَادَ خَطَرُهَا عَلَى خَطَرِ الْبَرِّ، ثُمَّ إنْ عَيَّنَ لَهُ بَلَدًا فَذَاكَ وَإِلَّا تَعَيَّنَ مَا اعْتَادَ أَهْلُ بَلَدِ الْقِرَاضِ السَّفَرَ إلَيْهِ مِنْهُ. (وَلَا يُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ حَضَرًا) لِاقْتِضَاءِ الْعُرْفِ ذَلِكَ (وَكَذَا سَفَرًا فِي الْأَظْهَرِ) كَالْحَضَرِ إذْ النَّفَقَةُ قَدْ تَسْتَغْرِقُ الرِّبْحَ فَيَلْزَمُ انْفِرَادُهُ بِهِ، وَقَدْ تَزِيدُ عَلَيْهِ فَيَلْزَمُ أَخْذُهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَهُوَ يُنَافِي مُقْتَضَاهُ، وَالثَّانِي يُنْفِقُ مَا يَزِيدُ بِسَبَبِ السَّفَرِ كَالْخُفِّ وَالْإِدَاوَةِ وَسُفْرَةٍ لِأَنَّهُ حَبَسَهُ عَنْ التَّكَسُّبِ بِالسَّفَرِ لِأَجْلِ الْقِرَاضِ فَأَشْبَهَ حَبْسَ الزَّوْجَةِ بِخِلَافِ الْحَضَرِ وَمُرَادُهُ بِالنَّفَقَةِ مَا يَعُمُّ سَائِرَ الْمُؤَنِ، وَلَوْ شَرَطَ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ فَسَدَ. (وَعَلَيْهِ فِعْلُ مَا يُعْتَادُ) عِنْدَ التُّجَّارِ فِعْلُ التَّاجِرِ لَهُ بِنَفْسِهِ (كَطَيِّ الثَّوْبِ وَوَزْنِ الْخَفِيفِ) وَلَوْ لَمْ يَعْتَدَّ فَرَفْعُهُ مُتَعَيِّنٌ كَمَا ضَبَطَهُ الشَّارِحُ إشَارَةً لِذَلِكَ (كَذَهَبٍ وَمِسْكٍ) لِقَضَاءِ الْعُرْفِ بِهِ (لَا الْأَمْتِعَةِ الثَّقِيلَةِ) فَلَيْسَ عَلَيْهِ وَزْنُهَا (وَنَحْوُهُ) بِالرَّفْعِ بِضَبْطِهِ أَيْ نَحْوُ وَزْنِهَا كَنَقْلِهَا مِنْ الْخَانِ إلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSالذَّهَابَ إلَيْهِ لِيَبِيعَ وَيَعْلَمَ الْمَالِكُ بِذَلِكَ، وَإِلَّا جَازَ لِأَنَّ هَذَا بِحَسَبِ عُرْفِهِمْ يُعَدُّ مِنْ أَسْوَاقِ الْبَلَدِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حُرْمَةِ السَّفَرِ لَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَبِغَيْرِ إذْنِ الدَّائِنِ بِأَنَّ الْحُرْمَةَ ثَمَّ لِخَوْفِ فَوْتِ الْجُمُعَةِ وَالتَّفْوِيتِ عَلَى الدَّائِنِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ الْغَرَضَ طَلَبُ الرِّبْحِ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ حُصُولُهُ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَنْعَزِلْ) ثُمَّ إنْ أَرَادَ التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الْقِرَاضِ عَزَلَ قَدْرَهُ أَوْ اشْتَرَى بِالْجَمِيعِ وَيَكُونُ مَا اشْتَرَاهُ بَعْضُهُ لِلْعَامِلِ وَبَعْضُهُ لِلْقِرَاضِ (قَوْلُهُ صَحَّ الْبَيْعُ لِلْقِرَاضِ) أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ كَوْنُهُ بِنَقْدِ بَلَدِ الْقِرَاضِ بَلْ يَجُوزُ بِالْعَرْضِ وَبِنَقْدِ مَا سَافَرَ إلَيْهِ حَيْثُ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ جَوَازِ بَيْعِهِ بِالْعَرْضِ وَبِغَيْرِ نَقْدِ بَلَدِ الْقِرَاضِ وَإِنْ بَاعَ فِيهِ، ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِهِ صِحَّةُ الْبَيْعِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي سَافَرَ إلَيْهِ وَإِنْ عَيَّنَ غَيْرَهُ لِلْبَيْعِ بَلْ وَلَوْ نَهَاهُ عَنْ السَّفَرِ إلَيْهِ لِعَدَمِ انْعِزَالِهِ بِالسَّفَرِ لِمَا ذَكَرَ، وَقَدْ يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ إذَا بَاعَ فِيمَا سَافَرَ إلَيْهِ وَهُوَ أَكْثَرُ قِيمَةً مِمَّا سَافَرَ مِنْهُ أَوْ اسْتَوَيَا صَحَّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) أَيْ فَإِنْ كَانَ الْقَدْرُ مِمَّا يُتَغَابَنُ بِهِ صَحَّ وَنَظَرَ فِيهِ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَعِبَارَتُهُ: وَانْظُرْ كَيْفَ يَجُوزُ تَرْكُ هَذَا الْقَدْرِ إذَا كَانَ لَوْ بَاعَ فِي الْبَلَدِ الْمَأْذُونِ فِيهِ لَمْ يَتْرُكْهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْبَيْعَ بِمَا ذُكِرَ بَيْعٌ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَلَيْسَ الْبَيْعُ فِي بَلَدِ الْقِرَاضِ بِهَذَا الْقَدْرِ مُحَقَّقًا (قَوْلُهُ: إلَّا فِيهِ) كَسِوَاكُنَّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا تَعَيَّنَ مَا اعْتَادَ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ عَادَةٌ بِالسَّفَرِ فَقِيَاسُ مَا لَوْ أُطْلِقَ فِي الْأَصْلِ وَلَا عَادَةَ ثَمَّ جَوَازُ السَّفَرِ هُنَا إلَى مَوْضِعٍ يَلِيقُ السَّفَرُ إلَيْهِ لِلْبَيْعِ مِنْ ذَلِكَ الْبَلَدِ عُرْفًا. (قَوْلُهُ: لَا يُنْفِقُ) أَيْ وَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِذَلِكَ وَظَاهِرٌ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْمَالِكُ، وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَعَلَيْهِ فَإِذَا فُرِضَ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكُونُ مِنْ الرِّبْحِ لَا مِنْ أَصْلِ مَالِ الْقِرَاضِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ رِبْحٌ حُسِبَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: وَالْإِدَاوَةُ) أَيْ الرَّكْوَةُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَرَطَ ذَلِكَ) أَيْ النَّفَقَةَ سَفَرًا أَوْ حَضَرًا (قَوْلُهُ: فَسَدَ) يَنْبَغِي جَرَيَانُهُ فِي صُورَةِ السَّفَرِ أَيْضًا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الرَّوْضِ وَلَا النَّفَقَةُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ وَإِنْ سَافَرَ، بَلْ لَوْ شَرَطَهَا فَسَدَ الْقِرَاضَ اهـ عَلَى حَجّ، وَيَشْمَلُ الصُّورَتَيْنِ قَوْلُ الشَّارِحِ: وَلَوْ شَرَطَ ذَلِكَ فِي إلَخْ، وَإِنَّمَا نَسَبَ سم ذَلِكَ لِلرَّوْضِ لِأَنَّ حَجّ إنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْحَضَرِ دُونَ السَّفَرِ. (قَوْلُهُ وَوَزْنُ الْخَفِيفِ) وَعَلَيْهِ فَنَقْدُ الدَّرَاهِمِ الَّتِي يَبِيعُ بِهَا وَوَزْنُهَا عَلَى الْعَامِلِ، فَإِنْ اسْتَأْجَرَ عَلَيْهَا كَانَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا يَسْتَفِيدُ رُكُوبَ الْبَحْرِ) أَيْ: الْمِلْحِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِالنَّصِّ عَلَيْهِ) نَقَلَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ عَنْ الشَّارِحِ أَنَّهُ يَكْفِي فِي التَّنْصِيصِ التَّعْبِيرُ بِالْبَحْرِ وَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْمِلْحِ (قَوْلُهُ: لِاقْتِضَاءِ الْعُرْفِ) هُوَ مُشْكِلٌ مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَلَوْ لَمْ يَعْتَدْ

الدُّكَّانِ لِتَعَارُفِ الِاسْتِئْجَارِ لِذَلِكَ. وَيَصِحُّ جَرُّ مَا بَعْدَ لَا عَطْفًا عَلَى الْخَفِيفِ، وَعَلَى هَذَا رَفْعُ نَحْوُهُ أَوْلَى أَيْضًا وَإِلَّا أَوْهَمَ عَطْفَهُ عَلَى الْأَمْتِعَةِ الثَّقِيلَةِ وَهُوَ فَاسِدٌ إذْ لَا نَحْوَ لَهَا (وَمَا لَا يَلْزَمُهُ) مِنْ الْعَمَلِ كَأُجْرَةِ كَيْلٍ وَحِفْظٍ (لَهُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ) مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ لِأَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ التِّجَارَةِ وَمَصَالِحِهَا، وَلَوْ فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ أُجْرَةً، وَمَا يَلْزَمُهُ فِعْلُهُ لَوْ اكْتَرَى عَلَيْهِ مَنْ فَعَلَهُ فَالْأُجْرَةُ فِي مَالِهِ لَا فِي مَالِ الْقِرَاضِ، وَلَوْ شَرَطَ عَلَى الْمَالِكِ الِاسْتِئْجَارَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ فَالظَّاهِرُ مِنْ وَجْهَيْنِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ عَدَمُ الصِّحَّةِ، وَمَا يَأْخُذُهُ الرَّصَدِيُّ وَالْمُكَّاسُ مَحْسُوبٌ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْعَامِلَ يَمْلِكُ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ بِالْقِسْمَةِ لَا بِالظُّهُورِ) لِلرِّبْحِ إذْ لَوْ مَلَكَ بِهِ لَكَانَ شَرِيكًا فِي الْمَالِ، حَتَّى لَوْ هَلَكَ مِنْهُ شَيْءٌ كَانَ مِنْ الْمَالَيْنِ، وَالثَّانِي يُمْلَكُ بِالظُّهُورِ قِيَاسًا عَلَى الْمُسَاقَاةِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الرِّبْحَ وِقَايَةٌ لِرَأْسِ الْمَالِ، بِخِلَافِ نَصِيبِ الْعَامِلِ مِنْ الثِّمَارِ لَا يُجْبَرُ بِهِ نَقْصُ النَّخْلِ. نَعَمْ لَهُ عَلَى الْأَوَّلِ فِيهِ حَقٌّ مُؤَكَّدٌ بِالظُّهُورِ فَيُورَثُ عَنْهُ وَيَتَقَدَّمُ بِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ، وَيَصِحُّ إعْرَاضُهُ عَنْهُ وَيَغْرَمُهُ الْمَالِكُ بِإِتْلَافِهِ لِلْمَالِ أَوْ اسْتِرْدَادِهِ، وَمَعَ مِلْكِهِ بِالْقِسْمَةِ لَا يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ إلَّا إذَا وَقَعَتْ بَعْدَ الْفَسْخِ وَالنَّضُوضِ الْآتِي، وَإِلَّا جُبِرَ بِهِ خُسْرَانٌ حَدَثَ بَعْدَهَا، وَيَسْتَقِرُّ نَصِيبُهُ أَيْضًا بِنَضُوضِ الْمَالِ بَعْدَ ارْتِفَاعِ الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ قِسْمَةٍ، وَلَا تُرَدُّ هَذِهِ عَلَى الْمُصَنِّفِ، لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي مُجَرَّدِ الْمِلْكِ الَّذِي وَقَعَ الْخِلَافُ فِي حُصُولِهِ بِمَاذَا وَمَرَّ آخِرَ زَكَاةِ التِّجَارَةِ حُكْمُ زَكَاةِ مَالِ الْقِرَاضِ (وَثِمَارُ الشَّجَرِ وَالنِّتَاجُ) مِنْ أَمَةٍ أَوْ بَهِيمَةٍ (وَكَسْبُ الرَّقِيقِ) مِنْ صَيْدٍ وَاحْتِطَابٍ وَقَبُولِ وَصِيَّةٍ (وَالْمَهْرُ) عَلَى مَنْ وَطِئَ أَمَةَ الْقِرَاضِ بِشُبْهَةٍ مِنْهَا، أَوْ زِنًا مُكْرَهَةً أَوْ مُطَاوِعَةً وَهِيَ مِمَّنْ لَا تُعْتَبَرُ مُطَاوَعَتُهَا أَوْ نِكَاحٌ، فَذَكَرُهُمَا الْأَوَّلُ لَيْسَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْأُجْرَةُ مِنْ مَالِهِ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ جَرُّ مَا بَعْدَ لَا) وَهُوَ الْأَمْتِعَةُ دُونَ قَوْلِهِ وَنَحْوِهِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا إلَخْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَسْتَحِقَّ أُجْرَةً) سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ فِي الْمُسَاقَاةِ أَنَّ مَا لَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ فِعْلُهُ إذَا فَعَلَهُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ اسْتَحَقَّ أُجْرَةً كَمَا لَوْ قَالَ اقْضِ دَيْنِي، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ الْمَالِكُ لَهُ أُجْرَةً فَقِيَاسُهُ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ اسْتِحْقَاقِ الْعَامِلِ الْأُجْرَةَ هُنَا حَيْثُ فَعَلَ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْمَالِكِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: مَحْسُوبٌ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ دَفَعَ الْوَكِيلُ ذَلِكَ مِنْ الْمَالِ الْمُوَكَّلِ فِيهِ إذَا تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَةُ الْمَالِكِ، أَمَّا إذَا لَمْ تَتَعَذَّرْ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنٍ مِنْهُ فَلَوْ خَالَفَ كَانَ مُتَبَرِّعًا بِهِ وَضَاعَ عَلَيْهِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ الِاحْتِيَاجِ لِلْمُرَاجَعَةِ حَيْثُ لَمْ يَعْتَدْ ذَلِكَ وَيَعْلَمُ بِهِ الْمَالِكُ وَإِلَّا دُفِعَ بِلَا مُرَاجَعَةٍ وَإِنْ سَهُلَتْ، وَكَتَبَ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَوْلَهُ مَحْسُوبٌ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ: أَيْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إنْ لَمْ يُوجَدْ رِبْحٌ فَإِنْ وُجِدَ رِبْحٌ وَلَوْ بَعْدَ أَخْذِ الرَّصَدِيِّ وَالْمُكَّاسِ حُسِبَ مِنْهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَالنَّقْصُ الْحَاصِلُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَيَتَقَدَّمُ بِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ) أَيْ وَعَلَى مُؤَنِ تَجْهِيزِ الْمَالِكِ لِتَعَلُّقِهِ بِالْعَيْنِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ إعْرَاضُهُ) أَيْ الْعَامِلُ وَقَوْلُهُ بِإِتْلَافِهِ: أَيْ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: وَيَسْتَقِرُّ نَصِيبُهُ) أَيْ الْعَامِلِ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ إلَخْ) وَالرَّاجِحُ مِنْهُ أَنَّهَا مِنْ الرِّبْحِ إنْ أُخِذَتْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ (قَوْلُهُ: وَالْمَهْرُ عَلَى مَنْ وَطِئَ) أَيْ الْحَاصِلُ بِغَيْرِ وَطْءِ الْعَامِلِ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْمَهْرُ فَيَكُونُ فِي مَالِ الْقِرَاضِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مِمَّنْ لَا تُعْتَبَرُ مُطَاوَعَتُهَا) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ أَعْجَمِيَّةً أَوْ تَعْتَقِدُ طَاعَةَ الْآمِرِ، وَأَمَّا الْمُمَيِّزَةُ فَلَا مَهْرَ لَهَا (قَوْلُهُ أَوْ نِكَاحٌ) أَيْ وَالْمُزَوَّجُ لَهَا الْمَالِكُ بِإِذْنٍ مِنْ الْعَامِلِ إنْ ظَهَرَ رِبْحٌ وَإِلَّا فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِهِ فِيمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا أَوْهَمَ عَطْفَهُ عَلَى الْأَمْتِعَةِ الثَّقِيلَةِ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: أَفْهَمَ أَنَّهُ عَلَى الْجَرِّ لَيْسَ عَطْفًا عَلَى الْأَمْتِعَةِ، فَعَلَى مَاذَا هَذَا؟ قَالَ: وَلَا يُقَالُ هَذَا الْإِيهَامُ مُتَحَقِّقٌ مَعَ رَفْعِ الْأَمْتِعَةِ الثَّقِيلَةِ؛ لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ نَفْسُ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَلَمْ يُحْتَرَزْ عَنْهُ، فَدَلَّ عَدَمُ مُرَاعَاتِهِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالِاحْتِرَازِ عَنْهُ حَيْثُ أَمْكَنَ لَكِنَّهُ لَمْ يُمْكِنْ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ هَلَكَ مِنْهُ شَيْءٌ كَانَ مِنْ الْمَالَيْنِ) أَيْ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: إذْ لَوْ مَلَكَ بِهِ لَشَارَكَ فِي الْمَالِ فَيَكُونُ النَّقْصُ الْحَادِثُ بَعْدَ ذَلِكَ مَحْسُوبًا عَلَيْهِمَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الرِّبْحُ وِقَايَةٌ لِرَأْسِ الْمَالِ وَبِهِ فَارَقَ مِلْكُ عَامِلِ الْمُسَاقَاةِ حِصَّتَهُ

بِقَيْدٍ، وَسَائِرُ الزَّوَائِدِ الْعَيْنِيَّةِ (الْحَاصِلَةُ) بِالرَّفْعِ (مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ يَفُوزُ بِهَا الْمَالِكُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ فَوَائِدِ التِّجَارَةِ، وَخَرَجَ بِالْحَاصِلَةِ مِنْ ذَلِكَ الظَّاهِرِ فِي حُدُوثِهَا مِنْهُ مَا لَوْ اشْتَرَى حَيَوَانًا حَامِلًا أَوْ شَجَرًا عَلَيْهِ ثَمَرٌ غَيْرَ مُؤَبَّرٍ فَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْوَلَدَ وَالثَّمَرَةَ مَالُ قِرَاضٍ (وَقِيلَ) كُلُّ مَا يَحْصُلُ مِنْ هَذِهِ الْفَوَائِدِ (مَالُ قِرَاضٍ) لِحُصُولِهَا بِسَبَبِ شِرَاءِ الْعَامِلِ الْأَصْلَ وَلَا دَلِيلَ لَهُ فِيمَا مَرَّ فِي زَكَاةِ التِّجَارَةِ أَنَّ الثَّمَرَةَ وَالنِّتَاجَ مَالُ تِجَارَةٍ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيمَا يُزَكَّى كَوْنُهُ مِنْ عَيْنِ النِّصَابِ وَهَذَانِ كَذَلِكَ، وَهُنَا كَوْنُهُ بِحِذْقِ الْعَامِلِ وَهَذَانِ وَنَحْوُهُمَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ، وَيَحْرُمُ عَلَى كُلِّ مِنْ الْمَالِكِ وَالْعَامِلِ وَطْءُ جَارِيَةِ الْقِرَاضِ سَوَاءٌ أَكَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ أَمْ لَا، إذْ لَا يَتَحَقَّقُ انْتِفَاءُ الرِّبْحِ فِي الْمُتَقَوِّمَاتِ إلَّا بِالتَّنْضِيضِ، وَلَا يُنَافِي الْعِلَّةَ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الْعَامِلَ يُحَدُّ بِوَطْئِهَا إنْ كَانَ عَامِدًا، وَلَا رِبْحَ لِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِعَدَمِ الْحَدِّ عِنْدَ ظُهُورِ الرِّبْحِ إنَّمَا هُوَ شُبْهَةُ الْمِلْكِ، وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ لِانْتِفَاءِ ظُهُورِ الرِّبْحِ، وَلَا يَجُوزُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا تَزْوِيجُهَا، لِأَنَّهُ يَنْقُصُهَا فَيَضُرُّ الْآخَرَ. فَإِنْ وَطِئَهَا الْمَالِكُ لَمْ يَكُنْ فَسْخًا لِلْقِرَاضِ، وَلَا مُوجِبًا لَحَدٍّ أَوْ مَهْرٍ، وَاسْتِيلَادُهُ كَإِعْتَاقِهِ فَيَنْفُذُ وَيَغْرَمُ لِلْعَامِلِ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ، فَإِنْ وَطِئَهَا الْعَامِلُ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ وَلَا رِبْحَ حُدَّ لِانْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ، وَإِلَّا فَلَا حَدَّ لِلشُّبْهَةِ وَيَكُونُ الْوَلَدُ حُرًّا ـــــــــــــــــــــــــــــSيَظْهَرُ، لَكِنَّ هَذَا يُخَالِفُ قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِي وَلَا يَجُوزُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا تَزْوِيجُهَا إلَخْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَحَلُّ قَوْلِهِ لَا يَجُوزُ إنْ لَمْ يَأْذَنْ الْعَامِلُ لِلْمَالِكِ فِي التَّزْوِيجِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَنْقُصُهَا فَيَضُرُّ الْآخَرُ فَجَعَلَ الْعِلَّةَ مُجَرَّدَ الضَّرَرِ وَحَيْثُ أَذِنَ رَضِيَ بِهِ فَلَا وَجْهَ لِلْمَنْعِ، لَكِنَّ قَوْلَهُ فِيمَا يَأْتِي إذْ لَا يَتَحَقَّقُ انْتِفَاءُ الرِّبْحِ إلَخْ يَقْتَضِي تَوَقُّفَ التَّزْوِيجِ عَلَى إذْنِ الْعَامِلِ مُطْلَقًا، وَفِيهِ مَا فِيهِ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ إذَا وَطِئَ قَبْلَ ظُهُورِ الرِّبْحِ عَالِمًا حَدَّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ فَوَائِدِ التِّجَارَةِ) أَيْ الْحَاصِلَةِ يَتَصَرَّفُ الْعَامِلُ فِي مَالِ التِّجَارَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بَلْ هِيَ نَاشِئَةٌ مِنْ عَيْنِ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ مِنْ الْعَامِلِ. [فَرْعٌ] لَوْ اسْتَعْمَلَ الْعَامِلُ دَوَابَّ الْقِرَاضِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ لِلْمَالِكِ، وَلَا يَجُوزُ لِلْمَالِكِ اسْتِعْمَالُ دَوَابِّ الْقِرَاضِ إلَّا بِإِذْنِ الْعَامِلِ، فَإِنْ خَالَفَ فَلَا شَيْءَ فِيهِ سِوَى الْإِثْمِ بَرَاهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَيَشْكُلُ كَوْنُ الْأُجْرَةِ لِلْمَالِكِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ الْمَهْرَ الْوَاجِبَ عَلَى الْعَامِلِ بِوَطْئِهِ يَكُونُ فِي مَالِ الْقِرَاضِ لِأَنَّهُ فَائِدَةٌ عَيْنِيَّةٌ إلَخْ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ كَوْنِ الْأُجْرَةِ لِلْمَالِكِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَهْرَ الْأَمَةِ مُطْلَقًا لِلْمَالِ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِهَا لِلْمَالِكِ أَنَّهَا تَضُمُّ لِمَالِ الْقِرَاضِ كَالْمَهْرِ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ فَلْيُتَأَمَّلْ. [فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ اشْتَرَى دَابَّةً أَوْ أَمَةً حَائِلًا ثُمَّ حَمَلَتْ هَلْ يَجُوزُ بَيْعُهَا مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لِكَوْنِهَا مَالَ قِرَاضٍ، أَوْ يَجُوزُ لِلْمَالِكِ دُونَ الْعَامِلِ لِكَوْنِهَا مِلْكَهُ، أَوْ لَا يَجُوزُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا لِاخْتِصَاصِ الْمَالِكِ بِالْحَمْلِ فَأَشْبَهَ ذَلِكَ الدَّابَّةَ الْمُوصَى بِحَمْلِهَا أَوْ الْحَامِلِ بِحُرٍّ حَيْثُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا لِتَعَذُّرِ التَّوْزِيعِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْأَقْرَبَ الثَّانِي وَيَكُونُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ اسْتَرَدَّ بَعْضَ الْمَالِ فَيَنْفَسِخُ الْقِرَاضُ فِيهِ ثُمَّ إنْ لَمْ يَظْهَرْ رِبْحٌ فَظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ اسْتَقَرَّ لِلْعَامِلِ قَدْرَ حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِيمَا لَوْ اسْتَرَدَّ بَعْضَ الْمَالِ، وَيُعْرَفُ مِقْدَارُ الرِّبْحِ بِتَقْوِيمِ الدَّابَّةِ غَيْرَ حَامِلٍ (قَوْلُهُ: مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مَالِ الْقِرَاضِ (قَوْلُهُ: وَهَذَانِ) أَيْ الثَّمَرُ وَالنِّتَاجُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا تَزْوِيجُهَا) أَيْ لِثَالِثٍ (قَوْلُهُ وَاسْتِيلَادُهُ) أَيْ الْمَالِكُ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ الْوَلَدُ حُرًّا) وَلَا تَصِيرُ أَمَةً مُسْتَوْلَدَةً لِلْعَامِلِ كَمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ الثَّمَرِ بِالظُّهُورِ لِتَعْيِينِهِ خَارِجًا فَلَمْ يَنْجَبِرْ بِهِ نَقْصُ النَّخْلِ. (قَوْلُهُ: الْأَصْلَ) بِالنَّصْبِ مَعْمُولًا لِشِرَاءٍ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَتَحَقَّقُ انْتِفَاءُ الرِّبْحِ فِي الْمُتَقَوِّمَاتِ إلَخْ) إنَّمَا يَظْهَرُ تَعْلِيلًا لِحُرْمَةِ وَطْءِ الْمَالِكِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ

وَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ لِلْمَالِكِ فِيمَا يَظْهَرُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْمَهْرُ فَيَكُونُ فِي مَالِ الْقِرَاضِ كَمَا قَالَاهُ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى طَرِيقَةِ الْإِمَامِ لَا عَلَى طَرِيقَةِ الْجُمْهُورِ مِنْ أَنَّ مَهْرَ الْإِمَاءِ يَخْتَصُّ بِهِ الْمَالِكُ رَدَّهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَهْرَ الْوَاجِبَ بِوَطْءِ الْعَامِلِ فَائِدَةٌ عَيْنِيَّةٌ حَصَلَتْ بِفِعْلِهِ فَأَشْبَهَتْ رِبْحَ التِّجَارَةِ. (وَالنَّقْصُ الْحَاصِلُ) فِي مَالِ الْقِرَاضِ (بِالرُّخَصِ) أَوْ بِعَيْبٍ كَمَرَضٍ حَادِثٍ (مَحْسُوبٌ مِنْ الرِّبْحِ مَا أَمْكَنَ وَمَجْبُورٌ بِهِ) لِأَنَّهُ الْمُتَعَارَفُ (وَكَذَا لَوْ تَلِفَ بَعْضُهُ بِآفَةٍ) سَمَاوِيَّةٍ كَحَرْقٍ وَغَرَقٍ (أَوْ غَصْبٍ أَوْ سَرِقَةٍ) وَتَعَذَّرَ أَخْذُهُ أَوْ أَخْذُ بَدَلِهِ (بَعْدَ تَصَرُّفِ الْعَامِلِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ نَقْصٌ حَصَلَ فَأَشْبَهَ نَقْصَ الْعَيْبِ وَالْمَرَضِ. وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهُ نَقْصٌ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِتَصَرُّفِ الْعَامِلِ وَتِجَارَتِهِ، بِخِلَافِ الْحَاصِلِ بِالرُّخَصِ فَلَيْسَ نَاشِئًا مِنْ نَفْسِ الْمَالِ بِخِلَافِ الْمَرَضِ وَالْعَيْبِ، أَمَّا لَوْ أُخِذَ بَدَلَ الْمَغْصُوبِ أَوْ الْمَسْرُوقِ فَيَسْتَمِرُّ فِيهِ الْقِرَاضُ، وَلَهُ الْمُخَاصَمَةُ فِيهِ إنْ ظَهَرَ رِبْحٌ فِي الْمَالِ وَخَرَجَ بِبَعْضِهِ، نَحْوُ تَلَفِ كُلِّهِ مَا لَمْ يُتْلِفْهُ أَجْنَبِيٌّ وَيُؤْخَذُ بَدَلُهُ أَوْ الْعَامِلُ وَيَقْبِضُ الْمَالِكُ مِنْهُ بَدَلَهُ وَيَرُدُّهُ إلَيْهِ كَمَا بَحَثَاهُ وَسَبَقَهُمَا إلَيْهِ الْمُتَوَلِّي، وَقَالَ الْإِمَامُ: يَرْتَفِعُ مُطْلَقًا، وَعَلَيْهِ يُفَارِقُ الْأَجْنَبِيَّ بِأَنَّ لِلْعَامِلِ الْفَسْخَ فَجَعَلَ إتْلَافَهُ فَسْخًا كَالْمَالِكِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ، وَفِيمَا إذَا أَتْلَفَهُ الْمَالِكُ يَنْفَسِخُ مُطْلَقًا وَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ نَصِيبُ الْعَامِلِ (وَإِنْ) (تَلِفَ) بَعْضُ الْمَالِ (قَبْلَ تَصَرُّفِهِ فِيهِ) (فَ) يُحْسَبُ (مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَتَأَكَّدْ بِالْعَمَلِ. وَالثَّانِي مِنْ الرِّبْحِ لِأَنَّهُ بِقَبْضِ الْعَامِلِ صَارَ مَالَ قِرَاضٍ. (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَنَّ الْقِرَاضَ جَائِزٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ وَالِاسْتِيفَاءَ وَالِاسْتِرْدَادَ وَحُكْمُ اخْتِلَافِهِمَا وَمَا يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ الْعَامِلِ (لِكُلٍّ) مِنْ الْمَالِكِ وَالْعَامِلِ (فَسْخُهُ مَتَى شَاءَ) وَلَوْ فِي غَيْبَةِ الْآخَرِ، وَيَحْصُلُ بِقَوْلِ الْمَالِكِ فَسَخْتَهُ أَوْ رَفَعْتَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي مَتْنِ الرَّوْضِ وَيُفِيدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ، وَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ، إذْ لَوْ صَارَتْ مُسْتَوْلَدَةً لَمَا لَزِمَتْ لِتَقْرِيرِ دُخُولِهَا فِي مِلْكِهِ قُبَيْلَ الْعُلُوقِ (قَوْلُهُ: وَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ لِلْمَالِكِ فِيمَا يَظْهَرُ) الْقِيَاسُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَوْجِيهِ كَلَامِهِمَا فِي الْمَهْرِ أَنَّهَا تَكُونُ مَالَ قِرَاضٍ م ر اهـ حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ فِي مَالِ الْقِرَاضِ) أَيْ مَضْمُومًا إلَيْهِ (قَوْلُهُ كَحَرْقٍ وَغَرَقٍ) مَثَّلَ بِهِمَا لِلْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ مَعَ أَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْهَا. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِمَا مَا لَيْسَ نَاشِئًا عَنْ فِعْلٍ مُضَمِّنٍ، لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ الْأَصْلُ وَالْغَالِبُ وُقُوعَ التَّلَفِ بِآفَةِ السَّمَاءِ كَالْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَالصَّوَاعِقِ وَنَحْوِهَا أُضِيفَ التَّلَفُ إلَيْهَا وَإِنْ كَانَ سَبَبَهُ مِنْ الْأَرْضِ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ الْعَامِلُ (قَوْلُهُ كَمَا بَحَثَاهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْإِمَامُ يَرْتَفِعُ مُطْلَقًا) أَيْ فِي صُورَةِ مَا لَوْ أَتْلَفَهُ الْعَامِلُ، وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا: أَيْ سَوَاءٌ أَخَذَ مِنْهُ بَدَلَهُ وَرَدَّهُ إلَيْهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ كَلَامِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: يَنْفَسِخُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ دَفَعَ بَدَلَهُ لِيَكُونَ مَالَ قِرَاضٍ أَمْ لَا، وَفِي صُورَةِ دَفْعِ الْبَدَلِ إنَّمَا يَصِيرُ قِرَاضًا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ. . (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَنَّ الْقِرَاضَ جَائِزٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي غَيْبَةِ الْآخَرِ) وَمَحَلُّ نُفُوذِهِ مِنْ الْعَامِلِ حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ اسْتِيلَاءُ ظَالِمٍ عَلَى الْمَالِ أَوْ ضَيَاعِهِ وَإِلَّا لَمْ يَنْفُذْ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ مِنْ الْمَالِكِ أَيْضًا إنْ ظَهَرَ رِبْحٌ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَيَاعِ حِصَّةِ الْعَامِلِ اهـ (قَوْلُهُ: وَيَحْصُلُ بِقَوْلِ الْمَالِكِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQإنَّمَا يَمْلِكُ بِالْقِسْمَةِ أَوْ بِالظُّهُورِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَلَمْ يَحْصُلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَتَعَذُّرُهُ أَخْذُهُ) عِبَارَةُ الْجَلَالِ بِأَنْ تَعَذَّرَ وَهِيَ أَوْلَى حَتَّى يَكُونَ مِثَالًا لِلتَّلَفِ.

أَوْ أَبْطَلْته أَوْ لَا تَتَصَرَّفْ بَعْدَ هَذَا وَنَحْوُ ذَلِكَ وَبِإِعْتَاقِهِ وَإِيلَادِهِ وَاسْتِرْجَاعِهِ الْمَالَ، فَإِنْ اسْتَرْجَعَ بَعْضَهُ فَفِيمَا اسْتَرْجَعَهُ وَبِإِنْكَارِهِ لَهُ حَيْثُ لَا غَرَضَ وَإِلَّا فَلَا كَالْوَكَالَةِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ تَخَالُفُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَلَوْ حَبَسَ الْعَامِلَ وَمَنَعَهُ التَّصَرُّفَ أَوْ بَاعَ مَا اشْتَرَاهُ الْعَامِلُ لِلْقِرَاضِ لَمْ يَكُنْ فَسْخًا لَهُ لِعَدَمِ دَلَالَتِهِ عَلَيْهِ بَلْ بَيْعُهُ إعَانَةٌ لِلْعَامِلِ، بِخِلَافِ بَيْعِ الْمُوَكِّلِ مَا وَكَّلَ فِي بَيْعِهِ. وَيَجُوزُ لِلْعَامِلِ بَعْدَ الْفَسْخِ بَيْعُ مَالِ الْقِرَاضِ عِنْدَ تَوَقُّعِهِ رِبْحًا كَأَنْ ظَفِرَ بِسُوقٍ وَرَغِبَ أَلَّا يَشْتَرِيَ لِارْتِفَاعِ الْعَقْدِ مَعَ انْتِفَاءِ حَظِّهِ فِيهِ. (وَلَوْ) (مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ) (انْفَسَخَ) الْعَقْدُ كَالْوَكَالَةِ، وَلِلْعَامِلِ الِاسْتِيفَاءُ بَعْدَ مَوْتِ الْمَالِكِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ وَارِثِهِ. وَيَمْتَنِعُ ذَلِكَ عَلَى وَارِثٍ عَامِلٍ مَاتَ إلَّا بِإِذْنِ الْمَالِكِ وَلَا يُقَرِّرُ وَرَثَةُ الْمَالِكِ عَلَى الْعَرْضِ كَمَا لَا يُقَرِّرُ الْمَالِكُ وَرَثَةَ الْعَامِلِ عَلَيْهِ لِأَنَّ ذَلِكَ ابْتِدَاءُ قِرَاضٍ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ عَلَى الْعَرْضِ، فَإِنْ نَضَّ الْمَالُ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمَالِ جَازَ تَقْرِيرُ الْجَمِيعِ، فَيَقُولُ وَارِثُ الْمَالِكِ لِلْعَامِلِ قَرَّرْتُك عَلَى مَا كُنْت عَلَيْهِ مَعَ قَبُولِهِ، وَالْمَالِكُ لِوَارِثِ الْعَامِلِ قَرَّرْتُك عَلَى مَا كَانَ مُورِثُك عَلَيْهِ فَيَقْبَلُ، وَكَالْوَرَثَةِ وَلِيُّهُمْ وَكَالْمَوْتِ الْجُنُونُ وَالْإِغْمَاءُ، فَيُقَرِّرُ الْمَالِكُ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ مِنْهُمَا أَوْ وَلِيُّ الْمَجْنُونِ قَبْلَ الْإِفَاقَةِ. وَيَجُوزُ التَّقْرِيرُ عَلَى الْمَالِ النَّاضِّ قَبْلَ الْقِسْمَةِ لِجَوَازِ الْقِرَاضِ عَلَى الْمُشَاعِ فَيَخْتَصُّ الْعَامِلُ بِرِبْحِ نَصِيبِهِ وَيَشْتَرِكَانِ فِي رِبْحِ نَصِيبِ الْآخَرِ. مِثَالُهُ الْمَالُ مِائَةٌ وَرِبْحُهَا مِائَتَانِ مُنَاصَفَةً وَقَرَّرَ الْعَقْدَ مُنَاصَفَةً فَالْعَامِلُ شَرِيكُ الْوَارِثِ بِمِائَةٍ، فَإِنْ بَلَغَ مَالُ الْقِرَاضِ سِتَّمِائَةٍ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا ثَلَاثُمِائَةٍ، إذْ لِلْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ الْقَدِيمِ مِائَةٌ وَرِبْحُهَا مِائَةٌ وَرَأْسُ الْمَالِ فِي التَّقْرِيرِ مِائَتَانِ لِلْوَارِثِ وَرِبْحُهُمَا مِائَتَانِ مَقْسُومٌ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ بَعْدَ فَسْخِ الْبَيْعِ لِلْمُشْتَرِي قَرَّرْتُك عَلَى الْبَيْعِ فَقَبِلَ صَحَّ بِخِلَافِ النِّكَاحِ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ لَفْظُ التَّزْوِيجِ أَوْ النِّكَاحِ. (وَيَلْزَمُ الْعَامِلَ) (الِاسْتِيفَاءُ) لِدَيْنِ مَالِ الْقِرَاضِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رِبْحٌ إنْ طَلَبَهُ الْمَالِكُ. وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَالِكَ أَذِنَ لَهُ فِي الْبَيْعِ بِالدَّيْنِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ وُجُوبَ تَقَاضِي جَمِيعِ الدَّيْنِ رِبْحًا وَرَأْسَ مَالٍ، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَتَبِعَهُ السُّبْكِيُّ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّنْضِيضِ بِأَنَّ الْقِرَاضَ مُسْتَلْزِمٌ لِشِرَاءِ الْعُرُوضِ وَالْمَالِيَّةُ فِيهِ مُحَقَّقَةٌ فَاكْتَفِي فِيهَا بِتَنْضِيضٍ قَدْرَ رَأْسِ الْمَالِ فَقَطْ (إذَا فَسَخَ أَحَدُهُمَا) ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ حَيْثُ لَا غَرَضَ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْإِنْكَارِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِ ذَلِكَ) كَنِقْضَتِهِ وَلَا تُبَعْ وَلَا تُشْتَرَ (قَوْلُهُ: وَبِإِنْكَارِهِ) أَيْ بِنَفْسِ الْإِنْكَارِ (قَوْلُهُ: مَا وَكَّلَ فِي بَيْعِهِ) شَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ لَهُ بِعْ هَذَا وَاشْتَرِ لِي بِثَمَنِهِ كَذَا ثُمَّ بَاعَ الْمَالِكُ مَا وَكَّلَ فِي بَيْعِهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ الَّذِي بَاعَ بِهِ الْمَالِكُ مَا أَذِنَ لِلْوَكِيلِ فِي شِرَائِهِ بِهِ، وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَنْعَزِلُ فِيمَا وَكَّلَهُ فِي بَيْعِهِ لِارْتِفَاعِ مَحَلِّ الْوَكَالَةِ، وَلَا يَنْعَزِلُ عَنْ الشِّرَاءِ بِالثَّمَنِ لَمْ يَبْعُدْ قِيَاسًا عَلَى عَامِلِ الْقِرَاضِ. (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ لِلْعَامِلِ إلَخْ) أَيْ مَا لَمْ يَنْهَهُ الْمَالِكُ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ انْفَسَخَ) مُقْتَضَى تَشْبِيهُهُ بِالْوَكَالَةِ عَدَمُ انْعِزَالِهِ بِالْجِنَايَةِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الظَّاهِرُ وَلَمْ أَرَهُ نَصًّا أَنَّ عَامِلَ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ إذَا خَانَ أَوْ غَشَّ انْعَزَلَ بِخِلَافِ عَامِلٍ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ اهـ حَوَاشِي الرَّوْضِ. وَقِيَاس مَا مَرَّ لِلشَّارِحِ مِنْ الْوَكِيلِ عَنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ إذَا فَسَقَ انْعَزَلَ عَنْ بَقَاءِ الْمَالِ فِي يَدِهِ لَا عَنْ التَّصَرُّفِ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ وَأَنَّهُ يُفَرِّقُ بَيْنَ الِابْتِدَاءِ وَالدَّوَامِ (قَوْلُهُ: وَلِلْعَامِلِ الِاسْتِيفَاءُ بَعْدَ مَوْتِ الْمَالِكِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بَيْعَ نَسِيئَةٍ بِإِذْنِ الْمَالِكِ أَوْ بَيْعَ حَالٍّ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ وَالْمَبِيعُ بَاقٍ فِي يَدِهِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ بِأَنْ خَالَفَ وَسَلَّمَهُ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ إذْنِ وَارِثِهِ) وَقِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ بَيْعِ الْعَامِلِ بَعْدَ الْفَسْخِ حَيْثُ تَوَقَّعَ رِبْحًا جَوَازُهُ هُنَا (قَوْلُهُ: جَازَ تَقْرِيرُ الْجَمْعِ) أَيْ وَرَثَةُ الْمَالِكِ وَوَرَثَةُ الْعَامِلِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ التَّقْرِيرُ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ قَرَّرْتُك (قَوْلُهُ: وَقَرَّرَ الْعَقْدَ) أَيْ مِنْ جَانِبِ الْمَالِكِ أَوْ وَارِثِهِ (قَوْلُهُ: مَقْسُومٌ بَيْنَهُمَا) أَيْ الْوَارِثِ وَالْعَامِلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ إلَخْ) ذَكَرَهُ لِمُنَاسِبَتِهِ لِلتَّقْرِيرِ فِي الْقِرَاضِ (قَوْلُهُ: فَقَبِلَ) أَيْ بِأَنْ قَالَ قَبِلْتُ (قَوْلُهُ: أَوْ النِّكَاحِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ الْإِنْكَاحِ. (قَوْلُهُ: تَقَاضَى) أَيْ اسْتِيفَاءُ (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّنْضِيضِ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين]

أَوْ هُمَا أَوْ انْفَسَخَ لِأَنَّ الدَّيْنَ نَاقِصٌ وَقَدْ أَخَذَ مِنْهُ مِلْكًا تَامًّا فَلْيَرُدَّ كَمَا أَخَذَ، وَلَوْ رَضِيَ الْمَالِكُ بِقَبُولِ الْحَوَالَةِ جَازَ (وَتَنْضِيضُ رَأْسِ الْمَالِ) (إنْ كَانَ) مَا بِيَدِهِ عِنْدَ الْفَسْخِ (عِوَضًا) أَوْ نَقْدًا غَيْرَ صِفَةِ رَأْسِ الْمَالِ أَيْ بَيْعُهُ بِالنَّاضِّ وَهُوَ نَقْدُ الْبَلَدِ الْمُوَافِقِ لِرَأْسِ الْمَالِ حَيْثُ طَلَبَهُ الْمَالِكُ وَإِنْ أَبْطَلَهُ السُّلْطَانُ وَإِلَّا بَاعَ بِالْأَغْبَطِ مِنْهُ وَمِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ فَإِنْ بَاعَ بِغَيْرِ جِنْسِهِ حَصَلَ بِهِ جِنْسُهُ، وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ لَا أَثِقُ بِهِ جُعِلَ مَعَ يَدِهِ يَدٌ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّ الِائْتِمَانَ انْقَطَعَ بِالْفَسْخِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ حَتَّى يَنِضَّ الْمَالَ وَيَعْلَمَ بِهِ الْمَالِكُ، أَمَّا إذَا لَمْ يَطْلُبْ الْمَالِكُ ذَلِكَ فَلَا يَجِبُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ وَحَظُّهُ فِي التَّنْضِيضِ فَيَجِبُ، وَلَوْ قَالَ لَهُ الْمَالِكُ لَا تَبِعْ وَنَقْسِمُ الْعُرُوضَ بِتَقْوِيمِ عَدْلَيْنِ أَوْ قَالَ أُعْطِيك نَصِيبَك مِنْ الرِّبْحِ نَاضًّا أُجِيبُ. وَكَذَا لَوْ رَضِيَ بِأَخْذِ الْعُرُوضِ مِنْ الْعَامِلِ بِالْقِيمَةِ لَمْ يَزِدْ رَاغِبٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي. فَلَوْ حَدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ غَلَاءٌ لَمْ يُؤَثِّرْ، وَخَرَجَ بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ الزَّائِدِ عَلَيْهِ فَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــSحَيْثُ لَمْ يَجِبْ فِيهِ تَنْضِيضُهُ مَا زَادَ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الدَّيْنَ نَاقِصٌ) أَيْ لِأَنَّهُ قَدْ يَجِيءُ وَقَدْ لَا (قَوْلُهُ وَقَدْ أَخَذَ) أَيْ الْعَامِلُ وَقَوْلُهُ مِنْهُ أَيْ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَضِيَ الْمَالِكُ بِقَبُولِ الْحَوَالَةِ جَازَ) فِيهِ مُسَامَحَةٌ لِأَنَّ الدَّيْنَ لِلْقِرَاضِ مِلْكُ الْمَالِكِ، فَالْمُرَادُ مِنْ الْحَوَالَةِ الرِّضَا بِبَقَاءِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بَاعَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ الْمَالِكُ، وَلَمْ يَذْكُرْ حَجّ قَوْلُهُ حَيْثُ طَلَبَهُ الْمَالِكُ بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ الْمُوَافِقِ لِرَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ أَبْطَلَهُ السُّلْطَانُ وَإِلَّا إلَخْ، فَأَفَادَ أَنَّ التَّقْدِيرَ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا: أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ نَقْدُ الْبَلَدِ مُوَافِقًا لِجِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ فَيُحْمَلُ قَوْلُ الشَّارِحِ وَإِلَّا عَلَى مَا ذَكَرَهُ حَجّ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ بَعْدَ أَمَّا إذَا لَمْ يَطْلُبْ الْمَالِكُ إلَخْ (قَوْلُهُ: جُعِلَ مِنْ يَدِهِ يَدٌ) وَيَنْبَغِي أَنَّ أُجْرَةَ ذَلِكَ عَلَى الْمَالِكِ لِأَنَّهُ لِغَرَضِ نَفْسِهِ، وَيُوَافِقُهُ مَا سَيَأْتِي فِي عَامِلِ الْمُسَاقَاةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ ظَهَرَتْ عَلَيْهِ رِيبَةٌ وَلَمْ تَثْبُتْ خِيَانَتُهُ فَضَمَّ إلَيْهِ الْمَالِكُ مُشْرِفًا كَانَتْ أُجْرَتُهُ عَلَى الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إلَخْ) هَذَا قَدْ يُخَالِفُ قَوْلَهُ السَّابِقَ لِكُلٍّ فَسْخُهُ مَتَى شَاءَ وَلَوْ فِي غَيْبَةِ الْآخَرِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ ذَاكَ عَلَى مَا لَوْ كَانَ الْمَالُ مُنَضَّضًا وَعَلِمَ بِهِ الْمَالِكُ ثُمَّ غَابَ وَعَزَلَ الْعَامِلُ نَفْسَهُ فِي غَيْبَتِهِ وَمَا هُنَا عَلَى خِلَافِهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا لَمْ يَطْلُبْ الْمَالِكُ إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ الْمَالِكُ اثْنَيْنِ وَطَلَبَ أَحَدُهُمَا التَّنْضِيضَ وَالْآخَرُ عَدَمَهُ فَهَلْ يُجَابُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَسَّمَ الْمَالُ عُرُوضًا فَمَا يَخُصُّ مَنْ طَلَبَ الْعُرُوضَ يُسَلَّمُ لَهُ وَمَا يَخُصُّ مَنْ طَلَبَ التَّنْضِيضَ يُبَاعُ وَيُسَلَّمُ لَهُ جِنْسُ رَأْسِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: بِتَقْوِيمِ عَدْلَيْنِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِتَقْوِيمِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَيُوَافِقُهُ مَا مَرَّ فِي الْغَصْبِ عَنْ الْعُبَابِ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الْأَعْيَانِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ دُيُونًا فَمَا طَرِيقُ قِسْمَةِ ذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إنْ تَرَاضَى الْعَامِلُ وَالْمَالِكِ عَلَى تَعَيُّنِ بَعْضِ الدُّيُونِ لِلْعَامِلِ وَبَعْضِهَا لِلْمَالِكِ فَذَاكَ، وَإِلَّا رَفَعَا الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ فَيَسْتَوْفِيهَا وَيُقَسَّمُ الْحَاصِلُ عَلَيْهِمَا وَعَلَى التَّرَاضِي يَكُونُ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنَّ الْقِرَاضَ جَائِزٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ] قَوْلُهُ: وَلَوْ رَضِيَ الْمَالِكُ بِقَبُولِ الْحَوَالَةِ) أَيْ: الْحَوَالَةُ الصُّورِيَّةُ. (قَوْلُهُ: مَا بِيَدِهِ عِنْدَ الْفَسْخِ) أَيْ: مَا بِيَدِهِ حِسًّا أَوْ حُكْمًا لِيَشْمَلَ مَا فِي الذِّمَمِ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ طَلَبَهُ) يَعْنِي: أَصْلَ التَّنْصِيصِ فَهُوَ قَيْدٌ لِلْمَتْنِ، وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَقِبَ الْمَتْنِ أَوْ تَأْخِيرَهُ لِيَذْكُرَهُ قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ لَا أَثِقُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ: بِأَنْ كَانَ نَقْدُ الْبَلَدِ غَيْرَ مُوَافِقٍ لِرَأْسِ الْمَالِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَاعَ بِغَيْرِ جِنْسِهِ) أَيْ: وَلَمْ يَكُنْ نَقْدُ الْبَلَدِ الَّذِي بَاعَ بِهِ أَغْبَطَ أَخْذًا مِمَّا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ حَتَّى يَنِضَّ الْمَالُ) أَيْ: وَلَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ الِانْفِسَاخِ وَالِانْعِزَالِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَيَعْلَمُ بِهِ الْمَالِكُ) اُنْظُرْ مَا فَائِدَتُهُ هُنَا (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ لَوْ رَضِيَ بِأَخْذِ الْعُرُوضِ مِنْ الْعَامِلِ بِالْقِيمَةِ) هُوَ عَيْنُ مَا قَبْلَهُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ؛ فَإِنَّ الَّذِي فِي الرَّوْضِ هُوَ هَذَا الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ رَضِيَ إلَخْ وَصَوَّرَهُ شَارِحُهُ بِالصُّورَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ فَهُمَا صُورَتَانِ لِهَذَا الْحُكْمِ الْكُلِّيِّ لَا قَسِيمَانِ لَهُ وَمِنْ ثَمَّ اقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا فِي التُّحْفَةِ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ: وَلَوْ رَضِيَ الْمَالِكُ بِأَخْذِ الْعُرُوضِ مِنْهُ بِالْقِيمَةِ بِأَنْ قَالَ لَهُ لَا تَبِعْ وَتَقْسِمْ الْعُرُوضَ بِتَقْوِيمِ عَدْلَيْنِ أَوْ أُعْطِيَكَ قَدْرَ نَصِيبِك نَاضًّا

يَلْزَمُهُ تَنْضِيضُهُ، بَلْ هُوَ عَرْضٌ اشْتَرَكَ فِيهِ اثْنَانِ لَا يُكَلَّفُ أَحَدُهُمَا بَيْعَهُ. نَعَمْ لَوْ كَانَ بَيْعُ بَعْضِهِ يُنْقِصُ قِيمَتَهُ كَالْعَبْدِ لَزِمَهُ تَنْضِيضُ الْكُلِّ كَمَا بَحَثَهُ فِي الْمَطْلَبِ لِمَا فِي التَّشْقِيصِ مِنْ التَّنْقِيصِ، وَفِي كَلَامِ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَصَاحِبِ الْإِفْصَاحِ مَا يُؤَيِّدُهُ (وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ التَّنْضِيضُ إنْ لَمْ يَكُنْ رَبِحَ) لِأَنَّهُ لَا يَحْسُنُ تَكْلِيفُهُ الْعَمَلَ إلَّا لِفَائِدَةٍ لَهُ وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ وَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَى ذَلِكَ مُطْلَقًا. (وَإِذَا) (اسْتَرَدَّ الْمَالِكُ بَعْضَهُ) أَيْ مَالِ الْقِرَاضِ (قَبْلَ ظُهُورِ رِبْحٍ وَخُسْرَانٍ) (رَجَعَ رَأْسُ الْمَالِ إلَى الْبَاقِي) لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ فِي يَدِهِ غَيْرَهُ فَصَارَ كَمَا لَوْ اقْتَصَرَ فِي الِابْتِدَاءِ عَلَى إعْطَائِهِ لَهُ (وَإِنْ) (اسْتَرَدَّ) الْمَالِكُ بَعْضَهُ بِغَيْرِ رِضَا الْعَامِلِ أَوْ بِرِضَاهُ وَصَرَّحَا بِالْإِشَاعَةِ أَوْ أَطْلَقَا (بَعْدَ الرِّبْحِ فَالْمُسْتَرَدُّ شَائِعٌ رِبْحًا وَرَأْسُ مَالٍ) عَلَى النِّسْبَةِ الْحَاصِلَةِ مِنْ مَجْمُوعِ الْأَصْلِ وَالرِّبْحِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُمَيَّزٍ، وَيَسْتَقِرُّ مِلْكُ الْعَامِلِ عَلَى مَا خَصَّهُ مِنْ الرِّبْحِ فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْمَالِكِ فِيهِ وَلَا يَسْقُطُ بِخُسْرٍ وَقَعَ بَعْدَهُ (مِثَالُهُ رَأْسُ الْمَالِ مِائَةٌ) مِنْ الدَّرَاهِمِ (وَالرِّبْحُ عِشْرُونَ) مِنْهَا (وَاسْتَرَدَّ) الْمَالِكُ مِنْ ذَلِكَ (عِشْرِينَ فَالرِّبْحُ) فِي هَذَا الْمِثَالِ (سُدُسُ) جَمِيعِ (الْمَالِ) وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا (فَيَكُونُ الْمُسْتَرَدُّ سُدُسَهُ) بِالرَّفْعِ بِخَطِّهِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَثُلُثٍ (مِنْ الرِّبْحِ فَيَسْتَقِرُّ لِلْعَامِلِ الْمَشْرُوطُ مِنْهُ) وَهُوَ دِرْهَمٌ وَثُلُثَانِ إنْ شَرَطَ نِصْفَ الرِّبْحِ (وَبَاقِيهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) فَيَعُودُ رَأْسُ الْمَالِ إلَى ثَلَاثَةٍ وَثَمَانِينَ وَثُلُثٍ، فَلَوْ عَادَ مَا فِي يَدِهِ إلَى ثَمَانِينَ لَمْ تَسْقُطْ حِصَّةُ الْعَامِلِ بَلْ يَأْخُذُ مِنْهَا دِرْهَمًا وَثُلُثَيْ دِرْهَمٍ وَيُرَدُّ الْبَاقِي، وَاسْتِشْكَالُ الْإِسْنَوِيِّ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ اسْتِقْلَالُهُ بِأَخْذِ ذَلِكَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ شُيُوعِ الْمُسْتَرَدِّ بَقَاءُ حِصَّتِهِ فِيهِ إنْ بَقِيَ وَإِلَّا فَفِي ذِمَّةِ الْمَالِكِ فَلَا تَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ إلَّا بِنَحْوِ رَهْنٍ وَلَمْ يُوجَدُ حَتَّى لَوْ أَفْلَسَ الْمَالِكُ لَمْ يَتَقَدَّمْ بِهِ الْعَامِلُ بَلْ يُضَارَبُ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْمَالِكَ لَمَّا تَسَلَّطَ بِاسْتِرْدَادِ مَا عُلِمَ لِلْعَامِلِ فِيهِ جُزْءٌ مَكَّنَ الْعَامِلَ مِنْ الِاسْتِقْلَالِ بِأَخْذِ مِثْلِهِ لِيَحْصُلَ التَّكَافُؤُ بَيْنَهُمَا، وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا بِغَيْرِ رِضَا الْعَامِلِ إلَى آخِرِهِ اسْتِرْدَادُهُ بِرِضَاهُ فَإِنْ قَصَدَ الْأَخْذَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ اخْتَصَّ بِهِ أَوْ مِنْ الرِّبْحِ اخْتَصَّ بِهِ، وَحِينَئِذٍ يَمْلِكُ الْعَامِلُ مِمَّا فِي يَدِهِ قَدْرَ حِصَّتِهِ عَلَى الْإِشَاعَةِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدَا شَيْئًا حُمِلَ عَلَى الْإِشَاعَةِ، وَنَصِيبُ الْعَامِلِ قَرْضٌ لِلْمَالِكِ لَا هِبَةٌ كَمَا رَجَّحَهُ فِي الْمَطْلَبِ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَالْحَوَالَةِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَى أَحَدِهِمَا اسْتِيفَاءُ مَا عُيِّنَ لَهُ مِنْ الدُّيُونِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ، كَمَا لَوْ تَعَذَّرَ عَلَى الْمُحْتَالِ الْأَخْذُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُحِيلِ، وَيُقْسَمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الدُّيُونِ بِالْمُحَاصَّةِ عَلَى حَسَبِ مَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْهُمَا أَصْلًا وَرِبْحًا (قَوْلُهُ: لَا يُكَلَّفُ أَحَدُهُمَا بَيْعَهُ) أَيْ بَلْ يَقْتَسِمَانِهِ إنْ شَاءَا أَوْ يَبِيعَانِهِ مَعًا (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ تَنْضِيضُ الْكُلِّ) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ الْمُسْتَرَدُّ سُدُسَهُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ مِنْ الرِّبْحِ (قَوْلُهُ فَلَا تَتَعَلَّقُ) أَيْ الْحِصَّةُ (قَوْلُهُ: اخْتَصَّ بِهِ وَحِينَئِذٍ) وَيَنْبَغِي أَنَّ لَهُ الِاسْتِقْلَالَ بِأَخْذِهِ مِمَّا فِي يَدِهِ كَمَا تَقَدَّمَ اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَقْصِدَا شَيْئًا) لَا يُقَالُ: هَذِهِ عَيْنُ الْإِطْلَاقِ السَّابِقِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْمُرَادُ هُنَا أَنَّهُمَا قَصَدَا أَنَّهُ مِنْ الرِّبْحِ، وَلَكِنْ لَمْ يُرِيدَا أَنَّهُ مِنْ خُصُوصِ حِصَّةِ الْمَالِكِ وَلَا الْعَامِلِ فَتَنْزِلُ عَلَى أَنَّهَا مِنْ الرِّبْحِ شَائِعًا، لَكِنَّ فِي حَجّ مَا نَصُّهُ: فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ أَحَدَ ذَيْنِك: أَيْ رَأْسِ الْمَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَمْ يَزِدْ رَاغِبٌ فِيهَا أُجِيبَ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْمَالِكِ فِيهِ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: أَيْ فِي الْمُسْتَرَدِّ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا شَامِلٌ لِلِاسْتِرْدَادِ بِرِضَاهُ مَعَ إطْلَاقِهِمَا، أَوْ قَصْدِ الْإِشَاعَةِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ إدْخَالُ ذَلِكَ فِي تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ، وَفِيهِ بَحْثٌ لِمَا سَيَأْتِي عَنْ الْمَطْلَبِ أَنَّهُ قَرْضٌ حِينَئِذٍ فَكَيْفَ يَحْكُمُ بِأَنَّهُ قَرْضٌ لِلْمَالِكِ وَيَمْنَعُ تَصَرُّفَهُ فِيهِ؛ وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَدَمَ نُفُوذِ تَصَرُّفِهِ إلَّا فِي الِاسْتِرْدَادِ بِغَيْرِ رِضَاهُ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: اسْتِرْدَادُهُ بِرِضَاهُ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: فِيهِ إطْلَاقُ الِاسْتِرْدَادِ بِالرِّضَا ثُمَّ تَفْصِيلُهُ بِمَا بَعْدَهُ، مَعَ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ قَوْلِهِ الْمَذْكُورِ الَّذِي خَرَجَ هَذَا بِهِ بَعْضُ أَقْسَامِ الِاسْتِرْدَادِ بِالرِّضَا، فَكَانَ حَقُّ التَّعْبِيرِ أَنْ يَقُولَ: اسْتِرْدَادُهُ بِرِضَاهُ وَقَصَدَ إلَخْ فَتَأَمَّلْ انْتَهَى. وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ مُحَاوَلَةِ عَدَمِ التَّكْرَارِ يَحْتَاجُ إلَى تَأَمُّلٍ

وَنَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَأَقَرَّهُ (وَإِنْ اسْتَرَدَّ) الْمَالِكُ (بَعْدَ الْخُسْرَانِ فَالْخُسْرَانُ مُوَزَّعٌ عَلَى الْمُسْتَرَدِّ وَالْبَاقِي فَلَا يَلْزَمُ جَبْرُ حِصَّةِ الْمُسْتَرَدِّ لَوْ رَبِحَ بَعْدَ ذَلِكَ. مِثَالُهُ الْمَالُ مِائَةٌ وَالْخُسْرَانُ عِشْرُونَ ثُمَّ اسْتَرَدَّ عِشْرِينَ فَرُبُعُ الْعِشْرِينَ حِصَّةُ الْمُسْتَرِدِّ وَيَعُودُ رَأْسُ الْمَالِ إلَى خَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ) لِأَنَّ الْخُسْرَانَ إذَا وُزِّعَ عَلَى الثَّمَانِينَ خَصَّ كُلَّ عِشْرِينَ خَمْسَةٌ فَالْعِشْرُونَ الْمُسْتَرَدَّةُ حِصَّتُهَا خَمْسَةٌ فَيَبْقَى مَا ذُكِرَ، فَلَوْ رَبِحَ بَعْدَ قَسْمٍ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَاهُ. (وَيَصْدُقُ الْعَامِلُ بِيَمِينِهِ فِي) (قَوْلِهِ لَمْ أَرْبَحْ) شَيْئًا أَصْلًا (أَوْ لَمْ أَرْبَحْ إلَّا كَذَا) عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِيهِمَا، وَلَوْ أَقَرَّ بِرِبْحٍ قُدِّرَ ثُمَّ ادَّعَى غَلَطًا فِي الْحِسَابِ أَوْ كَذِبًا لَمْ يُقْبَلُ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِحَقٍّ لِغَيْرِهِ فَلَمْ يُقْبَلُ رُجُوعُهُ عَنْهُ. نَعَمْ لَهُ تَحْلِيفُ الْمَالِكِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ شُبْهَةً وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بَعْدَ خَسِرْت إنْ احْتَمَلَ كَأَنْ عَرَضَ كَسَادٌ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ (أَوْ اشْتَرَيْت هَذَا لِلْقِرَاضِ) وَإِنْ كَانَ خَاسِرًا (أَوْلَى) وَإِنْ كَانَ رَابِحًا حَيْثُ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ لِأَنَّهُ مَأْمُونٌ وَهُوَ أَدْرَى بِقَصْدِهِ، أَمَّا لَوْ كَانَ الشِّرَاءُ بِعَيْنِ مَالِ الْقِرَاضِ فَإِنَّهُ يَقَعُ لِلْقِرَاضِ وَإِنْ نَوَى نَفْسَهُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمَطْلَبِ. وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ عَدَمُ قَبُولِ بَيِّنَةِ الْمَالِكِ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِمَالِ الْقِرَاضِ لِأَنَّهُ قَدْ يَشْتَرِي لِنَفْسِهِ بِمَالِ الْقِرَاضِ عُدْوَانًا فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ (أَوْ لَمْ تَنْهَنِي عَنْ شِرَاءِ كَذَا) كَأَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً فَقَالَ نَهَيْتُك عَنْ شِرَائِهَا فَقَالَ الْعَامِلُ لَمْ تَنْهَنِي فَيُصَدَّقُ الْعَامِلُ وَتَكُونُ لِلْقِرَاضِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النُّهَى. أَمَّا لَوْ قَالَ الْمَالِكُ لَمْ آذَنْك فِي شِرَاءِ كَذَا فَقَالَ الْعَامِلُ بَلْ أَذِنْت لِي فَالْمُصَدَّقُ الْمَالِكُ (وَ) يَصْدُقُ الْعَامِلُ بِيَمِينِهِ أَيْضًا (فِي) جِنْسٍ أَوْ (قَدْرَ رَأْسِ الْمَالِ) وَإِنْ كَانَ هُنَا رِبْحٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ دَفْعِ زِيَادَةِ إلَيْهِ. فَلَوْ قَارَضَ اثْنَيْنِ عَلَى أَنَّ نِصْفَ الرِّبْحِ لَهُ وَالْبَاقِيَ بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمَا فَرَبِحَا وَأَحْضَرَا ثَلَاثَةَ آلَافٍ فَقَالَ الْمَالِكُ رَأْسُ الْمَالِ أَلْفَيْنٍ وَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا وَأَنْكَرَ الْآخَرُ وَحَلَفَ أَنَّهُ أَلْفٌ فَلَهُ خَمْسُمِائَةٍ لِأَنَّهَا نَصِيبُهُ بِزَعْمِهِ وَلِلْمَالِكِ أَلْفَانِ عَنْ رَأْسِ الْمَالِ لِاتِّفَاقِهِ مَعَ الْمُعْتَرَفِ عَلَيْهِ وَلَهُ ثُلُثَا خَمْسِمِائَةٍ عَنْ الرِّبْحِ وَالْبَاقِي مِنْهَا لِلْمُقِرِّ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ مَا يَأْخُذُهُ الْمَالِكُ مِنْ الرِّبْحِ مَثَلًا مَا يَأْخُذُهُ كُلٌّ مِنْ الْعَامِلِينَ وَمَا أَخَذَهُ الْمُنْكِرُ كَالتَّالِفِ وَلَوْ أَحْضَرَا أَلْفَيْنِ أَخَذَ الْمُنْكِرُ رُبُعَ الْأَلْفِ الزَّائِدِ عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ لِأَنَّهُ نَصِيبُهُ بِزَعْمِهِ وَالْبَاقِي يَأْخُذُهُ الْمَالِكُ صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ (وَ) فِي (دَعْوَى التَّلَفِ) عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي فِي الْوَدِيعَةِ لِأَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالرِّبْحِ حُمِلَ عَلَى الْإِشَاعَةِ كَمَا مَرَّ اهـ. وَظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِطْلَاقِ هُنَا مَا مَرَّ، وَحِينَئِذٍ فَيَشْكُلُ قَوْلُهُ وَنَصِيبُ الْعَامِلِ قَرْضٌ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْمَالِكِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فِي حِصَّةِ الْعَامِلِ الصَّرِيحِ فِي أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ قَرْضًا، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَمْتَنِعْ عَلَى الْمَالِكِ التَّصَرُّفَ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ مَا سَبَقَ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ الْعَامِلِ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ بِإِذْنٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَرُبُعُ الْعِشْرِينَ إلَخْ) أَيْ مِنْ الْخُسْرَانِ أَيْ فَكَأَنَّهُ اسْتَرَدَّ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ. (قَوْلُهُ: وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بَعْدَ) أَيْ بَعْدَ قَوْلِهِ رَبِحْت كَذَا خَسِرْت إلَخْ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ كَانَ الشِّرَاءُ بِعَيْنِ مَالِ الْقِرَاضِ) أَيْ بِعَيْنِهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَعْمَلُ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ لِلْمَالِكِ مَعَ قَوْلِ الْعَامِلِ اشْتَرَيْت لِنَفْسِي وَلَا بِقَوْلِ الْعَامِلِ مَعَ وُجُودِ الْبَيِّنَةِ فَبَطَلَ الْعَقْدُ اهـ مُؤَلَّفٌ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَقَعُ لِلْقِرَاضِ) أَيْ حَيْثُ اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ عَدَمُ قَبُولِ بَيِّنَةِ الْمَالِكِ أَيْ حَيْثُ اخْتَلَفَا فِيمَا حَصَلَ بِهِ الشِّرَاءُ فَلَا تَخَالُفَ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا بَعْدَهَا وَهَذَا هُوَ حَاصِلُ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْمُؤَلِّفِ فِي الْمَحَلَّيْنِ (قَوْلُهُ: بِمَالِ الْقِرَاضِ) وَهَذَا لَا اخْتِلَافَ، فَإِنْ اخْتَلَفَا وَاشْتَرَى بِعَيْنِ الْمَالِ تَعَدَّيَا لَمْ يَصِحَّ الشِّرَاءُ اهـ مُؤَلَّفٌ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ تَنْهَنِي إلَخْ) أَيْ وَقَدْ أَذِنَهُ فِي شِرَائِهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ نَهَاهُ عَنْهُ كَمَا صَوَّرَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَيُصَرِّحُ بِهَذَا التَّصْوِيرِ قَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدُ: أَمَّا لَوْ قَالَ الْمَالِكُ لَمْ آذَنْك فِي شِرَاءِ كَذَا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَهُ خَمْسُمِائَةٍ) أَيْ لِلْحَالِفِ (قَوْلُهُ وَلَهُ ثُلُثَا خَمْسِمِائَةٍ) أَيْ لِلْمَالِكِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَحْضَرَ) أَيْ الْعَامِلُ. (قَوْلُهُ: وَالْبَاقِي يَأْخُذُهُ الْمَالِكُ) أَيْ وَلَا شَيْءَ لِلْمُقِرِّ (قَوْلُهُ: عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي فِي الْوَدِيعَةِ) وَمِنْهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَذْكُرْ سَبَبًا أَوْ ذَكَرَ سَبَبًا خَفِيًّا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، لَكِنْ هَلْ مِنْ السَّبَبِ الْخَفِيِّ مَا لَوْ ادَّعَى مَوْتَ الْحَيَوَانِ أَمْ لَا؟ بَلْ هُوَ مِنْ الظَّاهِرِ لِإِمْكَانِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ إنْ غَلَبَ حُصُولُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أَمِينٌ وَمِنْ ثَمَّ ضَمِنَ بِمَا تَضَمَّنَ بِهِ كَأَنْ خَلَطَ مَالَ الْقِرَاضِ بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ بِهِ، وَمَعَ ضَمَانِهِ لَا يَنْعَزِلُ كَمَا مَرَّ فَيُقَسَّمُ الرِّبْحُ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ. نَعَمْ لَوْ أَخَذَ مَالًا يُمْكِنُهُ الْقِيَامُ بِهِ فَتَلِفَ بَعْضُهُ ضَمِنَهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْبُوَيْطِيُّ وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ لِأَنَّهُ فَرَّطَ بِأَخْذِهِ، وَيَتَعَيَّنُ طَرْدُهُ فِي الْوَكِيلِ وَالْوَدِيعِ وَالْوَصِيِّ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْأُمَنَاءِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ، وَبَحَثَ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْقِرَاضُ لِغَيْرِ الدَّافِعِ دَخَلَ الْمَالُ فِي ضَمَانِ الْعَامِلِ بِمُجَرَّدِ أَخْذِهِ، وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ ادَّعَى تَلَفَهُ ثُمَّ اعْتَرَفَ بِبَقَائِهِ ثُمَّ ادَّعَى تَلَفَهُ، وَلَوْ ادَّعَى الْمَالِكُ بَعْدَ تَلَفِ الْمَالِ أَنَّهُ قَرْضٌ وَالْعَامِلُ أَنَّهُ قِرَاضٌ صُدِّقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَجَرَى عَلَيْهِ الْقَمُولِيُّ فِي جَوَاهِرِهِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ وَابْنِ الصَّلَاحِ إذْ الْقَاعِدَةُ أَنَّ مَنْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي أَصْلِ الشَّيْءِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي صِفَتِهِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِائْتِمَانِ الدَّافِعِ لِلضَّمَانِ. وَقَالَ فِي الْخَادِمِ: إنَّهُ الظَّاهِرُ لِأَنَّ الْقَابِضَ يَدَّعِي سُقُوطَ الضَّمَانِ عَنْهُ مَعَ اعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ قَبَضَ. وَالْأَصْلُ عَدَمُ السُّقُوطِ، وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ قَبْلَ ذَلِكَ إنَّهُ لَوْ ادَّعَى الْعَامِلُ الْقِرَاضَ وَالْمَالِكُ التَّوْكِيلَ صُدِّقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ: أَيْ وَلَا أُجْرَةَ لِلْعَامِلِ. نَعَمْ لَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ فَالظَّاهِرُ تَقَدُّمُ بَيِّنَةِ الْعَامِلِ لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا. وَقَوْلُهُمَا أَيْضًا لَوْ اخْتَلَفَ مَالِكُ الدَّابَّةِ وَرَاكِبُهَا فَقَالَ الْمَالِكُ أَجَرْتُكهَا وَقَالَ الرَّاكِبُ أَعَرْتَنِيهَا صُدِّقَ الْمَالِكُ، فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمَالِكِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا. أَمَّا لَوْ كَانَ الْمَالُ بَاقِيًا وَقَالَ الْمَالِكُ دَفَعْته قِرَاضًا فَلِي حِصَّةٌ مِنْ الرِّبْحِ وَقَالَ الْآخِذُ أَخَذْته قَرْضًا صُدِّقَ الْآخِذُ بِيَمِينِهِ وَالرِّبْحُ لَهُ وَبَدَلُ الْقَرْضِ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي دَفْعِ الْمَالِ لِرَبِّهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَكَذَا) يُصَدَّقُ فِي (دَعْوَى الرَّدِّ) (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ ائْتَمَنَهُ كَالْوَكِيلِ، وَكُلُّ أَمِينٍ ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إلَّا الْمُكْتَرِيَ وَالْمُرْتَهِنَ. وَالثَّانِي لَا كَالْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَأْجِرِ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْعِلْمِ بِمَوْتِهِ لِأَهْلِ مَحَلَّتِهِ كَمَوْتِ جَمَلٍ فِي قَرْيَةٍ أَوْ حِلَّة كَانَ مِنْ الظَّاهِرِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَإِلَّا كَأَنْ كَانَ بِبَرِيَّةٍ أَوْ كَانَ الْحَيَوَانُ صَغِيرًا لَا يُعْلَمُ مَوْتُهُ عَادَةً كَدَجَاجَةٍ قَبْلَ قَوْلِهِ لِأَنَّهُ مِنْ الْخَفِيِّ. (قَوْلُهُ: بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ بِهِ) أَيْ بِسَبَبِ الْخَلْطِ (قَوْلُهُ لَا يَنْعَزِلُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يُسَافِرُ إلَخْ، وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ: لَوْ خَلَطَ مَالَ الْقِرَاضِ بِمَالِهِ ضَمِنَ وَلَمْ يَنْعَزِلْ، لَكِنْ قَدْ يَشْكُلُ عَدَمُ الِانْعِزَالِ هُنَا بِمَا مَرَّ فِي الْغَصْبِ مِنْ أَنَّهُ إذَا خَلَطَ مَالَ غَيْرِهِ بِمَالِهِ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ يَكُونُ كَالتَّالِفِ وَيَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ، وَمُقْتَضَى مِلْكِهِ لَهُ وَكَوْنِهِ كَالتَّالِفِ انْعِزَالُهُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَ لَهُ الْإِعْطَاءُ مِنْ الْمَخْلُوطِ نَزَلَ مَنْزِلَةَ الْبَاقِي فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ عَدَمُ السُّقُوطِ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْمَالِكَ لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ بَاعَهُ وَسَلَّمَهُ الْعَيْنَ عَنْ جِهَةِ الْبَيْعِ وَادَّعَى الْآخِذُ الْوَكَالَةَ صَدَقَ الْمَالِكُ لِأَنَّ الْآخِذَ اعْتَرَفَ بِالْقَبْضِ وَادَّعَى الِائْتِمَانَ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَلَكِنْ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَالِكُ عَلَى الْآخِذِ الثَّمَنَ الَّذِي ذَكَرَهُ، لِأَنَّهُ إنَّمَا صَدَقَ فِي عَدَمِ الِائْتِمَانِ وَهُوَ لَا يَسْتَلْزِمُ ثَمَنًا يَكُونُ فِي ذِمَّةِ الْآخِذِ بَلْ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ الْبَدَلَ الشَّرْعِيَّ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) أَيْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَفِي دَعْوَى الْعَامِلِ الْقِرَاضَ وَالْمَالِكِ التَّوْكِيلَ، وَقَوْلُهُ لِزِيَادَةٍ عَلِمَهَا: أَيْ بِوُجُوبِ الْأُجْرَةِ، كَذَا قَرَّرَهُ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ وَهُوَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ تَقْدِيمِ بَيِّنَةِ الْعَامِلِ (قَوْلُهُ: وَالرِّبْحُ لَهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَتَلِفَ بَعْضُهُ) أَيْ: بَعْدَ عَمَلِهِ فِيهِ كَمَا هُوَ نَصُّ الْبُوَيْطِيِّ، وَلَفْظُهُ: وَإِذَا أَخَذَ مَالًا لَا يَقْوَى مِثْلُهُ عَلَى عَمَلِهِ فِيهِ بِبَدَنِهِ فَعَمِلَ فِيهِ فَضَاعَ فَهُوَ ضَامِنٌ؛ لِأَنَّهُ مُضَيِّعٌ انْتَهَى. وَبِهِ يَتَّضِحُ بَحْثُ الْأَذْرَعِيِّ الْآتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ: وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَيْضًا إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فَرَّطَ بِأَخْذِهِ) الْأَصْوَبُ مَا عَلَّلَ بِهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي نَصِّهِ السَّابِقِ مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مُضَيِّعٌ. (قَوْلُهُ: إذْ الْقَاعِدَةُ أَنَّ مَنْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي أَصْلِ الشَّيْءِ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ أَخْذِهِ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) أَيْ: فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَفِي دَعْوَى الْعَامِلِ الْقِرَاضَ وَالْمَالِكِ التَّوْكِيلَ، وَقَوْلُهُ: زِيَادَةَ عِلْمِهَا

[كتاب المساقاة]

بِأَنَّ الْعَامِلَ إنَّمَا أَخَذَ الْعَيْنَ لِمَنْفَعَةِ الْمَالِكِ وَانْتِقَاعِهِ هُوَ بِالْعَمَلِ فِيهَا لَا بِهَا بِخِلَافِ الْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَأْجِرِ. (وَلَوْ) (اخْتَلَفَا فِي الْمَشْرُوطِ لَهُ) أَهُوَ الرُّبُعُ أَمْ الثُّلُثُ مَثَلًا (تَحَالَفَا) لِاخْتِلَافِهِمَا فِي عِوَضِ الْعَقْدِ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى صِحَّتِهِ فَأَشْبَهَ اخْتِلَافَ الْمُتَبَايِعَيْنِ (وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) لِتَعَذُّرِ رُجُوعِ عَمَلِهِ إلَيْهِ فَوَجَبَ لَهُ قِيمَتُهُ وَهُوَ الْأُجْرَةُ وَلِلْمَالِكِ جَمِيعُ الرِّبْحِ، وَلَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِالتَّحَالُفِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي بَابِهِ، وَلَوْ كَانَ الْقِرَاضُ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَمُدَّعِي الْعَامِلِ دُونَ الْأُجْرَةِ فَلَا تَحَالُفَ كَنَظِيرِهِ فِي الصَّدَاقِ، وَلَوْ اشْتَرَى الْعَامِلُ وَلَوْ ذِمِّيًّا مَا يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ كَخَمْرٍ أَوْ أُمِّ وَلَدٍ وَسَلَّمَ لِلْبَائِعِ الثَّمَنَ ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا أَوْ قَارَضَهُ لَيُجْلَبَ مِنْ بَلْدَةٍ إلَى أُخْرَى لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ عَمَلٌ زَائِدٌ عَلَى التِّجَارَةِ، وَلَوْ اشْتَرَى بِأَلْفَيْنِ لِقَارِضَيْنِ لَهُ رَقِيقَيْنِ فَاشْتَبَهَا عَلَيْهِ وَقَعَا لَهُ وَغَرِمَ لَهُمَا الْأَلْفَيْنِ لِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ الْإِفْرَادِ لَا قِيمَتَهُمَا، وَلَوْ دَفَعَ لَهُ مَالًا وَقَالَ إذَا مِتُّ فَتَصَرَّفْ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ قِرَاضًا عَلَى أَنَّ لَك نِصْفَ الرِّبْحِ لَغَا فَيَمْتَنِعُ تَصَرُّفُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لِلتَّعْلِيقِ وَارْتِفَاعِ الْقِرَاضِ بِالْمَوْتِ لَوْ صَحَّ، وَإِنْ مَاتَ الْعَامِلُ وَاشْتَبَهَ مَالُ الْقِرَاضِ بِغَيْرِهِ فَكَالْوَدِيعِ بِمَوْتٍ وَعِنْدَهُ الْوَدِيعَةُ وَاشْتَبَهَتْ بِغَيْرِهَا وَسَيَأْتِي فِي بَابِهِ، وَإِنْ جَنَى عَبْدُ الْقِرَاضِ فَهَلْ يُفْدِيهِ الْعَامِلُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ كَالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ أَوْ لَا؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا نَعَمْ. كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ لَمَّا كَانَتْ شَبِيهَةً لِلْقِرَاضِ فِي الْعَمَلِ فِي شَيْءٍ بِبَعْضِ نَمَائِهِ وَجَهَالَةِ الْعِوَضِ وَلِلْإِجَارَةِ فِي اللُّزُومِ وَالتَّأْقِيتِ جُعِلَتْ بَيْنَهُمَا. وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ السَّقْيِ بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ الْقَافِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ فِيهَا غَالِبًا، لَا سِيَّمَا بِالْحِجَازِ فَإِنَّهُمْ يَسْقُونَ مِنْ الْآبَارِ لِأَنَّهُ أَنْفَعُ أَعْمَالِهَا وَأَكْثَرُهَا مُؤْنَةً، وَهِيَ مُعَامَلَةٌ عَلَى تَعَهُّدِ شَجَرٍ بِجُزْءٍ مِنْ ثَمَرَتِهِ. وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ " مُعَامَلَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَهُودَ خَيْبَرَ عَلَى نَخْلِهَا وَأَرْضِهَا بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ " رَوَاهُ الشَّيْخَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ جَمِيعُهُ. (قَوْلُهُ: أَهُوَ الرُّبْعُ أَمْ الثُّلُثُ) أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْفَسِخْ) أَيْ وَإِنَّمَا يَنْفَسِخُ بِفَسْخِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا أَوْ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) أَيْ بِأَنْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ. أَمَّا لَوْ قَارَضَهُ وَأَطْلَقَ ثُمَّ أَذِنَ فِي السَّفَرِ لَمْ يَمْتَنِعْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلْ بِالسَّفَرِ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ دَفَعَ لَهُ مَالًا وَقَالَ إلَخْ) هَذِهِ الصُّورَةُ تَقَدَّمَتْ فِي كَلَامِهِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ مُدَّةِ الْقِرَاضِ (قَوْلُهُ: وَغَرِمَ لَهُمَا) أَيْ الْمُقَارِضَيْنِ (قَوْلُهُ: أَصَحُّهُمَا نَعَمْ) خِلَافًا لِشَرْحِ الرَّوْضِ، وَعَلَيْهِ فَيُحْسَبُ مِنْ الرِّبْحِ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ. . كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ (قَوْلُهُ: وَسُكُونِ الْقَافِ) ع، وَقِيلَ مِنْ السَّقِيِّ بِكَسْرِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَهِيَ صِغَارُ النَّخْلِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَنْفَعُ أَعْمَالِهَا) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ السَّقْيِ. وَالْمُرَادُ أَنَّ فِعْلَ الْعَامِلِ لَيْسَ قَاصِرًا عَلَى السَّقْيِ لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ أَنْفَعَ أَعْمَالِهَا أُخِذْت مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ اصْطِلَاحًا (قَوْلُهُ: عَلَى تَعَهُّدِ شَجَرٍ) عَبَّرَ بِهِ دُونَ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ مَعَ عَدَمِ صِحَّتِهَا عَلَى غَيْرِهِمَا لِيَتَأَتَّى التَّعْرِيفُ عَلَى الْجَدِيدِ وَالْقَدِيمِ الْآتِيَيْنِ (قَوْلُهُ: عَلَى نَخْلِهَا وَأَرْضِهَا) هَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهَا فُتِحَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ بِوُجُوبِ الْأُجْرَةِ، كَذَا نَقَلَهُ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ عَنْ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِالتَّحَالُفِ) أَيْ بَلْ يَفْسَخَانِهِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ الْحَاكِمُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ دَفَعَ لَهُ مَالًا وَقَالَ إذَا مِتّ فَتَصَرَّفْ إلَخْ) هَذِهِ تَقَدَّمَتْ فِي كَلَامِهِ. كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ [كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ] (قَوْلُهُ: لَمَّا كَانَتْ شَبِيهَةً بِالْقِرَاضِ) تَقَدَّمَ هَذَا أَوَّلَ الْقِرَاضِ أَيْضًا

، وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا، وَالْإِجَارَةُ فِيهَا ضَرَرٌ بِتَغْرِيمِ الْمَالِكِ حَالًا مَعَ أَنَّهُ قَدْ لَا يَطْلُعُ شَيْءٌ، وَقَدْ يَتَهَاوَنُ الْأَجِيرُ فِي الْعَمَلِ لِأَخْذِ الْأُجْرَةِ، وَبَالَغَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي رَدِّ مُخَالَفَةِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِيهَا، وَمِنْ ثَمَّ خَالَفَهُ صَاحِبَاهُ، وَزَعَمَ أَنَّ الْمُعَامَلَةَ مَعَ الْكُفَّارِ تَحْتَمِلُ الْجَهَالَاتِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ أَهْلَ خَيْبَرَ كَانُوا مُسْتَأْمَنِينَ. . وَلَهَا سِتَّةُ أَرْكَانٍ: عَاقِدَانِ، وَمَوْرِدٌ، وَعَمَلٌ، وَثَمَرٌ، وَصِيغَةٌ، وَكُلُّهَا مَعَ شُرُوطِهَا تُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ (تَصِحُّ مِنْ) مَالِكٍ وَعَامِلٍ (جَائِزِ التَّصَرُّفِ) لِنَفْسِهِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ رَادًّا بِهِ دَعْوَى شُمُولِ جَائِزِ التَّصَرُّفِ لِلْوَلِيِّ فِي مَالِ مَحْجُورِهِ فَيَكُونُ مُكَرَّرًا وَهُوَ الَّذِي لَا حَجْرَ عَلَيْهِ الْمُخْتَارُ دُونَ غَيْرِهِ كَالْقِرَاضِ (وَ) تَصِحُّ (لِصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) وَسَفِيهٍ مِنْ وَلِيِّهِمْ (بِالْوِلَايَةِ) عَلَيْهِمْ عِنْدَ الْمَصْلَحَةِ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ وَلِبَيْتِ الْمَالِ وَفِي مَالِ مَنْ لَا يُعْرَفُ مَالِكُهُ مِنْ الْإِمَامِ وَلِلْوَقْفِ مِنْ نَاظِرِهِ وَفِي مَالِ الْغَائِبِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ: وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ لِعَامِلِ الْقِرَاضِ الْمُسَاقَاةُ، فَإِنَّ عَمَلَهُ فِي حَقِّ الْمَالِكِ لَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْمُسَاقِي، وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِصِحَّةِ إجَارَةِ وَلِيٍّ لِبَيَاضِ أَرْضِ مُوَلِّيهِ بِأُجْرَةٍ هِيَ مِقْدَارُ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ وَقِيمَةِ الثَّمَرِ ثُمَّ مُسَاقَاةُ الْمُسْتَأْجِرِ بِسَهْمٍ لِلْمَوْلَى عَلَيْهِ مِنْ أَلْفِ سَهْمٍ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُعَدُّ ذَلِكَ عُرْفًا غَبْنًا فَاحِشًا فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ بِسَبَبِ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَنْوَةً (قَوْلُهُ: لِأَخْذِ الْأُجْرَةِ) أَيْ لِسَبَبٍ إلَخْ أَوْ مَعَ (قَوْلُهُ: مَرْدُودٌ) يَتَأَمَّلُ هَذَا الرَّدَّ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ فَإِنَّ كَوْنَهُمْ مُؤَمَّنِينَ لَا يُخْرِجُهُمْ عَنْ الْكُفْرِ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَ الشَّارِحِ أَنَّ أَمَانَهُمْ أَلْحَقَهُمْ بِالْمُسْلِمِينَ، وَالْمَعْنَى أَنَّا لَا نُسَلِّمْ أَنَّ مُعَامَلَةَ الْكُفَّارِ تَحْتَمِلُ الْجَهَالَاتِ مُطْلَقًا بَلْ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالْحَرْبِيِّينَ. (قَوْلُهُ: تَصِحُّ مِنْ مَالِكٍ وَعَامِلٍ) . [فَرْعٌ] لَوْ كَانَ الْعَامِلُ صَبِيًّا لَمْ تَصِحَّ وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَيَضْمَنُ الصَّبِيُّ بِالْإِتْلَافِ لَا بِالتَّلَفِ وَلَوْ بِتَقْصِيرٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّطْهُ عَلَى الْإِتْلَافِ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا لَوْ عَقَدَ الصَّبِيُّ بِنَفْسِهِ، أَمَّا لَوْ عَقَدَ لَهُ وَلِيُّهُ فَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ حَيْثُ رَأَى فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةً لَهُ كَمَا يَجُوزُ لَهُ إيجَارُهُ لِلرَّعْيِ مَثَلًا، وَقَدْ يَشْمَلُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَتَصِحُّ لِصَبِيٍّ بِأَنْ يُرَادَ أَعَمَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي مَالِهِ أَوْ فِي ذَاتِهِ لِيَكُونَ عَامِلًا (قَوْلُهُ: جَائِزُ التَّصَرُّفِ) أَيْ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: مِنْ الْإِمَامِ) أَيْ أَوْ نَائِبِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ تَبَيَّنَ الْمَالِكُ بَعْدَ ذَلِكَ هَلْ يَصِحُّ التَّصَرُّفُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْإِمَامَ نَائِبُ الْمَالِكِ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ بَاقِيَةً أَخَذَهَا وَإِلَّا رَجَعَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ وَفِي مَالِ الْغَائِبِ) أَيْ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ (قَوْلُهُ لَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ ظَهَرَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْعَامِلَ إنَّمَا يَمْلِكُ حِصَّتَهُ بِالْقِسْمَةِ لَا بِالظُّهُورِ. عَلَى أَنَّا لَوْ قُلْنَا يَمْلِكُ بِالظُّهُورِ فَهُوَ مِلْكٌ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ لِأَنَّهُ لَوْ عَرَضَ خُسْرٌ جُبِرَ مِنْ الرِّبْحِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُسَاقِي) أَيْ فَإِنَّ عَمَلَهُ بِسَبَبِ مَالِ نَفْسِهِ وَهُوَ الثَّمَرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَالِكِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مَرْدُودٌ بِأَنَّ أَهْلَ خَيْبَرَ كَانُوا مُسْتَأْمَنِينَ) أَيْ: وَالْمُعَامَلَةُ إنَّمَا تَحْتَمِلُ الْجَهَالَاتِ مَعَ الْحَرْبِيِّينَ (قَوْلُهُ: رَادًّا بِهِ دَعْوَى شُمُولِ جَائِزِ التَّصَرُّفِ لِلْوَلِيِّ إلَخْ) وَجْهُ الرَّدِّ مِنْ ذَلِكَ الَّذِي فَهِمَهُ الشَّارِحُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ حَلِّهِ الْآتِي أَنَّ جَائِزَ التَّصَرُّفِ وَإِنْ كَانَ شَامِلًا فِي حَدِّ ذَاتِهِ لِلْوَلِيِّ إلَّا أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ هُنَا مَا قَابَلَ الْوَلِيَّ بِدَلِيلِ مُقَابَلَةِ الْمُصَنِّفِ لَهُ بِصِحَّتِهَا مِنْ الْوَلِيِّ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَلِصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ بِالْوِلَايَةِ فَهُوَ عَامٌّ أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ، وَهُوَ مَجَازٌ لِعَلَاقَةَ الْكُلِّيَّةِ وَالْجُزْئِيَّةِ وَالْقَرِينَةُ عَلَيْهِ الْمُقَابَلَةُ الَّتِي قَرَّرْنَاهَا، هَذَا حَاصِلُ كَلَامِ الشَّارِحِ هُنَا. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مُرَادَ الْجَلَالِ بَلْ مُرَادُهُ مِنْ ذَلِكَ تَسْلِيمُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ جَائِزُ التَّصَرُّفِ شَامِلٌ لِلْوَلِيِّ وَأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى عُمُومِهِ لَكِنْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلِصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ لَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ بَلْ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ وَهُوَ الَّذِي قَدَّرَهُ مِنْ قَوْلِهِ لِنَفْسِهِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِ تَصِحُّ وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ حِينَئِذٍ: تَصِحُّ مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ وَصِحَّتُهَا مِنْهُ لَا فَرْقَ فِيمَا بَيْنَ كَوْنِهَا لِنَفْسِهِ بِلَا وِقَايَةٍ وَبَيْنَ كَوْنِهَا لِصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ بِالْوِلَايَةِ، وَحِينَئِذٍ فَحَقُّ الْحِلِّ لِلْمَتْنِ أَنْ يُقَالَ: تَصِحُّ مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ لِنَفْسِهِ: أَيْ بِلَا وِلَايَةٍ، وَتَصِحُّ مِنْهُ لِصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَسَفِيهٍ بِالْوِلَايَةِ عَلَيْهِمْ. وَاعْلَمْ أَنَّ لِنَفْسِهِ عَلَى مَا فَهِمَهُ الشَّارِحُ مُتَعَلِّقٌ بِالتَّصَرُّفِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ عَمَلَهُ فِي حَقِّ الْمَالِكِ) مُرَادُهُ بِعَمَلِهِ مُعَامَلَتُهُ لِلْغَيْرِ: أَيْ مُسَاقَاتُهُ الَّتِي الْكَلَامُ فِيهَا وَإِلَّا فَهُوَ لَا عَمَلَ لَهُ فِي الثَّمَرَةِ. (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ لَا يُعَدَّ ذَلِكَ عُرْفًا غَبْنًا فَاحِشًا) اُنْظُرْ مَا فَائِدَةُ هَذَا الشَّرْطِ مَعَ أَنَّ الصُّورَةَ أَنَّ الْأُجْرَةَ تَفِي بِمَنْفَعَةِ الْأَرْضِ وَبِقِيمَةِ الثَّمَرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَالُ

انْضِمَامِهِ لِعَقْدِ الْإِجَارَةِ، وَكَوْنُهُ نَقْصًا مَجْبُورًا بِزِيَادَةٍ فِي الْأُجْرَةِ مَوْثُوقٌ بِهَا عَادَةً. وَرَدَّ الْبُلْقِينِيُّ لَهُ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُمَا صَفْقَتَانِ مُتَبَايِنَتَانِ فَلَا تَنْجَبِرُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى مَرْدُودٌ كَمَا قَالَهُ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ بِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ يَرَى عُدُولَ النُّظَّارِ وَالْقُضَاةِ وَالْفُقَهَاءِ، يَفْعَلُونَ ذَلِكَ وَيَحْكُمُونَ بِهِ، وَبِأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا الْغَبْنَ فِي أَحَدِ الْعَقْدَيْنِ لِاسْتِدْرَاكِهِ فِي الْآخَرِ لِتَعَيُّنِ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى تَرْكِهَا ضَيَاعُ الشَّجَرِ وَالثَّمَرِ. (وَمَوْرِدُهَا النَّخْلُ) وَلَوْ ذُكُورًا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُ وَصَرَّحَ بِهِ الْخَفَّافُ. وَقَدْ يُنَازَعُ فِيهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ وَبِأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى اخْتِيَارِهِ لِلْقَدِيمِ الْآتِي (وَالْعِنَبُ) لِلنَّصِّ فِي النَّخْلِ، وَأُلْحِقَ بِهِ الْعِنَبُ بِجَامِعِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَتَأَتَّى الْخَرْصُ وَلَمْ يُعَبِّرْ بِالْكَرْمِ بَدَلَ الْعِنَبِ لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْ تَسْمِيَتِهِ بِهِ، وَالْأَصَحُّ تَفْضِيلُ الرُّطَبِ عَلَى الْعِنَبِ خِلَافًا لِلرَّيْمِيِّ فِي التُّحْفَةِ (وَجَوَّزَهَا الْقَدِيمُ فِي سَائِرِ الْأَشْجَارِ الْمُثْمِرَةِ) كَتِينٍ وَتُفَّاحٍ لِوُرُودِهِ فِي الْخَبَرِ مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ وَلِعُمُومِ الْحَاجَةِ، وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ، وَالْجَدِيدُ الْمَنْعُ لِأَنَّهَا رُخْصَةٌ فَتَخْتَصُّ بِمَوْرِدِهَا وَعَلَيْهِ تُمْتَنَعُ فِي الْمُقِلِّ كَمَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ، وَتَصِحُّ عَلَى أَشْجَارٍ مُثْمِرَةٍ تَبَعًا لِلنَّخْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَيْنِهِ أَوْ ذِمَّتِهِ فَإِنَّ الثَّمَرَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ إنْ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى عَيْنِهِ لَا يُسَاقِي غَيْرُهُ أَوْ عَلَى ذِمَّتِهِ جَازَ كَمَا يَأْتِي، وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ عَمِلَ فِي مَالِ نَفْسِهِ كَمَا تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ أَنَّ الْحَامِلَ لَهُ عَلَى الْعَمَلِ مَا يَتَوَقَّعُهُ مِنْ الْمَالِ، فَلَا يُرَدُّ أَنَّ الثَّمَرَةَ قَدْ لَا تَكُونُ مَوْجُودَةً عِنْدَ الْعَقْدِ فَيَكُونُ عَمَلُهُ فِي مُدَّةِ عَدَمِ الثَّمَرَةِ فِي مَالِ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: مَوْثُوقٌ بِهَا عَادَةً) دَفَعَ بِهِ مَا قَدْ يُقَالُ: قَدْ يَعْرِضُ مَا يُوجِبُ انْفِسَاخَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: وَيَحْكُمُونَ بِهِ) أَيْ فَصَارَ كَالْمُجْمَعِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا الْغَبْنَ) قَدْ يُقَالُ: إنْ كَانَ الْحَالُ بِحَيْثُ لَوْ لَمْ يَنْضَمَّ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ إلَى الْآخَرِ يَحْصُلُ مِنْ مَجْمُوعِهِمَا أَكْثَرُ مِمَّا يَحْصُلُ مَعَ الِانْضِمَامِ، فَالْوَجْهُ امْتِنَاعُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ هَذَا الضَّمُّ حَصَلَ أَقَلَّ أَوْ تَعَطَّلَ أَحَدُ الْعَقْدَيْنِ وَلَمْ يَرْغَبْ فِيهِ فَالْوَجْهُ جَوَازُ مَا ذُكِرَ بَلْ وُجُوبُهُ، وَقَدْ يُشِيرُ إلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ لِتَعَيُّنِ الْمَصْلَحَةِ إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ بِهِ الْخَفَّافُ) هُوَ صَاحِبُ الْخِصَالِ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ) كَأَنَّ وَجْهَ هَذَا النَّفْيِ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ فِيهِ وُجُوبُ الزَّكَاةِ وَإِمْكَانُ الْخَرْصِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: هَذَا بِاعْتِبَارِ مَا مِنْ شَأْنِهِ بِاعْتِبَارِ الْجِنْسِ وَيُدْعَى شُمُولُ الثَّمَرِ فِي لَفْظِ النَّصِّ لِطَلْعِ الذُّكُورِ، وَحِينَئِذٍ لَا يَلْزَمُ بِنَاءُ هَذَا عَلَى الْقَدِيمِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْ تَسْمِيَتِهِ بِهِ) أَيْ لِأَنَّ الْكَرْمُ هُوَ الرَّجُلُ الْمُؤْمِنُ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: صَحَّ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نَهَى عَنْ تَسْمِيَتِهِ كَرْمًا وَقَالَ: إنَّمَا الْكَرْمُ الرَّجُلُ الْمُؤْمِنُ. قِيلَ: وَجْهُ النَّهْيِ أَنَّ تَسْمِيَتَهَا بِذَلِكَ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْخَمْرَ مِنْهَا يُحْمَلُ عَلَى الْكَرْمِ وَهَذِهِ الصِّفَةُ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ لِلْمُؤْمِنِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: وَجْهُ النَّهْيِ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] (قَوْلُهُ: تَفْضِيلُ الرُّطَبِ عَلَى الْعِنَبِ) اُنْظُرْ مَعْنَى الْأَفْضَلِيَّةِ فِي هَذَا وَنَحْوِهِ مِنْ الذَّوَاتِ الَّتِي لَيْسَتْ مَحَلًّا لِعَمَلٍ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ ثَوَابٌ أَوْ عِقَابٌ (قَوْلُهُ: الثَّمَرَةُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ عَلَى هَذَا أَنَّ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تُثْمِرَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الثَّمَرَةُ مَوْجُودَةً كَمَا فِي النَّخْلِ (قَوْلُهُ: مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ) قَدْ يُدْفَعُ بِأَنَّ قَوْلَهُ فِي الْخَبَرِ مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ بَعْدَ قَوْلِهِ عَلَى نَخْلِهَا مَصْرُوفٌ لِثَمَرِ النَّخْلِ فَلْيَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَتَخْتَصُّ بِمَوْرِدِهَا) هَذَا يَقْتَضِي مَنْعَ الْقِيَاسِ عَلَى الرُّخَصِ وَالصَّحِيحُ خِلَافُهُ كَمَا فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: ـــــــــــــــــــــــــــــQيَخْتَلِفُ فِي الْمُسَاقَاةِ بَيْنَ أَنْ تَقَعَ مُنْضَمَّةً إلَى إجَارَةِ الْأَرْضِ وَبَيْنَ أَنْ تَقَعَ مُنْفَرِدَةً فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ) اُنْظُرْهُ مَعَ أَنَّ صَدْرَ الْخَبَرِ عَلَى نَخْلِهَا وَأَرْضِهَا، ثُمَّ رَأَيْت الشِّهَابَ ابْنَ قَاسِمٍ سَبَقَ إلَى التَّوَقُّفِ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا رُخْصَةٌ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ فِي رَدِّهِ: لِدَلِيلِ الْقَدِيمِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ اسْتَدَلَّ بِعُمُومِ الثَّمَرِ فِي الْخَبَرِ لَا بِالْقِيَاسِ، وَقَوْلُهُ: فَتَخْتَصُّ بِمَوْرِدِهَا. قَدْ يُقَالُ: يَرِدُ عَلَيْهِ قِيَاسُ الْعِنَبِ، إلَى أَنْ قَالَ: عَلَى أَنَّ حَاصِلَ كَلَامِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ أَنَّ الصَّحِيحَ جَوَازُ

وَالْعِنَبِ إذَا كَانَتْ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَثُرَتْ، وَإِنْ قَيَّدَهَا الْمَاوَرْدِيُّ بِالْقَلِيلَةِ، وَشَرَطَ الزَّرْكَشِيُّ بَحْثًا تَعَذَّرَ إفْرَادُهَا بِالسَّقْيِ نَظِيرَ الْمُزَارَعَةِ، وَعَلَيْهِ فَيَأْتِي هُنَا جَمِيعُ مَا يَأْتِي مِنْ اتِّحَادِ الْعَامِلِ وَمَا بَعْدَهُ. . وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مَرْئِيًّا مُعَيَّنًا فَلَا تَصِحُّ عَلَى غَيْرِ مَرْئِيٍّ وَلَا مُنْبَهِمٍ كَإِحْدَى الْحَدِيقَتَيْنِ، وَلَا يَأْتِي فِيهِ خِلَافُ إحْدَى الصُّرَّتَيْنِ السَّابِقُ لِلُزُومِ الْمُسَاقَاةِ. (وَلَا تَصِحُّ الْمُخَابَرَةُ) عَلَى مَا حُكِيَ مِنْ اتِّفَاقِ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ (وَهِيَ عَمَلُ الْأَرْضِ) أَيْ الْمُعَامَلَةُ عَلَيْهَا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَعَبَّرَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ (بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَالْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ وَلَا الْمُزَارَعَةُ، وَهِيَ الْمُعَامَلَةُ وَالْبَذْرُ مِنْ الْمَالِكِ) لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْهُمَا وَلِسُهُولَةِ تَحْصِيلِ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ بِالْإِجَارَةِ، وَاخْتَارَ جَمْعٌ جَوَازَهُمَا وَتَأَوَّلُوا الْأَخْبَارَ عَلَى مَا لَوْ شَرَطَ لِوَاحِدٍ زَرْعَ قِطْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَلِآخَرَ أُخْرَى، وَاسْتَدَلُّوا بِعَمَلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ. وَيُرَدُّ بِأَنَّهَا وَقَائِعُ فِعْلِيَّةٌ تُحْتَمَلُ فِي الْمُزَارَعَةِ لِكَوْنِهَا تَبَعًا وَفِيهَا وَفِي الْمُخَابَرَةِ لِكَوْنِهَا إحْدَى الطُّرُقِ الْآتِيَةِ، وَمَنْ زَارَعَ عَلَى أَرْضٍ بِجُزْءٍ مِنْ الْغَلَّةِ فَعَطَّلَ بَعْضَهَا لَزِمَهُ أُجْرَتُهُ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ، لَكِنْ غَلَّطَهُ فِيهِ التَّاجُ الْفَزَارِيّ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَلَوْ تَرَكَ الْفَلَّاحُ السَّقْيَ مَعَ صِحَّةِ الْمُعَامَلَةِ حَتَّى فَسَدَ الزَّرْعُ ضَمِنَهُ، لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ وَعَلَيْهِ حِفْظُهُ. (فَلَوْ كَانَ) (بَيْنَ النَّخْلِ) أَوْ الْعِنَبِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلَ الشَّارِحِ فَيَخْتَصُّ قَدْ يَشْكُلُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ مِنْ قِيَاسِ الْعِنَبِ عَلَى النَّخْلِ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ تَخْتَصُّ بِمَوْرِدِهَا مَا لَمْ يُوجَدْ مَانِعٌ قَوِيٌّ كَمَا مَرَّ فِي قِيَاسِ الْعِنَبِ مِنْ كَوْنِهِ زَكَوِيًّا وَيَتَأَتَّى الْخَرْصُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ الْجَدِيدُ (قَوْلُهُ: فِي الْمُقِلِّ) أَيْ الدَّوْمُ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَتْ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ النَّخْلِ أَوْ الْعِنَبِ. قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فِي قَوْلِهِ بَعْدُ: وَلَوْ كَانَ بَيْنَ النَّخْلِ إلَخْ: أَيْ بِأَنْ تَشْتَمِلَ الْحَدِيقَةُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُحِطْ بِهِ الشَّجَرُ اهـ. وَيَأْتِي نَظِيرُهُ هُنَا (قَوْلُهُ: فَيَأْتِي هُنَا جَمِيعُ مَا يَأْتِي) مِنْهُ كَمَا سَيَأْتِي أَنْ لَا يُقَدِّمَ الْمُزَارَعَةَ بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا عَقِبَ الْمُسَاقَاةِ فَيَشْتَرِطُ هُنَا أَنْ تَتَأَخَّرَ الْمُسَاقَاةُ عَنْ تِلْكَ الْأَشْجَارِ عَنْ الْمُسَاقَاةِ مَعَ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ، فَلَوْ اشْتَمَلَ الْبُسْتَانُ مَعَ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ عَلَى غَيْرِهِمَا فَقَالَ سَاقَيْتُك عَلَى أَشْجَارِ هَذَا الْبُسْتَانِ لَمْ يَصِحَّ لِلْمُقَارَنَةِ وَعَدَمِ التَّأْخِيرِ فَلْيُرَاجَعْ سم عَلَى حَجّ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ الْمَتْنِ الْآتِي وَأَنْ لَا يُقَدِّمَ الْمُزَارَعَةَ الصِّحَّةُ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الشَّارِحِ بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا عَقِبَهَا إلَخْ لِجَوَازِ أَنَّ ذَلِكَ لِمُجَرَّدِ التَّصْوِيرِ لِتَعَذُّرِ جَمْعِهِمَا فِي عِبَارَةٍ وَاحِدَةٍ لِتَغَايُرِ حَقِيقَتِهِمَا، بِخِلَافِ مَا هُنَا إذْ يَجْمَعُ الْكُلُّ الشَّجَرَ. لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ الْمَنْهَجِ وَقُدِّمَتْ الْمُسَاقَاةُ أَنَّ الْمُقَارَنَةَ مُمْتَنِعَةٌ وَسَيَأْتِي عَنْ سم مَا يَشْهَدُ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مَرْئِيًّا) أَيْ فَلَوْ كَانَ الْمَالِكُ أَعْمَى وَكَّلَ مَنْ يَعْقِدُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: كَإِحْدَى الْحَدِيقَتَيْنِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ عُيِّنَتْ فِي الْمَجْلِسِ، وَتَفَارَقَ الصِّحَّةَ فِي تَعْيِينِ إحْدَى الصُّرَّتَيْنِ بِمَا سَيُشِيرُ إلَيْهِ مِنْ لُزُومِ الْمُسَاقَاةِ بِخِلَافِ الْقِرَاضِ. (قَوْلُهُ: لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ) صِيغَةُ النَّهْيِ الْوَارِدِ فِي الْمُخَابَرَةِ كَمَا فِي الدَّمِيرِيِّ نَقْلًا عَنْ سُنَنِ أَبِي دَاوُد «مَنْ لَمْ يَذَرْ الْمُخَابَرَةَ فَلْيَأْذَنْ بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ» (قَوْلُهُ: فَعَطَّلَ بَعْضَهَا) أَيْ بِلَا زَرْعٍ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ) وَخَرَجَ بِالْمُزَارَعَةِ الْمُخَابَرَةُ فَيَضْمَنُ وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم كَأَنَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْمُخَابَرَةَ فِي مَعْنَى مُسْتَأْجِرِ الْأَرْضِ فَيَلْزَمُهُ أُجْرَتُهَا وَإِنْ عَطَّلَهَا، بِخِلَافِ الْمُزَارِعِ فَإِنَّهُ فِي مَعْنَى الْأَجِيرِ عَلَى عَمَلٍ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إذَا عَطَّلَ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ مَنْفَعَتَهَا وَلَا بَاشَرَ إتْلَافَهَا فَلَا وَجْهَ لِلُّزُومِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: حَتَّى فَسَدَ الزَّرْعُ) أَيْ أَوْ الثَّمَرَةُ (قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ) هَذَا لَا يَشْكُلُ عَلَى مَا قَالَهُ التَّاجُ الْفَزَارِيّ، لِأَنَّ الْأَجِيرَ ثَمَّ لَمْ يَتَعَدَّ وَلَمْ يُفْرِطْ بِمَا تَفْسُدُ بِهِ الْعَيْنُ الَّتِي فِي يَدِهِ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ تَرَكَ الْعَمَلَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَا يُوجِبُ ضَمَانَ أُجْرَةٍ وَلَا غَيْرِهَا بِخِلَافِهِ هُنَا، لِأَنَّهُ فَرَّطَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقِيَاسِ فِي الرُّخَصِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ (قَوْلُهُ: وَيَرُدُّ بِأَنَّهَا وَقَائِعُ) أَيْ وَبِأَنَّ فِعْلَ الصَّحَابِيِّ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهَا تَبَعًا) الْأَوْلَى إسْقَاطُ اللَّامِ، وَالشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ إنَّمَا ذَكَرَهَا لِأَنَّ عِبَارَتَهُ: وَيَرُدُّ بِأَنَّهَا وَقَائِعُ فِعْلِيَّةٌ مُحْتَمَلَةٌ فِي الْمُزَارَعَةِ لِكَوْنِهَا تَبَعًا إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَعَطَّلَ بَعْضَهَا) يَعْنِي الْعَامِلَ (قَوْلُهُ: مَعَ صِحَّةِ الْمُعَامَلَةِ) أَيْ بِخِلَافِهِ مَعَ فَسَادِهَا

(بَيَاضٌ) أَيْ أَرْضٌ لَا زَرْعَ فِيهَا وَلَا شَجَرَ (صَحَّتْ الْمُزَارَعَةُ عَلَيْهِ مَعَ الْمُسَاقَاةِ عَلَى النَّخْلِ) أَوْ الْعِنَبِ تَبَعًا لِلْمُسَاقَاةِ لِعُسْرِ الْإِفْرَادِ وَعَلَيْهِ حَمْلُ مَا مَرَّ مِنْ مُعَامَلَةِ أَهْلِ خَيْبَرَ عَلَى شَطْرِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ (بِشَرْطِ اتِّحَادِ الْعَامِلِ) أَيْ لَا يَكُونُ مَنْ سَاقَاهُ غَيْرَ مَنْ زَارَعَهُ وَإِنْ كَانَ مُتَعَدِّدًا لِأَنَّ إفْرَادَهَا بِعَامِلٍ يُخْرِجُهَا عَنْ التَّبَعِيَّةِ (وَعَسُرَ) هُوَ مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا بِالتَّعَذُّرِ كَتَعْبِيرِ آخَرِينَ بِعَدَمِ الْإِمْكَانِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ الْآتِي وَإِنَّ كَثِيرَ الْبَيَاضِ كَقَلِيلِهِ فَتَعَيَّنَ حَمْلُ التَّعَذُّرِ عَلَى مَا قُلْنَاهُ (إقْرَارُ النَّخْلِ بِالسَّقْيِ) وَإِفْرَادُ (الْبَيَاضِ بِالْعِمَارَةِ) أَيْ الزِّرَاعَةِ لِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ إنَّمَا تَتَحَقَّقُ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ تَعَسُّرِ أَحَدِهِمَا. (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُفْصَلَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَالِثِهِ بِخَطِّهِ أَيْ لَا يُفْصَلُ الْعَاقِدَانِ (بَيْنَهُمَا) أَيْ الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ التَّابِعَةِ بَلْ يَأْتِي بِهِمَا عَلَى الِاتِّصَالِ لَتَحْصُلَ التَّبَعِيَّةُ، وَأَنَّهُ يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الْعَقْدِ، فَلَوْ قَالَ سَاقَيْتُك عَلَى النِّصْفِ فَقَبِلَ ثُمَّ زَارَعَهُ عَلَى الْبَيَاضِ لَمْ تَصِحَّ الْمُزَارَعَةُ لِأَنَّ تَعَدُّدَهُ يُزِيلُ التَّبَعِيَّةَ. وَالثَّانِي يَجُوزُ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا لِحُصُولِهِمَا لِشَخْصٍ وَاحِدٍ. (وَ) الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ (أَنْ لَا) (تُقَدَّمَ الْمُزَارَعَةُ) عَلَى الْمُسَاقَاةِ بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا عَقِبَهَا إذْ التَّابِعُ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَى مَتْبُوعِهِ. وَالثَّانِي يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا وَتَكُونُ مَوْقُوفَةً إنْ سَاقَاهُ بَعْدَهَا بَانَ صِحَّتُهَا وَإِلَّا فَلَا، وَاشْتَرَطَ الدَّارِمِيُّ بَيَانَ مَا يُزْرَعُ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ، وَبِهِ فَارَقَ عَدَمَ اشْتِرَاطِ بَيَانِهِ فِي الْإِجَارَةِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ) (كَثِيرَ الْبَيَاضِ) بِأَنْ اتَّسَعَ مَا بَيْنَ مَغَارِسِ الشَّجَرِ (كَقَلِيلِهِ) لِأَنَّ الْغَرَضَ تَعَسُّرُ الْإِفْرَادِ، وَالْحَاجَةُ لَا تَخْتَلِفُ، وَالثَّانِي لَا لِأَنَّ الْكَثِيرَ لَا يَكُونُ تَابِعًا. ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي الْعَيْنِ الَّتِي عَلَيْهِ حَفِظَهَا بِتَرْكِ السَّقْيِ اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ حَمْلُ مَا مَرَّ إلَخْ) لَكِنَّ فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَفَعَ لَهُمْ بَذْرًا. وَعَلَيْهِ فَقِصَّةُ خَيْبَرَ إنَّمَا هِيَ مُخَابَرَةٌ، وَسَيَأْتِي أَنَّهَا لَا تَصِحُّ تَبَعًا وَلَا اسْتِقْلَالًا. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: الْحَدِيثُ سِيقَ لِأَصْلِ الْمُسَاقَاةِ فَتَثْبُتُ بِهِ. وَأَمَّا كَوْنُهُ ظَاهِرًا فِي الْمُخَابَرَةِ فَأُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْمُزَارَعَةِ وَأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَعْطَاهُمْ بَذْرًا وَأَمَرَ مَنْ يُعْطِيهِمْ. وَالْجَوَابُ يَكْفِي فِيهِ الِاحْتِمَالُ وَيُجْعَلُ هَذَا جَوَابًا عَنْ كَوْنِهِ مُخَابَرَةً لَا يَرُدُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ جَعْلُهُ دَلِيلًا عَلَى جَوَازِ الْمُزَارَعَةِ لِاسْتِدْلَالِ الشَّارِحِ عَلَى جَوَازِهَا لِعُسْرِ الْإِفْرَادِ (قَوْلُهُ: عَلَى شَطْرِ الثَّمَرَةِ) أَيْ نِصْفِهَا. فَفِي الْمُخْتَارِ شَطْرُ الشَّيْءِ نِصْفُهُ. بِخِلَافِ تَعَسُّرِ أَحَدِهِمَا: أَيْ كَأَنْ أَمْكَنَ إفْرَادُ الْأَرْضِ بِالزِّرَاعَةِ وَعَسُرَ إفْرَادُ النَّخْلِ بِالسَّقْيِ فَلَا تَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ تَبَعًا وَيَتَعَيَّنُ إفْرَادُ النَّخْلِ بِالْمُسَاقَاةِ إنْ أَرَادَهَا. (قَوْلُهُ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَفْصِلَ) قَدْ يُقَالُ: اشْتِرَاطُ اتِّحَادِ الْعَقْدِ يُغْنِي عَنْ اشْتِرَاطِ عَدَمِ الْفَصْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ: إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ الْفَصْلُ بِكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ أَوْ نَحْوِهِ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ سَاقَيْتُك عَلَى النِّصْفِ) صَوَابُهُ عَلَى الشَّجَرِ لِيُقَابِلَ قَوْلَهُ عَلَى الْبَيَاضِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِالنِّصْفِ أَحَدَ النَّوْعَيْنِ. (قَوْلُهُ: أَنْ لَا تُقَدَّمَ الْمُزَارَعَةُ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: فَرْعٌ: لَوْ أُخِّرَتْ الْمُزَارَعَةُ لَكِنْ فُصِلَ الْقَابِلُ فِي الْقَبُولِ وَقَدَّمَهَا كَقَبِلْت الْمُزَارَعَةَ وَالْمُسَاقَاةَ لَمْ يَبْعُدْ الْبُطْلَانُ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ شُمُولُ الْمَتْنِ لِذَلِكَ بِأَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ أَنْ لَا يُقَدَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمُزَارَعَةِ لَا فِي الْإِيجَابِ وَلَا فِي الْقَبُولِ. وَبَقِيَ مَا لَوْ قَدَّمَهَا الْمَالِكُ وَأَجْمَلَهَا الْعَامِلُ كَقَوْلِهِ قَبِلْتهمَا بَعْدَ قَوْلِ الْمَالِكِ سَاقَيْتُك وَزَارَعْتُكَ وَالظَّاهِرُ فِيهِ الصِّحَّةُ لِأَنَّ الضَّمِيرَ حِكَايَةٌ لِلظَّاهِرِ قَبْلَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ قَبِلْت الْمُسَاقَاةَ وَالْمُزَارَعَةَ فَهِيَ مُقَدَّمَةٌ حُكْمًا فِي كَلَامِهِ وَقَبْلُ أَيْضًا. [فَرْعٌ] قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَالْمُعَامَلَةُ تَشْمَلُهُمَا: أَيْ الْمُزَارَعَةَ وَالْمُسَاقَاةَ، فَإِنْ قَالَ عَامَلْتُك عَلَى النَّخْلِ وَالْبَيَاضِ بِالنِّصْفِ جَازَ. وَكَذَا لَوْ جَعَلَ أَحَدَهُمَا أَقَلَّ أَوْ شَرَطَ الْبَقَرَ عَلَى الْعَامِلِ اهـ. وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ عَامَلْتُك عَلَى هَذَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQإذْ لَا يَلْزَمُهُ عَمَلٌ وَقَدْ بَذَرَ الْبَذْرَ بِالْإِذْنِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ قَالَ سَاقَيْتُكَ عَلَى النِّصْفِ) أَيْ: مِنْ ثَمَرَةِ هَذَا الشَّجَرِ الْمُعَيَّنِ كَمَا هُوَ وَضْعُ الْمُسَاقَاةِ. فَسَقَطَ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ قَوْلِهِ إنَّ الصَّوَابَ أَنْ يَقُولَ عَلَى الشَّجَرِ بَدَلَ قَوْلِهِ عَلَى النِّصْفِ انْتَهَى. عَلَى أَنَّ الْأَصْوَبَ مَا فِي الشَّرْحِ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ لَيْسَ فِيهِ بَيَانُ الْجُزْءِ الْمُشْتَرَطِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ كَمَا مَرَّ،

(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ) (تَسَاوِي الْجُزْءِ الْمَشْرُوطِ مِنْ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ) فَيَجُوزُ شَرْطُ نِصْفِ الزَّرْعِ وَرُبُعِ الثَّمَر مَثَلًا لِلْعَامِلِ، لِأَنَّ الزِّرَاعَةَ إنْ كَانَتْ تَابِعَةً هِيَ فِي حُكْمِ عَقْدٍ مُسْتَقِلٍّ، وَكَوْنُ التَّفَاصُلِ يُزِيلُ التَّبَعِيَّةَ مِنْ أَصْلِهَا مَمْنُوعٌ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَإِزَالَتِهِ لَهَا فِي بِعْتُك الشَّجَرَةَ بِعَشَرَةٍ، وَالثَّمَرَةَ بِخَمْسَةٍ، حَتَّى يَحْتَاجَ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ لِشَرْطِ الْقَطْعِ عَلَى مَا مَرَّ بِأَنَّ الثَّمَرَةَ قَبْلَ بُدُوِّهِ غَيْرُ صَالِحَةٍ إجْمَاعًا لِإِيرَادِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا وَحْدَهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطِ قَطْعٍ، فَاحْتَاجَتْ لِمَتْبُوعٍ قَوِيٍّ، وَلَا كَذَلِكَ الْبَيَاضُ هُنَا لِمَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ الْمُزَارَعَةِ مُسْتَقِلَّةً عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا أَنْ يَلْحَقَ بِالْبَيَاضِ فِيمَا مَرَّ زَرْعٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ. وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ التَّفَاضُلَ يُزِيلُ التَّبَعِيَّةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ رَدُّهُ. (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُخَابَرَ تَبَعًا لِلْمُسَاقَاةِ) لِعَدَمِ وُرُودِ ذَلِكَ. وَالثَّانِي تَجُوزُ كَالْمُزَارَعَةِ. وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمُزَارَعَةَ فِي مَعْنَى الْمُسَاقَاةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْعَامِلِ فِيهَا إلَّا الْعَمَلُ بِخِلَافِ الْمُخَابَرَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ عَلَيْهِ الْبَذْرُ وَالْعَمَلُ (فَإِنْ أُفْرِدَتْ أَرْضٌ بِالزِّرَاعَةِ فَالْمُغَلُّ لِلْمَالِكِ) لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ (وَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ وَدَوَابِّهِ وَآلَاتِهِ) إنْ كَانَتْ لَهُ وَسَلِمَ الزَّرْعُ لِبُطْلَانِ الْعَقْدِ وَلَا يُمْكِنُ إحْبَاطُ عَمَلِهِ مَجَّانًا، أَمَّا إذَا لَمْ يَسْلَمْ فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ عَلَى مَا أَخَذَهُ مِنْ تَصْوِيبِ الْمُصَنِّفِ لِكَلَامِ الْمُتَوَلِّي فِي نَظِيرِهِ مِنْ الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ فِيمَا إذَا تَلِفَ الزَّرْعُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ لِلْمَالِكِ شَيْءٌ. وَرُدَّ بِأَنَّ قِيَاسَهُ عَلَى الْقِرَاضِ الْفَاسِدِ أَقْرَبُ لِاتِّحَادِ الْبَابَيْنِ فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ، فَالْعَامِلُ هُنَا أَشْبَهُ فِي الْقِرَاضِ مِنْ الشَّرِيكِ، وَكَانَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَامِلِ وَالشَّرِيكِ أَنَّ الشَّرِيكَ يَعْمَلُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ فَاحْتِيجَ فِي وُجُوبِ أُجْرَتِهِ لِوُجُودِ نَفْعِ شَرِيكِهِ بِخِلَافِ الْعَامِلِ فِي الْقِرَاضِ وَالْمُسَاقَاةِ، أَوْ أُفْرِدْت بِالْمُخَابَرَةِ فَالْمُغَلُّ لِلْعَامِلِ لِأَنَّ الزَّرْعَ تَابِعٌ لِلْبَذْرِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِ الْأَرْضِ لِمُسْتَحِقِّهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSمُشِيرًا إلَى النَّخْلِ وَالْبَيَاضِ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ الْمُقَارَنَةَ تُنَافِي التَّبَعِيَّةَ كَالتَّقَدُّمِ: أَيْ لِمَا يُزْرَعُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا) قَدْ يُقَالُ الْمُزِيلُ لَهَا هُنَا لَيْسَ هُوَ التَّفَاضُلُ بِدَلِيلِ الِاحْتِيَاجِ إلَى شَرْطِ الْقَطْعِ وَإِنْ تَسَاوَى الثَّمَنَانِ أَوْ زَادَ ثَمَنُ الثَّمَرِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ، بَلْ الْمُزِيلُ التَّفْصِيلُ لِلثَّمَنِ الْمُوجِبِ لِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُفَاضَلَةَ مُسْتَلْزِمَةٌ لِتَفْصِيلِ مَالِ الْعَامِلِ فَكَانَ كَتَفْصِيلِ الثَّمَنِ فَاحْتِيجَ لِلْفَرْقِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ وَإِزَالَتِهِ) أَيْ التَّفَاضُلِ لَهَا أَيْ التَّبَعِيَّةِ (قَوْلُهُ فَاحْتَاجَتْ لِمَتْبُوعٍ قَوِيٍّ) أَيْ وَهُوَ الشَّجَرُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُفْرِدَ الثَّمَرَ بِثَمَنٍ (قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ) أَيْ فِي الصِّحَّةِ تَبَعًا. (قَوْلُهُ: وَسَلِمَ الزَّرْعُ) أَيْ عَنْ التَّلَفِ لِجَمِيعِهِ، فَلَوْ تَلِفَ بَعْضُهُ اسْتَحَقَّ مِنْ الْأَرْضِ بِقِسْطِ مَا سَلِمَ، ثُمَّ ظَاهِرُ اعْتِبَارِ التَّلَفِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتْلَفْ لَكِنْ وُجِدَ مَعِيبًا رَدِيئًا جِدًّا بِحَيْثُ يَكُونُ الْحَاصِلُ مِنْهُ تَافِهًا بِالنِّسْبَةِ لِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ اسْتِحْقَاقِ الْعَامِلِ أُجْرَةَ مِثْلِ عَمَلِهِ كَامِلَةً (قَوْلُهُ: لِاتِّحَادِ الْبَابَيْنِ) أَيْ فَقُلْنَا بِاسْتِحْقَاقِ الْعَامِلِ الْأُجْرَةَ فِي الْبَابَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ رِبْحٌ بِخِلَافِ الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ (قَوْلُهُ: لِوُجُودِ نَفْعِ شَرِيكِهِ) أَيْ وَهُوَ الرِّبْحُ، فَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ رِبْحُ الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْمُبَاشِرُ لِلْعَمَلِ فِيهَا مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أُجْرَةً (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِ الْأَرْضِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِقَلْعِ الزَّرْعِ قَبْلَ أَوَانِ الْحَصَادِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إنَّمَا زَرَعَ بِالْإِذْنِ. فَخُصُوصُ الْمُخَابَرَةِ وَإِنْ بَطَلَ بَقِيَ عُمُومُ الْإِذْنِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا مَرَّ عَنْ الْبَغَوِيّ فِيمَا لَوْ غَرَسَ فِي الْأَرْضِ الْمَقْبُوضَةِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ أَوْ بَنَى مِنْ أَنَّهُ لَا يُقْلَعُ مَجَّانًا بَلْ يُخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَ تَمَلُّكِهِ بِالْقِيمَةِ وَبَيْنَ قَلْعِهِ وَغَرَامَةِ أَرْشِ النَّقْصِ وَبَيْنَ التَّبْقِيَةِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، لِكَوْنِهِ إنَّمَا فَعَلَ بِالْإِذْنِ الَّذِي تَضَمَّنَهُ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ، لَكِنْ تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُهُ، وَعَلَيْهِ فَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْمَقْبُوضِ بِالشِّرَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَمَّا ذِكْرُ الشَّجَرِ فَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ لَفْظِ سَاقَيْتُكَ كَمَا أَشَرْت إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَإِزَالَتِهِ لَهَا فِي بِعْتُكَ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: قَدْ يُقَالُ الْمُزِيلُ لَهَا هُنَا لَيْسَ هُوَ التَّفَاضُلُ بِدَلِيلِ الِاحْتِيَاجِ إلَى شَرْطِ الْقَطْعِ، وَإِنْ تَسَاوَى الثَّمَنَانِ أَوْ زَادَ ثَمَنُ الثَّمَرَةِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ، بَلْ الْمُزِيلُ التَّفْصِيلُ لِلثَّمَنِ الْمُوجِبُ لِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ انْتَهَى.

وَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ لَهُمَا فَالْغَلَّةُ لَهُمَا، وَلِكُلٍّ عَلَى الْآخَرِ أُجْرَةُ مَا صَرَفَهُ مِنْ مَنَافِعِهِ عَلَى حِصَّةِ صَاحِبِهِ (وَطَرِيقُ جَعْلِ الْغَلَّةِ لَهُمَا وَلَا أُجْرَةَ) فِي إفْرَادِ الْمُزَارَعَةِ (أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ) أَيْ الْمَالِكُ الْعَامِلَ (بِنِصْفِ الْبَذْرِ) شَائِعًا (لِيَزْرَعَ لَهُ النِّصْفَ الْآخَرَ) فِي الْأَرْضِ (وَيُعِيرَهُ نِصْفَ الْأَرْضِ) شَائِعًا (أَوْ يَسْتَأْجِرَهُ بِنِصْفِ الْبَذْرِ وَنِصْفِ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ) شَائِعًا (لِيَزْرَعَ لَهُ النِّصْفَ الْآخَرَ) مِنْ الْبَذْرِ (فِي النِّصْفِ الْآخَرَ مِنْ الْأَرْضِ) فَيَشْتَرِكَانِ فِي الْغَلَّةِ مُنَاصَفَةً، وَلَا أُجْرَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ لِأَنَّ الْعَامِلَ يَسْتَحِقُّ مِنْ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ بِقَدْرِ نَصِيبه مِنْ الزَّرْعِ، وَالْمَالِكُ يَسْتَحِقُّ مِنْ مَنْفَعَةِ الْعَامِلِ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ مِنْ الزَّرْعِ، وَتُفَارِقُ الْأُولَى هَذِهِ بِأَنَّ الْأُجْرَةَ ثَمَّ عَيْنٌ وَهُنَا عَيْنٌ وَمَنْفَعَةٌ، وَثَمَّ يَتَمَكَّنُ مِنْ الرُّجُوعِ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ فِي نِصْفِ الْأَرْضِ وَيَأْخُذُ الْأُجْرَةَ وَهُنَا لَا يَتَمَكَّنُ، وَلَوْ فَسَدَ مَنْبَتُ الْأَرْضِ فِي الْمُدَّةِ لَزِمَهُ قِيمَةُ نِصْفِهَا هُنَاكَ لَا هُنَا لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ مَضْمُونَةٌ. وَمِنْ الطُّرُقِ أَيْضًا أَنْ يُقْرِضَهُ نِصْفَ الْبَذْرِ وَيُؤَجِّرَهُ نِصْفَ الْأَرْضِ بِنِصْفِ عَمَلِهِ وَنِصْفِ مَنَافِعِ آلَتِهِ، فَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ فَطَرِيقُهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْعَامِلُ نِصْفَ الْأَرْضِ بِنِصْفِ الْبَذْرِ وَنِصْفِ عَمَلِهِ وَآلَاتِهِ، وَيُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الْإِجَارَاتِ وُجُودُ جَمِيعِ شُرُوطِهَا الْآتِيَةِ. وَلَوْ أَذِنَ لِغَيْرِهِ فِي زَرْعِ أَرْضِهِ فَحَرَثَهَا وَهَيَّأَهَا لِلزِّرَاعَةِ فَزَادَتْ قِيمَتُهَا بِذَلِكَ فَأَرَادَ رَهْنَهَا وَبَيْعَهَا مَثَلًا مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْعَامِلِ لَمْ يَصِحَّ لِتَعَذُّرِ الِانْتِفَاعِ بِهَا بِدُونِ ذَلِكَ الْعَمَلِ الْمُحْتَرَمِ فِيهَا، وَلِأَنَّهَا صَارَتْ مَرْهُونَةً فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ الَّذِي زَادَتْ بِهِ قِيمَتُهَا، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ لِنَحْوِ الْقَصَّارِ حَبْسَ الثَّوْبِ لِرَهْنِهِ بِأُجْرَتِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهَا، وَلِلْغَاصِبِ إذَا غَرِمَ قِيمَةَ الْحَيْلُولَةِ ثُمَّ وَجَدَ الْمَغْصُوبَ حَبْسَهُ حَتَّى يَرُدَّ لَهُ مَا غَرِمَهُ عَلَى مَا مَرَّ وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ خِلَافَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــSالْفَاسِدِ، وَلَعَلَّهُ أَنَّهُ لَمَّا أَذِنَ لَهُ هُنَا فِي الزَّرْعِ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ بَيْنَهُمَا كَانَ إذْنًا فِي الِانْتِفَاعِ بِالْأَرْضِ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهَا، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْإِذْنُ مَقْصُودًا بِالذَّاتِ، فَإِذَا بَطَلَ الْعَقْدُ مِنْ حَيْثُ خُصُوصِ الْمُخَابَرَةِ بَقِيَ مُطْلَقُ الْإِذْنِ فَأَشْبَهَ جَوَازَ تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ بِعُمُومِ الْإِذْنِ وَإِنْ بَطَلَ خُصُوصُ الْوَكَالَةِ وَالْمَقْصُودُ فِي الْبَيْعِ نَقْلُ الْمِلْكِ فِي الْأَرْضِ لِلْمُشْتَرِي، فَإِذَا بَطَلَ بَطَلَ تَوَابِعُهُ لِأَنَّ انْتِفَاعَ الْمُشْتَرِي بِهِ لَيْسَ مَبْنِيًّا إلَّا عَلَى انْتِقَالِ مِلْكِ الْأَرْضِ مَعَ انْتِقَالِ مَنْفَعَتِهَا لَهُ، فَإِذَا بَطَلَا لَمْ يَبْقَ لِانْتِفَاعِهِ بِالْأَرْضِ جِهَةً مُجَوِّزَةً لِيَزْرَعَ لَهُ النِّصْفَ الْآخَرَ، وَبِهَذَا يُعْلَمُ جَوَازُ إجَارَةِ الْمُشَاعِ اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: وَلِكُلٍّ عَلَى الْآخَرِ أُجْرَةُ مَا صَرَفَهُ) أَيْ حَيْثُ سَلِمَ الزَّرْعُ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْمُتَوَلِّي لِأَنَّ هَذِهِ الْآنَ شَرِكَةٌ فَاسِدَةٌ (قَوْلُهُ: وَتُفَارِقُ الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ، وَقَوْلُهُ هَذِهِ هِيَ قَوْلُهُ أَوْ يَسْتَأْجِرُهُ بِنِصْفِ الْبَذْرِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فَسَدَ مَنْبَتٌ) أَيْ فَسَدَ بِغَيْرِ سَبَبِ الزِّرَاعَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: هُنَاكَ) أَيْ فِي الْأَوْلَى وَقَوْلُهُ لَا هُنَا أَيْ فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْجَرُهُ نِصْفَ الْأَرْضِ) أَيْ وَيَكُونُ أَمَانَةً فِي يَدِ الْعَامِلِ، فَإِنْ تَلِفَتْ بِلَا تَقْصِيرٍ مِنْهُ فَلَا ضَمَانَ كَسَائِرِ الْأَعْيَانِ الْمُسْتَأْجَرَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ) بَيَّنَ بِهِ الطَّرِيقَ الْمُصَحَّحَ لِلْمُخَابَرَةِ تَتْمِيمًا لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْمَحَلِّيُّ: وَإِنْ أُفْرِدَتْ الْأَرْضُ بِالْمُخَابَرَةِ فَالْمُغَلُّ لِلْعَامِلِ وَلِمَالِكِ الْأَرْضِ عَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِهَا، وَطَرِيقُ جَعْلِ الْمُغَلِّ لَهُمَا وَلَا أُجْرَةَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْعَامِلُ نِصْفَ الْأَرْضِ بِنِصْفِ الْبَذْرِ إلَخْ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ وَنِصْفِ عَمَلِهِ وَآلَاتِهِ) أَوْ مِنْهُمَا مِمَّنْ طُرُقُهُ أَنْ يُؤْجَرَهُ نِصْفَ الْأَرْضِ بِنِصْفِ مَنَافِعِ عَمَلِهِ وَآلَاتِهِ اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَذِنَ لِغَيْرِهِ) أَيْ اسْتَأْجَرَهُ الْمَالِكُ لِيَزْرَعَ لَهُ وَلَوْ إجَارَةً فَاسِدَةً أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَلِأَنَّهَا صَارَتْ مَرْهُونَةً (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهَا صَارَتْ مَرْهُونَةً) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هُنَاكَ مُعَامَلَةً اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ خِلَافَهُ) أَيْ فِي الْغَاصِبِ فَقَطْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ فَسَدَ مَنْبَتٌ) أَيْ: بِغَيْرِ الزَّرْعِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهَا صَارَتْ مَرْهُونَةً) قَالَ الشِّهَابُ سم: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هُنَاكَ مُعَامَلَةً انْتَهَى: أَيْ فَقَوْلُ الشَّارِحِ كَالشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ وَلَوْ أَذِنَ لِغَيْرِهِ فِي زَرْعِ أَرْضِهِ: أَيْ مُزَارِعِهِ فَلْيُرَاجَعْ.

[فصل في بيان الأركان الثلاثة الأخيرة ولزوم المساقاة وهرب العامل]

(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ وَلُزُومِ الْمُسَاقَاةِ وَهَرَبِ الْعَامِلِ (يُشْتَرَطُ) فِيهِ (تَخْصِيصُ الثَّمَرَةِ بِهِمَا) أَيْ الْمَالِكِ وَالْعَامِلِ، فَلَوْ شَرَطَ شَيْئًا مِنْهُ لِثَالِثٍ غَيْرِ قِنِّ أَحَدِهِمَا فَسَدَ الْعَقْدُ كَالْقِرَاضِ. نَعَمْ لَوْ شَرَطَ نَفَقَةَ قِنِّ الْمَالِكِ عَلَى الْعَامِلِ جَازَ، فَإِنْ قَدَرْتَ فَذَاكَ وَإِلَّا نَزَلْتَ عَلَى الْوَسَطِ الْمُعْتَادِ، وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِتَخْصِيصِ الثَّمَرَةِ بِهِمَا صَحِيحٌ لِمَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ دُخُولِ الْبَاءِ عَلَى الْمَقْصُورِ وَالْمَقْصُورِ عَلَيْهِ (وَاشْتِرَاكُهُمَا فِيهِ) بِالْجُزْئِيَّةِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْقِرَاضِ فَفِي عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ جَمِيعَهَا لَك أَوْ لِي يَفْسُدُ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ فِي الثَّانِيَةِ وَإِنْ جَهِلَ الْفَسَادَ، وَيَفْسُدُ أَيْضًا إنْ شَرَطَ الثَّمَرَ لِوَاحِدٍ وَالْعِنَبَ لِلْآخَرِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ هَذَا وَإِنْ فَهِمَ مِمَّا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ قَدْ يُفْهَمُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ الْقَصْدَ بِهِ إخْرَاجُ شَرْطِهِ لِثَالِثٍ فَيُصَدَّقُ بِكَوْنِهِ لِأَحَدِهِمَا وَبِمَا بَعْدَهُ وَلِأَنَّهُ مَعَ الِاخْتِصَاصِ وَالشَّرِكَةِ يُصَدَّقُ بِكَوْنِهِ لَهُمَا عَلَى الْإِبْهَامِ، وَلَوْ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى عَيْنِهِ وَعَامَلَ غَيْرَهُ انْفَسَحَتْ بِتَرْكِهِ الْعَمَلَ: أَيْ بِفَوَاتِ الْعَمَلِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ) وَهِيَ الْعَمَلُ وَالثَّمَرُ وَالصِّيغَةُ، وَمَرَّتْ الثَّلَاثَةُ الْأُولَى وَهِيَ الْعَاقِدَانِ وَالْمَوْرِدُ، أَمَّا الْعَاقِدَانِ فَفِي قَوْلِهِ تَصِحُّ مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ، وَأَمَّا الْمَوْرِدُ فَفِي قَوْلِهِ وَمَوْرِدُهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهَرَبِ الْعَامِلِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَنَصَبِ الْمُشْرِفِ إذَا ثَبَتَتْ خِيَانَةُ الْعَامِلِ (قَوْلُهُ: يُشْتَرَطُ فِيهِ) أَيْ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ قِنٍّ) وَمِنْ الْغَيْرِ أَجِيرٌ أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا نَزَلَتْ عَلَى الْوَسَطِ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ فِي الْقِرَاضِ مِنْ اشْتِرَاطِ تَقْدِيرِ نَفَقَةِ الْغُلَامِ فِيهِ كَالْمُسَاقَاةِ فِي قَوْلِهِ وَقَدْ اعْتَبَرَ أَبُو حَامِدٍ ذَلِكَ فِي نَظِيرِهِ مِنْ عَامِلِ الْمُسَاقَاةِ، فَلَعَلَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى غَيْرِ مَا قَدَّمَهُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَا أُجْرَةَ لَهُ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ وَلَهُ الْأُجْرَةُ فِي الْأُولَى وَإِنْ عُلِمَ الْفَسَادُ لِأَنَّهُ دَخَلَ طَامِعًا حَيْثُ شُرِطَتْ الثَّمَرَةُ كُلُّهَا لَهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ جَهِلَ الْفَسَادَ) سَوَاءٌ عَلِمَ الْفَسَادَ أَوْ جَهِلَهُ، وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي الْقِرَاضِ فِيمَا لَوْ قَالَ الْمَالِكُ وَكُلُّ الرِّبْحِ لِي (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا ذَكَرَ هَذَا) عِبَارَةُ حَجّ: وَاحْتَاجَ لِهَذَا مَعَ فَهْمِهِ مِمَّا قَبْلَهُ إلَخْ، ثُمَّ قَالَ: وَلِمَا بَعْدَهُ إلَخْ: أَيْ وَهِيَ قَوْلُهُ وَالْعِلْمُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْل فِي بَيَان الْأَرْكَان الثَّلَاثَة الْأَخِيرَة ولزوم الْمُسَاقَاة وهرب الْعَامِل] (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ (قَوْلُهُ: غَيْرَ قِنِّ أَحَدِهِمَا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ لِقِنِّ أَحَدِهِمَا صَحَّ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضِ، لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِقِنِّ الْمَالِكِ إذَا عَمِلَ الْعَامِلُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْجُزْءُ مِنْ الثَّمَرَةِ الَّذِي جَعَلَهُ نَفَقَةَ الْقِنِّ مُقَدَّرًا فَلْيُرَاجَعْ الْحُكْمُ فِي قِنِّ الْعَامِلِ وَفِيمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ مِنْ الْإِطْلَاقِ فِي الْمَالِكِ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ شَرَطَ نَفَقَةَ قِنِّ الْمَالِكِ عَلَى الْعَامِلِ) أَيْ فِي غَيْرِ الثَّمَرَةِ فَهَذَا غَيْرُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ قَبْلُ فِي قَوْلِهِ غَيْرَ قِنِّ أَحَدِهِمَا كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ الرَّوْضِ كَغَيْرِهِ، لَكِنْ مَا مَوْقِعُ التَّعْبِيرِ بِالِاسْتِدْرَاكِ هُنَا؟ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ مَعَ بَعْضِ شَرْحِهِ: فَلَوْ شَرَطَ الْمَالِكُ دُخُولَ الْبُسْتَانِ أَوْ شَرَطَ أَحَدُهُمَا مَعَ الْآخَرِ مُعَاوَنَةَ عَبِيدِ الْمَالِكِ الْمُعَيَّنِينَ أَوْ الْمَوْصُوفِينَ وَلَا يَدَ لَهُمْ لَمْ يَضُرَّ وَنَفَقَتُهُمْ عَلَى الْمَالِكِ، وَلَوْ شُرِطَتْ الثَّمَرَةُ بِغَيْرِ تَقْدِيرِ جُزْءٍ مَعْلُومٍ لَمْ يَجُزْ، أَوْ شُرِطَتْ عَلَى الْعَامِلِ وَقُدِّرَتْ جَازَ وَلَوْ لَمْ تُقَدَّرْ فَالْعُرْفُ كَافٍ (قَوْلُهُ: وَبِمَا بَعْدَهُ؛ وَلِأَنَّهُ مَعَ الِاخْتِصَاصِ إلَخْ) هَكَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ، وَيَجِبُ حَذْفُ الْبَاءِ مِنْ قَوْلِهِ بِمَا بَعْدَهُ لِأَنَّ مَا بَعْدَهَا مَعْطُوفٌ عَلَى هَذَا مِنْ قَوْلِهِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ هَذَا، وَكَذَا يَجِبُ حَذْفُ الْوَاوِ مِنْ قَوْلِهِ؛ وَلِأَنَّهُ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَاحْتَاجَ لِهَذَا مَعَ فَهْمِهِ مِمَّا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُفْهَمُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ الْقَصْدَ إخْرَاجُ شَرْطِهِ لِثَالِثٍ فَيَصْدُقُ بِكَوْنِهِ لِأَحَدِهِمَا وَلِمَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ مَعَ الِاخْتِصَاصِ وَالشَّرِكَةِ يَصْدُقُ إلَى آخِرِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى عَيْنِهِ) أَيْ أَمَّا عَلَى ذِمَّتِهِ فَتَصِحُّ مُسَاقَاتُهُ كَمَا مَرَّ

بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَبِعَمَلِ الثَّانِي لَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَالثَّمَرَةِ كُلِّهَا لِلْمَالِكِ وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ، وَلِلثَّانِي عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ إنْ جَهِلَ الْحَالَ وَإِلَّا فَلَا (وَالْعِلْمُ) مِنْهُمَا (بِالنَّصِيبَيْنِ بِالْجُزْئِيَّةِ) وَمِنْهَا بَيْنَنَا لِحَمْلِهِ عَلَى الْمُنَاصَفَةِ (كَالْقِرَاضِ) فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ، وَلَوْ فَاوَتَ بَيْنَ النَّصِيبَيْنِ فِي الْجُزْءِ الْمَشْرُوطِ لَمْ يَصِحَّ عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ بَلْ قِيلَ إنَّهُ تَحْرِيفٌ، وَلِهَذَا جَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي بِخِلَافِهِ وَخَرَجَ بِالثَّمَرِ الْجَرِيدُ وَالْكِرْنَافُ وَاللِّيفُ فَلَا يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَلْ يَخْتَصُّ بِهِ الْمَالِكُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمَطْلَبِ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ، وَلَوْ شُرِطَ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا لَمْ يَجُزْ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَعْهُودِ النَّمَاءِ وَلَا مَقْصُودِهِ وَالْقِنْوُ وَالشَّمَارِيخُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ شَرَطَهَا لِلْعَامِلِ بَطَلَ قَطْعًا، وَمَرَّ أَنَّ الْعَامِلَ يَمْلِكُ حِصَّتَهُ بِظُهُورِ الثَّمَرِ وَمَحَلُّهُ إنْ عَقَدَ قَبْلَ ظُهُورِهِ وَإِلَّا مَلَكَ بِالْعَقْدِ. (وَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ الْمُسَاقَاةِ بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ) كَمَا قَبْلَ ظُهُورِهِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ الْغَرَرِ وَلِوُقُوعِ الْآفَةِ فِيهِ كَثِيرًا نَزَلَتْ مَنْزِلَةَ الْمَعْدُومِ وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِفَوَاتِ بَعْضِ الْأَعْمَالِ (لَكِنْ) لَا مُطْلَقًا بَلْ (قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ) لِبَقَاءِ مُعْظَمِ الْعَمَلِ بِخِلَافِهِ بَعْدَهُ وَلَوْ فِي الْبَعْضِ كَالْبَيْعِ فَيَمْتَنِعُ قَطْعًا بَلْ قِيلَ إجْمَاعًا. (وَلَوْ) (سَاقَاهُ عَلَى وَدِيٍّ) غَيْرِ مَغْرُوسٍ بِفَتْحٍ فَكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ فَتَحْتِيَّةٍ مُشَدَّدَةٍ وَهُوَ صِغَارُ النَّخْلِ (لِيَغْرِسَهُ وَيَكُونُ الشَّجَرُ) أَوْ ثَمَرَتُهُ إذَا أَثْمَرَ (لَهُمَا لَمْ يَجُزْ) لِأَنَّهَا رُخْصَةٌ وَلَمْ تَرِدْ فِي مِثْلِ ذَلِكَ، وَحَكَى السُّبْكِيُّ عَنْ قَضِيَّةِ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ مَنْعَهَا مُعْتَرِضًا ـــــــــــــــــــــــــــــSبِالنَّصِيبَيْنِ إلَخْ، وَهِيَ الْأَوْلَى لِأَنَّ " ذَكَرَ " لَا يَتَعَدَّى بِاللَّامِ (قَوْلُهُ: وَلِلثَّانِي عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعَامِلِ الْأَوَّلِ الْأُجْرَةُ. أَمَّا لَوْ فَسَدَتْ الْمُسَاقَاةُ مَعَ الْمَالِكِ وَأَتَى الْعَامِلُ بِالْعَمَلِ اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لِعَمَلِهِ وَالثَّمَرَةُ كُلُّهَا لِلْمَالِكِ. وَقِيَاسُ مَا مَرَّ لِلشَّارِحِ فِي عَامِلِ الْقِرَاضِ مِنْ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ وَإِنْ عُلِمَ الْفَسَادُ لِأَنَّهُ عَمِلَ طَامِعًا فِيمَا أَوْجَبَهُ الشَّرْعُ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ فَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ وَإِنْ عُلِمَ الْفَسَادُ، إلَّا إذَا قَالَ الْمَالِكُ وَكُلُّ الثَّمَرَةِ لِي فَلَا أُجْرَةَ لِلْعَامِلِ، كَمَا لَوْ قَالَ الْمَالِكُ فِي الْقِرَاضِ وَكُلُّ الرِّبْحِ لِي (قَوْلُهُ: إنْ جَهِلَ الْحَالَ) قَضِيَّةُ قَوْلِهِ قَبِلَ وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا) أَيْ الْجُزْئِيَّةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَوَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ لَمْ يَصِحَّ وَهُوَ تَحْرِيفٌ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا جَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَرَطَ) أَيْ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) أَيْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: وَالْقِنْوُ) هُوَ مَجْمَعُ الشَّمَارِيخِ، أَمَّا الْعُرْجُونُ وَهُوَ السَّاعِدُ فَلِلْمَالِكِ اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيُّ (قَوْلُهُ: وَشَرْطُهَا) أَيْ الْقِنْوِ وَالشَّمَارِيخِ وَيُحْتَمَلُ الْجَرِيدَ وَمَا بَعْدَهُ إلَخْ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْجَرِيدَ وَمَا بَعْدَهُ عُلِمَ حُكْمُهُ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ شَرَطَ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا لَمْ يَجُزْ إلَخْ (قَوْلُهُ بَطَلَ قَطْعًا) وَعَلَى قِيَاسِهِ الْبُطْلَانِ إذَا شُرِطَتْ لِلْمَالِكِ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بِقُوَّةِ جَانِبِ الْمَالِكِ بِاسْتِحْقَاقِهِ لِلْكُلِّ إلَّا مَا شُرِطَ لِلْعَامِلِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي الْبَعْضِ) ظَاهِرُهُ الْفَسَادُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فِي الْجَمِيعِ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ فَيَصِحُّ فِيمَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَيَفْسُدُ فِيمَا بَدَا صَلَاحُهُ بِشَرْطِ تَأَتِّي الْعَمَلِ عَلَى مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ فَقَطْ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ بِهَذَا الشَّرْطِ وَلَا يَدْخُلُ مَا بَدَا صَلَاحُهُ تَبَعًا، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي اشْتِرَاطِ هَذَا الشَّرْطِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَمَا اقْتَضَاهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ هُوَ الظَّاهِرُ لِمَا عَلَّلَ بِهِ مِنْ الْقِيَاسِ عَلَى الْبَيْعِ (قَوْلُهُ كَالْبَيْعِ) أَيْ فِيمَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ تَابِعٌ لِمَا بَدَا صَلَاحُهُ فِي صِحَّةِ بَيْعِهِ مُطْلَقًا وَبِشَرْطِ الْإِبْقَاءِ، وَقِيَاسُهُ هُنَا أَنَّ مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ تَابِعٌ لِمَا بَدَا صَلَاحُهُ فَيَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَاقَاهُ عَلَى وَدِيٍّ) عَلَّلَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِأَنَّ الْغَرْسَ لَيْسَ مِنْ عَمَلِ الْمُسَاقَاةِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ عَقَدَ عَلَى وَدِيٍّ لِيَغْرِسَهُ الْمَالِكُ وَيَتَعَهَّدَهُ هُوَ بَعْدَ الْغَرْسِ لَمْ يَمْتَنِعْ، وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ شَيْخِنَا الْحَلَبِيِّ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مُرَادًا. أَقُولُ: وَلَوْ قِيلَ بِالصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ عَقَدَ عَلَيْهِ غَيْرَ مَغْرُوسٍ أَوْ مَغْرُوسًا بِمَحَلٍّ كَالشَّتْلِ عَلَى أَنْ يَنْقُلَهُ الْمَالِكُ وَيَغْرِسَهُ فِي غَيْرِهِ وَيَعْمَلَ فِيهِ الْعَامِلُ لَمْ يَبْعُدْ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْرِطْ فِيهِ عَلَى الْعَامِلِ مَا لَيْسَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مَنْعَهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلِلثَّانِي عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْعَامِلِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: بَلْ قِيلَ إنَّهُ تَحْرِيفٌ) هَذَا الِاسْتِدْرَاكُ بِالنِّسْبَةِ لِمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ: عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ التَّبَرِّي الْمُفِيدِ لِضِعْفِهِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ إلَخْ) الْأَصْوَبُ تَأْخِيرُهُ عَنْ الِاسْتِدْرَاكِ الَّذِي بَعْدَهُ

بِهِ عَلَى حُكْمِ قُضَاةِ الْحَنَابِلَةِ بِهَا، وَنَقَلَ غَيْرُهُ إجْمَاعَ الْأُمَّةِ عَلَى ذَلِكَ لَكِنَّهُ مُعْتَرِضٌ بِأَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ جَمْعٍ مِنْ السَّلَفِ جَوَازُهَا وَالشَّجَرُ لِمَالِكِهِ وَعَلَيْهِ لِرَبِّ الْأَرْضِ أُجْرَةُ مِثْلِهَا كَمَا أَنَّ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ أُجْرَةَ الْعَمَلِ وَالْآلَاتِ، وَيَأْتِي فِي الْقَلْعِ وَالْإِبْقَاءِ هُنَا مَا مَرَّ آخَرَ الْعَارِيَّةِ (وَلَوْ كَانَ) الْوَدِيُّ (مَغْرُوسًا) وَسَاقَاهُ عَلَيْهِ (وَشَرَطَ لَهُ جُزْءًا مِنْ الثَّمَرِ عَلَى الْعَمَلِ فَإِنْ قَدَّرَ لَهُ) فِي عَقْدِهَا عَلَيْهِ (مُدَّةً يُثْمِرُ) الْوَدِيُّ (فِيهَا غَالِبًا) كَخَمْسِ سِنِينَ (صَحَّ) الْعَقْدُ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُهَا لَا ثَمَرَةَ فِيهِ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ الشُّهُورِ مِنْ السَّنَةِ الْوَاحِدَةِ، فَإِنْ لَمْ تُثْمِرْ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الشَّجَرِ لِأَنَّ لِلْعَامِلِ حَقًّا فِي الثَّمَرَةِ الْمُتَوَقَّعَةِ فَكَأَنَّ الْبَائِعَ اسْتَثْنَى بَعْضَهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ قَدَّرَ مُدَّةً لَا يُثْمِرُ فِيهَا غَالِبًا (فَلَا) تَصِحُّ لِخُلُوِّهَا عَنْ الْعِوَضِ سَوَاءٌ أَعُلِمَ الْعَدَمُ أَمْ غَلَبَ أَمْ اسْتَوَيَا أَمْ جُهِلَ الْحَالُ. نَعَمْ لَهُ الْأُجْرَةُ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ لِأَنَّهُ طَامِعٌ (وَقِيلَ إنْ تَعَارَضَ الِاحْتِمَالُ) لِلْإِثْمَارِ وَعَدَمُهُ عَلَى السَّوَاءِ (صَحَّ) كَالْقِرَاضِ. وَرُدَّ بِأَنَّ الظَّاهِرَ وُجُودُ الرِّبْحِ بِخِلَافِ هَذَا، وَعَلَيْهِ فَلَهُ الْأُجْرَةُ وَإِنْ لَمْ يُثْمِرْ لِأَنَّهُ عَمِلَ طَامِعًا. (وَلَهُ) (مُسَاقَاةُ شَرِيكِهِ فِي الشَّجَرِ) (إذَا) اسْتَقَلَّ الشَّرِيكُ بِالْعَمَلِ فِيهَا وَ (شَرَطَ لَهُ) أَيْ الشَّرِيكُ (زِيَادَةً) مُعَيَّنَةً (عَلَى حِصَّتِهِ) كَمَا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَشَرَطَ لَهُ ثُلُثَيْ الثَّمَرَةِ، وَإِنْ شَرَطَ قَدْرَ حِصَّتِهِ لَمْ يَصِحَّ لِانْتِفَاءِ الْعِوَضِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ بِخِلَافِ شَرْطِ الْكُلِّ لَهُ كَمَا مَرَّ. وَاسْتِشْكَالُ هَذَا بِأَنَّ عَمَلَ الْأَجِيرِ يَجِبُ كَوْنُهُ فِي خَالِصِ مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ. أَجَابَ عَنْهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقُولَ سَاقَيْتُك عَلَى نَصِيبِي هَذَا، وَبِهَذَا صَوَّرَ أَبُو الطَّيِّبِ كَالْمُزَنِيِّ قَالَ: لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ غَيْرِهِمَا كَالْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَقَوْلِهِ عَلَى جَمِيعِ هَذِهِ الْحَدِيقَةِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَى الْأَوَّلِ، فَيُجَابُ بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْمُسَاقَاةِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْإِجَارَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فِي الْوَدِيِّ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ لِرَبِّ الْأَرْضِ أُجْرَةُ مِثْلِهَا) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ حَمَلَ الْمَتْنَ عَلَى مَا لَوْ كَانَ الشَّجَرُ لِلْعَامِلِ وَالْأَرْضُ لِلْمَالِكِ، فَيَكُونُ نَظِيرُ الْمُتَبَادَرِ مِنْ الْمَتْنِ أَنَّ الشَّجَرَ وَالْأَرْضَ لِلْمَالِكِ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ كَمَا أَنَّ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ آخِرَ الْعَارِيَّةِ) أَيْ مِنْ تَخْيِيرِ مَالِكِ الْأَرْضِ بَيْنَ تَبْقِيَةِ الشَّجَرِ بِالْأُجْرَةِ وَتَمْلِكُهُ بِالْقِيمَةِ أَوْ قَلْعِهِ وَغَرِمَ أَرْشَ نَقْصِهِ، وَفِيمَا لَوْ كَانَ الشَّجَرُ لِلْعَامِلِ وَالْأَرْضُ لِلْمَالِكِ، وَفِيهِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْمُعْتَمَدِ فِي غِرَاسِ الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا مِنْ أَنَّهُ كَالْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تُثْمِرْ فَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ وَإِنْ أَثْمَرَتْ فَلَهُ: أَيْ إنْ أَثْمَرَتْ فِيمَا تَوَقَّعَ فِيهِ إثْمَارُهَا لَا مُطْلَقًا. قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَلَوْ سَاقَاهُ عَشْرَ سِنِينَ لِتَكُونَ الثَّمَرَةُ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَتَوَقَّعْ إلَّا فِي الْعَاشِرَةِ جَازَ، فَإِنْ أَثْمَرَ قَبْلَهَا: أَيْ الْعَاشِرَةِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ: أَيْ فِي الثَّمَرِ لِلْعَامِلِ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يُثْمِرْ فِي الْعَاشِرَةِ: أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يَطْمَعْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ إلَخْ) أَيْ فِيمَا لَوْ كَانَ مَغْرُوسًا وَشَرَطَ إلَخْ، وَلَا يَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ بَلْ مُقْتَضَى مَا عَلَّلَ بِهِ أَنَّ هَذَا جَارٍ فِي جَمِيعِ صُوَرِ الْمُسَاقَاةِ حَيْثُ لَمْ تَخْرُجُ الثَّمَرَةُ، وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي آخَرِ الْبَابِ (قَوْلُهُ: فِي الْأَخِيرَتَيْنِ) هُمَا الِاسْتِوَاءُ وَجَهْلُ الْحَالِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ هَذَا) وَلَمْ يَذْكُرْ وَعَلَيْهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ وَعَلَى قَوْلِهِ وَرَدَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الْأُجْرَةُ) أَيْ عَلَى الْمَالِكِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ نَعَمْ لَهُ الْأُجْرَةُ فِي إلَخْ، وَمِنْ ثَمَّ اقْتَصَرَ حَجّ عَلَى الرَّدِّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ شَرْطِ الْكُلِّ) أَيْ فَإِنَّ فِيهِ الْأُجْرَةَ وَقَوْلُهُ لَهُ: أَيْ لِلْعَامِلِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَقُولَ سَاقَيْتُك) أَيْ أَوْ يُطْلِقُ (قَوْلُهُ: مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْإِجَارَةِ) هَذَا بِنَاءً عَلَى تَفْرِقَتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالَّذِي هُوَ قَيْدٌ فِي الْأَظْهَرِ (قَوْلُهُ: وَالشَّجَرُ لِمَالِكِهِ) أَيْ: فِيمَا إذَا كَانَ مَالِكُهُ غَيْرَ مَالِكِ الْأَرْضِ، وَقَوْلُهُ: كَمَا أَنَّ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ أُجْرَةَ الْعَمَلِ إلَى آخِرِهِ: أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ لِغَيْرِ الْعَامِلِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ فَلَهُ الْأُجْرَةُ) أَيْ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا كَمَا مَرَّ وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ قَوْلِهِ وَعَلَيْهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ) صَوَابُهُ وَعَلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْمُسَاقَاةِ) كَذَا فِي التُّحْفَةِ، قَالَ الشِّهَابُ سم: هَذَا بِنَاءً عَلَى تَفْرِقَتِهِ بَيْنَهُمَا فِي هَذَا الْحُكْمِ كَمَا سَيَأْتِي لَهُ

وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ إنْ قَالَ سَاقَيْتُك عَلَى كُلِّ الشَّجَرِ لَمْ يَصِحَّ، أَوْ عَلَى نَصِيبِي أَوْ أَطْلَقَ صَحَّ، وَلَوْ سَاقَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى نَصِيبِهِ أَجْنَبِيًّا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، فَإِنْ سَاقَى الشَّرِيكَانِ ثَالِثًا لَمْ تُشْتَرَطْ مَعْرِفَتُهُ بِحِصَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَّا إنْ تَفَاوَتَا فِي الْمَشْرُوطِ لَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِ بِحِصَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا. (وَيُشْتَرَطُ) لِصِحَّةِ الْمُسَاقَاةِ (أَنْ لَا) (يُشْتَرَطَ عَلَى الْعَامِلِ مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ أَعْمَالِهَا) الَّتِي سَتُذْكَرُ قَرِيبًا أَنَّهَا عَلَيْهِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا قُدِّمَ فِي الْقِرَاضِ مَا عَلَيْهِ ثُمَّ ذُكِرَ حُكْمَ مَا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ مَا لَيْسَ عَلَيْهِ وَعَكْسُ ذَلِكَ هُنَا لِأَنَّ الْأَعْمَالَ قَلِيلَةٌ ثَمَّ وَلَيْسَ فِيهَا كَبِيرُ تَفْصِيلٍ وَلَا خِلَافَ فَقُدِّمَتْ ثُمَّ ذُكِرَ حُكْمُهَا، وَهُنَا بِالْعَكْسِ فَقُدِّمَ حُكْمُهَا ثُمَّ أُخِّرَتْ لِطُولِ الْكَلَامِ عَلَيْهَا، فَإِذَا شَرَطَ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَبِنَاءِ جِدَارِ الْحَدِيقَةِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ لِأَنَّهُ اسْتِئْجَارٌ بِلَا عِوَضٍ، وَكَذَا لَوْ شَرَطَ مَا عَلَى الْعَامِلِ عَلَى الْمَالِكِ كَالسَّقْيِ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ وَإِنْ نَصَّ فِي الْبُوَيْطِيِّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَضُرُّ شَرْطُهُ عَلَى الْمَالِكِ، وَبِهِ جَزَمَ الدَّارِمِيُّ. (وَأَنْ) (يَنْفَرِدَ) الْعَامِلُ (بِالْعَمَلِ وَالْيَدِ فِي الْحَدِيقَةِ) لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الْعَمَلِ مَتَى شَاءَ، فَلَوْ شَرَطَ الْعَمَلَ عَلَى الْمَالِكِ مَعَهُ وَلَوْ مَعَ يَدِ الْعَامِلِ فَسَدَ، بِخِلَافِ شَرْطِ عَمَلِ غُلَامِ الْمَالِكِ مَعَهُ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْقِرَاضِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ بَعْضَ أَعْمَالِ الْمُسَاقَاةِ عَلَى الْمَالِكِ (وَمَعْرِفَةِ الْعَمَلِ) جُمْلَةً لَا تَفْصِيلًا (بِتَقْدِيرِ الْمُدَّةِ كَسَنَةٍ) أَوْ أَقَلَّ إذْ أَقَلُّ مُدَّتِهَا مَا يَطْلُعُ فِيهِ الثَّمَرُ وَيُسْتَغْنَى عَنْ الْعَمَلِ (أَوْ أَكْثَرَ) إلَى مُدَّةٍ تَبْقَى الْعَيْنُ فِيهَا غَالِبًا لِلِاسْتِقْلَالِ فَلَا تَصِحُّ مُطْلَقَةً وَلَا مُؤَبَّدَةً لِأَنَّهَا عَقْدٌ لَازِمٌ فَكَانَتْ كَالْإِجَارَةِ، وَهَذَا مِمَّا خَالَفَتْ فِيهِ الْقِرَاضَ وَالسُّنَّةُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ، وَيَصِحُّ شَرْطُ غَيْرِهَا إنْ عِلْمَاهُ، وَلَوْ أَدْرَكَتْ الثِّمَارُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ عَمِلَ بَقِيَّتَهَا بِلَا أُجْرَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَحْدُثْ الثَّمَرُ إلَّا بَعْدَ الْمُدَّةِ فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَهُوَ صَحِيحٌ إنْ تَأَخَّرَ لَا بِسَبَبِ عَارِضٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــSبَيْنَهُمَا فِي هَذَا الْحُكْمِ كَمَا سَيَأْتِي لَهُ فِي الْإِجَارَةِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِتُرْضِعَ رَقِيقًا بِبَعْضِهِ فِي الْحَالِ جَازَ عَلَى الصَّحِيحِ، لَكِنْ سَنُبَيِّنُ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُهُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَبَحْثُ بَعْضِهِمْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ لَمْ يَصِحَّ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْعَمَلِ فِي نَصِيبِ الْمَالِكِ دُونَ الشَّرِيكِ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) أَيْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ اهـ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ يَدِ الْعَامِلِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الشَّجَرُ فِي يَدِ الْعَامِلِ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ عَيْنُ مَا قَبْلَهُ، هَذَا وَلَوْ أَفْرَدَ مُحْتَرَزَ كُلٍّ مِنْ الْعَمَلِ وَالْيَدِ بِالذِّكْرِ لَكَانَ أَوْلَى. وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَنْ يَنْفَرِدَ بِالْعَمَلِ: نَعَمْ لَا يَضُرُّ شَرْطُ عَمَلِ عَبْدِ الْمَالِكِ مَعَهُ، إلَى أَنْ قَالَ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبِالْيَدِ فِي الْحَدِيقَةِ لِيَعْمَلَ مَتَى شَاءَ فَشَرْطُ كَوْنِهَا بِيَدِ الْمَالِكِ وَعَبْدِهِ مَثَلًا وَلَوْ مَعَ يَدِ الْعَامِلِ يُفْسِدُهَا اهـ وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا قُلْنَاهُ (قَوْلُهُ: وَلَا مُؤَبَّدَةً) أَيْ وَلَا مُؤَقَّتَةً بِمُدَّةٍ لَا تُثْمِرُ فِي جَمِيعِهَا بِأَنْ عَجَزَتْ عَنْ الْإِثْمَارِ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ عَادَةً بِأَنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّهَا لَا تُثْمِرُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمُدَّةِ الْمُقَدَّرَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَدْرَكَتْ الثِّمَارُ) أَيْ الَّتِي ظَهَرَتْ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي يُتَوَقَّعُ ظُهُورُهَا فِيهَا (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ شَرْطُ غَيْرِهَا) أَيْ الْعَرَبِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ صَحِيحٌ) أَيْ إنْ تَأَخَّرَ. قَالَ فِي الْعُبَابِ كَالرَّوْضِ وَلَوْ قُدِّرَ بِعَشْرِ سِنِينَ وَالثَّمَرَةُ مُتَوَقَّعَةٌ فِي الْعَشَرَةِ جَازَ فَإِنْ أَثْمَرَ قَبْلَهَا أَوْ لَمْ يُثْمِرْ إلَّا بَعْدَهَا فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ مِنْ الثَّمَرَةِ وَلَا أُجْرَةَ لِعَمَلِهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ صَحِيحٌ إنْ تَأَخَّرَ) قِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أَثْمَرَ قَبْلَ الْمُدَّةِ لِعَارِضٍ اقْتَضَى خُرُوجَ الثَّمَرِ قَبْلَ الْعَاشِرَةِ اسْتَحَقَّ حِصَّتَهُ مِنْهَا فَلْيُحَرَّرْ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ خُرُوجَهَا قَبْلَ الْعَاشِرَةِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مُتَوَقَّعًا أَصْلًا لَمْ يَسْتَحِقَّ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْإِجَارَةِ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِتُرْضِعَ رَقِيقًا بِبَعْضِهِ فِي الْحَالِ جَازَ عَلَى الصَّحِيحِ لَكِنْ سَنُبَيِّنُ فِي هَامِشِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافًا انْتَهَى. (قَوْلُهُ: لَا بِسَبَبٍ عَارِضٍ) أَيْ: وَالصُّورَةُ أَنَّ الْمُدَّةَ يَطْلُعُ فِيهَا حَتَّى تَصِحَّ الْمُسَاقَاةُ

فَإِنْ كَانَ بِعَارِضِ سَبَبٍ كَبَرْدٍ وَلَوْلَاهُ لَأَطْلَعَ فِي الْمُدَّةِ اسْتَحَقَّ حِصَّتَهُ لِقَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ: الصَّحِيحُ أَنَّ الْعَامِلَ شَرِيكٌ، وَإِنْ انْقَضَتْ وَهُوَ طَلْعٌ أَوْ بَلَحٌ فَلِلْعَامِلِ حِصَّتُهُ مِنْهَا، وَعَلَى الْمَالِكِ التَّعَهُّدُ وَالتَّبْقِيَةُ إلَى الْجِذَاذِ خِلَافًا لِمَا فِي الِانْتِصَارِ وَالْمُرْشِدِ مِنْ أَنَّهُ عَلَيْهِمَا، وَلَوْ كَانَ النَّخْلُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا مِمَّا يُثْمِرُ فِي الْعَامِ مَرَّتَيْنِ فَأَطْلَعَ الثَّمَرَةَ الْأُولَى قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَالثَّانِيَةَ بَعْدَهَا فَهَلْ يَفُوزُ الْمَالِكُ بِهَا أَوْ يَكُونُ الْعَامِلُ شَرِيكًا لَهُ فِيهَا لِأَنَّهَا ثَمَرَةُ عَامٍ؟ فِيهِ احْتِمَالٌ، وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ. (وَلَا يَجُوزُ) (التَّوْقِيتُ) لِمُدَّةِ الْمُسَاقَاةِ (بِإِدْرَاكِ الثَّمَرِ) أَيْ جِذَاذِهِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ (فِي الْأَصَحِّ) لِلْجَهْلِ بِهِ فَإِنَّهُ قَدْ يَتَقَدَّمُ وَقَدْ يَتَأَخَّرُ. وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى أَنَّهُ الْمَقْصُودُ. (وَصِيغَتُهَا) أَيْ الْمُسَاقَاةِ صَرِيحَةٌ وَكِنَايَةٌ، فَمِنْ صَرَائِحِهَا (سَاقَيْتُك عَلَى هَذَا النَّخْلِ) أَوْ الْعِنَبِ (بِكَذَا) مِنْ الثَّمَرَةِ لِأَنَّهُ الْمَوْضُوعُ لَهَا (أَوْ سَلَّمْته إلَيْك لِتَتَعَهَّدَهُ) أَوْ اعْمَلْ عَلَيْهِ أَوْ تَعَهَّدْهُ بِكَذَا لِأَدَاءِ كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مَعْنَى الْأُولَى، وَمِنْ ثَمَّ اعْتَمَدَ ابْنُ الرِّفْعَةِ صَرَاحَتَهَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَإِنْ اعْتَمَدَ الْأَذْرَعِيُّ وَالسُّبْكِيُّ أَنَّهَا كِنَايَةٌ، وَأَفْهَمَ تَعْبِيرُهُ بِكَذَا اعْتِبَارَ ذِكْرِ الْعِوَضِ، فَلَوْ سَكَتَ عَنْهُ لَمْ يَصِحَّ، وَفِي اسْتِحْقَاقِهِ الْأُجْرَةَ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا نَعَمْ، وَلَوْ سَاقَاهُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ لَمْ تَصِحَّ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ وَكَذَا عَكْسُهُ، وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ إنَّهُ مُشْكِلٌ مُخَالِفٌ لِلْقَوَاعِدِ. فَإِنَّ الصَّرِيحَ فِي بَابِهِ إنَّمَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ إذَا وَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ كَقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي نَاوِيًا الطَّلَاقَ فَلَا تَطْلَقُ وَيَقَعُ الظِّهَارُ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِأَمَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فَهُوَ كِنَايَةٌ فِي الْعِتْقِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ وَمَسْأَلَتُنَا مِنْ ذَلِكَ اهـ مَرْدُودٌ وَالصَّوَابُ مَا صَحَّحُوهُ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ لِأَمَتِهِ أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي هُوَ أَنَّ الظِّهَارَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ تَصَوُّرُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSشَيْئًا لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ طَامِعًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَأَخَّرَتْ فَإِنَّ مَا حَصَلَ بَعْدَ الْعَاشِرَةِ هُوَ الَّذِي كَانَ يَتَوَقَّعُهُ فِيهَا (قَوْلُهُ اسْتَحَقَّ حِصَّتَهُ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَهَلْ الْخِدْمَةُ عَلَى الْمَالِكِ وَالْعَامِلِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهَا عَلَى الْأَوَّلِ. وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ بَعْضِ الْهَوَامِشِ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: لِقَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ بِدُونِ مَا بَعْدَهُ مِنْ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا فِي الِانْتِصَارِ وَالْمُرْشِدِ) هُمَا لِابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ (قَوْلُهُ: مِمَّا يُثْمِرُ فِي الْعَامِ) بَقِيَ مَا لَوْ كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ لَا يُثْمِرُ فِي الْعَامِ إلَّا مَرَّةً فَأَثْمَرَ مَرَّتَيْنِ فَهَلْ الثَّانِيَةُ لِلْمَالِكِ كَالثَّمَرَةِ الْحَاصِلَةِ قَبْلَ الْمُدَّةِ الَّتِي اُعْتِيدَ الْإِثْمَارُ فِيهَا، أَوْ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَامِلِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ) أَيْ وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (قَوْلُهُ: يَفُوزُ الْمَالِكُ بِهَا) أَيْ فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: الْمَوْضُوعُ لَهَا) أَيْ لِلْمُسَاقَاةِ (قَوْلُهُ سَاقَيْتُك) وَهَذِهِ مِنْ صُوَرِ الْمُسَاقَاةِ عَلَى الْعَيْنِ ع اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهَا الثَّلَاثَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ بِقَوْلِهِمَا أَوْ أَسْلَمْت إلَيْك إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا نَعَمْ) أَيْ وَإِنْ عُلِمَ بِالْفَسَادِ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ لَهُ غَيْرَ مَرَّةٍ هُنَا وَفِي الْقِرَاضِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) أَيْ لَا صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً كَمَا يُفْهَمُ مِنْ بَقِيَّةِ عِبَارَتِهِ (قَوْلُهُ: وَالصَّوَابُ مَا صَحَّحُوهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِقَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ الصَّحِيحُ أَنَّ الْعَامِلَ شَرِيكٌ) الَّذِي بَنَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ عَلَى كَوْنِهِ شَرِيكًا إنَّمَا هُوَ اسْتِحْقَاقُهُ فِي الثَّمَرَةِ مُطْلَقًا، قَالَا: لِأَنَّ ثَمَرَةَ الْعَامِ حَادِثَةٌ عَلَى مِلْكِهِمَا. وَعِبَارَةُ الْقُوتِ: وَأَمَّا حُدُوثُ الطَّلْعِ بَعْدَ الْمُدَّةِ فَفِي الْحَاوِي وَالْبَحْرِ أَنَّهَا إذَا طَلَعَتْ بَعْدَ تَقَضِّي الْمُدَّةِ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْعَامِلَ شَرِيكٌ وَالثَّمَرَةُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ ثَمَرَةَ الْعَامِ حَادِثَةٌ عَلَى مِلْكِهِمَا وَلَا يَلْزَمُ الْعَمَلُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ. وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: الْعَامِلُ أَجِيرٌ فَعَلَى هَذَا لَا حَقَّ لَهُ فِي الثَّمَرَةِ الْحَادِثَةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ بَلْ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، فَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ شَرِيكٌ أَوْ أَجِيرٌ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا نَعَمْ) اُنْظُرْ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ فِي كُلِّ الصِّيَغِ أَوْ فِي الصِّيغَةِ الَّتِي ذَكَرَ فِيهَا الْمُصَنِّفُ لَفْظَ كَذَا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَمَا وَجْهُهُ فِي غَيْرِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ لِأَمَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إلَى آخِرِهِ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْتِ طَالِقٌ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي مَرَّ فِي كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ (قَوْلُهُ: إنَّ الظِّهَارَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ تَصَوُّرُهُ إلَخْ) فِيهِ تَسْلِيمُ أَنَّ

فِي حَقِّ الْأَمَةِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ حُمِلَ عَلَى الْكِنَايَةِ بِإِرَادَةِ الْمُكَلَّفِ تَصْحِيحًا لِلَّفْظِ عَنْ الْإِلْغَاءِ، وَأَمَّا لَفْظُ الْإِجَارَةِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ وَإِيقَاعُهُ إجَارَةً بِأَنْ يُذْكَرَ عِوَضًا مَعْلُومًا، فَعُدُولُ الْمُكَلَّفِ عَنْ الْعِوَضِ الصَّحِيحِ إلَى الْفَاسِدِ دَلِيلُ الْإِلْغَاءِ، وَلَا ضَرُورَةَ بِنَا إلَى حَمْلِهِ عَلَى خِلَافِ الظَّاهِرِ، وَاللَّفْظُ صَرِيحٌ فِي الْفَسَادِ فَلَا يُمْكِنُ إعْمَالُهُ فِي غَيْرِهِ مَعَ إمْكَانِ تَصْحِيحِهِ إجَارَةً. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي كَوْنِ الصَّرِيحِ فِي بَابٍ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ شَرْطَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يَجِدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ، وَالثَّانِي أَنْ يَقْبَلَهُ الْعَقْدُ الْمَنْوِيُّ فِيهِ (وَيُشْتَرَطُ) (الْقَبُولُ) بِاللَّفْظِ مُتَّصِلًا كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَلِهَذَا اُعْتُبِرَ فِي الصِّيغَةِ هُنَا مَا مَرَّ فِيهَا ثَمَّ إلَّا عَدَمَ التَّأْقِيتِ، وَتَصِحُّ بِإِشَارَةِ أَخْرَسَ وَبِكِتَابَةٍ بِالنِّيَّةِ (دُونَ تَفْصِيلِ الْأَعْمَالِ) فَلَا يُعْتَبَرُ التَّعَرُّضُ لَهُ فِي الْعَقْدِ وَلَوْ عَقَدَهَا بِغَيْرِ لَفْظِ الْمُسَاقَاةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ أَفْهَمَ كَلَامُ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا يَجْرِي إلَّا فِي لَفْظِهَا (وَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ عَلَى الْعُرْفِ الْغَالِبِ) فِيهَا إذْ الْمَرْجِعُ فِيمَا لَا ضَابِطَ لَهُ شَرْعًا وَلَا لُغَةً إلَيْهِ، هَذَا إنْ كَانَ عُرْفٌ غَالِبٌ وَعَرَفَاهُ وَإِلَّا وَجَبَ التَّفْصِيلُ جَزْمًا. (وَعَلَى الْعَامِلِ) بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ عَمَلُ (مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِصَلَاحِ الثَّمَرَةِ وَاسْتِزَادَتُهُ) (مِمَّا يَتَكَرَّرُ كُلَّ سَنَةٍ كَسَقْيٍ) إنْ لَمْ يَشْرَبْ بِعُرُوقِهِ وَيَدْخُلُ فِي السَّقْيِ تَوَابِعُهُ كَإِصْلَاحِ طُرُقِ الْمَاءِ وَفَتْحِ رَأْسِ السَّاقِيَّةِ وَسَدِّهَا عِنْدَ السَّقْيِ (وَتَنْقِيَةِ نَهْرٍ) أَيْ مَجْرَى الْمَاءِ مِنْ طِينٍ وَغَيْرِهِ (وَإِصْلَاحِ الْأَجَابِينِ) وَهِيَ الْحُفَرُ حَوْلَ النَّخْلِ (الَّتِي يَثْبُتُ فِيهَا الْمَاءُ) شُبِّهَتْ بِالْإِجَّانَةِ الَّتِي يُغْسَلُ فِيهَا (وَتَلْقِيحٍ) وَهُوَ وَضْعُ بَعْضِ طَلْعِ ذَكَرٍ عَلَى طَلْعِ أُنْثَى، وَقَدْ يُسْتَغْنَى عَنْهُ لِكَوْنِهَا مِنْ تَحْتِ رِيحِ الذُّكُورِ فَتَحْمِلُ الْهَوَاءُ رِيحَ الذُّكُورِ إلَيْهَا (وَتَنْحِيَةِ) أَيْ إزَالَةِ (حَشِيشٍ) وَلَوْ رَطْبًا وَإِطْلَاقُهُ عَلَيْهِ لُغَةً وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ الْيَابِسُ (وَقُضْبَانِ مَضَرَّةٍ) لِاقْتِضَاءِ الْعُرْفِ ذَلِكَ، وَعُلِمَ مِنْ تَقْيِيدِنَا مَا عَلَيْهِ بِالْعَمَلِ عَدَمُ وُجُوبِ عَيْنٍ عَلَيْهِ أَصْلًا فَنَحْوُ طَلْعٍ يُلَقَّحُ بِهِ وَقَوْصَرَّةٍ تَحْفَظُ الْعُنْقُودَ عَنْ الطَّيْرِ عَلَى الْمَالِكِ (وَتَعْرِيشٍ جَرَتْ بِهِ عَادَةٌ) فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ لِيَمْتَدَّ عَلَيْهِ الْكَرْمُ وَوَضْعُ حَشِيشٍ عَلَى الْعَنَاقِيدِ صَوْنًا لَهَا عَنْ الشَّمْسِ عِنْدَ الْحَاجَةِ (وَكَذَا حِفْظُ الثَّمَرِ) عَلَى الشَّجَرِ مِنْ سُرَّاقٍ وَطَيْرٍ وَزُنْبُورٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الْمُسَاقَاةِ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ وَعَكْسِهِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي أَنْ يَقْبَلَهُ) أَيْ بِأَنْ يُمْكِنَ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِ بِالنِّيَّةِ أَيْ وَلَوْ مِنْ نَاطِقٍ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَقَدَهَا) أَشَارَ بِهِ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ إذَا عَقَدَ بِغَيْرِ لَفْظِ الْمُسَاقَاةِ اشْتَرَطَ تَفْصِيلَ الْأَعْمَالِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ عَقَدَ بِهَا فَلَا يُشْتَرَطْ أَخْذًا مِمَّا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ أَفْهَمَ كَلَامٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَيْهِ) أَيْ الْعُرْفُ. (قَوْلُهُ: بِعُرُوقِهِ) أَيْ وَهُوَ الْبَعْلِيُّ (قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ فِي السَّقْيِ) كَأَنَّهُ حَمَلَ السَّقْيَ عَلَى إدَارَةِ الدُّولَابِ مَثَلًا وَجَعَلَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ إصْلَاحِ طُرُقِ الْمَاءِ وَنَحْوِهِ تَوَابِعَ، وَعَلَى هَذَا فَمَعْنَى دُخُولِ التَّوَابِعِ فِي السَّقْيِ أَنَّهُ يَسْتَلْزِمُهَا (قَوْلُهُ: وَإِطْلَاقُهُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الرُّطَبِ وَإِنَّمَا يُسَمَّى كَلَأً كَمَا يُسَمَّى بِهِ الْيَابِسُ (قَوْلُهُ: فَنَحْوُ طَلْعٍ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ ذَلِكَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَكْسَ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ قَاعِدَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ مَا لَمْ يَجِدْ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِلْأَصْحَابِ وَأَنَّهُمْ إنَّمَا يَسْتَعْمِلُونَ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ مِنْ جِهَةِ طَرْدِهَا لَا مِنْ جِهَةِ عَكْسِهَا، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ إنَّ الْبَيْعَ مَثَلًا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ النِّكَاحِ أَوْ الطَّلَاقِ مَثَلًا فَلَوْ كَانَ عَكْسُ الْقَاعِدَةِ مُرَادًا لَصَحَّ الْبَيْعُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي بَابِهِ وَلَمْ يَجِدْ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ، وَحِينَئِذٍ فَإِشْكَالُ الْإِسْنَوِيِّ مُنْدَفِعٌ مِنْ أَصْلِهِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: تَصْحِيحًا لِلَّفْظِ عَنْ الْإِلْغَاءِ) الْأَوْلَى صِيَانَةً لِلَّفْظِ عَنْ الْإِلْغَاءِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ وَإِيقَاعُهُ إجَارَةً إلَّا بِأَنْ يَذْكُرَ عِوَضًا مَعْلُومًا) كَذَا فِي نُسَخٍ مِنْ الشَّارِحِ، وَالْأَنْسَبُ مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِمَّا نَصُّهُ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ وَإِيقَاعُهُ إجَارَةً بِأَنْ يَذْكُرَ عِوَضًا (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي أَنَّهُ يَقْبَلُهُ) أَيْ: بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقْبَلْهُ لِعَارِضٍ كَعُدُولِ الْمُتَكَلِّمِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الصُّورَتَيْنِ الْمَارَّتَيْنِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ سِيَاقِهِ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ تَقْيِيدِنَا مَا عَلَيْهِ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلَّا أَخَّرَ هَذَا عَنْ جَمِيعِ مَا عَلَى الْعَامِلِ

فَإِنْ لَمْ يَتَحَفَّظْ بِهِ لِكَثْرَةِ السُّرَّاقِ أَوْ كَبِرَ الْبُسْتَانُ فَالْمُؤْنَةُ عَلَيْهِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ عَدَمَ لُزُومِهِ ذَلِكَ فِي مَالِهِ بَلْ عَلَى الْمَالِكِ مَعُونَتُهُ عَلَيْهِ (وَجِذَاذُهُ) أَيْ قَطْعُهُ (وَتَجْفِيفُهُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهَا مِنْ مَصَالِحِهِ. وَالثَّانِي لَيْسَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْحِفْظَ خَارِجٌ عَنْ أَعْمَالِهَا، وَكَذَا الْجِذَاذُ وَالتَّجْفِيفُ لِأَنَّهُمَا بَعْدَ كَمَالِ الثَّمَرَةِ. نَعَمْ قَيَّدَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وُجُوبَ التَّجْفِيفِ بِمَا إذَا اُعْتِيدَ أَوْ شَرَطَاهُ، وَالْأَوْجَهُ مَا أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْكِتَابِ مِنْ الْوُجُوبِ مُطْلَقًا لِأَنَّ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ لَا يَتَأَتَّى إلَّا عِنْدَ انْتِفَاءِ الشَّرْطِ وَالْعَادَةِ إذْ لَا تَسَعُهُ مُخَالَفَتُهُمَا، وَإِذَا وَجَبَ لَزِمَ تَسْوِيَةُ الْجَرِينِ وَنَقْلُهُ إلَيْهِ، وَكُلُّ مَا وَجَبَ عَلَى الْعَامِلِ لَهُ اسْتِئْجَارُ الْمَالِكِ عَلَيْهِ وَمَا وَجَبَ عَلَى الْمَالِكِ لَوْ فَعَلَهُ الْعَامِلُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ قَوْلِهِ اقْضِ دَيْنِي وَبِهِ فَارَقَ قَوْلَهُ لَهُ اغْسِلْ ثَوْبِي، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَا نَصُّوا عَلَى كَوْنِهِ عَلَى الْعَامِلِ أَوْ الْمَالِكِ لَا يُلْتَفَتُ فِيهِ إلَى عَادَةٍ مُخَالَفَةٍ لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، عَلَى أَنَّ الْعُرْفَ الطَّارِئَ لَا يُعْمَلُ بِهِ إذَا خَالَفَ عُرْفًا سَابِقًا لَهُ، فَقَوْلُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ جَرَتْ عَادَةٌ بِأَنَّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْمَالِكِ اُتُّبِعَتْ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا لَيْسَ لِلْأَصْحَابِ فِيهِ نَصٌّ بِأَنَّهُ عَلَى أَحَدِهِمَا أَوْ بِأَنَّ الْعُرْفَ فِيهِ يَقْتَضِي كَذَا وَإِلَّا فَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ (وَمَا قُصِدَ بِهِ حِفْظُ الْأَصْلِ وَلَا يَتَكَرَّرُ كُلَّ سَنَةٍ كَبِنَاءِ الْحِيطَانِ) وَنَصْبُ نَحْوِ بَابٍ أَوْ دُولَابٍ وَفَاسٍ وَمِنْجَلٍ وَمِعْوَلٍ وَبَقَرٍ تَحْرُثُ أَوْ تُدِيرُ الدُّولَابَ (وَحَفْرِ نَهْرٍ جَدِيدٍ فَعَلَى الْمَالِكِ) فَلَوْ شَرَطَهُ عَلَى الْعَامِلِ فِي الْعَقْدِ بَطَلَ الْعَقْدُ، وَكَذَا مَا عَلَى الْعَامِلِ لَوْ شَرَطَهُ فِي الْعَقْدِ عَلَى الْمَالِكِ بَطَلَ الْعَقْدُ، وَلَا يَشْكُلُ عَلَيْهِ اتِّبَاعُ الْعُرْفِ فِي نَحْوِ خَيْطِ خَيَّاطٍ فِي الْإِجَارَةِ لِأَنَّ هَذَا بِهِ قِوَامَ الصَّنْعَةِ حَالًا وَدَوَامًا وَالطَّلْعُ نَفْعُهُ انْعِقَادُ الثَّمَرَةِ حَالًا ثُمَّ يُسْتَغْنَى عَنْهُ، وَقَدْ يُنَازَعُ فِيهِ جَعْلُهُمْ ثَمَرَ الطَّلْعِ كَالْخَيْطِ، فَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْعُرْفَ لَمْ يَنْضَبِطْ هُنَا فَعُمِلَ فِيهِ بِأَصْلِ أَنَّ الْعَيْنَ عَلَى الْمَالِكِ وَثَمَّ قَدْ يَنْضَبِطُ وَقَدْ يَضْطَرِبُ فَعُمِلَ بِهِ فِي الْأَوَّلِ وَوَجَبَ الْبَيَانُ فِي الثَّانِي. أَمَّا وَضْعُ شَوْكٍ عَلَى الْجِدَارِ وَتَرْقِيعٌ يَسِيرٌ اُتُّفِقَ فِي الْجِدَارِ فَيُتَّبَعُ فِيهِ الْعَادَةُ فِي الْأَصَحِّ مِنْ كَوْنِهِمَا عَلَى الْمَالِكِ أَوْ الْعَامِلِ، وَمَا نَقَلَهُ السُّبْكِيُّ عَنْ النَّصِّ مِنْ أَنَّ الثَّانِيَ عَلَى الْمَالِكِ حُمِلَ عَلَى إطْرَادِ عَادَةٍ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSالزِّبْلِ وَنَحْوِهِ فَيَكُونُ عَلَى الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَتَحَفَّظْ بِهِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فَالْمُؤْنَةُ عَلَيْهِ) أَيْ الْعَامِلِ، وَإِنَّمَا أَفْرَدَهَا بِالذِّكْرِ لِلْخِلَافِ فِيهَا، وَإِلَّا فَقَوْلُهُ وَكَذَا حُفِظَ إلَخْ شَامِلٌ لَهَا (قَوْلُهُ: وَبَحْثُ الْأَذْرَعِيِّ إلَخْ) هُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَإِذَا وَجَبَ) أَيْ الْجَفَافُ (قَوْلُهُ: بِإِذْنِ الْمَالِكِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلْأُجْرَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقِيَاسُهُ أَنَّ مَا وَجَبَ عَلَى الْعَامِلِ إذَا فَعَلَهُ الْمَالِكُ بِإِذْنِهِ اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ بِهِ عَلَى الْعَمَلِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ قَوْلُهُ لَهُ) أَيْ لِآخَرَ (قَوْلُهُ: وَمِعْوَلُ) الْمِعْوَلُ الْفَأْسُ الْعَظِيمَةُ الَّتِي يُحْفَرُ بِهَا الصَّخْرُ وَالْجَمْعُ الْمَعَاوِلُ اهـ مُخْتَارُ الصِّحَاحِ (قَوْلُهُ: بَطَلَ الْعَقْدُ) أَيْ وَالثَّمَرَةُ كُلُّهَا لِلْمَالِكِ وَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِ عَمَلِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُنَازِعُ) يُتَأَمَّلُ فِيهِ فَإِنَّهُ جَعَلَهُ مَنَاطَ الْفَرْقِ أَوَّلًا بَيْنَ نَحْوِ الطَّلْعِ وَخَيْطِ الْخَيَّاطِ فَمَا مَعْنَى الْجَعْلِ الْمَذْكُورِ حَتَّى يُنَازِعَ بِهِ (قَوْلُهُ: جَعَلَهُمْ ثَمَرَ الطَّلْعِ) عِبَارَةُ حَجّ: ثُمَّ انْتَهَى، وَلَعَلَّهَا الْأَوْلَى لِأَنَّ الثَّمَرَ هُوَ نَفْسُ الطَّلْعِ، وَعَلَى الثَّانِيَةِ فَالْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا وَضْعُ شَوْكٍ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ كَبِنَاءِ الْحِيطَانِ إلَخْ (قَوْلُهُ: حُمِلَ عَلَى اطِّرَادِ عَادَةٍ) وَبَحَثَ أَبُو زُرْعَةَ أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ فِي إتْيَانِ الْعَامِلِ بِمَا لَزِمَهُ، فَإِنْ بَقِيَ مِنْ أَعْمَالِهَا مَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ صَدَقَ الْمَالِكُ وَأَلْزَمَ الْعَامِلَ بِالْعَمَلِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَيُمْكِنُهُ إقَامَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ قَوْلِهِ اقْضِ دَيْنِي) أَيْ: بِجَامِعِ الْوُجُوبِ؛ إذْ مَا خَصَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُهُ لِحَقِّ الْعَامِلِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْعُرْفَ إلَخْ) هَذِهِ الْعِلَاوَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَا عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهَا مِنْ أَنَّ الْأَصْحَابَ اسْتَنَدُوا فِيمَا قَالُوهُ لِعُرْفٍ كَانَ فِي زَمَنِهِمْ. (قَوْلُهُ: يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْحَمْلَ غَيْرُ مُتَأَتٍّ فِي عِبَارَةِ الْمَنْهَجِ؛ وَلِهَذَا اقْتَصَرَ ابْنُ حَجَرٍ عَلَى الرَّدِّ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ) لَعَلَّ مَرْجِعَ هَذَا الضَّمِيرِ سَقَطَ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ مِنْ الْكَتَبَةِ وَهُوَ كَوْنُ الطَّلْعِ عَلَى الْمَالِكِ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: فِي الْأَوَّلِ)

(وَالْمُسَاقَاةُ لَازِمَةٌ) أَيْ عَقْدُهَا لَازِمٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَالْإِجَارَةِ قَبْلَ الْعَمَلِ وَبَعْدَهُ لِأَنَّ أَعْمَالَهَا فِي أَعْيَانٍ بَاقِيَةٌ بِحَالِهَا فَأَشْبَهَتْ الْإِجَارَةَ دُونَ الْقِرَاضِ فَيَلْزَمُهُ إتْمَامُ الْأَعْمَالِ وَإِنْ تَلِفَتْ الثَّمَرَةُ كُلُّهَا بِآفَةٍ أَوْ نَحْوِ غَصْبٍ كَمَا يَلْزَمُ عَامِلَ الْقِرَاضِ التَّنْضِيضُ مَعَ عَدَمِ الرِّبْحِ، وَوَجْهُ لُزُومِهَا ظَاهِرٌ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ مُرَاعَاةُ مَصْلَحَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا، إذْ لَوْ تَمَكَّنَ الْعَامِلُ مِنْ فَسْخِهِ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ تَضَرَّرَ الْمَالِكُ بِفَوَاتِ الثَّمَرَةِ أَوْ بَعْضِهَا بِعَدَمِ الْعَمَلِ لِكَوْنِهِ لَا يُحْسِنُهُ أَوْ لَا يَتَفَرَّغُ لَهُ، وَلَوْ تَمَكَّنَ الْمَالِكُ مِنْ فَسْخِهِ تَضَرَّرَ الْعَامِلُ بِفَوَاتِ نَصِيبِهِ مِنْ الثَّمَرَةِ لِأَنَّ الْغَالِبَ كَوْنُهُ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ. (فَلَوْ) (هَرَبَ الْعَامِلُ) أَوْ حُبِسَ أَوْ مَرِضَ (قَبْلَ الْفَرَاغِ) مِنْ الْعَمَلِ وَإِنْ لَمْ يَشْرَعْ فِيهِ (وَأَتَمَّهُ الْمَالِكُ) (مُتَبَرِّعًا) بِالْعَمَلِ أَوْ بِمُؤْنَتِهِ عَنْ الْعَامِلِ (بَقِيَ اسْتِحْقَاقُ الْعَامِلِ) لِمَا شَرَطَ لَهُ كَمَا لَوْ تَبَرَّعَ عَنْهُ أَجْنَبِيٌّ بِذَلِكَ عَلِمَ بِهِ الْمَالِكُ أَمْ جَهِلَهُ. نَعَمْ لَا يَلْزَمُهُ إجَابَةُ أَجْنَبِيٍّ مُتَطَوِّعٍ وَالتَّبَرُّعُ عَنْهُ مَعَ حُضُورِهِ كَذَلِكَ وَالْإِتْمَامُ مِثَالٌ، فَلَوْ تَبَرَّعَ عَنْهُ بِجَمِيعِ الْعَمَلِ كَانَ كَذَلِكَ، وَلَوْ عَمِلَ فِي مَالِ نَفْسِهِ غَيْرَ مُتَبَرِّعٍ عَنْهُ أَوْ عَمِلَ الْأَجْنَبِيُّ عَنْ الْمَالِكِ لَا الْعَامِلِ اسْتَحَقَّ الْعَامِلُ فِيمَا يَظْهَرُ، بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْجَعَالَةِ لِلُزُومِ مَا هُنَا وَإِنْ بَحَثَ السُّبْكِيُّ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا فِي عَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَتَبَرَّعْ أَحَدٌ بِإِتْمَامِهِ وَرُفِعَ الْأَمْرُ لِلْحَاكِمِ وَلَيْسَ لَهُ ضَامِنٌ فِيمَا لَزِمَهُ مِنْ أَعْمَالِ الْمُسَاقَاةِ أَوْ كَانَ وَلَمْ يُمْكِنْ التَّخَلُّصُ مِنْهُ (اسْتَأْجَرَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ مَنْ يُتِمُّهُ) بَعْدَ ثُبُوتِ الْمُسَاقَاةِ وَالْهَرَبِ مَثَلًا وَتَعَذَّرَ إحْضَارُهُ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فَنَابَ عَنْهُ فِيهِ، وَلَوْ امْتَنَعَ مَعَ حُضُورِهِ فَكَذَلِكَ، وَاسْتِئْجَارُهُ مِنْ مَالِهِ إنْ وُجِدَ وَلَوْ مِنْ حِصَّتِهِ إذَا كَانَ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ أَوْ رَضِيَ بِأُجْرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ، فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ اقْتَرَضَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِكِ أَوْ غَيْرِهِ وَيُوفِي مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَرَةِ فَإِنْ تَعَذَّرَ اقْتِرَاضُهُ عَمِلَ الْمَالِكُ بِنَفْسِهِ، وَلِلْمَالِكِ فِعْلُ مَا ذُكِرَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَقَيَّدَهُ السُّبْكِيُّ بِمَا إذَا قَدَّرَ الْحَاكِمُ لَهُ الْأُجْرَةَ وَعَيَّنَ الْأَجِيرُ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ. وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ إذَا كَانَتْ وَارِدَةً عَلَى الذِّمَّةِ، فَإِنْ كَانَتْ وَارِدَةً عَلَى الْعَيْنِ امْتَنَعَ اسْتِنَابَةُ غَيْرِهِ عَنْهُ مُطْلَقًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. وَقَالَ السُّبْكِيُّ وَالنَّشَائِيُّ وَصَاحِبُ الْمُعِينِ: إنَّهُ لَا يَسْتَأْجِرُ عَنْهُ قَطْعًا. نَعَمْ يَتَخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالصَّبْرِ (فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ) الْمَالِكُ (عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSالْبَيِّنَةِ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ وَلَا أَمْكَنَ تَدَارُكُهُ صَدَقَ الْعَامِلُ لِتَضَمُّنِ دَعْوَى الْمَالِكِ انْفِسَاخَهَا وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: عَلِمَ بِهِ) أَيْ تَبَرَّعَ الْأَجْنَبِيُّ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَا يَلْزَمُهُ) أَيْ الْمَالِكَ، وَقَوْلُهُ إجَابَةُ أَجْنَبِيٍّ مُتَطَوِّعٍ ظَاهِرُهُ وَلَوْ أَمِينًا عَارِفًا، وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْوَارِثِ وَإِنْ أَمْكَنَ الْفَرْقَ بِأَنَّ الْوَارِثَ شَرِيكٌ فَهُوَ لِمُبَاشَرَةِ مِلْكِهِ وَالْأَجْنَبِيُّ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْبُسْتَانِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَمْكِينِ الْوَارِثِ تَمْكِينُ الْأَجْنَبِيِّ، لَكِنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ الْفَرْقِ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ عَلَى الْمَالِكِ وَلَا مِنَّةَ عَلَيْهِ وَفِيهِ نَفْعٌ لِلْعَامِلِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ مَنْ يَعْمَلُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ كَعَمَلِ الْمَالِكِ بَعْدَ هَرَبِ الْعَامِلِ مُتَبَرِّعًا (قَوْلُهُ: اسْتَحَقَّ الْعَامِلُ) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَحَثَ) اعْتَمَدَهُ حَجّ (قَوْلُهُ: وَاسْتِئْجَارُهُ) أَيْ الْحَاكِمُ مِنْ مَالِهِ: أَيْ الْعَامِلِ، وَقَوْلُهُ أَوْ رَضِيَ: أَيْ الْأَجِيرُ (قَوْلُهُ: اقْتَرَضَ عَلَيْهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَوْلُهُمْ اسْتَقْرَضَ وَاكْتَرَى عَنْهُ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَاقِيَ عَنْهُ وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: عَمِلَ الْمَالِكُ بِنَفْسِهِ) أَيْ وَرَجَعَ بِالْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ السُّبْكِيُّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) سَوَاءٌ تَعَذَّرَ عَمَلُهُ أَمْ لَا كَانَ الْعَامِلُ الْمَالِكُ أَمْ لَا قُدِّرْت لَهُ أُجْرَةٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُتَخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَ الْفَسْخِ إلَخْ) وَإِذَا فَسَخَ بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ فَلَا يَبْعُدُ اسْتِحْقَاقُ الْعَامِلِ مِنْهَا لِحِصَّةِ مَا عَمِلَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ شَرِيكٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَسْتَحِقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لِأَنَّ قَضِيَّةَ الْفَسْخِ تَرَادُّ الْعِوَضَيْنِ فَيَرْجِعُ لِبَدَلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ: إذَا انْضَبَطَ، وَقَوْلُهُ: فِي الثَّانِي: أَيْ: إذَا لَمْ يَنْضَبِطْ (قَوْلُهُ: وَالْإِتْمَامُ مِثَالٌ) أَيْ: كَمَا أَنَّ الْهَرَبَ مِثَالٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَالتَّبَرُّعُ عَنْهُ مَعَ حُضُورِهِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلِلْمَالِكِ فِعْلُ مَا ذُكِرَ) أَيْ الِاسْتِئْجَارِ

الْحَاكِمِ) لِكَوْنِهِ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى أَوْ حَاضِرًا وَلَمْ يُجِبْهُ لِمَا سَأَلَهُ أَوْ أَجَابَهُ لَكِنْ بِمَالٍ يَأْخُذُهُ مِنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ (فَلْيُشْهِدْ عَلَى الْإِنْفَاقِ) لِمَنْ اسْتَأْجَرَهُ وَأَنَّهُ بَذَلَهُ بِشَرْطِ الرُّجُوعِ أَوْ عَلَى الْعَدْلِ إنْ عَمِلَ بِنَفْسِهِ وَأَنَّهُ إنَّمَا عَمِلَ بِشَرْطِ الرُّجُوعِ (إنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ) تَنْزِيلًا لِلْإِشْهَادِ حِينَئِذٍ مَنْزِلَةَ الْحُكْمِ، وَيُصَدَّقُ حِينَئِذٍ بِيَمِينِهِ فِي قَدْرِ مَا أَنْفَقَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ كَمَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ. وَسَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي هَرَبِ الْجِمَالِ. فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ كَمَا ذَكَرَهُ امْتَنَعَ الرُّجُوعُ لِظُهُورِ تَبَرُّعِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الْإِشْهَادُ لَمْ يَرْجِعْ أَيْضًا لِنُدُورِ الْعُذْرِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْعَمَلِ وَالْإِنْفَاقِ حِينَئِذٍ وَلَمْ تَظْهَرْ الثَّمَرَةُ فَلَهُ الْفَسْخُ وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ، وَإِنْ ظَهَرَتْ فَلَا فَسْخَ وَهِيَ لَهُمَا. (وَلَوْ) (مَاتَ) الْعَامِلُ قَبْلَ الْعَمَلِ (وَخَلَفَ تِرْكَةً) (أَتَمَّ الْوَارِثُ الْعَمَلَ مِنْهَا) كَبَقِيَّةِ دُيُونِ مُورِثِهِ (وَلَهُ أَنْ يُتِمَّ الْعَمَلَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَالِهِ) وَلَا يُكَلَّفُ الْوَفَاءَ مِنْ عَيْنِ التَّرِكَةِ، وَيَلْزَمُ الْمَالِكَ تَمْكِينُهُ حَيْثُ كَانَ عَارِفًا بِالْعَمَلِ ثِقَةً، فَإِنْ امْتَنَعَ بِالْكُلِّيَّةِ اسْتَأْجَرَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَخْلُفْ تَرِكَةً فَلِلْوَارِثِ الْعَمَلُ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ عَلَى الذِّمَّةِ وَإِلَّا انْفَسَخَتْ بِمَوْتِهِ كَالْأَجِيرِ الْمُعَيَّنِ، وَلَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْمَالِكِ مُطْلَقًا فَيَسْتَمِرُّ الْعَامِلُ وَيَأْخُذُ حِصَّتَهُ، وَلَوْ سَاقَى الْبَطْنُ الْأَوَّلُ الْبَطْنَ الثَّانِيَ ثُمَّ مَاتَ الْأَوَّلُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ وَكَانَ الْوَقْفُ وَقْفَ تَرْتِيبٍ فَيَنْبَغِي أَنْ تَنْفَسِخَ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ عَامِلًا لِنَفْسِهِ. وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْوَارِثَ إذَا سَاقَى ـــــــــــــــــــــــــــــSعَمَلِهِ وَهُوَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وِفَاقًا ل م ر فَوْرًا، وَقَدْ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي نَظِيرِهِ وَالثَّمَرُ كُلُّهُ لِلْمَالِكِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لَكِنْ بِمَالٍ) وَإِنْ قَلَّ اهـ حَجّ: أَيْ لَهُ أَوْ لِمَنْ يُوَصِّلُهُ إلَيْهِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ ظُلْمٌ (قَوْلُهُ: فَلْيُشْهِدْ عَلَى الْإِنْفَاقِ) وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدٍ وَيَحْلِفُ مَعَهُ إنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَجَزَ) أَيْ فِيمَا لَوْ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ فِي الذِّمَّةِ لِيَتَأَتَّى قَوْلُهُ وَإِنْ ظَهَرَتْ فَلَا فَسْخَ. أَمَّا إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى الْعَيْنِ خُيِّرَ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالصَّبْرِ مُطْلَقًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ نَعَمْ يَتَخَيَّرُ الْمَالِكُ إلَخْ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ الْإِشْهَادُ لَمْ يَرْجِعْ) ظَاهِرُهُ عَدَمُ الرُّجُوعِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ بَاطِنًا لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا. بَلْ وَمِثْلُهُ سَائِرُ الصُّوَرِ الَّتِي قِيلَ فِيهَا بِعَدَمِ الرُّجُوعِ لِفَقْدِ الشُّهُودِ فَإِنَّ الشُّهُودَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ لِإِثْبَاتِ الْحَقِّ ظَاهِرًا، وَإِلَّا فَالْمَدَارُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَعَدَمِهِ عَلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ. (قَوْلُهُ: وَخَلَّفَ تَرِكَةً) شَامِلٌ لِلثَّمَرَةِ الْمُعَامَلِ عَلَيْهَا إذَا مَاتَ بَعْدَ ظُهُورِهَا، وَيُوَافِقُهُ مَا مَرَّ لِلشَّارِحِ فِي هَرَبِ الْعَامِلِ مِنْ قَوْلِهِ وَاسْتِئْجَارِهِ مِنْ مَالِهِ إنْ وُجِدَ وَلَوْ مِنْ حِصَّتِهِ إذَا كَانَ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ أَوْ رَضِيَ بِأُجْرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ اهـ (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ الْمَالِكَ تَمْكِينُهُ) أَيْ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا انْفَسَخَتْ بِمَوْتِهِ) أَيْ وَلِوَارِثِهِ أُجْرَةُ مِثْلِ مَا مَضَى إنْ لَمْ تَظْهَرْ الثَّمَرَةُ، فَإِنْ ظَهَرَتْ أَخَذَ جُزْءًا مِنْهَا، وَهَلْ يُوَزَّعُ بِاعْتِبَارِ الْمُدَّتَيْنِ وَإِنْ تَفَاوَتَا أَوْ بِاعْتِبَارِ الْعَمَلِ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْتَلِفُ فِي الْمُدَّةِ قِلَّةً وَكَثْرَةً؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: كَالْأَجِيرِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إذَا مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ الَّذِي هُوَ عُمْدَةُ الْمُسَاقَاةِ، فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ أَوْ الْجِذَاذِ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا التَّجْفِيفُ وَنَحْوُهُ فَلَا اهـ. وَلَوْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ ظَهَرَتْ أَوْ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ بَعْدَ ظُهُورِهَا هَلْ يَنْقَطِعُ اسْتِحْقَاقُهُ مِنْ الثَّمَرَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَسْتَحِقَّ مِنْهَا بِقِسْطِ مَا عَمِلَ قَبْلَ مَوْتِهِ. وَالْقِيَاسُ أَنْ يَسْتَحِقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ دُونَ الثَّمَرَةِ لِارْتِفَاعِ الْعَقْدِ بِالِانْفِسَاخِ، وَقَدْ وَافَقَ م ر آخِرًا عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لَا مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى عَيْنِ الْعَامِلِ أَوْ ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي أَنْ تَنْفَسِخَ) وَفَائِدَتُهُ انْقِطَاعُ تَعَلُّقِ حَقِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي هَرَبِ الْجَمَّالِ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ بَدَلَ هَذَا مَا نَصُّهُ: لَكِنْ مُقْتَضَى كَلَامِهِمَا وَهَرَبَ الْجَمَّالُ تَصْدِيقُ الْعَامِلِ فَإِنَّهُمَا رَجَّحَا قَبُولَ الْجَمَّالِ وَعَلَّلَاهُ بِأَنَّ الْمُنْفِقَ لَمْ يَسْتَنِدْ إلَى ائْتِمَانٍ مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ فَيَكُونُ هُنَا كَذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَنْفَسِخَ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) سَيَأْتِي فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ الْآتِي عَنْ الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرِهِ نَظِيرُ هَذَا فِي الْإِجَارَةِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ. وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ عَامِلًا لِنَفْسِهِ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْوَارِثَ) هُوَ ظَاهِرٌ فِي الْحَائِزِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُفْسَخَ فِي حِصَّتِهِ

مُورِثَهُ ثُمَّ مَاتَ الْمُورِثُ فَتَنْفَسِخُ. (وَلَوْ) (ثَبَتَ خِيَانَةُ عَامِلٍ) بِإِقْرَارِهِ أَوْ بَيِّنَةٍ أَوْ يَمِينٍ رُدَّ (ضُمَّ إلَيْهِ مُشْرِفٌ) وَلَا تَرْتَفِعُ يَدُهُ لِلُزُومِ الْعَمَلِ عَلَيْهِ، وَيُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْهُ بِهَذَا الطَّرِيقِ، فَتَعَيَّنَ جَمْعًا بَيْنَ الْحَقَّيْنِ وَأُجْرَةُ الْمُشْرِفِ عَلَيْهِ، فَإِنْ ضُمَّ إلَيْهِ لِرِيبَةٍ فَقَطْ فَالْأُجْرَةُ عَلَى الْمَالِكِ (فَإِنْ لَمْ يَتَحَفَّظْ) الْعَامِلُ (بِهِ) أَيْ الْمُشْرِفِ عَنْ الْخِيَانَةِ (اُسْتُؤْجِرَ مِنْ مَالِهِ عَامِلٌ) لِتَعَذُّرِ الِاسْتِيفَاءِ مِنْهُ، هَذَا إنْ كَانَ الْعَمَلُ فِي الذِّمَّةِ وَإِلَّا تَخَيَّرَ الْمَالِكُ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ. (وَلَوْ) (خَرَجَ الثَّمَرُ مُسْتَحَقًّا) لِغَيْرِ الْمُسَاقِي وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ الشَّجَرُ كَذَلِكَ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ بِخُرُوجِ الشَّجَرَةِ مُسْتَحَقَّةً جَرَى عَلَى الْغَالِبِ (فَلِلْعَامِلِ) عِنْدَ جَهْلِهِ بِالْحَالِ (عَلَى الْمُسَاقِي أُجْرَةُ الْمِثْلِ) لِأَنَّهُ فَوَّتَ مَنَافِعَهُ بِعِوَضٍ فَاسِدٍ فَرَجَعَ بِبَدَلِهَا، كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِلْعَمَلِ فِي مَغْصُوبٍ فَعَمِلَ جَاهِلًا، أَمَّا إذَا كَانَ عَالِمًا بِالْحَالِ فَلَا شَيْءَ لَهُ جَزْمًا. وَتَصِحُّ الْإِقَالَةُ فِي الْمُسَاقَاةِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. قَالَ: فَإِنْ كَانَ ثَمَّ ثَمَرَةٌ لَمْ يَسْتَحِقَّهَا الْعَامِلُ. وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ شَجَرِ الْمُسَاقَاةِ مِنْ الْمَالِكِ قَبْلَ خُرُوجِ الثَّمَرَةِ وَيَصِحُّ بَعْدَهَا، وَالْعَامِلُ مَعَ الْمُشْتَرِي كَمَا كَانَ مَعَ الْبَائِعِ، وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ بَيْعُ حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَرَةِ وَحْدَهَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ لِشُيُوعِهِ إنْ قُلْنَا بِأَنَّ قِسْمَةَ ذَلِكَ بَيْعٌ، فَإِنْ قُلْنَا إفْرَازٌ وَهُوَ الْأَصَحُّ صَحَّ. وَلَوْ شَرَطَ الْمَالِكُ عَلَى الْعَامِلِ أَعْمَالًا تَلْزَمُهُ فَأَثْمَرَتْ الْأَشْجَارُ وَالْعَامِلُ لَمْ يَعْمَلْ بَعْضَ تِلْكَ الْأَعْمَالِ اسْتَحَقَّ جَمِيعَ مَا شُرِطَ لَهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَعْمَلْ شَيْئًا لِأَنَّهُ شَرِيكٌ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ، وَمَا فِي فَتَاوَى الْقَاضِي مِنْ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِالْقِسْطِ مُفَرَّعٌ عَلَى الْمَرْجُوحِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ أَجِيرٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــSالْبَطْنِ الْأَوَّلِ بِالثَّمَرَةِ حَتَّى لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالثَّمَرَةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ التَّرِكَةِ وَالْوَارِثُ إنَّمَا اسْتَحَقَّهَا مِنْ قِبَلِ الْوَاقِفِ (قَوْلُهُ: فَتَنْفَسِخُ) أَيْ وَفَائِدَتُهُ اسْتِحْقَاقُ الْوَارِثِ لَهَا تَرِكَةً حَتَّى لَوْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ تَعَلَّقَ بِهَا مُقَدَّمًا عَلَى حَقِّ الْوَرَثَةِ. (قَوْلُهُ: فَالْأُجْرَةُ عَلَى الْمَالِكِ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ ضُمَّ لِنَاظِرِ الْوَقْفِ مُشْرِفٌ لِمُجَرَّدِ الرِّيبَةِ فَيَكُونُ فِي مَالِ الْوَقْفِ قِيَاسًا عَلَى الْمَالِكِ لِأَنَّ الْحَظَّ فِي ذَلِكَ لِلْوَقْفِ، أَمَّا لَوْ ثَبَتَتْ خِيَانَتُهُ فَيَفْسُقُ. (قَوْلُهُ: فَلِلْعَامِلِ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَإِنْ تَلِفَتْ: أَيْ الثَّمَرَةُ أَوْ الشَّجَرُ طُولِبَ الْغَاصِبُ وَكَذَا الْعَامِلُ بِالْجَمِيعِ، بِخِلَافِ الْأَجِيرِ لِلْعَمَلِ فِي الْحَدِيقَةِ الْمَغْصُوبَةِ: أَيْ لَا يُطَالَبُ وَيَرْجِعُ الْعَامِلُ لَكِنَّ قَرَارَ نَصِيبِهِ عَلَيْهِ اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ ثَمَّ) أَيْ حِينَ الْإِقَالَةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَسْتَحِقَّهَا الْعَامِلُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ فَسَخَ الْمَالِكُ لِهَرَبِ الْعَامِلِ اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لِمَا مَضَى مِنْ عَمَلِهِ بِأَنَّ الْإِقَالَةَ لَمَّا كَانَتْ بِالتَّوَافُقِ مِنْهُمَا كَانَ ذَلِكَ رِضًا مِنْهُ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ مِنْ الْعَمَلِ، بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ فَإِنَّ الْمَالِكَ لَمَّا اسْتَقْبَلَ بِالْفَسْخِ لَمْ يَنْقَطِعْ تَعَلُّقُ حَقِّ الْعَامِلِ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْمَالِكِ) مُتَعَلِّقٌ بِبَيْعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ بَيْعُ حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَرَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ: وَبَيْعُ أَحَدِهِمَا فَقَطْ نَصِيبَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ بَاطِلٌ انْتَهَتْ. وَوَجْهُ الْبُطْلَانِ أَنَّ الشَّرِيكَ قَدْ لَا يُجِيبُ لِلْقِسْمَةِ فَيَتَعَذَّرُ الْوَفَاءُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ. (قَوْلُهُ: إنْ قُلْنَا بِأَنَّ قِسْمَةَ ذَلِكَ بَيْعٌ) أَيْ: فَالْقَوْلُ بِالْبُطْلَانِ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّعِيفِ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَصْدُرَ بِالصِّحَّةِ ثُمَّ يَقُولَ: وَالْقَوْلُ بِالْبُطْلَانِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ قِسْمَةَ ذَلِكَ بَيْعٌ.

[كتاب الإجارة]

[كِتَابُ الْإِجَارَةِ] ُ بِتَثْلِيثِ الْهَمْزَةِ وَالْكَسْرِ أَفْصَحُ، وَهِيَ لُغَةٌ: اسْمٌ لِلْأُجْرَةِ ثُمَّ اُشْتُهِرَتْ فِي الْعَقْدِ: وَشَرْعًا: تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ بِعِوَضٍ بِالشُّرُوطِ الْآتِيَةِ مِنْهَا عِلْمُ عِوَضِهَا وَقَبُولُهَا لِلْبَذْلِ وَالْإِبَاحَةِ، فَخَرَجَ بِالْأَخِيرِ نَحْوُ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَمْلِكْهَا وَإِنَّمَا مَلَكَ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا وَبِالْعِلْمِ الْمُسَاقَاةُ وَالْجَعَالَةُ عَلَى عَمَلٍ مَجْهُولٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْأَوَّلِ عِلْمُ الْعِوَضِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يَكُونُ مَعْلُومًا كَأَنْ سَاقَاهُ عَلَى ثَمَرَةٍ مَوْجُودَةٍ، وَقَدْ تَقَعُ الثَّانِيَةُ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ. وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6] وَمُنَازَعَةُ الْإِسْنَوِيِّ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِهَا مَرْدُودَةٌ، إذْ مُفَادُهَا وَقَوْلُهُ الْإِرْضَاعُ لِلْآبَاءِ وَهُوَ مُسْتَلْزِمُ الْإِذْنِ لَهُنَّ فِيهِ بِعِوَضٍ وَإِلَّا كَانَ تَبَرُّعًا، وَهَذَا الْإِذْنُ بِالْعِوَضِ هُوَ الْعَقْدُ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ} [الطلاق: 6] الْآيَةَ، وَأَخْبَارٌ كَاسْتِئْجَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالصِّدِّيقُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي الدِّيلِ يُقَالُ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSكِتَابُ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ اُشْتُهِرَتْ) أَيْ لُغَةً عَلَى وَجْهِ الْمَجَازِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَشَرْعًا (قَوْلُهُ وَقَبُولِهَا لِلْبَذْلِ وَالْإِبَاحَةِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى الْبَذْلِ، وَيَدُلُّ مَا عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي بَيَانِ الْمُحْتَرَزِ: فَخَرَجَ بِالْأَخِيرِ وَبِالْعِلْمِ (قَوْلُهُ: نَحْوُ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ) أَيْ فَلَا تَصِحُّ أُجْرَةُ الْجَوَارِي لِلْوَطْءِ، وَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّ إلَخْ أَشَارَ بِهِ إلَى عَدَمِ وُرُودِ عَقْدِ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ) أَيْ فَلَا حَاجَةَ لِلْإِخْرَاجِ (قَوْلُهُ: وَبِالْعِلْمِ) أَيْ بِالْعِوَضِ (قَوْلُهُ عَلَى عَمَلٍ) قَيَّدَ فِي الْجَعَالَةِ فَإِنَّ عَمَلَهَا قَدْ يَكُونُ مَعْلُومًا، بِخِلَافِ الْمُسَاقَاةِ فَإِنَّ عَمَلَهَا مَجْهُولٌ دَائِمًا. نَعَمْ عِوَضُهَا قَدْ يَكُونُ مَعْلُومًا كَأَنْ عَقَدَ عَلَى ثَمَرَةٍ مَوْجُودَةٍ (قَوْلُهُ: فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْأَوَّلِ) أَيْ الْمُسَاقَاةُ أَشَارَ بِهِ إلَى دَفْعِ مَا أَوْرَدَ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ التَّعْرِيفَ غَيْرُ مَانِعٍ إذْ يَدْخُلُ فِيهِ الْمُسَاقَاةُ إذَا كَانَ عِوَضُهَا مَعْلُومًا وَالْجَعَالَةُ إذَا كَانَ عَمَلُهَا مَعْلُومًا. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِأَنَّ الْعِلْمَ بِالْعَمَلِ وَالْعِوَضِ شَرْطٌ فِي الْإِجَارَةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ شَرْطًا فِي الْمُسَاقَاةِ وَالْجَعَالَةِ وَإِنْ اتَّفَقَ وُجُودُهُ. وَاعْتَرَضَ سم عَلَى حَجّ هَذَا الْجَوَابَ بِأَنَّ عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ لَا دَخْلَ لَهُ فِي دَفْعِ الِاعْتِرَاضِ، لِأَنَّهُ مَتَى دَخَلَ فِي التَّعْرِيفِ فَرْدٌ مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ مَانِعًا اهـ. وَأَقُولُ أَمَّا الْمُسَاقَاةُ فَلَا تُرَدُّ لِأَنَّ الْعِوَضَ وَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا لَكِنَّ الْعَمَلَ مَجْهُولٌ فَلَا تَصْدُقُ الْإِجَارَةُ عَلَيْهَا، وَأَمَّا الْجَعَالَةُ فَيُمْكِنُ إخْرَاجُهَا بِأَنْ يُزَادُ فِي التَّعْرِيفِ مَا يُؤْخَذُ مِنْ صِيغَتِهَا الْآتِيَةِ أَنَّهَا بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ أَوْ نَحْوِهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) أَيْ الْعِوَضُ (قَوْلُهُ {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ} [الطلاق: 6] الْآيَةَ) قَالَ حَجّ: وَلَك أَنْ تَقُولَ إنْ أَرَادَ الْمُنَازَعَةَ عَلَى أَصْلِ الْإِيجَارِ فَرَدُّهُ بِمَا ذُكِرَ وَاضِحٌ، أَوْ مَعَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ لَمْ يَصْلُحْ ذَلِكَ لِرَدِّهِ إذْ لَا دَلَالَةَ فِيهَا عَلَى الْقَبُولِ لَفْظًا بِوَجْهٍ، وَالصَّدِيقُ مَفْعُولٌ مَعَهُ، وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلَى الضَّمِيرِ فَهُوَ بِالْجَرِّ (قَوْلُهُ: مِنْ بَنَى الدِّيلِ) بِكَسْرِ الدَّالِ وَسُكُونِ الْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQكِتَابُ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: مِنْهَا عُلِمَ عِوَضُهَا) يَعْنِي عِوَضَ الْإِجَارَةِ الشَّامِلَ لِلْمَنْفَعَةِ وَالْأُجْرَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي: وَبِالْعِلْمِ الْمُسَاقَاةُ وَالْجَعَالَةُ عَلَى عَمَلٍ مَجْهُولٍ، أَمَّا الضَّمِيرُ فِي قَبُولِهَا فَهُوَ لِلْمَنْفَعَةِ بِدَلِيلِ مَا أَخْرَجَهُ بِذَلِكَ أَيْضًا. وَلَك أَنْ تَقُولَ: إذَا كَانَ الضَّمِيرُ فِي عِوَضِهَا لِلْإِجَارَةِ كَمَا تَقَرَّرَ فَلَا تَرِدُ الْمُسَاقَاةُ أَصْلًا؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْعِوَضَيْنِ فِيهَا وَهُوَ الْعَمَلُ لَا يَكُونُ إلَّا مَجْهُولًا فَهِيَ خَارِجَةٌ بِاشْتِرَاطِ الْعِلْمِ فِي الْعِوَضَيْنِ هُنَا. (قَوْلُهُ: عَلَى عَمَلٍ مَجْهُولٍ) فِيهِ أَنَّ الْجَدَّ حِينَئِذٍ غَيْرُ مَانِعٍ لِدُخُولِ

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأُرَيْقِطِ، وَأَمَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمُؤَاجَرَةِ، وَالْحَاجَةُ بَلْ الضَّرُورَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا. . أَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ: صِيغَةٌ وَأُجْرَةٌ، وَمَنْفَعَةٌ، وَعَاقِدٌ. وَلِكَوْنِهِ الْأَصْلَ بَدَأَ بِهِ فَقَالَ (شَرْطُهُمَا) أَيْ الْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ الدَّالِ عَلَيْهِمَا لَفْظُ الْإِجَارَةِ (كَبَائِعٍ وَمُشْتَرٍ) لِأَنَّهَا صِنْفٌ مِنْ الْبَيْعِ، فَاشْتُرِطَ فِي عَاقِدِهَا مَا يُشْتَرَطُ فِي عَاقِدِهِ مِمَّا مَرَّ كَالرُّشْدِ وَعَدَمِ الْإِكْرَاهِ بِغَيْرِ حَقٍّ. نَعَمْ اسْتِئْجَارُ كَافِرٍ لِمُسْلِمٍ وَلَوْ إجَارَةَ عَيْنٍ صَحِيحٍ لَكِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ، وَمِنْ ثَمَّ أُجْبِرَ فِيهَا عَلَى إيجَارِهِ لِمُسْلِمٍ وَإِيجَارِ سَفِيهٍ نَفْسَهُ لِمَا لَا يَقْصِدُ مِنْ عَمَلِهِ كَالْحَجِّ لِجَوَازِ تَبَرُّعِهِ بِهِ. وَيَصِحُّ بَيْعُ السَّيِّدِ لِلْعَبْدِ نَفْسَهُ لَا إجَارَتُهُ إيَّاهَا لِإِفْضَاءِ بَيْعِهِ إلَى عِتْقِهِ فَاغْتُفِرَ فِيهِ مَا لَمْ يُغْتَفَرْ فِي الْإِجَارَةِ لِعَدَمِ أَدَائِهَا إلَيْهِ. وَلَوْ كَانَ لِوَقْفِ نَاظِرَانِ فَأَجَّرَ أَحَدَهُمَا الْآخَرَ أَرْضًا لِلْوَقْفِ صَحَّ إنْ اسْتَقَلَّ كُلٌّ مِنْهُمَا وَإِلَّا فَلَا عَلَى مَا بَحَثَهُ الْعِرَاقِيُّ، وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي الْوَصِيَّيْنِ وَالْعَامِلَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSوَقِيلَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَانِيهِ مَهْمُوزًا اهـ فَتْحُ الْبَارِي أَيْ لِيَدُلَّهُمْ عَلَى طَرِيقِ الْمَدِينَةِ حِينَ الْهِجْرَةِ (قَوْلُهُ بِالْمُؤَاجَرَةِ) هُوَ بِالْهَمْزِ، يَقُولُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ أَجَّرَهُ إيجَارًا وَمُؤَاجَرَةً، وَيَجُوزُ إبْدَالُ الْهَمْزَةِ وَاوًا لِكَوْنِهِ مَفْتُوحًا بَعْدَ ضَمَّةٍ (قَوْلُهُ: دَاعِيَةٌ إلَيْهَا) أَيْ الْإِجَارَةِ. (قَوْلُهُ: كَبَائِعٍ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إجَارَةٌ لِلْأَعْمَى لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ. نَعَمْ لَهُ أَنْ يُؤْجِرَ نَفْسَهُ كَمَا لِلْعَبْدِ الْأَعْمَى أَنْ يَشْتَرِيَ نَفْسَهُ، قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذِّبِ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ، وَكَذَا لِلْغَيْرِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ ذِمَّتَهُ لِأَنَّهَا سَلَمٌ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَكَذَا لِلْغَيْرِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ ذِمَّتَهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ أَنْ يَلْزَمَ ذِمَّةَ الْغَيْرِ، وَقِيَاسُ مَا فِي السَّلَمِ مِنْ جَوَازِ كَوْنِهِ مُسْلِمًا وَمُسْلَمًا إلَيْهِ جَوَازُ ذَلِكَ هُنَا، وَقَوْلُهُ كَبَائِعٍ: أَيْ كَشَرْطِ بَائِعٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا صِنْفٌ مِنْ الْبَيْعِ) أَيْ لِأَنَّهَا فِي الْمَنَافِعِ، وَالسَّلَمُ صِنْفٌ مِنْ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ اسْتِئْجَارُ كَافِرٍ إلَخْ) هُوَ وَمَا بَعْدَهُ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ كَبَائِعٍ وَمُشْتَرٍ مِنْ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ إجَارَةُ السَّفِيهِ كَمَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ، وَمِنْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ الْكَافِرِ مُسْلِمًا كَمَا لَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ لَهُ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهَا) أَيْ إجَارَةُ الْعَيْنِ، وَمَفْهُومُهُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ أُجْبِرَ إلَخْ) مُجَرَّدُ الْكَرَاهَةِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْإِجْبَارَ عَلَى إزَالَةِ الْيَدِ عَنْهُ. وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَمِنْ ذَلِكَ يُجْبَرُ عَلَى إيجَارِهِ إلَخْ. وَقَوْلُهُ فِيهَا: أَيْ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ: عَلَى إيجَارِهِ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ وَخَدَمَهُ بِنَفْسِهِ اسْتَحَقَّ الْإِجَارَةَ الْمُسَمَّاةَ (قَوْلُهُ: لِمَا لَا يَقْصِدُ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ غَنِيًّا بِمَالِهِ عَنْ كَسْبٍ يَصْرِفُهُ عَلَى نَفَقَةِ نَفْسِهِ وَمَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ أَخْذًا مِمَّا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فِي بَابِ الْحَجْرِ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ بَيْعُ السَّيِّدِ لِلْعَبْدِ نَفْسَهُ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ وَكَّلَ شَخْصٌ عَبْدًا فِي شِرَاءِ نَفْسِهِ أَوْ اسْتِئْجَارِهَا لِمُوَكِّلِهِ فَيَصِحُّ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْخِيَارِ (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ) وَهُوَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ امْتِنَاعُ مُعَامَلَةِ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ مُطْلَقًا خِلَافًا لحج ثَمَّ وَهُنَا عِبَارَةُ الشَّارِحِ ثُمَّ، وَلَوْ كَانَ لَهُ عَامِلَانِ مُسْتَقِلَّانِ فَهَلْ لِأَحَدِهِمَا مُعَامَلَةُ الْآخَرِ؟ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا نَعَمْ إنْ أَثْبَتَ الْمَالِكُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الِاسْتِقْلَالَ بِالتَّصَرُّفِ أَوْ الِاجْتِمَاعَ فَلَا كَالْوَصِيَّيْنِ عَلَى مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِيهِمَا وَرَجَّحَهُ غَيْرُهُ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ كَمَا فِي آدَابِ الْقَضَاءِ لِلْإِصْطَخْرِيِّ مَنْعُ بَيْعِ أَحَدِهِمَا فَيَأْتِي نَظِيرُ ذَلِكَ فِي الْعَامِلَيْنِ، لَكِنَّ حَجّ إنَّمَا ذَكَرَ الصِّحَّةَ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى أَحَدُ وَصِيَّيْنِ مِنْ الْآخَرِ شَيْئًا لِأَحَدِ مَحْجُورِيهِمَا مِنْ مَالِ الْآخَرِ، وَعَلَّلَ الصِّحَّةَ فِيهِ بِعَدَمِ التُّهْمَةِ، بِخِلَافِ النَّاظِرَيْنِ فَإِنَّ أَحَدَهُمَا يَشْتَرِي لِنَفْسِهِ مِنْ الْآخَرِ وَفِيهِ تُهْمَةٌ، فَإِنْ حُمِلَ كَلَامُ الشَّارِحِ فِي الْوَصِيَّيْنِ عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا يَشْتَرِي لِنَفْسِهِ مِنْ الْآخَرِ كَانَتْ مَسْأَلَةً غَيْرَ الَّتِي فُرِضَ الْكَلَامُ فِيهَا حَجّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُسَاقَاةِ وَالْجَعَالَةِ عَلَى مَعْلُومٍ، فَلَا يَكُونُ فِي التَّعْرِيفِ مَا يُخْرِجُهُمَا، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَبِالْعِلْمِ الْمُسَاقَاةُ وَالْجَعَالَةُ كَالْحَجِّ بِالرِّزْقِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا عِلْمُ الْعِوَضِ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَكُونُ مَعْلُومًا كَمُسَاقَاةٍ عَلَى ثَمَرَةٍ مَوْجُودَةٍ وَجَعَالَةٍ عَلَى مَعْلُومٍ انْتَهَتْ. فَجَعَلَ الْمُسَاقَاةَ وَالْجَعَالَةَ خَارِجَيْنِ مُطْلَقًا بِقَيْدِ اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ هُنَا؛ لِأَنَّهُمَا وَإِنْ وَقَعَا عَلَى مَعْلُومٍ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الِاشْتِرَاطِ (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي الْوَصِيَّيْنِ وَالْعَامِلَيْنِ) أَيْ: فَلَا يَصِحُّ إيجَارُ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ مُطْلَقًا عَلَى قِيَاسِ مَا اخْتَارَهُ ثَمَّ

(وَالصِّيغَةُ) مُعْتَبَرَةٌ هُنَا كَالْبَيْعِ فَيَجْرِي فِيهَا خِلَافُ الْمُعَاطَاةِ. وَيُشْتَرَطُ فِيهَا جَمِيعُ مَا مَرَّ فِي صِيغَةِ الْبَيْعِ إلَّا عَدَمَ التَّأْقِيتِ. وَهِيَ صَرِيحَةٌ وَكِنَايَةٌ، فَمِنْ الصَّرِيحِ (أَجَّرْتُك هَذَا أَوْ أَكْرَيْتُك) هَذَا أَوْ عَوَّضْتُك مَنْفَعَةَ هَذِهِ الدَّارِ سَنَةً بِمَنْفَعَةِ دَارِك كَمَا اقْتَضَاهُ إفْتَاءُ الْقَاضِي (أَوْ مَلَّكْتُك مَنَافِعَهُ سَنَةً) لَيْسَ ظَرْفًا لِأَجْرٍ وَمَا بَعْدَهُ لِأَنَّهُ إنْشَاءٌ وَهُوَ يَنْقَضِي بِانْقِضَاءِ لَفْظِهِ بَلْ لِمُقَدَّرٍ، نَحْوُ انْتَقِعْ بِهِ سَنَةً، وَنَظِيرُهُ قَوْله تَعَالَى {فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ} [البقرة: 259] أَيْ وَأَلْبَثَهُ مِائَةَ عَامٍ، وَلَا يُقَالُ: يَصِحُّ جَعْلُهُ ظَرْفًا لِمَنَافِعِهِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا يَحْتَاجُ لِتَقْدِيرٍ وَلَيْسَ كَالْآيَةِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ. لِأَنَّا نَقُولُ: الْمَنَافِعُ أَمْرٌ مَوْهُومٌ الْآنَ وَالظَّرْفِيَّةُ تَقْتَضِي خِلَافُ ذَلِكَ، فَكَانَ تَقْدِيرُ مَا ذُكِرَ أَوْلَى أَوْ مُتَعَيِّنًا (بِكَذَا) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ مِنْ الْآنَ. وَتَخْتَصُّ إجَارَةُ الذِّمَّةِ بِنَحْوِ أَلْزَمْت ذِمَّتَك أَوْ سَلَّمْت إلَيْك هَذِهِ الدَّرَاهِمَ فِي خِيَاطَةِ هَذَا أَوْ فِي دَابَّةٍ صِفَتُهَا كَذَا أَوْ فِي حَمْلِي إلَى مَكَّةَ (فَيَقُولُ) الْمُخَاطَبُ مُتَّصِلًا (قَبِلْت أَوْ اسْتَأْجَرْت أَوْ اكْتَرَيْت) أَوْ اسْتَكْرَيْت، وَمِنْ الْكِنَايَةِ جَعَلْت لَك مَنْفَعَتَهُ سَنَةً بِكَذَا أَوْ اُسْكُنْ دَارِي شَهْرًا بِكَذَا. وَمِنْهَا الْكِتَابَةُ، وَتَنْعَقِدُ بِاسْتِيجَابٍ وَإِيجَابٍ وَبِإِشَارَةِ أَخْرَسَ أَفْهَمَتْ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ اعْتِبَارَ التَّوْقِيتِ وَذِكْرَ الْأُجْرَةِ لِانْتِفَاءِ الْجَهَالَةِ حِينَئِذٍ، وَمَوْرِدُهَا إجَارَةُ الْعَيْنِ وَالذِّمَّةُ الْمَنَافِعُ لِأَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ لَا الْعَيْنُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ (وَالْأَصَحُّ انْعِقَادُهَا) أَيْ الْإِجَارَةِ (بِقَوْلِهِ أَجَّرْتُك) أَوْ أَكْرَيْتُكَ (مَنْفَعَتَهَا) أَيْ الدَّارِ سَنَةً بِكَذَا، إذْ الْمَقْصُودُ مِنْهَا الْمَنْفَعَةُ فَذِكْرُهَا تَأْكِيدٌ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّ لَفْظَ الْإِجَارَةِ وُضِعَ مُضَافًا لِلْعَيْنِ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَا مَنْفَعَةَ لَهَا فَكَيْفَ يُضَافُ الْعَقْدُ عَلَيْهَا (وَ) الْأَصَحُّ (مَنْعُهَا) أَيْ مَنْعُ انْعِقَادِهَا (بِقَوْلِهِ) (بِعْتُك) أَوْ اشْتَرَيْت (مَنْفَعَتَهَا) لِأَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَأَلْبَثَهُ مِائَةَ عَامٍ) عِبَارَةُ الْبَيْضَاوِيِّ: فَأَلْبَثَهُ مَيْتًا مِائَةَ عَامٍ أَوْ أَمَاتَهُ اللَّهُ فَلَبِثَ مَيْتًا مِائَةَ عَامٍ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَنَظِيرُهُ فِي التَّقْدِيرِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ فِي الْآيَةِ قَوْله تَعَالَى {فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ} [البقرة: 259] أَيْ وَأَلْبَثَهُ مِائَةَ عَامٍ اهـ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ فِي الْآيَةِ أَنَّ ثَمَّ مَنْ لَا يُقَدِّرُ فِي الْآيَةِ مَحْذُوفًا فَلَا يَكُونُ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَالظَّرْفِيَّةُ تَقْتَضِي إلَخْ) يُنْظَرُ وَجْهُ هَذَا الِاقْتِضَاءِ. وَعَلَيْهِ فَيُرَدُّ مَا قَدَّرَهُ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ أَمْرٌ مَوْهُومٌ الْآنَ مَعَ أَنَّ مَعْنَى انْتَفِعْ اسْتَوْفِ مَنَافِعَهُ. وَبِالْجُمْلَةِ فَدَعْوَى هَذَا الِاقْتِضَاءِ مِمَّا لَا سَنَدَ لَهَا إلَّا مُجَرَّدَ التَّخَيُّلِ، وَمَا يَقُولُ فِي نَحْوِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ هَذِهِ السَّنَةَ أَوْ أَنْ أَعْتَكِفَ هَذَا الْيَوْمَ، فَإِنَّ كُلًّا مِنْ الصَّوْمِ وَالِاعْتِكَافِ أَمْرٌ مَوْهُومٌ الْآنَ مَعَ ظَرْفِيَّةِ السَّنَةِ وَالْيَوْمِ لَهُمَا بِالْإِجْمَاعِ ظَرْفِيَّةٍ لَا شُبْهَةَ فِي صِحَّتِهَا لِأَحَدٍ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُقَالُ: يُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الِاعْتِكَافَ وَالصَّوْمَ مَعْنَاهُمَا فِعْلٌ مَخْصُوصٌ مِنْ الْمُعْتَكِفِ وَالصَّائِمِ يُمْكِنُ أَنْ يُتَصَوَّرَ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ يُصَيِّرُهُ عِنْدَهُ كَالْمَحْسُوسِ، وَلَا كَذَلِكَ الْمَنَافِعُ فَإِنَّ تَصَوُّرَهَا يَكُونُ بِأَمْرٍ إجْمَالِيٍّ يَخْتَلِفُ مُتَعَلَّقُهُ بِاخْتِلَافِ الْمَنَافِعِ قِلَّةً وَكَثْرَةً (قَوْلُهُ: خِلَافَ ذَلِكَ) أَيْ الْمُحَقَّقِ: أَيْ خِلَافَ الْمَوْهُومِ بِأَنْ يَكُونَ الْمَظْرُوفُ مُحَقَّقًا (قَوْلُهُ: فَكَانَ تَقْدِيرُ مَا ذُكِرَ) أَيْ إنْ جُعِلَ ظَرْفًا لِمَنَافِعَ وَمُتَعَيِّنًا إنْ جُعِلَ ظَرْفًا لِأَجْرٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ مِنْ الْآنَ) عِبَارَةُ حَجّ: لَا يُشْتَرَطُ عِنْدَهُمَا وَإِنْ نُوزِعَا فِيهِ أَنْ يَقُولَ مِنْ الْآنَ (قَوْلُهُ وَتَخْتَصُّ) أَيْ زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ الصِّيَغِ (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ أَلْزَمْت ذِمَّتَك) أَيْ كَذَا، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَذْكُرَهُ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَالَ أُلْزِمْتُك فَإِنَّهُ إجَارَةُ عَيْنٍ كَمَا نَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الدَّمِيرِيِّ أَنَّهُ أَقْرَبُ احْتِمَالَيْنِ، وَعِبَارَتُهُ: وَلَوْ قَالَ لِلْأَجِيرِ أُلْزِمْتُك عَمَلَ كَذَا فَهَلْ هُوَ إجَارَةُ عَيْنٍ أَوْ ذِمَّةٍ؟ ذَكَرَ فِيهِ الدَّمِيرِيِّ احْتِمَالَيْنِ، وَقَالَ: الْأَقْرَبُ أَنَّهُ إجَارَةُ عَيْنٍ اهـ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي دَابَّةٍ) أَيْ لِحَمْلِ كَذَا أَوْ نَحْوِهِ وَإِلَّا فَهَذِهِ الصِّيغَةُ إنَّمَا هِيَ فِي الدَّابَّةِ نَفْسِهَا (قَوْلُهُ: وَتَنْعَقِدُ بِاسْتِيجَابٍ) كَآجَرَنِي وَإِيجَابٍ وَاسْتِقْبَالٍ وَقَبُولٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ) أَيْ زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ الصِّيَغِ (قَوْلُهُ: لِانْتِقَاءِ الْجَهَالَةِ) أَيْ وَهُوَ كَذَلِكَ لِانْتِفَاءِ الْجَهَالَةِ فَلَيْسَ عِلَّةً لِلْإِفْهَامِ (قَوْلُهُ: مُضَافًا إلَى الْعَيْنِ) أَيْ مُرْتَبِطًا بِهَا وَإِنْ كَانَ الْمَقْصِدُ بِهِ الْمَنْفَعَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لَفْظَ الْبَيْعِ مَوْضُوعٌ لِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ فَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْمَنْفَعَةِ كَمَا لَا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ كِنَايَةً وَالْقَوْلُ بِذَلِكَ مَرْدُودٌ بِاخْتِلَالِ الصِّيغَةِ حِينَئِذٍ، إذْ لَفْظُ الْبَيْعِ يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ فَيُنَافِي ذِكْرَ الْمُدَّةِ، وَلَوْ قَالَ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ أَلْزَمْت ذِمَّتَك كَذَا كَفَاهُ عَنْ لَفْظِ الْإِجَارَةِ وَنَحْوِهَا. (وَهِيَ قِسْمَانِ) : (وَارِدَةٌ عَلَى عَيْنٍ كَإِجَارَةِ الْعَقَارِ) وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِمَا بَعْدَهُ إشَارَةً إلَى عَدَمِ تَصَوُّرِ إجَارَةِ الذِّمَّةِ فِيهِ لِانْتِفَاءِ ثُبُوتِهِ فِيهَا (وَدَابَّةٍ أَوْ شَخْصٍ) أَيْ آدَمِيٍّ، وَلِكَوْنِهِ ضِدُّ الدَّابَّةِ اتَّضَحَتْ التَّثْنِيَةُ الْمُغَلَّبُ فِيهَا الْمُذَكَّرُ لِشَرَفِهِ فِي قَوْلِهِ (مُعَيَّنَيْنِ) فَيُتَصَوَّرُ فِيهِمَا إجَارَةُ الذِّمَّةِ أَوْ الْعَيْنِ. وَمَا بَحَثَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ إلْحَاقِ السُّفُنِ بِهِمَا لَا بِالْعَقَارِ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِخِلَافِهِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ إجَارَتُهَا، إلَّا إجَارَةُ عَيْنٍ كَالْعَقَارِ بِدَلِيلِ عَدَمِ صِحَّةِ السَّلَمِ فِي السُّفُنِ وَالْمُرَادُ بِالْعَيْنِ هُنَا مُقَابِلُ الذِّمَّةِ، وَهُوَ مَا يَتَقَيَّدُ الْعَقْدُ بِهِ، وَفِي صُورَةِ الْخِلَافِ السَّابِقَةِ آنِفًا مُقَابِلُ الْمَنْفَعَةِ وَهُوَ مَا يُرَدُّ الْعَقْدُ عَلَيْهِ. وَلَوْ أَذِنَ أَجِيرُ الْعَيْنِ لِغَيْرِهِ فِي الْعَمَلِ بِأُجْرَةٍ فَعَمِلَ فَلَا أُجْرَةَ لِلْأَوَّلِ مُطْلَقًا. وَأَمَّا الثَّانِي فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ: أَيْ عَلَى الْآذِنِ لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (وَ) وَارِدَةٌ (عَلَى الذِّمَّةِ كَاسْتِئْجَارِ دَابَّةٍ) مَثَلًا (مَوْصُوفَةٍ) بِالصِّفَاتِ الْآتِيَةِ (وَ) يُتَصَوَّرُ أَيْضًا (بِأَنْ يَلْزَمَ ذِمَّتَهُ) عَمَلًا، وَمِنْهُ أَنْ يَلْزَمَهُ حَمْلُهُ إلَى كَذَا أَوْ (خِيَاطَةً أَوْ بِنَاءً) بِشَرْطِهِمَا الْآتِي أَوْ يُسَلِّمُ إلَيْهِ فِي إحْدَاهُمَا أَوْ فِي دَابَّةٍ مَوْصُوفَةٍ لِيَحْمِلَهُ إلَى مَكَّةَ مَثَلًا بِكَذَا (وَلَوْ قَالَ اسْتَأْجَرْتُك) أَوْ اكْتَرَيْتُك (لِتَعْمَلَ كَذَا) أَوْ لِكَذَا أَوْ لِعَمَلِ كَذَا (فَإِجَارَةُ عَيْنٍ) لِأَنَّ الْخِطَابَ دَالٌ عَلَى ارْتِبَاطِهَا بِعَيْنِ الْمُخَاطَبِ كَاسْتَأْجَرُت عَيْنَك (وَقِيلَ) إجَارَةَ (ذِمَّةٍ) لِأَنَّ الْقَصْدَ حُصُولُ الْعَمَلِ لَا بِالنَّظَرِ لِفَاعِلِهِ، وَيُرَدُّ بِمَنْعِ ذَلِكَ نَظَرًا لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْخِطَابُ. (وَيُشْتَرَطُ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ) إنْ عُقِدَتْ بِلَفْظِ إجَارَةٍ أَوْ سَلَمٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: كَمَا لَا يَنْعَقِدُ) أَيْ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ) أَيْ بِعْتُك مَنْفَعَتَهَا (قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ بِذَلِكَ) مَشَى عَلَيْهِ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ إلَخْ) هَذِهِ الصُّورَةُ عُلِمَتْ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا، وَتَخْتَصُّ بِنَحْوِ: أَلْزَمْت ذِمَّتَك. وَأَمَّا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى عَمَلِ كَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ الذِّمَّةِ فَإِجَارَةُ عَيْنٍ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الدَّمِيرِيِّ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُقَيِّدْهُ بِمَا بَعْدَهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ مُعَيَّنٌ (قَوْلُهُ: فَيُتَصَوَّرُ فِيهِمَا) أَيْ الدَّابَّةِ وَالشَّخْصِ (قَوْلُهُ: أَفْتَى الْوَالِدُ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا) أَيْ مَحْسُوسٌ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ السَّابِقَةِ آنِفًا) هِيَ قَوْلُهُ وَمَوْرِدُ إجَارَةِ الْعَيْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا أُجْرَةَ لِلْأَوَّلِ) أَيْ عَلَى الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا عُلِمَ الْفَسَادُ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الثَّانِي) وَفِي نُسْخَةٍ: وَلَا لِلثَّانِي إنْ عُلِمَ الْفَسَادُ وَإِلَّا فَلَهُ إلَخْ، وَتَعَقَّبَهُ سم بِمَا صُورَتُهُ تُقَدَّمُ فِي الْقِرَاضِ وَالْمُسَاقَاةِ أَنَّهُ قَدْ يَسْتَحِقُّ مَعَ عِلْمِ الْفَسَادِ فَمَا الْفَرْقُ اهـ سم عَلَى حَجّ. قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ ثَمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْمَالِ بِإِذْنٍ مِنْ الْمَالِكِ فَكَانَ عَمَلُهُ فِيهِ جَائِزًا، وَمَا هُنَا بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْهُ فَهُوَ كَمَأْذُونِ الْغَاصِبِ وَعَمَلُهُ مُهْدَرٌ مَعَ الْعِلْمِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى عَيْنِهِ وَسَاقَى غَيْرَهُ انْفَسَخَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى مَا مَرَّ، وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ إنْ عُلِمَ الْفَسَادُ، وَقَوْلُ سم قَدْ يَسْتَحِقُّ مَعَ عِلْمٍ إلَخْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ قَدْ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ مَعَ عِلْمِ الْفَسَادِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ عَامِلًا ثَانِيًا، بَلْ مُرَادُهُ أَنَّ الْعَامِل مِنْ حَيْثُ هُوَ يَسْتَحِقُّ كَمَا لَوْ قَالَ سَاقَيْتُك عَلَى أَنَّ لَك مِنْ الثَّمَرَةِ أَوْ الرِّبْحِ جُزْءًا (قَوْلُهُ عَلَى الْآذِنِ) أَيْ لَا عَلَى الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ أَنْ يَلْزَمَهُ حَمْلُهُ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ أَلْزَمْتُك حَمْلِي إلَى كَذَا لَكِنْ قَدَّمْنَا عَنْ الدَّمِيرِيِّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَلْزَمْتُك عَمَلَ كَذَا كَانَ إجَارَةَ عَيْنٍ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَا هُنَا مُفَرَّعٌ عَلَى كَلَامِ غَيْرِ الدَّمِيرِيِّ فَمَا عَنْ الدَّمِيرِيِّ خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَا هُنَا مُصَوَّرٌ بِمَا لَوْ قَالَ أَلْزَمْت ذِمَّتَك حَمْلِي إلَى كَذَا فَلَا يَكُونُ مُخَالِفًا لَهُ (قَوْلُهُ أَوْ يُسَلِّمُ إلَيْهِ فِي أَحَدِهِمَا) أَيْ الْخِيَاطَةِ وَالْبِنَاءِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِعَمَلِ كَذَا) أَيْ أَوْ أَلْزَمْتُك عَمَلَ كَذَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الدَّمِيرِيِ، وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْأَمْثِلَةِ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ التَّعْبِيرِ بِالْفِعْلِ وَالْمَصْدَرِ. (قَوْلُهُ إنْ عُقِدَتْ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ عُقِدَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَلِكَوْنِهِ ضِدَّ الدَّابَّةِ) أَيْ: الْعُرْفِيَّةِ الَّتِي هِيَ ذَاتُ الْأَرْبَعِ (قَوْلُهُ: اتَّضَحَتْ التَّثْنِيَةُ) وَلَا يَقْدَحُ فِيهِ كَوْنُ الْعَطْفِ بِأَوْ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ تَعَيُّنِ الْإِفْرَادِ بَعْدَهَا إذَا كَانَتْ لِلشَّكِّ أَوْ نَحْوِهِ، لَا لِلتَّنْوِيعِ (قَوْلُهُ: بِلَفْظِ إجَارَةٍ) ،

(تَسْلِيمُ الْأُجْرَةِ فِي الْمَجْلِسِ) كَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ لِأَنَّهَا سَلَمٌ فِي الْمَنَافِعِ فَيَمْتَنِعُ فِيهَا تَأْجِيلُ الْأُجْرَةِ سَوَاءٌ أَتَأَخَّرَ الْعَمَلُ فِيهَا عَنْ الْعَقْدِ أَمْ لَا وَالِاسْتِبْدَالُ عَنْهَا وَالْحَوَالَةُ بِهَا وَعَلَيْهَا وَالْإِبْرَاءُ مِنْهَا. وَإِنَّمَا اشْتَرَطُوا ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ وَلَمْ يَشْتَرِطُوهُ فِي الْعَقْدِ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ مَعَ كَوْنِهِ سَلَمًا فِي الْمَعْنَى أَيْضًا لِضَعْفِ الْإِجَارَةِ حَيْثُ وَرَدَتْ عَلَى مَعْدُومٍ وَتَعَذَّرَ اسْتِيفَاؤُهَا دَفْعَةً، وَلَا كَذَلِكَ بَيْعُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِيهِمَا فَجَبَّرُوا ضَعْفَهَا بِاشْتِرَاطِ قَبْضِ أُجْرَتِهَا فِي الْمَجْلِسِ (وَإِجَارَةُ الْعَيْنِ) الْأُجْرَةُ فِيهَا كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ فَحِينَئِذٍ (لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ) أَيْ تَسْلِيمُ الْأُجْرَةِ (فِيهَا) فِي الْمَجْلِسِ مُعَيَّنَةً أَوْ فِي الذِّمَّةِ. نَعَمْ يَتَعَيَّنُ لِتَسْلِيمِهَا مَحَلُّ الْعَقْدِ عَلَى مَا مَرَّ فِي السَّلَمِ. (وَيَجُوزُ) فِي الْأُجْرَةِ (فِيهَا) أَيْ إجَارَةِ الْعَيْنِ (التَّعْجِيلُ وَالتَّأْجِيلُ) لِلْأُجْرَةِ (إنْ كَانَتْ) تِلْكَ الْأُجْرَةُ (فِي الذِّمَّةِ) كَالثَّمَنِ وَيَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهَا وَالْحَوَالَةُ بِهَا وَعَلَيْهَا وَالْإِبْرَاءُ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً لَمْ يَجُزْ تَأْجِيلُهَا لِأَنَّ الْأَعْيَانَ لَا تَقْبَلُ التَّأْجِيلَ (وَإِذَا أُطْلِقَتْ) الْأُجْرَةُ عَنْ ذِكْرِ تَأْجِيلٍ وَتَعْجِيلٍ (تَعَجَّلَتْ) كَثَمَنِ الْمَبِيعِ الْمُطْلَقِ وَلِأَنَّ الْمُؤَجِّرَ يَمْلِكُهَا بِالْعَقْدِ لَكِنْ لَا يَسْتَحِقُّ اسْتِيفَاءَهَا إلَّا بِتَسْلِيمِ الْعَيْنِ، فَإِنْ تَنَازَعَا فِيمَنْ يَبْدَأُ بِهِ فَكَمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ (وَإِنْ كَانَتْ) الْأُجْرَةُ (مُعَيَّنَةً) بِأَنْ رَبَطَهَا بِعَيْنٍ أَوْ مُطْلَقَةٍ أَوْ فِي الذِّمَّةِ (مُلِكَتْ فِي الْحَالِ) بِنَفْسِ الْعَقْد وَلَوْ مُؤَجَّلَةً كَمَا يَمْلِكُ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَنْفَعَةَ بِهِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ لَكِنَّ مِلْكًا مُرَاعًى كُلَّمَا مَضَى جُزْءٌ مِنْ الزَّمَانِ عَلَى السَّلَامَةِ بَانَ أَنَّ مِلْكَ الْمُؤَجَّرِ اسْتَقَرَّ عَلَى مَا يُقَابِلُ ذَلِكَ وَسَيُذْكَرُ أَنَّهَا لَا تَسْتَقِرُّ إلَّا بِاسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ أَوْ تَفْوِيتِهَا، وَلَوْ أَجَّرَ النَّاظِرُ الْوَقْفَ سِنِينَ وَقَبَضَ الْأُجْرَةَ جَازَ لَهُ دَفْعُ جَمِيعِهَا لِأَهْلِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَإِنْ عَلِمَ مَوْتَهُمْ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّتِهَا، فَلَوْ مَاتَ الْقَابِضُ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ لَمْ يَضْمَنْ الْمُسْتَأْجَرُ وَلَا النَّاظِرُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ، خِلَافًا لِلْقَفَّالِ لِأَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ مَلَكَهَا فِي الْحَالِ ظَاهِرًا، وَعَدَمُ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِلَفْظِ إلَخْ فَالْمُرَادُ مِنْهُ التَّعْمِيمُ لَا التَّقْيِيدُ. وَيُرْشِدُ إلَى ذَلِكَ الْفَرْقِ الْآتِي بَيْنَ الْعَقْدِ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ وَبَيْنَهُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: فَيَمْتَنِعُ فِيهَا) الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالْوَاوِ وَامْتِنَاعُ التَّأْجِيلِ وَمَا بَعْدَهُ لَا يَتَفَرَّعُ عَلَى مُجَرَّدِ اشْتِرَاطِ تَسْلِيمِ الْأُجْرَةِ فِي الْمَجْلِسِ. نَعَمْ لَوْ قَالَ يُشْتَرَطُ لَهَا مَا شُرِطَ لِرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ شَمِلَ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَيُمْكِنُ أَنَّ التَّفْرِيعَ بِالنَّظَرِ لَمَّا أَفَادَهُ التَّشْبِيهُ بِقَوْلِهِ كَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا اشْتَرَطُوا ذَلِكَ) أَيْ تَسْلِيمَ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَشْتَرِطُوهُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِيمَا ذُكِرَ أَنَّ الْأَحْكَامَ تَابِعَةٌ لِلَّفْظِ دُونَ الْمَعْنَى خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ ثَمَّ، أَمَّا هُنَا فَعِبَارَتُهُ كَالشَّارِحِ (قَوْلُهُ: بِاشْتِرَاطِ قَبْضٍ) أَيْ وَعَدَمِ الِاسْتِبْدَالِ عَنْهَا إلَى آخَرِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: مَحَلُّ الْعَقْدِ) أَيْ تِلْكَ الْمَحَلَّةُ حَيْثُ كَانَ الْمَحَلُّ صَالِحًا وَلَمْ يُعَيِّنَا غَيْرَهُ. (قَوْلُهُ: وَالْإِبْرَاءُ مِنْهَا) أَيْ وَلَوْ فِي الْمَجْلِسِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَإِذَا أُطْلِقَتْ الْأُجْرَةُ) أَيْ الَّتِي فِي الذِّمَّةِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ أَوْ الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ فَكَمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ) أَيْ فَيَبْدَأُ هُنَا بِالْمُؤَجَّرِ إنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ فِي الذِّمَّةِ وَإِلَّا فَيُجْبَرَانِ (قَوْلُهُ أَوْ فِي الذِّمَّةِ) أَيْ بِأَنْ صَرَّحَ فِيهَا بِذَلِكَ وَإِلَّا فَالْمُطْلَقَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الذِّمَّةِ، ثُمَّ رَأَيْته فِي سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَجَّرَ النَّاظِرُ الْوَقْفَ سِنِينَ) أَيْ مَعَ مُسَوِّغٍ لَهُ جَازَ لَهُ: أَيْ بِأَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدَّخِرَ مِنْهُ شَيْئًا لِجِهَةِ الْوَقْفِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ حَالًا (قَوْلُهُ: فَلَوْ مَاتَ الْقَابِضُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ مَاتَ النَّاظِرُ الْمُؤَجِّرُ، فَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَعْنِي كُلَّ لَفْظٍ مِنْ أَلْفَاظِهَا الْمَارَّةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ خُصُوصَ هَذَا اللَّفْظِ، وَكَانَ الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ: سَوَاءٌ كَانَ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ أَوْ السَّلَمِ؛ إذْ الْمُرَادُ التَّعْمِيمُ لَا التَّقْيِيدُ (قَوْلُهُ: لِلْأُجْرَةِ) بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ التَّعْجِيلُ وَالتَّأْجِيلُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ فِي الْأُجْرَةِ السَّابِقَةِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَجُوزُ (قَوْلُهُ: أَوْ دَيْنٌ) أَيْ بِأَنْ قَالَ بِالْعَشَرَةِ الَّتِي فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ مُطْلَقَةٍ) عُطِفَ عَلَى مُعَيَّنَةٍ فِي الْمَتْنِ: أَيْ فَمَا فِي الْمَتْنِ لَيْسَ بِقَيْدٍ، وَالْمُرَادُ أَنَّهَا تُمْلَكُ فِي الْحَالِ سَوَاءٌ عَيَّنَهَا بِأَنْ

الِاسْتِقْرَارِ لَا يُنَافِي جَوَازَ التَّصَرُّفِ كَمَا نَصُّوا عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ فِيمَا لَوْ أَجَّرَ دَارِهِ سِنِينَ وَقَبَضَ الْأُجْرَةَ فَحَكَمُوا بِالْمِلْكِ فِيهَا وَأَوْجَبُوا زَكَاتَهَا بِمُجَرَّدِ مُضِيِّ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ عَلَى أَصَحِّ الطَّرِيقِينَ وَإِنْ كَانَ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ إلَّا زَكَاةَ مَا اسْتَقَرَّ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَكَمَا حَكَمُوا بِأَنَّ الزَّوْجَةَ تَمْلِكُ الصَّدَاقَ وَتَتَصَرَّفُ فِي جَمِيعِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَكَذَلِكَ فِي الْمُوصِي لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ إذَا أَجَّرَ الدَّارَ وَقَبَضَ أُجْرَتَهَا لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا وَيَرْجِعُ الْمُسْتَحِقُّ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ الْمُسَمَّاةِ فِي تَرِكَةِ الْقَابِضِ. وَقَضِيَّةُ مِلْكِهَا فِي الْحَالِ وَلَوْ مُؤَجَّلَةً صِحَّةُ الْإِبْرَاءِ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ لِأَنَّهُ لَا خِيَارَ فِيهَا فَكَانَ كَالْإِبْرَاءِ مِنْ الثَّمَنِ بَعْدَ لُزُومِهِ، بِخِلَافِهِ قَبْلَهُ لِأَنَّ زَمَنَ الْخِيَارِ كَزَمَنِ الْعَقْدِ فَكَأَنَّهُ بَاعَ بِلَا ثَمَنٍ. (وَيُشْتَرَطُ) لِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ (كَوْنُ الْأُجْرَةِ مَعْلُومَةً) جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً إنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ وَإِلَّا كَفَتْ مُشَاهَدَتُهَا فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الثَّمَنِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ تَشْبِيهِهَا بِالثَّمَنِ أَنَّهَا لَوْ حَلَّتْ وَقَدْ تَغَيَّرَ النَّقْدُ وَجَبَ مِنْ نَقْدِ يَوْمِ الْعَقْدِ لَا يَوْمِ تَمَامِ الْعَمَلِ وَلَوْ فِي الْجَعَالَةِ، إذْ الْعِبْرَةُ فِي الْأُجْرَةِ حَيْثُ كَانَتْ نَقْدًا بِنَقْدِ بَلَدِ الْعَقْدِ وَقْتُهُ، فَإِنْ كَانَتْ بِبَادِيَةٍ اُعْتُبِرَ أَقْرَبُ الْبِلَادِ إلَيْهَا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ. وَالْعِبْرَةُ فِي أُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي الْفَاسِدَةِ بِمَوْضِعِ إتْلَافِ الْمَنْفَعَةِ نَقْدًا وَوَزْنًا، وَجَوَازُ الْحَجِّ بِالرِّزْقِ مُسْتَثْنًى تَوْسِعَةً فِي تَحْصِيلِ الْعِبَادَةِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِإِجَارَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ خِلَافًا لِلْوَلِيِّ الْعِرَاقِيِّ، بَلْ هُوَ نَوْعٌ مِنْ التَّرَاضِي وَالْمَعُونَةِ فَهُوَ جَعَالَةٌ اُغْتُفِرَ فِيهَا الْجَهْلُ بِالْجُعْلِ كَمَسْأَلَةِ الْعِلْجِ (فَلَا تَصِحُّ) إجَارَةٌ لِدَارٍ (بِالْعِمَارَةِ) لَهَا (وَ) لَا لِدَابَّةٍ بِصَرْفٍ أَوْ بِفِعْلِ (الْعَلَفِ) لَهَا بِفَتْحِ اللَّامِ الْمَعْلُوفِ بِهِ وَبِإِسْكَانِهَا كَمَا بِخَطِّهِ الْمَصْدَرُ لِلْجَهْلِ بِهِمَا وَإِنْ كَانَ عَيْنًا كَآجَرْتُكَهَا بِدِينَارٍ عَلَى أَنَّ تَصَرُّفَهُ فِي عِمَارَتِهَا أَوْ عَلَفِهَا لِلْجَهْلِ بِالصَّرْفِ فَتَصِيرُ الْأُجْرَةُ مَجْهُولَةً، فَإِنْ صَرَفَ وَقَصَدَ الرُّجُوعَ بِهِ رَجَعَ وَإِلَّا فَلَا، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ التَّعْلِيلَ بِالْجَهْلِ جَرَى ـــــــــــــــــــــــــــــSكَانَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ وَشَرَطَ لَهُ النَّظَرَ مُدَّةَ اسْتِحْقَاقِهِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ وَإِلَّا فَكَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَحَكَمُوا بِالْمِلْكِ فِيهَا) أَيْ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَأَوْجَبُوا زَكَاتَهَا) أَيْ زَكَاةَ جَمِيعِ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ الْمُسْتَحِقُّ) وَهُوَ مَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ الْوَقْفُ (قَوْلُهُ: فِي تَرِكَةِ الْقَابِضِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى النَّاظِرِ كَمَا يَأْتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي فَصْلٍ لَا تَنْفَسِخُ إجَارَةٌ إلَخْ وَلَا بِمَوْتِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ إلَخْ (قَوْلُهُ صِحَّةُ الْإِبْرَاءِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقَوْلُهُ مِنْهَا: أَيْ الْأُجْرَةُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا خِيَارَ فِيهَا إلَخْ) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ. وَقَضِيَّةُ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ فِيهَا لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مِنْهَا (قَوْلُهُ: بَعْدَ لُزُومِهِ) أَيْ الْعَقْدِ، وَقَوْلُهُ قَبْلَهُ: أَيْ اللُّزُومِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي الْجَعَالَةِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَكَالْأُجْرَةِ الْجَعَالَةُ لِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ غَايَةً لِلْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ أَقْرَبُ الْبِلَادِ إلَيْهَا) أَيْ فَلَوْ اسْتَوَى إلَيْهَا مَحَلَّانِ وَاخْتَلَفَ نَقْدَاهُمَا اشْتَرَطَ تَعْيِينَ نَقْدِ أَحَدِهِمَا كَمَا فِي الْبَيْعِ بِبَلَدٍ بِهَا نَقْدَانِ لَمْ يَغْلِبْ أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ إجَارَةٌ لِدَارٍ بِالْعِمَارَةِ) أَيْ حَيْثُ كَانَتْ الْعِمَارَةُ مَجْهُولَةً لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ فَإِنْ عُيِّنَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ) غَايَةٌ إلَى مَا عَقَدَ عَلَيْهِ مِنْ الْأُجْرَةِ بِهِ، وَقَوْلُهُ عَيْنًا: أَيْ مَعْلُومًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ صَرَفَ وَقَصَدَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الرُّجُوعِ بِمَا صَرَفَهُ عِنْدَ نِيَّتِهِ بَيْنَ كَوْنِ الْآذِنِ مَالِكًا أَوْ غَيْرَهُ كَوَلِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَنَاظِرِ الْوَقْفِ. وَقَدْ يُقَالُ فِي جَوَازِ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ الْمَالِكِ نَظَرًا لِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ الْإِذْنُ الْمَذْكُورُ بَلْ حَقُّهُ أَنْ يُبَاشِرَ بِنَفْسِهِ فَإِذْنُهُ لَاغٍ، لَكِنَّهُ إنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِذَلِكَ اُحْتُمِلَ الِاكْتِفَاءُ بِهِ فَلْيُرَاجَعْ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ رُجُوعُهُ عَلَى إشْهَادٍ وَهُوَ قَرِيبٌ. هَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQرَبَطَهَا بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ أَوْ قَالَ فِي ذِمَّتِي أَوْ أَطْلَقَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي الْجَعَالَةِ) الْأَوْلَى كَالْجَعَالَةِ (قَوْلُهُ: لِلْجَهْلِ بِالصَّرْفِ) أَيْ الْعَمَلِ، وَقَوْلُهُ: فَتَصِيرُ الْأُجْرَةُ مَجْهُولَةً: أَيْ؛ لِأَنَّهَا مَجْمُوعُ الدِّينَارِ وَالصَّرْفِ. وَالْمَجْهُولُ إذَا انْضَمَّ إلَى مَعْلُومٍ صَيَّرَهُ مَجْهُولًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ صُرِفَ وَفَقَدَ الرُّجُوعَ بِهِ رَجَعَ) أَيْ بِالْمَصْرُوفِ وَبِأُجْرَةِ عَمَلِهِ

عَلَى الْغَالِبِ، فَلَوْ كَانَ عَالِمًا بِالصَّرْفِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ كَبَيْعِ زَرْعٍ بِشَرْطِ أَنْ يَحْصُدَهُ الْبَائِعُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ هُنَاكَ شَرْطٌ بَطَلَتْ مُطْلَقًا وَإِلَّا كَآجَرْتُكَهَا بِعِمَارَتِهَا، فَإِنْ عُيِّنَتْ صَحَّتْ وَإِلَّا فَلَا. أَمَّا إذَا أَذِنَ لَهُ فِي صَرْفِهَا بَعْدَ الْعَقْدِ بِلَا شَرْطٍ فِيهِ وَتَبَرَّعَ الْمُسْتَأْجِرُ بِهِ فَيَجُوزُ، وَاغْتُفِرَ هُنَا اتِّحَادُ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ لِلْحَاجَةِ، عَلَى أَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ لَا اتِّحَادَ تَنْزِيلًا لِلْقَابِضِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَيِّنًا مَنْزِلَةَ الْوَكِيلِ عَنْ الْمُؤَجِّرِ وَكَالَةً ضِمْنِيَّةً. وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ صِحَّةُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي زَمَنِنَا مِنْ تَسْوِيغِ النَّاظِرِ الْمُسْتَحِقِّ بِاسْتِحْقَاقِهِ عَلَى سَاكِنِ الْوَقْفِ فِيمَا يَظْهَرُ وَيُصَدَّقُ الْمُسْتَأْجِرُ بِيَمِينِهِ فِي أَصْلِ الْإِنْفَاقِ وَقَدْرِهِ كَمَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ لِأَنَّهُ ائْتَمَنَهُ. وَمَحَلُّهُ إذَا ادَّعَى قَدْرًا لَائِقًا فِي الْعَادَةِ كَمَا يَأْتِي نَظِيرُهُ فِي الْوَصِيِّ وَأَوْلَى وَإِلَّا احْتَاجَ إلَى بَيِّنَةٍ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ أَتَيْت بِالتَّصَرُّفِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ شَيْءٌ فِي الْخَارِجِ يُحَالُ عَلَيْهِ قَوْلُ الْوَكِيلِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ مَا ادَّعَاهُ وَهُنَا الْعِمَارَةُ مَوْجُودَةٌ فِي الْخَارِجِ وَلَا تُسْتَغْنَى الدَّابَّةُ عَنْ الْعَلَفِ فَصَدَقَ الْمُسْتَأْجِرُ، وَحِينَئِذٍ فَلَا جَامِعَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَلَا تَكْفِي شَهَادَةُ الصُّنَّاعِ لَهُ أَنَّهُ صَرَفَ عَلَى أَيْدِيهِمْ كَذَا لِأَنَّهُمْ وُكَلَاؤُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَوْ اكْتَرَى نَحْوَ حَمَّامٍ مُدَّةً يُعْلَمُ عَادَةُ تَعَطُّلِهَا فِيهَا لِنَحْوِ عِمَارَةٍ، فَإِنْ شَرَطَ احْتِسَابَ مُدَّةِ التَّعْطِيلِ مِنْ الْإِجَارَةِ وَجُهِلَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَرْجِعُ بِمَا صَرَفَهُ عَلَى النَّاظِرِ وَالنَّاظِرُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى جِهَةِ الْوَقْفِ، كَمَا لَوْ غَصَبَ شَاةً وَاسْتَأْجَرَ قَصَّابًا لِذَبْحِهَا فَذَبَحَهَا جَاهِلًا كَوْنِ الْمُسْتَأْجِرُ غَاصِبًا فَإِنَّ الْقَصَّابَ يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِكَوْنِهِ حَمَلَهُ عَلَى الْفِعْلِ وَالْغَاصِبُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَالِكِ بِشَيْءٍ لِتَعَدِّيهِ، وَهَذَا الِاحْتِمَالُ هُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ يَحْصُدَهُ الْبَائِعُ) أَيْ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ: كَانَ هُنَاكَ شَرْطٌ) أَيْ أَوْ مَا فِي قُوَّةِ الشَّرْطِ كَآجَرْتُكَهَا بِعِمَارَتِهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ عُيِّنَتْ) أَيْ الْعِمَارَةُ كَآجَرْتُكَهَا بِعِمَارَةِ هَذَا الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ: وَتَبَرَّعَ الْمُسْتَأْجِرُ بِهِ) أَيْ بِالْعَمَلِ (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي الْمِلْكِ أَوْ الْوَقْفِ (قَوْلُهُ: مَنْزِلَةَ الْوَكِيلِ) فِيهِ أَنَّ تَنْزِيلَهُ مَنْزِلَةَ الْوَكِيلِ يَصِحُّ قَبْضُهُ عَنْ النَّاظِرِ فَيَكُونُ فِي يَدِهِ أَمَانَةً لِلنَّاظِرِ، وَدُخُولُهُ فِي مِلْكِهِ يَسْتَلْزِمُ كَوْنَهُ قَابِضًا عَنْ النَّاظِرِ مُقْبِضًا لِنَفْسِهِ فَلَمْ يَنْتِفْ الِاتِّحَادُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: وَكَالَةً ضِمْنِيَّةً) لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ الشَّخْصُ لَا يَكُونُ وَكِيلًا عَنْ غَيْرِهِ فِي إزَالَةِ مِلْكِ نَفْسِهِ عَنْ الْأُجْرَةِ، وَقَدْ يُمْنَعُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَيْسَ وَكِيلًا عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يُفْرِغُ ذِمَّتَهُ مِمَّا اشْتَغَلَتْ بِهِ وَالْعَمَلَةُ هُمْ الْوُكَلَاءُ عَنْ الْمُؤَجِّرِ فِي قَبْضِ الْأُجْرَةِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ، لَكِنْ يَبْقَى الْإِشْكَالُ الْمُشَارُ إلَيْهِ فِيمَا مَرَّ بِأَنَّ فِيهِ اتِّحَادَ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالْإِذْنِ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي الصَّرْفِ (قَوْلُهُ: وَيُصَدَّقُ الْمُسْتَأْجِرُ) هُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ كَانَتْ الْإِجَارَةُ مِنْ الْمَالِكِ. أَمَّا نَاظِرُ الْوَقْفِ إذَا وَقَعَ مِنْهُ مِثْلُ ذَلِكَ فَفِي تَصْدِيقِ الْمُسْتَأْجِرِ فِيمَا صَرَفَهُ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ لِأَنَّ تَصْدِيقَهُ لَيْسَ فِي مَمْلُوكٍ لَهُ بَلْ تَصْدِيقٌ عَلَى صَرْفِ مَالِ الْوَقْفِ وَقَدْ لَا يَكُونُ الْمُسْتَأْجِرُ فِيهِ صَادِقًا (قَوْلُهُ: وَهُنَا الْعِمَارَةُ مَوْجُودَةٌ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُوَكَّلُ فِيهِ نَحْوَ عِمَارَةٍ بِمَالٍ دَفَعَهُ إلَيْهِ وَاخْتَلَفَا بَعْدَ وُجُودِ عِمَارَةٍ بِالصِّفَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا صُدِّقَ الْوَكِيلُ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ صَرَفَ عَلَى أَيْدِيهِمْ كَذَا) أَيْ لِأَنْفُسِهِمْ. أَمَّا لَوْ شَهِدُوا بِأَنَّهُ اشْتَرَى الْآلَةَ الَّتِي بِهَا بِكَذَا وَكَانُوا عُدُولًا وَشَهِدَ بَعْضُهُمْ لِغَيْرِهِ بِأَنَّهُ دَفَعَ لَهُ كَذَا عَنْ أُجْرَتِهِ لَمْ يَمْتَنِعْ. أَوْ قَالُوا نَشْهَدُ بِأَنَّهُ صَرَفَ عَلَى عِمَارَةِ الْمَحَلِّ كَذَا وَلَمْ يُضِيفُوا ذَلِكَ لِأَنْفُسِهِمْ فَيَقْبَلُ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمْ مَا لَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي أَنَّهُمْ يَعْنُونَ أَنْفُسَهُمْ (قَوْلُهُ: يَعْلَمُ عَادَةً) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَتَبَرُّعِ الْمُسْتَأْجِرِ بِهِ) أَيْ بِصَرْفِهِ بِمَعْنَى عَمَلِهِ (قَوْلُهُ: اتِّحَادُ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ) أَيْ: الْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَأَنَّهُ أُقْبَضَ الْمُؤَجِّرَ ثُمَّ قَبَضَ مِنْهُ لِلصَّرْفِ هَكَذَا ظَهَرَ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَيْدِيهِمْ) الْمُرَادُ عَلَى عَمَلِهِمْ وَمِنْ ثَمَّ عَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُمْ وُكَلَاؤُهُ أَيْ فَهِيَ شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ أَنْفُسِهِمْ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدُوا بِأَنَّهُ صَرْفُ كَذَا فَإِنَّهَا تُقْبَلُ إلَّا إنْ عَلِمَ الْحَاكِمُ أَنَّهُمْ يَعْنُونَ أَنْفُسَهُمْ قَالَهُ الزِّيَادِيُّ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ شَرَطَ احْتِسَابَ مُدَّةِ التَّعْطِيلِ مِنْ الْإِجَارَةِ) اُنْظُرْ مَا مَفْهُومَ هَذَا الشَّرْطِ، وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ: لَوْ أَجَرَ

فَسَدَتْ وَإِلَّا فَفِيهَا وَفِيمَا بَعْدَهَا (وَلَا) الْإِيجَارُ (لِيَسْلَخَ) شَاةً مَذْبُوحَةً (بِالْجِلْدِ وَيَطْحَنَ) بُرًّا (بِبَعْضِ الدَّقِيقِ أَوْ النُّخَالَةِ) الَّتِي تَخْرُجُ مِنْهُ لِلْجَهْلِ بِثَخَانَةِ الْجِلْدِ وَرِقَّتِهِ وَنُعُومَةِ الدَّقِيقِ وَخُشُونَتِهِ لِانْتِفَاءِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمَا حَالًا وَلِنَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قَفِيزِ الطَّحَّانِ، وَفُسِّرَ بِأَنْ يَجْعَلَ أُجْرَةَ الطَّحْنِ لِحَبٍّ مَعْلُومٍ قَفِيزًا مَطْحُونًا. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَمِنْهُ مَا يَقَعُ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ مِنْ جَعْلِ أُجْرَةِ الْجَابِي الْعُشْرَ مِمَّا يَسْتَخْرِجُهُ. قَالَ: فَإِنْ قِيلَ لَك نَظِيرَ الْعُشْرَ لَمْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ أَيْضًا، وَفِي صِحَّتِهِ جَعَالَةً نَظَرٌ، وَالْأَوْجَهُ فِيهَا الْبُطْلَانُ لِلْجَهْلِ بِالْجُعْلِ. (وَلَوْ) (اسْتَأْجَرَهَا) أَيْ امْرَأَةً مَثَلًا (لِتُرْضِعَ رَقِيقًا) لَهُ أَيْ حِصَّتُهُ الْبَاقِيَةُ بَعْدَ مَا جَعَلَهُ مِنْهُ أُجْرَةَ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ (بِبَعْضِهِ) الْمُعَيَّنِ كَسُدُسِهِ (فِي الْحَالِ جَازَ عَلَى الصَّحِيحِ) لِلْعِلْمِ بِالْأُجْرَةِ وَلَا أَثَرَ لِوُقُوعِ الْعَمَلِ الْمُكْتَرَى لَهُ فِي مِلْكِ غَيْرِ الْمُكْتَرِي لِوُقُوعِهِ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ، كَمَا لَوْ سَاقَى شَرِيكَهُ وَشَرَطَ لَهُ زِيَادَةً مِنْ الثَّمَرِ وَانْتَصَرَ لِلْمُقَابِلِ بِمَا يَرُدُّهُ مَا مَرَّ مِنْ التَّفْصِيلِ، وَمِنْ ثَمَّ اخْتَارَ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ إنْ اسْتَأْجَرَهَا عَلَى الْكُلِّ أَوْ أَطْلَقَ وَلَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ حِصَّتُهُ فَقَطْ اُمْتُنِعَ، وَهُوَ مُرَادُ النَّصِّ لِوُقُوعِ الْعَمَلِ فِي مِلْكِ غَيْرِ الْمُكْتَرِي قَصْدًا أَوْ عَلَى حِصَّةِ الْمُسْتَأْجِرِ فَقَطْ جَازَ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ إطْلَاقُ الصِّحَّةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ فِي الْحَالِ عَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا بِبَعْضِهِ بَعْدَ الْفِطَامِ مَثَلًا فَلَا يَصِحُّ قَطْعًا لِمَا مَرَّ أَنَّ الْأُجْرَةَ الْمُعَيَّنَةَ لَا تُؤَجَّلُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بَلْ طَرَأَ مَا يُوجِبُ تَعَطُّلَهَا عُدِمَ الِانْفِسَاخُ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي فِيمَا لَوْ غُصِبَتْ الدَّابَّةُ الْمُسْتَأْجَرَةُ مِنْ ثُبُوتِ الْخِيَارِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ شَرَطَ إلَخْ) أَيْ مِنْ جَانِبِ الْمُؤَجِّرِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَفِيهَا) أَيْ فَيَبْطُلُ فِيهَا إلَخْ، وَطَرِيقُهُمْ لِلصِّحَّةِ تَجْدِيدُ الْعَقْدِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ (قَوْلُهُ: لِيَسْلَخَ) مِنْ بَابِ قَطَعَ وَدَخَلَ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَيَطْحَنُ بُرًّا بِبَعْضِ الدَّقِيقِ) خَرَجَ بِالدَّقِيقِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ بِبَعْضِ الْبُرِّ لِيَطْحَنَ بَاقِيَهُ فَلَا يَمْتَنِعُ. وَعِبَارَةُ حَجّ: وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقُولَ لِتَطْحَنَ الْكُلَّ بِقَفِيزٍ مِنْهُ أَوْ يُطْلِقُ، فَإِنْ قَالَ اسْتَأْجَرْتُك بِقَفِيزٍ مِنْ هَذَا لِتَطْحَنَ مَا عَدَاهُ صَحَّ، فَضَابِطُ مَا يَبْطُلُ أَنْ يَجْعَلَ الْأُجْرَةَ شَيْئًا تَحَصَّلَ بِعَمَلِ الْأَجِيرِ اهـ. وَقِيَاسُ مَا مَرَّ لِلشَّارِحِ فِيمَا لَوْ سَاقَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ شَرِيكَهُ وَمَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ امْرَأَةً لِإِرْضَاعِ رَقِيقٍ بِبَعْضِهِ فَيَصِحُّ سَوَاءٌ قَالَ لِتَطْحَنَ بَاقِيَهُ أَوْ كُلَّهُ الْآنَ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِيهِ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ النُّخَالَةِ) أَيْ ابْتِدَاءُ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ فِيهَا الْبُطْلَانُ) خِلَافًا لحج أَيْ وَيَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: أَيْ امْرَأَةً مَثَلًا) أَيْ أَوْ ذَكَرًا أَوْ صَغِيرًا سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لِتُرْضِعَ رَقِيقًا) أَيْ مَثَلًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: الْمَذْكُورِ) هُوَ بِالْجَرِّ نَعْتٌ لِمَا. (قَوْلُهُ: وَانْتَصَرَ لِلْمُقَابِلِ بِمَا يَرُدُّهُ مَا مَرَّ) يُتَأَمَّلُ وَأَنَّ مَا مَرَّ فِي الْمُسَاقَاةِ لَيْسَ فِيهِ مَا يُرَدُّ مَا ذُكِرَ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِيهِ الصِّحَّةُ وَإِنْ قَالَ سَاقَيْتُك عَلَى جَمِيعِ هَذِهِ الْحَدِيقَةِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ إطْلَاقُ الصِّحَّةِ) أَيْ هُنَا وَفِي الْمُسَاقَاةِ، وَمِثْلُهُ فِي الصِّحَّةِ اسْتِئْجَارُهُ لِطَحْنِ هَذِهِ الْوَيْبَةِ بِرُبُعِهَا فِي الْحَالِ، وَلَا يَضُرُّ وُقُوعُ الْعَمَلِ فِي الْمُشْتَرَكِ كَمَا فِي مُسَاقَاةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ الْآخَرَ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُ سم وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ: أَيْ حَالَ كَوْنِهِ حَبًّا، وَمَا ذَكَرَهُ يُفْهِمُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَانُوتًا خَرَابًا عَلَى أَنْ يُعَمِّرَهُ مِنْ مَالِهِ وَيُحْسَبُ مِنْ الْأُجْرَةِ أَوْ حَمَّامًا عَلَى أَنَّ مُدَّةَ تَعَطُّلِهِ مَحْسُوبَةٌ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِمَعْنَى انْحِصَارِ الْأُجْرَةِ فِي الْبَاقِي، أَوْ عَلَى الْمُؤَجِّرِ بِمَعْنَى اسْتِيفَاءِ مِثْلِهَا بَعْدَ الْمُدَّةِ فَسَدَتْ لِجَهْلِ نِهَايَةِ الْمُدَّةِ؛ فَإِنْ عُلِمَتْ بِعَادَةٍ أَوْ تَقْدِيرٍ كَتَعَطُّلِ شَهْرِ كَذَا لِلْعِمَارَةِ بَطَلَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَمَا بَعْدَهَا وَصَحَّ فِيمَا اتَّصَلَ بِالْعَقْدِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ وَمِنْهُ مَا يَقَعُ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ إلَخْ) تُرَاجَعُ عِبَارَةُ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ حِصَّتِهِ الْبَاقِيَةِ) تَبِعَ فِي هَذَا الْحَلِّ الشِّهَابَ ابْنَ حَجَرٍ الْمُخْتَارَ لِهَذَا التَّفْصِيلِ لَكِنَّهُ هُوَ يَخْتَارُ فِيمَا يَأْتِي الْإِطْلَاقَ فَكَانَ الْأَصْوَبُ حَذْفَ هَذَا التَّفْسِيرِ. (قَوْلُهُ: بِمَا يَرُدُّهُ مَا مَرَّ مِنْ التَّفْصِيلِ)

وَلِلْجَهْلِ بِهَا إذْ ذَاكَ، وَخَرَجَ بِنَحْوِ الْمَرْأَةِ اسْتِئْجَارُ شَاةٍ مَثَلًا لِإِرْضَاعِ طِفْلٍ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: أَوْ سَخْلَةٍ فَلَا يَصِحُّ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ مَعَ عَدَمِ قُدْرَةِ الْمُؤَجِّرِ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَنْفَعَةِ كَالِاسْتِئْجَارِ لِضِرَابِ الْفَحْلِ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ لِإِرْضَاعِ سَخْلَةٍ. (وَ) يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا أَيْضًا (كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ) مَعْلُومَةً كَمَا يَأْتِي (مُتَقَوِّمَةً) أَيْ لَهَا قِيمَةٌ لِيَحْسُنَ بَذْلُ الْمَالِ فِي مُقَابِلَتِهَا وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً أَوْ خَسِيسَةً كَانَ بَذْلُ الْمَالِ فِي مُقَابَلَتِهَا سَفَهًا، وَكَوْنُهَا وَاقِعَةً لِلْمُكْتَرِي وَكَوْنُ الْعَقْدِ عَلَيْهَا غَيْرَ مُتَضَمِّنٍ لِاسْتِيفَاءِ عَيْنٍ قَصْدًا كَاسْتِئْجَارِ بُسْتَانٍ لِثَمَرَتِهِ بِخِلَافِ نَحْوِ طِفْلٍ لِإِرْضَاعِهِ، وَكَوْنُهَا تُسْتَوْفَى مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ، وَكَوْنُهَا مُبَاحَةً مَمْلُوكَةً مَقْصُودَةً لَا كَتُفَّاحَةٍ لِلشَّمِّ فَإِنْ كَثُرَ التُّفَّاحُ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ لِأَنَّ مِنْهُ مَا هُوَ أَطْيَبُ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الرَّيَاحِينِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَإِنْ نَازَعَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ، وَكَوْنُهَا تُضْمَنُ بِالْبَدَلِ لَا كَكَلْبٍ وَتُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ لَا كَبُضْعٍ وَأَكْثَرُ هَذِهِ الْقُيُودِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ كَلَامِهِ (فَلَا يَصِحُّ) (اسْتِئْجَارُ بَيَّاعٍ عَلَى كَلِمَةٍ) وَمُعَلِّمٍ عَلَى حُرُوفٍ مِنْ قُرْآنٍ أَوْ غَيْرِهِ (لَا تُتْعِبُ) قَائِلَهَا عَادَةً فِيمَا يَظْهَرُ (وَإِنْ رُوِّجَتْ السِّلْعَةُ) إذْ لَا قِيمَةَ لَهَا، فَلَوْ اسْتَأْجَرَ عَلَيْهَا مَعَ انْتِفَاءِ التَّعَبِ بِتَرَدُّدٍ أَوْ كَلَامٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِلَّا فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ أَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى مَا لَا تَعَبَ فِيهِ فَتَعَبُهُ غَيْرُ مَعْقُودٍ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُ الشَّارِحِ السَّابِقِ وَفُسِّرَ بِأَنْ تَجْعَلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: إذْ ذَاكَ) أَيْ وَقْتَ الْفِطَامِ (قَوْلُهُ: شَاةٍ مَثَلًا) أَيْ أَوْ قَنَاةٍ أَوْ بِئْرٍ لِلِانْتِفَاعِ بِمَائِهَا حَجّ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْحَاجَةِ) وَلِأَنَّهَا لَا تَنْقَادُ لِلْإِرْضَاعِ، بِخِلَافِ الْهِرَّةِ فَإِنَّهَا تَنْقَادُ بِطَبْعِهَا لِصَيْدِ الْفَأْرِ فَصَحَّ اسْتِئْجَارُهَا لَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَمِنْ طُرُقِ اسْتِحْقَاقِهِ أُجْرَةً لِلْهِرَّةِ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا لِعَدَمِ مَالِكٍ لَهَا وَيَتَعَهَّدُهَا بِالْحِفْظِ وَالتَّرْبِيَةِ فَيَمْلِكُهَا بِذَلِكَ كَالْوُحُوشِ الْمُبَاحَةِ حَيْثُ تَمَلُّكُهَا بِالِاصْطِيَادِ. (قَوْلُهُ: كَاسْتِئْجَارِ بُسْتَانٍ) أَيْ وَلَا اسْتِئْجَارَ أَرْضٍ لِنَحْوِ جُدْرَانِهَا وَيَأْخُذُ مَا فِيهَا مِنْ الْآلَاتِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ إنَّمَا تُسْتَحَقُّ بِهَا الْمَنْفَعَةُ لَا الْأَعْيَانُ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلْبِنَاءِ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ حَفَرَ لِلتَّوَصُّلِ لِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي اسْتَأْجَرَ لَهَا فَوَجَدَ فِي الْأَرْضِ أَحْجَارًا مَدْفُونَةً أَوْ أُصُولَ جُدْرَانٍ عَلَى مِلْكِ الْمُؤَجِّرِ إنْ كَانَتْ مِلْكًا وَلِجِهَةِ الْوَقْفِ إنْ كَانَتْ وَقْفًا فَعَلَيْهِ دَفْعُهَا لِلْمَالِكِ حَيْثُ لَمْ يَعْرِضْ عَنْهَا، وَمَعَ ذَلِكَ لَا تُمَلَّكُ إلَّا بِعَقْدٍ أَوْ لِنَاظِرِ الْوَقْفِ، فَإِنْ تَصَرَّفَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا ضَمِنَهَا ضَمَانَ الْغُصُوبِ، وَقَوْلُهُ لِثَمَرَتِهِ: أَيْ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَحْوِ طِفْلٍ) أَيْ بِخِلَافِ اسْتِئْجَارِ الْمَرْأَةِ لِإِرْضَاعِ نَحْوِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَازَعَهُ) أَيْ فِي صِحَّةِ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: مَعَ انْتِفَاءِ التَّعَبِ) أَيْ وَفِعْلُهَا مَعَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) أَيْ بِأَنْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى كَلِمَةٍ لَا تُتْعِبُ وَاحْتَاجَ فِي الْإِتْيَانِ بِهَا إلَى تَرَدُّدٍ. وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ رَجُلٍ دَفَعَ لِآخَرَ بَيْضًا يَخْدُمُهُ إلَى أَنْ يُفَرِّخَ وَقَالَ لَهُ لَك مِنْهُ كَذَا هَلْ ذَلِكَ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ إنْ اسْتَأْجَرَهُ بِبَعْضِهِ حَالًّا صَحَّ وَاسْتَحَقَّهُ شَائِعًا وَإِلَّا كَانَ إجَارَةً فَاسِدَةً فَالْمُفَرَّخُ لِلْمَالِكِ وَعَلَيْهِ لِلْمَقُولِ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِ عَمَلِهِ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الِاسْتِئْجَارِ لِإِرْضَاعِ الرَّقِيقِ الْمَذْكُورَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ـــــــــــــــــــــــــــــQهُوَ تَابِعٌ فِيهِ أَيْضًا لِلشِّهَابِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا مَرَّ لَهُ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَكَوْنُهَا وَاقِعَةً لِلْمُكْتَرِي) أَيْ: أَوْ مُوَكِّلِهِ أَوْ مُوَلِّيهِ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ الْعِبَادَةُ الَّتِي لَا تَقْبَلُ النِّيَابَةَ كَالصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَحْوِ طِفْلٍ) صَوَابُهُ بِخِلَافِ اسْتِئْجَارِهَا لِارْتِضَاعِ نَحْوِ طِفْلٍ (قَوْلُهُ: وَكَوْنُهَا مُبَاحَةً) قَدْ يُقَالُ هَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ مُتَقَوِّمَةً وَمِنْ ثَمَّ أَخْرَجَ هُوَ بِهَا الْمُحَرَّمَةَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: مَعَ انْتِقَاءِ التَّعَبِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الظَّرْفَ لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهِ مَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِهِ إلَّا لَفْظُ اسْتِئْجَارٍ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمَعْنَى: لَوْ اسْتَأْجَرَ، وَالْحَالُ أَنَّ التَّعَبَ مُنْتَفٍ: أَيْ بِأَنْ كَانَ ذَلِكَ مَعْلُومًا وَقْتَ الْإِيجَارِ، وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ وَإِلَّا: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِ التَّعَبُ بَلْ كَانَ مَوْجُودًا: أَيْ مَعْلُومًا عِنْدَ الْإِيجَارِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ تَعَلُّقِ الظَّرْفِ بِاسْتِئْجَارٍ، وَحِينَئِذٍ فَيُشْكِلُ؛ لِأَنَّ التَّعَبَ إذَا كَانَ مَعْلُومًا فَهُوَ صُورَةُ الصِّحَّةِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَحَيْثُ لَمْ يَصِحَّ فَإِنْ تَعِبَ بِكَثْرَةِ تَرَدُّدٍ أَوْ كَلَامٍ فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلٍ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَتْ. فَجَعَلَ التَّعَبَ أَمْرًا عَارِضًا، وَالصُّورَةُ

فَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا بِهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ لَا يَتِمُّ عَادَةً إلَّا بِذَلِكَ. فَكَانَ كَالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَا كَانَ مُسْتَقِرَّ الْقِيمَةِ، وَمَا لَمْ يَسْتَقِرَّ خِلَافًا لِمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ عَلَى مَا فِيهِ تَعَبٌ. أَمَّا مَا يَحْصُلُ فِيهِ تَعَبٌ مِنْ الْكَلِمَاتِ كَمَا فِي بَيْعِ الدُّورِ وَالرَّقِيقِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يَخْتَلِفُ ثَمَنُهُ بِاخْتِلَافِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَيَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ. وَفِي الْإِحْيَاءِ امْتِنَاعُ أَخْذِ طَبِيبٍ أُجْرَةٍ عَلَى كَلِمَةٍ بِدَوَاءٍ يَنْفَرِدُ بِهِ لِانْتِفَاءِ الْمَشَقَّةِ، بِخِلَافِ مَا هُوَ عُرْفُ إزَالَةِ اعْوِجَاجِ نَحْوِ سَيْفٍ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَشَقَّةٌ، إذْ هَذِهِ الصِّنَاعَاتُ يَتْعَبُ فِي تَعَلُّمِهَا لِيَكْتَسِبَ بِهَا وَيُخَفِّفَ عَنْ نَفْسِهِ التَّعَبَ، وَخَالَفَهُ الْبَغَوِيّ فِي هَذِهِ، وَرَجَّحَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَوَّلَ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ (وَكَذَا دَرَاهِمُ وَدَنَانِيرُ لِلتَّزْيِينِ) أَوْ الْوَزْنِ بِهَا أَوْ الضَّرْبِ عَلَى سِكَّتِهَا (وَ) نَحْوِ (كَلْبٍ لِلصَّيْدِ) أَوْ الْحِرَاسَةِ بِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ مَنْفَعَةَ التَّزَيُّنِ بِهِمَا غَيْرُ مَقْصُودَةٍ غَالِبًا بِدَلِيلِ عَدَمِ ضَمَانِ غَاصِبِهِمَا أُجْرَتَهُمَا وَنَحْوُ الْكَلْبِ لَا قِيمَةَ لِعَيْنِهِ وَلَا لِمَنْفَعَتِهِ، وَالثَّانِي يُنَازِعُ فِي ذَلِكَ. أَمَّا إذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالتَّزْيِينِ أَوْ لَمْ يَكُنْ الْكَلْبُ مُعَلَّمًا فَلَا تَصِحُّ جَزْمًا، وَخَرَجَ بِالْكَلْبِ الْخِنْزِيرُ فَلَا تَصِحُّ إجَارَتُهُ جَزْمًا وَالْمُتَوَلِّدُ مِنْهُمَا كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ. وَخَرَجَ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الْحُلِيُّ فَتَجُوزُ إجَارَتُهُ حَتَّى بِمِثْلِهِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَيُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِي الزَّكَاةِ عَدَمُ صِحَّةِ إجَارَةِ دَنَانِيرَ مَثْقُوبَةٍ غَيْرِ مُعَارَةٍ لِلتَّزَيُّنِ بِهَا، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ شَجَرَةً لِلِاسْتِظْلَالِ بِظِلِّهَا أَوْ الرَّبْطِ بِهَا أَوْ طَائِرًا لِلْأُنْسِ بِصَوْتِهِ كَالْعَنْدَلِيبِ أَوْ لَوْنِهِ كَالطَّاوُوسِ صَحَّ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ الْمَذْكُورَةَ مَقْصُودَةٌ مُتَقَوِّمَةٌ. وَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُ هِرٍّ لِدَفْعِ الْفَأْرِ. وَشَبَكَةٍ وَبَازٍ وَشَاهِينَ لِصَيْدٍ لِأَنَّ مَنَافِعَهَا مُتَقَوِّمَةٌ. (وَكَوْنُ الْمُؤَجِّرِ قَادِرًا عَلَى تَسْلِيمِهَا) بِتَسْلِيمِ مَحَلِّهَا حِسًّا وَشَرْعًا لِيَتَمَكَّنَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْهَا، وَالْقُدْرَةُ عَلَى ذَلِكَ تَشْمَلُ مِلْكَ الْأَصْلِ وَمِلْكَ الْمَنْفَعَةِ فَدَخَلَ الْمُسْتَأْجِرُ فَلَهُ إيجَارُ مَا اسْتَأْجَرَهُ وَالْمُقَطِّعِ لَهُ إجَارَةُ مَا أَقْطَعَهُ لَهُ الْإِمَامُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: خِلَافًا لِمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى) حَيْثُ قَالَ: مَحَلُّ عَدَمِ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ عَلَى كَلِمَةِ لَا تُتْعِبُ إذَا كَانَ الْمُنَادَى عَلَيْهِ مُسْتَقِرَّ الْقِيمَةِ اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ) وَكَأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا جَهَالَةَ الْعَمَلِ هُنَا لِلْحَاجَةِ فَإِنَّهُ لَا يَعْلَمُ مِقْدَارَ الْكَلِمَاتِ الَّتِي يَأْتِي بِهَا، وَلَا مِقْدَارَ الزَّمَانِ الَّذِي يَصْرِفُ فِيهِ التَّرَدُّدَ لِلنِّدَاءِ، وَلَا الْأَمْكِنَةَ الَّتِي يَتَرَدَّدُ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الْمَشَقَّةِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ صِحَّةُ الْإِجَارَةِ عَلَى إبْطَالِ السِّحْرِ، لِأَنَّ فَاعِلَهُ يَحْصُلُ لَهُ مَشَقَّةٌ بِالْكِتَابَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ اسْتِعْمَالِ الْبَخُورِ وَتِلَاوَةِ الْأَقْسَامِ الَّتِي جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِاسْتِعْمَالِهَا. وَمِنْهُ إزَالَةُ مَا يَحْصُلُ لِلزَّوْجِ مِنْ الِانْحِلَالِ الْمُسَمَّى عِنْدَ الْعَامَّةِ بِالرِّبَاطِ، وَالْأُجْرَةُ عَلَى مَنْ الْتَزَمَ الْعِوَضَ وَلَوْ أَجْنَبِيًّا حَتَّى لَوْ كَانَ الْمَانِعُ مِنْ الزَّوْجِ وَالْتَزَمَتْ الْمَرْأَةُ وَأَهْلُهَا الْعِوَضَ لَزِمَتْ الْأُجْرَةُ مِنْ الْتِزَامِهَا وَكَذَا عَكْسُهُ، وَلَا يَلْزَمُ مَنْ قَامَ الْمَانِعَ بِهِ الِاسْتِئْجَارُ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْمُدَاوَاةِ وَهِيَ غَيْرُ لَازِمَةٍ لِلْمَرِيضِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ، ثُمَّ إنْ وَقَعَ إيجَارٌ صَحِيحٌ بِعَقْدٍ لَزِمَ الْمُسَمَّى وَإِلَّا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَلَا يُنَافِي قَوْلُنَا أَوَّلًا وَلَوْ أَجْنَبِيًّا قَوْلَ الشَّارِحِ وَكَوْنُهَا وَاقِعَةً عَلَى الْمُكْتَرِي لِجَوَازِ أَنَّ مَا هُنَا مِنْ الْجَعَالَةِ لَا مِنْ الْإِجَارَةِ، وَقَدْ صَرَّحُوا فِيهَا بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ شَخْصٌ مَنْ رَدَّ عَبْدَ زَيْدٍ فَلَهُ كَذَا فَلُزُومُ الْجَعْلِ لِلْمُلْتَزِمِ عَلَى رَدِّ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ) أَيْ فِي ضَرْبَةِ السَّيْفِ (قَوْلُهُ الْأَوَّلَ) أَيْ الصِّحَّةَ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ لَا تَصِحُّ إجَارَتُهُ جَزْمًا (قَوْلُهُ: حَتَّى بِمِثْلِهِ مِنْ ذَهَبٍ) أَيْ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ الْمَنْفَعَةُ فَلَا رِبَا فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ فِي بَيْعِ النَّقْدِ بِمِثْلِهِ (قَوْلُهُ: لِلتَّزَيُّنِ بِهَا) أَيْ لِحُرْمَةِ اسْتِعْمَالِهَا (قَوْلُهُ: كَالْعَنْدَلِيبِ) بِوَزْنِ الزَّنْجَبِيلِ طَائِرٌ يُقَالُ لَهُ الْهَزَارُ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَجَمْعُهُ عَنَادِلُ اهـ مُخْتَارُ الصِّحَاحِ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ إيجَارُ مَا اسْتَأْجَرَهُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ بِمِلْكِ الْمَنْفَعَةِ وَلَا يَحْجُرُ عَلَى الشَّخْصِ فِي مِلْكِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّ الْكَلِمَةَ مِنْ شَأْنِهَا لَا تُتْعِبُ، فَلَعَلَّ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ غَيْرُ مُرَادٍ لَهُ (قَوْلُهُ: مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ لَا يَتِمُّ عَادَةً إلَّا بِذَلِكَ) قَدْ يُقَالُ هَذَا لَا يَرُدُّ بَحْثَ الْأَذْرَعِيِّ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْإِجَارَةَ عَلَى مَا مِنْ شَأْنِهِ عَدَمُ التَّعَبِ وَمَا الْعَادَةُ فِيهِ عَدَمُ التَّعَبِ

لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِمَنْفَعَتِهِ وَإِنْ خَالَفَهُ الْفَزَارِيّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ عُلَمَاءِ عَصْرِهِ وَأَفْتَوْا بِالْبُطْلَانِ فَإِنَّ الْمُقْطَعَ لَمْ يَمْلِكْ الْمَنْفَعَةَ وَإِنَّمَا أُبِيحَ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا كَالْمُسْتَعِيرِ، وَفَصَلَ الزَّرْكَشِيُّ بَيْنَ أَنْ يَأْذَنَ الْإِمَامُ لَهُ فِي الْإِيجَارِ، أَوْ يَجْرِيَ بِهِ عُرْفٌ عَامٌّ، كَدِيَارِ مِصْرَ فَتَصِحُّ وَإِلَّا فَتُمْتَنَعُ اهـ. وَيُمْكِنُ أَنْ يَجْمَعَ بِذَلِكَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ، وَتُوَجَّهُ الصِّحَّةُ مَعَ عَدَمِ مِلْكِهِ الْمَنْفَعَةَ بِأَنَّ اطِّرَادَ الْعُرْفِ بِذَلِكَ نَزَّلَهُ مَنْزِلَةَ إذْنِ الْإِمَامِ (فَلَا يَصِحُّ) (اسْتِئْجَارُ) مَنْ نَذَرَ عِتْقَهُ، أَوْ شَرَطَ فِي بَيْعِهِ، وَلَا اسْتِئْجَارُ (آبِقٍ وَمَغْصُوبٍ) لِغَيْرِ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ، وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى انْتِزَاعِهِ عَقِبَ الْعَقْدِ: أَيْ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي التَّفْرِيغِ مِنْ نَحْوِ الْأَمْتِعَةِ وَذَلِكَ كَبَيْعِهِمَا. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ قُدْرَةَ الْمُؤَجِّرِ عَلَى الِانْتِزَاعِ كَذَلِكَ كَافِيَةٌ، وَأَلْحَقَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ بِذَلِكَ مَا لَوْ تَبَيَّنَ أَنَّ الدَّارَ مَسْكَنُ الْجِنِّ وَأَنَّهُمْ يُؤْذُونَ السَّاكِنَ بِرَجْمٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ تَعَذَّرَ دَفْعُهُمْ، وَعَلَيْهِ فَطُرُوُّ ذَلِكَ بَعْدَ الْإِجَارَةِ كَطُرُوِّ الْغَصْبِ بَعْدَهَا (وَ) لَا اسْتِئْجَارَ (أَعْمَى لِلْحِفْظِ) بِالنَّظَرِ وَأَخْرَسَ لِلتَّعْلِيمِ إجَارَةَ عَيْنٍ لِاسْتِحَالَتِهِ، بِخِلَافِ الْحِفْظِ بِنَحْوِ يَدٍ وَإِجَارَةَ الذِّمَّةِ مُطْلَقًا لِأَنَّهَا سَلَمٌ وَعَلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ تَحْصِيلُ الْمُسَلِّمِ فِيهِ بِأَيِّ طَرِيقٍ كَانَ. (وَ) لَا اسْتِئْجَارَ (أَرْضٍ لِلزِّرَاعَةِ لَا مَاءَ لَهَا دَائِمٌ) أَيْ مُسْتَمِرٌّ (وَلَا يَكْفِيهَا الْمَطَرُ الْمُعْتَادُ) وَلَا مَا فِي مَعْنَاهُ كَثَلْجٍ أَوْ نَدَاوَةٍ، وَلَا تُسْقَى بِمَاءٍ غَالِبِ الْحُصُولِ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ، وَمُجَرَّدُ الْإِمْكَانِ غَيْرُ كَافٍ كَإِمْكَانِ عَوْدِ الْآبِقِ وَنَحْوِهِ، وَلَوْ قَالَ الْمُؤَجِّرُ أَحْفِرُ لَك بِئْرًا: أَيْ وَلَوْ قَبْلَ الْعَقْدِ فِيمَا يَظْهَرُ وَأَسْقِي أَرْضَك مِنْهَا، أَوْ أَسُوقُ الْمَاءَ إلَيْهَا مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ: أَيْ إنْ كَانَ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ مِنْ وَقْتِ الِانْتِفَاعِ بِهَا لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ، إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ يُتَخَيَّرُ عِنْدَ عَدَمِ وَفَائِهِ لَهُ بِذَلِكَ فِي فَسْخِ الْعَقْدِ، وَخَرَجَ بِالزِّرَاعَةِ مَا لَوْ عَمَّ كَاسْتِئْجَارِهَا لِمَا شَاءَ أَوْ لِغَيْرِ الزِّرَاعَةِ فَيَصِحُّ (وَيَجُوزُ) إيجَارُهَا (إنْ كَانَ لَهَا مَاءٌ دَائِمٌ) مِنْ نَحْوِ نَهْرٍ أَوْ عَيْنٍ لِسُهُولَةِ الزِّرَاعَةِ حِينَئِذٍ، وَيَدْخُلُ شُرْبُهَا إنْ اُعْتِيدَ دُخُولُهُ أَوْ شُرِطَ وَإِلَّا فَلَا لِعَدَمِ شُمُولِ اللَّفْظِ لَهُ، وَمَعَ دُخُولِهِ لَا يَمْلِكُ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَاءَ بَلْ يَسْقِي بِهِ عَلَى مِلْكِ الْمُؤَجِّرِ كَمَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ، وَبَحَثَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّ اسْتِئْجَارَ الْحَمَّامِ كَاسْتِئْجَارِ الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ (وَكَذَا) يَجُوزُ إيجَارُهَا (إنْ كَفَاهَا الْمَطَرُ الْمُعْتَادُ أَوْ مَاءُ الثُّلُوجِ الْمُجْتَمَعَةِ) فِي نَحْوِ جَبَلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِمَنْفَعَتِهِ) وَإِنْ جَازَ لِلسُّلْطَانِ الِاسْتِرْدَادُ اهـ حَجّ: أَيْ حَيْثُ كَانَ أَقْطَعَ إرْفَاقًا، أَمَّا إقْطَاعُ التَّمْلِيكِ يَمْتَنِعُ عَلَى الْإِمَامِ الرُّجُوعُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ كَبَيْعِهِمَا) التَّشْبِيهُ فِي أَصْلِ الْحُكْمِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ثَمَّ كَوْنُ الْقُدْرَةِ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ بَلْ الشَّرْطُ أَنْ يَقْدِرَ بِلَا مُؤْنَةٍ أَوْ كُلْفَةٍ لَهَا وَقَعَ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَلْحَقَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ بِذَلِكَ) أَيْ بِالْآبِقِ وَالْمَغْصُوبِ (قَوْلُهُ إنْ تَعَذَّرَ دَفْعُهُمْ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَعَذَّرْ دَفْعُهُمْ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ، وَمِنْهُ مَا لَوْ أَمْكَنَ دَفْعُهُمْ بِكِتَابَةٍ أَوْ نَحْوِهَا كَتِلَاوَةِ قَسَمٍ وَالْأُجْرَةُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ حَيْثُ أَجَازَ الْإِجَارَةَ (قَوْلُهُ: كَطُرُوِّ الْغَصْبِ بَعْدَهَا) أَيْ فَلَا تَنْفَسِخُ بِهِ الْإِجَارَةُ وَيَثْبُتُ لِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ، فَإِنْ غَصَبَ بِغَيْرِ انْتِفَاعٍ بِهَا لِتَعَذُّرِهِ انْفَسَخَتْ فِيهَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: يُؤْذُونَ السَّاكِنَ بِرَجْمٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَكُنْ الدَّارُ مَعِدَةً لِلسُّكْنَى بَلْ لِخَزِينِ أَمْتِعَةٍ كَتِبْنٍ وَنَحْوِهِ صَحَّ اسْتِئْجَارُهَا لِذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبِلَ) أَيْ الْقَوْلَ (قَوْلُهُ: إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ) أَوْ يَفْعَلُ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ فِي تَمَلُّكِ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ لَا يَمْلِكُ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَاءَ) أَيْ فَلَوْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ عَنْ السَّقْيِ كَانَ لِلْمُؤَجِّرِ لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ (قَوْلُهُ: كَاسْتِئْجَارِ الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَاءٌ مُعْتَادًا وَيَغْلِبُ حُصُولُهُ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ أَنْ يَجْمَعَ بِذَلِكَ إلَخْ) سَيَأْتِي أَنَّ الرَّاجِحَ صِحَّةُ إيجَارِهِ مُطْلَقًا، وَالْكَلَامُ فِي إقْطَاعِ الْأَوْقَافِ، أَمَّا إقْطَاعُ التَّمْلِيكِ فَيَصِحُّ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: مَنْ نَذَرَ عِتْقَهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ تَنْقَضِي قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الْعِتْقِ بِأَنْ كَانَ مُعَلَّقًا عَلَى شَيْءٍ كَقُدُومِ غَائِبٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَيْ مُسْتَمِرٌّ) دَفَعَ بِهِ إيهَامَ أَنَّ

(وَالْغَالِبُ حُصُولُهَا فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْغَالِبَ حُصُولُ الْغَالِبِ، وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ لِعَدَمِ الْوُثُوقِ بِحُصُولِ مَا ذُكِرَ، وَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُ أَرَاضِيِ مِصْرٍ لِلزِّرَاعَةِ بَعْدَ رِيِّهَا بِالزِّيَادَةِ وَإِنْ لَمْ يَنْحَسِرْ عَنْهَا الْمَاءُ حَيْثُ رُجِيَ انْحِسَارُهُ فِي وَقْتِهِ عَادَةً وَقَبْلَهُ إنْ كَانَ رَيُّهَا مِنْ الزِّيَادَةِ الْغَالِبَةِ، وَيُعْتَبَرُ فِي كُلِّ زَمَنٍ بِمَا يُنَاسِبُهُ، وَالتَّمْثِيلُ بَخَمْسَةَ عَشَرَ أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ الزَّمَنِ، وَلَوْ أَجَّرَهَا مَقِيلًا وَمُرَاحًا وَلِلزِّرَاعَةِ لَمْ تَصِحَّ مَا لَمْ يُبَيِّنْ عَيْنَ مَا لِكُلٍّ، وَيُتَّجَهُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا قَصَدَ تَوْزِيعَ أُجْرَةِ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ عَلَى الْمَنَافِعِ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهَا، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْقَفَّالُ: لَوْ أَجَّرَهُ لِيَزْرَعَ النِّصْفَ وَيَغْرِسَ النِّصْفَ لَمْ يَصِحَّ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ عَيْنَ مَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا. (وَالِامْتِنَاعُ) لِلتَّسْلِيمِ (الشَّرْعِيِّ) لِتَسْلِيمِ الْمَنْفَعَةِ (كَالْحِسِّيِّ) فِي حُكْمِهِ (فَلَا يَصِحُّ) (اسْتِئْجَارٌ لِقَلْعٍ) أَوْ قَطْعٍ مَا مَنَعَ الشَّرْعُ قَطْعَهُ أَوْ قَلْعَهُ مِنْ نَحْوِ (سِنٍّ صَحِيحَةٍ) وَعُضْوٍ سَلِيمٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُ أَرَاضِيِ مِصْرَ) وَسَيَأْتِي أَنَّ هَذِهِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ اشْتِرَاطِ اتِّصَالِ الْمَنْفَعَةِ بِالْعَقْدِ (قَوْلُهُ: لِلزِّرَاعَةِ) لَوْ تَأَخَّرَ إدْرَاكُ الزَّرْعِ عَنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَلَا تَقْصِيرَ لَمْ يَجِبْ الْقَلْعُ قَبْلَ أَوَانِهِ وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ م ر. وَقَوْلُهُ وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ يُخَالِفُهُ قَوْلُ الرَّوْضِ وَإِنْ تَأَخَّرَ الْإِدْرَاكُ لِعُذْرِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ مَطَرٍ أَوْ أَكْلِ جَرَادٍ لِبَعْضِهِ: أَيْ كَرُءُوسِهِ فَنَبَتَ ثَانِيًا كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِهِ بَقِيَ بِالْأُجْرَةِ إلَى الْحَصَادِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِ م ر وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ عَلَى مَا لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ تُزْرَعُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَاسْتَأْجَرَهَا لِزِرَاعَةِ الْحَبِّ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي زَرْعِ الْبُرِّ وَنَحْوِهِ فَتَأَخَّرَ الْإِدْرَاكُ عَنْ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ فَلَا يُكَلَّفُ الْأُجْرَةَ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ فِي مِثْلِهِ بِتَبْقِيَةِ الزَّرْعِ إلَى وَقْتِ إدْرَاكِهِ وَإِنْ تَأَخَّرَ، وَحُمِلَ قَوْلُ الرَّوْضِ بَقِيَ بِالْأُجْرَةِ عَلَى مَا لَوْ قَدَّرَ مُدَّةً مَعْلُومَةً أَدْرَكَ الزَّرْعَ قَبْلَ فَرَاغِهَا فَيَلْزَمُ بِأُجْرَةِ مَا زَادَ عَلَى الْمُدَّةِ الْمُقَدَّرَةِ إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِانْتِفَاعٍ بِهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ بِزَرْعٍ آخَرَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَنْحَسِرْ) أَيْ الْمَاءُ (قَوْلُهُ: فِي وَقْتِهِ عَادَةً) أَيْ فَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْ الْوَقْتِ الْمُعْتَادِ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ (قَوْلُهُ: وَقَبْلَهُ) أَيْ الرَّيِّ، وَقَوْلُهُ وَالتَّمْثِيلُ بَخَمْسَةَ عَشَرَ: أَيْ ذِرَاعًا (قَوْلُهُ: وَيُتَّجَهُ تَقْيِيدُهُ) أَيْ عَدَمُ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: بِمَا إذَا قَصَدَ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا أُطْلِقَ لَمْ يَصِحَّ وَيَنْبَغِي أَنَّ حَالَةَ الْإِطْلَاقِ مَحْمُولَةٌ عَلَى تَوْزِيعِ الْأُجْرَةِ عَنْ الْمَنَافِعِ الثَّلَاثِ، وَيَخْرُجُ بِذَلِكَ مَا لَوْ قَصَدَ تَعْمِيمَ الِانْتِفَاعِ وَأَنَّ الْمَعْنَى آجَرْتُك هَذِهِ الْأَرْضَ لِتَنْتَفِعَ بِهَا مَا شِئْت، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمَنَافِعَ الثَّلَاثَ لِمُجَرَّدِ بَيَانِ مَا شَمِلَتْهُ الْمَنَافِعُ (قَوْلُهُ: لِيَزْرَعَ النِّصْفَ وَيَغْرِسَ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ أَجَّرَهُ لِيَزْرَعَ النِّصْفَ بُرًّا وَالنِّصْفَ شَعِيرًا هَلْ يَجِبُ أَنْ يُبَيِّنَ عَيْنَ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى قِيَاسِ مَا ذُكِرَ فِي الزَّرْعِ وَالْغِرَاسِ بِجَامِعِ اخْتِلَافِ الضَّرَرِ وَلِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ إبْدَالُ الشَّعِيرِ بِالْحِنْطَةِ، أَوْ يُفَرِّقُ بِاتِّحَادِ الْجِنْسِ هُنَا وَهُوَ الزَّرْعُ بِخِلَافِ الزَّرْعِ وَالْغِرَاسِ فَإِنَّهُمَا جِنْسَانِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَصَمَّمَ م ر عَلَى الْفَرْقِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْفَرْقِ. (قَوْلُهُ: كَالْحِسِّيِّ) أَيْ الَّذِي تَقَدَّمَ أَنَّهُ مَانِعٌ مِنْ الصِّحَّةِ فِي قَوْلِهِ وَكَوْنُ الْمُؤَجِّرِ قَادِرًا إلَخْ، وَهَذَا بِنَاءٌ مِنْهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقُدْرَةِ فِيمَا مَرَّ الْحِسِّيَّةُ وَلَوْ حَمَلَهَا عَلَى الْأَعَمِّ لَاسْتَغْنَى بِمَا مَرَّ عَنْ ذِكْرِ هَذِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ نَحْوِ سِنٍّ صَحِيحَةٍ) وَلَوْ اسْتَأْجَرَ مَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ وَفَعَلَ لَمْ يَسْتَحِقَّ أُجْرَةً لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِيمَا فَعَلَهُ شَرْعًا كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ لِصَدْعِ إنَاءٍ ذَهَبٍ فَإِنَّهُ لَا أُجْرَةَ لَهُ. نَعَمْ لَوْ جَهِلَ الْأَجِيرُ أَنَّهَا صَحِيحَةٌ فَيَنْبَغِي اسْتِحْقَاقُ الْأُجْرَةِ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ الْغَاصِبُ مَنْ يَذْبَحُ الشَّاةَ الْمَغْصُوبَةَ فَذَبَحَهَا جَاهِلًا فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَعَلَى هَذَا لَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْمُؤَجِّرُ ظَنَنْتهَا وَجِعَةً وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ بَلْ عَلِمْتهَا صَحِيحَةً فَالْأَقْرَبُ تَصْدِيقُ الْمُؤَجِّرِ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ، إذْ الْغَالِبُ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَقَعُ إلَّا عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُرَادَ بِالدَّائِمِ الرَّاكِدُ كَمَا عَبَّرُوا بِهِ فِي الطَّهَارَةِ (قَوْلُهُ: وَيُتَّجَهُ تَقْيِيدُهُ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِهِ وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ لَمْ يَظْهَرْ لِي (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ) هَذَا مِنْ تَعَلُّقِ مَا قَبْلَ التَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ، فَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهُ عَقِبَهُ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي التُّحْفَةِ

آدَمِيٍّ لِلْعَجْزِ عَنْهُ شَرْعًا. أَمَّا مَا يَجُوزُ شَرْعًا كَسِنٍّ وَجِعَةٍ فَيَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لِقَلْعِهَا إنْ صَعُبَ الْأَلَمُ وَقَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: إنَّ قَلْعَهَا يُزِيلُ الْأَلَمَ، وَلَوْ اسْتَحَقَّ قَلْعَهَا فِي قِصَاصٍ أَوْ فِي نَظِيرِ مَا يَأْتِي فِي السِّلْعَةِ فَكَذَلِكَ لِأَنَّ الِاسْتِئْجَارَ فِي الْقِصَاصِ وَاسْتِيفَاءِ الْحُدُودِ جَائِزٌ، وَفِي الْبَيَانِ أَنَّ الْأُجْرَةَ عَلَى الْمُقْتَصِّ مِنْهُ إذَا لَمْ يَنْصِبْ الْإِمَامُ جَلَّادًا يُقِيمُ الْحُدُودَ وَيَرْزُقُهُ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ، وَلَوْ كَانَ السِّنُّ صَحِيحًا وَلَكِنْ انْصَبَّ تَحْتَهُ مَادَّةٌ مِنْ نَزْلَةٍ وَنَحْوِهَا وَقَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ لَا تَزُولُ الْمَادَّةُ إلَّا بِقَلْعِهَا، فَالْأَشْبَهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ جَوَازُ الْقَلْعِ لِلضَّرُورَةِ، وَاسْتِشْكَالُهُ صِحَّتَهَا لِنَحْوِ الْفَصْدِ دُونَ كَلِمَةِ الْبَيَّاعِ رُدَّ بِأَنَّهُ فِي مَعْنَى إصْلَاحِ اعْوِجَاجِ السَّيْفِ بِنَحْوِ ضَرْبَةٍ لَا تُتْعِبُ بَلْ يَمْنَعُ دَعْوَى نَفْيِ التَّعَبِ لِأَنَّ تَمْيِيزَ الْعِرْقِ وَإِحْسَانَ ضَرْبِهِ لَا يَخْلُو عَنْ تَعَبٌ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِقَلْعِ وَجِعَةً فَبَرِئَتْ لَمْ تَنْفَسِخْ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ إبْدَالِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ، وَالْقَوْلُ بِانْفِسَاخِهَا مَبْنِيٌّ عَلَى مُقَابِلِهِ، فَإِنْ مَنَعَهُ مِنْ قَلْعِهَا وَلَمْ تَبْرَأْ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ وَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ وَمُضِيِّ مُدَّةِ إمْكَانِ الْعَمَلِ لَكِنَّهَا غَيْرُ مُسْتَقِرَّةٍ حَتَّى لَوْ سَقَطَتْ رَدَّ الْأُجْرَةَ كَمَنْ مَكَّنَتْ الزَّوْجَ فَلَمْ يَطَأْهَا ثُمَّ فَارَقَ، وَيُفَارِقُ ذَلِكَ مَا لَوْ حَبَسَ الدَّابَّةَ مُدَّةَ إمْكَانِ السَّيْرِ حَيْثُ تَسْتَقِرُّ الْأُجْرَةُ عَلَيْهِ لِتَلَفِ الْمَنَافِعِ تَحْتَ يَدِهِ، وَمَا تَقَرَّرَ هُنَا لَا يُنَافِي مَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ مِنْ اسْتِقْرَارِهَا، إذْ هُوَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا تَبَيَّنَ عَدَمُ تَدَارُكِ الْفِعْلِ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ وَمَا مَرَّ فِي إمْكَانِهِ (وَلَا) اسْتِئْجَارُ (حَائِضٌ) أَوْ نُفَسَاءَ مُسْلِمَةٍ (لِخِدْمَةِ مَسْجِدٍ) أَوْ تَعْلِيمِ قُرْآنٍ إجَارَةَ عَيْنٍ وَلَوْ مَعَ أَمْنِ التَّلْوِيثِ لِاقْتِضَاءِ الْخِدْمَةِ الْمُكْثَ وَهِيَ مَمْنُوعَةٌ، بِخِلَافِ الذِّمِّيَّةِ عَلَى مَا مَرَّ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَبِطُرُوِّ نَحْوِ الْحَيْضِ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ كَمَا يَأْتِي، ـــــــــــــــــــــــــــــSذَلِكَ (قَوْلُهُ: إنْ صَعُبَ) أَيْ قَوِيَ (قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ) أَيْ وَلَوْ صَحِيحَةً (قَوْلُهُ: لِلضَّرُورَةِ) أَيْ فَتَصِحُّ الْإِجَارَةُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: لَمْ تَنْفَسِخْ) أَيْ خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى جَوَازِ إبْدَالِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ) أَيْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ حَيْثُ سَاوَى مَا يُعَوَّضُ عَنْهُ نَفْسًا وَاحِدَةً أَوْ زَادَ حَيْثُ رَضِيَ الْأَجِيرُ أَوْ نَقَصَ حَيْثُ رَضِيَ الْمُسْتَأْجِرُ (قَوْلُهُ يُجْبَرُ عَلَيْهِ) أَيْ الْقَلْعِ (قَوْلُهُ: لَوْ سَقَطَتْ) أَيْ قَبْلَ تَسْلِيمِ الْمُؤَجِّرِ نَفْسَهُ (قَوْلُهُ: رَدَّ الْأُجْرَةَ) قَدْ يُقَالُ: يُشْكِلُ رَدُّ الْأُجْرَةِ هُنَا بِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ عَرَضَ الدَّابَّةَ الْمُسْتَأْجَرَةَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ عَرَضَ الْمِفْتَاحَ فَامْتَنَعَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ تَسْلِيمِ مَا ذُكِرَ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةٌ يُمْكِنُ فِيهَا اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ فَالْأَقْرَبُ الْأُجْرَةُ، عَلَى أَنَّ قِيَاسَ مَا مَرَّ لَهُ، وَيَأْتِي مِنْ جَوَازِ إبْدَالِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ عَدَمُ الرَّدِّ وَأَنَّهُ يَسْتَعْمِلُ الْمُؤَجِّرُ فِيمَا يَقُومُ مَقَامَ قَلْعِ السِّنِّ الْمَذْكُورَةِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: لِتَلَفِ) أَيْ وَذَلِكَ لِتَلَفٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا تَبَيَّنَ عَدَمَ تَدَارُكِ) أَيْ عَدَمَ مُبَاشَرَةِ الْفِعْلِ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ بِلَا مَانِعٍ مِنْهُ، وَفِي نُسْخَةٍ إذَا لَمْ يَطْرَأْ ثَمَّ مَا تَبَيَّنَ بِهِ عَدَمُ إمْكَانِ الْفِعْلِ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ إلَخْ وَهِيَ أَقْعَدُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الذِّمِّيَّةِ) مُحْتَرَزُ مُسْلِمَةٍ: أَيْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهَا. وَوَجَّهَ بِأَنَّهَا لَا تُمْنَعُ مِنْ الْمَسْجِدِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ عَدَمِ مَنْعِ الْكَافِرِ الْجُنُبِ مِنْ الْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ وَلَوْ قِيلَ بِعَدَمِ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ، وَإِنْ قُلْنَا بِعَدَمِ الْمَنْعِ لَمْ يَبْعُدْ لِأَنَّ فِي صِحَّةِ الْإِجَارَةِ تَسْلِيطًا لَهَا عَلَى دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَمُطَالَبَتَهَا مِنَّا بِالْخِدْمَةِ. وَفَرَّقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مُجَرَّدِ عَدَمِ الْمَنْعِ. وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ حُرْمَةِ بَيْعِ الطَّعَامِ لِلْكَافِرِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ مَعَ أَنَّا لَا نَتَعَرَّضُ لَهُ إذَا وَجَدْنَاهُ يَأْكُلُ أَوْ يَشْرَبُ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا مَرَّ) اُنْظُرْ فِي أَيِّ مَحَلٍّ مَرَّ (قَوْلُهُ: وَبِطُرُوِّ نَحْوِ الْحَيْضِ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ) هَذَا قَدْ يَشْكُلُ عَلَى جَوَازِ إبْدَالِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ، إذْ قِيَاسُهُ عَدَمُ الِانْفِسَاخِ وَإِبْدَالُ خِدْمَةِ الْمَسْجِدِ بِخِدْمَةِ بَيْتٍ مِثْلِهِ، إذْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: فَإِنْ مَنَعَهُ مِنْ قَلْعِهَا إلَخْ) هَذَا التَّفْرِيعُ وَمَا بَعْدَهُ إلَى آخِرِ السَّوَادَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُقَابِلِ فَإِنَّهُ كَذَلِكَ بِرُمَّتِهِ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ بِنَاءً عَلَى اخْتِيَارِ الْمُقَابِلِ. فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ الِانْفِسَاخِ وَاسْتِقْرَارُ الْأُجْرَةِ، وَفِي حَاشِيَةِ التُّحْفَةِ لِلشِّهَابِ سم التَّصْرِيجُ بِذَلِكَ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ فِي عِدَّةِ قَوْلَاتٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ عَدَمِ الِانْفِسَاخِ الَّذِي هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ سِيَاقِ الشَّارِحِ فَتَنَبَّهْ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ فِي بَابِ الْحَدَثِ

فَلَوْ دَخَلَتْ وَمَكَثَتْ عَصَتْ وَلَمْ تَسْتَحِقَّ أُجْرَةً، وَفِي مَعْنَى الْحَائِضِ الْمُسْتَحَاضَةُ وَمَنْ بِهِ سَلَسُ بَوْلٍ أَوْ جِرَاحَةٍ نَضَّاخَةٍ يُخْشَى مِنْهَا التَّلْوِيثُ، أَمَّا إجَارَةُ الذِّمَّةِ فَتَصِحُّ، وَلَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لِتَعْلِيمِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالسِّحْرِ وَالْفُحْشِ وَالنُّجُومِ وَالرَّمْلِ، وَلَا لِخِتَانِ صَغِيرٍ لَا يَحْتَمِلُ، وَلَا كَبِيرٍ فِي شِدَّةِ بَرْدٍ أَوْ حَرٍّ، وَلَا لِزَمْرٍ وَنِيَاحَةٍ وَحَمْلِ مُسْكِرٍ غَيْرِ مُحْتَرَمٍ إلَّا لِلْإِرَاقَةِ، وَلَا لِتَصْوِيرِ حَيَوَانٍ وَسَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَلَا يَحِلُّ أَخْذُ عِوَضٍ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَبَيْعِ مَيْتَةٍ، وَكَمَا يَحْرُمُ أَخْذُ عِوَضٍ عَلَى ذَلِكَ يَحْرُمُ إعْطَاؤُهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَفَكِّ أَسِيرٍ وَإِعْطَاءِ شَاعِرٍ دَفْعًا لِهَجْوِهِ وَظَالِمٍ دَفْعًا لِظُلْمِهِ. (وَكَذَا) حُرَّةٌ (مَنْكُوحَةٌ لِرَضَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ) مِمَّا لَا يُؤَدِّي إلَى خَلْوَةٍ مُحَرَّمَةٍ فَلَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهَا إجَارَةَ عَيْنٍ (بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ عَلَى الْأَصَحِّ) مَا لَمْ يَكُنْ هُوَ الْمُسْتَأْجِرَ لِاسْتِغْرَاقِ أَوْقَاتِهَا بِحَقِّهِ. وَالثَّانِي يَجُوزُ لِأَنَّ مَحَلَّهُ غَيْرُ مَحَلِّ النِّكَاحِ، إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِي لَبَنِهَا وَخِدْمَتِهَا لَكِنَّ لَهُ فَسْخَهَا حِفْظًا لِحَقِّهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِ الْأَوَّلِ مَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ غَائِبًا أَوْ طِفْلًا فَأَجَّرَتْ نَفْسَهَا لِعَمَلٍ يَنْقَضِي قَبْلَ قُدُومِهِ أَوْ تَأَهُّلِهِ لِلتَّمَتُّعِ جَازَ. وَاعْتِرَاضُ الْغَزِّيِّ لَهُ بِأَنَّ مَنَافِعَهَا مُسْتَحَقَّةٌ لَهُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ مَمْنُوعٌ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهَا بَلْ يَسْتَحِقُّ أَنْ يَنْتَفِعَ وَهُوَ مُتَعَذَّرٌ مِنْهُ، وَخَرَجَ بِالْحُرَّةِ الْأَمَةُ فَلِسَيِّدِهَا إيجَارُهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ فِي وَقْتٍ لَا يَلْزَمُ تَسْلِيمُهَا لَهُ. أَمَّا مَعَ إذْنِهِ فَتَصِحُّ مُطْلَقًا. نَعَمْ الْمُكَاتَبَةُ كَالْحُرَّةِ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لِانْتِفَاءِ سَلْطَنَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَسْجِدُ نَظِيرُ الصَّبِيِّ الْمُعَيَّنِ لِلْإِرْضَاعِ، وَالثَّوْبِ الْمُعَيَّنِ لِلْخِيَاطَةِ، وَالْخِدْمَةُ نَظِيرُ الْإِرْضَاعِ وَالْخِيَاطَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَسْتَحِقَّ أُجْرَةً) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَتَتْ بِمَا اُسْتُؤْجِرَتْ لَهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمَا قَرَّرَهُ مِنْ انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ بِطُرُوِّ الْحَيْضِ فَإِنَّ مَا أَتَتْ بِهِ بَعْدَ الِانْفِسَاخِ كَالْعَمَلِ بِلَا اسْتِئْجَارٍ (قَوْلُهُ: أَمَّا إجَارَةُ الذِّمَّةِ فَتَصِحُّ) لَوْ أَتَتْ بِالْعَمَلِ بِنَفْسِهَا فِي هَذِهِ بِأَنْ كَنَسَتْ الْمَسْجِدَ بِنَفْسِهَا فِي حَالَةِ الْحَيْضِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَسْتَحِقَّ الْأُجْرَةَ وَإِنْ أَثِمَتْ بِالْمُكْثِ فِيهِ لِحُصُولِ الْمَقْصِدِ مَعَ ذَلِكَ، وَبِذَلِكَ يُفَارِقُ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عِنْدَ قَبْرٍ مَثَلًا فَقَرَأَهُ جُنُبًا فَإِنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِهِ الْأُجْرَةَ وَذَلِكَ لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصِدِ، لِأَنَّهُ لَمَّا أَتَى بِالْقُرْآنِ عَلَى وَجْهٍ مُحَرَّمٍ بِأَنْ قَصَدَ الْقِرَاءَةَ أَوْ عَلَى غَيْرِ وَجْهٍ مُحَرَّمٍ يَصْرِفُهُ عَنْ حُكْمِ الْقُرْآنِ كَأَنْ أَطْلَقَ انْتَفَى الْمَقْصُودُ أَوْ نَقَصَ وَهُوَ الثَّوَابُ أَوْ نُزُولُ الرَّحْمَةِ عِنْدَهُ م ر. [فَرْعٌ] سَامِعُ قِرَاءَةِ الْجُنُبِ حَيْثُ حُرِّمَتْ هَلْ يُثَابُ؟ لَا يَبْعُدُ الثَّوَابُ لِأَنَّهُ اسْتِمَاعٌ لِلْقُرْآنِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ الْحُرْمَةَ عَلَى الْقَارِئِ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لِتَعْلِيمِ التَّوْرَاةِ إلَخْ) أَيْ لِجَمِيعِ ذَلِكَ. أَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ الْبَعْضُ، فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَعُلِمَ عَدَمُ تَبْدِيلِهِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا اهـ. وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ: لَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ ذِمِّيٍّ مُسْلِمًا لِبِنَاءِ كَنِيسَةٍ لِحُرْمَةِ بِنَائِهَا وَإِنْ أَقَرَّ عَلَيْهِ، وَمَا فِي الزَّرْكَشِيّ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ مَمْنُوعٌ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى كَنِيسَةٍ لِنُزُولِ الْمَارَّةِ اهـ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ) . [فَرْعٌ] ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلزَّوْجَةِ اسْتِئْجَارُ زَوْجِهَا، وَلَهَا مَنْعُهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ لَكِنْ تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا وَهُوَ وَاضِحٌ وَافَقَ عَلَيْهِ م ر، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ لَهَا مَنْعَهُ وَقْتَ الْعَمَلِ لَا مُطْلَقًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَفِي دَعْوَى السُّقُوطِ وَالْحَالَةِ مَا ذَكَرَ نَظَرٌ لِأَنَّهَا تَمْنَعُهُ حَقًّا وَجَبَ لَهُ عَلَيْهَا بَلْ هُوَ بِإِجَارَةِ نَفْسِهِ فَوَّتَ التَّمَتُّعِ عَلَى نَفْسِهِ فَكَانَ الْمَانِعُ مِنْهُ لَا مِنْهَا (قَوْلُهُ: لِعَمَلٍ) أَيْ يَعْمَلُهُ فِي بَيْتِهَا (قَوْلُهُ: جَازَ) فَلَوْ حَضَرَ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ فَيَنْبَغِي الِانْفِسَاخُ فِي الْبَاقِي اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَاعْتِرَاضُ الْغَزِّيِّ لَهُ) أَيْ لِمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَعَ إذْنِهِ) أَيْ الزَّوْجِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْإِذْنِ وَعَدَمِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَفَكِّ أَسِيرٍ إلَخْ) أَيْ: نَظِيرُ الْمَذْكُورَاتِ فِي حِلِّ الدَّفْعِ دُونَ الْأَخْذِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ فَالْمُرَادُ مِنْهُ مُجَرَّدُ التَّنْظِيرِ لِلْإِيضَاحِ وَإِلَّا فَفَكُّ الْأَسِيرِ وَمَا بَعْدَهُ لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ هُوَ الْمُسْتَأْجِرُ) فِيهِ أَنَّ هَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُ الْمَتْنِ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ إذْ اسْتِئْجَارُهُ إذْنٌ وَزِيَادَةٌ.

السَّيِّدِ عَلَيْهَا، وَالْعَتِيقَةُ الْمُوصَى بِمَنَافِعِهَا أَبَدًا لَا يُعْتَبَرُ إذْنُ الزَّوْجِ فِي إيجَارِهَا كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَبِغَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ الْمَنْكُوحَةُ لَهُ فَيَجُوزُ لَهُ اسْتِئْجَارُهَا وَلَوْ لِوَلَدِهِ مِنْهَا، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِيمَنْ تَمَلَّكَ مَنَافِعَهَا، فَلَوْ كَانَتْ مُسْتَأْجَرَةُ الْعَيْنِ لَمْ تَصِحَّ إجَارَتُهَا نَفْسَهَا قَطْعًا، وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِاسْتِئْجَارِ الْعَكَّامِينَ لِلْحَجِّ. وَأَفْتَى السُّبْكِيُّ بِمَنْعِهِ لِوُقُوعِ الْإِجَارَةِ عَلَى أَعْيُنِهِمْ لِلْعَكْمِ فَكَيْفَ يُسْتَأْجَرُونَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا مُزَاحِمَةَ بَيْنَ أَعْمَالِ الْحَجِّ وَالْعَكْمِ إذْ يُمْكِنُهُ فِعْلُهَا فِي غَيْرِ أَوْقَاتِهِ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَغْرِقُ الْأَزْمِنَةَ، وَلَيْسَ لِمُسْتَأْجِرِ الْمَنْكُوحَةِ وَلَوْ لِلْإِرْضَاعِ مَنْعُ زَوْجِهَا مِنْ وَطْئِهَا خَوْفَ الْحَبَلِ وَانْقِطَاعِ اللَّبَنِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْعِ الرَّاهِنِ مِنْ وَطْءِ الْمَرْهُونَةِ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي حَجَرَ عَلَى نَفْسِهِ بِتَعَاطِيهِ عَقْدَ الرَّهْنِ بِخِلَافِ الزَّوْجِ، وَإِذْنُهُ هُنَا لَيْسَ كَتَعَاطِي الْعَقْدِ كَمَا لَا يَخْفَى. (وَيَجُوزُ) (تَأْجِيلُ الْمَنْفَعَةِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ) إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ لِقَبُولِ الدَّيْنِ التَّأْجِيلَ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ فَإِنْ أُطْلِقَ كَانَ حَالًّا (كَأَلْزَمْت ذِمَّتَك الْحَمْلَ) بِكَذَا (إلَى مَكَّةَ أَوَّلَ شَهْرِ كَذَا) وَمُرَادُهُ. بِأَوَّلِ الشَّهْرِ هُنَا مُسْتَهَلُّهُ لِمَا مَرَّ أَنَّ التَّأْجِيلَ بِهِ بَاطِلٌ عَلَى مَا نَقَلَاهُ عَنْ الْأَصْحَابِ وَمَرَّ ثَمَّ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا نَقَلَاهُ عَنْ الْإِمَامِ وَالْبَغَوِيِّ أَنَّهُ يَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَى الْجُزْءِ الْأَوَّلِ، وَعَلَيْهِ فَكَلَامُهُ هُنَا عَلَى إطْلَاقِهِ. (وَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ عَيْنٍ لِمَنْفَعَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ) كَإِجَارَةِ هَذِهِ الدَّارِ السَّنَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ أَوْ سَنَةً أَوَّلُهَا مِنْ غَدٍ، وَكَذَا إنْ قَالَ أَوَّلُهَا مِنْ أَمْسِ وَكَإِجَارَةِ أَرْضٍ مَزْرُوعَةٍ لَا يُمْكِنُ تَفْرِيغُهَا إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ، وَذَلِكَ كَمَا لَوْ بَاعَهُ عَيْنًا عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهَا لَهُ بَعْدَ سَاعَةٍ بِخِلَافِ إجَارَةِ الذِّمَّةِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ قَالَ وَقَدْ عَقَدَ آخِرَ النَّهَارِ أَوَّلُهَا يَوْمَ تَارِيخِهِ لَمْ يَضُرَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْقَرِينَةَ ظَاهِرَةٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْيَوْمِ الْوَقْتُ أَوْ فِي التَّعْبِيرِ بِالْيَوْمِ عَنْ بَعْضِهِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا سَائِغٌ شَائِعٌ وَلَوْ قَالَا بِقِسْطَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ فِي السَّنَةِ، فَإِنْ أَرَادَ النِّصْفَ فِي أَوَّلِ أَوْ آخِرِ نِصْفِهَا الْأَوَّلِ وَالنِّصْفَ فِي أَوَّلِ أَوْ آخِرِ نِصْفِهَا الثَّانِي صَحَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSصُدِّقَ الزَّوْجُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ (قَوْلُهُ: لَا يُعْتَبَرُ إذْنُ الزَّوْجِ) أَيْ بَلْ يُؤَجِّرُهَا مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ بِلَا إذْنٍ (قَوْلُهُ: وَبِغَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ) أَيْ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ مَا لَمْ يَكُنْ هُوَ الْمُسْتَأْجِرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ الْوَجْهَيْنِ (قَوْلُهُ: بِاسْتِئْجَارِ الْعَكَّامِينَ لِلْحَجِّ) أَيْ عَنْ الْمَعْضُوبِ لِيَحُجُّوا عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ أَوْقَاتِهِ) أَيْ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ: خَوْفَ الْحَبَلِ) أَيْ أَمَّا الْوَطْءُ الْمُضِرُّ بِالطِّفْلِ حَالًا فَيَمْتَنِعُ كَمَا يَأْتِي لَهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَصِحُّ لِحَضَانَةٍ وَإِرْضَاعٍ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ إلَخْ) وَهَذَا الْفَرْقُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السَّيِّدَ لَوْ أَجَّرَ أَمَتَهُ الْخَلِيَّةَ امْتَنَعَ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا لِأَنَّهُ حَجَرَ عَلَى نَفْسِهِ بِتَعَاطِيهِ عَقْدَ الْإِجَارَةِ وَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّاهِنِ لَائِحٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَلَعَلَّهُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ هُنَا لَا يُضَيِّعُ حَقَّهُ بِنُقْصَانِ الْمَنْفَعَةِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ لَهُ الْخِيَارُ بِتَعَيُّبِ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ فَانْفَسَخَ رَجَعَ بِمَا سَلَّمَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ أَوْ سَقَطَتْ عَنْهُ إنْ لَمْ يَكُنْ دَفَعَهَا، بِخِلَافِ الرَّاهِنِ فَإِنَّهُ بِتَقْدِيرِ تَلَفِ الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ يَفُوتُ التَّوَثُّقُ الْمَقْصُودُ مِنْ الرَّهْنِ بِلَا بَدَلٍ (قَوْلُهُ كَمَا لَا يَخْفَى) أَيْ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَا يَسْتَلْزِمُ الْعَقْدَ الْمُوجِبَ لِاسْتِحْقَاقِ الْمَنْفَعَةِ، بِخِلَافِ نَفْسِ الرَّهْنِ مَعَ الْإِقْبَاضِ فَإِنَّهُ مُسْتَلْزِمٌ لِلْحَجْرِ عَلَيْهِ فِي الْمَرْهُونِ لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ. (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي السَّلَمِ، وَقَوْلُهُ أَنَّ التَّأْجِيلَ بِهِ أَيْ بِالْأُولَى. (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ قَالَ أَوَّلُهَا مِنْ أَمْسِ) صَرِيحٌ هَذَا بُطْلَانُ الْإِجَارَةِ فِي الْجَمِيعِ، وَقَدْ تَصِحُّ الْإِجَارَةُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ بِالْقِسْطِ مِنْ الْمُسَمَّى وَتَبْطُلُ فِيمَا مَضَى تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ لِاشْتِمَالِ الْعَقْدِ عَلَى مَا يَقْبَلُ الْإِجَارَةَ وَمَا لَا يَقْبَلُهَا، وَلَوْ قَالَ بِقِسْطَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْقِسْطَ الْأَوَّلَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ مُتَوَالِيَةٌ مِنْ أَوَّلِ السَّنَةِ وَالْقِسْطَ الثَّانِيَ سَنَةٌ مُتَوَالِيَةٌ تَلِي السَّنَةَ الْأُولَى (قَوْلُهُ: أَوْ آخِرِ نِصْفِهَا الْأَوَّلِ) وَالْمُرَادُ آخِرُ جُزْءٍ مِنْ النِّصْفِ الْأَوَّلِ أَوْ أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ وَبِمَا بَعْدَهُ آخِرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَا يُعْتَبَرُ إذْنُ الزَّوْجِ فِي إيجَارِهَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي أَوْقَاتِ التَّمَتُّعِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ إذْ لَا تَتَقَاعَدُ عَنْ الْأَمَةِ. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِيمَنْ يَمْلِكُ مَنَافِعَهَا إلَخْ) هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِالْمَنْكُوحَةِ كَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: لِلْحَجِّ) مُتَعَلِّقٌ بِاسْتِئْجَارِ

كَمَا هُوَ وَاضِحٌ أَيْضًا لِاسْتِغْرَاقِهِمَا السَّنَةَ حِينَئِذٍ مَعَ احْتِمَالِ اللَّفْظِ لَهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا بَطَلَ لِلْجَهْلِ بِهِ إذْ يَصْدُقُ تَسَاوِيهُمَا بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مَثَلًا مِنْ السَّنَةِ وَذَلِكَ مَجْهُولٌ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْمَنْعِ فِي الْمُسْتَقْبَلَةِ صُوَرٌ كَمَا أَجَّرَهُ لَيْلًا لِمَا يَعْمَلُ نَهَارًا وَأَطْلَقَ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي إجَارَةِ أَرْضٍ لِلزِّرَاعَةِ قَبْلَ رَيِّهَا، وَكَإِجَارَةِ عَيْنِ شَخْصٍ لِلْحَجِّ عِنْدَ خُرُوجِ قَافِلَةِ بَلَدِهِ أَوْ تَهَيُّئِهِمْ لِلْخُرُوجِ وَلَوْ قَبْلَ أَشْهُرِهِ إذَا لَمْ يَتَأَتَّ الْإِتْيَانُ بِهِ مِنْ بَلَدِ الْعَقْدِ إلَّا بِالسَّيْرِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَفِي أَشْهُرِهِ قَبْلَ الْمِيقَاتِ لِيُحْرِمَ مِنْهُ وَإِجَارَةُ دَارٍ بِبَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِ الْعَاقِدَيْنِ وَدَارٍ مَشْغُولَةٍ بِأَمْتِعَةِ وَأَرْضٍ مَزْرُوعَةٍ يَتَأَتَّى تَفْرِيغُهَا قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ، وَكَمَا فِي قَوْلِهِ (فَلَوْ) (آجَرَ السَّنَةَ الثَّانِيَةَ لِمُسْتَأْجِرِ الْأُولَى) أَوْ مُسْتَحَقِّهَا بِنَحْوِ وَصِيَّةٍ أَوْ عِدَّةٍ بِالْأَشْهُرِ (قَبْلَ انْقِضَائِهَا) (جَازَ فِي الْأَصَحِّ) لِاتِّصَالِ الْمُدَّتَيْنِ مَعَ اتِّحَادِ الْمُسْتَأْجِرِ كَمَا لَوْ آجَرَ مِنْهُ السَّنَتَيْنِ فِي عَقْدٍ، وَلَا نَظَرَ إلَى احْتِمَالِ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، فَإِنْ وُجِدَ ذَلِكَ لَمْ يَقْدَحْ فِي الثَّانِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْعَزِيزِ. وَالْوَجْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSجُزْءٍ مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي أَوْ أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ فَأَوْ بِإِسْكَانِ الْوَاوِ، وَالْمُرَادُ الْأَوَّلُ أَوْ الْآخِرُ عَلَى التَّعْيِينِ لَا وَاحِدَ مُبْهَمٌ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: غَيْرِ بَلَدِ الْعَاقِدَيْنِ) هَلْ ابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِنْ زَمَنِ الْوُصُولِ إلَيْهَا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَوْنِ الْإِجَارَةِ لِمَنْفَعَةِ مُسْتَقْبَلَةٍ بِدَلِيلِ اسْتِثْنَائِهَا مِنْ الْمَنْعِ أَوْ مِنْ زَمَنِ الْعَقْدِ، وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمُدَّةِ السَّابِقَةِ أَوْ لَا تَلْزَمُهُ إلَّا أُجْرَةُ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ بَعْدَ الْوُصُولِ؟ وَلَوْ كَانَ الْوُصُولُ يَسْتَغْرِقُ الْمُدَّةَ فَهَلْ تُمْتَنَعُ الْإِجَارَةُ فِي كُلِّ ذَلِكَ، وَلَمْ أَرَ مِنْهُ شَيْئًا، وَيُتَّجَهُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنَّ الْمُدَّةَ إنَّمَا تُحْسَبُ مِنْ زَمَنِ الْوُصُولِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ حَجّ. وَنُقِلَ هَذَا عَنْ فَتَاوَى النَّوَوِيِّ قَالَ: فَلَا يَضُرُّ فَرَاغُ السَّنَةِ قَبْلَ الْوُصُولِ إلَيْهَا لِأَنَّ الْمُدَّةَ إنَّمَا تُحْسَبُ مِنْ وَقْتِ الْوُصُولِ إلَيْهَا وَالتَّمَكُّنِ مِنْهَا: أَيْ وَعَلَى الثَّانِي فَلَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ قَبْلَ الْوُصُولِ إلَيْهَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً (قَوْلُهُ: يَتَأَتَّى تَفْرِيغُهَا قَبْلَ) فِي كُلٍّ مِنْ الدَّارِ وَالْأَرْضِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ زَمَنُ التَّفْرِيغِ يُقَابَلُ بِأُجْرَةِ عَدَمِ الصِّحَّةِ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ الدَّارِ عَنْ إفْتَاءِ النَّوَوِيِّ الصِّحَّةُ هُنَا، وَتُحْسَبُ الْمُدَّةُ مِنْ التَّفْرِيغِ بِالْفِعْلِ وَالتَّمَكُّنِ مِنْهَا، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْعَاقِدَيْنِ لَمَّا كَانَا فِي مَحَلِّ الزَّرْعِ لَمْ يَكُنْ بِهَا ضَرُورَةٌ إلَى الْعَقْدِ قَبْلَ التَّفْرِيغِ، بِخِلَافِ الدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ إذَا كَانَتْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْعَقْدِ سِيَّمَا إذَا فَرَّطَ بَعْدَهَا فَقَدْ تَتَعَذَّرُ الْإِجَارَةُ إذَا تَوَقَّفَتْ صِحَّتُهَا عَلَى الْوُصُولِ إلَى مَحَلِّهَا فَقُلْنَا بِصِحَّةِ الْعَقْدِ ثُمَّ لِلْحَاجَةِ بِخِلَافِهِ هُنَا (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ آجَرَ مِنْهُ) أَيْ لَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَجَدَ ذَلِكَ) أَيْ الِانْفِسَاخَ (قَوْلُهُ: لَمْ يَقْدَحْ) أَيْ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَام ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِجَارَةُ دَارٍ بِبَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِ الْعَاقِدَيْنِ) قَالَ الشِّهَابُ سم: هَلْ ابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِنْ زَمَنِ الْوُصُولِ إلَيْهَا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَوْنِ الْإِجَارَةِ لِمَنْفَعَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ بِدَلِيلِ اسْتِثْنَائِهَا مِنْ الْمَنْعِ، أَوْ مِنْ زَمَنِ الْعَقْدِ، وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمُدَّةِ السَّابِقَةِ عَلَى الْوُصُولِ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا أُجْرَةُ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ بَعْدَ الْوُصُولِ، وَلَوْ كَانَ الْوُصُولُ يَسْتَغْرِقُ الْمُدَّةَ فَهَلْ تَمْتَنِعُ الْإِجَارَةُ؟ فِي كُلِّ ذَلِكَ نَظَرٌ، وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا، وَيُتَّجَهُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنَّ الْمُدَّةَ إنَّمَا تُحْسَبُ مِنْ زَمَنِ الْوُصُولِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ. مَا قَالَهُ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ. قَالَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ: وَنَقَلَ هَذَا: يَعْنِي الْأَوَّلَ الَّذِي اسْتَوْجَهَهُ سم عَنْ إفْتَاءِ النَّوَوِيِّ، قَالَ: أَيْ النَّوَوِيُّ، فَلَا يَضُرُّ فَرَاغُ السَّنَةِ قَبْلَ الْوُصُولِ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْمُدَّةَ إنَّمَا تُحْسَبُ مِنْ وَقْتِ الْوُصُولِ إلَيْهَا وَالتَّمَكُّنِ مِنْهَا اهـ. مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ. وَمَا نُقِلَ لَهُ عَنْ إفْتَاءِ النَّوَوِيِّ لَمْ أَرَهُ فِي فَتَاوِيهِ الْمَشْهُورَةِ. وَفِي فَتَاوَى الشَّارِحِ خِلَافُهُ، وَهُوَ أَنَّ الْمُدَّةَ تُحْسَبُ مِنْ الْعَقْدِ، وَنَصُّ مَا فِيهَا: سُئِلَ عَمَّا لَوْ أَجَرَ دَارًا مَثَلًا بِمَكَّةَ شَهْرًا وَالْمُسْتَأْجِرُ بِمِصْرَ مَثَلًا هَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَى مَكَّةَ إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ وَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ قَدْرٍ زَائِدٍ عَلَى مَا يُمْكِنُ الْوُصُولُ فِيهِ، وَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْمُسَمَّى أَوْ الْقِسْطَ مِنْهُ بِقَدْرِ الزَّائِدِ الْمَذْكُورِ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ قَبْلَ وُصُولِهِ وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ، فَإِنْ زَادَتْ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقِسْطِ مَا بَقِيَ مِنْهَا فَقَطْ، وَفِيهَا: أَعْنِي فَتَاوَى الشَّارِحِ جَوَابٌ آخَرُ يُوَافِقُ هَذَا فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَقْدَحْ فِي الثَّانِي) قَالَ فِي التُّحْفَةِ: وَلِلْمُؤَجِّرِ حِينَئِذٍ إيجَارُ مَا انْفَسَخَتْ فِيهِ لِغَيْرِ مُسْتَأْجِرِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ

الثَّانِي لَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ آجَرَهَا لِغَيْرِهِ، وَاحْتُرِزَ بِقَبْلِ انْقِضَائِهَا عَمَّا لَوْ قَالَ آجَرْتُكَهَا سَنَةً فَإِذَا انْقَضَتْ فَقَدْ آجَرْتُكهَا سَنَةً أُخْرَى فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ الثَّانِي كَمَا لَوْ عَلَّقَ بِمَجِيءِ الشَّهْرِ فَلَمْ تُرَدُّ عَلَى كَلَامِهِ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ سَنَةً فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُؤَجِّرَهَا السَّنَةَ الْأُخْرَى مِنْ الثَّانِي لِأَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ لِلْمَنْفَعَةِ، وَفِي إيجَارِهَا مِنْ الْأَوَّلِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا لِأَنَّهُ الْآنَ غَيْرُ مُسْتَحِقٌّ لِلْمَنْفَعَةِ، وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الرَّوْضَةِ، وَيَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي لَمَّا آجَرَهُ الْبَائِعُ مِنْ غَيْرِهِ إيجَارُ ذَلِكَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ جَمْعٍ، خِلَافًا لِابْنِ الْمُقْرِي. وَفِي جَوَازِ إيجَارِ الْوَارِثِ مَا آجَرَهُ الْمَيِّتُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ تَرَدُّدٌ الْأَقْرَبُ مِنْهُ الْجَوَازُ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الظَّاهِرُ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلُ فَصْلٌ بَيْنَ السَّنَتَيْنِ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ قَطْعًا، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ شَامِلٌ لِلطِّلْقِ وَالْوَقْفِ. نَعَمْ لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا يُؤَجِّرَ الْوَقْفَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ فَأَجَّرَهُ النَّاظِرُ ثَلَاثًا فِي عَقْدٍ وَثَلَاثًا فِي عَقْدٍ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ فَالْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَوَافَقَهُ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَدَمُ صِحَّةِ الْعَقْدِ الثَّانِي، وَإِنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ إجَارَةِ الزَّمَانِ الْقَابِلِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ اتِّبَاعًا لِشَرْطِ الْوَاقِفِ لِأَنَّ الْمُدَّتَيْنِ الْمُتَّصِلَتَيْنِ فِي الْعَقْدَيْنِ فِي مَعْنَى الْعَقْدِ الْوَاحِدِ، وَهَذَا بِعَيْنِهِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِوُقُوعِهِ زَائِدًا عَلَى مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ، وَإِنْ خَالَفَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ وَقَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ نَظَرًا إلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ وَلَوْ أَجَّرَ عَيْنًا فَأَجَّرَهَا الْمُسْتَأْجِرُ لِغَيْرِهِ ثُمَّ تَقَايَلَ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ صِحَّةُ الْإِقَالَةِ، وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ الثَّانِيَةُ،. وَلَوْ أَجَّرَهُ حَانُوتًا أَوْ نَحْوَهُ لِيَنْتَفِعَ بِهِ الْأَيَّامَ دُونَ اللَّيَالِي أَوْ عَكْسَهُ لَمْ يَصِحَّ لِعَدَمِ اتِّصَالِ زَمَنِ الِانْتِفَاعِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ، بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ فَتَصِحُّ لِأَنَّهُمَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لِلْإِجَارَةِ يُرْفَعَانِ فِي اللَّيْلِ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى الْعَادَةِ لِعَدَمِ إطَاقَتِهِمَا الْعَمَلَ دَائِمًا وَكَمَا فِي قَوْلِهِ (وَيَجُوزُ) (كِرَاءُ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ، وَقَوْلُهُ فِي الثَّانِي: وَفِي صِحَّةِ الْعَقْدِ الثَّانِي (قَوْلُهُ لِمَا آجَرَهُ الْبَائِعُ مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي، وَقَوْلُهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ: أَيْ مُدَّةً ثَانِيَةً. (قَوْلُهُ: مَا آجَرَهُ) أَيْ مُدَّةً ثَانِيَةً (قَوْلُهُ: شَامِلٌ لِلطِّلْقِ) أَيْ الْأَرْضُ الْمَمْلُوكَةُ وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارُ وَالطِّلْقُ بِالْكَسْرِ الْحَلَالُ اهـ وَالْمُرَادُ هُنَا الْمَمْلُوكَةُ. [فَرْعٌ] اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ سَنَةً مِنْ عَمْرٍو ثُمَّ أَجَّرَ نِصْفَهَا لِبَكْرٍ: أَيْ شَائِعًا، فَهَلْ لِعَمْرٍو إيجَارُ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لِاتِّصَالِهَا بِالنِّصْفِ الثَّانِي الَّذِي يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهُ أَوْ لَا لِأَنَّ زَيْدًا غَيْرُ مَالِكٍ لِلْمَنْفَعَةِ الْحَاضِرَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَبَادَرَ م ر إلَى الثَّانِي اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِمَا عُلِّلَ بِهِ مِنْ اتِّصَالِ الْمَنْفَعَةِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ صِحَّةِ الْعَقْدِ) أَيْ مَا لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ كَمَا يَأْتِي وَإِلَّا جَازَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُدَّتَيْنِ الْمُتَّصِلَتَيْنِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ امْتِنَاعُ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ النَّاظِرِ يُؤَجِّرُهُ الْقَدْرَ الَّذِي شَرَطَهُ الْوَاقِفُ ثُمَّ قَبْلَ مُضِيِّهِ بِأَشْهُرٍ أَوْ أَيَّامٍ يَطْلُبُ الْمُسْتَأْجِرُ عَقْدًا آخَرَ خَوْفًا مِنْ تَعَدِّي غَيْرِهِ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: صِحَّةُ الْإِقَالَةِ) وَكَالْمُؤَجَّرَةِ مَا لَوْ اشْتَرَى عَيْنًا ثُمَّ بَاعَهَا وَتَقَايَلَ الْمُشْتَرِي مَعَ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ اهـ سم عَلَى حَجّ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ: وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ) أَيْ فَيَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ عَلَى الْمَالِكِ بِقِسْطِ الْمُسَمَّى مِنْ وَقْتِ التَّقَايُلِ وَلِلْمَالِكِ عَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ وَيَسْتَحِقُّ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ عَلَى الثَّانِي مَا سَمَّاهُ فِي إجَارَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: سَنَةً) الظَّاهِرُ أَنَّهُ تَنَازَعَهُ مِنْ قَوْلِهِ اسْتَأْجَرْت وَقَوْلُهُ: الْمُسْتَأْجِرُ، احْتِرَازًا عَمَّا إذَا اُسْتُؤْجِرَتْ سَنَةً مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ لَهَا سَنَتَيْنِ فَلَا يَجُوزُ لِلْمَالِكِ أَنْ يُؤَجِّرَهَا إلَّا مِنْ الْأَوَّلِ لِتَأَخُّرِ مُدَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا بِعَيْنِهِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا الْحَاجَةُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ صِحَّةُ الْإِقَالَةِ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا تَقَايَلَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمُؤَجِّرَ الْأَوَّلَ رَجَعَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ بِالْمُسَمَّى وَلَزِمَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ مِنْ حِينِ التَّقَايُلِ لَا الْمُسَمَّى لِارْتِفَاعِ الْعَقْدِ بِالتَّقَايُلِ وَقَدْ أَتْلَفَ عَلَيْهِ الْمَنْفَعَةَ بِإِيجَارِهَا فَلَزِمَهُ قِيمَتُهَا وَهِيَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَمَا سَبَقَ التَّقَايُلُ يَسْتَقِرُّ قِسْطُهُ مِنْ الْمُسَمَّى اهـ.

الْعُقْبِ) (فِي الْأَصَحِّ) بِضَمِّ الْعَيْنِ جَمْعُ عُقْبَةٍ: أَيْ نَوْبَةٍ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَعْقُبُ صَاحِبَهُ وَيَرْكَبُ مَوْضِعَهُ، وَأَمَّا خَبَرُ الْبَيْهَقِيّ «مَنْ مَشَى عَنْ رَاحِلَتِهِ عُقْبَةً فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَ رَقَبَةً» وَفَسَّرُوهَا بِسِتَّةِ أَمْيَالٍ فَلَعَلَّهُ وَضَعَهَا لُغَةً فَلَا يَتَقَيَّدُ مَا هُنَا بِذَلِكَ، وَخَرَجَ بِإِجَارَةِ الْعَيْنِ الَّتِي الْكَلَامُ فِيهَا إجَارَةُ الذِّمَّةِ فَتَصِحُّ اتِّفَاقًا لِمَا مَرَّ أَنَّ التَّأْجِيلَ فِيهَا جَائِزٌ (وَهُوَ أَنْ يُؤَجِّرَ دَابَّةً رَجُلًا) مَثَلًا (لِيَرْكَبَهَا بَعْضَ الطَّرِيقِ) وَيَمْشِيَ بَعْضَهَا أَوْ يَرْكَبَهُ الْمَالِكُ تَنَاوُبًا (أَوْ) يُؤَجِّرَهَا (رَجُلَيْنِ) مَثَلًا (لِيَرْكَبَ ذَا أَيَّامًا) مَعْلُومَةً (وَذَا أَيَّامًا) كَذَلِكَ تَنَاوُبًا وَمِنْ ذَلِكَ آجَرْتُك نِصْفَهَا لِمَحَلِّ كَذَا أَوْ كُلَّهَا لِتَرْكَبَهَا نِصْفَ الطَّرِيقِ فَيَصِحُّ كَبَيْعِ الْمُشَاعِ (وَيُبَيِّنُ الْبَعْضَيْنِ) فِي الصُّورَتَيْنِ كَنِصْفٍ أَوْ رُبُعٍ مَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ عَادَةٌ مَعْرُوفَةٌ مَضْبُوطَةٌ بِالزَّمَنِ أَوْ الْمَسَافَةِ كَيَوْمٍ وَيَوْمٍ أَوْ فَرْسَخٍ وَفَرْسَخٍ وَإِلَّا حُمِلَ عَلَيْهَا وَالْمَحْسُوبُ فِي الزَّمَنِ زَمَنُ السَّيْرِ دُونَ زَمَنِ النُّزُولِ لِعَلَفٍ أَوْ اسْتِرَاحَةٍ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي (ثُمَّ) بَعْدَ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ (يَقْتَسِمَانِ) ذَلِكَ بِالتَّرَاضِي، فَلَوْ تَنَازَعَ فِي الْبَادِئِ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا، وَذَلِكَ لِمِلْكِهِمَا الْمَنْفَعَةَ مَعًا وَيُغْتَفَرُ التَّأْخِيرُ الْوَاقِعُ لِضَرُورَةِ الْقِسْمَةِ. نَعَمْ لَوْ شَرَطَ الصِّحَّةَ فِي الْأُولَى تَقَدَّمَ رُكُوبُ الْمُسْتَأْجِرِ، وَإِلَّا بَطَلَتْ لِتَعَلُّقِهَا حِينَئِذٍ بِزَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ، وَالْقِنُّ كَالدَّابَّةِ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ أَيَّامًا جَوَازُ جَعْلِ النَّوْبَةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ كَأَنْ يَتَّفِقَا عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ خَالَفَ الْعَادَةَ، أَوْ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ فِي الْعَقْدِ وَهُوَ كَذَلِكَ، حَيْثُ لَا يَضُرُّ بِالدَّابَّةِ أَوْ بِالْمَاشِي، وَيُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا. وَيُؤْخَذُ مِنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رِضَا مَالِكِ الدَّابَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَأَمَّا خَبَرُ الْبَيْهَقِيّ مَنْ مَشَى) أَيْ قَاصِدًا رَاحَتَهَا (قَوْلُهُ: وَفَسَّرُوهَا) أَيْ الْعُقْبَةَ (قَوْلُهُ: بِسِتَّةِ إلَخْ) وَقَدْرُهَا بِالسَّيْرِ الْمُعْتَادِ خَمْسٌ وَأَرْبَعُونَ دَرَجَةً لِأَنَّ مَسَافَةَ الْقَصْرِ سَيْرُ يَوْمَيْنِ مُعْتَدِلَيْنِ أَوْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَقَدْرُ ذَلِكَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ دَرَجَةً، وَهِيَ إذَا قُسِّمَتْ عَلَى الْفَرَاسِخِ خَرَجَ لِكُلِّ فَرْسَخٍ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً وَنِصْفُ وَالْفَرْسَخُ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ، فَالسِّتَّةُ أَمْيَالٍ يُقَدَّرُ مِسَاحَتُهَا بِفَرْسَخَيْنِ وَمِقْدَارُ سَيْرِهِمَا مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: لِتَرْكَبَهَا نِصْفَ الطَّرِيقِ) أَيْ ثُمَّ إنْ كَانَ ثَمَّ مَرَاحِلُ مَعْلُومَةٌ حَمَلَ عَلَيْهَا وَإِلَّا اشْتَرَطَ بَيَانَ مَا يَمْشِيهِ وَمَا يَرْكَبُهُ (قَوْلُهُ: فَلَوْ تَنَازَعَا إلَخْ) وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لِلتَّعَاقُبِ فَإِنْ احْتَمَلَتْهُمَا رَكِبَاهَا مَعًا وَإِلَّا تَهَايَآ، فَإِنْ تَنَازَعَا فِيمَنْ يَبْدَأُ أَقْرَعَ اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) أَيْ بَشِقَيْهَا، وَهِيَ مَا لَوْ أَجَّرَ رَجُلًا لِيَرْكَبَ بَعْضَ الطَّرِيقِ إلَخْ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالتَّقَدُّمِ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ تَقَدُّمُ رُكُوبِهِ عَلَى مَشْيِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ رُكُوبٌ مِنْ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ يُقَدَّمُ رُكُوبُ الْمُسْتَأْجِرِ) ظَاهِرُهُ اعْتِبَارُ رُكُوبِهِ بِالْفِعْلِ، وَالْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ، بَلْ الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ فِي الْعَقْدِ رُكُوبَ الْمُسْتَأْجِرِ أَوَّلًا وَاقْتَسَمَا بَعْدَ الْعَقْدِ وَجَعَلَا نَوْبَةَ الْمُسْتَأْجِرِ أَوَّلًا فَسَامَحَ كُلٌّ الْآخَرَ بِنَوْبَتِهِ جَازَ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إلَخْ قَدْ يُقَالُ يُغْنِي عَنْ هَذَا قَوْلُهُ السَّابِقُ مَا لَمْ يَضُرَّ بِالْبَهِيمَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ بِالْمَاشِي) عِبَارَةُ حَجّ: وَفِي تَوْجِيهِ النَّصِّ الْمَنْعُ عِنْدَ طَلَبِ أَحَدِهِمَا لِلثَّالِثِ مَا يُوَافِقُ فَإِنَّهُ قَالَ: إنَّ ذَلِكَ إضْرَارٌ بِالْمَاشِي وَالْمَرْكُوبِ، لِأَنَّهُ إذَا رَكِبَ وَهُوَ غَيْرُ تَعِبٍ خَفَّ عَلَى الْمَرْكُوبِ، وَإِذَا رَكِبَ بَعْدَ كَلَالٍ وَتَعَبٍ وَقَعَ عَلَى الْمَرْكُوبِ كَالْمَيِّتِ اهـ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ) عِبَارَةُ حَجّ: وَيُؤْخَذُ مِنْ تَوْجِيهِ النَّصِّ الْمَنْعُ عِنْدَ طَلَبِ أَحَدِهِمَا الثَّلَاثَ اهـ. وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ أَخْذًا عِلَّةُ تَوْجِيهِ النَّصِّ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رِضَا مَالِكِ الدَّابَّةِ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِإِجَارَةِ الْعَيْنِ) كَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَنْ تَمَامِ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ شَرْطُ الصِّحَّةِ فِي الْأُولَى تَقَدُّمُ رُكُوبِ الْمُسْتَأْجِرِ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: ظَاهِرُهُ اعْتِبَارُ رُكُوبِهِ بِالْفِعْلِ، وَالْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ، بَلْ الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ فِي الْعَقْدِ رُكُوبَ الْمُسْتَأْجِرِ أَوَّلًا وَاقْتَسَمَا بَعْدَ الْعَقْدِ وَجَعَلَا نَوْبَةَ الْمُسْتَأْجِرِ أَوَّلًا فَسَامَحَ كُلٌّ الْآخَرَ بِنَوْبَتِهِ جَازَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: قَدْ يُقَالُ يُغْنِي عَنْ هَذَا قَوْلُهُ: السَّابِقُ مَا لَمْ يَضُرَّ بِالْبَهِيمَةِ.

[فصل في بقية شروط المنفعة]

بِذَلِكَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَا يَجُوزُ النَّوْمُ عَلَى الدَّابَّةِ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ لِأَنَّ النَّائِمَ يَثْقُلُ، وَأَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْمَحْمُولُ لَمْ يُجْبَرْ مَالِكُ الدَّابَّةِ عَلَى حَمْلِهِ عَلَى مَا يَأْتِي. (فَصْلٌ) فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ الْمَنْفَعَةِ، وَمَا تُقَدَّرُ بِهِ، وَفِي شَرْطِ الدَّابَّةِ الْمُكْتَرَاةِ وَمَحْمُولِهَا (يُشْتَرَطُ كَوْنُ) الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مَعْلُومًا بِالْعَيْنِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ وَالصِّفَةِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ، وَكَوْنُ (الْمَنْفَعَةِ مَعْلُومَةً) بِالتَّقْدِيرِ الْآتِي كَالْمَبِيعِ فِي الْكُلِّ، لَكِنَّ مُشَاهَدَةَ مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ غَيْرُ مُغْنِيَةٍ عَنْ تَقْدِيرِهَا، وَإِنَّمَا أَغْنَتْ مُشَاهَدَةُ الْمُعَيَّنِ فِي الْبَيْعِ عَنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ لِأَنَّهَا تُحِيطُ بِهِ، وَلَا كَذَلِكَ الْمَنْفَعَةُ لِأَنَّهَا أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ يَتَعَلَّقُ بِالِاسْتِقْبَالِ، فَعُلِمَ اعْتِبَارُ تَحْدِيدِ الْعَقَارِ حَيْثُ لَمْ يَشْتَهِرْ بِدُونِهِ، وَأَنَّهُ لَا تَصِحُّ إجَارَةُ غَائِبٍ وَأَحَدِ عَبْدَيْهِ مُدَّةً مَجْهُولَةً أَوْ عَمَلٍ كَذَلِكَ وَفِيمَا لَهُ مَنْفَعَةٌ وَاحِدَةٌ كَبِسَاطٍ يُحْمَلُ عَلَيْهَا وَغَيْرُهُ يُعْتَبَرُ بَيَانُهَا. نَعَمْ دُخُولُ الْحَمَّامِ بِأُجْرَةٍ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ مَعَ الْجَهْلِ بِقَدْرِ الْمُكْثِ ـــــــــــــــــــــــــــــSذَلِكَ وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ رُكُوبِ أَحَدِهِمَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ وَالْآخَرُ مِثْلُهُ عَلَى الِاتِّصَالِ وَبَيْنَ رُكُوبِ أَحَدِهِمَا ثَلَاثًا وَالْآخَرُ كَذَلِكَ، مَعَ أَنَّ الْغَرَضَ انْتِفَاءُ الضَّرَرِ عَنْ الدَّابَّةِ وَالْمَاشِي بِذَلِكَ، وَقَدْ يُقَالُ يُؤْخَذُ الْجَوَابُ عَنْ هَذَا مِمَّا مَرَّ عَنْ حَجّ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّهُ إنْ رَكِبَ وَهُوَ فِي تَعَبٌ خَفَّ عَلَى الْمَرْكُوبِ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْمَحْمُولُ) اُنْظُرْ لَوْ مَرِضَ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَرَضَ مِثْلُ الْمَوْتِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَوْجِيهِ حَجّ لِلنَّصِّ بِأَنَّهُ إذَا رَكِبَ بَعْدَ كَلَالٍ وَتَعَبٍ وَقَعَ عَلَى الْمَرْكُوبِ كَالْمَيِّتِ. (فَصْلٌ) فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ الْمَنْفَعَةِ (قَوْلُهُ فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ الْمَنْفَعَةِ) أَيْ زِيَادَةٌ عَلَى مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَكَوْنُ الْمَنْفَعَةِ مُتَقَوِّمَةً إلَخْ (قَوْلُهُ لَكِنَّ مُشَاهَدَةَ مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ) أَيْ كَالدَّابَّةِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ اعْتِبَارُ تَحْدِيدِ الْعَقَارِ) لَعَلَّ فَائِدَةَ اشْتِرَاطِ التَّحْدِيدِ مَعَ أَنَّ إجَارَةَ الْعَقَارِ لَا تَكُونُ إلَّا عَيْنِيَّةً، وَالْإِجَارَةُ الْعَيْنِيَّةُ يُشْتَرَطُ فِيهَا لِكُلٍّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ رُؤْيَةُ الْعَيْنِ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْعَقَارُ أَرْضًا مُتَّصِلَةً بِغَيْرِهَا فَيَرَاهَا كُلٌّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ، وَلَكِنْ لَا يَعْرِفُ الْمُسْتَأْجِرُ مِقْدَارَ مَا يَسْتَأْجِرُهُ مِنْ الْأَرْضِ فَيَذْكُرُ الْمُؤَجِّرُ حُدُودَهَا لِتَتَمَيَّزَ عَنْ غَيْرِهَا، وَمُجَرَّدُ الرُّؤْيَةِ لَا يُفِيدُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ عَمِلَ كَذَلِكَ) أَيْ مَجْهُولٌ (قَوْلُهُ وَفِيمَا لَهُ مَنْفَعَةٌ وَاحِدَةٌ) أَيْ عُرْفًا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِغَيْرِ الْفُرُشِ كَجَعْلِهِ خَيْمَةً مَثَلًا (قَوْلُهُ: مَعَ الْجَهْلِ بِقَدْرِ الْمُكْثِ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ يُمْنَعُ مِنْ الْمُكْثِ زِيَادَةً عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ نَوْعِهِ وَمِنْ الزِّيَادَةِ فِي اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ أَيْضًا وَقَالَ سم عَلَى حَجّ: وَانْظُرْ صُورَةَ الْمُعَاقَدَةِ الصَّحِيحَةِ عَلَى دُخُولِ الْحَمَّامِ مَعَ تَعَدُّدِ الدَّاخِلِينَ، فَإِنَّهُ مَثَلًا لَوْ قَالَ اسْتَأْجَرْت مِنْك هَذَا الْحَمَّامَ بِكَذَا وَقَدَّرَ مُدَّةً اسْتَحَقَّ مَنْفَعَةَ جَمِيعِهِ فَلَا يُمْكِنُ الْمُعَاقَدَةُ مَعَ غَيْرِهِ أَيْضًا، أَوْ لَمْ يُقَدِّرْ مُدَّةً فَبَعْدَ تَسْلِيمِ الصِّحَّةِ يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَةَ الْجَمِيعِ أَيْضًا وَلَا تُمْكِنُ الْمُعَاقَدَةُ مَعَ غَيْرِهِ، وَلَعَلَّ مِنْ صُوَرِهَا أَذِنْت لَك فِي دُخُولِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ الْمَنْفَعَةِ] ِ (قَوْلُهُ: كَالْمَبِيعِ فِي الْكُلِّ) أَيْ فِي أَنَّهُ إنْ وَرَدَ عَلَى مُعَيَّنٍ اشْتَرَطَ مَعْرِفَةَ عَيْنِهِ، وَتَقْدِيرُهُ عَلَى مَا يَأْتِي: وَإِنْ وَرَدَ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ اشْتَرَطَ وَصْفَهُ وَتَقْدِيرَهُ، لَكِنْ مُشَاهَدَةُ الْأَوَّلِ تُغْنِي عَنْ تَقْدِيرِهِ. (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ اعْتِبَارُ تَحْدِيدِ الْعَقَارِ) أَيْ: فَلَا يَكْفِي أَنْ يَقُولَ آجَرْتُكَ قِطْعَةً مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ مَثَلًا، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إذَا آجَرَهُ دَارًا مَثَلًا كَفَتْ مُشَاهَدَتُهَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمَهُ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَشْتَهِرْ بِدُونِهِ) أَيْ لِلْعَاقِدَيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: إجَارَةُ غَائِبٍ) أَيْ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ، فَمُرَادُهُ

وَغَيْرِهِ، لَكِنَّ الْأُجْرَةَ فِي مُقَابَلَةِ الْآلَاتِ لَا الْمَاءِ، فَعَلَيْهِ مَا يُغْرَفُ بِهِ الْمَاءُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى الدَّاخِلِ، وَثِيَابُهُ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ عَلَى الْحَمَّامِيِّ إنْ لَمْ يَسْتَحْفِظْهُ عَلَيْهَا وَيُجِيبُهُ إلَى ذَلِكَ، وَلَا يَجِبُ بَيَانُ مَا يَسْتَأْجِرُهُ لَهُ فِي الدَّارِ لِقُرْبِ التَّفَاوُتِ مِنْ السُّكْنَى وَوَضْعِ الْمَتَاعِ وَمِنْ ثَمَّ حُمِلَ الْعَقْدُ عَلَى الْمَعْهُودِ فِي مِثْلِهَا مِنْ سُكَّانِهَا، وَلَمْ يُشْتَرَطْ عَدَدُ مَنْ يَسْكُنُ اكْتِفَاءً بِمَا اُعْتِيدَ فِي مِثْلِهَا. (ثُمَّ) إذَا تَوَفَّرَتْ الشُّرُوطُ فِي الْمَنْفَعَةِ (تَارَةً تُقَدَّرُ) الْمَنْفَعَةُ (بِزَمَانٍ) فَقَطْ. وَضَابِطُهُ كُلُّ مَا لَا يَنْضَبِطُ بِالْعَمَلِ، وَحِينَئِذٍ يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ كَرَضَاعِ هَذَا شَهْرًا، وَتَطْيِينِ أَوْ تَجْصِيصِ أَوْ اكْتِحَالِ أَوْ مُدَاوَاةِ هَذَا يَوْمًا، وَ (كَدَارٍ) وَأَرْضٍ وَثَوْبٍ وَآنِيَةٍ وَيَقُولُ فِي دَارٍ تُؤَجَّرُ لِلسُّكْنَى لِتَسْكُنَهَا، فَلَوْ قَالَ عَلَى أَنْ تَسْكُنَهَا أَوْ لِتَسْكُنَهَا وَحْدَك لَمْ تَصِحَّ كَمَا فِي الْبَحْرِ فِي الْأُولَى (سَنَةً) بِمِائَةٍ أَوَّلُهَا مِنْ فَرَاغِ الْعَقْدِ لِوُجُوبِ اتِّصَالِهَا بِالْعَقْدِ، فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ كَأَجَّرْتُكَهَا كُلَّ شَهْرٍ بِدِينَارٍ لَمْ تَصِحَّ، وَلَوْ مِنْ إمَامٍ اسْتَأْجَرَهُ مِنْ مَالِهِ لِلْأَذَانِ بِخِلَافِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَلَوْ قَالَ هَذَا الشَّهْرُ بِدِينَارٍ وَمَا زَادَ بِحِسَابِهِ صَحَّ فِي الْأَوَّلِ فَقَطْ، وَأَقَلُّ مُدَّةِ تُؤَجَّرُ لِلسُّكْنَى يَوْمٌ فَأَكْثَرُ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ مَرَّةً وَتَبِعَهُ الرُّويَانِيُّ، وَمَرَّةً أَقَلُّهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا أَفَادَهُ الْأَذْرَعِيُّ جَوَازُ بَعْضِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ فَقَدْ يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضُ مُسَافِرٍ وَنَحْوِهِ، وَالضَّابِطُ كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ مُتَقَوِّمَةً عِنْدَ أَهْلِ الْعُرْفِ أَيْ لِذَلِكَ الْمَحَلِّ لِيَحْسُنَ بِذَلِكَ الْمَالُ فِي مُقَابِلَتِهَا وَتَارَةً تُقَدَّرُ (بِعَمَلٍ) أَيْ بِمَحَلِّهِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ أَوْ بِزَمَنٍ (كَدَابَّةٍ) مُعَيَّنَةٍ أَوْ مَوْصُوفَةٍ لِلرُّكُوبِ أَوْ (لِحَمْلِ شَيْءٍ عَلَيْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSالْحَمَّامِ بِدِرْهَمٍ فَيَقُولُ أَذِنْت فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَا الْمَاءِ) أَيْ أَمَّا هُوَ فَمَقْبُوضٌ بِالْإِبَاحَةِ (قَوْلُهُ: وَيُجِيبُهُ إلَى ذَلِكَ) أَيْ أَوْ يَأْخُذُ مِنْهُ الْأُجْرَةَ مَعَ صِيغَةِ اسْتِحْفَاظٍ (قَوْلُهُ: أَوْ لِتَسْكُنَهَا وَحْدَك) أَيْ فَلَوْ تَقَدَّمَ الْقَبُولُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَشَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ اسْتَأْجَرْتهَا بِكَذَا لِأَسْكُنَهَا وَحْدِي صَحَّ كَمَا بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ. أَقُولُ: وَهُوَ قِيَاسُ مَا لَوْ شَرَطَ الزَّوْجُ عَلَى نَفْسِهِ عَدَمَ الْوَطْءِ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِمْ الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ مُضِرَّةٌ سَوَاءٌ ابْتَدَأَ بِهَا الْمُؤَخَّرَ أَوْ الْقَابِلَ يَقْتَضِي خِلَافَهُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ شَرْطٌ يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ، وَقَدْ يَمُوتُ الْمُسْتَأْجِرُ وَيَنْتَقِلُ الْحَقُّ لِوَارِثِهِ خَاصًّا كَانَ أَوْ عَامًّا، وَلَا يَلْزَمُ مُسَاوَاةُ الْوَارِثِ فِي السُّكْنَى لِلْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: لَمْ تَصِحَّ) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَجْرِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِيمَا مَلَكَهُ بِالْإِجَارَةِ فِيهِمَا، وَقَالَ حَجّ فِي تَعْلِيلِ الْأُولَى: لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الِاشْتِرَاطِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: كُلُّ شَهْرٍ بِدِينَارٍ لَمْ تَصِحَّ) أَيْ حَتَّى فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ لِلْجَهْلِ بِمِقْدَارِ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يُقَدِّرْ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْغَائِبِ غَيْرُ الْمَرْئِيِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَسْتَحْفِظْهُ عَلَيْهَا) فَإِنْ اسْتَحْفَظَهُ عَلَيْهَا صَارَتْ وَدِيعَةً يَضْمَنُهَا بِالتَّقْصِيرِ كَمَا يَأْتِي فِي مَحَلِّهِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَسْتَحْفِظْهُ عَلَيْهَا فَلَا يَضْمَنُهَا أَصْلًا وَإِنْ قَصَّرَ، وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ تَقْيِيدِ الضَّمَانِ بِمَا إذَا دَفَعَ إلَيْهِ أُجْرَةً فِي حِفْظِهَا لَمْ أَعْلَمْ مَأْخَذَهُ . (قَوْلُهُ: ثُمَّ إذَا تَوَفَّرَتْ الشُّرُوطُ فِي الْمَنْفَعَةِ) قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ: قَدْ يُقَالُ مِنْ الشُّرُوطِ كَوْنُهَا مَعْلُومَةً بِالتَّقْدِيرِ الْآتِي فَانْظُرْ بَعْدَ ذَلِكَ حَاصِلَ الْمَعْنَى اهـ. أَقُولُ: الْمُرَادُ بِشَرْطِ الْمَنْفَعَةِ شَرْطُهَا فِي نَفْسِهَا لِكَوْنِهَا مُتَقَوِّمَةً إلَى آخِرِ مَا مَرَّ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكَوْنُ الْمَنْفَعَةِ مُتَقَوِّمَةً، فَالْمُرَادُ بِقِيمَتِهَا الَّذِي هُوَ الْمَنْفَعَةُ شَرَطَ لَهَا كَوْنَهَا مَعْلُومَةً فِي نَفْسِهَا غَيْرَ مُبْهَمَةٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْجَلَالُ الْمُحَقِّقُ بِقَوْلِهِ فَمَا لَهُ مَنَافِعُ يَجِبُ بَيَانُ الْمُرَادِ مِنْهَا اهـ. وَأَمَّا تَقْدِيرُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا فَهُوَ بَيَانٌ لِكَيْفِيَّةِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا وَلَيْسَ شَرْطًا لَهَا فِي نَفْسِهَا، وَيُوَافِقُ هَذَا قَوْلَ الشَّارِحِ كَالْعَلَّامَةِ ابْنِ حَجَرٍ فِي تَرْجَمَةِ الْفَصْلِ فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ الْمَنْفَعَةِ وَمَا تُقَدَّرُ بِهِ، فَجَعَلَ مَا تُقَدَّرُ بِهِ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى الشَّرْطِ، لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا قَوْلُهُمَا بِالتَّقْدِيرِ الْآتِي عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَعْلُومَةً؛ إذْ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْعِلْمَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالتَّقْدِيرِ الْمَذْكُورِ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: أَوَّلُهَا مِنْ فَرَاغِ الْعَقْدِ) يُوهِمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ الْمُؤَجِّرُ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ وَلَيْسَ مُرَادًا،

إلَى مَكَّةَ) أَوْ لِتَرْكَبَهَا شَهْرًا حَيْثُ بَيَّنَ النَّاحِيَةَ الْمَرْكُوبَ إلَيْهَا، وَمَحَلَّ تَسْلِيمِهَا لِلْمُؤَجِّرِ أَوْ نَائِبِهِ (وَكَخِيَاطَةِ ذَا الثَّوْبَ) أَوْ ثَوْبٌ صِفَتُهُ كَذَا، كَاسْتَأْجَرْتُكَ لِخِيَاطَتِهِ أَوْ أَلْزَمْت ذِمَّتَك خِيَاطَتَهُ لِتُمَيَّزَ هَذِهِ الْمَنَافِعُ فِي نَفْسِهَا مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ بِمُدَّةٍ، وكَاسْتَأْجَرْتُك لِلْخِيَاطَةِ شَهْرًا، وَيُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ بَيَانُ مَا يَخِيطُهُ، وَفِي الْكُلِّ كَمَا سَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ بَيَانُ كَوْنِهِ قَمِيصًا أَوْ غَيْرَهُ وَطُولِهِ وَعَرْضِهِ وَنَوْعِ الْخِيَاطَةِ أَوْ هِيَ رُومِيَّةٌ أَوْ غَيْرُهَا، وَمَحَلُّهُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْعَادَةِ وَإِلَّا حُمِلَ الْمُطْلَقُ عَلَيْهَا. وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى التَّقْدِيرُ بِالزَّمَنِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ، فَلَوْ قَالَ أَلْزَمْت ذِمَّتَك عَمَلَ الْخِيَاطَةِ شَهْرًا لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ عَامِلًا وَلَا مَحَلًّا لِلْعَمَلِ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَحْثًا لِعَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَى كَلَامِ الْقَفَّالِ بِمَا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ صِفَةَ الْعَمَلِ وَلَا مَحَلَّهُ وَإِلَّا بِأَنْ بَيَّنَ مَحَلَّهُ وَصِفَتَهُ صَحَّ، وَلَا فَرْقَ كَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ بَيْنَ الْإِشَارَةِ إلَى الثَّوْبِ أَوْ وَصْفِهِ. (فَلَوْ) (جَمَعَهُمَا) أَيْ الْعَمَلَ وَالزَّمَانَ (فَاسْتَأْجَرَهُ لِيَخِيطَهُ) أَيْ الثَّوْبَ يَوْمًا مُعَيَّنًا أَوْ لِيَحْرُثَ هَذِهِ الْأَرْضَ أَوْ يَبْنِيَ هَذِهِ الْحَائِطَ (بَيَاضَ النَّهَارِ) الْمُعَيَّنِ (لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ) لِلْغَرَرِ إذْ قَدْ يَتَقَدَّمُ الْعَمَلُ أَوْ يَتَأَخَّرُ، كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي قَفِيزِ حِنْطَةٍ عَلَى أَنَّ وَزْنَهُ كَذَا حَيْثُ لَا يَصِحُّ لِاحْتِمَالِ زِيَادَتِهِ أَوْ نَقْصِهِ، وَبِهِ يُعْلَمُ رَدُّ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الثَّوْبُ صَغِيرًا يُقْطَعُ بِفَرَاغِهِ فِي الْيَوْمِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِاحْتِمَالِ عُرُوضِ عَائِقٍ لَهُ عَنْ إكْمَالِهِ فِي ذَلِكَ النَّهَارِ، وَإِنْ أَجَابَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ وَالْغَالِبِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ لِأَنَّ ذَلِكَ غَفْلَةٌ مِنْهُ بِدَلِيلِ أَنَّ عِلَّةَ الْبُطْلَانِ الِاحْتِمَالُ، فَدَعْوَى أَنَّهُ خِلَافَ الْأَصْلِ مَرْدُودَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُدَّةَ لِأَنَّهُ رِزْقٌ لَا أُجْرَةٌ (قَوْلُهُ: لِلْمُؤَجِّرِ أَوْ نَائِبِهِ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِمَحَلِّ كَذَا وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمُؤَجَّرَ لَهُ مَنْ يَسْتَلِمُهَا مِنْهُ إذَا وَصَلَ ذَلِكَ الْمَحَلَّ لَمْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ، وَلَوْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ تَصِحَّ ثُمَّ إنْ كَانَ لِلْمُؤَجِّرِ وَكِيلٌ ثُمَّ سَلَّمَهَا لَهُ وَإِلَّا فَلِلْقَاضِي إنْ وُجِدَ وَإِلَّا أَوْدَعَهَا عِنْدَ أَمِينٍ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ هُنَا أَوْ نَائِبِهِ مَا نَصُّهُ: وَلَا يُنَافِي هَذَيْنِ جَوَازُ الْإِبْدَالِ وَالتَّسْلِيمِ لِلْقَاضِي أَوْ نَائِبِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْرَفُ إلَّا بَعْدَ بَيَانِ النَّاحِيَةِ وَمَحَلُّ التَّسْلِيمِ حَتَّى يُبَدَّلَا بِمِثْلِهِمَا اهـ. وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ شَخْصٍ يُسَلِّمُهَا لَهُ بَلْ يَكْفِي أَنْ يَقُولَ تَرْكَبُ إلَى مَحَلِّ كَذَا وَتُسَلِّمُهَا فِي مَحَلِّ كَذَا إلَيَّ أَوْ لِنَائِبِي مَثَلًا ثُمَّ بَعْدَ وُصُولِهِ إنْ وَجَدَهُ أَوْ نَائِبَهُ الْخَاصَّ سَلَّمَهَا لَهُ وَإِلَّا فَلِلْقَاضِي (قَوْلُهُ: وكَاسْتَأْجَرْتُك لِلْخِيَاطَةِ شَهْرًا) مِثَالٌ لِلتَّقْدِيرِ بِالزَّمَنِ وَهُوَ مِنْ صُوَرِ الْإِجَارَةِ الْعَيْنِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وكَاسْتَأْجَرْتُك لِلْخِيَاطَةِ شَهْرًا مَعَ قَوْلِهِ وَفِي الْكُلِّ كَمَا سَيُعْلَمُ إلَخْ فَإِنَّهُ اقْتَصَرَ فِي تَصْوِيرِ التَّقْدِيرِ بِالزَّمَنِ عَلَى الْإِجَارَةِ الْعَيْنِيَّةِ. هَذَا وَلَمْ يَظْهَرْ وَجْهُ امْتِنَاعِ التَّقْدِيرِ بِالزَّمَنِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ مِمَّا ذُكِرَ، بَلْ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْهُ صِحَّتُهُ حَيْثُ بَيَّنَ صِفَةَ الْعَمَلِ وَمَحَلَّهُ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، ثُمَّ قَالَ فِي مَرَّةٍ أُخْرَى: إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ وَإِنْ بَيَّنَ صِفَةَ الْعَمَلِ لَكِنَّ الْعِلَّةَ تَخْتَلِفُ فِي مِقْدَارِ فِعْلِهَا بِاعْتِبَارِ خِفَّةِ الْيَدِ فِي الْعَمَلِ وَبُطْئِهَا، وَمُجَرَّدُ التَّقْدِيرِ بِالزَّمَنِ لَا يُحَصِّلُ مَقْصُودَ الْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ: لَا يَتَأَتَّى التَّقْدِيرُ بِالزَّمَنِ) أَيْ وَخَرَجَ بِالزَّمَنِ التَّقْدِيرُ بِالْعَمَلِ فَيَقُولُ أَلْزَمْت ذِمَّتَك خِيَاطَةَ كَذَا ثُمَّ يُعَيِّنُ مَا يُرِيدُ خِيَاطَتَهُ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ فَيَصِحُّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ عَامِلًا) أَيْ لِأَنَّ الْعَمَلَ الْمُلْتَزَمَ فِي الذِّمَّةِ الْمَقْصُودُ مِنْهُ حُصُولُ الْعَمَلِ مِنْ غَيْرِ تَعَلُّقِهِ بِوَاحِدٍ بِعَيْنِهِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَى كَلَامِ الْقَفَّالِ) أَيْ الْقَائِلِ بِذَلِكَ فَوَافَقَ بَحْثُهُ مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَفِي التُّحْفَةِ زِيَادَةُ وَاوٍ قَبْلَ قَوْلِهِ لَهَا وَهِيَ تَحَقُّقُ الْإِيهَامِ (قَوْلُهُ: أَيْ: بِمَحَلِّهِ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: أَيْ كَالْمَسَافَةِ إلَى مَكَّةَ (قَوْلُهُ: أَوْ بِزَمَنٍ) عُطِفَ عَلَى بِعَمَلٍ، فَقَدْ جَعَلَ الْقِسْمَ الْأَوَّلَ مَا لَا يُقَدَّرُ إلَّا بِالزَّمَنِ وَالثَّانِيَ مَا يُقَدَّرُ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ الْعَمَلِ أَوْ الزَّمَنِ، وَسَيَأْتِي قِسْمٌ ثَالِثٌ وَهُوَ مَا لَا يُقَدَّرُ إلَّا بِالْعَمَلِ، كَذَا فِي حَوَاشِي الشِّهَابِ ابْنِ قَاسِمٍ عَلَى التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ كَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: قَالَ الْقَفَّالُ: إنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِشَارَةِ إلَى الثَّوْبِ أَوْ وَصْفِهِ (قَوْلُهُ: فَدَعْوَى أَنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ مَرْدُودَةٌ) لَا يُنَاسِبُ مَا قَبْلَهُ الَّذِي حَاصِلُهُ الْبُطْلَانُ لِلِاحْتِمَالِ الْمَذْكُورِ، وَإِنْ كَانَ

نَعَمْ الْأَوْجَهُ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ التَّقْدِيرَ بِالْعَمَلِ خَاصَّةً وَإِنَّمَا ذَكَرَ الزَّمَانَ لِلتَّعْجِيلِ فَقَطْ صَحَّ، وَحِينَئِذٍ فَالزَّمَانُ غَيْرُ مَنْظُورٍ لَهُ عِنْدَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ رَأْسًا. وَالثَّانِي يَصِحُّ. وَاعْلَمْ أَنَّ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الْإِجَارَةِ، نَعَمْ تَبْطُلُ بِاسْتِثْنَائِهَا مِنْ إجَارَةِ أَيَّامٍ مُعَيَّنَةٍ كَمَا فِي قَوَاعِدِ الزَّرْكَشِيّ لِلْجَهْلِ بِمِقْدَارِ الْوَقْتِ الْمُسْتَثْنَى مَعَ إخْرَاجِهِ عَنْ مُسَمَّى اللَّفْظِ وَإِنْ وَافَقَ الِاسْتِثْنَاءَ الشَّرْعِيَّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَأَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ. (وَيُقَدَّرُ تَعْلِيمُ) نَحْوِ (الْقُرْآنِ بِمُدَّةٍ) كَشَهْرٍ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي نَحْوِ الْخِيَاطَةِ، وَلَا نَظَرَ لِاخْتِلَافِهِ سُهُولَةً وَصُعُوبَةً، إذْ لَيْسَ عَلَيْهِ قَدْرٌ مُعَيَّنٌ حَتَّى يُتْعِبَ نَفْسَهُ فِي تَحْصِيلِهِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ إرَادَتِهِ جَمِيعَ الْقُرْآنِ بَلْ مَا يُسَمَّى قُرْآنًا، فَإِنْ أَرَادَ جَمِيعَهُ كَانَ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ التَّقْدِيرِ بِالْعَمَلِ وَالزَّمَنِ، وَكَذَا إنْ أُطْلِقَا لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ إنَّ الْقُرْآنَ بِأَلْ لَا يُطْلَقُ إلَّا عَلَى الْكُلِّ: أَيْ غَالِبًا، وَإِلَّا فَقَدْ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ الشَّامِلُ لِلْبَعْضِ أَيْضًا، وَفِي دُخُولِ الْجُمَعِ فِي الْمُدَّةِ تَرَدُّدٌ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ ظَهْرًا لِيَرْكَبَهُ فِي طَرِيقٍ وَاعْتِيدَ نُزُولُ بَعْضِهَا هَلْ يَلْزَمُ لِلْمُكْتَرِي ذَلِكَ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا رَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَدَمُ الدُّخُولِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ بَحْثًا وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْقَفَّالُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ إنْ قَصَدَ التَّقْدِيرَ) أَيْ وَيُعْلَمُ قَصْدُهُ بِالْقَرِينَةِ (قَوْلُهُ: بِالْعَمَلِ خَاصَّةً) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَصَدَ الِاشْتِرَاكَ أَوْ أَطْلَقَ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا ذَكَرَ الزَّمَانَ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ أَخَّرَهُ لَمْ تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ وَلَا خِيَارَ لِلْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ التَّعَاقُدَيْنِ رَأْسًا) أَيْ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ (قَوْلُهُ: الصَّلَوَاتِ) أَيْ وَطَهَارَتَهَا وَرَاتِبَتَهَا وَزَمَنَ الْأَكْلِ وَقَضَاءَ الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ مِنْ الْإِجَارَةِ) أَيْ فَيُصَلِّيهَا بِمَحَلِّهِ أَوْ بِالْمَسْجِدِ إنْ اسْتَوَى الزَّمَنَانِ فِي حَقِّهِ وَإِلَّا تَعَيَّنَ مَحَلُّهُ، وَاسْتِئْجَارُهُ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ وَمِنْ إجَارَةِ أَيَّامٍ مُعَيَّنَةٍ) لَمْ يَذْكُرْ مَفْهُومَهُ مَعَ أَنَّ الْإِجَارَةَ مَتَى قُدِّرَتْ بِزَمَانٍ كَانَتْ أَيَّامُهَا مُعَيَّنَةً، وَلَعَلَّهُ اُحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا لَوْ قَدَّرَ بِمَحَلِّ عَمَلٍ وَاسْتَثْنَى أَوْقَاتَ الصَّلَوَاتِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ، لِأَنَّ التَّقْدِيرَ بِالْعَمَلِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ نَفْسُ الْعَمَلِ كَثُرَ زَمَنُهُ أَوْ قَلَّ (قَوْلُهُ: عَنْ مُسَمَّى اللَّفْظِ) وَسَيَأْتِي عَنْ حَجّ أَنَّهُ يَجِبُ السَّعْيُ لِلصَّلَاةِ وَلَوْ جُمُعَةً لَمْ يُخْشَ مِنْ الذَّهَابِ إلَيْهَا عَلَى عَمَلِهِ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ زَادَ زَمَنُ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى زَمَنِ صَلَاتِهِ بِمَوْضِعِ عَمَلِهِ: أَيْ فَلَوْ ذَهَبَ إلَيْهَا وَصَلَّاهَا ثُمَّ شَكَّ فِي أَنَّهَا مَسْبُوقَةٌ أَمْ لَا صَلَّى الظُّهْرَ لِعَدَمِ إجْزَاءِ الْجُمُعَةِ فِي ظَنِّهِ، وَكَذَا لَوْ صَلَّى الْجُمُعَةَ أَوْ غَيْرَهَا ثُمَّ بَانَ عَدَمُ إجْزَاءِ صَلَاتِهِ لِنَجَاسَةٍ بِبَدَنِهِ أَوْ ثِيَابِهِ مَثَلًا أَوْ بَانَ بِإِمَامِهِ مَا يُوجِبُ الْإِعَادَةَ يَجِبُ إعَادَةُ مَا صَلَّاهُ لِعَدَمِ إجْزَاءِ مَا فَعَلَهُ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَسْقُطَ مِنْ الْأُجْرَةِ مَا يُقَابِلُ فِعْلَ الْإِعَادَةِ لِأَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى مَا يَنْصَرِفُ الْعَقْدُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ) بَقِيَ مَا لَوْ أَجَّرَ نَفْسَهُ بِشَرْطِ الصَّلَاةِ وَصَرَفَ زَمَنَهَا فِي الْعَمَلِ الْمُسْتَأْجَرِ لَهُ هَلْ تَصِحُّ الْإِجَارَةُ وَيَلْغُو الشَّرْطُ لِاسْتِثْنَائِهَا شَرْعًا أَمْ تَبْطُلُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَرَادَ جَمِيعَهُ) أَيْ أَوْ بَعْضًا مُعَيَّنًا مِنْهُ وَإِنْ قُطِعَ بِحِفْظِهِ عَادَةً (قَوْلُهُ كَانَ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ التَّقْدِيرِ بِالْعَمَلِ وَالزَّمَنِ) أَيْ وَهُوَ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ أُطْلِقَا) أَيْ فَيَبْطُلُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَفِي دُخُولِ الْجُمَعِ) أَيْ أَيَّامِهَا (قَوْلُهُ فِي الْمُدَّةِ) أَيْ مُدَّةِ التَّعْلِيمِ، وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ مُدَّةَ الْخِيَاطَةِ أَوْ بِنَاءٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فَإِنَّ أَيَّامَ الْجُمَعِ تَدْخُلُ فِيمَا قَدَّرَهُ مِنْ الزَّمَنِ وَتُسْتَثْنَى أَوْقَاتُ الصَّلَوَاتِ عَلَى مَا مَرَّ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ اطَّرَدَتْ عَادَتُهُمْ فِي مَحَلِّ الْعَقْدِ بِتَرْكِ الْعَمَلِ فِي أَيَّامِ الْجُمَعِ (قَوْلُهُ: هَلْ يَلْزَمُ الْمُكْتَرِيَ ذَلِكَ) أَيْ وَالرَّاجِحُ اللُّزُومُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ (قَوْلُهُ عَدَمُ الدُّخُولِ) قِيَاسُهُ بِالْأَوْلَى عَدَمُ دُخُولِ عِيدَيْ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى، بَلْ لَا يَبْعُدُ أَنَّ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ كَذَلِكَ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ مَا لَوْ اعْتَادُوا بَطَالَةَ شَيْءٍ قَبْلَ يَوْمِ الْعِيدِ أَوْ بَعْدَهُ بَلْ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ كَالْأَيَّامِ الَّتِي اُعْتِيدَ فِيهَا خُرُوجُ الْمَحْمَلِ مَثَلًا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَصْلُ وَالْغَالِبُ عَدَمَهُ، فَفِيهِ تَسْلِيمُ أَنَّ الْأَصْلَ وَالْغَالِبَ عَدَمُهُ لَكِنْ لَا نَظَرَ إلَى ذَلِكَ فَكَانَ الْأَصْوَبُ حَذْفَ قَوْلِهِ فَدَعْوَى إلَخْ قَوْلُهُ (قَوْلُهُ: إذْ لَيْسَ عَلَيْهِ قَدْرٌ مُعَيَّنٌ إلَخْ) وَسَيَأْتِي فِي حَمْلِهِ لِكَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ الْآتِي أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِعْجَازُ

كَالْأَحَدِ لِلنَّصَارَى أَخْذًا مِنْ إفْتَاءِ الْغَزَالِيِّ بَعْدَ دُخُولِ السَّبْتِ فِي اسْتِئْجَارِ الْيَهُودِ شَهْرًا لِاطِّرَادِ الْعُرْفِ بِهِ. (أَوْ تَعْيِينِ سُوَرٍ) أَوْ سُورَةٍ أَوْ آيَاتٍ مِنْ سُورَةِ كَذَا وَيَذْكُرُ مِنْ أَوَّلِهَا أَوْ آخِرِهَا أَوْ وَسَطِهَا لِلتَّفَاوُتِ فِي ذَلِكَ، وَشَرَطَ الْقَاضِي أَنْ يَكُونَ فِي التَّعْلِيمِ كُلْفَةٌ كَأَنْ لَا يَتَعَلَّمَ الْفَاتِحَةَ مَثَلًا إلَّا فِي نِصْفِ يَوْمٍ، فَإِنْ تَعَلَّمَهَا فِي مَرَّتَيْنِ لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِئْجَارُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّدَاقِ، وَالْأَوْجَهُ كَوْنُ الْمَدَارِ عَلَى الْكُلْفَةِ عُرْفًا كَإِقْرَائِهَا وَلَوْ مَرَّةً خِلَافُ مَا يُوهِمُهُ قَوْلُهُ نِصْفَ يَوْمٍ، وَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ لِدُونِ ثَلَاثِ آيَاتٍ، لِأَنَّ تَعْيِينَ الْقُرْآنِ يَقْتَضِي الْإِعْجَازَ وَدُونَهَا لَا إعْجَازَ فِيهِ مَحَلُّ النَّظَرِ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ مَا دُونَهَا كَذَلِكَ. وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِتَعْلِيمِ قُرْآنٍ مُقَدَّرٍ بِزَمَنٍ فَيُعْتَبَرُ حِينَئِذٍ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِعْجَازُ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ قِرَاءَةِ نَافِعٍ مَثَلًا لِأَنَّ الْأَمْرَ قَرِيبٌ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ عَيَّنَ شَيْئًا تَعَيَّنَ، فَلَوْ أَقْرَأَهُ غَيْرُهُ اتَّجَهَ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِهِ أُجْرَةً ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: كَالْأَحَدِ لِلنَّصَارَى) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهَلْ يُلْحَقُ بِذَلِكَ بَقِيَّةُ أَعْيَادِهِمَا؟ فِيهِ نَظَرٌ لَا سِيَّمَا الَّتِي تَدُومُ أَيَّامًا، وَالْأَقْرَبُ الْمَنْعُ اهـ. وَلَا يُنَافِي اسْتِثْنَاءُ سَبْتِ الْيَهُودِ أَنَّهُ إذَا اسْتَعْدَى عَلَيْهِ يَوْمَ السَّبْتِ أُحْضِرَ لِأَنَّهُ لِحَقٍّ تَعَلَّقَ بِهِ وَالْإِجَارَةُ تَنْزِلُ عَلَى الْعَمَلِ الْمُعْتَادِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لِاطِّرَادِ الْعُرْفِ بِهِ) وَحِينَئِذٍ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ حَمْلًا لَهُ عَلَى الْبَعْضِ وَصَوْنًا لَهُ عَنْ الْبُطْلَانِ مُؤَلِّفُ فَتَكُونُ الْجُمَعُ مُسْتَثْنَاةً، وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ مِنْ الْبُطْلَانِ لِلْإِجَارَةِ عِنْدَ اسْتِثْنَائِهَا أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ كَوْنُ الْمَدَارِ عَلَى الْكُلْفَةِ) أَيْ وَلَوْ حَرْفًا وَاحِدًا كَأَنْ نَقَلَ عَلَيْهِ النُّطْقَ بِهِ فَعَالَجَهُ لِيَعْرِفهُ لَهُ (قَوْلُهُ: عُرْفًا) أَيْ وَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ وَلَوْ لَمْ يُقْرِئْهُ بِالْأَحْكَامِ لِأَنَّهُ يُسَمَّى قِرَاءَةً عُرْفًا، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِقِرَاءَةٍ عَلَى قَبْرٍ أَوْ قِرَاءَةِ لَيْلَةٍ مَثَلًا عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: وَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) . [فَرْعٌ] لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِحِفْظِ كَذَا مِنْ الْقُرْآنِ هَلْ يَفْسُدُ الْعَقْدُ لِأَنَّ الْحِفْظَ لَيْسَ بِيَدِهِ كَمَا لَوْ شَرَطَ الشِّفَاءَ فِي الْمُدَاوَاةِ أَوْ يَصِحُّ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ مِنْ التَّعْلِيمِ بِهِ وَيُفَرَّقُ؟ فِيهِ نَظَرٌ سم عَلَى حَجّ. وَلَا يَبْعُدُ الصِّحَّةُ بِمَا عُلِّلَ بِهِ مِنْ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ التَّعْلِيمِ الْحِفْظُ، وَقَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ: أَيْ بَيْنَ الْمُدَاوَاةِ وَالْحِفْظِ، وَلَعَلَّهُ أَنَّ التَّعْلِيمَ مُسْتَلْزِمٌ لِلْحِفْظِ عَادَةً مُطَّرِدَةً غَايَتُهُ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ شِدَّةً وَضَعْفًا بِاعْتِبَارِ قُوَّةِ فَهْمِ الْمُتَعَلِّمِ وَضَعْفِهِ، وَلَا كَذَلِكَ الشِّفَاءُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُدَاوَاةُ إذْ كَثِيرًا مَا تُوجَدُ وَلَا يُوجَدُ الشِّفَاءُ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ عَلَّمَهُ مُدَّةً تَقْتَضِي الْعَادَةُ مَعَهَا بِالْحِفْظِ لِلْبَلِيدِ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِ فَيَنْبَغِي اسْتِحْقَاقُ الْأُجْرَةِ لِأَنَّ التَّعْلِيمَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ هُوَ الْمَقْصُودُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ تَعْيِينَ الْقُرْآنِ إلَخْ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَخْلُو عَنْ نَظَرٍ لِأَنَّ الْقُرْآنَ يُطْلَقُ عَلَى الْكَثِيرِ وَالْقَلِيلِ وَالْمَدَارُ عَلَى الْكُلْفَةِ الْحَاصِلَةِ بِالتَّعْلِيمِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذَكَرَ الشَّارِحُ وَأَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا لِأَنَّ بَعْضَ الْقُرْآنِ قُرْآنٌ وَإِنْ لَمْ يَتَّصِفْ بِالْإِعْجَازِ اسْتِقْلَالًا وَلِهَذَا يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ قِرَاءَةُ كَلِمَةٍ بَلْ حَرْفٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ: أَنَّ مَا دُونَهَا كَذَلِكَ) أَيْ يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لَهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ مَا دُونَ الثَّلَاثِ مُعْجِزٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ أَطْلَقَهَا صَحَّ وَحُمِلَ عَلَى الْغَالِبِ فِي بَلَدِهِ إنْ كَانَ وَإِلَّا أَقْرَأَهُ مَا شَاءَ، فَإِنْ تَنَازَعَا فِيمَا يَعْلَمُهُ أُجِيبَ الْمُعَلَّمُ لِأَنَّهُ حَقٌّ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ فَيُؤَدِّيهِ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ أَرَادَهَا قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ نَقْدَانِ مُسْتَوِيَانِ فَيُخْرِجُ فِي الزَّكَاةِ وَفِي أَدَاءِ قِيمَةِ التَّلَفِ مَا شَاءَ (قَوْلُهُ فَلَوْ أَقْرَأَهُ غَيْرُهُ إلَخْ) هَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً لِلْكَلِمَاتِ الَّتِي فِيهَا الْخِلَافُ مَثَلًا بَيْنَ نَافِعٍ وَغَيْرِهِ أَوْ جَمِيعِ مَا عَلَّمَهُ إيَّاهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ وَإِنْ كَانَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِهِ الثَّانِي. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَيُعْتَبَرُ حِينَئِذٍ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِعْجَازُ) اُنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ اعْتِبَارُ ذَلِكَ لِوُجُوبِ الْأُجْرَةِ حَتَّى إذَا لَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً أَوْ اعْتِبَارُهُ لِمَاذَا؟ ثُمَّ رَأَيْت الشِّهَابَ ابْنَ قَاسِمٍ نَظَرَ فِي هَذَا الْحَمْلِ بِأَنَّ بَعْضَ الْقُرْآنِ يُسَمَّى قُرْآنًا وَإِنْ لَمْ

خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الْمُتَعَلِّمِ وَإِسْلَامِهِ أَوْ رَجَاءَ إسْلَامِهِ، وَيُفَارِقُ مَنْعَ بَيْعِ نَحْوِ مُصْحَفٍ مِمَّنْ يُرْجَى إسْلَامُهُ بِأَنَّ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى خُلْفِ الرَّجَاءِ فِيهِ مِنْ الِامْتِهَانِ أَفْحَشُ مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَى التَّعْلِيمِ هُنَا، وَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَتُهُ وَلَا اخْتِيَارُ حِفْظِهِ. نَعَمْ لَوْ وَجَدَهُ خَارِجًا عَنْ عَادَةِ أَمْثَالِهِ تَخَيَّرَ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيُعْتَبَرُ عِلْمُهُمَا بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَإِلَّا وَكَّلَا مَنْ يُعَلِّمُهُ، وَلَا يَكْفِي فَتْحُ الْمُصْحَفِ وَتَعْيِينُهُمَا قَدْرًا مِنْهُ لِاخْتِلَافِ الْمُشَارِ إلَيْهِ صُعُوبَةً وَسُهُولَةً، وَفَارَقَ الِاكْتِفَاءَ بِمُشَاهَدَةِ الْكَفِيلِ فِي الْبَيْعِ كَمَا مَرَّ بِأَنَّهُ مَحْضُ تَوَثُّقٍ لِلْعَقْدِ لَا مَعْقُودَ عَلَيْهِ فَكَانَ أَمْرُهُ أَخَفَّ. (وَفِي الْبِنَاءِ) أَيْ الِاسْتِئْجَارِ لَهُ عَلَى أَرْضٍ أَوْ نَحْوِ سَقْفٍ (يُبَيِّنُ الْمَوْضِعَ) الَّذِي يَبْنِي فِيهِ الْجِدَارَ (وَالطُّولَ) لَهُ وَهُوَ الِامْتِدَادُ مِنْ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ إلَى الْأُخْرَى (وَالْعَرْضَ) وَهُوَ مَا بَيْنَ وَجْهَيْ الْجِدَارِ (وَالسَّمْكَ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَهُوَ الِارْتِفَاعُ إنْ قُدِّرَ بِالْعَمَلِ (وَمَا يَبْنِي بِهِ) مِنْ حَجَرٍ أَوْ غَيْرِهِ وَكَيْفِيَّةَ الْبِنَاءِ أَهُوَ مُنَضَّدٌ أَوْ مُجَوَّفٌ أَوْ مُسَقَّمٌ (إنْ قُدِّرَ بِالْعَمَلِ) لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِهِ. نَعَمْ إنْ كَانَ مَا يَبْنِي بِهِ حَاضِرًا فَمُشَاهَدَتُهُ تُغْنِي عَنْ تَبْيِينِهِ، وَفَارَقَ مَا ذُكِرَ تَقْدِيرَ الْحَفْرِ بِالزَّمَنِ حَيْثُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ بَيَانُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْفَرْضَ فِي الْخِيَاطَةِ وَالْبِنَاءِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْحَفْرِ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ مَحَلًّا لِلْبِنَاءِ عَلَيْهِ وَهُوَ نَحْوُ سَقْفٍ اُشْتُرِطَ جَمِيعُ ذَلِكَ أَوْ أَرْضٍ اُشْتُرِطَ مَا سِوَى ـــــــــــــــــــــــــــــS [فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَنْ الِاسْتِئْجَارِ لِتَعْلِيمِ الْقِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ فَأَجَبْنَا عَنْهُ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ مُرَادُهُ مِنْ تَعَلُّمِهَا الِاسْتِشْهَادَ بِهَا عَلَى قَوَاعِدِ النَّحْوِ أَوْ الِاحْتِرَازَ عَنْ الْقِرَاءَةِ بِهَا صَحَّتْ الْإِجَارَةُ، وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ الْقِرَاءَةَ بِهَا الْمُحَرَّمَةَ لَمْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ) هُوَ حَجّ فَإِنَّهُ يَقُولُ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الْمُتَعَلِّمِ) أَيْ لِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى خُلْفِ الرَّجَاءِ فِيهِ) أَيْ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَتُهُ) أَيْ الْمُتَعَلِّمِ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ وَجَدَهُ) أَيْ الْمُعَلَّمَ (قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ عِلْمُهُمَا بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ) وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُعْتَبَرَ بَيَانُ أَنَّ التَّعْلِيمَ مِنْ أَوَّلِ الْقُرْآنِ أَوْ مِنْ آخِرِهِ أَوْ مِنْ وَسَطِهِ لِأَنَّ الْغَرَضَ مُخْتَلِفٌ جِدًّا بِذَلِكَ اهـ سم عَلَى حَجّ. ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الشَّارِحِ السَّابِقِ وَيَذْكُرُ مِنْ أَوَّلِهَا إلَى آخِرِهَا (قَوْلُهُ وَإِلَّا وَكَّلَا) لَا يُقَالُ: كَيْفَ يَجْهَلُهُ الْمُعَلِّمُ؟ لِأَنَّا نَقُولُ: يَجُوزُ أَنَّهُ أَلْزَمَ ذِمَّتَهُ التَّعْلِيمَ وَهُوَ مُمْكِنٌ بِإِحْضَارِ غَيْرِهِ لَهُ وَبِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُعَلِّمَ مِنْ الْمُصْحَفِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ مَعْرِفَةُ السُّورَةِ الَّتِي يُرِيدُ الْعَقْدَ عَلَيْهَا. [فَرْعٌ] قَالَ حَجّ: لَوْ كَانَ يَنْسَى مَا يَتَعَلَّمُهُ لِوَقْتِهِ فِيهِ وُجُوهٌ أَصَحُّهَا اعْتِبَارُ الْعُرْفِ: أَيْ إنْ اطَّرَدَ، وَإِلَّا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ وُجُوبُ الْبَيَانِ فِي الْعَقْدِ، فَإِنْ طَرَأَ كَوْنُهُ يَنْسَى بَعْدَهُ احْتَمَلَ أَنْ يُقَالَ يُخَيَّرُ الْأَجِيرُ وَأَنْ يُقَالَ لَا يَلْزَمُهُ التَّحْدِيدُ لِمَا حَفِظَ سَوَاءٌ فِيمَا ذَكَرَ نَسْيَهُ قَبْلَ كَمَالِ الْآيَةِ أَوْ بَعْدَهَا ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا إلَخْ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ مَا ذُكِرَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَ مَنْ يَبْنِي لَهُ اشْتَرَطَ أَنْ يُبَيِّنَ الْمَوْضِعَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ نَحْوُ سَقْفٍ) أَيْ كَجِدَارٍ، وَأَفْتَى ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي اسْتِئْجَارِ عُلُوِّ دُكَّانٍ مَوْقُوفَةٍ لِلْبِنَاءِ عَلَيْهِ بِجَوَازِهِ إنْ كَانَ عَلَيْهِ حَالَةَ الْوَقْفِ بِنَاءٌ وَتَعَذَّرَتْ إعَادَتُهُ: أَيْ مِنْ جِهَةِ نَاظِرِ الْوَقْفِ حَالًا وَمَآلًا وَلَمْ يَضُرَّ بِالسُّفْلِ. قَالَ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ وَاعْتِيدَ انْتِفَاعُ الْمُسْتَأْجِرِ بِسَطْحِهِ وَكَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَتَّصِفْ بِالْإِعْجَازِ اسْتِقْلَالًا، وَلِهَذَا يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ قِرَاءَةُ كَلِمَةٍ بَلْ حَرْفٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الْمُتَعَلِّمِ) أَيْ: فَلَا يَصِحُّ اسْتَأْجَرْتُكَ لِتُعَلِّمَ أَحَدَ عَبْدَيْ (قَوْلُهُ: إنْ قُدِّرَ بِالْعَمَلِ) تَبِعَ فِي ذِكْرِهِ هُنَا الْعَلَّامَةَ ابْنَ حَجَرٍ، لَكِنْ إنَّمَا ذَكَرَ هَذَا هُنَا لِلزِّيَادَةِ الَّتِي زَادَهَا عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنْ قُدِّرَ بِالْعَمَلِ حَيْثُ قَالَ أَوْ بِالزَّمَنِ عَلَى مَا يَأْتِي فِيهِ، فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ ذِكْرُهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِهِ) إلَى قَوْلِهِ بِخِلَافِ الْحَفْرِ مُتَعَلِّقٌ بِالزَّمَنِ الَّذِي زَادَهُ فِي التُّحْفَةِ فَأَسْقَطَهُ الشَّارِحُ وَذَكَرَ هَذَا فَلَمْ يَصِحَّ، وَلَعَلَّ إسْقَاطَهُ مِنْ الْكَتَبَةِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ عَقِبَ الْمَتْنِ نَصُّهَا: أَوْ بِالزَّمَنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُ؛ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهِ وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي خِيَاطَةٍ قُدِّرَتْ بِزَمَنٍ أَنَّهُ لَا بُدَّ

الِارْتِفَاعِ وَمَا يَبْنِي بِهِ وَصِفَةُ الْبِنَاءِ لِأَنَّهَا تَحْمِلُ كُلَّ شَيْءٍ، وَيُعَيِّنُ فِي النِّسَاخَةِ عَدَدَ الْأَوْرَاقِ وَأَسْطُرَ الصَّفْحَةِ وَقَدْرَ الْقَطْعِ وَالْحَوَاشِي، وَيَجُوزُ التَّقْدِيرُ فِيهَا بِالْمُدَّةِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَا يَبْعُدُ اشْتِرَاطُ الْمُسْتَأْجِرِ خَطَّ الْأَجِيرِ وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِبَيَانِ دِقَّةِ الْخَطِّ وَغِلَظِهِ، وَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُهُ إنْ اخْتَلَفَ بِهِ غَرَضٌ وَإِلَّا فَلَا، وَيُبَيِّنُ فِي الرَّعْيِ الْمُدَّةَ وَجِنْسَ الْحَيَوَانِ وَنَوْعَهُ، وَيَجُوزُ الْعَقْدُ عَلَى قَطِيعٍ مُعَيَّنٍ وَعَلَى قَطِيعٍ فِي الذِّمَّةِ، وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ فِيهِ الْعَدَدَ اكْتَفَى بِالْعُرْفِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي، وَيُبَيِّنُ فِي الِاسْتِئْجَارِ لِضَرْبِ اللَّبَنِ إذَا قُدِّرَ بِالْعَمَلِ الْعَدَدَ وَالْقَالَبَ بِفَتْحِ اللَّامِ طُولًا وَعَرْضًا وَسَمْكًا إنْ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّبْيِينِ، فَإِنْ قُدِّرَ بِالزَّمَانِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى ذِكْرِ الْعَدَدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعُمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَإِنْ قُدِّرَ بِالزَّمَانِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى بَيَانِ مَا ذُكِرَ: أَيْ جَمِيعُهُ فَلَا يُنَافِيهِ وُجُوبُ بَيَانِ صِفَتِهِ. (وَإِذَا صَلَحَتْ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّهَا (الْأَرْضُ لِبِنَاءٍ وَزِرَاعَةٍ وَغِرَاسٍ) أَوْ لِاثْنَيْنِ مِنْ ذَلِكَ (اُشْتُرِطَ) فِي صِحَّةِ إجَارَتِهَا (تَعْيِينُ) نَوْعِ (الْمَنْفَعَةِ) الْمُسْتَأْجَرِ لَهَا لِاخْتِلَافِ ضَرَرِهَا، فَلَوْ أُطْلِقَ لَمْ تَصِحَّ. أَمَّا إذَا لَمْ تَصْلُحْ إلَّا لِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ يَكْفِي الْإِطْلَاقُ فِيهَا كَأَرَاضِي الْأَحْكَارِ فَإِنَّهُ يَغْلِبُ فِيهَا الْبِنَاءُ وَبَعْضُ الْبَسَاتِينِ فَإِنَّهُ يَغْلِبُ فِيهَا الْغِرَاسُ (وَيَكْفِي تَعْيِينُ الزِّرَاعَةِ) بِأَنْ يَقُولَ لِلزِّرَاعَةِ أَوْ لِتَزْرَعَهَا (عَنْ ذِكْرِ مَا يَزْرَعُ وَالْأَصَحُّ) فَيَزْرَعُ مَا شَاءَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْبِنَاءُ عَلَيْهِ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَيَنْقُصُ بِسَبَبِهِ أُجْرَتُهُ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ زَادَتْ أُجْرَةُ الْبِنَاءِ عَلَى مَا نَقَصَ مِنْ أُجْرَتِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ تَغْيِيرٌ لِلْوَقْفِ مَعَ إمْكَانِ بَقَائِهِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ جَازَ. وَاعْتَرَضَ السُّبْكِيُّ مَا قَالَهُ مِنْ الْجَوَازِ بِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَنْقُولِ لِقَوْلِهِمْ لَوْ انْقَلَعَ الْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ لَمْ يُؤَجِّرْ الْأَرْضَ لِيَبْنِيَ فِيهَا غَيْرَ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ بَلْ يُنْتَفَعُ بِهَا بِزَرْعٍ أَوْ نَحْوِهِ إلَى أَنْ تُعَادَ لِمَا كَانَتْ عَلَيْهِ وَخِلَافُ الْمُدْرِكِ لِأَنَّ الْبَانِيَ قَدْ يَسْتَوْلِي عَلَيْهِ وَيَدَّعِي مِلْكَ السُّفْلِ وَيَعْجِزُ النَّاظِرُ عَنْ بَيِّنَةٍ تَدْفَعُهُ حَجّ. وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَنْقُصْ بِسَبَبِهِ الْأُجْرَةُ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَقَدَّرَ الْقَطْعَ) أَيْ كَوْنُهُ فِي نِصْفِ الْفَرْخِ أَوْ كَامِلِهِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ التَّقْدِيرُ فِيهَا بِالْمُدَّةِ) وَلَا بُدَّ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ حِينَئِذٍ مِنْ كَوْنِهَا إجَارَةَ عَيْنٍ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ التَّقْدِيرَ بِالزَّمَنِ لَا يَتَأَتَّى فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ ثُمَّ حَيْثُ صَحَّ الْعَقْدُ لَا تَدْخُلُ أَوْقَاتُ الصَّلَوَاتِ وَقَضَاءُ الْحَاجَةِ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ فِيهِ بِعَدَمِ الْفَسْخِ (قَوْلُهُ: فَقَوْلُ الشَّارِحِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْبِنَاءِ (قَوْلُهُ وَيُبَيِّنُ فِي الرَّعْيِ) أَيْ فِي الِاسْتِئْجَارِ لَهُ (قَوْلُهُ اكْتَفَى بِالْعُرْفِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ ثَمَّ عُرْفٌ مُطَّرِدٌ فِي مَحَلِّ الْعَقْدِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ عَدَدٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ قَدَّرَ بِالزَّمَانِ إلَخْ) أَيْ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ غَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَوْصَافِ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا صَلَحَتْ) أَيْ بِحَسَبِ الْعَادَةِ، وَإِلَّا فَغَالِبُ الْأَرَاضِيِ يَتَأَتَّى فِيهَا كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: نَوْعِ الْمَنْفَعَةِ) أَيْ فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي تَعْيِينُ الزِّرَاعَةِ إلَخْ) . [وَاقِعَةٌ] أَجَّرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ فَعَطَّلَهَا الْمُسْتَأْجِرُ فَنَبَتَ فِيهَا عُشْبٌ فَلِمَنْ يَكُونُ؟ أَجَابَ شَيْخُنَا بِأَنَّهُ لِلْمَالِكِ لِأَنَّ الْأَعْيَانَ لَا تُمَلَّكُ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ وَتُمَلَّكُ الْمَنَافِعُ اهـ دَمِيرِيٌّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَيْ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأُجْرَةَ الَّتِي وَقَعَ بِهَا الْعَقْدُ تَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهَا تَجِبُ بِقَبْضِ الْعَيْنِ. وَقِيَاسُ مَا أَجَابَ بِهِ أَنَّ مَا يَطْلُعُ فِي خِلَالِ الزَّرْعِ مِنْ غَيْرِ بَذْرِ الْمُسْتَأْجِرِ كَالْحَشِيشِ مَثَلًا يَكُونُ لِمَالِكِ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ: فَيَزْرَعُ مَا شَاءَ) أَيْ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَلَوْ مِنْ أَنْوَاعٍ مُخْتَلِفَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنْ يُعَيِّنَ مَا يَخِيطَهُ، وَفَارَقَ مَا ذُكِرَ تَعْيِينَ الْحَفْرِ بِالزَّمَنِ إلَى آخِرِ مَا فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعِمْرَانِيُّ) صَوَابُهُ الْفَارِقِيُّ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ الَّذِي نَقَلَ الشَّارِحُ عِبَارَتَهُ مَعَ الْمَتْنِ بِالْحَرْفِ (قَوْلُهُ: فَقَوْلُ الشَّارِحِ) يَعْنِي فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذِكْرَ الزَّمَنِ أَثْبَتَهُ الشَّارِحُ فِيمَا مَرَّ كَالتُّحْفَةِ وَأَنَّ إسْقَاطَهُ مِنْ الْكَتَبَةِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَقَوْلُ

إذْ تَفَاوُتُ أَنْوَاعِ الزَّرْعِ قَلِيلٌ وَمِنْ ثَمَّ يُنَزَّلُ عَلَى أَقَلِّهَا ضَرَرًا وَأَجْرَيَا ذَلِكَ فِي لِتَغْرِسَ أَوْ لِتَبْنِيَ فَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ أَفْرَادِهِمَا فَيَغْرِسَ أَوْ يَبْنِيَ مَا شَاءَ، وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ مِنْ كَثْرَةِ التَّفَاوُتِ فِي أَنْوَاعِ هَذَيْنِ رُدَّ بِمَنْعِ ذَلِكَ، فَإِبْهَامُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِالزِّرَاعَةِ لَيْسَ مُرَادًا. وَالثَّانِي لَا يَكْفِي لِأَنَّ ضَرَرَ الزَّرْعِ مُخْتَلِفٌ. وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِيمَنْ أَجَّرَ عَنْ نَفْسِهِ، فَإِنْ فَعَلَ عَنْ غَيْرِهِ بِوِلَايَةٍ أَوْ نِيَابَةٍ لَمْ يَكْفِ الْإِطْلَاقُ لِوُجُوبِ الِاحْتِيَاطِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَوْ لَمْ تَصْلُحْ إلَّا لِلزِّرَاعَةِ وَغَصَبَهَا غَاصِبٌ فِي سِنِي جَدْبٍ فَالْأَقْرَبُ لُزُومُ أُجْرَةِ مِثْلِهَا مُدَّةَ اسْتِيلَائِهِ عَلَيْهَا لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا بِنَحْوِ رَبْطِ دَوَابَّ فِيهَا، وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لَهَا ذَلِكَ الْوَقْتَ وَيُلْحَقُ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ بُيُوتُ مِنًى فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْمَوْسِمِ لِأَنَّا لَا نَعْتَبِرُ فِي تَغْرِيمِ الْغَاصِبِ أَنْ يَكُونَ لِلْمَغْصُوبِ أُجْرَةٌ بِالْفِعْلِ بَلْ بِالْإِمْكَانِ فَحَيْثُ أَمْكَنَ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَجَبَتْ أُجْرَتُهُ. (وَلَوْ) (قَالَ) آجَرْتُكهَا (لِتَنْتَفِعَ بِهَا بِمَا شِئْت) صَحَّ وَيَفْعَلُ مَا شَاءَ لِرِضَاهُ بِهِ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يُنْتَفَعَ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْعَارِيَّةِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَدَمُ الْإِضْرَارِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ، فَعَلَيْهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ إرَاحَةُ الْمَأْجُورِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ كَمَا فِي إرَاحَةِ الدَّابَّةِ، وَلَا أَثَرَ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ إتْعَابَ الدَّابَّةِ الْمُضِرُّ بِهَا حَرَامٌ حَتَّى عَلَى مَالِكِهَا، بِخِلَافِ الْأَرْضِ لِأَنَّ الْعَادَةَ مُحَكَّمَةٌ وَتَعْمِيمُ مَحْمُولٍ عَلَيْهَا لِلُحُوقِ الضَّرَرِ لِلْمَالِكِ بِمُخَالَفَتِهَا، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ إلْحَاقِ الْآدَمِيِّ بِهِمَا فَلَا تَصِحُّ إجَارَتُهُمَا لِيَنْتَفِعَ بِهِ الْمُؤَجِّرُ مَا شَاءَ. (وَكَذَا) يَصِحُّ (لَوْ) (قَالَ) لَهُ إنْ شِئْت فَازْرَعْهَا وَإِنْ شِئْت فَاغْرِسْهَا (فِي الْأَصَحِّ) وَيُتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا فَيَصْنَعُ مَا شَاءَ مِنْ زَرْعٍ وَغَرْسٍ لِرِضَاهُ بِالْأَضَرِّ. وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِلْإِبْهَامِ، وَلَا بُدَّ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ أَخْذًا مِنْ تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ بِزِيَادَةِ مَا شِئْت بِأَنْ يَقُولَ إنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSثُمَّ رَأَيْته فِي الزِّيَادِيِّ وَفِي كَلَامِهِ الْآتِي (قَوْلُهُ: فَيَغْرِسُ أَوْ يَبْنِي مَا شَاءَ) أَيْ وَلَوْ بِغَرْسِ الْبَعْضِ وَبِنَاءِ الْبَعْضِ. (قَوْلُهُ: فِي سِنِي) بِسُكُونِ الْيَاءِ وَأَصْلُهُ فِي سِنِينَ حُذِفَتْ النُّونُ لِلْإِضَافَةِ فَمَنْ قَرَأَهَا بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ لَمْ يُصِبْ (قَوْلُهُ: جَدْبٍ) هُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ الْقَحْطُ (قَوْلُهُ: فَالْأَقْرَبُ لُزُومُ أُجْرَةِ مِثْلِهَا إلَخْ) لَعَلَّهُ لِلِانْتِفَاعِ الْمُمْكِنِ اهـ سم حَجّ. وَعَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يُمْكِنْ الِانْتِفَاعُ بِهَا إلَّا فِي الزِّرَاعَةِ لَمْ يَسْتَحِقَّ أُجْرَةً لِمُدَّةِ الْغَصْبِ (قَوْلُهُ وَيَفْعَلُ مَا شَاءَ) شَامِلٌ لِنَحْوِ الْقَصَبِ وَالْأُرْزِ مَعَ شِدَّةِ ضَرَرِهِ بِالنِّسْبَةِ لِبَقِيَّةِ أَنْوَاعِ الزَّرْعِ، وَالْوَجْهُ أَنْ يَتَقَيَّدَ بِالْمُعْتَادِ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْأَرْضِ وَإِنْ عُمِّمَ فَقَالَ لِتَزْرَعْ مَا شِئْت م ر اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ فَطَرِيقُهُ إذَا أَرَادَ زَرْعَ ذَلِكَ وَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِزَرْعِهِ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ أَنْ يَنُصَّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَرْضِ وَلَوْ نَادِرًا، وَلَا نَظَرَ لِخُصُوصِ الْمُسْتَأْجِرِ حَتَّى لَوْ كَانَ مِثْلُهُ لَا يَزْرَعُ إلَّا الْحِنْطَةَ مَثَلًا وَاعْتِيدَ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ أَنْ تُزْرَعَ مِنْ غَيْرِ مَا اعْتَادَهُ نَحْوُ الْمُسْتَأْجِرِ كَالسِّمْسِمِ وَالْقَصَبِ مَثَلًا جَازَ لَهُ فِعْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ عَادَتِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ إلْحَاقِ الْآدَمِيِّ) أَيْ حُرًّا كَانَ أَوْ رَقِيقًا، وَلَوْ قِيلَ بِالصِّحَّةِ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي اسْتِئْجَارِ مِثْلِهِ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ. (قَوْلُهُ: لِرِضَاهُ بِالْأَضَرِّ) يُتَّجَهُ أَنْ يَجُوزَ لَهُ زَرْعُ الْبَعْضِ وَغَرْسُ الْبَعْضِ لِأَنَّهُ أَخَفُّ قَطْعًا مِنْ غَرْسِ الْجَمِيعِ الْجَائِزِ لَهُ، وَغَايَةُ زَرْعِ الْبَعْضِ فَقَطْ أَنَّهُ عُدُولٌ عَنْ غَرْسِ ذَلِكَ الْبَعْضِ الْجَائِزِ إلَى مَا هُوَ أَخَفُّ مِنْهُ وَلَا وَجْهَ لِمَنْعِهِ، بَلْ لَوْ قَالَ لَهُ إنْ شِئْت فَاغْرِسْ وَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّارِحِ إلَى آخِرِهِ إنَّمَا يَنْتَظِمُ مَعَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ يَبْنِي مَا شَاءَ) أَيْ: مِنْ دَارٍ أَوْ حَمَّامٍ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا، وَقَدْ مَرَّ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الْمَوْضِعِ وَالطُّولِ وَالْعَرْضِ. (قَوْلُهُ: فَالْأَقْرَبُ لُزُومُ أُجْرَةِ مِثْلِهَا) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: لَعَلَّهُ الِانْتِفَاعُ الْمُمْكِنُ (قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ بُيُوتُ مِنًى) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْآلَةُ، وَإِلَّا فَأَرْضُهَا لَا تُمْلَكُ وَمَا يُبْنَى فِيهَا وَاجِبُ الْهَدْمِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ عَقِبَ مَا ذَكَرَ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قِيلَ فِي آلَاتِ مِنًى لَا أُجْرَةَ فِيهَا مُطْلَقًا لَمْ يَبْعُدْ؛ لِأَنَّ مَالِكَهَا مُتَعَدٍّ بِوَضْعِهَا فَلَمْ يُنَاسِبْ وُجُوبَ أُجْرَةِ مِثْلِهَا (قَوْلُهُ: لِيَنْتَفِعَ بِهَا الْمُؤَجَّرُ) كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ، وَحِينَئِذٍ فَتَتَعَيَّنُ قِرَاءَتُهُ

شِئْت فَازْرَعْ مَا شِئْت أَوْ اغْرِسْ مَا شِئْت، فَإِنْ لَمْ يَزِدْ مَا ذُكِرَ عَادَ الْخِلَافُ فِي وُجُوبِ تَعْيِينِ مَا يُزْرَعُ، وَلَوْ قَالَ وَآجَرْتُكهَا لِتَزْرَعَ أَوْ تَغْرِسَ أَوْ فَازْرَعْ وَاغْرِسْ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْقَدْرَ أَوْ لِتَزْرَعَ نِصْفًا وَتَغْرِسَ نِصْفًا وَلَمْ يَخُصَّ كُلَّ نِصْفٍ بِنَوْعٍ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ فِي الثَّلَاثَةِ لِلْإِبْهَامِ، وَصَرَّحَ بِالْأَخِيرَةِ الْقَفَّالُ. (وَيُشْتَرَطُ فِي إجَارَةِ دَابَّةٍ لِرُكُوبٍ) عَيْنًا أَوْ ذِمَّةً (مَعْرِفَةُ الرَّاكِبِ بِمُشَاهَدَةٍ أَوْ وَصْفٍ تَامٍّ) لَهُ لِيَنْتَفِيَ الْغَرَرُ وَذَلِكَ بِنَحْوِ ضَخَامَةٍ أَوْ نَحَافَةٍ كَمَا فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ خِلَافًا لِلْجَلَالِ الْبُلْقِينِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ اعْتِبَارِ الْوَزْنِ إذْ وَزْنُهُ يُخِلُّ بِحِشْمَتِهِ، وَإِنَّمَا اعْتَبَرُوا فِي نَحْوِ الْمَحْمَلِ الْوَصْفَ مَعَ الْوَزْنِ، لِأَنَّهُ إذَا عُيِّنَ لَا يَتَغَيَّرُ وَالرَّاكِبُ قَدْ يَتَغَيَّرُ بِسِمَنٍ أَوْ هُزَالٍ فَلَمْ يُعْتَبَرْ جَمْعُهُمَا فِيهِ (وَقِيلَ لَا يَكْفِي الْوَصْفُ) وَتَتَعَيَّنُ الْمُشَاهَدَةُ لِخَبَرِ «لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ» وَلِمَا يَأْتِي مِنْ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِوَصْفِ الرَّضِيعِ (وَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا) مَعَهُ مِنْ زَامِلَةٍ وَنَحْوِهَا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَلَا تُرَدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ وُرُودَهَا لِأَنَّ كَلَامَهُ الْآتِي فِي الْحَمْلِ يُفِيدُهُ، وَفِيمَا (يَرْكَبُ عَلَيْهِ مِنْ مَحْمَلٍ وَغَيْرِهِ) كَسَرْجٍ أَوْ إكَافٍ (إنْ) فَحُشَ تَفَاوُتُهُ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ عُرْفٌ مُطَّرِدٌ أَوْ (كَانَ) ذَلِكَ (لَهُ) أَيْ لِلْمُكْتَرِي أَيْ تَحْتَ يَدِهِ وَلَوْ بِعَارِيَّةٍ فَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُ بِمُشَاهَدَتِهِ أَوْ وَصْفِهِ التَّامِّ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ إنْ كَانَ لَهُ عَمَّا لَوْ كَانَ الرَّاكِبُ مُجَرَّدًا لَيْسَ لَهُ مَا يَرْكَبُ عَلَيْهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ مَا يَرْكَبُ عَلَيْهِ وَيَرْكَبُهُ الْمُؤَجِّرُ عَلَى مَا شَاءَ مِنْ نَحْوِ سَرْجٍ يَلِيقُ بِالدَّابَّةِ، فَإِنْ اطَّرَدَ عُرْفٌ لَمْ يَحْتَجْ إلَى ذِكْرِهِ وَيُحْمَلُ عَلَى الْمَعْهُودِ، وَبِهَذَا يُرَدُّ قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ بِطَلَبِ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِمْ الْآتِي يُتَّبَعُ فِي السَّرْجِ الْعُرْفُ فِي الْأَصَحِّ، وَلَا بُدَّ فِي نَحْوِ الْمَحْمَلِ مِنْ وِطَاءٍ وَهُوَ مَا يُجْلَسُ ـــــــــــــــــــــــــــــSشِئْت فَابْنِ احْتَمَلَ جَوَازَ غَرْسِ الْبَعْضِ وَالْبِنَاءَ فِي الْبَعْضِ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِكُلٍّ مِنْ ضَرَرَيْ غَرْسِ الْجَمِيعِ وَبِنَائِهِ، وَضَرَرُ التَّبْعِيضِ إنْ لَمْ يَكُنْ أَقَلَّ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا مَا زَادَ عَلَيْهِ، وَيُحْتَمَلُ الْمَنْعُ م ر لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ رِضَاهُ بِمَحْضِ ضَرَرِ كُلٍّ رِضَاهُ بِالْمُلَفَّقِ مِنْهُمَا، إذْ قَدْ يَرْضَى بِمَحْضِ ضَرَرِ ظَاهِرِ الْأَرْضِ كَمَا فِي الْبِنَاءِ أَوْ بِمَحْضِ ضَرَرِ بَاطِنِهَا فِي الْغَرْسِ دُونَ الْمُتَبَعِّضِ مِنْهُمَا فَلْيُتَأَمَّلْ فَلَعَلَّ هَذَا أَوْجَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: عَادَ الْخِلَافُ) وَالرَّاجِحُ مِنْهُ الصِّحَّةُ (قَوْلُهُ: أَوْ تَغْرِسَ) لَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ الصُّورَةِ وَصُورَةِ الْمَتْنِ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ جَعَلَ مَوْرِدَ الْإِجَارَةِ الْأَرْضَ غَيْرَ مُقَيَّدَةٍ بِقَيْدٍ وَخَيَّرَهُ بَعْدَ تَمَامِ الصِّيغَةِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الشَّارِحِ فَإِنَّهُ جَعَلَ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الزَّرْعِ وَالْغِرَاسِ مَوْرِدًا لِلْإِجَارَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ شَيْخُنَا مِنْ لَفْظِهِ. وَعِبَارَةُ حَجّ: لِتَزْرَعَ وَتَغْرِسَ، وَالْبُطْلَانُ عَلَيْهَا ظَاهِرٌ لِعَدَمِ بَيَانِ مِقْدَارِ مَا يُزْرَعُ وَمَا يُغْرَسُ اهـ. وَقَدْ يُؤْخَذُ مَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا مِنْ الْفَرْقِ مِنْ قَوْلِ سم عَلَى حَجّ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ مَا نَصُّهُ: وَلَا يَصِحُّ لِتَزْرَعَ أَوْ تَغْرِسَ لِلْإِبْهَامِ لِأَنَّهُ جَعَلَ لَهُ أَحَدَهُمَا لَا بِعَيْنِهِ حَتَّى لَوْ قَالَ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ يَفْعَلُ أَيَّهُمَا شَاءَ صَحَّ كَمَا نَقَلَهُ عَنْ التَّقْرِيبِ اهـ. وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ جَعَلَ لَهُ أَحَدَهُمَا لَا بِعَيْنِهِ مَعَ قَوْلِهِ حَتَّى إلَخْ يُعْلَمُ مِنْهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْبُطْلَانِ فِي لِتَزْرَعَ أَوْ تَغْرِسَ وَالصِّحَّةِ فِي إنْ شِئْت فَازْرَعْ وَإِنْ شِئْت فَاغْرِسْ (قَوْلُهُ: أَوْ لِتَزْرَعَ نِصْفًا) أَيْ أَوْ تَزْرَعَ نِصْفًا وَتَبْنِيَ نِصْفًا أَوْ تَغْرِسَ نِصْفًا وَتَبْنِيَ نِصْفًا اهـ (قَوْلُهُ: بِنَوْعٍ) وَمِثْلُهُ لِتَزْرَعَ أَوْ تَبْنِيَ أَوْ تَغْرِسَ أَوْ تَبْنِيَ (قَوْلُهُ: لِلْإِبْهَامِ) أَيْ أَوْ فَازْرَعْ وَابْنِ أَوْ اغْرِسْ وَابْنِ. (قَوْلُهُ فَلَمْ يُعْتَبَرْ جَمْعُهُمَا) أَيْ الْوَصْفُ مَعَ الْوَزْنِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ) وَفِي رِوَايَةٍ كَالْعِيَانِ (قَوْلُهُ: يَلِيقُ بِالدَّابَّةِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَلِقْ بِالرَّاكِبِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ عَدَمَ تَعْيِينِهِ مَا يُرْكَبُ عَلَيْهِ رِضًا مِنْهُ بِمَا يَصْلُحُ بِالدَّابَّةِ وَإِنْ لَمْ يَلِقْ بِهِ. وَقَدْ يُقَالُ لَا بُدَّ مِنْ لِيَاقَتِه بِكُلٍّ مِنْ الرَّاكِبِ وَالدَّابَّةِ فَلَوْ لَاقَ بِالدَّابَّةِ أَنْوَاعٌ يَرْكَبُ عَلَى كُلٍّ اُعْتُبِرَ مِنْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQبِفَتْحِ الْجِيمِ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ أَيْ: الْمُؤَجَّرِ لَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اطَّرَدَ عُرْفٌ لَمْ يَحْتَجْ إلَى ذِكْرِهِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: مَا لَوْ اطَّرَدَ عُرْفٌ بِمَا يَرْكَبُ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ لِلرَّاكِبِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَتِهِ، وَيُحْمَلُ فِي الْأَوَّلِ عَلَى الْعُرْفِ

عَلَيْهِ وَكَذَا غِطَاءٌ لَهُ إنْ شُرِطَ فِي الْعَقْدِ وَيُعْرَفُ أَحَدُهُمَا بِأَحَدِ ذَيْنِك مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ عُرْفٌ مُطَّرِدٌ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ الْإِطْلَاقُ. (وَلَوْ) (شُرِطَ) فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ (حَمْلُ الْمَعَالِيقِ) جَمْعُ مُعْلُوقٍ بِضَمِّ الْمِيمِ وَقِيلَ مِعْلَاقٌ: وَهُوَ مَا يُعَلَّقُ عَلَى الْبَعِيرِ كَسُفْرَةٍ وَقِدْرٍ وَقَصْعَةٍ فَارِغَةٍ أَوْ فِيهَا مَاءٌ أَوْ زَادٍ وَصَحْنٍ وَإِبْرِيقٍ وَإِدَاوَةٍ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَمِضْرَبَةٍ وَمِخَدَّةٍ (مُطْلَقًا) عَنْ الرُّؤْيَةِ مَعَ الِامْتِحَانِ بِالْيَدِ وَعَنْ الْوَصْفِ مَعَ الْوَزْنِ (فَسَدَ الْعَقْدُ فِي الْأَصَحِّ) لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِيهَا قِلَّةً وَكَثْرَةً وَلَا يُشْتَرَطُ تَقْدِيرُ مَا يَأْكُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ. وَالثَّانِي يَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَى الْوَسَطِ الْمُعْتَادِ (وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهُ) أَيْ حَمْلَ الْمَعَالِيقِ (لَمْ يُسْتَحَقَّ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (حَمْلُهَا فِي الْأَصَحِّ) وَلَا حَمْلُ بَعْضِهَا لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِيهِ، وَقِيلَ يُسْتَحَقُّ لِأَنَّ الْعَادَةَ تَقْتَضِيهِ وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ خَفِيفَةً كَإِدَاوَةٍ اُعْتِيدَ حَمْلُهَا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ أَوْ لَا لِمَا مَرَّ. (وَيُشْتَرَطُ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ) لِدَابَّةٍ لِرُكُوبٍ أَوْ حَمْلٍ (تَعْيِينُ الدَّابَّةِ) أَيْ عَدَمُ إبْهَامِهَا فَلَا يَكْفِي تَعْيِينُ أَحَدِ هَذَيْنِ وَلَا يُقْدَحُ فِي ذِكْرِ هَذَا الْعِلْمُ بِهِ مِمَّا مَرَّ إذْ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ التَّصْرِيحَ بِهِ (وَفِي اشْتِرَاطِ رُؤْيَتِهَا الْخِلَافُ فِي بَيْعِ الْغَائِبِ) وَالْأَظْهَرُ الِاشْتِرَاطُ، وَيُشْتَرَطُ قُدْرَتُهَا عَلَى مَا اُسْتُؤْجِرَتْ لِحَمْلِهِ، بِخِلَافِ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ لِأَنَّ الْمُشَاهَدَةَ كَافِيَةٌ. (وَ) يُشْتَرَطُ (فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ) لِلرُّكُوبِ (ذِكْرُ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالذُّكُورَةِ أَوْ الْأُنُوثَةِ) كَبَعِيرٍ بُخْتِيٍّ ذَكَرٍ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِذَلِكَ، إذْ الذَّكَرُ فِي الْأَخِيرَةِ أَقْوَى وَالْأُنْثَى أَسْهَلُ، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا ذِكْرُ كَيْفِيَّةِ سَيْرِهَا كَكَوْنِهَا بَحْرًا أَوْ قَطُوفًا (وَيُشْتَرَطُ فِيهِمَا) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْ إجَارَةِ الذِّمَّةِ وَالْعَيْنِ لِلرُّكُوبِ (بَيَانُ قَدْرِ السَّيْرِ كُلَّ يَوْمٍ) وَكَوْنُهُ نَهَارًا أَوْ لَيْلًا وَالنُّزُولُ فِي عَامِرٍ أَوْ صَحْرَاءَ لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ بِذَلِكَ، وَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا مُجَاوَزَةَ الْمَحَلِّ الْمَشْرُوطِ أَوْ نَقْصًا مِنْهُ لِخَوْفٍ غَالِبٍ عَلَى الظَّنِّ لُحُوقُ ضَرَرٍ مِنْهُ جَازَ دُونَ غَيْرِهِ، كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِبَلَدٍ وَيَعُودُ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ لَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ مُدَّةَ إقَامَتِهَا لِخَوْفٍ (إلَّا أَنْ يَكُونَ بِالطَّرِيقِ مَنَازِلُ مَضْبُوطَةٌ) بِالْعَادَةِ (فَيُنَزَّلُ) قَدْرُ السَّيْرِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (عَلَيْهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا يَلِيقُ بِالرَّاكِبِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: بِأَحَدِ ذَيْنِك) أَيْ الْوَصْفِ أَوْ الرُّؤْيَةِ اهـ. (قَوْلُهُ: مُعْلُوقٍ بِضَمِّ الْمِيمِ) أَيْ مَعَ اللَّامِ زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: تَقْدِيرُ مَا يَأْكُلُهُ) أَيْ فَيَأْكُلُ عَلَى الْعَادَةِ لِمِثْلِهِ. وَبَقِيَ مَا لَوْ اتَّفَقَ لَهُ عَدَمُ الْأَكْلِ مِنْهُ لِضِيَافَةٍ أَوْ تَشْوِيشٍ مَثَلًا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُجْبَرَ عَلَى التَّصَرُّفِ فِيمَا كَانَ يَأْكُلُهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَّفِقُ كَثِيرًا. نَعَمْ لَوْ ظَهَرَ مِنْهُ قَصْدُ ذَلِكَ كَأَنْ اشْتَرَى مِنْ السُّوقِ مَا أَكَلَهُ وَقَصَدَ ادِّخَارَ مَا مَعَهُ مِنْ الزَّادِ لِيَبِيعَهُ إذَا ارْتَفَعَ سِعْرُهُ كُلِّفَ نَقْصَ مَا كَانَ يَأْكُلُهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ عَادَةً، فَلَوْ امْتَنَعَ لَزِمَهُ أُجْرَةُ مِثْلِ حَمْلِهِ بَقِيَّةَ الطَّرِيقِ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالطَّعَامُ الْمَحْمُولُ لِيُؤْكَلَ إلَخْ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ) وَيَجُوزُ بِنَاؤُهُ لِلْفَاعِلِ بِعَوْدِ الضَّمِيرِ لِلْمُؤَجِّرِ بَلْ هُوَ أَنْسَبُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهُ انْتَهَى (قَوْلُهُ كَكَوْنِهَا بَحْرًا) أَيْ وَاسِعَةَ الْخُطْوَةِ وَهُوَ بِالتَّنْوِينِ، فَفِي الْمُخْتَارِ وَيُسَمَّى الْفَرَسُ الْوَاسِعُ الْجَرْيِ بَحْرًا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَنْدُوبٍ فَرَسِ أَبِي طَلْحَةَ " إنْ وَجَدْنَاهُ بَحْرًا " انْتَهَى بِحُرُوفِهِ: أَيْ إنَّا وَجَدْنَاهُ بَحْرًا، فَإِنْ مُخَفَّفَةٌ مِنْ الثَّقِيلَةِ انْتَهَى. ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّ مَا ذُكِرَ يُوصَفُ بِهِ الْإِبِلُ وَالْخَيْلُ وَغَيْرُهُمَا، وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مَا نَصُّهُ: وَقَضِيَّةُ سِيَاقِهِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ فِي الْإِبِلِ وَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ، لَكِنَّ الْمَاوَرْدِيَّ وَالرُّويَانِيَّ وَصَاحِبَ الْمُهَذَّبِ خَصُّوهُ بِالْخَيْلِ. وَلَا شَكَّ فِي إلْحَاقِ الْبَغْلِ بِهِ وَلَا يُوصَفُ بِذَلِكَ غَيْرُهُمَا اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: جَازَ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْقَدْرِ الزَّائِدِ، وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ مَا نَقَصَ مِنْ الْمَسَافَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيَرْكَبُ الْمُؤَجَّرُ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى مَا يَلِيقُ بِالدَّابَّةِ كَمَا يَأْتِي اهـ. (قَوْلُهُ: بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَعَيِّنٍ (قَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِي تَعْيِينُ أَحَدِ هَذَيْنِ) الصَّوَابُ حَذْفُ لَفْظِ تَعْيِينُ (قَوْلُهُ: إذْ الذَّكَرُ فِي الْأَخِيرَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَوَجْهُهُ

فَإِنْ لَمْ يَنْضَبِطْ اُشْتُرِطَ بَيَانُ الْمَنَازِلِ أَوْ التَّقْدِيرِ بِالزَّمَنِ وَحْدَهُ، وَمَحَلُّهُ عِنْدَ أَمْنِ الطَّرِيقِ وَإِلَّا امْتَنَعَ التَّقْدِيرُ بِالسَّيْرِ بِهِ لِعَدَمِ تَعَلُّقِهِ بِالِاخْتِيَارِ، كَذَا قَالَهُ جَمْعٌ، قَالَ: وَمُقْتَضَاهُ امْتِنَاعُ التَّقْدِيرِ بِالزَّمَانِ أَيْضًا، وَحِينَئِذٍ يَتَعَذَّرُ الِاسْتِئْجَارُ فِي طَرِيقِ مَخُوفَةٍ لَا مَنَازِلَ بِهَا مَضْبُوطَةٌ انْتَهَى. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّامِلِ كَمَا أَفَادَهُ الْأَذْرَعِيُّ صِحَّةُ تَقْدِيرِهِ مِنْ بَلَدِ كَذَا إلَى بَلَدِ كَذَا لِلضَّرُورَةِ. (وَيَجِبُ فِي الْإِجَارَةِ لِلْحَمْلِ) عَيْنًا أَوْ ذِمَّةً (أَنْ يُعْرَفَ الْمَحْمُولُ) لِاخْتِلَافِ تَأْثِيرِهِ وَضَرَرِهِ (فَإِنْ حَضَرَ رَآهُ) إنْ ظَهَرَ (وَامْتَحَنَهُ بِيَدِهِ إنْ) لَمْ يَظْهَرْ كَأَنْ كَانَ فِي ظُلْمَةٍ أَوْ (كَانَ فِي ظَرْفٍ) وَأَمْكَنَ تَخْمِينًا لِوَزْنِهِ (وَإِنْ غَابَ قُدِّرَ بِكَيْلٍ) إنْ كَانَ مَكِيلًا (أَوْ وَزْنٍ) إنْ كَانَ مَوْزُونًا لِأَنَّ ذَلِكَ طَرِيقٌ لِمَعْرِفَتِهِ، وَالْوَزْنُ فِي كُلِّ شَيْءٍ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَحْصَرُ وَأَضْبَطُ (وَ) أَنْ يُعْرَفَ (جِنْسُهُ) أَيْ الْمَحْمُولِ الْمَكِيلِ لِاخْتِلَافِ تَأْثِيرِهِ فِي الدَّابَّةِ وَإِنْ اتَّحَدَ كَيْلُهُ كَمَا فِي الْمِلْحِ وَالذُّرَةِ، أَمَّا الْمَوْزُونُ كَآجَرْتُكَهَا لِتَحْمِلَ عَلَيْهَا مِائَةَ رِطْلٍ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ مِمَّا شِئْت كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ قَطْعِ الْأَصْحَابِ فَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ جِنْسِهِ لِأَنَّهُ رِضًا مِنْهُ بِأَضَرِّ الْأَجْنَاسِ. بِخِلَافِ عَشَرَةِ أَقْفِزَةٍ مِمَّا شِئْت فَإِنَّهُ لَا يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ الْجِنْسِ لِكَثْرَةِ الِاخْتِلَافِ مَعَ الِاتِّحَادِ فِي الْكَيْلِ، وَأَيْنَ ثِقَلُ الْمِلْحِ مِنْ ثِقَلِ الذُّرَةِ وَقِلَّتُهُ مَعَ اتِّحَادِ الْوَزْنِ، وَلَا يَصِحُّ لِتَحْمِلَ عَلَيْهَا مَا شِئْت، بِخِلَافِ لِتَزْرَعَهَا مَا شِئْت إذْ الْأَرْضُ تَحْمِلُ كُلَّ شَيْءٍ وَمَتَى قُدِّرَ بِوَزْنٍ لِلْمَحْمُولِ كَمِائَةِ رِطْلِ حِنْطَةٍ أَوْ كَيْلٍ لَمْ يَدْخُلْ الظَّرْفَ فَتُشْتَرَطُ رُؤْيَتُهَا كَحِبَالِهِ أَوْ وَصْفُهُمَا مَا لَمْ يَطَّرِدْ الْعُرْفُ ثُمَّ بِغَرَائِرَ مُتَمَاثِلَةٍ: أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــSإنْ قُدِّرَ بِالزَّمَنِ، وَيُحَطُّ عَنْهُ أُجْرَةُ مَا نَقَصَ إنْ قُدِّرَ بِمَحَلِّ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ بِقَدْرِ السَّيْرِ كُلَّ يَوْمٍ كَفَرْسَخٍ أَوْ مِيلٍ (قَوْلُهُ: كَمَا أَفَادَهُ الْأَذْرَعِيُّ) هُوَ مُقَابِلٌ لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ مِنْ الْبُطْلَانِ مُطْلَقًا وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَكْفِي التَّقْدِيرُ فِي زَمَنِ الْخَوْفِ بِالْإِجَارَةِ إلَى بَلَدِ كَذَا طَالَ زَمَنُ السَّيْرِ لَهُ لِكَثْرَةِ الْخَوْفِ أَوْ قَلَّ (قَوْلُهُ: صِحَّةُ تَقْدِيرِهِ) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مَوْزُونًا) أَيْ أَوْ مَكِيلًا حَجّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَدْخُلْ الظَّرْفَ) نَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ دُخُولَهُ فِيمَا لَوْ قُدِّرَ بِالْوَزْنِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا قَالَ مِائَةُ رِطْلٍ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ فَيُخَالِفُ مَا هُنَا مِنْ قَوْلِهِ مِائَةُ رِطْلِ حِنْطَةٍ. [فَرْعٌ] لَوْ أَجَّرَ دَابَّةً لِرُكُوبِ شَخْصٍ فَهَزَلَ عَمَّا كَانَ هَلْ لَهُ خِيَارٌ أَوْ رُجُوعٌ عَلَى الْمُؤَجِّرِ يُقَسِّطُ مَا نَقَصَ أَوْ حَمْلُ شَيْءٍ آخَرَ بِقَدْرِ مَا نَقَصَ؟ قَالَ م ر: يَنْبَغِي تَخْيِيرُ الْمُؤَجِّرِ كَمَا خَيَّرُوا مَنْ آجَرَ دَابَّةً لِحَمْلِ حَبٍّ فَتَنَدَّى وَثَقُلَ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُهُ تَخْيِيرُ الْمُؤَجِّرِ لَعَلَّهُ الْمُسْتَأْجِرُ وَفِي عَكْسِهِ يُخَيَّرُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ قَالَ م ر: يَنْبَغِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَلَوْ أَجَّرَهَا لِهَزِيلٍ فَسَمِنَ وَثَقُلَ قَالَ م ر: يَنْبَغِي تَخْيِيرُ الْمُؤَجِّرِ إلَخْ، وَعَلَيْهِ فَانْظُرْ الْفَرْقَ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْأَخِيرَةِ أَنَّ الذَّكَرَ أَقْوَى إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا امْتَنَعَ التَّقْدِيرُ بِالسَّيْرِ بِهِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ تَقْدِيرُ السَّيْرِ فِيهِ انْتَهَتْ. وَانْظُرْ مَا مَرْجِعُ الضَّمِيرِ فِي الْعِبَارَتَيْنِ وَعِبَارَةِ الْقُوتِ. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: إنْ كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا لَمْ يَجُزْ تَقْدِيرُ السَّيْرِ فِيهِ انْتَهَتْ. فَمَرْجِعُ الضَّمِيرِ فِيهَا الطَّرِيقُ (قَوْلُهُ: وَقِلَّتِهِ) عُطِفَ عَلَى كَثْرَةٍ مِنْ قَوْلِهِ لِكَثْرَةِ الِاخْتِلَافِ وَمَا بَيْنَهُمَا مُعْتَرِضٌ (قَوْلُهُ: فَتُشْتَرَطُ رُؤْيَتُهُ كَحِبَالِهِ إلَخْ) اسْتَشْكَلَهُ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ بِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ ظَرْفَ الْمَحْمُولِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ عَلَى الْمُؤَجَّرِ فَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ رُؤْيَتِهِ لَهُ أَوْ وَصْفِهِ، وَأَجَابَ عَنْهُ بِاحْتِمَالِ فَرْضِ هَذَا فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ، أَوْ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ اشْتَرَطَ هَذَا مِنْ عِنْدِهِ، قَالَ: وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا سَيَأْتِي مِنْ إدْخَالِ الظَّرْفِ فِي الْحِسَابِ؛ إذْ سَيَأْتِي أَنَّهُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ، وَأَجَابَ عَنْ هَذَا أَيْضًا بِأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ إنَّهُ حَيْثُ أَدْخَلَهُ فِي الْحِسَابِ دَلَّ عَلَى إرَادَتِهِ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِهِ، قَالَ وَهَذَا أَقْرَبُ.

[فصل في منافع يمتنع الاستئجار لها]

قَرِيبَةِ التَّمَاثُلِ عُرْفًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَيَأْتِي نَظِيرُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ أَدْخَلَ الظَّرْفَ فِي الْحِسَابِ، فَفِي مِائَةٍ بِظَرْفِهَا يُعْتَبَرُ ذِكْرُ جِنْسِ الظَّرْفِ أَوْ يَقُولُ مِائَةٌ مِمَّا شِئْت، وَفِي مِائَةِ قَدَحِ بُنٍّ بِظَرْفِهَا يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ مِمَّا لَا يَخْتَلِفُ عُرْفًا كَمَا ذُكِرَ، أَمَّا لَوْ قَالَ مِائَةُ رِطْلٍ فَالظَّرْفُ مِنْهَا (لَا جِنْسُ الدَّابَّةِ وَ) لَا (صِفَتُهَا) فَلَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُمَا فِي الْإِجَارَةِ لِلْحَمْلِ (إنْ كَانَتْ إجَارَةَ ذِمَّةٍ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مُجَرَّدُ نَقْلِ الْمَتَاعِ الْمُلْتَزَمِ فِي الذِّمَّةِ وَذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الدَّوَابِّ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) فِي الطَّرِيقِ نَحْوُ وَحْلٍ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ أَوْ يَكُونُ (الْمَحْمُولُ) الَّذِي شُرِطَ فِي الْعَقْدِ (زُجَاجًا) بِتَثْلِيثِ أَوَّلِهِ (وَنَحْوَهُ) مِمَّا يَسْرُعُ انْكِسَارُهُ كَالْخَزَفِ فَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ جِنْسِ الدَّابَّةِ وَصِفَتُهَا كَمَا فِي الْإِجَارَةِ لِلرُّكُوبِ مُطْلَقًا لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِاخْتِلَافِهَا فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَشْتَرِطُوا فِي الْمَحْمُولِ التَّعَرُّضَ لِسَيْرِ الدَّابَّةِ مَعَ اخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهِ سُرْعَةً وَإِبْطَاءً عَنْ الْقَافِلَةِ لِأَنَّ الْمَنَازِلَ تَجْمَعُهُمْ وَالْعَادَةُ تُبَيِّنُ وَالضَّعْفُ فِي الدَّابَّةِ عَيْبٌ، وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ وُجُوبَ تَعْيِينِهَا فِي التَّقْدِيرِ بِالزَّمَنِ لِاخْتِلَافِ السَّيْرِ بِاخْتِلَافِ الدَّوَابِّ. (فَصْلٌ) فِي مَنَافِعَ يَمْتَنِعُ الِاسْتِئْجَارُ لَهَا، وَمَنَافِعَ يَخْفَى الْجَوَازُ فِيهَا وَمَا يُعْتَبَرُ فِيهَا. (لَا تَصِحُّ إجَارَةُ مُسْلِمٍ لِجِهَادٍ) وَلَوْ صَبِيًّا وَعَبْدًا وَإِنْ قَصَدَ إقَامَةَ هَذَا الشِّعَارِ وَصَرَفَ عَائِدَتَهُ لِلْإِسْلَامِ فِيمَا يَظْهَرُ لِتَعَيُّنِهِ عَلَيْهِ بِحُضُورِ الصَّفِّ مَعَ وُقُوعِهِ عَنْ نَفْسِهِ، وَبِهِ فَارَقَ حِلَّ أَخْذِهِ الْأُجْرَةِ عَلَى نَحْوِ تَعْلِيمٍ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ، وَأَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ بِإِلْحَاقِ الْمُرَابِطَةِ عِوَضًا عَنْ الْجُنْدِيِّ بِالْجِهَادِ فِي عَدَمِ صِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ لَهَا، أَمَّا الذِّمِّيُّ فَتَصِحُّ ـــــــــــــــــــــــــــــSبَيْنَ الصُّورَةِ الْأُولَى وَالصُّورَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: لَوْ أَدْخَلَ الظَّرْفَ) أَيْ الظَّرْفَ وَحِبَالَهُ (قَوْلُهُ الْمُلْتَزَمِ فِي الذِّمَّةِ) مِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِنَقْلِ أَحْمَالٍ فِي الْبَحْرِ مِنْ السُّوَيْسِ إلَى جُدَّةَ مَثَلًا لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ السَّفِينَةِ الَّتِي يُحْمَلُ فِيهَا لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّهُ يَحْمِلُهُ فِي سَفِينَةٍ تَلِيقُ عُرْفًا بِحَمْلِ مِثْلِ ذَلِكَ انْتَهَى (قَوْلُهُ: عَيْبٌ) أَيْ فَيُتَخَيَّرُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ. (فَصْلٌ) فِي مَنَافِعَ يَمْتَنِعُ الِاسْتِئْجَارُ لَهَا وَمَنَافِعَ يَخْفَى الْجَوَازُ فِيهَا (قَوْلُهُ: إجَارَةُ مُسْلِمٍ) شَامِلٌ لِلْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ، وَقَوْلُهُ مُسْلِمٍ يَنْبَغِي أَوْ مُرْتَدٍّ وَالْمُسْلِمُ شَامِلٌ لِلْإِمَامِ، فَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ الْآحَادُ لِلْجِهَادِ لَمْ يَصِحَّ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ إجَارَةَ ذِمَّةٍ، وَإِنْ أَمْكَنَ إبْدَالُ نَفْسِهِ بِاسْتِئْجَارِ ذِمِّيٍّ لِأَنَّهُ فَرَّعَهُ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لِلْإِسْلَامِ) أَيْ فَائِدَتُهُ (قَوْلُهُ: لِتَعَيُّنِهِ عَلَيْهِ) أَيْ حَقِيقَةً بِأَنْ كَانَ بَالِغًا عَاقِلًا أَوْ حُكْمًا بِأَنْ كَانَ صَبِيًّا، فَإِنَّا لَوْ قُلْنَا بِالصِّحَّةِ كَانَ عَلَى وَلِيِّهِ مَنْعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ عَنْ الصَّفِّ (قَوْلُهُ: عَنْ الْجُنْدِيِّ) وَمِثْلُهُ غَيْرُهُ بِالْأَوْلَى وَإِنَّمَا قُيِّدَ بِهِ لِكَوْنِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي مَنَافِعَ يَمْتَنِعُ الِاسْتِئْجَارُ لَهَا] فَصْلٌ) فِي مَنَافِعَ لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ لَهَا. (قَوْلُهُ: وَصَرْفُ عَائِدَتِهِ لِلْإِسْلَامِ) أَيْ: خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالصِّحَّةِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ حِلَّ أَخْذِهِ الْأُجْرَةَ عَلَى نَحْوِ تَعْلِيمٍ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: يُتَأَمَّلُ الْفَرْقُ فَإِنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِوُقُوعِهِ عَنْ نَفْسِهِ خُرُوجُهُ عَنْ الْعُهْدَةِ بِكَوْنِهِ أَدَّى مَا لَزِمَهُ فَالتَّعْلِيمُ الْمَذْكُورُ كَذَلِكَ، وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّ فَائِدَةَ الْجِهَادِ تَقَعُ لَهُ وَتَعُودُ إلَيْهِ فَقَدْ يُمْنَعُ بِأَنَّهَا إنَّمَا تَعُودُ عَلَى الْإِسْلَامِ أَوْ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانَ هُوَ أَحَدُهُمَا، كَمَا أَنَّ فَائِدَةَ التَّعْلِيمِ لَا تَعُودُ عَلَى الْمُعَلِّمِ بَلْ لِلْمُتَعَلِّمِ، قَالَ: إلَّا أَنْ يُقَالَ يَكْفِي عَوْدُ الْفَائِدَةِ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ تَخُصَّهُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. أَقُولُ: وَالْفَرْقُ حَاصِلٌ أَيْضًا بِقَوْلِهِ لِتَعَيُّنِهِ عَلَيْهِ بِحُضُورِ الصَّفِّ إذْ مَعْنَى تَعْيِينِهِ عَلَيْهِ الَّذِي امْتَازَ بِهِ عَنْ الْمُعَلِّمِ أَنَّهُ إذَا حَضَرَ الصَّفَّ كَانَ التَّعَيُّنُ عَلَيْهِ عَيْنِيًّا لِذَاتِهِ بِحَيْثُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِفِعْلِ الْغَيْرِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ الْكِفَايَةُ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ التَّعْلِيمِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: أَمَّا الذِّمِّيُّ فَتَصِحُّ إلَخْ) أَيْ: وَيُغْتَفَرُ الْجَهْلُ بِالْعَمَلِ

لَكِنْ لِلْإِمَامِ فَقَطْ اسْتِئْجَارُهُ لِلْجِهَادِ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِهِ (وَلَا) لِفِعْلِ (عِبَادَةٍ يَجِبُ لَهَا) أَيْ فِيهَا (نِيَّةٌ) لَهَا أَوْ لِمُتَعَلِّقِهَا بِحَيْثُ يَتَوَقَّفُ أَصْلُ حُصُولِهَا عَلَيْهَا، فَمُرَادُهُ بِالْوُجُوبِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ لِأَنَّ الْقَصْدَ امْتِحَانُ الْمُكَلَّفِ بِهَا بِكَسْرِ نَفْسِهِ بِالِامْتِثَالِ وَغَيْرُهُ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ فِيهِ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْأَجِيرُ شَيْئًا وَإِنْ عَمِلَ طَامِعًا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ كُلُّ مَا لَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لَهُ لَا أُجْرَةَ لِفَاعِلِهِ وَإِنْ عَمِلَ طَامِعًا وَأَلْحَقُوا بِتِلْكَ الْإِمَامَةَ وَلَوْ لِنَفْلٍ لِأَنَّهُ مُصَلٍّ لِنَفْسِهِ، فَمَنْ أَرَادَ اقْتَدَى بِهِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ وَتَوَقُّفُ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ عَلَى نِيَّتِهَا فَائِدَةٌ تَخْتَصُّ بِهِ، وَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ جَعْلِ جَامَكِيَّةٍ عَلَى ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الْإِرْزَاقِ وَالْإِحْسَانِ وَالْمُسَامَحَةِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ فَإِنَّهَا مِنْ بَابِ الْمُعَاوَضَةِ، أَمَّا مَا لَا تَجِبُ لَهُ نِيَّةٌ كَالْأَذَانِ فَيَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ، وَالْأُجْرَةُ مُقَابِلَةٌ لِجَمِيعِهِ لَا عَلَى رِعَايَةِ الْوَقْتِ أَوْ رَفْعِ الصَّوْتِ أَوْ الْحَيْعَلَتَيْنِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ زِيَارَةَ قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ، فَزِيَارَةُ قَبْرِ غَيْرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَسْئُولَ عَلَيْهِ فِي الِاسْتِفْتَاءِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ لِلْإِمَامِ فَقَطْ) ظَاهِرُهُ امْتِنَاعُ ذَلِكَ مِنْ الْقَاضِي، وَنَحْوُهُ أَيْضًا سم عَلَى حَجّ قَالَ شَيْخُنَا: وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَجُوزُ لَهُ إلَّا فِعْلُ مَا فَوَّضَهُ لَهُ الْإِمَامُ انْتَهَى (قَوْلُهُ: أَوْ لِمُتَعَلَّقِهَا) أَيْ كَالْإِمَامَةِ فَإِنَّ مُتَعَلَّقَهَا الصَّلَاةُ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى مَنْهَجٍ صَرَّحَ بِمَا ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ كُلُّ مَا لَا يَصِحُّ) كَانَ الْمُرَادُ لَا يَقْبَلُ الصِّحَّةَ وَإِلَّا فَالْإِجَارَةُ الْفَاسِدَةُ يَجِبُ فِيهَا الْأُجْرَةُ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ مَعَ أَنَّهَا بِصِفَةِ الْفَسَادِ لَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا وَمَعَ ذَلِكَ يَجِبُ فِيهَا الْأُجْرَةُ اهـ (قَوْلُهُ: الِاسْتِئْجَارُ لَهُ) وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ الْحَائِضَ لِخِدْمَةِ الْمَسْجِدِ فَلَا أُجْرَةَ لَهَا وَإِنْ عَمِلَتْ طَامِعَةً لِعَدَمِ صِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ، وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ سم السَّابِقِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا حَائِضٌ لِخِدْمَةِ مَسْجِدٍ اهـ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَمِلَ طَامِعًا) وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ لِكَثِيرٍ مِنْ أَرْبَابِ الْبُيُوتِ كَالْأُمَرَاءِ أَنَّهُمْ يَجْعَلُونَ لِمَنْ يُصَلِّي بِهِمْ قَدْرًا مَعْلُومًا فِي كُلِّ شَهْرٍ مِنْ غَيْرِ عَقْدِ إجَارَةٍ فَلَا يَسْتَحِقُّونَ مَعْلُومًا لِأَنَّ هَذِهِ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ، وَمَا كَانَ فَاسِدًا لِكَوْنِهِ لَيْسَ مَحَلًّا لِلصِّحَّةِ أَصْلًا لَا شَيْءَ فِيهِ لِلْأَجِيرِ، وَإِنْ عَمِلَ طَامِعًا فَطَرِيقُ مَنْ يُصَلِّي أَنْ يَطْلُبَ مِنْ صَاحِبِ الْبَيْتِ أَوْ غَيْرِهِ أَنْ يَنْذِرَ لَهُ شَيْئًا مُعَيَّنًا مَا دَامَ يُصَلِّي فَيَسْتَحِقَّهُ عَلَيْهِ اهـ (قَوْلُهُ: بِتِلْكَ) أَيْ بِتِلْكَ الْعِبَادَةِ الَّتِي يَتَوَقَّفُ أَصْلُ حُصُولِهَا عَلَى النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: بِتِلْكَ الْإِمَامَةِ) وَكَالْإِمَامَةِ الْخَطَابَةُ م ر انْتَهَى بِهَامِشِ الْعُبَابِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الْأَرْزَاقِ) وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ اسْتِنَابَةِ صَاحِبِ الْوَظِيفَةِ لِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ فِيهَا فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ مَا جَعَلَهُ لَهُ وَيَكُونُ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ وَلَيْسَ أُجْرَةً حَقِيقَةً، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ غَيْرَهُ إلَّا بِإِذْنٍ مِنْ مُنِيبِهِ وَلِلْأَصِيلِ بَاقِي الْمَعْلُومِ الْمَشْرُوطِ (قَوْلُهُ: كَالْأَذَانِ) وَمِثْلُهُ الْخُطْبَةُ (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ تَقْدِيرِ الْمُدَّةِ وَلَوْ مِنْ الْإِمَامِ حَيْثُ كَانَ مِنْ مَالِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَدْخُلَ فِي مُسَمَّى الْأَذَانِ إذَا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ بَعْدَ الْأَذَانِ فِي غَيْرِ الْمَغْرِبِ لِأَنَّهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مِنْ مُسَمَّاهُ شَرْعًا صَارَا مِنْهُ بِحَسَبِ الْعُرْفِ (قَوْلُهُ: لَا عَلَى رِعَايَةِ الْوَقْتِ) عِبَارَةُ حَجّ: مَعَ نَحْوِ رِعَايَةِ الْوَقْتِ اهـ. وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِكَلَامِ الشَّارِحِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ لَا عَلَى رِعَايَةِ الْوَقْتِ وَحْدَهَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا) مُعْتَمَدٌ، وَلَعَلَّ وَجْهَ الشُّمُولِ أَنَّ تَسْمِيَتَهَا زِيَارَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُسْتَأْجَرِ لَهُ لِلضَّرُورَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ فِي فَصْلِ يَصِحُّ عَقْدُ الْإِجَارَةِ مُدَّةً تَبْقَى فِيهَا غَالِبًا (قَوْلُهُ: أَيْ فِيهَا) إنَّمَا فَسَّرَ بِهِ لِيَشْمَلَ مَا إذَا كَانَتْ النِّيَّةُ لَهَا أَوْ لِمُتَعَلِّقِهَا الَّذِي صَرَّحَ بِهِ بَعْدُ (قَوْلُهُ: أَوْ لِمُتَعَلِّقِهَا) أَيْ كَالْإِمَامَةِ (قَوْلُهُ: مَا لَا بُدَّ مِنْهُ) أَيْ فِي الْحُصُولِ وَإِنْ لَمْ يَأْثَمْ بِتَرْكِهِ (قَوْلُهُ: كَالْأَذَانِ) قَالَ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَدْخُلَ فِي مُسَمَّى الْأَذَانِ إذَا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ بَعْدَ الْأَذَانِ فِي غَيْرِ الْمَغْرِبِ؛ لِأَنَّهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مِنْ مُسَمَّاهُ شَرْعًا صَارَا مِنْهُ بِحَسْبِ الْعُرْفِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ كَلَامُهُ زِيَارَةَ قَبْرِ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي وُجُوبِ النِّيَّةِ فِيهِ، وَلَا بُعْدَ فِيهِ لِتَمْتَازَ

أَوْلَى بِخِلَافِ الْجَعَالَةِ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الدُّعَاءِ عِنْدَ زِيَارَةِ قَبْرِهِ الْمُعَظَّمِ لِدُخُولِ النِّيَابَةِ فِيهِ وَإِنْ جُهِلَ، لَا عَلَى مُجَرَّدِ الْوُقُوفِ عِنْدَهُ وَمُشَاهَدَتِهِ لِأَنَّهُ لَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ، وَبِخِلَافِ السَّلَامِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَدْخُلُهُ الْإِجَارَةُ وَالْجَعَالَةُ، وَاخْتَارَ الْأَصْبَحِيُّ جَوَازَ الِاسْتِئْجَارِ لِلزِّيَارَةِ، وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ سُرَاقَةَ (إلَّا حَجٍّ) وَعُمْرَةٍ فَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ لَهُمَا وَلِأَحَدِهِمَا عَنْ مَعْضُوبٍ أَوْ مَيِّتٍ كَمَا مَرَّ، وَتَقَعُ صَلَاةُ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ تَبَعًا لَهُمَا لِوُقُوعِهِمَا عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ (وَتَفْرِقَةُ زَكَاةٍ) وَكَفَّارَةٍ وَأُضْحِيَّةٍ وَهَدْيٍ وَذَبْحٍ وَصَوْمٍ عَنْ مَيِّتٍ وَسَائِرِ مَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ وَإِنْ تَوَقَّفَ عَلَى النِّيَّةِ لِمَا فِيهَا مِنْ شَائِبَةِ الْمَالِ. (وَتَصِحُّ) الْإِجَارَةُ لِكُلِّ مَا لَا تَجِبُ لَهُ نِيَّةٌ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ، وَلِهَذَا فَصَّلَهُ عَمَّا قَبْلَهُ الْمُسْتَثْنَى مِنْ الْمَنْطُوقِ فَتَصِحُّ لِتَحْصِيلِ مُبَاحٍ كَصَيْدٍ (وَلِتَجْهِيزِ مَيِّتٍ وَدَفْنِهِ) هُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ اهْتِمَامًا بِهِ وَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ لِوُجُوبِ مُؤَنِ ذَلِكَ فِي مَالِهِ بِالْأَصَالَةِ ثُمَّ فِي مَالِ مُمَوِّنِهِ ثُمَّ الْمَيَاسِيرِ، فَلَمْ يُقْصَدْ الْأَجِيرُ لِنَفْسِهِ حَتَّى يَقَعَ عَنْهُ وَلَا يَضُرَّ عُرُوضُ تَعَيُّنِهِ عَلَيْهِ كَالْمُضْطَرِّ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ إطْعَامُهُ مَعَ تَغْرِيمِهِ الْبَدَلَ (وَتَعْلِيمُ الْقُرْآنِ) كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ وَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ تَعْلِيمُهُ لِخَبَرِ «إنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ» وَصَرَّحَ بِهِ مَعَ عِلْمِهِ مِمَّا مَرَّ نَظَرًا أَوْ تَقْدِيرًا لِاسْتِثْنَائِهِ مِنْ الْعِبَادَةِ وَاهْتِمَامًا بِهِ لِشُهْرَةِ الْخِلَافِ فِيهِ وَكَثْرَةِ الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ بِظَاهِرِهَا عَلَى امْتِنَاعِهِ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى تَعْلِيمِ مَا نُسِخَ حُكْمُهُ فَقَطْ أَوْ تِلَاوَتُهُ كَذَلِكَ صَحَّ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَوْ قَالَ سَيِّدُ رَقِيقٍ صَغِيرٍ لِمُعَلِّمِهِ لَا تُمَكِّنُهُ مِنْ الْخُرُوجِ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ إلَّا مَعَ وَكِيلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَتَرَتُّبُ الثَّوَابِ عَلَيْهَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَصْدٍ فَكَأَنَّهُ نِيَّةٌ، وَإِلَّا فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَا يَشْمَلُهُ بَلْ يَقْتَضِي صِحَّةَ الْإِجَارَةِ عَلَيْهَا كَالْأَذَانِ، وَيُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ تَوْجِيهًا لِلشُّمُولِ قَوْلُ حَجّ وَدَخَلَ فِي تَجِبُ زِيَارَةُ قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْجَعَالَةِ عَلَيْهِ) وَمِثْلُهَا الْإِجَارَةُ حَجّ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ وَإِنْ جُهِلَ عَدَمُ اشْتِرَاطِ تَعْيِينِ مَا يَدْعُو بِهِ (قَوْلُهُ: وَاخْتَارَ الْأَصْبَحِيُّ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: إلَّا حَجٍّ) بِالْجَرِّ بَدَلٌ مِنْ عِبَادَةٍ. (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا فَصَّلَهُ) أَيْ بِقَوْلِهِ وَيَصِحُّ (قَوْلُهُ فَيَصِحُّ لِتَحْصِيلِ مُبَاحٍ كَصَيْدٍ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ قُدِّرَ بِالزَّمَانِ كَاسْتِئْجَارِهِ يَوْمًا لِلصَّيْدِ أَوْ بِمَحَلِّ الْعَمَلِ كَصَيْدِ هَذَا الْغَزَالِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَلِتَجْهِيزِ مَيِّتٍ وَدَفْنِهِ) قَالَ الْبَغَوِيّ: لَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الْأَرْضِ لِدَفْنِ مَيِّتٍ لِأَنَّ نَبْشَ الْقَبْرِ لَا يَجُوزُ قَبْلَ بَلَاءِ الْمَيِّتِ وَلَا يُعْرَفُ مَتَى يَكُونُ اهـ حَوَاشِي الرَّوْضِ لِوَالِدِ الشَّارِحِ. أَقُولُ: وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْعَارِيَّةِ مِنْ صِحَّتِهَا لَهُ وَتَتَأَبَّدُ لِلْحَاجَةِ الصِّحَّةُ هُنَا وَيُغْتَفَرُ الْجَهْلُ بِالْمُدَّةِ لِلضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْمَيَاسِيرِ) لَمْ يَذْكُرْ بَيْتَ الْمَالِ مَعَ أَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: كَالْمُضْطَرِّ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ إطْعَامُهُ مَعَ تَغْرِيمِهِ الْبَدَلَ) لَا يُقَالُ: قَدْ يُشْكَلُ عَلَيْهِ تَعْلِيلُ عَدَمِ صِحَّةِ إجَارَةِ الْمُسْلِمِ لِلْجِهَادِ بِتَعْيِينِهِ عَلَيْهِ بِحُضُورِ الصَّفِّ بِأَنَّهُ عَارِضٌ كَمَا هُنَا. لِأَنَّا نَقُولُ: تَجْهِيزُ الْمَيِّتِ لَا يَتَعَيَّنُ بِالشُّرُوعِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَقُومَ مَقَامَ مَنْ يُجَهِّزُ الْمَيِّتَ لَمْ يَمْتَنِعْ عَلَى مُبَاشَرَةِ تَجْهِيزِهِ التَّرْكُ، بِخِلَافِ مَنْ حَضَرَ الصَّفَّ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ انْصِرَافُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ بِوَجْهٍ وَقَامَ غَيْرُهُ مَقَامَهُ (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ أَجْرًا) أَيْ أُجْرَةً (قَوْلُهُ: صَحَّ فِيمَا يَظْهَرُ) وَكَانَ الْمُرَادُ الِاسْتِئْجَارَ عَلَى مَا ذُكِرَ عَلَى وَجْهِ الْقُرْآنِيَّةِ، وَأَفْهَمَ عَدَمَ صِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى مَنْسُوخِ الْأَمْرَيْنِ: أَيْ عَلَى وَجْهِ الْقُرْآنِيَّةِ لَا مُطْلَقًا إذْ لَا يَنْقُصُ عَنْ نَحْوِ الشَّعْرِ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَكَذَلِكَ يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لِتَعْلِيمِ مَنْسُوخِ التِّلَاوَةِ وَالْحُكْمِ مَعًا إذَا عَيَّنَ الْآيَةَ، وَمَفْهُومُ مَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ التَّعْيِينِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ سَيِّدُ رَقِيقٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQعَنْ الْحُضُورِ عِنْدَ قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا بِذَلِكَ الْقَصْدِ. وَعِبَارَةُ التُّحْفَة: وَدَخَلَ فِي تَجِبُ زِيَارَةُ قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْوُقُوفِ عِنْدَهُ وَمُشَاهَدَتِهِ، فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لَهَا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ، فَزِيَارَةُ قَبْرِ غَيْرِهِ أَوْلَى، بِخِلَافِ الدُّعَاءِ عِنْدَ زِيَارَةِ قَبْرِهِ الْمُكَرَّمِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ، وَبِخِلَافِ السَّلَامِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَدْخُلُهَا الْإِجَارَةُ وَالْجَعَالَةُ (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهَا مِنْ شَائِبَةِ الْمَالِ) تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ كَمَا هُوَ عَادَتُهُ، وَمِثْلُهُ مَا فِي مَعْنَاهُ وَإِلَّا فَالصَّوْمُ عَنْ الْمَيِّتِ لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فِي مَالِ مُمَوِّنِهِ) لَعَلَّ صَوَابَهُ مَالِ مَائِنِهِ

فَوَكَّلَ بِهِ صَغِيرًا فَهَرَبَ مِنْهُ ضَمِنَهُ لِتَفْرِيطِهِ، وَلَا تَصِحُّ لِقَضَاءٍ وَلَا تَدْرِيسِ عِلْمٍ إلَّا إنْ عُيِّنَ الْمُتَعَلِّمُ وَمَا يُعَلِّمُهُ وَمِثْلُ ذَلِكَ الْإِعَادَةُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيَنْبَغِي مَجِيءُ مِثْلِهِ فِي الِاسْتِئْجَارِ لِلْقَضَاءِ، وَكَالتَّدْرِيسِ الْإِقْرَاءُ لِشَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ الْأَحَادِيثِ. وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ لِلْمُبَاحَاتِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْإِمَامُ، وَاقْتَضَاهُ بِنَاءُ غَيْرِهِ لَهُ عَلَى جَوَازِ التَّوْكِيلِ فِيهَا، وَتَصِحُّ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عِنْدَ الْقَبْرِ أَوْ مَعَ الدُّعَاءِ بِمِثْلِ مَا حَصَلَ مِنْ الْأَجْرِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ عَقِبَهَا عَيَّنَ مَكَانًا أَوْ زَمَانًا أَوْ لَا لِلْمَيِّتِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ بِحَضْرَةِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَمَعَ ذِكْرِهِ فِي الْقَلْبِ حَالَتَهَا كَمَا أَفَادَهُ السُّبْكِيُّ لِأَنَّ مَوْضِعَهَا مَوْضِعُ بَرَكَةٍ وَتَنَزُّلِ رَحْمَةٍ وَالدُّعَاءُ بَعْدَهَا أَقْرَبُ إجَابَةً، وَإِحْضَارُ الْمُسْتَأْجِرِ فِي الْقَلْبِ سَبَبٌ لِشُمُولِ الرَّحْمَةِ لَهُ إذَا تَنَزَّلَتْ عَلَى قَلْبِ الْقَارِئِ، وَأُلْحِقَ بِهَا الِاسْتِئْجَارُ لِمَحْضِ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ عَقِبَهُ، وَسَيَأْتِي فِي الْوَصَايَا مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ وُجُودَ اسْتِحْضَارِهِ بِقَلْبِهِ أَوْ كَوْنِهِ بِحَضْرَتِهِ كَافٍ وَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعَا، وَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ بَعْدَهَا مِنْ قَوْلِهِ اجْعَلْ ثَوَابَ ذَلِكَ أَوْ مِثْلَهُ مُقَدَّمًا إلَى حَضْرَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ زِيَادَةً فِي شَرَفِهِ جَائِزٌ، كَمَا قَالَهُ جَمَاعَاتٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ: إنَّهُ حَسَنٌ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ: خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَذِنَ لَنَا بِأَمْرِهِ بِنَحْوِ سُؤَالِ الْوَسِيلَةِ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَالَ وَلِيُّ صَغِيرٍ حُرٍّ لِمُعَلِّمِهِ مَثَلًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا تَرَكَهُ فَضَاعَ أَوْ سُرِقَ مِنْهُ مَتَاعٌ لِأَنَّ الْحُرَّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ، وَمَتَاعُهُ الَّذِي أُخِذَ مِنْهُ فِي يَدِ مَالِكِهِ لَا فِي يَدِ الْمُعَلِّمِ (قَوْلُهُ: فَوَكَّلَ بِهِ صَغِيرًا) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالصَّغِيرِ هُنَا مَنْ لَا يَقْدِرُ عَادَةً عَلَى حِفْظِ مِثْلِ ذَلِكَ الرَّقِيقِ بِخِلَافِهِ الْمُرَاهِقُ بِالنِّسْبَةِ لِرَقِيقٍ سِنُّهُ نَحْوُ خَمْسِ سِنِينَ، وَمَحَلُّهُ أَيْضًا مَا لَمْ يَقُلْ سَيِّدُهُ تُوَكِّلُ بِهِ وَلَدًا مِنْ عِنْدِك وَخَرَجَ مَا لَوْ لَمْ يَقُلْ لَهُ ذَلِكَ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَوْكِيلُ مَنْ يَخْرُجُ مَعَهُ لِلْحِفْظِ وَإِنْ جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ (قَوْلُهُ وَكَالتَّدْرِيسِ الْإِقْرَاءُ لِشَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ) أَيْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ لِلْمُبَاحَاتِ إلَخْ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ فَتَصِحُّ لِتَحْصِيلِ مُبَاحٍ كَصَيْدٍ (قَوْلُهُ: عَيَّنَ مَكَانًا) أَيْ الْمُسْتَأْجَرَ (قَوْلُهُ وَمَعَ ذِكْرِهِ فِي الْقَلْبِ) يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِذِكْرِهِ فِي الْقَلْبِ فِي ابْتِدَاءِ الْقِرَاءَةِ وَإِنْ عَزَبَتْ النِّيَّةُ بَعْدُ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ صَارِفٌ كَمَا فِي نِيَّةِ الْوُضُوءِ مَثَلًا حَيْثُ اكْتَفَى بِهَا عِنْدَ غَسْلِ جُزْءٍ مِنْ الْوَجْهِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ اسْتِحْضَارُهَا فِي بَقِيَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ بَعْدَهَا مِنْ قَوْلِهِ اجْعَلْ ثَوَابَ ذَلِكَ إلَخْ) . [فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا يَقَعُ مِنْ الدَّاعِينَ عَقِبَ الْخَتَمَاتِ مِنْ قَوْلِهِمْ اجْعَلْ اللَّهُمَّ ثَوَابَ مَا قُرِئَ زِيَادَةً فِي شَرَفِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ يَقُولُ وَاجْعَلْ مِثْلَ ثَوَابِ ذَلِكَ وَأَضْعَافَ أَمْثَالِهِ إلَى رُوحِ فُلَانٍ أَوْ فِي صَحِيفَتِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ أَمْ يُمْتَنَعُ لِمَا فِيهِ مِنْ إشْعَارِ تَعْظِيمِ الْمَدْعُوِّ إلَيْهِ بِذَلِكَ حَيْثُ اعْتَنَى بِهِ فَدَعَا لَهُ بِأَضْعَافِ مِثْلِ مَا دَعَا بِهِ لِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يَمْتَنِعُ لِأَنَّ الدَّاعِيَ لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ تَعْظِيمًا لِغَيْرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، بَلْ كَلَامُهُ مَحْمُولٌ عَلَى إظْهَارِ احْتِيَاجِ غَيْرِهِ لِلرَّحْمَةِ مِنْهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فَاعْتِنَاؤُهُ بِهِ لِلِاحْتِيَاجِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ مَعَ الدُّعَاءِ بِمِثْلِ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى عِنْدَ الْقَبْرِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: بَعْدُ أَوْ بِحَضْرَةِ الْمُسْتَأْجِرِ: أَيْ أَوْ عِنْدَ غَيْرِ الْقَبْرِ مَعَ الدُّعَاءِ، وَقَوْلُهُ: لَهُ مُتَعَلِّقٌ بِ حَصَلَ، وَقَوْلُهُ: أَوْ بِغَيْرِهِ عُطِفَ عَلَى بِمِثْلِ: أَيْ كَالْمَغْفِرَةِ وَقَوْلُهُ: لِلْمَيِّتِ مُتَعَلِّقٌ بِالدُّعَاءِ (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي فِي الْوَصَايَا مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ وُجُودَ اسْتِحْضَارِهِ بِقَلْبِهِ إلَخْ) أَيْ: خِلَافَ مَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ: قَبْلُ أَوْ بِحَضْرَةِ الْمُسْتَأْجِرِ وَمَعَ ذِكْرِهِ فِي الْقَلْبِ مِنْ اعْتِبَارِ اجْتِمَاعِهِمَا. فَالْحَاصِلُ صِحَّةُ الْإِجَارَةِ فِي أَرْبَعِ صُوَرٍ: الْقِرَاءَةِ عِنْدَ الْقَبْرِ، وَالْقِرَاءَةِ لَا عِنْدَهُ لَكِنْ مَعَ الدُّعَاءِ عَقِبَهَا، وَالْقِرَاءَةِ بِحَضْرَةِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَالْقِرَاءَةِ مَعَ ذِكْرِهِ فِي الْقَلْبِ. وَخَرَجَ بِذَلِكَ الْقِرَاءَةُ لَا مَعَ أَحَدِ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ، وَسَيَأْتِي قُبَيْلَ الْفَصْلِ مَا يُفِيدُ عَدَمَ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ لَهُ، وَأَمَّا مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ اعْتِمَادِ الصِّحَّةِ فِي الْآتِي فَلَمْ أَدْرِ مَأْخَذَهُ (قَوْلُهُ: جَائِزٌ كَمَا قَالَهُ جَمَاعَاتٌ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ جَعْلِ ذَلِكَ أَوْ مِثْلِهِ فِي صَحِيفَةِ فُلَانٍ

فِي كُلِّ دُعَاءٍ بِمَا فِيهِ زِيَادَةُ تَعْظِيمِهِ، وَحَذْفُ مِثْلُ فِي الْأُولَى كَثِيرٌ شَائِعٌ فِي اللُّغَةِ وَالِاسْتِعْمَالُ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي بِمَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ، وَلَيْسَ فِي الدُّعَاءِ بِالزِّيَادَةِ فِي الشَّرَفِ إيهَامُ نَقْصٍ كَمَا أَوْضَحْت ذَلِكَ فِي إفْتَاءٍ طَوِيلٍ. وَفِي حَدِيثِ أَبِي الْمَشْهُورِ «أَجْعَلُ لَك مِنْ صَلَاتِي» أَيْ دُعَائِي أَصْلٌ عَظِيمٌ فِي الدُّعَاءِ عَقِبَ الْقِرَاءَةِ وَغَيْرِهَا، وَمِنْ الزِّيَادَةِ فِي شَرَفِهِ أَنْ يَتَقَبَّلَ اللَّهُ عَمَلَ الدَّاعِي بِذَلِكَ وَيُثِيبَهُ عَلَيْهِ، وَكُلُّ مَنْ أُثِيبَ مِنْ الْأُمَّةِ كَانَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلُ ثَوَابِهِ مُتَضَاعِفًا بِعَدَدِ الْوَسَائِطِ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ كُلِّ عَامِلٍ مَعَ اعْتِبَارِ زِيَادَةِ مُضَاعَفَةِ كُلِّ مَرْتَبَةٍ عَمَّا بَعْدَهَا، فَفِي الْأُولَى ثَوَابُ إبْلَاغِ الصَّحَابِيِّ وَعَمَلِهِ وَفِي الثَّانِيَةِ هَذَا وَإِبْلَاغُ التَّابِعِيِّ وَعَمَلِهِ، وَفِي الثَّالِثَةِ ذَلِكَ كُلُّهُ وَإِبْلَاغُ تَابِعِ التَّابِعِيِّ وَهَكَذَا وَذَلِكَ شَرَفٌ لَا نِهَايَةَ لَهُ. . وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فَقَرَأَ جُنُبًا وَلَوْ نَاسِيًا لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا إذْ الْقَصْدُ بِالِاسْتِئْجَارِ لَهَا حُصُولُ ثَوَابِهَا لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى نُزُولِ الرَّحْمَةِ وَقَبُولِ الدُّعَاءِ عَقِبَهَا، وَالْجُنُبُ لَا ثَوَابَ لَهُ عَلَى قِرَاءَتِهِ بَلْ عَلَى قَصْدِهِ فِي صُورَةِ النِّسْيَانِ، كَمَنْ صَلَّى بِنَجَاسَةٍ نَاسِيًا لَا يُثَابُ عَلَى أَفْعَالِ الصَّلَاةِ الْمُتَوَقِّفَةِ عَلَى الطَّهَارَةِ، بَلْ عَلَى مَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا كَالْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ وَالْخُشُوعِ وَقَصْدِهِ فِعْلَ الْعِبَادَةِ مَعَ عُذْرِهِ، فَيُحْمَلُ إطْلَاقُ إثَابَةِ الْجُنُبِ النَّاسِي عَلَى إثَابَتِهِ عَلَى الْقَصْدِ فَقَطْ. وَإِثَابَتُهُ لَا تُحَصِّلُ غَرَضَ الْمُسْتَأْجِرِ الْمَذْكُورِ، وَيُؤَيِّدُ عَدَمَ الِاعْتِدَادِ بِقِرَاءَتِهِ نَفْيُ سُنِّيَّةِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ لَهَا كَمَا مَرَّ، وَقَوْلُهُمْ لَوْ نَذَرَهَا فَقَرَأَ جُنُبًا لَمْ يُجْزِئْهُ إذْ الْقَصْدُ مِنْ النَّذْرِ التَّقَرُّبُ لَا الْمَعْصِيَةُ: أَيْ وَلَوْ فِي الصُّورَةِ لِتَدْخُلَ قِرَاءَةُ النَّاسِي فَلَا يَتَقَرَّبُ بِهَا، وَبِهِ فَارَقَ الْبِرَّ بِقِرَاءَةِ الْجُنُبِ سَوَاءٌ أَنَصَّ فِي حَلِفِهِ عَلَى الْقِرَاءَةِ وَحْدَهَا أَمْ مَعَ الْجَنَابَةِ، وَيَلْغُو النَّذْرُ إنْ نَصَّ عَلَيْهَا فِيهِ مَعَ الْجَنَابَةِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ اسْتَحَقَّ وَإِنْ كَانَ جُنُبًا لِأَنَّ الثَّوَابَ هُنَا غَيْرُ مَقْصُودٍ بِالذَّاتِ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ التَّعْلِيمُ وَهُوَ حَاصِلٌ مَعَ الْجَنَابَةِ، وَلَوْ تَرَكَ مِنْ الْقِرَاءَةِ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهَا آيَاتٍ فَالْأَوْجَهُ لُزُومُ قِرَاءَةِ مَا تَرَكَهُ وَلَا يَلْزَمُهُ اسْتِئْنَافُ مَا بَعْدَهُ، وَأَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِقِرَاءَةٍ عَلَى قَبْرٍ لَا يَلْزَمُهُ عِنْدَ الشُّرُوعِ أَنْ يَنْوِيَ أَنَّ ذَلِكَ عَمَّا اُسْتُؤْجِرَ عَنْهُ بَلْ الشَّرْطُ عَدْلُ الصَّارِفِ، وَلَا يُنَافِيهِ تَصْرِيحُهُمْ فِي النَّذْرِ بِاشْتِرَاطِ نِيَّتِهِ أَنَّهَا عَنْهُ لِأَنَّ هُنَا قَرِينَةً صَارِفَةً لِوُقُوعِهَا عَمَّا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ ثُمَّ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ اُسْتُؤْجِرَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَذْكُورِ وَلِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقُرْبِ مَكَانَتِهِ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الْإِجَابَةُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ مُحَقَّقَةٌ فَغَيْرُهُ لِبُعْدِ رُتْبَتِهِ عَمَّا أُعْطِيَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَا تَتَحَقَّقُ الْإِجَابَةُ لَهُ بَلْ قَدْ لَا تَكُونُ مَظْنُونَةً فَنَاسَبَ تَأْكِيدَ الدُّعَاءِ لَهُ وَتَكْرِيرَهُ رَجَاءَ الْإِجَابَةِ. (قَوْلُهُ: سُجُودِ التِّلَاوَةِ لَهَا) أَيْ لِقِرَاءَةِ الْجُنُبِ (قَوْلُهُ: لَوْ نَذَرَهَا) أَيْ الْقِرَاءَةَ (قَوْلُهُ: وَيَلْغُو) مُسْتَأْنَفٌ (قَوْلُهُ: إنْ نَصَّ عَلَيْهَا) أَيْ الْقِرَاءَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ جُنُبًا) وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَلْزَمَ ذِمَّتَهُ التَّعْلِيمُ أَوْ يَسْتَأْجِرَ عَيْنَهُ، وَلَا يَنُصُّ عَلَى أَنْ يَقْرَأَهُ جُنُبًا فَيَتَّفِقُ لَهُ الْجَنَابَةُ وَيُعَلَّمُ مَعَهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ عَيْنَهُ وَهُوَ جُنُبٌ لِيُعَلِّمَهُ فَلَا يَصِحُّ. لِأَنَّ مَا ذُكِرَ ثُمَّ عُقِدَ عَلَى مَعْصِيَةٍ وَهُوَ فَاسِدٌ. لَا يُقَالُ: الْمُؤَجِّرُ يَتَمَكَّنُ مِنْ التَّعْلِيمِ بِقَصْدِ الذِّكْرِ. لِأَنَّا نَقُولُ: قَصْدُهُ لِلذِّكْرِ إنَّمَا يُمْنَعُ مِنْ كَوْنِ الْمَأْتِيِّ بِهِ قُرْآنًا حِينَ التَّعْلِيمِ وَإِنْ حَصَلَ بِهِ الْمَقْصُودُ لِلْمُتَعَلِّمِ وَالِاسْتِئْجَارُ لِلتَّعْلِيمِ إنَّمَا أَوْرَدَهُ عَلَى كَوْنِ الْمُعَلَّمِ قُرْآنًا فَهُوَ تَنْصِيصٌ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى فِعْلِ الْمَعْصِيَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَرَكَ مِنْ الْقِرَاءَةِ إلَخْ) . [فَرْعٌ] أَفْتَى شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِجَوَازِ كِتَابَةِ الْقُرْآنِ بِالْقَلَمِ الْهِنْدِيِّ، وَقِيَاسُهُ جَوَازُهُ بِنَحْوِ التُّرْكِيِّ أَيْضًا. [فَرْعٌ آخَرُ] الْوَجْهُ جَوَازُ تَقْطِيعِ حُرُوفِ الْقُرْآنِ فِي الْقِرَاءَةِ فِي التَّعْلِيمِ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ اسْتِئْنَافُ مَا بَعْدَهُ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَقْرَأْ سَقَطَ مَا يُقَابِلُ الْمَتْرُوكَ مِنْ الْمُسَمَّى (قَوْلُهُ: لِوُقُوعِهَا) مُتَعَلِّقٌ بِصَارِفَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَفِي الثَّانِيَةِ هَذَا وَإِبْلَاغُ التَّابِعِيِّ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: يُتَأَمَّلُ هَذَا جِدًّا (قَوْلُهُ: لِوُقُوعِهَا) مُتَعَلِّقٌ بِصَارِفَةٍ، وَقَوْلُهُ: عَمَّا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ مُتَعَلِّقٌ بِوُقُوعِهَا: أَيْ أَنَّهَا تَصْرِفُ الْقِرَاءَةَ لِمَا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ عَنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ اُسْتُؤْجِرَ

لِمُطْلَقِ الْقِرَاءَةِ وَصَحَّحْنَاهُ احْتَاجَ إلَى النِّيَّةِ فِيمَا يَظْهَرُ. (وَ) تَصِحُّ الْإِجَارَةُ وَلَوْ مِنْ زَوْجٍ كَمَا مَرَّ لِحُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ وَإِنْ كَانَتْ كَافِرَةً إنْ أَمِنَتْ فِيمَا يَظْهَرُ (لِحَضَانَةٍ) وَهِيَ الْكُبْرَى الْآتِيَةُ فِي كَلَامِهِ مِنْ الْحَضْنِ وَهُوَ مِنْ الْإِبِطِ إلَى الْكَشْحِ لِأَنَّ الْحَاضِنَةَ تَضُمُّهُ إلَيْهِ (وَإِرْضَاعٍ) وَلَوْ لِلِّبَا (مَعًا) وَحِينَئِذٍ فَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ كِلَاهُمَا لِأَنَّهُمَا مَقْصُودَانِ (وَلِأَحَدِهِمَا فَقَطْ) لِأَنَّ الْحَضَانَةَ نَوْعُ خِدْمَةٍ وَلِآيَةِ الْإِرْضَاعِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَوَّلَ الْبَابِ، وَتَدْخُلُ الْحَضَانَةُ الصُّغْرَى فِيهِ وَهِيَ وَضْعُهُ فِي الْحِجْرِ وَإِلْقَامُهُ الثَّدْيَ وَعَصْرُهُ لَهُ لِتَوَقُّفِهِ عَلَيْهَا، وَمِنْ ثَمَّ كَانَتْ هِيَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا، وَاللَّبَنُ تَابِعٌ إذْ الْإِجَارَةُ مَوْضُوعَةٌ لِلْمَنَافِعِ، وَإِنَّمَا الْأَعْيَانُ تَتْبَعُ لِلضَّرُورَةِ، وَإِنَّمَا صَحَّتْ لَهُ مَعَ نَفْيِهَا تَوْسِعَةً فِيهِ لِمَزِيدِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ مُدَّةِ الْإِرْضَاعِ. وَمَحَلُّهُ أَهُوَ بَيْتُهُ لِأَنَّهُ أَحْفَظُ، أَوْ بَيْتُ الْمُرْضِعَةِ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ، فَإِنْ امْتَنَعَتْ مِنْ مُلَازَمَةِ مَا عَيَّنَ أَوْ سَافَرَتْ تَخَيَّرَ، وَلَا تَسْتَحِقُّ أُجْرَةً مِنْ وَقْتِ الْفَسْخِ وَمِنْ تَعْيِينِ الرَّضِيعِ بِرُؤْيَتِهِ أَوْ وَصْفِهِ كَمَا فِي الْحَاوِي لِاخْتِلَافِ شُرْبِهِ بِاخْتِلَافِ سِنِّهِ، وَتُكَلَّفُ الْمُرْضِعَةُ تَنَاوُلَ مَا يُكْثِرُ اللَّبَنَ وَتَرْكُ مَا يَضُرُّهُ كَوَطْءِ حَلِيلٍ يَضُرُّ بِخِلَافِ وَطْءٍ لَا ضَرَرَ فِيهِ، وَلَوْ وُجِدَ بِلَبَنِهَا عِلَّةٌ تُخَيِّرُ بِهِ الْمُسْتَأْجِرَ. وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ كَانَتْ الْمُرْضِعَةُ صَغِيرَةً لَمْ تَبْلُغْ تِسْعَ سِنِينَ خِلَافًا لِمَا فِي الْبَيَانِ، وَلَوْ سَقَتْهُ لَبَنَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَصَحَّحْنَاهُ) أَيْ وَهُوَ الرَّاجِحُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ كَافِرَةً) وَلَيْسَ هَذَا كَالْتِقَاطِ الْكَافِرَةِ لِلْمُسْلِمِ وَتَرْبِيَتِهَا لَهُ حَيْثُ امْتَنَعَ، لِأَنَّ فِي ذَلِكَ اسْتِيلَاءً تَامًّا عَلَى الْوَلَدِ وَإِظْهَارًا لِلْوِلَايَةِ عَلَيْهِ الْمُقْتَضِي لِحَقَارَةِ الْإِسْلَامِ عِنْدَ الْكُفَّارِ، وَلَا كَذَلِكَ هَذَا (قَوْلُهُ: الْإِبِطِ) بِالْكَسْرِ (قَوْلُهُ: الْكَشْحِ) اسْمٌ لِمَا تَحْتَ الْخَاصِرَةِ (قَوْلُهُ لِلِّبَا) بِالْقَصْرِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ كَانَتْ) أَيْ الْحَضَانَةُ الصُّغْرَى (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا صَحَّتْ لَهُ) أَيْ الْإِرْضَاعُ (قَوْلُهُ: مَعَ نَفْيِهَا) أَيْ عَدَمِ ذِكْرِهَا لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِلْإِرْضَاعِ وَنَفْيِ الْحَضَانَةِ الصُّغْرَى لَمْ يَصِحَّ، لَكِنَّهُ فِي التُّحْفَةِ لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِلْإِرْضَاعِ وَنَفْيِ الْحَضَانَةِ إلَخْ، وَعَبَّرَ هُنَا بِمِثْلِ مَا عَبَّرَ بِهِ الشَّارِحُ فَكَتَبَ عَلَيْهِ سم - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ وَإِنَّمَا صَحَّتْ مَعَ نَفْيِهَا إلَخْ ظَاهِرُهُ مَعَ نَفْيِ الصُّغْرَى وَكَلَامُ الرَّوْضَةِ صَرِيحٌ فِيهِ، لَكِنْ وَصَفَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ الْحَضَانَةَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ نَفَى الْحَضَانَةَ جَازَ بِقَوْلِهِ الْكُبْرَى، وَعِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ: فَإِنْ اسْتَأْجَرَ لِلرَّضَاعِ وَنَفْيِ الْحَضَانَةِ فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ. ثُمَّ قَالَ: وَخَصَّ الْإِمَامُ الْخِلَافَ بِنَفْيِ الْحَضَانَةِ الصُّغْرَى. فَأَمَّا نَفْيُ الْحَضَانَةِ الْكُبْرَى فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ وَأَقَرَّاهُ، لَكِنْ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِيهَا أَيْضًا اهـ بِحُرُوفِهِ. (قَوْلُهُ: مِنْ وَقْتِ الْفَسْخِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ بِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: كَوَطْءِ حَلِيلٍ) وَهَلْ تَصِيرُ نَاشِزَةً بِذَلِكَ فَلَا تَسْتَحِقُّ نَفَقَةً وَإِنْ أَذِنَ لَهَا فِي ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَذِنَ لَهَا فِي السَّفَرِ لِحَاجَتِهَا وَحْدَهَا أَوْ لِحَاجَةِ أَجْنَبِيٍّ لِغَرَضِهَا أَمْ لَا تَصِيرُ نَاشِزَةً بِذَلِكَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَغَايَتُهُ أَنَّ الْإِذْنَ لَهَا فِي ذَلِكَ أَسْقَطَ عَنْهَا الْإِثْمَ فَقَطْ، وَإِذَا حَرُمَ عَلَيْهِ الْوَطْءُ هَلْ تَمْنَعُهُ مِنْهُ وَإِنْ خَافَ الْعَنَتَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْوَلَدِ الْمُتَرَدِّي إلَى قَتْلِهِ فَيَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ حِينَئِذٍ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ حُرْمَةِ الْوَطْءِ هُنَا مَعَ خَوْفِ الْعَنَتِ وَجَوَازِهِ فِي الْحَيْضِ لِذَلِكَ بِأَنَّ الْحُرْمَةَ فِي الْحَيْضِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُنَا لِحَقِّ آدَمِيٍّ فَلَا يَجُوزُ تَفْوِيتُهُ عَلَى صَاحِبِهِ لِأَنَّ الضَّرَرَ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ. وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعَصْرِ خِلَافُ مَا قُلْنَاهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَاحْذَرْهُ وَلَا تَغْتَرَّ بِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ وَطْءٍ لَا ضَرَرَ فِيهِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِمُطْلَقِ الْقِرَاءَةِ وَصَحَّحْنَاهُ) أَيْ خِلَافَ مَا مَرَّ مِنْ الْحَصْرِ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا صَحَّتْ لَهُ مَعَ نَفْيِهَا) يَعْنِي مَعَ عَدَمِ ذِكْرِهَا كَمَا أَوَّلَهُ بِذَلِكَ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ حَتَّى لَا يُنَافِيَ مَا سَيَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ: وَلَا تَسْتَحِقُّ أُجْرَةً مِنْ وَقْتِ الْفَسْخِ) أَيْ وَإِنْ أَرْضَعَتْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: بِاخْتِلَافِ سِنِّهِ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِوَصْفِهِ ذِكْرُ سِنِّهِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: مَا يُكْثِرُ اللَّبَنَ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ كَثْرَةٌ إلَى حَدِّ الْكِفَايَةِ لَا غَيْرُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: كَوَطْءِ حَلِيلٍ يَضُرُّ) وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَيْسَ

غَيْرِهَا فِي إجَارَةِ ذِمَّةٍ اسْتَحَقَّتْ الْأُجْرَةَ أَوْ عَيْنٍ فَلَا (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ) أَيْ الشَّأْنَ (لَا يَسْتَتْبِعُ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْإِرْضَاعُ وَالْحَضَانَةُ الْكُبْرَى (الْآخَرَ) لِأَنَّهُمَا مَنْفَعَتَانِ مَقْصُودَتَانِ يَجُوزُ إفْرَادُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْعَقْدِ فَأَشْبَهَا سَائِرَ الْمَنَافِعِ. وَالثَّانِي نَعَمْ لِلْعَادَةِ بِتَلَازُمِهِمَا (وَالْحَضَانَةُ) الْكُبْرَى (حِفْظُ صَبِيٍّ) أَيْ جِنْسِهِ الصَّادِقِ بِالْأُنْثَى (وَتَعَهُّدُهُ بِغَسْلِ رَأْسِهِ وَبَدَنِهِ وَثِيَابِهِ وَدَهْنِهِ) بِفَتْحِ الدَّالِ (وَكُحْلِهِ وَرَبْطِهِ فِي الْمَهْدِ وَتَحْرِيكِهِ لِيَنَامَ وَنَحْوَهَا) لِاقْتِضَاءِ اسْمِ الْحَضَانَةِ عُرْفًا لِذَلِكَ، أَمَّا الدُّهْنُ بِضَمِّ الدَّالِ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ عَلَى الْأَبِ وَلَا تُتَّبَعُ فِيهِ الْعَادَةُ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهَا (وَلَوْ) (اسْتَأْجَرَ لَهُمَا) أَيْ الْحَضَانَةِ الْكُبْرَى وَالْإِرْضَاعِ (فَانْقَطَعَ اللَّبَنُ) (فَالْمَذْهَبُ انْفِسَاخُ الْعَقْدِ فِي الْإِرْضَاعِ) فَيَسْقُطُ قِسْطُهُ مِنْ الْأُجْرَةِ (دُونَ الْحَضَانَةِ) لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَقْصُودٌ مَعْقُودٌ عَلَيْهِ، وَالْحَضَانَةُ الصُّغْرَى أَنْ تُلْقِمَهُ بَعْدَ وَضْعِهِ فِي حِجْرِهَا مَثَلًا الثَّدْيَ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِلْإِرْضَاعِ وَنَفْيِ الْحَضَانَةِ الصُّغْرَى لَمْ تَصِحَّ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ حِبْرٌ) بِكَسْرِ الْحَاءِ (وَخَيْطٌ وَكُحْلٌ) وَصِبْغٌ وَطَلْعٌ (عَلَى وَرَّاقٍ) وَهُوَ النَّاسِخُ (وَخَيَّاطٍ وَكَحَّالٍ) وَصَبَّاغٍ وَمُلَقِّحٍ، وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ قَلَمُ النُّسَّاخِ وَإِبْرَةُ الْخَيَّاطِ وَدُرُورُ الْكَحَّالِ وَمِرْوَدُهُ وَمَرْهَمُ الْجَرَائِحِيِّ وَصَابُونِ وَمَاءِ الْغَسَّالِ اقْتِصَارًا عَلَى مَدْلُولِ اللَّفْظِ مَعَ أَنَّ وَضْعَ الْإِجَارَةِ عَلَى عَدَمِ اسْتِحْقَاقِ عَيْنٍ بِهَا وَأَمْرُ اللَّبَنِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِلضَّرُورَةِ (قُلْت: صَحَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الرُّجُوعَ فِيهِ) أَيْ الْمَذْكُورِ (إلَى الْعَادَةِ) لِعَدَمِ وُرُودِ مَا يَضْبِطُهُ لُغَةً وَشَرْعًا (فَإِنْ اضْطَرَبَتْ) الْعَادَةُ (وَجَبَ الْبَيَانُ) نَفْيًا لِلْغَرَرِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ (فَتَبْطُلُ) الْإِجَارَةُ أَيْ لَمْ تَصِحَّ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِمَا فِيهَا مِنْ الْغَرَرِ الْمُفْضِي إلَى التَّنَازُعِ مِنْ غَيْرِ غَايَةٍ، وَحَيْثُ شُرِطَتْ عَلَى الْأَجِيرِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّقْدِيرِ فِي نَحْوِ الْمَرْهَمِ وَأَخَوَاتِهِ، فَإِنْ شَرَطَهُ مُطْلَقًا فَسَدَ الْعَقْدُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَضَى الْعُرْفُ كَوْنَهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ شَرَطَهُ عَلَيْهِ فَلَا يَجِبُ ذَلِكَ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَنَّ مَحَلَّ التَّرَدُّدِ فِي ذَلِكَ عِنْدَ صُدُورِ الْعَقْدِ عَلَى الذِّمَّةِ. فَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَيْنِ لَمْ يَجِبْ غَيْرُ نَفْسِ الْعَمَلِ وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ، وَفِي ذِكْرِ الْمُصَنِّفِ كَلَامَ الشَّرْحِ إشْعَارٌ بِتَرْجِيحِ مَا فِيهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِذَا أَوْجَبْنَا الْخَيْطَ وَالصِّبْغَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالزَّوْجَ مِنْ الْوَطْءِ خَوْفُ الْحَبَلِ أَنَّ ذَاكَ أَمْرٌ مُتَوَقَّعٌ غَيْرُ مَظْنُونٍ بِخِلَافِ هَذَا (قَوْلُهُ: أَمَّا الدُّهْنُ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الدُّهْنِ فِي كَوْنِهِ عَلَى الْأَبِ أُجْرَةُ الْقَابِلَةِ لِفِعْلِهَا الْمُتَعَلِّقِ بِإِصْلَاحِ الْوَلَدِ كَقَطْعِ سُرَّتِهِ دُونَ مَا يَتَعَلَّقُ بِإِصْلَاحِ الْأُمِّ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ نَحْوِ مُلَازَمَتِهَا لَهَا قَبْلَ الْوِلَادَةِ وَغَسْلِ بَدَنِهَا وَثِيَابِهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْأَبِ بَلْ عَلَيْهَا كَصَرْفِهَا مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ لِلْمَرَضِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِلْإِرْضَاعِ وَنَفْيِ الْحَضَانَةِ الصُّغْرَى لَمْ تَصِحَّ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ الْوَلَدُ لِذَلِكَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْتِقَامِ الثَّدْيِ بِنَفْسِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا نَادِرٌ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَعْرِضُ لِلْوَلَدِ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ كَمَرَضٍ (قَوْلُهُ فَتَبْطُلُ الْإِجَارَةُ) أَيْ لَمْ تَصِحَّ: أَيْ وَعَلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ فَيَجِبُ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِ عَمَلِهِ، وَإِذَا أَحْضَرَ مَنْ عِنْدَهُ الْمَرْهَمُ وَالْكُحْلُ وَنَحْوُهُمَا هَلْ يَرْجِعُ بِبَدَلِهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ التَّبَرُّعَ بِهَا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ فَيَرْجِعُ بِأُجْرَةِ مِثْلِ الْعَمَلِ وَبِقِيمَةِ مَا اسْتَعْمَلَهُ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِاسْتِعْمَالِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُؤَجِّرِ) أَيْ حَيْثُ جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ أَوْ شُرِطَ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِمُسْتَأْجِرِهَا لِلْإِرْضَاعِ مَنْعُ زَوْجِهَا مِنْ الْوَطْءِ خَوْفَ الْحَبَلِ وَانْقِطَاعِ اللَّبَنِ، فَلَعَلَّهُمْ يَرَوْنَ الْفَرْقَ بَيْنَ تَغَيُّرِ اللَّبَنِ وَاخْتِلَافِهِ عَلَى الطِّفْلِ لِأَنَّ هُنَاكَ مَنْدُوحَةٌ وَهِيَ الْفَسْخُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَا هُنَاكَ فِي مَنْعِ الْمُسْتَأْجِرِ لِلزَّوْجِ وَمَا هُنَا فِي امْتِنَاعِهِ عَلَى الْمَرْأَةِ وَلَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَا هُنَاكَ فِي مُجَرَّدِ الْخَوْفِ وَمَا هُنَا فِي غَلَبَةِ الظَّنِّ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا جَزَمَ بِالْأَخِيرِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَالْحَضَانَةُ الصُّغْرَى أَنْ تُلْقِمَهُ إلَخْ) أَيْ وَتَعْصِرَ لَهُ الثَّدْيَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَذَرُورُ الْكَحَّالِ) قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكُحْلٌ؛ لِأَنَّهُ هُوَ (قَوْلُهُ: وَأَخَوَاتُهُ) أَيْ مِمَّا يُسْتَهْلَكُ كَالْكُحْلِ بِخِلَافِ نَحْوِ الْإِبْرَةِ وَالْقَلَمِ كَذَا ظَهَرَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُؤَجَّرِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ

[فصل فيما يلزم المكري أو المكتري لعقار أو دابة]

فَالْأَوْجَهُ مِلْكُ الْمُسْتَأْجَرِ لَهُمَا فَيَنْصَرِفُ فِيهِ كَالثَّوْبِ لَا أَنَّ الْمُؤَجِّرَ أَتْلَفَهُ عَلَى مِلْكِ نَفْسِهِ، وَيَظْهَرُ لِي إلْحَاقُ الْحِبْرِ بِالْخَيْطِ وَالصِّبْغِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا، ثُمَّ رَأَيْت صَاحِبَ الْعُبَابِ جَزَمَ بِهِ وَيَقْرُبُ مِنْ ذَلِكَ مَاءُ الْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلزَّرْعِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ كَمَا أَفَادَهُ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ لِنَفْسِهِ، وَفِي اللَّبَنِ وَالْكُحْلِ كَذَلِكَ، وَأَمَّا الْخَيْطُ وَالصِّبْغُ فَالضَّرُورَةُ تُحَوِّجُ إلَى نَقْلِ الْمِلْكِ، وَأَلْحَقُوا بِمَا تَقَدَّمَ الْحَطَبَ الَّذِي يَقُدُّهُ الْخَبَّازُ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَتْلَفُ عَلَى مِلْكِهِ. وَلَوْ شَرَطَ لِطَبِيبٍ مَاهِرٍ أُجْرَةً وَأَعْطَى ثَمَنَ الْأَدْوِيَةِ فَعَالَجَهُ بِهَا فَلَمْ يَبْرَأْ اسْتَحِقَّ الْمُسَمَّى إنْ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَإِلَّا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَلَيْسَ لِلْعَلِيلِ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ عَلَيْهِ الْمُعَالَجَةُ دُونَ الشِّفَاءِ، بَلْ إنْ شَرَطَهُ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ لِأَنَّهُ بِيَدِ اللَّهِ تَعَالَى. نَعَمْ إنْ جَاعَلَهُ عَلَيْهِ صَحَّ وَلَمْ يَسْتَحِقَّ لِلْمُسَمَّى إلَّا بَعْدَ وُجُودِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. فَصْلٌ فِيمَا يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ أَوْ الْمُكْتَرِيَ لِعَقَارٍ أَوْ دَابَّةٍ (يَجِبُ) يَعْنِي يَتَعَيَّنُ لِدَفْعِ الْخِيَارِ الْآتِي عَلَى الْمُكْرِي (تَسْلِيمُ مِفْتَاحِ) ضَبَّةِ (الدَّارِ) مَعَهَا (إلَى الْمُكْتَرِي) لِتَوَقُّفِ الِانْتِفَاعِ عَلَيْهِ وَهُوَ أَمَانَةٌ بِيَدِهِ، فَلَوْ تَلِفَ وَلَوْ بِتَقْصِيرِ فَعَلَى الْمُكْرِي تَجْدِيدُهُ، فَإِنْ امْتَنَعَ لَمْ يُجْبَرْ وَلَمْ يَأْثَمْ. نَعَمْ يُتَخَيَّرُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ) أَيْ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: وَالْكُحْلُ كَذَلِكَ) أَيْ إنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْمُؤَجِّرِ وَيَنْتَفِعُ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ (قَوْلُهُ وَلَوْ شَرَطَ لِطَبِيبٍ مَاهِرٍ إلَخْ) أَمَّا غَيْرُ الْمَاهِرِ الْمَذْكُورِ فَقِيَاسُ مَا يَأْتِي أَوَّلَ الْجِرَاحِ وَالتَّعَازِيرِ مِنْ أَنَّهُ يَضْمَنُ مَا تَوَلَّدَ مِنْ فِعْلِهِ، بِخِلَافِ الْمَاهِرِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِثَمَنِ الْأَدْوِيَةِ لِتَقْصِيرِهِ بِمُبَاشَرَتِهِ لِمَا لَيْسَ هُوَ لَهُ بِأَهْلٍ، وَمِنْ شَأْنِ هَذَا الْإِضْرَارُ لَا النَّفْعُ حَجّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ: هَلْ اسْتِئْجَارُهُ صَحِيحٌ أَوْ لَا؟ إنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَقَدْ يُشْكَلُ الْحُكْمُ الَّذِي ذَكَرَهُ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَقَدْ يُقَيَّدُ الرُّجُوعُ بِثَمَنِ الْأَدْوِيَةِ بِالْجَهْلِ بِحَالِهِ م ر فَلْيُحَرَّرْ اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَالظَّاهِرُ الثَّانِي، وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ لِأَنَّهُ لَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهِ، بَلْ الْغَالِبُ عَلَى عَمَلِ مِثْلِهِ الضَّرَرُ (قَوْلُهُ إنْ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ) أَيْ كَأَنْ قُدِّرَتْ بِزَمَانٍ مَعْلُومٍ (قَوْلُهُ: إنْ شَرَطَهُ) أَيْ الشِّفَاءَ. [فَصْلٌ فِيمَا يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ أَوْ الْمُكْتَرِيَ لِعَقَارٍ أَوْ دَابَّةٍ] (فَصْلٌ) فِيمَا يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ أَوْ الْمُكْتَرِيَ (قَوْلُهُ فِيمَا يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ أَوْ الْمُكْتَرِيَ إلَخْ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ بِتَلَفِ الدَّابَّةِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْمُكْتَرِيَ) الْأَوْلَى حَذْفُ الْأَلِفِ وَبِهِ عَبَّرَ حَجّ (قَوْلُهُ: لِدَفْعِ الْخِيَارِ) أَيْ لَا لِدَفْعِ الْإِثْمِ (قَوْلُهُ: تَسْلِيمُ مِفْتَاحِ إلَخْ) . [فَرْعٌ] هَلْ تَصِحُّ إجَارَةُ دَارٍ لَا بَابَ لَهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ يُتَّجَهُ الصِّحَّةُ إنْ أَمْكَنَ الِانْتِفَاعُ بِهَا بِلَا بَابٍ كَأَنْ أَمْكَنَ التَّسَلُّقُ مِنْ الْجِدَارِ، وَعَلَى الصِّحَّةِ فَهَلْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْجَاهِلِ كَأَنْ رَآهَا قَبْلُ ثُمَّ سُدَّ بَابُهَا ثُمَّ اسْتَأْجَرَهَا اعْتِمَادًا عَلَى الرُّؤْيَةِ السَّابِقَةِ الْوَجْهُ الثُّبُوتُ فَلْتُرَاجَعْ الْمَسْأَلَةُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَعَلَى الْمُكْتَرِي تَجْدِيدُهُ) أَيْ مَعَ ضَمَانِ الْمُكْتَرِي لِقِيمَتِهِ الْآنَ إنْ تَلِفَ بِتَقْصِيرِ لَا مَا صَرَفَهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ امْتَنَعَ لَمْ يُجْبَرْ) أَيْ مِنْ التَّجْدِيدِ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ أَوَّلًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُؤَجَّرَ أَتْلَفَهُ) حِسًّا أَوْ حُكْمًا (قَوْلُهُ: أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهَا) تَقَدَّمَ هَذَا آنِفًا وَلَعَلَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ حَصَلَ بِهِ السُّقْيَا بِالْفِعْلِ حَتَّى يَكُونَ نَظِيرَ مَا نَحْنُ فِيهِ. (قَوْلُهُ: يَنْتَفِعُ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ لِنَفْسِهِ) أَيْ فِي الْأَرْضِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَفِي اللَّبَنِ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمَرْأَةَ تَمْلِكُ لَبَنَ نَفْسِهَا وَانْظُرْ فِي أَيِّ وَقْتٍ يُحْكَمُ بِمِلْكِهَا لَهُ هَلْ وَهُوَ فِي الضَّرْعِ أَوْ بَعْدَ الِانْفِصَالِ؟ يُرَاجَعُ. (فَصْلٌ) فِيمَا يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ أَوْ الْمُكْتَرِيَ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِتَقْصِيرٍ) وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ فِي حَالَةِ التَّقْصِيرِ يَضْمَنُهُ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ، وَظَاهِرٌ أَنَّ ضَمَانَهُ بِالْقِيمَةِ،

الْمُكْتَرِي وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي، (وَقَوْلُ الْقَاضِي بِانْفِسَاخِهَا فِي مُدَّةِ الْمَنْعِ غَيْرُ ظَاهِرٍ) لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ الْفَسْخِ مَعَ ثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهُ. نَعَمْ لَوْ كَانَ جَاهِلًا بِثُبُوتِهِ وَهُوَ مِمَّنْ يُعْذَرُ احْتَمَلَ مَا قَالَهُ، وَخَرَجَ بِالضَّبَّةِ الْقُفْلُ فَلَا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ فَضْلًا عَنْ مِفْتَاحِهِ لِأَنَّهُ مَنْقُولٌ وَلَيْسَ بِتَابِعٍ (وَعِمَارَتُهَا عَلَى الْمُؤَجِّرِ) الشَّامِلَةُ لِنَحْوِ تَطْيِينِ سَطْحٍ وَإِعَادَةِ رُخَامٍ قَلَعَهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ الْفَائِتِ بِهِ مُجَرَّدَ الزِّينَةِ لِأَنَّهَا غَرَضٌ مَقْصُودٌ وَمِنْ ثَمَّ امْتَنَعَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ قَلْعُهُ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا وَإِنْ احْتَاجَتْ لِآلَاتٍ جَدِيدَةٍ (فَإِنْ) (بَادَرَ) أَيْ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ (وَأَصْلَحَهَا) أَوْ سَلَّمَ الْمِفْتَاحَ فَذَاكَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُبَادِرْ (فَلِلْمُكْتَرِي) قَهْرًا عَلَى الْمُؤَجِّرِ (الْخِيَارُ) إنْ نَقَصَتْ الْمَنْفَعَةُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِبْقَاءِ لِتَضَرُّرِهِ وَمِنْ ثَمَّ زَالَ بِزَوَالِهِ. وَلَوْ وَكَفَ السَّقْفُ تَخَيَّرَ حَالَةَ وَكْفِهِ فَقَطْ إلَّا أَنْ يَتَوَلَّدَ مِنْهُ نَقْصٌ، وَبَحَثَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ سُقُوطَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي تَفْسِيرِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يَجِبُ: يَعْنِي يَتَعَيَّنُ لِدَفْعِ الْخِيَارِ لِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ الْمِفْتَاحِ أَيْضًا وَلَا يَأْثَمُ بِامْتِنَاعِهِ وَهُوَ مُشْكِلٌ، فَإِنَّهُ حَيْثُ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ اسْتَحَقَّ الْمُكْتَرِي الْمَنْفَعَةَ عَلَى الْمُكْرِي، فَعَدَمُ التَّسْلِيمِ وَالتَّجْدِيدِ امْتِنَاعٌ مِنْ حَقٍّ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ فِعْلُهُ، فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَأْثَمُ بِعَدَمِهِ وَيُجْبَرُ عَلَى التَّسْلِيمِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْبَائِعَ يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ حَيْثُ قَبَضَ الثَّمَنَ أَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْقَاضِي بِانْفِسَاخِهَا فِي مُدَّةِ الْمَنْعِ ظَاهِرٌ) وَفِي نُسْخَةٍ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ الْفَسْخِ مَعَ ثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهُ. نَعَمْ لَوْ كَانَ جَاهِلًا بِثُبُوتِهِ وَهُوَ مِمَّنْ يُعْذَرُ احْتَمَلَ مَا قَالَهُ اهـ. وَلَعَلَّ مَا فِي الْأَصْلِ هُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ بِامْتِنَاعِ الْمُؤَجِّرِ مِنْ تَسْلِيمِ الْمِفْتَاحِ فَاتَ جُزْءٌ مِنْ الْمَنْفَعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا فَيَنْفَسِخُ فِيهَا الْعَقْدُ كَتَلَفِ بَعْضِ الْمَبِيعِ تَحْتَ يَدِ الْبَائِعِ، وَذَلِكَ مُقْتَضٍ لِثُبُوتِ الْخِيَارِ لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ، وَفِي سم عَلَى حَجّ مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ حَيْثُ قَالَ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ قَالَ الْقَاضِي وَيَنْفَسِخُ فِي مُدَّةِ الْمَنْعِ مَا قَالَهُ الْقَاضِي ظَاهِرٌ شَرَحَ م ر. وَيُؤَيِّدُهُ وَيُوَافِقُهُ مَا سَيَأْتِي فِي غَصْبِ نَحْوِ الدَّابَّةِ مِنْ ثُبُوتِ الْخِيَارِ وَالِانْفِسَاخِ فِي كُلِّ مُدَّةٍ مَضَتْ فِي زَمَنِ الْغَصْبِ، وَإِنْ لَمْ يَنْفَسِخْ فَفِي التَّنْظِيرِ فِي كَلَامِ الْقَاضِي وَتَخْصِيصِ صِحَّتِهِ بِحَالَةِ الْجَهْلِ الْمَذْكُورَةِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالضَّبَّةِ الْقُفْلُ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا غَلَقٌ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: قَلَعَهُ هُوَ) أَيْ الْمُؤَجِّرُ أَوْ غَيْرُهُ وَلَوْ الْمُكْتَرِي وَضَمَانُهُ لِمَا فَعَلَهُ لَا يُسْقِطُ خِيَارَهُ حَيْثُ لَمْ يُعِدْهُ الْمُكْرِي (قَوْلُهُ: لِكَوْنِ الْفَائِتِ بِهِ) أَيْ الرُّخَامِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّهَا أَيْ الزِّينَةَ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ امْتَنَعَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ قَلْعُهُ) أَيْ لِأَنَّهُ بِإِيجَارِهِ نَقَلَ الْمَنْفَعَةَ عَنْ مِلْكِهِ لِلْمُسْتَأْجِرِ بِتِلْكَ الصَّفْقَةِ فَقَلْعُ الرُّخَامِ أَوْ نَحْوِهِ تَفْوِيتٌ لِحَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ احْتَاجَتْ) غَايَةُ (قَوْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ زَالَ) أَيْ الْخِيَارُ وَقَوْلُهُ بِزَوَالِهِ: أَيْ الضَّرَرِ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ وَكَفَ: أَيْ نَزَلَ الْمَطَرُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَتَوَلَّدَ مِنْهُ نَقْصٌ) يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الدَّابَّةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَكْفُ لِخَلَلٍ فِي السَّقْفِ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَحِقَّ أَرْشَ النَّقْصِ لِمَا مَضَى سَوَاءٌ فَسَخَ الْإِجَارَةَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ سُقُوطَهُ) أَيْ الْخِيَارِ، وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَهُوَ أَمَانَةٌ بِيَدِهِ، فَإِذَا تَلِفَ بِتَقْصِيرٍ ضَمِنَهُ أَوْ عَدَمِهِ فَلَا، وَفِيهِمَا يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ تَجْدِيدُهُ انْتَهَتْ. وَكَانَ يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ أَنْ يُعَبِّرَ بِمِثْلِهِ وَإِلَّا فَمَا فَرَّعَهُ عَلَى الْأَمَانَةِ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِهَا (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْقَاضِي بِانْفِسَاخِهَا فِي مُدَّةِ الْمَنْعِ غَيْرُ ظَاهِرٍ) لَعَلَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ غَيْرُ مُنْتَفِعٍ بِالدَّارِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُرَاجَعْ. وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا رَجَعَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بَعْدَ أَنْ كَانَ تَبِعَ ابْنَ حَجَرٍ فِي التَّنْظِيرِ فِي كَلَامِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ احْتَاجَتْ لِآلَاتٍ جَدِيدَةٍ) غَايَةٌ فِي الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِبْقَاءِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْخِيَارِ. (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ سُقُوطَهُ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الشَّارِحَ لَا يَرْتَضِي هَذَا أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِهِ فِيمَا مَرَّ امْتِنَاعُ قَلْعِهِ وَبِقَرِينَةِ التَّعْلِيلِ الْمَارِّ مَعَ إسْنَادِ هَذَا لِقَائِلِهِ بَحْثًا الْمُشْعِرِ بِعَدَمِ تَسْلِيمِهِ

بِالْبَلَاطِ بَدَلَ الرُّخَامِ لِأَنَّ التَّفَاوُتَ بَيْنَهُمَا لَيْسَ لَهُ كَبِيرُ وَقْعٍ، وَأَنَّهُ لَوْ شُرِطَ إبْقَاءُ الرُّخَامِ فُسِخَ بِخُلْفِ الشَّرْطِ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِي الْحَادِثِ، أَمَّا مُقَارَنُ عِلْمِ الْمُكْتَرَى بِهِ فَلَا خِيَارَ لَهُ، وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ مِنْ وَظِيفَةِ الْمُكْرِي لِتَقْصِيرِهِ بِإِقْدَامِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ، هَذَا كُلُّهُ فِيمَنْ تَصَرَّفَ عَنْ نَفْسِهِ، أَمَّا الْمُتَصَرِّفُ عَنْ غَيْرِهِ وَالنَّاظِرُ فَتَجِبُ عَلَيْهِ الْعِمَارَةُ عِنْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْهَا لَكِنْ لَا مِنْ حَيْثُ الْإِجَارَةُ، وَيَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ أَيْضًا انْتِزَاعُ الْعَيْنِ مِمَّنْ غَصَبَهَا حَيْثُ قَدَرَ عَلَى تَسْلِيمِهَا ابْتِدَاءً أَوْ دَوَامًا إنْ أَرَادَ دَوَامَ الْإِجَارَةِ، وَإِلَّا فَلِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ كَدَفْعِ نَحْوِ حَرِيقٍ وَنَهْبٍ عَنْهَا، فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ غَيْرِ خَطَرٍ لَزِمَهُ كَالْوَدِيعِ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَصَّرَ ضَمِنَ وَأَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ النَّزْعُ مِنْ الْغَاصِبِ وَإِنْ سَهُلَ عَلَيْهِ كَالْمُودَعِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي كَلَامِهِمْ (وَكَسْحُ الثَّلْجِ) أَيْ كَنْسُهُ (عَنْ السَّطْحِ) الَّذِي لَا يَنْتَفِعُ بِهِ السَّاكِنُ كَالْجَمَلُونِ (عَلَى الْمُؤَجِّرِ) بِالْمَعْنَى السَّابِقِ (وَتَنْظِيفُ عَرْصَةِ الدَّارِ) وَسَطْحِهَا الَّذِي يَنْتَفِعُ سَاكِنُهَا بِهِ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ (عَنْ ثَلْجٍ) وَإِنْ كَثُرَ (وَكُنَاسَةٍ) حَصَلَا فِي دَوَامِ الْمُدَّةِ وَهِيَ مَا يَسْقُطُ مِنْ نَحْوِ قِشْرٍ وَطَعَامٍ. وَمِثْلُهَا رَمَادُ الْحَمَّامِ كَمَا اعْتَمَدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَرَمَادُ غَيْرِهِ كَذَلِكَ (عَلَى الْمُكْتَرِي) بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ الْمُكْرِي لِتَوَقُّفِ كَمَالِ انْتِفَاعِهِ لَا أَصْلِهِ عَلَى رَفْعِ الثَّلْجِ، وَلِأَنَّ الْكُنَاسَةَ مِنْ فِعْلِهِ، وَالتُّرَابُ الْحَاصِلُ بِالرِّيحِ لَا يَلْزَمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا نَقَلَهُ، وَبَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ يُجْبَرُ الْمُكْتَرِي عَلَى نَقْلِ الْكُنَاسَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSالسُّقُوطِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الزِّينَةَ بِهِ مَقْصُودَةٌ وَقَدْ فَاتَتْ (قَوْلُهُ: لِتَقْصِيرِهِ بِإِقْدَامِهِ مَعَ عِلْمِهِ) وَمِنْهُ مَا لَوْ كَانَتْ الدَّارُ بِلَا بَابٍ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ سم (قَوْلُهُ: فَتَجِبُ عَلَيْهِ الْعِمَارَةُ عِنْدَ تَمَكُّنِهِ) أَيْ حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَى عَدَمِهَا ضَرَرٌ لِلْوَقْفِ أَوْ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ أَوْ الْوَاقِفِ، أَمَّا لَوْ كَانَ الْخَلَلُ يَسِيرًا لَا يَظْهَرُ بِهِ تَفَاوُتٌ فِي الْأُجْرَةِ وَلَا غَيْرِهَا كَانْصِدَاعٍ يَسِيرٍ فِي بَعْضِ السَّقْفِ أَوْ جِدَارٍ فَلَا (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا مِنْ حَيْثُ الْإِجَارَةُ) بَلْ مِنْ حَيْثُ رِعَايَةُ الْمَصْلَحَةِ لِلْوَقْفِ وَلِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَصَّرَ ضَمِنَ) أَيْ الْعَيْنَ بِقِيمَتِهَا وَقْتَ الْغَصْبِ وَيَكُونُ لِلْحَيْلُولَةِ حَتَّى لَوْ زَالَتْ يَدُ الْغَاصِبِ عَنْهَا وَرَجَعَتْ لِلْمَالِكِ اسْتَرَدَّهَا الْمُسْتَأْجِرُ مِنْهُ (قَوْله وَإِنْ سَهُلَ عَلَيْهِ) أَيْ كَمَا صَمَّمَ عَلَيْهِ م ر خِلَافُ مَا صَمَّمَ عَلَيْهِ طب اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَكَتَبَ أَيْضًا: قَوْلُهُ وَإِنْ سَهُلَ عَلَيْهِ يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ غَيْرِ خَطَرٍ لَزِمَهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ عَدَمَ اللُّزُومِ إذَا غَرِمَ الْقِيمَةَ لِلْحَيْلُولَةِ وَاللُّزُومِ قَبْلَ غُرْمِهَا فَلَا تَنَافِيَ. (قَوْلُهُ: كَالْجَمَلُونِ) أَيْ وَكَمَا لَوْ كَانَ السَّطْحُ لَا مَرْقَى لَهُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُهُ كَالْجَمَلُونِ قَالَ فِي الْمَنْهَجِ وَإِلَّا فَيَظْهَرُ أَنَّهُ كَالْعَرْصَةِ أَيْ فَيَجِبُ تَنْظِيفُهُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: بِالْمَعْنَى السَّابِقِ) أَيْ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ لِدَفْعِ الْخِيَارِ (قَوْلُهُ: لَا يَلْزَمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا نَقْلُهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ تَعَذَّرَ الِانْتِفَاعُ بِهَا مَعَهُ لِأَنَّهُ لَا فِعْلَ فِيهِ مِنْ الْمُكْرِي وَالْمُكْتَرِي مُتَمَكِّنٌ مِنْ إزَالَتِهِ، وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الْكُنَاسَةِ بَلْ عَدَمُ الْخِيَارِ فِيهَا أَوْلَى لِأَنَّ الْكُنَاسَةَ مِنْ فِعْلِهِ. [فَائِدَةٌ] الْعَرْصَةُ: كُلُّ بُقْعَةٍ بَيْنَ الدُّورِ لَا شَيْءَ فِيهَا، وَجَمْعُهَا عِرَاصٌ وَعَرَصَاتٌ. [فَرْعٌ] لَوْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ عَلَى مَتَاعِ الْمُسْتَأْجِرِ وَجَبَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ التَّنْحِيَةُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلُهُ لَا يَلْزَمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا: أَيْ لَا فِي الْمُدَّةِ وَلَا بَعْدَهَا، وَعَلَيْهِ فَلَوْ اخْتَلَفَا هَلْ هُوَ مِنْ الرِّيَاحِ أَوْ غَيْرِهَا فَهَلْ يُصَدَّقُ الْمُكْرِي أَوْ الْمُكْتَرِي؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ لُزُومِ النَّقْلِ وَبَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ: يُجْبَرُ الْمُكْتَرِي عَلَى نَقْلِ الْكُنَاسَةِ) أَيْ دُونَ الثَّلْجِ. قَالَ حَجّ: وَكَذَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ إنْ أَضَرَّتْ بِالسَّقْفِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَوْ شَرَطَ إبْقَاءَ الرُّخَامِ إلَخْ) صَرِيحُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّهُ بَحْثٌ آخَرُ لِأَبِي زُرْعَةَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ بَحْثٌ لِابْنِ حَجَرٍ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ تُحْفَتِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ) أَيْ دَفْعَ نَحْوِ الْحَرِيقِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ النَّزْعَ مِنْ الْغَاصِبِ) أَيْ: سَوَاءٌ تَوَقَّفَ عَلَى خُصُومَةٍ أَمْ لَا، لَكِنْ لَهُ النَّزْعُ إنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى خُصُومَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا تَوَقَّفَ عَلَيْهَا: أَيْ: مِنْ حَيْثُ الْمَنْفَعَةُ فَيُخَاصِمُ (قَوْلُهُ: بِالْمَعْنَى السَّابِقِ) أَيْ: إنْ أَرَادَ دَوَامَ الْإِجَارَةِ. (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ الْمُكْرِي)

وَعَلَيْهِ بِالْمَعْنَى الْمَارِّ تَفْرِيغُ بَالُوعَةٍ وَحَشٌّ مِمَّا حَصَلَ فِيهِمَا بِفِعْلِهِ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، وَفَارَقَا الْكُنَاسَةَ بِأَنَّهُمَا نَشَآ عَمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ بِخِلَافِهَا، وَبِأَنَّ الْعُرْفُ فِيهَا رَفْعُهَا أَوَّلًا فَأَوَّلًا بِخِلَافِهِمَا، وَيَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ تَسْلِيمُهُمَا عِنْدَ الْعَقْدِ فَارِغَيْنِ وَإِلَّا ثَبَتَ لِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ وَلَوْ مَعَ عِلْمِهِ بِامْتِلَائِهِمَا، وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ خِيَارِهِ بِالْعَيْبِ الْمُقَارِنِ بِأَنَّ اسْتِيفَاءَ مَنْفَعَةِ السُّكْنَى تَتَوَقَّفُ عَلَى تَفْرِيغِهِ، بِخِلَافِ تَنْقِيَةِ الْكُنَاسَةِ وَنَحْوِهَا لِلتَّمَكُّنِ مِنْ الِانْتِفَاعِ مَعَ وُجُودِهِمَا. (وَإِنْ) (أَجَّرَ دَابَّةً لِرُكُوبٍ) عَيْنًا أَوْ ذِمَّةً (فَعَلَى الْمُؤَجِّرِ) عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (إكَافٌ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَضَمِّهِ وَهُوَ لِلْحِمَارِ كَالسَّرْجِ لِلْفَرَسِ وَكَالْقَتَبِ لِلْبَعِيرِ، وَفَسَّرَهُ كَثِيرٌ بِالْبَرْذَعَةِ، وَلَعَلَّهُ مُشْتَرَكٌ، وَفِي الْمَطْلَبِ أَنَّهُ يُطْلَقُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ الْمُكْتَرِي قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ: تَفْرِيغُ بَالُوعَةٍ وَحَشُّ) الْحَشُّ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَضَمِّهَا كَمَا فِي مُخْتَارِ الصِّحَاحِ. [فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ تَعَذَّرَ الْحَشُّ هَلْ يَلْزَمُهُ تَفْرِيغُ الْجَمِيعِ أَمْ تَفْرِيغُ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ فَقَطْ؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ الثَّانِي، وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ مَا زَادَ تُشَوِّشُ رَائِحَتُهُ عَلَى السَّاكِنِ وَأَوْلَادِهِ هَلْ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ: إنْ كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ فَلَا خِيَارَ لَهُ وَإِلَّا ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ (قَوْلُهُ: مِمَّا حَصَلَ فِيهِمَا بِفِعْلِهِ) أَيْ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ تَوَلَّدَ مِنْهُ ضَرَرٌ لَلْجُدَرَانِ، فَإِنْ أَرَادَ الْمَالِكُ دَفْعَ الضَّرَرِ فَعَلَهُ لِحِفْظِ مِلْكِهِ، وَيَنْبَغِي كَمَا مَرَّ أَنَّ هَذَا فِيمَنْ يَتَصَرَّفُ عَنْ نَفْسِهِ، أَمَّا النَّاظِرُ وَالْوَلِيُّ فَيَجِبُ عَلَيْهِمَا ذَلِكَ عَمَلًا بِالْمَصْلَحَةِ، هَذَا وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ حَجّ فِي الْكُنَاسَةِ إجْبَارُ الْمُكْتَرِي قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ عَلَى تَفْرِيغِ الْبَالُوعَةِ وَالْحَشِّ حَيْثُ تَوَلَّدَ مِنْهُمَا ضَرَرٌ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ اللُّزُومِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّارِحِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْكُنَاسَةِ بِأَنَّهُ جَرَتْ الْعَادَةُ فِي الْكُنَاسَةِ بِأَنْ تُزَالَ شَيْئًا فَشَيْئًا وَأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَى وُجُودِهَا بِخِلَافِ الْبَالُوعَةِ وَالْحَشِّ. [فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ اتَّسَخَ الثَّوْبُ الْمُؤَجَّرُ وَأُرِيدَ غَسْلُهُ هَلْ هُوَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ الْمُؤَجِّرِ؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ: يَأْتِي فِيهِ جَمِيعُ مَا قِيلَ فِي الْكُنَاسَةِ، وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا فِي الْحَشِّ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُهُ لَا قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ وَلَا بَعْدَهَا لِأَنَّهُ ضَرُورِيٌّ عَادَةً فِي الِاسْتِعْمَالِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ) بَقِيَ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ مُدَّةً تَلِي مُدَّتَهُ، فَإِنْ اسْتَأْجَرَ مُدَّةً أَوْ مُدَّتَيْنِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فِي عُقُودٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَالْكُلُّ كَالْمُدَّةِ الْوَاحِدَةِ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَ بَعْدَ فَرَاغِ مُدَّتِهِ وَطَلَبَ مِنْ الْمُؤَجِّرِ التَّفْرِيغَ لَزِمَهُ، فَإِنْ لَمْ يُفَرِّغْهُ ثَبَتَ لِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ وَإِنْ كَانَ الِامْتِلَاءُ بِفِعْلِهِ لِعَدَمِ لُزُومِ التَّفْرِيغِ لَهُ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُمَا) أَيْ مَا فِي الْبَالُوعَةِ وَالْحَشِّ (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ الْعُرْفَ فِيهَا) أَيْ الْكُنَاسَةِ (قَوْلُهُ فَارِغَيْنِ) أَيْ عَلَى وَجْهٍ يَتَأَتَّى مَعَهُ الِانْتِفَاعُ فَلَا يَضُرُّ اسْتِعْمَالُهَا بِمَا لَا يَمْنَعُ الْمَقْصُودَ مِنْهُمَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ بِأَنَّ اسْتِيفَاءَ مَنْفَعَةِ السُّكْنَى تَتَوَقَّفُ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ سَلَّمَهُمَا لَهُ مَشْغُولَيْنِ بِمَا لَا يَمْنَعُ الْمَقْصُودَ ثُمَّ انْتَفَعَ بِهِمَا الْمُسْتَأْجِرُ فَصَارَا لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِمَا بِأَنْ امْتَلَآ هَلْ يَثْبُتُ لِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ أَمْ لَا لِأَنَّ عَدَمَ الِانْتِفَاعِ إنَّمَا نَشَأَ عَنْ فِعْلِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ مَنْعَ الِانْتِفَاعِ إنَّمَا حَصَلَ بِمَا كَانَ مَوْجُودًا قَبْلُ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلُهُ فَارِغَيْنِ لَوْ اخْتَلَفَا فِي الِامْتِلَاءِ وَعَدَمِهِ فَهَلْ يُصَدَّقُ الْمُؤَجِّرُ أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ فِي ذَلِكَ الرُّجُوعُ إلَى الْقَرَائِنِ، فَإِذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ مِنْهُ مُنْذُ شَهْرٍ مَثَلًا صُدِّقَ الْمُسْتَأْجِرُ وَإِلَّا صُدِّقَ الْمُؤَجِّرُ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي جِرَاحَةٍ سَائِلَةٍ بِالْمَبِيعِ وَالْبَيْعُ وَالْقَبْضُ مِنْ أَمْسِ مَثَلًا حَيْثُ قَالُوا فِيهِ إنَّ الْمُصَدَّقَ الْمُشْتَرِي بِلَا يَمِينٍ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ لِلْحِمَارِ كَالسَّرْجِ إلَخْ) الْمُتَبَادِرُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْإِكَافَ مُخْتَصٌّ بِالْحِمَارِ كَمَا أَنَّ السَّرْجَ مُخْتَصٌّ بِالْفَرَسِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ مَعَ لُزُومِ تَنْظِيفِهِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْمُدَّةِ حَتَّى يُفَارِقَ الْغُبَارَ الْحَاصِلَ بِالرِّيحِ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ لِلْحِمَارِ كَالسَّرْجِ إلَخْ)

فِي بِلَادِنَا عَلَى مَا يُوضَعُ فَوْقَ الْبَرْذَعَةِ وَيُشَدُّ عَلَيْهِ الْحِزَامُ اهـ. وَالْمُرَادُ هُنَا مَا تَحْتَ الْبَرْذَعَةِ (وَبَرْذَعَةٌ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ ثُمَّ ذَالٌ مُعْجَمَةٌ أَوْ مُهْمَلَةٌ وَهِيَ الْحِلْسُ الَّذِي تَحْتَ الرَّحْلِ كَذَا فِي الصِّحَاحِ فِي مَوْضِعٍ كَالْمَشَارِقِ. وَقَالَ فِي حِلْسٍ: الْحِلْسُ لِلْبَعِيرِ وَهُوَ كِسَاءٌ رَقِيقٌ يَكُونُ تَحْتَ الْبَرْذَعَةِ وَهِيَ الْآنَ لَيْسَتْ وَاحِدًا مِنْ هَذَيْنِ، بَلْ حِلْسٌ غَلِيظٌ مَحْشُوٌّ لَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ آخَرُ غَالِبًا (وَحِزَامٌ) وَهُوَ مَا يُشَدُّ بِهِ الْإِكَافُ (وَثَفَرٌ) بِمُثَلَّثَةٍ وَفَاءٍ مَفْتُوحَةٍ وَهُوَ مَا يُجْعَلُ تَحْتَ ذَنَبِ الدَّابَّةِ (وَبُرَةٌ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ حَلْقَةٌ تُجْعَلُ فِي أَنْفِ الْبَعِيرِ (وَخِطَامٌ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ يُشَدُّ فِي الْبُرَةِ ثُمَّ يُشَدُّ بِطَرَفِ الْمِقْوَدِ بِكَسْرِ الْمِيمِ لِتَوَقُّفِ التَّمْكِينِ اللَّازِمِ لَهُ عَلَيْهَا مَعَ اطِّرَادِ الْعُرْفِ بِهِ، فَانْدَفَعَ بَحْثُ الزَّرْكَشِيّ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ عِنْدَ اطِّرَادِ الْعُرْفِ بِهِ وَإِلَّا وَجَبَ الْبَيَانُ كَمَا مَرَّ فِي نَحْوِ الْحِبْرِ، أَمَّا إذَا شُرِطَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ (وَعَلَى الْمُكْتَرِي مَحْمَلٌ وَمِظَلَّةٌ) أَيْ مَا يُظَلِّلُ بِهِ عَلَى الْمَحْمَلِ (وَوِطَاءٌ) وَهُوَ مَا يُفْرَشُ فِي الْمَحْمَلِ لِيَجْلِسَ عَلَيْهِ وَغِطَاءٌ بِكَسْرِ أَوَّلِهِمَا (وَتَوَابِعُهُمَا) كَحَبْلٍ يُشَدُّ بِهِ الْمَحْمَلُ عَلَى الْبَعِيرِ أَوْ أَحَدُ الْمَحْمَلَيْنِ إلَى الْآخَرِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُرَادُ لِكَمَالِ الِانْتِفَاعِ فَلَمْ يَسْتَحِقَّ بِالْإِجَارَةِ، وَقَدْ نَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ اتِّفَاقِهِمْ أَنَّ الْحَبْلَ الْأَوَّلَ عَلَى الْجَمَّالِ لِأَنَّهُ مِنْ آلَةِ التَّمْكِينِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِكَوْنِهِ كَالْحِزَامِ، وَفَارَقَ الثَّانِي بِأَنَّ الثَّانِي لِإِصْلَاحِ مِلْكِ الْمُكْتَرِي (وَالْأَصَحُّ فِي السَّرْجِ) لِلْفَرَسِ الْمُسْتَأْجَرِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (اتِّبَاعُ الْعُرْفِ) قَطْعًا لِلنِّزَاعِ، وَمَحَلُّهُ عِنْدَ اطِّرَادِهِ بِمَحَلِّ الْعَقْدِ وَإِلَّا وَجَبَ الْبَيَانُ كَمَا مَرَّ. وَالثَّانِي أَنَّهُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ كَالْإِكَافِ. وَالثَّالِثُ الْمَنْعُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَادَةٌ مُطَّرِدَةٌ وَلَوْ اطَّرَدَ الْعُرْفُ بِخِلَافِ مَا نَصُّوا عَلَيْهِ عُمِلَ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاصْطِلَاحَ الْخَاصَّ يَرْفَعُ الِاصْطِلَاحَ الْعَامَّ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَإِنْ اقْتَضَى فِي مَوَاضِعَ أُخْرَى عَدَمَهُ، لِأَنَّ الْعُرْفَ هُنَا مَعَ اخْتِلَافِهِ بِاخْتِلَافِ الْمَحَالِّ كَثِيرًا هُوَ الْمُسْتَقِلُّ بِالْحُكْمِ فَوَجَبَتْ إنَاطَتُهُ بِهِ مُطْلَقًا، وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي الْمُسَاقَاةِ وَمَا يَأْتِي فِي الْإِحْدَادِ (وَظَرْفُ الْمَحْمُولِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ) لِالْتِزَامِهِ النَّقْلَ. (وَعَلَى الْمُكْتَرِي فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ سِوَى تَسْلِيمِ الدَّابَّةِ مَعَ نَحْوِ إكَافِهَا وَحِفْظُ الدَّابَّةِ عَلَى صَاحِبِهَا مَا لَمْ يُسَلِّمْهَا لَهُ لِيُسَافِرَ عَلَيْهَا وَحْدَهُ فَيَلْزَمُهُ حِفْظُهَا صِيَانَةً لَهَا لِأَنَّهُ كَالْمُودَعِ (وَعَلَى الْمُؤَجِّرِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ الْخُرُوجُ مَعَ الدَّابَّةِ) بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ (لِيَتَعَهَّدَهَا وَ) عَلَيْهِ أَيْضًا (إعَانَةُ الرَّاكِبِ فِي رُكُوبِهِ وَنُزُولِهِ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ) وَالْعُرْفُ فِي كَيْفِيَّةِ الْإِعَانَةِ فَيُنِيخُ الْبَعِيرَ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالْقَتَبَ مُخْتَصٌّ بِالْبَعِيرِ، وَلَا يُفْهَمُ مِنْ هَذَا بَيَانُ حَقِيقَتِهِ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ وَفَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ إلَخْ بَيَانٌ لِمَا أَجْمَلَهُ مَنْ قَالَ هُوَ كَالسَّرْجِ إلَخْ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَظْهَرْ مَعْنَى قَوْلِهِ وَلَعَلَّهُ مُشْتَرَكٌ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ هُنَا مَا تَحْتَ الْبَرْدَعَةِ) وَهُوَ الْمُسَمَّى الْآنَ بِالْمَعْرَفَةِ لَا هِيَ لِعَطْفِهَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَالْمَشَارِقِ) اسْمُ كِتَابٍ (قَوْلُهُ: وَقَالَ فِي حِلْسٍ) أَيْ فِي مَادَّتِهَا (قَوْلُهُ: وَخِطَامٍ) وَعَلَيْهِ أَيْضًا نَعْلٌ اُحْتِيجَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا شَرَطَ إلَخْ) مُحْتَرَزٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَفِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: فَإِنْ اكْتَرَى الدَّابَّةَ عَرِيًّا كَأَنْ قَالَ اكْتَرَيْت مِنْك هَذِهِ الدَّابَّةَ الْعَارِيَّةَ فَقَبِلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ الْآلَاتِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَتَوَابِعُهُمَا) وَمِنْ ذَلِكَ الْآلَةُ الَّتِي تُسَاقُ بِهَا الدَّابَّةُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْجَمَّالِ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، وَإِلَّا فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ عَلَى الْمُكْتَرِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ اقْتَضَى فِي مَوَاضِعَ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَإِنْ جَرَوْا فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ عَلَى خِلَافِهِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْمُؤَجِّرِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ) وَمِنْهُ مَا يَقَعُ فِي مِصْرِنَا مِنْ قَوْلِهِ أَوْصِلْنِي لِلْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ بِكَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذَا تَفْسِيرٌ لَهُ بِاعْتِبَارِ اللُّغَةِ، وَسَيَأْتِي تَفْسِيرُهُ بِالْمَعْنَى الْمُرَادِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يُشَدُّ بِهِ الْإِكَافُ) يَعْنِي بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَهُوَ مَا فَوْقَ الْبَرْذعَةِ، أَوْ نَفْسُ الْبَرْذعَةِ عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ. (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا شَرَطَ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْمُكْتَرِي مَحْمَلٌ وَمِظَلَّةٌ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: شَامِلٌ لِلْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ بِدَلِيلِ تَعْمِيمِ الْقَسَمِ، وَيَتَحَصَّلُ مِمَّا هُنَا مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا قَبْلَ الْفَصْلِ السَّابِقِ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا يَرْكَبُ عَلَيْهِ مِنْ مَحْمَلٍ وَغَيْرِهِ إنْ كَانَ لَهُ أَنَّ مَا ذَكَرَ مِنْ الْمَحْمَلِ وَغَيْرِهِ عَلَى الْمُكْتَرِي وَهُوَ مَا ذُكِرَ هُنَا، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ هُنَاكَ، وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ لِمَعْرِفَتِهِ وَيَرْكَبُهُ

لِنَحْوِ امْرَأَةٍ وَضَعِيفٍ حَالَةَ الرُّكُوبِ وَإِنْ كَانَ قَوِيًّا عِنْدَ الْعَقْدِ، وَيُقَرِّبُ نَحْوَ الْحِمَارِ مِنْ مُرْتَفِعٍ لِيَسْهُلَ رُكُوبُهُ وَيُنَزِّلُهُ لِمَا لَا يَتَأَتَّى فِعْلُهُ عَلَيْهَا كَصَلَاةِ فَرْضٍ لَا نَحْوُ أَصْلٍ وَيَنْتَظِرُ فَرَاغَهُ وَلَا يَلْزَمُهُ مُبَالَغَةُ تَخْفِيفٍ وَلَا قَصْرٍ وَلَا جَمْعٍ، وَلَيْسَ لَهُ التَّطْوِيلُ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ: أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ مِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، فَلَوْ طَوَّلَ ثَبَتَ لِلْمُكْرِي الْفَسْخُ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَلَهُ النَّوْمُ عَلَيْهَا وَقْتَ الْعَادَةِ دُونَ غَيْرِهِ لِثِقَلِ النَّائِمِ، وَلَا يَلْزَمُهُ النُّزُولُ عَنْهَا لِلْإِرَاحَةِ، بَلْ لِلْعَقَبَةِ إنْ كَانَ ذَكَرًا قَوِيًّا لَا وَجَاهَةَ ظَاهِرَةٌ لَهُ بِحَيْثُ يُخِلُّ الْمَشْيُ بِمُرُوءَتِهِ عَادَةً، وَعَلَيْهِ إيصَالُهُ إلَى أَوَّلِ الْبَلَدِ الْمُكْرَى إلَيْهَا مِنْ عُمْرَانِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا سُورٌ وَإِلَّا فَإِلَى السُّورِ دُونَ مَسْكَنِهِ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إلَّا إنْ كَانَ الْبَلَدُ صَغِيرًا تَتَقَارَبُ أَقْطَارُهُ فَيُوصِلُهُ مَنْزِلَهُ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِحَمْلِ حَطَبٍ إلَى دَارِهِ وَأَطْلَقَ لَمْ يَلْزَمْهُ إطْلَاعُهُ السَّقْفَ وَهَلْ يَلْزَمُهُ إدْخَالُهُ الدَّارَ وَالْبَابُ ضَيِّقٌ أَوْ تَفْسُدُ الْإِجَارَةُ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا، وَلَوْ ذَهَبَ مُسْتَأْجِرُ الدَّابَّةِ بِهَا وَالطَّرِيقُ آمِنٌ فَحَدَثَ خَوْفٌ فَرَجَعَ بِهَا ضَمِنَ أَوْ مَكَثَ هُنَاكَ يَنْتَظِرُ الْأَمْنَ لَمْ تُحْسَبْ عَلَيْهِ مُدَّتُهُ، وَلَهُ حِينَئِذٍ حُكْمُ الْوَدِيعِ فِي حِفْظِهَا وَإِنْ قَارَنَ الْخَوْفُ الْعَقْدَ فَرَجَعَ فِيهِ لَمْ يَضْمَنْ إنْ عَرَفَهُ الْمُؤَجِّرُ، وَإِنْ ظَنَّ الْأَمْنَ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSفَإِنَّهُ إنْ اشْتَمَلَ ذَلِكَ عَلَى صِيغَةٍ صَحِيحَةٍ لَزِمَ فِيهَا الْمُسَمَّى وَإِلَّا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ قَوِيًّا عِنْدَ الْعَقْدِ) وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لِلْمُكْرِي بِطُرُوِّ ذَلِكَ عَلَى الْمُكْتَرِي، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَرَضِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُكْتَرِيَ حَمْلُهُ مَرِيضًا لِأَنَّ مَرَضَ الْمُكْتَرِي يُؤَدِّي إلَى دَوَامِ ضَرَرٍ بِالدَّابَّةِ بِدَوَامِ رُكُوبِهِ عَلَيْهَا، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ يَسِيرٌ يُتَسَامَحُ بِمِثْلِهِ عَادَةً حَتَّى إنَّهُ يَقْصِدُ الْأَجَانِبَ فِي طَلَبِ الْإِعَادَةِ بِهِ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: وَيُقَرِّبُ نَحْوَ الْحِمَارِ) أَيْ فَلَوْ قَصَّرَ فِيمَا يَفْعَلُهُ مَعَ الرَّاكِبِ فَأَدَّى ذَلِكَ إلَى تَلَفِهِ أَوْ تَلَفِ شَيْءٍ مِنْهُ فَهَلْ يَضْمَنُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الضَّمَانُ (قَوْلُهُ مِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ خَالَفَ الْوَسَطَ الْمُعْتَدِلَ مِنْ غَالِبِ النَّاسِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُكْتَرِي بِحَالِهِ وَقْتَ الْإِجَارَةِ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ ذَكَرًا) وَخَرَجَ بِهِ الْمَرْأَةُ فَلَا يَلْزَمُهَا ذَلِكَ وَإِنْ قَدَرَتْ عَلَى الْمَشْيِ لِمَا فِيهِ مِنْ عَدَمِ السَّتْرِ لَهَا (قَوْلُهُ: لَا وَجَاهَةَ) أَيْ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ النُّزُولُ عَنْ الدَّابَّةِ (قَوْلُهُ: دُونَ مَسْكَنِهِ) وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ هَذَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، أَمَّا لَوْ نَصَّ لَهُ عَلَى الْوُصُولِ إلَى مَنْزِلِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ النَّصِّ مَا لَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِإِيصَالِ الْمُكْتَرِي إلَى مَنْزِلِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِحَمْلِ حَطَبٍ) وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ السِّقَاءُ فَإِنَّهُ لَيْسَ مُسْتَأْجَرًا لِنَقْلِ الْمَاءِ بَلْ الْمَاءُ مَقْبُوضٌ مِنْهُ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ، فَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ فِي الْعَقْدِ نَقْلَهُ إلَى مَحَلِّ الْمَاءِ الْمُعْتَادِ بَطَلَ الْعَقْدُ، وَإِلَّا صَحَّ وَلَا يَلْزَمُهُ نَقْلُهُ، فَإِنْ فَعَلَ تَبَرُّعًا فَذَاكَ وَإِلَّا فَعَلَى الْمُشْتَرِي إحْضَارُ أَوَانٍ لِلْمَوْضِعِ الَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ لِيَتَسَلَّمَ فِيهَا الْمَاءَ (قَوْلُهُ: وَالطَّرِيقُ آمِنٌ) أَيْ فِي الْوَاقِعِ (قَوْلُهُ فَرَجَعَ بِهَا ضَمِنَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ بَيْنَ وُجُودِ وَكِيلٍ لِلْمَالِكِ أَوْ حَاكِمٍ أَوْ أَمِينٍ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي رَجَعَ مِنْهُ وَعَدَمِهِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِعُمُومِ مَا يَأْتِي عَنْ تَصْرِيحِ الْأَكْثَرِينَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْفَرْضَ هُنَا أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهَا لِلذَّهَابِ بِهَا وَالْعَوْدِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: فَرَجَعَ فِيهِ) أَيْ الْخَوْفِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ظَنَّ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُؤَجِّرُ عَلَى مَا يَلِيقُ بِدَابَّتِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَاكَ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: إلَى أَوَّلِ عِمْرَانِهَا) هَذَا إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ لِلرُّكُوبِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ ذَهَبَ مُسْتَأْجِرُ الدَّابَّةِ بِهَا وَالطَّرِيقُ آمِنٌ إلَخْ) هَذِهِ عِبَارَةُ الْعُبَابِ بِالْحَرْفِ وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ وَلَوْ كَانَ الطَّرِيقُ آمِنًا وَالْإِجَارَةُ لِلذَّهَابِ وَالْإِيَابِ فَذَهَبَ ثُمَّ حَدَثَ الْخَوْفُ لَمْ يَرْجِعْ إلَى أَنْ يَنْجَلِيَ وَلَا يَحْسِبُ زَمَنَ الْمُكْثِ، فَإِنْ رَجَعَ وَسَلِمَتْ الدَّابَّةُ مِنْ ذَلِكَ الْخَوْفِ وَلَكِنْ أَصَابَتْهَا آفَةٌ أُخْرَى ضَمِنَ؛ لِأَنَّ مَنْ صَارَ مُتَعَدِّيًا لَمْ يَتَوَقَّفْ الضَّمَانُ عَلَيْهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ التَّلَفُ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ، وَلَوْ كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا فِي الْأَوَّلِ،

عَدَمُ تَضْمِينِهِ (وَ) عَلَيْهِ أَيْضًا (رَفْعُ الْحَمْلِ وَحَطُّهُ وَشَدُّ الْمَحْمَلِ وَحَلُّهُ) وَشَدُّ أَحَدِ الْمَحْمَلَيْنِ إلَى الْآخَرِ وَهُمَا بِالْأَرْضِ وَأُجْرَةِ دَلِيلٍ وَخَفِيرٍ وَقَائِدٍ وَسَائِقٍ وَحَافِظِ مَتَاعٍ فِي الْمَنْزِلِ، وَكَذَا نَحْوُ دَلْوٍ وَرِشَاءِ فِي اسْتِئْجَارٍ لِنَحْوِ الِاسْتِقَاءِ لِاقْتِضَاءِ الْعُرْفِ جَمِيعَ ذَلِكَ (وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ إلَّا التَّخْلِيَةُ بَيْنَ الْمُكْتَرِي وَالدَّابَّةِ) فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِمَّا مَرَّ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ سِوَى التَّمْكِينِ مِنْهَا الْمُرَادُ بِالتَّخْلِيَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ إنْ قَبَضَهَا بِالتَّخْلِيَةِ لِئَلَّا يُخَالِفَ قَبْضَ الْمَبِيعِ فَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ هُنَاكَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي قَبْضِ الدَّابَّةِ سَوْقُهَا أَوْ قَوْدُهَا زَادَ النَّوَوِيُّ: وَلَا يَكْفِي رُكُوبُهَا، وَتَسْتَقِرُّ الْأُجْرَةُ فِي الصَّحِيحَةِ دُونَ الْفَاسِدَةِ بِالتَّخْلِيَةِ فِي الْعَقَارِ وَبِالْوَضْعِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُسْتَأْجِرِ وَبِالْعَرْضِ عَلَيْهِ وَامْتِنَاعِهِ مِنْ الْقَبْضِ إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، وَلَهُ قَبْلَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا مِنْ الْمُؤَجِّرِ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا لَا مِنْ غَيْرِهِ، وَفَرَّقَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَيْنَ عَدَمِ صِحَّتِهَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْبَيْعِ بِأَنَّ تَسْلِيمَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ هُنَا إنَّمَا يَتَأَتَّى بِاسْتِيفَائِهِ، وَبَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ لَا يَصِحُّ إيجَارُهُ. (وَتَنْفَسِخُ إجَارَةُ الْعَيْنِ) بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْتَقْبَلِ كَمَا يَأْتِي، وَذَكَرَ هُنَا لِضَرُورَةِ التَّقْسِيمِ (بِتَلَفِ الدَّابَّةِ) الْمُسْتَأْجَرَةِ وَلَا تُبَدَّلُ لِفَوَاتِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَبِهِ فَارَقَ إبْدَالَهَا فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ، وَلَوْ كَانَ تَلَفُهَا أَثْنَاءَ الطَّرِيقِ اسْتَحَقَّ الْمَالِكُ لَهَا قِسْطَ الْأُجْرَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ الْمُسْتَأْجَرَةُ لِحَمْلِهَا أَثْنَاءَ الطَّرِيقِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمَا لَوْ احْتَرَقَ الثَّوْبُ بَعْدَ خِيَاطَةِ بَعْضِهِ بِحَضْرَةِ الْمَالِكِ أَوْ فِي مِلْكِهِ اسْتَحَقَّ الْقِسْطَ لِوُقُوعِ الْعَمَلِ مُسَلَّمًا لَهُ، وَلَوْ اكْتَرَاهُ لِحَمْلِ جَرَّةٍ فَانْكَسَرَتْ فِي الطَّرِيقِ لَا شَيْءَ لَهُ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْخِيَاطَةَ تَظْهَرُ عَلَى الثَّوْبِ فَوَقَعَ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا لِظُهُورِ أَثَرِهِ عَلَى الْمَحَلِّ، وَالْحَمْلُ لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ عَلَى الْجَرَّةِ اهـ. وَبِمَا قَالَاهُ عُلِمَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي وُجُوبِ الْقِسْطِ فِي الْإِجَارَةِ وُقُوعُ الْعَمَلِ مُسَلَّمًا وَظُهُورُ أَثَرِهِ عَلَى الْمَحَلِّ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الْمُؤَجِّرُ (قَوْلُهُ: عَدَمُ تَضْمِينِهِ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ: وَحَافِظِ مَتَاعٍ فِي الْمَنْزِلِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ فِي الْمَنَازِلِ وَالتَّقْيِيدُ بِالْمَنْزِلِ وَالْمَنَازِلِ يُخْرِجُ حَالَ السَّيْرِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: قَوْلُهُ رَجَعَ يُعْلَمُ حُكْمُهُ مِنْ قَوْلِهِ وَأُجْرَةُ دَلِيلٍ وَخَفِيرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَبِالْوَضْعِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُسْتَأْجِرِ) تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَنَّ مَحَلَّ الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ حَيْثُ كَانَ الْمَبِيعُ خَفِيفًا يُمْكِنُ تَنَاوُلُهُ بِالْيَدِ، وَقِيَاسُهُ أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُهُ هُنَا (قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ، وَقَوْلُهُ قَبْلَهُ: أَيْ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ وَفَرَّقَ الْوَالِدُ) قَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ الْقَبْضَ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ وَهُوَ هُنَا بِقَبْضِ الْعَيْنِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُؤَجِّرُهَا مِنْ غَيْرِ الْمُكْرِي، فَلَوْ تَوَقَّفَ الْقَبْضُ عَلَى الِاسْتِيفَاءِ لَمْ يَكُنْ فَرْقٌ بَيْنَ كَوْنِ الْإِيجَارِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ صَفْقَةً كَانَ قَبْضُهَا فِي الْمَجْلِسِ بِقَبْضِ مَحَلِّهَا وَلَوْ عَقَارًا اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ تَلَفُهَا) أَيْ الدَّابَّةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ إلَخْ) أَيْ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَالِكِ مَعَ الْعَيْنِ أَمْ لَا، وَهُوَ لَا يُخَالِفُ مَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ فِي قَوْلِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمَا إلَخْ لِمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ مِنْ أَنَّ الْخِيَاطَةَ يَظْهَرُ أَثَرُهَا عَلَى الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ: لَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ لَا أُجْرَةَ لَهُ ثُمَّ إنْ قَصَّرَ حَتَّى تَلِفَتْ ضَمِنَهَا وَإِلَّا فَلَا، وَمِنْ التَّقْصِيرِ مَا لَوْ عَلِمَ الْمُكْرِي بِعَجْزِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَإِنْ عَلِمَ الْمُكْرِي وَأَجَازَ جَازَ لَهُ الرُّجُوعُ مَعَ قِيَامِ الْخَوْفِ وَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ جَهِلَ فَوَجْهَانِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ الْوَالِدُ بَيْنَ عَدَمِ صِحَّتِهَا) أَيْ: وَبَيْنَ مَا هُنَا، وَلَعَلَّهُ أَسْقَطَهُ الْكَتَبَةُ (قَوْلُهُ: إنَّمَا يَتَأَتَّى بِاسْتِيفَائِهِ) وَبَعْدَ اسْتِيفَائِهِ لَا يَصِحُّ إيجَارُهُ: أَيْ فَلَوْ أَوْقَفْنَا صِحَّةَ إيجَارِهِ عَلَى قَبْضِهِ لَانْسَدَّ عَلَيْهِ بَابُ الْإِجَارَةِ، لَكِنْ هَذَا الْفَرْقُ قَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلِ أَنَّهُمْ جَعَلُوا هُنَا قَبْضَ الْعَيْنِ قَائِمًا مَقَامَ قَبْضِ الْمَنْفَعَةِ وَحِينَئِذٍ فَيُقَالُ كَانَ الْمُتَبَادَرُ أَنْ لَا يَصِحَّ إيجَارُهُ إلَّا بَعْدَ قَبْضِ الْعَيْنِ الْقَائِمِ مَقَامَ قَبْضِ الْمَنْفَعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ الْقَبْضُ الْحَقِيقِيُّ بِقَبْضِ الْمَنْفَعَةِ فَمَا فِي حُكْمِهِ مِنْ قَبْضِ الْعَيْنِ قَائِمٌ مَقَامَهُ وَالْمَيْسُورُ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ. الْوَجْهِ الثَّانِي: أَنَّ هَذَا الْفَرْقَ يَقْتَضِي أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ إيجَارِهِ مِنْ الْمُؤَجِّرِ وَمِنْ غَيْرِهِ

وَلَوْ أَقَرَّ بَعْدَ دَفْعِ الْأُجْرَةِ بِأَنْ لَا حَقَّ لَهُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ ثُمَّ بَانَ فَسَادُ الْإِجَارَةِ رَجَعَ بِهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا أَقَرَّ بِنَاءً عَلَى الظَّاهِرِ مِنْ صِحَّةِ الْعَقْدِ (وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ) عَلَى التَّرَاخِي عَلَى الْمَنْقُولِ الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّ الضَّرَرَ يَتَجَدَّدُ بِمُرُورِ الزَّمَانِ (بِعَيْنِهَا) الْمُقَارِنِ لِلْعَقْدِ حَيْثُ كَانَ جَاهِلًا بِهِ وَالْحَادِثِ لِتَضَرُّرِهِ، وَهُوَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ مَا أَثَّرَ فِي الْمَنْفَعَةِ تَأْثِيرًا يَظْهَرُ بِهِ تَفَاوُتُ أُجْرَتِهَا لِكَوْنِهَا تَتَعَثَّرُ أَوْ تَتَخَلَّفُ عَنْ الْقَافِلَةِ، بِخِلَافِ خُشُونَةِ مَشْيِهَا كَمَا جَزَمَا بِهِ، لَكِنْ صَوَّبَ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلَ ابْنِ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ عَيْبٌ كَصُعُوبَةِ ظَهْرِهَا، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ عَدَّهُمْ لَهُ فِي الْمَبِيعِ عَيْبًا، فَقَدْ أَجَابَ الشَّيْخُ عَنْهُ بِأَنَّ الْمَعْدُودَ لَيْسَ مُجَرَّدَ الْخُشُونَةِ بَلْ خُشُونَةٌ يُخْشَى مِنْهَا السُّقُوطُ، وَإِذَا عَلِمَ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَجَبَ لَهُ الْأَرْشُ أَوْ فِي أَثْنَائِهَا وَفُسِخَ وَجَبَ لِمَا مَضَى وَإِنْ لَمْ يَنْفَسِخْ لَمْ يَجِبْ لِلْمُسْتَقْبَلِ، وَتَرَدَّدَ السُّبْكِيُّ فِيمَا مَضَى وَرَجَّحَ الْغَزِّيِّ وُجُوبَهُ. (وَلَا خِيَارَ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ) بِعَيْبِ الدَّابَّةِ الْمُحْضَرَةِ وَلَا بِتَلَفِهَا (بَلْ يَلْزَمُهُ الْإِبْدَالُ) كَمَا لَوْ وَجَدَ بِالْمُسَلَّمِ فِيهِ عَيْبًا لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الذِّمَّةِ بِصِفَةِ السَّلَامَةِ وَهَذَا غَيْرُ سَلِيمٍ، فَإِذَا لَمْ يَرْضَ بِهِ رَجَعَ إلَى مَا فِي الذِّمَّةِ، وَلَوْ عَجَزَ عَنْ الْإِبْدَالِ ثَبَتَ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْخِيَارُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَيَخْتَصُّ الْمُكْتَرِي بِمَا تَسَلَّمَهُ فَلَهُ إيجَارُهَا، وَيُمْنَعُ إبْدَالُهَا بِغَيْرِ رِضَاهُ وَيَتَقَدَّمُ بِمَنْفَعَتِهَا عَلَى جَمِيعِ الْغُرَمَاءِ (وَالطَّعَامُ الْمَحْمُولُ لِيُؤْكَلَ) فِي الطَّرِيقِ إذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ فِي الْعَقْدِ لِإِبْدَالِهِ وَلَا لِعَدَمِهِ (يُبَدَّلُ إذَا أُكِلَ فِي الْأَظْهَرِ) عَمَلًا بِمُقْتَضَى اللَّفْظِ لِتَنَاوُلِهِ حَمْلَ كَذَا إلَى كَذَا، وَكَأَنَّهُمْ إنَّمَا قَدَّمُوهُ عَلَى الْعَادَةِ بِأَنَّهُ لَا يُبَدَّلُ لِعَدَمِ اطِّرَادِهَا. وَالثَّانِي لِأَنَّ الْعَادَةَ عَدَمُ إبْدَالِ الزَّادِ وَلَوْ لَمْ يَجِدْهُ فِيمَا بَعْدَ مَحَلِّ الْفَرَاغِ بِسِعْرِهِ فِيهِ أَبْدَلَ جَزْمًا. نَعَمْ لَوْ شُرِطَ عَدَمُ إبْدَالِهِ اتَّبَعَ الشَّرْطَ، وَلَوْ شَرَطَ قَدْرًا فَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ مُطَالَبَتُهُ بِنَقْصِ قَدْرٍ أَكَلَهُ اتِّبَاعًا لِلشَّرْطِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSالدَّابَّةِ عَنْ حَمْلِ مِثْلِ مَا حَمَلَهُ لَهَا فَتَلِفَ بِسَبَبِ عَجْزِهَا وَمِنْ ذَلِكَ عِثَارُهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَرَّ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَانَ فَسَادُ الْإِجَارَةِ رَجَعَ بِهَا) أَيْ بِالْأُجْرَةِ الْمُسَمَّاةِ لِفَسَادِ الْإِجَارَةِ، وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِمُدَّةِ وَضْعِ يَدِهِ عَلَى الْعَيْنِ وَقَدْ يَقَعُ التَّقَاصُّ. وَفِي حَجّ: وَلَوْ أَبْرَأَهُ الْمُؤَجِّرُ مِنْ الْأُجْرَةِ ثُمَّ تَقَايَلَا الْعَقْدَ لَمْ يَرْجِعْ الْمُكْتَرِي عَلَيْهِ بِشَيْءٍ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: اُنْظُرْ لَوْ وَهَبَهُ الْمُؤَجِّرُ الْأُجْرَةَ بَعْدَ قَبْضِهَا مِنْهُ وَأَقْبَضَهَا لَهُ ثُمَّ تَقَايَلَا اهـ. أَقُولُ: الْقِيَاسُ الرُّجُوعُ كَمَا لَوْ وَهَبَتْ الْمَرْأَةُ صَدَاقَهَا لِلزَّوْجِ ثُمَّ فَسَخَ النِّكَاحَ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى الظَّاهِرِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا، وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا أَقَرَّ بِأَنَّ لِزَيْدٍ عَلَيْهِ كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ إنَّمَا أَقَرَّ بِذَلِكَ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْعَقْدِ الَّذِي جَرَى بَيْنَهُمَا وَادَّعَى أَنَّهُ يَشْتَمِلُ عَلَى رِبًا وَأَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً وَأَرَادَ إسْقَاطَ الزِّيَادَةِ، وَأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ مِثْلُ مَا قَبَضَهُ مِنْهُ أَوْ قِيمَتُهُ وَهُوَ أَنَّهُ يَقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ عَمَلًا بِالْبَيِّنَةِ، وَلَا يُنَافِيهِ إقْرَارُهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا بَنَاهُ عَلَى ظَاهِرِ الْحَالِ مِنْ صِحَّةِ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ خُشُونَةِ مَشْيِهَا) وَالْمُرَادُ بِالْخُشُونَةِ إتْعَابُ رَاكِبِهَا كَأَنْ تَتَحَوَّلَ فِي مُنْعَطَفَاتِ الطَّرِيقِ مَثَلًا لِيُخَالِفَ صُعُوبَةَ ظَهْرِهَا (قَوْلُهُ: لَكِنْ صَوَّبَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَ الْغَزِّيِّ) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ يُبَدَّلُ إذَا أُكِلَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ بِأَنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ مَقْصِدِهِ، وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّهُ لَا يُبَدِّلُهُ إلَّا إذَا كَانَ يَحْتَاجُ إلَيْهِ قَبْلَ وُصُولِهِ مَقْصِدَهُ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا لَوْ أَكَلَ بَعْضَهُ (قَوْلُهُ: عَمَلًا بِمُقْتَضَى اللَّفْظِ) أَيْ لَفْظِ الْإِجَارَةِ، وَقَوْلُهُ وَحَمْلَ كَذَا إلَى كَذَا وَمَا أُكِلَ لَا يُصَدَّقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ حَمَلَ لِلْمَحَلِّ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ: بِسِعْرِهِ) أَيْ بِأَنْ زَادَ قَدْرًا لَا يُتَغَابَنُ بِهِ (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِأَنَّ الضَّرَرَ) أَيْ بِسَبَبِ هَذَا الْعَيْبِ الْحَاصِلِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ أَجَابَ الشَّيْخُ) يُوهِمُ أَنَّ هَذَا التَّقْيِيدَ مِنْ عِنْدِ الشَّيْخِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ كَذَلِكَ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَا تُخَالِفُ لِقَوْلِهِمْ فِي الْبَيْعِ إنَّهُ عَيْبٌ إنْ خَشَى مِنْهُ السُّقُوطَ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ الثَّانِي: يَعْنِي كَلَامَ الزَّرْكَشِيّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ شَرَطَ عَدَمَ إبْدَالِهِ اتَّبَعَ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْإِبْدَالُ إلَّا إنْ شَرَطَ قَدْرًا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَكْفِيهِ، وَإِذَا قُلْنَا لَا يُبَدَّلُ فَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ شَيْئًا فَهَلْ

[فصل في بيان غاية المدة التي تقدر بها المنفعة]

وَيُحْتَمَلُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ لِلْعُرْفِ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِحَمْلِ الْجَمِيعِ فِي جَمِيعِ الطَّرِيقِ. قَالَ: وَهُوَ الَّذِي إلَيْهِ نَمِيلُ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ لِيُؤْكَلَ مَا حُمِلَ لِيُوصَلَ فَيُبَدَّلُ قَطْعًا وَبِقَوْلِهِ إذَا أُكِلَ مَا تَلِفَ بِسَرِقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَيُبَدَّلُ قَطْعًا عَلَى نِزَاعٍ فِيهِ وَبِفَرْضِهِ الْكَلَامَ فِي الْمَأْكُولِ الْمَشْرُوبِ فَيُبَدَّلُ قَطْعًا لِلْعُرْفِ. (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ غَايَةِ الْمُدَّةِ الَّتِي تُقَدَّرُ بِهَا الْمَنْفَعَةُ تَقْرِيبًا وَكَوْنُ يَدِ الْأَجِيرِ يَدَ أَمَانَةٍ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ (يَصِحُّ عَقْدُ الْإِجَارَةِ) عَلَى الْعَيْنِ (مُدَّةً تَبْقَى فِيهَا) تِلْكَ (الْعَيْنُ) بِصِفَاتِهَا الْمَقْصُودَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (غَالِبًا) لِإِمْكَانِ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ كَسَنَةٍ فِي نَحْوِ الثَّوْبِ وَعَشْرِ سِنِينَ فِي الدَّابَّةِ وَثَلَاثِينَ سَنَةً فِي الْعَبْدِ عَلَى مَا يَلِيقُ بِكُلٍّ مِنْهَا وَكَمِائَةِ سَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ فِي الْأَرْضِ طَلْقًا كَانَتْ أَوْ وَقْفًا لَمْ يَشْتَرِطْ وَاقِفُهُ لِإِيجَارِهِ مُدَّةً. قَالَ الْبَغَوِيّ: وَالْمُتَوَلِّي كَالْقَاضِي إلَّا أَنَّ الْحُكَّامَ اصْطَلَحُوا عَلَى مَنْعِ إجَارَةِ الْوَقْفِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ لِئَلَّا يَنْدَرِسَ الْوَقْفُ، وَفِي الْأَنْوَارِ أَنَّ مَا قَالَاهُ هُوَ الِاحْتِيَاطُ. قَالَ الشَّيْخَانِ: وَهَذَا الِاصْطِلَاحُ غَيْرُ مُطَّرِدٍ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَعَلَّ سَبَبَهُ أَنَّ إجَارَةَ الْوَقْفِ تَحْتَاجُ إلَى أَنْ تَكُونَ بِالْقِيمَةِ وَتَقْوِيمُ الْمُدَّةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ الْبَعِيدَةِ صَعْبٌ. قَالَ: وَفِيهِ أَيْضًا مَنْعُ الِانْتِقَالِ إلَى الْبَطْنِ الثَّانِي وَقَدْ تَتْلَفُ الْأُجْرَةُ عَلَيْهِمْ، وَمَعَ ذَلِكَ تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهِ لِعِمَارَةٍ وَنَحْوِهَا فَالْحَاكِمُ يَجْتَهِدُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: مَا حُمِلَ لِيُوصَلَ) أَيْ فَتَلِفَ قَبْلَ الْوُصُولِ (قَوْلُهُ: فَيُبَدَّلُ قَطْعًا) أَيْ فَلَوْ لَمْ يُبَدِّلْهُ فِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ لَمْ يَسْقُطْ مِنْ الْمُسَمَّى شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمُكْرِي مَانِعٌ. (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ غَايَةِ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ غَالِبًا) فَلَوْ أَجَّرَهُ مُدَّةً لَا تَبْقَى إلَيْهَا غَالِبًا فَهَلْ تَبْطُلُ فِي الزَّائِدِ فَقَطْ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: الْقِيَاسُ نَعَمْ وَتَتَفَرَّقُ الصَّفْقَةُ، ثُمَّ رَأَيْته فِي الْعُبَابِ صَرَّحَ بِذَلِكَ، وَعِبَارَتُهُ: فَإِنْ زَادَ عَلَى الْجَائِزِ بَطَلَتْ فِي الزَّائِدِ فَقَطْ اهـ. وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَخْلَفَ ذَلِكَ وَبَقِيَتْ عَلَى حَالِهَا بَعْدَ الْمُدَّةِ الَّتِي اُعْتُبِرَتْ لِبَقَائِهَا عَلَى صُورَتِهَا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ صِحَّةُ الْإِجَارَةِ فِي الْجَمِيعِ لِأَنَّ الْبُطْلَانَ فِي الزِّيَادَةِ إنَّمَا كَانَ لِظَنٍّ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ. (قَوْلُهُ عَلَى مَا يَلِيقُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا) وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ ذِكْرَ ذَلِكَ الْعَدَدِ لِلتَّمْثِيلِ لَا لِلتَّقْيِيدِ انْتَهَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَكَمِائَةِ سَنَةٍ) . [فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا مَوْقُوفَةً وَهِيَ مُتَهَدِّمَةٌ مُدَّةً طَوِيلَةً هَلْ تُرَاعَى أُجْرَتُهَا الْآنَ وَهِيَ مُتَهَدِّمَةٌ أَمْ يَجِبُ مُرَاعَاةُ أُجْرَتِهَا بَعْدَ عَوْدِهَا عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُفْرَضُ بِنَاؤُهَا عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي يَئُولُ أَمْرُهَا إلَيْهَا بِالْعَمَلِ عَادَةً ثُمَّ يُعْتَبَرُ أُجْرَةُ مِثْلِهَا مُعَجَّلَةً وَهِيَ دُونَ أُجْرَةِ مِثْلِهَا وَلَوْ قُسِّطَتْ عَلَى الْأَشْهُرِ وَالسِّنِينَ بِحَيْثُ يَقْبِضُ آخِرَ كُلِّ قِسْطٍ مَا يَخُصُّهُ، وَإِنَّمَا اعْتَبَرْنَا تِلْكَ الصِّفَةَ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ إيجَارِهَا كَذَلِكَ أَنْ تَبْنِيَ بِالْأُجْرَةِ الْمُعَجَّلَةِ، وَلَوْ اُعْتُبِرَتْ أُجْرَةُ مِثْلِهَا بِتِلْكَ الْحَالَةِ الَّتِي هِيَ عَلَيْهَا كَانَ إضَاعَةً لِلْوَقْفِ لِأَنَّهَا إنَّمَا يُرْغَبُ فِيهَا كَذَلِكَ بِأُجْرَةٍ قَلِيلَةٍ جِدًّا (قَوْلُهُ: طَلْقًا) أَيْ مَمْلُوكَةً (قَوْلُهُ قَالَ وَفِيهِ أَيْضًا) أَيْ قَالَ السُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ لِعِمَارَةٍ أَوْ نَحْوِهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْمُؤَجِّرِ مُطَالَبَتُهُ بِتَنْقِيصِ قَدْرِ أَكْلِهِ الَّذِي بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ فِيمَا إذَا لَمْ يُقَدِّرْهُ وَحَمَلَ مَا يَحْتَاجُهُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ الْعُرْفُ، وَفِيمَا إذَا قَدَّرَهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ اتِّبَاعًا لِلشَّرْطِ ثُمَّ مَالَ إلَى أَنَّهُ كَالْأَوَّلِ انْتَهَتْ. [فَصْل فِي بَيَان غَايَة الْمُدَّة الَّتِي تَقْدِر بِهَا الْمَنْفَعَة] (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ غَايَةِ الْمُدَّةِ إلَخْ

فِي ذَلِكَ وَيَقْصِدُ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى اهـ. وَبِمُقْتَضَى إطْلَاقِ الشَّيْخَيْنِ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيُحْمَلُ قَوْلُ الْقَائِلِ بِالْمَنْعِ فِي ذَلِكَ كَالْأَذْرَعِيِّ عَلَى مَا إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ انْدِرَاسُ اسْمِ الْوَقْفِ وَتُمَلَّكُ الْعَيْنُ بِسَبَبِ طُولِ مُدَّتِهَا، وَإِذَا أَجَّرَ شَيْئًا أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ لَمْ يَجِبْ تَقْدِيرُ حِصَّةِ كُلِّ سَنَةٍ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ سَنَةً لَا يَجِبُ تَقْدِيرُ حِصَّةِ كُلِّ شَهْرٍ وَتُوَزَّعُ الْأُجْرَةُ عَلَى قِيمَةِ مَنَافِعِ السِّنِينَ وَلَوْ آجَرَهُ شَهْرًا مَثَلًا، وَأَطْلَقَ فَابْتِدَاؤُهُ مِنْ وَقْتِهِ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ الْمُتَعَارَفُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَظَاهِرُهُ الصِّحَّةُ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ مِنْ الْآنَ، لَكِنْ نَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ جَزْمِ الْعِرَاقِيِّينَ خِلَافَهُ وَقَدْ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْدِيرِ الْمُدَّةِ كَمَا يَأْتِي فِي سَوَادِ الْعِرَاقِ، وَلَيْسَ مِثْلُهُ إيجَارُ وَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ أَرَاضِيَهُ لِبِنَاءٍ أَوْ زَرْعٍ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ مُدَّةٍ بَلْ هُوَ بَاطِلٌ، إذْ لَا مَصْلَحَةَ كُلِّيَّةٌ يُغْتَفَرُ لِأَجْلِهَا ذَلِكَ، وَكَاسْتِئْجَارِ الْإِمَامِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِلْأَذَانِ أَوْ الذِّمِّيِّ لِلْجِهَادِ، وَكَالِاسْتِئْجَارِ لِلْعُلُوِّ لِلْبِنَاءِ أَوْ إجْرَاءِ الْمَاءِ، وَسَيَأْتِي أَنَّ الْوَلِيَّ لَا يُؤَجِّرُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ أَوْ مَالَهُ إلَّا مُدَّةً لَا يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ وَإِلَّا بَطَلَتْ فِي الزَّائِدِ، وَمَرَّ أَنَّ الرَّاهِنَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ إجَارَةُ الْمَرْهُونِ لِغَيْرِ الْمُرْتَهِنِ إلَّا مُدَّةً لَا تُجَاوِزُ حُلُولَ الدَّيْنِ، وَنَقَلَ الْبَدْرُ ابْنُ جَمَاعَةَ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ امْتِنَاعَ إجَارَةِ الْإِقْطَاعِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ، وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ فِي مَنْذُورٍ عِتْقُهُ بَعْدَ شِفَاءِ مَرِيضِهِ بِسَنَةٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إيجَارُهُ أَكْثَرَ مِنْهَا لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى دَوَامِهَا عَلَيْهِ بَعْدَ عِتْقِهِ لِمَا يَأْتِي أَنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ بِطُرُوِّ الْعِتْقِ، وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا نَظَرٌ ظَاهِرٌ، وَالْأَوْجَهُ فِيهِمَا صِحَّةُ الْإِجَارَةِ فِيمَا زَادَ عَلَى السَّنَةِ فَإِذَا سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْإِقْطَاعِ فِي الْأُولَى بَطَلَتْ، وَإِذَا عَتَقَ فِي الثَّانِيَةِ فَكَذَلِكَ لَا سِيَّمَا وَقَدْ يَتَأَخَّرُ الشِّفَاءُ عَنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ (وَفِي قَوْلٍ لَا يُزَادُ) فِيهَا (عَلَى سَنَةٍ) مُطْلَقًا لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَنْدَفِعُ بِهَا، وَمَا زَعَمَهُ السَّرَخْسِيُّ مِنْ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ فِي الْوَقْفِ شَاذٌّ بَلْ قِيلَ إنَّهُ غَلَطٌ (وَفِي قَوْلٍ) لَا تُزَادُ عَلَى (ثَلَاثِينَ) سَنَةً لِأَنَّ الْغَالِبَ تَغَيُّرُ الْأَشْيَاءِ بَعْدَهَا وَرُدَّ بِأَنَّ ذِكْرَهَا فِي النَّصِّ لِلتَّمْثِيلِ (وَلِلْمُكْتَرِي اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ) الْأَمِينُ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ، فَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ اسْتِيفَاءَهَا بِنَفْسِهِ فَسَدَ الْعَقْدُ كَمَا لَوْ شَرَطَ عَلَى مُشْتَرٍ أَنْ لَا يَبِيعَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ مِمَّا تَكُونُ الْمَصْلَحَةُ فِيهِ لِعَيْنِ الْوَقْفِ لَا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَبِمُقْتَضَى إطْلَاقِ الشَّيْخَيْنِ) أَيْ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ طَلْقًا كَانَ أَوْ وَقْفًا الْمَفْهُومُ مِنْ إطْلَاقِ الْمَتْنِ، وَالْمُرَادُ صِحَّتُهُ حَيْثُ اقْتَضَتْ الْمَصْلَحَةُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَابْتِدَاؤُهُ مِنْ وَقْتِهِ) أَيْ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَجُوزُ إيجَارُ الْإِقْطَاعِ مُدَّةً يَبْقَى فِيهَا غَالِبًا وَإِنْ احْتَمَلَ رُجُوعَ السُّلْطَانِ فِيهِ قَبْلَ فَرَاغِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بَقَاءَ الْمُؤَجَّرِ تِلْكَ الْمُدَّةَ لِأَنَّهُ يُسْتَحَقُّ فِي الْحَالِ وَالْأَصْلُ الْبَقَاءُ، فَإِنْ رَجَعَ السُّلْطَانُ أَوْ مَاتَ الْمُؤَجِّرُ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ انْفَسَخَتْ فِي الْبَاقِي وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ إيجَارُ الْبَطْنِ الْأَوَّلُ، فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِصِحَّتِهِ وَمِلْكِهِمْ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ وَجَوَازِ تَصَرُّفِهِمْ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ بَقَاؤُهُمْ تِلْكَ الْمُدَّةَ، فَإِنْ مَاتُوا قَبْلَ فَرَاغِهَا انْفَسَخَتْ فِي الْبَاقِي اهـ سم عَلَى حَجّ. وَمِنْ ذَلِكَ الْأَرْضُ الْمُرْصَدَةُ عَلَى الْمُدَرِّسِ وَالْإِمَامِ وَنَحْوِهِمَا إذَا كَانَ النَّظَرُ لَهُ وَأَجَّرَ مُدَّةً وَمَاتَ قَبْلَ تَمَامِهَا فَإِنَّهَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ (قَوْلُهُ وَإِذَا عَتَقَ فِي الثَّانِيَةِ إلَخْ) لَا يُقَالُ: بُطْلَانُ الْإِجَارَةِ بَعْدَ الْعِتْقِ يُنَافِيهِ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَبْطُلُ بِعِتْقِ الْعَبْدِ. لِأَنَّا نَقُولُ: ذَاكَ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ سَبَبُ الْعِتْقِ عَلَى الْإِجَارَةِ وَإِلَّا فَتَبْطُلُ كَمَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَ الْعَبْدِ بِصِفَةٍ ثُمَّ أَجَّرَهُ ثُمَّ وُجِدَتْ الصِّفَةُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ وَتَبْطُلُ الْإِجَارَةُ كَمَا سَيَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ أَجَّرَ عَبْدَهُ إلَخْ، وَمَا هُنَا مِنْ ذَلِكَ لِتَقَدُّمِ النَّذْرِ عَلَى الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: لَا سِيَّمَا) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْإِيجَارُ قَبْلَ شِفَاءِ الْمَرِيضِ. أَمَّا لَوْ كَانَ بَعْدَهُ فَلَا يَتَأَتَّى هَذَا التَّوْجِيهُ (قَوْلُهُ: وَمَا زَعَمَهُ السَّرَخْسِيُّ) بِفَتْحَتَيْنِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَمُهْمَلَةٍ نِسْبَةٌ إلَى سَرْخَسَ مَدِينَةٍ بِخُرَاسَانَ اهـ لب لِلسُّيُوطِيِّ (قَوْلُهُ: بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ مِثْلَهُ أَوْ دُونَهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ فَيَرْكَبُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَسَدَ الْعَقْدُ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ شَرَطَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ يَسْتَوْفِيهَا بِنَفْسِهِ فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ عِنْدَ قَوْلِهِ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فِي مَنْذُورٍ عِتْقُهُ) أَيْ: بِأَنْ نَذَرَ أَنْ يُعْتِقَهُ إذَا مَضَتْ سَنَةٌ بَعْدَ شِفَاءِ الْمَرِيضِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ فِيهِمَا صِحَّةُ الْإِجَارَةِ) أَيْ: سَوَاءٌ أَكَانَ إقْطَاعَ تَمْلِيكٍ، أَوْ إرْفَاقٍ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَإِذَا عَتَقَ فِي الثَّانِيَةِ إلَخْ) قَالَ سم: وَيُفَارِقُ

(فَيَرْكَبُ وَيَسْكُنُ) وَيَلْبَسُ (مِثْلَهُ) فِي الضَّرَرِ اللَّاحِقِ بِالْعَيْنِ وَدُونَهُ بِالْأَوْلَى لِأَنَّ ذَلِكَ اسْتِيفَاءٌ لِلْمَنْفَعَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ (وَلَا يُسْكِنُ حَدَّادًا وَلَا قَصَّارًا) حَيْثُ لَمْ يَكُنْ هُوَ كَذَلِكَ لِزِيَادَةِ الضَّرَرِ. قَالَ جَمْعٌ: إلَّا إذَا قَالَ لِتُسْكِنَ مَنْ شِئْت كَازْرَعْ مَا شِئْت، وَنَظَرَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ يُقْصَدُ بِهِ التَّوْسِعَةُ دُونَ الْإِذْنِ فِي الْإِضْرَارِ. وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْأَصْلَ خِلَافُهُ، وَلَا يَجُوزُ إبْدَالُ رُكُوبٍ بِحَمْلٍ وَحَدِيدٍ بِقُطْنٍ وَقَصَّارٍ بِحَدَّادٍ وَالْعُكُوسُ وَإِنْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ لَا يَتَفَاوَتُ الضَّرَرُ (وَمَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ كَدَارٍ وَدَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ) قَيْدٌ فِي الدَّابَّةِ فَقَطْ لِمَا مَرَّ أَنَّ الدَّارَ لَا تَكُونُ إلَّا مُعَيَّنَةً (لَا يُبَدَّلُ) أَيْ لَا يَجُوزُ إبْدَالُهُ لِكَوْنِهِ مَعْقُودًا عَلَيْهِ، وَلِهَذَا انْفَسَخَ الْعَقْدُ بِتَلَفِهِمَا وَثَبَتَ الْخِيَارُ بِعَيْبِهِمَا. أَمَّا فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ فَيُبَدَّلُ وُجُوبًا لِتَلَفٍ أَوْ عَيْبٍ وَيَجُوزُ عِنْدَ عَدَمِهِمَا لَكِنْ بِرِضَا الْمُكْتَرِي لِأَنَّهُ بِالْقَبْضِ اخْتَصَّ بِهِ كَمَا مَرَّ. (وَمَا يُسْتَوْفَى بِهِ كَثَوْبٍ وَصَبِيِّ عَيْنٍ) الْأَوَّلُ (لِلْخِيَاطَةِ وَ) الثَّانِي لِفِعْلِ (الْإِرْضَاعِ) بِأَنْ الْتَزَمَ فِي ذِمَّتِهِ خِيَاطَةً أَوْ إرْضَاعَ مَوْصُوفٍ ثُمَّ عَيْنٍ، وَأَفْرَدَ الْمُصَنِّفُ الضَّمِيرَ لِأَنَّ الْقَصْدَ التَّوْسِيعُ فَسَقَطَ الْقَوْلُ بِأَنَّ إيقَاعَ ضَمِيرِ الْمُفْرَدِ مَوْقِعَ ضَمِيرِ الْمُثَنَّى شَاذٌّ (يَجُوزُ إبْدَالُهُ) بِمِثْلِهِ (فِي الْأَصَحِّ) وَإِنْ امْتَنَعَ الْأَجِيرُ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ لِلِاسْتِيفَاءِ لَا مَعْقُودَ عَلَيْهِ فَأَشْبَهَ الرَّاكِبَ وَالْمَتَاعَ الْمُعَيَّنَ لِلْحَمْلِ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ كَالْمُسْتَوْفَى مِنْهُ وَعُزِيَ لِلْأَكْثَرِينَ وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ. وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي إبْدَالِهِ بِلَا مُعَاوَضَةٍ وَإِلَّا جَازَ قَطْعًا كَمَا يَجُوزُ لِمُسْتَأْجِرِ دَابَّةٍ أَنْ يُعَاوِضَ عَنْهَا كَسُكْنَى دَارٍ، أَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِحَمْلِ مُعَيَّنٍ فَيَجُوزُ إبْدَالُهُ بِمِثْلِهِ قَطْعًا، وَلَوْ أُبْدِلَ الْمُسْتَوْفَى فِيهِ كَطَرِيقٍ بِمِثْلِهَا مَسَافَةً وَسُهُولَةً وَحُزْنًا وَأَمْنًا جَازَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَخْتَلِفَ مَحَلُّ التَّسْلِيمِ، إذْ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مَوْضِعِهِ كَمَا نَقَلَهُ الْقَمُولِيُّ، وَاعْتَمَدَهُ لِتَصْرِيحِ الْأَكْثَرِينَ بِأَنَّهُ لَوْ اكْتَرَى دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَحَلٍّ لَيْسَ لَهُ رَدُّهَا بَلْ يُسَلِّمُهَا ثُمَّ لِوَكِيلِ الْمَالِكِ ثُمَّ الْحَاكِمِ ثُمَّ الْأَمِينِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ رَدَّهَا لِلضَّرُورَةِ، وَحِينَئِذٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنْ تَسْكُنَهَا وَحْدَك (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْأَصْلَ خِلَافُهُ) أَيْ فَيَسْكُنُهُمَا حِينَئِذٍ. لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ لِزِيَادَةِ الضَّرَرِ بِدَفْعِهِمَا: أَيْ وَلَوْ قَالَ لَهُ وَتُسْكِنُ مَنْ شِئْت خِلَافًا لِلْجُرْجَانِيِّ وَغَيْرِهِ اهـ. وَيُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُ لِتَزْرَعَ مَا شِئْت زَرْعَ مَا شَاءَ مِمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ ذَلِكَ الْمَحَلِّ لَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: لَا يَتَفَاوَتُ الضَّرَرُ) بَلْ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ كَانَ الضَّرَرُ الْمَأْتِيُّ بِهِ أَخَفَّ مِنْ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ الْتَزَمَ فِي ذِمَّتِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الثَّوْبُ أَوْ الصَّبِيُّ مُعَيَّنَيْنِ فِي الْعَقْدِ لَا يَجُوزُ إبْدَالُهُمَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَأَنَّهُ إنَّمَا قُيِّدَ بِهِ لِبَيَانِ مَحَلِّ الْخِلَافِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي أَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَ لِمَحَلٍّ مُعَيَّنٍ فَيَجُوزُ إبْدَالُهُ إلَخْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الْخَطِيبِ مَا يُصَرِّحُ بِمَا قُلْنَاهُ وَعِبَارَتُهُ: تَنْبِيهٌ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ " عَيَّنَ " أَشَارَ بِهِ إلَى مَا نَقَلَاهُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ وَأَقَرَّاهُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا الْتَزَمَ فِي ذِمَّتِهِ خِيَاطَةَ ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ أَوْ حَمْلَ مَتَاعٍ مُعَيَّنٍ. أَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً مُعَيَّنَةً لِرُكُوبٍ أَوْ حَمْلِ مَتَاعٍ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ إبْدَالِ الرَّاكِبِ وَالْمَتَاعِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَأَفْرَدَ الْمُصَنِّفُ الضَّمِيرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ عَيَّنَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ) أَيْ بِأَنْ كَانَ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى التَّعْوِيضِ كَقَوْلِهِ عَوَّضْتُك كَذَا عَنْ كَذَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ) أَيْ وَاحِدًا مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: رَدَّهَا لِلضَّرُورَةِ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ لَهُ رُكُوبُهَا مَا لَمْ يَعْسُرْ سَوْقُهَا مِنْ غَيْرِ رُكُوبٍ فَيَرْكَبُهَا وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ، وَهَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ أَجَرَ عَبْدَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ أَنَّهُ تَسْتَمِرُّ الْإِجَارَةُ بِتَقَدُّمِ سَبَبِ الْعِتْقِ هُنَا عَلَى الْإِجَارَةِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ (قَوْلُهُ: لِتَصْرِيحِ الْأَكْثَرِينَ إلَخْ) كَلَامُ الْأَكْثَرِينَ شَاهِدٌ عَلَى الْقَمُولِيِّ لَا شَاهِدَ لَهُ وَمِنْ ثَمَّ جَعَلَهُ فِي التُّحْفَةِ رَدًّا عَلَيْهِ، وَعِبَارَتُهُ عَقِبَ كَلَامِ الْقَمُولِيِّ نَصُّهَا: وَرَدَّ بِقَوْلِ الرَّوْضَةِ لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَوْضِعٍ فَعَنْ صَاحِبِ التَّقْرِيبِ لَهُ رَدُّهَا إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي سَارَ مِنْهُ إنْ لَمْ يَنْهَهُ صَاحِبُهَا، وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: لَيْسَ لَهُ رَدُّهَا إلَخْ. وَوَجْهُ شَهَادَتِهِ عَلَى الْقَمُولِيِّ أَنَّهُ لَوْ وَجَبَ ذِكْرُ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ لَمْ يَتَأَتَّ الْخِلَافُ بَيْنَ صَاحِبِ التَّقْرِيرِ وَالْأَكْثَرِينَ، فَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ الْكَتَبَةِ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ لَفْظُ وَهُوَ مَرْدُودٌ أَوْ نَحْوَهُ عَقِبَ كَلَامِ الْقَمُولِيِّ. وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: الْآتِي وَحِينَئِذٍ فَيُحْمَلُ الْقَوْلُ بِوُجُوبِ إلَخْ.

فَيُحْمَلُ الْقَوْلُ بِوُجُوبِ تَعْيِينِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ عَلَى مَا إذَا كَانَ مَقْصِدُهُ غَيْرَ صَالِحٍ لِذَلِكَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ إنَّهُ يُسَلِّمُهَا لِحَاكِمٍ وَإِلَّا فَأَمِينٍ. وَحَاصِلُ مَا مَرَّ أَنَّهُ يَجُوزُ إبْدَالُ الْمُسْتَوْفَى كَالرَّاكِبِ وَالْمُسْتَوْفَى بِهِ كَالْمَحْمُولِ وَالْمُسْتَوْفَى فِيهِ كَالطَّرِيقِ بِمِثْلِهَا وَدُونَهَا مَا لَمْ يُشْرَطْ عَدَمُ الْإِبْدَالِ فِي الْأَخِيرَيْنِ، بِخِلَافِهِ فِي الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ يُفْسِدُ الْعَقْدَ كَمَا مَرَّ، وَمَحَلُّ جَوَازِهِ فِيهِمَا إنْ عُيِّنَا فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَبَقِيَا، فَلَوْ عُيِّنَا بَعْدَهُ ثُمَّ تَلِفَ وَجَبَ الْإِبْدَالُ بِرِضَا الْمُكْتَرِي أَوْ عُيِّنَا فِيهِ ثُمَّ تَلِفَا انْفَسَخَ الْعَقْدُ لَا الْمُسْتَوْفَى مِنْهُ بِتَفْصِيلِهِ الْمَارِّ، وَيُعْتَبَرُ فِي الِاسْتِيفَاءِ الْعُرْفُ، فَمَا اسْتَأْجَرَهُ لِلُّبْسِ الْمُطْلَقِ لَا يَلْبَسُهُ وَقْتَ النَّوْمِ لَيْلًا وَإِنْ اطَّرَدَتْ عَادَتُهُمْ بِخِلَافِهِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ بِخِلَافِ مَا عَدَاهُ وَلَوْ وَقْتَ النَّوْمِ نَهَارًا وَيَلْزَمُهُ نَزْعُ الْأَعْلَى فِي غَيْرِ وَقْتِ التَّجَمُّلِ أَمَّا الْإِزَارُ فَلَا يَلْزَمُهُ نَزْعُهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ إزَارًا فَلَهُ الِارْتِدَاءُ بِهِ لَا عَكْسُهُ أَوْ قَمِيصًا مُنِعَ مِنْ الِائْتِزَارِ بِهِ وَلَهُ التَّعْمِيمُ أَوْ لِلُّبْسِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ دَخَلَتْ اللَّيَالِي أَوْ يَوْمًا وَأُطْلِقَ فَمِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ إلَى مِثْلِهِ، أَوْ يَوْمًا كَامِلًا فَمِنْ الْفَجْرِ إلَى الْغُرُوبِ، أَوْ نَهَارًا فَمِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى الْغُرُوبِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ، وَصُورَةُ ذَلِكَ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ أَنْ يُؤَجِّرَهَا مِنْ أَوَّلِ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ (وَيَدُ الْمُكْتَرِي عَلَى الدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ) وَنَحْوِهِمَا (يَدُ أَمَانَةٍ) فَيَأْتِي فِيهِ مَا سَيَأْتِي فِي الْوَدِيعِ (مُدَّةَ الْإِجَارَةِ) إنْ قُدِّرَتْ بِزَمَنٍ أَوْ مُدَّةَ إمْكَانِ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ إنْ قُدِّرَتْ بِمَحَلِّ عَمَلٍ لِعَدَمِ إمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ لِلْمَنْفَعَةِ بِدُونِ وَضْعِ يَدِهِ، وَبِهِ فَارَقَ كَوْنَ يَدِهِ يَدَ ضَمَانٍ عَلَى ظَرْفٍ مَبِيعٍ قَبَضَهُ فِيهِ لِتَمَحُّضِ قَبْضِهِ لِغَرَضِ نَفْسِهِ، وَيَجُوزُ السَّفَرُ لِلْمُكْتَرِي بِالْعَيْنِ الْمُكْتَرَاةِ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْخَطَرِ لِمِلْكِهِ الْمَنْفَعَةَ فَجَازَ لَهُ اسْتِيفَاؤُهَا حَيْثُ شَاءَ، وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ إجَارَةِ الْعَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَالذِّمَّةِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ. نَعَمْ سَفَرُهُ بِهَا بَعْدَ الْمُدَّةِ كَسَفَرِ الْوَدِيعِ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ (وَكَذَا بَعْدَهَا فِي الْأَصَحِّ) إنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهَا اسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ سِوَى التَّخْلِيَةِ لَا الرَّدِّ وَلَا مُؤْنَتِهِ، بَلْ لَوْ شُرِطَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا فَسَدَتْ، وَمَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ أَنَّهَا كَالْأَمَانَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَعَلَيْهِ إعْلَامُ مَالِكِهَا بِهَا أَوْ رَدُّهَا فَوْرًا وَإِلَّا ضَمِنَهَا غَيْرَ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بِأَنَّ هَذَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ بِإِذْنِ مَالِكِهِ ابْتِدَاءً بِخِلَافِ ذِي الْأَمَانَةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَضْمَنُ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي الْإِمْسَاكِ كَانَ مُقَيَّدًا بِالْعَقْدِ وَقَدْ زَالَ وَلِأَنَّهُ أَخَذَهُ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ فَأَشْبَهَ الْمُسْتَعِيرَ، وَعَلَى الْأَوَّلِ الْأَصَحُّ لَا يَلْزَمُ الْمُكْتَرِيَ إعْلَامُ الْمُكْرِي بِتَفْرِيغِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِثْلُ عُسْرِ سَوْقِهَا عَدَمُ لِيَاقَةِ الْمَشْيِ بِالْمُسْتَأْجِرِ كَمَا قَالُوهُ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ حَيْثُ جَوَّزُوا لَهُ الرُّكُوبَ حَالَةَ الرَّدِّ أَوَّلًا وَيُفَرَّقُ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّهُ فِي صُورَةِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ الْعَيْنُ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِهِ وَالرُّكُوبُ مُضْطَرًّا إلَيْهِ لِلْوُصُولِ لِحَقِّهِ مِنْ الرَّدِّ، بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ الْمُدَّةَ انْقَضَتْ وَوَاجِبُهُ التَّخَلِّي لَا الرَّدُّ (قَوْلُهُ: فِي الْأَخِيرَيْنِ) وَعَلَى هَذَا لَوْ شَرَطَ عَدَمَ إبْدَالِ مَا اُسْتُؤْجِرَ لِحَمْلِهِ فَتَلِفَ فِي الطَّرِيقِ فَيَنْبَغِي انْفِسَاخُ الْعَقْدِ فِيمَا بَقِيَ، وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ قُبَيْلَ الْفَصْلِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ لِيُوَكِّلَ مَا حُمِلَ لِيُوصَلَ فَيُبَدَّلُ قَطْعًا عَلَى مَا إذَا لَمْ يُشْرَطْ عَدَمُ الْإِبْدَالِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُفْسِدُ الْعَقْدَ كَمَا مَرَّ) وَفِي نُسْخَةٍ وَمَحَلُّ جَوَازِهِ فِيهِمَا إنْ عُيِّنَا فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَبَقِيَا، فَلَوْ عُيِّنَا بَعْدَهُ ثُمَّ تَلِفَ وَجَبَ الْإِبْدَالُ بِرِضَا الْمُكْتَرِي أَوْ عُيِّنَا فِيهِ ثُمَّ تَلِفَا انْفَسَخَ الْعَقْدُ لَا الْمُسْتَوْفَى مِنْهُ بِتَفْصِيلِهِ الْمَارِّ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ: وَقَدْ كَانَ تَبِعَ م ر الشَّارِحَ فِي قَوْلِهِ وَمَحَلُّ قَوْلِهِ ثُمَّ تَلِفَا انْفَسَخَ الْعَقْدُ ثُمَّ ضُرِبَ عَلَيْهِ اهـ (قَوْلُهُ وَإِنْ اطَّرَدَتْ عَادَتُهُمْ بِخِلَافِهِ) عِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: قَالَ الرَّافِعِيُّ عَمَلًا بِالْعَادَةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَهُ كَانَ بِمَحَلٍّ لَا يَعْتَادُ أَهْلُهُ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ نَزْعُهُ مُطْلَقًا اهـ حَجّ. وَلَعَلَّهُ فِي غَيْرِ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَوَّلِ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ) أَيْ وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ لِعَدَمِ اتِّصَالِ الْمَنْفَعَةِ بِالْعَقْدِ (قَوْلُهُ: لِتَمَحُّضِ قَبْضِهِ لِغَرَضِ نَفْسِهِ) أَيْ فَيَضْمَنُهُ إذَا تَلِفَ لَكِنَّهُ يُشْكَلُ الضَّمَانُ بِمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ كُوزَ السِّقَاءِ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى مُرِيدِ الشُّرْبِ بِعِوَضٍ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرَادَ الشُّرْبَ مِنْهُ بِلَا عِوَضٍ بِرِضَا الْمَالِكِ فَإِنَّهُ مَقْبُوضٌ بِالْعَارِيَّةِ الْفَاسِدَةِ فَيَضْمَنُهُ دُونَ مَا فِيهِ، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ ذَاكَ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ مِنْ ظَرْفِهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ مِنْ ظَرْفِهِ كَأَوَانِي الطَّبَّاخِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ السَّفَرُ) وَقَضِيَّةُ الْجَوَازِ أَنَّ الدَّابَّةَ لَوْ تَلِفَتْ فِي الطَّرِيقِ بِلَا تَقْصِيرٍ لَمْ يَضْمَنْهَا (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: كَسَفَرِ الْوَدِيعِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الْعَيْنِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ، بَلْ الشَّرْطُ أَنْ لَا يَسْتَعْمِلَهَا وَلَا يَحْبِسَهَا وَإِنْ لَمْ يَطْلُبَهَا، فَلَوْ أَغْلَقَ الدَّارَ أَوْ الْحَانُوتَ بَعْدَ تَفْرِيغِهِ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ فِيمَا يَظْهَرُ، فَقَدْ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ بِأَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا شَهْرًا فَأَغْلَقَ بَابَهُ وَغَابَ شَهْرَيْنِ لَزِمَهُ الْمُسَمَّى لِلشَّهْرِ الْأَوَّلِ وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلشَّهْرِ الثَّانِي. قَالَ: وَقَدْ رَأَيْت الشَّيْخَ الْقَفَّالَ قَالَ: لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً يَوْمًا فَإِذَا بَقِيَتْ عِنْدَهُ وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا وَلَا حَبَسَهَا عَنْ مَالِكِهَا لَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلْيَوْمِ الثَّانِي لِأَنَّ الرَّدَّ لَيْسَ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ التَّخْلِيَةُ إذَا طَلَبَ مَالِكُهَا، بِخِلَافِ الْحَانُوتِ لِأَنَّهُ فِي حَبْسِهِ وَعَلَقَتِهِ وَتَسْلِيمُ الْحَانُوتِ وَالدَّارِ لَا يَكُونُ إلَّا بِتَسْلِيمِ الْمِفْتَاحِ اهـ. وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ حَتَّى فِي الْحَانُوتِ وَالدَّارِ لِأَنَّ غَلْقَهُمَا مُسْتَصْحِبٌ لِمَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فِي الْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَالِكِ فَلَا يُعَارِضُهُ جَزْمُ الْأَنْوَارِ بِأَنَّ مُجَرَّدَ غَلْقِ بَابِ الدَّارِ لَا يَكُونُ غَصْبًا لَهَا لِوُضُوحِ الْفَرْقِ، وَدَعْوَى تَقْصِيرِ الْمَالِكِ بِعَدَمِ وَضْعِ يَدِهِ عَلَى ذَلِكَ عَقِبَ الْمُدَّةِ وَأَنَّ الْمُكْتَرِيَ مُحْسِنٌ بِالْغَلْقِ لِصَوْنِهِ بِهِ عَنْ مَفْسَدَةٍ مَمْنُوعَةٍ بِأَنَّ التَّقْصِيرَ مِنْ الْمُكْتَرِي حَيْثُ حَالَ بَيْنَ الْمَالِكِ وَبَيْنَ مِلْكِهِ بِغَلْقِهِ وَلَمْ يُبَادِرْ بِعَرْضِ الْأَمْرِ عَلَى الْمَالِكِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ شَرْعًا. وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّ الْغَلْقَ مَعَ حُضُورِهِ فَهُوَ مَعَ غَيْبَتِهِ الْمُصَرَّحِ بِهَا فِي كَلَامِ الْبَغَوِيّ وَفِيمَا إذَا انْقَضَتْ وَالْإِجَارَةُ لِبِنَاءٍ أَوْ غِرَاسٍ وَلَمْ يَخْتَرْ الْمُسْتَأْجِرُ الْقَلْعَ يُتَخَيَّرُ الْمُؤَجِّرُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ السَّابِقَةِ فِي الْعَارِيَّةِ مَا لَمْ يُوقَفْ وَإِلَّا فَفِيمَا سِوَى التَّمَلُّكِ بِالْقِيمَةِ، وَلَوْ اسْتَعْمَلَ بَعْدَ الْمُدَّةِ الْعَيْنَ الْمُكْتَرَاةَ فِي نَحْوِ اللُّبْسِ لِدَفْعِ الدُّودِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْوَدِيعَةِ لَزِمَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ الْغَالِبِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَلَا نَظَرَ لِمَا يَتَجَدَّدُ بَعْدَهَا لِاسْتِقْرَارِ الْوَاجِبِ بِمُضِيِّهَا، إذْ وُجُوبُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ يَسْتَقِرُّ قَبْلَ طَلَبِهَا (وَلَوْ) (رَبَطَ دَابَّةً اكْتَرَاهَا لِحَمْلٍ أَوْ رُكُوبٍ) مَثَلًا (وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا) وَتَلِفَتْ فِي الْمُدَّةِ وَبَعْدَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فَيَضْمَنُ حَيْثُ لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ كَعُرُوضِ نَهْبٍ (قَوْلُهُ: لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ) وَهَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ تَدُلَّ الْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ حِفْظُهُ وَإِلَّا فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِوُضُوحِ الْفَرْقِ) وَهُوَ أَنَّهُ ثَمَّ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ وَضْعُ يَدٍ عَلَى الْمَغْصُوبِ حَتَّى يُسْتَصْحَبَ بِخِلَافِهِ هُنَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُبَادِرْ بِعَرْضِ الْأَمْرِ إلَخْ) أَيْ فَتَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ (قَوْلُهُ وَالْإِجَارَةُ لِبِنَاءٍ أَوْ غِرَاسٍ) وَلَوْ فَرَغَتْ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ لِلدَّارِ وَاسْتَمَرَّتْ أَمْتِعَةُ الْمُسْتَأْجِرِ فِيهَا وَلَمْ يُطَالِبْهُ الْمَالِكُ بِالتَّفْرِيغِ وَلَمْ يُغْلِقْهَا لَمْ يَضْمَنْ أُجْرَةَ وَضْعِ الْأَمْتِعَةِ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ مِنْهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ شَيْءٌ وَالْأَمْتِعَةُ وَضَعَهَا بِإِذْنٍ فَيُسْتَصْحَبُ إلَى أَنْ يُطَالِبَ الْمَالِكُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَغْلَقَهَا فَيَضْمَنُ أُجْرَتَهَا: أَعْنِي الدَّارَ مُدَّةَ الْغَلْقِ لِأَنَّهُ حَالَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَالِكِهَا بِالْغَلْقِ، وَبِخِلَافِ مَا لَوْ مَكَثَ فِيهَا بِنَفْسِهِ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَلَوْ بِاسْتِصْحَابِ مِلْكِهِ السَّابِقِ عَلَى مُضِيِّ الْمُدَّةِ لِأَنَّهُ مُسْتَوْلٍ عَلَيْهَا، بِخِلَافِ مُجَرَّدِ بَقَاءِ الْأَمْتِعَةِ لَيْسَ اسْتِيلَاءً كَذَا قُرِّرَ ذَلِكَ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. وَفِيهِ فَرْعٌ فِي الرَّوْضِ: فَرْعٌ: وَإِنْ قَدَّرَ الْبِنَاءَ وَالْغِرَاسَ بِمُدَّةٍ وَشَرَطَ الْقَلْعَ قُلِعَ وَلَا أَرْشَ عَلَيْهِمَا، وَلَوْ شُرِطَ الْإِبْقَاءُ بَعْدَهَا أَوْ أُطْلِقَ صَحَّتْ وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْمُدَّةِ، وَإِنْ رَجَعَ فَلَهُ حُكْمُ الْعَارِيَّةِ بَعْدَ الرُّجُوعِ اهـ. أَقُولُ: وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي صُورَةِ الْإِطْلَاقِ فَإِنَّ الْعَقْدَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لَا يَتَنَاوَلُ مَا زَادَ عَلَى الْمُدَّةِ الْمُقَدَّرَةِ فَبِانْتِهَائِهَا انْتَهَتْ الْإِجَارَةُ وَلَيْسَ ثَمَّ شَيْءٌ يَرْجِعُ عَنْهُ بَعْدَهَا. فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَإِنْ رَجَعَ إلَخْ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهَا) هَذَا خَاصٌّ بِنَحْوِ الدَّارِ وَالْحَانُوتِ بِخِلَافِ نَحْوِ الدَّابَّةِ كَمَا سَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي عَنْ الْقَفَّالِ، وَفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ تَقْيِيدُ هَذَا بِمَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِغَلْقِهَا حِفْظَهَا، وَقَدْ يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي فِي الشَّارِحِ عَقِبَ كَلَامِ الْقَفَّالِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَغْلَقَ الدَّارَ وَالْحَانُوتَ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُمَا مَفْتُوحَيْنِ لَمْ يَضْمَنْ الْأُجْرَةَ، وَقَوْلُ الْقَفَّالِ الْآتِي وَتَسْلِيمُ الْحَانُوتِ وَالدَّارِ لَا يَكُونُ إلَّا بِتَسْلِيمِ الْمِفْتَاحِ رُبَّمَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ غَلْقَهُمَا مُسْتَصْحِبٌ لِمَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ كَلَامَ الْقَفَّالِ لَيْسَ فِيهِ غَلْقٌ بَلْ قَوْلُهُ: وَتَسْلِيمُ الْحَانُوتِ وَالدَّارِ لَا يَكُونُ إلَّا بِتَسْلِيمِ الْمِفْتَاحِ قَدْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُبَادِرْ بِعَرْضِ الْأَمْرِ عَلَى الْمَالِكِ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ

(لَمْ يَضْمَنْهَا) إذْ يَدُهُ يَدُ أَمَانَةٍ وَتَقْيِيدُهُ بِالرَّبْطِ لَيْسَ قَيْدًا فِي الْحُكْمِ بَلْ لِيُسْتَثْنَى مِنْهُ قَوْلُهُ (إلَّا إنْ انْهَدَمَ عَلَيْهَا إصْطَبْلٌ فِي وَقْتٍ) لِلِانْتِفَاعِ (لَوْ انْتَفَعَ بِهَا) فِيهِ (لَمْ يُصِبْهَا الْهَدْمُ) لِنِسْبَتِهِ إلَى تَقْصِيرٍ حِينَئِذٍ، إذْ الْغَرَضُ انْتِفَاءُ عُذْرِهِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَأَخَذَ السُّبْكِيُّ مِنْ تَمْثِيلِهِمَا لِمَا لَا يُنْتَفَعُ بِهَا فِيهِ بِجُنْحِ لَيْلِ شِتَاءٍ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِمَا إذَا اُعْتِيدَ الِانْتِفَاعُ بِهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، لِأَنَّ الرَّبْطَ لَا يَكُونُ سَبَبًا لِلتَّلَفِ إلَّا حِينَئِذٍ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْحَاصِلَ بِالرَّبْطِ ضَمَانُ جِنَايَةٍ لَا يَدٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَوْ لَمْ تَتْلَفْ بِذَلِكَ خِلَافًا لِمَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَلَوْ اكْتَرَاهَا لِيَرْكَبَهَا الْيَوْمَ وَيَرْجِعَ غَدًا فَأَقَامَهُ بِهَا وَرَجَعَ فِي الثَّالِثِ ضَمِنَهَا فِيهِ فَقَطْ لِاسْتِعْمَالِهِ لَهَا فِيهِ تَعَدِّيًا، وَلَوْ اكْتَرَى قِنًّا لِعَمَلٍ مَعْلُومٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَوْضِعَهُ فَذَهَبَ بِهِ مِنْ بَلَدِ الْعَقْدِ إلَى آخَرَ فَأَبَقَ ضَمِنَهُ مَعَ الْأُجْرَةِ أَيْضًا (وَلَوْ تَلِفَ الْمَالُ فِي يَدِ أَجِيرٍ بِلَا تَعَدٍّ كَثَوْبٍ اُسْتُؤْجِرَ لِخِيَاطَتِهِ أَوْ صَبْغِهِ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ كَمَا بِخَطِّهِ مَصْدَرًا (لَمْ يَضْمَنْ إنْ لَمْ يَنْفَرِدْ بِالْيَدِ بِأَنْ قَعَدَ الْمُسْتَأْجِرُ مَعَهُ) يَعْنِي كَانَ بِحَضْرَتِهِ (أَوْ أَحْضَرَهُ مَنْزِلَهُ) وَلَوْ لَمْ يَقْعُدْ مَعَهُ أَوْ حَمَلَ الْمَتَاعَ وَمَشَى خَلْفَهُ لِثُبُوتِ يَدِ الْمَالِكِ عَلَيْهِ حُكْمًا، وَمَا نُقِلَ عَنْ قَضِيَّةِ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَدَ لِلْأَجِيرِ عَلَيْهِ يَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَدَ لَهُ عَلَيْهِ مُسْتَقِلَّةٌ (وَكَذَا إنْ انْفَرَدَ) بِالْيَدِ بِأَنْ انْتَفَى مَا ذُكِرَ فَلَا يَضْمَنُ أَيْضًا (فِي أَظْهَرْ الْأَقْوَالِ) لِأَنَّهُ إنَّمَا أَثْبَتَ يَدَهُ لِغَرَضِهِ وَغَرَضِ الْمَالِكِ فَهُوَ شَبِيهٌ بِالْمُسْتَأْجِرِ وَعَامِلِ الْقِرَاضِ فَإِنَّهُمَا لَا يَضْمَنَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــSاللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ الِاقْتِصَارُ عَلَى شَرْطِ الْإِبْقَاءِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ إلَى كَوْنِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ: لَوْ انْتَفَعَ بِهَا إلَخْ) هَذَا التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ فِي الدَّابَّةِ يَنْبَغِي جَرَيَانُهُ فِي غَيْرِهَا كَثَوْبٍ اسْتَأْجَرَهُ لِلُبْسِهِ، فَإِذَا تَرَكَ لُبْسَهُ وَتَلِفَ أَوْ غُصِبَ فِي وَقْتٍ لَوْ لَبِسَهُ سَلِمَ مِنْ ذَلِكَ ضَمِنَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ فِي الْخَوْفِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ اهـ سم. وَيُلْحَقُ بِهِ نَحْوُ الْمَطَرِ وَالْوَحْلِ الْمَانِعَيْنِ مِنْ الرُّكُوبِ عَادَةً، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ مَرَضُ الدَّابَّةِ الْمَانِعُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا، وَهَلْ مِثْلُهُ مَرَضُ الرَّاكِبِ الْعَارِضُ لَهُ أَوْ لَا لِإِمْكَانِ الِاسْتِنَابَةِ مِنْ مَرَضِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، ثُمَّ رَأَيْته صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: بِجُنْحِ لَيْلٍ) الْجُنْحُ بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسَرَهَا طَائِفَةٌ مِنْهُ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ ضَمِنَهَا فِيهِ) أَيْ ضَمَانَ يَدٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ لِاسْتِعْمَالِهِ إلَخْ، وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَيَسْتَقِرُّ فِيهِ الْمُسَمَّى لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الِانْتِفَاعِ فِيهِ مَعَ كَوْنِ الدَّابَّةِ فِي يَدِهِ، وَالْكَلَامُ فِيمَا إذَا تَأَخَّرَ لَا لِنَحْوِ خَوْفٍ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا أُجْرَةَ لِلْيَوْمِ الثَّالِثِ لِأَنَّ الثَّانِيَ لَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: فَأَبَقَ ضَمِنَهُ) هَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ السَّفَرِ بِالْعَيْنِ حَيْثُ لَا خَطَرَ، فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ عَدَمُ الضَّمَانِ بِتَلَفِهَا فِي السَّفَرِ إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ مَا هُنَا بِمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ الْقِنَّ لِعَمَلٍ لَا يَكُونُ السَّفَرُ طَرِيقًا لِاسْتِيفَائِهِ كَالْخِيَاطَةِ دُونَ الْخِدْمَةِ، وَمَا مَرَّ بِمَا إذَا اُسْتُؤْجِرَتْ الْعَيْنُ لِعَمَلٍ يَكُونُ السَّفَرُ مِنْ طُرُقِ اسْتِيفَائِهِ كَالرُّكُوبِ وَالْحَمْلِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: وَصَبَغْت الثَّوْبَ صَبْغًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْله بَلْ لِيُسْتَثْنَى مِنْهُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: يَلْزَمُ مِنْهُ مَا فَرَّ مِنْهُ ثُمَّ رَأَيْت الشِّهَابَ سم قَالَ: إنْ حَمَلَ الرَّبْطَ عَلَى مُطْلَقِ الْإِمْسَاكِ فَهَذَا وَاضِحٌ أَوْ عَلَى خُصُوصِهِ فَلَا؛ لِظُهُورِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى خُصُوصِ الرَّبْطِ اهـ. (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ انْهَدَمَ) قَالَ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ: أَوْ غُصِبَتْ أَوْ سُرِقَتْ مَثَلًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ ثُمَّ قَالَ: تَنْبِيهٌ: هَذَا التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ فِي الدَّابَّةِ يَنْبَغِي جَرَيَانُهُ فِي غَيْرِهَا كَثَوْبٍ اسْتَأْجَرَهُ لِلُبْسِهِ؛ فَإِذَا تَرَكَ لُبْسَهُ وَتَلِفَ أَوْ غُصِبَ فِي وَقْتٍ لَوْ لَبِسَهُ سَلِمَ مِنْ ذَلِكَ ضَمِنَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. (قَوْلُهُ: فَأَبَقَ ضَمِنَهُ مَعَ الْأُجْرَةِ) قَالَ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ: إنْ كَانَ الذَّهَابُ بِهِ إلَى الْبَلَدِ الْآخَرِ سَائِغًا أَشْكَلَ الضَّمَانُ، أَوْ مُمْتَنِعًا خَالَفَ قَوْلَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ: أَيْ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمَتْنِ وَيَدُ الْمُكْتَرِي يَدُ أَمَانَةٍ إلَخْ، وَلَهُ السَّفَرُ بِالْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ حَيْثُ لَا خَطَرَ فِي السَّفَرِ، قَالَ: إلَّا أَنْ يَخْتَارَ الْأَوَّلَ، وَيُحْمَلُ عَلَى مَا لَوْ كَانَ فِي الذَّهَابِ خَطَرٌ أَوْ وُجِدَ مِنْهُ تَفْرِيطٌ، ثُمَّ نَظَرَ فِيهِ بِأَنَّهُ مَعَ الْخَطَرِ يَنْبَغِي الضَّمَانُ وَلَوْ بِدُونِ إبَاقٍ وَمَعَ التَّفْرِيطِ يَنْبَغِي الضَّمَانُ وَلَوْ بِدُونِ ذَهَابٍ، وَذَكَرَ أَنَّهُ

بِالْإِجْمَاعِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَضْمَنُ كَالْمُسْتَعِيرِ (وَالثَّالِثُ) (يَضْمَنُ) الْأَجِيرُ (الْمُشْتَرَكُ) بَيْنَ النَّاسِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ التَّلَفِ (وَهُوَ مَنْ الْتَزَمَ عَمَلًا فِي ذِمَّتِهِ) كَخِيَاطَةٍ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْتِزَامُ عَمَلٍ عَلَى آخَرَ وَهَكَذَا (لَا الْمُنْفَرِدُ وَهُوَ مَنْ أَجَّرَ نَفْسَهُ) أَيْ عَيْنَهُ (مُدَّةً مُعَيَّنَةً لِعَمَلٍ) أَوْ أَجَّرَ عَيْنَهُ وَقَدَّرَ بِالْعَمَلِ لِاخْتِصَاصِ مَنَافِعَ هَذَا بِالْمُسْتَأْجِرِ كَانَ كَالْوَكِيلِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، وَلَا تَجْرِي هَذِهِ الْأَقْوَالُ فِي أَجِيرٍ لِحِفْظِ حَانُوتٍ مَثَلًا إذَا أَخَذَ غَيْرُهُ مَا فِيهَا فَلَا يَضْمَنُهُ قَطْعًا، قَالَ الْقَفَّالُ: لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلَّمْ إلَيْهِ الْمَتَاعُ، وَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ حَارِسِ سِكَّةٍ سُرِقَ بَعْضُ بُيُوتِهَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْخُفَرَاءَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ يُعَزُّ النَّقْلُ فِيهَا، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بِلَا تَعَدٍّ مَا لَوْ تَعَدَّى كَأَنْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَرْعَى دَابَّتَهُ فَأَعْطَاهَا آخَرَ يَرْعَاهَا فَيَضْمَنُهَا كُلٌّ مِنْهُمَا وَالْقَرَارُ عَلَى مَنْ تَلِفَتْ تَحْتَ يَدِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَيْ حَيْثُ كَانَ عَالِمًا، وَإِلَّا فَالْقَرَارُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَكَأَنْ أَسْرَفَ خَبَّازٌ فِي الْوَقُودِ أَوْ مَاتَ الْمُتَعَلِّمُ مِنْ ضَرْبِ الْمُعَلِّمِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَيُصَدَّقُ أَجِيرٌ فِي نَفْيِ تَعَدِّيهِ مَا لَمْ يَشْهَدْ خَبِيرَانِ بِخِلَافِهِ (وَلَوْ) عَمِلَ لِغَيْرِهِ عَمَلًا بِإِذْنِهِ كَأَنْ (دَفَعَ ثَوْبًا إلَى قَصَّارٍ لِيُقَصِّرَهُ أَوْ) إلَى (خَيَّاطٍ لِيَخِيطَهُ فَفَعَلَ وَلَمْ يَذْكُرْ) أَحَدُهُمَا (أُجْرَةً) وَلَا مَا يُفْهِمُهَا (فَلَا أُجْرَةَ لَهُ) لِتَبَرُّعِهِ وَلِأَنَّهُ لَوْ قَالَ أَسْكِنِّي دَارَك شَهْرًا فَأَسْكَنَهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ عَلَيْهِ أُجْرَةً بِالْإِجْمَاعِ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وُجُوبُهَا فِي قِنٍّ وَمَحْجُورِ سَفَهٍ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ أَهْلٍ لِلتَّبَرُّعِ، وَمِثْلُهُمَا غَيْرُ الْمُكَلَّفِ بِالْأَوْلَى (وَقِيلَ لَهُ) أُجْرَةُ مِثْلِهِ لِاسْتِهْلَاكِهِ مَنْفَعَتَهُ (وَقِيلَ إنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ بَابَيْ نَفَعَ وَقَتَلَ وَفِي لُغَةٍ مِنْ بَابِ ضَرَبَ (قَوْلُهُ وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْخُفَرَاءَ إلَخْ) وَيُؤْخَذُ مِنْ فَرْضِ ذَلِكَ فِي الْبُيُوتِ وَنَحْوِهَا وَمِنْ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ أَنَّ خَفِيرَ الْجُرْنِ وَخَفِيرَ الْغَيْطِ وَنَحْوِهَا عَلَيْهِمْ الضَّمَانُ حَيْثُ قَصَّرُوا، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ خَفِيرِ الْبُيُوتِ خَفِيرُ الْمَرَاكِبِ لِلتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الضَّائِعِ صُدِّقَ الْخَفِيرُ لِأَنَّهُ الْغَارِمُ، وَأَنَّ الْكَلَامَ كُلَّهُ إذَا وَقَعَتْ إجَارَةً صَحِيحَةً وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَصَّرُوا، وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ خِلَافُهُ فِي التَّقْصِيرِ (قَوْلُهُ: وَالْقَرَارُ عَلَى مَنْ تَلِفَتْ تَحْتَ يَدِهِ) وَالْكَلَامُ كُلُّهُ حَيْثُ كَانَ الرَّاعِي بَالِغًا عَاقِلًا رَشِيدًا، أَمَّا لَوْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ سَفِيهًا فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ قَصَّرَ حَتَّى تَلِفَتْ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَتْلَفَهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي الْإِتْلَافِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَاتَ الْمُتَعَلِّمُ مِنْ ضَرْبِ الْمُعَلِّمِ) وَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ مُعْتَادًا لِلتَّعْلِيمِ لَكِنْ يُشْكَلُ وَصْفُهُ حِينَئِذٍ بِالتَّعَدِّي، وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ التَّأْدِيبَ كَانَ مُمْكِنًا بِالْقَوْلِ وَظَنُّ عَدَمَ إفَادَتِهِ إنَّمَا يُفِيدُ الْإِقْدَامَ، وَإِذَا مَاتَ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِهِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَشْهَدْ خَبِيرَانِ بِخِلَافِهِ) أَيْ بِالْفِعْلِ الَّذِي فَعَلَهُ الْمُسْتَأْجِرُ وَهَلْ يَتَعَيَّنُ مِثْلُهُ لِلتَّأْدِيبِ أَوْ يَكْفِي مَا هُوَ دُونَهُ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ وَلَا رَجُلٌ وَيَمِينٌ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْفِعْلَ الَّذِي وَقَعَ التَّنَازُعُ فِيهِ لَيْسَ مَالًا وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ. (قَوْلُهُ: وَلَا مَا يُفْهِمُهَا) أَيْ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا يُفْهِمُهَا فَلَا يُقَالُ الْقَرِينَةُ دَالَّةٌ عَلَى الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا أُجْرَةَ لَهُ) نُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ ابْنِ الْعِمَادِ بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ فِي عَدَمِ لُزُومِ شَيْءٍ مَا لَوْ دَخَلَ عَلَى طَبَّاخٍ وَقَالَ لَهُ أَطْعِمْنِي رِطْلًا مِنْ لَحْمٍ فَأَطْعَمَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الثَّمَنَ وَالْبَيْعُ صَحَّ أَوْ فَسَدَ يُعْتَبَرُ فِيهِ ذِكْرُ الثَّمَنِ. أَقُولُ: وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيمَا لَوْ قَصَدَ الطَّبَّاخُ بِدَفْعِهِ أَخْذَ الْعِوَضِ سِيَّمَا وَقَرِينَةُ الْحَالِ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بَدَلُهُ وَيُصَدَّقُ فِي الْقَدْرِ الْمُتْلَفِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ لَوْ قَالَ أَسْكِنِّي دَارَك إلَخْ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ أَنَّهُ يَتَّفِقُ أَنَّ إنْسَانًا يَتَزَوَّجُ امْرَأَةً وَيَسْكُنُ بِهَا فِي بَيْتِ أَهْلِهَا مُدَّةً وَلَمْ تَجْرِ بَيْنَهُمَا تَسْمِيَةُ أُجْرَةٍ وَلَا مَا يَقُومُ مَقَامَ التَّسْمِيَةِ لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ أَسْكِنِّي دَارَك شَهْرًا إلَخْ يُفْهِمُ وُجُوبَ الْأُجْرَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الزَّوْجَ اسْتَوْفَى ـــــــــــــــــــــــــــــQبَحَثَ فِيهِ مَعَ الشَّارِحِ فَحَمَلَهُ عَلَى مَا إذَا وَقَعَ تَفْرِيطٌ، قَالَ: وَقَدْ عُلِمَ مَا فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَمِلَ لِغَيْرِهِ عَمَلًا بِإِذْنِهِ) قَيَّدَ بِالْإِذْنِ لِلْخِلَافِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ: فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ

كَانَ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ الْعَمَلِ) بِالْأُجْرَةِ (فَلَهُ) أُجْرَةُ مِثْلِهِ (وَإِلَّا فَلَا، وَقَدْ يُسْتَحْسَنُ) تَرْجِيحُهُ لِوُضُوحِ مُدْرِكِهِ، إذْ هُوَ الْعُرْفُ وَهُوَ يَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ كَثِيرًا، وَنُقِلَ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ، فَإِنْ ذَكَرَ أُجْرَةً اسْتَحَقَّهَا قَطْعًا إنْ صَحَّ الْعَقْدُ وَإِلَّا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَأَمَّا إذَا عَرَّضَ بِهَا كَأُرْضِيكَ أَوْ لَا أُخَيِّبُك أَوْ تَرَى مَا تُحِبُّهُ، أَوْ يَسُرُّك أَوْ أُطْعِمُك فَتَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ. نَعَمْ فِي الْأَخِيرَةِ يُحْسَبُ عَلَى الْأَجِيرِ مَا أَطْعَمَهُ إيَّاهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، لِأَنَّهُ لَا تَبَرُّعَ مِنْ الْمَطْعَمِ وَقَدْ تَجِبُ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةٍ وَلَا تَعْرِيضٍ بِهَا كَمَا فِي عَامِلِ الزَّكَاةِ اكْتِفَاءً بِثُبُوتِهَا بِالنَّصِّ فَكَأَنَّهَا مُسَمَّاةٌ شَرْعًا وَكَعَامِلِ مُسَاقَاةٍ عَمَلٌ مَا لَيْسَ بِلَازِمٍ لَهُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ اكْتِفَاءً بِذِكْرِ الْمُقَابِلِ لَهُ فِي الْجُمْلَةِ لَا قَاسِمَ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ فَلَا شِرَاءَ لَهُ كَمَا أَفَادَهُ السُّبْكِيُّ بَلْ هُوَ كَغَيْرِهِ خِلَافًا لِجَمْعٍ، وَلَا يُسْتَثْنَى وُجُوبُهَا عَلَى دَاخِلِ الْحَمَّامِ أَوْ رَاكِبِ السَّفِينَةِ مَثَلًا مِنْ غَيْرِ إذْنِ لِاسْتِيفَائِهِ الْمَنْفَعَةَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَصْرِفَهَا صَاحِبُهَا إلَيْهِ بِخِلَافِهِ بِإِذْنِهِ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَسَيَّرَ السَّفِينَةَ بِعِلْمِ مَالِكِهَا أَمْ لَا، وَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ لَعَلَّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ مَالِكُهَا حِينَ سَيَّرَهَا وَإِلَّا فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَمَا لَوْ وَضَعَ مَتَاعَهُ عَلَى دَابَّةِ غَيْرِهِ فَسَيَّرَهَا مَالِكُهَا فَإِنَّهُ لَا أُجْرَةَ عَلَى مَالِكِهِ وَلَا ضَمَانَ مَرْدُودٌ، فَقَدْ فَرَّقَ الْعِرَاقِيُّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ رَاكِبَ السَّفِينَةِ بِغَيْرِ إذْنٍ غَاصِبٌ لِلْبُقْعَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا وَلَوْ لَمْ يَسِرْ، بِخِلَافِ وَاضِعِ مَتَاعَهُ عَلَى الدَّابَّةِ لَا يَصِيرُ غَاصِبًا لَهَا بِمُجَرَّدِ وَضْعِ مَتَاعِهِ. وَيُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّ مُجَرَّدَ الْعِلْمِ لَا يُسْقِطُ الْأُجْرَةَ وَلَا الضَّمَانَ، فَإِنَّ السُّكُوتَ عَلَى إتْلَافِ الْمَالِ لَا يُسْقِطُ الضَّمَانَ وَهُوَ عِلْمٌ وَزِيَادَةٌ وَمَالِكُ الدَّابَّةِ بِسَبِيلٍ مِنْ إلْقَاءِ الْمَتَاعِ قَبْلَ تَسْيِيرِهَا بِخِلَافِهِ فِي رَاكِبِ السَّفِينَةِ (وَلَوْ) (تَعَدَّى الْمُسْتَأْجِرُ) فِي ذَاتِ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ (بِأَنْ) أَيْ كَأَنْ (ضَرَبَ الدَّابَّةَ أَوْ كَبَحَهَا) بِمُوَحَّدَةٍ فَمُهْمَلَةٍ: أَيْ جَذَبَهَا بِلِجَامِهَا (فَوْقَ الْعَادَةِ) فِيهِمَا أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمِثْلِ تِلْكَ الدَّابَّةِ كَمَا لَا يَخْفَى (أَوْ أَرْكَبَهَا أَثْقَلَ مِنْهُ أَوْ أَسْكَنَ حَدَّادًا أَوْ قَصَّارًا) دَقَّ وَهُمَا أَشَدُّ ضَرَرًا مِمَّا اسْتَأْجَرَ لَهُ (ضَمِنَ الْعَيْنَ) الْمُؤَجَّرَةَ: أَيْ دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ لِتَعَدِّيهِ: أَمَّا مَا هُوَ الْعَادَةُ فَلَا يَضْمَنُ بِهِ وَإِنَّمَا ضَمِنَ بِضَرْبِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَنْفَعَةَ بِسُكْنَاهُ فِي الدَّارِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ دَخَلَ الْحَمَّامَ بِغَيْرِ إذْنٍ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ لِاسْتِيفَائِهِ الْمَنْفَعَةَ، ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ فِي النَّفَقَاتِ صَرَّحَ بِوُجُوبِ الْأُجْرَةِ وَعِبَارَتُهُ (قَوْلُهُ: فَتَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) بَقِيَ مَا لَوْ أَطْعَمَهُ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ وَقَالَ أَطْعَمْته عَلَى قَصْدِ حُسْبَانِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: قَضِيَّةُ كَوْنِ الْعِبْرَةِ فِي أَدَاءِ الدَّيْنِ بِنِيَّةِ الدَّافِعِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ حُسْبَانُهُ عَلَى الْأَجِيرِ (قَوْلُهُ: يُحْسَبُ عَلَى الْأَجِيرِ مَا أَطْعَمَهُ إيَّاهُ) أَيْ وَيُصَدَّقُ الْآكِلُ فِي قَدْرِ مَا أَكَلَهُ لِأَنَّهُ غَارِمٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ بِإِذْنِهِ) أَيْ فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ مَا يَقَعُ مِنْ الْمَعَدَّاوِيِّ مِنْ قَوْلِهِ انْزِلْ أَوْ يَحْمِلُهُ وَيُنْزِلُهُ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَسَيَّرَ السَّفِينَةَ إلَخْ) أَيْ وَكَذَا لَوْ سَيَّرَهَا الْمَالِكُ نَفْسُهُ عَلِمَ بِالرَّاكِبِ أَمْ لَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ إلَخْ مَرْدُودٌ (قَوْلُهُ: وَلَا ضَمَانَ) أَيْ بَلْ عَلَى مَالِكِ الدَّابَّةِ ضَمَانُ الْعَيْنِ لَوْ تَلِفَتْ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ جَاهِلًا بِالْمَتَاعِ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى صَاحِبِ الْمَتَاعِ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ، وَسَيَأْتِي مَا يُوَافِقُهُ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ وُزِنَ الْمُؤَجَّرُ وَحُمِلَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَهُمَا أَشَدُّ ضَرَرًا) هَذَا قَدْ يُشْكَلُ بِمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَجُوزُ إبْدَالُ رُكُوبٍ بِحَمْلٍ وَحَدِيدٍ بِقُطْنٍ إلَخْ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَا هُنَا مِنْ جِنْسِ مَا لَوْ اُسْتُؤْجِرَ لَهُ وَهُوَ السُّكْنَى فَلَا تَضُرُّ مُخَالَفَتُهُ لَهُ حَيْثُ لَمْ يَزِدْ ضَرَرُهُ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ فِيهِ لِسُكْنَى مَنْ يَعْمَلُ الْقِصَارَةَ أَوْ الْحَدِيدَ فَفِي إسْكَانِ غَيْرِهِ مُخَالَفَةٌ صَرِيحَةٌ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ الْعَيْنَ) ضَمَانَ الْغُصُوبِ (قَوْلُهُ: أَيْ دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ) أَيْ وَلَوْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَدَقُّهُمَا أَشَدُّ ضَرَرًا مِمَّا اسْتَأْجَرَ لَهُ) كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ دَقَّ وَهُمَا أَشَدُّ ضَرَرًا إلَخْ، وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إلَى تَقْيِيدِ الضَّمَانِ بِقَيْدَيْنِ: الْأَوَّلِ: وُقُوعِ الدَّقِّ بِالْفِعْلِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ تَبَعًا لِلْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ بِقَوْلِهِ دَقَّ الَّذِي هُوَ بِصِيغَةِ الْمَاضِي وَصْفًا لِلْحَدَّادِ وَالْقَصَّارِ وَالثَّانِي: كَوْنِ الْحَدَّادِ وَالْقَصَّارِ أَشَدَّ ضَرَرًا مِمَّا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ. وَهَذَا زَادَهُ عَلَى مَا فِي شَرْحِ الْجَلَالِ فَلَعَلَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَدَقُّهُمَا مُحَرَّفٌ مِنْ الْكَتَبَةِ عَنْ قَوْلِ التُّحْفَةِ دَقَّ وَهُمَا. وَاعْلَمْ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ مَا مَرَّ

زَوْجَتِهِ لِإِمْكَانِ تَأْدِيبِهَا بِاللَّفْظِ وَظَنُّ تَوَقُّفِ إصْلَاحِهَا عَلَى الضَّرْبِ إنَّمَا يُبِيحُ الْإِقْدَامَ عَلَيْهِ خَاصَّةً، وَمَتَى أَرْكَبَ أَثْقَلَ مِنْهُ اسْتَقَرَّ الضَّمَانُ عَلَى الثَّانِي إنْ عَلِمَ وَإِلَّا فَالْأَوَّلُ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَتْ يَدُ الثَّانِي لَا تَقْتَضِي ضَمَانًا كَالْمُسْتَأْجِرِ، فَإِنْ اقْتَضَتْهُ كَالْمُسْتَعِيرِ فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا، وَفَارَقَ الْمُسْتَعِيرُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ بِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ هُنَا لَمَّا تَعَدَّى بِإِرْكَابِهِ صَارَ كَالْغَاصِبِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ لَوْ لَمْ يَتَعَدَّ بِأَنْ أَرْكَبَهَا مِثْلَهُ فَضَرَبَهَا فَوْقَ الْعَادَةِ ضَمِنَ الثَّانِي فَقَطْ وَخَرَجَ بِذَاتِ الْعَيْنِ مَنْفَعَتُهَا، كَأَنْ اسْتَأْجَرَهَا لِبُرٍّ فَزَرَعَ ذُرَةً فَلَا يَضْمَنُ الْأَرْضَ لِعَدَمِ تَعَدِّيه فِي عَيْنِهَا، بَلْ إنَّمَا تَعَدَّى فِي الْمَنْفَعَةِ فَيَلْزَمُهُ بَعْدَ حَصْدِهَا وَانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ عِنْدَ تَنَازُعِهِمَا مَا يَخْتَارُهُ الْمُؤَجِّرُ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِ زَرْعِ الذُّرَةِ وَالْمُسَمَّى مَعَ بَذْلِ زِيَادَةِ ضَرَرِ الذُّرَةِ، وَلَوْ اُرْتُدِفَ ثَالِثٌ خَلْفَ مُكْتَرِيَيْنِ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا ضَمِنَ الثَّالِثُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ (وَكَذَا) يَضْمَنُ وَلَوْ تَلِفَتْ بِسَبَبٍ آخَرَ (لَوْ) (اكْتَرَى لِحَمْلِ مِائَةِ رِطْلِ حِنْطَةٍ فَحَمَلَ مِائَةً شَعِيرًا أَوْ عُكِسَ) لِاجْتِمَاعِهَا بِسَبَبِ ثِقَلِهَا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَهُوَ لِخِفَّتِهِ يَأْخُذُ مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ أَكْثَرَ فَضَرَرُهَا مُخْتَلِفٌ، وَكَذَا كُلُّ مُخْتَلِفِي الضَّرَرِ كَحَدِيدٍ وَقُطْنٍ (أَوْ) اكْتَرَى (لِعَشَرَةِ أَقْفِزَةِ شَعِيرٍ) جَمْعُ قَفِيزٍ مِكْيَالٌ يَسَعُ اثْنَيْ عَشَرَ صَاعًا (فَحَمَلَ) عَشَرَةَ أَقْفِزَةٍ (حِنْطَةً) لِأَنَّهَا أَثْقَلُ (دُونَ عَكْسِهِ) بِأَنْ اكْتَرَاهُ لِحَمْلِ عَشَرَةِ أَقْفِزَةٍ حِنْطَةً فَحَمَلَ عَشَرَةَ أَقْفِزَةٍ شَعِيرًا مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ أَصْلًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِاتِّحَادِ جُرْمِهِمَا بِاتِّحَادِ كَيْلِهِمَا مَعَ كَوْنِ الشَّعِيرِ أَخَفَّ (وَلَوْ اكْتَرَى لِ) حَمْلِ (مِائَةٍ فَحَمَّلَ) بِالتَّشْدِيدِ (مِائَةً وَعَشَرَةً) (لَزِمَهُ) مَعَ الْمُسَمَّى (أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلزِّيَادَةِ) لِتَعَدِّيهِ بِهَا. وَتَمْثِيلُهُ بِالْعَشَرَةِ لِإِفَادَةِ اغْتِفَارِ نَحْوِ الِاثْنَيْنِ مِمَّا يَقَعُ بِهِ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ عَادَةً (وَإِنْ تَلِفَتْ بِذَلِكَ) الْمَحْمُولِ أَوْ بِسَبَبٍ آخَرَ (ضَمِنَهَا) ضَمَانَ يَدٍ (إنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهَا مَعَهَا) لِصَيْرُورَتِهِ غَاصِبًا لَهَا بِحَمْلِ الزِّيَادَةِ (فَإِنْ كَانَ) صَاحِبُهَا مَعَهَا وَتَلِفَتْ بِسَبَبِ الْحَمْلِ دُونَ غَيْرِهِ إذْ ضَمَانُهَا ضَمَانَ جِنَايَةٍ لَا سِيَّمَا وَمَالِكُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSالَّذِي دَفَعَهَا لِأَجْلِهِ (قَوْلُهُ: فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا) عَلِمَ أَوَّلًا (قَوْلُهُ وَانْقِضَاءُ الْمُدَّةِ) أَيْ مَا قَبْلَ انْقِضَائِهَا: أَمَّا أَيْ بَعْدَ انْقِضَائِهَا فَلِلْمُؤَجِّرِ تَكْلِيفُهُ الْقَلْعَ مَجَّانًا لِتَعَدِّيهِ، فَإِنْ رَضِيَ بِإِبْقَائِهَا لَزِمَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ تَنَازُعِهِمَا) اُنْظُرْ مَا لَوْ تَلِفَتْ الْأَرْضُ بِسَبَبِ زَرْعِ الذُّرَةِ فَصَارَتْ لَا تُنْبِتُ شَيْئًا وَيُتَّجَهُ الضَّمَانُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: مَا يَخْتَارُهُ الْمُؤَجِّرُ) أَيْ فَيَكُونُ اخْتِيَارُهُ لِأُجْرَةِ مِثْلِ الذُّرَةِ فَسْخًا لِلْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَاخْتِيَارُ الْمُسَمَّى إبْقَاءٌ لَهُ وَالْمُطَالَبَةُ بِالزِّيَادَةِ لِتَعَدِّي الْمُسْتَأْجِرِ هَذَا، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا نَصُّهُ: وَإِذَا اخْتَارَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِ الْإِجَارَةِ، وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ فِيمَا لَوْ كَانَ الْمُسَمَّى مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ كَأَنْ كَانَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ مِائَةً مَثَلًا وَالْمُسَمَّى نَحْوَ بُرٍّ، فَإِنْ اخْتَارَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لَزِمَتْ الْمِائَةُ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ، وَإِنْ اخْتَارَ الْمُسَمَّى اسْتَحَقَّهُ وَضُمَّ إلَيْهِ مَا بَقِيَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ، فَفِي الْمِثَالِ لَوْ كَانَ الْمُسَمَّى مِنْ نَحْوِ الْبُرِّ يُسَاوِي ثَمَانِينَ أَخَذَهُ الْمُؤَجِّرُ وَطَالَبَ بِعِشْرِينَ (قَوْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا ضَمِنَ الثَّالِثَ) وَفِي نُسْخَةٍ الثُّلُثَ بَدَلَ الثَّالِثِ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ إذْنِهِمَا) أَيْ وَكَذَا بِإِذْنِهِمَا إنْ لَمْ يُسَوَّغْ لِلْمُكْتَرِينَ الْإِعَارَةُ لِمِثْلِ ذَلِكَ بِأَنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِرُكُوبِ الثَّلَاثَةِ عَلَى مِثْلِ تِلْكَ الدَّابَّةِ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ لِأَنَّهُ مُسْتَعِيرٌ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ لِاتِّحَادِ جُرْمِهِمَا بِاتِّحَادِ كَيْلِهِمَا، وَلَوْ ابْتَلَّ الْمَحْمُولُ وَثَقُلَ بِسَبَبِ ذَلِكَ ثَبَتَ لِلْمُكْرِي الْخِيَارُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِهِ وَبِأَدَبَتِهِ أَخْذًا مِمَّا لَوْ مَاتَ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ أَنَّ الْحَدَّادَ لَا يَسْكُنُ قَصَّارًا مُطْلَقًا كَعَكْسِهِ إذْ مَا مَرَّ فِي الْجَوَازِ وَعَدَمِهِ وَمَا هُنَا فِي دُخُولِ الْعَيْنِ فِي ضَمَانِهِ فَالْإِسْكَانُ الْمَذْكُورُ وَإِنْ كَانَ مُمْتَنِعًا مُطْلَقًا إلَّا أَنَّ دُخُولَ الْعَيْنِ فِي ضَمَانِهِ مَشْرُوطٌ بِهَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ؛ إذْ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ الْجَوَازِ وَعَدَمِهِ، وَالضَّمَانِ وَعَدَمِهِ، هَكَذَا ظَهَرَ لِي فَانْظُرْهُ مَعَ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ الْمُسْتَعِيرُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ) حَقُّ التَّعْبِيرِ وَإِنَّمَا ضَمِنَ هُنَا مَعَ أَنَّهُ مُسْتَعِيرٌ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَمَّا تَعَدَّى إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ صَاحِبُهَا مَعَهَا) أَيْ: مَعَ

مَعَهَا (ضَمِنَ قِسْطَ الزِّيَادَةِ فَقَطْ) لِاخْتِصَاصِ يَدِهِ بِهَا وَلِهَذَا لَوْ سَخَّرَهُ مَعَ دَابَّتِهِ فَتَلِفَتْ لَمْ يَضْمَنْهَا الْمُسَخَّرُ لِتَلَفِهَا فِي يَدِ مَالِكِهَا (وَفِي قَوْلٍ) يَضْمَنُ (نِصْفَ الْقِيمَةِ) تَوْزِيعًا عَلَى الرُّءُوسِ كَجُرْحٍ مِنْ وَاحِدٍ وَجِرَاحَاتٍ مِنْ آخَرَ، وَرُدَّ بِتَيْسِيرِ التَّوْزِيعِ هُنَا بِخِلَافِهِ هُنَاكَ لِاخْتِلَافِ نِكَايَتِهَا بَاطِنًا (وَلَوْ) (سَلَّمَ الْمِائَةَ وَالْعَشَرَةَ إلَى الْمُؤَجِّرِ فَحَمَّلَهَا) بِالتَّشْدِيدِ (جَاهِلًا) بِالزِّيَادَةِ كَأَنْ قَالَ لَهُ هِيَ مِائَةٌ فَصَدَّقَهُ (ضَمِنَ الْمُكْتَرِي) الْقِسْطَ نَظِيرُ مَا مَرَّ وَأُجْرَةُ الزِّيَادَةِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) إذْ الْمُكْرِي لِجَهْلِهِ صَارَ كَالْآلَةِ لَهُ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي تَعَارُضِ الْغُرُورِ وَالْمُبَاشَرَةِ فَإِنْ كَانَ عَالِمًا فَكَمَا فِي قَوْلِهِ (وَلَوْ) وَضَعَ الْمُكْتَرِي ذَلِكَ بِظَهْرِهَا فَسَيَّرَهَا الْمُؤَجِّرُ أَوْ (وَزَنَ الْمُؤَجِّرُ وَحَمَّلَ) بِالتَّشْدِيدِ (فَلَا أُجْرَةَ لِلزِّيَادَةِ) وَإِنْ كَانَ غَالِطًا وَعَلِمَ بِهَا الْمُسْتَأْجِرُ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِي حَمْلِهَا بَلْ لَهُ مُطَالَبَةُ الْمُؤَجِّرِ بِرَدِّهَا لِمَحَلِّهَا وَلَيْسَ لَهُ رَدُّهَا بِدُونِ إذْنٍ وَإِذَا تَلِفَتْ ضَمِنَهَا، وَلَوْ وَزْن الْمُؤَجِّرُ أَوْ كَالَ أَوْ حَمَّلَ الْمُسْتَأْجِرُ فَكَمَا لَوْ كَالَ بِنَفْسِهِ إنْ عَلِمَ، وَكَذَا إنْ جَهِلَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُتَوَلِّي (وَلَا ضَمَانَ) عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ (إنْ تَلِفَتْ) الدَّابَّةُ لِانْتِفَاءِ الْيَدِ وَالتَّعَدِّي بِالنَّقْلِ وَلَوْ قَالَ لَهُ الْمُسْتَأْجِرُ احْمِلْ هَذَا الزَّائِدَ فَكَمُسْتَعِيرٍ فَيَضْمَنُ الْقِسْطَ مِنْ الدَّابَّةِ إنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ الْمَحْمُولِ دُونَ مَنْفَعَتِهَا (وَلَوْ أَعْطَاهُ ثَوْبًا لِيَخِيطَهُ) بَعْدَ قَطْعِهِ كَمَا صَوَّرَهُ بِذَلِكَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ (فَخَاطَهُ قَبَاءً وَقَالَ أَمَرْتنِي بِقَطْعِهِ قَبَاءً فَقَالَ بَلْ قَمِيصًا فَالْأَظْهَرُ تَصْدِيقُ الْمَالِكِ بِيَمِينِهِ) فِي عَدَمِ إذْنِهِ لَهُ فِي قَطْعِهِ قَبَاءً إذْ هُوَ الْمُصَدَّقُ فِي أَصْلِ الْإِذْنِ فَكَذَا فِي صِفَتِهِ. وَالثَّانِي يَتَحَالَفَانِ، وَانْتَصَرَ الْإِسْنَوِيُّ لَهُ نَقْلًا وَمَعْنًى، وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا قَبْلَ الْقَطْعِ تَحَالَفَا اتِّفَاقًا، وَكُلَّمَا وَجَبَ التَّحَالُفُ مَعَ بَقَائِهِ وَجَبَ مَعَ تَغَيُّرِ أَحْوَالِهِ انْتَهَى. وَعَلَيْهِ فَيَبْدَأُ بِالْمَالِكِ كَمَا قَالَاهُ نَقْلًا عَنْ ابْنِ كَجٍّ، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّهُ مَمْنُوعٌ بَلْ بِالْخَيَّاطِ لِأَنَّهُ بَائِعُ الْمَنْفَعَةِ (وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ) بَعْدَ حَلِفِهِ إذْ لَا تَجِبُ إلَّا مَعَ الْإِذْنِ، وَقَدْ ثَبَتَ انْتِفَاؤُهُ بِيَمِينِهِ (وَعَلَى الْخَيَّاطِ أَرْشُ النَّقْصِ) لِمَا ثَبَتَ مِنْ عَدَمِ الْإِذْنِ وَالْأَصْلُ الضَّمَانُ وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مَقْطُوعًا قَمِيصًا وَمَقْطُوعًا قَبَاءً كَمَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ، وَلِأَنَّ أَصْلَ الْقَطْعِ مَأْذُونٌ فِيهِ وَإِنْ رَجَّحَ الْإِسْنَوِيُّ كَابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ، وَجَزَمَ بِهِ الْقُونَوِيُّ وَالْبَارِزِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ شُرَّاحِ الْحَاوِي وَغَيْرِهِ أَنَّهُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَمَقْطُوعًا لِانْتِفَاءِ الْإِذْنِ مِنْ أَصْلِهِ، وَلَا يَقْدَحُ فِي تَرْجِيحِ الْأَوَّلِ عَدَمُ الْأُجْرَةِ لَهُ إذْ لَا مُلَازَمَةَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الضَّمَانِ، وَلِلْخَيَّاطِ نَزْعُ خَيْطِهِ وَعَلَيْهِ أَرْشُ نَقْصِ النَّزْعِ إنْ حَصَلَ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، وَلَهُ مَنْعُ الْمَالِكِ مِنْ شَدِّ خَيْطٍ فِيهِ بِجَرِّهِ فِي الدُّرُوزِ مَكَانَهُ، وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ هَذَا يَكْفِينِي قَمِيصًا فَاقْطَعْهُ فَقَطَعَهُ وَلَمْ يَكْفِهِ ضَمِنَ الْأَرْشَ لِأَنَّ الشَّرْطَ لَمْ يَحْصُلْ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ هَلْ يَكْفِينِي ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُسْتَأْجِرُ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى الْمَحَلِّ الْمُعَيَّنِ حَيْثُ قَالُوا فِيهِ لَا يَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ نَقْلُهُ إلَيْهِ لِثِقَلِ الْمَيِّتِ. (قَوْلُهُ: لَوْ سَخَّرَهُ مَعَ دَابَّتِهِ فَتَلِفَتْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَبْلَ اسْتِعْمَالِهَا ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدَ اسْتِعْمَالِهَا فَهِيَ مُعَارَةٌ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْعَارِيَّةِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ بَاشَرَ اسْتِعْمَالَهَا كَأَنْ رَكِبَهَا، أَمَّا لَوْ دَفَعَ لَهُ مَتَاعًا وَقَالَ لَهُ احْمِلْهُ فَحَمَلَهُ عَلَيْهَا فَلَا ضَمَانَ لِكَوْنِهَا فِي يَدِ مَالِكِهَا، ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ صَرَّحَ بِذَلِكَ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: كَأَنْ قَالَ لَهُ) أَيْ أَمَّا لَوْ لَمْ يَقُلْ لَهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْقِسْطَ وَالتَّعَدِّيَ بِنَقْلِ: أَيْ بِالنَّقْلِ مِنْ الْمُؤَجِّرِ لِلْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرِ لِحَمْلِهَا (قَوْلُهُ بَعْدَ قَطْعِهِ) أَيْ مِنْ الْخَيَّاطِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ الثَّانِي وَقَوْلُهُ فَيَبْدَأُ بِالْمَالِكِ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إنْ حَصَلَ) أَيْ النَّقْصُ فِي الْقَمِيصِ نَفْسِهِ كَأَنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ بِنَزْعِ الْخَيْطِ عَنْ قِيمَتِهِ قُمَاشًا مُفَصَّلًا بِلَا خِيَاطَةٍ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ الْأَرْشَ) أَيْ أَرْشَ الْقَطْعِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُكْتَرِي كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ: لِاخْتِصَاصِ يَدِهِ بِهِمَا) الظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي بِهَا لِلزِّيَادَةِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ: أَيْ بِقِسْطِ الزِّيَادَةِ مِنْ الدَّابَّةِ؛ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ مَعَهَا كَصَاحِبِهَا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِي حَمْلِهَا) تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ خَاصَّةً (قَوْلُهُ: بَعْدَ قَطْعِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِيَخِيطَهُ.

[فصل فيما يقتضي انفساخ الإجارة]

فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ اقْطَعْ لِأَنَّ الْإِذْنَ مُطْلَقٌ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْأُجْرَةِ أَوْ الْمَنْفَعَةِ أَوْ الْمُدَّةِ أَوْ قَدْرِ الْمَنْفَعَةِ أَوْ قَدْرِ الْمُسْتَأْجَرِ تَحَالَفَا وَفُسِخَتْ الْإِجَارَةُ وَوَجَبَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِمَا اسْتَوْفَاهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هُنَا وَمِنْ تَفْصِيلِهِمْ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا فِي الْمُخَالَفَةِ فِي الْفَسْخِ الْمُسْتَأْجَرِ لَهُ وَمِنْ قَوْلِهِمْ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِنَسْخِ كِتَابٍ فَغَيَّرَ تَرْتِيبَ أَبْوَابِهِ، فَإِنْ أَمْكَنَ الْبِنَاءُ عَلَى بَعْضِ الْمَكْتُوبِ كَأَنْ كَتَبَ الْبَابَ الْأَوَّلَ مُنْفَصِلًا بِحَيْثُ يَبْنِي عَلَيْهِ اُسْتُحِقَّ بِقِسْطِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ، إذْ مَنْ اُسْتُؤْجِرَ لِتَضْرِيبِ ثَوْبٍ بِخُيُوطٍ مَعْدُودَةٍ وَقِسْمَةٍ بَيِّنَةٍ مُتَسَاوِيَةٍ فَخَاطَهُ بِأَنْقَصَ وَأَوْسَعَ فِي الْقِسْمَةِ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا لِمُخَالَفَتِهِ الْمَشْرُوطَ، إلَّا أَنْ يُمْكِنَ مِنْ إتْمَامِهِ كَمَا شَرَطَ وَأَتَمَّهُ فَيَسْتَحِقُّ الْكُلَّ أَوْ مِنْ الْبِنَاءِ عَلَى بَعْضِهِ فَيَسْتَحِقُّ بِالْقِسْطِ وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (فَصْلٌ) فِيمَا يَقْتَضِي انْفِسَاخَ الْإِجَارَةِ وَالتَّخْيِيرَ فِي فَسْخِهَا وَعَدَمِهِمَا وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ (لَا تَنْفَسِخُ إجَارَةٌ) عَيْنِيَّةٌ أَوْ فِي الذِّمَّةِ بِنَفْسِهَا وَلَا بِفَسْخِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ (بِعُذْرٍ) لَا يُوجِبُ خَلَلًا فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ (كَتَعَذُّرِ وَقُودٍ) بِفَتْحِ الْوَاوِ كَمَا بِخَطِّهِ مَا يُوقَدُ بِهِ وَبِضَمِّهَا الْمَصْدَرُ (حَمَّامٍ) عَلَى مُسْتَأْجِرِهِ، وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ مَا لَوْ عَدِمَ دُخُولَ النَّاسِ فِيهِ لِفِتْنَةٍ أَوْ خَرَابِ مَا حَوْلَهُ، كَمَا لَوْ خَرِبَ مَا حَوْلَ الدَّارِ أَوْ الدُّكَّانِ أَوْ أَبْطَلَ أَمِيرُ الْبَلْدَةِ التَّفَرُّجَ فِي السُّفُنِ وَقَدْ اكْتَرَاهَا أَوْ دَارًا لِذَلِكَ، وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ فَقَدْ أَبْعَدَ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَمَقْطُوعًا (قَوْلُهُ: وَأَوْسَعَ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ لِأَنَّ كَلَامَهُمَا مُخَالِفٌ لِمَا شُرِطَ مِنْ التَّسَاوِي. (فَصْلٌ) فِيمَا يَقْتَضِي انْفِسَاخَ الْإِجَارَةِ أَيْ وَكَامْتِنَاعِ الرَّضِيعِ مِنْ ثَدْيِ الْمُرْضِعَةِ بِلَا عِلَّةٍ تُقَوَّمُ بِالثَّدْيِ (وَقَوْلُهُ وَبِضَمِّهَا الْمَصْدَرُ) هَذَا بَيَانٌ لِلْأَشْهَرِ، وَإِلَّا فَقِيلَ بِالضَّمِّ فِيهِمَا وَقِيلَ بِالْفَتْحِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: مَا لَوْ عَدِمَ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: هُوَ مِنْ بَابِ طَرِبَ وَتَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ ذَلِكَ) الْإِشَارَةُ إلَى قَوْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْل فِيمَا يَقْتَضِي انْفِسَاخَ الْإِجَارَةِ] (قَوْلُهُ: وَعَدَمَهُمَا) الْأَوْلَى وَمَا لَا يَقْتَضِيهِمَا إذْ لَيْسَ فِي الْفَصْلِ بَيَانُ شَيْءٍ يَقْتَضِي عَدَمَ الِانْفِسَاخِ أَوْ التَّخْيِيرَ بَلْ ذَلِكَ الْعَدَمُ هُوَ الْأَصْلُ حَتَّى يُوجَدَ مَا يَرْفَعُهُ. (قَوْلُهُ: وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ ذَلِكَ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَمِثْلُهُ عَلَى الْأَوْجَهِ مَا لَوْ عَدِمَ دُخُولَ النَّاسِ فِيهِ لِفِتْنَةٍ أَوْ خَرَابِ مَا حَوْلَهُ كَمَا لَوْ خَرِبَ مَا حَوْلَ الدَّارِ أَوْ الدُّكَّانِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا غَيْرُ صَحِيحٍ انْتَهَتْ. فَالضَّمِيرُ فِي بَيْنَهُمَا لِمَسْأَلَةِ عَدَمِ دُخُولِ النَّاسِ الْحَمَّامَ الَّذِي قَاسَهَا، وَمَسْأَلَةِ خَرَابِ مَا حَوْلَ الدَّارِ وَالدُّكَّانِ الَّتِي قَاسَ عَلَيْهِمَا، وَمُرَادُهُ رَدُّ مَا فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ عَدَمَ دُخُولِ النَّاسِ الْحَمَّامَ الْمُسْتَأْجَرَ بِسَبَبِ فِتْنَةٍ حَادِثَةٍ، أَوْ خَرَابِ النَّاحِيَةِ عَيْبٌ، بِخِلَافِ الْحَانُوتِ وَالدَّارِ فَإِنَّهُمَا يُسْتَأْجَرَانِ لِلسُّكْنَى، وَهِيَ مُمْكِنَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، إذَا عَلِمْت ذَلِكَ عَلِمْت أَنَّ مُرَادَ الشَّارِحِ بِالْأَوَّلِ فِي قَوْلِهِ دُونَ الْأَوَّلِ مَسْأَلَةُ عَدَمِ دُخُولِ النَّاسِ الْحَمَّامَ لَكِنْ كَانَ حَقُّ التَّعْبِيرِ مِثْلَ مَا فِي التُّحْفَةِ، عَلَى أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَا شَمِلَتْهُ الْإِشَارَةُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ بَيْنَ ذَلِكَ مَسْأَلَةُ إبْطَالِ أَمِيرِ الْبَلْدَةِ التَّفَرُّجَ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي كَلَامِ صَاحِبِ الْفَرْقِ الَّذِي قَصَدَ هُوَ الرَّدَّ عَلَيْهِ، وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ أَنَّ مُرَادَ الشَّارِحِ بِالْأَوَّلِ

فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ رَحًى فَعَدِمَ الْحَبَّ لِقَحْطٍ أَنَّهُ يُتَخَيَّرُ (وَ) تَعَذُّرِ (سَفَرٍ) بِفَتْحِ الْفَاءِ بِالدَّابَّةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِطُرُوِّ خَوْفٍ مَثَلًا وَبِسُكُونِهَا جَمْعُ سَافِرٍ: أَيْ رُفْقَةٌ يَخْرُجُ مَعَهُمْ وَلَوْ عُطِفَ عَلَى تَعَذَّرَ صَحَّ وَالتَّقْدِيرُ وَكَسَفَرٍ: أَيْ طُرُّوهُ لِمُكْتَرِي دَارٍ مَثَلًا (وَ) نَحْوِ (مَرَضِ مُسْتَأْجِرِ دَابَّةٍ لِسَفَرٍ) وَمُؤَجِّرِهَا الَّذِي يَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ مَعَهَا لِانْتِفَاءِ الْخَلَلِ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَالِاسْتِنَابَةُ مُمْكِنَةٌ. نَعَمْ التَّعَذُّرُ الشَّرْعِيُّ يُوجِبُ الِانْفِسَاخَ كَأَنْ اسْتَأْجَرَهُ لِقَلْعِ سِنٍّ مُؤْلِمٍ فَزَالَ أَلَمُهُ، وَإِمْكَانُ عَوْدِهِ لَا أَثَرَ لَهُ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ وَكَذَا الْحِسِّيُّ إنْ تَعَلَّقَ بِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ كَأَنْ اسْتَأْجَرَ الْإِمَامُ ذِمِّيًّا لِجِهَادٍ فَصَالَحَ قَبْلَ الْمَسِيرِ بِنَاءً فِيهِمَا عَلَى مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ إبْدَالِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ، فَإِنْ أَوْجَبَ خَلَلًا فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ إجَارَةَ عَيْنٍ وَزَالَتْ الْمَنْفَعَةُ بِالْكُلِّيَّةِ انْفَسَخَتْ، وَإِنْ عَيَّبَهُ بِحَيْثُ أَثَّرَ فِي مَنْفَعَتِهِ تَأْثِيرًا يَظْهَرُ بِهِ تَفَاوُتُ الْأُجْرَةِ ثَبَتَ لِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ، وَسَيَذْكُرُ أَمْثِلَةً لِلنَّوْعَيْنِ (وَلَوْ) (اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلزَّارِعَةِ فَزَرَعَ فَهَلَكَ الزَّرْعُ بِجَائِحَةٍ) كَجَرَادٍ أَوْ سَيْلٍ (فَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ وَلَا حَطُّ شَيْءٍ مِنْ الْأُجْرَةِ) لِانْتِفَاءِ خَلَلٍ فِي مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ كَمَا لَوْ احْتَرَقَتْ أَمْتِعَةُ مُسْتَأْجِرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ إلَخْ (وَقَوْلُهُ فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ رَحًى) أَيْ طَاحُونًا (قَوْلُهُ: وَبَيَّنَ الْأَوَّلَ) تَعَذَّرَ الْوَقُودُ (قَوْلُهُ: وَتَعَذَّرَ سَفَرٌ) أَشَارَ بِهِ إلَى عَطْفِهِ عَلَى وَقُودِ، وَالتَّقْدِيرُ أَيْ عَلَى عَطْفِهِ عَلَى تَعَذَّرَ: أَيْ بِأَنْ كَانَتْ إجَارَةَ ذِمَّةٍ (قَوْلُهُ: جَمْعُ سَافِرٍ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: كَرَاكِبٍ وَرَكْبٍ، وَفِي الْقَامُوسِ وَرَجُلٌ سَفْرٌ وَقَوْمٌ سَفْرٌ وَسَافِرَةٌ وَأَسْفَارٌ وَسُفَّارٌ ذَوُو سَفَرٍ لِضِدِّ الْحَضَرِ، وَالسَّافِرُ الْمُسَافِرُ لَا فِعْلَ لَهُ اهـ. وَقَوْلُهُ لَا فِعْلَ لَهُ: أَيْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ فِعْلٌ بِهَذَا الْمَعْنَى، فَلَا يُقَالُ سَفَرَ بِمَعْنَى سَافَرَ وَإِنَّمَا يُقَالُ سَافَرَ فَهُوَ مُسَافِرٌ (قَوْلُهُ نَعَمْ التَّعَذُّرُ الشَّرْعِيُّ) هَذَا ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: كَأَنْ اسْتَأْجَرَ الْإِمَامُ إلَخْ) ضَعِيفٌ. وَقَدْ يُشْكَلُ الِانْفِسَاخُ هُنَا بِأَنَّ الْأَصَحَّ جَوَازُ إبْدَالِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ، وَكَأَنَّ هَذَا الْمُدْرَكُ أُخِّرَ لِكَوْنِ اسْتِئْجَارِ الذِّمِّيِّ لِلْجِهَادِ مَنُوطًا بِنَظَرِ الْإِمَامِ وَظُهُورِ الْمَصْلَحَةِ، وَقَدْ لَا يَتَحَقَّقُ فِي جِهَادٍ آخَرَ، وَلَا يَقُومُ أَحَدُ الْجِهَادَيْنِ مَقَامَ الْآخَرِ فِيهَا فَنَاسَبَ الِانْفِسَاخَ مُطْلَقًا م ر فَلْيُتَأَمَّلْ كَوْنُ هَذَا مِنْ الْمُسْتَوْفَى بِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَمَا نَقَلَهُ عَنْ م ر لَا يُوَافِقُ قَوْلَ الشَّارِحِ بِنَاءً فِيهِمَا إلَخْ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ الْمَقْصُودُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَكَأَنَّ هَذَا الْمَذْكُورَ أُخِّرَ إلَخْ. وَحَاصِلُهُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ بِنَاءُ الِانْفِسَاخِ عَلَى امْتِنَاعِ إبْدَالِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ، ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ قَوْلِهِ نَعَمْ إلَخْ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى عَدَمِ الِانْفِسَاخِ بِعُذْرٍ يُوجِبُ خَلَلًا فِي الْمَعْقُودِ، وَفِيهِ أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ إرْضَاعُ الْمُرْضِعَةِ وَلَمْ يَقُمْ بِهَا عُذْرٌ يُوجِبُ خَلَلًا فِيهِ (قَوْلُهُ: فَصَالَحَ) أَيْ الْإِمَامُ مَنْ أَرَادَ التَّوَجُّهَ إلَيْهِمْ (قَوْلُهُ بِنَاءً فِيهِمَا) أَيْ الشَّرْعِيِّ وَالْحِسِّيِّ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ) أَيْ فِيهِمَا فَلَا انْفِسَاخَ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَوْجَبَ) مُحْتَرَزٌ لَا يُوجِبُ إلَخْ (قَوْلُهُ انْفَسَخَتْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَابُ مَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى فِي غَالِبِ قُرَى مِصْرِنَا مِنْ أَنَّ مَا يُسَمُّونَهُ بِالْجَرَّافَةِ جَرَتْ عَادَتُهُمْ أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ بِهِ قِطْعَةً مِنْ الْأَرْضِ مَعَ مَا هُوَ مَزْرُوعٌ فِيهَا فَتَتَعَطَّلُ بِذَلِكَ مَنْفَعَةُ الْقِطْعَةِ الَّتِي أُخِذَ تُرَابُهَا وَيَتْلَفُ الزَّرْعُ وَهُوَ أَنَّ الْجُزْءَ الَّذِي أَخَذَتْ الْجَرَّافَةُ تُرَابَهُ تَنْفَسِخُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ حَيْثُ تَعَطَّلَ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَيَثْبُتُ لِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْأَرْضِ. وَأَمَّا الزَّرْعُ فَيَضْمَنُهُ الْمُبَاشِرُ لِلْإِتْلَافِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُكْرَهًا، وَإِلَّا فَالضَّمَانُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمُكْرَهِ وَالْمُكْرِهِ وَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَى الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا. (قَوْلُهُ وَلَا حَطُّ شَيْءٍ مِنْ الْأُجْرَةِ) أَيْ وَلَهُ أَنْ يَزْرَعَهَا ثَانِيًا زَرْعًا يُدْرَكُ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ فِيمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا فِي الْمَتْنِ إنَّمَا أَخَذَهُ بِمُجَرَّدِ الْفَهْمِ وَهُوَ لَا يُوَافِقُ الْوَاقِعَ كَمَا عَلِمْت. (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْفَاءِ بِالدَّابَّةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِطُرُوِّ خَوْفٍ مَثَلًا) وَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ يَكُونُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَمَرِضَ مُسْتَأْجِرُ دَابَّةٍ لِسَفَرٍ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ؛ إذْ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ تَعَذُّرِ السَّفَرِ وَانْظُرْ مَا نُكْتَتُهُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْحِسِّيُّ إنْ تَعَلَّقَ بِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ كَأَنْ اسْتَأْجَرَ الْإِمَامُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنَّ هَذَا أَيْضًا مِنْ التَّعَذُّرِ الشَّرْعِيِّ إذْ الْمَانِعُ مِنْ الْمُقَابَلَةِ بَعْدَ الصُّلْحِ إنَّمَا هُوَ الشَّرْعُ وَلَيْسَ هُنَاكَ مَانِعٌ حِسِّيٌّ فَتَأَمَّلْ.

حَانُوتٍ (وَتَنْفَسِخُ) الْإِجَارَةُ بِتَلَفِ مُسْتَوْفًى مِنْهُ عُيِّنَ فِي عَقْدِهَا شَرْعًا كَمُسْلِمَةٍ اُسْتُؤْجِرَتْ نَفْسُهَا مُدَّةً لِخِدْمَةِ مَسْجِدٍ فَحَاضَتْ فِيهَا أَوْ حِسًّا كَالْمَوْتِ فَتَنْفَسِخُ (بِمَوْتِ) نَحْوِ (الدَّابَّةِ وَالْأَجِيرِ الْمُعَيَّنَيْنِ) وَلَوْ بِفِعْلِ الْمُسْتَأْجِرِ لِفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا قَبْلَ قَبْضِهَا كَالْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَإِنَّمَا اسْتَقَرَّ بِإِتْلَافِ الْمُشْتَرِي لَهُ ثَمَنُهُ لِأَنَّهُ وَارِدٌ عَلَى الْعَيْنِ وَبِإِتْلَافِهَا صَارَ قَابِضًا لَهَا بِخِلَافِ الْمَنْفَعَةِ هُنَا لِأَنَّ الِانْفِسَاخَ إنَّمَا هُوَ (فِي) الزَّمَانِ (الْمُسْتَقْبَلِ) وَمَنَافِعُهُ مَعْدُومَةٌ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُرَدَّ الْإِتْلَافُ عَلَيْهَا (لَا) فِي الزَّمَنِ (الْمَاضِي) بَعْدَ الْقَبْضِ الَّذِي يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ فَلَا تَنْفَسِخُ (فِي الْأَظْهَرِ) لِاسْتِقْرَارِهِ بِالْقَبْضِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ خِيَارٌ (فَيَسْتَقِرُّ قِسْطُهُ مِنْ الْمُسَمَّى) بِالنَّظَرِ لِأُجْرَةِ الْمِثْلِ بِأَنْ تُقَوَّمَ مَنْفَعَةُ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ وَالْبَاقِيَةِ وَيُوَزَّعَ الْمُسَمَّى عَلَى نِسْبَةِ قِيمَتِهِمَا وَقْتَ الْعَقْدِ دُونَ مَا بَعْدَهُ، فَلَوْ كَانَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ سَنَةً وَمَضَى نِصْفُهَا وَأُجْرَةُ مِثْلِهِ مَثَلًا أُجْرَةُ النِّصْفِ الْبَاقِي وَجَبَ مِنْ الْمُسَمَّى ثُلُثَاهُ أَوْ بِالْعَكْسِ فَثُلُثُهُ لَا عَلَى نِسْبَةِ الْمُدَّتَيْنِ لِاخْتِلَافِهِمَا، إذْ قَدْ تَزِيدُ أُجْرَةُ شَهْرٍ عَلَى شُهُورٍ، وَخَرَجَ بِالْمُسْتَوْفَى مِنْهُ الْمُسْتَوْفَى بِهِ وَغَيْرُهُ مِمَّا مَرَّ فَلَا انْفِسَاخَ بِتَلَفِهِ عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ (وَلَا تَنْفَسِخُ) الْإِجَارَةُ بِنَوْعَيْهَا (بِمَوْتِ الْعَاقِدَيْنِ) أَوْ أَحَدِهِمَا لِلُزُومِهَا كَالْبَيْعِ، فَتَبْقَى الْعَيْنُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُكْرِي عِنْدَ الْمُكْتَرِي أَوْ وَارِثِهِ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهَا الْمَنْفَعَةَ، فَإِنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ فَمَا الْتَزَمَهُ دَيْنٌ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ ثَمَّ تَرِكَةٌ اُسْتُؤْجِرَ مِنْهَا وَإِلَّا تَخَيَّرَ الْوَارِثُ، فَإِنْ وَفَّى اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ وَإِلَّا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْفَسْخُ. وَاسْتَثْنَى مَسَائِلَ بَعْضُهَا الِانْفِسَاخُ فِيهِ لِكَوْنِهِ مَوْرِدَ الْعَقْدِ لَا لِكَوْنِهِ عَاقِدًا كَمَوْتِ الْأَجِيرِ الْمُعَيَّنِ، وَبَعْضُهَا الِانْفِسَاخُ فِيهِ بِغَيْرِ الْمَوْتِ كَمَا لَوْ أَجَّرَ مَنْ أَوْصَى لَهُ بِمَنْفَعَةِ دَارٍ حَيَاتِهِ فَانْفِسَاخُهَا بِمَوْتِهِ إنَّمَا هُوَ لِفَوَاتِ شَرْطِ الْمُوصَى، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ بِمَنَافِعِهِ وَإِنَّمَا قَالَ أَنْ يَنْتَفِعَ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْإِيجَارُ لِأَنَّهُ لَمْ يُمَلِّكْهُ الْمَنْفَعَةَ وَإِنَّمَا أَبَاحَ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ كَمَا يَأْتِي وَكَأَنْ أَجَّرَ الْمَقْطَعَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ: أَيْ إقْطَاعَ إرْفَاقٍ لَا تَمْلِيكٍ، وَبَعْضُهَا مُفَرَّعٌ عَلَى مَرْجُوحٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــSيَظْهَرُ، لِأَنَّا وَإِنْ مَنَعْنَاهُ مِنْ الزِّرَاعَةِ ثَانِيًا بَعْدَ أَوَانِ الْحَصَادِ مَثَلًا لِكَوْنِ الزِّرَاعَةِ الثَّانِيَةِ تُضْعِفُ قُوَّةَ الْأَرْضِ، لَكِنَّا لَا نَمْنَعُهُ هُنَا لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِمِثْلِهِ وَلَوْ عَلَى نُدُورٍ فَيُفْرَضُ الْأَوَّلُ كَالْعَدَمِ وَيَسْتَأْنِفُ زَرْعَهَا مِنْ نَوْعِ مَا اسْتَأْجَرَ لَهُ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا لَا يَزِيدُ ضَرَرُهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ إنْ تَأَخَّرَ عَنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ بَقِيَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِذَلِكَ الزَّمَنِ، وَلَيْسَ بِمَا يُمْتَنَعُ زَرْعُهُ ثَانِيًا مَا جَرَتْ الْعَادَةُ فِيهِ بِتَكَرُّرِ الزَّرْعِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى كَزَرْعِهَا أَوَّلًا بِرْسِيمًا مَثَلًا ثُمَّ ثَانِيًا سِمْسِمًا مَثَلًا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ فِعْلُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: لِخِدْمَةِ مَسْجِدٍ فَحَاضَتْ) قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي غَصْبِ الدَّابَّةِ وَنَحْوِهِ تَخْصِيصُ الِانْفِسَاخِ بِمُدَّةِ الْحَيْضِ دُونَ مَا بَعْدَهَا وَثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْمُسْتَأْجِرِ، لَكِنَّ ظَاهِرَ إطْلَاقِ الشَّارِحِ الِانْفِسَاخُ فِي الْجَمِيعِ، وَبَقِيَ مَا لَوْ خَالَفَتْ وَخُصَّتْ بِنَفْسِهَا هَلْ تَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَتْ إجَارَةُ ذِمَّةٍ اسْتَحَقَّتْ الْأُجْرَةَ وَإِنْ كَانَتْ إجَارَةَ عَيْنٍ لَمْ تَصِحَّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِفِعْلِ الْمُسْتَأْجِرِ) أَيْ وَيَكُونُ بِإِتْلَافِ الدَّابَّةِ ضَامِنًا لِقِيمَتِهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ وَارِدٌ عَلَى الْعَيْنِ) أَيْ إتْلَافُ الْمُشْتَرَى اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ وَأُجْرَةُ مِثْلِهِ) أَيْ النِّصْفُ (قَوْلُهُ: لِاخْتِلَافِهِمَا) أَيْ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: إذْ قَدْ تَزِيدُ أُجْرَةُ شَهْرٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَسَّطَ الْأُجْرَةَ عَلَى عَدَدِ الشُّهُورِ كَأَنْ قَالَ أَجَّرْتُكَهَا سَنَةً كُلُّ شَهْرٍ مِنْهَا بِكَذَا اُعْتُبِرَ مَا سَمَّاهُ مُوَزَّعًا عَلَى الشُّهُورِ وَلَمْ يُنْظَرْ لِأُجْرَةِ مِثْلِ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ وَلَا الْمُسْتَقْبَلَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ عَمَلًا بِمَا وَقَعَ بِهِ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ إذَا عُيِّنَ كُلٌّ مِنْ الْمُسْتَوْفَى بِهِ أَوْ فِيهِ بَعْدَ الْعَقْدِ ثُمَّ تَلِفَ وَجَبَ إبْدَالُهُ وَإِنْ لَمْ يَتْلَفْ جَازَ إبْدَالُهُ بِرِضَا الْمُكْتَرِي وَإِنْ عُيِّنَ فِي الْعَقْدِ ثُمَّ تَلِفَ انْفَسَخَ (قَوْلُهُ: أَوْ وَارِثِهِ) أَيْ وَلَوْ عَامًا، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ وَارِثٌ كَأَنْ مَاتَ ذِمِّيٌّ لَا وَارِثَ لَهُ أَوْ مَنْ أَجَّرَ وَهُوَ مُسْلِمٌ ثُمَّ ارْتَدَّ وَمَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ فَمَالُهُ فَيْءٌ، وَمِنْهُ مَنْفَعَةُ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ فَيَتَصَرَّفُ فِيهَا وَكِيلُ بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَقُلْ) أَيْ الْمُوصِي، وَقَوْلُهُ امْتَنَعَ عَلَيْهِ أَيْ الْمُوصَى لَهُ (قَوْلُهُ: وَبَعْضُهَا مُفَرَّعٌ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الَّذِي يُقَابِلُ) وَصْفٌ لِلْمَاضِي (قَوْلُهُ: بَعْضُهَا الِانْفِسَاخُ فِيهِ لِكَوْنِهِ إلَخْ) غَرَضُهُ بِذَلِكَ الِاعْتِرَاضُ عَلَى مَنْ اسْتَثْنَى مَا ذُكِرَ، وَأَنَّ اسْتِثْنَاءَهَا إنَّمَا هُوَ صُورِيٌّ لَا حَقِيقِيٌّ (قَوْلُهُ: وَبَعْضُهَا مُفَرَّعٌ عَلَى مَرْجُوحٍ) أَيْ مِمَّا لَمْ يَذْكُرْهُ

(وَ) لَا تَنْفَسِخُ أَيْضًا بِمَوْتِ (مُتَوَلِّي الْوَقْفِ) أَيْ نَاظِرِهِ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَلَوْ بِوَصْفٍ كَالْأَرْشَدِ فَالْأَرْشَدِ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِمَا يَأْتِي أَوْ بِغَيْرِ شَرْطِهِ مُسْتَحِقًّا كَانَ أَوْ أَجْنَبِيًّا سَوَاءٌ أَجَّرَهُ لِلْمُسْتَحِقِّينَ أَمْ غَيْرِهِمْ لِأَنَّهُ لَمَّا شَمِلَ نَظَرُهُ جَمِيعَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَخْتَصَّ بِوَصْفِ اسْتِحْقَاقٍ وَلَا زَمَنِهِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ وَلِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ. نَعَمْ لَوْ كَانَ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ وَأَجَّرَ بِأَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَصَحَّحْنَاهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ انْفَسَخَتْ بِمَوْتِهِ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلنَّاظِرِ صَرْفُ الْأُجْرَةِ الْمُعَجَّلَةِ لِأَهْلِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَوْ مَاتَ الْآخِذُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَانْتَقَلَ الِاسْتِحْقَاقُ لِغَيْرِهِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بَلْ يَرْجِعُ أَهْلُ الْبَطْنِ الثَّانِي عَلَى تَرِكَةِ الْقَابِضِ مِنْ وَقْتِ مَوْتِهِ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ وَمَنْ تَبِعَهُ (وَلَوْ آجَرَ الْبَطْنَ الْأَوَّلَ) مَثَلًا أَوْ بَعْضُهُمْ الْوَقْفَ وَقَدْ شُرِطَ النَّظَرُ لَهُ لَا مُطْلَقًا بَلْ مُقَيَّدًا بِنَصِيبِهِ أَوْ بِمُدَّةِ اسْتِحْقَاقِهِ (مُدَّة) لِمُسْتَحِقٍّ أَوْ غَيْرِهِ (وَمَاتَ قَبْلَ تَمَامِهَا أَوْ الْوَلِيُّ صَبِيًّا) أَوْ مَالَهُ (مُدَّةً لَا يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ فَبَلَغَ) رَشِيدًا (بِاحْتِلَامٍ) أَوْ غَيْرِهِ (فَالْأَصَحُّ انْفِسَاخُهَا فِي الْوَقْفِ) ـــــــــــــــــــــــــــــSقَسِيمُ قَوْلِهِ بَعْضُهَا الِانْفِسَاخُ فِيهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِمَوْتِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ) أَيْ ثُمَّ إنْ كَانَ قَبَضَ الْأُجْرَةَ وَتَصَرَّفَ فِيهَا لِنَفْسِهِ رَجَعَ عَلَى تَرِكَتِهِ بِقِسْطِ مَا بَقِيَ وَصَرَفَ لِأَرْبَابِ الْوَقْفِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَانَ هُوَ الْمُسْتَحِقَّ) بِأَنْ كَانَ الْوَقْفُ أَهْلِيًّا وَانْحَصَرَ فِيهِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي طَبَقَتِهِ غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ، فَإِنْ لَمْ يَنْحَصِرْ الْوَقْفُ فِيهِ وَأَجَّرَ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَهَلْ تَصِحُّ الْإِجَارَةُ فِي قَدْرِ نَصِيبِهِ وَتَبْطُلُ فِيمَا زَادَ تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ أَوْ فِي الْجَمِيعِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الثَّانِي لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ حَيْثُ شَمِلَتْ وِلَايَتُهُ جَمِيعَ الْمُسْتَحَقِّينَ كَانَ كَوَلِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فَلَا يَتَصَرَّفُ إلَّا بِالْمَصْلَحَةِ فِي الْمَالِ (قَوْلُهُ: وَصَحَّحْنَاهَا) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ أَخْذًا مِمَّا سَنَذْكُرُهُ عَنْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ انْفَسَخَتْ بِمَوْتِهِ) عِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِذَا أَجَّرَ النَّاظِرُ فَزَادَتْ الْأُجْرَةُ إلَخْ مَا نَصُّهَا: وَمَرَّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُؤَجِّرُ الْمُسْتَحِقَّ أَوْ مَأْذُونَهُ جَازَ إيجَارُهُ بِأَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ، وَعَلَيْهِ فَالْأَوْجَهُ انْفِسَاخُهَا بِانْتِقَالِهَا لِغَيْرِهِ مِمَّنْ يَأْذَنُ لَهُ فِي ذَلِكَ اهـ. وَبَقِيَ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ النَّظَرُ مُسْتَحَقًّا وَأَذِنَ لَهُ الْمُسْتَحِقُّ أَنْ يُؤَجِّرَ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَهَلْ لِلنَّاظِرِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْحَقَّ لِغَيْرِهِ وَقَدْ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ إلَّا بِالْمَصْلَحَةِ وَإِجَارَتُهُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَلَوْ بِإِذْنِ الْمُسْتَحِقِّ لَا مَصْلَحَةَ فِيهَا لِلْوَقْفِ، فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ) أَيْ وَلَوْ قَطَعَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى تَرِكَةِ الْقَابِضِ) أَيْ الْمُسْتَحِقِّ (قَوْلُهُ: أَوْ بِمُدَّةِ اسْتِحْقَاقِهِ) خَرَجَ بِذَلِكَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا فِي شُرُوطِ الْوَاقِفِينَ مِنْ قَوْلِهِمْ وَقَفْت هَذَا عَلَى ذُرِّيَّتِي وَنَسْلِي وَعَقِبِي إلَى آخِرِ شُرُوطِهِ، وَيَجْعَلُونَ مِنْ ذَلِكَ النَّظَرَ لِلْأَرْشَدِ فَالْأَرْشَدِ فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ النَّاظِرِ الْمُسْتَحِقِّ لِلنَّظَرِ بِمُقْتَضَى الْوَصْفِ الْمَذْكُورِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ أَوْ بِغَيْرِ شَرْطِهِ مَا لَمْ يَكُنْ أَجَّرَ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) كَالْحَيْضِ (قَوْلُهُ: بِمُدَّةِ اسْتِحْقَاقِهِ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ عَنْ الِاسْتِحْقَاقِ بِغَيْرِ الْمَوْتِ كَأَنْ شَرَطَ النَّظَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ بِمُدَّةِ اسْتِحْقَاقِهِ) وَلَيْسَ مِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَا لَوْ جَعَلَ النَّظَرَ لِزَوْجَتِهِ مَا دَامَتْ عَزْبَاءَ وَلِوَلَدِهِ مَا لَمْ يَفْسُقْ، فَلَا يَنْفَسِخُ مَا أَجْرَاهُ بِالتَّزَوُّجِ أَوْ بِالْفِسْقِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ. (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ فَالْأَصَحُّ انْفِسَاخُهَا فِي الْوَقْفِ) أَيْ: وَلَوْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ لِضَرُورَةٍ كَعِمَارَةٍ كَمَا هُوَ صَرِيحُ التَّعْلِيلِ الْآتِي، وَالْإِجَارَةُ الَّتِي لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ النَّاظِرِ إنَّمَا هِيَ إجَارَةُ النَّاظِرِ الْعَامِّ لِعُمُومِ وِلَايَتِهِ وَهَذَا الْوَقْفُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ وَاقِفُهُ نَاظِرًا عَامًّا فَنَاظِرُهُ الْعَامُّ الْحَاكِمُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، كَمَا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقُمْ الْوَاقِفُ نَاظِرًا أَصْلًا فَإِنَّ النَّظَرَ لِلْحَاكِمِ، وَحِينَئِذٍ فَالطَّرِيقُ فِي بَقَاءِ الْإِجَارَةِ إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ أَنْ يُؤَجِّرَ الْحَاكِمُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَنْ يُفَوِّضُ إلَيْهِ ذَلِكَ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ أَوْ غَيْرِهِمْ، وَإِنَّمَا نَبَّهْتُ عَلَى ذَلِكَ لِأَنِّي رَأَيْتُ مِنْ الْعُظَمَاءِ مَنْ أَفْتَى بِعَدَمِ انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ بِمَوْتِ هَذَا النَّاظِرِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا كَانَتْ إجَارَتُهُ لِلضَّرُورَةِ فَإِنْ قُلْت: هَلَّا

لِأَنَّهُ لَمَّا تَقَيَّدَ نَظَرُهُ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ بِمُدَّةِ اسْتِحْقَاقِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى الْمَنَافِعِ الْمُنْتَقِلَةِ لِغَيْرِهِ، وَبِهِ فَارَقَ النَّاظِرُ السَّابِقُ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَهُ النَّظَرُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ كَانَتْ وِلَايَتُهُ غَيْرَ مُقَيَّدَةٍ بِشَيْءٍ فَسَرَّى أَثَرُهَا عَلَى غَيْرِهِ وَلَوْ بِمَوْتِهِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ انْفِسَاخِهَا بِمَوْتِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ كَمَا أَوْضَحَ ذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَتَاوِيهِ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا وَقَعَ لِكَثِيرٍ مِنْ الشُّرَّاحِ هُنَا، وَخَرَجَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ لَمْ يُشْرَطْ لَهُ نَظَرٌ عَامٌّ وَلَا خَاصٌّ فَلَا يَصِحُّ إيجَارُهُ وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِمَا مَا يُخَالِفُهُ، وَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ آجَرَهُ النَّاظِرُ وَلَوْ حَاكِمًا لِلْبَطْنِ الثَّانِي فَمَاتَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ انْفَسَخَتْ لِانْتِقَالِ اسْتِحْقَاقِ الْمَنَافِعِ إلَيْهِمْ، وَالشَّخْصُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا لَعَلَّهُ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ شَيْخُهُ الْأَذْرَعِيُّ تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ مِنْ أَبِيهِ وَأَقْبَضَهُ الْأُجْرَةَ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ وَالِابْنُ جَائِزٌ سَقَطَ حُكْمُ الْإِجَارَةِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى أَبِيهِ دَيْنٌ ضَارَبَ مَعَ الْغُرَمَاءِ، وَلَوْ كَانَ مَعَهُ ابْنٌ آخَرُ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِي حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ وَرَجَعَ بِنِصْفِ الْأُجْرَةِ فِي تَرِكَةِ أَبِيهِ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ. وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ هُنَا أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ، وَقِيَاسُهُ فِي صُورَةِ الزَّرْكَشِيّ عَدَمُ الِانْفِسَاخِ (لَا) فِي (الصَّبِيِّ) فَلَا تَنْفَسِخُ لِبِنَاءِ وَلِيِّهِ تَصَرُّفَهُ عَلَى الْمَصْلَحَةِ مَعَ عَدَمِ تَقْيِيدِ نَظَرِهِ، وَمِثْلُ بُلُوغِهِ بِالْإِنْزَالِ إفَاقَةُ مَجْنُونٍ وَرُشْدُ سَفِيهٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــSلِزَوْجَتِهِ مَثَلًا مَا دَامَتْ عَازِبَةً أَوْ لِابْنِهِ إلَّا أَنْ يَفْسُقَ فَتَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ وَفَسَقَ أَنْ يَكُونَ كَالْمَوْتِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ النَّاظِرَ السَّابِقَ) الْمَذْكُورَ فِي قَوْلِهِ وَلَا بِمَوْتِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ النَّاظِرَ السَّابِقَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِمَوْتِهِ) أَيْ مَعَ مَوْتِهِ، وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ بَعْدَ مَوْتِهِ اهـ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِمَا مَا يُخَالِفُهُ) أَيْ بَلْ الَّذِي يُؤَجِّرُهُ الْحَاكِمُ أَوْ مَنْ وَلَّاهُ الْحَاكِمُ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مُوَلًّى مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ وَأَرَادَ الْمُسْتَحِقُّ الْإِيجَارَ فَطَرِيقُهُ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ وَيَسْأَلَهُ التَّوْلِيَةَ عَلَى الْوَقْفِ لِيَصِحَّ إيجَارُهُ وَعَلَى هَذَا لَوْ خَشِيَ مِنْ الرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ تَغْرِيمَ دَرَاهِمَ لَهَا وَقَعَ أَوْ تَوْلِيَةَ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ مِمَّنْ يَحْصُلُ مِنْهُ ضَرَرٌ لِلْوَقْفِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ لِلضَّرُورَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: ضَارَبَ) أَيْ بِالْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرُ (قَوْلُهُ: وَرُشْدُ سَفِيهٍ) أَيْ فَلَا تَنْفَسِخُ بِهِمَا الْإِجَارَةُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ جُنُونُهُ مُطْبِقًا، فَإِنْ كَانَ مُتَقَطِّعًا وَأَجَّرَهُ فِي زَمَنِ جُنُونِهِ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى مُدَّةِ الْجُنُونِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْعَقْدُ فَهَلْ تَبْطُلُ فِيمَا زَادَ عَلَى تِلْكَ الْمُدَّةِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَجَّرَ الصَّبِيُّ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى بُلُوغِهِ بِالسِّنِّ أَوْ لَا، وَعَلَى الثَّانِي فَهَلْ تَنْفَسِخُ بِإِفَاقَتِهِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُ الْعَادَةِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ خُولِفَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَثْبُتُ لَهُ هَذِهِ الْوِلَايَةُ لِلضَّرُورَةِ كَمَا تَثْبُتُ لِلضَّرُورَةِ وِلَايَةُ إجَارَةِ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْهَا الْوَاقِفُ؟ قُلْت: الْفَرْقُ أَنَّ النَّاظِرَ وِلَايَتُهُ عَلَى الْغَيْرِ ثَابِتَةٌ بِقَوْلِ الْوَاقِفِ أَوْ الْحَاكِمِ وَإِنْ كَانَ تَصَرُّفُهُ مَشْرُوطًا بِشَرْطٍ، وَشُرُوطُ الْوَاقِفِينَ عُهِدَ مُخَالَفَتُهَا لِلضَّرُورَةِ؛ فَإِذَا وُجِدَتْ الضَّرُورَةُ جَازَ التَّصَرُّفُ عَلَى خِلَافِ الشَّرْطِ بِالْوِلَايَةِ الثَّابِتَةِ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ أَوْ الْحَاكِمِ وَأَمَّا هَذَا فَلَمْ يُثْبِتْ لَهُ الْوَاقِفُ وِلَايَةً عَلَى غَيْرِهِ أَصْلًا، وَالضَّرُورَةُ بِمُجَرَّدِهَا لَا تَصْلُحُ أَنْ تَثْبُتَ لَهُ وِلَايَةً لَمْ يُثْبِتْهَا لَهُ الْوَاقِفُ وَلَا الْحَاكِمُ. نَعَمْ هُوَ كَالنَّاظِرِ الْعَامِّ فِي أَنَّ الضَّرُورَةَ تَجُوزُ لَهُ مُخَالَفَةُ شَرْطِ الْوَاقِفِ فِي الْمُدَّةِ لَكِنْ يَتَقَيَّدُ بَقَاؤُهَا بِمُدَّةِ اسْتِحْقَاقِهِ؛ فَإِذَا رَجَعَ الِاسْتِحْقَاقُ إلَى غَيْرِهِ انْفَسَخَتْ إجَارَتُهُ؛ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ عَلَى الْغَيْرِ كَمَا عَرَفْتَ، لَكِنْ يَبْقَى الْكَلَامُ فِيمَا إذَا انْفَسَخَتْ عَلَى مَنْ يَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ بِقِسْطِ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ مِنْ الْأُجْرَةِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى جِهَةِ الْوَقْفِ لِأَنَّ مَا أُخِذَ مِنْهُ لِمَصْلَحَةِ عِمَارَةِ الْوَقْفِ فَصَارَ كَالْمَأْخُوذِ لِذَلِكَ بِالْفَرْضِ فَلْيُحَرَّرْ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمَّا تَقَيَّدَ نَظَرُهُ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ بِمُدَّةِ اسْتِحْقَاقِهِ) أَيْ: وَلَوْ الْتِزَامًا لِيَشْمَلَ مَا إذَا كَانَ نَظَرُهُ عَلَى قَدْرِ حِصَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) مِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ إرْثُ الْمَنْفَعَةِ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَعَدَمِهِ

أَمَّا إذَا بَلَغَ بِالِاحْتِلَامِ سَفِيهًا فَلَا تَنْفَسِخُ جَزْمًا، وَأَمَّا إذَا أَجَّرَهُ مُدَّةً يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ فَتَبْطُلُ فِي الزَّائِدِ إنْ بَلَغَ رَشِيدًا، وَمِثْلُ الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ الْحَيْضُ فِي الْأُنْثَى، وَلَوْ أَجَّرَ الْوَلِيُّ مَالَ مُوَلِّيهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً ثُمَّ مَاتَ الْمَالِكُ فِي أَثْنَائِهِ بَطَلَتْ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، لِأَنَّ وِلَايَتَهُ مَقْصُورَةٌ عَلَى مُدَّةِ مِلْكِ مُوَلِّيهِ وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى مَنْ انْتَقَلَ مِلْكُهَا إلَيْهِ وَلَا نِيَابَةَ فَأَشْبَهَ انْفِسَاخَ إجَارَةِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ بِمَوْتِهِ، وَإِجَارَةِ أُمِّ وَلَدِهِ بِمَوْتِهِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ بِوُجُودِهَا، وَمَا قَالَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ فِي نَفْسِهِ دُونَ مَالِهِ مُفَرَّعٌ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ فِي مَسْأَلَةِ الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ أَنَّ الْإِجَارَةَ تَسْتَمِرُّ فِي مَالِهِ وَلَا تَسْتَمِرُّ فِي نَفْسِهِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهَا تَنْفَسِخُ بِانْهِدَامِ الدَّارِ) كُلِّهَا وَلَوْ بِفِعْلِ الْمُكْتَرِي لِزَوَالِ الِاسْمِ وَفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ قَبْلَ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا إذْ لَا تَحْصُلُ إلَّا شَيْئًا فَشَيْئًا، وَإِنَّمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSالْعَادَةُ وَاسْتَمَرَّ الْجُنُونُ كَانَ كَمَا لَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ غَيْرَ رَشِيدٍ فَتَدُومُ الْإِجَارَةُ إنْ لَمْ تَنْقَضِ الْمُدَّةُ الَّتِي ذُكِرَتْ فِي الْإِجَارَةِ قَبْلَ الْإِفَاقَةِ (قَوْلُهُ: إنْ بَلَغَ رَشِيدًا) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: ثُمَّ إنْ بَلَغَ سَفِيهًا لَمْ تَبْطُلْ لِبَقَاءِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ أَنَّ الصَّبِيَّ لَوْ غَابَ مُدَّةً يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ وَلَمْ يَعْلَمْ وَلِيُّهُ أَبَلَغَ رَشِيدًا أَمْ لَا لَمْ يَكُنْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ اسْتِصْحَابًا لِحُكْمِ الصِّغَرِ وَإِنَّمَا يَتَصَرَّفُ الْحَاكِمُ، ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ اهـ. وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ إذْ لَا تَرْتَفِعُ وِلَايَةُ الْوَلِيِّ بِمُجَرَّدِ بُلُوغِهِ، بَلْ بِالْبُلُوغِ رَشِيدًا وَلَمْ يَعْلَمْ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ بُلُوغَهُ رَشِيدًا بِأَنْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةِ الِانْفِسَاخِ حِينَ الْبُلُوغِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الشُّرُوطِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَقَدْ بَانَ عَدَمُ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ. هَذَا وَيُرَدُّ عَلَى قَوْلِهِ نَعَمْ إنْ بَلَغَ سَفِيهًا لَمْ تَبْطُلْ لِبَقَاءِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ أَنَّهُ بِالْبُلُوغِ ذَهَبَ حَجْرُ الصَّبِيِّ وَخَلَفَهُ حَجْرُ السَّفَهِ وَالْوِلَايَةُ الَّتِي حُجِرَ الصَّبِيُّ بِسَبَبِهَا لَمْ تَبْقَ بَعْدَ الْبُلُوغِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ الْوِلَايَةُ فِي الْجُمْلَةِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ سَبَبُهَا الصَّبِيَّ أَوْ غَيْرَهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ زَمَنٌ يَتَصَرَّفُ غَيْرُهُ فِيهِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ الْحَيْضُ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ بِالِاحْتِلَامِ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ مَاتَ الْمَالِكُ) أَيْ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فِي أَثْنَائِهِ) ذُكِرَ مَعَ رُجُوعِهِ لِلْمُدَّةِ لِكَوْنِهَا زَمَنًا (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ) أَيْ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ مُطَالَبَةُ الْوَلِيِّ بِالْقِسْطِ مِمَّا قَبَضَهُ، وَيَرْجِعُ الْوَلِيُّ عَلَى تَرِكَةِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ إنْ كَانَ لَهُ تَرِكَةٌ وَإِلَّا فَيَضِيعُ مَا غَرِمَهُ عَلَيْهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ تَعَجَّلَ النَّاظِرُ الْأُجْرَةَ وَدَفَعَهَا لِلْبَطْنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْإِجَارَةَ ثَمَّ لَمْ تَنْفَسِخْ وَخَرَجَ الْمَالُ عَنْ يَدِهِ بِوُجُوبِ تَسْلِيمِهِ لِأَهْلِهِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ الْإِجَارَةَ انْفَسَخَتْ وَالْمَالَ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ تَصَرُّفِ الْوَلِيِّ وَحِيَازَتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَا وِلَايَةَ لَهُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ عَلَى الثَّانِي وِلَايَةٌ كَأَنْ كَانَ لَهُ وَصِيَّةٌ عَلَى أَخَوَيْنِ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ وَيُقَالُ فِي الِانْفِسَاخِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ حِينَ الْإِيجَارِ لَمْ يَكُنْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى مَنْ انْتَقَلَ الْحَقُّ إلَيْهِ الْآنَ فَقَدْ أَجَّرَ مَا لَا وِلَايَةَ عَلَيْهِ حِينَ الْإِيجَارِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِفِعْلِ الْمُكْتَرِي) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِأَنَّ وِلَايَتَهُ مَقْصُورَةٌ عَلَى مُدَّةِ مِلْكِ مُوَلِّيهِ، وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى مَنْ انْتَقَلَ مِلْكُهَا إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى مَنْ انْتَقَلَ مِلْكُهَا إلَيْهِ أَنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ، وَتَكَلَّمَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ، وَانْظُرْ لَوْ كَانَ الَّذِي انْتَقَلَ مِلْكُهَا إلَيْهِ هُوَ الْوَلِيُّ نَفْسُهُ بِأَنْ كَانَ أَبًا لِلْمَحْجُورِ. (قَوْلُهُ: وَإِجَارَةُ أُمِّ وَلَدِهِ بِمَوْتِهِ وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ بِوُجُودِهَا) أَيْ: وَالصُّورَةُ أَنَّ التَّعْلِيقَ وَالْإِيلَاءَ سَابِقَانِ عَلَى الْإِجَارَةِ. (قَوْلُهُ: لِزَوَالِ الِاسْمِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْحُكْمَ دَائِرٌ مَعَ بَقَاءِ الِاسْمِ وَزَوَالِهِ، فَمَتَى زَالَ الِاسْمُ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ، وَمَا دَامَ بَاقِيًا فَلَا انْفِسَاخَ؛ وَإِنْ فَاتَتْ الْمَنْفَعَةُ الْمَقْصُودَةُ فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي الدَّارِ، مَثَلًا إلَّا بِزَوَالِ جَمِيعِ رُسُومِهَا إذْ اسْمُهَا يَبْقَى بَقَاءَ الرُّسُومِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُرَادٍ، وَأَنَّ الْمَدَارَ فِي الِانْفِسَاخِ وَعَدَمِهِ إنَّمَا هُوَ عَلَى بَقَاءِ الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ وَعَدَمِهِ؛ فَمَتَى فَاتَتْ الْمَنْفَعَةُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ وَإِنْ بَقِيَ الِاسْمُ فَتَنْفَسِخُ بِفَوَاتِ مَنْفَعَةِ

حَكَمْنَا فِيهَا بِالْقَبْضِ لِيَتَمَكَّنَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ التَّصَرُّفِ فَتَنْفَسِخُ بِالْكُلِّيَّةِ إنْ وَقَعَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ وَإِلَّا فَفِي الْبَاقِي مِنْهَا دُونَ الْمَاضِي فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ مِنْ التَّوْزِيعِ، فَإِنْ انْهَدَمَ بَعْضُهَا ثَبَتَ لِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ إنْ لَمْ يُبَادِرْ الْمُكْرِي بِالْإِصْلَاحِ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَا أُجْرَةَ لَهَا، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُهُمَا إنَّ تَخْرِيبَ الْمُكْتَرِي يُخَيِّرُهُ، إذْ مُرَادُهُمَا تَخْرِيبٌ يَحْصُلُ بِهِ تَعْيِيبٌ فَقَطْ وَتَعَطُّلُ الرَّحَى بِانْقِطَاعِ مَائِهَا وَالْحَمَّامِ بِنَحْوِ خَلَلِ أَبْنِيَتِهَا أَوْ نَقْصِ مَاءِ بِئْرٍ بِهَا يَفْسَخُهَا كَذَا قَالَاهُ، وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ مِنْ كَوْنِهِ مَبْنِيًّا عَلَى الضَّعِيفِ فِي الْمَسْأَلَةِ بَعْدَهُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى تَعَذُّرِ سَوْقِ مَاءٍ إلَيْهَا مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ كَمَا يُرْشِدُ لِذَلِكَ قَوْلُهُمْ الْآتِي لِإِمْكَانِ سَقْيِهَا بِمَاءٍ آخَرَ. وَأَمَّا نَقْلُهُمَا عَنْ إطْلَاقِ الْجُمْهُورِ فِيمَا لَوْ طَرَأَتْ أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ آفَةٌ بِسَاقِيَةِ الْحَمَّامِ الْمُؤَجَّرَةِ عَطَّلَتْ مَاءَهَا التَّخْيِيرُ سَوَاءٌ أَمَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ أَمْ لَا، وَعَنْ الْمُتَوَلِّي عَدَمُهُ إذَا بَانَ الْعَيْبُ، وَقَدْ مَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ وَقَالَا إنَّهُ الْوَجْهُ لِأَنَّهُ فَسْخٌ فِي بَعْضِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَمُعْتَرَضٌ بِأَنَّ الْوَجْهَ مَا أَطْلَقَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ وَيَلْزَمُهُ أَرْشُ نَقْصِهَا لَا إعَادَةَ بِنَائِهَا (قَوْلُهُ: يُخَيِّرُهُ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرُ (قَوْلُهُ: أَوْ نَقَصَ مَاءُ بِئْرٍ بِهَا) لَعَلَّ الْمُرَادَ نَقْصًا يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الِانْتِفَاعُ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِلِانْفِسَاخِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُهُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ إلَخْ هَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي صُورَةِ نَحْوِ خَلَلِ أَبْنِيَةِ الْحَمَّامِ إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ بِخَلَلٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الِانْتِفَاعُ. وَقَوْلُهُ عَطَّلَتْ مَاءَهَا لَعَلَّ الْمُرَادَ نَقَصَتْ بِحَيْثُ نَقَصَ الِانْتِفَاعُ وَلَمْ تَنْتَفِ بِالْكُلِّيَّةِ، أَمَّا لَوْ عَطَّلَتْهُ رَأْسًا بِحَيْثُ تَعَذَّرَ الِانْتِفَاعُ فَيَنْبَغِي الِانْفِسَاخُ أَخْذًا مِنْ الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا مَعَ الَّذِي أَجَابَ بِهِ فِيهَا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: كَذَا قَالَاهُ) وَالْمُعْتَمَدُ فِيهِ ثُبُوتُ التَّخْيِيرِ عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ نُقْصَانَ الْمَنْفَعَةِ يُثْبِتُ الْخِيَارَ فَقَطْ، فَإِنْ حُمِلَ مَا هُنَا عَلَى مَا لَوْ تَعَطَّلَتْ الْمَنْفَعَةُ مُطْلَقًا كَانَ الْمُعْتَمَدُ الِانْفِسَاخَ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَعَادَهُ الْمَالِكُ عَلَى وَجْهٍ يَزُولُ بِهِ تَعَطُّلُ الْمَنْفَعَةِ وَعَوْدُهَا كَمَا كَانَتْ لَمْ يَعُدْ اسْتِحْقَاقُهُ الْمَنْفَعَةَ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ التَّعْبِيرُ بِالِانْفِسَاخِ، وَقِيَاسُ مَا فِي الْغَصْبِ أَنْ يُبَيِّنَ اسْتِحْقَاقَهُ لِلْمَنْفَعَةِ وَيَثْبُتَ لِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ وَيَجْرِي هَذَا فِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ الَّتِي قِيلَ فِيهَا بِالِانْفِسَاخِ (قَوْلُهُ: وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ كَذَا قَالَاهُ (قَوْلُهُ: عَلَى الضَّعِيفِ فِي الْمَسْأَلَةِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالدَّارِ: أَيْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا دَارًا فَأَلْ فِي الْمَنْفَعَةِ لِلْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ وَإِلَّا لَزِمَ لِعَدَمِ الِانْفِسَاخِ بِانْهِدَامِهَا وَإِنْ زَالَ اسْمُهَا؛ إذْ الِانْتِفَاعُ مُتَأَتٍّ بِالْأَرْضِ لِعَدَمِ الِانْهِدَامِ فَلَا يَكُونُ لِإِنَاطَةِ الِانْفِسَاخِ بِالِانْهِدَامِ مَعْنًى، وَقَدْ اقْتَصَرَ غَيْرُ الشَّارِحِ فِي تَعْلِيلِ الِانْفِسَاخِ عَلَى فَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَالْأَيْمَانِ عَلَى أَنَّ الْمَدَارَ فِي الْأَيْمَانِ عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ الْأَلْفَاظُ الصَّادِرَةُ مِنْ الْحَالِفِ فَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِبَقَاءِ اسْمِ الدَّارِ الْمَحْلُوفِ عَلَى دُخُولِهَا مَثَلًا: وَأَمَّا هُنَا فَالْمَدَارُ عَلَى بَقَاءِ الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ بِالْعَقْدِ وَعَدَمِهِ فَتَأَمَّلْ وَرَاجِعْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ انْهَدَمَ بَعْضُهَا ثَبَتَ لِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ) أَيْ ثُمَّ إنْ كَانَ الْمُنْهَدِمُ مِمَّا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ كَبَيْتٍ مِنْ الدَّارِ الْمُكْتَرَاةِ انْفَسَخَتْ فِيهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الدَّمِيرِيِّ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِمَّا سَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ فِيمَا إذَا غَرِقَ بَعْضُ الْأَرْضِ بِمَا لَا يُتَوَقَّعُ انْحِسَارُهُ وَحِينَئِذٍ فَيَبْقَى التَّخْيِيرُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الدَّارِ وَإِنْ كَانَ الْمُنْهَدِمُ مِمَّا لَا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ كَسُقُوطِ حَائِطٍ ثَبَتَ الْخِيَارُ فِي الْجَمِيعِ إنْ لَمْ يُبَادِرْ الْمُكْرِي بِالْإِصْلَاحِ، وَهَذِهِ هِيَ مَحَلُّ كَلَامِ الشَّارِحِ بِدَلِيلِ تَقْيِيدِهِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَا أُجْرَةَ لِمِثْلِهَا) صَوَابُهُ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ (قَوْلُهُ: وَنَقْصُ مَاءِ بِئْرِهَا) أَيْ: وَالصُّورَةُ أَنَّهَا تَعَطَّلَتْ بِذَلِكَ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فَلَا يَحْتَاجُ لِمَا تَرَجَّاهُ الشِّهَابُ سم حَيْثُ قَالَ: لَعَلَّ الْمُرَادَ نَقْصًا يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الِانْتِفَاعُ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِلِانْفِسَاخِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ مِنْ كَوْنِهِ مَبْنِيًّا عَلَى الضَّعِيفِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّعِيفِ فِي الْمَسْأَلَةِ بَعْدَهُ، وَيُجَابُ بِحَمْلِ هَذَا عَلَى مَا إذَا تَعَذَّرَ إلَخْ، فَعِبَارَةُ الشَّارِحِ لَا تَصِحُّ إلَّا بِتَأْوِيلٍ، وَبِعِبَارَةِ التُّحْفَةِ هَذِهِ تَعْلَمُ مَا فِي حَلِّ الشَّيْخِ فِي حَاشِيَتِهِ لِعِبَارَةِ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فَسَخَ فِي بَعْضِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ) يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ فَرْضَ الْخِلَافِ بَيْنَ الْمُتَوَلِّي وَالْجُمْهُورِ فِيمَا إذَا أَرَادَ أَنْ يَفْسَخَ فِي الْبَاقِي مِنْ الْمُدَّةِ فَقَطْ، أَمَّا الْفَسْخُ فِي الْجَمِيعِ فَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ الْمُتَوَلِّي وَالْجُمْهُورِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ: فَمُعْتَرِضٌ بِأَنَّ الْوَجْهَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُعْتَرِضَ إنَّمَا هُوَ

الْجُمْهُورُ وَصَرَّحَا بِنَظِيرِهِ فِي مَوَاضِعَ تَبَعًا لَهُمْ، مِنْهَا قَوْلُهُمْ لَوْ عَرَضَ أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ مَا يُنْقِصُ الْمَنْفَعَةَ كَخَلَلٍ يَحْتَاجُ لِعِمَارَةٍ وَحُدُوثِ ثَلْجٍ بِسَطْحٍ حَدَثَ مِنْ تَرْكِهِ عَيْبٌ وَلَمْ يُبَادِرْ الْمُؤَجِّرُ لِإِصْلَاحِهِ تَخَيَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ، وَقَوْلُهُمْ لَوْ اكْتَرَى أَرْضًا فَغَرِقَتْ وَتَوَقَّعَ انْحِسَارَ الْمَاءِ فِي الْمُدَّةِ تَخَيَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مَعَ تَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ الْخِيَارَ عَلَى التَّرَاخِي فِيمَا لَوْ كَانَ الْعَيْبُ بِحَيْثُ يُرْجَى زَوَالُهُ كَمَا فِي مَسْأَلَتِنَا فَهَذَا مِنْهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي التَّخْيِيرِ وَإِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ فَضْلًا عَنْ إطْلَاقِهِمْ بَلْ صَرَّحَا بِهِ فِي الْكَلَامِ عَلَى فَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ عَلَى مَا إذَا آجَرَ أَرْضًا فَغَرِقَتْ بِسَيْلٍ عَلَى أَنَّ مَا مَرَّ عَنْهُمَا فِي نَقْصِ مَاءِ بِئْرِ الْحَمَّامِ يَقْتَضِي الِانْفِسَاخَ فِي مَسْأَلَتِنَا فَضْلًا عَنْ التَّخْيِيرِ، فَقَوْلُهُمَا عَنْ مَقَالَةِ الْمُتَوَلِّي أَنَّهَا الْوَجْهُ: أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى عَلَى مَا فِيهِ أَيْضًا لَا مِنْ حَيْثُ الْمَذْهَبُ، وَتَوْجِيهُ ابْنِ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الْأَصْلَ يَقْتَضِي مَنْعَ الْإِجَارَةِ لِأَنَّهَا بَيْعٌ مَعْدُومٌ وَإِنَّمَا جُوِّزَتْ لِلْحَاجَةِ فَاغْتُفِرَ فِيهَا الْفَسْخُ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ يُقَالُ فِيهِ أَيْضًا الْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَاضِحٌ إذْ الْعِلَّةُ فِيهِ التَّشْقِيصُ الْمُؤَدِّي إلَى سُوءِ الْمُشَارَكَةِ. نَعَمْ يُحْمَلُ قَوْلُهُمَا فَالْوَجْهُ إلَى آخِرِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ عَبْدًا أَوْ بَهِيمَةً أَوْ مَا يُؤَدِّي إلَى التَّشْقِيصِ (لَا انْقِطَاعَ مَاءِ أَرْضٍ اُسْتُؤْجِرَتْ لِزِرَاعَةٍ) فَلَا تَنْفَسِخُ بِهِ لِبَقَاءِ اسْمِ الْأَرْضِ مَعَ إمْكَانِ سَقْيِهَا بِمَاءٍ آخَرَ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ غَرِقَتْ هِيَ أَوْ بَعْضُهَا بِمَاءٍ لَمْ يُتَوَقَّعْ انْحِسَارُهُ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ قَبْلَ أَوَانِ الزَّرْعَ انْفَسَخَتْ فِي الْكُلِّ فِي الْأُولَى وَفِي الْبَعْضِ فِي الثَّانِيَةِ، وَيُتَخَيَّرُ حِينَئِذٍ عَلَى الْفَوْرِ لِأَنَّهُ خِيَارُ تَفْرِيقِ صَفْقَةٍ لَا خِيَارُ عَيْبِ إجَارَةٍ، كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَغَلِطَ مَنْ قَالَ إنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي لِاشْتِبَاهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَيْهِ، وَيُلْحَقُ بِذَلِكَ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُمْكِنْ سَقْيُهَا بِمَاءٍ أَصْلًا انْفَسَخَتْ وَهُوَ ظَاهِرٌ مُؤَيَّدٌ بِمَا مَرَّ فِي نَقْصِ مَاءِ بِئْرِ الْحَمَّامِ (بَلْ يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ) لِلْعَيْبِ ـــــــــــــــــــــــــــــSهِيَ قَوْلُهُ لَا انْقِطَاعَ مَاءِ أَرْضٍ إلَخْ وَقَوْلُهُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ أَيْ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يُرْجَى زَوَالُهُ) خَرَجَ مَا لَا يُرْجَى زَوَالُهُ وَفِي الرَّوْضِ آخِرَ الْبَابِ وَإِنْ رَضِيَ الْمُسْتَأْجِرُ بِعَيْبٍ يُتَوَقَّعُ زَوَالُهُ لَمْ يَنْقَطِعْ خِيَارُهُ وَإِلَّا انْقَطَعَ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَالَ أَيْضًا: لَكِنْ يَنْبَغِي تَصْوِيرُهُ بِمَا إذَا أَمْكَنَ الِانْتِفَاعُ فِي الْجُمْلَةِ، أَمَّا إذَا تَعَذَّرَ رَأْسًا فَيَنْبَغِي الِانْفِسَاخُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَتَعَطُّلُ الرَّحَى (قَوْلُهُ كَمَا فِي مَسْأَلَتِنَا) هِيَ تَعَطُّلُ الرَّحَى بِانْقِطَاعِ مَائِهَا (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي الِانْفِسَاخَ فِي مَسْأَلَتِنَا) هِيَ مَا لَوْ طَرَأَتْ أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ آفَةٌ بِسَاقِيَةِ الْحَمَّامِ الْمُؤَجَّرَةِ (قَوْلُهُ: بِمَاءٍ آخَرَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ زِرَاعَتُهَا بِغَيْرِهِ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَسَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي انْقِطَاعِ مَاءِ الْحَمَّامِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَيُلْحَقُ بِذَلِكَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُتَخَيَّرُ) أَيْ فِي غَرَقِ الْبَعْضِ وَقَوْلُهُ عَلَى الْفَوْرِ خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: انْفَسَخَتْ) مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ مَا يَقَعُ فِي أَرَاضِي مِصْرِنَا مِنْ أَنَّهُ يَسْتَأْجِرُهَا قَبْلَ أَوَانِ الزَّرْعِ وَهِيَ مِمَّا يُرْوَى غَالِبًا فَيَتَّفِقُ عَدَمُ الرَّيِّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ يُوجِبُ الِانْفِسَاخَ إنْ لَمْ يُرْوَ مِنْهَا شَيْءٌ أَصْلًا، وَيَثْبُتُ فِيمَا إذَا رُوِيَ بَعْضُهَا أَوْ كُلُّهَا، لَكِنْ عَلَى خِلَافِ الْمُعْتَادِ مِنْ كَمَالِ الرَّيِّ، وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الْعَقْدُ وَقَعَ عَلَى سَنَةٍ، فَإِنْ وَقَعَ عَلَى ثَلَاثِ سِنِينَ انْفَسَخَتْ السَّنَةُ الْأُولَى الَّتِي لَمْ يَشْمَلْهَا الرَّيُّ وَيَتَخَيَّرُ الْمُسْتَأْجِرُ فَوْرًا فِي الْبَاقِي، فَإِنْ فَسَخَ فَذَاكَ وَإِلَّا سَقَطَ عَنْهُ أُجْرَةُ السَّنَةِ الْأُولَى وَانْتَفَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُمَا فِي كَلَامِ الْمُتَوَلِّي إنَّهُ الْوَجْهُ فَقَطْ، وَلَيْسَ الْمُعْتَرِضُ نَقْلَهُمَا لِكَلَامِ الْجُمْهُورِ وَالْمُتَوَلِّي كَمَا يُفِيدُهُ هَذَا السِّيَاقُ فَكَانَ يَنْبَغِي خِلَافُ هَذَا التَّعْبِيرِ وَهُوَ تَابِعٌ فِيهِ لِلتُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَتَوْجِيهُ ابْنِ الرِّفْعَةِ) يَعْنِي لِإِطْلَاقِ الْجُمْهُورِ الْمَارِّ، وَقَوْلُهُ: يُقَالُ فِيهِ أَيْضًا إلَخْ مُرَادُهُ بِهِ تَوْجِيهٌ آخَرُ لِإِطْلَاقِ الْجُمْهُورِ خِلَافُ مَا يُوهِمُهُ سِيَاقُهُ فَكَانَ حَقُّ التَّعْبِيرِ أَنْ يَقُولَ وَوَجَّهَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إطْلَاقَ الْجُمْهُورِ بِأَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ، وَيُوَجَّهُ أَيْضًا بِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ أَيْ: اللَّذَيْنِ أَشَارَ الْمُتَوَلِّي فِي تَعْلِيلِهِ الْمَارِّ إلَى اتِّحَادِهِمَا وَاضِحٌ إذْ الْعِلَّةُ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُحْمَلُ قَوْلُهُمَا إلَخْ) هَذَا حَمْلٌ ثَانٍ لِاسْتِيجَاهِ الشَّيْخَيْنِ لِكَلَامِ الْمُتَوَلِّي فَكَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهُ عَقِبَ قَوْلِهِ الْمَارِّ فَقَوْلُهُمَا عَنْ مَقَالَةِ الْمُتَوَلِّي أَنَّهَا الْوَجْهُ: أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ أَيْضًا

حَيْثُ لَمْ يُبَادِرْ الْمُؤَجِّرُ قَبْلَ مُضِيِّ مَا مَرَّ وَيَسُوقُ إلَيْهَا مَاءً يَكْفِيهَا وَلَا يَكْتَفِي بِوَعْدِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَالْخِيَارُ فِي هَذَا الْبَابِ حَيْثُ ثَبَتَ فَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لِأَنَّ سَبَبَهُ تَعَذُّرُ قَبْضِ الْمَنْفَعَةِ: أَيْ أَوْ بَعْضِهَا وَذَلِكَ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الزَّمَانِ (وَغَصْبُ) غَيْرِ الْمُؤَجِّرِ لِنَحْوِ (الدَّابَّةِ وَإِبَاقُ الْعَبْدِ) فِي إجَارَةِ عَيْنٍ قُدِّرَتْ بِمُدَّةٍ بِلَا تَفْرِيطٍ مِنْ الْمُكْتَرِي وَكَانَ الْغَصْبُ عَلَى الْمَالِكِ (يَثْبُتُ الْخِيَارُ) إنْ لَمْ يُبَادِرْ بِالرَّدِّ كَمَا مَرَّ وَذَلِكَ لِتَعَذُّرِ الِاسْتِيفَاءِ، فَإِنْ فَسَخَ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ أَجَازَ وَلَمْ يَرُدَّ حَتَّى انْقَضَتْ مُدَّتُهَا انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فَيَسْتَقِرُّ قِسْطُ مَا اسْتَوْفَاهُ مِنْ الْمُسَمَّى، ـــــــــــــــــــــــــــــSبِهَا بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ إنْ شَمِلَهَا الرَّيُّ بِمَا يُقَابِلُهَا مِنْ الْأُجْرَةِ الْمُقَدَّرَةِ عَلَيْهِ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: وَلَا يُكْتَفَى بِوَعْدِهِ) أَيْ لَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ بِوَعْدِهِ بِسَوْقِ الْمَاءِ، لَكِنْ لَوْ أَخَّرَ اعْتِمَادًا عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ لَمْ يَتَّفِقْ لَهُ سَوْقٌ جَازَ لَهُ الْفَسْخُ قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ آجَرَهُ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ لَا مَاءَ لَهَا وَوَعَدَهُ بِتَرْتِيبِ مَاءٍ يَكْفِيهَا صَحَّتْ الْإِجَارَةُ، ثُمَّ إنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ الْفَسْخِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي) أَيْ إلَّا إذَا كَانَ سَبَبُهُ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ كَمَا مَرَّ قَرِيبًا فِي قَوْلِهِ وَيُتَخَيَّرُ حِينَئِذٍ عَلَى الْفَوْرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَكَانَ الْغَصْبُ عَلَى الْمَالِكِ) أَيْ بِأَنْ غُصِبَ مِنْ يَدِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا فَهِمَهُ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى الْمَالِكِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّهَا غُصِبَتْ مِنْ يَدِ الْمَالِكِ غَيْرُ مُرَادٍ، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهَا غُصِبَتْ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ لِأَجْلِ كَوْنِهَا مَنْسُوبَةً إلَى الْمَالِكِ، كَأَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْغَاصِبِ وَالْمَالِكِ مَا يَحْمِلُهُ عَلَى الْغَصْبِ لِكَوْنِهِ حَقًّا لِلْمَالِكِ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُمَا أَوْ تُهْمَةٍ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِغُصِبَتْ عَلَى الْمُسْتَأْجِر أَنَّهَا غُصِبَتْ مِنْهُ لَكِنْ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَاصِبِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا سَنَذْكُرُهُ مِنْ التَّأَمُّلِ الْآتِي (قَوْلُهُ: فَيَسْتَقِرُّ قِسْطُ مَا اسْتَوْفَاهُ) فَإِنْ اسْتَغْرَقَ الْغَصْبُ جَمِيعَ الْمُدَّةِ انْفَسَخَتْ فِي الْجَمِيعِ وَإِنْ زَالَ الْغَصْبُ وَبَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ شَيْءٌ ثَبَتَ الْخِيَارُ لِلْمُسْتَأْجِرِ لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ وَالْخِيَارُ عَلَى الْفَوْرِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ فِي الشَّارِحِ اهـ. قُلْت: لَكِنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ تَفْرِيقُ صَفْقَةٍ، أَمَّا إذَا كَانَ هُنَاكَ تَفْرِيقُ صَفْقَةٍ فَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ، وَقَدْ أَفْتَى شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ أَيْضًا بِأَنَّ الْغَصْبَ يَفْسَخُ الْإِجَارَةَ فَوَقَعَتْ الْفُتْيَا فِي يَدِ بَعْضِ أَكَابِرِ الْعُلَمَاءِ فَذَهَبَ بِهَا إلَى الْقَاضِي يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا زَمَنَ وِلَايَتِهِ بِمِصْرَ وَصَحِبَ مَعَهُ مَتْنَ الْمِنْهَاجِ وَقَالَ: الْعَجَبُ ثُمَّ الْعَجَبُ أَنَّ الشَّيْخَ نُورَ الدِّينِ الزِّيَادِيَّ أَفْتَى بِأَنَّ الْغَصْبَ يَفْسَخُ الْإِجَارَةَ، وَهَذَا مَتْنُ الْمِنْهَاجِ قَاضٍ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْغَصْبَ يُثْبِتُ الْخِيَارَ، وَإِنَّ هَذَا الْأَمْرَ عَجِيبٌ، فَبَلَغَ شَيْخَنَا الْمَذْكُورَ ذَلِكَ الْمَجْلِسُ فَكَتَبَ إلَى الْقَاضِي يَحْيَى وَهَذَا صُورَةُ مَا كَتَبَ وَمِنْ خَطِّهِ نَقَلْت الْمَعْرُوضَ عَلَى الْمَسَامِعِ الْكَرِيمَةِ حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْ كُلِّ سُوءٍ بِجَاهِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ كَتَبَ فِيهَا بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ مُخَالِفًا لِمَا كَتَبْته، وَقَدْ سُئِلْت عَنْهَا مِنْ نَحْوِ عَشْرِ سِنِينَ فَكَتَبْت فِيهَا بِانْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ، وَقَدْ أَشَرْت إلَى الِانْفِسَاخِ فَإِنَّ الْمُطَالَبَةَ إنَّمَا تَثْبُتُ لِلْمُتَحَدِّثِ: أَيْ النَّاظِرِ لَا لِلْمُسْتَأْجِرِ شَيْئًا فَشَيْئًا، فَإِنْ اسْتَغْرَقَ الْغَصْبُ جَمِيعَ الْمُدَّةِ انْفَسَخَتْ فِي الْجَمِيعِ، وَإِنْ زَالَ الْغَصْبُ وَبَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ شَيْءٌ ثَبَتَ الْخِيَارُ لِلْمُسْتَأْجِرِ لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ وَالْخِيَارُ عَلَى الْفَوْرِ لِأَنَّهُ خِيَارُ تَفْرِيقِ صَفْقَةٍ. وَقَدْ غَلِطَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَكَابِرِ الْمُتَأَخِّرِينَ فَقَالُوا إنَّ الْخِيَارَ عَلَى التَّرَاخِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّ الْأَصْحَابَ أَطْلَقُوا أَنَّ خِيَارَ الْإِجَارَةِ عَلَى التَّرَاخِي، لَكِنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ تَفْرِيقُ صَفْقَةٍ، أَمَّا إذَا كَانَ هُنَاكَ تَفْرِيقُ صَفْقَةٍ فَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ. فَوَقَعَتْ الْفُتْيَا فِي يَدِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ الْعَمَائِمِ الْكِبَارِ فَذَهَبَ بِهَا إلَيْهِ وَقَالَ: هَذَا أَمْرٌ عَجِيبٌ أَنَّ فُلَانًا أَفْتَى بِانْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ بِالْغَصْبِ، فَقُلْت لَهُ: الْمَسْأَلَةُ مَنْقُولَةٌ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ، فَرَجَعَ إلَيَّ وَقَالَ: فِي أَيِّ بَابٍ؟ فَقُلْت لَهُ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ، ثُمَّ كَتَبْت ثَانِيًا فَوَقَعَتْ الْفُتْيَا فِي يَدِ بَعْضِ مُدَرِّسِي الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ، فَأَرْسَلَ إلَيَّ بَعْضُ تَلَامِذَتِهِ فَقَالَ لِي: فِي مَتْنِ الْمِنْهَاجِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا مِنْ حَيْثُ الْمَذْهَبُ بِأَنْ يَقُولَ أَوْ يُحْمَلُ قَوْلُهُمَا الْمَذْكُورُ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ عَبْدًا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَكَانَ الْغَصْبُ عَلَى الْمَالِكِ)

أَمَّا إجَارَةُ الذِّمَّةِ فَيَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ فِيهَا الْإِبْدَالُ فَإِنْ امْتَنَعَ اسْتَأْجَرَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ، وَالْمُعَيَّنُ عَمَّا فِيهَا لَيْسَ كَالْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ فَيَنْفَسِخُ بِتَلَفِهِ التَّعْيِينُ لَا أَصْلُ الْعَقْدِ، وَأَمَّا إجَارَةُ عَيْنٍ مُقَدَّرَةٍ بِعَمَلٍ فَلَا تَنْفَسِخُ بِنَحْوِ غَصْبِهِ، بَلْ يَسْتَوْفِيهِ مَتَى قَدَرَ عَلَيْهِ كَثَمَنٍ حَالٍّ آخَرَ قَبَضَهُ، وَأَمَّا وُقُوعُ ذَلِكَ بِتَفْرِيطِ الْمُكْتَرِي فَيَسْقُطُ خِيَارُهُ وَيَلْزَمُهُ الْمُسَمَّى، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا غَصَبَهَا مِنْ الْمَالِكِ، أَمَّا لَوْ غَصَبَهَا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَا خِيَارَ وَلَا فَسْخَ عَلَى مَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَخْذًا مِنْ النَّصِّ وَاسْتَشْهَدَ لَهُ الْغَزِّيِّ بِمَا فِيهِ نَظَرٌ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ مُشْكِلٌ، وَمَا أَظُنُّ الْأَصْحَابَ يَسْمَحُونَ بِهِ، وَأَمَّا غَصْبُ الْمُؤَجِّرِ لَهَا بَعْدَ الْقَبْضِ أَوْ قَبْلَهُ بِأَنْ امْتَنَعَ مِنْ تَسْلِيمِهَا حَتَّى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ فَيَفْسَخُهَا كَمَا يَأْتِي، وَوَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّنْ اكْتَرَى لِحَمْلِ مَرِيضٍ مِنْ نَحْوِ الطَّائِفِ إلَى مَكَّةَ وَقَدْ عُيِّنَ فِي الْعَقْدِ فَمَاتَ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ حَمْلُهُ مَيِّتًا إلَيْهَا؟ وَالْأَقْرَبُ أَخْذًا مِنْ نَصٍّ لِلْبُوَيْطِيِّ صَرَّحَ فِيهِ بِأَنَّ الْمَيِّتَ أَثْقَلُ مِنْ الْحَيِّ أَنَّ مَنْ اُسْتُؤْجِرَ لِحَمْلِ حَيٍّ مَسَافَةً مَعْلُومَةً فَمَاتَ فِي أَثْنَائِهَا وَأَرَادَ وَارِثُهُ نَقْلَهُ إلَيْهَا وَجَوَّزْنَاهُ كَأَنْ كَانَ بِقُرْبِ مَكَّةَ وَأُمِنَ تَغْيِيرُهُ أَنَّ لَهُ فَسْخَ الْإِجَارَةِ لِطُرُوِّ مَا هُوَ كَالْعَيْبِ فِي الْمَحْمُولِ وَهُوَ زِيَادَةُ ثِقَلِهِ حِسًّا أَوْ مَعْنًى عَلَى الدَّابَّةِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ لَا يَجُوزُ النَّوْمُ عَلَيْهَا فِي غَيْرِ وَقْتِ النَّوْمِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ لِأَنَّ النَّائِمَ يَثْقُلُ، وَلَا يُعَارِضُ قَوْلُهُمْ بِانْفِسَاخِهَا بِتَلَفِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ الْمُعَيَّنَ فِي الْعَقْدِ تَارَةً عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ وَبِعَدَمِهِ أُخْرَى، ثُمَّ إنْ عُيِّنَ فِيهِ أَوْ بَعْدَهُ وَبَقِيَ أُبْدِلَ جَوَازًا، وَإِنْ عُيِّنَ بَعْدَهُ وَتَلِفَ أُبْدِلَ وُجُوبًا بِرِضَا الْمُكْتَرِي لِأَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSإنَّ الْغَصْبَ يُثْبِتُ الْخِيَارَ فَكَيْفَ تَكْتُبُ بِانْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ، فَنَهَرْت التِّلْمِيذَ فَرَجَعَ لِشَيْخِهِ وَجَاءَنِي بِمَتْنِ الْمِنْهَاجِ فَذَكَرْت لَهُ أَنَّ مَتْنَ الْمِنْهَاجِ لَا يَجُوزُ الْإِفْتَاءُ مِنْهُ إلَّا لِلْعَارِفِ. وَمَعْنَى مَتْنِ الْمِنْهَاجِ أَنَّ الْغَاصِبَ إذَا أُزِيلَتْ يَدُهُ وَبَقِيَ مِنْ الْإِجَارَةِ شَيْءٌ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ، وَقَدْ اسْتَبْعَدَ السُّبْكِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ثُبُوتَ الْخِيَارِ إذَا اسْتَغْرَقَ الْغَصْبُ جَمِيعَ الْمُدَّةِ، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ كَتَبُوا مُخَالِفًا لِمَا كَتَبْت رَجَعَ وَاعْتَرَفَ بِالْخَطَأِ، وَغَالِبُ الْجَمَاعَةِ لَمْ يَقْرَأْ عَلَى أَحَدٍ وَإِنَّمَا أُخِذَ الْعِلْمُ مِنْ الْوَرَقِ، وَالْفَقِيرُ إنَّمَا أَخَذَ الْعِلْمَ عَنْ مُحَقِّقِ الْعَصْرِ كَالشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ وَالشَّيْخِ عَمِيرَةَ وَالشَّيْخِ نُورِ الدِّينِ الطَّنْدَتَائِيِّ وَالشَّيْخِ شِهَابِ الدِّينِ الْبُلْقِينِيِّ حَافِظِ الْعَصْرِ، وَقَدْ كَتَبَ لِي فِي الْإِجَارَةِ أَنَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ وَعَلِيٌّ بَابُهَا، وَكَانَ مِنْ أَرْبَابِ الْأَحْوَالِ يَتَصَرَّفُ فِي الْكَوْنِ جِهَارًا وَالْفَقِيرُ لَهُ عَلُوفَةٌ تَكْفِيهِ وَلَيْسَ مُحْتَاجًا لِشَيْءٍ مِنْ الْوَظَائِفِ جَزَاكُمْ اللَّهُ خَيْرًا وَأَحْسَنَ إلَيْكُمْ اهـ. هَكَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اهـ عَبْدُ الْبَرِّ الْأُجْهُورِيُّ (قَوْلُهُ أَمَّا إجَارَةُ الذِّمَّةِ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فِي إجَارَةِ عَيْنٍ (قَوْلُهُ: لَا أَصْلَ الْعَقْدِ) قَضِيَّتُهُ وَإِنْ كَانَ بِتَفْرِيطِ الْمُسْتَأْجِرِ اهـ سم عَلَى حَجّ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا وُقُوعُ ذَلِكَ بِتَفْرِيطِ الْمُكْتَرِي) يُتَأَمَّلُ صُورَةُ تَفْرِيطِ الْمُسْتَأْجِرِ مَعَ أَنَّ الْغَصْبَ مِنْ يَدِ الْمَالِكِ إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ بِمَا إذَا امْتَنَعَ مِنْ تَسَلُّمِهَا حَتَّى غُصِبَتْ وَلَوْ تَسَلَّمَهَا لَمْ تُغْصَبْ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ إلَخْ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ عُرِضَ عَلَيْهِ مَبِيعٌ وَامْتَنَعَ مِنْ قَبْضِهِ وَتَلِفَ انْفَسَخَ الْعَقْدُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ بِثَمَنِهِ إنْ كَانَ دَفَعَهُ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) إطْلَاقُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ يَقْتَضِي ثُبُوتَ الْفَسْخِ وَالْخِيَارِ سَوَاءٌ كَانَ الْغَصْبُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْمَالِكِ، أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ فَيُوَافِقُ مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُشْكِلٌ) أَيْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْغَصْبِ عَلَى الْمَالِكِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ وَلَوْ مَعَ التَّفْرِيطِ غَايَتُهُ أَنَّهُ يَضْمَنُ الْقِيمَةَ إذَا فَرَّطَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ زِيَادَةُ ثِقَلِهِ) قِيلَ يُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الشَّهِيدِ، أَمَّا هُوَ فَلَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ بِمَوْتِهِ لِأَنَّهُ حَيٌّ وَقَدْ يُمْنَعُ الْأَخْذُ بِأَنَّ حَيَاتَهُ لَيْسَتْ حِسِّيَّةً فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَثْقُلُ بَعْدَ الْمَوْتِ الْحِسِّيِّ وَإِنْ كَانَ حَيًّا ـــــــــــــــــــــــــــــQلَيْسَ بِقَيْدٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ) كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ، وَلَعَلَّهُ مُحَرَّفٌ عَنْ قَوْلِهِ وَمَحَلُّ الْخِيَارِ وَإِلَّا فَالْمَسْأَلَةُ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِيهَا خِلَافٌ. (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ أَخْذًا مِنْ نَصٍّ لِلْبُوَيْطِيِّ إلَخْ) رُبَّمَا يُوهِمُ أَنَّ هَذَا الْأَخْذَ لَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ هَذَا الْأَخْذَ وَمَا بَعْدَهُ إلَى آخِرِ السَّوَادَةِ جَوَابٌ لِلشِّهَابِ حَجّ، وَهُوَ الَّذِي سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا يُعْلَمُ

هَذَا مَفْرُوضٌ فِي التَّلَفِ كَمَا تَرَى، وَمَا نَحْنُ فِيهِ لَيْسَ مِنْهُ لِإِمْكَانِ حَمْلِ الْمَيِّتِ وَإِنَّمَا حَدَثَ فِيهِ وَصْفٌ لَمْ يَكُنْ حَالَ الْعَقْدِ فَاقْتَضَى التَّخْيِيرَ مَا لَمْ يُبَدِّلْهُ بِمَنْ هُوَ مِثْلُهُ أَوْ دُونَهُ (وَلَوْ) (أَكْرَى جَمَّالًا) عَيْنًا أَوْ ذِمَّةً (وَهَرَبَ وَتَرَكَهَا عِنْدَ الْمُكْتَرِي) فَلَا خِيَارَ لِإِمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ بِمَا فِي قَوْلِهِ (رَاجَعَ) إنْ لَمْ يَتَبَرَّعْ بِمُؤْنَتِهَا (الْقَاضِي لِيَمُونَهَا) بِإِنْفَاقِهَا وَأُجْرَةِ مُتَعَهِّدِهَا كَمُتَعَهِّدِ إحْمَالِهَا إنْ لَزِمَ الْمُؤَجِّرَ (مِنْ مَالِ الْجَمَّالِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ مَالًا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهَا وَلَيْسَ فِيهَا زِيَادَةٌ عَلَى حَاجَةِ الْمُكْتَرِي وَإِلَّا بَاعَ الزَّائِدَ وَلَا اقْتِرَاضَ (اقْتَرَضَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ وَاسْتِئْذَانُهُ الْحَاكِمَ لِحُرْمَةِ الْحَيَوَانِ، فَلَوْ وَجَدَ ثَوْبًا ضَائِعًا وَاحْتَاجَ فِي حِفْظِهِ لِمُؤْنَةٍ أَوْ عَبْدًا كَذَلِكَ فَلَهُ بَيْعُهُ حَالًا وَحِفْظُ ثَمَنِهِ إلَى ظُهُورِ مَالِكِهِ، قَالَهُ السُّبْكِيُّ، وَفِي اللُّقَطَةِ مَا يُؤَيِّدُهُ (فَإِنْ وَثِقَ) الْقَاضِي (بِالْمُكْتَرِي دَفَعَهُ) أَيْ الْمُقْرَضُ مِنْهُ أَوْ مَنْ غَيْرُهُ (إلَيْهِ) لِيَصْرِفَهُ فِيمَا ذُكِرَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَثِقْ بِهِ (جَعَلَهُ عِنْدَ ثِقَةٍ) يَصْرِفُهُ كَذَلِكَ، وَالْأَوْلَى لَهُ تَقْدِيرُ النَّفَقَةِ وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُنْفِقِ بِيَمِينِهِ عِنْدَ الِاحْتِمَالِ (وَلَهُ) أَيْ الْقَاضِي عِنْدَ تَعَذُّرِ الِاقْتِرَاضِ، وَمِنْهُ أَنْ يَخَافَ عَدَمَ التَّوَصُّلِ لَهُ بَعْدُ إلَى اسْتِيفَائِهِ (أَنْ يَبِيعَ مِنْهَا) بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ (قَدْرَ النَّفَقَةِ) وَالْمُؤْنَةُ لِلضَّرُورَةِ وَخَرَجَ بِمِنْهَا جَمِيعُهَا فَلَا يَبِيعُهُ ابْتِدَاءً لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ بِأَعْيَانِهَا وَمُنَازَعَةِ مُجَلِّي فِيهِ بِأَنَّهُ لَا يَفُوتُ حَقُّهُ لِعَدَمِ انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ بِهِ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ، إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ رَأَى الْحَاكِمُ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ مَصْلَحَةً فِي بَيْعِهَا وَالِاكْتِرَاءُ بِبَعْضِ الثَّمَنِ لِلْمُسْتَأْجِرِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ جَزْمًا حَيْثُ جَازَ لَهُ بَيْعُ مَالِ الْغَائِبِ بِالْمَصْلَحَةِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ رَأَى مُشْتَرِيًا لَهَا مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ لَزِمَهُ أَنْ يَبِيعَ مِنْهَا مَا يَحْتَاجُ لِبَيْعِهِ مُقَدِّمًا لَهُ عَلَى غَيْرِهِ لِأَنَّهُ الْأَصْلَحُ (وَلَوْ أَذِنَ لِلْمُكْتَرِي فِي الْإِنْفَاقِ مِنْ مَالِهِ لِيَرْجِعَ جَازَ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ وَقَدْ لَا يُرَى الِاقْتِرَاضُ، وَكَلَامُهُ يُفْهِمُ انْتِفَاءَ رُجُوعِهِ بِمَا أَنْفَقَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْحَاكِمِ، وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ وَجَدَهُ وَأَمْكَنَ إثْبَاتُ الْوَاقِعَةِ عِنْدَهُ وَإِلَّا أَشْهَدَ عَلَى إنْفَاقِهِ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ ثُمَّ يَرْجِعُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الْإِشْهَادُ لَمْ يَرْجِعْ بِمَا أَنْفَقَهُ فِيمَا يَظْهَرُ لِنُدُورِ الْعُذْرِ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى تَصْدِيقِهِ فِيمَا يَسْتَحِقُّهُ عَلَى غَيْرِهِ بَلْ يَأْخُذُ الْمَالَ مِنْهُ وَيَدْفَعُهُ إلَى أَمِينٍ، ثُمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSعِنْدَ اللَّهِ (قَوْلُهُ: فَاقْتَضَى التَّخْيِيرَ) أَيْ بَيْنَ الْفَسْخِ وَعَدَمِهِ، فَإِنْ لَمْ يُفْسَخْ أُلْزِمَ بِحَمْلِهِ قَهْرًا عَلَيْهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ زِيَادَةً عَلَى مَا سَمَّاهُ أَوَّلًا. (قَوْلُهُ: إنْ لَزِمَ الْمُؤَجِّرَ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ إجَارَةَ ذِمَّةٍ (قَوْلُهُ: وَلَا اقْتِرَاضَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الِاقْتِرَاضُ أَنْفَعَ لِلْمَالِكِ مِنْ الْبَيْعِ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ لِأَنَّ فِي الِاقْتِرَاضِ إلْزَامًا لِذِمَّةِ الْمَالِكِ وَقَدْ لَا يَتَيَسَّرُ تَوْفِيَتُهُ عِنْدَ الْمُطَالَبَةِ (قَوْلُهُ: لِحُرْمَةِ الْحَيَوَانِ) أَيْ مَعَ احْتِمَالِ تَقْصِيرِهِ فِي شَأْنِهِ مُحَافَظَةً عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي اسْتَحَقَّهَا مِنْهُ وَلَا كَذَلِكَ الْعَبْدُ الْآتِي (قَوْلُهُ: فَلَهُ بَيْعُهُ حَالًّا) أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ لَهُ الِاسْتِقْلَالَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَبِيعُهُ ابْتِدَاءً) وَفِي نُسْخَةٍ بَعْدَ ابْتِدَاءٍ خَشْيَةَ أَنْ تُؤْكَلَ أَثْمَانُهَا، وَالْأَوْلَى إسْقَاطُهَا لِأَنَّهُ عِنْدَ بَيْعِ كُلِّهَا لَا يَتَأَتَّى أَنْ تُؤْكَلَ أَثْمَانُهَا وَإِنَّمَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ إذَا بَاعَهَا شَيْئًا فَشَيْئًا لِمُؤْنَةِ بَاقِيهَا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُحْمَلَ إلَخْ) هَذَا لَا يَصْلُحُ مَحَلًّا لِمُنَازَعَةِ مُجِلِّي إلَّا عَلَى وَجْهٍ بَعِيدٍ فَلْيُتَأَمَّلْ، إذْ الْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ مُجَرَّدَ عَدَمِ انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ كَافٍ فِي جَوَازِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَأَمْكَنَ إثْبَاتُ الْوَاقِعَةِ) أَيْ بِأَنْ سَهُلَتْ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ وَقَبِلَهَا الْقَاضِي وَلَمْ يَأْخُذْ مَالًا وَإِنْ قَلَّ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) أَيْ ظَاهِرًا، أَمَّا بَاطِنًا فَيَنْبَغِي أَنَّ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِمُرَاجَعَةِ تُحْفَتِهِ (قَوْلُهُ: لِإِمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ بِمَا فِي قَوْلِهِ رَاجِعٌ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: إنَّ الَّذِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْمَذْكُورِ لَيْسَ طَرِيقًا لِلِاسْتِيفَاءِ، فَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ لِإِمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ عَلَيْهِ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ: الْمُقْرِضُ مِنْهُ) ظَاهِرُ هَذَا التَّفْسِيرِ أَنَّهُ لَا يَدْفَعُ لَهُ مَالَ الْجَمَّالِ إذَا كَانَتْ الْمُؤْنَةُ مِنْهُ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَبِيعُهُ ابْتِدَاءً) فِي نُسْخَةٍ عَقِبَ هَذَا مَا نَصُّهُ: خَشْيَةَ أَنْ تَأْكُلَ أَثْمَانَهَا، وَمِثْلُهُ فِي التُّحْفَةِ: قَالَ الشِّهَابُ سم: قَوْلُهُ: خَشْيَةَ أَنْ تَأْكُلَ أَثْمَانَهَا عِلَّةً لِلْمَنْفِيِّ اهـ. وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ)

الْأَمِينُ يَدْفَعُهُ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ وَاحْتُرِزَ بِتَرْكِهَا عَمَّا لَوْ هَرَبَ بِهَا فَإِنْ كَانَتْ إجَارَةَ عَيْنٍ تَخَيَّرَ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْإِبَاقِ، وَكَمَا لَوْ شَرَدَتْ الدَّابَّةُ وَإِنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ اكْتَرَى الْحَاكِمُ أَوْ اقْتَرَضَ نَظِيرَ مَا مَرَّ، وَلَا يُفَوَّضُ ذَلِكَ لِلْمُسْتَأْجِرِ لِامْتِنَاعِ تَوَكُّلِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ الِاكْتِرَاءُ فَلَهُ الْفَسْخُ (وَمَتَى قَبَضَ الْمُكْتَرِي) الْعَيْنَ الْمُكْتَرَاةَ وَلَوْ حُرًّا أَجَّرَ عَيْنَهُ أَوْ (الدَّابَّةَ) أَوْ الدَّارَ (وَأَمْسَكَهَا) هُوَ زِيَادَةُ إيضَاحٍ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ قَبَضَ، وَمِثْلُ قَبْضِهَا امْتِنَاعُهُ مِنْهُ بَعْدَ عَرْضِهَا عَلَيْهِ. قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: إلَّا فِيمَا يَتَوَقَّفُ قَبْضُهُ عَلَى النَّقْلِ: أَيْ فَيَقْبِضُهُ الْحَاكِمُ، فَإِنْ صَمَّمَ أَجْرَهُ قَالَهُ فِي الْبَيَانِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ حَاضِرٌ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِالْعَيْنِ حَقٌّ لِلْغَيْرِ حَتَّى يُؤَجِّرَهَا لِأَجْلِهِ، وَإِيجَارُ الْحَاكِمِ إنَّمَا يَكُونُ لِغَيْبَةٍ أَوْ تَعَلُّقِ حَقٍّ، فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ بَعْدَ قَبْضِهَا وَتَصْمِيمِهِ عَلَى الِامْتِنَاعِ يَرُدُّهَا لِمَالِكِهَا (حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ اسْتَقَرَّتْ الْأُجْرَةُ وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ) وَلَوْ لِعُذْرٍ مَنَعَهُ مِنْهُ كَخَوْفٍ أَوْ مَرَضٍ لِتَلَفِ الْمَنَافِعِ تَحْتَ يَدِهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ بَدَلُهَا، وَمَتَى خَرَجَ بِهَا مَعَ الْخَوْفِ صَارَ ضَامِنًا لَهَا إلَّا إذَا ذُكِرَ ذَلِكَ حَالَةَ الْعَقْدِ، وَلَيْسَ لَهُ فَسْخٌ وَلَا إلْزَامُ مُكْرٍ أَخَذَهَا إلَى الْأَمْنِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَسِيرَ عَلَيْهَا مِثْلَ تِلْكَ الْمَسَافَةِ إلَى بَلَدٍ آخَرَ، وَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ لَوْ عَمَّ الْخَوْفُ كُلَّ الْجِهَاتِ وَكَانَ الْغَرَضُ الْأَعْظَمُ رُكُوبَهَا فِي السَّفَرِ وَرُكُوبُهَا فِي الْحَضَرِ تَافِهٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْ الْمُسْتَأْجِرَ أُجْرَةٌ يَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ بِذَلِكَ أَنَّهُ يُتَخَيَّرُ بِهِ إذْ هُوَ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي نَحْوِ انْقِطَاعِ مَاءِ الْأَرْضِ، وَمَتَى انْتَفَعَ بَعْدَ الْمُدَّةِ لَزِمَهُ مَعَ الْمُسَمَّى الْمُسْتَقَرُّ عَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِ ذَلِكَ الِانْتِفَاعِ (وَكَذَا) تَسْتَقِرُّ الْأُجْرَةُ (لَوْ) (اكْتَرَى دَابَّةً لِرُكُوبٍ إلَى مَوْضِعٍ) مُعَيَّنٍ (وَقَبَضَهَا) أَوْ عُرِضَتْ عَلَيْهِ (وَمَضَتْ مُدَّةُ إمْكَانِ السَّيْرِ إلَيْهِ) لِكَوْنِهِ مُتَمَكِّنًا مِنْ الِاسْتِيفَاءِ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ هَذِهِ غَيْرُ الْأُولَى لِأَنَّ تِلْكَ مُقَدَّرَةٌ بِزَمَنٍ وَهَذِهِ بِعَمَلٍ فَتَسْتَقِرُّ بِمُضِيِّ مُدَّةِ الْعَمَلِ الَّذِي ضُبِطَتْ بِهِ الْمَنْفَعَةُ (وَسَوَاءٌ فِيهِ) أَيْ التَّقْدِيرِ بِمُدَّةٍ أَوْ عَمَلٍ (إجَارَةُ الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ إذَا سَلَّمَ) الْمُؤَجِّرُ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ (الدَّابَّةَ) مَثَلًا (الْمَوْصُوفَةَ) لِلْمُسْتَأْجِرِ لِتَعَيُّنِ حَقِّهِ بِالتَّسْلِيمِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يُسَلِّمْهَا فَلَا تَسْتَقِرُّ أُجْرَةٌ عَلَيْهِ لِبَقَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي الذِّمَّةِ وَكَالتَّسْلِيمِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالرُّجُوعَ. (قَوْلُهُ: إلَّا فِيمَا يَتَوَقَّفُ قَبْضُهُ إلَخْ) قَدْ يُشْكَلُ بِمَا تَقَرَّرَ فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ لَوْ وَضَعَ الْمَبِيعَ عِنْدَهُ صَارَ قَبْضًا وَأَوْرَدْته عَلَى م ر فَاعْتَرَفَ بِإِشْكَالِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مَحَلَّ الِاكْتِفَاءِ بِالْوَضْعِ فِي خَفِيفٍ يُمْكِنُ تَنَاوُلُهُ بِالْيَدِ، وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِ الْقَاضِي إلَّا فِيمَا يَتَوَقَّفُ إلَخْ عَلَى غَيْرِهِ كَالدَّوَابِّ وَالْأَحْمَالِ الثَّقِيلَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ صَمَّمَ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرُ، قَالَ سم عَلَى الِامْتِنَاعِ اهـ. وَقَوْلُهُ أَجَّرَهُ: أَيْ الْحَاكِمُ، وَقَوْلُهُ وَتَصْمِيمُهُ: أَيْ الْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ: رَدَّهَا عَلَى مَالِكِهَا) أَيْ وَتَسْتَقِرُّ الْأُجْرَةُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَإِمْكَانِ الْعَمَلِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ وَمَتَى خَرَجَ بِهَا) أَيْ الْمُسْتَأْجِرُ (قَوْلُهُ: حَالَةَ الْعَقْدِ) أَيْ أَوْ كَانَ الزَّمَنُ زَمَنَ خَوْفٍ وَعَلِمَ بِهِ الْمُؤَجِّرُ وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ أَيْ الْمُكْتَرِي (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَسِيرَ عَلَيْهَا) أَيْ أَوْ يُؤَجِّرَهَا لِمَنْ يَسِيرُ عَلَيْهَا مِمَّنْ هُوَ مِثْلُ الْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ أُجْرَةُ مِثْلِ ذَلِكَ) أَيْ وَإِذَا تَلِفَتْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ ضَمِنَهَا ضَمَانَ الْغُصُوبِ، وَأَمَّا لَوْ جَاوَزَ الْمَحَلَّ الَّذِي اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَ لَهُ ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهَا إلَى مَحَلِّ الْعَقْدِ فَيَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مَا زَادَ وَيَضْمَنُهَا إذَا تَلِفَتْ فِيهِ، وَإِذَا رَجَعَ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي جَاوَزَهُ جَازَ لَهُ الرُّكُوبُ مِنْهُ إلَى مَحَلِّ الْعَقْدِ لِعَدَمِ انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ فِيهِ، وَإِذَا تَلِفَتْ فِي مُدَّةِ الْعَوْدِ فَهَلْ يَضْمَنُ لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا بِالْمُجَاوَزَةِ أَوَّلًا لِجَوَازِ انْتِفَاعِهِ بِهَا وَبَقَاءِ إجَارَتِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَمُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَعَدَّى بِضَرْبِ الدَّابَّةِ مَثَلًا صَارَ ضَامِنًا حَتَّى لَوْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ مَا تَعَدَّى بِهِ لَمْ يَسْقُطْ الضَّمَانُ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ أَوْ عُرِضَتْ عَلَيْهِ) هَذَا قَدْ يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ لِأَنَّ الدَّابَّةَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ الشِّهَابُ سم فِيهِ أَنَّ مُجَلِّيًا مُصَرِّحٌ بِعَدَمِ الِانْفِسَاخِ اهـ. فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: هُوَ زِيَادَةُ إيضَاحٍ) قَدْ يُقَالُ بِمَنْعِهِ وَأَنَّهُ إنَّمَا أَتَى بِهِ لِيُعَلِّقَ قَوْلَهُ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ؛ إذْ لَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِقَبْضٍ إلَّا بِتَأْوِيلٍ لِأَنَّ الْقَبْضَ يَنْقَضِي بِمُجَرَّدِ وُقُوعِهِ فَلَا يَسْتَمِرُّ إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، وَإِنَّمَا الْمُسْتَمِرُّ الْإِمْسَاكُ، وَقَدْ مَرَّ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي آجَرْتُكَهُ سَنَةً

الْعَرْضُ كَمَا مَرَّ (وَتَسْتَقِرُّ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) سَوَاءٌ أَزَادَتْ عَلَى الْمُسَمَّى أَمْ نَقَصَتْ (بِمَا يَسْتَقِرُّ بِهِ الْمُسَمَّى فِي الصَّحِيحَةِ) مِمَّا ذُكِرَ وَلَوْ لَمْ يَنْتَفِعْ. نَعَمْ تَخْلِيَةُ الْعَقَارِ وَالْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَالْعَرْضُ عَلَيْهِ وَإِنْ امْتَنَعَ لَا يَكْفِي هُنَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْقَبْضِ الْحَقِيقِيِّ (وَلَوْ) (أَكْرَى عَيْنًا مُدَّةً وَلَمْ يُسَلِّمْهَا) أَوْ غَصَبَهَا أَوْ حَبَسَهَا أَجْنَبِيٌّ وَلَوْ كَانَ الْحَبْسُ لِقَبْضِ الْأُجْرَةِ (حَتَّى مَضَتْ) تِلْكَ الْمُدَّةُ (انْفَسَخَتْ) الْإِجَارَةُ لِفَوَاتِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، فَلَوْ حَبَسَ بَعْضَهَا انْفَسَخَتْ فِيهِ فَقَطْ وَتَخَيَّرَ فِي الْبَاقِي وَلَا يُبَدَّلُ زَمَانٌ بِزَمَانٍ (وَلَوْ لَمْ يُقَدِّرْ مُدَّةً) وَإِنَّمَا قَدَّرَهَا بِعَمَلٍ (كَأَنْ أَجَّرَ) دَابَّةً (لِرُكُوبٍ) إلَى مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ وَلَمْ يُسَلِّمْهَا حَتَّى مَضَتْ (مُدَّةُ) إمْكَانِ (السَّيْرِ) إلَيْهِ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا) أَيْ الْإِجَارَةَ (لَا تَنْفَسِخُ) وَلَا يُخَيَّرُ الْمُكْتَرِي إذْ هِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمَنْفَعَةِ لَا الزَّمَانِ وَلَمْ يَتَعَذَّرْ اسْتِيفَاؤُهَا. وَالثَّانِي تَنْفَسِخُ كَمَا لَوْ حَبَسَهَا الْمُكْتَرِي، وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ نُقَرِّرْ بِهِ الْأُجْرَةَ لَضَاعَتْ الْمَنْفَعَةُ عَلَى الْمُكْرِي، وَلَا فَسْخَ وَلَا خِيَارَ بِذَلِكَ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ قَطْعًا لِأَنَّهُ دَيْنٌ نَاجِزٌ تَأَخَّرَ وَفَاؤُهُ (وَلَوْ) (أَجَّرَ عَبْدَهُ) أَيْ رَقِيقَهُ (ثُمَّ أَعْتَقَهُ) أَوْ وَقَفَهُ مَثَلًا أَوْ اسْتَوْلَدَ الْأَمَةَ ثُمَّ مَاتَ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا) أَيْ الْقِصَّةَ فِي ذَلِكَ (لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ) لِأَنَّهُ أَزَالَ مِلْكَهُ عَنْ الْمَنَافِعِ مُدَّتَهَا قَبْلَ نَحْوِ عِتْقِهِ فَلَمْ يُصَادِفْ إلَّا رَقَبَةً مَسْلُوبَةَ الْمَنَافِعِ خُصُوصًا وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تَحْدُثُ عَلَى مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ. وَالثَّانِي تَنْفَسِخُ كَمَوْتِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَخَرَجَ بِثُمَّ أَعْتَقَهُ مَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ ثُمَّ أَجَّرَهُ ثُمَّ وُجِدَتْ الصِّفَةُ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَإِنَّهَا تَنْفَسِخُ لِسَبْقِ اسْتِحْقَاقِ الْعِتْقِ عَلَى الْإِجَارَةِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَجَّرَ أُمَّ وَلَدِهِ ثُمَّ مَاتَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا هُنَا وَاعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ، وَمَا لَوْ أَقَرَّ بِعِتْقٍ سَابِقٍ عَلَى الْإِجَارَةِ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي فَسْخِهَا، وَيَغْرَمُ لِلْعَبْدِ أُجْرَةَ مِثْلِهِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ) أَيْ الشَّأْنَ (لَا خِيَارَ لِلْعَبْدِ) بِعِتْقِهِ فِي فَسْخِهَا لِتَصَرُّفِ سَيِّدِهِ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ فَلَمْ يَمْلِكْ نَقْضَهُ. وَالثَّانِي لَهُ الْخِيَارُ كَالْأَمَةِ تَحْتَ عَبْدٍ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ سَبَبَ الْخِيَارِ وَهُوَ نَقْصُهُ مَوْجُودٌ، وَلَا سَبَبَ لِلْخِيَارِ هُنَا لِمَا مَرَّ مِنْ كَوْنِ الْمَنَافِعِ تَحْدُثُ مَمْلُوكَةً لِلْمُكْتَرِي (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى سَيِّدِهِ بِأُجْرَةِ مَا) أَيْ الْمَنَافِعِ الَّتِي تُسْتَوْفَى مِنْهُ (بَعْدَ الْعِتْقِ) إلَى انْقِضَاءِ مُدَّتِهَا لِتَصَرُّفِهِ فِي مَنَافِعِهِ حِينَ كَانَ مَالِكًا لَهَا وَنَفَقَتُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِمَّا يَتَوَقَّفُ قَبْضُهَا عَلَى النَّقْلِ، فَالْوَجْهُ وِفَاقًا لِمَا رَجَعَ إلَيْهِ م ر أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِمُجَرَّدِ الْعَرْضِ إلَّا إذَا كَانَ عَلَى وَجْهٍ يُعَدُّ قَبْضًا فِي الْبَيْعِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ لَا يَكْفِي هُنَا: أَيْ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَكْرَى عَيْنًا) أَيْ إجَارَةَ عَيْنٍ أَوْ ذِمَّةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَيْ الْقِصَّةُ فِي ذَلِكَ) يَجُوزُ أَيْضًا رُجُوعُ الضَّمِيرِ لِلْإِجَارَةِ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ الْإِجَارَةُ مِنْ الْإِظْهَارِ فِي مَوْضِعِ الْإِضْمَارِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: الْبَطْنِ الْأَوَّلِ) بِمَوْتِهِ وَإِجَارَةِ أُمِّ وَلَدِهِ بِمَوْتِهِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ بِوُجُودِهَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ ذِكْرِهَا ثَمَّ الِاسْتِدْلَال عَلَى انْفِسَاخِ إجَارَةِ مَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ بِمَوْتِهِ، وَالْغَرَضُ مِنْهَا هُنَا بَيَانُ الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ ضَعِيفٌ) إنَّمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ مِنْ قِيَاسِهِ عَلَى صَحِيحِ اعْتِمَادِهِ (قَوْلُهُ مَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ إلَخْ) لَيْسَ هَذَا تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ فَأَشْبَهَ انْفِسَاخَ إجَارَةِ (قَوْلُهُ: فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ) وَبَقِيَ مَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ ثُمَّ آجَرَهُ وَوُجِدَتْ الصِّفَةُ مُقَارِنَةً لِلْإِيجَارِ هَلْ تَصِحُّ الْإِجَارَةُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِخُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهِ بِوُجُودِ الصِّفَةِ وَالْعِتْقِ إذَا قَارَنَ غَيْرَهُ بِقَدْرِ سَبْقِهِ لِشِدَّةِ تَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ آجَرَ أُمَّ وَلَدِهِ ثُمَّ مَاتَ) بَقِيَ مَا لَوْ آجَرَ أُمَّ وَلَدِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْفَسِخَ إلَّا بِالْمَوْتِ أَيْضًا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ أَقَرَّ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَمْ يُسَلِّمْهَا) أَيْ: وَلَا عِوَضَهَا (قَوْلُهُ:: وَهُوَ ضَعِيفٌ) أَيْ خِلَافُ مَا يَقْتَضِيهِ تَعْبِيرُهُ بِالْأَصَحِّ عَلَى مَا قَدَّمَهُ فِي الْخُطْبَةِ مِنْ اصْطِلَاحِهِ، عَلَى أَنَّ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ صَحِيحٌ لَا ضَعِيفٌ. فَمُرَادُ الشَّارِحِ بِهَذَا التَّوَرُّكُ عَلَى الْمَتْنِ بِأَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُعَبِّرَ بِالصَّحِيحِ بَدَلَ الْأَصَحِّ، لَكِنْ قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ فِيهِ تَسَمُّحٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ فِي الرَّوْضَةِ بِأَنَّ هَذَا ضَعِيفٌ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ هُنَاكَ بِالصَّحِيحِ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ مُقَابِلَهُ ضَعِيفٌ، وَبِمَا تَقَرَّرَ سَقْطُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِمَّا لَا يَصِحُّ عِنْدَ التَّأَمُّلِ

فِي بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ عَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَفْهَمَ فَرْضُهُ الْكَلَامَ فِيمَا لَوْ أَجَّرَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ بِشَيْءٍ عَلَى وَارِثٍ أَعْتَقَ قَطْعًا إذْ لَمْ يُنْقَضْ مَا عَقَدَهُ، وَلَوْ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ بَعْدَ الْعِتْقِ بِعَيْبٍ مَلَكَ مَنَافِعَ نَفْسِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَقِلًّا، وَالْمُتَّجَهُ فِيمَا لَوْ أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ عَبْدٍ لِزَيْدٍ وَبِرَقَبَتِهِ لِآخَرَ فَرَدَّ زَيْدٌ الْوَصِيَّةَ رُجُوعُ الْمَنَافِعِ لِلْوَرَثَةِ، فَلَوْ أَجَّرَ دَارِهِ ثُمَّ وَقَفَهَا ثُمَّ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ رَجَعَتْ لِلْوَاقِفِ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَالثَّانِي يَرْجِعُ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ تُسْتَوْفَى مِنْهُ قَهْرًا فَصَارَ كَمَا لَوْ أَكْرَهَهُ سَيِّدُهُ عَلَى الْعَمَلِ (وَيَصِحُّ بَيْعُ) الْعَيْنِ (الْمُسْتَأْجَرَةِ) حَالَ الْإِجَارَةِ (لِلْمُكْتَرِي) قَطْعًا لِانْتِفَاءِ الْحَائِلِ كَمَا لَوْ بَاعَ الْمَغْصُوبُ مِنْ غَاصِبِهِ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ بَيْعُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِهِ لِلْبَائِعِ لِضَعْفِ مِلْكِهِ (وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي الْأَصَحِّ) لِوُرُودِهَا عَلَى الْمَنْفَعَةِ وَالْمِلْكُ عَلَى الرَّقَبَةِ فَلَا مُنَافَاةَ. وَالثَّانِي تَنْفَسِخُ لِأَنَّهُ إذَا مَلَكَ الرَّقَبَةَ حَدَثَتْ الْمَنَافِعُ عَلَى مِلْكِهِ فَلَا تُسْتَوْفَى الْإِجَارَةُ وَكَمَا لَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَنْتَقِلُ إلَى الْمُشْتَرِي مَا كَانَ لِلْبَائِعِ وَالْبَائِعُ حِينَ الْبَيْعِ مَا كَانَ يَمْلِكُ الْمَنْفَعَةَ، بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَإِنَّ السَّيِّدَ يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ بُضْعِ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ كَانَ الْمَهْرُ لِلسَّيِّدِ لَا لِلزَّوْجِ (فَلَوْ) (بَاعَهَا لِغَيْرِهِ) أَوْ وَقَفَهَا أَوْ وَهَبَهَا أَوْ أَوْصَى بِهَا وَقَدْ قُدِّرَتْ الْإِجَارَةُ بِزَمَنٍ (جَازَ فِي الْأَظْهَرِ) وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْمُكْتَرِي لِمَا مَرَّ مِنْ اخْتِلَافِ الْمَوْرِدَيْنِ، وَيَدُ الْمُسْتَأْجِرِ لَا تُعَدُّ حَائِلَةً فِي الرَّقَبَةِ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَيْهَا يَدُ أَمَانَةٍ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُمْنَعْ الْمُشْتَرِي مِنْ تَسَلُّمِهَا لَحْظَةً لَطِيفَةً لِيَسْتَقِرَّ مِلْكُهُ ثُمَّ يَرْجِعُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَيُغْتَفَرُ ذَلِكَ الْقَدْرُ الْيَسِيرُ لِلضَّرُورَةِ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّ يَدَ الْمُسْتَأْجِرِ حَائِلَةٌ عَنْ التَّسْلِيمِ بِحَقٍّ لَازِمٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ بَعْدَ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى وَارِثٍ أُعْتِقَ) أَيْ الْوَارِثُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ بَعْدَ الْعِتْقِ بِعَيْبٍ) أَيْ وَيَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ بِقِسْطِ مَا بَقِيَ عَلَى السَّيِّدِ أَوْ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَجَّرَ دَارِهِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَوْ أَجَّرَ إلَخْ، لِأَنَّ هَذَا لَا يَتَفَرَّعُ عَلَى مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: رَجَعَتْ) أَيْ الْمَنْفَعَةُ لِلْوَاقِفِ، اُنْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا لَوْ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ بَعْدَ عِتْقِ الْعَبْدِ حَيْثُ يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ نَفْسِهِ وَلَا تَرْجِعُ لِسَيِّدِهِ، ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْعِ بِمَا صُورَتُهُ: وَيُفَارِقُ: أَيْ مِلْكُ الْعَتِيقِ مَنَافِعَ نَفْسِهِ نَظِيرَهُ الْآتِي فِي صُورَةِ الْبَيْعِ مِنْ أَنَّهَا لِلْبَائِعِ وَإِنْ شَرِكَ بَيْنَهُمَا الْمُتَوَلِّي فِي الْبِنَاءِ الْآتِي، ثُمَّ أَخَذَ مِنْهُ الْإِسْنَوِيُّ تَرْجِيحَ أَنَّهَا لِلسَّيِّدِ بِأَنَّ الْعِتْقَ لَمَّا كَانَ مُتَقَرَّبًا بِهِ وَالشَّارِعُ مُتَشَوِّفًا إلَيْهِ كَانَتْ مَنَافِعُ الْعَتِيقِ لَهُ نَظَرًا لِمَقْصُودِ الْعِتْقِ مِنْ كَمَالِ تَقَرُّبِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِمَا لَا يَشْفِي، وَمِنْ نَحْوِ الْبَيْعِ الْوَقْفُ فَإِنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَتَشَوَّفْ إلَيْهِ تَشَوُّفَهُ لِلْعِتْقِ، وَمِنْ ثَمَّ جَرَى الْخِلَافُ فِي مِلْك الْمَوْقُوفِ، وَكَتَبَ أَيْضًا " قَوْلُهُ رَجَعْت لِلْوَاقِفِ " أَيْ وَيَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ بِقِسْطِ مَا بَقِيَ عَلَى الْوَاقِفِ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا امْتَنَعَ بَيْعُ الْمُشْتَرِي) قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا الْكَلَامُ فِيهِ لِأَنَّ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْإِجَارَةِ مَنْفَعَةُ الْعَيْنِ، وَاَلَّذِي أَوْرَدَ عَقْدَ الْبَيْعِ عَلَيْهِ مَحَلُّ الْمَنْفَعَةِ وَهُوَ الْعَيْنُ وَلَيْسَتْ مُتَعَلَّقَ الْإِجَارَةِ فَلَا جَامِعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ. نَعَمْ يُشْكَلُ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ صِحَّةِ إجَارَةِ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ مِنْ الْمُؤَجِّرِ قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّهَا الشَّبِيهَةُ بِبَيْعِ الْمَبِيعِ مِنْ الْبَائِعِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَالْكَلَامِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ السَّيِّدَ يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ بُضْعِ الْأَمَةِ) يُتَأَمَّلُ وَكَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْمِلْكَ فِي النِّكَاحِ وَارِدٌ عَلَى الْمَنْفَعَةِ أَيْضًا إذْ الزَّوْجُ لَا يَمْلِكُهَا بَلْ يَمْلِكُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِشَيْءٍ مَخْصُوصٍ اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ قُدِّرَتْ الْإِجَارَةُ) أَيْ فِي الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَمْنَعْ الْمُسْتَأْجِرُ) أَيْ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِلضَّرُورَةِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَصَارَ كَمَا لَوْ أَكْرَهَهُ سَيِّدُهُ عَلَى الْعَمَلِ) أَيْ: بَعْدَ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا امْتَنَعَ بَيْعُ الْمُشْتَرِي إلَخْ) الْجَامِعُ بَيْنَ هَذَا وَمَسْأَلَتِنَا أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فِيهِ بَيْعُ الشَّخْصِ مَا لَيْسَ تَحْتَ يَدِهِ لِمَنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إذَا مَلَكَ الرَّقَبَةَ حَدَثَتْ الْمَنَافِعُ عَلَى مِلْكِهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ مِلْكُ الرَّقَبَةِ لَا مِنْ حَيْثُ الْإِجَارَةُ، وَإِلَّا فَالْمَنَافِعُ تَحْدُثُ عَلَى مِلْكِ

فَكَانَتْ أَوْلَى بِالْمَنْعِ مِنْ الْغَاصِبِ، وَرُدَّ بِمَا مَرَّ. وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ كَانَتْ مَشْحُونَةً بِأَمْتِعَةٍ كَثِيرَةٍ لَا يُمْكِنُ تَفْرِيغُهَا إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَإِنْ تَوَقَّفَ قَبْضُهَا عَلَى تَفْرِيغِهَا عَلَى مَا مَرَّ فِي بَابِهِ، أَمَّا إذَا قُدِّرَتْ بِعَمَلٍ فَكَذَلِكَ خِلَافًا لِأَبِي الْفَرَجِ الْبَزَّارِ وَإِنْ تَبِعَهُ الْبُلْقِينِيُّ (وَلَا تَنْفَسِخُ) الْإِجَارَةُ قَطْعًا، بَلْ تَبْقَى فِي يَدِ الْمُكْتَرِي إلَى انْقِضَاءِ أَمَدِهَا، فَإِنْ جَهِلَ الْمُشْتَرِي تَخَيَّرَ وَلَوْ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَسَوَاءٌ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَلَوْ مَعَ الْجَهْلِ أَكَانَ جَاهِلًا بِالْمُدَّةِ أَمْ عَالِمًا خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ، فَإِنْ أَجَازَ لَمْ يَسْتَحِقَّ أُجْرَةً لِبَقِيَّةِ الْمُدَّةِ، وَلَوْ عَلِمَهَا وَظَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْأُجْرَةِ فَإِنْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ عَادَتْ الْمَنَافِعُ لِلْبَائِعِ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَهُوَ أَوْجَهُ مِمَّا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ أَنَّهَا لِلْمُشْتَرِي، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَا قَالَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ لَوْ اشْتَرَى الرَّقَبَةَ ثُمَّ بَاعَهَا انْتَقَلَتْ بِمَنَافِعِهَا لِلْمُشْتَرِي، وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا مُدَّةً ثُمَّ اشْتَرَاهَا ثُمَّ بَاعَهَا وَالْمُدَّةُ بَاقِيَةٌ فَتَنْتَقِلُ بِجَمِيعِ مَنَافِعِهَا لِلْمُشْتَرِي، فَإِنْ اسْتَثْنَى الْبَائِعُ الْمَنْفَعَةَ الَّتِي لَهُ بِالْإِجَارَةِ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَلَوْ أَجَّرَ لِبِنَاءٍ أَوْ غِرَاسٍ ثُمَّ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ فَأَجَّرَ لِآخَرَ قَبْلَ وُقُوعِ التَّخْيِيرِ السَّابِقِ نَظِيرُهُ فِي الْعَارِيَّةِ لَمْ يَصِحَّ فِيمَا يَضُرُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ الْبِنَاءَ أَوْ الشَّجَرَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِبَقَاءِ احْتِرَامِ مَالِ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ. وَيَصِحُّ فِي غَيْرِ الْمُضِرِّ سَوَاءٌ أَخَصَّهُ بِالْعَقْدِ أَمْ لَمْ يَخُصَّهُ، وَكَانَ التَّوْزِيعُ عَلَى الْمُضِرِّ وَغَيْرِهِ مُمْكِنًا، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ بَعْضِهِمْ يَصِحُّ إنْ أَمْكَنَ تَفْرِيغُهَا مِنْهُ فِي مُدَّةٍ لَا أُجْرَةَ لِمِثْلِهَا وَلَمْ يَسْتُرْهَا الْغِرَاسُ، وَأَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ فِيمَنْ أَجَّرَ أَرْضَهُ مُدَّةً بِأُجْرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ ثُمَّ مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ قَبْلَ أَوَانِ الزَّرْعِ فَاسْتَوْلَى آخَرُ وَزَرَعَ عُدْوَانًا بِحُلُولِ الْأُجْرَةِ بِمَوْتِهِ وَعَدَمِ انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ، هَذَا إنْ لَمْ يَضَعْ الْمُتَعَدِّي يَدَهُ وَإِلَّا ارْتَفَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــSهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يُجْبَرُ عَلَى تَفْرِيغِهَا، وَأَنَّهُ لَوْ رَضِيَ بِتَفْرِيغِهَا وَاحْتَاجَ التَّفْرِيغُ إلَى أُجْرَةٍ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا عَلَى الْمُؤَجِّرِ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ التَّفْرِيغِ تَعُودُ إلَيْهِ لِانْتِفَاعِهِ بِإِزَالَةِ الضَّمَانِ عَنْهُ وَاسْتِقْرَارِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَوَقَّفَ قَبْضُهَا) قَضِيَّةُ قَوْلِهِ قَبْلَ لَحْظَةٍ لَطِيفَةٍ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ هُنَا عَلَى تَسْلِيمِهَا لِلْمُشْتَرِي حَيْثُ كَانَتْ مُدَّةُ التَّفْرِيغِ تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ أَوْ فِيهَا مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً، وَيُؤَخِّرُ الْمُشْتَرِي قَبْضَ الْعَيْنِ إلَى انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ قَهْرًا عَلَيْهِ حَيْثُ اشْتَرَى عَالِمًا بِكَوْنِهَا مُؤَجَّرَةً فَقَدْ رَضِيَ بِبَقَائِهَا فِي يَدِهِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِأَبِي الْفَرَجِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ كَلَامَ أَبِي الْفَرَجِ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ لِغَيْرِ الْمُكْتَرِي (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ) يُتَأَمَّلُ كَوْنُ ذَلِكَ مُؤَيِّدًا لِلْأَوَّلِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَظْهَرُ تَأْيِيدُهُ لِلثَّانِي: أَيْ وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ: وَالْمُدَّةُ بَاقِيَةٌ) أَيْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ فِي غَيْرِ الْمُضِرِّ) أَيْ وَيُتَخَيَّرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُسْتَأْجِرِ كَمَا مَرَّ، وَعِبَارَةُ الْمُحَقِّقِ الْجَلَالِ: لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ تَابِعَةٌ فِي الْبَيْعِ لِلرَّقَبَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ جَهِلَ الْمُشْتَرِي تَخَيَّرَ وَلَوْ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي إنْ جَهِلَ وَلَوْ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، لَكِنْ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ بُطْلَانَ الْبَيْعِ عِنْدَ جَهْلِ الْمُدَّةِ انْتَهَتْ. فَقَوْلُهُ: وَلَوْ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ غَايَةٌ فِي الْجَهْلِ إشَارَةٌ إلَى رَدِّ مَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَكَأَنَّ الشَّارِحَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَهِمَ مِنْهَا غَيْرَ الْمُرَادِ فَتَصَرَّفْ فِيهَا بِمَا تَرَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ الْجَهْلِ) صَوَابُهُ فِي حَالَةِ الْعِلْمِ إذْ الْجَهْلُ بِالْإِجَارَةِ لَا يَصِحُّ فِيهِ التَّعْمِيمُ بَعْدَهُ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلِمَهَا وَظَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْأُجْرَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَوْ عَلِمَهَا وَظَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْأُجْرَةِ تَخَيَّرَ عِنْدَ الْغَزَالِيِّ وَرَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى. وَقَالَ الشَّاشِيُّ: لَا يَتَخَيَّرُ فَلَوْ انْفَسَخَتْ إلَخْ، فَآخِرُ الْعِبَارَةِ سَاقِطٌ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ، إذْ لَا يَصِحُّ جَعْلُ قَوْلِهِ وَلَوْ عَلِمَهَا إلَخْ غَايَةٌ فِيمَا قَبْلَهُ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ عَقِبَ قَوْلِهِ إنْهَاءً لِلْمُشْتَرِي نَصُّهَا: وَلَوْ آجَرَ دَارِهِ مُدَّةً ثُمَّ اسْتَأْجَرَهَا تِلْكَ الْمُدَّةَ ثُمَّ بَاعَهَا فَهَلْ تَدْخُلُ الْمَنْفَعَةُ فِي الْبَيْعِ؟ اخْتَلَفَ فِيهِ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ، وَالْأَوْجَهُ نَعَمْ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ إلَخْ. وَأَمَّا مَا فِي الشَّارِحِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ وُقُوعِ التَّخْيِيرِ) وَظَاهِرٌ أَنَّ مِثْلَهُ بَعْدَهُ إذَا اخْتَارَ الْإِبْقَاءَ بِالْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ بَعْضِهِمْ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ

[كتاب إحياء الموات]

الْحُلُولُ الَّذِي سَبَّبَهُ مَوْتُ الْمُسْتَأْجِرِ، لِأَنَّ الْحُلُولَ إنَّمَا يَدُومُ حُكْمُهُ مَا دَامَتْ الْإِجَارَةُ بِحَالِهَا، فَإِذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ وَيَدُ الْمُتَعَدِّي قَائِمَةٌ فَقَدْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِي الْجَمِيعِ وَارْتَفَعَ الْحُلُولُ وَيَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ رَدُّ مَا أَخَذَهُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ عَلَى وَرَثَتِهِ. قَالَ: وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ نَفِيسَةُ لَمْ تَقَعْ لِي قَطُّ وَيَسْتَحِقُّ الْمُؤَجِّرُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ عَلَى الْمُتَعَدِّي وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ تَعَلُّقٌ بِهِ اهـ. وَيُؤَيِّدُ مَا مَرَّ فِي الْغَصْبِ وَلَوْ أَجَّرَ بِأُجْرَةٍ مُقَسَّطَةٍ فَكَتَبَ الشُّهُودُ الْأُجْرَةَ إجْمَالًا ثُمَّ قُسِّطَتْ بِمَا لَا يُطَابِقُ الْإِجْمَالَ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْجَمْعُ تَحَالَفَا لِأَنَّ تَعَارُضَ ذَيْنِك أَوْجَبَ سُقُوطَهُمَا، وَإِنْ أَمْكَنَ كَأَنْ قَالُوا أَرْبَعَ سِنِينَ بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ كُلُّ شَهْرٍ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَعَشَرَةُ دَرَاهِمَ حُمِلَ عَلَى تَقْسِيطِ الْمَبْلَغِ عَلَى أَوَّلِ الْمُدَّةِ فَيَفْضُلُ بَعْدَ تِسْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ تُقَسَّطُ عَلَى مَا يَخُصُّهَا مِنْ الشَّهْرِ وَهُوَ يَوْمٌ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ الْعِشْرِينَ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ يَوْمٍ لِأَنَّ حِصَّةَ كُلِّ يَوْمٍ سَبْعَةٌ، وَبِمَعْنَى ذَلِكَ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ مَا يُوَافِقُهُ. كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ الْأَصْلُ فِيهِ خَبَرُ «مَنْ عَمَرَ أَرْضًا لَيْسَتْ لِأَحَدٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا» وَصَحَّ أَيْضًا «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ» وَلِهَذَا لَمْ يُحْتَجْ فِي الْمِلْكِ هُنَا إلَى لَفْظٍ لِأَنَّهُ إعْطَاءٌ عَامٌّ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّ اللَّهَ أَقْطَعَهُ أَرْضَ الدُّنْيَا كَأَرْضِ الْجَنَّةِ لِيَقْطَعَ مِنْهَا مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ وَمِنْ ثَمَّ أَفْتَى السُّبْكِيُّ بِكُفْرِ مُعَارِضِ أَوْلَادِ تَمِيمٍ فِيمَا أَقْطَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ بِأَرْضِ الشَّامِ وَأَجْمَعُوا عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُشْتَرِي كَمَا كَانَ يُتَخَيَّرُ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُ مَا مَرَّ) أَيْ قَرِيبًا فِي قَوْلِ الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ أَكْرَى عَيْنًا مُدَّةً إلَخْ أَوْ حَبَسَهَا أَوْ غَصَبَهَا إلَخْ (قَوْلُهُ فِي الْغَصْبِ) أَيْ لِلْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ اهـ سم (قَوْلُهُ: ثُمَّ قُسِّطَتْ بِمَا لَا يُطَابِقُ الْإِجْمَالَ) أَيْ أَمَّا لَوْ لَمْ تُقَسَّطْ الْأُجْرَةُ عَلَى أَجْزَاءِ الْمُؤَجَّرِ كَمَا لَوْ قَالَ أَجَّرْتُك هَذِهِ الْأَرْضَ بِكَذَا عَلَى أَنَّهَا خَمْسُونَ ذِرَاعًا مَثَلًا فَبَانَتْ دُونَ ذَلِكَ لَمْ يَسْقُطْ مِنْ الْأُجْرَةِ شَيْءٌ فِي مُقَابَلَةِ مَا نَقَصَ مِنْ الْأَذْرُعِ، لَكِنْ يُتَخَيَّرُ الْمُسْتَأْجِرُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَارَةِ، فَإِنْ فَسَخَ رَجَعَ بِمَا دَفَعَهُ إنْ كَانَ وَإِلَّا سَقَطَ الْمُسَمَّى عَنْ ذِمَّتِهِ، ثُمَّ إنْ كَانَ الْفَسْخُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ أَوْ بَعْضِهَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِ مَا مَضَى مِنْ الْمُدَّةِ قَبْلَ الْفَسْخِ (قَوْلُهُ: تَحَالَفَا) أَيْ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ وَيَفْسَخَانِهَا هُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ الْحَاكِمُ إنْ لَمْ يَتَرَاضَيَا بِقَوْلِ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: عَلَى أَوَّلِ الْمُدَّةِ) أَيْ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ لَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الْإِجَارَةُ. كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ (قَوْلُهُ: مَنْ عَمَرَ أَرْضًا) هُوَ بِالتَّخْفِيفِ وَهُوَ لُغَةُ الْقُرْآنِ، قَالَ تَعَالَى {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ} [التوبة: 18] وَيَجُوزُ فِيهِ التَّشْدِيدُ وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَمْ تُعْلَمْ الرِّوَايَةُ (قَوْلُهُ: وَصَحَّ أَيْضًا) ذَكَرَهُ بَعْدَ الْأَوَّلِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّصْرِيحِ بِالِاخْتِصَاصِ، إذْ الْأَوَّلُ يُشْعِرُ بِأَنَّ لِغَيْرِهِ فِيهِ حَقًّا عَلَى مَا يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ أَحَقَّ (قَوْلُهُ: وَأَجْمَعُوا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى كُفْرِ الْمُعَارِضِ، لَكِنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ تَكْفِيرِهِ بِالْمُعَارَضَةِ إذْ غَايَتُهُ انْتِزَاعُ عَيْنٍ مِنْ يَدِ مُسْتَحِقِّهَا. نَعَمْ إنْ حُمِلَ عَلَى مُسْتَحِلِّ ذَلِكَ فَلَا يَبْعُدُ التَّكْفِيرُ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الَّذِي سَبَبُهُ مَوْتُ الْمُسْتَأْجِرِ) خَرَجَ بِهِ الْحُلُولُ الَّذِي سَبَبُهُ مُضِيُّ الْمُدَّةِ قَبْلَ مَوْتِهِ فَلَا يَرْتَفِعُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. [كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ] (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ أَفْتَى السُّبْكِيُّ بِكُفْرِ إلَخْ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ: فِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَأَجْمَعُوا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى إحْيَاءِ الْمَوَاتِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ، وَإِنَّمَا قَالَ فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّتِهِ وَمَا يَحْصُلُ بِهِ فَلَمْ

وَيُسْتَحَبُّ التَّمَلُّكُ بِهِ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَلَهُ فِيهَا أَجْرٌ وَمَا أَكَلَتْ الْعَوَافِي» أَيْ طُلَّابُ الرِّزْقِ مِنْهَا «فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ» وَهُوَ (الْأَرْضُ الَّتِي لَمْ تَعْمُرْ قَطُّ) أَيْ لَمْ يُتَيَقَّنْ عِمَارَتُهَا فِي الْإِسْلَامِ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ وَلَيْسَتْ مِنْ حُقُوقِ عَامِرٍ وَلَا مِنْ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ تِلْكَ الْأَرْضُ (إنْ كَانَتْ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ فَلِلْمُسْلِمِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا كَمَجْنُونٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، وَمُرَادُهُمَا بِذَلِكَ فِيمَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَصْدُ كَمَا يَأْتِي (تَمَلَّكَهَا بِالْإِحْيَاءِ) وَيُسْتَحَبُّ اسْتِئْذَانُ الْإِمَامِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَصْدُ، وَعَبَّرَ بِذَلِكَ الْمُشْعِرُ بِهِ لِكَوْنِهِ الْغَالِبَ. نَعَمْ لَوْ حَمَى الْإِمَامُ لِنَعَمِ الصَّدَقَةِ مَوْضِعًا مِنْ الْمَوَاتِ فَأَحْيَاهُ شَخْصٌ لَمْ يَمْلِكْهُ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْأَئِمَّةِ، وَلَوْ تَحَجَّرَ مُسْلِمٌ مَوَاتًا وَلَمْ يَتْرُكْ حَقَّهُ وَلَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ يَسْقُطُ فِيهَا حَقُّهُ لَمْ يَحِلَّ لِمُسْلِمٍ تَمَلُّكُهُ وَإِنْ كَانَ لَوْ فَعَلَ مَلَكَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ التَّمَلُّكُ بِهِ) أَيْ بِالْإِحْيَاءِ، وَقَوْلُهُ فَلَهُ فِيهَا: أَيْ فِي إحْيَائِهَا أَجْرٌ: أَيْ ثَوَابٌ (قَوْلُهُ: طُلَّابَ الرِّزْقِ) أَيْ مِنْ إنْسَانٍ أَوْ بَهِيمَةٍ أَوْ طَيْرٍ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الذِّمِّيَّ لَيْسَ لَهُ الْإِحْيَاءُ لِأَنَّ الْأَجْرَ لَا يَكُونُ إلَّا لِمُسْلِمٍ اهـ إسْعَادٌ اهـ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ. أَقُولُ: وَقَدْ يَمْنَعُ دَلَالَتُهُ عَلَى مَنْعِ إحْيَاءِ الذِّمِّيِّ، وَقَوْلُهُ فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ لَا تُؤْخَذُ مِنْهُ التَّخْصِيصُ بِالْمُسْلِمِ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَهُ الصَّدَقَةُ وَيُثَابُ عَلَيْهَا، إمَّا فِي الدُّنْيَا مِنْ كَثْرَةِ الْمَالِ وَالْبَنِينَ، أَوْ فِي الْآخِرَةِ بِتَخْفِيفِ الْعَذَابِ كَبَاقِي الْمَطْلُوبَاتِ الَّتِي لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ، بِخِلَافِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ خُصُوصًا وَالتَّخْصِيصُ بِالْمُسْلِمِ يَقْتَضِي أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَصِحُّ إحْيَاؤُهُ وَهُوَ فَاسِدٌ لِمَا يَأْتِي فِي الْمَتْنِ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِبِلَادِ كُفَّارٍ إلَخْ، وَالْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ الْوَارِدَةُ بِعُمُومِهَا تَشْمَلُ الْكُفَّارَ فَإِنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِالْفُرُوعِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَوْ كَانَ التَّخْصِيصُ فِي الْخَبَرِ مُرَادًا لَقِيلَ بِبِلَادِ الْمُسْلِمِينَ تَأَمَّلْ. وَفِي الْمِصْبَاحِ الثَّوَابُ الْجَزَاءُ، وَأَثَابَهُ اللَّهُ فَعَلَ لَهُ ذَلِكَ، وَقَالَ فِي الْأَلِفِ مَعَ الْجِيمِ أَجَرَهُ اللَّهُ أَجْرًا مِنْ بَابَيْ ضَرَبَ وَقَتَلَ وَآجَرَهُ بِالْمَدِّ لُغَةٌ ثَالِثَةٌ إذَا أَثَابَهُ اهـ. فَلَمْ يُقَيِّدْ مَا يُسَمَّى ثَوَابًا بِجَزَاءِ الْمُسْلِمِ فَاقْتَضَى أَنَّ كُلَّ مَا يَقَعُ جَزَاءً يُسَمَّى ثَوَابًا وَأَجْرًا سَوَاءٌ كَانَ الْفَاعِلُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ شَرْعًا (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَيَقَّنْ عِمَارَتَهَا) يَدْخُلُ فِيهِ مَا تَيَقَّنَ عَدَمَ عِمَارَتِهِ فِي الْإِسْلَامِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمَا شَكَّ فِيهِ وَسَيَأْتِي عَدَمُ جَوَازِ إحْيَائِهِ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ هَلْ هِيَ جَاهِلِيَّةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا مِنْ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ) كَحَافَّاتِ الْأَنْهَارِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا) أَيْ بِشَرْطِ تَمْيِيزِهِ اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ لَكِنْ يُعَارِضُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ كَمَجْنُونٍ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَجْنُونٍ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ، وَكَتَبَ سم عَلَى قَوْلِ حَجّ وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ شَامِلٌ لِصَبِيٍّ غَيْرِ مُمَيِّزٍ اهـ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا سِيَاتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَمَا لَا يُفْعَلُ عَادَةً إلَّا لِتَمَلُّكٍ إلَخْ أَنَّ مَحِلَّ مِلْكِ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ بِالْإِحْيَاءِ حَيْثُ كَانَ الْمُحْيِي مِمَّا لَا يَتَوَقَّفُ مِلْكُهُ عَلَى قَصْدٍ كَالدُّورِ، وَكَتَبَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ وَلَوْ رَقِيقًا وَيَكُونُ لِسَيِّدِهِ اهـ. وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُبَعَّضِ أَمَّا الْمُبَعَّضُ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ فَهُوَ لِمَنْ وَقَعَ الْإِحْيَاءُ فِي نَوْبَتِهِ، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةً فَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا، وَلَا يَتَوَقَّفُ مِلْكُ سَيِّدِهِ أَوْ هُوَ عَلَى قَصْدٍ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِخُصُوصِهِ، بَلْ مَتَى أَحْيَا مَالًا يَتَوَقَّفُ مِلْكُهُ عَلَى قَصْدٍ أَوْ قَصْدِ التَّمَلُّكِ فِيمَا يَتَوَقَّفُ مِلْكُهُ عَلَى قَصْدٍ كَالْآبَارِ كَانَ حُكْمُهُ مَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَمَا لَا يُفْعَلُ عَادَةً إلَّا لِتَمَلُّكٍ كَبِنَاءِ دَارٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ) أَيْ الْإِحْيَاءِ، وَقَوْلُهُ الْقَصْدُ: أَيْ عَلَى مَا يَأْتِي أَيْضًا، وَقَوْلُهُ وَعَبَّرَ بِذَلِكَ: أَيْ التَّمَلُّكِ: وَقَوْلُهُ الْمُشْعَرِ بِهِ: أَيْ بِالْقَصْدِ، وَقَوْلُهُ لِكَوْنِهِ: أَيْ التَّمَلُّكِ، وَقَوْلُهُ لَمْ يَتْرُكْ حَقَّهُ: أَيْ لَمْ يُتَيَقَّنْ تَرْكُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQيَجْمَعُوا إلَّا عَلَى مُطْلَقِ الْإِحْيَاءِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَصْدُ) أَيْ عَلَى الْإِطْلَاقِ بِقَرِينَةِ مَا قَدَّمَهُ آنِفًا (قَوْلُهُ: الْمُشْعِرِ بِهِ)

وَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى الْجَوَازِ لَا عَلَى الصِّحَّةِ فَلَا إيرَادَ (وَلَيْسَ هُوَ) أَيْ تَمَلُّكُ ذَلِكَ (لِذِمِّيٍّ) وَلَا غَيْرِهِ مِنْ الْكُفَّارِ بِالْأَوْلَى، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ لِخَبَرِ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ مُرْسَلًا «عَادِيُّ الْأَرْضِ» أَيْ قَدِيمُهَا، وَنُسِبَ لِعَادٍ لِقِدَمِهِمْ وَقُوَّتِهِمْ «لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ هِيَ لَكُمْ مِنِّي» وَإِنَّمَا جَازَ لِكَافِرٍ مَعْصُومٍ نَحْوُ احْتِطَابٍ وَاصْطِيَادٍ بِدَارِنَا لِأَنَّ الْمُسَامَحَةَ تَغْلِبُ فِي ذَلِكَ (وَإِنْ كَانَتْ) تِلْكَ الْأَرْضُ (بِبِلَادِ كُفَّارٍ فَلَهُمْ إحْيَاؤُهَا) مُطْلَقًا لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ دَارِهِمْ وَلَا ضَرَرَ عَلَيْنَا فِيهِ (وَكَذَا لِمُسْلِمٍ إنْ كَانَتْ مِمَّا لَا يَذُبُّونَ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّهَا: أَيْ يَدْفَعُونَ (الْمُسْلِمِينَ عَنْهَا) كَمَوَاتِ دَارِنَا بِخِلَافِ مَا يَذُبُّونَ عَنْهُ، وَقَدْ صَالَحْنَاهُمْ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَهُمْ فَلَيْسَ لَهُ إحْيَاؤُهُ. أَمَّا مَا كَانَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَيُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ يَجُوزُ تَمَلُّكُ عَامِرِهَا فَمَوَاتُهَا بِالْأَوْلَى وَلَوْ لِغَيْرِ قَادِرٍ عَلَى الْإِقَامَةِ بِهَا، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ بِالِاسْتِيلَاءِ فَقَطْ إذْ لَا يُمْكِنُ زِيَادَتُهُ عَلَى مَوَاتِ الْإِسْلَامِ، فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ وَلَعَلَّ ذِكْرَهُمْ لِلْإِحْيَاءِ لِكَوْنِ الْكَلَامِ فِيهِ، وَإِلَّا فَالْقِيَاسُ مِلْكُهُ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ بِقَصْدِ تَمَلُّكِهِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ صَرِيحِ كَلَامِهِمْ فِي السِّيَرِ اهـ غَيْرُ سَدِيدٍ، فَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ مِنْ أَنَّهُ يَصِيرُ بِالِاسْتِيلَاءِ كَالْمُتَحَجِّرِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ الْعَامِرَ إذَا مَلَكَ بِذَلِكَ فَالْمَوَاتُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، نَبَّهَ عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ (وَمَا) عُرِفَ أَنَّهُ (كَانَ مَعْمُورًا) فِي الْمَاضِي وَإِنْ كَانَ الْآنَ خَرَابًا مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ أَوْ غَيْرِهَا وَإِنْ خَصَّهُ الشَّارِحُ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ (فَلِمَالِكِهِ) إنْ عُرِفَ وَلَوْ ذِمِّيًّا أَوْ نَحْوَهُ وَإِنْ كَانَ وَارِثًا نَعَمْ مَا أَعْرَضَ عَنْهُ الْكُفَّارُ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ الْأَمْلَاكُ لَا تَزُولُ بِالْأَعْرَاضِ إذْ مَحِلُّهُ فِي أَمْلَاكِ مُحْتَرَمٍ. أَمَّا الْحَرْبِيُّ فَمِلْكُهُ مُعَرَّضٌ لِلزَّوَالِ فَيَزُولَ بِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ فَيْئًا أَوْ غَنِيمَةً لِأَنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ مِلْكُ الْحَرْبِيِّ بَاقِيًا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَقَوْلُهُ وَيُحْمَلُ كَلَامُهُ: أَيْ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: لَا عَلَى الصِّحَّةِ) لَعَلَّ الْأَوْلَى يُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى الصِّحَّةِ لَا عَلَى الْجَوَازِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ فَلِلْمُسْلِمِ تَمْلِيكُهَا يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ عُمُومَهُ يَتَنَاوَلُ مَا يَحْجُرُهُ الْغَيْرُ مَعَ أَنَّهُ يَحْرُمُ إحْيَاؤُهُ، فَإِذَا حُمِلَ عَلَى الصِّحَّةِ انْدَفَعَ الْإِيرَادُ لِأَنَّ الصِّحَّةَ قَدْ تَتَأَتَّى فِي الْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ: تَمَلُّكُ ذَلِكَ لِذِمِّيٍّ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا أَحْيَا ذَلِكَ لِلْإِرْفَاقِ لَا يُمْنَعُ، وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا ازْدَحَمَ مَعَ مُسْلِمٍ فِي إرَادَةِ الْإِحْيَاءِ أَنْ يُقَدَّمَ السَّابِقُ وَلَوْ ذِمِّيًّا، فَإِنْ جَاءَا مَعًا قُدِّمَ الْمُسْلِمُ عَلَى الذِّمِّيِّ، فَإِنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ أَوْ ذِمِّيَّيْنِ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا لَوْ اجْتَمَعَ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ بِدَارِ كُفْرٍ لَمْ يَذُبُّونَا عَنْ مَوَاتِهَا، وَقَالَ فِي الرَّوْضِ: وَإِنْ أَحْيَا ذِمِّيٌّ أَرْضًا مَيْتَةً: أَيْ بِدَارِنَا وَلَوْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ نُزِعَتْ مِنْهُ وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ، فَلَوْ نَزَعَهَا مِنْهُ مُسْلِمٌ وَأَحْيَاهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ مَلَكَهَا، فَلَوْ زَرَعَهَا الذِّمِّيُّ وَزَهِدَ فِيهَا: أَيْ أَعْرَضَ صَرَفَ الْإِمَامُ الْغَلَّةَ فِي الْمَصَالِحِ وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ تَمَلُّكُهَا اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: لِأَنَّهَا مِلْكٌ لِلْمُسْلِمِينَ اهـ. وَقَضِيَّتُهُ دُخُولُهَا فِي مِلْكِ الْمُسْلِمِينَ بِمُجَرَّدِ زُهْدِهِ فِيهَا بِدُونِ تَمْلِيكٍ وَلَا تَمَلُّكٍ مِنْهُمْ وَلَا مِنْ نَائِبِهِمْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْله لِلَّهِ وَرَسُولِهِ) فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى مَا مَرَّ أَنَّ اللَّهَ أَقْطَعَهُ أَرْضَ الدُّنْيَا كَأَرْضِ الْجَنَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا جَازَ لِكَافِرٍ مَعْصُومٍ) مَفْهُومُهُ أَنَّ غَيْرَ الْمَعْصُومِ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ بِدَارِنَا، وَأَنَّهُ إذَا فَعَلَ لَا يَمْلِكُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: بِبِلَادِ كُفَّارٍ) أَيْ أَهْلِ ذِمَّةٍ اهـ حَجّ. وَيُؤْخَذُ التَّقْيِيدُ بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ أَمَّا مَا كَانَ بِدَارِ الْحَرْبِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّهَا) اقْتَصَرَ فِي الْمُخْتَارِ عَلَى الضَّمِّ فَلَعَلَّهُ الْأَفْصَحُ وَإِنْ أَشْعَرَ كَلَامُ الشَّارِحِ بِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ صَالَحْنَاهُمْ) هَذَا الْقَيْدُ ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ، قَالَ: وَكَذَا لَوْ كَانَتْ أَرْضَ هُدْنَةٍ يَرَاهُ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ فَيَمْلِكُ بِالْإِحْيَاءِ مُطْلَقًا) دَفَعْنَا عَنْهُ أَوْ لَا (قَوْلُهُ فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ) هُوَ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ذِمِّيًّا) أَيْ أَوْ حَرْبِيًّا وَإِنْ مَلَكَ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَهُ) كَالْمُعَاهَدِ وَالْمُؤَمَّنِ (قَوْلُهُ أَمْلَاكِ مُحْتَرَمٍ) أَيْ شَخْصٍ مُحْتَرَمٍ (قَوْلُهُ: فَيَزُولَ بِهِ) أَيْ الْإِعْرَاضُ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ مِلْكُ الْحَرْبِيِّ بَاقِيًا) قَدْ يُشْكِلُ بِمَا جَلَوْا ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ بِالْقَصْدِ وَالْمُشْعِرُ هُوَ قَوْلُهُ: فَلِلْمُسْلِمِ تَمْلِيكُهَا (قَوْلُهُ: وَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى الْجَوَازِ) صَوَابُهُ: وَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى الصِّحَّةِ لَا عَلَى الْجَوَازِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ ذِمِّيًّا) أَيْ أَوْ حَرْبِيًّا كَمَا قَالَهُ الشِّهَابُ سم، وَحِينَئِذٍ فَكَانَ الْأَوْلَى أَخْذَهُ غَايَةً

إلَى اسْتِيلَائِنَا عَلَيْهِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا (فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ) مَالِكُهُ دَارًا كَانَ أَوْ قَرْيَةً بِدَارِنَا (وَالْعِمَارَةُ إسْلَامِيَّةٌ) يَقِينًا (فَمَالٌ ضَائِعٌ) يَرْجِعُ فِيهِ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ مِنْ حِفْظِهِ أَوْ بَيْعِهِ وَحِفْظِ ثَمَنِهِ وَاسْتِقْرَاضِهِ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ إلَى ظُهُورِ مَالِكِهِ إنْ رُجِيَ وَإِلَّا كَانَ مِلْكًا لِبَيْتِ الْمَالِ فَلَهُ إقْطَاعُهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي الزَّكَاةِ فَقَالَ: لِلْإِمَامِ إقْطَاعُ أَرْضِ بَيْتِ الْمَالِ وَتَمْلِيكُهَا: أَيْ إذَا رَأَى مَصْلَحَةً سَوَاءً أَقْطَعَ رَقَبَتَهَا أَمْ مَنْفَعَتَهَا، لَكِنَّهُ فِي الشِّقِّ الْأَخِيرِ يَسْتَحِقُّ الِانْتِفَاعَ بِهَا مُدَّةَ الْإِقْطَاعِ خَاصَّةً كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ، وَمَا فِي الْأَنْوَارِ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ مَرْدُودٌ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ حُكْمُ مَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى مِنْ أَخْذِ الظَّلَمَةِ الْمُكُوسَ وَجُلُودَ الْبَهَائِمِ وَنَحْوَهَا الَّتِي تُذْبَحُ وَتُؤْخَذُ مِنْ مُلَّاكِهَا قَهْرًا وَتَعَذَّرَ رَدُّ ذَلِكَ لَهُمْ لِلْجَهْلِ بِأَعْيَانِهِمْ وَهُوَ صَيْرُورَتُهَا لِبَيْتِ الْمَالِ فَيَحِلُّ بَيْعُهَا وَأَكْلُهَا كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَإِنْ كَانَتْ) الْعِمَارَةُ (جَاهِلِيَّةً) وَجَهِلَ دُخُولَهَا فِي أَيْدِينَا (فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ) أَيْ الْمَعْمُورُ (يَمْلِكُ بِالْإِحْيَاءِ) ـــــــــــــــــــــــــــــSعَنْهُ خَوْفًا مِنَّا فَإِنَّ اسْتِيلَاءَهُمْ عَلَيْهِ لَمْ يَبْقَ إلَى دُخُولِهِ فِي أَيْدِينَا، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُخَصَّ مَا هُنَا بِمَا تَرَكُوهُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ لَا بِسَبَبِ الْمُسْلِمِينَ أَصْلًا، أَمَّا مَا تَرَكُوهُ لِذَلِكَ فَاسْتِيلَاؤُهُمْ عَلَيْهِ بَاقٍ حُكْمًا حَتَّى لَوْ تَمَكَّنُوا مِنْ الرُّجُوعِ لَهُ وَأَمِنُوا اغْتِيَالَ الْمُسْلِمِينَ رَجَعُوا إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَتَمْلِيكُهَا) وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْآنَ فِي أَمَاكِنَ خَرِبَةٍ بِمِصْرِنَا جُهِلَتْ أَرْبَابُهَا وَأُيِسَ مِنْ مَعْرِفَتِهِمْ فَيَأْذَنَ وَكِيلُ السُّلْطَانِ فِي أَنَّ مَنْ عَمَرَ شَيْئًا مِنْهَا فَهُوَ لَهُ فَمَنْ عَمَرَ شَيْئًا مِنْهَا مَلَكَهُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحِلَّهُ مَا لَمْ يَظْهَرْ كَوْنُ الْمُحَيَّا مَسْجِدًا أَوْ وَقْفًا أَوْ مِلْكًا لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ، فَإِنْ ظَهَرَ لَمْ يَمْلِكْهُ، وَبَعْدَ ظُهُورِهِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ كَمَا فِي إعَارَةِ الْأَرْضِ لِلْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ بَيْنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ تَلْزَمَهُ الْأُجْرَةُ لِلْمَالِكِ مُدَّةَ وَضْعِ يَدِهِ. [فَرْعٌ] فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ: رَجُلٌ بِيَدِهِ رَزْقَةٌ اشْتَرَاهَا ثُمَّ مَاتَ فَوَضَعَ شَخْصٌ يَدَهُ عَلَيْهَا بِتَوْقِيعٍ سُلْطَانِيٍّ، فَهَلْ لِلْوَرَثَةِ مُنَازَعَتُهُ؟ الْجَوَابُ: إنْ كَانَ الرَّزْقَةُ وَصَلَّتْ إلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ بِأَنْ أَقْطَعَهُ السُّلْطَانُ إيَّاهَا، وَهِيَ أَرْضٌ مَوَاتٌ فَهُوَ يَمْلِكُهَا، وَيَصِحُّ مِنْهُ بَيْعُهَا وَيَمْلِكُهَا الْمُشْتَرِي مِنْهُ، وَإِذَا مَاتَ فَهِيَ لِوَرَثَتِهِ، وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ وَضْعُ الْيَدِ عَلَيْهَا لَا بِأَمْرٍ سُلْطَانِيٍّ وَلَا غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ السُّلْطَانُ أَقْطَعَهُ إيَّاهَا وَهِيَ غَيْرُ مَوَاتٍ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ الْآنَ فَإِنَّ الْمُقْطَعَ لَا يَمْلِكُهَا بَلْ يَنْتَفِعُ بِهَا بِحَسَبِ مَا يُقِرُّهَا السُّلْطَانُ وَلِلسُّلْطَانِ انْتِزَاعُهَا مَتَى شَاءَ وَلَا يَجُوزُ لِلْمُقْطَعِ بَيْعُهَا، فَإِنْ بَاعَ فَفَاسِدٌ، وَإِذَا أَعْطَاهَا السُّلْطَانُ لِأَحَدٍ نَفَذَ وَلَا يُطَالَبُ اهـ. وَأَقُولُ: مَا تَضَمُّنُهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ إقْطَاعَ السُّلْطَانِ لِغَيْرِ الْمَوَاتِ لَا يَكُونُ عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ مَمْنُوعٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ، وَحِينَئِذٍ فَإِذَا أَقْطَعَهُ غَيْرَ الْمَوَاتِ تَمْلِيكًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُجْرَى فِيهِ مَا ذَكَرَهُ الْمُجِيبُ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ اهـ سَمِّ عَلَى حَجّ. وَبَقِيَ مَا لَوْ شَكَّ هَلْ هُوَ إقْطَاعُ تَمْلِيكٍ أَوْ إرْفَاقٍ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّمْلِيكِ (قَوْلُهُ: لِلْجَهْلِ بِأَعْيَانِهِمْ) أَمَّا لَوْ عُرِفَ مَالِكُوهَا فَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِهِمْ فَلَا يَحِلُّ بَيْعُهَا وَلَا أَكْلُهَا. نَعَمْ لِمَالِكِهَا أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا مَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ حَقُّهُ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ وَإِلَّا حُرِّمَ (قَوْلُهُ: فَيَحِلُّ بَيْعُهَا وَأَكْلُهَا) أَيْ بَعْدَ دُخُولِهَا فِي يَدِ وَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ وَتَصَرُّفِهِ فِيهَا بِالْمَصْلَحَةِ (قَوْلُهُ: جَاهِلِيَّةً) أَيْ يَقِينًا بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ وَجَهِلَ دُخُولَهَا فِي أَيْدِينَا لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّا تَيَقَّنَّا كَوْنَهَا فِي الْأَصْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَاسْتِقْرَاضُهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ) الْوَاوُ فِيهِ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ: لِلْإِمَامِ إقْطَاعُ أَرْضِ بَيْتِ الْمَالِ) أَيْ: إرْفَاقًا بِقَرِينَةِ عَطْفِ وَتَمْلِيكُهَا عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْإِقْطَاعُ يَشْمَلُ الْإِرْفَاقَ وَالتَّمْلِيكَ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَقْطَعَ رَقَبَتَهَا أَمْ مَنْفَعَتَهَا) هُوَ عَيْنُ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَتَعَذَّرَ رَدُّ ذَلِكَ لِلْجَهْلِ بِأَعْيَانِهِمْ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَعْرِفْ أَحَدٌ مِنْهُمْ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ، فَلَيْسَتْ الصُّورَةُ أَنَّهُمْ مَوْجُودُونَ، لَكِنْ جَهِلَ عَيْنَ مَا لِكُلٍّ مِنْهُمْ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي جُلُودِ الْبَهَائِمِ الْآنَ؛ إذْ حُكْمُهَا أَنَّهَا مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ أَرْبَابِهَا

إذْ لَا حُرْمَةَ لِمِلْكِ الْجَاهِلِيَّةِ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَوَاتٍ. نَعَمْ إنْ كَانَ بِدَارِهِمْ وَذَبُّونَا عَنْهُ، وَقَدْ صُولِحُوا عَلَى أَنَّهُ لَهُمْ لَمْ يَمْلِكْ بِالْإِحْيَاءِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ هَلْ هِيَ جَاهِلِيَّةٌ أَوْ إسْلَامِيَّةٌ، قَالَ بَعْضُ شُرَّاحِ الْحَاوِي: فَفِي ظَنِّيِّ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُهَا الْإِحْيَاءُ. (وَلَا يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ حَرِيمٌ مَعْمُورٌ) لِأَنَّهُ مِلْكٌ لِمَالِكِ الْمَعْمُورِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ وَحْدَهُ كَمَا قَالَهُ أَبُو عَاصِمٍ الْعَبَّادِيُّ كَمَا لَا يُبَاعُ شِرْبُ الْأَرْضِ وَحْدَهُ، وَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ الْجَوَازِ كَكُلِّ مَا يَنْقُصُ قِيمَةَ غَيْرِهِ فَرَّقَ السُّبْكِيُّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ هَذَا تَابِعٌ فَلَا يُفْرَدُ (وَهُوَ) أَيْ الْحَرِيمُ (مَا تَمَسُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ لِتَمَامِ الِانْتِفَاعِ) وَإِنْ حَصَلَ أَصْلُهُ بِدُونِهِ (فَحَرِيمُ الْقَرْيَةِ) الْمُحَيَّاةُ (النَّادِي) وَهُوَ مُجْتَمَعُ الْقَوْمِ لِلتَّحَدُّثِ (وَمُرْتَكَضٌ) نَحْوُ (الْخَيْلِ) وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا خَيَّالَةً خِلَافًا لِلْإِمَامِ وَمَنْ تَبِعَهُ، فَقَدْ تَتَجَدَّدُ لَهُمْ أَوْ يَسْكُنُ الْقَرْيَةَ بَعْدَهُمْ مَنْ لَهُ ذَلِكَ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْكَافِ: مَكَانُ سَوْقِهَا (وَمُنَاخُ الْإِبِلِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ إبِلٌ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ وَهُوَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ: مَا يُنَاخُ فِيهِ (وَمَطْرَحُ الرَّمَادِ) وَالْقُمَامَاتِ وَالسِّرْجِينُ (وَنَحْوُهَا) كَمَرَاحِ الْغَنَمِ وَمَلْعَبِ الصِّبْيَانِ وَمَسِيلِ الْمَاءِ وَطُرُقِ الْقَرْيَةِ، لِأَنَّ الْعُرْفَ مُطَّرِدٌ بِذَلِكَ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ خَلَفًا عَنْ سَلَفٍ، وَمِنْهُ مَرْعَى الْبَهَائِمِ إنْ قَرُبَ عُرْفًا مِنْهَا وَاسْتَقَلَّ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَكَذَا إنْ بَعُدَ ـــــــــــــــــــــــــــــSجَاهِلِيَّةً وَشَكَكْنَا فِي أَنَّهَا غُنِمَتْ لِلْمُسْلِمِينَ قَبْلُ أَوْ لَمْ تُغْنَمْ (قَوْلُهُ: قَالَ بَعْضُ شُرَّاحِ الْحَاوِي إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّا بِعِمَارَتِهِ عَلِمْنَا سَبْقَ مِلْكِهِ وَشَكَكْنَا فِي مُزِيلِهِ، بِخِلَافِ مَا شُكَّ فِي أَصْلِ عِمَارَتِهِ فَيَجُوزُ إحْيَاؤُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعِمَارَةِ، ثُمَّ ظَاهِرُ قَوْلِهِ فَفِي ظَنِّي إلَخْ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَنْقُولَةٌ لَكِنَّهُ لَمْ يَتَيَقَّنْهَا، وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ مَا نَقَلَهُ سم مِنْ قَوْلِهِ فِي تَجْرِيدِ الْمُزَجَّدِ: إذَا شُكَّ فِي أَنَّ الْعِمَارَةَ إسْلَامِيَّةٌ أَوْ جَاهِلِيَّةٌ فَوَجْهَانِ كَالْقَوْلَيْنِ فِي الرِّكَازِ الَّذِي جُهِلَ حَالُهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِلْكٌ لِمَالِكِ الْمَعْمُورِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّى أَحَدٌ بِالزِّرَاعَةِ أَوْ نَحْوِهَا فِيهِ لَزِمَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَيَقْلَعُ مَا فَعَلَهُ مَجَّانًا، فَإِنْ رَضُوا بِبَقَائِهِ بِالْأُجْرَةِ فَقِيَاسُ مَنْعِ عَدَمِ بَيْعِهِ وَحْدَهُ عَدَمُ جَوَازِهِ، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ يُتَسَامَحُ فِيهَا بِمَا لَا يُتَسَامَحُ بِهِ فِي تَمْلِيكِ الْعَيْنِ، وَأُجْرَةِ الْمِثْلِ اللَّازِمَةِ لَهُ إذَا أُخِذَتْ وُزِّعَتْ عَلَى أَهْلِ الْقَرْيَةِ بِقَدْرِ أَمْلَاكِهِمْ مِمَّنْ لَهُ حَقٌّ فِي الْحَرِيمِ، وَاَلَّذِي لَهُ حَقٌّ فِي الْحَرِيمِ أَرْبَابُ الْأَمْلَاكِ فَيَسْتَحِقُّ كُلٌّ مِنْهُمْ مَا تَمَسُّ حَاجَتُهُ إلَيْهِ مِمَّا يُحَاذِي مِلْكَهُ مِنْ الْجَهَالَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا مِنْ الْقَرْيَةِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ وَحْدَهُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ مَالِكَ الدَّارِ إحْدَاثُ حَرِيمٍ لَهَا كَالْمَمَرِّ عَلَى مَا مَرَّ لِلشَّارِحِ فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَا يُبَاعُ شِرْبُ الْأَرْضِ) أَيْ نَصِيبُهَا مِنْ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: كَكُلِّ مَا يَنْقُصُ قِيمَةَ غَيْرِهِ) أَيْ وَهُوَ مُنْفَصِلٌ كَأَحَدِ زَوْجَيْ خُفٍّ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ جُزْءٍ مُعَيَّنٍ مِنْ إنَاءٍ أَوْ سَيْفٍ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: مَا تَمَسُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ) بِأَنْ لَا يَكُونَ ثَمَّ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ، أَمَّا لَوْ اتَّسَعَ الْحَرِيمُ وَاعْتِيدَ طَرْحُ الرَّمَادِ فِي مَوْضِعٍ مِنْهُ، ثُمَّ اُحْتِيجَ إلَى عِمَارَةِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مَعَ بَقَاءِ مَا زَادَ عَلَيْهِ فَتَجُوزُ عِمَارَتُهُ لِعَدَمِ تَفْوِيتِ مَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ أُرِيدَ عِمَارَةُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ بِتَمَامِهِ وَتَكْلِيفُهُمْ طَرْحَ الرَّمَادِ فِي غَيْرِهِ بِجِوَارِهِ وَلَوْ قَرِيبًا مِنْهُ فَلَا يَجُوزُ بِغَيْرِ رِضَاهُمْ، لِأَنَّهُ بِاعْتِيَادِهِمْ الرَّمْيَ فِيهِ صَارَ مِنْ الْحُقُوقِ الْمُشْتَرَكَةِ وَهَذَا يَقَعُ بِبِلَادِنَا كَثِيرًا فَلْيُتَفَطَّنْ لَهُ، وَكَذَا يَجُوزُ الْغِرَاسُ فِيهِ لِمَا لَا يَمْنَعُ مِنْ انْتِفَاعِهِمْ بِالْحَرِيمِ كَأَنْ غَرَسَ فِي مَوَاضِعَ يَسِيرَةٍ بِحَيْثُ لَا يُفَوِّتُ مَنَافِعَهُمْ الْمَقْصُودَةَ مِنْ الْحَرِيمِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوَهَا) مِنْ الْجَرِينِ الْمُعَدِّ لِدِيَاسَةِ الْحَبِّ فَيَمْتَنِعُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِمَا يُعَطِّلُ مَنْفَعَتَهُ عَلَى أَهْلِ الْقَرْيَةِ، أَوْ يَنْقُصُهَا فَلَا يَجُوزُ زَرْعُهُ فِي غَيْرِ وَقْتِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ إنْ تَرَتَّبَ عَلَى زَرْعِهِ نَقْصُ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَقْتَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ كَأَنْ حَصَلَ فِي الْأَرْضِ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَمَا فِي إفْتَاءِ النَّوَوِيِّ الَّذِي مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي بَابِ الْغَصْبِ (قَوْلُهُ: قَالَ بَعْضُ شُرَّاحِ الْحَاوِي فَفِي ظَنِّي إلَخْ) مَا ظَنَّهُ هَذَا الْبَعْضُ جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَصَحَّحَهُ الشَّارِحُ وَوَالِدُهُ فِي تَصْحِيحِ الْعُبَابِ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ يَقِينًا لَيْسَ بِقَيْدٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَصَلَ أَصْلُهُ) أَيْ: أَصْلُ الِانْتِفَاعِ بِدُونِهِ (قَوْلُهُ: وَاسْتَقَلَّ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مَقْصُودًا لِلرَّعْيِ، بِخِلَافِ مَا إذَا

وَمَسَّتْ حَاجَتُهُمْ لَهُ وَلَوْ فِي بَعْضِ السُّنَّةِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الْمُحْتَطَبُ، وَلَيْسَ لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ مَنْعُ الْمَارَّةِ مِنْ رَعْيِ مَوَاشِيهِمْ فِي مَرَاعِيهَا الْمُبَاحَةِ وَحَرِيمِ النَّهْرِ كَالنِّيلِ مَا تَمَسُّ الْحَاجَةُ لَهُ لِتَمَامِ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَمَا يُحْتَاجُ لِإِلْقَاءِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ فِيهِ لَوْ أُرِيدَ حَفْرُهُ أَوْ تَنْظِيفُهُ فَيَمْتَنِعَ الْبِنَاءُ فِيهِ وَلَوْ مَسْجِدًا وَيُهْدَمُ مَا بُنِيَ فِيهِ كَمَا نُقِلَ عَنْ إجْمَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَلَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِذَلِكَ فِي عَصْرِنَا حَتَّى أَلَّفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ وَأَطَالُوا لِيَنْزَجِرَ النَّاسُ فَلَمْ يَنْزَجِرُوا، وَلَا يُغَيَّرُ ـــــــــــــــــــــــــــــSخَلَلٌ مِنْ أَثَرِ الزَّرْعِ كَتَكْرِيبٍ يَمْنَعُ كَمَالَ الِانْتِفَاعِ الْمُعْتَادِ فَتَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ (قَوْلُهُ فِي مَرَاعِيهَا الْمُبَاحَةِ) قَدْ يَخْرُجُ الْمَرْعَى الْمَعْدُودِ مِنْ الْحَرِيمِ لِأَنَّ الْحَرِيمَ مَمْلُوكٌ كَمَا تَقَدَّمَ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَسْجِدًا وَيُهْدَمُ) أَيْ وَمَعَ وُجُوبِ هَدْمِهِ لَا تَحْرُمُ الصَّلَاةُ فِيهِ لِأَنَّ غَايَةَ أَمْرِهِ أَنَّهَا صَلَاةٌ فِي حَرِيمِ النَّهْرِ وَهِيَ جَائِزَةٌ بِتَقْدِيرِ عَدَمِ الْبِنَاءِ فَمَعَ وُجُودِهِ كَذَلِكَ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ لِلْمَسْجِدِ الْمَذْكُورِ إمَامٌ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ خَدَمَةِ الْمَسْجِدِ أَوْ مِمَّنْ لَهُ وَظِيفَةٌ فِيهِ كَقِرَاءَةٍ فَيَنْبَغِي اسْتِحْقَاقُهُمْ الْمَعْلُومَ كَمَا فِي الْمَسْجِدِ الْمَوْقُوفِ وَقَفًا صَحِيحًا، لِأَنَّ الْإِمَامَةَ وَالْقِرَاءَةَ وَنَحْوَهُمَا لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى مَسْجِدٍ، وَاعْتِقَادُ الْوَاقِفِ صِحَّةَ وَقَفِيَّتِهِ مَسْجِدًا لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَ الشَّرْحِ، وَتَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ أَيْضًا لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الْقَصْرِ مُجَاوَزَةُ مَحِلِّهِ فَهُوَ كَسَاحَةٍ بَيْنَ الدُّورِ فَاحْفَظْهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ. اهـ. وَفِي سم عَلَى حَجّ فَرْعَانِ: أَحَدُهُمَا الِانْتِفَاعُ بِحَرِيمِ الْأَنْهَارِ كَحَافَّاتِهَا بِوَضْعِ الْأَحْمَالِ وَالْأَثْقَالِ وَجَعْلِ زَرِيبَةٍ مِنْ قَصَبٍ وَنَحْوِهِ لِحِفْظِ الْأَمْتِعَةِ فِيهَا كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ الْيَوْمَ فِي سَاحِلِ بُولَاقَ وَمِصْرَ الْقَدِيمَةِ وَنَحْوِهَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِيهِ إنْ فَعَلَهُ لِلِارْتِفَاقِ بِهِ وَلَمْ يَضُرَّ بِانْتِفَاعِ غَيْرِهِ، وَلَا ضِيقَ عَلَى الْمَارَّةِ وَنَحْوِهِمْ وَلَا عُطْلَ أَوْ نَقْصَ مَنْفَعَةِ النَّهْرِ كَانَ جَائِزًا، وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ عِوَضٍ مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا حَرُمَ وَلَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا لَوْ انْتَفَعَ بِمَحِلٍّ انْكَشَفَ عَنْهُ النَّهْرُ فِي زَرْعٍ وَنَحْوِهِ. وَالثَّانِي مَا يَحْدُثُ فِي خِلَالِ النَّهْرِ مِنْ الْجَزَائِرِ وَالْوَجْهِ الَّذِي لَا يَصِحُّ غَيْرُهُ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ لِبَعْضِهِمْ امْتِنَاعُ إحْيَائِهَا لِأَنَّهَا مِنْ النَّهْرِ أَوْ حَرِيمِهِ لِاحْتِيَاجِ رَاكِبِ الْبَحْرِ وَالْمَارِّ بِهِ لِلِانْتِفَاعِ بِهَا لِوَضْعِ الْأَحْمَالِ وَالِاسْتِرَاحَةِ وَالْمُرُورِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، بَلْ هِيَ أَوْلَى بِمَنْعِ إحْيَائِهَا مِنْ الْحَرِيمِ الَّذِي يَتَبَاعَدُ عَنْهُ الْمَاءُ. وَقَدْ تَقَرَّرَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ لَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُهُ بِذَلِكَ م ر اهـ. ثُمَّ هَلْ يَتَوَقَّفُ الِانْتِفَاعُ بِهَا عَلَى إذْنِ الْإِمَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَمْ يَسْتَقِلَّ مَرْعَى وَإِنْ كَانَتْ الْبَهَائِمُ تَرْعَى فِيهِ عِنْدَ الْخَوْفِ مِنْ الْإِبْعَادِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَسْجِدًا وَيُهْدَمُ) قَالَ الشَّيْخُ فِي حَاشِيَتِهِ: وَمَعَ وُجُوبِ هَدْمِهِ لَا تَحْرُمُ الصَّلَاةُ فِيهِ؛ لِأَنَّ غَايَةَ أَمْرِهِ أَنَّهَا صَلَاةٌ فِي حَرِيمِ النَّهْرِ وَهِيَ جَائِزَةٌ بِتَقْدِيرِ عَدَمِ الْبِنَاءِ فَمَعَ وُجُودِهِ كَذَلِكَ: أَيْ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ مِنْ وَاضِعِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ وَقْفَ الْبِنَاءِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِاسْتِحْقَاقِهِ الْإِزَالَةَ. وَبَقِيَ مَا إذَا مَاتَ الْوَاضِعُ فَهَلْ يُعْتَبَرُ إذْنُ كُلِّ مَنْ آلَ إلَيْهِ إرْثُ ذَلِكَ أَوْ عَلِمَ رِضَاهُ إذْ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْمِلْكِ بِالْوَضْعِ الْمَذْكُورِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ يَنْبَغِي نَعَمْ كَذَا ظَهَرَ لِي فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ: وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ لِلْمَسْجِدِ الْمَذْكُورِ إمَامٌ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ خِدْمَةِ الْمَسْجِدِ أَوْ مِمَّنْ لَهُ وَظِيفَةٌ فِيهِ كَقِرَاءَةٍ فَيَنْبَغِي اسْتِحْقَاقُهُمْ الْمَعْلُومُ كَمَا فِي الْمَسْجِدِ الْمَوْقُوفِ وَقْفًا صَحِيحًا لِأَنَّ الْإِمَامَةَ وَالْقِرَاءَةَ وَنَحْوَهُمَا لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى مَسْجِدٍ، وَاعْتِقَادُ الْوَاقِفِ صِحَّةَ وَقْفِيَّتِهِ مَسْجِدًا لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَ الشَّرْطِ، وَتَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الْقَصْرِ مُجَاوَزَةُ مَحَلِّهِ فَهُوَ كَسَاحَةٍ بَيْنَ الدُّورِ، قَالَ: فَاحْفَظْهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ اهـ. وَهُوَ جَدِيرٌ بِمَا ذَكَرَهُ لِنَفَاسَتِهِ، لَكِنْ قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي اسْتِحْقَاقُهُمْ الْمَعْلُومُ لَا يَخْفَى أَنَّ مَحَلَّ اسْتِحْقَاقِهِمْ لَهُ مِنْ حَيْثُ الشَّرْطُ إذَا كَانَ الْوَاقِفُ يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَةَ مَا جُعِلَ الْمَعْلُومُ مِنْهُ، أَمَّا إذَا كَانَ لَا يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ قَدْ جَعَلَ الْمَعْلُومَ مِنْ أَمَاكِنَ جَعَلَهَا بِجَوَانِبِ الْمَسْجِدِ أَوْ أَسْفَلِهِ فِي الْحَرِيمِ أَيْضًا كَمَا هُوَ وَاقِعٌ كَثِيرًا فَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا دَخْلَ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ فِيهِ؛ لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ وَقْفِيَّتَهُ، ثُمَّ إنْ كَانَ مَنْ لَهُ الْمَعْلُومُ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ فِي بَيْتِ الْمَالِ جَازَ لَهُ تَعَاطِيهِ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْحَرِيمِ تُصْرَفُ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا مَرَّ جَوَابُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَعَاطِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَتَأَمَّلْ

هَذَا الْحُكْمُ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ بَعُدَ عَنْهُ الْمَاءُ بِحَيْثُ لَمْ يَصِرْ مِنْ حَرِيمِهِ لِاحْتِمَالِ عَوْدِهِ إلَيْهِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَا كَانَ حَرِيمًا لَا يَزُولُ وَصْفُهُ بِزَوَالِ مَتْبُوعِهِ وَيَحْتَمِلُ خِلَافُهُ (وَحَرِيمُ الْبِئْرِ) الْمَحْفُورَةِ (فِي الْمَوَاتِ) لِلتَّمَلُّكِ وَذِكْرُهُ الْمَوَاتَ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ الْحَرِيمُ إلَّا فِيهِ كَمَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُ الْآتِي وَالدَّارُ الْمَحْفُوفَةُ إلَخْ، وَيَصِحُّ أَنْ يُحْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْمَحْفُورَةِ فِي الْمِلْكِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ فِيهِ (مَوْقِفُ النَّازِحِ) لِلدِّلَاءِ مِنْهَا بِيَدِهِ وَفِي الْمَوَاتِ مُتَعَلِّقٌ بِمَا قَدَّرْنَاهُ الدَّالُّ عَلَيْهِ لَفْظُ الْبِئْرِ لِلُزُومِهِ لَهُ أَوْ حَالٌ مِنْهَا لِأَنَّ الْمُضَافَ كَالْجُزْءِ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ، وَهَلْ يُعْتَبَرُ قَدْرُ مَوْقِفِ النَّازِحِ مِنْ سَائِرِ جَوَانِبِ الْبِئْرِ أَوْ مِنْ أَحَدِهَا فَقَطْ؟ الْأَقْرَبُ اعْتِبَارُ الْعَادَةِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْمَحِلِّ (وَالْحَوْضُ) يَعْنِي مَصَبَّ الْمَاءِ لِأَنَّهُ كَمَا يُطْلَقُ عَلَى مُجْتَمَعِهِ الْآتِي يُطْلَقُ عُرْفًا أَيْضًا عَلَى مَصَبِّهِ الَّذِي يَذْهَبُ مِنْهُ إلَى مُجْتَمَعِهِ، فَلَا تَكْرَارَ فِي كَلَامِهِ، وَلَا مُخَالَفَةَ فِيهِ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا (وَالدُّولَابُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَشْهَرُ مِنْ فَتْحِهِ فَاغْتُسِلَ مُعَرَّبٌ قِيلَ وَهُوَ عَلَى شَكْلِ النَّاعُورَةِ: أَيْ مَوْضِعُهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ إنْ كَانَ الِاسْتِقَاءُ بِهِ، وَيُطْلَقُ عَلَى مَا يَسْتَقِي بِهِ النَّازِحُ وَمَا تَسْتَقِي بِهِ الدَّابَّةُ (وَمُجْتَمَعُ الْمَاءِ) أَيْ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ لِسَقْيِ الْمَاشِيَةِ وَالزَّرْعِ مِنْ حَوْضٍ وَنَحْوِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَفِي الْمُحَرَّرِ نَحْوُهُ (وَمُتَرَدَّدُ الدَّابَّةِ) إنْ اسْتَقَى بِهَا وَمُلْقَى مَا يَخْرُجُ مِنْ نَحْوِ حَوْضِهَا بِتَوَقُّفِ الِانْتِفَاعِ بِالْبِئْرِ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا حَدَّ لِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ وَيَأْتِي، بَلْ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي قَدْرِهِ عَلَى مَا تَمَسُّ إلَيْهِ الْحَاجَةُ إنْ امْتَدَّ الْمَوَاتُ إلَيْهِ وَإِلَّا فَإِلَى انْتِهَاءِ الْمَوَاتِ (وَحَرِيمُ الدَّارِ) الْمَبْنِيَّةُ (فِي الْمَوَاتِ) وَفِي ذِكْرِهِ مَا مَرَّ وَيَصِحُّ أَنْ يُحْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْمَحْفُوفَةِ بِمِلْكٍ، وَسَيَأْتِي فِنَاؤُهَا وَهُوَ مَا حَوَالَيْ جُدُرِهَا وَمَصَبِّ مَيَازِيبِهَا. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنْ كَانَ بِمَحِلٍّ يَكْثُرُ فِيهِ الْأَمْطَارُ وَ (مَطْرَحُ الرَّمَادِ وَكُنَاسَةٌ وَثَلْجٌ) فِي بَلَدِهِ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ (وَمَمَرٌّ فِي صَوْبِ الْبَابِ) أَيْ جِهَتِهِ، لَكِنْ لَا إلَى امْتِدَادِ الْمَوَادِّ، إذْ لِغَيْرِهِ إحْيَاءُ مَا قُبَالَتِهِ إذَا أَبْقَى مَمَرًّا لَهُ وَلَوْ مَعَ احْتِيَاجٍ إلَى ازْوِرَارٍ وَانْعِطَافٍ (وَحَرِيمُ آبَارِ الْقَنَاةِ) الْمُحَيَّاةُ لَا لِلِاسْتِقَاءِ مِنْهَا (مَا لَوْ حَفَرَ فِيهِ نَقَصَ مَاؤُهَا أَوْ خِيفَ الِانْهِيَارُ) أَيْ السُّقُوطُ، وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ لِينِ الْأَرْضِ وَصَلَابَتِهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ هُنَا مَا مَرَّ فِي بِئْرِ الِاسْتِقَاءِ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى حِفْظِهَا وَحِفْظِ مَائِهَا لَا غَيْرُ، وَلِهَذَا بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ جَوَازَ الْبِنَاءِ فِي حَرِيمِهَا بِخِلَافِ حَفْرِ الْبِئْرِ فِيهِ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ حَفْرِ بِئْرِ بِمِلْكِهِ يَنْقُصُ مَاءُ بِئْرِ جَارِهِ لِتَصَرُّفِهِ فِي مِلْكِهِ، بِخِلَافِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ ابْتِدَاءُ تَمَلُّكٍ وَآبَارٌ بِهَمْزَةٍ بَعْدَ مُوَحَّدَةٍ سَاكِنَةٍ كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ، وَيَجُوزُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي فَلَا يَأْثَمُ بِذَلِكَ وَإِنْ لَزِمَتْ الْأُجْرَةُ (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ عَوْدِهِ إلَيْهِ) يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أَيِسَ مِنْ عَوْدِهِ جَازَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: لَا يَزُولُ وَصْفُهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ بِزَوَالِ مَتْبُوعِهِ أَيْ حَيْثُ احْتَمَلَ عَوْدَهُ كَمَا كَانَ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ مُتَعَلَّقٌ بِمَا قَدَّرْنَاهُ) مَا الْمَانِعُ مِنْ تَعَلُّقِهِ بِالْبِئْرِ لِتَأَوُّلِهِ بِالْمُشْتَقِّ أَيْ الْحَفِيرَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ تَقْدِيرُ الشَّارِحِ مَا ذَكَرَ لَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ غَيْرِهِ، لَكِنَّ حَمْلَهُ عَلَى مَا ذُكِرَ أَظْهَرُ (قَوْلُهُ الْأَقْرَبُ اعْتِبَارُ الْعَادَةِ) وَعَلَى هَذَا فَيَأْتِي فِيهِ مِنْ التَّخْيِيرِ مَا سَنَذْكُرُهُ عَنْ الْخَادِمِ فِيمَا لَوْ حَجَرَ زَائِدًا عَلَى مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مِنْ نَحْوِ حَوْضٍ) أَيْ الْمَوْضِعِ الَّذِي يُطْرَحُ فِيهِ مَا يَخْرُجُ مِنْ حَوْضٍ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَإِلَى انْتِهَاءِ الْمَوَاتِ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: إنْ كَانَ وَإِلَّا فَلَا حَرِيمَ كَمَا تَقَرَّرَ اهـ (قَوْلُهُ: وَمَصَبُّ مَيَازِيبِهَا) هَلْ شَرْطُهُ اعْتِيَادُ الْمَيَازِيبِ أَوْ لَا عَلَى قِيَاسِ اعْتِبَارِ نَحْوِ مُرْتَكَضِ الْخَيْلِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا خَيَّالَةً عَلَى الْمُخْتَارِ الَّذِي قَدَّمْته اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: قَدْ يُقَالُ الْأَقْرَبُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، فَلَا يُشْتَرَطُ الِاعْتِيَادُ حَيْثُ أَمْكَنَ الِاحْتِيَاجُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَحَرِيمُ آبَارِ الْقَنَاةِ) هَذِهِ الْآبَارُ تُوجَدُ بِالْفَيُّومِ وَلَا نَعْرِفُهَا بِبِلَادِنَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَدَارَ) أَيْ هُنَا (قَوْلُهُ: يَنْقُصُ مَاءُ بِئْرِ جَارِهِ) لَا يُقَالُ: شَرْطُ جَوَازِ الْفِعْلِ إحْكَامُ الْبِنَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فِنَاؤُهَا) خَبَرُ قَوْلِ الْمَتْنِ وَحَرِيمُ. (قَوْلُهُ: فِي بَلَدِهِ) أَيْ الثَّلْجِ: أَيْ الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الثَّلْجُ كَالشَّامِ

تَقْدِيمُ الْهَمْزَةِ عَلَى الْمُوَحَّدَةِ وَقَلْبُهَا أَلْفًا، وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ اسْتِعْمَالًا قَالَهُ الْجَارْبُرْدِيُّ (وَالدَّارُ الْمَحْفُوفَةُ بِدُورٍ) أَوْ شَارِعٍ بِأَنْ أُحْيِيَتْ مَعًا أَوْ جُهِلَ الْحَالُ فِيمَا يَظْهَرُ (لَا حَرِيمَ لَهَا) لِانْتِفَاءِ الْمُرَجِّحِ لَهَا عَلَى غَيْرِهَا. نَعَمْ أَشَارَ الْبُلْقِينِيُّ وَاعْتَمَدَهُ غَيْرُهُ إلَى أَنَّ كُلَّ دَارٍ لَهَا حَرِيمٌ: أَيْ فِي الْجُمْلَةِ، قَالَ وَقَوْلُهُمْ هُنَا لَا حَرِيمَ لَهَا أَرَادُوا بِهِ غَيْرَ الْحَرِيمِ الْمُسْتَحَقِّ: أَيْ وَهُوَ مَا يُتَحَفَّظُ بِهِ عَنْ يَقِينِ الضَّرَرِ. (وَيَتَصَرَّفُ كُلُّ وَاحِدٍ) مِنْ الْمُلَّاكِ (فِي مِلْكِهِ عَلَى الْعَادَةِ) فِي التَّصَرُّفِ وَإِنْ تَضَرَّرَ بِهِ جَارُهُ أَوْ أَفْضَى لِإِتْلَافِ مَالِهِ كَأَنْ سَقَطَ بِسَبَبِ حَفْرِهِ الْمُعْتَادِ جِدَارُ جَارِهِ، إذْ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ ضَرَرٌ لَا جَابِرَ لَهُ (فَإِنْ) (تَعَدَّى) فِي تَصَرُّفِهِ بِمِلْكِهِ الْعَادَةَ (ضَمِنَ) مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ قَطْعًا أَوْ ظَنًّا قَوِيًّا كَأَنْ شَهِدَ بِهِ خَبِيرَانِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِتَقْصِيرِهِ، وَلِهَذَا أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِضَمَانِ مَنْ جَعَلَ دَارِهِ بَيْنَ النَّاسِ مَعْمَلَ نَشَادِرٍ وَشَمَّهُ أَطْفَالٌ فَمَاتُوا بِسَبَبِ ذَلِكَ لِمُخَالَفَتِهِ الْعَادَةَ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ) لِلشَّخْصِ (أَنْ) (يَتَّخِذَ دَارِهِ الْمَحْفُوفَةَ بِمَسَاكِنَ حَمَّامًا) وَلَفْظُهُ مُذَكَّرٌ وَطَاحُونَةً وَمَدْبَغَةً وَفُرْنًا (وَإِصْطَبْلًا وَحَانُوتَهُ فِي الْبَزَّازِينَ حَانُوتَ حَدَّادٍ) وَقَصَّارٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ (إذَا احْتَاطَ وَأَحْكَمَ الْجُدْرَانَ) إحْكَامًا لَائِقًا بِمَقْصِدِهِ لِتَصَرُّفِهِ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ وَلِمَا فِي مَنْعِهِ مِنْ إضْرَارِهِ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِلْإِضْرَارِ، وَرَدَّ بِأَنَّ الضَّرَرَ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ، وَاخْتَارَ جَمْعٌ الْمَنْعَ مِنْ كُلِّ مُؤْذٍ لَمْ يَعْتَدَّ، وَالرُّويَانِيُّ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ إلَّا إنْ ظَهَرَ مِنْهُ قَصْدُ التَّعَنُّتِ وَالْفَسَادِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَمِنْ لَازِمِ إحْكَامِهِ عَدَمُ نَقْصِ مَاءِ بِئْرِ جَارِهِ. لِأَنَّا نَقُولُ: إحْكَامُ الْبِنَاءِ يَمْنَعُ مِنْ سُقُوطِ الْجُدَرَانِ وَانْهِيَارِ الْحَوْضِ. وَأَمَّا نُقْصَانُ الْمَاءِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِتَقَارُبِ عُيُونِ الْآبَارِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَضَرَّرَ بِهِ) وَلَا يُنَافِيهِ أَنَّ مَنْ فَتَحَ سِرْدَابًا بِدُونِ إعْلَامِ الْجِيرَانِ ضَمِنَ مَا تَلِفَ بِرَائِحَتِهِ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالْإِعْلَامِ قَبْلَ الْفَتْحِ، فَمَنْ فَتَحَ بِدُونِ إعْلَامٍ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِي مِلْكِهِ عَلَى الْعَادَةِ بِالْإِعْلَامِ فَلِذَا ضَمِنَ، وَمَنْ قَلَى أَوْ شَوَى فِي مِلْكِهِ مَا يُؤَثِّرُ إجْهَاضَ الْحَامِلِ إنْ لَمْ تَأْكُلْ مِنْهُ وَجَبَ عَلَيْهِ دَفْعُ مَا يَدْفَعُ الْإِجْهَاضَ عَنْهَا، فَإِنْ قَصَّرَ ضَمِنَ، لَكِنْ لَا يَجِبُ دَفْعُهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَمَا فِي الْمُضْطَرِّ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعْلَامُ بِأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَقْلِيَ أَوْ يَشْوِيَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَادٍ فَلَا يَضْمَنُ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الدَّفْعُ مَتَى عَلِمَهَا وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ، لَكِنْ يَقُولُ لَهَا لَا أَدْفَعُ لَك إلَّا بِالثَّمَنِ، فَإِنْ امْتَنَعَتْ مِنْ بَذْلِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ الدَّفْعُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَتَضْمَنُ هِيَ جَنِينَهَا عَلَى عَاقِلَتِهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ حَجَرٍ. وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ امْتَنَعَتْ مِنْ بَذْلِ الثَّمَنِ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَقْدِرْ عَلَيْهِ حَالًّا وَطَلَبَتْ مِنْهُ نَسِيئَةً، فَإِنْ كَانَتْ فَقِيرَةً وَجَبَ عَلَيْهِ الدَّفْعُ بِلَا عِوَضٍ لِاضْطِرَارِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَلَمْ يَرْضَ بِذِمَّتِهَا وَامْتَنَعَ مِنْ الدَّفْعِ ضَمِنَ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَسْرَجَ فِي مِلْكِهِ عَلَى الْمُعْتَادِ جَازَ وَإِنْ أَدَّى إلَى تَلْوِيثِ جِدَارِ الْغَيْرِ بِالدُّخَانِ وَتَسْوِيدِهِ بِهِ أَوْ تَلْوِيثِ جِدَارِ مَسْجِدٍ بِجِوَارِهِ وَلَوْ مَسْجِدَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، كَذَا قَالَ م ر إنَّهُ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ، وَلَا شَكَّ أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِهِمْ بَلْ وَقَضِيَّةُ جَوَازِ الْإِسْرَاجِ بِمَا هُوَ نَجِسٌ وَإِنْ أَدَّى إلَى مَا ذَكَرَ، وَقَدْ الْتَزَمَهُ م ر تَارَةً وَتَوَقَّفَ أُخْرَى فِيمَا يَلْزَمُ مِنْهُ تَلْوِيثُ الْمَسْجِدِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَحَيْثُ اسْتَنَدَ إلَى مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ فَالظَّاهِرُ مَا الْتَزَمَهُ بِدُونِ التَّوَقُّفِ (قَوْلُهُ وَلِهَذَا أَفْتَى الْوَالِدُ) وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِمْ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَّخِذَ دَارِهِ الْمَحْفُوفَةَ بِمَسَاكِنَ إلَخْ، لَا أَنْ يُجَابَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ مَا اُعْتِيدَ فِعْلُهُ بَيْنَ النَّاسِ كَالْمَذْكُورَاتِ فِي قَوْلِهِمْ الْمَذْكُورِ وَإِنْ لَمْ يَعْتَدْ فِعْلَهَا فِي ذَلِكَ الْمَحِلِّ بِخُصُوصِهِ، وَبَيَّنَ مَا لَمْ يُعْتَدْ بَيْنَ النَّاسِ مُطْلَقًا كَمَا فِي هَذِهِ الْفَتْوَى اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: بِضَمَانِ مَنْ جَعَلَ) أَيْ خَطَأً لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ شَخْصًا مَا (قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ مُؤْذٍ لَمْ يَعْتَدْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ حُرْمَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلِهَذَا أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم: وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَّخِذَ دَارِهِ الْمَحْفُوفَةَ بِمَسَاكِنَ إلَخْ، إلَّا أَنْ يُجَابَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ مَا اُعْتِيدَ فِعْلُهُ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْجُمْلَةِ كَالْمَذْكُورَاتِ فِي قَوْلِهِمْ الْمَذْكُورِ وَإِنْ لَمْ يَعْتَدْ فِعْلَهَا فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ بِخُصُوصِهِ وَبَيْنَ مَا لَمْ يَعْتَدْ فِعْلَهُ بَيْنَ النَّاسِ مُطْلَقًا كَمَا فِي هَذِهِ الْفَتْوَى اهـ.

وَأَجْرَى ذَلِكَ فِي نَحْوِ إطَالَةِ الْبِنَاءِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَمْنَعُ بِمَا الْغَالِبُ فِيهِ الْإِخْلَالُ بِنَحْوِ حَائِطِ الْجَارِ كَدَقٍّ عَنِيفٍ يُزْعِجُهَا وَحَبْسِ مَاءٍ يَمْلِكُهُ تَسْرِي نَدَوَاتُهُ إلَيْهَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْحَاصِلُ مَنْعُهُ مِمَّا يَضُرُّ الْمِلْكَ لَا الْمَالِكَ انْتَهَى. وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ الْمَنْعِ مِنْ حَفْرِ بِئْرٍ بِمِلْكِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي حَفْرٍ مُعْتَادٍ وَمَا هُنَا فِي تَصَرُّفِهِ غَيْرُ مُعْتَادٍ. فَقَدْ نُقِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَتَصَرَّفُ كُلُّ شَخْصٍ فِي مِلْكِهِ عَلَى الْعَادَةِ وَلَا ضَمَانَ إذَا أَفْضَى إلَى تَلَفِهِ، وَمَنْ قَالَ يُمْنَعُ مِمَّا يَضُرُّ الْمِلْكَ دُونَ الْمَالِكِ مَحِلُّهُ فِي تَصَرُّفٍ يُخَالِفُ فِيهِ الْعَادَةَ لِقَوْلِهِمْ لَوْ حَفَرَ بِمِلْكِهِ بَالُوعَةً أَفْسَدَتْ مَاءَ بِئْرِ جَارِهِ أَوْ بِئْرًا نَقَصَتْ مَاءَهَا لَمْ يَضْمَنْ مَا لَمْ يُخَالِفْ الْعَادَةَ فِي تَوْسِيعِ الْبِئْرِ أَوْ تَقْرِيبِهَا مِنْ الْجِدَارِ أَوْ لِكَوْنِ الْأَرْضِ خَوَّارَةً تَنْهَارُ إذَا لَمْ تُطْوَ فَلَوْ لَمْ يَطْوِهَا فَيَضْمَنُ فِي هَذِهِ كُلِّهَا وَيُمْنَعُ مِنْهَا لِتَقْصِيرِهِ، وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ كَانَ لَهُ دَارٌ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ فَلَهُ جَعْلُهَا مَسْجِدًا أَوْ حَانُوتًا أَوْ سَبِيلًا وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الشُّرَكَاءُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ كَمَا عُلِمَ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ فِي الصُّلْحِ، وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا بِمَوَاتٍ فَحَفَرَ آخَرُ بِئْرًا بِقُرْبِهَا فَنَقَصَ مَاءُ الْبِئْرِ الْأُولَى مُنِعَ الثَّانِي مِنْهُ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْأَوَّلَ اسْتَحَقَّ حَرِيمًا لِبِئْرِهِ قَبْلَ حَفْرِ الثَّانِي فَمُنِعَ لِوُقُوعِ حَفْرِهِ فِي حَرِيمِ مِلْكِ غَيْرِهِ وَلَا كَذَلِكَ فِيمَا مَرَّ، وَلَوْ اهْتَزَّ الْجِدَارُ بِدَقِّهِ وَانْكَسَرَ مَا عُلِّقَ فِيهِ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي سَوَاءٌ أُسْقِطَ فِي حَالِ الدَّقِّ أَمْ لَا خِلَافًا لِلْعِرَاقِيِّينَ. (وَيَجُوزُ) بِلَا خِلَافٍ (إحْيَاءُ مَوَاتِ الْحَرَمِ) بِمَا يُفِيدُ مِلْكَهُ كَمَا يَمْلِكُ عَامِرُهُ بِالْبَيْعِ وَغَيْرُهُ بَلْ يُسَنُّ، وَإِنْ قُلْنَا بِكَرَاهَةِ بَيْعِ عَامِرِهَا (دُونَ عَرَفَاتٍ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْهُ إجْمَاعًا فَلَا يَجُوزُ إحْيَاؤُهَا وَلَا يَمْلِكُ بِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْوُقُوفِ بِهَا كَالْحُقُوقِ الْعَامَّةِ مِنْ الطُّرُقِ كَمُصَلَّى الْعِيدِ فِي الصَّحْرَاءِ أَوْ مَوَارِدِ الْمَاءِ، وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِالْعِمَارَةِ عَلَى شَاطِئِ النِّيلِ وَالْخُلْجَانِ فَيَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ وَمَنْ لَهُ قُدْرَةٌ مَنْعُ مَنْ يَتَعَاطَى ذَلِكَ. وَالثَّانِي إنْ ضُيِّقَ امْتَنَعَ وَإِلَّا فَلَا (قُلْت: وَمُزْدَلِفَةُ) وَإِنْ قُلْنَا الْمَبِيتُ بِهَا سُنَّةٌ (وَمِنًى كَعَرَفَةَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَلَا يَجُوزُ إحْيَاؤُهَا لِمَا مَرَّ مَعَ خَبَرِ «قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَلَا نَبْنِي لَك بَيْتًا بِمِنًى يُظِلُّك؟ فَقَالَ: لَا، مِنًى مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ» وَلَا يَلْحَقُ بِهِمَا الْمُحَصَّبُ كَمَا أَفَادَهُ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ وَإِنْ اُسْتُحِبَّ لِلْحَاجِّ بَعْدَ نَفْرِهِ الْمَبِيتُ بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَنَاسِكِ وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ كَوْنُهُ تَابِعًا لَهَا، وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِالْبِنَاءِ بِمِنًى وَصَارَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُنْكَرُ، فَيَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ هَدْمُ مَا فِيهَا مِنْ الْبِنَاءِ وَالْمَنْعُ مِنْ الْبِنَاءِ فِيهَا. (وَيَخْتَلِفُ الْإِحْيَاءُ بِحَسَبِ الْغَرَضِ) الْمَقْصُودِ (مِنْهُ) وَالشَّارِعُ أَطْلَقَهُ وَلَيْسَ لَهُ حَدٌّ فِي اللُّغَةِ، فَوَجَبَ أَنْ يُرْجَعَ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ كَالْحِرْزِ وَالْقَبْضِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْوُقُودِ بِنَحْوِ الْعَظْمِ وَالْجُلُودِ مِمَّا يُؤْذِي، فَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ ثَمَّ مَنْ يَتَأَذَّى بِهِ (قَوْلُهُ: تَسْرِي نَدَاوَتُهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ السَّرَيَانِ حَالًا أَوْ مَآلًا، لَكِنَّهُ قَالَ فِي الشَّارِحِ فِي آخِرِ بَابِ الصُّلْحِ مَا نَصُّهُ: وَلَا مَنْعَ مِنْ غَرْسٍ أَوْ حَفْرٍ يُؤْذِي فِي الْمَآلِ يُؤَدِّي إلَى انْتِشَارِ الْعُرُوقِ أَوْ الْأَغْصَانِ وَسَرَيَانِ النَّدَاوَةِ إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ فِي الْحَالِ، ثُمَّ إنْ أَدَّى بَعْدَ ذَلِكَ إلَى انْتِشَارِ الْعُرُوقِ أَوْ النَّدَاوَةِ كُلِّفَ إزَالَةَ مَا يَضُرُّ إذَا لَمْ تُطْوَ أَيْ تَبِنْ (قَوْلُهُ: وَلَا كَذَلِكَ فِيمَا مَرَّ) أَيْ فِيمَا لَوْ حَفَرَهَا بِمِلْكِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْ) أَيْ حَيْثُ كَانَ دَقُّهُ مُعْتَادًا، وَلَوْ اُخْتُلِفَ صُدِّقَ الدَّاقُّ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ. (قَوْلُهُ: بَلْ يُسَنُّ) أَيْ الْإِحْيَاءُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْهُ) أَيْ الْحَرَمِ (قَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْوُقُوفِ بِهَا) وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الْمُحَصَّبِ بَلْ أَوْلَى أَنَّ نَمِرَةَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِقَامَةَ بِهَا قَبْلَ زَوَالِ يَوْمِ عَرَفَةَ مِنْ سُنَنِ الْحَجِّ الْأَكِيدَةِ وَلِتَعَلُّقِ حَقِّ النُّسُكِ اهـ حَجّ. وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ إحْيَاءُ الْمُحَصَّبِ وَإِنْ اُسْتُحِبَّ الْمَبِيتُ فِيهِ، وَقِيَاسُهُ أَنَّ نَمِرَةَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: كَوْنَهُ تَابِعًا) أَيْ لِلْمَنَاسِكِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى) هَذَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَحَرِيمُ النَّهْرِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِحَسَبِ الْغَرَضِ) لَوْ حَفَرَ قَبْرًا فِي مَوَانٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إحْيَاءٌ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، قَالَ: بِخِلَافِ مَا لَوْ حَفَرَهُ فِي أَرْضٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنْ قُلْنَا بِكَرَاهَةِ بَيْعِ عَامِرِهَا) يَعْنِي مَكَّةَ، وَكَأَنَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّهُ قَدَّمَ ذِكْرَهَا

وَضَابِطُهُ أَنْ يُهَيَّأَ كُلُّ شَيْءٍ لِمَا يُقْصَدُ مِنْهُ غَالِبًا (فَإِنْ أَرَادَ مَسْكَنًا اُشْتُرِطَ) لِحُصُولِهِ (تَحْوِيطُ الْبُقْعَةِ) بِآجُرٍّ أَوْ لَبِنٍ أَوْ قَصَبٍ عَلَى عَادَةِ ذَلِكَ الْمَكَانِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا الِاكْتِفَاءُ بِالتَّحْوِيطِ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ، لَكِنْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى اشْتِرَاطِ الْبِنَاءِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَالْأَوْجَهُ الرُّجُوعُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إلَى الْعَادَةِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُمَا: لَوْ اعْتَادَ نَازِلُو الصَّحْرَاءِ تَنْظِيفَ الْمَوْضِعِ مِنْ نَحْوِ شَوْكٍ وَحَجَرٍ وَتَسْوِيَتُهُ لِضَرْبِ خَيْمَةٍ وَبِنَاءِ مَعْلَفٍ فَفَعَلُوا ذَلِكَ بِقَصْدِ التَّمَلُّكِ مَلَكُوا الْبُقْعَةَ، وَإِنْ ارْتَحَلُوا عَنْهَا أَوْ بِقَصْدِ الِارْتِفَاقِ فَهُمْ أَوْلَى بِهَا إلَى الرِّحْلَةِ (وَسَقْفُ بَعْضِهَا) لِيَتَهَيَّأَ لِلسُّكْنَى وَيَقَعَ عَلَيْهَا اسْمُ الْمَسْكَنِ. نَعَمْ قَدْ يُهَيِّئُ مَوْضِعًا لِلنُّزْهَةِ فِي زَمَنِ الصَّيْفِ، وَالْعَادَةُ فِيهِ عَدَمُ السَّقْفِ فَلَا يُشْتَرَطُ حِينَئِذٍ (وَتَعْلِيقُ بَابٍ) أَيْ نَصْبُهُ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِيهَا ذَلِكَ (وَفِي الْبَابِ) أَيْ تَعْلِيقُهُ (وَجْهٌ) أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِأَنَّهُ لِلْحِفْظِ وَالسُّكْنَى لَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ (أَوْ زَرِيبَةُ دَوَابَّ) مَثَلًا (فَتَحْوِيطٌ) وَلَا يَكْفِي نَصْبُ سَعَفٍ وَأَحْجَارٍ مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ (لَا سَقْفٌ) لِأَنَّ الْعَادَةَ فِيهَا عَدَمُهُ (وَفِي) تَعْلِيقِ (الْبَابِ الْخِلَافُ) السَّابِقُ (فِي الْمَسْكَنِ) وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُهُ، وَلَوْ شَرَعَ فِي الْإِحْيَاءِ لِنَوْعٍ فَأَحْيَاهُ لِنَوْعٍ آخَرَ كَأَنْ قَصَدَ إحْيَاءَهُ لِلزِّرَاعَةِ بَعْدَ أَنْ قَصَدَهُ لِلسُّكْنَى مَلَكَهُ اعْتِبَارًا بِالْقَصْدِ الطَّارِئِ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ نَوْعًا وَأَتَى بِمَا يُقْصَدُ بِهِ نَوْعٌ آخَرُ كَأَنْ حَوَّطَ الْبُقْعَةَ بِحَيْثُ تَصْلُحُ زَرِيبَةً بِقَصْدِ السُّكْنَى لَمْ يَمْلِكْهَا خِلَافًا لِلْإِمَامِ (أَوْ مَزْرَعَةٌ) بِتَثْلِيثِ الرَّاءِ وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ (فَجَمَعَ) نَحْوَ (التُّرَابِ) أَوْ الشَّوْكِ (حَوْلَهَا) كَجِدَارِ الدَّارِ (وَتَسْوِيَةُ الْأَرْضِ) بِطَمِّ الْمُنْخَفِضِ وَكَسْعِ الْعَالِي وَحَرْثِهَا إنْ تَوَقَّفَ زَرْعُهَا عَلَيْهِ مَعَ سَوْقِ مَا تَوَقَّفَ الْحَرْثُ عَلَيْهِ (وَتَرْتِيبُ مَاءٍ لَهَا) بِشِقِّ سَاقِيَّةٍ مِنْ نَحْوِ نَهْرٍ أَوْ بِحَفْرِ قَنَاةٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَفُهِمَ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالتَّرْتِيبِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ السَّقْيِ بِالْفِعْلِ، فَإِذَا حَفَرَ طَرِيقَهُ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا إجْرَاؤُهُ كَفَى، وَإِنْ لَمْ يَجْرِ فَإِنْ هَيَّأَهُ وَلَمْ يَحْفِرْ طَرِيقَهُ كَفَى أَيْضًا كَمَا رَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، هَذَا (إنْ لَمْ يَكْفِهَا الْمَطَرُ الْمُعْتَادُ) فَإِنْ كَفَاهَا لَمْ يَحْتَجْ لِتَرْتِيبِ الْمَاءِ. نَعَمْ بَطَائِحُ الْعِرَاقِ يُعْتَبَرُ حَبْسُهُ عَنْهَا عَكْسَ غَيْرِهَا كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَأُرَاضِي الْجِبَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــSسُبِّلَتْ مَقْبَرَةً فَإِنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِهِ، وَمَنْ سَبَقَ بِالدَّفْنِ فِيهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ صَرَّحَ بِالثَّانِيَةِ الْعِمَادُ بْنُ يُونُسَ فِي فَتَاوِيه انْتَهَى وَنَقَلَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَتَعْلِيقُ بَابٍ) قَالَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: بِحَسَبِ الْعَادَةِ إلَخْ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ اعْتِبَارِ الْعَادَةِ أَنَّهُ لَوْ جَرَتْ عَادَةُ نَاحِيَةٍ بِتَرْكِ تَعْلِيقِ بَابٍ لِلدَّوَابِّ لَمْ يَتَوَقَّفْ إحْيَاؤُهَا عَلَى بَابٍ وَلَا مَانِعَ وِفَاقًا لِ مَرَّ اهـ (قَوْلُهُ: بِقَصْدِ السُّكْنَى) خَرَجَ مَا لَوْ قَصَدَ وَقْتَ التَّحْجِيرِ السُّكْنَى ثُمَّ غَيَّرَ قَصْدَهُ إلَى نَحْوِ الزَّرِيبَةِ فَيُعْتَدُّ بِهِ وَيَمْلِكُ مَا فَعَلَهُ مُنَاسِبًا لِقَصْدِهِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ السَّابِقُ وَلَوْ شَرَعَ فِي الْإِحْيَاءِ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ بَطَائِحُ الْعِرَاقِ) اسْمٌ لِمَوَاضِعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا الِاكْتِفَاءُ بِالتَّحْوِيطِ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ إلَخْ) فَتَأَمَّلْ هَذِهِ السَّوَادَةَ فَلَعَلَّ فِيهَا سَقْطًا مِنْ النُّسَّاخِ. وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ تَحْوِيطُ الْبُقْعَةِ نَصُّهَا وَلَوْ بِقَصَبٍ أَوْ جَرِيدٍ أَوْ سَعَفٍ اُعْتِيدَ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: إنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ، وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَفِي نَحْوِ الْأَحْجَارِ خِلَافٌ فِي اشْتِرَاطِ بِنَائِهَا وَيُتَّجَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ لِعَادَةِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَحُمِلَ اشْتِرَاطُهُ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ فِي الزَّرِيبَةِ عَلَى مَحَلٍّ اُعْتِيدَ فِيهِ دُونَ مُجَرَّدِ التَّحْوِيطِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَتُهُمَا وَهِيَ: لَا يَكْفِي فِي الزَّرِيبَةِ نَصْبُ سَعَفٍ وَأَحْجَارٍ مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ؛ لِأَنَّ الْمُتَمَلِّكَ لَا يَقْتَصِرُ عَلَيْهِ فِي الْعَادَةِ وَإِنَّمَا يَفْعَلُهُ الْمُجْتَازُ اهـ. فَأَفْهَمَ التَّعْلِيلُ أَنَّ الْمَدَارَ فِي ذَلِكَ وَغَيْرِهِ عَلَى الْعَادَةِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُمَا: لَوْ اعْتَادَ نَازِلُو الصَّحْرَاءِ إلَى آخِرِ مَا فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ: وَأَحْجَارٌ مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ) هُوَ عِبَارَةُ الشَّيْخَيْنِ الَّتِي قَدَّمْتُهَا فِي عِبَارَةِ التُّحْفَةِ وَمَرَّ مَا فِيهَا (قَوْلُهُ: وَأَتَى بِمَا يُقْصَدُ بِهِ نَوْعٌ آخَرُ) أَيْ: وَكَانَ الْمَأْتِيُّ بِهِ مِمَّا يُقْصَدُ لِلْمِلْكِ وَغَيْرِهِ كَمَا فِي مِثَالِهِ

الَّتِي لَا يُمْكِنُ سَوْقُ الْمَاءِ إلَيْهَا وَلَا يَكْفِيهَا الْمَطَرُ تَكْفِي الْحِرَاثَةُ وَجَمْعُ التُّرَابِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الرَّوْضَةِ كَالرَّافِعِيِّ، وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُهُمَا (لَا الزِّرَاعَةُ) فَلَا تُشْتَرَطُ فِي إحْيَائِهَا (فِي الْأَصَحِّ) كَمَا لَا تُشْتَرَطُ سُكْنَى الدَّارِ لِأَنَّ اسْتِيفَاءَ الْمَنْفَعَةِ خَارِجٌ عَنْ الْإِحْيَاءِ، وَالثَّانِي نَعَمْ إذْ الدَّارُ لَا تَصِيرُ مُحَيَّاةً حَتَّى يَصِيرَ فِيهَا عَيْنُ مَالِ الْمُحْيِي فَكَذَا الْمَزْرَعَةُ (أَوْ بُسْتَانًا فَجَمَعَ التُّرَابَ) حَوْلَهَا إنْ اعْتَادُوا ذَلِكَ بَدَلًا عَنْ التَّحْوِيطِ (وَ) إلَّا اُشْتُرِطَ (التَّحْوِيطُ) وَلَوْ بِنَحْوِ قَصَبٍ (حَيْثُ جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ) إذْ الْإِحْيَاءُ لَا يَتِمُّ بِدُونِهِ، وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ مَحْمُولَةٌ عَلَى التَّنْوِيعِ لِتُوَافِقَ عِبَارَةَ الرَّوْضَةِ وَأَصْلَهَا (وَتَهْيِئَةُ مَاءٍ لَهُ) إنْ لَمْ يَكْفِهِ مَطَرٌ كَالْمَزْرَعَةِ (وَيُشْتَرَطُ) نَصْبُ بَابٍ وَ (الْغَرْسُ) وَلَوْ لِبَعْضِهِ بِحَيْثُ يُسَمَّى مَعَهُ بُسْتَانًا كَمَا أَفَادَهُ الْأَذْرَعِيُّ، فَلَا يَكْفِي غَرْسُ الشَّجَرَةِ وَالشَّجَرَتَيْنِ فِي الْمَكَانِ الْوَاسِعِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) إذْ لَا يَتِمُّ اسْمُهُ بِدُونِهِ بِخِلَافِ الْمَزْرَعَةِ بِدُونِ الزَّرْعِ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُثْمِرَ، وَمَا يُفْعَلُ عَادَةً إلَّا لِلتَّمَلُّكِ كَبِنَاءِ دَارٍ لَا يُعْتَبَرُ قَصْدُهُ، بِخِلَافِ مَا يُفْعَلُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ كَحَفْرِ بِئْرٍ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ مِلْكُهُ عَلَى قَصْدِهِ، وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ الْغَرْسُ. (وَمَنْ) (شَرَعَ فِي عَمَلِ إحْيَاءٍ وَلَمْ يُتِمَّهُ) كَحَفْرِ الْأَسَاسِ (أَوْ عَلَّمَ عَلَى بُقْعَةٍ بِنَصْبِ أَحْجَارٍ أَوْ غَرَزَ خَشَبًا) أَوْ جَمَعَ تُرَابًا أَوْ خَطَّ خُطُوطًا (فَمُتَحَجِّرٌ) عَلَيْهِ: أَيْ مَانِعٌ لِغَيْرِهِ مِنْهُ بِمَا فَعَلَهُ بِشَرْطِ كَوْنِهِ بِقَدْرِ كِفَايَتِهِ وَقَادِرًا عَلَى عِمَارَتِهِ حَالًّا (وَ) حِينَئِذٍ (هُوَ أَحَقُّ بِهِ) مِنْ غَيْرِهِ اخْتِصَاصًا لَا مِلْكًا، وَالْمُرَادُ ثُبُوتُ أَصْلِ الْحَقِيَةِ لَهُ إذْ لَا حَقَّ لِغَيْرِهِ فِيهِ وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «مَنْ سَبَقَ إلَى مَا لَمْ يَسْبِقْ إلَيْهِ مُسْلِمٌ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» فَإِنْ زَادَ عَلَى كِفَايَتِهِ فَلِغَيْرِهِ إحْيَاءُ الزَّائِدِ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، وَمَا سِوَاهُ بَاقٍ تَحَجُّرُهُ فِيهِ وَلَوْ شَائِعًا، وَأَمَّا مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ حَالًّا بَلْ مَآلًا فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهِ، وَلَمَّا كَانَ إطْلَاقُ الْأَحَقِّيَّةِ يَقْتَضِي الْمِلْكَ الْمُسْتَلْزِمَ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَعَدَمَ مِلْكِ الْغَيْرِ لَهُ اسْتَدْرَكَهُ بِقَوْلِهِ (لَكِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ) وَلَا هِبَتُهُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ خِلَافًا لِلدَّارِمِيِّ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ وَحَقُّ التَّمَلُّكِ لَا يُبَاعُ كَحَقِّ الشُّفْعَةِ. وَالثَّانِي يَصِحُّ بَيْعُهُ وَكَأَنَّهُ بَاعَ حَقَّ الِاخْتِصَاصِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَوْ أَحْيَاهُ آخَرُ مَلَكَهُ) وَإِنْ أَثِمَ بِذَلِكَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ وَمَحِلِّهِ حَيْثُ لَمْ يَعْرِضْ وَإِلَّا مَلَكَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَسِيلُ الْمَاءُ إلَيْهَا دَائِمًا (قَوْلُهُ: وَجَمْعُ التُّرَابِ) أَيْ وَيَجُوزُ أَنْ يَتَكَلَّفَ نَقْلَ الْمَاءِ إلَيْهَا أَوْ يَحْصُلُ مَطَرٌ زَائِدٌ عَلَى الْعَادَةِ يَكْفِيهَا (قَوْلُهُ كَبِنَاءِ دَارٍ) أَيْ وَطَاحُونَةٍ وَبُسْتَانٍ وَزَرِيبَةٍ (قَوْلُهُ عَلَى قَصْدِهِ) وَفَائِدَةُ ذَلِكَ أَنَّ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ بِقَصْدِهِ إذَا فَعَلَهُ بِلَا قَصْدٍ كَكَوْنِهِ غَيْرَ مُكَلَّفٍ لَمْ يَمْلِكْهُ فَلِغَيْرِهِ إحْيَاؤُهُ، بِخِلَافِ مَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ فِي إحْيَائِهِ بِقَصْدٍ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ بِمُجَرَّدِ عِمَارَتِهِ حَتَّى لَوْ عَمَرَهُ غَيْرُهُ بَعْدَ إحْيَائِهِ لَا يَمْلِكُهُ. (قَوْلُهُ: فَلِغَيْرِهِ إحْيَاءُ الزَّائِدِ) قَدْ يُسْأَلُ عَنْ الْمُرَادِ بِكِفَايَتِهِ وَقَدْ ظَهَرَ وِفَاقًا لِمَا ظَهَرَ لِ مَرَّ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا مَا يَفِي بِغَرَضِهِ مِنْ ذَلِكَ الْإِحْيَاءِ، فَإِنْ أَرَادَ إحْيَاءَ دَارٍ مَسْكَنًا فَكِفَايَتُهُ مَا يَلِيقُ بِسَكَنِهِ وَعِيَالِهِ، وَإِنْ أَرَادَ إحْيَاءَ دُورٍ مُتَعَدِّدَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ يَسْتَغِلُّهَا فِي مُؤْنَاتِهِ لِكِفَايَتِهِ مَا يَكْفِيهِ فِي مُؤْنَاتِهِ وَلَوْ قَرْيَةً كَامِلَةً وَهَكَذَا سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَائِعًا) وَإِذَا أَرَادَ غَيْرُهُ إحْيَاءَ مَا زَادَ هَلْ يَجُوزُ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ مِنْ أَيِّ مَحِلٍّ شَاءَ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الْقِسْمَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ لِيَتَمَيَّزَ حَقُّ الْأَوَّلِ عَنْ غَيْرِهِ أَوْ يُخَيَّرُ الْأَوَّلُ فِيمَا يُرِيدُ إحْيَاءَهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي عَنْ الْخَادِمِ مِنْ التَّخَيُّرِ (قَوْلُهُ لَوْ أَحْيَاهُ آخَرُ مَلَكَهُ) اُنْظُرْ قَوْلَهُ لَوْ أَحْيَاهُ آخَرُ بِأَنْ أَتَمَّ عَلَى مَا فَعَلَ الْأَوَّلُ الَّذِي شَرَعَ وَلَمْ يُتِمَّ هَلْ يَمْلِكُهُ بِذَلِكَ؟ قَالَ م ر: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ. أَقُولُ: وَتَصِيرُ آلَاتُ الْأَوَّلِ الْمَبْنِيَّةِ مَنْصُوبَةً لِلثَّانِي ـــــــــــــــــــــــــــــQبِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لَا يُقْصَدُ إلَّا لِلْمِلْكِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ بِهِ مُطْلَقًا كَالدَّارِ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: ثُبُوتُ أَصْلِ الْحَقِيَةِ لَهُ) قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: أَحَقُّ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ لَهُ مَعْنَيَانِ: أَحَدُهُمَا: اسْتِيعَابُ الْحَقِّ كَقَوْلِك فُلَانٌ أَحَقُّ بِمَالِهِ: أَيْ لَا حَقَّ لِغَيْرِهِ فِيهِ، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي التَّحْرِير: وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا: وَالثَّانِي التَّرْجِيحُ وَإِنْ كَانَ لِلْآخَرِ فِيهِ نَصِيبٌ كَخَبَرِ «الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا» (قَوْلُهُ: فَإِنْ زَادَ عَلَى كِفَايَتِهِ فَلِغَيْرِهِ إحْيَاءُ الزَّائِدِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: أَمَّا مَا زَادَ عَلَى كِفَايَتِهِ فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهِ

الْمُحْيِي قَطْعًا، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ نَقْلُ آلَاتِ الْمُتَحَجِّرِ مُطْلَقًا، وَالثَّانِي لَا يَمْلِكُهُ لِئَلَّا يُبْطِلَ حَقَّ غَيْرِهِ (وَلَوْ طَالَتْ مُدَّةُ التَّحَجُّرِ) عُرْفًا بِلَا عُذْرٍ وَلَمْ يُحْيِ (قَالَ لَهُ السُّلْطَانُ) أَوْ نَائِبُهُ (أَحْيِ أَوْ اُتْرُكْ) مَا تَحَجَّرْته لِتَضْيِيقِهِ عَلَى النَّاسِ فِي حَقٍّ مُشْتَرَكٍ فَمُنِعَ مِنْهُ (فَإِنْ اسْتَمْهَلَ) وَأَبْدَى عُذْرًا (أُمْهِلَ مُدَّةً قَرِيبَةً) بِحَسَبِ رَأْيِ الْإِمَامِ رِفْقًا بِهِ وَدَفْعًا لِضَرَرِ غَيْرِهِ، فَإِنْ مَضَتْ وَلَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا بَطَلَ حَقُّهُ. أَمَّا إذَا لَمْ يَذْكُرْ عُذْرًا أَوْ عُلِمَ مِنْهُ الْإِعْرَاضُ فَيَنْزِعَهَا مِنْهُ حَالًا وَلَا يُمْهِلُهُ كَمَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ بِلَا مُهْلَةٍ، وَهُوَ مَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي، وَهُوَ الْأَصَحُّ خِلَافًا لِمَا جَزَمَ بِهِ الْإِمَامُ مِنْ بُطْلَانِهِ بِذَلِكَ لِأَنَّ التَّحَجُّرَ ذَرِيعَةٌ إلَى الْعِمَارَةِ وَهِيَ لَا تُؤَخَّرُ إلَّا بِقَدْرِ تَهْيِئَةِ أَسْبَابِهَا، وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ تَحَجُّرُ فَقِيرٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَهْيِئَتِهَا (وَلَوْ أَقْطَعهُ الْإِمَامُ مَوَاتًا) يَقْدِرُ عَلَيْهِ (صَارَ أَحَقَّ بِإِحْيَائِهِ) بِمُجَرَّدِ الْإِقْطَاعِ: أَيْ مُسْتَحِقًّا لَهُ دُونَ غَيْرِهِ وَصَارَ (كَالْمُتَحَجِّرِ) فِي أَحْكَامِهِ الْمَارَّةِ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْطَعَ الزُّبَيْرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَرْضًا مِنْ أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ» كَمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ مَا أَقْطَعهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَمْلِكُهُ الْغَيْرُ بِإِحْيَائِهِ كَمَا لَا يَنْقُضُ حِمَاهُ وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُقْطَعَ لَا يَمْلِكُ قَوْلَ الْمَاوَرْدِيِّ إنَّهُ يَمْلِكُ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَلَى مَا إذَا أَقْطَعهُ الْأَرْضَ تَمْلِيكًا لِرَقَبَتِهَا كَمَا مَرَّ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ مَوَاتًا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إقْطَاعُ غَيْرِهِ وَلَوْ مُنْدَرِسًا وَقَدْ مَرَّ مَا فِيهِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ تُوُقِّعَ ظُهُورَ مِلْكِهِ حُفِظَ لَهُ وَإِلَّا صَارَ مِلْكًا لِبَيْتِ الْمَالِ فَلِلْإِمَامِ إقْطَاعُهُ مِلْكًا أَوْ ارْتِفَاقًا بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً. (وَلَا يَقْطَعُ الْإِمَامُ) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْطَعَ (إلَّا قَادِرًا عَلَى الْإِحْيَاءِ) حِسًّا وَشَرْعًا دُونَ ذِمِّيٍّ بِدَارِنَا (وَقَدْرًا يَقْدِرُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى إحْيَائِهِ لِأَنَّهُ اللَّائِقُ بِفِعْلِهِ الْمَنُوطِ بِالْمَصْلَحَةِ (وَكَذَا الْمُتَحَجِّرُ) لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ مِنْ مُرِيدِهِ إلَّا فِيمَا يَقْدِرُ عَلَى إحْيَائِهِ، وَإِلَّا فَلِغَيْرِهِ إحْيَاءُ الزَّائِدِ كَمَا مَرَّ، وَالْأَوْجَهُ حُرْمَةُ تَحْجِيرٍ زَائِدٍ عَلَى مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ لِأَنَّ فِيهِ مَنْعًا لِمُرِيدِ الْإِحْيَاءِ بِلَا حَاجَةٍ، وَلَوْ قَالَ الْمُتَحَجِّرُ لِغَيْرِهِ آثَرْتُك بِهِ أَوْ أَقَمْتُك مَقَامِي ـــــــــــــــــــــــــــــSفَلِلْأَوَّلِ أَنْ يَطْلُبَ نَزْعَهَا وَإِذَا نُزِعَتْ لَا تَنْقُصُ مِلْكَ الثَّانِي الْمُتِمِّ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَقَوْلُ سم لَا يَنْقُصُ مِلْكُ الثَّانِي أَيْ إذَا كَانَ الْبَاقِي بَعْدَ نَزْعِ آلَاتِ الْأَوَّلِ لَا يَصْلُحُ مَسْكَنًا مَثَلًا (قَوْلُهُ: نَقَلَ آلَاتِ الْمُتَحَجِّرِ) أَيْ فَإِنْ نَقَلَهَا أَثِمَ وَدَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ، وَقَوْلُهُ قَالَ لَهُ: أَيْ وُجُوبًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: فَمُنِعَ مِنْهُ) أَيْ وُجُوبًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: أَوْ عُلِمَ مِنْهُ الْإِعْرَاضُ) أَيْ صَرِيحًا، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الْعِلْمِ الظَّنُّ الْقَوِيُّ سِيَّمَا مَعَ دَلَالَةِ الْقَرَائِنِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّحَجُّرَ) عِلَّةٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) كَأَنَّ وَجْهَ الِاسْتِدْلَالِ الْقِيَاسُ وَإِلَّا فَالْكَلَامُ فِي إقْطَاعِ الْمَوَاتِ وَأَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ لَيْسَتْ مِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ لَا يَمْلِكُهُ الْغَيْرُ) أَيْ غَيْرُ الْمُقْطَعِ. (قَوْلُهُ: ذِمِّيٌّ بِدَارِنَا) أَيْ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ اللَّائِقُ بِفِعْلِهِ) أَيْ فَلَوْ أَقْطَعَهُ أَزْيَدَ مِنْ ذَلِكَ هَلْ يَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ أَوْ تَتَفَرَّقُ الصَّفْقَةُ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: إحْيَاءُ الزَّائِدِ) قَالَ فِي الْخَادِمِ: يَنْبَغِي أَنْ يُرَاجَعَ الْأَوَّلُ وَبِقَوْلِهِ اخْتَرْ لَك جِهَةً انْتَهَى. وَمُرَادُهُ يَنْبَغِي الْوُجُوبُ وَذَلِكَ لِعَدَمِ تَمْيِيزِ الزَّائِدِ عَنْ غَيْرِهِ، فَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ الِاخْتِيَارِ فَيَنْبَغِي أَنَّ الْحَاكِمَ يُعَيِّنُ جِهَةً لِمُرِيدِ الْإِحْيَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ وَامْتَنَعَ الْمُحْيِي مِنْ الِاخْتِيَارِ اخْتَارَ مُرِيدُ إحْيَاءِ الزَّائِدَ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَقَمْتُك مُقَامِي) أَيْ وَلَوْ بِمَالٍ فِي مُقَابَلَةِ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيَجُوزُ لِلْمُؤَثِّرِ أَخْذُهُ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي جَوَازِ أَخْذِ الْمَالِ فِي مُقَابَلَةِ رَفْعِ الْيَدِ عَنْ الِاخْتِصَاصِ كَالسِّرْجِينِ، وَبِمَا ذَكَرُوهُ فِي النُّزُولِ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِخِلَافِ مَا عَدَاهُ وَإِنْ كَانَ شَائِعًا فَيَنْبَغِي تَحَجُّرُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ) الْأَصْوَبُ بِطُولِ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّحَجُّرَ ذَرِيعَةٌ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِمَا جَزَمَ بِهِ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ: أَنَّ مَا أَقْطَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ: إرْفَاقًا

[فصل في حكم المنافع المشتركة]

صَارَ الثَّانِي أَحَقَّ بِهِ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَيْسَ ذَلِكَ هِبَةً بَلْ تَوْلِيَةٌ وَإِيثَارٌ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ لِلْإِمَامِ) وَنَائِبِهِ وَلَوْ وَالَى نَاحِيَةٍ (أَنْ يَحْمِيَ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ: أَيْ يَمْنَعَ، وَبِضَمِّهِ: أَيْ يَجْعَلَ حِمَى (بُقْعَةِ مَوَاتٍ لِرَعْيِ) خَيْلِ جِهَادٍ وَ (نَعَمِ جِزْيَةٍ) وَفَيْءٍ (وَصَدَقَةٍ وَ) نَعَمٍ (ضَالَّةٍ وَ) نَعَمٍ إنْسَانٍ (ضَعِيفٍ عَنْ النُّجْعَةِ) بِضَمِّ النُّونِ وَهُوَ الْإِبْعَادُ فِي الذَّهَابِ لِطَلَبِ الرَّعْيِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِمَى النَّقِيعِ بِالنُّونِ وَقِيلَ بِالْبَاءِ لِخَيْلِ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ بِقُرْبِ وَادِي الْعَقِيقِ عَلَى عِشْرِينَ مِيلًا مِنْ الْمَدِينَةِ، وَقِيلَ عَلَى عِشْرِينَ فَرْسَخًا، وَمَعْنَى خَبَرِ الْبُخَارِيِّ «لَا حِمَى إلَّا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ» لَا حِمَى إلَّا مِثْلُ حِمَاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ يَكُونَ لِمَا ذُكِرَ، وَمَعَ كَثْرَةِ الْمَرْعَى بِحَيْثُ يَكْفِي الْمُسْلِمِينَ مَا بَقِيَ وَإِنْ احْتَاجُوا لِلتَّبَاعُدِ لِلرَّعْيِ، وَذِكْرُ النَّعَمِ فِيمَا عَدَا الصَّدَقَةِ لِلْغَالِبِ، وَالْمُرَادُ مُطْلَقُ الْمَاشِيَةِ. وَيَحْرُمُ عَلَى الْإِمَامِ أَخْذُ عِوَضٍ مِمَّنْ يَرْعَى فِي حِمًى أَوْ مَوَاتٍ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْمِيَ الْمَاءَ الْعِدَّ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ، وَهُوَ الَّذِي لَهُ مَادَّةٌ لَا تَنْقَطِعُ كَمَاءِ عَيْنٍ أَوْ بِئْرٍ لِشُرْبِ خَيْلِ الْجِهَادِ وَإِبِلِ الصَّدَقَةِ وَالْجِزْيَةِ وَغَيْرِهِمَا (وَ) الْأَظْهَرُ (أَنَّ لَهُ) أَيْ الْإِمَامِ (نَقْضُ حِمَاهُ) وَحِمَى غَيْرِهِ إذَا كَانَ النَّقْضُ (لِلْحَاجَةِ) بِأَنْ ظَهَرَتْ الْمَصْلَحَةُ فِيهِ بَعْدَ ظُهُورِهَا فِي الْحِمَى رِعَايَةً لِلْمَصْلَحَةِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ نَقْضِ الِاجْتِهَادِ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِتَعَيُّنِهِ لِتِلْكَ الْجِهَةِ كَمَا لَوْ عَيَّنَ بُقْعَةً لِمَسْجِدٍ أَوْ مَقْبَرَةٍ. أَمَّا مَا حَمَاهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَلَا يُنْقَضُ وَلَا يُغَيَّرُ بِحَالٍ لِأَنَّهُ نَصَّ بِخِلَافِ حِمَى غَيْرِهِ وَلَوْ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - (وَلَا يَحْمِي) الْإِمَامُ وَنَائِبُهُ (لِنَفْسِهِ) قَطْعًا لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ مِنْهُ، وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُدْخِلَ مَوَاشِيَهُ مَا حَمَاهُ لِلْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُ قَوِيٌّ، وَيُنْدَبُ لَهُ نَصْبُ أَمِينٍ يُدْخِلُ دَوَابَّ الضُّعَفَاءِ وَيَمْنَعُ دَوَابَّ الْأَقْوِيَاءِ، فَإِنْ رَعَاهُ قَوِيٌّ مُنِعَ مِنْهُ، وَلَا يَغْرَمُ شَيْئًا وَلَا يُخَالِفُهُ مَا مَرَّ فِي الْحَجِّ مِنْ أَنَّ مَنْ أَتْلَفَ شَيْئًا مِنْ نَبَاتِ الْبَقِيعِ ضَمِنَهُ عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّ مَا هُنَا فِي الرَّعْيِ فَهُوَ مِنْ جِنْسِ مَا حُمِيَ بِهِ، وَمَا هُنَاكَ فِي الْإِتْلَافِ بِغَيْرِهِ وَلَا يُعَزَّرُ أَيْضًا، وَحَمَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَلَى جَاهِلِ التَّحْرِيمِ. قَالَ وَإِلَّا فَلَا رَيْبَ فِي التَّعْزِيرِ انْتَهَى. وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ مَنْعِهِ مِنْ ذَلِكَ حُرْمَةُ الرَّعْيِ، وَعَلَى التَّنَزُّلِ فَقَدْ يَنْتَفِي التَّعْزِيرُ فِي الْمُحَرَّمِ لِعَارِضٍ، وَلَعَلَّهُمْ سَامَحُوا فِيهِ كَمُسَامَحَتِهِمْ فِي الْغُرْمِ. فَصْلٌ (مَنْفَعَةُ الشَّارِعِ) الْأَصْلِيَّةُ (الْمُرُورِ) فِيهِ لِأَنَّهُ وُضِعَ لِذَلِكَ، وَهَذَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الصُّلْحِ وَذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ. أَمَّا غَيْرُ الْأَصْلِيَّةِ فَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَيَجُوزُ الْجُلُوسُ بِهِ) وَلَوْ بِوَسَطِهِ (لِاسْتِرَاحَةٍ وَمُعَامَلَةٍ وَنَحْوِهِمَا) كَانْتِظَارِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْوَظَائِفِ بِعِوَضٍ، وَحَيْثُ وَقَعَ ذَلِكَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بَعْدُ لِأَنَّهُ سَقَطَ حَقُّهُ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَكْفِي الْمُسْلِمِينَ مَا بَقِيَ) أَيْ فَلَوْ عَرَضَ بَعْدَ حِمَى الْإِمَامِ ضِيقُ الْمَرْعَى لِجَدْبٍ أَصَابَهُمْ أَوْ لِعُرُوضِ كَثْرَةِ مَوَاشِيهِمْ هَلْ يَبْطُلُ الْحِمَى بِذَلِكَ أَوْ لَا، وَيُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ فِعْلَهُ إنَّمَا هُوَ لِلْمَصْلَحَةِ وَقَدْ بَطَلَتْ لِلُحُوقِ الضَّرَرِ بِالْمُسْلِمِينَ بِدَوَامِ الْحِمَى (قَوْلُهُ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ) وَبِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ قَالَهُ فِي الصِّحَاحِ (قَوْلُهُ: مِنْ جِنْسِ مَا حَمَى بِهِ) أَيْ بِسَبَبِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يُعَزَّرُ) أَيْ الْقَوِيُّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ عَلَى مَا يَأْتِي. [فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْمَنَافِعِ الْمُشْتَرَكَةِ] (قَوْلُهُ: مَنْفَعَةُ الشَّارِعِ الْأَصْلِيَّةُ) فِيهِ دَفْعُ إشْكَالِ الْحَصْرِ الْمُتَبَادِرِ مِنْ الْعِبَارَةِ وَقَرِينَةِ التَّقْيِيدِ اهـ سم عَلَى حَجّ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصْلٌ) فِي حُكْمِ الْمَنَافِعِ الْمُشْتَرَكَةِ

رَفِيقٍ وَسُؤَالٍ، وَلَهُ الْوُقُوفُ فِيهِ أَيْضًا. نَعَمْ فِي الشَّامِلِ أَنَّ لِلْإِمَامِ مُطَالَبَةَ الْوَاقِفِ بِقَضَاءِ حَاجَتِهِ وَالِانْصِرَافَ وَهُوَ مُتَّجَهٌ إنْ تَوَلَّدَ مِنْ قَوْلِهِ ضَرَرٌ وَلَوْ عَلَى نُدُورٍ، هَذَا كُلُّهُ (إذَا لَمْ يُضَيِّقْ عَلَى الْمَارَّةِ) فِيهِ لِخَبَرِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ فِي الْإِسْلَامِ وَإِنْ تَقَادَمَ الْعَهْدُ» (وَلَا يُشْتَرَطُ إذْنُ الْإِمَامِ) وَشَمِلَ كَلَامُهُ الذِّمِّيَّ فَيَثْبُتَ لَهُ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَتَبِعْهُ السُّبْكِيُّ، وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ وَلَا لِغَيْرِهِ مِنْ الْوُلَاةِ أَخْذُ عِوَضٍ مِمَّنْ يَرْتَفِقُ بِالْجُلُوسِ فِيهِ سَوَاءٌ أَكَانَ بِبَيْعٍ أَمْ لَا، وَإِنْ فَعَلَهُ وُكَلَاءُ بَيْتِ الْمَالِ زَاعِمِينَ أَنَّهُ فَاضِلٌ عَنْ حَاجَةِ الْمُسْلِمِينَ لِاسْتِدْعَاءِ الْبَيْعِ تَقَدُّمَ الْمِلْكِ وَهُوَ مُنْتَفٍ، وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَجَازَ بَيْعُ الْمَوَاتِ وَلَا قَائِلَ بِهِ، قَالَهُ السُّبْكِيُّ كَابْنِ الرِّفْعَةِ. قَالَ: وَلَا أَدْرَى بِأَيِّ وَجْهٍ يَلْقَى اللَّهَ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِي مَعْنَاهُ الرِّحَابُ الْوَاسِعَةُ بَيْنَ الدُّورِ (وَلَهُ) أَيْ الْجَالِسِ فِي الشَّارِعِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَنَّ لِلْإِمَامِ مُطَالَبَةَ الْوَاقِفِ) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ جَوَازِهِ لِلْآحَادِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحِلَّهُ إذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ فِتْنَةٌ وَإِلَّا جَازَ، ثُمَّ قَوْلُهُ لِلْإِمَامِ يُشْعِرُ بِالْجَوَازِ فَقَطْ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، فَإِنَّ مَا اقْتَضَتْهُ الْمَصْلَحَةُ يَكُونُ وَاجِبًا عَلَى الْإِمَامِ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مَا أَشْعَرَ بِهِ مِنْ الْجَوَازِ جَوَازٌ بَعْدَ مَنْعٍ وَهُوَ لَا يُنَافَى الْوُجُوبَ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا تَوَقَّفَ ذَلِكَ عَلَى نَصْبِ جَمَاعَةٍ يَطْلُبُونَ ذَلِكَ وَجَبَ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ، وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنَّ مِثْلَهُ الْجَالِسُ بِالْأَوْلَى. [فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا يَقَعُ بِمِصْرِنَا كَثِيرًا مِنْ الْمُنَادَاةِ مِنْ جَانِبِ السَّلْطَنَةِ بِقَطْعِ الطُّرُقَاتِ الْقَدْرَ الْفُلَانِيَّ هَلْ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَهَلْ هُوَ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مَصْلَحَةٌ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَتَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ ثُمَّ عَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ أَنَّ الظَّاهِرَ الْجَوَازُ، بَلْ الْوُجُوبُ حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَصْلَحَةٌ، وَالظَّاهِرُ الْوُجُوبُ عَلَى الْإِمَامِ فَيَجِبُ صَرْفُهُ أُجْرَةَ ذَلِكَ مِنْ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ ذَلِكَ لِظُلْمِ مُتَوَلِّيهِ فَعَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ. وَأَمَّا مَا يَقَعُ الْآنَ مِنْ إكْرَاهِ كُلِّ شَخْصٍ مِنْ سُكَّانِ الدَّكَاكِينِ عَلَى فِعْلِ ذَلِكَ فَهُوَ ظُلْمٌ مَحْضٌ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى مَالِكِ الدُّكَّانِ بِمَا غَرِمَهُ إذَا كَانَ مُسْتَأْجِرًا لَهَا، لِأَنَّ الظَّالِمَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْهُ وَالْمَظْلُومُ لَا يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِ ظَالِمِهِ، وَإِذَا تَرَتَّبَ عَلَى فِعْلِهِ ضَرَرٌ بِعُثُورِ الْمَارَّةِ بِمَا يَفْعَلُهُ مِنْ حَفْرِ الْأَرْضِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى مَنْ أَمَرَهُ بِمُعَاوَنَتِهِ بِأُجْرَةٍ أَوْ بِدُونِهَا لِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ جَائِزٌ، بَلْ قَدْ يَجِبُ حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ وَإِنْ حَصَلَ الظُّلْمُ بِإِكْرَاهِ أَرْبَابِ الدَّكَاكِينِ عَلَى دَفْعِ الدَّرَاهِمِ، ثُمَّ إنَّ الْمَأْمُورِينَ إذَا بَادَرَ بَعْضُهُمْ لِلْفِعْلِ بِحَيْثُ صَارَ الْمَحِلُّ الَّذِي حَفَرَهُ حُفْرَةً تَضُرُّ بِالْمَارَّةِ بِالنُّزُولِ فِيهَا ثُمَّ الصُّعُودُ مِنْهَا لَا يَمْتَنِعُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ لَوْ صَبَرَ شَارَكَهُ جِيرَانُهُ فِي الْحَفْرِ دَفْعَةً بِحَيْثُ تَصِيرُ الْأَرْضُ مُسْتَوِيَةً لَا يَتَوَلَّدُ مِنْهَا ضَرَرٌ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ لَا ضَرَرَ) أَيْ جَائِزٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَقَادَمَ الْعَهْدُ) أَيْ وَإِنْ تَقَادَمَ عَهْدُ الْإِسْلَامِ لَا يَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ بِحَيْثُ يَحْتَمِلُ الضَّرَرَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا مِنْ تَمَامِ الْحَدِيثِ فَلْيُرَاجِعْ، وَفِي ابْنِ حَجَرٍ إسْقَاطُ قَوْلِهِ وَإِنْ تَقَادَمَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ) أَيْ فِي جَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِهِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَلَوْ لِذِمِّيٍّ أَذِنَ الْإِمَامُ لِإِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَيْهِ بِدُونِ إذْنِهِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، وَسَيَأْتِي فِي الْمَسْجِدِ أَنَّهُ إذَا اُعْتِيدَ إذْنُهُ تَعَيَّنَ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ هَذَا كَذَلِكَ، وَيَحْتَمِلُ الْفَرْقَ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْإِمَامِ النَّظَرَ فِي أَحْوَالِ الْعُلَمَاءِ وَنَحْوِهِمْ دُونَ الْجَالِسِينَ فِي الطُّرُقِ اهـ. أَقُولُ: وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْفَرْقِ ظَاهِرٌ فَلَا يَتَوَقَّفُ جُلُوسُ الذِّمِّيِّ فِي الشَّوَارِعِ عَلَى إذْنٍ بَلْ حُكْمُهُ فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: زَاعِمِينَ أَنَّهُ) أَيْ مَا أُخِذَ وَعِوَضُهُ (قَوْلُهُ: تَقَدَّمَ الْمِلْكُ) أَيْ وَاسْتِدْعَاءُ أَخْذِ الْأُجْرَةِ مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ (قَوْلُهُ قَالَ وَلَا أَدْرَى) أَيْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: الرِّحَابُ الْوَاسِعَةُ بَيْنَ الدُّورِ) وَحَكَى الْأَذْرَعِيُّ قَوْلَيْنِ فِي حِلِّ الْجُلُوسِ فِي أَفْنِيَةِ الْمَنَازِلِ وَحَرِيمِهَا بِغَيْرِ إذْنِ مُلَّاكِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنْ تَقَادَمَ الْعَهْدُ) أَيْ: وَإِنْ طَالَ زَمَنُ الْجُلُوسِ مَثَلًا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ فَعَلَهُ) يَعْنِي الْبَيْعَ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ. .

(تَظْلِيلُ مَقْعَدِهِ) أَيْ مَوْضِعِ قُعُودِهِ فِي الشَّارِعِ (بِبَارِيَّةٍ) بِتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ كَمَا فِي الدَّقَائِقِ، وَحُكِيَ تَخْفِيفُهَا: نَوْعٌ يُنْسَجُ مِنْ قَصَبٍ كَالْحَصِيرِ (وَغَيْرُهَا) مِمَّا لَا يَضُرُّ الْمَارَّةَ عُرْفًا فِيمَا يَظْهَرُ كَثَوْبٍ وَعَبَاءَةٍ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِهِ، فَلَوْ كَانَ مُثَبَّتًا بِبِنَاءٍ كَالدِّكَّةِ امْتَنَعَ، وَلَهُ وَضْعُ سَرِيرٍ اُعْتِيدَ وَضْعُهُ فِيهِ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ تَرَدُّدٍ فِيهِ، وَيَخْتَصُّ الْجَالِسُ بِمَحِلِّهِ وَمَحِلِّ أَمْتِعَتِهِ وَمُعَامِلِيهِ، وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يُضَيِّقَ عَلَيْهِ فِيهِ بِحَيْثُ يَضُرُّ بِهِ فِي الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ وَالْعَطَاءِ، وَلَهُ مَنْعُ وَاقِفٍ بِقُرْبِهِ إنْ مَنَعَ رُؤْيَةً أَوْ وُصُولَ مُعَامِلِيهِ إلَيْهِ لَا مَنْ قَعَدَ لِبَيْعٍ مِثْلَ مَتَاعِهِ وَلَمْ يُزَاحِمْهُ فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِ مِنْ الْمَرَافِقِ الْمَذْكُورَةِ، وَلِلْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ أَنْ يَقْطَعَ بُقْعَةً مِنْ الشَّارِع لِمَنْ يَرْتَفِقُ فِيهَا بِالْمُعَامَلَةِ لِأَنَّ لَهُ نَظَرًا وَاجْتِهَادَهُ فِي أَنَّ الْجُلُوسَ فِيهَا مُضِرٌّ أَوْ لَا وَهَذَا يُزْعِجُ مَنْ يَرَى جُلُوسَهُ مُضِرًّا. (وَلَوْ) (سَبَقَ إلَيْهِ) أَيْ مَوْضِعٍ مِنْ الشَّارِعِ (اثْنَانِ) وَتَنَازَعَا وَلَمْ يَسْعَهُمَا مَعًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا وُجُوبًا لِانْتِفَاءِ الْمُرَجِّحِ، وَلِهَذَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا قُدِّمَ قَالَهُ الدَّارِمِيُّ، لِأَنَّ انْتِفَاعَ الذِّمِّيِّ بِدَارِنَا إنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ التَّبَعِ لَنَا، وَإِنْ تَرَتَّبَا قُدِّمَ السَّابِقُ (وَقِيلَ يُقَدِّمُ الْإِمَامُ) أَحَدَهُمَا (بِرَأْيِهِ) أَيْ اجْتِهَادِهِ كَمَالِ بَيْتِ الْمَالِ (وَلَوْ جَلَسَ) فِي الشَّارِعِ لِنَحْوِ اسْتِرَاحَةٍ بَطَلَ حَقُّهُ بِمُجَرَّدِ مُفَارَقَتِهِ وَإِنْ نَوَى الْعَوْدَ أَوْ (لِمُعَامَلَةٍ) أَوْ صِنَاعَةِ مَحِلٍّ وَإِنْ أَلِفَهُ (ثُمَّ فَارَقَهُ تَارِكًا الْحِرْفَةَ أَوْ مُنْتَقِلًا إلَى غَيْرِهِ بَطَلَ حَقُّهُ) مِنْهُ وَلَوْ مُقْطَعًا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَإِنْ فَارَقَهُ) أَيْ مَحِلَّ جُلُوسِهِ الَّذِي أَلِفَهُ وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ (لِيَعُودَ) إلَيْهِ، وَيَلْحَقَ بِهِ مَا لَوْ فَارَقَهُ لَا بِقَصْدِ الْعَوْدِ (لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» وَيَجْرِي هَذَا فِي السُّوقِ الَّذِي يُقَامُ فِي كُلِّ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ مَرَّةً مَثَلًا (إلَّا أَنْ تَطُولَ مُفَارَقَتُهُ) وَلَوْ لِعُذْرٍ، وَإِنْ تَرَكَ فِيهِ مَتَاعَهُ (بِحَيْثُ يَنْقَطِعُ مُعَامِلُوهُ عَنْهُ وَيَأْلَفُونَ غَيْرَهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــSثُمَّ قَالَ: وَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي إنْ عُلِمَ الْحَرِيمُ. أَمَّا فِي وَقْتِنَا هَذَا فِي الْأَمْصَارِ وَنَحْوِهَا الَّتِي لَا يَدْرِي كَيْفَ صَارَ الشَّارِعُ فِيهَا شَارِعًا فَيَجِبُ الْجَزْمُ بِجَوَازِ الْقُعُودِ فِي أَفْنِيَتِهَا، وَأَنَّهُ لَا اعْتِرَاضَ لِأَرْبَابِهَا إذَا لَمْ يَضُرَّ بِهِمْ وَعَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ الْفِعْلِيُّ انْتَهَى وَاعْتَمَدُوهُ. بَلْ قَالَ شَيْخُنَا: إنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ كَلَامُ أَئِمَّتِنَا، وَلَا إشْكَالَ فِي أَنَّ خَرْقَ الْإِجْمَاعِ الْفِعْلِيِّ كَالْقَوْلِيِّ، وَهُوَ الْوَجْهُ انْتَهَى. وَإِنَّمَا يَتَّجِهُ ذَلِكَ فِي إجْمَاعٍ فَعَلِيٍّ عُلِمَ صُدُورُهُ مِنْ مُجْتَهِدِي عَصْرٍ فَلَا عِبْرَةَ بِإِجْمَاعِ غَيْرِهِمْ، وَإِنَّمَا ذَكَرْت هَذَا لِأَنَّ الْأَذْرَعِيَّ وَغَيْرَهُ كَثِيرًا مَا يَعْتَرِضُونَ الشَّيْخَيْنِ وَالْأَصْحَابَ بِأَنَّ الْإِجْمَاعَ الْفِعْلِيَّ عَلَى خِلَافِ مَا ذَكَرُوهُ، فَإِذَا عَلِمْت ضَابِطَهُ الَّذِي ذَكَرْته لَمْ يَرِدْ عَلَيْهِمْ الِاعْتِرَاضُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ إجْمَاعُ مُجْتَهِدِي عَصْرٍ أَمْ لَا. نَعَمْ مَا ثَبَتَ فِيهِ أَنَّ الْعَامَّةَ تَفْعَلُهُ وَجَرَتْ أَعْصَارُ الْمُجْتَهِدِينَ عَلَيْهِ مَعَ عِلْمِهِمْ بِهِ وَعَدَمِ إنْكَارِهِمْ لَهُ يُعْطِي حُكْمَ فِعْلِهِمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَتَأَمَّلْهُ اهـ جج (قَوْلُهُ: تَظْلِيلُ مَقْعَدِهِ) قَدْ يَشْمَلُ إطْلَاقُهُ الذِّمِّيَّ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُفْصَلَ بَيْنَ التَّظْلِيلِ بِمُثَبِّتٍ فَيَمْتَنِعُ كَالْجَنَاحِ وَغَيْرِهِ كَثَوْبٍ مَعَ إزَالَتِهَا عِنْدَ انْتِهَاءِ الْحَاجَةِ بِلَا تَضْيِيقٍ فَلَا يَمْتَنِعُ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْجَنَاحِ وَمَا هُنَا بِأَنَّ فِي الْجَنَاحِ اسْتِعْلَاءً عَلَى مَنْ يَمُرُّ تَحْتَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَمُنِعَ مِنْهُ، وَمَا يُظَلَّلُ بِهِ لَا يَتِمُّ انْتِفَاعُهُ إلَّا بِهِ، فَحَيْثُ جَازَ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فَالْقِيَاسُ جَوَازُ التَّظْلِيلِ مُطْلَقًا بِالْمُثَبِّتِ وَغَيْرِهِ. وَأَمَّا مَحِلُّ الْجَنَاحِ فَمِلْكٌ فَيَدُومُ حَتَّى بَعْدَ مَوْتِ الْمُخْرِجِ لَهُ لِانْتِقَالِ الْحَقِّ فِي الْمِلْكِ لِوَرَثَتِهِ وَلَا كَذَلِكَ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ مُثَبَّتًا بِبِنَاءٍ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ بِغَيْرِ بِنَاءٍ جَازَ لِكُلٍّ مِنْ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ فِعْلُهُ وَفِيهِ مَا ذَكَرْنَاهُ، ثُمَّ مَا ذَكَرَ مِنْ امْتِنَاعِ الْإِثْبَاتِ بِبِنَاءٍ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ إثْبَاتِهِ لِلتَّمَلُّكِ أَوْ الِارْتِفَاقِ، وَفِي كَلَامِ سم عَلَى حَجّ اسْتِنْبَاطٌ مِنْ كَلَامِ الرَّوْضِ أَنَّ بِنَاءَ الْبُيُوتِ فِي حَرِيمِ الْأَنْهَارِ، وَفِي مِنًى إذَا كَانَ لِلِارْتِفَاقِ لَا يَمْتَنِعُ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا اقْتَضَاهُ هَذَا الْكَلَامُ، بَلْ يَقْتَضِي جَوَازَ بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي حَرِيمِ الْأَنْهَارِ لِأَنَّهَا لَمْ تُفْعَلْ لِلتَّمَلُّكِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّصْرِيحُ بِامْتِنَاعِهِ فَلْيُرَاجِعْ (قَوْلُهُ: اُعْتِيدَ وَضْعُهُ فِيهِ) أَيْ الشَّارِعِ (قَوْلُهُ: وَالْعَطَاءُ) أَيْ الْأَخْذُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَرَتَّبَا قُدِّمَ السَّابِقُ) وَلَوْ ذِمِّيًّا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِوُجُودِ الْمُرَجِّحِ وَهُوَ السَّبْقُ، وَنُقِلَ مِثْلُهُ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ (قَوْلُهُ: لَا بِقَصْدِ الْعَوْدِ) أَيْ وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ مَا لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى خِلَافِهِ (قَوْلُهُ بِحَيْثُ يَنْقَطِعُ إلَخْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

هُوَ لَازِمٌ لِمَا قَبْلَهُ فَيَبْطُلَ حَقُّهُ حِينَئِذٍ وَلَوْ مُقْطَعًا كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَإِنْ أَطَالَ جَمْعٌ فِي رَدِّهِ لِانْتِفَاءِ تَعَيُّنِ غَرَضِ الْمَوْضِعِ مِنْ كَوْنِهِ يُعْرَفُ فَيُعَامَلَ وَخَرَجَ يَجْلِسُ لِمُعَامَلَةٍ مَا لَوْ جَلَسَ لِاسْتِرَاحَةٍ أَوْ نَحْوِهَا فَيَبْطُلَ حَقُّهُ بِمُفَارَقَتِهِ كَمَا مَرَّ. وَكَذَا لَوْ كَانَ جَوَّالًا يَقْعُدُ كُلَّ يَوْمٍ فِي مَوْضِعٍ مِنْ السُّوقِ. وَيُكْرَهُ الْجُلُوسُ فِي الشَّارِعِ لِحَدِيثٍ أَوْ نَحْوِهِ إنْ لَمْ يُعْطِهِ حَقَّهُ مِنْ غَضِّ بَصَرٍ وَكَفِّ أَذًى وَرَدِّ سَلَامٍ وَأَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ وَنَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ. (وَمَنْ أَلِفَ مِنْ الْمَسْجِدِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمَسَاجِدِ الْعِظَامِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ، وَمِثْلُهُ الْمُدَرِّسَةُ (مَوْضِعًا يُفْتَى فِيهِ) النَّاسُ (أَوْ يَقْرَأُ) فِيهِ قُرْآنًا أَوْ عِلْمًا شَرْعِيًّا أَوْ آلَةً لَهُ، أَوْ لِتَعَلُّمِ مَا ذُكِرَ كَسَمَاعِ دَرْسٍ بَيْنَ يَدَيْ مُدَرِّسٍ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يُفِيدَ أَوْ يَسْتَفِيدَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَإِلَّا فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا (كَالْجَالِسِ فِي شَارِعٍ لِمُعَامَلَةٍ) فَيَأْتِي فِيهِ التَّفْصِيلُ الْمَارُّ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي مُلَازَمَةِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لِيَأْلَفَهُ النَّاسُ، وَحَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ اتِّخَاذِ الْمَسَاجِدِ وَطَنًا يَسْتَحِقُّ مَخْصُوصٌ بِمَا عَدَا ذَلِكَ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَدَمَ اشْتِرَاطِ إذْنِ الْإِمَامِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَوْ لِمَسْجِدٍ كَبِيرٍ أَوْ جَامِعٍ اُعْتِيدَ الْجُلُوسُ فِيهِ بِإِذْنِهِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: 18] وَلِغَيْرِهِ الْجُلُوسُ فِي مَقْعَدِهِ، وَمَحِلُّ تَدْرِيسِهِ مُدَّةَ غَيْبَتِهِ الَّتِي لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ بِهَا لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ مَنْفَعَةُ الْمَوْضِعِ فِي الْحَالِ، وَكَذَا حَالُ جُلُوسِهِ لِغَيْرِ الْإِقْرَاءِ أَوْ الْإِفْتَاءِ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ إنَّمَا اسْتَحَقَّ الْجُلُوسَ فِيهِ لِذَلِكَ لَا مُطْلَقًا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَسْجِدِ هُوَ الْمَنْقُولُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ الْعَبَّادِيِّ وَالْغَزَالِيِّ، وَقَالَ الشَّيْخَانِ: إنَّهُ أَشْبَهُ بِمَأْخَذِ الْبَابِ، وَنَقَلَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ (وَلَوْ جَلَسَ فِيهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنْ تَمْضِيَ مُدَّةٌ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تُقْطَعَ الْأُلَّافُ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعُوا مِنْ ابْتِدَاءِ الْغَيْبَةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: هُوَ لَازِمٌ لِمَا قَبْلَهُ) فِيهِ نَظَرٌ، إذْ قَدْ يَنْقَطِعُونَ عَنْهُ لِعَدَمِ حُضُورِهِ وَلَا يَأْلَفُونَ غَيْرَهُ بَلْ يَنْتَظِرُونَ عَوْدَهُ لِيَعُودُوا إلَى مُعَامَلَتِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُوَ الْغَالِبُ بَلْ قَدْ يُقَالُ مَا دَامُوا يَنْتَظِرُونَهُ لَا يُقَالُ انْقَطَعَ أُلَّافُهُ (قَوْلُهُ: يَقْعُدُ كُلَّ يَوْمٍ فِي مَوْضِعٍ) أَيْ فَيَبْطُلُ حَقُّهُ (قَوْلُهُ: مِنْ غَضِّ بَصَرٍ إلَخْ) وَقَدْ نَظَمَ الشَّيْخُ ابْنُ حَجَرٍ آدَابَ الْجُلُوسِ عَلَى الطَّرِيقِ، فَقَالَ: نَظَمْت آدَابَ مَنْ رَامَ الْجُلُوسَ عَلَى ... الطَّرِيقِ فِي قَوْلِ خَيْرِ الْخَلْقِ إنْسَانَا أَفْشِ السَّلَامَ وَأَحْسِنْ فِي الْكَلَامِ لِعَا ... وَشَمِّتْ الْعَاطِسَ الْحَمَّادَ إيمَانَا فِي الْحَمْلِ عَاوِنْ وَمَظْلُومًا أَعِنْ وَأَغِثْ ... لَهْفَانَ رَدَّ سَلَامًا وَاهْدِ حَيْرَانَا بِالْعُرْفِ مُرْ وَانْهَ عَنْ نُكْرٍ وَكُفَّ أَذًى ... وَغُضَّ طَرْفًا وَأَكْثِرْ ذِكْرَ مَوْلَانَا أَيْ فَإِذَا وُجِدَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ كَانَ جُلُوسُهُ مُبَاحًا حَيْثُ جَلَسَ لِغَرَضِ نَفْسِهِ وَاتَّفَقَ فِيهِ اجْتِمَاعُ الشُّرُوطِ، فَإِنْ قَصَدَ بِجُلُوسِهِ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الْقُرْبِ كَانَ مَنْدُوبًا. وَقَوْلُهُ فِي النَّظْمِ لِعَا: أَيْ بِأَنْ يَقُولَ لِلْعَاثِرِ لَعَا لَك عَالِيًا دُعَاءٌ لَهُ بِأَنْ يَنْتَعِشَ كَذَا فِي الصِّحَاحِ، وَيَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ نَاظِمَ هَذِهِ الْأَبْيَاتِ ابْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيُّ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَقْرَأُ فِيهِ إلَخْ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ جَلَسَ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فَلَا يَصِيرُ أَحَقَّ بِهِ، وَمِنْ ذَلِكَ قِرَاءَةُ الْأَسْبَاعِ الَّتِي تُفْعَلُ بِالْمَسَاجِدِ مَا لَمْ يَكُنْ الشَّارِطُ لِمَحِلِّهِ بِعَيْنِهِ الْوَاقِفَ لِلْمَسْجِدِ، قَالَ سم عَلَى حَجّ: وَقَدْ يَشْمَلُ تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ بِحِفْظِهِ فِي الْأَلْوَاحِ انْتَهَى وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ أَوْ لِتَعَلُّمِ مَا ذُكِرَ) وَمِنْهُ الْمُطَالَعَةُ فِي كِتَابٍ لِلتَّعَلُّمِ مِنْهُ فَلْيُرَاجِعْ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: الَّتِي لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ بِهَا) بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ الْإِعْرَاضَ عَنْهُ وَلَا طَالَتْ غَيْبَتُهُ. وَلَيْسَ مِنْ الْغَيْبَةِ تَرْكُ الْجُلُوسِ فِيهِ فِي الْأَيَّامِ الَّتِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِبَطَالَتِهَا وَلَوْ أَشْهُرًا كَمَا هُوَ الْعَادَةُ فِي قِرَاءَةِ الْفِقْهِ فِي الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ، وَمِمَّا لَا يَنْقَطِعُ بِهِ حَقُّهُ أَيْضًا مَا لَوْ اعْتَادَ الْمُدَرِّسُ قِرَاءَةَ الْكِتَابِ فِي سَنَتَيْنِ وَتَعَلَّقَ غَرَضُ بَعْضِ الطَّلَبَةِ بِحُضُورِ النِّصْفِ الْأَوَّلِ مَثَلًا فِي سَنَتِهِ فَلَا يَنْقَطِعُ حَقُّهُ بِغَيْبَتِهِ فِي الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَنَقَلَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ) مِنْ أَنَّ الْجُلُوسَ فِيهِ كَالْجُلُوسِ فِي الشَّارِعِ (قَوْلُهُ وَلَوْ جَلَسَ فِيهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(لِصَلَاةٍ) وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهَا أَوْ كَانَ الْجَالِسُ صَبِيًّا فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ اسْتِمَاعِ حَدِيثٍ أَوْ وَعْظٍ، سَوَاءٌ أَكَانَ لَهُ عَادَةٌ بِالْجُلُوسِ بِقُرْبِ كَبِيرِ الْمَجْلِسِ وَانْتَفَعَ الْحَاضِرُونَ بِقُرْبِهِ مِنْهُ لِعِلْمِهِ وَنَحْوِهِ أَمْ لَا كَمَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ (لَمْ يَصِرْ أَحَقَّ بِهِ فِي غَيْرِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا مَرَّ لِأَنَّ لُزُومَ بُقْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ لِلصَّلَاةِ غَيْرُ مَطْلُوبٍ بَلْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ جُلُوسًا جَائِزًا لَا كَخَلْفِ الْمَقَامِ الْمَانِعِ لِلطَّائِفَيْنِ مِنْ فَضِيلَةِ سُنَّةِ الطَّوَافِ ثُمَّ فَإِنَّهُ حَرَامٌ عَلَى الْأَوْجَهِ، وَبِهِ جَزَمَ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَأَلْحَقُوا بِهِ بَسْطَ السَّجَّادَةِ وَإِنْ لَمْ يَجْلِسْ. قَالُوا: وَيُعَزَّرُ فَاعِلُ ذَلِكَ مَعَ الْعِلْمِ بِمَنْعِهِ، وَنُوزِعَ فِي تَحْرِيمِ الْجُلُوسِ بِمَا لَا يُجْدِي، وَمِنْهُ التَّرْدِيدُ فِي الْمَزَارِ خَلْفَ الْمَقَامِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ ذَلِكَ عُرْفًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَأَنَّهُ مَوْضِعٌ مِنْ الْمَسْجِدِ فَكَيْفَ يُعَطَّلُ عَمَّا وُضِعَ الْمَسْجِدُ لَهُ، وَأَنَّ صَلَاةَ سُنَّةِ الطَّوَافِ لَا تَخْتَصُّ بِهِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ امْتَازَ عَنْ بَقِيَّةِ أَجْزَاءِ الْمَسْجِدِ بِكَوْنِ الشَّارِعِ عَيْنَهُ مِنْ حَيْثُ الْأَفْضَلِيَّةُ لِهَذِهِ الصَّلَاةِ وَوُقُوفِ إمَامِ الْجُمُعَةِ فِيهِ فَلَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ تَفْوِيتُهُ بِجُلُوسٍ بَلْ وَلَا صَلَاةٍ لَمْ يُعَيِّنْهُ الشَّارِعُ لَهُمَا مِنْ حَيْثُ الْأَفْضَلِيَّةُ، وَأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَعْطِيلُ مَحِلٍّ مِنْ الْمَسْجِدِ عَنْ الْعِبَادَةِ فِيهِ لِاحْتِمَالِ فِعْلِ عِبَادَةٍ أُخْرَى. وَيُرَدُّ بِأَنَّ مَحِلَّ التَّحْرِيمِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْجُلُوسِ فِيهِ فِي وَقْتٍ يَحْتَاجُ الطَّائِفُونَ لِصَلَاةِ سُنَّةِ الطَّوَافِ فِيهِ، وَالْكَلَامُ فِي جُلُوسٍ لِغَيْرِ دُعَاءٍ عَقِبَ سُنَّةِ الطَّوَافِ لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِهَا اهـ حَجّ. أَقُولُ: وَكَمَا يُمْنَعُ مِنْ الْجُلُوسِ خَلْفَ الْمَقَامِ عَلَى مَا ذَكَرَ يُمْنَعُ مِنْ الْجُلُوسِ فِي الْمِحْرَابِ وَقْتَ صَلَاةِ الْإِمَامِ فِيهِ وَكَذَا يُمْنَعُ مِنْ الْجُلُوسِ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ إذَا كَانَ جُلُوسُهُ يَمْنَعُ غَيْرَهُ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ أَوْ يَقْطَعُ الصَّفَّ عَلَى الْمُصَلِّينَ، وَهَلْ مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ اعْتَادَ النَّاسُ الصَّلَاةَ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْمَسْجِدِ مَعَ إمْكَانِ الصَّلَاةِ فِي غَيْرِهِ كَبَحْرَةِ رُوَاقِ ابْنِ الْمُعَمَّرِ بِالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ فَيَزْعَجَ مِنْهُ مَنْ أَرَادَ الْجُلُوسَ فِيهِ فِي وَقْتٍ يُفَوِّتُ عَلَى النَّاسِ الْجَمَاعَةَ فِيهِ، فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْإِلْحَاقُ فَلْيُرَاجَعْ. وَفِي سم عَلَى حَجّ: فَرْعٌ: أَفْتَى شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِجَوَازِ وَضْعِ الْخِزَانَةِ فِي الْمَسْجِدِ إذَا لَمْ تُضَيِّقْ وَحَصَلَ بِسَبَبِهَا نَفْعٌ عَامٌّ كَمُدَرِّسٍ أَوْ مُفْتٍ يَضَعُ فِيهَا مِنْ الْكُتُبِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي التَّدْرِيسِ وَالْإِفْتَاءِ انْتَهَى. [فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يَقَعُ فِي قُرَى مِصْرَ مِنْ وَضْعِ الْقَمْحِ فِي الْجَرِينِ، هَلْ يَسْتَحِقُّ مَنْ اعْتَادَ الْوَضْعَ بِمَحِلٍّ مِنْهُ وَضْعُهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِحَيْثُ يَصِيرُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ حَتَّى لَوْ رَأَى مَنْ سَبَقَهُ إلَى وَضْعِ غَلَّتِهِ فِيهِ مَنَعَهُ كَمَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ، كَمَنْ اعْتَادَ الصَّلَاةَ بِمَحِلٍّ مِنْ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ الْغَرَضَ يَحْصُلُ بِالْوَضْعِ فِي جَمِيعِ الْمَحَالِّ كَمَا أَنَّ الصَّلَاةَ تَصِحُّ فِي جَمِيعِ بِقَاعِ الْمَسْجِدِ، وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّهُ قَدْ يَتَعَلَّقُ غَرَضُهُ بِمَوْضِعٍ مِنْهُ كَقُرْبِهِ مِنْ مَنْزِلِهِ أَوْ بُعْدِهِ عَنْ أَطْرَافِ الْمَحَالِّ الَّتِي هِيَ مَظِنَّةٌ لِلسَّرِقَةِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَغْرَاضَ لَا نَظَرَ إلَيْهَا، كَمَا أَنَّهُمْ لَمْ يَنْظُرُوا فِي بِقَاعِ الْمَسْجِدِ إلَى حُصُولِ الثَّوَابِ بِالْقُرْبِ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ كَوْنِهِ بِمَيْمَنَةِ الصَّفِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَمَقَاعِدُ الْأَسْوَاقِ إنَّمَا كَانَ أَحَقَّ بِهَا لِتَوَلُّدِ الضَّرَرِ بِانْقِطَاعِ أُلَّافِهِ عِنْدَ عَدَمِ اهْتِدَائِهِمْ لِمَحِلِّهِ، فَمَنْ سَبَقَهُ إلَيْهِ اسْتَحَقَّهُ، وَلَا يَحْصُلُ السَّبْقُ بِوَضْعِ عَلَامَةٍ فِي الْمَحِلِّ كَمَا لَا يَحْصُلُ الِالْتِقَاطُ بِمُجَرَّدِ الْوُقُوفِ عَلَى اللُّقَطَةِ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ السَّبْقُ بِالشُّرُوعِ فِي شَغْلِ الْمَحِلِّ كَوَضْعِ شَيْءٍ مِنْ الزَّرْعِ الَّذِي يُرَادُ وَضْعُهُ فِي الْمَحِلِّ بِحَيْثُ يُعَدُّ أَنَّهُ شَرْعٌ فِي التَّجْرِينِ (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتِمَاعُ حَدِيثٍ) خَرَجَ بِالِاسْتِمَاعِ مَا لَوْ جَلَسَ لِتَعَلُّمِهِ مِنْ الْمُحَدِّثِ بِأَنْ قَرَأَهُ عَلَى وَجْهٍ يُبَيِّنُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهَا أَوْ كَانَ الْجَالِسُ صَبِيًّا) هَاتَانِ الْغَايَتَانِ إنَّمَا يَظْهَرُ مَعْنَاهُمَا بِالنِّسْبَةِ إلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي، فَلَوْ فَارَقَهُ لِحَاجَةٍ لِيَعُودَ لَمْ يَبْطُلْ اخْتِصَاصُهُ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ إلَخْ لَا بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ لَمْ يَصِرْ أَحَقَّ بِهِ فِي غَيْرِهَا إذْ الْمُنَاسِبُ فِيهِ غَايَةٌ إنَّمَا هُوَ عَكْسُ مَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ: كَمَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ) أَيْ بِحَسَبِ مَا اقْتَضَاهُ سِيَاقُهُ، وَإِلَّا فَهُوَ فِي الرَّوْضَةِ لَمْ يُصَرِّحْ بِتَرْجِيحٍ.

وَحِينَئِذٍ فَلَا نَظَرَ لِأَفْضَلِيَّةِ الْقُرْبِ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ جِهَةِ الْيَمِينِ وَإِنْ انْحَصَرَ فِي مَوْضِعٍ بِعَيْنِهِ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ النَّهْيِ الشَّامِلِ لِهَذِهِ الصُّورَةِ فَزَالَ اخْتِصَاصُهُ عَنْهَا بِمُفَارَقَتِهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ حَتَّى لَا يَأْلَفَهَا فَيَقَعَ فِي رِيَاءٍ وَنَحْوِهِ، وَفَارَقَ مَقَاعِدَ الْأَسْوَاقِ بِأَنَّ غَرَضَ الْمُعَامَلَةِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِهَا، وَالصَّلَاةُ بِبِقَاعِ الْمَسْجِدِ لَا تَخْتَلِفُ، وَاعْتِرَاضُ الرَّافِعِيِّ بِأَنَّ ثَوَابَهَا فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَكْثَرُ رُدَّ بِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَ لَهُ مَوْضِعَهُ مِنْهُ وَأُقِيمَتْ لَزِمَ عَدَمُ اتِّصَالِ الصَّفِّ الْمُسْتَلْزِمِ لِنَقْصِهَا فَإِنَّ تَسْوِيَتَهُ مِنْ تَمَامِهَا وَمَجِيئُهُ فِي أَثْنَائِهَا لَا يَجْبُرُ الْخَلَلَ الْوَاقِعَ فِي أَوَّلِهَا وَبِأَنَّ الصَّفَّ الْأَوَّلَ لَا يَتَعَيَّنُ لَهُ مَحِلٌّ مِنْ الْمَسْجِدِ بَلْ هُوَ مَا يَلِي الْإِمَامَ فِي أَيِّ مَحِلٍّ كَانَ مِنْهُ، فَثَوَابُهُ غَيْرُ مُخْتَلِفٍ بِاخْتِلَافِ بِقَاعِهِ، بِخِلَافِ مَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ فَإِنَّهَا مُخْتَلِفَةٌ فِي ذَاتِهَا مِنْ حَيْثُ اخْتِصَاصِ بَعْضِهَا بِكَثْرَةِ الْوَارِدِينَ فِيهِ وَبِالْوِقَايَةِ مِنْ نَحْوِ حَرٍّ وَبَرْدٍ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ الْجَوَابِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ قَائِلَهُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ مَجِيئِهِ قَبْلُ فَيَبْقَى حَقُّهُ وَبَيْنَ أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْ الْإِقَامَةِ فَيَبْطُلَ حَقُّهُ، وَهُمْ لَمْ يَقُولُوا بِذَلِكَ. وَفَارَقَ أَيْضًا بَيْتَ الْمَدْرَسَةِ إذَا فَارَقَهُ سَاكِنُهُ بِأَنَّ الْمَسْجِدَ لَا يُقْصَدُ السُّكْنَى فِيهِ، وَإِنَّمَا تُؤْلَفُ بِقَاعُهُ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ فِيهَا، بِخِلَافِ بُيُوتِ الْمَدَارِسِ تُقْصَدُ السُّكْنَى بِهَا فَاعْتُبِرَ مَا يُشْعِرُ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهَا وَهُوَ الْغَيْبَةُ الطَّوِيلَةُ (فَلَوْ فَارَقَهُ) وَلَوْ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ فِيمَا يَظْهَرُ (لِحَاجَةٍ) كَقَضَاءِ حَاجَةٍ وَرُعَافٍ وَتَجْدِيدِ وُضُوءٍ وَإِجَابَةِ دَاعٍ (لِيَعُودَ لَمْ يَبْطُلْ اخْتِصَاصُهُ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ) وَمَا أُلْحِقَ بِهَا (فِي الْأَصَحِّ) فَيَحْرُمَ عَلَى غَيْرِهِ الْعَالِمِ بِهِ الْجُلُوسُ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَظَنَّ رِضَاهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ إزَارَهُ فِيهِ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ آنِفًا، وَالثَّانِي يَبْطُلُ كَغَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ. نَعَمْ إنْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَاتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ فَالْوَجْهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ سَدُّ الصَّفِّ مَكَانَهُ، وَمَا اسْتَثْنَاهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ حَقِّ السَّبَقِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ قَعَدَ خَلْفَ الْإِمَامِ وَلَيْسَ أَهْلًا لِلِاسْتِخْلَافِ أَوْ كَانَ ثَمَّ مَنْ هُوَ أَحَقُّ مِنْهُ بِالْإِمَامَةِ فَيُؤَخَّرُ وَيَتَقَدَّمُ الْأَحَقُّ بِمَوْضِعِهِ لِخَبَرِ " لِيَلِيَنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى " مَرْدُودٌ، إذْ الِاسْتِخْلَافُ نَادِرٌ وَلَا يَخْتَصُّ بِمَنْ هُوَ خَلْفَهُ، وَكَيْفَ يُتْرَكُ حَقٌّ ثَابِتٌ لِمُتَوَهِّمٍ عَلَى أَنَّ عُمُومَ كَلَامِهِمْ صَرِيحٌ فِي رَدِّهِ، وَلَا شَاهِدَ لَهُ فِي الْخَبَرِ وَلَا غَيْرِهِ كَمَا أَفْهَمهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِفَرْشِ سَجَّادَةٍ لَهُ قَبْلَ حُضُورِهِ فَلِلْغَيْرِ تَنْحِيَتُهَا بِرِجْلِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرْفَعَهَا بِهَا عَنْ الْأَرْضِ لِئَلَّا تَدْخُلَ فِي ضَمَانِهِ وَلَوْ قِيلَ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِيهِ الْعِلَلَ وَمَعَانِيَ الْأَحَادِيثِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ مِنْ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْجَالِسَ لَهُ يَصِيرُ أَحَقَّ بِهِ، وَمِثْلُهُ فِي عَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى مَا اعْتَادَهُ بَعْضُ الْفُقَرَاءِ مِنْ اتِّخَاذِ مَوْضِعٍ فِي الْمَسْجِدِ لِلذِّكْرِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ مَثَلًا، فَإِذَا اجْتَمَعُوا نُظِرَ إنْ تَرَتَّبَ عَلَى اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمَخْصُوصَةِ تَشْوِيشٌ عَلَى أَهْلِ الْمَسْجِدِ فِي صَلَاتِهِمْ أَوْ قِرَاءَتِهِمْ مُنِعُوا مُطْلَقًا وَإِلَّا لَمْ يُمْنَعُوا مَا دَامُوا مُجْتَمَعِينَ فِيهِ، فَإِنْ فَارَقُوهُ سَقَطَ حَقُّهُمْ حَتَّى لَوْ عَادُوا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى فَوَجَدُوا غَيْرَهُمْ سَبَقَهُمْ إلَيْهِ لَمْ يَجُزْ لَهُمْ إقَامَتُهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَبْطُلُ اخْتِصَاصُهُ) يُفِيدُ أَنَّ مَنْ جَلَسَ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْمَسْجِدِ لِقِرَاءَةٍ أَوْ ذِكْرٍ ثُمَّ فَارَقَهُ لِحَاجَةٍ لِيَعُودَ لَمْ يَنْقَطِعْ حَقُّهُ، وَلَهُ أَنْ يُقِيمَ مَنْ جَلَسَ مَكَانَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ الَّذِي أَرَادَ شَغْلَهُ بِتِلْكَ الْقِرَاءَةِ لَا فِي وَقْتٍ آخَرَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَمِنْهُ مَا اُعْتِيدَ مِنْ الْقِرَاءَةِ فِي الْمَصَاحِفِ الَّتِي تُوضَعُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَوْ رَمَضَانَ أَوْ غَيْرِهِمَا، فَلَوْ أَحْدَثَ مَنْ يُرِيدُ الْقِرَاءَةَ فِيهِ فَقَامَ لِيَتَطَهَّرَ لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ مِنْهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ مَتَاعَهُ فِيهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ انْتَهَتْ قِرَاءَتُهُ فِي يَوْمٍ فَفَارَقَهُ ثُمَّ عَادَ فَلَا حَقَّ لَهُ (قَوْلُهُ: وَمَا أُلْحِقَ بِهَا) أَيْ مِمَّا اُعْتِيدَ فِعْلُهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ مِنْ الِاشْتِغَالِ بِالْأَذْكَارِ وَنَحْوِهَا، أَوْ مَا أُلْحِقَ بِهَا مِنْ اسْتِمَاعِ الْحَدِيثِ وَالْوَعْظِ وَنَحْوِهِمَا، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَرَادَ صَلَاةَ الضُّحَى أَوْ الْوَتْرَ فَفَعَلَ بَعْضَهَا ثُمَّ طَرَأَتْ لَهُ حَاجَةٌ فَلَا يَنْقَطِعُ حَقُّهُ بِذَهَابِهِ إلَيْهَا لِأَنَّهَا كُلَّهَا تُعَدُّ صَلَاةً وَاحِدَةً، وَيَنْبَغِي أَنَّ النَّفَلَ الْمُطْلَقَ مِثْلُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: الْجُلُوسُ فِيهِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجُلُوسِ عَلَى وَجْهٍ يَمْنَعُهُ مِنْهُ إذَا جَاءَ: أَمَّا إذَا جَلَسَ عَلَى وَجْهِ أَنَّهُ إذَا جَاءَ قَامَ لَهُ عَنْهُ فَلَا وَجْهَ لِمَنْعِهِ مِنْ ذَلِكَ اهـ سم. أَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحِلَّهُ حَيْثُ لَمْ يُؤَدِّ جُلُوسُهُ فِيهِ إلَى امْتِنَاعِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمَجِيءِ لَهُ حَيَاءً أَوْ خَوْفًا وَإِلَّا امْتَنَعَ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا تَدْخُلَ فِي ضَمَانِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بِحُرْمَةِ فَرْشِهَا كَمَا يُفْعَلُ بِالرَّوْضَةِ الشَّرِيفَةِ وَخَلْفَ مَقَامِ سَيِّدِنَا إبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى نَبِيِّنَا لَمْ يَبْعُدْ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ وَتَحْجِيرِ الْمَسْجِدِ، وَلَا نَظَرَ لِتَمَكُّنِهِمْ مِنْ تَنْحِيَتِهَا لِأَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَهَابُ ذَلِكَ فَهُوَ قِيَاسُ حُرْمَةِ صَوْمِ الْمَرْأَةِ بِحَضْرَةِ زَوْجِهَا وَإِنْ كَانَ لَهُ قَطْعُهُ لِأَنَّهُ يَهَابُهُ عَلَى أَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَفَاسِدِ مَا لَا يَخْفَى، وَخَرَجَ بِالصَّلَاةِ جُلُوسُهُ لِاعْتِكَافِ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ مُدَّةً بَطَلَ حَقُّهُ بِخُرُوجِهِ وَلَوْ لِحَاجَةٍ وَإِلَّا لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ بِخُرُوجِهِ أَثْنَاءَهَا لِحَاجَةٍ كَمَا لَوْ خَرَجَ لِغَيْرِهَا نَاسِيًا كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَيُسَنُّ مَنْعُ مَنْ جَلَسَ فِيهِ لِمُبَايَعَةٍ أَوْ حِرْفَةٍ وَيُمْنَعُ مَنْ هُوَ بِحَرِيمِهِ إنْ أَضَرَّ بِأَهْلِهِ، وَيُنْدَبُ مَنْعُ النَّاسِ مِنْ اسْتِطْرَاقِ حِلَقِ الْقُرَّاءِ وَالْفُقَهَاءِ فِي الْجَوَامِعِ وَغَيْرِهَا تَوْقِيرًا لَهُمْ (وَلَوْ) (سَبَقَ رَجُلٌ إلَى مَوْضِعٍ مِنْ رِبَاطٍ مُسَبَّلٍ) وَفِيهِ شَرْطٌ مَنْ يَدْخُلُهُ وَكَذَا الْبَاقِي (أَوْ فَقِيهٌ إلَى مَدْرَسَةٍ) أَوْ مُتَعَلِّمُ قُرْآنٍ إلَى مَا بُنِيَ لَهُ (أَوْ صُوفِيٌّ إلَى خَانِقَاهُ لَمْ يُزْعِجْ وَلَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ) مِنْهُ (بِخُرُوجِهِ لِشِرَاءِ حَاجَةٍ وَنَحْوِهِ) مِنْ الْأَعْذَارِ وَلَوْ لَمْ يَتْرُكْ مَتَاعًا وَلَا نَائِبًا وَيَأْذَنُ الْإِمَامُ لِعُمُومِ خَبَرِ مُسْلِمٍ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ نَاظِرٌ أَوْ اسْتَأْذَنَهُ وَإِلَّا فَلَا حَقَّ لَهُ، وَيُوَافِقُهُ اعْتِبَارُ الْمُصَنِّفِ كَابْنِ الصَّلَاحِ إذْنُهُ فِي سُكْنَى بُيُوتِ الْمَدْرَسَةِ وَلَمْ يَعْتَبِرْ الْمُتَوَلِّي إذْنَهُ فِي ذَلِكَ، وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا اُعْتِيدَ عَدَمُ اعْتِبَارِهِ، وَمَتَى عَيَّنَ الْوَاقِفُ مُدَّةً لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا إذَا لَمْ يُوجَدْ فِي الْيَدِ مَنْ هُوَ صِفَتُهُ لِأَنَّ الْعُرْفَ يَشْهَدُ بِأَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يُرِدْ شُغُورَ مَدْرَسَتِهِ، وَكَذَا كُلُّ شَرْطٍ شَهِدَ الْعُرْفُ بِتَخْصِيصِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ يُنْظَرُ إلَى الْغَرَضِ الْمُبْنَى لَهُ وَيُعْمَلُ بِالْمُعْتَادِ الْمُطَّرِدِ فِي مِثْلِهِ حَالَةَ الْوَقْفِ لِأَنَّ الْعَادَةَ الْمُطَّرِدَةَ فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ إذَا عَلِمَ بِهَا تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ شَرْطِهِ فَيُزْعَجَ فَقِيهٌ تَرَكَ التَّعَلُّمَ وَصُوفِيٌّ تَرَكَ التَّعَبُّدَ، وَلَا يُزَادُ فِي رِبَاطِ مَارَّةٍ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَا لَمْ يَعْرِضْ نَحْوُ ثَلْجٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَضِيَّةُ قَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرْفَعَهَا عَدَمُ جَوَازِ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ لِئَلَّا تَدْخُلَ فِي إلَخْ يَقْتَضِي خِلَافَهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهَا وُضِعَتْ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَا مَانِعَ مِنْ إزَالَتِهَا وَإِنْ دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَمْ يَنْوِ مُدَّةً إلَخْ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّفْصِيلُ فِي الِاعْتِكَافِ أَنَّهُ لَوْ جَلَسَ لِقِرَاءَةٍ مَثَلًا، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ قَدْرًا بَطَلَ حَقُّهُ بِمُفَارَقَتِهِ وَإِلَّا لَمْ يَبْطُلْ بِذَلِكَ بَلْ يَبْطُلُ حَقُّهُ إلَى الْإِتْيَانِ بِمَا قَصَدَهُ وَإِنْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ وَعَادَ اهـ سم. أَقُولُ: وَقَدْ يُمْنَعُ الْأَخْذُ بِأَنَّ الْمَسْجِدَ شَرْطُ الِاعْتِكَافِ، بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الِاعْتِكَافُ كَمَا يَصِحُّ فِي الْمَحِلِّ الَّذِي فَارَقَهُ يَصِحُّ فِي غَيْرِهِ، فَبِقَاعُ الْمَسْجِدِ بِالنِّسْبَةِ لِلِاعْتِكَافِ مُسْتَوِيَةٌ (قَوْلُهُ: بَطَلَ حَقُّهُ بِخُرُوجِهِ) وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ نِيَّةَ الْمُدَّةِ لِيَكُونَ أَحَقَّ مِنْ غَيْرِهِ إذَا عَادَ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَبْطُلُ حَقُّهُ بِخُرُوجِهِ وَإِنْ نَوَى الْعَوْدَ حَالَةَ الْخُرُوجِ وَقَدْ مَرَّ فِي بَابِ الِاعْتِكَافِ أَنَّهُ إذَا خَرَجَ عَلَى نِيَّةِ أَنْ يَعُودَ لَمْ يَحْتَجْ إلَى تَجْدِيدِ نِيَّةٍ إذَا عَادَ، وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ مَنْعُ مَنْ جَلَسَ) أَيْ مَثَلًا، وَقَوْلُهُ فِيهِ: أَيْ الْمَسْجِدِ، وَقَوْلُهُ أَوْ حِرْفَةٌ: أَيْ لَا تَلِيقُ بِالْمَسْجِدِ كَخِيَاطَةٍ بِخِلَافِ نَسْخِ كُتُبِ الْعِلْمِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ: وَيُمْنَعُ مَنْ هُوَ إلَخْ) أَيْ فَيَحْرُم جُلُوسُهُ حِينَئِذٍ لِلْإِضْرَارِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ وَيُنْدَبُ مَنْعُ النَّاسِ) عِبَارَةُ حَجّ وَيُمْنَعُ مُسْتَطْرِقٌ لِحَلْقَةِ عِلْمٍ إلَخْ انْتَهَى: أَيْ نَدْبًا أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُرِدْ شُغُورَ مَدْرَسَتِهِ) أَيْ خُلُوَّهَا (قَوْلُهُ: يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ شَرْطِهِ) أَيْ إذْ لَوْ أَرَادَ خِلَافَهُ لَذَكَرَهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ جَوَابُ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ مِنْ أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ لَنَا تَمْكِينُ الذِّمِّيِّ مِنْ التَّخَلِّي وَالِاغْتِسَالِ فِي فَسْقِيَّةِ الْمَسَاجِدِ إذَا كَانَتْ خَارِجَةً عَنْ الْمَسْجِدِ أَوْ يَمْتَنِعُ وَهُوَ الْجَوَازُ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا جَارٍ بَيْنَ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ وَعِلْمِهِ وَلَمْ يَشْرِطْ فِي وَقْفِهِ مَا يُخَالِفُهُ. [فَرْعٌ] لَيْسَ لِلْمُسْلِمِ دُخُولُ كَنِيسَةٍ بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِهَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يُزَادُ فِي رِبَاطِ مَارَّةٍ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ) أَيْ: بِأَنْ نَوَى مُدَّةً مُعَيَّنَةً

[فصل في بيان حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض]

أَوْ خَوْفٍ فَيُقِيمَ إلَى انْقِضَائِهِ وَلِغَيْرِ أَهْلِ الْمَدْرَسَةِ مَا اُعْتِيدَ فِيهَا مِنْ نَحْوِ نَوْمٍ بِهَا وَطُهْرٍ وَشُرْبٍ مِنْ مَائِهَا مَا لَمْ يَنْقُصُ الْمَاءُ مِنْ حَاجَةِ أَهْلِهَا فِيمَا يَظْهَرُ، وَأَفْهَمَ مَا ذَكَرَهُ فِي الْعَادَةِ أَنَّ بَطَالَةَ الْأَزْمِنَةِ الْمَعْهُودَةِ الْآنَ فِي الْمَدَارِسِ تَمْنَعُ اسْتِحْقَاقَ مَعْلُومِهَا حَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ شَرْطُ وَاقِفهَا وَلَا مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِمَّا مَرَّ، أَمَّا خُرُوجُهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَيَبْطُلَ بِهِ حَقُّهُ كَمَا لَوْ كَانَ بِعُذْرٍ وَطَالَتْ غَيْبَتُهُ عُرْفًا، وَلِغَيْرِهِ الْجُلُوسُ فِي زَمَنِ غَيْبَتِهِ الَّتِي يَبْقَى حَقُّهُ مَعَهَا عَلَى نَظِيرِ مَا مَرَّ. (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ الْأَرْضِ (الْمَعْدِنُ) هُوَ حَقِيقَةُ الْبُقْعَةِ الَّتِي أَوْدَعَهَا اللَّهُ تَعَالَى جَوَاهِرَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِعُدُونِ: أَيْ إقَامَةِ مَا أَثْبَتَهُ اللَّهُ فِيهَا، وَالْمُرَادُ مَا فِيهَا (الظَّاهِرُ وَهُوَ مَا يَخْرُجُ) جَوْهَرُهُ (بِلَا عِلَاجٍ) فِي بُرُوزِهِ، وَإِنَّمَا الْعِلَاجُ فِي تَحْصِيلِهِ (كَنِفْطٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَيَجُوزُ فَتْحُهُ دُهْنٌ مَعْرُوفٌ (وَكِبْرِيتٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ أَصْلُهُ عَيْنٌ تَجْرِي فَإِذَا جَمَدَ مَاؤُهَا صَارَ كِبْرِيتًا وَأَعَزُّهُ الْأَحْمَرُ، وَيُقَالُ إنَّهُ مِنْ الْجَوَاهِرِ وَلِهَذَا يُضِيءُ فِي مَعْدِنِهِ (وَقَارٌ) أَيْ زِفْتٌ (وَمُومْيَا) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَبِالْمَدِّ وَحُكِيَ الْقَصْرُ: شَيْءٌ يُلْقِيهِ الْمَاءُ فِي بَعْضِ السَّوَاحِلِ فَيَجْمُدَ وَيَصِيرَ كَالْقَارِ، وَقِيلَ حِجَارَةٌ سُودٌ بِالْيَمَنِ وَيُؤْخَذُ مِنْ عِظَامِ مَوْتَى الْكُفَّارِ شَيْءٌ يُسَمَّى بِذَلِكَ وَهُوَ نَجِسٌ أَيْ مُتَنَجِّسٌ (وَبِرَامٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ جَمْعُ بُرْمَةٍ بِضَمِّهَا: حَجَرٌ يُعْمَلُ مِنْهُ قُدُورُ الطَّبْخِ (وَأَحْجَارُ رَحًى) وَنَوْرَةٌ وَمَدَرٌ وَمِلْحٌ مَائِيٌّ أَوْ جَبَلِيٌّ إنْ لَمْ يُحْوِجُ إلَى حَفْرٍ وَتَعَبٍ أَوْ أُلْحِقَ بِهِ قِطْعَةٌ نَحْوُ ذَهَبٍ أَظْهَرَهَا السَّيْلُ مِنْ مَعْدِنٍ (لَا يَمْلِكُ) بُقْعَةً وَنِيلًا بِالْإِحْيَاءِ لِمَنْ عَلِمَهُ قَبْلَ إحْيَائِهِ (وَلَا يَثْبُتُ فِيهِ اخْتِصَاصٌ بِتَحَجُّرٍ وَلَا إقْطَاعٍ) بِالرَّفْعِ مِنْ نَحْوِ سُلْطَانٍ بَلْ هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ النَّاسِ مُسْلِمِهِمْ وَكَافِرِهِمْ كَالْمَاءِ وَالْكَلَإِ لِمَا صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْطَعَ رَجُلًا مِلْحَ مَأْرَبَ» أَيْ مَدِينَةٍ قُرْبَ صَنْعَاءَ كَانَتْ بِهَا بِلْقِيسُ «فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهُ كَالْمَاءِ الْعِدِّ، قَالَ: فَلَا إذَنْ» وَلِلْإِجْمَاعِ عَلَى مَنْعِ إقْطَاعِ مَشَارِعِ الْمَاءِ وَهَذَا مِثْلُهَا بِجَامِعِ الْحَاجَةِ الْعَامَّةِ وَأَخْذِهَا بِغَيْرِ عَمَلٍ، وَيَمْتَنِعُ أَيْضًا إقْطَاعُ وَتَحَجُّرُ أَرْضٍ لِأَخْذِ نَحْوِ حَطَبِهَا وَصَيْدِهَا وَبِرْكَةٍ لِأَخْذِ سَمَكِهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ نَفْيُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يَجْلِسُ مَكَانَهُ إذَا خَرَجَ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَمَتَى عَيَّنَ الْوَاقِفُ إلَخْ (قَوْلُهُ: تَمْنَعُ اسْتِحْقَاقَ مَعْلُومِهَا) أَيْ مَعْلُومِ أَيَّامِ الْبَطَالَةِ اهـ (قَوْلُهُ: وَلَا مَا يَقُومُ مَقَامَهُ) الْمُرَادُ بِمَا يَقُومُ مَقَامَهُ مَا ذَكَرَهُ حَجّ فِي الْوَقْفِ مِنْ قَوْلِهِ وَالْعِبْرَةُ فِيهَا: أَيْ الْبَطَالَةِ بِنَصِّ الْوَاقِفِ، وَإِلَّا فَبِعُرْفِ زَمَنِهِ الْمُطَّرِدِ الَّذِي عَرَفَهُ وَإِلَّا فَبِعَادَةِ مَحِلِّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: وَطَالَتْ غَيْبَتُهُ عُرْفًا) قَالَ فِي الْكَنْزِ: وَلَوْ اتَّخَذَهُ مَسْكَنًا أَزْعَجَ مِنْهُ اهـ سم: أَيْ عَلَى خِلَافِ غَرَضِ الْوَاقِفِ مِنْ إعْدَادِهِ لِلصُّوفِيَّةِ الْمُشْتَغِلِينَ بِالْعِلْمِ لِيَسْتَعِينُوا بِسُكْنَاهُ عَلَى حُضُورِ الدَّرْسِ وَنَحْوِهِ. (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ (قَوْلُهُ: فِي بَيَانِ حُكْمِ إلَخْ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَقِسْمَةِ مَاءِ الْقَنَاةِ الْمُشْتَرَكَةِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ مَا فِيهَا) أَيْ فَيَكُونُ مَجَازًا (قَوْلُهُ: فَإِذَا جَمَدَ) مِنْ بَابِ نَصَرَ وَدَخَلَ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: يُسَمَّى بِذَلِكَ) أَيْ وَلَيْسَ هُوَ مُرَادًا هُنَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمَعَادِنِ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بِهِ) أَيْ الْمَعْدِنُ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: كَالْمَاءِ الْعِدِّ) أَيْ الَّذِي لَهُ مَادَّةٌ لَا تَنْقَطِعُ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَلِلْإِجْمَاعِ) أَيْ فَلَا يَخْتَصُّ إذَنْ (قَوْلُهُ: وَبِرْكَةٌ) بِكَسْرِ الْبَاءِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ مَا ذَكَرَهُ) أَيْ ابْنُ الصَّلَاحِ. [فَصْل فِي بَيَانِ حُكْمِ الْأَعْيَان الْمُشْتَرَكَة الْمُسْتَفَادَة مِنْ الْأَرْضِ] (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ. (قَوْلُهُ: مَأْرِبٌ) بِإِسْكَانِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ

إقْطَاعِ التَّمَلُّكِ وَالِارْتِفَاقِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ قَيَّدَ الزَّرْكَشِيُّ الْمَنْعَ بِالْأَوَّلِ، وَذَكَرَ فِي الْأَنْوَارِ أَنَّ مِنْ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ النَّاسُ الْمُمْتَنِعِ عَلَى الْإِمَامِ إقْطَاعُهُ الْأَيْكَةَ وَثِمَارَهَا وَصَيْدَ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَجَوَاهِرِهِ، قَالَ غَيْرُهُ: وَمِنْهُ مَا يُلْقِيهِ الْبَحْرُ مِنْ الْعَنْبَرِ فَهُوَ لِآخِذِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْأَيْكَةِ وَثِمَارِهَا يُخَالِفُهُ مَا فِي التَّنْبِيهِ مِنْ أَنَّ مَنْ أَحْيَا مَوَاتًا مَلَكَ مَا فِيهِ مِنْ النَّخْلِ وَإِنْ كَثُرَ. وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى قَصْدِ الْأَيْكَةِ دُونَ مَحِلِّهَا، وَالثَّانِي عَلَى قَصْدِ إحْيَاءِ الْأَرْضِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى ذَلِكَ فَيَدْخُلَ تَبَعًا، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ مَلَكَ أَرْضًا بِالْإِحْيَاءِ مَلَكَ مَا فِيهَا حَتَّى الْكَلَأَ، وَإِطْلَاقُهُمَا أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا لَيْسَ فِي مَمْلُوكٍ وَعَلَى عَدَمِ مِلْكِهِ هُوَ أَحَقُّ بِهِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ إلَّا بَعْدَ الْإِحْيَاءِ فَيَمْلِكَهُ بُقْعَةً وَنِيلًا إجْمَاعًا عَلَى مَا حَكَاهُ الْإِمَامُ، وَأَمَّا مَا فِيهِ عِلَاجٌ كَمَا لَوْ كَانَ بِقُرْبِ السَّاحِلِ بُقْعَةٌ لَوْ حُفِرَتْ وَسِيقَ الْمَاءُ إلَيْهَا ظَهَرَ الْمِلْحُ فَيُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ وَلِلْإِمَامِ إقْطَاعُهَا (فَإِنْ ضَاقَ نِيلُهُ) أَيْ الْحَاصِلُ مِنْهُ عَنْ اثْنَيْنِ تَسَابَقَا إلَيْهِ، وَمِثْلُهُ فِي هَذَا الْبَاطِنُ الْآتِي (قُدِّمَ السَّابِقُ) مِنْهُمَا لِسَبْقِهِ، وَإِنَّمَا يُقَدَّمُ (بِقَدْرِ حَاجَتِهِ) عُرْفًا فَلَهُ أَخْذُ مَا تَقْتَضِيهِ عَادَةُ أَمْثَالِهِ، وَيَبْطُلُ حَقُّهُ بِانْصِرَافِهِ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا (فَإِنْ طَلَبَ زِيَادَةً) عَلَى حَاجَتِهِ (فَالْأَصَحُّ إزْعَاجُهُ) إنْ زُوحِمَ عَلَى الزِّيَادَةِ، لِأَنَّ عُكُوفَهُ عَلَيْهِ كَالتَّحَجُّرِ، وَالثَّانِي يَأْخُذُ مِنْهُ مَا شَاءَ لِسَبْقِهِ، وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي نَحْوِ مَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ بِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَى الْمَعَادِنِ، وَمَحِلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ انْتِفَاءِ إضْرَارِ الْغَيْرِ، وَإِلَّا أُزْعِجَ جَزْمًا (فَلَوْ جَاءَا) إلَيْهِ (مَعًا) أَوْ جَهِلَ السَّابِقُ وَلَمْ يَكْفِهِمَا الْحَاصِلُ مِنْهُ لِحَاجَتِهِمَا، أَوْ تَنَازَعَا فِي الِابْتِدَاءِ (أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ الْمُرَجِّحِ، فَإِنْ وَسِعَهُمَا اجْتَمَعَا، وَلَيْسَ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ السُّيُوطِيّ أَنَّ فِيهِ لُغَةٌ بِضَمِّ الْبَاءِ (قَوْلُهُ: الْأَيْكَةَ) أَيْ وَهِيَ الْأَشْجَارُ النَّابِتَةُ فِي الْأَرَاضِي لَا مَالِكَ لَهَا اهـ حَجّ. وَهِيَ أَوْضَحُ فِي الْمُرَادِ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْقَرْيَةِ لِشُمُولِهَا لِلْمَمْلُوكِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ لَا يُوَافِقُ الْجَمْعَ الْآتِيَ (قَوْلُهُ وَأَمَّا مَا فِيهِ عِلَاجٌ) قَضِيَّةُ إفْرَادِهِ بِالذِّكْرِ أَنَّهُ غَيْرُ الْبَاطِنِ الْآتِي، وَعَلَيْهِ فَمَا مَعْنَى كَوْنِهِ لَيْسَ مِنْ الظَّاهِرِ وَلَا مِنْ الْبَاطِنِ وَلَكِنَّهُ يَخْرُجُ بِعِلَاجٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْأَرْضِ نَفْسِهَا مَعْدِنٌ لَكِنْ لِفَسَادِ تُرْبَتِهَا إذَا دَخَلَهَا الْمَاءُ وَاخْتَلَطَ بِتُرْبَتِهَا صَارَ الْمَاءُ الْمُخْتَلِطُ بِالتُّرَابِ مِلْحًا، فَالْأَرْضُ لَا مَعْدِنَ فِيهَا وَلَكِنَّهُ يَحْصُلُ بِإِجْرَاءِ الْمَاءِ إلَيْهَا فَجَازَ إحْيَاؤُهَا لِكَوْنِ الْمُحَيَّا أَرْضًا مُجَرَّدَةً (قَوْلُهُ: وَلِلْإِمَامِ إقْطَاعُهَا) هَلْ يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْإِرْفَاقِ قِيَاسًا عَلَى الْبَاطِنِ الْآتِي أَوْ يَعُمُّهُ وَالتَّمْلِيكُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهَا تُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ وَلَوْ مَعَ الْعِلْمِ بِهَا وَلَيْسَ الْبَاطِنُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: قُدِّمَ السَّابِقُ) أَيْ لَوْ ذِمِّيًّا، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: بِقَدْرِ حَاجَتِهِ) هَلْ الْمُرَادُ حَاجَةُ يَوْمِهِ أَوْ أُسْبُوعِهِ أَوْ شَهْرِهِ أَوْ سَنَتِهِ أَوْ عُمُرِهِ الْغَالِبِ أَوْ عَادَةِ النَّاسِ مِنْ ذَلِكَ اهـ سم عَلَى حَجّ أَقُولُ: الْأَقْرَبُ اعْتِبَارُ الْعُمُرِ الْغَالِبَ كَمَا فِي أَخْذِ الزَّكَاةِ، وَقَدْ يُقَالُ بَلْ الْأَقْرَبُ اعْتِبَارُ عَادَةِ النَّاسِ وَلَوْ لِلتِّجَارَةِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّكَاةِ بِأَنَّ النَّاسَ مُشْتَرِكُونَ فِي الْمَعْدِنِ بِالْأَصَالَةِ، بِخِلَافِ الزَّكَاةِ فَإِنَّ مَبْنَاهَا عَلَى الْحَاجَةِ وَمِنْ ثَمَّ امْتَنَعَتْ عَلَى الْغَنِيِّ بِمَالٍ أَوْ كَسْبٍ بِخِلَافِ الْمَعْدِنِ (قَوْلُهُ: فَالْأَصَحُّ إزْعَاجُهُ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَخَذَ شَيْئًا قَبْلَ الْإِزْعَاجِ هَلْ يَمْلِكُهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ حِينَ أَخَذَهُ كَانَ مُبَاحًا (قَوْلُهُ: إنْ زُوحِمَ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يُزَاحَمْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ، لَكِنَّ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ بِأَنَّ عُكُوفَهُ عَلَيْهِ كَالتَّحَجُّرِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فَإِنَّهُ مَا دَامَ مُقِيمًا عَلَيْهِ يُهَابُ فَلَا يُقْدِمُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَإِنْ احْتَاجَ مَا دَامَ مُقِيمًا (قَوْلُهُ: أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا) أَيْ وُجُوبًا، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ لِانْتِفَاءِ الْمُرَجِّحِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْأَيْكَةِ) وَهِيَ الْأَشْجَارُ النَّابِتَةُ فِي الْأَرْضِ الَّتِي لَا مَالِكَ لَهَا (قَوْلُهُ: عَلَى مَا حَكَاهُ الْإِمَامُ) التَّبَرِّي إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِحِكَايَةِ الْإِجْمَاعِ خَاصَّةً، وَإِلَّا فَالْحُكْمُ مُسَلَّمٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي

لِأَحَدٍ أَخْذُ أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ بِرِضَاهُ قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَخْذِ الْأَكْثَرِ مِنْ الْبُقْعَةِ لَا النِّيلِ إذْ لَهُ أَخْذُ الْأَكْثَرِ مِنْهُ، وَلَا فَرْقَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بَيْنَ أَخْذِ أَحَدِهِمَا لِلتِّجَارَةِ وَالْآخَرِ لِلْحَاجَةِ أَوْ لَا. نَعَمْ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا وَالْآخَرُ ذِمِّيًّا قُدِّمَ الْمُسْلِمُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِي نَظِيرِ مَا مَرَّ فِي مَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَجْتَهِدُ الْإِمَامُ وَيُقَدِّمُ مَنْ يَرَاهُ أَحْوَجَ، وَقِيلَ يَنْصِبُ مَنْ يَقْسِمُ الْحَاصِلَ بَيْنَهُمَا (وَالْمَعْدِنُ الْبَاطِنُ وَهُوَ مَا لَا يَخْرُجُ إلَّا بِعِلَاجٍ كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَحَدِيدٍ وَنُحَاسٍ) وَرَصَاصٍ وَفَيْرُوزَجَ وَعَقِيقٍ وَسَائِرِ الْجَوَاهِرِ الْمَبْثُوثَةِ فِي الْأَرْضِ، وَعَدَّ فِي التَّنْبِيهِ الْيَاقُوتَ مِنْ الْمَعَادِنِ الظَّاهِرَةِ، وَجَرَى عَلَيْهِ الدَّمِيرِيُ، وَالْمَجْزُومُ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّهُ مِنْ الْبَاطِنَةِ (لَا يُمْلَكُ) مَحِلُّهُ (بِالْحَفْرِ وَالْعَمَلِ) مُطْلَقًا وَلَا بِالْإِحْيَاءِ فِي مَوَاتٍ عَلَى مَا يَأْتِي (فِي الْأَظْهَرِ كَالظَّاهِرِ) . وَالثَّانِي يُمْلَكُ بِذَلِكَ إذَا قُصِدَ التَّمَلُّكُ كَالْمَوَاتِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْمَوَاتَ يُمْلَكُ بِالْعِمَارَةِ وَحَفْرُ الْمَعْدِنِ تَخْرِيبٌ، وَلِأَنَّ الْمَوَاتَ إذَا مُلِكَ يَسْتَغْنِي الْمُحْيِي عَنْ الْعَمَلِ وَالنِّيلُ مَبْثُوثٌ فِي طَبَقَاتِ الْأَرْضِ يَحُوجُ كُلَّ يَوْمٍ إلَى حَفْرٍ وَعَمَلٍ وَخَرَجَ بِمَحِلِّهِ نِيلُهُ فَيُمْلَكُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ بِالْأَخْذِ قَطْعًا لَا قَبْلَ الْأَخْذِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَأَفْهَمَ سُكُوتُهُ هُنَا عَنْ الْإِقْطَاعِ جَوَازَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ لِلِاتِّبَاعِ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِرْفَاقِ لَا لِلتَّمَلُّكِ. نَعَمْ لَا يَثْبُتُ فِيهِ اخْتِصَاصٌ بِتَحَجُّرٍ كَالظَّاهِرِ. (وَمَنْ أَحْيَا مَوَاتًا فَظَهَرَ فِيهِ مَعْدِنٌ بَاطِنٌ مَلَكَهُ) بُقْعَةً وَنِيلًا لِكَوْنِهِ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ الْمَمْلُوكَةِ بِالْإِحْيَاءِ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ هُنَا بِخِلَافِ الرِّكَازِ لَيْسَ فِي مَحِلِّهِ وَمَعَ مِلْكِهِ لِلْبُقْعَةِ يَمْلِكُ مَا فِيهَا قَبْلَ أَخْذِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ السُّبْكِيّ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ خِلَافًا لِلْجَوْجَرِيِّ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فَظَهَرَ الْمُشْعِرُ بِعَدَمِ عِلْمِهِ بِهِ حَالَ إحْيَائِهِ مَا لَوْ عَلِمَهُ وَبَنَى عَلَيْهِ دَارًا مَثَلًا فَلَا يَمْلِكُ شَيْئًا فِي أَرْجَحِ الطَّرِيقَيْنِ لِفَسَادِ الْقَصْدِ خِلَافًا لِمَا فِي الْكِفَايَةِ، وَخَرَجَ بِالظَّاهِرِ الْبَاطِنُ فَلَا يَمْلِكُهُ بِالْإِحْيَاءِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ إنْ عَلِمَهُ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ مَلَكَهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَعْدِنَيْنِ حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ وَبُقْعَتُهُمَا لَا يَمْلِكُهَا بِالْإِحْيَاءِ مَعَ عِلْمِهِ، إذْ الْمَعْدِنُ لَا يُتَّخَذُ دَارًا وَلَا مَزْرَعَةً وَلَا بُسْتَانًا، وَتَخْصِيصُ الْمُصَنِّفِ الْمَعْدِنَ بِالذِّكْرِ لِكَوْنِ الْكَلَامِ فِيهِ، وَإِلَّا فَمَنْ مَلَكَ أَرْضًا مَلَكَ طَبَقَاتِهَا حَتَّى الْأَرْضَ السَّابِعَةَ. (وَالْمِيَاهُ الْمُبَاحَةُ) بِأَنْ لَمْ تُمْلَكْ (مِنْ الْأَوْدِيَةِ) كَالنِّيلِ وَالْفُرَاتِ وَدِجْلَةَ (وَالْعُيُونِ) الْكَائِنَةِ (فِي الْجِبَالِ) ـــــــــــــــــــــــــــــSمُسْلِمًا قُدِّمَ كَمَا مَرَّ، وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ) هِيَ لِلْقَمُولِيِّ (قَوْلُهُ: قُدِّمَ الْمُسْلِمُ) أَيْ وَإِنَّ اشْتَدَّتْ حَاجَةُ الذِّمِّيِّ لِأَنَّ ارْتِفَاقَهُ إنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ التَّبَعِ لَنَا (قَوْلُهُ: وَعَدَّ فِي التَّنْبِيهِ الْيَاقُوتَ إلَخْ) حَمَلَ سم عَلَى حَجّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ مِنْ الظَّاهِرِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَحْجَارُهُ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ مِنْ الْبَاطِنِ عَلَى نَفْسِ الْيَاقُوتِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَالْعَمَلُ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْحَفْرِ (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِلْإِرْفَاقِ) لَا يُنَافِي هَذَا مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ نَفْيُ إقْطَاعِ التَّمَلُّكِ وَالِارْتِفَاقِ وَهُوَ كَذَلِكَ إلَخْ، لِأَنَّ ذَاكَ فِي الظَّاهِرِ وَهَذَا فِي الْبَاطِنِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ مَا هُنَا لَمَّا كَانَ يُحْوِجُ إلَى تَعَبٍ لَمْ يَكُنْ كَالْحَاصِلِ فَجَازَ إقْطَاعُهُ لِلْإِرْفَاقِ بِخِلَافِ الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ) أَيْ حَجّ (قَوْلُهُ: يَمْلِكُ مَا فِيهَا قَبْلَ أَخْذِهِ) خِلَافًا لِحَجِّ (قَوْلُهُ فَلَا يَمْلِكُ شَيْئًا) أَيْ وَيَلْزَمُ بِإِزَالَةِ الْبِنَاءِ إنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَنْعُ مَنْ يُرِيدُ الْأَخْذَ (قَوْلُهُ: فِي أَرْجَحِ الطَّرِيقَيْنِ) خِلَافًا لِحَجِّ (قَوْلُهُ: لِفَسَادِ الْقَصْدِ) وَهُوَ حِرْمَانُ غَيْرِهِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمِيَاهُ الْمُبَاحَةُ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَهِيَ أَيْ الْمِيَاهُ قِسْمَانِ: مُخْتَصَّةٌ، وَغَيْرُهَا، فَغَيْرُ الْمُخْتَصَّةِ كَالْأَوْدِيَةِ وَالْأَنْهَارِ فَالنَّاسُ فِيهَا سَوَاءٌ، ثُمَّ قَالَ: فَرْعٌ: وَعِمَارَةُ هَذِهِ الْأَنْهَارِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَلِكُلٍّ: أَيْ مِنْ النَّاسِ بِنَاءُ قَنْطَرَةٍ وَرَحًى عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ فِي مَوَاتٍ أَوْ فِي مِلْكِهِ، فَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْعُمْرَانِ فَالْقَنْطَرَةُ كَحَفْرِ الْبِئْرِ لِلْمُسْلِمِينَ فِي الشَّارِعِ، وَالرَّحَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْمَوَاتَ إذَا مُلِكَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْقُوتِ: وَلِأَنَّ الْمَوَاتَ إذَا مُلِكَ لَا يَحْتَاجُ فِي تَحْصِيلِ مَقْصُودِهِ إلَى مِثْلِ الْعَمَلِ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ الْمَعْدِنِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَمْلِكُ شَيْئًا فِي أَرْجَحِ الطَّرِيقَيْنِ) أَيْ: لَا مِنْ الْبُقْعَةِ لِمَا يَأْتِي، وَلَا مِنْ النِّيلِ كَمَا يُعْلَمُ

وَنَحْوِهَا مِنْ الْمَوَاتِ وَسُيُولِ الْأَمْطَارِ (يَسْتَوِي النَّاسُ فِيهَا) لِخَبَرِ «النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: الْمَاءُ، وَالْكَلَأُ، وَالنَّارُ» وَصَحَّ «ثَلَاثَةٌ لَا يُمْنَعْنَ: الْمَاءُ وَالْكَلَأُ وَالنَّارُ» فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ تَحَجُّرُهَا وَلَا لِلْإِمَامِ إقْطَاعُهَا بِالْإِجْمَاعِ وَعِنْدَ الِازْدِحَامِ مَعَ ضِيقِ الْمَاءِ أَوْ مُشْرَعِهِ يُقَدَّمُ الْأَسْبَقُ وَإِلَّا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا، وَلَيْسَ لِلْقَارِعِ تَقْدِيمُ دَوَابِّهِ عَلَى الْآدَمِيِّينَ، إذْ الظَّامِئُ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ وَطَالِبُ الشُّرْبِ عَلَى طَالِبِ السَّقْيِ، وَمَا جُهِلَ أَصْلُهُ وَهُوَ تَحْتَ يَدِ وَاحِدٍ أَوْ جَمَاعَةٍ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْإِبَاحَةِ لِأَنَّ الْيَدَ دَلِيلُ الْمِلْكِ. وَمَحِلُّهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إذَا كَانَ مَنْبَعُهُ مِنْ مَمْلُوكٍ لَهُمْ، بِخِلَافِ مَا مَنْبَعُهُ بِمَوَاتٍ أَوْ يَخْرُجُ مِنْ نَهْرٍ عَامٍّ كَدِجْلَةَ فَإِنَّهُ بَاقٍ عَلَى إبَاحَتِهِ، وَيُعْمَلُ فِيمَا جُهِلَ قَدْرُهُ وَوَقْتُهُ وَكَيْفِيَّتُهُ فِي الْمَشَارِبِ وَالْمُسَاقَى وَغَيْرِهَا بِالْعَادَةِ الْمُطَّرِدَة لِأَنَّهَا مُحَكَّمَةٌ فِي هَذَا وَأَمْثَالِهِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَنْ كَانَ لِأَرْضِهِ شِرْبٌ مِنْ مَاءٍ مُبَاحٍ فَعَطَّلَهُ آخَرُ بِأَنْ أَحْدَثَ مَا يَنْحَدِرُ بِهِ الْمَاءُ عَنْهُ تَأْثِيمُ فَاعِلِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ مُدَّةَ تَعْطِيلِهَا لَوْ سُقِيَتْ بِذَلِكَ الْمَاءِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْمُسَاقَاةِ، وَقَدْ جَرَى جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِثَلَاثَةٍ ثَلَاثُ مَسَاقٍ مِنْ مَاءٍ مُبَاحٍ أَعْلَى وَأَوْسَطَ وَأَسْفَلَ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَجُوزُ بِنَاؤُهَا إنْ لَمْ يَضُرَّ بِالْمُلَّاكِ انْتَهَى. وَفِيهِ أُمُورٌ: مِنْهَا أَنَّهُ يُسْتَفَادُ جَوَازُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ بِنَاءِ السَّوَاقِي بِحَافَّاتِ النِّيلِ لِقَوْلِهِ لِكُلٍّ بِنَاءُ قَنْطَرَةٍ وَرَحًى عَلَيْهَا، بَلْ وَبِحَافَّاتِ الْخَلِيجِ بَيْنَ عُمْرَانِ الْقَاهِرَةِ لِقَوْلِهِ وَالرَّحَى يَجُوزُ بِنَاؤُهَا إلَخْ. وَمِنْهَا أَنَّهُ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ جَوَازِ الرَّحَى فِي الْمَوَاتِ بِأَنْ لَا يَضُرَّ الْمُنْتَفِعُ بِالنَّهْرِ لِأَنَّ حَرِيمَ النَّهْرِ لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِمَا يَضُرُّ فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ كَمَا تَقَرَّرَ. وَمِنْهَا أَنَّهُ قَدْ يُشْكِلُ جَوَازُ بِنَاءِ الْقَنْطَرَةِ وَالرَّحَى فِي الْمَوَاتِ وَالْعُمْرَانِ بِامْتِنَاعِ إحْيَاءِ حَرِيمِ النَّهْرِ وَالْبِنَاءِ فِيهِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُمْتَنَعَ التَّمَلُّكُ بِالْإِحْيَاءِ. وَأَمَّا مُجَرَّدُ الِانْتِفَاعِ بِحَرِيمِهِ بِشَرْطِ عَدَمِ الضَّرَرِ فَلَا مَانِعَ مِنْهُ وَقَدْ يَقْضِي هَذَا جَوَازَ بِنَاءِ نَحْوِ بَيْتٍ فِي حَرِيمِهِ لِلِارْتِفَاقِ حَيْثُ لَا تَضَرُّرَ لِأَحَدٍ بِهِ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي بِنَاءِ بَيْتٍ بِمِنًى لِذَلِكَ حَيْثُ لَا تَضَرُّرَ بِهِ. وَمِنْهَا أَنَّ قَضِيَّةَ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي جَوَازِ ذَلِكَ فِي الْمَوَاتِ بَيْنَ أَنْ يَفْعَلَهُ لِنَفْسِهِ خَاصَّةً: أَوْ لِعُمُومِ النَّاسِ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ بِنَاءُ الْقَنْطَرَةِ وَمَنْعُ النَّاسِ مِنْ الْمُرُورِ عَلَيْهَا لَكِنْ عَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِقَوْلِهِ قَنْطَرَةٍ لِعُبُورِ النَّاسِ اهـ. وَقَالَ فِي الرَّحَى بَيْنَ الْعُمْرَانِ إذَا لَمْ تَضُرَّ، وَأَصَحُّهُمَا: أَيْ الْوَجْهَيْنِ الْجَوَازُ كَإِشْرَاعِ الْجَنَاحِ فِي السِّكَّةِ النَّافِذَةِ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: الْمَاءُ وَالْكَلَأُ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: فِي الْمَاءِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُشْرَعِهِ) أَيْ طَرِيقِهِ (قَوْلُهُ: مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ وَلَوْ أَدَّى ذَلِكَ إلَى هَلَاكِ الدَّوَابِّ حَيْثُ كَانَ الْآدَمِيُّ مُضْطَرًّا (قَوْلُهُ: مَاءٌ مَنْبَعُهُ بِمَوَاتٍ) بَقِيَ مَا لَوْ جُهِلَ مَنْبَعُهُ اهـ سم. أَقُولُ: الْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَوْ جُهِلَ أَصْلُهُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ بَاقٍ عَلَى إبَاحَتِهِ) أَيْ مَا لَمْ يَدْخُلْ لِمَحِلٍّ يَخْتَصُّ بِهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَكَالْأَخَذِ فِي إنَاءِ سَوْقِهِ لِنَحْوِ بِرْكَةٍ أَوْ حَوْضٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: مُدَّةَ تَعْطِيلِهَا) هَذَا قَدْ يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي أَوَّلِ الْغَصْبِ مِنْ قَوْلِهِ وَمَدَارُهُ: أَيْ الْغَصْبِ عَلَى الْعُرْفِ فَلَيْسَ مِنْهُ مَنْعُ الْمَالِكِ مِنْ سَقْيِ زَرْعِهِ أَوْ مَاشِيَتِهِ حَتَّى تَلِفَ فَلَا ضَمَانَ لِانْتِفَاءِ الِاسْتِيلَاءِ سَوَاءٌ أَقَصَدَ مَنْعَهُ عَنْهُ أَمْ لَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَفَارَقَ هَذَا هَلَاكَ وَلَدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِمَّا يَأْتِي أَيْضًا مِنْ أَنَّ حُكْمَ الْمَعْدِنَيْنِ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: إذْ الظَّامِئُ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ) كَانَ حَقُّ التَّعْلِيلِ إذْ الْآدَمِيُّ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَعَطْشَانُ عَلَى غَيْرِهِ وَطَالِبُ شُرْبٍ عَلَى طَالِبِ سَقْيٍ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ بَاقٍ عَلَى إبَاحَتِهِ) أَيْ: إذْ الصُّورَةُ أَنَّهُ يَدْخُلُ إلَيْهِمْ بِنَفْسِهِ بِلَا سَوْقٍ فَلَا يُنَافِيهِ مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَكَالْأَخَذِ فِي إنَاءٍ سَوْقُهُ لِنَحْوِ بِرْكَةٍ أَوْ حَوْضٍ مَسْدُودٍ، فَمَا هُنَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ الْآتِي أَيْضًا وَخَرَجَ بِمَا تَقَرَّرَ دُخُولُهُ فِي مِلْكِهِ بِنَحْوِ سَيْلٍ وَلَوْ بِحَفْرِ نَهْرٍ حَتَّى دَخَلَ وَأَمَّا قَوْلُ الشَّيْخِ فِي حَاشِيَتِهِ قَوْلُهُ: أَيْ: الشَّارِحِ فَإِنَّهُ بَاقٍ عَلَى إبَاحَتِهِ: أَيْ مَا لَمْ يَدْخُلْ بِمَحَلٍّ يَخْتَصُّ بِهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَكَالْأَخَذِ فِي إنَاءٍ سَوْقُهُ لِنَحْوِ بِرْكَةٍ أَوْ حَوْضٍ إلَخْ اهـ. فَيُقَالُ فِيهِ هَذَا الْأَخْذُ لَمْ يَصِحَّ؛ لِاخْتِلَافِ الْمَأْخَذِ الَّذِي أَشَرْتُ إلَيْهِ الْمَعْلُومُ مِمَّا يَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى أَنَّ حَمْلَهُ الْمَذْكُورَ لَا يَصِحُّ إذْ هُوَ عَيْنُ الْمَسْأَلَةِ هُنَا كَمَا يُعْلَمُ بِالتَّأَمُّلِ

فَأَرَادَ ذُو الْأَعْلَى أَنْ يَسْقِيَ مِنْ الْأَوْسَطِ بِرِضَا صَاحِبِهِ كَانَ لِذِي الْأَسْفَلِ مَنْعُهُ لِئَلَّا يَتَقَادَمَ ذَلِكَ فَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ لَهُ شِرْبًا مِنْ الْأَوْسَطِ، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ أَرْضَانِ عُلْيَا فَوُسْطَى وَبِسُفْلَى لِآخَرَ شِرْبٌ مِنْ مُبَاحٍ كَذَلِكَ فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ لِلثَّانِيَةِ شِرْبًا مُسْتَقِلًّا لِيَشْرَبَا مَعًا ثُمَّ يُرْسِلَ لِمَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ وَأَرَادَ هَذَا مَنْعَهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ فِيهِ تَأْخِيرٌ لِسَقْيِ أَرْضِهِ، بَلْ رُبَّمَا يَكُونُ وُصُولُ الْمَاءِ إلَيْهِ إذَا شَرِبَا مَعًا أَسْرَعُ مِنْهُ إذَا شَرِبَا مُرَتَّبًا (فَإِنْ أَرَادَ قَوْمٌ سَقْيَ أَرَضَهُمْ) بِفَتْحِ الرَّاءِ بِلَا أَلِفٍ (مِنْهَا) أَيْ الْمِيَاهِ الْمُبَاحَةِ (فَضَاقَ سَقْيُ الْأَعْلَى) وَإِنْ زَادَ عَلَى مَرَّةٍ لِأَنَّ الْمَاءَ مَا لَمْ يُجَاوِزْ أَرْضَهُ هُوَ أَحَقُّ بِهِ مَا دَامَتْ لَهُ بِهِ حَاجَةٌ (فَالْأَعْلَى) وَإِنْ هَلَكَ زَرْعُ الْأَسْفَلِ قَبْلَ انْتِهَاءِ النَّوْبَةِ إلَيْهِ فَإِنْ اتَّسَعَ سَقَى مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ، هَذَا كُلُّهُ إنْ أَحْيَوْا مَعًا أَوْ جُهِلَ الْحَالُ. أَمَّا لَوْ كَانَ الْأَسْفَلُ أَسْبَقَ إحْيَاءً فَهُوَ الْمُقَدَّمُ، بَلْ لَهُ مَنْعُ مَنْ أَرَادَ إحْيَاءَ أَقْرَبَ مِنْهُ إلَى النَّهْرِ وَسَقْيَهُ مِنْهُ عِنْدَ الضِّيقِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَصَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ لِئَلَّا يُسْتَدَلَّ بِقُرْبِهِ بَعْدُ عَلَى أَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ ثُمَّ مَنْ وَلِيَهُ فِي الْإِحْيَاءِ وَهَكَذَا، وَلَا عِبْرَةَ حِينَئِذٍ بِالْقُرْبِ مِنْ النَّهْرِ، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِالْأَعْلَى الْمُحْيِي قَبْلَ الثَّانِي وَهَكَذَا لَا الْأَقْرَبُ إلَى النَّهْرِ، وَعَبِّرُوا بِذَلِكَ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ مَنْ أَحْيَا يَتَحَرَّى قُرْبَهَا مِنْ الْمَاءِ مَا أَمْكَنَ لِمَا فِيهِ مِنْ سُهُولَةِ السَّقْيِ وَخِفَّةِ الْمُؤْنَةِ وَقُرْبِ عُرُوقِ الْغِرَاسِ مِنْ الْمَاءِ، وَلَوْ اسْتَوَتْ أَرَضُونَ فِي الْقُرْبِ لِلنَّهْرِ وَجُهِلَ الْمُحْيِي أَوْ لَا أُقْرِعَ لِلتَّقَدُّمِ (وَحَبَسَ كُلُّ وَاحِدٍ الْمَاءَ حَتَّى يَبْلُغَ الْكَعْبَيْنِ) لِقَضَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ، وَالْمُرَادُ بِمَا ذُكِرَ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ جَانِبُ الْكَعْبِ الْأَسْفَلِ وَمُخَالَفَةُ غَيْرِهِ لَهُ مُحْتَجًّا بِآيَةِ الْوُضُوءِ مَرْدُودَةٌ بِأَنَّ الدَّالَّ عَلَى دُخُولِ الْمُغَيَّا فِي تِلْكَ خَارِجِيٌّ وُجِدَ ثُمَّ لَا هُنَا، وَالتَّقْدِيرُ بِهِمَا هُوَ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSشَاةٍ ذَبَحَهَا بِأَنَّهُ ثَمَّ أَتْلَفَ غَدَاءً لِلْوَلَدِ الْمُتَعَيَّنِ لَهُ بِإِتْلَافِ أُمِّهِ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَبِهَذَا الْفَرْقِ يَتَأَيَّدُ مَا يَأْتِي عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ وَغَيْرِهِ قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ السَّمْنَ، وَيَأْتِي قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ أَرَادَ قَوْمٌ سَقْيَ أَرَاضِيهِمْ فِيمَنْ عَطَّلَ شُرْبَ مَاءِ الْغَيْرِ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ، وَأَرَادَ بِمَا نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ مَا ذَكَرَهُ حَجّ مِنْ قَوْلِهِ: وَأَفْتَى أَيْضًا ابْنُ الصَّلَاحِ بِضَمَانِ شَرِيكِ غَوَّرَ مَاءَ عَيْنٍ مِلْكٍ لَهُ وَلِشُرَكَائِهِ فَيَبِسَ مَا كَانَ يُسْقَى بِهَا مِنْ الشَّجَرِ. وَقَدْ يُقَالُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ مَفْرُوضٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِيمَا أَدَّى حَبْسُهُ إلَى فَسَادِ الشَّجَرِ نَفْسِهِ، وَمَا هُنَا فِيمَا لَوْ عَطَّلَ مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ بِأَنْ أَيْبَسَهَا بِحَيْثُ لَا تَصِحُّ لِلزِّرَاعَةِ (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ لَهُ ثَلَاثُ مَسَاقٍ، وَقَوْلُهُ " وَأَرَادَ هَذَا " اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ ثُمَّ يُرْسِلُ إلَى أَسْفَلَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَادَ عَلَى مَرَّةٍ) وَظَاهِرُهُ وَإِنْ تَلِفَ زَرْعُ غَيْرِهِ فِي مُدَّةِ سَقْيِهِ، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ هَلَكَ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَلْ مُنِعَ مَنْ أَرَادَ إحْيَاءَ أَقْرَبَ مِنْهُ) فِي الْخَادِمِ: فَرْعٌ أَرْضٌ لَهَا شِرْبٌ مِنْ نَهْرٍ فَقَصَدَ مَالِكُهَا حَفْرَ سَاقِيَةٍ إلَى نَهْرٍ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ لَا اسْتِحْقَاقَ لَهُ فِيهِ وَسَدَّهُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ كَنَظِيرِهِ مِنْ الْأَبْوَابِ إلَى الشَّارِعِ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ اهـ؟ قُلْت: وَيَتَّجِهُ أَنْ يُقَالَ إنْ لَزِمَ مِنْ ذَلِكَ تَضْيِيقٌ عَلَى السَّابِقِينَ بِالْإِحْيَاءِ الْمُسْتَحَقِّينَ السَّقْيَ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ أَوْ كَوْنِهِ أَقْرَبَ إلَى ذَلِكَ النَّهْرِ مِنْهُمْ امْتَنَعَ، وَإِلَّا فَلَا أَخْذًا مِمَّا تَقَرَّرَ فَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّ مَنْ أَحْيَا) أَيْ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: هُوَ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ) عِبَارَةُ حَجّ: وَاعْتَرَضُوا بِأَنَّ الْوَجْهَ أَنَّهُ قَدْ يُرْجَعُ فِي قَدْرِ السَّقْيِ لِلْعَادَةِ وَالْحَاجَةِ لِاخْتِلَافِهِمَا زَمَنًا وَمَكَانًا، فَاعْتُبِرَتْ فِي حَقِّ أَهْلِ كُلِّ مَحِلٍّ بِمَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ عِنْدَهُمْ وَالْخَبَرُ جَارٍ عَلَى عَادَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ قِيلَ النَّخْلُ إنْ أُفْرِدَتْ كُلٌّ بِحَوْضٍ فَالْعَادَةُ مِلْؤُهُ وَإِلَّا اُتُّبِعَتْ تِلْكَ الْأَرْضُ اهـ: وَلَا حَاجَةَ لِهَذَا التَّفْصِيلِ إلَخْ اهـ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَانَ لِذِي الْأَسْفَلِ مَنْعُهُ) كَأَنَّهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ شَرِيكَ أَرْبَعَةٍ فِي الْمَعْنَى بَعْدَ أَنْ كَانَ شَرِيكَ اثْنَيْنِ، وَلَعَلَّ الصُّورَةَ عِنْدَ الضِّيقِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الشِّهَابَ حَجّ نَظَرَ فِي هَذَا الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: وَسَقْيُهُ مِنْهُ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَنْ فِي قَوْلِهِ

مِنْ كَوْنِ الْوَجْهِ الرُّجُوعَ فِي السَّقْيِ لِلْعَادَةِ وَالْحَاجَةِ لِاخْتِلَافِهِمَا زَمَنًا وَمَكَانًا، فَاعْتُبِرَتْ فِي حَقِّ أَهْلِ كُلِّ مَحِلٍّ بِمَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ عِنْدَهُمْ، وَالْخَبَرُ جَارٍ عَلَى عَادَةِ الْحِجَازِ، فَقَدْ قِيلَ إنَّ النَّخْلَ إنْ أُفْرِدَتْ كُلٌّ بِحَوْضٍ فَالْعَادَةُ مِلْؤُهُ وَإِلَّا اُتُّبِعَتْ عَادَةُ تِلْكَ الْأَرْضِ، يُقَالُ عَلَيْهِ لَا حَاجَةَ لِهَذَا التَّفْصِيلِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ قِسْمَيْهِ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْعَادَةِ فِي مِثْلِهِ فَكَلَامُهُمْ شَامِلٌ لَهُ (فَإِنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ) الْوَاحِدَةِ (ارْتِفَاعٌ) مِنْ طَرَفٍ (وَانْخِفَاضٌ) مِنْ طَرَفٍ (أُفْرِدَ كُلُّ طَرَفٍ بِسَقْيٍ) لِئَلَّا يَزِيدَ الْمَاءُ فِي الْمُخَفَّضَةِ عَلَى الْكَعْبَيْنِ لَوْ سَقَيَا مَعًا فَيُسْقَى أَحَدُهُمَا حَتَّى يَبْلُغَهُمَا ثُمَّ يُسَدَّ عَنْهَا وَيُرْسِلَهُ إلَى الْآخَرِ، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الْبُدَاءَةُ بِالْأَسْفَلِ بَلْ لَوْ عُكِسَ جَازَ، وَمُرَادُهُمْ أَنْ لَا تَزِيدَ الْمُسْتَقِلَّةُ عَلَى الْكَعْبَيْنِ كَمَا مَرَّ وَهُوَ وَاضِحٌ (وَمَا أُخِذَ مِنْ هَذَا الْمَاءِ) الْمُبَاحِ (فِي إنَاءٍ مِلْكٌ عَلَى الصَّحِيحِ) بَلْ حَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ، وَلَا يَصِيرُ بِإِعَادَتِهِ إلَيْهِ شَرِيكًا بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ حُرْمَةِ صَبِّهِ عَلَيْهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَمْيِ الْمَالِ فِيهِ ظَاهِرٌ، وَكَالْأَخَذِ فِي إنَاءِ سَوْقِهِ لِنَحْوِ بِرْكَةٍ أَوْ حَوْضٍ مَسْدُودٍ، وَكَذَا دُخُولُهُ فِي كِيزَانِ دُولَابِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ. وَالثَّانِي لَا يُمْلَكُ الْمَاءُ بِحَالٍ بَلْ يَكُونُ بِإِحْرَازِهِ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَخَرَجَ بِمَا تَقَرَّرَ دُخُولُهُ فِي مِلْكِهِ بِنَحْوِ سَيْلٍ وَلَوْ بِحَفْرِ نَهْرٍ حَتَّى دَخَلَ فَلَا يَمْلِكُهُ بِدُخُولِهِ. نَعَمْ هُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ، بَلْ جَرْيًا فِي مَوْضِعٍ عَلَى أَنَّهُ يَمْلِكُهُ، وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا أَحْرَزَ مَحِلَّهُ بِالْقَفْلِ عَلَيْهِ وَنَحْوِهِ (وَحَافِرُ بِئْرٍ بِمَوَاتِ الِارْتِفَاقِ) لِنَفْسِهِ بِشُرْبِهِ أَوْ شُرْبِ دَوَابِّهِ مِنْهُ لَا لِلتَّمَلُّكِ (أَوْلَى بِمَائِهَا) مِنْ غَيْرِهِ فِيمَا يَحْتَاجُهُ مِنْهُ وَلَوْ لِسَقْيِ زَرْعِهِ (حَتَّى يَرْتَحِلَ) لِسَبْقِهِ إلَيْهِ، فَإِنْ ارْتَحَلَ بَطَلَتْ أَحَقِّيَّتُهُ وَإِنْ عَادَ. وَمَحِلُّهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ مَا لَمْ يَرْتَحِلْ بِنِيَّةِ الْعَوْدِ وَلَمْ تَطُلْ غَيْبَتُهُ. وَأَمَّا حَفْرُهَا لِارْتِفَاقِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَهِيَ أَوْضَحُ مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: مِنْ كَوْنِ الْوَجْهِ الرُّجُوعَ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فَاعْتُبِرَتْ) أَيْ الْحَاجَةُ (قَوْلُهُ: فِي إنَاءِ مِلْكٍ فِي الْأَصَحِّ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْآخِذُ لَهُ غَيْرَ مُمَيِّزٍ، وَعَلَيْهِ فَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَمَا تَقَدَّمَ فِي الْإِحْيَاءِ مِنْ اشْتِرَاطِ التَّمْيِيزِ فِي الْمُحْيِي بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ. وَالْجَوَابُ أَمَّا أَوَّلًا فَيَحْتَمِلُ أَنَّ الشَّارِحَ لَا يَرَى ذَلِكَ الْقَيْدَ بِدَلِيلِ تَمْثِيلِهِ ثُمَّ بِالْمَجْنُونِ. وَأَمَّا ثَانِيًا فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ هَذَا لَمَّا كَانَ الِانْتِقَاعُ بِهِ بِإِعْدَامِهِ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ النَّفْعُ بِهِ حَتَّى لِلدَّوَابِّ الَّتِي لَا قَصْدَ لَهَا وَلَا شُعُورَ تَوَسَّعُوا فِيهِ فَلَمْ يَشْتَرِطُوا فِي تَمَلُّكِهِ تَمْيِيزًا وَلَا غَيْرَهُ. وَيُؤَيِّدُ الثَّانِيَ أَنَّهُمْ جَوَّزُوا لِلذِّمِّيِّ أَخْذَ الْحَطَبِ وَنَحْوِهِ مِنْ دَارِنَا قَالُوا لِأَنَّ الْمُسَامَحَةَ تَغْلِبُ فِي ذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا فَمَا يَقَعُ مِنْ إرْسَالِ الصِّبْيَانِ لِلْإِتْيَانِ بِمَاءٍ أَوْ حَطَبِ الْمِلْكِ فِيمَا أَتَوْا بِهِ لِلْمُرْسَلِ حَيْثُ كَانَ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَيْهِمْ تَجُوزُ اسْتِخْدَامُهُ لَهُمْ فِي مِثْلِ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُرْسِلْهُ أَحَدٌ أَوْ أَرْسَلَهُ غَيْرُ وَلِيِّهِ الْمَذْكُورِ فَالْمَالِكُ فِيهِ لَهُ فَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ وَلَوْ وَالِدًا أَخْذُهُ إلَّا إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فَالْمَالِكُ فِي أَخْذِهِ وَصَرْفِ بَدَلِهِ أَوْ هُوَ عَلَى الصَّبِيِّ (قَوْلُهُ: عَدَمُ حُرْمَةِ صَبِّهِ) أَيْ بِخِلَافِ السَّمَكِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ إلْقَاؤُهُ فِيهِ بَعْدَ أَخْذِهِ كَمَا شَمِلَهُ قَوْلُهُ الْآتِي رَمْيِ الْمَالِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ رَدَّ السَّمَكِ إلَيْهِ بَعْدُ يُعَدُّ تَضْيِيعًا لَهُ لِعَدَمِ تَيَسُّرِ أَخْذِهِ كُلَّ وَقْتٍ بِخِلَافِ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: ظَاهِرٌ) وَهُوَ أَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ ضَيَاعًا لَهُ، بِخِلَافِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ أَخْذِهِ مِنْهُ أَيَّ وَقْتٍ أَرَادَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خُصُوصَ مُرَادِهِ (قَوْلُهُ: فِي كِيزَانِ دُولَابِهِ) فِي تَجْرِيدِ الْمُزَجَّدِ فِي الْأَنْوَارِ أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ كُوزًا وَجَمَعَ فِيهِ مَاءً ـــــــــــــــــــــــــــــQمَنْعُ مَنْ أَرَادَ السَّقْيِ: أَيْ وَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ السَّقْيِ لَوْ أَحْيَا. (قَوْلُهُ: يُقَالُ عَلَيْهِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ صَرِيحَ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّ هَذَا رَدٌّ لِلِاعْتِرَاضِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَحَاصِلُ مَا فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنَّ الشِّهَابَ حَجّ لَمَّا تَمَّمَ الْكَلَامَ عَلَى التَّقْدِيرِ بِالْكَعْبَيْنِ قَالَ: وَالتَّقْدِيرُ بِهِمَا هُوَ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. وَاعْتَرَضُوا بِأَنَّ الْوَجْهَ إلَى قَوْلِهِ وَالْخَبَرُ جَارٍ عَلَى عَادَةِ الْحِجَازِ، وَأَقَرَّ الِاعْتِرَاضَ ثُمَّ قَالَ عَقِبَهُ: قِيلَ النَّخْلُ إنْ أَفْرَدَ، إلَى أَنْ قَالَ: وَلَا حَاجَةَ لِهَذَا التَّفْصِيلِ إلَخْ، فَقَوْلُهُ: وَلَا حَاجَةَ رَاجِعٌ لِلْقِيلِ خَاصَّةً كَمَا لَا يَخْفَى، وَالشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَصَرَّفَ فِي عِبَارَتِهِ بِمَا تَرَى مِنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِمَا تَقَرَّرَ دُخُولُهُ فِي مِلْكِهِ)

الْمَارَّةِ أَوْ لَا بِقَصْدِ نَفْسِهِ وَلَا الْمَارَّةِ فَهُوَ كَأَحَدِهِمْ فَيَشْتَرِكُ النَّاسُ فِيهَا وَلَوْ مَعَ عَدَمِ تَلَفُّظِهِ بِوَقْفِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الصَّيْمَرِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ، وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ سَدُّهَا وَإِنْ حَفَرَهَا لِنَفْسِهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ النَّاسِ بِهَا فَلَا يَمْلِكُ إبْطَالَهُ (وَالْمَحْفُورَةُ) فِي الْمَوَاتِ (لِلتَّمَلُّكِ) أَوْ الْمَحْفُورَةِ بَلْ وَالتَّابِعَةِ بِدُونِ حَفْرٍ (فِي مِلْكٍ يَمْلِكُ) حَافِرُهَا وَمَلَكَ مَحِلَّهَا (مَاءَهَا فِي الْأَصَحِّ) إذْ هُوَ نَمَاءُ مِلْكِهِ كَالثَّمَرَةِ وَاللَّبَنِ وَالشَّجَرِ النَّابِتِ فِي مِلْكِهِ، وَالثَّانِي لَا يَمْلِكُهُ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ وَيَجْرِي الْخِلَافُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي كُلٍّ مَا يَنْبُعُ فِي مِلْكِهِ مِنْ نِفْطٍ وَمِلْحٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَإِنَّمَا جَازَ لِمُكْتَرِي دَارِ الِانْتِفَاعِ بِمَاءِ بِئْرِهَا لِأَنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ قَدْ يُمْلَكُ بِهِ عَيْنٌ تَبَعًا كَاللَّبَنِ (وَسَوَاءٌ مَلَكَهُ أَمْ لَا لَا يَلْزَمُهُ بَدَلُ مَا فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ) وَلَوْ لِزَرْعِهِ (لِزَرْعٍ) وَشَجَرٍ لِغَيْرِهِ، أَمَّا عَلَى الْمِلْكِ فَكَسَائِرِ الْمَمْلُوكَاتِ، وَأَمَّا عَلَى مُقَابِلِهِ فَلِأَنَّهُ أَوْلَى بِهِ لِسَبْقِهِ (وَيَجِبُ) بَذْلُ الْفَاضِلِ عَنْ حَاجَتِهِ النَّاجِزَةِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمَحِلُّهُ إنْ كَانَ مَا يُسْتَخْلَفُ مِنْهُ يَكْفِيهِ لِمَا يَطْرَأُ بِلَا عِوَضٍ قَبْلَ أَخْذِهِ فِي نَحْوِ إنَاءٍ (لِمَاشِيَةٍ) إذَا كَانَ بِقُرْبِهِ كَلَأٌ مُبَاحٌ وَلَمْ يَجِدْ صَاحِبُهَا مَاءً آخَرَ مُبَاحًا (عَلَى الصَّحِيحِ) بِأَنْ يُمَكِّنَهُ مِنْ سَقْيهَا مِنْهُ حَيْثُ لَمْ يَضُرَّ زَرْعَهُ وَلَا مَاشِيَتَهُ، وَإِلَّا فَمَنْ أَخَذَهُ أَوْ سَوَّقَهُ إلَيْهَا حَيْثُ لَا ضَرَرَ فِيمَا يَظْهَرُ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ وَمَحِلُّهُ عِنْدَ انْتِفَاءِ الِاضْطِرَارِ، وَإِلَّا وَجَبَ بَذْلُهُ لِذِي رُوحٍ مُحْتَرَمَةٍ كَآدَمِيٍّ وَإِنْ احْتَاجَهُ لِمَاشِيَةٍ وَمَاشِيَتِهِ وَإِنْ احْتَاجَهُ لِزَرْعٍ وَقِيلَ يَجِبُ لِلزَّرْعِ كَالْمَاشِيَةِ وَقِيلَ لَا يَجِبُ لِلْمَاشِيَةِ كَالْمَاءِ الْمُحْرَزِ وَلَا يَجِبُ بَذْلُ فَاضِلِ الْكَلَأِ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَخْلَفُ فِي الْحَالِ وَيُتَمَوَّلُ ـــــــــــــــــــــــــــــSمُبَاحًا مَلَكَهُ ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْغَصْبِ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ سَدُّهَا) هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ كَانَ الْحَافِرُ مُكَلَّفًا، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يَمْلِكُ بِالْحَفْرِ وَإِنْ قَصَدَ نَفْسَهُ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ اتَّفَقَ حَفْرُهُ لِبِئْرٍ فَهَلْ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ مَا حَفَرَهُ الْمُكَلَّفُ بِلَا قَصْدٍ فَتَكُونُ وَقْفًا لِعَامَّةِ النَّاسِ أَوْ يُلْغَى فِعْلُهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ حَيْثُ صَارَ وَقْفًا مَعَ عَدَمِ الْقَصْدِ لَهُ مِنْ الْمُكَلَّفِ فَلَا يَبْعُدُ تَنْزِيلُ غَيْرِهِ مَنْزِلَتَهُ فِي ذَلِكَ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ فِي الْمَاءِ مَا يُفْسِدُهُ قَبْلَ ارْتِحَالِهِ كَتَغَوُّطِهِ فِيهِ عَمْدًا امْتَنَعَ عَلَيْهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فِي مِلْكٍ يُمْلَكُ) وَلَوْ وَقَفَ الْمَالِكُ أَرْضًا مَثَلًا بِهَا بِئْرٌ اسْتَحَقَّ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مَاءِ الْبِئْرِ لِيَنْتَفِعَ بِهِ عَلَى الْعَادَةِ، وَلَهُ مَنْعُ غَيْرِهِ مِنْهُ حَيْثُ احْتَاجَ إلَيْهِ كَمَا فِي الْمِلْكِ، وَلَوْ كَانَتْ الْبِئْرُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ لِوَقْفٍ أَوْ مِلْكٍ اقْتَسَمَا مَاءَهَا عَلَى حَسَبِ الْحِصَصِ إنْ لَمْ يَفِ بِحَاجَتِهِمَا (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَجِبُ لِلزَّرْعِ إلَخْ) وَسَكَتُوا عَنْ الْبَذْلِ لِنَحْوِ طَهَارَةِ غَيْرِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ أَيْضًا، لَكِنْ هَلْ يُقْدِمُ عَلَى شُرْبِ مَاشِيَتِهِ وَزَرْعِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ؟ أَقُولُ: نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يُقْدِمَ الْمَاشِيَةَ وَيَدُلُّ لَهُ مَا صَرَّحُوا بِهِ فِي التَّيَمُّمِ مِنْ أَنَّ مِنْ أَسْبَابِ التَّيَمُّمِ احْتِيَاجَهُ لِعَطَشِ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ وَلَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ مِنْ غَيْرِ سَوْقٍ فَفَارَقَ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِزَرْعِهِ) لَا مَوْقِعَ لِهَذِهِ الْغَايَةِ هُنَا كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى مُتَأَمِّلٍ؛ إذْ الْحُكْمُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بَذْلُ مَاءٍ وَإِنْ فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ فَأَيُّ حَاجَةٍ إلَى بَيَانِ الْحَاجَةِ، وَإِنَّمَا تَظْهَرُ هَذِهِ الْغَايَةُ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَتَجِبُ لِمَاشِيَةٍ فَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهَا هُنَاكَ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا عَلَى مُقَابِلِهِ) أَيْ: الِارْتِفَاقِ الْمَذْكُورِ قَبْلَهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: بِلَا عِوَضٍ) مُتَعَلِّقٌ بِبَذْلِ وَكَذَا قَوْلُهُ: قَبْلُ كَمَا نَقَلَهُ الشِّهَابُ سم عَنْ الشِّهَابِ حَجّ الَّذِي الْعِبَارَةُ لَهُ فِي تُحْفَتِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلْ قَوْلَهُ قَبْلَ أَخْذِهِ قَيْدًا فِي الْبَذْلِ: أَيْ إنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِلَا عِوَضٍ حَيْثُ لَمْ يَأْخُذْ فِي إنَاءٍ: أَيْ أَمَّا إذَا أَخَذَهُ فِيهِ فَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِعِوَضٍ؛ لِأَنَّ الصُّورَةَ هُنَا أَنَّهُ لَا اضْطِرَارَ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ بَذْلُهُ وَلَوْ بِعِوَضٍ. (قَوْلُهُ: كَلَإٍ مُبَاحٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُبَاحَ هُنَا وَفِيمَا بَعْدَهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَجَبَ بَذْلُهُ لِذِي رُوحٍ مُحْتَرَمَةٍ) قَالَ الشِّهَابُ سم فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ: يَدْخُلُ فِي ذِي الرُّوحِ الْمُحْتَرَمَةِ الْمَاشِيَةُ فَيُقَدَّمُ: أَيْ الْآدَمِيُّ عَلَى حَاجَةِ مَاشِيَتِهِ، فَعَلَى

فِي الْعَادَةِ وَزَمَنُ رَعْيِهِ يَطُولُ بِخِلَافِ الْمَاءِ، وَحَيْثُ وَجَبَ الْبَذْلُ لَمْ يَجُزْ أَخْذُ عِوَضٍ عَلَيْهِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْبَذْلُ إعَارَةُ آلَةِ الِاسْتِقَاءِ، وَيُشْتَرَطُ فِي بَيْعِ الْمَاءِ تَقْدِيرُهُ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ لَا بَرِّيِّ الْمَاشِيَةِ وَالزَّرْعِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَوَازِ الشُّرْبِ مِنْ مَاءِ السِّقَاءِ بِعِوَضٍ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي شُرْبِ الْآدَمِيِّ أَهْوَنُ مِنْهُ فِي شُرْبِ الْمَاشِيَةِ وَالزَّرْعِ، وَجَوَّزَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الشُّرْبَ وَسَقْيَ الدَّوَابِّ مِنْ نَحْوِ جَدْوَلٍ مَمْلُوكٍ لَمْ يَضُرَّ بِمَالِكِهِ إقَامَةٌ لِلْإِذْنِ الْعُرْفِيِّ مَقَامَ اللَّفْظِيِّ ثُمَّ تَوَقَّفَ فِيمَا إذَا كَانَ لِنَحْوِ يَتِيمٍ أَوْ وَقْفٍ عَامٍّ، ثُمَّ قَالَ وَلَا أَرَى جَوَازَ وُرُودِ أَلْفِ إبِلٍ جَدْوَلًا مَاؤُهُ يَسِيرٌ انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا لَمْ يَضُرَّ بِمَالِكِهِ. (وَالْقَنَاةُ) أَوْ الْعَيْنُ (الْمُشْتَرَكَةُ) بَيْنَ جَمَاعَةٍ لَا يُقَدَّم فِيهَا أَعْلَى عَلَى أَسْفَلَ وَلَا عَكْسُهُ بَلْ (يُقْسَمُ مَاؤُهَا) الْمَمْلُوكُ الْجَارِي مِنْ بِئْرٍ أَوْ نَهْرٍ قَهْرًا عَلَيْهِمْ إنْ تَنَازَعُوا وَضَاقَ، لَكِنْ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَقَدَّمُ شَرِيكٌ عَلَى شَرِيكٍ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ ذَلِكَ (بِنَصْبِ خَشَبَةٍ) مَثَلًا مُتَسَاوٍ أَعْلَاهَا وَأَسْفَلُهَا بِمَحِلٍّ مُسْتَوٍ، وَأُلْحِقَ بِالْخَشَبَةِ وَنَحْوِهَا بِنَاءُ جِدَارٍ بِهِ ثُقْبٌ مُحْكَمَةٌ بِالْجَصِّ (فِي عَرْضِ النَّهْرِ) أَيْ فَمُ الْمَجْرَى فِيهَا ثُقْبٌ (مُتَسَاوِيَةٌ أَوْ مُتَفَاوِتَةٌ عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ) مِنْ الْقَنَاةِ وَنَحْوِهَا لِأَنَّهُ طَرِيقٌ عَلَى اسْتِيفَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ حِصَّتَهُ، وَعِنْدَ تَسَاوِي الثُّقْبِ وَتَفَاوُتِ الْحُقُوقِ أَوْ عَكْسِهِ يَأْخُذُ كُلٌّ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ، فَإِنْ جُهِلَ قَدْرُ الْحِصَصِ قُسِمَ عَلَى قَدْرِ الْأَرَاضِيِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الشَّرِكَةَ بِحَسَبِ الْمِلْكِ، وَقِيلَ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ سَوَاءً، هَذَا إنْ اتَّفَقُوا عَلَى مِلْكِ كُلٍّ مِنْهُمْ، وَإِلَّا رُجِّحَ بِالْقَرِينَةِ وَالْعَادَةِ الْمُطَّرِدَةِ فِي ذَلِكَ كَمَا مَرَّ، وَلَا يُنَافِي مَا رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ مَا ذَكَرَهُ فِي مُكَاتَبَيْنِ خَسِيسٍ وَنَفِيسٍ كُوتِبَا عَلَى نُجُومٍ مُتَفَاوِتَةٍ بِحَسَبٍ قِيمَتِهِمَا فَأَحْضَرَا مَالًا وَادَّعَى الْخَسِيسُ أَنَّهُ بَيْنَهُمَا وَالنَّفِيسُ أَنَّهُ مُتَفَاوِتٌ عَلَى قَدْرِ النُّجُومِ صُدِّقَ الْخَسِيسُ عَمَلًا بِالْيَدِ لِإِمْكَانِ الْفَرْقِ إذْ الْمَدَارُ هُنَاكَ عَلَى الْيَدِ وَهِيَ مُتَسَاوِيَةٌ وَفِي مَسْأَلَتِنَا عَلَى الْأَرْضِ الْمَسْقِيَّةِ وَهِيَ مُتَفَاوِتَةٌ فَعُمِلَ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَحِلَّيْنِ بِمَا يُنَاسِبُهُ. وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا كُلُّ أَرْضٍ أَمْكَنَ سَقْيُهَا مِنْ هَذَا النَّهْرِ إذَا رَأَيْنَا لَهَا سَاقِيَّةً مِنْهُ وَلَمْ نَجِدْ لَهَا شِرْبًا مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ حَكَمْنَا عِنْدَ التَّنَازُعِ بِأَنَّ لَهَا شِرْبًا مِنْهُ اهـ. وَأَفْهَمَ كَلَامُهُمَا أَنَّ مَا عُدَّ لِإِجْرَاءِ الْمَاءِ فِيهِ عِنْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَآلًا فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ وَجَبَ إلَخْ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا بِلَا عِوَضٍ، إلَّا أَنْ يُقَالَ الْغَرَضُ مِنْ الْأَوَّلِ بَيَانُ أَنَّ الْوُجُوبَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى بَذْلِ عِوَضٍ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ حُرْمَةُ أَخْذِ الْعِوَضِ (قَوْلُهُ: فِي شُرْبِ الْمَاشِيَةِ) قَضِيَّتُهُ اخْتِصَاصُ جَوَازِ التَّقْدِيرِ بِالرَّمْيِ بِالْآدَمِيِّ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ فِي شُرُوطِ الْبَيْعِ وَعِبَارَتُهُ ثُمَّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْخَامِسِ الْعِلْمُ بِهِ نَصُّهَا: وَقَدْ يُغْتَفَرُ الْجَهْلُ لِلضَّرُورَةِ أَوْ الْمُسَامَحَةِ كَمَا سَيُبَيِّنُهُ فِي اخْتِلَاطِ حَمَامِ الْبُرْجَيْنِ وَكَمَا فِي بَيْعِ الْفُقَّاعِ وَمَاءِ السِّقَاءِ فِي الْكُوزِ. قَالَ جَمْعٌ: وَلَوْ لِشُرْبِ دَابَّةٍ. وَقَدْ يُقَالُ مَا سَبَقَ لَمْ يَنْقُلْهُ جَازِمًا بِهِ بَلْ أَوْرَدَهُ بِصُورَةِ التَّبَرِّي مِنْهُ حَيْثُ قَالَ: قَالَ جَمْعٌ وَمَا هُنَا جَعَلَهُ شَرْطًا مَجْذُومًا بِهِ فَيُقَدَّمُ (قَوْلُهُ: مِنْ نَحْوِ جَدْوَلٍ) اسْمٌ لِلنَّهْرِ الصَّغِيرِ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَضُرَّ بِمَالِكِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي جَوَازِ ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَشْرَبَ أَوْ يَسْقِيَ دَابَّتَهُ مِنْهُ فِي مَوْضِعِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْقُلَهُ إلَى مَحِلِّهِ لِيَشْرَبَ مِنْهُ بَعْدُ أَوْ يَسْقِيَ دَابَّتَهُ (قَوْلُهُ: إقَامَةً لِلْإِذْنِ الْعُرْفِيِّ مُقَامَ اللَّفْظِيِّ) أَيْ مَا لَمْ يَمْنَعْ صَاحِبُ الْجَدْوَلِ عَنْهُ، فَإِنْ مَنَعَ امْتَنَعَ عَلَى غَيْرِهِ فِعْلُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي مَا رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ مِنْ الْقِسْمَةِ عَلَى قَدْرِ الْأَرَاضِي وَلَمْ يُرِدْ أَنَّهُ رَجَّحَهُ هُنَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ نَجِدْ لَهُ شِرْبًا مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَهَا شِرْبٌ مِنْ مَحِلٍّ آخَرَ لَا يَكُونُ لَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQحَاجَةِ زَرْعِهِ بِالْأَوْلَى، فَأَيُّ حَاجَةٍ مَعَ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ وَمَاشِيَتِهِ وَإِنْ احْتَاجَهُ لِزَرْعٍ (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ وَجَبَ الْبَذْلُ لَمْ يَجُزْ أَخْذُ عِوَضٍ عَلَيْهِ) يَعْنِي فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ الَّتِي لَا اضْطِرَارَ فِيهَا عَلَى أَنَّهُ قَدَّمَهُ هُنَاكَ وَذِكْرُهُ هُنَا يُوهِمُ جَرَيَانَهُ فِي مَسْأَلَةِ الِاضْطِرَارِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فِي شُرْبِ الْمَاءِ) صَوَابُهُ فِي شُرْبِ الْآدَمِيِّ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ لِلْعِلْمِ بِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَهَذَا مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ إلَخْ . (قَوْلُهُ: مَا رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ: وَهُوَ الْقِسْمَةُ عَلَى قَدْرِ الْأَرَاضِيِ:

وُجُودِهِ إلَى أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ دَالٌّ عَلَى أَنَّ الْيَدَ فِيهِ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ الَّتِي يُمْكِنُ سَقْيُهَا مِنْهَا سَوَاءٌ اتَّسَعَ الْمَجْرَى وَقَلَّتْ الْأَرْضُ أَوْ عَكْسُهُ، وَسَوَاءٌ الْمُرْتَفِعُ وَالْمُنْخَفِضُ، وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمْ أَنْ يَسْقِيَ بِمَائِهِ أَرْضًا لَهُ أُخْرَى لَا شِرْبَ لَهَا مِنْهُ سَوَاءٌ أَحْيَاهَا أَمْ لَا لِأَنَّهُ يَجْعَلُ لَهَا رَسْمَ شِرْبٍ لَمْ يَكُنْ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَلَوْ زَادَ نَصِيبُ أَحَدِهِمْ مِنْ الْمَاءِ عَلَى رَيِّ أَرْضِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ بَذْلُهُ لِشُرَكَائِهِ، بَلْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ (وَلَهُمْ) أَيْ الشُّرَكَاءِ (الْقِسْمَةُ مُهَايَأَةً) مُيَاوَمَةً مَثَلًا كَأَنْ يَسْقِيَ كُلٌّ مِنْهُمْ يَوْمًا كَسَائِرِ الْمُشْتَرَكَةِ، وَلَا نَظَرَ لِزِيَادَةِ الْمَاءِ وَنَقْصِهِ مَعَ التَّرَاضِي، عَلَى أَنَّ لَهُمْ الرُّجُوعَ عَنْ ذَلِكَ، فَإِنْ رَجَعَ وَقَدْ أَخَذَ نَوْبَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَهَا الْآخَرُ نَوْبَتَهُ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ نَوْبَتِهِ مِنْ النَّهْرِ لِلْمُدَّةِ الَّذِي أَخَذَ نَوْبَتَهُ فِيهَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَتَعَيَّنُ الطَّرِيقُ الثَّانِي إذَا تَعَذَّرَ مَا مَرَّ لِبُعْدِ أَرْضِ بَعْضِهِمْ عَنْ الْمُقْسَمِ، وَيَتَعَيَّنُ الطَّرِيقُ الْأَوَّلُ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْقَنَاةُ تَارَةً يَكْثُرُ مَاؤُهَا وَتَارَةً يَقِلُّ فَتَمْتَنِعَ الْمُهَايَأَةُ حِينَئِذٍ كَمَا مَنَعُوا فِي لَبُونٍ لِيَحْلِبَ هَذَا يَوْمًا وَهَذَا يَوْمًا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفَاوُتِ الظَّاهِرِ اهـ. وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمْ تَوْسِيعُ فَمِ النَّهْرِ وَلَا تَضْيِيقُهُ وَلَا تَقْدِيمُ رَأْسِ السَّاقِيَةِ الَّتِي يَجْرِي فِيهَا الْمَاءُ وَلَا تَأْخِيرُهُ وَلَا غَرْسُ شَجَرَةِ عَلَى حَافَّتِهِ بِدُونِ رِضَا الْبَاقِينَ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ وَعِمَارَتُهُ بِحَسَبِ الْمِلْكِ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَاءِ الْبِئْرِ وَالْقَنَاةِ مُنْفَرِدًا عَنْهُمَا، لِأَنَّهُ يَزِيدُ شَيْئًا فَشَيْئًا وَيَخْتَلِطُ الْمَبِيعُ بِغَيْرِهِ فَيَتَعَذَّرَ التَّسْلِيمُ، فَإِنْ بَاعَهُ بِشَرْطِ أَخْذِهِ الْآنَ صَحَّ، وَلَوْ بَاعَ صَاعًا مِنْ مَاءٍ رَاكِدٍ صَحَّ لِعَدَمِ زِيَادَتِهِ، وَلَوْ بَاعَ مَاءَ الْقَنَاةِ مَعَ قَرَارِهِ وَالْمَاءُ جَارٍ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ فِي الْجَمِيعِ لِلْجَهَالَةِ، وَإِنْ أَفْهَمَ كَلَامُ الرَّوْضَةِ الْبُطْلَانَ فِي الْمَاءِ فَقَطْ عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، فَإِنْ اشْتَرَى الْبِئْرَ وَمَاءَهَا الظَّاهِرَ أَوْ جُزْأَهُمَا شَائِعًا وَقَدْ عَرَفَ عُمْقَهَا فِيهِمَا صَحَّ، وَمَا يَنْبُعُ فِي الثَّانِيَةِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا كَالظَّاهِرِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَاهَا أَوْ جُزْأَهَا الشَّائِعَ دُونَ الْمَاءِ أَوْ أَطْلَقَ فَلَا يَصِحُّ لِئَلَّا يَخْتَلِطَ الْمَاءَانِ، وَلَوْ سَقَى زَرْعَهُ بِمَاءٍ مَغْصُوبٍ ضَمِنَ الْمَاءَ بِبَدَلِهِ وَالْغَلَّةُ لَهُ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ لِلْبَذْرِ، فَإِنْ غَرِمَ الْبَدَلَ وَتَحَلَّلَ مِنْ صَاحِبِ الْمَاءِ كَانَتْ الْغَلَّةُ أَطْيَبَ لَهُ مِمَّا لَوْ غَرِمَ الْبَدَلَ فَقَطْ، وَلَوْ أَشْعَلَ نَارًا فِي حَطَبٍ مُبَاحٍ لَمْ يَمْنَعْ أَحَدًا الِانْتِفَاعَ بِهَا وَلَا الِاسْتِصْبَاحُ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ الْحَطَبُ لَهُ فَلَهُ الْمَنْعُ مِنْ الْأَخْذِ مِنْهَا لَا الِاصْطِلَاءُ بِهَا وَلَا الِاسْتِصْبَاحُ مِنْهَا. وَمُهَايَأَةٌ فِي كَلَامِهِ مَنْصُوبٌ إمَّا عَلَى الْحَالِ مِنْ الْمُبْتَدَإِ وَهُوَ الْقِسْمَةُ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْحَالِ مِنْهُ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ سِيبَوَيْهِ وَغَيْرُهُ، أَوْ عَلَى أَنَّهَا مَفْعُولٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ، وَيَجُوزُ كَوْنُ الْقِسْمَةِ فَاعِلَةً بِالظَّرْفِ بِنَاءً عَلَى مَنْ جَوَّزَ عَمَلَ الْجَارِ بِلَا اعْتِمَادٍ وَهُمْ الْكُوفِيُّونَ، وَعَلَيْهِ فَنَصْبُ مُهَايَأَةٍ عَلَى الْحَالِ مِنْ الْفَاعِلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSشِرْبٌ مِنْ هَذَا النَّهْرِ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّهُ الْمَانِعُ أَنْ يَكُونَ لَهَا شِرْبٌ مِنْ مَوْضِعَيْنِ، وَمُجَرَّدُ كَوْنِ لَهَا شِرْبٍ مِنْ غَيْرِهِ لَا يَمْنَعُ أَنَّ لَهَا شِرْبًا مِنْهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَيَتَعَيَّنُ الطَّرِيقُ الثَّانِي) هُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَهُمْ الْقِسْمَةُ مُهَايَأَةً، وَالطَّرِيقُ الْأُولَى قَوْلُهُ بِنَصَبِ خَشَبَةٍ فِي عَرْضِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَتَمْتَنِعُ الْمُهَايَأَةُ) هَذَا قَدْ يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَلَا نَظَرَ لِزِيَادَةِ الْمَاءِ وَنَقْصِهِ مِنْ التَّرَاضِي إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالِامْتِنَاعِ هُنَا عَدَمُ الْإِجْبَارِ عَلَى ذَلِكَ فَلَا مُنَافَاةَ، لَكِنْ يُرَدُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْمُهَايَأَةَ لَا إجْبَارَ فِيهَا، فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: يُصَوَّرُ ذَاكَ بِزِيَادَةٍ تَارَةً مِنْ غَيْرِ اعْتِيَادٍ كَتَحَرُّكِ هَوَاءٍ وَنَحْوِهِ، وَمَا هُنَا بِمَا إذَا عُهِدَتْ الزِّيَادَةُ تَارَةً وَالنَّقْصُ أُخْرَى مِنْ غَيْرِ اعْتِيَادِ وَقْتٍ بِخُصُوصِهِ لِلزِّيَادَةِ وَآخَرَ لِلنَّقْصِ (قَوْلُهُ: صَحَّ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ لَكِنْ إذَا تَأَخَّرَ مُدَّةً وَاخْتَلَطَ فِيهَا الْحَادِثُ بِالْمَوْجُودِ وَتَنَازَعَا جَاءَ فِيهِ مَا قِيلَ فِي بَيْعِ الثَّمَرَةِ إذَا اخْتَلَطَ حَادِثُهَا بِمَوْجُودِهَا وَهُوَ تَصْدِيقُ ذِي الْيَدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْسُبْهُ إلَيْهِ فِيمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: عَمَدَ بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ) أَيْ: وَإِنَّمَا لَمْ تَعْمَلْ بِهِ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ إمْكَانُ التَّوْزِيعِ وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا لِلْجَهَالَةِ.

[كتاب الوقف]

كِتَابُ الْوَقْفِ هُوَ لُغَةً: الْحَبْسُ، وَيُرَادِفُهُ التَّحْبِيسُ وَالتَّسْبِيلُ، وَأَوْقَفَ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ، وَأَحْبَسَ أَفْصَحُ مِنْ حَبَسَ عَلَى مَا نُقِلَ، لَكِنَّ حَبَسَ هِيَ الْوَارِدَةُ فِي الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ، وَشَرْعًا: حَبْسُ مَالٍ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ بِقَطْعِ التَّصَرُّفِ فِي رَقَبَتِهِ عَلَى مَصْرِفٍ مُبَاحٍ مَوْجُودٍ. وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] وَلَمَّا سَمِعَهَا أَبُو طَلْحَةَ بَادَرَ إلَى وَقْفِ أَحَبِّ أَمْوَالِهِ بَيْرُحَا حَدِيقَةٌ مَشْهُورَةٌ، وَقَوْلُهُ {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ} [آل عمران: 115] وَخَبَرُ مُسْلِمٍ «إذَا مَاتَ الْمُسْلِمُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ أَوْ عِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٌ صَالِحٌ أَيْ مُسْلِمٌ يَدْعُو لَهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــSكِتَابُ الْوَقْفِ (قَوْلُهُ: التَّحْبِيسُ) أَيْ وَالِاحْتِبَاسُ أَيْضًا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: لُغَةً رَدِيئَةً) عِبَارَةُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ لُغَةُ تَمِيمٍ (قَوْلُهُ أَفْصَحُ مِنْ حَبَّسَ) أَيْ بِالتَّشْدِيدِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَصْرِفٍ مُبَاحٍ مَوْجُودٍ) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ، أَمَّا عَلَى مُقَابِلِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ، وَلَوْ أَسْقَطَهُ لِيَتَأَتَّى عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ لَكَانَ أَوْلَى كَمَا فَعَلَ حَجّ (قَوْلُهُ: بَيْرُحَا) قَالَ فِي النِّهَايَةِ: هَذِهِ اللَّفْظَةُ كَثِيرًا مَا تَخْتَلِطُ أَلْفَاظَ الْمُحَدِّثِينَ فِيهَا فَيَقُولُونَ بَيْرُحَا بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا وَبِفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّهِمَا وَالْمَدِّ فِيهِمَا وَبِفَتْحِهِمَا وَالْقَصْرِ، وَهِيَ اسْمُ مَالٍ وَمَوْضِعٍ بِالْمَدِينَةِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي الْفَائِقِ: إنَّهَا فَيُعْلَى مِنْ الْبَرَاحِ، وَهِيَ الْأَرْضُ الظَّاهِرَةُ اهـ الْمُرَادُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: إذَا مَاتَ الْمُسْلِمُ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ «إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ» فَلَهُمَا رِوَايَتَانِ (قَوْلُهُ: أَوْ وَلَدٌ صَالِحٌ) زَادَ السُّيُوطِيّ عَلَى ذَلِكَ أُمُورًا وَنَظَمَهَا فَقَالَ: إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ لَيْسَ يَجْرِي ... عَلَيْهِ مِنْ فِعَالٍ غَيْرُ عَشْرِ عُلُومٌ بَثَّهَا وَدُعَاءُ نَجْلِ ... وَغَرْسُ النَّخْلِ وَالصَّدَقَاتُ تَجْرِي وِرَاثَةُ مُصْحَفٍ وَرِبَاطُ ثَغْرِ ... وَحَفْرُ الْبِئْرِ أَوْ إجْرَاءُ نَهْرِ وَبَيْتٌ لِلْغَرِيبِ بَنَاهُ يَأْوِي ... إلَيْهِ أَوْ بِنَاءُ مَحِلِّ ذِكْرِ وَتَعْلِيمٌ لِقُرْآنٍ كَرِيمٍ ... فَخُذْهَا مِنْ أَحَادِيثَ بِحَصْرِ وَلَعَلَّ قَوْلَهُ وَبَيْتٌ: الْبَيْتُ هُوَ التَّاسِعُ فَلَا يُقَالُ هِيَ أَحَدَ عَشَرَ، وَقَوْلُهُ وَتَعْلِيمٌ لِقُرْآنٍ: أَيْ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ. وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِحَجِّ فِي التَّيَمُّمِ بَعْدَ كَلَامٍ قَرَّرَهُ إلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ رَأَيْت عَنْ الزَّرْكَشِيّ أَنَّهُ نَازَعَ ابْنَ الرِّفْعَةِ فِي تَفْضِيلِ الصَّدَقَةِ عَلَى الْوَقْفِ بِأَنَّ الْعُلَمَاءَ فَسَّرُوا الصَّدَقَةَ الْجَارِيَةَ بِهِ وَتَخْصِيصُهُ بِالذِّكْرِ يَدُلُّ عَلَى أَفْضَلِيَّتِهِ عَلَى غَيْرِهِ. وَعَنْهُ عَنْ الْمُحِبِّ السَّنْكَلُونِيِّ أَنَّ النَّفْعَ بِالتَّعْلِيمِ النَّاجِزِ أَوْلَى مِنْهُ بِالتَّصْنِيفِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ الْمُعَجَّلَةِ، ثُمَّ عَضَّدَهُ بِمَا مَرَّ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ فِي الصَّدَقَةِ وَالْوَقْفِ، ثُمَّ تَعَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ «أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ بَعْدِهِ» وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُنْتَفِعَ بِهِ مِنْ بَعْدِهِ لَا يَكُونُ إلَّا بِالتَّصْنِيفِ اهـ. وَفِي هَذَا الْحَصْرِ نَظَرٌ، بَلْ التَّعْلِيمُ يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ بَعْدِهِ، وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ ثَمَّ مَنْ يَقُومُ عَنْهُ بِالتَّعْلِيمِ كَانَ التَّصْنِيفُ أَوْلَى وَإِلَّا فَالتَّعْلِيمُ أَوْلَى اهـ (قَوْلُهُ: يَدْعُو لَهُ) هُوَ مِنْ تَتِمَّةِ الْحَدِيثِ، وَعِبَارَةُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ «إذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْوَقْفِ] ِ (قَوْلُهُ: هُوَ لُغَةً الْحَبْسُ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْحَبْسِ فِي اللُّغَةِ

وَحَمَلَ الْعُلَمَاءُ الصَّدَقَةَ الْجَارِيَةَ عَلَى الْوَقْفِ دُونَ نَحْوِ الْوَصِيَّةِ بِالْمَنَافِعِ الْمُبَاحَةِ لِنُدْرَتِهَا. «وَوَقَفَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَرْضًا أَصَابَهَا بِخَيْبَرَ بِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَشَرَطَ فِيهَا شُرُوطًا: مِنْهَا أَنَّهُ لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا وَلَا يُورَثُ وَلَا يُوهَبُ وَأَنَّ مَنْ وَلِيَهَا يَأْكُلُ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ أَوْ يُطْعِمُ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ» ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَهُوَ أَوَّلُ وَقْفٍ وُقِفَ فِي الْإِسْلَامِ، وَقِيلَ: بَلْ «وَقَفَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْوَالَ مُخَيْرِيقٍ الَّتِي أَوْصَى بِهَا لَهُ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ» . وَجَاءَ عَنْ جَابِرٍ: مَا بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ مَقْدِرَةٌ حَتَّى وَقَفَ. وَأَشَارَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَى أَنَّ هَذَا الْوَقْفَ الْمَعْرُوفَ حَقِيقَةً شَرْعِيَّةً لَمْ تَعْرِفْهُ الْجَاهِلِيَّةُ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَمَّا سَمِعَ خَبَرَ عُمَرَ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا رَجَعَ عَنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِبَيْعِ الْوَقْفِ وَقَالَ: لَوْ سَمِعَهُ لَقَالَ بِهِ وَأَرْكَانُهُ أَرْبَعَةٌ: مَوْقُوفٌ، وَمَوْقُوفٌ عَلَيْهِ، وَصِيغَةٌ، وَوَاقِفٌ. وَبَدَأَ بِهِ لِكَوْنِهِ الْأَصْلَ فَقَالَ (شَرْطُ الْوَاقِفِ صِحَّةُ عِبَارَتِهِ) وَلَوْ كَافِرًا لِمَا لَا يَعْتَقِدُهُ قُرْبَةً كَمَسْجِدٍ فَخَرَجَ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ (وَأَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ) فِي الْحَيَاةِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ وَهَذَا أَخَصُّ مِمَّا قَبْلَهُ فَجَمْعُهُ بَيْنَهُمَا لِلْإِيضَاحِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSمَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ، أَوْ عِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ» رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (قَوْلُهُ: أَرْضًا) أَيْ جُزْءًا مُشَاعًا مِنْ أَرْضٍ أَصَابَهَا إلَخْ. قَالَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيِّ: وَقْفُ مِائَةِ سَهْمٍ مِنْ خَيْبَرَ اهـ. لَكِنْ يُرَاجَعُ مِقْدَارُ الْأَرْضِ الَّتِي كَانَتْ مُجَزَّأَةً إلَى ذَلِكَ حَتَّى يُنْسَبَ إلَيْهَا مَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ: بِخَيْبَرَ) الَّذِي وَقَفَهُ عُمَرُ اسْمُهُ ثَمْغٌ بِثَاءٍ مُثَلَّثَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ مِيمٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ غَيْنٍ مُعْجَمَةٍ اهـ شَرْحَ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ (قَوْلُهُ: غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ) لَعَلَّ الْمُرَادَ غَيْرُ مُتَصَرِّفٍ فِيهِ تَصَرُّفَ ذِي الْأَمْوَالِ، وَلَا يَحْسُنُ حَمْلُهُ عَلَى الْفَقِيرِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُرَادًا لَمْ يَتَقَيَّدْ بِالصَّدِيقِ (قَوْلُهُ: الَّتِي أَوْصَى بِهَا لَهُ) هُوَ مُخَيْرِيقٌ. قَالَ فِي الْإِصَابَةِ: «مُخَيْرِيقٌ النَّضْرِيُّ بِفَتْحَتَيْنِ كَمَا فِي اللُّبِّ الْإِسْرَائِيلِيِّ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ، وَيُقَالُ إنَّهُ مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ، وَيُقَالُ مِنْ بَنِي الْقَيْطُونِ، كَانَ عَالِمًا وَكَانَ أَوْصَى بِأَمْوَالِهِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ سَبْعُ حَوَائِطَ: الْمُثَبَّتَةُ، وَالصَّائِفَةُ، وَالدِّلَالُ، وَحِسْيٌ، وَيُومَةُ، وَالْأَعْوَانُ، وَسَرِيَّةُ أُمِّ إبْرَاهِيمَ، فَجَعَلَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَدَقَةً» (قَوْلُهُ: مُقَدَّرَةٌ) أَيْ عَلَى الْوَقْفِ أَوَّلُهُ غِنًى فِي نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ تَعْرِفْهُ الْجَاهِلِيَّةُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِمْ هُنَا مَنْ لَمْ يَتَمَسَّكْ بِكِتَابٍ كَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ لِمَا يَأْتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ وَقَفَ عَلَى جِهَةِ مَعْصِيَةٍ إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ مَا فَعَلَهُ ذِمِّيٌّ لَا نُبْطِلُهُ إلَّا إنْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا، إلَى قَوْلِهِ: لَا مَا وَقَفُوهُ قَبْلَ الْمَبْعَثِ عَلَى كَنَائِسِهِمْ إلَخْ، فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الْوَقْفِ قَبْلَ الْبَعْثَةِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ لَوْ سَمِعَهُ لَقَالَ بِهِ) قَالَ حَجّ: وَإِنَّمَا يَتَّجِهُ الرَّدُّ بِهِ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ إنْ كَانَ يَقُولُ بِبَيْعِهِ: أَيْ الِاسْتِبْدَالِ بِهِ وَإِنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ عَدَمَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَافِرًا) لَوْ وَقَفَ ذِمِّيٌّ عَلَى أَوْلَادِهِ إلَّا مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ. قَالَ السُّبْكِيُّ: رُفِعَتْ إلَيَّ فِي الْمُحَاكِمَاتِ فَأَبْقَيْت الْوَقْفَ وَأَلْغَيْت الشَّرْطَ، وَمَالَ م ر إلَى بُطْلَانِ الْوَقْفِ اهـ سم عَلَى مَنْهَج. أَقُولُ: وَلَعَلَّ وَجْهَ مَا مَالَ إلَيْهِ م ر أَنَّهُ قَدْ يَحْمِلُهُمْ عَلَى الْبَقَاءِ عَلَى الْكُفْرِ، وَبِتَقْدِيرِ مَعْرِفَتِهِمْ بِإِلْغَاءِ الشَّرْطِ لَفْظُهُ مُشْعِرٌ بِقَصْدِ الْمَعْصِيَةِ (قَوْلُهُ: لِمَا لَا يَعْتَقِدُهُ) هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْغَايَةِ (قَوْلُهُ: كَمَسْجِدٍ) أَيْ وَكَوَقْفِ مُصْحَفٍ وَيُتَصَوَّرْ مِلْكُهُ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَشَارَ الشَّافِعِيُّ إلَى أَنَّ هَذَا الْوَقْفَ الْمَعْرُوفَ حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ) قَدْ يُقَالُ: إنْ أَرَادَ بِالْمَعْرُوفِ هَذَا الْمَعْنَى الشَّرْعِيَّ الْمُسْتَوْفِي لِلشَّرَائِطِ فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْوَقْفِ بِذَلِكَ، بَلْ سَائِرُ الْعُقُودِ مِثْلُهُ يَكُونُ لَهَا مَعْنًى لُغَوِيٌّ أَعَمُّ فَيَنْقُلُهُ الشَّارِعُ إلَى مَا هُوَ أَخَصُّ بِاشْتِرَاطِ شُرُوطٍ فِيهِ تَقْتَضِي خُصُوصَهُ كَمَا لَا يَخْفَى، وَعِبَارَةُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: وَلَمْ يَحْبِسْ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ فِيمَا عَلِمَتْهُ دَارًا وَلَا أَرْضًا وَإِنَّمَا حَبَسَ أَهْلُ الْإِسْلَامِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: فِي الْحَيَاةِ) أَيْ: حَتَّى لَا يَرِدَ السَّفِيهُ الْآتِي إذْ فِيهِ أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ لَكِنْ بَعْدَ الْمَوْتِ بِالْوَصِيَّةِ، وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُقَالُ: إذَا كَانَ هَذَا مُرَادَ الْمُصَنِّفِ كَمَا قَرَّرَهُ؛ فَقَدْ خَرَجَ

فَلَا يَصِحُّ مِنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ وَصِحَّةٍ نَحْوُ وَصِيَّتِهِ وَلَوْ بِوَقْفِ دَارِهِ لِارْتِفَاعِ الْحَجْرِ عَنْهُ بِمَوْتِهِ وَمُكْرَهٍ فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي حَالَةِ الْإِكْرَاهِ لَيْسَ صَحِيحَ الْعِبَارَةِ وَلَا أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ وَلَا لِغَيْرِهِ إذْ مَا يَقُولُهُ أَوْ يَفْعَلُهُ لِأَجْلِ الْإِكْرَاهِ لَغْوٌ مِنْهُ، وَمُكَاتَبٍ وَمُفْلِسٍ وَوَلِيٍّ وَيَصِحُّ مِنْ مُبَعَّضٍ وَمِمَّنْ لَمْ يَرَ وَلَا خِيَارَ لَهُ إذَا رَأَى، وَمِنْ الْأَعْمَى قِيَاسًا عَلَى مَا قَبْلَهُ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ وَإِنْ لَمْ أَرَ التَّصْرِيحَ بِهِ (وَ) شَرْطُ (الْمَوْقُوفِ) كَوْنُهُ عَيْنًا مُعَيَّنَةً مَمْلُوكَةً مِلْكًا يَقْبَلُ النَّقْلَ يَحْصُلُ مِنْهَا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا فَائِدَةٌ أَوْ مَنْفَعَةٌ تَصِحُّ إجَارَتُهَا كَمَا يُشِيرُ لِذَلِكَ كَلَامُهُ الْآتِي بِذِكْرِهِ بَعْضَ مُحْتَرِزَاتِ مَا ذَكَرَ كَالْمَنْفَعَةِ وَإِنْ مَلَكَهَا مُؤَبَّدًا بِالْوَصِيَّةِ وَالْمُلْتَزَمِ فِي الذِّمَّةِ وَأَحَدِ عَبْدَيْهِ وَمَا لَا يُمْلَكُ كَكَلْبٍ. نَعَمْ يَصِحُّ وَقْفُ الْإِمَامِ نَحْوَ أَرَاضِي بَيْتِ الْمَالِ عَلَى جِهَةٍ وَمُعَيَّنٍ عَلَى الْمَنْقُولِ الْمَعْمُولِ بِهِ بِشَرْطِ ظُهُورِ الْمَصْلَحَةِ فِي ذَلِكَ إذْ تَصَرُّفُهُ فِيهِ مَنُوطٌ بِهَا كَوَلِيِّ الْيَتِيمِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ رَأَى تَمْلِيكَ ذَلِكَ لَهُمْ جَازَ، وَأُمِّ وَلَدٍ وَمُكَاتَبٍ وَحَمْلٍ مُنْفَرِدٍ وَذِي مَنْفَعَةٍ لَا يُسْتَأْجَرُ لَهَا كَآلَةِ لَهْوٍ وَطَعَامٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــSبِأَنْ كَتَبَهُ أَوْ وَرِثَهُ مِنْ أَبِيهِ، وَمِثْلُ الْمُصْحَفِ الْكُتُبُ الْعِلْمِيَّةُ (قَوْلُهُ وَنَحْوُ وَصِيَّتِهِ) أَيْ السَّفِيهِ (قَوْلُهُ: وَمُفْلِسٌ) أَيْ وَإِنْ زَادَ مَالُهُ عَلَى دُيُونِهِ كَأَنْ طَرَأَ لَهُ مَالٌ بَعْدَ الْحَجْرِ أَوْ ارْتَفَعَ سِعْرُ مَالِهِ الَّذِي حُجِرَ عَلَيْهِ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ الْأَعْمَى قِيَاسًا) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُسْقِطَ قِيَاسًا وَيَقُولَ وَيُؤْخَذُ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الرُّؤْيَةِ صِحَّةُ وَقْفِ الْأَعْمَى، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ التَّقْدِيرَ وَيَصِيرُ لَمْ يَرَ لِأَنَّهُ الْمُصَرَّحُ بِهِ فِي كَلَامِهِمْ (قَوْلُهُ: مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا فَائِدَةٌ) أَيْ كَالْفَحْلِ لِلضِّرَابِ (قَوْلُهُ: تَصِحُّ إجَارَتُهَا) أَيْ الْمَنْفَعَةِ، وَقَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ وَقْفُ الْمَنْفَعَةِ وَمِنْ ذَلِكَ الْخَلَوَاتُ فَلَا يَصِحُّ وَقْفُهَا (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَصِحُّ وَقْفُ الْإِمَامِ) أَيْ وَحَيْثُ صَحَّ وَقْفُهُ لَا يَجُوزُ تَغْيِيرٌ، وَمِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى مَا يَقَعُ الْآنَ كَثِيرًا مِنْ الرِّزْقِ الرَّصْدَةِ عَلَى أَمَاكِنَ أَوْ عَلَى طَائِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ حَيْثُ تُغَيَّرُ وَتُجْعَلُ عَلَى غَيْرِ مَا كَانَتْ مَوْقُوفَةً عَلَيْهِ أَوْ لَا فَإِنَّهُ بَاطِلٌ، وَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ لِغَيْرِ مَنْ عُيِّنَ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ الْأَوَّلِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ عَدَمِ صِحَّةِ عِتْقِ عَبِيدِ بَيْتِ الْمَالِ بِأَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ هُنَا مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْتَحَقِّينَ فِيهِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ بِشَرْطِ ظُهُورِ الْمَصْلَحَةِ فَوَقْفُهُ كَإِيصَالِ الْحَقِّ لِمُسْتَحِقِّهِ، وَلَا كَذَلِكَ الْعِتْقُ نَفْسُهُ فَإِنَّهُ تَفْوِيتٌ لِلْمَالِ (قَوْلُهُ: نَحْوَ أَرَاضِي بَيْتِ الْمَالِ) كِتَابَتُهُ بِالْأَلِفِ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الشَّارِحِ كَالْمَحَلِّيِّ بَعْدَ قَوْلِ، الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ وَلَوْ أَرَادَ قَوْمٌ سَقْيَ أَرَضِيهمْ بِفَتْحِ الرَّاءِ بِلَا الْأَلِفِ اهـ. وَمَا ذَكَرَاهُ هُوَ الْقِيَاسُ فَإِنَّ الْجَمْعَ يَقْتَضِي زِيَادَةَ الْعَلَامَةِ عَلَى الْمُفْرَدِ وَهِيَ هُنَا الْيَاءُ فَلَا وَجْهَ لِإِثْبَاتِ الْأَلِفِ، وَلَكِنَّ فِي الْمِصْبَاحِ الْأَرْضُ مُؤَنَّثَةٌ وَالْجَمْعُ أَرَضُونَ بِفَتْحِ الرَّاءِ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ: وَسَمِعْت الْعَرَبَ تَقُولُ فِي جَمْعِ الْأَرْضِ الْأَرَاضِي وَالْأُرُوضَ مِثْلَ فُلُوسٍ، وَجَمْعُ فَعْلٍ فَعَالِي فِي أَرْضٍ وَأَرَاضِي اهـ. فَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا جَارٍ عَلَى مَا قَالَهُ أَبُو زَيْدٍ (قَوْلُهُ: وَأُمُّ وَلَدٍ) عَطْفٌ عَلَى مَا لَا يَصِحُّ وَقْفُهُ وَيُشْكِلُ عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ صِحَّةِ وَقْفِ الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ، فَإِنَّ قِيَاسَ ذَلِكَ صِحَّةُ وَقْفِ أُمِّ الْوَلَدِ وَبُطْلَانُهُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ لَمَّا امْتَنَعَ بَيْعُهَا حَالَ الْوَقْفِ أَشْبَهَتْ الْحُرَّةَ فَحُكِمَ بِعَدَمِ صِحَّةِ وَقْفِهَا، بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ وَالْمُعَلَّقِ فَإِنَّ كُلًّا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَيَبْطُلُ التَّدْبِيرُ وَالتَّعْلِيقُ بِالْعِتْقِ (قَوْلُهُ وَمُكَاتَبٌ) أَيْ كِتَابَةً صَحِيحَةً كَمَا يَأْتِي، وَكَأَنَّ فَائِدَةَ ذِكْرِ هَذِهِ الْأُمُورِ مَعَ ذِكْرِ بَعْضِهَا فِي الْمَتْنِ كَأُمِّ الْوَلَدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالسَّفِيهُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى اعْتِذَارٍ عَنْهُ بِقَوْلِهِ الْآتِي وَصِحَّةُ نَحْوِ وَصِيَّتِهِ إلَخْ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ أَرَ التَّصْرِيحَ بِهِ) صَرَّحَ بِهِ الدَّمِيرِيِّ قَالَ: وَقَلَّ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: نَحْوَ أَرَاضِيِ بَيْتِ الْمَالِ) هَذَا لَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ فِي الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ، وَلَوْ أَرَادَ قَوْمٌ سَقْيَ أَرَضِيهمْ مِنْ ضَبْطِهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ بِلَا أَلِفٍ لِأَنَّ ذَلِكَ ضَبْطٌ لِمَا وَقَعَ التَّعْبِيرُ بِهِ هُنَاكَ فِي الْمِنْهَاجِ فَلَا يُنَافِي قِرَاءَتَهُ بِالْأَلِفِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ الشَّارِحُ هُنَا خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَأُمُّ وَلَدٍ) أَيْ خَرَجَتْ بِقَبُولِ النَّقْلِ وَبِهِ فَارَقَتْ الْمُدَبَّرَ وَالْمُعَلَّقَ الْعِتْقَ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى فَرْقٍ بَيْنَهُمَا

أَمَّا لَوْ وَقَفَ حَامِلًا صَحَّ فِيهِ تَبَعًا لِأُمِّهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ. نَعَمْ يَصِحُّ وَقْفُ فَحْلٍ لِلضِّرَابِ وَإِنْ لَمْ تَجُزْ إجَارَتُهُ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْقُرْبَةِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمُعَاوَضَةِ وَ (دَوَامَ الِانْتِفَاعُ) الْمَذْكُورُ (بِهِ) الْمَقْصُودُ بِأَنْ تَحْصُلَ مِنْهُ فَائِدَةٌ مَعَ بَقَائِهِ مُدَّةً كَمَا عَبَّرَ عَنْهُ بِذَلِكَ جَمَاعَةٌ، وَضَابِطُ الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ مَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُهُ عَلَى شَرْطِ ثُبُوتِ حَقِّ الْمَلِكِ فِي الرَّقَبَةِ، وَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ مَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَكْفِي بَقَاؤُهُ نَحْوَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَا تُقْصَدُ إجَارَتُهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَقْفَ الْمُوصَى بِعَيْنِهِ مُدَّةً وَالْمَأْجُورِ وَإِنْ طَالَتْ مُدَّتُهُمَا، وَنَحْوُ الْجَحْشِ الصَّغِيرِ، وَالدَّرَاهِمِ لِتُصَاغَ حُلِيًّا فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ مَنْفَعَةٌ حَالًّا كَالْمَغْصُوبِ وَلَوْ مِنْ عَاجِزٍ عَنْ انْتِزَاعِهِ، وَكَذَا وَقْفُ الْمُدَبَّرِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ فَإِنَّهُمَا وَإِنْ عَتَقَا بِالْمَوْتِ وَوُجُودِ الصِّفَةِ وَبَطَلَ الْوَقْفُ لَكِنْ فِيهِمَا دَوَامٌ نِسْبِيٌّ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ، ـــــــــــــــــــــــــــــSالتَّنْبِيهُ عَلَى ذِكْرِ مُحْتَرِزَاتِ الشُّرُوطِ الَّتِي اعْتَبَرَهَا مُجْتَمِعَةً كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ كَمَا يُشِيرُ لِذَلِكَ كَلَامُهُ الْآتِي بِذِكْرِهِ بَعْضَ مُحْتَرِزَاتِ مَا ذَكَرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: صَحَّ فِيهِ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ اسْتَثْنَاهُ أَوْ جَعَلَهُ مَقْصُودًا بِأَنْ قَالَ وَقَفْتهَا وَحَمْلَهَا أَوْ كَانَتْ حَامِلًا بِحُرٍّ فَهَلْ يَبْطُلُ وَقْفُهَا قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ أَوْ لَا وَيُفَرَّقُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَصِحُّ وَقْفٌ فَحْلٍ لِلضِّرَابِ) أَيْ وَأَرْشُ جِنَايَتِهِ عَلَى مَنْ يَكُونُ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْوَقْفِ حَالَ جِنَايَتِهِ إنْ نُسِبَ لِتَقْصِيرٍ حَتَّى أُتْلِفَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَبْدِ الْمَوْقُوفِ إذَا جَنَى حَيْثُ قَالُوا أَرْشُ جِنَايَتِهِ عَلَى الْوَاقِفِ أَنَّهُ فِي وَقْفِ الْعَبْدِ فَوَّتَ مَحِلَّ تَعَلُّقِ الْأَرْشِ وَهُوَ الرَّقَبَةُ، وَلَا كَذَلِكَ الْفَحْلُ فَإِنَّ مَا أَتْلَفَهُ الْفَحْلُ. بِتَقْدِيرِ عَدَمِ الْوَقْفِ لَا يُبَاعُ فِيهِ بَلْ يَضْمَنُهُ مَنْ كَانَ الْفَحْلُ بِيَدِهِ، كَذَا نُقِلَ عَنْ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مَا يُخَالِفُهُ، وَلَعَلَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى مَا قَالَهُ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ. أَقُولُ: وَمَا قَالَهُ الرَّمْلِيُّ ظَاهِرٌ وَيُوَافِقُ مَا فَرَّقَ بِهِ مَا ذَكَرَهُ حَجّ هُنَا مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ أَرْشِ جِنَايَةِ الرَّقِيقِ الْمَوْقُوفِ حَيْثُ لَزِمَ الْوَاقِفَ وَبَيْنَ أُجْرَةِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ فِي الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ أَوْ الْمُسْتَأْجَرَةِ إذَا رَضِيَ صَاحِبُ الْأَرْضِ بِبَقَائِهِمَا بِأُجْرَةٍ حَيْثُ قُلْنَا بِعَدَمِ لُزُومِهَا، وَلَوْ وَصَلَ الْفَحْلُ الْمَوْقُوفُ عَلَى ذَلِكَ إلَى حَالَةٍ لَا يَصْلُحُ فِيهَا لِلضِّرَابِ فَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي حُصْرِ الْمَسْجِدِ وَجُذُوعِهِ إذَا لَمْ يَتَأَتَّ الِانْتِفَاعُ بِهِمَا فِي الْمَسْجِدِ مِنْ جَوَازِ بَيْعِهِمَا أَنَّهُ هُنَا يُبَاعُ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ مِثْلُهُ أَوْ جُزْءٌ مِنْ مِثْلِهِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ شِرَاءُ جُزْئِهِ لِقِلَّتِهِ رَجَعَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ إذَا قُلِعَا بَعْدَ انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى شَرْطِ ثُبُوتٍ) أَيْ تَقْدِيرِ ثُبُوتٍ (قَوْلُهُ: مُدَّةً) الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ أَنَّهَا مُعَيَّنَةٌ، وَعَلَيْهِ فَيَخْرُجُ بِهَا مَا لَوْ أَوْصَى بِهِ لِغَيْرِهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ، وَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ فِيهِ كَوَقْفِ الْمُدَبَّرِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ لَمْ يُعْلَمْ وَقْتُهَا فَإِنَّ مُدَّةَ الْوَقْفِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مَجْهُولَةٌ، وَقِيلَ فِيهِمَا بِالصِّحَّةِ (قَوْلُهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ بِأَنْ تَحْصُلَ مِنْهُ فَائِدَةٌ مَعَ بَقَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ خَارِجٍ وَإِنْ تَكَلَّفَهُ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ (قَوْلُهُ: الْمَقْصُودُ بِأَنْ تَحْصُلَ مِنْهُ فَائِدَةٌ إلَخْ) عِبَارَةُ الشِّهَابِ حَجّ نَصُّهَا: وَدَوَامُ الِانْتِفَاعِ بِهِ الْمَقْصُودُ مِنْهُ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ بِأَنْ يَبْقَى مُدَّةً تُقْصَدُ بِالِاسْتِئْجَارِ غَالِبًا، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ إنَّهُ لَا يَكْفِي فِيهِ نَحْوُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَدَخَلَ وَقْفُ عَيْنِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ، إلَى آخِرِ مَا فِي الشَّارِحِ، فَقَوْلُهُ: فَدَخَلَ وَقْفُ عَيْنِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ إلَخْ: أَيْ بِقَوْلِهِ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ الَّذِي هُوَ غَايَةٌ فِي الِانْتِفَاعِ، وَقَوْلُهُ: وَكَذَا وَقْفُ الْمُدَبَّرِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ: أَيْ يَدْخُلَانِ بِقَوْلِهِ بِأَنْ يَبْقَى مُدَّةٌ تُقْصَدُ بِالِاسْتِئْجَارِ غَالِبًا الَّذِي هُوَ تَفْسِيرٌ لِدَوَامِ الِانْتِفَاعِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَقَوْلُهُ: وَخَرَجَ مَا لَمْ يَقْصِدْ إلَخْ أَيْ بِقَوْلِهِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ: أَيْ عُرْفًا، وَقَوْلُهُ: وَمَا لَا يُفِيدُ نَفْعًا إلَخْ: أَيْ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الِانْتِفَاعُ وَبِتَأَمُّلِهِ تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَحْصُلَ مِنْهُ فَائِدَةٌ مَعَ بَقَائِهِ مُدَّةً) عَدَلَ بِهِ عَمَّا مَرَّ عَنْ حَجّ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ التَّكْرَارُ؛ لِأَنَّهُ قَدَّمَهُ. (قَوْلُهُ: عَلَى شَرْطِ ثُبُوتِ حَقِّ الْمِلْكِ فِي الرَّقَبَةِ) كَأَنَّهُ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَيْ بِشَرْطِ فِعْلٍ بِمَعْنَى الْبَاءِ وَلَعَلَّ هَذَا أَصْوَبُ مِمَّا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ تُقْصَدْ إجَارَتُهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ) أَيْ: بِأَنْ كَانَتْ مَنْفَعَتُهُ فِيهَا لَا تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ إلَخْ) قَدْ عَلِمْت مِمَّا أَسْلَفْتُهُ عَنْ حَجّ أَنَّ

وَمِنْ ثَمَّ صَحَّ وَقْفُ بِنَاءٍ وَغِرَاسٍ فِي أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ لَهُمَا، وَإِنْ اسْتَحَقَّا الْقَلْعَ بَعْدِ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَفَارَقَ صِحَّةَ بَيْعِهِمَا وَعَدَمَ عِتْقِهِمَا مُطْلَقًا بِأَنَّهُ هُنَا اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ حَقَّانِ مُتَجَانِسَانِ فَقَدَّمْنَا أَقْوَاهُمَا مَعَ سَبْقِ مُقْتَضِيَةٍ، وَبِهِ فَارَقَ مَا لَوْ أَوْلَدَ الْوَاقِفُ الْمَوْقُوفَةَ حَيْثُ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ وَخَرَجَ مَا لَا يُقْصَدُ كَنَقْدٍ لِلتَّزَيُّنِ بِهِ أَوْ الِاتِّجَارِ فِيهِ وَصُرِفَ رِبْحُهُ لِلْفُقَرَاءِ، وَكَذَا الْوَصِيَّةُ بِهِ كَمَا يَأْتِي وَمَا لَا يُفِيدُ نَفْعًا كَزَمِنٍ غَيْرِ مَرْجُوٍّ بُرْؤُهُ (لَا مَطْعُومٌ) بِالرَّفْعِ أَيْ وَقْفُهُ إذْ نَفْعُهُ بِإِهْلَاكِهِ (وَرَيْحَانٌ) مَحْصُودٌ لِسُرْعَةِ فَسَادِهِ، أَمَّا مَزْرُوعٌ فَيَصِحُّ وَقْفُهُ لِلشَّمِّ لِبَقَائِهِ مُدَّةً كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ، وَفِيهِ نَفْعٌ آخَرُ وَهُوَ التَّنَزُّهُ، وَلِهَذَا قَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ وَابْنُ الصَّلَاحِ: يَصِحُّ وَقْفُ الْمَشْمُومِ الدَّائِمِ النَّفْعِ كَالْعَنْبَرِ وَالْمِسْكِ بِخِلَافِ عُودِ الْبَخُورِ لِأَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَّا بِاسْتِهْلَاكِهِ، فَإِلْحَاقُ جَمْعِ الْعُودِ بِالْعَنْبَرِ مَحْمُولٌ عَلَى عُودٍ يُنْتَفَعُ بِهِ بِدَوَامِ شَمِّهِ (وَيَصِحُّ وَقْفُ عَقَارٍ) بِالْإِجْمَاعِ (وَمَنْقُولٍ) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ فِيهِ (وَمُشَاعٍ) وَإِنْ جُهِلَ قَدْرُ حِصَّتِهِ أَوْ صِفَتِهَا لِأَنَّ وَقْفَ عُمَرَ السَّابِقِ كَانَ مُشَاعًا، وَلَا يَسْرِي لِلْبَاقِي، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ وُقِفَ الْمُشَاعُ مَسْجِدًا، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ قَالَ: وَيَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ الْمُكْثُ فِيهِ وَتَجِبُ قِسْمَتُهُ لِتَعَيُّنِهَا طَرِيقًا وَمَا نُوزِعَ بِهِ مَرْدُودٌ، وَتَجْوِيزُ الزَّرْكَشِيّ الْمُهَايَأَةَ هُنَا بَعِيدٌ إذْ لَا نَظِيرَ لِكَوْنِهِ مَسْجِدًا فِي يَوْمٍ وَغَيْرَ مَسْجِدٍ فِي آخَرَ، وَلَا فَرْقَ فِيمَا مَرَّ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَوْقُوفُ مَسْجِدًا هُوَ الْأَقَلُّ أَوْ الْأَكْثَرُ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَمْلِ تَفْسِيرٍ فِيهِ قُرْآنٌ بِأَنَّ الْمَسْجِدِيَّةَ هُنَا شَائِعَةٌ فِي جَمِيعِ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ غَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ فِي شَيْءٍ مِنْهَا فَلَمْ يُمْكِنْ تَبَعِيَّةُ الْأَقَلِّ لِلْأَكْثَرِ إذْ لَا تَبَعِيَّةَ إلَّا مَعَ التَّمْيِيزِ، بِخِلَافِ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ مُتَمَيِّزٌ عَنْ التَّفْسِيرِ، فَاعْتُبِرَ الْأَكْثَرُ لِيَكُونَ الْبَاقِي تَابِعًا لَهُ. أَمَّا جَعْلُ الْمَنْقُولِ مَسْجِدًا كَفُرُشٍ وَثِيَابٍ فَمَوْضِعُ تَوَقُّفٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ السَّلَفِ مِثْلُهُ، وَكُتُبُ الْأَصْحَابِ سَاكِتَةٌ عَنْ تَنْصِيصٍ بِجَوَازٍ أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSإلَخْ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ صِحَّةَ إلَخْ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ صِحَّةِ الْوَقْفِ ابْتِدَاءً وَبُطْلَانِهِ بِمَوْتِ السَّيِّدِ وَوُجُودِ الصِّفَةِ لِحُصُولِ الْعِتْقِ وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا: أَيْ إنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ وَمَاتَ السَّيِّدُ بَعْدَ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: حَقَّانِ مُتَجَانِسَانِ) وَهُمَا الْوَقْفُ وَالْعِتْقُ وَتَجَانُسُهُمَا مِنْ جِهَةِ أَنَّ كُلًّا حَقُّ اللَّهِ (قَوْلُهُ كَنَقْدٍ لِلتَّزَيُّنِ) وَمِثْلُهُ وَقْفُ الْجَامِكِيَّةِ، لِأَنَّ شَرْطَ الْوَقْفِ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لِلْوَاقِفِ وَهِيَ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لِمَنْ هِيَ تَحْتَ يَدِهِ، وَمَا يَقَعُ مِنْ اسْتِئْذَانِ الْحَاكِمِ فِي الْفَرَاغِ عَنْ شَيْءٍ مِنْ الْجَامِكِيَّةِ لِيَكُونَ لِبَعْضِ مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلًا فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ لَيْسَ مِنْ وَقْفِهَا بَلْ بِفَرَاغِ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْهَا وَصَارَ الْأَمْرُ فِيهَا إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ فَيَصِحُّ تَعْيِينُهُ لِمَنْ شَاءَ حَيْثُ رَأَى فِيهِ مَصْلَحَةً، وَلِغَيْرِهِ نَقْضُهُ إذَا رَأَى فِي النَّقْدِ مَصْلَحَةً (قَوْلُهُ: وَمَنْقُولٌ) حَيَوَانًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ ثُمَّ إذَا أَشْرَفَ الْحَيَوَانُ عَلَى الْمَوْتِ ذُبِحَ إنْ كَانَ مَأْكُولًا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِي لَحْمِهِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ فِي الْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ أَوْ الْمُعَارَةِ لَهُمَا إذَا قُلِعَا مِنْ أَنَّهُ يَكُونُ مَمْلُوكًا لِلْوَاقِفِ أَوْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ إلَخْ، وَمَحِلُّهُمَا حَيْثُ لَمْ يَتَأَتَّ شِرَاءُ حَيَوَانٍ أَوْ جُزْئِهِ بِثَمَنِ الْحَيَوَانِ الْمَذْبُوحِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَا يَسْرِي لِلْبَاقِي) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْوَاقِفُ مُوسِرًا بِخِلَافِ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ الْمُكْثُ فِيهِ) قَرَّرَ م ر أَنَّهُ يُطْلَبُ التَّحِيَّةُ لِدَاخِلِهِ وَلَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِيهِ وَلَا الِاقْتِدَاءُ مَعَ التَّبَاعُدِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَرَاجِعْ مَا ذَكَرَهُ فِي طَلَبِ التَّحِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَتَجِبُ قِسْمَتُهُ) أَيْ فَوْرًا، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إفْرَازًا وَهُوَ مُشْكِلٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى لِلضَّرُورَةِ كَمَا قَالَهُ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ آخَرَ، وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ أَمْكَنَتْهُ الْقِسْمَةُ، فَإِنْ تَعَذَّرَتْ كَأَنْ جَهِلَ مِقْدَارَ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَلَامَ الْمُصَنِّفِ لَا يَشْمَلُ هَذَا بِمُجَرَّدِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ صِفَتُهَا) لَعَلَّ صُورَتَهُ أَنَّهُ يَجْهَلُ صِفَةَ مَا مِنْهُ الْحِصَّةُ بِأَنْ لَمْ يَرَهُ. (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ) أَيْ: مِنْ حَيْثُ حُرْمَةُ مُكْثِ الْجُنُبِ فِيهِ وَنَحْوِهِ وَإِنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ مَسْجِدًا هُوَ الْأَقَلُّ. (قَوْلُهُ: فَمَوْضِعُ تَوَقُّفٍ) أَيْ: مَا لَمْ يَثْبُتْ بِنَحْوِ سَهْوٍ، أَمَّا إذَا ثَبَتَ كَذَلِكَ فَلَا تُوقَفُ فِيهِ صِحَّةُ وَقْفِيَّتِهِ مَسْجِدًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الشَّارِحُ

مَنْعٍ، وَإِنْ فُهِمَ مِنْ إطْلَاقِهِمْ الْجَوَازُ فَالْأَحْوَطُ الْمَنْعُ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ بَعْضُ شُرَّاحِ الْحَاوِي، وَمَا نُسِبَ لِلشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ إفْتَائِهِ بِالْجَوَازِ فَلَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ (لَا) وَقْفُ (عَبْدٍ وَثَوْبٍ فِي الذِّمَّةِ) لِأَنَّ حَقِيقَتَهُ إزَالَةُ مِلْكٍ عَنْ عَيْنٍ، نَعَمْ يَجُوزُ الْتِزَامُهُ فِيهَا بِالنَّذْرِ (وَلَا وَقْفُ حُرٍّ نَفْسَهُ) لِأَنَّ رَقَبَتَهُ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لَهُ (وَكَذَا مُسْتَوْلَدَةٌ) لِعَدَمِ قَبُولِهَا لِلنَّقْلِ كَالْحُرِّ وَمِثْلُهَا الْمُكَاتَبُ، أَيْ كِتَابَةً صَحِيحَةً عَلَى الْأَوْجَهِ، بِخِلَافِ ذِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ إذْ الْمُغَلِّبُ فِيهِ التَّعْلِيقُ، وَمَرَّ فِي الْمُعَلَّقِ صِحَّةُ وَقْفِهِ (وَكَلْبٌ مُعَلَّمٌ) أَوْ غَيْرُ مُعَلَّمٍ لِأَنَّهُ لَا يُمْلَكُ وَتَقْيِيدُهُ بِالْمُعَلَّمِ لِأَجْلِ الْخِلَافِ (وَأَحَدُ عَبْدَيْهِ فِي الْأَصَحِّ) كَالْبَيْعِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِيهِ يَقِيسُ الْوَقْفَ عَلَى الْعِتْقِ، وَفِيمَا قَبْلَهُ يَقِيسُ وَقْفَهُ عَلَى إجَارَتِهِ: أَيْ عَلَى وَجْهٍ ضَعِيفٍ فِيهَا، وَفَارَقَ الْعِتْقُ بِأَنَّهُ أَقْوَى وَأَنْفَذُ لِسِرَايَتِهِ وَقَبُولِهِ التَّعْلِيقَ (وَلَوْ) (وَقَفَ بِنَاءً أَوْ غِرَاسًا فِي أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ) إجَارَةً صَحِيحَةً أَوْ فَاسِدَةً أَوْ مُسْتَعَارَةً مَثَلًا (لَهُمَا) ثَنَّاهُ مَعَ أَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ لِأَنَّهَا بَيْنَ ضِدَّيْنِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ (فَالْأَصَحُّ جَوَازُهُ) لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْجُمْلَةِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ إذْ لِمَالِكِ الْأَرْضِ قَلْعُهُمَا فَلَا يَدُومُ الِانْتِفَاعُ بِهِمَا. قُلْنَا يَكْفِي دَوَامُهُ إلَى الْقَلْعِ بَعْدَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، فَلَوْ قَلَعَ ذَلِكَ وَبَقِيَ مُنْتَفَعًا بِهِ فَهُوَ وَقْفٌ كَمَا كَانَ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ فَهُوَ يَصِيرُ مِلْكًا ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَوْقُوفِ بَقِيَ عَلَى شُيُوعِهِ وَلَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ كَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ قَبْلُ وَإِنْ جَهِلَ قَدْرَ حِصَّتِهِ لَكِنْ يَنْظُرُ طَرِيقَ انْتِفَاعِ الشَّرِيكِ بِحِصَّتِهِ وَالْحَالَةُ مَا ذَكَرَ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: يَنْتَفِعُ مِنْهُ بِمَا لَا يُنَافِي حُرْمَةَ الْمَسْجِدِ كَالصَّلَاةِ فِيهِ وَالْجُلُوسِ لِمَا يَجُوزُ فِعْلُهُ فِي الْمَسْجِدِ كَالْخِيَاطَةِ، وَلَا يَجْلِسُ فِيهِ وَهُوَ جُنُبٌ وَلَا يُجَامِعُ زَوْجَتَهُ، وَيَجِبُ أَنْ يَقْتَصِرَ فِي شُغُلِهِ لَهُ عَلَى مَا يَتَحَقَّقُ أَنَّ مِلْكَهُ لَا يَنْقُصُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: فَالْأَحْوَطُ الْمَنْعُ) أَيْ مَنْعُ الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الْوَقْفِيَّةِ، وَطَرِيقُ الصِّحَّةِ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَنْ تَثْبُتَ فِي مَكَان بِنَحْوِ سَمْرٍ ثُمَّ تُوقَفَ وَلَا تَزُولُ وَقْفِيَّتُهَا بَعْدُ بِزَوَالِ سَمْرِهَا لِأَنَّ الْوَقْفِيَّةَ إذَا ثَبَتَتْ لَا تَزُولُ ثُمَّ مَا نَقَلَ عَنْ الشَّيْخِ أَجَابَ بِهِ م ر عَنْ سُؤَالٍ، صُورَتُهُ: لَوْ فَرَشَ إنْسَانٌ بِسَاطًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَسَمَّرَهُ ثُمَّ وَقَفَهُ مَسْجِدًا هَلْ يَصِحُّ وَقْفُهُ؟ فَأَجَابَ حَيْثُ وَقَفَ ذَلِكَ مَسْجِدًا بَعْدَ إثْبَاتِهِ صَحَّ اهـ. وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ فِي الشَّرْحِ أَمَّا جَعْلُ الْمَنْقُولِ إلَخْ مَحِلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَثْبُتْ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ عَنْ الشَّيْخِ فَلَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ لِإِمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَثْبُتْ أَوْ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ وَلَوْ مَعَ إثْبَاتِهِ، فَيَكُونُ قَوْلُهُ فِي الْفَتَاوَى بِصِحَّةِ وَقْفِهِ مَعَ الْإِثْبَاتِ مُسْتَنِدًا فِيهِ لِغَيْرِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: إذْ الْمُغَلَّبُ فِيهِ التَّعْلِيقُ) قَضِيَّةُ تَشْبِيهِهِ بِالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ أَنَّ الْكِتَابَةَ الْفَاسِدَةَ لَا تُبْطِلُ، فَإِذَا أَدَّى النُّجُومَ عَتَقَ وَبَطَلَ الْوَقْفُ كَوُجُودِ الصِّفَةِ فِي وَقْفِ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَفِيمَا قَبْلَهُ) أَيْ الْمُسْتَوْلَدَةِ وَالْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ (قَوْلُهُ: عَلَى وَجْهٍ ضَعِيفٍ فِيهَا) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْكَلْبِ دُونَ الْمُسْتَوْلَدَةِ لِمَا مَرَّ أَنَّ إجَارَتَهَا تَصِحُّ وَتَبْطُلُ بِالْمَوْتِ (قَوْلُهُ وَفَارَقَ) أَيْ الْوَقْفَ (قَوْلُهُ: أَوْ فَاسِدَةٌ) يُتَأَمَّلْ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ بِالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ بِنَاءً وَلَا غِرَاسًا حَتَّى لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ كُلِّفَ الْقَلْعَ مَجَّانًا، وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَبِنَاءٌ وَغِرَاسٌ وُضِعَا بِأَرْضٍ بِحَقٍّ اهـ. وَالْبِنَاءُ فِي الْمُسْتَأْجَرَةِ إجَارَةً فَاسِدَةً لَمْ يُصَدَّقْ عَلَيْهِ أَنَّهُ وُضِعَ بِحَقٍّ، هَذَا وَقَدْ مَرَّ لِلشَّارِحِ أَنَّ مَا قُبِضَ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ لَوْ بُنِيَ فِيهِ أَوْ غُرِسَ لَمْ يُقْلَعْ مَجَّانًا لِأَنَّ الْبَيْعَ وَلَوْ فَاسِدًا يَتَضَمَّنُ الْإِذْنَ فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ كَالْمُعَارِ عَلَى مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ، لَكِنْ قُدِّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُهُ، فَمَا هُنَا يُمْكِنُ تَخْرِيجُهُ عَلَى مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ الْفَاسِدَةَ تَتَضَمَّنُ الْإِذْنَ بِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا بَيْنَ ضِدَّيْنِ) زَادَ حَجّ وَالِاسْتِحَالَةُ اجْتِمَاعُ حَقِيقَتِهِمَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: بَعْدَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ) هُوَ وَاضِحٌ فِي الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ لِتَعَيُّنِ بَقَائِهَا، أَمَّا الْإِجَارَةُ الْفَاسِدَةُ وَالْعَارِيَّةُ فَالْمَالِكُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ قَلْعِهِمَا حَالًا فَلَا بَقَاءَ لَهُمَا فَأَشْبَهَا الْمَغْصُوبَ اهـ حَجّ بِالْمَعْنَى. أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ يُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَغْصُوبِ بِأَنَّ لِمَالِكِ الْمَغْصُوبِ قَلْعَ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ مَجَّانًا، وَلَا كَذَلِكَ فِي الْعَارِيَّةِ وَالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَبَقِيَ مُنْتَفَعًا بِهِ) أَيْ: مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي وَقَفَ لَهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْ

لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، أَوْ يَرْجِعُ لِلْوَاقِفِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا، وَقَوْلُ الْجَمَّالِ الْإِسْنَوِيِّ إنَّ الصَّحِيحَ غَيْرُهُمَا وَهُوَ شِرَاءُ عَقَارٍ أَوْ جُزْءٍ مِنْ عَقَارٍ وَهُوَ قِيَاسُ النَّظَائِرِ فِي آخِرِ الْبَابِ، وَنَقَلَ نَحْوَهُ الْأَذْرَعِيُّ فَقَالَ: وَيَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ يُبَاعُ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ مِنْ جِنْسِهِ مَا يُوقَفُ مَكَانَهُ مَحْمُولٌ عَلَى إمْكَانِ الشِّرَاءِ الْمَذْكُورِ، وَكَلَامُ الشَّيْخَيْنِ الْأَوَّلُ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِهِ وَيَلْزَمُهُ بِالْقَلْعِ أَرْشُ نَقْصِهِ يُصْرَفُ عَلَى الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ، وَخَرَجَ بِنَحْوِ الْمُسْتَأْجَرَةِ الْمَغْصُوبَةُ فَلَا يَصِحُّ وَقْفُ مَا فِيهَا لِعَدَمِ دَوَامِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ، وَهَذَا مُسْتَحِقُّ الْإِزَالَةِ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. لَا يُقَالُ: غَايَةُ أَمْرِهِ أَنْ يَكُونَ مَقْلُوعًا وَهُوَ يَصِحُّ وَقْفُهُ لِأَنَّا نَقُولُ: وَقْفُهُ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ مُلَاحَظٌ فِيهِ كَوْنُهُ غِرَاسًا قَائِمًا، بِخِلَافِ الْمَقْلُوعِ فَغَيْرُ مُلَاحَظٍ فِيهِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ وَقْفٌ مَنْقُولٌ، وَيَصِحُّ شَرْطُ الْوَاقِفِ صَرْفَ أُجْرَةِ الْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لَهُمَا مِنْ رَيْعِهِمَا إنْ لَمْ تَلْزَمْ ذِمَّتَهُ الْأُجْرَةُ. بِخِلَافِ مَا لَزِمَ ذَلِكَ بِعَقْدِ إجَارَةٍ أَوْ بِدُونِهِ فَلَا يَصِحُّ شَرْطُ صَرْفِهِ مِنْهُ لِأَنَّهُ دَيْنٌ عَلَيْهِ، وَعَلَى هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ يُحْمَلُ الْكَلَامَانِ الْمُخْتَلِفَانِ (فَإِنْ وَقَفَ) عَلَى جِهَةٍ فَسَيَأْتِي أَوْ (عَلَى مُعَيَّنٍ وَاحِدٍ أَوْ جَمْعٍ) هُوَ بِمَعْنَى قَوْلِ أَصْلِهِ جَمَاعَةً، وَحُصُولُ الْجَمَاعَةِ بِاثْنَيْنِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهَا اصْطِلَاحٌ يَخُصُّ ذَلِكَ الْبَابَ لِصِحَّةِ الْخَبَرِ بِهِ، وَحُكْمُ الِاثْنَيْنِ يُعْلَمُ مِنْ مُقَابَلَةِ الْجَمْعِ بِالْوَاحِدِ الصَّادِقِ مَجَازًا بِقَرِينَةِ الْمُقَابَلَةِ بِالِاثْنَيْنِ (اُشْتُرِطَ) عَدَمُ الْمَعْصِيَةِ وَتَعْيِينُهُ كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ مُعَيَّنٌ وَ (إمْكَانُ تَمْلِيكِهِ) مِنْ الْوَاقِفِ فِي الْخَارِجِ بِأَنْ يُوجَدَ خَارِجًا مُتَأَهِّلًا لِلْمِلْكِ لِأَنَّ الْوَقْفَ تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ (فَلَا يَصِحُّ) الْوَقْفُ عَلَى مَعْدُومٍ كَعَلَى مَسْجِدٍ سَيُبْنَى، أَوْ عَلَى وَلَدِهِ وَلَا وَلَدٍ لَهُ، أَوْ عَلَى فُقَرَاءِ أَوْلَادِهِ وَلَيْسَ فِيهِمْ فَقِيرٌ، أَوْ عَلَى الْقِرَاءَةِ عَلَى رَأْسِ قَبْرِهِ أَوْ قَبْرِ أَبِيهِ الْحَيِّ. فَإِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ وَفِيهِمْ فَقِيرٌ صَحَّ وَصُرِفَ لِلْحَادِثِ وُجُودُهُ فِي الْأُولَى أَوْ فَقْرُهُ فِي الثَّانِيَةِ لِصِحَّتِهِ عَلَى الْمَعْدُومِ تَبَعًا كَوَقَفْتُهُ عَلَى وَلَدِي ثُمَّ عَلَى وَلَدِ وَلَدِي وَلَا وَلَدَ وَلَدٍ لَهُ كَعَلَى مَسْجِدِ كَذَا وَكُلِّ مَسْجِدٍ سَيُبْنَى فِي تِلْكَ الْمُحَلَّةِ، وَسَيَذْكُرُ فِي نَحْوِ الْحَرْبِيِّ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الشَّرْطَ بَقَاؤُهُ فَلَا يُرَدُّ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُ بَعْدُ وَيَلْزَمُهُ بِالْقَلْعِ أَرْشُ نَقْصِهِ. فَكَانَ احْتِمَالُ الْبَقَاءِ فِيهِمَا بِالْأُجْرَةِ أَقْرَبَ مِنْهُ فِي الْمَغْصُوبِ فَصَحَّ وَقْفُهُمَا دُونَهُ، ثُمَّ مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ إلَخْ مِنْ وُجُوبِ الْأَرْشِ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ مُوَافِقٌ لِمَا نُقِلَ عَنْ الْبَغَوِيّ فِيمَا لَوْ غَرَسَ أَوْ بَنَى فِي الْأَرْضِ الْمَقْبُوضَةِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ مِنْ أَنَّ الْمَالِكَ يُخَيَّرُ فِيهَا بَيْنَ الْقَلْعِ وَغُرْمِ أَرْشِ النَّقْصِ وَالتَّمَلُّكِ بِالْقِيمَةِ وَالتَّبْقِيَةِ بِالْأُجْرَةِ كَالْعَارِيَّةِ، وَمُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ لِلشَّارِحِ مِنْ أَنَّ مَالِكَ الْأَرْضِ فِي الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ يَقْلَعُ مَجَّانًا (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ بِالْقَلْعِ) أَيْ الْمَالِكَ لِلْأَرْضِ. وَقَوْلُهُ أَرْشُ نَقْصِهِ: أَيْ الْقَلْعُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مُسْتَحِقُّ الْإِزَالَةِ) وَمِنْهُ مَا لَوْ بَنَى فِي حَرِيمِ النَّهْرِ بِنَاءً وَوَقَفَهُ مَسْجِدًا فَإِنَّهُ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقُّ الزَّوَالِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْمَقْلُوعُ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَلْزَمْ ذِمَّتَهُ) أَيْ بِأَنْ وَجَبَتْ بَعْدَ الْوَقْفِ، بِخِلَافِ الَّتِي لَزِمَتْ ذِمَّتَهُ قَبْلُ فَإِنَّهَا دَيْنٌ عَلَيْهِ، وَشَرْطُ وَفَاءِ دَيْنِ الْوَاقِفِ مِنْ وَقْفِهِ بَاطِلٌ اهـ سم عَلَى حَجّ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ شَرْطُ صَرْفِهِ) أَيْ بَلْ وَلَا الْوَقْفُ أَيْضًا لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شَرْطِ قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ مِنْ غَلَّةِ وَقْفِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَبْرُ أَبِيهِ الْحَيِّ) وَوَجْهُ عَدَمِ الصِّحَّةِ فِيهِ أَنَّ مُنْقَطِعَ الْأَوَّلِ، قَالَ حَجّ هُنَا: عَلَى أَنَّهُ يَأْتِي تَفْصِيلٌ فِي مَسْأَلَةِ الْقِرَاءَةِ: أَيْ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ مُنْقَطِعَ الْأَوَّلِ إلَخْ، وَعِبَارَتُهُ ثَمَّةَ: وَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ مُنْقَطِعَ الْأَوَّلِ كَوَقَفْتُهُ عَلَى مَنْ يَقْرَأُ عَلَى قَبْرِي أَوْ قَبْرِ أَبِي وَأَبُوهُ حَيٌّ، بِخِلَافِ وَقَفْته الْآنَ أَوْ بَعْدَ مَوْتِي عَلَى مَنْ يَقْرَأُ عَلَى قَبْرِي بَعْدَ مَوْتِي فَإِنَّهُ وَصِيَّةٌ، فَإِنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ أُجِيزَ وَعُرِفَ قَبْرُهُ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ بِدُونِهِ) لَعَلَّ صُورَتَهُ أَنَّهُ تَرَتَّبَتْ فِي ذِمَّتِهِ أُجْرَةٌ فِي إجَارَةٍ فَاسِدَةٍ ثُمَّ وَقَفَ وَشَرَطَ صَرْفَهَا مِنْ الْوَقْفِ (قَوْلُهُ: فِي الْخَارِجِ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ حَجّ

عَلَيْهِ هُنَا إيهَامُهُ الصِّحَّةَ عَلَيْهِ لِإِمْكَانِ تَمْلِيكِهِ وَلَا (عَلَى) أَحَدِ هَذَيْنِ وَلَا عَلَى عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ إذَا لَمْ يُبَيِّنْهُ، بِخِلَافِ دَارِي عَلَى مَنْ أَرَادَ سُكْنَاهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَا عَلَى مَيِّتٍ وَلَا عَلَى (جَنِينٍ) لِأَنَّ الْوَقْفَ تَسْلِيطٌ فِي الْحَالِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ، وَلَا يَدْخُلُ أَيْضًا فِي الْوَقْفِ عَلَى أَوْلَادِهِ إذْ لَا يُسَمَّى وَلَدًا وَإِنْ كَانَ تَابِعًا لِغَيْرِهِ. نَعَمْ إنْ انْفَصَلَ اسْتَحَقَّ مَعَهُمْ قَطْعًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَاقِفُ قَدْ سَمَّى الْمَوْجُودِينَ أَوْ ذَكَرَ عَدَدَهُمْ فَلَا يَدْخُلُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيَدْخُلُ الْحَمْلُ الْحَادِثُ عُلُوقُهُ بَعْدَ الْوَقْفِ، فَإِذَا انْفَصَلَ اسْتَحَقَّ مِنْ غَلَّةِ مَا بَعْدَ انْفِصَالِهِ كَمَا مَرَّ. وَأَمَّا إطْلَاقُ السُّبْكِيّ بَحْثًا أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فَيُصْرَفُ لِغَيْرِهِ حَتَّى يَنْفَصِلَ فَمُعْتَرَضٌ بِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ أَنَّ الْوَاقِعَ مِنْ الرَّيْعِ يُوقَفُ لِانْفِصَالِهِ وَبَنُو زَيْدٍ لَا يَشْمَلُ بَنَاتِهِ، بِخِلَافِ بَنِي تَمِيمٍ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِلْقَبِيلَةِ (وَلَا عَلَى الْعَبْدِ) وَلَوْ مُدَبَّرًا أَوْ أُمِّ وَلَدٍ (لِنَفْسِهِ) لِأَنَّهُ غَيْرُ أَهْلٍ لِلْمِلْكِ. نَعَمْ إنْ وَقَفَ عَلَى جِهَةِ قُرْبَةٍ كَخِدْمَةِ مَسْجِدٍ أَوْ رِبَاطٍ صَحَّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْقَصْدَ تِلْكَ الْجِهَةُ، أَمَّا الْمُبَعَّضُ فَالظَّاهِرُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ مُهَايَأَةً وَصَدَّرَ الْوَقْفَ عَلَيْهِ يَوْمَ نَوْبَتِهِ فَكَالْحُرِّ، أَوْ يَوْمَ نَوْبَةِ سَيِّدِهِ فَكَالْعَبْدِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةً وُزِّعَ عَلَى الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ إطْلَاقُ ابْنِ خَيْرَانَ صِحَّةَ الْوَقْفِ عَلَيْهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فَلَوْ أَرَادَ مَالِكُ الْبَعْضِ أَنْ يَقِفَ نِصْفَهُ الرَّقِيقَ عَلَى نِصْفِهِ الْحُرِّ فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِهِ لِنِصْفِهِ الْحُرِّ، وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّ الْأَوْجَهَ صِحَّتُهُ عَلَى مُكَاتَبِ غَيْرِهِ كِتَابَةً صَحِيحَةً لِأَنَّهُ يُمْلَكُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَإِنْ نُقِلَ خِلَافُهُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ ثُمَّ لَمْ يُقَيَّدْ بِالْكِتَابَةِ صَرْفٌ لَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ أَيْضًا، وَإِلَّا فَهُوَ مُنْقَطِعُ الْآخِرِ فَيَبْطُلُ اسْتِحْقَاقُهُ وَيَنْتَقِلُ الْوَقْفُ إلَى مَنْ بَعْدَهُ، هَذَا إنْ لَمْ يَعْجِزْ وَإِلَّا بَانَ بُطْلَانُهُ لِكَوْنِهِ مُنْقَطِعَ الْأَوَّلِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَخَذَهُ مِنْ غَلَّتِهِ، أَمَّا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: الصِّحَّةُ عَلَيْهِ) أَيْ الْحَرْبِيِّ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يُبَيِّنْهُ) أَيْ الْمَسْجِدَ (قَوْلُهُ: أَرَادَ سُكْنَاهَا) أَيْ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيُعَيِّنُ مَنْ يَسْكُنُ فِيهَا مِمَّنْ أَرَادَ السُّكْنَى حَيْثُ نَازَعُوا النَّاظِرَ عَلَى الْوَقْفِ (قَوْلُهُ: فِي الْوَقْفِ عَلَى أَوْلَادِهِ) أَيْ بِخِلَافِ نَحْوِ الذُّرِّيَّةِ كَمَا قَالَهُ فِي الْعُبَابِ كَالرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، وَكَذَا: أَيْ يَدْخُلُ فِي الذُّرِّيَّةِ وَالنَّسْلِ وَالْعَقِبِ الْحَمْلُ الْحَادِثُ فَتُوقَفُ حِصَّتُهُ اهـ. وَالتَّقْيِيدُ بِالْحَادِثِ الظَّاهِرِ أَنَّهُ لَيْسَ لِإِخْرَاجِ الْمَوْجُودِ حَالَ الْوَقْفِ اهـ سم عَلَى حَجّ وَقَوْلُهُ فَتُوقَفُ حِصَّتُهُ يُخَالِفُ قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِي فَإِنْ انْفَصَلَ اسْتَحَقَّ مِنْ غَلَّةِ مَا بَعْدَ انْفِصَالِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَرَادَ بِتَوَقُّفِ حِصَّتِهِ عَدَمَ حِرْمَانِهِ إذَا انْفَصَلَ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْوَقْفِ) زَادَ فِي نُسْخَةٍ: يَعْنِي أَنَّهُ يُصْرَفُ لَهُ بَعْدَ انْفِصَالِهِ اهـ. وَهِيَ شَامِلَةٌ لِمَا حَصَلَ مِنْ الْغَلَّةِ فِي مُدَّةِ كَوْنِهِ حَمْلًا (قَوْلُهُ: فَيُصْرَفُ لِغَيْرِهِ) أَيْ مِنْ الْمَذْكُورِينَ فِي الْوَقْفِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ إلَخْ) هَذَا يُخَالِفُ مَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ انْفَصَلَ اسْتَحَقَّ مِنْ غَلَّةِ مَا بَعْدَ انْفِصَالِهِ فَإِنَّهُ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ لَا يُوقَفُ لَهُ شَيْءٌ مُدَّةَ الْحَمْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَإِذَا قُلْنَا يُوقَفُ لِانْفِصَالِهِ فَأَيُّ جُزْءٍ مِنْ الْغَلَّةِ يُوقَفُ مَعَ الْجَهْلِ بِعَدَدِ الْحَمْلِ مِنْ كَوْنِهِ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ الْمُؤَدِّي إلَى تَعَذُّرِ الصَّرْفِ، وَقِيَاسُ الْمُعَامَلَةِ بِالْإِضْرَارِ فِي إرْثِ الْحَمْلِ أَنْ تُوقَفَ جَمِيعُ الْغَلَّةِ حَتَّى يَنْفَصِلَ وَتُقَدَّمَ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ أُمَّ وَلَدٍ) أَيْ حَالَ كَوْنِهَا رَقِيقَةً كَمَا هُوَ الْفَرْضُ، وَأَمَّا مَا فِي الرَّوْضِ مِنْ صِحَّةِ وَقْفِهِ عَلَى أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ فَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ: وَقَفْت دَارِي مَثَلًا بَعْدَ مَوْتِي عَلَى أُمَّهَاتِ أَوْلَادِي، أَوْ يُوصِي بِالْوَقْفِ عَلَيْهِنَّ مَثَلًا (قَوْلُهُ: فَكَالْحُرِّ) يَنْبَغِي أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَإِنْ عَيَّنَ الْوَاقِفُ شَيْئًا أُتْبِعَ حَتَّى لَوْ وَقَفَ فِي نَوْبَةِ الْمُبَعَّضِ عَلَى سَيِّدِهِ أَوْ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ لِلْعَبْدِ أَوْ عِنْدَ عَدَمِ الْمُهَايَأَةِ عَلَى أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ عُمِلَ بِهِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: الْأَوْجَهُ صِحَّتُهُ) أَيْ الْوَقْفِ (قَوْلُهُ: بِمَا أَخَذَهُ مِنْ غَلَّتِهِ) أَيْ ثُمَّ إنْ كَانَ مَا قَبَضَهُ مِنْ الْغَلَّةِ بَاقِيًا أَخَذَ مِنْهُ وَإِلَّا فَهُوَ فِي ذِمَّتِهِ يُطَالِبُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَالْيَسَارِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِإِمْكَانِ تَمْلِيكِهِ) عِلَّةٌ لِلْإِيهَامِ. (قَوْلُهُ: فَمُعْتَرَضٌ بِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ هُوَ عَيْنُ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ وَحَاصِلُ الِاعْتِرَاضِ يُنَاقِضُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: وَيَنْتَقِلُ الْوَقْفُ إلَى مَنْ بَعْدَهُ) هَذَا لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى كَوْنِهِ

مُكَاتَبُ نَفْسِهِ فَلَا يَصِحُّ وَقْفُهُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ وُقِفَ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا سَيَأْتِي فِي إعْطَاءِ الزَّكَاةِ لَهُ (فَإِنْ أُطْلِقَ الْوَقْفُ عَلَيْهِ فَهُوَ وَقْفٌ عَلَى سَيِّدِهِ) كَمَا لَوْ وَهَبَ مِنْهُ أَوْ أَوْصَى لَهُ وَيُقْبَلُ هُوَ إنْ شَرَطْنَاهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ الْآتِي وَإِنْ نَهَاهُ، سَيِّدُهُ عَنْهُ دُونَ السَّيِّدِ إنْ امْتَنَعَ كَمَا يَأْتِي نَظِيرُهُ فِي الْوَصِيَّةِ (وَلَوْ) (أُطْلِقَ الْوَقْفُ عَلَى بَهِيمَةٍ) مَمْلُوكَةٍ (لَغَا) لِاسْتِحَالَةِ مِلْكِهَا (وَقِيلَ هُوَ وَقْفٌ عَلَى مَالِكِهَا) كَالْعَبْدِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعَبْدَ قَابِلٌ لَأَنْ يُمْلَكَ بِخِلَافِهَا، وَخَرَجَ بِأَطْلَقَ الْوَقْفُ عَلَى عَلَفِهَا أَوْ عَلَيْهَا بِقَصْدِ مَالِكِهَا وَبِالْمَمْلُوكَةِ الْمُسَبَّلَةِ فِي ثَغْرٍ أَوْ نَحْوِهِ فَيَصِحُّ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُسَبَّلَةِ وَمِنْ ثَمَّ نَقْلًا عَنْ الْمَتْبُولِيِّ عَدَمُ صِحَّتِهِ عَلَى الْوُحُوشِ وَالطُّيُورِ الْمُبَاحَةِ، وَمَا نُوزِعَا بِهِ مُسْتَدِلِّينَ بِمَا يَأْتِي أَنَّ الشَّرْطَ فِي الْجِهَةِ عَدَمُ الْمَعْصِيَةِ يُرَدُّ بِأَنَّ هَذِهِ الْجِهَةَ لَا يُقْصَدُ الْوَقْفُ عَلَيْهَا عُرْفًا وَمِنْ ثَمَّ لَمَّا قُصِدَ حَمَّامُ مَكَّةَ بِالْوَقْفِ عَلَيْهِ عُرْفًا كَانَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ صِحَّتَهُ عَلَيْهِ. أَمَّا الْمُبَاحَةُ الْمُعَيَّنَةُ فَلَا يَصِحُّ عَلَيْهِ جَزْمًا عَلَى نِزَاعٍ فِيهِ (وَيَصِحُّ) الْوَقْفُ وَلَوْ مِنْ مُسْلِمٍ (عَلَى ذِمِّيٍّ) مُعَيَّنٍ مُتَّحِدٍ أَوْ مُتَعَدِّدٍ كَمَا يَجُوزُ التَّصَدُّقُ عَلَيْهِ. نَعَمْ لَوْ ظَهَرَ فِي تَعْيِينِهِ قَصْدُ مَعْصِيَةٍ كَالْوَقْفِ عَلَى خَادِمِ كَنِيسَةٍ لِلتَّعَبُّدِ لَغَا كَالْوَقْفِ عَلَى تَرْمِيمِهَا أَوْ وَقُودِهَا أَوْ حَصْرِهَا، وَكَذَا لَوْ وَقَفَ عَلَيْهِ مَا لَا يَمْلِكُهُ كَقِنٍّ مُسْلِمٍ وَنَحْوِ مُصْحَفٍ فَلَوْ حَارَبَ ذِمِّيٌّ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ صَارَ الْوَقْفُ كَمُنْقَطِعِ الْوَسَطِ أَوْ الْآخِرِ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَعَلَيْهِ فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُكَاتَبِ إذَا رُقَّ ظَاهِرٌ (لَا مُرْتَدٌّ وَحَرْبِيٌّ) لِأَنَّ الْوَقْفَ صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ وَلَا بَقَاءَ لَهُمَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ نَحْوِ الزَّانِي الْمُحْصَنِ وَإِنْ كَانَا دُونَهُ فِي الْإِهْدَارِ إذْ لَا تُمْكِنُ عِصْمَتُهُ بِحَالٍ بِخِلَافِهِمَا بِأَنَّ فِي الْوَقْفِ عَلَيْهِمَا مُنَابَذَةً لِعِزَّةِ الْإِسْلَامِ لِتَمَامِ مُعَانَدَتِهِمَا لَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِخِلَافِهِ لَا سِيَّمَا وَالِارْتِدَادُ يُنَافِي الْمِلْكَ وَالْحِرَابَةُ سَبَبُ زَوَالِهِ فَلَا يُنَاسِبُهُمَا التَّحْصِيلُ، أَمَّا الْمُعَاهَدُ وَالْمُؤَمَّنُ فَيَلْحَقَانِ بِالْحَرْبِيِّ عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ الدَّمِيرِيِّ. وَقَالَ غَيْرُهُ: إنَّهُ الْمَفْهُومُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَهُوَ وَقْفٌ عَلَى سَيِّدِهِ) أَيْ فَلَوْ قَصَدَ بِالْوَقْفِ سَيِّدَ الْعَبْدِ أَوْ أَطْلَقَ وَقُلْنَا بِالْمَصْلَحَةِ أَوْ وَقَفَ عَلَى الْبَهِيمَةِ وَقَصَدَ مَالِكَهَا أَوْ عَلَى عَلَفِهَا ثُمَّ بَاعَ الْمَالِكُ لِلْعَبْدِ أَوْ الْبَهِيمَةِ إيَّاهُمَا فَهَلْ يَبْقَى الْمَوْقُوفُ لَهُ أَوْ يَنْتَقِلُ إلَى الْمُشْتَرِي؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ ذَكَرُوا فِي نَظِيرِ ذَلِكَ فِي الْوَصِيَّةِ تَفْصِيلًا وَلَا يَبْعُدُ مَجِيئُهُ هُنَا فَلْيُرَاجَعْ وَيَحْتَمِلُ الْفَرْقَ بَيْنَ الْوَقْفِ وَالْوَصِيَّةِ بِأَنَّ الْوَقْفَ (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي نَظِيرُهُ فِي الْوَصِيَّةِ إلَخْ) وَعِبَارَتُهُ فِي الْوَصِيَّةِ مَا نَصُّهُ: وَلَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى بَهِيمَةٍ وَلَوْ أَطْلَقَ أَوْ وَقَفَ عَلَى عَلَفِهَا لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهَا لِلْمِلْكِ إلَى أَنْ قَالَ: فَإِنْ قَصَدَ بِهِ مَالِكَهَا فَهُوَ وَقْفٌ عَلَيْهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: يَقْصِدُ مَالِكُهَا) يَنْبَغِي رُجُوعُهُ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ لِيُوَافِقَ قَوْلَ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُبَاحَةُ) أَيْ الطُّيُورُ الْمُبَاحَةُ (قَوْلُهُ: عَلَى ذِمِّيٍّ مُعَيَّنٍ) وَسَيَأْتِي حُكْمُ مَا لَوْ وَقَفَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: يُشْرَطُ الْوَسَطُ) أَيْ إنْ ذَكَرَ بَعْدَ الذِّمِّيِّ مَصْرِفًا: أَيْ فَيُصْرَفُ لِأَقْرَبِ رَحِمِ الْوَاقِفِ مَا دَامَ حَيًّا، ثُمَّ بَعْدَ مَوْتِ الذِّمِّيِّ لِمَنْ عَيَّنَهُ الْوَاقِفُ بَعْدَهُ أَوْ الْآخَرِ فَيُصْرَفُ لِمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْآنَ إنْ عَيَّنَ الْوَاقِفُ جِهَةً وَإِلَّا فَلِأَقْرَبِ رَحِمِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ مَا بَحَثَهُ مِنْ أَنَّهُ كَمُنْقَطِعِ الْوَسَطِ أَوْ الْآخِرِ، ثُمَّ إذَا أَسْلَمَ أَوْ تَرَكَ الْمُحَارَبَةَ وَالْتَزَمَ الْجِزْيَةَ هَلْ يَعُودُ اسْتِحْقَاقُهُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ إلَّا مَنْ يَفْسُقُ مِنْهُمْ فَفَسَقَ بَعْضُهُمْ ثُمَّ عَادَ عَدْلًا مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ اسْتِحْقَاقُهُ هُنَا (قَوْلُهُ: ظَاهِرٌ) وَهُوَ أَنَّهُ بِالْعَجْزِ عَنْ الْكِتَابَةِ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ السَّيِّدِ حَتَّى إنَّ السَّيِّدَ يَسْتَحِقُّ مَا كَسَبَهُ فِي مُدَّةِ كِتَابَتِهِ، وَلَا كَذَلِكَ الذِّمِّيُّ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ بِحَرَابَتِهِ الْآنَ بَقَاءَ حِرَابَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ (قَوْلُهُ: لَا مُرْتَدٌّ) أَيْ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ مِنْهُ. لَا يُقَالُ: إنَّهُ مَوْقُوفٌ إنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ تَبَيَّنَ صِحَّتَهُ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: ذَاكَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ كَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ، بِخِلَافِ مَا لَا يَقْبَلُهُ كَالْبَيْعِ وَالْوَقْفِ فَإِنَّهُ مَحْكُومٌ بِبُطْلَانِهِ مِنْ الْمُرْتَدِّ مِنْ أَصْلِهِ وَلَوْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ وَبَيَّنَ نَحْوَ الزَّانِي الْمُحْصَنِ) أَيْ حَيْثُ يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ دُونَهُمَا (قَوْلُهُ: فَيَلْحَقَانِ بِالْحَرْبِيِّ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQمُنْقَطِعَ الْآخِرِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، وَيُعْلَمُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ مُتَجَوِّزٌ بِقَوْلِهِ فَهُوَ مُنْقَطِعُ الْآخِرِ وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَهُ وَالِاقْتِصَارَ عَلَى قَوْلِهِ فَيَبْطُلُ اسْتِحْقَاقُهُ إلَخْ . (قَوْلُهُ: وَمَا نُوزِعَا بِهِ مُسْتَدِلِّينَ) أَيْ: الْمُنَازَعِينَ، وَفِيهِ مَجِيءُ الْحَالِ مِنْ الْفَاعِلِ الْمَحْذُوفِ فَانْظُرْ هَلْ هُوَ جَائِزٌ عِنْدَ الْتِحَاقِهِ

مِنْ كَلَامِهِمْ، وَرَجَّحَ الْغَزِّيِّ إلْحَاقَهُمَا بِالذِّمِّيِّ وَهُوَ الْأَوْجَهُ إنْ حَلَّ بِدَارِنَا مَا دَامَ فِيهَا، فَإِذَا رَجَعَ صُرِفَ لِمَنْ بَعْدَهُ، وَخَصَّ الْمُصَنِّفُ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ الْخِلَافَ بِقَوْلِهِ وَقَفْت عَلَى زَيْدٍ الْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُ اللُّبَابِ، أَمَّا إذَا وَقَفَ عَلَى الْحَرْبِيَّيْنِ أَوْ الْمُرْتَدَّيْنِ فَلَا يَصِحُّ قَطْعًا، وَرَجَّحَ السُّبْكِيُّ فِيمَنْ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ بِالْمُحَارَبَةِ أَنَّهُ كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ (وَنَفْسُهُ فِي الْأَصَحِّ) لِتَعَذُّرِ تَمْلِيكِ الْإِنْسَانِ مِلْكَهُ أَوْ مَنَافِعَ مِلْكِهِ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ حَاصِلٌ، وَيَمْتَنِعُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ وَاخْتِلَافُ الْجِهَةِ إذْ اسْتِحْقَاقُهُ وَقْفًا غَيْرُهُ مِلْكًا الَّذِي نُظِرَ لَهُ مُقَابِلٌ الْأَصَحُّ، وَاخْتَارَهُ جَمْعٌ، وَمِنْهُ أَنْ يَشْتَرِطَ نَحْوَ قَضَاءِ دَيْنِهِ مِمَّا وَقَفَهُ، أَوْ انْتِقَاعِهِ بِهِ، أَوْ شُرْبِهِ مِنْهُ، أَوْ مُطَالَعَتِهِ فِي الْكِتَابِ، أَوْ طَبْخِهِ فِي الْقِدْرِ، أَوْ اسْتِعْمَالِهِ مِنْ بِئْرٍ أَوْ كُوزٍ وُقِفَ ذَلِكَ عَلَى نَحْوِ الْفُقَرَاءِ، فَيَبْطُلُ الْوَقْفُ بِذَلِكَ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ لِبَعْضِ الشُّرَّاحِ هُنَا، وَكَأَنَّهُ تَوَهَّمَ جَوَازَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ عُثْمَانَ فِي وَقْفِهِ لِبِئْرِ رُومَةَ دَلْوِي فِيهَا كَدِلَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، فَقَدْ أَجَابُوا عَنْهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ بَلْ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ لِلْوَاقِفِ الِانْتِفَاعَ بِوَقْفِهِ الْعَامِّ كَالصَّلَاةِ بِمَسْجِدٍ وَقَفَهُ وَالشُّرْبِ مِنْ بِئْرٍ وَقَفَهَا. نَعَمْ لَوْ شَرَطَ أَنْ يُضَحَّى عَنْهُ صَحَّ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ بِصِحَّةِ شَرْطِ أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ مِنْهُ: أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ سِوَى الثَّوَابِ وَهُوَ لَا يَضُرُّ بَلْ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْوَقْفِ، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ مَثَلًا ثُمَّ صَارَ فَقِيرًا جَازَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْهُ: وَكَذَا لَوْ كَانَ فَقِيرًا حَالَ الْوَقْفِ كَمَا فِي الْكَافِي وَاعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ، وَيَصِحُّ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَلَا يَصِحُّ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: إنْ حَلَّ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا، وَقَوْلُهُ فَإِذَا رَجَعَ أَيْ عَادَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ (قَوْلُهُ: صُرِفَ لِمَنْ بَعْدَهُ) أَيْ وَهُوَ الْفُقَرَاءُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الذِّمِّيِّ إذَا حَارَبَ أَنَّهُ يَصِيرُ كَمُنْقَطِعِ الْوَسَطِ حَيْثُ ذَكَرَ بَعْدَهُ جِهَةً يُصْرَفُ إلَيْهَا، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مَوْضُوعَ الذِّمَّةِ عَلَى عَدَمِ النَّقْصِ مَا بَقِيَ الذِّمِّيُّ، بِخِلَافِ الْعَهْدِ وَالْأَمَانِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَوْضُوعُهُ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَانْتِقَالُهُ لِدَارِ الْحَرْبِ كَالْمُحَقَّقِ، فَكَأَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ الِاسْتِحْقَاقَ إلَّا بِالْمُدَّةِ الْقَلِيلَةِ فَلَمْ يُجْزِ فِيهِ كَوْنُهُ كَمُنْقَطِعِ الْوَسَطِ بَلْ جَزَمَ فِيهِ بِانْتِقَالِهِ لِمَنْ بَعْدَهُ، وَعَلَى هَذَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا عَادَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لَا يَرْجِعُ إلَيْهِ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْوَاقِفِ لَمْ يَتَنَاوَلْ إلَّا الْمُدَّةَ الْأُولَى (قَوْلُهُ وَقَفْت عَلَى زَيْدٍ الْحَرْبِيِّ) ظَاهِرُهُ أَنَّ لَفْظَ الْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ مِنْ جُمْلَةِ صِيغَتِهِ فَلَا تَتَقَيَّدُ صِحَّةُ الْوَقْفِ عَلَيْهِمَا الَّذِي قَالَ بِهِ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ بِمَا لَوْ قَالَ عَلَى زَيْدٍ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ فِي الْوَاقِعِ حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا، وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْوَصْفَ بِالْحَرْبِيِّ أَوْ الْمُرْتَدِّ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْحَامِلَ عَلَى الْوَقْفِ عَلَيْهِ الْحِرَابَةِ أَوْ الرِّدَّةُ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِالْمُشْتَقِّ يُؤْذِنُ بِعَلِيَّةِ مَا مِنْهُ الِاشْتِقَاقُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ وَقَفْت دَارِي عَلَى مَنْ يَرْتَدُّ أَوْ يُحَارِبُ وَهُوَ بَاطِلٌ قَطْعًا (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَ السُّبْكِيُّ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقَوْلُهُ بِالْمُحَارَبَةِ: أَيْ قَطْعِ الطَّرِيقِ وَقَوْلُهُ كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ أَيْ فَيَصِحَّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَاخْتَارَهُ جَمْعٌ) لَا يَقْوَى عَلَى دَفْعِ ذَلِكَ التَّعَذُّرِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ الْوَقْفِ عَلَى نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ انْتِفَاعُهُ) أَيْ وَلَوْ بِالصَّلَاةِ فِيمَا وَقَفَهُ مَسْجِدًا اهـ حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْوَقْفَ يَبْطُلُ بِذَلِكَ الشَّرْطِ وَنَقَلَهُ عَنْ تَصْرِيحِ شَرْحِ الْبَهْجَةِ رَادًّا بِهِ عَلَى مَنْ اقْتَضَى كَلَامُهُ صِحَّةَ الْوَقْفِ وَبُطْلَانَ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ: فَيَبْطُلُ الْوَقْفُ) وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي الْبُطْلَانِ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ مِنْ أَنَّ شَخْصًا وَقَفَ نَخِيلًا عَلَى مَسْجِدٍ بِشَرْطِ أَنْ تَكُون ثَمَرَتُهَا لَهُ وَالْجَرِيدُ وَاللِّيفُ وَالْخَشَبُ وَنَحْوُهَا لِلْمَسْجِدِ، وَبَقِيَ مَا لَوْ وَقَفَ جَرِيدَ النَّخْلِ أَوْ لِيفَهُ مَثَلًا هَلْ يَشْمَلُ الْحَادِثَ وَالْمَوْجُودَ أَوْ الْمَوْجُودَ فَقَطْ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ. وَمَحِلُّ التَّرَدُّدِ مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَى الْمَوْجُودِ بِأَنْ يَقُولَ هَذَا الْجَرِيدُ، فَإِنْ نَصَّ عَلَيْهِ لَمْ يَدْخُلْ الْحَادِثُ (قَوْلُهُ: عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ) هَذَا كَلَامٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّصْرِيحَ بِنَفْسِهِ عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ فِي وَقْفِ نَحْوِ الْبِئْرِ وَالْمَسْجِدِ يَضُرُّ فَتَأَمَّلْهُ وَرَاجِعْهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ بِشَرْطِهِ ذَلِكَ مَنَعَ غَيْرَهُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُرِيدُهُ فَأَشْبَهَ الْوَقْفَ عَلَى نَفْسِهِ، عَلَى أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ: أَوْ شُرْبُهُ مِنْهُ أَوْ مُطَالَعَتُهُ فِي الْكِتَابِ، صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ (قَوْلُهُ: جَازَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْهُ) أَيْ كَأَحَدِهِمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ شَرَطَ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْهُ صَحَّ) اُنْظُرْ هَلْ لِهَذِهِ الْأُضْحِيَّةَ حُكْمُ سَائِرِ الضَّحَايَا وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِ الْوَاقِفِ

شَرْطُهُ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ وَلَوْ بِمُقَابِلٍ إنْ كَانَ بِقَدْرِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَأَقَلَّ كَمَا قَيَّدَهُ بِذَلِكَ ابْنُ الصَّلَاحِ. وَمِنْ الْحِيَلِ فِي الْوَقْفِ عَلَى النَّفْسِ أَنْ يَقِفَ عَلَى أَوْلَادِ أَبِيهِ وَيَذْكُرَ صِفَاتِ نَفْسِهِ فَيَصِحَّ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَعَمِلَ بِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَوَقَفَ عَلَى الْأَفْقَهِ مِنْ بَنِي الرِّفْعَةِ وَكَانَ يَتَنَاوَلُهُ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ تَبَعًا لِلْغَزَالِيِّ وَالْخُوَارِزْمِيّ فَأَبْطَلُوهُ إنْ انْحَصَرَتْ الصِّفَةُ فِيهِ وَإِلَّا صَحَّ، قَالَ: وَهُوَ أَقْرَبُ لِبُعْدِهِ عَنْ قَصْدِ الْجِهَةِ وَأَنْ يُؤَجِّرَهُ مُدَّةً طَوِيلَةً ثُمَّ يَقِفَهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ مَثَلًا ثُمَّ يَتَصَرَّفَ فِي الْأُجْرَةِ أَوْ يَسْتَأْجِرَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَهُوَ الْأَحْوَطُ لِيَنْفَرِدَ بِالْيَدِ وَيَأْمَنَ خَطَرَ الدَّيْنِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَأَنْ يَسْتَحِكُمْ فِيهِ مَنْ يَرَاهُ، وَلَوْ أَقَرَّ مَنْ وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى جِهَاتٍ مُفَصَّلَةٍ بِأَنَّ حَاكِمًا يَرَاهُ حُكِمَ بِهِ وَبِلُزُومِهِ وَآخَذْنَاهُ بِإِقْرَارِهِ وَنُقِضَ الْوَقْفُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ الْبُرْهَانُ الْمَرَاغِيَّ، وَالْأَوْجَهُ مَا أَفْتَى بِهِ التَّاجُ الْفَزَارِيّ مِنْ قَبُولِ إقْرَارِهِ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ يَتَلَقَّى مِنْهُ، كَمَا لَوْ قَالَ هَذَا وَقْفٌ عَلَيَّ وَسَيَأْتِي مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِذَلِكَ، وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ وَتَبِعَهُ جَمْعٌ بِأَنَّ حُكْمَ الْحَنَفِيِّ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ عَلَى النَّفْسِ لَا يَمْنَعُ الشَّافِعِيَّ بَاطِنًا مِنْ بَيْعِهِ وَسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ فِيهِ، قَالَ: لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يَمْنَعُ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَإِنَّمَا مَنَعَ مِنْهُ فِي الظَّاهِرِ سِيَاسَةً شَرْعِيَّةً، وَيَلْحَقُ بِهَذَا مَا فِي مَعْنَاهُ، لَكِنْ رَدَّهُ جَمْعٌ بِأَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى مَرْجُوحٍ وَهُوَ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ فِي مَحِلِّ اخْتِلَافِ الْمُجْتَهِدِينَ لَا يَنْفُذُ بَاطِنًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ تَعْلِيلُهُ، وَالْأَصَحُّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ فِي مَوَاضِعِ نُفُوذِهِ بَاطِنًا، وَلَا مَعْنَى لَهُ إلَّا تَرَتُّبَ الْآثَارِ عَلَيْهِ مِنْ حِلٍّ وَحُرْمَةٍ وَنَحْوِهِمَا. وَصَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ فِي الْمَسَائِلِ الْخِلَافِيَّةِ بِرَفْعِ الْخِلَافِ وَيَصِيرُ الْأَمْرُ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ (وَإِنْ) (وَقَفَ) مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ (عَلَى جِهَةِ مَعْصِيَةٍ كَعِمَارَةِ) نَحْوِ (الْكَنَائِسِ) الْمَقْصُودَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: بِقَدْرِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ) أَيْ أَمَّا إنْ شَرَطَ النَّظَرَ لِغَيْرِهِ وَجَعَلَ لِلنَّاظِرِ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لَمْ يَمْتَنِعْ كَمَا يَأْتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ فَوَّضَ إلَيْهِ هَذِهِ الْأُمُورَ (قَوْلُهُ: وَكَأَنَّ) أَيْ ابْنَ الرِّفْعَةِ، وَقَوْلَهُ يَتَنَاوَلُهُ: أَيْ يَأْخُذُ غَلَّتَهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَتَصَرَّفُ فِي الْأُجْرَةِ) وَلَوْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ بَعْدَ الْوَقْفِ عَادَتْ الْمَنَافِعُ لِلْوَاقِفِ كَمَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْإِجَارَةِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى سَيِّدِهِ بِأُجْرَةِ مَا بَعْدَ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: مَنْ يَرَاهُ) أَيْ الْوَقْفَ عَلَى النَّفْسِ كَالْحَنَفِيِّ (قَوْلُهُ: وَعَلَى مَنْ يَتَلَقَّى) أَيْ فَلَا يَبْطُلُ فِي حَقِّهِ وَلَا حَقِّ مَنْ يَتَلَقَّى مِنْهُ (قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي) قَالَ حَجّ قَبِيلَ الْفَصْلِ اهـ (قَوْلُهُ بِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ) أَيْ وَلَوْ حَاكِمَ ضَرُورَةٍ. وَمَحِلُّ ذَلِكَ كُلِّهِ حَيْثُ صَدَرَ حُكْمٌ صَحِيحٌ مَبْنِيٌّ عَلَى دَعْوَى وَجَوَابٍ. أَمَّا لَوْ قَالَ الْحَاكِمُ الْحَنَفِيُّ مَثَلًا حَكَمْت بِصِحَّةِ الْوَقْفِ وَبِمُوجِبِهِ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ دَعْوَى فِي ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ حُكْمًا بَلْ هُوَ إفْتَاءٌ مُجَرَّدٌ وَهُوَ لَا يَرْفَعُ الْخِلَافَ فَكَأَنْ لَا حُكْمَ فَيَجُوزُ لِلشَّافِعِيِّ بَيْعُهُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ (قَوْلُهُ: عَلَى جِهَةِ مَعْصِيَةٍ) اُنْظُرْ هَلْ الْعِبْرَةُ بِعَقِيدَةِ الْوَاقِفِ أَوْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَوْ بِعَقِيدَتِهِمَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الْوَاقِفِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ لِلْفِعْلِ فَتُعْتَبَرُ عَقِيدَتُهُ، وَبَقِيَ مَا لَوْ أَطْلَقَ الْوَقْفَ عَلَى الْكَنَائِسِ فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى مَا تَنْزِلُهُ الْمَارَّةُ فَيَصِحُّ أَوْ عَلَى مَا لِلتَّعَبُّدِ فَيَبْطُلُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَاشِيَةِ التَّحْرِيرِ لِشَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ عَلَى عِمَارَةِ الْكَنَائِسِ لَوْ أَطْلَقَ الْوَقْفَ عَلَى الْكَنَائِسِ فَهَلْ يَبْطُلُ، أَفْتَى شَيْخُنَا صَالِحٌ بِالْبُطْلَانِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْوَقْفِ عَلَيْهَا الْوَقْفُ عَلَى مَصَالِحِهَا الْمَمْنُوعِ وَهُوَ مَا كَانَ يَظْهَرُ اهـ (قَوْلُهُ نَحْوَ الْكَنَائِسِ) وَصَرِيحُ مَا ذَكَرَ أَنَّ هَذَا إذَا صَدَرَ مِنْ مُسْلِمٍ يَكُونُ مَعْصِيَةً فَقَطْ وَلَا يَكْفُرُ بِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ فَعَلَ أَمْرًا مُحَرَّمًا لَا يَتَضَمَّنُ قَطْعَ الْإِسْلَامِ، لَكِنْ نَقَلَ بِالدَّرْسِ عَنْ شَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ أَنَّ عِمَارَةَ الْكَنِيسَةِ مِنْ الْمُسْلِمِ كُفْرٌ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْهُ تَعْظِيمٌ لِغَيْرِ الْإِسْلَامِ وَفِيهِ مَا لَا يَخْفَى ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُضَحَّى عَنْهُ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ بِقَدْرِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَأَقَلَّ) أَيْ: وَإِلَّا بَطَلَ الْوَقْفُ، كَذَا فِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَقْرَبُ) لَعَلَّهُ سَقَطَ قَبْلَ لَفْظِ قَالَ السُّبْكِيُّ إذْ هُوَ كَذَلِكَ فِي التُّحْفَةِ، وَإِلَّا فَقَدْ اسْتَوْجَهَ هُوَ الصِّحَّةَ. (قَوْلُهُ: لِبُعْدِهِ عَنْ قَصْدِ الْجِهَةِ) تَعْلِيلٌ لِمَا قَبْلَ قَوْلِهِ وَإِلَّا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى مَنْ يَتَلَقَّى مِنْهُ) اُنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ مَنْ يَتَلَقَّى مِنْهُ

لِلتَّعَبُّدِ وَتَرْمِيمِهَا وَإِنْ مَكَّنَّاهُمْ مِنْهُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُمَا أَوْ قَنَادِيلِهَا أَوْ كِتَابَةِ نَحْوِ التَّوْرَاةِ (فَبَاطِلٌ) لِكَوْنِهِ إعَانَةً عَلَى مَعْصِيَةٍ. نَعَمْ مَا فَعَلَهُ ذِمِّيٌّ لَا نُبْطِلُهُ إلَّا إنْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا وَإِنْ قَضَى بِهِ حَاكِمُهُمْ لَا مَا وَقَفُوهُ قَبْلَ الْمَبْعَثِ عَلَى كَنَائِسِهِمْ الْقَدِيمَةِ فَلَا نُبْطِلُهُ بَلْ نُقِرُّهُ حَيْثُ نُقِرُّهَا، أَمَّا نَحْوُ كَنِيسَةٍ لِنُزُولِ الْمَارَّةِ أَوْ لِسُكْنَى قَوْمٍ مِنْهُمْ دُونَ غَيْرِهِمْ فِيمَا يَظْهَرُ فَيَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهَا وَعَلَى نَحْوِ قَنَادِيلِهَا وَإِسْرَاجِهَا وَإِطْعَامِ مَنْ يَأْتِي إلَيْهَا مِنْهُمْ لِانْتِقَاءِ الْمَعْصِيَةِ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ رِبَاطٌ لَا كَنِيسَةٌ كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ، وَمِنْ ثَمَّ جَرَى هُنَا جَمِيعُ مَا يَأْتِي ثُمَّ، وَمِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى أَنَّهُ يَقِفُ مَا لَهُ عَلَى ذُكُورِ أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ حَالَ صِحَّتِهِ قَاصِدًا بِذَلِكَ حِرْمَانَ إنَاثِهِمْ، وَالْأَوْجَهُ الصِّحَّةُ وَإِنْ نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ الْقَوْلُ بِبُطْلَانِهِ (أَوْ) عَلَى (جِهَةِ قُرْبَةٍ كَالْفُقَرَاءِ) وَالْمُرَادُ بِهِمْ هُنَا فُقَرَاءُ الزَّكَاةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي قِسْمِ الصَّدَقَاتِ. نَعَمْ الْمُكْتَسِبُ كِفَايَتَهُ وَلَا مَالَ لَهُ يَأْخُذُهَا (وَالْعُلَمَاءُ) وَهُمْ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَصْحَابُ عُلُومِ الشَّرْعِ كَالْوَصِيَّةِ وَالْمَدَارِسِ وَالْكَعْبَةِ وَالْقَنَاطِرِ وَتَجْهِيزِ الْمَوْتَى فَيَخْتَصُّ بِهِ مَنْ لَا تَرِكَةَ لَهُ وَلَا مُنْفِقَ (صَحَّ) لِعُمُومِ أَدِلَّةِ الْوَقْفِ وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ عَلَى جَمَادٍ لِأَنَّ نَفْعَ ذَلِكَ رَاجِعٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَلَا لِانْقِطَاعِ الْعُلَمَاءِ دُونَ الْفُقَرَاءِ لِأَنَّ الدَّوَامَ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ هَذَا كُلُّهُ عِنْدَ إمْكَانِ حَصْرِ الْجِهَةِ، فَلَوْ لَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ كَالْوَقْفِ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ صَحَّ كَذَلِكَ أَيْضًا كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ (أَوْ) عَلَى (جِهَةٍ لَا تَظْهَرُ فِيهَا الْقُرْبَةُ) بَيَّنَ بِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِجِهَةِ الْقُرْبَةِ مَا ظَهَرَ فِيهِ قَصْدُهَا وَإِلَّا فَالْوَقْفُ كُلُّهُ قُرْبَةٌ (كَالْأَغْنِيَاءِ صَحَّ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا يَجُوزُ بَلْ تُسَنُّ الصَّدَقَةُ عَلَيْهِمْ، فَالْمُرَاعَى انْعِقَادُ الْمَعْصِيَةِ عَنْ الْجِهَةِ فَقَطْ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْوَقْفَ تَمْلِيكٌ كَالْوَصِيَّةِ، وَمِنْ ثَمَّ اسْتَحْسَنَّا بُطْلَانَهُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْفُسَّاقِ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ، وَهُوَ مَرْدُودٌ نَقْلًا وَمَعْنًى، وَتَمْثِيلُ الْمُصَنِّفِ صَحِيحٌ، وَمَنْ زَعَمَ عَدَمَ صِحَّتِهِ مَعَ سَنِّ الصَّدَقَةِ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ فَكَيْفَ لَا يَظْهَرُ فِيهِمْ قَصْدُ الْقُرْبَةِ فَقَدْ وَهَمَ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا لَا يَظْهَرُ وَلَا يُوجَدُ، ـــــــــــــــــــــــــــــSلِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ ذَلِكَ فِيهِ تَعْظِيمُ غَيْرِ الْإِسْلَامِ مَعَ إنْكَارِهِ فِي نَفْسِهِ وَهُوَ لَا يَضُرُّ وَبِتَسْلِيمِهِ فَمُجَرَّدُ تَعْظِيمِهِ مَعَ اعْتِقَادِ حَقِّيَّةَ الْإِسْلَامِ لَا يَضُرُّ أَيْضًا لِجَوَازِ كَوْنِ التَّعْظِيمِ لِضَرُورَةٍ فَهُوَ تَعْظِيمٌ ظَاهِرِيٌّ لَا حَقِيقِيٌّ، فَإِنْ صَحَّ مَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الْمَذْكُورِ حُمِلَ عَلَى تَعْظِيمٍ يُؤَدِّي إلَى حَقَارَةِ الْإِسْلَامِ كَاسْتِحْسَانِ دِينِ النَّصْرَانِيَّةِ مِنْ حَيْثُ هُوَ دِينُهَا عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ مَعَ التَّعْظِيمِ (قَوْلُهُ: لِلتَّعَبُّدِ) أَيْ وَلَوْ مَعَ نُزُولِ الْمَارَّةِ، وَقَوْلُهُ إلَّا إنْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا: أَيْ فَنُبْطِلُهُ وَإِنْ قَضَى إلَخْ (قَوْلُهُ: بَلْ نُقِرُّهُ حَيْثُ نُقِرُّهَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ نَعْلَمْ شُرُوطَهُ عِنْدَهُمْ لِجَوَازِ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُعْتَبَرُ فِي شَرِيعَتِنَا مُعْتَبَرًا فِي شَرِيعَتِهِمْ حِين كَانَتْ حَقًّا (قَوْلُهُ: لِنُزُولِ الْمَارَّةِ) أَيْ وَلَوْ ذِمِّيِّينَ (قَوْلُهُ: حَالَ صِحَّتِهِ) أَيْ أَمَّا فِي حَالِ مَرَضِهِ فَلَا يَصِحُّ إلَّا بِإِجَازَةِ الْإِنَاثِ لِأَنَّ التَّبَرُّعَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَا الْبَاقِينَ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الصِّحَّةُ) أَيْ مَعَ عَدَمِ الْإِثْمِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَلَا مَالَ لَهُ) قَضِيَّةُ تَخْصِيصِ الِاسْتِدْرَاكِ بِمَا ذَكَرَ أَنَّ مَنْ لَهُ مَالٌ يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ كِفَايَتِهِ لَا يَأْخُذُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فَقِيرًا فِي الزَّكَاةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِالْفَقِيرِ هُنَا مَا يَشْمَلُ الْمِسْكِينَ فَمَنْ لَهُ مَالٌ يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ كِفَايَتِهِ لَكِنَّهُ لَا يَكْفِيهِ فَقِيرٌ (قَوْلُهُ: وَالْعُلَمَاءُ) أَيْ وَيُصْرَفُ لَهُمْ وَلَوْ أَغْنِيَاءَ (قَوْلُهُ: عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ صَحَّ) وَعَلَى الصِّحَّةِ يَنْبَغِي أَنْ يَكْفِي الصَّرْفَ لِثَلَاثَةٍ، لَكِنْ لَا يَتَّجِهُ هُنَا إذَا فَضَلَ الرُّبُعُ عَنْ كِفَايَتِهِمْ لَا سِيَّمَا مَعَ احْتِيَاجِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِجِهَةِ الْوَقْفِ خَاصَّةً حَتَّى يُخْرِجَ نَحْوَ الزَّوْجَةِ فَلَا يَسْرِي عَلَيْهِ أَوْ الْمُرَادُ مَا هُوَ أَعَمُّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَضَى بِهِ حَاكِمُهُمْ) أَيْ: فَنُبْطِلُهُ إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا (قَوْلُهُ: هَذَا كُلُّهُ إلَخْ) هَذَا التَّعْبِيرُ يُوهِمُ ابْتِدَاءً أَنَّ مَا سَيَذْكُرُهُ يُخَالِفُ حُكْمَ مَا ذَكَرَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَكَانَ الْأَوْلَى خِلَافَ هَذَا التَّعْبِيرِ. (قَوْلُهُ: لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا يَظْهَرُ وَلَا يُوجَدُ) قَدْ يُقَالُ: لَيْسَ هَذَا حَقَّ الْجَوَابِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَرِضَ لَمْ يُسَوِّ بَيْنَهُمَا بَلْ ادَّعَى الظُّهُورَ فِي الْإِغْيَاءِ الَّذِي نَفَاهُ الْمُصَنِّفُ فَكَانَ حَقُّ الْجَوَابِ إنَّمَا هُوَ

وَلَوْ حَصَرَهُمْ كَأَغْنِيَاءِ أَقَارِبِهِ صَحَّ جَزْمًا كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ، وَالْغَنِيُّ هُنَا مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ، قَالَهُ الزَّبِيلِيُّ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ اعْتِبَارَ الْعُرْفِ ثُمَّ تَشَكَّكَ فِيهِ (وَلَا يَصِحُّ) الْوَقْفُ مِنْ نَاطِقٍ لَا يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ (إلَّا بِلَفْظٍ) وَلَا يَأْتِي فِيهِ خِلَافُ الْمُعَاطَاةِ وَفَارَقَ نَحْوَ الْبَيْعِ بِأَنَّهَا عُهِدَتْ فِيهِ جَاهِلِيَّةٌ فَأَمْكَنَ تَنْزِيلُ النَّصِّ عَلَيْهَا، وَلَا كَذَلِكَ الْوَقْفُ، فَلَوْ بَنَى بِنَاءً عَلَى هَيْئَةِ مَسْجِدٍ أَوْ مَقْبَرَةٍ وَأَذِنَ فِي إقَامَةِ الصَّلَاةِ أَوْ الدَّفْنِ فِيهِ لَمْ يَخْرُجْ بِذَلِكَ عَنْ مِلْكِهِ. نَعَمْ بِنَاءُ الْمَسْجِدِ فِي الْمَوَاتِ تَكْفِي النِّيَّةُ فِيهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إخْرَاجُ الْأَرْضِ الْمَقْصُودَةِ بِالذَّاتِ عَنْ مِلْكِهِ لَا حَقِيقَةً وَلَا تَقْدِيرًا حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى لَفْظٍ قَوِيٍّ يُخْرِجُهُ عَنْهُ كَمَا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ، وَيَزُولُ مِلْكُهُ عَنْ الْآلَةِ بِاسْتِقْرَارِهَا فِي مَحِلِّهَا مِنْ الْبِنَاءِ لَا قَبْلَهُ، إلَّا أَنْ يَقُولَ؛ هِيَ لِلْمَسْجِدِ، وَيَقْبَلُ نَاظِرُهُ لَهُ ذَلِكَ وَيَقْبِضُهُ كَمَا قَالَهُ الْقَمُولِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ، وَقَوْلُ الرُّويَانِيِّ: لَوْ عَمَرَ مَسْجِدًا خَرَابًا وَلَمْ يَقِفْ الْآلَةَ كَانَتْ عَارِيَّةً يَرْجِعُ فِيهَا مَتَى شَاءَ، يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَبْنِ بِقَصْدِ الْمَسْجِدِ وَالْقَوْلُ بِخِلَافِهِ عَلَى مَا إذَا بَنَى بِقَصْدِ ذَلِكَ، وَفِي كَلَامِ الْبَغَوِيّ مَا يَرُدُّ كَلَامَ الرُّويَانِيِّ، وَأَلْحَقَ الْإِسْنَوِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ بِالْمَسْجِدِ فِي ذَلِكَ الْمَدَارِسَ وَالرُّبُطَ وَالْبُلْقِينِيُّ أَخْذًا مِنْهُ أَيْضًا الْبِئْرَ الْمَحْفُورَةَ لِلسَّبِيلِ وَالْبُقْعَةَ الْمُحَيَّاةَ مَقْبَرَةً. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَكَذَا لَوْ أَخَذَ مِنْ النَّاسِ شَيْئًا لِيَبْنِيَ بِهِ زَاوِيَةً أَوْ رِبَاطًا فَيَصِيرَ كَذَلِكَ بِمُجَرَّدِ بِنَائِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSغَيْرِهِمْ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَظَاهِرُهُ إنْ كَانَ الْمَدْفُوعُ لَهُمْ أَغْنِيَاءَ (قَوْلُهُ: مِنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ) أَيْ بِمَالٍ لَهُ لَا بِالْقُدْرَةِ عَلَى الْكَسْبِ لِمَا مَرَّ فِي الْفَقِيرِ اهـ. لَكِنْ فِي سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ وَالْغَنِيُّ إلَخْ شَامِلٌ لِلْمُكْتَسِبِ السَّابِقِ إلْحَاقُهُ بِالْفُقَرَاءِ فِي الْأَخْذِ مِنْ الْوَقْفِ عَلَيْهِمْ، فَعَلَى هَذَا الشُّمُولِ يَلْزَمُ أَنْ يَأْخُذَ الْمُكْتَسِبُ الْمَذْكُورُ مَعَ الْأَغْنِيَاءِ وَمَعَ الْفُقَرَاءِ وَهُوَ بَعِيدٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يَأْتِي فِيهِ) أَيْ الْوَقْفِ، وَقَوْلُهُ وَفَارَقَ الْبَيْعَ: أَيْ حَيْثُ جَرَى فِيهِ الْخِلَافُ (قَوْلُهُ فَأَمْكَنَ تَنْزِيلُ النَّصِّ عَلَيْهَا) وَهُوَ قَوْلُهُ " إنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ " فَحُمِلَ عَلَى الْبَيْعِ الْمَعْرُوفِ لَهُمْ وَلَوْ بِالْمُعَاطَاةِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِهَا (قَوْلُهُ: وَيَقْبِضُهُ) هُوَ وَاضِحٌ فِيمَا لَهُ نَاظِرٌ، أَمَّا مَا لَا نَاظِرَ لَهُ كَمَنْ أَحْيَا مَوَاتًا بِقَصْدِ الْمَسْجِدِيَّةِ فَإِنَّ مَا أَحْيَاهُ يَصِيرُ مَسْجِدًا وَلَا نَاظِرَ لَهُ، فَإِذَا أَعَدَّ لَهُ آلَةً قَبْلَ الْإِحْيَاءِ ثُمَّ بَنَى بِهَا فِيهِ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ مَلَكَهَا مِنْ حِينِ الْإِعْدَادِ اهـ حَجّ بِالْمَعْنَى: أَيْ وَأَمَّا مَا أَعَدَّهُ بَعْدَ الْإِحْيَاءِ لِنَحْوِ تَرْمِيمِهِ أَوْ إكْمَالِ بِنَائِهِ وَيَزُولُ مِلْكُهُ عَنْ الْآلَةِ بِاسْتِقْرَارِهِ فِي مَحِلِّهِ إلَخْ، ثُمَّ مَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّ الْمَسْجِدَ قَدْ يَكُونُ لَا نَاظِرَ لَهُ ظَاهِرٌ فِيمَنْ شَرَعَ فِي إحْيَاءِ مَسْجِدٍ فِي مَوَاتٍ فَإِنَّهُ قَبْلَ تَمَامِ الْإِحْيَاءِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِيَّةِ فَلَا نَاظِرَ لَهُ، أَمَّا بَعْدَ تَمَامِ الْإِحْيَاءِ فَيَكُونُ نَاظِرُهُ الْحَاكِمَ (قَوْلُهُ: يُمْكِنُ حَمْلُهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: بِالْمَسْجِدِ فِي ذَلِكَ) أَيْ أَنَّهُ يَصِيرُ وَقْفًا بِنَفْسِ الْبِنَاءِ فِي الْمَوَاتِ (قَوْلُهُ: لِيَبْنِيَ بِهِ زَاوِيَةً) وَاشْتَهَرَ عُرْفًا فِي الزَّاوِيَةِ أَنَّهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQادِّعَاءُ مَنْعِ الظُّهُورِ (قَوْلُهُ: وَيَزُولُ مِلْكُهُ عَنْ الْآلَةِ إلَخْ) هُوَ مِنْ كَلَامِ الْكِفَايَةِ أَيْضًا تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي فِي الشَّارِحِ فَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ قَوْلِهِ كَمَا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ إلَخْ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: وَاعْتِرَاضُ الْقَمُولِيِّ وَالْبُلْقِينِيِّ إلَخْ) لَيْسَ فِيمَا رَأَيْته مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ لِهَذَا خَبَرٌ، وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ الْكَتَبَةِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَاعْتَرَضَ الْقَمُولِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ مَا ذَكَرَهُ آخِرًا بِأَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي تَوَقُّفُ مِلْكِهِ لِلْآلَةِ عَلَى قَبُولِ نَاظِرِهِ وَقَبْضِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْآلَةِ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا الْإِحْيَاءُ وَهُوَ حِينَئِذٍ لَا نَاظِرَ لَهُ؛ لِعَدَمِ وُجُودِ الْمَسْجِدِيَّةِ إلَّا بَعْدَ أَنْ يُوجَدَ مِنْ الْبِنَاءِ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِحْيَاءُ؛ وَإِذَا تَعَذَّرَ النَّاظِرُ حِينَئِذٍ اقْتَضَتْ الضَّرُورَةُ أَنَّ مَا سَيَصِيرُ مَسْجِدًا يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ مَلَكَ تِلْكَ الْآلَةَ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ، فَمَا قَالَهُ: أَيْ الْمَاوَرْدِيُّ صَحِيحٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: مَا ذَكَرَهُ آخِرًا) يَعْنِي صَاحِبَ الْكِفَايَةِ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَقَوْلُهُ: آخِرًا: أَيْ قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَقُلْ هِيَ لِلْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِمَا) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْقَمُولِيِّ وَالْبُلْقِينِيِّ: أَيْ وَاعْتِرَاضِ غَيْرِهِمَا، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ: يُمْكِنُ حَمْلُهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا لَهُ إلَّا بِتَكَلُّفٍ؛ إذْ الَّذِي يُمْكِنُ حَمْلُهُ إنَّمَا هُوَ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ لَا الِاعْتِرَاضُ الْمُقَدَّرُ الَّذِي

أَمَّا الْأَخْرَسُ فَيَصِحُّ بِإِشَارَتِهِ وَأَمَّا الْكَاتِبُ فَبِكِتَابَتِهِ مَعَ النِّيَّةِ (وَصَرِيحُهُ) مَا اُشْتُقَّ مِنْ لَفْظِ الْوَقْفِ، نَحْوَ (وَقَفْت كَذَا) عَلَى كَذَا (أَوْ أَرْضِي) أَوْ أَمْلَاكِي (مَوْقُوفَةٌ) أَوْ وَقْفٌ (عَلَيْهِ وَالتَّسْبِيلُ وَالتَّحْبِيسُ) أَيْ مَا اُشْتُقَّ مِنْهُمَا كَأَمْلَاكِي حَبْسٌ عَلَيْهِ (صَرِيحَانِ عَلَى الصَّحِيحِ) فِيهِمَا لِاشْتِهَارِهِمَا شَرْعًا وَعُرْفًا فِيهِ. وَالثَّانِي أَنَّهُمَا كِنَايَتَانِ لِعَدَمِ اشْتِهَارِهِمَا كَاشْتِهَارِ الْوَقْفِ، وَقِيلَ الْأَوَّلُ كِنَايَةٌ وَالثَّانِي صَرِيحٌ (وَلَوْ قَالَ تَصَدَّقْت بِكَذَا صَدَقَةً مُحَرَّمَةً) أَوْ مُؤَبَّدَةً (أَوْ مَوْقُوفَةً) وَلَا يُشْكِلُ ذِكْرُ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ مَعَ صَرَاحَةِ أَرْضِي مَوْقُوفَةٌ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّ فِيهَا خِلَافًا أَيْضًا، وَعَلَى عَدَمِهِ فَمَوْقُوفَةٌ فِي الْأُولَى وَقَعَتْ مَقْصُودَةً، وَفِي الثَّانِيَةِ وَقَعَتْ تَابِعَةً فَضَعَّفَتْ صَرَاحَتَهَا أَوْ مُسَبَّلَةً أَوْ مُحْبَسَةً أَوْ صَدَقَةَ حَبْسٍ أَوْ حَبْسٍ مُحَرَّمٍ أَوْ صَدَقَةً ثَابِتَةً أَوْ بَتَلَةً كَمَا قَالَهُ ابْنُ خَيْرَانِ أَوْ لَا تُورَثُ (أَوْ لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ) الْوَاوُ هُنَا بِمَعْنَى أَوْ، إذْ أَحَدُهُمَا كَافٍ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْبَحْرِ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ خَيْرَانِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ السُّبْكِيُّ (فَصَرِيحٌ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ لَفْظَ التَّصَدُّقِ مَعَ هَذِهِ الْقَرَائِنِ لَا يَحْتَمِلُ سِوَى الْوَقْفِ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ هَذَا صَرِيحًا بِغَيْرِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ بَائِنٌ مِنِّي بَيْنُونَةً مُحَرَّمَةً لَا تَحِلِّينَ لِي بَعْدَهَا أَبَدًا صَرِيحًا لِاحْتِمَالِهِ غَيْرِ الطَّلَاقِ كَالتَّحْرِيمِ بِالْفَسْخِ بِنَحْوِ رَضَاعٍ، وَالثَّانِي كِنَايَةٌ لِاحْتِمَالِ تَأْكِيدِ مِلْكِ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ. وَقِيلَ لَا تَكْفِي صَدَقَةٌ مُحَرَّمَةٌ حَتَّى يَقُولَ لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ (وَقَوْلُهُ تَصَدَّقْت فَقَطْ لَيْسَ بِصَرِيحٍ) فِي الْوَقْفِ وَلَا كِنَايَةً فَلَا يَحْصُلُ وَقْفٌ بِهِ (وَإِنْ نَوَاهُ) لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ صَدَقَةِ الْفَرْضِ وَالنَّقْلِ وَالْوَقْفِ (إلَّا أَنْ يُضَيِّقَهُ إلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ) كَتَصَدَّقْتُ بِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ (وَيَنْوِي الْوَقْفَ) فَيَصِيرَ كِنَايَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَيَحْصُل الْوَقْفُ بِهِ لِظُهُورِ اللَّفْظِ حِينَئِذٍ فِيهِ بِخِلَافِهِ فِي الْمُضَافِ ـــــــــــــــــــــــــــــSتُرَادِفُ الْمَسْجِدَ وَقَدْ تُرَادِفُ الْمَدْرَسَةَ وَقَدْ تُرَادِفُ الرِّبَاطَ فَيُعْمَلُ فِيهَا بِعُرْفِ مَحِلِّهَا الْمُطَّرِدِ وَإِلَّا فَبِعُرْفِ أَقْرَبِ مَحِلٍّ إلَيْهِ كَمَا هُوَ قِيَاسُ نَظَائِرِهِ اهـ حَجّ. أَقُولُ: وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَخَذَ مِنْ جَمَاعَةٍ فِي بِلَادٍ مُتَفَرِّقَةٍ مَثَلًا لِيَبْنِيَ زَاوِيَةً فِي مُحَلَّةِ كَذَا كَانَ الْعِبْرَةُ بِعُرْفِ مُحَلَّةِ الزَّاوِيَةِ دُونَ الدَّافِعِينَ، لَكِنْ هَلْ يُشْتَرَطُ عِلْمُ الدَّافِعِينَ بِعُرْفِ مُحَلَّةِ الزَّاوِيَةِ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ الْآخِذُ مَحِلًّا بِعَيْنِهِ حَالَ الْأَخْذِ لِبِنَاءِ الزَّاوِيَةِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ وَيَتَخَيَّرُ فِي الْمَحِلِّ الَّذِي يَبْنِي فِيهِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الصِّحَّةُ وَكَرِهَ فِي النَّظَرِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ مَا أَمْكَنَ، ثُمَّ لَوْ بَقِيَ مِنْ الدَّرَاهِمِ الَّتِي أَخَذَهَا لِمَا ذَكَرً شَيْءٌ بَعْدَ الْبِنَاءِ، فَيَنْبَغِي حِفْظُهُ لِيَصْرِفَ عَلَى مَا يَعْرِضُ لَهُ مِنْ الْمَصَالِحِ، وَفِي سم عَلَى حَجّ: فَرْعٌ: فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ مَا نَصُّهُ: مَسْأَلَةُ الْمَدَارِسِ الْمَبْنِيَّةِ الْآنَ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَلَا يُعْلَمُ لِلْوَاقِفِ نَصٌّ عَلَى أَنَّهَا مَسْجِدٌ لِفَقْدِ كِتَابِ الْوَقْفِ وَلَا تُقَامُ بِهَا جُمُعَةٌ هَلْ تُعْطَى حُكْمُ الْمَسْجِدِ أَمْ لَا؟ الْجَوَابُ الْمَدَارِسُ الْمَشْهُورَةُ الْآنَ حَالُهَا مَعْلُومٌ، فَمِنْهَا مَا عُلِمَ نَصُّ الْوَاقِفِ أَنَّهَا مَسْجِدٌ كَالشَّيْخُونِيَّة فِي الْإِيوَانَيْنِ خَاصَّةً دُونَ الصَّحْنِ، وَمِنْهَا مَا عُلِمَ نَصُّهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَسْجِدٍ كَالْكَامِلِيَّةِ وَالْبِيبَرْسِيَّة، فَإِنْ فَرَضَ مَا يُعْلَمُ فِيهِ ذَلِكَ وَلَوْ بِالِاسْتِفَاضَةِ لَمْ يُحْكَمْ بِأَنَّهَا مَسْجِدٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ خِلَافُهُ اهـ. وَأَفْهَم أَنَّ مَا لَمْ يُعْلَمْ فِيهِ شَيْءٌ لَا بِالِاسْتِفَاضَةِ وَلَا غَيْرِهَا يُحْكَمُ بِمَسْجِدِيَّتِهِ اكْتِفَاءً بِظَاهِرِ الْحَالِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْأَخْرَسُ) مُحْتَرِزٌ مِنْ نَاطِقٍ (قَوْلُهُ حَبَسَ عَلَيْهِ) أَيْ مَحْبُوسَةً وَهُوَ بِفَتْحِ الْحَاءِ مَصْدَرُ حَبَسَ إذَا وَقَفَ وَبِضَمِّهَا الْمَوْقُوفُ فَفِي الْمُخْتَارِ الْحَبْسُ بِوَزْنِ الْقَفْلِ مَا وُقِفَ (قَوْلُهُ: أَوْ حَبْسَ مُحَرَّمٍ) أَيْ أَوْ صَدَقَةَ حَبْسٍ مُحَرَّمٍ؟ (قَوْلُهُ: صَرِيحًا بِغَيْرِهِ) وَهُوَ مَا ضَمَّهُ إلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQهُوَ الْمُبْتَدَأُ (قَوْلُهُ: حُبُسٌ عَلَيْهِ) لَعَلَّهُ بِضَمِّ الْحَاءِ وَالْبَاءِ جَمْعًا لِحَبِيسٍ حَتَّى يُنَاسِبَ التَّفْسِيرَ قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: مَعَ صَرَاحَةِ أَرْضِي مَوْقُوفَةٌ بِلَا خِلَافٍ) أَيْ مَعَ ذِكْرِهِ صَرَاحَةَ ذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ حَتَّى يُلَاقِيَ الْجَوَابَ بِأَنَّ فِيهَا خِلَافًا أَيْضًا عَلَى مَا فِيهِ، وَإِلَّا فَكَيْفَ يُسَلِّمُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهَا ثُمَّ يَدَّعِي فِيهِ الْخِلَافَ. (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِهِ غَيْرَ الطَّلَاقِ) وَالْقِيَاسُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَدَّعِ الطَّلَاقَ يُمْنَعُ عَنْهَا مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ ثُمَّ يَسْتَفْسِرُ وَأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِغَيْرِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ

إلَى مُعَيَّنٍ وَلَوْ جَمَاعَةً لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي الْوَقْفِ وَإِنْ نَوَاهُ، إذْ هُوَ صَرِيحٌ فِي التَّمْلِيكِ بِلَا عِوَضٍ، فَإِنْ قَبِلَ وَقَبَضَهُ مَلَكَهُ وَإِلَّا فَلَا، وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ جَمْعٍ أَنَّهُ مَتَى نَوَى بِهِ الْوَقْفَ كَانَ وَقْفًا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى (وَالْأَصَحُّ أَنَّ قَوْلَهُ حَرَّمْته أَوْ أَبَدْته لَيْسَ بِصَرِيحٍ) لِعَدَمِ اسْتِعْمَالِهِ مُسْتَقِلًّا بَلْ مُؤَكَّدٍ كَمَا مَرَّ فَيَكُونَ كِنَايَةً لِاحْتِمَالِهِ وَإِتْيَانُهُ بِأَوْ لِدَفْعِ إيهَامِ أَنَّ أَحَدَهُمَا لَيْسَ بِكِنَايَةٍ. وَالثَّانِي أَنَّهُمَا صَرِيحَانِ لِإِفَادَتِهِمَا الْغَرَضَ كَالتَّحْبِيسِ وَالتَّسْبِيلِ (وَ) الْأَصَحُّ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ (أَنَّ قَوْلَهُ جَعَلْت الْبُقْعَةَ مَسْجِدًا) مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ صَرِيحٌ حِينَئِذٍ (تَصِيرُ بِهِ مَسْجِدًا) وَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ مِمَّا مَرَّ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ لَا يَكُونُ إلَّا وَقْفًا. وَالثَّانِي لَا تَصِيرُ لِأَنَّهُ وَصَفَهَا بِمَا وَصَفَهَا الشَّارِعُ بِقَوْلِهِ «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» وَالْخِلَافُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَلَوْ نَوَى بِهِ الْوَقْفَ أَوْ زَادَ لِلَّهِ صَارَ مَسْجِدًا قَطْعًا، وَالظَّاهِرُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَذِنْت فِي الِاعْتِكَافِ فِيهِ صَارَ مَسْجِدًا لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ لَا يَصِحُّ إلَّا فِي مَسْجِدٍ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ صَيْرُورَتَهُ مَسْجِدًا بِذَلِكَ إنَّمَا هُوَ لِتَضَمُّنِ كَلَامِهِ الْإِقْرَارَ بِهِ لَا لِكَوْنِ ذَلِكَ صِيغَةَ إنْشَاءٍ لِوَقْفِهِ حَتَّى لَوْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ صِيغَةٌ لِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ وَقْفًا بَاطِنًا (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ) (الْوَقْفَ عَلَى مُعَيَّنٍ) وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ (يُشْتَرَطُ فِيهِ قَبُولُهُ) إنْ كَانَ أَهْلًا، وَإِلَّا فَقَبُولُ وَلِيِّهِ عَقِبَ الْإِيجَابِ أَوْ بُلُوغِ الْخَبَرِ كَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ، إذْ دُخُولُ عَيْنٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ فِي مِلْكِهِ قَهْرًا بِغَيْرِ الْإِرْثِ بَعِيدٌ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ الْإِمَامُ وَأَتْبَاعُهُ وَعَزَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحَيْنِ لِلْإِمَامِ وَآخَرِينَ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَنَقَلَهُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ عَنْهُ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ رَجَّحَ فِي الرَّوْضَةِ فِي السَّرِقَةِ عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ بِالْقُرْبِ أَشْبَهُ مِنْهُ بِالْعُقُودِ، وَنَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ عَنْ النَّصِّ، وَانْتَصَرَ لَهُ جَمْعٌ بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ وَاعْتَمَدُوهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يُشْتَرَطُ قَبُولٌ مِنْ بَعْدِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ بَلْ الشَّرْطُ عَدَمُ الرَّدِّ وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ أَنَّهُمْ يَتَلَقَّوْنَ مِنْ الْوَاقِفِ، فَإِنْ رَدُّوا فَمُنْقَطِعُ الْوَسَطِ، فَإِنْ رَدَّ الْأَوَّلُ بَطَلَ الْوَقْفُ، وَلَوْ رَجَعَ بَعْدَ الرَّدِّ لَمْ يَعُدْ لَهُ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ رَدَّ بَعْدَ قَبُولِهِ لَمْ يُؤَثِّرْ، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ فُلَانٍ وَمَنْ يَحْدُثُ لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ وَلَمْ يَقْبَلْ الْوَلَدُ لَمْ يَصِحَّ الْوَقْفُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، وَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُ وَرَثَةٍ حَائِزِينَ وَقَفَ عَلَيْهِمْ مُورِثُهُمْ مَا يَفِي ـــــــــــــــــــــــــــــSتَصَدَّقْت وَنَحْوِهِ، وَقَوْلُهُ إذْ هُوَ صَرِيحٌ مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ كَانَ وَقْفًا إلَخْ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: صَارَ مَسْجِدًا) قَضِيَّةُ قَوْلِهِ صَارَ أَنَّ هَذَا صَرِيحٌ فِي إنْشَاءِ وَقْفِهَا مَسْجِدًا، وَمِنْ ثَمَّ بَحَثَ فِيهِ الشَّارِحُ بِمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: فِي الِاعْتِكَافِ) أَيْ أَوْ فِي صَلَاةِ التَّحِيَّةِ فِيهِ (قَوْلُهُ: يُشْتَرَطُ فِيهِ قَبُولُهُ) وَلَوْ مُتَرَاخِيًا وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ حَيْثُ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ غَائِبًا فَلَمْ يَبْلُغْهُ الْخَبَرُ إلَّا بَعْدَ الطُّولِ. أَمَّا لَوْ كَانَ حَاضِرًا فَيُشْتَرَطُ الْفَوْرُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ عَقِبَ الْإِيجَابِ، لَكِنْ لَوْ مَاتَ الْوَاقِفُ هَلْ يَكْفِي قَبُولُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ صِحَّةِ الْقَبُولِ لِإِلْحَاقِهِمْ الْوَقْفَ بِالْعُقُودِ دُونَ الْوَصِيَّةِ. وَقَوْلُهُ قَبُولُهُ: أَيْ فَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ الْمُعَيَّنُ وَلَا وَلِيُّهُ لَمْ يَصِحَّ الْوَقْفُ فِي حِصَّةِ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ، وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ: مَالَ م ر إلَى بُطْلَانِ الْوَقْفِ فِيمَا لَوْ مَاتَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ قَبْلَ الْقَبُولِ أَوْ رَدَّ الْوَاقِفُ، وَقَالَ: إنَّ فِي الْمَنْقُولِ مَا يُسَاعِدُهُ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سَمِّ عَلَى مَنْهَجٍ. وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ فَإِنْ رَدَّ الْأَوَّلُ بَطَلَ الْوَقْفُ، وَقَوْلُ سم رَدَّ الْوَاقِفُ: أَيْ رَجَعَ قَبْلَ الْقَبُولِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَقَبُولُ وَلِيِّهِ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ وَلِيُّهُ بَطَلَ الْوَقْفُ سَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ الْوَاقِفُ أَوْ غَيْرُهُ، وَمَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ خَاصٌّ فَوَلِيُّهُ الْقَاضِي فَيَقْبَلُ لَهُ عِنْدَ بُلُوغِ الْخَبَرِ أَوْ يُقِيمُ عَلَى الصَّبِيِّ مَنْ يَقْبَلُ لَهُ، فَلَوْ وَقَفَ عَلَى جَمْعٍ فَقِبَل بَعْضُهُمْ دُونَ الْبَعْضِ بَطَلَ فِيمَا يَخُصُّ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ (قَوْلُهُ: بَلْ الشَّرْطُ عَدَمُ الرَّدِّ) أَيْ فِيمَنْ بَعْدَ الْأَوَّلِ فَلَوْ رَدَّ بَطَلَ فِيمَا يَخُصُّهُ وَانْتَقَلَ لِمَنْ بَعْدَهُ وَيَكُونُ كَمُنْقَطِعِ الْوَسَطِ (قَوْلُهُ: بَطَلَ الْوَقْفُ) هَذَا يُشْعِرُ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ ابْتِدَاءً وَأَنَّهُ إنَّمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُ وَرَثَةٍ حَائِزِينَ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ فِي الْوَقْفِ بَعْدَ الْمَوْتِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ فَلْيُرَاجَعْ.

بِهِ الثُّلُثَ عَلَى قَدْرِ أَنْصِبَائِهِمْ فَيَصِحُّ، وَيَلْزَمُ مِنْ جِهَتِهِمْ بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ قَهْرًا عَلَيْهِمْ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْوَقْفِ دَوَامَ الثَّوَابِ لِلْوَاقِفِ فَلَمْ يَمْلِكْ الْوَارِثُ رَدَّهُ، إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِيهِ. وَلِأَنَّهُ يَمْلِكُ إخْرَاجَ الثُّلُثِ عَنْ الْوَارِثِ بِالْكُلِّيَّةِ فَوَقْفُهُ عَلَيْهِ أَوْلَى، وَلَوْ وَقَفَ جَمِيعَ أَمْلَاكِهِ كَذَلِكَ وَلَمْ يُجِيزُوهُ نَفَذَ فِي ثُلُثِ التَّرِكَةِ قَهْرًا عَلَيْهِمْ كَمَا مَرَّ، وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَلَى مَنْ يَقْرَأُ عَلَى قَبْرِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَمَاتَ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ قَبْرٌ بَطَلَ وَقْفُهُ، وَخَرَجَ بِالْمُعَيَّنِ الْجِهَةُ الْعَامَّةُ وَجِهَةُ التَّحْرِيرِ كَالْمَسْجِدِ فَلَا قَبُولَ فِيهِ جَزْمًا وَلَمْ يَنُبْ الْإِمَامُ عَنْ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ بِخِلَافِهِ فِي نَحْوِ الْقَوْدِ لِأَنَّ هَذَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُبَاشِرٍ، وَلَوْ وُقِفَ عَلَى مَسْجِدٍ لَمْ يُشْتَرَطْ قَبُولُ نَاظِرِهِ بِخِلَافِ مَا وُهِبَ لَهُ (وَلَوْ رَدَّ) الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ أَوْ بَعْضُهُمْ الْوَقْفَ (بَطَلَ حَقُّهُ) مِنْهُ (شَرَطْنَا الْقَبُولَ أَمْ لَا) كَالْوَصِيَّةِ. نَعَمْ لَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ الْحَائِزِ مَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ لَزِمَ وَلَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ بِرَدِّهِ كَمَا مَرَّ وَلَمَّا تَمَّمَ الْكَلَامَ عَلَى أَرْكَانِهِ الْأَرْبَعَةِ شَرَعَ فِي ذِكْرِ شُرُوطِهِ. وَهِيَ: التَّأْبِيدُ، وَالتَّنْجِيزُ وَبَيَانُ الْمَصْرِفِ، وَالْإِلْزَامُ، فَقَالَ (وَلَوْ قَالَ وَقَفْت هَذَا) عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ عَلَى مَسْجِدٍ مَثَلًا (سَنَةً) مَثَلًا (فَبَاطِلٌ) وَقْفُهُ لِفَسَادِ الصِّيغَةِ، إذْ وَضْعُهُ عَلَى التَّأْبِيدِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ طَوِيلُ الْمُدَّةِ وَقَصِيرُهَا. نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ لَوْ وَقَفَهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَلْفَ سَنَةٍ أَوْ نَحْوَهَا مِمَّا يَبْعُدُ بَقَاءُ الدُّنْيَا إلَيْهِ صَحَّ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ التَّأْبِيدُ دُونَ حَقِيقَةِ التَّأْقِيتِ، وَلَا أَثَرَ لِتَأْقِيتِ الِاسْتِحْقَاقِ كَعَلَى زَيْدٍ سَنَةً ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ. أَوْ إلَّا أَنْ يُولَدَ لِي وَلَدٌ كَمَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ الْخُوَارِزْمِيَّ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الْأَنْوَارِ. وَلَا لِلتَّأْقِيتِ الضِّمْنِيِّ فِي مُنْقَطِعِ الْآخِرِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ (وَلَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي أَوْ عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ نَسْلِهِ) أَوْ نَحْوِهِمَا مِمَّا لَا يَدُومُ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ (فَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ الْوَقْفِ) لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الْقُرْبَةُ وَالدَّوَامُ فَإِذَا بَيَّنَ مَصْرِفَهُ ابْتِدَاءً سَهَّلَ إدَامَتَهُ عَلَى سَبِيلِ الْخَيْرِ (فَإِذَا انْقَرَضَ الْمَذْكُورُ) أَوْ لَمْ تُعْرَفْ أَرْبَابُ الْوَقْفِ (فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَبْقَى وَقْفًا) لِأَنَّ وَضْعَ الْوَقْفِ الدَّوَامُ كَالْعِتْقِ وَلِأَنَّهُ صَرَفَهُ عَنْهُ فَلَا يَعُودُ كَمَا لَوْ نَذَرَ هَدْيًا إلَى مَكَّةَ فَرَدَّهُ فُقَرَاؤُهَا. وَالثَّانِي يَرْتَفِعُ الْوَقْفُ وَيَعُودُ مِلْكًا لِلْوَاقِفِ أَوْ إلَى وَرَثَتِهِ إنْ كَانَ مَاتَ، لِأَنَّ بَقَاءَ الْوَقْفِ بِلَا مَصْرِفٍ مُتَعَذِّرٌ، وَإِثْبَاتُ مَصْرِفٍ لَمْ يَذْكُرْهُ الْوَاقِفُ بَعِيدٌ فَتَعَيَّنَ ارْتِفَاعُهُ (وَ) الْأَظْهَرُ (أَنَّ مَصْرِفَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَبْطُلُ إذَا مَاتَ وَلَمْ يُعْلَمْ لَهُ قَبْرٌ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا عُلِمَ لَهُ قَبْرٌ بَعْدَ الْمَوْتِ اسْتَمَرَّتْ الصِّحَّةُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ الْبُطْلَانُ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْقِرَاءَةِ عَلَى رَأْسِ قَبْرِهِ أَوْ قَبْرِ أَبِيهِ الْحَيِّ فَلْيُتَأَمَّلْ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، وَفِي حَجّ بَعْدَ حِكَايَةِ هَذَا عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ مَا نَصُّهُ: عَلَى أَنَّهُ يَأْتِي تَفْصِيلُ فِي مَسْأَلَةِ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْقَبْرِ فَاعْلَمْ، ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ مُنْقَطِعَ الْأَوَّلِ كَوَقَفْتُهُ عَلَى مَنْ يَقْرَأُ عَلَى قَبْرِي أَوْ عَلَى قَبْرِ أَبِي وَأَبُوهُ حَيٌّ، بِخِلَافِ وَقَفْته الْآنَ أَوْ بَعْدَ مَوْتِي عَلَى مَنْ يَقْرَأُ عَلَى قَبْرِي بَعْدَ مَوْتِي فَإِنَّهُ وَصِيَّةٌ، وَإِنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ أُجِيزَ وَعُرِفَ قَبْرُهُ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا اهـ. فَيُحْمَلُ قَوْلُ الشَّارِحِ هُنَا بِأَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَلَى مَنْ يَقْرَأُ إلَخْ عَلَى مَا لَوْ كَانَ صُورَةُ الْوَقْفِ وَقَفْت الْآنَ عَلَى مَنْ يَقْرَأُ عَلَى قَبْرِي بَعْدَ مَوْتِي فَيَصِحُّ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَوْ نجز وَعَلَّقَ إعْطَاءَهُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ جَازَ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَعَلَيْهِ فَالرِّيعُ الْحَاصِلُ فِي حَيَاتِهِ لِلْوَاقِفِ كَالْفَوَائِدِ الْحَاصِلَةِ مِنْ الْمُوصَى بِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى مَسْجِدٍ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ الرِّبَاطُ وَالْمَدْرَسَةُ وَالْمَقْبَرَةُ لِمُشَابَهَتِهَا لِلْمَسْجِدِ فِي كَوْنِ الْحَقِّ فِيهَا لِلَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا قَالُوهُ فِي الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ فِيهِمَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْوَقْفُ لِكَوْنِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ الْقُرْبَةَ الْمَحْضَةَ نَظَرُوا لِمَا يُقْصَدُ مِنْ اللَّفْظِ دُونَ مَدْلُولِهِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ مَصْرِفَهُ) أَيْ جَمِيعَ مَصْرِفِهِ بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى أَوَّلِهِ. أَمَّا لَوْ لَمْ يَذْكُرْ مَصْرِفًا فَبَاطِلٌ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى وَقَفْت فَالْأَظْهَرُ بُطْلَانُهُ (قَوْلُهُ: فَرَدَّهُ) أَيْ فَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أَقْرَبُ النَّاسِ) رَحِمًا لَا إرْثًا فَيُقَدَّمُ وُجُوبًا ابْنُ بِنْتٍ عَلَى ابْنِ عَمٍّ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ صِحَّةُ مَا أَفْتَى بِهِ الْعِرَاقِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِمَا فِي كُتُبِ الْأَوْقَافِ ثُمَّ الْأَقْرَبُ إلَى الْوَاقِفِ أَوْ الْمُتَوَفَّى قُرْبُ الدَّرَجَةِ وَالرَّحِمِ لَا قُرْبُ الْإِرْثِ وَالْعُصُوبَةِ فَلَا تَرْجِيحَ بِهِمَا فِي مُسْتَوِيَيْنِ فِي الْقُرْبِ مِنْ حَيْثُ الرَّحِمِ وَالدَّرَجَةِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ: لَمْ يُرَجَّحْ عَمٌّ عَلَى خَالَةٍ بَلْ هُمَا مُسْتَوِيَانِ وَيُعْتَبَرُ فِيهِمْ الْفَقْرُ، وَلَا يُفَضَّلُ الذَّكَرُ عَلَى غَيْرِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (إلَى الْوَاقِفِ) بِنَفْسِهِ (يَوْمَ انْقِرَاضِ الْمَذْكُورِ) لِأَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْأَقَارِبِ أَفْضَلُ الْقُرُبَاتِ، فَإِذَا تَعَذَّرَ الرَّدُّ لِلْوَاقِفِ تَعَيَّنَ أَقْرَبُهُمْ إلَيْهِ لِأَنَّ الْأَقَارِبَ مِمَّا حَثَّ الشَّرْعُ عَلَيْهِمْ فِي جِنْسِ الْوَقْفِ لِخَبَرِ أَبِي طَلْحَةَ «أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الْأَقْرَبِينَ» وَبِهِ فَارَقَ عَدَمُ تَعَيُّنِهِمْ فِي نَحْوِ الزَّكَاةِ عَلَى أَنَّ لِهَذِهِ مَصْرِفًا عَيَّنَهُ الشَّارِعُ بِخِلَافِ الْوَقْفِ، وَلَوْ فُقِدَتْ أَقَارِبُهُ أَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ أَغْنِيَاءَ صُرِفَ الرُّبُعُ لِمَصَالِح الْمُسْلِمِينَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْبُوَيْطِيُّ فِي الْأُولَى، أَوْ إلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ عَلَى مَا قَالَهُ سُلَيْمٌ الرَّازِيّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمْ، أَوْ قَالَ لِيُصْرَفْ مِنْ غَلَّتِهِ لِفُلَانٍ كَذَا وَسَكَتَ عَنْ بَاقِيهَا فَكَذَلِكَ، وَصَرَّحَ فِي الْأَنْوَارِ بِعَدَمِ اخْتِصَاصِهِ بِفُقَرَاءِ بَلَدِ الْوَقْفِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ، أَمَّا الْإِمَامُ إذَا وَقَفَ مُنْقَطِعَ الْآخِرِ فَيُصْرَفُ لِلْمَصَالِحِ لَا لِأَقَارِبِهِ كَمَا أَفَادَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَلَوْ كَانَ) (الْوَقْفُ مُنْقَطِعَ الْأَوَّلِ كَوَقَفْتُهُ عَلَى مَنْ سَيُولَدُ لِي) أَوْ عَلَى مَسْجِدٍ سَيُبْنَى ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ مَثَلًا (فَالْمَذْهَبُ بُطْلَانُهُ) لِتَعَذُّرِ الصَّرْفِ إلَيْهِ حَالًّا وَمَنْ بَعْدَهُ فَرَّعَهُ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا الصِّحَّةُ، وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ، وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ بَعْدَ الْأَوَّلِ مَصْرِفًا بَطَلَ قَطْعًا لِأَنَّهُ مُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ، وَلَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَمَنْ سَيُولَدُ لِي عَلَى مَا أُفَصِّلُهُ فَفَصَّلَهُ عَلَى الْمَوْجُودِينَ وَجَعَلَ نَصِيبَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ بِلَا عَقِبٍ لِمَنْ سَيُولَدُ لَهُ صَحَّ، وَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ قَوْلُهُ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَمَنْ سَيُولَدُ لِي لِأَنَّ التَّفْصِيلَ بَعْدَهُ بَيَانٌ لَهُ (أَوْ) كَانَ الْوَقْفُ (مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ) بِالتَّحْرِيكِ (كَوَقَفْتُهُ عَلَى أَوْلَادِي ثُمَّ) عَلَى (رَجُلٍ) مُبْهَمٍ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ تَرَدُّدٌ فِي صِفَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَعُودُ لِلنَّاذِرِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ صِحَّةُ إلَخْ) مِثْلُهُ فِي حَجّ بِالْحَرْفِ (قَوْلُهُ: بَلْ هُمَا مُسْتَوِيَانِ) وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْأَخَ الشَّقِيقَ وَالْأَخَ لِلْأَبِ مُسْتَوِيَانِ لَكِنَّ (قَوْلَهُ بِنَفْسِهِ) أَوْ بِوَكِيلِهِ عَنْ نَفْسِهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: صُرِفَ الرِّيعُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ) أَيْ كَمُنْقَطِعِ الْآخِرِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ وَلَوْ كَانَ الْمُعَيَّنُ لِلصَّرْفِ فِي الطَّبَقَةِ الْأُولَى يَكُونُ مُنْقَطِعَ الْأَوَّلِ فِيمَا زَادَ عَلَى مَنْ سَمَّاهُ بَلْ يُصْرَفُ لِأَقْرَبِ رَحِمِ الْوَاقِفِ تَبَعًا لِلْمُعَيَّنِ. [فَرْعٌ] فِي الزَّرْكَشِيّ لَوْ وَقَفَ عَلَى الْأَقَارِبِ اخْتَصَّ بِالْفَقِيرِ مِنْهُمْ أَيْضًا خِلَافَ الْوَقْفِ عَلَى الْجِيرَانِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَلَمْ يُبَيِّنْ مَا الْمُرَادُ بِالْجِيرَانِ هُنَا، وَالْأَقْرَبُ حَمْلُهُ عَلَى مَا فِي الْوَصِيَّةِ لِمُشَابَهَةِ الْوَقْفِ لَهَا فِي التَّبَرُّعِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ مَا وَقَفَهُ الْإِمَامُ مَبْنِيٌّ عَلَى النَّظَرِ لِمَا فِيهِ مَصْلَحَةُ الْمُسْلِمِينَ، فَحَيْثُ انْقَطَعَ مَنْ وَقَفَهُ عَلَيْهِمْ لِخُصُوصِ مَصْلَحَةٍ تَتَعَلَّقُ بِهِ كَكَوْنِهِ عَالِمًا رَجَعَ إلَى عُمُومِ مَصْلَحَتِهِمْ لَا لِأَقَارِبِهِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا وَقَفَهُ الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، أَمَّا مَا وَقَفَهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ كَغَيْرِهِ فِي الصَّرْفِ لِأَقَارِبِهِ (قَوْلُهُ: بِالتَّحْرِيكِ) أَيْ عَلَى الْأَفْصَحِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ بِنَفْسِهِ) أَوْ بِوَكِيلِهِ بَيَّنَ بِهِ أَنَّ الْمُرَادَ مَنْ لَهُ الْوَقْفُ لَا مَنْ تَعَاطَى الْوَقْفَ كَالْوَكِيلِ (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ فِي الْأَنْوَارِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي (قَوْلُهُ فَيُصْرَفُ لِلْمَصَالِحِ لَا لِأَقَارِبِهِ) أَيْ إذَا كَانَ الْوَقْفُ مِنْ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ تَرَدُّدٌ) أَيْ فِي عِبَارَةِ الْوَاقِفِ بَأَنْ كَانَتْ مُتَرَدِّدَةً بَيْنَ أَمْرَيْنِ وَهُنَاكَ مِنْ الْقَرَائِنِ مَا يَدُلُّ عَلَى ظَاهِرٍ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ تَرَدُّدٌ) أَيْ فِي عِبَارَةِ الْوَاقِفِ بَأَنْ كَانَتْ مُتَرَدِّدَةً بَيْنَ أَمْرَيْنِ وَهُنَاكَ مِنْ الْقَرَائِنِ مَا يَدُلُّ عَلَى

أَوْ شَرْطٍ أَوْ مَصْرِفٍ دَلَّتْ قَرِينَةٌ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ عَلَى تَعَيُّنِهِ إذْ لَا يَتَحَقَّقُ الِانْقِطَاعُ إلَّا مَعَ الْإِبْهَامِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (ثُمَّ الْفُقَرَاءُ فَالْمَذْهَبُ صِحَّتُهُ) لِوُجُودِ الْمَصْرِفِ حَالًّا وَمَآلًا، وَمَصْرِفًا عِنْدَ الِانْقِطَاعِ كَمَصْرِفٍ مُنْقَطِعِ الْآخِرِ، لَكِنَّ مَحِلَّهُ إنْ عُرِفَ أَمَدُ انْقِطَاعِهِ، فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ كَرَجُلٍ صَرَفَ بَعْدَ مَوْتِ الْأَوَّلِ لِمَنْ بَعْدَ الْمُتَوَسِّطِ كَالْفُقَرَاءِ كَمَا أَفَادَهُ ابْنُ الْمُقْرِي، وَإِطْلَاقُ الشَّارِحِ كَكَثِيرٍ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ (وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى) قَوْلِهِ (وَقَفْت) كَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ مَصْرِفًا أَوْ ذَكَرَ مَصْرِفًا مُتَعَذِّرًا كَوَقَفْتُ كَذَا عَلَى جَمَاعَةٍ (فَالْأَظْهَرُ بُطْلَانُهُ) وَإِنْ قَالَ لِلَّهِ لِأَنَّ الْوَقْفَ يَقْتَضِي تَمْلِيكَ الْمَنَافِعِ فَإِذَا لَمْ يُعَيِّنْ مُتَمَلِّكًا بَطَلَ كَالْبَيْعِ وَلِأَنَّ جَهَالَةَ الْمَصْرِفِ كَعَلَى مَنْ شِئْت وَلَمْ يُعَيِّنْهُ عِنْدَ الْوَقْفِ أَوْ مَنْ شَاءَ اللَّهُ يُبْطِلُهُ فَعَدَمُهُ بِالْأَوْلَى، وَإِنَّمَا صَحَّ أَوْصَيْت بِثُلُثَيْ وَلَمْ يَذْكُرْ مَصْرِفًا حَيْثُ يُصْرَفُ لِلْمَسَاكِينِ الْقَائِلُ بِهِ مُقَابِلُ الْأَظْهَرِ هُنَا لِأَنَّ غَالِبَ الْوَصَايَا لَهُمْ فَحُمِلَ الْإِطْلَاقُ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهَا أَوْسَعُ لِصِحَّتِهَا بِالْمَجْهُولِ وَالنَّجِسِ، وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الْمَصْرِفَ وَاعْتَرَفَ بِهِ صَحَّ مَرْدُودٌ كَمَا قَالَهُ الْغَزِّيِّ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ طَالِقٌ وَنَوَى زَوْجَتَهُ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تُؤَثِّرُ مَعَ لَفْظٍ يَحْتَمِلُهَا وَلَا لَفْظَ هُنَا يَدُلُّ عَلَى الْمَصْرِفِ أَصْلًا، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ فِي جَمَاعَةٍ أَوْ وَاحِدٍ نَوَيْت مُعَيِّنًا لَا يَصِحُّ قِيلَ وَهُوَ مُتَّجَهٌ (وَلَا يَجُوزُ) أَيْ لَا يَحِلُّ وَلَا يَصِحُّ (تَعْلِيقُهُ) فِيمَا لَا يُضَاهِي التَّحْرِيرَ (كَقَوْلِهِ إذَا جَاءَ زَيْدٌ فَقَدْ وَقَفْت) كَذَا عَلَى كَذَا لِأَنَّهُ عَقْدٌ يَقْتَضِي نَقْلًا لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ حَالًّا كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ، أَمَّا مَا يُضَاهِيهِ كَجَعَلْتُهُ مَسْجِدًا إذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَالظَّاهِرُ صِحَّتُهُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَمَحِلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يُعَلِّقْهُ بِالْمَوْتِ، فَإِنْ عَلَّقَهُ بِهِ كَوَقَفْتُ دَارِي بَعْدَ مَوْتِي عَلَى الْفُقَرَاءِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ، قَالَهُ الشَّيْخَانِ، وَكَأَنَّهُ وَصِيَّةٌ لِقَوْلِ الْقَفَّالِ لَوْ عَرَضَهَا لِلْبَيْعِ كَانَ رُجُوعًا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُدَبَّرِ بِأَنَّ الْحَقَّ الْمُتَعَلِّقَ بِهِ وَهُوَ الْعِتْقُ أَقْوَى، فَلَمْ يَجُزْ الرُّجُوعُ عَنْهُ إلَّا بِنَحْوِ الْبَيْعِ دُونَ نَحْوِ الْعَرْضِ عَلَيْهِ، وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْقَاضِي أَنَّهُ لَوْ نَجَزَهُ وَعَلَّقَ إعْطَاءَهُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ جَازَ كَالْوَكَالَةِ، وَعَلَيْهِ فَهُوَ كَالْوَصِيَّةِ أَيْضًا فِيمَا يَظْهَرُ (وَلَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَيَجُوزُ فِيهِ الْإِسْكَانُ (قَوْلُهُ: دَلَّتْ قَرِينَةٌ) فِي عِبَارَةِ الْوَاقِفِ (قَوْلُهُ: قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ مَا فِيهِ التَّرَدُّدُ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ لِلَّهِ) قَالَ السُّبْكِيُّ: وَمَحِلُّ الْبُطْلَانِ مَا لَمْ يَقُلْ لِلَّهِ وَإِلَّا فَيَصِحُّ ثُمَّ يُعَيِّنُ الْمَصْرِفَ اهـ شَرْحَ الرَّوْضِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ قِيلَ وَهُوَ مُتَّجَهٌ) عِبَارَةُ حَجّ قَبْلَ وَهُوَ مُتَّجَهٌ اهـ. وَالْمُرَادُ مِنْهَا ظَاهِرٌ، أَمَّا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَلَمْ يَظْهَرْ الْمُرَادُ مِنْهُ، فَإِنَّ عَدَمَ الصِّحَّةِ لَمْ تُؤْخَذْ مِمَّا ذَكَرَ لِأَنَّ قَوْلَهُ عَلَى جَمَاعَةٍ أَوْ وَاحِدٍ مُحْتَمَلٌ لِمَا نَوَاهُ وَهُوَ مُقْتَضٍ لِلصِّحَّةِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَعْيِينٌ كَانَ كَمَا لَوْ قَالَ وَقَفْت وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَحُكْمُهُ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ وَإِنْ نَوَى مُعَيَّنًا فَيَكُونُ مَا ذَكَرَ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ إلَخْ) وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ فِي كُتُبِ الْأَوْقَافِ مِنْ قَوْلِهِمْ وَأَنَّ مَا سَيَحْدُثُ فِيهِ مِنْ الْبِنَاءِ يَكُونُ وَقْفًا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِعَدَمِ تَنْجِيزِ وَقْفِيَّتِهِ وَهُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْبَانِي وَلَوْ كَانَ هُوَ الْوَاقِفُ، لَكِنْ سَيَأْتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَلْ يَشْتَرِي بِهَا عَبْدًا إلَخْ أَنَّ مَا يَبْنِيهِ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ فِي الْجُدَرَانِ الْمَوْقُوفَةِ يَصِيرُ وَقْفًا بِالْبِنَاءِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَا يُضَاهِيهِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ: فَيَصِحُّ مُؤَبَّدًا كَمَا لَوْ ذَكَرَ فِيهِ شَرْطًا فَاسِدًا، قَالَهُ الْإِمَامُ وَتَبِعَهُ غَيْرُهُ اهـ. وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ اسْتِثْنَاءُ مَا يُضَاهِي التَّحْرِيرَ أَيْضًا مِمَّا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ أَوْقَفَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ بَطَلَ عَلَى الصَّحِيحِ اهـ سم عَلَى حَجّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQإرَادَتِهِ أَحَدَهُمَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ تَرَدُّدَ الْوَاقِفِ لِأَنَّهُ مَانِعٌ مِنْ صِحَّةِ الْوَقْفِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ كَرَجُلٍ) أَيْ الَّذِي هُوَ صُورَةُ الْمَتْنِ وَمِثَالُ مَا يُعْرَفُ أَمَدُ انْقِطَاعِهِ كَأَنْ يَقُولَ عَلَى أَوْلَادِي ثُمَّ عَلَى عَبْدِ زَيْدٍ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ (قَوْلُهُ كَوَقَفْتُ كَذَا عَلَى جَمَاعَةٍ) أَيْ وَلَمْ يَنْوِ مُعَيَّنًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ قَالَهُ الشَّيْخَانِ وَكَأَنَّهُ وَصِيُّهُ) قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَصِحُّ وَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْوَصَايَا فِي اعْتِبَارِهِ مِنْ الثُّلُثِ وَفِي جَوَازِ الرُّجُوعِ عَنْهُ وَفِي عَدَمِ صَرْفِهِ

وَقَفَ) شَيْئًا (بِشَرْطِ الْخِيَارِ) لَهُ فِي الرُّجُوعِ عَنْهُ، أَوْ فِي بَيْعِهِ مَتَى شَاءَ، أَوْ فِي تَغْيِيرِ شَيْءٍ مِنْهُ بِوَصْفٍ، أَوْ زِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (بَطَلَ) الْوَقْفُ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ، وَفَارَقَ الْعِتْقُ حَيْثُ لَمْ يَفْسُدْ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ، كَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ وَاعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ، بَلْ قَالَ إنَّ خِلَافَهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى السِّرَايَةِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَيْهِ، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ يَصِحُّ الْوَقْفُ وَيَلْغُو الشَّرْطُ كَمَا لَوْ طَلَّقَ عَلَى أَنْ لَا رَجْعَةَ لَهُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إذَا وَقَفَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُؤَجَّرَ) أَصْلًا أَوْ سَنَةً أَوْ لَا يُؤَجَّرَ مِنْ ذِي شَوْكَةٍ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، أَوْ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ يَسْكُنُ فِيهِ بِنَفْسِهِ (اُتُّبِعَ) فِي غَيْرِ حَالَةِ الضَّرُورَةِ (شَرْطُهُ) كَسَائِرِ شُرُوطِهِ الَّتِي لَا تُخَالِفُ الشَّرْعَ وَذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ وُجُودِ الْمَصْلَحَةِ. وَالثَّانِي لَا يُتَّبَعُ شَرْطُهُ لِأَنَّهُ حَجْرٌ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ فِي الْمَنْفَعَةِ، وَخَرَجَ بِغَيْرِ حَالَةِ الضَّرُورَةِ مَا لَوْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا مَنْ لَا يَرْغَبُ فِيهِ إلَّا عَلَى وَجْهٍ مُخَالِفٍ لِذَلِكَ فَيَجُوزُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يُرِيدُ تَعْطِيلَ وَقْفِهِ، وَلَوْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ الْمَشْرُوطُ عَدَمُ إجَارَتِهَا إلَّا مِقْدَارَ كَذَا وَلَمْ تُمْكِنُ عِمَارَتُهَا إلَّا بِإِجَارَتِهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أوجرت بِقَدْرِ مَا يَفِي بِالْعِمَارَةِ فَقَطْ مُرَاعِيًا مَصْلَحَةَ الْوَاقِفِ لَا مَصْلَحَةَ الْمُسْتَحِقِّ، وَيَجِبُ أَنْ يُعَدِّدَ الْعُقُودَ فِي مَنْعِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ مَثَلًا وَإِنْ شَرَطَ مَنْعَ الِاسْتِئْنَافِ كَذَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَخَالَفَهُ تِلْمِيذُهُ ابْنُ رَزِينٍ وَأَئِمَّةُ عَصْرِهِ فَجَوَّزُوا ذَلِكَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ، وَقَوْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ لَا تَجُوزُ إجَارَتُهُ مُدَّةً طَوِيلَةً لِأَجْلِ عِمَارَتِهِ لِأَنَّ بِهَا يَنْفَسِخُ الْوَقْفُ بِالْكُلِّيَّةِ كَمَا يَقَعُ بِمَكَّةَ غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ، لِأَنَّ غَرَضَ الْوَاقِفِ بَقَاءُ عَيْنِهِ وَإِنْ تَمَلَّكَ ظَاهِرًا بَقَاءَ الثَّوَابِ لَهُ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ إذَا شَرَطَ فِي وَقْفِ الْمَسْجِدِ اخْتِصَاصَهُ بِطَائِفَةٍ كَالشَّافِعِيَّةِ) وَزَادَ إنْ انْقَرَضُوا فَلِلْمُسْلِمِينَ مَثَلًا أَوْ لَمْ يَزِدْ شَيْئًا (اُخْتُصَّ بِهِمْ) أَيْ اُتُّبِعَ شَرْطُهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ فَلَا يُصَلِّي وَلَا يَعْتَكِفُ بِهِ غَيْرُهُمْ رِعَايَةً لِغَرَضِهِ وَإِنْ كُرِهَ هَذَا الشَّرْطُ وَالثَّانِي لَا يَخْتَصُّ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ قَالَ وَقَفْت دَارِي كَوَقْفِ زَيْدٍ هَلْ يَصِحُّ الْوَقْفُ أَوْ يَبْطُلُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ فِيهِ: إنْ عَلِمَ شُرُوطَ وَقْفِ زَيْدٍ قَبْلَ قَوْلِهِ ذَلِكَ صَحَّ الْوَقْفُ وَإِلَّا فَلَا، وَيَحْتَمِلُ صِحَّتَهُ مُطْلَقًا. وَفِي حَالَةِ جَهْلِهِ يَبْحَثُ عَنْهُ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ فِي الْوَاقِعِ. فَإِنْ عَرَفَ فَذَاكَ وَإِلَّا تَبَيَّنَ الْبُطْلَانُ، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ فَلْيُرَاجَعْ. وَقَوْلُ سم: فَيَصِحُّ مُؤَبَّدًا: أَيْ مِنْ الْآنَ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِغَيْرِ حَالَةِ الضَّرُورَةِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ مَنْ يَأْخُذُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَيَسْتَأْجِرُ عَلَى مَا يُوَافِقُ شَرْطَ الْوَاقِفِ وَمَنْ يَطْلُبُهُ بِزِيَادَةٍ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي إجَارَةٍ تُخَالِفُ شَرْطَ الْوَاقِفِ عَدَمَ الْجَوَازِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ، وَأَنَّهُ لَوْ وُجِدَ مَنْ يَأْخُذُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَيُوَافِقُ شَرْطَ الْوَاقِفِ فِي الْمُدَّةِ وَمَنْ يَأْخُذُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَيُخَالِفُ شَرْطَ الْوَاقِفِ عَدَمَ الْجَوَازِ أَيْضًا رِعَايَةً لِشَرْطِ الْوَاقِفِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: فَجَوَّزُوا ذَلِكَ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كُرِهَ هَذَا الشَّرْطُ) فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ الْمَسْجِدُ الْمَوْقُوفُ عَلَى مُعَيَّنِينَ هَلْ يَجُوزُ لِغَيْرِهِمْ دُخُولُهُ وَالصَّلَاةُ فِيهِ وَالِاعْتِكَافُ بِإِذْنِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ؟ نَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْأَلْغَازِ أَنَّ كَلَامَ الْقَفَّالِ فِي فَتَاوِيهِ يُوهَمُ الْمَنْعَ، ثُمَّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ عِنْدِهِ: وَالْقِيَاسُ جَوَازُهُ. وَأَقُولُ: الَّذِي يَتَرَجَّحُ التَّفْصِيلُ، فَإِنْ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى أَشْخَاصٍ مُعَيَّنَةٍ كَزَيْدٍ وَعُمَرَ وَبَكْرٍ مَثَلًا أَوْ ذُرِّيَّتِهِ أَوْ ذُرِّيَّةِ فُلَانٍ جَازَ الدُّخُولُ بِإِذْنِهِمْ، وَإِنْ كَانَ عَلَى أَجْنَاسٍ مُعَيَّنَةٍ كَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ وَالصُّوفِيَّةِ لَمْ يَجُزْ لِغَيْرِ هَذَا الْجِنْسِ الدُّخُولُ وَلَوْ أَذِنَ لَهُمْ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ صَرَّحَ الْوَاقِفُ بِمَنْعِ دُخُولِ غَيْرِهِمْ لَمْ يَطْرُقْهُ خِلَافٌ أَلْبَتَّةَ. وَإِذَا قُلْنَا بِجَوَازِ الدُّخُولِ بِالْإِذْنِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فِي الْمَسْجِدِ وَالْمَدْرَسَةِ وَالرِّبَاطِ كَانَ لَهُمْ الِانْتِفَاعُ عَلَى نَحْوِ مَا شَرَطَ الْوَاقِفُ لِلْمُعَيَّنِينَ لِأَنَّهُمْ تَبَعٌ لَهُمْ وَهُمْ مُقَيَّدُونَ بِمَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ اهـ. وَتَقَدَّمَ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَلَوْ سَبَقَ رَجُلٌ إلَى مَوْضِعٍ مِنْ رِبَاطٍ سُبِّلَ أَوْ فَقِيهٌ إلَى مَدْرَسَةٍ إلَخْ مَا نَصُّهُ: وَلِغَيْرِ أَهْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْوَارِثِ وَحُكْمِ الْأَوْقَافِ فِي تَأْيِيدِهِ وَعَدَمِ بَيْعِهِ وَهِبَتِهِ وَإِرْثِهِ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ كَالْبَيْعِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ كَالْبَيْعِ فِي مُطْلَقِ عَدَمِ قَبُولِهِ لِلشَّرْطِ وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَبْطُلُ بِاشْتِرَاطِ الْخِيَارِ

الْمَسْجِدُ بِهِمْ لِأَنَّ جَعْلَ الْبُقْعَةِ مَسْجِدًا كَالتَّحْرِيرِ فَلَا مَعْنَى لِاخْتِصَاصِهِ بِجَمَاعَةٍ وَلَوْ خَصَّ الْمَقْبَرَةَ بِطَائِفَةٍ اُخْتُصَّتْ بِهِمْ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ، وَلَوْ شَغَلَهُ شَخْصٌ بِمَتَاعِهِ لَزِمَتْهُ أُجْرَتُهُ وَهَلْ تَكُونُ لَهُمْ الْأَقْرَبُ لَا لِأَنَّهُمْ مَلَكُوا الِانْتِفَاعَ بِهِ لَا الْمَنْفَعَةَ، وَلَوْ انْقَرَضَ مَنْ ذَكَرَهُمْ وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدًا بَعْدَهُمْ، فَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ انْتِفَاعُ سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ بِهِ لِأَنَّ الْوَاقِفَ لَا يُرِيدُ تَعَطُّلَ وَقْفِهِ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْلَى بِهِ مِنْ أَحَدٍ (كَالْمَدْرَسَةِ وَالرِّبَاطِ) وَالْمَقْبَرَةِ إذَا خَصَّصَهَا بِطَائِفَةٍ فَإِنَّهَا تَخْتَصُّ بِهِمْ قَطْعًا لِأَنَّ النَّفْعَ هُنَا عَائِدٌ إلَيْهِمْ، بِخِلَافِهِ ثُمَّ فَإِنَّ صَلَاتَهُمْ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ كَفِعْلِهَا فِي مَسْجِدٍ آخَرَ (وَلَوْ وَقَفَ عَلَى شَخْصَيْنِ) كَهَذَيْنِ (ثُمَّ الْفُقَرَاءِ) مَثَلًا (فَمَاتَ أَحَدُهُمَا فَالْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ أَنَّ نَصِيبَهُ يُصْرَفُ إلَى الْآخَرِ) لِأَنَّ شَرْطَ الِانْتِقَالِ إلَى الْفُقَرَاءِ انْقِرَاضُهُمَا جَمِيعًا وَلَمْ يُوجَدُوا إذَا امْتَنَعَ الصَّرْفُ إلَيْهِمْ، فَالصَّرْفُ لِمَنْ ذَكَرَهُ الْوَاقِفُ أَوْلَى. وَالثَّانِي يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ كَمَا يُصْرَفُ إلَيْهِمْ إذَا مَاتَا، وَمَحِلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ يَفْصِلْ، وَإِلَّا بِأَنْ قَالَ وَقَفْت عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفَ هَذَا فَهُمَا وَقْفَانِ كَمَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ فَلَا يَكُونُ نَصِيبُ الْمَيِّتِ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ بَلْ الْأَقْرَبُ انْتِقَالُهُ لِلْفُقَرَاءِ إنْ قَالَ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ، فَإِنْ قَالَ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمَا عَلَى الْفُقَرَاءِ فَالْأَقْرَبُ انْتِقَالُهُ لِلْأَقْرَبِ إلَى الْوَاقِفِ، وَلَوْ وَقَفَ عَلَيْهِمَا وَسَكَتَ عَمَّنْ يُصْرَفُ لَهُ بَعْدَهُمَا فَهَلْ نَصِيبُهُ لِلْآخَرِ أَوْ لِأَقْرِبَاءِ الْوَاقِفِ؟ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ الْأَوَّلُ وَصَحَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَوْ رَدَّ أَحَدُهُمَا أَوْ بَانَ مَيِّتًا فَالْقِيَاسُ عَلَى الْأَصَحِّ صَرْفُهُ لِلْآخَرِ، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَمْرٍو ثُمًّ بَكْرٍ ثُمَّ الْفُقَرَاءِ فَمَاتَ عَمْرٌو قَبْلَ زَيْدٍ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: لَا شَيْءَ لِبَكْرِ وَيَنْتَقِلُ الْوَقْفُ مِنْ زَيْدٍ إلَى الْفُقَرَاءِ لِأَنَّهُ رَتَّبَهُ بَعْدَ عَمْرٍو وَعَمْرٌو بِمَوْتِهِ أَوَّلًا لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَمَلَّكَ بَكْرٌ عَنْهُ شَيْئًا وَقَالَ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ: الْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُصْرَفُ إلَى بَكْرٍ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْفُقَرَاءِ مَشْرُوطٌ بِانْقِرَاضِهِ، كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ ثُمَّ وَلَدِ وَلَدِهِ ثُمَّ الْفُقَرَاءِ فَمَاتَ وَلَدُ الْوَلَدِ ثُمَّ الْوَلَدُ يَرْجِعُ لِلْفُقَرَاءِ، وَيُوَافِقُهُ فَتْوَى ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَدْرَسَةِ مَا اُعْتِيدَ فِيهَا مِنْ نَحْوِ نَوْمٍ بِهَا وَشُرْبٍ وَطُهْرٍ مِنْ مَائِهَا مَا لَمْ يَنْقُصُ الْمَاءُ عَنْ حَاجَةِ أَهْلِهَا عَلَى الْأَوْجَهِ اهـ. وَكَأَنَّ هَذَا فِيمَا إذَا لَمْ يُشْرَطْ الِاخْتِصَاصُ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ السُّيُوطِيّ، أَوْ هَذَا فِيمَا اُعْتِيدَ وَذَاكَ فِي غَيْرِهِ فَلْيُحَرَّرْ. وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ: وَإِنْ شَرَطَ فِي وَقْفِ الْمَسْجِدِ اخْتِصَاصَ طَائِفَةٍ كَالشَّافِعِيَّةِ بِالصَّلَاةِ فِيهِ صَحَّ وَكُرِهَ وَاخْتَصَّ بِهَا فَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِمْ الصَّلَاةُ فِيهِ كَمَا لَوْ خَصَّ الرِّبَاطَ وَالْمَدْرَسَةَ بِطَائِفَةٍ اهـ سَمِّ عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَيَنْبَغِي حَمْلُ مَا ذَكَرَ فِي الشِّقِّ الثَّانِي مِنْ الْمَنْعِ عَلَى مَا إذَا شَوَّشَ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ (قَوْلُهُ وَلَوْ خَصَّ الْمَقْبَرَةَ بِطَائِفَةٍ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ دُفِنَ بِهَا غَيْرُ مِنْ اُخْتُصَّتْ بِهِ فَقِيَاسُ نَبْشُ الْمَغْصُوبِ لِإِخْرَاجِ مَنْ دُفِنَ بِهِ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ، وَهَلْ مِنْ التَّخْصِيصِ مَا لَوْ اعْتَادَ أَهْلُ بَلَدٍ دَفْنًا بِمَحِلٍّ فَيَمْتَنِعَ عَلَى غَيْرِ أَهْلِهِ الدَّفْنُ فِيهِ أَوْ يَصِيرَ مَقْبَرَةً مِنْ غَيْرِ اخْتِصَاصٍ بِأَحَدٍ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَمْ يُسْبَقْ لَهُ اخْتِصَاصٌ بِمَالِك أَزَالَ مِلْكَهُ عَنْهُ، وَمُجَرَّدُ الْعَادَةِ إنَّمَا اقْتَضَتْ جَوَازَ الْإِقْدَامِ عَلَى الدَّفْنِ ثُمَّ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الِاخْتِصَاصِ (قَوْلُهُ الْأَقْرَبُ لَا) وَيَنْبَغِي حِفْظُهَا لِمَصَالِح الْمَوْقُوفِ (قَوْلُهُ وَلَوْ شَغَلَهُ) أَيْ الْمَخْصُوصِ بِطَائِفَةٍ (قَوْلُهُ انْتِفَاعُ سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ عَلَى مَعْنَى أَنَّ لِكُلِّ مُسْلِمٍ فِيهِ حَقًّا فَهُوَ كَالْمَسَاجِدِ الَّتِي لَمْ يَخُصَّهَا وَاقِفُهَا بِأَحَدٍ فَكُلُّ مَنْ سَبَقَ إلَى مَحِلٍّ مِنْهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ (قَوْلُهُ: إلَى الْوَاقِفِ) أَيْ وَيَكُونُ كَمُنْقَطِعِ الْوَسَطِ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَجُزْ) أَيْ بِنَاءٌ عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ الْقَوَاعِدُ الَّتِي بَنَيَا عَلَيْهَا كَلَامَهُمَا (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْقَاضِي إلَخْ) مُعْتَمَدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ فَإِنَّهَا تَخْتَصُّ بِهِمْ قَطْعًا) هَذَا يُنَافِي مَا قَدَّمَهُ قَرِيبًا مِنْ نِسْبَتِهِ لِلْأَكْثَرِينَ وَهُوَ تَابِعٌ فِيمَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ الْقَطْعِ

[فصل في أحكام الوقف اللفظية]

الْبَغَوِيّ فِي مَسْأَلَةٍ حَاصِلُهَا أَنَّهُ إذَا مَاتَ وَاحِدٌ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ فِي وَقْفِ التَّرْتِيبِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ لِلْوَقْفِ لِحَجْبِهِ بِمَنْ فَوْقَهُ يُشَارِكُ وَلَدَهُ مِنْ بَعْدِهِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِهِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ فَإِذَا انْقَرَضَ أَوْلَادُهُمْ فَعَلَى الْفُقَرَاءِ فَالْأَوْجَهُ كَمَا صَحَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ أَنَّهُ مُنْقَطِعُ الْوَسَطِ لِأَنَّ أَوْلَادَ الْأَوْلَادِ لَمْ يَشْرِطْ لَهُمْ شَيْئًا وَإِنَّمَا شَرَطَ انْقِرَاضَهُمْ لِاسْتِحْقَاقِ غَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ دُخُولَهُمْ وَجَعَلَ ذِكْرَهُمْ قَرِينَةً عَلَى اسْتِحْقَاقِهِمْ وَاخْتَارَهُ الْأَذْرَعِيُّ. فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ اللَّفْظِيَّةِ (قَوْلُهُ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْكُلِّ) فِي الْإِعْطَاءِ وَقَدْرِ الْمُعْطَى لِأَنَّ الْوَاوَ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ لَا لِلتَّرْتِيبِ خِلَافًا لِلْعَبَّادِيِّ وَإِنْ نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ شَاذٌّ وَبِفَرْضِ ثُبُوتِهِ فَمَحَلُّهُ فِي وَاوٍ لِمُجَرَّدِ الْعَطْفِ، أَمَّا الْوَارِدَةُ لِلتَّشْرِيكِ كَمَا فِي {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: 60] فَلَا خِلَافَ أَنَّهَا لَيْسَتْ لِلتَّرْتِيبِ (وَكَذَا) يُسَوِّي بَيْنَ الْجَمِيعِ (لَوْ زَادَ مَا تَنَاسَلُوا أَوْ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ) أَوْ نَسْلًا بَعْدَ نَسْلٍ لِاقْتِضَائِهِ التَّشْرِيكَ لِأَنَّهُ لِمَزِيدِ التَّعْمِيمِ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمِثْلُهُ مَا تَنَاسَلُوا بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِهِ) وَذَلِكَ عِنْدَ صَيْرُورَتِهِ هُوَ وَبَقِيَّةُ أَهْلِ الْوَقْفِ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ وَذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ أَعْمَامِ وَلَدِ الْوَلَدِ الْمَذْكُورِ فَيُشَارِكُ أَوْلَادَهُمْ لِكَوْنِ الْجَمِيعِ صَارُوا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَا شَيْءَ لَهُ مَعَ وُجُودِ الْأَعْمَامِ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا تَحْجُبُ الطَّبَقَةَ السُّفْلَى، وَقَوْلُهُ وَهَذَا إلَخْ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ مُنْقَطِعُ الْوَسَطِ) أَيْ فَيُصْرَفُ بَعْدَ الْأَوْلَادِ إلَى أَقْرَبِ رَحِمِ الْوَاقِفِ إنْ كَانَ غَيْرَ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهُمْ أَخَذُوا مِنْ حَيْثُ إنَّهُمْ أَقْرَبُ رَحِمِ الْوَاقِفِ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُمْ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِمْ. (فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ اللَّفْظِيَّةِ (قَوْلُهُ: اللَّفْظِيَّةُ) أَيْ الَّتِي هِيَ مَدْلُولُ اللَّفْظِ (قَوْلُهُ: تَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ) أَيْ ثُمَّ إنْ زَادَ عَلَى مَا تَنَاسَلُوا كَانَ لِلتَّعْمِيمِ فِي جَمِيعِ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ وَإِلَّا كَانَ مُنْقَطِعَ الْآخَرَ بَعْدَ الْبَطْنَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَيْسَتْ لِلتَّرْتِيبِ) أَيْ بَلْ هِيَ لِلتَّسْوِيَةِ وَمَا هُنَا مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ مَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِهِ مَا تَنَاسَلُوا أَوْ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ مَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ) أَيْ حَيْثُ قَالَ: إنَّهُ إذَا جَمَعَ بَيْنَ قَوْلِهِ مَا تَنَاسَلُوا، وَقَوْلِهِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ كَانَ لِلتَّرْتِيبِ. لَا يُقَالُ: مَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ هُوَ عَيْنُ قَوْلِ الشَّارِحِ وَقِيلَ الْمَزِيدُ فِيهِ إلَخْ. لِأَنَّا نَقُولُ: هَذَا الْمَحْكِيُّ بِقِيلَ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا اقْتَصَرَ عَلَى " بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ " وَهَذَا فِيمَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا تَنَاسَلُوا، هَذَا وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِمَا ذَكَرَ مُخَالَفَةُ السُّبْكِيّ فِي " بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ " سَوَاءٌ ضُمَّ إلَيْهَا مَا تَنَاسَلُوا أَوْ لَا، وَهَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ حَيْثُ قَالَ: ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْمُتَوَلِّي وَفِيمَا قَدَّمَهُ مِنْ نِسْبَتِهِ لِلْأَكْثَرِينَ لِلْإِمَامِ (قَوْلُهُ يُشَارِكُ وَلَدَهُ مِنْ بَعْدِهِ) أَيْ مِمَّنْ هُوَ فِي دَرَجَةِ الْوَلَدِ وَقَوْلُهُ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِهِ أَيْ دُخُولِ وَقْتِ اسْتِحْقَاقِهِ بِانْقِرَاضِ مَنْ فَوْقَهُ وَلَا يَمْنَعُهُ تَرَتُّبُ اسْتِحْقَاقِهِ عَلَى اسْتِحْقَاقِ أَبِيهِ الَّذِي تَضَمَّنَهُ كَلَامُ الْوَاقِفِ وَهُوَ لَمْ يَسْتَحِقَّ. [فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ اللَّفْظِيَّةِ] (فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ اللَّفْظِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ) يَعْنِي فِي بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ خَاصَّةً

وَقِيلَ الْمَزِيدُ فِيهِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ لِلتَّرْتِيبِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَفَارَقَ مَا هُنَا مَا يَأْتِي فِي الطَّلَاقِ أَنَّ طَلْقَةً بَعْدَ أَوْ بَعْدَهَا طَلْقَةٌ أَوْ قَبْلَ أَوْ قَبْلَهَا طَلْقَةٌ تَقَعُ بِهِ وَاحِدَةٌ فِي غَيْرِ مَوْطُوءَةٍ وَثِنْتَانِ مُتَعَاقِبَتَانِ فِي مَوْطُوءَةٍ بِأَنَّ مَا هُنَا تَقَدَّمَ عَلَيْهِ مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي التَّسْوِيَةِ وَالْعَقَبِيَّةُ بِالْبَعْدِيَّةِ لَيْسَ صَرِيحًا فِي التَّرْتِيبِ لِمَا مَرَّ أَنَّهَا تَأْتِي لِلِاسْتِمْرَارِ وَعَدَمِ الِانْقِطَاعِ، وَأَمَّا ثُمَّ فَلَيْسَ قَبْلَهَا مَا يُفِيدُ تَسْوِيَةً فَعُمِلَ بِمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ بَعْدِ، وَبِهَذَا فَارَقَتْ الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي التَّرْتِيبِ (وَلَوْ قَالَ) وَقَفْته (عَلَى أَوْلَادِي ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِي ثُمَّ أَوْلَادِهِمْ مَا تَنَاسَلُوا أَوْ) قَالَ وَقَفْته (عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى أَوْ) الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ أَوْ (الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ) بِالْجَرِّ كَمَا بِخَطِّهِ بَدَلًا مِمَّا قَبْلَهُ (فَهُوَ لِلتَّرْتِيبِ) لِدَلَالَةِ ثُمَّ عَلَيْهِ وَلِتَصْرِيحِهِ بِهِ فِي الثَّانِيَةِ وَعَمَلًا بِهِ فِيمَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْأُولَى، لِأَنَّ مَا تَنَاسَلُوا يَقْتَضِي التَّعْمِيمَ بِالصِّفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ عَدَمُ الصَّرْفِ لِبَطْنٍ وَهُنَاكَ أَحَدٌ مِنْ بَطْنٍ أَقْرَبَ مِنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّ مَا تَنَاسَلُوا قَيْدٌ فِي الْأُولَى خَاصَّةً، وَالْأَوْجَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ أَنَّهُ قَيْدٌ فِي الثَّانِيَةِ أَيْضًا، فَإِنَّ حَذْفَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا اقْتَضَى التَّرْتِيبَ بَيْنَ الْبَطْنَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ فَقَطْ وَيَكُونُ بَعْدَهُمَا مُنْقَطِعَ الْآخِرِ حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْ مَصْرِفًا، وَبَحَثَ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ ثُمَّ وَلَدِ أَخِيهِ ثُمَّ وَلَدِ وَلَدِ بِنْتِهِ فَمَاتَ وَلَدُهُ وَلَا وَلَدَ لِأَخِيهِ ثُمَّ حَدَثَ لِأَخِيهِ وَلَدٌ اسْتَحَقَّ، ـــــــــــــــــــــــــــــSوَقِيلَ الْمَزِيدُ فِيهِ " بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ " لِلتَّرْتِيبِ، وَنُقِلَ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ إنَّهُ لِلتَّعْمِيمِ (قَوْلُهُ وَالْعَقَبِيَّةُ) عِبَارَةُ حَجّ: وَتَعْقِيبُهُ وَهِيَ أَوْضَحُ. (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِهِ مَا ذُكِرَ، لَكِنْ فِي حَجّ قَبْلَ هَذَا مَا نَصُّهُ: لِأَنَّ بَعْدَ تَأْتِي بِمَعْنَى مَعَ ثُمَّ قَالَ وَالِاسْتِمْرَارُ وَعَدَمُ الِانْقِطَاعِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ وَقَفْته عَلَى أَوْلَادِي) وَبَقِيَ مَا لَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى آبَائِي أَوْ أُمَّهَاتِي هَلْ تَدْخُلُ الْأَجْدَادُ فِي الْأَوَّلِ وَالْجَدَّاتُ فِي الثَّانِي أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ. لَا يُقَالُ: قِيَاسُ عَدَمِ دُخُولِ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ مَعَ وُجُودِ الْأَوْلَادِ عَدَمُ دُخُولِهِمْ. لِأَنَّا نَقُولُ: فَرْقٌ ظَاهِرٌ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ أَنَّ الْأَوْلَادَ يَتَعَدَّدُونَ بِخِلَافِ مَنْ ذُكِرَ مِنْ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لِلْإِنْسَانِ أَبَوَانِ، فَالتَّعْبِيرُ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ دَلِيلٌ عَلَى دُخُولِ الْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ، وَيَكُونُ لَفْظُ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ مُسْتَعْمَلًا فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ (قَوْلُهُ: مَا تَنَاسَلُوا) هُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ وَإِنْ سَفَلُوا. (قَوْلُهُ: الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى إلَخْ) الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ فَالْأَعْلَى وَمِنْ قَوْلِهِ فَالْأَوَّلُ الطَّبَقَةُ الثَّانِيَةُ، وَعَبَّرَ عَنْهَا بِالْأَعْلَى وَالْأَوَّلِ بِالنَّظَرِ لِمَا بَعْدَهَا مِنْ الطَّبَقَاتِ. (قَوْلُهُ: بِالْجَرِّ كَمَا بِخَطِّهِ) وَيَجُوزُ نَصْبُهُ عَلَى الْحَالِ لَكِنَّهُ قَلِيلٌ لِكَوْنِ الْأَوَّلِ مَعْرِفَةً، وَلَعَلَّ هَذَا سَبَبُ ضَبْطِ الْمُصَنِّفِ لَهُ بِالْجَرِّ. (قَوْلُهُ: وَعَمَلًا بِهِ) أَيْ التَّرْتِيبِ. (قَوْلُهُ: فِيمَا لَمْ يَذْكُرْهُ) أَيْ فِيمَا لَمْ يَذْكُرْ التَّرْتِيبَ فِيهِ فِي الْأُولَى وَهُوَ قَوْلُهُ فِيهَا بَعْدَ قَوْلِهِ ثُمَّ أَوْلَادُهُ مَا تَنَاسَلُوا (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) أَيْ فَلَا يُقَالُ: إنَّ التَّرْتِيبَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيمَا صَرَّحَ بِهِ بِثُمَّ أَوْ نَحْوِهَا وَمَا عَدَاهُ لَا تَرْتِيبَ فِيهِ وَلَكِنَّهُ عَامٌّ فِي جَمِيعِ مَنْ يُوجَدُ مِنْهُمْ، وَوَجْهُ الدَّفْعِ مَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ أَنَّ مَا تَنَاسَلُوا بِالصِّفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ التَّرْتِيبُ وَكَأَنَّ هَذَا مَأْخُوذٌ مِمَّا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الصِّفَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ تَشْمَلُ الْجَمِيعَ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ قَيْدٌ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ وَالثَّالِثَةُ أَيْضًا وَهِيَ قَوْلُهُ أَوْ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ حَذْفَهُ) أَيْ قَوْلَهُ مَا تَنَاسَلُوا. (قَوْلُهُ: اسْتَحَقَّ) هَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ وَلَدَ وَلَدِ الْبِنْتِ إلَى حُدُوثِ وَلَدِ الْأَخِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ أَنَّهَا تَأْتِي لِلِاسْتِمْرَارِ إلَخْ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذِهِ الْإِحَالَةِ لِلشِّهَابِ حَجّ لَكِنْ ذَاكَ قَدَّمَ هَذَا فِي كَلَامِهِ بِخِلَافِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ قَيْدٌ فِي الثَّانِيَةِ أَيْضًا) أَيْ قَوْلُهُ: عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي سَوَاءٌ قَالَ الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى أَوْ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ فَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ مَسْأَلَتَيْنِ فَلَا حَاجَةَ لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ حَدَثَ لِأَخِيهِ وَلَدٌ اسْتَحَقَّ) وَالظَّاهِرُ اسْتِقْلَالُهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ دُونَ وَلَدِ وَلَدِ بِنْتِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا سَيَأْتِي فِيمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْوَاقِفِ عِنْدَ الْوَقْفِ إلَّا وَلَدُ وَلَدٍ ثُمَّ حَدَثَ لَهُ وَلَدٌ حَيْثُ يُشَارِكُهُ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لِلْوَاقِفِ عِنْدَ الْوَقْفِ إلَّا وَلَدُ الْوَلَدِ حَمَلْنَا اللَّفْظَ عَلَى مَا يَشْمَلُهُ

وَلَوْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي مَثَلًا فِي أَنَّهُ وَقْفُ تَرْتِيبٍ أَوْ تَشْرِيكٍ أَوْ فِي الْمَقَادِيرِ حَلَفُوا، ثُمَّ إنْ كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ أَوْ يَدِ غَيْرِهِمْ قُسِمَ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ، أَوْ فِي يَدِ بَعْضِهِمْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَكَذَا النَّاظِرُ إنْ كَانَ فِي يَدِهِ، وَأَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ فِيمَنْ وَقَفَ عَلَى مَصَارِيفَ ثُمَّ الْفُقَرَاءُ وَاحْتَاجَ الْوَقْفُ إلَى عِمَارَةٍ فَعَمَّرَهُ وَبَقِيَتْ فَضْلَةٌ بِأَنَّهَا تُصْرَفُ لِمَنْ تُجْمَدُ لَهُ تِلْكَ الْمَصَارِيفُ، لِأَنَّ الْوَاقِفَ قَدَّمَهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ. (وَلَا يَدْخُلُ) الْأَرِقَّاءُ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْأَوْلَادِ لِانْتِفَاءِ مِلْكِهِمْ، وَيَدْخُلُ فِيهِمْ الْكُفَّارُ وَلَوْ أَهْلَ حِرَابَةٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. نَعَمْ الْأَوْجَهُ فِي الْمُرْتَدِّ وَقْفُ دُخُولِهِ عَلَى إسْلَامِهِ وَلَا (أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ) ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا (فِي الْوَقْفِ عَلَى الْأَوْلَادِ) وَالنَّوْعَانِ مَوْجُودَانِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى وَلَدًا حَقِيقَةً، ـــــــــــــــــــــــــــــSفَيَنْقَطِعُ اسْتِحْقَاقُهُ أَوْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ مَعَهُ؟ اهـ سم عَلَى حَجّ، أَقُولُ: قِيَاسُ مَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ فِيمَا لَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَلَا وَلَدَ لَهُ ثُمَّ حَدَثَ لَهُ وَلَدٌ مِنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ مَنْ حَدَثَ وَوَلَدِ الْوَلَدِ الْمَوْجُودِ حَالَ الْوَقْفِ الثَّانِي، ثُمَّ مَا ذُكِرَ مِنْ اسْتِحْقَاقِ وَلَدِ الْبِنْتِ بِمَوْتِ الْوَلَدِ ظَاهِرٌ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْقَاضِي فِيمَا لَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَمْرٍو ثُمَّ بَكْرٍ إلَخْ. أَمَّا عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ مِنْ أَنَّ بَكْرًا لَا شَيْءَ لَهُ فَقِيَاسُهُ أَنَّ وَلَدَ الْبِنْتِ هُنَا لَا شَيْءَ لَهُ مُدَّةَ عَدَمِ حُدُوثِ وَلَدِ الْأَخِ، وَإِنَّمَا يُعْطَى بَعْدَ حُدُوثِهِ وَمَوْتِهِ وَقَبْلَ الْحُدُوثِ تُصْرَفُ الْغَلَّةُ لِأَقْرَبِ رَحِمِ الْوَاقِفِ الْفَقِيرِ (قَوْلُهُ: حَلَفُوا) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ بَعْضِهِمْ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فَلَا مَعْنَى لِتَحْلِيفِ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) الْمُتَبَادَرُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ وَهُوَ مُشْكِلٌ، فَإِنَّ الشَّخْصَ لَا يَثْبُتُ لِغَيْرِهِ حَقًّا بِيَمِينِهِ، وَهُوَ هُنَا يَثْبُتُ بِيَمِينِهِ حَقًّا لِأَهْلِ الْوَقْفِ، وَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَصْدُقُ بِلَا يَمِينٍ، ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ جَمَاعَةً ادَّعَوْا أَنَّ أَبَاهُمْ مَثَلًا وَقَفَ وَقْفُهُ هَذَا عَلَى أَوْلَادِ الظُّهُورِ دُونَ أَوْلَادِ الْبُطُونِ وَأَقَامُوا بِذَلِكَ بَيِّنَةً، ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ أَقَامَ غَيْرُهُمْ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ وَقَفَهُ عَلَى أَوْلَادِ الظُّهُورِ وَأَوْلَادِ الْبُطُونِ وَلَمْ تَسْنُدْ وَاحِدَةٌ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ الْوَقْفَ لِتَارِيخٍ وَهُوَ أَنَّهُمْ يَحْلِفُونَ، ثُمَّ إنْ كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ أَوْ يَدِ غَيْرِهِمْ قُسِمَ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ، أَوْ فِي يَدِ بَعْضِهِمْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَكَذَا النَّاظِرُ إنْ كَانَ فِي يَدِهِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ تَصْدِيقَ ذِي الْيَدِ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ يَدُهُ مُسْتَنِدَةً إلَى الْبَيِّنَةِ الَّتِي أَقَامَهَا، وَمِنْهُ أَيْضًا يُعْلَمُ جَوَابُ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ مِنْ أَنَّ إنْسَانًا كَانَ مُتَصَرِّفًا فِي مَحَلَّاتِ مُدَّةً طَوِيلَةً ثُمَّ وَقَفَهَا وَأَقَامَ عَلَيْهَا نَاظِرًا فَتَصَرَّفَ النَّاظِرُ فِيهَا بَقِيَّةَ حَيَاةِ الْوَاقِفِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ أَيْضًا ثُمَّ إنَّ جَمَاعَةً ادَّعَوْا أَنَّ ذَلِكَ مَوْقُوفٌ عَلَى مَسْجِدِ كَذَا، وَهُوَ أَنَّهُمْ إنْ أَقَامُوا بِذَلِكَ بَيِّنَةً شَرْعِيَّةً وَبَيَّنَتْ أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى الْمَسْجِدِ قَبْلَ وَضْعِ هَذَا الْوَاقِفِ الثَّانِي يَدَهُ عَلَيْهِ قَدِّمُوا، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ النَّاظِرِ بِمُقْتَضَى وَضْعِ يَدِهِ وَتَصَرُّفُهُ فِي الْوَقْفِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى يَدِ الْوَاقِفِ وَتَصَرُّفُهُ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا النَّاظِرُ) أَيْ وَلَوْ امْرَأَةً. (قَوْلُهُ: فَعُمْرُهُ) أَيْ بِمَا حَصَلَ مِنْ غَلَّتِهِ وَلَمْ يَدْفَعْ فِي مُدَّةِ الْعِمَارَةِ مَا يَفِي بِالْمَصَارِيفِ الَّتِي عَيَّنَهَا. (قَوْلُهُ: وَيَدْخُلُ فِيهِمْ) أَيْ الْأَوْلَادُ، وَظَاهِرُهُ صِحَّةُ الْوَقْفِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمْ وَاسْتِحْقَاقِهِمْ مِنْهُ، وَعَلَيْهِ فَيُفَارِقُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَمَا سَيَأْتِي لِظُهُورِ إرَادَةِ الْوَاقِفِ لَهُ فَصَارَ فِي رُتْبَةِ الْوَلَدِ، وَأَمَّا هُنَا فَإِنَّمَا أَعْطَيْنَا ابْنَ ابْنِ الْبِنْتِ بِمُجَرَّدِ ضَرُورَةِ فَقْدِ ابْنِ الْأَخِ، وَلَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ عَلَى جَعْلِهِ فِي مَرْتَبَةِ ابْنِ الْأَخِ، عَلَى أَنَّهُ عَطَفَ هُنَا بِثُمَّ الْمُقْتَضِيَةِ لِلتَّرْتِيبِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَانْدَفَعَ بَحْثُ الشَّيْخِ التَّشْرِيكَ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَصَارِيفَ ثُمَّ الْفُقَرَاءِ) أَيْ كَأَنْ وَقَفَ مَا يُصْرَفُ مِنْ رَيْعِهِ مِقْدَارُ كَذَا لِقُرَّاءٍ أَوْ نَحْوِهِمْ وَمَا فَضَلَ عَنْهُمْ لِلْفُقَرَاءِ فَإِذَا اتَّفَقَ أَنَّ الْمَصَارِيفَ كَانَتْ نِصْفَ الرُّبُعِ مَثَلًا وَكَانَ مَا فَضَلَ عَنْ الْعِمَارَةِ النِّصْفَ فَأَقَلَّ دَفَعَ الْمَصَارِيفَ. وَلَا يُقَالُ: إنَّ الْمَصَارِيفَ قَبْلَ الْعِمَارَةِ كَانَتْ لَا تَسْتَغْرِقُ إلَّا النِّصْفَ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا نِصْفُ مَا فَضَلَ (قَوْلُهُ: وَقَفَ دُخُولَهُ عَلَى إسْلَامِهِ) اُنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ أَنَّ الْمُتَوَقِّفَ عَلَى الْإِسْلَامِ نَفْسُ دُخُولِهِ فِي الْوَقْفِ حَتَّى لَا يَسْتَحِقَّ فِيمَا مَضَى فِي زَمَنِ رِدَّتِهِ أَوْ الْمُتَوَقِّفُ عَلَيْهِ تَبَيُّنُ الدُّخُولِ مِنْ حِينِ الْوَقْفِ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي فِي وَلَدِ

وَلِهَذَا صَحَّ أَنْ يُقَالَ مَا هُوَ وَلَدُهُ بَلْ وَلَدُ وَلَدِهِ، وَعَدَمُ حَمْلِهِمْ اللَّفْظَ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ لِأَنَّ شَرْطَهُ إرَادَةُ الْمُتَكَلِّمِ لَهُ وَلَمْ يُعْلَمْ هُنَا وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عُلِمَتْ فَالْأَوْجَهُ دُخُولُهُمْ كَمَا قَطَعَ بِهِ ابْنُ خَيْرَانَ، وَعَلَى فَرْضِ تَسْلِيمِ عَدَمِ الِاعْتِبَارِ بِإِرَادَتِهِ فَهُنَا مُرَجِّحٌ وَهُوَ أَقْرَبِيَّةُ الْوَلَدِ الْمَرْعِيَّةُ فِي الْأَوْقَافِ غَالِبًا فَرَجَّحَتْهُ وَبِهِ فَارَقَ مَا يَأْتِي فِي الْوَقْفِ عَلَى الْمَوَالِي. وَالثَّانِي يَدْخُلُونَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا بَنِي آدَمَ} [الأعراف: 31] وَخَبَرُ «ارْمُوا يَا بَنِي إسْمَاعِيلَ فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا» ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ حَالَ الْوَقْفِ عَلَى الْوَلَدِ إلَّا وَلَدُ الْوَلَدِ حُمِلَ عَلَيْهِ قَطْعًا صِيَانَةً لِلَّفْظِ عَنْ الْإِلْغَاءِ، فَلَوْ حَدَثَ لَهُ وَلَدٌ فَالظَّاهِرُ الصَّرْفُ لَهُ لِوُجُودِ الْحَقِيقَةِ وَأَنَّهُ يَصْرِفُ لَهُ مَعَهُ كَالْأَوْلَادِ فِي الْوَقْفِ عَلَيْهِمْ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى حَرْبِيٍّ بِأَنَّ الْوَقْفَ عَلَيْهِ هُنَا ضِمْنِيٌّ تَبَعِيٌّ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ عَدَمُ صِحَّةِ الْوَقْفِ لَوْ كَانَ جَمِيعُ أَوْلَادِهِ حَرْبِيِّينَ وَصِحَّتُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ عَلَى الْحَرْبِيِّ إذَا كَانَ ضِمْنِيًّا كَوَقَفْتُ عَلَى هَؤُلَاءِ وَفِيهِمْ حَرْبِيٌّ؛ وَقَدْ يُقَالُ: يَنْبَغِي صِحَّةُ الْوَقْفِ وَإِنْ كَانَ جَمِيعُ الْأَوْلَادِ حَرْبِيِّينَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْجِهَةُ: أَيْ جِهَةُ الْأَوْلَادِ، وَقَدْ يَحْدُثُ لَهُ أَوْلَادٌ غَيْرُ حَرْبِيِّينَ اهـ سم عَلَى حَجّ لَكِنَّهُ قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَلَى ذِمِّيٍّ ثُمَّ حَارَبَ لَا يَسْتَحِقُّ مُدَّةَ حِرَابَتِهِ بَلْ يَصِيرُ الْوَقْفُ كَمُنْقَطِعِ الْوَسَطِ أَوْ الْآخِرِ عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى شَخْصٍ بِعَيْنِهِ ضَعُفَتْ مُشَابَهَتُهُ لِلْجِهَةِ فَانْتَفَى اسْتِحْقَاقُهُ بِعُرُوضِ الْحِرَابَةِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا. (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عَلِمْت) أَيْ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَوْ كَانَ وَنَصَبَ قَرِينَةً عَلَى دُخُولِهِمْ كَقَوْلِهِ رِفْقًا بِأَوْلَادِ أَوْلَادِي أَوْ بِفُلَانٍ وَفُلَانٍ مَثَلًا وَهُمَا مِنْ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ الِاعْتِبَارِ بِإِرَادَتِهِ) أَيْ بِأَنْ قُلْنَا: لَا تُشْتَرَطُ لِلْحَمْلِ عَلَى الْمَجَازِ إرَادَتُهُ مَعَ الْحَقِيقَةِ. (قَوْلُهُ: ارْمُوا) فِي بَعْضِ النُّسَخِ تَقْدِيمُ ارْمُوا عَلَى قَوْلِهِ يَا بَنِيَّ إلَخْ وَهُوَ أَظْهَرُ، وَقَدْ تَمْنَعُ دَلَالَةُ الْحَدِيثِ وَالْآيَةِ لِلثَّانِي بِأَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا وُجِدَ النَّوْعَانِ كَمَا مَرَّ، وَحِينَ نُزُولِ الْآيَةِ وَوُرُودِ الْحَدِيثِ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ أَحَدٌ مِنْ أَوْلَادِ آدَمَ وَلَا إسْمَاعِيلَ فَتَعَيَّنَ صَرْفُ اللَّفْظِ لِأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمَا (قَوْلُهُ: فَلَوْ حَدَثَ لَهُ وَلَدٌ إلَخْ) لَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي ثُمَّ أَوْلَادُ أَوْلَادِي وَانْقَرَضَتْ أَوْلَادُهُ صَرَفَ لِأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ، فَلَوْ حَدَثَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْلَادٌ صَرَفَ لَهُمْ، وَلَا يُشَارِكُهُمْ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ لِأَنَّ إتْيَانَهُ بِثُمَّ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَصْرِفُ لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ إلَّا مَعَ فَقْدِ الْأَوْلَادِ، وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَلَا وَلَدَ لَهُ وَلَهُ وَلَدُ وَلَدٍ صَرَفَ لَهُ ثُمَّ إذَا حَدَثَ لَهُ وَلَدٌ شَارَكَهُ لِأَنَّ وَلَدَ الْوَلَدِ ثُمَّ إنَّمَا صَرَفَ لَهُ صَوْنًا لِلْوَقْفِ عَلَى الْبُطْلَانِ لِكَوْنِهِ مُنْقَطِعَ الْأَوَّلِ، وَمَا هُنَا حُكِمَ فِيهِ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ لِوُجُودِ الْأَوْلَادِ، وَإِنَّمَا صَرَفَ لِوَلَدِ الْوَلَدِ لِانْقِرَاضِهِمْ وَحَيْثُ وُجِدُوا فَلَا وَجْهَ لِإِعْطَاءِ وَلَدِ الْوَلَدِ مَعَهُ، بَلْ الْقِيَاسُ الرُّجُوعُ عَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ بِمَا أَخَذَهُ قَبْلَ حُدُوثِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَخَذَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ اسْتِحْقَاقِهِ مِنْ الْوَقْفِ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِي اسْتِحْقَاقِهِ انْقِرَاضَ الْأَوْلَادِ، وَقَدْ تَبَيَّنَ عَدَمُ الِانْقِرَاضِ بِحُدُوثِ الْوَلَدِ، لَكِنْ مَنَعَ مِنْ الْعَمَلِ بِهَذَا الْقِيَاسِ حَمْلُ الْأَوْلَادِ عَلَى الْمَوْجُودِ مُدَّةَ فَقْدِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَوْلَادِ فَلَا رُجُوعَ عَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ بِمَا أَخَذَهُ (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ الصَّرْفُ لَهُ) أَيْ مِنْ حِينِهِ بَقِيَ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِنْدَ الْوَقْفِ إلَّا حَمْلٌ كَأَنْ كَانَتْ نِسْوَتُهُ الْأَرْبَعُ مَثَلًا حَوَامِلَ حِينَئِذٍ فَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْحَمْلِ عَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ الْحَمْلُ هُنَا عَلَى الْحَمْلِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَفِي حَمْلِ الْوَلَدِ عَلَى الْحَمْلِ إذَا لَمْ يَكُنْ إلَّا حَمْلٌ نَظَرٌ لَا يَخْفَى لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْحَمْلِ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَقَدْ انْحَصَرَ الِاسْتِحْقَاقُ فِي هُنَا فَلَيْسَ تَابِعًا لِغَيْرِهِ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ مُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ يَصْرِفُ لَهُمْ مَعَهُ إلَخْ) أَيْ بِالسَّوِيَّةِ. وَبَقِيَ مَا لَوْ حَدَثَ لَهُ وَلَدُ وَلَدٍ بَعْدَ وُجُودِ الْوَلَدِ هَلْ يَأْخُذُ مَعَهُمْ حَمْلًا لِلَفْظِ الْأَوْلَادِ عَلَى الذُّرِّيَّةِ حَيْثُ تَعَذَّرَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ وَالذُّرِّيَّةُ كَمَا تَشْمَلُ الْمَوْجُودَ تَشْمَلُ الْحَادِثَ بَعْدَ الْوَاقِفِ أَوَّلًا اقْتِصَارًا عَلَى مَا هُوَ الْأَقْرَبُ لِلْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ وَهُوَ وَلَدُ الْوَلَدِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ لَوْ حَمَلَ الْوَقْفَ عَلَى خُصُوصِ وَلَدِ الْوَلَدِ ابْتِدَاءً لَمْ يُعْطِ الْوَلَدَ الْحَادِثَ كَمَا لَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِي لَا يُعْطِي الْأَوْلَادَ وَإِنْ كَانُوا مَوْجُودِينَ، فَالصَّرْفُ لِلْوَلَدِ الْحَادِثِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَاسْتِبْعَادُ بَعْضِهِمْ الْأَوَّلَ مَرْدُودٌ، وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مَعَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: عَلَى أَوْلَادِي وَلَيْسَ لَهُ إلَّا وَلَدٌ وَوَلَدُ وَلَدٍ أَنَّهُ يَدْخُلُ لِقَرِينَةِ الْجَمْعِ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَالْأَقْرَبُ مَا يُصَرِّحُ بِهِ إطْلَاقُهُمْ أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِ الْوَلَدُ وَقَرِينَةُ الْجَمْعِ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا لِشُمُولِ مَنْ يَحْدُثُ لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ، وَلَا يَدْخُلُ الْوَلَدُ الْمَنْفِيُّ بِلِعَانٍ إلَّا أَنْ يَسْتَلْحِقَهُ فَيَسْتَحِقَّ حِينَئِذٍ مِنْ الرِّيعِ الْحَاصِلِ قَبْلَ اسْتِلْحَاقِهِ وَبَعْدَهُ حَتَّى يَرْجِعَ بِمَا يَخُصُّهُ فِي مُدَّةِ النَّفْيِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (وَتَدْخُلُ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ) قَرِيبُهُمْ وَبَعِيدُهُمْ (فِي الْوَقْفِ عَلَى الذُّرِّيَّةِ وَالنَّسْلِ وَالْعَقِبِ وَأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ) وَإِنْ بَعُدُوا فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ لِصِدْقِ كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ بِهِمْ (إلَّا أَنْ يَقُولَ) الرَّجُلُ (عَلَى مَنْ يُنْسَبُ إلَى مِنْهُمْ) لِأَنَّهُمْ لَا يُنْسَبُونَ إلَيْهِ بَلْ إلَى آبَائِهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ} [الأحزاب: 5] وَأَمَّا خَبَرُ «ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ» فِي حَقِّ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ. فَجَوَابُهُ أَنَّهُ مِنْ الْخَصَائِصِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي النِّكَاحِ، فَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ امْرَأَةً دَخَلَ أَوْلَادُ بَنَاتِهَا لِأَنَّ ذِكْرَ الِانْتِسَابِ فِي حَقِّهَا لِبَيَانِ الْوَاقِعِ لَا لِلْإِخْرَاجِ، فَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ إنَّهُ لَا مُشَارَكَةَ بَيْنَ الْأُمِّ وَابْنِهَا فِي النَّسَبِ إذْ لَوْ لَمْ يَصِرْ كَذَلِكَ لَزِمَ إلْغَاءُ الْوَقْفِ أَصْلًا. فَالْعِبْرَةُ فِيهَا بِالنِّسْبَةِ اللُّغَوِيَّةِ لَا الشَّرْعِيَّةِ، وَيَكُونُ ـــــــــــــــــــــــــــــSدَلِيلٌ عَلَى حَمْلِ الْأَوْلَادِ عَلَى الذُّرِّيَّةِ الشَّامِلَةِ لِلْوَلَدِ الْحَادِثِ وَلِوَلَدِ الْوَلَدِ الْحَادِثِ، وَتَرَدَّدَ سم عَلَى حَجّ فِيمَا لَوْ قَالَ: وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَلَا وَلَدَ لَهُ وَلَهُ أَوْلَادُ أَوْلَادٍ وَأَوْلَادُ أَوْلَادِ أَوْلَادٍ هَلْ تَدْخُلُ الطَّبَقَةُ الثَّالِثَةُ فِي أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ حَمْلًا لِلَّفْظِ عَلَى مَجَازِهِ وَهُمْ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ الشَّامِلَةُ لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ بِالْوَاسِطَةِ وَبِدُونِهَا أَوْ يَخْتَصُّ بِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ لِقُرْبِهِمْ لِلْأَوْلَادِ. اهـ. أَقُولُ: وَلَا يَبْعُدُ لِمَا مَرَّ حَمْلُهُ عَلَيْهِمَا بِصَرْفِ الْأَوْلَادِ لِلذُّرِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَاسْتِبْعَادُ بَعْضِهِمْ) هُوَ حَجّ. (قَوْلُهُ: لَا الشَّرْعِيَّةُ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ النِّسْبَةَ شَرْعًا هِيَ الِانْتِسَابُ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ خَاصَّةً وَمِنْهُ يُعْلَمُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَأَلْفٍ، وَحَاصِلُهَا: أَنَّ شَخْصًا وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى بِنْتِهِ فُلَانَةَ وَذَكَرَ شُرُوطًا وَتَرْتِيبًا بَيْنَ الطَّبَقَاتِ إلَى أَنْ قَالَ: عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَخْلُفْ وَلَدٌ وَلَا وَلَدُ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ إلَى أَقْرَبِ مَنْ يُنْسَبُ إلَى الْمَيِّتِ ثُمَّ مَاتَ الْوَاقِفُ وَانْحَصَرَ الْوَقْفُ فِي بِنْتِهِ، ثُمَّ مَاتَتْ الْبِنْتُ وَلَمْ تَخْلُفْ وَلَدًا وَلَا وَلَدَ وَلَدٍ وَخَلَفَتْ أُمَّهَا وَابْنَ ابْنِ عَمٍّ لَهَا هُوَ ابْنُ ابْنِ أَخِي الْوَاقِفِ الْمَذْكُورِ، فَوَقَعَ السُّؤَالُ هَلْ الْحَقُّ لِلْأُمِّ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ لِلْبِنْتِ أَوْ لِابْنِ ابْنِ الْعَمِّ؟ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ الْمَأْخُوذِ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْحَقَّ لِابْنِ ابْنِ الْعَمِّ وَأَنَّ الْأُمَّ لَا شَيْءَ لَهَا فِي ذَلِكَ لِأَنَّهَا لَا تُشَارِكُ الِابْنَ فِي النَّسَبِ لِكَوْنِهَا أَجْنَبِيَّةً عَنْ نَسَبِ أَبِيهِ فَلَمْ تَشْمَلْهَا عِبَارَةُ الْوَاقِفِ لِمَا عُلِمَ مِنْ اخْتِصَاصِ النَّسَبِ شَرْعًا بِمَا كَانَ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ، فَلَوْ صُرِفَ إلَى الْأُمِّ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ شَيْءٌ وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ كَانَ فِيهِ تَقْدِيمُ غَيْرِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى الشَّرْعِيَّةِ فَتَنَبَّهْ لَهُ، وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعَصْرِ مِنْ خِلَافِهِ هَذَا، وَفِي الْمِصْبَاحِ النِّسْبَةُ إلَى الْأَبِ صِفَةٌ ذَاتِيَّةٌ إلَى أَنْ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ: وَالْأَوَّلُ يَعْنِي النَّسَبَ إلَى الْأَبِ هُوَ الْأَصْلُ فَكَانَ أَوْلَى، ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي مُطْلَقِ الْوَصْلَةِ بِالْقَرَابَةِ اهـ. وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ حَقِيقَةَ النَّسَبِ لُغَةً مَا كَانَ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ. وَعَلَيْهِ فَاللُّغَةُ وَالشَّرْعُ يَقْتَضِيَانِ تَخْصِيصَ الْوَقْفِ بِابْنِ ابْنِ الْعَمِّ الْمَذْكُورِ، وَنَظِيرُ هَذَا مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ أَيْضًا وَذُكِرَ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إخْوَةٌ وَلَا أَخَوَاتٌ فَإِلَى أَقْرَبِ مَنْ يُنْسَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى إذْ ذَاكَ وَانْحَصَرَ الْوَقْفُ فِي بِنْتٍ ثُمَّ مَاتَتْ عَنْ أَبِيهَا وَجَدَّتِهَا أُمِّ أُمِّهَا وَابْنِ عَمٍّ لِلْوَاقِفِ وَعَنْ عُتَقَاءِ الْوَاقِفِ، وَهُوَ أَنَّ الْجَوَابَ عَنْهُ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لِرِيعِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ هُوَ أَبُو الْبِنْتِ الْمُتَوَفَّاةِ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إخْوَةٌ وَلَا أَخَوَاتٌ فَإِلَى أَقْرَبِ مَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQاللِّعَانِ أَنَّ الْمُرَادَ الثَّانِي فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَقَرِينَةُ الْجَمْعِ يَحْتَمِلُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ عَلَى أَوْلَادِي الْمَوْجُودِينَ دُخُولُ وَلَدِ الْوَلَدِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: لِبَيَانِ الْوَاقِعِ) بِمَعْنَى أَنَّ كُلًّا مِنْ أَوْلَادِهَا يُنْسَبُ إلَيْهَا بِمَعْنَى اللُّغَوِيِّ فَلَيْسَ لَهَا فَرْعٌ لَا يُنْسَبُ إلَيْهَا بِهَذَا الْمَعْنَى وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْأَوْلَى تَقَدُّمَ ذِكْرِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِانْتِسَابِ اللُّغَوِيِّ عَلَى قَوْلِهِ فَلَا يُنَافِيهِ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: فَالْعِبْرَةُ فِيهَا) الْأَوْلَى فَالْمُرَادُ فِيهَا إلَخْ.

كَلَامُ الْفُقَهَاءِ مَحْمُولًا عَلَى وَقْفِ الرَّجُلِ كَمَا قَدَّرْنَاهُ فِي كَلَامِهِ. نَعَمْ لَوْ قَالَ الْوَاقِفُ عَلَى الَّذِينَ يُنْسَبُونَ إلَيَّ بِأُمَّهَاتِهِمْ لَمْ يَكُنْ لِأَوْلَادِ الْبَنِينَ فِيهِ شَيْءٌ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَقَعُ فِي كُتُبِ الْأَوْقَافِ، وَمَنْ مَاتَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ الْمُسْتَحَقِّينَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُسْتَحَقِّينَ تَأْسِيسٌ لَا تَأْكِيدٌ، فَيُحْمَلُ عَلَى وَضْعِهِ الْمَعْرُوفِ فِي اسْمِ الْفَاعِلِ مِنْ الِاتِّصَافِ حَقِيقَةً بِالِاسْتِحْقَاقِ مِنْ الْوَقْفِ حَالَ مَوْتِ مَنْ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ نَصِيبُهُ، وَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى الْمَجَازِ أَيْضًا بِأَنْ يُرَادَ الِاسْتِحْقَاقُ وَلَوْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَمَا أَفَادَ ذَلِكَ السُّبْكِيُّ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، لِأَنَّ قَوْلَهُ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ كَافٍ فِي إفَادَةِ هَذَا فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ إلْغَاءُ قَوْلِهِ الْمُسْتَحَقِّينَ لِأَنَّهُ لِمُجَرَّدِ التَّأْكِيدِ وَالتَّأْسِيسِ خَيْرٌ مِنْهُ فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ أَوْ بَنِيهِ وَبَنَاتِهِ دَخَلَ الْخُنْثَى لِعَدَمِ خُرُوجِهِ عَنْهُمْ. نَعَمْ يُتَّجَهُ أَنَّهُ إنَّمَا يُعْطِي الْمُتَيَقِّنَ إذَا فَاضَلَ بَيْنَ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ وَيُوقَفُ الْبَاقِي إلَى الْبَيَانِ، وَلَا يَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ عَلَى أَحَدِهِمَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مِنْ الصِّنْفِ الْآخَرِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهَذَا يُوهِمُ أَنَّ الْمَالَ يُصْرَفُ إلَى مَنْ عَيَّنَهُ مِنْ الْبَنِينَ أَوْ الْبَنَاتِ، وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّا لَا نَتَيَقَّنُ اسْتِحْقَاقَهُمْ لِنَصِيبِ الْخُنْثَى بَلْ يُوقَفُ نَصِيبُهُ إلَى الْبَيَانِ كَمَا فِي الْمِيرَاثِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُسْلِمِ وَرَدَّهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ كَلَامَ الشَّيْخَيْنِ هُوَ الْمُسْتَقِيمُ لِأَنَّ سَبَبَ الِاسْتِحْقَاقِ مَشْكُوكٌ فِيهِ وَفِيمَنْ عَدَاهُ مَوْجُودٌ وَشَكَّكْنَا فِي ـــــــــــــــــــــــــــــSيُنْسَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى وَذَلِكَ لِانْحِصَارِ أَقْرَبِ الْمَنْسُوبِينَ إلَيْهَا فِي الْأَبِ فَإِنَّ الْأُمَّ وَأُمَّ الْأُمِّ لَا نَسَبَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمُتَوَفَّاةِ، لِأَنَّ النَّسَبَ إذَا أُطْلِقَ فِي عِبَارَةِ الْفُقَهَاءِ انْصَرَفَ إلَى النَّسَبِ الشَّرْعِيِّ وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ جِهَةِ الْآبَاءِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ} [الأحزاب: 5] . (قَوْلُهُ: وَمَنْ مَاتَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَخْ) قَالَ حَجّ: وَيَقَعُ فِي كُتُبِ الْأَوْقَافِ أَيْضًا لَفْظُ النَّصِيبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى النَّصِيبِ الْمُقَدَّرِ مَجَازُ الْقَرِينَةِ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ كَثِيرُونَ، وَكَادَ السُّبْكِيُّ أَنْ يَنْقُلَ إجْمَاعَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ عَلَيْهِ أَوْ يَخْتَصُّ بِالْحَقِيقِيِّ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَالْقَرَائِنُ فِي ذَلِكَ ضَعِيفَةٌ وَهُوَ الْمَنْقُولُ وَعَلَيْهِ كَثِيرُونَ أَيْضًا، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ قَوْلُ السُّبْكِيّ إلَخْ، وَعَلَى هَذَا أَفْتَيْت فِي مَوْقُوفٍ عَلَى مُحَمَّدٍ ثُمَّ بِنْتَيْهِ وَعَتِيقِهِ فُلَانٍ عَلَى أَنَّ مَنْ تَوَفَّتْ مِنْهُمَا تَكُونُ حِصَّتُهَا لِلْأُخْرَى فَتَوَفَّتْ إحْدَاهُمَا فِي حَيَاةِ الْوَاقِفِ بَعْدَ الْوَقْفِ ثُمَّ مُحَمَّدٌ عَنْ الْأُخْرَى وَفُلَانٌ بِأَنَّ لَهَا الثُّلُثَيْنِ وَلِلْعَتِيقِ الثُّلُثَ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْوَاقِفَ إلَخْ، وَاَلَّذِي حَرَّرْته فِي كِتَابِ سَوَابِغِ الْمُدَدِ أَنَّ الرَّاجِحَ الثَّانِي، وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ شَيْخُنَا بَعْدَ إفْتَائِهِ بِالْأَوَّلِ، وَرَدَّ عَلَى السُّبْكِيّ وَآخَرِينَ وَمِنْهُمْ الْبُلْقِينِيُّ اعْتِمَادَهُمْ لَهُ: أَعْنِي الْأَوَّلَ اهـ مُلَخَّصًا. وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي قَوْلِهِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَقَعُ إلَخْ، وَقَوْلُ حَجّ أَوْ يَخْتَصُّ بِالْحَقِيقِيِّ قَسِيمُ قَوْلِهِ فِي أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى النَّصِيبِ الْمُقَدَّرِ، وَقَوْلُهُ: إنَّ الرَّاجِحَ الثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ أَوْ يَخْتَصُّ بِالْحَقِيقِيِّ، وَقَوْلُهُ وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ شَيْخُنَا: أَيْ وَعَلَيْهِ فَتُقْسَمُ غَلَّةُ الْوَقْفِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ عَلَى الْبِنْتِ الْمَوْجُودَةِ وَالْعَتِيقِ نِصْفَيْنِ، لَكِنَّهُ قَدَّمَ أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْبِنْتِ الثُّلُثَيْنِ لَيْسَ لِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ فَإِذَا مَاتَتْ إحْدَاهُمَا فَنَصِيبُهَا لِلْأُخْرَى، بَلْ لِأَنَّهُ وُجِدَ مِنْ الْوَاقِفِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ النَّصِيبُ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ كَمَا هُنَا، وَقَوْلُهُ بَعْدَ إفْتَائِهِ بِالْأَوَّلِ هُوَ قَوْلُهُ يُحْمَلُ عَلَى النَّصِيبِ الْمُقَدَّرِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَعَلَى هَذَا أَفْتَيْت إلَخْ. (قَوْلُهُ: الْمُسْتَحَقِّينَ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَذْكُرْ الْمُسْتَحَقِّينَ بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ انْتَقَلَ نَصِيبُ الْمَيِّتِ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَإِنْ كَانَ مَحْجُوبًا بِمَنْ فَوْقَهُ (قَوْلُهُ: تَأْسِيسٌ) أَيْ بِأَنْ أَفَادَ زِيَادَةً عَلَى مَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ (قَوْلُهُ: إذَا فَاضَلَ) أَيْ الْوَاقِفُ، وَقَوْلُهُ مَنْ عَيَّنَهُ: أَيْ الْوَاقِفُ (قَوْلُهُ: بَلْ يُوقَفُ نَصِيبُهُ إلَى الْبَيَانِ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: فَلَوْ لَمْ يَكُنْ حَالَ الْوَقْفِ إلَّا وَلَدَ خُنْثَى فَقِيَاسُ وَقْفِ نَصِيبِهِ أَنْ يُوقَفَ أَمْرُ الْوَقْفِ إلَى الْبَيَانِ وَقْفَ تَبَيُّنٍ، فَإِذَا بَانَ مِنْ نَوْعِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ تَبَيَّنَّا صِحَّةَ الْوَقْفِ وَإِلَّا فَلَا، وَأَمَّا مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إنْ وَقَفَ الْوَقْفَ أَشْكَلَ بِعَدَمِ وَقْفِ نَصِيبِهِ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ، وَإِنْ أَبْطَلَهُ أُشْكِلَ بِأَنَّ إبْطَالَ الْوَقْفِ مَعَ احْتِمَالِ صِحَّتِهِ وَعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُبْطِلِ مِمَّا لَا وَجْهَ لَهُ فَلِيُتَأَمَّلْ (لَهُ بِأَنَّ كَلَامَ الشَّيْخَيْنِ) أَيْ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا مِنْ أَنَّ الْمَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مُزَاحَمَةِ الْخُنْثَى لَهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَسْلَمَ عَلَى ثَمَانِ كِتَابِيَّاتٍ فَأَسْلَمَ مِنْهُنَّ أَرْبَعٌ أَوْ كَانَ تَحْتَهُ أَرْبَعُ كِتَابِيَّاتٍ وَأَرْبَعُ وَثَنِيَّاتٍ فَأَسْلَمَ مَعَهُ الْوَثَنِيَّاتُ وَمَاتَ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ، أَوْ طَلَّقَ الْمُسْلِمُ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ الْمُسْلِمَةَ وَالْكِتَابِيَّةَ وَمَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ فَإِنَّ الْأَصَحَّ الْمَنْصُوصُ أَنَّهُ لَا يُوقَفُ شَيْءٌ لِلزَّوْجَاتِ بَلْ تُقْسَمُ كُلُّ التَّرِكَةِ بَيْنَ بَاقِي الْوَرَثَةِ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الزَّوْجَاتِ غَيْرُ مَعْلُومٍ. (وَلَوْ) (وَقَفَ عَلَى مَوَالِيهِ) أَوْ مَوْلَاهُ فِيمَا يَظْهَرُ (وَلَهُ مُعْتِقٌ) بِكَسْرِ التَّاءِ (وَمُعْتَقٌ) بِفَتْحِهَا تَبَرُّعًا أَوْ وُجُوبًا أَوْ قُرْعَةً صَحَّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَ (قُسِمَ بَيْنَهُمَا) عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْمُعْتَمَدِ لِلْبَنْدَنِيجِيِّ لَا عَلَى الْجِهَتَيْنِ مُنَاصَفَةً لِتَنَاوُلِ الِاسْمِ لَهُمَا. نَعَمْ لَا يَدْخُلُ مُدَبَّرٌ وَأُمُّ وَلَدٍ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ الْمَوَالِي حَالَ الْوَقْفِ وَلَا حَالَ الْمَوْتِ (وَقِيلَ يَبْطُلُ) لِاحْتِمَالِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرَكَ مُجْمَلٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْضًا، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ كَالْعَامِّ فَيُحْمَلُ عَلَى مَعْنَيَيْهِ أَوْ مَعَانِيهِ بِقَرِينَةٍ، وَكَذَا عِنْدَ عَدَمِهَا عُمُومًا أَوْ احْتِيَاطًا كَمَا قِيلَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ سِوَى أَحَدِهِمَا حُمِلَ عَلَيْهِ قَطْعًا، فَإِذَا طَرَأَ الْآخَرُ شَارَكَهُ عَلَى مَا بَحَثَهُ ابْنُ النَّقِيبِ وَقَاسَهُ عَلَى مَا لَوْ وَقَفَ عَلَى إخْوَتِهِ فَحَدَثَ آخَرُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ كَمَا أَفَادَهُ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ بِأَنَّ إطْلَاقَ الْمَوْلَى عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا اشْتِرَاكٌ لَفْظِيٌّ، وَقَدْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى إرَادَةِ أَحَدِ مَعْنَيَيْهِ وَهِيَ الِانْحِصَارُ فِي الْمَوْجُودِ فَصَارَ الْمَعْنَى الْآخَرُ غَيْرَ مُرَادٍ. وَأَمَّا الْإِخْوَةُ فَحَقِيقَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِطْلَاقُهَا عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمُتَوَاطِئِ فَيَصْدُقُ عَلَى مَنْ طَرَأَ، وَمَا نُوزِعَ بِهِ مِنْ أَنَّ إطْلَاقَ الْمَوْلَى عَلَيْهِمَا لَا عَلَى جِهَةِ التَّوَاطُؤِ أَيْضًا وَالْمُوَالَاةُ شَيْءٌ وَاحِدٌ لَا اشْتِرَاكَ فِيهِ لِاتِّحَادِ الْمَعْنَى مَرْدُودٌ بِمَنْعِ اتِّحَادِهِ، وَلِأَنَّ الْوَلَاءَ بِالنِّسْبَةِ لِلسَّيِّدِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مُنْعِمًا وَبِالنِّسْبَةِ لِلْعَتِيقِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مُنْعَمًا عَلَيْهِ وَهَذَانِ مُتَغَايِرَانِ بِلَا شَكٍّ، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى مَوَالِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSلِمَنْ عَيَّنَهُ مِنْ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ) وَقِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ فِيمَنْ نَفَاهُ بِاللِّعَانِ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ أَنَّهُ لَوْ اتَّضَحَ بِالذُّكُورَةِ يَأْخُذُ حَتَّى الْمُدَّةَ الْمَاضِيَةَ فَلِيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَسْلَمَ عَلَى ثَمَانِ إلَخْ) فَرَّقَ حَجّ بَيْنَ الْخُنْثَى وَبَيْنَ مَا لَوْ أَسْلَمَ عَلَى ثَمَانِ كِتَابِيَّاتٍ بِأَنَّ التَّبَيُّنَ ثَمَّ تَعَذَّرَ بِمَوْتِهِ فَلَمْ يُمْكِنْ الْوَقْفُ مَعَ ذَلِكَ، بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ التَّبَيُّنَ مُمْكِنٌ فَوَجَبَ الْوَقْفُ إلَيْهِ اهـ. وَيُؤَيِّدُ مَا فَرَّقَ بِهِ حَجّ مَا سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ فِيمَا لَوْ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ وَقَدْ كَانَ الزَّوْجُ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَإِحْدَاهُمَا كِتَابِيَّةٌ أَوْ وَثَنِيَّةٌ مِنْ أَنَّهُ يُطَالِبُ بِالْبَيَانِ أَوْ التَّعْيِينِ لِأَجْلِ الْإِرْثِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَ الزَّوْجُ وَإِحْدَاهُمَا كِتَابِيَّةٌ أَوْ وَثَنِيَّةٌ حَيْثُ لَا يُوقَفُ لِلْمُسْلِمَةِ شَيْءٌ مَعَ إمْكَانِ أَنَّهَا لَيْسَتْ الْمُطَلَّقَةَ لِلْيَأْسِ مِنْ الْبَيَانِ فِيمَا لَوْ مَاتَ الزَّوْجُ دُونَ مَا لَوْ مَاتَتْ. (قَوْلُهُ: تَبَرُّعًا) هُوَ تَعْمِيمٌ فِي الْمُعْتَقِ، وَقَوْلُهُ أَوْ وُجُوبًا كَأَنْ نَذَرَ عِتْقَهُ أَوْ اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْعِتْقِ. (قَوْلُهُ: حَالَ الْوَقْفِ) أَيْ لِكَوْنِهِمَا أَرِقَّاءَ وَلَا حَالَ الْمَوْتِ: أَيْ لِأَنَّ عِتْقَهُمَا بَعْدَ مَوْتِهِ وَهُوَ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا وَلَاءَ لَهُ وَإِنَّمَا هُوَ لِعَصَبَتِهِ. (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِهِ) أَيْ فَالْوَقْفُ مُحْتَمِلٌ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: فَإِذَا طَرَأَ الْآخَرُ شَارَكَهُ) أَيْ مِنْ حِينَئِذٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَمْنُوعٌ) قَدْ يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا وَلَدُ وَلَدٍ حُمِلَ عَلَيْهِ، فَإِذَا حَدَثَ لَهُ وَلَدٌ صُرِفَ لَهُ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ إطْلَاقَ الْوَلَدِ عَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ مَجَازٌ وَدَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى انْحِصَارِهِ فِيهِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: حَمَلَهُ عَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ لِفَقْدِ الْوَلَدِ صَوْنًا لِلْوَقْفِ عَنْ الْإِلْغَاءِ، بِخِلَافِ الْمَوْلَى فَإِنَّهُ مُشْتَرَكٌ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ فَحَمَلَهُ عَلَى الْمَوْجُودِ لِكَوْنِهِ مُسَمَّاهُ. وَكَأَنَّهُ قَالَ وَقَفْت هَذَا عَلَى مَنْ لَهُ عَلَيَّ وَلَاءٌ، وَهُوَ إذَا قَالَ ذَلِكَ لَمْ يَدْخُلْ عَتِيقُهُ (قَوْلُهُ: مِنْ الْمُتَوَاطِئِ) أَيْ مِنْ بَابِ الْمُتَوَاطِئِ وَهُوَ الَّذِي اتَّحَدَ مَعْنَاهُ فِي إفْرَادِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: عُمُومًا أَوْ احْتِيَاطًا) فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ فَلْيُرَاجَعْ

مِنْ أَسْفَلَ دَخَلَ أَوْلَادُهُمْ وَمَوَالِيهِمْ، وَقَاسَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ مَا لَوْ وَقَفَ عَلَى مَوَالِيهِ مِنْ أَعْلَى، وَرُدَّ بِأَنْ يَصْرِفَ نِعْمَةَ وَلَاءِ الْعِتْقِ تَشْمَلُ فُرُوعَ الْعَتِيقِ فَسُمُّوا مَوَالِيَ، بِخِلَافِ نِعْمَةِ الْإِعْتَاقِ فَإِنَّهَا تَخْتَصُّ بِالْمُعْتَقِ بِخِلَافِ فُرُوعِهِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» صَرِيحٌ فِي شُمُولِ الْوَلَاءِ لِعَصَبَةِ السَّيِّدِ بَلْ الْمُصَرَّحُ بِهِ فِي كَلَامِهِ كَمَا سَيَأْتِي أَنَّ الْوَلَاءَ يَثْبُتُ لَهُمْ فِي حَيَاتِهِ. (وَالصِّفَةُ) وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا هُنَا النَّحْوِيَّةَ بَلْ مَا يُفِيدُ قَيْدًا فِي غَيْرِهِ (الْمُتَقَدِّمَةُ عَلَى جُمَلٍ) أَوْ مُفْرَدَاتٍ وَمَثَّلُوا بِهَا لِبَيَانِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجُمَلِ مَا يَعُمُّهَا (مَعْطُوفَةٌ) لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَهَا كَلَامٌ طَوِيلٌ (تُعْتَبَرُ فِي الْكُلِّ كَوَقَفْتُ عَلَى مُحْتَاجِي أَوْلَادِي وَأَحْفَادِي) وَهُمْ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ (وَإِخْوَتِي وَكَذَا الْمُتَأَخِّرَةُ عَلَيْهَا) أَيْ عَنْهَا (وَ) كَذَا (الِاسْتِثْنَاءُ إذَا عَطَفَ) فِي الْكُلِّ (بِوَاوٍ كَقَوْلِهِ: عَلَى أَوْلَادِي وَأَحْفَادِي وَإِخْوَتِي الْمُحْتَاجِينَ أَوْ إلَى أَنْ يَفْسُقَ بَعْضُهُمْ) لِأَنَّ الْأَصْلَ اشْتِرَاكُ الْمُتَعَاطِفِينَ فِي جَمِيعِ الْمُتَعَلِّقَاتِ مِنْ صِفَةٍ أَوْ حَالٍ أَوْ شَرْطٍ وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي ذَلِكَ مِثْلُهَا يُجَامِعُ عَدَمَ الِاسْتِقْلَالِ وَمَثَّلَ الْإِمَامُ لِلْجُمَلِ بِوَقَفْتُ عَلَى أَوْلَادِي دَارِي وَحَبَسْت عَلَى أَقَارِبِي ضَيْعَتِي وَسَبَّلْت عَلَى خَدَمِي بَيْتِي الْمُحْتَاجِينَ أَوْ إلَّا أَنْ يَفْسُقَ أَحَدٌ: أَيْ وَإِنْ احْتَاجُوا، وَاسْتِبْعَادُ الْإِسْنَوِيِّ رُجُوعُ الصِّفَةِ لِلْكُلِّ لِأَنَّ كُلَّ جُمْلَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ بِالصِّيغَةِ فَالصِّفَةُ مَعَ الْأُولَى خَاصَّةٌ مَرْدُودٌ بِأَنَّهَا حِينَئِذٍ كَالصِّفَةِ الْمُتَوَسِّطَةِ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ لِلْكُلِّ عَلَى الْمَنْقُولِ الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّهَا مُتَقَدِّمَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا تَأَخَّرَ عَنْهَا مُتَأَخِّرَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا تَقَدَّمَهَا، وَادِّعَاءُ ابْنِ الْعِمَادِ أَنَّ مَا مَثَّلَ بِهِ الْإِمَامُ خَارِجٌ عَنْ صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّهُ وُقُوفٌ مُتَعَدِّدَةٌ، وَالْكَلَامُ فِي وَقْفٍ وَاحِدٍ مَمْنُوعٌ إذْ مَلْحَظُ الرُّجُوعِ لِلْكُلِّ مَوْجُودٌ فِيهِ أَيْضًا. نَعَمْ رَدَّهُ بِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ إنَّ مَا قَالَاهُ هُنَا فِي الِاسْتِثْنَاءِ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَاهُ فِي الطَّلَاقِ ظَاهِرٌ لِإِمْكَانِ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا ذُكِرَ فِي الْمُتَوَسِّطَةِ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا فِي عَبْدِي حُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَامْرَأَتِي طَالِقٌ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ عَوْدَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: مِنْ أَسْفَلَ) أَيْ بِأَنْ أَعْتَقَهُمْ. (قَوْلُهُ: لَا مَوَالِيهِمْ) أَيْ فَلَا يَشْمَلُ عَتِيقَ الْعَتِيقِ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ وَقَفَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ وَقَوْلُهُ وَيَرِدُ: أَيْ الرَّدُّ. (قَوْلُهُ: مَعْطُوفَةٌ) أَيْ بِعَاطِفٍ مُشْتَرَكٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي بِخِلَافِ بَلْ وَلَكِنَّ (قَوْلَهُ وَهُمْ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ) أَيْ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا (قَوْلُهُ الْمُحْتَاجِينَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَالْحَاجَةُ هُنَا مُعْتَبَرَةٌ بِجَوَازِ أَخْذِ الزَّكَاةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَتَنْقَدِحُ مُرَاجَعَةُ الْوَاقِفِ إنْ أَمْكَنَتْ اهـ. وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ جَوَازُ أَخْذِ الزَّكَاةِ لَوْلَا مَانِعُ كَوْنِهِ هَاشِمِيًّا أَوْ مُطَّلِبِيًّا حَتَّى يَصْرِفَ الْهَاشِمِيُّ وَالْمُطَّلِبِيُّ أَيْضًا م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْغَنِيَّ بِكَسْبٍ لَا يَأْخُذُ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْفُقَرَاءِ الْأَخْذُ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ هُنَا بِالْمُحْتَاجِ مَنْ يَأْخُذُ الزَّكَاةَ لِعَدَمِ الْمَالِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْكَسْبِ. (قَوْلُهُ: أَوْ إلَّا أَنْ يَفْسُقَ) فَلَوْ تَابَ الْفَاسِقُ هَلْ يَسْتَحِقُّ مِنْ حِينِ التَّوْبَةِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الِاسْتِحْقَاقُ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي فِيمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى بِنْتِهِ الْأَرْمَلَةِ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ ثُمَّ تَعَزَّبَتْ مِنْ أَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي أَنْ لَا تَحْتَاجَ ابْنَتُهُ وَتَحْتَمِلُ عَدَمُهُ قِيَاسًا عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ فِيمَا لَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى وَلَدِي مَا دَامَ فَقِيرًا فَاسْتَغْنَى ثُمَّ افْتَقَرَ مِنْ عَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الدَّيْمُومَةَ تَنْقَطِعُ بِالِاسْتِغْنَاءِ، وَلَيْسَ فِي عِبَارَةِ الْوَاقِفِ مَا يَشْمَلُ اسْتِحْقَاقَهُ بَعْدَ عَوْدِ الْفَقْرِ (قَوْلُهُ: فَالصِّفَةُ مَعَ الْأُولَى خَاصَّةً) أَيْ فِيمَا لَوْ قَدَّمَهَا، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَأَمَّا تَقَدُّمُ الصِّفَةِ عَلَى الْجُمَلِ فَاسْتَبْعَدَ الْإِسْنَوِيُّ رُجُوعَهَا لِلْكُلِّ لِأَنَّ كُلَّ جُمْلَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ بِالصِّيغَةِ وَالصِّفَةِ مَعَ الْأُولَى خَاصَّةً إلَخْ اهـ. (قَوْلُهُ: إذْ مَلْحَظُ إلَخْ) وَهُوَ اشْتِرَاكُ الْمُتَعَاطِفَيْنِ فِي جَمِيعِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ رَدَّهُ) أَيْ ابْنُ الْعِمَادِ (قَوْلُهُ لِإِمْكَانِ) عِلَّةٌ لِلظُّهُورِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَيْ وَإِنْ احْتَاجُوا) اعْلَمْ أَنَّ مِثَالَ الْإِمَامِ لَيْسَ فِيهِ إلَّا الِاسْتِثْنَاءُ وَأَلْحَقَ بِهِ الشِّهَابُ حَجّ الصِّفَةَ فَقَالَ عَقِبَهُ: أَيْ أَوْ إنْ احْتَاجُوا اهـ. وَالشَّارِحُ ذَكَرَ لَفْظَ الْمُحْتَاجِينَ فِي ضِمْنِ مِثَالِ الْإِمَامِ فَأَوْهَمَ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا ذَكَرَهُ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ فَلَزِمَ عَلَيْهِ التَّكْرَارُ أَيْضًا بَلْ صَارَ الْكَلَامُ مَعَ بَعْضِهِ غَيْرَ مُنْتَظِمٍ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ إسْقَاطُ الْأَلِفِ مِنْ أَوْ وَلَا مَعْنَى لَهَا هُنَا أَيْضًا وَإِنْ كَانَ لَهُ مَعْنًى فِي الْخَارِجِ (قَوْلُهُ: وَاسْتِبْعَادُ الْإِسْنَوِيِّ رُجُوعَ الصِّفَةِ لِلْكُلِّ) يَعْنِي فِيمَا إذَا تَقَدَّمَتْ عَلَى الْجُمَلِ وَعِبَارَةُ

لِلْأَخِيرِ لَا يَعُودُ إلَيْهِ بِأَنَّ الْعِصْمَةَ هُنَا مُحَقَّقَةٌ فَلَا يُزِيلُهَا إلَّا مُزِيلٌ قَوِيٌّ وَمَعَ الِاحْتِمَالِ لَا قُوَّةَ، وَهُنَا الْأَصْلُ عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ فَيَكْفِي فِيهِ أَدْنَى دَالٍّ عَلَى أَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّ كَلَامَهُمَا ثَمَّ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ بِهَا تَخْصِيصَ وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ دُونَ غَيْرِهِ، وَتَمْثِيلُهُ أَوَّلًا بِالْوَاوِ وَبِاشْتِرَاطِهَا فِيمَا بَعْدَهُ لَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ بِهَا، فَالْمَذْهَبُ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ أَنَّ الْفَاءَ وَثُمَّ كَالْوَاوِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا جَامِعٌ وَضْعًا فَيَرْجِعُ لِلْجَمِيعِ بِخِلَافِ بَلْ وَلَكِنْ، وَخَرَجَ بِعَدَمِ تَخَلُّلِ كَلَامٍ طَوِيلٍ مَا لَوْ تَخَلَّلَ كَوَقَفْتُ عَلَى أَوْلَادِي عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَأَعْقَبَ فَنَصِيبُهُ بَيْنَ أَوْلَادِهِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَإِلَّا فَنَصِيبُهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ، فَإِذَا انْقَرَضُوا صُرِفَ إلَى إخْوَتِي الْمُحْتَاجِينَ أَوْ إلَّا أَنْ يَفْسُقَ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَيَخْتَصُّ الْأَخِيرُ، وَكَلَامُهُمَا فِي الطَّلَاقِ دَالٌّ عَلَى عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْجُمَلِ الْمُتَعَاطِفَةِ وَغَيْرِهَا وَإِنْ بَحَثَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَعُلِمَ مِمَّا قَرَرْنَاهُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الصِّفَةِ وَالِاسْتِثْنَاءِ رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ أَوْ تَوَسَّطَ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِسْقِ هُنَا ارْتِكَابُ كَبِيرَةٍ أَوْ إصْرَارٌ عَلَى صَغِيرَةٍ أَوْ صَغَائِرَ وَلَمْ تَغْلِبْ طَاعَاتُهُ مَعَاصِيَهُ وَبِالْعَدَالَةِ انْتِفَاءُ ذَلِكَ وَإِنْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِخَرْمِ مُرُوءَةٍ أَوْ تَغَفُّلٍ أَوْ نَحْوِهِمَا، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى إخْوَتِهِ لَمْ تَدْخُلْ أَخَوَاتُهُ أَوْ زَوْجَتُهُ أَوْ أُمُّ وَلَدِهِ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ بَطَلَ حَقُّهَا بِتَزَوُّجِهَا وَلَا يَعُودُ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ تَعَزَّبَتْ، بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي ابْنَتِهِ الْأَرْمَلَةِ لِأَنَّهُ أَنَاطَ اسْتِحْقَاقَهَا بِصِفَةٍ وَبِالتَّعَزُّبِ وُجِدَتْ وَتِلْكَ بِعَدَمِ التَّزَوُّجِ وَبِالتَّعَزُّبِ لَمْ يَنْتَفِ ذَلِكَ وَلِأَنَّ لَهُ غَرَضًا. فِي أَنْ لَا تَحْتَاجَ ابْنَتُهُ وَأَنْ لَا يَخْلُفَهُ أَحَدٌ عَلَى حَلِيلَتِهِ. وَأَخَذَ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ مَا دَامَ فَقِيرًا فَاسْتَغْنَى ثُمَّ افْتَقَرَ لَا يَسْتَحِقُّ لِانْقِطَاعِ الدَّيْمُومَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَمَا نَظَرَ بِهِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ النَّاظِرِ لِانْقِطَاعِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: بِأَنَّ الْعِصْمَةَ هُنَا إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا إنَّمَا أَثْبَتَ نَقِيضَ الْمَطْلُوبِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ إنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ عَوْدَهُ لِلْأَخِيرِ لَا يَعُودُ إلَيْهِ يَقْتَضِي وُقُوعَ الطَّلَاقِ لِعَدَمِ عَوْدِ الْمَشِيئَةِ إلَيْهِ، وَقَوْلُهُ بِأَنَّ الْعِصْمَةَ هُنَا مُحَقَّقَةٌ إلَخْ يَقْتَضِي عَدَمَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ، وَلَوْ قَالَ بِأَنَّ صِيغَةَ الطَّلَاقِ صَرِيحَةٌ فِي وُقُوعِهِ فَلَا يَمْنَعُهَا إلَّا مُزِيلٌ قَوِيٌّ لَكَانَ أَوْلَى فِي مُرَادِهِ. (قَوْلُهُ: فَيَخْتَصُّ بِالْأَخِيرِ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ وَكَلَامُهُمَا إلَخْ مُعْتَمَدٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْكُلِّ وَمَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: لَمْ تَدْخُلْ أَخَوَاتُهُ) وَمِثْلُهُ عَكْسُهُ، لَكِنْ فِي كَلَامِ الْمُنَاوِيِّ نَقْلًا عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْإِخْوَةِ يَشْمَلُ الْأَخَوَاتِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَخْلُفَهُ أَحَدٌ عَلَى حَلِيلَتِهِ) عِبَارَةُ حَجّ: وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ إفْتَاءُ الشَّرَفِ الْمُنَاوِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ بِعَوْدِ اسْتِحْقَاقِهَا نَظَرًا إلَى أَنَّ غَرَضَهُ بِهَذَا الشَّرْطِ احْتِيَاجُهَا وَقَدْ وُجِدَ بِتَعَزُّبِهَا وَيُوَافِقُ الْأَوَّلَ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ إلَخْ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي لِانْقِطَاعِ الدَّيْمُومَةِ: لَكِنْ فِيهِ نَظَرٌ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى الْوَضْعِ إلَخْ وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ خِلَافًا لحج. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ حَجّ لِمَا عَلَّلَ بِهِ فِي بِنْتِهِ الْأَرْمَلَةِ. ثُمَّ مَا عَلَّلَ بِهِ عَدَمَ الِاسْتِحْقَاقِ فِي الْوَلَدِ إذْ قَالَ مَا دَامَ فَقِيرًا يُؤْخَذُ أَنَّهُ إذَا قَالَ عَلَى بِنْتِي مَا دَامَتْ أَرْمَلَةَ أَنَّهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالتُّحْفَةِ وَأَمَّا تَقَدُّمُ الصِّفَةِ عَلَى الْجُمَلِ فَاسْتَبْعَدَ الْإِسْنَوِيُّ رُجُوعَهَا لِلْكُلِّ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْعِصْمَةَ هُنَا مُحَقَّقَةٌ) هَذَا يُوجِبُ رُجُوعَ الِاسْتِثْنَاءِ لِلْكُلِّ لَا عَدَمَهُ كَمَا لَا يَخْفَى، ثُمَّ إنَّ صَرِيحَ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ مَسْأَلَةَ الطَّلَاقِ الْمَذْكُورَةَ هِيَ الَّتِي اسْتَشْكَلَ بِهَا الْإِسْنَوِيُّ مَا هُنَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الَّذِي فِيهَا صِفَةٌ لَا اسْتِثْنَاءٌ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ عَقِبَ قَوْلِهِ ظَاهِرُ نَصِّهَا: وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا ذُكِرَ فِي الْمُتَوَسِّطَةِ إلَخْ، وَهَذَا كَلَامٌ مُقْتَضِبٌ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا قَبْلَهُ كَمَا لَا يَخْفَى فَتَوَهَّمَ الشَّارِحُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ فَعَبَّرَ عَنْهُ بِمَا تَرَى (قَوْلُهُ: أَوْ أُمُّ وَلَدِهِ) أَيْ كَأَنْ وَقَفَ عَلَيْهَا تَبَعًا لِمَنْ يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ أَوْ وَقَفَ عَلَيْهَا بَعْدَ مَوْتِهِ، وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ: أَيْ اسْتِقْلَالًا، وَبِهَذَا يَزُولُ التَّعَارُضُ الَّذِي تَوَهَّمَهُ الشِّهَابُ سم (قَوْلُهُ: لِانْقِطَاعِ الدَّيْمُومَةِ) اعْلَمْ أَنَّ النُّسَخَ مِنْ الشَّرْحِ فِيهَا فِي هَذَا الْمَحَلِّ سَقْطٌ، وَاَلَّذِي يُوَضِّحُهُ أَنَّ الشِّهَابَ حَجّ لَمَّا نَقَلَ أَخْذَ

الدَّيْمُومَةِ وَهُنَا لَا تَأْثِيرَ لَهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ النَّظَرِ فِي مَقَاصِدِ الْوَاقِفِينَ كَمَا مَرَّ، وَمَقْصُودُ الْوَاقِفِ هُنَا رَبْطُ الِاسْتِحْقَاقِ بِالْفَقْرِ وَإِنْ تَخَلَّلَهُ شَيْءٌ بِنَفْيِهِ غَيْرَ مُسَلَّمٍ لِأَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ مَدْلُولُ الْأَلْفَاظِ لَا عَلَى الْمَقَاصِدِ لِعَدَمِ اطِّلَاعِنَا عَلَيْهَا مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَالْعَمَلُ عَلَيْهَا، وَلَوْ وَقَفَ أَوْ أَوْصَى لِلضَّيْفِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSإذَا تَزَوَّجَتْ ثُمَّ تَعَزَّبَتْ لَا يَعُودُ اسْتِحْقَاقُهَا. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ) أَيْ قَوِيَّةٌ. [فَائِدَةٌ] قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِتَيْسِيرِ الْوُقُوفِ عَلَى غَوَامِضِ أَحْكَامِ الْوُقُوفِ فِي آخِرِ الْكِتَابِ السَّادِسِ فِي تَرْجَمَةِ مَا جَمَعَ مِنْ فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ الشَّيْخِ زَكَرِيَّا مَا نَصُّهُ: وَأَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ الْعِزِّ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالنَّوَوِيِّ حَيْثُ قَالَ الْأَوَّلُ فِي كِتَابِهِ فَوَائِدُ الْقُرْآنِ: الْوَقْفُ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فِي مَسْجِدٍ إذَا أَخَلَّ الْإِمَامُ بِصَلَاةٍ مِنْهَا مَا يَحْصُلُ لَهُ وَيَنْقُصُ بِمِقْدَارِ مَا أَخَلَّ، كَمَا لَوْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى خَمْسَةِ أَثْوَابٍ فَخَاطَ بَعْضَهَا فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تُوَزَّعُ عَلَى الْمَخِيطِ وَغَيْرِهِ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ لَا. وَالْقَاعِدَةُ أَنَّا نَتَّبِعُ فِي الْأَعْوَاضِ وَالْعُقُودِ الْمَعَانِي، وَفِي الشُّرُوطِ وَالْوَصَايَا الْأَلْفَاظَ، وَالْوَقْفُ مِنْ بَابِ الْأَرْزَاقِ وَالْإِرْصَادِ لَا مِنْ بَابِ الْمُعَاوَضَاتِ، وَالصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي التُّرَبِ شُرُوطٌ لَا أَعْوَاضٌ، فَمَنْ أَتَى بِجَمِيعِ أَجْزَاءِ الشَّرْطِ إلَّا جُزْءًا فَلَا شَيْءَ لَهُ أَلْبَتَّةَ لِأَنَّهُ يَتَحَقَّقُ مِنْهُ مَفْهُومُ الشَّرْطِ مِنْهُ وَكَذَا وَقْفُ الْمَدَارِسِ إذَا قَالَ الْوَاقِفُ أَوْ شَهِدَ الْعُرْفُ أَنَّ مَنْ يَشْتَغِلُ شَهْرًا فَلَهُ دِينَارٌ فَاشْتَغَلَ أَقَلَّ مِنْهُ وَلَوْ بِيَوْمٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَمْ تُوَزَّعْ الْجَامَكِيَّةُ عَلَى قَدْرِ مَا يَشْتَغِلُ بِهِ انْتَهَى. وَقَالَ الثَّانِي فِي التِّبْيَانِ: يَنْبَغِي أَنْ يُحَافِظَ عَلَى قِرَاءَةِ الْبَسْمَلَةِ فِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ، إلَّا " بَرَاءَةٌ " فَإِنَّ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءِ قَالَ: إنَّهَا آيَةٌ، فَإِذَا قَرَأَهَا كَانَ مُتَيَقِّنًا قِرَاءَةَ الْخِتْمَةِ أَوْ السُّورَةِ، وَإِذَا أَخَلَّ بِهَا كَانَ تَارِكًا لِبَعْضِ الْقُرْآنِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ، فَإِنْ كَانَتْ الْقِرَاءَةُ فِي وَظِيفَةٍ عَلَيْهَا جُعِلَ كَالْأَسْبَاعِ وَكَالْأَجْزَاءِ الَّتِي عَلَيْهَا أَوْقَافٌ وَأَرْزَاقٌ كَانَ الِاعْتِنَاءُ بِهَا أَشَدَّ لِيَسْتَحِقَّ مَا يَأْخُذُهُ يَقِينًا، فَإِنَّهُ إذَا أَخَلَّ بِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا مِنْ الْوَقْفِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ: إنَّهَا مِنْ أَوَائِلِ السُّوَرِ، وَهَذِهِ دَقِيقَةٌ يَتَأَكَّدُ الِاعْتِنَاءُ بِهَا وَإِشَاعَتُهَا انْتَهَى. فَهَلْ كَلَامُهُمَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ أَرْبَابَ الْوَظَائِفِ إذَا أَخَلَّ أَحَدُهُمْ بِيَوْمٍ مِنْ الشَّهْرِ أَوْ السَّنَةِ يَسْقُطُ مَعْلُومُ جَمِيعِ الشَّهْرِ أَوْ السَّنَةِ؟ فَأَجَابَ: كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ التَّوْزِيعِ فِيمَا ذُكِرَ وَأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا وَهُوَ اخْتِيَارٌ لَهُ يَلِيقُ بِالْمُتَوَرَّعِينَ وَكَلَامُ النَّوَوِيِّ خَاصٌّ بِمَا إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ قِرَاءَةَ قَدْرٍ مُعَيَّنٍ، فَإِذَا أَخَلَّ مِنْهُ بِشَيْءٍ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا لِمَا أَخَلَّ بِهِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا مِنْ الْوَقْفِ وَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّهُ فِي غَايَةِ الضِّيقِ وَيُؤَدِّي إلَى مَحْذُورٍ، فَإِنَّ أَحَدًا لَا يُمْكِنُهُ أَنْ لَا يُخِلَّ بِيَوْمٍ وَلَا بِصَلَاةٍ إلَّا نَادِرًا، وَلَا يَقْصِدُ الْوَاقِفُونَ ذَلِكَ. وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالَ: وَأَمَّا مَنْ أَخَلَّ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ فَيَنْظُرُ فِي كَيْفِيَّةِ اشْتِرَاطِ الشَّرْطِ الَّذِي أَخَلَّ بِهِ، فَإِنْ كَانَ مُقْتَضَاهُ تَقْيِيدَ الِاسْتِحْقَاقِ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ بِالْقِيَامِ بِهِ فِيهَا سَقَطَ اسْتِحْقَاقُهُ فِيهَا، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَشْرُوطًا عَلَى وَجْهٍ يَكُونُ تَرْكُهُ فِيهَا إخْلَالًا بِالْمَشْرُوطِ، فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْحُضُورَ كُلَّ يَوْمٍ فَلَا يَسْقُطُ اسْتِحْقَاقُهُ فِيهَا وَحَيْثُ سَقَطَ لَا يُتَوَهَّمُ سُقُوطُهُ فِي آخِرِ الْأَيَّامِ. قَالَ: وَأَمَّا الْبَطَالَةُ فِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ وَرَمَضَانَ فَمَا وَقَعَ مِنْهَا فِي رَمَضَانَ وَنِصْفِ شَعْبَانَ لَا يَمْنَعُ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ حَيْثُ لَمْ يَنُصَّ الْوَاقِفُ عَلَى اشْتِرَاطِ الْحُضُورِ فِيهَا، وَمَا وَقَعَ قَبْلَهَا يَمْنَعُ، إذْ لَيْسَ فِيهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِسْنَوِيِّ الْمَذْكُورَ قَالَ عَقِبَهُ مَا نَصُّهُ: لَكِنْ فِيهِ نَظَرٌ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ الْقَاضِي بِانْقِطَاعِ الدَّيْمُومَةِ، وَهُنَا لَا تَأْثِيرَ لَهُ إلَى آخِرِ مَا فِي الشَّارِحِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّارِحَ ذَكَرَ عَقِبَ كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ نَحْوَ قَوْلِهِ وَالتَّنْظِيرُ فِيهِ بِأَنْ يُفَرَّقَ إلَى آخِرِ تَنْظِيرِ الشِّهَابِ حَجّ، فَيَكُونُ قَوْلُهُ: غَيْرَ مُسَلَّمٍ خَبَرَ الْمُبْتَدَأِ الَّذِي حُذِفَ مِنْ النُّسَخِ مَعَ تَنْظِيرِ الشِّهَابِ حَجّ فَلْتُرَاجَعْ نُسْخَةٌ صَحِيحَةٌ.

[فصل في أحكام الوقف المعنوية]

صُرِفَ لِلْوَارِدِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ الْعُرْفُ وَلَا يُزَادُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُطْلَقًا، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْفَقْرِ فِيهِ أَوْ وَقَفَ جَمِيعَ أَمْلَاكِهِ عَلَى كَذَا، فَالْأَوْجَهُ شُمُولُهُ لِجَمِيعِ مَا فِي مِلْكِهِ مِمَّا يَصِحُّ وَقْفُهُ، وَإِنْ أَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِاخْتِصَاصِهِ بِالْعَقَارِ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ لِلذِّهْنِ. . (الْأَظْهَرُ أَنَّ) (الْمِلْكَ فِي رَقَبَةِ الْمَوْقُوفِ) عَلَى مُعَيَّنٍ أَوْ جِهَةٍ (يَنْتَقِلُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى) (أَيْ) تَفْسِيرٌ لِمَعْنَى الِانْتِقَالِ إلَيْهِ تَعَالَى، وَإِلَّا فَكُلُّ الْمَوْجُودَاتِ بِأَثْرِهَا مِلْكٌ لَهُ. فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ، وَغَيْرُهُ إنْ سَمَّى مَالِكًا فَإِنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ التَّوَسُّعِ (يَنْفَكُّ عَنْ اخْتِصَاصِ الْآدَمِيِّينَ) كَالْعِتْقِ وَإِنَّمَا ثَبَتَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ دُونَ بَقِيَّةِ حُقُوقِهِ تَعَالَى لِأَنَّ الْمَقْصُودَ رِيعُهُ وَهُوَ حَقٌّ آدَمِيٌّ (فَلَا يَكُونُ لِلْوَاقِفِ) وَفِي قَوْلٍ يَمْلِكُهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَزَالَ مِلْكَهُ عَنْ فَوَائِدِهِ (وَلَا لِلْمَوْقُوفِ ـــــــــــــــــــــــــــــSعُرْفٌ مُسْتَمِرٌّ. وَلَا يَخْفَى الِاحْتِيَاطُ، وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ نَحْوَهُ فَقَالَ: لَوْ وَرَدَتْ الْجَعَالَةُ عَلَى شَيْئَيْنِ يَنْفَكُّ أَحَدُهُمْ عَنْ الْآخَرِ كَقَوْلِهِ مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ كَذَا فَرَدَّ أَحَدُهُمَا اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْجُعْلِ. قَالَ: وَعَلَيْهِ يَخْرُجُ غَيْبَةُ الطَّالِبِ عَنْ الدَّرْسِ بَعْضَ الْأَيَّامِ إذْ قَالَ الْوَاقِفُ مَنْ حَضَرَ شَهْرَ كَذَا فَلَهُ كَذَا، فَإِنَّ الْأَيَّامَ كَالْعَبِيدِ فَإِنَّهَا أَشْيَاءُ مُتَفَاضِلَةٌ فَيَسْتَحِقُّ بِقِسْطِ مَا حَضَرَ فَتَفَطَّنْ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ مِمَّا يُغْلَطُ فِيهِ انْتَهَى. [فَائِدَةٌ] لَا يَسْتَحِقُّ ذُو وَظِيفَةٍ كَقِرَاءَةٍ أَخَلَّ بِهَا فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: إنْ أَخَلَّ وَاسْتَنَابَ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ أَوْ حَبْسٍ بَقِيَ اسْتِحْقَاقُهُ وَإِلَّا لَمْ يَسْتَحِقَّ لِمُدَّةِ الِاسْتِنَابَةِ فَأَفْهَمَ بَقَاءَ أَثَرِ اسْتِحْقَاقِهِ لِغَيْرِ مُدَّةِ الْإِخْلَالِ، وَهُوَ مَا اعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ كَابْنِ الصَّلَاحِ فِي كُلِّ وَظِيفَةٍ تَقْبَلُ الْإِنَابَةَ كَالتَّدْرِيسِ، بِخِلَافِ التَّعَلُّمِ. قِيلَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ جَوَازُ اسْتِنَابَةِ الْأَدْوَنِ، لَكِنْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْمِثْلِ، وَالْكَلَامُ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْبَطَالَةِ وَالْعِبْرَةُ فِيهَا بِنَصِّ الْوَاقِفِ وَإِلَّا فَبِعُرْفِ زَمَنِهِ الْمُطَّرِدِ الَّذِي عَرَفَهُ، وَإِلَّا فَبِعَادَةِ مَحَلِّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ اهـ حَجّ. وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمُعَلِّمَ فِي سَنَةٍ لَا يُعْطَى مِنْ غَلَّةِ غَيْرِهَا وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مِنْ الْأُولَى شَيْءٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَلَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ شَرْطِ الْوَاقِفِ أَوْ قَرَائِنِ حَالِهِ الظَّاهِرَةِ فِيهِ انْتَهَى لَهُ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: صُرِفَ لِلْوَارِدِ) أَيْ سَوَاءٌ جَاءَ قَاصِدًا لِمَنْ نَزَلَ عَلَيْهِ أَوْ اتَّفَقَ نُزُولُهُ عِنْدَهُ لِمُجَرَّدِ مُرُورِهِ عَلَى الْمَحَلِّ وَاحْتِيَاجِهِ لِمَحَلٍّ يَأْمَنُ فِيهِ عَلَى نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا إلَخْ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ عَرَضَ لَهُ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ السَّفَرِ كَمَرَضٍ أَوْ خَوْفٍ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْفَقْرِ فِيهِ) أَيْ وَيَجِبُ عَلَى النَّاظِرِ رِعَايَةُ الْمَصْلَحَةِ لِغَرَضِ الْوَاقِفِ، فَلَوْ كَانَ الْبَعْضُ فُقَرَاءَ وَالْبَعْضُ أَغْنِيَاءَ وَلَمْ تَفِ الْغَلَّةُ الْحَاصِلَةُ بِهِمَا قُدِّمَ الْفَقِيرُ. (فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ الْمَعْنَوِيَّةِ (قَوْلُهُ: لِمَعْنَى الِانْتِقَالِ) أَيْ لِلْمَعْنَى الْمَقْصُودِ بِالِانْتِقَالِ. (قَوْلُهُ: بِطَرِيقِ التَّوَسُّعِ) أَيْ وَالْمِلْكُ الْحَقِيقِيُّ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى، لَكِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَمَّا أَذِنَ فِي التَّصَرُّفِ فِيهِ لِمَنْ هُوَ فِي يَدِهِ بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيِّ رَتَّبَ عَلَيْهِ أَحْكَامًا خَاصَّةً كَالْقَطْعِ بِسَرِقَتِهِ وَوُجُوبِ رَدِّهِ عَلَى مَنْ غُصِبَ مِنْهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا ثَبَتَ) أَيْ الْوَقْفُ بِشَاهِدٍ إلَخْ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ ثُبُوتُهُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَاخْتِلَافُهُمْ فِي الثَّابِتِ بِالِاسْتِفَاضَةِ هَلْ تَثْبُتُ بِهَا شُرُوطُهُ أَوْ لَا ثُبُوتَ لِشُرُوطِهِ أَيْضًا فِي الْأَوَّلِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْ الِاسْتِفَاضَةِ وَإِنْ كَانَ فِي كُلِّ خِلَافٍ اهـ حَجّ. وَقَوْلُ حَجّ: وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ الْمَعْنَوِيَّةِ]

عَلَيْهِ) وَقِيلَ يَمْلِكُهُ كَالصَّدَقَةِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا يَقْصِدُ بِهِ تَمَلُّكَ رِيعِهِ، بِخِلَافِ مَا هُوَ تَحْرِيرُ نَصٍّ كَالْمَسْجِدِ وَالْمَقْبَرَةِ وَكَذَا الرُّبُطُ وَالْمَدَارِسُ، وَلَوْ شَغَلَ الْمَسْجِدَ بِأَمْتِعَتِهِ وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ لَهُ، وَإِفْتَاءُ ابْنِ رَزِينٍ بِأَنَّهَا لِمَصَالِح الْمُسْلِمِينَ مَرْدُودٌ كَمَا مَرَّ. (وَمَنَافِعُهُ مِلْكٌ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) لِأَنَّ ذَلِكَ مَقْصُودُهُ (يَسْتَوْفِيهَا بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ بِإِعَارَةٍ وَإِجَارَةٍ) إنْ كَانَ نَاظِرًا وَإِلَّا امْتَنَعَ عَلَيْهِ نَحْوُ الْإِجَارَةِ لِتَعَلُّقِهَا بِالنَّاظِرِ أَوْ نَائِبِهِ، وَذَلِكَ كَسَائِرِ الْأَمْلَاكِ، وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَشْرِطْ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ، وَمِنْهُ وَقَفَ دَارِهِ عَلَى أَنْ يَسْكُنَهَا مُعَلِّمُ الصِّبْيَانِ أَوْ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ فَيُمْتَنَعُ غَيْرُ سُكْنَاهُ، وَمَا نُقِلَ عَنْ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ لَمَّا وَلِيَ دَارَ الْحَدِيثِ وَبِهَا قَاعَةٌ لِلشَّيْخِ أَسْكَنَهَا غَيْرَهُ اخْتِيَارٌ لَهُ، أَوْ لَعَلَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ أَنَّ الْوَاقِفَ نَصَّ عَلَى سُكْنَى الشَّيْخِ، وَلَوْ خَرِبَتْ وَلَمْ يَعْمُرْهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَوْ جَرَتْ لِلضَّرُورَةِ بِمَا تَعْمُرُ بِهِ، إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَقْفِ مَا يَعْمُرُ بِهِ سِوَى الْأُجْرَةِ الْمُعَجَّلَةِ، وَذَكَرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ مَا نَقَصَهُ الِانْتِفَاعُ مِنْ عَيْنِ الْمَوْقُوفِ كَرَصَاصِ الْحَمَّامِ فَيَشْتَرِي مِنْ أُجْرَتِهِ بَدَلَ مَا فَاتَ. قَالَ الدَّمِيرِيِّ: وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِي كَوْنِهِ يَمْلِكُهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ نَظَرٌ. وَلَوْ وَقَفَ أَرْضًا غَيْرَ مَغْرُوسَةٍ عَلَى مُعَيَّنٍ امْتَنَعَ عَلَيْهِ غَرْسُهَا إلَّا إنْ نَصَّ الْوَاقِفُ عَلَيْهِ أَوْ شَرَطَ لَهُ جَمِيعَ الِانْتِفَاعَاتِ كَمَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ، وَمِثْلُ الْغَرْسِ الْبِنَاءُ، وَلَا يَبْنِي مَا كَانَ مَغْرُوسًا ـــــــــــــــــــــــــــــSثُبُوتُ شُرُوطِهِ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ: وَإِنَّمَا ثَبَتَ إلَخْ، هُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا أَمَّا إنْ كَانَ جِهَةً عَامَّةً أَوْ نَحْوَ مَسْجِدٍ فَفِي الثُّبُوتِ بِمَا ذُكِرَ نَظَرٌ لِأَنَّ الْجِهَةَ لَا يَتَأَتَّى الْحَلِفُ مِنْهَا وَالنَّاظِرُ فِي حَلِفِهِ إثْبَاتُ الْحَقِّ لِغَيْرِهِ بِيَمِينِهِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا الرُّبُطُ وَالْمَدَارِسُ) أَيْ فَإِنَّ الْمِلْكَ فِيهَا لِلَّهِ تَعَالَى. (قَوْلُهُ: وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ لَهُ) أَيْ لِلْمَسْجِدِ تُصْرَفُ عَلَى مَصَالِحِهِ. (قَوْلُهُ: بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ) مَحَلُّهُ حَيْثُ كَانَ الْوَقْفُ لِلِاسْتِغْلَالِ كَمَا يَأْتِي فِي الْفَصْلِ الْآتِي. أَمَّا لَوْ وَقَفَهُ لِيَنْتَفِعَ بِهِ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ اسْتَوْفَاهَا لِنَفْسِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ، وَلَيْسَ لَهُ إعَارَةٌ وَلَا إجَارَةٌ عَلَى مَا يَأْتِي كَالْعَارِيَّةِ اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: فَيُمْتَنَعُ غَيْرُ سُكْنَاهُ) أَيْ فَلَوْ تَعَذَّرَ سُكْنَى مَنْ شُرِطَتْ لَهُ كَأَنْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ إلَى خُرُوجِهِ مِنْ بَلَدِ الْوَقْفِ أَوْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ امْرَأَةً وَلَمْ يَرْضَ زَوْجُهَا بِسُكْنَاهَا فِي الْمَحَلِّ الْمَشْرُوطِ لَهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَمُنْقَطِعِ الْوَسَطِ فَيُصْرَفُ لِأَقْرَبِ رَحِمِ الْوَاقِفِ مَا دَامَ الْعُذْرُ مَوْجُودًا، وَلَا تَجُوزُ لَهُ إجَارَتُهُ لِبُعْدِ الْإِجَارَةِ عَنْ غَرَضِ الْوَاقِفِ مِنْ السُّكْنَى. [فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ بَيْتًا عَلَى نَفْسِهِ أَيَّامَ حَيَاتِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى إخْوَتِهِ ثُمَّ إنَّهُ شَرَطَ فِي وَقْفِهِ شُرُوطًا: مِنْهَا أَنَّ لِزَوْجَتِهِ السَّكَنَ وَالْإِسْكَانَ مُدَّةَ حَيَاتِهَا عَازِبَةً كَانَتْ أَوْ مُتَزَوِّجَةً فَهَلْ تَسْتَحِقُّ الزَّوْجَةُ الْمَذْكُورَةُ السَّكَنَ وَالْإِسْكَانَ لِجَمِيعِ الْبَيْتِ دُونَ الْإِخْوَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ أَمْ لَا؟ وَأَجَابَ عَنْهُ شَيْخُنَا بِمَا صَوَّرْته: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَيْثُ حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ يَرَاهُ صَارَ مَذْهَبُنَا تَابِعًا لِمَذْهَبِهِ فَتَسْتَحِقُّ الزَّوْجَةُ الْمَذْكُورَةُ السُّكْنَى وَالْإِسْكَانَ، فَإِنْ اتَّفَقَ اسْتِيعَابُهَا الْبَيْتَ الْمَذْكُورَ فَلَا حَقَّ لِإِخْوَةٍ مَعَهَا فِي الْبَيْتِ فَلَا يُزَاحِمُونَهَا فِي شَيْءٍ مِنْهُ مَا دَامَتْ سَاكِنَةً أَوْ مُسْكَنَةً لَا بِأَنْفُسِهِمْ وَلَا بِإِيجَارِهِمْ لِغَيْرِهِمْ، وَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ مِنْ الْبَيْتِ يَزِيدُ عَلَى مَا هِيَ مُنْتَفِعَةٌ بِهِ كَانَ لَهُمْ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَإِذَا أَعْرَضَتْ عَنْ الْمَحَلِّ أَوْ مَنَعَهَا مِنْ الِانْتِفَاعِ مَانِعٌ كَانَ الْحَقُّ لَهُمْ مَا دَامَتْ تَارِكَةً لَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَرِبَتْ) أَيْ الدَّارُ الْمَوْقُوفَةُ عَلَى مُعَلِّمِ الصِّبْيَانِ، وَقَوْلُهُ وَلَمْ يُعَمِّرْهَا أَيْ تَبَرُّعًا. (قَوْلُهُ: وَفِي كَوْنِهِ) أَيْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ يَمْلِكُهَا: أَيْ الْأَجْزَاءَ الْفَائِتَةَ إذَا بَقِيَ لَهَا صُورَةٌ، وَقَوْلُهُ نَظَرًا لِأَقْرَبِ الْمِلْكِ. (قَوْلُهُ: امْتَنَعَ عَلَيْهِ غَرْسُهَا) أَيْ وَيَنْتَفِعُ بِهَا فِيمَا تَصْلُحُ لَهُ غَيْرَ مَغْرُوسَةٍ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْغَرْسِ الْبِنَاءُ) أَيْ فَلَوْ وَقَفَ أَرْضًا خَالِيَةً مِنْ الْبِنَاءِ لَا يَجُوزُ بِنَاؤُهَا مَا لَمْ يَشْرِطْ لَهُ جَمِيعَ الِانْتِفَاعَاتِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ وَقَفَ شَخْصٌ دَارًا كَانَتْ مُشْتَمِلَةً عَلَى أَمَاكِنَ وَخَرِبَ بَعْضُهَا قَبْلَ الْوَقْفِيَّةِ فَيَنْبَغِي جَوَازُ بِنَاءِ مَا كَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ لَهُ) أَيْ: لِلْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ: فِي بَابِ الْغَصْبِ

وَعَكْسُهُ، وَضَابِطُهُ أَنَّهُ يُمْتَنَعُ كُلُّ مَا غَيْرَ الْوَقْفِ بِالْكُلِّيَّةِ عَنْ اسْمِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ حَالَ الْوَقْفِ، بِخِلَافِ مَا يَبْقَى الِاسْمُ مَعَهُ. نَعَمْ إنْ تَعَذَّرَ الْمَشْرُوطُ جَازَ إبْدَالُهُ كَمَا سَيَأْتِي، وَأَفْتَى الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ فِي عُلُوِّ وَقْفٍ أَرَادَ النَّاظِرُ هَدْمَ وَاجِهَتِهِ وَإِخْرَاجِ رَوَاشِنَ لَهُ فِي هَوَاءِ الشَّارِعِ بِامْتِنَاعِ ذَلِكَ إنْ كَانَتْ الْوَاجِهَةُ صَحِيحَةً أَوْ غَيْرَهَا وَأَضَرَّ بِجِدَارِ الْوَقْفِ، وَإِلَّا جَازَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَصْرِفَ عَلَيْهِ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ إلَّا مَا يَصْرِفُ فِي إعَادَتِهِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وَمَا زَادَ فِي مَالِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ تُمْتَنَعْ الزِّيَادَةُ مُطْلَقًا لِأَنَّهَا لَا تُغَيِّرُ مَعَالِمَ الْوَقْفِ (وَيَمْلِكُ الْأُجْرَةَ) لِأَنَّهَا بَدَلُ الْمَنَافِعِ الْمَمْلُوكَةِ لَهُ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُعْطِي جَمِيعَ الْأُجْرَةِ الْمُعَجَّلَةِ وَلَوْ لِمُدَّةٍ لَا يَحْتَمِلُ بَقَاؤُهُ إلَى انْقِضَائِهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ فِي الْإِجَارَةِ (وَ) يَمْلِكُ (فَوَائِدَهُ) أَيْ الْمَوْقُوفُ (كَثَمَرَةٍ) وَمِنْ ثَمَّ لَزِمَهُ زَكَاتُهَا كَمَا مَرَّ بِقَيْدِهِ فِي بَابِهَا، وَمِثْلُهَا غُصْنٌ وَوَرَقُ تُوتٍ اُعْتِيدَ قَطْعُهُمَا أَوْ شَرَطَ وَلَمْ يُؤَدِّ قَطْعُهُ لِمَوْتِ أَصْلِهِ، وَالثَّمَرَةُ الْمَوْجُودَةُ حَالَ الْوَقْفِ لِلْوَاقِفِ إنْ كَانَتْ مُؤَبَّرَةً، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ أَرْجَحُهُمَا أَنَّهَا مَوْقُوفَةٌ كَالْحَمْلِ الْمُقَارَنِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَقَدْ بَرَزَتْ ثَمَرَةُ النَّخْلِ فَهِيَ مِلْكُهُ، أَوْ وَقَدْ حُمِلَتْ الْمَوْقُوفَةُ فَالْحَمْلُ لَهُ، أَوْ وَقَدْ زُرِعَتْ الْأَرْضُ فَالزَّرْعُ لِذِي الْبَذْرِ، فَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ لَهُ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ وَلِمَنْ بَعْدَهُ أُجْرَةُ بَقَائِهِ فِي الْأَرْضِ، وَأَفْتَى جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ فِي نَخْلٍ وُقِفَ مَعَ أَرْضِهِ ثُمَّ حَدَثَ مِنْهَا وَدْيٌ بِأَنْ تِلْكَ الْوُدِّيَّةَ خَارِجَةٌ مِنْ أَصْلِ النَّخْلِ جُزْءٌ مِنْهَا فَلَهَا حُكْمُ أَغْصَانِهَا، وَسَبَقَهُمْ لِنَحْوِ ذَلِكَ السُّبْكِيُّ فَإِنَّهُ أَفْتَى فِي أَرْضِ وَقْفٍ وَبِهَا شَجَرُ مَوْزٍ فَزَالَتْ بَعْدَ أَنْ نَبَتَ مِنْ أُصُولِهَا فِرَاخٌ، وَفِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ كَذَلِكَ وَهَكَذَا بِأَنَّ الْوَقْفَ يَنْسَحِبُ عَلَى كُلِّ مَا نَبَتَ مِنْ تِلْكَ الْفِرَاخِ الْمُتَكَرِّرَةِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى إنْشَائِهِ، وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ لَهُ فِي بَدَلِ عَبْدٍ قُتِلَ لِفَوَاتِ الْمَوْقُوفِ بِالْكُلِّيَّةِ (وَصُوفٍ) وَشَعْرٍ وَوَبَرٍ وَرِيشٍ وَبَيْضٍ (وَلَبَنٍ وَكَذَا الْوَلَدُ) الْحَادِثُ بَعْدَ الْوَقْفِ مِنْ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ كَوَلَدِ أَمَةٍ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا (فِي الْأَصَحِّ) كَالثَّمَرَةِ. أَمَّا إذَا كَانَ حَمْلًا حَالَ الْوَقْفِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمُنْهَدِمًا فِيهَا حَيْثُ لَمْ يَضُرَّ بِالْعَامِرِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ رِضَا الْوَاقِفِ بِمِثْلِ هَذَا (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ ضَرَبَ أَمْ لَا، وَقَوْلُهُ لِأَنَّهَا أَيْ هَذِهِ الْخَصْلَةَ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُؤَدِّ قَطْعُهُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ رُجُوعُهُ إلَى أَوْ شَرَطَ أَيْضًا اهـ سم عَلَى حَجّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْعَمَلَ بِالشَّرْطِ إنَّمَا يَجِبُ حَيْثُ لَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ مَانِعٌ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ مُؤَبَّرَةً) لَوْ صَرَّحَ بِإِدْخَالِ الْمُؤَبَّرَةِ فِي الْوَقْفِ هَلْ يَصِحُّ تَبَعًا لِلشَّجَرَةِ، وَعَلَيْهِ هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَتَّحِدَ عَقْدُ الْوَقْفِ وَيَتَأَخَّرَ وَقْفُ الثَّمَرَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَالَ م ر: يَصِحُّ وَيُشْتَرَطُ مَا ذُكِرَ فَلِيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: مَوْقُوفَةٌ كَالْحَمْلِ) لَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَهَا حِينَئِذٍ وَأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ أَخْذَ عَيْنِ الْوَقْفِ فَمَاذَا يَفْعَلُ بِهَا؟ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا تُبَاعُ وَيَشْتَرِي بِثَمَنِهَا شَجَرَةً أَوْ شِقْصًا وَيُوقَفُ كَالْأَصْلِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ فَفِي الْبَيْضِ إذَا شَمَلَهُ الْوَقْفُ يَشْتَرِي بِهِ دَجَاجَةً أَوْ شِقْصَهَا وَفِي اللَّبَنِ كَذَلِكَ يَشْتَرِي بِهِ شَاةً أَوْ شِقْصَهَا. وَأَمَّا الصُّوفُ فَيُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ فَلَا يَبْعُدُ امْتِنَاعُ بَيْعِهِ وَيُنْتَفَعُ بِعَيْنِهِ ثُمَّ يُحْتَمَلُ جَوَازُ غَزْلِهِ وَنَسْجِهِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ مَنْسُوجًا فَلِيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ. [فَائِدَةٌ] الْمَوْقُوفُ عَلَى الْمَدَارِسِ أَوْ عَلَى نَحْوِ الْأَوْلَادِ وَشَرَطَ الْوَاقِفُ تَقْسِيطَهُ عَلَى الْمُدَّةِ فَهُنَا تُقَسَّطُ الْغَلَّةُ كَالثَّمَرَةِ عَلَى الْمُدَّةِ فَيُعْطِي مِنْهُ وَرَثَةُ مَنْ مَاتَ قِسْطَ مَا بَاشَرَهُ أَوْ عَاشَهُ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ الْغَلَّةُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: فَالْحَمْلُ لَهُ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْبَطْنُ الَّذِي انْتَقَلَ إلَيْهِ غَيْرَ الْوَارِثِ. أَمَّا هُوَ فَتَسْقُطُ الْأُجْرَةُ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ لَهُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ فَالزَّرْعُ لَهُ وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ، فَإِنْ كَانَ النَّاظِرُ قَبَضَهَا وَدَفَعَا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لِاسْتِحْقَاقِهِ إيَّاهَا رَجَعَ عَلَى تَرِكَتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَرْجَحُهُمَا أَنَّهَا مَوْقُوفَةٌ) قَالَ الشِّهَابُ سم: وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ عَدَمُ صِحَّةِ وَقْفِ الطَّعَامِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِيمَا كَانَ اسْتِقْلَالًا لَا بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الشَّارِحِ احْتِمَالَ أَنَّهَا تُبَاعُ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهَا شَجَرَةٌ أَوْ شِقْصُهَا وَيُوقَفُ كَالْأَصْلِ

فَهُوَ وَقْفٌ كَمَا مَرَّ وَوَلَدُ الْأَمَةِ مِنْ شُبْهَةِ حُرٍّ فَعَلَى أَبِيهِ قِيمَتُهُ وَيَمْلِكُهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ (وَالثَّانِي يَكُونُ وَقْفًا) تَبَعًا لِأُمِّهِ كَوَلَدِ الْأُضْحِيَّةِ وَمَحَلِّهِ فِي غَيْرِ مَا حُبِسَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمَّا هُوَ فَوَلَدُهُ وَقْفٌ كَأَصْلِهِ هَذَا إنْ أَطْلَقَ أَوْ شَرَطَ ذَلِكَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَالْمَوْقُوفَةُ عَلَى رُكُوبِ إنْسَانٍ فَوَائِدُهَا لِلْوَاقِفِ كَمَا رَجَّحَاهُ وَإِنْ نُوزِعَا فِيهِ. (وَلَوْ) (مَاتَتْ الْبَهِيمَةُ) الْمَوْقُوفَةُ (اخْتَصَّ بِجِلْدِهَا) لِكَوْنِهِ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يُدْبَغْ وَلَوْ بِنَفْسِهِ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ وَإِلَّا عَادَ وَقْفًا، وَلَوْ أَشْرَفَتْ مَأْكُولَةٌ عَلَى الْمَوْتِ فَإِنْ قُطِعَ بِمَوْتِهَا جَازَ ذَبْحُهَا لِلضَّرُورَةِ، وَهَلْ يَفْعَلُ الْحَاكِمُ بِلَحْمِهَا مَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً أَوْ يُبَاعُ وَيَشْتَرِي بِثَمَنِهِ دَابَّةً مِنْ جِنْسِهَا وَتُوقَفُ؟ وَجْهَانِ رَجَّحَ ابْنُ الْمُقْرِي أَوَّلَهُمَا، وَخَيَّرَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ بَيْنَهُمَا. قَالَ الشَّيْخُ: وَالْأَوَّلُ أَوْلَى بِالتَّرْجِيحِ إذْ لَيْسَ تَخْيِيرُ الْحَاكِمِ تَخْيِيرَ تَشَهٍّ وَإِنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً، وَإِنْ لَمْ يَقْطَعْ بِمَوْتِهَا لَمْ يَجُزْ ذَبْحُهَا وَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ الِانْتِفَاعِ كَمَا لَا يَجُوزُ إعْتَاقُ الْعَبْدِ الْمَوْقُوفِ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا حَيَّةً وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا صَحَّحَهُ الْمَحَامِلِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ، وَذَهَبَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَى الْجَوَازِ، وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى مَا إذَا اقْتَضَتْهُ الْمَصْلَحَةُ، فَلَوْ تَعَذَّرَ جَمِيعُ ذَلِكَ صُرِفَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ. (وَلَهُ) (مَهْرُ الْجَارِيَةِ) الْمَوْقُوفَةِ عَلَيْهِ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا (إذَا وُطِئَتْ) مِنْ غَيْرِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (بِشُبْهَةٍ) مِنْهَا كَأَنْ كَانَتْ مُكْرَهَةً أَوْ مُطَاوَعَةً لَا يُعْتَدُّ بِفِعْلِهَا لِصِغَرٍ أَوْ اعْتِقَادِ حِلٍّ وَعُذِرَتْ (أَوْ نِكَاحٍ) لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْفَوَائِدِ، هَذَا (إنْ صَحَّحْنَاهُ) أَيْ نِكَاحُهَا (وَهُوَ الْأَصَحُّ) لِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ فَلَمْ يَمْنَعْهُ الْوَقْفُ كَالْإِجَارَةِ، وَكَذَا إنْ لَمْ نُصَحِّحْهُ لِأَنَّهُ وَطْءُ شُبْهَةٍ هُنَا أَيْضًا، وَالْمُزَوِّجُ لَهَا الْحَاكِمُ بِإِذْنِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ وُقِفَتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ انْفَسَخَ نِكَاحُهُ وَخَرَجَ بِالْمَهْرِ أَرْشُ الْبَكَارَةِ فَهُوَ كَأَرْشِ طَرَفِهَا، وَلَا يَحِلُّ لِلْوَاقِفِ وَلَا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا، وَيُحَدُّ الْأَوَّلُ بِهِ كَمَا حَكَى عَنْ الْأَصْحَابِ، وَكَذَا الثَّانِي كَمَا رَجَّحَاهُ هُنَا ـــــــــــــــــــــــــــــSبِقِسْطِ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ وَقْفٌ كَمَا مَرَّ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ اسْتَثْنَاهُ حَالَ الْوَقْفِ احْتَمَلَ بُطْلَانَ الْوَقْفِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ قَالَ بِعْتهَا إلَّا حَمْلَهَا. (قَوْلُهُ: وَوَلَدُ الْأَمَةِ) أَيْ الْمَوْقُوفَةِ وَهُوَ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا. (قَوْلُهُ: فَوَلَدُهُ وَقْفٌ) أَيْ مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ وَقْفٍ (قَوْلُهُ: فَالْمَوْقُوفَةُ عَلَى رُكُوبِ إنْسَانٍ إلَخْ) لَوْ احْتَاجَ إلَى رُكُوبِهَا فِي سَفَرٍ هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهَا وَالسَّفَرُ بِهَا وَإِنْ فَوَّتَ عَلَى الْوَاقِفُ فَوَائِدَهَا كَالدَّرِّ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ اسْتِحْقَاقُ الرُّكُوبِ الْأَوَّلِ حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدُوهُ بِبَلَدِ الْوَاقِفِ. (قَوْلُهُ: فَوَائِدُهَا لِلْوَاقِفِ) أَيْ وَمُؤَنُهَا عَلَيْهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ مِنْهَا لِلْمُسْتَحِقِّ إلَّا الرُّكُوبَ فَكَأَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِهِ. (قَوْلُهُ: جَازَ ذَبْحُهَا إلَخْ) [فَرْعٌ] لَوْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي بَيْعِهَا حَيَّةً فَبَاعَهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِي خِلَافِهِ فَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ ضَمَانِ النَّقْصِ بِالذَّبْحِ بَلْ يُبَاعُ اللَّحْمُ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ مِثْلُهَا أَوْ شِقْصٌ مِنْهُ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: قَالَ الشَّيْخُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ وَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا إلَخْ مُعْتَمَدٌ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: صُرِفَ) أَيْ الْمَوْقُوفُ. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) كَأَنَّهُ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَلَا يَجِبُ بِوَطْئِهِ مَهْرٌ إذْ لَوْ وَجَبَ وَجَبَ لَهُ وَالْإِنْسَانُ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ شَيْءٌ فَلِيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: لَوْ وَقَفَتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ) وَمِثْلُهُ عَكْسُهُ (قَوْلُهُ: انْفَسَخَ نِكَاحُهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ إنْ قَبِلَ عَلَى الْقَوْلِ بِاشْتِرَاطِ الْقَبُولِ وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ، وَعَلَيْهِ لَوْ رَدَّ بَعْدَ ذَلِكَ اتَّجَهَ الْحُكْمُ بِبُطْلَانِ الْفَسْخِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَأَرْشِ طَرَفِهَا) أَيْ فَيُفْعَلُ فِيهِ مَا يُفْعَلُ فِي بَدَلِ الْعَبْدِ إذَا تَلِفَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: قَالَ الشَّيْخُ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى بِالتَّرْجِيحِ) الَّذِي فِي كَلَامِ الشَّيْخِ أَنَّ الْأَوْلَى بِالتَّرْجِيحِ إنَّمَا هُوَ الثَّانِي كَمَا فِي شَرْحِهِ لِلرَّوْضِ وَجَزَمَ بِهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ . (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ وَقَفَتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ إلَخْ) هَذَا إنَّمَا رَتَّبَهُ الشِّهَابُ حَجّ عَلَى كَوْنِهَا لَا تُزَوَّجُ مِنْهُ وَلَا مِنْ الْوَاقِفِ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ تَرْتِيبُهُ عَلَيْهِ، وَعِبَارَتُهُ عَقِبَ قَوْلِهِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ نَصُّهَا لَا مِنْهُ وَلَا مِنْ الْوَاقِفِ وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ

وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَسَيَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُوصَى لَهُ، وَمَنْ خَرَّجَ وُجُوبَ الْحَدِّ عَلَى أَقْوَالِ الْمِلْكِ فَقَدْ شَذَّ. أَمَّا الْمُطَاوِعَةُ إذَا زَنَى بِهَا وَهِيَ مُمَيَّزَةٌ فَلَا مَهْرَ لَهَا (وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ) أَيْ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ (لَا يَمْلِكُ قِيمَةَ الْعَبْدِ) مَثَلًا الْمَوْقُوفُ (إذَا أُتْلِفَ) مِنْ وَاقِفٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ وَكَذَا مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ تَعَدَّى كَأَنْ اسْتَعْمَلَهُ فِي غَيْرِ مَا وَقَفَ لَهُ أَوْ تَلِفَ تَحْتَ يَدٍ ضَامِنَةٍ لَهُ، أَمَّا إذَا لَمْ يَتَعَدَّ بِإِتْلَافِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا كَمَا لَوْ وَقَعَ مِنْهُ كُوزُ سَبِيلٍ عَلَى حَوْضٍ فَانْكَسَرَ مِنْ غَيْرِ قَصِيرٍ (بَلْ يَشْتَرِي بِهَا عَبْدٌ لِيَكُونَ وَقْفًا مَكَانَهُ) مُرَاعَاةً لِغَرَضِ الْوَاقِفِ وَبَقِيَّةِ الْبُطُونِ وَالْمُشْتَرِي لِذَلِكَ هُوَ الْحَاكِمُ وَإِنْ كَانَ لِلْوَقْفِ نَاظِرٌ خَاصٌّ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَوْقُوفَ مِلْكٌ لِلَّهِ تَعَالَى، أَمَّا مَا اشْتَرَاهُ النَّاظِرُ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ أَوْ يُعَمِّرُهُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ فَالْمُنْشِئُ لِوَقْفِهِ هُوَ النَّاظِرُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَدَلِ الْمَوْقُوفِ وَاضِحٌ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ إنَّمَا هُوَ فِي بَدَلِ الْمَوْقُوفِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فِيهِ لَا مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ، وَأَمَّا مَا يَبْنِيهِ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ فِي الْجُدَرَانِ الْمَوْقُوفَةِ فَإِنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ) أَيْ وَهُوَ أَنَّ مِلْكَ الْمُوصَى لَهُ أَتَمُّ مِنْ مِلْكِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ أَنَّ لَهُ الْإِجَارَةَ وَالْإِعَارَةَ مِنْ غَيْرِ إذْنِ مَالِكِ الرَّقَبَةِ وَتُورَثُ عَنْهُ الْمَنَافِعُ، بِخِلَافِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ النَّاظِرِ وَلَا تُورَثُ عَنْهُ الْمَنَافِعُ رَمْلِيٌّ. انْتَهَى شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ. (قَوْلُهُ: بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُوصَى لَهُ) أَيْ بِالْمَنَافِعِ لِأَنَّهُ الَّذِي يَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَوْقُوفَةِ فَإِنَّ الْمُوصِيَ بِعَيْنِهَا يَمْلِكُهَا مِلْكًا تَامًّا بِحَيْثُ يَتَصَرَّفُ فِيهَا بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ شَذَّ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ وَإِنْ قِيلَ بِمِلْكِهَا لَهُ لَيْسَ مِلْكًا حَقِيقِيًّا يُبِيحُ الْوَطْءَ وَلِذَا لَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِمَا يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْوَقْفِ (قَوْلِهِ وَالْمُشْتَرِي لِذَلِكَ هُوَ الْحَاكِمُ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ مِلْكٌ لِلَّهِ تَعَالَى: أَيْ وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ) وَمِنْهُ الْحُصُرُ إذَا اشْتَرَاهَا النَّاظِرُ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ وَمِنْ مَالِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ يُعَمِّرُهُ مِنْهُمَا إلَخْ) أَيْ مُسْتَقِلًّا كَبِنَاءِ بَيْتٍ لِلْمَسْجِدِ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ مَا يَبْنِيهِ فِي الْجُدَرَانِ مِمَّا ذُكِرَ يَصِيرُ وَقْفًا بِنَفْسِ الْبِنَاءِ. (قَوْلُهُ: فَالْمُنْشِئُ لِوَقْفِهِ) أَيْ وَلَا يَصِيرُ وَقْفًا بِنَفْسِ الشِّرَاءِ أَوْ الْعِمَارَةِ، فَإِنْ عَمَّرَ مِنْ مَالِهِ وَلَمْ يُنْشِئْ ذَلِكَ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ وَيَصْدُقُ فِي عَدَمِ الْإِنْشَاءِ، أَوْ اشْتَرَاهُ مِنْ رِيعِهِ فَهُوَ مِلْكٌ لِلْمَسْجِدِ مَثَلًا يَبِيعُهُ إذَا اقْتَضَتْهُ الْمَصْلَحَةُ. وَبَقِيَ مَا لَوْ دَخَلَ فِي جِهَتِهِ شَيْءٌ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ وَأَرَادَ الْعِمَارَةَ بِهِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ وَيَسْقُطُ عَنْ ذِمَّتِهِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْحَاكِمِ حَتَّى لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ كَانَ مُتَبَرِّعًا بِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يَخَفْ مِنْ الرَّفْعِ إلَيْهِ غَرَامَةَ شَيْءٍ، فَإِنْ خَافَ ذَلِكَ جَازَ لَهُ الصَّرْفُ بِشَرْطِ الْإِشْهَادِ، فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ لَمْ يَبْرَأْ لِأَنَّ فَقْدَ الشُّهُودِ نَادِرٌ. (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَدَلِ الرَّقِيقِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَصِرْ مَوْقُوفًا بِلَا إنْشَاءِ وَقْفٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَعَلَّ الْكَتَبَةَ أَسْقَطَتْهُ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مُمَيِّزَةٌ) لَعَلَّهُ وَهِيَ بَالِغَةٌ لِيُوَافِقَ قَوْلَهُ الْمَارَّ أَوْ مُطَاوِعَةٌ لَا يُعْتَدُّ بِفِعْلِهَا لِصِغَرٍ (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ تَعَدَّى) قَضِيَّةُ هَذَا الصَّنِيعِ أَنَّ الْوَاقِفَ وَالْأَجْنَبِيَّ ضَامِنَانِ مُطْلَقًا، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا إذَا أَتْلَفَاهُ بِغَيْرِ تَعَدٍّ كَأَنْ اسْتَعْمَلَاهُ فِيمَا وُقِفَ لَهُ بِإِجَارَةٍ مَثَلًا؛ فَلَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ كَذَا لَرَجَعَ الْقَيْدُ لِلْجَمِيعِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَمَّا مَا اشْتَرَاهُ النَّاظِرُ إلَى قَوْلِهِ فَالْمُنْشِئُ لِوَقْفِهِ هُوَ النَّاظِرُ) مَحَلُّهُ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ قَوْلِهِ الْآتِي وَلَا بُدَّ مِنْ إنْشَاءِ وَقْفِهِ مِنْ جِهَةِ مُشْتَرِيهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا يُنْشِئُهُ مِنْ مَالِهِ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي شِرَاءِ الْبَدَلِ لَا فِي وَقْفِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ يُعْمِرُهُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا) أَيْ فِي غَيْرِ جُدْرَانِ الْوَقْفِ لِمَا سَيَأْتِي فِيهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الصُّورَةَ هُنَا أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى نَحْوِ مَسْجِدٍ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ بَدَلِ الْمَوْقُوفِ وَاضِحٌ إلَى قَوْلِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ إنْشَاءِ وَقْفِهِ إلَخْ) مِنْ فَتَاوَى وَالِدِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فِي الْجُدْرَانِ الْمَوْقُوفَةِ) خَرَجَ بِهِ مَا يُنْشِئُهُ مِنْ الْبِنَاءِ فِي الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ فَلَا يَصِيرُ وَقْفًا بِنَفْسِ الْبِنَاءِ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُ الْمُتَقَدِّمُ وَإِنْ اقْتَضَى التَّوْجِيهُ الْآتِي صَيْرُورَتَهُ كَذَلِكَ؛ إذْ قَدْ يُجَابُ عَنْ هَذَا الِاقْتِضَاءِ

يَصِيرُ وَقْفًا بِالْبِنَاءِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنِ بَدَلِ الرَّقِيقِ الْمَوْقُوفِ أَنَّ الرَّقِيقَ قَدْ فَاتَ بِالْكُلِّيَّةِ وَالْأَرْضُ الْمَوْقُوفَةُ بَاقِيَةٌ، وَالطُّوبُ وَالْحَجَرُ الْمَبْنِيُّ بِهِمَا كَالْوَصْفِ التَّابِعِ لَهَا، وَلَا بُدَّ مِنْ إنْشَاءِ وَقْفِهِ مِنْ جِهَةِ مُشْتَرِيهِ فَيَتَعَيَّنُ أَحَدُ أَلْفَاظِ الْوَقْفِ الْمَارَّةِ، وَقَوْلُ الْقَاضِي أَقَمْته مَقَامَهُ مَحَلُّ نَظَرٍ، وَفَارَقَ هَذَا صَيْرُورَةُ الْقِيمَةِ رَهْنًا فِي ذِمَّةِ الْجَانِي كَمَا مَرَّ بِأَنَّهُ يَصِحُّ رَهْنُهَا دُونَ وَقْفِهَا، وَعَدَمُ اشْتِرَاطِ جُعْلٍ بَدَلَ الْأُضْحِيَّةِ أُضْحِيَّةً إذَا اشْتَرَى بِعَيْنِ الْقِيمَةِ أَوْ فِي الذِّمَّةِ وَنَوَى بِأَنَّ الْقِيمَةَ هُنَاكَ مِلْكُ الْفُقَرَاءِ وَالْمُشْتَرِي نَائِبٌ عَنْهُمْ فَوَقَعَ الشِّرَاءُ لَهُمْ بَالِغِينَ أَوْ مَعَ النِّيَّةِ، وَأَمَّا الْقِيمَةُ هُنَا فَلَيْسَتْ مِلْكَ أَحَدٍ فَاحْتِيجَ لِإِنْشَاءِ وَقْفِ مَا يَشْتَرِي بِهَا حَتَّى يَنْتَقِلَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ عَبْدٌ عَدَمَ جَوَازِ شِرَاءِ أَمَةٍ بِقِيمَةِ عَبْدٍ وَعَكْسِهِ، بَلْ لَا يَجُوزُ شِرَاءُ صَغِيرٍ بِقِيمَةِ كَبِيرٍ وَعَكْسُهُ بِأَنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ، وَمَا فَضَلَ مِنْ الْقِيمَةِ يُشْتَرَى بِهِ شِقْصٌ، بِخِلَافِ نَظِيرِهِ الْآتِي فِي الْوَصِيَّةِ لِتَعَذُّرِ الرَّقَبَةِ الْمُصَرَّحِ بِهَا فِيهَا، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ شِرَاءُ شِقْصٍ بِالْفَاضِلِ صُرِفَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ، بَلْ لَنَا وَجْهٌ بِصَرْفِ جَمِيعِ مَا أَوْجَبَتْهُ الْجِنَايَةُ إلَيْهِ، وَلَوْ أَوْجَبَتْ قَوَدًا اسْتَوْفَاهُ الْحَاكِمُ كَمَا قَالَاهُ وَإِنْ نُوزِعَا فِيهِ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) شِرَاءُ عَبْدٍ بِهَا (فَبَعْضُ عَبْدٍ) يُشْتَرَى بِهَا لِكَوْنِهِ أَقْرَبَ إلَى مَقْصُودِهِ كَنَظِيرِهِ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ عَلَى الرَّاجِحِ الْآتِي فِي بَابِهَا، وَوَجْهُ الْخِلَافِ فِيهَا أَنَّ الشِّقْصَ مِنْ حَيْثُ هُوَ يَقْبَلُ الْوَقْفَ بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ، وَلَوْ جَنَى الْمَوْقُوفُ جِنَايَةً أَوْجَبَتْ قِصَاصًا اقْتَصَّ مِنْهُ وَفَاتَ الْوَقْفُ أَوْ مَالًا أَوْ قِصَاصًا وَعَفَا عَلَى الْمَالِ فَدَاهُ الْوَاقِفُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ، وَلَهُ إنْ تَكَرَّرَتْ الْجِنَايَةُ مِنْهُ حُكْمُ أُمِّ الْوَلَدِ فِي عَدَمِ تَكَرُّرِ الْفِدَاءِ وَسَائِرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ وَالْأَرْضُ الْمَوْقُوفَةُ بَاقِيَةٌ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّوْجِيهِ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَخْتَصُّ بِالْجُدْرَانِ بَلْ كَمَا يَشْمَلُهَا يَشْمَلُ مَا لَوْ بَنَى بَيْتًا فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ أَوْ مِنْ مَالِهِ وَعَلَيْهِ فَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ بَنَى بَيْتًا اُحْتِيجَ فِي كَوْنِهِ مَوْقُوفًا إلَى إنْشَاءِ وَقْفِهِ يُصَوَّرُ بِمَا إذَا بَنَاهُ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ فِي أَرْضٍ غَيْرِ مَوْقُوفَةٍ كَمَمْلُوكَةٍ أَوْ مُسْتَأْجَرَةٍ، هَذَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا اقْتَضَاهُ التَّعْلِيلُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَأَنَّ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ مُخْتَصٌّ بِالْجُدْرَانِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا، كَإِعَادَةِ بَيْتٍ انْهَدَمَ مِنْ بُيُوتِ الْوَقْفِ فَأَعَادَهُ بِآلَةٍ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ فَلِيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ إنْشَاءِ وَقْفِهِ) أَيْ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَى فَهِيَ مُتَّصِلَةٌ بِقَوْلِهِ وَالْمُشْتَرِي لِذَلِكَ هُوَ الْحَاكِمُ وَإِنْ كَانَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِقِيمَةِ كَبِيرٍ) أَيْ حَيْثُ أَمْكَنَ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ: لَوْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يَشْتَرِيَ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ إلَّا أَمَةً أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ بِقِيمَةِ الْكَبِيرِ إلَّا صَغِيرًا أَوْ الْعَكْسُ فَيُحْتَمَلُ الْجَوَازُ. وَبَقِيَ مَا لَوْ أَمْكَنَ شِرَاءُ شِقْصٍ وَشِرَاءُ صَغِيرٍ هَلْ يُقَدَّمُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهِ حَالًّا وَلَوْ قِيلَ بِالثَّانِي لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى غَرَضِ الْوَاقِفِ مِنْ وَقْفِ رَقَبَةٍ كَامِلَةٍ (قَوْلُهُ: اسْتَوْفَاهُ الْحَاكِمُ) كَمَا قَالَاهُ، وَيَنْبَغِي جَوَازُ الْعَفْوِ عَنْ الْقَوَدِ بِمَالٍ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً وَيَشْتَرِي بِهِ بَدَلَهُ وَيُنْشِئُ وَقْفَهُ نَظِيرَ مَا تَقَدَّمَ فِي بَدَلِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ اقْتَصَّ مِنْهُ) أَيْ اقْتَصَّ مِنْهُ مُسْتَحِقُّ بَدَلِ الْجِنَايَةِ وَقَوْلُهُ فَدَاهُ أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ) وَقَوْلُ حَجّ: وَلَوْ جَنَى الْمَوْقُوفُ جِنَايَةً أَوْجَبَتْ مَالًا فَهِيَ فِي بَيْتِ الْمَالِ مَفْرُوضٌ فِيمَا تَعَذَّرَ فِدَاؤُهُ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ لِمَوْتِهِ أَوْ فَقْرِهِ عَلَى مَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ فَإِنْ مَاتَ الْوَاقِفُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فِي عَدَمِ تَكَرُّرِ الْفِدَاءِ) أَيْ وَمُشَارَكَةُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الثَّانِي وَمَنْ بَعْدَهُ لِلْأَوَّلِ فِي الْقِيمَةِ إنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِأَنَّ هَذَا تَوْجِيهٌ لِمَا نَصُّوا عَلَيْهِ مِنْ وَقْفِيَّةِ مَا بَنَى فِي الْجُدْرَانِ، وَلَا يَلْزَمُ أَنَّ كُلَّ مَا وُجِدَ فِيهِ مَعْنَى التَّوْجِيهِ يَثْبُتُ لَهُ هَذَا الْحُكْمُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَبَعِيَّةِ الْأَرْضِ لِهَذَا الشَّيْءِ الْيَسِيرِ اسْتِتْبَاعُهَا لِأَمْرٍ خَطِيرٍ إذْ الْيَسِيرُ عُهِدَ فِيهِ التَّبَعِيَّةُ كَثِيرًا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ إنْشَاءِ وَقْفِهِ مِنْ جِهَةِ مُشْتَرِيهِ) أَيْ: الْحَاكِمِ وَهُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ لِلشِّهَابِ حَجّ، لَكِنْ ذَاكَ إنَّمَا عَبَّرَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدَّمَ خِلَافًا هَلْ الْمُشْتَرِي الْحَاكِمُ أَوْ النَّاظِرُ؟ فَعَبَّرَ هُنَا بِمَا ذُكِرَ لِيَنْزِلَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَقِبَهُ كَمَا أَشَرْتُ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْقَاضِي أَقَمْتُهُ مَقَامَهُ مَحَلُّ نَظَرٍ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَقَالَ الْقَاضِي: أَوْ يَقُولُ أَقَمْتُهُ مَقَامَهُ وَنَظَرَ غَيْرُهُ فِيهِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَتْ مِلْكَ أَحَدٍ) أَيْ: مِنْ جِهَةِ

أَحْكَامِهَا، فَإِنْ مَاتَ الْوَاقِفُ ثُمَّ جَنَى فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَالْحُرِّ الْمُعْسِرِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا مِنْ كَسْبِ الرَّقِيقِ وَلَا مِنْ تَرِكَةِ الْوَاقِفِ وَلَوْ مَاتَ الْجَانِي بَعْدَ الْجِنَايَةِ لَمْ يَسْقُطْ الْفِدَاءُ. (وَلَوْ) (جَفَّتْ الشَّجَرَةُ) الْمَوْقُوفَةُ أَوْ قَلَعَهَا نَحْوُ رِيحٍ أَوْ زَمِنَتْ الدَّابَّةُ (لَمْ يَنْقَطِعْ الْوَقْفُ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَإِنْ امْتَنَعَ وَقْفُهَا ابْتِدَاءً لِقُوَّةِ الدَّوَامِ (بَلْ يُنْتَفَعُ بِهَا جِذْعًا) بِإِجَارَةٍ وَغَيْرِهَا (وَقِيلَ تُبَاعُ) لِتَعَذُّرِ الِانْتِفَاعِ عَلَى وَفْقِ شَرْطِ الْوَاقِفِ (وَالثَّمَنُ) الَّذِي بِيعَتْ بِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (كَقِيمَةِ الْعَبْدِ) فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الِانْتِفَاعُ بِهَا إلَّا بِاسْتِهْلَاكِهَا بِإِحْرَاقٍ وَنَحْوِهِ صَارَتْ مِلْكًا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ كَمَا صَحَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْقَمُولِيُّ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ، لَكِنَّهَا لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ بَلْ يَنْتَفِعُ بِعَيْنِهَا كَأُمِّ الْوَلَدِ وَلَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ، لَكِنَّ اقْتِصَارَ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ كَالْحَاوِي الصَّغِيرِ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَا تَصِيرُ مِلْكًا بِحَالٍ، وَاعْتَمَدَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ: إنَّهُ الْمُوَافِقُ لِلدَّلِيلِ وَكَلَامِ الْجُمْهُورِ، وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَنَافٍ بِسَبَبِ الْقَوْلِ بِعَدَمِ بُطْلَانِ الْوَقْفِ مَعَ كَوْنِهِ مِلْكًا لِأَنَّ مَعْنَى عَوْدِهِ مِلْكًا أَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهِ وَلَوْ بِاسْتِهْلَاكِ عَيْنِهِ كَالْإِحْرَاقِ، وَمَعْنَى عَدَمِ بُطْلَانِ الْوَقْفِ أَنَّهُ مَا دَامَ بَاقِيًا لَا يَفْعَلُ بِهِ مَا يَفْعَلُ بِسَائِرِ الْأَمْلَاكِ مِنْ بَيْعٍ وَنَحْوِهِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ كَانَ الْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ مَوْقُوفًا فِي أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ وَصَارَ الرِّيعُ لَا يَفِي بِالْأُجْرَةِ أَوْ يَفِي بِهَا فَقَطْ أَفْتَى ابْنُ الْأُسْتَاذِ بِأَنَّهُ لَا يُلْتَحَقُ بِمَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَّا ـــــــــــــــــــــــــــــSلَمْ تَفِ بِأُرُوشِ الْجِنَايَاتِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَاتَ الْجَانِي) أَيْ الْعَبْدُ الْمَوْقُوفُ الْجَانِي إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَسْقُطْ الْفِدَاءُ) أَيْ عَنْ السَّيِّدِ وَلَا عَنْ بَيْتِ الْمَالِ. (قَوْلُهُ: الْمَوْقُوفَةُ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يُوجَدُ مِنْ الْأَشْجَارِ فِي الْمَسَاجِدِ وَلَمْ يُعْرَفْ هَلْ هُوَ وَقْفٌ أَوْ لَا مَاذَا يَفْعَلُ فِيهِ إذَا جَفَّ؟ وَالْجَوَابُ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ غَرْسِهِ فِي الْمَسْجِدِ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ لِمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الصُّلْحِ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ جَوَازِ غَرْسِ الشَّجَرِ فِي الْمَسْجِدِ إذَا غَرَسَهُ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنَّهُ لَوْ غَرَسَهُ لِنَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ بِالْمَسْجِدِ، وَحَيْثُ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ فَيُحْتَمَلُ جَوَازُ بَيْعِهِ وَصَرْفُ ثَمَنِهِ عَلَى مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ إنْ لَمْ يُمْكِنْ الِانْتِفَاعُ بِهِ جَافًّا، وَيُحْتَمَلُ وُجُوبُ صَرْفِ ثَمَنِهِ لِمَصَالِحِ الْمَسْجِدِ خَاصَّةً، وَلَعَلَّ هَذَا الثَّانِيَ أَقْرَبُ لِأَنَّ وَاقِفَهُ إنْ وَقَفَهُ وَقْفًا مُطْلَقًا وَقُلْنَا بِصَرْفِ ثَمَنِهِ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ فَالْمَسْجِدُ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ وَقْفُهُ عَلَى خُصُوصِ الْمَسْجِدِ امْتَنَعَ صَرْفُهُ لِغَيْرِهِ فَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ جَوَازُ صَرْفِهِ لِمَصَالِحِ الْمَسْجِدِ مُحَقَّقٌ، بِخِلَافِ صَرْفِهِ لِمَصَالِحِ غَيْرِهِ مَشْكُوكٌ فِي جَوَازِهِ فَيُتْرَكُ لِأَجْلِ الْمُحَقَّقِ. (قَوْلُهُ: أَوْ زَمِنَتْ) مِنْ بَابِ تَعِبَ يُقَالُ زَمِنَ زَمَنًا وَزَمَانَةً وَهُوَ مَرَضٌ يَدُومُ زَمَانًا طَوِيلًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ امْتَنَعَ وَقْفُهَا ابْتِدَاءً) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهَا مَنْفَعَةٌ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَلَا لِغَيْرِهِ تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ بَلْ كَانَ الِانْتِفَاعُ بِهَا بِإِحْرَاقِهَا. (قَوْلُهُ: صَارَتْ مِلْكًا) لَوْ أَمْكَنَ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ بَيْعُهَا وَأَنْ يَشْتَرِيَ بِثَمَنِهَا وَاحِدَةً مِنْ جِنْسِهَا أَوْ شِقْصًا اتَّجَهَ وُجُوبُ ذَلِكَ لَا يُقَالُ: الْفَرْضُ تَعَذَّرَ الِانْتِفَاعُ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهَا لِأَنَّهَا مُنْتَفَعٌ بِهَا بِاسْتِهْلَاكِهَا فَيَصِحُّ بَيْعُهَا، وَكَذَا يُقَالُ فِي مَسْأَلَةِ الدَّابَّةِ. اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّهَا لَا تُبَاعُ) أَيْ مَعَ صَيْرُورَتِهَا مِلْكًا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ. وَالْحَاصِلُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ حَيْثُ تَعَذَّرَ الِانْتِفَاعُ بِهَا مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي وُقِفَتْ عَلَيْهَا صَارَتْ مِلْكًا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهَا كَانْتِفَاعِ الْمُلَّاكِ بِغَيْرِ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ الِانْتِفَاعُ بِهَا مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي قُصِدَتْ بِالْوَقْفِ لَا يَنْتَفِعُ بِهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ، بَلْ يَنْتَفِعُ بِهَا مِنْ الْجِهَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ. (قَوْلُهُ: لَا يَفِي بِالْأُجْرَةِ) وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ هَلْ يُجْبَرُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ عَلَى وَضْعِ مَا يَفِي بِأُجْرَتِهِ أَوْ يُخَيَّرُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ قَلْعِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ إزَالَةً لِضَرَرِ صَاحِبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْوَقْفِيَّةِ، وَقَوْلُهُ: حَتَّى تَنْتَقِلَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى: أَيْ: بِجِهَةِ الْوَقْفِيَّةِ وَإِلَّا فَكُلُّ شَيْءٍ مِلْكٌ لَهُ تَعَالَى عَلَى الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ) يَعْنِي الْأَوَّلَ، وَأَرَادَ بِذَلِكَ الْجَوَابَ عَنْ قَوْلِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ إنَّ عَوْدَهُ مِلْكًا مَعَ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُبْطِلُ

بِاسْتِهْلَاكِهِ: أَيْ بِإِحْرَاقٍ وَنَحْوِهِ فَيُقْلَعُ وَيُنْتَفَعُ بِعَيْنِهِ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا صَرَفَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَهُوَ مُؤَيِّدٌ لِمَا مَرَّ. نَعَمْ قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الْغِرَاسُ مِمَّا لَا يُنْتَفَعُ بِعَيْنِهِ بَعْدَ الْقَلْعِ وَانْتَهَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَاخْتَارَ الْمُؤَجِّرُ قَلْعَهُ فَيَظْهَرُ عَدَمُ صِحَّةِ الْوَقْفِ ابْتِدَاءً مَمْنُوعٌ لِمَا مَرَّ مِنْ صِحَّةِ وَقْفِ الرَّيَاحِينِ الْمُغْرَسَةِ وَعَلَّلَ بِكَوْنِهِ يَبْقَى مُدَّةً. (وَالْأَصَحُّ جَوَازُ) (بَيْعِ حُصْرِ الْمَسْجِدِ إذَا بَلِيَتْ وَجُذُوعُهُ إذَا انْكَسَرَتْ) أَوْ أَشْرَفَتْ عَلَى الِانْكِسَارِ (وَلَمْ تَصْلُحْ إلَّا لِلْإِحْرَاقِ) لِئَلَّا تَضِيعَ فَتَحْصِيلٌ يَسِيرٌ مِنْ ثَمَنِهَا يَعُودُ عَلَى الْوَقْفِ أَوْلَى مِنْ ضَيَاعِهَا وَاسْتَثْنَيْت مِنْ بَيْعِ الْوَقْفِ لِصَيْرُورَتِهَا كَالْمَعْدُومَةِ، وَيُصْرَفُ لِمَصَالِحِ الْمَسْجِدِ ثَمَنُهَا إنْ لَمْ يُمْكِنْ شِرَاءُ حَصِيرٍ أَوْ جِذْعٍ بِهِ وَمُقَابِلُهُ أَنَّهَا تَبْقَى أَبَدًا، وَانْتَصَرَ لَهُ جَمْعٌ نَقْلًا وَمَعْنًى، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْمَوْقُوفَةِ وَلَوْ بِأَنْ اشْتَرَاهَا النَّاظِرُ وَوَقَفَهَا، بِخِلَافِ الْمَمْلُوكَةِ لِلْمَسْجِدِ بِنَحْوِ شِرَاءٍ فَإِنَّهَا تُبَاعُ جَزْمًا، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ تَصْلُحْ إلَى آخِرِهِ مَا لَوْ أَمْكَنَ اتِّخَاذُ نَحْوِ أَلْوَاحٍ مِنْهُ فَلَا تُبَاعُ قَطْعًا بَلْ يَجْتَهِدُ الْحَاكِمُ وَيَسْتَعْمِلُهُ فِيمَا هُوَ أَقْرَبُ لِمَقْصُودِ الْوَاقِفِ، حَتَّى لَوْ أَمْكَنَ اسْتِعْمَالُهُ بِإِدْرَاجٍ فِي آلَاتِ الْعِمَارَةِ امْتَنَعَ بَيْعُهُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَقَدْ تَقُومُ قِطْعَةُ جِذْعٍ مَقَامَ آجُرَّةٍ وَالنُّحَاتَةُ مَقَامَ التُّرَابِ وَتَخْتَلِطُ بِهِ: أَيْ فَيَقُومُ مَقَامَ التِّبْنِ الَّذِي يُخْلَطُ الطِّينُ بِهِ كَمَا أَفَادَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَأَجْرَيَا الْخِلَافَ فِي دَارٍ مُنْهَدِمَةٍ أَوْ مُشْرِفَةٍ عَلَى الِانْهِدَامِ وَلَمْ تَصْلُحْ لِلسُّكْنَى، وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى الْمَسْجِدِ وَاَلَّتِي عَلَى غَيْرِهِ، وَأَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ الرَّاجِحَ مَعَ بَيْعِهَا سَوَاءٌ أُوقِفَتْ عَلَى الْمَسْجِدِ أَمْ عَلَى غَيْرِهِ. قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ: إنَّ مَنْعَ بَيْعِهَا هُوَ الْحَقُّ، وَلِأَنَّ جَوَازَهُ يُؤَدِّي إلَى مُوَافَقَةِ الْقَائِلِينَ بِالِاسْتِبْدَالِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْقَائِلِ بِالْجَوَازِ عَلَى الْبِنَاءِ خَاصَّةً كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ بِقَوْلِهِ وَجِدَارُ دَارِهِ الْمُنْهَدِمِ وَهَذَا الْحَمْلُ أَسْهَلُ مِنْ تَضْعِيفِهِ (وَلَوْ) (انْهَدَمَ مَسْجِدًا وَتَعَذَّرَتْ إعَادَتُهُ) (لَمْ يُبَعْ بِحَالٍ) لِإِمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِهِ حَالًّا بِالصَّلَاةِ فِي أَرْضِهِ، وَبِهِ فَارَقَ مَا لَوْ وُقِفَ فَرَسٌ عَلَى الْغَزْوِ فَكَبِرَ وَلَمْ يَصْلُحْ حَيْثُ جَازَ بَيْعُهُ. نَعَمْ لَوْ خِيفَ عَلَى نَقْضِهِ نَقَضَ وَحُفِظَ لِيُعَمِّرَ بِهِ مَسْجِدًا آخَرَ إنْ رَآهُ الْحَاكِمُ، وَالْأَقْرَبُ أَوْلَى لَا نَحْوَ بِئْرٍ وَرِبَاطٍ مَا لَمْ يَتَعَذَّرْ نَقْلُهُ لِمَسْجِدٍ آخَرَ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ تَعَيُّنَ مَسْجِدٍ خُصَّ بِطَائِفَةٍ خُصَّ بِهَا الْمُنْهَدِمُ إنْ وُجِدَ وَإِنْ بَعُدَ، أَمَّا رِيعُ الْمَسْجِدِ الْمُنْهَدِمِ فَقَالَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنَّهُ إنْ تَوَقَّعَ عَوْدُهُ حُفِظَ لَهُ، وَهُوَ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ، وَإِلَّا فَإِنْ أَمْكَنَ صَرْفُهُ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ صُرِفَ إلَيْهِ، وَبِهِ جَزَمَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْأَرْضِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالثَّانِي أَقْرَبُ. (قَوْلُهُ: وَوَقْفُهَا) قَيْدٌ لِمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ شِرَاءٍ) وَلَوْ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ حَيْثُ لَمْ تُوقَفْ مِنْ النَّاظِرِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تُبَاعُ جَزْمًا) أَيْ وَتُصْرَفُ عَلَى مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ وَلَا يَتَعَيَّنُ صَرْفُهَا فِي شِرَاءِ حُصُرٍ بَدَلَهَا (قَوْلُهُ: عَلَى الْبِنَاءِ خَاصَّةً) أَيْ دُونَ الْأَرْضِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا. (قَوْلُهُ: لِيُعَمِّرَ بِهِ مَسْجِدًا آخَرَ إنْ رَآهُ الْحَاكِمُ) أَيْ وَيَصْرِفُ لِلثَّانِي جَمِيعَ مَا كَانَ يُصْرَفُ لِلْأَوَّلِ مِنْ الْغَلَّةِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ بِالْأَوْلَى مَا لَوْ أَكَلَ الْبَحْرُ الْمَسْجِدَ فَتُنْقَلُ أَنْقَاضُهُ لِمَحَلٍّ آخَرَ وَيُفْعَلُ بِغَلَّتِهِ مَا ذُكِرَ، وَمِثْلُ الْمَسْجِدِ أَيْضًا غَيْرُهُ مِنْ الْمَدَارِسِ وَالرُّبُطِ وَأَضْرِحَةِ الْأَوْلِيَاءِ نَفَعَنَا اللَّهُ بِهِمْ، فَيَنْقُلُ الْوَلِيُّ مِنْهَا إلَى غَيْرِهَا لِلضَّرُورَةِ، وَيُصْرَفُ عَلَى مَصَالِحِهِ بَعْدَ نَقْلِهِ مَا كَانَ يُصْرَفُ عَلَيْهِ فِي مَحَلِّهِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ) أَيْ الْمَسْجِدُ الْأَقْرَبُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَا نَحْوُ بِئْرٍ وَرِبَاطٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَا مَوْقُوفَيْنِ (قَوْلُهُ: خُصَّ بِهَا الْمُنْهَدِمُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَعُدَ) أَيْ وَلَوْ بِبَلَدٍ آخَرَ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَمْكَنَ صَرْفُهُ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ) أَيْ قَرِيبٌ مِنْهُ انْتَهَى شَرْحُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْوَقْفَ مُشْكِلٌ. (قَوْلُهُ: فَيُقْلَعُ وَيُنْتَفَعُ بِعَيْنِهِ) أَرَادَ بِذَلِكَ إفَادَةَ الْحُكْمِ بِتَمَامِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَتَفَرَّعُ عَلَى مَا قَبْلَهُ كَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: فَيَظْهَرُ عَدَمُ صِحَّةِ الْوَقْفِ) كَأَنَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ أَرَادَ الْوَقْفَ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَاسْتِحْقَاقِ الْقَلْعِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ:: وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ تَعَيُّنَ مَسْجِدٍ خُصَّ بِطَائِفَةٍ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ مِثْلُهُ تَعَيُّنُ نَقْضِ الْجَامِعِ لِجَامِعٍ لَا لِمَسْجِدٍ غَيْرِ جَامِعٍ؟

فِي الْأَنْوَارِ، وَإِلَّا فَمُنْقَطِعُ الْآخِرِ فَيُصْرَفُ لِأَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا صُرِفَ إلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ أَوْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ. أَمَّا غَيْرُ الْمُنْهَدِمِ فَمَا فَضَلَ مِنْ غَلَّةِ الْمَوْقُوفِ عَلَى مَصَالِحِهِ يَشْتَرِي بِهَا عَقَارٌ وَيُوقَفُ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْمَوْقُوفِ عَلَى عِمَارَتِهِ يَجِبُ ادِّخَارُهُ لِأَجْلِهَا: أَيْ إنْ تَوَقَّعْت عَنْ قُرْبٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ السُّبْكِيُّ وَإِلَّا لَمْ يَعُدْ مِنْهُ شَيْءٌ لِأَجْلِهَا لِأَنَّهُ يُعْرَضُ لِلضَّيَاعِ أَوْ لِظَالِمٍ يَأْخُذُهُ وَلَوْ وَقَفَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ فَتَعَذَّرَتْ وَانْحَصَرَ النَّقْعُ فِي الْغَرْسِ أَوْ الْبِنَاءِ فَعَلَ النَّاظِرُ أَحَدَهُمَا أَوْ آجَرَهَا كَذَلِكَ، وَقَدْ أَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ لِتُزْرَعَ حِنَّاءً فَآجَرَهَا النَّاظِرُ لِتُغْرَسَ كَرْمًا بِأَنَّهُ يَجُوزُ إذَا ظَهَرَتْ الْمَصْلَحَةُ وَلَمْ يُخَالِفْ شَرْطَ الْوَاقِفِ انْتَهَى. لَا يُقَالُ: هَذَا مُخَالِفٌ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ، فَإِنَّ قَوْلَهُ لِتُزْرَعَ حِنَّاءً مُتَضَمِّنٌ لِاشْتِرَاطِ أَنْ لَا يَزْرَعَ غَيْرُهُ، لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الضِّمْنِيِّ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَنْطُوقِ، عَلَى أَنَّ الْفَرْضَ فِي مَسْأَلَتِنَا أَنَّ الضَّرُورَةَ أَلْجَأَتْ إلَى الْغَرْسِ أَوْ الْبِنَاءِ وَمَعَ الضَّرُورَةِ مُخَالَفَةُ شَرْطِ الْوَاقِفِ جَائِزَةٌ إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يَقْصِدُ تَعْطِيلَ وَقْفِهِ وَثَوَابِهِ، وَمَسْأَلَةُ الْبُلْقِينِيِّ لَيْسَ فِيهَا ضَرُورَةٌ فَاحْتَاجَ إلَى التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ مُخَالَفَةِ شَرْطِ الْوَاقِفِ، وَعِمَارَةُ الْوَقْفِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، وَيُصْرَفُ رِيعُ مَا وُقِفَ عَلَى الْمَسْجِدِ وَقْفًا مُطْلَقًا أَوْ عَلَى عِمَارَتِهِ فِي بِنَاءٍ وَتَجْصِيصٍ مُحْكَمٍ وَسُلَّمٍ وَبَوَارِي لِلتَّظْلِيلِ بِهَا وَمَكَانِسَ وَمَسَاحِي لِنَقْلِ التُّرَابِ وَظُلَّةٍ تَمْنَعُ إفْسَادَ خَشَبِ بَابٍ وَنَحْوِهِ بِمَطَرٍ وَنَحْوِهِ إنْ لَمْ يَضُرَّ بِالْمَارَّةِ وَأُجْرَةِ قَيِّمٍ لَا مُؤَذِّنٍ وَإِمَامٍ وَحُصْرٍ وَدُهْنٍ؛ لِأَنَّ الْقَيِّمَ يَحْفَظُ الْعِمَارَةَ، بِخِلَافِ الْبَاقِي فَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ لِمَصَالِحِهِ صَرَفَ مِنْ رِيعِهِ لِمَنْ ذُكِرَ لَا فِي تَزْوِيقٍ وَنَقْشٍ بَلْ لَوْ وَقَفَ عَلَيْهَا لَمْ يَصِحَّ. وَهَذَا الْمَذْكُورُ مِنْ عَدَمِ صَرْفِ ذَلِكَ لِلْمُؤَذِّنِ وَالْإِمَامِ فِي الْوَقْفِ الْمُطْلَقِ هُوَ مُقْتَضَى مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَغَوِيّ، لَكِنَّهُ نَقَلَ بَعْدَهُ عَنْ فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ يَصْرِفُ لَهُمَا كَمَا فِي الْوَقْفِ عَلَى مَصَالِحِهِ وَكَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْوَصِيَّةِ لِلْمَسْجِدِ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ، وَيُتَّجَهُ إلْحَاقُ الْحُصْرِ وَالدُّهْنِ بِهِمَا فِي ذَلِكَ، وَلِأَهْلِ الْوَقْفِ الْمُهَايَأَةُ لَا قِسْمَتُهُ وَلَوْ إفْرَازًا وَلَا تَغْيِيرُهُ كَجَعْلِ الْبُسْتَانِ دَارًا وَعَكْسُهُ مَا لَمْ يَشْرِطْ الْوَاقِفُ الْعَمَلَ بِالْمَصْلَحَةِ فَيَجُوزُ تَغْيِيرُهُ بِحَسَبِهَا، قَالَ السُّبْكِيُّ: وَاَلَّذِي أَرَاهُ تَغْيِيرَهُ فِي غَيْرِهِ وَلَكِنْ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ: أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا لَا يُغَيِّرُ مُسَمَّاهُ، وَأَنْ لَا يُزِيلَ شَيْئًا مِنْ عَيْنِهِ بَلْ يَنْقُلُهُ مِنْ جَانِبٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَنْهَجٍ وَبَقِيَ: مَا لَوْ كَانَ ثَمَّ مَسَاجِدُ مُتَعَدِّدَةٌ وَاسْتَوَى قُرْبُهُ مِنْ الْجَمِيعِ هَلْ يُوَزَّعُ عَلَى الْجَمِيعِ أَوْ يُقَدَّمُ الْأَحْوَجُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، فَلَوْ اسْتَوَتْ الْحَاجَةُ وَالْقُرْبُ جَازَ صَرْفُهُ لِوَاحِدٍ مِنْهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ مَصَالِحُ الْمُسْلِمِينَ) عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ وَالرَّاجِحُ مِنْهُ تَقْدِيمُ الْمَصَالِحِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يُعِدَّ) أَيْ يَدَّخِرْ. قَالَ حَجّ: بَلْ يُشْتَرَى بِهِ عَقَارٌ أَوْ نَحْوُهُ. انْتَهَى. (قَوْلُهُ: وَتَجْصِيصٍ) وَمِنْهُ الْبَيَاضُ الْمَعْرُوفُ. (قَوْلُهُ: لَا مُؤَذِّنٍ وَإِمَامٍ) ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: بَلْ لَوْ وَقَفَ عَلَيْهَا) الْأَوْلَى عَلَيْهِمَا: أَيْ التَّزْوِيقُ وَالنَّقْشُ (قَوْلُهُ: لَا قِسْمَتُهُ) هُوَ وَاضِحٌ إنْ حَصَلَ بِالْقِسْمَةِ تَغْيِيرٌ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ الْوَقْفُ كَجَعْلِ الدَّارِ الْكَبِيرَةِ دَارَيْنِ، أَمَّا عِنْدَ عَدَمِ حُصُولِهِ كَأَنْ تَرَاضَوْا عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَأْخُذُ دَارًا يَنْتَفِعُ بِهَا مُدَّةَ اسْتِحْقَاقِهِ فَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ وَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ ذَلِكَ مَتَى شَاءَ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ صُورَةِ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ: لَا يُغَيِّرُ مُسَمَّاهُ) مِنْهُ يُؤْخَذُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا، وَهِيَ أَنَّ مُطَهَّرَةَ مَسْجِدٍ مُجَاوِرَةٍ لِشَارِعٍ مِنْ شَوَارِعِ الْمُسْلِمِينَ آلَتْ لِلسُّقُوطِ وَلَيْسَ فِي الْوَقْفِ مَا تَعْمُرُ بِهِ فَطَلَبَ شَخْصٌ أَنْ يَعْمُرَهَا مِنْ مَالِهِ بِشَرْطِ تَرْكِ قِطْعَةٍ مِنْ الْأَرْضِ الَّتِي كَانَتْ حَامِلَةً لِلْجِدَارِ لِتَتَّسِعَ الطَّرِيقُ فَظَهَرَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي ذَلِكَ خَوْفًا مِنْ انْهِدَامِهَا وَعَدَمِ مَا تَعْمُرُ بِهِ هَلْ ذَلِكَ جَائِزٌ أَمْ لَا، وَهُوَ الْجَوَازُ نَظَرًا لِلْمَصْلَحَةِ الْمَذْكُورَةِ. وَفِي حَجّ: فَرْعٌ: فِي فَتَاوَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ يَجُوزُ إيقَادُ الْيَسِيرِ فِي الْمَسْجِدِ الْخَالِي لَيْلًا تَعْظِيمًا لَهُ لَا نَهَارًا لِلسَّرَفِ وَالتَّشْبِيهِ بِالنَّصَارَى، وَفِي الرَّوْضَةِ يَحْرُمُ إسْرَاجُ الْخَالِي، وَجُمِعَ بِحَمْلِ هَذَا عَلَى مَا إذَا سَرَّجَ مِنْ وَقْفِ الْمَسْجِدِ أَوْ مِلْكِهِ، وَالْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا تَبَرَّعَ بِهِ مَنْ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ بَلْ الَّذِي يُتَّجَهُ الْجَمْعُ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا تَوَقَّعَ وَلَوْ عَلَى نُدُورِ احْتِيَاجِ أَحَدٍ لِمَا فِيهِ مِنْ النُّورِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[فصل في بيان النظر على الوقف وشرطه]

إلَى آخَرَ، وَأَنْ يَكُونَ مَصْلَحَةَ وَقْفٍ. وَعَلَيْهِ فَفَتْحُ شُبَّاكِ الطَّيْبَرِسِيَّةِ فِي جِدَارِ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ لَا يَجُوزُ إذْ لَا مَصْلَحَةَ لِلْجَامِعِ فِيهِ. (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ النَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ وَشَرْطِهِ وَوَظِيفَةِ النَّاظِرِ (إنْ) كَانَ الْوَقْفُ لِلِاسْتِغْلَالِ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهِ سَوَاءٌ نَاظِرُهُ الْخَاصُّ أَوْ الْعَامُّ أَوْ لِيَنْتَفِعَ بِهِ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَأَطْلَقَ أَوْ قَالَ: كَيْفَ شَاءَ فَلَهُ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ بِأَنْ يُرْكِبَهُ الدَّابَّةَ مَثَلًا لِيَقْضِيَ لَهُ عَلَيْهَا حَاجَةً فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا مَرَّ آنِفًا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِإِعَارَةٍ وَإِجَارَةٍ وَمَا قَيَّدْنَاهُ بِهِ، ثُمَّ إنْ (شَرَطَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ) (اُتُّبِعَ) كَبَقِيَّةِ شُرُوطِهِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَّى أَمْرَ صَدَقَتِهِ ثُمَّ جَعَلَ لِحَفْصَةَ مَا عَاشَتْ ثُمَّ لِأُولِي الرَّأْيِ مِنْ أَهْلِهَا، وَقَبُولُ مَنْ شُرِطَ لَهُ النَّظَرُ كَقَبُولِ الْوَكِيلِ فِيمَا يَظْهَرُ لَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَشْرِطْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ عَلَى مَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ وَدَعْوَى السُّبْكِيّ أَنَّهُ بِالْإِبَاحَةِ أَشْبَهُ فَلَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ بَعِيدٌ بَلْ لَوْ قَبِلَهُ ثُمَّ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْهُ سَقَطَ، إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ نَظَرَهُ حَالَ الْوَقْفِ فَلَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ نَفْسِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَوَقَّعْ ذَلِكَ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ) أَيْ أَمَّا الْمُرُورُ مِنْهُ فَإِنَّهُ جَائِزٌ لِعَدَمِ التَّعَدِّي مِنْ الْمَارِّ، إذْ غَايَتُهُ أَنَّ مُرُورَهُ فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ، وَلَيْسَ فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ مَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: إذْ لَا مَصْلَحَةَ لِلْجَامِعِ فِيهِ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا، وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا أَرَادَ عِمَارَةَ جَامِعٍ خَرِبٍ بِآلَةٍ جَدِيدَةٍ غَيْرَ آلَتِهِ، وَرَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي جَعْلِ بَابِهِ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ غَيْرِ الْمَحَلِّ الْأَوَّلِ لِكَوْنِهِ بِجِوَارِ مَنْ يَمْنَعُ الِانْتِفَاعَ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ وَهُوَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً أَيْ مَصْلَحَةً لِلْجَامِعِ وَلِلْمُسْلِمِينَ. (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ النَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ وَشَرْطِهِ (قَوْلُهُ: وَوَظِيفَةُ النَّاظِرِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَعَدَمِ انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ بِزِيَادَةِ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَمَا قَيَّدْنَاهُ بِهِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ إنْ كَانَ نَاظِرًا إلَخْ (قَوْلُهُ: كَبَقِيَّةِ شُرُوطِهِ) وَمِنْهَا مَا لَوْ شَرَطَ أَنْ يُؤَجِّرَ بِأَكْثَرَ مِنْ كَذَا فَيُتَّبَعُ، وَإِنْ كَانَ مَا شَرَطَهُ دُونَ أُجْرَةِ مِثْلِ تِلْكَ الْأَمَاكِنِ الْمَوْقُوفَةِ فَيُؤَجِّرُهُ النَّاظِرُ بِمَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ غَنِيًّا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ مَا يَمْنَعُهُ، فَلَوْ أَجَّرَ بِأَكْثَرَ مِمَّا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ، وَيَجِبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ إنْ كَانَ دُونَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ إنْ كَانَ مَا شَرَطَهُ زَائِدًا عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ هِيَ اللَّازِمَةُ حَيْثُ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ وَمَا أُخِذَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ زَائِدًا عَلَى مَا وَجَبَ عَلَيْهِ لَا يَمْلِكُهُ الْآخِذُ. (قَوْلُهُ: صَدَقَتُهُ) أَيْ وَقْفُهُ، وَقَوْلُهُ سَقَطَ: أَيْ وَانْتَقَلَ لِمَنْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ نَظَرَهُ) يُتَأَمَّلُ الِاسْتِثْنَاءُ، فَإِنَّ انْعِزَالَهُ وَعَدَمَهُ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ بَلْ لَوْ قَبْلَهُ ثُمَّ أَسْقَطَ حَقَّهُ إلَخْ أَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ الرِّيعِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ النَّظَرِ فَالثَّانِيَةُ عَيْنُ الْأُولَى فَيَتَّحِدُ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَإِنْ شَرَطَ نَظَرَهُ حَالَ الْوَقْفِ فَلَا يَعُودُ إلَّا بِتَوْلِيَةِ الْحَاكِمِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ خِلَافًا لِمَنْ نَازَعَ فِيهِ، وَيُؤَيِّدُهُ كَلَامُهُمْ فِي الْوَصِيِّ اهـ. وَهِيَ تُفِيدُ أَنَّهُمَا مَقَالَتَانِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ نَفْسِهِ إلَخْ) وَمَنْ عَزَلَ نَفْسَهُ مَا لَوْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ النَّظَرِ لِغَيْرِهِ بِفِرَاعٍ لَهُ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ وَيَسْتَنِيبُ الْقَاضِي مَنْ يُبَاشِرُ عَنْهُ فِي الْوَظِيفَةِ، ثُمَّ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ كَبَقِيَّةِ شُرُوطِهِ يُفِيدُ أَنَّ الْوَاقِفَ إذَا شَرَطَ مِنْ الْوَظَائِفِ شَيْئًا لِآخَرَ حَالَ الْوَقْفِ اُتُّبِعَ وَمِنْهُ مَا لَوْ شَرَطَ الْإِمَامَةَ أَوْ الْخَطَابَةَ لِشَخْصٍ وَلِذُرِّيَّتِهِ ثُمَّ إنَّ الْمَشْرُوطَ لَهُ ذَلِكَ فَرَغَ عَنْهُمَا لِآخَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي بَيَانِ النَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ وَشَرْطِهِ] فَصْلٌ) فِي بَيَانِ النَّظَرِ إلَخْ

عَلَى الرَّاجِحِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ خِلَافَهُ. نَعَمْ يُقِيمُ الْحَاكِمُ مُتَكَلِّمًا غَيْرَهُ مُدَّةَ إعْرَاضِهِ، فَلَوْ أَرَادَ الْعَوْدَ لَمْ يَحْتَجْ إلَى تَوْلِيَةٍ جَدِيدَةٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهُ لِأَحَدٍ (فَالنَّظَرُ لِلْقَاضِي) ـــــــــــــــــــــــــــــSوَبَاشَرَ الْمَفْرُوغَ لَهُ فِيهِمَا مُدَّةً ثُمَّ مَاتَ الْفَارِغُ عَنْ أَوْلَادٍ، وَهُوَ أَنَّ الْحَقَّ فِي ذَلِكَ يَنْتَقِلُ لِلْأَوْلَادِ عَلَى مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ ثُمَّ مَا اسْتَغَلَّهُ الْمَفْرُوغُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْهُ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْعَمَلِ سِيَّمَا وَقَدْ قَرَّرَهُ الْحَاكِمُ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ تَقْرِيرَهُ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا لَكِنَّهُ بِالنِّيَابَةِ عَنْ الْفَارِغِ، وَكَذَلِكَ لَا رُجُوعَ لِلْمَفْرُوغِ لَهُ عَلَى تَرِكَةِ الْفَارِغِ بِمَا أَخَذَهُ فِي مُقَابَلَةِ الْفَرَاغِ وَإِنْ انْتَقَلَتْ الْوَظِيفَةُ عِنْدَهُ لِأَوْلَادِ الْفَارِغِ لِأَنَّهُ إنَّمَا دَفَعَ الدَّرَاهِمَ فِي مُقَابَلَةِ إسْقَاطِ الْحَقِّ لَهُ وَقَدْ وُجِدَ وَقَرَّرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى مُقْتَضَاهُ. وَأَمَّا أَنَّهُ كَانَ يَظُنُّ أَنَّ الْحَقَّ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ مُطْلَقًا وَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ فَلَا يَقْتَضِي الرُّجُوعَ لِنِسْبَتِهِ فِي عَدَمِ الْبَحْثِ عَنْ ذَلِكَ أَوَّلًا إلَى تَقْصِيرٍ فَأَشْبَهَ مَنْ بَاعَ شَيْئًا وَهُوَ مَغْبُونٌ فِيهِ بِعَدَمِ عِلْمِهِ بِقِيمَتِهِ، وَفِي فَتَاوَى الشَّارِحِ مَا يُصَرِّحُ بِانْتِقَالِ الْحَقِّ لِلْأَوْلَادِ حَيْثُ قَالَ فِي جَوَابٍ فِي صُورَتِهِ سُئِلَ عَنْ وَاقِفِ شَرْطِ الْوَظِيفَةِ الْفُلَانِيَّةِ لِزَيْدٍ وَأَوْلَادِهِ وَذُرِّيَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَشَرَطَ أَنَّ مَنْ نَزَلَ مِنْ أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْمَنْزُولُ لَهُ شَيْئًا بَلْ يُقَرِّرُ النَّاظِرُ الشَّرْعِيُّ غَيْرَهُمَا، ثُمَّ إنَّ فُلَانًا فَرَغَ عَنْ وَظِيفَتِهِ لِآخَرَ وَقَرَّرَ النَّاظِرُ أَجْنَبِيًّا غَيْرَهُمَا. ثُمَّ مَاتَ النَّازِلُ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ أَوْلَادُهُ الْوَظِيفَةَ بَعْدَهُ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ ذَلِكَ عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَلِصِدْقِ الْبَعْدِيَّةِ بِذَلِكَ، وَلَمْ يَشْرِطْ الْوَاقِفُ لِاسْتِحْقَاقِ الْأَوْلَادِ بَقَاءَ اسْتِحْقَاقِ وَالِدِهِمْ ذَلِكَ إلَى وَفَاتِهِ، وَمَا نُسِبَ إلَيَّ مِنْ الْإِفْتَاءِ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَقَدْ رَجَعْت عَنْهُ إنْ كَانَ صَحِيحًا انْتَهَى. [فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ وَقْفًا مُسْتَوْفِيًا لِلشُّرُوطِ الشَّرْعِيَّةِ وَعَيَّنَ فِيهِ وَظَائِفَ مِنْ جُمْلَتِهَا وَظِيفَةُ الْمُبَاشَرَةِ عَلَى وَقْفِهِ وَجَعَلَهَا لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ وَكَذَلِكَ جَعَلَ غَيْرَهَا لِأَشْخَاصٍ مُعَيَّنِينَ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ شَرَطَ فِي مَكْتُوبِ وَقْفِهِ أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ الْأَشْخَاصِ الْمَجْعُولِ لَهُمْ الْوَظَائِفُ الْمَذْكُورَةُ وَلَهُ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ وَلَدٍ أَوْ أَخٌ أَوْ قَرِيبٌ قَرَّرَ مَكَانَهُ، ثُمَّ إنَّ وَلَدَهُ بَعْدَ مُدَّةٍ فَرَغَ عَنْ الْوَظِيفَةِ الْمَذْكُورَةِ لِشَخْصٍ وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ الْفَرَاغُ لِأَشْخَاصٍ مُتَعَدِّدِينَ ثُمَّ تُوُفِّيَ الْمُقَرِّرُ الْمَذْكُورُ الصَّادِرُ مِنْهُ الْفَرَاغُ الْمَذْكُورُ وَتَرَكَ وَلَدًا، ثُمَّ إنَّ الْوَلَدَ تَنَازَعَ مَعَ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ الْآنَ فَهَلْ لَهُ الْمُنَازَعَةُ فِيهَا أَمْ الْحَقُّ فِيهَا لِمَنْ هِيَ بِيَدِهِ الْآنَ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ وَالْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَيْثُ لَمْ يَزِدْ الْوَاقِفُ فِي شَرْطِهِ عَلَى قَوْلِهِ قَرَّرَ مَكَانَهُ سَقَطَ حَقُّ الْمُقَرِّرِ فِي الْوَظِيفَةِ بِفَرَاغِهِ عَنْهَا، فَإِذَا مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ وَلَدٍ لَمْ يَكُنْ لِلْوَلَدِ حَقٌّ لِأَنَّ أَبَاهُ حِينَ مَاتَ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقٌّ فِي الْوَظِيفَةِ يَنْتَقِلُ عَنْهُ لِوَلَدِهِ فَيَسْتَمِرُّ الْحَقُّ فِيهَا لِمَنْ قَرَّرَ بِالْفَرَاغِ، وَلَا حَقَّ لِلْوَلَدِ الْمَذْكُورِ فِي ذَلِكَ فَلَا يُلْتَفَتُ لِمُنَازَعَتِهِ إذْ لَمْ يَشْرِطْ الْوَاقِفُ لِغَيْرِهِ مَنْ قَرَّرَ عَنْ وَالِدِهِ حَقًّا وَمِنْ ثَمَّ أَفْتَى الشَّمْسُ الرَّمْلِيُّ فِي شَرْطِ الْوَظِيفَةِ الْفُلَانِيَّةِ لِزَيْدٍ وَلِأَوْلَادِهِ وَلِذُرِّيَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ، ثُمَّ فَرَغَ زَيْدٌ عَنْ وَظِيفَتِهِ لِآخَرَ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ عَنْ أَوْلَادٍ بِانْتِقَالِ الْحَقِّ مِنْ الْمَفْرُوغِ لَهُ لِأَوْلَادِ الْفَارِغِ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ وَلِذُرِّيَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ، فَأَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ لِزَيْدٍ وَلَمْ يَذْكُرْ ذُرِّيَّتُهُ مِنْ بَعْدِهِ عَدَمَ الِانْتِقَالِ لِلْأَوْلَادِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ لَمْ يَزِدْ وَاقِفُهُ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ وَلَهُ وَلَدٌ يَجُوزُ مَكَانَهُ فَأَفَادَ ذَلِكَ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِ الْوَلَدِ الْمَذْكُورِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَفِي حَجّ: فَرْعٌ: شَرَطَ الْوَاقِفُ لِنَاظِرِ وَقْفِهِ فُلَانٍ قَدْرًا فَلَمْ يَقْبَلْ النَّظَرَ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ بِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ لِمَعْلُومِ النَّظَرِ مِنْ حِينِ آلَ إلَيْهِ، كَذَا قِيلَ، وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ فِي الْمَعْلُومِ الزَّائِدِ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ لَا يَقْصِدُ كَوْنَهُ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلٍ، بِخِلَافِ الْمَعْلُومِ الْمُسَاوِي لِأُجْرَةِ مِثْلِ نَظَرِ هَذَا الْوَقْفِ أَوْ النَّاقِصِ عَنْهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ فِيمَا مَضَى لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ فَلَا وَجْهَ لِاسْتِحْقَاقِهِ لَهُ اهـ. وَفِيهِ أَيْضًا: وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَوْ خَشِيَ مِنْ الْقَاضِي أَكْلَ الْوَقْفِ لِجَوْرِهِ جَازَ لِمَنْ هُوَ بِيَدِهِ صَرْفُهُ فِي مَصَارِفِهِ وَلَوْ بِإِجَارَتِهِ إنْ عَرَفَهَا، وَإِلَّا فَوَّضَهُ لِفَقِيهٍ عَارِفٍ بِهَا أَوْ سَأَلَهُ وَصَرَفَهَا اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهُ لِأَحَدٍ) أَيْ إنْ لَمْ يَعْلَمْ شَرْطَهُ لِأَحَدٍ سَوَاءٌ عَلِمَ شَرْطَهُ أَوْ جَهِلَ الْحَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أَيْ قَاضِي بَلَدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مَرَّ نَظِيرُهُ فِي مَالِ الْيَتِيمِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) إذْ نَظَرُهُ عَامٌّ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ وَاقِفًا وَمَوْقُوفًا عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ ثُبُوتِهِ لِلْوَاقِفِ بِلَا شَرْطٍ فِي مَسْجِدِ الْمَحَلَّةِ وَالْخُوَارِزْمِيّ فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ وَزَادَ أَنَّ ذُرِّيَّتَهُ مِثْلُهُ مَرْدُودٌ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي يَنْبَنِي عَلَى أَقْوَالِ الْمِلْكِ. (وَشَرْطُ النَّاظِرِ الْعَدَالَةُ) الْبَاطِنَةُ مُطْلَقًا كَمَا رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ خِلَافًا لِاكْتِفَاءِ السُّبْكِيّ فِي مَنْصُوبِ الْوَاقِفِ بِالظَّاهِرَةِ فَيَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ الْمُحَقَّقِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ نَحْوَ كَذِبٍ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مَعْذُورًا فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَسَوَاءٌ فِي النَّاظِرِ أَكَانَ هُوَ الْوَاقِفَ أَمْ غَيْرَهُ، وَمَتَى انْعَزَلَ بِالْفِسْقِ فَالنَّظَرُ لِلْحَاكِمِ كَمَا يَأْتِي. وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ وَالنِّكَاحِ صِحَّةُ شَرْطِ ذِمِّيٍّ النَّظَرَ لِذِمِّيٍّ عَدْلٍ فِي دِينِهِ لَكِنْ يُرَدُّ بِاشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ الْحَقِيقِيَّةِ هُنَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَصِحَّةِ تَزْوِيجِ الذِّمِّيِّ مُولِيَتَهُ وَاضِحٌ (وَالْكِفَايَةُ) لِمَا تَوَلَّاهُ مِنْ نَظَرٍ عَامٍّ أَوْ خَاصٍّ وَهِيَ (الِاهْتِدَاءُ إلَى التَّصَرُّفِ) الَّذِي فُوِّضَ لَهُ قِيَاسًا عَلَى الْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ عَلَى الْغَيْرِ، وَعِنْدَ زَوَالِ الْأَهْلِيَّةِ يَكُونُ النَّظَرُ لِلْحَاكِمِ كَمَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ لَا لِمَنْ بَعْدُ مِنْ الْأَهْلِ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ لِلْمُتَأَخِّرِ نَظَرًا إلَّا بَعْدَ فَقْدِ الْمُتَقَدِّمِ فَلَا سَبَبَ لِنَظَرِهِ غَيْرَ فَقْدِهِ، وَبِهَذَا فَارَقَ انْتِقَالَ وِلَايَةِ النِّكَاحِ لِلْأَبْعَدِ بِفِسْقِ الْأَقْرَبِ لِوُجُودِ السَّبَبِ فِيهِ وَهُوَ الْقَرَابَةُ، وَلَا يَعُودُ النَّظَرُ بِعَوْدِ الْأَهْلِيَّةِ مَا لَمْ يَكُنْ نَظَرُهُ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ لِقُوَّتِهِ إذْ لَيْسَ لِأَحَدٍ عَزْلُهُ وَلَا الِاسْتِبْدَالُ بِهِ، وَالْعَارِضُ مَانِعٌ مِنْ تَصَرُّفِهِ لَا سَالِبَ لِوِلَايَتِهِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ كَانَ لَهُ النَّظَرُ عَلَى مَوَاضِعَ فَأَثْبَتَ أَهْلِيَّتَهُ فِي مَكَان ثَبَتَتْ فِي بَقِيَّةِ الْأَمَاكِنِ مِنْ حَيْثُ الْأَمَانَةُ لَا مِنْ حَيْثُ الْكِفَايَةُ، إلَّا أَنْ يُثْبِتَ أَهْلِيَّتَهُ فِي سَائِرِ الْأَوْقَافِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا قَالَهُ الدَّمِيرِيِّ إذَا كَانَ الْبَاقِي فَوْقَ مَا أَثْبَتَتْ فِيهِ أَهْلِيَّتُهُ أَوْ مِثْلُهُ مَعَ كَثْرَةِ مَصَارِفِهِ وَأَعْمَالِهِ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ فَلَا. (وَوَظِيفَتُهُ) عِنْدَ الْإِطْلَاقِ حِفْظُ الْأُصُولِ وَالْغَلَّاتِ عَلَى وَجْهِ الِاحْتِيَاطِ كَوَلِيِّ الْيَتِيمِ وَ (الْإِجَارَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: أَيْ قَاضِي بَلَدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) عِبَارَةُ حَجّ: أَيْ قَاضِي بَلَدِ الْمَوْقُوفِ بِالنِّسْبَةِ لِحِفْظِهِ وَنَحْوِ إجَارَتِهِ، وَقَاضِي بَلَدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا عَدَا ذَلِكَ نَظِيرُ مَا مَرَّ، فِي مَالِ الْيَتِيمِ، وَهِيَ ظَاهِرَةٌ وَلَعَلَّهَا مُرَادُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ كَمَا مَرَّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) أَيْ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَشَرْطُ النَّاظِرِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْوَاقِفُ بِأَنْ شَرَطَ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: الْعَدَالَةُ) أَيْ وَلَوْ امْرَأَةً اهـ. وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا: أَيْ سَوَاءٌ وَلَّاهُ الْوَاقِفُ أَوْ الْحَاكِمُ. (قَوْلُهُ: فَيَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ الْمُحَقَّقِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ السَّلَامَةُ مِنْ خَارِمِ الْمُرُوءَةِ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ يَرِدُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: وَاضِحٌ) وَهُوَ أَنَّ وَلِيَّ النِّكَاحِ فِيهِ وَازِعٌ طَبِيعِيٌّ يَحْمِلُهُ عَلَى الْحِرْصِ عَلَى تَحْصِينِ مُوَلِّيَتِهِ دَفْعًا لِلْعَارِ عَنْهُ بِخِلَافِ الْوَقْفِ. (قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ فَقْدِ الْمُتَقَدِّمِ) وَذَلِكَ بِأَنْ قَالَ عَلَى أَنَّ النَّظَرَ فِيهِ لِزَيْدٍ ثُمَّ عَمْرٍو مَثَلًا، وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَغَيَّرَ حَالُ الْأَرْشَدِ انْتَقَلَ النَّظَرُ لِمَنْ هُوَ أَرْشَدُ مِنْهُ، لِأَنَّ مَا هُنَا شَرْطٌ فِي الِانْتِقَالِ لِعَمْرٍو وَفَقْدِ زَيْدٍ وَبِزَوَالِ الْأَهْلِيَّةِ لَمْ يُفْقَدْ، وَفِيمَا يَأْتِي جُعِلَ الِاسْتِحْقَاقُ مَنُوطًا بِالصِّفَةِ الَّتِي هِيَ الْأَرْشَدِيَّةُ فَحَيْثُ لَمْ تُوجَدْ فِي الْأَوَّلِ كَانَ مَنْ بَعْدَهُ مُسْتَحِقًّا بِالصِّفَةِ الَّتِي اعْتَبَرَهَا الْوَاقِفُ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ الْوَاقِفِ) أَيْ فَيَعُودُ. (قَوْلُهُ: وَالْإِجَارَةُ) أَيْ فَلَهُ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ أَوْ أَجْنَبِيًّا حَيْثُ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي ذَلِكَ وَإِنْ طَلَبَهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَشْرِطْ الْوَاقِفُ السُّكْنَى بِنَفْسِهِ. أَمَّا إذَا شَرَطَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لِلنَّاظِرِ الْإِيجَارُ بَلْ يَسْتَوْفِي الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْمَنْفَعَةَ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ، ثُمَّ إذَا أَجَّرَ النَّاظِرُ نِصْفَ الْمَوْقُوفِ شَائِعًا صَحَّ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ مَا يَمْنَعُهُ وَيَصِيرُ. الْمُسْتَأْجِرُ لِذَلِكَ مُسْتَحِقًّا لِنِصْفِ الْمَنْفَعَةِ فِيهَا وَالْمُسْتَحِقُّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: أَيْ: قَاضِي بَلَدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ نَحْوِ الْحِفْظِ وَالْإِجَارَةِ وَقَاضِي بَلَدِ الْمَوْقُوفِ بِالنِّسْبَةِ لِذَلِكَ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ وَصَرَّحَ بِهِ الشِّهَابُ حَجّ، وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ مِنْ الْكَتَبَةِ (قَوْلُهُ: لَا لِمَنْ بَعُدَ مِنْ الْأَهْلِ)

وَالْعِمَارَةِ) وَكَذَا الِاقْتِرَاضُ عَلَى الْوَقْفِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إنْ شَرَطَهُ لَهُ الْوَاقِفُ أَوْ أَذِنَهُ فِيهِ الْحَاكِمُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَالُ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ (وَتَحْصِيلُ الْغَلَّةِ وَقِسْمَتُهَا) عَلَى مُسْتَحَقِّيهَا لِأَنَّهَا الْمَعْهُودَةُ فِي مِثْلِهِ وَيَلْزَمُهُ رِعَايَةُ زَمَنٍ عَيَّنَهُ الْوَاقِفُ، وَإِنَّمَا جَازَ تَقَدُّمُ تَفْرِقَةِ الْمَنْذُورِ عَلَى الزَّمَنِ الْمُعَيَّنِ لِشَبَهِهِ بِالزَّكَاةِ الْمُعَجَّلَةِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ وَظِيفَةٌ فَاسْتَنَابَ فِيهَا فَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْوَقْفِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَنَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ عَمَّنْ لَا يُحْصَى وَقَالَ: إنَّ الَّذِي نَعْتَقِدُهُ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا نَظَرَ لَهُ مَعَهُ وَلَا تَصَرُّفَ بَلْ نَظَرُهُ مَعَهُ نَظَرُ إحَاطَةٍ وَرِعَايَةٍ، ثُمَّ حُمِلَ إفْتَاءُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الْمُدَرِّسَ هُوَ الَّذِي يُنْزِلُ الطَّلَبَةَ وَيُقَدِّرُ لَهُمْ جَوَامِكَهُمْ، عَلَى أَنَّهُ كَانَ عُرْفَ زَمَنِهِ الْمُطَّرِدِ، وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ كَوْنِهِ مُدَرِّسًا لَا يُوجِبُ لَهُ تَوْلِيَةً وَلَا عَزْلًا وَلَا تَقْدِيرَ مَعْلُومٍ. انْتَهَى. وَلَا يُعْتَرَضُ ـــــــــــــــــــــــــــــSلِلنِّصْفِ الْآخَرِ إنْ وُجِدَ كَأَنَّ أَجَّرَ النَّاظِرُ بَاقِيَهُ لِآخَرَ، وَإِلَّا انْتَقَعَ الْمُسْتَأْجِرُ بِمَا اسْتَأْجَرَهُ بِمُهَايَأَةٍ مَعَ النَّاظِرِ وَبَاقِيهِ إنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ يَتَعَطَّلُ عَلَى جُمْلَةِ الْمُسْتَحَقِّينَ وَالْأُجْرَةُ الَّتِي اسْتَأْجَرَ بِهَا الْأَوَّلُ النِّصْفَ تَوَزُّعُ عَلَى كُلِّ الْمُسْتَحَقِّينَ وَلَا يَخْتَصُّ بِهَا الْأَوَّلُ وَإِنْ كَانَتْ قَدْرَ حِصَّتِهِ، وَلَوْ وُجِدَ مَنْ يَسْتَأْجِرُ الْكُلَّ بَعْدَ اسْتِئْجَارِ الْأَوَّلِ لِلنِّصْفِ لَا تَنْفَسِخُ إجَارَتُهُ، وَإِنْ وُجِدَ قَبْلَ اسْتِئْجَارِهِ فَعَلَى النَّاظِرِ مَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً. (قَوْلُهُ: وَالْعِمَارَةُ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: نَفَقَةُ الْمَوْقُوفِ وَمُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ وَعِمَارَتُهُ مِنْ حَيْثُ شُرِطَتْ شَرَطَهَا الْوَاقِفُ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ وَإِلَّا فَمِنْ مَنَافِعِهِ: أَيْ الْمَوْقُوفُ كَكَسْبِ الْعَبْدِ وَغَلَّةِ الْعَقَارِ، فَإِذَا تَعَطَّلَتْ مَنَافِعُهُ فَالنَّفَقَةُ وَمُؤَنُ التَّجْهِيزِ لَا الْعِمَارَةُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَمَنْ أَعْتَقَ مَنْ لَا كَسْبَ لَهُ. أَمَّا الْعِمَارَةُ فَلَا تَجِبُ عَلَى أَحَدٍ حِينَئِذٍ كَالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ لِصِيَانَةِ رُوحِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَظَاهِرٌ أَنَّ مِثْلَ الْعِمَارَةِ أُجْرَةُ الْأَرْضِ الَّتِي بِهَا بِنَاءٌ أَوْ غِرَاسٌ مَوْقُوفٌ وَلَمْ تَفِ مَنَافِعُهُ بِالْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَذِنَهُ فِيهِ الْحَاكِمُ) أَيْ فَلَوْ اقْتَرَضَ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ مِنْ الْحَاكِمِ وَلَا شَرْطٍ مِنْ الْوَاقِفِ لَمْ يَجُزْ وَلَا يَرْجِعُ بِمَا صَرَفَهُ لِتَعَدِّيهِ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُ) قَالَ الْغَزِّيِّ: وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ صَدَقَ مَا دَامَ نَاظِرًا إلَّا بَعْدَ عَزْلِهِ اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: فَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ) أَيْ وَإِنْ تَعَطَّلَ عَلَيْهِ مَعْلُومُ الْوَظِيفَةِ لِعِمَارَةٍ أَوْ نَحْوِهَا، وَلَا يَسْقُطُ بِذَلِكَ شَيْءٌ مِنْ أُجْرَةِ النَّائِبِ. (قَوْلُهُ: أَنَّ الْحَاكِمَ لَا نَظَرَ لَهُ) اُنْظُرْ وَلَوْ كَانَ الْحَاكِمُ هُوَ الَّذِي وَلَّاهُ النَّظَرَ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: لَا نَظَرَ لَهُ مَعَهُ وَلَوْ كَانَ هُوَ الَّذِي وَلَّاهُ، وَقَوْلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَأَنَّ صُورَتَهُ أَنَّهُ جَعَلَ النَّظَرَ بَعْدَ هَذَا لِفُلَانٍ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَنَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ عَمَّنْ لَا يُحْصَى وَقَالَ: إنَّهُ الَّذِي تَعْتَقِدُهُ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا نَظَرَ لَهُ مَعَهُ إلَخْ) أَيْ: وَالْكَلَامُ فِي النَّاظِرِ الْخَاصِّ لَا مَنْ نَصَبَهُ الْحَاكِمُ حَيْثُ النَّظَرُ لَهُ، وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ فِي مَحَلِّ نَصِّهَا فَائِدَةٌ: قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ أَيْ الْمِنْهَاجِ أَنَّ شَرْطَ الْوَاقِفِ النَّظَرَ إلَخْ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُوَلِّيَ فِي الْمَدْرَسَةِ وَغَيْرِهَا إلَّا عِنْدَ فَقْدِ النَّاظِرِ الْخَاصِّ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ؛ لِأَنَّهُ لَا نَظَرَ لَهُ مَعَهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ وَلَمْ أَرَ لَهُمْ نَصًّا يُخَالِفُهُ، وَرُبَّمَا يَأْتِي فِيهِ كَلَامٌ اهـ. ثُمَّ قَالَ فِي مَحَلٍّ بَعْدَ هَذَا مَا نَصُّهُ: فَرْعٌ: تَعَلَّقَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْعَصْرِ بِكَلَامِ الشَّيْخَيْنِ هُنَا فِي أَنَّهُ لَيْسَ لِلنَّاظِرِ التَّوْلِيَةُ فِي الْوَظَائِفِ فِي الْمَدْرَسَةِ وَغَيْرِهَا، وَرُبَّمَا تَعَلَّقَ بِقَوْلِهِمَا كَذَا وَكَذَا ظَانًّا أَنَّهُ لِلْحَصْرِ، وَصَارُوا يَقُولُونَ بِأَنَّ التَّوْلِيَةَ فِي التَّدْرِيسِ لِلْحَاكِمِ وَحْدَهُ وَلَيْسَ لِلنَّاظِرِ الْخَاصِّ، وَهَذَا غَيْرُ سَدِيدٍ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَنَحْوِهِ مَحْمُولٌ عَلَى غَالِبِ التَّصَرُّفَاتِ، وَلَوْ حُمِلَ عَلَى الْحَصْرِ لَكَانَ مَحَلُّهُ الْأَوْقَافَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا إلَّا ذَلِكَ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ فِي الْوَقْفِ عَلَى مُعَيَّنٍ أَوْ مَوْصُوفٍ بِصِفَةٍ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَوْلِيَةٍ، وَانْتَصَبَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ لِنَصْرِ ذَلِكَ وَأَطَالَ الْقَوْلَ فِيهِ وَهُوَ الَّذِي نَعْتَقِدُهُ وَأَنَّ الْحَاكِمَ لَا نَظَرَ لَهُ مَعَهُ وَلَا تَصَرُّفَ، إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ عَنْهُ الشَّارِحُ مَعَ زِيَادَةٍ، فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْكَلَامَ فِي النَّاظِرِ الْخَاصِّ وَكَيْفَ يَمْتَنِعُ تَصَرُّفُ الْحَاكِمِ مَعَ مَنْ هُوَ نَائِبٌ عَنْهُ مَعَ أَنَّ النَّظَرَ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هُوَ لَهُ، وَإِنَّمَا جَوَّزُوا لَهُ الْإِنَابَةَ فِيهِ؛ لِكَثْرَةِ أَشْغَالِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ وَبِهَذَا سَقَطَ مَا فِي حَوَاشِي الشِّهَابِ سم مَعَ مَا أَرْدَفَهُ

بِكَوْنِ النَّاظِرِ قَدْ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ فَقِيهٍ وَفَقِيهٍ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْوَاقِفِ وَهُوَ الَّذِي يُوَلِّي الْمُدَرِّسَ، فَكَيْفَ قَالَ بِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ فَرْعُهُ، وَكَوْنُهُ لَا يُمَيِّزُ لَا أَثَرَ لَهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ مَعْرِفَةِ مَرَاتِبِهِمْ بِالسُّؤَالِ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ وُجُوبِ تَفْرِيقِ مَعْلُومِ الطَّلَبَةِ فِي مَحَلِّ الدَّرْسِ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لِعَدَمِ كَوْنِهِ مَأْلُوفًا فِي زَمَنِنَا، وَلِأَنَّ اللَّائِقَ بِمَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ تَنْزِيهُ مَوَاضِعِ الْعِلْمِ وَالذِّكْرِ عَنْ الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ كَالْبَيْعِ وَاسْتِيفَاءِ الْحَقِّ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُعِيدِ مَنْ يُعِيدُ لِلطَّلَبَةِ الدَّرْسَ الَّذِي قَرَأَهُ الْمُدَرِّسُ لِيَسْتَوْضِحُوا أَوْ يَتَفَهَّمُوا مَا أُشْكِلَ، وَمَحَلُّ مَا مَرَّ إنْ أَطْلَقَ نَظَرَهُ كَمَا مَرَّ، وَمِثْلُهُ بِالْأَوْلَى مَا لَوْ فَوَّضَ لَهُ جَمِيعَ ذَلِكَ (فَإِنْ فَوَّضَ إلَيْهِ بَعْضَ هَذِهِ الْأُمُورِ لَمْ يَتَعَدَّهُ) اتِّبَاعًا لِلشَّرْطِ وَيَسْتَحِقُّ النَّاظِرُ مَا شَرَطَ مِنْ الْأُجْرَةِ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ مَا لَمْ يَكُنْ هُوَ الْوَاقِفَ كَمَا مَرَّ، فَلَوْ لَمْ يُشْرَطْ لَهُ شَيْءٌ لَمْ يَسْتَحِقَّ أُجْرَةً. نَعَمْ لَهُ رَفْعُ الْأَمْرِ إلَى الْحَاكِمِ لِيُقَرِّرَ لَهُ أُجْرَةً، قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ. قَالَ تِلْمِيذُهُ الْعِرَاقِيُّ فِي تَحْرِيرِهِ: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَأْخُذُ مَعَ الْحَاجَةِ إمَّا قَدْرَ النَّفَقَةِ لَهُ كَمَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ ثَمَّ أَوْ الْأَقَلَّ مِنْ نَفَقَتِهِ وَأُجْرَةَ مِثْلِهِ كَمَا رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ. قَالَ الشَّيْخُ: وَقَدْ يُقَالُ التَّشْبِيهُ بِالْوَلِيِّ إنَّمَا وَقَعَ فِي حُكْمِ الرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ لَا مُطْلَقًا فَلَا يَقْتَضِي مَا قَالَهُ، وَكَأَنَّ مُرَادَهُمْ أَنَّهُ يَأْخُذُ بِتَقْرِيرِ الْحَاكِمِ، عَلَى أَنَّ الظَّاهِرَ هُنَا أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُقَرِّرَ لَهُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ النَّفَقَةِ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ النَّفَقَةُ ثَمَّ لِوُجُوبِهَا عَلَى فَرْعِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ وَلِيًّا عَلَى مَالِهِ أَمْ لَا، بِخِلَافِ النَّاظِرِ، وَلَوْ جُعِلَ النَّظَرُ لِعَدْلَيْنِ مِنْ أَوْلَادِهِ وَلَيْسَ فِيهِمْ سِوَى عَدْلٍ نَصَّبَ الْحَاكِمُ آخَرَ، وَإِنْ جَعَلَهُ لِلْأَرْشَدِ مِنْ أَوْلَادِهِ فَالْأَرْشَدَ فَأَثْبَتَ كُلٌّ مِنْهُمْ أَنَّهُ أَرْشَدُ اشْتَرَكُوا فِي النَّظَرِ بِلَا اسْتِقْلَالٍ إنْ وُجِدَتْ الْأَهْلِيَّةُ فِيهِمْ لِأَنَّ الْأَرْشَدِيَّةَ قَدْ سَقَطَتْ بِتَعَارُضِ الْبَيِّنَاتِ فِيهَا وَيَبْقَى أَصْلُ الرُّشْدِ، وَإِنْ وُجِدَتْ فِي بَعْضٍ مِنْهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَعَهُ: أَيْ مَعَ النَّاظِرِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُعِيدِ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ كَانَ ثَمَّ مُعِيدٌ لِلدَّرْسِ مُقَرَّرٌ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ أَوْ الْقَاضِي أَوْ النَّاظِرِ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَسْتَفْهِمُوا مَا أَشْكَلَ) أَيْ مِمَّا قَرَّرَهُ الشَّيْخُ أَوَّلًا، فَلَوْ تَرَكَ الْمُدَرِّسُ التَّدْرِيسَ أَوْ امْتَنَعَتْ الطَّلَبَةُ مِنْ حُضُورِ الْمُعِيدِ بَعْدَ الدَّرْسِ اسْتَحَقَّ الْمُعِيدُ مَا شُرِطَ لَهُ مِنْ الْمَعْلُومِ لِتَعَذُّرِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ فُرِضَ لَهُ جَمِيعُ ذَلِكَ) وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْوَكِيلِ وَوَلِيِّ الصَّبِيِّ أَنَّهُ إنْ قَدَرَ عَلَى الْمُبَاشَرَةِ وَلَاقَتْ بِهِ لَا يَجُوزُ تَفْوِيضُهَا لِغَيْرِهِ، وَإِلَّا جَازَ لَهُ التَّفْوِيضُ فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ أَوْ لَمْ تَلْقَ بِهِ مُبَاشَرَتُهُ، وَلَا فَرْقَ فِي الْمُفَوِّضِ لَهُ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ حَيْثُ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ وِلَايَةً فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْوَقْفِ بَلْ اسْتَنَابَهُ فِيمَا يُبَاشِرُ بِالْعَمَلِ فَقَطْ كَالْبِنَاءِ وَنَحْوِهِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَعَدَّهُ) كَالْوَكِيلِ، وَلَوْ فَوَّضَ لِاثْنَيْنِ لَمْ يَسْتَقِلَّ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ انْتَهَى شَرْحُ مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَسْتَحِقَّ أُجْرَةً) قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: وَلَيْسَ لَهُ: أَيْ النَّاظِرِ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ، فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ وَلَمْ يَبْرَأْ إلَّا بِإِقْبَاضِهِ لِلْحَاكِمِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ رَمْلِيٌّ انْتَهَى. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ لِلْحَاكِمِ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ بِصَرْفِ بَدَلِهِ فِي عِمَارَتِهِ أَوْ عَلَى الْمُسْتَحَقِّينَ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: لِيُقَرِّرَ لَهُ أُجْرَةً) أَيْ وَإِنْ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْتَحَقِّينَ فِي الْوَقْفِ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الظَّاهِرَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ إنَّهُ: أَيْ النَّاظِرَ، وَقَوْلُهُ ثَمَّ: أَيْ فِي الْوَلِيِّ. (قَوْلُهُ: نَصَّبَ الْحَاكِمُ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: فَالْأَرْشَدُ) هَذَا صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَالْعَمَلِ بِهِ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ رَدُّ مَا نَقَلَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ مُقْتَضَى إفْتَاءِ الْبُلْقِينِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ لِأَوْلَادِهِ بَعْدَهُ لَمْ يَثْبُتْ النَّظَرُ لِلْأَوْلَادِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْلِيقِ وِلَايَتِهِمْ، وَالْوِلَايَةُ لَا تُعَلَّقُ إلَّا فِي الْأَمْرِ الضَّرُورِيِّ كَالْقَضَاءِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ وُجِدَتْ فِي بَعْضٍ مِنْهُمْ) أَيْ وَإِنْ كَانَ امْرَأَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــQبِهِ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَهُ رَفْعُ الْأَمْرِ إلَى الْحَاكِمِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْبُلْقِينِيِّ الْمَنْقُولَةُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَلَوْ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى حَاكِمٍ لِيُقَرِّرَ لَهُ أُجْرَةً فَهُوَ كَمَا إذَا تَبَرَّمَ الْوَلِيُّ بِحِفْظِ مَالِ الطِّفْلِ وَرَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيُثْبِتَ لَهُ أُجْرَةً انْتَهَتْ.

اخْتَصَّ بِالنَّظَرِ عَمَلًا بِالْبَيِّنَةِ، فَلَوْ حَدَثَ مِنْهُمْ أَرْشَدَ مِنْهُ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَيْهِ، وَلَوْ تَغَيَّرَ حَالُ الْأَرْشَدِ حِينَ الِاسْتِحْقَاقِ فَصَارَ مَفْضُولًا انْتَقَلَ النَّظَرُ إلَى مَنْ هُوَ أَرْشَدُ مِنْهُ، وَيَدْخُلُ فِي الْأَرْشَدِ مِنْ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ الْأَرْشَدُ مِنْ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ لِصِدْقِهِ بِهِ. (وَلِلْوَاقِفِ عَزْلُ مَنْ وَلَّاهُ) نَائِبًا عَنْهُ إنْ شَرَطَ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ (وَنَصَّبَ غَيْرَهُ) كَالْوَكِيلِ، وَأَفْتَى الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهُ لَوْ شَرَطَ النَّظَرَ لِإِنْسَانٍ وَجَعَلَ لَهُ أَنْ يُسْنِدَهُ لِمَنْ شَاءَ فَأَسْنَدَهُ لِآخَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَزْلُهُ وَلَا مُشَارَكَتُهُ، وَلَا يَعُودُ النَّظَرُ إلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَبِنَظِيرِ ذَلِكَ أَفْتَى فُقَهَاءُ الشَّامِ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ التَّفْوِيضَ بِمَثَابَةِ التَّمْلِيكِ، وَخَالَفَهُمْ السُّبْكِيُّ فَقَالَ: بَلْ كَالتَّوْكِيلِ، وَأَفْتَى السُّبْكِيُّ بِأَنَّ لِلْوَاقِفِ وَالنَّاظِرِ مِنْ جِهَتِهِ عَزْلُ الْمُدَرِّسِ وَنَحْوِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا فِي الْوَقْفِ وَلَوْ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ، وَهُوَ مَرْدُودٌ بِمَا فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ إسْقَاطُ بَعْضِ الْأَجْنَادِ الْمُثْبَتِينَ فِي الدِّيوَانِ بِغَيْرِ سَبَبٍ فَالنَّاظِرُ الْخَاصُّ أَوْلَى، وَلَا أَثَرَ لِلْفَرْقِ بِأَنَّ هَؤُلَاءِ رَبَطُوا أَنْفُسَهُمْ لِلْجِهَادِ الَّذِي هُوَ فَرْضٌ، وَمَنْ رَبَطَ نَفْسَهُ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ بِلَا سَبَبٍ، بِخِلَافِ الْوَقْفِ فَإِنَّهُ خَارِجٌ عَنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ، بَلْ يُرَدُّ بِأَنَّ التَّدْرِيسَ فَرْضٌ أَيْضًا وَكَذَا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ، فَمَنْ رَبَطَ نَفْسَهُ بِهِمَا فَحُكْمُهُ كَذَلِكَ عَلَى تَسْلِيمِ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الرَّبْطَ بِهِ كَالتَّلَبُّسِ بِهِ وَإِلَّا فَشَتَّانَ مَا بَيْنَهُمَا، وَمِنْ ثَمَّ اعْتَمَدَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ عَزْلَهُ مِنْ غَيْرِ مُسَوِّغٍ لَا يَنْفُذُ بَلْ هُوَ قَادِحٌ فِي نَظَرِهِ، وَفَرَّقَ فِي الْخَادِمِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نُفُوذِ عَزْلِ الْإِمَامِ لِلْقَاضِي تَهَوُّرًا بِأَنَّ هَذِهِ لِخَشْيَةِ الْفِتْنَةِ وَهُوَ مَفْقُودٌ فِي النَّاظِرِ الْخَاصِّ. وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ فِي الْكَلَامِ عَلَى عَزْلِ الْقَاضِي بِلَا سَبَبٍ وَنُفُوذِ الْعَزْلِ فِي الْأَمْرِ الْعَامِّ: أَمَّا الْوَظَائِفُ الْخَاصَّةُ كَأَذَانٍ وَإِمَامَةٍ وَتَدْرِيسٍ وَطَلَبٍ وَنَحْوِهِ فَلَا يَنْعَزِلُ أَرْبَابُهَا بِالْعَزْلِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ، كَمَا أَفْتَى بِهِ كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمْ ابْنُ رَزِينٍ فَقَالَ: مَنْ تَوَلَّى تَدْرِيسًا لَمْ يَجُزْ عَزْلُهُ بِمِثْلِهِ وَلَا بِدُونِهِ وَلَا يَنْعَزِلُ بِذَلِكَ انْتَهَى، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِذَا قُلْنَا لَا يَنْفُذُ عَزْلُهُ إلَّا بِسَبَبٍ فَهَلْ يَلْزَمُهُ بَيَانُ مُسْتَنَدِهِ؟ أَفْتَى جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ بِعَدَمِهِ، وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا وَثِقَ بِعِلْمِهِ وَدِينِهِ، وَزَيَّفَهُ التَّاجُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّهُ لَا حَاصِلَ لَهُ. ثُمَّ بَحَثَ أَنَّهُ يَنْبَغِي وُجُوبُ بَيَانِ مُسْتَنَدِهِ مُطْلَقًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَا يَقْبَلُ دَعْوَاهُ الصَّرْفَ لِمُسْتَحِقِّينَ مُعَيَّنِينَ بَلْ الْقَوْلُ قَوْلُهُمْ وَلَهُمْ مُطَالَبَتُهُ بِالْحِسَابِ، وَادَّعَى الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ أَنَّ الْحَقَّ التَّقَيُّدُ وَلَهُ حَاصِلٌ لِأَنَّ عَدَالَتَهُ غَيْرُ مَقْطُوعٍ بِهَا فَيَجُوزُ أَنْ يَخْتَلَّ وَأَنْ يَظُنَّ مَا لَيْسَ بِقَادِحٍ قَادِحًا، بِخِلَافِ مَنْ تَمَكَّنَ عِلْمًا وَدِينًا زِيَادَةً عَلَى مَا يُعْتَبَرُ فِي النَّاظِرِ مِنْ تَمْيِيزِ مَا يَقْدَحُ وَمَا لَا يَقْدَحُ، وَمِنْ وَرَعٍ وَتَقْوَى يَحُولَانِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُتَابَعَةِ الْهَوَى، وَلَوْ طَلَبَ الْمُسْتَحِقُّونَ مِنْ النَّاظِرِ كِتَابَ الْوَقْفِ لِيَكْتُبُوا مِنْهُ نُسْخَةً حِفْظًا لِاسْتِحْقَاقِهِمْ لَزِمَهُ تَمْكِينُهُمْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَنْ يَسْنُدَهُ لِمَنْ شَاءَ) أَيْ بِأَنْ يَجْعَلَ النَّظَرَ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ الْمُسْنَدِ. (قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ قَادِحٌ) أَيْ فَيَنْعَزِلُ حَيْثُ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيمَا فَعَلَهُ لِنَفْسِهِ وَقَوْلُهُ وَفَرَّقَ فِي الْخَادِمِ صَاحِبُ الْخَادِمِ هُوَ الزَّرْكَشِيُّ، وَقَوْلُهُ تَهَوُّرًا، التَّهَوُّرُ: الْوُقُوعُ فِي الشَّيْءِ بِقِلَّةِ مُبَالَاةٍ. انْتَهَى مُخْتَارٌ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَفْقُودٌ فِي النَّاظِرِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ غَيْرَ الْإِمَامِ مِنْ أَرْبَابِ الْوِلَايَاتِ لَا يَنْفُذُ عَزْلُهُمْ لِأَرْبَابِ الْوَظَائِفِ الْخَاصَّةِ خَوْفًا مِنْ الْفِتْنَةِ، لَكِنْ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ التَّصْرِيحُ بِخِلَافِهِ فَلِيُرَاجَعْ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: ثَمَّ بَحْثٌ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ يَنْبَغِي وُجُوبُ بَيَانِ مُسْتَنَدِهِ مُطْلَقًا: أَيْ وَثَّقَ بِعِلْمِهِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَادَّعَى الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ إلَخْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَعَلَّ بَعْضَهَا سَاقِطٌ مِنْ الشَّارِحِ مِنْ النُّسَّاخِ، وَإِلَّا فَاَلَّذِي بَعْدَ هَذَا لَا يَتِمُّ إلَّا بِهِ (قَوْلُهُ: وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ التَّفْوِيضَ) أَيْ: مِنْ الْإِنْسَانِ الْمَشْرُوطِ لَهُ النَّظَرُ إلَى الْآخَرِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ عَزْلُهُ بِمِثْلِهِ وَلَا بِدُونِهِ) أَيْ: وَلَا بِأَعْلَى مِنْهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَلَعَلَّ ابْنَ رَزِينٍ إنَّمَا قَيَّدَ بِمَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ يَرَى جَوَازَ عَزْلِهِ بِأَعْلَى مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَزَيَّفَهُ التَّاجُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّهُ لَا حَاصِلَ لَهُ) عِبَارَتُهُ فِي التَّوْشِيحِ: لَا حَاصِلَ لِهَذَا الْقَيْدِ؛ فَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ نَاظِرًا، وَإِنْ أَرَادَ عِلْمًا وَدِينًا زَائِدَيْنِ عَلَى مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ النُّظَّارُ فَلَا يَصِحُّ، إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ، وَلَك أَنْ تَتَوَقَّفَ فِي قَوْلِهِ فَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ نَاظِرًا فَإِنَّهُمْ

- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخْذًا مِنْ إفْتَاءِ جَمَاعَةٍ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى صَاحِبِ كُتُبِ الْحَدِيثِ إذَا كَتَبَ فِيهَا سَمَاعَ غَيْرِهِ مَعَهُ لَهَا أَنْ يُعِيرَهُ إيَّاهَا لِيَكْتُبَ سَمَاعَهُ مِنْهَا، وَلَوْ تَغَيَّرَتْ الْمُعَامَلَةُ وَجَبَ مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ مِمَّا كَانَ يَتَعَامَلُ بِهِ حَالَ الْوَقْفِ زَادَ سِعْرُهُ أَمْ نَقَصَ سَهُلَ تَحْصِيلُهُ أَمْ لَا؟ فَإِنْ فُقِدَ اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْمُطَالَبَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ حِينَئِذٍ وَإِلَّا وَجَبَ مِثْلُهُ، وَيَقَعُ فِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ الْأَوْقَافِ الْقَدِيمَةِ شَرْطُ قَدْرٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ النَّقْرَةِ. قَالَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: قَدْ قِيلَ إنَّهَا حُرِّرَتْ فَوُجِدَ كُلُّ دِرْهَمٍ مِنْهَا يُسَاوِي سِتَّةَ عَشَرَ دِرْهَمًا مِنْ الدَّرَاهِمِ الْفُلُوسِ الْمُتَعَامَلِ بِهَا الْآنَ (إلَّا أَنْ يَشْرِطَ نَظَرَهُ) أَوْ تَدْرِيسَهُ مَثَلًا (حَالَ الْوَقْفِ) بِأَنْ يَقُولَ: وَقَفْت هَذَا مَدْرَسَةً بِشَرْطِ أَنَّ فُلَانًا نَاظِرُهَا أَوْ مُدَرِّسُهَا وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ فَلَيْسَ لَهُ كَغَيْرِهِ عَزْلُهُ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ يُخِلُّ بِنَظَرِهِ لِأَنَّهُ لَا نَظَرَ لَهُ بَعْدَ شَرْطِهِ لِغَيْرِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عَزَلَ الْمَشْرُوطُ لَهُ نَفْسَهُ لَمْ يُنَصِّبْ بَدَلَهُ سِوَى الْحَاكِمِ كَمَا مَرَّ، أَمَّا لَوْ قَالَ وَقَفْته وَفَوَّضْت ذَلِكَ إلَيْهِ فَلَيْسَ كَالشَّرْطِ، وَتَرَدَّدَ السُّبْكِيُّ فِيمَا إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَرْشَدِيَّةِ زَيْدٍ ثُمَّ أُخْرَى بِأَرْشَدِيَّةِ عَمْرٍو وَقَصُرَ الزَّمَنُ بَيْنَهُمَا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ صِدْقُهُمَا فَإِنَّهُمَا يَتَعَارَضَانِ، ثُمَّ هَلْ يَسْقُطَانِ أَمْ يُشْتَرَطُ زَيْدٌ وَعَمْرٌو، وَبِالثَّانِي أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ، أَمَّا إذَا طَالَ الزَّمَنُ بَيْنَهُمَا فَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ عَلَى مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ الْحُكْمُ بِالثَّانِيَةِ إنْ صَرَّحَتْ بِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ مُتَجَدِّدٌ، وَاعْتَرَضَهُ الشَّيْخُ بِمَنْعِ أَنَّ مُقْتَضَاهُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا مُقْتَضَاهُ مَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّا إنَّمَا نَحْكُمُ بِالثَّانِيَةِ إذَا تَغَيَّرَ حَالُ الْأَرْشَدِ الْأَوَّلِ. (وَإِذَا) (أَجَّرَ النَّاظِرُ) الْوَقْفَ عَلَى مُعَيَّنٍ أَوْ جِهَةٍ إجَارَةٍ صَحِيحَةً (فَزَادَتْ الْأُجْرَةُ فِي الْمُدَّةِ أَوْ ظَهَرَ طَالِبٌ بِالزِّيَادَةِ) (لَمْ يَنْفَسِخْ الْعَقْدُ فِي الْأَصَحِّ) لِوُقُوعِهِ بِالْغِبْطَةِ فِي وَقْتِهِ فَأَشْبَهَ ارْتِفَاعَ الْقِيمَةِ أَوْ الْأُجْرَةِ بَعْدَ بَيْعٍ أَوْ إجَارَةِ مَالِ الْمَحْجُورِ. وَالثَّانِي تَنْفَسِخُ إذَا كَانَ لِلزِّيَادَةِ وَقْعٌ وَالطَّالِبُ ثِقَةٌ لِتَبَيُّنِ وُقُوعِهِ عَلَى خِلَافِ الْمَصْلَحَةِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ إذَا كَثُرَ الطَّالِبُ بِهَا وَإِلَّا لَمْ يُعْتَبَرْ جَزْمًا. وَمَرَّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُؤَجِّرُ الْمُسْتَحِقَّ أَوْ مَأْذُونَهُ جَازَ إيجَارُهُ بِأَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ، وَعَلَيْهِ فَالْأَوْجَهُ انْفِسَاخُهَا بِانْتِقَالِهَا لِغَيْرِهِ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَا إذَا أَجَّرَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ شَهِدَ اثْنَانِ بِأَنَّهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ حَالَةَ الْعَقْدِ ثُمَّ تَغَيَّرَتْ الْأَحْوَالُ فَزَادَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ بِأَنَّهُ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهَا وَخَطَؤُهُمَا، لِأَنَّ تَقْوِيمَ الْمَنَافِعِ الْمُسْتَقْبَلَةِ إنَّمَا يَصِحُّ حَيْثُ اسْتَمَرَّتْ حَالَةَ الْعَقْدِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ طَرَأَ عَلَيْهَا أَحْوَالٌ تَخْتَلِفُ بِهَا قِيمَةُ الْمَنْفَعَةِ فَإِنَّهُ بَانَ أَنَّ الْمُقَوِّمَ لَهَا لَمْ يُوَافِقْ تَقْوِيمُهُ الصَّوَابَ انْتَهَى. وَيُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي آخِرَ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ أَنَّ كَلَامَهُ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ بَاقِيَةً بِحَالِهَا بِحَيْثُ ـــــــــــــــــــــــــــــSضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: الْمُتَعَامَلُ بِهَا الْآنَ) وَقِيمَتُهَا إذْ ذَاكَ نِصْفُ فِضَّةٍ وَثُلُثٌ وَتُسَاوِي الْآنَ أَرْبَعَةَ أَنْصَافِ فِضَّةٍ وَنِصْفَ نِصْفٍ. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ كَالشَّرْطِ) أَيْ فَلَهُ عَزْلُهُ حَيْثُ شَرَطَ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ كَأَنْ قَالَ وَقَفْت هَذَا عَلَى كَذَا بِشَرْطِ أَنَّ النَّظَرَ فِيهِ لِي وَفَوَّضْت التَّصَرُّفَ فِيهِ لِفُلَانٍ. (قَوْلُهُ: وَتَرَدَّدَ السُّبْكِيُّ) هَذِهِ مُسَاوِيَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ جَعَلَهُ لِلْأَرْشَدِ مِنْ أَوْلَادِهِ إلَخْ، غَايَتُهُ أَنَّ هَذِهِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى نِسْبَتِهَا لِقَائِلِهَا. (قَوْلُهُ: إذَا كَثُرَ الطَّالِبُ) أَيْ كَثْرَةً يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَأْخُذْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَخَذَ الْآخَرُ. (قَوْلُهُ: مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ) أَيْ أَمَّا إذَا أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِانْتِقَالِ الْحَقِّ لَهُ لِرِضَاهُ أَوَّلًا بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ بِالْإِذْنِ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ التَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ إذْنَهُ قَبْلَ انْتِقَالِ الْحَقِّ إلَيْهِ لَغْوٌ وَذَلِكَ يَقْتَضِي انْفِسَاخَ الْإِجَارَةِ بِانْتِقَالِ الْحَقِّ عَنْ الْمُؤَجَّرِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَتَبَيَّنَ بُطْلَانُهَا) ضَعِيفٌ، وَقَوْلُهُ وَاَلَّذِي ـــــــــــــــــــــــــــــQلَمْ يَشْتَرِطُوا فِي النَّاظِرِ الْعِلْمَ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَدْرِيسَهُ) أَيْ: مَثَلًا كَمَا فِي التُّحْفَةِ. وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا لَا يُنَاسِبُ مَا حَلَّ بِهِ فِي الْمَتْنِ فِيمَا مَرَّ مِنْ قَصْرِهِ عَلَى مَا إذَا وَلَّى تَائِبًا عَنْهُ فِي النَّظَرِ، عَلَى أَنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَشْرِطْ تَدْرِيسَهُ فِي الْوَقْفِ وَقَرَّرَهُ فِيهِ حَيْثُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ النَّظَرُ لَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ عَزْلُهُ، أَيْ وَلَوْ بِلَا سَبَبٍ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ آنِفًا فَلْيُتَأَمَّلْ . (قَوْلُهُ: وَمَرَّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُؤَجِّرُ الْمُسْتَحِقَّ إلَخْ) أَيْ: فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ.

[كتاب الهبة]

يُقْطَعُ بِكَذِبِ تِلْكَ الْبَيِّنَةِ الْأُولَى، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يَعْتَدَّ بِالْبَيِّنَةِ الثَّانِيَةِ وَاسْتَمَرَّ الْحُكْمُ بِالْأَوَّلِ، وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ انْدَفَعَ كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّ إفْتَاءَهُ مُشْكِلٌ جِدًّا لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى سَدِّ بَابِ إجَارَةِ الْأَوْقَافِ إذْ طُرُقُ التَّغْيِيرِ الَّذِي ذَكَرَهُ كَثِيرَةٌ، وَاَلَّذِي يَقَعُ فِي النَّفْسِ أَنَّا نَنْظُرُ إلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ الَّتِي تَنْتَهِي إلَيْهَا الرَّغَبَاتُ حَالَةَ الْعَقْدِ فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا عَسَاهُ يَتَجَدَّدُ، وَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ إجَارَةِ وَقْفٍ وَأَنَّ الْأُجْرَةَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، فَإِنْ ثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ أَنَّهَا دُونَهَا تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْحُكْمِ وَالْإِجَارَةِ، وَإِلَّا فَلَا كَمَا يَأْتِي بَسْطُهُ آخِرَ الدَّعَاوَى، وَأَفْتَى الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ وَقْفًا بِشَرْطٍ وَحَكَمَ لَهُ حَاكِمٌ شَافِعِيٌّ بِمُوجِبِهِ وَبِعَدَمِ انْفِسَاخِهَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَزِيَادَةِ رَاغِبٍ أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ بِأَنَّ هَذَا إفْتَاءٌ لَا حُكْمٌ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالشَّيْءِ قَبْلَ وُقُوعِهِ لَا مَعْنَى لَهُ، كَيْفَ وَالْمَوْتُ أَوْ الزِّيَادَةُ قَدْ يُوجَدَانِ وَقَدْ لَا فَلِمَنْ رَفَعَ لَهُ الْحُكْمُ بِمَذْهَبِهِ انْتَهَى. وَمَا عُلِّلَ بِهِ مَمْنُوعٌ كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي بَابِ الرَّهْنِ، وَسَيَأْتِي فِيهِ مَزِيدُ تَحْقِيقٍ فِي الْبَابِ الْآتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. كِتَابُ الْهِبَةِ مِنْ هَبَّ: مَرَّ لِمُرُورِهَا مِنْ يَدٍ إلَى أُخْرَى أَوْ اسْتَيْقَظَ لِتَيَقُّظِ فَاعِلِهَا لِلْإِحْسَانِ وَالْأَصْلُ فِي جَوَازِهَا بَلْ نَدْبِهَا بِسَائِرِ أَنْوَاعِهَا الْآتِي قَبْلَ الْإِجْمَاعِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَوَرَدَ «تَهَادَوْا تَحَابُّوا» أَيْ بِالتَّشْدِيدِ مِنْ الْمَحَبَّةِ وَقِيلَ بِالتَّخْفِيفِ مِنْ الْمُحَابَاةِ وَصَحَّ «تَهَادَوْا فَإِنَّ الْهَدِيَّةَ تَذْهَبُ بِالضَّغَائِنِ» وَفِي رِوَايَةٍ «فَإِنَّ الْهَدِيَّةَ تُذْهِبُ وَحَرَ الصَّدْرِ» وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَتَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَقَعُ فِي النَّفْسِ إلَخْ مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ) أَيْ وَمَعَ مُرَاعَاةِ كَوْنِ الْأُجْرَةِ مُعَجَّلَةً أَوْ مُقَسَّطَةً عَلَى الشُّهُورِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ ثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ لَمْ يَحْكُمْ بِالْبُطْلَانِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْحُكْمِ وَالْإِجَارَةِ) أَيْ فَيَرُدُّ النَّاظِرُ مَا قَبَضَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَإِلَّا فَبَدَلُهُ مِنْ مَالِهِ إنْ كَانَ صَرَفَهُ فِي غَيْرِ مَصَالِحِ الْوَقْفِ وَمِنْ مَالِ الْوَقْفِ إنْ كَانَ صَرَفَهُ فِي مَصَالِحِهِ وَلَوْ بِإِيجَارِهِ مُدَّةً طَوِيلَةً حَيْثُ تَعَيَّنَتْ لِتَوْفِيَةِ مَا قَبَضَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ وَالْكَلَامُ كُلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَفْسُقْ بِتَعَدِّيهِ بِالْإِجَارَةِ وَالصَّرْفِ، وَإِلَّا فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْإِجَارَةُ ثَانِيًا وَلَا يَصِحُّ مِنْهُ لِانْعِزَالِهِ. (قَوْلُهُ: أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ) أَيْ لِأَمْرٍ عَرَضِيٍّ وَهُوَ كَوْنُهُ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ الْمُمْتَنِعِ فِيهَا ذَلِكَ وَبِلَا عِوَضٍ نَحْوَ الْبَيْعِ اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: وَمَا عَلَّلَ بِهِ مَمْنُوعٌ) مُعْتَمَدٌ. كِتَابُ الْهِبَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ هَبَّ) أَيْ مَأْخُوذَةٌ مِنْ هَبَّ إلَخْ (وَقَوْلُهُ وَالسُّنَّةُ) أَيْ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ» أَيْ ظِلْفُهَا شَرْحُ مَنْهَجٍ. وَالْفِرْسِنُ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَالسِّينِ وَسُكُونِ الرَّاءِ كَمَا فِي الصِّحَاحِ وَالْقَامُوسِ وَبِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِ الْفَاءِ كَمَا فِي الْمِشْكَاةِ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ بِالتَّخْفِيفِ) ، وَعَلَيْهِ فَالْبَاءُ مَضْمُومَةٌ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُفَاعَلَةِ. وَالْمَعْنَى أَنَّ بَعْضَكُمْ يُحَابِي بَعْضًا (قَوْلُهُ: تَذْهَبُ بِالضَّغَائِنِ) جَمْعُ ضَغِينَةٍ وَهِيَ الْحِقْدُ، يُقَالُ فِي فِعْلِهِ ضَغِنَ كَطَرِبَ انْتَهَى مُخْتَارٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْهِبَةِ] ِ (قَوْلُهُ: بِالتَّشْدِيدِ مِنْ الْمَحَبَّةِ) أَيْ: وَيَكُونُ مَجْزُومًا فِي جَوَابِ الْأَمْرِ، وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ بِالتَّخْفِيفِ مِنْ الْمُحَابَاةِ: أَيْ وَيَكُونُ أَمْرًا ثَانِيًا لِلتَّأْكِيدِ هَكَذَا ظَهَرَ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ عَلَى الثَّانِي بِفَتْحِ الْبَاءِ كَمَا هُوَ الْقِيَاسُ، وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ أَنَّهُ

مَا فِيهِ مِنْ نَحْوِ حِقْدٍ وَغَيْظٍ، وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ حُكْمُ هَدِيَّةِ أَرْبَابِ الْوِلَايَاتِ وَالْعُمَّالِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا، وَيَحْرُمُ الْإِهْدَاءُ عَلَى مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صَرْفُ مَا يَأْخُذُهُ فِي مَعْصِيَةٍ (التَّمْلِيكِ) لِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ بِتَفْصِيلِهِ الْآتِي أَوْ مَنْفَعَةٍ عَلَى مَا يَأْتِي (بِلَا عِوَضٍ هِبَةٌ) بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ الشَّامِلُ لِلْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ وَقَسِيمِهِمَا وَمِنْ ثَمَّ قُدِّمَ الْحَدُّ عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَنْصَرِفُ إلَيْهِ لَفْظُ الْهِبَةِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ عِنْدَ التَّأَمُّلِ عَدَمُ مُنَافَاتِهِ لِمَا ذُكِرَ هُنَا فَخَرَجَ بِالتَّمْلِيكِ الضِّيَافَةُ وَالْعَارِيَّةُ فَإِنَّهُمَا إبَاحَةٌ وَالْمِلْكُ يَحْصُلُ بَعْدَهُ، وَالْوَقْفُ فَإِنَّهُ تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ لَا عَيْنٍ عَلَى مَا قِيلَ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا تَمْلِيكَ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْإِبَاحَةِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ السُّبْكِيُّ فَقَالَ لَا حَاجَةَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْوَقْفِ فَإِنَّ الْمَنَافِعَ لَمْ يَمْلِكْهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ بِتَمْلِيكِ الْوَاقِفِ بَلْ بِتَسْلِيمِهِ مِنْ جِهَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا تَخْرُجُ الْهَدِيَّةُ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ لِغَنِيٍّ فَإِنَّهُ فِيهِ تَمْلِيكًا، وَإِنَّمَا الْمُمْتَنِعُ عَلَيْهِ نَحْوَ الْبَيْعِ كَالْهِبَةِ بِثَوَابٍ وَزِيدَ فِي الْحَدِّ فِي الْحَيَاةِ لِإِخْرَاجِ نَحْوِ الْوَصِيَّةِ فَإِنَّ التَّمْلِيكَ فِيهَا إنَّمَا يَتِمُّ بِالْقَبُولِ وَهُوَ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ مَمْنُوعٌ، وَتَطَوَّعَا لِإِخْرَاجِ نَحْوِ الْكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ وَالزَّكَاةِ، وَيَرُدُّ بِمَنْعِ التَّمْلِيكِ فِيهَا بَلْ هِيَ كَوَفَاءِ الدُّيُونِ (فَإِنْ) (مَلَكَ) شَيْئًا بِلَا عِوَضٍ (مُحْتَاجًا) ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ الْإِهْدَاءُ) وَكَذَا غَيْرُهُ كَالْهِبَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم (قَوْلُهُ: فِي مَعْصِيَةٍ) هَلْ الْعِبْرَةُ فِي ذَلِكَ بِاعْتِقَادِ الدَّافِعِ أَوْ بِاعْتِقَادِ الْآخَرِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، فَلَوْ وَهَبَهُ أَوْ أَهْدَاهُ لِحَنَفِيٍّ لِيَصْرِفَهُ فِي نَبِيذٍ كَانَ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا يَأْتِي) أَيْ مِنْ الْخِلَافِ فِي أَنَّ مَا وُهِبَتْ مَنَافِعُهُ عَارِيَّةً أَوْ أَمَانَةً، وَالرَّاجِحُ مِنْهُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَقَسِيمُهُمَا) وَهُوَ الْهِبَةُ الْمُفْتَقِرَةُ لِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ. (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ قُدِّمَ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَلَعَلَّ وَجْهَ التَّأَمُّلِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي التَّقْدِيمِ مَا يُشْعِرُ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ، وَلَيْسَتْ إرَادَةُ الْمَعْنَى مُقْتَضِيَةً لِلتَّقْدِيمِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُخَالَفَةُ الْأُسْلُوبِ تُشْعِرُ بِأَنَّ مَا هُنَا عَلَى خِلَافِ الْمُتَعَارَفِ فِي مِثْلِهِ وَهُوَ يُؤَدِّي إلَى الْبَحْثِ عَمَّا يَقْتَضِيهِ فَرُبَّمَا ظَهَرَ لِلنَّاظِرِ أَنَّهُ لِإِرَادَةِ الْمَعْنَى الْأَعَمِّ. (قَوْلُهُ: وَالْمِلْكُ يَحْصُلُ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ مَا ذُكِرَ مِنْ الضِّيَافَةِ وَالْعَارِيَّةِ، وَالْمُرَادُ مَا يَأْكُلُهُ الضَّيْفُ فَإِنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَا يَمْلِكُ بِالِاسْتِعَارَةِ شَيْئًا، وَلَا يَرِدُ أَنَّهُ قَدْ يُعِيرُهُ شَاةً لِلَبَنِهَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّ الرَّاجِحَ فِيهِ أَنَّ اللَّبَنَ وَنَحْوَهُ مَقْبُوضٌ بِالْإِبَاحَةِ وَالشَّاةَ بِالْعَارِيَّةِ فَلَمْ يَمْلِكْ بِالْعَارِيَّةِ شَيْئًا، وَلَوْ أَخَّرَ الضِّيَافَةَ عَنْ الْعَارِيَّةِ وَأَنَّثَ الضَّمِيرَ كَمَا فَعَلَ حَجّ كَانَ أَوْلَى، وَقَوْلُهُ بَعْدَهُ أَيْ مِنْ الْوَضْعِ فِي الْفَمِ أَوْ الِازْدِرَادِ أَوْ التَّقْدِيمِ لَهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ وَالرَّاجِحُ مِنْهُ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ: وَالْوَقْفُ) فِي إخْرَاجِ التَّمْلِيكِ الْمَذْكُورِ لِلْوَقْفِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الشَّارِحَ جَعَلَهُ شَامِلًا لِتَمْلِيكِ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ. نَعَمْ هُوَ ظَاهِرٌ عَلَى أَنَّهُ لَا تَمْلِيكَ فِيهِ أَصْلًا مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ. (قَوْلُهُ: نَحْوَ الْبَيْعِ كَالْهِبَةِ) عِبَارَةُ حَجّ: نَحْوَ الْبَيْعِ لِأَمْرٍ عَرَضِيٍّ وَهُوَ كَوْنُهُ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ الْمُمْتَنِعِ فِيهَا ذَلِكَ وَبِلَا عِوَضٍ نَحْوَ الْبَيْعِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ) أَيْ عَلَى زِيَادَةِ الْحَيَاةِ فِي الْحَدِّ (قَوْلُهُ: مَمْنُوعٌ) لَعَلَّ صُورَةَ الِاعْتِرَاضِ أَنَّ التَّمْلِيكَ فِي الْوَصِيَّةِ يَحْصُلُ بِالْإِيجَابِ وَيَتَأَخَّرُ الْمِلْكُ لِلْقَبُولِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَسَنَدُ الْمَنْعِ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ صِيغَةَ الْإِيجَابِ بِمُجَرَّدِهَا يَحْصُلُ بِهَا تَمْلِيكٌ (قَوْلُهُ: كَوَفَاءِ الدُّيُونِ) وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ كَوْنَهَا كَوَفَاءِ الدُّيُونِ لَا يَمْنَعُ أَنَّ فِيهَا تَمْلِيكًا اهـ حَجّ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: وَالنَّظَرُ قَوِيٌّ جِدًّا انْتَهَى. وَقَدْ يُجَابُ عَنْ النَّظَرِ بِأَنَّ الْمُسْتَحَقِّينَ فِي الزَّكَاةِ مَلَكُوا قَبْلَ أَدَاءِ الْمَالِكِ فَإِعْطَاؤُهُ تَفْرِيغٌ لِمَا فِي ذِمَّتِهِ لَا تَمْلِيكَ مُبْتَدَأٍ، وَكَذَا يُقَالُ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQبِضَمِّهَا لَمْ أَعْرِفْ سَبَبَهُ. (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ الْإِهْدَاءُ) قَدْ يُقَالُ هَلَّا عَبَّرَ بِالْهِبَةِ. (قَوْلُهُ: عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ) أَيْ: مِنْ عَدَمِ ذِكْرِهِ لِلْحَدِّ بِالْكُلِّيَّةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ مِنْ تَقْدِيمِهِ فَيَكُونُ الْغَالِبُ ذِكْرَهُ لَهُ لَكِنْ مُؤَخَّرًا إذْ هَذَا خِلَافُ الْوَاقِعِ وَإِنْ أَوْهَمَهُ كَلَامُ الشَّيْخِ فِي الْحَاشِيَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا إبَاحَةٌ) يَعْنِي: الضِّيَافَةَ وَإِنْ كَانَتْ مُقَدَّمَةً فِي الذِّكْرِ فِي نُسَخِ الشَّارِحِ، وَلَعَلَّ تَقْدِيمَهَا مِنْ الْكَتَبَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الْمُمْتَنِعُ عَلَيْهِ نَحْوُ الْبَيْعِ كَالْهِبَةِ بِثَوَابٍ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَإِنَّمَا الْمُمْتَنِعُ

وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ أَوْ غَنِيًّا (لِثَوَابِ الْآخِرَةِ) أَيْ لِأَجْلِهِ (فَصَدَقَةٌ) أَيْضًا وَهِيَ أَفْضَلُ الثَّلَاثَةِ (فَإِنْ) وَفِي نُسَخٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَإِنْ، وَهِيَ أَوْلَى لَهُ لَدَفَعَهَا مَا اعْتَرَضَ بِهِ عَلَى الْفَاءِ مِنْ أَنَّ الْهَدِيَّةَ قِسْمٌ مِنْ الصَّدَقَةِ. نَعَمْ إيهَامُهُ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ النَّقْلُ وَالْقَصْدُ كَانَ صَدَقَةً وَهَدِيَّةً صَحِيحٌ (نَقَلَهُ) أَيْ الْمُمَلَّكُ بِلَا عِوَضٍ (إلَى مَكَانِ الْمَوْهُوبِ لَهُ إكْرَامًا) لَيْسَ بِقَيْدٍ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ، وَإِنَّمَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ غَالِبًا مِنْ النَّقْلِ إلَى ذَلِكَ، وَقَدْ يُقَالُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الرِّشْوَةِ (فَهَدِيَّةٌ) أَيْضًا فَلَا دَخْلَ لَهَا فِيمَا لَا يُنْقَلُ، وَلَا يُعَارِضُهُ صِحَّةُ نَذْرِ إهْدَائِهِ لِأَنَّ الْمُهْدِيَ اصْطِلَاحًا غَيْرُ الْهَدِيَّةِ وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ تَرَادُفَهُمَا. (وَشَرْطُ الْهِبَةِ) بِمَعْنَى مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فِي تَحَقُّقِ وُجُودِهَا فِي الْخَارِجِ فَيَشْمَلُ الرُّكْنَ كَمَا هُنَا، وَرُكْنُهَا الثَّانِي الْعَاقِدَانِ، وَالثَّالِثُ الْمَوْهُوبُ (إيجَابٌ) كَوَهَبْتُكَ وَمَلَّكْتُك وَمَنَحْتُك وَأَكْرَمْتُك وَعَظَّمْتُك وَنَحَلْتُك وَكَذَا أَطْعَمْتُك وَلَوْ فِي غَيْرِ طَعَامٍ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ (وَقَبُولٌ) كَقَبِلْتُ وَرَضِيت وَاتَّهَبْت (لَفْظًا) فِي حَقِّ النَّاطِقِ وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ فِي حَقِّهِ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ فِي الْحَيَاةِ كَالْبَيْعِ وَلِهَذَا انْعَقَدَتْ بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ كَلَكَ كَذَا وَكَسَوْتُك هَذَا وَبِالْمُعَاطَاةِ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSالنَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَحَقِّينَ مَلَكُوا أَنَّهُ بِحَوَلَانِ الْحَوْلِ لَا يَجُوزُ لِلْمَالِكِ بَيْعُ قَدْرِ الزَّكَاةِ، وَأَنَّهُ لَوْ نَقَصَ النِّصَابُ بِسَبَبِهِ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ زَكَاةٌ فِيمَا بَعْدَ الْعَامِ الْأَوَّلِ وَإِنْ مَضَى عَلَى ذَلِكَ أَعْوَامٌ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ أَفْضَلُ الثَّلَاثَةِ) وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ لِغَنِيٍّ بِقَصْدِ ثَوَابِ الْآخِرَةِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: التَّفْضِيلُ لِلْمَاهِيَةِ لَا يَقْتَضِي التَّفْضِيلَ لِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهَا عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: إذَا اجْتَمَعَ النَّقْلُ وَالْقَصْدُ) أَيْ أَوْ النَّقْلُ وَالِاحْتِيَاجُ. (قَوْلُهُ: إكْرَامًا) يَنْبَغِي أَنَّ الدَّفْعَ بِلَا نَقْلٍ لَكِنْ بِقَصْدِ الْإِكْرَامِ هَدِيَّةٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَعَلَيْهِ فَهَدِيَّةُ الْعَقَارِ مُمْكِنَةٌ لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ عَنْ حَجّ امْتِنَاعُ هَدِيَّةِ الْعَقَارِ لِعَدَمِ تَأَتِّي النَّقْلِ فِيهِ، وَهُوَ مُنَافٍ لِهَذَا الْبَحْثِ وَلِقَوْلِ الشَّارِحِ وَلَا يُعَارِضُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْإِكْرَامَ، وَقَوْلُهُ إلَى ذَلِكَ: أَيْ مَكَانَ الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَقَوْلُهُ الرِّشْوَةُ مُثَلَّثٌ الرَّاءِ، وَزَادَ حَجّ أَوْ لِخَوْفِ الْهَجْوِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: فَهَدِيَّةٌ أَيْضًا) أَيْ كَمَا أَنَّهُ هِبَةٌ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ بَقِيَ مَا لَوْ مَلَّكَ غَنِيًّا بِلَا قَصْدِ ثَوَابِ الْآخِرَةِ خَارِجًا عَنْ الصَّدَقَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ الْآخَرِينَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ تَفْسِيرِهِمَا، وَلَا يَظْهَرُ دُخُولُهُ فِي غَيْرِ الثَّلَاثَةِ فَيُشْكَلُ الْحَالُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: هِيَ هِبَةٌ بَاطِلَةٌ لِعَدَمِ الصِّيغَةِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيَلْزَمُهُمْ: أَيْ السُّبْكِيَّ وَالزَّرْكَشِيَّ وَغَيْرَهُمَا أَنَّهُ لَوْ مَلَّكَ غَنِيًّا مِنْ غَيْرِ قَصْدِ ثَوَابِ الْآخِرَةِ لَا يَكُونُ صَدَقَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ فَيَكُونُ هِبَةً بَاطِلَةً كَمَا قَدَّمَهُ إنْ خَلَا عَنْ الصِّيغَةِ وَصَحِيحَةً إنْ اشْتَمَلَ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: فِيمَا لَا يُنْقَلُ) أَيْ كَالْعَقَارِ، وَقَوْلُهُ صِحَّةُ نَذْرِ إهْدَائِهِ: أَيْ مَا لَا يُنْقَلُ. (قَوْلُهُ: فَيَشْمَلُ الرُّكْنَ كَمَا هُنَا) أَيْ الَّذِي هُوَ الصِّيغَةُ وَهُوَ رُكْنُهَا الْأَوَّلُ، وَقَوْلُهُ وَرُكْنُهَا هُوَ بِالرَّفْعِ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ الْعَاقِدَانِ وَالْجُمْلَةُ عَطْفٌ عَلَى وَهُوَ رُكْنُهَا الْأَوَّلُ الَّذِي قَدَّرْنَاهُ (قَوْلُهُ وَمَنَحْتُك) بِالتَّخْفِيفِ، وَقَوْلُهُ نَحَلْتُك بِالتَّخْفِيفِ أَيْضًا: أَيْ هَذَا أَوْ نَحْوُهُ فِي الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ فِي الْحَيَاةِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ امْتِنَاعُ الْهِبَةِ لِلْحَمْلِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَمَلُّكُهُ وَلَا تَمْلِيكُ الْوَلِيِّ لَهُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِهِ. (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا انْعَقَدَتْ بِالْكِنَايَةِ) هَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ كُلُّهُ صَرِيحٌ، وَعَلَيْهِ فَقَدْ يُشْكِلُ الْفَرْقُ بَيْنَ أَطْعَمْتُك وَكَسَوْتُك بَلْ بَيْنَ نَحْوِ لَك هَذَا وَكَسَوْتُك وَبَيْنَ عَظَّمْتُك أَوْ أَكْرَمْتُك فَلِيُتَأَمَّلْ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ تِلْكَ الصِّيَغَ اُشْتُهِرَتْ فِيمَا بَيْنَهُمْ فِي الْهِبَةِ فَكَانَتْ صَرِيحَةً بِخِلَافِ هَاتَيْنِ الصِّيغَتَيْنِ (قَوْلُهُ: كُلُّك كَذَا) وَمِنْهُ مَا اُشْتُهِرَ مِنْ قَوْلِهِمْ فِي الْإِعْطَاءِ بِلَا عِوَضٍ جَبًّا فَيَكُونُ هِبَةً حَيْثُ نَوَاهَا بِهِ. (قَوْلُهُ: وَكَسَوْتُك هَذَا) ظَاهِرُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهِ نَحْوُ الْبَيْعِ لِأَمْرٍ عَرَضِيٍّ هُوَ كَوْنُهُ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ الْمُمْتَنِعِ فِيهِ ذَلِكَ انْتَهَتْ، وَلَا بُدَّ مِنْ هَذِهِ الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهَا فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ إذْ هُوَ مَحَطُّ الْجَوَابِ كَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: نَعَمْ إيهَامُهُ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ إلَخْ) أَيْ: الَّذِي ذَكَرَ الْمُعْتَرِضَ أَيْضًا

الْقَوْلِ بِهَا، وَاشْتَرَطَ هُنَا فِي الْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ جَمِيعَ مَا مَرَّ فِيهَا، وَمِنْهُ أَنْ يَكُونَ الْقَبُولُ مُطَابِقًا لِلْإِيجَابِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ عَدَمَ اشْتِرَاطِهَا هُنَا، وَمِنْهُ أَيْضًا اعْتِبَارُ الْفَوْرِ فِي الصِّيغَةِ وَأَنَّهُ لَا يَضُرُّ الْفَصْلُ إلَّا بِأَجْنَبِيٍّ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ اغْتِفَارُ قَوْلِهِ بَعْدَ وَهَبْتُك وَسَلَّطْتُك عَلَى قَبْضِهِ فَلَا يَكُونُ فَاصِلًا مُضِرًّا لِتَعَلُّقِهِ بِالْعَقْدِ. نَعَمْ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالْإِذْنِ قَبْلَ وُجُودِ الْقَبُولِ نَظَرٌ. وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي مَزْجِ الرَّهْنِ الِاكْتِفَاءُ بِهِ، وَقَدْ لَا تُشْتَرَطُ صِيغَةٌ كَمَا لَوْ كَانَتْ ضِمْنِيَّةً كَأَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي فَأَعْتَقَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَجَّانًا، وَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ وَأَقَرَّهُ جَمْعٌ مِنْ أَنَّهُ لَوْ زَيَّنَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ بِحُلِيٍّ كَانَ تَمْلِيكًا لَهُ بِخِلَافِ زَوْجَتِهِ فَإِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى تَمْلِيكِهِ بِتَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ كَلَامَهُمَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ اشْتَرَطَا فِي هِبَةِ الْأَصْلِ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ وَهِبَةِ وَلِيِّ غَيْرِهِ: أَيْ غَيْرُ الْأَصْلِ قَبُولُهَا مِنْ الْحَاكِمِ أَوْ نَائِبِهِ. وَنَقَلَ جَمْعٌ أَيْضًا عَنْ الْعَبَّادِيِّ وَأَقَرُّوهُ أَنَّهُ لَوْ غَرَسَ أَشْجَارًا وَقَالَ عِنْدَ الْغَرْسِ أَغْرِسُهَا لِابْنِي مَثَلًا لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لِعَيْنٍ فِي يَدِهِ اشْتَرَيْتهَا لِابْنِي أَوْ لِفُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنَّهُ يَكُونُ إقْرَارًا، وَلَوْ قَالَ جَعَلْت هَذَا لِابْنِي لَمْ يَمْلِكْهُ إلَّا أَنْ قَبِلَ وَقَبَضَ لَهُ اهـ. وَالْفَرْقُ بِأَنَّ الْحُلِيَّ صَارَ فِي يَدِ الصَّبِيِّ دُونَ الْغَرْسِ غَيْرُ كَافٍ لِأَنَّ صَيْرُورَتَهُ فِي يَدِهِ بِدُونِ لَفْظِ مُمَلَّكٍ لَا يُفِيدُ شَيْئًا، عَلَى أَنَّ كَوْنَ هَذِهِ الصَّيْرُورَةِ مُفِيدَةً لِلْمِلْكِ هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ، فَلَا فَرْقَ لَا سِيَّمَا وَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ لَا يَتَمَشَّى عَلَى الْمَذْهَبِ، وَضَعَّفَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ قَوْلَ الْخُوَارِزْمِيِّ وَغَيْرَهُ أَنَّ إلْبَاسَ الْأَبِ الصَّغِيرِ حُلِيًّا يَمْلِكُهُ إيَّاهُ، وَقَدْ نَقَلَ آخَرُونَ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَلَوْ فِي غَيْرِ الثِّيَابِ وَيَكُونُ بِمَعْنَى نَحَلْتُك. (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) أَيْ وَمِنْهُ الرُّؤْيَةُ فَالْأَعْمَى لَا تَصِحُّ هِبَتُهُ وَلَا الْهِبَةُ إلَيْهِ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ، وَأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ بَيْعِ الْأَعْيَانِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ صَدَقَتِهِ وَإِهْدَائِهِ فَيَصِحُّ لِإِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ الْوَجْهُ الَّذِي لَا يَنْبَغِي خِلَافُهُ انْتَهَى. كَذَا بِهَامِشٍ وَهُوَ قَرِيبٌ، وَيُصَرِّحُ بِاشْتِرَاطِ الرُّؤْيَةِ فِي الْوَاهِبِ وَالْمُتَّهِبِ قَوْلُ الْمَحَلِّيِّ وَفِيهَا كَأَصْلِهَا أَمْرُ الْعَاقِدَيْنِ وَاضِحٌ: أَيْ مِنْ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ: أَيْ فَطَرِيقُ الْأَعْمَى إذَا أَرَادَ ذَلِكَ التَّوْكِيلُ. (قَوْلُهُ: مُطَابِقًا لِلْإِيجَابِ) نَقَلَ سم عَلَى حَجّ عَنْ الشَّارِحِ اعْتِمَادُ عَدَمِ اشْتِرَاطِ مُطَابَقَةِ الْقَبُولِ لِلْإِيجَابِ وَعِبَارَتُهُ فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ نَصُّهَا: ثُمَّ قَالَ: أَيْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا حَاصِلُهُ: وَهُوَ يَصِحُّ قَبُولُ بَعْضِ الْمَوْهُوبِ أَوْ قَبُولُ أَحَدِ الشَّخْصَيْنِ أَوْ نِصْفُ مَا وُهِبَ لَهُمَا وَجْهَانِ انْتَهَى. قَالَ م ر: الْمُعْتَمَدُ الصِّحَّةُ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: نَعَمْ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالْإِذْنِ) أَيْ مِنْ الْوَاهِبِ كَأَنْ يَقُولَ وَهَبْتُك هَذَا وَأَذِنْت لَك فِي قَبْضِهِ فَيَقُولُ الْمُتَّهَبُ قَبِلْت، وَقَوْلُهُ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ إلَخْ مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ لَا تُشْتَرَطُ صِيغَةٌ) أَيْ التَّصْرِيحُ بِهَا وَإِلَّا فَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ تَقْدِيرًا كَمَا قَالَهُ الْمَحَلِّيُّ فِي أَوَّلِ الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى تَمْلِيكِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ غَيْرَ الْأَبِ وَالْجَدِّ إذَا دَفَعَ إلَى غَيْرِهِ شَيْئًا كَخَادِمِهِ وَبِنْتِ زَوْجَتِهِ لَا يَصِيرُ مِلْكًا لَهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إيجَابٍ وَقَبُولٍ مِنْ الْخَادِمِ إنْ تَأَهَّلَ لِلْقَبُولِ أَوْ وَلِيُّهُ إنْ لَمْ يَتَأَهَّلْ فَلِيُتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا بِمِصْرِنَا. نَعَمْ إنْ دَفَعَ ذَلِكَ لِمَنْ ذُكِرَ لِاحْتِيَاجِهِ لَهُ أَوْ قَصَدَ ثَوَابَ الْآخِرَةِ كَانَ صَدَقَةً فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إيجَابٍ وَلَا قَبُولٍ وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا مِنْهُ، وَقَدْ تَدُلُّ الْقَرَائِنُ الظَّاهِرَةُ عَلَى شَيْءٍ فَيُعْمَلُ بِهِ. (قَوْلُهُ: بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ) أَيْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ وَغَيْرِهِمَا فِي أَنَّ التَّدْيِينَ لَا يَكُونُ تَمْلِيكًا. (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا) أَيْ وَلَا يَكُونُ تَمْلِيكًا لِلِابْنِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَالْفَرْقُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَكُونُ إقْرَارًا) أَيْ وَذَلِكَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْأَجْنَبِيُّ وَكَّلَهُ مَثَلًا فِي شِرَائِهَا لَهُ وَمِثْلُهُ وَلَدُهُ الرَّشِيدُ، وَأَنْ يَكُونَ تَمَلَّكَهَا لِغَيْرِ الرَّشِيدِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ أَوْ مَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَمْلِكْهُ) أَيْ الِابْنُ وَيَنْبَغِي أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَمَا يُعْلَمُ مِنْ التُّحْفَةِ خِلَافُ مَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَاشْتَرَطَ هُنَا) أَيْ: وَلِهَذَا اشْتَرَطَ هُنَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهِبَةِ وَلِيٍّ غَيْرِهِ قَبُولَهَا) أَيْ وَحَيْثُ اشْتَرَطَ فِي هِبَةِ وَلِيِّ غَيْرِ الْأَصْلِ قَبُولَ الْهِبَةِ مِنْ الْحَاكِمِ أَوْ نَائِبِهِ فَهِبَةُ مَجْرُورٌ وَوَلِيٌّ مُنَوَّنٌ وَغَيْرُهُ

الْقَفَّالِ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَوْ جَهَّزَ ابْنَتَهُ بِأَمْتِعَةٍ مِنْ غَيْرِ تَمْلِيكٍ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ تَمْلِيكِهَا ذَلِكَ إنْ ادَّعَتْهُ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي رَدِّ مَا سَبَقَ عَنْهُ، وَأَفْتَى الْقَاضِي فِيمَنْ بَعَثَ بِنْتَه وَجِهَازَهَا إلَى دَارِ الزَّوْجِ بِأَنَّهُ إنْ قَالَ هَذَا جِهَازُ بِنْتِي فَهُوَ مِلْكٌ لَهَا وَإِلَّا فَهُوَ عَارِيَّةٌ وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ، وَكَخُلْعِ الْمُلُوكِ لِاعْتِيَادِ عَدَمِ اللَّفْظِ فِيهَا كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَلَا قَبُولٍ كَهِبَةِ النَّوْبَةِ لِضَرَّتِهَا. (وَلَا يُشْتَرَطَانِ) أَيْ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فِي الصَّدَقَةِ بَلْ يَكْفِي الْإِعْطَاءُ وَالْأَخْذُ وَلَا (فِي الْهَدِيَّةِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْكُولًا (عَلَى الصَّحِيحِ بَلْ يَكْفِي الْبَعْثُ مِنْ هَذَا) وَيَكُونُ كَالْإِيجَابِ (وَالْقَبْضُ مِنْ ذَاكَ) وَيَكُونُ كَالْقَبُولِ لِجَرَيَانِ عَادَةِ السَّلَفِ بَلْ الصَّحَابَةُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ، وَمَعَ ذَلِكَ كَانُوا يَتَصَرَّفُونَ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ فَسَقَطَ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْهُ أَنَّهُ كَانَ إبَاحَةً. وَالثَّانِي يُشْتَرَطَانِ كَالْهِبَةِ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْوَاهِبِ كَوْنُهُ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ وَفِي الْمُتَّهِبِ أَهْلِيَّةُ الْمِلْكِ فَلَا تَصِحُّ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَكُونَ كِنَايَةً كَمَا فِي الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ صَرِيحٌ إلَخْ) قَدْ تُمْنَحُ الصَّرَاحَةُ بِحَمْلِ كَلَامِهِ فِي الْبِنْتِ عَلَى الرَّشِيدَةِ وَهُوَ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى تَمْلِيكِهَا، بِخِلَافِ الصَّغِيرَةِ عَلَى مَا مَرَّ لَهُ، وَقَدْ يُفْهَمُ التَّقْيِيدُ بِالرَّشِيدَةِ مِنْ قَوْلِهِ إنْ ادَّعَتْهُ. (قَوْلُهُ: فِيمَنْ بَعَثَ بِنْتَه) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْبَاعِثُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً (قَوْلُهُ: وَجَهَازَهَا) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا لُغَةٌ قَلِيلَةٌ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مِلْكٌ لَهَا) أَيْ يَكُونُ مَا ذَكَرَهُ إقْرَارًا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهُوَ عَارِيَّةٌ) كَذَلِكَ يَكُونُ عَارِيَّةً فِيمَا يَظْهَرُ إذَا قَالَ جَهَّزْت ابْنَتِي بِهَذَا إذْ لَيْسَ هَذَا صِيغَةَ إقْرَارٍ بِمِلْكٍ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَسْأَلَةِ الْقَاضِي أَنَّ الْإِضَافَةَ إلَى مَنْ يَمْلِكُ تَقْتَضِي الْمِلْكَ فَكَانَ مَا ذَكَرَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْقَاضِي إقْرَارًا بِالْمِلْكِ بِخِلَافِ مَا هُنَا. (قَوْلُهُ: وَيَصْدُقُ بِيَمِينِهِ) أَيْ إذَا نُوزِعَ فِي أَنَّهُ مَلَكَهَا بِهِبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَكَخُلْعٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ السَّابِقِ كَمَا لَوْ كَانَتْ ضِمْنِيَّةً. (قَوْلُهُ: وَلَا قَبُولٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَقَدْ لَا يُشْتَرَطُ صِيغَةٌ. (قَوْلُهُ: وَالْقَبْضُ مِنْ ذَاكَ) هَلْ يَكْفِي الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي تَجْرِيدِ الْمُزَجَّدِ مَا نَصُّهُ: فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ يَحْصُلُ مِلْكُ الْهِبَةِ بِوَضْعِ الْمُهْدِي بَيْنَ يَدَيْهِ إذَا أَعْلَمَهُ بِهِ وَلَوْ أَهْدَى إلَى صَبِيٍّ وَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَخَذَهُ الصَّبِيُّ لَا يَمْلِكُهُ انْتَهَى وَهُوَ يُفِيدُ مِلْكَ الْبَائِعِ بِالْوَضْعِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقَدْ جَعَلُوا ذَلِكَ قَبْضًا فِي الْبَيْعِ. وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ: وَتُمْلَكُ الْهَدِيَّةُ بِوَضْعِهَا بَيْنَ يَدَيْ الْمُهْدَى إلَيْهِ الْبَالِغِ لَا الصَّبِيِّ وَإِنْ أَخَذَهَا اهـ. بَقِيَ مَا لَوْ أَتْلَفَهَا الصَّبِيُّ، وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ فَهَلْ يَضْمَنُهَا، وَيَنْبَغِي عَدَمُ الضَّمَانِ لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَيْهَا بِإِهْدَائِهَا لَهُ وَوَضْعِهَا بَيْنَ يَدَيْهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي الْوَدِيعَةِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الصَّبِيُّ شَيْئًا وَسَلَّمَ لَهُ فَأَتْلَفَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَيْهِ، وَالْهِبَةُ كَالْبَيْعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَالْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ إقْبَاضٌ كَمَا تَقَرَّرَ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِالْبَالِغِ أَنَّهُ يَكْفِي الْقَبُولُ مِنْ السَّفِيهِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِ وَلِيِّهِ وَلَا قَبْضِهِ، وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ كَانَ إبَاحَةً) أَيْ دَفْعُ بَعْضِ الصَّحَابَةِ لِبَعْضٍ شَيْئًا. (قَوْلُهُ: وَفِي الْمُتَّهِبِ أَهْلِيَّةُ الْمِلْكِ) أَيْ التَّمَلُّكِ، فَلَا يُقَالُ هَذَا قَدْ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُتَّهِبِ الرُّشْدُ بَلْ يَقْتَضِي صِحَّةَ قَبُولِ الْهِبَةِ مِنْ الطِّفْلِ، وَفِي حَاشِيَةِ سم عَلَى حَجّ: فَرْعٌ: سُئِلَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ عَنْ شَخْصٍ بَالِغٍ تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدٍ مُمَيَّزٍ بِصَدَقَةٍ وَوَقَعَتْ الصَّدَقَةُ فِي يَدِهِ مِنْ الْمُتَصَدِّقِ فَهَلْ يَمْلِكُهَا الْمُتَصَدِّقُ عَلَيْهِ بِوُقُوعِهَا فِي يَدِهِ كَمَا لَوْ احْتَطَبَ أَوْ احْتَشَّ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ أَمْ لَا يَمْلِكُهَا لِأَنَّ الْقَبْضَ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَقَدْ قَالُوا فِي نِثَارِ الْوَلِيمَةِ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَهُ آخِذٌ مَلَكَهُ، وَهَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَجْرُورٌ بَدَلٌ مِنْهُ وَقَبُولُهَا مَنْصُوبٌ مَفْعُولٌ وَمِنْ الْحَاكِمِ مُتَعَلِّقٌ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ صَرِيحٌ فِي رَدِّ مَا سَبَقَ عَنْهُ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ ذَاكَ فِي الطِّفْلِ كَمَا مَرَّ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ فِي الْبَالِغَةِ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُهُ: إنْ ادَّعَتْهُ، نَعَمْ إنْ كَانَتْ الْبِنْتُ صَغِيرَةً أَتَى فِيهَا مَا مَرَّ فِي الطِّفْلِ كَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: وَكَخَلْعِ الْمُلُوكِ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ كَمَا لَوْ كَانَتْ ضِمْنِيَّةً

هِبَةُ وَلِيٍّ وَلَا مُكَاتَبٍ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ فِي ذَلِكَ، وَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ بِأَنْوَاعِهَا مَعَ شَرْطٍ مُفْسِدٍ كَأَنْ لَا يُزِيلَ مِلْكَهُ عَنْهُ، وَلَا مُؤَقَّتَةً وَلَا مُعَلَّقَةً إلَّا فِي مَسَائِلِ الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى كَمَا قَالَ (وَلَوْ) (قَالَ أَعْمَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ) أَوْ هَذَا الْحَيَوَانَ مَثَلًا أَيْ جَعَلْتهَا لَك عُمْرَك (فَإِذَا دُمْت فَهِيَ لِوَرَثَتِك) أَوْ لِعَقِبِك (فَهِيَ) أَيْ الصِّيغَةُ الْمَذْكُورَةُ (هِبَةٌ) أَيْ صِيغَةُ هِبَةٍ طَوَّلَ فِيهَا الْعِبَارَةَ فَيُعْتَبَرُ فِيهَا الْقَبُولُ وَتَلْزَمُ بِالْقَبْضِ وَتَكُونُ لِوَرَثَتِهِ وَلَا تَخْتَصُّ بِعَقِبِهِ إلْغَاءً لِظَاهِرِ لَفْظِهِ عَمَلًا بِالْخَبَرِ الْآتِي، وَلَا تَعُودُ لِلْوَاهِبِ بِحَالٍ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَيُّمَا رَجُلٍ أُعْمِرَ عُمْرَى فَإِنَّهَا لِلَّذِي أُعْطِيَهَا لَا تَرْجِعُ إلَى الَّذِي أَعْطَاهَا» وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ عَدَمُ الْفَرْقِ فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ بَيْنَ الْعَالِمِ بِمَعْنَاهَا وَالْجَاهِلِ بِهِ، وَاسْتَشْكَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ: وَفِي الرَّوْضَةِ فِي الْكِتَابَةِ عَنْ الْمَرْوَزِيِّ أَنَّ قَرِيبَ الْإِسْلَامِ وَجَاهِلَ الْأَحْكَامِ لَا يَصِحُّ تَدْبِيرُهُ بِلَفْظِهِ حَتَّى يَنْضَمَّ إلَيْهِ نِيَّةٌ أَوْ زِيَادَةُ لَفْظٍ اهـ. وَالْأَقْرَبُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ فِي الطَّلَاقِ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ اللَّفْظِ لِمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ اللَّفْظِ وَلَمْ يُوجَدْ حَتَّى يَقْصِدَهُ. نَعَمْ مَنْ أَتَى بِلَفْظٍ صَرِيحٍ وَادَّعَى جَهْلَهُ بِمَعْنَاهُ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا إنْ دَلَّتْ قَرِينَةُ حَالِهِ عَلَى ذَلِكَ لِعَدَمِ مُخَالَطَتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSنِثَارُ الْوَلِيمَةِ يَكُونُ نَاثِرُهُ مُعْرِضًا عَنْهُ إعْرَاضًا خَاصًّا حَتَّى يَكُونَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيمَا أَعْطَاهُ لِلصَّبِيِّ، وَالْحَالُ أَنَّ الصَّدَقَةَ صَدَقَةُ تَطَوُّعٍ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الصَّبِيُّ مَا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ إلَّا بِقَبْضِ وَلِيِّهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مِلْكِهِ لِلنِّثَارِ وَاضِحٌ. [فَرْعٌ] سُئِلَ عَنْ رَقِيقٍ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ شَخْصٌ بِصَدَقَةٍ كَثَوْبٍ أَوْ دَرَاهِمَ وَشَرَطَ الْمُتَصَدِّقُ انْتِفَاعَهُ بِهَا دُونَ سَيِّدِهِ هَلْ يَصِحُّ التَّصَدُّقُ؟ فَإِنْ قُلْتُمْ نَعَمْ فَهَلْ تَجِبُ مُرَاعَاةُ هَذَا الشَّرْطِ حَتَّى يَمْتَنِعَ عَلَى سَيِّدِهِ أَخْذُهَا مِنْهُ وَيَجِبُ صَرْفُهَا عَلَى الرَّقِيقِ؟ وَإِنْ قُلْتُمْ لَا يَصِحُّ فَهَلْ لِذَلِكَ حُكْمُ الْإِبَاحَةِ حَتَّى يَجُوزَ لِلْعَبْدِ أَنْ يَلْبَسَ الثَّوْبَ وَيَنْتَفِعَ بِالدَّرَاهِمِ وَيُمْتَنَعُ ذَلِكَ عَلَى السَّيِّدِ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ إنْ قَصَدَ الْمُتَصَدِّقُ نَفْسَ الرَّقِيقِ بَطَلَتْ وَإِلَّا لَمْ تَكُنْ إبَاحَةً أَوْ السَّيِّدُ أَوْ أَطْلَقَ صَحَّتْ، وَيَجِبُ مُرَاعَاةُ ذَلِكَ الشَّرْطِ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِدَابَّةٍ بِشَيْءٍ وَقَصَدَ صَرْفَهُ فِي عَلَفِهَا وَلَا يُؤَثِّرُ فِيهَا شَرْطُ انْتِفَاعِهِ بِهَا دُونَ سَيِّدِهِ لِأَنَّ كِفَايَتَهُ عَلَى سَيِّدِهِ فَهُوَ الْمَقْصُودُ بِالصَّدَقَةِ اهـ. أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ مَا ذُكِرَ مِنْ الصِّحَّةِ مَعَ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ مُشْكِلٌ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ عَنْ حَجّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ بِشَرْطِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا عِمَامَةً لَمْ يَصِحَّ، وَقَوْلُ م ر فِي جَوَابِهِ عَنْ السُّؤَالِ الْأَوَّلِ: لَا يَمْلِكُ الصَّبِيُّ مَا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ. أَقُولُ: وَعَلَى عَدَمِ الْمِلْكِ فَهَلْ يَحْرُمُ الدَّفْعُ لَهُ كَمَا يَحْرُمُ تَعَاطِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ مَعَهُ أَمْ لَا لِانْتِفَاءِ الْعَقْدِ الْمَذْكُورِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ، وَيُحْمَلُ ذَلِكَ مِنْ الْبَالِغِ عَلَى الْإِبَاحَةِ كَتَقْدِيمِ الطَّعَامِ لِلضَّيْفِ فَيُثَابُ عَلَيْهِ فَلِلْمُبِيحِ الرُّجُوعُ فِيهِ مَا دَامَ بَاقِيًا، هَذَا وَمَحَلُّ الْجَوَازِ حَيْثُ لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ رِضَا الْوَلِيِّ بِالدَّفْعِ لَهُمْ، سِيَّمَا إنْ كَانَ ذَلِكَ يُعَوِّدُهُمْ عَلَى دَنَاءَةِ النَّفْسِ وَالرَّذَالَةِ فَيَحْرُمُ الْإِعْطَاءُ لَهُمْ لَا لِعَدَمِ الْمِلْكِ بَلْ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَفْسَدَةِ الظَّاهِرَةِ. (قَوْلُهُ: لَا يُزِيلُ مِلْكَهُ) وَكَشَرْطِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ كَذَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ دَفَعَهُ لِيَشْتَرِيَ بِهِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِالشَّرْطِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَجِبُ عَلَيْهِ شِرَاءُ مَا قَصَدَهُ الدَّافِعُ. قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ خُذْهُ وَاشْتَرِ بِهِ كَذَا، فَإِنْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى قَصْدِ ذَلِكَ حَقِيقَةً أَوْ أَطْلَقَ وَجَبَ شِرَاؤُهُ بِهِ، وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ صَرْفِهِ فِي ذَلِكَ انْتَقَلَ لِوَرَثَتِهِ مِلْكًا مُطْلَقًا، وَإِنْ قَصَدَ التَّبَسُّطَ الْمُعْتَادَ صَرَفَهُ كَيْفَ شَاءَ. (قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسَائِلِ الْعُمْرِيِّ) أَيْ وَلَوْ بِغَيْرِ لَفْظِهَا لِمَا يَأْتِي عَنْ السُّبْكِيّ كَوَهَبْتُكَ هَذِهِ عُمْرَك. (قَوْلُهُ: وَلَا تَخْتَصُّ بِعَقِبِهِ) أَيْ بَلْ تَشْمَلُ جَمِيعَ الْوَرَثَةِ كَالْأَعْمَامِ وَالْإِخْوَةِ. (قَوْلُهُ: أَيُّمَا رَجُلٍ) بِالْجَرِّ وَالرَّفْعِ وَالْأَوَّلُ وَاضِحٌ وَالثَّانِي بَدَلٌ مِنْ أَيٍّ وَمَا زَائِدَةٌ لِتَوْكِيدِ الشَّرْطِ اهـ شَرْحُ الْإِعْلَامِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ. (قَوْلُهُ: أَوْ زِيَادَةُ لَفْظٍ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ إعْتَاقَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ. (قَوْلُهُ: لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ اللَّفْظِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ:: وَلَمْ يُوجَدْ) كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَوْ بِوَجْهٍ، وَلَعَلَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ مُحَرَّفَةٌ عَنْهَا مِنْ الْكَتَبَةِ وَإِنْ أَمْكَنَ تَصْحِيحُهَا

لِمَنْ يَعْرِفُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ (وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَعْمَرْتُكَ) كَذَا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَا بَعْدَ مَوْتِهِ (فَكَذَا) هُوَ هِبَةٌ (فِي الْجَدِيدِ) لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «الْعُمْرَى مِيرَاثٌ لِأَهْلِهَا» وَجَعْلُهَا لَهُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ لَا يُنَافِي انْتِقَالَهَا لِوَرَثَتِهِ فَإِنَّ الْأَمْلَاكَ كُلَّهَا مُقَدَّرَةٌ بِحَيَاةِ الْمَالِكِ، وَكَأَنَّهُمْ إنَّمَا لَمْ يَأْخُذُوا بِقَوْلِ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إنَّمَا الْعُمْرَى الَّتِي أَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَقُولَ هِيَ لَك وَلِعَقِبِك، فَإِذَا قَالَ: هِيَ لَك مَا عِشْت فَإِنَّهَا تَرْجِعُ إلَى صَاحِبِهَا لِأَنَّهُ قَالَ بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِ، وَالْقَدِيمُ بُطْلَانُهُ كَمَا لَوْ قَالَ أَعْمَرْتُكَ سَنَةً (وَلَوْ قَالَ) أَعْمَرْتُكَ هَذِهِ أَوْ جَعَلْتُهَا لَك عُمْرَك، وَأَلْحَقَ بِهِ السُّبْكِيُّ وَهَبْتُك هَذِهِ عُمْرَك (فَإِذَا مِتَّ عَادَتْ إلَيَّ) أَوْ إلَى وَرَثَتِي إنْ كُنْت مِتَّ (فَكَذَا) هُوَ هِبَةٌ (فِي الْأَصَحِّ) إلْغَاءً لِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَإِنْ ظَنَّ لُزُومَهُ لِإِطْلَاقِ الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ وَلِهَذَا عَدَلُوا بِهِ عَنْ قِيَاسِ سَائِرِ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ، إذْ لَيْسَ لَنَا مَوْضِعٌ يَصِحُّ فِيهِ الْعَقْدُ مَعَ وُجُودِ الشَّرْطِ الْمُنَافِي لِمُقْتَضَاهُ إلَّا هَذَا. وَالثَّانِي يَبْطُلُ الْعَقْدُ لِفَسَادِ الشَّرْطِ، وَخَرَجَ بِعُمْرِك عُمْرِي أَوْ عُمَرُ زَيْدٍ فَيَبْطُلُ لِأَنَّهُ تَأْقِيتٌ إذْ قَدْ يَمُوتُ هَذَا أَوْ الْأَجْنَبِيُّ أَوَّلًا (وَلَوْ) (قَالَ أَرْقَبْتُك) هَذِهِ مِنْ الرَّقُوبِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَرْقُبُ مَوْتَ صَاحِبِهِ (أَوْ جَعَلْتهَا لَك رُقْبَى) وَاقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ ضَمَّ إلَيْهِ مَا بَعْدَ أَيْ التَّفْسِيرِيَّةِ فِي قَوْلِهِ (أَيْ إنْ مِتَّ قَبْلِي عَادَتْ إلَيَّ وَإِنْ مِتُّ قَبْلَك اسْتَقَرَّتْ لَك فَالْمَذْهَبُ طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ الْقَدِيمِ وَالْجَدِيدِ) فَعَلَى الْجَدِيدِ الْأَصَحُّ يَصِحُّ وَيَلْغُو الشَّرْطُ الْفَاسِدُ فَيُشْتَرَطُ قَبُولُهَا وَالْقَبْضُ، وَذَلِكَ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ «لَا تَعْمُرُوا وَلَا تَرْقُبُوا، فَمَنْ أَرْقَبَ شَيْئًا أَوْ أَعْمَرَهُ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ» أَيْ لَا تَرْقُبُوا وَلَا تَعْمُرُوا طَمَعًا فِي أَنْ يَعُودَ إلَيْكُمْ فَإِنَّ سَبِيلَهُ الْمِيرَاثُ، وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ. (وَمَا جَازَ بَيْعُهُ) مِنْ الْأَعْيَانِ (جَازَ) لَمْ يُؤَنِّثْهُ لِيُشَاكِلَ مَا قَبْلَهُ لِأَنَّ تَأْنِيثَهُ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ (هِبَتُهُ) بِالْأَوْلَى لِأَنَّهَا أَوْسَعُ. أَمَّا الْمَنَافِعُ فَيَصِحُّ بَيْعُهَا بِالْإِجَارَةِ. وَفِي هِبَتِهَا وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا لَيْسَتْ بِتَمْلِيكٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا وُهِبَتْ مَنَافِعُهُ عَارِيَّةٌ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا عَلَى مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ تَرْجِيحُهُ، وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَرَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ. ثَانِيهُمَا: أَنَّهَا تَمْلِيكٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا وُهِبَتْ مَنَافِعُهُ أَمَانَةٌ، وَرَجَّحَهُ جَمْعٌ. مِنْهُمْ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ، وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَعَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُ إلَّا بِالْقَبْضِ وَهُوَ بِالِاسْتِيفَاءِ لَا بِقَبْضِ الْعَيْنِ، وَفَارَقَتْ الْإِجَارَةُ بِالِاحْتِيَاجِ فِيهَا لِتَقَرُّرِ الْأُجْرَةِ وَالتَّصَرُّفِ فِي الْمَنْفَعَةِ. لَا يُقَالُ يَلْزَمُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ أَنَّهَا عَلَى الْوَجْهَيْنِ لَا تَلْزَمُ بِقَبْضِ الدَّارِ اتِّحَادُهُمَا وَأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي التَّسْمِيَةِ لَا فِي الْحُكْمِ وَهُوَ اللُّزُومُ وَعَدَمُهُ لِأَنَّهَا لَا تَلْزَمُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّا نَمْنَعُ لُزُومَ اتِّحَادِهِمَا، بَلْ لِلْخِلَافِ فَوَائِدُ: مِنْهَا أَنَّ الدَّارَ تَكُونُ مَضْمُونَةً عَلَى الْمُتَّهِبِ عَلَى الْأَوَّلِ بِخِلَافِهَا عَلَى الثَّانِي، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: فَائِدَةُ كَوْنِهَا عَارِيَّةً أَنَّهَا لَوْ انْهَدَمَتْ ضَمِنَهَا الْمُتَّهِبُ، بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا بِأَنَّهَا غَيْرُ عَارِيَّةٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فَلَا يَكُونُ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مُرَادًا (قَوْلُهُ إنَّمَا الْعُمْرِيُّ) أَيْ الَّتِي يَقْتَضِي لَفْظُهَا أَنْ يَكُونَ هِبَةً. (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا عَدَلُوا بِهِ) أَيْ بِهَذَا الشَّرْطِ (قَوْلُهُ إلَّا هَذَا) أَيْ الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى، وَعَلَى هَذَا فَكُلُّ مَا قِيلَ فِيهِ يَصِحُّ الْعَقْدُ وَيَلْغُو الشَّرْطُ يَجِبُ فَرْضُهُ فِيمَا لَا يَكُونُ الشَّرْطُ فِيهِ مُنَافِيًا لِلْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِعُمْرِك) أَيْ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ: أَيْ جَعَلْتهَا لَك عُمْرَك. (قَوْلُهُ: يَرْقُبُ) بَابُهُ دَخَلَ اهـ مُخْتَارٌ. (قَوْلُهُ: أَيْ لَا تَرْقُبُوا) مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ أَرْقُبَ وَأَعْمُرَ مَبْنِيَّانِ لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَأَصَحُّ مِنْهُ فِي ذَلِكَ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَيُّمَا رَجُلٌ أُعْمِرَ عُمْرَى فَإِنَّهَا لِلَّذِي أُعْطِيَهَا لَا تَرْجِعُ لِلَّذِي أَعْطَاهَا» . (قَوْلُهُ: وَهُوَ بِالِاسْتِيفَاءِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُؤَجِّرُ وَلَا يُعِيرُ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ لِلْمَالِكِ الرُّجُوعَ مَتَى شَاءَ لِعَدَمِ قَبْضِ الْمَنْفَعَةِ قَبْلَ اسْتِيفَائِهَا. (قَوْلُهُ: وَفَارَقَتْ الْإِجَارَةُ) أَيْ حَيْثُ عُدَّ فِيهَا قَبْضُ الْمَنْفَعَةِ لَهُ بِقَبْضِ الْعَيْنِ حَتَّى يَجُوزَ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِالْإِجَارَةِ وَغَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ عَلَى أَنَّهَا لَا تُمْلَكُ، وَقَوْلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَجَعَلَهَا لَهُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ) أَيْ: الَّذِي تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ: أَعْمَرْتُكَ

وَلَا تَصِحُّ هِبَةُ مَا فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ بَيْعِهِ فَوَهَبْتُك أَلْفَ دِرْهَمٍ مَثَلًا فِي ذِمَّتِي غَيْرُ صَحِيحٍ وَإِنْ عَيَّنَهُ فِي الْمَجْلِسِ وَقَبَضَهُ، وَالْمَرِيضُ يَصِحُّ بَيْعُهُ لِوَارِثِهِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ لَا هِبَتِهِ بَلْ يَكُونُ وَصِيَّةً، وَالْوَلِيُّ وَالْمُكَاتَبُ يَجُوزُ بَيْعُهُمَا لَا هِبَتُهُمَا، وَالْمَرْهُونَةُ إذَا أَعْتَقَهَا مُعْسِرًا وَاسْتَوْلَدَهَا يَجُوزُ بَيْعُهَا لِلضَّرُورَةِ لَا هِبَتُهَا وَلَوْ مِنْ الْمُرْتَهِنِ. وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ اسْتِثْنَاءِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الْهِبَةِ أَمْرٌ خَارِجِيٌّ فِي الْعَاقِدِ وَطَرَأَ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَلَا إيرَادَ، كَمَا لَا يَرِدُ أَيْضًا مَا لَوْ أَعْطَى لَبَنَ شَاةٍ مَجْعُولَةٍ أُضْحِيَّةً أَوْ صُوفَهَا لِآخَرَ أَوْ تَرَكَ لَهُ حَقَّ التَّحَجُّرِ أَوْ أَعْطَاهُ جِلْدَ مَيْتَةٍ قَبْلَ الدِّبَاغِ أَوْ دُهْنًا نَجِسًا لِلِاسْتِصْبَاحِ بِهِ أَوْ تَرَكَتْ إحْدَى الضَّرَّتَيْنِ نَوْبَتَهَا لِلْأُخْرَى أَوْ أَعْطَى الطَّعَامَ الْمَغْنُومَ فِي دَارِ الْحَرْبِ لِمِثْلِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِيهِ هِبَةُ تَمْلِيكٍ وَإِنَّمَا هُوَ نَقْلُ يَدٍ أَوْ حَقٌّ إلَى غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ تَمْلِيكٍ، وَمَنْ سَمَّاهَا هِبَةً أَرَادَ أَنَّهُ عَلَى صُورَتِهَا، وَالثَّمَرُ وَنَحْوُهُ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ تَصِحُّ هِبَتُهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ قَطْعٍ وَهِبَةِ أَرْضٍ مَعَ بَذْرٍ أَوْ زَرْعٍ لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ، صَحِيحَةٌ فِي الْأَرْضِ لِانْتِفَاءِ الْمُبْطِلِ لِلْبَيْعِ فِيهِمَا مِنْ الْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّهُمَا مِنْ الثَّمَنِ عِنْدَ التَّوْزِيعِ، فَالْقَوْلُ بِأَنَّ ذَلِكَ وَارِدٌ عَلَى الضَّابِطِ لِجَوَازِ هِبَتِهِ دُونَ بَيْعِهِ مَرْدُودٌ. (وَمَا لَا) يَجُوزُ بَيْعُهُ (كَمَجْهُولٍ وَمَغْصُوبٍ) لِمَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى انْتِزَاعِهِ (وَضَالٍّ) وَآبِقٍ (فَلَا) يَجُوزُ هِبَتُهُ بِجَامِعِ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى الثَّانِي أَيْ إنَّهَا تَمْلِيكٌ. (قَوْلُهُ: وَلَا تَصِحُّ هِبَةُ مَا فِي الذِّمَّةِ) نَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَا جَازَ بَيْعُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَيَّنَهُ فِي الْمَجْلِسِ) تَقَدَّمَ لَهُ فِي الْقَرْضِ صِحَّةُ مِثْلِ هَذَا، وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْقَرْضِ وَالْهِبَةِ أَنَّ الْقَرْضَ لِوُجُوبِ رَدِّ الْعِوَضِ فِيهِ شَبِيهٌ بِالْبَيْعِ. وَهُوَ لِمَا فِي الذِّمَّةِ جَائِزٌ بِخِلَافِ الْهِبَةِ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَ صِحَّةِ بَيْعِهِ وَعَدَمِ صِحَّةِ هِبَتِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَا هِبَتُهُمَا) أَيْ لِأَنَّهُمَا مَحْجُورٌ عَلَيْهِمَا وَهَذَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْوَاهِبِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَا هِبَتُهَا) فِي عَدَمِ صِحَّةِ هِبَةِ الْمَرْهُونَةِ مِنْ الْمُعْسِرِ لِلْمُرْتَهِنِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْعِتْقَ إنَّمَا امْتَنَعَ مِنْ الْمُعْسِرِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْوِيتِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَقَبُولِهِ لِلْهِبَةِ مُتَضَمِّنٌ لِرِضَاهُ بِهَا، فَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِعَدَمِ صِحَّةِ هِبَةِ الْمَرْهُونَةِ إذَا كَانَتْ لِغَيْرِ الْمُرْتَهِنِ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ هِبَةُ الْمَرْهُونَةِ مِنْ الْمُعْسِرِ الَّذِي لَمْ يَسْبِقْ لَهَا إعْتَاقٌ مِنْ الرَّاهِنِ، وَالْكَلَامُ فِيمَا لَوْ سَبَقَ مِنْهُ إعْتَاقٌ أَوْ إيلَادٌ، وَعَلَيْهِ فَعَدَمُ صِحَّةِ الْهِبَةِ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ حَقَّ الْإِعْتَاقِ الَّذِي تَعَلَّقَ بِالْمَرْهُونِ، وَفِي حَجّ: فَرْعٌ: أَعْطَى آخَرَ دَرَاهِمَ يَشْتَرِي بِهَا عِمَامَةً مَثَلًا وَلَمْ تَدُلَّ قَرِينَةُ حَالِهِ عَلَى أَنَّ قَصْدَهُ مُجَرَّدُ التَّبَسُّطِ الْمُعْتَادِ لَزِمَهُ شِرَاءُ مَا ذُكِرَ وَإِنْ مَلَكَهُ لِأَنَّ مِلْكَهُ مُقَيَّدٌ بِصَرْفِهِ فِيمَ عَيَّنَهُ الْمُعْطِي، وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ صَرْفِهِ فِي ذَلِكَ انْتَقَلَ لِوَرَثَتِهِ مِلْكًا مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِزَوَالِ التَّقْيِيدِ بِمَوْتِهِ، كَمَا لَوْ مَاتَتْ الدَّابَّةُ الْمُوصَى بِعَلَفِهَا قَبْلَ الصَّرْفِ فِيهِ فَإِنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ مَالِكُهَا كَيْفَ شَاءَ وَلَا يَعُودُ لِوَرَثَةِ الْمُوصِي، أَوْ بِشَرْطِ أَنَّهُ يَشْتَرِي بِهَا ذَلِكَ بَطَلَ الْإِعْطَاءُ مِنْ أَصْلِهِ لِأَنَّ الشَّرْطَ صَرِيحٌ فِي الْمُنَاقَضَةِ لَا يَقْبَلُ تَأْوِيلًا بِخِلَافِ غَيْرِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: أَمْرٌ خَارِجِيٌّ) اُنْظُرْ مَا هُوَ فِيمَا لَوْ وَهَبَ شَيْئًا فِي الذِّمَّةِ حَيْثُ قُلْنَا بِبُطْلَانِهِ (قَوْلُهُ: لِمِثْلِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مِنْ الْغَانِمِينَ. (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ) كَالزَّرْعِ الْأَخْضَرِ قَبْل بُدُوِّ صَلَاحِهِ. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ شَرْطِ قَطْعٍ) أَيْ وَيَحْصُلُ الْقَبْضُ فِيهِ بِالتَّخْلِيَةِ وَيُكَلَّفُ الْمُتَّهِبُ قَطْعَهُ حَالًا حَيْثُ طَلَبَهُ الْوَاهِبُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُنْتَفِعًا بِهِ وَلَا يُجْبَرُ الْوَاهِبُ عَلَى إبْقَائِهِ بِالْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ) كَالْقَمْحِ فِي سُنْبُلِهِ لَكِنَّهُ يُشْكِلُ بِالزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، فَإِنَّهُ إذَا وَهَبَ مَعَ الْأَرْضِ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ قَطْعَهُ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ قَبْلُ: وَالثَّمَرُ وَنَحْوُهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: صَحِيحَةٌ فِي الْأَرْضِ) أَيْ دُونَ الْبَذْرِ وَالزَّرْعِ. (قَوْلُهُ: مَرْدُودٌ) أَيْ لِأَنَّ بُطْلَانَ الْبَيْعِ لِمَانِعٍ وَهُوَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ الْمُرْتَهِنِ) أَيْ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ الْعِتْقِ، وَإِنَّمَا جَازَ الْبَيْعُ وَإِنْ تَضَمَّنَ ذَلِكَ لِتَعَيُّنِهِ طَرِيقًا لِوَفَاءِ الْحَقِّ الَّذِي تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الْهِبَةِ أَمْرٌ خَارِجِيٌّ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُهُ فِي الْأُولَى. (قَوْلُهُ: كَمَا لَا يَرِدُ أَيْضًا) أَيْ: عَلَى قَوْلِهِ الْآتِي وَمَا لَا فَلَا

كُلًّا مِنْهُمَا تَمْلِيكٌ فِي الْحَيَاةِ وَلَا يُنَافِيهِ خَبَرُ «زِنْ وَأَرْجِحْ» لِأَنَّ الرُّجْحَانَ الْمَجْهُولَ وَقَعَ تَابِعًا لِمَعْلُومٍ، عَلَى أَنَّ الْأَوْجَهَ كَوْنُ الْمُرَادِ " بِأَرْجَحْ " تَحَقُّقَ الْحَقِّ حَذَرًا مِنْ التَّسَاهُلِ فِيهِ، وَلَا «قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْعَبَّاسِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْمَالِ الَّذِي جَاءَ مِنْ الْبَحْرَيْنِ خُذْ مِنْهُ» الْحَدِيثَ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي الْمَجْهُولِ إنَّمَا هُوَ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ، بِخِلَافِ هَدِيَّتِهِ وَصَدَقَتِهِ فَيَصِحَّانِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَإِعْطَاءُ الْعَبَّاسِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ صَدَقَةٌ لَا هِبَةٌ لِكَوْنِهِ مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْتَحَقِّينَ (إلَّا حَبَّتَيْ الْحِنْطَةِ وَنَحْوِهَا) مِنْ الْمُحَقَّرَاتِ فَإِنَّهُ يُمْتَنَعُ بَيْعُهَا لَا هِبَتُهَا اتِّفَاقًا كَمَا فِي الدَّقَائِقِ، فَبَحْثُ الرَّافِعِيِّ عَدَمُ صِحَّةِ هِبَتِهَا مَرْدُودٌ وَإِنْ سَبَقَهُ إلَيْهِ الْإِمَامُ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ فِي تَصَدُّقِ الْإِنْسَانِ بِالْمُحَقِّرِ كَمَا وَرَدَ فِي الْخَبَرِ، وَإِلَّا فِي مَالِ وَقْفٍ بَيْنَ جَمْعٍ لِلْجَهْلِ بِمُسْتَحَقِّهِ فَيَجُوزُ الصُّلْحُ بَيْنَهُمْ عَلَى تَسَاوٍ أَوْ تَفَاوُتٍ لِلضَّرُورَةِ: قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا بُدَّ أَنْ يَجْرِيَ بَيْنَهُمْ تَوَاهُبٌ، وَلِبَعْضِهِمْ إخْرَاجُ نَفْسِهِ مِنْ الْبَيِّنِ، لَكِنْ إنْ وَهَبَ لَهُمْ حِصَّتَهُ جَازَ عَلَى مَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَيْضًا، بِخِلَافِ إعْرَاضِ الْغَانِمِ: أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ، وَلَا عَلَى احْتِمَالٍ بِخِلَافِ هَذَا وَلِوَلِيِّ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ الصُّلْحُ لَهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَنْقُصَ عَمَّا بِيَدِهِ كَمَا يَعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي قُبَيْلَ خِيَارِ النِّكَاحِ، وَإِلَّا فِيمَا لَوْ خَلَطَ مَتَاعَهُ بِمَتَاعِ غَيْرِهِ فَوَهَبَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ لِصَاحِبِهِ فَيَصِحُّ مَعَ جَهْلِ قَدْرِهِ وَصِفَتِهِ لِلضَّرُورَةِ، وَإِلَّا فِيمَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَنْتِ فِي حِلٍّ مِمَّا تَأْخُذُ أَوْ تُعْطِي أَوْ تَأْكُلُ مِنْ مَالِي فَلَهُ الْأَكْلُ فَقَطْ لِأَنَّهُ إبَاحَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْأَرْضَ مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا. (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ) أَيْ عَدَمُ صِحَّةِ هِبَةِ الْمَجْهُولِ. (قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ) أَيْ وَهُوَ الْهِبَةُ الْمُتَوَقِّفَةُ عَلَى إيجَابٍ وَقَبُولٍ (قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ صَدَقَةٌ) قَدْ يَمْنَعُ كَوْنَهُ صَدَقَةً إذْ هُوَ مَالٌ لِبَيْتِ الْمَالِ وَتَصَرُّفُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ كَتَصَرُّفِ الْإِمَامِ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَلَوْ كَانَ مِلْكًا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ إعْطَاؤُهُ تَصَدُّقًا مِنْهُ نَافَاهُ التَّعْلِيلُ بِقَوْلِهِ لِكَوْنِهِ مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْتَحَقِّينَ، وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ " لَا هِبَةٌ " نَصُّهَا: وَإِلَّا فَهُوَ لِكَوْنِهِ مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْتَحَقِّينَ إلَخْ وَحَاصِلُهُ أَنَّا إذَا قُلْنَا: إنَّ مَا يَأْتِي لَهُ مِنْ الْأَمْوَالِ مِلْكُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَفَعَهُ لِلْعَبَّاسِ صَدَقَةً، وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَمْلِكُهُ فَمَا يَأْتِي مِنْ الْأَمْوَالِ حَقُّ بَيْتِ الْمَالِ وَالْعَبَّاسُ مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْتَحَقِّينَ لَهُ وَلِلْإِمَامِ أَنْ يُفَاضِلَ بَيْنَهُمْ فِي الْإِعْطَاءِ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهَا) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى الْحِنْطَةِ. (قَوْلُهُ: عَدَمُ صِحَّةِ هِبَتِهَا) أَيْ نَحْوَ الْحَبَّتَيْنِ، وَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ نَظَرًا لِمَا صَدَقَ عَلَيْهِ النَّحْوُ مِنْ جَمِيعِ جُزْئِيَّاتِهِ. (قَوْلُهُ: جَازَ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهَا كَمَا فِي حَجّ لِأَنَّ هَذَا شَرْطٌ لِصِحَّةِ إخْرَاجِهِ مِنْ الْبَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَلِوَلِيِّ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ الصُّلْحُ) عَنْ الْمَالِ الْمَوْقُوفِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ عَمَّا بِيَدِهِ يُتَأَمَّلُ مَعْنَاهُ فَإِنَّ الْمَالَ قَدْ لَا يَكُونُ فِي يَدِهِ مِنْهُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فِيمَا لَوْ قَالَ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهُ بِغَيْرِ صُورَةِ الِاسْتِثْنَاءِ كَأَنْ يَقُولَ وَلَوْ قَالَ أَنْتَ فِي حِلٍّ مِمَّا إلَخْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: هُوَ بِالنَّظَرِ لِمَا يَأْكُلُهُ هِبَةٌ صُورَةً (قَوْلُهُ: فَلَهُ الْأَكْلُ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: مَا قَدْرُهُ. أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يَأْكُلَ قَدْرَ كِفَايَتِهِ وَإِنْ جَاوَزَ الْعَادَةَ حَيْثُ عَلِمَ الْمَالِكُ بِحَالِهِ، وَإِلَّا امْتَنَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِعْطَاءُ الْعَبَّاسِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ صَدَقَةٌ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَإِعْطَاءُ الْعَبَّاسِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ صَدَقَةٌ لَا هِبَةٌ وَإِلَّا فَهُوَ لِكَوْنِهِ مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْتَحِقِّينَ وَلِلْمُعْطِي أَنْ يُفَاوِتَ بَيْنَهُمْ انْتَهَتْ. فَقَوْلُهُ: وَإِلَّا: أَيْ وَإِنْ لَا يَكُنْ صَدَقَةً، وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إمَّا صَدَقَةً إنْ كَانَ الْمَالُ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِمَّا بِطَرِيقِ اسْتِحْقَاقِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إنْ كَانَ الْمَالُ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ لِكَوْنِهِ إلَخْ فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيلًا لِكَوْنِهِ صَدَقَةً؛ لِمُنَافَاتِهِ إيَّاهُ (قَوْلُهُ: وَلِوَلِيِّ مَحْجُورٍ الصُّلْحُ) أَنَّ فِيمَا هُوَ مَوْقُوفٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ لِلْجَهْلِ بِحِصَّتِهِ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ لَا يَنْقُصَ عَمَّا بِيَدِهِ) حَاصِلُ هَذَا الشَّرْطِ أَنَّ الْمَحْجُورَ تَارَةً يَكُونُ بِيَدِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْقُوفِ، وَتَارَةً لَا، فَإِنْ كَانَ بِيَدِهِ شَيْءٌ مِنْهُ فَشَرْطُ الصُّلْحِ أَنْ لَا يَنْقُصَهُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْيَدَ دَلِيلُ الْمِلْكِ، وَلَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ التَّبَرُّعُ بِمِلْكِ الْمَحْجُورِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ مِنْهُ شَيْءٌ جَازَ الصُّلْحُ بِلَا شَرْطٍ؛ لِانْتِفَاءِ ذَلِكَ الْمَحْذُورِ فَلَا تَوَقُّفَ فِيهِ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إبَاحَةٌ) تَعْلِيلٌ لِأَصْلِ حِلِّ الْأَكْلِ لَا لِامْتِنَاعِ غَيْرِهِ

وَهِيَ صَحِيحَةٌ بِالْمَجْهُولِ بِخِلَافِ الْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ. قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ. قَالَ: وَفِي خُذْ مِنْ عِنَبِ كَرْمِي مَا شِئْت لَا يَزِيدُ عَلَى عُنْقُودٍ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ، وَمَا اُسْتُشْكِلَ بِهِ يُرَدُّ بِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ الْمَبْنِيُّ عَلَيْهِ حَقُّ الْغَيْرِ أَوْجَبَ ذَلِكَ التَّقْدِيرَ، وَأَفْتَى الْقَفَّالُ فِي أَبَحْت لَك مِنْ ثِمَارِ بُسْتَانِي مَا شِئْت بِأَنَّهُ إبَاحَةٌ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ لَهُ أَخْذَ مَا شَاءَ، وَمَا قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ أَحْوَطُ. وَفِي الْأَنْوَارِ لَوْ قَالَ: أَبَحْت لَك مَا فِي دَارِي أَوْ مَا فِي كَرْمِي مِنْ الْعِنَبِ فَلَهُ أَكْلُهُ دُونَ بَيْعِهِ وَحَمْلِهِ وَإِطْعَامِهِ لِغَيْرِهِ، وَتَقْتَصِرُ الْإِبَاحَةُ عَلَى الْمَوْجُودِ: أَيْ عِنْدَهَا فِي الدَّارِ أَوْ الْكَرْمِ، وَلَوْ قَالَ: أَبَحْت لَك جَمِيعَ مَا فِي دَارِي أَكْلًا وَاسْتِعْمَالًا وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُبِيحُ الْجَمِيعَ لَمْ تَحْصُلْ الْإِبَاحَةُ اهـ. وَبَعْضُ مَا ذَكَرَهُ فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ وَقَوْلُهُ وَيَقْتَصِرُ إلَى آخِرِهِ مُوَافِقٌ لِكَلَامِ الْقَفَّالِ لَا الْعَبَّادِيِّ، وَمَا ذَكَرَهُ آخِرًا غَيْرُ مُنَافٍ مَا مَرَّ مِنْ صِحَّةِ الْإِبَاحَةِ بِالْمَجْهُولِ لِأَنَّ هَذَا فِي مَجْهُولٍ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِخِلَافِ ذَاكَ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ عَدَمُ ارْتِدَادِ الْإِبَاحَةِ بِالرَّدِّ. (وَهِبَةُ الدَّيْنِ) الْمُسْتَقِرِّ (لِلْمَدِينِ) أَوْ التَّصَدُّقِ بِهِ عَلَيْهِ (إبْرَاءٌ) فَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَهَذَا صَرِيحٌ فِيهِ خِلَافًا لِمَا فِي الذَّخَائِرِ مِنْ أَنَّهُ كِنَايَةٌ. نَعَمْ تَرْكُ الدَّيْنِ لِلْمَدِينِ كِنَايَةُ إبْرَاءٍ (وَ) هِبَتُهُ (لِغَيْرِهِ) أَيْ الْمَدِينُ (بَاطِلَةٌ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ؛ لِأَنَّ مَا يُقْبَضُ مِنْ الْمَدِينِ عَيْنٌ لَا دَيْنٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ وَاعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بُطْلَانَ ذَلِكَ، وَإِنْ قُلْنَا بِمَا مَرَّ مِنْ صِحَّةِ بَيْعِهِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ بِشُرُوطِهِ السَّابِقَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ مِنْ صِحَّةِ بَيْعِ الْمَوْصُوفِ دُونَ هِبَتِهِ وَالدَّيْنُ مِثْلُهُ بَلْ أَوْلَى، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ صِحَّةِ بَيْعِهِ وَعَدَمِ صِحَّةِ هِبَتِهِ بِأَنَّ بَيْعَ مَا فِي الذِّمَّةِ الْتِزَامٌ لِتَحْصِيلِ الْمَبِيعِ فِي مُقَابَلَةِ الثَّمَنِ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ، وَالِالْتِزَامُ فِيهَا صَحِيحٌ بِخِلَافِ هِبَتِهِ فَإِنَّمَا لَا تَتَضَمَّنُ الِالْتِزَامَ، إذْ لَا مُقَابِلَ فِيهَا فَكَانَتْ بِالْوَعْدِ أَشْبَهَ فَلَمْ يَصِحَّ، وَبِتَأَمُّلِ هَذَا يَنْدَفِعُ مَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَالْإِسْعَادِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ تَخْرِيجِ هَذَا عَلَى ذَاكَ وَالْحُكْمُ بِصِحَّةِ هِبَتِهِ بِالْأَوْلَى إنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ بَيْعِهِ. وَلَا يَصِحُّ تَمْلِيكُ مُسْتَحِقٍّ دَيْنًا عَلَيْهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ عَنْ الزَّكَاةِ لِأَنَّ ذَلِكَ فِيمَا عَلَيْهِ إبْدَالٌ وَفِيمَا عَلَى غَيْرِهِ تَمْلِيكٌ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ أَيْضًا كَمَا يَأْتِي، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهَا صَحِيحَةٌ، وَنُقِلَ عَنْ نَصِّ الْإِمَامِ وَصَحَّحَهُ جَمْعٌ: وَلَوْ تَبَرَّعَ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ لِآخَرَ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهَا قَبْلَ قَبْضِهَا إمَّا غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ أَوْ مَجْهُولَةٌ، فَإِنْ قَبَضَ هُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَكْلُ مَا زَادَ عَلَى مَا يُعْتَادُ مِثْلُهُ غَالِبًا لِمِثْلِهِ. (قَوْلُهُ: لَا يَزِيدُ عَلَى عُنْقُودٍ) أَيْ إلَّا بِقَرِينَةٍ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ عَلَى عُنْقُودٍ: أَيْ لِلْأَكْلِ بِدَلِيلِ مَا قَبْلَهُ وَمَا يَأْتِي عَنْ الْأَنْوَارِ وَهَلْ نَظِيرُ الْعُنْقُودِ فِيمَا لَوْ قَالَ خُذْ مِنْ ثَمَنِ نَخْلِي مَا شِئْت الْعُرْجُونَ اهـ. أَقُولُ: الظَّاهِرُ الْفَرْقُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعُرْجُونِ بِكَثْرَةِ مَا يَحْمِلُهُ الْعُرْجُونُ، وَحِينَئِذٍ فَيُقْتَصَرُ عَلَى مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مُسَامَحَةَ مَالِكِهِ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَمَا قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى عُنْقُودٍ. (قَوْلُهُ: لَمْ تَحْصُلْ الْإِبَاحَةُ) أَيْ فَيُمْتَنَعُ عَلَيْهِ أَخْذُ شَيْءٍ مِمَّا لَمْ يَعْلَمْهُ الْمُبِيحُ (قَوْلُهُ: لَا الْعَبَّادِيِّ) قَدْ يُقَالُ مَا هُنَا لَا يُخَالِفُ كَلَامَ الْعَبَّادِيِّ أَيْضًا لِأَنَّ مَنْ فِي مَسْأَلَةِ الْعَبَّادِيِّ تَمْنَعُ مِنْ الِاسْتِيعَابِ فَعُمِلَ مَعَهَا بِالِاحْتِيَاطِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّ مَا الْمُعَبَّرَ بِهَا فِيهَا مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ فَتَصْدُقُ بِالْجَمِيعِ. (قَوْلُهُ: الْمُسْتَقِرُّ) الْمُرَادُ بِهِ مَا يَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ لِيَخْرُجَ نَحْوَ نُجُومِ الْكِتَابَةِ، كَذَا وُجِدَ بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ. أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْمُسْتَقَرِّ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْخِلَافِ فِي هِبَةِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُسْتَقِرِّ فَإِنَّهُ لَا تَصِحُّ هِبَتُهُ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ قَطْعًا، وَإِلَّا فَنُجُومُ الْكِتَابَةِ يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مِنْهَا فَيَنْبَغِي صِحَّةُ هِبَتِهَا لِلْمُكَاتَبِ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ تَرْكُ الدَّيْنِ) كَأَنْ يَقُولَ تَرَكْته لَك أَوْ لَا آخُذُهُ مِنْك، فَلَا يَكُونُ عَدَمُ طَلَبِهِ لَهُ كِتَابَةً فِي الْإِبْرَاءِ لِانْتِفَاءِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: مِنْ صِحَّةِ بَيْعِهِ) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ. (قَوْلُهُ: عَنْ الزَّكَاةِ) أَيْ فَطَرِيقُهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَيْهِ ثُمَّ يَسْتَرِدَّهُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ) تَوْجِيهٌ لِعَدَمِ الصِّحَّةِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) وَمِثْلُهُ مَالِكُ دَارٍ أَوْ شِقْصٍ مِنْهَا تَبَرَّعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَا يَزِيدُ عَلَى عُنْقُودٍ) أَيْ: لِلْأَكْلِ، قَالَهُ الشِّهَابُ سم (قَوْلُهُ: نَعَمْ تَرْكُ الدَّيْنِ) أَيْ: بِلَفْظِ التَّرْكِ

أَوْ وَكِيلُهُ مِنْهَا شَيْئًا قَبْلَ التَّبَرُّعِ وَعَرَفَ حِصَّتَهُ مِنْهَا وَرَآهُ هُوَ أَوْ وَكِيلُهُ وَأَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِهِ وَقَبَضَهُ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا، وَلَا يَصِحُّ إذْنُهُ لِجَابِي الْوَقْفِ أَنَّهُ إذَا قَبَضَهُ يُعْطِيهِ لِلْمُتَبَرِّعِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ قَبْلَ الْمِلْكِ فِي مَجْهُولٍ، وَإِنَّمَا صَحَّ تَبَرُّعُ أَحَدِ الْوَرَثَةِ بِحِصَّتِهِ لِأَنَّ مَحَلَّهُ فِي أَعْيَانٍ رَآهَا وَعَرَفَ حِصَّتَهُ مِنْهَا. (وَلَا يَمْلِكُ) فِي غَيْرِ الْهِبَةِ الضِّمْنِيَّةِ (مَوْهُوبٌ) بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ الشَّامِلِ لِجَمِيعِ مَا مَرَّ وَلَوْ مِنْ أَبٍ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ، وَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ إجْمَاعِ الْفُقَهَاءِ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالْإِشْهَادِ هُنَا مُرَادُهُ بِهِ فُقَهَاءُ مَذْهَبِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (إلَّا بِقَبْضٍ) كَقَبْضِ الْمَبِيعِ فِيمَا مَرَّ بِتَفْصِيلِهِ. نَعَمْ لَا يَكْفِي هُنَا الْإِتْلَافُ وَلَا الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ لِأَنَّ قَبْضَهُ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ كَالْوَدِيعَةِ فَاشْتَرَطَ تَحَقُّقَهُ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ، وَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُ ذَلِكَ فِي الْهَدِيَّةِ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ فِيهَا وَإِنْ سُومِحَ فِيهَا بِعَدَمِ الصِّيغَةِ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْدَى إلَى النَّجَاشِيِّ ثَلَاثِينَ أُوقِيَّةً مِسْكًا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إلَيْهِ، فَقَسَمَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ نِسَائِهِ» وَيُقَاسُ بِالْهَدِيَّةِ الْبَاقِي، وَقَالَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا يُعْرَفُ لَهُمْ مُخَالِفٌ، وَالْهِبَةُ الْفَاسِدَةُ الْمَقْبُوضَةُ كَالصَّحِيحَةِ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ لَا الْمِلْكِ وَإِنَّمَا يَكُونُ الْقَبْضُ مُعْتَدًّا بِهِ إذَا كَانَ بِإِقْبَاضٍ مِنْ الْوَاهِبِ أَوْ (بِإِذْنِ الْوَاهِبِ) أَوْ وَكِيلِهِ فِيهِ أَوْ فِيمَا يَتَضَمَّنُهُ كَالْإِعْتَاقِ وَلَوْ كَانَ بِيَدِ الْمُتَّهِبِ، فَلَوْ قَبَضَهُ بِغَيْرِ إذْنٍ ضَمِنَهُ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ وَرَجَعَ عَنْ الْإِذْنِ أَوْ جُنَّ أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSلِغَيْرِهِ بِمَا يَتَحَصَّلُ مِنْ أُجْرَتِهَا. وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ لِأَنَّهَا قَبْلَ قَبْضِهَا إلَخْ أَنَّهَا لَوْ عُلِمَتْ قَبْلَ قَبْضِهَا جَازَ التَّبَرُّعُ بِهَا، وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ: أَقُولُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ الْمُعَيَّنَ يَمْلِكُ الْأُجْرَةَ وَالْمَنَافِعَ وَقَدْ تَكُونُ مَعْلُومَةً لَهُ، حِينَئِذٍ فَالْوَجْهُ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ فِي يَدِ النَّاظِرِ وَعَلِمَ هُوَ قَدْرَ حِصَّتِهِ مِنْهَا صَحَّ التَّبَرُّعُ بِهَا، وَإِنْ كَانَتْ فِي ذِمَّةِ الْمُسْتَأْجِرِ لَمْ يَقْبِضْهَا النَّاظِرُ فَهِيَ مَمْلُوكَةٌ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَيَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الدَّيْنِ، فَإِنْ تَبَرَّعَ بِحِصَّتِهِ الْمَعْلُومَةِ لَهُ مِنْهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ صَحَّ وَكَانَ ذَلِكَ إبْرَاءً، أَوْ عَلَى غَيْرِهِ لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي، فَيُحْمَلُ قَوْلُ الشَّارِحِ لَمْ يَصِحَّ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، ثُمَّ بَحَثْت مَعَ م ر الْمُوَافِقَ لِلشَّارِحِ فِيمَا قَالَهُ فَوَافَقَ عَلَيْهِ فَلِيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ) أَيْ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ وَقَوْلُهُ قَبْلَ الْمِلْكِ عَلَى أَنَّهُ فِي مَجْهُولٍ اهـ حَجّ. وَقَوْلُهُ فِي مَجْهُولٍ فَلَوْ قَدَّرَ لَهُ مَا يُعْطِيهِ كَأَنْ قَالَ لِلْجَابِي ادْفَعْ مِمَّا يَتَحَصَّلُ مِنْ الْأُجْرَةِ لِفُلَانٍ كَذَا فَقَضِيَّةُ كَوْنِهِ تَوْكِيلًا فِيمَا لَمْ يَمْلِكْهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَجْهُولًا، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْجَابِيَ لَوْ دَفَعَ مَا أَذِنَ فِي دَفْعِهِ الْمُسْتَحَقِّ صَحَّ وَمَلَكَهُ الْآخِذُ اكْتِفَاءً بِعُمُومِ الْإِذْنِ وَإِنْ بَطَلَ خُصُوصُ الْوَكَالَةِ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ بِفَسَادِ الْإِذْنِ قَبْلَ الْمِلْكِ. (قَوْلُهُ: ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ) هُوَ مَالِكِيٌّ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا يَكْفِي هُنَا الْإِتْلَافُ) أَيْ إلَّا إنْ كَانَ الْإِتْلَافُ بِالْأَكْلِ أَوْ الْعِتْقِ وَأَذِنَ فِيهِ الْوَاهِبُ فَيَكُونُ قَبْضًا وَيُقَدِّرُ انْتِقَالَهُ إلَيْهِ قُبَيْلَ الِازْدِرَادِ وَالْعِتْقِ. اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ. أَقُولُ: قِيَاسُ مَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الضِّيَافَةِ مِنْ الْمِلْكِ بِالْوَضْعِ فِي الْفَمِ أَنْ يُقَدِّرَ انْتِقَالَهُ هُنَا قُبَيْلَ الْوَضْعِ فِي الْفَمِ وَالتَّلَفُّظِ بِالصِّيغَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَا الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ) تَقَدَّمَ بِهَامِشِ قَوْلِهِ فِي الْهَدِيَّةِ وَالْقَبْضِ مِنْ ذَاكَ عَنْ التَّجْرِيدِ وَغَيْرِهِ مَعَ نَقْلِهِ عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ يَكْفِي الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ إذَا أَعْلَمَهُ فَلَمْ يَشْتَرِطْ الْإِذْنَ بَلْ الْإِعْلَامُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ، وَقَدْ يُقَالُ: الْإِعْلَامُ يَقُومُ مَقَامَ الْإِذْنِ اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُ) أَيْ الْقَبْضِ، وَقَوْلُهُ فَمَاتَ: أَيْ النَّجَاشِيُّ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إلَيْهِ) أَيْ ثُمَّ رُدَّتْ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَسَمَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (قَوْلُهُ: أَوْ جُنَّ) أَيْ الْوَاهِبُ وَقَوْلُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ: أَيْ قَبْلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُ ذَلِكَ فِي الْهَدِيَّةِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَبَحْثُ بَعْضِهِمْ الِاكْتِفَاءَ بِهِ: أَيْ بِالْوَضْعِ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي الْهَدِيَّةِ فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ) تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْ الصَّحَابَةِ إلَخْ) أَيْ: فَهُوَ إجْمَاعٌ سُكُوتِيٌّ وَإِنَّمَا احْتَاجَ لِهَذَا بَعْدَ الْخَبَرِ الصَّحِيحِ لِأَنَّ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إنَّ الْهَدِيَّةَ إنَّمَا تُمْلَكُ بِأَحَدِ شَيْئَيْنِ: الْقَبْضِ أَوْ الْوَضْعِ بَيْنَ الْيَدَيْنِ مَثَلًا وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فِيهِ فَتَصَرُّفُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْهَدِيَّةِ لِانْتِفَائِهِمَا. (قَوْلُهُ: بَيْنَ نِسَائِهِ) أَيْ نِسَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: كَالْإِعْتَاقِ) أَيْ مِنْ الْمُتَّهَبِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ بِيَدِ الْمُتَّهَبِ) غَايَةٌ فِي الْمَتْنِ

أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الْإِذْنُ، وَلَوْ قَبَضَهُ فَقَالَ الْوَاهِبُ: رَجَعْت عَنْ الْإِذْنِ قَبْلَهُ وَقَالَ الْمُتَّهِبُ بَعْدَهُ صَدَقَ الْمُتَّهِبُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرُّجُوعِ قَبْلَهُ، خِلَافًا لِمَا اسْتَظْهَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ تَصْدِيقِ الْوَاهِبِ، وَلَوْ أَقْبَضَهُ وَقَالَ قَصَدْت بِهِ الْإِيدَاعَ أَوْ الْعَارِيَّةَ وَأَنْكَرَ الْمُتَّهِبُ صُدِّقَ الْوَاهِبُ كَمَا فِي الِاسْتِقْصَاءِ، وَيَكْفِي الْإِقْرَارُ بِالْقَبْضِ كَأَنْ قِيلَ لَهُ: وَهَبْت مِنْ فُلَانٍ كَذَا وَأَقْبَضْته فَقَالَ نَعَمْ، وَالْإِقْرَارُ وَالشَّهَادَةُ بِمُجَرَّدِ الْهِبَةِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْقَبْضَ، وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَسْأَلَ الشَّاهِدَ عَنْهُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ لِئَلَّا يُتَنَبَّهَ لَهُ. وَالْهِبَةُ ذَاتُ الثَّوَابِ بَيْعٌ، فَإِذَا أَقْبَضَ الثَّوَابَ أَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا اسْتَقَلَّ بِالْقَبْضِ (فَلَوْ) (مَاتَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْوَاهِبُ أَوْ الْمُتَّهِبُ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ الشَّامِلِ لِلْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ) فِي الْقَبْضِ وَالْإِقْبَاضِ لِأَنَّهُ خَلِيفَتُهُ فَلَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِذَلِكَ (وَقِيلَ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ) بِالْمَوْتِ لِجَوَازِهِ كَالشَّرِكَةِ وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّهَا تَئُولُ إلَى اللُّزُومِ بِخِلَافِ نَحْوِ الشَّرِكَةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ ضِعْفُ مَا ذَكَرَهُ الْجُرْجَانِيُّ فِي تَحْرِيرِهِ مِنْ انْفِسَاخِ الْهَدِيَّةِ بِالْمَوْتِ قَوْلًا وَاحِدًا لِعَدَمِ الْقَبُولِ، وَوَجْهُ ضَعْفِهِ أَنَّ الْمَدَارَ لَيْسَ عَلَى الْقَبُولِ بَلْ عَلَى الْأَيْلُولَةِ لِلُّزُومِ وَهُوَ جَارٍ فِي الْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ أَيْضًا، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي الْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ وَلِوَلِيِّ الْمَجْنُونِ قَبْضُهَا قَبْلَ الْإِفَاقَةِ. (وَيُسَنُّ لِلْوَالِدِ) أَيْ الْأَصْلِ وَإِنْ عَلَا (الْعَدْلُ فِي عَطِيَّةِ أَوْلَادِهِ) أَيْ فُرُوعِهِ وَإِنْ سَفَلُوا وَلَوْ أَحْفَادًا مَعَ وُجُودِ الْأَوْلَادِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا رَجَّحَهُ جَمْعٌ وَإِنْ خَصَّصَهُ آخَرُونَ بِالْأَوْلَادِ سَوَاءً أَكَانَتْ تِلْكَ الْعَطِيَّةُ هِبَةً أَمْ هَدِيَّةً أَمْ صَدَقَةً أَمْ وَقْفًا أَمْ تَبَرُّعًا آخَرَ، فَإِنْ تَرَكَ الْعَدْلَ بِلَا عُذْرٍ كُرِهَ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ خِلَافًا لِمَنْ ذَهَبَ إلَى حُرْمَتِهِ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ الْبُخَارِيِّ «اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ» وَخَبَرُ أَحْمَدَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُشْهِدَهُ عَلَى عَطِيَّةٍ لِبَعْضِ أَوْلَادِهِ: لَا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ، لِبَنِيك عَلَيْك مِنْ الْحَقِّ أَنْ تَعْدِلَ بَيْنَهُمْ» وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «أَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي، ثُمَّ قَالَ: أَيَسُرُّك أَنْ يَكُونُوا لَك فِي الْبِرِّ سَوَاءً؟ قَالَ: بَلَى قَالَ: فَلَا إذَنْ» فَأَمْرُهُ بِإِشْهَادِ غَيْرِهِ صَرِيحٌ فِي الْجَوَازِ، وَتَسْمِيَتُهُ جَوْرًا بِاعْتِبَارِ مَا فِيهِ مِنْ انْتِفَاءِ الْعَدْلِ الْمَطْلُوبِ، فَإِنْ فَضَّلَ الْبَعْضَ أَعْطَى بَقِيَّتَهُمْ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْعَدْلُ وَإِلَّا رَجَعَ نَدْبًا لِلْأَمْرِ بِهِ فِي رِوَايَةٍ. نَعَمْ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ مِنْ الْمَحْرُومِ الرِّضَا وَظَنَّ عُقُوقَ غَيْرِهِ لِفَقْرِهِ وَرِقَّةِ دِينِهِ لَمْ يُسْتَحَبَّ الرُّجُوعُ وَلَمْ يُكْرَهْ التَّفْضِيلُ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ فَاسِقًا لِئَلَّا يَصْرِفَهُ فِي مَعْصِيَةٍ أَوْ عَاقًّا أَوْ زَادَ أَوْ آثَرَ الْأَحْوَجَ أَوْ الْمُتَمَيِّزَ بِنَحْوِ فَضْلٍ كَمَا فَعَلَهُ الصِّدِّيقُ مَعَ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ حُكْمَ تَخْصِيصِ بَعْضِهِمْ بِالرُّجُوعِ فِي هِبَتِهِ حُكْمُ مَا لَوْ خَصَّهُ بِالْهِبَةِ فِيمَا مَرَّ، وَأَفْهَمَ قَوْلَهُ عَطِيَّةُ عَدَمِ طَلَبِ التَّسْوِيَةِ فِي غَيْرِهَا كَتَوَدُّدٍ بِكَلَامٍ أَوْ غَيْرِهِ، لَكِنْ ذَكَرَ الدَّمِيرِيِّ فِي بَعْضِ نُسَخِهِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي طَلَبِ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمْ حَتَّى فِي الْكَلَامِ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ، إذْ كَثِيرًا مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى التَّفَاوُتِ فِي ذَلِكَ مَا مَرَّ فِي الْإِعْطَاءِ، وَمِنْ ثَمَّ يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ هُنَا ـــــــــــــــــــــــــــــSتَمَامِهِ وَلَوْ مَعَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرُّجُوعِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الرُّجُوعِ وَاخْتَلَفَا فِي وَقْتِ الْقَبْضِ، وَلَوْ قِيلَ بِمَجِيءِ تَفْصِيلِ الرَّجْعَةِ فِيهِ لَمْ يَبْعُدْ، فَيُقَالُ إنْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الْقَبْضِ وَاخْتَلَفَا فِي وَقْتِ الرُّجُوعِ صَدَقَ الْمُتَّهِبُ، وَفِي عَكْسِهِ يَصْدُقُ الْوَاهِبُ، وَفِيمَا إذَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ يَصْدُقُ السَّابِقُ بِالدَّعْوَى، وَإِنْ ادَّعَيَا مَعًا صِدْقَ الْمُتَّهِبِ. (قَوْلُهُ: لَا يَسْتَلْزِمُ الْقَبْضَ) نَعَمْ يَكْفِي عَنْهُ: أَيْ الْقَبْضِ قَوْلُ الْوَاهِبِ مَلَكَهَا الْمُتَّهِبُ مِلْكًا لَازِمًا كَمَا مَرَّ أَوَاخِرَ الْإِقْرَارِ اهـ حَجّ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُهُ فِيمَا لَوْ قَالَ الشَّاهِدُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ مَلَكَهُ مِلْكًا لَازِمَا فَيُغْنِي ذَلِكَ عَنْ قَوْلِهِ وَهَبَهُ وَأَقْبَضَهُ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَسْأَلَ الشَّاهِدَ عَنْهُ) أَيْ الْقَبْضِ. وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ فِي الْعَالِمِ بِأَنَّهَا لَا تُمْلَكُ إلَّا بِالْقَبْضِ (قَوْلُهُ: اسْتَقَلَّ) أَيْ الْمُتَّهِبُ. (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي الْخِلَافُ) وَالرَّاجِحُ مِنْهُ عَدَمُ الِانْفِسَاخِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَفَلُوا) ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا. (قَوْلُهُ: كَمَا رَجَّحَهُ جَمْعٌ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْأَرِقَّاءِ إذَا اسْتَوَوْا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَضَلَ الْبَعْضُ أَعْطَى) أَيْ الْمُعْطِي. (قَوْلُهُ: حَتَّى فِي الْكَلَامِ) أَيْ وَالْقِبْلَةِ حَجّ اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أَيْضًا اسْتِثْنَاءُ التَّمْيِيزِ لِعُذْرٍ، وَيُسَنُّ لِلْوَلَدِ الْعَدْلُ أَيْضًا فِي عَطِيَّةِ أُصُولِهِ، فَإِنْ فَضَّلَ كُرِهَ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، وَحِينَئِذٍ فَالْأُمُّ أَوْلَى بِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الدَّارِمِيِّ وَأَقَرَّهُ لِخَبَرِ «إنَّ لَهَا ثُلُثَيْ الْبِرِّ» وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ الْمُحَاسِبِيِّ مِنْ الْإِجْمَاعِ عَلَى تَفْضِيلِهَا فِي الْبِرِّ عَلَى الْأَبِ، وَالْأَوْجَهُ اسْتِحْبَابُ الْعَدْلِ بَيْنَ نَحْوِ الْأُخْوَة أَيْضًا. نَعَمْ هُوَ دُونَ طَلَبِهِ فِي الْأَوْلَادِ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ خَبَرَ «حَقُّ كَبِيرِ الْأُخْوَة عَلَى صَغِيرِهِمْ كَحَقِّ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ» وَفِي رِوَايَةٍ «الْأَكْبَرُ مِنْ الْأُخْوَة بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ» وَإِنَّمَا يَحْصُلُ الْعَدْلُ بَيْنَ مَا ذُكِرَ (بِأَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى) لِرِوَايَةٍ ظَاهِرَةٍ فِي ذَلِكَ فِي الْخَبَرِ الْمَارِّ وَلِخَبَرٍ ضَعِيفٍ وَقِيلَ الصَّحِيحُ إرْسَالُهُ «سَوُّوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ فِي الْعَطِيَّةِ، وَلَوْ كُنْت مُفَضِّلًا أَحَدًا لَفَضَّلْت النِّسَاءَ» (وَقِيلَ كَقِسْمَةِ الْإِرْثِ) وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ مَلْحَظَ هَذَا الْعُصُوبَةُ وَهِيَ مُخْتَلِفَةٌ مَعَ عَدَمِ تُهْمَةٍ فِيهِ وَمَلْحَظُ ذَاكَ الرَّحِمُ وَهُمَا فِيهِ سَوَاءٌ مَعَ التُّهْمَةِ فِيهِ، وَعَلَى هَذَا وَمَا مَرَّ فِي إعْطَاءِ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ مَعَ الْأَوْلَادِ تُتَصَوَّرُ التَّسْوِيَةُ بِأَنْ يَفْرِضَ الْأَسْفَلُونَ فِي دَرَجَةِ الْأَعْلَيْنَ نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِي مِيرَاثِ الْأَرْحَامِ عَلَى قَوْلٍ. (وَلِلْأَبِ الرُّجُوعُ فِي هِبَةِ وَلَدِهِ) عَيْنًا بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ الشَّامِلِ لِلْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ عَلَى الرَّاجِحِ، بَلْ يُوجَدُ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَلَا يَتَعَيَّنُ الْفَوْرُ بَلْ لَهُ ذَلِكَ مَتَى شَاءَ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَاكِمٌ أَوْ كَانَ الْوَلَدُ فَقِيرًا صَغِيرًا مُخَالِفًا دِينًا لِخَبَرِ «لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً، أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا إلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ» وَاخْتَصَّ بِذَلِكَ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ فِيهِ، إذْ مَا طُبِعَ عَلَيْهِ مِنْ إيثَارِهِ لِوَلَدِهِ عَلَى نَفْسِهِ يَقْضِي بِأَنَّهُ إنَّمَا رَجَعَ لِحَاجَةٍ أَوْ مَصْلَحَةٍ، وَيُكْرَهُ الرُّجُوعُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، فَإِنْ وُجِدَ كَكَوْنِ الْوَلَدِ عَاقًّا، أَوْ يَصْرِفُهُ فِي مَعْصِيَةٍ أَنْذَرَهُ بِهِ، فَإِنْ أَصَرَّ لَمْ يُكْرَهْ كَمَا قَالَاهُ، وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ نَدْبَهُ فِي الْعَاصِي، وَكَرَاهَتَهُ فِي الْعَاقِّ إنْ زَادَ عُقُوقُهُ، وَنَدْبَهُ إنْ أَزَالَهُ، وَإِبَاحَتَهُ إنْ لَمْ يَفْدِ شَيْئًا. وَالْأَذْرَعِيُّ عَدَمُ كَرَاهَتِهِ إنْ احْتَاجَ الْأَبُ لِنَفَقَةٍ أَوْ دِينٍ، بَلْ نَدَبَهُ حَيْثُ كَانَ الْوَلَدُ غَيْرَ مُحْتَاجٍ لَهُ، وَوُجُوبُهُ فِي الْعَاصِي إنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ تَعَيُّنُهُ طَرِيقًا إلَى كَفِّهِ عَنْ الْمَعْصِيَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ ارْتَكَبَ الْمَكْرُوهَ. (قَوْلُهُ: وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ) الْمُرَادُ أَنَّهُ كَمَا يُسْتَحَبُّ لِلْوَلَدِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ أَوْلَادِهِ فَكَبِيرُ الْإِخْوَةِ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْعَدْلُ بَيْنَ إخْوَتِهِ فِيمَا يَتَبَرَّعُ بِهِ عَلَيْهِمْ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ الْكَبِيرَ كِبْرًا يَتَمَيَّزُ بِهِ فِي الْعَادَةِ عَنْ إخْوَتِهِ يَكْفُلُهُمْ وَيَتَصَرَّفُ فِي أُمُورِهِمْ، وَإِلَّا فَقَدْ يَحْصُلُ لِلصَّغِيرِ مِنْ الْإِخْوَةِ شَرَفٌ يَتَمَيَّزُ بِهِ عَنْ كِبَارِهِمْ فَيَنْبَغِي لَهُ مُرَاعَاتُهُمْ وَالْعَدْلُ بَيْنَهُمْ. (قَوْلُهُ: وَفِي نُسْخَةِ الْبَنَاتِ) أَيْ رِوَايَةٌ. (قَوْلُهُ: عَيْنًا) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَهَبَهُ دَيْنًا عَلَيْهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ، إذْ لَا يُمْكِنُ عَوْدُهُ بَعْدَ سُقُوطِهِ اهـ حَجّ. وَسَيَأْتِي مَعْنَى ذَلِكَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَوْ أَبْرَأهُ مِنْ دَيْنٍ كَانَ إلَخْ، وَأَمَّا الْمَنَافِعُ فَهُوَ فِيهَا كَغَيْرِهِ لِأَنَّهَا لَا تُمْلَكُ إلَّا بِالْقَبْضِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ) أَيْ الرُّجُوعِ (قَوْلُهُ دَيْنًا) إنَّمَا نَصَّ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ امْتِنَاعُ الرُّجُوعِ مَعَ اخْتِلَافِ الدَّيْنِ لِلْعَدَاوَةِ بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ: وَوُجُوبُهُ فِي الْعَاصِي) بَقِيَ مَا لَوْ اخْتَلَفَ الْعِصْيَانُ كَأَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ فَالْأُمُّ أَوْلَى بِهِ) أَيْ حِينَ ارْتَكَبَ الْمَكْرُوهَ وَقَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إلَخْ. أَيْ عَلَى مَا إذَا ارْتَكَبَ الْمَكْرُوهَ وَهَذَا مَا يَظْهَرُ مِنْ الشَّارِحِ لَكِنْ فِي التُّحْفَةِ مَا نَصُّهُ: نَعَمْ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الدَّارِمِيِّ فَإِنْ فَضَّلَ فَالْأَوْلَى أَنْ يُفَضِّلَ الْأُمَّ، وَأَقَرَّهُ لِمَا فِي الْحَدِيثِ «إنَّ لَهَا ثُلُثَيْ الْبِرِّ» وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ؛ إذْ لَا يُقَالُ فِي بَعْضِ جُزْئِيَّاتِ الْمَكْرُوهِ إنَّهُ أَوْلَى مِنْ بَعْضٍ بَلْ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إلَى آخِرِ مَا فِي الشَّارِحِ، وَمَا ذَكَرَهُ: أَعْنِي صَاحِبَ التُّحْفَةِ عَنْ الرَّوْضَةِ مِنْ ذِكْرِ الْأَوْلَوِيَّةِ الَّتِي اسْتَنْبَطَ مِنْهَا عَدَمَ الْكَرَاهَةِ لَا يُوَافِقُ مَا فِي الرَّوْضَةِ، وَعِبَارَتُهَا: فَصْلٌ: يَنْبَغِي لِلْوَالِدِ أَنْ يَعْدِلَ بَيْنَ أَوْلَادِهِ فِي الْعَطِيَّةِ؛ فَإِنْ لَمْ يَعْدِلْ فَقَدْ فَعَلَ مَكْرُوهًا، إلَى أَنْ قَالَ: قُلْت وَإِذَا وَهَبَتْ الْأُمُّ لِأَوْلَادِهَا؛ فَهِيَ كَالْأَبِ فِي الْعَدْلِ بَيْنَهُمْ فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا وَكَذَلِكَ الْجَدُّ وَالْجَدَّةُ، وَكَذَا الْوَلَدُ إذَا وَهَبَ لِوَالِدَيْهِ. قَالَ الدَّارِمِيُّ: فَإِنْ فَضَّلَ فَلْيُفَضِّلْ الْأُمَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَتْ قَوْلُهُ (: عَيْنًا) مَعْمُولُ هِبَةٍ أَخْرَجَ بِهِ الدَّيْنَ كَمَا يَأْتِي

وَيُمْتَنَعُ الرُّجُوعُ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِي صَدَقَةٍ وَاجِبَةٍ كَنَذْرٍ وَزَكَاةٍ وَكَفَّارَةٍ، وَكَذَا فِي لَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ تَطَوُّعٌ، لِأَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ لِيَسْتَقِلَّ بِالتَّصَرُّفِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ هُنَا، وَقَدْ جَرَى عَلَى ذَلِكَ جَمْعٌ مِمَّنْ سَبَقَهُ وَتَأَخَّرَ عَنْهُ، وَرَدُّوا عَلَى مَنْ أَفْتَى بِجَوَازِ الرُّجُوعِ فِي النَّذْرِ بِمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا، وَلَا حَاجَةَ إلَى زِيَادَةِ قَوْلِ مَنْ قَيَّدَ ذَلِكَ بِمَا إذَا وُجِدَتْ صِيغَةُ نَذْرٍ صَحِيحَةٌ، إذْ النَّذْرُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ مُنْصَرِفٌ لِذَلِكَ، وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ تَمْلِيكًا مَحْضًا لِأَنَّ الشَّرْعَ أَوْجَبَ الْوَفَاءَ بِهِ عَلَى الْعُمُومِ مِنْ غَيْرِ مُخَصِّصٍ، وَقِيَاسُ الْوَاجِبِ عَلَى التَّبَرُّعِ غَيْرُ سَدِيدٍ، وَلَا رُجُوعَ فِي هِبَةٍ بِثَوَابٍ بِخِلَافِهَا مِنْ غَيْرِ ثَوَابٍ وَإِنْ أَثَابَهُ عَلَيْهَا كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي، وَلَهُ الرُّجُوعُ فِي بَعْضِ الْمَوْهُوبِ وَلَا يَسْقُطُ بِالْإِسْقَاطِ، وَلَهُ الرُّجُوعُ فِيمَا أَقَرَّ بِأَنَّهُ لِفَرْعِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمَحَلُّهُ كَمَا أَفَادَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ أَبِيهِ فِيمَا إذَا فَسَّرَهُ بِالْهِبَةِ، وَلَوْ وَهَبَهُ وَأَقْبَضَهُ وَمَاتَ فَادَّعَى الْوَارِثُ صُدُورَهُ فِي الْمَرَضِ وَالْمُتَّهِبِ كَوْنَهُ فِي الصِّحَّةِ صُدِّقَ الثَّانِي بِيَمِينِهِ، وَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْوَارِثِ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ، ثُمَّ مَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ إذَا كَانَ الْوَلَدُ حُرًّا، فَإِنْ كَانَ رَقِيقًا فَالْهِبَةُ لِسَيِّدِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَلَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ دَيْنٍ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ امْتَنَعَ الرُّجُوعُ جَزْمًا سَوَاءٌ أَقُلْنَا إنَّهُ تَمْلِيكٌ أَمْ إسْقَاطٌ، إذْ لَا بَقَاءَ لِلدَّيْنِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ وَهَبَهُ شَيْئًا فَتَلِفَ (وَكَذَا لِسَائِرِ الْأُصُولِ) مِنْ الْجِهَتَيْنِ وَإِنْ عَلَوْا الرُّجُوعُ كَالْأَبِ فِيمَا ذُكِرَ (عَلَى الْمَشْهُورِ) كَمَا فِي نَفَقَتِهِمْ وَعِتْقِهِمْ وَسُقُوطِ الْقَوَدِ عَنْهُمْ وَخَرَجَ بِهِمْ الْفُرُوعُ وَالْحَوَاشِي كَمَا يَأْتِي وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ اخْتِصَاصَ الرُّجُوعِ بِالْوَاهِبِ، فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِأَبِيهِ لَوْ مَاتَ وَلَمْ يَرِثْهُ فَرْعُهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ لِمَانِعٍ قَامَ بِهِ وَوَرِثَهُ جَدُّهُ، لِأَنَّ الْحُقُوقَ لَا تُورَثُ وَحْدَهَا إنَّمَا تُورَثُ بِتَبَعِيَّةِ الْمَالِ وَهُوَ لَا يَرِثُهُ، وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ لَا رُجُوعَ لِغَيْرِ الْأَبِ قَصْرًا لِلْوَلَدِ فِي الْخَبَرِ الْمَارِّ عَلَى الْأَبِ، وَالْأَوَّلُ عَمَّمَهُ، وَعَبْدُ الْوَلَدِ غَيْرُ الْمُكَاتَبِ كَالْوَلَدِ لِأَنَّ الْهِبَةَ لِعَبْدِهِ هِبَةٌ لَهُ، بِخِلَافِ عَبْدِهِ الْمُكَاتَبِ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَانَ أَحَدُهُمَا مُبْتَدِعًا وَالْآخَرُ فَاسِقًا يَشْرَبُ الْخَمْرَ مَثَلًا وَأَرَادَ دَفْعَهُ لِأَحَدِهِمَا هَلْ يُؤْثِرُ بِهِ الْأَوَّلَ أَوْ الثَّانِيَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، لِأَنَّ الْمُبْتَدِعَ بَنَى عَقِيدَتَهُ عَلَى شُبْهَةٍ فَهُوَ مَعْذُورٌ وَمِنْ ثَمَّ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَلَا كَذَلِكَ الْفَاسِقُ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا شُبْهَةٌ لَكِنْ كَانَتْ مَعْصِيَةُ أَحَدِهِمَا أَغْلَظَ كَكَوْنِهِ فَسَقَ بِشُرْبِ الْخَمْرِ وَالزِّنَا وَاللِّوَاطِ وَالْآخَرُ بِشُرْبِ الْخَمْرِ فَقَطْ أَوْ يَتَعَاطَى الْعُقُودَ الْفَاسِدَةَ أَنْ يُقَدَّمَ الْأَخَفُّ. (قَوْلُهُ: كَنَذْرٍ وَزَكَاةٍ) لَا يُقَالُ: كَيْفَ يَأْخُذُ الزَّكَاةَ أَوْ النَّذْرَ مَعَ أَنَّهُ إذَا كَانَ فَقِيرًا فَنَفَقَتُهُ وَاجِبَةٌ عَلَى أَبِيهِ فَهُوَ غَنِيٌّ بِمَالِهِ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ مِنْ أَصْلِهَا. لِأَنَّا نَقُولُ: نَخْتَارُ الْأَوَّلَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِ نَفَقَتِهِ عَلَى أَبِيهِ غِنَاهُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لَهُ عَائِلَةٌ كَزَوْجَةٍ وَمُسْتَوْلَدَةٍ يَجْتَاحُ لِلنَّفَقَةِ عَلَيْهِمَا فَيَأْخُذُ مِنْ الزَّكَاةِ مَا يَصْرِفُهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ عَلَى أَصْلِهِ نَفَقَتُهُ لَا نَفَقَةُ عِيَالِهِ فَيَأْخُذُ مِنْ صَدَقَةِ أَبِيهِ مَا زَادَ عَلَى نَفَقَةِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَسْقُطُ) أَيْ الرُّجُوعُ. (قَوْلُهُ: أَمْ إسْقَاطٌ) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ اهـ حَجّ وَقَوْلُهُ لِأَبِيهِ: أَيْ أَبِي الْوَاهِبِ. (قَوْلُهُ: بِتَبَعِيَّةٍ) أَيْ كَإِرْثِ الْخِيَارِ بِإِرْثِ الْمَبِيعِ الثَّابِتِ فِيهِ الْخِيَارُ وَالشُّفْعَةُ بِإِرْثِ الشِّقْصِ الْمُشْتَرَكِ وَالْمَالُ الَّذِي فِي جِهَةِ الِابْنِ لَمْ يَرِثْهُ الْجَدُّ وَحَقُّ الرُّجُوعِ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَالِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْجَدُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَرَدُّوا) أَيْ الْجَمِيعَ الْمَذْكُورَ (قَوْلُهُ: وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ تَمْلِيكًا مَحْضًا) أَيْ فَيَكُونُ كَالْهِبَةِ حَتَّى يَصِحَّ الرُّجُوعُ عَنْهُ، وَقَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ مُخَصِّصٍ: أَيْ فَلَمْ يُخَصِّصْهُ بِغَيْرِ الْفَرْعِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي نَفَقَتِهِمْ إلَخْ) هَذَا جَامِعُ الْقِيَاسِ (قَوْلُهُ: لِمَانِعٍ قَامَ بِهِ) أَيْ أَوْ لِعَدَمِ قِيَامِ سَبَبِ الْإِرْثِ كَوَلَدِ الْبِنْتِ، وَهُوَ تَابِعٌ فِيمَا ذَكَرَهُ لِشَرْحِ الرَّوْضِ، لَكِنْ ذَاكَ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْمَتْنِ الِابْنُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ عَدَمَ إرْثِ الِابْنِ إنَّمَا يَكُونُ لِمَانِعٍ، بِخِلَافِ مُطْلَقِ الْفَرْعِ الَّذِي وَقَعَ التَّعْبِيرُ بِهِ هُنَا. (قَوْلُهُ: وَهُوَ لَا يَرِثُهُ) أَيْ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ لِأَنَّ إرْثَهُ إيَّاهُ فَرْعُ صِحَّةِ الرُّجُوعِ، هَكَذَا ظَهَرَ، وَفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مَا يَرْجِعُ إلَيْهِ لَكِنْ هَذَا يُشْبِهُ الدَّوْرَ فَلْيُتَأَمَّلْ

لِاسْتِقْلَالِهِ، فَإِنْ انْفَسَخَتْ الْكِتَابَةُ تَبَيَّنَّا أَنَّ الْمِلْكَ لِلْوَلَدِ وَهِبَتَهُ لِمُكَاتَبِ نَفْسِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ. (وَشَرْطُ رُجُوعِهِ) أَيْ الْأَبِ بِالْمَعْنَى الْمَارِّ (بَقَاءُ الْمَوْهُوبِ فِي سَلْطَنَةِ الْمُتَّهِبِ) أَيْ اسْتِيلَائِهِ لِيَشْمَلَ مَا يَأْتِي فِي التَّخَمُّرِ، ثُمَّ التَّخَلُّلُ غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ يَمْنَعُ الْبَيْعَ وَإِنْ طَرَأَ عَلَيْهِ حَجْرُ سَفَهٍ (فَيُمْتَنَعُ) الرُّجُوعُ (بِبَيْعِهِ) كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَاعَهُ. نَعَمْ لَوْ كَانَ فِي زَمَنِ خِيَارٍ لَمْ يُنْقَلْ الْمِلْكُ عَنْهُ اتَّجَهَ الرُّجُوعُ وَشَمَلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ كَانَ الْبَيْعُ مِنْ الْأَصْلِ الْوَاهِبِ فَيُمْتَنَعُ الرُّجُوعُ، وَلَوْ وَهَبَهُ مُشَاعًا فَاقْتَسَمَهُ ثُمَّ رَجَعَ فِيمَا خَصَّ وَلَدَهُ بِالْقِسْمَةِ جَازَ إنْ كَانَتْ إفْرَازًا وَإِلَّا لَمْ يَرْجِعْ إلَّا فِيمَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ، فَلَوْ كَانَتْ الشَّرِكَةُ بِالنِّصْفِ رَجَعَ فِي نِصْفِهِ فَقَطْ وَلَا تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ (وَوَقْفُهُ) مَعَ الْقَبُولِ حَيْثُ اشْتَرَطَ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَهُ لَمْ يُوجَدْ عَقْدٌ زَالَ بِهِ مِلْكُهُ، وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ الثَّابِتِ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ، وَيُمْتَنَعُ أَيْضًا بِتَعَلُّقِ أَرْشِ جِنَايَةٍ بِرَقَبَتِهِ إنْ لَمْ يُؤَدِّهَا الرَّاجِعُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِأَدَاءِ قِيمَةِ الرَّهْنِ النَّاقِصَةِ عَنْ الدَّيْنِ حَتَّى يَرْجِعَ فِيهِ لِأَنَّ أَدَاءَهَا يُبْطِلُ تَعَلُّقَ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِهِ لَوْ خَرَجَتْ مُسْتَحَقَّةً بِهِ فَيَتَضَرَّرُ، وَأَدَاءُ الْأَرْشِ لَا يُبْطِلُ تَعَلُّقَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِهِ لَوْ بَانَ مُسْتَحَقًّا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّهْنَ عَقْدٌ وَفَسْخُهُ لَا يَقْبَلُ وَقْفًا، بِخِلَافِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فَإِنَّهُ يَقْبَلُهُ، وَيَحْجُرُ الْحَاكِمُ عَلَى الْمُتَّهِبِ بِالْإِفْلَاسِ مَا لَمْ يَنْفَكَّ الْحَجْرُ وَالْعَيْنُ بَاقِيَةٌ، وَبِتَخَمُّرِ عَصِيرٍ مَا لَمْ يَتَخَلَّلْ لِأَنَّ مِلْكَ الْخَلِّ سَبَبُهُ مِلْكُ الْعَصِيرِ وَأَلْحَقَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ دَبْغَ جِلْدِ الْمَيْتَةِ، فَلَوْ زَرَعَ الْحَبَّ أَوْ تَفَرَّخَ الْبَيْضُ امْتَنَعَ الرُّجُوعُ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ تَبَعًا لِصَاحِبِ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فِي الْغَصْبِ حَيْثُ يَرْجِعُ الْمَالِكُ فِيهِ، وَإِنْ تَفَرَّخَ وَنَبَتَ بِأَنَّ اسْتِهْلَاكَ الْمَوْهُوبِ يَسْقُطُ بِهِ حَقُّ الْوَاهِبِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَاسْتِهْلَاكُ الْمَغْصُوبِ وَنَحْوُهُ لَا يَسْقُطُ بِهِ حَقُّ مَالِكِهِ، وَيُمْتَنَعُ أَيْضًا بِكِتَابَتِهِ: أَيْ الصَّحِيحَةِ لِمَا يَأْتِي فِي تَعْلِيقِ الْعِتْقِ مَا لَمْ يَعْجِزْ، وَبِإِيلَادِهِ وَبِرَدِّهِ الْوَاهِبَ مَا لَمْ يُسَلِّمْ لِأَنَّ مَالَهُ مَوْقُوفٌ وَالرُّجُوعُ لَا يُوقَفُ وَلَا يُعَلَّقُ وَاسْتِثْنَاءُ الدَّمِيرِيِّ مِنْ الرُّجُوعِ مَا لَوْ وَهَبَهُ صَيْدًا فَأَحْرَمَ الْفَرْعُ وَلَمْ يُرْسِلْهُ حَتَّى تَحَلَّلَ مَمْنُوعٌ لِزَوَالِ مِلْكِ الْفَرْعِ عَنْهُ بِالْإِحْرَامِ وَلَمْ يَعُدْ بِالتَّحَلُّلِ إذْ يَجِبُ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ عَلَى الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ، وَلَوْ حَكَمَ شَافِعِيٌّ بِمُوجِبِ الْهِبَةِ ثُمَّ رَجَعَ الْأَصْلُ فِيهَا وَالْعَيْنُ بَاقِيَةٌ فِي يَدِهِ فَرَفَعَ الْأَمْرَ لِحَنَفِيٍّ فَحَكَمَ بِبُطْلَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لَمْ يَنْقُلْ الْمِلْكَ عَنْهُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ أَوْ لَهُمَا وَقَوْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ: أَيْ بِأَنْ كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْقَبُولِ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُؤَدِّهَا الرَّاجِعُ) يَنْبَغِي، أَوْ الْمُتَّهِبُ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَإِنَّمَا سَكَتَ عَنْهُ الشَّارِحُ لِعَدَمِ بَقَاءِ الْحَقِّ مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَتِهِ (قَوْلُهُ: لِأَدَاءِ قِيمَةِ الرَّهْنِ النَّاقِصَةِ) مَفْهُومُهُ إجَابَتُهُ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ بِقَدْرِ الدَّيْنِ أَوْ تَزِيدُ عَلَيْهِ وَأَدَّاهُ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ لِأَنَّ أَدَاءَهَا إلَخْ خِلَافُهُ، فَلَعَلَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّقْيِيدِ لَا مَفْهُومَ لَهُ. (قَوْلُهُ: يَسْقُطُ بِهِ حَقُّ الْوَاهِبِ) أَيْ مِنْ الرُّجُوعِ، وَفِي سم عَلَى حَجّ: فَرْعٌ: لَوْ تَفَرَّخَ بَيْضُ النَّعَامِ فَهَلْ يَرْجِعُ فِي قِشْرِهِ لِأَنَّهُ مُتَمَوِّلٌ أَوْ لَا لِأَنَّهُ صَارَ فِي حُكْمِ التَّالِفِ؟ فِيهِ نَظَرٌ. فَرْعٌ آخَرُ: قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: قَالَ الْمَحَامِلِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْمُقْنِعِ: وَلَوْ كَانَ ثَوْبًا فَأَبْلَاهُ لَمْ يَرْجِعْ اهـ. وَالْمُتَبَادَرُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِأَبْلَاهُ أَنَّهُ فَنِيَ رَأْسًا، وَإِلَّا فَهَذَا لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ رُجُوعٌ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى نَفْيِهِ بَلْ إنْ انْسَحَقَ وَكَانَ وَجْهُ عَدَمِ الرُّجُوعِ حِينَئِذٍ أَنَّهُ صَارَ فِي مَعْنَى التَّالِفِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: قَوْلُهُ فِيهِ نَظَرٌ لَا يَبْعُدُ الرُّجُوعُ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ أَنَّهُ بَعْضُ الْمَوْهُوبِ (قَوْلُهُ مَمْنُوعٌ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءُ. (قَوْلُهُ: وَالْعَيْنُ بَاقِيَةٌ فِي يَدِهِ) أَيْ الْفَرْعُ وَقَوْلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِهِ حَقٌّ) حَالٌ مِنْ الْمَوْهُوبِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَنْتَقِلْ الْمِلْكُ عَنْهُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ لَهُ أَوْ مَوْقُوفًا (قَوْلُهُ: رَجَعَ فِي نِصْفِهِ فَقَطْ) أَيْ لِأَنَّ النِّصْفَ الَّذِي آلَ إلَيْهِ بِالْقِسْمَةِ كَانَ لَهُ نِصْفُهُ قَبْلَهَا شَائِعًا فَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ. (قَوْلُهُ: لَوْ خَرَجَتْ مُسْتَحَقَّةً) أَيْ الْقِيمَةُ. (قَوْلُهُ: وَأَلْحَقَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ دَبْغَ جِلْدِ الْمَيْتَةِ) أَيْ بِأَنْ وَهَبَهُ حَيَوَانًا فَمَاتَ ثُمَّ دَبَغَ جِلْدَهُ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُسْلِمْ) أَيْ فَيَصِحُّ رُجُوعُهُ إذَا رَجَعَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّا نَتَبَيَّنُ بِإِسْلَامِهِ صِحَّةَ رُجُوعِهِ الْوَاقِعِ فِي الرِّدَّةِ كَمَا يُعْلَمُ

الرُّجُوعِ زَاعِمًا أَنَّ مُوجِبَهَا خُرُوجُ الْعَيْنِ مِنْ مِلْكِ الْوَاهِبِ وَدُخُولُهُ فِي مِلْكِ الْمَوْهُوبِ، وَأَمَّا الرُّجُوعُ فَحَادِثَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وُجِدَتْ بَعْدَ حُكْمِ الشَّافِعِيِّ فَكَيْفَ تَدْخُلُ فِي حُكْمِهِ، وَكَيْف يُعْقَلُ أَنْ يَسْبِقَ السَّيْلُ الْمَطَرَ وَالْحَصَادُ الزِّرَاعَةَ وَالْوِلَادَةُ الْإِحْبَالَ، فَهِيَ وَاقِعَةُ فَتْوَى كَانَ حُكْمُهُ بَاطِلًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِمُخَالَفَتِهِ لِمَا حَكَمَ بِهِ الشَّافِعِيُّ، إذْ قَوْلُهُ بِمُوجِبِهِ مِنْ قَوْلِهِ حَكَمْت بِمُوجِبِهِ مُفْرَدٌ مُضَافٌ لِمَعْرِفَةٍ فَهُوَ عَامٌّ وَمَدْلُولُهُ كُلِّيَّةٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ حَكَمْت بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ وَبِصِحَّةِ الرُّجُوعِ عِنْدَ وُقُوعِهِ وَهَكَذَا إلَى آخِرِ مُقْتَضَيَاتِهِ سَوَاءٌ فِيهَا مَا وَقَعَ وَمَا لَمْ يَقَعْ بَعْدُ، وَقَدْ قَالَ أَئِمَّتُنَا: الْفَرْقُ بَيْنَ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ وَالْحُكْمِ بِالْمُوجِبِ مِنْ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْعَقْدَ الصَّادِرَ إذَا كَانَ صَحِيحًا بِالِاتِّفَاقِ وَوَقَعَ الْخِلَافُ فِي مُوجِبِهِ فَالْحُكْمُ بِصِحَّتِهِ لَا يَمْنَعُ مِنْ الْعَمَلِ بِمُوجِبِهِ عِنْدَ غَيْرِ مَنْ حَكَمَ بِهَا، وَلَوْ حَكَمَ الْأَوَّلُ بِالْمُوجِبِ امْتَنَعَ الْحُكْمُ بِمُوجِبِهِ عِنْدَ غَيْرِهِ، مِثَالُهُ التَّدْبِيرُ صَحِيحٌ بِالِاتِّفَاقِ، وَمُوجِبُهُ إذَا كَانَ تَدْبِيرًا مُطْلَقًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مُنِعَ الْبَيْعُ، فَلَوْ حَكَمَ حَنَفِيٌّ بِصِحَّةِ التَّدْبِيرِ الْمَذْكُورِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَانِعًا مِنْ بَيْعِهِ عِنْدَ مَنْ يَرَى صِحَّةَ بَيْعِ الْمُدَّبَّرِ وَلَوْ حَكَمَ حَنَفِيٌّ بِمُوجِبِ التَّدْبِيرِ امْتَنَعَ الْبَيْعُ، وَإِذَا حَكَمَ الْمَالِكِيُّ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ إثْبَاتُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَلَا فَسْخَ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا بِذَلِكَ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْحُكْمِ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالصِّحَّةِ يُجَامِعُ ذَلِكَ وَلَوْ حَكَمَ بِمُوجِبِ الْبَيْعِ امْتَنَعَ عَلَى الشَّافِعِيِّ تَمْكِينُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ الْفَسْخِ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ، وَلَيْسَ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ أَوْ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى نَقْضِ حُكْمِ الْحَاكِمِ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي حَكَمَ بِهِ وَهُوَ الْإِيجَابُ إنْ قُلْنَا بِعَدَمِ النَّقْضِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَسَيَأْتِي فِي الْقَضَاءِ تَرْجِيحُ خِلَافِهِ، وَلَوْ حَكَمَ الشَّافِعِيُّ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ لَمْ يَكُنْ مَانِعًا لِلْحَنَفِيِّ مِنْ تَمْكِينِ الْجَارِ مِنْ أَخْذِ الْعَقَارِ الْمَبِيعِ بِالشُّفْعَةِ وَلَوْ حَكَمَ بِمُوجِبِهِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَلَوْ حَكَمَ الْمَالِكِيُّ بِصِحَّةِ الْقَرْضِ لَمْ يَمْتَنِعْ عَلَى الْمُقْرِضِ الرُّجُوعُ عِنْدَ حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَانَ حُكْمُهُ بَاطِلًا: أَيْ الْحَنَفِيِّ، وَقَوْلُهُ إذْ قَوْلُهُ: أَيْ الشَّافِعِيِّ. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ فِيهَا) أَيْ مُقْتَضَيَاتُهُ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ حَكَمَ: أَيْ الشَّافِعِيُّ، وَقَوْلُهُ عِنْدَ مَنْ يَرَى: أَيْ كَالشَّافِعِيِّ، وَقَوْلُهُ امْتَنَعَ الْبَيْعُ: أَيْ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ حَكَمَ: أَيْ الْمَالِكِيُّ، وَقَوْلُهُ نَقَضَ حُكْمُ الْحَاكِمِ: أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَهُمَا الِانْفِرَادُ، وَقَوْلُهُ وَهُوَ الْإِيجَابُ: أَيْ لُزُومُ الْعَقْدِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّعْلِيلُ. (قَوْلُهُ: لِمُخَالَفَتِهِ لِمَا حَكَمَ بِهِ الشَّافِعِيُّ إلَى قَوْلِهِ وَإِنَّمَا أَطَلْنَا الْكَلَامَ) نَصُّ مَا فِي فَتَاوَى وَالِدِهِ (قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ أَنَّ الْعَقْدَ إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ لِهَذَا الْأَوَّلِ ثَانِيًا وَلَا ثَالِثًا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى التَّعْبِيرِ بِوُجُوهٍ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ صَحِيحًا بِالِاتِّفَاقِ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ التَّعْبِيرِ بِالِاتِّفَاقِ هُنَا، وَفِيمَا يَأْتِي مَعَ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا أَثَرَ لَهُ فِي مَحَلِّ الِاتِّفَاقِ، وَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ: إذَا كَانَ مُخْتَلِفًا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَظْهَرُ أَثَرُ حُكْمِ الْحَاكِمِ فِيهِ مِنْ رَفْعِ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: لَا يُمْنَعُ مِنْ الْعَمَلِ بِمُوجِبِهِ) يَعْنِي مَا يُخَالِفُهُ فِي الْمُوجِبِ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) إنَّمَا قَيَّدَهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْحَنَفِيِّ، أَمَّا إذَا كَانَ مُقَيَّدًا كَمَا إذَا قَالَ السَّيِّدُ: إذَا مِتّ مِنْ هَذَا الْمَرَضِ مَثَلًا فَالْحَنَفِيُّ يُوَافِقُنَا عَلَى صِحَّةِ بَيْعِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَكَمَ بِمُوجِبِ الْبَيْعِ امْتَنَعَ عَلَى الشَّافِعِيِّ تَمْكِينُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إلَخْ) أَيْ إنْ قُلْنَا إنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَا يُنْقَضُ، وَإِلَّا فَاَلَّذِي يَأْتِي فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ أَنَّهُ لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِنَفْيِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ نُقِضَ حُكْمُهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ مَانِعًا لِلْحَنَفِيِّ مِنْ تَمْكِينِ الْجَارِ مِنْ أَخْذِ الْمَبِيعِ بِالشُّفْعَةِ وَلَوْ حَكَمَ بِمُوجِبِهِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ ذَلِكَ) قَدْ يُقَالُ: مَا مَعْنَى حُكْمِنَا عَلَى الْحَنَفِيِّ بِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ مَعَ أَنَّهُ صَحِيحٌ عِنْدَهُ وَهُوَ لَا يَلْتَزِمُ أَحْكَامَنَا، وَقَدْ يُقَالُ: فَائِدَتُهُ أَنَّهُ لَوْ رَفَعَ ذَلِكَ الْحُكْمَ إلَيْنَا نَقَضْنَاهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ هُنَا تَبَعًا لِوَالِدِهِ، وَذَكَرَ فِيمَا يَأْتِي أَنَّهُ مَنْقُولٌ صَرِيحٌ فِي أَنَّا نَلْتَزِمُ مُوجِبَ حُكْمِ الْمُخَالِفِ وَإِنْ كَانَ هُوَ لَا يَرَاهُ؛ فَإِنَّ الْحَنَفِيَّ لَا يَرَى أَنَّ الْحُكْمَ بِالْمُوجِبِ يَتَنَاوَلُ الْأَشْيَاءَ الْمُسْتَقْبَلَةَ مَعَ وُجُوبِ الْتِزَامِنَا لَهَا كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأَمْثِلَةِ، لَكِنْ صَرَّحَ الشِّهَابُ حَجّ فِي فَتَاوِيهِ بِأَنَّ مَحَلَّ الْتِزَامِ الْمُوجِبِ حُكْمُ الْمُخَالِفِ إذَا كَانَ يَقُولُ بِهِ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَكَمَ الْمَالِكِيُّ بِصِحَّةِ الْقَرْضِ إلَخْ) يُوجَدُ هُنَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ سَقْطٌ، وَعِبَارَةُ فَتَاوَى وَالِدِهِ الَّتِي هَاهُنَا نَصُّ مَا فِيهَا

إذْ هُوَ قَرْضٌ صَحِيحٌ وَيَصِحُّ الرُّجُوعُ فِيهِ فَلَا يُنَافِي الْحُكْمَ بِالصِّحَّةِ الرُّجُوعُ فِي الْقَرْضِ، وَإِنْ حُكِمَ بِمُوجِبِهِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ فِي عَيْنِهِ لِأَنَّ مُوجِبَ الْقَرْضِ عِنْدَ الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ امْتِنَاعُ الرُّجُوعِ، وَلَوْ حَكَمَ الشَّافِعِيُّ بِصِحَّةِ الرَّهْنِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَانِعًا لِمَنْ يَرَى فَسْخَ الرَّهْنِ بِالْعَوْدِ إلَى الرَّاهِنِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ وَهُوَ أَنْ يُعِيدَهُ بِاخْتِيَارِهِ وَيَفُوتَ الْحَقُّ فِيهِ بِإِعْتَاقِ الرَّاهِنِ. مَثَلًا أَنْ يَفْسَخَهُ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالصِّحَّةِ لَيْسَ مُنَافِيًا لِلْفَسْخِ بِمَا ذُكِرَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ حَكَمَ بِمُوجِبِهِ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَى الْحَاكِمِ الْمَالِكِيِّ أَنْ يَفْسَخَهُ بِمَا مَرَّ لِأَنَّ مُوجِبَهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ دَوَامُ الْحَقِّ فِيهِ لِلْمُرْتَهِنِ مَعَ الْعَوْدِ مُطْلَقًا، فَالْحُكْمُ بِالْفَسْخِ لِأَجْلِ الْعَوْدِ الْمَذْكُورِ مُنَافٍ لِحُكْمِ الشَّافِعِيِّ بِمُوجِبِهِ عِنْدَهُ، وَإِنَّمَا أَطَلْنَا الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِيُعْلَمَ مِنْهَا فَسَادُ مَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ مَنْ أَدْرَكْنَاهُ مِنْ عُلَمَاءِ عَصْرِنَا تَبَعًا لَلْعِرَاقِيِّ فِي مَسْأَلَةِ إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ، وَحَكَمَ بِمُوجِبِهِ مَالِكِيٌّ بِأَنَّ لِلشَّافِعِيِّ الْحُكْمَ بِصِحَّةِ تَزْوِيجِهَا، وَأَنَّ مَا مَرَّ خَرَجَ مَخْرَجَ الْإِفْتَاءِ مِنْ الْحَاكِمِ الْأَوَّلِ زَاعِمًا أَنَّ السَّرَخْسِيَّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ نَقَلَ الْإِجْمَاعَ عَنْ ذَلِكَ، إذْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ إجْمَاعَ أَهْلِ مَذْهَبِهِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِنَقْلِ الْإِجْمَاعِ وَإِلَّا فَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ النُّقُولِ صَرِيحٌ فِي رَدِّ دَعْوَاهُ (لَا بِرَهْنِهِ وَهِبَتِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ) فِيهِمَا لِبَقَاءِ السَّلْطَنَةِ بِخِلَافِهِمَا بَعْدَهُ، وَالْمُرْتَهِنُ غَيْرُ الْوَاهِبِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِزَوَالِهَا وَإِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ مِنْ الِابْنِ لِأَبِيهِ أَوْ لِأَخِيهِ أَوْ لِابْنِهِ لِأَنَّ الْمِلْكَ غَيْرُ مُسْتَفَادٍ مِنْ الْجَدِّ أَوْ الْأَبِ وَلَا بِنَحْوِ غَصْبِهِ أَوْ إبَاقِهِ وَلَوْ مَرِضَ الِابْنُ وَرَجَعَ الْأَبُ ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ اتَّجَهَ صِحَّةُ رُجُوعِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَا يَقْدَحُ فِيهِ كَوْنُهُ صَارَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي مَرَضِهِ إذْ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالتَّبَرُّعَاتِ وَنَحْوِهَا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَجْرِ الْفَلْسِ بِأَنَّهُ أَقْوَى لِمَنْعِهِ التَّصَرُّفَ وَإِيثَارِ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ وَالْمَرَضِ إنَّمَا يَمْنَعُ الْمُحَابَاةَ وَلَا يَمْنَعُ الْإِيثَارَ (وَلَا) بِنَحْوِ (تَعْلِيقِ عِتْقِهِ) وَتَدْبِيرِهِ وَالْوَصِيَّةِ بِهِ (وَتَزْوِيجِهَا وَزِرَاعَتِهَا) لِبَقَاءِ السَّلْطَنَةِ (وَكَذَا الْإِجَارَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِبَقَاءِ الْعَيْنِ بِحَالِهَا وَمَوْرِدُ الْإِجَارَةِ الْمَنْفَعَةُ فَيَسْتَوْفِيهَا الْمُسْتَأْجِرُ، وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ قَوْلُ الْإِمَامِ إنْ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُ الْمُؤَجِّرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَقَوْلُهُ امْتَنَعَ عَلَيْهِ: أَيْ عَلَى الْحَنَفِيِّ، وَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ: أَيْ السَّرَخْسِيَّ. (قَوْلُهُ: صَرِيحٌ فِي رَدِّ دَعْوَاهُ) فِي كَوْنِ مَا ذُكِرَ صَرِيحًا فِي رَدِّ دَعْوَاهُ نَظَرٌ لَا يَخْفَى، لِأَنَّ مُحَصِّلَ مَا نَقَلَهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُوجِبِ كَوْنُهُ مَوْجُودًا بَلْ الْحُكْمُ بِهِ يَشْمَلُ الْمَوْجُودَ وَالثَّمَرَاتِ الْمُسْتَقْبَلَةِ، وَالْحُكْمُ بِعَدَمِ صِحَّةِ النِّكَاحِ فِيمَا ذُكِرَ لَيْسَ حُكْمًا لِأَنَّ شَرْطَ الْحُكْمِ وُقُوعُهُ فِي جَوَابِ دَعْوَى مُلْزِمَةٍ حَتَّى يَقَعَ الْحُكْمُ فِي جَوَابِهَا. نَعَمْ إنْ كَانَ الْمَالِكِيُّ لَا يَشْتَرِطُ لِصِحَّةِ الْحُكْمِ مَا ذُكِرَ اتَّجَهَ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرْتَهِنُ) الْوَاوُ لِلْحَالِ. (قَوْلُهُ: فَيَسْتَوْفِيهَا الْمُسْتَأْجِرُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ لِلْوَاهِبِ بِشَيْءٍ عَلَى الْمُؤَجِّرِ اهـ حَجّ. وَعَلَيْهِ فَلَوْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْإِجَارَةِ مِنْ أَنَّ الْمَالِكَ لَوْ أَجَّرَ الدَّارَ ثُمَّ بَاعَهَا ثُمَّ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَوْ حَكَمَ الْمَالِكِيُّ بِصِحَّةِ الْقَرْضِ لَمْ يَمْتَنِعْ عَلَى الْمُقْرِضِ الرُّجُوعُ فِي الْقَرْضِ، وَإِنْ حَكَمَ بِمُوجِبِهِ امْتَنَعَ عَلَى الْمُقْرِضِ الرُّجُوعُ فِي الْعَيْنِ الْمُقْرَضَةِ الْبَاقِيَةِ عِنْدَ الْمُقْتَرِضِ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ الْقَرْضِ عِنْدَ الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَبِفَوْتِ الْحَقِّ فِيهِ) بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ بِالْعَوْدِ. (قَوْلُهُ: صَرِيحٌ فِي رَدِّ دَعْوَاهُ) قَالَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ مَا نَصُّهُ: فِي كَوْنِ مَا ذُكِرَ صَرِيحًا فِي رَدِّ دَعْوَاهُ نَظَرٌ لَا يَخْفَى؛ لِأَنَّ مُحَصِّلَ مَا نَقَلَهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُوجِبِ كَوْنُهُ مَوْجُودًا، بَلْ الْحُكْمُ بِهِ يَشْمَلُ الْمَوْجُودَ وَالثَّمَرَاتِ الْمُسْتَقْبَلَةَ، وَالْحُكْمُ بِعَدَمِ صِحَّةِ النِّكَاحِ فِيمَا ذُكِرَ لَيْسَ حُكْمًا؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْحُكْمِ وُقُوعُهُ فِي جَوَابِ دَعْوَى مُلْزَمَةٍ حَتَّى يَقَعَ الْحُكْمُ فِي جَوَابِهَا. نَعَمْ إنْ كَانَ الْمَالِكِيُّ لَا يَشْتَرِطُ لِصِحَّةِ الْحُكْمِ مَا ذُكِرَ اُتُّجِهَ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ انْتَهَى مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ. وَهُوَ صَرِيحٌ كَمَا تَرَى فِي اسْتِحَالَةِ الدَّعْوَى هُنَا، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ إذْ هَذَا مِمَّا تَصِحُّ فِيهِ دَعْوَى الْحِسْبَةِ إذَا أَرَادَ التَّزْوِيجَ بِمَنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى نِكَاحِهَا بِأَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ إنْسَانٌ بِأَنَّهُ وَقَعَ مِنْهُ التَّعْلِيقُ الْمَذْكُورُ وَيُرِيدُ التَّزْوِيجَ بِمَنْ عَلَّقَ عَلَيْهَا وَمُعَاشَرَتَهَا فَيَحْكُمُ عَلَيْهِ الْمَالِكِيُّ بِمُوجِبِ التَّعْلِيقِ فَتَدَبَّرْ.

فَفِي الرُّجُوعِ تَرَدُّدٌ، وَفَارَقَ مَا هُنَا رُجُوعُ الْبَائِعِ بَعْدَ التَّحَالُفِ بِأَنَّ الْفَسْخَ ثَمَّ قَوِيٌّ وَلِذَا جَرَى وَجْهٌ أَنَّ الْفَسْخَ ثَمَّ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ أَصْلِهِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا. (وَلَوْ) (زَالَ مِلْكُهُ) أَيْ الْفَرْعُ عَنْ الْمَوْهُوبِ (وَعَادَ) إلَيْهِ وَلَوْ بِإِرْثٍ أَوْ إقَالَةٍ أَوْ رَدٍّ بِعَيْبٍ (لَمْ يَرْجِعْ) لِأَصْلِ الْوَاهِبِ لَهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْمِلْكَ غَيْرُ مُسْتَفَادٍ مِنْهُ حِينَئِذٍ. نَعَمْ قَدْ يَزُولُ وَيَرْجِعُ كَمَا مَرَّ فِي نَحْوِ تَخَمُّرِ الْعَصِيرِ، الثَّانِي يَرْجِعُ نَظَرًا لِمِلْكِهِ السَّابِقِ وَخَرَجَ بِزَالَ مَا لَوْ لَمْ يَزُلْ وَإِنْ أَشْرَفَ عَلَى الزَّوَالِ كَمَا لَوْ ضَاعَ فَالْتَقَطَهُ مُلْتَقِطٌ وَعَرَّفَهُ سَنَةً وَلَمْ يَتَمَلَّكْهُ فَحَضَرَ الْمَالِكُ وَسَلَّمَ لَهُ فَلِأَبِيهِ الرُّجُوعُ فِيهِ، وَلَوْ وَهَبَهُ الْفَرْعُ لِفَرْعِهِ وَأَقْبَضَهُ ثُمَّ رَجَعَ فِيهِ فَالْأَوْجَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: عَدَمُ الرُّجُوعِ لِزَوَالِ مِلْكِهِ، ثُمَّ عَوْدُهُ سَوَاءٌ أَجَعَلْنَا الرُّجُوعَ إبْطَالًا لِلْهِبَةِ أَمْ لَا، إذْ الْقَائِلُ بِالْإِبْطَالِ لَمْ يُرِدْ بِهِ حَقِيقَتَهُ وَإِلَّا لَرَجَعَ فِي الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ (وَلَوْ زَادَ رَجَعَ فِيهِ بِزِيَادَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ) لِتَبَعِيَّتِهَا كَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ وَحِرْفَةٍ لَا بِتَعْلِيمِ الْفَرْعِ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ نَظِيرِهِ فِي الْفَلْسِ وَحَرْثِ أَرْضٍ وَإِنْ زَادَتْ بِهَا الْقِيمَةُ، بِخِلَافِ حَمْلٍ عِنْدَ الرُّجُوعِ حَدَثَ بِيَدِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ حَالًا قَبْلَ الْوَضْعِ كَمَا صَحَّحَهُ الْقَاضِي وَأَجَابَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمِثْلُهُ طَلْعٌ حَدَثَ وَلَمْ يَتَأَبَّرْ عَلَى مَا فِي الْحَاوِي، لَكِنْ رُدَّ بِأَنَّ كَلَامَهُمَا فِي التَّفْلِيسِ نَقْلًا عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ يُخَالِفُهُ، وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ (لَا الْمُنْفَصِلَةُ) كَأُجْرَةٍ وَكَسْبٍ فَلَا يَرْجِعُ فِيهَا لِحُدُوثِهَا فِي مِلْكِ الْمُتَّهِبِ وَلَيْسَ مِنْهَا حَمْلٌ عِنْدِ الْقَبْضِ وَإِنْ انْفَصَلَ فِي يَدِهِ وَسَكَتَ عَنْ النَّقْصِ وَحُكْمُهُ عَدَمُ الرُّجُوعِ بِأَرْشِهِ مُطْلَقًا وَيَبْقَى غِرَاسُ مُتَّهِبٍ وَبِنَاؤُهُ أَوْ يُقْلَعُ بِالْأَرْشِ أَوْ يَتَمَلَّكُ بِالْقِيمَةِ وَزَرْعُهُ إلَى الْحَصَادِ مَجَّانًا لِاحْتِرَامِهِ بِوَضْعِهِ لَهُ حَالَ مِلْكِهِ الْأَرْضَ، وَلَوْ عَمِلَ فِيهِ نَحْوَ قِصَارَةٍ أَوْ صَبْغٍ فَإِنْ زَادَتْ بِهِ قِيمَتُهُ شَارَكَ بِالزَّائِدِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ (وَيَحْصُلُ الرُّجُوعُ بِرَجَعْتُ فِيمَا وَهَبْت أَوْ اسْتَرْجَعْته أَوْ رَدَدْته إلَى مِلْكِي أَوْ نَقَضْت الْهِبَةَ) أَوْ فَسَخْتهَا أَوْ أَبْطَلْتهَا لِأَنَّهَا تُفِيدُ الْمَقْصُودَ لِصَرَاحَتِهَا فِيهِ فَلَوْ قَالَ: أَخَذْته أَوْ قَبَضْته وَنَوَى حَصَلَ أَيْضًا، وَكُلُّ مَا يَحْصُلُ بِهِ رُجُوعُ الْبَائِعِ عِنْدَ فَلْسِ الْمُشْتَرِي يَحْصُلُ بِهِ الرُّجُوعُ هُنَا، وَالْمَوْهُوبُ بَعْدَهُ وَقَبْلَ اسْتِرْدَادِهِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْفَرْعِ، بِخِلَافِ الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ فَسْخِ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَادَتْ الْمَنْفَعَةُ لِلْبَائِعِ لَا لِلْمُشْتَرِي أَنَّهَا هُنَا تَعُودُ لِلْأَبِ. (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ) مُتَرَتِّبٌ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَرْجِعْ) وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: وَعَائِدٌ كَزَائِلٍ لَمْ يَعُدْ فِي فَلْسٍ مَعْ هِبَةٍ لِلْوَلَدِ. (قَوْلُهُ: أَمْ لَا) وَهُوَ الرَّاجِحُ اهـ حَجّ. وَقَوْلُهُ إذْ الْقَائِلُ بِالْإِبْطَالِ: أَيْ لِلْهِبَةِ. (قَوْلُهُ: كَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِمُعَلِّمٍ وَغَرِمَ لَهُ الْفَرْعُ أُجْرَةَ التَّعْلِيمِ، وَعَلَيْهِ فَيُشْكِلُ قَوْلُهُ لَا بِتَعْلِيمِ الْفَرْعِ إلَخْ، فَإِنَّ عَدَمَ الْمُشَارَكَةِ لِلْفَرْعِ بِتَعْلِيمِهِ أَوْلَى مِنْ عَدَمِ مُشَارَكَتِهِ بِتَعْلِيمِ غَيْرِهِ، فَإِنْ حُمِلَ قَوْلُهُ كَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ إلَخْ عَلَى مَا لَوْ تَعَلَّمَ بِنَفْسِهِ أَشْكَلَ بِالْحَرْثِ الْآتِي فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِفِعْلِ فَاعِلٍ فَلِيُتَأَمَّلْ. وَعِبَارَةُ حَجٍّ: وَمِنْهَا: أَيْ الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ تَعَلُّمُ صَنْعَةٍ وَحِرْفَةٍ وَحَرْثِ الْأَرْضِ وَإِنْ زَادَتْ بِهَا الْقِيمَةُ اهـ. وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ لَا بِتَعْلِيمِ الْفَرْعِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَحِرْفَةٌ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ، وَقَوْلُهُ وَحَرْثُ أَرْضٍ قَدْ يُشْكِلُ هَذَا بِمَا بَحَثَهُ فِي تَعْلِيمِ الْفَرْعِ، وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ حَمْلٍ: أَيْ فِي أَنَّهُ لَا يَتَّبِعُ الْأُمَّ، وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا: أَيْ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ يُقْلَعُ بِالْأَرْشِ) أَيْ وَالْخِيَرَةُ فِي ذَلِكَ لِلْوَاهِبِ. (قَوْلُهُ: وَزَرَعَهُ) أَيْ الْمُتَّهِبُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَمِلَ) أَيْ الْفَرْعُ. (قَوْلُهُ: وَالْمَوْهُوبُ بَعْدَهُ) أَيْ الرُّجُوعِ، وَقَوْلُهُ فَلَا يَصِحَّ الرُّجُوعُ إلَّا مُنَجَّزًا: أَيْ فَلَا يَصِحُّ مُعَلَّقًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَفَارَقَ مَا هُنَا) أَيْ حَيْثُ يَرْجِعُ الْوَاهِبُ فِي الْمُؤَجَّرِ مَسْلُوبِ الْمَنْفَعَةِ مِنْ غَيْرِ رُجُوعِهِ بِشَيْءٍ عَلَى الْمُؤَجَّرِ رُجُوعَ الْبَائِعِ حَيْثُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْمُؤَجَّرُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ فِي نَحْوِ تَخَمُّرِ الْعَصِيرِ) أَيْ لِبَقَاءِ سَلْطَنَتِهِ عَلَيْهِ كَمَا قَدَّمَهُ. (قَوْلُهُ: وَيَبْقَى غِرَاسٌ مُتَّهَبٌ وَبِنَاؤُهُ) أَيْ: بِالْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْقَبْضِ) أَيْ قَبْضِ هَذِهِ الْهِبَةِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ

الْبَيْعِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَخَذَهُ بِحُكْمِ الضَّمَانِ، وَلَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ إلَّا مُنَجَّزًا، وَلَوْ وَهَبَهُ وَأَقْبَضَهُ فِي صِحَّةٍ فَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ رَجَعَ فِيمَا وَهَبَ وَلَمْ تَذْكُرْ مَا رَجَعَ فِيهِ لَغَتْ شَهَادَتُهَا، فَلَوْ ثَبَتَ إقْرَارُ الْوَلَدِ بِأَنَّ الْأَبَ لَمْ يَهَبْهُ شَيْئًا غَيْرَ هَذِهِ ثَبَتَ الرُّجُوعُ (لَا بِبَيْعِهِ وَوَقْفِهِ وَهِبَتِهِ) بَعْدَ الْقَبْضِ (وَإِعْتَاقِهِ وَوَطْئِهَا) الَّذِي لَمْ تَحْمِلْ مِنْهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِكَمَالِ مِلْكِ الْفَرْعِ فَلَمْ يَقْوَ الْفِعْلُ عَلَى إزَالَتِهِ بِهِ، وَبِهِ فَارَقَ انْفِسَاخَ الْبَيْعِ فِيهَا فِي زَمَنِ الْخِيَارِ الذَّاهِبِ إلَى مُسَاوَاتِهِ لَهُ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ، أَمَّا هِبَتُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا تُؤَثِّرُ رُجُوعًا قَطْعًا، وَعَلَيْهِ بِاسْتِيلَادِهَا قِيمَتُهَا وَبِالْوَطْءِ مَهْرُ مِثْلِهَا وَهُوَ حَرَامٌ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الرُّجُوعَ، وَلَوْ تَفَاسَخَ الْمُتَوَاهِبَانِ الْهِبَةَ أَوْ تَقَايَلَا حَيْثُ لَا رُجُوعَ لَمْ تَنْفَسِخْ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ. (وَلَا رُجُوعَ لِغَيْرِ الْأُصُولِ فِي هِبَةٍ) مُطْلَقَةٍ أَوْ (مُقَيَّدَةٍ بِنَفْيِ الثَّوَابِ) أَيْ الْعِوَضِ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ وَلِقُوَّةِ شَفَقَةِ الْأَصْلِ، وَلِهَذَا كَانَ أَفْضَلُ الْبِرِّ بِرَّ الْوَالِدَيْنِ بِالْإِحْسَانِ لَهُمَا وَفِعْلِ مَا يَسُرُّهُمَا مِمَّا لَيْسَ بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ، وَعُقُوقُهُمَا كَبِيرَةٌ وَهُوَ إيذَاؤُهُمَا بِمَا لَيْسَ هَيِّنًا مَا لَمْ يَكُنْ مَا أَذَاهُمَا بِهِ وَاجِبًا. قَالَ الْغَزَالِيُّ: فَلَوْ كَانَ فِي مَالِ أَحَدِهِمَا شُبْهَةٌ وَدَعَاهُ لِلْأَكْلِ مِنْهُ تَلَطَّفَ فِي الِامْتِنَاعِ فَإِنْ عَجَزَ فَلِيَأْكُلْ وَيُصَغِّرْ اللُّقْمَةَ وَيُطَوِّلْ الْمَضْغَةَ، وَكَذَا لَوْ أَلْبَسَهُ ثَوْبًا مِنْ شُبْهَةٍ وَكَانَ يَتَأَذَّى بِرَدِّهِ فَلِيَقْبَلْهُ وَلِيَلْبَسْهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيَنْزِعُهُ إذَا غَابَ وَيَجْتَهِدُ أَنْ لَا يُصَلِّيَ فِيهِ إلَّا بِحَضْرَتِهِ، وَتُسَنُّ صِلَةُ الْقَرَابَةِ وَتَحْصُلُ بِالْمَالِ وَقَضَاءِ الْحَوَائِجِ وَالزِّيَارَةِ وَالْمُكَاتَبَةِ وَالْمُرَاسَلَةِ بِالسَّلَامِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَيَتَأَكَّدُ اسْتِحْبَابُ الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ كَمَا يَتَأَكَّدُ كَرَاهَةُ خِلَافِهِ، وَيُكْرَهُ شِرَاءُ مَا وَهَبَهُ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ. قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ: لَوْ طَلَبَ مِنْ غَيْرِهِ هِبَةَ شَيْءٍ فِي مَلَأٍ مِنْ النَّاسِ فَوَهَبَهُ مِنْهُ اسْتِحْيَاءً مِنْهُمْ وَلَوْ كَانَ خَالِيًا مَا أَعْطَاهُ حَرُمَ كَالْمَصَادِرِ، وَكَذَا كُلُّ مَنْ وُهِبَ لَهُ شَيْءٌ لِاتِّقَاءِ شَرِّهِ أَوْ سِعَايَتِهِ (وَمَتَى وَهَبَ مُطْلَقًا) بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِثَوَابٍ وَلَا نَفْيِهِ (فَلَا ثَوَابَ) أَيْ عِوَضٌ (إنْ وَهَبَ لَهُ لِدُونِهِ) فِي الْمَرْتَبَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ إذْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لَمْ تُحْمَلْ مِنْهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهَا إذَا حَمَلَتْ مِنْ الْوَطْءِ كَانَ رُجُوعًا وَعَلَيْهِ فَيُشْكِلُ قَوْلُهُ الْآتِي وَعَلَيْهِ بِاسْتِيلَادِهَا قِيمَتُهَا لِأَنَّهُ يُقَدِّرُ دُخُولَهَا فِي مِلْكِهِ قُبَيْلَ الْعُلُوقِ فَهِيَ إنَّمَا حَبِلَتْ بَعْدَ عَوْدِهَا لِمِلْكِهِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ أَنَّهُ إذَا وَطِئَ وَأَحْبَلَ انْتَقَلَتْ إلَى مِلْكِهِ وَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا لِفَرْعِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَيْسَ الْوَطْءُ رُجُوعًا وَإِنْ حَبِلَتْ غَايَتُهُ أَنَّهَا إنْ لَمْ تَحْبَلْ لَزِمَهُ الْمَهْرُ وَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ الْفَرْعِ وَإِنْ حَبِلَتْ انْتَقَلَتْ إلَى مِلْكِهِ، كَمَا لَوْ وَطِئَ أَمَةَ الْفَرْعِ الَّتِي مَلَكَهَا مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْأَصْلِ فَإِنَّهُ يُقَدِّرُ دُخُولَهَا فِي مِلْكِ الْوَاطِئِ قُبَيْلَ الْعُلُوقِ وَمَا هُنَا كَذَلِكَ وَنَقَلَ فِي الدَّرْسِ عَنْ سم مَعْنَى ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ انْفِسَاخُ الْبَيْعِ إلَخْ) يَنْبَغِي مُلَاحَظَةُ مَا سَبَقَ فِي بَابِ النِّكَاحِ مِنْ سَبْقِ الْإِنْزَالِ مُغَيَّبِ الْحَشَفَةِ وَالْعَكْسُ إذَا أَحْبَلَهَا اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: إلَى مُسَاوَاتِهِ) أَيْ لِلْفَرْعِ وَقَوْلُهُ قِيمَتُهَا: أَيْ لِلْفَرْعِ وَقَوْلُهُ مَهْرُ مِثْلِهَا: أَيْ ثَيِّبًا وَيَلْزَمُهُ أَرْشُ بَكَارَةٍ إنْ كَانَتْ بِكْرًا. (قَوْلُهُ: وَهُوَ حَرَامٌ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَا حَدَّ لِشُبْهَةِ الْخِلَافِ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا رُجُوعَ) أَيْ كَأَنْ كَانَتْ لِأَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ: لَمْ تَنْفَسِخْ) وَقَدْ يُوَجَّهُ عَدَمُ دُخُولِهِمَا فِيهَا بِأَنَّهُمَا إنَّمَا يُنَاسِبَانِ الْمُعَاوَضَاتِ لِأَنَّهُ يَقْصِدُ بِهِمَا الِاسْتِدْرَاكَ وَالْهِبَةَ إحْسَانٌ فَلَا يَلِيقُ بِهَا ذَلِكَ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُ سم وَقَدْ يُوَجَّهُ عَدَمُ دُخُولِهِمَا: أَيْ الْفَسْخِ وَالتَّقَابُلِ. (قَوْلُهُ: وَاجِبًا) دَخَلَ فِيهِ مَا لَوْ امْتَنَعَ مِنْ بَيْعِ أَمْوَالِهِ وَعِتْقِ أَرِقَّائِهِ وَطَلَاقِ نِسَائِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَشُقُّ عَلَيْهِ وَقَدْ أَمَرَهُ بِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مُرَادًا. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَاسَلَةُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ كِتَابٍ كَأَنْ يَقُولَ لِشَخْصٍ سَلِّمْ عَلَى فُلَانٍ. (قَوْلُهُ: وَيَتَأَكَّدُ اسْتِحْبَابُ الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ) وَنَقَلَ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ عَنْ حَجّ أَنَّ الْوَعْدَ مَعَ نِيَّةِ عَدَمِ الْوَفَاءِ كَبِيرَةٌ. (قَوْلُهُ: حَرُمَ) أَيْ وَلَا يَمْلِكُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ سِعَايَتُهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQيَقُولَ مَعَ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ: الَّذِي لَمْ تَحْمِلْ مِنْهُ) قَالَ الشِّهَابُ سم: وَجْهُ هَذَا الْقَيْدِ أَنَّهَا إذَا حَمَلَتْ مِنْهُ صَارَتْ مُسْتَوْلَدَةً لِلْأَبِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الرُّجُوعُ فَتَنْتَقِلُ إلَى مِلْكِهِ بِسَبَبِ الِاسْتِيلَادِ فَلَا يَتَأَتَّى الْخِلَافُ حِينَئِذٍ فِي حُصُولِ الرُّجُوعِ أَوْ عَدَمِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى.

لَا يَقْتَضِيهِ لَفْظٌ وَلَا عَادَةٌ (وَكَذَا) لَا ثَوَابَ لَهُ وَإِنْ نَوَاهُ إنْ وَهَبَ (لِأَعْلَى مِنْهُ) فِي ذَلِكَ (فِي الْأَظْهَرِ) كَمَا لَوْ أَعَارَهُ دَارِهِ إلْحَاقًا لِلْأَعْيَانِ بِالْمَنَافِعِ وَلِأَنَّ الْعَادَةَ لَيْسَ لَهَا قُوَّةُ الشَّرْطِ فِي الْمُعَاوَضَاتِ وَالثَّانِي يَجِبُ الثَّوَابُ لِاطِّرَادِ الْعَادَةِ بِذَلِكَ (وَ) كَذَا لَا ثَوَابَ لَهُ وَإِنْ نَوَاهُ إنْ وُهِبَ (لِنَظِيرِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ مِثْلِهِ الصِّلَةُ وَتَأَكُّدُ الصَّدَاقَةِ وَالطَّرِيقِ الثَّانِي طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ، وَالْهَدِيَّةُ فِي ذَلِكَ كَالْهِبَةِ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ تَفَقُّهًا وَنَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ تَصْرِيحِ الْبَنْدَنِيجِيِّ، وَمِثْلُ ذَلِكَ الصَّدَقَةُ، وَإِنْ اخْتَارَ الْأَذْرَعِيُّ دَلِيلًا أَنَّ الْعَادَةَ مَتَى اقْتَضَتْ الثَّوَابَ وَجَبَ هُوَ أَوْ رَدُّ الْهَدِيَّةِ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ أَيْضًا أَنَّ مَحَلَّ التَّرَدُّدِ مَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ حَالَةَ الْإِهْدَاءِ قَرِينَةٌ حَالِيَّةٌ أَوْ لَفْظِيَّةٌ دَالَّةٌ عَلَى طَلَبِ الثَّوَابِ، وَإِلَّا وَجَبَ هُوَ أَوْ الرَّدُّ لَا مَحَالَةَ، وَلَوْ قَالَ وَهَبْتُك بِبَدَلٍ فَقَالَ بَلْ بِلَا بَدَلٍ صُدِّقَ الْمُتَّهَبُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْبَدَلِ، وَلَوْ أَهْدَى لَهُ شَيْئًا عَلَى أَنْ يَقْضِيَ لَهُ حَاجَةً فَلَمْ يَفْعَلْ لَزِمَهُ رَدُّهُ إنْ بَقِيَ، وَإِلَّا فَبَدَلُهُ كَمَا قَالَهُ الْإِصْطَخْرِيُّ، فَإِنْ كَانَ فِعْلُهَا حَلَّ: أَيْ وَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ تَخْلِيصُهُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْ الْوَاجِبِ الْعَيْنِيِّ إذَا كَانَ فِيهِ كُلْفَةٌ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ وَغَيْرِهِ هُنَا (فَإِنْ وَجَبَ) الثَّوَابُ عَلَى مُقَابِلِ الْمَذْهَبِ أَوْ عَلَى الْبَحْثِ الْمَارِّ لِتَلَفِ الْهَدِيَّةِ أَوْ عَدَمِ إرَادَةِ الْمُتَّهَبِ رَدَّهَا (فَهُوَ قِيمَةُ الْمَوْهُوبِ) أَيْ قَدْرُهَا يَوْمَ قَبَضَهُ وَلَوْ مِثْلِيًّا (فِي الْأَصَحِّ) فَلَا يَتَعَيَّنُ لِلثَّوَابِ جِنْسٌ مِنْ الْأَمْوَالِ بَلْ الْخِيَرَةُ فِيهِ لِلْمُتَّهِبِ. وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ مَا يُعَدُّ ثَوَابًا لِمِثْلِهِ عَادَةً، وَقِيلَ إلَى أَنْ يَرْضَى وَلَوْ بِأَضْعَافِ قِيمَتِهِ (فَإِنْ) قُلْنَا بِوُجُوبِ إثَابَتِهِ وَ (لَمْ يُثِبْهُ) هُوَ وَلَا غَيْرُهُ (فَلَهُ الرُّجُوعُ) فِي هِبَتِهِ إنْ بَقِيَتْ وَبَدَلُهَا إنْ تَلِفَتْ. (وَلَوْ) (وَهَبَ بِشَرْطِ ثَوَابٍ مَعْلُومٍ) عَلَيْهِ كَوَهَبْتُكَ هَذَا عَلَى أَنْ تُثِيبَنِي كَذَا فَقَبِلَ (فَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ الْعَقْدِ) نَظَرًا لِلْمَعْنَى إذْ هُوَ مُعَارَضَةٌ بِمَالٍ مَعْلُومٍ فَصَحَّ كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك، وَالثَّانِي بُطْلَانُهُ نَظَرًا إلَى اللَّفْظِ لِتَنَاقُضِهِ فَإِنَّ لَفْظَ الْهِبَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الْمُتَكَلِّمُ فِيهِ بِسُوءٍ عِنْدَ مَنْ يَخَافُهُ. (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ رَدُّهُ) أَيْ فَلَوْ بَذَلَهَا لِيُخَلِّصَ لَهُ مَحْبُوسًا مَثَلًا فَسَعَى فِي خَلَاصِهِ فَلَمْ يَتَّفِقْ لَهُ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ الْهَدِيَّةِ لِصَاحِبِهَا لِأَنَّ مَقْصُودَهُ لَمْ يَحْصُلْ. نَعَمْ لَوْ أَعْطَاهُ لِيَشْفَعَ لَهُ فَقَطْ سَوَاءٌ قُبِلَتْ شَفَاعَتُهُ أَوْ لَا فَفَعَلَ لَمْ يَجِبْ الرَّدُّ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا أَعْطَاهُ لِأَجْلِهِ، وَقَوْلُهُ عَلَى أَنْ يَقْضِيَ: أَيْ بِأَنْ شَرَطَهُ عِنْدَ الدَّفْعِ أَوْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ وَغَيْرِهِ هُنَا) وَلَوْ قَالَ خُذْ هَذَا وَاشْتَرِ لَك بِهِ كَذَا تَعَيَّنَ مَا لَمْ يُرِدْ التَّبَسُّطَ: أَيْ وَتَدُلُّ قَرِينَةُ حَالِهِ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ لِأَنَّ الْقَرِينَةَ مُحْكَمَةٌ هُنَا وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا لَوْ أَعْطَى فَقِيرًا دِرْهَمًا بِنِيَّةِ أَنْ يَغْسِلَ بِهِ ثَوْبَهُ: أَيْ وَقَدْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى ذَلِكَ تَعَيَّنَ، وَلَوْ شَكَا إلَيْهِ أَنَّهُ يُوَفِّهِ أَجْرَهُ كَاذِبًا فَأَعْطَاهُ دِرْهَمًا أَوْ أَعْطَى بِظَنِّ صِفَةٍ فِيهِ أَوْ فِي نَسَبِهِ وَلَمْ تَكُنْ فِيهِ بَاطِنًا لَمْ يَحِلَّ قَبُولُهُ وَلَمْ يَمْلِكْهُ، وَيَكْتَفِي فِي كَوْنِهِ أَعْطَى لِظَنِّ تِلْكَ الصِّفَةِ بِالْقَرِينَةِ، وَمِثْلُ هَذَا مَا يَأْتِي فِي أَوَاخِرِ الصَّدَاقِ مَبْسُوطًا مِنْ أَنَّ مَنْ دَفَعَ لِمَخْطُوبَتِهِ أَوْ وَكِيلِهَا طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ لِيَتَزَوَّجَهَا فَرَدَّ قَبْلَ الْعَقْدِ رَجَعَ عَلَى مَنْ أَقْبَضَهُ، وَحَيْثُ دَلَّتْ قَرِينَةٌ أَنَّ مَا يُعْطَاهُ إنَّمَا هُوَ لِلْحَيَاءِ حَرُمَ الْأَخْذُ وَلَمْ يَمْلِكْهُ. قَالَ الْغَزَالِيُّ إجْمَاعًا، وَكَذَا لَوْ امْتَنَعَ مِنْ فِعْلٍ أَوْ تَسْلِيمِ مَا هُوَ عَلَيْهِ إلَّا بِمَالٍ كَتَزْوِيجِ بِنْتِهِ بِخِلَافِ إمْسَاكِ زَوْجَتِهِ حَتَّى تُبْرِئَهُ أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ) كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ لَيْسَ فِي هَذَا، وَإِنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا أَهْدَاهُ بَعْدَ أَنْ خَلَّصَهُ بِالْفِعْلِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَوْ أَهْدَى لِمَنْ خَلَّصَهُ مِنْ ظَالِمٍ لِئَلَّا يُنْقَضَ مَا فَعَلَهُ لَمْ يَحِلَّ لَهُ قَبُولُهُ وَإِلَّا حَلَّ: أَيْ وَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ تَخْلِيصُهُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَلَى الْوَاجِبِ الْعَيْنِيِّ إذَا كَانَ فِيهِ كُلْفَةٌ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ وَغَيْرِهِ هُنَا انْتَهَتْ. وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي شَرْحِ الْأَذْرَعِيِّ؛ لِأَنَّهُ نَقَلَ مَا ذُكِرَ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ ثُمَّ تَرَدَّدَ فِيمَا إذَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ التَّخْلِيصُ، وَلَعَلَّ فِي نُسَخِ الشَّارِحِ سَقْطًا مِنْ الْكَتَبَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: عَلَى مُقَابِلِ الْمَذْهَبِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: عَلَى الضَّعِيفِ، وَهِيَ الْأَصْوَبُ.

يَقْتَضِي التَّبَرُّعَ (وَ) مِنْ ثَمَّ (يَكُونُ بَيْعًا عَلَى الصَّحِيحِ) فَيَجْرِي فِيهِ عَقِبَ الْعَقْدِ أَحْكَامُهُ كَالْخِيَارَيْنِ كَمَا مَرَّ بِمَا فِيهِ وَالشُّفْعَةُ وَعَدَمُ تَوَقُّفِ الْمِلْكِ عَلَى الْقَبْضِ، وَالثَّانِي يَكُونُ هِبَةً نَظَرًا لِلَّفْظِ فَلَا تَلْزَمُ قَبْلَ الْقَبْضِ (أَوْ) بِشَرْطِ ثَوَابٍ (مَجْهُولٍ فَالْمَذْهَبُ بُطْلَانُهُ) لِتَعَذُّرِ صِحَّتِهِ بَيْعًا لِجَهَالَةِ الْعِوَضِ وَهِبَةٍ لِذِكْرِ الثَّوَابِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهَا لَا تَقْتَضِيهِ، وَقِيلَ: تَصِحُّ هِبَةٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَقْتَضِيهِ. (وَلَوْ بَعَثَ هَدِيَّةً) لَمْ يُعَدَّهُ بِالْبَاءِ لِجَوَازِ الْأَمْرَيْنِ كَمَا قَالَهُ أَبُو عَلِيٍّ خِلَافًا لِتَصْوِيبِ الْحَرِيرِيِّ تَعَيَّنَ تَعْدِيَتُهُ بِهَا (فِي ظَرْفٍ) أَوْ وَهَبَ شَيْئًا فِي ظَرْفٍ مِنْ غَيْرِ بَعْثٍ (فَإِنْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِرَدِّهِ كَقَوْصَرَّةِ) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ فِي الْأَفْصَحِ (تَمْرٍ) أَيْ وِعَائِهِ الَّذِي يُكْنَزُ فِيهِ مِنْ، نَحْوِ خُوصٍ وَلَا يُسَمَّى بِذَلِكَ إلَّا وَهُوَ فِيهِ وَإِلَّا فَزِنْبِيلٌ وَكَعُلْبَةِ حَلْوَى (فَهُوَ هَدِيَّةٌ) أَوْ هِبَةٌ (أَيْضًا) تَحْكِيمًا لِلْعُرْفِ الْمُضْطَرِدِ، وَكِتَابُ الرِّسَالَةِ يَمْلِكُهُ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ إنْ لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى عَوْدِهِ. قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، وَهُوَ أَوْجَهُ مِنْ قَوْلِ غَيْرِهِ هُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْكَاتِبِ وَيَمْلِكُ الْمَكْتُوبُ لَهُ الِانْتِفَاعَ بِهِ عَلَى وَجْهِ الْإِبَاحَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ اُعْتِيدَ رَدَّهُ أَوْ اضْطَرَبَتْ الْعَادَةُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ ابْنِ الْمُقْرِي (فَلَا) يَكُونُ هَدِيَّةً بَلْ أَمَانَةً فِي يَدِهِ كَالْوَدِيعَةِ (وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ) لِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ بِمِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (إلَّا فِي أَكْلِ الْهَدِيَّةِ مِنْهُ إنْ اقْتَضَتْهُ الْعَادَةُ) عَمَلًا بِهَا وَيَكُونُ عَارِيَّةً حِينَئِذٍ، وَيُسَنُّ رَدُّ الْوِعَاءِ حَالًا لِخَبَرٍ فِيهِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا فِي مَأْكُولٍ، أَمَّا غَيْرُهُ فَيَخْتَلِفُ رَدُّ طَرَفِهِ بِاخْتِلَافِ عَادَةِ النَّوَاحِي فَيُتَّجَهُ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ بِعُرْفِهِمْ وَفِي كُلِّ قَوْمٍ عُرْفُهُمْ بِاخْتِلَافِ طَبَقَاتِهِمْ، وَلَوْ خَتَنَ وَلَدَهُ وَحَمَلَتْ لَهُ هَدَايَا مَلَكَهَا الْأَبُ، وَقَالَ جَمْعٌ لِلِابْنِ فَيَلْزَمُ الْأَبَ قَبُولُهَا: أَيْ عِنْدَ انْتِفَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــSتَفْتَدِيَ بِمَالٍ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّهُ هُنَا فِي مُقَابَلَةِ الْبُضْعِ الْمُتَقَوِّمِ عَلَيْهِ بِمَالٍ. اهـ. حَجّ. أَقُولُ: وَظَاهِرُ التَّمْثِيلِ بِتَزْوِيجِ بِنْتِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَطْلُبَ الثَّيِّبُ تَزْوِيجَهَا مِنْهُ وَيُمْتَنَعَ بِحَيْثُ يَكُونُ عَاضِلًا وَبَيْنَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ أَنَّ الْخَاطِبَ يَطْلُبُ مِنْ الْوَلِيِّ التَّزْوِيجَ فَيَمْتَنِعُ مِنْ إجَابَتِهِ إلَّا بِجُعْلٍ، غَيْرَ أَنَّ هَذِهِ الثَّانِيَةَ بِخُصُوصِهَا قَدْ يُقَالُ فِيهَا: إنَّهُ لَمْ يَمْتَنِعْ مِنْ فِعْلٍ وَاجِبٍ عَلَيْهِ لِأَنَّ لَهُ الْإِعْرَاضَ عَنْهُ وَالتَّزْوِيجَ لِغَيْرِهِ. بَقِيَ أَنَّهُ جَرَتْ عَادَةُ كَثِيرٍ أَنَّهُمْ عِنْدَ الْخِطْبَةِ يَدْفَعُونَ أُمُورًا اُعْتِيدَتْ فِيمَا بَيْنَهُمْ لِلْمَوْلَى مِنْ غَيْرِ سَبْقِ امْتِنَاعٍ مِنْهُ مِنْ التَّزْوِيجِ لَوْ لَمْ يُعْطُوهُ، فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ تَبَرُّعًا مَحْضًا فَلَا يَحْرُمُ قَبُولُهُ، أَوْ لَا لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مِنْ عَادَتِهِمْ الِامْتِنَاعُ مِنْ التَّزْوِيجِ بِدُونِهِ نَزَلَتْ عَادَتُهُمْ مَنْزِلَةَ طَلَبِهِ، فِيهِ نَظَرٌ؟ وَلَا يَبْعُدُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ وَعَدَمُ الرُّجُوعِ أَيْضًا (قَوْلُهُ فَالْمَذْهَبُ بُطْلَانُهُ) أَيْ وَيَكُونُ مَقْبُوضًا بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ فَيَضْمَنُهُ ضَمَانَ الْغُصُوبِ (قَوْلُهُ: لِجَوَازِ الْأَمْرَيْنِ) فِي الْمِصْبَاحِ بَعَثْت رَسُولًا بَعْثًا أَرْسَلْته وَأَبْعَثْتُهُ كَذَلِكَ، وَفِي الْمُطَاوِعِ فَانْبَعَثَ مِثْلُ كَسَرْته فَانْكَسَرَ، وَكُلُّ شَيْءٍ يَنْبَعِثُ بِنَفْسِهِ فَيُقَالُ بَعَثْته، وَكُلُّ شَيْءٍ لَا يَنْبَعِثُ بِنَفْسِهِ كَالْكِتَابِ وَالْهَدِيَّةِ فَإِنَّ الْفِعْلَ يَتَعَدَّى إلَيْهِ بِالْبَاءِ فَيُقَالُ بَعَثْت بِهِ، وَأَوْجَزَ الْفَارَابِيُّ فَقَالَ بَعَثَهُ: أَيْ أَهَبُهُ وَبَعَثَ بِهِ وَجَّهَهُ اهـ. وَذَلِكَ يَقْتَضِي تَعَيُّنَ الْبَاءِ هُنَا (قَوْلُهُ: فَهُوَ هَدِيَّةٌ أَوْ هِبَةٌ أَيْضًا) [تَنْبِيهٌ] أَيْضًا مِنْ آضَ إذَا رَجَعَ فَهُوَ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ لَكِنَّ عَامِلَهُ يُحْذَفُ وُجُوبًا سَمَاعًا، وَيَجُوزُ كَوْنُهُ حَالًا حُذِفَ عَامِلُهَا وَصَاحِبُهَا، وَقَدْ يَقَعُ بَيْنَ الْعَامِلِ وَمَعْمُولِهِ كَيَحِلُّ أَكْلُ الْهَدِيَّةِ، وَيَحِلُّ أَيْضًا اسْتِعْمَالُ ظَرْفِهَا فِي أَكْلِهَا: أَيْ ارْجِعْ إلَى الْإِخْبَارِ عَنْهُمْ بِذِكْرِ حِلِّ الْأَكْلِ مِنْ ظَرْفِهَا رُجُوعًا أَوْ أَخْبَرَ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حِلِّ أَكْلِهَا حَالَ كَوْنِي رَاجِعًا إلَى الْإِخْبَارِ عَنْهُمْ بِحِلِّ الْأَكْلِ مِنْ ظَرْفِهَا، وَقَدْ لَا كَمَا هُنَا: أَيْ ارْجِعْ إلَى الْإِخْبَارِ عَنْهُمْ بِحُكْمِ الْمَظْرُوفِ رُجُوعًا أَوْ أَخْبَرَ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حُكْمِ الْمَظْرُوفِ حَالَ كَوْنِي رَاجِعًا إلَى الْإِخْبَارِ بِحُكْمِ الظَّرْفِ فَعُلِمَ أَنَّهَا لَا تُسْتَعْمَلُ إلَّا مَعَ شَيْئَيْنِ وَلَوْ تَقْدِيرًا، بِخِلَافِ جَاءَ زَيْدٌ أَيْضًا وَبَيْنَهُمَا تَوَافُقٌ فِي الْعَامِلِ، بِخِلَافِ جَاءَ وَمَاتَ أَيْضًا، وَيُمْكِنُ اسْتِقْلَالُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْعَامِلِ بِخِلَافِ اخْتَصَمَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو أَيْضًا اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى عَوْدِهِ) كَأَنْ كَتَبَ لَهُ فِيهِ رُدَّ الْجَوَابَ بِظَهْرِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا، قَوْلُهُ عَلَى عَوْدِهِ: أَيْ أَوْ إخْفَائِهِ. (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ عَارِيَّةً حِينَئِذٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَيَجُوزُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الْمَحْذُورِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَمِنْهُ قَصْدُ التَّقَرُّبِ لِلْأَبِ وَهُوَ نَحْوُ قَاضٍ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْقَبُولُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ الْمُهْدِي وَاحِدًا مِنْهُمَا وَإِلَّا فَهِيَ لِمَنْ قَصَدَهُ بِالِاتِّفَاقِ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِيمَا يُعْطَاهُ خَادِمُ الصُّوفِيَّةِ فَيَكُونُ لَهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَوْ قَصَدَهُ وَلَهُمْ عِنْدَ قَصْدِهِمْ وَلَهُ وَلَهُمْ عِنْدَ قَصْدِهِمَا: أَيْ فَيَكُونُ لَهُ النِّصْفُ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ لِزَيْدٍ الْكَاتِبِ وَالْفُقَرَاءِ مَثَلًا. وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ بَعْضِ أَهْلِ الْبِلَادِ مِنْ وَضْعِ طَاسَةٍ بَيْنَ يَدَيْ صَاحِبِ الْفَرَحِ لِيَضَعَ النَّاسُ فِيهَا دَرَاهِمَ ثُمَّ يُقْسَمُ عَلَى الْمُزَيِّنِ وَنَحْوِهِ يَجْرِي فِيهِ ذَلِكَ التَّفْصِيلُ، فَإِنْ قَصَدَ الْمُزَيِّنُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ نُظَرَائِهِ الْمُعَاوِنِينَ لَهُ عَمِلَ بِالْقَصْدِ، وَإِنْ أَطْلَقَ كَانَ مِلْكًا لِصَاحِبِ الْفَرَحِ يُعْطِيهِ لِمَنْ يَشَاءُ، وَبِهَذَا يُعْلَمُ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْعُرْفِ هُنَا، أَمَّا مَعَ قَصْدِ خِلَافِهِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا مَعَ الْإِطْلَاقِ فَلِأَنَّ حَمْلَهُ عَلَى مَنْ ذُكِرَ مِنْ الْأَبِ وَالْخَادِمِ وَصَاحِبِ الْفَرَحِ نَظَرًا لِلْغَالِبِ أَنَّ كُلًّا مِنْ هَؤُلَاءِ هُوَ الْمَقْصُودُ هُوَ عُرْفُ الشَّرْعِ فَيُقَدَّمُ عَلَى الْعُرْفِ الْمُخَالِفِ لَهُ، بِخِلَافِ مَا لَا عُرْفَ لِلشَّرْعِ فِيهِ فَيُحْكَمُ بِالْعَادَةِ فِيهِ، وَلِهَذَا لَوْ نَذَرَ لِوَلِيِّ مَيِّتٍ بِمَالٍ فَإِنْ قَصَدَ تَمْلِيكَهُ لَغَا أَوْ أَطْلَقَ وَكَانَ عَلَى قَبْرِهِ مَا يَحْتَاجُ لِلصَّرْفِ فِي مَصَالِحِهِ صَرَفَ لَهَا، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ قَوْمٌ اُعْتِيدَ قَصْدَهُمْ بِالنَّذْرِ لِلْوَلِيِّ صَرَفَ لَهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــSتَنَاوُلُهَا مِنْهُ وَيَضُمُّهُ بِحُكْمِهَا، وَقَيَّدَهُ فِي بَابِهَا بِمَا إذَا لَمْ تُقَابَلْ بِعِوَضٍ وَإِلَّا فَهُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: الْمُعَاوِنِينَ لَهُ) هَلْ يُقْسَمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُعَاوِنِينَ لَهُ بِالسَّوِيَّةِ أَوْ بِالتَّفَاوُتِ وَمَا ضَابِطُهُ وَلَا يَبْعُدُ اعْتِبَارُ الْعُرْفِ فِي ذَلِكَ. [فَرْعٌ] مَا تَقَرَّرَ مِنْ الرُّجُوعِ فِي النُّقُوطِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ مَا يُسْتَهْلَكُ كَالْأَطْعِمَةِ وَغَيْرِهِ، وَمَدَارُ الرُّجُوعِ عَلَى عَادَةِ أَمْثَالِ الدَّافِعِ لِهَذَا الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ فَحَيْثُ جَرَتْ بِالرُّجُوعِ رَجَعَ وَإِلَّا فَلَا م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: أَمَّا مَعَ قَصْدِ خِلَافِهِ) أَيْ الْعُرْفِ (قَوْلُهُ فَيَحْكُمُ بِالْعَادَةِ فِيهِ) . [تَنْبِيهٌ] يُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ فِي بَعْضِ النَّوَاحِي أَنَّ مَحَلَّ مَا مَرَّ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي النُّقُوطِ الْمُعْتَادِ فِي الْأَفْرَاحِ مَا يَعْتَادُ أَخْذُهُ لِنَفْسِهِ، أَمَّا إذَا اُعْتِيدَ أَنَّهُ لِنَحْوِ الْخَاتِنِ، وَأَنَّ مُعْطِيَهُ إنَّمَا قَصَدَهُ فَقَطْ فَيَظْهَرُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ لَا رُجُوعَ لِلْمُعْطِي عَلَى صَاحِبِ الْفَرَحِ وَإِنْ كَانَ الْإِعْطَاءُ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِهِ، لِأَنَّ كَوْنَهُ لِأَجْلِهِ مِنْ غَيْرِ دُخُولٍ فِي مِلْكِهِ لَا يَقْتَضِي رُجُوعًا عَلَيْهِ بِوَجْهٍ فَتَأَمَّلْهُ اهـ حَجّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[كتاب اللقطة]

كِتَابُ اللُّقَطَةِ بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَقَدْ تُسَكَّنُ، وَهِيَ لُغَةً: الشَّيْءُ الْمَلْقُوطُ، وَشَرْعًا: مَالٌ أَوْ اخْتِصَاصٌ مُحْتَرَمٌ ضَاعَ بِنَحْوِ غَفْلَةٍ بِمَحِلٍّ غَيْرِ مَمْلُوكٍ لَمْ يَجُزْ وَلَا عَرَفَ الْوَاجِدُ مُسْتَحِقَّهُ وَلَا امْتَنَعَ بِقُوَّتِهِ، فَمَا وُجِدَ فِي مَمْلُوكٍ فَلِذِي الْيَدِ، فَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ فَلِمَنْ قَبْلَهُ إلَى الْمُحْيِي ثُمَّ يَكُونُ لُقَطَةً. نَعَمْ مَا وُجِدَ بِدَارِ حَرْبٍ لَيْسَ بِهَا مُسْلِمٌ وَقَدْ دَخَلَهَا بِغَيْرِ أَمَانٍ غَنِيمَةٌ، أَوْ بِهِ فَلُقَطَةٌ، وَمَا أَلْقَاهُ نَحْوُ رِيحٍ أَوْ هَارِبٍ لَا يَعْرِفُهُ بِنَحْوِ دَارِهِ أَوْ حِجْرِهِ وَوَدَائِعُ مَاتَ عَنْهَا مُوَرِّثُهُ وَلَا يَعْرِفُ مَالِكَهَا مَالٌ ضَائِعٌ لَا لُقَطَةٌ، خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي الْأُولَى أَمْرُهُ إلَى الْإِمَامِ فَيَحْفَظُهُ أَوْ ثَمَنَهُ إنْ رَأَى بَيْعَهُ أَوْ يُقْرِضُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ إلَى ظُهُورِ مَالِكِهِ إنْ تَوَقَّعَهُ وَإِلَّا صُرِفَ لِمَصَارِفِ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ أَوْ كَانَ جَائِرًا فَلِمَنْ هِيَ بِيَدِهِ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ، وَلَوْ وُجِدَ لُؤْلُؤٌ بِالْبَحْرِ خَارِجَ صَدَفِهِ فَلُقَطَةٌ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ خِلْقَةً فِي الْبَحْرِ إلَّا دَاخِلَ صَدَفِهِ، وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَثْقُوبِ وَغَيْرِهِ، لَكِنْ قَالَ الرُّويَانِيُّ فِي غَيْرِ الْمَثْقُوبِ إنَّهُ لِوَاجِدِهِ، وَلَوْ وَجَدَ قِطْعَةَ عَنْبَرٍ فِي مَعْدِنِهِ كَالْبَحْرِ وَقُرْبِهِ، وَسَمَكَةٍ أُخِذَتْ مِنْهُ فَهُوَ لَهُ، وَإِلَّا فَلُقَطَةٌ وَمَا أَعْرَضَ عَنْهُ مِنْ حَبٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــS [كِتَابُ اللُّقَطَةِ] ِ (قَوْلُهُ: وَفَتْحُ الْقَافِ) وَهُوَ الْأَفْصَحُ وَيُقَالُ لُقَاطَةٌ بِضَمِّ اللَّامِ وَلَقَطٌ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: مُحْتَرَمٌ) قَيْدٌ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَالِ وَالِاخْتِصَاصِ (قَوْلُهُ: ضَاعَ) أَيْ وَوُجِدَ بِمَحِلٍّ غَيْرِ مَمْلُوكٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلَا امْتَنَعَ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ هَذَا الْقَيْدِ لِمَا يَأْتِي مِنْ جَوَازِ الْتِقَاطِ الْمُمْتَنِعِ لِلْحِفْظِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي أَفْرَادِ اللُّقَطَةِ. (قَوْلُهُ: فَلِمَنْ قَبْلَهُ إلَى الْمُحْيِي) أَيْ فَيَكُونُ لَهُ إنْ ادَّعَاهُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ حَجّ وَإِلَّا لَمْ يَدَّعِهِ بِأَنْ نَفَاهُ أَوْ سَكَتَ فَلُقَطَةٌ، وَظَاهِرُ قَوْلِ الشَّارِحِ فَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لِذِي الْيَدِ إلَّا إنْ ادَّعَاهُ، وَعَلَيْهِ فَيَسْتَوِي حَالُ ذِي الْيَدِ وَحَالُ الْمُحْيِي فِيمَا إذَا لَمْ يَدَّعِهِ، فَلَعَلَّ الشَّارِحَ لَا يَرَى هَذَا الْقَيْدَ فِي الْمُحْيِي. وَقَالَ سم عَلَى حَجّ: أَقُولُ: يُفَارِقُ هَذَا حَيْثُ شَرَطَ فِي كَوْنِهِ لِأَوَّلِ مَالِكٍ أَنْ يَدَّعِيَهُ مَا تَقَدَّمَ فِي رِكَازٍ حَيْثُ كَانَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ مَا لَمْ يَنْفِهِ بِأَنَّ الرِّكَازَ يَمْلِكُهُ تَبَعًا لِمِلْكِ الْأَرْضِ بِالْإِحْيَاءِ، بِخِلَافِ الْمَوْجُودِ فِي ظَاهِرِ الْأَرْضِ مِنْ الْمَنْقُولَاتِ لَا يُمْلَكُ بِذَلِكَ اهـ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ مَا ذَكَرَهُ سم مَبْنِيٌّ عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ الَّتِي مَشَى عَلَيْهَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ، وَإِلَّا فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ فِي أَنَّهُ إنْ عَلِمَهُمَا قَبْلَ الْإِحْيَاءِ لَمْ يَمْلِكْهُمَا وَلَا بُقْعَتَهُمَا وَإِلَّا مَلَكَهُمَا وَبُقْعَتَهُمَا، وَقَدْ يُقَالُ لَا يَتَعَيَّنُ تَخْرِيجُ مَا ذَكَرَهُ عَلَى كَلَامِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مَفْرُوضٌ فِي مَعْدِنٍ يُؤْخَذُ مِنْ ظَاهِرِ الْأَرْضِ أَوْ بَاطِنِهَا، وَمَا ذَكَرَهُ سم فِي مَنْقُولٍ يُؤْخَذُ مِنْ ظَاهِرِ الْأَرْضِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِهِ) أَيْ أَوْ كَانَ فِيهَا مُسْلِمٌ دَخَلَهَا بِأَمَانٍ أَمْ لَا عَلَى مَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُ أَوَّلًا لَيْسَ بِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلِمَنْ هِيَ بِيَدِهِ ذَلِكَ) أَيْ مَا عَدَا الْقَرْضَ لِبَيْتِ الْمَالِ. (قَوْلُهُ: قَالَ الرُّويَانِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: وَقُرْبِهِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى ـــــــــــــــــــــــــــــQكِتَابُ اللُّقَطَةِ (قَوْلُهُ: مُحْتَرَمٌ) فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ أَنَّهُ وَصْفٌ لِلْمَالِ وَالِاخْتِصَاصِ، وَانْظُرْ احْتَرَزَ بِهِ فِي الْمَالِ عَنْ مَاذَا؟ (قَوْلُهُ: فَلِمَالِكِهِ) فِي نُسْخَةٍ: فَلِذِي الْيَدِ، فَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ فَلِمَنْ قَبِلَهُ إلَى الْمُحْيِي ثُمَّ يَكُونُ لُقَطَةً. (قَوْلُهُ: وَقَرَّبَهُ) الظَّاهِرُ رُجُوعُ الضَّمِيرِ لِمَعْدِنِهِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَسَمَكَةً أُخِذَتْ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْبَحْرِ

فِي أَرْضِ الْغَيْرِ فَنَبَتَ يَمْلِكُهُ مَالِكُهَا، قَالَهُ جَمْعٌ. وَمِنْ اللُّقَطَةِ أَنْ يُبَدِّلَ نَعْلَهُ بِغَيْرِهِ فَيَأْخُذَهَا وَلَا يَحِلُّ لَهُ اسْتِعْمَالُهَا إلَّا بَعْدَ تَعْرِيفِهَا بِشَرْطِهِ أَوْ تَحَقَّقَ إعْرَاضَ الْمَالِكِ عَنْهَا، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ صَاحِبَهَا تَعَمَّدَ أَخْذَ نَعْلِهِ جَازَ لَهُ بَيْعُ ذَلِكَ ظَفَرًا بِشَرْطِهِ وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِ أَخْذِهَا فِي الْجُمْلَةِ لِأَحَادِيثَ فِيهَا يَأْتِي بَعْضُهَا مَعَ أَنَّ الْآيَاتِ الشَّامِلَةَ لِلْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ تَشْمَلُهَا، وَعَقَّبَهَا لِلْهِبَةِ لِأَنَّ كُلًّا تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ وَغَيْرُهُ لِإِحْيَاءِ الْمَوَاتِ لِأَنَّ كُلًّا تَمْلِيكٌ مِنْ الشَّارِعِ، وَيَصِحُّ تَعْقِيبُهَا لِلْقَرْضِ لِأَنَّ تَمَلُّكَهَا اقْتِرَاضٌ مِنْ الشَّارِعِ. وَأَرْكَانُهَا: لَاقِطٌ، وَمَلْقُوطٌ، وَلَقْطٌ. وَسَتَعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ وَفِي اللَّقْطِ مَعْنَى الْأَمَانَةِ، إذْ لَا يَضْمَنُهَا، وَالْوِلَايَةُ عَلَى حِفْظِهَا كَالْوَلِيِّ فِي مَالِ الْمَحْجُورِ وَالِاكْتِسَابُ بِتَمَلُّكِهَا بِشَرْطِهِ، وَهُوَ الْمُغَلَّبُ فِيهَا. (يُسْتَحَبُّ الِالْتِقَاطُ لِوَاثِقٍ بِأَمَانَةِ نَفْسِهِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْبِرِّ، بَلْ قَالَ جَمْعٌ يُكْرَهُ تَرْكُهُ لِئَلَّا تَقَعَ فِي يَدِ خَائِنٍ (وَقِيلَ يَجِبُ) حِفْظُ الْمَالِ الْآدَمِيِّ كَنَفْسِهِ. وَرُدَّ بِأَنَّهَا أَمَانَةٌ أَوْ كَسْبٌ وَكُلٌّ مِنْهُمَا غَيْرُ وَاجِبٍ ابْتِدَاءً، وَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ وُجُوبِهَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهُ، وَلَوْ تَرَكَهَا تَلِفَتْ صَحِيحٌ قِيَاسًا عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي الْوَدِيعَةِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ مَالِكَهَا مَوْجُودٌ يَنْظُرُ لَهَا بِخِلَافِ مَا هُنَا، وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِيهَا أَنَّ شَرْطَ وُجُوبِهَا أَنْ يَبْذُلَ لَهَا الْمَالِكُ أُجْرَةَ عَمَلِهِ وَحِرْزِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى هُنَا لِأَنَّ امْتِنَاعَ الْمَالِكِ مِنْ بَذْلِ ذَلِكَ مَعَ حُضُورِهِ يُعَدُّ بِهِ مُضَيِّعًا لِمَالِهِ فَانْتَفَى الْحَرَجُ عَنْ غَيْرِهِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا، وَيُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ مَا سَيَأْتِي فِي الْجَعَالَةِ فِيمَا لَوْ مَاتَ رَفِيقُهُ وَتَرَكَ مَالًا وَتَعَيَّنَ حَمْلُهُ طَرِيقًا لِحِفْظِهِ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ تَفْرِيعَهُ عَلَى قَوْلِ الْوُجُوبِ مُطْلَقًا وَهْمٌ، إذْ فَرْقٌ بَعِيدٌ بَيْنَ قَوْلِهِمْ لَا يَجِبُ أَخْذُهَا وَإِنْ خَافَ ضَيَاعَهَا وَقَوْلِنَا تَعَيَّنَ أَخْذُهَا طَرِيقًا لِحِفْظِهَا. نَعَمْ خَصَّ الْغَزَالِيُّ الْوُجُوبَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ تَعَبٌ فِي حِفْظِهَا وَلَا يَضْمَنُ وَإِنْ أَثِمَ بِالتَّرْكِ (وَلَا يُسْتَحَبُّ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَوْ وَقَوْلُهُ وَسَمَكَةٍ عَطْفٌ عَلَى الْبَحْرِ. (قَوْلُهُ: أَنْ يُبَدِّلَ نَعْلَهُ بِغَيْرِهِ) عَمْدًا أَوْ غَيْرَهُ، وَالْأَوْلَى بِغَيْرِهَا لِأَنَّ النَّعْلَ مُؤَنَّثَةٌ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ وَبِهِ عَبَّرَ حَجّ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ صَاحِبَهَا تَعَمَّدَ) أَيْ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَتَعَمَّدْ حَيْثُ تَعَذَّرَ أَخْذُهَا مِنْهُ. (قَوْلُهُ: جَازَ لَهُ بَيْعُ ذَلِكَ) أَيْ وَلَا يَحِلُّ لَهُ اسْتِعْمَالُهَا (قَوْلُهُ: ظَفَرًا بِشَرْطِهِ) وَهُوَ تَعَذُّرُ وُصُولِهِ إلَى حَقِّهِ، ثُمَّ إنْ وَفَّى بِقَدْرِ حَقِّهِ فَذَاكَ وَإِلَّا ضَاعَ عَلَيْهِ مَا بَقِيَ كَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ بَقِيَّةِ الدُّيُونِ (قَوْلُهُ: وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِ أَخْذِهَا) أَيْ اللُّقَطَةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلًّا تَمْلِيكٌ) فِيهِ مُسَامَحَةٌ، إذْ الْحَاصِلُ مِنْ الْمُلْتَقِطِ تَمَلُّكٌ وَلَيْسَ مِنْ الْمَالِكِ فِيهَا تَمْلِيكٌ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ عَبَّرَ بِالتَّمْلِيكِ نَظَرًا لِأَنَّ الشَّرْعَ أَقْرَضَهَا لِلْمُلْتَقِطِ فَكَأَنَّهُ مَلَّكَهُ إيَّاهَا اهـ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ بِالْمَعْنَى. (قَوْلُهُ لِئَلَّا تَقَعَ فِي يَدِ خَائِنٍ) أَيْ وَلِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ فِي وُجُوبِهَا. (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ وُجُوبِهَا) الْأَوْلَى تَذْكِيرُ الضَّمِيرِ لِأَنَّ اللُّقَطَةَ اسْمٌ لِلْعَيْنِ وَالْمُرَادُ هُنَا اللَّقْطُ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهُ) أَيْ أَوْ كَانَ وَخَشِيَ ضَيَاعَهَا إذَا تَرَكَهَا. (قَوْلُهُ: صَحِيحٌ) أَيْ خِلَافًا لحج حَيْثُ قَالَ وَرُدَّ بِأَنَّ شَرْطَ الْوُجُوبِ ثَمَّ أَنْ يَبْذُلَ لَهُ الْمَالِكُ أُجْرَةَ عَمَلِهِ وَحِرْزِهِ وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَالِكَهَا) أَيْ الْوَدِيعَةِ. (قَوْلُهُ: وَتَعَيَّنَ حَمْلُهُ طَرِيقًا لِحِفْظِهِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ حَمْلُهُ مَجَّانًا اهـ سم عَلَى حَجّ. وَظَاهِرُهُ وَإِنْ خَلَّفَ تَرِكَةً وَوَرَثَةً وَتَمَكَّنَ مِنْ مُرَاجَعَةِ الْحَاكِمِ وَمِنْ الْإِشْهَادِ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ وَيُقَالُ. بِأَنَّ لَهُ مُرَاجَعَةَ الْحَاكِمِ أَوْ الْإِشْهَادَ وَالرُّجُوعَ بِمَا يَصْرِفُهُ عَلَى الْحَمْلِ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالُوهُ فِي الْمُضْطَرِّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الدَّفْعُ لَهُ بِلَا مُقَابِلٍ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُنَا تَعَيَّنَ أَخْذُهَا) إذْ مَعْنَى الْأَوَّلِ عَدَمُ الْحَرَجِ فِي التَّرْكِ وَمَعْنَى الثَّانِي وُجُوبُ الْأَخْذِ وَتَرْكُ الْوَاجِبِ مَا تَمَّ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ خَصَّ الْغَزَالِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ تَعَبٌ: أَيْ عَادَةً، وَقَوْلُهُ وَلَا يَضْمَنُ: أَيْ اللُّقَطَةَ: ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إنْ تَبَدَّلَ نَعْلُهُ بِغَيْرِهِ) هُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ بِنَعْلِ غَيْرِهِ وَإِلَّا فَالنَّعْلُ مُؤَنَّثَةٌ. (قَوْلُهُ: وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِ أَخْذِهَا) أَيْ اللُّقَطَةِ (قَوْلُهُ: إذْ فَرْقٌ بَعِيدٌ بَيْنَ قَوْلِهِمْ إلَخْ) أَيْ فَقَوْلُنَا بِالْوُجُوبِ إذَا تَعَيَّنَ أَخْذُهَا طَرِيقًا لَا يُنَافِي قَوْلَ الْقَائِلِينَ بِالصَّحِيحِ لَا يَجِبُ أَخْذُهَا وَإِنْ خَافَ إلَخْ إذْ التَّعْيِينُ الْمَذْكُورُ أَخَصُّ مِنْ خَوْفِ الضَّيَاعِ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ خَصَّ الْغَزَالِيُّ الْوُجُوبَ)

لِغَيْرِ وَاثِقٍ بِأَمَانَةِ نَفْسِهِ) مَعَ عَدَمِ فِسْقِهِ خَشْيَةَ الضَّيَاعِ أَوْ طُرُوُّ الْخِيَانَةِ، وَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ: إنَّ التَّعْبِيرَ بِخَائِفٍ عَلَى نَفْسِهِ يُفَارِقُ هَذَا لِأَنَّ الْخَوْفَ أَقْوَى فِي التَّوَقُّعِ، رَدَّهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّهُ لَا فَارِقَ بَيْنَهُمَا: أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمَدَارَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ عَلَى أَنْ يَكُونَ أَوْ يَطْرَأَ عَلَيْهِ مَا يَتَوَلَّدُ عَنْهُ عَنْ قُرْبٍ وَلَوْ احْتِمَالًا ضَيَاعُهَا (وَيَجُوزُ لَهُ) مَعَ ذَلِكَ الِالْتِقَاطُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ خِيَانَتَهُ لَمْ تَتَحَقَّقْ وَعَلَيْهِ الِاحْتِرَازُ، أَمَّا إذَا عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ الْخِيَانَةَ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ قَبُولُهَا كَالْوَدِيعَةِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ سُرَاقَةَ. وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ خَشْيَةَ اسْتِهْلَاكِهَا. (وَيُكْرَهُ) تَنْزِيهًا لَا تَحْرِيمًا الِالْتِقَاطُ (لِفَاسِقٍ) لِأَنَّهُ قَدْ يَخُونُ فِيهَا (وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِشْهَادُ عَلَى الِالْتِقَاطِ) كَالْوَدِيعَةِ إذَا قَبِلَهَا. نَعَمْ يُسْتَحَبُّ وَلَوْ لِعَدْلٍ لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ بِهِ مِنْ الْخِيَانَةِ وَوَارِثُهُ مِنْ أَخْذِهَا اعْتِمَادًا لِظَاهِرِ الْيَدِ، وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَأْمُرْ بِهِ فِي خَبَرِ زَيْدٍ، وَأَمْرُهُ بِهِ فِي خَبَرِ غَيْرِهِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ، وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الْمُنَافَاةِ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهَا زِيَادَةُ ثِقَةٍ، وَالْأَصْلُ فِي الْأَمْرِ الْوُجُوبُ، يُرَدُّ بِأَنَّ الْقِيَاسَ عَلَى الْوَدِيعَةِ أَوْجَبَ حَمْلَهُ عَلَى النَّدْبِ، لَا سِيَّمَا وَصَرَفَهُ عَلَى الْوُجُوبِ مَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ الْتَقَطَ لُقَطَةً فَلْيُشْهِدْ عَلَيْهَا ذَا عَدْلٍ أَوْ ذَوَيْ عَدْلٍ» فَالتَّخْيِيرُ بَيْنَ الْعَدْلِ وَالْعَدْلَيْنِ يَقْتَضِي عَدَمَ الْوُجُوبِ وَإِلَّا لَمْ يَكْفِ الْعَدْلُ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ وَيَذْكُرُ فِي الْإِشْهَادِ بَعْضَ صِفَاتِهَا وَلَا يَسْتَوْعِبُهَا فَإِنْ خَالَفَ كُرِهَ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ. وَلَوْ خَافَ عَلَيْهَا مِنْهُ عِلْمَ ظَالِمٍ بِهَا وَأَخْذَهُ لَهَا امْتَنَعَ، وَإِنَّمَا وَجَبَ فِي اللَّقِيطِ لِأَنَّ أَمْرَ النَّسَبِ أَهَمُّ، وَيُسَنُّ الْكِتَابَةُ عَلَيْهَا أَنَّهَا لُقَطَةٌ (وَ) الْمَذْهَبُ (أَنَّهُ يَصِحُّ) (الْتِقَاطُ الْفَاسِقِ) وَالْمُرْتَدِّ إنْ قُلْنَا: لَا يَزُولُ مِلْكُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَالسَّفِيهُ، وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ تَكْرَارٌ مَعَ مَا مَرَّ فِي وَقَوْلِهِ وَيُكْرَهُ لِفَاسِقٍ إذْ مُرَادُهُ بِالصِّحَّةِ هُنَا أَنَّ أَحْكَامَ اللُّقْطَةِ هَلْ تَثْبُتُ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لِغَيْرِ وَاثِقٍ بِأَمَانَةٍ) أَيْ وَيَكُونُ مَكْرُوهًا خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ حَرَّمَهُ. (قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهَا ضَاعَتْ عَلَى مَالِكِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ حَيْثُ عَلِمَ ذَلِكَ وَكَانَ وَاثِقًا بِأَمَانَةِ نَفْسِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَخْذُهَا، وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حُرْمَةِ أَخْذِهَا لِأَنَّ ذَاكَ مَفْرُوضٌ فِي الْأَمِينِ وَهَذَا فِي غَيْرِهِ، وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ وَحُرْمَةِ الْخِيَانَةِ فِيهَا لَمْ يَبْعُدْ. (قَوْلُهُ: قَبُولُهَا) أَيْ بِمَعْنَى أَخْذِهَا وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَنْسَبَ، وَبِهِ عَبَّرَ حَجّ. (قَوْلُهُ لِفَاسِقٍ) أَيْ وَلَوْ بِنَحْوِ تَرْكِ صَلَاةٍ وَإِنْ عُلِمَتْ أَمَانَتُهُ فِي الْأَمْوَالِ كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُمْ اهـ حَجّ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ تَابَ لَا يُكْرَهُ لَهُ وَإِنْ لَمْ تَمْضِ مُدَّةُ الِاسْتِبْرَاءِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِانْتِفَاءِ مَا يَحْمِلُهُ عَلَى الْخِيَانَةِ حَالَ الْأَخْذِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِعَدْلٍ) أَيْ وَلَوْ لِمُلْتَقِطٍ عَدْلٍ وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ فِيمَنْ يُشْهِدُهُ بِالْمَسْتُورِ قِيَاسًا عَلَى النِّكَاحِ، وَقَدْ يُقَالُ بِعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالْمَسْتُورِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَالنِّكَاحِ بِأَنَّ النِّكَاحَ يَشْتَهِرُ غَالِبًا بَيْنَ النَّاسِ فَاكْتَفَى فِيهِ بِالْمَسْتُورِ، وَالْغَرَضُ مِنْ الْإِشْهَادِ هُنَا الِامْتِنَاعُ مِنْ الْخِيَانَةِ فِيهَا وَجَحْدِ الْوَارِثِ لَهَا فَلَمْ تَكْتَفِ بِالْمَسْتُورِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) أَيْ الْخَصْلَةَ الْمَأْمُورَ بِهَا فِي الْخَبَرِ الثَّانِي وَهِيَ الْإِشْهَادُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ خَالَفَ كُرِهَ) أَيْ وَلَا يَضْمَنُ وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ اسْتَوْعَبَ الْأَوْصَافَ فِي التَّعْرِيفِ حَيْثُ يَضْمَنُ بِحَصْرِ الشُّهُودِ وَعَدَمِ تُهْمَتِهِمْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَافَ عَلَيْهَا مِنْهُ) أَيْ الْإِشْهَادِ. (قَوْلُهُ: امْتَنَعَ) أَيْ وَضَمِنَ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ نَقْلًا عَنْ م ر: إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ اسْتِيعَابَهَا لِلشُّهُودِ يُؤَدِّي إلَى ضَيَاعِهَا حَرُمَ وَضَمِنَ، وَيُحْمَلُ الْكَلَامُ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQاعْلَمْ أَنَّ الْوُجُوبَ الَّذِي خَصَّهُ الْغَزَالِيُّ لَيْسَ مَذْكُورًا فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التُّحْفَةِ، وَعِبَارَتِهَا: وَقَالَ جَمْعٌ: بَلْ نُقِلَ عَنْ الْجُمْهُورِ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ضَيَاعُهَا لَوْ تَرَكَهَا وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَخَصَّهُ الْغَزَالِيُّ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ تَعِبَ فِي حِفْظِهَا إلَخْ. وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْوُجُوبُ الَّذِي خَصَّهُ الْغَزَالِيُّ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ وُجُوبِهَا إلَخْ إذْ الْبَعْضُ هُوَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْغَزَالِيِّ بِكَثِيرٍ (قَوْلُهُ؛ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَالْوَدِيعَةِ فَهُوَ عِلَّةٌ ثَانِيَةٌ لِعَدَمِ الْوُجُوبِ وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَى قَوْلِهِ نَعَمْ إلَخْ

وَإِنْ مَنَعْنَاهُ الْأَخْذَ، قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. (وَ) الْتِقَاطُ (الصَّبِيِّ) وَالْمَجْنُونِ حَيْثُ كَانَ لَهُمَا تَمْيِيزٌ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ فِي الثَّانِي، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهَا الِاكْتِسَابُ لَا الْأَمَانَةُ وَالْوِلَايَةُ، وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ رَدُّ قَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ الْمُرَادُ بِالْفَاسِقِ مَنْ لَا يُوجِبُ فِسْقُهُ حَجْرًا عَلَيْهِ فِي مَالِهِ. (وَ) الْتِقَاطُ (الذِّمِّيِّ) وَالْمُعَاهَدِ وَالْمُؤْمِنِ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ (فِي دَارِ الْإِسْلَامِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا فِي دِينِهِ فِيمَا يَظْهَرُ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي تَخْرِيجُهُ عَلَى أَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهَا الِاكْتِسَابُ فَيَصِحُّ أَوْ الْأَمَانَةُ وَالْوِلَايَةُ فَلَا، وَخَرَجَ بِدَارِ الْإِسْلَامِ دَارُ الْحَرْبِ فَفِيهَا تَفْصِيلٌ مَرَّ (ثُمَّ الْأَظْهَرُ) بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْتِقَاطِ الْفَاسِقِ، وَمِثْلُهُ فِيمَا يَأْتِي الْكَافِرُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إلَّا الْعَدْلَ فِي دِينِهِ (أَنَّهُ يُنْزَعُ) الْمُلْتَقَطُ (مِنْ الْفَاسِقِ) وَإِنْ لَمْ يُخْشَ ذَهَابُهُ مِنْهُ (وَيُوضَعُ عِنْدَ عَدْلٍ) لِأَنَّهُ لَا تُقَرُّ يَدُهُ عَلَى مَالِ وَلَدِهِ فَمَالُ غَيْرِهِ أَوْلَى وَالْمُتَوَلِّي لِلنَّزْعِ وَالْوَضْعِ الْحَاكِمُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. وَالثَّانِي لَا يُنْزَعُ وَلَكِنْ يُضَمُّ إلَيْهِ عَدْلٌ مُشْرِفٌ (وَ) الْأَظْهَرُ لَهُ (أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِتَعْرِيفِهِ) كَالْكَافِرِ (بَلْ يُضَمُّ إلَيْهِ) عَدْلٌ (رَقِيبٌ) عِنْدَ تَعْرِيفِهِ لِئَلَّا يَخُونَ فِيهِ وَالثَّانِي يُعْتَدُّ مِنْ غَيْرِ رَقِيبٍ، ثُمَّ إذَا أَتَمَّ التَّعْرِيفَ فَلَهُ التَّمَلُّكُ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ بِغُرْمِهَا إذَا جَاءَ مَالِكُهَا وَمُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ، وَكَذَا أُجْرَةُ الْمَضْمُونِ إلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْءٌ، وَلَوْ ضَعُفَ الْأَمِينُ عَنْهَا عَضَّدَهُ الْحَاكِمُ بِأَمِينٍ يَقْوَى بِهِ عَلَى حِفْظِهَا وَتَعْرِيفِهَا وَلَا يَنْزِعُهَا مِنْهُ. (وَيَنْزِعُ) حَتْمًا (الْوَلِيُّ لُقَطَةَ الصَّبِيِّ) وَالْمَجْنُونِ وَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ حِفْظًا لِحَقِّهِ وَحَقِّ الْمَالِكِ وَتَكُونُ يَدُهُ نَائِبَةً عَنْهُ، وَيَسْتَقِلُّ بِذَلِكَ وَيُعْرَفُ وَيُرَاجِعُ الْحَاكِمَ فِي مُؤْنَةِ التَّعْرِيفِ لِيَقْتَرِضَ أَوْ يَبِيعَ لَهُ جُزْءًا مِنْهَا، وَيُفَارِقُ هَذَا مَا يَأْتِي مِنْ كَوْنِ مُؤْنَةِ التَّعْرِيفِ عَلَى الْمُتَمَلِّكِ بِوُجُوبِ الِاحْتِيَاطِ لِمَالِ نَحْوِ الصَّبِيِّ مَا أَمْكَنَ وَلَا يُعْتَدُّ بِتَعْرِيفِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSغَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ اهـ. وَقَوْلُهُ وَيُحْمَلُ الْكَلَامُ: أَيْ يُسَنُّ الْإِشْهَادُ. (قَوْلُهُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ فِي الثَّانِي) أَيْ الْمَجْنُونِ. (قَوْلُهُ: وَالْتِقَاطُ الذِّمِّيِّ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ هَلْ يَصِحُّ الْتِقَاطُ الذِّمِّيِّ لِلْمُصْحَفِ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ: الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ بِالثَّانِي لِأَنَّ صِحَّةَ الْتِقَاطِهِ تَسْتَدْعِي جَوَازَ تَمَلُّكِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِي الْتِقَاطِ الْأَمَةِ الَّتِي تَحِلُّ لَهُ مِنْ الِامْتِنَاعِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) أَيْ الذِّمِّيُّ. (قَوْلُهُ: فَفِيهَا تَفْصِيلٌ مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ نَعَمْ مَا وُجِدَ بِدَارِ حَرْبٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: إلَّا الْعَدْلَ فِي دِينِهِ) أَيْ فَلَا تُنْزَعُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: الْحَاكِمُ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ أَثِمَ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَضْمَنُ وَإِنْ أَثِمَ بِالتَّرْكِ عَدَمُ الضَّمَانِ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ ضَمَانِ وَلِيِّ الصَّبِيِّ حَيْثُ لَمْ يُنْتَزَعْ مِنْهُ وَلَوْ حَاكِمًا الضَّمَانَ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْفَاسِقِ وَالصَّبِيِّ بِصِحَّةِ الْتِقَاطِ الْفَاسِقِ، وَكَوْنِهِ أَهْلًا لِلضَّمَانِ وَعَدَمِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ مِنْ الْحَاكِمِ، بِخِلَافِ الصَّبِيِّ فَإِنَّ الْوِلَايَةَ ثَابِتَةٌ عَلَيْهِ فَكَأَنَّ مَا فِي يَدِ الصَّبِيِّ فِي يَدِ وَلِيِّهِ فَيَضْمَنُ بِعَدَمِ مُرَاعَاةِ حِفْظِهِ، وَلَعَلَّ هَذَا أَقْرَبُ، وَيَصَّدَّقُ فِي بَيَانِ قِيَمِهَا إذَا ذَكَرَهَا وَإِنْ لَمْ تَسْبِقْ رُؤْيَتُهُ لَهَا وَلَكِنَّهُ عَلِمَ بِهَا وَلَمْ يَنْتَزِعْهَا مِمَّنْ هِيَ بِيَدِهِ عَلَى الْقَاعِدَةِ (قَوْلُهُ: لَا يُعْتَدُّ بِتَعْرِيفِهِ) أَيْ مُسْتَقِلًّا بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بَلْ يُضَمُّ إلَيْهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ التَّمَلُّكُ) أَيْ الْفَاسِقُ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ قَوْلُهُ ثُمَّ إذَا تَمَّ التَّعْرِيفُ تَمَلَّكَهَا هَذَا يُشْكِلُ فِي الْمُرْتَدِّ، بَلْ يَنْبَغِي تَوَقُّفُ تَمَلُّكِهِ عَلَى عَوْدِهِ إلَى الْإِسْلَامِ فَلْتُرَاجَعْ اهـ. (قَوْلُهُ: وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ) أَيْ وُجُوبًا، وَقَوْلُهُ وَمُؤْنَتُهُ أَيْ التَّعْرِيفُ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ أَيْ الْمُلْتَقَطِ وَلَوْ غَيْرَ فَاسِقٍ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْءٌ) قَيْدٌ فِي أُجْرَةِ الْمَضْمُومِ إلَى الْمُلْتَقِطِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ فَصْلُهُ عَمَّا قَبْلَهُ بِكَذَا، وَقَوْلُهُ عَضَّدَهُ الْحَاكِمُ: أَيْ وُجُوبًا، وَقَوْلُهُ بِأَمِينٍ يَقْوَى بِهِ: أَيْ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي أُجْرَةِ الرَّقِيبِ الْمَضْمُومِ إلَيْهِ أَنَّ الْأُجْرَةَ هُنَا عَلَى الْمُلْتَقِطِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْءٌ. (قَوْلُهُ: حِفْظًا لِحَقِّهِ) أَيْ الثَّابِتِ لَهُ شَرْعًا بِمُجَرَّدِ الِالْتِقَاطِ حَيْثُ كَانَ مُمَيِّزًا لِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَفِيهَا تَفْصِيلٌ مَرَّ) الَّذِي مَرَّ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْلِمِ أَنَّهُ إذَا وَجَدَهُ بِدَارِ حَرْبٍ لَيْسَ فِيهَا مُسْلِمٌ وَقَدْ دَخَلَهَا بِغَيْرِ أَمَانٍ فَغَنِيمَةٌ أَوْ بِأَمَانٍ فَلُقَطَةٌ فَانْظُرْهُ بِالنِّسْبَةِ لِلذِّمِّيِّ وَنَحْوِهِ وَرَاجِعْ بَابَ قَسْمَ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ

نَعَمْ صَرَّحَ الدَّارِمِيُّ بِصِحَّةِ تَعْرِيفِ الصَّبِيِّ بِحَضْرَةِ الْوَلِيِّ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْفَاسِقِ مَعَ الْمُشْرِفِ، وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ صِحَّةِ تَعْرِيفِ الْمُرَاهِقِ الَّذِي لَمْ يُعْرَفْ كَذِبُهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ، بِخِلَافِ السَّفِيهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ تَعْرِيفُهُ لِأَنَّهُ يُوثَقُ بِقَوْلِهِ دُونَهُمَا (وَيَتَمَلَّكُهَا لِلصَّبِيِّ) أَوْ نَحْوِهِ (إذَا رَأَى ذَلِكَ) مَصْلَحَةً لَهُ وَذَلِكَ (حَيْثُ يَجُوزُ الِاقْتِرَاضُ لَهُ) لِأَنَّ تَمَلُّكَهُ إيَّاهَا فِي مَعْنَى الِاقْتِرَاضِ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَرَ ذَلِكَ حَفِظَهَا أَوْ سَلَّمَهَا لِلْحَاكِمِ وَلِلْوَلِيِّ وَغَيْرِهِ أَخْذُهَا مِنْ غَيْرِ مُمَيِّزٍ عَلَى وَجْهِ الِالْتِقَاطِ لِيُعَرِّفَهَا وَيَتَمَلَّكَهَا وَيَبْرَأُ الصَّبِيُّ حِينَئِذٍ مِنْ الضَّمَانِ (وَيَضْمَنُ) فِي مَالِ نَفْسِهِ وَلَوْ حَاكِمًا فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ (إنْ قَصَّرَ فِي انْتِزَاعِهِ) أَيْ الْمُلْتَقَطِ مِنْ الْمَحْجُورِ (حَتَّى تَلِفَ) أَوْ أُتْلِفَ (فِي يَدِ الصَّبِيِّ) أَوْ نَحْوِهِ لِتَقْصِيرِهِ كَمَا لَوْ قَصَّرَ فِي حِفْظِ مَا احْتَطَبَهُ ثُمَّ يُعَرِّفُ التَّالِفَ، فَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ بِأَنْ لَمْ يُعْلِمْ بِهَا الْوَلِيَّ فَأَتْلَفَهَا نَحْوُ الصَّبِيِّ ضَمِنَهَا فِي مَالِهِ دُونَ الْوَلِيِّ، وَإِنْ لَمْ يُتْلِفْهَا لَمْ يَضْمَنْهَا أَحَدٌ، وَإِنَّ تَلِفَتْ بِتَقْصِيرٍ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَلِيُّ بِهَا حَتَّى كَمُلَ الْأَخْذُ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَخَذَهَا حَالَ كَمَالِهِ سَوَاءٌ اسْتَأْذَنَ الْحَاكِمَ فَأَقَرَّهَا فِي يَدِهِ أَمْ لَا كَمَا هُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ لِلصَّيْمَرِيِّ يَتَّجِهُ تَرْجِيحُهُ. (وَالْأَظْهَرُ بُطْلَانُ) (الْتِقَاطِ الْعَبْدِ) أَيْ الْقِنِّ إنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ وَلَمْ يَنْهَهُ، وَإِنْ نَوَى سَيِّدُهُ لِأَنَّهُ يَعْرِضُهُ لِلْمُطَالَبَةِ بِبَدَلِهَا لِوُقُوعِ الْمِلْكِ لَهُ وَلِأَنَّ فِيهِ شَائِبَةَ وِلَايَةٍ وَتَمَلُّكٍ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهِمَا، وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَحْوِ الْفَاسِقِ، فَإِنَّهُ وَإِنْ انْتَفَتْ عَنْهُ الشَّائِبَةُ الْأُولَى فِيهِ أَهْلِيَّةُ الشَّائِبَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى أَنَّ الْمُغَلَّبَ مَعْنَى الِاكْتِسَابِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ لَهُ الْتَقِطْ عَنْ نَفْسِك فِيمَا يَظْهَرُ، وَالثَّانِي صِحَّتُهُ وَيَكُونُ لِسَيِّدِهِ. أَمَّا إذَا أَذِنَ لَهُ وَلَوْ فِي مُطْلَقِ الِاكْتِسَابِ فَيَصِحُّ وَإِنْ نَهَاهُ لَمْ يَصِحَّ قَطْعًا (وَلَا يُعْتَدُّ بِتَعْرِيفِهِ) إذَا بَطَلَ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَأْتِي أَنَّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ لَاحِقٌ لَهُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ صَرَّحَ الدَّارِمِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: مِنْ صِحَّةِ تَعْرِيفِ الْمُرَاهِقِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ ضَمِّ أَحَدٍ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ السَّفِيهِ) أَيْ الَّذِي سَبَبُ سَفَهِهِ التَّبْذِيرُ، بِخِلَافِ مَنْ سَبَبُ سَفَهِهِ عَدَمُ صَلَاحِ الدِّينِ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِتَعْرِيفِهِ إنْ فَسَقَ بِمَا هُوَ مُتَّصِفٌ بِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَصِحُّ) أَيْ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ اهـ خَطِيبٌ. وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِ الْوَلِيِّ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ إذْنَ الْوَلِيِّ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيمَا فِيهِ تَفْوِيتٌ عَلَى السَّفِيهِ، وَمُجَرَّدُ تَعْرِيفِهِ لَا تَفْوِيتَ فِيهِ وَهُوَ طَرِيقٌ إلَى تَمَلُّكِهِ فَفِيهِ مَصْلَحَةٌ لَهُ. (قَوْلُهُ: دُونَهُمَا) أَيْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ يَجُوزُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ ثَمَّ ضَرُورَةٌ لِلِاقْتِرَاضِ (قَوْلُهُ: مِنْ الضَّمَانِ) أَيْ الْمُتَعَلِّقِ بِوَلِيِّهِ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهَا لَوْ تَلِفَتْ فِي يَدِ الصَّبِيِّ وَلَوْ بِتَقْصِيرٍ مِنْهُ لَمْ يَضْمَنْ، وَقَوْلُهُ وَيَضْمَنُ: أَيْ الْوَلِيُّ. (قَوْلُهُ: مَا احْتَطَبَهُ) أَيْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ لِلصَّبِيِّ. (قَوْلُهُ: ضَمِنَهَا فِي مَالِهِ) أَيْ فَلَوْ ظَهَرَ مَالِكُهَا وَادَّعَى أَنَّ الْوَلِيَّ عَلِمَ بِهَا وَقَصَّرَ فِي انْتِزَاعِهَا حَتَّى أَتْلَفَهَا الصَّبِيُّ صُدِّقَ الْوَلِيُّ فِي عَدَمِ التَّقْصِيرِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعِلْمِ وَعَدَمُ الضَّمَانِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَلِفَتْ) غَايَةً (قَوْلُهُ: بِتَقْصِيرٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ مُمَيِّزًا. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَيَبْرَأُ الصَّبِيُّ حِينَئِذٍ مِنْ الضَّمَانِ خِلَافُهُ فَإِنَّ التَّعْبِيرَ بِنَفْيِ الضَّمَانِ عَنْهُ حَيْثُ انْتَزَعَهَا الْوَلِيُّ يُشْعِرُ بِضَمَانِهَا لَوْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِنَفْيِ الضَّمَانِ عَنْهُ فِيمَا مَرَّ الضَّمَانُ الْمُتَوَقَّعُ بِإِتْلَافِهِ لَهَا لَوْ بَقِيَتْ فِي يَدِهِ أَوْ نَفْيُ الضَّمَانِ الْمُتَعَلِّقِ بِوَلِيِّهِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ اسْتَأْذَنَ) أَيْ الصَّبِيُّ بَعْدَ كَمَالِهِ. (قَوْلُهُ: بُطْلَانُ الْتِقَاطِ الْعَبْدِ) أَيْ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْعَبْدَ، وَقَوْلُهُ: يَعْرِضُهُ: أَيْ السَّيِّدُ، وَقَوْلُهُ وَلِأَنَّ فِيهِ: أَيْ الِالْتِقَاطِ، وَقَوْلُهُ الشَّائِبَةُ الْأُولَى: أَيْ الْوِلَايَةُ، وَقَوْلُهُ الشَّائِبَةُ الثَّانِيَةُ: أَيْ التَّمَلُّكُ، وَقَوْلُهُ وَمِثْلُهُ: أَيْ فِي بُطْلَانِ الِالْتِقَاطِ. (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا أَذِنَ لَهُ إلَخْ) أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فِي عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ بِصِحَّةِ الْتِقَاطِهِ بِإِذْنِ أَحَدِهِمَا اهـ. وَيَنْبَغِي أَنَّهَا لِلشَّرِيكَيْنِ وَلَا يَخْتَصُّ بِهَا أَحَدُهُمَا الْآذِنُ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْمُبَعَّضَ حَيْثُ لَا مُهَايَأَةَ يَصِحُّ الْتِقَاطُهُ بِغَيْرِ إذْنٍ وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِخِلَافِ السَّفِيهِ) فَإِنَّهُ يَصِحُّ تَعْرِيفُهُ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْوَلِيَّ يُعَرِّفُ فَهُوَ مُخَيَّرٌ

الْتِقَاطُهُ لِأَنَّ يَدَهُ ضَامِنَةٌ، وَحِينَئِذٍ لَا يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ وَلَوْ لِسَيِّدِهِ بِإِذْنِهِ وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ الْتِقَاطُهُ فَهُوَ مَالٌ ضَائِعٌ (فَلَوْ أَخَذَهُ) أَيْ الْمُلْتَقِطُ (سَيِّدُهُ) أَوْ غَيْرُهُ مِنْهُ (كَانَ الْتِقَاطًا) مِنْ الْآخِذِ فَيُعَرِّفُهُ وَيَتَمَلَّكُهُ وَيَسْقُطُ عَنْ الْعَبْدِ الضَّمَانُ وَلِلسَّيِّدِ أَنْ يُقِرَّهُ فِي يَدِهِ وَيَسْتَحْفِظَهُ إيَّاهُ إنْ كَانَ أَمِينًا وَإِلَّا ضَمِنَهُ لِتَعَدِّيهِ بِإِقْرَارِهِ مَعَهُ فَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْهُ وَرَدَّهُ إلَيْهِ، وَيَتَعَلَّقُ الضَّمَانُ بِسَائِرِ أَمْوَالِهِ، وَمِنْهَا رَقَبَةُ الْعَبْدِ فَيُقَدَّمُ صَاحِبُهَا بِرَقَبَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ تَعَلَّقَ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ فَقَطْ، وَلَوْ عَتَقَ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْهُ جَازَ لَهُ تَمَلُّكُهَا إنْ بَطَلَ الِالْتِقَاطُ وَإِلَّا فَهُوَ كَسْبُ قِنِّهِ فَلَهُ أَخْذُهُ ثُمَّ تَعْرِيفُهُ ثُمَّ تَمَلُّكُهُ (قُلْت: الْمَذْهَبُ صِحَّةُ الْتِقَاطِ الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً صَحِيحَةً) لِأَنَّهُ كَالْحُرِّ فِي الْمِلْكِ وَالتَّصَرُّفِ فَيُعَرِّفُ وَيَتَمَلَّكُ مَا لَمْ يَعْجَزْ قَبْلَ التَّمَلُّكِ وَإِلَّا أَخَذَهَا الْحَاكِمُ لَا السَّيِّدُ وَحَفِظَهَا لِمَالِكِهَا، أَمَّا الْمُكَاتَبُ كِتَابَةً فَاسِدَةً فَكَالْقِنِّ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّبَرُّعِ وَالْحِفْظِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِهِ فَهُوَ كَالْقِنِّ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالصِّحَّةِ كَالْحُرِّ وَلَوْ عَرَّفَهَا ثُمَّ تَمَلَّكَهَا وَتَلِفَتْ فَبَدَلُهَا فِي كَسْبِهِ وَهَلْ يُقَدَّمُ بِهَا مَالِكُهَا عَلَى الْغُرَمَاءِ وَجْهَانِ: أَوْجَهُهُمَا لَا، وَأَجْرَاهُمَا الزَّرْكَشِيُّ فِي الْحُرِّ الْمُفْلِسِ أَوْ الْمَيِّتِ. (وَ) الْمَذْهَبُ صِحَّةُ الْتِقَاطِ (مَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ) لِأَنَّهُ كَالْحُرِّ فِيمَا ذُكِرَ (وَهِيَ) أَيْ اللُّقَطَةُ (لَهُ وَلِسَيِّدِهِ) يُعَرِّفَانِهَا وَيَتَمَلَّكَانِهَا بِحَسَبِ الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ إنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ (فَإِنْ كَانَتْ) بَيْنَهُمَا (مُهَايَأَةٌ) بِالْهَمْزِ: أَيْ مُنَاوَبَةٌ (فَلِصَاحِبِ النَّوْبَةِ) مِنْهُمَا الَّتِي وُجِدَتْ اللُّقَطَةُ فِيهَا بَعْدَ تَعْرِيفِهَا وَتَمَلُّكِهَا (فِي الْأَظْهَرِ) بِنَاءً عَلَى دُخُولِ الْكَسْبِ النَّادِرِ فِي الْمُهَايَأَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَالثَّانِي تَكُونُ بَيْنَهُمَا بِنَاءً عَلَى عَدَمِ دُخُولِهِ فِيهَا، وَلَوْ تَخَلَّلَ مُدَّةَ تَعْرِيفِ الْمُبَعَّضِ نَوْبَةُ السَّيِّدِ وَلَمْ يَأْذَنْ فِيهِ أَنَابَ مَنْ يُعَرِّفُ عَنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ، فَإِنْ تَنَازَعَا فِيمَنْ وُجِدَتْ فِي يَدِهِ صُدِّقَ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ النَّصُّ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِيَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَهِيَ بَيْنَهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ كُلٌّ لِلْآخَرِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ فِي يَوْمِ نَوْبَةِ سَيِّدِهِ كَالْقِنِّ فَيَحْتَاجُ إلَى إذْنِهِ وَفِي نَوْبَةِ نَفْسِهِ كَالْحُرِّ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةٌ اتَّجَهَ عَدَمُ الِاحْتِيَاجِ إلَى إذْنٍ تَغْلِيبًا لِلْحُرِّيَّةِ (وَكَذَا حُكْمُ ـــــــــــــــــــــــــــــSاهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ يَدَهُ ضَامِنَةٌ) أَيْ فَيَتَعَلَّقُ الضَّمَانُ بِرَقَبَتِهِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَيَتَعَلَّقُ الضَّمَانُ بِسَائِرِ أَمْوَالِهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ التَّعَلُّقِ بِأَمْوَالِ السَّيِّدِ أَنَّهُ يُطَالَبُ فَيُؤَدِّي مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ التَّعَلُّقَ بِأَعْيَانِهَا حَتَّى يَمْتَنِعَ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا لِعَدَمِ الْحَجْرِ، وَقَوْلُهُ فَيُقَدَّمُ صَاحِبُهَا بِرَقَبَتِهِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الضَّمَانَ يَتَعَلَّقُ بِكُلٍّ مِنْ رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَالسَّيِّدِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْعُبَابِ عَلَى مَا نَقَلَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْهُمَا. (قَوْلُهُ: جَازَ لَهُ) أَيْ لِلْعَبْدِ. (قَوْلُهُ: إنْ بَطَلَ) أَيْ إنْ قُلْنَا بِبُطْلَانِهِ لِعَدَمِ إذْنِ السَّيِّدِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: أَخَذَهَا الْحَاكِمُ لَا السَّيِّدُ) قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: لِأَنَّ الْتِقَاطَ الْمُكَاتَبِ لَا يَقَعُ لِسَيِّدِهِ وَلَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ، وَقَالَ الْبَغَوِيّ: يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الِالْتِقَاطَ اكْتِسَابٌ وَاكْتِسَابُ الْمُكَاتَبِ لِسَيِّدِهِ عِنْدَ عَجْزِهِ زَكَرِيَّا اهـ. وَيُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا لَمْ يَصِحَّ الْتِقَاطُهُ كَانَ لِسَيِّدِهِ وَلِغَيْرِهِ أَخْذُ مَا بِيَدِهِ وَيَكُونُ لُقَطَةً بِيَدِ الْآخِذِ وَمَعَ ذَلِكَ الْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَرَّفَهَا) أَيْ الْمُكَاتَبُ، وَقَوْلُهُ وَهَلْ يَقْدُمُ بِهَا أَيْ اللُّقَطَةِ. (قَوْلُهُ: بِحَسَبِ الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ) الْمُتَبَادِرِ تَعَلُّقُهُ بِكُلٍّ مِنْ الْفِعْلَيْنِ قَبْلَهُ، وَعَلَيْهِ فَيُعَرِّفُ السَّيِّدُ نِصْفَ سَنَةٍ وَالْمُبَعَّضُ نِصْفًا، وَيُوَافِقُهُ مَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ فِي الْأَسْوَاقِ وَأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ وَنَحْوِهَا مِنْ أَنَّهُ لَوْ الْتَقَطَ اثْنَانِ لُقَطَةً عَرَّفَهَا كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَ سَنَةٍ. قَالَ سم عَلَى حَجّ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَصِحُّ الْتِقَاطُ الْمُبَعَّضِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ إنْ لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةٌ، وَكَذَا إنْ كَانَتْ فِي نَوْبَةِ نَفْسِهِ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى السَّيِّدِ فَإِقْرَارُهَا فِي يَدِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَخَلَّلَ مُدَّةَ إلَخْ) أَيْ كَأَنْ كَانَ يَخْدُمُ سَيِّدَهُ جُمُعَةً مَثَلًا وَيَشْتَغِلُ لِنَفْسِهِ مِثْلَهَا فَاتَّفَقَ وُقُوعُ نَوْبَةِ السَّيِّدِ فِي زَمَنِ التَّعْرِيفِ. (قَوْلُهُ: فِيمَنْ وُجِدَتْ فِي يَدِهِ) لَعَلَّهُ فِي نَوْبَتِهِ (قَوْلُهُ: فَيَحْتَاجُ إلَى إذْنِهِ) أَيْ حَتَّى لَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَا تَصِحُّ لَا لِلسَّيِّدِ وَلَا لَهُ، وَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: جَازَ لَهُ) أَيْ لِلْعَبْدِ

[فصل في بيان لقط الحيوان وغيره]

سَائِرِ النَّادِرِ) أَيْ بَاقِيهِ (مِنْ الْأَكْسَابِ) الْحَاصِلَةِ لِلْمُبَعَّضِ كَالْهِبَةِ بِأَنْوَاعِهَا وَالْوَصِيَّةِ وَالرِّكَازِ وَالصَّدَقَةِ وَزَكَاةِ الْفِطْرِ عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّ مَقْصُودَ الْمُهَايَأَةِ اخْتِصَاصُ كُلٍّ بِمَا وَقَعَ فِي نَوْبَتِهِ (وَ) مِنْ (الْمُؤَنِ) كَأُجْرَةِ حَجَّامٍ وَطَبِيبٍ إلْحَاقًا لِلْغُرْمِ بِالْغُنْمِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْكَسْبِ وَالْمُؤَنِ بِوَقْتِ الِاحْتِيَاجِ لِلْمُؤَنِ وَإِنْ وُجِدَ سَبَبُهَا فِي نَوْبَةِ الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْكَسْبِ بِوَقْتِ وُجُودِهِ وَفِي الْمُؤَنِ بِوَقْتِ وُجُودِ سَبَبِهَا كَالْمَرَضِ (إلَّا أَرْشَ الْجِنَايَةِ) مِنْهُ أَوْ عَلَيْهِ الْوَاقِعَةِ فِي نَوْبَةِ أَحَدِهِمَا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَلَا تَدْخُلُ لِتَعَلُّقِهِ بِالرَّقَبَةِ وَهِيَ مُشْتَرَكَةٌ، وَاعْتِرَاضُ بَعْضِهِمْ حَمْلَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا عَلَى الثَّانِيَةِ بِأَنَّهَا مَبْحُوثَةٌ لِمَنْ بَعْدَهُ فَكَيْفَ تَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ كَلَامَهُ حَيْثُ صَلَحَ لَهَا تَبَيَّنَ أَنَّهَا غَيْرُ مَبْحُوثَةٍ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ. (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ لقط الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ وَتَعْرِيفِهَا (الْحَيَوَانُ الْمَمْلُوكُ) وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِكَوْنِهِ مَوْسُومًا أَوْ مُقَرَّطًا مَثَلًا (الْمُمْتَنِعُ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ) كَنَمِرٍ وَفَهْدٍ وَذِئْبٍ وَمَا نُوزِعَ بِهِ مِنْ كَوْنِ هَذِهِ مِنْ كِبَارِهَا. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِحَمْلِهَا عَلَى صِغَارِهَا أَخْذًا مِنْ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الصِّغَرَ مِنْ الْأُمُورِ النِّسْبِيَّةِ، فَهَذِهِ وَإِنْ كَبُرَتْ فِي نَفْسِهَا هِيَ صَغِيرَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَسَدِ وَنَحْوِهِ (بِقُوَّةٍ كَبَعِيرٍ وَفَرَسٍ) وَحِمَارٍ وَبَغْلٍ وَبَقَرٍ (أَوْ بِعَدْوٍ كَأَرْنَبٍ وَظَبْيٍ أَوْ طَيَرَانٍ كَحَمَامٍ) وَهُوَ كُلّ مَا عَبَّ وَهَدَرَ كَقَمَرِيٍّ وَيَمَامٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSنَوَى نَفْسَهُ وَبَقِيَ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي نَوْبَتِهِ فِي أَنْ يَلْتَقِطَ لِنَفْسِهِ هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْبُطْلَانُ لِتَنْزِيلِهِ فِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ مَنْزِلَةَ كَامِلِ الرِّقِّ. (قَوْلُهُ: وَالصَّدَقَةُ وَزَكَاةُ الْفِطْرِ) الْمُرَادُ بِالصَّدَقَةِ أَنَّ مَا مَلَكَهُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ يَلْزَمُهُ إخْرَاجُ زَكَاتِهِ بِشَرْطِ النِّصَابِ، وَكَذَا تَلْزَمُهُ زَكَاةُ الْفِطْرِ إذَا وَقَعَتْ فِي نَوْبَتِهِ، وَلَهُ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ مِمَّا مَلَكَهُ وَلَهُ قَبُولُهَا، لَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَقْبَلُ زَكَاةَ الْفِطْرِ لِأَنَّ شَرْطَ قَبُولِ الزَّكَاةِ الْحُرِّيَّةُ الْكَامِلَةُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي كِتَابِ تَفْرِقَةِ الزَّكَاةِ. (قَوْلُهُ: بِوَقْتِ الِاحْتِيَاجِ) رَاجِعٌ لِلْمُؤَنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْكَسْبُ فَالْعِبْرَةُ فِيهِ بِوَقْتِ وُجُودِهِ، لَكِنَّ قَوْلَهُ الْآتِيَ إنْ كَانَ ظَاهِرُ إلَخْ صَرِيحٌ فِي رُجُوعِهِ لَهُمَا، وَعَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ مَعْنَى وَقْتِ الِاحْتِيَاجِ بِالنِّسْبَةِ لِلْكَسْبِ، وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِمَا لَوْ نُصِبَتْ شَبَكَةٌ فِي نَوْبَتِهِ أَوْ هَيَّأَ مَجْرَى الْمَاءِ أَوْ وَحَّلَ أَرْضَهُ لِصَيْدٍ وَدَخَلَ الصَّيْدُ فِي غَيْرِ نَوْبَتِهِ (قَوْلُهُ عَلَى الثَّانِيَةِ) هِيَ قَوْلُهُ أَوْ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: مَبْحُوثَةٌ لِمَنْ بَعْدَهُ) أَيْ وَهُوَ الزَّرْكَشِيُّ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ. (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ لقط الْحَيَوَانِ. (قَوْلُهُ: وَتَعْرِيفُهَا) أَيْ اللُّقَطَةِ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَدَفْعِهَا لِلْقَاضِي. (قَوْلُهُ: مَوْسُومًا) الظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا يَحْتَاجُ لِلْعَلَامَةِ فِي نَحْوِ الطَّيْرِ دُونَ الْمَاشِيَةِ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا مَمْلُوكَةً اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُ سم فِي نَحْوِ الطَّيْرِ: أَيْ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ كَالْوُحُوشِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مُقَرَّطًا) أَيْ فِي أُذُنِهِ قُرْطٌ، وَهُوَ هُنَا: الْحَلْقَةُ مُطْلَقًا لَا مَا يُعَلَّقُ فِي شَحْمَةِ الْأُذُنِ خَاصَّةً الَّذِي هُوَ مَعْنَاهُ، وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: الْقُرْطُ الَّذِي يُعَلَّقُ فِي شَحْمَةِ الْأُذُنِ، وَالْجَمْعُ قِرَطَةٌ بِوَزْنِ عِنَبَةٍ وَقِرَاطٌ بِالْكَسْرِ كَرُمْحٍ وَرِمَاحٍ. (قَوْلُهُ: كَبَعِيرٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ مَعْقُولًا، وَهَلْ يَجُوزُ لَهُ فَكُّ عِقَالِهِ إذَا لَمْ يَأْخُذْهُ لِيَرِدَ الشَّجَرَ وَالْمَاءَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْجَوَازُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، بَلْ لَا يَبْعُدُ الْوُجُوبُ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ وُرُودِ الْمَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَزَكَاةِ الْفِطْرِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَائِرِ النَّادِرِ. [فَصْلٌ فِي بَيَانِ لُقَطُ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ]

(إنْ وُجِدَ بِمَفَازَةٍ) وَلَوْ آمِنَةٌ، وَهِيَ الْمُهْلِكَةُ. سُمِّيَتْ بِذَلِكَ عَلَى الْقَلْبِ تَفَاؤُلًا كَمَا قِيلَ، وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّاعِ. بَلْ مِنْ فَازَ هَلَكَ وَنَجَا فَهُوَ ضِدٌّ فَهِيَ مُفْعِلَةٌ مِنْ الْهَلَاكِ (فَلِلْقَاضِي) أَوْ نَائِبِهِ (الْتِقَاطُهُ لِلْحِفْظِ) لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةً عَلَى أَمْوَالِ الْغَائِبِينَ، وَلَا يَلْزَمُهُ وَإِنْ خَشِيَ ضَيَاعَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ، بَلْ قَالَ السُّبْكِيُّ: إذَا لَمْ يَخْشَ ضَيَاعَهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَعَرَّضَ لَهُ، وَالْأَذْرَعِيُّ يَجِبُ الْجَزْمُ بِتَرْكِهِ عِنْدَ اكْتِفَائِهِ بِالرَّعْيِ وَالْأَمْنِ عَلَيْهِ وَلَوْ أَخَذَهُ احْتَاجَ لِلْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ قَرْضًا عَلَى مَالِكِهِ وَاحْتَاجَ مَالِكُهُ لِإِثْبَاتِ مِلْكِهِ وَقَدْ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ حِمًى، قَالَ الْقَاضِي: بَاعَهُ وَحَفِظَ ثَمَنَهُ لِأَنَّهُ الْأَنْفَعُ، نَعَمْ يَنْتَظِرُ صَاحِبَهُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ إنْ جَوَّزَ حُضُورَهُ، وَالْأَوْجَهُ تَخْيِيرُ الْحَاكِمِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ مَعَ رِعَايَةِ الْأَصْلَحِ أَخْذًا مِنْ إلْزَامِهِ بِالْعَمَلِ بِهِ فِي مَالِ الْغَائِبِ (وَكَذَا لِغَيْرِهِ) مِنْ الْآحَادِ أَخْذُهُ لِلْحِفْظِ مِنْ الْمَفَازَةِ (فِي الْأَصَحِّ) صِيَانَةً لَهُ مِنْ أَخْذِ خَائِنٍ، وَمِنْ ثَمَّ جَازَ لَهُ ذَلِكَ فِي زَمَنِ الْخَوْفِ قَطْعًا. وَالثَّانِي لَا إذْ لَا وِلَايَةَ لِلْآحَادِ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ. أَمَّا إذَا أَمِنَ عَلَيْهِ: أَيْ يَقِينًا امْتَنَعَ أَخْذُهُ قَطْعًا كَمَا فِي الْوَسِيطِ، وَمَحِلُّهُ كَمَا اعْتَمَدَهُ فِي الْكِفَايَةِ إنْ لَمْ يَعْرِفْ صَاحِبَهُ وَإِلَّا جَازَ لَهُ أَخْذُهُ قَطْعًا وَيَكُونُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ (وَيَحْرُمُ) عَلَى الْكُلِّ (الْتِقَاطُهُ) زَمَنَ الْأَمْنِ مِنْ الْمَفَازَةِ (لِلتَّمَلُّكِ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي ضَالَّةِ الْإِبِلِ، وَقِيسَ بِهَا غَيْرُهَا بِجَامِعِ إمْكَانِ عَيْشِهَا مِنْ غَيْرِ رَاعٍ إلَى وُجُودِ مَالِكِهَا لَهَا لِتَطَلُّبِهِ ذَلِكَ، فَإِنْ أَخَذَ ضَمِنَهُ وَلَمْ يَبْرَأْ إلَّا بِرَدِّهِ لِلْحَاكِمِ. أَمَّا زَمَنُ النَّهْبِ فَيَجُوزُ الْتِقَاطُهُ لِلتَّمَلُّكِ قَطْعًا فِي الصَّحْرَاءِ وَغَيْرِهَا. وَتَقْيِيدُ بَعْضِهِمْ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ أَمْتِعَةٌ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ أَخْذُهَا إلَّا بِأَخْذِهِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ حِينَئِذٍ أَخْذَهُ لِلتَّمَلُّكِ تَبَعًا لَهَا، وَلِأَنَّ وُجُودَهَا عَلَيْهِ وَهِيَ ثَقِيلَةٌ يَمْنَعُهُ مِنْ وُرُودِ الْمَاءِ وَالشَّجَرِ وَالْفِرَارِ مِنْ السِّبَاعِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْأَمْتِعَةِ الْخَفِيفَةِ وَالثَّقِيلَةِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ إذْ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ أَخْذِهَا وَأَخْذِهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ أَخْذِهَا وَهِيَ عَلَيْهِ وَضْعُ يَدِهِ عَلَيْهِ فَيَتَخَيَّرُ فِي أَخْذِهَا بَيْنَ التَّمَلُّكِ وَالْحِفْظِ وَهُوَ لَا يَأْخُذُهُ إلَّا لِلْحِفْظِ، وَدَعْوَى أَنَّ وُجُودَهَا ثَقِيلَةً عَلَيْهِ صَيَّرَهُ كَغَيْرِ الْمُمْتَنِعِ مَمْنُوعَةٌ، وَخَرَجَ بِالْمَمْلُوكِ غَيْرُهُ كَكَلْبٍ يُقْتَنَى فَيَحِلُّ الْتِقَاطُهُ، وَلَهُ الِاخْتِصَاصُ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالشَّجَرِ. (قَوْلُهُ: كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ) قِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ الْوُجُوبِ عَلَى الْمُلْتَقِطِ إنْ عَلِمَ ضَيَاعَهَا لَوْ لَمْ يَأْخُذْهَا وُجُوبُهُ عَلَى الْقَاضِي إنْ عَلِمَ ذَلِكَ، وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ تَرَكَهَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: بِتَرْكِهِ) أَيْ الْأَخْذَ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ تَخْيِيرُ الْحَاكِمِ) أَيْ وَإِذَا اخْتَارَ حِفْظَهُ وَتَعْرِيفَهُ فَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ السَّابِقِ احْتَاجَ لِلْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ قَرْضًا عَلَى مَالِكِهِ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ، وَقَوْلُهُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ: أَيْ الْآتِيَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: بِالْعَمَلِ بِهِ) أَيْ الْأَصْلَحُ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْوَسِيطِ) تَقَدَّمَ مِثْلُهُ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ فِيمَا لَوْ اكْتَفَى بِالرَّعْيِ، وَانْظُرْ هَلْ مَا هُنَا يُغْنِي عَنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ أَمْ لَا، وَقَدْ يُقَالُ بِالثَّانِي بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَذْرَعِيَّ قَالَ: لَا يُشْتَرَطُ تَيَقُّنُ الْأَمْنِ بَلْ يُكْتَفَى بِالْعَادَةِ الْغَالِبَةِ فِي مَحِلِّهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَخَذَهُ) أَيْ لِلتَّمَلُّكِ. وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ أَطْلَقَ. (قَوْلُهُ: إلَّا بِرَدِّهِ لِلْحَاكِمِ) هُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ غَيْرَ الْحَاكِمِ، فَإِنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ الْحَاكِمَ فَهَلْ يَكْفِي فِي زَوَالِ الضَّمَانِ عَنْهُ جَعْلُ يَدِهِ لِلْحِفْظِ مِنْ الْآنَ أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ إلَى قَاضٍ وَلَوْ نَائِبَهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْعَبْدِ مِنْ أَنَّهُ إذَا عَتَقَ جَازَ لَهُ تَمَلُّكُهَا إنْ بَطَلَ الِالْتِقَاطُ وَإِلَّا فَهُوَ كَسْبُ قِنِّهِ. (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَمْتِعَةٌ) وَمِنْ الْأَمْتِعَةِ الَّتِي عَلَيْهِ أَيْضًا الْبَرْذَعَةُ وَنَحْوُهَا مِنْ كُلِّ مَا عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: مَمْنُوعَةٌ) أَيْ لِأَنَّا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بَلْ مَنْ فَازَ هَلَكَ وَنَجَا) كَانَ الْأَوْلَى بَلْ مَنْ فَازَ هَلَكَ إذْ يُسْتَعْمَلُ فِيهِ كَنَجَا فَهُوَ ضِدٌّ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْهَلَاكِ) كَانَ الْأَوْلَى مِنْ الْفَوْزِ بِمَعْنَى الْهَلَاكِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ تَخْيِيرُ الْحَاكِمِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ) أَيْ: الِالْتِقَاطِ وَالتَّرْكِ وَالْبَيْعِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ الثَّلَاثَةُ الْآتِيَةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِفَسَادِهِ كَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا أَمِنَ) كَانَ الْأَوْلَى التَّعْبِيرَ بِغَيْرِ أَمَّا هُنَا. (قَوْلُهُ: وَتَقْيِيدُ بَعْضِهِمْ إلَخْ) كَانَ الْأَصْوَبُ أَنْ يَقُولَ: وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إلَخْ، لِيَكُونَ مَا سَيَحْكِيهِ

بَعْدَ تَعْرِيفِهِ سَنَةً، وَالْبَعِيرُ الْمُقَلَّدُ تَقْلِيدَ الْهَدْيِ يَأْخُذُهُ وَاجِدُهُ فِي أَيَّامِ مِنًى وَيُعَرِّفُهُ، فَإِنْ خَافَ خُرُوجَ وَقْتِ النَّحْرِ نَحَرَهُ وَفَرَّقَهُ. وَيُسْتَحَبُّ اسْتِئْذَانُ الْحَاكِمِ، وَلَعَلَّ وَجْهَ تَجْوِيزِهِمْ ذَلِكَ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِمُجَرَّدِ التَّقْلِيدِ مَعَ كَوْنِ الْمِلْكِ لَا يَزُولُ بِهِ مَعَ قُوَّةِ الْقَرِينَةِ الْمُغَلَّبَةِ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ هَدْيٌ مَعَ التَّوْسِعَةِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَعَدَمِ تُهْمَةِ الْوَاجِدِ فَإِنَّ الْمَصْلَحَةَ لَهُمْ لَا لَهُ فَانْدَفَعَ مَا لِبَعْضِ الشُّرَّاحِ هُنَا، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ مَالِكُهُ وَأَنْكَرَ كَوْنَهُ هَدْيًا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَحِينَئِذٍ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَسْتَقِرُّ عَلَى الذَّابِحِ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ حَيًّا وَمَذْبُوحًا لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي فَوَّتَهُ بِذَبْحِهِ وَيَسْتَقِرُّ عَلَى الْآكِلِينَ بَدَلُ اللَّحْمِ وَالذَّابِحُ طَرِيقٌ، وَالْأَوْجَهُ جَوَازُ تَمَلُّكِ مَنْفَعَةِ مَوْقُوفٍ لَمْ يُعْلَمْ مُسْتَحِقُّهَا بَعْدَ تَعْرِيفِهَا لِأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَهِيَ مِنْ حَيِّزِ الْأَمْوَالِ الْمَمْلُوكَةِ، وَجَوَازُ تَمَلُّكِ مَنْفَعَةِ مُوصًى بِهَا كَذَلِكَ كَرَقَبَتِهِ لِأَنَّهُمَا مَمْلُوكَانِ، الرَّقَبَةُ لِلْوَارِثِ وَالْمَنْفَعَةُ لِلْمُوصَى لَهُ وَإِنْ رَجَّحَ الزَّرْكَشِيُّ مَنْ تَرَدَّدَ لَهُ عَدَمُ جَوَازِ تَمَلُّكِهِمَا (وَإِنْ وَجَدَهُ) أَيْ الْحَيَوَانَ الْمَذْكُورَ (بِقَرْيَةٍ) مَثَلًا أَوْ مَا يُقَارِبُهَا عُرْفًا بِحَيْثُ لَا يُعَدُّ فِي مُهْلِكَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ (فَالْأَصَحُّ جَوَازُ الْتِقَاطِهِ) فِي غَيْرِ الْحَرَمِ وَالْأَخْذِ بِقَصْدِ الْخِيَانَةِ (لِلتَّمَلُّكِ) لِتَطَرُّقِ أَيْدِي الْمُجْتَازِينَ عَلَيْهِ هُنَا دُونَ الْمَفَازَةِ لِنُدْرَةِ طُرُوقِهَا وَلِاعْتِيَادِ إرْسَالِهَا فِيهَا بِلَا رَاعٍ فَلَا يَكُونُ ضَالَّةً، بِخِلَافِ الْعُمْرَانِ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ كَالْمَفَازَةِ لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ، وَرُدَّ بِأَنَّ سِيَاقَهُ يَقْتَضِي الْمَفَازَةَ بِدَلِيلِ " دَعْهَا تَرِدُ الْمَاءَ وَتَرْعَى الشَّجَرَ "، وَقَدْ يَمْتَنِعُ التَّمَلُّكُ كَالْبَعِيرِ الْمُقَلَّدِ وَكَمَا لَوْ دَفَعَهَا لِلْقَاضِي مُعْرِضًا عَنْهَا ثُمَّ عَادَ لِإِعْرَاضِهِ الْمُسْقِطِ لِحَقِّهِ (وَمَا لَا يَمْتَنِعُ مِنْهَا) أَيْ صِغَارُ السِّبَاعِ (كَشَاةٍ) وَعِجْلٍ وَفَصِيلٍ وَكَثِيرِ إبِلٍ وَخَيْلٍ (يَجُوزُ الْتِقَاطُهُ) لِلْحِفْظِ وَ (لِلتَّمَلُّكِ فِي الْقَرْيَةِ) وَنَحْوِهَا (وَالْمَفَازَةِ) زَمَنَ أَمْنٍ وَنَهْبٍ وَلَوْ لِغَيْرِ الْقَاضِي كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْخَبَرِ وَصَوْنًا لَهُ عَنْ الضَّيَاعِ (وَيَتَخَيَّرُ آخِذُهُ) أَيْ الْمَأْكُولِ لِلتَّمَلُّكِ (مِنْ مَفَازَةٍ) بَيْنَ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ (فَإِنْ شَاءَ عَرَّفَهُ) وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ (وَتَمَلُّكُهُ) بَعْدَ التَّعْرِيفِ كَغَيْرِهِ (أَوْ بَاعَهُ) بِإِذْنِ الْحَاكِمِ إنْ وَجَدَهُ (وَحَفِظَ ثَمَنَهُ) كَالْآكِلِ بَلْ أَوْلَى (وَعَرَّفَهَا) أَيْ اللُّقَطَةَ الَّتِي بَاعَهَا لَا الثَّمَنَ وَلِذَا أَنَّثَ الضَّمِيرَ هُنَا لِئَلَّا يُوهِمَ عَوْدَهُ إلَى الثَّمَنِ وَذَكَرَهُ فِي أَكْلِهِ لِعَدَمِ الْإِيهَامِ فِيهِ (ثُمَّ تَمَلَّكَهُ) أَيْ الثَّمَنَ (أَوْ) ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا نُسَلِّمُ أَنَّ كَوْنَهَا عَلَيْهِ يَمْنَعُهُ مِنْ الرَّعْيِ وَوُرُودِ الْمَاءِ وَدَفْعِ السِّبَاعِ. (قَوْلُهُ: مَعَ التَّوْسِعَةِ عَلَى الْفُقَرَاءِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا أَيْضًا فَلَا يَمْنَعُهُ فَقْرُهُ مِنْ ذَبْحِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْحَامِلَ عَلَيْهِ أَخْذُهُ مِنْهُ بِالْفَقْرِ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: لَا يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبَضِ كَمَا قِيلَ بِمِثْلِهِ فِيمَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي دَفْعِ صَدَقَةٍ لِلْفُقَرَاءِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهَا وَإِنْ عَيَّنَ لَهُ قَدْرًا يَأْخُذُهُ مِنْهَا فَطَرِيقُهُ إذَا أَرَادَ الدَّفْعَ لَهُ أَنْ يُقَدِّرَ لَهُ قَدْرًا وَيَدْفَعَهُ لَهُ (قَوْلُهُ: وَيَسْتَقِرُّ عَلَى الْآكِلِينَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ ذَلِكَ جَارٍ وَإِنْ تَعَذَّرَتْ مَعْرِفَتُهُ عَادَةً، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ حَالَ الذَّابِحِ كَحَالِ مَنْ غَصَبَ مَالَ غَيْرِهِ يَظُنُّهُ مَالَهُ ثُمَّ غَصَبَ مِنْهُ وَتَعَذَّرَ انْتِزَاعُهُ فَإِنَّهُ طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ الْآخِذُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: مَنْفَعَةُ مَوْقُوفٍ) أَيْ مِنْ الْمَنْقُولَاتِ. أَمَّا غَيْرُهَا فَلَا لِعَدَمِ انْطِبَاقِ تَعْرِيفِ اللُّقَطَةِ عَلَيْهَا إذْ هِيَ مِنْ الْأَمْوَالِ الْمُحْرَزَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَمْرَهَا لِأَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: الرَّقَبَةُ) بَدَلٌ مِنْ الضَّمِيرِ أَوْ مُبْتَدَأٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَخْذُ) أَيْ وَغَيْرُ الْأَخْذِ إلَخْ (قَوْلُهُ: إنْ وَجَدَهُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ بَاعَهُ اسْتِقْلَالًا اهـ مَحَلِّيٌّ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْإِشْهَادِ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِشْهَادُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ وَأَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَنْهُ مَقُولَ الْقَوْلِ إذْ لَيْسَ كُلُّهُ تَقْيِيدًا وَيَزِيدُ لَفْظُ قَالَ قَبْلَ قَوْلِهِ وَإِلَّا الْآتِي. (قَوْلُهُ: قُوَّةُ الْقَرِينَةِ) خَبَرُ لَعَلَّ قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي عَنْهُ نَظِيرُهُ بِمَا فِيهِ مُرَادُهُ بِذَلِكَ مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِذَا أَكَلَ لَزِمَهُ تَعْرِيفُ الْمَأْكُولِ إنْ وَجَدَهُ بِعُمْرَانٍ لَا صَحْرَاءَ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ، خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقِيلَ إنْ وَجَدَهُ فِي عُمْرَانٍ وَجَبَ الْبَيْعُ، وَهُوَ تَابِعٌ فِي التَّعْبِيرِ بِمَا ذَكَرَهُ هُنَا لِلشِّهَابِ حَجّ، وَذَاكَ نَسَبُ مَا سَيَأْتِي لِلْإِمَامِ وَعَقَّبَهُ بِمُنَازَعَةٍ لِلْأَذْرَعِيِّ، وَهِيَ الَّتِي أَرَادَهَا بِقَوْلِهِ هُنَا بِمَا فِيهِ وَأَهْمَلَهُ الشَّارِحُ ثَمَّ وَاكْتَفَى بِقَوْلِهِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ ثُمَّ إنَّهُ يَعْتَمِدُ كَلَامَ الْإِمَامِ. .

تَمَلَّكَهُ حَالًا ثُمَّ (أَكَلَهُ) إنْ شَاءَ إجْمَاعًا، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَكْلُهُ قَبْلَ تَمَلُّكِهِ نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِيمَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ (وَغَرِمَ قِيمَتَهُ) يَوْمَ تَمَلُّكِهِ لَا أَكْلِهِ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ آخِرَ الْبَابِ (إنْ ظَهَرَ مَالِكُهُ) وَلَا يَجِبُ فِي هَذِهِ الْخَصْلَةِ تَعْرِيفُهُ عَلَى الظَّاهِرِ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَسَيَأْتِي عَنْهُ نَظِيرُهُ بِمَا فِيهِ، وَعُلِّلَ ذَلِكَ بِأَنَّ التَّعْرِيفَ إنَّمَا يُرَادُ لِلتَّمَلُّكِ وَقَدْ وَقَعَ قَبْلَ الْأَكْلِ وَاسْتَقَرَّ بِهِ بَدَلُهُ فِي الذِّمَّةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَلْزَمْهُ إفْرَازُهُ بَلْ لَا يُعْتَدُّ بِهِ لِأَنَّ بَقَاءَهُ بِذِمَّتِهِ أَحْفَظُ، وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُ بَعْضِهِ لِلْإِنْفَاقِ لِئَلَّا تَسْتَغْرِقَ النَّفَقَةُ بَاقِيَهُ وَلَا الِاسْتِقْرَاضُ عَلَى الْمَالِكِ لِذَلِكَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي هَرَبِ الْجِمَالِ أَنَّهُ ثَمَّ يَتَعَذَّرُ بَيْعُ الْعَيْنِ ابْتِدَاءً لِتَعَلُّقِ الْإِجَارَةِ بِهَا وَعَدَمِ الرَّغْبَةِ فِيهَا غَالِبًا حِينَئِذٍ وَلَا كَذَلِكَ اللُّقَطَةُ، وَلَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ إلَّا إذَا أَذِنَ لَهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ إمْكَانِ مُرَاجَعَتِهِ، وَإِلَّا كَأَنْ خَافَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى مَالِهِ فِيمَا يَظْهَرُ أَشْهَدَ عَلَى أَنَّهُ يُنْفِقُ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ وَالْأُولَى أَوْلَى لِحِفْظِ الْعَيْنِ بِهَا عَلَى مَالِكِهَا، ثُمَّ الثَّانِيَةُ لِتَوَقُّفِ اسْتِبَاحَةِ الثَّمَنِ عَلَى التَّعْرِيفِ، وَمَحِلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهَا أَحْظَ لِلْمَالِكِ وَإِلَّا تَعَيَّنَ كَمَا قَالَهُ الْمَالِكُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي، وَزَادَ أَيْضًا رَابِعَةً وَهِيَ تَمَلُّكُهَا حَالًا لِيَسْتَبْقِيَهَا حَيَّةٌ لِدَرٍّ وَنَسْلٍ لِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ الْأَكْلِ وَلَهُ إبْقَاؤُهُ لِمَالِكِهِ أَمَانَةً إنْ تَبَرَّعَ بِإِنْفَاقِهِ وَلَوْ أَعْيَا بَعِيرٌ مَثَلًا فَتَرَكَهُ فَقَامَ بِهِ غَيْرُهُ حَتَّى عَادَ كَحَالِهِ لَمْ يَمْلِكْهُ، وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِشَيْءٍ إلَّا إنْ اسْتَأْذَنَ الْحَاكِمَ فِي الْإِنْفَاقِ، أَوْ أَشْهَدَ عِنْدَ فَقْدِهِ أَنَّهُ يُنْفِقُ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُغَلَّبَ فِي اللُّقَطَةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ الْكَسْبُ وَلَكِنْ يَنْبَغِي اسْتِحْبَابُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ فِي هَذِهِ الْخَصْلَةِ) هِيَ قَوْلُهُ أَوْ تَمْلِكُهُ حَالًا. (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي عَنْهُ) أَيْ فِي الْمَفَازَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُ بَعْضِهِ) لَوْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ مِمَّا تُؤَجَّرُ لِحِمْلٍ مَثَلًا هَلْ يَجُوزُ لَهُ إيجَارُهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً لِلْمَالِكِ، وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ عَبْدًا وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ اللَّاقِطُ عَلَى اعْتِقَادِ أَنَّهُ عَبْدٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ حُرٌّ هَلْ لَهُ الرُّجُوعُ بِمَا أَنْفَقَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ عَلَى السَّيِّدِ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ عَلَيْهِ، وَالْعَبْدُ نَفْسُهُ لَمْ يَقْصِدْ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ حَتَّى يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَهُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي عَدَمِ الرُّجُوعِ مَا إذَا بِيعَ ثُمَّ ظَهَرَ الْمَالِكُ وَقَالَ كُنْت أَعْتَقْته لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ. وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: لَوْ ظَهَرَ مَالِكُهُ وَقَالَ لَهُ كُنْتُ أَعْتَقْتُهُ مَثَلًا قَبْلَ تَصَرُّفِهِ صُدِّقَ وَبَانَ فَسَادُهُ ثُمَّ لَوْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ وَأَقَرَّ بِبَقَاءِ الرِّقِّ لِيَأْخُذَ الثَّمَنَ فَهَلْ يُقْبَلُ؟ وَجْهَانِ اهـ. أَقُولُ: الْأَقْرَبُ عَدَمُ الْقَبُولِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ وَلِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ وَلِأَنَّ الرُّجُوعَ عَمَّا أَقَرَّ بِهِ مِنْ الْحُقُوقِ اللَّازِمَةِ لَهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا تَسْتَغْرِقَ النَّفَقَةُ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذَكَرَ: وَأَقُولُ: هَذَا التَّعْلِيلُ مَوْجُودٌ فِي إنْفَاقِهِ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ ثُمَّ بِالْإِشْهَادِ مَعَ أَنَّهُ جَائِزٌ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ أَوْرَدْت ذَلِكَ عَلَى م ر فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَوْ جُوِّزَ الْقَرْضُ عَلَى الْمَالِكِ فَرُبَّمَا يَقْتَرِضُ وَيَتْلَفُ الْحَيَوَانُ أَوْ مَا اقْتَرَضَهُ بِلَا تَقْصِيرٍ فَيَبْقَى الْقَرْضُ دَيْنًا عَلَى الْمَالِكِ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ، وَلَا كَذَلِكَ فِي إنْفَاقِهِ لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهِ فِي الْحَالِ شَيْئًا فَشَيْئًا اهـ. أَقُولُ: هَذَا الْفَرْقُ إنَّمَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ اقْتَرَضَ جُمْلَةً لِيَصْرِفَهَا عَلَى الْحَيَوَانِ. أَمَّا لَوْ وَجَدَ مَنْ يُقْرِضُهُ كُلَّ يَوْمٍ قَدْرَ مَا يُنْفِقُهُ عَلَى الْحَيَوَانِ كَانَ كَمَا لَوْ أَنْفَقَ بِنَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ إمْكَانِ مُرَاجَعَتِهِ) أَيْ مِنْ مَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ، وَهِيَ مَا دُونَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا يَجِبُ طَلَبُ الْمَاءِ مِنْهُ بِأَنْ كَانَ بِحَدِّ الْقُرْبِ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى مَالِهِ) أَيْ وَإِنْ قَلَّ. (قَوْلُهُ: أَشْهَدَ عَلَى أَنَّهُ يُنْفِقُ) أَيْ فَإِنْ فَقَدَ الشُّهُودَ فَلَا رُجُوعَ لِأَنَّهُ نَادِرٌ، وَمَحِلُّ ذَلِكَ فِي الْعُمْرَانِ دُونَ الْمَفَازَةِ. (قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ) عِبَارَةُ حَجّ: أَوْ نَوَاهُ عِنْدَ فَقْدِ الشُّهُودِ لِأَنَّ فَقْدَهُمْ هُنَا غَيْرُ نَادِرٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ آخِرَ الْإِجَارَةِ اهـ. وَقَوْلُهُ وَالْأَوْلَى: أَيْ مِنْ الْخِصَالِ. (قَوْلُهُ: وَنَسْلٌ) فَإِنْ ظَهَرَ مَالِكُهَا فَازَ بِهَا الْمُلْتَقِطُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَوْلَى) قَضِيَّتُهُ امْتِنَاعُ هَذِهِ الْخَصْلَةِ فِي غَيْرِ الْمَأْكُولِ، وَيَكَادُ يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ بَعْدُ، وَلَوْ كَانَ الْحَيَوَانُ غَيْرَ مَأْكُولٍ فَفِيهِ الْخَصْلَتَانِ الْأُولَيَانِ، وَلَكِنْ نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ جَوَازُ تَمَلُّكِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِلِاسْتِبْقَاءِ أَيْضًا، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي جَوَازِ أَكْلِ الْمَأْكُولِ فِي الصَّحْرَاءِ عَدَمُ تَيَسُّرِ مَنْ يَشْتَرِيهِ ثُمَّ غَالِبًا، وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي غَيْرِ الْمَأْكُولِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَمْلِكْهُ) أَيْ ثُمَّ إنْ اسْتَعْمَلَهُ لَزِمَتْهُ أُجْرَتُهُ، ثُمَّ إنْ ظَهَرَ مَالِكُهُ فَظَاهِرٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

خِلَافًا لِأَحْمَدَ وَاللَّيْثِ فِي كَوْنِهِ يَمْلِكُهُ وَلِمَالِكٍ فِي الرُّجُوعِ بِمَا صَرَفَهُ، وَمَنْ أَخْرَجَ مَتَاعًا غَرِقَ لَمْ يَمْلِكْهُ، وَمَا نُقِلَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ مِنْ مِلْكِهِ لَهُ رُدَّ بِأَنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى خِلَافِهِ (فَإِنْ أَخَذَهُ مِنْ الْعُمْرَانِ) أَوْ لَمْ يَكُنْ مَأْكُولًا (فَلَهُ الْخَصْلَتَانِ الْأُولَيَانِ لَا الثَّالِثَةُ) وَهِيَ الْأَكْلُ (فِي الْأَصَحِّ) لِسُهُولَةِ الْبَيْعِ هُنَا لَا ثَمَّ وَالْمَشَقَّةُ نَقْلُهَا إلَى الْعُمْرَانِ، وَقَضِيَّتُهُ امْتِنَاعُ الْأَكْلِ فِيمَا مَرَّ لَوْ نَقَلَهَا إلَى الْعُمْرَانِ. وَالثَّانِي لَهُ الْأَكْلُ أَيْضًا كَمَا فِي الصَّحْرَاءِ. وَأَجَابَ الْأَوَّلَ بِأَنَّهُ إنَّمَا أُبِيحَ لَهُ الْأَكْلُ فِي الصَّحْرَاءِ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَجِدُ فِيهَا مَنْ يَشْتَرِيهِ بِخِلَافِ الْعُمْرَانِ، وَمُرَادُهُ بِالْعِمْرَانِ الشَّارِعُ وَالْمَسَاجِدُ وَنَحْوُهَا لِأَنَّهَا مَعَ الْمَوَاتِ مُحَالُ اللُّقَطَةِ. (وَيَجُوزُ أَنْ يَلْتَقِطَ) فِي زَمَنِ الْأَمْنِ وَالْخَوْفِ وَلَوْ لِلتَّمَلُّكِ (عَبْدًا) أَيْ قِنًّا (لَا يُمَيِّزُ) وَمُمَيِّزًا فِي زَمَنِ الْخَوْفِ لَا الْأَمْنِ لِأَنَّهُ يَسْتَدِلُّ عَلَى سَيِّدِهِ. نَعَمْ لَوْ كَانَتْ أَمَةً يَحِلُّ لَهُ التَّمَتُّعُ بِهَا امْتَنَعَ الْتِقَاطُهَا لِلتَّمَلُّكِ وَيَجُوزُ لِلْحِفْظِ، فَإِنْ لَمْ تَحِلَّ لَهُ لِنَحْوِ تَمَجُّسٍ أَوْ مَحْرَمِيَّةٍ جَازَ مُطْلَقًا، وَحَيْثُ جَازَ الْتِقَاطُ الْقِنِّ فَفِيهِ الْخَصْلَتَانِ الْأُولَيَانِ، وَيُنْفِقُ مِنْ كَسْبِهِ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَكَمَا مَرَّ وَصَوَّرَ الْفَارِقِيُّ مَعْرِفَةَ رِقِّهِ دُونَ مَالِكِهِ بِأَنْ يَكُونَ بِهِ عَلَامَةٌ دَالَّةٌ عَلَى الرِّقِّ كَعَلَامَةِ الْحَبَشَةِ وَالزِّنْجِ، وَنَظَرَ فِيهِ غَيْرُهُ ثُمَّ صَوَّرَهُ بِمَا إذَا عَرَفَ رِقَّهُ أَوَّلًا وَجَهِلَ مَالِكُهُ ثُمَّ وَجَدَهُ ضَالًّا، وَلَوْ تَمَلَّكَهُ ثُمَّ تَصَرَّفَ فِيهِ فَظَهَرَ مَالِكُهُ وَادَّعَى عِتْقَهُ أَوْ نَحْوَ بَيْعِهِ قَبْلَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَبَطَلَ التَّصَرُّفُ. (وَيُلْتَقَطُ غَيْرُ الْحَيَوَانِ) مِنْ الْجَمَادِ كَالنَّقْدِ وَغَيْرِهِ حَتَّى الِاخْتِصَاصِ كَمَا مَرَّ (فَإِنْ كَانَ يُسْرِعُ فَسَادُهُ كَهَرِيسَةٍ) وَرُطَبٍ لَا يَتَتَمَّرُ وَعِنَبٍ لَا يَتَزَبَّبُ تَخَيَّرَ بَيْنَ خَصْلَتَيْنِ فَقَطْ (فَإِنْ شَاءَ بَاعَهُ) بِإِذْنِ الْحَاكِمِ إنْ وَجَدَهُ وَلَمْ يَخَفْ مِنْهُ وَإِلَّا اسْتَقَلَّ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (وَعَرَّفَهُ) بَعْدَ بَيْعِهِ لَا ثَمَنَهُ (لِيَتَمَلَّكَ الثَّمَنَ) وَهَذِهِ أَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ (وَإِنْ شَاءَ تَمَلَّكَهُ) بِاللَّفْظِ لَا النِّيَّةِ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (فِي الْحَالِ وَأَكَلَهُ) لِأَنَّهُ مُعَرَّضٌ لِلْهَلَاكِ، وَتَعَيَّنَ فِعْلُ الْأَحَظِّ مِنْهُمَا نَظِيرَ مَا يَأْتِي، وَالْأَقْرَبُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَإِلَّا فَهَلْ يَكُونُ مِنْ الْأَمْوَالِ الضَّائِعَةِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَقِيَاسُ مَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ فِيمَا لَوْ أَلْقَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا فِي حِجْرِهِ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ: وَمَنْ أَخْرَجَ مَتَاعًا غَرِقَ لَمْ يَتَمَلَّكْهُ) أَيْ وَيَكُونُ لِمَالِكِهِ إنْ رُجِيَتْ مَعْرِفَتُهُ وَإِلَّا فَلُقَطَةٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي اللُّؤْلُؤِ وَقِطْعَةِ الْعَنْبَرِ. وَفِي سم عَلَى حَجّ: فَرْعٌ: هَلْ يَلْتَقِطُ الْمُبَعَّضُ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ وَلَا يَبْعُدُ الْجَوَازُ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ امْتِنَاعُ الْأَكْلِ إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَفَازَةِ وَالْعُمْرَانِ أَنَّ الْعُمْرَانَ مَظِنَّةٌ لِلِاتِّهَامِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ بِخِلَافِ الْمَفَازَةِ. (قَوْلُهُ: وَالْمَسَاجِدُ وَنَحْوُهَا) أَيْ كَالْمَقْبَرَةِ وَالْمَدْرَسَةِ وَالرِّبَاطِ. (قَوْلُهُ: جَازَ مُطْلَقًا) أَيْ لِلتَّمَلُّكِ وَالْحِفْظِ، ثُمَّ لَوْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا لِمِلْكِهِ لَهَا أَوْ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ الْتِقَاطِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ مِنْ بَابِ الْقَرْضِ. ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ فِي بَابِ الْقَرْضِ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ وَنَحْوُ مَجُوسِيَّةٍ إلَخْ لَوْ أَسْلَمَتْ نَحْوُ الْمَجُوسِيَّةِ بَعْدَ اقْتِرَاضِهَا فَهَلْ يَجُوزُ وَطْؤُهَا أَمْ يَمْتَنِعُ لِوُجُودِ الْمَحْذُورِ وَهُوَ احْتِمَالُ رَدِّهَا بَعْدَ الْوَطْءِ فَيُشْبِهُ إعَارَتَهَا لِلْوَطْءِ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ. وَفِي حَوَاشِي الرَّوْضِ لِوَالِدِ الشَّارِحِ: لَوْ أَسْلَمَتْ نَحْوُ الْمَجُوسِيَّةِ لَمْ يَبْطُلْ الْعَقْدُ وَيَمْتَنِعُ الْوَطْءُ (قَوْلُهُ: وَيُنْفِقُ) أَيْ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ مِنْ كَسْبِهِ إنْ كَانَ، هَلَّا ذَكَرُوا ذَلِكَ فِي الْحَيَوَانِ أَيْضًا بِأَنْ يُؤَجَّرَ وَيُنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ أُجْرَتِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: يُمْكِنُ أَنَّهُمْ إنَّمَا تَرَكُوهُ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْحَيَوَانِ الَّذِي يُلْتَقَطُ عَدَمُ تَأَتِّي إيجَارِهِ فَلَوْ فُرِضَ إمْكَانُ إيجَارِهِ كَانَ كَالْعَبْدِ. (قَوْلُهُ: بِمَا إذَا عَرَفَ رِقَّهُ) أَيْ أَوْ أُخْبِرَ بِأَنَّهُ رَقِيقٌ لِأَنَّهُ يُقْبَلُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ إذَا كَانَ بَالِغًا (قَوْلُهُ: وَبَطَلَ التَّصَرُّفُ) هُوَ وَاضِحٌ فِيمَا لَوْ ادَّعَى عِتْقَهُ أَوْ وَقَفَهُ. أَمَّا إذَا ادَّعَى بَيْعَهُ فَقَدْ يُقَالُ يَصِحُّ تَصَرُّفُ الْمُلْتَقِطِ فِيهِ وَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ لِمُشْتَرِيهِ مِنْ الْمَالِكِ وَقْتَ الْبَيْعِ وَإِنْ كَانَتْ فَوْقَ ثَمَنِهِ. (قَوْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ) أَيْ وَلَا يَجِبُ الْإِشْهَادُ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: وَأَكْلُهُ) قِيَاسُ مَا مَرَّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ إذَا تَمَلَّكَهُ لَا يَتَعَيَّنُ أَكْلُهُ بَلْ إنْ شَاءَ أَكَلَهُ وَإِنْ شَاءَ جَفَّفَهُ وَادَّخَرَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَ بَيْعِهِ) كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَانْظُرْ مَا الصُّورَةُ مَعَ أَنَّ بَيْعَهُ لَا يَمْنَعُ بَيْعَ الْمُلْتَقَطِ؛ لِأَنَّهُ يَبِيعُهُ عَلَى مَالِكِهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَكَانَ الْبَائِعَ أَمْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ:: كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ: فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ فَهُوَ هُنَا مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ

أَنَّهُ لَا يَسْتَقِلُّ بِعَمَلِ الْأَحَظِّ فِي ظَنِّهِ بَلْ يُرَاجِعُ الْحَاكِمَ وَيَمْتَنِعُ إمْسَاكُهُ لِتَعَذُّرِهِ (وَقِيلَ إنْ وَجَدَهُ فِي عُمْرَانٍ وَجَبَ الْبَيْعُ) لِتَيَسُّرِهِ وَامْتَنَعَ الْأَكْلُ نَظِيرَ مَا مَرَّ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ هَذَا يَفْسُدُ قَبْلَ وُجُودِ مُشْتَرٍ، وَإِذَا أَكَلَ لَزِمَهُ تَعْرِيفُ الْمَأْكُولِ إنْ وَجَدَهُ بِعُمْرَانٍ لَا صَحْرَاءَ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ، وَلَا يَجِبُ إفْرَازُ الْقِيمَةِ الْمَغْرُومَةِ مِنْ مَالِهِ. نَعَمْ لَا بُدَّ مِنْ إفْرَازِهَا عِنْدَ تَمَلُّكِهَا لِأَنَّ تَمَلُّكَ الدَّيْنِ لَا يَصِحُّ، قَالَهُ الْقَاضِي (وَإِنْ أَمْكَنَ بَقَاؤُهُ بِعِلَاجٍ كَرُطَبٍ يَتَجَفَّفُ) أَيْ يُمْكِنُ تَجْفِيفُهُ وَلَبَنٍ يَصِيرُ أَقِطًا وَجَبَ رِعَايَةُ الْأَغْبَطِ لِلْمَالِكِ (فَإِنْ كَانَتْ الْغِبْطَةُ فِي بَيْعِهِ بِيعَ) جَمِيعُهُ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ بِالْقَيْدِ الْمَارِّ (أَوْ) كَانَتْ الْغِبْطَةُ (فِي تَجْفِيفِهِ) أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ (وَتَبَرَّعَ بِهِ الْوَاجِدُ) أَوْ غَيْرُهُ (جَفَّفَهُ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَتَبَرَّعْ بِهِ أَحَدٌ (بِيعَ بَعْضُهُ) بِقَدْرِ مَا يُسَاوِي التَّجْفِيفَ (لِتَجْفِيفِ الْبَاقِي) طَلَبًا لِلْأَحَظِّ كَوَلِيِّ الْيَتِيمِ وَإِنَّمَا بَاعَ كُلَّ الْحَيَوَانِ لِئَلَّا يَأْكُلَ كُلَّهُ كَمَا مَرَّ. (وَمَنْ أَخَذَ لُقَطَةً لِلْحِفْظِ أَبَدًا) وَهُوَ أَهْلٌ لِلِالْتِقَاطِ لِذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَيْ بِأَنْ كَانَ ثِقَةً (فَهِيَ) كَدَرِّهَا وَنَسْلِهَا (أَمَانَةٌ بِيَدِهِ) لِأَنَّهُ يَحْفَظُهَا لِمَالِكِهَا فَأَشْبَهَ الْمُودَعَ وَمِنْ ثَمَّ ضَمِنَهَا لَوْ قَصَّرَ كَأَنْ تَرَكَ تَعْرِيفَهَا عَلَى مَا يَأْتِي وَمَحِلُّهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَسَيَأْتِي عَنْ النُّكَتِ وَغَيْرِهَا مَا يُصَرِّحُ بِهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ مُعْتَبَرٌ فِي تَرْكِهِ: أَيْ كَأَنْ خَشِيَ مِنْ ظَالِمٍ أَخْذَهَا أَوْ جَهِلَ وُجُوبَهُ وَعُذِرَ فِيمَا يَظْهَرُ (فَإِنْ دَفَعَهَا إلَى الْقَاضِي لَزِمَهُ الْقَبُولُ) حِفْظًا لَهَا عَلَى صَاحِبِهَا لِأَنَّهُ يَنْقُلُهَا إلَى أَمَانَةٍ أَقْوَى، وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُ الْوَدِيعَةِ عِنْدَ انْتِفَاءِ الضَّرَرِ لِإِمْكَانِ رَدِّهَا لِمَالِكِهَا مَعَ الْتِزَامِهِ الْحِفْظَ، وَكَذَا لَوْ أَخَذَهَا لِلتَّمَلُّكِ ثُمَّ تَرَكَهُ وَرَدَّهَا يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ وَمَعْلُومٌ عَدَمُ جَوَازِ دَفْعِهَا لِقَاضٍ غَيْرِ أَمِينٍ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ وَأَنَّ الدَّافِعَ لَهُ يَضْمَنُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَفَّالُ (وَلَمْ يُوجِبْ الْأَكْثَرُونَ التَّعْرِيفَ) ـــــــــــــــــــــــــــــSلِنَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: بَلْ يُرَاجِعُ الْحَاكِمَ) أَيْ مَا لَمْ يَخَفْ مِنْهُ وَإِلَّا اُسْتُعْمِلَ بِعَمَلِ الْأَحَظِّ حَيْثُ عَرَفَهُ وَإِلَّا رَاجَعَ مَنْ يَعْرِفُ الْأَحَظَّ وَعَمِلَ بِخَبَرِهِ، وَلَوْ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ مُخْبِرَانِ قَدَّمَ أَعْلَمَهُمَا، فَإِنْ اسْتَوَيَا عِنْدَهُ أَخَذَ بِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ: إنَّ كَذَا أَحَظُّ لِأَنَّ مَعَهُ زِيَادَةَ عِلْمٍ بِمَعْرِفَةِ وَجْهِ الْأَحَظِّيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ: إنْ وَجَدَهُ فِي عُمْرَانٍ) وَالْمُرَادُ بِالْعُمْرَانِ هُنَا نَحْوُ الْمَدْرَسَةِ وَالْمَسْجِدِ وَالشَّارِعِ إذْ هُمَا وَالْمَوَاتُ مَحَالُّ اللُّقَطَةِ لَا غَيْرُ كَمَا مَرَّ اهـ حَجّ. أَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ وَنَحْوَهُ مِنْ كُلِّ مَا كَانَ مَظِنَّةً لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ كَالْحَمَّامِ وَالْقَهْوَةِ وَالْمَرْكَبِ. (قَوْلُهُ: بِالْقَيْدِ الْمَارِّ) هُوَ قَوْلُهُ إنْ وَجَدَهُ وَلَمْ يَخَفْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِقَدْرِ مَا يُسَاوِي التَّجْفِيفُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْإِنْفَاقُ عَلَى التَّجْفِيفِ لِيَرْجِعَ بِشَرْطِهِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَلَا مَانِعَ مِنْ الْإِنْفَاقِ الْمَذْكُورِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إلْزَامُ ذِمَّةِ الْغَيْرِ لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ حَيْثُ أَمْكَنَ بَيْعُ جُزْءٍ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَمَحِلُّهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) قَضِيَّةُ فَرْضِ مَا ذَكَرَ فِيمَنْ أَخَذَ لِلْحِفْظِ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ لَا لِذَلِكَ لَمْ يُعْذَرْ فِي تَرْكِ التَّعْرِيفِ وَلَا فِي اعْتِقَادِ حَمْلِهَا لَهُ مِنْ غَيْرِ تَعْرِيفٍ، بَلْ يَنْبَغِي كُفْرُ مَنْ اسْتَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ لِلُّقَطَةِ وَقَعَ، فَإِنَّ وُجُوبَ تَعْرِيفِهَا مِمَّا لَا يَخْفَى فَلَا يُعْذَرُ مَنْ اعْتَقَدَ جَوَازَهُ، فَمَا يَقَعُ لِكَثِيرٍ مِنْ الْعَامَّةِ مِنْ أَنَّ مَنْ وَجَدَ شَيْئًا جَازَ لَهُ أَخْذُهُ مُطْلَقًا لَا يُعْذَرُ فِيهِ، وَلَا عِبْرَةَ بِاعْتِقَادِهِ ذَلِكَ لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ السُّؤَالِ عَنْ مِثْلِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ دَفَعَهَا) أَيْ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: مَعَ الْتِزَامِهِ) أَيْ الْوَدِيعِ. (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ) أَيْ بَلْ قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ حُرْمَتُهُ حَيْثُ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ الْخِيَانَةَ فِيهَا. (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الدَّافِعَ لَهُ يَضْمَنُهَا) أَيْ يَكُونُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ وَالْقَرَارِ عَلَى مَنْ تَلِفَتْ تَحْتَ يَدِهِ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُوجِبْ الْأَكْثَرُونَ) ضَعِيفٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَذْرَعِيِّ، وَكَلَامُهُ إنَّمَا هُوَ فِي تِلْكَ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ) هَذَا وَإِنْ كَانَ مَفْرُوضًا فِيمَا إذَا أَخَذَ لِلْحِفْظِ إلَّا أَنَّ مِثْلَهُ الْمَأْخُوذَ لِلتَّمْلِيكِ كَمَا سَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يَنْقُلُهَا إلَى أَمَانَةٍ أَقْوَى) يُحْتَمَلُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْقَاضِي إذْ هُوَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بِاللُّزُومِ: أَيْ؛ لِأَنَّهُ بِقَبُولِهِ يَنْقُلُهَا إلَى أَمَانَةٍ أَقْوَى وَهُوَ مُسْتَوْدَعُ الشَّرْعِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْمُلْتَقِطِ: أَيْ إنَّمَا لَزِمَ الْقَاضِيَ الْقَبُولُ؛ لِأَنَّ الْمُلْتَقِطَ يَنْقُلُهَا

فِي غَيْرِ لُقَطَةِ الْحَرَمِ (وَالْحَالَةُ هَذِهِ) أَيْ كَوْنُهُ أَخَذَهَا لِلْحِفْظِ لِأَنَّ الشَّرْعَ إمَّا أَوْجَبَهُ لِأَجْلِ أَنَّ لَهُ التَّمَلُّكَ بَعْدَهُ، وَقَالَ الْأَقَلُّونَ يَجِبُ: أَيْ حَيْثُ لَمْ يَخَفْ أَخْذَ ظَالِمٍ لَهَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي لِئَلَّا يَفُوتَ حَقُّ الْمَالِكِ بِكَتْمِهَا، وَرَجَّحَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَقَوَّاهُ، وَاخْتَارَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَصَحَّحَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ لِأَنَّ الْمَالِكَ قَدْ لَا يُمْكِنُهُ إنْشَادُهَا لِنَحْوِ سَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ، وَيُمْكِنُ الْمُلْتَقِطَ التَّخَلُّصُ عَنْ الْوُجُوبِ بِالدَّفْعِ لِلْقَاضِي الْأَمِينِ فَيَضْمَنُ بِتَرْكِ التَّعْرِيفِ وَلَا يَرْتَفِعُ بِهِ ضَمَانُهَا لَوْ بَدَا لَهُ بَعْدُ، قَالَ: وَلَا يَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ التَّعْرِيفِ فِي مَالِهِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَإِنْ نَقَلَ الْغَزَالِيُّ أَنَّ الْمُؤْنَةَ تَابِعَةٌ لِلْوُجُوبِ، وَلَوْ بَدَا لَهُ قَصْدُ التَّمَلُّكِ أَوْ الِاخْتِصَاصِ عَرَّفَهَا سَنَةً مِنْ حِينَئِذٍ وَلَا يُعْتَدُّ بِمَا عَرَّفَهُ قَبْلَهُ. أَمَّا إذَا أَخَذَهَا لِلتَّمَلُّكِ أَوْ الِاخْتِصَاصِ فَيَلْزَمُهُ التَّعْرِيفُ جَزْمًا (فَلَوْ قَصَدَ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ أَخْذَهَا لِلْحِفْظِ وَكَذَا بَعْدَ أَخْذِهَا لِلتَّمَلُّكِ (خِيَانَةً لَمْ يَكُنْ ضَامِنًا) بِمُجَرَّدِ الْقَصْدِ (فِي الْأَصَحِّ) فَإِنْ انْضَمَّ لِذَلِكَ الْقَصْدِ اسْتِعْمَالٌ أَوْ نَقْلٌ مِنْ مَحِلٍّ لِآخَرَ ضَمِنَ كَالْمُودَعِ فِيهِمَا. وَالثَّانِي يَصِيرُ ضَامِنًا بِذَلِكَ، وَإِذَا ضَمِنَ فِي الْأَثْنَاءِ بِخِيَانَةٍ ثُمَّ أَقْلَعَ وَأَرَادَ أَنْ يُعَرِّفَ وَيَتَمَلَّكَ جَازَ وَخَرَجَ بِالْأَثْنَاءِ مَا فِي قَوْلِهِ (وَإِنْ أَخَذَ بِقَصْدِ خِيَانَةٍ فَضَامِنٌ) لِقَصْدِهِ الْمُقَارِنِ لَأَخْذِهِ وَيَبْرَأُ بِالدَّفْعِ لِحَاكِمٍ أَمِينٍ (وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ أَنْ يُعَرِّفَ وَيَتَمَلَّكَ) أَوْ يَخْتَصَّ بَعْدَ التَّعْرِيفِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) نَظَرًا لِلِابْتِدَاءِ كَالْغَاصِبِ، وَفِي وَجْهٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي لَهُ ذَلِكَ نَظَرًا لِوُجُودِ صُورَةِ الِالْتِقَاطِ (وَإِنْ أَخَذَ لِيُعَرِّفَ وَيَتَمَلَّكَ) بَعْدَ التَّعْرِيفِ (فَأَمَانَةٌ) بِيَدِهِ (مُدَّةَ التَّعْرِيفِ وَكَذَا بَعْدَهَا مَا لَمْ يَخْتَرْ التَّمَلُّكَ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا قَبْلَ مُدَّةِ التَّعْرِيفِ. وَالثَّانِي وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ تَصِيرُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ إذَا كَانَ عَزَمَ التَّمَلُّكَ مُطَّرِدًا كَالْمُسْتَامِ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمُسْتَامَ مَأْخُوذٌ لَحَظِّ آخِذِهِ حَالَ الْأَخْذِ بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ، وَلَوْ أَخَذَهُ لَا بِقَصْدِ حِفْظٍ وَلَا تَمَلُّكٍ أَوْ لَا بِقَصْدِ خِيَانَةٍ وَلَا أَمَانَةٍ أَوْ بِقَصْدِ أَحَدِهِمَا وَنَسِيَهُ فَأَمَانَةٌ وَلَهُ تَمَلُّكُهَا بِشَرْطِهِ اتِّفَاقًا، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يَكُونُ فِي الِاخْتِصَاصِ أَمِينًا مَا لَمْ يَتْلَفْ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ، فَإِنْ تَلِفَ فَلَا ضَمَانَ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْغَصْبِ (وَ) عَقِبَ الْأَخْذِ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ (يَعْرِفُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ نَدْبًا كَمَا ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ التَّعْرِيفِ) أَيْ بَلْ تَكُونُ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ عَرَّفَهَا سَنَةً مِنْ حِينَئِذٍ) أَيْ وَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ التَّعْرِيفِ مِنْ الْآنَ، ثُمَّ إنْ كَانَ اقْتَرَضَ عَلَى مَالِكِهَا مُؤْنَةَ تَعْرِيفِ مَا مَضَى فَهَلْ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا اقْتَرَضَ لِغَرَضِ الْمَالِكِ أَوْ لَا لِرُجُوعِهَا إلَيْهِ آخِرًا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْتَدُّوا بِتَعْرِيفِهِ السَّابِقِ وَلَمْ يُرَتِّبُوا الْحُكْمَ عَلَيْهِ مَعَ قَصْدِ التَّمَلُّكِ بَلْ أَوْجَبُوا اسْتِئْنَافَ التَّعْرِيفِ فَابْتِدَاءُ أَخْذِهِ لِلتَّمَلُّكِ كَأَنَّهُ مِنْ الْآنَ أَوْ لَا نَظَرَ إلَى مَا قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: وَأَرَادَ أَنْ يُعَرِّفَ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: فَلَوْ وَقَعَتْ الْخِيَانَةُ فِي أَثْنَاءِ التَّعْرِيفِ ثُمَّ أَقْلَعَ فَهَلْ يُبْنَى أَوْ يُسْتَأْنَفُ اهـ؟ أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ قَصْدَ الْخِيَانَةِ لَمْ يُبْطِلْ أَصْلَ اللُّقَطَةِ فَلَا يَبْطُلُ حُكْمُ مَا بُنِيَ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: مُطَّرِدًا) أَيْ مُسْتَمِرًّا (قَوْلُهُ: يَكُونُ فِي الِاخْتِصَاصِ أَمِينًا) وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ كَانَ كَلْبًا فِي جَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَعَدَمِهِ وَفِي جَوَازِ التَّقْصِيرِ فِي حِفْظِهِ وَعَدَمِهِ فَقَبْلَ اخْتِصَاصِهِ بِهِ لَا يَجُوزُ بِهِ الِانْتِفَاعُ وَلَا التَّقْصِيرُ فِي حِفْظِهِ وَيَجُوزَانِ بَعْدَ الِاخْتِصَاصِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَى أَمَانَةٍ أَقْوَى فَلَزِمَ الْقَاضِيَ مُرَافَقَتُهُ عِنْدَ الرَّفْعِ إلَيْهِ حِفْظًا لِمَالِ الْغَائِبِ الَّذِي هُوَ مِنْ وَظَائِفِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَلِفَ فَلَا ضَمَانَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مَفْهُومُ الْقَيْدِ فِي قَوْلِهِ مَا لَمْ يَتْلَفْ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَفِيهِ أَنَّ حُكْمَ الْمَنْطُوقِ وَمَفْهُومَ الْمُخَالَفَةِ وَاحِدٌ فِي كَلَامِهِ وَهُوَ لَا يُصَارُ إلَيْهِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ الَّتِي تَصَرَّفَ فِيهَا بِمَا ذُكِرَ نَصُّهَا: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ شَارِحٍ هُنَا أَنَّهُ يَكُونُ أَمِينًا فِي الِاخْتِصَاصِ مَا لَمْ يَخْتَصَّ بِهِ فَيَضْمَنُهُ حِينَئِذٍ كَمَا فِي التَّمَلُّكِ وَهُوَ غَفْلَةٌ عَمَّا مَرَّ فِي الْغَصْبِ أَنَّ الِاخْتِصَاصَ يُحَرِّمُ غَصْبَهُ وَلَا يَضْمَنُ إنْ تَلِفَ أَوْ أَتْلَفَ انْتَهَتْ. وَحَمَلَ الشَّيْخُ فِي حَاشِيَتِهِ مَعْنَى الْأَمَانَةِ عَلَى خِلَافِ الظَّاهِرِ لِمَا

قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ مَحِلَّ الْتِقَاطِهَا وَ (جِنْسَهَا وَصِفَتَهَا) الشَّامِلَ لِنَوْعِهَا (وَقَدْرَهَا) بِعَدٍّ أَوْ وَزْنٍ أَوْ كَيْلٍ أَوْ ذَرْعٍ (وَعِفَاصَهَا) أَيْ وِعَاءَهَا تَوَسُّعًا إذْ أَصْلُهُ جِلْدٌ يَلْبِسُ رَأْسَ الْقَارُورَةِ، كَذَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ تَبَعًا لِلْخَطَّابِيِّ، لَكِنَّ عِبَارَةَ الْقَامُوسِ مُصَرِّحَةٌ بِكَوْنِهِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْوِعَاءِ الَّذِي فِيهِ النَّفَقَةُ جِلْدًا أَوْ خِرْقَةً وَغِلَافِ الْقَارُورَةِ وَالْجِلْدِ الَّذِي يُغَطَّى رَأْسُهَا بِهِ (وَوِكَاءَهَا) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَبِالْمَدِّ: أَيْ خَيْطَهَا الْمَشْدُودَ بِهِ لِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَعْرِفَةِ هَذَيْنِ وَقِيسَ بِهِمَا غَيْرُهُمَا لِئَلَّا تَخْتَلِطَ بِغَيْرِهَا وَلِيُعْرَفَ صِدْقُ وَاصِفِهَا، وَيُسْتَحَبُّ تَقْيِيدُهَا بِالْكِتَابَةِ كَمَا مَرَّ خَوْفَ النِّسْيَانِ، أَمَّا عِنْدَ تَمَلُّكِهَا فَالْأَوْجَهُ وُجُوبُ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ لِيُعْلَمَ مَا يَرُدُّهُ لِمَالِكِهَا لَوْ ظَهَرَ (ثُمَّ) بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ ذَلِكَ (يُعَرِّفُهَا) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وُجُوبًا وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ تَمَلُّكَهَا كَمَا مَرَّ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسَلِّمَهَا لَهُ، وَيَكُونُ الْمُعَرِّفُ عَاقِلًا غَيْرَ مَشْهُورٍ بِالْخَلَاعَةِ وَالْمُجُونِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنْ وُثِقَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُمْ ثُمَّ عَدَمُ وُجُوبِ فَوْرِيَّةِ التَّعْرِيفِ وَهُوَ مَا صَحَّحَاهُ، لَكِنْ ذَهَبَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ إلَى وُجُوبِ الْفَوْرِيَّةِ وَاعْتَمَدَهُ الْغَزَالِيُّ. قِيلَ: وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ جَوَازُ التَّعْرِيفِ بَعْدَ زَمَنٍ طَوِيلٍ كَعِشْرِينَ سَنَةً وَهُوَ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِذَلِكَ عَدَمُ الْفَوْرِيَّةِ الْمُتَّصِلَةِ بِالِالْتِقَاطِ انْتَهَى. وَالْأَوْجَهُ مَا تَوَسَّطَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ عَدَمُ جَوَازِ تَأْخِيرِهِ عَنْ زَمَنٍ تُطْلَبُ فِيهِ عَادَةً وَيَخْتَلِفُ بِقِلَّتِهَا وَكَثْرَتِهَا، وَوَافَقَهُ الْبُلْقِينِيُّ فَقَالَ: يَجُوزُ التَّأْخِيرُ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ فَوَاتُ مَعْرِفَةِ الْمَالِكِ بِهِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ انْتَهَى. وَقَدْ تَعَرَّضَ لَهُ فِي النِّهَايَةِ بِمَا يُفِيدُ ذَلِكَ، وَفِي نُكَتِ الْمُصَنِّفِ كَالْجِيلِيِّ أَنَّهُ لَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَخْذُ ظَالِمٍ لَهَا حَرُمَ التَّعْرِيفُ وَكَانَتْ أَمَانَةً بِيَدِهِ أَبَدًا: أَيْ فَلَا يَتَمَلَّكُهَا بَعْدَ السَّنَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْغَزَالِيُّ، وَهُوَ أَوْجَهُ مِمَّا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ أَنَّهُ لَوْ خَشِيَ مِنْ التَّعْرِيفِ اسْتِئْصَالَ مَالِهِ عُذِرَ فِي تَرْكِهِ وَلَهُ تَمَلُّكُهَا بَعْدَ السَّنَةِ (فِي الْأَسْوَاقِ) عِنْدَ قِيَامِهَا (وَأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ) عِنْدَ خُرُوجِ النَّاسِ مِنْهَا لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى وُجْدَانِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــSفَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يُوجَدُ مِنْ الْأَمْتِعَةِ وَالْمَصَاغِ فِي عُشِّ الْحِدَأَةِ وَالْغُرَابِ وَنَحْوِهِمَا مَا حُكْمُهُ؟ وَالْجَوَابُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لُقَطَةٌ فَيُعَرِّفُهُ وَاجِدُهُ سَوَاءٌ كَانَ مَالِكَ النَّخْلِ وَنَحْوِهِ أَوْ غَيْرَهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَاَلَّذِي أَلْقَتْ الرِّيحُ فِي دَارِهِ أَوْ حِجْرِهِ، وَتَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ أَنَّهُ لَيْسَ بِلُقَطَةٍ، وَلَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ فَيَكُونُ مِنْ الْأَمْوَالِ الضَّائِعَةِ أَمْرُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ. (قَوْلُهُ: الَّذِي يُغَطِّي رَأْسَهَا) أَيْ فَإِطْلَاقُ الْعِفَاصِ عَلَى الْوِعَاءِ حَقِيقَةٌ. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسَلِّمَهَا لَهُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ أَمِينًا لِأَنَّ الْمُلْتَقِطَ كَالْوَدِيعِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ لَهُ تَسْلِيمُ الْوَدِيعَةِ لِغَيْرِهِ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: بِالْخَلَاعَةِ وَالْمُجُونِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ، وَفِي الْمُخْتَارِ: الْمُجُونُ أَنْ لَا يُبَالِيَ الْإِنْسَانُ بِمَا صَنَعَ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ مَا تَوَسَّطَ الْأَذْرَعِيُّ) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: بِمَا يُفِيدُهُ ذَلِكَ) وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ أَيْ صَرِيحًا. (قَوْلُهُ: وَكَانَتْ أَمَانَةً) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ حَيَوَانًا وَانْظُرْ مَاذَا يَفْعَلُ فِي مُؤْنَتِهِ هَلْ تَكُونُ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ هُوَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَالْمَالِ الضَّائِعِ فَيَأْتِي فِيهِ مَا قِيلَ فِي الْمَالِ الضَّائِعِ مِنْ أَنَّ أَمْرَهُ لِبَيْتِ الْمَالِ فَيَدْفَعُهُ لَهُ لِيَحْفَظَهُ إنْ رَجَا مَعْرِفَةَ صَاحِبِهِ، وَيُصْرَفُ مَصْرِفَ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ إنْ لَمْ يُرْجَ، وَهَذَا إنْ كَانَ نَاظِرُ بَيْتِ الْمَالِ أَمِينًا وَإِلَّا دَفَعَهُ لِثِقَةٍ يَصْرِفُهُ مَصَارِفَ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ إنْ لَمْ يَعْرِفْ الْمُلْتَقِطُ مَصَارِفَهُ وَإِلَّا صَرَفَهُ بِنَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَتَمَلَّكُهَا بَعْدَ السَّنَةِ) أَيْ وَلَوْ أَيِسَ مِنْ مَالِكِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQرَأَى أَنَّ الِاخْتِصَاصَ لَا يُضْمَنُ وَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَا فِيهَا بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ أَصْلِ مَأْخَذِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ عِبَارَةُ الْقَامُوسِ إلَخْ) قَصْدُهُ بِذَلِكَ تَعَقُّبُ حَصْرِ الْخَطَّابِيِّ لِمَعْنَى الْعِفَاصِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ وَلَيْسَ قَصْدُهُ أَنَّ الْعِفَاصَ فِيمَا فَسَّرَهُ هُوَ بِهِ مِنْ الْوِعَاءِ حَقِيقِيٌّ كَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا تَخْتَلِطَ بِغَيْرِهَا) كَأَنَّهُ عِلَّةٌ لِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِهَذَا لَمْ يَعْطِفْهُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَلْيَعْرِفْ صِدْقَ وَاصِفِهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِأَمْرِهِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ) يَعْنِي الْمُصَنِّفَ

وَيُكْرَهُ تَنْزِيهًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لَا تَحْرِيمًا خِلَافًا لِجَمْعٍ مَعَ رَفْعِ الصَّوْتِ بِمَسْجِدٍ كَإِنْشَادِهَا فِيهِ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالشَّاشِيُّ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَمَلُّكُ لُقَطَةِ الْحَرَمِ، فَالتَّعْرِيفُ فِيهِ مَحْضُ عِبَادَةٍ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَإِنَّ الْمُعَرِّفَ فِيهِ مُتَّهَمٌ بِقَصْدِ التَّمَلُّكِ، وَبِهِ يُرَدُّ عَلَى مَنْ أَلْحَقَ بِهِ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ وَالْأَقْصَى وَعَلَى تَنْظِيرِ الْأَذْرَعِيِّ فِي تَعْمِيمِ ذَلِكَ لِغَيْرِ أَيَّامِ الْمَوْسِمِ (وَنَحْوِهَا) مِنْ الْمَحَافِلِ وَالْمَجَامِعِ وَمَحَالِّ الرِّجَالِ وَلِيَكُنْ أَكْثَرُهُ بِمَحِلِّ وُجُودِهَا وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْمُسَافَرَةُ بِهَا بَلْ يَدْفَعُهَا لِمَنْ يُعَرِّفُهَا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَإِلَّا ضَمِنَ. نَعَمْ لِمَنْ وَجَدَهَا بِالصَّحْرَاءِ تَعْرِيفُهَا لِمَقْصِدِهِ قَرُبَ أَمْ بَعُدَ اسْتَمَرَّ أَمْ تَغَيَّرَ، وَقِيلَ: يَتَعَيَّنُ أَقْرَبُ الْبِلَادِ لِمَحِلِّهَا وَاخْتِيرَ وَإِنْ جَازَتْ بِهِ قَافِلَةٌ تَبِعَهَا وَعَرَّفَهَا، وَلَوْ وَجَدَ بِبَيْتِهِ دِرْهَمًا مَثَلًا وَجَوَّزَ كَوْنَهُ لِمَنْ يَدْخُلُهُ عَرَّفَهُ لَهُمْ لِلْمُقَرِّ، قَالَهُ الْقَفَّالُ. وَيَجِبُ فِي غَيْرِ الْحَقِيرِ الَّذِي لَا يَفْسُدُ بِالتَّأْخِيرِ أَنْ يُعَرَّفَ (سَنَةً) مِنْ وَقْتِ التَّعْرِيفِ تَحْدِيدًا لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ فِيهِ لِأَنَّ السَّنَةَ لَا تَتَأَخَّرُ فِيهَا الْقَوَافِلُ غَالِبًا كَالذِّمِّيِّ فِيهَا الْفُصُولُ الْأَرْبَعَةُ، وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُعَرِّفْ سَنَةً لَضَاعَتْ الْأَمْوَالُ عَلَى أَرْبَابِهَا، وَلَوْ جَعَلَ التَّعْرِيفَ أَبَدًا لَامْتَنَعَ مِنْ الْتِقَاطِهَا فَكَانَتْ السُّنَّةُ مَصْلَحَةً لِلْفَرِيقَيْنِ، وَلَوْ الْتَقَطَ اثْنَانِ لُقَطَةً عَرَّفَهَا كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَ سَنَةٍ لِأَنَّ قِسْمَتَهَا إنَّمَا تَكُونُ عِنْدَ التَّمَلُّكِ لَا قَبْلَهُ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ الْأَشْبَهُ، وَإِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يُعَرِّفُهَا كُلٌّ سَنَةً لِأَنَّهُ فِي النِّصْفِ كَلُقَطَةٍ كَامِلَةٍ، وَقَدْ يَجِبُ التَّعْرِيفُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ سَنَتَيْنِ بِأَنْ يُعَرِّفَ سَنَةً قَاصِدًا حِفْظَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّعْرِيفَ حِينَئِذٍ وَاجِبٌ ثُمَّ يُرِيدُ التَّمَلُّكَ فَيَلْزَمُهُ مِنْ حِينَئِذٍ سَنَةٌ أُخْرَى، وَلَا يُشْتَرَطُ اسْتِيعَابُ السَّنَةِ بَلْ يَكُونُ (عَلَى الْعَادَةِ) زَمَنًا وَمَحِلًّا وَقَدْرًا (يُعَرِّفُ أَوَّلًا كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ طَرَفَيْ النَّهَارِ) أُسْبُوعًا (ثُمَّ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً) طَرَفَهُ إلَى أَنْ يُتِمَّ أُسْبُوعًا آخَرَ (ثُمَّ كُلَّ أُسْبُوعٍ) مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ: أَيْ إلَى أَنْ يُتِمَّ سَبْعَةَ أَسَابِيعَ أَخْذًا مِمَّا قَبْلَهُ (ثُمَّ) فِي كُلِّ (شَهْرٍ) مَرَّةً بِحَيْثُ لَا يَنْسَى أَنَّ الْأَخِيرَ تَكْرَارٌ لِلْأَوَّلِ وَزِيدَ فِي الْأَزْمِنَةِ الْأُوَلِ؛ لِأَنَّ تَطَلُّبَ الْمَالِكِ فِيهَا أَكْثَرُ وَتَحْدِيدَ الْمَرَّتَيْنِ وَمَا بَعْدَهُمَا بِمَا ذُكِرَ أَوْجَهُ مِنْ قَوْلِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ، مُرَادُهُمْ أَنَّهُ فِي ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ يُعَرِّفُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ وَفِي مِثْلِهَا كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً وَفِي مِثْلِهَا كُلَّ أُسْبُوعٍ مَرَّةً وَفِي مِثْلِهَا كُلَّ شَهْرٍ مَرَّةً، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ هَذَا التَّحْدِيدَ كُلَّهُ لِلِاسْتِحْبَابِ لَا الْوُجُوبِ كَمَا يُفْهِمُهُ مَا يَأْتِي أَنَّهُ تَكْفِي سَنَةٌ مُفَرَّقَةٌ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ التَّفْرِيقُ بِقَيْدِهِ الْآتِي (وَلَا تَكْفِي سَنَةٌ مُتَفَرِّقَةٌ) كَأَنْ يُعَرِّفَ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ عَامًا (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ السَّنَةِ فِي الْخَبَرِ التَّوَالِي، وَكَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا سَنَةً (قُلْت: الْأَصَحُّ يَكْفِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ، وَكَمَا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَالْحَلِفِ بِأَنَّ الْقَصْدَ بِهِ الِامْتِنَاعُ وَالزَّجْرُ وَلَا يَتِمُّ ذَلِكَ بِدُونِ التَّوَالِي، وَمَحِلُّ هَذَا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنْ لَا يُفْحِشَ التَّأْخِيرَ بِحَيْثُ يَنْسَى التَّعْرِيفَ الْأَوَّلَ وَإِلَّا وَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ وَاعْتَبَرَ الْإِمَامُ وُجُوبَ بَيَانِ مَحِلِّ وُجْدَانِهَا فِي التَّعْرِيفِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ مَاتَ الْمُلْتَقِطُ أَثْنَاءَ التَّعْرِيفِ بَنَى وَارِثُهُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَالْعِرَاقِيُّ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَمَا هُوَ ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ، وَقَوْلُهُ وَيُكْرَهُ تَنْزِيهًا: أَيْ التَّعْرِيفُ. (قَوْلُهُ: لُقَطَةِ الْحَرَمِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ الْتَقَطَهَا قَبْلَ وُصُولِهِ الْحَرَمَ وَأَرَادَ تَعْرِيفَهَا فِيهِ كَانَ ذَلِكَ مَكْرُوهًا وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ خِلَافُهُ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: مَحْضُ عِبَادَةٍ) أَيْ فِي أَيَّامِ الْمَوْسِمِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: بِإِذْنِ الْحَاكِمِ) أَيْ فِي الدَّفْعِ. (قَوْلُهُ: بِمَقْصِدِهِ) أَيْ بَلَدِهِ، وَقَوْلُهُ قَرُبَ أَمْ بَعُدَ مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: وَكَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا سَنَةً) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَبَرُّ بِتَرْكِ تَكْلِيمِهِ سَنَةً مُتَفَرِّقَةً بَلْ لَا بُدَّ لِعَدَمِ الْحِنْثِ مِنْ تَرْكِ تَكْلِيمِهِ سَنَةً كَامِلَةً. (قَوْلُهُ: بَيَانُ مَحِلِّ وُجْدَانِهَا) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ زَمَانُ بَدَلَ مَحِلٍّ: أَيْ بِأَنْ يَقُولَ فِي تَعْرِيفِهِ مَنْ ضَاعَتْ لَهُ لُقَطَةٌ بِمَحِلِّ كَذَا. (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلْيَكُنْ أَكْثَرُهُ بِمَحِلِّ وُجُودِهَا، وَقَوْلُهُ رَادًّا قَوْلَ شَيْخِهِ: ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ) أَيْ: فِي لُقَطَتِهِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ مَا بَعْدَهُ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: مِنْ وَقْتِ التَّعْرِيفِ) قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ أَنْ يُعَرِّفَ، (قَوْلُهُ: وَمَحَلًّا) اُنْظُرْ مَا مَعْنَاهُ هُنَا (قَوْلُهُ: إلَى أَنْ يُتِمَّ سَبْعَةَ أَسَابِيعَ) التَّعْبِيرُ بِيُتِمَّ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ يُحْسَبُ مِنْ السَّبْعَةِ الْأُسْبُوعَانِ الْأَوَّلَانِ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يَنْسَى أَنَّ الْأَخِيرَ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْحَيْثِيَّةَ هُنَا

رَادًّا قَوْلَ شَيْخِهِ إنَّ الْأَقْرَبَ الِاسْتِئْنَافُ، كَمَا لَا يَبْنِي عَلَى حَوْلِ مُوَرِّثِهِ فِي الزَّكَاةِ بِحُصُولِ الْمَقْصُودِ هُنَا لَا ثَمَّ لِانْقِطَاعِ حَوْلِ اسْتَرْقِهِ بِخُرُوجِ الْمِلْكِ عَنْهُ بِمَوْتِهِ فَيَسْتَأْنِفُ الْوَارِثُ الْحَوْلَ لِابْتِدَاءِ مِلْكِهِ (وَيَذْكُرُ) نَدْبًا (بَعْضَ أَوْصَافِهَا) فِي التَّعْرِيفِ جِنْسَهَا أَوْ عِفَاصَهَا أَوْ وِكَائِهَا، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ اسْتِيعَابُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ لِئَلَّا يَعْتَمِدَهَا كَاذِبٌ، فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ لِاحْتِمَالِ رَفْعِهِ إلَى حَاكِمٍ يُلْزِمُ الدَّفْعَ بِالصِّفَاتِ وَيُفَارِقُ جَوَازَ اسْتِيفَائِهَا فِي الْإِشْهَادِ بِحَصْرِ الشُّهُودِ وَعَدَمِ تُهْمَتِهِمْ (وَلَا يَلْزَمُ مُؤْنَةُ التَّعْرِيفِ إنْ أَخَذَ لِحِفْظٍ) أَوْ لَا لِحِفْظٍ وَلَا لِتَمَلُّكٍ أَوْ اخْتِصَاصٍ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ لِلْمَالِكِ (بَلْ يُرَتِّبُهَا الْقَاضِي مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) قَرْضًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، لَكِنَّ مُقْتَضَى كَلَامِهِمَا أَنَّهُ تَبَرُّعٌ، وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (أَوْ يَقْتَرِضُ) مِنْ الْمُلْتَقِطِ أَوْ غَيْرِهِ (عَلَى الْمَالِكِ) أَوْ يَأْمُرُ الْمُلْتَقِطَ بِهِ لِيَرْجِعَ عَلَى الْمَالِكِ أَوْ يَبِيعَ جُزْءًا مِنْهَا إنْ رَآهُ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي هَرَبِ الْجِمَالِ فَيَجْتَهِدُ، وَيُلْزِمُهُ فِعْلَ الْأَحَظِّ لِلْمَالِكِ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ فَإِنْ أَنْفَقَ عَلَى وَجْهٍ غَيْرِ مَا ذُكِرَ فَمُتَبَرِّعٌ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَوْجَبْنَا التَّعْرِيفَ أَمْ لَا عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ وَالْعِرَاقِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ جَمْعٍ، لَكِنَّ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا إنْ أَوْجَبْنَاهُ فَعَلَيْهِ الْمُؤْنَةُ وَإِلَّا فَلَا (وَإِنْ أَخَذَهَا) غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ (لِلتَّمَلُّكِ) أَوْ الِاخْتِصَاصِ ابْتِدَاءً أَوْ فِي الْأَثْنَاءِ وَلَوْ بَعْدَ لَقْطِهِ لِحِفْظٍ (لَزِمَهُ) مُؤْنَةُ التَّعْرِيفِ وَإِنْ لَمْ يَتَمَلَّكْ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْحِفْظَ لَهُ فِي ظَنِّهِ وَقْتَ التَّعْرِيفِ (وَقِيلَ إنْ لَمْ يَتَمَلَّكْ فَعَلَى الْمَالِكِ) لِعَوْدِ الْفَائِدَةِ لَهُ، وَعَبَّرَ عَنْ حِكَايَةِ هَذَا فِي الرَّوْضَةِ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ: إنْ ظَهَرَ الْمَالِكُ فَعَلَيْهِ وَهُوَ الْأَوْلَى لِيَشْمَلَ ظُهُورَهُ بَعْدَ التَّمَلُّكِ، أَمَّا الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ فَلَا يُخْرِجُ وَلِيُّهُ مُؤْنَتَهُ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ رَأَى التَّمَلُّكَ يَسْتَرْقِيَهُ لَهُ بَلْ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ لِيَبِيعَ جُزْءًا مِنْهَا لِمُؤْنَتِهِ وَإِنْ نَازَعَ الْأَذْرَعِيُّ فِيهِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْحَقِيرَ) قِيلَ هُوَ دِينَارٌ وَقِيلَ دِرْهَمٌ وَقِيلَ وَزْنُهُ وَقِيلَ دُونَ نِصَابِ السَّرِقَةِ وَالْأَصَحُّ عِنْدَهُمَا عَدَمُ تَقْرِيرِهِ بَلْ مَا يُظَنُّ أَنَّ صَاحِبَهُ لَا يُكْثِرُ أَسَفَهُ عَلَيْهِ وَلَا يَطُولُ طَلَبُهُ لَهُ غَالِبًا (لَا يُعَرِّفُ سَنَةً) لِأَنَّ فَاقِدَهُ لَا يَتَأَسَّفُ عَلَيْهِ سَنَةً. وَالثَّانِي يُعَرِّفُ سَنَةً لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ، وَأَطَالَ جَمْعٌ فِي تَرْجِيحِهِ بِأَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِمَا بِتَعْرِيفِ الِاخْتِصَاصِ سَنَةً ثُمَّ يَخْتَصُّ بِهِ، وَدُفِعَ بِأَنَّ الْكَلَامَ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ فِي اخْتِصَاصِ عَظِيمِ الْمَنْفَعَةِ يَكْثُرُ أَسَفُ فَاقِدِهِ عَلَيْهِ سَنَةً غَالِبًا (بَلْ) الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُعَرِّفَهُ إلَّا (زَمَنًا يَظُنُّ أَنَّ فَاقِدَهُ يُعْرِضُ عَنْهُ) بَعْدَهُ (غَالِبًا) وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِهِ فَدَانِقُ الْفِضَّةِ حَالًا وَالذَّهَبُ نَحْوُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَبِمَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَهُ الدَّالَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ انْدَفَعَ مَا قِيلَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لَا يُعْرِضُ عَنْهُ أَوْ إلَى زَمَنٍ يَظُنُّ أَنَّ فَاقِدَهُ يُعْرِضُ عَنْهُ فَيَجْعَلُ ذَلِكَ الزَّمَنَ غَايَةً لِتَرْكِ التَّعْرِيفِ لَا ظَرْفًا ـــــــــــــــــــــــــــــSالْبُلْقِينِيِّ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ لِلْمَالِكِ) فِيهِ نَظَرٌ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ أَوْ لَا لِحِفْظٍ إلَخْ فَإِنَّ لَهُ فِيهَا التَّمَلُّكَ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ التَّعْرِيفِ عَلَى مَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ قَبْلُ وَلَهُ تَمَلُّكُهَا بِشَرْطِهِ اتِّفَاقًا، لَكِنَّ مُقْتَضَى قَوْلِهِ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ الْآتِي بَعْدَ قَصْدِهِ تَمَلُّكَهَا أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِتَعْرِيفِهِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ فَيُقَرِّبُ شَبَهَهَا بِمَنْ الْتَقَطَ لِلْحِفْظِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ مُقْتَضَى كَلَامِهِمَا إلَخْ) مُعْتَمَدٌ سم عَنْ م ر. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَالِكِ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَظْهَرْ الْمَالِكُ كَانَتْ مِنْ الْأَمْوَالِ الضَّائِعَةِ فَيَبِيعُهَا وَكِيلُ بَيْتِ الْمَالِ وَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ بِمَا أُخِذَ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: فَمُتَبَرِّعٌ) أَيْ إنْ أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ وَإِلَّا فَيَضْمَنُ بَدَلَ مَا أَنْفَقَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لَهُ. (قَوْلُهُ: بَلْ مَا يَظُنُّ أَنَّ صَاحِبَهُ إلَخْ) أَيْ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ مِنْ أَحْوَالِ النَّاسِ فَلَا يُرَدُّ أَنَّ صَاحِبَهُ قَدْ يَكُونُ شَدِيدَ الْبُخْلِ فَيَدُومُ أَسَفُهُ عَلَى التَّافِهِ (قَوْلُهُ وَبِمَا قَرَّرْنَا) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُعَرِّفَهُ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَيْثِيَّةُ تَعْلِيلٍ لَا حَيْثِيَّةُ تَقْيِيدٍ (قَوْلُهُ: رَادًّا) أَيْ الْعِرَاقِيَّ وَشَيْخَهُ الْبُلْقِينِيَّ (قَوْلُهُ: بِحُصُولِ الْمَقْصُودِ) مُتَعَلِّقٌ بِرَادًا (قَوْلُهُ: فَيَجْتَهِدُ) أَيْ: الْقَاضِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَنْفَقَ) أَيْ: الْمُلْتَقِطُ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ) أَيْ: مَا ذُكِرَ فِي الْمَتْنِ مِنْ الْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ. (قَوْلُهُ: انْدَفَعَ مَا قِيلَ الْأَوْلَى إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم: لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَدْفَعُ دَعْوَى الْفَسَادِ لَا الْأَوْلَوِيَّةِ

[فصل في تملك وغرم اللقطة]

لِلتَّعْرِيفِ، وَلِهَذَا أَشَارَ الشَّارِحُ لِرَدِّهِ بِقَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ الزَّمَنِ وَمَحِلُّ مَا تَقَرَّرَ فِي الْمُتَمَوَّلِ، أَمَّا غَيْرُهُ كَحَبَّةِ زَبِيبٍ فَإِنَّهُ يَسْتَبِدُّ وَاجِدُهُ بِهِ وَلَوْ فِي حَرَمِ مَكَّةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَقَدْ سَمِعَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَنْ يَنْشُدُ فِي الطَّوَافِ زَبِيبَةً: فَقَالَ: إنَّ مِنْ الْوَرَعِ مَا يَمْقُتُهُ اللَّهُ، وَرَأَى «تَمْرَةً فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ لَوْلَا أَخْشَى أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً لَأَكَلْتهَا» وَلَا يُشْكِلُ ذَلِكَ بِكَوْنِ الْإِمَامِ يَلْزَمُهُ أَخْذُ الْمَالِ الضَّائِعِ لِحِفْظِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي إعْرَاضَ مَالِكِهَا عَنْهَا وَخُرُوجَهَا عَنْ مِلْكِهِ فَهِيَ الْآنَ مُبَاحَةٌ فَتَرَكَهَا لِمَنْ يُرِيدُ تَمَلُّكَهَا مُشِيرًا بِهِ إلَى ذَلِكَ، وَيَجُوزُ أَخْذُ سَنَابِلِ الْحَصَّادِينَ الَّتِي اُعْتِيدَ الْإِعْرَاضُ عَنْهَا، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ: يَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ بِمَا لَا زَكَاةَ فِيهِ أَوْ لِمَنْ يَحِلُّ لَهُ كَالْفَقِيرِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْأَوْجَهَ اغْتِفَارُ ذَلِكَ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ، وَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِمَا لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ لِمَنْ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ اعْتَرَضَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي نَحْوِ الْكَسْرِ مِمَّا قَدْ يُقْصَدُ وَسَبَقَتْ الْيَدُ إلَيْهِ بِخِلَافِ السَّنَابِلِ، وَأُلْحِقَ بِهَا أَخْذُ مَاءٍ مَمْلُوكٍ آبِقَا بِهِ عَادَةً كَمَا مَرَّ. (فَصْلٌ) فِي تَمَلُّكِهَا وَغُرْمِهَا وَمَا يَتْبَعُهَا (إذَا عَرَّفَ اللُّقَطَةَ) بَعْدَ قَصْدِهِ تَمَلُّكَهَا (سَنَةً) أَوْ دُونَهَا فِي الْحَقِيرِ جَازَ لَهُ تَمَلُّكُهَا وَلَوْ هَاشِمِيًّا أَوْ فَقِيرًا إلَّا فِي صُوَرٍ مَرَّتْ كَأَنْ أَخَذَ لِلْخِيَانَةِ أَوْ أَعْرَضَ عَنْهُ أَوْ كَانَتْ أَمَةً تَحِلُّ لَهُ، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ: يَنْبَغِي أَنْ يُعَرِّفَهَا ثُمَّ تُبَاعُ وَيَتَمَلَّكُ ثَمَنَهَا نَظِيرَ مَا مَرَّ فِيمَا يَتَسَارَعُ فَسَادُهُ مَرْدُودٌ، إذْ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ هَذَا مَانِعُهُ عَرَضِيٌّ وَهِيَ مَانِعُهَا ذَاتِيٌّ يَتَعَلَّقُ بِالْبِضْعِ فَاخْتَصَّ بِمَزِيدِ احْتِيَاطٍ وَإِذَا أَرَادَهُ (لَمْ يَمْلِكْهَا حَتَّى يَخْتَارَهُ بِلَفْظٍ) مِنْ نَاطِقٍ صَرِيحٍ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَسْتَبِدُّ وَاجِدُهُ) هَلْ يَمْلِكُ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ أَوْ يَتَوَقَّفُ الْمِلْكُ عَلَى قَصْدِ التَّمَلُّكِ أَوْ عَلَى لَفْظٍ أَوْ لَا يَمْلِكُهُ لِعَدَمِ تَمَوُّلِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْتَاجَ إلَى تَمَلُّكٍ لِأَنَّهُ مِمَّا يُعْرَضُ عَنْهُ وَمَا يُعْرَضُ عَنْهُ أَطْلَقُوا أَنَّهُ يُمْلَكُ بِالْأَخْذِ اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: اغْتِفَارُ ذَلِكَ) أَيْ اغْتِفَارُ أَخْذِهِ وَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِهِ الزَّكَاةُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ السَّنَابِلِ) أَيْ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مَقْصُودَةً بَلْ أَرْبَابُهَا يُعْرِضُونَ عَنْهَا وَيَقْصِدُهَا غَيْرُهُمْ بِالْأَخْذِ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ جَمْعُهَا لِلْمَوْلَى عَلَيْهِ وَإِنْ أَمْكَنَ وَكَانَ لَهَا وَقْعٌ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ إنْ كَانَ لَهَا وَقْعٌ وَسَهُلَ جَمْعُهَا بِحَيْثُ لَوْ اُسْتُؤْجِرَ مَنْ يَجْمَعُهَا كَانَ لِلْبَاقِي بَعْدَ الْأُجْرَةِ وَقْعٌ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا. (فَصْلٌ) فِي تَمَلُّكِهَا وَغُرْمِهَا (قَوْلُهُ: بَعْدَ قَصْدِهِ تَمَلُّكَهَا) قَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِمَا ذَكَرَ أَنَّهُ إذَا أَخَذَ لَا بِقَصْدِ حِفْظٍ وَلَا تَمَلُّكٍ ثُمَّ عَرَّفَ قَبْلَ قَصْدِ التَّمَلُّكِ لَا يُعْتَدُّ بِتَعْرِيفِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَعْرَضَ عَنْهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَوْ دَفَعَهَا لِلْحَاكِمِ وَتَرَكَ تَعْرِيفَهَا وَتَمَلُّكَهَا ثُمَّ اسْتَقَالَ: أَيْ طَلَبَ مِنْ الْحَاكِمِ إقَالَتَهُ مِنْهَا لِيُعَرِّفَهَا وَيَتَمَلَّكَهَا مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَقَدْ يَمْتَنِعُ التَّمَلُّكُ كَالْبَعِيرِ الْمُقَلَّدِ وَكَمَا لَوْ دَفَعَهَا لِلْقَاضِي مُعْرِضًا إلَخْ. (قَوْلُهُ: يَنْبَغِي أَنْ يُعَرِّفَهَا) أَيْ الْأَمَةَ الَّتِي تَحِلُّ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا يُشْكِلُ ذَلِكَ) أَيْ: مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. [فَصْلٌ فِي تَمَلُّكِ وَغُرْم اللُّقَطَةَ] (فَصْلٌ) فِي تَمَلُّكِهَا وَغُرْمِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ هَاشِمِيًّا) أَيْ: وَلَا يُقَالُ إنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا مِنْ صَدَقَةِ فَرْضٍ، وَقَوْلُهُ: أَوْ فَقِيرًا: أَيْ وَلَا يُقَالُ

(كَتَمَلَّكْتُ) أَوْ كِنَايَةٍ مَعَ النِّيَّةِ كَمَا هُوَ قِيَاسُ سَائِرِ الْأَبْوَابِ (وَنَحْوِهِ) كَأَخَذْتُهُ أَوْ إشَارَةُ أَخْرَسَ مُفْهِمَةٌ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَبَحَثَ النَّجْمُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الِاخْتِصَاصِ الَّذِي كَانَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَنْقُلَهُ لِنَفْسِهِ (وَقِيلَ: تَكْفِي النِّيَّةُ) أَيْ تَجْدِيدُ قَصْدِ التَّمَلُّكِ لِانْتِفَاءِ الْمُعَاوَضَةِ وَالْإِيجَابِ (وَقِيلَ يَمْلِكُهَا بِمُضِيِّ السَّنَةِ) بَعْدَ التَّعْرِيفِ اكْتِفَاءً بِقَصْدِ التَّمَلُّكِ السَّابِقِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ فَمَنْ الْتَقَطَ لِلْحِفْظِ دَائِمًا وَقُلْنَا بِوُجُوبِ التَّعْرِيفِ وَعَرَّفَ سَنَةً فَبَدَا لَهُ التَّمَلُّكُ لَا يَأْتِي فِيهِ هَذَا الْوَجْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ، وَإِنْ لَمْ تُوجِبْ التَّعْرِيفَ عَلَيْهِ فَعَرَّفَ ثُمَّ بَدَا لَهُ قَصْدُ التَّمَلُّكِ لَا يُعْتَدُّ بِمَا عَرَّفَ مِنْ قَبْلُ يَقْتَضِي بِظَاهِرِهِ أَنَّهُ لَوْ عَرَّفَهُ مُدَّةً قَبْلَ قَصْدِ تَمَلُّكِهِ ثُمَّ قَصَدَهُ اعْتَدَّ بِمَا مَضَى، وَبَنَى عَلَيْهِ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ وَهُوَ وُجُوبُ التَّعْرِيفِ وَالْمُعْتَمَدُ الِاسْتِئْنَافُ فِيهِ أَيْضًا (فَإِنْ تَمَلَّكَهَا) أَيْ اللُّقَطَةَ وَلَمْ يَظْهَرْ مَالِكُهَا فَلَا مُطَالَبَةَ بِهَا فِي الْآخِرَةِ لِأَنَّهَا مِنْ كَسْبِهِ كَمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَوْ (فَظَهَرَ الْمَالِكُ) وَهِيَ بَاقِيَةٌ بِحَالِهَا (وَاتَّفَقَا عَلَى رَدِّ عَيْنِهَا) أَوْ بَدَلِهَا (فَذَاكَ) ظَاهِرٌ إذْ الْحَقُّ لَهُمَا لَا يَعْدُوهُمَا، وَيَجِبُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ رَدُّهَا لِمَالِكِهَا إذَا عَلِمَهُ وَلِمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حَقٌّ لَازِمٌ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: كَتَمَلَّكْتُ) هَلْ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ التَّمَلُّكِ مَعْرِفَتُهَا حَتَّى لَوْ جُهِلَتْ لَهُ لَمْ يَصِحَّ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ، وَلَا يَبْعُدُ الِاشْتِرَاطُ وَهِيَ نَظِيرُ الْقَرْضِ بَلْ قَالُوا إنَّ مِلْكَهَا مِلْكُ قَرْضٍ فَلْيُنْظَرْ هَلْ يَمْلِكُ الْقَرْضَ الْمَجْهُولُ م ر. [فَرْعٌ] قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ وَلَدَ اللُّقَطَةِ كَاللُّقَطَةِ إنْ كَانَتْ حَامِلًا بِهِ عِنْدَ الْتِقَاطِهَا وَانْفَصَلَ مِنْهَا قَبْلَ تَمَلُّكِهَا وَيَمْلِكُهُ تَبَعًا لِأُمِّهِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّهُ يَمْلِكُ بَعْدَ التَّعْرِيفِ لِأُمِّهِ: أَيْ وَيَتَمَلَّكُهَا اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: قَوْلُ سم وَلَا يَبْعُدُ الِاشْتِرَاطُ قَدْ يُسْتَفَادُ الِاشْتِرَاطُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ أَمَّا عِنْدَ تَمَلُّكِهَا فَالْأَوْجَهُ وُجُوبُ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ لِيَعْلَمَ مَا يَرُدُّهُ لِمَالِكِهَا لَوْ ظَهَرَ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا هَلْ يَمْلِكُ الْقَرْضَ الْمَجْهُولُ. أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْقَرْضَ الْمَجْهُولُ لِتَعَذُّرِ رَدِّ مِثْلِهِ مَعَ الْجَهْلِ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَانْفَصَلَ مِنْهَا قَبْلَ تَمَلُّكِهَا أَنَّهَا لَوْ حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ الِالْتِقَاطِ وَانْفَصَلَ قَبْلَ التَّمَلُّكِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ تَبَعًا لِأُمِّهِ، وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِتَمَلُّكِ أُمِّهِ بَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَمَلُّكٍ لَهُ بِخُصُوصِهِ، وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنَّ مَا حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ الِالْتِقَاطِ وَلَمْ يَنْفَصِلْ قَبْلَ التَّمَلُّكِ أَنَّهُ يَتْبَعُهَا فِي التَّمَلُّكِ كَمَا يَتْبَعُهَا فِي الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: كَانَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَنْقُلَهُ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ نَقَلْت الِاخْتِصَاصَ بِهِ إلَيَّ (قَوْلُهُ: فَلَا مُطَالَبَةَ إلَخْ) لَوْ تَمَلَّكَ مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ فِي الْحَالِ وَأَكَلَهُ ثُمَّ عَرَّفَهُ وَلَمْ يَتَمَلَّكْ الْقِيمَةَ هَلْ تَسْقُطُ الْمُطَالَبَةُ أَيْضًا فِي الْآخِرَةِ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَيَتَّجِهُ الثَّانِي اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحِلُّهُ إذَا غَرِمَ عَلَى رَدِّهَا أَوْ رَدِّ بَدَلِهَا إذَا ظَهَرَ مَالِكُهَا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ حَيْثُ أَتَى بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ التَّعْرِيفِ وَتَمَلَّكَ صَارَتْ عَنْ جُمْلَةِ أَكْسَابِهِ، وَعَدَمُ نِيَّتِهِ رَدَّهَا إلَى مَالِكِهَا لَا يُزِيلُ مِلْكَهُ وَإِنْ أَثِمَ بِهِ، وَعَلَى مَا قَالَهُ شَيْخُنَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِهِ مَا لَوْ لَمْ يَقْصِدْ رَدًّا وَلَا عَدَمَهُ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ بَاقِيَةٌ بِحَالِهَا) لَوْ كَانَ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهَا ثُمَّ عَادَ فَالْمُتَّجِهُ أَنَّهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَزُلْ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: أَوْ بَدَلِهَا) هَلْ يُشْتَرَطُ إيجَابٌ وَقَبُولٌ بِالْقِيَاسِ الِاشْتِرَاطُ إنْ كَانَ الْمِلْكُ يُنْتَقَضُ بِمُجَرَّدِ ظُهُورِ الْمَالِكِ، وَيَدُلُّ عَلَى انْتِقَاضِ الْمِلْكِ بِمُجَرَّدِ ظُهُورِ الْمَالِكِ وُجُوبُ الرَّدِّ لِلْمَالِكِ حَيْثُ عَلِمَ قَبْلَ طَلَبِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُقَالُ: قَوْلُهُ إنْ كَانَ الْمِلْكُ يُنْتَقَضُ إلَخْ إنَّمَا يَقْتَضِي عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ فَلْيُرَاجَعْ مِنْ نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQإنَّ الْفَقِيرَ لَا يَقْدِرُ عَلَى بَدَلِهَا عِنْدَ ظُهُورِ مَالِكِهَا هَكَذَا ظَهَرَ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَنْقُلَهُ لِنَفْسِهِ) أَيْ بِلَفْظٍ وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ، وَبَحْثُ ابْنِ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الِاخْتِصَاصِ كَكَلْبٍ وَخَمْرٍ مُحْتَرَمَيْنِ مِنْ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى نَقْلِ الِاخْتِصَاصِ، الَّذِي كَانَ لِغَيْرِهِ لِنَفْسِهِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي بِظَاهِرِهِ) يَعْنِي كَلَامَهُ الْأَخِيرَ حَيْثُ قَيَّدَ فِيهِ الْحُكْمَ بِمَا إذَا لَمْ نُوجِبْ التَّعْرِيفَ عَلَيْهِ

قَبْلَ طَلَبِهِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَيْهِ، فَإِنْ رَدَّهَا قَبْلَ تَمَلُّكِهَا فَمُؤْنَتُهُ عَلَى مَالِكِهَا كَمَا قَالَهُ. الْمَاوَرْدِيُّ، وَيَرُدُّهَا بِزِيَادَتِهَا الْمُتَّصِلَةِ لَا الْمُنْفَصِلَةِ إنْ حَدَثَتْ بَعْدَ التَّمَلُّكِ، وَإِلَّا رَجَعَ فِيهَا لِحُدُوثِهَا بِمِلْكِهِ (وَإِنْ أَرَادَهَا الْمَالِكُ وَأَرَادَ الْمُلْتَقِطُ الْعُدُولَ إلَى بَدَلِهَا أُجِيبَ الْمَالِكُ فِي الْأَصَحِّ) كَالْقَرْضِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ تَعَلَّقَ بِهَا حَقٌّ لَازِمٌ تَعَيَّنَ الْبَدَلُ، فَإِنْ لَمْ يَتَنَازَعَا وَرَدَّهَا سَلِيمَةً لَزِمَهُ الْقَبُولُ. وَالثَّانِي يُجَابُ الْمُلْتَقِطُ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا كَمَا قِيلَ بِهِ فِي الْقَرْضِ، فَلَوْ ظَهَرَ مَالِكُهَا بَعْدَ بَيْعِ الْمُلْتَقِطِ لَهَا وَقَبْلَ لُزُومِ الْعَقْدِ بِأَنْ كَانَ فِي زَمَنِ خِيَارٍ لَمْ يَخْتَصَّ بِالْمُشْتَرِي فَلَهُ الْفَسْخُ وَأَخْذُهَا كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ لِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ فِي الْمَبِيعِ (إذَا بَاعَهُ الْمُشْتَرِي وَحَجَرَ عَلَيْهِ آبِقِيٌّ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ) ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْحَجْرَ ثَمَّ مُقْتَضٍ لِلتَّفْوِيتِ بِخِلَافِهِ هُنَا غَيْرُ مُؤَثِّرٍ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُلْتَقِطَ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْفَسْخِ لَكِنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ تَرْجِيحُ انْفِسَاخِهِ إنْ لَمْ يَفْسَخْهُ. (وَإِنْ) (تَلِفَتْ) اللُّقَطَةُ حِسًّا أَوْ شَرْعًا بَعْدَ تَمَلُّكِهَا (غَرِمَ مِثْلَهَا) إنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً (أَوْ قِيمَتَهَا) إنْ كَانَتْ مُتَقَوِّمَةً، وَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَخْذًا مِنْ تَشْبِيهِهَا بِالْقَرْضِ أَنَّهُ يَجِبُ فِيمَا لَهُ مِثْلٌ صُورِيٌّ رَدُّ الْمِثْلِ الصُّورِيِّ رَدَّهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَبْعُدُ الْفَرْقُ وَهُوَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ ذَاكَ يَمْلِكُ بِرِضَا الْمَالِكِ وَاخْتِيَارِهِ فَرُوعِيَ وَهَذَا قَهْرِيٌّ عَلَيْهِ، فَكَانَ بِضَمَانِ الْيَدِ أَشْبَهَ أَمَّا الْمُخْتَصَّةُ فَلَا بَدَلَ لَهَا وَلَا لِمَنْفَعَتِهَا كَالْكَلْبِ (يَوْمَ التَّمَلُّكِ) أَيْ وَقْتَهُ لِأَنَّهُ وَقْتُ دُخُولِهَا فِي ضَمَانِهِ (وَإِنْ نَقَصَتْ بِعَيْبٍ) أَوْ نَحْوِهِ طَرَأَ بَعْدَ التَّمَلُّكِ (فَلَهُ) بَلْ عَلَيْهِ لَوْ طَلَبَ مَالِكُهَا بَدَلَهَا وَالْمُلْتَقِطُ رَدَّهَا مَعَ أَرْشِهَا (أَخَذَهَا مَعَ الْأَرْشِ فِي الْأَصَحِّ) إذْ الْقَاعِدَةُ أَنَّ مَا طَلِقَتْ جَمِيعُهُ عِنْدَ التَّلَفِ طَلِقَتْ بَعْضُهُ عِنْدَ النَّقْصِ إلَّا مَا اسْتَثْنَى وَهُوَ الْمُعَجَّلُ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ أَرْشُهُ كَمَا مَرَّ، وَالثَّانِي لَا أَرْشَ لَهُ، وَلَهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ الرُّجُوعُ إلَى بَدَلِهَا سَلِيمَةً. (وَإِذَا ادَّعَاهَا رَجُلٌ) مَثَلًا (وَلَمْ يَصِفْهَا) بِصِفَاتِهَا السَّابِقَةِ (وَلَا بَيِّنَةَ) لَهُ بِمَا يَثْبُتُ بِهَا الْمِلْكُ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُلْتَقِطُ أَنَّهَا لَهُ (لَمْ تُدْفَعْ إلَيْهِ) أَيْ لَمْ يَجُزْ دَفْعُهَا إلَيْهِ لِخَبَرِ «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ» وَلَا يَكْفِي إخْبَارُ الْبَيِّنَةِ لَهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ سَمَاعِ الْحَاكِمِ لَهَا وَقَضَائِهِ عَلَى الْمُلْتَقِطِ بِالدَّفْعِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ: نَعَمْ لَوْ خَشِيَ مِنْهُ انْتِزَاعَهَا لِشِدَّةِ جَوْرِهِ، فَيَحْتَمِلُ الِاكْتِفَاءُ بِإِخْبَارِهَا لِلْمُلْتَقِطِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُمَا يُحَكِّمَانِ مَنْ يَسْمَعُهَا وَيُقْضَى لِلْمَالِكِ بِهَا، إذْ الْحَاكِمُ حِينَئِذٍ كَالْعَدَمِ وَهُوَ أَوْجَهُ (وَإِنْ وَصَفَهَا) وَصْفًا أَحَاطَ بِجَمِيعِ صِفَاتِهَا (وَظَنَّ) الْمُلْتَقِطُ (صِدْقَهُ جَازَ الدَّفْعُ) إلَيْهِ قَطْعًا ـــــــــــــــــــــــــــــSفَلَعَلَّهُ لَا يُنْتَقَضُ (قَوْلُهُ: وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُلْتَقِطِ (قَوْلُهُ: وَيَرُدُّهَا بِزِيَادَتِهَا الْمُتَّصِلَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَإِنْ حَدَثَتْ بَعْدَ التَّمَلُّكِ تَبَعًا لِلْأَصْلِ بَلْ لَوْ حَدَثَتْ قَبْلَهُ ثُمَّ انْفَصَلَتْ رَدَّهَا كَنَظِيرِهِ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، فَلَوْ الْتَقَطَ حَائِلًا فَحَمَلَتْ قَبْلَ تَمَلُّكِهَا ثُمَّ وَلَدَتْ رَدَّ الْوَلَدَ مَعَ الْأُمِّ اهـ. [تَنْبِيهٌ] هَلْ يَجِبُ تَعْرِيفُ هَذَا الْوَلَدِ بَعْدَ انْفِصَالِهِ مَعَ الْأُمِّ أَوْ لَا لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَقِطْهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهَلْ يَكْفِي مَا بَقِيَ مِنْ تَعْرِيفِ الْأُمِّ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: نَعَمْ يَكْفِي مَا بَقِيَ مِنْ تَعْرِيفِ الْأُمِّ لِأَنَّهُ تَابِعٌ، وَبَقِيَ مَا لَوْ انْفَصَلَ بَعْدَ تَمَامِ التَّعْرِيفِ وَقَبْلَ التَّمَلُّكِ فَهَلْ يَسْقُطُ التَّعْرِيفُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ سُقُوطُهُ اكْتِفَاءً بِمَا سَبَقَ مِنْ تَعْرِيفِ الْأُمِّ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا رَجَعَ) أَيْ الْمَالِكُ، وَقَوْلُهُ لَزِمَهُ: أَيْ الْمَالِكُ، وَقَوْلُهُ لَمْ يَخْتَصَّ بِالْمُشْتَرِي: أَيْ بِأَنْ كَانَ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا، وَقَوْلُهُ فَلَهُ: أَيْ الْمَالِكِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَلِفَتْ اللُّقَطَةُ) الْمَمْلُوكَةُ اهـ حَجّ. وَقَوْلُهُ حِسًّا: أَيْ بِأَنْ مَاتَتْ، وَقَوْلُهُ أَوْ شَرْعًا كَأَنْ أَعْتَقَهَا الْمُلْتَقِطُ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُخْتَصَّةُ) قَسِيمٌ لِلْمَمْلُوكَةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَ تَمَلُّكِهَا. (قَوْلُهُ: مَعَ الْأَرْشِ) هُوَ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا، لَكِنْ هَلْ الْعِبْرَةُ بِقِيمَتِهَا وَقْتَ الِالْتِقَاطِ، أَوْ وَقْتَ التَّمَلُّكِ، أَوْ وَقْتَ طُرُوِّ الْعَيْبِ، وَلَوْ بَعْدَ التَّمَلُّكِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَخِيرُ لِأَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ مَالِكُهَا قُبَيْلَ طُرُوُّ الْعَيْبِ لَوَجَبَ رَدُّهَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: إخْبَارِهَا) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: قَبْلَ طَلَبِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ رَدَّهَا وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَى قَوْلِهِ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعَجَّلُ) أَيْ: فِي الزَّكَاةِ

عَمَلًا بِظَنِّهِ بَلْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ: أَيْ إنْ اتَّحَدَ الْوَاصِفُ، وَإِلَّا بِأَنْ ادَّعَاهَا كُلٌّ لِنَفْسِهِ وَوَصَفَهَا لَمْ تُسَلَّمْ لِأَحَدٍ إلَّا بِحُجَّةٍ كَبَيِّنَةٍ سَلِيمَةٍ مِنْ الْمُعَارِضِ (وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُ مُدَّعٍ فَيَحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ كَغَيْرِهِ، وَفِي وَجْهٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي يَجِبُ لِأَنَّ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهَا قَدْ تَعْسُرُ، أَمَّا عِنْدَ عَدَمِ ظَنِّ صِدْقِهِ فَيَمْتَنِعُ دَفْعُهَا لَهُ، فَإِنْ قَالَ مُدَّعِيهَا إنَّك تَعْلَمُ كَوْنَهَا لِي حَلَّفَهُ عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ بِذَلِكَ أَوْ يَلْزَمُك تَسْلِيمُهَا إلَيَّ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَقَيَّدَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ بِمَنْ لَمْ يَعْتَقِدْ وُجُوبَ الدَّفْعِ بِالْوَصْفِ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، فَإِنْ نَكَلَ وَلَمْ يَكُنْ تَمَلَّكَهَا فَهَلْ تُرَدُّ هَذِهِ الْيَمِينُ كَغَيْرِهَا أَوْ لَا لِأَنَّ الرَّدَّ كَالْإِقْرَارِ، وَإِقْرَارُ الْمُلْتَقِطِ غَيْرُ مَقْبُولٍ عَلَى مَالِكِهَا بِفَرْضِ أَنَّهُ غَيْرُ الْوَاصِفِ، كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ، وَلَوْ تَلِفَتْ فَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِوَصْفِهَا ثَبَتَتْ وَلَزِمَهُ بَدَلُهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ النَّصِّ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحِلَّهُ إنْ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ أَوْ غَيْرِهِ أَنَّ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْوَصْفِ هُوَ وَصْفُهَا. (فَإِنْ) (دَفَعَ) الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ لِشَخْصٍ بِالْوَصْفِ مِنْ غَيْرِ إجْبَارِ حَاكِمٍ يَرَاهُ (وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً بِهَا) أَيْ بِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَأَنَّهَا لَا يُعْلَمُ انْتِقَالُهَا مِنْهُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ (حُوِّلَتْ) مِنْ الْأَوَّلِ (إلَيْهِ) لِأَنَّ الْحُجَّةَ تُوجِبُ الدَّفْعَ بِخِلَافِ الْوَصْفِ الْمُجَرَّدِ (فَإِنْ تَلِفَتْ عِنْدَهُ) أَيْ الْوَاصِفِ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ (فَلَهُ تَضْمِينُ الْمُلْتَقِطِ) لِأَنَّهُ بَانَ أَنَّهُ سَلَّمَ مَا لَيْسَ لَهُ تَسْلِيمُهُ إلَّا أَنْ يُلْزِمَهُ حَاكِمٌ بِالدَّفْعِ يَرَى وُجُوبَهُ بِالْوَصْفِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِانْتِفَاءِ تَقْصِيرِهِ (وَالْمَدْفُوعِ إلَيْهِ) لِأَنَّهُ بَانَ أَنَّهُ أَخَذَ مِلْكَ غَيْرِهِ وَخَرَجَ بِدَفْعِ اللُّقَطَةِ مَا لَوْ تَلِفَتْ عِنْدَهُ بَعْدَ تَمَلُّكِهَا ثُمَّ غَرِمَ لِلْوَاصِفِ قِيمَتَهَا فَلَيْسَ لِلْمَالِكِ تَغْرِيمُهُ لِأَنَّ مَا أَخَذَهُ مَالُ الْمُلْتَقِطِ لَا الْمُدَّعِي (وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ لَتَلَفِهِ فِي يَدِهِ فَيَرْجِعُ الْمُلْتَقِطُ عَلَيْهِ بِمَا غَرِمَهُ إنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ بِالْمِلْكِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَزْعُمُ أَنَّ الظَّالِمَ هُوَ ذُو الْبَيِّنَةِ وَفَارَقَ مَا لَوْ اعْتَرَفَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ بِالْمِلْكِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ لِأَنَّهُ إنَّمَا اعْتَرَفَ لَهُ بِالْمِلْكِ لِظَاهِرِ الْيَدِ بِأَنَّ الْيَدَ دَلِيلُ الْمِلْكِ شَرَفًا فَعُذِرَ بِالِاعْتِرَافِ الْمُسْتَنِدِ إلَيْهَا، بِخِلَافِ الْوَصْفِ فَكَانَ مُقَصِّرًا بِالِاعْتِرَافِ الْمُسْتَنِدِ إلَيْهِ (قُلْت: لَا تَحِلُّ) (لُقَطَةُ الْحَرَمِ) الْمَكِّيِّ (لِلتَّمَلُّكِ) وَلَوْ بِلَا قَصْدِ تَمَلُّكٍ وَلَا حِفْظٍ (عَلَى الصَّحِيحِ) بَلْ لَا تَحِلُّ إلَّا لِلْحِفْظِ أَبَدًا لِخَبَرِ «لَا تَحِلُّ لُقْطَتُهُ إلَّا لِمُنْشِدٍ» أَيْ لِمُعَرِّفٍ عَلَى الدَّوَامِ وَإِلَّا فَسَائِرُ الْبِلَادِ كَذَلِكَ فَلَا فَائِدَةَ فِي التَّخْصِيصِ، وَادِّعَاءُ أَنَّهَا دَفْعُ إيهَامِ الِاكْتِفَاءِ بِتَعْرِيفِهَا فِي الْمَوْسِمِ بِمَنْعِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ هُوَ الْمُرَادَ لَبَيَّنَهُ، وَإِلَّا فَإِيهَامُ مَا قُلْنَاهُ الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ أَشَدُّ وَلِكَثْرَةِ تَكَرُّرِ عَوْدِ النَّاسِ لَهُ فَرُبَّمَا عَادَ مَالِكُهَا أَوْ نَائِبُهُ فَغَلُظَ عَلَى آخِذِهَا بِتَعَيُّنِ حِفْظِهَا كَمَا غَلُظَ عَلَى الْقَاتِلِ فِيهِ خَطَأً بِتَغْلِيظِ الدِّيَةِ عَلَيْهِ مَعَ عَدَمِ إسَاءَتِهِ. وَالثَّانِي تَحِلُّ وَالْمُرَادُ بِالْخَبَرِ تَأْكِيدُ التَّعْرِيفِ لَهَا سَنَةً، وَخَرَجَ بِالْحَرَمِ الْحِلُّ وَلَوْ عَرَفَةَ وَمُصَلَّى إبْرَاهِيمَ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الِانْتِصَارِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِ الْحَرَمِ وَبِالْمَكِّيِّ حَرَمُ الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ فَلَيْسَ لَهُ حُكْمُهُ فِي ذَلِكَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْجُمْهُورِ وَصَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ وَالرُّويَانِيُّ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ (وَيَجِبُ تَعْرِيفُهَا) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْبَيِّنَةَ. (قَوْلُهُ: حَلَّفَهُ) أَيْ وُجُوبًا، فَإِنْ نَكَلَ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي وَقُضِيَ لَهُ بِهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ فَإِنْ نَكَلَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ) أَيْ وَإِنْ اعْتَقَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ تَسْلِيمُهَا بِالْوَصْفِ لَا يَلْزَمُهُ الْحَلِفُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ بَلْ يُطَالِبُهُ بِبَيِّنَةٍ (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ) هُوَ قَوْلُهُ فَهَلْ تُرَدُّ هَذِهِ الْيَمِينُ كَغَيْرِهَا وَفَائِدَةُ الرَّدِّ أَنَّهُ يَلْزَمُ بِتَسْلِيمِهَا لِلْمُدَّعِي. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لِلْمَالِكِ تَغْرِيمُهُ) أَيْ وَإِنَّمَا يَغْرَمُ الْمُلْتَقِطُ بَدَلَهَا وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ تَلِفَتْ تَحْتَ يَدِهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ لِمُعَرِّفٍ) هَكَذَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ. (قَوْلُهُ: وَادِّعَاءُ أَنَّهَا إلَخْ) أَيْ فَائِدَةُ التَّخْصِيصِ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ) أَيْ عَلَى الثَّانِي ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَبَيِّنَةٍ سَلِيمَةٍ مِنْ الْمُعَارِضِ) مِثَالٌ لِلْحُجَّةِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ تَمَلَّكَهَا) أَيْ أَمَّا إذَا كَانَ تَمَلَّكَهَا فَتُرَدُّ عَلَيْهِ الْيَمِينُ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ (قَوْلُهُ: مَا لَيْسَ لَهُ تَسْلِيمُهُ) أَيْ: فِي الْوَاقِعِ وَإِنْ جَازَ فِي الظَّاهِرِ كَمَا مَرَّ.

[كتاب اللقيط]

اللَّقْطَةِ فِيهِ لِلْحِفْظِ (قَطْعًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِلْخَبَرِ فَتَلْزَمُهُ الْإِقَامَةُ لَهُ أَوْ دَفْعُهَا لِلْحَاكِمِ: أَيْ إنْ كَانَ أَمِينًا، فَإِنْ أَرَادَ سَفَرًا وَلَا حَاكِمَ أَمِينٌ فَالْأَوْجَهُ جَوَازُ دَفْعِهَا لِأَمِينٍ، وَلَوْ الْتَقَطَ مَالًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ مِلْكُهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ، وَقَيَّدَهُ الْغَزِّيِّ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُنَازَعٌ، بِخِلَافِ مَا لَوْ الْتَقَطَ صَغِيرًا ثُمَّ ادَّعَى مِلْكَهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ، وَلَوْ الْتَقَطَ اثْنَانِ ثُمَّ تَرَكَ أَحَدُهُمَا حَقَّهُ مِنْهُ لِلْآخَرِ لَمْ يَسْقُطْ وَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِأَنَّهُ الْمُلْتَقِطُ، وَلَا تَارِيخَ تَعَارَضَتَا وَتَسَاقَطَتَا، وَلَوْ سَقَطَتْ مِنْ مُلْتَقِطِهَا فَالْتَقَطَهَا آخَرُ فَالْأَوَّلُ أَوْلَى بِهَا مِنْهُ لِسَبْقِهِ، وَلَوْ أَمَرَ آخَرَ بِالْتِقَاطِ شَيْءٍ رَآهُ فَأَخَذَهُ فَهُوَ لِلْآمِرِ إنْ قَصَدَهُ الْآخَرُ، وَإِنْ قَصَدَ الْآمِرَ وَنَفْسَهُ فَلَهُمَا، وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ التَّوْكِيلِ فِي الِالْتِقَاطِ لِأَنَّ ذَاكَ فِي عُمُومِهِ، وَهَذَا فِي خُصُوصِ لُقَطَةٍ، وَإِنْ رَآهَا مَطْرُوحَةً عَلَى الْأَرْضِ فَدَفَعَهَا بِرِجْلِهِ وَتَرَكَهَا حَتَّى ضَاعَتْ لَمْ يَضْمَنْهَا. . كِتَابُ اللَّقِيطِ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ وَهُوَ مَنْ يَأْتِي، سُمِّيَ لَقِيطًا وَمَلْقُوطًا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُلْقَطُ، وَمَنْبُوذًا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُنْبَذُ وَتَسْمِيَتُهُ بِذَيْنِك قَبْلَ أَخْذِهِ وَإِنْ كَانَ مَجَازًا لَكِنَّهُ صَارَ حَقِيقَةً شَرْعِيَّةً، وَكَذَا تَسْمِيَتُهُ مَنْبُوذًا بَعْدَ أَخْذِهِ بِنَاءً عَلَى زَوَالِ الْحَقِيقَةِ بِزَوَالِ الْمَعْنَى الْمُشْتَقِّ مِنْهُ، وَيُسَمَّى أَيْضًا دَعِيًّا وَهُوَ شَرْعًا طِفْلٌ نَبِيذٌ بِنَحْوِ شَارِعٍ لَا يُعْرَفُ لَهُ مُدَّعٍ فَهُوَ مِنْ مَجَازِ الْأَوَّلِ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: قَطْعًا) أَيْ فَإِنْ أَيِسَ مِنْ مَعْرِفَةِ مَالِكِهَا فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مَالًا ضَائِعًا أَمْرُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ جَوَازُ دَفْعِهَا لِأَمِينٍ) أَيْ غَيْرِ الْحَاكِمِ، فَلَوْ بَانَ عَدَمُ أَمَانَتِهِ فَيَحْتَمِلُ تَضْمِينَ الْمُلْتَقِطِ لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ الْبَحْثِ عَنْ حَالِهِ، وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَشْهَدَ مَسْتُورَيْنِ فَبَانَا فَاسِقَيْنِ وَلَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْكِفَايَةِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعْدَ اعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ لُقَطَةٌ وَتَعْرِيفُهُ اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ الْغَزِّيِّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَسْقُطْ) أَيْ فَإِنْ أَرَادَ التَّخَلُّصَ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ كَمَا لَوْ لَمْ يَتَعَدَّدْ الْمُلْتَقِطُ. (قَوْلُهُ: وَتَسَاقَطَتَا) أَيْ فَتَبْقَى فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ، فَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ كُلٌّ أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهَا حَقُّهُ، فَإِنْ حَلَفَ لِكُلٍّ تُرِكَتْ فِي يَدِهِ، وَإِنْ نَكَلَ فَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا سُلِّمَتْ لَهُ أَوْ حَلَفَا جُعِلَتْ فِي أَيْدِيهِمَا وَكَذَا لَوْ تَنَازَعَا وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا تَحْلِيفُ الْمُلْتَقِطِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: إنْ قَصَدَهُ الْآخَرُ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ أَطْلَقَ حَمْلًا لَهُ عَلَى امْتِثَالِ أَمْرِهِ (قَوْلُهُ: فَدَفَعَهَا بِرِجْلِهِ) أَيْ وَلَمْ تَنْفَصِلْ عَنْ الْأَرْضِ. كِتَابُ اللَّقِيطِ. (قَوْلُهُ: يُنْبَذُ) أَيْ يُطْرَحُ وَقَوْلُهُ وَتَسْمِيَتُهُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ لَكِنَّهُ، وَقَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى زَوَالِ إلَخْ مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: وَيُسَمَّى أَيْضًا دَعِيًّا) أَيْ لِلْجَهْلِ بِمَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِ. وَفِي الْمُخْتَارِ: وَالدَّاعِي مِنْ تَبْيِنَتِهِ اهـ. وَلَا يَتَقَيَّدُ الْحُكْمُ هُنَا بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: طِفْلٌ نَبِيذٌ) أَيْ مَنْبُوذٌ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ مِنْ مَجَازِ الْأَوَّلِ) قَدْ يُقَالُ هَذَا بِحَسَبِ اللُّغَةِ، أَمَّا فِي عُرْفِ أَهْلِ الشَّرْعِ فَهُوَ حَقِيقَةٌ كَمَا قَدَّمَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: قَوْلُهُ كَمَا قَدَّمَهُ: أَيْ فِي قَوْلِهِ وَتَسْمِيَتُهُ إلَخْ، وَمُقْتَضَى قَوْلِ الشَّارِحِ قَبْلُ: وَكَذَا تَسْمِيَتُهُ مَنْبُوذًا بَعْدَ أَخْذِهِ بِنَاءً إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّ تَسْمِيَتَهُ مَنْبُوذًا قَبْلَ الْأَخْذِ حَقِيقَةٌ لُغَوِيَّةٌ وَبَعْدَهُ مَجَازٌ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ اللَّقِيطِ] ِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مَجَازًا) أَيْ مَجَازٌ أَوَّلُ سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: فَهُوَ) أَيْ اللَّقِيطُ

وَذِكْرُ الطِّفْلِ لِلْغَالِبِ. وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: 32] وَقَوْلُهُ {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} [الحج: 77] وَأَرْكَانُهَا لَاقِطٌ وَلَقِيطٌ وَلَقْطٌ، وَسَتَعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ (الْتِقَاطُ الْمَنْبُوذِ) أَيْ الْمَطْرُوحِ وَالتَّعْبِيرُ بِهِ لِلْغَالِبِ أَيْضًا كَمَا عُلِمَ (فَرْضُ كِفَايَةٍ) حِفْظًا لِلنَّفْسِ الْمُحْتَرَمَةِ عَنْ الْهَلَاكِ هَذَا إنْ عَلِمَ مُتَعَدِّدٌ وَلَوْ مُرَتَّبًا عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّهُ الَّذِي يَجِبُ الْقَطْعُ بِهِ وَإِلَّا فَفَرْضُ عَيْنٍ، وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي اللُّقَطَةِ بِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهَا مَعْنَى الِاكْتِسَابِ الَّتِي جُبِلَتْ النُّفُوسُ عَلَى حُبِّهِ كَالْوَطْءِ فِي النِّكَاحِ (وَيَجِبُ) (الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ) أَيْ الِالْتِقَاطِ وَإِنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ مَشْهُورَ الْعَدَالَةِ (فِي الْأَصَحِّ) لِئَلَّا يُسْتَرَقَّ وَيَضِيعَ نَسَبُهُ الْمَبْنِيُّ عَلَى الِاحْتِيَاطِ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ الْمَالِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَى مَا مَعَهُ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ لَهُ فَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ فِي اللُّقَطَةِ. وَالثَّانِي لَا يَجِبُ اعْتِمَادًا عَلَى الْأَمَانَةِ لِلْمُقَرِّ وَدُفِعَ بِمَا مَرَّ، وَمَتَى تَرَكَ الْإِشْهَادَ عِنْدَ وُجُوبِهِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ عَلَيْهِ وِلَايَةُ الْحَضَانَةِ مَا لَمْ يَتُبْ وَيُشْهِدْ فَيَكُونُ الْتِقَاطًا جَدِيدًا مِنْ حِينَئِذٍ كَمَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ مُصَرِّحًا بِأَنَّ تَرْكَ الْإِشْهَادِ فِسْقٌ، وَمَحِلُّ وُجُوبِهِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ مَا لَمْ يُسَلِّمْهُ لَهُ الْحَاكِمُ فَإِنْ سَلَّمَهُ لَهُ سُنَّ وَلَمْ يَجِبْ. نَعَمْ تَعْلِيلُهُ بِأَنَّ تَسْلِيمَهُ حُكْمٌ فَأَغْنَى عَنْ الْإِشْهَادِ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ تَصَرُّفَ الْحَاكِمِ حُكْمٌ، وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ، فَالْوَجْهُ تَعْلِيلُهُ بِأَنَّ تَسْلِيمَ الْحَاكِمِ فِيهِ مَعْنَى الْإِشْهَادِ فَأَغْنَى عَنْهُ. (وَيَجُوزُ) (الْتِقَاطُ) الصَّبِيِّ (الْمُمَيِّزِ) لِأَنَّ فِيهِ حِفْظًا لَهُ وَقِيَامًا بِتَرْبِيَتِهِ، بَلْ لَوْ خَافَ ضَيَاعَهُ لَمْ يَبْعُدْ وُجُوبُ الْتِقَاطِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَذِكْرُ الطِّفْلِ لِلْغَالِبِ) إذْ الْأَصَحُّ أَنَّ الْمُمَيِّزَ وَالْبَالِغَ الْمَجْنُونَ يُلْتَقَطَانِ لِاحْتِيَاجِهِمَا إلَى التَّعَهُّدِ اهـ حَجّ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُمَيِّزَ لَا يُسَمَّى طِفْلًا وَيُشْعِرُ بِهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَيَجُوزُ الْتِقَاطُ الْمُمَيِّزِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ فِي اللُّغَةِ، فَفِي الْمِصْبَاحِ الطِّفْلُ: الْوَلَدُ الصَّغِيرُ مِنْ الْإِنْسَانِ وَالدَّوَابِّ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيَبْقَى هَذَا الِاسْمُ لِلْوَلَدِ حَتَّى يُمَيِّزَ، ثُمَّ لَا يُقَالُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ طِفْلٌ بَلْ صَبِيٌّ وَحَزَوَّرٌ وَيَافِعٌ وَمُرَاهِقٌ وَبَالِغٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ يُقَالُ لَهُ طِفْلٌ إلَى أَنْ يَحْتَلِمَ. (قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ) لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ ذَلِكَ. نَعَمْ يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: وَأَيْضًا يَصِحُّ الْتِقَاطُ الْمُمَيِّزِ. نَعَمْ الْمَجْنُونُ كَالصَّبِيِّ لَكِنْ سَبَقَ فِي حَجّ تَسْمِيَتُهُ بِذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ هُنَا كَمَا عُلِمَ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: فَرْضُ كِفَايَةٍ) وَلَوْ عَلَى فِسْقِهِ عَلِمُوا بِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ الِالْتِقَاطُ وَلَا تَثْبُتُ الْوِلَايَةُ لَهُمْ: أَيْ فَعَلَى الْحَاكِمِ انْتِزَاعُهُ مِنْهُمْ، وَلَعَلَّ سُكُوتَهُمْ عَنْ هَذَا لِعِلْمِهِ مِنْ كَلَامِهِمْ. (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي اللُّقَطَةِ) أَيْ مِنْ اسْتِحْبَابِهَا. (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ الْإِشْهَادُ) أَيْ لِرَجُلَيْنِ وَلَوْ مَسْتُورَيْنِ لِأَنَّهُ يَعْسُرُ عَلَيْهِ إقَامَةُ الْعَدْلَيْنِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا. (قَوْلُهُ: مَشْهُورُ الْعَدَالَةِ) أَيْ ثَابِتُهَا بِأَنْ ثَبَتَتْ بِالْمُزَكِّينَ وَاشْتُهِرَتْ حَمْلًا لِلَّفْظِ عَلَى فَرْدِهِ الْكَامِلِ فَغَيْرُهُ كَمَسْتُورِ الْعَدَالَةِ مِنْ بَابٍ أَوْلَى (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَى مَا مَعَهُ) الْمَنْصُوصُ عَلَى وُجُوبِهِ فِي الْمُخْتَصَرِ اهـ حَجّ. وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي اللُّقَطَةِ مِنْ امْتِنَاعِ الْإِشْهَادِ إذَا خَافَ عَلَيْهَا ظَالِمًا أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فِي اللُّقَطَةِ) وَقَدْ يُقَالُ لَا مُنَافَاةَ وَإِنْ لَمْ تُعْتَبَرْ التَّبَعِيَّةُ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهَا مَعْنَى الْكَسْبِ وَفِي الِالْتِقَاطِ الْوِلَايَةُ عَلَى اللَّقِيطِ وَمَا مَعَهُ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَتُبْ وَيُشْهِدْ) قَضِيَّةُ جَعْلِهِ الْوِلَايَةَ مَسْلُوبَةً إلَى التَّوْبَةِ أَنَّ تَرْكَ الْإِشْهَادِ كَبِيرَةٌ وَيُفِيدُهُ كَلَامُ السُّبْكِيّ الْآتِي (قَوْلُهُ: فِيهِ مَعْنَى الْإِشْهَادِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمَجْلِسِهِ أَحَدٌ، فَلَعَلَّهُ أَنَّ مَا يَفْعَلُهُ الْحَاكِمُ يَشْتَهِرُ أَمْرُهُ فَيُسْتَفَادُ بِهِ الْعِلْمُ بِالِالْتِقَاطِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الشَّهَادَةِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَبْعُدْ وُجُوبُ الْتِقَاطِهِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ: وَلَقْطُ غَيْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَرْكَانُهُ) أَيْ: اللَّقْطَ الْمَفْهُومَ مِنْ اللَّقِيطِ أَوْ أَرْكَانِ الْبَابِ. (قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ) لَعَلَّهُ مِنْ قَوْلِهِ وَذَكَرَ الطِّفْلَ لِلْغَالِبِ (قَوْلُهُ: سُنَّ وَلَمْ يَجِبْ) بَحَثَ الشِّهَابُ سم أَنَّ مَحَلَّهُ إنْ كَانَ الْحَاكِمُ مِمَّنْ يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ: أَيْ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَقْضِي بِعِلْمِهِ فِي شَأْنِ الطِّفْلِ إذَا اُسْتُرِقَّ لَكِنْ يُنَازِعُ فِيهِ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي فَالْوَجْهُ تَعْلِيلُهُ إلَخْ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ) أَيْ: مِنْ حَيْثُ

وَيَجِبُ رَدُّ مَنْ لَهُ كَافِلٌ كَوَصِيٍّ وَقَاضٍ وَمُلْتَقِطٍ لِكَافِلِهِ، وَخَرَجَ بِالصَّبِيِّ الْبَالِغِ لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْ الْحِفْظِ. نَعَمْ الْمَجْنُونُ كَالصَّبِيِّ، وَتَعْبِيرُهُمْ بِهِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ. (وَإِنَّمَا تَثْبُتُ) (وِلَايَةُ الِالْتِقَاطِ) (لِمُكَلَّفٍ حُرٍّ) غَنِيٍّ أَوْ فَقِيرٍ (مُسْلِمٍ) إنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِ اللَّقِيطِ تَبَعًا لِلدَّارِ، وَإِلَّا فَلِلْكَافِرِ الْعَدْلِ فِي دِينِهِ الْتِقَاطُهُ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ جَوَازُ الْتِقَاطِ الْيَهُودِيِّ لِلنَّصْرَانِيِّ وَعَكْسُهُ كَالتَّوَارُثِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ (عَدْلٍ) ظَاهِرًا فَشَمِلَ الْمَسْتُورَ وَسَيُصَرِّحُ بِأَهْلِيَّتِهِ. نَعَمْ يُوَكِّلُ بِهِ الْحَاكِمُ مَنْ يُرَاقِبُهُ خُفْيَةً لِئَلَّا يَتَأَذَّى، فَإِذَا وَثَقَ بِهِ صَارَ كَمَعْلُومِ الْعَدَالَةِ (رَشِيدٍ) وَلَوْ أُنْثَى، وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ وُجُوبُ الْعَدَالَةِ مَعَ عَدَمِ الرُّشْدِ، وَلَا يُنَافِيهِ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَهُ اشْتِرَاطَهُمْ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ السَّلَامَةَ مِنْ الْحَجْرِ لِأَنَّ الْعَدَالَةَ السَّلَامَةُ مِنْ الْفِسْقِ وَإِنْ لَمْ تُقْبَلْ مَعَهَا الشَّهَادَةُ، وَالسَّفِيهُ قَدْ لَا يَفْسُقُ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ اعْتِبَارُ الْبَصَرِ وَعُدِمَ نَحْوُ بَرَصٍ إذَا كَانَ الْمُلْتَقِطُ يَتَعَاهَدُهُ بِنَفْسِهِ كَمَا فِي الْحَاضِنَةِ. (وَلَوْ) (الْتَقَطَ عَبْدٌ) أَيْ قِنٌّ وَلَوْ مُكَاتَبًا وَمُبَعَّضًا وَلَوْ فِي نَوْبَتِهِ كَمَا رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ (بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ) (اُنْتُزِعَ) اللَّقِيطُ (مِنْهُ) لِأَنَّهُ وِلَايَةٌ وَتَبَرُّعٌ وَهُوَ غَيْرُ أَهْلٍ لَهُمَا (فَإِنْ عَلِمَ بِهِ) أَيْ السَّيِّدُ (فَأَقَرَّهُ عِنْدَهُ) أَوْ الْتَقَطَ، بِإِذْنِهِ (فَالسَّيِّدُ الْمُلْتَقِطُ) وَالْعَبْدُ نَائِبُهُ فِي الْأَخْذِ وَالتَّرْبِيَةِ، وَمَحِلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمُكَاتَبِ، أَمَّا هُوَ فَلَا يَكُونُ نَائِبًا عَنْهُ عِنْدَ أَمْرِهِ بِمُطْلَقِ الِالْتِقَاطِ لِاسْتِقْلَالِهِ وَلَا لَاقِطًا لِنَقْصِهِ، وَلَا يَكُونُ السَّيِّدُ لَاقِطًا إلَّا إنْ قَالَ لَهُ الْتَقِطْ لِي، وَلَوْ أَذِنَ لِمُبَعَّضٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSبَالِغٍ وَلَوْ مُمَيِّزًا إنْ نُبِذَ فَرْضٌ اهـ. وَهِيَ كَالصَّرِيحَةِ فِي وُجُوبِ الْتِقَاطِ الْمُمَيِّزِ مُطْلَقًا، وَكَذَا صَنِيعُ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ رَدُّ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَأْخُذَ الْوَاجِدُ لَهُ وَيُوصِلَهُ إلَيْهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ إذَا أَخَذَهُ يَجِبُ رَدُّهُ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَخْذُهُ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ وَتَعْبِيرُهُمْ بِهِ) أَيْ الصَّبِيِّ (قَوْلُهُ: وَعَكْسُهُ) أَيْ ثُمَّ بَعْدَ الْبُلُوغِ إنْ اخْتَارَ دِينَ أَبِيهِ فَذَاكَ، وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَخْتَرْهُ لِجَهْلِهِ بِهِ أَوْ غَيْرِهِ فَهُوَ عَلَى دِينِ اللَّاقِطِ فَيُقَرُّ عَلَيْهِ لِأَنَّا نُقِرُّ كُلًّا مِنْ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ عَلَى مِلَّتِهِ، وَهَذَا لِمَا لَمْ يُعْلَمْ لَهُ مِلَّةٌ يُطْلَبُ مِنْهُ تَمَسُّكُهُ بِهَا كَانَ كَمَنْ لَمْ يَتَمَسَّكْ فِي الْأَصْلِ بِدِينٍ، ثُمَّ لَمَّا طُلِبَ مِنْهُ التَّمَسُّكُ بِمِلَّةٍ، وَقَدْ سَبَقَ لَهُ قَبْلُ تَمَسُّكٌ بِمِلَّةِ اللَّاقِطِ أُقِرَّ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُوَكِّلُ بِهِ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: مَنْ يُرَاقِبُهُ) ظَاهِرُهُ الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدٍ وَمُؤْنَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: مَعَ عَدَمِ الرُّشْدِ) أَيْ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَالسَّفِيهُ قَدْ لَا يَفْسُقُ. (قَوْلُهُ: وَالسَّفِيهُ قَدْ لَا يَفْسُقُ) أَيْ بِأَنْ يُضَيِّعَ الْمَالَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ مِنْ الْجَهْلِ بِقِيمَتِهِ، وَالْفَاسِقُ قَدْ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ بِأَنْ بَلَغَ مُصْلِحًا لِدِينِهِ وَمَالِهِ ثُمَّ فَسَقَ (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ نَحْوِ بَرَصٍ) كَالْجُذَامِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَنْفَرِدُ عَادَةً. (قَوْلُهُ: بِإِذْنِهِ) كَأَنْ قَالَ خُذْهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِي فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ، وَشَرْطُ قَوْلِهِ ذَلِكَ لَهُ وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهُ عَدَالَةُ الْقِنِّ وَرُشْدُهُ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: وَمَحِلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمُكَاتَبِ) أَيْ الْإِقْرَارُ فِي يَدِ الْعَبْدِ وَالْإِذْنُ لَهُ فِي الِالْتِقَاطِ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا صَنِيعُ سم عَلَى حَجّ حَيْثُ قَالَ قَوْلُهُ فَأَقَرَّهُ عِنْدَهُ إلَخْ يَتَّجِهُ اسْتِثْنَاءُ الْمُكَاتَبِ فَلَا يَكُونُ الْمُلْتَقِطُ السَّيِّدَ لِأَنَّ مُجَرَّدَ إقْرَارِهِ لَا يَزِيدُ عَلَى مُطْلَقِ أَمْرِهِ بِالِالْتِقَاطِ الَّذِي لَا يَكُونُ السَّيِّدُ بِمُجَرَّدِهِ مُلْتَقِطًا كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ إلَخْ، وَالْمُبَعَّضُ فِي نَوْبَةِ نَفْسِهِ إذْ مُجَرَّدُ إقْرَارِهِ فِيهَا لَا يَزِيدُ عَلَى مُطْلَقِ إذْنِهِ فِيهَا مَعَ بُطْلَانِ الْتِقَاطِهِ حِينَئِذٍ وَعَدَمِ وُقُوعِهِ لِلسَّيِّدِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ أُذِنَ لِمُبَعَّضٍ إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ زِيَادَةَ مُجَرَّدِ الْإِقْرَارِ عَلَى مَا ذُكِرَ وَهُوَ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ كَمَا لَا يَخْفَى، ثُمَّ بَحَثْت بِذَلِكَ مَعَ م ر فَوَافَقَ اهـ. (قَوْلُهُ: أَمَّا هُوَ) أَيْ الْمُكَاتَبُ. (قَوْلُهُ: لِنَقْصِهِ) أَيْ فَيُنْزَعُ اللَّقِيطُ مِنْهُ وَإِنْ أَذِنَ فِيهِ السَّيِّدُ اهـ مَحَلِّيٌّ. (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ قَالَ لَهُ الْتَقِطْ لِي) أَيْ هَذَا لِمَا مَرَّ أَنَّ الْإِذْنَ فِي مُطْلَقِ الِالْتِقَاطِ لَا يَكْفِي وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ عَنْ حَجّ بِأَنَّ لِلْمُكَاتَبِ يَدًا وَتَصَرُّفًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَذِنَ لِمُبَعَّضٍ) مُحْتَرَزُ ـــــــــــــــــــــــــــــQإطْلَاقُهُ وَإِلَّا فَسَيَأْتِي فِي الْفَرَائِضِ أَنَّهُ حَكَمَ فِي قَضِيَّةٍ رُفِعَتْ لَهُ وَطُلِبَ مِنْهُ فَصْلُهَا (قَوْلُهُ: وَتَعْبِيرُهُمْ بِهِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ)

وَلَا مُهَايَأَةَ أَوْ كَانَتْ وَالْتَقَطَ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ فَكَالْقِنِّ أَوْ فِي نَوْبَةِ الْمُبَعَّضِ فَبَاطِلٌ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ. (وَلَوْ) (الْتَقَطَ صَبِيٌّ) أَوْ مَجْنُونٌ (أَوْ فَاسِقٌ أَوْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ) بِسَفَهٍ وَلَوْ كَافِرًا (أَوْ كَافِرٌ مُسْلِمًا) (اُنْتُزِعَ) أَيْ انْتَزَعَهُ الْحَاكِمُ مِنْهُ كَمَا قَالَهُ شَارِحُ التَّعْجِيزِ وُجُوبًا لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمْ، أَمَّا الْمَحْكُومُ بِكُفْرِهِ بِالدَّارِ فَيُقَرُّ بِيَدِ الْكَافِرِ كَمَا مَرَّ (وَلَوْ ازْدَحَمَ اثْنَانِ عَلَى أَخْذِهِ) وَأَرَادَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا وَهُمَا أَهْلٌ (جَعَلَهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ مَنْ يَرَاهُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا) إذْ لَا حَقَّ لَهُمَا قَبْلَ أَخْذِهِ فَلَزِمَهُ رِعَايَةُ الْأَحَظِّ لَهُ (وَإِنْ سَبَقَ وَاحِدٌ فَالْتَقَطَهُ مُنِعَ الْآخَرُ مِنْ مُزَاحَمَتِهِ) لِخَبَرِ «مَنْ سَبَقَ إلَى مَا لَمْ يُسْبَقْ إلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» أَمَّا لَوْ لَمْ يَلْتَقِطْهُ فَلَا حَقَّ لَهُ وَإِنْ وَقَفَ عِنْدَ رَأْسِهِ (وَإِنْ الْتَقَطَاهُ مَعًا وَهُمَا أَهْلٌ) لِحِفْظِهِ وَحِفْظِ مَالِهِ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُقَدَّمُ غَنِيٌّ) وَالْأَوْجَهُ ضَبْطُهُ بِغِنَى الزَّكَاةِ بِدَلِيلِ مُقَابَلَتِهِ بِالْفَقِيرِ (عَلَى فَقِيرٍ) لِأَنَّهُ أَرْفَقُ بِهِ غَالِبًا وَقَدْ يُوَاسِيهِ بِمَالِهِ، وَبِقَوْلِي غَالِبًا انْدَفَعَ مَا لِلْأَذْرَعِيِّ وَغَيْرِهِ هُنَا وَلَا عِبْرَةَ بِتَفَاوُتِهِمَا فِي الْغِنَى إلَّا أَنْ يَتَمَيَّزَ أَحَدُهُمَا بِنَحْوِ سَخَاءٍ وَحُسْنِ خُلُقٍ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُقَدَّمُ الْغَنِيُّ عَلَى الْفَقِيرِ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ بَخِيلًا وَالثَّانِي يَسْتَوِي فِيهِ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ لِأَنَّ نَفَقَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ (قَوْلُهُ: فَكَالْقِنِّ) أَيْ فِي التَّفْصِيلِ الْمَارِّ. (قَوْلُهُ: فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ) مَا لَمْ يَقُلْ لَهُ عَنَى اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ فَاسِقٌ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَكَذَا مَنْ لَمْ يُخْتَبَرْ: أَيْ حَالُهُ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ظَاهِرًا مُدَّةَ الْعَدَالَةِ، وَإِلَّا لَمْ يُنْزَعْ مِنْهُ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْمَسْتُورَ يَصِحُّ الْتِقَاطُهُ وَيُوَكِّلُ الْحَاكِمُ مَنْ يُرَاقِبُهُ خُفْيَةً. (قَوْلُهُ: أَوْ كَافِرٌ مُسَلِّمًا) أَيْ حَقِيقَةً لَا لِكَوْنِهِ مُسَلِّمًا بِالْحُكْمِ بِالدَّارِ فَإِنَّهُ لَوْ بَلَغَ وَوَصَفَ الْكُفْرَ تُرِكَ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُحْكَمْ بِإِسْلَامِهِ، وَبِهِ يَتَّضِحُ قَوْلُهُ أَمَّا الْمَحْكُومُ بِكُفْرِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: انْتَزَعَهُ الْحَاكِمُ مِنْهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّ غَيْرَ الْحَاكِمِ لَا يَنْتَزِعُ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ كَانَ لِغَيْرِهِ الِانْتِزَاعُ م ر. وَيَحْتَمِلُ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْحَاكِمِ لِأَنَّ الْمُرَادَ الِانْتِزَاعُ الْقَهْرِيُّ، وَأَنَّهُ لَوْ تَيَسَّرَ لِغَيْرِهِ أَخْذُهُ عَلَى وَجْهِ اللَّقْطِ جَازَ وَكَانَ هَذَا ابْتِدَاءَ لَقْطٍ مِنْهُ لِفَسَادِ اللَّقْطِ الْأَوَّلِ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ لَكِنْ فِي حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ اُنْتُزِعَ مِنْهُ وُجُوبًا لِانْتِفَاءِ أَهْلِيَّتِهِمْ، وَظَاهِرُ تَخْصِيصِهِمْ الِانْتِزَاعَ بِالْحَاكِمِ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَهُ أَهْلٌ مِنْ وَاحِدٍ مِمَّنْ ذَكَرَ لَمْ يُقَرَّ، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَأَخْذِهِ ابْتِدَاءً بِأَنَّهُ هُنَا وُجِدَتْ يَدٌ وَالنَّظَرُ فِيهَا حَيْثُ وُجِدَتْ إنَّمَا هُوَ لِلْحَاكِمِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تُوجَدْ فَإِنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُبَاحِ، فَإِذَا تَأَهَّلَ آخِذُهُ لَمْ يُعَارَضْ اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ مَتَى كَانَ الْأَخْذُ مِنْهُمْ أَهْلًا لَا يَجُوزُ انْتِزَاعُهُ مِنْهُ لَا لِلْحَاكِمِ وَلَا غَيْرِهِ (قَوْلُهُ بِالدَّارِ) أَيْ بِأَنْ وُجِدَ بِدَارٍ لَيْسَ بِهَا مُسْلِمٌ. (قَوْلُهُ: وَهُمَا أَهْلٌ) أَيْ فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَيْرَ أَهْلٍ فَهُوَ كَالْعَدَمِ وَيَسْتَقِلُّ الْأَهْلُ بِهِ، فَمَا فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ مِنْ أَنَّ الْأَهْلَ لَهُ نِصْفُ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ وَيُعَيِّنُ الْحَاكِمُ مَنْ يَتَوَلَّى النِّصْفَ الْآخَرَ لَا يَخْفَى مَا فِيهِ، وَيُؤَيِّدُ أَنَّ الْحَقَّ لَا يَثْبُتُ لِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُمَا لَوْ تَنَازَعَا أُقْرِعَ، وَلَوْ كَانَ الْحَقُّ يَثْبُتُ لِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ شُرِكَ بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ: مَنْ يَرَاهُ مِنْهُمَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ جَعْلُهُ تَحْتَ يَدِهِمَا مَعًا، وَعَلَيْهِ فَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ جَعْلَهُ تَحْتَ يَدِهِمَا قَدْ يُؤَدِّي إلَى ضَرَرِ الطِّفْلِ بِتَوَاكُلِهِمَا فِي شَأْنِهِ، وَحِينَئِذٍ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَوْ ازْدَحَمَ عَلَيْهِ كَامِلٌ وَنَاقِصٌ لِصَبِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا مَرَّ اُخْتُصَّ بِهِ الْكَامِلُ وَلَا يُشْرِكُ الْحَاكِمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فِيهِ، لَكِنْ فِي سم عَلَى حَجّ أَنَّ الْحَاكِمَ يَنْتَزِعُ النِّصْفَ مِنْ غَيْرِ الْكَامِلِ وَيَجْعَلُهُ تَحْتَ يَدِ مَنْ شَاءَ مِنْ الْكَامِلِ الْمُزَاحِمِ لَهُ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمْنَا مَا فِيهِ. (قَوْلُهُ: فَالْتَقَطَهُ) أَيْ بِأَنْ تَنَاوَلَهُ بِيَدِهِ وَلَهُ الْعَمَلُ بِعِلْمِهِ فِي هَذَا (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ ضَبْطُهُ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ قَامَ الْمُسْلِمُونَ بِكِفَايَتِهِ، وَالْفَرْقُ اخْتِلَافُ الْمُدْرَكِ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: بِغِنَى الزَّكَاةِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ غِنَاهُ بِكَسْبٍ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا غِنَى الْمَالِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْفُقَرَاءِ حَيْثُ يَدْخُلُ فِيهِمْ الْغَنِيُّ بِكَسْبٍ وَيُشْعِرُ بِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ وَقَدْ يُوَاسِيهِ إلَخْ. نَعَمْ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا كَسُوبًا وَالْآخَرُ لَا كَسْبَ لَهُ وَلَا مَالَ قُدِّمَ ذُو الْكَسْبِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَرْفَقُ بِهِ غَالِبًا) وَقَدْ يُقَالُ الْغَنِيُّ مُطْلَقًا أَرْفَقُ بِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا كَانَ الْأَوَّلُ بَخِيلًا) ظَاهِرُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ:: فَبَاطِلٌ) أَيْ: مَا لَمْ يَقُلْ لَهُ الْتَقِطْ عَنِّي وَإِلَّا فَهُوَ نَائِبُهُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَافِرًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ

اللَّقِيطِ لَا تَجِبُ عَلَى مُلْتَقَطِهِ (وَعَدْلٍ) بَاطِنًا (عَلَى مَسْتُورٍ) احْتِيَاطًا لِلَّقِيطِ، وَلَا يُقَدَّمُ مُسْلِمٌ عَلَى كَافِرٍ فِي مَحْكُومٍ بِكُفْرِهِ، وَلَا امْرَأَةٌ عَلَى رَجُلٍ وَإِنْ كَانَتْ أَصْبَرَ عَلَى التَّرْبِيَةِ مِنْهُ إلَّا مُرْضِعَةً فِي رَضِيعٍ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَإِلَّا خَلِيَّةً فَتُقَدَّمُ عَلَى الْمُتَزَوِّجَةِ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَمَا بَحَثَهُ أَيْضًا مِنْ تَقْدِيمِ بَصِيرٍ عَلَى أَعْمَى، وَسَلِيمٍ عَلَى مَجْزُومٍ أَوْ أَبْرَصَ صَحِيحٌ حَيْثُ ثَبَتَتْ لَهُمْ الْوِلَايَةُ بِالشَّرْطِ الْمَارِّ (فَإِنْ اسْتَوَيَا) فِي الصِّفَاتِ الْمُعْتَبَرَةِ وَتَشَاحَّا (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا لِانْتِفَاءِ الْمُرَجِّحِ وَلِعَدَمِ مَيْلِهِ إلَيْهِمَا طَبْعًا لَمْ يُخَيَّرْ الْمُمَيِّزُ وَاجْتِمَاعُهُمَا مُشْقٍ كَالْمُهَايَأَةِ بَيْنَهُمَا، وَلَيْسَ لِلْقَارِعِ تَرْكُ حَقِّهِ كَالْمُنْفَرِدِ بِخِلَافِهِ قَبْلَ الْقُرْعَةِ. (وَإِذَا وُجِدَ بَلَدِيٌّ) أَوْ قَرَوِيٌّ أَوْ بَدَوِيٌّ (لَقِيطًا بِبَلَدٍ) أَوْ قَرْيَةٍ (فَلَيْسَ لَهُ نَقْلُهُ إلَى بَادِيَةٍ) لِخُشُونَةِ عَيْشِهَا وَفَوَاتِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَالصَّنْعَةِ فِيهَا، وَسَوَاءٌ أَكَانَ السَّفَرُ بِهِ لِلنَّقْلَةِ أَمْ غَيْرِهَا كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّاهُ. نَعَمْ لَوْ قَرُبَتْ الْبَادِيَةُ مِنْ الْبَلَدِ أَوْ الْقَرْيَةِ بِحَيْثُ يَحْصُلُ ذَلِكَ الْمُرَادُ مِنْهَا: أَيْ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ كَبِيرَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ جَازَ النَّقْلُ إلَيْهَا لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ، قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ. وَيَمْتَنِعُ أَيْضًا نَقْلُهُ مِنْ بَلْدَةٍ إلَى قَرْيَةٍ لِمَا مَرَّ، وَالْبَادِيَةُ خِلَافُ الْحَاضِرَةِ وَهِيَ الْعِمَارَةُ، فَإِنْ قَلَّتْ فَقَرْيَةٌ أَوْ كَبُرَتْ فَبَلَدٌ أَوْ عَظُمَتْ فَمَدِينَةٌ، أَوْ كَانَتْ ذَاتَ زَرْعٍ وَخَصْبٍ فَرِيفٌ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ) أَيْ الْمُلْتَقِطِ (نَقْلُهُ) أَيْ اللَّقِيطِ مِنْ بَلَدٍ وُجِدَ فِيهِ (إلَى بَلَدٍ آخَرَ) وَلَوْ لِلنَّقْلَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُ وَصَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ الْمَارِّ لَكِنْ يُشْتَرَطُ تَوَاصُلُ الْأَخْبَارِ وَأَمْنُ الطَّرِيقِ وَإِلَّا امْتَنَعَ وَلَوْ لَهُ لِدُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ. وَالثَّانِي يَمْتَنِعُ بِنَاءً عَلَى الْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ، وَلَمْ يُفَرِّقْ الْجُمْهُورُ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ بَيْنَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَدُونَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِمَا قَطَعَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ الْجَوَازِ فِيمَا دُونَهَا (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ لِلْغَرِيبِ إذَا اُلْتُقِطَ بِبَلَدٍ أَنْ يَنْقُلَهُ إلَى بَلَدِهِ) بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِيمَا يَظْهَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَإِنْ أَفْرَطَ فِي الْبُخْلِ وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ مَا نَصُّهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ: أَيْ مِنْ كَوْنِ حَظِّ الطِّفْلِ عِنْدَ الْغَنِيِّ أَكْثَرُ أَنَّهُ لَوْ عُلِمَ شُحُّ الْغَنِيِّ شُحًّا مُفْرِطًا قُدِّمَ الْفَقِيرُ الَّذِي لَيْسَ كَذَلِكَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْحَظَّ حِينَئِذٍ عِنْدَ الْفَقِيرِ أَكْثَرُ اهـ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَسْتُورٍ) صَادِقٍ مَعَ فَقْرِ الْعَدْلِ وَغِنَى الْمَسْتُورِ وَهُوَ الْمُتَّجَهُ، لِأَنَّ مَصْلَحَةَ الْعَدَالَةِ بَاطِنًا أَرْجَحُ مِنْ مَصْلَحَةِ الْغِنَى مَعَ السِّتْرِ إذْ قَدْ لَا يَكُونُ عَدْلًا فِي الْبَاطِنِ وَيَسْتَرِقُّهُ لِعَدَمِ الدَّيَّانَةِ الْمَانِعَةِ لَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُقَدَّمُ مُسْلِمٌ عَلَى كَافِرٍ) هَلَّا كَانَ الْمُسْلِمُ بِالنِّسْبَةِ لِلْكَافِرِ كَالْعَدْلِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَسْتُورِ لِمَزِيدِ مَزِيَّةِ عَدَالَةِ الْمُسْلِمِ كَمَزِيدِ مَزِيَّةِ الْعَدْلِ بَاطِنًا اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ الْمَسْتُورُ قَدْ يَكُونُ فَاسِقًا بَاطِنًا فَلَا يَكُونُ أَهْلًا لِلِالْتِقَاطِ، بِخِلَافِ الْكَافِرِ الْعَدْلِ فِي دِينِهِ فَإِنَّ أَهْلِيَّتَهُ لِلِالْتِقَاطِ مُحَقَّقَةٌ فَكَانَ مَعَ الْمُسْلِمِ كَمُسْلِمَيْنِ تَفَاوَتَا فِي الْعَدَالَةِ الْمُحَقَّقَةِ أَوْ الْغِنَى (قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ مِنْ عَادَتِهِ أَنْ لَا يَأْتِيَ بَيْتَ زَوْجَتِهِ إلَّا أَحْيَانًا أَوْ كَانَتْ صَنْعَتُهُ نَهَارًا وَلَا يَأْتِي زَوْجَتَهُ إلَّا بَعْدَ حِصَّةٍ مِنْ اللَّيْلِ، لِأَنَّهُ رُبَّمَا صَادَفَ وَقْتُ مَجِيئِهِ احْتِيَاجَ الطِّفْلِ إلَى مَنْ يَقُومُ بِهِ لِاشْتِغَالِ الْمَرْأَةِ بِأَمْرِ زَوْجِهَا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بِإِذْنِ الزَّوْجِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ لَهَا بِإِذْنِهِ بِأَنَّ زَمَنَ الْإِجَارَةِ لَا يَسْتَغْرِقُ الزَّمَنَ بِتَمَامِهِ فَلَيْسَ فِيهِ تَفْوِيتٌ عَلَى الزَّوْجِ بِخِلَافِهِ هُنَا. (قَوْلُهُ: بِالشَّرْطِ الْمَارِّ) هُوَ عَدَمُ تَعَهُّدِهِمْ أَنْفُسَهُمْ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلْقَارِعِ) أَيْ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ، وَقَوْلُهُ تَرْكُ حَقِّهِ: أَيْ فَيَأْثَمُ وَهَلْ يَسْقُطُ حَقُّهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الثَّانِي فَيُلْزِمُهُ بِهِ الْقَاضِي لِأَنَّهُ بِالْتِقَاطِهِ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ تَرْبِيَتُهُ. . (قَوْلُهُ: فَرِيفٌ) قَضِيَّتُهُ اعْتِبَارُ الْعِمَارَةِ فِي مُسَمَّى الرِّيفِ، وَظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْمَنَاهِي خِلَافُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ تَسْمِيَتُهَا عِمَارَةً بِاعْتِبَارِ صَلَاحِيَّتِهَا لِلزَّرْعِ وَنَحْوِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ مِنْ تَسْمِيَةِ تَهْيِئَةِ الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ وَنَحْوِهَا عِمَارَةً، إلَّا أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ يُبْعِدُهُ جَعْلُهُ الْعِمَارَةَ مُقَسَّمًا ثُمَّ تَقْسِيمُهَا إلَى الرِّيفِ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُشْتَرَطُ تَوَاصُلُ الْأَخْبَارِ) أَيْ عَلَى الْعَادَةِ. (قَوْلُهُ: بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ) هُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَلْقُوطُ كَافِرًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا خَلِيَّةً) الْأَوْلَى وَتُقَدَّمُ خَلِيَّةٌ عَلَى مُزَوَّجَةٍ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ تَنَازُعُ امْرَأَةٍ وَرَجُلٍ (قَوْلُهُ: لِلنُّقْلَةِ أَمْ غَيْرِهَا) شَمِلَ مَا إذَا كَانَ يَرْجِعُ بِهِ عَنْ قُرْبٍ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) اُنْظُرْ مَا مُرَادُهُ بِهِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى الْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ)

لِمَا مَرَّ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِلْمَعْنَى الثَّانِي وَهُوَ ضَيَاعُ النَّسَبِ. وَمَحِلُّ الْخِلَافِ فِي الْمُخْتَبَرِ فَإِنْ جُهِلَ حَالُهُ لَمْ يُقَرَّ قَطْعًا وَحَيْثُ مُنِعَ نُزِعَ مِنْ يَدِهِ لِئَلَّا يُسَافِرَ بِهِ بَغْتَةً وَمِنْ ثَمَّ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ الْتَزَمَ الْإِقَامَةَ وَوُثِقَ مِنْهُ بِهَا أُقِرَّ بِيَدِهِ، وَهَذِهِ مُغَايِرَةٌ لِلَّتِي قَبْلَهَا لِإِفَادَةِ هَذِهِ أَنَّهُ غَرِيبٌ بِأَحَدِهِمَا فَقَطْ، وَصَدَّقَ الْأُولَى بِمَا لَوْ كَانَ مُقِيمًا بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا أَوْ غَرِيبًا عَنْهُمَا وَإِنْ تَوَهَّمَ بَعْضُهُمْ اتِّحَادَهُمَا. نَعَمْ لَوْ قَالَ أَوَّلًا وَلَوْ غَرِيبًا أَفَادَ ذَلِكَ مَعَ الِاخْتِصَارِ (وَإِنْ وَجَدَهُ) بَلَدِيٌّ (بِبَادِيَةٍ آمِنَةٍ فَلَهُ نَقْلُهُ إلَى بَلَدٍ) وَإِلَى قَرْيَةٍ لِأَنَّهُ أَرْفَقُ بِهِ. أَمَّا غَيْرُ آمِنَةٍ فَيَجِبُ نَقْلُهُ إلَى مَأْمَنٍ وَإِنْ بَعُدَ (وَإِنْ وَجَدَهُ بَدَوِيٌّ) وَهُوَ سَاكِنُ الْبَدْوِ (بِبَلَدٍ فَكَالْحَضَرِيِّ) فَإِنْ أَقَامَ بِهِ فَذَاكَ، وَإِلَّا لَمْ يَنْقُلْهُ لِأَدْوَنَ مِنْ مَحِلِّ وُجُودِهِ بَلْ لِمِثْلِهِ أَوْ أَعْلَى بِالشَّرْطَيْنِ السَّابِقَيْنِ (أَوْ) وَجَدَهُ بَدَوِيٌّ (بِبَادِيَةٍ أُقِرَّ بِيَدِهِ) لَكِنْ يَلْزَمُهُ نَقْلٌ مِنْ غَيْرِ آمِنَةٍ إلَيْهَا (وَقِيلَ إنْ كَانُوا يَنْتَقِلُونَ لِلنُّجْعَةِ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ: (أَيْ لِطَلَبِ الرَّعْيِ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يُقَرَّ) بِيَدِهِ لِأَنَّ فِيهِ تَضْيِيعًا لِنَسَبِهِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُقَرُّ لِأَنَّ أَطْرَافَ الْبَادِيَةِ مِنْ الْبَلْدَةِ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ لَهُ نَقْلَهُ مِنْ بَلَدٍ أَوْ قَرْيَةٍ أَوْ بَادِيَةٍ لِمِثْلِهِ وَلِأَعْلَى مِنْهُ لَا لِدُونِهِ وَإِنْ شَرَطَ جَوَازَ النَّقْلِ مُطْلَقًا إنْ أُمِنَ الطَّرِيقُ وَالْمَقْصِدُ وَتُوَاصِلُ الْأَخْبَارِ وَاخْتِبَارُ أَمَانَةِ الْمُلْتَقِطِ (وَنَفَقَتُهُ فِي مَالِهِ) كَغَيْرِهِ (الْعَامِّ كَوَقْفٍ عَلَى اللُّقَطَاءِ) وَمُوصًى بِهِ لَهُمْ وَإِنَّمَا صَحَّ الْوَقْفُ عَلَيْهِمْ مَعَ عَدَمِ تَحَقُّقِ وُجُودِهِمْ لِأَنَّ الْجِهَةَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا تَحَقُّقُ الْوُجُودِ بَلْ يَكْفِي إمْكَانُهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ فِي الْوَقْفِ، وَنَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ، وَإِضَافَةُ الْمَالِ الْعَامِّ إلَيْهِ لِاسْتِحْقَاقِهِ الصَّرْفَ عَلَيْهِ مِنْهُ وَإِلَّا فَهُوَ تَجَوُّزٌ، إذْ هُوَ حَقِيقَةٌ لِلْجِهَةِ الْعَامَّةِ وَلَيْسَ مَمْلُوكًا لَهُ، وَأَفَادَ السُّبْكِيُّ عَدَمَ الصَّرْفِ لَهُ مِنْ وَقْفِ الْفُقَرَاءِ لِأَنَّ وَصْفَهُ بِالْفَقْرِ غَيْرُ مُحَقَّقٍ فِيهِ، لَكِنْ خَالَفَهُ الْأَذْرَعِيُّ اكْتِفَاءً بِظَاهِرِ الْحَالِ مِنْ كَوْنِهِ فَقِيرًا، وَهُوَ أَوْجَهُ (أَوْ الْخَاصِّ، وَهُوَ مَا اُخْتُصَّ بِهِ كَثِيَابٍ مَلْفُوفَةٍ عَلَيْهِ) فَمَلْبُوسُهُ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ أَوْلَى وَلِهَذَا أَسْقَطَهُ الْمُصَنِّفُ (وَمَفْرُوشُهُ تَحْتَهُ) وَمُغَطًّى بِهَا وَدَابَّةٍ عَنَانُهَا بِيَدِهِ أَوْ مَشْدُودَةٌ بِوَسَطِهِ أَوْ رَاكِبًا عَلَيْهَا (وَمَا فِي جَيْبِهِ مِنْ دَرَاهِمَ وَغَيْرِهَا وَمَهْدِهِ) الَّذِي هُوَ فِيهِ (وَدَنَانِيرَ مَنْثُورَةٍ فَوْقَهُ وَتَحْتَهُ) بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ لَهُ يَدًا وَاخْتِصَاصًا كَالْبَالِغِ، وَالْأَصْلُ الْحُرِّيَّةُ مَا لَمْ يُعْرَفْ غَيْرُهَا. وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ تَقْدِيمُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ، فَإِنْ حُمِلَتْ أَوْ فِي كَلَامِهِ عَلَى التَّنْوِيعِ لَمْ يُرَدَّ ذَلِكَ (وَإِنْ وُجِدَ) وَحْدَهُ (فِي دَارٍ) مَثَلًا أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSتَوَاصُلُ الْأَخْبَارِ وَأَمْنُ الطَّرِيقِ، وَأَرَادَ بِأَمْنِ الطَّرِيقِ مَا يَشْمَلُ الْمَقْصِدَ، فَلَا يُقَالُ سَيَأْتِي لَهُ فِي قَوْلِهِ وَإِنَّ شَرْطَ جَوَازِ النَّقْلِ مُطْلَقًا أَمْنُ الطَّرِيقِ وَالْمَقْصِدُ وَتُوَاصِلُ الْأَخْبَارِ وَأَنَّهُ عَدَّ الشُّرُوطَ ثَلَاثَةً (قَوْلُهُ فِي الْمُخْتَبَرِ) أَيْ بِالْأَمَانَةِ. (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ مُغَايِرَةٌ) إذْ الثَّانِيَةُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ أَخَصُّ مِنْ الْأُولَى فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُغَايِرَةِ تَبَايُنَهُمَا (قَوْلُهُ: وَصِدْقُ الْأُولَى) هَذَا لَا يَمْنَعُ أَنَّ تِلْكَ تُغْنِي عَنْ هَذِهِ بَلْ يَدُلُّ عَلَيْهِ: نَعَمْ قَدْ يُغْفَلُ عَنْ خُصُوصِ هَذِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: مِنْ مَحِلِّ وُجُودِهِ) أَيْ وَلَوْ مُحَلَّةٌ مِنْ بَلَدٍ اخْتَلَفَتْ مَحِلَّاتُهَا اهـ حَجّ. وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الشَّارِحِ السَّابِقِ: نَعَمْ لَوْ قَرُبَتْ الْبَادِيَةُ مِنْ الْبَلَدِ أَوْ الْقَرْيَةِ إلَخْ. لِإِمْكَانِ حَمْلِ مَا هُنَا عَلَى مَا لَوْ فَحَشَ الطَّرَفُ الْمَنْقُولُ إلَيْهِ عَنْ الْمَنْقُولِ مِنْهُ بِحَيْثُ يَحْصُلُ فِي الْعَوْدِ إلَى الْمَنْقُولِ مِنْهُ مَشَقَّةٌ كَبِيرَةٌ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ يَلْزَمُهُ نَقْلُهُ) أَيْ بِأَنْ يَنْتَقِلَ مَعَهُ إلَى الْآمِنَةِ إنْ كَانَتْ مَسْكَنُهُ غَيْرَهَا أَوْ يَقُمْ مَقَامَهُ أَمِينًا يَتَوَلَّى أَمْرَهُ فِي الْآمِنَةِ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْبَلْدَةِ) أَيْ قَرِيبَةً مِنْ أَطْرَافِ الْبَلْدَةِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوْجَهُ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ تَبَيَّنَ لَهُ مَالٌ أَوْ مُنْفِقٌ فَالْقِيَاسُ الرُّجُوعُ بِمَا صَرَفَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَشْدُودَةٌ بِوَسَطِهِ) أَيْ عِنَانُهَا مَشْدُودٌ بِوَسَطِهِ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَعْنِي ضَيَاعَ النِّسَبِ الْآتِيَةِ فِي كَلَامِهِ وَكَأَنَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّهُ قَدَّمَهَا. (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ) أَيْ مَسْأَلَةُ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: بَلَدِيٌّ) قَيَّدَ بِهِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَإِنْ وَجَدَهُ بَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَالْمَقْصِدُ) لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ) إلَّا أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَيَّهمَا الْمُقَدَّمَ

حَانُوتٍ لَا يُعْلَمُ لِغَيْرِهِ (فَهِيَ) أَيْ الدَّارُ وَنَحْوُهَا (لَهُ) لِلْيَدِ مِنْ غَيْرِ مُزَاحِمٍ، فَإِنْ وُجِدَ فِيهَا غَيْرُهُ كَلَقِيطَيْنِ أَوْ لَقِيطٍ وَغَيْرِهِ فَلَهُمَا كَمَا لَوْ كَانَا عَلَى دَابَّةٍ، فَلَوْ رَكِبَهَا أَحَدُهُمَا وَقَادَهَا الْآخَرُ فَلِلْأَوَّلِ فَقَطْ لِتَمَامِ الِاسْتِيلَاءِ وَمَا فِي الرَّوْضَةِ عَنْ ابْنِ كَجٍّ مِنْ أَنَّهَا بَيْنَهُمَا وَجْهٌ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لِلرَّاكِبِ، وَأَلْحَقَ بِذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ أَيْضًا مَا لَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ مَرْبُوطَةً بِوَسَطِهِ وَعَلَيْهَا رَاكِبٌ مُعْتَرِضًا بِذَلِكَ قَوْلَ الشَّيْخَيْنِ إنَّهَا بَيْنَهُمَا. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِأَنَّ السَّائِقَ يَكُونُ آلَةً لِلرَّاكِبِ وَمُعِينًا لَهُ فَلَا يَدَ لَهُ مَعَهُ بِخِلَافِ مَا هُنَا، فَإِنْ رَبْطَهَا بِوَسَطِ الطِّفْلِ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى أَنَّ لَهُ فِيهَا يَدًا، وَيَدُ الرَّاكِبِ لَيْسَتْ مُعَاوِضَةً لَهَا فَقُسِمَتْ بَيْنَهُمَا، هَذَا وَالْأَوْجَهُ فِيهَا أَيْضًا أَنَّ الْيَدَ لِلرَّاكِبِ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا، وَلَوْ كَانَ عَلَى الدَّابَّةِ الْمَحْكُومِ بِكَوْنِهَا لَهُ شَيْءٌ فَلَهُ أَيْضًا، وَلَا يُحْكَمُ لَهُ بِبُسْتَانٍ وُجِدَ فِيهِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ كَمَا رَجَّحَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، بِخِلَافِ الدَّارِ لِأَنَّ سُكْنَاهَا تَصَرُّفٌ وَالْحُصُولُ فِي الْبُسْتَانِ لَيْسَ تَصَرُّفًا وَلَا سُكْنَى. وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يُسْكَنُ عَادَةً فَهُوَ كَالدَّارِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَا بِضَيْعَةٍ وُجِدَ فِيهَا كَمَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ يَنْبَغِي الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَا يُحْكَمُ لَهُ بِهَا، وَأَخَذَ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمَزْرَعَةُ الَّتِي لَمْ تَجْرِ عَادَةٌ بِسُكْنَاهَا، وَالْمُرَادُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ بِكَوْنِ مَا ذُكِرَ لَهُ صَلَاحِيَّتُهُ لِلتَّصَرُّفِ فِيهِ وَدَفْعِ الْمُنَازِعِ لَهُ، لَا أَنَّهُ طَرِيقٌ لِلْحُكْمِ بِصِحَّةِ مِلْكِهِ ابْتِدَاءً فَلَا يَسُوغُ لِلْحَاكِمِ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ ثَبَتَ عِنْدِي أَنَّهُ مِلْكُهُ وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِيمَا لَوْ وُجِدَ عَلَى عَتَبَةِ الدَّارِ لَكِنَّهُ فِي هَوَائِهَا، وَالْأَقْرَبُ لَا لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى فِيهَا عُرْفًا سِيَّمَا إنْ كَانَ بَابُهَا مَقْفُولًا، بِخِلَافِ وُجُودِهِ بِسَطْحِهَا الَّذِي لَا مِصْعَدَ لَهُ مِنْهَا لِأَنَّ هَذَا يُسَمَّى فِيهَا عُرْفًا (وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ مَدْفُونٌ تَحْتَهُ) بِمَحِلٍّ لَمْ يُحْكَمْ بِمِلْكِهِ لَهُ كَكَبِيرٍ جَلَسَ عَلَى أَرْضٍ تَحْتَهَا دَفِينٌ وَإِنْ كَانَ بِهَا وَرَقَةٌ مُتَّصِلَةٌ بِهِ أَنَّهُ لَهُ. نَعَمْ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ اتَّصَلَ خَيْطٌ بِالدَّفِينِ وَرُبِطَ بِنَحْوِ ثَوْبِهِ قُضِيَ لَهُ بِهِ لَا سِيَّمَا إنْ انْضَمَّتْ الرُّقْعَةُ إلَيْهِ. أَمَّا مَا وُجِدَ بِمَكَانٍ حُكِمَ بِأَنَّهُ لَهُ فَهُوَ لَهُ تَبَعًا لِلْمَكَانِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ (وَكَذَا ثِيَابٌ) وَدَوَابٌّ (وَأَمْتِعَةٌ مَوْضُوعَةٌ بِقُرْبِهِ) فِي غَيْرِ مِلْكِهِ إنْ لَمْ تَكُنْ تَحْتَ يَدِهِ (فِي الْأَصَحِّ) كَمَا لَوْ بَعُدَتْ عَنْهُ، وَفَارَقَ الْبَالِغُ حَيْثُ حُكِمَ لَهُ بِأَمْتِعَةٍ مَوْضُوعَةٍ بِقُرْبِهِ عُرْفًا كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ لَهُ رِعَايَةً. وَالثَّانِي أَنَّهَا لَهُ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ حُكِمَ بِأَنَّ الْمَكَانَ لَهُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ أَيْضًا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ، وَصَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي نُكَتِهِ، وَخَرَجَ بِقُرْبِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَانَ أَوْضَحَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ كَوْنَ شَدِّهَا بِوَسَطِهِ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُ الْوَسَطِ بَقِيَّةُ أَعْضَائِهِ (قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بِذَلِكَ) أَيْ بِالرَّاكِبِ. (قَوْلُهُ: أَنَّ الْيَدَ لِلرَّاكِبِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عِنَانُهَا مَشْدُودًا بِوَسَطِ الْآخَرِ أَوْ بِيَدِهِ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَقَوْلُهُ إنَّهُ لَوْ كَانَ أَيْ الْبُسْتَانُ. (قَوْلُهُ: ثَبَتَ عِنْدِي أَنَّ مِلْكَهُ) أَيْ وَفَائِدَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَاهُ أَحَدٌ بِبَيِّنَتِهِ سُلِّمَ لِلْمُدَّعِي. (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ فِي هَوَائِهَا) بِأَنْ كَانَ عُلُوُّ الْعَتَبَةِ جُزْءًا مِنْ الدَّارِ، بِخِلَافِ مَا إذَا خَرَجَتْ الْعَتَبَةُ عَنْ سَمْتِ الدَّارِ فَلَا يُحْكَمُ لَهُ بِهَا قَطْعًا. (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ لَا) أَيْ عَدَمُ الْحُكْمِ بِكَوْنِهَا لَهُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ قُضِيَ لَهُ بِهِ: أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَحِلٍّ يُعْلَمُ أَنَّهُ مِلْكُ الْغَيْرِ اللَّقِيطِ. أَمَّا لَوْ كَانَ كَذَلِكَ صُدِّقَ صَاحِبُ الْمَكَانِ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَى الْبَيْتِ وَعَلَى مَا فِيهِ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُقْسَمُ بَيْنَ اللَّقِيطِ وَصَاحِبِ الْبَيْتِ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَدًا. (قَوْلُهُ: وَكَذَا ثِيَابٌ وَدَوَابٌّ) أَيْ وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ عَرَفَ رِقَّ عَبْدٍ بِطَرِيقٍ مِنْ الطُّرُقِ وَوَجَدَ ذَلِكَ الرَّقِيقَ مَرْبُوطًا بِوَسَطِ اللَّقِيطِ فَنَحْكُمُ بِذَلِكَ الرَّقِيقِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مَا لَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ مَرْبُوطَةً) إلَخْ أَيْ: فَهِيَ لِلرَّاكِبِ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ السَّائِقَ) الْمُنَاسِبُ لِمَا قَبْلَهُ بِأَنَّ الْقَائِدَ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ) أَيْ غَيْرُ الْمَالِكِ تَحْتَ يَدِهِ، أَمَّا لَوْ كَانَ تَحْتَ يَدِهِ بِنَحْوِ إجَارَةٍ فَإِنَّ مَا فِيهِ يَكُونُ لَهُ.

الْبَعِيدُ فَلَا يَكُونُ لَهُ جَزْمًا (فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَالٌ) خَاصٌّ وَلَا عَامٌّ (فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ) وَلَوْ مَحْكُومًا بِكُفْرِهِ خِلَافًا لِمَا فِي الْكِفَايَةِ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ لِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً لِلْمُسْلِمِينَ إذَا بَلَغَ بِالْجِزْيَةِ (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ مَجَّانًا كَمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ وَقِيَاسًا عَلَى الْبَالِغِ الْمُعْسِرِ بَلْ أَوْلَى، وَالثَّانِي الْمَنْعُ بَلْ يُقْتَرَضُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ غَيْرِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَظْهَرَ لَهُ مَالٌ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْءٌ أَوْ كَانَ وَثَمَّ مَا هُوَ أَهَمُّ مِنْهُ أَوْ مَنَعَ مُتَوَلِّيهِ الْأَخْذَ مِنْهُ ظُلْمًا اقْتَرَضَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ إنْ رَآهُ وَإِلَّا (قَامَ الْمُسْلِمُونَ) أَيْ مَيَاسِيرُهُمْ، وَالْأَوْجَهُ ضَبْطُهُمْ بِمَنْ يَأْتِي فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ فَلَا يُعْتَبَرُ قُدْرَتُهُ بِالْكَسْبِ (بِكِفَايَتِهِ) وُجُوبًا (قَرْضًا) بِالْقَافِ أَيْ عَلَى جِهَتِهِ كَمَا يَلْزَمُهُمْ إطْعَامُ الْمُضْطَرِّ بِالْعِوَضِ (وَفِي قَوْلٍ نَفَقَةً) لِعَجْزِهِ، فَإِنْ امْتَنَعُوا كُلُّهُمْ قَاتَلَهُمْ الْإِمَامُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ كَوْنِهَا هُنَا قَرْضًا وَفِي بَيْتِ الْمَالِ مَجَّانًا بِأَنْ وَضَعَ بَيْتُ الْمَالِ الْإِنْفَاقَ عَلَى الْمُحْتَاجِينَ فَلَهُمْ فِيهِ حَقٌّ مُؤَكَّدٌ دُونَ مَالِ الْمَيَاسِيرِ، وَإِذَا لَزِمَهُمْ وَزَّعَهَا الْإِمَامُ عَلَى مَيَاسِيرِ بَلَدِهِ، فَإِنْ شَقَّ فَعَلَى مَنْ يَرَاهُ الْإِمَامُ مِنْهُمْ، فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي نَظَرِهِ تَخَيَّرَ، وَهَذَا إنْ لَمْ يَبْلُغْ اللَّقِيطُ، فَإِنْ بَلَغَ فَمِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ أَوْ الْمَسَاكِينِ أَوْ الْغَارِمِينَ، فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ سَيِّدٌ أَوْ قَرِيبٌ رَجَعَ عَلَيْهِ وَإِنْ ضَعَّفَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَمَا نُوزِعَ بِهِ مِنْ سُقُوطِ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ وَنَحْوِهِ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ يُرَدُّ بِمَا سَيَأْتِي أَنَّهَا تَصِيرُ دَيْنًا بِالِاقْتِرَاضِ (وَلِلْمُلْتَقِطِ الِاسْتِقْلَالُ بِحِفْظِ مَالِهِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِحِفْظِ الْمَالِكِ فَمَالُهُ أَوْلَى، وَقَيَّدَهُ الْأَذْرَعِيُّ بَحْثًا بِعَدْلٍ يَجُوزُ إيدَاعُ مَالِ الْيَتِيمِ عِنْدَهُ. وَالثَّانِي يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ الْقَاضِي، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَيْسَ لَهُ مُخَاصَمَةُ مَنْ نَازَعَهُ فِيهِ إلَّا بِوِلَايَةٍ مِنْ الْحَاكِمِ وَلِلْقَاضِي نَزْعُهُ مِنْهُ وَتَسْلِيمُهُ لِأَمِينٍ غَيْرِهِ يُبَاشِرُ الْإِنْفَاقَ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ اللَّائِقِ بِهِ أَوْ يُسَلِّمُهُ لِلْمُلْتَقِطِ يَوْمًا بِيَوْمٍ (وَلَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSلِلَّقِيطِ. (قَوْلُهُ: الْبَعِيدُ) أَيْ عُرْفًا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَحْكُومًا بِكُفْرِهِ) هُوَ ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ دَارِ الْحَرْبِ. أَمَّا هِيَ فَإِنْ أَخَذَهُ بِقَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ. وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ فَهَلْ يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إلَخْ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ أَخْذَهُ لَهُ صَيَّرَهُ كَأَنَّهُ فِي أَمَانِهِ. (قَوْلُهُ: اقْتَرَضَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى اللَّقِيطِ لَا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الْخَطِيبِ مَا نَصُّهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْءٌ أَوْ كَانَ ثَمَّ مَا هُوَ أَهَمُّ مِنْ ذَلِكَ كَسَدِّ ثَغْرٍ يَعْظُمُ ضَرَرُهُ لَوْ تُرِكَ أَوْ حَالَتْ الظُّلْمَةُ دُونَهُ اقْتَرَضَ لَهُ الْإِمَامُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي ذِمَّةِ اللَّقِيطِ كَالْمُضْطَرِّ إلَى الطَّعَامِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الِاقْتِرَاضُ قَامَ الْمُسْلِمُونَ إلَخْ اهـ. (قَوْلُهُ: مِمَّنْ يَأْتِي فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ) أَيْ وَهُوَ مِمَّنْ زَادَ دَخْلُهُ عَلَى خَرْجِهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ عَلَى جِهَتِهِ) وَالْمُرَادُ أَنَّهُ عَلَى الطِّفْلِ لَا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ كَمَا يَلْزَمُهُمْ إلَخْ، ثُمَّ إنَّ مَا ظَهَرَ لَهُ مَالٍ قَضَى مِنْهُ وَإِلَّا فَهُوَ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ كَغَيْرِ اللَّقِيطِ الْمُعْسِرِ (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَ كَوْنِهَا هُنَا) هَذَا الْفَرْقُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ بَانَ لَهُ مَالٌ أَوْ مُنْفِقٌ اهـ سم، وَهُوَ صَرِيحُ قَوْلِ الشَّارِحِ قُبِلَ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ مَجَّانًا. (قَوْلُهُ: وَإِذَا لَزِمَهُمْ) أَيْ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: فَمِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ أَوْ الْمَسَاكِينِ إلَخْ) أَيْ بِحَسَبِ مَا يَقْتَضِيهِ حَالُهُ مِنْ كَوْنِهِ فَقِيرًا إلَخْ لَا أَنَّهُ يَأْخُذُ بِجَمِيعِهَا (قَوْلُهُ: رَجَعَ عَلَيْهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْإِنْفَاقُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ مِنْ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مَجَّانًا لِجَوَازِ حَمْلِهِ عَلَى مَنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَالٌ وَلَا مُنْفِقٌ وَحُمِلَ مَا هُنَا عَلَى خِلَافِهِ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ مَا مَرَّ عَنْ سم أَنَّ هَذَا مَفْرُوضٌ فِي مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ، وَالْأَقْرَبُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ لِأَنَّهُ حَيْثُ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ تَبَيَّنَ عَدَمُ الْوُجُوبِ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ أَوْ يُقَالُ هُوَ مَفْرُوضٌ فِيمَنْ بَلَغَ (قَوْلُهُ: بِعَدْلٍ يَجُوزُ إيدَاعُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ أَمِينًا آمِنًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَهَذَا إذَا لَمْ يَبْلُغْ اللَّقِيطُ) يَعْنِي: كَوْنَ مَا يُنْفِقُهُ عَلَيْهِ الْمَيَاسِيرُ قَرْضًا خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَمَا نُوزِعَ بِهِ) هَذِهِ الْمُنَازَعَةُ هِيَ وَجْهُ تَضْعِيفِ الرَّوْضَةِ وَعِبَارَتِهَا. قُلْت اعْتِبَارُهُ: يَعْنِي الرَّافِعِيَّ الْقَرِيبَ غَرِيبٌ قَلَّ مَنْ ذَكَرَهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ فَإِنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ انْتَهَتْ. فَكَانَ الْأَوَّلُ لِلشَّارِحِ خِلَافَ هَذَا السِّيَاقِ (قَوْلُهُ: أَوْ يُسَلِّمُهُ لِلْمُلْتَقِطِ) اُنْظُرْ مَا مَرْجِعُ الضَّمِيرِ فِي يُسَلِّمُهُ.

[فصل في الحكم بإسلام اللقيط]

إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي قَطْعًا) أَيْ الْأَصَحُّ وَمُقَابِلُهُ لِأَنَّ وِلَايَةَ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ لَا تَثْبُتُ إلَّا لِأَصْلٍ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ حَاكِمٍ أَوْ أَمِينِهِ، فَإِنْ أَنْفَقَ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَانَ ضَامِنًا: أَيْ حَيْثُ أَمْكَنَتْ مُرَاجَعَتُهُ وَإِلَّا أَنْفَقَ وَأَشْهَدَ وُجُوبًا، وَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ كُلَّ مَرَّةٍ فِيهِ حَرَجٌ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ تَكْلِيفِهِ ذَلِكَ كُلَّ مَرَّةٍ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ. . فَصْلٌ فِي الْحُكْمِ بِإِسْلَامِ اللَّقِيطِ وَغَيْرِهِ وَكُفْرِهِمَا بِالتَّبَعِيَّةِ لِلدَّارِ أَوْ غَيْرِهَا (إذَا وُجِدَ لَقِيطٌ بِدَارِ الْإِسْلَامِ) وَمِنْهَا مَا عُلِمَ كَوْنُهُ مَسْكَنًا لِلْمُسْلِمِينَ وَلَوْ فِي زَمَنٍ قَدِيمٍ فَغَلَبَ عَلَيْهِ الْكُفَّارُ كَقُرْطُبَةَ نَظَرًا لِاسْتِيلَائِنَا الْقَدِيمِ، لَكِنْ نَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ مَحِلَّهُ إنْ لَمْ يَمْنَعُونَا مِنْهَا وَإِلَّا فَهِيَ دَارُ كُفْرٍ، وَأَجَابَ عَنْهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا صَارَتْ دَارَ كُفْرٍ صُورَةً لَا حُكْمًا (وَ) إنْ كَانَ (فِيهَا أَهْلُ ذِمَّةٍ) أَوْ عَهْدٍ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ (أَوْ) وُجِدَ (بِدَارٍ فَتَحُوهَا) أَيْ الْمُسْلِمُونَ (وَأَقَرُّوهَا بِيَدِ كُفَّارٍ صُلْحًا) أَيْ عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ (أَوْ) أَقَرُّوهَا بِيَدِهِمْ (بَعْدَ مِلْكِهَا بِجِزْيَةٍ وَفِيهَا) أَيْ الدَّارِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ حَتَّى فِي الْأُولَى كَمَا قَالَهُ الدَّارِمِيُّ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ غَيْرُهُ، وَالْأَخِيرَتَانِ دَارُ الْإِسْلَامِ كَمَا قَالَاهُ وَإِنَّ نَظَرَ السُّبْكِيُّ فِي الثَّانِيَةِ (مُسْلِمٌ) يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ وَلَوْ مُجْتَازًا (حُكِمَ بِإِسْلَامِ اللَّقِيطِ) تَغْلِيبًا لِدَارِ الْإِسْلَامِ لِخَبَرِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ «الْإِسْلَامُ يَعْلُوَا وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ» وَحَيْثُ لَا ذِمِّيَّ ثَمَّ فَمُسْلِمٌ بَاطِنًا وَإِلَّا فَظَاهِرًا فَقَطْ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مُسْلِمٌ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ فَهُوَ كَافِرٌ، وَاكْتُفِيَ هُنَا بِالْمُجْتَازِ تَغْلِيبًا لِحُرْمَةِ دَارِنَا بِخِلَافِهِ فِي قَوْلِهِ (وَإِنْ وُجِدَ بِدَارِ كُفَّارٍ فَكَافِرٌ إنْ لَمْ يَسْكُنْهَا مُسْلِمٌ) فَاجْتِيَازُهُ فِيهَا لَا اعْتِبَارَ بِهِ (وَإِنْ سَكَنَهَا مُسْلِمٌ) يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ (كَأَسِيرٍ) مُنْتَشِرٍ (وَتَاجِرٍ فَمُسْلِمٌ فِي الْأَصَحِّ) تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ، فَلَوْ أَنْكَرَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَيْ حَيْثُ أَمْكَنَتْ مُرَاجَعَتُهُ) أَيْ بِأَنْ سَهُلَ اسْتِئْذَانُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ وَلَا بَذْلِ مَالٍ وَإِنْ قَلَّ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ تَكْلِيفِهِ ذَلِكَ كُلَّ مَرَّةٍ) أَيْ وَيُصَدَّقُ فِي قَدْرِ الْإِنْفَاقِ إنْ كَانَ لَائِقًا بِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا، وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا أَذِنَ لِوَالِدِ زَوْجَتِهِ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى بِنْتِهِ وَوَلَدَيْهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ خَمْسَةَ أَنْصَافٍ مِنْ الْفِضَّةِ الْعَدَدِيَّةِ مُدَّةَ غِيبَتِهِ، ثُمَّ إنَّ الشُّهُودَ شَهِدُوا بِأَنَّهُ أَنْفَقَ مَا أَذِنَ لَهُ فِي إنْفَاقِهِ وَهُوَ الْخَمْسَةُ أَنْصَافٍ جَمِيعَ الْمُدَّةِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِكَوْنِهِمْ شَاهَدُوا الْإِنْفَاقَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَهُوَ أَنَّ الْحَقَّ يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَنُصُّوا عَلَى أَنَّهُمْ رَأَوْا ذَلِكَ فِي كُلِّ يَوْمٍ، وَيَجُوزُ لَهُمْ الْإِقْدَامُ عَلَى ذَلِكَ لِرُؤْيَةِ أَصْلِ النَّفَقَةِ مِنْهُ وَالتَّعْوِيلُ عَلَى الْقَرَائِنِ الظَّاهِرَةِ فِي أَدَاءِ النَّفَقَةِ. (فَصْلٌ) فِي الْحُكْمِ بِإِسْلَامِ اللَّقِيطِ. (قَوْلُهُ لِلدَّارِ أَوْ غَيْرِهَا) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَالْحُكْمِ بِكُفْرِهِ بَعْدَ كَمَالِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي زَمَنٍ قَدِيمٍ) مُعْتَمَدٌ أَيْ فَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِ اللَّقِيطِ إذَا وُجِدَ فِيهَا إلَّا حَيْثُ كَانَ بِهَا مُسْلِمٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَفِيهَا مُسْلِمٌ. (قَوْلُهُ: كَقُرْطُبَةَ) مَدِينَةٌ بِالْأَنْدَلُسِ. (قَوْلُهُ: حَتَّى فِي الْأُولَى) وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ اشْتِرَاطَ ذَلِكَ فِيهَا احْتِرَازٌ عَمَّا لَوْ كَانَ فِيهَا كُفَّارٌ فَقَطْ، أَمَّا لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا أَحَدٌ فَيَنْبَغِي الْحُكْمُ بِإِسْلَامِهِ لِأَنَّهَا دَارُ إسْلَامٍ وَلَا مُعَارِضَ اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: وَالْأَخِيرَتَانِ دَارُ إسْلَامٍ) أَيْ كَالْأُولَى وَإِنْ أَوْهَمَ عَطْفُ قَوْلِهِ أَوْ بِدَارٍ فَتَحُوهَا صُلْحًا خِلَافَهُ (قَوْلُهُ: يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ وَلَوْ مُجْتَازًا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ هُنَا مُضِيُّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِي الْحَمْلِ وَالْوِلَادَةِ. وَهُوَ ظَاهِرٌ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي فِي دَارِ الْكُفْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي الْحُكْمِ بِإِسْلَامِ اللَّقِيطِ]

ذَلِكَ الْمُسْلِمُ قُبِلَ فِي نَفْيِ نَسَبِهِ دُونَ إسْلَامِهِ، وَالثَّانِي كَافِرٌ تَغْلِيبًا لِلدَّارِ، وَالْمُرَادُ بِالسُّكْنَى هُنَا مَا يَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ بَحْثًا، قَالَ: بَلْ يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِلُبْثٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْوِقَاعُ وَأَنَّ ذَلِكَ الْوَلَدَ مِنْهُ، بِخِلَافِ مَنْ وُلِدَ بَعْدَ طُرُوقِهِ بِنَحْوِ شَهْرٍ لِاسْتِحَالَةِ كَوْنِهِ مِنْهُ، قَالَ: وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُسْلِمٌ وَاحِدٌ بِمِصْرٍ عَظِيمٍ بِدَارِ حَرْبٍ وَوَجَدَ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ أَلْفَ لَقِيطٍ مَثَلًا حُكِمَ بِإِسْلَامِهِمْ، وَهَذَا إذَا كَانَ لِأَجْلِ تَبَعِيَّةِ الْإِسْلَامِ كَالسَّابِي فَذَاكَ أَوْ لِإِمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْهُ وَلَوْ عَلَى بُعْدٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَفِيهِ نَظَرٌ، لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْمُسْلِمُ الْمَوْجُودُ امْرَأَةً اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ اكْتِفَائِهِمْ فِي دَارِنَا بِالْمُجْتَازِ، وَفِي دَارِهِمْ بِالسُّكْنَى أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى فِي دَارِهِمْ إلَّا بِالْإِمْكَانِ الْقَرِيبِ عَادَةً، وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ مَتَى أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ إمْكَانًا قَرِيبًا عَادَةً فَمُسْلِمٌ وَإِلَّا فَلَا، أَمَّا أَسِيرٍ مَحْبُوسٍ فِي مَطْمُورَةٍ قَالَ الْإِمَامُ: فَيَتَّجِهُ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ كَمَا لَا أَثَرَ لِلْمُجْتَازِ انْتَهَى. وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَحْبُوسِينَ امْرَأَةٌ، وَلَوْ وُجِدَ اللَّقِيطُ بِبَرِّيَّةٍ فَمُسْلِمٌ حَكَاهُ شَارِحُ التَّعْجِيزِ عَنْ جَدِّهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَتْ بَرِّيَّةَ دَارِنَا أَوْ لَا يَدَ لِأَحَدٍ عَلَيْهَا، فَإِنْ كَانَتْ بَرِّيَّةَ دَارِ حَرْبٍ لَا يَطْرُقُهَا مُسْلِمٌ فَلَا وَوَلَدُ الذِّمِّيَّةِ مِنْ الزِّنَا بِمُسْلِمٍ كَافِرٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّهُ مَقْطُوعُ النَّسَبِ عَنْهُ خِلَافًا لِابْنِ حَزْمٍ وَمَنْ تَبِعَهُ (وَمَنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ بِالدَّارِ فَأَقَامَ ذِمِّيٌّ) أَوْ مُعَاهِدٌ أَوْ مُؤْمِنٌ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ (بَيِّنَةً بِنَسَبِهِ لَحِقَهُ) لِأَنَّهُ كَالْمُسْلِمِ فِي النَّسَبِ (وَتَبِعَهُ فِي الْكُفْرِ) فَارْتَفَعَ مَا ظَنَنَّاهُ مِنْ إسْلَامِهِ لِأَنَّ الدَّارَ حُكْمٌ بِالْيَدِ وَالْبَيِّنَةِ أَقْوَى مِنْ الْيَدِ الْمُجَرَّدَةِ، وَتَصَوُّرُ عُلُوقِهِ مِنْ مُسْلِمٍ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ أَمْرٌ نَادِرٌ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَعَ الْبَيِّنَةِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ تَمَحَّضَتْ الْبَيِّنَةُ نِسْوَةً وَهُوَ الْأَوْجَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ حَكَاهُمَا الدَّارِمِيُّ، وَالْأَقْرَبُ اعْتِبَارُ إلْحَاقِ الْقَائِفِ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ فَهُوَ كَالْبَيِّنَةِ بَلْ أَقْوَى، وَفِي النِّسْوَةِ أَنَّهُ إنْ ثَبَتَ بِهِنَّ النَّسَبُ تَبِعَهُ فِي الْكُفْرِ وَإِلَّا فَلَا (وَإِنْ اقْتَصَرَ) الْكَافِرُ (عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSوَإِلَّا فَلَا وَهَذَا أَوْجَهُ مِمَّا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ فَتَأَمَّلْهُ. وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الدَّارَيْنِ بِأَنَّ شَرَفَ الْأُولَى اقْتَضَى الِاكْتِفَاءَ فِيهَا بِالْإِمْكَانِ وَإِنْ بَعُدَ فَدَخَلَ الْمُجْتَازُ، بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ فَاشْتَرَطَ فِيهَا قُرْبَ الْإِمْكَانِ، وَهُوَ إنَّمَا يُوجَدُ عِنْدَ السُّكْنَى لَا الِاجْتِيَازِ (قَوْلُهُ مَا يَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ) أَيْ وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ غَيْرَ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُسْلِمٌ) أَيْ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ. (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْجَهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: إمْكَانًا قَرِيبًا) بَقِيَ مَا لَوْ أَمْكَنَ فِي الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَمَا لَوْ اشْتَبَهَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَيَحْتَمِلُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَنْ يُحْكَمَ بِإِسْلَامِ مَنْ وَقَعَ فِيهِ الشَّكُّ وَإِنْ كَثُرَ رِعَايَةً لِحَقِّ الْإِسْلَامِ كَمَا حُكِمَ بِإِسْلَامٍ وَنَفْيِ النَّسَبِ فِيهِمَا لَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ مُسْلِمٌ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ فَنَفَاهُ وَأَنْكَرَ الْوَطْءَ مِنْ أَصْلِهِ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً حَتَّى لَوْ وُجِدَتْ الْمُسْلِمَةُ الَّتِي فِي الْبَلَدِ بِكْرًا: أَيْ أَوْ كَانَتْ لَا يُمْكِنُ الْوُصُولُ إلَيْهَا عَادَةً كَكَوْنِ الْمُسْلِمَةِ بِنْتَ مَلِكِهِمْ لَحِقَهَا عَلَى مَا هُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ. (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ اعْتِبَارُ إلْحَاقِ الْقَائِفِ) أَيْ فِيمَا لَوْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ بِالدَّارِ فَأَقَامَ ذِمِّيٌّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَفِي النِّسْوَةِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ وَقَوْلُهُ أَنَّهُ إنْ ثَبَتَ: أَيْ بِأَنْ شَهِدْنَ بِوِلَادَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ اكْتِفَائِهِمْ إلَخْ) مُرَادُهُ بِهِ الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْأَذْرَعِيِّ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ خِلَافُ مَا أَخَذَهُ الْأَذْرَعِيُّ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِمْ. وَاعْلَمْ أَيْضًا أَنَّ وَالِدَ الشَّارِحِ أَجَابَ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ تَنْظِيرِ الْأَذْرَعِيِّ بِأَنَّهُ لَمَّا أَمْكَنَ كَوْنُ الْبَعْضِ مِنْهُ عَلَى غَيْرِ بُعْدٍ وَاشْتَبَهَ حَكَمْنَا بِإِسْلَامِ الْكُلِّ إذْ هُوَ أَسْهَلُ مِنْ إخْرَاجِ الْمُسْلِمِ إلَى الْكُفْرِ انْتَهَى. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا اسْتَوْجَهَهُ وَلَدُهُ فِيمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِمْكَانِ الْقَرِيبِ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَتَوَقَّفُ فِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحُكْمِ بِإِسْلَامِ الْجَمِيعِ؛ لِمُخَالَفَتِهِ مَا ذَكَرُوا فِي الْجَنَائِزِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ اشْتَبَهَ صَبِيٌّ مُسْلِمٌ بِصَبِيٍّ كَافِرٍ وَبَلَغَا كَذَلِكَ أَنَّهُمَا لَا يُعَامَلَانِ مُعَامَلَةَ الْمُسْلِمِينَ وَسَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ. (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَحْبُوسِينَ امْرَأَةٌ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ ذِمِّيَّةً وَهِيَ غَيْرُ حَلِيلَةٍ لِذَلِكَ الْمُسْلِمِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ احْتِمَالَ وَطْءِ الشُّبْهَةِ مَثَلًا قَائِمٌ فَلَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي قَرِيبًا مِنْ أَنَّ وَلَدَ الذِّمِّيَّةِ مِنْ زِنًا الْمُسْلِمِ كَافِرٌ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: إنْ ثَبَتَ بِهِنَّ النَّسَبُ) أَيْ بِأَنْ شَهِدْنَ عَلَى الْوِلَادَةِ.

الدَّعْوَى) بِأَنَّهُ ابْنُهُ وَلَا حُجَّةَ لَهُ (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَتْبَعُهُ فِي الْكُفْرِ) وَإِنْ لَحِقَهُ فِي النَّسَبِ لِأَنَّا حَكَمْنَا بِإِسْلَامِهِ فَلَا نُغَيِّرُهُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَى كَافِرٍ مَعَ إمْكَانِ تِلْكَ الشُّبْهَةِ النَّادِرَةِ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِيهِ قَوْلَانِ ثَانِيهِمَا يَتْبَعُهُ فِي الْكُفْرِ كَالنَّسَبِ، وَجَعَلَ الْمَاوَرْدِيُّ مَحِلَّ الْخِلَافِ مَا إذَا اسْتَلْحَقَهُ قَبْلَ أَنْ يَصْدُرَ مِنْهُ صَلَاةٌ أَوْ صَوْمٌ، فَإِنْ صَدَرَ مِنْهُ ذَلِكَ لَمْ يُغَيَّرْ عَنْ حُكْمِ الْإِسْلَامِ قَطْعًا، وَسَوَاءٌ أَقُلْنَا بِتَبَعِيَّتِهِ فِي الْكُفْرِ أَمْ لَا يُحَالُ، بَيْنَهُمَا كَمَا يُحَالُ بَيْنَ أَبَوَيْ مُمَيِّزٍ وَصْفَ الْإِسْلَامِ وَبَيْنَهُ، قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ وُجُوبَ الْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُمَا إنْ قُلْنَا بِعَدَمِ تَبَعِيَّتِهِ لَهُ فِي الْكُفْرِ، لَكِنْ فِي الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَسْلِيمُهُ لِمُسْلِمٍ فَإِذَا بَلَغَ وَوَصَفَ الْكُفْرَ فَإِنْ قُلْنَا بِالتَّبَعِيَّةِ قُرِّرَ لَكِنَّهُ يُهَدَّدُ لَعَلَّهُ يُسْلِمُ وَإِلَّا فَفِي تَقْرِيرِهِ مَا سَبَقَ مِنْ الْخِلَافِ (وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِ الصَّبِيِّ بِجِهَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ لَا يُفْرَضَانِ فِي لَقِيطٍ) وَإِنَّمَا ذُكِرَا فِي بَابِهِ اسْتِطْرَادًا (إحْدَاهُمَا الْوِلَادَةُ فَإِذَا كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مُسْلِمًا وَقْتَ الْعُلُوقِ) وَإِنْ عَلَا وَلَوْ أَثْنَى غَيْرَ وَارِثَةٍ أَوْ قِنًّا قَبْلَ الظَّفَرِ بِهِ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا سَيَأْتِي مَبْسُوطًا فِي السِّيَرِ، وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ حُدُوثُ الْوَلَدِ بَعْدَ مَوْتِ أَصْلِهِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ مِنْ تَرَدُّدٍ فِيهِ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ حَيٍّ أَقْرَبَ مِنْهُ بِشَرْطِ نِسْبَتِهِ إلَيْهِ نِسْبَةً تَقْتَضِي التَّوَارُثَ وَلَوْ بِالرَّحِمِ فَلَا يُرَدُّ آدَم أَبُو الْبَشَرِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فَهُوَ مُسْلِمٌ) بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ ارْتَدَّ بَعْدَ الْعُلُوقِ (فَإِنْ بَلَغَ وَوَصَفَ كُفْرًا) أَيْ أَعْرَبَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (فَمُرْتَدٌّ) لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (وَلَوْ عَلِقَ بَيْنَ كَافِرَيْنِ ثُمَّ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا) وَإِنْ عَلَا كَمَا ذَكَرَ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَلَوْ بَعْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــSزَوْجَةِ الذِّمِّيِّ لَهُ (قَوْلُهُ: عَنْ حُكْمِ الْإِسْلَامِ) أَيْ الَّذِي حُكِمَ لَهُ بِهِ بِسَبَبِ الدَّارِ وَتَقْوَى بِالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الْمُهَذَّبِ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: مَا سَبَقَ مِنْ الْخِلَافِ) أَيْ وَالرَّاجِحُ مِنْهُ الْإِقْرَارُ. (قَوْلُهُ: وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِ الصَّبِيِّ إلَخْ) [تَنْبِيهٌ] مُقْتَضَى حُكْمِهِمْ بِإِسْلَامِ اللَّقِيطِ تَارَةً وَكُفْرِهِ أُخْرَى أَنَّ لِقَاضٍ رُفِعَ إلَيْهِ أَمْرُ لَقِيطٍ الْحُكْمُ بِكُفْرِهِ فِيمَا نَصُّوا عَلَى كُفْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا مَا قِيلَ لَا يَجُوزُ لِقَاضٍ أَنْ يَحْكُمَ بِكُفْرِ أَحَدٍ فَإِنْ فَعَلَ كَفَرَ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالْكُفْرِ رِضًا بِهِ اهـ فَهُوَ غَلَطٌ قَبِيحٌ، إذْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَحْكُمَ بِرَدِّهِ أَحَدٌ وَلَا بِكُفْرِ لَقِيطٍ وَهُوَ فَاسِدٌ، وَأَفْسَدُ مِنْهُ مَا عُلِّلَ بِهِ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالْكُفْرِ لَيْسَ مَعْنَاهُ إلَّا الْحُكْمُ بِآثَارِهِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهِ فَلَا رِضَا بِهِ، وَيَلْزَمُهُ أَنْ لَا يَحْكُمَ بِنَحْوِ زِنًا لِأَنَّهُ رِضًا بِهِ. نَعَمْ لَهُ إذَا أَسْلَمَ مُمَيِّزٌ أَنْ يَحْكُمَ بِعَدَمِ صِحَّةِ إسْلَامِهِ إذَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ لَا بِكُفْرِهِ إلَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَحْكَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي أَطْفَالِ الْكُفَّارِ لِأَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ فَلَا يُطْلَقُ الْحُكْمُ بِكُفْرِهِمْ اهـ حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ وَمَا قِيلَ إلَخْ أَفْتَى شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِمَا يُوَافِقُهُ فَإِنَّهُ أَفْتَى فِي صَغِيرٍ مِنْ أَوْلَادِ الذِّمِّيِّينَ أَسْلَمَ أَوْ مَاتَ أَبُوهُ ثُمَّ أَسْلَمَ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي الْحُكْمُ بِكُفْرِهِ لِأَنَّ الرِّضَا بِالْكُفْرِ كُفْرٌ وَلَا يَصِحُّ الْحُكْمُ بِهِ فَلِلْمُخَالِفِ الْحُكْمُ بِإِسْلَامِهِ اهـ. وَقَوْلُهُ لَيْسَ مَعْنَاهُ إلَخْ قَدْ يُقَالُ بَلْ كَانَ بِهِ نَفْسِهِ لَمْ يَقْتَضِ الرِّضَا، لِأَنَّ الْحُكْمَ إظْهَارُ حُصُولِ الْمَحْكُومِ بِهِ، وَمُجَرَّدُ ذَلِكَ لَيْسَ فِيهِ الرِّضَا بِهِ، وَقَوْلُهُ لَا بِكُفْرِهِ إلَّا بِالنِّسْبَةِ إلَخْ قَدْ يُقَالُ مَا الْمَانِعُ مِنْ إطْلَاقِ الْحُكْمِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَقْصِدُ بِهِ آثَارَهُ الدُّنْيَوِيَّةَ اهـ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ مَوْتِ أَصْلِهِ) ع أَنْظُر لَوْ مَاتَ الصَّغِيرُ ثُمَّ الْأَبُ هَلْ يَتْبَعُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ كَعَكْسِهِ حَتَّى يُدْفَنَ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ؟ أَقُولُ: الظَّاهِرُ عَدَمُ التَّبَعِيَّةِ لِقَطْعِ الْأَحْكَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ بِالْمَوْتِ، وَنَقْلٌ بِالدَّرْسِ عَنْ بَعْضِ الْهَوَامِشِ خِلَافَهُ وَفِيهِ وَقْفَةٌ، وَيُقَالُ عَلَى تَسْلِيمِ صِحَّةِ مَا بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ فَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ مُرَاعَاةَ جِهَتِهِ وَشَرَفَهُ اقْتَضَى ذَلِكَ كَمَا لَوْ وُلِدَ بَعْدَ مَوْتِ أَصْلِهِ الْمُسْلِمِ وَإِنْ بَعُدَ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ مُسْلِمٌ) أَيْ تُجْرَى عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ. وَمِنْهَا أَنَّهُ لَوْ بَلَغَ وَلَمْ يُعْلَمْ بِإِسْلَامِ أَحَدِ أُصُولِهِ ثُمَّ مَاتَ غُسِّلَ وَكُفِّنَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَدُفِنَ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنْ عُوقِبَ عَلَى تَرْكِ الصَّلَوَاتِ وَنَحْوِهَا لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِهَا بِتَقْدِيرِ كُفْرِهِ فَكَيْفَ وَهُوَ الْآنَ مُسْلِمٌ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ ارْتَدَّ) أَيْ الْأَحَدُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلِقَ بَيْنَ كَافِرَيْنِ) أَيْ حَصَلَ أَوْ وُجِدَ. وَيَجُوزُ قِرَاءَتُهُ لِلْمَفْعُولِ: أَيْ عُلِّقَ بِهِ بَيْنَ كَافِرَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

تَمْيِيزِهِ (حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ) إجْمَاعًا كَمَا فِي إسْلَامِ الْأَبِ وَلِخَبَرِ «الْإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ» وَلَوْ أَمْكَنَ احْتِلَامُهُ فَادَّعَاهُ قَبْلَ إسْلَامِ أَصْلِهِ فَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ قَبُولُ قَوْلِهِ فِيهِ لِزَمَنِ إمْكَانِهِ قَبُولَهُ هُنَا فَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ، وَمَا بَحَثَهُ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ مِنْ عَدَمِ قَبُولِ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَنْبُتَ عَلَى عَانَتِهِ شَعْرٌ خَشِنٌ غَيْرُ ظَاهِرٍ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الِاحْتِيَاطُ لِلْإِسْلَامِ يُلْغِي قَوْلَهُ الْمَانِعَ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ فِيهِ وَلِأَصْلِ بَقَاءِ الصِّغَرِ وَكَالصَّبِيِّ فِيمَا ذَكَرَ الْمَجْنُونُ وَلَوْ بَعْدَ بُلُوغِهِ الْمَحْكُومُ بِكُفْرِهِ (فَإِنْ بَلَغَ وَوَصَفَ كُفْرًا فَمُرْتَدٌّ) لِسَبْقِ الْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (وَفِي قَوْلٍ) هُوَ (كَافِرٌ أَصْلِيٌّ) بِأَنَّ تَبَعِيَّتَهُ أَزَالَتْ الْحُكْمَ بِكُفْرِهِ وَقَدْ زَالَتْ بِاسْتِقْلَالِهِ فَعَادَ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ أَوَّلًا، وَبُنِيَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ التَّلَفُّظُ بِالْإِسْلَامِ بَعْدَ الْبُلُوغِ بِخِلَافِهِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ مَاتَ قَبْلَ التَّلَفُّظِ جُهِّزَ كَمُسْلِمٍ، بَلْ قَالَ الْإِمَامُ وَصَوَّبَهُ فِي الرَّوْضَةِ هُوَ كَذَلِكَ عَلَى الثَّانِي أَيْضًا لِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الظَّوَاهِرِ وَظَاهِرُهُ الْإِسْلَامُ انْتَهَى. وَلَعَلَّهُمْ لَمْ يَنْظُرُوا لِوُجُوبِ التَّلَفُّظِ عَلَيْهِ عَلَى الثَّانِي إذْ تَرْكُهُ يُوجِبُ إثْمَهُ دُونَ كُفْرِهِ كَمَا لَا يُخْفِي، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْإِحْيَاءِ كَالْحَلِيمِيِّ مِنْ أَنَّ الْمُسْلِمَ بِإِسْلَامِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ لَا يُغْنِي عَنْهُ إسْلَامُهُ شَيْئًا مَا لَمْ يُسْلِمْ بِنَفْسِهِ غَرِيبٌ أَوْ سَبْقُ قَلَمٍ عَلَى مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ مُفَرَّعٌ عَلَى وُجُوبِ التَّلَفُّظِ، وَلَوْ تَلَفَّظَ ثُمَّ ارْتَدَّ فَمُرْتَدٌّ قَطْعًا، وَلَا يَنْقُضُ مَا جَرَى عَلَيْهِ مِنْ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ رِدَّتِهِ عَلَى الْأَصَحِّ. الْجِهَةُ (الثَّانِيَةُ إذَا سَبَى مُسْلِمٌ) وَلَوْ صَبِيًّا مَجْنُونًا وَإِنْ كَانَ مَعَهُ كَافِرٌ كَامِلٌ (طِفْلًا) وَمَجْنُونًا وَمُرَادُهُ بِهِ الْجِنْسُ الشَّامِلُ لِذَكَرِ كُلٍّ وَأُنْثَاهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِيهِ مُسَامَحَةٌ بَعْدَ فَرْضِهِ الْكَلَامَ فِيمَنْ عُلِّقَ بَيْنَ كَافِرَيْنِ فَالْمُرَادُ وَإِنْ عَلَا أَحَدُ أُصُولِ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَمْكَنَ احْتِلَامُهُ فَادَّعَاهُ) أَيْ فَادَّعَى بَعْدَ إسْلَامِ أُصُولِهِ أَنَّهُ احْتَلَمَ قَبْلَ إسْلَامِ ذَلِكَ الْأَحَدِ حَتَّى لَا يَتْبَعَهُ فِي الْإِسْلَامِ. (قَوْلُهُ: غَيْرُ ظَاهِرٍ) هَذَا السَّوْقُ يَقْتَضِي اعْتِمَادَ مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَمِثْلُهُ فِي حَجّ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ أَفْتَى فِي حَادِثَةٍ بِمَا يُوَافِقُ بَحْثَ أَبِي زُرْعَةَ فَهُوَ يَدُلُّ عَلَى اعْتِمَادِ الثَّانِي وَهُوَ كَلَامُ أَبِي زُرْعَةَ وَعِبَارَتُهُ، وَقَدْ سُئِلْت عَنْ يَهُودِيٍّ أَسْلَمَ ثُمَّ وَجَدَ بِنْتَهُ مُزَوَّجَةً فَادَّعَى صِبَاهَا لِتَتْبَعَهُ وَادَّعَتْ الْبُلُوغَ هِيَ وَزَوْجُهَا فَأَفْتَيْت بِأَنَّهُ يُصَدَّقُ، أَمَّا فِي دَعْوَى الِاحْتِلَامِ فَلِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الِاحْتِيَاطَ لِلْإِسْلَامِ اقْتَضَى مُخَالَفَةَ الْقَاعِدَةِ مِنْ تَصْدِيقِ مُدَّعِي الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ، وَأَمَّا فِي دَعْوَى السِّنِّ أَوْ الْحَيْضِ فَبِالْأُولَى لِإِمْكَانِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِمَا فَكُلِّفَ مُدَّعِي أَحَدِهِمَا الْبَيِّنَةَ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ بَاعَ أَوْ كَاتَبَ أَوْ قَتَلَ ثُمَّ ادَّعَى صِبًا يُمْكِنُ صِدْقُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ زُوِّجَ لِأَنَّ النِّكَاحَ يُحْتَاطُ لَهُ وَيَجْرِي بَيْنَ النَّاسِ، فَكَوْنُ الْوَلِيِّ صَبِيًّا بَعِيدٌ جِدًّا فَلَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ وَإِنْ أَمْكَنَ وَالْمَجْنُونُ الْمَحْكُومُ بِكُفْرِهِ يَلْحَقُ أَحَدَ أَبَوَيْهِ إذَا أَسْلَمَ كَالصَّبِيِّ. (قَوْلُهُ: يُلْغِي قَوْلَهُ الْمَانِعَ لَهُ) أَيْ لِلْإِسْلَامِ. (قَوْلُهُ: وَكَالصَّبِيِّ فِيمَا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ الْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ عَلَى الْأَوَّلِ) يَعْنِي أَنَّا إذَا قُلْنَا مَنْ وَصَفَ الْكُفْرَ بَعْدَ بُلُوغِهِ كَافِرًا صَلَّى إذَا بَلَغَ وَلَمْ يَنْطِقْ بِكُفْرٍ وَلَا إسْلَامٍ يُطَالَبُ بِكَلِمَةِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُ زَالَ الْحُكْمُ بِإِسْلَامِهِ بَعْدَ اسْتِقْلَالِهِ بِالْبُلُوغِ، وَإِنْ قُلْنَا إذَا نَطَقَ بِالْكُفْرِ صَارَ مُرْتَدًّا إذَا بَلَغَ بَعْدَ الْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ وَلَمْ يَنْطِقْ بِكُفْرٍ لَا يُطَالَبُ بِكَلِمَةِ الْإِسْلَامَ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْرِضْ بَعْدَ بُلُوغِهِ مَا يُنَافِي إسْلَامَهُ الَّذِي حُكِمَ بِهِ. (قَوْلُهُ: إذْ تَرْكُهُ) أَيْ التَّلَفُّظِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُسْلِمْ بِنَفْسِهِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ بَلَغَ عَاقِلًا ثُمَّ جُنَّ وَحُكِمَ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا نَفَعَهُ ذَلِكَ فِي إسْقَاطِ مَا سَبَقَ عَلَى الْجُنُونِ بَعْدَ الْبُلُوغِ فِي الْكُفْرِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مُفَرَّعٌ عَلَى وُجُوبِ التَّلَفُّظِ) هَذَا لَا يَظْهَرُ مَعَ قَوْلِهِ وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَنْظُرُوا إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْقَائِلِينَ بِالثَّانِي لَمْ يَنْظُرُوا إلَخْ، وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ مَعَهُ كَافِرٌ: أَيْ مُشَارِكٌ فِي سَبَبِهِ. (قَوْلُهُ: وَمُرَادُهُ بِهِ) أَيْ بِالطِّفْلِ وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ إلَى هَذَا التَّأْوِيلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الطِّفْلَ خَاصٌّ بِالذَّكَرِ الْوَاحِدِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ لُغَةً، وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْمَحْكُومِ بِكُفْرِهِ) وَصْفُ الْمَجْنُونِ: أَيْ فَلَحِقَ أَحَدَ أَبَوَيْهِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ عَلَى الْأَوَّلِ) اُنْظُرْهُ مَعَ كَوْنِنَا حَكَمْنَا بِرِدَّتِهِ؛ لِأَنَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ وَصْفُ الْكُفْرِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ هَذَا الْبِنَاءَ مَبْنَى الْقَوْلَيْنِ لَا عَلَى نَفْسِ الْقَوْلَيْنِ

مُتَّحِدًا وَمُتَعَدِّدًا (تَبِعَ السَّابِيَ فِي الْإِسْلَامِ) ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدُ أَبَوَيْهِ) بِالْإِجْمَاعِ وَلَا اعْتِبَارَ بِمَنْ شَذَّ وَلِأَنَّهُ صَارَ تَحْتَ وِلَايَتِهِ كَالْأَبَوَيْنِ، وَقَضِيَّةُ الْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ بَاطِنًا أَنَّهُ لَوْ بَلَغَ وَوَصَفَ كُفْرًا كَانَ مُرْتَدًّا وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ أَنَّهُ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ، أَمَّا إذَا كَانَ مَعَهُ أَحَدُهُمَا وَإِنْ عَلَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنْ كَانَا فِي جَيْشٍ وَاحِدٍ وَغَنِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنْ لَمْ يَتَّحِدْ الْمَالِكُ وَقَدْ سُبِيَا مَعًا أَوْ تَقَدَّمَ الْأَبُ فِيمَا يَظْهَرُ وَإِنْ أَطْلَقَ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ أَنَّهُ إذَا سَبَقَ سَبْيُ أَحَدِهِمَا سَبْيَ الْآخَرِ تَبِعَ السَّابِيَ فَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ لِأَنَّ تَبَعِيَّتَهُمَا أَقْوَى مِنْ تَبَعِيَّةِ السَّابِي وَإِنْ مَاتَا بَعْدُ لِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ إنَّمَا تَثْبُتُ فِي ابْتِدَاءِ السَّبْيِ (وَلَوْ سَبَاهُ ذِمِّيٌّ) قَالَ الْإِمَامُ قَاطِنٌ بِبِلَادِنَا، وَالْبَغَوِيُّ وَدَخَلَ بِهِ دَارَنَا، وَالدَّارِمِيُّ وَسَبَاهُ فِي جَيْشِنَا، وَكُلٌّ إنَّمَا هُوَ قَيْدٌ لِلْخِلَافِ فِي قَوْلِهِمْ (لَمْ يُحْكَمْ بِإِسْلَامِهِ) بَلْ بِكَوْنِهِ عَلَى دِينِ سَابِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ لَا أَبَوَيْهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ كَوْنَهُ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ وَلَا فِي أَوْلَادِهِ فَكَيْفَ يُؤَثِّرُ فِي مَسْبِيِّهِ، وَلِأَنَّ تَبَعِيَّةَ الدَّارِ إنَّمَا تُؤَثِّرُ فِي حَقِّ مَنْ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ وَلَا نَسَبُهُ. وَالثَّانِي يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِلدَّارِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ سُبِيَ أَبَوَاهُ ثُمَّ أَسْلَمَا صَارَ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِهِمَا خِلَافًا لِلْحَلِيمِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَيُقَاسُ بِهِ مَا لَوْ أَسْلَمَا بِأَنْفُسِهِمَا فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ خَرَجَا إلَيْنَا وَأَسْلَمَا وَهُوَ الْأَصَحُّ وَخَرَجَ بِسَبَاهُ فِي جَيْشِنَا نَحْوُ سَرِقَتِهِ لَهُ، فَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُهُ كُلَّهُ فَكَذَلِكَ، أَوْ غَنِيمَةً وَهُوَ الْأَصَحُّ فَهُوَ مُسْلِمٌ لِأَنَّ بَعْضَهُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَبَحَثَ السُّبْكِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ سَابِيهِ الذِّمِّيُّ أَوْ قَهَرَ حَرْبِيٌّ صَغِيرًا حَرْبِيًّا وَمَلَكَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ تَبِعَهُ لِأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ وِلَايَةً وَمِلْكًا وَذَلِكَ عِلَّةُ الْإِسْلَامِ فِي السَّابِي الْمُسْلِمِ. وَفِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ إبْدَاءُ الْوَجْهَيْنِ فِي كَافِرٍ اشْتَرَى صَغِيرًا ثُمَّ أَسْلَمَ هَلْ يَتْبَعُهُ، وَأَوْجَهُهُمَا عَدَمُ التَّبَعِيَّةِ بَلْ وَكَذَا فِيمَا قَبْلَهُ، وَلَا يَلْحَقُ بِالسَّبْيِ غَيْرَهُ لِأَنَّهُ مَعَ كَوْنِهِ أَقْوَى فِي الْقَهْرِ إنَّمَا يُؤَثِّرُ ابْتِدَاءً فَلَا يُقَاسُ بِهِ غَيْرُهُ فِي الْأَثْنَاءِ، وَتَصْرِيحُ الشَّيْخَيْنِ بِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ إنَّمَا تَثْبُتُ فِي ابْتِدَاءِ السَّبْيِ يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَالْمُسْتَأْمَنُ كَالذِّمِّيِّ وَلَوْ سَبَاهُ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْإِسْلَامِ كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَلَوْ سَبَى الذِّمِّيُّ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا وَبَاعَهُ لِمُسْلِمٍ أَوْ بَاعَهُ الْمُسْلِمُ السَّابِي لَهُ مَعَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ فِي جَيْشٍ وَاحِدٍ وَلَوْ دُونَ أَبَوَيْهِ مِنْ مُسْلِمٍ لَمْ يَتْبَعْ الْمُشْتَرِيَ لِفَوَاتِ وَقْتِ التَّبَعِيَّةِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَثْبُتُ ابْتِدَاءً، وَلَوْ جَنَى اللَّقِيطُ الْمَحْكُومُ بِإِسْلَامِهِ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ فَمُوجِبُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ إذْ لَيْسَ لَهُ عَاقِلَةٌ خَاصَّةٌ، أَوْ عَمْدًا وَهُوَ بَالِغٌ عَاقِلٌ اُقْتُصَّ مِنْهُ وَإِلَّا فَالدِّيَةُ مُغَلَّظَةٌ فِي مَالِهِ كَضَمَانِ مُتْلِفِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَمَا فِي الْمِصْبَاحِ وَيَكُونُ الطِّفْلُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ لِلْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ وَالْجَمْعِ، قَالَ تَعَالَى {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} [النور: 31] وَتَجُوزُ الْمُطَابَقَةُ فِي التَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ وَالتَّأْنِيثِ فَيُقَالُ طِفْلَةٌ وَأَطْفَالٌ وَطِفْلَاتٌ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ) مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: لَا أَبَوَيْهِ فِي الْأَصَحِّ) أَيْ فَلَوْ كَانَ سَابِيهِ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا صَارَ هُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ أَبَوَاهُ يَهُودِيَّيْنِ أَوْ وَثَنِيَّيْنِ مَثَلًا، وَمِنْ هُنَا يُتَصَوَّرُ عَدَمُ الِاتِّفَاقِ بَيْنَ الْأَوْلَادِ وَالْأَبَوَيْنِ أَوْ بَعْضِهِمْ فِي التَّهَوُّدِ وَالتَّنَصُّرِ، وَهَذَا يَنْفَعُك فِي صُوَرٍ ذَكَرُوهَا فِي الْفَرَائِضِ يُسْتَشْكَلُ تَصْوِيرُهَا اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَسْلَمَا) أَيْ أَوْ أَحَدُهُمَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُهُ كُلَّهُ فَكَذَلِكَ) أَيْ لَمْ يُحْكَمْ بِإِسْلَامِهِ. (قَوْلُهُ: أَوَغَنِيمَةً وَهُوَ الْأَصَحُّ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ فِي أَوَّلِ بَابِ الِاسْتِبْرَاءِ بَعْدَ حِكَايَةِ تَحْرِيمِ وَطْءِ السَّرَارِي: عَنْ الْجُوَيْنِيِّ وَالْقَفَّالِ وَالْمُعْتَمَدُ جَوَازُ الْوَطْءِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ السَّابِي مِمَّنْ لَا يَلْزَمُهُ التَّخْمِيسُ كَذِمِّيٍّ وَنَحْوِهِ لِأَنَّا لَا نُحَرِّمُ بِالشَّكِّ رَمْلِيٌّ اهـ. وَعِبَارَةُ حَجّ هُنَا: فَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُهُ كُلَّهُ فَكَذَلِكَ أَوْ غَنِيمَةً وَهُوَ الْأَصَحُّ فَهُوَ مُسْلِمٌ لِأَنَّ بَعْضَهُ لِلْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَبَاهُ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ) هَذَا دَاخِلٌ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَإِنْ كَانَ مَعَهُ كَافِرٌ كَامِلٌ إلَخْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَرَادَ بِالْكَافِرِ الْأَوَّلِ الْحَرْبِيَّ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالدِّيَةُ مُغَلَّظَةٌ فِي مَالِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ غَنِيمَةٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ) سَيَأْتِي لَهُ فِي قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ خِلَافُ هَذَا الصَّحِيحِ وَهُوَ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ كُلَّهُ، وَصَحَّحَهُ

[فصل في بيان حرية اللقيط ورقه واستلحاقه]

لَهُ مَالٌ فَفِي ذِمَّتِهِ، وَإِنْ قُتِلَ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ فَفِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ بِظَاهِرِ الْحُرِّيَّةِ تُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَأَرْشُ طَرَفِهِ لَهُ، وَإِنْ قُتِلَ عَمْدًا فَلِلْإِمَامِ الْعَفْوُ عَلَى مَالٍ لَا مَجَّانًا لِأَنَّهُ خِلَافُ مَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ يَقْتَصُّ لَا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَقَبْلَ الْإِفْصَاحِ بِالْإِسْلَامِ بَلْ تَجِبُ دِيَتُهُ كَمَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَصْحِيحِهِ وَصَوَّبَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَيَقْتَصُّ لِنَفْسِهِ فِي الطَّرَفِ إنْ أَفْصَحَ بِالْإِسْلَامِ بَعْدَ بُلُوغِهِ فَيُحْبَسُ قَاطِعُهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ لَهُ إلَى بُلُوغِهِ وَإِفَاقَتِهِ، وَيَأْخُذُ الْوَلِيُّ وَلَوْ حَاكِمًا دُونَ الْوَصِيِّ الْأَرْشَ لِمَجْنُونٍ فَقِيرٍ لَا لِغَنِيٍّ وَلَا لِصَبِيٍّ غَنِيٍّ أَوْ فَقِيرٍ، فَلَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ وَأَرَادَ رَدَّ الْأَرْشِ لِيَقْتَصَّ مُنِعَ (وَلَا يَصِحُّ) بِالنِّسْبَةِ لِأَحْكَامِ الدُّنْيَا (إسْلَامُ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ اسْتِقْلَالًا) (عَلَى الصَّحِيحِ) كَغَيْرِ الْمُمَيِّزِ بِجَامِعِ انْتِفَاءِ التَّكْلِيفِ، وَلِأَنَّ نُطْقَهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ خَبَرٌ وَخَبَرُهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ أَوْ إنْشَاءٌ فَهُوَ كَعُقُودِهِ. وَالثَّانِي يَصِحُّ إسْلَامُهُ حَتَّى يَرِثَ مِنْ قَرِيبِهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ تُسْتَحَبُّ الْحَيْلُولَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبَوَيْهِ لِئَلَّا يَفْتِنَاهُ وَقِيلَ تَجِبُ وَنَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ إجْمَاعِ الْأَصْحَابِ، وَانْتَصَرَ لِصِحَّةِ إسْلَامِهِ جَمْعٌ مُسْتَدِلِّينَ لَهُ بِصِحَّةِ إسْلَامِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَبْلَ بُلُوغِهِ، وَرَدَّهُ أَحْمَدُ بِمَنْعِ كَوْنِهِ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْأَحْكَامَ إذْ ذَاكَ كَانَتْ مَنُوطَةً بِالتَّمْيِيزِ إلَى عَامِ الْخَنْدَقِ، وَفَارَقَ نَحْوُ صَلَاتِهِ بِأَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ بِهِ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِأَحْكَامِ الْآخِرَةِ فَيَصِحُّ وَيَكُونُ مِنْ الْفَائِزِينَ اتِّفَاقًا، وَلَا تَلَازُمَ بَيْنَ الْأَحْكَامَيْنِ كَمَا فِيمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ وَكَأَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ. . (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُرِّيَّةِ اللَّقِيطِ وَرِقِّهِ وَاسْتِلْحَاقِهِ وَتَوَابِعِ ذَلِكَ (إذَا لَمْ يُقِرَّ اللَّقِيطُ بِرِقٍّ فَهُوَ حُرٌّ) إجْمَاعًا لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى النَّاسِ الْحُرِّيَّةُ، وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مَا إذَا وُجِدَ فِي دَارِ الْحَرْبِ الَّتِي لَا مُسْلِمَ فِيهَا وَلَا ذِمِّيَّ، قَالَ فَإِنَّهُ رَقِيقٌ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ وَدَارُ الْحَرْبِ تَقْتَضِي اسْتِرْقَاقَ الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ، وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ. عَلَى دَارِ الْإِسْلَامِ. قَالَ: وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَرَدَّهُ الشَّيْخُ بِأَنَّ دَارَ الْحَرْبِ إنَّمَا تَقْتَضِي اسْتِرْقَاقَ هَؤُلَاءِ بِالْأَسْرِ وَمُجَرَّدُ اللَّقْطِ لَا يَقْتَضِيهِ (إلَّا أَنْ يُقِيمَ أَحَدٌ بَيِّنَةً بِرِقِّهِ) فَيُعْمَلُ بِهَا كَمَا يَأْتِي (وَإِنْ) (أَقَرَّ) اللَّقِيطُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ إنْ كَانَ. (قَوْلُهُ: لَا بَعْدَ الْبُلُوغِ) أَيْ لَا إنْ قُتِلَ الْمَحْكُومُ بِإِسْلَامِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ إلَخْ فَلَا يَقْتَصُّ لَهُ الْإِمَامُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُكَافَأَةِ. (قَوْلُهُ: بَلْ تَجِبُ دِيَتُهُ) أَيْ وَتُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَيُحْبَسُ قَاطِعُهُ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ طَالَتْ مُدَّةُ انْتِظَارِ الْبُلُوغِ وَالْإِفَاقَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَا لِصَبِيٍّ غَنِيٍّ أَوْ فَقِيرٍ) أَيْ لِأَنَّ لَهُ أَمَدًا يُنْتَظَرُ. (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ نَحْوُ صَلَاتِهِ) أَيْ حَيْثُ صَحَّتْ مِنْ الْمُمَيِّزِ، وَقَوْلُهُ بِأَنَّهُ لَا يَتَنَفَّلُ بِهِ: أَيْ بِالْإِسْلَامِ. (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ مِنْ الْفَائِزِينَ اتِّفَاقًا) أَيْ فَلَا يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ الْوَاقِعُ فِي أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ وَإِنْ كَانَ هُوَ مِنْهُمْ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ الْفَائِزِينَ اتِّفَاقًا أَيْضًا مَنْ اعْتَقَدَ الْإِسْلَامَ أَوَّلَ بُلُوغِهِ وَمَاتَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ اهـ سم عَلَى حَجّ. (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُرِّيَّةِ اللَّقِيطِ وَرِقِّهِ. (قَوْلُهُ: وَرَدَّهُ الشَّيْخُ) مُعْتَمَدٌ لَكِنَّهُ جَرَى عَلَيْهِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ، وَقَوْلُهُ فَأَقَرَّ اللَّقِيطُ لَهُ بِهِ: أَيْ بِالرِّقِّ، وَقَوْلُهُ مَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ: أَيْ بِالرِّقِّ، وَقَوْلُهُ وَقَدْ بَطَلَ مِلْكُهُ، أَيْ الْأَوَّلُ وَقَوْلُهُ يَتَعَذَّرُ إسْقَاطُهَا لِمَا مَرَّ: أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالشِّهَابُ حَجّ هُنَا (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْأَحْكَامَيْنِ) فِيهِ أَنَّ الْجَمْعَ لَا يُثَنَّى إذْ شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مُفْرَدًا [فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُرِّيَّةِ اللَّقِيطِ وَرِقِّهِ وَاسْتِلْحَاقِهِ] (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُرِّيَّةِ اللَّقِيطِ وَرِقِّهِ

الْمُكَلَّفُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَشِيدًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَإِنْ نَقَلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مَا يَقْتَضِي اعْتِبَارَ رُشْدِهِ أَيْضًا (بِهِ) أَيْ الرِّقِّ (لِشَخْصٍ فَصَدَّقَهُ) وَلَوْ بِسُكُوتِهِ عَنْ تَصْدِيقٍ وَتَكْذِيبٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُكَذِّبْهُ (قَبْلُ إنْ لَمْ يَسْبِقْ) مِنْهُ (إقْرَارُهُ) أَيْ اللَّقِيطِ، وَيَصِحُّ عَوْدُهُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُ وَمِنْ الْمُقَرِّ لَهُ، إذْ لَوْ أَقَرَّ إنْسَانٌ بِحُرِّيَّتِهِ فَأَقَرَّ اللَّقِيطُ لَهُ بِهِ لَمْ يُقْبَلْ وَإِنْ صَدَّقَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (بِحُرِّيَّةٍ) كَبَقِيَّةِ الْأَقَارِيرِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَذَّبَهُ، وَإِنْ صَدَّقَهُ بَعْدُ أَوْ سَبَقَ إقْرَارُهُ بِالْحُرِّيَّةِ وَهُوَ مُكَلَّفٌ لِأَنَّهُ بِهِ الْتَزَمَ أَحْكَامَ الْأَحْرَارِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْعِبَادِ فَلَمْ يَمْلِكْ إسْقَاطَهَا، وَإِنَّمَا قَبْلَ إقْرَارِهَا بِالرَّجْعَةِ بَعْدَ إنْكَارِهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ مَعَ تَفْوِيضِ الشَّارِعِ أَمْرَ انْقِضَائِهَا إلَيْهَا، وَالْإِقْرَارُ بِالرِّقِّ مُخَالِفٌ لِأَصْلِ الْحُرِّيَّةِ الْمُوَافِقِ لِلْإِقْرَارِ السَّابِقِ وَلَا يَرُدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ أَقَرَّ لِزَيْدٍ فَكَذَّبَهُ فَأَقَرَّ بِهِ لِعَمْرٍو فَصَدَّقَهُ فَلَا يُقْبَلُ، وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ إقْرَارٌ بِحُرِّيَّتِهِ لِتَضَمُّنِ إقْرَارِهِ الْأَوَّلِ نَفْيَ الْمِلْكِ لِغَيْرِهِ، وَقَدْ بَطَلَ مِلْكُهُ بِرَدِّهِ فَصَارَ حُرَّ الْأَصْلِ، وَالْحُرِّيَّةُ يَتَعَذَّرُ إسْقَاطُهَا لِمَا مَرَّ وَلَوْ أَنْكَرَ رِقَّهُ بَعْدَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِهِ وَحَلَفَ ثُمَّ عَادَ وَاعْتَرَفَ لَهُ بِهِ، فَإِنْ كَانَتْ صِيغَةُ إنْكَارِهِ لَسْت بِرَقِيقٍ لَك قَبْلُ أَوْ لَسْت بِرَقِيقٍ فَلَا لِتَضَمُّنِهِ الْإِقْرَارَ بِحُرِّيَّةِ الْأَصْلِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِالرِّقِّ لِمُعَيَّنٍ ثُمَّ ادَّعَى حُرِّيَّةَ الْأَصْلِ لَمْ تُسْمَعْ (وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ) فِي صِحَّةِ الْإِقْرَارِ بِالرِّقِّ (أَنْ لَا يَسْبِقَ مِنْهُ تَصَرُّفٌ يَقْتَضِي نُفُوذَهُ) بِمُعْجَمَةٍ بِخَطِّهِ (حُرِّيَّةً كَبَيْعٍ وَنِكَاحٍ) وَغَيْرِهِمَا (بَلْ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ فِي أَصْلِ الرِّقِّ وَأَحْكَامِهِ) الْمَاضِيَةِ الْمُضِرَّةِ بِهِ وَ (الْمُسْتَقْبَلَةِ) فِي مَالِهِ كَمَا يُقْبَلُ إقْرَارُ الْمَرْأَةِ بِالنِّكَاحِ وَإِنْ تَضَمَّنَ ثُبُوتَ حَقٍّ لَهَا وَعَلَيْهَا سَائِرُ الْأَقَارِيرِ، وَفِي قَوْلٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي لَا يُقْبَلُ فَيَبْقَى عَلَى أَحْكَامِ الْحُرِّيَّةِ. نَعَمْ لَوْ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ مُتَزَوِّجَةً وَالزَّوْجُ مِمَّنْ لَا تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُهُ وَلَكِنْ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ بَقَاءِ النِّكَاحِ وَفَسْخِهِ حَيْثُ شَرْطُ حُرِّيَّتِهَا، فَإِنْ فَسَخَ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا لَزِمَهُ لَلْمُقَرِّ لَهُ الْأَقَلُّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَالْمُسَمَّى وَإِنْ أَجَازَ لَزِمَهُ الْمُسَمَّى وَإِنْ كَانَ قَدْ سَلَّمَهُ إلَيْهَا أَجْزَأَهُ فَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ سَقَطَ الْمُسَمَّى، وَتُسَلَّمُ لَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا وَيُسَافِرُ بِهَا مِنْ غَيْرِ إذْنٍ، وَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الْحَرَائِرِ لِنَحْوِ طَلَاقٍ وَعِدَّةِ الْإِمَاءِ بِمَوْتٍ وَوَلَدُهَا قَبْلَ إقْرَارِهَا حُرٌّ وَبَعْدَهُ رَقِيقٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ النِّكَاحَ كَالْمَقْبُوضِ الْمُسْتَوْفِي وَلِهَذَا لَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُ أَمَةٍ بِنَحْوِ طُرُوُّ يَسَارِهِ، وَلَوْ كَانَ الْمُقِرُّ بِالرِّقِّ ذَكَرًا انْفَسَخَ نِكَاحُهُ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الزَّوْجَةِ وَلَزِمَهُ الْمُسَمَّى إنْ دَخَلَ بِهَا وَنِصْفُهُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ، وَيُؤَدَّى مِمَّا فِي يَدِهِ أَوْ مِنْ كَسْبِهِ حَالًا وَمَآلًا، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَفِي ذِمَّتِهِ إلَى عِتْقِهِ، وَلَوْ جَنَى عَلَى غَيْرِهِ عَمْدًا ثُمَّ أَقَرَّ بِالرِّقِّ اُقْتُصَّ مِنْهُ حُرًّا كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَوْ رَقِيقًا، أَوْ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ قُضِيَ مِمَّا فِي يَدِهِ، وَلَا يُنَافِيهِ كَوْنُ الْأَرْشِ لَا يَتَعَلَّقُ بِمَا فِي يَدِ الْجَانِي حُرًّا كَانَ أَوْ رَقِيقًا لِأَنَّ الرِّقَّ لَمَّا أَوْجَبَ الْحَجْرَ اقْتَضَى التَّعَلُّقَ بِمَا فِي يَدِهِ، كَالْحُرِّ إذَا حُجِرَ عَلَيْهِ بِالْفَلْسِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِهِ الْتَزَمَ أَحْكَامَ الْأَحْرَارِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَرَّ بِالرِّقِّ لِمُعَيَّنٍ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ اعْتَرَفَ بِالرِّقِّ مِنْ غَيْرِ إضَافَةٍ لِأَحَدٍ كَأَنْ قَالَ أَنَا رَقِيقٌ، أَوْ لِمُبْهَمٍ كَأَنْ قَالَ أَنَا رَقِيقٌ لِرَجُلٍ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إبْطَالُ حَقٍّ لِمُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ لَمْ تُسْمَعْ) لَكِنْ إنْ كَانَ حَالَ الْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ رَشِيدًا عَلَى مَا مَرَّ اهـ حَجّ. وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الرُّشْدِ. (قَوْلُهُ: بَلْ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ فِي أَصْلِ الرِّقِّ) . [فَرْعٌ] أَقَرَّتْ حَامِلٌ بِالرِّقِّ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَتْبَعَ الْحَمْلُ رَاجِعِهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: وَالزَّوْجُ) أَيْ وَالْحَالُ (قَوْلُهُ: حَيْثُ شَرَطَ حُرِّيَّتَهَا) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهَا لَمْ يَتَخَيَّرْ (قَوْلُهُ لِنَحْوِ طَلَاقٍ) قَالَ سم عَلَى حَجّ بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ: ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يُكَذِّبْهُ) هَذَا غَيْرُ كَافٍ كَمَا لَا يَخْفَى، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: لِأَنَّ فِيهِ تَصْدِيقًا لَهُ انْتَهَتْ لَكِنْ فِي دَعْوَاهُ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ عَوْدُهُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُ وَمِنْ الْمُقَرِّ لَهُ) أَيْ: عَلَى الْبَدَلِ (قَوْلُهُ: حَقٌّ لَهَا وَعَلَيْهَا) كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ صَوَابُهُ، وَعَلَيْهِ بِتَذْكِيرِ الضَّمِيرِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ عَطْفًا عَلَى لَهُ فِي قَوْلِهِ فِيمَا لَهُ. (قَوْلُهُ: مِمَّنْ لَا تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ) أَيْ أَوْ تَحِلُّ لَهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى نَبَّهَ عَلَيْهِ سم (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) يَعْنِي عَدَمَ الِانْفِسَاخِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ لَمْ يَنْفَسِخْ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ

مَعَهُ شَيْءٌ تَعَلَّقَ الْأَرْشُ بِرَقَبَتِهِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِالرِّقِّ بَعْدَهُ مَا قُطِعَتْ يَدُهُ مَثَلًا عَمْدًا اُقْتُصَّ مِنْ الرَّقِيقِ دُونَ الْحُرِّ لِأَنَّ قَوْلَهُ مَقْبُولٌ فِيمَا يَضُرُّهُ أَوْ بَعْدَ مَا قُطِعَتْ خَطَأً وَجَبَ الْأَقَلُّ مِنْ نِصْفَيْ الْقِيمَةِ وَالدِّيَةِ لِأَنَّ قَبُولَ قَوْلِهِ فِي الزَّائِدِ يَضُرُّ بِالْجَانِي (لَا) فِي الْأَحْكَامِ (الْمَاضِيَةِ الْمُضِرَّةِ بِغَيْرِهِ) فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا (فِي الْأَظْهَرِ) كَمَا لَا يُقْبَلُ الْإِقْرَارُ عَلَى الْغَيْرِ بِدَيْنٍ مَثَلًا وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ بِرِقِّهِ مُطْلَقًا وَالثَّانِي يُقْبَلُ لِأَنَّهُ يَتَجَزَّأُ وَيَصِيرُ كَقِيَامِ الْبَيِّنَةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ (فَلَوْ لَزِمَهُ) أَيْ اللَّقِيطَ (دَيْنٌ فَأَقَرَّ بِرِقٍّ وَفِي يَدِهِ مَالٌ قُضِيَ مِنْهُ) ثُمَّ إنْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ فَلِلْمُقَرِّ لَهُ، وَإِنْ بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ اُتُّبِعَ بِهِ فِي عِتْقِهِ (وَلَوْ ادَّعَى رِقَّهُ مَنْ لَيْسَ فِي يَدِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ لَمْ يُقْبَلْ) جَزْمًا إذْ الْأَصْلُ وَالظَّاهِرُ الْحُرِّيَّةُ فَلَا يُتْرَكُ إلَّا بِحُجَّةٍ، بِخِلَافِ النَّسَبِ احْتِيَاطًا لِمَصْلَحَةِ الصَّبِيِّ لِئَلَّا يَضِيعَ حَقُّهُ (وَكَذَا إنْ ادَّعَاهُ الْمُلْتَقِطُ) بِلَا بَيِّنَةٍ فَلَا يُقْبَلُ (فِي الْأَظْهَرِ) لِمَا ذُكِرَ. وَالثَّانِي يُقْبَلُ وَيُحْكَمُ لَهُ بِالرِّقِّ كَمَا لَوْ الْتَقَطَ مَالًا وَادَّعَاهُ وَلَا مُنَازَعَ لَهُ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَالَ مَمْلُوكٌ وَلَيْسَ فِي دَعْوَاهُ تَغْيِيرُ صِفَةٍ لَهُ وَاللَّقِيطُ حُرٌّ ظَاهِرًا وَفِي دَعْوَاهُ تَغْيِيرُ صِفَتِهِ، ثُمَّ يَسْتَمِرُّ بِيَدِهِ كَمَا قَالَهُ الْمُزَنِيّ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَإِنْ جَرَى الْمَاوَرْدِيُّ عَلَى وُجُوبِ انْتِزَاعِهِ مِنْهَا لِخُرُوجِهِ بِدَعْوَى رِقِّهِ عَنْ الْأَمَانَةِ وَرُبَّمَا اسْتَرَقَّهُ بَعْدَهُ، وَأَيَّدَ الْأَذْرَعِيُّ بِقَوْلِ الْعَبَّادِيِّ لَوْ ادَّعَى الْوَصِيُّ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ أُخْرِجَتْ الْوَصِيَّةُ عَنْ يَدِهِ لِئَلَّا يَأْخُذَهَا مَا لَمْ يُبَرِّئْ، وَتَنْظِيرُ الزَّرْكَشِيّ فِي تَعْلِيلِ الْمَاوَرْدِيِّ بِأَنَّهُ لَمْ يُتَحَقَّقْ كَذِبُهُ حَتَّى يَخْرُجَ عَنْ الْأَمَانَةِ يُرَدُّ بِأَنَّ اتِّهَامَهُ صَيَّرَهُ كَغَيْرِ الْأَمِينِ لِأَنَّ يَدَهُ صَارَتْ مَظِنَّةً لِلْإِضْرَارِ بِاللَّقِيطِ. نَعَمْ قِيَاسُ قَوْلِ الْعَبَّادِيِّ أَنَّهُ لَوْ أَشْهَدَ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ بَقِيَ بِيَدِهِ (وَلَوْ رَأَيْنَا صَغِيرًا مُمَيِّزًا أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ فِي يَدِ مَنْ يَسْتَرِقُّهُ) أَيْ يَسْتَخْدِمُهُ مُدَّعِيًا رِقَّهُ (وَلَمْ يُعْرَفْ اسْتِنَادُهَا إلَى الْتِقَاطٍ حُكِمَ لَهُ بِالرِّقِّ) بَعْدَ حَلِفِ ذِي الْيَدِ وَالدَّعْوَى عَمَلًا بِالْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ بِلَا مُعَارِضٍ (فَإِنْ بَلَغَ) الصَّغِيرُ الَّذِي اسْتَرَقَّهُ صَغِيرًا سَوَاءٌ ادَّعَى رَقِّهِ حِينَئِذٍ أَمْ بَعْدَ الْبُلُوغِ (وَقَالَ: أَنَا حُرُّ الْأَصْلِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) بِالْحُرِّيَّةِ لِأَنَّهُ حُكِمَ بِرِقِّهِ فِي صِغَرِهِ فَلَمْ يَزُلْ إلَّا بِحُجَّةٍ. نَعَمْ لَهُ تَحْلِيفُهُ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّاهُ وَفَارَقَ مَا لَوْ رَأَيْنَا صَغِيرَةً بِيَدِ مَنْ يَدَّعِي نِكَاحَهَا فَبَلَغَتْ وَأَنْكَرَتْ فَإِنَّ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا لَمْ يَطَأْهَا بِظَنِّ الْحُرِّيَّةِ وَيَسْتَمِرُّ ظَنُّهُ إلَى الْمَوْتِ اهـ. وَبِبَعْضِ الْهَوَامِشِ أَمَّا إذَا وَطِئَهَا فَتَعْتَدُّ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ م ر. وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَهُوَ قَرِيبٌ. (قَوْلُهُ: اُقْتُصَّ مِنْ الرَّقِيقِ) أَيْ الْقَاطِعِ (قَوْلُهُ وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ بِرِقِّهِ مُطْلَقًا) إنْ مُسْتَقْبَلًا وَمَاضِيًا، وَقَوْلُهُ وَالثَّانِي يُقْبَلُ: أَيْ إقْرَارُهُ. (قَوْلُهُ: قُضِيَ مِنْهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَلَا يُقْضَى مِنْ كَسْبِهِ لِأَنَّ الدُّيُونَ لَا تَتَعَلَّقُ بِكَسْبِ الْعَبْدِ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِيمَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ بِخِلَافِ الْمَهْرِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَهَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي وَإِنْ بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ أُتْبِعَ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَسْتَمِرُّ بِيَدِهِ) أَيْ الْمُلْتَقَطُ الَّذِي ادَّعَى رِقَّهُ. (قَوْلُهُ: وَرُبَّمَا اسْتَرَقَّهُ بَعْدَهُ) أَيْ مَا ذَكَرَ وَقَوْلُهُ وَأَيَّدَهُ أَيْ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ أَشْهَدَ) أَيْ بَعْدَ دَعْوَى الرِّقِّ (قَوْلُهُ: لَوْ رَأَيْنَا صَغِيرًا إلَخْ) أَيْ أَمَّا لَوْ رَأَيْنَا بَالِغًا فِي يَدِ مَنْ يَسْتَرِقُّهُ وَلَمْ نَعْلَمْ سَبْقَ حُكْمٍ عَلَيْهِ بِالرِّقِّ فِي صِغَرِهِ فَادَّعَى الْحُرِّيَّةَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ وَلَوْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَضُرُّ الْغَيْرَ. (قَوْلُهُ: يَدٍ) أَيْ التَّنْظِيرُ فِي التَّعْلِيلِ، وَهَذِهِ مُنَاقَشَةٌ لَفْظِيَّةٌ مَعَ الزَّرْكَشِيّ لَا تَقْتَضِي اعْتِمَادَ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ (قَوْلُهُ: أَيْ: يَسْتَخْدِمُهُ مُدَّعِيًا رِقَّهُ) هَذَا تَفْسِيرٌ لِمَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يَسْتَرِقُّهُ وَإِنْ كَانَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْمَذْكُورِ غَيْرَ قَيْدٍ فِي نَفْسِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي سَوَاءٌ ادَّعَى رِقَّهُ حِينَئِذٍ أَمْ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَتَأَمَّلْهُ، فَلَعَلَّ بِهِ يَنْدَفِعُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الشِّهَابُ سم مِنْ إثْبَاتِ الْمُنَاقَضَةِ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْعِبَارَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ حَلِفِ ذِي الْيَدِ إلَخْ) هَذَا مِنْهُ تَصْرِيحٌ فِي حَمْلِ الْحُكْمِ فِي الْمَتْنِ عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ صَرِيحَ التَّعَالِيلِ الْآتِيَةِ يُخَالِفُهُ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَذْكُرْهُ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ كَغَيْرِهِ، ثُمَّ إنَّ قَضِيَّتَهُ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فَإِنْ بَلَغَ وَقَالَ أَنَا حُرٌّ

الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ حِسْبَةً وَهِيَ صَغِيرَةٌ بِأَنَّ الْيَدَ دَلِيلُ الْمِلْكِ فِي الْجُمْلَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُولَدَ وَهُوَ مَمْلُوكٌ وَلَا كَذَلِكَ فِي النِّكَاحِ فَاحْتَاجَ لِلْبَيِّنَةِ. وَالثَّانِي يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ الْآنَ مِنْ أَهْلِ الْقَوْلِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِرِقِّهِ (وَمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِرِقِّهِ) بَعْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهَا لَا إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهَا كَبَيِّنَةِ دَاخِلٍ قَبْلَ أَنْ تُشْرِفَ يَدُهُ عَلَى الزَّوَالِ (عَمَلَ بِهَا) . وَلَوْ لِخَارِجٍ غَيْرِ مُلْتَقَطٍ (وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَتَعَرَّضَ الْبَيِّنَةُ) فِي اللَّقِيطِ (لِسَبَبِ الْمِلْكِ) مِنْ نَحْوِ شِرَاءٍ وَإِرْثٍ لِئَلَّا تَعْتَمِدَ ظَاهِرَ الْيَدِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ بَيِّنَةَ غَيْرِ الْمُلْتَقِطِ لَا تَحْتَاجُ لِذَلِكَ وَيَكْفِي قَوْلُهَا وَلَوْ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ لِأَنَّ شَهَادَتَهُنَّ بِالْوِلَادَةِ تُثْبِتُ الْمِلْكَ كَالنَّسَبِ فِي الشَّهَادَةِ بِالْوِلَادَةِ أَنَّهُ وَلَدُ أَمَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَتَعَرَّضْ لِلْمِلْكِ خِلَافًا لِمَا فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ وَلَدَ أَمَتِهِ مِلْكُهُ (وَفِي قَوْلٍ يَكْفِي مُطْلَقُ الْمِلْكِ) كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ اللَّقِيطَ مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ بِظَاهِرِ الْيَدِ فَلَا يُزَالُ ذَلِكَ الظَّاهِرُ إلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ. وَطَرِيقَةُ الْجُمْهُورِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي الْمُلْتَقَطِ وَغَيْرِهِ، وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ مُحْتَمَلَةٌ لِذَلِكَ، لَكِنَّ سِيَاقَهُ يَخُصُّهُ بِالْمُلْتَقَطِ وَفَرْقُهُمْ هَذَا وَتَعْلِيلُهُمْ الَّذِي قَضِيَّتُهُ مَا مَرَّ ظَاهِرَانِ فِيهِ (وَلَوْ اسْتَلْحَقَ اللَّقِيطَ) يَعْنِي الصَّغِيرَ الْمَحْكُومَ بِإِسْلَامِهِ وَلَوْ غَيْرَ لَقِيطٍ (حُرٌّ مُسْلِمٌ) ذَكَرٌ وَلَوْ غَيْرُ مُلْتَقِطٍ (لَحِقَهُ) بِشُرُوطِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْإِقْرَارِ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِحَقٍّ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى غَيْرِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِمَالٍ سَوَاءٌ أَكَانَ سَفِيهًا أَمْ رَشِيدًا، وَلَا يَلْحَقُ بِزَوْجَتِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي. وَاسْتَحَبُّوا لِلْقَاضِي أَنْ يَقُولَ لِلْمُلْتَقِطِ مِنْ أَيْنَ هُوَ وَلَدُك لَهُ مِنْ زَوْجَتِك أَوْ أَمَتِك أَوْ شُبْهَةٍ لِأَنَّهُ قَدْ يُظَنُّ أَنَّ الِالْتِقَاطَ يُفِيدُ النَّسَبَ، وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ وُجُوبَهُ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَجْهَلُ ذَلِكَ احْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ وَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ مَا يُؤَيِّدُهُ، وَتَعْبِيرُهُ بِالْمُسْلِمِ مِثَالٌ إذْ الْكَافِرُ يَسْتَلْحِقُ مَنْ حُكِمَ بِكُفْرِهِ وَكَذَا مَنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ كَمَا مَرَّ لَكِنْ لَا يَتْبَعُهُ فِي الْكُفْرِ (وَصَارَ أَوْلَى بِتَرْبِيَتِهِ) مِنْ غَيْرِهِ لِثُبُوتِ أُبُوَّتِهِ لَهُ فَأَوْلَى لَيْسَتْ عَلَى بَابِهَا كَقَوْلِك فُلَانٌ أَحَقُّ بِمَالِهِ. نَعَمْ لَوْ كَانَ كَافِرًا وَاللَّقِيطُ مُسْلِمٌ بِالدَّارِ لَمْ يُسَلَّمْ إلَيْهِ وَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ حُرٌّ مِثَالٌ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ فَقَالَ (وَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ عَبْدٌ) بِشُرُوطِهِ (لَحِقَهُ) فِي النَّسَبِ دُونَ الرِّقِّ لِإِمْكَانِ حُصُولِهِ مِنْهُ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةٍ لَكِنْ يُقَرُّ فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ وَيُنْفَقُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقُبِلَتْ دَعْوَاهُ مَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِرِقِّهِ، وَمِنْهُ مَا يُوجَدُ مِنْ بَيْعِ الْأَرِقَّاءِ الْغَالِبَةِ بِمِصْرِنَا، فَإِنَّهُمْ لَوْ ادَّعَوْا أَنَّهُمْ أَحْرَارٌ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ قُبِلَ مِنْهُمْ وَإِنْ تَكَرَّرَ بَيْعُ مَنْ هُمْ فِي أَيْدِيهِمْ مِرَارًا وَلَيْسَ دَعْوَاهُمْ الْإِسْلَامَ بِبِلَادِهِمْ وَلَا ثُبُوتُهُ بِإِخْبَارِ غَيْرِهِمْ لِجَوَازِ كَوْنِهِمْ وُلِدُوا مِنْ إمَاءٍ فَحُكِمَ بِرِقِّهِمْ تَبَعًا لِأُمَّهَاتِهِمْ. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ بَيِّنَتَهُ إلَخْ) صَرَّحَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِاشْتِرَاطِ بَيَانِ سَبَبِ الْمِلْكِ فِي الشَّهَادَةِ وَالدَّعْوَى فِي غَيْرِ اللَّقِيطِ أَيْضًا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ سِيَاقَهُ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: ذَكَرَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: أَمَّا الْخُنْثَى فَيَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْقَاضِي أَبِي الْفَرَجِ الزَّازِ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ النَّسَبَ يُحْتَاطُ لَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ. زَادَ عَلَى الْمَنْهَجِ: فَلَوْ مَاتَ هَذَا الْوَلَدُ فَهَلْ تَرِثُ الْخُنْثَى الثُّلُثَ وَيُوقَفُ الْبَاقِي لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أُنْثَى وَإِلَّا تَرِثُ الثُّلُثَ بِشَرْطِهِ أَوْ لَا تَرِثُ شَيْئًا لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ فَلْيُرَاجَعْ اهـ. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْإِرْثِ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ تَحَقُّقُ الْجِهَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْإِرْثِ وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ النَّسَبِ الْإِرْثُ كَمَا فِي اسْتِلْحَاقِ الرَّقِيقِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ النَّسَبُ دُونَ الْإِرْثِ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ: إنَّهُ إذَا لَمْ يَحْكُمْ الْحَاكِمُ بِرِقِّهِ فِي صِغَرِهِ أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُهُ: بَعْدَ بُلُوغِهِ فِي الْحُرِّيَّةِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ أَنْ يُولَدَ وَهُوَ مَمْلُوكٌ) أَيْ: فَمَنْ يَدَّعِي رِقَّهُ مُسْتَمْسِكٌ بِالْأَصْلِ (قَوْلُهُ: مِنْ نَحْوِ شِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ) اُنْظُرْ مِنْ أَيْنَ يُعْلَمُ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ لَقِيطٌ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ وَلَدُ أَمَتِهِ) هَذَا مَقُولُ قَوْلِهَا وَقَوْلُهُ: فِي الشَّهَادَةِ بِالْوِلَادَةِ مُتَعَلِّقٌ بِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: الْمَحْكُومُ بِإِسْلَامِهِ) اُنْظُرْ مَا الدَّاعِي إلَى التَّقْيِيدِ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَيْرَ مُلْتَقِطٍ) هَذِهِ الْغَايَةُ عُلِمَتْ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ غَيْرَ لَقِيطٍ. (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ حُرٌّ مِثَالٌ) اُنْظُرْ مِنْ أَيْنَ عُلِمَ؟

عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَفَصْلُهُ عَنْ الْحُرِّ لِقَوْلِهِ (وَفِي قَوْلٍ يُشْتَرَطُ تَصْدِيقُ سَيِّدِهِ) لَهُ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ إرْثَهُ بِفَرْضِ عِتْقِهِ. وَأَجَابَ عَنْهُ الْأَوَّلُ بِأَنَّ هَذَا غَيْرُ مَنْظُورٍ لَهُ لِصِحَّةِ اسْتِلْحَاقِهِ ابْنًا مَعَ وُجُودِ أَخٍ (وَإِنْ اسْتَلْحَقَتْهُ امْرَأَةٌ لَمْ يَلْحَقْهَا فِي الْأَصَحِّ) لِإِمْكَانِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بِمُشَاهَدَةِ الْوِلَادَةِ بِخِلَافِ الرَّجُلِ، وَإِذَا أَقَامَتْهَا لَحِقَهَا وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً، وَلَا يَثْبُتُ رِقُّهُ لِمَوْلَاهَا وَلَا يَلْحَقُ زَوْجَهَا إلَّا إنْ أَمْكَنَ وَشَهِدَتْ بِالْوِلَادَةِ عَلَى فِرَاشِهِ وَحِينَئِذٍ لَا يَنْتَفِي عَنْهُ إلَّا بِاللِّعَانِ. وَالثَّانِي يَلْحَقُهَا لِأَنَّهَا أَحَدُ أَبَوَيْنِ فَصَارَتْ كَالرَّجُلِ (أَوْ) اسْتَلْحَقَهُ (اثْنَانِ لَمْ يُقَدَّمْ مُسْلِمٌ وَحُرٌّ عَلَى ذِمِّيٍّ) وَحَرْبِيٍّ (وَعَبْدٍ) إذْ اسْتِلْحَاقُ كُلٍّ مِنْهُمْ صَحِيحٌ وَيَدُ الْمُلْتَقِطِ غَيْرُ صَالِحَةٍ لِلتَّرْجِيحِ هُنَا (فَإِنْ) كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ سَلِيمَةٌ مِنْ الْمُعَارِضِ عُمِلَ بِهَا فَإِنْ (لَمْ يَكُنْ) لِوَاحِدٍ مِنْهَا (بَيِّنَةٌ) أَوْ كَانَ لِكُلٍّ بَيِّنَةٌ وَتَعَارَضَتَا، فَإِنْ سَبَقَ اسْتِلْحَاقُ أَحَدِهِمَا وَيَدُهُ عَنْ غَيْرِ الْتِقَاطٍ قُدِّمَ لِثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْهُ مَعَ اعْتِضَادِهِ بِالْيَدِ فَهِيَ عَاضِدَةٌ غَيْرُ مُرَجِّحَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ أَحَدُهُمَا كَذَلِكَ كَأَنْ اسْتَلْحَقَهُ لَاقِطُهُ ثُمَّ ادَّعَاهُ آخَرُ (عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ) الْآتِي قُبَيْلَ الْعِتْقِ (فَيَلْحَقُ مَنْ أَلْحَقَهُ بِهِ) لِمَا يَأْتِي ثَمَّ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ بَعْدَ إلْحَاقِهِ بِوَاحِدٍ إلْحَاقُهُ بِآخَرَ إذْ الِاجْتِهَادُ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ تَعَارَضَ قَائِفَانِ كَانَ الْحُكْمُ لِلسَّابِقِ وَتُقَدَّمُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَلَوْ تَأَخَّرَتْ كَمَا يُقَدَّمُ هُوَ عَلَى مُجَرَّدِ الِانْتِسَابِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْحُكْمِ فَكَانَ أَقْوَى (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ) بِالْبَلَدِ أَوْ بِدُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَحَكَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْعُدَدِ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَقِيلَ بِالدُّنْيَا وَقِيلَ بِمَسَافَةِ الْعَدْوَى (أَوْ) وُجِدَ وَلَكِنْ (تَحَيَّرَ أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا) وُقِفَ الْأَمْرُ إلَى بُلُوغِهِ وَ (أُمِرَ بِالِانْتِسَابِ) قَهْرًا عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الصَّيْمَرِيُّ، زَادَ غَيْرُهُ: وَحُبِسَ إنْ امْتَنَعَ وَقَدْ ظَهَرَ لَهُ مَيْلٌ وَإِلَّا وُقِفَ الْأَمْرُ (بَعْدَ بُلُوغِهِ إلَى مَنْ يَمِيلُ طَبْعُهُ إلَيْهِ مِنْهُمَا) لِمَا صَحَّ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ أَمْرِهِ بِذَلِكَ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الِانْتِسَابُ بِالتَّشَهِّي بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مَيْلٍ جِبِلِّيٍّ كَمَيْلِ الْقَرِيبِ لِقَرِيبِهِ، وَشَرَطَ فِيهِ الْمَاوَرْدِيُّ أَنْ يَعْرِفَ حَالَهُمَا وَيَرَاهُمَا قَبْلَ الْبُلُوغِ وَأَنْ تَسْتَقِيمَ طَبِيعَتُهُ وَيَتَّضِحَ ذَكَاؤُهُ، وَأَقَرَّهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَأَيَّدَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِقَوْلِهِمْ: إنَّ الْمَيْلَ بِالِاجْتِهَادِ: أَيْ وَهُوَ يَسْتَدْعِي تِلْكَ الْمُقَدِّمَاتِ وَلَوْ انْتَسَبَ لِغَيْرِهِمَا وَصَدَّقَهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ، وَلَا يُخَيَّرُ الْمُمَيِّزُ كَمَا يَأْتِي فِي الْحَضَانَةِ لِأَنَّ رُجُوعَهُ مَعْمُولٌ بِهِ ثَمَّ، لَا هُنَا، فَقَوْلُهُ مُلْزِمٌ وَالصَّبِيُّ مِنْ أَهْلِ الْإِلْزَامِ وَيُنْفِقَانِهِ مُدَّةَ الِانْتِظَارِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْآخَرُ عَلَى مَنْ ثَبَتَ لَهُ بِمَا أَنْفَقَ إنْ أَذِنَهُ فِيهِ الْحَاكِمُ أَوْ أَشْهَدَ عَلَى الرُّجُوعِ عِنْدَ فَقْدِهِ عَلَى قِيَاسِ نَظَائِرِهِ، وَإِلَّا فَمُتَبَرِّعٌ، وَلَوْ تَدَاعَاهُ امْرَأَتَانِ أَنْفَقَتَا وَلَا رُجُوعَ مُطْلَقًا ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: فَإِنْ سَبَقَ اسْتِلْحَاقُ أَحَدِهِمَا إلَخْ) وَكَذَا لَا يُقَدَّمُ رَجُلٌ عَلَى امْرَأَةٍ بَلْ إنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً عُمِلَ بِهَا وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ وَتَعَارَضَتَا فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا يَدٌ مِنْ غَيْرِ الْتِقَاطٍ وَلَوْ الْمَرْأَةَ قُدِّمَ وَإِلَّا قُدِّمَ الرَّجُلُ لِأَنَّ مُجَرَّدَ دَعْوَى الْمَرْأَةِ لَا تُعَارِضُهُ لِعَدَمِ صِحَّةِ اسْتِلْحَاقِهَا. وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَتْ وَهِيَ أَنَّ بِنْتًا بِيَدِ امْرَأَةٍ مُدَّةً مِنْ السِّنِينَ تَدَّعِي الْمَرْأَةُ أُمُومَتَهَا لِتِلْكَ الْبِنْتِ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ، وَمَعَ شُيُوعِ ذَلِكَ بَيْنَ أَهْلِ مَحَلَّتِهَا وَجَاءَ رَجُلٌ ادَّعَى أَنَّهَا بِنْتُهُ مِنْ امْرَأَةٍ مَيِّتَةٍ لَهَا مُدَّةٌ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً وَلَمْ تُعَارَضْ عُمِلَ بِهَا وَإِلَّا بَقِيَتْ مَعَ الْمَرْأَةِ لِاعْتِضَادِ دَعْوَاهَا بِالْيَدِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ بِالْبَلَدِ أَوْ بِدُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَرْجِعُ الْآخَرُ عَلَى مَنْ ثَبَتَ لَهُ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَثْبُتْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَلْ ثَبَتَ لِغَيْرِهِمَا أَوْ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ لَا لَهُمَا وَلَا لِغَيْرِهِمَا فَهَلْ يَرْجِعُ الْمُنْفِقُ عَلَى مَنْ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ أَوْ عَلَى اللَّقِيطِ نَفْسِهِ لِوُجُودِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الرُّجُوعِ فِيهِمَا لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ وَاحِدًا مِنْهُمَا بِالْإِنْفَاقِ. (قَوْلُهُ: عَلَى قِيَاسِ نَظَائِرِهِ) قَالَ حَجّ: ثُمَّ بِنِيَّتِهِ انْتَهَى: يَعْنِي إذَا فُقِدَ الشُّهُودُ وَأَنْفَقَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ رَجَعَ وَفِيهِ أَنَّ فَقْدَ الشُّهُودِ نَادِرٌ، فَقِيَاسُ مَا مَرَّ لِلشَّارِحِ عَدَمُ الرُّجُوعِ. (قَوْلُهُ: وَلَا رُجُوعَ مُطْلَقًا) لِإِمْكَانِ الْقَطْعِ بِالْوِلَادَةِ وَأُوخِذَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا رُجُوعَ مُطْلَقًا) أَيْ لِأَنَّ دَعْوَى الْمَرْأَةِ وِلَادَتَهُ بِحُكْمِ الْقَطْعِ فِيهَا فَتُؤَاخَذُ بِمُوجِبِ قَوْلِهَا.

(وَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) عَلَى النَّسَبِ (مُتَعَارِضَتَيْنِ) كَأَنْ اخْتَلَفَ تَارِيخُهُمَا (سَقَطَتَا فِي الْأَظْهَرِ) لِانْتِفَاءِ الْمُرَجِّحِ فَيُرْجَعُ لِلْقَائِفِ، وَالْيَدُ هُنَا لَا تَرْجِيحَ بِهَا لِأَنَّهَا لَا تُثْبِتُ النَّسَبَ بِخِلَافِ الْمِلْكِ. وَالثَّانِي لَا يَسْقُطَانِ وَتُرَجَّحُ إحْدَاهُمَا بِقَوْلِ الْقَائِفِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَا يَخْتَلِفُ الْمَقْصُودُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَهُمَا مُفَرَّعَانِ عَلَى قَوْلِ التَّسَاقُطِ فِي التَّعَارُضِ فِي الْأَمْوَالِ، وَلَوْ تَدَاعَيَا مَوْلُودًا فَادَّعَى أَحَدُهُمَا ذُكُورَتَهُ وَالْآخَرُ أُنُوثَتَهُ فَبَانَ ذَكَرًا لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَى مَنْ ادَّعَى الْأُنُوثَةَ فِي أَوْجَهِ احْتِمَالَيْنِ لِأَنَّهُ قَدْ عَيَّنَ غَيْرَهُ، وَلَوْ اسْتَرْضَعَ ابْنَهُ يَهُودِيَّةً ثُمَّ غَابَ وَعَادَ فَوَجَدَهَا مَيِّتَةً وَلَمْ يَعْرِفْ ابْنَهُ مِنْ ابْنِهَا وُقِفَ الْأَمْرُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ إلَى تَبَيُّنِ الْحَالِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ قَائِفٍ أَوْ بُلُوغِهِمَا وَانْتِسَابِهِمَا انْتِسَابًا مُخْتَلِفًا، وَيُوضَعَانِ فِي الْحَالِ فِي يَدِ مُسْلِمٍ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِمَّا مَرَّ دَامَ الْوَقْفُ فِيمَا يَرْجِعُ لِلنَّسَبِ وَيَتَلَطَّفُ بِهِمَا لِيُسْلِمَا، فَإِنْ أَصَرَّا عَلَى الِامْتِنَاعِ لَمْ يُكْرَهَا عَلَيْهِ، وَإِذَا مَاتَا دُفِنَا بَيْنَ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ، وَتَجِبُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِمَا وَيَنْوِيهَا عَلَى الْمُسْلِمِ مِنْهُمَا إنْ صَلَّى عَلَيْهِمَا مَعًا، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ، وَخَالَفَ التَّاجُ الْفَزَارِيّ الْمُصَنِّفَ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــSكُلٌّ بِمُوجِبِ قَوْلِهَا اهـ حَجّ. وَقَوْلُ حَجّ لِإِمْكَانِ الْقَطْعِ: أَيْ بِالْبَيِّنَةِ بِالْوِلَادَةِ. (قَوْلُهُ: وَالْيَدُ هُنَا لَا تَرْجِيحَ بِهَا) عِبَارَةُ حَجّ: وَالْيَدُ هُنَا غَيْرُ مُرَجِّحَةٍ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ: أَيْ وَلَا عَاضِدَةٌ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُ السَّابِقَ فَإِنْ سَبَقَ اسْتِلْحَاقُ أَحَدِهِمَا إلَى قَوْلِهِ فَهِيَ عَاضِدَةٌ لَا مُرَجِّحَةٌ بِحَمْلِ هَذَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَسْبِقْ اسْتِلْحَاقُ ذِي الْيَدِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ وَالْيَدُ إلَخْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَيُفَارِقُ مَا لَوْ اسْتَلْحَقَاهُ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ حَيْثُ لَا يُقَدَّمُ بِالْيَدِ كَمَا مَرَّ وَلَا بِتَقَدُّمِ التَّارِيخِ، فَإِنْ أَقَامَهَا أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ بِيَدِهِ مُنْذُ سَنَةٍ وَالْآخَرُ بِأَنَّهُ مُنْذُ شَهْرٍ بِأَنَّ الْيَدَ وَتَقَدُّمَ التَّارِيخِ يَدُلَّانِ عَلَى الْحَضَانَةِ دُونَ النَّسَبِ (قَوْلُهُ: فَبَانَ ذَكَرًا) أَيْ أَوْ أُنْثَى لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَى مَنْ ادَّعَى ذُكُورَتَهُ، وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ بَانَ خُنْثَى لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَرْضَعَ ابْنَهُ) قُوَّةُ كَلَامِهِ تُشْعِرُ بِجَوَازِ اسْتِرْضَاعِ الْيَهُودِيَّةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْكَافِرَاتِ لِلْمُسْلِمِ، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ لِأَنَّ اسْتِرْضَاعَهَا اسْتِخْدَامٌ لِلْيَهُودِيَّةِ وَاسْتِخْدَامُ الْكُفَّارِ غَيْرُ مَمْنُوعٍ، وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّهَا يُخَافُ مِنْهَا. عَلَى الطِّفْلِ، لِأَنَّا نَقُولُ: هَذِهِ الْحَالَةُ إذَا وُجِدَتْ فِي الْمُسْلِمَةِ امْتَنَعَ تَسْلِيمُ الرَّضِيعِ لَهَا، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا سَوَاءٌ كَانَ بِبَيْتِهَا أَمْ بَيْتِ وَلِيِّهِ. (قَوْلُهُ: فِيمَا يَرْجِعُ لِلنَّسَبِ) أَيْ وَيَجِبُ عَلَى أَبَوَيْهِمَا نَفَقَتُهُمَا بِأَنْ يُنْفِقَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى كُلٍّ مِنْ الْوَلَدَيْنِ نِصْفَ كِفَايَتِهِ أَوْ يَتَّفِقَا عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُنْفِقُ عَلَى وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ مِنْ الْوَلَدَيْنِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُكْرَهَا عَلَيْهِ) أَيْ بَعْدَ الْبُلُوغِ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا مَاتَا دُفِنَا بَيْنَ إلَخْ) أَيْ وُجُوبًا وَلَوْ تَرَكَا مَالًا فَإِنْ رُجِيَ ظُهُورُ الْحَالِ وُقِفَ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنَّهُ مِنْ الْأَمْوَالِ الضَّائِعَةِ فَأَمْرُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ. . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[كتاب الجعالة]

كِتَابُ الْجَعَالَةِ هِيَ بِتَثْلِيثِ الْجِيمِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ مَالِكٍ وَغَيْرُهُ، وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ وَالْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَلَى كَسْرِهَا، وَابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةِ وَالْمَطْلَبِ عَلَى فَتْحِهَا، وَهِيَ لُغَةً اسْمٌ لِمَا يَجْعَلُهُ الْإِنْسَانُ لِغَيْرِهِ عَلَى شَيْءٍ يَفْعَلُهُ، وَكَذَا الْجَعْلُ وَالْجَعِيلَةُ. وَشَرْعًا: الْتِزَامُ عِوَضٍ مَعْلُومٍ عَلَى عَمَلٍ مُعَيَّنٍ مَعْلُومٍ أَوْ مَجْهُولٍ بِمُعَيَّنٍ أَوْ مَجْهُولٍ. وَذَكَرَهَا بَعْضُ الْأَصْحَابِ كَصَاحِبِ الْمُهَذَّبِ وَالشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ عَقِبَ الْإِجَارَةِ لِأَنَّهَا عَقْدٌ عَلَى عَمَلٍ، وَأَوْرَدَهَا الْجُمْهُورُ هُنَا لِأَنَّهَا طَلَبُ الْتِقَاطِ الدَّابَّةِ الضَّالَّةِ. وَالْأَصْلُ فِيهَا الْإِجْمَاعُ، وَاسْتَأْنَسُوا لَهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ} [يوسف: 72] وَكَانَ مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ كَالْوَسْقِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي شَرْعِنَا تَقْرِيرُهُ بِخَبَرِ الَّذِي رَقَاهُ الصَّحَابِيُّ بِالْفَاتِحَةِ عَلَى قَطِيعٍ مِنْ الْغَنَمِ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ الرَّاقِي كَمَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَالْقَطِيعُ ثَلَاثُونَ رَأْسًا مِنْ الْغَنَمِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيُسْتَنْبَطُ مِنْهُ جَوَازُ الْجَعَالَةِ عَلَى مَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْمَرِيضُ مِنْ دَوَاءٍ أَوْ رُقْيَةٍ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوهُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ إنْ حَصَلَ بِهِ تَعَبٌ وَإِلَّا فَلَا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي، وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَيْهَا فِي رَدِّ ضَالَّةٍ وَآبِقٍ وَعَمَلٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَلَا يَجِدُ مَنْ يَتَطَوَّعُ بِهِ، وَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِ لِلْجَهَالَةِ فَجَازَتْ كَالْإِجَارَةِ وَالْقِرَاضِ. وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ: صِيغَةٌ، وَمُتَعَاقِدَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــSكِتَابُ الْجِعَالَةِ. (قَوْلُهُ: وَابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِتَثْلِيثِ الْجِيمِ، وَاقْتَصَرَ جَمَاعَةٌ عَلَى كَسْرِهَا وَآخَرُونَ عَلَى كَسْرِهَا وَفَتْحِهَا وَعَلَيْهَا فَيَتَحَصَّلُ فِيهَا أَرْبَعَةُ مَذَاهِبَ وَلَمْ يُبَيِّنُوا الْأَفْصَحَ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ الْكَسْرُ لِاقْتِصَارِ الْجَوْهَرِيِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْجُعْلُ) أَيْ اسْمٌ لِمَا يَجْعَلُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَاسْتَأْنَسُوا لَهَا) إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ وَلَمْ يَقُلْ وَاسْتَدَلُّوا لِأَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا لَيْسَ شَرْعًا لَنَا وَإِنْ وَرَدَ فِي شَرْعِنَا مَا يُقَرِّرُهُ (قَوْلُهُ الَّذِي رُقَاهُ الصَّحَابِيُّ) أَوْ وَكَانَ الْمَرْقِيُّ لَدِيغًا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَالْقَطِيعُ ثَلَاثُونَ رَأْسًا) هُوَ بَيَانٌ لِمَا اتَّفَقَ وُقُوعُهُ، وَإِلَّا فَالْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ لَا يَتَقَيَّدُ بِعَدَدٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ حَيْثُ لَمْ يُبَيِّنْهُ بِعَدَدٍ مَخْصُوصٍ وَعِبَارَتُهُ: وَالْقَطِيعُ اسْمٌ لِلْفِرْقَةِ مِنْ الْبَقَرِ أَوْ مِنْ الْغَنَمِ، وَالْجَمْعُ أَقَاطِيعُ وَأَقَاطِعُ وَقُطْعَانٌ. (قَوْلُهُ: مِنْ دَوَاءٍ أَوْ رُقْيَةٍ) ثُمَّ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ جَعَلَ الشِّفَاءَ غَايَةً لِذَلِكَ كَالتَّدَاوِي إلَى الشِّفَاءِ أَوْ لِتَرْقِينِي إلَى الشِّفَاءِ فَإِنْ فَعَلَ وَوُجِدَ الشِّفَاءُ اسْتَحَقَّ الْجُعْلَ، وَإِنْ فَعَلَ وَلَمْ يَحْصُلْ الشِّفَاءُ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا لِعَدَمِ وُجُودِ الْمُجَاعَلِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُدَاوَاةُ وَالرُّقْيَةُ إلَى الشِّفَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ الشِّفَاءَ غَايَةً ذَلِكَ كَلِتَقْرَأْ عَلَى عِلَّتِي الْفَاتِحَةَ سَبْعًا مَثَلًا اسْتَحَقَّ بِقِرَاءَتِهَا سَبْعًا لِأَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْ بِالشِّفَاءِ، وَلَوْ قَالَ لِتَرْقِنِي وَلَمْ يَزِدْ أَوْ زَادَ مِنْ عِلَّةِ كَذَا فَهَلْ يَتَقَيَّدُ الِاسْتِحْقَاقُ بِالشِّفَاءِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُدَاوَاةِ الْآتِي فِي الْفَرْعِ قُبَيْلُ، وَلَوْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ وَإِلَّا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ فَسَادُ الْجِعَالَةِ هُنَا وَوُجُوبُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُتَّجِهٌ) مِنْ عِنْدِ م ر. (قَوْلُهُ: إنْ حَصَلَ بِهِ تَعَبٌ) لَعَلَّ قِصَّةَ أَبِي سَعِيدٍ حَصَلَ فِيهَا تَعَبٌ كَذَهَابِهِ لِمَوْضِعِ الْمَرِيضِ، فَلَا يُقَالُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ لَا تَعَبَ فِيهَا فَكَيْفَ صَحَّتْ الْجِعَالَةُ عَلَيْهَا أَوْ أَنَّهُ قَرَأَهَا سَبْعَ مَرَّاتٍ مَثَلًا، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّعَبِ بِالنِّسْبَةِ لِحَالِ الْفَاعِلِ (قَوْلُهُ: وَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِ) مِنْ تَتِمَّةِ التَّعْلِيلِ، وَقَوْلُهُ لِلْجَهَالَةِ يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْمَعْلُومَ تَصِحُّ الْجِعَالَةُ عَلَيْهِ مَعَ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ عَلَى فِعْلِهِ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الدَّلِيلَ هُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْجَعَالَةِ]

وَعَمَلٌ، وَعِوَضٌ، كَمَا عَلِمْت مِنْ شُرُوطِهَا مِنْ كَلَامِهِ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي (هِيَ كَقَوْلِهِ) أَيْ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ الْمُخْتَارِ (مِنْ رَدِّ آبِقٍ) أَوْ آبِقِ زَيْدٍ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ (فَلَهُ كَذَا) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ خِطَابٌ لِمُعَيَّنٍ لِلْآيَةِ، وَاحْتَمَلَ إبْهَامَ الْعَامِلِ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَهْتَدِي إلَى الرَّاغِبِ فِي الْعَمَلِ، وَإِذَا صَحَّ مَعَ إبْهَامِ الْعَامِلِ فَمَعَ تَعْيِينِهِ أَوْلَى كَقَوْلِهِ إنْ رَدَدْت عَبْدِي فَلَكَ كَذَا، وَهِيَ تُفَارِقُ الْإِجَارَةَ مِنْ أَوْجُهٍ جَوَازُهَا عَلَى عَمَلِ مَجْهُولٍ، وَصِحَّتُهَا مَعَ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَعَدَمُ اشْتِرَاطِ قَبُولِ الْعَامِلِ وَكَوْنُهَا جَائِزَةً لَا لَازِمَةً، وَعَدَمُ اسْتِحْقَاقِ الْعَامِلِ الْجُعْلَ إلَّا بِالْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ، فَلَوْ شَرَطَ تَعْجِيلَ الْجُعْلِ فَسَدَ الْعَقْدُ وَاسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ، فَإِنْ سَلَّمَهُ بِلَا شَرْطٍ امْتَنَعَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِجَارَةِ بِأَنَّهُ ثَمَّ مَلَكَهُ بِالْعَقْدِ وَهُنَا لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالْعَمَلِ، وَلَوْ قَالَ مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ دِرْهَمٌ قَبْلَهُ بَطَلَ، قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي كِتَابِ الدُّورِ، وَعَدَمُ اشْتِرَاطِ قَبْضِهِ فِي الْمَجْلِسِ مُطْلَقًا، وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُلْتَزِمِ لِلْجُعْلِ مَالِكًا أَوْ غَيْرَهُ كَوْنُهُ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ، فَلَا يَصِحُّ بِالْتِزَامِ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ، وَفِي الْعَامِلِ الْمُعَيَّنِ أَهْلِيَّةُ الْعَمَلِ بِأَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَيْهِ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْعَبْدُ، وَغَيْرُ الْمُكَلَّفِ بِإِذْنٍ وَغَيْرِهِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ إذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ، وَيَخْرُجُ عَنْهُ الْعَاجِزُ عَنْ الْعَمَلِ كَصَغِيرٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَضَعِيفٍ يَغْلِبُهُ الْعَمَلُ عَلَى نَفْسِهِ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ مَعْدُومَةٌ فَأَشْبَهَ اسْتِئْجَارَ الْأَعْمَى لِلْحِفْظِ، كَذَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ كَالزَّرْكَشِيِّ وَابْنِ الْعِمَادِ. وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: كَانَ الْمُرَادُ أَهْلِيَّةَ الْتِزَامِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ مَكَانَهُ. وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: كَأَنَّهُ يُشِيرُ بِذَلِكَ إلَى اشْتِرَاطِ بُلُوغِهِ وَتَمْيِيزِهِ، أَمَّا إذَا كَانَ مُبْهَمًا فَيَكْفِي عِلْمُهُ بِالنِّدَاءِ. قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَجْمُوعُ الْعِلَلِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا يَضُرُّ تَخَلُّفُ بَعْضِهَا عَنْ الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: وَعُمِلَ) فِي عَدِّهِ مِنْ الْأَرْكَانِ مُسَامَحَةٌ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِعَدِّهِ مِنْهَا ذِكْرُهُ فَقَطْ فِي الْعَقْدِ وَالْمُتَأَخِّرُ إنَّمَا هُوَ ذَاتُ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ الْجِعَالَةُ تُفَارِقُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ سَلَّمَهُ) أَيْ الْجُعْلَ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: امْتَنَعَ تَصَرُّفُهُ) قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ: أَيْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ جُعْلًا، أَمَّا مِنْ حَيْثُ رِضَا الْمَالِكِ الدَّافِعِ الَّذِي تَضَمَّنَهُ التَّسْلِيمُ فَيَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ أَقُولُ: هُوَ مُسَلَّمٌ فِي التَّصَرُّفِ فِيهِ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ بِنَحْوِ أَكْلِهِ أَوْ لُبْسِهِ. أَمَّا التَّصَرُّفُ فِيهِ بِنَقْلِ الْمِلْكِ فِيهِ الَّذِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَلَا، وَلَوْ أَتْلَفَهُ بِنَحْوِ أَكْلِهِ فَهَلْ يَضْمَنُهُ الْوَجْهُ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْهُ لَهُ مَجَّانًا بَلْ عَلَى أَنَّهُ عِوَضٌ، وَهَلْ لَهُ رَهْنُهُ لِأَنَّ تَسْلِيمَ الْمَالِكِ إيَّاهُ عَنْ الْجُعْلِ يَتَضَمَّنُ الرِّضَا. بِذَلِكَ وَيَكُونُ مَضْمُونًا كَمَا تَقَدَّمَ أَوَّلًا لِأَنَّ قَبْضَهُ عَنْ الْجِعَالَةِ فَاسِدٌ لِعَدَمِ مِلْكِهِ وَاسْتِحْقَاقِ قَبْضِهِ؟ فِيهِ اُنْظُرْ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: قِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ مَنْعِ بَيْعِهِ مَنْعُ رَهْنِهِ. (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) عِبَارَةُ حَجّ بَدَلَ فِيمَا يَظْهَرُ عَلَى الْأَوْجَهِ. (قَوْلُهُ: وَيُفَرِّقُ بَيْنَهُ) أَيْ بَيْنَ امْتِنَاعِ التَّصَرُّفِ عَلَى الْعَامِلِ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ دِرْهَمٌ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الرَّدِّ، وَقَوْلُهُ بَطَلَ أَيْ الْعَقْدُ لِشَرْطِ تَعْجِيلِ الْجُعْلِ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ مُعَيَّنًا أَوْ فِي الذِّمَّةِ. (قَوْلُهُ: وَغَيْرُ الْمُكَلَّفِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ مِنْ الْآدَمِيِّينَ وَكَانَ قَادِرًا عَلَى الْعَمَلِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي كَصَغِيرٍ لَا يَقْدِرُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ) أَيْ حَيْثُ قَالَ لَا يَصِحُّ مَعَ الرَّقِيقِ بِدُونِ إذْنِ سَيِّدِهِ. (قَوْلُهُ: يَغْلِبُهُ الْعَمَلُ عَلَى نَفْسِهِ) أَيْ فَلَا يُطِيقُهُ فَكَأَنَّ الْعَمَلَ قَهَرَهُ وَغَلَبَهُ حَتَّى عَجَزَ عَنْهُ، وَقَوْلُهُ لِلْحِفْظِ: أَيْ بِالْبَصَرِ (قَوْلُهُ: كَانَ الْمُرَادُ) أَيْ بِقَوْلِهِ قُدْرَتَهُ. (قَوْلُهُ: وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ) أَيْ بِأَهْلِيَّةِ الْعَمَلِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقَوْلُهُ إمْكَانُهُ: أَيْ إمْكَانُ الْعَمَلِ. (قَوْلُهُ: وَتَمْيِيزُهُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ. (قَوْلُهُ: فَيَكْفِي عِلْمُهُ بِالنِّدَاءِ) أَيْ دُونَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْعَمَلِ لَكِنْ فِيهِ أَنَّهُ حَيْثُ أَتَى بِهِ بَانَتْ قُدْرَتُهُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالْقُدْرَةِ كَوْنُهُ قَادِرًا بِحَسَبِ الْعَادَةِ غَالِبًا، وَهَذَا لَا يُنَافِي وُجُودَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُلْتَزِمِ إلَخْ) تَقَدَّمَ هَذَا (قَوْلُهُ: وَغَيْرِ الْمُكَلَّفِ) أَيْ: فَيَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى كَمَا هُوَ ظَاهِرُ السِّيَاقِ، وَهُوَ الَّذِي سَيَأْتِي عَنْ السُّبْكِيّ وَالْبُلْقِينِيِّ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ) يَعْنِي الْمُصَنِّفَ فِي الرَّوْضَةِ بِقَوْلِهِ الْمَارِّ فِي الْعَامِلِ

الْمَاوَرْدِيُّ هُنَا: لَوْ قَالَ مَنْ جَاءَ بِهِ اسْتَحَقَّ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ أَوْ عَبْدٍ عَاقِلٍ أَوْ مَجْنُونٍ إذَا سَمِعَ النِّدَاءَ أَوْ عَلِمَ بِهِ لِدُخُولِهِمْ فِي عُمُومِ مَنْ جَاءَ وَخَالَفَ فِي السِّيَرِ فَقَالَ: لَا يَسْتَحِقُّ الصَّبِيُّ وَلَا الْعَبْدُ إذَا قَامَ بِهِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، وَالصِّيغَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ تَدُلُّ عَلَى الْإِذْنِ عُرْفًا لِأَنَّ التَّرْغِيبَ فِي الشَّيْءِ يَدُلُّ عَلَى طَلَبِهِ، وَقَضِيَّةُ الْحَدِّ صِحَّتُهَا فِي إنْ حَفِظْت مَالِي مِنْ مُتَعَدٍّ عَلَيْهِ فَلَكَ كَذَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ عَيَّنَ لَهُ قَدْرَ الْمَالِ وَزَمَنَ الْحِفْظِ، وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمَالِكَ يُرِيدُ الْحِفْظَ عَلَى الدَّوَامِ وَهَذَا لَا غَايَةَ لَهُ فَلَمْ يَبْعُدْ فَسَادُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسَمَّى فَيَجِبُ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لَمَّا حَفِظَهُ (وَ) عُلِمَ مِنْ مِثَالِهِ الَّذِي دَلَّ بِهِ عَلَيْهِ حَدُّهَا كَمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ (يُشْتَرَطُ) فِيهَا لِتَتَحَقَّقَ (صِيغَةٌ) مِنْ النَّاطِقِ الَّذِي لَمْ يُرِدْ إتْيَانَهُ بِكِتَابَةٍ (تَدُلُّ عَلَى الْعَمَلِ) أَيْ الْإِذْنِ فِيهِ كَمَا بِأَصْلِهِ (بِعِوَضٍ) مَعْلُومٍ مَقْصُودٍ (مُلْتَزَمٍ) لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ فَافْتَقَرَتْ إلَى صِيغَةٍ تَدُلُّ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَقَدْرِ الْمَبْذُولِ كَالْإِجَارَةِ وَالْكِتَابَةِ وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ الْمُفْهِمَةِ تَقُومُ مَقَامَ الصِّيغَةِ وَالْكِتَابَةِ كِنَايَةً إنْ نَوَاهُ بِهَا صَحَّ وَإِلَّا فَلَا (فَلَوْ عَمِلَ) أَحَدٌ (بِلَا إذْنٍ) أَوْ بِإِذْنٍ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ عِوَضٍ أَوْ بَعْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْعَمَلِ مَعَ الْعَجْزِ عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ، أَوْ يُقَالُ: لَا تُشْتَرَطُ قُدْرَتُهُ أَصْلًا وَيَكْفِي إذْنُهُ لِمَنْ يَعْمَلُ فَيَسْتَحِقُّ بِإِذْنِهِ الْجُعْلَ وَيُصَرِّحُ بِهَذَا قَوْلُ ع: لَوْ كَانَ الْعَامِلُ مُعَيَّنًا ثُمَّ وَكَّلَ غَيْرَهُ وَلَمْ يَفْعَلْ هُوَ شَيْئًا فَلَا جُعْلَ لِأَحَدٍ وَإِنْ كَانَ عَامًّا فَعَلِمَ بِهِ شَخْصٌ ثُمَّ وَكَّلَ اسْتَحَقَّ الْأَوَّلُ. هَذَا مُحَصَّلُ بَحْثِ الشَّيْخَيْنِ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ فِي الْأُولَى، وَقَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: فَمَنْ جَاءَ بِهِ اسْتَحَقَّ) أَيْ الْجُعْلَ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ الْمُسَمَّى فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي لَهُ عَنْ الْأَنْوَارِ مِنْ أَنَّ الصَّبِيَّ وَالسَّفِيهَ لَهُمَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُمَا الْمَجْنُونُ إذَا كَانَ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ، وَأَمَّا الْعَبْدُ فَالْقِيَاسُ اسْتِحْقَاقُهُ الْمُسَمَّى إنْ كَانَ بَالِغًا عَاقِلًا لِأَنَّهُ يَصِحُّ قَبُولُهُ الْهِبَةَ وَيَكُونُ لِسَيِّدِهِ فَالْجُعْلُ أَوْلَى لِبِنَائِهِمْ أَمْرَ الْجُعَلَةِ عَلَى الْمُسَامَحَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَجْنُونٌ) أَيْ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: إنْ عَيَّنَ لَهُ قَدْرَ الْمَالِ) أَيْ الَّذِي يَحْفَظُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ عُلِمَ قَدْرُهُ بِمُجَرَّدِ الرُّؤْيَةِ أَوْ غَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: الَّذِي دَلَّ بِهِ) أَيْ بِالْمِثَالِ (قَوْلُهُ: صِيغَةٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَلَوْ عَمِلَ أَحَدٌ بِلَا صِيغَةٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِرَدِّ الضَّوَالِّ بِعَدَمِ الِالْتِزَامِ لَهُ فَوَقَعَ عَمَلُهُ تَبَرُّعًا، وَدَخَلَ الْعَبْدُ فِي ضَمَانِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ. وَقَالَ الْإِمَامُ: فِيهِ الْوَجْهَانِ فِي الْأَخْذِ مِنْ الْغَاصِبِ بِقَصْدِ الرَّدِّ إلَى الْمَالِكِ، وَالْأَصَحُّ فِيهِ الضَّمَانُ انْتَهَى. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: كَانَ يَنْبَغِي عَدَمُ الضَّمَانِ كَمَا لَوْ أَخَذَهُ مِمَّنْ لَا يَضْمَنُ كَالْحَرْبِيِّ بِجَامِعِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي يَدِ ضَامِنِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُهُ مَعْرُوفًا بِرَدِّ الضَّوَالِّ، وَمِنْهُ رَدُّ الْوَالِي مَثَلًا لَهُ وَشُيُوخُ الْعَرَبِ فَلَا أُجْرَةَ لَهُمْ فَيَدْخُلُ الْمَرْدُودُ فِي ضَمَانِهِمْ حَيْثُ لَمْ يَأْذَنْ مَالِكُهُ فِي الرَّدِّ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ الْتِزَامُهُمْ مِنْ الْحَاكِمِ غَفْرَ تِلْكَ الْمَحَلَّةِ وَحِفْظَ مَا فِيهَا مَا لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى رِضَا الْمَالِكِ بِرَدِّ مَا أَخَذَ، وَقَوْلُهُ وَلِقَائِلٍ إلَخْ نَقَلَ فِي قَوْلَةِ أُخْرَى خِلَافَهُ، وَالْأَقْرَبُ مَا هُنَا مِنْ دُخُولِهِ فِي ضَمَانِهِ، وَوَجْهُهُ بِأَنَّ بَقَاءَ الْمَغْصُوبِ فِي يَدِ مَنْ لَا يَضْمَنُ يُتَوَقَّعُ التَّلَفُ مَعَهُ أَكْثَرُ مِنْ الضَّالِّ، فَإِنَّهُ بِتَقْدِيرِ عَدَمِ رَدِّهِ يَجُوزُ اطِّلَاعُ الْمَالِكِ عَلَيْهِ فَيَأْخُذُهُ وَلَا يُفَوِّتُ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْحَرْبِيِّ مَثَلًا فَإِنَّ الْعَوْدَ مِنْهُ بَعِيدٌ عَادَةً. (قَوْلُهُ: الَّذِي لَمْ يُرِدْ إتْيَانَهُ) قَيْدٌ بِمَا ذَكَرَ لِأَنَّهُ حَمَلَ الصِّيغَةَ عَلَى اللَّفْظِ وَجَعَلَ الْإِشَارَةَ وَالْكِتَابَةَ قَائِمَيْنِ مَقَامَ الصِّيغَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا سَلَكَهُ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ لِإِمْكَانِ حَمْلِ الصِّيغَةِ عَلَى مَا يَشْمَلُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: إنْ نَوَاهُ) أَيْ عَقْدَ الْجِعَالَةِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ عَمِلَ أَحَدٌ بِلَا إذْنٍ إلَخْ) وَمِنْ ذَلِكَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي قُرَى مِصْرِنَا مِنْ أَنَّ جَمَاعَةً اعْتَادُوا حِرَاسَةَ الْجَرِينِ نَهَارًا وَجَمَاعَةً اعْتَادُوا حِرَاسَتَهُ لَيْلًا، فَإِنْ اتَّفَقَتْ مُعَاقَدَتُهُمْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَهْلِ الْجَرِينِ أَوْ مِنْ بَعْضِهِمْ بِإِذْنِ الْبَاقِينَ لَهُمْ فِي الْعَقْدِ اسْتَحَقَّ الْحَارِسُونَ مَا شُرِطَ لَهُمْ إنْ كَانَتْ الْجِعَالَةُ صَحِيحَةً وَإِلَّا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَأَمَّا إنْ بَاشَرُوا الْحِرَاسَةَ بِلَا إذْنٍ مِنْ أَحَدٍ اعْتِمَادًا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُعَيَّنِ أَهْلِيَّةَ الْعَمَلِ، وَلَمْ يَتَقَدَّمْ مَرْجِعُ الضَّمِيرِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ

الْإِذْنِ لَكِنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ سَوَاءٌ الْمُعَيَّنُ وَقَاصِدُ الْعِوَضِ وَغَيْرُهُمَا (أَوْ أُذِنَ لِشَخْصٍ فَعَمِلَ غَيْرُهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ) وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِرَدِّ الضَّوَالِّ بِعِوَضٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ عِوَضًا لَهُ فَوَقَعَ عَمَلُهُ: تَبَرُّعًا. نَعَمْ لَوْ رَدَّهُ قِنُّ الْمَقُولِ لَهُ اسْتَحَقَّ سَيِّدُهُ الْجُعْلَ لِأَنَّ يَدَ قِنِّهِ كَيَدِهِ كَذَا قَالَاهُ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا اسْتَعَانَ بِهِ سَيِّدُهُ، وَإِلَّا فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي اللَّفْظِ لَا سِيَّمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلِمَ النِّدَاءَ، وَقَدْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَوْ قَالَ مَنْ رَدَّ عَبْدِي مِنْ سَامِعِي نِدَائِي فَلَهُ كَذَا فَرَدَّهُ مَنْ عَلِمَ نِدَاءَهُ وَلَمْ يَسْمَعْهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ، وَصَحَّ بِمِثْلِهِ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ انْتَهَى. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَوْلُ الْقَاضِي. فَإِنْ رَدَّهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِعَبْدِهِ اسْتَحَقَّ يُفْهِمُ عَدَمَ الِاسْتِحْقَاقِ إذَا اسْتَقَلَّ الْعَبْدُ بِالرَّدِّ (وَلَوْ قَالَ أَجْنَبِيٌّ) مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ مُخْتَارٌ (مَنْ رَدَّ عَبْدَ زَيْدٍ فَلَهُ كَذَا اسْتَحَقَّهُ الرَّادُّ) الْعَالِمُ بِهِ (عَلَى الْأَجْنَبِيِّ) لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ فَصَارَ كَخُلْعِ الْأَجْنَبِيِّ، وَكَمَا لَوْ الْتَمَسَ إلْقَاءَ مَتَاعِ الْغَيْرِ فِي الْبَحْرِ لِخَوْفِ الْهَلَاكِ وَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ، وَلَيْسَ، كَمَا لَوْ الْتَزَمَ الثَّمَنَ فِي شِرَاءِ غَيْرِهِ أَوْ الثَّوَابَ فِي هِبَةِ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ عِوَضُ تَمْلِيكٍ فَلَا يُتَصَوَّرُ وُجُوبُهُ عَلَى غَيْرِ مَنْ حَصَلَ لَهُ الْمِلْكُ وَالْجُعْلُ لَيْسَ عِوَضَ تَمْلِيكٍ، وَاسْتَشْكَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هَذِهِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ وَضْعُ يَدِهِ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ بِقَوْلِ الْأَجْنَبِيِّ بَلْ بِضِمْنِهِ فَكَيْفَ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى الْإِذْنِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَالِكَ رَاضٍ بِهِ قَطْعًا، أَوْ بِأَنَّ صُورَةَ ذَلِكَ أَنْ يَأْذَنَ الْمَالِكُ لِمَنْ شَاءَ فِي الرَّدِّ وَالْتَزَمَ الْأَجْنَبِيُّ بِالْجُعْلِ أَوْ يَكُونُ لِلْأَجْنَبِيِّ وِلَايَةٌ عَلَى الْمَالِكِ، وَقَدْ يُصَوَّرُ أَيْضًا بِمَا إذَا ظَنَّهُ الْعَامِلُ الْمَالِكُ أَوْ عَرَفَهُ وَظَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى مَا سَبَقَ مِنْ دَفْعِ أَرْبَابِ الزَّرْعِ لِلْحَارِسِ سَهْمًا مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ لَمْ يَسْتَحِقُّوا شَيْئًا. (قَوْلُهُ: عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لحج. وَفِي سم عَلَى حَجّ: وَلَوْ قَالَ مَنْ رَدَّ عَبْدًا فَلَهُ كَذَا فَهَلْ هُوَ كَمَا لَوْ قَالَ مَنْ رَدَّ عَبْدَ زَيْدٍ حَتَّى إذَا رَدَّ عَبْدًا مَا لِأَحَدٍ أَوْ عَبْدًا مَوْقُوفًا مَثَلًا اسْتَحَقَّ يَنْبَغِي نَعَمْ م ر انْتَهَى. وَقَدْ يَشْمَلُ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ فِي التَّعْرِيفِ لِمُعَيَّنٍ أَوْ مَجْهُولٍ. (قَوْلُهُ: كَمَا الْتَزَمَ الثَّمَنَ) أَيْ قَبْلَ الشِّرَاءِ حَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، لَكِنْ تَقَدَّمَ عَنْ حَجّ فِي الضَّمَانِ أَنَّهُ لَوْ الْتَزَمَ الثَّمَنَ لِغَيْرِهِ كَأَنْ قَالَ بِعْهُ وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ صِحَّةُ ذَلِكَ وَوُجُوبُ مَا الْتَزَمَهُ عَلَيْهِ قَالَ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ الضَّمَانِ الْمُحْوِجِ إلَى أَصِيلٍ بَلْ هُوَ مِثْلُ مَا لَوْ قَالَ أَلْقِ مَتَاعَك فِي الْبَحْرِ وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ. (قَوْلُهُ: وَاسْتَشْكَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هَذِهِ) أَيْ اسْتِحْقَاقُ الْعَامِلِ لِلْعِوَضِ بِقَوْلِ الْأَجْنَبِيِّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَالِكَ رَاضٍ بِهِ قَطْعًا) أَيْ وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا ضَمَانَ لَهُ إذَا تَلِفَ لِأَنَّ رِضَاهُ بِرَدِّهِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ إذْنِهِ فِي الرَّدِّ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا لَوْ انْتَزَعَ الْمَغْصُوبَ مِنْ يَدِ غَيْرِ ضَامِنِهِ كَالْحَرْبِيِّ لِيَرُدَّهُ عَلَى مَالِكِهِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ فِيهِ إذَا تَلِفَ، لَكِنْ فِي كَلَامِ سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: وَمَعَ ذَلِكَ: أَيْ الرِّضَا بِالرَّدِّ يَضْمَنُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَيْسَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَمَانَاتِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَ وَقَدْ قِيلَ ذَلِكَ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُوَافِقُهُ، ثُمَّ قَالَ: وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ كَانَ يَنْبَغِي عَدَمُ الضَّمَانِ كَمَا لَوْ أَخَذَهُ مِمَّنْ لَا يَضْمَنُ كَالْحَرْبِيِّ وَأَطَالَ فِي بَيَانِهِ فَرَاجِعْهُ، وَمَا ذَكَرَهُ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى رِضَا الْمَالِكِ بِالرَّدِّ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ) أَيْ ابْنَ يُونُسَ (قَوْلُهُ أَوْ يَكُونُ لِلْأَجْنَبِيِّ وِلَايَةٌ عَلَى الْمَالِكِ) هَذَا وَقَدْ يُقَالُ لَوْ سُلِّمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ وَضْعُ يَدِهِ عَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ مَا حَصَلَ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَكَمَا لَوْ الْتَمَسَ إلَخْ) لَيْسَ هَذَا نَظِيرُ مَا نَحْنُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ إذَا كَانَ خَائِفًا عَلَى نَفْسِهِ، وَلِهَذَا لَوْ كَانَ بِالشَّطِّ، أَوْ بِمَرْكَبٍ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: أَوْ يَكُونُ لِلْأَجْنَبِيِّ وِلَايَةٌ) قَدْ يُنَافِي هَذَا مَا يَأْتِي قَرِيبًا مِنْ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ الْجُعْلُ مِنْ مَالِ الْمَوْلَى بِقَيْدِهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ الصُّورَةُ هُنَا أَنَّهُ الْتَزَمَ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِ الْعَمَلِ؛ إذْ الْحُكْمُ حِينَئِذٍ أَنَّ الْجُعْلَ جَمِيعًا فِي مَالِهِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُصَوَّرُ أَيْضًا إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا كَالْجَوَابِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْعَامِلَ يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ الْمُسَمَّى مُطْلَقًا فِي الْأَوَّلِ، وَبِشَرْطِ ظَنِّ رِضَا الْمَالِكِ فِي هَذَا فِيمَا إذَا اسْتَبَدَّ الْمُلْتَزِمُ بِالِالْتِزَامِ، وَقَضِيَّةُ مَا عَدَاهُمَا عَدَمُ اسْتِحْقَاقِهِ حِينَئِذٍ فَلْيُحَرَّرْ الْحُكْمُ. (قَوْلُهُ: بِمَا إذَا ظَنَّهُ الْعَامِلُ الْمَالِكَ)

رِضَاهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْعِوَضُ الْمَذْكُورُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَلَيَّ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَقَدْ قَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ فِي الْكَافِي: وَلَوْ قَالَ الْفُضُولِيُّ مَنْ رَدَّ عَبْدَ فُلَانٍ فَلَهُ عَلَيَّ دِينَارٌ، أَوْ قَالَ فَلَهُ دِينَارٌ فَمَنْ رَدَّهُ اسْتَحَقَّ عَلَى الْفُضُولِيِّ مَا سَمَّى انْتَهَى. وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ فِي شَرْحِ التَّعْجِيزِ فَإِنَّهُ صَوَّرَ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ وَأَلْحَقَ الْأَئِمَّةُ بِهِ قَوْلَهُ فَلَهُ كَذَا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَلَيَّ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ الْتِزَامٌ، وَلَوْ قَالَ أَحَدُ شَرِيكَيْنِ فِي رَقِيقٍ مَنْ رَدَّ رَقِيقِي فَلَهُ كَذَا فَرَدَّهُ شَرِيكُهُ فِيهِ اسْتَحَقَّ الْجُعْلَ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْقَائِلُ وَلِيَّ الْمَالِكِ، فَأَمَّا إذَا كَانَ وَلِيَّهُ وَقَالَ ذَلِكَ عَنْ مَحْجُورِهِ عَلَى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ بِحَيْثُ يَكُونُ الْجُعْلُ قَدْرَ أُجْرَةِ مِثْلِ ذَلِكَ الْعَمَلِ أَوْ أَقَلَّ اسْتَحَقَّهُ الرَّادُّ فِي مَالِ الْمَالِكِ بِمُقْتَضَى قَوْلِ وَلِيِّهِ وَتَعْبِيرُهُمْ بِالْأَجْنَبِيِّ يُشِيرُ إلَيْهِ، وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَى الْعَامِلِ الْمُعَيَّنِ الْعَمَلُ بِنَفْسِهِ، فَلَوْ قَالَ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ إنْ رَدَدْت عَبْدِي الْآبِقَ فَلَكَ كَذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ بَلْ لَهُ الِاسْتِعَانَةُ بِغَيْرِهِ فَإِذَا حَصَلَ الْعَمَلُ اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ. قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ مُلَخَّصٌ مِنْ النِّهَايَةِ انْتَهَى. وَلَمْ يَقِفْ الشَّيْخَانِ عَلَى ذَلِكَ فَذَكَرَاهُ بَحْثًا. وَحَاصِلُهُ أَنَّ تَوْكِيلَ الْعَامِلِ الْمُعَيَّنِ غَيْرَهُ فِي الرَّدِّ كَتَوْكِيلِ الْوَكِيلِ، فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَهُ فِيمَا يَعْجَزُ عَنْهُ وَعَلِمَ بِهِ الْقَائِلُ أَوْ لَا يَلِيقُ بِهِ كَمَا يَسْتَعِينُ بِهِ، وَتَوْكِيلُ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ بَعْدَ سَمَاعِهِ النِّدَاءَ غَيْرَهُ كَالتَّوْكِيلِ فِي الِاحْتِطَابِ وَالِاسْتِقَاءِ وَنَحْوِهِمَا فَيَجُوزُ، فَعُلِمَ أَنَّ الْعَامِلَ الْمُعَيَّنَ لَا يَسْتَنِيبُ فِيهَا إلَّا إنْ عُذِرَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَنْفَعَةِ الْمُجَاعَلِ عَلَيْهَا، وَلَيْسَ هَذَا كَمَنْ اُسْتُؤْجِرَ لِصَوْغِ إنَاءٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ ثَمَّ لَا تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ بِخِلَافِهِ هُنَا (قَوْلُهُ: اسْتَحَقَّ الْجُعْلَ) أَيْ عَلَى الْقَائِلِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ رَدَّهُ غَيْرُ الشَّرِيكِ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا، وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ شَرِكَةٌ فِي بَهَائِمَ فَسُرِقَتْ الْبَهَائِمُ أَوْ غُصِبَتْ فَسَعَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي تَحْصِيلِهَا وَرَدِّهَا وَغَرِمَ عَلَى ذَلِكَ دَرَاهِمَ وَلَمْ يَلْتَزِمْ شَرِيكُهُ مِنْهَا شَيْئًا، هُوَ أَنَّ الْغَارِمَ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى شَرِيكِهِ بِشَيْءٍ مِمَّا غَرِمَهُ، وَمِنْ الِالْتِزَامِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ غَرِمْته أَوْ صَرَفْته كَانَ عَلَيْنَا وَيُغْتَفَرُ الْجَهْلُ فِي مِثْلِهِ لِلْحَاجَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا لَوْ قَالَ لَهُ عَمِّرْ دَارِي عَلَى أَنْ تَرْجِعَ بِمَا صَرَفْته حَيْثُ قَالُوا يَرْجِعُ بِمَا صَرَفَهُ (قَوْلُهُ: وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ) أَيْ قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَوْ قَالَ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَلِيُّ الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلُهُ اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: مِثْلُ ذَلِكَ الْعَمَلِ) أَيْ فَلَوْ زَادَ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَهَلْ تَفْسُدُ الْجِعَالَةُ أَوْ تَصِحُّ وَيَجِبُ الْجُعْلُ فِي مَالِ الْوَلِيِّ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْقِيَاسُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ انْصِرَافُ الْجِعَالَةِ إلَى الْمَحْجُورِ، فَإِذَا زَادَ الْمُسَمَّى عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَسَدَ وَوَجَبَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُهُ وَوَجَبَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ: أَيْ فِي مَالِ الْمَوْلَى عَلَيْهِ، وَقَدْ يُقَالُ قِيَاسُ مَا لَوْ وَكَّلْت فِي اخْتِلَاعِهَا أَجْنَبِيًّا بِقَدْرٍ فَزَادَ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ عَلَيْهَا مَا سَمَّتْ وَعَلَيْهِ الزِّيَادَةُ أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِيمَا لَوْ رَدَّهُ الْعَبْدُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ عَلَى مَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِنَفْسِهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَادِرًا، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ مَا يُخَالِفُهُ. (قَوْلُهُ: كَمَا يَسْتَعِينُ بِهِ) قَالَ حَجّ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذَكَرَ: فَعُلِمَ أَنَّ مَنْ جُوعِلَ عَلَى الزِّيَارَةِ لَا يَسْتَنِيبُ فِيهَا إلَّا إنْ عُذِرَ وَعَلِمَهُ الْمُجَاعَلُ حَالَ الْجِعَالَةِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ قَالَ مِنْ بَلَدٍ إلَخْ وَلَوْ جَاعَلَهُ عَلَى حَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَزِيَارَةٍ فَعَمِلَ بَعْضَهَا اسْتَحَقَّ بِقِسْطِهِ بِتَوْزِيعِ الْمُسَمَّى عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِ الثَّلَاثَةِ انْتَهَى. وَهُوَ يُفِيدُ جَوَازَ الْجِعَالَةِ عَلَى الزِّيَارَةِ، وَقَدْ مَرَّ لِلشَّارِحِ فِي الْإِجَارَةِ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ عَلَى الزِّيَارَةِ، وَعَلَيْهِ فَالْفَرْقُ أَنَّ الْجِعَالَةَ دَخَلَهَا التَّخْفِيفُ فَلَمْ يُشَدَّدْ فِيهَا بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: لَا يَسْتَنِيبُ فِيهَا إلَّا أَنْ عُذِرَ) قَضِيَّتُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي كَوْنِ هَذَا بِمُجَرَّدِهِ يَنْفِي الضَّمَانَ نَظَرٌ لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: أَوْ عَرَفَهُ وَظَنَّ رِضَاهُ) هَذَا هُوَ الْجَوَابُ الْأَوَّلُ بِزِيَادَةِ قَيْدٍ. (قَوْلُهُ: قَدْرَ أُجْرَةِ مِثْلِ ذَلِكَ الْعَمَلِ) قَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ فِيمَا إذْ لَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ إلَّا بِأَكْثَرَ بِأَنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مَثَلًا وَطَلَبَ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ بَذْلَ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ أَسْهَلُ مِنْ ضَيَاعِ

وَعَلِمَ بِهِ الْجَاعِلُ حَالَ الْجِعَالَةِ. (وَإِنْ) (قَالَ) الْأَجْنَبِيُّ (قَالَ زَيْدٌ مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ كَذَا وَكَانَ كَاذِبًا) (لَمْ يَسْتَحِقَّ) الرَّادُّ (عَلَيْهِ) لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ (وَلَا عَلَى زَيْدٍ) إنْ كَذَّبَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ لَهُ شَيْئًا فَلَوْ شَهِدَ الْمُخْبِرُ عَلَى الْمَالِكِ بِأَنَّهُ قَالَهُ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي تَرْوِيجِ قَوْلِهِ وَإِنْ صَدَّقَ زَيْدٌ الْمُخْبِرَ، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ قَوْلُهُ اسْتَحَقَّهُ عَلَى الْمَالِكِ، وَإِلَّا فَكَأَنْ لَا خَبَرَ فَلَا يَسْتَحِقُّ عَلَى أَحَدٍ وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحِلَّ وَإِلَّا إلَخْ مَا إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ الْعَامِلُ وَإِلَّا اسْتَحَقَّ عَلَى الْمَالِكِ الْمُصَدِّقِ (وَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُ الْعَامِلِ) لَفْظًا لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ لَفْظُ الْجَاعِلِ (وَإِنْ عَيَّنَهُ) بَلْ يَكْفِي الْعَمَلُ كَالْوَكِيلِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ رَدَّهُ ثُمَّ عَمِلَ لَمْ يَسْتَحِقَّ إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْعَامِلَ لَا يُتَصَوَّرُ قَبُولُ الْعَقْدِ وَظَاهِرُهُ يُنَافِي الْمَتْنَ. وَيُجَابُ بِأَنَّ مَعْنَى عَدَمِ تَصَوُّرِ ذَلِكَ بَعْدَهُ بِالنَّظَرِ لِلْمُخَاطَبَاتِ الْعَادِيَّةِ وَمَعْنَى تَصَوُّرِهِ الَّذِي أَفْهَمَهُ الْكِتَابُ أَنَّهُ مِنْ حَيْثُ دَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَى كُلِّ سَامِعٍ مُطَابِقَةً لِعُمُومِهِ صَارَ كُلُّ سَامِعٍ كَأَنَّهُ مُخَاطَبٌ فَتُصُوِّرَ قَبُولُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ الْمُطَابَقَةُ، فَلَوْ قَالَ: إنْ رَدَدْت آبِقِي فَلَكَ دِينَارٌ فَقَالَ أَرُدُّهُ بِنِصْفِ دِينَارٍ اسْتَحَقَّ الدِّينَارَ، فَإِنَّ الْقَبُولَ لَا أَثَرَ لَهُ، قَالَهُ الْإِمَامُ وَذَكَرَهُ الْقَمُولِيُّ نَحْوَهُ، وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُمْ فِي طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ فَقَالَ بِمِائَةٍ طَلُقَتْ بِهَا كَالْجَعَالَةِ وَلَا قَوْلُهُمْ فِي اغْسِلْ ثَوْبِي وَأُرْضِيك فَقَالَ لَا أُرِيدُ شَيْئًا لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَمَّا تَوَقَّفَ عَلَى لَفْظِ الزَّوْجِ أُدِيرَ الْأَمْرُ عَلَيْهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ وَالْقَمُولِيِّ أَنَّهَا لَا تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ، وَدَعْوَى أَنَّهُ إنْ رَدَّ الْجُعْلَ مِنْ أَصْلِهِ أَثَّرَ أَوْ بَعْضَهُ فَلَا لَا أَثَرَ لَهَا. وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ: ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنَّ مَا ذَكَرَ مُعْتَبَرٌ حَتَّى فِي إذْنِ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ يَدَ الْعَبْدِ كَيَدِ السَّيِّدِ فَكَأَنَّهُ الرَّادُّ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعُذْرِ وَلَا عَلَى الْجَاعِلِ، وَمِنْ الْعُذْرِ مَا لَوْ عَجَزَ عَنْ مُبَاشَرَةِ مَا وُكِّلَ فِيهِ أَوْ كَوْنُهُ لَا يَلِيقُ بِهِ، فَالْقَادِرُ عَلَى الْفِعْلِ اللَّائِقِ بِهِ وَالْعَاجِزُ الَّذِي لَمْ يَعْلَمْ بِحَالِهِ الْمُوَكِّلُ حَالَ الْجِعَالَةِ لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ وُكِّلَ فِي الْفِعْلِ لَمْ يَصِحَّ وَلَا يَسْتَحِقُّ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَا (قَوْلُهُ: وَعَلِمَ بِهِ الْجَاعِلُ حَالَ الْجِعَالَةِ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يُعْذَرْ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُلْتَزِمُ امْتَنَعَ التَّوْكِيلُ وَلَا يَسْتَحِقُّ عَلَى الْمُلْتَزِمِ شَيْئًا بَلْ يَنْبَغِي ضَمَانُ الْعَامِلِ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَى الْعَيْنِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ رِضَا الْمَالِكِ بِالْوَضْعِ، هَذَا إذَا كَانَ غَرَضُ الْمَالِكِ الرَّدَّ مِنْ الْمُعَيَّنِ بِخُصُوصِهِ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ أَذِنَ لِمُعَيَّنٍ وَقَصَدَ غَيْرُهُ إعَانَتَهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ حَيْثُ قَالَ لِأَنَّ قَصْدَ الْمُلْتَزِمِ الرَّدُّ مِمَّنْ الْتَزَمَ لَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ قَوْلُهُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ ثِقَةً، وَلَا مَانِعَ أَنْ يُرَادَ ثِقَةٌ فِي ظَنِّ الْعَامِلِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَسْتَحِقَّ إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ) صَرِيحٍ فِي أَنَّهَا تُرَدُّ بِالرَّدِّ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ يُنَافِي الْمَتْنَ) أَيْ إذَا دَلَّ قَوْلُهُ وَإِنْ عَيَّنَهُ عَلَى تَصَوُّرِ قَبُولِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ الْمَتْنِ بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ يَصْدُقُ بِعَدَمِ الْإِمْكَانِ. وَالثَّانِي أَنَّ وَاوَ وَإِنْ عَيَّنَهُ لِلْحَالِ تَأَمَّلْ اهـ سم. (قَوْلُهُ: وَلَا تُشْتَرَطُ الْمُطَابَقَةُ) أَيْ مُطَابَقَةُ الْقَبُولِ لِلْإِيجَابِ. (قَوْلُهُ: اسْتَحَقَّ الدِّينَارَ) قَضِيَّتُهُ مَا يَأْتِي عَنْ حَجّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَرُدُّهُ بِلَا شَيْءٍ لَا يَسْتَحِقُّ عِوَضًا، وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ مَا يَرُدُّهُ فِي قَوْلِهِ وَدَعْوَى أَنَّهُ إلَخْ فَيَسْتَحِقُّ الْكُلُّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَمَّا تَوَقَّفَ إلَخْ) يُشْكِلُ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ قَوْلُهُمْ كَالْجِعَالَةِ الدَّالُّ عَلَى اسْتِوَاءِ الْجِعَالَةِ وَالطَّلَاقِ فِيمَا ذَكَرَ، وَهَذَا هُوَ وَجْهُ الِاعْتِرَاضِ فِيمَا يَظْهَرُ. فَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُمْ الْمَذْكُورَ دَالٌّ عَلَى أَنَّ اللَّازِمَ هُنَا نِصْفُ الدِّينَارِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْإِمَامِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الِاعْتِرَاضَ بِهَذَا لَا يَدْفَعُهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْخُلْعِ وَالْجِعَالَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ التَّشْبِيهِ الْمُشَارَكَةُ فِي مُجَرَّدِ اسْتِحْقَاقِ الْعِوَضِ. (قَوْلُهُ: أُدِيرَ الْأَمْرُ عَلَيْهِ) وَبِأَنَّ الْأَخِيرَةَ لَيْسَتْ نَظِيرَةَ مَسْأَلَتِنَا لِأَنَّ مَا فِيهَا رُدَّ لِلْجُعْلِ مِنْ أَصْلِهِ فَأَثَّرَ بِخِلَافِ رَدِّ بَعْضِهِ (أَنَّهَا تُرَدُّ بِالرَّدِّ) هَذَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ رَدَّ ثُمَّ عَمِلَ لَمْ يَسْتَحِقَّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا تَقَدَّمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالضَّالَّةِ رَأْسًا (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْجَوَابُ عَنْ الْإِشْكَالِ بِمَسْأَلَةِ اغْسِلْ ثَوْبِي، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْجَعَالَةَ لَمَّا كَانَتْ لَا تُرَدُّ بِالرَّدِّ وَجَبَ جَمِيعُ الْمَجْعُولِ وَإِنْ رَدَّ بَعْضَهُ، بِخِلَافِ اغْسِلْ ثَوْبِي فَإِنَّهُ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ، وَأَصْلُ الْإِجَارَةِ أَنَّهَا تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ، وَلَا خَفَاءَ أَنَّ الْجَوَابَ الْأَوَّلَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَلَا أَثَرَ لَهَا) الْخَبَرُ

وَلَوْ رَدَّهُ الصَّبِيُّ أَوْ السَّفِيهُ اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لَا الْمُسَمَّى وَرَدُّ الْمَجْنُونِ كَرَدِّ الْجَاهِلِ بِالنِّدَاءِ. وَقَالَ السُّبْكِيُّ: الَّذِي يَظْهَرُ وُجُوبُ الْمُسَمَّى فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا، وَجَزَمَ بِذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِشَيْءٍ. (وَتَصِحُّ) الْجِعَالَةُ (عَلَى عَمَلِ مَجْهُولٍ) كَمَا عُلِمَ مِنْ تَمْثِيلِهِ أَوَّلَ الْبَابِ وَذِكْرُهُ هُنَا لِضَرُورَةِ التَّقْسِيمِ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ اُحْتُمِلَتْ فِي الْقِرَاضِ لِحُصُولِ زِيَادَةٍ فَاحْتِمَالُهَا فِي رَدِّ الْحَاصِلِ أَوْلَى وَهُوَ مُقَيَّدٌ كَمَا أَفَادَهُ جَمْعٌ بِمَا إذَا عَسِرَ ضَبْطُهُ لَا كَبِنَاءِ حَائِطٍ فَيَذْكُرُ مَحِلَّهُ وَطُولَهُ وَسُمْكَهُ وَارْتِفَاعَهُ وَمَا يُبْنَى بِهِ وَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ فَيَصِفُهُ كَالْإِجَارَةِ (وَكَذَا مَعْلُومٌ) كَمَنْ رَدَّهُ مِنْ مَوْضِعِ كَذَا (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهَا إذَا جَازَتْ مَعَ الْجَهْلِ فَمَعَ الْعِلْمِ أَوْلَى وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِالْإِجَارَةِ، وَمَرَّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْعَمَلِ فِيهِ كُلْفَةً أَوْ مُؤْنَةً كَرَدِّ آبِقٍ أَوْ ضَالٍّ أَوْ حَجٍّ أَوْ خِيَاطَةٍ أَوْ تَعْلِيمِ عِلْمٍ أَوْ حِرْفَةٍ أَوْ إخْبَارٍ فِيهِ غَرَضٌ وَصُدِّقَ فِيهِ، فَلَوْ رَدَّ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ وَلَا كُلْفَةَ فِيهِ كَدِينَارٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ إذْ مَا لَا كُلْفَةَ فِيهِ لَا يُقَابَلُ بِعِوَضٍ أَوْ عَبْدًا آبِقًا اسْتَحَقَّ، وَلَوْ قَالَ مَنْ دَلَّنِي عَلَى مَالِي فَلَهُ كَذَا فَدَلَّهُ غَيْرُ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ اسْتَحَقَّ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ تَلْحَقُهُ مَشَقَّةٌ بِالْبَحْثِ عَنْهُ، كَذَا قَالَاهُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِيمَا إذَا بَحَثَ عَنْهُ بَعْدَ جَعْلِ الْمَالِكَ، أَمَّا الْبَحْثُ السَّابِقُ وَالْمَشَقَّةُ السَّابِقَةُ قَبْلَ الْجُعْلِ فَلَا عِبْرَةَ بِهِمَا وَعَدَمُ تَأْقِيتِهِ، فَلَوْ قَالَ مَنْ رَدَّ عَبْدِي إلَى شَهْرٍ فَلَهُ كَذَا لَمْ يَصِحَّ كَمَا فِي الْقِرَاضِ لِأَنَّ تَقْدِيرَ الْمُدَّةِ مُخِلٌّ بِمَقْصُودِ الْعَقْدِ فَقَدْ لَا يَظْفَرُ بِهِ فِيهَا فَيَضِيعُ سَعْيُهُ وَلَا يَحْصُلُ الْغَرَضُ سَوَاءٌ أَضَمَّ إلَيْهِ مِنْ مَحِلِّ كَذَا أَمْ لَا وَغَيْرُ وَاجِبٍ عَلَى الْعَامِلِ، فَلَوْ قَالَ مَنْ دَلَّنِي عَلَى مَالِي فَلَهُ كَذَا فَدَلَّهُ مَنْ الْمَالُ فِي يَدِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا لِأَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ شَرْعًا فَلَا يَأْخُذُ عَلَيْهِ عِوَضًا، وَكَذَا لَوْ قَالَ مَنْ رَدَّ مَالِي فَلَهُ كَذَا فَرَدَّهُ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى مَا لَوْ رَدَّ الْقَبُولَ مِنْ أَصْلِهِ كَمَا لَوْ قَالَ لَا أَرُدُّ الْعَبْدَ وَمَا هُنَا عَلَى مَا لَوْ قَبِلَ وَرَدَّ الْعِوَضَ وَحْدَهُ كَقَوْلِهِ أَرُدُّهُ بِلَا شَيْءٍ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ، وَأَجَابَ بِقَوْلِهِ وَقَدْ يُقَالُ الرَّدُّ عِنْدَ الْعَقْدِ وَالْفَسْخُ بَعْدَ ذَلِكَ وَيُنْظَرُ فِيهِ بِأَنَّ الَّذِي عِنْدَ الْعَقْدِ أَقْوَى فِي دَفْعِهِ مِنْ الْمُتَأَخِّرِ، وَقَدْ يُقَالُ قَوْلُهُ لَا أَقْبَلُهَا أَوْ رَدَدْتهَا لَيْسَ صَرِيحًا فِي الْفَسْخِ فَلَا تَرْتَفِعُ بِهِ وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا فِي رَدَدْتهَا اهـ. (قَوْلُهُ: اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: وَرَدُّ الْمَجْنُونِ كَرَدِّ الْجَاهِلِ) وَالْمُرَادُ بِالْمَجْنُونِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ اسْتِحْقَاقِ الْمَجْنُونِ إذَا رَدَّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِمَا تَقَدَّمَ مَنْ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ: أَقُولُ: يَتَّجِهُ فِي الْمَجْنُونِ أَنَّهُ إنْ عَيَّنَ اشْتَرَطَ أَنْ يَكُونَ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ بِحَيْثُ يَعْقِلُ الْإِذْنَ وَإِلَّا كَانَ رَدُّهُ كَرَدِّ غَيْرِ الْعَالِمِ بِالْإِذْنِ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ اشْتَرَطَ أَنْ يَرُدَّهُ بَعْدَ أَنْ عَقَلَ الْإِذْنَ لِتَمْيِيزِهِ وَعِلْمِهِ بِالْإِذْنِ إذْ رَدُّهُ بِدُونِ ذَلِكَ كَرَدِّ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ الْإِذْنَ فَلَا شَيْءَ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ نَعَمْ إنْ عَرَضَ الْجُنُونُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْإِذْنِ فَقَدْ يَتَّجِهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ التَّمْيِيزِ حَالَ رَدِّهِ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: كَرَدِّ الْجَاهِلِ بِالنِّدَاءِ) أَيْ فَلَا يَسْتَحِقُّ. (قَوْلُهُ: لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ) أَيْ عَنْ عَقْدِ الْجِعَالَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ إخْبَارٌ فِيهِ غَرَضٌ وَصَدَقَ فِيهِ) أَيْ كَأَنْ دَلَّ مَنْ قَالَ مَنْ دَلَّنِي عَلَى مَالِي فَلَهُ كَذَا كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، وَلَيْسَ مِنْهُ إخْبَارُ الطَّبِيبِ الْمَرِيضَ بِدَوَاءٍ يَنْفَعُهُ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْإِخْبَارِ لَا كُلْفَةَ فِيهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَبْدًا) أَيْ أَوْ كَانَ عَبْدًا إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ تَأْقِيتِهِ) أَيْ وَيُشْتَرَطُ عَدَمُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ عَلَيْهِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إلَخْ. وَقَوْلُهُ رَدَّهُ: أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQسَاقِطٌ هُنَا مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ، وَلَعَلَّهُ لَفْظُ مَرْدُودَةٌ أَوْ نَحْوُهُ، وَغَرَضُهُ مِنْ هَذَا الرَّدِّ عَلَى الشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ فَإِنَّ هَذَا كَلَامُهُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَدَّهُ الصَّبِيُّ) يَعْنِي الضَّالَّ مَثَلًا وَإِنْ أَوْهَمَ ذِكْرُهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَنَّ الْمُرَادَ الْقَبُولُ عَلَى أَنَّ هَذَا قَدْ قُدِّمَ عَلَيْهِ فَلَا مَحَلَّ لَهُ هُنَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ تَلْحَقُهُ مَشَقَّةٌ) لَا خَفَاءَ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ صَحِيحٌ فِي أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ وَإِنْ لَمْ تَلْحَقْهُ مَشَقَّةٌ بِالْفِعْلِ نَظَرًا لِلْغَالِبِ وَمَا مِنْ شَأْنِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُلَاقِيهِ قَوْلُ الشَّارِحِ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِيمَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَعَدَمِ تَأْقِيتِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ، وَمَرَّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْعَمَلِ فِيهِ كُلْفَةٌ لَكِنْ لَا يُقَيِّدُ كَوْنَهُ مَرَّ إذْ لَمْ يَمُرَّ هَذَا. (قَوْلُهُ: فَدَلَّهُ مِنْ الْمَالِ فِي يَدِهِ) أَيْ: وَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ كَمَا لَا يَخْفَى

وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الدَّالُّ أَوْ الرَّادُّ غَيْرَ مُكَلَّفٍ اسْتَحَقَّ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْخِطَابَ مُتَعَلِّقٌ بِوَلِيِّهِ لِتَعَذُّرِ تَعَلُّقِهِ بِهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا، وَأَفْتَى الْمُصَنِّفُ فِيمَنْ حُبِسَ ظُلْمًا فَبَذَلَ مَالًا لِمَنْ يَتَكَلَّمُ فِي خَلَاصِهِ بِجَاهِهِ أَوْ غَيْرِهِ بِأَنَّهَا جَعَالَةٌ مُبَاحَةٌ وَأَخْذُ عِوَضِهَا حَلَالٌ وَنَقَلَهُ عَنْ جَمَاعَةٍ: أَيْ وَفِي ذَلِكَ كُلْفَةٌ تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ عُرْفًا (وَيُشْتَرَطُ) لِصِحَّةِ الْعَقْدِ (كَوْنُ الْجُعْلِ) مَالًا (مَعْلُومًا) لِأَنَّهُ عِوَضٌ كَالْأُجْرَةِ وَالْمَهْرِ وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ وَلَا حَاجَةَ لِجَهَالَةِ الْعِوَضِ بِخِلَافِ الْعَمَلِ، وَلِأَنَّ جَهَالَةَ الْعِوَضِ تُفَوِّتُ مَقْصُودَ الْعَقْدِ إذْ لَا يَرْغَبُ أَحَدٌ فِي الْعَمَلِ مَعَ جَهَالَةِ الْعِوَضِ وَيَحْصُلُ الْعِلْمُ بِالْمُشَاهَدَةِ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَبِالْوَصْفِ إنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ فَلَوْ قَالَ مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ سَلَبُهُ أَوْ ثِيَابُهُ فَإِنْ كَانَتْ مَعْلُومَةً أَوْ وَصَفَهَا بِمَا يُفِيدُ الْعِلْمِ اسْتَحَقَّ الْمَشْرُوطَ وَإِلَّا فَأُجْرَةَ الْمِثْلِ كَمَا نَقَلَاهُ وَأَقَرَّاهُ، وَاسْتَشْكَلَ فِي الْمُهِمَّاتِ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ اعْتِبَارَ الْوَصْفِ فِي الْمُعَيَّنِ فَإِنَّهُمْ مَنَعُوهُ فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَغَيْرِهِمَا. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِدُخُولِ التَّخْفِيفِ هُنَا فَلَمْ يُشَدِّدْ فِيهَا، بِخِلَافِ نَحْوِ الْبَيْعِ وَقِيَاسُهُ صِحَّتُهُ فَلَهُ نِصْفُهُ إنْ عَلِمَ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَحِلَّهُ وَهُوَ أَوْجَهُ الْوَجْهَيْنِ، وَمَا قَاسَهُ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ مِنْ اسْتِئْجَارِ الْمُرْضِعَةِ بِنِصْفِ الرَّضِيعِ بَعْدَ الْفِطَامِ أَجَابَ عَنْهُ فِي الْكِفَايَةِ بِأَنَّ الْأُجْرَةَ الْمُعَيَّنَةَ تُمْلَكُ بِالْعَقْدِ فَجَعْلُهَا جُزْءًا مِنْ الرَّضِيعِ بَعْدَ الْفِطَامِ يَقْتَضِي تَأْجِيلَ مِلْكِهِ، وَهُنَا إنَّمَا تُمْلَكُ بِتَمَامِ الْعَمَلِ فَلَا مُخَالَفَةَ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَلَا عَمَلَ يَقَعُ فِي مُشْتَرَكٍ (وَلَوْ) (قَالَ مَنْ رَدَّهُ فَلَهُ ثَوْبٌ) أَوْ دَابَّةٌ (أَوْ أُرْضِيهِ) أَوْ أُعْطِيهِ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا أَوْ مَغْصُوبًا (فَسَدَ الْعَقْدُ) لِجَهَالَةِ الْعِوَضِ أَوْ نَجَاسَةِ عَيْنِهِ أَوْ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ (وَلِلرَّادِّ أُجْرَةُ مِثْلِهِ) كَالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ. وَيُسْتَثْنَى مِنْ اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ بِالْجُعْلِ مَا لَوْ جَعَلَ الْإِمَامُ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَالْغَاصِبِ وَالسَّارِقِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ رَدَّهُ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ أَمَانَةً كَأَنْ طَيَّرَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا إلَى دَارِهِ أَوْ دَخَلَتْ دَابَّةٌ دَارِهِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِالرَّدِّ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ التَّخْلِيَةُ لَا الرَّدُّ، فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ عَبْدًا آبِقًا اسْتَحَقَّ لِأَنَّ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الرَّدُّ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ قَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ غَيْرَ وَاجِبٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ الرَّادُّ) أَيْ لِلْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ. (قَوْلُهُ: فِيمَنْ حُبِسَ ظُلْمًا) مَفْهُومُهُ إذَا حُبِسَ بِحَقٍّ مَا يَسْتَحِقُّ مَا جَعَلَ لَهُ ذَلِكَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّ الْمَحْبُوسَ إنْ جَاعَلَ الْعَامِلَ عَلَى أَنْ يَتَكَلَّمَ مَعَ مَنْ يُطْلِقُهُ عَلَى وَجْهٍ جَائِزٍ كَأَنْ تَكَلَّمَ مَعَهُ عَلَى أَنْ يُنْظِرَهُ الدَّائِنُ إلَى بَيْعِ غَلَّاتِهِ مَثَلًا جَازَ لَهُ ذَلِكَ وَاسْتَحَقَّ مَا جُعِلَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا. وَوَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا بِمِصْرِنَا مِنْ أَنَّ الزَّيَّاتِينَ وَالطَّحَّانِينَ وَنَحْوَهُمْ كَالْمَرَاكِبِيَّةِ يَجْعَلُونَ لِمَنْ يَمْنَعُ عَنْهُمْ الْمُحْتَسَبَ وَأَعْوَانِهِ فِي كُلِّ شَهْرٍ كَذَا هَلْ ذَلِكَ مِنْ الْجِعَالَةِ أَمْ لَا وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّهُ مِنْ الْجِعَالَةِ الْفَاسِدَةِ لِأَنَّ دَفْعَ مَا يَلْتَزِمُهُ مِنْ الْمَالِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ مَا يَلْتَزِمُهُ الْإِنْسَانُ فِي مُقَابَلَةِ تَخْلِيصِهِ مِنْ الْحَبْسِ، وَهَذَا مِثْلُهُ إنْ وَقَعَ مِنْهُ عَمَلٌ فِيهِ مَشَقَّةٌ فِي الدَّفْعِ عَنْهُ فَيَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لِمَا عَمِلَهُ، وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّهُ جِعَالَةٌ فَاسِدَةٌ لِأَنَّ الْعَمَلَ فِيهَا غَيْرُ مَعْلُومٍ إنْ لَمْ تُقَدَّرْ بِمُدَّةٍ مَخْصُوصَةٍ، وَهَذَا نَظِيرُ مَا تَقَدَّمَ فِي إنْ حَفِظْت مَالِي مِنْ مُتَعَدٍّ عَلَيْهِ فَلَكَ كَذَا. (قَوْلُهُ: لِمَنْ يَتَكَلَّمُ فِي خَلَاصِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا تَكَلَّمَ فِي خَلَاصِهِ اسْتَحَقَّ الْجُعْلَ وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ إطْلَاقَ الْمَحْبُوسِ بِكَلَامِهِ، لَكِنْ فِي كَلَامِ سم عَلَى حَجّ فِيمَا لَوْ جَاعَلَهُ عَلَى الرُّقْيَا أَوْ مُدَاوَاتِهِ أَنَّهُ إنْ جَعَلَ الشِّفَاءَ غَايَةً لِلرُّقْيَا وَالْمُدَاوَاةِ لَمْ يَسْتَحِقَّ إلَّا إذَا حَصَلَ الشِّفَاءُ وَإِلَّا اسْتَحَقَّ الْجُعْلَ مُطْلَقًا اهـ. فَقِيَاسُهُ هُنَا أَنَّهُ إنْ جَعَلَ خُرُوجَهُ مِنْ الْحَبْسِ غَايَةً لِتَكَلُّمِ الْوَاسِطَةِ لَمْ يَسْتَحِقَّ إلَّا إذَا خَرَجَ مِنْهُ. وَفِي كَلَامِ سم أَيْضًا بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ جَوَازُ الْجِعَالَةِ عَلَى رَدِّ الزَّوْجَةِ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهَا نَقْلًا عَنْ الرَّافِعِيِّ ثُمَّ تَوَقَّفَ فِيهِ وَأَقُولُ: الْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ قِيَاسُ مَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ فِيمَنْ حُبِسَ ظُلْمًا إلَخْ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مُعَيَّنًا) عِبَارَةُ حَجّ بِمُشَاهَدَةِ الْعَيْنِ أَوْ وَصْفِهِ أَوْ وَصْفِ مَا فِي الذِّمَّةِ، وَتَفْرِيعُ قَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ مَنْ رَدَّ إلَخْ عَلَيْهَا ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ) قَضِيَّتُهُ الصِّحَّةُ أَيْضًا فِي فَلَهُ الثَّوْبُ الَّذِي فِي بَيْتِي إنْ عُلِمَ وَلَوْ بِالْوَصْفِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: لَكِنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي ثِيَابِ الْعَبْدِ وَإِنْ اقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ سم يُخَالِفُ قَوْلَهُ أَوَّلًا أَوْ بِالْوَصْفِ إنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ نِصْفُهُ إنْ عُلِمَ) أَيْ الْمَرْدُودُ. (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي تَأْجِيلَ مِلْكِهِ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لِمَنْ يَدُلُّ عَلَى قَلْعَةٍ لِلْكُفَّارِ جُعْلًا كَجَارِيَةٍ مِنْهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ مَعَ جَهَالَةِ الْعِوَضِ لِلْحَاجَةِ وَمَا لَوْ قَالَ حُجَّ عَنِّي وَأُعْطِيك نَفَقَتَك فَيَجُوزُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ وَنَقَلَهُ فِي الْكَبِيرِ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ، وَرُدَّ بِأَنَّ هَذِهِ لَا تُسْتَثْنَى لِأَنَّ هَذَا إرْفَاقٌ لَا جِعَالَةٌ، وَإِنَّمَا يَكُونُ جِعَالَةً إذَا جَعَلَهُ عِوَضًا فَقَالَ: حُجَّ عَنِّي بِنَفَقَتِك، وَقَدْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي هَذِهِ بِأَنَّهَا جِعَالَةٌ فَاسِدَةٌ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (وَلَوْ) (قَالَ) مَنْ رَدَّهُ (مِنْ بَلَدِ كَذَا فَرَدَّهُ) مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ لَكِنْ (مِنْ) أَبْعَدَ مِنْهُ فَلَا زِيَادَةَ لَهُ لِتَبَرُّعِهِ بِهَا أَوْ مِنْ (أَقْرَبَ مِنْهُ فَلَهُ قِسْطُهُ مِنْ الْجُعْلِ) لِأَنَّهُ جَعَلَ كُلَّ الْجُعْلِ فِي مُقَابَلَةِ الْعَمَلِ فَبَعْضُهُ فِي مُقَابَلَةِ بَعْضِهِ، فَإِنْ رَدَّ مِنْ نِصْفِ الطَّرِيقِ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْجُعْلِ أَوْ مِنْ ثُلُثِهِ اسْتَحَقَّ ثُلُثَهُ. وَمَحِلُّهُ إذَا تَسَاوَتْ الطَّرِيقُ سُهُولَةً وَصُعُوبَةً وَإِلَّا كَأَنْ كَانَتْ أُجْرَةُ النِّصْفِ ضِعْفَ أُجْرَةِ النِّصْفِ الْآخَرِ اسْتَحَقَّ ثُلُثَيْ الْجُعْلِ، أَوْ مِنْ ذَلِكَ الْبَلَدِ، أَوْ مِنْ مَسَافَةٍ مِثْلِ مَسَافَتِهِ وَلَوْ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى اسْتَحَقَّ الْمُسَمَّى، وَلَوْ رَدَّهُ مِنْ أَبْعَدَ مِنْ الْمُعَيَّنِ فَلَا شَيْءَ لِلزِّيَادَةِ لِعَدَمِ الْتِزَامٍ، وَلَوْ رَدَّهُ مِنْ الْمُعَيَّنِ وَرَأَى الْمَالِكُ فِي نِصْفِ الطَّرِيقِ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْجُعْلِ، وَلَوْ قَالَ مَنْ رَدَّ عَبْدَيَّ فَلَهُ كَذَا فَرَدَّ أَحَدَهُمَا اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْجُعْلِ اسْتَوَتْ قِيمَتُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَتْ، وَلَوْ قَالَ إنْ رَدَدْتُمَا عَبْدِي فَلَكُمَا كَذَا فَرَدَّهُ أَحَدُهُمَا اسْتَحَقَّ النِّصْفَ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ إنْ رَدَدْتُمَا عَبْدَيَّ فَلَكُمَا كَذَا فَرَدَّ أَحَدُهُمَا أَحَدَهُمَا اسْتَحَقَّ الرُّبُعَ أَوْ كِلَيْهِمَا اسْتَحَقَّ النِّصْفَ أَوْ رَدَّاهُمَا اسْتَحَقَّا الْمُسَمَّى، وَلَوْ قَالَ أَوَّلُ مَنْ يَرُدُّ عَبْدِي فَلَهُ دِينَارٌ فَرَدَّهُ اثْنَانِ اقْتَسَمَاهُ لِأَنَّهُمَا يُوصَفَانِ بِالْأَوَّلِيَّةِ فِي الرَّدِّ، وَلَوْ قَالَ لِكُلٍّ مِنْ ثَلَاثَةٍ رُدَّهُ وَلَك دِينَارٌ فَرَدُّوهُ فَلِكُلٍّ مِنْهُمْ ثُلُثُهُ تَوْزِيعًا عَلَى الرُّءُوسِ، هَذَا إذَا عَمِلَ كُلٌّ مِنْهُمْ لِنَفْسِهِ. أَمَّا لَوْ قَالَ أَحَدُهُمْ أَعَنْت صَاحِبِي فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ مَا شُرِطَ لَهُ، أَوْ اثْنَانِ مِنْهُمْ أَعَنَّا صَاحِبَنَا فَلَا شَيْءَ لَهُمَا وَلَهُ جَمِيعُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَهُوَ مُبْطِلٌ. (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِأَنَّ هَذَا) أَيْ قَوْلَهُ وَمَا لَوْ قَالَ حُجَّ عَنِّي إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا إرْفَاقٌ) قَالَ حَجّ: وَإِذَا قُلْنَا بِأَنَّهُ إرْفَاقٌ لَزِمَهُ كِفَايَتُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ ثُمَّ هَلْ الْمُرَادُ بِهَا كِفَايَتُهُ أَمْثَالَهُ عُرْفًا أَوْ كِفَايَةُ ذَاتِهِ نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِي كِفَايَةِ الْقَرِيبِ وَالْقِنِّ؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ اهـ. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي إنْ عَلِمَ بِحَالِهِ قَبْلَ سُؤَالِهِ فِي الْحَجِّ وَإِلَّا فَالْأَوَّلُ ثُمَّ هَلْ الْمُرَادُ بِاللُّزُومِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ مِنْ وَقْتِ خُرُوجِهِ حَتَّى لَوْ امْتَنَعَ مِنْهُ أُجْبِرَ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ وَقْتِ الْإِحْرَامِ وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ إلَّا إذَا فَرَغَ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ وَقَبْلَ الْفَرَاغِ لِلْمُجَاعِلِ الرُّجُوعُ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ كَالْجِعَالَةِ وَهِيَ جَائِزَةٌ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَخِيرُ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَنْفَقَ بَعْضَ الطَّرِيقِ ثُمَّ رَجَعَ وَقُلْنَا بِجَوَازِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَهُ لِوُقُوعِ الْحَجِّ لِمُبَاشِرِهِ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ الْمَعْضُوبُ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ ثُمَّ شُفِيَ الْمُسْتَأْجِرُ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهَا جِعَالَةٌ فَاسِدَةٌ) مُعْتَمَدٌ: أَيْ فَيَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: وَصُعُوبَةً) وَفِي نُسْخَةٍ: وَحُزُونَةً. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الِالْتِزَامِ) هَذِهِ الصُّورَةُ مُكَرَّرَةٌ مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا أَبْعَدُ مِنْهُ فَلَا زِيَادَةَ إلَخْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ رَدَّهُ مِنْ أَبْعَدَ مِنْ الْمُعَيَّنِ لَكِنَّهُ فِي جِهَتِهِ وَمَا هُنَا فِيمَا لَوْ رَدَّهُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَالْمَرْدُودُ مِنْهُ أَبْعَدُ مَسَافَةً مِنْ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ: اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْجُعْلِ) وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَ ع: لَوْ رَدَّهُ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ ثُمَّ عَلِمَ النِّدَاءَ فِي الْبَلَدِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَهُ اسْتَحَقَّ: أَيْ الْجُعْلَ بِتَمَامِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَحِلُّ مُعَيَّنًا فِي الْأُولَى كَانَ الْجُعْلُ مُوَزَّعًا عَلَى الْمَسَافَةِ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: بِالْأَوَّلِيَّةِ) أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَوَّلِيَّةَ لَا تَسْتَدْعِي ثَانِيًا وَإِنَّمَا تَسْتَدْعِي عَدَمَ السَّبْقِ بِغَيْرِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ رَدَّهُ مِنْ أَبْعَدَ إلَخْ) هَذَا مُكَرَّرٌ. (قَوْلُهُ: وَرَأَى الْمَالِكَ فِي نِصْفِ الطَّرِيقِ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ ذَهَابَ الْعَامِلِ لِلرَّدِّ لَا يُقَابَلْ بِشَيْءٍ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ رَأَى الْمَالِكَ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي لَقَى فِيهِ الْآبِقَ مَثَلًا أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ شَيْئًا وَهُوَ مُشْكِلٌ، وَرُبَّمَا يَأْتِي فِي الشَّارِحِ مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: اسْتَوَتْ قِيمَتُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَتْ) اُنْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا، وَفِي الْعُبَابِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ: وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ مَا شُرِطَ لَهُ) يَعْنِي مَا شُرِطَ لِأَجْلِ الرَّدِّ

الْمَشْرُوطِ، فَإِنْ شَارَكَهُمْ رَابِعٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ، ثُمَّ إنْ قَصَدَ بِعَمَلِهِ الْمَالِكَ أَوْ قَصَدَ أَخْذَ الْجُعْلِ مِنْهُ فَلِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ رُبُعُ الْمَشْرُوطِ، فَإِنْ أَعَانَ أَحَدُهُمْ فَلِلْمُعَاوَنِ بِفَتْحِ الْوَاوِ النِّصْفُ وَلِلْآخَرَيْنِ النِّصْفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الرُّبُعُ، أَوْ أَعَانَ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا رُبُعٌ وَثُمُنٌ مِنْ الْمَشْرُوطِ وَلِلثَّالِثِ رُبُعُهُ، وَإِنْ أَعَانَ الْجَمِيعَ فَلِكُلٍّ مِنْهُمْ الثُّلُثُ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ غَيْرُهُمْ، فَإِنْ شَرَطَ لِأَحَدِهِمْ جُعْلًا مَجْهُولًا وَلِكُلٍّ مِنْ الْآخَرَيْنِ دِينَارًا فَرَدُّوهُ فَلَهُ ثُلُثُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَلَهُمَا ثُلُثَا الْمُسَمَّى، وَلَوْ قَالَ أَيُّ رَجُلٍ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ دِرْهَمٌ فَرَدَّهُ اثْنَانِ قُسِّطَ الدِّرْهَمُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ كَانَ عَبْدٌ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا فَأَبَقَ فَجَعَلَا لِمَنْ رَدَّهُ دِينَارًا لَزِمَهُمَا بِنِسْبَةِ مِلْكَيْهِمَا (وَلَوْ اشْتَرَى اثْنَانِ) فَأَكْثَرُ (فِي رَدِّهِ اشْتَرَكَا فِي الْجُعْلِ) لِحُصُولِ الرَّدِّ مِنْهُمَا وَالِاشْتِرَاكُ فِي الْجُعْلِ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ وَإِنْ تَفَاوَتَ عَمَلُهُمْ لِأَنَّهُ لَا يَنْضَبِطُ حَتَّى يُوَزَّعَ عَلَيْهِ. وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إذَا عُمِّمَ النِّدَاءُ كَقَوْلِهِ مَنْ رَدَّهُ فَلَهُ كَذَا، وَيُخَالِفُ مَا لَوْ قَالَ مَنْ دَخَلَ دَارِي فَأُعْطِهِ دِرْهَمًا فَدَخَلَهَا جَمْعٌ اسْتَحَقَّ كُلُّ وَاحِدٍ دِرْهَمًا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ دَاخِلٌ وَلَيْسَ كُلُّ وَاحِدٍ بِرَادٍّ لِلْعَبْدِ بَلْ الْكُلُّ رَدُّوهُ. (وَلَوْ) (الْتَزَمَا جُعْلًا لِمُعَيَّنٍ) كَإِنْ رَدَدْت آبِقِي فَلَكَ دِينَارٌ (فَشَارَكَهُ غَيْرُهُ فِي الْعَمَلِ) (إنْ قَصَدَ إعَانَتَهُ) مَجَّانًا أَوْ بِعِوَضٍ عَنْهُ (فَلَهُ) أَيْ لِذَلِكَ الْمُعَيَّنِ (كُلُّ الْجُعْلِ) لِأَنَّ قَصْدَ الْمُلْتَزِمِ الرَّدُّ مِمَّنْ الْتَزَمَ لَهُ بِأَيِّ وَجْهٍ أَمْكَنَ فَلَمْ يُقْصِرْ لَفْظَهُ عَلَى الْمُخَاطَبِ وَحْدَهُ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِيمَا إذَا أَذِنَ لِمُعَيَّنٍ فَرَدَّ نَائِبُهُ مَعَ قُدْرَتِهِ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ أَصْلًا، وَلَا شَيْءَ لِلْمُعَيَّنِ إلَّا إنْ الْتَزَمَ لَهُ الْمُخَاطِبُ أُجْرَةً، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ هُنَا وَفِي الْمُسَاقَاةِ كَمَا أَفَادَهُ السُّبْكِيُّ جَوَازُ الِاسْتِنَابَةِ فِي الْإِمَامَةِ وَالتَّدْرِيسِ وَسَائِرِ الْوَظَائِفِ الَّتِي تَقْبَلُ النِّيَابَةَ: أَيْ وَلَوْ بِدُونِ عُذْرٍ فِيمَا يَظْهَرُ وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ الْوَاقِفُ إذَا اسْتَنَابَ مِثْلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ بِأَوَّلِ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ فَوَلَدَتْ وَاحِدًا فَقَطْ طَلُقَتْ بِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْهُ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ قَصَدَ) أَيْ الرَّابِعُ، وَقَوْلُهُ أَوْ قَصَدَ: أَيْ الرَّابِعُ أَيْضًا، وَقَوْلُهُ رُبُعُ الْمَشْرُوطِ: أَيْ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَسَقَطَ الرُّبُعُ الرَّابِعُ عَنْ الْمَالِكِ. (قَوْلُهُ: وَلِكُلٍّ مِنْ الْآخَرَيْنِ) أَيْ بِمَعْنَى أَنَّهُ قَالَ لِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ بِانْفِرَادِهِ رَدُّ عَبْدِي وَقَالَ لِأَحَدِهِمْ وَلَك ثَوْبٌ مَثَلًا وَلِلْآخَرِ وَلَك دِينَارٌ وَقَالَ لِلثَّالِثِ كَذَلِكَ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ جَعَلَ لِمَجْمُوعِ الثَّلَاثَةِ ثَوْبًا وَدِينَارَيْنِ. (قَوْلُهُ: قُسِطَ الدِّرْهَمُ بَيْنَهُمَا) وَوَجْهُهُ أَنَّ كُلًّا مَأْذُونٌ لَهُ فِي الرَّدِّ. (قَوْلُهُ: فَلَمْ يُقْصِرْ لَفْظَهُ) بِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ مُنَافَاةِ هَذَا بِقَوْلِهِ السَّابِقِ فَعُلِمَ أَنَّ الْعَامِلَ الْمُعَيَّنَ لَا يَسْتَنِيبُ فِيهَا إلَّا إنْ عُذِرَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: الَّتِي تَقْبَلُ النِّيَابَةَ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ كَالْمُتَفَقِّهِ لَا تَجُوزُ لَهُ الِاسْتِنَابَةُ حَتَّى عِنْدَ السُّبْكِيّ إذْ لَا يُمْكِنُ أَحَدًا أَنْ يَتَفَقَّهَ عَنْهُ اهـ حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ: اُعْتُمِدَ م ر جَوَازُ الِاسْتِنَابَةِ لِلْمُتَفَقِّهِ أَيْضًا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إحْيَاءُ الْبُقْعَةِ بِتَعَلُّمِ الْفِقْهِ فِيهَا وَذَلِكَ حَاصِلٌ مَعَ الِاسْتِنَابَةِ وَجَوَّزَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ تَجُوزَ الِاسْتِنَابَةُ لِلْأَيْتَامِ الْمُنْزَلِينَ بِمَكَاتِبِ الْأَيْتَامِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مِثْلُ مَا اعْتَمَدَهُ م ر، وَلَكِنَّ الْأَقْرَبَ مَا قَالَهُ حَجّ. وَقَوْلُ سم لِلْأَيْتَامِ: أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ يَتِيمًا مِثْلَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِدُونِ عُذْرٍ فِيمَا يَظْهَرُ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ أَنَّ صَاحِبَ الْخَطَابَةِ يَسْتَنِيبُ خَطِيبًا يَخْطُبُ عَنْهُ، ثُمَّ إنَّ الْمُسْتَنِيبَ يَسْتَنِيبُ آخَرَ هَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَيَسْتَحِقُّ مَا جَعَلَهُ لَهُ صَاحِبُ الْوَظِيفَةِ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ الظَّاهِرُ أَيْ يُقَالُ فِيهِ إنْ حَصَلَ لَهُ عُذْرٌ مَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ وَعَلِمَ بِهِ الْمُسْتَنِيبُ أَوْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى رِضَا صَاحِبِ الْوَظِيفَةِ بِذَلِكَ جَازَ لَهُ أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَالضَّمِيرُ لِلرَّدِّ الْمَعْلُومِ: أَيْ: نِصْفُ الدِّينَارِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَلَا يَصِحُّ عَوْدُ الضَّمِيرِ لِكُلٍّ وَكَانَ الْأَوْضَحُ حَذْفَ لَهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ شَرَطَ لِأَحَدِهِمْ جُعْلًا مَجْهُولًا وَلِكُلٍّ مِنْ الْآخَرِينَ) بِأَنْ قَالَ لِأَحَدِهِمْ: إنْ رَدَدْتَهُ فَلَكَ دِينَارٌ وَلِلْآخَرِ كَذَلِكَ، وَقَالَ لِلثَّالِثِ: إنْ رَدَدْتَهُ أُرْضِيَكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، بِخِلَافِ مَا إذَا شَرَطَ اجْتِمَاعَهُمْ وَجَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَيْئًا يَخُصُّهُ وَإِنْ أَوْهَمَتْهُ عِبَارَةُ الشَّارِحِ فَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ مَا هُوَ صَرِيحٌ فِيمَا صَوَّرْته بِهِ

أَوْ خَيْرًا مِنْهُ وَيَسْتَحِقُّ الْمُسْتَنِيبُ جَمِيعَ الْمَعْلُومِ وَإِنْ أَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إذْ الْمُسْتَنِيبُ لَمْ يُبَاشِرْ وَالنَّائِبُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ النَّاظِرُ فَلَا وِلَايَةَ لَهُ، وَمَا نَازَعَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ كَوْنِ ذَلِكَ سَبَبًا لِفَتْحِ بَابِ أَكْلِ أَرْبَابِ الْجَهَالَاتِ مَالَ الْوَقْفِ دَائِمًا مِمَّا أُرْصِدَ لِلْمَنَاصِبِ الدِّينِيَّةِ وَاسْتِنَابَةِ مَنْ لَا يَصْلُحُ أَوْ يَصْلُحُ بِنَزْرٍ يَسِيرٍ قَالَ غَيْرُهُ: وَهَكَذَا جَرَى فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ مَرْدُودٌ بِاشْتِرَاطِ كَوْنِهِ مِثْلَهُ أَوْ خَيْرًا مِنْهُ وَالزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ الرِّيعَ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْإِجَارَةِ وَلَا الْجِعَالَةِ إذْ لَا يُمْكِنُ وُقُوعُ الْعَمَلِ مُسَلَّمًا لِلْمُسْتَأْجَرِ أَوْ الْجَاعِلِ وَإِنَّمَا هُوَ إبَاحَةٌ بِشَرْطِ الْحُضُورِ وَلَمْ يُوجَدْ فَلَا يَصِحُّ أَخْذُهُ الْمَذْكُورَ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْمُسْتَنِيبِ وَلَوْ بِعُذْرٍ وَلَوْ لِمَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ خِلَافُهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ عَمَلًا بِالْعُرْفِ الْمُطَّرِدِ بِالْمُسَامَحَةِ حِينَئِذٍ (وَإِنْ قَصَدَ) الْمُشَارِكُ (الْعَمَلَ لِلْمَالِكِ) الْمُلْتَزِمِ يَعْنِي بِجُعْلٍ أَوْ بِدُونِهِ أَوْ لِنَفْسِهِ أَوْ لِلْعَامِلِ أَوْ لِلْجَمِيعِ أَوْ لِاثْنَيْنِ مِنْهُمْ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا (فَلِلْأَوَّلِ قِسْطُهُ) مِنْ الْجُعْلِ وَهُوَ النِّصْفُ مِنْهُ إنْ شَارَكَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَسْتَنِيبَ مِثْلَهُ وَيَسْتَحِقُّ مَا جُعِلَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ لَهُ وَلَمْ تَدُلَّ الْقَرِينَةُ عَلَى الرِّضَا بِغَيْرِهِ لَا يَجُوزُ، وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى صَاحِبِ الْوَظِيفَةِ لِعَدَمِ مُبَاشَرَتِهِ، وَعَلَيْهِ لِمَنْ اسْتَنَابَهُ مِنْ بَاطِنِهِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، وَوَقَعَ السُّؤَالُ فِيهِ أَيْضًا عَنْ مَسْجِدٍ انْهَدَمَ وَتَعَطَّلَتْ شَعَائِرُهُ هَلْ يَسْتَحِقُّ أَرْبَابُ الشَّعَائِرِ الْمَعْلُومَ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ: إنَّ مِنْ تَمَكُّنِهِ الْمُبَاشَرَةُ مَعَ الِانْهِدَامِ كَقِرَاءَةِ جُزْءٍ بِهِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُهُ ذَلِكَ وَلَوْ صَارَ كَوْمًا اسْتَحَقَّ الْمَعْلُومَ إنْ بَاشَرَ، وَمَنْ لَا تُمْكِنُهُ الْمُبَاشَرَةُ كَبَوَّابِ الْمَسْجِدِ وَفَرَّاشِهِ اسْتَحَقَّ كَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى عَدَمِ الْمُبَاشَرَةِ، وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ عَوْدُهُ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَى النَّاظِرِ الْقَطْعُ عَلَى الْمُسْتَحَقِّينَ وَعَوْدُهُ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا نُقِلَ لِأَقْرَبِ الْمَسَاجِدِ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ خَيْرًا مِنْهُ) أَيْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِتِلْكَ الْوَظِيفَةِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ قِرَاءَةَ جُزْءٍ مَثَلًا وَكَانَ الْمُسْتَنِيبُ عَالِمًا لَا يُشْتَرَطُ فِي النَّائِبِ كَوْنُهُ عَالِمًا بَلْ يَكْفِي كَوْنُهُ يُحْسِنُ قِرَاءَةَ الْجُزْءِ كَقِرَاءَةِ الْمُسْتَنِيبِ لَهُ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ: أَيْ بِاعْتِبَارِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْوَظِيفَةِ، وَفِي حَجّ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى وُجُودِ شُرُوطِ الْوَاقِفِ فِي النَّائِبِ (قَوْلُهُ: وَيَسْتَحِقُّ الْمُسْتَنِيبُ جَمِيعَ الْمَعْلُومِ) أَيْ وَلِلنَّائِبِ مَا الْتَزَمَهُ لَهُ صَاحِبُ الْوَظِيفَةِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ بَاشَرَ شَخْصٌ الْوَظِيفَةَ بِلَا اسْتِنَابَةٍ مِنْ صَاحِبِهَا لَمْ يَسْتَحِقَّ الْمُبَاشِرُ لَهَا عِوَضًا لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ لَهُ، وَكَذَا صَاحِبُ الْوَظِيفَةِ حَيْثُ لَمْ يُبَاشِرْ لَا شَيْءَ لَهُ إلَّا إذَا مَنَعَهُ النَّاظِرُ أَوْ نَحْوُهُ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ فَيَسْتَحِقُّ لِعُذْرِهِ بِتَرْكِ الْمُبَاشَرَةِ وَمِنْ هَذَا يُؤْخَذُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَلَدِ أَخِيهِ إمَامَةٌ شَرِكَةً بِمَسْجِدٍ مِنْ مَسَاجِدِ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ إنَّ الرَّجُلَ صَارَ يُبَاشِرُ الْإِمَامَةَ مِنْ غَيْرِ اسْتِنَابَةٍ مِنْ وَلَدِ أَخِيهِ وَهُوَ أَنَّ وَلَدَ الْأَخِ لَا شَيْءَ لَهُ لِعَدَمِ مُبَاشَرَتِهِ، وَلَا شَيْءَ لِلْعَمِّ زِيَادَةً عَلَى مَا يُقَابِلُ نِصْفَهُ الْمُقَرَّرِ فِيهِ لِأَنَّ الْعَمَّ حَيْثُ عَمِلَ بِلَا اسْتِنَابَةٍ كَانَ مُتَبَرِّعًا، وَوَلَدُ الْأَخِ حَيْثُ لَمْ يُبَاشِرْ وَلَمْ يَسْتَنِبْ لَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّ الْوَاقِفَ إنَّمَا جَعَلَ الْمَعْلُومَ فِي مُقَابَلَةِ الْمُبَاشَرَةِ فَمَا يَخُصُّ وَلَدَ الْأَخِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ النَّاظِرُ لِمَصَالِحِ الْمَسْجِدِ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا، وَوَقَعَ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعَصْرِ إفْتَاءٌ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَاحْذَرْهُ فَإِنَّهُ خَطَأٌ. (قَوْلُهُ: أَرْبَابِ الْجَهَالَاتِ) وَفِي نُسْخَةٍ الْجِهَاتِ: وَمَا فِي الْأَصْلِ هُوَ الْأَوْفَقُ بِقَوْلِهِ الْآتِي كَوْنُهُ مِثْلَهُ أَوْ خَيْرًا مِنْهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ) يُتَأَمَّلُ هَذَا، فَإِنَّ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ حَاصِلُهُ مُنَازَعَةُ مَنْ قَالَ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مَرْدُودٌ بِاشْتِرَاطِ كَوْنِهِ مِثْلَهُ إلَخْ) هَذَا إذَا كَانَ مُرَادُ الْأَذْرَعِيِّ بِأَرْبَابِ الْجَهَالَاتِ النِّيَابَ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مُرَادٌ بِهِمْ أَرْبَابَ الْوَظَائِفِ بِمَعْنَى أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ الْوَظَائِفَ الَّتِي لَيْسُوا أَهْلًا لَهَا وَيَسْتَنِيبُونَ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَتِهِ فَيُرَدُّ بِأَنَّ الْكَلَامَ كُلَّهُ عِنْدَ صِحَّةِ التَّقْرِيرِ فِي الْوَظِيفَةِ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا لِمَنْ هُوَ أَهْلٌ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَالزَّرْكَشِيُّ) يَعْنِي: وَنَازَعَ الزَّرْكَشِيُّ فِي كَلَامِ السُّبْكِيّ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ قَضِيَّةِ الْعَطْفِ، وَعُذْرُهُ أَنَّهُ تَبِعَ هُنَا عِبَارَةَ التُّحْفَةِ، لَكِنْ ذَاكَ عَبَّرَ فِي مُنَازَعَةِ الْأَذْرَعِيِّ بِقَوْلِهِ وَرَدَّهُ الْأَذْرَعِيُّ فَيَصِحُّ عَطْفُ الزَّرْكَشِيّ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) أَيْ: حِينَ الْعُذْرِ وَكَوْنِ النَّائِبِ

مِنْ ابْتِدَاءِ الْعَمَلِ سَوَاءٌ قَصَدَ نَفْسَهُ أَوْ الْمُلْتَزِمَ أَمْ هُمَا أَمْ الْعَامِلَ وَالْمُلْتَزِمَ أَمْ الْجَمِيعَ أَمْ أَطْلَقَ، وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ إنْ قَصَدَ نَفْسَهُ وَالْعَامِلَ أَوْ الْعَامِلَ وَالْمُلْتَزِمَ وَثُلُثَاهُ إنْ قَصَدَ الْجَمِيعَ (وَلَا شَيْءَ لِلْمُشَارِكِ بِحَالٍ) أَيْ فِي حَالٍ مِمَّا ذُكِرَ لِتَبَرُّعِهِ وَلَوْ قَالَ الْوَاحِدُ إنْ رَدَدْته فَلَكَ دِينَارٌ وَلِآخَرَ إنْ رَدَدْته أُرْضِيك فَرَدَّاهُ فَلِلْأَوَّلِ نِصْفُ الدِّينَارِ وَلِلْآخَرِ نِصْفُ أُجْرَةِ مِثْلِ عَمَلِهِ، وَلَوْ قَالَ إنْ رَدَدْت عَبْدِي فَلَكَ كَذَا فَأَمَرَ رَقِيقَهُ بِرَدِّهِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ اسْتَحَقَّ كُلٌّ الْجُعْلَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِإِنَابَتِهِ إيَّاهُ فِي الْعَمَلِ الْمَذْكُورِ وَلَا يُؤَثِّرُ طَرَيَان حُرِّيَّتِهِ كَمَا لَوْ أَعَانَهُ أَجْنَبِيٌّ فِيهِ وَلَمْ يَقْصِدْ الْمَالِكُ، وَأَفْتَى أَيْضًا فِي وَلَدٍ قَرَأَ عِنْدَ فَقِيهٍ مُدَّةً ثُمَّ نَقَلَ إلَى فَقِيهٍ آخَرَ فَطَلَعَ عِنْدَهُ سُورَةً يُعْمَلُ لَهَا سُرُورٌ كَالْأَصَارِيفِ مَثَلًا وَحَصَلَ لَهُ فُتُوحٌ بِأَنَّهُ لِلثَّانِي وَلَا يُشَارِكُهُ فِيهِ الْأَوَّلُ، وَيَنْقَسِمُ الْعَقْدُ بِاعْتِبَارِ لُزُومِهِ وَجَوَازِهِ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا لَازِمٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ قَطْعًا كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالسَّلَمِ وَالصُّلْحِ وَالْحَوَالَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالْهِبَةِ لِغَيْرِ الْفُرُوعِ بَعْدَ الْقَبْضِ وَالْخُلْعِ، وَلَازِمٌ مِنْ أَحَدِهِمَا قَطْعًا وَمِنْ الْآخَرِ عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ النِّكَاحُ فَإِنَّهُ لَازِمٌ مِنْ جِهَةِ الْمَرْأَةِ قَطْعًا وَمِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ عَلَى الْأَصَحِّ وَقُدْرَتُهُ عَلَى الطَّلَاقِ لَيْسَتْ فَسْخًا. ثَانِيهَا لَازِمٌ مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ جَائِزٌ مِنْ الْآخَرِ قَطْعًا كَالْكِتَابَةِ، وَكَذَا الرَّهْنُ وَهِبَةُ الْأُصُولِ لِلْفُرُوعِ بَعْدَ الْقَبْضِ وَالضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ ثَالِثُهَا جَائِزٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ كَالشَّرِكَةِ وَالْوَكَالَةِ وَالْعَارِيَّةِ الْوَدِيعَةِ، وَكَذَا الْجُعْلُ لَهُ قَبْلَ فَرَاغِ الْعَمَلِ وَلِهَذَا قَالَ (وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْجَاعِلِ وَالْعَامِلِ (الْفَسْخُ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ) لِأَنَّهُ عَقْدٌ جَائِزٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ. أَمَّا مِنْ جِهَةِ الْجَاعِلِ فَمِنْ حَيْثُ إنَّهَا تَعْلِيقُ اسْتِحْقَاقٍ بِشَرْطٍ فَأَشْبَهَتْ الْوَصِيَّةَ. وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الْعَامِلِ فَلِأَنَّ الْعَمَلَ فِيهَا مَجْهُولٌ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يَتَّصِفُ بِاللُّزُومِ كَالْقِرَاضِ وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ الْفَسْخُ مِنْ الْعَامِلِ فِي الِابْتِدَاءِ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَلَا يُتَصَوَّرُ فَسْخُهُ إلَّا بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي الْعَمَلِ، وَالْمُرَادُ بِالْفَسْخِ رَفْعُ الْعَقْدِ وَرَدُّهُ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ مَا بَعْدَهُ فَإِنَّهُ لَا أَثَرَ لِلْفَسْخِ لِأَنَّ الْجُعْلَ قَدْ لَزِمَ وَاسْتَقَرَّ وَعُلِمَ مِنْ جَوَازِهَا انْفِسَاخُهَا بِمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَوْ جُنُونِهِ أَوْ إغْمَائِهِ، فَلَوْ مَاتَ الْمَالِكُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ فَرَدَّهُ إلَى وَارِثِهِ اسْتَحَقَّ قِسْطَ مَا عَمِلَهُ فِي الْحَيَاةِ مِنْ الْمُسَمَّى، وَإِنْ مَاتَ الْعَامِلُ فَرَدَّهُ وَارِثُهُ اسْتَحَقَّ الْقِسْطَ مِنْهُ أَيْضًا (فَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSالزَّرْكَشِيُّ. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَقَصَدَ) هِيَ لِلشَّرْطِ بِمَعْنَى إنْ قَصَدَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ إنْ قَصَدَ نَفْسَهُ وَالْعَامِلَ أَوْ الْعَامِلَ وَالْمُلْتَزِمَ) أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا يَخُصُّ الْعَامِلَ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ النِّصْفُ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِ الْمُعَاوِنِ لَهُ، وَقَدْ أَخْرَجَ مِنْهُ لِلْعَامِلِ نِصْفَهُ وَهُوَ الرُّبُعُ وَإِذَا ضُمَّ الرُّبُعُ إلَى النِّصْفِ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ الْعَامِلُ كَانَ مَجْمُوعُ ذَلِكَ مَا ذَكَرَ وَالرُّبُعُ الرَّابِعُ يَبْقَى لِلْمُلْتَزِمِ لِعَدَمِ مَنْ يَسْتَحِقُّهُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ يُقَالُ فِي الثُّلُثَيْنِ، فَإِنَّ الْعَامِلَ يَسْتَحِقُّ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ النِّصْفَ وَمَا تَبَرَّعَ بِهِ الْمُعَاوِنُ لَهُ ثُلُثُ النِّصْفِ إلَى فَضْلٍ يَضُمُّ إلَيْهِ النِّصْفَ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ وَمَجْمُوعُهُمَا الثُّلُثَانِ. (قَوْلُهُ: اسْتَحَقَّ كُلٌّ الْجُعْلَ) أَيْ السَّيِّدُ ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَصَدَ الْعَبْدَ نَفْسَهُ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ، وَقِيَاسُ مَا لَوْ قَصَدَ الْعَامِلَ نَفْسَهُ حَيْثُ قُلْنَا: إنَّ الْمُعَيَّنَ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْقِسْطَ سُقُوطَ مَا يُقَابِلُ عَمَلَ الْعَبْدِ مِنْ وَقْتِ إعْتَاقِهِ. (قَوْلُهُ: فَطَلَعَ عِنْدَهُ) أَيْ فَقَرَأَ عِنْدَهُ شَيْئًا وَإِنْ قَلَّ ثُمَّ طَلَعَ سُورَةً يَعْمَلُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَرَدَّهُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: فِي الْحَيَاةِ مِنْ الْمُسَمَّى) أَيْ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ لِعَدَمِ الْتِزَامِ الْوَارِثِ لَهُ شَيْئًا، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْعَامِلُ بِمَوْتِ الْجَاعِلِ قَبْلَ الرِّقِّ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ عَمِلَ الْعَامِلُ إلَخْ، بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ الْوَارِثَ هُنَا لَمْ يُنْسَبْ لِتَقْصِيرٍ فِي إسْقَاطِ حَقِّ الْعَامِلِ بِخِلَافِ مَا يَأْتِي ـــــــــــــــــــــــــــــQمِثْلَ الْمُسْتَنِيبِ أَوْ خَيْرًا مِنْهُ، وَهَذَا لَا يُنَافِي مَا اسْتَظْهَرَهُ فِيمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ بِدُونِ عُذْرٍ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ إذَا صَحَّ مَعَ عَدَمِ الْعُذْرِ فَمَعَهُ أَوْلَى فَاسْتِيجَاهُهُ صَحِيحٌ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ أَعَانَهُ إلَخْ) قَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ أَنَّ الْعَتِيقَ لَوْ قَصَدَ الْمَالِكُ حِينَئِذٍ أَنَّ السَّيِّدَ الْمُعْتِقَ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا فَلْيُرَاجَعْ.

فُسِخَ) بِبِنَائِهِ لِلْمَفْعُولِ: أَيْ فَسَخَهُ الْجَاعِلُ أَوْ الْعَامِلُ (قَبْلَ الشُّرُوعِ) فِي الْعَمَلِ (أَوْ فَسَخَهُ الْعَامِلُ بَعْدَ الشُّرُوعِ) فِيهِ (فَلَا شَيْءَ لَهُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ شَيْئًا فِي الْأُولَى وَلِأَنَّ الْجُعْلَ إنَّمَا يُسْتَحَقُّ فِي الثَّانِيَةِ بِتَمَامِ الْعَمَلِ وَقَدْ فَوَّتَهُ بِاخْتِيَارِهِ وَلَمْ يَحْصُلْ غَرَضُ الْمَالِكِ سَوَاءٌ أَوَقَعَ مَا عَمِلَهُ مُسَلَّمًا وَظَهَرَ أَثَرُهُ عَلَى الْمَحِلِّ أَمْ لَا، وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ الصَّبِيَّ، وَيُسْتَثْنَى مَا إذَا زَادَ الْجَاعِلُ فِي الْعَمَلِ وَلَمْ يَرْضَ الْعَامِلُ بِالزِّيَادَةِ فَفَسَخَ لِذَلِكَ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِأَنَّ الْجَاعِلَ هُوَ الَّذِي أَلْجَأَهُ إلَى ذَلِكَ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَقِيَاسُهُ كَذَلِكَ إذَا نَقَصَ مِنْ الْجُعْلِ، وَرُدَّ أَنَّ النَّقْصَ فَسْخٌ كَمَا يَأْتِي وَهُوَ فَسْخٌ مِنْ الْمَالِكِ لَا مِنْ الْعَامِلِ، وَلَوْ عَمِلَ الْعَامِلُ، بَعْدَ فَسْخِ الْمَالِكِ شَيْئًا عَالِمًا بِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ، أَوْ جَاهِلًا بِهِ فَكَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ وَإِنْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ بِأَنَّ لَهُ الْمُسَمَّى إذَا كَانَ جَاهِلًا بِهِ وَاسْتَحْسَنَهُ الْبُلْقِينِيُّ (وَإِنْ فَسَخَ الْمَالِكُ) يَعْنِي الْمُلْتَزِمَ وَلَوْ بِإِعْتَاقِ الْمَرْدُودِ مَثَلًا كَذَا قَالَهُ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ، وَالْأَقْرَبُ خِلَافُهُ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ حَيْثُ أَعْتَقَ الْمَالِكُ الْمَرْدُودَ شَيْئًا لِخُرُوجِهِ عَنْ قَبْضَتِهِ فَلَمْ يَقَعْ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا لَهُ (بَعْدَ الشُّرُوعِ) فِي الْعَمَلِ (فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) لِمَا مَضَى (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ جَوَازَ الْعَقْدِ يَقْتَضِي التَّسْلِيطَ عَلَى رَفْعِهِ، وَإِذَا ارْتَفَعَ لَمْ يَجِبْ الْمُسَمَّى كَسَائِرِ الْفُسُوخِ، لَكِنَّ عَمَلَ الْعَامِلِ وَقَعَ مُحْتَرَمًا فَلَا يُحْبَطُ بِفَسْخِ غَيْرِهِ فَرَجَعَ إلَى بَدَلِهِ وَهُوَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ كَالْإِجَارَةِ إذَا فُسِخَتْ بِعَيْبٍ. وَالثَّانِي لَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ كَمَا لَوْ فَسَخَ بِنَفْسِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَا صَدَرَ مِنْ الْعَامِلِ لَا يَحْصُلُ بِهِ مَقْصُودٌ أَصْلًا كَرَدِّ الْآبِقِ إلَى بَعْضِ الطَّرِيقِ أَوْ يَحْصُلُ بِهِ بَعْضُهُ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ عَلَّمْت ابْنِي الْقُرْآنَ فَلَكَ كَذَا ثُمَّ مَنَعَهُ مِنْ تَعْلِيمِهِ، وَلَا يُشْكِلُ مَا رَجَّحُوهُ هُنَا مِنْ اسْتِحْقَاقِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ بِقَوْلِهِمْ إذَا مَاتَ الْعَامِلُ أَوْ الْمَالِكُ فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ حَيْثُ يَنْفَسِخُ وَيَجِبُ الْقِسْطُ مِنْ الْمُسَمَّى لِأَنَّ الْجَاعِلَ أَسْقَطَ حُكْمَ الْمُسَمَّى فِي مَسْأَلَتِنَا بِفَسْخِهِ بِخِلَافِهِ فِي تِلْكَ، وَمَا فَرَّقَ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ مِنْ أَنَّ الْعَامِلَ فِي الِانْفِسَاخِ تَمَّمَ الْعَمَلَ بَعْدَهُ وَلَمْ يَمْنَعْهُ الْمَالِكُ مِنْهُ بِخِلَافِهِ فِي الْفَسْخِ مَحِلُّ نَظَرٍ، إذْ لَا أَثَرَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ خُصُوصِ الْوُجُوبِ مِنْ الْمُسَمَّى تَارَةً وَمِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ أُخْرَى كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِلْمُتَأَمِّلِ (وَلِلْمَالِكِ) يَعْنِي الْمُلْتَزِمَ (أَنْ يَزِيدَ وَيَنْقُصَ فِي) الْعَمَلِ وَفِي (الْجُعْلِ) وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (قَبْلَ الْفَرَاغِ) كَالْمَبِيعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ سَوَاءٌ مَا قَبْلَ الشُّرُوعِ وَمَا بَعْدَهُ لِأَنَّهُ عَقْدٌ جَائِزٌ، فَلَوْ قَالَ مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ عَشْرَةٌ ثُمَّ قَالَ مَنْ رَدَّهُ فَلَهُ خَمْسَةٌ أَوْ بِالْعَكْسِ فَالِاعْتِبَارُ بِالْأَخِيرِ (وَفَائِدَتُهُ بَعْدَ الشُّرُوعِ وُجُوبُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لَهُ) لِأَنَّ النِّدَاءَ الْأَخِيرَ فَسْخٌ لِلْأَوَّلِ، وَالْفَسْخُ فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ يَقْتَضِي الرُّجُوعَ إلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَمَحِلُّهُ فِيمَا قَبْلَ الشُّرُوعِ أَنْ يَعْلَمَ الْعَامِلُ بِالتَّغْيِيرِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فِيمَا إذَا كَانَ مُعَيَّنًا وَلَمْ يُعْلِنْ بِهِ الْمُلْتَزِمُ فِيمَا إذَا كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ. قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي وَسِيطِهِ: يَنْقَدِحُ أَنْ يُقَالَ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ الْأَوَّلَ، وَأَقَرَّهُ السُّبْكِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ أَوْ الْعَامِلُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا كَمَا يَأْتِي وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْفَسْخِ مِنْهُ تَرْكُ الْعَمَلِ بَعْدَ الشُّرُوعِ وَإِلَّا فَفَسْخُ الصَّبِيِّ لَغْوٌ. (قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ خِلَافًا لحج. (قَوْلُهُ: فَلَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ مَا قَالَهُ الْمَنْهَجُ ظَاهِرٌ لِحُصُولِ التَّفْوِيتِ مِنْ جَانِبِ الْمَالِكِ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ أَعْتَقَ الْمَالِكُ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الْإِعْتَاقِ الْوَقْفُ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا كَانَ) أَيْ ظَهَرَ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الرَّاجِحُ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ عَمِلَ الْعَامِلُ بَعْدَ فَسْخِ الْمَالِكِ إلَخْ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: تَمَّمَ الْعَمَلَ بَعْدَهُ وَلَمْ يَمْنَعْهُ الْمَالِكُ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم: أَيْ: فَكَأَنَّ الْعَقْدَ بَاقٍ بِحَالِهِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ بِلَا مَنْعٍ مِنْهُ، وَبِهَذَا يَتَّضِحُ الْفَرْقُ وَيَنْدَفِعُ النَّظَرُ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا) قَالَ الشَّيْخُ فِي حَاشِيَتِهِ: هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ عَمِلَ الْعَامِلُ بَعْدَ فَسْخِ الْمَالِكِ إلَخْ، وَوَجْهُ الْمُخَالَفَةِ أَنَّ تَغْيِيرَ الْمَالِكِ فَسْخٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ، وَمَعَ ذَلِكَ جَعَلَ الْعَامِلَ مُسْتَحِقًّا حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ التَّغْيِيرَ انْتَهَى. أَقُولُ: لَا مُخَالَفَةَ إذْ ذَاكَ فَسْخٌ لَا إلَى بَدَلٍ

وَغَيْرُهُمَا، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ عَمِلَ مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ الْأَوَّلَ خَاصَّةً وَمَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ الثَّانِيَ اسْتَحَقَّ الْأَوَّلُ نِصْفَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَالثَّانِي نِصْفَ الْمُسَمَّى الثَّانِي، وَعَلَى قَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ لِلْأَوَّلِ نِصْفُ الْجُعْلِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي نِصْفُ الثَّانِي، أَمَّا التَّغْيِيرُ بَعْدَ الْفَرَاغِ فَلَا يُؤَثِّرُ لِأَنَّ الْمَالَ قَدْ لَزِمَ وَيَتَوَقَّفُ لُزُومُ الْجُعْلِ عَلَى تَمَامِ الْعَمَلِ وَلِهَذَا قَالَ (وَلَوْ مَاتَ الْآبِقُ) أَوْ تَلِفَ الْمَرْدُودُ (فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ) أَوْ بِبَابِ الْمَالِكِ قَبْلَ تَسَلُّمِهِ (أَوْ هَرَبَ) كَذَلِكَ أَوْ غُصِبَ أَوْ تَرَكَ الْعَامِلَ وَرَجَعَ بِنَفْسِهِ (فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّهُ وَالِاسْتِحْقَاقُ مُعَلَّقٌ بِالرَّدِّ، وَيُخَالِفُ مَوْتُ أَجِيرِ الْحَجِّ فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَا عَمِلَهُ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِالْحَجِّ الثَّوَابُ، وَقَدْ حَصَلَ لِلْمَحْجُوجِ عَنْهُ الثَّوَابُ بِالْبَعْضِ وَالْقَصْدُ هُنَا الرَّدُّ وَلَمْ يُوجَدْ، وَلَوْ لَمْ يَجِدْ الْعَامِلُ الْمَالِكَ سَلَّمَ الْمَرْدُودَ إلَى الْحَاكِمِ وَاسْتَحَقَّ الْجُعْلَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ أَشْهَدَ وَاسْتَحَقَّهُ: أَيْ وَإِنْ مَاتَ أَوْ هَرَبَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي تَلَفِ سَائِرِ مَحَالِّ الْأَعْمَالِ، وَفُهِمَ مِنْ تَمْثِيلِ الْمُصَنِّفِ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا لَمْ يَقَعْ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا لِلْجَاعِلِ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ مَاتَ الصَّبِيُّ فِي أَثْنَاءِ التَّعَلُّمِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ مَا عَلَّمَهُ لِوُقُوعِهِ مُسَلَّمًا بِالتَّعْلِيمِ كَذَا ذَكَرَاهُ، وَمَحِلُّهُ إذَا كَانَ حُرًّا كَمَا قَيَّدَهُ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ، فَإِنْ كَانَ عَبْدًا لَمْ يَسْتَحِقَّ إلَّا إذَا سَلَّمَهُ لِسَيِّدِهِ أَوْ حَصَلَ التَّعْلِيمُ بِحَضْرَتِهِ أَوْ فِي مِلْكِهِ، قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ. وَفِي الشَّامِلِ أَنَّهُ لَوْ خَاطَ نِصْفَ الثَّوْبِ ثُمَّ احْتَرَقَ وَهُوَ فِي يَدِ الْمَالِكِ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْمَشْرُوطِ انْتَهَى. وَقِيَاسُهُ فِي مَسْأَلَةِ الصَّبِيِّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أُجْرَةُ مَا عَمِلَهُ مِنْ الْمُسَمَّى، وَلَوْ خَاطَ نِصْفَ الثَّوْبِ وَاحْتَرَقَ أَوْ بَنَى بَعْضَ الْحَائِطِ فَانْهَدَمَ فَلَا شَيْءَ لَهُ، ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَمَحِلُّهُ إذَا لَمْ يَقَعْ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا لِمَا ذَكَرَاهُ فِي مَسْأَلَةِ الصَّبِيِّ الْمَارَّةِ، وَلِقَوْلِ الْقَمُولِيِّ: لَوْ تَلِفَ الثَّوْبُ الَّذِي خَاطَ بَعْضَهُ أَوْ الْجِدَارُ الَّذِي بَنَى بَعْضَهُ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ إلَى الْمَالِكِ اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ مَا عَمِلَ: أَيْ بِقِسْطِهِ مِنْ الْمُسَمَّى، وَكَذَا يُقَدَّرُ فِي مَسْأَلَةِ الصَّبِيِّ لِيُوَافِقَ قَوْلَ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَالْمُتَوَلِّي فِي مَسْأَلَةِ الْقَمُولِيِّ اسْتَحَقَّ مِنْ الْمُسَمَّى بِقَدْرِ مَا عَمِلَ وَقَوْلُ الشَّيْخَيْنِ لَوْ قَطَعَ الْعَامِلُ بَعْضَ الْمَسَافَةِ لِرَدِّ الْآبِقِ ثُمَّ مَاتَ الْمَالِكُ فَرَدَّهُ إلَى الْوَارِثِ اسْتَحَقَّ مِنْ الْمُسَمَّى بِقَدْرِ عَمَلِهِ فِي الْحَيَاةِ، وَقَوْلُهُمَا فِي الْإِجَارَةِ فِي مَوْضِعٍ، لَوْ خَاطَ بَعْضَ الثَّوْبِ وَاحْتَرَقَ وَكَانَ بِحَضْرَةِ الْمَالِكِ أَوْ فِي مِلْكِهِ اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ مَا عَمِلَ بِقِسْطِهِ مِنْ الْمُسَمَّى لِوُقُوعِ الْعَمَلِ مُسَلَّمًا، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ: لَوْ اكْتَرَاهُ لِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ فَخَاطَ بَعْضَهُ وَاحْتَرَقَ، وَقُلْنَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ: أَيْ مِنْ أَصْلِهِ فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِ مَا عَمِلَهُ وَإِلَّا فَقِسْطُهُ مِنْ الْمُسَمَّى، أَوْ لِحَمْلِ جَرَّةٍ فَزَلَقَ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَوَجْهُ الْمُخَالَفَةِ أَنَّ تَغْيِيرَ الْمَالِكِ النِّدَاءَ فَسْخٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ وَمَعَ ذَلِكَ جَعَلَ الْعَامِلَ مُسْتَحَقًّا حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ التَّغْيِيرَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَاتَ الْآبِقُ) . [فَرْعٌ] لَوْ رَدَّ الْآبِقَ لِإِصْطَبْلِ الْمَالِكِ وَعَلِمَ بِهِ كَفَى كَنَظِيرِهِ مِنْ الْعَارِيَّةِ وَغَيْرِهَا م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: وَاسْتَحَقَّ الْجُعْلَ) أَيْ فَيَدْفَعُهُ لَهُ الْحَاكِمُ مِنْ مَالِهِ إنْ كَانَ وَإِلَّا بَقِيَ فِي ذِمَّةِ الْمُلْتَزِمِ (قَوْلُهُ: وَمَحِلُّهُ إذَا كَانَ) أَيْ الصَّبِيُّ. (قَوْلُهُ: سَلَّمَهُ لِسَيِّدِهِ) وَهَلْ مِثْلُ تَسْلِيمِ الْمُعَلَّمِ عَوْدُ الْعَبْدِ بِنَفْسِهِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي كُلِّ يَوْمٍ إلَى سَيِّدِهِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ تَسْلِيمِ الْفَقِيهِ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ: بِحَضْرَتِهِ أَوْ فِي مِلْكِهِ) كَأَنْ كَانَ يُعَلِّمُهُ فِي بَيْتِ السَّيِّدِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ فِي يَدِ الْمَالِكِ) أَيْ بِأَنْ سَلَّمَهُ لَهُ بَعْدَ خِيَاطَةِ نِصْفِهِ أَوْ خَاطَ بِبَيْتِ الْمَالِكِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِحَضْرَتِهِ حَيْثُ أَحْضَرَهُ لِمَنْزِلِهِ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ لَهُ أُجْرَةُ مَا عَمِلَهُ) أَيْ قِسْطِ مَا عَمِلَهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَاطَ نِصْفَ الثَّوْبِ وَاحْتَرَقَ) أَيْ وَهُوَ فِي يَدِهِ أَيْ الْخَيَّاطِ. (قَوْلُهُ: وَمَحِلُّهُ لَمْ يَقَعْ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بِحَضْرَةِ الْمَالِكِ وَمِنْ كَوْنِهِ بِحَضْرَتِهِ حُضُورُهُ فِي بَعْضِ الْعَمَلِ وَأَمْرُهُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَقُلْنَا: يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْأَصَحَّ جَوَازُ إبْدَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلِهَذَا لَمْ يَسْتَحِقَّ الْعَامِلُ لِأَنَّ الْجَاعِلَ رَفَعَ الْجُعْلَ مِنْ أَصْلِهِ وَهَذَا فَسْخٌ إلَى بَدَلٍ فَلِهَذَا اسْتَحَقَّ؛ لِأَنَّ الْجَاعِلَ وَإِنْ يَفِ

فِي الطَّرِيقِ فَانْكَسَرَتْ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْخِيَاطَةَ تَظْهَرُ عَلَى الثَّوْبِ فَوَقَعَ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا لِظُهُورِ أَثَرِهِ عَلَى الْمَحِلِّ وَالْحَمْلَ لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ عَلَى الْجَرَّةِ، وَبِمَا قَالَاهُ عُلِمَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي وُجُوبِ الْقِسْطِ فِي الْإِجَارَةِ وُقُوعُ الْعَمَلِ مُسَلَّمًا وَظُهُورُ أَثَرِهِ عَلَى الْمَحِلِّ وَمِثْلُهَا الْجِعَالَةُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ نُهِبَ الْحِمْلُ أَوْ غَرِقَ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ لَمْ يَجِبْ الْقِسْطُ لِأَنَّ الْعَمَلَ لَمْ يَقَعْ مُسَلَّمًا لِلْمَالِكِ وَلَا ظَهَرَ أَثَرُهُ عَلَى الْمَحِلِّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَتْ الْجِمَالُ مَثَلًا أَوْ انْكَسَرَتْ السَّفِينَةُ مَعَ سَلَامَةِ الْمَحْمُولِ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَإِذَا رَدَّهُ فَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ لِقَبْضِ الْجُعْلِ) لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِالتَّسْلِيمِ وَلَا حَبْسَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ، وَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ بِالْإِذْنِ بِالْأَوْلَى (وَيُصَدَّقُ) بِيَمِينِهِ الْجَاعِلُ سَوَاءٌ (الْمَالِكُ) وَغَيْرُهُ إذَا أَنْكَرَ (شَرْطَ الْجُعْلِ) كَأَنْ قَالَ مَا شَرَطْت الْجُعْلَ أَوْ شَرَطْته فِي عَبْدٍ آخَرَ (أَوْ سَعْيَهُ) أَيْ الْعَامِلِ (فِي رَدِّهِ) كَأَنْ قَالَ لَمْ تَرُدَّهُ وَإِنَّمَا رَدَّهُ غَيْرُك أَوْ رَجَعَ بِنَفْسِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرَّدِّ وَالشَّرْطِ وَبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ، فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي بُلُوغِهِ النِّدَاءَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّادِّ بِيَمِينِهِ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي سَمَاعِ نِدَائِهِ. (فَإِنْ) (اخْتَلَفَا) أَيْ الْجَاعِلُ وَالْعَامِلُ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ (فِي قَدْرِ الْجُعْلِ) أَوْ جِنْسِهِ أَوْ صِفَتِهِ كَكَوْنِهِ دِرْهَمًا أَوْ دِرْهَمَيْنِ أَوْ فِي قَدْرِ الْعَمَلِ كَأَنْ قَالَ شَرَطْت مِائَةً عَلَى رَدِّ عَبْدَيْنِ فَقَالَ الْعَامِلُ بَلْ عَلَى رَدِّ هَذَا فَقَطْ (تَحَالَفَا) وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ كَمَا فِي الْقِرَاضِ وَالْإِجَارَةِ، وَهَذَا إذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ فَرَاغِ الْعَمَلِ وَالتَّسْلِيمِ أَوْ قَبْلَ الْفَرَاغِ فِيمَا إذَا وَجَبَ لِلْعَامِلِ قِسْطُ مَا عَمِلَهُ، وَلَوْ قَالَ: بِعْ عَبْدِي هَذَا أَوْ اعْمَلْ كَذَا وَلَك عَشْرَةٌ وَأَتَيَا بِمَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ إجَارَةً وَجِعَالَةً فَإِنْ كَانَ الْعَمَلُ مَضْبُوطًا مُقَدَّرًا فَإِجَارَةٌ، وَلَوْ احْتَاجَ إلَى تَرَدُّدٍ غَيْرِ مَضْبُوطٍ فَجِعَالَةٌ كَذَا نَقَلَاهُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَجُوزُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَيَدُ الْعَامِلِ عَلَى الْمَأْخُوذِ إلَى رَدِّهِ يَدُ أَمَانَةٍ، وَلَوْ رَفَعَ يَدَهُ عَنْهُ وَخَلَّاهُ بِتَفْرِيطٍ كَأَنْ خَلَّاهُ بِمَضْيَعَةٍ ضَمِنَهُ لِتَقْصِيرِهِ، وَإِنْ خَلَّاهُ بِلَا تَفْرِيطٍ كَأَنْ خَلَّاهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ لَمْ يَضْمَنْهُ وَنَفَقَتُهُ عَلَى مَالِكِهِ، فَإِنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ مُدَّةَ الرَّدِّ فَتَبَرُّعٌ إلَّا إنْ أَذِنَ لَهُ الْحَاكِمُ فِيهِ أَوْ أَشْهَدَ عِنْدَ فَقْدِهِ لِيَرْجِعَ، وَلَوْ كَانَ رَجُلَانِ بِبَادِيَةٍ وَنَحْوِهَا فَمَرِضَ أَحَدُهُمَا أَوْ غُشِيَ عَلَيْهِ وَعَجَزَ عَنْ السَّيْرِ وَجَبَ عَلَى الْآخَرِ الْمَقَامُ مَعَهُ إلَّا إنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ نَحْوِهَا فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَإِذَا أَقَامَ مَعَهُ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُسْتَوْفَى بِهِ. (قَوْلُهُ: مَعَ سَلَامَةِ الْمَحْمُولِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَالِكُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُ، وَفِي حَجّ التَّقْيِيدُ بِكَوْنِ الْمَالِكِ حَاضِرًا. (قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا وَجَبَ لِلْعَامِلِ قِسْطٌ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْفَسْخُ مِنْ الْمَالِكِ أَوْ بَعْدَ تَلَفِ الْمُجَاعَلِ عَلَى الْعَمَلِ فِيهِ وَوَقَعَ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا. (قَوْلُهُ: وَأَتَيَا) أَيْ الْمُتَعَاقِدَانِ. (قَوْلُهُ: مَضْبُوطًا مُقَدَّرًا) أَيْ كَأَنْ قَالَ خُطَّ لِي هَذَا الثَّوْبَ وَلَك كَذَا. (قَوْلُهُ: فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ مَضْبُوطًا وَقَوْلُهُ دُونَ الثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ غَيْرَ مَضْبُوطٍ: أَيْ فَيُحْمَلُ اللَّفْظُ عَلَى الْإِجَارَةِ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ وَعَلَى الْجِعَالَةِ فِي الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَنَفَقَتُهُ) أَيْ الْآبِقِ ـــــــــــــــــــــــــــــQجُعْلًا فَقَدْ أَثْبَتَ جُعْلًا بَدَلَهُ فَالِاسْتِحْقَاقُ حَاصِلٌ بِكُلِّ حَالٍ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي بُلُوغِهِ النِّدَاءَ) أَيْ: وَلَوْ بِإِعْلَامِ الْغَيْرِ لِتُفَارِقَ مَا بَعْدَهَا فَتَأَمَّلْ

فَإِنْ مَاتَ وَجَبَ عَلَيْهِ أَخْذُ مَالِهِ وَإِيصَالُهُ إلَى وَرَثَتِهِ إنْ كَانَ ثِقَةً وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَأْخُذْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثِقَةً لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْأَخْذُ وَإِنْ جَازَ لَهُ وَلَا يَضْمَنُهُ فِي الْحَالَيْنِ وَالْحَاكِمُ يَحْبِسُ الْآبِقَ إذَا وَجَدَهُ انْتِظَارًا لِسَيِّدِهِ، فَإِنْ أَبْطَأَ سَيِّدُهُ بَاعَهُ الْحَاكِمُ وَحَفِظَ ثَمَنَهُ، فَإِذَا جَاءَ سَيِّدُهُ فَلَيْسَ لَهُ غَيْرُ الثَّمَنِ، وَإِنْ سَرَقَ الْآبِقُ قُطِعَ كَغَيْرِهِ، وَلَوْ عَمِلَ لِغَيْرِهِ عَمَلًا مِنْ غَيْرِ اسْتِئْجَارٍ وَلَا جِعَالَةٍ فَدَفَعَ إلَيْهِ مَالًا عَلَى ظَنِّ وُجُوبِهِ عَلَيْهِ لَمْ يَحِلَّ لِلْعَامِلِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُعْلِمَهُ أَوَّلًا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْبَذْلُ ثُمَّ الْمَقْبُولُ هِبَةٌ لَوْ أَرَادَ الدَّافِعُ أَنْ يَهَبَهُ مِنْهُ، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْبَذْلُ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ هَدِيَّةً حَلَّ، وَلَوْ أُكْرِهَ مُسْتَحَقٌّ عَلَى عَدَمِ مُبَاشَرَةِ وَظِيفَتِهِ اسْتَحَقَّ الْمَعْلُومَ كَمَا أَفْتَى بِهِ التَّاجُ الْفَزَارِيّ، وَاعْتِرَاضُ الزَّرْكَشِيّ لَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يُبَاشِرْ مَا شُرِطَ عَلَيْهِ فَكَيْفَ يَسْتَحِقُّ حِينَئِذٍ يُرَدُّ بِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى شَرْعًا وَعُرْفًا مِنْ تَنَاوُلِ الشَّرْطِ لَهُ لِعُذْرِهِ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى مِنْ مُدَرِّسٍ يَحْضُرُ مَوْضِعَ الدَّرْسِ وَلَا يَحْضُرُ أَحَدٌ مِنْ الطَّلَبَةِ أَوْ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ حَضَرَ لَا يَحْضُرُونَ بَلْ يَظْهَرُ الْجَزْمُ بِالِاسْتِحْقَاقِ هُنَا لِأَنَّ الْمُكْرَهَ يُمْكِنُهُ الِاسْتِنَابَةُ فَيَحْصُلُ غَرَضُ الْوَاقِفِ بِخِلَافِ الْمُدَرِّسِ فِيمَا ذُكِرَ. نَعَمْ إنْ أَمْكَنَهُ إعْلَامُ النَّاظِرِ بِهِمْ وَعَلِمَ أَنَّهُ يُجْبِرُهُمْ عَلَى الْحُضُورِ فَالظَّاهِرُ وُجُوبُهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَقَدْ أَفَادَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ ذَلِكَ أَيْضًا بَلْ جَعَلَهُ أَصْلًا مَقِيسًا عَلَيْهِ، وَهُوَ أَنَّ الْإِمَامَ أَوْ الْمُدَرِّسَ لَوْ حَضَرَ وَلَمْ يَحْضُرْ أَحَدٌ اسْتَحَقَّ لِأَنَّ قَصْدَ الْمُصَلِّي وَالْمُعَلِّمِ لَيْسَ فِي وُسْعِهِ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الِانْتِصَابُ لِذَلِكَ وَأَفْتَى أَيْضًا فِيمَنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ قَطْعَهُ عَنْ وَظِيفَتِهِ إنْ غَابَ فَغَابَ لِعُذْرٍ كَخَوْفِ طَرِيقٍ بِعَدَمِ سُقُوطِ حَقِّهِ بِغِيبَتِهِ. قَالَ وَلِذَلِكَ شَوَاهِدُ كَثِيرَةٌ وَأَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُ وَإِنْ جَازَ لَهُ) يُتَأَمَّلُ فِيهِ فَإِنْ تَرَكَهُ يُؤَدِّي إلَى ضَيَاعِهِ وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ فِي اللُّقَطَةِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَخْذُ حَيْثُ خَافَ ضَيَاعَهُ وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا لَكِنْ لَا تَثْبُتُ يَدُهُ عَلَيْهِ بَلْ يَنْتَزِعُهُ الْحَاكِمُ مِنْهُ فَالْقِيَاسُ هُنَا كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَالْحَاكِمُ يَحْبِسُ الْآبِقَ) أَيْ وُجُوبًا لِأَنَّهُ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ، وَإِذَا احْتَاجَ لِنَفَقَةٍ أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مَجَّانًا قِيَاسًا عَلَى اللَّقِيطِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ اقْتَرَضَ عَلَى الْمَالِكِ ثُمَّ عَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ قَرْضًا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أُكْرِهَ مُسْتَحَقٌّ) وَفِي مَعْنَى الْإِكْرَاهِ فَيَسْتَحِقُّ أَيْضًا الْمَعْلُومُ مَا لَوْ عُزِلَ عَنْ وَظِيفَةٍ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقُرِّرَ فِيهَا غَيْرُهُ إذْ لَا يَنْفُذُ عَزْلُهُ. نَعَمْ إنْ تَمَكَّنَ مِنْ مُبَاشَرَتِهَا فَيَنْبَغِي تَوَقُّفُ اسْتِحْقَاقِ الْمَعْلُومِ عَلَيْهَا اهـ سم عَلَى حَجّ. وَيُؤْخَذُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ طَائِفَةً مِنْ شُيُوخِ الْعُرْبَانِ شُرِطَ لَهُمْ طِينُ مَرْصَدٍ عَلَى غَفْرِ مَحِلٍّ مُعَيَّنٍ وَفِيهِمْ كَفَاءَةٌ لِذَلِكَ وَقُوَّةٌ وَبِيَدِهِمْ تَقْرِيرٌ فِي ذَلِكَ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّقْرِيرِ كَالْبَاشَا وَتَصَرَّفُوا فِي الطِّينِ الْمُرْصَدِ مُدَّةً ثُمَّ إنَّ مُلْتَزِمَ الْبَلَدِ أَخْرَجَ الْمَشْيَخَةَ عَنْهُمْ ظُلْمًا وَدَفَعَهَا لِغَيْرِهِمْ وَهُوَ أَنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُمْ مِثْلَهُمْ فِي الْكَفَاءَةِ بِالْقِيَامِ بِذَلِكَ بَلْ أَوْ أَكْفَأَ مِنْهُمْ لِأَنَّ الْمَذْكُورِينَ حَيْثُ صَحَّ تَقْرِيرُهُمْ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُ ذَلِكَ عَنْهُمْ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْضُرُ أَحَدٌ مِنْ الطَّلَبَةِ) أَيْ لَمْ يَحْضُرْ أَحَدٌ يَتَعَلَّمُ مِنْهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْمُقَرَّرِينَ فِي وَظِيفَةِ الطَّلَبِ لِأَنَّ غَرَضَ الْوَاقِفِ إحْيَاءُ الْمَحِلِّ وَهُوَ حَاصِلٌ بِحُضُورِ غَيْرِ أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ، قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ، وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ يُقْرَأَ فِي مَدْرَسَتِهِ كِتَابٌ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَجِدْ الْمُدَرِّسَ مَنْ فِيهِ أَهْلِيَّةٌ لِسَمَاعِ ذَلِكَ الْكِتَابِ وَالِانْتِفَاعِ مِنْهُ قَرَأَ غَيْرَهُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ شَرْطُ الْوَاقِفِ سَقَطَ اعْتِبَارُهُ وَفُعِلَ مَا يُمْكِنُ لِأَنَّ الْوَاقِفَ لَا يَقْصِدُ تَعْطِيلَ وَقْفِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الِانْتِصَابُ) هَذَا قَدْ يَقْتَضِي أَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ الْمَعْلُومَ مَشْرُوطٌ بِحُضُورِهِ وَالْمُتَّجِهُ خِلَافُهُ فِي الْمُدَرِّسِ بِخِلَافِ الْإِمَامِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ حُضُورَ الْإِمَامِ بِدُونِ الْمُقْتَدِينَ يَحْصُلُ بِهِ إحْيَاءُ الْبُقْعَةِ بِالصَّلَاةِ فِيهَا، وَلَا كَذَلِكَ الْمُدَرِّسُ فَإِنَّ حُضُورَهُ بِدُونِ مُتَعَلِّمٍ لَا فَائِدَةَ فِيهِ فَحُضُورُهُ يُعَدُّ عَبَثًا (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى أَيْضًا) أَيْ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ (قَوْلُهُ: سُقُوطُ حَقِّهِ بِغِيبَتِهِ) أَيْ وَإِنْ طَالَتْ مَا دَامَ الْعُذْرُ قَائِمًا، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّ مَحِلَّهُ حَيْثُ اسْتَنَابَ أَوْ عَجَزَ عَنْ الِاسْتِنَابَةِ. أَمَّا لَوْ غَابَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بِحِلِّ النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ بِالْمَالِ أَيْ لِأَنَّهُ مِنْ أَقْسَامِ الْجِعَالَةِ فَيَسْتَحِقُّهُ النَّازِلُ وَيَسْقُطُ حَقُّهُ وَإِنْ لَمْ يُقَرِّرْ النَّاظِرُ الْمَنْزُولَ لَهُ لِأَنَّهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ وَلَوْ قَالَ اقْتَرِضْ لِي مِائَةً وَلَكَ عَشْرَةٌ فَهُوَ جِعَالَةٌ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ وَلَهُ الْحَمْدُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا أَوَّلًا وَآخِرًا. وَقَدْ تَمَّ النِّصْفُ الْأَوَّلُ مِنْ " شَرْحِ الْمِنْهَاجِ " عَلَى يَدِ مُؤَلِّفِهِ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذَنْبَهُ وَسَتَرَ عَيْبَهُ (مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الرَّمْلِيِّ الْأَنْصَارِيِّ الشَّافِعِيِّ) حَامِدًا وَمُصَلِّيًا وَمُسَلِّمًا وَمُحَسْبِلًا وَمُحَوْقِلًا فِي ثَامِنَ عَشَرَ جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَتِسْعِمِائَةٍ وَأَسْأَلُهُ الْإِعَانَةَ عَلَى الْإِتْمَامِ بِجَاهِ مُحَمَّدٍ سَيِّدِ الْأَنَامِ وَمِصْبَاحِ الظَّلَامِ، وَهُوَ حَسْبِي وَنِعْمَ الْوَكِيلِ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ آمِينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــSلِعُذْرٍ وَقَدَرَ عَلَى الِاسْتِنَابَةِ فَلَمْ يَفْعَلْ فَيَنْبَغِي سُقُوطُ حَقِّهِ لِتَقْصِيرِهِ (قَوْلُهُ: بِحِلِّ النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ) وَمِنْ ذَلِكَ الْجَوَامِكُ الْمُقَرَّرِ فِيهَا فَيَجُوزُ لِمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ مُسْتَحَقٌّ لَهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مَا يَقُومُ بِكِفَايَتِهِ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ بَيْتِ الْمَالِ النُّزُولُ عَنْهُ وَيَصِيرُ الْحَالُ فِي تَقْرِيرِ مَنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ لَهُ مَوْكُولًا إلَى نَظَرِ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّقْرِيرِ فِيهِ كَالْبَاشَا فَيُقَرِّرُ مَنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي تَقْرِيرِهِ مِنْ الْمَفْرُوغِ لَهُ أَوْ غَيْرِهِ. وَأَمَّا الْمَنَاصِبُ الدِّيوَانِيَّةُ كَالْكَتَبَةِ الَّذِينَ يُقَرَّرُونَ مِنْ جِهَةِ الْبَاشَا فِيهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ إنَّمَا يَتَصَرَّفُونَ فِيهَا بِالنِّيَابَةِ عَنْ صَاحِبِ الدَّوْلَةِ فِي ضَبْطِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ الْمَصَالِحِ، فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ إبْقَائِهِمْ وَعَزْلِهِمْ وَلَوْ بِلَا جُنْحَةٍ، فَلَيْسَ لَهُمْ يَدٌ حَقِيقَةٌ عَلَى شَيْءٍ يَنْزِلُونَ عَنْهُ، بَلْ مَتَى عَزَلُوا أَنْفُسَهُمْ انْعَزَلُوا، وَإِذَا أَسْقَطُوا حَقَّهُمْ عَنْ شَيْءٍ لِغَيْرِهِمْ فَلَيْسَ لَهُمْ الْعَوْدُ إلَّا بِتَوْلِيَةٍ جَدِيدَةٍ مِمَّنْ لَهُ الْوِلَايَةُ، وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ أَخْذُ عِوَضٍ عَلَى نُزُولِهِمْ لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِمْ لِشَيْءٍ يَنْزِلُونَ عَنْهُ، بَلْ حُكْمُهُمْ حُكْمُ عَامِلِ الْقِرَاضِ فَمَتَى عَزَلَ نَفْسَهُ مِنْ الْقِرَاضِ انْعَزَلَ فَافْهَمْهُ فَإِنَّهُ نَفِيسٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ النَّاظِرَ، وَقَوْلُهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ ظَاهِرُهُ وَإِنْ شَرَطَ الرُّجُوعَ عَلَى الْفَارِغِ إذَا لَمْ يُقَرَّرْ فِي الْوَظِيفَةِ. وَقَالَ سم فِي الْقَسَمِ وَالنُّشُورِ: يَرْجِعُ حَيْثُ شَرَطَ ذَلِكَ، وَكَتَبَ الشَّارِحُ بِهَامِشِ نُسْخَتِهِ مَا نَصُّهُ: وَلِلْمَنْزُولِ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الرُّجُوعُ إنْ شَرَطَهُ أَوْ أَطْلَقَ وَدَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى بَذْلِ ذَلِكَ فِي تَحْصِيلِهَا لَهُ وَلَا يَمْنَعُ رُجُوعَهُ بَرَاءَةٌ حَصَلَتْ بِهِ بَيْنَهُمَا وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَلَك عَشْرَةٌ) أَيْ فِي مُقَابَلَةِ الِاقْتِرَاضِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ جِعَالَةٌ) أَيْ وَيَقَعُ الْمِلْكُ فِي الْمُقْتَرَضِ لِلْقَائِلِ فَعَلَيْهِ رَدُّ بَدَلِهِ، وَفِيهِ تَفْصِيلٌ فِي الْوَكَالَةِ فَرَاجِعْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَجُوزُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ إلَخْ) مُرَادُهُ بِهِ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مِنْ الْإِمَامِ أَيْ: الْمَنْقُولَ عَنْهُ مَا ذُكِرَ تَفْرِيعٌ عَلَى اخْتِيَارِهِ أَنَّ الْعَمَلَ فِي الْجَعَالَةِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَجْهُولًا لَكِنْ صَحَّحَ الشَّيْخَانِ خِلَافَهُ اهـ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الشِّقَّ الْأَوَّلَ يَجُوزُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ لِانْضِبَاطِهِ كَمَا يَجُوزُ عَلَيْهِ عَقْدُ الْجَعَالَةِ، بِخِلَافِ الثَّانِي فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ إلَّا عَقْدُ الْجَعَالَةِ؛ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ فَلَيْسَ مُرَادُهُ بِذِكْرِ الْإِجَارَةِ فِي الْأَوَّلِ نَفْيَ صِحَّةِ الْجَعَالَةِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ خَلَّاهُ بِمَضْيَعَةٍ) قَالَ الْمُصَنِّفُ: لَا حَاجَةَ إلَى التَّقْيِيدِ بِالْمَضْيَعَةِ فَحَيْثُ خَلَّاهُ ضَمِنَ اهـ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: مُرَادُ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْإِعْرَاضَ عَنْ الرَّدِّ فَسَبِيلُهُ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ، وَلَا يَتْرُكَ ذَلِكَ هَمْلًا، وَلَمْ يُرِدْ أَنَّهُ يَتْرُكُهُ بِمَهْلَكَةٍ انْتَهَى.

[كتاب الفرائض]

«مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» حَدِيثٌ شَرِيفٌ " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابُ الْفَرَائِضِ أَيْ مَسَائِلُ قِسْمَةِ الْمَوَارِيثِ جَمْعُ فَرِيضَةٍ بِمَعْنَى مَفْرُوضَةٍ: أَيْ مُقَدَّرَةٍ لِمَا فِيهَا مِنْ السِّهَامِ الْمُقَدَّرَةِ فَغَلَبَتْ عَلَى غَيْرِهَا. وَالْفَرْضُ لُغَةً التَّقْدِيرُ، وَيَرِدُ بِمَعْنَى الْقَطْعِ وَالتَّبْيِينِ وَالْإِنْزَالِ وَالْإِحْلَالِ وَالْعَطَاءِ. وَشَرْعًا هُنَا نَصِيبٌ مُقَدَّرٌ لِلْوَارِثِ. وَتَعْرِيفُ هَذَا الْعِلْمِ هُوَ الْفِقْهُ الْمُتَعَلِّقُ بِالْإِرْثِ وَالْعِلْمُ الْمُوَصِّلُ لِمَعْرِفَةِ قَدْرِ مَا يَجِبُ لِكُلِّ ذِي حَقٍّ مِنْ التَّرِكَةِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتُ الْمَوَارِيثِ وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» . وَفَائِدَةُ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " ذَكَرٍ " بَيَانُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّجُلِ هُنَا مَا قَابَلَ الْمَرْأَةَ، فَيَشْمَلُ الصَّبِيَّ لَا مَا قَابَلَ الصَّبِيَّ الْمُخْتَصَّ بِالْبَالِغِ، وَوَرَدَ فِي الْحَثِّ عَلَى تَعَلُّمِهَا وَتَعْلِيمِهَا أَخْبَارٌ مِنْهَا مَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهَا النَّاسَ فَإِنِّي امْرُؤٌ مَقْبُوضٌ، وَإِنَّ هَذَا الْعِلْمَ سَيُقْبَضُ وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ حَتَّى يَخْتَلِفَ اثْنَانِ فِي فَرِيضَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSكِتَابُ الْفَرَائِضِ (قَوْلُهُ: أَيْ مُقَدَّرَةٍ) فَسَّرَهُ بِذَلِكَ مَعَ أَنَّ الْفَرْضَ مُشْتَرَكٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَيَرِدُ بِمَعْنَى إلَخْ؛ لِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ (قَوْلُهُ: فَغَلَبَتْ عَلَى غَيْرِهَا) لِفَضْلِهَا بِتَقْدِيرِ الشَّارِعِ لَهَا وَلِكَثْرَتِهَا انْتَهَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَيَرِدُ بِمَعْنَى الْقَطْعِ) أَيْ لُغَةً (قَوْلُهُ: وَالْإِنْزَالُ) وَمِنْهُ {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ} [القصص: 85] الْآيَةَ (قَوْلُهُ: وَالْإِحْلَالُ) أَيْ الْإِبَاحَةُ (قَوْلُهُ: مُقَدَّرٌ لِلْوَارِثِ) أَيْ لَا يَزِيدُ إلَّا بِالرَّدِّ وَلَا يَنْقُصُ إلَّا بِالْعَوْلِ (قَوْلُهُ: وَالْعِلْمُ الْمُوَصِّلُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ الْمُوَصِّلَ لِمَا ذَكَرَ هُوَ عَيْنُ الْفِقْهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ لَا يَكُونَ تَفْسِيرِيًّا بِحَمْلِ الْفِقْهِ عَلَى مَعْرِفَةِ أَنَّ لِلْبِنْتِ إذَا انْفَرَدَتْ النِّصْفَ وَلَا يَلْزَمُ مَعْرِفَةُ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ إلَّا بِالْحِسَابِ الَّذِي يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى مَعْرِفَةِ أُصُولِ الْمَسَائِلِ وَتَصْحِيحِهَا، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ شَامِلٌ لِقَوْلِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وَعِلْمُ الْفَرَائِضِ، كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ الْفِقْهُ الْمُتَعَلِّقُ بِالْإِرْثِ، وَمَعْرِفَةُ الْحِسَابِ الْمُوَصِّلِ إلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ الْقَدْرِ الْوَاجِبِ لِكُلِّ ذِي حَقٍّ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: فَلِأَوْلَى رَجُلٍ) أَيْ أَقْرَبَ انْتَهَى حَجّ وَأَرَادَ بِالْأَقْرَبِ مَا يَشْمَلُ الْأَقْوَى ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْفَرَائِضِ] ِ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْضُ لُغَةً التَّقْدِيرُ وَيَرِدُ بِمَعْنَى الْقَطْعِ إلَخْ) ظَاهِرُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي التَّقْدِيرِ مَجَازٌ فِي غَيْرِهِ، أَوْ أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ هَذِهِ الْمَعَانِي وَاسْتِعْمَالُهُ فِي التَّقْدِيرِ أَكْثَرُ. وَعِبَارَةُ وَالِدِهِ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَعْدَ أَنْ أَوْرَدَ الْمَعَانِيَ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ بِشَوَاهِدِهَا مَعَ زِيَادَةٍ نَصُّهَا: فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْفَرْضُ حَقِيقَةً فِي هَذِهِ الْمَعَانِي، أَوْ فِي

فَلَا يَجِدَانِ مَنْ يَقْضِي بَيْنَهُمَا» وَوَرَدَ أَنَّهُ نِصْفُ الْعِلْمِ وَأَنَّهُ يُنْسَى وَأَنَّهُ أَوَّلُ عِلْمٍ يُنْزَعُ مِنْ الْأُمَّةِ: أَيْ بِمَوْتِ أَهْلِهِ، وَسُمِّيَ نِصْفًا لِتَعَلُّقِهِ بِالْمَوْتِ الْمُقَابِلِ لِلْحَيَاةِ، وَقِيلَ النِّصْفُ بِمَعْنَى الصِّنْفِ. قَالَ الشَّاعِرُ: إذَا مِتَّ كَانَ النَّاسُ نِصْفَانِ شَامِتٌ ... وَآخَرُ مُثْنٍ بِاَلَّذِي كُنْت أَصْنَعُ وَهُوَ مُخَرَّجٌ عَلَى لُغَةِ مَنْ يُلْزِمُ الْمَثْنَى الْأَلِفَ مُطْلَقًا أَوْ اسْمُ كَانَ ضَمِيرُ الشَّأْنِ مَحْذُوفًا، وَالنَّاسُ مُبْتَدَأٌ وَنِصْفَانِ خَبَرُهُ وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ كَانَ، وَالْمُرَادُ بِالنِّصْفِ الشَّطْرُ لَا خُصُوصُ النِّصْفِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَعِلْمُ الْفَرَائِضِ يَحْتَاجُ إلَى ثَلَاثَةِ عُلُومٍ: عِلْمِ الْفَتْوَى بِأَنْ يَعْلَمَ نَصِيبَ كُلِّ وَارِثٍ مِنْ التَّرِكَةِ، وَعِلْمِ النَّسَبِ بِأَنْ يَعْلَمَ الْوَارِثَ مِنْ الْمَيِّتِ بِالنَّسَبِ وَكَيْفِيَّةَ انْتِسَابِهِ لِلْمَيِّتِ، وَعِلْمِ الْحِسَابِ بِأَنْ يَعْلَمَ مِنْ أَيِّ حِسَابٍ تَخْرُجُ الْمَسْأَلَةُ، وَحَقِيقَةُ مُطْلَقِ الْحِسَابِ أَنَّهُ عِلْمٌ بِكَيْفِيَّةِ التَّصَرُّفِ فِي عَدَدٍ لِاسْتِخْرَاجِ مَجْهُولٍ مِنْ مَعْلُومٍ (يَبْدَأُ) وُجُوبًا (مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ) وَهِيَ مَا يُخَلِّفُهُ مِنْ حَقٍّ كَجِنَايَةٍ وَحَدِّ قَذْفٍ أَوْ اخْتِصَاصٍ أَوْ مَالٍ كَخَمْرٍ تَخَلَّلَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَدِيَةٍ أُخِذَتْ مِنْ قَاتِلِهِ لِدُخُولِهَا فِي مِلْكِهِ، وَكَذَا مَا وَقَعَ بِشَبَكَةٍ نَصَبَهَا فِي حَيَاتِهِ عَلَى مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَمَا نُظِرَ بِهِ مِنْ انْتِقَالِهَا بَعْدَ الْمَوْتِ لِلْوَرَثَةِ، فَالْوَاقِعُ بِهَا مِنْ زَوَائِدِ التَّرِكَةِ، وَهِيَ مِلْكُهُمْ رُدَّ بِأَنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ نَصْبُهُ لِلشَّبَكَةِ لَا هِيَ، وَإِذَا اسْتَنَدَ الْمِلْكُ لِفِعْلِهِ كَانَ تَرِكَةً، وَوَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّنْ عَاشَ بَعْدَ مَوْتِهِ مُعْجِزَةً لِنَبِيٍّ. وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِتَبَيُّنِ بَقَاءِ مِلْكِهِ لِتَرِكَتِهِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ بِالْإِحْيَاءِ تَبَيَّنَ عَدَمُ مَوْتِهِ، لَكِنَّهُ خِلَافُ الْفَرْضِ فِي السُّؤَالِ إذْ لَا تُوجَدُ الْمُعْجِزَةُ إلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِ الْمَوْتِ، وَعِنْدَ تَحَقُّقِهِ يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ لِلْوَرَثَةِ بِالْإِجْمَاعِ، فَإِذَا وُجِدَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَأَنَّهُ يُنْسَى) أَيْ أَنَّهُ أَكْثَرُ نِسْيَانًا مِنْ غَيْرِهِ، أَوْ أَنَّهُ يُنْسَى بِحَيْثُ لَا يَصِيرُ لِأَحَدٍ بِهِ شُعُورٌ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يَصِلُ فِي النِّسْيَانِ إلَى هَذَا الْحَدِّ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ أَوَّلُ عِلْمٍ يُنْزَعُ مِنْ الْأُمَّةِ) هُوَ مَعْنَى الْحَدِيثِ وَلَفْظُهُ عَلَى مَا فِي حَجّ «تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهُ فَإِنَّهُ نِصْفُ الْعِلْمِ، وَهُوَ يُنْسَى وَهُوَ أَوَّلُ عِلْمٍ يُنْزَعُ مِنْ أُمَّتِي» وَقَالَ: إنَّهُ ضَعِيفٌ اهـ وَلَعَلَّ هَذَا حِكْمَةُ الْمُغَايَرَةِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ حَيْثُ قَالَ هُنَا: وَرَدَ أَنَّهُ نِصْفُ الْعِلْمِ إلَخْ، وَفِيمَا قَبْلَهُ مِنْهَا مَا صَحَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَآخَرُ مُثْنٍ) فِي شَرْحِ الْأَرْبَعِينَ لحج بَدَلَ وَآخَرُ بِمَوْتَى وَمُثْنٍ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالنِّصْفِ إلَخْ) الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِأَوْ لِيَكُونَ جَوَابًا آخَرَ، وَعَلَى مَا فِي الْأَصْلِ فَلَعَلَّهُ تَفْسِيرٌ لِلنِّصْفِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ التَّرِكَةُ مَا يُخَلِّفُهُ مِنْ حَقٍّ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَأَتَّ مِنْهُ التَّجْهِيزُ وَلَا قَضَاءُ الدُّيُونِ كَحَدِّ الْقَذْفِ (قَوْلُهُ: أَوْ اخْتِصَاصٌ) اُنْظُرْ لَوْ كَانَ لِمَا يُؤْخَذُ فِي مُقَابَلَةِ رَفْعِ الْيَدِ عَنْهَا وَقْعٌ هَلْ يُكَلَّفُ الْوَارِثُ ذَلِكَ وَتُوَفَّى مِنْهُ دُيُونُهُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِمَا فِيهِ مِنْ بَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمَيِّتِ وَنَظِيرُهُ مَا قِيلَ إنَّ الْمُفْلِسَ إذَا كَانَ بِيَدِهِ وَظَائِفُ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَخْذِ الْعِوَضِ فِي مُقَابَلَةِ النُّزُولِ عَنْهَا كُلِّفَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: كَخَمْرٍ تَخَلَّلَتْ) أَيْ فَإِنْ لَمْ تَتَخَلَّلْ فَهِيَ مِنْ جُمْلَةِ الِاخْتِصَاصِ وَقَدْ مَرَّ (قَوْلُهُ: وَدِيَةٌ أُخِذَتْ مِنْ قَاتِلِهِ) أَيْ سَوَاءٌ وَجَبَتْ ابْتِدَاءً كَدِيَةِ الْخَطَأِ أَوْ بِالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ سَوَاءٌ كَانَ الْعَفْوُ مِنْهُ أَوْ مِنْ وَارِثِهِ (قَوْلُهُ: عَمَّنْ عَاشَ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَخْ) هَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ وَهُوَ التَّقْدِيرُ فَيَكُونُ مَقُولًا عَلَيْهَا بِالِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ أَوْ بِالتَّوَاطُؤِ وَأَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً فِي الْقَطْعِ مَجَازًا فِي غَيْرِهِ لِتَصْرِيحِ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ بِأَنَّهُ أَصْلُهُ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَا يَخْلُفُهُ مِنْ حَقٍّ إلَخْ) أَيْ وَلَا يُنَافِي هَذَا التَّفْسِيرُ مَا الْكَلَامُ فِيهِ مِنْ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهَا الْأُمُورُ الْآتِيَةُ؛ لِأَنَّ التَّرِكَةَ بِهَذَا الْمَعْنَى مَبْدَأُ الْإِخْرَاجِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا مِمَّا يَصِحُّ الْإِخْرَاجُ مِنْهُ وَهُوَ الْأَمْوَالُ فَلَا يَضُرُّ اشْتِمَالُهَا عَلَى غَيْرِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ، وَالْبَعْضُ الَّذِي يُخْرَجُ مِنْهُ هُوَ الْمَالُ، لَكِنَّ هَذَا يَقْتَضِي وُجُوبَ تَقْدِيمِ الْمُؤَنِ، وَالدَّيْنِ، وَالْوَصِيَّةِ عَلَى اسْتِيفَاءِ نَحْوِ حَدِّ قَذْفٍ فَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ اسْتِيفَائِهِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، فَالْأَوْلَى الْجَوَابُ بِأَنَّ فِيهِ شَبَهَ اسْتِخْدَامٍ، فَالْمُعَرَّفُ مُطْلَقُ التَّرِكَةِ لَا خُصُوصُ مَا يُخْرَجُ مِنْهُ ذَلِكَ.

الْإِحْيَاءُ كَانَتْ هَذِهِ حَيَاةً جَدِيدَةً مُبْتَدَأَةً بِلَا تَبَيُّنِ عَوْدِ مِلْكٍ وَيَلْزَمُهُ أَنَّ نِسَاءَهُ لَوْ تَزَوَّجْنَ أَنْ يُعَدْنَ لَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَبْقَى نِكَاحُهُنَّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ زَوَالَ الْمِلْكِ وَالْعِصْمَةِ مُحَقَّقٌ وَعَوْدَهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ، فَيُسْتَصْحَبُ زَوَالُهُ حَتَّى يَثْبُتَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْعَوْدِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ شَيْءٌ فَوَجَبَ الْبَقَاءُ مَعَ الْأَصْلِ، وَسَيَأْتِي فِي الصَّدَاقِ حُكْمُ الْمَمْسُوخِ جَمَادًا أَوْ حَيَوَانًا بِالنِّسْبَةِ لِمُخَلِّفِهِ وَغَيْرِهِ (بِمُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ) وَلَوْ كَافِرًا مِنْ كَفَنٍ وَأُجْرَةِ غُسْلٍ وَحَمْلٍ وَحَفْرٍ وَطَمٍّ وَحَنُوطٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ لِاحْتِيَاجِهِ لِذَلِكَ كَالْمُفْلِسِ، بَلْ أَوْلَى لِانْقِطَاعِ كَسْبِهِ بِالْمَعْرُوفِ بِحَسَبِ يَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ، وَلَا عِبْرَةَ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ مِنْ إسْرَافِهِ وَتَقْتِيرِهِ، وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الْجَنَائِزِ أَنَّ عَلَيْهِ مُؤْنَةَ تَجْهِيزِ عَبْدِهِ وَنَحْوِهِ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ كَزَوْجَتِهِ غَيْرِ النَّاشِزَةِ إذَا كَانَ مُوسِرًا وَإِنْ كَانَ لَهَا تَرِكَةٌ وَلَوْ اجْتَمَعَ مَعَهُ مُمَوَّنُهُ وَلَمْ تَفِ تَرِكَتُهُ إلَّا بِأَحَدِهِمَا فَالْأَوْجَهُ تَقْدِيمُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَتَبَيَّنُ عَدَمُ خُرُوجِ التَّرِكَةِ عَنْ مِلْكِهِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: فَوَجَبَ الْبَقَاءُ مَعَ الْأَصْلِ) هُوَ مَوْتُهُ، ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحَيَاةِ هَلْ تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْحَيَاةِ الْأُولَى مِنْ وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى قَاتِلِهِ الْمُكَافِئِ لَهُ وَوُجُوبِ الْحَدِّ عَلَى مَنْ زَنَى بِهِ لَوْ كَانَ امْرَأَةً وَالْمَهْرُ لَهَا وَتَجْهِيزُهُ بِالْغُسْلِ وَالتَّكْفِينِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ إذَا مَاتَ وَسَائِرُ الْأَحْكَامِ، أَوْ لَا يَثْبُتُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إلْحَاقًا لِهَذِهِ الْحَيَاةِ بِالْأُمُورِ الْأُخْرَوِيَّةِ وَاسْتِصْحَابًا لِحُكْمِ الْمَوْتِ كَحَيَاةِ الشَّهِيدِ، أَوْ يُفَرَّقَ بَيْنَ كَوْنِ الْحَيَاةِ الْعَائِدَةِ مُسْتَمِرَّةً أَمْ لَا كَحَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ وَغَيْرِهَا فَيُعْطِي حُكْمُ الْأَحْيَاءِ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ، وَلَوْ قِيلَ بِهِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا وَتُجْعَلُ هَذِهِ الْحَيَاةُ مِنْ أُمُورِ الْآخِرَةِ فَلَا يَنْقَطِعُ بِهَا حُكْمُ الْبَرْزَخِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا قِيلَ فِي أَبَوَيْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَنَّهُمَا أُحْيِيَا لَهُ وَآمَنَا بِهِ، وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَيْهِمَا بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا غَسَّلَهُمَا. وَفِي فَتَاوَى ابْنِ حَجَرٍ الْحَدِيثِيَّةِ فِي آخِرِ الْجَوَابِ عَمَّا لَوْ مَاتَ شَخْصٌ ثُمَّ أَحْيَاهُ اللَّهُ إلَخْ مَا نَصُّهُ: وَقَدْ عُلِمَ مِنْ قَوَاعِدِ شَرْعِنَا كَمَا قَرَرْته أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِالْحَيَاةِ بَعْدَ الْمَوْتِ الْمُتَيَقَّنِ: أَيْ بِإِخْبَارِ نَحْوِ مَعْصُومٍ كَمَا قَدَّمَهُ، وَإِنْ لَمْ يُتَيَقَّنْ مَوْتُهُ حَكَمْنَا؛ لِأَنَّ مَا كَانَ بِهِ غَشْيٌ أَوْ نَحْوُهُ. اهـ. وَيُوَافِقُ مَا فِي الْفَتَاوَى قَوْلُ الشَّارِحِ إذْ لَا تُوجَدُ الْمُعْجِزَةُ إلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِ الْمَوْتِ، هَذَا وَنُقِلَ عَنْ خَطِّ شَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ مَا صُورَتُهُ مُنَازِعَةٌ لِلْفَتَاوَى قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ لَنَا أَنْ نُدِيرَ عَلَيْهَا حُكْمًا، وَقَوْلُهُ: قَبْلَهُ لَمْ يَكُنْ لِحَيَاتِهِ أَثَرٌ كِلَاهُمَا صَرِيحٌ أَوْ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَجْهِيزُهُ ثَانِيًا، وَبِهِ يُرَدُّ قَوْلُ شَيْخِ مَشَايِخِنَا. [فَرْعٌ] لَوْ مَاتَ إنْسَانٌ مَوْتًا حَقِيقِيًّا وَجُهِّزَ ثُمَّ أُحْيِيَ حَيَاةً حَقِيقَةً ثُمَّ مَاتَ فَالْوَجْهُ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ يَجِبُ لَهُ تَجْهِيزٌ آخَرُ خِلَافًا لِمَا تُوُهِّمَ. اهـ. وَقَدْ كُنْت أَتَوَقَّفُ فِي كَلَامِ الشَّيْخِ كَثِيرًا لِمَا عَلَّلَ بِهِ فِي الْجَوَابِ مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهَا وَقَعَتْ خَارِقَةً لِلْعَادَةِ حَتَّى وَقَفْت عَلَى هَذَا الْجَوَابِ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ الْكَرِيمِ الْوَهَّابِ. قَالَ: وَفِي الْبَحْرِ لِلزَّرْكَشِيِّ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: اُخْتُلِفَ فِي بَقَاءِ تَكْلِيفِ مَنْ أُعِيدَ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَقِيلَ يَبْقَى لِئَلَّا يَخْلُوَ عَاقِلٌ عَنْ تَعَبُّدٍ، وَقِيلَ يَسْقُطُ فَالتَّكْلِيفُ مُعْتَبَرٌ بِالِاسْتِدْلَالِ دُونَ الِاضْطِرَارِ. اهـ. وَهُوَ غَرِيبٌ. وَقَالَ الْإِمَامُ فِي تَفْسِيرِهِ: إذَا جَازَ تَكْلِيفُهُمْ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلِمَ لَا يَجُوزُ تَكْلِيفُ أَهْلِ الْآخِرَةِ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الْآخِرَةِ الِاضْطِرَارُ إلَى الْمَعْرِفَةِ وَبَعْدَ الْعِلْمِ الضَّرُورِيِّ لَا تَكْلِيفَ وَأَهْلُ الصَّاعِقَةِ يَجُوزُ كَوْنُهُ تَعَالَى لَمْ يَضْطَرَّهُمْ فَصَحَّ تَكْلِيفُهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ. اهـ. قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: الْحَقُّ أَنَّ الْآيَاتِ الْمُضْطَرَّةَ لَا تَمْنَعُ التَّكْلِيفَ، وَقَدْ أَبَوْا أَخْذَ الْكِتَابِ فَرَفَعَ الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ فَآمَنُوا وَقَبِلُوهُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ فِي هَذَا آيَةً مُضْطَرَّةً. وَقَوْلُ الرَّازِيّ بَعُدَ التَّكْلِيفُ فِي الْآخِرَةِ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ، فَإِنَّ التَّكْلِيفَ فِي الْآخِرَةِ بَاقٍ فِيهَا، وَقَدْ جَاءَ أَنَّهُ يُؤَجَّجُ نَارٌ وَيُؤْمَرُ بِالدُّخُولِ فِيهَا، فَمَنْ أَقْبَلَ عَلَى ذَلِكَ صُرِفَ عَنْهَا وَهَذَا تَكْلِيفٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَوْلُهُمْ الْآخِرَةُ دَارُ جَزَاءٍ وَالدُّنْيَا دَارُ تَكْلِيفٍ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَغْلَبِ فِي كُلٍّ، وَأَنَّ فِي الْآخِرَةِ التَّكْلِيفَ كَمَا فِي الدُّنْيَا الْجَزَاءَ. اهـ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَافِرًا) أَيْ غَيْرَ حَرْبِيٍّ وَلَا مُرْتَدٍّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْطُلُ تَجْهِيزُهُ، بَلْ يَجُوزُ إغْرَاءُ الْكِلَابِ عَلَى جِيفَتِهِ، بَلْ يَحْرُمُ تَجْهِيزُهُ مِمَّا خَلَّفَهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ فَيْئًا (قَوْلُهُ: لِاحْتِيَاجِهِ لِذَلِكَ) عِلَّةٌ لِلْبُدَاءَةِ بِمُؤْنَةِ التَّجْهِيزِ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ تَقْدِيمُهُ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لِتَبَيُّنِ عَجْزِهِ عَنْ تَجْهِيزِ غَيْرِهِ، أَوْ اجْتَمَعَ جَمْعٌ مِنْ مُمَوَّنِهِ وَمَاتُوا دَفْعَةً قُدِّمَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ مَنْ يُخْشَى تَغَيُّرُهُ ثُمَّ الْأَبُ لِشِدَّةِ حُرْمَتِهِ ثُمَّ الْأُمُّ؛ لِأَنَّ لَهَا رَحِمًا ثُمَّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ، وَيُقَدَّمُ الْأَكْبَرُ سِنًّا مِنْ أَخَوَيْنِ مَثَلًا، وَيُقْرَعُ بَيْنَ زَوْجَتَيْهِ إذْ لَا مَزِيَّةَ، وَالْأَوْجَهُ تَقْدِيمُ الزَّوْجَةِ عَلَى جَمِيعِ الْأَقَارِبِ ثُمَّ الْمَمْلُوكِ الْخَادِمِ لَهَا بَعْدَهَا لِأَنَّ الْعَلَقَةَ بِهِمَا أَتَمُّ أَخْذًا مِمَّا ذُكِرَ فِي النَّفَقَاتِ، وَقِيَاسُ كَلَامِهِمْ فِيمَا لَوْ دُفِنَ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ فِي قَبْرٍ أَنَّهُ يُقَدَّمُ هُنَا فِي نَحْوِ الْأَخَوَيْنِ الْمُسْتَوِيَيْنِ سِنًّا الْأَفْضَلُ بِنَحْوِ فِقْهٍ أَوْ وَرَعٍ، وَأَنَّهُ لَا يُقَدَّمُ فَرْعٌ عَلَى أَصْلِهِ مِنْ جِنْسِهِ، بِخِلَافِهِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَيُقَدَّمُ أَبٌ عَلَى ابْنٍ وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْهُ وَابْنٌ عَلَى أُمِّهِ لِفَضِيلَةِ الذُّكُورَةِ وَرَجُلٌ عَلَى صَبِيٍّ وَهُوَ عَلَى خُنْثَى فَيُجْعَلُ امْرَأَةً، فَإِنْ اسْتَوَوْا أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ. وَفِي كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ مَا يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْإِقْرَاعُ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ، وَإِنْ تَفَاوَتْنَ فِي الْفَضْلِ وَغَيْرِهِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ لَا تَقْبَلُ التَّفَاوُتَ فِيهَا، بِخِلَافِ الْأُخُوَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِوُجُوبِ التَّجْهِيزِ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْمَمْلُوكِينَ كَذَلِكَ، أَمَّا إذَا تَرَتَّبُوا فَيُقَدَّمُ السَّابِقُ حَيْثُ أُمِنَ فَسَادُ غَيْرِهِ وَلَوْ مَفْضُولًا، هَذَا كُلُّهُ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْقِيَامُ بِأَمْرِ الْجَمِيعِ، وَإِلَّا فَالْأَوْجَهُ وُجُوبُهُ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْفِطْرَةِ، فَتُقَدَّمُ الزَّوْجَةُ فَالْوَلَدُ الصَّغِيرُ فَالْأَبُ فَالْأُمُّ فَالْكَبِيرُ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ قَبْلَهُ أَنَّ ذَاكَ فِيهِ إيثَارُ مُجَرَّدِ التَّعْجِيلِ فَنُظِرَ فِيهِ إلَى الْأَشْرَفِ، وَهَذَا فِيهِ إيثَارٌ بِالتَّجْهِيزِ فَنُظِرَ فِيهِ إلَى الْأَلْزَمِ مُؤْنَةً ثُمَّ الْأَشْرَفِ، وَذِكْرُهُمْ الْأَخَوَيْنِ هُنَا مَعَ أَنَّ الْكَلَامَ إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ تَجِبُ مُؤْنَتُهُ لَعَلَّهُمْ أَرَادُوا بِهِ مَا إذَا انْحَصَرَ تَجْهِيزُهُمَا فِيهِ أَوْ أَلْزَمَهُ بِهِ مَنْ يَرَى وُجُوبَ ذَلِكَ (ثُمَّ) بَعْدَ مُؤْنَةِ التَّجْهِيزِ (تُقْضَى دُيُونُهُ) الْمُتَعَلِّقَةُ بِذِمَّتِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ سَوَاءٌ أَكَانَ لِلَّهِ تَعَالَى أَمْ لِآدَمِيٍّ أَوْصَى بِهِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ الْوَصِيَّةُ فِي الْآيَةِ عَلَى الدَّيْنِ ذِكْرًا لِكَوْنِهَا قُرْبَةً أَوْ مُشَابَهَةً لِلْإِرْثِ مِنْ حَيْثُ أَخْذُهَا بِلَا عِوَضٍ وَمَشَقَّتُهَا عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSوَإِنْ مَاتَ مُمَوِّنُهُ قَبْلَهُ وَخِيفَ تَغَيُّرُهُ (قَوْلُهُ: مَنْ يُخْشَى تَغَيُّرُهُ) أَيْ وَإِنْ بَعُدَ وَكَانَ مَفْضُولًا (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْأُمُّ) ظَاهِرُهُ تَقْدِيمُ الْأَبَوَيْنِ عَلَى الْفَرْعِ وَلَوْ صَغِيرًا، وَسِيَاقُ مَا يُصَرِّحُ بِهِ فِي قَوْلِهِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ إلَخْ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّ الْأُمَّ تُقَدَّمُ عَلَى الْفَرْعِ وَلَوْ ذَكَرًا وَسَيَأْتِي مَا يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: وَيُقَدَّمُ الْأَكْبَرُ سِنًّا) أَيْ وَلَوْ كَانَ مَفْضُولًا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُ وَأَفَادَهُ قَوْلُهُ: الْآتِي أَنَّهُ يُقَدَّمُ هُنَا فِي نَحْوِ الْأَخَوَيْنِ الْمُسْتَوِيَيْنِ سِنًّا الْأَفْضَلُ بِنَحْوِ فِقْهٍ أَوْ وَرَعٍ. وَقِيَاسُ ذَلِكَ تَقْدِيمُ الْوَلَدِ الْكَبِيرِ عَلَى الْوَلَدِ الصَّغِيرِ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الْقِيَامُ بِهِمَا (قَوْلُهُ: إذْ لَا مَزِيَّةَ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الزَّوْجِيَّةُ كَمَا يَأْتِي فَلَا نَظَرَ إلَى كَوْنِ إحْدَاهُمَا أَفْضَلَ مِنْ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ تَقْدِيمُ الزَّوْجَةِ إلَخْ) أَيْ فَتُقَدَّمُ عَلَى الْأَبِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِفَضِيلَةِ الذُّكُورَةِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْإِخْوَةَ لَوْ اخْتَلَفُوا ذُكُورَةً وَأُنُوثَةً قُدِّمَ الذَّكَرُ، وَأَنَّ الْمَمَالِيكَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَيُجْعَلُ امْرَأَةً) أَيْ يُفْرَضُ (قَوْلُهُمَا يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَاهُ) أَيْ مِنْ التَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْإِخْوَةِ) أَيْ فَإِنَّهَا تَتَفَاوَتُ فِي نَفْسِهَا بِأَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْإِخْوَةِ شَقِيقًا وَالْآخَرُ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ (قَوْلُهُ: وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْمَمْلُوكِينَ كَذَلِكَ) أَيْ كَالزَّوْجَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكِيَّةَ لَا تَتَفَاوَتُ فِيهِمْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْأَوْجَهُ وُجُوبُهُ) أَيْ التَّرْتِيبِ (قَوْلُهُ: وَمَا مَرَّ قَبْلَهُ) أَيْ مِنْ تَقْدِيمِ الْأَبِ وَالْأُمِّ عَلَى الْوَلَدِ الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ: إنَّ ذَاكَ فِيهِ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ قَوْلُهُ: إنَّ ذَاكَ إلَخْ فَإِنَّهُ فَرَضَ الْكَلَامَ، ثُمَّ فِيمَا إذَا لَمْ تَفِ التَّرِكَةُ إلَّا بِتَجْهِيزِ وَاحِدٍ، وَعَلَيْهِ فَالْفَائِتُ التَّجْهِيزُ لَا التَّعْجِيلُ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: إنَّ الْفَائِتَ ثَمَّ التَّجْهِيزُ فَرُوعِيَ فِيهِ الْأَشْرَفُ، وَالْفَائِتُ هُنَا مُجَرَّدُ التَّعْجِيلِ فَرُوعِيَ فِيهِ الْأَلْزَمُ. (قَوْلُهُ: مَا إذَا انْحَصَرَ تَجْهِيزُهُمَا فِيهِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غِنًى إلَّا هُوَ (قَوْلُهُ: أَمْ لِآدَمِيٍّ أَوْصَى بِهِ) أَيْ ذَلِكَ الْآدَمِيُّ بِهِ، أَيْ بِالدَّيْنِ: هَذَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِمَّا ذَكَرَ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ مَا أَوْصَى بِهِ لَيْسَ ثَابِتًا فِي ذِمَّتِهِ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ الدَّائِنَ أَوْصَى بِهِ لِزَيْدٍ مَثَلًا وَمَاتَ وَقَبِلَ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ ثُمَّ مَاتَ مَنْ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمَا مَرَّ قَبْلَهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ أَوْ اجْتَمَعَ جَمْعٌ مِنْ مُمَوَّنِهِ

[استغرق الدين التركة]

الْوَرَثَةِ وَنُفُوسُهُمْ مُطْمَئِنَّةٌ عَلَى أَدَائِهِ فَقُدِّمَتْ عَلَيْهِ بَعْثًا عَلَى وُجُوبِ إخْرَاجِهَا وَالْمُسَارَعَةِ إلَيْهِ. وَيُقَدَّمُ دَيْنُ اللَّهِ تَعَالَى كَزَكَاةٍ وَكَفَّارَةٍ وَحَجٍّ عَلَى دَيْنِ الْآدَمِيِّ، أَمَّا الْمُتَعَلِّقَةُ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ فَسَتَأْتِي (ثُمَّ) بَعْدَ الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارِ الْوَارِثِ سَوَاءٌ أَكَانَ بَعْدَ ثُبُوتِ الْوَصِيَّةِ أَمْ قَبْلَهَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا نَقَلْنَاهُ عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ تُنَفَّذُ (وَصَايَاهُ) وَمَا أُلْحِقَ بِهَا مِنْ عِتْقٍ عُلِّقَ بِالْمَوْتِ أَوْ تَبَرُّعٍ نُجِزَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ أَوْ الْمُلْحَقِ بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12] (مِنْ) لِلِابْتِدَاءِ فَتَدْخُلُ الْوَصَايَا بِالثُّلُثِ وَبِبَعْضِهِ (ثُلُثُ الْبَاقِي) بَعْدَ الدَّيْنِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بِثُمَّ. وَلَوْ اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ التَّرِكَةَ نُفِّذَتْ الْوَصِيَّةُ، وَحُكِمَ بِانْعِقَادِهَا لَوْ تَبَرَّعَ مُتَبَرِّعٌ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ أَوْ إبْرَاءِ الْمُسْتَحِقِّ مِنْهُ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ، وَاعْتُبِرَتْ الْوَصِيَّةُ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَتْ الْآيَةُ مُطْلَقَةً لِتَقْيِيدِ السُّنَّةِ لَهَا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ» وَلَا يَرُدُّ مَا فِي الرَّافِعِيِّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى وَاحِدٌ أَنَّ لَهُ عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفَيْ دِينَارٍ وَآخَرُ أَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ وَالتَّرِكَةُ أَلْفٌ وَصَدَّقَهُمَا الْوَارِثُ مَعًا قُسِّمَتْ التَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا، فَإِنْ صَدَّقَ مُدَّعِي الْوَصِيَّةِ أَوَّلًا قُدِّمَتْ فَقَدْ ـــــــــــــــــــــــــــــSالدَّيْنُ فَيُخْرَجُ مِنْ تَرِكَتِهِ مُقَدَّمًا عَلَى الْإِرْثِ، وَعَلَى مَا أَوْصَى بِهِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُمْلَكْ بِالْوَصِيَّةِ مِنْ جِهَتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَأَنَّ الْمُرَادَ أَوْصَى بِقَضَائِهِ مُقَدَّمًا عَلَى غَيْرِهِ أَوْ لَمْ يُوصِ بِهِ، وَيَكُونُ فَائِدَةُ التَّنْصِيصِ عَلَيْهِ دَفْعَ مَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِهِ تَعَلَّقَ بِالثُّلُثِ فَيُزَاحِمُ غَيْرَهُ مِنْ الْوَصَايَا، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ مِنْ الْعِبَارَةِ. (قَوْلُهُ: كَزَكَاةٍ وَكَفَّارَةٍ وَحَجٍّ عَلَى دَيْنِ الْآدَمِيِّ) أَيْ أَمَّا بَعْضُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مَعَ بَعْضٍ فَهَلْ يُخَيَّرُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ. وَالْكَلَامُ بِالنِّسْبَةِ لِلزَّكَاةِ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ تَلِفَ الْمَالُ حَتَّى يَكُونَ فِي الذِّمَّةِ، إذْ لَوْ كَانَ بَاقِيًا كَانَتْ مُتَعَلِّقَةً بِهِ تَعَلُّقَ شَرِكَةٍ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُتَعَلِّقَةُ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ بِذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الدَّيْنِ إلَخْ) قَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِثُمَّ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي أَنَّهُ لَوْ عُكِسَ التَّرْتِيبُ لَمْ يَجُزْ. وَفِي حَجّ: قَالَ بَعْضُهُمْ: وَوُجُوبُ التَّرْتِيبِ فِيمَا ذُكِرَ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الْمُزَاحَمَةِ، فَلَوْ دَفَعَ الْوَصِيُّ مَثَلًا مِائَةً لِلدَّائِنِ وَمِائَةً لِلْمُوصَى لَهُ وَمِائَةً لِلْوَارِثِ مَعًا لَمْ يُتَّجَهْ إلَّا الصِّحَّةُ: أَيْ وَالْحِلُّ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يُقَارِنْ الدَّفْعَ مَانِعٌ، وَنَظِيرُهُ مَنْ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهَا فَإِنَّهُمْ صَرَّحُوا بِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ بَيْنَهُمَا، قَالُوا: وَالْمُرَادُ بِهِ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ عَلَى حَجَّةِ الْإِسْلَامِ غَيْرُهَا لَا أَنْ لَا يُقَارِنَهَا غَيْرُهَا. اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قُدِّمَ الْمُؤَخَّرُ فِي الْإِعْطَاءِ لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يَحِلَّ، فَلَوْ دَفَعَ الْوَصِيُّ الْمُوصَى بِهِ لِلْمُوصَى لَهُ قَبْلَ أَدَاءِ الدَّيْنِ أَوْ دَفَعَ فَلِوَرَثَتِهِ حِصَصَهُمْ وَأَبْقَى مِقْدَارَ الدَّيْنِ وَالْمُوصَى بِهِ لَمْ يُعْتَدَّ بِمَا فَعَلَهُ وَيَجِبُ اسْتِرْجَاعُ مَا دَفَعَ لَهُمَا (قَوْلُهُ: مِمَّا نَقَلْنَاهُ عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ) لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ هُنَا نَقْلٌ عَنْهُ وَلَعَلَّهُ ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ فَلْيُرَاجَعْ، وَعِبَارَةُ حَجّ مِمَّا نَقَلَاهُ ثُمَّ رَأَيْته فِي نُسْخَةٍ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: لَوْ تَبَرَّعَ مُتَبَرِّعٌ) أَيْ فَهِيَ مَوْقُوفَةٌ إنْ تَبَرَّعَ مُتَبَرِّعٌ أَوْ أَبْرَأَ مِنْ الدَّيْنِ تَبَيَّنَ انْعِقَادُهَا وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: أَنَّ لَهُ عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفَيْ دِينَارٍ) الَّذِي وَقَعَ فِي كَلَامِ سم عَلَى مَنْهَجٍ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى وَاحِدٌ أَنَّ لَهُ عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفًا وَآخَرُ أَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ وَالتَّرِكَةُ أَلْفٌ وَصَدَّقَهُمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: قُسِّمَتْ التَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا) أَيْ؛ لِأَنَّا نَزِيدُ عَلَى مَخْرَجِ الثُّلُثِ بَسْطَهُ وَهُوَ وَاحِدٌ وَنُعْطِيهِ لِلْمُوصَى لَهُ، وَهُوَ رُبُعُ الْأَلْفِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ إقْرَارَ الْوَارِثِ بِالدَّيْنِ يُجْعَلُ كَوَصِيَّةٍ أُخْرَى، فَكَأَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِجَمِيعِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِثُلُثِهِ. وَطَرِيقُ قَسْمِ ذَلِكَ أَنْ يُزَادَ عَلَى الْكَسْرِ بَسْطُهُ، وَهُوَ وَاحِدٌ ثُمَّ يُقَسَّمُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا بِحَسَبِ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ التَّرِكَة] (قَوْلُهُ: أَنَّ لَهُ عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفَيْ دِينَارٍ) كَذَا فِي النُّسَخِ بِالتَّثْنِيَةِ، وَالصَّوَابُ أَلْفٌ بِالْإِفْرَادِ. وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ عَمِيرَةَ: رَجُلَانِ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ، وَالْآخَرُ ادَّعَى أَلْفًا عَلَيْهِ، وَالتَّرِكَةُ أَلْفٌ قُسِمَتْ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا، بِأَنْ يُضَمَّ الْمُوصَى بِهِ إلَى الدَّيْنِ وَتُقْسَمَ التَّرِكَةُ عَلَى وَفْقِ نِسْبَةِ حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى مَجْمُوعِ الْمُوصَى بِهِ وَالدَّيْنِ

سَاوَتْ الدَّيْنَ فِي الْأُولَى وَقُدِّمَتْ عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ بَلْ الصَّوَابَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ تَقْدِيمُ الدَّيْنِ عَلَى الْوَصِيَّةِ سَوَاءٌ أَصَدَّقَهُمَا مَعًا أَمْ لَا كَمَا لَوْ ثَبَتَا بِالْبَيِّنَةِ (ثُمَّ يُقَسَّمُ الْبَاقِي) مِنْ التَّرِكَةِ (بَيْنَ الْوَرَثَةِ) عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ بِمَعْنَى تَسَلُّطِهِمْ عَلَى التَّصَرُّفِ حِينَئِذٍ، وَإِلَّا فَالدَّيْنُ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ، وَمِنْ ثَمَّ فَازُوا بِزَوَائِدِ التَّرِكَةِ كَمَا مَرَّ. (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ مَا عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّ تَأْخِيرِ الدَّيْنِ عَنْ مُؤَنِ التَّجْهِيزِ إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ حَقٌّ (فَإِنْ تَعَلَّقَ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ حَقٌّ) بِغَيْرِ حَجْرٍ فِي الْحَيَاةِ قُدِّمَ (كَالزَّكَاةِ) الْوَاجِبَةِ فِيمَا قَبْلَ مَوْتِهِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ فَيُقَدَّمُ عَلَى مُؤَنِ التَّجْهِيزِ بَلْ عَلَى كُلِّ حَقٍّ تَعَلَّقَ بِهَا فَكَانَتْ كَالْمَرْهُونَةِ بِهَا، وَلَوْ تَلِفَ النِّصَابُ بَعْدَ التَّمَكُّنِ إلَّا قَدْرَ الزَّكَاةِ كَشَاةٍ مِنْ أَرْبَعِينَ مَاتَ عَنْهَا فَقَطْ لَمْ يُقَدَّمْ إلَّا بِرُبُعِ عُشْرِهَا كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَوَجْهُهُ أَنَّ حَقَّ الْفُقَرَاءِ فِي التَّالِفِ دُيُونٌ مُرْسَلَةٌ فَتُؤَخَّرُ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ فَرْضِ الْكَلَامِ فِي زَكَاةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِعَيْنٍ مَوْجُودَةٍ. وَاسْتِشْكَالُ اسْتِثْنَاءِ الزَّكَاةِ بِأَنَّ النِّصَابَ إنْ كَانَ بَاقِيًا، وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ إنْ تَعَلَّقَهَا تَعَلُّقَ شِرْكَةٍ فَلَا تَكُونُ تَرِكَةً لَهُ فَلَا يَكُونُ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ، وَإِنْ قُلْنَا: إنَّهُ تَعَلُّقُ جِنَايَة أَوْ رَهْنٍ فَقَدْ ذُكِرَا، وَإِنْ عَلَّقْنَاهَا بِالذِّمَّةِ فَقَطْ وَكَانَ النِّصَابُ تَالِفًا، فَإِنْ قَدَّمْنَا دَيْنَ الْآدَمِيِّ أَوْ سَوَّيْنَا فَلَا اسْتِثْنَاءَ، وَإِنْ قَدَّمْنَاهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ فَتُقَدَّمُ عَلَى دَيْنِ الْآدَمِيِّ لَا عَلَى مُؤْنَةِ التَّجْهِيزِ. أَجَابَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْهُ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّا نَخْتَارُ الْأَوَّلَ وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَيْسَ تَرِكَةً بَلْ هُوَ تَرِكَةٌ، وَإِنْ قُلْنَا: تَعَلُّقُ شِرْكَةٍ لَكِنَّهَا لَيْسَتْ شِرْكَةً حَقِيقَةً بِدَلِيلِ جَوَازِ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ مِنْ غَيْرِهَا. فَالْحَاصِلُ أَنَّا نَمْنَعُ خُرُوجَهُ عَمَّا نَحْنُ فِيهِ لِصِحَّةِ إطْلَاقِ التَّرِكَةِ عَلَيْهِ بِالِاعْتِبَارِ الْمَذْكُورِ، وَعَلَى التَّنَزُّلِ فَيَصِحُّ إطْلَاقُهُ عَلَى الْمَجْمُوعِ الَّذِي مِنْهُ الْحَقُّ الْجَائِزُ تَأْدِيَتُهُ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] وَمِثْلُ ذَلِكَ كَافٍ فِي صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ (وَالْجَانِي) بِإِذْنِ السَّيِّدِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ إذَا تَعَلَّقَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَتِهِ وَلَوْ بِالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ فَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْأَرْشِ وَقِيمَةِ الْجَانِي، فَإِنْ كَانَ الْمُتَعَلِّقُ بِرَقَبَتِهِ قِصَاصًا أَوْ الْمَالُ مُتَعَلِّقًا بِذِمَّتِهِ كَمَا لَوْ اقْتَرَضَ مَالًا مِنْ غَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ وَأَتْلَفَهُ لَمْ يُقَدَّمْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ وَالْمُقْرِضُ عَلَى غَيْرِهِمَا وَلِلْوَارِثِ التَّصَرُّفُ فِي رَقَبَتِهِ بِالْمَبِيعِ (وَالْمَرْهُونُ) رَهْنًا جُعْلِيًّا، وَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَمَا تَقَدَّمَ، وَهَذَا ظَاهِرٌ عَلَى مَا نَقَلَهُ سم عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ السَّابِقِ مِنْ أَنَّ التَّرِكَةَ أَلْفٌ (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ: وَصَدَّقَهُمَا الْوَارِثُ، وَقَوْلُهُ: فِي الثَّانِيَةِ هِيَ قَوْلُهُ: فَإِنْ صَدَّقَ مُدَّعِي الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ فَالْوَاقِعُ بِهَا مِنْ زَوَائِدِ التَّرِكَةِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: مَا عُلِمَ مِنْهُ) أَيْ قَوْلًا (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ حَجْرٍ فِي الْحَيَاةِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ سَبَبُ تَعَلُّقِهِ بِالتَّرِكَةِ الْحَجْرَ عَلَيْهِ فِي الْحَيَاةِ تَقْدِيمَ مُؤْنَةِ التَّجْهِيزِ عَلَى الدَّيْنِ الْمُتَعَلِّقِ بِهَا وَسَنَذْكُرُ عِبَارَةَ صَاحِبِ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ) أَيْ كَالشَّاةِ الْوَاجِبَةِ فِي الْإِبِلِ، وَكَالْوَاجِبِ فِي مَالِ التِّجَارَةِ إنْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: فَتُؤَخَّرُ) أَيْ عَنْ مُؤَنِ التَّجْهِيزِ (قَوْلُهُ: أَنَّا نَخْتَارُ الْأَوَّلَ) هُوَ قَوْلُهُ: أَنَّ تَعَلُّقَهَا تَعَلُّقُ شَرِكَةٍ (قَوْلُهُ: بِالِاعْتِبَارِ الْمَذْكُورِ) أَيْ وَهُوَ كَوْنُهَا لَيْسَتْ شَرِكَةً حَقِيقِيَّةً (قَوْلُهُ: كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] أَيْ مِنْ حَيْثُ إطْلَاقُ الْأَشْهُرِ مَعَ كَوْنِ زَمَنِ الْحَجِّ شَهْرَيْنِ وَعَشْرَ لَيَالٍ (قَوَّاهُ فَإِنْ كَانَ الْمُتَعَلِّقُ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ إذَا تَعَلَّقَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلِلْوَارِثِ التَّصَرُّفُ) أَيْ وَيَبْقَى الْقَرْضُ فِي ذِمَّةِ الرَّقِيقِ إلَى أَنْ يَعْتِقَ، وَمُسْتَحِقُّ الْقِصَاصِ يُمَكَّنُ مِنْ الِاقْتِصَاصِ مِنْ الْعَبْدِ مَتَى شَاءَ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ بَعْدَهُ، وَإِذَا اقْتَصَّ مِنْهُ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِمَا دَفَعَهُ إنْ كَانَ جَاهِلًا بِتَعَلُّقِ الْقِصَاصِ بِرَقَبَتِهِ وَاسْتَمَرَّ جَهْلُهُ إلَى أَنْ قُتِلَ، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا أَوْ جَاهِلًا وَلَمْ يُفْسَخْ عِنْدَ الْعِلْمِ فَلَا رُجُوعَ وَيَلْزَمُهُ تَجْهِيزُهُ. اهـ سم عَلَى حَجّ بِالْمَعْنَى. (قَوْلُهُ: وَالْمَرْهُونُ إلَخْ) قَالَ حَجّ: وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمْ بِالْمَرْهُونِ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ إذَا مَاتَ وَقَدْ اسْتَقَرَّتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِغَيْرِ حَجْرٍ فِي الْحَيَاةِ) أَمَّا إذَا كَانَ بِحَجْرٍ فِي الْحَيَاةِ فَسَيَأْتِي بِمَا فِيهِ

حُجِرَ عَلَى الرَّاهِنِ بَعْدَهُ (وَالْمَبِيعُ) بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ (إذْ مَاتَ الْمُشْتَرِي مُفْلِسًا) بِثَمَنِهِ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَانِعٌ مِنْ الْفَسْخِ فَيُمَكَّنُ الْبَائِعُ مِنْهُ وَيَفُوزُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَلِكَوْنِ الْفَسْخِ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ عَنْ كَوْنِهِ تَرِكَةً، فَإِنْ وُجِدَ مَانِعٌ كَتَعَلُّقِ حَقٍّ لَازِمٍ بِهِ وَكَتَأْخِيرِ فَسْخِهِ بِلَا عُذْرٍ قُدِّمَ التَّجْهِيزُ؛ لِانْتِفَاءِ التَّعَلُّقِ بِالْعَيْنِ حِينَئِذٍ، وَإِنَّمَا (قُدِّمَ) ذَلِكَ الْحَقُّ فِي تِلْكَ الصُّوَرِ (عَلَى مُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ) إيثَارًا لِلْأَهَمِّ كَمَا تُقَدَّمُ تِلْكَ الْحُقُوقُ عَلَى حَقِّهِ فِي الْحَيَاةِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) تَقْدِيمًا لِصَاحِبِ التَّعَلُّقِ عَلَى حَقِّهِ كَمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ. زَادَ صَاحِبُ الْإِرْشَادِ: لَا يُحْجَرُ لِيَخْرُجَ بِهِ مَا أَوْرَدَ عَلَى مَنْ تَرَكَهُ كَأَصْلِهِ وَهُوَ مَا لَوْ حَجَرَ الْحَاكِمُ عَلَى الْمُفْلِسِ فَإِنَّ حَقَّ الْغُرَمَاءِ تَعَلَّقَ بِعَيْنِ مَالِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَلَا تَقْدِيمَ بِذَلِكَ التَّعَلُّقِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهِ مُرْسَلًا فِي الذِّمَّةِ، وَفِي مَعْنَى مَوْتِهِ مُفْلِسًا مَا لَوْ ثَبَتَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْفَسْخِ؛ لِغَيْبَةِ مَالِ الْمُشْتَرِي وَعَدَمِ صَبْرِ الْبَائِعِ ثُمَّ مَاتَ الْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ فَلَمْ يَجِدْ الْبَائِعُ سِوَى الْمَبِيعِ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ بِهِ عَلَى مُؤَنِ التَّجْهِيزِ. وَاسْتِشْكَالُ السُّبْكِيّ مَا تَقَرَّرَ بِأَنَّ الثَّابِتَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْفَسْخِ فَوْرًا، فَإِنْ فُسِخَ كَذَلِكَ خَرَجَتْ الْعَيْنُ الْمَبِيعَةُ عَنْ التَّرِكَةِ فَلَا اسْتِثْنَاءَ، وَإِنْ أَخَّرَ بِلَا عُذْرٍ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْهَا؛ لِتَقَدُّمِ مُؤَنِ التَّجْهِيزِ مِنْهَا عَلَيْهِ، أَوْ لِعُذْرٍ فَهِيَ مِلْكُ الْوَرَثَةِ، وَحَقُّهُ مُتَعَلِّقٌ بِهَا فَيَحْتَمِلُ تَقْدِيمُ حَقِّهِ كَالْمُرْتَهِنِ وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا لِتَقَدُّمِ حَقِّهِمَا، وَهَذَا لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ حَقٌّ إلَّا بِالْمَوْتِ مُفْلِسًا فَهُوَ كَتَعَلُّقِ الْغُرَمَاءِ بِمَالِ الْمُفْلِسِ، وَالْمُفْلِسُ مُقَدَّمٌ بِمُؤْنَةِ يَوْمِهِ فَيَكُونُ هَذَا مِثْلَهُ. أُجِيبَ عَنْهُ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ عَلَى اخْتِيَارِ الْأَوَّلِ لَا يَلْزَمُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ وَخُرُوجُهَا عَنْ التَّرِكَةِ بَعْدَ الْفَسْخِ لَا يَضُرُّ فِي صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ، كَمَا أَنَّ بَيْعَ الْجَانِي فِي الْجِنَايَةِ، وَإِنْ خَرَجَ مَبِيعُهُ عَنْ التَّرِكَةِ لَا يَضُرُّ فِي ذَلِكَ، وَعَلَى اخْتِيَارِ الثَّالِثِ فَالْأَوْجَهُ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ وَهُوَ تَقْدِيمُ حَقِّهِ، وَالْقِيَاسُ الْمَذْكُورُ فِي الِاحْتِمَالِ الثَّانِي لَيْسَ بِظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي مَسْأَلَتِنَا تَعَلُّقٌ بِالْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ وَمُعَاقَدَةٌ عَلَيْهَا عَلَى الْخُصُوصِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي ذِمَّتِهِ لِتَعَلُّقِهَا بِعَيْنِ التَّرِكَةِ حِينَئِذٍ قَالَ: فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُ الْوَرَثَةِ فِي شَيْءٍ مِنْهَا حَتَّى يَفْرُغَ الْحَاجُّ عَنْهُ مِنْ جَمِيعِ أَعْمَالِ الْحَجِّ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَأَنْ خِيفَ تَلَفُ شَيْءٍ مِنْهَا إنْ لَمْ يُبَادِرْ إلَى بَيْعِهِ. اهـ. ثُمَّ نَازَعَ فِيهِ وَقَالَ: وَبِتَسْلِيمِهِ يَظْهَرُ جَوَازُ التَّصَرُّفِ بِمُجَرَّدِ فَرَاغِهِ مِنْ التَّحَلُّلِ الثَّانِي، وَإِنْ بَقِيَتْ وَاجِبَاتٌ أُخْرَى، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا بَاعَهُ لِلضَّرُورَةِ لَا يَتَصَرَّفُ فِي شَيْءِ مِنْ ثَمَنِهِ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الْحَجِّ عَنْهُ (قَوْلُهُ: لِصَاحِبِ التَّعَلُّقِ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ إيثَارًا لِلْأَهَمِّ (قَوْلُهُ: زَادَ صَاحِبُ الْإِرْشَادِ إلَخْ) أَيْ بَعْدَ قَوْلِهِ فَإِنْ تَعَلَّقَ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ حَقٌّ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِيمَا مَرَّ بِقَوْلِهِ لِغَيْرِ حَجْرٍ فِي الْحَيَاةِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ هُنَا لِيُبَيِّنَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَأَصْلِهِ) مُرَادُهُ بِأَصْلِهِ الْحَاوِي (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَاتَ الْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ) أَيْ قَبْلَ الْفَسْخِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فُسِخَ كَذَلِكَ) أَيْ فَوْرًا (قَوْلُهُ: عَلَى اخْتِيَارِ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ: لِلْبَائِعِ حَقُّ الْفَسْخِ فَوْرًا (قَوْلُهُ: لَا يَضُرُّ فِي صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ) قَدْ يُمْنَعُ بِأَنَّ الْفَسْخَ حَيْثُ وُجِدَ فِي حَيَاةِ الْمُشْتَرِي خَرَجَ الْمَبِيعُ عَنْ التَّرِكَةِ قَبْلَ الْمَوْتِ، فَأَيُّ مَعْنًى يَقْتَضِي تَصْحِيحَ اسْتِثْنَائِهِ مِنْ التَّرِكَةِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى اخْتِيَارِ الثَّالِثِ) هُوَ قَوْلُهُ: أَوْ لِعُذْرٍ فَهِيَ مِلْكُ الْوَرَثَةِ، وَقَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ الِاحْتِمَالُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ تَقْدِيمًا لِصَاحِبِ التَّعَلُّقِ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ إيثَارًا لِلْأَهَمِّ (قَوْلُهُ: زَادَ صَاحِبُ الْإِرْشَادِ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ بِغَيْرِ حَجْرٍ فِي الْحَيَاةِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ تَعَلَّقَ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ حَقٌّ، عَلَى أَنَّ إيرَادَهُ هُنَا مُوهِمٌ وَكَانَ الْأَوْلَى لَهُ الِاقْتِصَارَ عَلَى أَخْذِ مَفْهُومِهِ كَمَا صَنَعَ حَجّ، فَإِنَّهُ لَمَّا قَيَّدَ الْمَتْنَ فِيمَا مَرَّ بِمِثْلِ مَا تَقَدَّمَ فِي الشَّارِحِ قَالَ هُنَا: وَخَرَجَ بِقَوْلِي بِغَيْرِ حَجْرٍ تَعَلُّقُ الْغُرَمَاءِ بِمَالِهِ بِالْحَجْرِ إلَخْ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهِ مُرْسَلًا فِي الذِّمَّةِ) قَالَ الشِّهَابُ سم: يُتَأَمَّلُ مَعَ أَنَّهُ فِي صُورَةِ الرَّهْنِ وَالْمَبِيعِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَاسْتِشْكَالُ السُّبْكِيّ مَا تَقَرَّرَ) يَعْنِي فِي الْمَتْنِ مِنْ قَوْلِهِ وَالْمَبِيعُ إذَا مَاتَ الْمُشْتَرِي مُفْلِسًا (قَوْلُهُ: أُجِيبَ عَنْهُ بِمَا حَاصِلُهُ إلَخْ) الْجَوَابُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْفَسْخَ

وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْغُرَمَاءُ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَالِ الْمُفْلِسِ. وَلَوْ اجْتَمَعَتْ الزَّكَاةُ وَالْجِنَايَةُ فِي رَقِيقِ تِجَارَةٍ اُتُّجِهَ تَقْدِيمُ الزَّكَاةِ لِانْحِصَارِ تَعَلُّقِ كُلٍّ فِي الْعَيْنِ مَعَ زِيَادَةِ الزَّكَاةِ بِتَعَلُّقِ حَقَّيْنِ بِهَا فَكَانَتْ أَوْلَى، وَالْمُسْتَثْنَيَات لَا تَنْحَصِرُ فِيمَا ذُكِرَ بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ صُوَرَهَا لَا تَكَادُ تَنْحَصِرُ. (وَأَسْبَابُ الْإِرْثِ أَرْبَعَةٌ) ثَلَاثَةٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا، وَأَمَّا الرَّابِعُ فَعِنْدَنَا، وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (قَرَابَةٌ) يَأْتِي تَفْصِيلُهَا، نَعَمْ لَوْ اشْتَرَى بَعْضَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ وَلَا يَرِثُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إرْثُهُ إلَى عَدَمِ إرْثِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الدَّوْرِ الْحُكْمِيِّ الْآتِي فِي الزَّوْجَةِ (وَنِكَاحٌ) صَحِيحٌ، وَإِنْ لَمْ يَطَأْ، نَعَمْ لَوْ أَعْتَقَ أَمَةً تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَتَزَوَّجَ بِهَا لَمْ تَرِثْهُ لِلدَّوْرِ، إذْ لَوْ وَرِثَتْ لَكَانَ عِتْقُهَا وَصِيَّةً لِوَارِثٍ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ وَهِيَ مِنْهُمْ، وَإِجَازَتُهَا تَتَوَقَّفُ عَلَى سَبْقِ حُرِّيَّتِهَا وَهِيَ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى سَبْقِ إجَازَتِهَا فَأَدَّى إرْثُهَا إلَى عَدَمِ إرْثِهَا، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي غَيْرِ الْمُسْتَوْلَدَةِ؛ لِأَنَّ عِتْقَهَا وَلَوْ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ أَحَدٍ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَهِيَ بِهِ تَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ. (وَوَلَاءٌ) وَيَخْتَصُّ دُونَ سَابِقِيهِ بِطَرَفٍ (فَيَرِثُ الْمُعْتَقُ) وَمَنْ يُدْلِي بِهِ (الْعَتِيقُ وَلَا عَكْسَ) بِالْإِجْمَاعِ إلَّا مَا شَذَّ، وَقَدْ يَتَوَارَثَانِ بِأَنْ يُعْتِقَهُ حَرْبِيٌّ فَيَسْتَوْلِي عَلَى سَيِّدِهِ ثُمَّ يُعْتِقُهُ، أَوْ حَرْبِيٌّ أَوْ ذِمِّيٌّ فَيَرِقُّ فَيَشْتَرِيهِ وَيُعْتِقُهُ، أَوْ يَشْتَرِي أَبَا مُعْتِقِهِ ثُمَّ يُعْتِقُهُ فَلَهُ عَلَى مُعْتِقِهِ وَلَاءُ الِانْجِرَارِ، وَلَا يُرَدُّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِثْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ عَتِيقًا (وَالرَّابِعُ الْإِسْلَامُ) أَيْ جِهَتُهُ وَلِهَذَا جَازَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ نَقْلُهُ عَنْ بَلَدِ الْمَالِ، وَإِعْطَاؤُهُ لِوَاحِدٍ وَبِذَلِكَ فَارَقَ الزَّكَاةَ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمَصْرُوفُ لَهُ مَوْجُودًا عِنْدَ الْمَوْتِ أَمْ حَدَثَ بَعْدَهُ أَمْ أَسْلَمَ أَمْ عَتَقَ بَعْدَهُ، نَعَمْ لَا يُعْطَى مُكَاتَبًا وَلَا قَاتِلًا وَلَا مَنْ فِيهِ رِقٌّ وَلَا كَافِرًا. وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِشَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ جَازَ إعْطَاؤُهُ مِنْهَا وَمِنْ الْإِرْثِ فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ الْوَارِثِ الْمُعَيَّنِ لَا يُعْطَى مِنْ الْوَصِيَّةِ مِنْ غَيْرِ إجَازَةٍ. أَمَّا الذِّمِّيُّ إذَا مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَارِثٍ أَوْ كَانَ وَلَمْ يُسْتَغْرَقْ فَتُصْرَفُ تَرِكَتُهُ أَوْ بَاقِيهَا لِبَيْتِ الْمَالِ فَيْئًا، وَيُمْكِنُ اجْتِمَاعُ الْأَسْبَابِ الْأَرْبَعَةِ فِي الْإِمَامِ كَأَنْ يَمْلِكَ بِنْتَ عَمِّهِ ثُمَّ يُعْتِقَهَا ثُمَّ يَتَزَوَّجَهَا ثُمَّ تَمُوتَ وَلَا وَارِثَ لَهَا غَيْرُهُ، فَهُوَ زَوْجُهَا وَابْنُ عَمِّهَا وَمُعْتِقُهَا، وَإِمَامُ الْمُسْلِمِينَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا تُصُوِّرَتْ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَرِثْ بِجَمِيعِهَا وَأَنَّ الْوَارِثَ جِهَةُ الْإِسْلَامِ وَهِيَ حَاصِلَةٌ فِيهِ (فَتُصْرَفُ التَّرِكَةُ) أَوْ بَعْضُهَا عَنْ الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ (لِبَيْتِ الْمَالِ إرْثًا) لِلْمُسْلِمِينَ بِسَبَبِ الْعُصُوبَةِ؛ لِأَنَّهُمْ يَعْقِلُونَ عَنْهُ كَأَقَارِبِهِ (إذَا لَمْ يَكُنْ) لَهُ (وَارِثٌ بِالْأَسْبَابِ الثَّلَاثَةِ) الْمَارَّةِ لَا مَصْلَحَةَ كَالْمَالِ الضَّائِعِ. (وَالْمُجْمَعُ عَلَى إرْثِهِمْ مِنْ الرِّجَالِ) ـــــــــــــــــــــــــــــSالْأَوَّلُ هُوَ قَوْلُهُ: فَيُحْتَمَلُ تَقْدِيمُ حَقِّهِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: لَا يَضُرُّ فِي الِاحْتِمَالِ الثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا. (قَوْلُهُ: تُخْرَجُ مِنْ ثُلُثِهِ) وَكَذَا لَوْ لَمْ تُخْرَجْ، وَأَجَازَتْ الْوَرَثَةُ عِتْقَهَا (قَوْلُهُ: أَنَّ الْكَلَامَ فِي غَيْرِ الْمُسْتَوْلَدَةِ) أَيْ أَمَّا هِيَ فَتَرِثُ حَيْثُ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَ بِهَا؛ لِأَنَّ عِتْقَهَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةٍ، بَلْ لَوْ لَمْ يُعْتِقْهَا فِي مَرَضِهِ لَعَتَقَتْ بِمَوْتِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: إلَّا مَا شَذَّ) أَيْ الْقَوْلُ الَّذِي شَذَّ وَعِبَارَةُ حَجّ: إلَّا مَا شَذَّ بِهِ ابْنُ زِيَادٍ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ عَتِيقًا) أَيْ بَلْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مُعْتَقًا لِأَبِي الْمُعْتِقِ فَانْجَرَّ إلَيْهِ الْوَلَاءُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: جَازَ إعْطَاؤُهُ مِنْهَا) أَيْ زِيَادَةً عَلَى مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ لِاخْتِلَافِ السَّبَبِ وَهُوَ الْوَصِيَّةُ وَالْإِرْثُ بِجِهَةِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ إجَازَةٍ) أَيْ مِنْ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَرِثْ بِجَمِيعِهَا) أَيْ بَلْ يَرِثُ بِكَوْنِهِ زَوْجًا وَابْنَ عَمٍّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ لَا يَعْقِلُونَ عَنْهُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُمْ جِهَةَ الْإِسْلَامِ فَتُخْرَجُ الدِّيَةُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ فَعَلَى الْقَاتِلِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: لَا مَصْلَحَةَ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إرْثًا ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ وَقَعَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ تَقْسِيمِ السُّبْكِيّ (قَوْلُهُ: بِتَعَلُّقِ حَقَّيْنِ بِهَا) أَيْ حَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ الْآدَمِيِّ (قَوْلُهُ: أَمَّا الذِّمِّيُّ إذَا مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَارِثٍ إلَخْ) مُقَدَّمٌ مِنْ تَأْخِيرٍ، وَمَحَلُّهُ بَعْدَ الْمَتْنِ الْآتِي إذْ هُوَ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ عَقِبَ الْمَتْنِ عَنْ الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ) يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ أَنْ يَزِيدَ عَقِبَهُ قَوْلَهُ

أَيْ الذُّكُورُ (عَشَرَةٌ) بِطَرِيقِ الِاخْتِصَارِ وَخَمْسَةَ عَشَرَ بِالْبَسْطِ (الِابْنُ وَابْنُهُ، وَإِنْ سَفَلَ وَالْأَبُ وَأَبُوهُ، وَإِنْ عَلَا وَالْأَخُ) مُطْلَقًا (وَابْنُهُ إلَّا مِنْ الْأُمِّ وَالْعَمُّ) لِلْمَيِّتِ وَأَبِيهِ وَجَدِّهِ (إلَّا لِلْأُمِّ وَكَذَا ابْنُهُ وَالزَّوْجُ وَالْمُعْتِقُ) وَمَنْ أَدْلَى بِهِ فِي حُكْمِهِ فَلَا يَرِدُ عَلَى الْحَصْرِ فِي الْعَشَرَةِ ذَلِكَ (وَمِنْ) (النِّسَاءِ) أَيْ الْإِنَاثِ (سَبْعٌ) بِالِاخْتِصَارِ وَعَشْرٌ بِالْبَسْطِ (الْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ، وَإِنْ سَفَلَ) عَدْلٌ عَنْ قَوْلِ أَصْلِهِ سَفَلَتْ، وَإِنْ وَافَقَ الْأَكْثَرُ فِي عَوْدِ الضَّمِيرِ عَلَى الْمُضَافِ لِإِيهَامِهِ أَنَّ بِنْتَ بِنْتِ الِابْنِ وَارِثَةٌ (وَالْأُمُّ وَالْجَدَّةُ) مِنْ الْجِهَتَيْنِ إنْ أَدْلَتْ بِوَارِثٍ (وَالْأُخْتُ) مُطْلَقًا. (وَالزَّوْجَةُ) الْأَفْصَحُ زَوْجٌ، غَيْرَ أَنَّهُمْ آثَرُوا اللُّغَةَ الْمَرْجُوحَةَ لِلتَّمْيِيزِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى (وَالْمُعْتِقَةُ) وَمَنْ أَدْلَى بِهَا فِي حُكْمِهَا (وَلَوْ اجْتَمَعَ كُلُّ الرِّجَالِ) وَيَلْزَمُ مِنْهُ كَوْنُ الْمَيِّتِ أُنْثَى (وَرِثَ الْأَبُ وَالِابْنُ وَالزَّوْجُ فَقَطْ) ؛ لِأَنَّ مَنْ بَقِيَ مَحْجُوبٌ بِغَيْرِ الزَّوْجِ إجْمَاعًا وَتَصِحُّ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ (أَوْ) اجْتَمَعَ كُلُّ (النِّسَاءِ) وَيَلْزَمُ مِنْهُ كَوْنُ الْمَيِّتِ ذَكَرًا (فَ) الْوَارِثُ هُوَ (الْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ وَالْأُمُّ وَالْأُخْتُ لِلْأَبَوَيْنِ وَالزَّوْجَةُ) ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُنَّ مَحْجُوبٌ بِغَيْرِ الزَّوْجَةِ إجْمَاعًا وَتَصِحُّ مِنْ أَصْلِ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ (أَوْ) اجْتَمَعَ (الَّذِينَ يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُمْ مِنْ الصِّنْفَيْنِ) (فَ) الْوَارِثُ هُوَ (الْأَبَوَانِ وَالِابْنُ وَالْبِنْتُ) لَمْ يَقُلْ الِابْنَانِ تَغْلِيبًا كَاَلَّذِي قَبْلَهُ لِإِيهَامِ هَذَا دُونَ ذَاكَ لِشُهْرَتِهِ فَانْدَفَعَ مَا لِلزَّرْكَشِيِّ هُنَا. (وَأَحَدُ الزَّوْجَيْنِ) ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُمْ مَحْجُوبٌ بِهِمْ، فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ ذَكَرًا فَمِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَتَصِحُّ مِنْ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ، أَوْ أُنْثَى فَمِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، وَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ يُمْكِنُ اسْتِحَالَةُ اجْتِمَاعِ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ فِي فَرِيضَةٍ وَاحِدَةٍ. نَعَمْ لَوْ أَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً عَلَى مَيِّتٍ مَلْفُوفٍ فِي كَفَنٍ أَنَّهُ امْرَأَتُهُ وَهَؤُلَاءِ أَوْلَادُهُ مِنْهَا وَأَقَامَتْ امْرَأَةٌ بَيِّنَةً أَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَهَؤُلَاءِ أَوْلَادُهَا مِنْهُ فَكُشِفَ عَنْهُ فَإِذَا هُوَ خُنْثَى فَبَيِّنَةُ الرَّجُلِ أَوْلَى كَمَا قَالَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو طَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْوِلَادَةَ صَحَّتْ مِنْ طَرِيقِ الْمُشَاهَدَةِ، وَالْإِلْحَاقُ بِالْأَبِ أَمْرٌ حُكْمِيٌّ وَالْمُشَاهَدَةُ أَقْوَى، خِلَافًا لِمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ مِنْ أَنَّهُ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا. (وَلَوْ) (فَقَدُوا أَيْ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ) (فَأَصْلُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَرِثُ ذَوُو الْأَرْحَامِ) الْآتِي بَيَانُهُمْ لِمَا صَحَّ مِنْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اُسْتُفْتِيَ فِيمَنْ تَرَكَ عَمَّتَهُ وَخَالَتَهُ لَا غَيْرُ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ رَجُلٌ تَرَكَ عَمَّتَهُ وَخَالَتَهُ لَا وَارِثَ غَيْرُهُمَا، ثُمَّ قَالَ أَيْنَ السَّائِلُ؟ فَقَالَ: هَا أَنَا ذَا، قَالَ: لَا مِيرَاثَ لَهُمَا» وَقَدْ اعْتَضَدَ بِهِ الْخَبَرُ الْمُرْسَلُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكِبَ إلَى قُبَاءَ يَسْتَخِيرُ اللَّهَ فِي الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ لَا مِيرَاثَ لَهُمَا» (وَلَا) اسْتِئْنَافَ لِفَسَادِ الْعَطْفِ بِإِيهَامِهِ التَّنَاقُضَ (يُرَدُّ عَلَى أَهْلِ الْفَرْضِ) فِيمَا لَوْ وُجِدَ بَعْضُهُمْ وَلَمْ يَسْتَغْرِقْ كَبِنْتٍ أَوْ أُخْتٍ فَلَا يُرَدُّ الْبَاقِي عَلَيْهِمَا لِئَلَّا يُبْطِلَ فَرْضَهُمَا الْمُقَدَّرَ (بَلْ الْمَالُ) وَهُوَ الْكُلُّ فِي الْأُولَى وَالْبَاقِي فِي الثَّانِيَةِ (لِبَيْتِ الْمَالِ) وَلَوْ غَيْرَ مُنْتَظِمٍ لِجَوْرِ الْإِمَامِ أَوْ عَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ؛ لِأَنَّ الْإِرْثَ لِجِهَةِ الْإِسْلَامِ وَلَا ظُلْمَ مِنْ أَهْلِهِ فَلَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُمْ بِجَوْرِهِ. وَمَعْنَى الْأَصْلِ هُنَا الْمَعْرُوفُ الثَّابِتُ الْمُسْتَقِرُّ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقَدْ يَطْرَأُ عَلَى الْأَصْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَمَنْ أَدْلَى بِهِ) أَيْ بِالْمُعْتَقِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَصْلِ أَرْبَعَةٍ) الْإِضَافَةُ فِيهِ بَيَانِيَّةٌ: أَيْ مِنْ أَصْلٍ هُوَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ (قَوْلُهُ: لِإِيهَامِ هَذَا) أَيْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِابْنَيْنِ الِابْنُ وَابْنُ الِابْنِ. (قَوْلُهُ: فَبَيِّنَةُ الرَّجُلِ أَوْلَى) أَيْ فَيُعْمَلُ بِهَا وُجُوبًا وَعَلَى هَذَا فَلَمْ يَجْتَمِعْ الزَّوْجَانِ بِخِلَافِهِ عَلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ) أَيْ أَنْزَلَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْوَحْيِ بِلَا قُرْآنٍ (قَوْلُهُ: بِإِبْهَامِهِ التَّنَاقُضَ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ فُقِدُوا كُلُّهُمْ، وَعَلَى الْعَطْفِ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ أَنَّهُمْ فُقِدُوا كُلُّهُمْ، وَأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ وَجَدَ مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: الْمُسْتَقِرُّ مِنْ الْمَذْهَبِ) أَيْ فِيمَا بَيْنَ الْأَصْحَابِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ كَانَ وَلَمْ يَسْتَغْرِقْ لِيَتَنَزَّلَ عَلَى مَا مَهَّدَهُ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ بَعْضُهَا (قَوْلُهُ: كُلُّ النِّسَاءِ) أَيْ وَكَانَ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ فَقَطْ كَمَا مَثَّلَ حَتَّى يَتَأَتَّى إرْثُ بِنْتِ الِابْنِ مَعَ الْبِنْتِ (قَوْلُهُ: وَهَؤُلَاءِ أَوْلَادُهُ مِنْهَا) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِتُفِيدَ بَيِّنَتُهُ الْقَطْعَ فَتَصْلُحَ دَافِعَةً لِبَيِّنَةِ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: اسْتِئْنَافٌ) أَيْ أَوْ مَعْطُوفٌ عَلَى جُمْلَةِ وَلَوْ فُقِدُوا كَمَا أَفَادَهُ سم

مَا يَقْتَضِي مُخَالَفَتَهُ (وَ) مِنْ ثَمَّ (أَفْتَى الْمُتَأَخِّرُونَ) مِنْ الْأَصْحَابِ: أَيْ أَكْثَرُهُمْ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ فِي الرَّوْضَةِ، فَلَا يُنَافِي أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ عَلَيْهِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الرَّوْضَةِ إنَّهُ الْأَصَحُّ أَوْ الصَّحِيحُ عِنْدَ مُحَقِّقِي الْأَصْحَابِ مِنْهُمْ ابْنُ سُرَاقَةَ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِنَا وَمُتَقَدِّمِيهِمْ، ثُمَّ صَاحِبُ الْحَاوِي وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْمُتَوَلِّي وَآخَرُونَ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَنَحْوِهِمَا كُلُّ مَنْ كَانَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ، وَأَمَّا الْآنَ وَقَبْلَهُ فَهُمْ مِنْ بَعْدِ الشَّيْخَيْنِ (إذَا لَمْ يَنْتَظِمْ أَمْرُ بَيْتِ الْمَالِ) بِأَنْ فُقِدَ الْإِمَامُ أَوْ انْتَفَتْ أَهْلِيَّتُهُ كَأَنْ جَارَ (بِالرَّدِّ عَلَى أَهْلِ الْفَرْضِ) ؛ لِأَنَّ الْمَالَ مَصْرُوفٌ إلَيْهِمْ أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ بِالِاتِّفَاقِ، فَإِنْ تَعَذَّرَتْ إحْدَى الْجِهَتَيْنِ تَعَيَّنَتْ الْأُخْرَى، وَإِنَّمَا جَازَ دَفْعُ الزَّكَاةِ لِلْجَائِرِ؛ لِأَنَّ لِلْمُزَكِّي غَرَضًا فِي الدَّفْعِ إلَيْهِ لِتَيَقُّنِهِ بِهِ بَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ وَتَوَفُّرَ مُؤْنَةِ التَّفْرِقَةِ عَلَيْهِ وَدَفْعَ خَطَرِ ضَمَانِهِ بِالتَّلَفِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ لَوْ لَمْ يُبَادِرْ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ وَلَا غَرَضَ هُنَا، وَأَيْضًا مُسْتَحِقُّو الزَّكَاةِ قَدْ يَنْحَصِرُونَ بِالْأَشْخَاصِ فَيُطَالِبُونَ وَلَا كَذَلِكَ جِهَةُ الْمَصَالِحِ فَكَانَتْ أَقْرَبَ لِلضَّيَاعِ. وَأَيْضًا فَالشَّارِعُ نَصَّ عَلَى وِلَايَةِ الْإِمَامِ فِي الزَّكَاةِ دُونَ الْإِرْثِ وَمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ عِبَارَتِهِ مِنْ عَدَمِ الصَّرْفِ عَلَى رَأْيِ الْمُتَأَخِّرِينَ لِغَيْرِ الْمُنْتَظِمِ حَيْثُ فُقِدَ ذَوُو الْأَرْحَامِ وَغَيْرُهُمْ لَيْسَ بِمُرَادٍ، بَلْ عَلَى مَنْ هُوَ بِيَدِهِ صَرْفُهُ لِحَاكِمِ الْبَلَدِ الْأَهْلِ لِيَصْرِفَهُ فِي الْمَصَالِحِ إنْ شَمِلَتْهَا وِلَايَتُهُ، فَإِنْ لَمْ تَشْمَلْهَا تَخَيَّرَ بَيْنَ صَرْفِهِ لَهُ وَتَوْلِيَةِ صَرْفِهِ لَهَا بِنَفْسِهِ إنْ كَانَ أَمِينًا عَارِفًا كَمَا لَوْ فُقِدَ الْأَهْلُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَمِينًا فَوَّضَهُ لِأَمِينٍ عَارِفٍ. وَعِبَارَةُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: إذَا جَارَ الْمُلُوكُ فِي مَالِ الْمَصَالِحِ وَظَفِرَ بِهِ أَحَدٌ مِمَّنْ يَعْرِفُهَا صَرَفَهُ فِيهَا وَهُوَ مَأْجُورٌ عَلَى ذَلِكَ، بَلْ الظَّاهِرُ وُجُوبُهُ (غَيْرَ) بِجَرِّهَا صِفَةً لِأَهْلٍ لِتَعَرُّفِهَا بِالْإِضَافَةِ؛ لِأَنَّهَا وَقَعَتْ بَيْنَ ضِدَّيْنِ عَلَى مَا فِيهِ وَنَصْبُهَا عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ وَهُوَ أَوْلَى أَوْ مُتَعَيِّنٌ (الزَّوْجَيْنِ) بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ الرَّدِّ الْقَرَابَةُ وَهِيَ مَفْقُودَةٌ فِيهِمَا، وَمِنْ ثَمَّ تَرِثُ زَوْجَةٌ تُدْلِي بِعُمُومَةٍ أَوْ خُؤُولَةٍ بِالرَّحِمِ لَا بِالزَّوْجِيَّةِ (مَا فَضَلَ عَنْ فُرُوضِهِمْ بِالنِّسْبَةِ) أَيْ نِسْبَةِ سِهَامِ مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِمْ: أَيْ نِسْبَةِ سِهَامِ كُلِّ وَاحِدٍ مِمَّنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ إلَى مَجْمُوعِ سِهَامِهِ وَسِهَامِ رُفْقَتِهِ، فَفِي بِنْتٍ وَأُمٍّ وَزَوْجٍ يَبْقَى بَعْدَ إخْرَاجِ فُرُوضِهِمْ سَهْمٌ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا لِلْبِنْتِ وَرُبُعُهَا لِلْأُمِّ؛ لِأَنَّ سِهَامَهُمَا ثَمَانِيَةٌ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا لِلْبِنْتِ وَرُبُعُهُ لِلْأُمِّ، فَتَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ، وَتَرْجِعُ بِالِاخْتِصَارِ إلَى سِتَّةَ عَشَرَ لِلزَّوْجِ أَرْبَعَةٌ وَلِلْبِنْتِ تِسْعَةٌ وَلِلْأُمِّ ثَلَاثَةٌ، وَفِي بِنْتٍ وَأُمٍّ وَزَوْجَةٍ يَبْقَى بَعْدَ إخْرَاجِ فُرُوضِهِنَّ خَمْسَةٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلْأُمِّ رُبُعُهَا سَهْمٌ وَرُبُعٌ فَتَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ وَتِسْعِينَ، وَتَرْجِعُ بِالِاخْتِصَارِ إلَى اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ لِلزَّوْجَةِ أَرْبَعَةٌ وَلِلْبِنْتِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ وَلِلْأُمِّ سَبْعَةٌ وَفِي بِنْتٍ وَأُمٍّ يَبْقَى بَعْدَ إخْرَاجِ فَرْضَيْهِمَا سَهْمَانِ مِنْ سِتَّةٍ لِلْأُمِّ رُبُعُهَا نِصْفُ سَهْمٍ فَتَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، وَتَرْجِعُ بِالِاخْتِصَارِ إلَى أَرْبَعَةٍ لِلْبِنْتِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ وَاحِدٌ، وَكَذَا يُقَالُ عَلَى وَفْقِ الِاخْتِصَارِ ابْتِدَاءً فِي هَذِهِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ تُجْعَلُ سِهَامُهُمَا مِنْ السِّتَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: صَرَفَهُ فِيهَا) وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُبَاشِرِ لِذَلِكَ صَرْفُهُ عَلَى أَهْلِ مَحَلَّتِهِ فَقَطْ بَلْ لَوْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي صَرْفِهِ فِي مَحَلَّةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ مَحَلَّتِهِ وَجَبَ نَقْلُهُ إلَيْهَا وَقَضِيَّةُ مَا يَأْتِي فِي فَصْلٍ يُسَنُّ الْإِيصَاءُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَنْفِيذُ الْوَصَايَا مِنْ قَوْلِهِ قَالَ أَبُو الطَّيِّبِ وَلَوْ قَالَ ضَعْ ثُلُثِي حَيْثُ شِئْت لَمْ يَجُزْ لَهُ الْأَخْذُ لِنَفْسِهِ: أَيْ وَإِنْ نَصَّ لَهُ عَلَى ذَلِكَ لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ لِنَفْسِهِ مِمَّا دَخَلَ فِي يَدِهِ شَيْئًا، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمُسْتَحَقِّينَ بِبَيْتِ الْمَالِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ. وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ هُنَا: وَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ لِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ مَا يَحْتَاجُهُ وَانْظُرْ مِقْدَارَ حَاجَتِهِ هَلْ سَنَةٌ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ. اهـ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: يَأْخُذُ مَا يَكْفِيهِ بَقِيَّةَ الْعُمُرِ الْغَالِبِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ هُوَ أَحْوَجُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَدْرَ يَدْفَعُهُ لَهُ الْإِمَامُ الْعَادِلُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ تَرِثُ) أَيْ زِيَادَةً عَلَى حِصَّتِهَا بِالزَّوْجِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: عَلَى مَا فِيهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَيْنِ لَيْسَا ضِدَّيْنِ لِأَهْلِ الْفُرُوضِ بَلْ مِنْهُمْ

الْمَسْأَلَةُ وَفِي اللَّتَيْنِ قَبْلَهَا الْبَاقِي مِنْ مَخْرَجَيْ الرُّبُعِ وَالثُّمُنِ لِلزَّوْجَيْنِ بَعْدَ نَصِيبِهِمَا لَا يَنْقَسِمُ عَلَى أَرْبَعَةِ سِهَامِ الْبِنْتِ وَالْأُمِّ مِنْ مَسْأَلَتِهِمَا فَتُضْرَبُ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَخْرَجَيْنِ، وَلَوْ كَانَ ذُو الْفَرْضِ وَاحِدًا كَبِنْتٍ رُدَّ إلَيْهَا الْبَاقِي أَوْ اثْنَيْنِ كَبِنْتَيْنِ فَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ، وَالرَّدُّ ضِدُّ الْعَوْلُ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ فِي قَدْرِ السِّهَامِ وَنَقْصٌ فِي عَدَدِهَا وَالْعَوْلُ نَقْصٌ فِي قَدْرِهَا وَزِيَادَةٌ فِي عَدَدِهَا (فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا) أَيْ ذَوُو الْفُرُوضِ (صُرِفَ) الْمَالُ (إلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ) إرْثًا عُصُوبَةً فَيَأْخُذُ جَمِيعَهُ مَنْ انْفَرَدَ مِنْهُمْ وَلَوْ أُنْثَى وَغَنِيًّا لِخَبَرِ «الْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ» ، وَإِنَّمَا قُدِّمَ الرَّدُّ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الْقَرَابَةَ الْمُفِيدَةَ لِاسْتِحْقَاقِ الْفَرْضِ أَقْوَى، وَإِذَا صُرِفَ إلَيْهِمْ فَالْأَصَحُّ تَعْمِيمُهُمْ، وَالْأَصَحُّ فِي إرْثِهِمْ مَذْهَبُ أَهْلِ التَّنْزِيلِ وَهُوَ أَنْ يُنَزَّلَ كُلُّ فَرْعٍ مَنْزِلَةَ أَصْلِهِ الَّذِي يُدْلِي بِهِ إلَى الْمَيِّتِ فَيُجْعَلَ وَلَدُ الْبِنْتِ وَالْأُخْتِ كَأُمِّهِمَا وَبِنْتَا الْأَخِ وَالْعَمِّ كَأَبِيهِمَا وَالْخَالُ وَالْخَالَةُ كَالْأُمِّ وَالْعَمُّ لِلْأُمِّ وَالْعَمَّةُ كَالْأَبِ فَفِي بِنْتِ بِنْتٍ وَبِنْتِ بِنْتِ ابْنٍ الْمَالُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا، وَإِذَا نَزَلَتَا كُلًّا كَمَا ذُكِرَ قُدِّمَ الْأَسْبَقُ لِلْوَارِثِ لَا لِلْمَيِّتِ، فَإِنْ اسْتَوَوْا قُدِّرَ كَأَنَّ الْمَيِّتَ خَلَّفَ مَنْ يُدْلُونَ بِهِ، ثُمَّ يُجْعَلُ نَصِيبُ كُلٍّ لِمَنْ أَدْلَى بِهِ عَلَى حَسَبِ إرْثِهِ لَوْ كَانَ هُوَ الْمَيِّتَ إلَّا أَوْلَادَ الْأُمِّ وَالْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ مِنْهَا فَبِالسَّوِيَّةِ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ إرْثَ ذَوِي الْأَرْحَامِ كَإِرْثِ مَنْ يُدْلُونَ بِهِ فِي أَنَّهُ إمَّا بِالْفَرْضِ أَوْ بِالتَّعْصِيبِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيُرَاعَى الْحَجْبُ فِيهِمْ كَالْمُشَبَّهِينَ بِهِمْ، فَفِي ثَلَاثِ بَنَاتٍ إخْوَةٍ مُتَفَرِّقِينَ لِبِنْتِ الْأَخِ لِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِبِنْتِ الشَّقِيقِ الْبَاقِي وَتُحْجَبُ بِهَا الْأُخْرَى كَمَا يَحْجُبُ أَبُوهَا أَبَاهَا. نَعَمْ التَّنْزِيلُ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِرْثِ لَا لِلْحَجْبِ: أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِأَهْلِ الْفَرْضِ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَوْ مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ وَبِنْتِ بِنْتٍ لَا تَحْجُبُهَا إلَى الثُّمُنِ وَكَذَا الْبَقِيَّةُ، أَوْ عَنْ ثَلَاثِ بَنِي أَخَوَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ فَالْمَالُ بَيْنَهُمْ عَلَى خَمْسَةٍ كَمَا هُوَ بَيْنَ أُمَّهَاتِهِمْ بِالْفَرْضِ وَالرَّدِّ (وَهُمْ) شَرْعًا كُلُّ قَرِيبٍ وَفِي اصْطِلَاحِ الْفَرْضِيِّينَ (مَنْ سِوَى الْمَذْكُورِينَ مِنْ الْأَقَارِبِ) مِنْ كُلِّ مَنْ لَا فَرْضَ لَهُ وَلَا عُصُوبَةَ (وَهُمْ عَشَرَةُ أَصْنَافٍ) وَبِالْمُدْلَى الْآتِي يَصِيرُونَ أَحَدَ عَشَرَ (أَبُو الْأُمِّ وَكُلُّ جَدٍّ وَجَدَّةٍ سَاقِطَيْنِ) كَأَبِي أَبِي الْأُمِّ وَأُمِّ أَبِي الْأُمِّ، وَإِنْ عَلَيَا وَهَؤُلَاءِ صِنْفٌ. (وَأَوْلَادُ الْبَنَاتِ) ذُكُورًا، وَإِنَاثًا وَمِنْهُمْ أَوْلَادُ بَنَاتِ الِابْنِ (وَبَنَاتُ الْإِخْوَةِ) مُطْلَقًا دُونَ ذُكُورِ غَيْرِ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ (وَأَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ) ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: عُصُوبَةً) أَيْ بِالْعُصُوبَةِ فَهُوَ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ. (قَوْلُهُ: الْمَالُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا) أَيْ؛ لِأَنَّ بِنْتَ الْبِنْتِ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْبِنْتِ وَبِنْتَ بِنْتِ الِابْنِ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ بِنْتِ الِابْنِ، وَهُوَ لَوْ مَاتَ شَخْصٌ عَنْ هَذَيْنِ كَانَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا كَذَلِكَ فَرْضًا وَرَدًّا (قَوْلُهُ: إلَّا أَوْلَادَ الْأُمِّ) عِبَارَةُ حَجّ وَلَدُ الْأُمِّ. اهـ. وَهِيَ ظَاهِرَةٌ؛ لِأَنَّ أَوْلَادَ الْأُمِّ مِنْ ذَوِي الْفُرُوضِ، وَالْكَلَامُ فِي ذَوِي الْأَرْحَامِ (قَوْلُهُ: فَبِالسَّوِيَّةِ) وَلَوْ نَزَلُوا مَنْزِلَةَ الْوَارِثِ مِمَّنْ أَدْلُوا بِهِ لَقُسِمَ الْمَالُ بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ (قَوْلُهُ: كَمَا يَحْجُبُ أَبُوهَا) أَيْ بِنْتِ الشَّقِيقِ وَقَوْلُهُ: أَبَاهَا: أَيْ بِنْتِ الْأَخِ مِنْ الْأَبِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْبَقِيَّةُ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِأَهْلِ الْفَرْضِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلَيَا) الْأَنْسَبُ عُلُوًّا؛ لِأَنَّ عَلَا وَاوِيٌّ، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْهَمْزِيَّةِ لحج أَنَّ الْيَاءَ لُغَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إرْثًا) أَيْ كَمَا هُوَ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ وَقِيلَ مَصْلَحَةً (قَوْلُهُ: عُصُوبَةً) سَيَأْتِي لَهُ مَا قَدْ يُنَاقِضُهُ (قَوْلُهُ: وَغَنِيًّا) وَقِيلَ يُشْتَرَطُ فِيهِمْ الْفَقْرُ (قَوْلُهُ: وَبِنْتَا الْأَخِ وَالْعَمِّ كَأَبِيهِمَا) يَعْنِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُنْفَرِدَةٌ كَأَبِيهَا فَتَحُوزُ جَمِيعَ التَّرِكَةِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ إرْثَ ذَوِي الْأَرْحَامِ كَإِرْثِ مَنْ يُدْلُونَ بِهِ فِي أَنَّهُ إمَّا بِالْفَرْضِ إلَخْ) هَذَا يُنَاقِضُ مَا جَزَمَ بِهِ أَوَّلًا مِنْ أَنَّ إرْثَهُمْ بِالْعُصُوبَةِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ التَّنْزِيلُ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِرْثِ لَا لِلْحَجْبِ) يَعْنِي حَجْبَ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ الْأَصْلِيَّةِ بِدَلِيلِ تَمْثِيلِهِ، فَلَا يُنَافِيهِ مَا ذَكَرَهُ قَبْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُرَاعَى الْحَجْبُ فِيهِمْ إلَخْ، وَعِبَارَةُ وَالِدِهِ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَوْلُهُ: أَيْ شَرْحِ الرَّوْضِ وَهُوَ أَنْ يُنَزَّلَ كُلُّ فَرْعٍ مَنْزِلَةَ أَصْلِهِ إلَخْ لَا فِي حَجْبِ أَحَدِ

[فصل في بيان الفروض التي في القرآن الكريم وذويها]

مُطْلَقًا (وَبَنُو الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ) وَبَنَاتُهُمْ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (وَالْعَمُّ لِلْأُمِّ) أَيْ أَخُو الْأَبِ لِأُمِّهِ (وَبَنَاتُ الْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ) بِالرَّفْعِ (وَالْأَخْوَالُ وَالْخَالَاتُ) وَعُطِفَ عَلَى الْعَشَرَةِ قَوْلُهُ (وَالْمُدْلُونَ بِهِمْ) أَيْ الْمَذْكُورِينَ مَا عَدَا الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّ الْأُمَّ تُدْلِي بِهِ، وَهِيَ ذَاتُ فَرْضٍ. (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْفُرُوضِ الَّتِي فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ وَذَوِيهَا وَهُمْ كُلُّ مَنْ لَهُ سَهْمٌ مُقَدَّرٌ شَرْعًا لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ وَقَدْرُ مَا يَسْتَحِقُّهُ كُلٌّ مِنْهُمْ (الْفُرُوضُ) أَيْ الْأَنْصِبَاءُ (الْمُقَدَّرَةُ) أَيْ الْمَحْصُورَةُ لِلْوَرَثَةِ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا وَلَا يُنْقَصُ عَنْهَا إلَّا لِرَدٍّ أَوْ عَوْلٍ (فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى سِتَّةٌ) بِعَوْلٍ وَبِدُونِهِ وَيَجْمَعُ ذَلِكَ هبادبز وَيُعَبَّرُ عَنْ ذَلِكَ بِأَشْيَاءَ أَخْصَرُهَا الرُّبُعُ وَالثُّلُثُ وَضِعْفُ كُلٍّ وَنِصْفُهُ، وَإِنْ شِئْت قُلْت النِّصْفُ وَنِصْفُهُ وَنِصْفُ نِصْفِهِ وَالثُّلُثَانِ وَنِصْفُهُمَا وَنِصْفُ نِصْفِهِمَا أَوْ النِّصْفُ وَرُبُعُهُ وَالثُّلُثَانِ وَنِصْفُهُمَا وَرُبُعُهُمَا وَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ ثُلُثُ مَا يَبْقَى فِيمَا يَأْتِي لِدَلِيلٍ آخَرَ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْهَا يَأْخُذُهُ بِنَصِّ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّ فِيهِنَّ مَنْ أَخَذَ بِالْإِجْمَاعِ أَوْ الْقِيَاسِ كَمَا يَأْتِي (النِّصْفُ) ، وَإِنَّمَا بَدَأَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ نِهَايَةُ الْكُسُورِ الْمُفْرَدَةِ فِي الْكَثْرَةِ، وَبَدَأَ بَعْضُهُمْ بِالثُّلُثَيْنِ تَأَسِّيًا بِالْكِتَابِ وَلِأَنَّهُ نِهَايَةُ مَا ضُوعِفَ. (فَرْضُ خَمْسَةٍ زَوْجٍ) بِالْجَرِّ، وَيَجُوزُ الرَّفْعُ وَكَذَا النَّصْبُ لَوْلَا تَغْيِيرُهُ لِلَفْظِ الْمَتْنِ وَبَدَءُوا بِهِ تَسْهِيلًا عَلَى الْمُتَعَلِّمِ؛ لِأَنَّ كُلَّمَا قَلَّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ يَكُونُ أَرْسَخَ فِي الذِّهْنِ وَهُوَ عَلَى الزَّوْجَيْنِ أَقَلُّ مِنْهُ عَلَى غَيْرِهِمَا وَالْقُرْآنُ الْعَزِيزُ بِالْأَوْلَادِ؛ لِأَنَّهُمْ أَهَمُّ عِنْدَ الْآدَمِيِّ، وَمِنْ ثَمَّ ابْتَدَءُوا مِنْ تَعْلِيمِ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ بِآخِرِهِ عَلَى خِلَافِ السُّنَّةِ فِي قِرَاءَتِهِ (لَمْ تُخَلِّفْ زَوْجَتُهُ وَلَدًا وَلَا وَلَدَ ابْنٍ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى لِلْآيَةِ، وَابْنُ الِابْنِ، وَإِنْ سَفَلَ مُلْحَقٌ بِهِ بِالْإِجْمَاعِ (وَبِنْتٌ أَوْ بِنْتُ ابْنٍ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ مُنْفَرِدَاتٍ) عَمَّنْ يَأْتِي لِلْآيَاتِ فِيهِنَّ مَعَ الْإِجْمَاعِ عَلَى الثَّانِيَةِ وَعَلَى إخْرَاجِ الْأُخْتِ لِلْأُمِّ مِنْ الْآيَةِ، وَخَرَجَ بِمُنْفَرِدَاتٍ اجْتِمَاعُهُنَّ مَعَ إخْوَتِهِنَّ أَوْ أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ اجْتِمَاعُ بَعْضِهِنَّ مَعَ بَعْضٍ كَمَا يَأْتِي وَلَيْسَ الْمُرَادُ الِانْفِرَادَ مُطْلَقًا فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَ كُلٍّ مِنْ الْأَرْبَعِ زَوْجٌ فَلَهَا النِّصْفُ أَيْضًا. (وَالرُّبُعُ فَرْضُ) اثْنَيْنِ (زَوْجٌ لِزَوْجَتِهِ وَوَلَدٌ أَوْ وَلَدُ ابْنٍ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَارِثٌ، وَإِنْ نَزَلَ لِلْآيَةِ مَعَ الْإِجْمَاعِ فِي وَلَدِ الْوَلَدِ فَإِنْ فُقِدَ الْوَلَدُ أَوْ قَامَ بِهِ مَانِعُ إرْثٍ كَقَتْلٍ أَوْ وَرِثَ بِعُمُومِ الْقَرَابَةِ كَفَرْعِ الْبِنْتِ فَلَهُ النِّصْفُ (وَزَوْجَةٍ) فَأَكْثَرَ إلَى أَرْبَعٍ بَلْ، وَإِنْ زِدْنَ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْفُرُوضِ (قَوْلُهُ: هبادبز) قَبْلَهُ ضَبَطَ ذَوِي الْفُرُوضِ مِنْ هَذَا الرَّجَزِ خُذْهُ مُرَتَّبًا فَقُلْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ السِّتَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الثُّلُثَيْنِ (قَوْلُهُ: لَوْلَا تَغْيِيرُهُ لِلَفْظِ الْمَتْنِ) بِهَامِشٍ أَنَّ هَذَا وُجِدَ مَضْرُوبًا عَلَيْهِ بِخَطِّهِ اهـ. وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ يُمْكِنُ تَخْرِيجُهُ عَلَى لُغَةِ رَبِيعَةَ: أَيْ تَخْرِيجُ النَّصْبِ (قَوْلُهُ: وَبَدَءُوا بِهِ) أَيْ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: أَهَمُّ عِنْدَ الْآدَمِيِّ) أَيْ فِي الِاعْتِنَاءِ بِهِمْ وَالْمُحَافَظَةِ عَلَى وُصُولِ النَّفْعِ إلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ ابْتَدَءُوا) أَيْ جَرَتْ الْعَادَةُ بَيْنَهُمْ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: مِنْ تَعْلِيمِ الْكِتَابِ) هِيَ بِمَعْنًى فِي (قَوْلِهِ عَلَى الثَّانِيَةِ) هِيَ بِنْتُ الِابْنِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ النِّصْفُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالزَّوْجَيْنِ عَنْ فَرْضِهِ (قَوْلُهُ: وَبَنَاتُهُمْ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى) لَا حَاجَةَ إلَى فَهْمِهِ بِالْأَوْلَى مَعَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ فِي الْمَتْنِ مَنْطُوقًا فِي قَوْلِهِ وَبَنَاتُ الْإِخْوَةِ وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَبَنَاتُهُمْ ذُكِرْنَ فِي بَنَاتِ الْإِخْوَةِ. [فَصْل فِي بَيَان الْفُرُوض الَّتِي فِي الْقُرْآن الكريم وذويها] (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْفُرُوضِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقَدْرِ مَا يَسْتَحِقُّهُ كُلٌّ مِنْهُمْ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ (قَوْلُهُ: وَيَجْمَعُ ذَلِكَ هبادبز) هَذَا الضَّابِطُ لِعِدَّةِ مَنْ يَسْتَحِقُّ كُلَّ فَرْضٍ مِنْ الْفُرُوضِ السِّتَّةِ لَا لِعِدَّةِ الْفُرُوضِ فَمَحَلُّهُ عِنْدَ بَيَانِ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْفُرُوضَ الْمَذْكُورَةَ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَبَدَءُوا بِهِ تَسْهِيلًا إلَخْ (قَوْلُهُ: لِلْآيَاتِ فِيهِنَّ مَعَ الْإِجْمَاعِ عَلَى الثَّانِيَةِ) يَعْنِي لِلْآيَاتِ فِيمَا عَدَا الثَّانِيَةَ وَلِلْإِجْمَاعِ

فِي حَقِّ مَجُوسِيٍّ (لَيْسَ لِزَوْجِهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا) كَمَا ذُكِرَ لِلْآيَةِ (وَالثُّمُنُ) لِوَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّهُ (فَرْضُهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ فَأَكْثَرُ (مَعَ أَحَدِهِمَا) كَمَا ذُكِرَ لِلْأَيَّةِ أَيْضًا وَجُعِلَ لَهُ فِي حَالَتَيْهِ ضِعْفُ مَالِهَا فِي حَالَتَيْهَا؛ لِأَنَّ فِيهِ ذُكُورَةً وَهِيَ تَقْتَضِي التَّعْصِيبَ فَكَانَ مَعَهَا كَالِابْنِ مَعَ الْبِنْتِ وَسَيُذْكَرُ تَوَارُثُ الزَّوْجَيْنِ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ. (وَالثُّلُثَانِ فَرْضُ) أَرْبَعٍ (بِنْتَيْنِ فَصَاعِدًا) لِلْآيَةِ وَفَوْقَ فِيهَا صِلَةٌ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ لِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ الْمُسْتَنَدِ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي بِنْتَيْنِ وَزَوْجَةٍ وَابْنِ عَمٍّ فَقَضَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلزَّوْجَةِ بِالثُّمُنِ وَلِلْبِنْتَيْنِ بِالثُّلُثَيْنِ وَلِابْنِ الْعَمِّ بِالْبَاقِي (وَبِنْتَيْ ابْنٍ فَأَكْثَرَ) حَيْثُ لَا بِنْتَ إجْمَاعًا (وَأُخْتَيْنِ فَأَكْثَرَ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ) لِلْآيَةِ فِي الْبِنْتَيْنِ وَالْإِجْمَاعِ فِيمَا زَادَ، عَلَى أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي قِصَّةِ جَابِرٍ لَمَّا مَرِضَ وَسَأَلَ عَنْ إرْثِ أَخَوَاتِهِ السَّبْعِ مِنْهُ، وَمَا قِيلَ لَمَّا مَاتَ غَلَطٌ؛ لِأَنَّهُ عَاشَ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكَثِيرٍ فَكَانَ تَقْدِيرُهَا بِنْتَيْنِ فَأَكْثَرَ، وَيُشْتَرَطُ انْفِرَادُهُنَّ عَمَّنْ يَعْصِبُهُنَّ أَوْ يَحْجُبُهُنَّ حِرْمَانًا أَوْ نُقْصَانًا. (وَالثُّلُثُ فَرْضُ) اثْنَيْنِ: فَرْضُ (أُمٍّ لَيْسَ لِمَيِّتِهَا وَلَدٌ وَلَا وَلَدُ ابْنٍ) وَارِثٌ (وَلَا اثْنَانِ، مِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ) يَقِينًا فَإِنْ شَكَّ فِي نَسَبِ اثْنَيْنِ فَسَيَأْتِي فِي الْمَوَانِعِ الْآتِيَةِ، وَوَلَدُ الْوَلَدِ كَالْوَلَدِ إجْمَاعًا سَوَاءٌ أَكَانُوا أَشِقَّاءَ أَمْ لَا ذُكُورًا أَمْ لَا مَحْجُوبَيْنِ بِغَيْرِهِمَا كَأَخَوَيْنِ لِأُمٍّ مَعَ جَدٍّ أَمْ لَا، وَجَمْعُ الْإِخْوَةِ فِيهَا الْمُرَادُ بِهِ عَدَدٌ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ إجْمَاعًا قَبْلَ ظُهُورِ خِلَافِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَسَيَأْتِي أَنَّ فَرْضَهَا فِي إحْدَى الْغَرَّاوَيْنِ ثُلُثُ مَا يَبْقَى (وَفَرْضُ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ} [النساء: 12] الْآيَةَ: أَيْ مِنْ أُمٍّ إجْمَاعًا، وَقَدْ قُرِئَ كَذَلِكَ شَاذًّا وَهِيَ إذَا صَحَّ سَنَدُهَا كَخَبَرِ الْوَاحِدِ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ بِهَا خِلَافًا لِشَرْحِ مُسْلِمٍ (وَقَدْ يُفْرَضُ) الثُّلُثُ (لِلْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ) فِيمَا يَأْتِي وَبِهِ يَكُونُ الثُّلُثُ لِثَلَاثَةٍ، وَإِنْ كَانَ الثَّالِثُ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ (وَالسُّدُسُ فَرْضُ سَبْعَةٍ أَبٌ وَجَدٌّ) لَمْ يُدْلِ بِأُنْثَى (لِمَيِّتِهِمَا وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ ابْنٍ) وَارِثٌ لِلْآيَةِ وَالْجَدُّ كَالْأَبِ فِيهَا (وَأُمٌّ لِمَيِّتِهَا وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ ابْنٍ) وَارِثٌ (أَوْ اثْنَانِ مِنْ إخْوَةٍ وَأَخَوَاتٍ) ، وَإِنْ لَمْ يَرِثَا لِحَجْبِهِمَا بِالشَّخْصِ دُونَ الْوَصْفِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي كَأَخٍ لِأَبٍ مَعَ شَقِيقٍ وَلِأُمٍّ مَعَ جَدٍّ وَلَوْ كَانَا مُلْتَصِقَيْنِ وَلِكُلٍّ رَأْسٌ وَيَدَانِ وَرِجْلَانِ وَفَرْجٌ إذْ حُكْمُهُمَا حُكْمُ الِاثْنَيْنِ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ كَمَا فِي فُرُوعِ ابْنِ الْقَطَّانِ، فَإِنْ اجْتَمَعَ مَعَهَا وَلَدٌ وَأَخَوَانِ فَالْحَاجِبُ لَهَا الْوَلَدُ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى (وَجَدَّةٌ) وَارِثَةٌ لِأَبٍ أَوْ أُمٍّ فَأَكْثَرُ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَاهَا السُّدُسَ وَقَضَى بِهِ لِلْجَدَّتَيْنِ (وَلِبِنْتِ ابْنٍ) فَأَكْثَرَ (مَعَ بِنْتِ صُلْبٍ) أَوْ بِنْتِ ابْنٍ أَعْلَى مِنْهَا إجْمَاعًا (وَلِأُخْتٍ أَوْ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ مَعَ أُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ) قِيَاسًا عَلَى مَا قَبْلَهُ (وَلِوَاحِدٍ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى وَقَدْ يَرِثُ بَعْضُ الْمَذْكُورِينَ بِالتَّعْصِيبِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي. ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ لِلزَّوْجِ (قَوْلُهُ: فِي حَقِّ نَحْوِ مَجُوسِيٍّ) أَيْ لِلْحُكْمِ بِصِحَّةِ نِكَاحِ الْكُفَّارِ مُطْلَقًا حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ مُفْسِدٌ يَعْتَقِدُونَهُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ مُبَاحِهِ اخْتَارَ مُبَاحَهُ، وَإِنْ تَأَخَّرَ نِكَاحُهُنَّ (قَوْلُهُ: صِلَةٌ) أَيْ زَائِدَةٌ وَقَوْلُهُ: لِلْإِجْمَاعِ صِلَةُ قَوْلِهِ صِلَةٌ (قَوْلُهُ: مِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ) أَيْ فَإِنْ وُجِدَ ذَلِكَ الْعَدَدُ مَعَهَا رُدَّتْ إلَى السُّدُسِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: لَا مَحْجُوبَيْنِ بِغَيْرِهِمَا) بِخِلَافِ الْحَجْبِ بِالْوَصْفِ كَالْقَتْلِ وَالرِّقِّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَا مُلْتَصِقَيْنِ) غَايَةٌ. (قَوْلُهُ: فَالْحَاجِبُ لَهَا الْوَلَدُ) اُنْظُرْ هَلْ لِتَخْصِيصِ الْحَجْبِ بِالْوَلَدِ دُونَ الْأَخَوَيْنِ فَائِدَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيهَا، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي فِي ابْنِ الِابْنِ فِي حَجْبِهِ لِلزَّوْجِ (قَوْلُهُ: عَلَى الثَّانِيَةِ) أَيْ الثَّانِيَةِ فِي تَعْدَادِ الْإِنَاثِ وَهِيَ بِنْتُ الِابْنِ (قَوْلُهُ: سَيُذْكَرُ) أَيْ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ تَوَارَثَ (قَوْلُهُ: وَلِأُمٍّ مَعَ جَدٍّ) يَعْنِي وَأَخَوَيْنِ لِأُمٍّ بَدَلَ الْأَخِ لِلْأَبِ وَالشَّقِيقِ أَوْ لِأُمٍّ مَعَ جَدٍّ وَمَعَ الشَّقِيقِ الْمَذْكُورِ فَتَأَمَّلْ.

[فصل في الحجب]

(فَصْلٌ) فِي الْحَجْبِ وَهُوَ لُغَةً الْمَنْعُ، وَشَرْعًا: مَنْعُ مَنْ قَامَ بِهِ سَبَبُ الْإِرْثِ مِنْ الْإِرْثِ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ مِنْ أَوْفَرِ حَظَّيْهِ، وَيُسَمَّى الْأَوَّلُ حَجْبُ حِرْمَانٍ وَهُوَ إمَّا بِالشَّخْصِ أَوْ الِاسْتِغْرَاقِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا أَوْ الْوَصْفِ وَسَيَأْتِي. وَالثَّانِي حَجْبُ نُقْصَانٍ وَقَدْ مَرَّ، وَمِنْهُ حَجْبُ الْفَرْعِ لِلزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجِ أَوْ لِلْأَبَوَيْنِ (الْأَبُ وَالِابْنُ وَالزَّوْجُ لَا يَحْجُبُهُمْ أَحَدٌ) مِنْ الْإِرْثِ حِرْمَانًا بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ أَدْلَى لِلْمَيِّتِ بِنَفْسِهِ وَلَيْسَ فَرْعًا عَنْ غَيْرِهِ، بِخِلَافِ الْمُعْتِقِ فَإِنَّهُ، وَإِنْ أَدْلَى بِنَفْسِهِ لَكِنَّهُ فَرْعٌ عَنْ النَّسَبِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُهُ فَقُدِّمَ عَلَيْهِ (وَابْنُ الِابْنِ) ، وَإِنْ سَفَلَ (لَا يَحْجُبُهُ إلَّا الِابْنُ) أَبَاهُ كَانَ لِإِدْلَائِهِ بِهِ أَوْ عَمَّهُ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مِنْهُ (أَوْ ابْنٌ أَقْرَبُ مِنْهُ) كَابْنِ ابْنِ ابْنٍ وَابْنِ ابْنِ ابْنِ ابْنٍ، وَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَنَا، وَإِنْ سَفَلَ انْتِظَامُ اسْتِثْنَاءِ نَحْوِ هَذِهِ الصُّورَةِ، وَيَحْجُبُهُ أَيْضًا أَصْحَابُ فُرُوضٍ مُسْتَغْرِقَةٍ كَأَبَوَيْنِ وَبِنْتَيْنِ (وَالْجَدُّ) ، وَإِنْ عَلَا (لَا يَحْجُبُهُ إلَّا مُتَوَسِّطٌ) ذَكَرٌ (بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَيِّتِ) إجْمَاعًا كَالْأَبِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ أَدْلَى بِوَاسِطَةٍ حَجَبَتْهُ إلَّا أَوْلَادَ الْأُمِّ، وَخَرَجَ بِذَكَرٍ مَنْ أَدْلَى بِأُنْثَى فَلَا يَرِثُ أَصْلًا فَلَا يُسَمَّى حَجْبًا كَمَا عُلِمَ مِنْ حَدِّهِ السَّابِقِ وَلِهَذَا لَمْ يُقَيِّدْهُ الْمُصَنِّفُ بِهِ، وَعَبَّرَ بِمُتَوَسِّطٍ؛ لِيَتَنَاوَلَ حَجْبَ الْجَدِّ لِأَبِيهِ وَمَا فَوْقَهُ مِنْ الصُّوَرِ. (وَالْأَخُ لِأَبَوَيْنِ يَحْجُبُهُ الْأَبُ وَالِابْنُ وَابْنُ الِابْنِ) ، وَإِنْ سَفَلَ إجْمَاعًا (وَ) الْأَخُ (لِأَبٍ يَحْجُبُهُ هَؤُلَاءِ) ؛ لِأَنَّهُمْ حَجَبُوا الشَّقِيقَ فَهُوَ أَوْلَى (وَأَخٌ لِأَبَوَيْنِ) لِقُوَّتِهِ بِزِيَادَةِ قُرْبِهِ، وَيَحْجُبُهُ أَيْضًا أُخْتٌ شَقِيقَةٌ مَعَهَا بِنْتٌ أَوْ بِنْتُ ابْنٍ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ حَجْبًا بِالِاسْتِغْرَاقِ لَكِنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ حَجْبًا بِأَقْرَبَ مِنْهُ، وَلَا يُرَدُّ عَلَى تَعْبِيرِهِ الْمَذْكُورِ، وَإِنْ لَمْ يَشْمَلْهُ قَوْلُهُ الْآتِي: وَكُلُّ عَصَبَةٍ يَحْجُبُهَا أَصْحَابُ فُرُوضٍ مُسْتَغْرِقَةٌ إذْ الْأُخْتُ هُنَا لَمْ تَأْخُذْ إلَّا تَعْصِيبًا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي مُطْلَقِ مَنْ يَحْجُبُهُ وَكُلٌّ مِنْ الْبِنْتِ أَوْ بِنْتِ الِابْنِ وَالشَّقِيقَةِ لَا تَحْجُبُهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ (وَ) الْأَخُ (لِأُمٍّ يَحْجُبُهُ أَبٌ وَجَدٌّ وَوَلَدٌ وَوَلَدُ ابْنٍ) ، وَإِنْ سَفَلَ وَلَوْ أُنْثَى؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَّرَ الْكَلَالَةَ فِي الْآيَةِ الَّتِي فِيهَا إرْثُ وَلَدِ الْأُمِّ كَمَا مَرَّ بِأَنَّهُ مَنْ لَمْ يُخَلِّفْ وَلَدًا وَلَا وَالِدًا (وَابْنُ أَخٍ لِأَبَوَيْنِ) يَحْجُبُهُ سِتَّةٌ (أَبٌ وَجَدٌّ) ، وَإِنْ عَلَا؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْهُ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ يُقَاسِمُ أَبَا الْجَدِّ لِاسْتِوَاءِ دَرَجَتَيْهِمَا كَأَخٍ مَعَ الْجَدِّ رُدَّ بِأَنَّ هَذَا خَرَجَ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ) فِي الْحَجْبِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُرَادُ) أَيْ الْحَجْبُ بِالشَّخْصِ أَوْ الِاسْتِغْرَاقِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ سَبَبُهُ) أَيْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ عُصُوبَةٌ سَبَبُهَا نِعْمَةُ الْمُعْتِقِ عَلَى عَتِيقِهِ فَأَشْبَهَتْ نِعْمَةَ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ بِالْإِيجَادِ فَكَأَنَّ النَّسَبَ سَبَبٌ لِلْوَلَاءِ مِنْ حَيْثُ مُشَابَهَتُهُ لَهُ، وَعِبَارَةُ حَجّ: لِأَنَّهُ مُشَبَّهٌ بِهِ. اهـ. وَهِيَ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ: أَصْحَابُ فُرُوضٍ مُسْتَغْرِقَةٍ) وَلَا تَرِدُ هَذِهِ الصُّورَةُ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِعِلْمِهَا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَكُلُّ عَصَبَةٍ يَحْجُبُهُ أَصْحَابُ فُرُوضٍ مُسْتَغْرِقَةٍ (قَوْلُهُ: إلَّا أَوْلَادَ الْأُمِّ) أَيْ فَإِنَّهُمْ يَحْجُبُونَهَا مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ (قَوْلُهُ: وَلَا وَالِدًا) أَيْ وَارِثًا ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي الْحَجْبِ] ِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ مُشَبَّهٌ بِهِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» وَفِي نُسَخٍ مِنْ الشَّارِحِ:؛ لِأَنَّهُ سَبَبُهُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ مِنْ النُّسَّاخِ وَإِنْ وَجَّهَهُ الشَّيْخُ فِي حَاشِيَتِهِ مِمَّا لَا يَشْفِي (وَقَوْلُهُ وَلَا يَرِدُ عَلَى تَعْبِيرِهِ الْمَذْكُورِ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم: كَأَنَّهُ وَجَّهَهُ أَنَّ الْإِيرَادَ يَتَبَادَرُ مِنْ الْعِبَارَةِ انْحِصَارُ حَاجِبِهِ فِيمَنْ ذَكَرَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَشْمَلْهُ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ ادَّعَى شُمُولَهُ، فَغَرَضُ الشَّارِحِ بِهَذِهِ الْغَايَةِ الرَّدُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي مُطْلَقِ مَنْ يَحْجُبُهُ) الْأَوْلَى مَنْ يَحْجُبُهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ كَمَا قَالَهُ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ، وَقَوْلُهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ الْأَوْلَى عَلَى الْإِطْلَاقِ

عَنْ الْقِيَاسِ كَمَا يَأْتِي فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ (وَابْنٌ وَابْنُهُ وَأَخٌ لِأَبَوَيْنِ وَلِأَبٍ) لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مِنْهُ، وَذَكَرَ سِتَّةً هُنَا لِدَفْعِ تَوَهُّمِ التَّكْرَارِ الْمَحْضِ عَنْ هَذَا وَمَا يَلِيهِ وَلِيُفِيدَ أَنَّ قَوْلَهُ (وَلِأَبٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى لِأَبَوَيْنِ الْأَوَّلِ لَا عَلَى مَا يَلِيهِ (يَحْجُبُهُ هَؤُلَاءِ) السِّتَّةُ (وَابْنُ الْأَخِ لِأَبَوَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى (وَالْعَمُّ لِأَبَوَيْنِ يَحْجُبُهُ هَؤُلَاءِ) السَّبْعَةُ (وَابْنُ أَخٍ لِأَبٍ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مِنْهُ (وَ) الْعَمُّ (لِأَبٍ يَحْجُبُهُ هَؤُلَاءِ) الثَّمَانِيَةُ (وَعَمٌّ لِأَبَوَيْنِ) لِذَلِكَ وَلَا يَرِدُ عَلَى عِبَارَتِهِ هَذِهِ وَمَا بَعْدَهَا أَنَّ الْعَمَّ يُطْلَقُ عَلَى عَمِّ الْمَيِّتِ وَعَمِّ أَبِيهِ وَعَمِّ جَدِّهِ، وَابْنُ عَمِّ الْمَيِّتِ يُقَدَّمُ عَلَى عَمِّ أَبِيهِ وَابْنُ عَمِّ أَبِيهِ يُقَدَّمُ عَلَى عَمِّ جَدِّهِ لِقُوَّةِ جِهَتِهِ، كَمَا يُقَدَّمُ ابْنُ الْأَبِ وَهُوَ الْأَخُ عَلَى ابْنِ الْجَدِّ وَهُوَ الْعَمُّ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ عَمُّ الْمَيِّتِ لَا عَمُّ أَبِيهِ وَلَا عَمُّ جَدِّهِ؛ لِانْصِرَافِ اللَّفْظِ لَهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ حَمْلًا عَلَى الْحَقِيقَةِ (وَابْنُ عَمِّ لِأَبَوَيْنِ يَحْجُبُهُ هَؤُلَاءِ) التِّسْعَةُ (وَعَمٌّ لِأَبٍ وَ) ابْنُ عَمٍّ (لِأَبٍ يَحْجُبُهُ هَؤُلَاءِ) الْعَشَرَةُ (وَابْنُ عَمٍّ لِأَبَوَيْنِ) لِذَلِكَ، وَطَرِيقَةُ الشَّارِحِ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ إنْ اخْتَلَفَتْ الدَّرَجَةُ عَلَّلَ بِأَنَّهُ أَقْرَبُ مِنْهُ كَابْنِ أَخٍ لِأَبَوَيْنِ وَأَخٌ لِأَبٍ، وَإِنْ اتَّحَدَتْ كَالشَّقِيقِ وَالْأَخِ لِأَبٍ عَلَّلَ بِأَنَّهُ أَقْوَى (وَالْمُعْتِقُ يَحْجُبُهُ عَصَبَةُ النَّسَبِ) إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ النَّسَبَ أَقْوَى وَمِنْ ثَمَّ اُخْتُصَّ بِالْحُرْمِيَّةِ وَوُجُوبِ النَّفَقَةِ وَسُقُوطِ الْقَوَدِ وَالشَّهَادَةِ وَنَحْوِهَا عَلَى مَا سَيَأْتِي. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ حَجْبِ الذُّكُورِ شَرَعَ فِي حَجْبِ الْإِنَاثِ فَقَالَ (وَالْبِنْتُ وَالْأُمُّ وَالزَّوْجَةُ لَا يُحْجَبْنَ) حِرْمَانًا إجْمَاعًا (وَبِنْتُ الِابْنِ يَحْجُبُهَا ابْنٌ) مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ أَبُوهَا أَوْ عَمُّهَا (أَوْ بِنْتَانِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا مَنْ يَعْصِبُهَا) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ الثُّلُثَيْنِ شَيْءٌ فَإِنْ وُجِدَ مَعَهَا ذَلِكَ كَأَخِيهَا وَابْنِ عَمِّهَا أَخَذَتْ مَعَهُ الثُّلُثَ الْبَاقِي تَعْصِيبًا (وَالْجَدَّةُ لِلْأُمِّ لَا يَحْجُبُهَا إلَّا الْأُمُّ) لِإِدْلَائِهَا بِهَا وَلَا كَذَلِكَ الْأَبُ وَالْجَدُّ (وَ) الْجَدَّةُ (لِلْأَبِ يَحْجُبُهَا الْأَبُ) لِإِدْلَائِهَا بِهِ خِلَافًا لِجَمْعٍ ذَهَبُوا إلَى عَدَمِ حَجْبِهِ لَهَا لِحَدِيثٍ فِيهِ لَكِنْ ضَعَّفَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَغَيْرُهُ، وَقَدْ تَرِثُ وَابْنُ ابْنِهَا أَوْ ابْنُ بِنْتِهَا حَيٌّ مِنْ أَبِيهِ فِي صُورَةٍ هِيَ أَنْ تَكُونَ جَدَّةٌ مِنْ وَجْهَيْنِ بِأَنْ يَمُوتَ ابْنُهَا أَوْ بِنْتُهَا وَتَتْرُكُ وَلَدًا مُتَزَوِّجًا بِنْتَ عَمَّتِهِ أَوْ خَالَتِهِ وَلَهُ مِنْهَا وَلَدٌ فَيَمُوتُ هَذَا الْوَلَدُ بَعْدَ مَوْتِ أُمِّهِ وَأُمِّهَا وَيَتْرُكُ أَبًا وَجَدَّتَهُ الْعُلْيَا الَّتِي هِيَ أُمُّ أُمِّ أُمِّهِ وَأُمُّ أَبِي أَبِيهِ أَوْ أُمُّ أُمِّ أَبِيهِ فَتَرِثُهُ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ ابْنَ بِنْتِ بِنْتِهَا لَا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ ابْنَ ابْنِ ابْنِهَا أَوْ ابْنَ ابْنِ بِنْتِهَا (وَالْأُمُّ) إجْمَاعًا وَلِأَنَّهَا أَقْرَبُ مِنْهَا فِي الْأُمُومَةِ الَّتِي بِهَا الْإِرْثُ (وَ) الْجَدَّةُ (الْقُرْبَيْ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ تَحْجُبُ الْبَعْدِي مِنْهَا) سَوَاءٌ أَدْلَتْ بِهَا كَأُمِّ أَبٍ وَأُمِّ أُمِّ أَبٍ وَأُمِّ أُمٍّ وَأُمِّ أُمِّ أُمِّ أُمٍّ لَا كَأُمِّ أَبٍ وَأُمِّ أَبِي أَبٍ. نَعَمْ إنْ كَانَتْ الْبُعْدَى جَدَّةً مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى لَمْ تُحْجَبْ كَمَا فِي الْجَدَّةِ الْعُلْيَا فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ، فَإِنَّ بِنْتَهَا الَّتِي هِيَ أُمُّ أُمِّ الْمَيِّتِ لَا تُسْقِطُهَا؛ لِأَنَّهَا: أَعْنِي الْعُلْيَا أُمُّ أُمِّ أَبِيهِ فَهِيَ مُسَاوِيَةٌ لَهَا مِنْ جِهَةِ الْأَبِ فَوَرِثَتْ مَعَهَا لَا مِنْ جِهَتِهَا وَلَيْسَ لَنَا جَدَّةٌ تَرِثُ مَعَ بِنْتِهَا الْوَارِثَةِ إلَّا هَذِهِ (وَالْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ كَأُمِّ أُمٍّ تَحْجُبُ الْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ كَأُمِّ أُمِّ أَبٍ) فَتَنْفَرِدُ الْأُولَى بِالسُّدُسِ؛ لِأَنَّ لَهَا قُوَّتَيْنِ قُرْبُهَا بِدَرَجَةٍ، وَكَوْنُ الْأُمِّ هِيَ الْأَصْلَ وَالْجَدَّاتِ كَالْفَرْعِ لَهَا (وَالْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ) كَأُمِّ الْأَبِ (لَا تَحْجُبُ الْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ) كَأُمِّ أُمِّ أُمٍّ (فِي الْأَظْهَرِ) بَلْ يَشْتَرِكَانِ فِي السُّدُسِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ لَا يَحْجُبُهَا فَالْجَدَّةُ الْمُدْلِيَةُ بِهِ أَوْلَى، وَفَارَقَ هَذَا الْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ بِقُوَّةِ قَرَابَتِهَا الَّتِي قَاسَ عَلَيْهِ الثَّانِي الْقَائِلُ بِحَجْبِهَا لِلْقُرْبِ كَمَا لَوْ كَانَتْ الْقُرْبَى مِنْ الْجِهَتَيْنِ بِخِلَافِ الْأَبِ، وَمِنْ ثَمَّ حُجِبَتْ جَمِيعُ الْجَدَّاتِ مِنْ الْجِهَتَيْنِ بِخِلَافِهِ، وَالْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ أُمَّهَاتِ الْأَبِ كَأُمِّ أُمِّ أَبٍ تُسْقِطُ بِعِدَى جِهَةِ آبَائِهِ كَأُمِّ أُمِّ أَبِي الْأَبِ وَأُمِّ أَبِي أَبِي الْأَبِ، وَالْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ آبَائِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَطَرِيقَةُ الشَّارِحِ فِي هَذَا الْبَابِ) قَضِيَّةُ تَقْيِيدِهِ بِالشَّارِحِ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ طَرِيقَةً لِلْفَرْضِيِّينَ، وَقَدْ يُقَالُ: لَا وَجْهَ لِتَقْيِيدِهِ بِالشَّارِحِ فَإِنَّ هَذِهِ طَرِيقَةٌ مَشْهُورَةٌ فِيمَا بَيْنَهُمْ، ثُمَّ قَوْلُهُ: فِي هَذَا الْبَابِ أَشَارَ بِهِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْوَقْفِ وَالْوَصَايَا فَإِنَّ الْأَقْرَبَ فِيهِمَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْأَقْوَى. فَلَوْ وَقَفَهُ عَلَى أَقْرَبِ النَّاسِ إلَيْهِ وَلَهُ أَخٌ شَقِيقٌ وَأَخٌ لِأَبٍ قُدِّمَ الشَّقِيقُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَوُجُوبُ النَّفَقَةِ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ لِغَيْرِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَقَارِبِ (قَوْلُهُ: فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ، وَقَدْ تَرِثُ وَابْنُ ابْنِهَا أَوْ ابْنُ بِنْتِهَا حَيٌّ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

كَأُمِّ أَبِي أَبِيهِ لَا تُسْقِطُ بُعْدَى مِنْ جِهَةِ أُمَّهَاتِهِ كَأُمِّ أُمِّ أُمِّ الْأَبِ عَلَى الْأَظْهَرِ أَخْذًا بِرِوَايَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَنْ زَيْدٍ؛ لِأَنَّهُمْ لِكَوْنِهِمْ أَهْلَ بَلَدِهِ أَعْرَفُ بِمَرْوِيِّهِ مِنْ غَيْرِهِمْ (وَالْأُخْتُ مِنْ الْجِهَاتِ) كُلِّهَا (كَالْأَخِ) فَيَحْجُبُهَا مَنْ يَحْجُبُهُ بِتَفْصِيلِهِ السَّابِقِ، نَعَمْ الشَّقِيقَةُ أَوْ الَّتِي لِلْأَبِ لَا يَحْجُبُهَا فُرُوضٌ مُسْتَغْرِقَةٌ حَيْثُ فُرِضَ لَهَا، وَاَلَّتِي لِأَبٍ لَهَا السُّدُسُ مَعَ الشَّقِيقَةِ، وَالْأَخُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَلَا يَرِدُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ كَلَامِهِ (وَالْأَخَوَاتُ الْخُلَّصُ الْأَبُ يَحْجُبُهُنَّ أَيْضًا) شَقِيقَةٌ مَعَ بِنْتٍ لِاسْتِغْرَاقِهِمَا وَ (أُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ الثُّلُثَيْنِ شَيْءٌ، وَخَرَجَ بِالْخُلَّصِ مَا لَوْ كَانَ مَعَهُنَّ أَخٌ لِأَبٍ فَيَعْصِبُهُنَّ وَيَأْخُذُ الثُّلُثَ هُوَ وَهُمَا (وَالْمُعْتِقَةُ كَالْمُعْتِقِ) فَيَحْجُبُهَا وَعَصِبَاتُ النَّسَبِ (وَكُلُّ عَصَبَةٍ) يُمْكِنُ حَجْبُهُ وَلَمْ يَنْتَقِلْ عَنْ التَّعْصِيبِ لِلْفَرْضِ (يَحْجُبُهُ) اُسْتُشْكِلَ تَسْمِيَةُ هَذَا حَجْبًا بِهَا، وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ لَا مُشَاحَّةَ فِي الِاصْطِلَاحِ فَأَخْذُ الشَّارِحِ بِقَضِيَّةِ الْإِشْكَالِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ (أَصْحَابُ فُرُوضٍ مُسْتَغْرِقَةٍ) لِلتَّرِكَةِ كَزَوْجٍ وَأُمٍّ وَأَخٍ لِأُمٍّ وَعَمٍّ فَلَا شَيْءَ لِلْعَمِّ لِحَجْبِهِ بِاسْتِغْرَاقِ الْفُرُوضِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ فِي بَعْضِ نُسَخِهِ بَدَلَ الْأَخِ لِلْأُمِّ الْجَدُّ صَحِيحٌ، فَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الْهَائِمِ بِأَنَّ الْجَدَّ يَأْخُذُ بِالْفَرْضِ إذَا لَمْ يَبْقَ إلَّا السُّدُسُ أَوْ دُونَهُ أَوْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ، وَخَرَجَ بِيُمْكِنُ الْوَلَدُ فَإِنَّهُ عَصَبَةٌ لَا يُمْكِنُ حَجْبُهُ، وَخَرَجَ بِلَمْ يَنْتَقِلْ عَنْ الْعَصِيبِ الْأَخُ لِأَبَوَيْنِ فِي لِعَصَبَتِهِ، وَالْأُخْتُ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ فِي الْأَكْدَرِيَّةِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا عَصَبَةٌ وَلَمْ يَحْجُبْهُ الِاسْتِغْرَاقُ؛ لِأَنَّهُ انْتَقَلَ لِلْفَرْضِ، وَإِنْ لَمْ يَرِثْ بِهِ فِي الْأَكْدَرِيَّةِ. وَاعْلَمْ أَنَّ شَرْطَ الْحَجْبِ فِي كُلِّ مَا مَرَّ الْإِرْثُ، فَمَنْ لَمْ يَرِثْ لِمَانِعٍ مِمَّا يَأْتِي لَا يَحْجُبُ غَيْرَهُ حِرْمَانًا وَلَا نُقْصَانًا أَوْ يُحْجَبُ كَذَلِكَ إلَّا فِي صُورَةٍ، كَالْإِخْوَةِ مَعَ الْأَبِ يُحْجَبُونَ بِهِ وَيَرُدُّونَ الْأُمَّ مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ، وَوَلَدَاهَا مَعَ الْجَدِّ يُحْجَبَانِ بِهِ وَيَرُدَّانِهَا إلَى السُّدُسِ، وَفِي زَوْجٍ وَشَقِيقَةٍ وَأُمٍّ وَأَخٍ لِأَبٍ لَا شَيْءَ لِلْأَخِ مَعَ أَنَّهُ مَعَ الشَّقِيقَةِ يَرُدَّانِ الْأُمَّ إلَى السُّدُسِ. (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ إرْثِ الْأَوْلَادِ وَأَوْلَادِهِمْ انْفِرَادًا وَاجْتِمَاعًا (الِابْنُ) الْمُنْفَرِدُ (يَسْتَغْرِقُ الْمَالَ) بِالْعُصُوبَةِ (وَكَذَا الْبَنُونَ) إجْمَاعًا (وَلِلْبِنْتِ) الْمُنْفَرِدَةِ عَمَّنْ يَعْصِبُهَا (النِّصْفُ وَلِبِنْتَيْنِ) كَذَلِكَ (فَصَاعِدًا الثُّلُثَانِ) كَمَا مَرَّ وَذَكَرَهُ هُنَا تَتْمِيمًا وَتَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ (وَلَوْ) (اجْتَمَعَ بَنُونَ وَبَنَاتٌ) (فَالْمَالُ لَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) لِلْآيَةِ وَالْإِجْمَاعِ، وَفُضِّلَ الذَّكَرُ لِاخْتِصَاصِهِ بِنَحْوِ النُّصْرَةِ وَتَحَمُّلِ الْعَقْلِ وَالْجِهَادِ وَصَلَاحِيَّتِهِ لِلْإِمَامَةِ وَالْقَضَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَجُعِلَ لَهُ مِثْلَاهَا؛ لِأَنَّ لَهُ حَاجَتَيْنِ حَاجَةً لِنَفْسِهِ وَحَاجَةً لِزَوْجَتِهِ، وَهِيَ لَهَا الْأُولَى، بَلْ قَدْ تَسْتَغْنِي بِالزَّوْجِ وَلَمْ يُنْظَرْ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهَا الِاحْتِيَاجُ، وَلِأَنَّهُ قَدْ لَا يَرْغَبُ فِيهَا غَالِبًا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ فَأَبْطَلَ اللَّهُ تَعَالَى حِرْمَانَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ لَهَا (وَأَوْلَادُ الِابْنِ) ، وَإِنْ سَفَلُوا (إذَا انْفَرَدُوا كَأَوْلَادِ الصُّلْبِ) فِيمَا ذُكِرَ إجْمَاعًا لِتَنْزِيلِهِمْ مَنْزِلَتَهُمْ (فَلَوْ) (اجْتَمَعَ الصِّنْفَانِ) أَيْ أَوْلَادُ الصُّلْبِ وَأَوْلَادُ الِابْنِ (فَإِنْ كَانَ مِنْ وَلَدِ الصُّلْبِ ذَكَرٌ) وَحْدَهُ أَوْ مَعَ أُنْثَى (حَجَبَ أَوْلَادَ الِابْنِ) إجْمَاعًا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ ذَكَرٌ (فَإِنْ كَانَ لِلصُّلْبِ بِنْتٌ فَلَهَا النِّصْفُ وَالْبَاقِي لِوَلَدِ الِابْنِ الذُّكُورِ أَوْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ) لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ قِيَاسًا عَلَى أَوْلَادِ الصُّلْبِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) فِيهِمْ (إلَّا أُنْثَى أَوْ إنَاثٌ فَلَهَا أَوْ لَهُنَّ السُّدُسُ) تَكْمِلَةُ الثُّلُثَيْنِ إجْمَاعًا؛ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لَا تَسْقُطُ بُعْدَى) أَيْ جَدَّةٌ بُعْدَى (قَوْلُهُ: حَجْبًا بِهَا) أَيْ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ (قَوْلُهُ: فَمَنْ لَمْ يَرِثْ لِمَانِعٍ) أَيْ أَوْ لِكَوْنِهِ مَحْجُوبًا بِغَيْرِهِ فَلَا يُحْجَبُ إلَّا فِي صُورَةٍ إلَخْ فَإِنَّهُ مَحْجُوبٌ وَمَعَ ذَلِكَ حَجَبَ غَيْرَهُ. (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ إرْثِ الْأَوْلَادِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُنْظَرْ إلَيْهِ) أَيْ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: قَضَى بِهِ) أَيْ السُّدُسِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[فصل في كيفية إرث الأصول]

لِلْوَاحِدَةِ. (وَإِنْ كَانَ لِلصُّلْبِ بِنْتَانِ فَصَاعِدًا أَخَذَتَا) أَوْ أَخَذْنَ (الثُّلُثَيْنِ) كَمَا مَرَّ (وَالْبَاقِي لِوَلَدِ الِابْنِ الذُّكُورِ) بِالسَّوِيَّةِ (أَوْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ) لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ (وَلَا شَيْءَ لِلْإِنَاثِ الْخُلَّصِ) إجْمَاعًا (إلَّا أَنْ يَكُونَ أَسْفَلَ مِنْهُنَّ) أَوْ مُسَاوِيهِنَّ كَمَا عُلِمَ بِالْأُولَى، وَقَدْ يَدْخُلُ فِيمَا قَبْلَهُ بِأَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ لِوَلَدِ الِابْنِ لِلْجِنْسِ الصَّادِقِ بِأَخِيهِنَّ وَابْنِ عَمِّهِنَّ، بَلْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ الْآتِي إلَّا أَنَّ بَنَاتَ الِابْنِ يَعْصِبُهُنَّ مَنْ فِي دَرَجَتِهِنَّ أَوْ أَسْفَلَ (ذَكَرٌ فَيَعْصِبُهُنَّ) لِتَعَذُّرِ إسْقَاطِهِ؛ لِكَوْنِهِ عَصَبَةً ذَكَرًا، وَحِيَازَتُهُ مَعَ بُعْدِهِ أَوْ مُسَاوَاتِهِ فَأَخَذَ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ مِثْلَيْ نَصِيبِ الْوَاحِدَةِ مِنْهُنَّ وَيُسَمَّى الْأَخُ الْمُبَارَكُ (وَأَوْلَادُ ابْنِ الِابْنِ مَعَ أَوْلَادِ الِابْنِ كَأَوْلَادِ الِابْنِ مَعَ أَوْلَادِ الصُّلْبِ) فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ (وَكَذَا سَائِرُ الْمَنَازِلِ) وَلِكُلِّ ذَوِي دَرَجَةٍ نَازِلَةٍ مَعَ أَعْلَى مِنْهَا حُكْمُ مَا ذُكِرَ (وَإِنَّمَا) (يَعْصِبُ الذَّكَرُ النَّازِلُ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ) كَأُخْتِهِ وَبِنْتِ عَمِّهِ فَيَأْخُذُ مِثْلَيْهَا اسْتَغْرَقَ الثُّلُثَيْنِ أَمْ لَا وَخَرَجَ بِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ مَنْ هِيَ أَسْفَلُ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُسْقِطُهَا. (وَيَعْصِبُ مَنْ) هِيَ (فَوْقَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا شَيْءٌ مِنْ الثُّلُثَيْنِ) كَبِنْتَيْ صُلْبٍ وَبِنْتِ ابْنٍ وَابْنِ ابْنِ ابْنٍ فَإِنْ كَانَ لَهَا شَيْءٌ مِنْهُمَا لَمْ يَعْصِبْهَا كَبِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ وَابْنِ ابْنِ ابْنٍ؛ لِأَنَّ لَهَا فَرْضًا اسْتَغْنَتْ بِهِ عَنْ تَعْصِيبِهِ وَهُوَ السُّدُسُ وَلَهُ الثُّلُثُ الْبَاقِي، وَلَوْ كَانَ لَهُ فِي هَذَا الْمِثَالِ بِنْتُ ابْنِ ابْنٍ أَيْضًا قُسِّمَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ لَا شَيْءَ لَهَا فِي السُّدُسِ الَّذِي هُوَ تَكْمِلَةُ الثُّلُثَيْنِ فَعَصَبَهَا، قَالُوا: وَلَيْسَ لَنَا مَنْ يَعْصِبُ أُخْتَهُ وَعَمَّتَهُ وَعَمَّةَ أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَبَنَاتَ أَعْمَامِهِ وَأَعْمَامَ أَبِيهِ وَجَدِّهِ إلَّا الْمُسْتَقِلَّ مِنْ أَوْلَادِ الِابْنِ. (فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ إرْثِ الْأُصُولِ وَقَدَّمَ الْفُرُوعَ؛ لِأَنَّهُمْ أَقْوَى (الْأَبُ يَرِثُ بِفَرْضٍ) فَقَطْ هُوَ السُّدُسُ غَيْرُ عَائِلٍ (إذَا كَانَ مَعَهُ ابْنٌ أَوْ ابْنُ ابْنٍ) وَارِثٌ أَوْ بِنْتَانِ وَأُمٌّ وَعَائِلًا إذَا كَانَ مَعَهُ بِنْتَانِ وَأُمٌّ وَزَوْجٌ (وَ) يَرِثُ (بِتَعْصِيبٍ) فَقَطْ (إذَا لَمْ يَكُنْ) مَعَهُ (وَلَدٌ وَلَا وَلَدُ ابْنٍ) سَوَاءٌ كَانَ وَحْدَهُ أَمْ مَعَهُ صَاحِبُ فَرْضٍ كَزَوْجَةٍ وَأُمٍّ أَوْ جَدَّةٍ (وَ) يَرِثُ (بِهِمَا إذَا كَانَ) مَعَهُ (بِنْتٌ أَوْ بِنْتُ ابْنٍ) أَوْ هُمَا أَوْ بِنْتَانِ أَوْ بِنْتَا ابْنٍ فَ " أَوْ " فِي كَلَامِهِ مَانِعَةُ خُلُوٍّ لَا مَانِعَةُ جَمْعٍ (لَهُ السُّدُسُ فَرْضًا وَالْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِهِمَا) أَيْ فَرْضِ الْأَبِ وَفَرْضِ الْبِنْتِ أَوْ وَفَرْضِ بِنْتِ الِابْنِ (بِالْعُصُوبَةِ) لِلْخَبَرِ الْمَارِّ (وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ أَوْ السُّدُسُ فِي الْحَالَيْنِ السَّابِقَيْنِ فِي الْفُرُوضِ) وَذَكَرَ تَتْمِيمًا وَتَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ (وَلَهَا فِي مَسْأَلَةِ زَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ وَأَبَوَيْنِ ثُلُثُ مَا بَقِيَ بَعْدَ الزَّوْجِ) أَصْلُهَا مِنْ اثْنَيْنِ لِلزَّوْجِ وَاحِدٌ يَبْقَى وَاحِدٌ عَلَى ثَلَاثَةٍ لَا يَصِحُّ، وَلَا يُوَافِقُ تُضْرَبُ فِي اثْنَانِ فِي ثَلَاثَةٍ لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأَبِ اثْنَانِ وَلِلْأُمِّ وَاحِدٌ ثُلُثُ مَا بَقِيَ (أَوْ الزَّوْجَةِ) أَصْلُهَا مِنْ أَرْبَعَةٍ؛ لِأَنَّ فِيهَا رُبُعًا وَثُلُثَ مَا بَقِيَ، وَمِنْهَا تَصِحُّ لِلزَّوْجَةِ وَاحِدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لِلْجِنْسِ الصَّادِقِ إلَخْ) أَيْ الْإِضَافَةِ فِي قَوْلِهِ لِوَلَدِ الِابْنِ لِلْجِنْسِ (قَوْلُهُ: اُسْتُغْرِقَ الثُّلُثَيْنِ) أَيْ الْمُسْتَحِقُّ وَفِي نُسْخَةٍ الثُّلُثَانِ وَعَلَيْهَا فَاسْتُغْرِقَ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ وَالثُّلُثَانِ نَائِبُ الْفَاعِلِ (قَوْلُهُ: قُسِّمَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا) لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. [فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ إرْثِ الْأُصُولِ] (فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ إرْثِ الْأُصُولِ (قَوْلُهُ: وَقَدَّمَ الْفُرُوعَ) أَيْ بِذِكْرِهِمْ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ أَقْوَى) أَيْ وَدَلِيلُ قُوَّتِهِمْ أَنَّ الِابْنَ قَدْ فُرِضَ لِلْأَبِ مَعَهُ السُّدُسُ وَأُعْطِيَ هُوَ الْبَاقِي؛ وَلِأَنَّهُ يَعْصِبُ أُخْتَهُ بِخِلَافِ الْأَبِ (قَوْلُهُ: أَمْ مَعَهُ صَاحِبُ فَرْضٍ كَزَوْجَةٍ) أَيْ أَوْ زَوْجٍ (قَوْلُهُ: فَأَوْ فِي كَلَامِهِ مَانِعَةُ خُلُوٍّ لَا مَانِعَةُ جَمْعٍ) أَيْ وَهِيَ الَّتِي يَمْتَنِعُ مَعَهَا ارْتِفَاعُ الْمُتَعَاطِفَيْنِ وَيَجِبُ وُجُودُ أَحَدِهِمَا، وَمَانِعَةُ الْجَمْعِ هِيَ الَّتِي لَا يَجُوزُ مَعَهَا اجْتِمَاعُ الْمُتَعَاطِفَيْنِ، وَيَجُوزُ ارْتِفَاعُهُمَا مَثَلًا إذَا قِيلَ هَذَا الثَّوْبُ إمَّا ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصَلِّ فِي بَيَان إرْث الْأَوْلَاد وأولادهم انفرادا واجتماعا] فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ إرْثِ الْأُصُولِ

وَلِلْأُمِّ ثُلُثُ الْبَاقِي وَلِلْأَبِ الْبَاقِي وَجُعِلَ لَهُ ضَعْفَاهَا؛ لِأَنَّ كُلَّ أُنْثَى مَعَ ذَكَرٍ مِنْ جِنْسِهَا لَهُ مِثْلَاهَا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَهَا الثُّلُثُ كَامِلًا لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ بَعْدَ إجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ، وَخَرْقُ الْإِجْمَاعِ إنَّمَا يَحْرُمُ عَلَى مَنْ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا عِنْدَهُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْعَوْلِ. وَأَجَابَ الْآخَرُونَ بِتَخْصِيصِهِ بِغَيْرِ هَذَيْنِ الْحَالَيْنِ لِنَصِّ الْقُرْآنِ عَلَى أَنَّ لَهُ مِثْلَيْهَا عِنْدَ انْفِرَادِهِمَا فَكَذَا عِنْدَ اجْتِمَاعِ غَيْرِهِمَا مَعَهُمَا إذْ لَا يُتَعَقَّلُ فَرْقٌ بَيْنَ الْحَالَيْنِ، وَلَمْ يُعَبِّرُوا بِسُدُسٍ فِي الْأَوَّلِ وَرُبُعٍ فِي الثَّانِي تَأَدُّبًا مَعَ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ، وَيُلَقَّبَانِ بِالْغَرَّاوَيْنِ تَشْبِيهًا لَهُمَا بِالْكَوْكَبِ؛ لِشُهْرَتِهِمَا، وَبِالْغَرِيبَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا نَظِيرَ لَهُمَا، وَبِالْعُمْرِيَّتَيْنِ لِقَضَاءِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِيهِمَا بِذَلِكَ (وَالْجَدُّ) أَبُو الْأَبِ فِي الْمِيرَاثِ (كَالْأَبِ) عِنْدَ عَدَمِهِ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالتَّعْصِيبِ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ لَا يَأْخُذُ فِي هَذِهِ إلَّا بِالتَّعْصِيبِ. وَمِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى بِشَيْءٍ مِمَّا يَبْقَى بَعْدَ الْفَرْضِ أَوْ بِمِثْلِ فَرْضِ بَعْضِ وَرَثَتِهِ أَوْ بِمِثْلِ أَقَلِّهِمْ نَصِيبًا، فَإِذَا أَوْصَى لِزَيْدٍ بِثُلُثِ مَا يَبْقَى بَعْدَ الْفَرْضِ وَمَاتَ عَنْ بِنْتٍ وَجَدٍّ فَعَلَى الْأَوَّلِ هِيَ وَصِيَّةٌ لِزَيْدٍ بِثُلُثِ الثُّلُثِ، وَعَلَى الثَّانِي بِثُلُثِ النِّصْفِ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ جَمْعُ زَوْجٍ هُوَ ابْنُ عَمٍّ أَوْ مُعْتِقٍ وَزَوْجَةٌ مُعْتَقَةٌ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالتَّعْصِيبِ؛ لِأَنَّهُ بِجِهَتَيْنِ وَالْكَلَامُ فِي جَمْعِهِمَا بِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ (إلَّا أَنَّ الْأَبَ يُسْقِطُ الْإِخْوَةَ وَالْأَخَوَاتِ) لِلْمَيِّتِ (وَالْجَدُّ يُقَاسِمُهُمْ إنْ كَانُوا لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ) كَمَا يَأْتِي تَفْصِيلُهُ (وَالْأَبُ يُسْقِطُ أُمَّ نَفْسِهِ) ؛ لِأَنَّهَا تُدْلِي بِهِ (وَلَا يُسْقِطُهَا) أَيْ أُمَّ الْأَبِ (الْجَدُّ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تُدْلِي بِهِ (وَالْأَبُ فِي زَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ وَأَبَوَيْنِ يَرُدُّ الْأُمَّ مِنْ الثُّلُثِ إلَى ثُلُثِ الْبَاقِي وَلَا يَرُدُّهَا الْجَدُّ) بَلْ تَأْخُذُ مَعَهَا الثُّلُثُ كَامِلًا؛ لِأَنَّ الْجَدَّ لَا يُسَاوِيهَا فِي الدَّرَجَةِ فَلَا يَلْزَمُ تَفْضِيلُهُ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْأَبِ، وَلَا يَرِدُ عَلَى حَصْرِهِ أَنَّ جَدَّ الْمُعْتِقِ يَحْجُبُهُ أَخُو الْمُعْتِقِ وَابْنُ أَخِيهِ وَأَبُو الْمُعْتِقِ يَحْجُبُهُمَا؛ لِأَنَّهُ سَيَذْكُرُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ لَكِنَّ الْأَظْهَرَ إلَخْ، وَأَنَّ الْأَبَ لَا يَرِثُ مَعَهُ سِوَى جَدَّةٍ وَاحِدَةٍ وَالْجَدُّ يَرِثُ مَعَهُ جَدَّتَانِ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ وَالْأَبُ يُسْقِطُ إلَخْ، وَأَبُو الْجَدِّ وَمَنْ فَوْقَهُ كَالْجَدِّ فِي ذَلِكَ، وَكُلُّ جَدٍّ يَحْجُبُ أُمَّ نَفْسِهِ وَلَا يَحْجُبُهَا مَنْ هُوَ فَوْقَهُ، فَكُلَّمَا عَلَا الْجَدُّ دَرَجَةً زَادَ مَعَهُ جَدَّةٌ وَارِثَةٌ فَيَرِثُ مَعَ الْجَدِّ جَدَّتَانِ وَمَعَ أَبِ الْجَدِّ ثَلَاثٌ وَمَعَ جَدِّ الْجَدِّ أَرْبَعٌ وَهَكَذَا (وَلِلْجَدَّةِ السُّدُسُ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَكَذَا الْجَدَّاتُ) أَيْ الْجَدَّتَانِ فَأَكْثَرُ، إذْ الْمُرَادُ بِالْجَمْعِ فِي هَذَا الْبَابِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ لِقَضَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْجَدَّتَيْنِ مِنْ الْمِيرَاثِ بِالسُّدُسِ بَيْنَهُمَا، وَفِي حَدِيثٍ مُرْسَلٍ أَنَّهُ أَعْطَاهُ لِثَلَاثِ جَدَّاتٍ وَأَجْمَعَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ. (وَيَرِثُ مِنْهُنَّ أُمُّ الْأُمِّ وَأُمَّهَاتُهَا لِعَصَبَتِهِ بِإِنَاثٍ خُلَّصٍ) كَأُمِّ أُمِّ الْأُمِّ، وَإِنْ عَلَتْ اتِّفَاقًا وَلَا يَرِثُ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ سِوَى وَاحِدَةٍ دَائِمًا (وَأُمُّ الْأَبِ وَأُمَّهَاتُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSأَبْيَضُ أَوْ أَسْوَدُ فَهِيَ مَانِعَةُ جَمْعٍ؛ لِأَنَّ السَّوَادَ وَالْبَيَاضَ لَا يَجْتَمِعَانِ، وَيَجُوزُ ارْتِفَاعُهُمَا كَأَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ أَحْمَرَ (قَوْلُهُ: مِنْ جِنْسِهَا) أَيْ بِأَنْ كَانَا فِي دَرَجَةٍ وَتَسَاوَيَا فِي الصِّفَةِ (قَوْلُهُ: تَأَدُّبًا مَعَ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ) أَيْ فَإِنَّ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ أَنَّ لَهَا ثُلُثَ جَمْعِ الْمَالِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا لَهَا هُنَا مِنْ السُّدُسِ أَوْ الرُّبُعِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ عَلَى حَصْرِهِ) وَجْهُ الْإِيرَادِ أَنَّ قَوْلَهُ وَالْجَدُّ كَالْأَبِ يُفِيدُ أَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ الْأَبِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ إلَّا فِيمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنَّ الْأَبَ يُسْقِطُ الْإِخْوَةَ وَالْأَخَوَاتِ، وَمِنْ جُمْلَةِ الْأَحْوَالِ مَا لَوْ مَاتَ الْمُعْتَقُ عَنْ جَدِّهِ وَأَخِيهِ أَوْ ابْنِ أَخِيهِ، فَلَوْ نَزَلَ مَنْزِلَةَ الْأَبِ لَحَجَبَهُمَا الْجَدُّ كَمَا أَنَّ الْأَبَ لَا يَحْجُبُهُمَا وَالْأَمْرُ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُمَا يَحْجُبَانِهِ (قَوْلُهُ: سَيُذْكَرُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ إلَخْ) أَيْ فِي فَصْلِ الْوَلَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَجَابَ الْآخَرُونَ بِتَخْصِيصِهِ) أَيْ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ (قَوْلُهُ: فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ) أَيْ فِي هَذَا الْفَصْل وَغَيْرِهِ لِيَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلًا (قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ جَمْعِ الْأَبِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالتَّعْصِيبِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُ تَفْضِيلُهُ عَلَيْهَا) أَيْ لَا يَلْزَمُنَا تَفْضِيلُهُ عَلَيْهَا، فَاللُّزُومُ بِمَعْنَى الْوُجُوبِ لَا اللُّزُومِ الْمَنْطِقِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ عَلَى حَصْرِهِ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم: مَا طَرِيقُ الْإِيرَادِ وَالْمُصَنِّفُ لَمْ يَدَّعِ حَصْرًا.

[فصل في إرث الحواشي]

كَذَلِكَ) أَيْ الْمُدْلِيَاتُ بِإِنَاثٍ خُلَّصٍ لِمَا صَحَّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَسَّمَ السُّدُسَ بَيْنَ أُمِّ الْأُمِّ وَأُمِّ الْأَبِ لَمَّا قِيلَ لَهُ وَقَدْ آثَرَ بِهِ الْأُولَى أَعْطَيْت الَّتِي لَوْ مَاتَتْ لَمْ يَرِثْهَا وَمَنَعْت الَّتِي لَوْ مَاتَتْ وَرِثَهَا (وَكَذَا أُمُّ أَبِي الْأَبِ، وَأُمُّ الْأَجْدَادِ فَوْقَهُ وَأُمَّهَاتُهُنَّ) يَرِثْنَ (عَلَى الْمَشْهُورِ) لِإِدْلَائِهِنَّ بِوَارِثٍ فَهُنَّ كَأُمِّ الْأَبِ لَا كَأُمِّ أَبِي الْأُمِّ. وَالثَّانِي لَا يَرِثْنَ لِإِدْلَائِهِنَّ بِجَدٍّ كَالْإِدْلَاءِ بِأَبِي الْأُمِّ (وَضَابِطُهُ) أَيْ إرْثُهُنَّ الْمَعْلُومُ مِنْ السِّيَاقِ أَنْ تَقُولَ (كُلُّ جَدَّةٍ أَدْلَتْ بِمَحْضِ إنَاثٍ) كَأُمِّ أُمِّ أُمٍّ (أَوْ) بِمَحْضِ (ذُكُورٍ) كَأُمِّ أَبِي أَبٍ (أَوْ) بِمَحْضِ (إنَاثٍ إلَى ذُكُورٍ) كَأُمِّ أُمِّ أَبٍ (تَرِثُ وَمَنْ أَدْلَتْ بِذَكَرٍ بَيْنَ أُنْثَيَيْنِ) كَأُمِّ أَبِي الْأُمِّ (فَلَا) تَرِثُ، وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَنْ ذَلِكَ. (فَصْلٌ) فِي إرْثِ الْحَوَاشِي (الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ لِأَبَوَيْنِ إذَا انْفَرَدُوا) وَفِي نُسْخَةٍ إنْ عَنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِأَبٍ (وَرِثُوا كَأَوْلَادِ الصُّلْبِ) فَيَأْخُذُ الْوَاحِدُ فَأَكْثَرُ جَمِيعَ الْمَالِ أَوْ الْبَاقِي وَالْوَاحِدَةُ نِصْفَهُ وَالثِّنْتَانِ فَأَكْثَرُ ثُلُثَيْهِ وَالْمُجْتَمَعُونَ الذَّكَرُ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَقَدَّمَ أَنَّ الِابْنَ لَا يُحْجَبُ بِخِلَافِ الشَّقِيقِ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ هُنَا (وَكَذَا إنْ كَانُوا لِأَبٍ) وَانْفَرَدُوا عَنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ الْأَشِقَّاءِ فَيَأْخُذُونَ الْمَالَ كَمَا ذُكِرَ إجْمَاعًا (إلَّا فِي الْمُشَرَّكَةِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ وَقَدْ تُكْسَرُ وَاسْتِثْنَاؤُهَا تَضْمَنَّهُ كَلَامُهُ أَنَّ الْإِخْوَةَ لِأَبٍ كَالْأَشِقَّاءِ (وَهِيَ زَوْجٌ وَأُمٌّ) أَوْ جَدَّةٌ (وَوَلَدُ أُمٍّ) فَأَكْثَرُ (وَأَخٌ) فَأَكْثَرُ (لِأَبَوَيْنِ فَيُشَارِكُ الْأَخَ) الشَّقِيقَ فَأَكْثَرَ (وَلَدَيْ الْأُمِّ فِي الثُّلُثِ) بِإِخْوَةِ الْأُمِّ فَيَأْخُذُ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى سِيَّانِ فِي ذَلِكَ؛ لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي الْقَرَابَةِ الَّتِي وَرِثُوا بِهَا وَهِيَ بُنُوَّةُ الْأُمِّ، وَتُسَمَّى هَذِهِ أَيْضًا بِالْحِمَارِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا وَقَعَتْ فِي زَمَنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَحَرَمَ الْأَشِقَّاءَ فَقَالُوا: هَبْ أَنَّ أَبَانَا كَانَ حِمَارًا أَلَسْنَا مِنْ أُمٍّ وَاحِدَةٍ؟ فَشَرَّكَ بَيْنَهُمْ. وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ هُوَ الْقَائِلُ ذَلِكَ وَرَوَى أَنَّهُ قَضَى بِهِ مَرَّةً فَلَمْ يُشَرِّكْ ثُمَّ شَرَّكَ فِي الْعَامِ الثَّانِي، فَقِيلَ لَهُ: إنَّك أَسْقَطْته فِي الْعَامِ الْمَاضِي، فَقَالَ: ذَاكَ عَلَى مَا قَضَيْنَا وَهَذَا عَلَى مَا نَقْضِي. وَتُسَمَّى بِالْمِنْبَرِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ سُئِلَ عَنْهَا وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ. وَرُوِيَ هَبْ أَنَّ أَبَانَا كَانَ حَجَرًا مُلْقًى فِي الْيَمِّ؟ فَلِذَا سُمِّيَتْ بِالْحَجَرِيَّةِ وَالْيَمِّيَّةِ، وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ مِنْ سِتَّةٍ وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَ الْأَخِ مَنْ يُسَاوِيهِ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ أُخْتُ صَحَّتْ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَلَا تَفَاضُلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا (وَلَوْ كَانَ بَدَلَ الْأَخِ) لِأَبَوَيْنِ (أَخٌ لِأَبٍ) وَحْدَهُ أَوْ مَعَ أَخِيهِ أَوْ أُخْتِهِ (سَقَطَ) هُوَ وَهُنَّ إجْمَاعًا؛ لِانْتِفَاءِ قَرَابَةِ الْأُمِّ وَيُسَمَّى الْأَخُ الْمَشْئُومُ، أَوْ أُخْتٌ أَوْ أُخْتَانِ لِأَبٍ فُرِضَ لَهَا النِّصْفُ وَلَهُمَا الثُّلُثَانِ وَعَالَتْ كَمَا لَوْ كَانَتْ شَقِيقَةٌ أَوْ شَقِيقَتَانِ أَوْ خُنْثَى فَبِتَقْدِيرِ ذُكُورَتِهِ هِيَ الْمُشَرَّكَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَقَدْ آثَرَ بِهِ الْأُولَى) أَيْ أُمَّ الْأُمِّ (قَوْلُهُ: عَلَى ذَلِكَ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ الضَّابِطِ. (فَصْلٌ) فِي إرْثِ الْحَوَاشِي. (قَوْلُهُ: فِي إرْثِ الْحَوَاشِي) أَيْ وَفِيمَا يَتْبَعُهُ كَتَعْرِيفِ الْعَصَبَةِ (قَوْلُهُ: فَشَرَّكَ بَيْنَهُمْ) أَيْ بِمَا ظَهَرَ لَهُ مِنْ الدَّلِيلِ لَا أَخْذًا بِقَوْلِهِمْ (قَوْلُهُ: وَيُسَمَّى الْأَخُ الْمَشْئُومُ) قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِهِ لِلْجَامِعِ الصَّغِيرِ عِنْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ كَانَ الشُّؤْمُ مَا نَصُّهُ: قَالَ الطِّيبِيِّ: وَاوُهُ هَمْزَةٌ خُفِّفَتْ فَصَارَتْ وَاوًا ثُمَّ غَلَبَ عَلَيْهَا الْخَفِيفُ فَلَمْ يُنْطَقْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي إرْثِ الْحَوَاشِي] (قَوْلُهُ: وَفِي نُسْخَةٍ إنْ عَنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِأَبٍ) وَانْظُرْ مَا فَائِدَتُهُ فِي حَقِّ الْأَشِقَّاءِ مَعَ أَنَّ حَالَهُمْ لَا يَخْتَلِفُ بِالِانْفِرَادِ وَالِاجْتِمَاعِ الْمَذْكُورَيْنِ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَ الْأَخِ مَا يُسَاوِيهِ) أَيْ فِي الْعَدَدِ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ وَاحِدٌ

وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ كَمَا مَرَّ، وَبِتَقْدِيرِ أُنُوثَتِهِ تَعُولُ إلَى تِسْعَةٍ وَبَيْنَهُمَا تَدَاخُلٌ فَتَصِحَّانِ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَإِلَّا ضَرَّ فِي حَقِّهِ ذُكُورَتُهُ وَفِي حَقِّ الزَّوْجِ وَالْأُمِّ أُنُوثَتُهُ، وَيَسْتَوِي فِي حَقِّ وَلَدَيْ الْأُمِّ الْأَمْرَانِ، فَإِذَا قُسِّمَتْ يَفْضُلُ أَرْبَعَةٌ مَوْقُوفَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّوْجِ وَالْأُمِّ، فَإِنْ كَانَ أُنْثَى أَخَذَهَا أَوْ ذَكَرًا أَخَذَ الزَّوْجُ ثَلَاثًا وَالْأُمُّ وَاحِدًا (وَلَوْ اجْتَمَعَ الصِّنْفَانِ) أَيْ الْأَشِقَّاءُ وَأَوْلَادُ الْأَبِ (فَكَاجْتِمَاعِ أَوْلَادِ صُلْبٍ وَأَوْلَادِ ابْنِهِ) فَإِنْ كَانَ الشَّقِيقُ ذَكَرًا حَجَبَهُمْ إجْمَاعًا أَوْ أُنْثَى فَلَهَا النِّصْفُ، أَوْ أَكْثَرُ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ، ثُمَّ إنْ كَانَ وَلَدُ الْأَبِ ذَكَرًا أَوْ مَعَ إنَاثٍ أَخَذُوا الْبَاقِيَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، أَوْ أُنْثَى أَوْ أَكْثَرُ فَلَهَا أَوْ لَهُمَا مَعَ الشَّقِيقَةِ السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ، وَمَعَ شَقِيقَتَيْنِ لَا شَيْءَ لَهُمَا إلَّا إنْ كَانَ مَعَهُمَا أَخٌ يَعْصِبُهُنَّ وَيُسَمَّى الْأَخُ الْمُبَارَكُ كَابْنِ الِابْنِ كَمَا قَالَ (إلَّا أَنَّ بَنَاتَ الِابْنِ يَعْصِبُهُنَّ مَنْ فِي دَرَجَتِهِنَّ أَوْ أَسْفَلَ) كَمَا مَرَّ (وَالْأُخْتُ لَا يَعْصِبُهَا إلَّا أَخُوهَا) بِخِلَافِ ابْنِ أَخِيهَا بَلْ الْكُلُّ لَهُ دُونَهَا، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَا يَعْصِبُ أُخْتَهُ فَعَمَّتُهُ أَوْلَى، وَابْنُ الِابْنِ يَعْصِبُ عَمَّتَهُ فَأُخْتُهُ أَوْلَى (وَلِلْوَاحِدِ مِنْ الْإِخْوَةِ أَوْ الْأَخَوَاتِ لِأُمٍّ السُّدُسُ وَلِاثْنَيْنِ فَصَاعِدًا الثُّلُثُ) كَمَا مَرَّ وَذَكَرَهُمْ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ (سَوَاءٌ ذُكُورُهُمْ، وَإِنَاثُهُمْ) إجْمَاعًا إلَّا مَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ شَاذًّا، وَلِأَنَّ إرْثَهُمْ بِالرَّحِمِ كَالْأَبَوَيْنِ مَعَ الْوَلَدِ، وَإِرْثَ غَيْرِهِمْ بِالْعُصُوبَةِ وَهِيَ مُقْتَضِيَةٌ لِتَفْضِيلِ الذَّكَرِ، وَهَذَا أَحَدُ مَا امْتَازُوا بِهِ مِنْ الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ، وَبَاقِيهَا اسْتِوَاءُ ذَكَرِهِمْ الْمُنْفَرِدِ وَأُنْثَاهُمْ الْمُنْفَرِدَةِ، وَأَنَّهُمْ يَرِثُونَ مَعَ مَنْ يُدْلُونَ بِهِ وَأَنَّهُمْ يَحْجُبُونَهُ حَجْبَ نُقْصَانٍ وَأَنَّ ذَكَرَهُمْ يُدْلِي بِأُنْثَى وَيَرِثُ. (وَالْأَخَوَاتُ) أَوْ الْأُخْتُ (لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ مَعَ) الْبِنْتِ أَوْ (الْبَنَاتِ أَوْ) مَعَ بِنْتِ الِابْنِ أَوْ (بَنَاتِ الِابْنِ عَصَبَةٌ كَالْإِخْوَةِ) إجْمَاعًا إلَّا مَا حُكِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا تَرِثُ أُخْتٌ مَعَ بِنْتٍ، بَلْ الْبَاقِي لِلْعَصَبَةِ كَابْنِ الْأَخِ أَوْ الْعَمِّ، وَإِذَا كُنَّ عَصَبَةً (فَتَسْقُطُ أُخْتُ الْأَبَوَيْنِ مَعَ الْبِنْتِ) أَوْ بِنْتِ الِابْنِ (الْأَخَوَاتِ لِأَبٍ) كَمَا يَسْقُطُ الشَّقِيقُ الْأَخُ لِلْأَبِ. (وَبَنُو الْإِخْوَةِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ كُلٌّ مِنْهُمْ كَأَبِيهِ اجْتِمَاعًا وَانْفِرَادًا) فَيَسْتَغْرِقُ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ أَوْ الْجَمْعُ الْمَالَ عِنْدَ الِانْفِرَادِ، وَمَا فَضَلَ عَنْ الْفُرُوضِ وَعِنْدَ اجْتِمَاعِهِمْ يُسْقِطُ ابْنُ الشَّقِيقِ ابْنَ الْأَخِ لِلْأَبِ (لَكِنْ يُخَالِفُونَهُمْ) أَيْ آبَاءَهُمْ (فِي أَنَّهُمْ لَا يَرُدُّونَ الْأُمَّ) مِنْ الثُّلُثِ (إلَى السُّدُسِ) وَفَارَقُوا وَلَدَ الْوَلَدِ بِأَنَّهُ يُسَمَّى وَلَدًا مَجَازًا مَشْهُورًا بَلْ قِيلَ حَقِيقَةً، وَابْنُ الْأَخِ لَا يُسَمَّى أَخًا كَذَلِكَ (وَلَا يَرِثُونَ مَعَ الْجَدِّ) بَلْ يَسْقُطُونَ بِهِ (وَلَا يَعْصِبُونَ أَخَوَاتِهِمْ) ؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ (وَيَسْقُطُونَ فِي الْمُشْتَرَكَةِ) أَيْ أَوْلَادِ الْإِخْوَةِ الْأَشِقَّاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ، وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ أَوْلَادَ الِابْنِ يَسْقُطُونَ فِيهَا، فَأَوْلَى أَوْلَادُ الْأَشِقَّاءِ الْمَحْجُوبُونَ بِهِمْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَأْخَذَ التَّشْرِيكِ قَرَابَةُ الْأُمِّ، وَابْنُ وَلَدِ الْأُمِّ لَا يَرِثُ، وَفِي أَنَّ أَوْلَادَ الْأَشِقَّاءِ لَا يَحْجُبُونَ الْإِخْوَةَ لِأَبٍ بِخِلَافِ الْأَشِقَّاءِ، وَأَنَّ الْأَخَ لِأَبٍ يَحْجُبُ ابْنَ الشَّقِيقِ وَابْنُهُ لَا يَحْجُبُهُ، وَأَنَّ بَنِي الْإِخْوَةِ لَا يَرِثُونَ مَعَ الْأَخَوَاتِ إذَا كُنَّ عَصَبَاتٍ مَعَ الْبَنَاتِ بِخِلَافِ آبَائِهِمْ، وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ عُلِمَتْ مِنْ كَلَامِهِ كَمَا لَا يَخْفَى. (وَالْعَمُّ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ) سَوَاءٌ أَكَانَ عَمًّا لِلْمَيِّتِ أَمْ لِأَبِيهِ أَمْ جَدِّهِ (كَأَخٍ مِنْ الْجِهَتَيْنِ اجْتِمَاعًا وَانْفِرَادًا) فَيَأْخُذُ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ فَأَكْثَرُ جَمِيعَ الْمَالِ أَوْ مَا بَقِيَ مِنْهُ، وَيُسْقِطُ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِهَا مَهْمُوزَةً اهـ. وَيُصَرِّحُ بِأَنَّ وَاوَهُ هَمْزَةٌ قَوْلُ الْمُخْتَارِ فِي مَادَّةِ شَأَمَ بَعْدَ كَلَامٍ: وَالشُّؤْمُ ضِدُّ الْيُمْنِ، يُقَالُ رَجُلٌ مَشْئُومٌ وَمَشُومٌ، وَيُقَالُ مَا أَشْأَمَ فُلَانًا، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ مَا أَشْيَمَهُ وَقَدْ تَشَاءَمَ بِهِ بِالْمَدِّ، وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الطِّيبِيِّ حَيْثُ قَالَ: وَوَاوُهُ هَمْزَةٌ إذْ الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ أَصْلُهُ مَشْئُومٌ كَمَفْعُولٍ نُقِلَتْ حَرَكَةُ الْهَمْزَةِ إلَى الشِّينِ ثُمَّ حُذِفَتْ الْهَمْزَةُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إلَّا إنْ كَانَ مَعَهُمَا أَخٌ) قَالَ الشِّهَابُ سم: هَذَا مَعَ دُخُولِهِ فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ أَوْ مَعَ إنَاثٍ مُسْتَدْرِكٌ لَا يَأْتِي مَعَ فَرْضِ وَلَدِ الْأَبِ الْمُسْتَثْنَى هَذَا مِنْهُ أُنْثَى أَوْ أَكْثَرَ: أَيْ فَقَطْ بِدَلِيلِ مُقَابَلَتِهِ بِمَا قَبْلَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ: لَا ابْنُ أَخٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَخٌ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا إنْ كَانَ مَعَهُمَا أَخٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ آبَائِهِمْ) يُوهِمُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ آبَاءَهُمْ يَرِثُونَ مَعَ الْأَخَوَاتِ إذَا كُنَّ

[فصل في الإرث بالولاء]

الْعَمُّ الشَّقِيقُ الْعَمَّ لِلْأَبِ وَهُوَ يُسْقِطُ بَنِي الشَّقِيقِ، وَتَقَدَّمَ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ بَنِي الْإِخْوَةِ مِنْ الْجِهَتَيْنِ يَحْجُبُونَ الْأَعْمَامَ (وَكَذَا قِيَاسُ بَنِي الْعَمِّ) لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ فَيَحْجُبُ بَنُو الْعَمِّ الشَّقِيقِ بَنِي الْعَمِّ لِلْأَبِ (وَسَائِرُ) أَيْ بَاقِي (عَصَبَةِ النَّسَبِ) كَبَنِي بَنِي الْعَمِّ وَبَنِي بَنِي الْإِخْوَةِ وَهَكَذَا فَكُلٌّ مِنْهُمْ كَأَبِيهِ، وَلَيْسَ بَعْدَ بَنِي الْأَعْمَامِ عَصَبَةٌ وَبَنُو الْأَخَوَاتِ الْعُصْبَةِ لَيْسُوا مِثْلَهُنَّ، وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْعَصَبَةِ بِنَفْسِهِ بَلْ مَتَى تَأَمَّلْت خُرُوجَ أَوْلَادِهِنَّ بِقَوْلِهِ عَصَبَةِ النَّسَبِ انْدَفَعَ الْإِيرَادُ مِنْ أَصْلِهِ. (وَالْعَصَبَةُ) بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ وَمَعَ غَيْرِهِ وَهُوَ شَامِلٌ لِلْوَاحِدِ وَالْمُتَعَدِّدِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى (مَنْ لَيْسَ لَهُ سَهْمٌ مُقَدَّرٌ) حَالَ تَعْصِيبِهِ مِنْ جِهَةِ تَعْصِيبِهِ (مِنْ الْمَجْمَعِ عَلَى تَوْرِيثِهِمْ) خَرَجَ بِمُقَدَّرٍ ذَوُو الْفُرُوضِ وَبِمَا بَعْدَهُ ذَوُو الْأَرْحَامِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ وَرَّثَهُمْ لَا يُسَمِّيهِمْ عَصَبَةً وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ، بَلْ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ التَّنْزِيلِ يَنْقَسِمُونَ إلَى ذَوِي فَرْضٍ وَعَصَبَاتٍ، وَدَخَلَ فِي الْحَدِّ بِرِعَايَةِ قَوْلِنَا حَالَةَ تَعْصِيبِهِ الْبِنْتُ مَعَ الِابْنِ وَالْأُخْتُ مَعَ الْبِنْتِ وَالْأَبُ وَالْجَدُّ وَابْنُ الْعَمِّ الَّذِي هُوَ أَخٌ لِأُمٍّ أَوْ زَوْجٍ، فَإِنَّ أَخْذَهُمْ لِلْفَرْضِ لَيْسَ فِي حَالَةِ التَّعْصِيبِ، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ مِنْ شُمُولِ الْحَدِّ لِلثَّلَاثَةِ تَفْرِيعُهُ مَا يَخْتَصُّ بِالْعَاصِبِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ (فَيَرِثُ الْمَالَ) الْمُخَلَّفَ كُلَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ ذُو فَرْضٍ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ يُلَاحِظُونَ فِي التَّفْرِيعِ بَعْضَ مَا سَبَقَ، عَلَى أَنَّ الْأَخِيرَيْنِ يَرِثُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ كُلَّ الْمَالِ عِنْدَ عَدَمِ انْتِظَامِ بَيْتِ الْمَالِ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ «فَمَا أَبْقَتْ الْفُرُوضُ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» (أَوْ مَا فَضَلَ بَعْدَ الْفُرُوضِ) أَوْ الْفَرْضِ وَهَذَا يَعُمُّ الْأَنْوَاعَ الثَّلَاثَةَ. (فَصْلٌ) فِي الْإِرْثِ بِالْوَلَاءِ (مَنْ لَا عَصَبَةَ لَهُ بِنَسَبٍ وَلَهُ مُعْتِقٍ) اسْتَقَرَّ وَلَاؤُهُ عَلَيْهِ فَخَرَجَ عَتِيقُ حَرْبِيٍّ رُقَّ وَأَعْتَقَهُ مُسْلِمٌ فَإِنَّهُ الَّذِي يَرِثُهُ عَلَى النَّصِّ (فَمَالُهُ) كُلُّهُ (أَوْ الْفَاضِلُ عَنْ الْفُرُوضِ) أَوْ الْفَرْضِ (لَهُ) وَسَيُعْلَمُ مِمَّا سَيَذْكُرُهُ أَنَّهُ يَلْحَقُ بِالْعَتِيقِ كُلُّ مُنْتَسِبٍ إلَيْهِ (رَجُلًا كَانَ) الْمُعْتِقُ (أَوْ امْرَأَةً) لِخَبَرِ «إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» وَلِلْإِجْمَاعِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) أَيْ يُوجَدُ الْمُعْتِقُ مُطْلَقًا شَرْعًا أَوْ حِسًّا (فَ) الْمَالُ (لِعَصَبَتِهِ) أَيْ الْمُعْتِقِ (بِنِسَبِ الْمُتَعَصِّبِينَ بِأَنْفُسِهِمْ) كَابْنِهِ وَأَخِيهِ (لَا لِبِنْتِهِ وَأُخْتِهِ) وَلَوْ مَعَ أَخَوَيْهِمَا الْمُعَصِّبَيْنِ لَهُمَا؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ أَضْعَفُ مِنْ النَّسَبِ الْمُتَرَاخِي، وَإِذَا تَرَاخَى النَّسَبُ لَمْ تَرِثْ الْأُنْثَى كَبِنْتِ الْأَخِ وَالْعَمِّ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ رَدُّ مَا أَوْرَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ كَلَامَهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْوَلَاءَ لَا يَثْبُتُ لِلْعَصَبَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَوَزْنُهُ قَبْلَ النَّقْلِ مَفْعُولٌ وَبَعْدَهُ مَفُولٌ، فَهَمْزَتُهُ لَمْ تَصِرْ وَاوًا (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْأَخِيرَيْنِ إلَخْ) هُمَا قَوْلُهُ: وَابْنُ الْعَمِّ الَّذِي هُوَ أَخٌ لِأُمٍّ وَقَوْلُهُ: أَوْ زَوْجٌ. (فَصْلٌ) فِي الْإِرْثِ بِالْوَلَاءِ. (قَوْلُهُ: فَخَرَجَ عَتِيقُ حَرْبِيٍّ رَقَّ) أَيْ الْعَتِيقُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ الَّذِي يَرِثُهُ) أَيْ الْمُسْلِمُ (قَوْلُهُ: شَرْعًا) أَيْ بِأَنْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَصَبَاتٍ مَعَ الْبَنَاتِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ عَرَفَ التَّفْصِيلَ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: مِنْ جِهَةِ تَعْصِيبِهِ) لَمْ يَأْخُذْ لَهُ مُحْتَرَزًا فِيمَا يَأْتِي وَهُوَ سَاقِطٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ: لِلْخَبَرِ الْمَارِّ) تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ. [فَصْلٌ فِي الْإِرْثِ بِالْوَلَاءِ] (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ يُوجَدُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ.

[فصل في حكم الجد مع الإخوة]

فِي حَيَاةِ الْمُعْتِقِ بَلْ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ ثَابِتٌ لَهُمْ فِي حَيَاتِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ مُسْلِمًا وَأَعْتَقَ نَصْرَانِيًّا ثُمَّ مَاتَ وَلِمُعْتَقِهِ أَوْلَادٌ نَصَارَى وَرِثُوهُ مَعَ حَيَاةِ أَبِيهِمْ (وَتَرْتِيبُهُمْ) أَيْ عَصَبَاتِ الْمُعْتَقِ هُنَا (كَتَرْتِيبِهِمْ فِي النَّسَبِ) فَيُقَدَّمُ عِنْدَ مَوْتِ الْعَتِيقِ ابْنٌ فَابْنُهُ، وَإِنْ سَفَلَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ فَأَبٌ فَجَدٌّ. وَإِنْ عَلَا فَبَقِيَّةُ الْحَوَاشِي كَمَا مَرَّ (لَكِنَّ الْأَظْهَرَ أَنَّ أَخَا الْمُعْتِقِ) لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ (وَابْنُ أَخِيهِ) كَذَلِكَ (يُقَدَّمَانِ عَلَى جَدِّهِ) هُنَا، وَفِي النَّسَبِ: الْجَدُّ يُشَارِكُ الْأَخَ وَيُسْقِطُ ابْنَ الْأَخِ، إذْ تَعْصِيبُ الْأَخِ فِي الْأَوَّلِ شَبِيهٌ بِتَعْصِيبِ الِابْنِ؛ لِإِدْلَائِهِ بِالْبُنُوَّةِ وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْأُبُوَّةِ، وَكَانَ قِيَاسُ ذَلِكَ مُسَاوَاةَ النَّسَبِ لِذَلِكَ لَكِنْ مَنَعَ مِنْهُ الْإِجْمَاعُ، وَلِقُوَّةِ الْبُنُوَّةِ فِي الثَّانِيَةِ يُقَدَّمُ ابْنُ الِابْنِ، وَإِنْ سَفَلَ عَلَى الْأَبِ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي عَمِّ الْمُعْتِقِ وَأَبَى جَدِّهِ فَيُقَدَّمُ عَمُّهُ وَفِي كُلِّ عَمٍّ اجْتَمَعَ مَعَ جَدٍّ وَقَدْ أَدْلَى ذَلِكَ الْعَمُّ بِأَبِي ذَلِكَ الْجَدِّ، وَضَمَّ فِي الرَّوْضَةِ لِذَيْنِك مَا لَوْ كَانَ لِلْمُعْتِقِ ابْنَا عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ وَيَسْتَوِيَانِ فِي النَّسَبِ فِيمَا يَبْقَى بَعْدَ فَرْضِ أُخُوَّةِ الْأُمِّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَخَذَ فَرْضَهَا لَمْ تَصْلُحْ لِلتَّقْوِيَةِ وَهُنَا لَا فَرْضَ لَهَا فَتَمَحَّضَتْ لِلتَّرْجِيحِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَصَبَةٌ فَلِمُعْتِقِ الْمُعْتَقِ ثُمَّ عَصَبَتِهِ) مِنْ النَّسَبِ (كَذَلِكَ) أَيْ كَالتَّرْتِيبِ السَّابِقِ فِي عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ، فَإِنْ فَقَدُوا فَلِمُعْتِقِ مُعْتِقِ الْمُعْتَقِ ثُمَّ لِعَصَبَتِهِ، وَهَكَذَا ثُمَّ لِبَيْتِ الْمَالِ (وَلَا تَرِثُ امْرَأَةٌ بِوَلَاءٍ إلَّا مُعْتَقَهَا) بِفَتْحِ التَّاءِ وَمِنْهُ أَبُوهَا إذَا مَلَكَتْهُ فَعَتَقَ عَلَيْهَا قَهْرًا، وَقَهْرِيَّةُ عِتْقِهِ عَلَيْهَا لَا تُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مُعْتَقَهَا شَرْعًا؛ لِأَنَّ قَبُولَهَا لِنَحْوِ شِرَائِهِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ قَوْلِهَا لَهُ وَهُوَ فِي مِلْكِهَا أَنْتَ حُرٌّ فَلَا يُعْتَرَضُ بِذَلِكَ عَلَى الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (أَوْ مُنْتَمِيًا إلَيْهِ بِنَسَبٍ) كَابْنِ ابْنِهِ، وَإِنْ سَفَلَ (أَوْ وَلَاءٍ) كَعَتِيقِهِ وَعَتِيقِ عَتِيقِهِ وَهَكَذَا؛ لِأَنَّ النِّعْمَةَ عَلَى الْأَصْلِ نِعْمَةٌ عَلَى فُرُوعِهِ. فَلَوْ اشْتَرَتْ امْرَأَةٌ أَبَاهَا وَعَتَقَ عَلَيْهَا ثُمَّ هُوَ عَبْدٌ وَأَعْتَقَهُ فَمَاتَ الْأَبُ عَنْهَا وَعَنْ ابْنٍ ثُمَّ عَتِيقُهُ عَنْهُمَا فَمِيرَاثُهُ لِلِابْنِ دُونَهَا؛ لِأَنَّهُ عَصَبَةُ مُعْتِقٍ مِنْ النَّسَبِ بِنَفْسِهِ وَهِيَ مُعْتِقَةُ مُعْتِقٍ وَالْأُولَى مُقَدَّمَةٌ، وَيُقَالُ أَخْطَأَ فِي هَذِهِ أَرْبَعُمِائَةِ قَاضٍ غَيْرُ الْمُتَفَقِّهَةِ؛ لِتَقْدِيمِهِمْ لَهَا لِقُرْبِهَا. (فَصْلٌ) فِي حُكْمِ الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ إذَا (اجْتَمَعَ جَدٌّ) ، وَإِنْ عَلَا (وَإِخْوَةٌ وَأَخَوَاتٌ s=00161> لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ) فَفِيهِ خِلَافٌ مُنْتَشِرٌ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَمِنْ ثَمَّ اسْتَعْظَمُوا الْكَلَامَ فِيهِ حَتَّى قَالَ عُمَرُ وَعَلِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: أَجْرَؤُكُمْ عَلَى قِسْمِ الْجَدِّ أَجْرَؤُكُمْ عَلَى النَّارِ وَقَالَ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْتَحِمَ جَرَاثِيمَ جَهَنَّمَ بِحُرِّ وَجْهِهِ فَلْيَقْضِ بَيْنَ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: سَلُونِي ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: ثُمَّ مَاتَ) أَيْ الْعَتِيقُ (قَوْلُهُ: وَلِمُعْتِقِهِ أَوْلَادٌ نَصَارَى) وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْتَقَهُ مُسْلِمٌ ثُمَّ ارْتَدَّ وَأَوْلَادُ الْمُعْتِقِ مُسْلِمُونَ ثُمَّ مَاتَ الْعَتِيقُ وَرِثَهُ أَوْلَادُ الْمُعْتِقِ لِثُبُوتِ الْوَلَاءِ لَهُمْ فِي حَيَاةِ أَبِيهِمْ الَّذِي قَامَ بِهِ الْمَانِعُ (قَوْلُهُ: يُقَدَّمَانِ عَلَى جَدِّهِ) أَيْ فَلَا شَيْءَ لَهُ مَعَ وُجُودِهِمَا (قَوْلُهُ: لِذَيْنِك) أَيْ أَخِ الْمُعْتِقِ وَابْنِ أَخِيهِ، وَالْمُرَادُ بِالْعَمِّ أَنَّهُ يُقَدَّمُ الْأَخُ لِلْأُمِّ الَّذِي هُوَ ابْنُ عَمٍّ عَلَى غَيْرِهِ مِمَّا لَا إخْوَةَ لَهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ هُوَ عَبْدًا) أَيْ اشْتَرَى هُوَ إلَخْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَتِيقُهُ) أَيْ الْأَبِ (قَوْلُهُ: وَالْأُولَى مُقَدَّمَةٌ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ ذِكْرَ الِابْنِ مِثَالٌ وَإِلَّا فَغَيْرُهُ مِنْ عُصْبَةِ النَّسَبِ كَالْأَخِ وَالْعَمِّ يُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا. (فَصْلٌ) فِي حُكْمِ الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ مَنْ سَرَّهُ إلَخْ) أَيْ قَالَ عَلِيٌّ (قَوْلُهُ: أَنْ يَقْتَحِمَ جَرَاثِيمَ) أَيْ أُصُولَ (قَوْلُهُ: بِحُرِّ وَجْهِهِ) أَيْ خَالِصَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ]

عَمَّا شِئْتُمْ مِنْ عَصَبَاتِكُمْ وَلَا تَسْأَلُونِي عَنْ الْجَدِّ لَا حَيَّاهُ وَلَا بَيَّاهُ. وَحَاصِلُهُ إجْمَاعُهُمْ عَلَى عَدَمِ إسْقَاطِهِ بِهِمْ. ثُمَّ ذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَأَكْثَرُ التَّابِعِينَ أَنَّهُ يَحْجُبُهُمْ كَالْأَبِ وَذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَاخْتَارَهُ جَمْعٌ مِنْ أَصْحَابِنَا. وَقَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ كَكَثِيرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ إنَّهُ يُقَاسِمُهُمْ عَلَى تَفْصِيلٍ حَاصِلُهُ أَنَّهُ مَتَى اجْتَمَعَ مَعَهُمْ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ ذُو فُرُوضٍ فَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ وَمُقَاسَمَتُهُمْ كَأَخٍ) لِاجْتِمَاعِ جِهَةِ الْفَرْضِ وَالتَّعْصِيبِ فِيهِ، وَوَجْهُ أَخْذِهِ الثُّلُثَ؛ لِأَنَّهُ مَعَ الْأُمِّ يَأْخُذُ مِثْلَيْهَا وَالْإِخْوَةُ لَا يُنْقِصُونَهَا عَنْ السُّدُسِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يُنْقِصُوهُ عَنْ ضِعْفِهِ، وَالْمُقَاسَمَةُ أَنَّهُ مُسْتَوٍ مَعَهُمْ فِي الْإِدْلَاءِ بِالْأَبِ (فَإِنْ أَخَذَ الثُّلُثَ فَالْبَاقِي لَهُمْ) لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، ثُمَّ إنْ كَانُوا مِثْلَيْهِ لِكَوْنِهِمْ أَخَوَيْنِ أَوْ أَخًا وَأُخْتَيْنِ أَوْ أَرْبَعَ أَخَوَاتٍ اسْتَوَيَا، وَهَلْ يُحْكَمُ عَلَى مَا أَخَذَهُ بِأَنَّهُ فَرْضٌ أَوْ لَا، صَحَّحَ ابْنُ الْهَائِمِ الْأَوَّلَ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ ظَاهِرِ نَصِّ الْأُمِّ، لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ تَعْصِيبٌ، وَاعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ قَالَ: وَقَدْ تَضْمَنَّ كَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ نَقْلًا عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ جُمْهُورَ أَصْحَابِنَا عَلَيْهِ، وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ مَا لَوْ أَوْصَى بِجُزْءٍ بَعْدَ الْفَرْضِ أَوْ دُونَ مِثْلَيْهِ كَكَوْنِهِمْ أُخْتًا أَوْ أَخًا أَوْ أُخْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَ أَخَوَاتٍ أَوْ أَخًا وَأُخْتًا فَالْقِسْمَةُ خَيْرٌ لَهُ أَوْ فَوْقَ مِثْلَيْهِ وَذَلِكَ فِيمَا سِوَى الْأَمْثِلَةِ الْمَذْكُورَةِ فَالثُّلُثُ خَيْرٌ لَهُ. (وَإِنْ كَانَ) مَعَهُمْ (ذُو فَرْضٍ فَلَهُ) بَعْدَ الْفَرْضِ (الْأَكْثَرُ مِنْ سُدُسِ) جَمِيعِ (التَّرِكَةِ وَثُلُثُ الْبَاقِي وَالْمُقَاسَمَةُ) وَجْهُ السُّدُسِ أَنَّ الْأَوْلَادَ لَا يُنْقِصُونَهُ عَنْهُ فَالْإِخْوَةُ أَوْلَى وَثُلُثُ الْبَاقِي أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّدَ ذُو الْفَرْضِ أَخَذَ ثُلُثَ الْمَالِ وَالْمُقَاسَمَةُ لِمَا مَرَّ مِنْ تَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ أَخٍ، وَذَوَاتُ الْفَرْضِ مَعَهُمْ بِنْتُ بِنْتِ ابْنٍ وَأُمُّ جَدَّةِ زَوْجٍ فَالسُّدُسُ خَيْرٌ فِي زَوْجَةٍ وَبِنْتَيْنِ وَجَدٍّ وَأَخٍ وَثُلُثُ الْبَاقِي فِي جَدَّةٍ وَجَدٍّ وَخَمْسَةِ إخْوَةٍ، وَالْمُقَاسَمَةُ فِي جَدَّةٍ وَجَدٍّ وَأَخٍ (وَقَدْ لَا يَبْقَى شَيْءٌ) بَعْدَ أَصْحَابِ الْفَرْضِ (كَبِنْتَيْنِ وَأُمٍّ وَزَوْجٍ فَيُفْرَضُ لَهُ سُدُسٌ وَيُزَادُ فِي الْعَوْلِ) ؛ لِأَنَّهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَعَالَتْ إلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَيُزَادُ لَهُ إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ (وَقَدْ يَبْقَى دُونَ سُدُسٍ كَبِنْتَيْنِ وَزَوْجٍ فَيُفْرَضُ لَهُ وَتُعَالُ) ؛ لِأَنَّهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ يَفْضُلُ وَاحِدٌ يُزَادُ عَلَيْهِ آخَرُ فَتُعَالُ إلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ (وَقَدْ يَبْقَى سُدُسٌ كَبِنْتَيْنِ وَأُمٍّ) أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ يَفْضُلُ وَاحِدٌ (فَيَفُوزُ بِهِ الْجَدُّ وَتَسْقُطُ الْإِخْوَةُ) وَالْأَخَوَاتُ (فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ) ؛ لِأَنَّهُمْ عَصَبَةٌ وَلَمْ يَبْقَ بَعْدَ الْفَرْضِ شَيْءٌ. (وَلَوْ كَانَ مَعَ الْجَدِّ إخْوَةٌ وَأَخَوَاتٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ فَحُكْمُ الْجَدِّ مَا سَبَقَ) مِنْ خَيْرِ الْأَمْرَيْنِ حَيْثُ لَا صَاحِبَ فَرْضٍ، وَخَيْرُ الثَّلَاثَةِ مَعَ ذَوَى الْفَرْضِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إلَّا أَحَدُ الصِّنْفَيْنِ الْمَذْكُورِينَ أَوَّلَ الْفَصْلِ، وَمِنْ ثَمَّ عَطَفَ فِيمَا مَرَّ بِأَوْ وَهُنَا بِالْوَاوِ (وَيُعَدُّ أَوْلَادُ الْأَبَوَيْنِ عَلَيْهِ أَوْلَادَ الْأَبِ فِي الْقِسْمَةِ) أَيْ يُدْخِلُونَهُمْ مَعَهُمْ فِيهَا إذَا كَانَتْ خَيْرًا لَهُ (فَإِذَا أَخَذَ حِصَّتَهُ فَإِنْ كَانَ فِي أَوْلَادِ الْأَبَوَيْنِ ذَكَرٌ) مُتَّحِدٌ أَوْ مُتَعَدِّدٌ انْضَمَّ لَهُ أُنْثَى أَوْ أَكْثَرَ أَوْ كَانَ الْبَعْضُ ذَكَرًا وَحْدَهُ أَوْ أُنْثَى مَعَهَا بِنْتٌ أَوْ بِنْتُ ابْنٍ وَأَخٌ لِأَبٍ (فَالْبَاقِي) فِي الْأُولَى بِأَقْسَامِهَا (لَهُمْ) لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَفِي الثَّانِيَةِ لَهُ، وَفِي الثَّالِثَةِ لَهَا: أَيْ تَعْصِيبًا لِمَا مَرَّ أَنَّهَا مَعَهَا عَصَبَةٌ مَعَ الْغَيْرِ (وَسَقَطَ أَوْلَادُ الْأَبِ) كَجَدٍّ وَشَقِيقِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: عَمَّا شِئْتُمْ) عَنْ مَسَائِلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَنْ ضَعْفِهِ) أَيْ السُّدُسِ، وَقَوْلُهُ: وَالْمُقَاسَمَةُ: أَيْ وَوَجْهُ الْمُقَاسَمَةِ فَهُوَ بِالْجَرِّ (قَوْلُهُ: اسْتَوَيَا) أَيْ الثُّلُثُ وَالْمُقَاسَمَةُ (قَوْلُهُ: بِجُزْءٍ بَعْدَ الْفَرْضِ) أَيْ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ حُسِبَ الْجُزْءُ مِمَّا زَادَ عَلَى نَصِيبِ الْجَدِّ، وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي لَمْ يَكُنْ ثَمَّ فَرْضٌ فَيُؤْخَذُ الْجُزْءُ مِنْ أَصْلِ التَّرِكَةِ (قَوْلُهُ: وَجَدٌّ وَأَخٌ) مَسْأَلَتُهُمْ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ؛ لِأَنَّ فِيهَا ثُمُنًا وَثُلُثًا لِلزَّوْجَةِ الثُّمُنُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ سِتَّةَ عَشَرَ وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ أَرْبَعَةٌ وَيَبْقَى وَاحِدٌ لِلْأَخِ (قَوْلُهُ: وَخَمْسَةُ إخْوَةٍ) مَسْأَلَتُهُمْ مِنْ سِتَّةٍ لِلْجَدَّةِ السُّدُسُ وَاحِدٌ يَبْقَى خَمْسَةٌ عَلَى سِتَّةٍ وَثُلُثُهَا خَيْرٌ لِلْجَدِّ مِنْ الْمُقَاسَمَةِ وَالسُّدُسِ فَتُضْرَبُ ثَلَاثَةٌ فِي سِتَّةٍ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِلْجَدَّةِ سُدُسُهَا ثَلَاثَةٌ وَلِلْجَدِّ ثُلُثُ الْبَاقِي وَهُوَ خَمْسَةٌ يَبْقَى عَشَرَةٌ لِكُلِّ أَخٍ اثْنَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أَخٍ وَأُخْتٍ لِأَبٍ لِلْجَدِّ الثُّلُثُ وَالْبَاقِي لِلشَّقِيقِ وَحَجَبَاهُ مَعَ كَوْنِ أَحَدِهِمَا غَيْرَ وَارِثٍ كَمَا يَحْجُبَانِ الْأُمَّ بِجَامِعِ أَنَّ لَهُ وِلَادَةً كَهِيَ، وَكَمَا يَحْجُبُهَا مَعَهُ وَلَدَاهَا مَعَ حَجْبِهِمَا بِهِ، وَكَمَا أَنَّهُمْ يَرُدُّونَهَا إلَى السُّدُسِ، وَالْجَدُّ يَحْجُبُهُمْ وَيَأْخُذُ مَا نَقَصَ مِنْ الْأُمِّ، وَيُفَارِقُ مَا قَرَّرْنَاهُ اجْتِمَاعُ أَخٍ لِأُمٍّ مَعَ جَدٍّ وَشَقِيقٍ، فَإِنَّ الْجَدَّ هُوَ الْحَاجِبُ لَهُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَفُوزُ بِحِصَّتِهِ بِأَنَّ الْإِخْوَةَ جِهَةٌ وَاحِدَةٌ، فَجَازَ أَنْ يَنُوبَ أَخٌ عَنْ أَخٍ، بِخِلَافِ الْجُدُودَةِ وَالْأُخُوَّةِ، وَبِأَنَّ وَلَدَ الْأَبِ الْمَعْدُودِ غَيْرُ مَحْرُومٍ أَبَدًا، بَلْ قَدْ يَأْخُذُ كَمَا يَأْتِي فَكَانَ لِعَدِّهِ وَجْهٌ، وَالْأَخُ لِأُمٍّ مَحْرُومٌ بِالْجَدِّ أَبَدًا فَلَا وَجْهَ لِعَدِّهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ ذَكَرٌ بَلْ تَمَحَّضُوا إنَاثًا (فَتَأْخُذُ الْوَاحِدَةُ إلَى النِّصْفِ) أَيْ النِّصْفَ تَارَةً كَجَدٍّ وَشَقِيقَةٍ وَأَخٍ لِأَبٍ مِنْ خَمْسَةٍ. وَتَصِحُّ مِنْ عَشَرَةٍ: لِلْجَدِّ أَرْبَعَةٌ، وَلِلشَّقِيقَةِ النِّصْفُ خَمْسَةٌ: أَيْ فَرْضًا يَفْضُلُ وَاحِدٌ لِلْأَخِ مِنْ الْأَبِ، وَدُونَهُ أُخْرَى كَجَدٍّ وَزَوْجَةٍ وَأُمٍّ وَشَقِيقَةٍ وَأَخٍ لِأَبٍ لِلشَّقِيقَةِ هُنَا الْفَاضِلُ وَهُوَ دُونَ النِّصْفِ؛ لِأَنَّهُ رُبُعٌ وَعُشْرٌ (وَ) تَأْخُذُ (الثِّنْتَانِ فَصَاعِدًا إلَى الثُّلُثَيْنِ) أَيْ الثُّلُثَيْنِ تَارَةً كَجَدٍّ، وَشَقِيقَتَيْنِ وَأُخْتٍ لِأَبٍ مِنْ خَمْسَةٍ لِلشَّقِيقَتَيْنِ ثَلَاثَةٌ، وَهُوَ دُونَ الثُّلُثَيْنِ، وَعَدَمُ زِيَادَةِ الْوَاحِدَةِ إلَى النِّصْفِ وَالثِّنْتَيْنِ إلَى الثُّلُثَيْنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ تَعْصِيبٌ، وَإِلَّا زِيدَ وَأُعِيلَ وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا تَعْصِيبٌ بِالْغَيْرِ، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ مِثْلَهَا؛ لِأَنَّهُ لِعَارِضٍ هُوَ اخْتِلَافُ جِهَةِ الْجُدُودَةِ وَالْأُخُوَّةِ (وَلَا يَفْضُلُ عَنْ الثُّلُثَيْنِ شَيْءٌ) ؛ لِأَنَّ الْجَدَّ لَا يَأْخُذُ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ (وَقَدْ يَفْضُلُ عَنْ النِّصْفِ) شَيْءٌ (فَيَكُونُ لِأَوْلَادِ الْأَبِ) كَمَا مَرَّ فِي جَدٍّ وَشَقِيقَةٍ وَأَخٍ لِأَبٍ (وَالْجَدُّ مَعَ أَخَوَاتٍ كَأَخٍ فَلَا يُفْرَضُ لَهُنَّ مَعَهُ) وَلَا تُعَالُ الْمَسْأَلَةُ بَيْنَهُنَّ (إلَّا فِي الْأَكْدَرِيَّةِ) نِسْبَةُ لِلسَّائِلِ أَوْ الْمَسْئُولِ عَنْهُ، أَوْ؛ لِأَنَّهَا كَدَّرَتْ عَلَى زَيْدٍ مَذْهَبَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفْرَضُ وَلَا يُعِيلُ وَقَدْ فَرَضَ فِيهَا وَأَعَالَ، وَقِيلَ؛ لِأَنَّ زَيْدًا كَدَّرَ عَلَى الْأُخْتِ بِإِعْطَائِهَا النِّصْفَ ثُمَّ اسْتِرْجَاعِ بَعْضِهِ مِنْهَا، وَقِيلَ لِتَكَدُّرِ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ فِيهَا. (وَهِيَ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَجَدٌّ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ، فَلِلزَّوْجِ نِصْفٌ وَلِلْأُمِّ ثُلُثٌ وَلِلْجَدِّ سُدُسٌ وَلِلْأُخْتِ نِصْفٌ) إذْ لَا مُسْقِطَ لَهَا وَلَا مُعَصِّبَ؛ لِأَنَّ الْجَدَّ لَوْ عَصَّبَهَا نَقَصَ حَقُّهُ (فَتَعُولُ) الْمَسْأَلَةُ بِنَصِيبِهَا مِنْ سِتَّةٍ إلَى تِسْعَةٍ (ثُمَّ يُقْسِمُ الْجَدُّ وَالْأُخْتُ نَصِيبَهُمَا) وَهُمَا أَرْبَعَةٌ (أَثْلَاثًا لَهُ الثُّلُثَانِ) وَلَهَا الثُّلُثُ فَانْكَسَرَتْ عَلَى مَخْرَجِ الثُّلُثِ فَاضْرِبْ ثَلَاثَةً فِي تِسْعَةٍ تَبْلُغُ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ لِلزَّوْجِ تِسْعَةٌ وَلِلْأُمِّ سِتَّةٌ وَلِلْجَدِّ ثَمَانِيَةُ وَلِلْأُخْتِ أَرْبَعَةٌ، وَإِنَّمَا قُسِّمَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى تَفْضِيلِهَا عَلَى الْجَدِّ كَمَا فِي سَائِرِ صُوَرِ الْجَدِّ وَالْأُخْتِ، فَفُرِضَ لَهَا بِالرَّحِمِ وَقُسِّمَ بَيْنَهُمَا بِالتَّعْصِيبِ رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ، وَإِنَّمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَحَجَبَاهُ) أَيْ الشَّقِيقُ وَوَلَدُ الْأَبِ الْجَدَّ مِنْ الْمُقَاسَمَةِ لِلشَّقِيقِ إلَى الثُّلُثِ (قَوْلُهُ: مَعَ كَوْنِ أَحَدِهِمَا) أَيْ وَهُوَ وَلَدُ الْأَبِ الصَّادِقُ بِالْأَخِ وَالْأُخْتِ، وَقَوْلُهُ: كَمَا يَحْجُبَانِ الْأُمَّ صَادِقٌ بِالْأَخِ وَالْأُخْتِ (قَوْلُهُ: مِنْ خَمْسَةٍ) وَتَصِحُّ مِنْ عَشَرَةٍ؛ لِأَنَّ فِيهَا نِصْفًا وَمَخْرَجُهُ اثْنَانِ فَيُضْرَبَانِ فِي عَدَدِ رُءُوسِهِمْ وَهُوَ خَمْسَةٌ بِعَشَرَةٍ لِلْأُخْتِ النِّصْفُ اثْنَانِ بِالْمُقَاسَمَةِ، وَثَلَاثَةٌ تَبْلُغُ بِهَا النِّصْفَ، وَلِلْجَدِّ أَرْبَعَةٌ بِالْمُقَاسَمَةِ لِلْأُخْتِ وَالْأَخِ، وَيَفْضُلُ وَاحِدٌ بَعْدَ حِصَّتِهِمَا لِلْأَخِ. (قَوْلُهُ: لِلشَّقِيقَةِ هُنَا الْفَاضِلُ) مَسْأَلَتُهُمْ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، وَتَصِحُّ مِنْ سِتِّينَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْفَاضِلَ بَعْدَ فَرْضِ الزَّوْجَةِ وَالْأُمِّ خَمْسَةٌ تُضْرَبُ فِي اثْنَيْ عَشَرَ، وَمِنْهَا تَصِحُّ لِلزَّوْجَةِ ثَلَاثَةٌ فِي خَمْسَةٍ بَخَمْسَةَ عَشَرَ، وَلِلْأُمِّ اثْنَانِ فِي خَمْسَةٍ بِعَشَرَةٍ، وَيُقَسَّمُ الْبَاقِي وَقَدْرُهُ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ عَلَى الْجَدِّ وَالْأَخِ وَالشَّقِيقَةِ، فَلِلْجَدِّ أَرْبَعَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ الْمُقَاسَمَةَ خَيْرٌ لَهُ وَهِيَ حِصَّتُهُ مِنْ الْخَمْسَةِ وَالثَّلَاثِينَ حَيْثُ قُسِّمَتْ عَلَيْهِمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. وَالْبَاقِي أَحَدٌ وَعِشْرُونَ لِلشَّقِيقَةِ وَهُوَ دُونَ النِّصْفِ وَلَا شَيْءَ لِلْأَخِ لِلْأَبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَحَجَبَاهُ) أَيْ النَّوْعَانِ إذْ الشَّقِيقُ نَوْعٌ وَاَلَّذِي لِلْأَبِ نَوْعٌ وَإِنْ تَعَدَّدَ (قَوْلُهُ: بَلْ تَمَحَّضُوا إنَاثًا) أَيْ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُنَّ بِنْتٌ وَلَا بِنْتُ ابْنٍ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ

[فصل في موانع الإرث]

لَمْ تَسْقُطْ بِالْجَدِّ عَلَى قِيَاسِ كَوْنِهَا عَصَبَةً، وَإِنْ رَجَعَ الْجَدُّ إلَى الْفَرْضِ مَعَ قَوْلِهِمْ فِي بِنْتَيْنِ وَأُمٍّ وَجَدٍّ وَأُخْتٍ: لِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ وَتَسْقُطُ الْأُخْتُ؛ لِأَنَّهَا عَصَبَةٌ مَعَ الْبَنَاتِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْبَنَاتِ لَا يَأْخُذْنَ إلَّا الْفَرْضَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عُصُوبَةٌ مِنْ وَجْهٍ وَفَرِيضَةٌ مِنْ وَجْهٍ، فَالتَّقْدِيرُ بِاعْتِبَارِ الْفَرِيضَةِ، وَالْقِسْمَةُ بِاعْتِبَارِ الْعُصُوبَةِ. وَأَيْضًا لَا يَصِحُّ مَا ذَكَرَ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْأُخْتُ عَصَبَةً مَعَ الْجَدِّ، وَالْجَدُّ صَاحِبَ فَرْضٍ، كَمَا أَنَّ الْأُخْتَ عَصَبَةٌ مَعَ الْبِنْتِ وَالْبِنْتَ صَاحِبَةُ فَرْضٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْأُخْتُ عَصَبَةٌ بِالْجَدِّ وَهُوَ عَصَبَةُ أَصَالَةٍ، وَإِنَّمَا تُحْجَبُ بِالْفَرْضِ بِالْوَلَدِ وَوَلَدِ الِابْنِ، وَلَوْ كَانَ بَدَلَ الْأُخْتِ أَخٌ سَقَطَ أَوْ أُخْتَانِ فَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلَهُمَا السُّدُسُ الْبَاقِي وَلَا عَوْلَ وَلَمْ تَكُنْ أَكْدَرِيَّةً، وَلَوْ سَقَطَ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الزَّوْجُ كَانَ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ فَرْضًا وَقَاسَمَ الْجَدُّ الْأُخْتَ فِي الثُّلُثَيْنِ. (فَصْلٌ) فِي مَوَانِعِ الْإِرْثِ وَمَا مَعَهَا (لَا يَتَوَارَثُ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ) بِنَسَبٍ أَوْ غَيْرِهِ لِخَبَرِ «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ مِنْ الْكَافِرِ وَلَا الْكَافِرُ مِنْ الْمُسْلِمِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِلْإِجْمَاعِ عَلَى الثَّانِي، وَإِنَّمَا جَازَ نِكَاحُ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرَةِ؛ لِأَنَّ مَبْنَى مَا هُنَا عَلَى الْمُوَالَاةِ وَالْمُنَاصَرَةِ وَلَا مُوَالَاةَ وَلَا مُنَاصَرَةَ بَيْنَهُمَا بِوَجْهٍ، وَأَمَّا النِّكَاحُ فَنَوْعٌ مِنْ الِاسْتِخْدَامِ. وَخَبَرُ الْحَاكِمِ وَصَحَّحَهُ «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمَ النَّصْرَانِيُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ» مُؤَوَّلٌ بِأَنَّ مَا بِيَدِهِ لِلسَّيِّدِ كَمَا فِي الْحَيَاةِ لَا الْإِرْثِ الْحَقِيقِيِّ مِنْ الْعَتِيقِ؛ لِأَنَّهُ سَمَّاهُ عَبْدَهُ عَلَى أَنَّهُ أُعِلَّ وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ نَفْيَ التَّفَاعُلِ الصَّادِقِ بِانْتِفَاءِ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ لَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ كُلٍّ مِنْهُمَا الْمُصَرَّحِ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ يُرَدُّ بِأَنَّهُ عَوَّلَ فِي ذَلِكَ عَلَى شُهْرَةِ الْحُكْمِ فَلَمْ يُبَالِ بِذَلِكَ الْإِيهَامِ، عَلَى أَنَّ التَّفَاعُلَ يَأْتِي كَثِيرًا لِأَصْلِ الْفِعْلِ كَعَاقَبْتُ اللِّصَّ، وَمِنْ أَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ كَافِرٌ عَنْ زَوْجَةٍ حَامِلٍ ثُمَّ أَسْلَمَتْ ثُمَّ وَلَدَتْ لَمْ يَرِثْ وَلَدُهَا؛ لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ تَبَعًا لَهَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الِاتِّحَادِ فِي الدِّينِ فِي حَالَةِ الْمَوْتِ وَهُوَ مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ حِينَئِذٍ وَالْإِسْلَامُ طَارِئٌ عَلَيْهِ بَعْدَهُ، وَإِنَّمَا وَرِثَ مَعَ كَوْنِهِ جَمَادًا؛ لِأَنَّهُ بَانَ بِصَيْرُورَتِهِ لِلْحَيَوَانِيَّةِ أَنَّهَا كَانَتْ مَوْجُودَةً بِالْقُوَّةِ وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ لَنَا جَمَادٌ يَمْلِكُ وَهُوَ النُّطْفَةُ، وَاعْتِرَاضُهُ بِأَنَّ الْجَمَادَ لَيْسَ بِحَيَوَانٍ وَلَا كَانَ حَيَوَانًا: أَيْ وَلَا خَرَجَ مِنْ حَيَوَانٍ، وَإِلَّا لَمْ يَتِمَّ الِاعْتِرَاضُ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِلْجَمَادِ فِي بَعْضِ الْأَبْوَابِ فَلَا يَلْزَمُ اطِّرَادُهُ فَانْتَفَى الْإِيرَادُ (وَلَا يَرِثُ) زِنْدِيقٌ وَهُوَ مَنْ لَا يَتَدَيَّنُ بِدِينٍ، وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَنْ يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ وَيُخْفِي الْكُفْرَ وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ وَلَا (مُرْتَدٌّ) حَالَ الْمَوْتِ بِحَالٍ، وَإِنْ أَسْلَمَ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ) فِي مَوَانِعِ الْإِرْثِ (قَوْلُهُ: مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) أَيْ بَيْنَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ (قَوْلُهُ: وَلِلْإِجْمَاعِ عَلَى الثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ: وَلَا الْكَافِرُ مِنْ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ: وَالْمُنَاصَرَةُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ) أَيْ الْخَبَرَ وَقَوْلُهُ: أُعِلَّ: أَيْ فَلَا يُحْتَجُّ بِهِ (قَوْلُهُ: كَعَاقَبْتُ اللِّصَّ) لَعَلَّ التَّمْثِيلَ بِهِ لِمُطْلَقِ مَا حَصَلَ فِيهِ اشْتِرَاكٌ بِحَسَبِ أَصْلِ الْوَضْعِ وَلَكِنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَإِلَّا فَعَاقَبْت اللِّصَّ مِنْ الْمُفَاعَلَةِ لَا التَّفَاعُلِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُفَاعَلَةَ تَسْتَدْعِي أَنَّ كُلًّا مِنْ الِاثْنَيْنِ يَفْعَلُ بِصَاحِبِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِهِ الْآخَرُ مَعَ مُلَاحَظَةِ تَمَيُّزِ أَحَدِهِمَا بِحَيْثُ يَتَعَيَّنُ كَوْنُهُ فَاعِلًا، بِخِلَافِ التَّفَاعُلِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي تَعَلُّقَ الْفِعْلِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ غَيْرِ تَمَيُّزِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ، فَيَجُوزُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فَاعِلٌ نَحْوُ تَضَارَبَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو، فَإِنْ شِئْت جَعَلْت زَيْدًا فَاعِلًا وَالْآخَرَ مَعْطُوفًا، وَإِنْ شِئْت جَعَلْت عَمْرًا هُوَ الْفَاعِلُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا وَرِثَ) أَيْ الْحَمْلُ (قَوْلُهُ: أَنَّهَا كَانَتْ مَوْجُودَةً) أَيْ الْحَيَوَانِيَّةُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَسْلَمَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تُحْجَبُ بِالْفَرْضِ إلَخْ) صَوَابُهُ كَمَا فِي حَوَاشِي وَالِدِهِ عَلَى شَرْحِ الرَّوْضِ، وَإِنَّمَا تَرْجِعُ إلَى الْفَرْضِ بِالْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ. [فَصْلٌ فِي مَوَانِعِ الْإِرْثِ]

إذْ لَا سَبِيلَ إلَى تَوْرِيثِهِ مِنْ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّ مَا خَلَّفَهُ فَيْءٌ سَوَاءٌ اكْتَسَبَهُ فِي الْإِسْلَامِ أَمْ الرِّدَّةِ فِي الصِّحَّةِ أَمْ الْمَرَضِ، وَلَا مِنْ كَافِرٍ أَصْلِيٍّ لِلْمُنَافَاةِ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى دِينِهِ وَذَاكَ يُقَرُّ، وَلَا مِنْ مُسْلِمٍ؛ لِأَنَّهُ لَا مُنَاصَرَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدٍ لِإِهْدَارِهِ. (وَلَا يُورَثُ) بِحَالٍ، نَعَمْ سَيَأْتِي فِي الْجِرَاحِ أَنَّ وَارِثَهُ لَوْلَا الرِّدَّةُ يَسْتَوْفِي قَوَدَ طَرَفِهِ. (وَيَرِثُ الْكَافِرُ الْكَافِرَ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَّتُهُمَا) كَيَهُودِيٍّ مِنْ نَصْرَانِيٍّ وَعَكْسِهِ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الْمِلَلِ فِي الْبُطْلَانِ كَالْمِلَّةِ الْوَاحِدَةِ. قَالَ تَعَالَى {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلا الضَّلالُ} [يونس: 32] وَشَمِلَ كَلَامُهُ تَوَارُثَ الْحَرْبِيَّيْنِ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ دَارُهُمَا خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحٍ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ فَإِنَّهُ سَهْوٌ وَغَيْرُهُمَا حَيْثُ كَانَا مَعْصُومَيْنِ، وَتَصْوِيرُ إرْثِ الْيَهُودِيِّ مِنْ النَّصْرَانِيِّ وَعَكْسُهُ، مَعَ أَنَّ الْمُنْتَقِلَ مِنْ مِلَّةٍ إلَى مِلَّةٍ لَا يُقَرُّ ظَاهِرٌ فِي الْوَلَاءِ وَالنِّكَاحِ، وَكَذَا النَّسَبُ فِيمَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ يَهُودِيٌّ وَالْآخَرُ نَصْرَانِيٌّ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ بُلُوغِهِ، وَكَذَا أَوْلَادُهُمْ فَلِبَعْضِهِمْ اخْتِيَارُ الْيَهُودِيَّةِ وَلِبَعْضِهِمْ اخْتِيَارُ النَّصْرَانِيَّةِ (لَكِنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ لَا تَوَارُثَ بَيْنَ حَرْبِيٍّ وَذِمِّيٍّ) أَوْ مُعَاهَدٍ أَوْ مُؤَمَّنٍ؛ لِانْتِفَاءِ الْمُوَالَاةِ بَيْنَهُمَا، وَيَتَوَارَثُ ذِمِّيٌّ وَمُعَاهَدٌ وَمُؤَمَّنٌ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الذِّمِّيِّ بِدَارِنَا أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ فِي الْجِرَاحِ فِي بَابِ تَغَيُّرِ الْحَالِ أَنَّ مَنْ بِدَارِ الْحَرْبِ يَرِثُ مَنْ بِدَارِنَا، وَمَا اقْتَضَاهُ تَقْيِيدُ الصَّيْمَرِيِّ مَرْدُودٌ بِإِطْلَاقِهِمْ. وَالثَّانِي يَتَوَارَثَانِ؛ لِشُمُولِ الْكُفْرِ لَهُمَا. (وَلَا يَرِثُ مَنْ فِيهِ رِقٌّ) مُدَبَّرًا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مُبَعَّضًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ إذْ لَوْ وَرِثَ مَلَكَهُ السَّيِّدُ وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْمَيِّتِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُولُوا بِإِرْثِهِ ثُمَّ يَتَلَقَّى سَيِّدُهُ لَهُ بِالْمِلْكِ كَمَا قَالُوهُ فِي قَبُولِ قِنِّهِ، وَإِنْ كَانَ مُكْرَهًا لِنَحْوِ وَصِيَّةٍ أَوْ هِبَةٍ لَهُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ عُقُودٌ اخْتِيَارِيَّةٌ تَصِحُّ لِلسَّيِّدِ فَإِيقَاعُهَا لِقِنِّهِ إيقَاعٌ لَهُ، وَلَا كَذَلِكَ الْإِرْثُ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْحُرَّ يَرِثُ، وَإِنْ كَانَتْ مَنَافِعُهُ (مُسْتَغْرَقَةً أَبَدًا بِوَصِيَّةٍ عَلَى مَا سَيَأْتِي وَالْجَدِيدُ أَنَّ) (مَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ) إذَا مَاتَ عَنْ مَالٍ مَلَكَهُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ (يُورَثُ عَنْهُ) ذَلِكَ الْمَالُ؛ لِأَنَّهُ تَامُّ الْمِلْكِ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ، وَأَفْهَمَ هَذَا مَا بِأَصْلِهِ أَنَّ الرَّقِيقَ لَا يُورَثُ: أَيْ إلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ كَافِرٌ لَهُ أَمَانٌ جَنَى عَلَيْهِ ثُمَّ نَقَضَ الْأَمَانَ فَسُبِيَ وَاسْتُرِقَّ وَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ قِنًّا فَالدِّيَةُ لِوَارِثِهِ، وَيُمْكِنُ رَدُّ الِاسْتِثْنَاءِ إلَّا بِالنَّظَرِ لِكَوْنِهِمْ حَالَةَ الْمَوْتِ أَحْرَارًا وَهُوَ قِنٌّ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا أَخَذُوهَا نَظَرًا لِلْحُرِّيَّةِ السَّابِقَةِ لِاسْتِقْرَارِهَا بِمَا قَبْلَ الرِّقِّ. (وَلَا) يَرِثُ (قَاتِلٌ) مِنْ مَقْتُولِهِ، وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ كَأَنْ قَتَلَهُ بِحَقٍّ لِنَحْوِ قَوَدٍ أَوْ دَفْعِ صَائِلٍ سَوَاءٌ أَكَانَ بِسَبَبٍ أَمْ شَرْطٍ أَمْ مُبَاشَرَةٍ، وَإِنْ كَانَ مُكْرَهًا أَوْ حَاكِمًا أَوْ شَاهِدًا أَوْ مُزَكِّيًا إذْ لَوْ وَرِثَ لَاسْتَعْجَلَ الْوَرَثَةُ قَتْلَ مُوَرِّثِهِمْ فَيُؤَدِّي إلَى خَرَابِ الْعَالِمِ فَاقْتَضَتْ الْمَصْلَحَةُ مَنْعَ إرْثِهِ مُطْلَقًا نَظَرًا لِمَظِنَّةِ الِاسْتِعْجَالِ: أَيْ بِاعْتِبَارِ السَّبَبِ فَلَا يُنَافِي كَوْنَهُ مَاتَ بِأَجَلِهِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ. نَعَمْ يَرِثُ الْمُفْتِي وَلَوْ فِي مُعَيَّنٍ وَرَاوِي خَبَرِ مَوْضُوعٍ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِمَا بِوَجْهٍ إذْ قَدْ لَا يُعْمَلُ بِهِ بِخِلَافِ الْحَاكِمِ وَنَحْوِهِ مِمَّا مَرَّ (وَقِيلَ إنْ لَمْ يَضْمَنْ وَرِثَ) ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَ بِحَقٍّ، وَيَرُدُّهُ أَنَّ الْمَعْنَى إذَا لَمْ يَنْضَبِطْ أُنِيطَ الْحُكْمُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ وَلَوْ قَبْلَ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ (قَوْلُهُ: يَسْتَوْفِي قَوَدَ طَرَفِهِ) أَيْ تَشَفِّيًا لَا إرْثًا كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ: لَوْلَا الرِّدَّةُ. (قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُمَا) أَيْ وَتَوَارَثَ غَيْرُهُمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَا) قَيْدٌ فِي غَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: أَوْ مُؤْمِنٌ بِبِلَادِنَا) هَذِهِ اللَّفْظَةُ سَاقِطَةٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَيَدُلُّ لِسُقُوطِهَا قَوْلُهُ: الْآتِي وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ إلَخْ، وَقَدْ تَمْنَعُ دَلَالَةَ مَا يَأْتِي لِجَوَازِ كَوْنِ قَوْلِهِ بِبِلَادِنَا رَاجِعًا لِلْمُعَاهَدِ وَالْمُؤَمَّنِ (قَوْلُهُ: أَنَّ مَنْ بِدَارِ الْحَرْبِ) أَيْ مِنْ الذِّمِّيِّينَ (قَوْلُهُ: تَقْيِيدُ الصَّيْمَرِيِّ) لَعَلَّهُ بِنَحْوِ قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ بِبِلَادِنَا (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِثُ قَاتِلٌ) وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ قَتَلَهُ بِالْحَالِ أَوْ بِعَيْنِهِ فَيَرِثُ مِنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَرَاوِي خَبَرٍ مَوْضُوعٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَتْ دَارُهُمَا) الْمُرَادُ بِالدَّارِ هُنَا غَيْرُ الدَّارِ فِي قَوْلِهِمْ مِنْ الْمَوَانِعِ اخْتِلَافُ الدَّارِ، إذْ صُورَةُ مَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي حَرْبِيَّيْنِ فِي بَلَدَيْنِ مُتَحَارِبَيْنِ كَمَا ذَكَرَهُ الشِّهَابُ حَجّ (قَوْلُهُ:: لِكَوْنِهِمْ) يَعْنِي الْوَرَثَةَ وَكَذَا يُقَالُ

بِوَصْفٍ أَعَمَّ مِنْهُ مُشْتَمِلٍ عَلَيْهِ مُنْضَبِطٍ غَالِبًا كَالْمَشَقَّةِ فِي السَّفَرِ وَهُوَ قَصْدُ الِاسْتِعْجَالِ هُنَا. وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا قِيلَ: كَادَ الشَّافِعِيُّ أَنْ يَكُونَ ظَاهِرِيًّا مَحْضًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَيُضَمَّنُ بِضَمِّ الْيَاءِ لِيَدْخُلَ فِيهِ الْقَاتِلُ خَطَأً فَإِنَّ الْعَاقِلَةَ تَضْمَنُهُ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ أَنَّ الدِّيَةَ تَلْزَمُهُمْ ابْتِدَاءً، وَقَدْ يَرِثُ الْمَقْتُولُ قَاتِلَهُ كَأَنْ يَجْرَحُهُ ثُمَّ يَمُوتُ هُوَ قَبْلَهُ. وَمِنْ الْمَوَانِعِ أَيْضًا الدَّوْرُ الْحُكْمِيُّ كَمَا مَرَّ آخِرَ الْإِقْرَارِ. وَكَوْنُ الْمَيِّتِ نَبِيًّا لِخَبَرِ «نَحْنُ مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ» وَيُحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ عِنْدَ مَوْتِ سَيِّدِنَا عِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى نَبِيِّنَا وَسَائِرِ النَّبِيِّينَ. وَاللِّعَانُ وَعَدَمُ تَحَقُّقِ حَيَاةِ الْوَارِثِ عِنْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ (وَلَوْ مَاتَ مُتَوَارِثَانِ بِغَرَقٍ أَوْ هَدْمٍ) أَوْ غَيْرِهِمَا كَحَرِيقٍ (أَوْ فِي غُرْبَةٍ مَعًا أَوْ جُهِلَ أَسْبَقُهُمَا) وَمِنْهُ أَنْ يُعْلَمَ سَبْقٌ لَا يُعْلَمُ عَيْنُ السَّابِقِ: أَيْ وَلَا يُرْجَى بَيَانُهُ، وَإِلَّا وُقِفَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (لَمْ يَتَوَارَثَا) لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَجْعَلُوا التَّوَارُثَ بَيْنَ مَنْ قُتِلَ فِي يَوْمِ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ إلَّا فِيمَنْ عَلِمُوا تَأَخُّرَ مَوْتِهِ. وَلَوْ عُلِمَ السَّابِقُ ثُمَّ نَسِيَ وُقِفَ لِلْبَيَانِ أَوْ الصُّلْحِ وَنَفْيِهِ التَّوَارُثَ بِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ، وَإِلَّا غَلَبَ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ إيهَامُ امْتِنَاعِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؛ وَلِأَنَّ أَحَدَهُمَا قَدْ يَرِثُ مِنْ الْآخَرِ دُونَ عَكْسِهِ كَالْعَمَّةِ وَابْنِ أَخِيهَا، وَكَثِيرٍ مِنْ تِلْكَ الْمَوَانِعِ فِيهِ تَجَوُّزٌ؛ لِعَدَمِ صِدْقِ حَدِّ الْمَانِعِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْوَصْفُ الْوُجُودِيُّ الظَّاهِرُ الْمُنْضَبِطُ الْمُعَرِّفُ نَقِيضَ الْحُكْمِ فَانْتِفَاءُ الْإِرْثِ إمَّا لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ أَوْ السَّبَبِ (وَمَالُ) أَيْ تَرِكَةُ (كُلٍّ) مِنْ الْمَيِّتَيْنِ بِنَحْوِ هَدْمٍ (لِبَاقِي وَرَثَتِهِ) ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَرَّثَ الْأَحْيَاءَ مِنْ الْأَمْوَاتِ وَهُنَا لَا نَعْلَمُ حَيَاتَهُ عِنْدَ مَوْتِ صَاحِبِهِ فَلَمْ يَرِثْ كَالْجَنِينِ إذَا خَرَجَ مَيِّتًا وَلِأَنَّا إنْ وَرَّثْنَا أَحَدَهُمَا فَقَطْ فَهُوَ تَحَكُّمٌ أَوْ كُلًّا مِنْ صَاحِبِهِ تَيَقَّنَّا الْخَطَأَ وَحِينَئِذٍ فَيُقَدَّرُ فِي حَقِّ كُلٍّ أَنَّهُ لَمْ يَخْلُفْ الْآخَرَ. (وَمَنْ أُسِرَ أَوْ فُقِدَ وَانْقَطَعَ خَبَرُهُ تُرِكَ مَالُهُ حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِمَوْتِهِ أَوْ تَمْضِيَ مُدَّةُ) التَّعْمِيرِ مِنْ وِلَادَتِهِ (يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ) أَوْ مَا نَزَلَ مَنْزِلَتَهُ (أَنَّهُ لَا يَعِيشُ فَوْقَهَا) وَلَا تَتَقَدَّرُ بِشَيْءٍ عَلَى الصَّحِيحِ (فَيَجْتَهِدُ الْقَاضِي وَيَحْكُمُ بِمَوْتِهِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ فَلَا يُوَرِّثُ إلَّا بِيَقِينٍ، وَمِنْهُ الْحُكْمُ؛ لِأَنَّهُ إنْ اسْتَنَدَ إلَى الْمُدَّةِ فَوَاضِحٌ، أَوْ إلَى الْعِلْمِ، وَإِنْ لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ فَهُوَ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْبَيِّنَةِ الْمُنَزَّلَةِ مَنْزِلَةَ الْيَقِينِ (ثُمَّ) بَعْدَ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ (يُعْطَى مَالُهُ مَنْ يَرِثُهُ وَقْتَ الْحُكْمِ) بِمَوْتِهِ بِأَنْ يَسْتَمِرَّ حَيًّا إلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ أَوْ صَحِيحٍ أَوْ حَسَنٍ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَصْدُ الِاسْتِعْجَالِ) أَيْ الْوَصْفِ الْأَعَمِّ (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ ظَاهِرِيًّا) أَيْ آخِذًا بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِأَنَّهُ) أَيْ فَيَجُوزُ فِيهِ الضَّمُّ وَالْفَتْحُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَمُوتُ) أَيْ الْجَارِحُ وَقَوْلُهُ: قَبْلَهُ: أَيْ الْمَجْرُوحِ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ مَوْتِ عِيسَى) أَيْ أَوْ الْخَضِرِ عَلَى الْقَوْلِ بِنُبُوَّتِهِ وَأَنَّهُ حَيٌّ وَهُوَ الرَّاجِحُ فِيهِمَا. (قَوْلُهُ: الْمُعَرَّفُ نَقِيضُ الْحُكْمِ) أَيْ الَّذِي هُوَ عَلَامَةٌ عَلَى نَقِيضِ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: إذَا خَرَجَ مَيِّتًا) أَيْ أَوْ لَيْسَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ عَلَى مَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: أَوْ تَمْضِي مُدَّةُ التَّعْمِيرِ) فِي حَجّ إسْقَاطُ التَّعْمِيرِ وَهُوَ وَاضِحٌ، وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ يَنْبَغِي أَنْ يُقَدَّرَ بَعْدَ قَوْلِهِ مِنْ وِلَادَتِهِ وَهِيَ الَّتِي يَغْلِبُ إلَخْ (قَوْلُهُ: يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ) وَفِي نُسْخَةٍ إسْقَاطُ عَلَى، وَمَعْنَى تَغْلِيبِهَا الظَّنَّ تَفْوِيتُهَا لَهُ بِحَيْثُ يَصِيرُ قَرِيبًا مِنْ الْعِلْمِ فَلَا يَكْفِي أَصْلُ الظَّنِّ (قَوْلُهُ: أَوْ مَا نَزَلَ مَنْزِلَتَهُ) يُتَأَمَّلُ هَذَا وَالْأَوْلَى ذِكْرُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ بَعْدُ فَلَا يُورَثُ إلَّا بِيَقِينٍ كَمَا فِي حَجّ (قَوْلُهُ: فَيَجْتَهِدُ الْقَاضِي) خَرَجَ بِهِ الْمُحَكَّمُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُمْ (قَوْلُهُ: أَوْ مَا نُزِّلَ مَنْزِلَتَهُ) لَا مَحَلَّ لَهُ هُنَا وَهُوَ فِي التُّحْفَةِ عَقِبَ قَوْلِهِ الْآتِي فَلَا يُورَثُ إلَّا بِيَقِينٍ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ الْحُكْمُ) ظَاهِرٌ أَنَّهُ مِنْ الْيَقِينِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ بِمَا نُزِّلَ مَنْزِلَتَهُ الَّذِي مَحَلُّ ذِكْرِهِ هُنَا كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَقْتَ الْحُكْمِ) قَالَ غَيْرُهُ: أَوْ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ، وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ حِينَئِذٍ قَالَ فِي شَرْحِهِ: أَيْ حِينَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ أَوْ الْحُكْمِ. اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ مَعَ الْبَيِّنَةِ إلَى حُكْمٍ فَيَكُونُ قَوْلُهُ فَيَجْتَهِدُ الْقَاضِي وَيْحُكُمْ خَاصًّا بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ، لَكِنْ لَا بُدَّ فِي الْبَيِّنَةِ مِنْ نَحْوِ قَبُولِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهَا بِمُجَرَّدِهَا لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهَا، كَذَا فِي حَوَاشِي الشِّهَابِ سم عَلَى التُّحْفَةِ

فَرَاغِ الْحُكْمِ، فَمَنْ مَاتَ قَبْلَهُ أَوْ مَعَهُ لَمْ يَرِثْهُ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَإِنْ قَيَّدْته الْبَيِّنَةَ أَوْ قَيَّدَهُ هُوَ فِي حُكْمٍ بِزَمَنٍ سَابِقٍ اُعْتُبِرَ ذَلِكَ الزَّمَنُ، وَمَنْ كَانَ وَارِثُهُ حِينَئِذٍ، وَلَا تَتَضَمَّنُ قِسْمَةُ الْحَاكِمِ الْحُكْمَ بِمَوْتِهِ إلَّا إنْ وَقَعَتْ بَعْدَ تَنَازُعٍ وَرَفْعٍ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ تَصَرُّفَ الْحَاكِمِ لَيْسَ بِحُكْمٍ إلَّا فِي قَضِيَّةٍ رُفِعَتْ إلَيْهِ وَطُلِبَ مِنْهُ فَصْلُهَا وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَحْدَهَا بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ الْحُكْمِ. وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُمْ لَوْ انْقَطَعَ خَبَرُ الْعَبْدِ بَعْدَ هَذِهِ الْمُدَّةِ لَا تَجِبُ فِطْرَتُهُ وَلَا يُجْزَى عَنْ الْكَفَّارَةِ اتِّفَاقًا وَلَمْ يَذْكُرُوا الْحُكْمَ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا أَمْرٌ كُلِّيٌّ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَصَالِحُ وَمَفَاسِدُ عَامَّةٌ فَاحْتِيطَ لَهُ أَكْثَرُ. (وَلَوْ مَاتَ مَنْ يَرِثُهُ الْمَفْقُودُ) كُلًّا أَوْ بَعْضًا قَبْلَ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ (وَقَفْنَا حِصَّتَهُ) أَيْ مَا خَصَّهُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ إنْ انْفَرَدُوا وَبَعْضِهِ إنْ كَانَ ثَمَّ غَيْرُهُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ الْمَوْتِ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا وَلَوْ مَاتَ عَنْ أَخَوَيْنِ أَحَدُهُمَا مَفْقُودٌ وَجَبَ وَقْفُ نِصْفِهِ إلَى الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ، ثُمَّ إذَا لَمْ تَظْهَرْ حَيَاتُهُ فِي مُدَّةِ الْوَقْفِ يَعُودُ كُلُّ مَالِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ إلَى الْحَاضِرِ وَلَيْسَ لِوَرَثَةِ الْمَفْقُودِ مِنْهُ شَيْءٌ إذْ لَا إرْثَ بِالشَّكِّ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ قَبْلَ مُوَرِّثِهِ، ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَعَمَلُنَا فِي الْحَاضِرَيْنِ بِالْأَسْوَإِ) فَمَنْ يُسْقِطُهُ الْمَفْقُودُ لَا يُعْطَى شَيْئًا وَمَنْ تُنْقِصُهُ حَيَاتُهُ أَوْ مَوْتُهُ يُعْطَى بِالْيَقِينِ، فَفِي زَوْجٍ مَفْقُودٍ وَشَقِيقَتَيْنِ وَعَمٍّ يُعْطَيَانِ أَرْبَعَةً مِنْ سَبْعَةٍ وَيُوقَفُ الْبَاقِي، وَفِي أَخٍ لِأَبٍ مَفْقُودٍ وَشَقِيقٍ وَجَدٍّ حَاضِرَيْنِ يُقَدَّرُ حَيًّا فِي حَقِّ الْجَدِّ وَمَيِّتًا فِي حَقِّ الْأَخِ، وَيُوقَفُ السُّدُسُ، وَمَنْ لَا يَخْتَلِفُ حَقُّهُ بِحَيَاتِهِ وَمَوْتِهِ كَزَوْجٍ وَابْنٍ مَفْقُودٍ وَبِنْتٍ يُعْطَى الزَّوْجُ الرُّبُعَ؛ لِأَنَّهُ لَهُ بِكُلِّ حَالٍ. وَلَوْ تَلِفَ الْمَوْقُوفُ لِلْغَائِبِ كَانَ عَلَى الْكُلِّ، فَإِذَا حَضَرَ اُسْتُرِدَّ مَا دُفِعَ لَهُمْ وَقُسِّمَ بِحَسَبِ إرْثِ الْكُلِّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِيمَا إذَا بَانَتْ حَيَاةُ الْحَمْلِ وَذُكُورَةِ الْخُنْثَى فِيمَا يَأْتِي. (وَلَوْ خَلَّفَ حَمْلًا يَرِثُ) مُطْلَقًا لَوْ كَانَ مُنْفَصِلًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ كَأَنْ مَاتَ مَنْ لَا وَلَدَ لَهُ عَنْ زَوْجَةِ ابْنٍ حَامِلٍ (أَوْ قَدْ يَرِثُ) بِتَقْدِيرِ الذُّكُورَةِ كَحَمْلِ حَلِيلَةِ الْجَدِّ أَوْ الْأَخِ أَوْ الْأُنُوثَةِ كَمَنْ مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ وَشَقِيقَةٍ وَحَمْلٍ لِأَبِيهَا فَإِنْ كَانَ ذَكَرًا لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ عَصَبَةٌ وَلَمْ يَفْضُلْ لَهُ شَيْءٌ أَوْ أُنْثَى وَرِثَ السُّدُسَ وَأُعِيلَتْ (عَمَلٌ بِالْأَحْوَطِ فِي حَقِّهِ) أَيْ الْحَمْلِ (وَحَقِّ غَيْرِهِ) كَمَا يَأْتِي (فَإِنْ انْفَصَلَ) كُلُّهُ (حَيًّا) حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً يَقِينًا وَتُعْرَفُ بِنَحْوِ قَبْضِ يَدٍ وَبَسْطِهَا لَا بِمُجَرَّدِ نَحْوِ اخْتِلَاجٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقَعُ مِثْلُهُ لِانْضِغَاطٍ، وَمِنْ ثَمَّ أَلْغَوْا كُلَّ مَا لَا يُعْلَمُ بِهِ الْحَيَاةُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لِعَارِضٍ آخَرَ (لِوَقْتٍ يُعْلَمُ وُجُودُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ) بِأَنْ يَنْفَصِلَ لِأَرْبَعِ سِنِينَ مَا عَدَا لَحْظَتَيْ الْوَضْعِ وَالْوَطْءِ فَأَقَلَّ وَلَمْ تَكُنْ فِرَاشًا لِأَحَدٍ وَدُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَإِنْ كَانَتْ فِرَاشًا أَوْ اعْتَرَفَ الْوَرَثَةُ بِوُجُودِهِ الْمُمْكِنِ عِنْدَ الْمَوْتِ (وَرِثَ) لِثُبُوتِ نَسَبِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSلِصِحَّةِ حُكْمِهِ رِضَا الْخَصْمَيْنِ وَالْمَفْقُودُ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ رِضًا (قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ ذَلِكَ الزَّمَنُ) أَيْ وَتُضَافُ سَائِرُ الْأَحْكَامِ إلَى ذَلِكَ الزَّمَنِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَتْ زَوْجَاتُهُ مُنْقَضِيَةَ الْعِدَّةِ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ الْوَقْتِ تَزَوَّجْنَ حَالًا (قَوْلُهُ: بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ) أَيْ حَتَّى لَوْ تَعَذَّرَ الرَّفْعُ إلَى الْقَاضِي أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْحُكْمِ إلَّا بِدَرَاهِمَ وَلَمْ تَدْفَعْهَا الْمَرْأَةُ لَا غَيْرُهَا لَمْ يَجُزْ لَهَا التَّزَوُّجُ قَبْلَ الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: اسْتَرَدَّ مَا دَفَعَ لَهُمْ) أَيْ جَمِيعَهُ وَمِنْ فَوَائِدِهِ الْمُشَارَكَةُ فِي زَوَائِدِ التَّرِكَةِ (قَوْلُهُ: حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ) وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِ أُمِّهِ فِيمَا يَظْهَرُ. وَقَوْلُهُ: يَقِينًا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ شَخْصٍ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ مَاتَ وَأَلْقَتْ جَنِينًا بَعْدَ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْعَقْدِ وَمَكَثَ حَيًّا نَحْوَ يَوْمٍ وَمَاتَ فَهَلْ يَرِثُ أَوْ لَا؟ . وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ الْإِرْثِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ وَلَدًا كَامِلًا فَهُوَ مِنْ غَيْرِ الزَّوْجِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ مُدَّةِ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَامِلًا فَحَيَاتُهُ غَيْرُ مُسْتَقِرَّةٍ وَهِيَ مُشْتَرَطَةٌ لِلْإِرْثِ فَاحْفَظْهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ وَلَا تَغْتَرَّ بِمَنْ ذَكَرَ خِلَافَهُ، وَقَوْلُهُ: وَتُعْرَفُ: أَيْ الْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ قَبْضِ يَدٍ وَبَسْطِهَا) قَدْ يُتَوَقَّفُ فِي أَنَّ مُجَرَّدَ ذَلِكَ عَلَامَةٌ مُسْتَقِرَّةٌ مَعَ قَوْلِهِمْ فِي الْجِنَايَاتِ: إنَّ الْحَيَاةَ الْمُسْتَقِرَّةَ هِيَ الَّتِي يَكُونُ مَعَهَا إبْصَارٌ وَنُطْقٌ وَحَرَكَةُ اخْتِيَارٍ وَمُجَرَّدُ قَبْضِ الْيَدِ وَبَسْطِهَا لَا يَسْتَلْزِمُ أَنَّهُ عَنْ اخْتِيَارٍ (قَوْلُهُ: أَوْ اعْتَرَفَ الْوَرَثَةُ بِوُجُودِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَخَرَجَ بِكُلِّهِ مَوْتُهُ قَبْلَ تَمَامِ انْفِصَالِهِ فَإِنَّهُ كَالْمَيِّتِ هُنَا وَفِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ إلَّا فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ إذَا اسْتَهَلَّ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ تَمَامِ انْفِصَالِهِ، وَفِيمَا إذَا حَزَّ إنْسَانٌ رَقَبَتَهُ قَبْلُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ، وَبِحَيَاةٍ مُسْتَقِرَّةٍ مَا لَوْ انْفَصَلَ وَحَيَاتُهُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْمَيِّتِ (وَإِلَّا) بِأَنْ انْفَصَلَ مَيِّتًا بِنَفْسِهِ أَوْ بِجِنَايَةِ جَانٍ أَوْ مَشْكُوكًا فِي حَيَاتِهِ أَوْ اسْتِقْرَارِهَا أَوْ حَيًّا وَلَمْ يُعْلَمْ عِنْدَ الْمَوْتِ وُجُودُهُ (فَلَا) يَرِثُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ كَالْعَدَمِ وَالثَّالِثَ مُنْتَفٍ نَسَبُهُ عَنْ الْأَوَّلِ، وَلَا يُنَافِي هَذَا الْمُقْتَضِي لِتَوَقُّفِ إرْثِهِ عَلَى وِلَادَتِهِ بِشَرْطِهَا مَا مَرَّ أَنَّهُ وَرِثَ وَهُوَ جَمَادٌ؛ لِأَنَّ هَذَا بِاعْتِبَارِ الظُّهُورِ وَذَاكَ بِاعْتِبَارِ الْيَقِينِ، وَأَنَّ الْمَشْرُوطَ بِالشَّرْطَيْنِ إنَّمَا هُوَ الْحُكْمُ بِالْإِرْثِ لَا الْإِرْثُ نَفْسُهُ، وَلَا مُعَوِّلَ عَلَى مَنْ أَجَابَ بِمَا يُوهِمُ خِلَافَ ذَلِكَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ يَرِثُ مَعَ الْحَمْلِ لَا يُعْطَى إلَّا الْيَقِينَ (بَيَانُهُ) أَنْ تَقُولَ (إنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ سِوَى الْحَمْلِ أَوْ كَانَ مَنْ قَدْ يَحْجُبُهُ) الْحَمْلُ (وُقِفَ الْمَالُ) إلَى انْفِصَالِهِ (وَإِنْ كَانَ مَنْ لَا يَحْجُبُهُ) الْحَمْلُ (وَلَهُ) سَهْمٌ (مُقَدَّرٌ أُعْطِيَهُ عَائِلًا إنْ أَمْكَنَ) فِي الْمَسْأَلَةِ (عَوْلٌ كَزَوْجَةٍ حَامِلٍ وَأَبَوَيْنِ لَهَا ثُمُنٌ وَلَهُمَا سُدُسَانِ عَائِلَاتٌ) بِمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ آخِرُهُ: أَيْ الثُّمُنُ وَالسُّدُسَانِ؛ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْحَمْلَ بِنْتَانِ فَتَكُونُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَتَعُولُ لِسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلزَّوْجَةِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأَبَوَيْنِ ثَمَانِيَةٌ وَيُوقَفُ الْبَاقِي، فَإِنْ كَانَ بِنْتَيْنِ فَلَهُمَا، وَإِلَّا كُمِّلَ الثُّمُنُ وَالسُّدُسَانِ، وَهَذِهِ هِيَ الْمِنْبَرِيَّةُ؛ لِأَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سُئِلَ عَنْهَا وَهُوَ يَخْطُبُ بِمِنْبَرِ الْكُوفَةِ وَكَانَ صَدْرُ خُطْبَتِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يَحْكُمُ بِالْحَقِّ قَطْعًا وَيَجْزِي كُلَّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى، وَإِلَيْهِ الْمَآبُ وَالرُّجْعَى صَارَ ثُمُنُ الْمَرْأَةِ تُسْعًا وَمَضَى فِي خُطْبَتِهِ. (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُقَدَّرٌ كَأَوْلَادٍ لَمْ يُعْطَوْا) حَالًا شَيْئًا؛ لِعَدَمِ ضَبْطِ الْحَمْلِ، فَقَدْ وُجِدَ فِي بَطْنٍ خَمْسَةٌ وَسَبْعَةٌ وَاثْنَا عَشَرَ وَأَرْبَعُونَ عَلَى مَا حَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ كَانَ كَالْأُصْبُعِ وَأَنَّهُمْ عَاشُوا وَرَكِبُوا الْخَيْلَ مَعَ أَبِيهِمْ فِي بَغْدَادَ وَكَانَ مَلِكًا بِهَا (وَقِيلَ أَكْثَرُ الْحَمْلِ أَرْبَعَةٌ) بِحَسَبِ الِاسْتِقْرَاءِ عِنْدَ قَائِلِهِ (فَيُعْطَوْنَ الْيَقِينَ) فَيُوقَفُ مِيرَاثُ أَرْبَعَةٍ وَيُقَسَّمُ الْبَاقِي فَفِي ابْنٍ وَزَوْجَةٍ حَامِلٍ لَهَا الثُّمُنُ وَلَهُ خُمُسُ الْبَاقِي وَيَتَمَكَّنُ مَنْ دُفِعَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ تَصَرُّفِهِ فِيهِ، وَلَا يُطَالَبُ بِضَامِنٍ، وَإِنْ اُحْتُمِلَ تَلَفُ الْمَوْقُوفِ وَرَدُّ مَا أَخَذَهُ؛ لِيُقَسَّمَ بَيْنَ الْكُلِّ كَمَا مَرَّ. (وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ) وَهُوَ مَنْ لَهُ آلَتَا الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَمَا دَامَ مُشْكِلًا يَسْتَحِيلُ كَوْنُهُ أَبًا أَوْ جَدًّا أَوْ أُمًّا أَوْ زَوْجًا أَوْ زَوْجَةً، وَهُوَ مِنْ تَخَنَّثْ الطَّعَامُ اشْتَبَهَ طَعْمُهُ الْمَقْصُودُ بِطَعْمٍ آخَرَ (إنْ لَمْ يَخْتَلِفْ إرْثُهُ) بِالذُّكُورَةِ وَضِدِّهَا (كَوَلَدِ أُمٍّ وَمُعْتَقٍ فَذَاكَ) ظَاهِرٌ: أَيْ قُدِّرَ إرْثُهُ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ اخْتَلَفَ إرْثُهُ بِهِمَا (فَيُعْمَلُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ أَوْ انْفَصَلَ لِفَوْقِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَدُونَ فَوْقِ أَرْبَعِ سِنِينَ وَكَانَتْ فِرَاشًا (قَوْلُهُ: قَبْلَ تَمَامِ انْفِصَالِهِ) فَإِنَّهُ كَالْمَيِّتِ هُنَا وَفِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ إلَّا فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ إذَا اسْتَهَلَّ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ تَمَامِ انْفِصَالِهِ. اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَوَّلَ) هُوَ قَوْلُهُ: بِأَنْ انْفَصَلَ مَيِّتًا، وَقَوْلُهُ: وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ: أَوْ مَشْكُوكًا فِي حَيَاتِهِ، وَقَوْلُهُ: وَالثَّالِثُ مُنْتَفٍ هُوَ قَوْلُهُ: أَوْ حَيًّا وَلَمْ يُعْلَمْ إلَخْ (قَوْله وَلَا يُنَافِي هَذَا) أَيْ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ انْفَصَلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْمَشْرُوطَ) أَيْ: وَلِأَنَّ، وَقَوْلُهُ: بِالشَّرْطَيْنِ هُمَا كَوْنُهُ حَيًّا حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً يَقِينًا. (قَوْلُهُ: وَإِلَيْهِ الْمَآبُ وَالرُّجْعَى) أَيْ فَقَالَ ارْتِجَالًا انْتَهَى حَجّ. (قَوْلُهُ: وَيَتَمَكَّنُ مَنْ دُفِعَ لَهُ) مُسْتَأْنَفٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اُحْتُمِلَ تَلَفُ الْمَوْقُوفِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ ظَاهِرًا وَالْأَصْلُ السَّلَامَةُ فَلَا وَجْهَ لِمُطَالَبَتِهِ بِضَامِنٍ فِيمَا هُوَ مِلْكُهُ (قَوْلُهُ: لِيُقَسَّمَ بَيْنَ الْكُلِّ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى تَبَيُّنِ بُطْلَانِ الْقِسْمَةِ. وَمِنْ فَوَائِدِ بُطْلَانِهَا أَنَّهُ لَا يَفُوزُ بِالزَّوَائِدِ بَلْ تُقَسَّمُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مُنْتَفٍ نَسَبُهُ عَنْ الْأَوَّلِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ عَنْ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ أَنَّهُ وَرِثَ) قَالَ الشِّهَابُ سم: قَدْ يُقَالُ مَا مَرَّ مَشْرُوطٌ بِهَذَا فَلَا إشْكَالَ، فَإِنَّهُ إذْ كَانَ جَمَادًا عِنْدَ الْمَوْتِ فَإِنْ انْفَصَلَ حَيًّا بَعْدَ ذَلِكَ مَلَكَ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ وَإِلَّا فَلَا، وَقَدْ يُقَالُ هَذَا يَرْجِعُ لِمَا ذَكَرَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِالشَّرْطَيْنِ) أَيْ انْفِصَالُهُ حَيًّا وَأَنْ يُعْلَمَ وُجُودُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ.

بِالْيَقِينِ فِي حَقِّهِ وَحَقِّ غَيْرِهِ وَيُوقَفُ الْمَشْكُوكُ فِيهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ) حَالُهُ وَلَوْ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ اُتُّهِمَ، فَإِنْ وَرِثَ بِتَقْدِيرٍ لَمْ يُدْفَعْ لَهُ شَيْءٌ وَوُقِفَ مَا يَرِثُهُ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ، وَإِنْ وَرِثَ عَلَيْهِمَا لَكِنْ اخْتَلَفَ إرْثُهُ أُعْطِيَ الْأَقَلَّ، وَوُقِفَ الْبَاقِي أَمْثِلَةُ ذَلِكَ: وَلَدُ خُنْثَى وَأَخٌ يُصْرَفُ لِلْوَلَدِ النِّصْفُ: وَلَدُ خُنْثَى وَبِنْتٌ وَعَمٌّ يُعْطَى الْخُنْثَى وَالْبِنْتُ الثُّلُثَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ وَيُوقَفُ الثُّلُثُ بَيْنَ الْخُنْثَى وَالْعَمِّ. وَلَدُ خُنْثَى وَزَوْجٌ وَأَبٌ لِلزَّوْجِ الرُّبْعُ وَلِلْأَبِ السُّدُسُ وَلِلْخُنْثَى النِّصْفُ وَيُوقَفُ الْبَاقِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَبِ، وَلَوْ مَاتَ الْخُنْثَى فِي مُدَّةِ الْوَقْفِ وَالْوَرَثَةُ غَيْرُ الْأَوَّلَيْنِ أَوْ اخْتَلَفَ إرْثُهُمْ لَمْ يَبْقَ سِوَى الصُّلْحِ، وَيَجُوزُ مِنْ الْكُلِّ فِي حَقِّ أَنْفُسِهِمْ عَلَى تَسَاوٍ وَتَفَاوُتٍ، وَإِسْقَاطِ بَعْضِهِمْ، وَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ صُلْحٍ أَوْ تَوَاهُبٍ وَاغْتُفِرَ مَعَ الْجَهْلِ لِلضَّرُورَةِ، وَلَا يُصَالِحُ وَلِيُّ مَحْجُورٍ عَنْ أَقَلَّ مِنْ حَقِّهِ بِفَرْضِ إرْثِهِ. (وَمَنْ اجْتَمَعَ فِيهِ جِهَتَا فَرْضٍ وَتَعْصِيبٍ كَزَوْجٍ هُوَ مُعْتِقٍ أَوْ ابْنِ عَمٍّ وَرِثَ بِهِمَا) لِاخْتِلَافِهِمَا فَيَأْخُذُ بِالزَّوْجِيَّةِ النِّصْفَ وَالْبَاقِي بِالْوَلَاءِ أَوْ بُنُوَّةِ الْعَمِّ، وَخَرَجَ بِجِهَتَا فَرْضِ إرْثِ الْأَبِ بِالْفَرْضِ وَالتَّعْصِيبِ فَإِنَّهُ بِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ هِيَ الْأُبُوَّةُ. قُلْت: أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (فَلَوْ) (وُجِدَ فِي نِكَاحِ الْمَجُوسِ أَوْ الشُّبْهَةِ بِنْتٌ هِيَ أُخْتٌ) لِأَبٍ بِأَنْ وَطِئَ بِنْتَهُ فَأَوْلَدَهَا بِنْتًا ثُمَّ مَاتَتْ الْعُلْيَا عَنْهَا فَهِيَ أُخْتُهَا مِنْ أَبِيهَا وَبِنْتِهَا (وَرِثَتْ بِالْبُنُوَّةِ) فَقَطْ؛ لِأَنَّهُمَا قَرَابَتَانِ يُورَثُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا بِالْفَرْضِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ فَبِأَقْوَاهُمَا عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ كَالْأُخْتِ لِأَبَوَيْنِ لَا تَرِثُ النِّصْفَ بِأُخُوَّةِ الْأَبِ وَالسُّدُسَ بِأُخُوَّةِ الْأُمِّ، وَدَعْوَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ إسْقَاطِ التَّوْرِيثِ بِجِهَتَيْ فَرْضٍ انْتِفَاؤُهُ بِجِهَتَيْ فَرْضٍ وَتَعْصِيبٍ مَمْنُوعَةٌ، إذْ الْفَرْضُ أَقْوَى مِنْ التَّعْصِيبِ، فَإِذَا لَمْ يُؤَثِّرْ فَالتَّعْصِيبُ أَوْلَى، وَلَا يُرَدُّ مَا مَرَّ فِي الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ كَلَامَنَا هُنَا فِي جِهَتَيْ فَرْضٍ وَتَعْصِيبٍ مِنْ جِهَةِ الْقَرَابَةِ (وَقِيلَ) يَرِثُ (بِهِمَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) النِّصْفَ بِالْبُنُوَّةِ وَالْبَاقِيَ بِالْأُخُوَّةِ وَهُوَ قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي ابْنَيْ عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ حَيْثُ يَأْخُذُ بِأُخُوَّةِ الْأُمِّ وَبُنُوَّةِ الْعَمِّ، نَعَمْ يُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ وُجُودَ ابْنِ الْعَمِّ مَعَهُ فَقَطْ ثُمَّ أَوْجَبَ لَهُ تَمْيِيزًا عَلَيْهِ فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِقَضِيَّتِهِ، وَهُنَا لَا مُوجِبَ لِلتَّمْيِيزِ لِاتِّحَادِ الْآخَرِ. لَا يُقَالُ: قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَ هَذِهِ الْبِنْتِ الَّتِي هِيَ أُخْتٌ لِأَبٍ أُخْتٌ أُخْرَى غَيْرُ بِنْتٍ أَخَذَتْ الْأُولَى النِّصْفَ بِالْبُنُوَّةِ وَقُسِّمَ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا بِالْأُخُوَّةِ، وَكَلَامُهُمْ يَأْبَى ذَلِكَ وَيَقْتَضِي أَنَّ الْبَاقِي لِلثَّانِيَةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: يَمْنَعُ كَوْنَ ذَلِكَ قَضِيَّتَهُ؛ لِأَنَّ التَّعْصِيبَ فِي الْأُولَى إنَّمَا جَاءَ فِيهَا مِنْ جِهَةِ الْبِنْتِيَّةِ الَّتِي فِيهَا وَقَدْ أَخَذَتْ بِهَا، بِخِلَافِ بُنُوَّةِ الْعَمِّ فِي الْأَخِ لِلْأُمِّ فَإِنَّ تَعْصِيبَهُ بِهَا لَيْسَ مِنْ جِهَةِ أُخُوَّتِهِ الَّتِي أَخَذَ بِهَا، وَقَوْلُهُمْ الْمَارُّ فِي الْوَلَاءِ لَمَّا أَخَذَ فَرْضَهَا لَمْ يَصْلُحْ لِلتَّقْوِيَةِ يُؤَيِّدُهُ، وَهَذَا اسْتِدْرَاكٌ عَلَى إطْلَاقِ الْمُحَرَّرِ أَنَّ مَنْ فِيهِ جِهَةُ فَرْضٍ وَتَعْصِيبٍ يَرِثُ بِهِمَا، وَقَوْلُ جَمْعٍ مِنْ الشُّرَّاحِ لَا حَاجَةَ لِهَذِهِ الزِّيَادَةِ لِعِلْمِهَا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَمَنْ اجْتَمَعَ فِيهِ جِهَتَا فَرْضٍ. نَعَمْ حَصَلَ بِهَا إفَادَةُ حِكَايَةِ وَجْهٍ لَيْسَ فِي أَصْلِهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا مِنْ قَاعِدَةِ اجْتِمَاعِ فَرْضٍ وَتَعْصِيبٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِالْمُحَاصَّةِ. هَذَا وَقَدْ يُشْكِلُ مَا ذَكَرَ مِنْ بُطْلَانِ الْقِسْمَةِ عَلَى مَا لَوْ قُسِّمَ مَالُ الْمُفْلِسِ عَلَى غُرَمَائِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ غَرِيمٌ لَهُ بِقَدْرِ دُيُونِ الْمَقْسُومِ عَلَيْهِمْ مَثَلًا فَإِنَّ الْقِسْمَةَ لَا تُنْقَضُ، وَإِنَّمَا يُرْجَعُ عَلَيْهِمْ بِمَا يَخُصُّهُ بِنِسْبَةِ دَيْنِهِ دُونَ الزَّوَائِدِ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ بِمَوْتِ الْمُوَرِّثِ انْتَقَلَتْ أَعْيَانُ التَّرِكَةِ لِلْوَرَثَةِ بِالْمُحَاصَّةِ، فَمَا تَلِفَ مِنْ الْمَالِ يَتْلَفُ عَلَى مِلْكِ الْجَمِيعِ، وَمَا بَقِيَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمْ فَبِالتَّلَفِ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ التَّصَرُّفِ فِيهِ لِعَدَمِ مِلْكِهِ لَهُ، بِخِلَافِ أَرْبَابِ الدُّيُونِ عَلَى الْمُفْلِسِ فَإِنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ مَالَهُ بِنَفْسِ الْحَجْرِ وَإِذَا دَفَعَ إلَيْهِمْ فَهُوَ تَعْوِيضٌ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ، فَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُمْ أَخَذُوا زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ نِسْبَةِ دُيُونِهِمْ كَانُوا ضَامِنِينَ، وَيَكْفِي فِي الضَّمَانِ وُجُوبُ الْبَدَلِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِقَوْلِهِ) غَايَةٌ لِخَفَائِهِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ مِنْ الْكُلِّ) أَيْ الصُّلْحُ (قَوْلُهُ: وَلَا يُصَالِحُ وَلِيُّ مَحْجُورٍ) أَيْ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ (قَوْلُهُ: إذْ الْفَرْضُ أَقْوَى مِنْ التَّعْصِيبِ) لَكِنْ قَدْ يَرِدُ عَلَيْهِ مَا لَوْ مَاتَ عَنْ بِنْتٍ وَأَبٍ فَإِنَّ الْأَبَ يَأْخُذُ السُّدُسَ فَرْضًا وَالْبَاقِي تَعْصِيبًا كَمَا تَقَدَّمَ فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالتَّعْصِيبِ وَهُمَا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ الْقَرَابَةُ لَكِنْ اخْتَلَفَ سَبَبُهُمَا، وَهُوَ كَافٍ فِي دَفْعِ الْمُعَارَضَةِ (قَوْلُهُ: فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِقَضِيَّتِهِ) أَيْ التَّمْيِيزِ (قَوْلُهُ: قَضِيَّةُ ذَلِكَ) أَيْ قَوْلُهُ: لِاتِّحَادِ الْآخِذِ (قَوْلُهُ: لَمَّا أَخَذَ فَرْضَهَا) أَيْ الْإِخْوَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

إذْ الْأُخْتُ عَصَبَةٌ مَعَ الْبِنْتِ وَمَا يَأْتِي مِنْ قَاعِدَةِ اجْتِمَاعِ فَرْضَيْنِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ رِعَايَةِ الْفَرْضِ الْأَقْوَى ثُمَّ رِعَايَةِ خُصُوصِ الْفَرْضِ وَأَنَّهُ الْأَقْوَى هُنَا. نَعَمْ فِي عِبَارَةِ أَصْلِهِ مَا يُفْهِمُ هَذَا الِاسْتِدْرَاكَ، وَلَعَلَّهُ أَشَارَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ فَلَوْ تَفْرِيعًا عَلَى مَا فِي أَصْلِهِ الْمُفْهِمِ لَهُ وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ حَسَنٌ لِوُضُوحِهِ وَخَفَاءِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي التَّصْرِيحِ مِنْ الْوُضُوحِ وَبَيَانِ الْمُرَادِ مَا لَيْسَ فِي غَيْرِهِ لَا سِيَّمَا مَا فِيهِ خَفَاءٌ. (وَلَوْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ فِي جِهَةِ عُصُوبَةٍ وَزَادَ أَحَدُهُمَا بِقَرَابَةٍ أُخْرَى كَابْنَيْ عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ) بِأَنْ يَتَعَاقَبَ أَخَوَانِ عَلَى امْرَأَةٍ وَتَلِدُ لِكُلٍّ ابْنًا وَلِأَحَدِهِمَا ابْنٌ مِنْ غَيْرِهَا فَابْنَاهُ ابْنَا عَمِّ الْآخَرِ، وَأَحَدُهُمَا أَخُوهُ لِأُمِّهِ (فَلَهُ السُّدُسُ) فَرْضًا بِأُخُوَّةِ الْأُمِّ (وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا) بِالسَّوِيَّةِ، وَإِنَّمَا أَخَذَ الْأَخُ مِنْ الْأُمِّ فِي الْوَلَاءِ جَمِيعَ الْمَالِ لِمَا مَرَّ أَنَّ أُخُوَّةَ الْأُمِّ لَا إرْثَ بِهَا فِيهِ فَتَمَحَّضَتْ لِلتَّرْجِيحِ بِخِلَافِ هُنَا (فَلَوْ كَانَ مَعَهُمَا بِنْتٌ فَلَهَا نِصْفٌ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا سَوِيَّةً) لِسُقُوطِ أُخُوَّةِ الْأُمِّ بِالْبِنْتِ (وَقِيلَ يَخْتَصُّ بِهِ الْأَخُ) ؛ لِأَنَّ أُخُوَّتَهُ لِلْأُمِّ لَمَّا حُجِبَتْ تَمَحَّضَتْ لِلتَّرْجِيحِ كَأَخٍ لِأَبَوَيْنِ مَعَ أَخٍ لِأَبٍ وَيُرَدُّ بِوُضُوحِ الْفَرْقِ، فَإِنَّ الْحَجْبَ هُنَا أَبْطَلَ اعْتِبَارَ قَرَابَةِ الْأُمِّ فَكَيْفَ يُرَجَّحُ بِهَا حِينَئِذٍ؟ وَلَا يُرَدُّ مَا مَرَّ فِي الْوَلَاءِ؛ لِأَنَّهَا ثَمَّ لَمْ يُوجَدْ مُقْتَضٍ لِلْإِرْثِ بِهَا وَهُنَا وُجِدَ مَانِعٌ لَهَا عَنْهُ وَشَتَّانَ مَا بَيْنَهُمَا. (وَمَنْ اجْتَمَعَ فِيهِ جِهَتَا فَرْضٍ وَرِثَ بِأَقْوَاهُمَا فَقَطْ) لِمَا مَرَّ (وَالْقُوَّةُ بِأَنْ تَحْجُبَ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى) حَجْبَ حِرْمَانٍ أَوْ نُقْصَانٍ (أَوْ لَا تَحْجُبُ) أَصْلًا وَالْأُخْرَى قَدْ تَحْجُبُ (أَوْ تَكُونُ أَقَلَّ حَجْبًا) مِنْ الْأُخْرَى (فَالْأَوَّلُ كَبِنْتٍ هِيَ أُخْتٌ لِأُمٍّ بِأَنْ يَطَأَ مَجُوسِيٌّ أَوْ مُسْلِمٌ بِشُبْهَةٍ أُمَّهُ فَتَلِدُ بِنْتًا) فَالْأُخُوَّةُ لِلْأُمِّ سَاقِطَةٌ بِالْبِنْتِيَّةِ. وَصُورَةُ حَجْبِ النُّقْصَانِ: أَنْ يَنْكِحَ مَجُوسِيٌّ بِنْتَهُ فَتَلِدَ بِنْتًا وَيَمُوتَ عَنْهُمَا فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ، وَلَا عِبْرَةَ بِالزَّوْجِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْبِنْتَ تَحْجُبُ الزَّوْجَةَ مِنْ الرُّبُعِ إلَى الثُّمُنِ (وَالثَّانِي كَأُمٍّ هِيَ أُخْتٌ) لِأَبٍ (بِأَنْ يَطَأَ بِنْتَهُ فَتَلِدَ بِنْتًا) فَتَرِثَ بِالْأُمُومَةِ؛ لِانْتِفَاءِ تَصَوُّرِ حَجْبِهَا حِرْمَانًا بِخِلَافِ الْأُخْتِ (وَالثَّالِثُ كَأُمِّ أُمٍّ هِيَ أُخْتٌ) لِأَبٍ (بِأَنْ يَطَأَ هَذِهِ الْبِنْتَ الثَّانِيَةَ فَتَلِدَ وَلَدًا فَالْأُولَى أُمُّ أُمِّهِ) أَيْ الْوَلَدِ (وَأُخْتُهُ) لِأَبِيهِ فَتَرِثُ بِالْجُدُودَةِ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ حَجْبًا إذْ لَا يَحْجُبُهَا إلَّا الْأُمُّ، وَالْأُخْتُ تُحْجَبُ بِجَمَاعَةٍ، وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ تَحْجُبُ الْقَوِيَّةُ، فَإِنْ حَجَبَتْ وَرِثَتْ بِالضَّعِيفَةِ، كَمَا لَوْ مَاتَ هُنَا عَنْ الْأُمِّ وَأُمِّهَا فَأَقْوَى جِهَتَيْ الْعُلْيَا وَهِيَ الْجُدُودَةُ مَحْجُوبَةٌ بِالْأُمِّ فَتَرِثُ بِالْأُخُوَّةِ لِلْأُمِّ فَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ بِالْأُمُومَةِ وَلَا تُنْقِصُهَا أُخُوَّةُ نَفْسِهَا مَعَ الْأُخْرَى عَنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ وَلِلْعُلْيَا النِّصْفُ بِالْأُخُوَّةِ، وَيُلْغَزُ بِهَا فَيُقَالُ: قَدْ تَرِثُ الْجَدَّةُ أُمُّ الْأُمِّ مَعَ الْأُمِّ وَيَكُونُ لِلْجَدَّةِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ. وَقَوْلُ الشَّيْخَيْنِ: وَلَا تَرِثُ هُنَا بِالزَّوْجِيَّةِ قَطْعًا لِبُطْلَانِهَا يُعَارِضُهُ مَا حَكَيَاهُ عَنْ الْبَغَوِيّ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ بِنَى التَّوَارُثَ عَلَى الْخِلَافِ فِي صِحَّةِ أَنْكِحَتِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وُجِدَ مَانِعٌ) أَيْ وَهُوَ الْبُنُوَّةُ وَقَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ: أَيْ فِي قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُمَا قَرَابَتَانِ يُورَثُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا بِالْفَرْضِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ إلَخْ (قَوْلُهُ: يُعَارِضُهُ) أَيْ الْقَطْعُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[فصل في أصول المسائل وما يعول منها]

(فَصْلٌ) فِي أُصُولِ الْمَسَائِلِ وَمَا يَعُولُ مِنْهَا وَتَوَابِعُ ذَلِكَ (إنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ عَصَبَاتٍ) بِالنَّفْسِ وَيَأْتِي فِيهِ الْأَقْسَامُ الثَّلَاثَةُ الْآتِيَةُ أَوْ بِالْغَيْرِ وَيَخْتَصُّ بِالثَّالِثِ (قَسْمُ الْمَالِ) يَعْنِي التَّرِكَةَ مِنْ مَالٍ وَغَيْرِهِ بَيْنَهُمْ (بِالسَّوِيَّةِ إنْ تَمَحَّضُوا ذُكُورًا) كَبَنِينَ أَوْ إخْوَةً (أَوْ إنَاثًا) كَثَلَاثِ نِسْوَةٍ أَعْتَقْنَ رَقِيقًا بِالسَّوِيَّةِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ فِي غَيْرِهِنَّ، وَمُنَازَعَةُ السُّبْكِيّ فِي كَوْنِهِ وُجِدَ فِيهِ اجْتِمَاعُ عَاصِبَاتٍ حَائِزَاتٍ لَا سَائِلَ تَحْتَهَا (، وَإِنْ) عَطْفٌ عَلَى إنْ الْأُولَى لَا الثَّانِيَةِ لِفَسَادِ الْمَعْنَى، لَكِنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ هَذَا الْقِسْمَ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ الْوَرَثَةَ عَصَبَاتٌ، وَلَمْ يُبَالِ بِهِ لِوُضُوحِ الْمُرَادِ (اجْتَمَعَ الصِّنْفَانِ) مِنْ النَّسَبِ (قَدْرُ كُلٍّ ذَكَرٍ أُنْثَيَيْنِ) عُدِلَ إلَيْهِ عَنْ قَوْلِهِ لِلْأُنْثَى نِصْفُ نَصِيبِهِ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى عَدَمِ ذِكْرِ الْكَسْرِ (وَعَدَدُ رُءُوسِ الْمَقْسُومِ عَلَيْهِمْ) يُقَالُ لَهُ (أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ) سَقَطَ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْأَحْسَنَ إعْرَابُ أَصْلِ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرًا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْعَدَدِ بِأَنَّهُ يُقَالُ لَهُ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ، فَفِي ابْنٍ وَبِنْتٍ هِيَ مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَكَذَا فِي الْوَلَاءِ إنْ لَمْ يَتَفَاوَتُوا فِي الْمِلْكِ، وَإِلَّا فَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ مِنْ مَخْرَجِ الْمَقَادِيرِ كَالْفُرُوضِ (وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ) أَيْ الْوَرَثَةِ لَا الْعَصَبَاتِ، وَإِنْ دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ لِفَسَادِ مَعْنَاهُ (ذُو فَرْضٍ أَوْ ذَوَا) بِالتَّثْنِيَةِ (فَرْضَيْنِ) أَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ ذَوِي فُرُوضٍ أَوْ ذَوِي فَرْضَيْنِ فَالِافْتِعَالُ عَلَى الصُّورَةِ الْأُولَى لِلتَّمْثِيلِ (مُتَمَاثِلَيْنِ فَالْمَسْأَلَةُ) أَصْلُهَا (مِنْ مَخْرَجِ ذَلِكَ الْكَسْرِ) فَفِي بِنْتٍ وَعَمٍّ هِيَ مِنْ اثْنَيْنِ وَفِي أُمٍّ وَأَخٍ لِأُمٍّ وَأَخٍ لِأَبٍ هِيَ مِنْ سِتَّةٍ، وَزَوْجٍ وَشَقِيقَةٍ أَوْ أُخْتٍ لِأَبٍ هِيَ مِنْ اثْنَيْنِ، وَتُسَمَّى النِّصْفِيَّةُ إذْ لَيْسَ لَنَا شَخْصَانِ يَرِثَانِ الْمَالَ مُنَاصَفَةً فَرْضًا سِوَاهُمَا، ـــــــــــــــــــــــــــــS [فَصْلٌ فِي أُصُولِ الْمَسَائِلِ وَمَا يَعُولُ مِنْهَا] فَصْلٌ) فِي أُصُولِ الْمَسَائِلِ (قَوْلُهُ: وَتَوَابِعُ) كَكَوْنِ أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ مُوَافِقًا لِلْآخَرِ أَوْ مُبَايِنًا لَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ بِالْغَيْرِ) وَلَا يَتَأَتَّى كَوْنُ الْكُلِّ عَصَبَةً مَعَ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّ الْعَصَبَةَ مَعَ غَيْرِهِ هِيَ الْأُخْتُ مَعَ الْبِنْتِ وَالْبِنْتُ صَاحِبَةُ فَرْضٍ (قَوْلُهُ: وَيَخْتَصُّ بِالثَّالِثِ) هُوَ مَا لَوْ كَانُوا ذُكُورًا وَإِنَاثًا، وَقَوْلُهُ: مِنْ مَالٍ وَغَيْرِهِ كَالِاخْتِصَاصَاتِ وَالْحُقُوقِ (قَوْلُهُ: وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ يُقَالُ لَهُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي الْوَلَاءِ) أَيْ يُقَالُ أَصْلُهَا عَدَدُ رُءُوسِ الْمُعْتَقِينَ (قَوْلُهُ: أَوْ ذَوِي فَرْضَيْنِ) صَحَّ جَعْلُهُ خَبَرًا مَعَ كَوْنِ الْمَخْبَرِ عَنْهُ ضَمِيرَ الْجَمْعِ، عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْجَمْعِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ: فَرْضًا سِوَاهُمَا) احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ فَرْضًا عَمَّا لَوْ مَاتَ عَنْ بِنْتٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصْلٌ فِي أُصُولِ الْمَسَائِلِ) (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي فِيهِ الْأَقْسَامُ الثَّلَاثَةُ) قَالَ الشِّهَابُ سم: كَيْفَ يَأْتِي الثَّالِثُ مَعَ أَنَّهُ مُرَكَّبٌ؟ . اهـ. أَقُولُ: مُرَادُهُ تَأَتِّيهِ بِالنِّسْبَةِ لِلذُّكُورِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَيُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَيَخْتَصُّ بِالثَّالِثِ أَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِنَاثِ وَلِهَذَا قَالَ يَخْتَصُّ بِالثَّالِثِ وَلَمْ يَقُلْ وَيَخْتَصُّ بِهِ الثَّالِثُ. وَاسْتَشْكَلَ هَذَا أَيْضًا الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: وَمُنَازَعَةُ السُّبْكِيّ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ السُّبْكِيَّ نَازَعَ فِي كَوْنِ مَا ذُكِرَ هُنَا فِيهِ عَصَبَاتٌ حَائِزَاتٌ بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ لَوْ انْفَرَدَتْ لَمْ تَحُزْ الْمَالَ وَإِنَّمَا تَأْخُذُ بِقَدْرِ حِصَّتِهَا مِنْ الْوَلَاءِ (قَوْلُهُ: عَطْفٌ عَلَى إنْ الْأُولَى) قَالَ الشِّهَابُ: لَا يَتَعَيَّنُ بَلْ يَجُوزُ الْعَطْفُ عَلَى جُمْلَةِ قُسِمَ الْمَالَ، وَالتَّقْدِيرُ: وَإِنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ عَصَبَاتٍ قُدِّرَ كُلُّ ذَكَرٍ أُنْثَيَيْنِ إنْ اجْتَمَعَ الصِّنْفَانِ. قَالَ: بَلْ هَذَا أَقْرَبُ خُصُوصًا مَعَ سَلَامَتِهِ مِنْ الْإِيهَامِ الَّذِي أَوْرَدَهُ. قَالَ: وَلَا يَرِدُ عَلَى هَذَا انْتِفَاءُ الرَّبْطِ إنْ وَجَبَ؛ لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ: أَيْ قُدِّرَ كُلُّ ذَكَرٍ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: لِفَسَادِ الْمَعْنَى) أَيْ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ قَسَمَ الْمَالَ بِالسَّوِيَّةِ مُسَلَّطٌ عَلَيْهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ)

وَتُسَمَّى أَيْضًا بِالْيَتِيمَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا نَظِيرَ لَهَا كَالدُّرَّةِ الْيَتِيمَةِ: أَيْ الَّتِي لَا نَظِيرَ لَهَا وَالْمَخْرَجُ أَقَلُّ عَدَدٍ يَصِحُّ مِنْهُ الْكَسْرُ (فَمَخْرَجُ النِّصْفِ اثْنَانِ وَالثُّلُثِ) وَالثُّلُثَيْنِ (ثَلَاثَةٌ وَالرُّبُعِ أَرْبَعَةٌ وَالسُّدُسِ سِتَّةٌ وَالثُّمُنِ ثَمَانِيَةٌ) وَكُلُّهَا مُشْتَقَّةٌ مِنْ اسْمِ الْعَدَدِ مَعْنًى وَلَفْظًا، إلَّا النِّصْفَ فَإِنَّهُ مِنْ الْمُنَاصَفَةِ لِتَنَاصُفِ الْقِسْمَيْنِ وَاسْتِوَائِهِمَا، وَلَوْ أُرِيدَ ذَلِكَ لَقِيلَ ثُنَيْ بِضَمِّ أَوَّلِهِ كَثُلُثٍ وَمَا بَعْدَهُ (وَإِنْ كَانَ) أَيْ وُجِدَ (فَرْضَانِ مُخْتَلِفَا الْمَخْرَجِ، فَإِنْ تَدَاخَلَ مَخْرَجَاهُمَا فَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ أَكْثَرُهُمَا كَسُدُسٍ وَثُلُثٍ) فِي أُمٍّ وَأَخٍ لِأُمٍّ وَعَمٍّ هِيَ مِنْ سِتَّةٍ (وَإِنْ تَوَافَقَا) بِأَحَدِ الْأَجْزَاءِ (ضُرِبَ وَفْقُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ وَالْحَاصِلُ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ كَسُدُسٍ وَثُمُنٍ) فِي أُمٍّ وَزَوْجَةٍ وَابْنٍ (فَالْأَصْلُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ) حَاصِلَةٌ مِنْ ضَرْبِ نِصْفِ أَحَدِهِمَا فِي كَامِلِ الْآخَرِ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ فِي سِتَّةٍ أَوْ ثَلَاثَةٌ فِي ثَمَانِيَةٍ (وَإِنْ تَبَايَنَا ضُرِبَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (فِي كُلٍّ وَالْحَاصِلُ الْأَصْلُ كَثُلُثٍ وَرُبُعٍ) فِي أُمٍّ وَزَوْجَةٍ وَشَقِيقٍ (الْأَصْلُ اثْنَا عَشَرَ) حَاصِلَةً مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَةٍ فِي أَرْبَعَةٍ أَوْ عَكْسِهِ (فَالْأُصُولُ) أَيْ الْمَخَارِجُ (سَبْعَةٌ) فَرْعُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ لِعِلْمِهِ مِنْ ذِكْرِهِ الْمَخَارِجَ الْخَمْسَةَ وَزِيَادَةَ الْأَصْلَيْنِ الْآخَرَيْنِ (اثْنَانِ وَثَلَاثَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَسِتَّةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَاثْنَا عَشَرَ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ) ؛ لِأَنَّ الْفُرُوضَ الْقُرْآنِيَّةَ لَا يَخْرُجُ حِسَابُهَا عَنْ هَذِهِ، وَزَادَ مُتَأَخِّرٌ وَالْأَصْحَابُ أَصْلَيْنِ آخَرَيْنِ فِي مَسَائِلِ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ حَيْثُ كَانَ ثُلُثُ الْبَاقِي بَعْدَ الْفُرُوضِ خَيْرًا لَهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ كَجَدٍّ وَأُمٍّ وَخَمْسَةِ إخْوَةٍ لِغَيْرِ أُمٍّ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ عَدَدٍ لَهُ سُدُسٌ صَحِيحٌ وَثُلُثُ مَا يَبْقَى هُوَ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ وَسِتَّةٌ وَثَلَاثِينَ كَزَوْجَةٍ وَأُمٍّ وَسَبْعَةِ إخْوَةٍ لِغَيْرِ أُمٍّ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ عَدَدٍ لَهُ رُبُعٌ وَسُدُسٌ صَحِيحَانِ وَثُلُثُ مَا يَبْقَى هُوَ السِّتَّةُ وَالثَّلَاثُونَ. وَصَوَّبَ الْمُتَوَلِّي وَالْإِمَامُ هَذَا وَاخْتَارَهُ فِي الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّهُ أَخْصَرُ وَلِأَنَّ ثُلُثَ مَا يَبْقَى فَرْضٌ لِغَيْرِهِ فَلْتَكُنْ الْفَرِيضَةُ مِنْ مَخْرَجِهِمَا كَمَا فِي زَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ هِيَ مِنْ سِتَّةٍ اتِّفَاقًا فَلَوْلَا ضَمُّ ثُلُثِ الْبَاقِي لِلنِّصْفِ لَكَانَتْ مِنْ اثْنَيْنِ وَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ، وَنُوزِعَ فِي الِاتِّفَاقِ بِأَنَّ جَمْعًا جَعَلُوهَا مِنْ اثْنَيْنِ وَاعْتَذَرَ الْإِمَامُ عَنْ الْقُدَمَاءِ بِأَنَّهُمْ إنَّمَا جَعَلُوا ذَلِكَ تَصْحِيحًا لِوُقُوعِ الْخِلَافِ فِي ثُلُثِ الْبَاقِي وَالْأُصُولُ إنَّمَا هِيَ مَوْضُوعَةٌ لِلْمُجْمَعِ عَلَيْهِ (وَاَلَّذِي يَعُولُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ هَذِهِ الْأُصُولِ ثَلَاثَةٌ، وَمَرَّ أَنَّ الْعَوْلَ زِيَادَةٌ فِي السِّهَامِ وَنَقْصٌ فِي الْأَنْصِبَاءِ، وَقَدْ أَجْمَعَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ لَمَّا جَمَعَهُمْ عُمَرُ مُسْتَشْكِلًا الْقِسْمَةَ فِي زَوْجٍ وَأُخْتَيْنِ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ الْعَبَّاسُ بِهِ أَخْذًا مِمَّا هُوَ مَعْلُومٌ فِيمَنْ مَاتَ وَتَرَكَ سِتَّةً وَعَلَيْهِ لِرَجُلٍ ثَلَاثَةٌ وَلِآخَرَ أَرْبَعَةٌ أَنَّ الْمَالَ عَلَى سَبْعَةِ أَجْزَاءٍ وَوَافَقُوهُ ثُمَّ خَالَفُوا فِيهِ ابْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - (السِّتَّةُ إلَى سَبْعَةٍ كَزَوْجٍ وَأُخْتَيْنِ) لِغَيْرِ أُمٍّ فَتَعُولُ بِمِثْلِ سُدُسِهَا وَنُقِصَ مِنْ كُلِّ سُبُعٍ مَا نُطِقَ لَهُ بِهِ (وَإِلَى ثَمَانِيَةٍ كَهُمْ) إدْخَالُ الْكَافِ عَلَى الضَّمِيرِ لُغَةٌ عَدَلَ إلَيْهَا مَعَ قِلَّتِهَا رَوْمًا لِلِاخْتِصَارِ (وَأُمٌّ) لَهَا السُّدُسُ وَكَزَوْجٍ وَأُخْتٍ لِغَيْرِ أُمٍّ وَأُمٍّ، وَتُسَمَّى الْمُبَاهَلَةُ مِنْ الْبَهْلِ وَهُوَ اللَّعْنُ؛ لِأَنَّ عُمَرَ لَمَّا قَضَى فِيهَا بِذَلِكَ خَالَفَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ بَعْدَ مَوْتِهِ فَجَعَلَ لِلْأُخْتِ مَا بَقِيَ بَعْدَ النِّصْفِ وَالثُّلُثِ، فَقِيلَ لَهُ خَالَفْت النَّاسَ فَطَلَبَ الْمُبَاهَلَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْآيَةِ. (وَإِلَى تِسْعَةٍ كَهُمْ وَأَخٍ لِأُمٍّ) لَهُ السُّدُسُ (وَإِلَى عَشَرَةٍ كَهُمْ وَآخَرَ لِأُمٍّ) لَهُ السُّدُسُ (وَالِاثْنَا عَشَرَ) تَعُولُ (إلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ كَزَوْجَةٍ وَأُمٍّ وَأُخْتَيْنِ) لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ لِلزَّوْجَةِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ اثْنَانِ وَلِكُلِّ أُخْتٍ أَرْبَعَةٌ (وَإِلَى خَمْسَةَ عَشَرَ كَهُمْ وَأَخٌ لِأُمٍّ) لَهُ السُّدُسُ اثْنَانِ (وَإِلَى سَبْعَةَ عَشَرَ كَهُمْ وَآخَرَ لِأُمٍّ) ـــــــــــــــــــــــــــــSوَشَقِيقَةٍ أَوْ لِأَبٍ أَوْ مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ وَأَخٍ وَعَمٍّ، فَإِنَّهَا وَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ فِيهَا اثْنَيْنِ لِكُلٍّ النِّصْفُ لَكِنَّ أَحَدَهُمَا بِالْفَرْضِ وَالْآخَرَ بِالتَّعْصِيبِ (قَوْلُهُ: وَسَبْعَةُ إخْوَةٍ) أَيْ مَعَ جَدٍّ أُخِذَ مِنْ قَوْلِهِ: وَزَادَ مُتَأَخِّرُو الْأَصْحَابِ إلَخْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ: وَأُمٍّ وَجَدٍّ وَسَبْعَةِ إخْوَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَأَشَارَ عَلَيْهِ الْعَبَّاسُ بِهِ) أَيْ الْعَوْلِ (قَوْلُهُ: وَكَزَوْجٍ) . مِثَالٌ آخَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQنَازَعَهُ فِي ذَلِكَ سم بِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ إنَّمَا هُوَ رُجُوعُ الضَّمِيرِ إلَى الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهُمْ الْمُحَدَّثُ عَنْهُمْ (قَوْلُهُ: وَزِيَادَةُ الْأَصْلَيْنِ)

لَهُ اثْنَانِ، وَكَثَلَاثِ زَوْجَاتٍ وَجَدَّتَيْنِ وَأَرْبَعِ أَخَوَاتٍ لِأُمٍّ وَثَمَانِ أَخَوَاتٍ لِغَيْرِ أُمٍّ، وَتُسَمَّى أُمُّ الْأَرَامِلِ؛ لِأَنَّ فِيهَا سَبْعَةَ عَشَرَ أُنْثَى مُتَسَاوِيَاتٌ، وَالدِّينَارِيَّةُ الصُّغْرَى؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَوْ تَرَكَ سَبْعَةَ عَشَرَ دِينَارًا خَصَّ كُلًّا دِينَارٌ. (وَالْأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ) تَعُولُ (إلَى سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ) فَقَطْ كَبِنْتَيْنِ وَأَبَوَيْنِ وَزَوْجَةٍ فَتَعُولُ بِمِثْلِ ثُمُنِهَا، وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا تُسَمَّى بِالْمِنْبَرِيَّةِ (وَإِذَا تَمَاثَلَ الْعَدَدَانِ) كَثَلَاثَةٍ وَثَلَاثَةٍ مَخْرَجَيْ الثُّلُثِ وَضِعْفِهِ كَوَلَدَيْ أُمٍّ وَأُخْتَيْنِ لِغَيْرِ أُمٍّ (فَذَاكَ) ظَاهِرٌ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِأَحَدِهِمَا (وَإِنْ اخْتَلَفَا وَفَنِيَ الْأَكْثَرُ بِالْأَقَلِّ) عِنْدَ إسْقَاطِهِ مِنْ الْأَكْثَرِ (مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ فَمُتَدَاخِلَانِ) لِدُخُولِ الْأَقَلِّ فِي الْأَكْثَرِ حِينَئِذٍ وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ التَّفَاعُلِ فَيُكْتَفَى بِالْأَكْثَرِ وَيُجْعَلُ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا مَرَّ (كَثَلَاثَةٍ مِنْ سِتَّةٍ أَوْ تِسْعَةٍ) أَوْ خَمْسَةَ عَشَرَ فَإِنَّ السِّتَّةَ تَفْنَى بِإِسْقَاطِ الثَّلَاثَةِ مَرَّتَيْنِ وَالتِّسْعَةِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَالْخَمْسَةَ عَشْرَ خَمْسَ مَرَّاتٍ (وَإِنْ) اخْتَلَفَا وَ (لَمْ يُفْنِهِمَا إلَّا عَدَدٌ ثَالِثٌ فَمُتَوَافِقَانِ بِجُزْئِهِ أَرْبَعَةٌ وَسِتَّةٌ بِالنِّصْفِ) ؛ لِأَنَّ الْأَرْبَعَةَ لَا تُفْنِي السِّتَّةَ بَلْ يَبْقَى مَعَهُ اثْنَانِ يَفْنَيَانِ كِلَيْهِمَا وَهُمَا عَدَدُ ثُلُثٍ فَكَانَ التَّوَافُقُ بِجُزْئِهِ وَهُوَ النِّصْفُ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِنِسْبَةِ الْوَاحِدِ لِمَا وَقَعَ بِهِ الْإِفْنَاءُ، وَنِسْبَتُهُ لِلِاثْنَيْنِ النِّصْفُ وَالثَّلَاثَةُ كَتِسْعَةٍ، وَاثْنَيْ عَشَرَ إذْ لَا يُفْنِيهِمَا إلَّا الثَّلَاثَةُ الثُّلُثُ، وَإِلَى الْأَرْبَعَةُ كَثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ مَعَ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ إذْ لَا يُفْنِيهِمَا إلَّا الْأَرْبَعَةُ الرُّبُعُ، وَلَمْ يُعْتَبَرْ إفْنَاءُ الِاثْنَيْنِ؛ لِأَنَّهُ سَبَقَ مِثَالُ التَّوَافُقِ بِالنِّصْفِ وَهَكَذَا إلَى الْعَشَرَةِ. فَإِنْ كَانَ الْمُفْنَى أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةٍ فَالتَّوَافُقُ بِالْأَجْزَاءِ كَجُزْءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ، وَمَتَى تَعَدَّدَ الْمُفْنِي فَالتَّوَافُقُ بِحَسَبِ نِسْبَةِ الْوَاحِدِ إلَى كُلٍّ مِنْ ذَلِكَ الْمُتَعَدِّدِ، كَاثْنَيْ عَشَرَ مَعَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يُفْنِيهِمَا ثَلَاثَةٌ وَسِتَّةٌ وَاثْنَانِ، وَنِسْبَةُ الْوَاحِدِ لِلْأُولَى ثُلُثٌ، وَلِلثَّانِيَةِ سُدُسٌ وَلِلثَّالِثَةِ نِصْفٌ فَتَوَافَقَا بِالْأَثْلَاثِ وَالْأَسْدَاسِ وَالْأَنْصَافِ وَمَرَّ حُكْمُهَا أَنَّك تَضْرِبُ وَفْقَ أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ فِي الْآخَرِ لَكِنَّ الْعِبْرَةَ بِأَدَقِّ الْأَجْزَاءِ كَالسُّدُسِ هُنَا. (وَإِنْ) اخْتَلَفَا وَ (لَمْ يُفْنِهِمَا إلَّا وَاحِدٌ) لَمْ يَقِلَّ عَدَدٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَدَدٍ عِنْدَ أَكْثَرِ الْحُسَّابِ (تَبَايُنًا) ؛ لِأَنَّ مُفْنِيَهُمَا وَهُوَ الْوَاحِدُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِمَا وَهُوَ الْعَدَدُ وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إلَى هَذَا الْفَرْقِ بِتَغَيُّرِ الْجُزْءِ الْمُوجِبِ لِلسُّؤَالِ عَنْ حِكْمَتِهِ (كَثَلَاثَةٍ وَأَرْبَعَةٍ) يُضْرَبُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ وَيُجْعَلُ الْحَاصِلُ أَصْلَ الْمَسْأَلَةِ كَمَا مَرَّ (وَالْمُتَدَاخَلَانِ مُتَوَافِقَانِ) أَيْ كُلُّ مُتَدَاخِلَيْنِ مُتَوَافِقَانِ (وَلَا عَكْسَ) بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ: أَيْ لَيْسَ كُلُّ مُتَوَافِقَيْنِ مُتَدَاخِلَيْنِ لِوُجُودِ التَّوَافُقِ، وَلَا تَدَاخُلَ كَسِتَّةٍ مَعَ ثَمَانِيَةٍ؛ لِأَنَّ شَرْطَ التَّدَاخُلِ أَنْ لَا يَزِيدَ الْأَقَلُّ عَلَى نِصْفِ الْأَكْثَرِ، وَالْمُرَادُ بِالتَّوَافُقِ هُنَا مُطْلَقُهُ الصَّادِقُ بِغَيْرِ التَّبَايُنِ لَا التَّوَافُقُ السَّابِقُ؛ لِأَنَّهُ قَسِيمُ التَّدَاخُلِ كَمَا عُرِفَ مِنْ حَدَّيْهِمَا السَّابِقَيْنِ فَكَيْفَ يَصْدُقُ عَلَيْهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الثَّلَاثَةَ لَا تُوَافِقُ السِّتَّةَ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ لَا يُفْنِيهِمَا إلَّا ثَالِثٌ، وَالثَّلَاثَةُ تُفْنِي السِّتَّةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــSلِكَوْنِهَا مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ لِثَمَانِيَةٍ (قَوْلُهُ: مُتَسَاوِيَاتٍ) نَعْتٌ لِسَبْعَ عَشْرَةَ (قَوْلُهُ: وَفَنِيَ) بِالْكَسْرِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: وَالثَّلَاثَةُ كَتِسْعَةٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِلِاثْنَيْنِ الَّتِي (قَوْلُهُ: فَتَوَافَقَا) أَيْ الِاثْنَا عَشَرَ وَالثَّمَانِيَةَ عَشَرَ (قَوْلُهُ: بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ) أَيْ أَمَّا بِالِاصْطِلَاحِيِّ وَهُوَ أَنْ تُعْكَسَ الْكُلِّيَّةُ جُزْئِيَّةً فَيُقَالُ بَعْضُ الْمُتَوَافِقَيْنِ مُتَدَاخِلَانِ (قَوْلُهُ: السَّابِقَيْنِ) هُمَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ اخْتَلَفَا إلَخْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ أَصْلِ التَّوَافُقِ وَالتَّبَايُنِ. وَأَمَّا التَّدَاخُلُ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى الْخَمْسَةِ (قَوْلُهُ: وَالثَّلَاثَةُ) أَيْ وَنِسْبَةُ الْوَاحِدِ لِلثَّلَاثَةِ الثُّلُثُ، وَقَوْلُهُ

[فرع في تصحيح المسائل]

(فَرْعٌ) فِي تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ وَلِتَوَقُّفِهِ عَلَى مَعْرِفَةِ تِلْكَ الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ، وَتَوْطِئَةً لِبَيَانِهَا جَعَلَ الْفَرْعَ تَرْجَمَةً لَهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُنْدَرِجُ تَحْتَ أَصْلٍ كُلِّيٍّ سَابِقٍ، فَالتَّرْجَمَةُ هُنَا أَظْهَرُ مِنْهَا فِيمَا بَعْدُ، وَلِكَوْنِ الْقَصْدِ بِهِ سَلَامَةَ الْحَاصِلِ لِكُلٍّ مِنْ الْكَسْرِ سُمِّيَ تَصْحِيحًا (إذَا عَرَفْت أَصْلَهَا) أَيْ الْمَسْأَلَةِ (وَانْقَسَمَتْ السِّهَامُ عَلَيْهِمْ) أَيْ الْوَرَثَةِ بِلَا كَسْرٍ كَزَوْجٍ وَثَلَاثِ بَنِينَ (فَذَاكَ) ظَاهِرٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى ضَرْبٍ هِيَ مِنْ أَرْبَعَةٍ لِكُلٍّ مِنْهُمْ وَاحِدٌ، وَكَزَوْجَةٍ وَثَلَاثَةِ بَنِينَ وَبِنْتٍ هِيَ مِنْ ثَمَانِيَةٍ لِلزَّوْجَةِ وَاحِدٌ وَلِلْبِنْتِ وَاحِدٌ وَلِكُلِّ ابْنٍ اثْنَانِ (، وَإِذَا انْكَسَرَتْ) السِّهَامُ (عَلَى صِنْفٍ) مِنْهُمْ (قُوبِلَتْ) سِهَامُهُ الْمُنْكَسِرَةُ (بِعَدَدِهِ فَإِنْ تَبَايَنَا) أَيْ السِّهَامُ وَالرُّءُوسُ (ضُرِبَ عَدَدُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ بِعَوْلِهِمَا إنْ عَالَتْ) فَمَا اجْتَمَعَ صَحَّتْ مِنْهُ كَزَوْجَةٍ وَأَخَوَيْنِ لَهُمَا ثَلَاثَةٌ مُنْكَسِرَةٌ يُضْرَبُ اثْنَانِ عَدَدُهُمَا فِي أَرْبَعَةٍ، أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ تَبْلُغُ ثَمَانِيَةً وَمِنْهَا تَصِحُّ، وَكَزَوْجٍ وَخَمْسِ أَخَوَاتٍ لَهُنَّ أَرْبَعَةٌ لَا تَصِحُّ يُضْرَبُ عَدَدُهُنَّ فِي سَبْعَةٍ وَمِنْهَا تَصِحُّ. (وَإِنْ تَوَافَقَا ضُرِبَ وَفْقُ عَدَدِهِ) أَيْ الصِّنْفُ (فِيهَا) بِعَوْلِهَا إنْ عَالَتْ (فَمَا بَلَغَ صَحَّتْ مِنْهُ) كَأُمٍّ وَأَرْبَعَةِ أَعْمَامٍ لَهُمْ سَهْمَانِ يُوَافِقَانِ عَدَدَهُمْ بِالنِّصْفِ فَتَضْرِبُ اثْنَانِ فِي ثَلَاثَةِ وَمِنْهَا تَصِحُّ، وَكَزَوْجِ وَأَبَوَيْنِ وَسِتِّ بَنَاتٍ تَعُولُ لِخَمْسَةَ عَشَرَ لِلْبَنَاتِ ثَمَانِيَةٌ تُوَافِقُ عَدَدَهُنَّ بِالنِّصْفِ فَتَضْرِبُ نِصْفَهُنَّ ثَلَاثَةً فِي خَمْسَةَ عَشَرَ تَبْلُغُ خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ وَمِنْهَا تَصِحُّ (وَإِنْ انْكَسَرَتْ عَلَى صِنْفَيْنِ قُوبِلَتْ سِهَامُ كُلِّ صِنْفٍ) مِنْهُمَا (بِعَدَدِهِ فَإِنْ تَوَافَقَا) أَيْ سِهَامُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَعَدَدُهُ وَيَحْتَمِلُ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى مُطْلَقِ السِّهَامِ وَالْعَدَدِ لِيَشْمَلَ تَوَافُقَ وَاحِدٍ فَقَطْ (رُدَّ الصِّنْفُ) الْمُوَافِقِ أَيْ عَدَدِ رُءُوسِهِمْ (إلَى) جُزْءِ (وَفْقِهِ، وَإِلَّا) بِأَنْ تَبَايَنَ السِّهَامُ وَالْعُدَدُ فِي الصِّنْفَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا (تُرِكَ) الصِّنْفُ الْمُبَايِنُ بِحَالِهِ (ثُمَّ) بَعْدَ ذَلِكَ (إنْ تَمَاثَلَ عَدَدُ الرُّءُوسِ) فِي تِلْكَ الْأَحْوَالِ (ضُرِبَ أَحَدُهُمَا فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِعَوْلِهَا) إنْ كَانَ (وَإِنْ تَدَاخَلَ ضَرْبُ أَكْثَرِهِمَا) فِي ذَلِكَ (وَإِنْ تَوَافَقَا ضُرِبَ وَفْقُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ ثُمَّ الْحَاصِلُ فِي) أَصْلِ (الْمَسْأَلَةِ) بِعَوْلِهَا إنْ كَانَ (وَإِنْ تَبَايَنَا ضُرِبَ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ ثُمَّ) ضُرِبَ (الْحَاصِلُ) وَهُوَ جُزْءُ السَّهْمِ (فِي) أَصْلِ (الْمَسْأَلَةِ) بِعَوْلِهَا إنْ كَانَ (فَمَا بَلَغَ) الضَّرْبُ فِي نَوْعٍ مِمَّا ذُكِرَ (صَحَّتْ) الْمَسْأَلَةُ (مِنْهُ) وَيُسَمَّى الْمَضْرُوبُ فِي الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْمِثْلِ أَوْ الْأَكْثَرِ أَوْ الْوَفْقِ أَوْ الْكُلِّ أَوْ حَاصِلِ كُلِّهِ جُزْءُ السَّهْمِ. وَأَمْثِلَةُ تِلْكَ الْأَحْوَالِ الِاثْنَيْ عَشَرَ وَاضِحَةٌ مِنْهَا لِلتَّوَافُقِ مَعَ التَّمَاثُلِ أُمٌّ وَسِتَّةٌ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَاثْنَتَا عَشَرَةَ أُخْتًا لِغَيْرِ أُمٍّ لِلْإِخْوَةِ سَهْمَانِ مِنْ سَبْعَةٍ يُوَافِقَانِ عَدَدَهُمْ بِالنِّصْفِ فَتَرْجِعُ لِثَلَاثَةٍ وَلِلْأَخَوَاتِ أَرْبَعَةٌ تَوَافَقَ عَدَدُهُنَّ بِالرُّبُعِ فَتَرْجِعُ لِثَلَاثَةٍ فَتَمَاثَلَا فَتَضْرِبُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَرْعٌ) فِي تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ (قَوْلُهُ: وَتَوْطِئَةً لِبَيَانِهَا) أَيْ وَكَوْنُهُ تَوْطِئَةً إلَخْ (قَوْلُهُ: ضَرَبْت عَدَدَهُ) أَيْ الصِّنْفِ (قَوْلُهُ: لَهُنَّ أَرْبَعَةٌ) أَيْ عَائِلَاتٌ (قَوْلُهُ: لِيَشْمَلَ تَوَافُقٌ وَاحِدٌ) أَيْ صِنْفٌ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: وَأَمْثِلَةُ تِلْكَ الْأَحْوَالِ الِاثْنَيْ عَشَرَ وَاضِحَةٌ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَيْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّ بَيْنَ سِهَامِ الصِّنْفَيْنِ وَعَدَدِهِمَا تَوَافُقًا وَتَبَايُنًا وَتَوَافُقًا فِي أَحَدِهِمَا وَتَبَايُنًا فِي الْآخَرِ وَأَنَّ بَيْنَ عَدَدَيْهِمَا تَمَاثُلًا وَتَدَاخُلًا وَتَوَافُقًا وَتَبَايُنًا وَالْحَاصِلُ مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَةٍ فِي أَرْبَعَةٍ اثْنَا عَشَرَ. اهـ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَتِسْعَةٍ إلَخْ مُعْتَرَضٌ [فَرْعٌ فِي تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ] (قَوْلُهُ: وَلِتَوَقُّفِهِ عَلَى مَعْرِفَةِ تِلْكَ الْأَحْوَالِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلِتَوَقُّفِهِ عَلَى مَعْرِفَةِ تِلْكَ الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ وَطَّأَ بِبَيَانِهَا وَجَعَلَ الْفَرْعَ تَرْجَمَةً لَهُ؛ لِأَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَمْثِلَةُ تِلْكَ الْأَحْوَالِ الِاثْنَيْ عَشَرَ) وَذَلِكَ أَنَّ بَيْنَ سِهَامِ الصِّنْفَيْنِ وَعَدَدِهِمَا إمَّا تَوَافُقٌ أَوْ تَبَايُنٌ، أَوْ تَوَافُقٌ فِي أَحَدِهِمَا وَتَبَايُنٌ فِي الْآخَرِ، وَبَيْنَ عَدَدَيْهِمَا أَحَدُ النِّسَبِ الْأَرْبَعِ وَالْحَاصِلُ مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَةٍ فِي أَرْبَعَةٍ اثْنَا عَشَرَ

ثَلَاثَةً فِي سَبْعَةٍ وَمِنْهَا تَصِحُّ، وَمِنْهَا لِلتَّبَايُنِ ثَلَاثُ بَنَاتٍ وَأَخَوَانِ لِغَيْرِ أُمٍّ تَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَمِنْهَا لِلتَّوَافُقِ فِي أَحَدِهِمَا مَعَ التَّدَاخُلِ أَرْبَعُ بَنَاتٍ وَأَرْبَعَةُ إخْوَةٍ لِغَيْرِ أُمٍّ يَرْجِعُ عَدَدُهُنَّ لِاثْنَيْنِ فَيَتَدَاخَلَانِ فَتَضْرِبُ أَرْبَعَةً فِي ثَلَاثَةٍ تَبْلُغُ اثْنَيْ عَشَرَ وَمِنْهَا تَصِحُّ وَيُقَاسُ عَلَى هَذَا الْمَذْكُورِ (الِانْكِسَارُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ) كَجَدَّتَيْنِ وَثَلَاثَةِ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَعَمَّيْنِ (وَأَرْبَعَةٍ) كَزَوْجَتَيْنِ وَأَرْبَعِ جَدَّاتٍ وَثَلَاثَةِ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَعَمَّيْنِ، فَتَنْظُرُ فِي سِهَامِ كُلِّ صِنْفٍ وَعَدَدِ رُءُوسِهِمْ فَحَيْثُ وَجَدْنَا الْمُوَافَقَةَ رَدَدْنَا الرُّءُوسَ إلَى جُزْءِ الْوَفْقِ، وَإِلَّا أَبْقَيْنَاهَا بِحَالِهَا ثُمَّ فِي عَدَدِ الْأَصْنَافِ تَمَاثُلًا وَتَوَافُقًا وَقَسِيمَيْهِمَا، فَالْأُولَى مِنْ سِتَّةٍ، وَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ، وَالثَّانِيَةُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَتَصِحُّ مِنْ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ. (وَلَا يَزِيدُ الْكَسْرُ عَلَى ذَلِكَ) فِي غَيْرِ الْوَلَاءِ بِالِاسْتِقْرَاءِ؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ فِي الْفَرِيضَةِ الْوَاحِدَةِ عِنْدَ اجْتِمَاعِ كُلِّ الْأَصْنَافِ لَا يُمْكِنُ زِيَادَتُهُمْ عَلَى خَمْسَةٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ وَمِنْهُمْ الْأَبُ وَالْأُمُّ وَالزَّوْجُ وَلَا تَعَدُّدَ فِيهِمْ (فَإِذَا أَرَدْت) بَعْدَ فَرَاغِك مِنْ تَصْحِيحِ الْمَسْأَلَةِ (مَعْرِفَةَ نَصِيبِ كُلِّ صِنْفٍ مِنْ مَبْلَغِ الْمَسْأَلَةِ فَاضْرِبْ نَصِيبَهُ مِنْ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ) بِعَوْلِهَا إنْ كَانَ (فِيمَا ضَرَبْته فِيهَا فَمَا بَلَغَ فَهُوَ نَصِيبُهُ ثُمَّ تَقْسِمُهُ عَلَى عَدَدِ الصِّنْفِ) مِثَالُهُ بِلَا عَوْلٍ جَدَّتَانِ وَثَلَاثُ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ وَعَمٌّ هِيَ مِنْ سِتَّةٍ، وَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ جُزْءًا سَهْمُهَا سِتَّةٌ لِلْجَدَّتَيْنِ وَاحِدٌ فِيهَا بِسِتَّةٍ، وَالْأَخَوَاتُ أَرْبَعَةٌ فِيهَا بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَالْبَاقِي لِلْعَمِّ، وَبِعَوْلٍ زَوْجَتَانِ وَأَرْبَعُ جَدَّاتٍ وَسِتُّ شَقِيقَاتٍ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، وَتَعُولُ لِثَلَاثَةَ عَشَرَ جُزْءًا سَهْمُهَا سِتَّةٌ فَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةِ وَسَبْعِينَ فَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْهَا يَأْخُذُهُ مَضْرُوبًا فِي سِتَّةٍ. (فَرْعٌ) فِي الْمُنَاسَخَاتِ. وَهِيَ مِنْ جُمْلَةِ تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ فَلِذَا حَسُنَ تَرْجَمَتُهَا بِفَرْعٍ كَاَلَّذِي قَبْلَهَا، وَهِيَ لُغَةً مُفَاعَلَةٌ مِنْ النَّسْخِ وَهُوَ لُغَةً الْإِزَالَةُ وَالنَّقْلُ. وَشَرْعًا هُنَا: أَنْ يَمُوتَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَالْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ مَوْجُودٌ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى ذَهَبَتْ وَصَارَ الْحُكْمُ لِلثَّانِيَةِ مَثَلًا، وَأَيْضًا فَالْمَالُ قَدْ تَنَاسَخَتْهُ الْأَيْدِي وَهِيَ مِنْ عَوِيصِ عِلْمِ الْفَرَائِضِ (مَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ فَمَاتَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ) لِلتَّرِكَةِ (فَإِنْ لَمْ يَرِثْ الثَّانِي غَيْرُ الْبَاقِينَ وَكَانَ إرْثُهُمْ) أَيْ الْبَاقِينَ (مِنْهُ) أَيْ الثَّانِي (كَإِرْثِهِمْ مِنْ الْأَوَّلِ جُعِلَ) الْحَالُ بِالنَّظَرِ لِلْحِسَابِ (كَأَنَّ الثَّانِيَ) مِنْ وَرَثَةِ الْأَوَّلِ (لَمْ يَكُنْ وَقُسِّمَ) الْمَالُ (بَيْنَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: تَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ) أَيْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ بَيْنَ رُءُوسِ الصِّنْفَيْنِ تَبَايُنًا فَيُضْرَبُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ وَهُوَ اثْنَانِ فِي ثَلَاثَةٍ أَوْ عَكْسُهُ يَبْلُغُ سِتَّةً يُضْرَبُ فِي أَصْلِهَا وَهُوَ ثَلَاثَةٌ تَبْلُغُ مَا ذُكِرَ وَقَوْلُهُ: فِي ثَلَاثَةٍ أَيْ الَّتِي هِيَ مَخْرَجُ الثُّلُثَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَقَسِيمَيْهِمَا) وَهُمَا التَّدَاخُلُ وَالتَّبَايُنُ (قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْجَدَّتَيْنِ وَالْعَمَّيْنِ مُتَمَاثِلَانِ فَيُكْتَفَى بِأَحَدِهِمَا وَيُضْرَبُ فِي الثَّلَاثَةِ لِمُبَايَنَتِهَا لَهُمَا يَبْلُغُ سِتَّةً تُضْرَبُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ سِتَّةٌ فَتَبْلُغُ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ مِنْ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ) أَيْ؛ لِأَنَّ وَفْقَ رُءُوسِ الْجَدَّاتِ اثْنَانِ وَعَدَدُ الزَّوْجَاتِ اثْنَتَانِ وَعَدَدُ الْأَعْمَامِ اثْنَانِ فَالثَّلَاثَةُ أَصْنَافٍ مُتَمَاثِلَةٌ يُكْتَفَى بِأَحَدِهِمَا وَهُوَ اثْنَانِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الثَّلَاثَةِ عَدَدُ الْإِخْوَةِ تَبَايُنٌ فَتُضْرَبُ الِاثْنَانِ فِي الثَّلَاثَةِ تَبْلُغُ سِتَّةً ثُمَّ تُضْرَبُ السِّتَّةُ فِي الِاثْنَيْ عَشَرَ تَبْلُغُ مَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ: وَالْبَاقِي) أَيْ وَهُوَ سِتَّةٌ (قَوْلُهُ: جُزْءُ سَهْمِهَا سِتَّةٌ) أَيْ حَاصِلٌ مِنْ ضَرْبِ اثْنَيْنِ، وَهُمَا عَدَدُ الزَّوْجَتَيْنِ وَعَدَدُ وَفْقِ الْجَدَّاتِ الْأَرْبَعِ وَهُمَا مُتَمَاثِلَانِ فَاكْتُفِيَ بِأَحَدِهِمَا فِي الثَّلَاثَةِ وَفْقَ السِّتِّ شَقِيقَاتٌ تَبْلُغُ سِتَّةٌ تُضْرَبُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِعَوْلِهَا وَهُوَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ تَبْلُغُ مَا ذُكِرَ. (فَرْعٌ) فِي الْمُنَاسَخَاتِ (قَوْلُهُ: وَالنَّقْلُ) عَطْفٌ مُغَايِرٌ (قَوْلُهُ: مَوْجُودٌ فِيهِ) أَيْ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ (قَوْلُهُ: فَالْمَالُ قَدْ تَنَاسَخَتْهُ) أَيْ تَدَاوَلَتْهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ قِسْمَةِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مِنْ عَوِيصِ إلَخْ) هُوَ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ الصَّعْبُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[فرع في المناسخات]

الْبَاقِينَ كَإِخْوَةٍ وَأَخَوَاتٍ) لِغَيْرِ أُمٍّ (أَوْ بَنِينَ وَبَنَاتٍ مَاتَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْبَاقِينَ) وَقُدِّمَ الْإِخْوَةُ لِاتِّحَادِ إرْثِهِمْ مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي إذْ هُوَ بِالْإِخْوَةِ؛ بِخِلَافِ الْبَنِينَ فَإِنَّهُ مِنْ الْأَوَّلِ بِالْبُنُوَّةِ. وَفِي الثَّانِي بِالْأُخُوَّةِ، وَمَا أَشْعَرَ بِهِ كَلَامُهُ وَتَمْثِيلُهُ مِنْ اشْتِرَاطِ كَوْنِ جَمِيعِ الْبَاقِينَ وَارِثِينَ وَكَوْنِهِمْ عَصَبَةً لَيْسَ بِشَرْطٍ. أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ وَابْنَيْنِ مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَوَارِثُ الثَّانِي هُوَ الِابْنُ الْبَاقِي، وَهُوَ عَصَبَةٌ فِيهَا دُونَ الزَّوْجِ، وَهُوَ ذُو فَرْضٍ فِي الْأُولَى وَغَيْرُ وَارِثٍ فِي الثَّانِيَةِ، فَيُفْرَضُ أَنَّ الْمَيِّتَ الثَّانِي لَمْ يَكُنْ وَيُدْفَعُ رُبُعُ التَّرِكَةِ لِلزَّوْجِ وَالْبَاقِي لِلِابْنِ (وَإِنْ لَمْ يَنْحَصِرْ إرْثُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ الثَّانِي (فِي الْبَاقِينَ) إمَّا لِكَوْنِ الْوَارِثِ غَيْرَهُمْ أَوْ لِمُشَارَكَةِ الْغَيْرِ لَهُمْ (أَوْ انْحَصَرَ) فِيهِمْ (وَاخْتَلَفَ قَدْرُ الِاسْتِحْقَاقِ) لَهُمْ مِنْ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي (فَصَحِّحْ مَسْأَلَةَ الْأَوَّلِ ثُمَّ) صَحِّحْ مَسْأَلَةَ الثَّانِي ثُمَّ بَعْدَ تَصْحِيحِهِمَا تَنْظُرُ (إنْ انْقَسَمَ نَصِيبُ الثَّانِي مِنْ مَسْأَلَةِ الْأَوَّلِ عَلَى مَسْأَلَتِهِ فَذَاكَ) ظَاهِرٌ كَزَوْجٍ وَأُخْتَيْنِ لِغَيْرِ أُمٍّ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا عَنْ الْأُخْرَى وَعَنْ بِنْتٍ فَالْأُولَى مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ إلَى سَبْعَةٍ، وَالثَّانِيَةُ مِنْ اثْنَيْنِ وَنَصِيبُ مَيِّتِهِمَا مِنْ الْأُولَى اثْنَانِ مُنْقَسِمٌ عَلَيْهِمَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَنْقَسِمْ نَصِيبُ الثَّانِي مِنْ الْأُولَى عَلَى مَسْأَلَتِهِ نَظَرْتَ (فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا) أَيْ مَسْأَلَةِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي (مُوَافَقَةٌ ضُرِبَ وَفْقُ مَسْأَلَتِهِ) أَيْ الثَّانِي (فِي مَسْأَلَةِ الْأَوَّلِ) كَجَدَّتَيْنِ وَثَلَاثِ أَخَوَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ مَاتَتْ الْأُخْتُ لِأُمٍّ عَنْ أُخْتٍ لِأُمٍّ هِيَ الشَّقِيقَةُ فِي الْأُولَى وَعَنْ أُخْتَيْنِ لِأَبَوَيْنِ وَعَنْ أُمِّ أُمٍّ وَهِيَ إحْدَى الْجَدَّتَيْنِ فِي الْأُولَى، وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مِنْ سِتَّةٍ، وَتَصِحُّ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، وَالثَّانِيَةُ مِنْ سِتَّةٍ وَنَصِيبُ مَيِّتِهَا مِنْ الْأُولَى اثْنَانِ يُوَافِقَانِ مَسْأَلَتَهَا بِالنِّصْفِ فَتَضْرِبُ نِصْفَ مَسْأَلَتِهَا وَهُوَ ثَلَاثَةٌ فِي الْأُولَى تَبْلُغُ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ لِكُلِّ جَدَّةٍ مِنْ الْأُولَى سَهْمٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَلَاثَةٍ وَلِلْوَارِثَةِ فِي الثَّانِيَةِ سَهْمٌ مِنْهَا فِي وَاحِدٍ بِوَاحِدٍ وَلِلْأُخْتِ لِلْأَبَوَيْنِ فِي الْأُولَى سِتَّةٌ مِنْهَا فِي ثَلَاثَةٍ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَلَهَا مِنْ الثَّانِيَةِ سَهْمٌ فِي وَاحِدٍ بِوَاحِدٍ وَلِلْأُخْتِ لِلْأَبِ فِي الْأُولَى سَهْمَانِ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ وَلِلْأُخْتَيْنِ لِلْأَبَوَيْنِ فِي الثَّانِيَةِ أَرْبَعَةٌ مِنْهَا فِي وَاحِدٍ بِأَرْبَعَةٍ، وَإِنَّمَا لَمْ تَرِثْ الْأُخْتَانِ فِي الْأُولَى أَيْضًا لِقِيَامِ مَانِعٍ بِهِمَا عِنْدَهَا كَرِقٍّ وَكَانَ زَائِلًا عِنْدَ الثَّانِيَةِ. (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ بَلْ مُبَايَنَةٌ فَقَطْ وَلَا يَأْتِي هُنَا التَّمَاثُلُ وَالتَّدَاخُلُ (ضُرِبَتْ كُلُّهَا) أَيْ الثَّانِيَةُ (فِيهَا) أَيْ الْأُولَى (فَمَا بَلَغَ) الضَّرْبُ (صَحَّتَا) أَيْ الْمَسْأَلَتَانِ (مِنْهُ ثُمَّ) قُلْ (مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ) الْمَسْأَلَةِ (الْأُولَى أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِيمَا ضُرِبَ فِيهَا) وَهُوَ جَمِيعُ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ وَفْقُهَا (وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ) الْمَسْأَلَةِ (الثَّانِيَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي نَصِيبِ الثَّانِي مِنْ الْأُولَى أَوْ) أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي (وَفْقِهِ إنْ كَانَ بَيْنَ مَسْأَلَتِهِ وَنَصِيبِهِ وَفْقٌ) كَزَوْجَةٍ وَثَلَاثَةِ بَنِينَ وَبِنْتٍ مَاتَتْ الْبِنْتُ عَنْ أُمٍّ وَثَلَاثِ إخْوَةٍ وَهُمْ الْبَاقُونَ مِنْ وَرَثَةِ الْأَوَّلِ، فَالْأُولَى مِنْ ثَمَانِيَةٍ، وَالثَّانِيَةُ تَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَنَصِيبُ مَيِّتِهَا مِنْ الْأُولَى سَهْمٌ لَا يُوَافِقُ مَسْأَلَتَهُ فَتُضْرَبُ فِي الْأُولَى تَبْلُغُ مِائَةً وَأَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ لِلزَّوْجَةِ مِنْ الْأُولَى سَهْمٌ فِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَمِنْ الثَّانِيَةِ وَاحِدٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَلَاثَةٍ وَلِكُلِّ ابْنٍ مِنْ الْأُولَى سَهْمَانِ فِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بِسِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ، وَمِنْ الثَّانِيَةِ خَمْسَةٌ فِي وَاحِدٍ بِخَمْسَةٍ، وَمَا صَحَّتْ مِنْهُ الْمَسْأَلَتَانِ صَارَ كَمَسْأَلَةِ الْأُولَى، فَإِذَا مَاتَ ثَالِثٌ عُمِلَ فِي مَسْأَلَتِهِ مَا عُمِلَ فِي مَسْأَلَةِ الثَّانِي وَهَكَذَا. ـــــــــــــــــــــــــــــSوَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ الْعَوِيصُ مِنْ الشِّعْرِ مَا يَصْعُبُ اسْتِخْرَاجُ مَعْنَاهُ. اهـ (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ) أَيْ الْإِرْثُ (قَوْلُهُ: وَفِي الثَّانِي بِالْأُخُوَّةِ) هِيَ بِمَعْنَى مِنْ (قَوْلُهُ: فَتُضْرَبُ) أَيْ الثَّانِيَةُ وَهِيَ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ، وَقَوْلُهُ: فِي الْأُولَى هِيَ الثَّمَانِيَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَرْعٌ فِي الْمُنَاسَخَاتِ] قَوْلُهُ: أَيْ مَسْأَلَةُ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي) صَوَابُهُ: أَيْ نَصِيبُ الثَّانِي مِنْ الْأُولَى وَمَسْأَلَتِهِ.

[كتاب الوصايا والوديعة]

كِتَابُ الْوَصَايَا أَخَّرَهَا عَنْ الْفَرَائِضِ؛ لِأَنَّ قَبُولَهَا وَرَدَّهَا وَمَعْرِفَةَ قَدْرِ ثُلُثِ الْمَالِ وَمَنْ يَكُونُ وَارِثًا مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْمَوْتِ فَسَقَطَ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْأَنْسَبَ تَقْدِيمُهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُوصِي ثُمَّ يَمُوتُ ثُمَّ تُقَسَّمُ تَرِكَتُهُ، وَهِيَ جَمْعُ وَصِيَّةٍ كَهَدِيَّةٍ وَهَدَايَا وَقَوْلُ الشَّارِحِ بِمَعْنَى الْإِيصَاءِ أَرَادَ بِهِ شُمُولَ ذَلِكَ لَهُ؛ لِأَنَّ التَّرْجَمَةَ مَعْقُودَةٌ لَهُمَا، وَالْإِيصَاءُ يَعُمُّ الْوَصِيَّةَ وَالْوِصَايَةَ لُغَةً، وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمَا مِنْ اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ، وَهِيَ تَخْصِيصُ الْوَصِيَّةِ بِالتَّبَرُّعِ الْمُضَافِ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْوِصَايَةُ بِالْعَهْدِ إلَى مَنْ يَقُومُ عَلَى مَنْ بَعْدَهُ. وَالْوَصِيَّةُ لُغَةً: الْإِيصَالُ مِنْ وَصَّى الشَّيْءَ بِكَذَا وَصَلَهُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ وَصَلَ خَيْرَ دُنْيَاهُ بِخَيْرِ عُقْبَاهُ. وَشَرْعًا: لَا بِمَعْنَى الْإِيصَاءِ تَبَرُّعٌ بِحَقٍّ مُضَافٍ وَلَوْ تَقْدِيرًا لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ لَيْسَ بِتَدْبِيرٍ وَلَا تَعْلِيقِ عِتْقٍ، وَإِنْ اُلْتُحِقَا بِهَا حُكْمًا، كَالتَّبَرُّعِ الْمُنْجَزِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ أَوْ الْمُلْحَقِ بِهِ. وَهِيَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ إجْمَاعًا، وَإِنْ كَانَتْ الصَّدَقَةُ بِصِحَّةٍ أَفْضَلَ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُغْفَلَ عَنْهَا سَاعَةً كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْخَبَرُ إلَى الصَّحِيحِ «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSكِتَابُ الْوَصَايَا (قَوْلُهُ: مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْمَوْتِ) قَدْ يُقَالُ مُجَرَّدُ تَأْخِيرِهَا عَنْ الْمَوْتِ لَا يَسْتَدْعِي تَأْخِيرَهَا عَنْ الْفَرَائِضِ؛ لِأَنَّ أَحْكَامَ الْوَصِيَّةِ وَقِسْمَةَ الْمَوَارِيثِ إنَّمَا هِيَ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَكَانَ الْأَوْلَى فِي التَّعْلِيلِ أَنْ يَقُولَ أَخَّرَهَا عَنْ الْفَرَائِضِ؛ لِأَنَّ الْفَرَائِضَ ثَابِتَةٌ بِحُكْمِ الشَّرْعِ لَا تَصَرُّفَ لِلْمَيِّتِ فِيهَا، وَهَذِهِ عَارِضَةٌ قَدْ تُوجَدُ وَقَدْ لَا، وَفِي حَجّ: وَيُرَدُّ أَيْ الْقَوْلُ بِأَنَّ تَقْدِيمَهَا أَنْسَبُ بِأَنَّ عِلْمَ قِسْمَةِ الْوَصَايَا وَدَوْرِيَّاتِهَا مُتَأَخِّرٌ عَنْ عِلْمِ الْفَرَائِضِ وَتَابِعٌ لَهُ، فَتَعَيَّنَ تَقْدِيمُ الْفَرَائِضِ كَمَا دَرَجَ عَلَيْهِ أَكْثَرُهُمْ، وَلَعَلَّ الشَّارِحَ اكْتَفَى بِمَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ كَافٍ فِي رَدِّ قَوْلِ الْمُعْتَرِضِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُوصِي ثُمَّ يَمُوتُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَافِيًا فِي تَأْخِيرِهِ عَنْ الْفَرَائِضِ. [فَائِدَةٌ] قَالَ الدَّمِيرِيِّ: رَأَيْت بِخَطِّ ابْنِ الصَّلَاحِ أَبِي عَمْرٍو أَنَّ مَنْ مَاتَ بِغَيْرِ وَصِيَّةٍ لَا يَتَكَلَّمُ فِي مُدَّةِ الْبَرْزَخِ، وَأَنَّ الْأَمْوَاتَ يَتَزَاوَرُونَ سِوَاهُ فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَا بَالُ هَذَا؟ فَيُقَالُ مَاتَ مِنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ. انْتَهَى مِنْ خَطِّ شَيْخِنَا الشَّنَوَانِيِّ. وَيُمْكِنُ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا مَاتَ مِنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ وَاجِبَةٍ أَوْ خَرَجَ مَخْرَجَ الزَّجْرِ. اهـ هَكَذَا بِهَامِشِ صَحِيحٍ. وَسَيَأْتِي أَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ حَيْثُ قَامَ بِهِ مَا يُخَافُ مِنْهُ الْهَلَاكُ، وَعَلَيْهِ فَمَنْ مَاتَ فَجْأَةً أَوْ بِمَرَضٍ خَفِيفٍ لَا يُخْشَى مِنْهُ هَلَاكٌ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: أَرَادَ بِهِ شُمُولَ ذَلِكَ) أَيْ الْوَصِيَّةِ الَّتِي هِيَ مُفْرَدُ الْوَصَايَا (قَوْلُهُ: لَهُ) أَيْ لِلْإِيصَاءِ بِمَعْنَى الْعَهْدِ عَلَى مَنْ يَقُومُ عَلَى أَوْلَادِهِ بَعْدَهُ وَلَيْسَتْ مَقْصُورَةً عَلَى التَّبَرُّعِ الْمُضَافِ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ. (قَوْلُهُ: وَصَلَ خَيْرَ دُنْيَاهُ بِخَيْرِ عُقْبَاهُ) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِخَيْرِ دُنْيَاهُ الْخَيْرُ الَّذِي حَصَلَ لَهُ قَبْلَ الْمَوْتِ بِأَعْمَالِ الطَّاعَةِ، وَبِخَيْرِ عُقْبَاهُ الْخَيْرُ الَّذِي يَحْصُلُ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ بِسَبَبِ حُصُولِ الْمُوصَى بِهِ لِلْمُوصَى لَهُ، فَهُوَ بِإِيصَائِهِ حَصَلَ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ خَيْرٌ وَقَدْ صَدَرَ مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ خَيْرٌ فَقَدْ وَصَلَ أَحَدُهُمَا بِالْآخِرِ تَأَمَّلْ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ وَصَلَ خَيْرَ دُنْيَاهُ: أَيْ نَفْعَهُ فِي دُنْيَاهُ بِالْمَالِ بِخَيْرِ عُقْبَاهُ: أَيْ انْتِفَاعِهِ بِالثَّوَابِ الْحَاصِلِ بِالْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَقْدِيرًا) أَيْ بِأَنْ قَالَ أَوْصَيْت لِفُلَانٍ بِكَذَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ لِفُلَانٍ بَعْدَ مَوْتِي كَذَا (قَوْلُهُ: «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ» ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْوَصَايَا وَالْوَدِيعَة] كِتَابُ الْوَصَايَا

يُوصَى بِهِ يَبِيتُ لَيْلَةً أَوْ لَيْلَتَيْنِ إلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَ رَأْسِهِ» أَيْ مَا الْحَزْمُ أَوْ الْمَعْرُوفُ إلَّا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَدْرِي مَتَى يَفْجَؤُهُ الْمَوْتُ، وَقَدْ تُبَاحُ كَمَا يَأْتِي. وَعَلَيْهِ حُمِلَ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ إنَّهَا لَيْسَتْ عَقْدُ قُرْبَةٍ: أَيْ دَائِمًا بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ. وَتَجِبُ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ بِهِ نَحْوُ مَرَضٍ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ لَكِنْ يَأْتِي قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَطَلْقُ حَامِلٍ مَا يُصَرِّحُ بِتَقْيِيدِ الْوُجُوبِ بِالْمَخُوفِ وَنَحْوِهِ بِحَضْرَةِ مَنْ يَثْبُتُ الْحَقُّ بِهِ إنْ تَرَتَّبَ عَلَى تَرْكِهَا ضَيَاعُ حَقٍّ عَلَيْهِ أَوْ عِنْدَهُ، وَلَا يَكْتَفِي بِعِلْمِ الْوَرَثَةِ أَوْ ضَيَاعُ نَحْوِ أَطْفَالِهِ لِمَا يَأْتِي فِي الْإِيصَاءِ، وَتَحْرُمُ لِمَنْ عُرِفَ مِنْهُ أَنَّهُ مَتَى كَانَ لَهُ شَيْءٌ فِي تَرِكَتِهِ أَفْسَدَهَا وَتُكْرَهُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ كَمَا يَأْتِي. وَأَرْكَانُهَا: مُوصِي وَمُوصَى لَهُ وَبِهِ وَصِيغَةٌ، وَذَكَرَهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ مُبْتَدِئًا بِأَوَّلِهَا؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فَقَالَ (تَصِحُّ وَصِيَّةُ كُلِّ مُكَلَّفٍ حُرٍّ) كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ مُخْتَارٍ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ (وَإِنْ كَانَ كَافِرًا) وَلَوْ حَرْبِيًّا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَإِنْ اُسْتُرِقَّ بَعْدَهَا، وَمَالُهُ عِنْدَنَا بِالْأَمَانِ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ: أَيْ وَعَتَقَ قَبْلَ مَوْتِهِ كَمَا يَصِحُّ سَائِرُ عُقُودِهِ وَمَا نُظِرَ بِهِ مِنْ أَنَّ الْقَصْدَ مِنْهَا زِيَادَةُ الْأَعْمَالِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَهُوَ لَا عَمَلَ لَهُ بَعْدَهُ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ فِيهَا بِطَرِيقِ الذَّاتِ كَوْنُهَا عَقْدًا مَالِيًّا لَا خُصُوصَ ذَلِكَ، وَمِنْ ثَمَّ صَحَّتْ صَدَقَتُهُ وَعِتْقُهُ وَيَأْتِي فِي الرِّدَّةِ أَنَّ وَصِيَّةَ الْمُرْتَدِّ مَوْقُوفَةٌ، وَشَمِلَ الْحَدُّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَيْضًا لَكِنَّهُ صَرَّحَ بِهِ لِبَيَانِ مَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ الَّذِي لَا يَأْتِي فِي غَيْرِ الْمَحْجُورِ، وَإِنْ أَتَى فِيهِ خِلَافٌ آخَرُ مُخَرَّجٌ مِنْ الْخِلَافِ فِي أَنَّهُ هَلْ يَعُودُ الْحَجْرُ بِطُرُوِّ السَّفَهِ مِنْ غَيْرِ حَجْرِ حَاكِمٍ أَوْ لَا؟ . فَقَالَ (وَكَذَا مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِصِحَّةِ عِبَارَتِهِ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ إقْرَارُهُ بِالْعُقُوبَةِ وَالطَّلَاقِ نَافِذًا وَلِاحْتِيَاجِهِ لِلثَّوَابِ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا لَا تَصِحُّ لِلْحَجْرِ عَلَيْهِ، فَالسَّفِيهُ بِلَا حَجْرٍ تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ جَزْمًا، وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهِمَا (لَا) (مَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَصَبِيٍّ) أَيْ لَا تَصِحُّ وَصِيَّةُ كُلِّ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَالَ الطِّيبِيِّ فِي شَرْحِ الْمَصَابِيحِ: مَا بِمَعْنَى لَيْسَ، وَقَوْلُهُ: يَبِيتُ لَيْلَةً أَوْ لَيْلَتَيْنِ صِفَةٌ ثَانِيَةٌ لِامْرِئٍ وَيُوصِي فِيهِ صِفَةُ شَيْءٍ وَالْمُسْتَثْنَى خَبَرُهُ. قَالَ الْمَظْهَرِيُّ: قَيْدُ لَيْلَتَيْنِ تَأْكِيدٌ وَلَيْسَ بِتَحْدِيدٍ: يَعْنِي لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَمْضِيَ عَلَيْهِ زَمَانٌ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا إلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ. أَقُولُ: فِي تَخْصِيصِ لَيْلَتَيْنِ تَسَامُحٌ فِي إرَادَةِ الْمُبَالَغَةِ: أَيْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَبِيتَ لَيْلَةً، وَقَدْ سَامَحْنَاهُ فِي هَذَا الْمِقْدَارِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ تُبَاحُ كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي فَكِّ أَسْرَى الْكُفَّارِ، وَلَوْ قِيلَ بِاسْتِحْبَابِهِ حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَصْلَحَةٌ إسْلَامِيَّةٌ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا (قَوْلُهُ: مَا يُصَرَّحُ بِتَقْيِيدِ الْوُجُوبِ) إلَخْ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: نَحْوُ أَطْفَالِهِ) كَالْمَجَانِينِ (قَوْلُهُ: وَتَحْرُمُ) أَيْ وَتَصِحُّ (قَوْلُهُ: أَفْسَدَهَا) أَيْ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ يَصْرِفُ الْمُوصَى بِهِ فِي مَعْصِيَةٍ فَتَحْرُمُ الْوَصِيَّةُ وَتَصِحُّ. (قَوْلُهُ: مُخْتَارٌ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ) قَيْدٌ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ مُكَلَّفٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَالُهُ) أَيْ وَالْحَالُّ، وَقَوْلُهُ: عِنْدَنَا بِالْأَمَانِ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالُ عِنْدَنَا وَقْتَ الْوَصِيَّةِ لَمْ تَصِحَّ، وَإِنْ صَارَ مَالُهُ عِنْدَنَا وَقْتَ الْمَوْتِ أَوْ أَسْلَمَ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا احْتَرَزُوا بِهِ لَوْ كَانَ مَالُهُ بِدَارِ الْحَرْبِ وَبَقِيَ فِيهَا (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّ الْقَصْدَ مِنْهَا) أَيْ الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ لَا عَمَلَ لَهُ) أَيْ الْكَافِرُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ صَحَّتْ) عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ يُجَازَى عَلَيْهَا فِي الدُّنْيَا، وَإِنْ كَانَ الْمُوصَى بِهِ لَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُوصَى لَهُ إلَّا بِالْقَبُولِ بَعْدَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: هَلْ يَعُودُ الْحَجْرُ بِطُرُوِّ السَّفَهِ إلَخْ) الرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا يَعُودُ بِدُونِ حَجْرِ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ جَزْمًا) دَعْوَى الْجَزْمِ يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ أَتَى فِيهِ خِلَافٌ إلَخْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ: فَالسَّفِيهُ إلَخْ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي تَعْلِيلِ الطَّرِيقِ الثَّانِي لِلْحَجَرِ عَلَيْهِ، فَلَا يُنَافِي ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِحَضْرَةِ مَنْ يَثْبُتُ الْحَقُّ بِهِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا لَا يُنَاسِبُ مَا الْكَلَامُ فِيهِ مِنْ الْوَصِيَّةِ بِمَعْنَى التَّبَرُّعِ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ الْحَدُّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ: وَاحْتَرَزَ عَنْ السَّفِيهِ الَّذِي لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ فَإِنَّهَا تَصِحُّ مِنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ، إلَّا عَلَى قَوْلِنَا إنَّ الْحَجْرَ يَعُودُ بِنَفْسِ التَّبْذِيرِ إذَا بَلَغَ رَشِيدًا مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى حُكْمٍ فَيَكُونُ كَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ

وَاحِدٍ مِنْهُمْ، إذْ لَا عِبَارَةَ لَهُمْ بِخِلَافِ السَّكْرَانِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَمْيِيزٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الطَّلَاقِ (وَفِي قَوْلٍ تَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تُزِيلُ الْمِلْكَ حَالًا، وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا نَظَرَ لِذَلِكَ مَعَ فَسَادِ عِبَارَتِهِ حَتَّى فِي غَيْرِ الْمَالِ (وَلَا رَقِيقٍ) كُلِّهِ عِنْدَهَا وَلَوْ مُكَاتَبًا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ لِعَدَمِ مِلْكِهِ أَوْ أَهْلِيَّتِهِ. أَمَّا إذَا أَذِنَ السَّيِّدُ لِلْمُكَاتَبِ فِيهَا فَتَصِحُّ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْكِتَابَةِ. وَالْمُبَعَّضُ تَصِحُّ مِنْهُ بِمَا مَلَكَهُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ وَلَوْ عِتْقًا خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ لِوُجُودِ أَهْلِيَّتِهِ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِهَا؛ لِأَنَّهُ يَسْتَعْقِبُ الْوَلَاءَ، وَهُوَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ عَتَقَ قَبْلَ مَوْتِهِ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَقَدْ زَالَ رِقُّهُ بِمَوْتِهِ، وَسَيَأْتِي فِي نُفُوذِ إيلَادِهِ مَا يُؤَيِّدُهُ (وَقِيلَ إنْ عَتَقَ) بَعْدَهَا (ثُمَّ مَاتَ صَحَّتْ) مِنْهُ، وَيُرَدُّ بِنَظِيرِ مَا مَرَّ فِي الْمُمَيِّزِ. (وَإِذَا أَوْصَى لِجِهَةٍ عَامَّةٍ فَالشَّرْطُ أَنْ لَا تَكُونَ مَعْصِيَةً) وَلَا مَكْرُوهًا: أَيْ لِذَاتِهِ لَا لِعَارِضٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي النَّذْرِ فِيهِمَا، وَكَذَا إذَا أَوْصَى لِغَيْرِ جِهَةٍ يُشْتَرَطُ عَدَمُ الْمَعْصِيَةِ وَالْكَرَاهَةِ أَيْضًا، وَمِنْ ثَمَّ بَطَلَتْ لِكَافِرٍ بِنَحْوِ مُسْلِمٍ أَوْ مُصْحَفٍ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْأُولَى؛ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهَا أَوْ قَصْدِهَا بِخِلَافِ غَيْرِ الْجِهَةِ، وَشَمِلَ عَدَمُ الْمَعْصِيَةِ الْقُرْبَةَ كَعِمَارَةِ الْمَسَاجِدِ وَلَوْ مِنْ كَافِرٍ وَقُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَالصَّالِحِينَ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إحْيَاءِ الزِّيَارَةِ وَالتَّبَرُّكِ بِهَا، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ، وَأَشْعَرَ بِهِ كَلَامُ الْإِحْيَاءِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْحَجِّ، وَكَلَامُهُ فِي الْوَسِيطِ فِي زَكَاةِ النَّقْدِ يُشِيرُ إلَيْهِ أَنْ تُبْنَى عَلَى قُبُورِهِمْ الْقِبَابُ وَالْقَنَاطِرُ كَمَا يُفْعَلُ فِي الْمُشَاهَدِ إذَا كَانَ الدَّفْنُ فِي مَوَاضِعَ مَمْلُوكَةٍ لَهُمْ أَوْ لِمَنْ دَفَنَهُمْ فِيهَا لَا بِنَاءُ الْقُبُورِ نَفْسِهَا لِلنَّهْيِ عَنْهُ، وَلَا فِعْلُهُ فِي الْمَقَابِرِ الْمُسَبَّلَةِ فَإِنَّ فِيهِ تَضْيِيقًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ خِلَافًا لِمَا اسْتَوْجَهَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ كَوْنِ الْمُرَادِ بِعِمَارَتِهَا رَدَّ التُّرَابِ فِيهَا وَمُلَازَمَتَهَا خَوْفًا مِنْ الْوَحْشِ وَالْقِرَاءَةَ عِنْدَهَا، وَإِعْلَامَ الزَّائِرِينَ بِهَا لِئَلَّا تَنْدَرِسَ. وَفِي زِيَادَاتِ الْعَبَّادِيِّ لَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُدْفَنَ فِي بَيْتِهِ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَنْ أَنَّ الدَّفْنَ فِي الْبَيْتِ مَكْرُوهٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَالْمُبَاحَةُ كَفَكِّ أُسَارَى كُفَّارٍ مِنَّا، وَإِنْ كَانَ الْمُوصِي ذِمِّيًّا؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ جَائِزَةٌ لِلْمُعَيَّنِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ فَالْأُسَارَى أَوْلَى وَبِنَاءُ رِبَاطٍ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ أَوْ سُكْنَاهُمْ بِهِ، وَإِنْ سُمِّيَتْ كَنِيسَةً خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنَّ فِيهِ خِلَافًا مُفَرَّعًا عَلَى مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ السَّكْرَانِ) أَيْ الْمُتَعَدِّي فَتَصِحُّ وَصِيَّتُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا رَقِيقٍ كُلِّهِ) أَمَّا الْمُبَعَّضُ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ عَتَقَ بَعْضُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا أَذِنَ السَّيِّدُ لِلْمُكَاتَبِ) أَيْ كِتَابَةً صَحِيحَةً، وَقَوْلُهُ: فِيهَا أَيْ الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عِتْقًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ مَا أَوْصَى بِهِ الْمُبَعَّضُ عِتْقًا (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ) مِنْهُمْ ابْنُ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْمُبَعَّضُ، وَقَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ أَيْ الْوَلَاءِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ إنْ عَتَقَ) أَيْ الرَّقِيقُ (قَوْلُهُ: وَيَرِدُ بِنَظِيرِ مَا مَرَّ) أَيْ وَهُوَ أَنَّهُ لَا نَظَرَ لِرِقِّهِ؛ لِأَنَّ لِصِحَّةِ عِبَارَتِهِ مَعَ أَهْلِيَّتِهِ لِلْوَلَاءِ حَالَ الْعِتْقِ عِنْدَ صَاحِبِ هَذَا الْوَجْهِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ لَا نَظَرَ لِذَلِكَ مَعَ فَسَادِ عِبَارَتِهِ حَتَّى إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلَا مَكْرُوهًا) أَيْ لِذَاتِهِ: أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمَعْصِيَةِ وَالْكَرَاهَةِ كَبَيْعِ الْعِنَبِ وَالرُّطَبِ لِعَاصِرِ الْخَمْرِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ اتِّخَاذُهُ خَمْرًا، وَمَكْرُوهٌ حَيْثُ تَوَهَّمَهُ فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ مُسْلِمٍ إلَخْ) أَيْ مِمَّا يَحْرُمُ بَيْعُهُ لَهُ كَالْمُرْتَدِّ وَكُتُبِ عِلْمٍ فِيهَا آثَارُ السَّلَفِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُصْحَفٍ) أَيْ إذَا بَقِيَ عَلَى الْكُفْرِ لِمَوْتِ الْمُوصِي (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ: وَإِذَا أَوْصَى لِجِهَةٍ عَامَّةٍ إلَخْ، وَالثَّانِيَةُ قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا أَوْصَى لِغَيْرِ جِهَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ) أَيْ عِمَارَةِ الْقُبُورِ (قَوْلُهُ: أَنْ تُبْنَى عَلَى قُبُورِهِمْ الْقِبَابُ) جَعَلَهُ الشَّارِحُ فِي الْجَنَائِزِ مُؤَيِّدًا لِعَدَمِ جَوَازِ حَفْرِ قُبُورِ الصَّالِحِينَ فِي الْمُسَبَّلَةِ، وَعِبَارَتُهُ ثُمَّ قُبَيْلَ الزَّكَاةِ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْمُوَفَّقُ بْنُ حَمْزَةَ فِي مُشْكِلِ الْوَسِيطِ مَا لَمْ يَكُنْ الْمَدْفُونُ صَحَابِيًّا أَوْ مِمَّنْ اُشْتُهِرَتْ وِلَايَتُهُ وَإِلَّا امْتَنَعَ نَبْشُهُ عِنْدَ الِانْمِحَاقِ، وَأَيَّدَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِجَوَازِ الْوَصِيَّةِ لِعِمَارَةِ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ لِمَا فِيهِ مِنْ إحْيَاءِ الزِّيَارَةِ وَالتَّبَرُّكِ. إذْ قَضِيَّتُهُ جَوَازُ عِمَارَةِ قُبُورِهِمْ مَعَ الْجَزْمِ هُنَا بِمَا مَرَّ مِنْ حُرْمَةِ تَسْوِيَةِ الْقَبْرِ وَعِمَارَتِهِ فِي الْمُسَبَّلَةِ. اهـ. وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْجَنَائِزِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ) أَيْ فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (قَوْلُهُ: وَالْمُبَاحَةُ) عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ الْقُرْبَةُ (قَوْلُهُ: فَالْأُسَارَى أَوْلَى) قَضِيَّةُ ذَلِكَ تَخْصِيصُهُ بِمَا لَوْ أَوْصَى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مَا لَمْ يَأْتِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لِلتَّعَبُّدِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ نُزُولِ الْمَارَّةِ عَلَى أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ. أَمَّا إذَا كَانَتْ مَعْصِيَةً فَلَا تَصِحُّ مِنْ مُسْلِمٍ وَلَا كَافِرٍ (كَعِمَارَةِ) أَوْ تَرْمِيمِ (كَنِيسَةٍ) لِلتَّعَبُّدِ أَوْ إسْرَاجِهَا تَعْظِيمًا أَوْ بِكِتَابَةِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَقِرَاءَتِهِمَا أَوْ أَحْكَامِ شَرِيعَةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَكُتُبِ النُّجُومِ وَالْفَلْسَفَةِ وَسَائِرِ الْعُلُومِ الْمُحَرَّمَةِ، وَإِعْطَاءِ أَهْلِ رِدَّةٍ أَوْ حَرْبٍ وَشَمِلَ وَقُودَهَا مَا لَوْ انْتَفَعَ بِهِ مُقِيمٌ أَوْ مُجَاوِرٌ بِهَا بِضَوْئِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إعَانَةً عَلَى تَعَبُّدِهِمْ وَتَعْظِيمِهَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَاخْتَارَهُ جَمْعٌ فَإِنْ قَصَدَ بِهِ انْتِفَاعَهُمْ بِذَلِكَ لَا تَعْظِيمَهَا صَحَّتْ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِشَيْءٍ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ. (أَوْ) أَوْصَى (لِشَخْصٍ) وَاحِدٍ أَوْ مُتَعَدِّدٍ (فَالشَّرْطُ أَنْ) يَكُونَ مُعَيَّنًا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ: أَيْ وَلَوْ بِوَجْهٍ لِمَا يَأْتِي فِي إنْ كَانَ بِبَطْنِهَا ذَكَرٌ. وَاكْتَفَى عَنْهُ بِمَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ لَا يُتَصَوَّرُ لِلْمُبْهَمِ كَأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ مَا دَامَ عَلَى إبْهَامِهِ وَهُوَ مَا يَحْصُلُ بِعَقْدٍ مَالِيٍّ. وَإِنَّمَا صَحَّ أَعْطُوا هَذَا أَحَدَهُمَا؛ لِأَنَّهُ تَفْوِيضٌ لِغَيْرِهِ وَهُوَ إنَّمَا يُعْطِي مُعَيَّنًا، وَمِنْ ثَمَّ صَحَّ قَوْلُهُ لِوَكِيلِهِ بِعْهُ لِأَحَدِهِمَا وَأَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُمْكِنُ أَنْ (يُتَصَوَّرَ لَهُ الْمِلْكُ) وَقْتَ الْوَصِيَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْحَمْلِ وَلِهَذَا لَوْ أَوْصَى لِحَمْلٍ سَيَحْدُثُ لَمْ تَصِحَّ، وَإِنْ حَدَثَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي؛ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ، وَتَمْلِيكُ الْمَعْدُومِ مُمْتَنِعٌ، وَأَنَّهُ لَا مُتَعَلَّقَ لِلْعَقْدِ فِي الْحَالِ فَأَشْبَهَ الْوَقْفَ عَلَى مَنْ سَيُولَدُ لَهُ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالُوا: لَوْ أَوْصَى لِمَسْجِدٍ سَيُبْنَى بَطَلَ: أَيْ وَإِنْ بُنِيَ قَبْلَ مَوْتِهِ فَقَوْلُ جَمْعٍ حَالَ مَوْتِ الْمُوصِي فِيهِ إبْهَامٌ فَخَرَجَ الْمَعْدُومُ وَالْمَيِّتُ وَالْبَهِيمَةُ فِي غَيْرِ مَا يَأْتِي. نَعَمْ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْوَقْفِ أَنَّهُ لَوْ جُعِلَ الْمَعْدُومُ تَبَعًا لِلْمَوْجُودِ كَأَنْ أَوْصَى لِأَوْلَادِ زَيْدٍ الْمَوْجُودِينَ وَمَنْ سَيَحْدُثُ لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ صَحَّتْ تَبَعًا لَهُمْ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الرَّوْضَةِ: الْأَوْلَادُ وَالذُّرِّيَّةُ وَالنَّسْلُ وَالْعَقِبُ وَالْعِتْرَةُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْوَقْفِ، وَاعْتَمَدَ جَمْعٌ الْفَرْقَ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْوَصِيَّةِ أَنْ يُقْصَدَ مَعَهَا مُعَيَّنٌ مَوْجُودٌ، وَلَا كَذَلِكَ الْوَقْفُ؛ لِأَنَّهُ لِلدَّوَامِ الْمُقْتَضِي لِشُمُولِهِ لِلْمَعْدُومِ ابْتِدَاءً، وَقَالَ إنَّهَا لِلتَّمْلِيكِ وَتَمْلِيكُ الْمَعْدُومِ مُمْتَنِعٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ تَعْلِيلًا لِلْمَذْهَبِ مِنْ بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ لِمَا سَتَحْمِلُهُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ. وَلَا يُرَدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ صِحَّتُهَا مَعَ عَدَمِ ذِكْرِ جِهَةٍ وَلَا شَخْصٍ كَأَوْصَيْتُ بِثُلُثِ مَالِي وَيُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، أَوْ بِثُلُثِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِفَكِّ أُسَارَى مُعَيَّنِينَ، وَنَقَلَهُ حَجّ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ وَعِبَارَتُهُ بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْكَلَامُ فِي الْمُعَيَّنِينَ فَلَا يَصِحُّ لِأَهْلِ الْحَرْبِ وَالرِّدَّةِ. اهـ: أَيْ بِفَكِّ أَهْلِ الْحَرْبِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَأْتِ بِمَا يَدُلُّ إلَخْ) أَيْ فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ نُزُولِ الْمَارَّةِ) وَمِنْهُ الْكَنَائِسُ الَّتِي فِي جِهَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ الَّتِي يَنْزِلُهَا الْمَارَّةُ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ بِبِنَائِهَا التَّعَبُّدُ وَنُزُولُ الْمَارَّةِ طَارِئٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَتْ مَعْصِيَةً إلَخْ) أَيْ أَوْ مُكْرَهَةً كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَالْكَرَاهَةُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: أَوْ تَرْمِيمُ كَنِيسَةٍ) هَذَا فِي الْكَنَائِسِ الَّذِي حَدَثَتْ بَعْدَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. أَمَّا مَا وُقِفَ مِنْهَا قَبْلَ نَسْخِ شَرِيعَةِ عِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحُكْمُهَا حُكْمُ مَسَاجِدِنَا، وَلَا تُمَكَّنُ النَّصَارَى مِنْ دُخُولِهَا إلَّا لِحَاجَةٍ بِإِذْنِ مُسْلِمٍ كَمَسَاجِدِنَا، كَذَا نُقِلَ عَنْ إفْتَاءِ السُّبْكِيّ، وَحِينَئِذٍ فَيَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ لِلتَّعَبُّدِ؛ لِأَنَّ، الَّذِينَ يَتَعَبَّدُونَ بِهَا الْآنَ هُمْ الْمُسْلِمُونَ دُونَ غَيْرِهِمْ وَإِنْ سُمِّيَتْ كَنِيسَةً (قَوْلُهُ: أَوْ بِكِتَابَةِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ) أَيْ وَلَوْ غَيْرَ مُبَدَّلَيْنِ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَعْظِيمًا لَهُمْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَصَدَ بِهِ انْتِفَاعَهُمْ) أَيْ الْمُجَاوِرِينَ لَهَا (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ أَوْصَى بِشَيْءٍ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ) أَيْ وَيُرْجَعُ فِي ذَلِكَ إلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ شَيْءٌ عُمِلَ بِالْقَرَائِنِ، فَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ قَرِينَةٌ بَطَلَتْ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ وَالْأَصْلِ مِنْ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَهَا لِتَعْظِيمِهَا. (قَوْلُهُ: وَاكْتَفَى عَنْهُ) أَيْ عَنْ قَوْلِهِ أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا (قَوْلُهُ: صَحَّتْ تَبَعًا لَهُمْ) مُعْتَمَدٌ وَقَوْلُهُ: عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْوَقْفِ خَبَرٌ عَنْ قَوْلِهِ الْأَوْلَادُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَ جَمْعٌ إلَخْ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: كَأَوْصَيْتُ بِثُلُثِ مَالِي) أَيْ فَإِنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يَحْصُلُ بِعَقْدٍ مَالِيٍّ) أَيْ الْمِلْكُ (قَوْلُهُ: فِيهِ إيهَامٌ) أَيْ إيهَامُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ وُجُودُهُ وَقْتَ الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ صَرَّحُوا بِذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ) هَذَا كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُمْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ مَعَ أَنَّهُ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الشَّامِلِ الصَّغِيرِ

لِلَّهِ وَيُصْرَفُ فِي وُجُوهِ الْبَرِّ؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْوَصِيَّةِ أَنْ يُقْصَدَ بِهَا أُولَئِكَ مَكَانُ إطْلَاقِهَا بِمَنْزِلَةِ ذِكْرِهِمْ فَفِيهِ ذِكْرُ جِهَةٍ ضِمْنًا وَبِهَذَا فَارَقَتْ الْوَقْفَ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ ذِكْرِ الْمَصْرِفِ، وَسَيَأْتِي صِحَّتُهَا بِغَيْرِ الْمَمْلُوكِ. وَلَوْ أَشَارَ لِمَمْلُوكٍ غَيْرِهِ بِقَوْلِهِ أَوْصَيْت بِهَذَا ثُمَّ مَلَكَهُ لَمْ تَصِحَّ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مِنْهُمْ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْبُلْقِينِيُّ، لَكِنْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: إنَّ قِيَاسَ الْبَابِ الصِّحَّةُ أَنْ يَصِيرَ مُوصًى بِهِ إذَا مَلَكَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (فَتَصِحُّ لِحَمْلٍ) حُرًّا كَانَ أَوْ رَقِيقًا مِنْ زَوْجٍ أَوْ شُبْهَةٍ أَوْ زِنًا (وَتَنْفُذُ) بِالْمُعْجَمَةِ (إنْ انْفَصَلَ حَيًّا) حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً، وَإِلَّا لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا كَالْإِرْثِ (وَعُلِمَ) أَوْ ظُنَّ (وُجُودُهُ عِنْدَهَا) أَيْ الْوَصِيَّةِ (بِأَنْ انْفَصَلَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) مِنْهَا (فَإِنْ انْفَصَلَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ) مِنْهَا (وَالْمَرْأَةُ فِرَاشُ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ) وَأَمْكَنَ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْ ذَلِكَ الْفِرَاشِ (لَمْ يُسْتَحَقَّ) الْمُوصَى بِهِ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ مِنْ ذَلِكَ الْفِرَاشِ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ فَلَا يُسْتَحَقُّ بِالشَّكِّ، وَكَذَا لَوْ كَانَ بَيْنَ أَوَّلِهِ وَالْوَضْعِ دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ كَانَ مَمْسُوحًا فَهُوَ كَالْمَعْدُومِ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ ظُهُورُ قَوْلِ الْإِمَامِ لَا بُدَّ أَنْ يُمْكِنَ غَشَيَانُ ذِي الْفِرَاشِ لَهَا: أَيْ عَادَةً فَإِنْ أَحَالَتْهُ الْعَادَةُ فَلَا اسْتِحْقَاقَ. (فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِرَاشًا) لِزَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ أَوْ كَانَتْ (وَانْفَصَلَ) لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْهُ وَ (لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ) مِنْ الْوَصِيَّةِ (فَكَذَلِكَ) لَا يُسْتَحَقُّ لِلْعِلْمِ بِحُدُوثِهِ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ (أَوْ لِدُونِهِ) أَيْ دُونَ الْأَكْثَرِ (اُسْتُحِقَّ فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ وُجُودُهُ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ. وَالثَّانِي لَا يُسْتَحَقُّ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ بَعْدَهَا وَاعْتِبَارُ هَذَا الِاحْتِمَالِ فِيمَا تَقَدَّمَ؛ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَصْلِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ إلْحَاقِ الْأَرْبَعِ بِمَا دُونَهَا وَالسِّتَّةِ بِمَا فَوْقَهَا هُوَ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ صَوَّبَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ إلْحَاقَهَا بِمَا دُونَهَا إذْ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ زَمَنٍ يَسَعُ الْوَطْءَ وَالْوَضْعَ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْعِدَدِ فِي مَحَالٍّ أُخَرَ. وَرَدَّهُ الشَّيْخُ بِأَنَّ لَحْظَةَ الْوَطْءِ إنَّمَا اُعْتُبِرَتْ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ الْعُلُوقَ لَا يُقَارِنُ أَوَّلَ الْمُدَّةِ، وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِالْمُقَارَنَةِ، فَالسِّتَّةُ عَلَى هَذَا مُلْحَقَةٌ بِمَا فَوْقَهَا كَمَا قَالُوهُ هُنَا، وَعَلَى الْأَوَّلِ بِمَا دُونَهَا كَمَا قَالُوهُ فِي الْمَحَالِّ الْأُخَرِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ كُلًّا صَحِيحٌ وَأَنَّ التَّصْوِيبَ سَهْوٌ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ وُجُودَ الْفِرَاشِ ثَمَّ وَعَدَمَهُ هُنَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ التَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمَا بِمَا ذُكِرَ، وَالْكَلَامُ كُلُّهُ حَيْثُ عُرِفَ لَهَا فِرَاشٌ سَابِقٌ ثُمَّ انْقَطَعَ، أَمَّا مَنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهَا فِرَاشٌ أَصْلًا ـــــــــــــــــــــــــــــSيَصِحُّ مَعَ عَدَمِ ذِكْرِ مَصْرِفٍ وَيُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُصْرَفُ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ) أَيْ وَلَا يَخْتَصُّ بِالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ (قَوْلُهُ: إنْ قَصَدَ بِهَا أُولَئِكَ) أَيْ مِنْ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَوُجُوهِ الْبِرِّ فَحُمِلَ عَلَيْهِمْ عَلَى مَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي صِحَّتُهَا) ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ وَلَوْ أَشَارَ فَإِنَّهُ مُوصَى بِهِ مَعَ كَوْنِهِ غَيْرَ مَمْلُوكٍ، وَمَعَ ذَلِكَ فَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ إلَى الْمُوصَى بِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْوَصِيَّةِ بِوَقْتِ الْمَوْتِ قَبُولًا وَرَدًّا (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ كَانَ بَيْنَ أَوَّلِهِ) أَيْ الْفِرَاشِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ) أَيْ الْفِرَاشُ كَالْمَعْلُومِ. (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ أَوْ كَانَ مَمْسُوحًا (قَوْلُهُ: لِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَصْلِ) أَيْ بِلَا مُعَارِضٍ، وَعِبَارَةُ ع يُرِيدُ الْأَصْلَ الَّذِي لَمْ يُعَارِضْهُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: حَيْثُ عُرِفَ لَهَا) أَيْ لِمَنْ أَوْصَى ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى الْإِطْلَاقِ، وَعِبَارَةُ: لَا لِأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ: أَيْ فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لَهُ وَمَنْ سَيُوجَدُ (قَوْلُهُ: وَسَتَأْتِي صِحَّتُهَا بِغَيْرِ الْمَمْلُوكِ) كَأَنَّهُ دَفَعَ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يُتَصَوَّرُ لَهُ الْمِلْكُ مِنْ عَدَمِ صِحَّتِهَا بِغَيْرِ الْمَمْلُوكِ، وَلَعَلَّ هَذَا أَوْلَى مِمَّا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ كَانَ بَيْنَ أَوَّلِهِ وَالْوَضْعِ) صَوَابُهُ أَمَّا لَوْ كَانَ إلَخْ، إذْ هُوَ مَفْهُومُ مَا زَادَهْ بِقَوْلِهِ وَأَمْكَنَ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْ ذَلِكَ الْفِرَاشِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ وَانْفَصَلَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) كَذَا فِي التُّحْفَةِ، وَنَازَعَ فِيهِ الشِّهَابُ سم ثُمَّ أَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِلصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ الِانْفِصَالُ لِأَقَلَّ (قَوْلُهُ: عَلَى هَذَا) يَعْنِي مَا بَعْدَ وَإِلَّا وَقَوْلُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ: يَعْنِي مَا قَبْلَهَا (قَوْلُهُ: وَحَاصِلُهُ أَنَّ وُجُودَ الْفِرَاشِ إلَخْ) هَذَا وَمَا بَعْدَهُ لَا يُوَافِقُ

فَلَا اسْتِحْقَاقَ قَطْعًا، وَإِنْ انْفَصَلَ لِأَرْبَعَ فَأَقَلَّ لِانْحِصَارِ الْأَمْرِ حِينَئِذٍ فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ أَوْ الزِّنَا كَمَا أَفَادَهُ السُّبْكِيُّ تَفَقُّهًا، وَنَقَلَهُ غَيْرُهُ عَنْ الْأُسْتَاذِ أَبِي مَنْصُورٍ، وَفِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ مَا يَدُلُّ لَهُ، وَسَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ قُبَيْلَ الْعِدَدِ أَنَّ التَّوْأَمَيْنِ حَمْلٌ وَاحِدٌ فَانْدَفَعَ مَا أَوْرَدَهُ عَلَيْهِ جَمْعٌ، وَهُوَ مَا لَوْ انْفَصَلَ أَحَدُ تَوْأَمَيْنِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ انْفَصَلَ تَوْأَمٌ آخَرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَإِنَّهُ يُسْتَحَقُّ، وَإِنْ انْفَصَلَ لِفَوْقِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَصِيَّةِ، وَتُقْبَلُ الْوَصِيَّةُ لَهُ وَلَوْ قَبْلَ انْفِصَالِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِابْنِ الْمُقْرِي، وَيُؤَيِّدُهُ مَا لَوْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بَلْ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ فِي الْإِقْرَارِ مَا يَقْتَضِي تَرْجِيحَ مَا ذَكَرْنَاهُ. (وَإِنْ) (وَصَّى لِعَبْدٍ) أَوْ أَمَةٍ لِغَيْرِهِ سَوَاءٌ الْمُكَاتَبُ وَغَيْرُهُ (فَاسْتَمَرَّ رِقُّهُ) إلَى مَوْتِ الْمُوصِي (فَالْوَصِيَّةُ لِسَيِّدِهِ) عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي: أَيْ تُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ لِتَصِحَّ، وَمَحِلُّ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِلْعَبْدِ إذْ لَمْ يَقْصِدْ تَمْلِيكَهُ فَإِنْ قَصَدَهُ لَمْ تَصِحَّ كَنَظِيرِهِ فِي الْوَقْتِ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَفَرَّقَ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ هُنَا مُنْتَظَرٌ فَقَدْ يَعْتِقُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي فَيَكُونُ لَهُ أَوَّلًا فَلِسَيِّدِهِ. انْتَهَى. لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي الشِّقِّ الْأَخِيرِ بُطْلَانُ الْوَصِيَّةِ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَضِيَّةُ الْفَرْقِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَقَفْت هَذَا عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَبْدِ فُلَانٍ وَقَصَدَ تَمْلِيكَهُ صَحَّ لَهُ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ مُنْتَظَرٌ، وَيُقَيَّدُ كَلَامُهُمْ بِالْوَقْفِ عَلَى الطَّبَقَةِ الْأُولَى، وَهُوَ مُتَّجَهٌ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ وَيَقْبَلُهَا هُوَ لَا السَّيِّدُ، وَإِنْ نَهَاهُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ مَعَهُ لَا مَعَ سَيِّدِهِ إلَّا إذَا لَمْ يَتَأَهَّلْ الْقِنُّ لِعَجْزٍ أَوْ جُنُونٍ فَيُقْبَلُ هُوَ كَمَا اسْتَوْجَهَهُ شَيْخٌ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ أَجْبَرَهُ السَّيِّدُ عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحْضُ اكْتِسَابٍ كَمَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُمْ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ مَعَهُ وَأَنَّهُ لَوْ أَصَرَّ عَلَى الِامْتِنَاعِ يَأْتِي فِيهِ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ أَوْ لَا ـــــــــــــــــــــــــــــSلِحَمْلِهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ انْفَصَلَ لِأَرْبَعٍ فَأَقَلَّ) أَيْ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ وَلِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ، أَمَّا لَوْ انْفَصَلَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَصِيَّةِ اُسْتُحِقَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِلْقَطْعِ بِأَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ وَقْتِهَا، وَغَايَتُهُ أَنَّهُ مِنْ شُبْهَةٍ أَوْ زِنًا وَقَدْ تَقَدَّمَ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ لِلْحَمْلِ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَتُقْبَلُ الْوَصِيَّةُ لَهُ) أَيْ لِلْحَمْلِ وَالْقَابِلُ لَهَا الْوَلِيُّ عَلَيْهِ بِتَقْدِيرِ انْفِصَالِهِ حَيًّا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الَّذِي يَقْبَلُ لَهُ الْحَاكِمُ مُطْلَقًا لِعَدَمِ تَحَقُّقِهِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ الْجَزْمَ بِمَا اسْتَظْهَرْنَاهُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ أَيْضًا: وَيَقْبَلُ الْوَصِيَّةَ لَهُ وَلِيُّهُ وَلَوْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لَهُ وَقْتَ الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَقْصِدْ) أَيْ الْمُوصِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَصَدَهُ لَمْ تَصِحَّ) أَيْ بَطَلَتْ، فَكَلَامُ السُّبْكِيّ بِشِقَّيْهِ ضَعِيفٌ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ لَمْ يَصِحَّ: أَيْ الْآنَ فَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ، لَكِنْ فِي الزِّيَادِيِّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ: أَيْ يُحْمَلُ عَلَيْهَا لِتَصِحَّ: أَيْ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَإِنْ قَصَدَ تَمْلِيكَهُ بَطَلَتْ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا فَرَّقَ بَيْنَ الْإِطْلَاقِ وَقَصْدِ التَّمْلِيكِ. اهـ. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ هُنَا) أَيْ فِيمَا لَوْ قَصَدَ تَمْلِيكَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا) أَيْ أَوْ لَا يَعْتِقُ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ) أَيْ عَلَى مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ: فِي الشِّقِّ الْأَخِيرِ) هُوَ قَوْلُهُ: أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَقَصَدَ تَمْلِيكَهُ) أَيْ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ) مِنْ كَلَامِ م ر لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْوَقْفِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَلَى الْعَبْدِ نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ كَانَ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ إلَّا أَنْ يُقَيِّدَ مَا فِي الْوَقْفِ بِمَا إذَا اسْتَمَرَّ رِقُّهُ (قَوْلُهُ: لِعَجْزٍ أَوْ جُنُونٍ) عِبَارَةُ حَجّ: لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ، وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ عَدَمِ بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ، ثُمَّ رَأَيْته كَذَلِكَ فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ. (قَوْلُهُ: فَيَقْبَلُ هُوَ) أَيْ السَّيِّدُ، أَمَّا لَوْ كَانَ مُتَأَهِّلًا وَقَبِلَ السَّيِّدِ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِ الْعَبْدِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ، (قَوْلُهُ: يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ) أَيْ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ مِنْ الْقَبُولِ وَالرَّدِّ خَيَّرَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا حَلَّ بِهِ الْمَتْنَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ انْفَصَلَ لِأَرْبَعٍ فَأَقَلَّ) أَيْ وَفَوْقَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لِعَدَمِ فِرَاشٍ حِينَئِذٍ يُحَالُ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْحَمْلَ يَسْتَحِقُّ وَإِنْ كَانَ مِنْ زِنًا أَوْ شُبْهَةٍ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَتُقْبَلُ الْوَصِيَّةُ لَهُ) يَعْنِي مُطْلَقَ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ أَوْ لَا) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ أَوْ الرَّدِّ

وَلَا نَظَرَ هُنَا إلَى عَدَمِ اسْتِحْقَاقِ الْعَبْدِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى كَوْنِهِ مُخَاطَبًا لَا غَيْرُ، وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ الْمِلْكِ يَقَعُ لِلسَّيِّدِ (فَإِنْ عَتَقَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصَى لَهُ) تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ بَعْدَ الْمَوْتِ وَهُوَ حُرٌّ حِينَئِذٍ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ عَتَقَ بِوُجُودِ صِفَةٍ قَارَنَتْ مَوْتَ سَيِّدِهِ إذَا كَانَ هُوَ الْمُوصِيَ مَلَكَ الْمُوصَى بِهِ. وَكَذَا لَوْ قَارَنَ عِتْقُهُ مَوْتَ الْمُوصِي إذَا كَانَ غَيْرَهُ، وَلَوْ عَتَقَ بَعْضُهُ فَقِيَاسُ قَوْلِهِمْ فِي الْوَصِيَّةِ لِمُبَعَّضٍ وَلَا مُهَايَأَةَ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ هُنَا بِقَدْرِ حُرِّيَّتِهِ وَالْبَاقِي لِلسَّيِّدِ، قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَعَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ هُنَا بَيْنَ وُجُودِ مُهَايَأَةٍ وَعَدَمِهَا، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ وُجُودَ الْحُرِّيَّةِ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ اقْتَضَى ذَلِكَ التَّفْصِيلَ بِخِلَافِ طُرُوِّهَا بَعْدَهَا، وَالْعِبْرَةُ فِي الْوَصِيَّةِ لِمُبَعَّضٍ وَثَمَّ مُهَايَأَةٌ بِذِي النَّوْبَةِ يَوْمَ الْمَوْتِ كَيَوْمِ الْقَبْضِ مِنْ الْهِبَةِ (وَإِنْ عَتَقَ بَعْدَ مَوْتِهِ) أَوْ بَاعَهُ (ثُمَّ قَبِلَ بُنِيَ) الْقَوْلُ بِمِلْكِهِ لِلْمُوصَى بِهِ (عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِمَا تُمْلَكُ) وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تُمْلَكُ بِالْمَوْتِ بِشَرْطِ الْقَبُولِ فَتَكُونُ لِلسَّيِّدِ، وَلَوْ بِيعَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلِلْمُشْتَرِي، وَإِلَّا فَلِلْبَائِعِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي قِنٍّ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ، فَلَوْ أَوْصَى لِحُرٍّ فَرَقَّ لَمْ تَكُنْ لِسَيِّدِهِ، بَلْ لَهُ إنْ عَتَقَ، وَإِلَّا فَهِيَ فَيْءٌ وَتَصِحُّ لِقِنِّهِ بِرَقَبَتِهِ. فَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ نُفِّذَتْ فِي ثُلُثِ رَقَبَتِهِ فَيَعْتِقُ وَبَاقِي ثُلُثِ مَالِهِ وَصِيَّةٌ لِمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ وَبَعْضُهُ مِلْكٌ لِلْوَارِثِ وَيُشْتَرَطُ قَبُولُهُ، فَلَوْ قَالَ لَهُ وَهَبْت لَك أَوْ مَلَّكْتُك رَقَبَتَك اُشْتُرِطَ قَبُولُهُ فَوْرًا، إلَّا إنْ نَوَى عِتْقَهُ فَيَعْتِقُ بِلَا قَبُولٍ كَمَا لَوْ قَالَ لِوَصِيِّهِ أَعْتِقْهُ فَفَعَلَ وَلَا تَرْتَدُّ بِرَدِّهِ، فَلَوْ قُتِلَ قَبْلَ إعْتَاقِهِ فَهَلْ يَشْتَرِي بِقِيمَتِهِ مِثْلِهِ كَالْأُضْحِيَّةِ أَوْ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ فِيهِ تَرَدُّدٌ، وَالْأَصَحُّ بُطْلَانُهَا. (وَإِنْ أَوْصَى لِدَابَّةٍ وَقَصَدَ تَمْلِيكَهَا أَوْ أَطْلَقَ فَبَاطِلَةٌ) ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ اللَّفْظِ لِلتَّمْلِيكِ وَهِيَ لَا تُمْلَكُ، وَفَارَقَتْ الْعَبْدَ حَالَةُ الْإِطْلَاقِ بِأَنَّهُ يُخَاطَبُ وَيَتَأَتَّى قَبُولُهُ، وَقَدْ يَعْتِقُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي بِخِلَافِهَا، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ صِحَّةِ الْوَقْفِ عَلَى الْخَيْلِ الْمُسَبَّلَةِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ لَهَا بَلْ أَوْلَى أَيْ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (وَإِنْ) قَصَدَ عَلَفَهَا أَوْ (قَالَ لِيُصْرَفَ فِي عَلَفِهَا) بِفَتْحِ اللَّامِ الْمَأْكُولُ وَبِإِسْكَانِهَا الْمَصْدَرُ، وَنُقِلَ الْأَمْرَانِ عَنْ ضَبْطِهِ (فَالْمَنْقُولُ صِحَّتُهَا) ؛ لِأَنَّ مُؤْنَتَهَا عَلَى مَالِكِهَا فَهُوَ الْمَقْصُودُ بِالْوَصِيَّةِ وَمَعَ ذَلِكَ يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ فِي مُؤْنَتِهَا، فَإِنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ مَالِكَهَا، وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا تَجَمُّلًا أَوْ مُبَاسَطَةً مَلَكَهُ مِلْكًا مُطْلَقًا كَمَا لَوْ دَفَعَ دِرْهَمًا ـــــــــــــــــــــــــــــSالْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ أَبَى حَكَمَ عَلَيْهِ بِإِبْطَالِ الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَتَقَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلَهُ) أَيْ وَإِنْ قَصَدَ الْمُوصِي السَّيِّدُ وَقْتَهَا فَلَا نَظَرَ إلَى ذَلِكَ حَيْثُ صَارَ حُرًّا (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ سَيِّدِهِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ) خَبَرُ قَوْلِهِ فَقِيَاسُ قَوْلِهِمْ وَقَوْلُهُ: بِقَدْرِ حُرِّيَّتِهِ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: اقْتَضَى ذَلِكَ التَّفْصِيلَ) أَيْ بَيْنَ الْمُهَايَأَةِ وَعَدَمِهَا (قَوْلُهُ: كَيَوْمِ الْقَبْضِ) أَيْ فَلَوْ وَقَعَتْ الْهِبَةُ فِي نَوْبَةِ أَحَدِهِمَا وَالْقَبْضُ فِي نَوْبَةِ الْآخَرِ كَانَ الْمَوْهُوبُ لِمَنْ وَقَعَ الْقَبْضُ فِي نَوْبَتِهِ (قَوْلُهُ: فَلِلْمُشْتَرِي) أَيْ لِلْعَبْدِ، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلِلْبَائِعِ أَيْ بِأَنْ بِيعَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ) أَيْ الشَّامِلِ لِلرَّقَبَةِ (قَوْلُهُ: فَيَعْتِقُ) أَيْ الثُّلُثُ (قَوْلُهُ: وَصِيَّةُ لِمَنْ بَعْدَهُ حُرٌّ) وَهُوَ مَنْ عَتَقَ ثُلُثُ رَقَبَتِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا (قَوْلُهُ: يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ) أَيْ بَعْدَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: اُشْتُرِطَ قَبُولُهُ فَوْرًا) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَوْصَيْت لَك بِرَقَبَتِك فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ بَعْدَ الْمَوْتِ. (قَوْلُهُ: وَلَا تَرْتَدُّ) أَيْ الْوَصِيَّةُ، وَقَوْلُهُ: بِرَدِّهِ: أَيْ الْعَبْدِ فِيمَا لَوْ قَالَ لِوَصِيِّهِ أَعْتِقْهُ أَوْ نَوَى بِقَوْلِهِ وَهَبْتُك نَفْسَك أَوْ مَلَّكْتُكهَا إعْتَاقَهَا فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ: قَبْلُ: وَيُشْتَرَطُ قَبُولُهُ، وَقَوْلُهُ: فَلَوْ قُتِلَ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَتَصِحُّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقَصَدَ تَمْلِيكَهَا أَوْ أَطْلَقَ) أَيْ أَطْلَقَ فِي قَصْدِهِ فَلَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا بِقَرِينَةِ مَا سَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا أَطْلَقَ فِي لَفْظِهِ وَقَصَدَ الْعَلَفَ صَحَّتْ، وَإِنْ كَانَ التَّعْلِيلُ رُبَّمَا يَأْبَى هَذَا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَمَعَ ذَلِكَ يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ فِي مُؤْنَتِهَا) عِبَارَةُ الرَّوْضِ ثُمَّ يَتَعَيَّنُ لِعَلَفِهَا

وَلِآخَرَ وَقَالَ اشْتَرِ بِهِ عِمَامَةً مَثَلًا، وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ مَاتَتْ الدَّابَّةُ الَّتِي تَعَيَّنَ الصَّرْفُ فِي مُؤْنَتِهَا وَيَتَوَلَّى الْإِنْفَاقَ عَلَيْهَا الْوَصِيُّ أَوْ نَائِبُهُ ثُمَّ الْقَاضِي أَوْ نَائِبُهُ، فَلَوْ بَاعَهَا مَالِكُهَا انْتَقَلَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْمُشْتَرِي كَمَا فِي الْعَبْدِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ. وَقَالَ الرَّافِعِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ: هِيَ لِلْبَائِعِ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهُوَ الْحَقُّ إنْ انْتَقَلَتْ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَإِلَّا فَالْحَقُّ أَنَّهُ لِلْمُشْتَرِي، وَهُوَ قِيَاسُ الْعَبْدِ فِي التَّقْدِيرَيْنِ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَائِلٌ بِأَنَّهَا لِلْمُشْتَرِي مُطْلَقًا، وَعَلَيْهِ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الدَّابَّةَ يَتَعَيَّنُ الصَّرْفُ لَهَا بِخِلَافِ الْعَبْدِ، لَكِنَّ قَوْلَهُ كَمَا فِي الْعَبْدِ يَقْتَضِي أَنَّهُ قَائِلٌ بِالتَّفْصِيلِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، فَعَلَيْهِ لَوْ قَبِلَ الْبَائِعُ ثُمَّ بَاعَ الدَّابَّةَ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ صَرْفُ، ذَلِكَ لِعَلَفِهَا، وَإِنْ صَارَتْ مِلْكَ غَيْرِهِ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ بُطْلَانَ الْوَصِيَّةِ فِيمَا لَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ مِمَّا يُعْطَى عَلَيْهَا كَفَرَسِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ وَالْحَرْبِيِّ وَالْمُحَارِبِ لِأَهْلِ الْعَدْلِ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ فَالْمَنْقُولُ إلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّهُ يُحْتَمَلُ مَجِيءُ وَجْهٍ بِالْبُطْلَانِ مِنْ الْوَقْفِ عَلَى عَلَفِهَا، وَلَوْ مَاتَ الْمُوصِي قَبْلَ بَيَانِ مُرَادِهِ رُجِعَ إلَى وَارِثِهِ، فَإِنْ قَالَ أَرَادَ الْعَلَفَ صَحَّتْ، وَإِلَّا حَلَفَ وَبَطَلَتْ. فَإِنْ قَالَ لَا أَدْرِي مَا أَرَادَ بَطَلَتْ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْبَيَانِ عَنْ الْعُدَّةِ، وَفِي الشَّافِي لِلْجُرْجَانِيِّ لَوْ قَالَ مَالِكُ الدَّابَّةِ أَرَادَ تَمْلِيكِي وَقَالَ الْوَارِثُ أَرَادَ تَمْلِيكَهَا صَدَقَ الْوَارِثُ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ. (وَتَصِحُّ لِعِمَارَةِ) نَحْوِ (مَسْجِدٍ) وَرِبَاطٍ وَمُدَرِّسَةٍ، وَلَوْ مِنْ كَافِرٍ إنْشَاءً وَتَرْمِيمًا؛ لِأَنَّهَا مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSلِقِنِّهِ بِرَقَبَتِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ) أَيْ فِي أَنَّ مَالِكَهَا يَمْلِكُهُ مِلْكًا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَيَتَوَلَّى الْإِنْفَاقَ عَلَيْهَا الْوَصِيُّ) لَوْ تَوَقَّفَ الصَّرْفُ عَلَى مُؤْنَةٍ كَأَنْ عَجَزَ الْوَصِيُّ وَالْحَاكِمُ عَنْ حَمْلِ الْعَلَفِ وَتَقْدِيمِهِ إلَيْهَا، أَوْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يُخِلُّ بِمُرُوءَتِهِ وَلَمْ يَتَبَرَّعْ بِهَا أَحَدٌ فَهَلْ تَتَعَلَّقُ تِلْكَ الْمُؤْنَةُ بِالْمُوصَى بِهِ فَيُصْرَفُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا تَتِمَّةُ الْقِيَامِ بِتِلْكَ الْوَصِيَّةِ أَوْ تَتَعَلَّقُ بِمَالِك الدَّابَّةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي هُوَ الْأَوَّلُ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَلَوْ أَوْصَى بِعَلَفِ الدَّابَّةِ الَّتِي لَا تَأْكُلُهُ عَادَةً فَهَلْ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ أَوْ يَنْصَرِفُ لِمَالِكِهَا أَوْ يُفَصَّلُ، فَإِنْ كَانَ الْمُوصِي جَاهِلًا بِحَالِهَا بَطَلَتْ أَوْ عَالِمًا انْصَرَفَتْ لِمَالِكِهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالثَّالِثُ غَيْرُ بَعِيدٍ وَلَوْ كَانَ الْعَلَفُ الْمُوصَى بِهِ مِمَّا تَأْكُلُهُ عَادَةً لَكِنْ عَرَضَ لَهَا امْتِنَاعُهَا مِنْ أَكْلِهِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إنْ أَيِسَ مِنْ أَكْلِهَا إيَّاهُ عَادَةً صَارَ الْمُوصَى بِهِ لِلْمَالِكِ كَمَا لَوْ مَاتَتْ وَإِلَّا حُفِظَ إلَى أَنْ يَتَأَتَّى أَكْلُهَا فَلْيُتَأَمَّلْ. انْتَهَى سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ الْحَقُّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: صُرِفَ ذَلِكَ لِعَلَفِهَا) وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا مَرَّ مِنْ التَّفْصِيلِ لِجَوَازِ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ الْبَائِعُ تَمَّ يَصْرِفُهُ عَلَيْهَا، وَفَائِدَةُ كَوْنِهِ مَلَكَهُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَتَوَلَّى صَرْفَهُ، وَأَنَّ الدَّابَّةَ لَوْ مَاتَتْ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْمُوصَى بِهِ شَيْءٌ كَانَ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ بُطْلَانَ الْوَصِيَّةِ) مُعْتَمَدٌ، وَظَاهِرُهُ الْبُطْلَانُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِيَقْطَعَ عَلَيْهَا. قَالَ حَجّ: وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِقَاطِعِ الطَّرِيقِ إلَّا إنْ قَالَ لِيَقْطَعَهَا تَوَقَّفَ الْبُطْلَانُ هُنَا عَلَى قَوْلِهِ لِيَقْطَعَهَا عَلَيْهَا. انْتَهَى. وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ حَجّ قَالَ: وَيُؤَيِّدُهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ الْبُطْلَانِ فِيمَا إذَا أَوْصَى لِجِهَةٍ عَامَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا بِمَعْصِيَةٍ أَوْ مَكْرُوهٍ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِذَاتِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ لَا أَدْرِي) أَيْ الْوَارِثُ (قَوْلُهُ: صَدَقَ الْوَارِثُ) أَيْ فَتَبْطُلُ. (قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ لِعِمَارَةِ نَحْوِ مَسْجِدٍ) بَقِيَ مَا لَوْ قَالَ بِعِمَارَةِ مَسْجِدٍ كَذَا هَلْ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ مَا يُعَمَّرُ بِهِ مَا يُسَمَّى عِمَارَةً عُرْفًا وَهَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى إنْشَاءِ صِيغَةِ وَقْفٍ مِنْهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي حَيْثُ كَانَتْ الْعِمَارَةُ تَرْمِيمًا مِمَّا أَوْصَى بِهِ، أَمَّا لَوْ أَوْصَى بِإِنْشَاءِ مَسْجِدٍ فَاشْتَرَى قِطْعَةَ أَرْضٍ وَبَنَاهَا مَسْجِدًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْوَقْفِ لَهَا وَلِمَا فِيهَا مِنْ الْأَبْنِيَةِ مِنْ الْقَاضِي أَوْ نَائِبِهِ مَسْجِدًا، وَلَوْ كَانَ الْمَسْجِدُ غَيْرَ مُحْتَاجٍ لِمَا أَوْصَى لَهُ بِهِ حَالًا فَيَنْبَغِي حِفْظُ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ حَيْثُ تُوُقِّعَ زَمَانٌ يُمْكِنُ الصَّرْفُ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يُتَوَقَّعْ كَأَنْ كَانَ مُحْكَمَ الْبِنَاءِ بِحَيْثُ لَا يُتَوَقَّعُ لَهُ زَمَانٌ يُصْرَف فِيهِ مَا أَوْصَى بِهِ، فَالظَّاهِرُ بُطْلَانُ الْوَصِيَّةِ وَصَرْفُ مَا عَيَّنَ لَهَا لِلْوَرَثَةِ، وَمُرَادُهُ بِنَحْوِ الْمَسْجِدِ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ عَامَّةٌ كَالْقَنَاطِرِ وَالْجُسُورِ وَالْآبَارِ الْمُسَبَّلَةِ وَغَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ مَاتَ الْمُوصِي) أَيْ فِيمَا إذَا أَطْلَقَ فِي عِبَارَتِهِ

أَفْضَلِ الْقُرَبِ وَلِمَصَالِحِهِ لَا لِمَسْجِدٍ سَيُبْنَى إلَّا تَبَعًا عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ آنِفًا (وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِي الْأَصَحِّ) بِأَنْ قَالَ أَوْصَيْت بِهِ لِلْمَسْجِدِ، وَإِنْ أَرَادَ تَمْلِيكَهُ لِمَا مَرَّ فِي الْوَقْفِ أَنَّهُ حُرٌّ يَمْلِكُ: أَيْ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَتَهُ (وَتُحْمَلُ) الْوَصِيَّةُ حِينَئِذٍ (عَلَى عِمَارَتِهِ وَمَصَالِحِهِ) عَمَلًا بِالْعُرْفِ وَيَصْرِفُهُ النَّاظِرُ لِلْأَهَمِّ وَالْأَصْلَحِ بِاجْتِهَادِهِ وَهِيَ لِلْكَعْبَةِ وَالضَّرِيحِ النَّبَوِيِّ عَلَى سَاكِنِهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ تُصْرَفُ لِمَصَالِحِهِمَا الْخَاصَّةِ بِهِمَا كَتَرْمِيمٍ مَا وَهِيَ مِنْ الْكَعْبَةِ دُونَ بَقِيَّةِ الْحَرَمِ، وَالْأَوْجَهُ أَخْذًا مِمَّا تَقَرَّرَ، وَمِمَّا قَالُوهُ فِي النَّذْرِ لِلْقَبْرِ الْمَعْرُوفِ بِجُرْجَانَ صِحَّتُهَا كَالْوَقْفِ عَلَى ضَرِيحِ الشَّيْخِ الْفُلَانِيِّ، وَتُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ قَبْرِهِ وَالْبِنَاءِ الْجَائِزِ عَلَيْهِ وَمَنْ يَخْدُمُهُ أَوْ يَقْرَأُ عَلَيْهِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا مَرَّ آنِفًا مِنْ صِحَّتِهَا بِبِنَاءِ قُبَّةٍ عَلَى قَبْرِ وَلِيٍّ أَوْ عَالِمٍ، أَمَّا إذَا قَالَ الشَّيْخُ الْفُلَانِيُّ وَلَمْ يَنْوِ ضَرِيحَهُ وَنَحْوَهُ فَهِيَ بَاطِلَةٌ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ تَبْطُلُ كَالْوَصِيَّةِ لِلدَّابَّةِ. (وَ) تَصِحُّ (لِذِمِّيٍّ) وَمُعَاهَدٍ وَمُؤَمَّنٍ وَلِأَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْعَهْدِ لَا بِنَحْوِ مُصْحَفٍ كَمَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ عَلَيْهِمْ (وَكَذَا حَرْبِيٍّ) بِغَيْرِ نَحْوِ سِلَاحٍ (وَمُرْتَدٍّ) حَالَ الْوَصِيَّةِ لَمْ يَمُتْ عَلَى رِدَّتِهِ (فِي الْأَصَحِّ) كَالصَّدَقَةِ أَيْضًا، وَفَارَقَتْ الْوَقْفَ بِأَنَّهُ يُرَادُ لِلدَّوَامِ وَهُمَا مَقْتُولَانِ، وَلَا تَصِحُّ لِأَهْلِ الْحَرْبِ وَالرِّدَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ سُرَاقَةَ وَغَيْرُهُ وَهُوَ قِيَاسُ مَا قَالُوهُ فِي الْوَقْفِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSعِمَارَةُ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ آنِفًا) أَيْ فِي قَوْلِهِ نَعَمْ قِيَاسُ مَا فِي الْوَقْفِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَصْرِفُهُ النَّاظِرُ لِلْأَهَمِّ وَالْأَصْلَحِ) أَيْ فَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ الصَّرْفُ بِنَفْسِهِ بَلْ يَدْفَعُهُ لِلنَّاظِرِ أَوْ لِمَنْ قَامَ مَقَامَ النَّاظِرِ، وَمِنْهُ مَا يَقَعُ الْآنَ مِنْ النَّذْرِ لِإِمَامِنَا الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَوْ غَيْرِهِ مِنْ ذَوِي الْأَضْرِحَةِ الْمَشْهُورَةِ فَيَجِبُ عَلَى النَّاذِرِ صَرْفُهُ لِمُتَوَلِّي الْقِيَامِ بِمَصَالِحِهِ وَهُوَ يَفْعَلُ مَا يَرَاهُ فِيهِ، وَمِنْهُ أَنْ يَصْنَعَ بِذَلِكَ طَعَامًا أَوْ خُبْزًا لِمَنْ يَكُونُ بِالْمَحَلِّ الْمَنْذُورِ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ مِنْ خَدَمَتِهِ الَّذِينَ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ لِقِيَامِهِمْ بِمَصَالِحِهِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ لِلْكَعْبَةِ) لَوْ أَوْصَى بِدَرَاهِمَ لِكِسْوَةِ الْكَعْبَةِ أَوْ الضَّرِيحِ النَّبَوِيِّ وَكَانَا غَيْرَ مُحْتَاجَيْنِ لِذَلِكَ حَالًا وَفِيمَا شَرَطَ مِنْ وَقْفِهِ لِكِسْوَتِهِمَا مَا يَفِي بِذَلِكَ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ وَيُدَّخَرُ مَا أَوْصَى بِهِ أَوْ تُجَدَّدُ بِهِ كِسْوَةٌ أُخْرَى لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّعْظِيمِ (قَوْلُهُ: مَا وَهِيَ) أَيْ سَقَطَ مِنْهَا (قَوْلُهُ: أَوْ يَقْرَأُ عَلَيْهِ) هَلْ الْمُرَادُ مَنْ اعْتَادَ الْقِرَاءَةَ عَلَيْهِ كَالْأَسْبَاعِ الَّتِي اُعْتِيدَ قِرَاءَتُهَا فِي أَوْقَاتٍ مَخْصُوصَةٍ أَوْ لِكُلِّ مَنْ اتَّفَقَتْ قِرَاءَتُهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَادَةٌ بِهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا قَالَ لِلشَّيْخِ الْفُلَانِيِّ) أَيْ أَوْ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَنْوِ ضَرِيحَهُ) وَتُعْلَمُ بِإِخْبَارِهِ (قَوْلُهُ: فَهِيَ بَاطِلَةٌ) شَمِلَ قَوْلَهُ وَلَمْ يَنْوِ مَا لَوْ أَطْلَقَ، وَقِيَاسُ الصِّحَّةِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْمَسْجِدِ الصِّحَّةُ هُنَا، وَيُحْمَلُ عَلَى عِمَارَتِهِ وَنَحْوِهَا. (قَوْلُهُ: لَا بِنَحْوِ مُصْحَفٍ) أَيْ حَيْثُ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ كَافِرًا، أَمَّا لَوْ أَسْلَمَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي تَبَيَّنَ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَلَا تَصِحُّ لِأَهْلِ الْحَرْبِ وَالرِّدَّةِ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى لِشَخْصٍ هُوَ حَرْبِيٌّ فَتَصِحُّ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ. وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ أَوْصَيْت لِفُلَانٍ وَلَمْ يَزِدْ وَكَانَ فِي الْوَاقِعِ حَرْبِيًّا، أَمَّا لَوْ قَالَ أَوْصَيْت لِزَيْدٍ الْحَرْبِيِّ أَوْ الْكَافِرِ أَوْ الْمُرْتَدِّ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِالْمُشْتَقِّ يُؤْذِنُ بِعِلِّيَّةِ مَا مِنْهُ الِاشْتِقَاقُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ أَوْصَيْت لِزَيْدٍ لِحِرَابَتِهِ أَوْ كُفْرِهِ أَوْ رِدَّتِهِ فَتَفْسُدُ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْكُفْرَ حَامِلًا عَلَى الْوَصِيَّةِ. وَقَوْلُهُ: ضَعِيفٌ سَاقِطٌ: أَيْ ضَعْفًا قَوِيًّا كَمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَا لِمَسْجِدٍ سَيُبْنَى) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَصَالِحِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: عَلَى ضَرِيحِ الشَّيْخِ الْفُلَانِيِّ) مُتَعَلِّقٌ بِصِحَّتِهَا، وَعَلَى بِمَعْنَى اللَّامِ كَمَا عَبَّرَ بِهَا فِي التُّحْفَةِ، وَقَوْلُهُ كَالْوَقْفِ اعْتِرَاضٌ (قَوْلُهُ: وَمَنْ يَخْدُمُهُ أَوْ يَقْرَأُ عَلَيْهِ) هَذَا لَا يُنَافِي مَا قَدَّمَهُ أَوَّلَ الْبَابِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا أَوْصَى عَلَى الْعِمَارَةِ وَهَذَا مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا أَوْصَى لِلضَّرِيحِ وَأَطْلَقَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا مَرَّ آنِفًا مِنْ صِحَّتِهَا بِبِنَاءِ قُبَّةٍ عَلَى قَبْرِ وَلِيٍّ أَوْ عَالِمٍ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِحَجِّ وَهُوَ الَّذِي مَرَّ هَذَا فِي كَلَامِهِ، بِخِلَافِ الشَّارِحِ، فَإِنَّ الَّذِي مَرَّ لَهُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا أَوْصَى عَلَى الْعِمَارَةِ

وَكَذَا لِمَنْ يَرْتَدُّ أَوْ يُحَارِبُ، وَالثَّانِي لَا إذْ يُقْتَلَانِ. (وَقَاتِلٌ فِي الْأَظْهَرِ) بِأَنْ يُوصِيَ لِشَخْصٍ فَيَقْتُلُهُ هُوَ أَوْ سَيِّدُهُ وَلَوْ عَمْدًا فَهُوَ قَاتِلٌ بِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ بِعَقْدٍ، فَأَشْبَهَتْ الْهِبَةَ لَا الْإِرْثَ، وَخَبَرُ «لَيْسَ لِلْقَاتِلِ وَصِيَّةٌ» ضَعِيفٌ سَاقِطٌ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ بِحَقٍّ أَمْ بِغَيْرِهِ: وَالثَّانِي لَا كَالْإِرْثِ، فَإِنْ أَوْصَى لِمَنْ يَقْتُلُهُ تَعَدِّيًا لَمْ تَصِحَّ؛ لِأَنَّهَا مَعْصِيَةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُؤْخَذُ مِنْهَا صِحَّةُ وَصِيَّةِ الْحَرْبِيِّ لِمَنْ يَقْتُلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَمِثْلُهُ مَنْ أَوْصَى لِمَنْ يَقْتُلُهُ بِحَقٍّ، وَلَا تَصِحُّ لِمَنْ يَقْتُلُهُ إلَّا إنْ جَازَ قَتْلُهُ، وَتَصِحُّ لِقَاتِلِ فُلَانٍ بَعْدَ الْقَتْلِ لَا قَبْلَهُ إلَّا إنْ جَازَ قَتْلُهُ. (وَلِوَارِثٍ فِي الْأَظْهَرِ إنْ أَجَازَ بَاقِي الْوَرَثَةِ) الْمُطْلَقِينَ التَّصَرُّفَ، وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ إنَّ إجَازَتَهُمْ تَنْفِيذُ لَا ابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ، وَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِبَعْضِ الثُّلُثِ لِلْخَبَرِ بِذَلِكَ، وَإِسْنَادُهُ صَالِحٌ، وَبِهِ يُخَصُّ الْخَبَرُ الْآخَرُ «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» وَالْحِيلَةُ فِي أَخْذِهِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى إجَازَةِ أَنْ يُوصِيَ لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ: أَيْ وَهُوَ ثُلُثٌ فَأَقَلُّ إنْ تَبَرَّعَ لِوَلَدِهِ بِخَمْسِمِائَةٍ أَوْ بِأَلْفَيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَإِذَا قَبِلَ وَأَدَّى لِلِابْنِ مَا شَرَطَ عَلَيْهِ أَخَذَ الْوَصِيَّةَ وَلَمْ يُشَارِكْ بَقِيَّةَ الْوَرَثَةِ الِابْنُ فِيمَا حَصَلَ لَهُ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ لَا تَصِحُّ لَهُ، وَقَيَّدَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ الْوَارِثَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالْخَاصِّ احْتِرَازًا عَنْ الْعَامِّ كَوَصِيَّةِ مَنْ لَا يَرِثُهُ، إلَّا بَيْتَ الْمَالِ بِالثُّلُثِ فَأَقَلُّ فَتَصِحُّ قَطْعًا وَلَا يُحْتَاجُ إلَى إجَازَةِ الْإِمَامِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْوَارِثَ جِهَةُ الْإِسْلَامِ لَا خُصُوصُ الْمُوصَى لَهُ فَلَا يُحْتَاجُ لِلِاحْتِرَازِ عَنْهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِي إرْثِ بَيْتِ الْمَالِ، وَسَيَأْتِي أَنَّ الْإِمَامَ يَتَعَذَّرُ إجَازَتُهُ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْمُسْلِمِينَ، وَإِجَازَةُ وَلِيِّ الْمَحْجُورِ بَاطِلَةٌ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا يَضْمَنُ بِهَا إلَّا إنْ أُقْبِضَ. نَعَمْ تَوَقَّفَ إلَى تَأَهُّلِهِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ جَمْعٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَدْ أَفْتَيْت بِالْبُطْلَانِ فِيمَا لَا أُحْصِي وَانْتَصَرَ لَهُ غَيْرُهُ لِعِظَمِ ضَرَرِ الْوَقْفِ، لَا سِيَّمَا فِيمَنْ أَوْصَى بِكُلِّ مَالِهِ وَلَهُ طِفْلٌ مُحْتَاجٌ فَقَدْ رُدَّ بِأَنَّ التَّصَرُّفَ وَقَعَ صَحِيحًا فَلَا مُسَوِّغَ لِإِبْطَالِهِ، وَلَيْسَ فِي هَذَا إضْرَارٌ لِإِمْكَانِ الِاقْتِرَاضِ عَلَيْهِ وَلَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إلَى كَمَالِهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْقَاضِي فِي حَالَةِ الْوَقْفِ يَعْمَلُ فِي بَقَائِهِ وَبَيْعِهِ، وَإِيجَارِهِ بِالْأَصْلَحِ، وَمِنْ الْوَصِيَّةِ إبْرَاؤُهُ وَهِبَتُهُ وَالْوَقْفُ عَلَيْهِ. نَعَمْ لَوْ وَقَفَ عَلَيْهِمْ مَا يَخْرُجُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَفْهَمَهُ سَاقِطٌ، وَقَوْلُهُ: إلَّا إنْ جَازَ قَتْلُهُ: أَيْ الْمُوصِي. (وَقَوْلُهُ: بَعْدَ الْقَتْلِ) : أَيْ بَعْدَ حُصُولِ سَبَبِ الْقَتْلِ كَأَنْ جَرَحَهُ إنْسَانٌ وَلَوْ عَمْدًا ثُمَّ أَوْصَى لِلْجَارِحِ وَمَاتَ الْمُوصِي وَقَبِلَ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ، أَوْ لِمَنْ حَصَل مِنْهُ الْقَتْلُ بِالْفِعْلِ ثُمَّ قَالَ آخَرُ: أَوْصَيْت لِلَّذِي قَتَلَ فُلَانًا بِكَذَا، فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ قَوْلِهِ لِلَّذِي قَتَلَ فُلَانًا تَعْيِينُ الْمُوصَى لَهُ لَا حَمْلُهُ عَلَى مَعْصِيَةٍ. (قَوْلُهُ: وَالْحِيلَةُ فِي أَخْذِهِ) أَيْ الْوَارِثِ، وَقَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى إجَازَةٍ: أَيْ مِنْ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ (قَوْلُهُ: إنْ تَبَرَّعَ لِوَلَدِهِ) أَيْ لِوَلَدِ الْمُوصِي (قَوْلُهُ: كَوَصِيَّةِ مَنْ لَا يَرِثُهُ) أَيْ لِأَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْتَاجُ لِلِاحْتِرَازِ عَنْهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَارِثٍ، فَالْوَصِيَّةُ وَصِيَّةٌ لِغَيْرِ وَارِثٍ، وَهِيَ إذَا خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يَضْمَنُ بِهَا) أَيْ الْإِجَازَةِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ الْوَصِيَّةِ إبْرَاؤُهُ) أَيْ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ: وَالْوَقْفُ عَلَيْهِ) أَيْ فَتَتَوَقَّفُ صِحَّتُهَا عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQكَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ مَنْ أَوْصَى لِمَنْ يَقْتُلُهُ بِحَقٍّ) لَعَلَّ صُورَتَهُ أَنَّهُ قَالَ: أَوْصَيْت لِمَنْ يَقْتُلُنِي بِحَقٍّ حَتَّى لَا يَتَكَرَّرَ مَعَ مَا بَعْدَهُ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: كَوَصِيَّةِ مَنْ لَا يَرِثُهُ إلَّا بَيْتِ الْمَالِ بِالثُّلُثِ) أَيْ لِمُسْتَحِقٍّ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا بَعْدَهُ وَيُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الشِّهَابِ سم فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي حَوَاشِيهِ عَلَى شَرْحِ الْمَنْهَجِ أَنَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ أَوْصَى لِبَيْتِ الْمَالِ إذْ يَتَّحِدُ حِينَئِذٍ الْمُوصَى لَهُ وَالْمُجِيزُ (قَوْلُهُ: لَا خُصُوصَ الْمُوصَى لَهُ) قَالَ الشِّهَابُ سم: إنْ أَرَادَ لَا خُصُوصَهُ فَقَطْ مَعَ تَسْلِيمِ أَنَّهُ وَارِثٌ لَمْ يُفِدْ أَوَّلًا خُصُوصَهُ مُطْلَقًا فَهُوَ مَمْنُوعٌ، قَالَ: نَعَمْ يُمْكِنُ الِاعْتِذَارُ بِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ لَمَّا لَمْ يَجِبْ الصَّرْفُ إلَيْهِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ تُوقَفُ) يَعْنِي الْوَصِيَّةَ (قَوْلُهُ: يَعْمَلُ فِي بَقَائِهِ وَبَيْعِهِ وَإِجَارَتِهِ بِالْأَصْلَحِ) أَيْ وَإِذَا بَاع أَوْ أَجَّرَ أَبْقَى الثَّمَنَ أَوْ الْأُجْرَةَ إلَى كَمَالِ الْمَحْجُورِ، فَإِنْ أَجَازَ دُفِعَ ذَلِكَ لِلْمُوصَى لَهُ وَإِلَّا قُسِمَ

مِنْ الثُّلُثِ عَلَى قَدْرِ نَصِيبِهِمْ نُفِّذَ مِنْ غَيْرِ إجَازَةٍ فَلَيْسَ لَهُمْ نَقْضُهُ كَمَا مَرَّ فِي الْوَقْفِ، وَلَا بُدَّ لِصِحَّةِ الْإِجَازَةِ مِنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِ الْمُجَازِ أَوْ عَيْنِهِ، فَإِنْ ظَنَّ كَثْرَةَ التَّرِكَةِ فَبَانَ قِلَّتُهَا فَسَيَأْتِي، فَلَوْ أَجَازَ عَالِمًا بِمِقْدَارِ التَّرِكَةِ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ مُشَارِكٌ فِي الْإِرْثِ وَقَالَ إنَّمَا أَجَزْت ظَانًّا حِيَازَتِي لَهُ بَطَلَتْ الْإِجَازَةُ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ وَيُشْبِهُ بُطْلَانُهَا فِي نِصْفِ نَصِيبِ نَفْسِهِ وَلِلْمُوصَى لَهُ تَحْلِيفُهُ عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ بِشَرِيكِهِ فِيهِ (وَلَا عِبْرَةَ بِرَدِّهِمْ، وَإِجَازَتِهِمْ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي) إذْ لَا حَقَّ لَهُمْ حِينَئِذٍ لِاحْتِمَالِ بُرْئِهِ وَمَوْتِهِمْ بَلْ بَعْدَ مَوْتِهِ فِي الْوَاقِعِ، وَإِنْ ظَنَّهُ قَبْلَهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِيمَنْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَجَزَمَ بَعْضُهُمْ بِبُطْلَانِ الْقَبُولِ قَبْلَ الْعِلْمِ بِمَوْتِ الْمُوصِي، وَإِنْ بَانَ بَعْدَهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ. (وَالْعِبْرَةُ فِي كَوْنِهِ وَارِثًا بِيَوْمِ الْمَوْتِ) أَيْ وَقْتَهُ فَلَوْ أَوْصَى لِأَخِيهِ فَحَدَثَ لَهُ ابْنٌ قَبْلَ مَوْتِهِ فَوَصِيَّةٌ لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ لَهُ ابْنٌ ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ قَبْلَهُ أَوْ مَعَهُ فَوَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ (وَالْوَصِيَّةُ لِكُلِّ وَارِثٍ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ) مُشَاعًا مِنْ نِصْفٍ وَرُبُعٍ وَنَحْوِهِمَا بِحَسَبِ فَرْضِهِ (لَغْوٌ) ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ بِدُونِهَا (وَبِعَيْنٍ هِيَ قَدْرُ حِصَّتِهِ) كَأَنْ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَدَارًا وَقِنًّا قِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ فَخَصَّ كُلًّا بِوَاحِدٍ (صَحِيحَةٌ وَتَفْتَقِرُ إلَى الْإِجَازَةِ فِي الْأَصَحِّ) لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِالْأَعْيَانِ وَلِذَا صَحَّتْ بِبَيْعِ عَيْنٍ مِنْ مَالِهِ لِزَيْدٍ، وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ الْأَعْيَانُ مِثْلِيَّةً أَمْ لَا، وَالثَّانِي لَا تَفْتَقِرُ لِذَلِكَ، وَلَوْ أَوْصَى لِلْفُقَرَاءِ بِشَيْءٍ امْتَنَعَ عَلَى الْوَصِيِّ إعْطَاءُ شَيْءٍ مِنْهُ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ وَلَوْ فُقَرَاءَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ. وَلِلْمُوصَى بِهِ شُرُوطٌ مِنْهَا كَوْنُهُ قَابِلًا لِلنَّقْلِ بِالِاخْتِيَارِ، فَلَا تَصِحُّ بِنَحْوِ قَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، وَتَصِحُّ بِهِ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَالْعَفْوُ عَنْهُ فِي الْمَرَضِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَحَكَاهُ عَنْ تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ، وَلَا بِحَقٍّ تَابِعٍ لِلْمِلْكِ كَخِيَارٍ وَشُفْعَةٍ لِغَيْرِ مَنْ هِيَ عَلَيْهِ لَا يُبْطِلُهَا التَّأْخِيرُ لِنَحْوِ تَأْجِيلِ الثَّمَنِ وَكَوْنِهِ مَقْصُودًا بِأَنْ يَحِلَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSإجَازَةِ الْوَرَثَةِ وَالْكَلَامُ فِي التَّبَرُّعَاتِ الْمُنْجَزَةِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ أَوْ الْمُعَلَّقَةِ بِهِ. أَمَّا مَا وَقَعَ مِنْهُ فِي الصِّحَّةِ فَيَنْفُذُ مُطْلَقًا وَلَا حُرْمَةَ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ حِرْمَانَ الْوَرَثَةِ كَمَا يَأْتِي فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَيُشْبِهُ بُطْلَانُهَا فِي نِصْفِ نَصِيبِ نَفْسِهِ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُهُ، وَلَعَلَّهُ أَنَّهُ لَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ مُشَارِكٌ بَطَلَ فِي حِصَّةِ الْمُشَارِكِ لِعَدَمِ صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ فِي مَالِ غَيْرِهِ وَفِي نِصْفِ حِصَّتِهِ لِتَبَيُّنِ أَنَّ ظَنَّ اسْتِحْقَاقِهِ لِلْكُلِّ غَيْرُ مُطَابِقٍ لِلْوَاقِعِ وَأَنَّهُ يَمْلِكُ النِّصْفَ فَقَطْ فَقُلْنَا بِالْبُطْلَانِ فِيمَا زَادَ عَلَى مَا ظَنَّهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ظَنَّهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الرَّدِّ وَالْإِجَازَةِ قَبْلَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَحَدَثَ لَهُ) أَيْ لِلْمُوصِي (قَوْلُهُ: فَوَصِيَّةٌ لِأَجْنَبِيٍّ) أَيْ فَتَصِحُّ إنْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ بِلَا إجَازَةٍ وَتَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا وَعَلَيْهِ إنْ لَمْ تُخْرَجْ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ بِدُونِهَا) وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُؤَكِّدٌ لِلْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ لَا مُخَالِفَ لَهُ بِخِلَافِ تَعَاطِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ. اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلِذَا صَحَّتْ بِبَيْعِ عَيْنٍ مِنْ مَالِهِ) أَيْ وَيَتَعَيَّنُ عَلَى الْوَارِثِ ذَلِكَ حَيْثُ قَبِلَ زَيْدٌ الشِّرَاءَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالْوَصِيَّةِ لَهُ غَرَضُ الْمُوصِي كَالرِّفْقِ بِهِ أَوْ بُعْدِ مَالِهِ عَنْ الشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ الْأَعْيَانُ مِثْلِيَّةً أَمْ لَا) عِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: وَإِنَّمَا يَظْهَرُ الِافْتِقَارُ إلَى الْإِجَازَةِ إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيمَةِ. أَمَّا الْمِثْلِيَّاتُ كَثَلَاثَةِ آصُعٍ حِنْطَةً أَوْصَى بِصَاعٍ مِنْهَا لِابْنَتِهِ وَبِصَاعَيْنِ لِابْنِهِ وَلَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُمَا فَتَصِحُّ، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى الْإِجَازَةِ إذَا كَانَتْ الْآصُعُ مُخْتَلِطَةً مُتَّحِدَةَ النَّوْعِ وَقَسَّمَهَا ثُمَّ أَوْصَى أَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُخْتَلِطَةٍ وَلَكِنَّهَا مُتَّحِدَةُ الْجِهَةِ. اهـ. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الشَّارِحِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ: مِثْلِيَّةً عَلَى مَا لَوْ اخْتَلَفَتْ صِفَتُهَا بِحَيْثُ تَخْتَلِفُ الْأَغْرَاضُ فِيهَا. (قَوْلُهُ: وَالْعَفْوُ عَنْهُ) أَيْ وَيَصِحُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا يُبْطِلُهَا) أَيْ أَمَّا الَّتِي يُبْطِلُهَا التَّأْخِيرُ فَلَا يُتَصَوَّرُ الْوَصِيَّةُ بِهَا؛ لِأَنَّ اشْتِغَالَهُ بِالْوَصِيَّةِ يُفَوِّتُ الشُّفْعَةَ فَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ يُوصَى بِهِ (قَوْلُهُ: وَكَوْنُهُ مَقْصُودًا) ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى الْوَرَثَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فِي نِصْفِ نَصِيبِ نَفْسِهِ) لَعَلَّهُ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُوصَى بِهِ النِّصْفَ وَالْمُشَارِكُ مُشَارِكٌ بِالنِّصْفِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَانَ) أَيْ الْقَبُولُ بَعْدَهُ أَيْ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ وَالْعَفْوُ عَنْهُ) أَيْ يَصِحُّ

الِانْتِفَاعُ بِهِ شَرْعًا. (وَتَصِحُّ بِالْحَمْلِ) الْمَوْجُودِ وَاللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ وَبِكُلِّ مَجْهُولٍ وَمَعْجُوزٍ عَنْ تَسْلِيمِهِ وَتَسَلُّمِهِ (وَيُشْتَرَطُ) لِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ بِهِ (انْفِصَالُهُ حَيًّا لِوَقْتٍ يُعْلَمُ وُجُودُهُ عِنْدَهَا) أَيْ الْوَصِيَّةِ. أَمَّا فِي الْآدَمِيِّ فَسَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ لَهُ. وَأَمَّا فِي غَيْرِهِ فَيُرْجَعُ لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ فِي مُدَّةِ حَمْلِهِ، وَلَوْ انْفَصَلَ حَمْلُ الْآدَمِيِّ بِجِنَايَةٍ مَضْمُونَةٍ نُفِّذَتْ الْوَصِيَّةُ فِيمَا ضَمِنَ بِهِ بِخِلَافِ حَمْلِ الْبَهِيمَةِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ أُمِّهِ وَلَا تَعَلَّقَ لِلْمُوصَى لَهُ بِشَيْءٍ مِنْهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يُفَرِّقُوا فِيمَا مَرَّ فِي الْمُوصَى لَهُ بَيْنَ الْمَضْمُونِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِيهِ عَلَى أَهْلِيَّةِ الْمِلْكِ كَمَا مَرَّ، وَيَقْبَلُهَا الْوَلِيُّ وَلَوْ قَبْلَ الْوَضْعِ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ، وَتَعْبِيرُهُمْ بِالْحَيِّ لِلْغَالِبِ، إذْ لَوْ ذُبِحَتْ الْمُوصَى بِحَمْلِهَا فَوُجِدَ بِبَطْنِهَا جَنِينٌ حَلَّتْهُ ذَكَاتُهَا، وَعُلِمَ وُجُودُهُ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ مَلَكَهُ الْمُوصَى لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (وَبِالْمَنَافِعِ) الْمُبَاحَةِ وَحْدَهَا مُؤَبَّدَةً وَمُطْلَقَةً وَلَوْ لِغَيْرِ الْمُوصَى لَهُ بِالْعَيْنِ؛ لِأَنَّهَا أَمْوَالٌ تُقَابَلُ بِالْعِوَضِ كَالْأَعْيَانِ، وَيُمْكِنُ لِصَاحِبِ الْعَيْنِ الْمَسْلُوبَةِ الْمَنْفَعَةِ تَحْصِيلُهَا، فَلَوْ رَدَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ الْوَصِيَّةَ انْتَقَلَتْ لِلْوَرَثَةِ لَا لِلْمُوصَى لَهُ بِالْعَيْنِ. (وَكَذَا) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (بِثَمَرَةٍ أَوْ حَمْلٍ سَيَحْدُثَانِ) ثَنَاهُ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ قَدْ يُرَادُ بِهِ الْحَيَوَانُ ضِدُّ الثَّمَرَةِ فَانْدَفَعَ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْأَوْلَى تَعْبِيرُهُ بِسَيَحْدُثُ (فِي الْأَصَحِّ) لِاحْتِمَالِ الْوَصِيَّةِ وُجُوهًا مِنْ الْغَرَرِ رِفْقًا بِالنَّاسِ فَصَحَّتْ بِالْمَعْدُومِ كَالْمَجْهُولِ وَلَا حَقَّ لَهُ فِي الْمَوْجُودِ عِنْدَهَا بِأَنْ وَلَدَتْهُ الْآدَمِيَّةُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْهَا مُطْلَقًا: أَوْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ وَلَيْسَتْ فِرَاشًا أَوْ الْقِيمَةُ لِزَمَنٍ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ إنَّهُ مَوْجُودٌ عِنْدَهَا. وَالثَّانِي الْمَنْعُ إذْ التَّصَرُّفُ يَسْتَدْعِي مُتَصَرَّفًا فِيهِ وَلَمْ يُوجَدْ: وَالثَّالِثُ تَصِحُّ بِالثَّمَرَةِ دُونَ الْحَمْلِ؛ لِأَنَّهَا تَحْدُثُ مِنْ غَيْرِ إحْدَاثِ أَمْرٍ فِي أَصْلِهَا بِخِلَافِ الْوَلَدِ، وَيَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ بِدَابَّةٍ نَحْوُ صُوفٍ وَلَبَنٍ مَوْجُودٍ عِنْدَهَا خِلَافًا لِمَا فِي التَّدْرِيبِ، وَبِشَجَرَةٍ مَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِهَا مِنْ غَيْرِ الْمُتَأَبَّرِ مَثَلًا عِنْدَ الْوَصِيَّةِ، وَيَجِبُ إبْقَاؤُهُ إلَى الْجِذَاذِ وَنَظِيرُ اعْتِبَارِ الْوَصِيَّةِ هُنَا مَا لَوْ أَوْصَى لِأَوْلَادِ فُلَانٍ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ الْمُنْفَصِلَ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ لَا الْمُنْفَصِلَ بَعْدَهَا، بِخِلَافِ الْوَقْفِ فَإِنَّهُ يُرَادُ لِلدَّوَامِ كَمَا مَرَّ، وَهِيَ بِمَا تَحْمِلُهُ لِكُلِّ عَامٍ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَسَكَتَ عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ؛ لِأَنَّ مَا لِلْعُمُومِ. وَإِذَا اسْتَحَقَّ الثَّمَرَةَ فَاحْتَاجَتْ هِيَ أَوْ أَصْلُهَا لِلسَّقْيِ لَمْ يَلْزَمْ وَاحِدًا مِنْهُمَا، وَالْأَوْجَهُ مَجِيءُ مَا مَرَّ آخِرَ فَرْعٍ بَاعَ شَجَرَةً هُنَا. (وَبِأَحَدِ عَبْدَيْهِ) مَثَلًا ـــــــــــــــــــــــــــــSعَبَّرَ عَنْهُ فِي الْمَنْهَجِ بِمُبَاحٍ وَبِقَوْلِ الشَّارِحِ بِأَنْ يَحِلَّ إلَخْ عُلِمَ أَنَّهُمَا مُتَسَاوِيَانِ. (قَوْلُهُ: وَبِكُلِّ مَجْهُولٍ) أَيْ وَيَرْجِعُ فِي تَفْسِيرِهِ لِلْوَارِثِ إنْ لَمْ يُبَيِّنْهُ الْمُوصِي (قَوْلُهُ: فَيَرْجِعُ لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ) أَيْ لِقَوْلِ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: فِيمَا ضَمِنَ بِهِ) وَهُوَ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْمَضْمُونِ وَغَيْرِهِ) كَحَمْلِ الْمُرْتَدَّةِ مِنْ مُرْتَدٍّ حَيْثُ أَسْلَمَ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ أَحَدُ أُصُولِهِ (قَوْلُهُ: وَيَقْبَلُهَا الْوَلِيُّ) الْأَوْلَى الْمُوصَى لَهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْحَمْلِ الْمُوصَى بِهِ فَإِنَّ الْمُوصَى لَهُ قَدْ تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَبِالْمَنَافِعِ الْمُبَاحَةِ) كَخِدْمَةِ الْعَبْدِ لِلْمُوصَى لَهُ، وَقَوْلُهُ: مُؤَبَّدَةً أَيْ دَائِمًا، وَقَوْلُهُ: وَمُطْلَقَةً: أَيْ وَيُحْمَلُ عَلَى التَّأْبِيدِ: أَيْ وَمُقَيَّدَةً أَيْضًا كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحَمْلَ قَدْ يُرَادُ بِهِ الْحَيَوَانُ) دَفَعَ بِهِ مَا قِيلَ: إنَّ الْحَمْلَ أَعَمُّ مِنْ الثَّمَرَةِ فَلَا يَصِحُّ تَثْنِيَةُ الضَّمِيرِ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ التَّثْنِيَةِ بَعْدَ الْعَطْفِ بِأَوْ وُقُوعُهَا بَيْنَ ضِدَّيْنِ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ إذَا أُرِيدَ بِالْحَمْلِ الْحَيَوَانُ كَانَ مُبَايِنًا لِلثَّمَرَةِ فَتَتَعَيَّنُ التَّثْنِيَةُ، فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الثَّمَرَةَ امْتَنَعَتْ التَّثْنِيَةُ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم عَلَى حَجّ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ سَيَحْدُثَانِ اعْتَمَدَ ابْنُ هِشَامٍ وُجُوبَ الْمُطَابَقَةِ بَعْدَ أَوْ الَّتِي لِلتَّنْوِيعِ وَقَدْ يَدَّعِي هُنَا أَنَّهَا لَهُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فِرَاشًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ) أَيْ اثْنَانِ مِنْهُمْ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: مَوْجُودٌ عِنْدَهَا) أَيْ فَإِذَا مَاتَ الْمُوصِي وَقَبِلَ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ اسْتَحَقَّ الْحَمْلَ وَالصُّوفَ اللَّذَيْنِ كَانَا مَوْجُودَيْنِ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ، بِخِلَافِ الْحَادِثَيْنِ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ وَقَبْلَ الْمَوْتِ فَإِنَّهُمَا لِلْوَارِثِ. (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ إبْقَاؤُهُ) أَيْ بِخِلَافِ الثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ وَقْتَ الْوَصِيَّةِ وَالْحَادِثَةِ بَعْدَهَا قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي فَإِنَّهَا لِلْوَارِثِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ الْوَصِيَّةُ (قَوْلُهُ: بِمَا تَحْمِلُهُ) أَيْ كُلٍّ مِنْ الدَّابَّةِ وَالشَّجَرَةِ وَقَوْلُهُ: لِكُلِّ عَامٍ خَبَرٌ لِقَوْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَقْبَلُهَا إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَيَصِحُّ الْقَبُولُ قَبْلَ الْوَضْعِ

وَيُعَيِّنُهُ الْوَارِثُ؛ لِأَنَّهَا تَحْتَمِلُ الْجَهَالَةَ فَالْإِبْهَامُ أَوْلَى، وَإِنَّمَا لَمْ تَصِحَّ لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ فِي الْمُوصَى بِهِ لِكَوْنِهِ تَابِعًا مَا لَا يَحْتَمِلُ فِي الْمُوصَى لَهُ وَمِنْ ثَمَّ صَحَّتْ بِحَمْلٍ سَيَحْدُثُ لَا لِحَمْلٍ سَيَحْدُثُ. (وَبِنَجَاسَةٍ يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهَا) لِثُبُوتِ الِاخْتِصَاصِ فِيهَا وَانْتِقَالِهَا بِالْإِرْثِ وَالْهِبَةِ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهَا عَمَّا لَا يَحِلُّ كَخِنْزِيرٍ وَكَلْبٍ عَقُورٍ وَخَمْرَةٍ غَيْرِ مُحْتَرَمَةٍ لِحُرْمَةِ اقْتِنَائِهَا الْمُنَافِي لِمَقْصُودِ الْوَصِيَّةِ بِخِلَافِ مَا يَحِلُّ (كَكَلْبِ مُعَلَّمٍ) وَجِرْوٍ قَابِلٍ لِلتَّعْلِيمِ لِحِلِّ اقْتِنَائِهِمَا كَكَلْبٍ يَحْرُسُ الدُّورَ، وَيُؤْخَذُ مِنْ حِلِّ اقْتِنَاءِ قَابِلِ التَّعْلِيمِ حِلُّ الِاقْتِنَاءِ لِمَنْ يُرِيدُ تَعَلُّمَ الصَّيْدِ حَالًا، وَهُوَ قَابِلٌ لِذَلِكَ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ الْمُوصَى لَهُ صَاحِبَ زَرْعٍ وَلَا مَاشِيَةٍ وَنَحْوِهِمَا وَهُوَ كَذَلِكَ فَتَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لَهُ بِهَا كَمَا اعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِتَمَكُّنِهِ مِنْ نَقْلِ يَدِهِ لِمَنْ لَهُ اقْتِنَاؤُهُ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ، وَلَوْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ مِنْ أَهْلِ بَعْضِهَا فَهَلْ يَتَعَيَّنُ مَا يَصِحُّ لَهُ أَوْ يَتَخَيَّرُ الْوَارِثُ؟ وَجْهَانِ أَرْجَحُهُمَا ثَانِيهِمَا، كَمَا أَشْعَرَ بِتَرْجِيحِهِ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ أَوْفَقُ لِكَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ (وَزِبْلٌ) وَلَوْ مِنْ مُغَلَّظٍ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ لِتَسْمِيدِ الْأَرْضِ وَالْوَقُودِ، وَمَيْتَةٌ لِإِطْعَامِ الْجَوَارِحِ وَلَوْ مَيْتَةَ كَلْبٍ أَوْ خِنْزِيرٍ (وَخَمْرٌ مُحْتَرَمَةٌ) وَهِيَ مَا عُصِرَتْ لَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ اسْتَحْكَمَتْ الْخَمْرُ وَأَيِسَ مِنْ عَوْدِهَا خَلًّا إلَّا بِصُنْعِ إدَامٍ فَتَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِهَا خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ مُحْتَرَمَةً لَمْ يَمْتَنِعْ إمْسَاكُهَا لِمَنَافِعَ قَدْ تَعْرِضُ كَإِطْفَاءِ نَارٍ وَعَجْنِ طِينٍ. (وَلَوْ) (أَوْصَى) لِشَخْصٍ (بِكَلْبٍ مِنْ كِلَابِهِ) الْمُنْتَفَعِ بِهَا ثُمَّ مَاتَ وَلَهُ كِلَابٌ (أُعْطِيَ) الْمُوصَى لَهُ (أَحَدَهَا) بِخِيرَةِ الْوَارِثِ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ لِوَاحِدٍ مِنْهَا أَوْ كَانَ مَا أَعْطَاهُ لَهُ لَا يُنَاسِبُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ) عِنْدَ الْمَوْتِ إذْ الْعِبْرَةُ بِهِ (كَلْبٌ) يُنْتَفَعُ بِهِ (لَغَتْ) الْوَصِيَّةُ، وَإِنْ قَالَ مِنْ مَالِي؛ لِتَعَذُّرِ شِرَائِهِ وَلَا يُكَلَّفُ الْوَارِثُ اتِّهَابَهُ وَبِهِ فَارَقَ عَبْدًا مِنْ مَالِي وَلَا عَبْدَ لَهُ، وَمَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَبَرَّعَ بِهِ مُتَبَرِّعٌ، وَأَرَادَ تَنْفِيذَ الْوَصِيَّةِ أَمْكَنَ أَنْ يُقَالَ بِالْجَوَازِ كَمَا لَوْ تَبَرَّعَ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ مَرْدُودٌ بِوُضُوحِ الْفَرْقِ وَهُوَ أَنَّ الدَّيْنَ بَاقٍ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْوَصِيَّةَ بَطَلَتْ بِالْمَوْتِ؛ لِعَدَمِ مَا تَتَعَلَّقُ بِهِ حِينَئِذٍ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهِ وَلَا شَاةَ لَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ. (وَلَوْ) (كَانَ لَهُ مَالٌ وَكِلَابٌ) مُنْتَفَعٌ بِهَا (وَوَصَّى بِهَا أَوْ بِبَعْضِهَا) (فَالْأَصَحُّ نُفُوذُهَا) فِي الْكِلَابِ جَمِيعًا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَهِيَ. (قَوْلُهُ: وَيُعَيِّنُهُ الْوَارِثُ) وَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ عَمَّا عَيَّنَهُ لِغَيْرِهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ بِتَعْيِينِهِ لَهُ تَعَلَّقَ بِهِ اخْتِصَاصُ الْمُوصَى بِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ الْآتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفِي قَوْلِ عَطِيَّةَ إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا رُجُوعَ لِلْمُجِيزِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَيُعَيِّنُهُ أَنَّ ذَلِكَ بِاخْتِيَارِهِ وَلَوْ كَانَ الْمُعَيَّنُ أَدْوَنَ مِنْ الْبَاقِي لَا أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى تَعْيِينِ وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ تَابِعًا) أَيْ لِلْمُوصَى لَهُ. (قَوْلُهُ: وَخَمْرَةٍ) قَضِيَّتُهُ وَإِنْ تَخَلَّلَتْ، وَيُحْتَمَلُ تَقْيِيدُهَا بِمَا إذَا لَمْ تَتَخَلَّلْ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لِمَنْ يُرِيدُ تَعَلُّمَ الصَّيْدِ) أَيْ أَوْ يُرِيدُ شِرَاءَ مَاشِيَةٍ حَالًا (قَوْلُهُ: أَرْجَحُهُمَا ثَانِيهِمَا) هُوَ قَوْلُهُ: أَوْ يَتَخَيَّرُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوْفَقُ لِكَلَامِ الشَّافِعِيِّ) قَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ مَا لَا يَصْلُحُ لَهُ لَا يَحِلُّ لَهُ اقْتِنَاؤُهُ فَكَيْفَ يُدْفَعُ لَهُ؟ . وَالْجَوَابُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ لَهُ اقْتِنَاؤُهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ نَقْلِ اخْتِصَاصِهِ لِمَنْ يَحِلُّ لَهُ (قَوْلُهُ: لَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ) أَيْ أَوْ كَانَ الْعَاصِرُ لَهَا ذِمِّيًّا وَلَوْ بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ. وَقَالَ حَجّ: وَيَتَّجِهُ أَنَّهُ لَوْ غَيَّرَ قَصْدَهُ قَبْلَ تَخَمُّرِهَا تَغَيَّرَ الْحُكْمُ إلَيْهِ، وَأَنَّهَا لَا تُدْفَعُ لِلْمُوصَى لَهُ بَلْ لِثِقَةٍ بِأَنْ عُرِفَتْ دِيَانَتُهُ وَأُمِنَ شُرْبُهُ لَهَا. وَقَوْلُهُ: وَقَبْلَ تَخَمُّرِهَا: أَيْ أَوْ بَعْدَهُ انْتَهَى سم. (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ أَرْجَحُهُمَا ثَانِيهِمَا (قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ شِرَائِهِ) مَا الْمَانِعُ مِنْ أَنْ يُقَالَ بِالصِّحَّةِ وَيُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ بِدَفْعِ مَالٍ فِي مُقَابَلَةِ رَفْعِ يَدِ مَنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ عَبْدًا) أَيْ فَإِنَّهُ يَشْتَرِي لَهُ وَيُكَلَّفُ اتِّهَابَهُ بِخُصُوصِهِ، فَإِنْ اتَّفَقَ أَنَّهُ قَبِلَ الْهِبَةَ فَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ إجْزَاؤُهُ عَنْ شِرَاءِ عَبْدٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِعَدَمِ صِدْقِ قَوْلِ الْمُوصِي مِنْ مَالِي عَلَى ذَلِكَ، وَيُؤَيِّدُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا يُكَلَّفُ الْوَارِثُ اتِّهَابَهُ) أَيْ صُورَةً وَإِلَّا فَمَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لَا تَصِحُّ هِبَتُهُ، وَحِينَئِذٍ يُقَالُ فِي الشِّرَاءِ مِثْلُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ بَذْلُ الْمَالِ فِي مُقَابَلَةِ الِاخْتِصَاصِ (قَوْلُهُ: فِي الْكِلَابِ جَمِيعًا) أَيْ الْمُوصَى بِهَا مِنْ الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ.

(وَإِنْ كَثُرَتْ وَقَلَّ الْمَالُ) ، وَإِنْ كَانَ أَدْنَى مُتَقَوِّمٍ كَدَانَقٍ إذْ الشَّرْطُ بَقَاءُ ضِعْفِ الْمُوصَى لِلْوَرَثَةِ وَقَلِيلُ الْمَالِ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرِ الْكِلَابِ إذْ لَا قِيمَةَ لَهَا، وَتَقْدِيرُ عَدَمِ الْمَالِ أَوْ أَنَّ لَهَا قِيمَةً حَتَّى يَنْفُذَ فِي ثُلُثِهَا فَقَطْ يُشْبِهُ التَّحَكُّمَ، وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِوَاحِدٍ وَبِهَا لِآخَرَ لَمْ يَنْفُذْ إلَّا فِي ثُلُثِهَا كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا كِلَابٌ وَيُنْظَرُ فِيهِ إلَى عَدَدِهَا لَا قِيمَتِهَا بِتَقْدِيرِ الْمَالِيَّةِ. (وَلَوْ أَوْصَى بِطَبْلٍ) سَوَاءٌ قَالَ مِنْ طُبُولِي أَمْ لَا (وَلَهُ طَبْلُ لَهْوٍ) لَا يَصْلُحُ لِمُبَاحٍ (وَطَبْلٌ يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَطَبْلِ حَرْبٍ) يُقْصَدُ بِهِ التَّهْوِيلُ (أَوْ حَجِيجٍ) يُقْصَدُ بِهِ الْإِعْلَامُ بِالنُّزُولِ وَالرَّحِيلِ أَوْ غَيْرِهِمَا كَطَبْلِ الْبَازِ غَيْرِ الْكُوبَةِ الْمُحَرَّمَةِ (حُمِلَتْ عَلَى الثَّانِي) لِتَصِحَّ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ قَصْدُهُ لِلصَّوَابِ، فَإِنْ صَلُحَ لِمُبَاحٍ تَخَيَّرَ الْوَارِثُ أَوْ بِعُودٍ مِنْ عِيدَانِهِ وَلَهُ عُودُ لَهْوٍ يَصْلُحُ لِمُبَاحٍ وَعُودُ بَتَاءٍ وَأَطْلَقَ بَطَلَتْ لِانْصِرَافِ مُطْلَقِ الْعُودِ لِلَّهْوِ وَالطَّبْلُ يَقَعُ عَلَى الْكُلِّ إطْلَاقًا وَاحِدًا (وَلَوْ أَوْصَى بِطَبْلِ اللَّهْوِ) وَهُوَ الْكُوبَةُ الْآتِيَةُ فِي الشَّهَادَاتِ (لَغَتْ) الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ (إلَّا إنْ صَلُحَ لِحَرْبٍ أَوْ حَجِيجٍ) أَوْ مَنْفَعَةٍ أُخْرَى مُبَاحَةٍ وَلَوْ مَعَ تَغْيِيرٍ بِشَرْطِ بَقَاءِ اسْمِ الطَّبْلِ مَعَهُ، وَإِلَّا لَغَتْ، وَإِنْ كَانَ رُضَاضُهُ مِنْ نَقْدٍ أَوْ جَوْهَرٍ. نَعَمْ لَوْ قَالَ الْمُوصِي أَرَدْت الِانْتِفَاعَ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي هُوَ مَعْمُولٌ لَهُ لَمْ تَصِحَّ كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْوَافِي. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقَوْلُهُ كَالْأَذْرَعِيِّ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ التَّصْوِيرُ بِمَا إذَا سَمَّى اللَّهْوَ فِي الْوَصِيَّةِ، فَلَوْ قَالَ أَوْصَيْت لَهُ بِهَذَا وَلَمْ يُسَمِّهِ فَيُشْبِهُ أَنْ يَصِحَّ وَيُعْطَى لَهُ مُفَصَّلًا مَمْنُوعٌ، وَإِنْ نَسَبَاهُ لِلْمَاوَرْدِيِّ، وَبَحَثَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ عَلَى طَرِيقَةِ الْجُمْهُورِ مُطْلَقًا فِي الطَّبْلِ وَغَيْرِهِ إذَا أَوْصَى بِهِ لِآدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ، فَلَوْ أَوْصَى بِهِ لِجِهَةٍ عَامَّةٍ كَالْمَسَاكِينِ أَوْ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ، وَكَانَ رُضَاضُهُ مَالًا فَيَظْهَرُ الْجَزْمُ بِالصِّحَّةِ وَتَنْزِلُ الْوَصِيَّةُ عَلَى رُضَاضِهِ وَمَا فِيهِ مِنْ الْمَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا قُلْنَاهُ مِنْ النَّظَرِ قَوْلُهُ: الْآتِي مَرْدُودٌ وَبِوُضُوحٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ) أَيْ الْمَالِ (قَوْلُهُ: وَيُنْظَرُ فِيهِ إلَى عَدَدِهَا) وَيُرْجَعُ فِي التَّعْيِينِ لِلْوَارِثِ (قَوْلُهُ: لَا قِيمَتَهَا) وَهَذَا كَمَا تَرَى فِيمَا إذَا كَانَتْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ كَانَتْ مِنْ أَجْنَاسٍ نُظِرَ إلَى قِيمَتِهَا، وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ فَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَجْنَاسُهَا كَأَنَّ خَلَّفَ كَلْبًا نَافِعًا وَخَمْرَةً مُحْتَرَمَةً وَزِبْلًا وَقَدْ أَوْصَى بِهَا أُخِذَ ثُلُثُهَا بِفَرْضِ الْقِيمَةِ بِأَنْ تُقَدَّرَ الْمَالِيَّةُ فِيهَا كَمَا يُقَدَّرُ الرِّقُّ فِي الْحُرِّ وَيُقَوَّمُ. انْتَهَى. إسْعَادٌ. وَقَوْلُهُ: بِأَنْ تُقَدَّرَ الْمَالِيَّةُ فِيهَا إلَخْ يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ مِنْ أَنَّهَا تُقَوَّمُ عِنْدَ مَنْ يَرَى لَهَا قِيمَةً وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ تَقْدِيرِ الْمَالِيَّةِ عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ رُضَاضُهُ) غَايَةٌ، وَقَوْلُهُ: لَمْ تَصِحَّ: أَيْ الْوَصِيَّةُ (قَوْلُهُ: مَمْنُوعٌ) عِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: أَمَّا لَوْ قَالَ أَعْطُوهُ هَذَا أَوْ هَذَا الذَّهَبَ أَوْ النُّحَاسَ أَوْ هَذِهِ الْعَيْنَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ فَتُفْصَلُ وَتُعْطَاهُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ انْتَهَى. وَاقْتِصَار الشَّارِحِ عَلَى قَوْلِهِ بِهَذَا قَدْ يُخْرِجُ مَا لَوْ قَالَ بِهَذَا الذَّهَبِ أَوْ النُّحَاسِ، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ وَصْفَ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِالذَّهَبِ أَوْ النُّحَاسِ يُخْرِجُ مَا اتَّصَلَ بِهِ مِنْ غَيْرِهِمَا فَلَمْ تَشْمَلْهُ الْوَصِيَّةُ، لَكِنَّ قَوْلَهُ أَوْ لَا بِمَا إذَا سَمَّى اللَّهْوَ فِي الْوَصِيَّةِ يُفْهَمُ الْبُطْلَانُ فِي الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ فَلْيَتَأَمَّلْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[فصل في الوصية لغير الوارث]

(فَصْلٌ) فِي الْوَصِيَّةِ لِغَيْرِ الْوَارِثِ وَحُكْمِ التَّبَرُّعَاتِ فِي الْمَرَضِ (يَنْبَغِي) لِمَنْ وَرَثَتُهُ فُقَرَاءُ أَوْ أَغْنِيَاءُ (أَنْ لَا يُوصِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ) بَلْ الْأَحْسَنُ أَنْ يُنْقِصَ مِنْهُ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَكْثَرَهُ فَقَالَ «الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ» وَمِنْ ثَمَّ صَرَّحَ جَمْعٌ بِكَرَاهَةِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ وَجَمْعٌ بِحُرْمَتِهَا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَتَعَيَّنُ الْجَزْمُ بِهَا عِنْدَ قَصْدِ حِرْمَانِ الْوَارِثِ انْتَهَى. وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْوَقْفِ (فَإِنْ زَادَ) عَلَى الثُّلُثِ (وَرَدَّ الْوَارِثُ) الْخَاصُّ الْمُطْلَقُ التَّصَرُّفِ الزِّيَادَةَ (بَطَلَتْ) الْوَصِيَّةُ (فِي الزَّائِدِ) إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ، فَإِنْ كَانَ عَامًّا بَطَلَتْ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ رَدٍّ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَا مُجِيزَ (وَإِنْ أَجَازَ) وَهُوَ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ إجَازَتُهُ بَلْ تُوقَفُ إلَى تَأَهُّلِهِ كَمَا مَرَّ، لَكِنْ يَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَ رَجَاءِ زَوَالِهِ وَإِلَّا كَجُنُونٍ مُسْتَحْكَمٍ أَيِسَ مِنْ بُرْئِهِ فَتَبْطَلُ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ ذَلِكَ بِأَنْ شَهِدَ بِهِ خَبِيرَانِ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمُوصِي وَقَعَ صَحِيحًا فَلَا يُبْطِلُهُ إلَّا مَانِعٌ قَوِيٌّ، وَعَلَى كُلٍّ فَمَتَى بَرَأَ وَأَجَازَ بَانَ نُفُوذُهَا (فَإِجَازَتُهُ تَنْفِيذٌ) أَيْ إمْضَاءٌ لِتَصَرُّفِ الْمُوصِي بِالزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ لِصِحَّتِهِ كَمَا مَرَّ، وَحَقُّ الْوَارِثِ إنَّمَا يَثْبُتُ فِي ثَانِي حَالٍ فَأَشْبَهَ عَفْوَ الشَّفِيعِ (وَفِي قَوْلِهِ عَطِيَّةٌ مُبْتَدَأَةٌ وَالْوَصِيَّةُ) عَلَى الثَّانِي (بِالزِّيَادَةِ لَغْوٌ) «لِنَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ الْوَصِيَّةِ بِالنِّصْفِ وَبِالثُّلُثَيْنِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــS [فَصْلٌ فِي الْوَصِيَّةِ لِغَيْرِ الْوَارِثِ] (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ الْوَارِثِ) وَمِنْهَا التَّبَرُّعَاتُ الْمُعَلَّقَةُ بِالْمَوْتِ فَلَا تُزَادُ فِي التَّرْجَمَةِ وَإِنَّمَا يُزَادُ فِيهَا وَمَا يَتَّصِلُ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِحَاضِرٍ هُوَ ثُلُثُ مَالِهِ (قَوْلُهُ يَنْبَغِي لِمَنْ وَرَثَتُهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: بَلْ الْأَحْسَنُ أَنْ يَنْقُصَ مِنْهُ شَيْئًا) أَيْ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالثُّلُثِ خِلَافُ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: وَقَعَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ، ثُمَّ قَالَ: وَيَجُوزُ نَصْبُ الثُّلُثِ وَرَفْعُهُ، فَأَمَّا نَصْبُهُ فَعَلَى الْإِغْرَاءِ أَوْ بِتَقْدِيرِ فِعْلٍ: أَيْ أَعْطِ الثُّلُثَ، وَأَمَّا رَفْعُهُ فَعَلَى أَنَّهُ فَاعِلٌ: أَيْ يَكْفِيك الثُّلُثُ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أَوْ خَبَرٌ مَحْذُوفُ الْمُبْتَدَإِ انْتَهَى. أَيْ الثُّلُثُ كَافِيكَ أَوْ كَافِيكَ الثُّلُثُ تَمَامُهُ كَمَا فِي الْبُخَارِيِّ «إنَّكَ إنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ» قَالَ الْكَرْمَانِيُّ: وَأَنْ تَذَرَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَالْعَالَةُ جَمْعُ الْعَائِلِ وَهُوَ الْفَقِيرُ، وَيَتَكَفَّفُونَ: أَيْ يَمُدُّونَ إلَى النَّاسِ أَكُفَّهُمْ لِلسُّؤَالِ انْتَهَى. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: أَنْ تَذَرَ بِمَعْنَى لَأَنْ تَذَرَ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ صَرَّحَ جَمْعٌ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ بِكَرَاهَةِ الزِّيَادَةِ: أَيْ وَقْتَ الْوَصِيَّةِ فِيمَا يَظْهَرُ إذْ لَا نَعْلَمُ حَالَ الْمَالِ وَقْتَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ عَامًّا بَطَلَتْ) أَيْ فِي الزَّائِدِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَجَازَ) أَيْ بِنَحْوِ أَجَزْت الْوَصِيَّةَ أَوْ أَمْضَيْتهَا أَوْ رَضِيت بِمَا فَعَلَهُ الْمُوصِي (قَوْلُهُ: لَكِنْ يَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ) أَيْ الْوَقْفِ (قَوْلُهُ: فَتَبْطَلُ) أَيْ ظَاهِرًا لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَفَاقَ وَأَجَازَ نَفَذَتْ إجَازَتُهُ (قَوْلُهُ وَعَلَى كُلٍّ) أَيْ سَوَاءٌ أَيِسَ مِنْ بُرْئِهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ فِي ثَانِي حَالِهِ) وَهُوَ بَعْدَ الْإِجَازَةِ لَا وَقْتَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: عَفْوُ الشَّفِيعِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ بَعْدَ الْبَيْعِ لَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَالْوَصِيَّةُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصْلٌ) فِي الْوَصِيَّةِ لِغَيْرِ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ: بَلْ تُوقَفُ) يَعْنِي الْوَصِيَّةَ (قَوْلُهُ: عِنْدَ رَجَاءِ زَوَالِهِ) يَعْنِي الْمَانِعَ الْمَفْهُومَ مِنْ وَإِلَّا (قَوْلُهُ: بِأَنَّ نُفُوذَهَا) قَالَ الشِّهَابُ سم: وَحِينَئِذٍ لَوْ تَصَرَّفَ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ قَبْلَ الْإِجَازَةِ فَهَلْ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ التَّصَرُّفِ أَوْ صِحَّتُهُ عَلَى

وَجَوَابُهُ أَنَّ النَّهْيَ إنَّمَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ إنْ رَجَعَ لِذَاتِ الشَّيْءِ أَوْ لَازِمِهِ، وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لِخَارِجٍ عَنْهُ وَهُوَ رِعَايَةُ الْمَوَارِيثِ وَإِنْ تَوَقَّفَ الْأَمْرُ عَلَى إجَازَتِهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يُحْتَاجُ لِلَفْظِ هِبَةٍ وَتَجْدِيدِ قَبُولٍ وَقَبْضٍ وَلَا رُجُوعَ لِلْمُجِيزِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَيَنْفُذُ مِنْ الْمُفْلِسِ وَعَلَيْهِمَا لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِ لِقَدْرِ مَا يُجِيزُهُ مِنْ التَّرِكَةِ إنْ كَانَتْ بِمُشَاعٍ لَا مُعَيَّنٍ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَجَازَ ثُمَّ قَالَ ظَنَنْت قِلَّةَ الْمَالِ أَوْ كَثْرَتَهُ وَلَمْ أَعْلَمُ كَمِّيَّتَهُ وَهِيَ بِمُشَاعٍ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ وَنَفَذَتْ فِيمَا ظَنَّهُ فَقَطْ أَوْ بِمُعَيَّنٍ لَمْ يُقْبَلْ (وَيُعْتَبَرُ الْمَالُ) حَتَّى يَعْلَمَ قَدْرَ الثُّلُثِ مِنْهُ (يَوْمَ الْمَوْتِ) ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تُمَلَّكُ بَعْدَهُ وَبِهِ تَلْزَمُ مِنْ جِهَةِ الْمُوصِي، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ قُتِلَ فَوَجَبَتْ دِيَتُهُ ضُمَّتْ لِمَالِهِ حَتَّى لَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ أُخِذَ ثُلُثُهَا (وَقِيلَ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ) فَلَا عِبْرَةَ بِمَا حَدَثَ بَعْدَهَا كَمَا لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِثُلُثِ مَالِهِ حَيْثُ اُعْتُبِرَ يَوْمُ النَّذْرِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ وَقْتُ اللُّزُومِ فَهُوَ نَظِيرُ يَوْمِ الْمَوْتِ هُنَا، وَمَرَّ أَنَّ الثُّلُثَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ لَهَا بَعْدَ الدَّيْنِ وَأَنَّهَا مَعَهُ وَلَوْ مُسْتَغْرِقًا صَحِيحَةً حَتَّى لَوْ أَبْرَأَ مُسْتَحِقُّهُ نَفَذَتْ وَلَمْ يُبَيِّنْ الِاعْتِبَارَ فِي قِيمَةِ مَا يَفُوتُ عَلَى الْوَرَثَةِ وَمَا يَبْقَى لَهُمْ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الْمُنَجَّزِ وَقْتُ التَّفْوِيتِ ثُمَّ إنْ وَفَّى بِجَمِيعِهَا ثُلُثَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ فَذَاكَ وَإِلَّا فَفِيمَا يَفِي بِهِ، وَفِي الْمُضَافِ لِلْمَوْتِ بِوَقْتِهِ وَفِيمَا بَقِيَ لَهُمْ بِأَقَلِّ قِيمَةٍ مِنْ الْمَوْتِ إلَى الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى يَوْمِ الْمَوْتِ فِي مِلْكِهِمْ وَالنَّقْصَ عَنْ يَوْمِ الْقَبْضِ لَمْ يَدْخُلْ فِي يَدِهِمْ فَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِمْ (وَيُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ أَيْضًا) رَاجِعٌ لِيُعْتَبَرَ وَالثُّلُثِ لِتَقَدُّمِ لَفْظِهِمَا أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الثَّانِي؛ فَلِأَنَّ هَذَا عَطْفٌ عَلَى يَنْبَغِي الْمُعَلَّقِ بِالثُّلُثِ كَمَا أَنَّ هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِهِ (عِتْقٌ عُلِّقَ بِالْمَوْتِ) فِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ. نَعَمْ لَوْ قَالَ صَحِيحٌ لِقِنِّهِ أَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَرَضِ مَوْتِي بِيَوْمٍ ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضٍ بَعْدَ التَّعْلِيقِ بِأَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ أَوْ قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ ثُمَّ مَرِضَ دُونَهُ وَمَاتَ بَعْدَ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ وَقَعَ فِي الصِّحَّةِ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ بَعْدَ أَنْ مَرِضَ شَهْرًا فَأَكْثَرَ اُعْتُبِرَ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ جُمْلَةِ هَذَا الْقَوْلِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ التَّنْفِيذِ (قَوْلُهُ وَلَا رُجُوعَ لِلْمُجِيزِ) أَيْ صَحِيحٌ وَقَوْلُهُ وَيَنْفُذُ مِنْ الْمُفْلِسِ أَيْ التَّنْفِيذُ (قَوْلُهُ: وَنَفَذَتْ فِيمَا ظَنَّهُ) أَيْ وَإِنْ قَلَّ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى كَذِبِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِمُعَيَّنٍ لَمْ يُقْبَلْ) أَيْ لَمْ يُؤَثِّرْ؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ بِهِ لَا يَضُرُّ فِي صِحَّةِ الْإِجَازَةِ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَوْلَى، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَالشَّائِعِ أَنَّ الْمُعَيَّنَ يَغْلِبُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ فَيَبْعُدُ عَدَمُ مَعْرِفَتِهِ بِهِ قَبْلَ إجَازَتِهِ، بِخِلَافِ جُمْلَةِ التَّرِكَةِ فَإِنَّهَا قَدْ تَخْفَى عَلَى الْوَارِثِ حَتَّى يَظُنَّ قِلَّةَ التَّرِكَةِ (قَوْلُهُ: فَوَجَبَتْ دِيَتُهُ) أَيْ بِنَفْسِ الْقَتْلِ بِأَنْ كَانَ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ، أَمَّا لَوْ كَانَ عَمْدًا يُوجِبُ الْقِصَاصَ فَعَفَا عَنْهُ عَلَى مَالٍ بَعْدَ مَوْتِهِ لَمْ يُضَمَّ إلَى التَّرِكَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَالَهُ وَقْتَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: أَخَذَ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ وَقَوْلُهُ ثُلُثَهَا أَيْ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِأَنَّهُ) أَيْ يَوْمَ النَّذْرِ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ) أَيْ أَوَّلَ كِتَابِ الْفَرَائِضِ. وَقَوْلُهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ لَهَا: أَيْ الْوَصِيَّةِ، وَقَوْلُهُ وَأَنَّهَا مَعَهُ: أَيْ الدَّيْنِ، وَقَوْلُهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ: أَيْ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: مَا يَفُوتُ عَلَى الْوَرَثَةِ) أَيْ فِيمَا لَوْ كَانَ الْمُوصَى بِهِ مُتَقَوِّمًا كَعَبْدٍ مَثَلًا أَوْ مِثْلِيًّا (قَوْلُهُ: وَقْتَ التَّفْوِيتِ) أَيْ وَهُوَ وَقْتُ التَّصَرُّفِ فَيَنْفُذُ فِي ثُلُثِ الْمَوْجُودِ وَيُرَدُّ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ ظَاهِرًا، ثُمَّ إنْ تَغَيَّرَ الْحَالُ عُمِلَ بِمَا صَارَ إلَيْهِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ وَفَّى إلَخْ (قَوْلُهُ عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقِيَاسِ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ أَوْصَى بِعَيْنٍ حَاضِرَةٍ إلَخْ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ لِخَارِجٍ عَنْهُ) نَازَعَ فِيهِ الشِّهَابُ سم بِأَنَّ خُرُوجَهُ لَا يُنَافِي لُزُومَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَلَعَلَّ الْوَجْهَ أَنْ يُقَالَ النَّهْيُ عَنْ الزِّيَادَةِ لِأَمْرٍ لَازِمٍ لِلْوَصِيَّةِ وَهُوَ التَّفْوِيتُ عَلَى الْوَارِثِ لَكِنَّهُ لَازِمٌ أَعَمُّ لِحُصُولِ التَّفْوِيتِ بِغَيْرِ الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى يَوْمِ الْمَوْتِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ:؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ يَوْمُ الْمَوْتِ أَقَلَّ فَالزِّيَادَةُ حَصَلَتْ فِي مِلْكِ الْوَارِثِ، أَوْ يَوْمُ الْقَبْضِ أَقَلَّ فَمَا نَقَصَ قَبْلَهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي يَدِهِ فَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِيُعْتَبَرَ وَالثُّلُثُ إلَخْ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ عَقِبَ هَذِهِ السَّوَادَةِ مَا نَصُّهُ. وَبِهَذَا مَعَ مَا يَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي أَنَّ مَحَلَّ الْمُعَلَّقِ بِالْمَوْتِ الثُّلُثُ يَنْدَفِعُ مَا قِيلَ لَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَ الْمُعَلَّقِ بِالْمَوْتِ مِنْ غَيْرِ الْعِتْقِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ وَإِنَّمَا بَيَّنَ حُكْمَ

رَأْسِ الْمَالِ كَمَا لَوْ عَلَّقَهُ بِصِفَةٍ فِي الصِّحَّةِ فَوُجِدَتْ فِي مَرَضِهِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِهِ، وَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقٍ عَنْ كَفَّارَتِهِ الْمُخَيَّرَةِ اُعْتُبِرَ جَمِيعُ قِيمَةِ الْعَبْدِ مِنْ الثُّلُثِ لِحُصُولِ الْبَرَاءَةِ بِدُونِهِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَفِ الثُّلُثُ بِتَمَامِ قِيمَتِهِ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ وَيُعْدَلُ إلَى الْإِطْعَامِ أَوْ الْكِسْوَةِ (وَتَبَرُّعٌ نُجِزَ فِي مَرَضِهِ) أَيْ الْمَوْتِ (كَوَقْفٍ) وَعَارِيَّةِ عَيْنٍ سَنَةً مَثَلًا وَتَأْجِيلِ ثَمَنِ مَبِيعٍ كَذَلِكَ فَيُعْتَبَرُ مِنْهُ أُجْرَةُ الْأُولَى وَثَمَنُ الثَّانِيَةِ وَإِنْ بَاعَهَا بِأَضْعَافِ ثَمَنِ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّ تَفْوِيتَ يَدِهِمْ كَتَفْوِيتِ مِلْكِهِمْ (وَهِبَةٍ وَعِتْقٍ) فِي غَيْرِ مُسْتَوْلَدَةٍ إذْ هُوَ لَهَا فِيهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ (وَإِبْرَاءٍ) وَهِبَةٍ فِي صِحَّةٍ وَإِقْبَاضٍ فِي مَرَضٍ حَيْثُ اتَّفَقَ الْمُتَّهَبُ وَالْوَارِثُ وَإِلَّا حَلَفَ الْمُتَّهَبُ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ فِي يَدِهِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ بِيَدِ الْوَارِثِ وَادَّعَى أَنَّهُ رَدَّهَا إلَيْهِ أَوْ إلَى مُوَرِّثِهِ وَدِيعَةً أَوْ عَارِيَّةً صُدِّقَ الْوَارِثُ، أَوْ بِيَدِ الْمُتَّهَبِ وَقَالَ الْوَارِثُ أَخَذْتُهَا غَصْبًا أَوْ نَحْوَ وَدِيعَةٍ صُدِّقَ الْمُتَّهَبُ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَلَوْ قِيلَ بِمَجِيءِ مَا مَرَّ مِنْ تَنَازُعِ الرَّاهِنِ وَالْوَاهِبِ مَعَ الْمُرْتَهِنِ وَالْمُتَّهَبِ فِي الْقَبْضِ مِنْ التَّفْصِيلِ لَمْ يَبْعُدْ، وَلَوْ ادَّعَى الْوَارِثُ مَوْتَهُ مِنْ مَرَضِ تَبَرُّعِهِ وَالْمُتَبَرَّعُ عَلَيْهِ شِفَاءَهُ وَمَوْتَهُ مِنْ مَرَضٍ آخَرَ أَوْ فَجْأَةً فَإِنْ كَانَ مَخُوفًا صُدِّقَ الْوَارِثُ وَإِلَّا فَالْآخَرُ: أَيْ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَخُوفِ بِمَنْزِلَةِ الصِّحَّةِ، وَهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي صُدُورِ التَّصَرُّفِ فِيهَا أَوْ فِي الْمَرَضِ عَنْهَا صُدِّقَ الْمُتَبَرَّعُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ دَوَامُ الصِّحَّةِ، فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمَرَضِ لِكَوْنِهَا نَاقِلَةً، وَلَوْ مَلَكَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ فَعِتْقُهُ مِنْ الْأَصْلِ وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ صَحَّ، ثُمَّ إنْ كَانَ مَدْيُونًا بِيعَ لِلدَّيْنِ وَإِلَّا فَعِتْقُهُ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ فَقَدْرُ الْمُحَابَاةِ هِبَةٌ يُعْتَقُ مِنْ الْأَصْلِ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الدَّيْنُ، وَإِذَا عَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ لَمْ يَرِثْ أَوْ مِنْ الْأَصْلِ وَرِثَ (وَإِذَا اجْتَمَعَ تَبَرُّعَاتٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمَوْتِ وَعَجَزَ الثُّلُثُ) عَنْهَا (فَإِنْ تَمَحَّضَ الْعِتْقُ) ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِهِ) أَيْ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ جَمِيعُ قِيمَةِ الْعَبْدِ) هَلَّا قِيلَ يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ مَا زَادَ عَلَى أَقَلِّ خِصَالِ الْكَفَّارَةِ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ أَنَّ هَذَا مَا قَالَ الشَّيْخَانِ لَا أَنَّهُ الْأَصَحُّ، وَعِبَارَتُهُ: وَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقٍ عَنْ كَفَّارَتِهِ الْمُخَيَّرَةِ اُعْتُبِرَتْ: أَيْ الْقِيمَةُ عَلَى مَا قَالَا إنَّهُ الْأَقْيَسُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ بَعْدَ مَا قَالَا عَنْ مُقَابِلِهِ إنَّهُ الْأَصَحُّ الزِّيَادَةُ عَنْ الْأَقَلِّ مِنْ الْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ (قَوْلُهُ: لِحُصُولِ الْبَرَاءَةِ بِدُونِهِ) أَيْ الْعَبْدِ كَالْإِطْعَامِ (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ سُنَّةٌ، وَقَوْلُهُ فَيُعْتَبَرُ مِنْهُ: أَيْ الثُّلُثِ، وَقَوْلُهُ أُجْرَةُ الْأُولَى هِيَ قَوْلُهُ وَعَارِيَّةٍ، وَقَوْلُهُ وَثَمَنُ الثَّانِيَةِ هِيَ قَوْلُهُ ثَمَنُ مَبِيعٍ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ تَفْوِيتَ يَدِهِمْ) قَدْ يُقَالُ قَضِيَّةُ هَذِهِ الْعِلَّةِ اعْتِبَارُ قِيمَةِ الْعَيْنِ الْمُعَارَةِ دُونَ أُجْرَتِهَا لِفَوَاتِ يَدِهِمْ عَنْهَا مُدَّةَ الْإِعَارَةِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَ أَصْلُ الْعَارِيَّةِ عَدَمُ اللُّزُومِ فَكَأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ يَدِهِمْ، عَلَى أَنَّ الْعَيْنَ لَمْ تَخْرُجْ عَنْ يَدِهِمْ فِي الْحَقِيقَةِ بِدَلِيلِ أَنَّ لَهُمْ بَيْعَهَا مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ تِلْكَ السَّنَةِ، وَاعْتِبَارُ قِيمَةِ الْمَبِيعِ مِنْ الثُّلُثِ دُونَ مَا زَادَ عَلَيْهَا مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ فَوَّتَ مِلْكَهُ فِيهَا بِأَنْ أَوْصَى بِهَا نَفْسَهَا اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهَا لَا غَيْرَ (قَوْلُهُ: حَيْثُ اتَّفَقَ الْمُتَّهَبُ) أَيْ عَلَى أَنَّ الْقَبْضَ وَقَعَ فِي الْمَرَضِ، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا حَلَفَ الْمُتَّهَبُ: أَيْ أَنَّ الْقَبْضَ وَقَعَ فِي الصِّحَّةِ فَيَكُونُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: وَادَّعَى) أَيْ الْمُوصَى لَهُ، وَقَوْلُهُ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَلَكَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ) أَيْ بِلَا عِوَضٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ فَعِتْقُهُ مِنْ الْأَصْلِ) أَيْ رَأْسِ الْمَالِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ (قَوْلُهُ: وَإِذَا عَتَقَ) أَيْ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَرِثْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ لَتَوَقَّفَ نُفُوذُ عِتْقِهِ عَلَى الْإِجَازَةِ، وَهِيَ غَيْرُ صَحِيحَةٍ مِنْهُ لِامْتِنَاعِ إجَازَتِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَيُؤَدِّي إرْثُهُ إلَى عَدَمِ إرْثِهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ مِنْ الْأَصْلِ وَرِثَ: أَيْ لِعَدَمِ تَوَقُّفِ إرْثِهِ حِينَئِذٍ عَلَى إجَازَةٍ (قَوْلُهُ: وَإِذَا اجْتَمَعَ تَبَرُّعَاتٌ إلَخْ) أَيْ بِلَا اعْتِبَارِ تَرْتِيبٍ مِنْ الْمُوصِي كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ اُعْتُبِرَ الْمُوصَى ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُلْحَقِ بِهِ وَهُوَ الْمُنْجَزُ. اهـ. وَقَوْلُهُ مَعَ مَا يَأْتِي قَالَ الشِّهَابُ سم كَأَنَّهُ يُرِيدُ قَوْلَهُ وَإِذَا اجْتَمَعَ تَبَرُّعَاتٌ إلَى آخِرِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَلَكَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ) أَيْ بِلَا عِوَضٍ

كَأَعْتَقْتُكُمْ أَوْ أَنْتُمْ أَحْرَارٌ أَوْ سَالِمٌ وَغَانِمٌ وَخَالِدٌ أَحْرَارٌ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ سَالِمٌ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَغَانِمٌ كَذَلِكَ أَوْ دَبَّرَ عَبْدًا أَوْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ آخَرَ (أَقْرَعَ) سَوَاءٌ أَرَفَعَ ذَلِكَ مَعًا أَمْ مُرَتِّبًا، فَمَنْ أَقْرَعَ عَتَقَ مِنْهُ مَا يَفِي بِالثُّلُثِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْعِتْقِ التَّخَلُّصُ مِنْ الرِّقِّ وَلَا يَحْصُلُ مَعَ التَّشْقِيصِ (أَوْ) تَمَحَّضَ (غَيْرَهُ قُسِّطَ الثُّلُثُ) عَلَى الْجَمِيعِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ أَوْ الْمِقْدَارِ لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ مَعَ اتِّحَادِ وَقْتِ الِاسْتِحْقَاقِ، فَلَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِمِائَةٍ وَلِبَكْرٍ بِخَمْسِينَ وَلِعَمْرٍو بِخَمْسِينَ وَلَمْ يُرَتِّبْ وَثُلُثُهُ مِائَةٌ أُعْطِيَ الْأَوَّلُ خَمْسِينَ وَكُلٌّ مِنْ الْأَخِيرَيْنِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ (أَوْ) اجْتَمَعَ (هُوَ) أَيْ الْعِتْقُ (وَغَيْرُهُ) كَأَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ سَالِمٍ وَلِزَيْدٍ أَوْ الْفُقَرَاءِ بِمِائَةٍ أَوْ عَيْنٍ مِثْلِيَّةٍ أَوْ مُتَقَوِّمَةٍ (قُسِّطَ) الثُّلُثُ عَلَيْهِمَا (بِالْقِيمَةِ) أَوْ مَعَ الْمِقْدَارِ لِاتِّحَادِ وَقْتِ الِاسْتِحْقَاقِ نَعَمْ لَوْ تَعَدَّدَ الْعِتْقُ أَقْرَعَ فِيمَا يَخُصُّهُ أَوْ دَبَّرَ قِنَّهُ وَهُوَ بِمِائَةٍ وَأَوْصَى لَهُ بِمِائَةٍ وَثُلُثُ مَالِهِ مِائَةٌ قُدِّمَ عِتْقُهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ بِالْوَصِيَّةِ (وَفِي قَوْلٍ يُقَدَّمُ الْعِتْقُ) لِقُوَّتِهِ، أَمَّا لَوْ اعْتَبَرَ الْمُوصِي وُقُوعَهَا مُرَتَّبَةً كَأَعْتِقُوا سَالِمًا ثُمَّ غَانِمًا أَوْ فَغَانِمًا وَكَأَعْطُوا زَيْدًا مِائَةً ثُمَّ عَمْرًا مِائَةً وَكَأَعْتِقُوا سَالِمًا ثُمَّ أَعْطَوْا زَيْدًا مِائَةً فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِ مَا قَدَّمَهُ (أَوْ) اجْتَمَعَ تَبَرُّعَاتٌ (مُنَجَّزَةٌ) مُرَتَّبَةٌ بِالْفِعْلِ كَأَنْ أَعْتَقَ ثُمَّ تَصَدَّقَ ثُمَّ وَقَفَ ثُمَّ وَهَبَ وَأَقْبَضَ وَكَقَوْلِهِ سَالِمٌ حُرٌّ وَغَانِمٌ حُرٌّ لَا حُرَّانِ (قُدِّمَ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ حَتَّى يَتِمَّ الثُّلُثُ) لِقُوَّتِهِ لِسَبْقِهِ وَمَا زَادَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ، وَلَوْ تَأَخَّرَ الْقَبْضُ عَنْ الْهِبَةِ اُعْتُبِرَ وَقْتُهُ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ مُتَوَقِّفٌ عَلَيْهِ نَعَمْ الْمُحَابَاةُ فِي نَحْوِ بَيْعٍ غَيْرُ مُفْتَقِرَةٍ لِقَبْضٍ؛ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ (فَإِنْ وُجِدَتْ دُفْعَةً) بِضَمِّ الدَّالِ (وَاتَّحَدَ الْجِنْسُ كَعِتْقِ عَبِيدٍ أَوْ إبْرَاءِ جَمْعٍ) كَأَعْتَقْتُكُمْ أَوْ أَبْرَأَتْكُمْ (أَقْرَعَ فِي الْعِتْقِ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةً لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُمْ عِنْدَ مَوْتِهِ، فَدَعَاهُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَزَّأَهُمْ أَثْلَاثًا وَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ، وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً» (وَقَسَّطَ فِي غَيْرِهِ) بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ أَوْ الْمِقْدَارِ، وَفِيمَا إذَا كَانَ فِيهَا حَجُّ تَطَوُّعٍ يُعْتَبَرُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهَا قِيمَةُ الْمَنْفَعَةِ وَلَا يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهَا فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَوْ أَعْتَقَهُمَا وَشُكَّ فِي التَّرْتِيبِ وَالْمَعِيَّةِ عَتَقَ مِنْ كُلٍّ نِصْفُهُ، وَكَالشَّكِّ مَا لَوْ عُلِمَ تَرْتِيبٌ دُونَ عَيْنِ السَّابِقِ أَوْ نُسِيَتْ: أَيْ وَلَوْ لَمْ يُرْجَ بَيَانُهَا (وَإِنْ اخْتَلَفَ) الْجِنْسُ (وَ) صُورَةُ وُقُوعِهَا مَعًا حِينَئِذٍ (إمَّا بِأَنْ قِيلَ لَهُ أَعْتَقْت وَأَبْرَأْت وَوَقَفْت فَيَقُولُ نَعَمْ أَوْ) بِأَنْ (تَصَرَّفَ وُكَلَاء) لَهُ فِيهَا بِأَنْ وَكَّلَ وَكِيلًا فِي هِبَةٍ وَقَبْضٍ وَآخَرَ فِي صَدَقَةٍ وَآخَرَ فِي إبْرَاءٍ وَتَصَرَّفُوا مَعًا (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا عِتْقٌ قُسِّطَ) الثُّلُثُ عَلَيْهَا (وَإِنْ كَانَ) ـــــــــــــــــــــــــــــSإلَخْ (قَوْلُهُ: فَمَنْ أَقْرَعَ) أَيْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ أَوْ الْمِقْدَارِ) أَيْ فِيمَا إذَا لَمْ يَحْتَجْ لِلتَّقْوِيمِ بِأَنْ اسْتَوَتْ الْقِيمَةُ كَدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ (قَوْلُهُ أَوْ مَعَ الْمِقْدَارِ) أَيْ كَأَنْ كَانَ الْمُوصَى بِهِ عَبْدًا وَمِائَةً (قَوْلُهُ: فِيمَا يَخُصُّهُ) أَيْ الْعِتْقَ (قَوْلُهُ لَا حُرَّانِ) أَيْ لِحُصُولِ عِتْقِهِمَا مَعًا فَلَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فَيُقْرَعُ بَيْنَهُمَا كَمَا تَقَدَّمَ إنْ لَمْ يَخْرُجَا مِنْ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ وَقْتُهُ) أَيْ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ غَيْرُ مُفْتَقِرَةٍ لِقَبْضٍ) أَيْ فَيُعْتَبَرُ فِيهَا وَقْتُ عَقْدِ الْبَيْعِ لَا وَقْتُ قَبْضِ الْمَبِيعِ، فَإِنْ خَرَجَ وَقْتُ عَقْدِ الْبَيْعِ مَا جَاءَ بِأَنَّهُ مِنْ الثُّلُثِ نَفَذَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: فَجَزَّأَهُمْ) هُوَ بِتَشْدِيدِ الزَّايِ وَتَخْفِيفِهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ، ذَكَرَهُ ابْنُ السِّكِّيتِ وَغَيْرُهُ وَمَعْنَاهُ قَسَّمَهُمْ شَرْحُ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ، وَقَوْلُهُ وَتَخْفِيفِهَا: أَيْ مَعَ قَطْعِ الْهَمْزَةِ هَكَذَا فَأَجْزَأَهُمْ (قَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا كَانَ فِيهَا حَجُّ تَطَوُّعٍ) لَعَلَّ صُورَتَهُ أَنْ يَقُولَ: أَوْصَيْت بِحَجَّةِ تَطَوُّعٍ وَلِزَيْدٍ وَمَسْجِدِ كَذَا مَثَلًا بِمِائَةٍ، فَالتَّبَرُّعَاتُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْوَصِيَّةُ وَالْمِائَةُ مَثَلًا تُقَسَّطُ عَلَيْهَا فَلَا إشْكَالَ فِي قَوْلِهِ وَفِيمَا إذَا كَانَ إلَخْ مَعَ كَوْنِ الْمُقْسَمِ أَنَّهَا وُجِدَتْ دَفْعَةً وَأَنَّهَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُقَدَّمُ) أَيْ الْحَجُّ عَلَى غَيْرِهِ: أَيْ فَإِنْ خَصَّهُ مَا يَفِي بِالْأُجْرَةِ فَذَاكَ وَإِلَّا اُسْتُؤْجِرَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ بِمَا يَخُصُّ الْوَصِيَّةَ حَيْثُ أَمْكَنَ، فَإِنْ تَعَذَّرَتْ لَغَتْ الْوَصِيَّةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَمْ يُرَتِّبْ) أَيْ لَمْ يَنُصَّ عَلَى أَنَّهَا تَكُونُ بَعْدَ مَوْتِهِ مُرَتَّبَةً وَسَيَأْتِي مُحْتَرَزُهُ

فِيهَا عِتْقٌ (قُسِّطَ) الثُّلُثُ وَأُقْرِعَ فِيمَا يَخُصُّ الْعِتْقَ كَمَا مَرَّ (وَفِي قَوْلٍ يُقَدَّمُ) الْعِتْقُ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ اجْتَمَعَ مُنَجَّزَةٌ وَمُعَلَّقَةٌ بِالْمَوْتِ قُدِّمَتْ الْمُنَجَّزَةُ لِلُزُومِهَا (وَلَوْ كَانَ لَهُ عَبْدَانِ فَقَطْ) أَيْ لَا ثَالِثَ لَهُ غَيْرُهُمَا وَلَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا أَحَدُهُمَا وَهَذَا مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ (سَالِمٌ وَغَانِمٌ) وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ وَحْدَهُ (فَقَالَ إنْ أَعْتَقْت غَانِمًا فَسَالِمٌ حُرٌّ) سَوَاءٌ أَقَالَ فِي حَالِ إعْتَاقِي غَانِمًا أَمْ لَا (ثُمَّ أَعْتَقَ غَانِمًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَتَقَ) غَانِمٌ (وَلَا إقْرَاعَ) لِاحْتِمَالِ أَنْ تَخْرُجَ الْقُرْعَةُ بِالْحُرِّيَّةِ لِسَالِمٍ فَيَلْزَمُ إرْقَاقُ غَانِمٍ فَيَفُوتُ شَرْطُ عِتْقِ سَالِمٍ، وَلَوْ خَرَجَا مِنْ الثُّلُثِ عَتَقَا أَوْ مَعَ بَعْضِهِ عَتَقَ وَبَعْضُ سَالِمٍ كَمَا أَفَادَ ذَلِكَ كُلُّهُ بِكَلَامِهِ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ، فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ عَتَقَ بِقِسْطِهِ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِأَنْوَاعٍ فَعَجَزَ ثُلُثُهُ عَنْهَا وَزَّعَ عَلَى قِيمَتِهَا وَأُجْرَتِهَا كَإِطْعَامِ عَشَرَةٍ وَحَمْلِ آخَرِينَ إلَى مَوْضِعِ كَذَا وَالْحَجِّ عَنْهُ، وَلَوْ أَوْصَى بِبَيْعِ كَذَا لِزَيْدٍ تَعَيَّنَ: أَيْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ رِفْقٌ ظَاهِرٌ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ فِي ذَلِكَ غَرَضٌ، فَإِنْ أَبَى بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ إلَّا أَنْ يَقُولَ فَتُبَاعُ لِغَيْرِهِ إنْ لَمْ يَقْبَلْ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى بِأَنْ يَحُجَّ عَنْهُ بِكَذَا فَامْتَنَعَ فَإِنَّهُ يُسْتَأْجَرُ عَنْهُ: أَيْ تَوْسِعَةً فِي طُرُقِ الْعِبَادَةِ وَوُصُولِ ثَوَابِهَا لَهُ بِحَجِّ الْغَيْرِ، وَلَا كَذَلِكَ شِرَاءُ الْغَيْرِ (وَلَوْ) (أَوْصَى بِعَيْنٍ حَاضِرَةٍ هِيَ ثُلُثُ مَالِهِ وَبَاقِيهِ) دَيْنٌ أَوْ (غَائِبٌ) وَلَيْسَ تَحْتَ يَدِ الْوَارِثِ (لَمْ تُدْفَعْ فَلَهَا إلَيْهِ فِي الْحَالِ) لِاحْتِمَالِ تَلَفِ الْغَائِبِ فَلَا يَحْصُلُ لِلْوَرَثَةِ مَثَلًا مَا حَصَلَ لَهُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَتَسَلَّطُ عَلَى التَّصَرُّفِ) كَالِاسْتِخْدَامِ (فِي الثُّلُثِ) مِنْ الْعَيْنِ (أَيْضًا) كَثُلُثَيْهَا اللَّذَيْنِ لَا خِلَافَ فِيهِمَا، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَسَلُّطَهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَسَلُّطِهِمْ عَلَى مِثْلِ مَا تَسَلَّطَ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ لِاحْتِمَالِ سَلَامَةِ الْغَائِبِ فَيَكُونُ لَهُ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَتْ الْغَيْبَةُ تَمْنَعُ التَّصَرُّفَ فِيهِ لِتَعَذُّرِ الْوُصُولِ إلَيْهِ لِخَوْفٍ أَوْ نَحْوِهِ وَإِلَّا فَلَا حُكْمَ لِلْغِيبَةِ وَيُسَلَّمُ لِلْمُوصَى لَهُ الْمُوصَى بِهِ وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ وَتَصَرُّفُهُمْ فِي الْمَالِ الْغَائِبِ وَمَنْ تَصَرَّفَ فِيمَا مُنِعَ مِنْهُ وَبَانَ لَهُ صَحَّ اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَلَوْ أَطْلَقَ الْوَرَثَةُ لَهُ التَّصَرُّفَ فِي الثُّلُثِ صَحَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَرَجَعَ مَا يَخُصُّ الْحَجَّ لِلْوَرَثَةِ (قَوْلُهُ: وَأُقْرَعَ فِيمَا يَخُصُّ الْعِتْقَ) وَذَلِكَ فِيمَا إذَا تَعَدَّدَ الْعِتْقُ وَلَمْ يَفِ مَا يَخُصُّ الْعِتْقَ بِجَمِيعِهِمْ فَلَوْ أَعْتَقَ سَالِمًا وَغَانِمًا وَتَصَدَّقَ عَلَى زَيْدٍ بِمِائَةٍ مَعًا وَثُلُثُ مَالِهِ مِائَةٌ أُعْطِيَ زَيْدٌ خَمْسِينَ وَأُقْرِعَ بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ، فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ عَتَقَ كُلُّهُ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسِينَ، وَقَدْرُهَا فَقَطْ إنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَيْهَا، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ دُونَ الْخَمْسِينَ عَتَقَ كُلُّهُ وَعَتَقَ مِنْ الْآخَرِ مَا يَفِي بِالْخَمْسِينَ (قَوْلُهُ: وَالْحَجِّ عَنْهُ) أَيْ ثُمَّ إنْ كَانَ الْحَجُّ عَنْهُ مَفْرُوضًا وَوَفَّى مَا يَخُصُّهُ مِنْ الْوَصِيَّةِ بِالْأُجْرَةِ فَظَاهِرٌ، وَإِلَّا تَمَّمَ مِنْ بَاقِي التَّرِكَةِ، وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا فَفِيهِ مَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا (قَوْلُهُ: قَدْ يَكُونُ لَهُ فِي ذَلِكَ غَرَضٌ) أَيْ بِأَنْ عَلِمَ فِيهَا مَا لَا يُوَافِقُ غَرَضَ الْوَارِثِ مِنْ مَنْفَعَةٍ تَعُودُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَقُولَ) أَيْ الْمُوصِي، وَقَوْلُهُ بِأَنْ يَحُجَّ عَنْهُ: أَيْ زَيْدٌ مَثَلًا، وَقَوْلُهُ فَامْتَنَعَ: أَيْ زَيْدٌ، وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَسْتَأْجِرُ: أَيْ الْوَارِثُ (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ (قَوْلُهُ فَيَكُونُ لَهُ) أَيْ بَاقِي الْعَيْنِ الْحَاضِرَةِ لِلْمُوصَى لَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَطْلَقَ الْوَرَثَةُ لَهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ) أَيْ بِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَقَيَّدُ بِخُصُوصِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ كَوْنِهِ لَهُ عَبْدَانِ فَقَطْ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَتُبَاعُ لِغَيْرِهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ غَيْرُهُ الْمُعَيَّنُ كَعَمْرٍو مَثَلًا، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: إلَّا يَقُولَ وَيَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ فَتُبَاعُ لِغَيْرِهِ انْتَهَتْ. وَلَعَلَّ قَوْلَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ أَسْقَطَتْهُ الْكَتَبَةُ مِنْ الشَّارِحِ (قَوْله عَلَى مِثْلَيْ مَا تَسَلَّطَ عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ الْعَيْنِ الْحَاضِرَةِ (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ لَهُ) يَعْنِي الْحَاضِرَ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ مَرْجِعٌ مُذَكَّرٌ، وَعِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ:؛ لِأَنَّ تَسْلِيطَهُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى تَسْلِيطِ الْوَرَثَةِ عَلَى مِثْلَيْ مَا تَسَلَّطَ عَلَيْهِ، وَلَا يُمْكِنُ تَسْلِيطُهُمْ لِاحْتِمَالِ سَلَامَةِ الْغَائِبِ فَلْيَخْلُصْ جَمِيعُ الْمُوصَى بِهِ لِلْمُوصَى لَهُ فَكَيْفَ يَتَصَرَّفُونَ فِيهِ انْتَهَتْ.

[فصل في بيان المرض المخوف والملحق به المقتضي كل منهما للحجر عليه]

كَمَا فِي الِانْتِصَارِ. وَالثَّانِي يَتَسَلَّطُ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ لِهَذَا الْقَدْرِ مُتَعَيَّنٌ، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَخْصِيصُ مَنْعِ الْوَارِثِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي ثُلُثِ الْحَاضِرِ فِي التَّصَرُّفِ النَّاقِلِ لِلْمِلْكِ كَالْبَيْعِ، فَإِنْ كَانَ بِاسْتِخْدَامٍ وَإِيجَارٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا مَنْعَ مِنْهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ، وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَلَهُ عَيْنٌ وَدَيْنٌ دُفِعَ لَهُ ثُلُثُ الْعَيْنِ، وَكُلَّمَا نَضَّ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ دُفِعَ لَهُ ثُلُثُهُ، وَلَوْ كَانَ لَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ حَاضِرَةٌ وَخَمْسُونَ غَائِبَةٌ وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِخَمْسِينَ مِنْ الْحَاضِرَةِ وَمَاتَ وَقَبِلَ الْوَصِيَّةَ أُعْطِيَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَالْوَرَثَةُ خَمْسِينَ وَتُوقَفُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ، فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ أُعْطِيَ الْمُوصَى لَهُ الْمَوْقُوفَ، وَإِنْ تَلِفَ الْغَائِبُ قُسِّمَتْ الْخَمْسَةُ وَالْعِشْرُونَ أَثْلَاثًا فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُهَا وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ. (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَالْمُلْحَقِ بِهِ الْمُقْتَضِي كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْحَجَرِ عَلَيْهِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَعَقَّبَهُ بِالصِّيغَةِ كَمَا يَأْتِي (إذَا ظَنَنَّا الْمَرَضَ مَخُوفًا) لِتَوَلُّدِ الْمَوْتِ عَنْ جِنْسِهِ كَثِيرًا (لَمْ يَنْفُذْ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَضَمٍّ فَمُعْجَمَةٍ (تَبَرُّعٌ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ) ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِي الزِّيَادَةِ لِحَقِّ الْوَرَثَةَ، وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ عَدَمَ النُّفُوذِ بَاطِنًا لَمْ يُنْظَرْ لِظَنِّنَا بَلْ لِوُجُودِهِ وَإِنْ ظَنَنَّاهُ غَيْرَهُ أَوْ ظَاهِرًا خَالَفَ الْأَصَحَّ مِنْ جَوَازِ تَزْوِيجِ مَنْ أُعْتِقَتْ فِيهِ وَإِنْ لَمْ تُخْرَجْ مِنْ الثُّلُثِ ثُمَّ بَعْدَ مَوْتِهِ إنْ أُخْرِجَتْ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ اسْتَمَرَّتْ الصِّحَّةُ وَإِلَّا فَلَا. أَجَابَ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ النُّفُوذِ الْوَقْفُ، وَأَنَّهُ وَقْفُ اسْتِمْرَارٍ وَلُزُومٍ لِيَنْتَظِمَ الْكَلَامَانِ، وَقَوْلُهُ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ لَا يَلْتَئِمُ مَعَ قَوْلِهِمْ الَّذِي قَدَّمَهُ الْعِبْرَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الْمُوصَى لَهُ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الِانْتِصَارِ) لِابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ (قَوْلُهُ: تَخْصِيصُ مَنْعِ الْوَارِثِ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُهُ فَإِنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ مِنْ التَّصَرُّفِ احْتِمَالُ سَلَامَةِ الْمَالِ الْغَائِبِ فَيَكُونُ الْعَيْنُ كُلُّهَا لِلْمُوصَى لَهُ، وَبِفَرْضِ ذَلِكَ فَلَا حَقَّ لِلْوَرَثَةِ فِيهَا بِوَجْهٍ فَكَيْفَ سَاغَ تَصَرُّفُهُمْ فِيهَا بِالِاسْتِخْدَامِ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ فَلَا مَنْعَ مِنْهُ) أَيْ وَيَفُوزُ بِالْأُجْرَةِ إنْ تَبَيَّنَ اسْتِحْقَاقُهُ لِمَا آجَرَهُ وَإِلَّا بِأَنْ حَضَرَ الْغَائِبُ، فَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ صَحَّ اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَنَّهَا لِلْمُوصَى لَهُ أَنَّهُ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ مَلَكَ الْعَيْنَ بِمَوْتِ الْمُوصِي. (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ (قَوْلُهُ وَالْمُلْحَقُ بِهِ) صِفَةٌ لَازِمَةٌ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ الْحِكْمَةُ فِي التَّعَرُّضِ لِبَيَانِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَعَقَّبَهُ بِالصِّيغَةِ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمَرَضِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ (قَوْلُهُ: لِتَوَلُّدِ الْمَوْتِ) سَبَبُ الظَّنِّ (قَوْلُهُ: عَنْ جِنْسِهِ كَثِيرًا) أَيْ بِأَنْ لَا يَنْدُرَ تَوَلُّدُ الْمَوْتِ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ الْمَوْتُ بِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ لِوُجُودِهِ) أَيْ بَلْ وَلَوْ كَانَتْ كُلَّ مَالِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ظَنَنَّاهُ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: مِنْ جَوَازِ تَزْوِيجِ إلَخْ) أَيْ وَالْمُزَوِّجُ الْوَلِيُّ إنْ كَانَ لَهَا وَلِيٌّ مِنْ النَّسَبِ أَوْ السَّيِّدُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ (قَوْلُهُ: مَنْ أُعْتِقَتْ فِيهِ) أَيْ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ مَهْرُ الْمِثْلِ إنْ وَطِئَ وَالْوَلَدُ حُرٌّ نَسِيبٌ إنْ وُجِدَ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ وَقْفُ اسْتِمْرَارٍ) أَيْ لَا وَقْفَ صِحَّةٍ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ وَأَنَّهُ إلَخْ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ الْعُقُودُ لَا تُوقَفُ (قَوْلُهُ لِيَنْتَظِمَ الْكَلَامَانِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْل فِي بَيَان الْمَرَض الْمَخُوف والملحق بِهِ المقتضي كُلّ مِنْهُمَا للحجر عَلَيْهِ] فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَنْفُذْ) أَيْ إلَّا إنْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَأَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: يَنْفُذْ بِفَتْحٍ) احْتِرَازٌ عَنْ ضَمِّهِ (قَوْلُهُ: تَزْوِيجُ مَنْ أُعْتِقَتْ) أَيْ مِنْ الْوَلِيِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التُّحْفَةِ كَغَيْرِهَا

بِالثُّلُثِ عِنْدَ الْمَوْتِ لَا الْوَصِيَّةِ، فَإِنْ أُرِيدَ الثُّلُثُ عِنْدَهُ لَمْ يُنْظَرْ لِظَنِّنَا أَيْضًا، وَقَوْلُ الْجَلَالِ الْبُلْقِينِيِّ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ لَمْ يَنْفُذْ تَبَرُّعٌ مُنَجَّزٌَ، فَإِنَّ التَّبَرُّعَ الْمُعَلَّقَ بِالْمَوْتِ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ فِيهِ وَلَوْ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالثُّلُثِ عِنْدَ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا يُعْرَفُ بَعْدَهُ، وَأَمَّا الْمُنَجَّزُ فَيَثْبُتُ حُكْمُهُ حَالًا فَيُحْجَرُ عَلَيْهِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ عَجِيبٌ مَعَ مَا تَقَرَّرَ فِي الثُّلُثِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ إلَّا عِنْدَ الْمَوْتِ مُطْلَقًا، وَفِي مَسْأَلَةِ الْعَتِيقَةِ أَنَّهَا تُزَوَّجُ حَالًا مَعَ كَوْنِهَا كُلَّ مَالِهِ اعْتِبَارًا بِالظَّاهِرِ مِنْ صِحَّةِ التَّصَرُّفِ الْآنَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُنَجَّزِ وَالْمُعَلَّقِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا طَرَأَ عَلَى الْمَرَضِ قَاطِعٌ لَهُ مِنْ نَحْوِ غَرَقٍ أَوْ حَرْقٍ، فَحِينَئِذٍ وَإِنْ كُنَّا ظَنَنَّا الْمَرَضَ مَخُوفًا بِقَوْلِ خَبِيرَيْنِ لَمْ يَنْفُذْ تَبَرُّعٌ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ حِينَئِذٍ مُنَجَّزًا أَوْ مُعَلَّقًا بِالْمَوْتِ، وَإِنْ كُنَّا ظَنَنَّاهُ غَيْرَ الْمَخُوفِ وَحَمَلْنَا الْمَوْتَ عَلَى نَحْوِ فَجْأَةٍ لِكَوْنِهِ نَحْوَ جَرَبٍ أَوْ وَجَعِ ضِرْسٍ نَفَذَ الْمُنَجَّزُ وَإِنْ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ انْدَفَعَ الْإِيرَادُ (فَإِنْ بَرَأَ نَفَذَ) أَيْ بَانَ نُفُوذُهُ مِنْ حِينِ تَصَرُّفِهِ فِي الْكُلِّ لِتَبَيُّنِ انْتِفَاءِ الْخَوْفِ وَمَنْ صَارَ عَيْشُهُ عَيْشَ مَذْبُوحٍ لِمَرَضٍ أَوْ جِنَايَةٍ فِي حُكْمِ الْأَمْوَاتِ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ ظَنَنَّاهُ غَيْرَ مَخُوفٍ فَمَاتَ) أَيْ اتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ (فَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْفَجْأَةِ) لِكَوْنِ ذَلِكَ الْمَرَضِ لَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ مَوْتٌ كَوَجَعِ عَيْنٍ أَوْ ضِرْسٍ أَوْ جَرَبٍ، وَهُوَ بِضَمِّ الْفَاءِ وَالْمَدِّ وَبِفَتْحٍ فَسُكُونٍ، وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يُسْمَعْ إلَّا تَنْكِيرُهَا مَرْدُودٌ بِخَبَرِ «مَوْتُ الْفَجْأَةِ أَخْذَةُ أَسَفٍ» أَيْ لِغَيْرِ الْمُسْتَعِدِّ، وَإِلَّا فَهُوَ رَاحَةٌ لِلْمُؤْمِنِ كَمَا فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى (نَفَذَ) جَمِيعُ تَبَرُّعِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُحْمَلْ عَلَى ذَلِكَ لِكَوْنِ الْمَرَضِ الَّذِي بِهِ غَيْرُ مَخُوفٍ لَكِنَّهُ قَدْ يَتَوَلَّدُ عَنْهُ الْمَوْتُ كَإِسْهَالٍ أَوْ حُمَّى يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ وَكَانَ التَّبَرُّعُ قَبْلَ عَرَقِهِ وَاتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ (فَمَخُوفٌ) فَلَا يَنْفُذُ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ، وَفَائِدَةُ الْحُكْمِ فِي هَذَا بِأَنَّهُ إنْ اتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ مَخُوفٌ وَإِلَّا فَلَا أَنَّهُ إذَا حَزَّ عُنُقَهُ أَوْ سَقَطَ مِنْ عَالٍ مَثَلًا كَانَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بِخِلَافِ، الْمَخُوفِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مِنْ الثُّلُثِ مُطْلَقًا كَمَا تَقَرَّرَ (وَلَوْ شَكَكْنَا) قَبْلَ الْمَوْتِ (فِي كَوْنِهِ) أَيْ الْمَرَضِ (مَخُوفًا) (لَمْ يَثْبُتُ) كَوْنُهُ مَخُوفًا (إلَّا بِ) قَوْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ قَوْلُهُمْ بِعَدَمِ نُفُوذِ تَبَرُّعٍ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ، وَقَوْلُهُمْ بِصِحَّةِ تَزْوِيجِ مَنْ أُعْتِقَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أُرِيدَ الثُّلُثُ عِنْدَهُ) أَيْ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: لَا حَجْرَ عَلَيْهِ) أَيْ الْآنَ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ زَادَ إلَخْ غَايَةٌ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ مُعَلَّقًا أَوْ مُنَجَّزًا (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَحْمُولٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: انْدَفَعَ الْإِيرَادُ) أَيْ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَرَأَ نَفَذَ) أَيْ بَرَأَ مِنْهُ وَمِنْ الدَّيْنِ وَالْعَيْبِ مِنْ بَابِ سَلِمَ، وَبَرِئَ مِنْ الْمَرَضِ بِالْكَسْرِ بُرْءًا بِالضَّمِّ، وَعِنْدَ أَهْلِ الْحِجَازِ بَرَأَ مِنْ الْمَرَضِ مِنْ بَابِ قَطَعَ، وَبَرَأَ اللَّهُ الْخَلْقَ مِنْ بَابِ قَطَعَ فَهُوَ الْبَارِئُ انْتَهَى مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِقَوْلِهِ) أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِقِسْمَةِ تَرِكَتِهِ وَنِكَاحِ زَوْجَاتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْمَوْتِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ وُصُولُهُ لِذَلِكَ بِجِنَايَةٍ الْتَحَقَ بِالْمَوْتَى وَإِنْ كَانَ بِمَرَضٍ فَكَالْأَصِحَّاءِ، ثُمَّ ظَاهِرُ قَوْلِ الشَّارِحِ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ إلَخْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ عَقْلِهِ حَاضِرًا أَوْ لَا (قَوْلُهُ: أَيْ اتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ) أَيْ وَإِنْ طَالَتْ مُدَّةُ الْمَرَضِ فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَوْتِ عَقِبَ الظَّنِّ (قَوْلُهُ: أَوْ حُمَّى يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ) أَيْ بِأَنْ انْقَطَعَتْ بَعْدَهُمَا (قَوْلُهُ: وَكَانَ التَّبَرُّعُ قَبْلَ عَرَقِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ التَّبَرُّعُ بَعْدَ الْعَرَقِ حُسِبَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا طَرَأَ عَلَى الْمَرَضِ قَاطِعٌ لَهُ) يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنَّ الْمُصَنِّفَ سَكَتَ عَنْ حُكْمِ مَا إذَا مَاتَ بِهِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ وَقَدْ يُقَالُ مَا الْمَانِعُ مِنْ كَوْنِ مَعْنَى الْخَوْفِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وُقُوعَ الْمَوْتِ بِالْفِعْلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْنَاهُ فِي كَلَامِهِمْ فَكَأَنَّهُ قَالَ إذَا ظَنَنَّا وُقُوعَ الْمَوْتِ بِالْفِعْلِ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ بِأَنْ تَرَجَّحَ عِنْدَنَا ذَلِكَ وَهُوَ ضَابِطُ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِمُسَاوَاتِهِ لِقَوْلِ غَيْرِهِ إذَا كَانَ الْمَرَضُ مَخُوفًا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: كَإِسْهَالٍ أَوْ حُمَّى يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ) قَالَ الشِّهَابُ سم: كَأَنَّهُ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ لِإِضَافَتِهِ إلَى يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْمَوْتِ) قَالَ الشِّهَابُ

(طَبِيبَيْنِ حُرَّيْنِ عَدْلَيْنِ) مَقْبُولَيْ الشَّهَادَةِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُوصَى لَهُ وَالْوَرَثَةِ بِذَلِكَ فَسُمِعَتْ الشَّهَادَةُ وَلَوْ فِي حَيَاتِهِ كَأَنْ عَلَقَ شَيْءٌ بِكَوْنِهِ مَخُوفًا، وَفِي اعْتِبَارِهِ الْحُرِّيَّةِ تَلْوِيحٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ عَدْلُ الشَّهَادَةِ لَا الرِّوَايَةِ، فَاسْتَغْنَى بِذَلِكَ عَنْ التَّعَرُّضِ لِلْإِسْلَامِ وَالتَّكْلِيفِ وَكُلٌّ مَعْلُومٌ مِنْ الْعَدَالَةِ، وَأَفْهَمُ كَلَامُهُ عَدَمَ الثُّبُوتِ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَبِمَحْضِ النِّسْوَةِ، لَكِنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ عِلَّةٍ بَاطِنَةٍ بِامْرَأَةٍ، وَيُقْبَلُ قَوْلُ الطَّبِيبَيْنِ فِي نَفْيِ كَوْنِهِ مَخُوفًا أَيْضًا خِلَافًا لِلْمُتَوَلِّي، وَقَدْ لَا تَرِدُ عَلَيْهِ لِإِرْجَاعِ ضَمِيرٍ يَثْبُتُ إلَى كُلٍّ مِنْ طَرَفَيْ الشَّكِّ، أَمَّا لَوْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنِ الْمَرَضِ كَأَنْ قَالَ الْوَارِثُ كَانَ حُمَّى مُطْبِقَةً وَالْمُتَبَرَّعُ عَلَيْهِ كَانَ وَجَعَ ضِرْسٍ كَفَى غَيْرُ طَبِيبَيْنِ، وَلَوْ اخْتَلَفَ الْأَطِبَّاءُ أَخَذَ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَأَقَرَّهُ بِقَوْلِ الْأَعْلَمِ ثُمَّ بِالْأَكْثَرِ عَدَدًا ثُمَّ بِمَنْ يُخْبِرُ بِأَنَّهُ مَخُوفٌ؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ مِنْ غَامِضِ الْعِلْمِ مَا خَفِيَ عَلَى غَيْرِهِ (وَمِنْ) الْمَرَضِ (الْمَخُوفِ) قِيلَ هُوَ كُلُّ مَا يُسْتَعَدُّ بِسَبَبِهِ لِلْمَوْتِ بِالْإِقْبَالِ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَقِيلَ كُلُّ مَا اتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَتَبِعَاهُ كُلُّ مَا لَا يَتَطَاوَلُ بِصَاحِبِهِ مَعَهُ الْحَيَاةُ، وَتَرَكَ الْمُصَنِّفُ حَدَّهُ لِهَذَا الِاخْتِلَافِ، وَنَقَلَا عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّاهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي كَوْنِهِ مَخُوفًا غَلَبَةُ حُصُولِ الْمَوْتِ بَلْ عَدَمُ نُدْرَتِهِ كَالْبِرْسَامِ الَّذِي هُوَ وَرَمٌ فِي حِجَابِ الْقَلْبِ أَوْ الْكَبِدِ يَصْعَدُ أَثَرُهُ إلَى الدِّمَاغِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَعُلِمَ أَنَّهُ مَا يَكْثُرُ فِيهِ الْمَوْتُ عَاجِلًا وَإِنْ خَالَفَ الْمَخُوفَ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ (قُولَنْجُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ مَعَ اللَّامِ وَفَتْحِهَا، وَهُوَ أَنْ تَنْعَقِدَ أَخْلَاطُ الطَّعَامِ فِي بَعْضِ الْأَمْعَاءِ فَلَا تَنْزِلُ وَيَصْعَدُ بِسَبَبِهِ بُخَارٌ إلَى الدِّمَاغِ فَيَهْلِكُ، وَهُوَ أَقْسَامٌ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مُعْتَادِهِ وَغَيْرِهِ، وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ: يَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ مَحَلُّهُ إنْ أَصَابَ مَنْ لَمْ يَعْتَدْهُ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ، يُصِيبُهُ كَثِيرًا وَيُعَافَى مِنْهُ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ فَلَا، رَدَّهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ـــــــــــــــــــــــــــــSسَوَاءٌ حُزَّ عُنُقُهُ أَوْ سَقَطَ مِنْ عَالٍ (قَوْلُهُ: طَبِيبَيْنِ حُرَّيْنِ عَدْلَيْنِ) أَيْ فَإِذَا لَمْ يُوجَدَا وَاخْتَلَفَ الْوَارِثُ وَالْمُتَبَرَّعُ عَلَيْهِ وَأُحِيلَ مَوْتُهُ عَلَى سَبَبٍ غَيْرِ الْمَرَضِ كَالْفَجْأَةِ فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ الْمُتَبَرَّعِ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَنَّ التَّبَرُّعَ وَقَعَ فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ فَإِنَّ الْمُصَدَّقَ مِنْهُمَا الْمُتَبَرَّعُ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ مَقْبُولَيْ الشَّهَادَةِ) زَادَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْعَدَالَةِ قَبُولُ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ الْعَدْلَ مَنْ لَا يَرْتَكِبُ كَبِيرَةً وَلَا يُصِرُّ عَلَى صَغِيرَةٍ، وَيُشْتَرَطُ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ لِقَبُولِ شَهَادَتِهِ مُحَافَظَتُهُ عَلَى مُرُوءَةِ أَمْثَالِهِ (قَوْلُهُ: فَسَمِعْت) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ لِتَعَلُّقِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَأَنْ عَلِقَ شَيْءٌ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَوْ تَبَرَّعَ وَأُرِيدَ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى صِفَةِ مَرَضِهِ الْآنَ لَا تُسْمَعُ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ مَحَلَّهُ) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ وَمِنْ الْأَرْبَعِ نِسْوَةٍ (قَوْلُهُ: يَثْبُتُ إلَى كُلٍّ مِنْ طَرَفَيْ الشَّكِّ) وَهُمَا كَوْنُهُ مَخُوفًا أَوْ غَيْرَ مَخُوفٍ (قَوْلُهُ: كَانَ وَجَعَ ضِرْسٍ كَفَى) أَيْ فِي أَصْلِ الْمَرَضِ (قَوْلُهُ: بِقَوْلِ الْأَعْلَمِ) أَيْ وَلَوْ نَفْيًا، وَقَوْلُهُ ثُمَّ بِمَنْ يُخْبِرُ بِأَنَّهُ مَخُوفٌ: أَيْ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ عَدَدًا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ عُلِمَ مِنْ إلَخْ لَكِنَّ مُقْتَضَى الْعَطْفِ بِثُمَّ أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْعَدَدِ (قَوْلُهُ قِيلَ هُوَ كُلُّ مَا إلَخْ) هَذَا التَّعْرِيفُ لَازِمٌ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّهُ الَّذِي يَتَوَلَّدُ الْمَوْتُ عَنْ جِنْسِهِ كَثِيرًا (قَوْلُهُ: بِالْإِقْبَالِ عَلَى الْعَمَلِ) أَيْ عَادَةً (قَوْلُهُ وَقِيلَ كُلُّ مَا اتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ) يَدْخُلُ فِيهِ وَجَعُ الضِّرْسِ وَيَخْرُجُ عَنْهُ مَا لَوْ ظَنَنَّاهُ مَخُوفًا وَمَاتَ بِسَبَبِ غَيْرِهِ كَحَزِّ الرَّقَبَةِ (قَوْلُهُ: مَعَهُ الْحَيَاةُ) أَيْ عَادَةً (قَوْلُهُ: بِضَمِّ أَوَّلِهِ مَعَ اللَّامِ) أَيْ مَعَ ضَمِّهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَذْكُورُ: كَأَنَّ وَجْهَ التَّقْيِيدِ أَنَّهُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْإِثْبَاتِ؛ لِأَنَّهُ إنْ حُمِلَ الْمَوْتُ عَلَى الْفَجْأَةِ لَمْ يَكُنْ مَخُوفًا وَإِلَّا فَمَخُوفٌ فَلْيُحَرَّرْ. اهـ. وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ حُمِلَ عَلَى الْفَجْأَةِ لَمْ يَكُنْ مَخُوفًا فِيهِ مَنْعٌ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَفِي اعْتِبَارِ الْحُرِّيَّةِ إلَخْ) فِي هَذَا الْكَلَامِ قَلَاقَةٌ لَا تَخْفَى. وَحَاصِلُ الْمُرَادِ أَنَّهُ إنَّمَا نَصَّ عَلَى الْحُرِّيَّةِ لِلتَّلْوِيحِ الَّذِي ذَكَرَهُ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ لَا حَاجَةَ لِذِكْرِهَا مَعَ ذِكْرِ الْعَدَالَةِ وَأَنَّهُ حَيْثُ ذَكَرَهَا فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَ الْإِسْلَامَ وَالتَّكْلِيفَ أَيْضًا (قَوْلُهُ: بَلْ عَدَمُ نُدْرَتِهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالنُّدْرَةِ مَا يَصْدُقُ بِالْقِلَّةِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي فَعُلِمَ أَنَّ مَا يَكْثُرُ فِيهِ الْمَوْتُ إلَخْ

بِمَنْعِ كَوْنِهِ مِنْ الْقُولُنْجِ الْمَذْكُورِ حِينَئِذٍ وَإِنْ سَمَّاهُ الْعَوَامُّ بِهِ، وَبِتَقْدِيرِ تَسْمِيَتِهِ بِذَلِكَ فَهُوَ مَرَضٌ يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ عَاجِلًا وَإِنْ تَكَرَّرَ لَهُ (وَذَاتُ جَنْبٍ) وَتُسَمَّى ذَاتُ الْخَاصِرَةِ، وَهِيَ قُرُوحٌ تَحْدُثُ دَاخِلَ الْجَنْبِ بِوَجَعٍ شَدِيدٍ ثُمَّ تَنْفَتِحُ فِي الْجَنْبِ وَيَسْكُنُ الْوَجَعُ وَذَلِكَ وَقْتَ الْهَلَاكِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ مَخُوفَةً لِقُرْبِهَا مِنْ الرَّئِيسَيْنِ الْقَلْبِ وَالْكَبِدِ وَمِنْ عَلَامَاتِهَا: الْحُمَّى اللَّازِمَةُ وَشِدَّةُ الْوَجَعِ تَحْتَ الْأَضْلَاعِ وَضِيقِ النَّفَسِ وَالسُّعَالِ (وَرُعَافٍ) بِتَثْلِيثِ أَوَّلِهِ (دَائِمٍ) ؛ لِأَنَّهُ يُسْقِطُ الْقُوَّةَ بِخِلَافِ غَيْرِ الدَّائِمِ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ بِالدَّائِمِ الْمُتَتَابِعِ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي تَتَابُعِهِ أَنْ يَمْضِيَ فِيهِ زَمَنٌ يُفْضِي مِثْلُهُ فِيهِ عَادَةً كَثِيرًا إلَى الْمَوْتِ وَلَا يُضْبَطُ بِمَا يَأْتِي فِي الْإِسْهَالِ؛ لِأَنَّ الْقُوَّةَ تَتَمَاسَكُ مَعَهُ نَحْوَ الْيَوْمَيْنِ بِخِلَافِ الدَّمِ؛ لِأَنَّهُ قِوَامُ الرُّوحِ (وَإِسْهَالٌ مُتَوَاتِرٌ) أَيْ مُتَتَابِعٌ؛ لِأَنَّهُ يُنَشِّفُ رُطُوبَاتِ الْبَدَنِ (وَدِقٌّ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ، وَهُوَ دَاءٌ يُصِيبُ الْقَلْبَ وَلَا تَمْتَدُّ مَعَهُ الْحَيَاةُ غَالِبًا (وَابْتِدَاءُ فَالِجٍ) بِخِلَافِ دَوَامِهِ سَوَاءً أَكَانَ مَعَهُ ارْتِعَاشٌ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ عَاجِلًا، وَهُوَ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ اسْتِرْخَاءُ أَحَدِ شِقَّيْ الْبَدَنِ طُولًا، وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ اسْتِرْخَاءُ أَيِّ عُضْوٍ كَانَ، وَسَبَبُهُ غَلَبَةُ الرُّطُوبَةِ وَالْبَلْغَمِ، وَوَجْهُ الْخَوْفِ فِي ابْتِدَائِهِ الْهَيَجَانُ حِينَئِذٍ فَرُبَّمَا أَطْفَأَ الْحَرَارَةَ الْغَرِيزِيَّةِ وَأَهْلَكَ لَا السِّلِّ بِكَسْرِ السِّينِ مُطْلَقًا، وَهُوَ دَاءٌ يُصِيبُ الرِّئَةَ فَيَأْخُذُ مِنْهُ الْبَدَنُ فِي النُّقْصَانِ وَالِاصْفِرَارِ. قَالَ الْبُسْتِيُّ فِي شَرْحِهِ لِلْوَسِيطِ: وَلَعَلَّ وَجَعَ الِاسْتِسْقَاءِ مِثْلُهُ (وَخُرُوجُ الطَّعَامِ غَيْرُ مُسْتَحِيلٍ) لِزَوَالِ الْقُوَّةِ الْمَاسِكَةِ، وَيَلْزَمُ مِنْ هَذَا الْإِسْهَالُ لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ تَوَاتُرُهُ وَلِهَذَا ذَكَرَهُ بَعْدُ (أَوْ كَانَ يَخْرُجُ بِشِدَّةِ وَوَجَعٍ) وَيُسَمَّى الزَّحِيرَ، وَإِفَادَةُ الْمُضَارِعِ فِي خَبَرِ كَانَ التَّكْرَارُ الْمُرَادُ هُنَا اخْتَلَفَ فِيهَا الْأُصُولِيُّونَ. وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ يُفِيدُهُ عُرْفًا لَا وَضْعًا (أَوْ وَمَعَهُ دَمٌ) مِنْ عُضْوٍ شَرِيفٍ كَكَبِدٍ دُونَ الْبَوَاسِيرِ؛ لِأَنَّهُ يُسْقِطُ الْقُوَّةَ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَمَا بِأَصْلِهِ مِنْ أَنَّ خُرُوجَهُ بِشِدَّةٍ وَوَجَعٍ أَوْ وَمَعَهُ دَمٌ إنَّمَا يَكُونُ مَخُوفًا إنْ صَحِبَهُ إسْهَالٌ وَإِنْ لَمْ يَتَوَاتَرْ هُوَ الصَّوَابُ، ثُمَّ بَيَّنَ هُوَ وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّ أَصْلَ نُسْخَةِ الْمُصَنِّفِ مُوَافِقَةٌ لِأَصْلِهِ وَإِنَّمَا فِيهَا إلْحَاقٌ اشْتَبَهَ عَلَى الْكَتَبَةِ فَوَضَعُوهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، وَكُلُّ ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ، فَكَلَامُ الْأَطِبَّاءِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الزَّحِيرِ وَحْدَهُ مَخُوفٌ وَكَذَا خُرُوجُ دَمِ الْعُضْوِ الشَّرِيفِ، فَالْوَجْهُ أَخْذًا مِمَّا أَشْعَرَتْ بِهِ كَأَنْ حَمَلَ مَا فِي الْكِتَابِ عَلَى مَا إذَا تَكَرَّرَ ذَلِكَ تَكْرَارًا يُفِيدُ سُقُوطَ الْقُوَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إسْهَالٌ، وَيُحْمَلُ كَلَامُ أَصْلِهِ وَمَنْ تَبِعَهُ عَلَى أَنَّهُ إذَا صَحِبَهُ إسْهَالٌ نَحْوَ يَوْمَيْنِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ التَّكْرَارُ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ (وَحُمَّى) شَدِيدَةٌ (مُطْبِقَةٌ) بِكَسْرِ الْبَاءِ أَشْهَرُ مِنْ فَتْحِهَا: أَيْ لَازِمَةٌ لَا تَبْرَحُ بِأَنْ جَاوَزَتْ يَوْمَيْنِ لِإِذْهَابِهَا حِينَئِذٍ لِلْقُوَّةِ الَّتِي هِيَ قِوَامُ الْحَيَاةِ. فَإِنْ لَمْ تُجَاوِزْهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: ثُمَّ تَنْفَتِحُ فِي الْجَنْبِ) أَيْ مِنْ دَاخِلٍ (قَوْلُهُ: وَالسُّعَالُ) أَيْ اللَّازِمُ فِي الْجَمِيعِ: يَعْنِي أَنَّ كُلًّا مِنْ هَذِهِ بِانْفِرَادِهِ عَلَامَةٌ فَلَا يُشْتَرَطُ اجْتِمَاعُهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يُضْبَطُ) أَيْ الزَّمَنُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ قِوَامُ) هُوَ بِكَسْرِ الْقَافِ، قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: قِوَامُ الْأَمْرِ بِالْكَسْرِ نِظَامُهُ وَعِمَادُهُ. وَفِي الْقَامُوسِ: الْقِوَامُ كَسَحَابٍ الْعَدْلُ وَمَا يُعَاشُ بِهِ، وَبِالضَّمِّ دَاءٌ فِي قَوَائِمِ الشَّاةِ وَبِالْكَسْرِ نِظَامُ الْأَمْرِ وَعِمَادُهُ وَمِلَاكُهُ انْتَهَى (قَوْلُهُ أَيْ مُتَتَابِعٌ) لَمْ يُبَيِّنْ الْمُرَادَ بِالْمُتَتَابِعِ، وَفِي الزِّيَادِيِّ مَا نَصُّهُ: وَالْمُرَادُ بِالْمُتَوَاتِرِ مَا لَا يُقْدَرُ مَعَهُ عَلَى إتْيَانِ الْخَلَاءِ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَابْتِدَاءُ فَالِجٍ) أَيْ إذَا لَمْ يُجَاوِزْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ دَوَامَهُ، وَقَوْلُهُ وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ هَذَا هُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ فِي عِبَارَةِ الشَّيْخِ بِقَوْلِهِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا (قَوْلُهُ: لَا السِّلَّ) أَيْ فَلَيْسَ مِنْ الْمَخُوفِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ، وَعَلَّلَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَسْلَمْ مِنْهُ صَاحِبُهُ غَالِبًا لَا يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ عَاجِلًا وَلَا يُنَافِي قَوْلَ الشَّارِحِ السَّابِقِ لِتَوَلُّدِ الْمَوْتِ عَنْ جِنْسِهِ كَثِيرًا، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَثْرَتِهِ سُرْعَةُ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا، وَقَوْلُهُ وَلَعَلَّ وَجَعَ الِاسْتِسْقَاءِ ظَاهِرُهُ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهِ؛ لِأَنَّ الْأَطِبَّاءَ يَقُولُونَ إنَّهُ رِيحِيٌّ وَحَيَوَانِيٌّ وَزِقِّيٌّ، وَقَوْلُهُ مِثْلُهُ: أَيْ السِّلِّ (قَوْلُهُ وَلِهَذَا ذَكَرَهُ) أَيْ خُرُوجَ، وَقَوْلُهُ بَعْدَهُ: أَيْ إسْهَالٍ (قَوْلُهُ: لَا وَضْعًا) أَيْ لُغَةً، وَقَوْلُهُ أَوْ مَعَهُ دَمٌ. وَكَذَا لَوْ كَانَ الْخَارِجُ دَمًا خَالِصًا حَيْثُ اسْتَغْرَقَ زَمَنًا يَغْلِبُ الْمَوْتُ بِسَبَبِهِ فِيهِ (قَوْلُهُ: بِشِدَّةٍ) أَيْ سُرْعَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَقَدْ مَرَّ حُكْمُهَا (أَوْ غَيْرُهَا) مِنْ وِرْدٍ تَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ وَغِبٍّ تَأْتِي يَوْمًا وَتُقْلِعُ يَوْمًا وَثِلْثٍ تَأْتِي يَوْمَيْنِ وَتُقْلِعُ يَوْمًا وَحُمَّى الْأَخَوَيْنِ تَأْتِي يَوْمَيْنِ وَتُقْلِعُ يَوْمَيْنِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ بَيْنَ طُولِ زَمَنِهَا وَقِلَّتِهِ (إلَّا الرِّبِعَ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ كَالْبَقِيَّةِ وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمًا وَتُقْلِعُ يَوْمَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَتَقَوَّى فِي يَوْمَيْ الْإِقْلَاعِ، وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَتَّصِلْ بِهَا الْمَوْتُ وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ فِيهَا تَفْصِيلٌ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ التَّصَرُّفُ قَبْلَ الْعَرَقِ وَبَعْدِهِ. وَوَجْهُ تَسْمِيَتِهَا بِذَلِكَ أَنَّ مَجِيئَهَا ثَانِيًا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلِ فِي الرَّابِعِ أَوْ مِنْ رِبْعِ الْإِبِلِ، وَهُوَ وُرُودُ الْمَاءِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ، وَتُسَمِّيهَا الْعَامَّةُ بِالْمُثَلَّثَةِ، وَبَقِيَ مِنْ الْمَخُوفِ أَشْيَاءُ. مِنْهَا جُرْحٌ نَفَذَ بِجَوْفِهِ أَوْ عَلَى مَقْتَلٍ أَوْ مَحَلٍّ كَثِيرِ اللَّحْمِ أَوْ صَحِبَهُ ضَرَبَانٌ شَدِيدٌ أَوْ تَآكُلٌ أَوْ تَوَرُّمٌ وَقَيْءٌ دَائِمٌ أَوْ صَحِبَهُ خَلْطٌ، وَيَظْهَرُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي دَوَامِهِ بِمَا مَرَّ فِي الْإِسْهَالِ لَا الرُّعَافِ، وَيُلْحَقُ بِالْمَخُوفِ أَشْيَاءُ كَالْوَبَاءِ وَالطَّاعُونِ أَيْ زَمَنَهُمَا فَتَصَرُّفُ النَّاسِ كُلِّهِمْ فِيهِ مَحْسُوبٌ مِنْ الثُّلُثِ، لَكِنْ قَيَّدَهُ فِي الْكَافِي بِمَا إذَا وَقَعَ فِي أَمْثَالِهِ وَهُوَ حَسَنٌ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَهَلْ يُقَيَّدُ بِهِ إطْلَاقُهُمْ حُرْمَةَ دُخُولِ بَلَدِ الطَّاعُونِ أَوْ الْوَبَاءِ أَوْ الْخُرُوجِ مِنْهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ أَوْ يُفَرَّقُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَعَدَمُ الْفَرْقِ أَقْرَبُ، وَعُمُومُ النَّهْيِ يَشْمَلُ التَّحْرِيمَ مُطْلَقًا (وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُلْحَقُ بِالْمَخُوفِ أَسْرُ كُفَّارٍ) أَوْ مُسْلِمِينَ (اعْتَادُوا قَتَلَ الْأُسَرَاءِ وَالْتِحَامُ قِتَالٍ بَيْنَ) اثْنَيْنِ أَوْ حِزْبَيْنِ (مُتَكَافِئَيْنِ) أَوْ قَرِيبَيْ التَّكَافُؤِ اتَّحِدَا إسْلَامًا وَكُفْرًا أَمْ لَا (وَتَقْدِيمٌ لِ) قَتْلٍ بِنَحْوِ (قِصَاصٍ أَوْ رَجْمٍ) وَلَوْ بِإِقْرَارِهِ. (وَاضْطِرَابُ رِيحٍ وَهَيَجَانُ مَوْجٍ) الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا تَأْكِيدٌ لِتَلَازُمِهِمَا عَادَةً (فِي) حَقِّ (رَاكِبِ سَفِينَةٍ) بِبَحْرٍ أَوْ نَهْرٍ عَظْمٍ كَالنِّيلِ وَالْفُرَاتِ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ وَإِنْ أَحْسَنَ السِّبَاحَةَ وَقَرُبَ مِنْ الْبَرِّ حَيْثُ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ النَّجَاةُ مِنْهُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَأَلْحَقَ الْمَاوَرْدِيُّ بِذَلِكَ مَنْ أَدْرَكَهُ سَيْلٌ أَوْ نَارٌ أَوْ أَفْعَى قَتَّالَةٌ أَوْ أَسَدٌ وَلَمْ يَتَّصِلْ ذَلِكَ بِهِ لَكِنَّهُ يُدْرِكُهُ لَا مَحَالَةَ، أَوْ كَانَ بِمَفَازَةٍ وَلَيْسَ ثَمَّ مَا يَأْكُلُهُ وَاشْتَدَّ جُوعُهُ وَعَطَشُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ كَثِيرًا، بَلْ هُوَ لِكَوْنِهِ لَا يَنْفَعُ فِيهِ دَوَاءٌ أَوْلَى مِنْ الْمَرَضِ، وَخَرَجَ بِاعْتَادُوا غَيْرُهُمْ كَالرُّومِ وَبِالِالْتِحَامِ الَّذِي هُوَ اتِّصَالُ الْأَسْلِحَةِ مَا قَبْلَهُ وَإِنَّ تَرَامَوْا بِالنُّشَّابِ وَالْحِرَابِ، وَبِمُتَكَافِئِينَ الْغَالِبَةُ بِخِلَافِ الْمَغْلُوبَةِ وَبِتَقْدِيمٍ لِذَلِكَ الْحَبْسُ لَهُ، وَإِنَّمَا جُعِلَ مِثْلُهُ فِي وُجُوبِ الْإِيصَاءِ الْوَدِيعَةِ وَنَحْوِهَا احْتِيَاطًا لِحِفْظِ مَالِ الْآدَمِيِّ عَنْ الضَّيَاعِ، وَظَاهِرُ تَعْبِيرِهِمْ بِالتَّقْدِيمِ لِلْقَتْلِ أَنَّ مَا قَبْلَهُ وَلَوْ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ الْحَبْسِ إلَيْهِ لَا يُعْتَبَرُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِبُعْدِ السَّبَبِ حِينَئِذٍ، وَأَنَّهُ بَعْدَ التَّقْدِيمِ لَوْ مَاتَ بِهَدْمٍ مَثَلًا كَانَ تَبَرُّعُهُ بَعْدَ التَّقْدِيمِ مَحْسُوبًا مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSخُرُوجٍ، وَقَوْلُهُ وَكُلُّ ذَلِكَ إلَخْ مِنْ م ر (قَوْلُهُ: فَقَدْ مَرَّ حُكْمُهَا) وَهُوَ أَنَّهَا غَيْرُ مَخُوفَةٍ (قَوْلُهُ: تَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّ الزَّمَنُ (قَوْلُهُ: تَأْتِي يَوْمًا) أَيْ وَلَوْ فِي بَعْضِهِ، وَقَوْلُهُ وَتُقْلِعُ يَوْمًا أَيْ لَا تَأْتِي فِيهِ أَصْلًا (قَوْلُهُ: كَالْبَقِيَّةِ) أَيْ فِي كَسْرِ أَوَّلِهَا (قَوْلُهُ فَقَدْ مَرَّ فِيهَا تَفْصِيلٌ إلَخْ) الَّذِي تَقَدَّمَ فِيهِ التَّفْصِيلُ هُوَ مَا لَوْ كَانَتْ الْحُمَّى يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ وَاتَّصَلَ بِهَا الْمَوْتُ وَكَانَ قَبْلَ الْعَرَقِ. وَأَمَّا التَّفْصِيلُ بَيْنَ كَوْنِ التَّصَرُّفِ قَبْلَ الْعَرَقِ أَوْ بَعْدَهُ مَعَ عَدَمِ اتِّصَالِهَا بِالْمَوْتِ فَلَمْ يَتَقَدَّمْ إلَّا أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ السَّابِقُ وَاتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ: أَيْ بِأَنْ مَاتَ قَبْلَ الْعَرَقِ مِنْ تِلْكَ الْحُمَّى. أَمَّا إذَا مَاتَ بَعْدَ الْعَرَقِ فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَعَلَيْهِ فَلَا تَخَالُفَ (قَوْلُهُ: أَوْ تَأَكُّلُ) أَيْ اللَّحْمِ (قَوْلُهُ بِمَا مَرَّ فِي الْإِسْهَالِ) هُوَ قَوْلُهُ أَيَّامًا (قَوْلُهُ مَحْسُوبٌ مِنْ الثُّلُثِ) أَيْ وَإِنْ مَاتَ بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَعَدَمُ الْفَرْقِ) أَيْ بَيْنَ تَقْيِيدِ حُرْمَةِ الْخُرُوجِ بِمَنْ وَقَعَ فِي أَمْثَالِهِ وَبَيْنَ تَقْيِيدِ إلْحَاقِ الْمَخُوفِ بِمَنْ وَقَعَ فِي أَمْثَالِهِ، وَقَوْلُهُ أَقْرَبُ: أَيْ فَيُقَيَّدُ بِمَا إذَا وَقَعَ فِي أَمْثَالِهِ (قَوْلُهُ: يَشْمَلُ التَّحْرِيمَ مُطْلَقًا) أَيْ فَيَشْمَلُ أَمْثَالَهُ وَغَيْرَهُمْ لَكِنَّ التَّقْيِيدَ أَقْرَبُ كَمَا قَدَّمَهُ (قَوْلُهُ: وَنَحْوَهُمَا) أَيْ كَتَرْكِ صَلَاةٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِإِقْرَارِهِ) إنَّمَا أَخْذُهُ غَايَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ جَوَازِ رُجُوعِهِ عَنْهُ عَدَمُ إلْحَاقِهِ بِالْمَخُوفِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ) أَيْ عَادَةً، فَلَا يُقَالُ إذَا هَلَكَ بِهِ كَيْفَ يُعْرَفُ أَنَّهُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: أَوْ أَفْعَى قَتَّالَةٌ) أَيْ حَالَتُهَا أَنَّهُ يَتَرَتَّبُ الْمَوْتُ عَلَى لَدْغِ مِثْلِهَا كَثِيرًا وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهَا بِخُصُوصِهَا قَتْلٌ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا جُعِلَ) أَيْ الْحَبْسُ، وَقَوْلُهُ مِثْلُهُ: أَيْ التَّقْدِيمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الثُّلُثِ كَالْمَوْتِ أَيَّامَ الطَّاعُونِ بِغَيْرِ الطَّاعُونِ (وَطَلْقُ حَامِلٍ) وَإِنْ تَكَرَّرَتْ وِلَادَتُهَا لِعَظْمِ خَطَرِهَا، وَلِهَذَا كَانَ مَوْتُهَا مِنْهُ شَهَادَةً وَخَرَجَ بِهِ نَفْسُ الْحَمْلِ فَلَيْسَ بِمَخُوفٍ، وَلَا أَثَرَ لِتَوَلُّدِ الطَّلْقِ الْمَخُوفِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَرَضٍ، وَبِهِ فَارَقَ قَوْلَهُمْ لَوْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ إنَّ هَذَا الْمَرَضَ غَيْرُ مَخُوفٍ لَكِنَّهُ يَتَوَلَّدُ مِنْهُ مَخُوفٌ كَانَ كَالْمَخُوفِ. (وَبَعْدَ الْوَضْعِ) لِوَلَدٍ مُخَلَّقٍ (مَا لَمْ تَنْفَصِلْ الْمَشِيمَةُ) وَهِيَ الَّتِي تُسَمِّيهَا النِّسَاءُ الْخَلَاصَ؛ لِأَنَّهَا تُشْبِهُ الْجُرْحَ الْوَاصِلَ إلَى الْجَوْفِ وَلَا خَوْفَ فِي إلْقَاءِ عَلَقَةٍ وَمُضْغَةٍ، بِخِلَافِ مَوْتِ الْوَلَدِ فِي الْجَوْفِ. أَمَّا إذَا انْفَصَلَتْ الْمَشِيمَةُ فَلَا خَوْفَ، وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الْوِلَادَةِ جُرْحٌ أَوْ ضَرَبَانٌ شَدِيدٌ أَوْ وَرَمٌ وَإِلَّا فَحَتَّى يَزُولَ. الرُّكْنُ الرَّابِعُ: الصِّيغَةُ، وَفَصَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّالِثِ بِمَا فِي هَذَا الْفَصْلِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ لَهُمَا مُنَاسَبَةٌ بِمَا ذَكَرَهُ قَبْلَهُمَا مِنْ الْإِجَازَةِ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ، وَمِنْ كَوْنِ الْمُوصَى بِهِ قَدْ يَبْلُغُ الثُّلُثَ وَقَدْ لَا وَقَدْ يَكُونُ فِي الْمَرَضِ لَفْظٌ وَقَدْ لَا، وَذَيَّلَ بِهِمَا لِيَتَفَرَّغَ الذِّهْنُ لِلرَّابِعِ لِصُعُوبَتِهِ وَطُولِ الْكَلَامِ فَقَالَ (وَصِيغَتُهَا) أَيْ الْوَصِيَّةُ مَا أَشْعَرَ بِهَا مِنْ لَفْظٍ أَوْ نَحْوِهِ كَكِتَابَةٍ مَعَ نِيَّةٍ كَمَا سَيَأْتِي، وَإِشَارَةِ أَخْرَسَ، فَمِنْ الصَّرِيحِ (أَوْصَيْت) فَمَا أَفْهَمَهُ تَعْرِيفُ الْجُزْأَيْنِ مِنْ الْحَصْرِ غَيْرُ مُرَادٍ (لَهُ بِكَذَا) وَلَوْ لَمْ يَقُلْ بَعْدَ مَوْتِي لَوَضَعَهَا شَرْعًا لِذَلِكَ (أَوْ ادْفَعُوا إلَيْهِ) كَذَا (أَوْ أَعْطُوهُ) كَذَا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ مِنْ مَالِي أَوْ وَهَبْته أَوْ حَبَوْته أَوْ مَلَّكْته كَذَا أَوْ تَصَدَّقْت عَلَيْهِ بِكَذَا (بَعْدَ مَوْتِي) أَوْ نَحْوِهِ الْآتِي رَاجِعٌ لَمَّا بَعْدَ أَوْصَيْت، وَلَمْ يُبَالِ بِإِيهَامِ رُجُوعِهِ لَهُ نَظَرًا لِمَا عُرِفَ مِنْ سِيَاقِهِ أَنَّ أَوْصَيْت وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُ مَوْضُوعَةٌ لِذَلِكَ (أَوْ جَعَلْته لَهُ) بَعْدَ مَوْتِي (أَوْ هُوَ لَهُ بَعْدَ مَوْتِي) أَوْ بَعْدَ عَيْنِي أَوْ إنْ قَضَى اللَّهُ عَلَيَّ وَأَرَادَ الْمَوْتَ وَإِلَّا فَهُمَا لَغْوٌ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ إضَافَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلْمَوْتِ صَيَّرَتْهَا بِمَعْنَى الْوَصِيَّةِ، وَكَأَنَّ حِكْمَةَ تَكْرِيرِهِ بَعْدَ مَوْتِي اخْتِلَافُ مَا فِي السِّيَاقَيْنِ، إذْ الْأَوَّلُ مَحْضُ أَمْرٍ. وَالثَّانِي لَفْظُهُ لَفْظُ الْخَبَرِ، وَمَعْنَاهُ الْإِنْشَاءُ، وَزَعَمَ أَنَّهَا لَوْ تَأَخَّرَتْ لَمْ تَعُدْ لِلْكُلِّ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ ضَعِيفٌ كَمَا مَرَّ فِي الْوَقْتِ (فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى) نَحْوِ وَهَبْتُهُ لَهُ فَهُوَ هِبَةٌ نَاجِزَةٌ، أَوْ عَلَى نَحْوِ ادْفَعُوا إلَيْهِ كَذَا مِنْ مَالِي فَتَوْكِيلٌ يَرْتَفِعُ بِنَحْوِ مَوْتِهِ وَفِي هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا لَا يَكُونُ كِنَايَةَ وَصِيَّةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلِهَذَا كَانَ مَوْتُهَا مِنْهُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مِنْ زِنًا (قَوْلُهُ: الْمَخُوفُ مِنْهُ) أَيْ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ وَبِهِ فَارَقَ) أَيْ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَرَضٍ (قَوْلُهُ: لِوَلَدٍ مُخَلَّقٍ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ كَمَالُ الْوَلَدِ وَيَخْرُجُ بِهِ نَحْوُ الْعَلَقَةِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَوْتِ الْوَلَدِ) أَيْ فَإِنَّهُ مَخُوفٌ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ مَاتَ فِي مَظِنَّةِ الْوِلَادَةِ بِحَيْثُ يَتَوَلَّدُ مِنْهُ الْمَوْتُ كَثِيرًا. أَمَّا لَوْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَمْ يَظْهَرْ بَعْدَ مَوْتِهِ تَأَلُّمٌ لِلْمَرْأَةِ بِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ مَخُوفًا كَدَوَامِ الْفَالِجِ (قَوْلُهُ: وَفَصَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّالِثِ) هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَبْلُ بِقَوْلِهِ وَتَصِحُّ بِالْحَمْلِ وَيُشْتَرَطُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَكُونُ فِي الْمَرَضِ لَفْظٌ) أَيْ ثَمَّ إنْ كَانَ الْإِشْعَارُ بِهَا قَوِيًّا فَصَرِيحَةٌ وَإِلَّا فَكِنَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَإِشَارَةُ أَخْرَسَ) خَرَجَ بِهِ إشَارَةُ النَّاطِقِ فَلَغْوٌ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ جَوَابًا لِمَنْ قَالَ لَهُ أَوْصَيْت بِكَذَا فَأَشَارَ: أَيْ نَعَمْ (قَوْلُهُ: فَمَا أَفْهَمَهُ تَعْرِيفُ الْجُزْأَيْنِ) هُمَا صِيغَتُهَا وَأَوْصَيْت، وَتَعْرِيفُ الْأَوَّلِ بِالْإِضَافَةِ وَالثَّانِي بِالْعَلَمِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْكَلِمَةَ إذَا أُرِيدَ بِهَا لَفْظُهَا صَارَتْ عَلَمًا عَلَى مَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِهِ الْآتِي) مِنْ قَوْلِهِ أَوْ بَعْدَ عَيْنِي إلَخْ، وَقَوْلُهُ رَاجِعٌ: أَيْ قَوْلُهُ بَعْدَ مَوْتِي (قَوْلُهُ: بِإِيهَامِ رُجُوعِهِ لَهُ) أَيْ بِقَوْلِهِ أَوْصَيْت، وَقَوْلُهُ مَوْضُوعَةٌ لِذَلِكَ: أَيْ لِلتَّمْلِيكِ بَعْدَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُضَمَّ إلَى قَوْلِهِ جَعَلْتُهُ لَهُ أَوْ هُوَ لَهُ، وَقَوْلُهُ فَهُمَا لَغْوٌ: أَيْ قَوْلُهُ جَعَلْتُهُ لَهُ وَهُوَ لَهُ، وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ إضَافَةَ كُلٍّ مِنْهَا: أَيْ مِنْ قَوْلِهِ أَعْطُوهُ كَذَا وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: إذْ الْأَوَّلُ مَحْضُ أَمْرٍ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَخَّرَ قَوْلَهُ وَهَبْته وَحَبَوْته وَمَلَّكْته وَتَصَدَّقْتُ عَلَيْهِ عَلَى قَوْلِهِ وَجَعَلْته لَهُ كَانَ أَقْيَسَ (قَوْلُهُ: وَفِي هَذِهِ) أَيْ قَوْلُهُ ادْفَعُوا إلَيْهِ، وَقَوْلُهُ وَمَا قَبْلَهَا هِيَ قَوْلُهُ نَحْوُ وَهَبْته لَهُ، وَقَوْلُهُ لَا تَكُونُ كِنَايَةَ وَصِيَّةٍ: أَيْ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِمَا عُرِفَ مِنْ سِيَاقِهِ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ مَعْرِفَتِهِ مِنْ سِيَاقِهِ (قَوْلُهُ: ضَعِيفٌ كَمَا مَرَّ فِي الْوَقْفِ) وَأَيْضًا لَوْ الْتَزَمْنَاهُ لَزِمَ

أَوْ عَلَى جَعَلْته لَهُ احْتَمَلَ الْوَصِيَّةَ وَالْهِبَةَ، فَإِنْ عُلِمَتْ نِيَّتُهُ لِأَحَدِهِمَا وَإِلَّا بَطَلَ، أَوْ عَلَى ثُلُثِ مَالِي لِلْفُقَرَاءِ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا بَلْ كِنَايَةَ وَصِيَّةٍ عَلَى الرَّاجِحِ أَوْ عَلَى (هُوَ لَهُ فَإِقْرَارٌ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ صَرَائِحِهِ وَوَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ فَلَا يُجْعَلُ كِنَايَةَ وَصِيَّةٍ، وَكَذَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ هُوَ صَدَقَةٌ أَوْ وَقْفٌ عَلَى كَذَا فَيُنَجَّزُ مِنْ حِينَئِذٍ وَإِنْ وَقَعَ جَوَابًا مِمَّنْ قِيلَ لَهُ أَوْصِ؛ لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يُفِيدُ (إلَّا أَنْ يَقُولَ هُوَ لَهُ مِنْ مَالِي فَيَكُونُ وَصِيَّةً) أَيْ كِنَايَةً عَنْهَا لِاحْتِمَالِهِ لَهَا وَلِلْهِبَةِ النَّاجِزَةِ فَافْتَقَرَ لِلنِّيَّةِ، وَبِهِ يُرَدُّ مَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ صَرِيحٌ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ مَاتَ وَلَمْ تُعْلَمْ نِيَّتُهُ بَطَلَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا، وَالْإِقْرَارُ هُنَا غَيْرُ مُتَأَتٍّ لِأَجْلِ قَوْلِهِ مَالِي نَظِيرُ مَا يَأْتِي (وَتَنْعَقِدُ بِكِنَايَةٍ) وَهِيَ مَا احْتَمَلَ الْوَصِيَّةَ وَغَيْرَهَا كَقَوْلِهِ عَيَّنْت لَهُ هَذَا أَوْ عَبْدِي هَذَا لَهُ كَالْبَيْعِ بَلْ أَوْلَى (وَالْكِتَابَةُ) بِالتَّاءِ (كِنَايَةٌ) فَتَنْعَقِدُ بِهَا مَعَ النِّيَّةِ وَلَوْ مِنْ نَاطِقٍ، وَلَا بُدَّ مِنْ الِاعْتِرَافِ بِهَا نُطْقًا مِنْهُ أَوْ مِنْ وَارِثِهِ وَإِنْ قَالَ هَذَا خَطِّي أَوْ مَا فِيهِ وَصِيَّتِي. وَلَا يَسُوغُ لِلشَّاهِدِ التَّحَمُّلُ حَتَّى يَقْرَأَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ أَوْ يَقُولَ أَنَا عَالِمٌ بِمَا فِيهِ وَقَدْ أَوْصَيْت بِهِ، وَإِشَارَةُ مِنْ اُعْتُقِلَ لِسَانُهُ يَجْرِي فِيهَا تَفْصِيلُ الْأَخْرَسُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَمَرَّ أَنَّ كِتَابَتَهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ نِيَّةٍ وَأَنَّهُ يَكْفِي الْإِعْلَامُ بِهَا بِإِشَارَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ، وَلَوْ قَالَ مَنْ ادَّعَى عَلَيَّ شَيْئًا أَوْ أَنَّهُ وَفَّى مَالِي عِنْدَهُ فَصَدِّقُوهُ مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ وَصِيَّةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْمَحُ لَهُ بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا قَنَعَ مِنْهُ بِحُجَّةٍ بَدَلَ حُجَّتِهِ أَوْ مَا فِي جَرِيدَتِي قَبَضْته كُلَّهُ فَهُوَ إقْرَارٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا عُلِمَ أَنَّهُ فِيهَا وَقْتَهُ (وَإِنْ أَوْصَى لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ) يَعْنِي لِغَيْرِ مَحْضُورٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ صَرَائِحِهِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ فَإِنْ عُلِمَتْ نِيَّتُهُ يَنْبَغِي أَنَّ مِنْ صُوَرِ الْعِلْمِ مَا لَوْ أَخْبَرَ الْوَارِثُ بِأَنَّهُ نَوَى حَيْثُ كَانَ الْوَارِثُ رَشِيدًا. أَمَّا غَيْرُهُ كَالصَّبِيِّ فَإِخْبَارُهُ لَغْوٌ، لَكِنْ لَوْ أَخْبَرَ وَلِيُّ الطِّفْلِ بِأَنَّ مُوَرِّثَهُ نَوَى هَلْ يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْقَبُولِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْوِيتِ عَلَى الطِّفْلِ (قَوْلُهُ: هُوَ صَدَقَةٌ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى نَحْوِ وَهَبْته إلَخْ لَكِنَّهُ ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ وَإِنْ وَقَعَ جَوَابًا إلَخْ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ) أَيْ وُقُوعُهُ جَوَابًا (قَوْلُهُ: لَا يُفِيدُ) أَيْ فِي صَرْفِهِ عَنْ كَوْنِهِ صَدَقَةً أَوْ وَقْفًا (قَوْلُهُ: كَالْبَيْعِ) أَيْ فِي انْعِقَادِهَا هُنَا بِالْكِنَايَةِ، وَهَلْ يُكْتَفَى فِي النِّيَّةِ بِاقْتِرَانِهَا بِجُزْءٍ مِنْ اللَّفْظِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ اقْتِرَانِهَا بِجَمِيعِ اللَّفْظِ كَمَا فِي الْبَيْعِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ. وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْبَيْعَ لَمَّا كَانَ فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ اُحْتِيطَ لَهُ بِخِلَافِ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ الِاعْتِرَافِ بِهَا) أَيْ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ وَارِثِهِ) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ قَبُولِهَا وَلَوْ مِنْ وَلِيِّ الْوَارِثِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ) غَايَةٌ، وَقَوْلُهُ هَذَا خَطِّي إلَى آخَرِ مَا ذَكَرَهُ ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ قَالَ هَذَا خَطِّي، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ مُجَرَّدِ كِتَابَتِهِ نِيَّةُ الْوَصِيَّةِ. أَمَّا قَوْلُهُ هَذَا مَا فِيهِ وَصِيَّتِي فَقَدْ يُشْكِلُ بِأَنَّ مَا فِيهَا لَا يَكُونُ وَصِيَّةً إلَّا إذَا نَوَى، إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ قَوْلُهُ مَا فِيهِ وَصِيَّتِي مُحْتَمِلًا لَأَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى هَذَا مَا كَتَبْت فِيهِ لَفْظَ الْوَصِيَّةِ لَمْ يُغْنِ ذَلِكَ عَنْ الِاعْتِرَافِ بِالنِّيَّةِ نُطْقًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يَسُوغُ لِلشَّاهِدِ) أَيْ عَلَى الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَقْرَأَ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُوصِي الْكِتَابَ أَيْ وَيَعْتَرِفُونَ بِمَا فِيهِ (قَوْلُهُ: يَجْرِي فِيهَا تَفْصِيلُ الْأَخْرَسِ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ فَصَرِيحَةٌ أَوْ الْفَطِنُ فَكِنَايَةٌ وَإِلَّا فَلَغْوٌ (قَوْلُهُ وَمَرَّ أَنَّ كِتَابَتَهُ) أَيْ مِنْ خَرَسٍ (قَوْلُهُ: أَوْ كِتَابَتَهُ) أَيْ ثَانِيَةً (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ وَصِيَّةٌ) فَإِنْ قَالَ فِي الثَّانِيَةِ صَدِّقُوهُ بِيَمِينِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةً عَلَى الْأَوْجَهِ اهـ حَجّ: أَيْ وَيَكُونُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا قَنَعَ مِنْهُ) أَيْ مِمَّنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ، وَقَوْلُهُ بِحُجَّةٍ هِيَ قَوْلُهُ وَفَّيْت مَثَلًا بَدَلَ حُجَّتِهِ أَيْ الَّتِي تُطْلَبُ مِنْهُ وَهِيَ الْبَيِّنَةُ (قَوْلُهُ: لِمَا عُلِمَ أَنَّهُ فِيهَا وَقْتُهُ) أَمَّا مَا جُهِلَ حَالُهُ أَوْ عُلِمَ أَنَّهُ حَدَثَ بَعْدُ فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا بِهِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ أَوْصَى) مُسْتَأْنَفٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ اللَّفْظَيْنِ رَاجِعًا إلَى مَا وَلِيَهُ فَقَطْ دُونَ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَقْرَأَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ) اُنْظُرْ هَلْ يُكْفَى الشَّاهِدُ فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ هُنَا أَنْ يَحْكِيَ مَا وَقَعَ مِنْ الْمُوصِي وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمَكْتُوبَ.

(كَالْفُقَرَاءِ لَزِمَتْ بِالْمَوْتِ بِلَا) اشْتِرَاطِ (قَبُولٍ) لِتَعَذُّرِهِ مِنْهُمْ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَالَ لِفُقَرَاءِ مَحَلِّ كَذَا وَانْحَصَرُوا بِأَنْ سَهُلَ عَادَةً عَدُّهُمْ تَعَيَّنَ قَبُولُهُمْ وَوَجَبَتْ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ، وَلَوْ رَدَّ غَيْرَ الْمَحْصُورِينَ لَمْ يَرْتَدَّ بِرَدِّهِمْ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ لَزِمَتْ بِالْمَوْتِ، وَدَعْوَى أَنَّ عَدَمَ حَصْرِهِمْ يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ تَصَوُّرِ رَدِّهِمْ مَرْدُودَةٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ الْحَصْرِ كَثْرَتُهُمْ بِحَيْثُ يَشُقُّ عَادَةً اسْتِيعَابُهُمْ فَاسْتِيعَابُهُمْ مُمْكِنٌ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ تَصَوُّرُ رَدِّهِمْ، وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِتَعَذُّرِ قَبُولِهِمْ تَعَذُّرُهُ غَالِبًا أَوْ بِاعْتِبَارِ مَا مِنْ شَأْنِهِ، وَيَجُوزُ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْ غَيْرِ الْمَحْصُورِينَ وَلَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ (أَوْ) أَوْصَى (لِمُعَيِّنٍ) لَا كَالْعَلَوِيَّةِ؛ لِأَنَّهُمْ كَالْفُقَرَاءِ (اُشْتُرِطَ الْقَبُولُ) مِنْهُ إنْ تَأَهَّلَ وَإِنْ كَانَ الْمِلْكُ لِغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْقِنِّ وَإِلَّا فَمِنْ وَلِيِّهِ أَوْ سَيِّدِهِ أَوْ نَاظِرِ الْمَسْجِدِ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْخَيْلِ الْمُسَبَّلَةِ فِي الثُّغُورِ لَا تَحْتَاجُ لِقَبُولٍ؛ لِأَنَّهَا تُشْبِهُ الْجِهَةَ الْعَامَّةَ، وَلَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْمُعَيَّنِ بِالْعِتْقِ كَأَعْتِقُوا هَذَا بَعْدَ مَوْتِي لَمْ يُشْتَرَطْ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ حَقًّا مُؤَكَّدًا لِلَّهِ فَكَانَ كَالْجِهَةِ الْعَامَّةِ، وَكَذَا الْمُدَبَّرُ بِخِلَافِ أَوْصَيْت لَهُ بِرَقَبَتِهِ لِاقْتِضَاءِ هَذِهِ الصِّيغَةِ الْقَبُولَ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُرَادَ قَبُولَ اللَّفْظِيِّ، وَيُشْبِهُ الِاكْتِفَاءَ بِالْفِعْلِ وَهُوَ الْأَخْذُ كَالْهَدِيَّةِ، وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ (وَلَا يَصِحُّ قَبُولٌ وَلَا رَدٌّ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي) وَلَا مَعَ مَوْتِهِ، إذْ لَا حَقَّ لَهُ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ فَلِمَنْ رَدَّ حِينَئِذٍ الْقَبُولَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَعَكْسَهُ بِخِلَافِهِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ نَعَمْ الْقَبُولُ بَعْدَ الرَّدِّ لَا اعْتِبَارَ بِهِ كَالرَّدِّ بَعْدَ قَبُولٍ، سَوَاءً أَقَبَضَ أَمْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَمِنْ صَرِيحِ الرَّدِّ رَدَدْتهَا أَوْ لَا أَقْبَلُهَا أَوْ أَبْطَلْتهَا أَوْ أَلْغَيْتهَا، وَمِنْ كِنَايَاتِهِ نَحْوُ لَا حَاجَةَ لِي بِهَا وَأَنَا غَنِيٌّ عَنْهَا، وَهَذِهِ لَا تَلِيقُ بِي فِيمَا يَظْهَرُ (وَلَا يُشْتَرَطُ بَعْدَ مَوْتِهِ الْفَوْرُ) فِي الْقَبُولِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُشْتَرَطُ فِي عَقْدٍ نَاجِزٍ يَتَّصِلُ قَبُولُهُ بِإِيجَابِهِ نَعَمْ يَلْزَمُ الْوَلِيَّ الْقَبُولُ أَوَ الرَّدُّ فَوْرًا بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِمَّا اقْتَضَتْهُ الْمَصْلَحَةُ عِنَادًا انْعَزَلَ أَوْ مُتَأَوِّلًا قَامَ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ. وَالْأَوْجَهُ صِحَّةُ اقْتِصَارِهِ عَلَى قَبُولِ الْبَعْضِ فِيهَا وَفِي الْهِبَةِ، إذْ اشْتِرَاطُ الْمُطَابَقَةِ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ إنَّمَا هِيَ فِي الْبَيْعِ، وَالْوَصِيَّةُ وَالْهِبَةُ لَيْسَتَا كَذَلِكَ. (فَإِنْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي، وَكَذَا لَوْ مَاتَ مَعَهُ (بَطَلَتْ) الْوَصِيَّةُ لِعَدَمِ لُزُومِهَا وَأَيْلُولَتِهَا لِلُّزُومِ حِينَئِذٍ (أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبْلَ الْقَبُولِ وَالرَّدِّ لَمْ تَبْطُلْ (فَيَقْبَلُ وَارِثُهُ) وَلَوْ الْإِمَامَ فِيمَنْ يَرِثُهُ بَيْتُ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ خَلِيفَتُهُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَبِلَ قُضِيَ دَيْنُ مُوَرِّثِهِ مِنْهُ، نَعَمْ قَبُولُ الْوَارِثِ يُخَالِفُ قَبُولَ الْمُوصَى لَهُ فِيمَا إذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِوَلَدِهِ فَقِبَلَ عَتَقَ عَلَيْهِ الْوَلَدُ وَوَرِثَ، فَإِذَا قَبِلَ وَارِثُهُ عِتْقَ الْوَلَدِ وَلَمْ يَرِثْ؛ لِأَنَّا لَوْ وَرَّثْنَاهُ لَاعْتُبِرَ قَبُولُهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْتَبَرَ لِبَقَاءِ رِقِّهِ، وَلَا يَصِحُّ قَبُولُهُ فَلَا يُعْتَبَرُ كَذَا حَكَاهُ فِي الشَّامِلِ عَنْ الْأَصْحَابِ (وَهَلْ) جَرَى عَلَى الْعُرْفِ فِي اسْتِعْمَالِ هَلْ فِي مَقَامِ طَلَبِ التَّصَوُّرِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْهَمْزَةِ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ وَلِذَا أَتَى فِي حَيِّزِهَا بِأَمْ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي، وَجَرَى عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ الْمَحْصُورِينَ) أَمَّا الْمَحْصُورُونَ فَيَجِبُ اسْتِيعَابُهُمْ وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ، وَمِنْهُ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ فِي الْوَصِيَّةِ لِمُجَاوِرِي الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ فَتَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ لِانْحِصَارِهِمْ لِسُهُولَةِ عَدِّهِمْ؛ لِأَنَّ أَسْمَاءَهُمْ مَكْتُوبَةٌ مَضْبُوطَةٌ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ بِحَيْثُ يَشُقُّ عَادَةً اسْتِيعَابُهُمْ وَهُوَ الْأَقْرَبُ عَمَلًا بِمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يُشْتَرَطْ قَبُولُهُ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَعْتِقُ إلَّا بِالْإِعْتَاقِ مِنْ الْوَارِثِ أَوْ الْوَصِيِّ فَلَوْ امْتَنَعَ الْوَارِثُ مِنْ إعْتَاقِهِ أُجْبِرَ عَلَيْهِ لِلُزُومِهِ (قَوْلُهُ: وَيُشْبِهُ الِاكْتِفَاءَ بِالْفِعْلِ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَبُولِ اللَّفْظِيِّ إلَخْ أَيْ خِلَافًا لحج. (قَوْلُهُ وَهَذِهِ لَا تَلِيقُ بِي فِيمَا يَظْهَرُ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ لَائِقَةً بِهِ فِي الْوَاقِعِ؛ لِأَنَّ هَذَا قَدْ يُذْكَرُ لِإِظْهَارِ التَّعَفُّفِ (قَوْلُهُ انْعَزَلَ) وَقَضِيَّةُ الِانْعِزَالِ بِذَلِكَ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ صِحَّةُ اقْتِصَارِهِ إلَخْ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ وَكَذَا وَلِيُّهُ إنْ اقْتَضَتْ الْمَصْلَحَةُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنَّهُ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ عِنَادًا انْعَزَلَ فَلَا يَصِحُّ قَبُولُهُ أَوْ مُتَأَوِّلًا صَحَّ فِيمَا قَبْلَهُ وَقَامَ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ فِي الْبَاقِي. (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَبِلَ) أَيْ الْوَارِثُ وَلَوْ إمَامًا (قَوْلُهُ: قَضَى دَيْنَ مُوَرِّثِهِ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ، وَقَوْلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

صَاحِبُ التَّلْخِيصِ، وَشَارِحُو كَلَامِهِ أَنَّ الْهَمْزَةَ فِي نَحْو أَزِيدُ فِي الدَّارِ أَمْ عَمْرٌو وَأَزَيْدٌ فِي الدَّارِ أَمْ فِي الْمَسْجِدِ لِطَلَبِ التَّصَوُّرِ، أَمَّا عَلَى مَا حَقَّقَهُ السَّيِّدُ أَنَّ الْهَمْزَةَ فِي نَحْوِ هَذَيْنِ لِطَلَبِ التَّصْدِيقِ؛ لِأَنَّ السَّائِلَ مُتَصَوِّرٌ لِكُلٍّ مِنْ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَلِلدَّارِ وَلِلْمَسْجِدِ قَبْلَ جَوَابِ سُؤَالِهِ وَبَعْدَ الْجَوَابِ لَمْ يَزِدْ لَهُ شَيْءٌ فِي تَصَوُّرِهَا أَصْلًا بَلْ بَقِيَ تَصَوُّرُهَا عَلَى مَا كَانَ وَالْحَاصِلُ بِالْجَوَابِ هُوَ التَّصْدِيقُ أَيْ الْحُكْمُ الَّذِي هُوَ إدْرَاكُ النِّسْبَةِ إلَى أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ وَاقِعَةٌ أَوْ لَا؟ فَهَلْ فِي كَلَامِهِ بَاقِيَةٌ عَلَى وَضْعِهَا مِنْ طَلَبِ إيجَابِيٍّ أَوْ سَلْبِيٍّ، وَأَمْ فِي كَلَامِهِ مُنْقَطِعَةٌ لَا مُتَّصِلَةٌ، لَا مَانِعَ مِنْ وُقُوعِهَا فِي حَيِّزِ هَلْ تَشْبِيهًا لَهُ بِوُقُوعِهَا فِي حَيِّزِ الْهَمْزَةِ الَّتِي بِمَعْنَاهَا (يَمْلِكُ الْمُوصَى لَهُ) الْمُعَيَّنُ الْمُوصَى بِهِ الَّذِي لَيْسَ إعْتَاقًا (بِمَوْتِ الْمُوصِي أَمْ بِقَبُولِهِ أَمْ) الْمِلْكُ (مَوْقُوفٌ) وَمَعْنَى الْوَقْفِ هُنَا عَدَمُ الْحُكْمِ عَلَيْهِ عَقِبَ الْمَوْتَ بِشَيْءٍ (فَإِنْ قَبِلَ بَانَ أَنَّهُ مِلْكٌ بِالْمَوْتِ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَقْبَلْ بِأَنْ رَدَّ (بَانَ) أَنَّهُ مِلْكٌ (لِلْوَارِثِ) مِنْ حِينِ الْمَوْتِ (أَقْوَالٌ أَظْهَرُهَا الثَّالِثُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ لِلْمَيِّتِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ، وَلَا لِلْوَارِثِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ إلَّا بَعْدَ الْوَصِيَّةِ وَالدَّيْنِ، وَلَا لِلْمُوصَى لَهُ وَإِلَّا لَمَا صَحَّ رَدُّهُ كَالْإِرْثِ فَتَعَيَّنَ وَقْفُهُ (وَعَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ (تُبْنَى الثَّمَرَةُ وَكَسْبُ عَبْدٍ حَصَلَا) لَا قَلَاقَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ تَعْرِيفَ ثَمَرَةَ جِنْسِيٌّ فَسَاوَى التَّنْكِيرَ فِي كَسْبٍ وَوَقَعَ حِينَئِذٍ حَصَلَا صِفَةً لَهُمَا مِنْ غَيْرِ إشْكَالٍ فِيهِ كَمَا أَفَادَ ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ (بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْقَبُولِ) وَكَذَا بَقِيَّةُ الْفَوَائِدِ الْحَاصِلَةِ حِينَئِذٍ (وَنَفَقَتُهُ وَفِطْرَتُهُ) وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْمُؤَنِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَهُ الْأَوَّلَانِ وَعَلَيْهِ الْآخَرَانِ وَعَلَى الثَّانِي لَا، وَلَا قَبْلَ الْقَبُولِ بَلْ لِلْوَارِثِ، وَعَلَيْهِ وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ هِيَ مَوْقُوفَةٌ. فَإِنْ قَبِلَ فَلَهُ الْأَوَّلَانِ وَعَلَيْهِ الْآخَرَانِ وَإِلَّا فَلَا، وَإِذَا رَدَّ فَالزَّائِدُ بَعْدَ الْمَوْتِ لِلْوَارِثِ وَلَيْسَتْ مِنْ التَّرِكَةِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا دَيْنٌ (وَيُطَالَبُ) يَصِحُّ بِنَاؤُهُ لِلْفَاعِلِ فَالضَّمِيرُ لِلْعَبْدِ وَلِلْمَفْعُولِ فَهُوَ لِكُلِّ مَنْ صَلُحَتْ مِنْهُ الْمُطَالَبَةُ كَالْوَارِثِ أَوْ وَلِيِّهِ وَالْمُوصِي (وَالْمُوصَى لَهُ بِالنَّفَقَةِ إنْ تَوَقَّفَ فِي قَبُولِهِ وَرَدِّهِ) فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ وَلَمْ يَرُدَّ خَيَّرَهُ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ أَبَى حُكِمَ عَلَيْهِ بِالْإِبْطَالِ كَمُتَحَجِّرٍ امْتَنَعَ مِنْ الْإِحْيَاءِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ جَرَيَانُ ذَلِكَ عَلَى الْأَقْوَالِ كُلِّهَا، وَاسْتَشْكَلَ جَرَيَانُهُ عَلَى الثَّانِي بِأَنَّ الْمِلْكَ لِغَيْرِهِ فَكَيْفَ يُطَالَبُ بِالنَّفَقَةِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ مُطَالَبَتَهُ بِهَا وَسِيلَةٌ لِفَصْلِ الْأَمْرِ بِالْقَبُولِ أَوْ الرَّدِّ فَجَازَ لِذَلِكَ، وَبِهَذَا يُجَابُ أَيْضًا عَنْ تَرْجِيحِ ابْنِ الرِّفْعَةِ عَلَى قَوْلِ الْوَقْفُ وُجُوبُ التَّفَقُّهِ عَلَيْهِمَا كَاثْنَيْنِ عَقَدَا عَلَى امْرَأَةٍ وَجُهِلَ السَّابِقُ، وَفَرَّقَ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُعْتَرِفٌ بِوُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ مُتَمَكِّنًا مِنْ دَفْعِ الْآخَرَ، بِخِلَافِهِمَا هُنَا مَرْدُودٌ بِمَا مَرَّ فِي خِيَارِ الْبَيْعِ مِنْ أَنَّهُمَا يُطَالَبَانِ عَلَى الْقَوْلِ بِالْوَقْفِ مَعَ فَقْدِ نَظِيرِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الِاعْتِرَافِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ هُوَ السَّبَبُ فِي مُطَالَبَتِهِمَا وَالْكَلَامُ فِي الْمُطَالَبَةِ حَالًا. أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلِاسْتِقْرَارِ فَهِيَ عَلَى الْمُوصَى لَهُ إنْ قَبِلَ وَإِلَّا فَعَلَى الْوَارِثِ وَفِي وَصِيَّةِ التَّمَلُّكِ. أَمَّا لَوْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ قِنٍّ مُعَيَّنٍ بَعْدَ مَوْتِهِ فَالْمِلْكُ فِيهِ لِلْوَارِثِ إلَى عِتْقِهِ قَطْعًا كَمَا قَالَاهُ فَبَدَلُهُ لَوْ قُتِلَ لَهُ وَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا. نَعَمْ كَسْبُهُ لَهُ لَا لِلْوَارِثِ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْبَحْرِ لِتَقَرُّرِ اسْتِحْقَاقِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْهُ: أَيْ الْمُوصَى بِهِ، وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَرِثْ: أَيْ الْوَلَدُ، وَقَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ قَبُولُهُ: أَيْ إيَّاهُ (قَوْلُهُ: لَا قَلَاقَةَ فِيهِ) وَلَعَلَّ وَجْهَهَا عِنْدَ مَنْ ادَّعَاهَا أَنَّ الثَّمَرَةَ مَعْرِفَةٌ وَكَسْبَ الْعَبْدِ نَكِرَةٌ لِإِضَافَتِهِ إلَى نَكِرَةٍ، فَجُمْلَةُ حَصَلَا لَا يَحْسُنُ إعْرَابُهَا حَالًا مِنْهُمَا لِتَنْكِيرِ الْكَسْبِ، وَلَا صِفَةً لَهُمَا لِتَعْرِيفِ الثَّمَرَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجُمَلَ الْوَاقِعَةَ بَعْدَ الْمَعَارِفِ أَحْوَالٌ وَبَعْدَ النَّكِرَاتِ صِفَاتٌ وَهِيَ هُنَا بَعْدَ مَعْرِفَةٍ وَنَكِرَةٍ، فَمُرَاعَاةُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ تَحَكَّمْ. هَذَا وَقَدْ يُقَالُ إنَّ عَطْفَ النَّكِرَةِ عَلَى الْمَعْرِفَةِ كَعَكْسِهِ مُسَوِّغٌ لِمَجِيءِ الْحَالِ مِنْهُمَا فَالتَّعْبِيرُ صَحِيحٌ وَإِنْ لَمْ يُقْصَدْ التَّنْكِيرُ فِي الثَّمَرَةِ (قَوْلُهُ: وَاسْتُشْكِلَ جَرَيَانُهُ عَلَى الثَّانِي) هُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَمْ بِقَبُولِهِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ هُوَ) أَيْ الِاعْتِرَافُ (قَوْلُهُ وَفِي وَصِيَّةِ التَّمَلُّكِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْمُطَالَبَةِ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ قِنٍّ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ الَّذِي لَيْسَ بِإِعْتَاقٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ كَسْبُهُ) أَيْ الْحَاصِلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلِلْمَفْعُولِ فَهُوَ) يَعْنِي الطَّلَبَ الْمَفْهُومَ مِنْ يُطَالِبُ

[فصل في أحكام لفظية للموصى به وله]

الْعِتْقَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى بِوَقْفِ شَيْءٍ فَتَأَخَّرَ وَقْفُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَحَصَلَ مِنْهُ رِيعٌ فَإِنَّهُ لِلْوَارِثِ كَمَا أَفْتَى بِهِ جَمَاعَةٌ. وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْأَشْبَهُ: أَيْ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا جُعِلَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ عَلَى تَقْدِيرِ حُصُولِ الْوَقْفِ، قَالَ الدَّمِيرِيِّ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَنْ مَاتَ وَلَهُ عَقَارٌ لَهُ أُجْرَةٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَاسْتَغَلَّهُ الْوَارِثُ وَأَخَذَ أَصْحَابُ الدَّيْنِ الْعَقَارَ وَتَأَخَّرَ لَهُمْ شَيْءٌ، فَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُمْ عَلَى الْوَارِثِ بِمَا أَخَذَهُ، وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِشِرَاءِ عَقَارٍ بِثُلُثِهِ وَوَقَفَهُ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ وَقْفِهِ لَمْ يَبْطُلْ فِي نِصْفِ الْمَيِّتِ بَلْ يَنْتَقِلُ لِلْفُقَرَاءِ وَفَارَقَ عَلَى هَذَيْنِ ثُمَّ الْفُقَرَاءُ، فَإِنَّ أَحَدَهُمَا إذَا مَاتَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ لِلْآخَرِ بِأَنَّهُ هُنَا مَاتَ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ وَثُمَّ قَبِلَهُ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ وَقَفَ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو فَبَانَ أَحَدُهُمَا مَيِّتًا كَانَ الْكُلُّ لِلْآخَرِ كَمَا قَالَهُ الْخَفَّافُ وَغَيْرُهُ. (فَصْلٌ) فِي أَحْكَامٍ لَفْظِيَّةٍ لِلْمُوصَى بِهِ وَلَهُ (إذَا أَوْصَى بِشَاةٍ) وَأَطْلَقَ (تَنَاوَلَ) لَفْظُهُ (صَغِيرَةَ الْجُثَّةِ وَكَبِيرَتَهَا سَلِيمَةً وَمَعِيبَةً) وَكَوْنُ الْإِطْلَاقِ يَقْتَضِي صِفَةَ السَّلَامَةِ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ مَا أُنِيطَ بِمَحْضِ اللَّفْظِ كَالْبَيْعِ وَالْكَفَّارَةِ دُونَ الْوَصِيَّةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَالَ اشْتَرُوا لَهُ شَاةً أَوْ عَبْدًا تَعَيَّنَ السَّلِيمُ؛ لِأَنَّ إطْلَاقَ الْأَمْرِ بِالشِّرَاءِ يَقْتَضِيهِ كَمَا فِي التَّوْكِيلِ بِهِ (ضَأْنًا وَمَعْزًا) وَإِنْ كَانَ عَرَفَ الْمُوصِي اخْتِصَاصَهَا بِالضَّأْنِ؛ لِأَنَّهُ عُرْفٌ خَاصٌّ فَلَا يُعَارِضُ اللُّغَةَ وَلَا الْعُرْفَ الْعَامَّ وَخَرَجَ بِهِمَا نَحْوُ أَرْنَبٍ وَظَبْيٍ وَنَعَامٍ وَحُمُرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبَعْدَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ أَصْحَابُ الدَّيْنِ) أَيْ بَعْدَ اسْتِقْلَالِ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَنْتَقِلُ لِلْفُقَرَاءِ) أَيْ نِصْفُ الْبَيْتِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ هُنَا) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَفَارَقَ عَلَى هَذَيْنِ إلَخْ. (فَصْلٌ) فِي أَحْكَامٍ لَفْظِيَّةٍ لِلْمُوصَى بِهِ (قَوْلُهُ: مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ مَا أُنِيطَ إلَخْ) أَيْ فِي غَيْرِ مَا قَالُوا إنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِمَحْضِ اللَّفْظِ كَالْوَصِيَّةِ، وَهَذَا فِي الْحَقِيقَةِ كَتَعْلِيلِ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنَبِّهْ عَلَى أَمْرٍ مَعْنَوِيٍّ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ قَصَدَ بِمَا ذَكَرَ بَيَانَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُقَيَّدَةٌ بِذَلِكَ فِي كَلَامِهِمْ فَلَمْ يُرِدْ تَعْلِيلَ الْحُكْمِ بِذَلِكَ، وَقَوْلُهُ كَالْبَيْعِ مِثَالٌ لِغَيْرِ مَا أُنِيطَ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ غَايَةً (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِهِمَا نَحْوُ أَرْنَبٍ) وَخَرَجَ أَيْضًا مَا تَوَلَّدَ بَيْنَ الضَّأْنِ أَوْ الْمَعْزِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ عَلَى صُورَةِ أَحَدِهِمَا وَسَنَذْكُرُ نَظِيرَهُ عَنْ سم (قَوْلُهُ: وَظَبْيٍ وَنَعَامٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا ظِبَاءٌ، وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ قَالَ بِشَاةٍ مِنْ شِيَاهِي وَلَيْسَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَمَنْ مَاتَ وَلَهُ عَقَارٌ) قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَسْأَلَتِنَا بِأَنَّ الْعَقَارَ فِي هَذِهِ لَمْ يَتَعَيَّنْ لِلدَّيْنِ، بِخِلَافِ الْمُوصَى بِوَقْفِهِ فَإِنَّهُ مُتَعَيِّنٌ لِلْوَقْفِ وَمِنْ ثَمَّ اعْتَمَدَ حَجّ مُسَاوَاةَ الْمُوصَى بِوَقْفِهِ لِلْمُوصَى بِعِتْقِهِ (قَوْلُهُ: فَكَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ كَوْنِ هَذَا مُقْتَضِيًا لِانْتِقَالِ حِصَّتِهِ لِلْفُقَرَاءِ مَعَ أَنَّ الْمُتَبَادِرَ اقْتِضَاؤُهُ لِلِانْتِقَالِ لِلْآخَرِ إذْ اسْتِحْقَاقُ الْفُقَرَاءِ مُرَتَّبٌ عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ كَالْآخَرِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ وَقَفَ عَلَى زَيْدٍ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ هَذَا الِاسْتِنْتَاجِ مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الَّذِي يُنْتِجُهُ مَا مَرَّ مِنْ الْفَرْقِ عَدَمُ الِانْتِقَالِ فِي هَذَا لِلْآخَرِ بِالْأَوْلَى، إذْ هُوَ هُنَا مَاتَ أَيْضًا قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ بَلْ وَقَبْلَ الْوَقْفِ بِالْكُلِّيَّةِ (قَوْلُهُ: عَاجِلًا) أَيْ بِأَنْ لَا تَتَطَاوَلَ مَعَهُ الْحَيَاةُ كَمَا سَبَقَ التَّعْبِيرُ بِذَلِكَ فِي كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ الَّذِي تَبِعَهُ فِيهِ الشَّيْخَانِ فَخَرَجَ نَحْوُ السُّلِّ، إذْ الصَّحِيحُ أَنَّهُ غَيْرُ مَخُوفٍ كَمَا يَأْتِي. قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ:؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَسْلَمْ مِنْهُ صَاحِبُهُ غَالِبًا لَا يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ عَاجِلًا. [فَصْل فِي أَحْكَامٍ لَفْظِيَّة لِلْمُوصَى بِهِ وَلَه] (فَصْلٌ) فِي أَحْكَامٍ لَفْظِيَّةٍ لِلْمُوصَى بِهِ

وَحْشٍ وَبَقَرِهِ، وَمَا زَعَمَهُ ابْنُ عُصْفُورٍ مِنْ إطْلَاقِهَا عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ شَاذٌّ نَعَمْ لَوْ قَالَ شَاةً مِنْ شِيَاهِي وَلَيْسَ لَهُ إلَّا ظِبَاءٌ أُعْطِيَ مِنْهَا كَمَا بَحَثَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَنَقَلَهُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ عَنْ الْأَصْحَابِ وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ (وَكَذَا ذَكَرٍ) وَخُنْثَى (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهَا اسْمُ جِنْسٍ كَالْإِنْسَانِ وَتَاؤُهَا لِلْوَحْدَةِ لَا لِلتَّأْنِيثِ كَحَمَامٍ وَحَمَامَةٍ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُمْ لَفْظُ الشَّاةِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، وَلِهَذَا حَمَلُوا خَبَرَ «فِي أَرْبَعِينَ شَاةً» عَلَى الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ، وَالثَّانِي لَا يَتَنَاوَلُهُ لِلْعُرْفِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ عَدَمِ مُخَصَّصٍ، فَفِي شَاةٍ يُنْزِيهَا يَتَعَيَّنُ الذَّكَرُ الصَّالِحُ لِذَلِكَ، وَيُنْزِي عَلَيْهَا أَوْ يَنْتَفِعُ بِدَرِّهَا وَنَسْلِهَا يَتَعَيَّنُ الْأُنْثَى الصَّالِحَةُ بِذَلِكَ، وَيُنْتَفَعُ بِصُوفِهَا يَتَعَيَّنُ ضَأْنٌ، وَبِشَعْرِهَا يَتَعَيَّنُ مَعْزٌ (لَا سَخْلَةٌ) وَهِيَ وَلَدُ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى مَا لَمْ تَبْلُغْ سَنَةً (وَعَنَاقٌ) وَهِيَ أُنْثَى الْمَعْزِ مَا لَمْ تَبْلُغْ سَنَةً وَالْجَدْيُ ذَكَرُهُ وَهُوَ مِثْلُهَا بِالْأَوْلَى وَذِكْرُهُمَا فِي كَلَامِهِمْ مَعَ دُخُولِهِمَا فِي السَّخْلَةِ لِلْإِيضَاحِ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ كِلَيْهِمَا لَا يُسَمَّى شَاةً لِصِغَرِ سِنِّهِمَا، وَالثَّانِي يَتَنَاوَلُهُمَا لِصِدْقِ الِاسْمِ (وَلَوْ) (قَالَ أَعْطُوهُ شَاةً) أَوْ رَأْسَا (مِنْ غَنَمِي) أَوْ مِنْ شِيَاهِي بَعْدَ مَوْتِي وَلَهُ غَنَمٌ عِنْدَ مَوْتِهِ أُعْطِيَ وَاحِدَةً مِنْهَا وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ غَيْرِهَا وَإِنْ رَضِيَا؛ لِأَنَّهُ صُلْحٌ عَلَى مَجْهُولٍ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سِوَى وَاحِدَةٌ تَعَيَّنَتْ إنْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ (وَلَا غَنَمَ لَهُ) عِنْدَ الْمَوْتِ (لَغَتْ) وَصِيَّتُهُ لِعَدَمِ مَا تَتَعَلَّقُ بِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ ظِبَاءٌ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُسَمَّى شِيَاهُ الْبَرِّ لَا غَنَمُهُ، وَبِهِ فَارَقَ مَا مَرَّ فَانْدَفَعَ الْقَوْلُ بِكَوْنِهِ مُخَالِفًا ـــــــــــــــــــــــــــــSلَهُ إلَّا ظِبَاءٌ حَيْثُ يُعْطَى وَاحِدَةً مِنْهَا أَنَّ إضَافَةَ الشِّيَاهِ إلَيْهِ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ مَا يَخْتَصُّ بِهِ وَحَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا ظِبَاءٌ حُمِلَ عَلَيْهَا صَوْنًا لِعِبَارَتِهِ عَنْ الْإِلْغَاءِ مَا أَمْكَنَ (قَوْلُهُ: وَبَقَرِهِ) أَيْ وَمِثْلُهُ الْأَهْلِيُّ بِالْأَوْلَى، وَقَوْلُهُ مِنْ إطْلَاقِهَا: أَيْ الشِّيَاهِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ إلَّا ظِبَاءٌ) شَامِلٌ لِمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَقْتُ الْمَوْتِ ظِبَاءٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَقْتُ الْوَصِيَّةِ إلَّا هِيَ وَلَهُ غَنَمٌ وَقْتُ الْمَوْتِ، وَمَا لَوْ كَانَتْ صِيغَتُهُ أَعْطُوهُ شَاةً مِنْ شِيَاهِي وَلَمْ يُقَيِّدْ بِبَعْدِ مَوْتَى وَلَا غَيْرِهِ وَبِمَا إذَا قَالَ بَعْدَ مَوْتَى، وَالظَّاهِرُ أَخْذًا مِنْ نَظَائِرِهِ الْآتِيَةِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِوَقْتِ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: كَحَمَامٍ وَحَمَامَةٍ) مِثَالٌ لِمَا تَاؤُهُ لِلْوَحْدَةِ، وَقَوْلُهُ وَلِهَذَا: أَيْ قَوْلُهُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ (قَوْلُهُ وَالثَّانِي لَا يَتَنَاوَلُهُ) أَيْ الذَّكَرُ (قَوْلُهُ: وَيُنْزَى عَلَيْهَا) بِضَمِّ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِ الزَّايِ وَسُكُونِ النُّونِ وَبِتَشْدِيدِهَا مَعَ فَتْحِ النُّونِ يُقَالُ أَنَزَاهُ غَيْرُهُ وَنَزَّاهُ تَنْزِيَةً اهـ مُخْتَارَ (قَوْلُهُ: لَا سَخْلَةَ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَقُلْ شَاةً مِنْ غَنَمِي وَلَيْسَ عِنْدَهُ إلَّا السِّخَالُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ غَيْرُهَا صَحَّتْ وَأَعْطَى أَحَدهَا، وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي التَّفْصِيلِ الْآتِي أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ. نَعَمْ لَوْ قَالَ شَاةً مِنْ شِيَاهِي وَلَيْسَ إلَّا ظِبَاءٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَبْلُغْ سَنَةً) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّ مَا نَقَصَتْ بِهِ السَّنَةُ كَلَحْظَةٍ، وَقَوْلُهُ وَعَنَاقٌ عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ وَقَوْلُهُ وَهُوَ مِثْلُهَا: أَيْ فِي عَدَمِ الدُّخُولِ، وَقَوْلُهُ وَذَكَرَهُمَا: أَيْ الْعَنَاقَ وَالْجِدْيُ. (قَوْلُهُ: أَعْطَى وَاحِدَةً) أَيْ كَامِلَةً فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ نِصْفَيْنِ مِنْ شَاتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى شَاةً (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ غَيْرِهَا) وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْأَرِقَّاءِ (قَوْلُهُ: إنْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ) وَإِلَّا أُعْطِيَ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ وَلَوْ جُزْءَ شَاةٍ فِيمَا يَظْهَرُ، لَكِنَّ قِيَاسَ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ ثُمَّ قَالَ إنَّهُ لَوْ فَضَلَ شَيْءٌ عَنْ أَنْفَسِ رَقَبَتَيْنِ مِنْ أَنَّهُ يُصْرَفُ لِلْوَارِثِ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ غَنَمِي أَوْ شِيَاهِي وَعَلَيْهِ فَيُشْكِلُ قَوْلُهُ الْآتِي وَإِنْ كَانَ لَهُ ظِبَاءٌ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ شَاةً مِنْ شِيَاهِي وَلَيْسَ لَهُ إلَّا ظِبَاءٌ أُعْطِيَ مِنْهَا، وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ اسْمَ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ لِلْغَنَمِ خَاصَّةً دُونَ الشِّيَاهِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ إنَّمَا تُسَمَّى شِيَاهُ الْبَرِّ لَا غَنَمُهُ (قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ مَا مَرَّ) اُنْظُرْ مَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ مَا مَرَّ فَإِنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ مِنْ كَلَامِهِ مَا يَحْصُلُ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا ذَكَرَهُ وَغَيْرِهِ نَعَمْ ذَكَرَ حَجّ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَهُوَ مِثْلُهَا بِالْأَوْلَى) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُسَمَّى شِيَاهَ الْبَرِّ لَا غَنَمَهُ) تَعْلِيلٌ لِمَا فِي الْمَتْنِ خَاصَّةً كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُعْطَى ظَبْيَهُ فِيمَا إذَا قَالَ مِنْ شِيَاهِي الَّذِي زَادَهْ الشَّارِحُ

لَهُ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ غَنَمٌ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ وَلَهُ ذَلِكَ عِنْدَ الْمَوْتِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ كَمَا لَوْ قَالَ أَعْطُوهُ رَأْسًا مِنْ رَقِيقِي وَلَا رَقِيقَ لَهُ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ مَلَكَهُ بَعْدُ (وَإِنْ) (قَالَ) أَعْطُوهُ شَاةً (مِنْ مَالِي) وَلَا غَنَمَ لَهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ أَيْ عِنْدَ مَوْتِهِ (اُشْتُرِيَتْ لَهُ) شَاةٌ بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ وَلَوْ مَعِيبَةً، فَالضَّمِيرُ فِي اُشْتُرِيَتْ لِلشَّاةِ وَهُوَ لِلْوَحْدَةِ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ اشْتَرَى أَوْ اشْتَرَيْت وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ اشْتَرَى أَوْلَى، فَإِنْ كَانَ لَهُ غَنَمٌ فَلِلْوَارِثِ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْهَا وَأَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ غَيْرِهَا شَاةً عَلَى غَيْرِ صِفَةِ غَنَمِهِ لِشُمُولِ الْوَصِيَّةِ لِذَلِكَ، وَإِنْ قَالَ اشْتَرُوا لَهُ شَاةً تَعَيَّنَتْ سَلِيمَةً كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ إطْلَاقَ الْأَمْرِ بِالشِّرَاءِ يَقْتَضِيهَا كَمَا فِي التَّوْكِيلِ بِالشِّرَاءِ، وَيُقَاسُ بِمَا ذُكِرَ أَعْطُوهُ رَأْسًا مِنْ رَقِيقِي أَوْ رَأْسًا مِنْ مَالِي أَوْ اشْتَرُوا ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ أَعْطُوهُ رَقِيقًا وَاقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ فَكَمَا لَوْ قَالَ مِنْ مَالِي فِي أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ إعْطَائِهِ مِنْ أَرِقَّائِهِ أَوْ غَيْرِهِمْ، وَيُقَاسُ عَلَيْهِ مَا لَوْ قَالَ أَعْطُوهُ شَاةً وَلَمْ يَقُلْ مِنْ مَالِي وَلَا غَنَمِي (وَالْجَمَلُ وَالنَّاقَةُ يَتَنَاوَلَانِ الْبَخَاتِيِّ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِهَا وَاحِدُهَا بُخْتِيٌّ وَبُخْتِيَّةٌ (وَالْعِرَابُ) السَّلِيمُ وَالصَّغِيرُ وَضِدُّهُمَا لِصِدْقِ الِاسْمِ عَلَيْهِمَا (لَا أَحَدُهُمَا الْآخَرَ) فَلَا يَتَنَاوَلُ الْجَمَلُ النَّاقَةَ وَعَكْسُهُ لِاخْتِصَاصِهِ بِالذَّكَرِ وَهِيَ الْأُنْثَى، فَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَتَنَاوَلْ الْبَعِيرَ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ جَزْمًا (وَالْأَصَحُّ تَنَاوُلُ بَعِيرٍ نَاقَةً) وَغَيْرَهَا مِنْ نَظِيرِ مَا مَرَّ فِي الشَّاةِ؛ لِأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ، وَمِنْ ثَمَّ سُمِعَ حَلَبَ بَعِيرَهُ إلَّا الْفَصِيلَ وَهُوَ وَلَدُ النَّاقَةِ إذَا فُصِلَ عَنْهَا وَالثَّانِي الْمَنْعُ وَرَجَّحَهُ كَثِيرُونَ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْغَزَالِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ (لَا) بَغْلَةٍ ذَكَرًا وَلَا (بَقَرَةٍ ثَوْرًا) بِالْمُثَلَّثَةِ وَلَا عِجْلَةً وَفِي مَا لَمْ تَبْلُغْ سَنَةً لِلْعُرْفِ الْعَامِّ وَإِنْ اتَّفَقَ أَهْلُ اللُّغَةِ عَلَى إطْلَاقِهَا عَلَيْهِ إذْ لَمْ يُشْتَهَرْ عُرْفًا (وَالثَّوْرُ) ـــــــــــــــــــــــــــــSمَحَلَّ الْإِلْغَاءِ إذَا قَالَ مِنْ غَنَمِي بِخِلَافِ مِنْ شِيَاهِي وَفَرَّقَ بِمَا ذُكِرَ وَهُوَ وَاضِحٌ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَيْهِ بِتَخْصِيصِ قَوْلِهِ ذَلِكَ بِالْغَنَمِ دُونَ الشِّيَاهِ كَمَا مَرَّ بِالْهَامِشِ، وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ قَالَ شَاةً مِنْ شِيَاهِي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعِيبَةً) هَذَا مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَالَ اشْتَرَوْا لَهُ شَاةً إلَخْ صَرِيحٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ كَوْنِ الْأَمْرِ بِالشِّرَاءِ صَرِيحًا وَكَوْنُهُ لَازِمًا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَعْطُوهُ رَأْسًا مِنْ رَقِيقِي أَوْ رَأْسًا مِنْ مَالِي) أَيْ فَإِنَّهُ فِي هَذِهِ تَجُوزُ الْمَعِيبَةُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقُلْ مِنْ مَالِي وَلَا غَنَمِي) أَيْ فَإِنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْإِعْطَاءِ مِنْ غَنَمِهِ حَيْثُ كَانَ لَهُ غَنَمٌ وَبَيْنَ الشِّرَاءِ مِنْ غَيْرِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَنَمٌ أَوْ رَقِيقٌ تَعَيَّنَ الشِّرَاءُ مِنْ مَالِهِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِ، فَكَمَا لَوْ قَالَ مِنْ مَالِي إلَخْ (قَوْلُهُ: فَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَتَنَاوَلْ الْبَعِيرَ) يُتَأَمَّلْ هَذَا مَعَ مَا بَعْدَهُ فَإِنَّ الْبَعِيرَ شَامِلٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، فَلَا مَعْنَى لِعَدَمِ تَنَاوُلِ النَّاقَةِ الْخَاصِّ بِالْأُنْثَى لِمُطْلَقِ الْبَعِيرِ الشَّامِلِ لَهَا وَلِلذَّكَرِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ بِالْبَعِيرِ الذَّكَرُ، وَفِيهِ مَا فِيهِ لِفَهْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَتَنَاوَلُ إلَخْ، وَفِي الْمُخْتَارِ: وَإِنَّمَا يُسَمَّى بَعِيرًا إذَا أَجْذَعَ اهـ. وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِالْبَعِيرِ هُنَا الذَّكَرُ إذَا أَجْذَعَ، وَهُوَ أَخَصُّ مِنْ مُطْلَقِ الْجَمَلِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ وَلَدُ النَّاقَةِ إذَا فُصِلَ عَنْهَا) أَيْ وَلَمْ يَبْلُغْ سَنَةً وَإِلَّا سُمِّيَ ابْنَ مَخَاضٍ وَبِنْتَهَا وَهَلْ يَتَنَاوَلُ الْجَمَلَ وَالنَّاقَةَ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَعِبَارَةُ حَجّ: قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ إنَّمَا يُقَالُ جَمَلٌ وَنَاقَةٌ إذَا أَرْبَعَا، فَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَقَعُودٌ وَقَلُوصٌ وَبَكْرٌ اهـ. وَحِينَئِذٍ فَهَلْ تُعْتَبَرُ هَذِهِ الْأَسْمَاءُ وَلَا يَتَنَاوَلُ أَحَدُهَا الْآخَرَ عَمَلًا بِاللُّغَةِ، أَوْ مَا عَدَا الْفَصِيلَ الْمَذْكُورَ يَشْمَلُهُ الْجَمَلُ وَالْأُنْثَى تَشْمَلُهُ النَّاقَةُ؟ لِلنَّظَرِ فِيهِ مَجَالٌ، وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ وَسَأَذْكُرُهُ أَنَّهُ إنْ عُرِفَ عُرْفٌ عَامٌّ بِخِلَافِ اللُّغَةِ عُمِلَ بِهِ وَإِلَّا فَبِهَا وَاقْتِضَاءُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَّاحِ وَغَيْرِهِمْ. الثَّانِي أَعْنِي مَا عَدَا الْفَصِيلَ فِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ اهـ. وَقَوْلُ حَجّ إذَا أَرْبَعَا: أَيْ دَخَلَا فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى إطْلَاقِهَا) أَيْ الْبَقَرَةِ عَلَيْهِ: أَيْ الثَّوْرِ، وَقَوْلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَتَنَاوَلْ الْبَعِيرَ إلَخْ) مِثْلُهُ فِي التُّحْفَةِ لَكِنَّ عِبَارَتَهَا: فَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَتَنَاوَلْ الْبَعِيرَ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالظَّاهِرُ الْجَزْمُ بِهِ. اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ سم مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ فَمِنْ ثَمَّ إلَخْ يَتَأَمَّلْ فَائِدَتَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اتَّفَقَ أَهْلُ اللُّغَةِ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْعُرْفَ الْعَامَّ مُقَدَّمٌ عَلَى اللُّغَةِ مُطْلَقًا وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: عَلَى إطْلَاقِهَا عَلَيْهِ) أَيْ إطْلَاقِ الْبَقَرَةِ عَلَى الثَّوْرِ.

أَوْ الْكَلْبُ أَوْ الْحِمَارُ مَصْرُوفٌ (لِلذَّكَرِ) فَقَطْ لِذَلِكَ. وَيَتَنَاوَلُ الْبَقَرُ جَامُوسًا وَعَكْسُهُ كَمَا بَحْثَاهُ بِدَلِيلِ تَكْمِيلِ نِصَابِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ وَعَدِّهِمَا فِي الزِّنَا جِنْسًا وَاحِدًا، بِخِلَافِ بَقَرِ الْوَحْشِ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ الْبَقَرُ. نَعَمْ إنْ قَالَ مِنْ بَقَرِي وَلَا بَقَرَ لَهُ سِوَاهَا دَخَلَتْ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَإِنَّمَا حَنِثَ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ بَقَرٍ بِأَكْلِهِ لَحْمَ بَقَرٍ وَحْشِيٍّ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى اللُّغَةِ حَيْثُ لَا عُرْفٌ عَامٌّ يُخَالِفُهَا وَإِنْ خَفِيَتْ كَمَا يَظْهَرُ بِتَأَمُّلِ كَلَامِهِمْ وَثُمَّ لَا يُبْنَى عَلَى اللُّغَةِ إلَّا إنْ اُشْتُهِرَتْ، وَإِلَّا رُجِعَ لِلْعُرْفِ الْعَامِّ أَوْ الْخَاصِّ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي ثُمَّ (وَالْمَذْهَبُ حَمْلُ الدَّابَّةِ) وَهِيَ لُغَةً كُلُّ مَا يَدِبُّ عَلَى الْأَرْضِ (عَلَى فَرَسٍ وَبَغْلٍ وَحِمَارٍ) أَهْلِيٍّ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ رُكُوبُهَا كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُمْ، خِلَافًا لِمَا فِي التَّتِمَّةِ فَيُعْطَى أَحَدَهَا فِي كُلِّ بَلَدٍ عَمَلًا بِالْعُرْفِ كَالْعِرَاقِ، بِخِلَافِ سَائِرِ الْبِلَادِ، وَيَتَعَيَّنُ أَحَدُهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ سِوَاهُ أَوْ إنْ ذُكِرَ مُخَصَّصُهُ كَالْكَرِّ وَالْفَرِّ، أَوْ الْقِتَالِ لِلْفَرَسِ وَأُلْحِقَ بِمَا إذَا قَالَ ذَلِكَ فِيلٌ اُعْتِيدَ الْقِتَالُ عَلَيْهِ وَكَالْحَمْلِ لِلْأَخِيرَيْنِ، وَحِينَئِذٍ لَا يُعْطَى إلَّا صَالِحًا أَخْذًا لَهُ مِمَّا مَرَّ، فَإِنْ اُعْتِيدَ عَلَى الْبَرَاذِينِ أَوْ الْبَقَرِ أَوْ الْجِمَالِ دَخَلَتْ فَيُعْطَى أَحَدَهُمَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ وَاحِدٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ بَطَلَتْ. نَعَمْ إنْ كَانَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ النَّعَمِ أَوْ نَحْوِهَا فَالْقِيَاسُ الصِّحَّةُ وَيُعْطَى مِنْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSمَصْرُوفٌ لِلذَّكَرِ: أَيْ وَلَوْ مِنْ الْجَوَامِيسِ (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ لِلْعُرْفِ (قَوْلُهُ: وَيَتَنَاوَلُ الْبَقَرُ جَامُوسًا) خِلَافًا لحج وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَقَوْلُهُ وَعَكْسُهُ قَدْ يُمْنَعُ بِأَنَّ اسْمَ الْجَامُوسِ لَا يَتَنَاوَلُ الْعِرَابَ الْمُسَمَّاةَ فِي الْعُرْفِ بِالْبَقَرِ، بِخِلَافِ تَنَاوُلِ الْبَقَرِ لِلْجَوَامِيسِ فَإِنَّ الْبَقَرَ جِنْسٌ تَحْتَهُ الْعِرَابُ وَالْجَوَامِيسُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ نَظَرَ لِتَكْمِيلِ نِصَابِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ لَقِيلَ بِتَنَاوُلِ الضَّأْنِ الْمَعْزَ وَعَكْسَهُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَتَنَاوَلُهُ الْبَقَرُ) أَيْ لِلْعُرْفِ الْعَامِّ أَيْضًا (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ مَا هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى اللُّغَةِ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ فِيهِ فَإِنَّ الْمُسْتَفَادَ مِنْهُ هُنَا أَنَّ الْعُرْفَ الْعَامَّ تَخْصِيصُ الْبَقَرِ بِالْأَهْلِيِّ، وَمِنْ ثَمَّ حُمِلَ عَلَيْهِ وَأَنَّ الْعُرْفَ الْعَامَّ فِي الْأَيْمَانِ شَامِلٌ لِكِلَيْهِمَا، وَمِنْ ثَمَّ حَنِثَ بِكُلٍّ، وَعَلَيْهِ فَقَدْ اخْتَلَفَ كَلَامُهُ فِي الْعُرْفِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْعُرْفُ هُنَا غَيْرُهُ فِي الْأَيْمَانِ وَهُوَ بَعِيدٌ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ: وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْعُرْفِ، وَمَا هُنَاكَ إنَّمَا يُبْنَى عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَضْطَرِبْ وَهُوَ فِي ذَلِكَ مُضْطَرِبٌ اهـ (قَوْلُهُ: كُلُّ مَا يَدِبُّ) هِيَ بِكَسْرِ الدَّالِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: عَلَى فَرَسٍ) ذَكَرٍ وَأُنْثَى، وَقَوْلُهُ وَبَغْلٍ ذَكَرٍ، وَقَوْلُهُ وَحِمَارٍ ذَكَرٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ رُكُوبُهَا) أَيْ لِصِغَرِهَا مَثَلًا (قَوْلُهُ: عَمَلًا بِالْعُرْفِ كَالْعِرَاقِ) مِثَالٌ لِكُلِّ بَلَدٍ. وَدُفِعَ بِهِ مَا قِيلَ إنَّ الْمُوصِي حَيْثُ كَانَ مِنْ الْعِرَاقِ تُحْمَلُ الدَّابَّةُ فِي كَلَامِهِ عَلَى الْفَرَسِ، لَكِنْ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ بِخِلَافِ إلَخْ، وَلَعَلَّ فِي الْعِبَارَةِ سَقْطًا، وَعِبَارَةُ حَجّ عَمَلًا بِالْعُرْفِ الْعَامِّ، وَزَعْمُ خُصُوصِهِ بِأَهْلِ مِصْرَ مَمْنُوعٌ كَزَعْمِ أَنَّ عُرْفَهُمْ يَخُصُّهَا بِالْفَرَسِ كَالْعِرَاقِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا يُعْطَى إلَّا صَالِحًا) أَيْ لِلْحَمْلِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اُعْتِيدَ) أَنْ بِأَنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ وَاشْتَهَرَ بَيْنَهُمْ بِحَيْثُ لَا يُنْكَرُ عَلَى فَاعِلِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْبَقَرُ) فِي كَوْنِ جَوَازِ إعْطَاءِ الْبَقَرِ إذَا اُعْتِيدَ الْحَمْلُ عَلَيْهَا نَظَرٌ؛ لِأَنَّ اسْمَ الدَّابَّةِ لَا يَشْمَلُهَا عُرْفًا، وَوَصْفُ الدَّابَّةِ بِالْحَمْلِ عَلَيْهَا مُخَصَّصٌ لَا مَعَهُمْ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: إذَا قَالَ دَابَّةً لِلْحَمْلِ دَخَلَ فِيهَا الْجِمَالُ وَالْبَقَرُ إنْ اعْتَادُوا الْحَمْلَ عَلَيْهَا. قَالَ شَارِحُهُ: وَأَمَّا الرَّافِعِيُّ فَضَعَّفَهُ بِأَنَّا إذَا نَزَّلْنَا الدَّابَّةَ عَلَى الْأَجْنَاسِ الثَّلَاثَةِ لَا يَنْظِمُ حَمْلُهَا عَلَى غَيْرِهَا بِقَيْدٍ أَوْ صِفَةٍ (قَوْلُهُ فَيُعْطِي أَحَدَهَا) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمُعْطَى صَغِيرًا كَسَخْلٍ لِصِدْقِ اسْمِ الدَّابَّةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ وَاحِدٌ مِنْ الثَّلَاثِ بَطَلَتْ) هَذَا وَاضِحٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: حَيْثُ لَا عُرْفَ عَامٌّ يُخَالِفُهَا) أَفْهَمَ أَنَّهُ إذَا خَالَفَهَا الْعُرْفُ الْعَامُّ لَمْ تُبْنَ الْوَصِيَّةُ عَلَيْهَا وَهُوَ يُخَالِفُ مَا يَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ اُشْتُهِرَتْ) أَيْ فَإِنْ اُشْتُهِرَتْ قُدِّمَتْ عَلَى الْعُرْفِ، وَهَذَا رُبَّمَا يُخَالِفُ مَا اُشْتُهِرَ أَنَّ الْأَيْمَانَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ (قَوْلُهُ: عَمَلًا بِالْعُرْفِ كَالْعِرَاقِ) كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِيهِ سَقْطًا مِنْ الْكَتَبَةِ. وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ عَمَلًا بِالْعُرْفِ الْعَامِّ وَزَعْمُ خُصُوصِهِ بِأَهْلِ مِصْرَ مَمْنُوعٌ كَزَعْمِ أَنَّ عُرْفَهُمْ يَخُصُّهَا بِالْفَرَسِ كَالْعِرَاقِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ وَاحِدٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ بَطَلَتْ) لَعَلَّهُ فِيمَا إذَا قَالَ دَابَّةٌ مِنْ دَوَابِّي كَمَا صَوَّرَهُ بِذَلِكَ الشِّهَابُ سم فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ،

لِصِدْقِ اسْمِ الدَّابَّةِ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ كَمَا لَوْ قَالَ أَعْطُوهُ شَاةً مِنْ شِيَاهِي وَلَيْسَ عِنْدَهُ إلَّا ظِبَاءٌ فَإِنَّهُ يُعْطَى مِنْهَا كَمَا مَرَّ، وَجَزَمَ بِهَذَا فِي الْعُبَابِ. وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ مَعْنَى الْحَقِيقَةِ اللُّغَوِيَّةِ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى الْمَجَازِ الْعُرْفِيِّ. قَالَ: وَيَدُلُّ لَهُ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَوْلَادُ أَوْلَادٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْوَقْفُ وَيُصْرَفُ إلَيْهِمْ وَإِنْ كَانَ إطْلَاقُ الْوَلَدِ عَلَيْهِمْ مَجَازًا، لَكِنْ يَتَعَيَّنُ الْمَجَازُ بِمُقْتَضَى الْوَاقِعِ (وَيَتَنَاوَلُ الرَّقِيقَ صَغِيرًا وَأُنْثَى وَمَعِيبًا وَكَافِرًا وَعُكُوسَهَا) وَخُنْثَى لِصِدْقِ الِاسْمِ، نَعَمْ إنْ خَصَّصَهُ تَخَصَّصَ نَظِيرُ مَا مَرَّ، فَفِي يُقَاتِلُ مَعَهُ أَوْ يَخْدُمُهُ فِي السَّفَرِ يَتَعَيَّنُ الذَّكَرُ وَكَوْنُهُ فِي الْأُولَى سَلِيمًا مِنْ نَحْوِ عَمًى وَزَمَانَةٍ وَلَوْ غَيْرَ بَالِغٍ، وَفِي الثَّانِيَةِ سَلِيمٌ مِمَّا يَمْنَعُ الْخِدْمَةَ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَوْ قَالَ أَعْطُوهُ رَقِيقًا يَخْدُمُهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَطْلَقَ: أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ لَا مُطْلَقًا إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِمِنْ لَا يَصْلُحُ لِلْخِدْمَةِ، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ لِيَحِضْنَ وَلَدَهُ تَعَيَّنَ الْأُنْثَى وَالْأَوْجَهُ فِي يَتَمَتَّعُ بِهِ الْأُنْثَى السَّلِيمَةُ مِنْ مُثْبِتِ خِيَارِ النِّكَاحِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ يُعْلَمُ أَنَّ مَا أَجْمَلَهُ الْمُوصِي يُحْمَلُ عَلَى اللُّغَةِ مَا أَمْكَنَ، وَإِلَّا فَالْعُرْفُ الْعَامُّ ثُمَّ الْخَاصُّ بِبَلَدِ الْمُوصِي، فَإِنْ فُقِدَ ذَلِكَ كُلُّهُ رَجَعَ الِاجْتِهَاد الْوَصِيَّ ثُمَّ الْحَاكِمَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ الْوَصِيَّةِ بِطَعَامٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSإنْ كَانَتْ الصِّيغَةُ نَحْوَ أَعْطُوهُ دَابَّةً مِنْ دَوَابِّي، أَمَّا لَوْ قَالَ أَوْصَيْت لَهُ بِدَابَّةٍ وَأَطْلَقَ، أَوْ قَالَ مِنْ مَالِي فَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي أَعْطُوهُ شَاةً مِنْ مَالِي أَنْ يَشْتَرِي دَابَّةً، وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ. قَوْلُهُ وَيَتَنَاوَلُ دَابَّةً إلَخْ. قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: فَلَوْ قَالَ أَعْطُوهُ دَابَّةً مِنْ دَوَابِّي وَمَعَهُ دَابَّةٌ مِنْ جِنْسٍ مِنْ الْأَجْنَاسِ الثَّلَاثَةِ تَعَيَّنَتْ، أَوْ دَابَّتَانِ مِنْ جِنْسَيْنِ مِنْهَا تَخَيَّرَ الْوَارِثُ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْهَا عِنْدَ مَوْتِهِ بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِيَوْمِ الْمَوْتِ لَا بِيَوْمِ الْوَصِيَّةِ اهـ. فَهُوَ كَمَا تَرَى صَوَّرَ الْمَسْأَلَةَ بِمَا لَوْ قَالَ مِنْ دَوَابِّي، وَمَفْهُومُهُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ. [فَرْعٌ] قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ: وَالْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حُكْمُهُ حُكْمُهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَبَيْنَ أَحَدِهَا وَغَيْرِهَا يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ لَا يَدْخُلُ مُطْلَقًا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُنْظَرَ إلَى صُورَتِهِ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ فِي الزَّكَاةِ وَالْأُضْحِيَّةِ وَإِنْ أَمْكَنَ الْفَرْقُ اهـ (قَوْلُهُ نَظِيرُ مَا مَرَّ) أَيْ فِي الشَّاةِ وَنَحْوِهَا، وَقَوْلُهُ وَكَوْنُهُ فِي الْأُولَى هِيَ قَوْلُهُ فَفِي يُقَاتِلُ مَعَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا يَكْتَفِي بِمِنْ لَا يُصْلَحُ لِلْخِدْمَةِ) أَيْ حَالَ مَوْتِ الْمُوصِي وَإِنْ كَانَ عَدَمُ صَلَاحِيَّتِهِ لِلْخِدْمَةِ لِلصِّغَرِ (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ الْأُنْثَى) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ذَاتَ لَبَنٍ (قَوْلُهُ: مِنْ مُثْبَتِ خِيَارِ النِّكَاحِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُقْبَلُ مِنْ الْوَارِثِ الْمَعِيبَةُ بِغَيْرِ مَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ كَالْعَمَى فَلْيُرَاجَعْ، وَعَلَيْهِ فَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ الْإِعْفَافِ حَيْثُ لَا يَكْفِي فِيهِ تَزْوِيجُ الْأَبِ بِنَحْوِ الْعَمْيَاءِ وَالْعَرْجَاءِ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ ثَمَّ إعْفَافُ الْأَبِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ، وَهُنَا الْمَقْصُودُ الْعَمَلُ بِقَوْلِ الْمُوصِي يَتَمَتَّعُ بِهَا وَأَصْلُ التَّمَتُّعِ حَاصِلٌ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَبِمَا تَقَرَّرَ) فِي كَوْنِ مَا تَقَرَّرَ مُفِيدًا لِذَلِكَ نَظَرٌ، بَلْ قَدْ يُفِيدُ حَمْلَ الدَّابَّةِ عَلَى الْفَرَسِ وَالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ خِلَافُهُ حَيْثُ قَدَّمَ فِيهَا الْعُرْفَ عَلَى اللُّغَةِ مَعَ إمْكَانِهَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْحَاكِمُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُرْجَعُ لِلْوَارِثِ عِنْدَ فَقْدِ الْوَصِيِّ، وَيُفَوَّضُ الْأَمْرُ لِلْحَاكِمِ، وَعَلَيْهِ فَقَدْ يُشْكِلُ بِمَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ قَالَ إنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَكَذَا يُقَالُ فِي الِاسْتِدْرَاكِ الْآتِي، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصُّورَةَ مَا ذَكَرْنَاهُ التَّشْبِيهُ الْآتِي فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ مَعْنَى الْحَقِيقَةِ إلَخْ) كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ، وَالصَّوَابُ إسْقَاطُ الْوَاوِ قَبْلَ لَفْظِ قَالَ وَزِيَادَةُ لَامٍ قَبْلَ أَنَّهُ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي حَوَاشِي وَالِدِ الشَّارِحِ عَلَى شَرْحِ الرَّوْضِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْبُلْقِينِيَّ عَلَّلَ إعْطَاءَهُ مِنْ الظِّبَاءِ فِيمَا إذَا قَالَ أَعْطُوهُ شَاةً مِنْ شِيَاهِي وَلَيْسَ لَهُ إلَّا ظِبَاءٌ بِأَنَّا حَمَلْنَا كَلَامَ الْمُوصِي إمَّا عَلَى الْحَقِيقَةِ اللُّغَوِيَّةِ إذْ تُسَمَّى فِيهَا شِيَاهًا كَمَا مَرَّ، وَإِمَّا عَلَى الْمَجَازِ الْعُرْفِيِّ فَإِنَّ الْعُرْفَ يُطْلِقُهَا عَلَيْهَا مَجَازًا (قَوْلُهُ: يُحْمَلُ عَلَى اللُّغَةِ مَا أَمْكَنَ) شَمِلَ مَا إذَا خَفِيَتْ فَتُقَدَّمُ عَلَى الْعُرْفِ الْعَامِّ إذْ

عَلَى عُرْفِهِمْ دُونَ عُرْفِ الشَّرْعِ الْمَذْكُورِ فِي الرِّبَا وَالْوَكَالَةِ لِعَدَمِ اشْتِهَارِهِ فَبَعُدَ قَصْدُهُ، وَيُؤَيِّدُهُ إفْتَاءُ جَمْعٍ فَمَنْ أَوْصَى بِغَنَمٍ وَحَبٍّ لِمَنْ يَقْرَءُونَ عَلَيْهِ بِإِجْرَاءِ ذَلِكَ عَلَى عَادَتِهِمْ الْمُطَّرِدَةِ بِهِ فِي عُرْفِ الْمُوصِي (وَقِيلَ إنْ) (أَوْصَى بِإِعْتَاقِ عَبْدٍ) أَوْ أَمَةٍ تَطَوُّعًا (وَجَبَ الْمُجْزِي كَفَّارَةً) ؛ لِأَنَّهُ الْمَعْرُوفُ فِي الْإِعْتَاقِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْمَعْرُوفَ فِي الْوَصِيَّةِ عَدَمُ التَّقْيِيدِ بِذَلِكَ فَقُدِّمَ، وَكَفَّارَةً ضَبَطَهُ بِالنَّصْبِ بِخَطِّهِ، وَهُوَ إمَّا عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ وَإِنْ كَانَ شَاذًّا أَوْ حَالٌ أَوْ تَمْيِيزٌ أَوْ مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ مُرَادًا بِهِ التَّكْفِيرُ لَا بِهِ لِفَسَادِ الْمَعْنَى (وَلَوْ) (أَوْصَى بِأَحَدِ رَقِيقِهِ) مُبْهَمًا (فَمَاتُوا أَوْ قُتِلُوا قَبْلَ مَوْتِهِ) وَلَوْ قَتْلًا مُضَمَّنًا أَوْ أَعْتَقَهُمْ أَوْ بَاعَهُمْ مَثَلًا (بَطَلَتْ) الْوَصِيَّةُ إذْ لَا رَقِيقَ لَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي الْحَمْلِ وَاللَّبَنِ إذَا تَلِفَا تَلَفًا مُضَمَّنًا بَعْدَ الْمَوْتِ فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ فِي بَدَلِهِمَا بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ ثَمَّ بِمُعَيَّنٍ شَخْصِيٍّ فَتَتَنَاوَلَ بَدَلَهُ وَهُنَا بِمُبْهَمٍ وَهُوَ لَا بَدَلَ لَهُ، فَاشْتُرِطَ وُجُودُ مَا يَصْدُقُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ بَدَلُهُ مِثْلَهُ لِتَيَقُّنِ شُمُولِ الْوَصِيَّةِ لَهُ حِينَئِذٍ، بِخِلَافِ التَّالِفِ قَبْلَهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ شُمُولُهَا لَهُ (وَإِنْ بَقِيَ وَاحِدٌ تَعَيَّنَ) لِلْوَصِيَّةِ لِصِدْقِ الِاسْمِ فَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ إمْسَاكُهُ وَدَفْعُ قِيمَةِ مَقْتُولٍ، أَمَّا إذَا قُتِلُوا بَعْدَ الْمَوْتِ قَتْلًا مُضَمَّنًا فَيَصْرِفُ الْوَارِثُ قِيمَةَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ هَذَا كُلُّهُ إنْ قُيِّدَ بِالْمَوْجُودِينَ، وَإِلَّا أُعْطِيَ وَاحِدًا مِنْ الْمَوْجُودِينَ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَإِنْ تَجَدَّدَ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ (أَوْ) أَوْصَى (بِإِعْتَاقِ رِقَابٍ) بِأَنْ قَالَ أَعْتِقُوا عَنِّي بِثُلُثِي رِقَابًا أَوْ اشْتَرُوا بِثُلُثِي رِقَابًا وَأَعْتِقُوهُمْ (فَثَلَاثٌ) مِنْ الرِّقَابِ يَتَعَيَّنُ شِرَاؤُهَا إنْ لَمْ تَكُنْ بِمَالِهِ وَعِتْقُهَا عَنْهُ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ مُسَمَّى الْجَمِيعِ: أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ الْمُوَافِقِ لِلْعُرْفِ الْمَشْهُورِ، فَلَا عِبْرَةَ بِاعْتِقَادِ الْمُوصِي أَنَّ أَقَلَّهُ اثْنَانِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَمَعْنَى تَعَيُّنِهَا عَدَمُ جَوَازِ النَّقْصِ عَنْهَا لَا مَنْعُ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا بَلْ هِيَ أَفْضَلُ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الِاسْتِكْثَارُ مَعَ الِاسْتِرْخَاصِ أَوْلَى مِنْ الِاسْتِقْلَالِ مَعَ الِاسْتِغْلَاءِ، عَكْسُ الْأُضْحِيَّةِ، وَلَوْ صَرَفَهُ إلَى اثْنَيْنِ مَعَ إمْكَانِ الثَّالِثَةِ ضَمِنَهَا بِأَقَلَّ مَا يَجِدُ بِهِ رَقَبَةً، وَلَوْ فَضَلَ عَنْ أَنْفُسٍ رِقَابٌ ثَلَاثٌ مَا لَا يَأْتِي بِرَقَبَةٍ كَامِلَةٍ فَهُوَ لِلْوَرَثَةِ نَظِيرُ مَا يَأْتِي (فَإِنْ عَجَزَ ثُلُثُهُ عَنْهُنَّ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَى شِقْصٌ) مَعَ رَقَبَتَيْنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى رِقَابًا (بَلْ) يُشْتَرَى نَفِيسَةٌ أَوْ (نَفِيسَتَانِ بِهِ) أَيْ الثُّلُثِ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ نَفِيسَتَانِ أَنَّهُ حَيْثُ وَجَدَهُمَا تَعَيَّنَ شِرَاؤُهُمَا، وَإِنْ وَجَدَ رَقَبَةً أَنْفَسَ مِنْهُمَا وَلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَانَ بِبَطْنِكَ ذَكَرٌ فَوَلَدَتْ ذَكَرَيْنِ مِنْ أَنَّ الْوَارِثَ يَدْفَعُهُ لِمَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْإِجْمَالَ ثَمَّ فِي الْمُوصَى لَهُ وَالْمُوصَى بِهِ مُعَيَّنٌ فَلَا تُهْمَةَ فِيهِ لِلْوَارِثِ وَالْإِجْمَالُ هُنَا فِي الْمُوصَى بِهِ وَالْخَاصِّ وَبَعْضُهُمَا مُقَدَّمٌ عَلَى بَعْضٍ (قَوْلُهُ: عَلَى عُرْفِهِمْ) أَيْ فَلَوْ اطَّرَدَ عُرْفُهُمْ بِشَيْءٍ اُتُّبِعَ وَإِنْ كَانَ خَسِيسًا. (قَوْلُهُ وَهُوَ إمَّا عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ) أَيْ فِي الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ: لَا بِهِ) أَيْ لَا مَفْعُولَ بِهِ، وَقَوْلُهُ لِفَسَادِ الْمَعْنَى: أَيْ لِأَنَّ الْإِجْزَاءَ حَاصِلٌ بِهِ لَا وَاقِعٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَوْصَى بِأَحَدِ رَقِيقِهِ) هُوَ مُفْرَدٌ مُضَافٌ، لَكِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمَجْمُوعُ لَا كُلَّ فَرْدٍ فَهُوَ بِمَعْنَى أَحَدِ أَرِقَّائِهِ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ الْكُلِّ لَا الْكُلِّيَّةِ (قَوْلُهُ: تَلَفًا مُضَمِّنًا بَعْدَ الْمَوْتِ) التَّقْيِيدُ بِهِ يَمْنَعُ الْإِيرَادَ مِنْ أَصْلِهِ، فَإِنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الرَّقِيقِ إذَا قُتِلُوا بَعْدَ الْمَوْتِ لَمْ تَبْطُلْ الْوَصِيَّةُ فَيَكُونُ حُكْمُهُمْ كَاللَّبَنِ وَالْحَمْلِ إذَا تَلِفَ بَعْدَ الْمَوْتِ. وَعِبَارَةُ حَجّ مُضَمِّنًا فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ إلَخْ، فَلَمْ يُقَيِّدْ بِبَعْدِ الْمَوْتِ، وَمِثْلُهُ فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ التَّقْيِيدَ لَا بُدَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ مَا تَلِفَ قَبْلَ الْمَوْتِ تَلِفَ قَبْلَ تَعَلُّقِ حَقِّ الْمُوصَى لَهُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إنَّمَا تُمْلَكُ بِالْمَوْتِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَ بَدَلُ الْمُوصَى بِهِ قَائِمًا مَقَامَهُ تَعَلَّقَ الْحَقُّ بِهِ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ السَّابِقَ وَلَوْ انْفَصَلَ حَمْلُ الْآدَمِيِّ بِجِنَايَةٍ مَضْمُونَةٍ نَفَذَتْ الْوَصِيَّةُ فِيمَا ضُمِنَ بِهِ، بِخِلَافِ حَمْلِ الْبَهِيمَةِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ أُمِّهِ اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي اعْتِبَارِ التَّقْيِيدِ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ إمْسَاكُهُ) وَلَوْ رَضِيَ الْمُوصَى لَهُ بِذَلِكَ لَمَا قَدَّمَهُ فِيمَا لَوْ قَالَ أَعْطُوهُ شَاةً إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ غَيْرِهَا وَإِنْ رَضِيَا؛ لِأَنَّهُ صُلْحٌ عَلَى مَجْهُولٍ (قَوْلُهُ: يَتَعَيَّنُ شِرَاؤُهَا) وَالْمُشْتَرِي لِذَلِكَ هُوَ الْوَصِيُّ ثُمَّ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ حَيْثُ وَجَدَهُمَا تَعَيَّنَ شِرَاؤُهُمَا) اُنْظُرْ فِي أَيِّ مَحَلٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يُرْجَعُ إلَيْهِ إلَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَإِلَّا وَهَذَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ آنِفًا (قَوْلُهُ: مُرَادًا بِهِ التَّكْفِيرُ) أَيْ لَا الْمُكَفَّرُ بِهِ الَّذِي هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ لَفْظِ الْكَفَّارَةِ، وَإِنَّمَا أُرِيدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَفْعُولَ لِأَجْلِهِ لَا يَكُونُ إلَّا مَصْدَرًا

وَجْهٌ؛ لِأَنَّ التَّعَدُّدَ أَقْرَبُ لِغَرَضِ الْمُوصِي فَحَيْثُ أَمْكَنَ تَعَيَّنَ، وَلَيْسَتْ الْأَنْفَسِيَّةُ غَرَضًا مُسْتَقِلًّا حَتَّى تُرَجَّحَ عَلَى الْعَدَدِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ؛ لِأَنَّ فِي كُلٍّ غَرَضًا. (فَإِنْ) (فَضَلَ) مِنْ الْمُوصَى بِهِ (عَنْ أَنْفَسِ رَقَبَةٍ) أَوْ (رَقَبَتَيْنِ شَيْءٌ) (فَلِلْوَرَثَةِ) وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ فِيهِ وَلَا يُشْتَرَى شِقْصٌ وَإِنْ كَانَ بَاقِيهِ حُرًّا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ وَلِأَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ عَدَمُ تَسْمِيَةِ ذَلِكَ رَقَبَةً. وَالثَّانِي يُشْتَرَى شِقْصٌ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِغَرَضِ الْمُوصِي مِنْ صَرْفِ الْفَاضِلِ لِلْوَرَثَةِ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَاعْلَمْ أَنَّ تَصْوِيرَ كَلَامِهِ بِأَعْتِقُوا عَنِّي بِثُلُثِي رِقَابًا هُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا لَكِنَّ ظَاهِرَ الْكِتَابِ عَدَمُ احْتِيَاجِهِ لِذَلِكَ، وَلَا مُنَافَاةَ؛ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ حَيْثُ وَسِعَهَا الثُّلُثُ وَاجِبَةٌ فِيهِمَا، وَأَمَّا الزَّائِدُ فَفِي الْأُولَى يَجِبُ عَلَى اسْتِكْمَالِ الثُّلُثِ وَفِي الثَّانِيَةِ لَا يَجِبُ، وَقَوْلُهُ فَإِنْ عَجَزَ ثُلُثُهُ عَنْهُنَّ يَأْتِي فِي كُلٍّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ إذَا صَرَّحَ بِالثُّلُثِ وَعَجَزَ ثُلُثُهُ عَنْ ثَلَاثَةٍ لَمْ يُشْتَرَطْ الشِّقْصُ كَمَا لَوْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ، وَلَوْ أَوْصَى أَنْ يُشْتَرَى لَهُ عَشَرَةُ أَقْفِزَةٍ حِنْطَةً جَيِّدَةً بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ يَتَصَدَّقُ بِهَا فَوَجَدَهَا الْوَصِيُّ بِمِائَةٍ وَلَمْ يَجِدْ حِنْطَةً تُسَاوِي الْمِائَتَيْنِ فَهَلْ يَشْتَرِيهَا بِمِائَةٍ وَيُؤَدِّي الْبَاقِيَ لِلْوَرَثَةِ أَوْ هِيَ وَصِيَّةٌ لِبَائِعِ الْحِنْطَةِ أَوْ يُشْتَرَى بِهَا حِنْطَةٌ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا، وُجُوهٌ أَصَحُّهَا أَوَّلُهَا نَظِيرُ مَا مَرَّ، وَإِنْ أَمْكَنَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى اسْمِ الرَّقَبَةِ وَلَمْ يُوجَدْ وَثَمَّ عَلَى بِرِّ الْفُقَرَاءِ وَهُوَ مُقْتَضٍ لِصَرْفِ الْمِائَةِ فِي شِرَاءِ حِنْطَةٍ بِهَذَا السِّعْرِ وَالتَّصَدُّقِ بِهَا، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الْأَنْفَسِ بِمَحَلِّ الْمُوصِي عِنْدَ تَيَسُّرِ الشِّرَاءِ مَنْ مَالِ الْوَصِيَّةِ لَا بِمَحَلِّ الْوَصِيِّ وَلَا الْوَرَثَةِ وَقْتَ الْمَوْتِ أَوْ إرَادَةَ الشِّرَاءِ (وَلَوْ قَالَ ثُلُثِي لِلْعِتْقِ اُشْتُرِيَ شِقْصٌ) ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ صَرْفُ الثُّلُثِ إلَى الْعِتْقِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ جَوَازُ شِرَائِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّكْمِيلِ نَعَمْ الْكَامِلُ أَوْلَى عِنْدَ إمْكَانِهِ، لَكِنَّ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الطَّاوُسِيُّ وَالْبَارِزِيُّ أَنَّهُ إنَّمَا يُشْتَرَى ذَلِكَ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ التَّكْمِيلِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ وِفَاقًا لِلْبُلْقِينِيِّ، إذْ الشَّارِعُ مُتَشَوِّفٌ إلَى فَكِّ الرِّقَابِ مِنْ الرِّقِّ، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ التَّشْقِيصُ فِيمَنْ أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ إلَّا عِنْدَ عَجْزِ الثُّلُثِ عَنْ التَّكْمِيلِ، وَإِنْ ادَّعَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ وَكَلَامُ الشَّارِحِ يَمِيلُ إلَيْهِ (وَلَوْ) (وَصَّى لِحَمْلِهَا) بِكَذَا (فَأَتَتْ بِوَلَدَيْنِ) حَيَّيْنِ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا وَبَيْنَهُمَا دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَمَا أَفَادَهُ الزَّرْكَشِيُّ (فَلَهُمَا) بِالسَّوِيَّةِ الْأُنْثَى كَالذَّكَرِ وَكَذَا لَوْ أَتَتْ بِأَكْثَرَ؛ لِأَنَّهُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ (أَوْ) أَتَتْ (بِحَيِّ وَمَيِّتٍ فَكُلُّهُ لِلْحَيِّ فِي الْأَصَحِّ) إذْ الْمَيِّتُ كَالْمَعْدُومِ بِدَلِيلِ الْبُطْلَانِ بِانْفِصَالِهِمَا مَيِّتَيْنِ. وَالثَّانِي لَهُ النِّصْفُ وَالْبَاقِي لِوَرَثَةِ الْمُوصِي كَمَا لَوْ أَوْصَى لِحَيٍّ وَمَيِّتٍ (وَلَوْ) (قَالَ إنْ كَانَ حَمْلُكِ ذَكَرًا) أَوْ غُلَامًا فَلَهُ كَذَا (أَوْ قَالَ) إنْ كَانَ حَمْلُكِ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَجِبُ تَحْصِيلُهُمَا مِنْهُ، وَيُحْتَمَلُ وُجُوبُ التَّحْصِيلِ مِمَّا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَخْذًا مِنْ نَظَائِرِهِ، كَمَا لَوْ فَقَدَ التَّمْرَ الْوَاجِبَ فِي رَدِّ الْمُصَرَّاةِ فِي بَلَدِ الْبَيْعِ وَوَجَدَهُ فِيمَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَإِنَّهُ يَجِبُ تَحْصِيلُهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ) ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ (قَوْلُهُ: عَدَمُ احْتِيَاجِهِ لِذَلِكَ) أَيْ لِقَوْلِهِ أَعْتِقُوا عَنِّي بِثُلُثِي رِقَابًا (قَوْلُهُ: وَاجِبَةٌ فِيهِمَا) أَيْ فِيمَا لَوْ ذَكَرَ الثُّلُثَ أَوْ سَكَتَ عَنْهُ، وَقَوْلُهُ وَأَمَّا الزَّائِدُ: أَيْ عَنْ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ) يُتَأَمَّلُ الْفَرْقُ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ حَيْثُ وَجَبَتْ الزِّيَادَةُ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ إنْ جَعَلَ مَوْضِعَ الضَّمِيرِ أَعْتِقُوا بِثُلُثِي وَاشْتَرُوا بِهِ، أَمَّا لَوْ جَعَلَ مَرْجِعَهُ ذِكْرَ الثُّلُثِ وَعَدَمَ ذِكْرِهِ فَلَا إشْكَالَ (قَوْلُهُ: فَهَلْ يَشْتَرِيهَا بِمِائَةٍ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا) أَيْ فِي الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُوجَدْ وَثَمَّ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْحِنْطَةِ (قَوْلُهُ: بِمَحَلِّ الْمُوصِي) حَتَّى لَوْ زَادَتْ قِيمَتُهَا بِمَحَلِّ الْمُوصِي عَلَى قِيمَتِهَا بِبَلَدِ الشِّرَاءِ اُعْتُبِرَ بَلَدُ الْمُوصِي (قَوْلُهُ: أَنَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ) هُوَ قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ أَوْصَى لِحَيٍّ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ عُلِمَ حَالُ الْوَصِيَّةِ بِمَوْتِهِ أَمْ لَا؟ وَعَلَيْهِ فَيَشْكُلُ بِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: عَدَمُ احْتِيَاجِهِ لِذَلِكَ) أَيْ لِقَوْلِهِ بِثُلُثِي (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ) فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْإِضَافَةَ إنَّمَا تُفِيدُ الْعُمُومَ فِي أَفْرَادِ الْحَمْلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ: أَيْ كُلَّ حَمْلٍ لَهَا سَوَاءٌ هَذَا الْحَمْلُ وَغَيْرُهُ، وَأَمَّا شُمُولُ الْوَصِيَّةِ لِجَمِيعِ مَا فِي بَطْنِهَا وَلَوْ مُتَعَدِّدًا فَإِنَّمَا جَاءَ مِنْ صِدْقِ الْحَمْلِ بِجَمِيعِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى مَعُونَةِ الْإِضَافَةِ كَمَا لَا يَخْفَى فَكَانَ الصَّوَابُ التَّعْلِيلَ بِذَلِكَ

(أُنْثَى فَلَهُ كَذَا فَوَلَدَتْهُمَا) أَيْ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (لَغَتْ) وَصِيَّتُهُ؛ لِأَنَّ حَمْلَهَا كُلَّهُ لَيْسَ ذَكَرًا ذَكَرًا وَلَا أُنْثَى، وَلَوْ وَلَدَتْ ذَكَرَيْنِ فَأَكْثَرَ أَوْ أُنْثَيَيْنِ فَأَكْثَرَ قُسِّمَ بَيْنَهُمَا أَوْ بَيْنَهُمْ أَوْ بَيْنَهُنَّ بِالسَّوِيَّةِ، وَفِي إنْ كَانَ حَمْلُهَا ابْنًا أَوْ بِنْتًا فَلَهُ كَذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا شَيْءٌ، وَفَارَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى بِأَنَّهُمَا اسْمَا جِنْسٍ يَقَعَانِ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، بِخِلَافِ الِابْنِ وَالْبِنْتِ، وَوَجْهُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ رَدًّا عَلَى الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ وَاضِحٌ أَنَّ الْمَدَارَ فِي الْوَصَايَا عَلَى الْمُتَبَادَرِ غَالِبًا وَهُوَ مِنْ كُلِّ مَا ذُكِرَ فِيهِ فَاتَّضَحَ الْفَرْقُ (وَلَوْ) (قَالَ إنْ كَانَ بِبَطْنِهَا ذَكَرٌ) فَلَهُ كَذَا (فَوَلَدَتْهُمَا) أَيْ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (اسْتَحَقَّ الذَّكَرُ) ؛ لِأَنَّ الصِّيغَةَ لَيْسَتْ حَاصِرَةً لِلْحَمْلِ فِيهِ (أَوْ وَلَدَتْ ذَكَرَيْنِ فَالْأَصَحُّ صِحَّتُهَا) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُرْ الْحَمْلَ فِي وَاحِدٍ وَإِنَّمَا حَصَرَ الْوَصِيَّةَ فِيهِ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِاقْتِضَاءِ التَّنْكِيرِ التَّوْحِيدَ (وَيُعْطِيهِ الْوَارِثُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا) وَلَا يُشْرِكُ بَيْنَهُمَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا لَوْ أَوْصَى لِحَمْلِهَا أَوْ مَا فِي بَطْنِهَا وَأَتَتْ بِذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ حَيْثُ يُقْسِمُ أَنَّ حَمْلَهَا مُفْرَدٌ مُضَافٌ لِمَعْرِفَةٍ فَيَعُمُّ، وَمَا عَامَّةٌ بِخِلَافِ النَّكِرَةِ فِي الْأُولَى فَإِنَّهَا لِلتَّوْحِيدِ، أَوْ إنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا فَلَهُ مِائَةٌ أَوْ أُنْثَى فَلَهُ خَمْسُونَ فَوَلَدَتْ خُنْثَى دُفِعَ لَهُ الْأَقَلُّ وَوُقِفَ الْبَاقِي، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لِمُحَمَّدٍ ابْنِ بِنْتِهِ وَلَهُ بِنْتَانِ لِكُلٍّ ابْنٌ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ أَعْطَاهُ الْوَصِيُّ ثُمَّ الْوَارِثُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، وَيُحْتَمَلُ الْوَقْفُ إلَى صُلْحِهِمَا؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ يَتَعَيَّنُ بِاسْمِهِ الْعِلْمُ لَا يُحْتَمَلُ إبْهَامُهُ إلَّا بِالْقَصْدِ بِخِلَافِهِ هُنَا، فَإِنْ قِيلَ يُرَدُّ بِأَنَّهُ لَا أَثَرَ هُنَا لِهَذَا التَّعْيِينِ النَّاشِئِ عَنْ الْوَضْعِ الْعِلْمِيِّ لِمُسَاوَاتِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى جَهْلِنَا بِعَيْنِ الْمُوصَى لَهُ مِنْهُمَا لِمَنْ ذُكِرَ، وَأَمَّا كَوْنُ هَذَا مُبْهَمًا وَضْعًا وَذَاكَ مُعَيَّنٌ وَضْعًا فَلَا أَثَرَ لَهُ هُنَا، قُلْنَا: يُوَجَّهُ بِأَنَّ عَيْنَ الْمُوصَى لَهُ يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهَا بِمَعْرِفَةِ قَصْدِ الْمَيِّتِ وَبِدَعْوَى أَحَدِهِمَا أَنَّهُ الْمُرَادُ فَيَنْكُلُ الْآخَرُ عَنْ الْحَلِفِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ أَرَادَهُ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي وَيَسْتَحِقُّ، وَفِيمَا قَالُوهُ لَا يُمْكِنُ ذَلِكَ وَهَذَا أَوْجَهُ (وَلَوْ أَوْصَى لِجِيرَانِهِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَرَّ قُبَيْلَ الْفَصْلِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو فَبَانَ أَحَدُهُمَا مَيِّتًا كَانَ الْكُلُّ لِلْآخَرِ إلَخْ، إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ، وَقَدْ يُقَالُ: لَيْسَ فِيمَا مَرَّ مَا يُفِيدُ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْعِلْمِ بِالْمَوْتِ حَالَ الْوَقْفِ وَعَدَمِ الْعِلْمِ، بَلْ قَوْلُهُ فَبَانَ مُشْعِرٌ بِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالْمَوْتِ حَالَ الْوَقْفِ. (قَوْلُهُ: لَغَتْ وَصِيَّتُهُ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ وَلَدَتْ خُنْثَى؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ كَوْنَهُ ذَكَرًا وَلَا أُنْثَى، أَمَّا لَوْ قَالَ إنْ كَانَ حَمْلُك أَحَدَهُمَا فَأَتَتْ بِخُنْثَى أَعْطَى الْأَقَلَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ كَوْنِهِ أَحَدَهُمَا (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى) أَيْ فِيمَا لَوْ قَالَ إنْ كَانَ حَمْلُك ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَوَلَدَتْ أَكْثَرَ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى حَيْثُ يُقَسَّمُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الِابْنِ وَالْبِنْتِ) أَيْ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا خَاصٌّ بِالْوَاحِدِ (قَوْلُهُ: رَدَّا عَلَى الرَّافِعِيِّ) أَيْ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ (قَوْلُهُ: إنَّهُ وَاضِحٌ) أَيْ الْفَرْقُ. (قَوْلُهُ اسْتَحَقَّ الذَّكَرُ) أَيْ دُونَ الْأُنْثَى (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ النَّكِرَةِ فِي الْأَوْلَى) هِيَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ كَانَ بِبَطْنِهَا ذَكَرٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْوَارِثُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُسَلَّمُ لِلْوَارِثِ عِنْدَ فَقْدِ الْوَصِيِّ وَإِنْ كَانَ الْحَاكِمُ مَوْجُودًا، وَقِيَاسُ تَقْدِيمِ الْوَصِيِّ عَلَى الْوَارِثِ تَقْدِيمُ الْحَاكِمِ عَلَيْهِ أَيْضًا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لِمَنْ ذُكِرَ) صِلَةُ مُسَاوَاتِهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا أَوْجَهُ) أَيْ فَلَيْسَ الِاحْتِمَالُ مَرْدُودًا، وَلَا دَلَالَةَ فِي كَلَامِهِ عَلَى اعْتِمَادِهِ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِ اعْتِمَادُ الْأَوَّلِ وَهُوَ أَنَّ الْوَارِثَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، وَلَا يَشْكُلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَهَذَا أَوْجَهُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّ رَدَّ الرَّدِّ أَوْجَهُ مِنْ الرَّدِّ وَذَلِكَ إنَّمَا يُثْبِتُ مُجَرَّدَ الِاحْتِمَالِ. (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الْجِيمِ) وَفَتْحِهَا لَحْنٌ اهـ زِيَادِيُّ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِلَّا فَمَا اقْتَضَّهُ الْإِضَافَةُ الْمَذْكُورَةُ لَمْ يَقُولُوا بِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لَهُمَا) أَيْ لِلِابْنَيْنِ أَوْ الْبِنْتَيْنِ إذَا وَلَدَتْهُمَا (قَوْلُهُ: وَوَجْهُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ) يَعْنِي فِي الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ: رَدًّا عَلَى الرَّافِعِيِّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلَيْسَ الْفَرْقُ بِوَاضِحٍ وَالْقِيَاسُ التَّسْوِيَةُ (قَوْلُهُ: إنَّهُ وَاضِحٌ) مَقُولُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْمَدَارَ) خَبَرُ قَوْلِهِ وَوَجْهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مِنْ كُلِّ) أَيْ وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ كُلِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ النَّكِرَةِ فِي الْأُولَى فَإِنَّهَا لِلتَّوْحِيدِ) أَيْ أَمَّا النَّكِرَةُ فِي غَيْرِهَا فَإِنَّهَا وَقَعَتْ خَبَرًا عَنْ حَمْلِهَا أَوْ مَا فِي بَطْنِهَا

(فَلِأَرْبَعِينَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ) مِنْ جَوَانِبِ دَارِهِ الْأَرْبَعَةِ تُصْرَفُ الْوَصِيَّةُ حَيْثُ لَا مُلَاصِقَ لَهَا فِيمَا عَدَا أَرْكَانَهَا كَمَا هُوَ الْغَالِبُ أَنَّ مَا لَاصَقَ أَرْكَانَ كُلِّ دَارٍ يَعُمُّ جَوَانِبَهَا فَلِذَا عَبَّرُوا بِمَا ذُكِرَ فَهِيَ مِائَةٌ وَسِتُّونَ دَارًا غَالِبًا، وَإِلَّا فَقَدْ تَكُونُ دَارُ الْمُوصِي كَبِيرَةً فِي التَّرْبِيعِ فَيُسَامِتُهَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ أَكْثَرُ مِنْ دَارٍ لِصِغَرِ الْمُسَامِتِ لَهَا أَوَيُسَامِتُهَا دَارَانِ، وَقَدْ يَكُونُ لِدَارِهِ جِيرَانٌ فَوْقَهَا وَجِيرَانٌ تَحْتَهَا، وَالْأَوْجَه أَنْ يَكُونَ لَهُ الرَّبْعُ كَالدَّارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى بُيُوتٍ حَتَّى يَسْتَوْعِبَ دُورَهُ وَلَوْ زَادَتْ عَلَى الْأَرْبَعِينَ، وَإِلَّا فَمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ دُورٌ مُتَعَدِّدَةٌ فَلَا تُعَدُّ دَارًا وَاحِدَةً، وَيَجِبُ اسْتِيعَابُ الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ مُقَدَّمًا مَا لَاصَقَ ثُمَّ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ مَا كَانَ أَقْرَبَ فِيمَا يَظْهَرُ وَيُقَسَّمُ الْمَالُ عَلَى عَدَدِ الدُّورِ ثُمَّ مَا خَصَّ كُلَّ دَارٍ عَلَى عَدَدِ سُكَّانِهَا: أَيْ بِحَقٍّ فِيمَا يَظْهَرُ وَإِنْ كَانُوا كُلَّهُمْ فِي مُؤْنَةٍ وَاحِدٍ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمُسْلِمُ وَالْغَنِيُّ وَالْحُرُّ وَالْمُكَلَّفُ وَضِدُّهُمْ كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُمْ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَا خَصَّ الْقِنَّ لِسَيِّدِهِ وَالْمُبَعَّضَ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ إنْ لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةٌ وَإِلَّا فَلِمَنْ وَقَعَ الْمَوْتُ فِي نَوْبَتِهِ، وَلَوْ تَعَدَّدَتْ دَارُ الْمُوصِي صُرِفَ لِجِيرَانِ أَكْثَرِهَا سُكْنَى، فَإِنْ اسْتَوَوْا فَإِلَى جِيرَانِهَا وَهُمْ مِائَةٌ وَسِتُّونَ مِنْ كُلٍّ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِيمَا يَظْهَرُ وَمَرَّ فِيمَنْ أَحَدُ مَسْكَنَيْهِ حَاضِرُ الْحَرَمِ تَفْصِيلٌ لَا يَبْعُدُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَلِأَرْبَعِينَ دَارًا) وَلَوْ كَانَ لِشَخْصٍ أَرْبَعُ دُورٍ مُجَاوِرَةٌ لِلْمُوصِي وَفِي كُلِّ دَارٍ زَوْجَةٌ فَهَلْ يُعْطَى بِرَأْسٍ مَعَ كُلِّ دَارٍ أَوْ لَا يُعْطَى إلَّا مِنْ حِصَّةٍ وَاحِدَةٍ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِيمَنْ اجْتَمَعَ فِيهِ صِفَاتٌ وَيُصْرَفُ مَا بَقِيَ مِمَّا يَخُصُّ كُلَّ دَارٍ عَلَى مَنْ فِيهَا مِنْ عِيَالِهِ وَالْخِيَرَةُ فِي الدَّارِ لَهُ (قَوْلُهُ: مِنْ جَوَانِبِ دَارِهِ الْأَرْبَعَةِ) وَيُعْتَبَرُ فِيمَنْ يُدْفَعُ إلَيْهِ تَسْمِيَتُهُمْ جِيرَانًا بِحَسَبِ الْعُرْفِ، فَلَوْ فَحُشَ الْبُعْدُ بَيْنَ بَعْضِ جَوَانِبِ دَارِهِ وَالدُّورِ الَّتِي فِي جِهَتِهَا أَوْ حَالَ بَيْنَ الدَّارِ وَالدُّورِ الْمُقَابِلَةِ لَهَا نَهْرٌ عَظِيمٌ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُصْرَفَ لَهُمْ لِعَدَمِ تَسْمِيَتِهِمْ جِيرَانًا، وَلَوْ فُقِدَتْ الْجِيرَانُ مِنْ بَعْضِ الْجَوَانِبِ كَأَنْ وَلِيَ بَعْضَ الْجَوَانِبِ بَرِّيَّةٌ خَالِيَةٌ مِنْ السُّكَّانِ، أَوْ نَقَصَ بَعْضُ الْجَوَانِبِ عَنْ أَرْبَعِينَ صُرِفَ الْمُوصَى بِهِ لِمَنْ فِي بَقِيَّةِ الْجَوَانِبِ وَإِنْ قَلَّ وَكَانَ هَؤُلَاءِ هُمْ الَّذِينَ أَوْصَى لَهُمْ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ: جِيرَانٌ فَوْقَهَا) أَيْ فَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ وَلَوْ بَلَغَ أُلُوفًا (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنْ يَكُونَ الرُّبُعُ) وَمِثْلُهُ الْوَكَالَةُ: أَيْ إذَا كَانَ الْمُوصِي سَاكِنًا خَارِجَهُ، أَمَّا إنْ كَانَ فِيهِ فَيُعَدُّ كُلُّ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِهِ دَارًا، فَإِنْ كَانَ اسْتَوْفَى الْعَدَدَ الْمُعْتَبَرَ فَذَاكَ وَإِلَّا تَمَّمَ عَلَى بُيُوتِهِ مِنْ خَارِجِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِقِسْمَتِهِ عَلَى عَدَدِ الدُّورِ بَلْ عَلَى عَدَدِ سُكَّانِهِ لَمْ يَكُنْ كَدَارٍ وَاحِدَةٍ مَعَ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ مِثْلُ الدَّارِ الْوَاحِدَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى عَدَدِ سُكَّانِهَا) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِهَا سَاكِنٌ فَهَلْ يُدْفَعُ مَا يَخُصُّهَا لِمَالِكِهَا السَّاكِنِ بِغَيْرِهَا أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَنُقِلَ عَنْ حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ ذَلِكَ فِي الدَّرْسِ عَنْ الكوهيكيلوني، وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ السَّاكِنُ بِهَا مُسَافِرًا هَلْ يُحْفَظُ لَهُ مَا يَخُصُّهَا إلَى عَوْدِهِ مِنْ السَّفَرِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَلَوْ قَلَّ الْمُوصَى بِهِ جِدًّا بِحَيْثُ لَا تَتَأَتَّى قِسْمَتُهُ عَلَى الْعَدَدِ الْمَوْجُودِ دُفِعَ إلَيْهِمْ شَرِكَةً كَمَا لَوْ مَاتَ إنْسَانٌ عَنْ تَرِكَةٍ قَلِيلَةٍ وَوَرَثَتُهُ كَثِيرَةٌ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ عَلَى عَدَدِ سُكَّانِهَا ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا كِبَارًا وَصِغَارًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ كَانُوا كُلُّهُمْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُمْ) نَعَمْ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ مِنْ وَرَثَتِهِ وَإِنْ أُجِيزَتْ وَصِيَّتُهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي أَنَّهُ لَا يُوصَى لَهُ عَادَةً، وَكَذَا يُقَالُ فِي كُلِّ مَا يَأْتِي مِنْ الْعُلَمَاءِ وَمِنْ بَعْدِهِمْ، ثُمَّ رَأَيْت نَصَّ الشَّافِعِيِّ الَّذِي قَدَّمْته فِي مَبْحَثِ الْوَصِيَّةِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ فَإِنْ اسْتَوَوْا) أَيْ فَلَوْ جُهِلَ الِاسْتِوَاءُ أَوْ عُلِمَ التَّفَاوُتُ وَشُكَّ وَلَمْ يُرْجَ الْبَيَانُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالَّذِي هُوَ عَامٌّ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنْ يَكُونَ الرُّبُعُ إلَخْ) حَاصِلُهُ كَمَا نَقَلَهُ الشِّهَابُ سم عَنْ الشَّارِحِ أَنَّ الرُّبُعَ يُعَدُّ دَارًا وَاحِدَةً مِنْ الْأَرْبَعِينَ وَيُصْرَفُ لَهُ حِصَّةُ دَارٍ وَاحِدَةٍ تُقْسَمُ عَلَى بُيُوتِهِ وَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِهِ دُورًا مُتَعَدِّدَةً (قَوْلُهُ: مُقَدِّمًا مَا لَاصَقَ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ مَا كَانَ أَقْرَبَ) كَذَا فِي النُّسَخِ، وَلَعَلَّهُ سَقَطَ لَفْظُ ثُمَّ مِنْ الْكَتَبَةِ قَبْلَ قَوْلِهِ مَا كَانَ أَقْرَبَ

مَجِيءُ بَعْضِهِ هُنَا إذْ حَاضِرُ الشَّيْءِ وَجَارُهُ مُتَقَارِبَانِ وَكَمَا حَكَمَ الْعُرْفُ ثُمَّ يُحْكَمُ هُنَا، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ اعْتِبَارَ الَّتِي هُوَ بِهَا حَالَتَيْ الْوَصِيَّةِ وَالْمَوْتِ وَالزَّرْكَشِيُّ اعْتِبَارُ الَّتِي مَاتَ بِهَا وَالْوَجْهُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَنَّ الْمَسْجِدَ كَغَيْرِهِ فِيمَا تَقَرَّرَ، وَلَوْ رَدَّ بَعْضَ الْجِيرَانِ رَدَّ عَلَى بَقِيَّتِهِمْ فِي أَوْجَهِ احْتِمَالَيْنِ. (وَالْعُلَمَاءُ) فِي الْوَصِيَّةِ لَهُمْ هُمْ الْمَوْصُوفُونَ يَوْمَ الْمَوْتِ لَا الْوَصِيَّةُ كَمَا هُوَ قِيَاسُ مَا مَرَّ بِأَنَّهُمْ (أَصْحَابُ عُلُومِ الشَّرْعِ مِنْ تَفْسِيرٍ) وَهُوَ مَعْرِفَةُ مَعَانِي كُلِّ آيَةٍ وَمَا أُرِيدَ بِهَا نَقْلًا فِي التَّوْقِيفِيِّ وَاسْتِنْبَاطًا فِي غَيْرِهِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْفَارِقِيُّ: لَا يُصْرَفُ لِمَنْ عَلِمَ تَفْسِيرَ الْقُرْآنِ دُونَ أَحْكَامِهِ؛ لِأَنَّهُ كَنَاقِلِ الْحَدِيثِ (وَحَدِيثُ) وَهُوَ عِلْمٌ يُعْرَفُ بِهِ حَالُ الرَّاوِي قُوَّةً وَضِدَّهَا وَالْمَرْوِيَّ صِحَّةً وَضِدَّهَا وَعِلَلَ ذَلِكَ، وَلَا عِبْرَةَ بِمُجَرَّدِ الْحِفْظِ وَالسَّمَاعِ (وَفِقْهٌ) بِأَنْ يَعْرِفَ مِنْ كُلِّ بَابٍ طَرَفًا صَالِحًا يَهْتَدِي بِهِ إلَى مَعْرِفَةِ بَاقِيهِ مُدْرِكًا وَاسْتِنْبَاطًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا عَمَلًا بِالْعُرْفِ الْمُطَّرِدِ الْمَحْمُولِ عَلَيْهِ غَالِبُ الْوَصَايَا فَإِنَّهُ حَيْثُ أُطْلِقَ الْعَالِمُ لَا يَتَبَادَرُ مِنْهُ إلَّا أَحَدُ هَؤُلَاءِ، وَيَكْفِي ثَلَاثَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الْعُلُومِ الثَّلَاثَةِ أَوْ بَعْضِهَا، وَلَوْ عَيَّنَ عُلَمَاءَ بَلَدٍ أَوْ فُقَرَاءَهُ مَثَلًا وَلَا عَالِمَ أَوْ لَا فَقِيرَ فِيهِمْ وَقْتَ الْمَوْتِ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، وَلَوْ اجْتَمَعَتْ الثَّلَاثَةُ فِي وَاحِدٍ أَخَذَ بِأَحَدِهَا فَقَطْ نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِي قِسْمِ الصَّدَقَاتِ. وَلَوْ أَوْصَى لِأَعْلَمِ النَّاسِ اخْتَصَّ بِالْفُقَهَاءِ لِتَعَلُّقِ الْفِقْهِ بِأَكْثَرِ الْعُلُومِ وَالْمُتَفَقِّهُ مَنْ اشْتَغَلَ بِتَحْصِيلِ الْفِقْهِ وَحَصَّلَ شَيْئًا مِنْهُ لَهُ وَقْعٌ (لَا مُقْرِئٌ) وَإِنْ أَحْسَنَ طُرُقَ الْقِرَاءَاتِ وَأَدَّاهَا وَضَبَطَ مَعَانِيهَا وَأَحْكَامَهَا (وَأَدِيبٌ) وَهُوَ مَنْ يَعْرِفُ الْعُلُومَ الْعَرَبِيَّةَ نَحْوًا وَبَيَانًا وَصَرْفًا وَلُغَةً وَشِعْرًا وَمُتَعَلِّقَاتِهَا (وَمُعَبِّرٌ) لِلرُّؤْيَا الْحُلْمِيَّةِ، وَالْأَفْصَحُ عَابِرٌ مِنْ عَبَرَ بِالتَّخْفِيفِ، وَفِي الْخَبَرِ " الرُّؤْيَا لِأَوَّلِ عَابِرٍ " (وَطَبِيبٌ) وَهُوَ مَنْ يَعْرِفُ عَوَارِضَ بَدَنِ الْإِنْسَانِ صِحَّةً وَضِدَّهَا، وَمَا يَحْصُلُ أَوْ مَا يُزِيلُ كُلًّا مِنْهُمَا (وَكَذَا مُتَكَلِّمٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ) وَإِنْ كَانَ عِلْمُهُ بِالنَّظَرِ لِمُتَعَلِّقِهِ أَفْضَلُ الْعُلُومِ وَأُصُولِيٌّ مَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ الْفِقْهُ مَبْنِيًّا عَلَى عِلْمِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِفَقِيهٍ خِلَافًا لِلصَّيْمَرِيِّ، وَصَاحِبُ الْبَيَانِ وَمَنْطِقِيٌّ وَإِنْ تَوَقَّفَ كَمَالَاتُ الْعُلُومِ عَلَى عِلْمِهِ، وَصُوفِيٌّ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَيَنْبَغِي أَنَّهُ كَمَا لَوْ عُلِمَ الِاسْتِوَاءُ، أَمَّا لَوْ عُلِمَ التَّفَاوُتُ وَرُجِيَ الْبَيَانُ فَيَنْبَغِي التَّوَقُّفُ فِيمَا يُصْرَفُ لَهُ إلَى ظُهُورِ الْحَالِ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ وَلَوْ تَعَدَّدَتْ إلَخْ وَقَوْلُهُ اعْتِبَارُ الَّتِي هُوَ بِهَا ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: فِيمَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي أَنَّهُ يُعْطَى كَأَحَدِ الدُّورِ، وَفِي أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لِجِيرَانِ الْمَسْجِدِ يُصْرَفُ لِأَرْبَعِينَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ. (قَوْلُهُ: وَمَا أُرِيدَ بِهَا) أَيْ مِنْ الْأَحْكَامِ (قَوْلُهُ مُدْرَكًا وَاسْتِنْبَاطًا) وَيُرْجَعُ فِي حَدِّهِ فِي كُلِّ زَمَنٍ إلَى عُرْفَ أَهْلِ مَحَلَّتِهِ فَفِي زَمَانِنَا الْعَارِفُ لِمَا اُشْتُهِرَ الْإِفْتَاءُ بِهِ مِنْ مَذْهَبِهِ يُعَدُّ فَقِيهًا وَإِنْ لَمْ يَسْتَحْضِرْ مِنْ كُلِّ بَابٍ مَا يَهْدِي بِهِ إلَى بَاقِيهِ (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ) قَدْ يَتَّجِهُ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يُوجَدْ بِتِلْكَ الْبَلَدِ عُلَمَاءُ بِغَيْرِ الْعُلُومِ الثَّلَاثَةِ وَإِلَّا حُمِلَ عَلَيْهِمْ، كَمَا لَوْ أَوْصَى بِشَاةٍ وَلَا شَاةَ لَهُ وَعِنْدَهُ ظِبَاءٌ تُحْمَلُ الْوَصِيَّةُ عَلَيْهَا فَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَأَمَّا لَوْ لَمْ يُعَيِّنْ فِي وَصِيَّتِهِ أَهْلَ مَحَلٍّ صُرِفَ إلَيْهِمْ فِي أَيِّ مَحَلٍّ اُتُّفِقَ وُجُودُهُمْ فِيهِ وَإِنْ بَعُدَ وَلَهُ الصَّرْفُ إلَى غَيْرِ بَلَدِ الْمُوصِي وَإِنْ كَانَ فِيهِ فُقَرَاءُ أَوْ عُلَمَاءُ (قَوْلُهُ: وَفِي الْخَبَرِ الرُّؤْيَا لِأَوَّلِ عَابِرٍ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ رَأَى رُؤْيَا وَقَصَّهَا عَلَى جَمَاعَةٍ طَابَقَتْ مَا قَالَهُ أَوَّلُهُمْ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ التَّعْبِيرِ، وَلَكِنْ يَحْرُمُ عَلَى مَنْ لَيْسَ أَهْلًا لِلتَّأْوِيلِ؛ لِأَنَّهُ إفْتَاءٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ (قَوْلُهُ وَكَذَا مُتَكَلِّمٌ) أَيْ عَالِمٌ بِالْعَقَائِدِ (قَوْلُهُ: وَصَاحِبُ الْبَيَانِ) هُوَ الْعِمْرَانِيُّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) مُقَابِلُ مَا جَزَمَ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ اسْتَوَوْا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْوَجْهُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَنَّ الْمَسْجِدَ كَغَيْرِهِ) أَيْ فَلَوْ أَوْصَى شَخْصٌ لِجِيرَانِ الْمَسْجِدِ جُعِلَ الْمَسْجِدُ كَدَارِ الْمُوصِي فِيمَا مَرَّ فِيهَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ شَرْحِ الشَّيْخِ فِي الرَّوْضِ، وَهَذَا اسْتَوْجَهَهُ الشَّيْخُ بَعْدَ مَا نَقَلَ عَنْ غَيْرِهِ أَنَّ جَارَ الْمَسْجِدِ مَنْ يَسْمَعُ نِدَاءَهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَعْرِفَةُ مَعَانِي كُلِّ آيَةٍ) قَالَ الشِّهَابُ سم: ظَاهِرُهُ اعْتِبَارُ مَعْرِفَةِ الْجَمِيعِ بِالْفِعْلِ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ. اهـ. .

وَإِنْ كَانَ التَّصَوُّفَ الْمَبْنِيُّ عَلَيْهِ تَطْهِيرُ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ مِنْ كُلِّ خُلُقٍ دَنِيٍّ وَتَحْلِيَتُهُمَا بِكُلِّ كَمَالٍ دِينِيٍّ هُوَ أَفْضَلُ الْعُلُومِ لِمَا مَرَّ مِنْ الْعُرْفِ. وَلَوْ أَوْصَى لِلْفُقَهَاءِ دَخَلَ الْفَاضِلُ دُونَ الْمُبْتَدِي مِنْ شَهْرٍ وَنَحْوِهِ وَلِلْمُتَوَسِّطِ بَيْنَهُمَا دَرَجَاتٌ يَجْتَهِدُ الْمُفْتِي فِيهَا وَالْوَرَعُ تَرْكُ الْأَخْذِ أَوْ لِلْقُرَّاءِ لَمْ يُعْطَ إلَّا مَنْ يَحْفَظُ كُلَّ الْقُرْآنِ عَلَى ظَهْرِ قَلْبٍ أَوْ لِلزُّهَّادِ فَلِمَنْ لَمْ يَطْلُبْ مِنْ الدُّنْيَا سِوَى مَا يَكْفِيهِ وَعِيَالَهُ، أَوْ لِأَعْقَلِ النَّاسِ فَلِأَزْهَدِهِمْ فِي الدُّنْيَا، وَمِثْلُهُ أَكْيَسُهُمْ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي، أَوْ لِأَجْهَلِهِمْ فَلِعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ، فَإِنْ قَالَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَلِمَنْ يَسُبُّ الصَّحَابَةَ، وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ كَوْنُهَا مَعْصِيَةً، وَهِيَ فِي الْجِهَةِ مُبْطِلَةٌ؛ لِأَنَّ الضَّارَّ ذِكْرُ الْمَعْصِيَةِ لَا مَا قَدْ يَسْتَلْزِمُهَا أَوْ يُقَارِنُهَا كَمَا هُنَا، وَمِنْ ثَمَّ يَنْبَغِي بَلْ يَتَعَيَّنُ بُطْلَانُهَا لَوْ قَالَ لِمَنْ يَعْبُدُ الْوَثَنَ أَوْ يَسُبُّ الصَّحَابَةَ، وَقَبُولُ شَهَادَةِ السَّابِّ لَا يَمْنَعُ عِصْيَانَهُ بِالسَّبِّ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، أَوْ لِأَبْخَلِ النَّاسِ صُرِفَ إلَى مَانِعِي الزَّكَاةِ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُصْرَفَ إلَى مَنْ لَا يُقْرِي الضَّيْفَ أَوْ لِأَحْمَقِ النَّاسِ. قَالَ الرُّويَانِيُّ: قَالَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: يُصْرَفُ إلَى مَنْ يَقُولُ بِالتَّثْلِيثِ، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: عِنْدِي أَنَّهُ يُصْرَفُ إلَى أَسْفَهِ النَّاسِ؛ لِأَنَّ الْحُمْقَ يَرْجِعُ إلَى الْفِعْلِ دُونَ الِاعْتِقَادِ، أَوْ لِلسَّادَةِ فَالْمُتَبَادَرُ عُرْفًا بَلْ وَشَرْعًا فِيمَا يَظْهَرُ أَنَّهُمْ الْأَشْرَافُ الْآتِي بَيَانُهُمْ. وَالصُّوفِيَّةُ الْعَامِلُونَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَسَيِّدُ النَّاسِ الْخَلِيفَةُ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ، وَالشَّرِيفُ الْمُنْتَسِبُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ إلَى الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ؛ لِأَنَّ الشَّرَفَ وَإِنْ عَمَّ كُلَّ رَفِيعٍ إلَّا أَنَّهُ اخْتَصَّ بِأَوْلَادِ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - عُرْفًا مُطَّرِدًا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (وَيَدْخُلُ فِي وَصِيَّةِ الْفُقَرَاءِ الْمَسَاكِينِ وَعَكْسُهُ) وَالْمُرَادُ بِهِمَا هُنَا مَا يَأْتِي فِي قِسْمِ الصَّدَقَاتِ فَيَتَعَيَّنُ الْمُسْلِمُونَ، فَمَا وَصَّى بِهِ لِأَحَدِهِمَا يَجُوزُ دَفْعُهُ إلَى الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُمَا إذَا افْتَرَقَا اجْتَمَعَا وَإِذَا اجْتَمَعَا افْتَرَقَا، وَيَجُوزُ النَّقْلُ هُنَا إلَى غَيْرِ فُقَرَاءَ بَلَدِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْأَطْمَاعَ إلَيْهَا لَا تَمْتَدُّ كَامْتِدَادِهَا فِي الزَّكَاةِ وَالْوَصِيَّةُ لِلْيَتَامَى أَوْ الْأَرَامِلِ أَوْ الْأَيَامَى أَوْ الْعُمْيَانِ أَوْ الْحُجَّاجِ أَوْ الزَّمْنَى أَوْ أَهْلِ السُّجُونِ أَوْ الْغَارِمِينَ أَوْ لِتَكْفِينِ الْمَوْتَى أَوْ حَفْرِ قُبُورِهِمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَا مُقْرِئَ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى ظَهْرِ قَلْبٍ) أَيْ عُرْفًا فَلَا يَضُرُّ غَلَطٌ يَسِيرٌ وَلَا لَحْنٌ كَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: سِوَى مَا يَكْفِيهِ) أَيْ فِي الْحَالَةِ الرَّاهِنَةِ (قَوْلُهُ: فَلِأَزْهَدِهِمْ) أَيْ الْأَشَدِّ تَبَاعُدًا عَنْهَا مِنْ غَيْرِهِ فَيُحَافِظُ عَلَى أَقَلَّ مَا يَكْفِيهِ وَيَتْرُكُ مَا زَادَ وَإِنْ تَحَقَّقَهُ مِنْ الْحَلَالِ الصِّرْفِ. [فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ أَوْصَى لِلْأَوْلِيَاءِ هَلْ تُصَحَّحُ وَصِيَّتَهُ وَتُدْفَعُ لِلْأَصْلَحِ أَوْ تُلْغَى؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْجَوَابُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ فِيهِ: إنَّهُ إنْ وُجِدَ مَنْ يَنْطَبِقُ عَلَيْهِ تَعْرِيفُ الْوَلِيِّ بِأَنَّهُ الْمُلَازِمُ لِلطَّاعَةِ التَّارِكُ لِلْمَعْصِيَةِ الْغَيْرُ الْمُنْهَمِكِ عَلَى الشَّهَوَاتِ أُعْطِيَ الْمُوصَى بِهِ لَهُ وَإِلَّا لَغَتْ الْوَصِيَّةُ، وَلَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ الْوَلِيِّ فِي بَلَدِ الْمُوصِي، بَلْ حَيْثُ وُجِدَ مَنْ اجْتَمَعَتْ فِيهِ شُرُوطُ الْوَلِيِّ فِي أَيِّ مَحَلٍّ وَإِنْ بَعُدَ عَنْ بَلَدِ الْمُوصِي أُعْطِيَهُ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ النَّقْلُ هُنَا إلَى غَيْرِ فُقَرَاءِ بَلَدِ الْمَالِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ أَكَيْسُهُمْ) أَيْ أَحْسَنُهُمْ (قَوْلُهُ: وَقَبُولُ شَهَادَةِ السَّابِّ) أَيْ لِلصَّحَابَةِ (قَوْلُهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي) وَعِبَارَتُهُ فِي الشَّهَادَاتِ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ كُلِّ مُبْتَدِعٍ لَا نُكَفِّرُهُ بِبِدْعَتِهِ وَإِنْ سَبَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَوْ اسْتَحَلَّ أَمْوَالَنَا وَدِمَاءَنَا (قَوْلُهُ: إلَى مَانِعِي الزَّكَاةَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ إلَى مَنْ يَقُولُ بِالتَّثْلِيثِ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ أَوْ لِلسَّادَةِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَالَ لِلسَّادَاتِ فَيُحْمَلُ عَلَى سَادَاتِنَا بَنِي الْوَفَاءِ نَفَعَنَا اللَّهُ بِهِمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ (قَوْلُهُ: وَسَيِّدُ النَّاسِ الْخَلِيفَةُ) أَيْ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّهُ اخْتَصَّ بِأَوْلَادِ فَاطِمَةَ) وَهَؤُلَاءِ هُمْ الَّذِينَ جُعِلَتْ لَهُمْ الْعَلَامَةُ الْخَضْرَاءُ لِيَمْتَازُوا بِهَا فَلَا يَلِيقُ بِغَيْرِهِمْ مِنْ بَقِيَّةِ آلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لُبْسُهُ؛ لِأَنَّهُ تَزَيَّا بِزِيِّهِمْ فَيُوهِمُ انْتِسَابَهُ لِلْحَسَنِ أَوْ الْحُسَيْنِ مَعَ انْتِفَاءِ نَسَبِهِ عَنْهُمَا وَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ فَاعْلَمْهُ وَتَنَبَّهْ لَهُ (قَوْلُهُ: إلَى غَيْرِ فُقَرَاءِ بَلَدِ الْمَالِ) أَيْ حَيْثُ أُطْلِقَ فِي الْوَصِيَّةِ فَإِنْ خَصَّ الْوَصِيَّةَ بِأَنْ قَالَ أَوْصَيْت لِفُقَرَاءِ بَلَدِ كَذَا اخْتَصَّ بِهِمْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا فَقِيرٌ وَقْتَهَا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ كَمَا تَقَدَّمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

تَقْتَضِي اشْتِرَاطَ فَقْرِهِمْ وَإِنْ اسْتَبْعَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْحُجَّاجِ، وَوَجْهُ اعْتِبَارِهِ فِيهِمْ أَنَّ الْحَجَّ يَسْتَلْزِمُ السَّفَرَ بَلْ طُولُهُ غَالِبًا وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ الْحَاجَةَ غَالِبًا فَكَانَ مُشْعِرًا بِالْفَقْرِ فَلِذَا اخْتَصَّ بِفُقَرَائِهِمْ، وَالْيَتِيمُ صَغِيرٌ لَا أَبَ لَهُ، وَالْأَيِّمُ وَالْأَرْمَلَةُ مَنْ لَا زَوْجَ لَهَا، إلَّا أَنَّ الْأَرْمَلَةَ مَنْ بَانَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِمَوْتٍ أَوْ بَيْنُونَةٍ، وَالْأَيِّمُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا تَقَدُّمُ زَوْجٍ، وَيَشْتَرِكَانِ فِي اشْتِرَاطِ الْخُلُوِّ عَنْ الزَّوْجِ حَالًا، وَلَوْ أَوْصَى لِلْأَرَامِلِ أَوْ الْأَبْكَارِ أَوْ الثَّيِّبِ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِنَّ الرِّجَالُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ زَوْجَاتٌ أَوْ لِلْعُزَّابِ صُرِفَ لِرَجُلٍ لَا زَوْجَةَ لَهُ، وَلَا تَدْخُلُ الْمَرْأَةُ الْخَلِيَّةُ فِي أَوْجَهِ الرَّأْيَيْنِ. (وَلَوْ جَمَعَهُمَا) أَيْ النَّوْعَيْنِ فِي وَصِيَّةٍ (شُرِّكَ) الْمُوصَى بِهِ بَيْنَهُمَا: أَيْ شَرَّكَهُ الْوَصِيُّ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَالْحَاكِمُ (نِصْفَيْنِ) فَيُحْمَلُ نِصْفُ الْمُوصَى بِهِ لِلْفُقَرَاءِ وَنِصْفُهُ لِلْمَسَاكِينِ كَمَا فِي الزَّكَاةِ، وَلَا يُقَسَّمُ ذَلِكَ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ، وَلَا يَجِبُ اسْتِيعَابُهُمْ بَلْ يُسْتَحَبُّ عِنْدَ الْإِمْكَانِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى لِبَنِي زَيْدٍ وَبَنِي عَمْرٍو حَيْثُ يُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِهِمْ وَلَا يُنَصَّفُ (وَأَقَلُّ كُلِّ صِنْفٍ) مِنْ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ مَثَلًا حَيْثُ لَمْ يُقَيَّدُوا بِمَحَلٍّ أَوْ قُيِّدُوا بِهِ وَهُمْ غَيْرُ مَحْصُورِينَ (ثَلَاثَةٌ) ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ، فَإِنْ دَفَعَ الْوَصِيُّ أَوْ الْوَارِثُ أَوْ الْحَاكِمُ بِغَيْرِ اجْتِهَادٍ أَوْ تَقْلِيدٍ صَحِيحٍ لِاثْنَيْنِ مِنْهُمْ غَرِمَ لِلثَّالِثِ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ ثُمَّ إنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ اسْتَقَلَّ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ لِبَقَاءِ عَدَالَتِهِ، وَإِلَّا بِأَنْ تَعَمَّدَ وَعَلِمَ حُرْمَةَ ذَلِكَ دَفَعَهُ إلَى الْحَاكِمِ، وَهُوَ يَدْفَعُهُ لَهُ أَوْ يَرُدُّهُ لِلدَّافِعِ وَيَأْمُرُهُ بِدَفْعِهِ لَهُ كَذَا قَالُوهُ، وَقَدْ يُقَالُ: كَيْفَ سَاغَ لِلْحَاكِمِ الدَّفْعُ لَهُ وَلَوْ لِيَدْفَعَهُ لِغَيْرِهِ مَعَ فِسْقِهِ بِتَعَمُّدِ ذَلِكَ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِمْ عَلَى مَا إذْ تَابَ، إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي مِثْلِ هَذَا اسْتِبْرَاءٌ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ تَعَيُّنِ الِاسْتِرْدَادِ مِنْهُمَا إنْ أَعْسَرَ الدَّافِعُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ (وَلَهُ) أَيْ الْوَصِيِّ وَإِلَّا فَالْحَاكِمِ (التَّفْضِيلُ) بَيْنَ آحَادِ كُلِّ صِنْفٍ وَيَتَأَكَّدُ تَفْضِيلُ الْأَشَدِّ حَاجَةً. وَالْأَوْلَى إنْ لَمْ يُرِدْ التَّعْمِيمَ الْأَفْضَلُ تَقْدِيمُ أَرْحَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: تَقْتَضِي اشْتِرَاطَ فَقْرِهِمْ) أَيْ مَا يَنْطَبِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْفَقِيرِ أَوْ الْمِسْكَيْنِ شَرْعًا (قَوْلُهُ: وَوَجْهُ اعْتِبَارِهِ) أَيْ الْفَقْرِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَدْخُلْ فِيهِنَّ الرِّجَالُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ يُطْلَقُ عَلَيْهِمْ الْأَرَامِلُ لُغَةً، وَلَعَلَّ وَجْهَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَنَّ إطْلَاقَ الْأَرَامِلِ عَلَى الرَّجُلِ قَلِيلٌ فَلَمْ يُحْمَلْ عَلَيْهِ وَحُمِلَ عَلَى الْأَكْثَرِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَعَارَفُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ لِلرَّجُلِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُقَسَّمُ ذَلِكَ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ انْحَصَرُوا لَكِنْ سَيَأْتِي قَوْلُهُ أَوْ قُيِّدُوا بِهِ وَهُمْ غَيْرُ مَحْصُورِينَ: أَيْ فَيَكْفِي ثَلَاثَةٌ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُمْ إنْ انْحَصَرُوا وَجَبَ اسْتِيعَابُهُمْ، وَأَصْرَحُ مِنْهُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ وَمَرَّ أَنَّهُمْ مَتَى انْحَصَرُوا وَجَبَ قَبُولُهُمْ وَاسْتِيعَابُهُمْ (قَوْلُهُ: حَيْثُ يُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِهِمْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ مَا لَوْ قَالَ: أَوْصَيْت لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ حَيْثُ شَرَّكَ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً أَنَّ بَنِي زَيْدٍ وَبَنِي عَمْرٍو لَمْ يَقْصِدْ بِذِكْرِ بَنِي فِيهِمَا إلَّا مُجَرَّدَ التَّمْيِيزِ عَنْ غَيْرِهِمَا مِنْ جِنْسِهِمَا، بِخِلَافِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَإِنَّهُمَا لَمَّا اتَّصَفَا بِوَصْفَيْنِ مُتَبَايِنَيْنِ دَلَّ عَلَى اسْتِقْلَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِحُكْمٍ فَقُسِّمَ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً (قَوْلُهُ: أَوْ الْوَارِثُ) لَمْ يَتَقَدَّمْ مَا يُفِيدُ أَنَّ لِلْوَارِثِ الدَّفْعَ بَلْ قَوْلُهُ: أَيْ شَرَّكَهُ الْوَصِيُّ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَالْحَاكِمُ يَقْتَضِي أَنَّ الْوَارِثَ لَيْسَ لَهُ الدَّفْعُ، وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْوَارِثَ لَيْسَ لَهُ الدَّفْعُ لِاتِّهَامِهِ، لَكِنْ لَوْ تَعَدَّى بِالدَّفْعِ اُعْتُدَّ بِهِ، وَقَوْلُهُ لِبَقَاءِ عَدَالَتِهِ وَإِلَّا أَيْ بِأَنْ تَعَمَّدَ (قَوْلُهُ: غَرِمَ لِلثَّالِثِ) أَيْ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَلَوْ مَآلًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ الِاسْتِرْدَادُ) اُنْظُرْ مَا يَسْتَرِدُّهُ هَلْ هُوَ الْجَمِيعُ لِفَسَادِ الدَّفْعِ أَوْ ثُلُثُ مَا دَفَعَهُ إلَيْهِمَا أَوْ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَغْرَمُهُ لَوْ كَانَ مُوسِرًا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّالِثُ، وَعَلَيْهِ هَلْ يَتَعَيَّنُ فِيمَا يَسْتَرِدُّهُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمَا أَوْ يَكْفِي مِنْ أَحَدِهِمَا وَكَانَ مَا بَقِيَ بِيَدِهِ هُوَ الَّذِي دَفَعَهُ لَهُ ابْتِدَاءً فِيهِ نَظَرٌ، وَلَعَلَّ الثَّانِيَ أَقْرَبُ (قَوْلُهُ مِنْهُمَا) أَيْ الِاثْنَيْنِ الْمَدْفُوعِ لَهُمَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْحَاكِمُ) وَإِذَا اخْتَلَفَ اعْتِقَادُ الْحَاكِمِ وَاعْتِقَادُ الْمُوصَى لَهُ فَهَلْ الْعِبْرَةُ بِاعْتِقَادِ الْحَاكِمِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ زَوْجَاتٌ) الْأَوْلَى لَهُمْ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ تَعَيُّنُ الِاسْتِرْدَادَ مِنْهُمَا) أَيْ الِابْنَيْنِ

الْمُوصِي وَمَحَارِمُهُ أَوْلَى فَمَحَارِمُهُ رَضَاعًا ثُمَّ جِيرَانُهُ ثُمَّ مَعَارِفُهُ، وَمَرَّ أَنَّهُمْ مَتَى انْحَصَرُوا وَجَبَ قَبُولُهُمْ وَاسْتِيعَابُهُمْ وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ وَإِنْ تَفَاوَتَتْ حَاجَتُهُمْ خِلَافًا لِلْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا يَأْتِي عَنْهُ آخِرَ الْبَابِ أَنَّهُ لَوْ فَوَّضَ لِلْوَصِيِّ التَّفْرِقَةَ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ لَزِمَهُ تَفْضِيلُ أَهْلِ الْحَاجَةِ إلَخْ. نَعَمْ يُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّهُ رَبَطَ الْإِعْطَاءَ بِوَصْفِ الْفَقْرِ مَثَلًا فَقَطَعَ اجْتِهَادَ الْوَصِيِّ وَثَمَّ وَكَّلَ الْأَمْرَ لِاجْتِهَادِهِ فَلَزِمَهُ ذَلِكَ. (أَوْ) أَوْصَى (لِزَيْدٍ وَالْفُقَرَاءَ) (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَأَحَدِهِمْ فِي جَوَازِ إعْطَائِهِ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ) ؛ لِأَنَّهُ أَلْحَقَهُ بِهِمْ (لَكِنْ لَا يُحْرَمُ) وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا لِنَصِّهِ عَلَيْهِ، وَقِيلَ هُوَ كَأَحَدِهِمْ فِي سِهَامِ الْقِسْمَةِ فَإِنْ ضُمَّ إلَيْهِ أَرْبَعَةٌ مِنْ الْفُقَرَاءِ كَانَ لَهُ الْخُمُسُ أَوْ خَمْسَةٌ كَانَ لَهُ السُّدُسُ وَهَكَذَا وَقِيلَ لَهُ الرُّبُعُ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ مَنْ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْفُقَرَاءِ ثَلَاثَةٌ، وَقِيلَ لَهُ النِّصْفُ؛ لِأَنَّهُ مُقَابِلٌ لِلْفُقَرَاءِ وَالْأَوَّلَانِ فُسِّرَ بِهِمَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنَّهُ كَأَحَدِهِمْ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ، وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ، وَعَبَّرَ فِيهَا بِأَصَحِّ الْأَوْجُهِ وَلَوْ وَصَفَهُ بِصِفَتِهِمْ كَزَيْدٍ الْفَقِيرِ، فَإِنْ كَانَ غَنِيًّا فَنَصِيبُهُ لَهُمْ أَوْ فَقِيرًا فَكَمَا مَرَّ أَوْ بِغَيْرِهَا كَزَيْدٍ الْكَاتِبِ أَخَذَ النِّصْفَ، وَأَخَذَ السُّبْكِيُّ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَلَى مُدَرِّسٍ وَإِمَامٍ وَعَشَرَةِ فُقَهَاءَ صُرِفَ لِكُلٍّ ثُلُثٌ، وَلَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِدِينَارٍ وَلِلْفُقَرَاءِ بِثُلُثِ مَالِهِ لَمْ يُصْرَفْ لِزَيْدٍ غَيْرُ الدِّينَارِ وَلَوْ كَانَ فَقِيرًا؛ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِهِ قَطَعَ اجْتِهَادَ الْوَصِيِّ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى أَنْ يُحَطَّ مِنْ دَيْنِهِ عَلَى فُلَانٍ أَرْبَعَةٌ مَثَلًا وَأَنْ يُحَطَّ جَمِيعُ مَا عَلَى أَقَارِبِهِ وَفُلَانٌ مِنْهُمْ لَمْ يُحَطَّ عَنْهُ غَيْرُ الْأَرْبَعَةِ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ بِإِفْرَادِهِ؛ وَلِأَنَّ الْعَدَدَ لَهُ مَفْهُومٌ مُعْتَبَرٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ. وَلَوْ أَوْصَى لِشَخْصٍ وَقَدْ أَسْنَدَ وَصِيَّتَهُ إلَيْهِ بِأَلْفٍ ثُمَّ أَسْنَدَ وَصِيَّتَهُ لِجَمْعٍ هُوَ مِنْهُمْ وَأَوْصَى لِكُلِّ مَنْ يَقْبَلُ وَصِيَّتَهُ مِنْهُمْ بِأَلْفَيْنِ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ إنْ صَرَّحَ أَوْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى أَنَّ الْأَلْفَ الْمَذْكُورَةَ أَوَّلًا مُرْتَبِطَةٌ بِقَبُولِ الْإِيصَاءِ لَمْ يَسْتَحِقَّ سِوَى أَلْفَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأُولَى حِينَئِذٍ مِنْ جُمْلَةِ أَفْرَادِ الثَّانِيَةِ وَإِلَّا اسْتَحَقَّ، أَلْفًا، ثُمَّ إنْ قَبِلَ اسْتَحَقَّ أَلْفَيْنِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ وَصِيَّتَانِ مُتَغَايِرَتَانِ: الْأُولَى مَحْضُ تَبَرُّعٍ لَا فِي مُقَابِلٍ، وَالثَّانِيَةُ نَوْعُ جَعَالَةٍ فِي مُقَابَلَةِ الْقَبُولِ وَالْعَمَلِ، فَلَيْسَ هَذَا كَالْإِقْرَارِ لَهُ بِأَلْفٍ ثُمَّ بِأَلْفَيْنِ أَوْ بِأَلْفٍ وَلَمْ يَذْكُرُ سَبَبًا ثُمَّ أَلْفٍ وَذَكَرَ لَهَا سَبَبًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُغَايِرْ بَيْنَهُمَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَأَمْكَنَ حَمْلُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا، وَمَا فِي فَتَاوَى الْعِرَاقِيِّ مِمَّا يُخَالِفُ بَعْضَ ذَلِكَ مَمْنُوعٌ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ جَازِمٍ بِهِ وَإِنَّمَا هُوَ مُتَرَدِّدٌ فِيهِ، وَقَوْلُهُ لَعَلَّ حَمْلَ الْمُطْلَقِ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ عَلَى الْمُقَيَّدِ أَوْلَى وَإِنْ كَانَتْ مَادَّتُهُمَا مُخْتَلِفَةٌ اعْتِبَارًا بِاللَّفْظِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى الْمَعْنَى بَعِيدٌ، وَلَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ وَجِبْرِيلَ أَوْ لَهُ وَالْحَائِطِ أَوْ الرِّيحِ أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا لَا يُوصَفُ بِالْمِلْكِ كَالشَّيْطَانِ أُعْطِيَ زَيْدٌ النِّصْفَ وَبَطَلَتْ فِي الْبَاقِي. كَمَا لَوْ أَوْصَى لِابْنِ زَيْدٍ وَابْنِ عَمْرٍو وَلَيْسَ لِعَمْرٍو ابْنٌ، فَإِنْ أَضَافَ إلَى الْحَائِطِ كَأَنْ قَالَ وَعِمَارَةُ حَائِطِ الْمَسْجِدِ أَوْ حَائِطِ دَارِ زَيْدٍ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ وَصُرِفَ النِّصْفُ فِي عِمَارَتِهِ أَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ وَالْمَلَائِكَةِ أَوْ الرِّيَاحِ أَوْ الْحِيطَانِ أَوْ نَحْوِهِمَا أُعْطِيَ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْأَوَّلُ (قَوْلُهُ فَمَحَارِمُهُ رَضَاعًا) لَمْ يَذْكُرْ مَحَارِمَ الْمُصَاهَرَةِ وَيَنْبَغِي أَنَّهُمْ بَعْدَ مَحَارِمِ الرَّضَاعِ. (قَوْلُهُ: فِي جَوَازِ إعْطَائِهِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الْأَقَلُّ فَلَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ (قَوْلُهُ فَكَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَأَحَدِهِمْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) غَايَةً (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِهِ) أَيْ بِتَقْدِيرِ الْمُوصِي الدِّينَارَ لَهُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ بِإِفْرَادِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَذَكِّرٍ لِكَوْنِهِ مِنْ أَقَارِبِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَسْنَدَ وَصِيَّتَهُ إلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ جَعَلَهُ وَصِيًّا عَلَى تَرِكَتِهِ (قَوْلُهُ: وَأَوْصَى لِكُلِّ مِنْ يَقْبَلُ وَصِيَّتَهُ مِنْهُمْ) أَيْ وَيَفْعَلُ كَذَا مَثَلًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَالْعَمَلِ، وَلَعَلَّ فِي الْعِبَارَةِ سَقْطًا (قَوْلُهُ: فَأَمْكَنَ حَمْلُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ) أَيْ فَيَكُونُ مُقِرًّا لَهُ فِي الْأُولَى بِأَلْفَيْنِ وَفِي الثَّانِيَةِ بِأَلْفٍ (قَوْلُهُ: وَصَرَفَ النِّصْفَ فِي عِمَارَتِهِ) أَيْ فَإِنْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ اُدُّخِرَ لِلْعِمَارَةِ إنْ تُوُقِّعَ احْتِيَاجُهُ وَإِلَّا رُدَّتْ عَلَى الْوَرَثَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ وَلِلْفُقَرَاءِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَدْفُوعِ إلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَضَافَ إلَى الْحَائِطِ) صَوَابُهُ: فَإِنْ أَضَافَ الْحَائِطَ، كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ

وَلِلْفُقَرَاءِ وَبَطَلَتْ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ، أَوْ لِزَيْدٍ وَلِلَّهِ تَعَالَى فَلِزَيْدٍ النِّصْفُ وَالْبَاقِي يُصْرَفُ فِي وُجُوهِ الْقُرَبِ؛ لِأَنَّهَا مَصْرِفُ الْحُقُوقِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ بِثُلُثِ مَالِهِ لِلَّهِ فَفِي وُجُوهِ الْبِرِّ عَلَى مَا ذُكِرَ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِلَّهِ فَلِلْمَسَاكِينِ أَوْ لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَهُنَّ ثَلَاثٌ وَلِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ جُعِلَ الْمُوصَى بِهِ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا (أَوْ) أَوْصَى (لِجَمْعٍ مُعَيَّنٍ غَيْرِ مُنْحَصِرٍ) (كَالْعَلَوِيَّةِ) وَهُمْ الْمَنْسُوبُونَ لِعَلِيٍّ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ فَاطِمَةَ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهَا وَالْهَاشِمِيَّةِ وَبَنِي تَمِيمٍ (صَحَّتْ) هَذِهِ الْوَصِيَّةُ (فِي الْأَظْهَرِ وَلَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى ثَلَاثَةٍ) كَالْوَصِيَّةِ لِلْفُقَرَاءِ وَالثَّانِي الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّ التَّعْمِيمَ يَقْتَضِي الِاسْتِيعَابَ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ بِخِلَافِ الْفُقَرَاءِ فَإِنَّ عُرْفَ الشَّرْعِ خَصَّصَهُ بِثَلَاثَةٍ فَاتُّبِعَ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْوَصَايَا يُتَّبَعُ فِيهَا عُرْفُ الشَّرْعِ غَالِبًا حَيْثُ عُلِمَ (أَوْ) أَوْصَى (لِأَقَارِبِ زَيْدٍ) مَثَلًا أَوْ رَحِمِهِ (دَخَلَ كُلُّ قَرَابَةٍ لَهُ وَإِنْ بَعُدَ) وَارِثًا وَكَافِرًا وَغَنِيًّا وَفَقِيرًا وَضِدَّهُمْ فَيَجِبُ اسْتِيعَابُهُمْ وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ وَإِنْ كَثُرُوا، وَشَقَّ اسْتِيعَابُهُمْ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ، وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُمْ لَوْ لَمْ يَنْحَصِرُوا فَكَالْعَلَوِيَّةِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَ تَعَذُّرِ حَصْرِهِمْ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ يُذْكَرُ عُرْفًا شَائِعًا لِإِرَادَةِ جِهَةِ الْقُرْبَةِ فَعَمَّ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا قَرِيبٌ صُرِفَ لَهُ الْكُلُّ، وَلَمْ يَنْظُرُوا لِكَوْنِ ذَلِكَ اللَّفْظِ جَمْعًا فَاسْتَوَى الْأَبْعَدُ مَعَ غَيْرِهِ مَعَ كَوْنِ الْأَقَارِبِ جَمْعُ أَقْرَبَ وَهُوَ أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ الْمَارِّ إنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِمْ غَيْرُ الْوَارِثِ مَا لَوْ كَانَ قَرِيبَهُ رَقِيقًا فَتَصِحُّ وَيَكُونُ نَصِيبُهُ لِسَيِّدِهِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ النَّاشِرِيُّ، وَإِنْ تَعَقَّبَهُ فِي الْإِسْعَادِ فَقَالَ: يَنْبَغِي دُخُولُهُمْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَقَارِبُ أَحْرَارٌ، فَإِنْ كَانُوا فَلَا دَخْلَ لَهُمْ مَعَهُمْ لِعَدَمِ قَصْدِهِمْ بِالْوَصِيَّةِ (إلَّا أَصْلًا) أَيْ أَبًا أَوْ أُمًّا (وَفَرْعًا) أَيْ وَلَدًا (فِي الْأَصَحِّ) إذْ لَا يُسَمَّوْنَ أَقَارِبَ عُرْفًا: أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَصِيَّةِ فَلَا يُنَافِي تَسْمِيَتَهُمَا أَقَارِبَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ. وَالثَّانِي يَدْخُلَانِ لِدُخُولِهِمَا فِي الْوَصِيَّةِ لِأَقْرَبَ أَقَارِبِهِ، وَعُدِلَ عَنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ لِإِفَادَةِ دُخُولِ الْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ وَالْأَحْفَادِ فِي الْأَقَارِبِ (وَلَا تَدْخُلُ قَرَابَةُ أُمٍّ فِي وَصِيَّةِ الْعَرَبِ فِي الْأَصَحِّ) إذَا كَانَ الْمُوصِي عَرَبِيًّا؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَفْتَخِرُونَ بِهَا وَلَا يَعُدُّونَهَا قَرَابَةً وَالثَّانِي تَدْخُلُ فِي وَصِيَّةِ الْعَرَبِ كَالْعَجَمِ، وَقَوَّاهُ فِي الشَّرْحَيْنِ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَاعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «سَعْدٌ خَالِي ـــــــــــــــــــــــــــــSمُقْتَضَى التَّشْبِيهِ بِزَيْدٍ وَالْفُقَرَاءِ عَدَمُ انْحِصَارِ الْمَدْفُوعِ فِي أَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ وَأَنَّ النَّظَرَ فِيهِ لِلْوَصِيِّ فَيُعْطِيهِ مَا رَآهُ وَلَا يَحْرِمُهُ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَبَطَلَتْ فِيمَا زَادَ أَنَّهُ لَا يُعْطَى زِيَادَةً عَلَى أَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ، وَعَلَيْهِ فَالتَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ إلَخْ فِي أَصْلِ الْمُعْطَى لَا فِي مِقْدَارِهِ. وَالْفَرْقُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ فِيمَا لَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ وَالْفُقَرَاءِ الْمُوصَى بِهِ مُعَيَّنٌ وَقَطَعَ الْمُوصِي تَعَلُّقَ الْوَارِثِ بِشَيْءٍ مِنْهُ وَفَوَّضَ مَحَلَّ صَرْفِ مَا أَخْرَجَهُ لِلْوَصِيِّ أَوْ الْحَاكِمِ، وَفِيمَا لَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ وَالْمَلَائِكَةِ جَعَلَ مِنْهُ جُزْءًا لِزَيْدٍ وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ فَصَارَ مِقْدَارُ مَا لِزَيْدٍ مَشْكُوكًا فِيهِ فَحُمِلَ عَلَى الْمُتَيَقَّنِ وَبَطَلَ فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي التَّرِكَةِ أَنَّهَا لِلْوَارِثِ إلَّا مَا تَحَقَّقَ خُرُوجُهُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُمْتَنِعٌ) أَيْ مُتَعَذِّرٌ (قَوْلُهُ: وَارِثًا وَكَافِرًا وَغَنِيًّا) قَدْ يُخَالِفُ هَذَا مَا مَرَّ عَنْ حَجّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لِجِيرَانِهِ أَوْ الْعُلَمَاءِ أَوْ نَحْوِهِمْ لَا تَدْخُلُ الْوَرَثَةُ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُوصَى لَهُمْ عَادَةً، وَيُجَابُ بِأَنَّ الَّذِينَ لَا يُوصَى لَهُمْ عَادَةً وَرَثَةُ الْمُوصِي، فَلَوْ أَوْصَى لِأَقَارِبِهِ نَفْسِهِ لَمْ تَدْخُلْ وَرَثَتُهُ كَمَا يَأْتِي، وَالْمُوصَى لَهُمْ هُنَا هُمْ أَقَارِبُ زَيْدٍ وَهُمْ مِنْ غَيْرِ وَرَثَةِ الْمُوصِي، وَعَلَيْهِ فَلَوْ اتَّفَقَ أَنَّ بَعْضَ أَقَارِبِ زَيْدٍ كَانَ مِنْ وَرَثَةِ الْمُوصِي لَمْ يُدْفَعْ لَهُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: فَاسْتَوَى الْأَبْعَدُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَوْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ: أَيْ وَمِنْ أَجْلِ كَوْنِ الْمَقْصُودِ بِهِ عُرْفًا الْجِهَةَ لَمْ يُنْظَرْ إلَى الْعَدَدِ وَلَا لِكَوْنِهِ اسْمَ تَفْضِيلٍ (قَوْلُهُ: جَمْعُ أَقْرَبَ) فِي الْمُخْتَارِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ جَمْعُ قَرِيبٍ حَيْثُ قَالَ وَالْقَرَابَةُ الرَّحِمُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِلَّهِ فَلِلْمَسَاكِينِ) كَذَا فِي الرَّوْضِ قَالَ شَارِحُهُ فِي نُسْخَةٍ مَا نَصُّهُ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَقَدْ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي الْوَقْفِ. اهـ. وَفِي نُسْخَةٍ أُخْرَى مِنْ الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِعَدَمِ ذِكْرِ الْمُوصَى لَهُ الَّذِي هُوَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْوَصِيَّةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَقَدْ صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ سَعْدٌ خَالِي» إلَخْ) أَيْ فَيُمْنَعُ كَوْنُ الْعَرَبِ لَا تَفْتَخِرُ بِهَا الَّذِي

فَلْيُرِنِي امْرُؤٌ خَالَهُ» وَيَدْخُلُونَ فِي الرَّحِمِ اتِّفَاقًا (وَالْعِبْرَةُ) فِي ضَبْطِ الْأَقَارِبِ (بِأَقْرَبِ جَدٍّ يُنْسَبُ إلَيْهِ زَيْدًا) أَوْ أُمَّهُ بِنَاءً عَلَى دُخُولِ أَقَارِبِهَا (وَتُعَدُّ أَوْلَادُهُ) أَيْ ذَلِكَ الْجَدِّ وَلَا يَدْخُلُ (قَبِيلَةٌ وَاحِدَةٌ) وَلَا يَدْخُلُ أَوْلَادُ جَدٍّ فَوْقَهُ أَوْ فِي دَرَجَتِهِ فَلَوْ أَوْصَى لِأَقَارِبِ حَسَنٍ لَمْ تَدْخُلْ الْحُسَيْنِيُّونَ وَإِنْ انْتَمَوْا كُلُّهُمْ إلَى عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، أَوْ لِأَقَارِبِ الشَّافِعِيِّ دَخَلَ كُلُّ مَنْ يُنْسَبُ لِشَافِعٍ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ جَدٍّ عُرِفَ بِهِ الشَّافِعِيُّ لَا لِمَنْ يُنْسَبُ لِجَدِّ بَعْضِ شَافِعٍ كَأَوْلَادِ أَخَوَيْ شَافِعٍ عَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يُنْسَبُونَ لِلْمُطَّلِبِ أَوْ لِأَقَارِبِ بَعْضِ أَوْلَادِ الشَّافِعِيِّ دَخَلَ فِيهَا أَوْلَادُهُ دُونَ أَوْلَادِ جَدِّهِ شَافِعٍ، وَمَرَّ فِي الزَّكَاةِ آلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَوْ أَوْصَى لِآلِ غَيْرِهِ صَحَّتْ وَحُمِلَ عَلَى الْقَرَابَةِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا عَلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ، وَأَهْلُ الْبَيْتِ كَالْآلِ. نَعَمْ تَدْخُلُ الزَّوْجَةُ فِيهِمْ أَيْضًا أَوْ لِأَهْلِهِمْ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْبَيْتِ دَخَلَ كُلُّ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ أَوْ لِآبَائِهِ دَخَلَ أَجْدَادُهُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ أَوْ لِأُمَّهَاتِهِ دَخَلَتْ جَدَّاتُهُ مِنْهُمَا أَيْضًا، وَلَا تَدْخُلُ الْأَخَوَاتُ فِي الْإِخْوَةِ كَعَكْسِهِ وَالْأَحْمَاءُ آبَاءُ الزَّوْجَةِ، وَكَذَا أَبُو زَوْجَةِ كُلِّ مَحْرَمٍ حَمٌ، وَالْأَصْهَارُ يَشْمَلُ الْأَخْتَانَ وَالْأَحْمَاءَ، وَيَدْخُلُ فِي الْمَحْرَمِ كُلُّ مُحَرَّمٍ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ، وَالْوَصِيَّةُ لِلْمَوَالِي كَالْوَقْفِ عَلَيْهِمْ (وَيَدْخُلُ فِي أَقْرَبِ أَقَارِبِهِ) أَيْ زَيْدٍ (الْأَصْلُ) ، أَيْ الْأَبَوَانِ (وَالْفَرْعُ) أَيْ الْوَلَدُ، ثُمَّ غَيْرُهُمَا عِنْدَ فَقْدِهِمَا عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي رِعَايَةٌ لِوَصْفِ الْأَقْرَبِيَّةِ الْمُقْتَضِي لِزِيَادَةِ الْقُرْبِ أَوْ قُوَّةِ الْجِهَةِ، وَبِهَذَا الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَأَخٌ عَلَى جَدٍّ انْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ ثَمَّ أَقْرَبَ مِنْ غَيْرِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ، وَانْدَفَعَ قَوْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ الْمُرَادُ بِالْأَصْلِ الْأَبُ وَالْأُمُّ وَأُصُولُهُمَا. وَلَوْ أَوْصَى لِجَمَاعَةٍ مِنْ أَقْرَبِ أَقَارِبِ زَيْدٍ وَجَبَ اسْتِيعَابُ الْأَقْرَبِينَ، وَاسْتِشْكَالُ الرَّافِعِيِّ بِأَنَّ الْقِيَاسَ بُطْلَانُ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ جَمَاعَةٍ مُنَكَّرٌ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِأَحَدِ رَجُلَيْنِ أَوْ لِثَلَاثَةٍ لَا عَلَى التَّعْيِينِ مِنْ جَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِيهِ إيهَامٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ مِنْ غَيْرِ قَرِينَةٍ تُبَيِّنُهُ، وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا رَبَطَ الْمُوصَى لَهُمْ بِوَصْفِ الْأَقْرَبِيَّةِ عُلِمَ أَنَّ مُرَادَهُ إنَاطَةُ الْحُكْمِ بِهَا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِلتَّبْعِيضِ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ مِنْ (وَالْأَصَحُّ تَقْدِيمُ) الْفُرُوعِ وَإِنْ سَفُلُوا وَلَوْ مِنْ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ، فَيُقَدَّمُ وَلَدُ الْوَلَدِ عَلَى وَلَدِ وَلَدِ الْوَلَدِ ثُمَّ الْأُبُوَّةُ ثُمَّ الْأُخُوَّةُ وَلَوْ مِنْ الْأُمِّ ثُمَّ بُنُوَّةُ الْأُخُوَّةِ ثُمَّ الْجُدُودَةُ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى نَظَرًا فِي الْفُرُوعِ إلَى قُوَّةِ الْإِرْثِ وَالْعُصُوبَةِ فِي الْجُمْلَةِ، وَفِي الْإِخْوَةِ إلَى قُوَّةِ الْبُنُوَّةِ فِيهَا فِي الْجُمْلَةِ ثُمَّ بَعْدَ الْجُدُودَةِ الْعُمُومَةُ وَالْخُئُولَةُ فَيَسْتَوِيَانِ ثُمَّ بُنُوَّتُهُمَا وَيَسْتَوِيَانِ أَيْضًا، لَكِنْ بَحَثَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَقْدِيمَ الْعَمِّ وَالْعَمَّةِ عَلَى أَبِي الْجَدِّ وَالْخَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــSإلَى أَنْ قَالَ: وَهُمْ أَقْرِبَائِي وَأَقَارِبِي وَالْعَامَّةُ تَقُولُ هُمْ قَرَابَتِي وَهُمْ قُرُبَاتِي (قَوْلُهُ: نَعَمْ تَدْخُلُ الزَّوْجَةُ فِيهِمْ) أَيْ فِي أَهْلِ الْبَيْتِ (قَوْلُهُ: وَالْأَحْمَاءُ آبَاءُ الزَّوْجَةِ) هَذَا خِلَافُ الْمَشْهُورِ فِي الْعَرَبِيَّةِ مِنْ أَنَّهُمْ أَقَارِبُ الزَّوْجِ، وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: وَحَمَاةُ الْمَرْأَةِ أُمُّ زَوْجِهَا لَا لُغَةَ فِيهَا غَيْرُ هَذِهِ، وَفِي الْمِصْبَاحِ حَمَاةُ الزَّوْجَةِ وِزَانُ حَصَاةٍ أُمُّ زَوْجِهَا لَا يَجُوزُ فِيهَا غَيْرُ الْقَصْرِ. وَالْحَمَا: كُلُّ قَرِيبٍ لِلزَّوْجِ مِثْلُ الْأَبِ وَالْأَخِ وَالْعَمِّ، وَفِيهِ أَرْبَعُ لُغَاتٍ حَمَا مِثْلُ عَصَا وَحَمٌ مِثْلُ يَدٍ وَحَمُوهَا مِثْلُ أَبُوهَا يُعْرَبُ بِالْحُرُوفِ وَحَمْءٌ بِالْهَمْزِ مِثْل خَبْءٍ وَكُلُّ قَرِيبٍ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ فَهُمْ الْأَخْتَانُ. قَالَ ابْنُ فَارِسٍ: الْحَمُ أَبُو الزَّوْجِ وَأَبُو امْرَأَةِ الرَّجُلِ، وَقَالَ فِي الْمُحْكَمِ أَيْضًا: وَحَمُ الرَّجُلِ أَبُو زَوْجَتِهِ أَوْ أَخُوهَا أَوْ عَمُّهَا، فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْحَمَ يَكُونُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَالصِّهْرِ، وَهَكَذَا نَقَلَهُ الْخَلِيلُ عَنْ بَعْضِ الْعَرَبِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: الْأَخْتَانُ) أَيْ أَقَارِبُ الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: كَالْوَقْفِ عَلَيْهِمْ) أَيْ فَيَشْمَلُ الْعَتِيقَ وَالْمُعْتَقَ (قَوْلُهُ: وَجَبَ اسْتِيعَابُ الْأَقْرَبِينَ) يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ مِنْ أَقْرَبِ أَقَارِبِ زَيْدٍ، وَمَا الْمُرَادُ مِنْ الْأَقْرَبِينَ الَّذِينَ يَجِبُ اسْتِيعَابُهُمْ (قَوْلُهُ: لَكِنْ بَحَثَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) ضَعِيفٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَّلَ بِهِ الْأَوَّلَ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ) مِنْ فِيهِ بَيَانِيَّةٌ.

[فصل في أحكام معنوية للموصى به]

وَالْخَالَةِ عَلَى جَدِّ الْأُمِّ وَجَدَّتِهَا انْتَهَى. قَالَ غَيْرُهُ: وَكَالْعَمِّ فِي ذَلِكَ ابْنُهُ كَمَا فِي الْوَلَاءِ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ عُلِمَ مِنْهُ تَقْدِيمُ (ابْنٍ) وَبِنْتٍ وَذُرِّيَّتِهِمَا (عَلَى أَبٍ وَأَخٍ) وَذُرِّيَّتِهِ مِنْ أَيِّ جِهَاتِهِ (عَلَى جَدٍّ) مِنْ أَيِّ جِهَاتِهِ، وَالثَّانِي يُسَوَّى بَيْنَهُمَا فِيهِمَا لِاسْتِوَاءِ الْأَوَّلَيْنِ فِي الرُّتْبَةِ وَالْآخِرَيْنِ فِي الدَّرَجَةِ لِإِدْلَائِهِمَا بِالْأَبِ (وَلَا يَرْجِعُ بِذُكُورَةٍ وَوِرَاثَةٍ بَلْ يَسْتَوِي الْأَبُ وَالْأُمُّ وَالِابْنُ وَالْبِنْتُ) وَالْأَخُ وَالْأُخْتُ لِاسْتِوَاءِ الْجِهَةِ مِنْ كُلٍّ. نَعَمْ الشَّقِيقُ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ وَالْأَخُ لِلْأَبِ مَعَ الْأَخِ لِلْأُمِّ مُسْتَوِيَانِ (وَيُقَدَّمُ ابْنُ الْبِنْتِ عَلَى ابْنِ ابْنِ الِابْنِ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مِنْهُ فِي الدَّرَجَةِ (وَلَوْ أَوْصَى لِأَقَارِبِ نَفْسِهِ لَمْ تَدْخُلْ وَرَثَتُهُ فِي الْأَصَحِّ) اعْتِبَارًا بِعُرْفِ الشَّرْعِ لَا بِعُمُومِ اللَّفْظِ، وَلِأَنَّ الْوَارِثَ لَا يُوصَى لَهُ غَالِبًا فَيَخْتَصُّ بِالْبَاقِينَ وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَقْوَى فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ يَدْخُلُونَ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَتَنَاوَلُهُمْ ثُمَّ يَبْطُلُ نَصِيبُهُمْ وَيَصِحُّ الْبَاقِي لِغَيْرِ الْوَرَثَةِ. (فَصْلٌ) فِي أَحْكَامٍ مَعْنَوِيَّةٍ لِلْمُوصَى بِهِ مَعَ بَيَانِ مَا يُفْعَلُ عَنْ الْمَيِّتِ وَمَا يَنْفَعُهُ (تَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِمَنَافِعَ) نَحْوِ (عَبْدٍ وَدَارٍ) كَمَا قَدَّمَهُ وَأَعَادَ ذَلِكَ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ (وَغَلَّةٍ) عَطْفٌ عَلَى مَنَافِعَ (حَانُوتٍ) وَدَارٍ مُؤَبَّدَةٍ وَمُؤَقَّتَةٍ وَمُطْلَقَةٍ وَهِيَ لِلتَّأْبِيدِ، وَمَا اقْتَضَاهُ عَطْفُ الْغَلَّةِ عَلَى الْمَنْفَعَةِ مِنْ تَغَايُرِهِمَا صَحِيحٌ (وَيَمْلِكُ الْمُوصَى لَهُ) بِالْمَنْفَعَةِ وَكَذَا بِالْغَلَّةِ إنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا مُطْلَقُ الْمَنْفَعَةِ أَوْ اطَّرَدَ الْعُرْفُ بِذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ نَظِيرُ مَا مَرَّ (مَنْفَعَةٌ) نَحْوُ (الْعَبْدِ) الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ فَلَيْسَتْ إبَاحَةً وَلَا عَارِيَّةً لِلُزُومِهَا بِالْقَبُولِ، وَمِنْ ثَمَّ جَازَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ وَيُعِيرَ وَيُوصِيَ بِهَا وَيُسَافِرَ بِهَا عِنْدَ الْأَمْنِ وَيَدُهُ يَدُ أَمَانَةٍ وَتُورَثُ عَنْهُ، وَإِطْلَاقُهُ الْمَنْفَعَةَ يَقْتَضِي عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُؤَبَّدَةِ وَالْمُؤَقَّتَةِ، لَكِنْ قَيَّدَهُ فِي الرَّوْضَةِ بِالْمُؤَبَّدَةِ أَوْ الْمُطْلَقَةِ، أَمَّا إذَا قَالَ أَوْصَيْت لَك بِمَنَافِعِهِ حَيَاتَكَ فَالْمَجْزُومُ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا هُنَا أَنَّهُ لَيْسَ تَمْلِيكًا وَإِنَّمَا هُوَ إبَاحَةٌ فَلَيْسَ لَهُ الْإِجَارَةُ، وَفِي الْإِعَارَةِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ الْمَنْعُ، فَقَدْ جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْوَقْفِ، لَكِنْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الْإِجَارَةِ بِجَوَازِهَا مِنْهُ وَصَوَّبَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَقَالَ: إنَّهُ نَظِيرُ الْوَقْفِ عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَمْرٍو، فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَمْلِكُ الْمَنْفَعَةَ مَعَ التَّقْيِيدِ بِحَيَاتِهِ، وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْمَنْعِ عَلَى مَا إذَا كَانَ فِي عِبَارَةِ الْمُوصِي مَا يُشْعِرُ بِقَصْرِ الْمَنْفَعَةِ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ كَأَوْصَيْتُ لَهُ لِيَسْكُنَ أَوْ يَنْتَفِعَ وَالْجَوَازُ عَلَى خِلَافِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَبَّرَ بِالْفِعْلِ وَأَسْنَدَهُ إلَى الْمُخَاطَبِ اقْتَضَى قُصُورَهُ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ نَعَمْ الشَّقِيقُ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ هُنَا وَفِي الْوَقْفِ. . (فَصْلٌ) فِي أَحْكَامٍ مَعْنَوِيَّةٍ لِلْمُوصَى بِهِ (قَوْلُهُ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِمَنَافِعَ إلَخْ) قَالَ حَجّ فِي شَرْحِ هَذَا الْمَحَلِّ بَعْدَ كَلَامٍ قَرَّرَهُ مَا نَصُّهُ: وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْإِيصَاءُ بِدَرَاهِمَ يَتَّجِرُ فِيهَا الْوَصِيُّ وَيَتَصَدَّقُ بِمَا يَحْصُلُ مِنْ رِبْحِهَا؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ بِالنِّسْبَةِ لَهَا لَا يُسَمَّى غَلَّةً وَلَا مَنْفَعَةً لِلْعَيْنِ الْمُوصَى بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِزَوَالِهَا، وَهَذَا وَاضِحٌ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَيُسَافِرُ بِهَا) أَيْ بِالْعَيْنِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي عَدَمَ الْفَرْقِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: الْمُؤَبَّدَةُ) أَيْ بِأَنْ ذُكِرَ فِيهَا لَفْظُ تَأْبِيدٍ وَقَوْلُهُ أَوْ الْمُطْلَقَةُ وَفِي حَاشِيَةِ الزِّيَادِيِّ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ أَقَّتَهَا بِنَحْوِ سَنَةٍ (قَوْلُهُ: حَيَاتُك) أَيْ أَوْ حَيَاةُ زَيْدٍ اهـ زِيَادِيُّ (قَوْلُهُ فَالْمَجْزُومُ بِهِ إلَخْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي أَحْكَامٍ مَعْنَوِيَّةٍ لِلْمُوصَى بِهِ] (قَوْلُهُ: وَيُسَافِرُ بِهَا) يَعْنِي بِمَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ

مُبَاشَرَتِهِ بِخِلَافِ مَنْفَعَتِهِ أَوْ خِدْمَتِهِ أَوْ سُكْنَاهَا أَوْ رُكُوبِهَا، وَالتَّعْبِيرُ بِالِاسْتِخْدَامِ كَقَوْلِهِ بِأَنْ يَخْدُمَهُ بِخِلَافِ الْخِدْمَةِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، وَقَوْلُهُ لِنَحْوِ الْوَصِيِّ أَطْعَمُ زَيْدًا رِطْلَ خُبْزٍ مِنْ مَالٍ تَمْلِيكٌ لَهُ كَإِطْعَامِ الْكَفَّارَةِ، بِخِلَافِ اشْتَرِ خُبْزًا وَاصْرِفْهُ لِجِيرَانِي فَإِنَّهُ إبَاحَةٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْإِطْعَامَ وَرَدَ فِي الشَّرْعِ مُرَادًا بِهِ التَّمْلِيكُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} [المائدة: 89] فَحُمِلَ فِي لَفْظِ الْمُوصَى عَلَيْهِ وَلَا كَذَلِكَ الصَّرْفُ (وَ) يَمْلِكُ أَيْضًا (أَكْسَابَهُ الْمُعْتَادَةَ) كَاحْتِطَابٍ وَاحْتِشَاشٍ وَاصْطِيَادٍ وَأُجْرَةِ حِرْفَةٍ؛ لِأَنَّهَا أَبْدَالُ الْمَنَافِعِ الْمُوصَى بِهَا لَا النَّادِرَةَ كَهِبَةٍ وَلُقَطَةٍ إذْ لَا تُقْصَدُ بِالْوَصِيَّةِ (وَكَذَا مَهْرُهَا) أَيْ الْأَمَةِ الْمُوصَى بِهَا إذَا وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ يَمْلِكُهُ الْمُوصَى لَهُ بِمَنَافِعِهَا (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ نَمَاءِ الرَّقَبَةِ كَالْكَسْبِ وَكَمَا يَمْلِكُهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ، وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْبَغَوِيِّ وَجَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَشْبَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّهُ مِلْكٌ لِوَرَثَةِ الْمُوصِي، وَفَرَّقَ الْأَذْرَعِيُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِأَنَّ مِلْكَ الثَّانِي أَقْوَى لِمِلْكِهِ النَّادِرِ، وَالْوَلَدُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، وَيَمْلِكُ الْوَارِثُ الرَّقَبَةَ هُنَا لَا ثَمَّ قَالَ غَيْرُهُ وَلِأَنَّهُ يَمْلِكُ الرَّقَبَةَ عَلَى قَوْلٍ فَقَوِيَ الِاسْتِتْبَاعُ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَرُدَّ بِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ أَبَدًا قِيلَ فِيهِ إنَّهُ يَمْلِكُ الرَّقَبَةَ أَيْضًا، وَيُرَدُّ الْأَوَّلَانِ بِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ يَمْلِكُ الْإِجَارَةَ وَالْإِعَارَةَ وَالسَّفَرَ بِهَا وَتُورَثُ عَنْهُ الْمَنْفَعَةُ، وَلَا كَذَلِكَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ لَكَانَ مِلْكُ الْمُوصَى لَهُ أَقْوَى وَعَدَمُ مِلْكِ النَّادِرِ إنَّمَا هُوَ لِعَدَمِ تَبَادُرِ دُخُولِهِ وَالْوَلَدُ إنَّمَا هُوَ لِمَا يَأْتِي، وَلِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الْأُمِّ وَهُوَ لَا يَمْلِكُهَا لَا أَنَّ ذَلِكَ لِضَعْفِ مِلْكِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُحَدَّ الْمُوصَى لَهُ لَوْ وَطِئَ الْمُوصَى بِهَا وَلَوْ مُؤَقَّتَةً بِمُدَّةٍ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، بِخِلَافِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَيْهِ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ مِلْكَهُ أَضْعَفُ، وَأَيْضًا فَالْحَقُّ فِي الْمَوْقُوفَةِ لِلْبَطْنِ الثَّانِي وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ، وَلَا حَقَّ هُنَا فِي الْمَنْفَعَةِ لِغَيْرِ الْمُوصَى لَهُ، فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ: الْوَجْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSمُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْخِدْمَةِ) أَيْ فَلَهُ إجَارَتُهُ فِيهَا دُونَ خِدْمَتِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ إبَاحَةٌ) أَيْ فَلَيْسَ لَهُمْ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِغَيْرِ الْأَكْلِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا أَبْدَالُ الْمَنَافِعِ) وَمِنْ ذَلِكَ لَبَنُ الْأَمَةِ فَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ فَلَهُ مَنْعُ الْأَمَةِ مِنْ سَقْيِ وَلَدِهَا الْمُوصَى بِهِ لِآخَرَ لِغَيْرِ اللُّبَا، أَمَّا هُوَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَمْكِينُهَا مِنْ سَقْيِهِ لِلْوَلَدِ (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ الْأَذْرَعِيُّ بَيْنَهُ) أَيْ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ وَبَيْنَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ إلَخْ عَلَى هَذَا الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَرَدَّ الْأَوَّلَانِ) هُمَا قَوْلُهُ أَقْوَى لِمِلْكِهِ النَّادِرِ وَقَوْلُهُ وَيَمْلِكُ الْوَارِثُ الرَّقَبَةَ (قَوْلُهُ: وَلَا كَذَلِكَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ) أَيْ فَلَيْسَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْهَا، وَالْمُرَادُ بِمَنْعِ الْإِجَارَةِ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُؤَجَّرُ إنْ لَمْ يَكُنْ نَاظِرًا، وَإِلَّا فَالْإِجَارَةُ مِنْ وَظِيفَتِهِ لَكِنْ لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ لِمَا يَأْتِي) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا وَلَدَهَا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَلَدِ الْمَوْقُوفَةِ بِأَنَّ مِلْكَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لَهُ لَمْ يُعَارِضْهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) مِنْهُمْ حَجّ حَيْثُ قَيَّدَ بِالْمُؤَبَّدَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا حَقَّ هُنَا فِي الْمَنْفَعَةِ) هُوَ ظَاهِرٌ فِي الْمُؤَبَّدَةِ، أَمَّا الْمُؤَقَّتَةُ فَالْحَقُّ فِيهَا انْقِضَاءُ الْمُدَّةِ لِلْوَارِثِ وَمُقْتَضَاهُ الْحَدُّ وَهُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ حَجّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَنْفَعَتِهِ أَوْ خِدْمَتِهِ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَوْصَيْت لَهُ بِمَنْفَعَتِهِ إلَخْ كَمَا تُصَرِّحُ بِهِ عِبَارَةُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَالتَّعْبِيرُ بِالِاسْتِخْدَامِ كَقَوْلِهِ بِأَنْ يَخْدُمَهُ بِخِلَافِ الْخِدْمَةِ) أَيْ فَيُقْصَرُ الْأَوَّلُ عَلَى مُبَاشَرَةِ خِدْمَتِهِ بِخِلَافِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: إذَا وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَكَذَا لَهُ الْمَهْرُ الْحَاصِلُ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ (قَوْلُهُ: وَبِمِلْكِ الْوَارِثِ) هُوَ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ بِأَنَّ مِلْكَ الثَّانِيَ أَقْوَى (قَوْلُهُ: وَالْوَلَدِ إنَّمَا هُوَ لِمَا يَأْتِي) بِجَرِّ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ: وَأَيْضًا فَالْحَقُّ فِي الْمَوْقُوفَةِ لِلْبَطْنِ الثَّانِي إلَخْ) بِمَعْنَى أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ وَمِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ إلَّا بَعْدَ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي مَحَلِّهِ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ، وَكَانَ الْأَوْلَى فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ: وَأَيْضًا فَحَقُّ الْبَطْنِ الثَّانِي ثَابِتٌ فِي الْمَوْقُوفَةِ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ

التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا أَوْ وُجُوبُ الْحَدِّ فِي الْوَصِيَّةِ دُونَ الْوَقْفِ وَلَوْ أَوْلَدَهَا الْوَارِثُ فَالْوَلَدُ حُرٌّ نَسِيبٌ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَيُشْتَرَى بِهَا مِثْلُهُ لِتَكُونَ رَقَبَتُهُ لِلْوَارِثِ وَمَنْفَعَتُهُ لِلْمُوصَى لَهُ. كَمَا لَوْ وَلَدَتْهُ رَقِيقًا وَتَصِيرُ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ لِلْوَارِثِ تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ لِلْمُوصِي وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْوَطْءُ إنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحْبَلُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَحْبَلُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَرْهُونَةِ حَيْثُ حَرُمَ وَطْؤُهَا مُطْلَقًا أَنَّ الرَّاهِنَ قَدْ حَجَرَ عَلَى نَفْسِهِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ رَفْعِ الْعَلَقَةِ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ بِخِلَافِ الْوَارِثِ فِيهِمَا، وَلَوْ أَحْبَلَهَا الْمُوصَى لَهُ لَمْ يَثْبُتْ اسْتِيلَادُهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْوَلَدِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ أَرْشَ الْبَكَارَةِ لِلْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ جُزْءٍ مِنْ الْبَدَنِ الَّذِي هُوَ مِلْكٌ لَهُمْ، وَلَوْ عُيِّنَتْ الْمَنْفَعَةُ كَخِدْمَةِ قِنٍّ أَوْ كَسْبِهِ أَوْ غَلَّةِ دَارٍ أَوْ سُكْنَاهَا لَمْ يَسْتَحِقَّ غَيْرَهَا كَمَا مَرَّ، فَلَيْسَ لَهُ فِي الْأَخِيرَةِ عَمَلُ الْحَدَّادِينَ وَالْقَصَّارِينَ إلَّا إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُوصِي أَرَادَ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيَجُوزُ تَزْوِيجُ الْمُوصِي بِمَنْفَعَتِهِ وَالْمُزَوِّجُ لَهُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى الْوَارِثُ بِإِذْنِ الْمُوصَى لَهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِخَبَرِ «أَيُّمَا مَمْلُوكٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوَالِيهِ فَهُوَ عَاهِرٌ» وَفِي رِوَايَةٍ «فَنِكَاحُهُ بَاطِلٌ» وَلِأَنَّ مَالِكَ رَقَبَتِهِ يَتَضَرَّرُ بِتَعَلُّقِ مُؤَنِ النِّكَاحِ بِأَكْسَابِ الزَّوْجِ النَّادِرَةِ وَهِيَ لِمَالِكِ رَقَبَتِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، فَمَا فِي الْوَسِيطِ مِنْ اسْتِقْلَالِ الْمُوصَى لَهُ بِتَزْوِيجِ الْعَبْدِ مُفَرَّعٌ عَلَى مَرْجُوحٍ، وَهُوَ أَنَّ مُؤَنَ النِّكَاحِ لَا تَتَعَلَّقُ بِأَكْسَابِهِ النَّادِرَةِ أَوْ عَلَى رَأْيٍ مِنْ أَنَّ أَكْسَابَهُ الْمَذْكُورَةَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ (لَا وَلَدِهَا) أَيْ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا أَمَةً كَانَتْ، وَالْحَالُ أَنَّهُ مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا أَوْ غَيْرِهَا فَلَا يَمْلِكُهُ الْمُوصَى لَهُ. وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَلَدِ الْمَوْقُوفَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا) أَيْ فِي سُقُوطِ الْحَدِّ عَنْهُمَا أَوْ وُجُوبُهُ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَى بِهَا) أَيْ بِقِيمَتِهِ وَقْتَ الْوِلَادَةِ مِثْلُهُ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ لِلْمُوصَى لَهُ) وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ مَنْفَعَتَهَا لَمَّا كَانَتْ لِلْمُوصَى لَهُ وَكَانَ الْمَهْرُ الْحَاصِلُ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ لَهُ نَزَلَ الْوَارِثُ مَنْزِلَةَ الْأَجْنَبِيِّ وَكَانَ مِلْكُهُ لِلرَّقَبَةِ شُبْهَةً فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْمَهْرُ (قَوْلُهُ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ) أَيْ وَيُعَزَّرُ، وَقَوْلُهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ: أَيْ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ: مِمَّنْ لَا تَحْبَلُ) أَيْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ، وَقَضِيَّةُ الْجَوَازِ عَدَمُ وُجُوبِ الْمَهْرِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا أَوْلَدَهَا وَجَبَ الْمَهْرُ، وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحْبَلُ وَوَطِئَهَا وَلَمْ تَصِرْ بِهِ مُسْتَوْلَدَةً فَهَلْ يَجِبُ بِهِ مَهْرٌ لِحُرْمَتِهِ عَلَيْهِ أَوْ لَا، وَفِي الْعُبَابِ أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْوَلَدِ) أَيْ وَالْوَلَدُ حُرٌّ نَسِيبٌ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ أَنْ يُشْتَرَى بِهِ مِثْلُهُ لِتَكُونَ رَقَبَتُهُ لِلْوَارِثِ وَمَنْفَعَتُهُ لِلْمُوصَى لَهُ، فَلَوْ لَمْ يُمْكِنْ شِرَاءُ مِثْلِهِ بِقِيمَتِهِ فَقِيَاسُ مَا لَوْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ رَقَبَتِهِ رُجُوعُ الْقِيمَةِ لِلْوَارِثِ وَلَا يُشْتَرَى بِهَا شِقْصٌ، وَقِيَاسُ مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ شِرَاءُ شِقْصٍ فَهُوَ أَقْرَبُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ رَقَبَتِهِ بِتَعَذُّرِ مُسَمَّى الرَّقَبَةِ فَيُصْرَفُ لِلْوَارِثِ لِانْتِفَاءِ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ عِبَارَةُ الْمُوصِي، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ مِثْلُ مَا لَوْ قَالَ ثُلُثِي لِلْعِتْقِ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ شِرَاءُ رَقَبَةٍ فَيُشْتَرَى بِهِ شِقْصٌ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: كَخِدْمَةِ قِنٍّ) أَيْ وَيَنْبَغِي أَنْ تُحْمَلَ عَلَى الْخِدْمَةِ الْمُعْتَادَةِ لِلْمُوصَى لَهُ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ يَكُونُ لِلْوَارِثِ اسْتِخْدَامُهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَسْتَحِقَّ غَيْرَهَا) وَمُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ مِلْكِهِ لِلْمَنْفَعَةِ الْمُوصَى بِهَا مِلْكُ هَذِهِ وَإِنْ كَانَتْ خَاصَّةً (قَوْلُهُ: ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى) هُوَ ظَاهِرٌ فِي الْأُنْثَى بِأَنْ يَجْبُرَهَا عَلَيْهِ فَيَتَوَلَّى تَزْوِيجَهَا، أَمَّا الْعَبْدُ فَالْمُرَادُ بِتَزْوِيجِهِ الْإِذْنُ لَهُ فِيهِ، وَعَلَيْهِ فَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ: وَلَا يَصِحُّ تَزْوِيجُ الْعَبْدِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ إلَّا بِإِذْنِ الْوَارِثِ وَالْمُوصَى لَهُ. وَفِي سم عَلَى حَجّ: فَرْعٌ: الْوَجْهُ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ كَالْأَجْنَبِيِّ فِي حُرْمَةِ الْخَلْوَةِ وَالنَّظَرِ اهـ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي النَّظَرِ بَيْنَ كَوْنِهِ بِشَهْوَةٍ أَوْ لَا، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ النَّظَرِ لِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ عَاهِرٌ) أَيْ زَانٍ (قَوْلُهُ: وَالْحَالُ أَنَّهُ مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا) بِخِلَافِهِ مِنْ الْمُوصَى لَهُ أَوْ الْوَارِثِ فَإِنَّهُ حُرٌّ كَمَا مَرَّ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِشُبْهَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْحَالُ أَنَّهُ مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا) فَإِنْ كَانَ مِنْ شُبْهَةٍ لَحِقَ الْوَاطِئَ وَيَكُونُ حُرًّا وَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ يَشْتَرِي بِهَا مِثْلَهُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ

بِأَنَّ مِلْكَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لَهُ لَمْ يُعَارِضْهُ أَقْوَى مِنْهُ، بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ إبْقَاءَ مِلْكِ الْأَصْلِ لِلْوَارِثِ الْمُسْتَتْبِعِ لَهُ مُعَارِضٌ أَقْوَى لِمِلْكِ الْمُوصَى لَهُ فَقُدِّمَ عَلَيْهِ (فِي الْأَصَحِّ بَلْ هُوَ) إنْ كَانَتْ حَامِلًا بِهِ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهَا، أَوْ حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي؛ لِأَنَّهُ الْآنَ مِنْ فَوَائِدِ مَا اُسْتُحِقَّ مَنْفَعَتُهُ، بِخِلَافِ الْحَادِثِ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ وَقَبْلَ الْمَوْتِ وَإِنْ وُجِدَ عِنْدَهُ لِحُدُوثِهِ فِيمَا لَمْ يَسْتَحِقَّهُ إلَى الْآنَ (كَالْأُمِّ) فِي حُكْمِهَا فَتَكُونُ (مَنْفَعَتُهُ لَهُ وَرَقَبَتُهُ لِلْوَارِثِ) ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا فَجَرَى مَجْرَاهَا. وَالثَّانِي يَمْلِكُهُ الْمُوصَى لَهُ وَرُدَّ بِمَا مَرَّ، وَلَوْ نَصَّ عَلَى الْوَلَدِ فِي الْوَصِيَّةِ دَخَلَ قَطْعًا، وَلَوْ قُتِلَ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ فَوَجَبَ مَالٌ وَجَبَ شِرَاءُ مِثْلِهِ رِعَايَةً لِغَرَضِ الْمُوصِي، فَإِنْ لَمْ يَفِ بِكَامِلٍ فَشِقْصٌ وَالْمُشْتَرِي لَهُ الْوَارِثُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَقْفِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِي فِيهِ الْحَاكِمُ بِأَنَّ الْوَارِثَ هُنَا مَالِكٌ لِلْأَصْلِ فَكَذَا بَدَلِهِ وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ لَيْسَ مَالِكًا لَهُ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ نَظَرٌ فِي الْبَدَلِ فَتَعَيَّنَ الْحَاكِمُ وَيُبَاعُ فِي الْجِنَايَةِ وَحِينَئِذٍ يَبْطُلُ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا فَدَى وَ (لَهُ) أَيْ الْوَارِثِ وَمِثْلُهُ مُوصًى لَهُ بِرَقَبَتِهِ دُونَ مَنْفَعَتِهِ (إعْتَاقُهُ) يَعْنِي الْقِنَّ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ كَمَا بِأَصْلِهِ وَلَوْ مُؤَبَّدًا؛ لِأَنَّهُ خَالِصُ مِلْكِهِ. نَعَمْ إعْتَاقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ مُمْتَنِعٌ، وَمِثْلُ ذَلِكَ إعْتَاقُهُ عَنْ النَّذْرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَسْلُكُ بِهِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَكَانَتْ الْوَصِيَّةُ مُوَقَّتَةً بِمُدَّةٍ قَرِيبَةٍ أَمْ لَا كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ، وَكَذَا كِتَابَتُهُ لِعَجْزِهِ عَنْ الْكَسْبِ وَالْوَصِيَّةُ بِحَالِهَا بَعْدَ الْعِتْقِ وَمُؤْنَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَإِلَّا فَعَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْوَارِثِ وَمِثْلُهُ الْمُوصَى لَهُ بِرَقَبَتِهِ (نَفَقَتُهُ) يَعْنِي مُؤْنَةَ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ قِنًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَمِنْهَا فِطْرَةُ الْقِنِّ (إنْ أُوصِيَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَهُوَ الْأَحْسَنُ وَيَصِحُّ لِلْفَاعِلِ وَحُذِفَ لِلْعِلْمِ بِهِ أَيْ إنْ أَوْصَى الْمُوصِي (بِمَنْفَعَتِهِ مُدَّةً) ؛ لِأَنَّهُ مَالِكُ الرَّقَبَةِ وَالْمَنْفَعَةِ فِيمَا عَدَا تِلْكَ الْمُدَّةِ وَفِيمَا إذَا أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ عَبْدٍ أَوْ دَارٍ سَنَةً تُحْمَلُ عَلَى السَّنَةِ الْأُولَى لِقَوْلِهِمْ لَوْ أَوْصَى بِمَنْفَعَتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَأَنْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ أَمَتُهُ أَوْ زَوْجَتُهُ الْحُرَّةُ فَإِنَّهُ يَكُونُ حَرَامٌ وَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْوِلَادَةِ يُشْتَرَى بِهَا مِثْلُهُ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ أَوَلَدَهَا الْوَارِثُ وَقَوْلُهُ أَوْ غَيْرَهَا كَبَهِيمَةٍ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْحَادِثِ) أَيْ فَهُوَ مِلْكٌ لِلْوَارِثِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْوَصِيَّةِ) وَيَتَنَازَعُ الْمَفْهُومَانِ فِيمَا لَوْ قَارَنَ الْحَمْلَ خُرُوجُ الرُّوحِ فَهَلْ يَلْحَقُ بِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ بِمَا قَبْلَهُ، فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِحُصُولِ الْعُلُوقِ قَبْلَ انْتِقَالِهِ لِمِلْكِ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ وُجِدَ عِنْدَهُ) أَيْ الْمَوْتُ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ نَصَّ: أَيْ الْمُوصِي، وَقَوْلُهُ عَلَى الْوَلَدِ: أَيْ الْحَادِثِ بَعْدَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: فَوَجَبَ مَالٌ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ أَوْ عُفِيَ عَنْ الْقِصَاصِ عَلَى مَالٍ، فَإِنْ أَوْجَبَتْ الْجِنَايَةُ قِصَاصًا وَاقْتَصَّ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ (قَوْلُهُ وَجَبَ شِرَاءُ مِثْلِهِ) أَيْ أَمَّا إذَا قَطَعَ بَعْضَ أَعْضَائِهِ مَثَلًا فَأَرْشُهُ لِلْوَارِثِ كَمَا مَرَّ فِي أَرْشِ الْبَكَارَةِ (قَوْلُهُ: وَالْمُشْتَرِي لَهُ الْوَارِثُ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ وَصَّى وَإِلَّا قُدِّمَ عَلَى الْوَارِثِ اهـ سم عَلَى حَجّ بِالْمَعْنَى. (قَوْلُهُ: نَعَمْ إعْتَاقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ مُمْتَنِعٌ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ فَعَلَ عَتَقَ مَجَّانًا فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ) أَيْ خِلَافًا لحج حَيْثُ قَالَ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهَا لَوْ أُقِّتَتْ بِزَمَنٍ قَرِيبٍ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ لِنَفَقَةٍ أَوْ بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ مَا لَا يُحْتَاجُ فِيهِ لِذَلِكَ صَحَّ إعْتَاقُهُ عَنْهَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا كِتَابَتُهُ) أَيْ مُمْتَنِعَةٌ، وَقَوْلُهُ لِعَجْزِهِ يُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ صِحَّةِ وَقْفِهِ لِعَدَمِ مَنْفَعَةٍ تَتَرَتَّبُ عَلَى الْوَقْفِ فَإِنَّ الْمُوصَى لَهُ يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ مَنَافِعِهِ فَلَمْ تَبْقَ مَنْفَعَةٌ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالْوَصِيَّةُ بِحَالِهَا) أَيْ بَاقِيَةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: تُحْمَلُ عَلَى السَّنَةِ الْأُولَى) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سَنَةً غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ، فَإِنَّ تَعْيِينَهَا لِلْوَارِثِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّهُ هُنَا أَبْقَى لِلْوَارِثِ شَرِكَةً فِي الْمَنَافِعِ، وَكَذَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِثَمَرِ نَخْلِهِ سَنَةً اهـ حَجّ بِالْمَعْنَى. أَقُولُ: يَشْكُلُ عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ فِيمَا ذَكَرَ مَنْعُ بَيْعِ دَارٍ اسْتَحَقَّتْ الْمُعْتَدَّةُ بِالْأَقْرَاءِ سُكْنَاهَا لِلْجَهْلِ بِمُدَّةِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَوَجْهُ الْإِشْكَالِ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ كَانَ الْمُوصَى بِهِ غَيْرَ مَعْلُومٍ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ يَنْتَفِعُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِأَنَّ مِلْكَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لَهُ) أَيْ الْوَالِدِ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمِلْكٍ (قَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ عَبْدٍ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا مَحَلُّ هَذَا وَكَانَ

سَنَةً ثُمَّ أَجَّرَهُ سَنَةً وَمَاتَ فَوْرًا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ مَنْفَعَةَ السَّنَةِ الْأُولَى وَقَدْ فَوَّتَهَا، وَعَلَى تَعَيُّنِ الْأُولَى لَوْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ غَائِبًا عِنْدَ الْمَوْتِ وَجَبَ لَهُ إذَا قَبِلَ تِلْكَ الْوَصِيَّةَ بَدَلُ مَنْفَعَةِ تِلْكَ السَّنَةِ الَّتِي تَلِي الْمَوْتَ وَإِنْ تَرَاخَى فِي الْقَبُولِ عَنْهَا؛ لِأَنَّ بِهِ يَتَبَيَّنُ اسْتِحْقَاقُهُ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ عَلَى مَنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا مِنْ وَارِثٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ قِيلَ بِفَوَاتِ حَقِّهِ بِغِيبَتِهِ وَإِنَّ لَهُ سَنَةً مِنْ حِينِ الْمُطَالَبَةِ (وَكَذَا أَبَدًا فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ دَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُ بِإِعْتَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ. وَالثَّانِي أَنَّهَا عَلَى الْمُوصَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَوْفًى الْمَنْفَعَةَ فَهُوَ كَالزَّوْجِ وَعَلَفُ الدَّابَّةِ كَنَفَقَةِ الرَّقِيقِ، وَأَمَّا سَقْيُ الْبُسْتَانِ الْمُوصَى بِثَمَرِهِ فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَيْهِ أَوْ تَبَرَّعَ بِهِ أَحَدُهُمَا فَظَاهِرٌ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ مَنْعُهُ، وَإِنْ تَنَازَعَا لَمْ يُجْبَرْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، بِخِلَافِ النَّفَقَةِ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ، وَأَفْتَى صَاحِبُ الْبَيَانِ بِأَنَّهُ وَإِنْ عَتَقَ يَنْسَحِبُ عَلَيْهِ حُكْمُ الْأَرِقَّاءِ لِاسْتِغْرَاقِ مَنَافِعِهِ عَلَى الْأَبَدِ، بِخِلَافِ الْمُسْتَأْجَرِ لِانْتِهَاءِ مِلْكِ مَنَافِعِهِ، وَاعْتَمَدَهُ الْأَصْبَحِيُّ وَخَالَفَهُمَا أَبُو شُكَيْلٍ وَالْبُسْتِيُّ فَقَالَا لَهُ حُكْمُ الْأَحْرَارِ، وَرَجَّحَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الثَّانِي بِأَنَّهُ أَوْفَقُ لِإِطْلَاقِ الْأَئِمَّةِ إذْ لَمْ يَعُدَّ أَحَدٌ مِنْ مَوَانِعِ نَحْوِ الْإِرْثِ وَالشَّهَادَةِ اسْتِغْرَاقُ الْمَنَافِعِ اهـ. فَقَوْلُ الْهَرَوِيِّ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ يَحْتَمِلُ كُلًّا مِنْ الرَّأْيَيْنِ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَوَاضِحٌ وَأَمَّا الثَّانِي فَهُوَ لِاسْتِغْرَاقِ مَنَافِعِهِ إنْ كَانَ حُرًّا، وَمَحَلُّهُ إنْ زَادَ اشْتِغَالُهُ بِهَا عَلَى قَدْرِ الظُّهْرِ وَإِلَّا لَزِمَتْهُ وَلَمْ يَكُنْ لِمَالِكِ مَنَافِعِهِ مَنْعُهُ مِنْهَا كَالسَّيِّدِ مَعَ قِنِّهِ (وَبَيْعُهُ) أَيْ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ فَهُوَ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ وَحُذِفَ فَاعِلُهُ وَهُوَ الْوَارِثُ لِلْعِلْمِ بِهِ، وَيَصِحُّ عُودُ الضَّمِيرِ لِلْوَارِثِ السَّابِقِ فَهُوَ مُضَافٌ لِلْفَاعِلِ (إنْ لَمْ يُؤَبِّدْ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَحُذِفَ لِلْعِلْمِ بِهِ: أَيْ الْمُوصِي الْمَنْفَعَةَ، وَلِلْمَفْعُولِ: أَيْ إنْ لَمْ تُؤَبَّدْ الْوَصِيَّةُ بِمَنْفَعَتِهِ (كَ) بَيْعِ الشَّيْءِ (الْمُسْتَأْجَرِ) فَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَلَوْ لِغَيْرِ الْمُوصَى لَهُ، وَشَمِلَ مَا لَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ مَجْهُولَةً وَطَرِيقُ الصِّحَّةِ حِينَئِذٍ مَا ذَكَرَهُ فِي اخْتِلَاطِ حَمَامِ الْبُرْجَيْنِ مَعَ الْجَهْلِ (وَإِنْ أَبَّدَ) الْمَنْفَعَةَ وَلَوْ بِإِطْلَاقِهَا لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ لِلْمُوصَى لَهُ دُونَ غَيْرِهِ) إذْ لَا فَائِدَةَ لِغَيْرِهِ فِيهِ أَيْ فَائِدَةً ظَاهِرَةً، وَمَحَلُّ الْمَنْعِ إذَا لَمْ يَجْتَمِعَا عَلَى الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِهِمَا، فَإِنْ اجْتَمَعَا فَالْقِيَاسُ الصِّحَّةُ لِوُجُودِ الْفَائِدَةِ حِينَئِذٍ، وَلَمْ يَنْظُرُوا هُنَا لِفَائِدَةِ الْإِعْتَاقِ كَالزَّمِنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحُلْ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَ مَنَافِعِهِ، وَهُنَا الْمُوصَى لَهُ لِمَا اسْتَحَقَّ جَمِيعَ مَنَافِعِهِ عَلَى التَّأْبِيدِ صَارَ حَائِلًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُرِيدِ شِرَائِهِ فَلَمْ يَصِحَّ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي ثَالِثِ شُرُوطِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِهِ فِي غَيْرِ زَمَنِ الْخِدْمَةِ وَكَذَلِكَ مَالِكُ الدَّارِ يَنْتَفِعُ بِهَا عَلَى وَجْهٍ لَا يُؤَدِّي إلَى مَنْعِ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ السُّكْنَى كَوَضْعِ أَمْتِعَةٍ فِي الدَّارِ لَا تَمْنَعُ الْمُعْتَدَّةَ مِنْ السُّكْنَى وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا خَلْوَةٌ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ) أَيْ بِالْوَصِيَّةِ وَقَوْلُهُ وَقَدْ فَوَّتَهَا: أَيْ بِالْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَسْتَوْلِ عَلَيْهَا أَحَدٌ فَاتَتْ عَلَى الْمُوصَى لَهُ فَلَا يَسْتَحِقُّ بَدَلَهَا (قَوْلُهُ: لَهُ حُكْمُ الْأَحْرَارِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ يَنْسَحِبُ عَلَيْهِ حُكْمُ الْأَرِقَّاءِ، وَقَوْلُهُ وَأَمَّا الثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ لَهُ حُكْمُ الْأَحْرَارِ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ مَا لَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ مَجْهُولَةً) أَيْ مُدَّةُ الْوَصِيَّةِ كَأَنْ قَالَ إلَى مَجِيءِ ابْنِي مَثَلًا مِنْ السَّفَرِ (قَوْلُهُ: وَطَرِيقُ الصِّحَّةِ) أَيْ مِنْ الْبَيْعِ لِثَالِثٍ، وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ مَسْلُوبِ الْمَنْفَعَةِ وَقِيمَتُهُ مُنْتَفَعًا بِهِ، وَيَدْفَعُ مَا يَخُصُّ الْمَنْفَعَةَ لِلْمُوصَى لَهُ وَمَا بَقِيَ لِلْوَارِثِ، وَقَوْلُهُ أَنَّهُ: أَيْ الْإِطْلَاقُ (قَوْلُهُ: إذْ لَا فَائِدَةَ لِغَيْرِهِ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ خَصَّصَ الْمَنْفَعَةَ الْمُوصَى بِهَا كَأَنْ أَوْصَى بِكَسْبِهِ دُونَ غَيْرِهِ صَحَّ بَيْعُهُ لِغَيْرِ الْمُوصَى لَهُ لِبَقَاءِ بَعْضِ الْمَنْفَعَةِ لِلْوَارِثِ فَتَتْبَعُ الرَّقَبَةَ فِي الْبَيْعِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: أَيُّ فَائِدَةٍ ظَاهِرَةٍ) أَيْ وَإِلَّا فَالْأَكْسَابُ النَّادِرَةُ لَهُ وَهِيَ فَائِدَةٌ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: فَالْقِيَاسُ الصِّحَّةُ) أَيْ وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ بِالنِّسْبَةِ عَلَى قِيمَتَيْ الرَّقَبَةِ وَالْمَنْفَعَةِ، فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ بِمَنَافِعِهِ مِائَةً وَبِدُونِهَا عِشْرِينَ فَلِلْمَالِكِ الرَّقَبَةِ خُمُسُ الثَّمَنِ وَلِمَالِكِ الْمَنْفَعَةِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ أَوَّلَ الْفَصْلِ أَوْ تَأْخِيرَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ بَدَلُ (قَوْلُهُ: وَعَلَفُ الدَّابَّةِ إلَخْ) أَيْ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ قِنًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَطَرِيقُ الصِّحَّةِ حِينَئِذٍ مَا ذَكَرُوهُ فِي اخْتِلَاطِ حَمَامِ الْبُرْجَيْنِ)

الْبَيْعِ وَالثَّانِي يَصِحُّ مُطْلَقًا لِكَمَالِ الرَّقَبَةِ فِيهِ. وَالثَّالِثُ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا لِاسْتِغْرَاقِ الْمَنْفَعَةِ بِحَقِّ الْغَيْرِ، وَلَوْ أَرَادَ صَاحِبُ الْمَنْفَعَةِ بَيْعَهَا فَالظَّاهِرُ صِحَّتُهَا مِنْ غَيْرِ الْوَارِثِ أَيْضًا كَمَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُمْ خِلَافًا لِلدَّارِمِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ إلَّا لِلْمُوصَى لَهُ فَأَسْلَمَ الْقِنُّ وَالْمُوصَى لَهُ وَالْوَارِثُ كَافِرَانِ، فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يُحَالُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُ وَيُسْتَكْسَبُ عِنْدَ مُسْلِمٍ ثِقَةٍ لِلْمُوصَى لَهُ، وَلَا يُجْبَرَانِ عَلَى بَيْعِهِ لِثَالِثٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْ الثَّمَنِ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ مِنْ صِحَّةِ بَيْعِهِمَا لِثَالِثٍ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُمَا لَوْ بَاعَ عَبْدَيْهِمَا لِثَالِثٍ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ تَرَاضَيَا لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْقِنَّيْنِ مَثَلًا مَقْصُودٌ لِذَاتِهِ، فَقَدْ يَقَعُ النِّزَاعُ بَيْنَهُمَا فِي التَّقْوِيمِ لَا إلَى غَايَةٍ، بِخِلَافِ أَحَدِ الْمَبِيعَيْنِ هُنَا فَإِنَّهُ تَابِعٌ فَسُومِحَ فِيهِ، وَلَوْ أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ مُسْلِمٍ لِكَافِرِ فَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ، وَعَلَيْهِ فَيُجْبَرُ عَلَى نَقْلِهَا الْمُسْلِمُ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ كَافِرٌ مُسْلِمًا عَيْنًا، وَقَدْ يُفْهِمُ كَلَامُهُ عَدَمَ صِحَّةِ بَيْعِ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ الْمُؤَبَّدَةِ لِلْوَارِثِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَنَظِيرِهِ الْمَارِّ فِي بَيْعِ حَقٍّ نَحْوِ الْبِنَاءِ أَوْ الْمُرُورِ، وَلَوْ أَوْصَى بِأَمَةٍ لِرَجُلٍ وَبِحَمْلِهَا لِآخَرَ فَأَعْتَقَهَا مَالِكُهَا لَمْ يُعْتَقْ الْحَمْلُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا انْفَرَدَ بِالْمِلْكِ صَارَ كَالْمُسْتَقِلِّ أَوْ بِمَا تَحْمِلُهُ فَأَعْتَقَهَا الْوَارِثُ وَتَزَوَّجَتْ وَلَوْ بِحُرٍّ فَأَوْلَادُهَا أَرِقَّاءُ. كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ وَأَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ حَقِّ الْمُوصَى لَهُ بِالْحَمْلِ يَمْنَعُ سَرَيَانَ الْعِتْقِ إلَيْهِ فَيَبْقَى عَلَى مِلْكِهِ، وَإِنْ ادَّعَى الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ الصَّوَابَ انْعِقَادُهُمْ أَحْرَارًا، وَيَغْرَمُ الْوَارِثُ قِيمَتَهُمْ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِعْتَاقِ فَوَّتَهُمْ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSفَرْعٌ] فِي سم عَلَى حَجّ: وَلَوْ أَوْصَى أَنْ يُدْفَعَ مِنْ غَلَّةِ أَرْضِهِ كُلُّ سَنَةٍ كَذَا لِمَسْجِدِ كَذَا مَثَلًا وَخَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُ بَعْضِهَا وَتَرْكُ مَا يَحْصُلُ مِنْهُ الْمُعَيَّنُ لِاخْتِلَافِ الْأُجْرَةِ فَقَدْ يَسْتَغْرِقُهَا وَيَكُونُ الْجَمِيعُ لِلْمُوصَى لَهُ اهـ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا يَخُصُّ كُلًّا إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ هَذَا مَعَ صِحَّةِ الْبَيْعِ مِنْهُمَا مَعَ جَهْلِ كُلٍّ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ اجْتِمَاعَهُمَا رِضًا مِنْهُمَا بِالضَّرَرِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ مِنْ التَّنَازُعِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِهِ بِالِاخْتِيَارِ الْإِجْبَارُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ) وَعَلَى هَذَا فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ وَصَّى مُسْلِمٌ لِكَافِرٍ وَمَاتَ الْمُوصِي وَالْمُوصَى لَهُ بَاقٍ عَلَى كُفْرِهِ حَيْثُ قَالَ الشَّارِحُ: يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ الْوَصِيَّةِ بِأَنَّ إذْلَالَ الْمُسْلِمِ بِمِلْكِ الْكَافِرِ لَهُ أَقْوَى مِنْ مُجَرَّدِ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْإِجَارَةِ أَنْ يُكَلَّفَ رَفْعَ يَدِهِ عَنْهُ بِإِيجَارِهِ لِمُسْلِمٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَلَوْ أَرَادَ صَاحِبُ الْمَنْفَعَةِ بَيْعَهَا إلَخْ، وَلَمْ يَذْكُرْ حَجّ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى، وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا هُنَا عَلَى الْمُؤَبَّدَةِ وَمَا تَقَدَّمَ عَلَى خِلَافِهِ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَمَّا انْفَرَدَ بِالْمِلْكِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي عَدَمِ عِتْقِ الْحَمْلِ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّصْوِيرِ حَتَّى لَوْ أَوْصَى بِحَمْلِ أَمَةٍ دُونَهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا لَمْ يَعْتِقْ الْحَمْلُ وَيَبْقَى فِيهِ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ انْفَرَدَ بِالْمِلْكِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِانْفِرَادِهِ بِالْمِلْكِ انْفِرَادُهُ بِشِبْهِهِ، أَوْ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ انْفَرَدَ بِالْمِلْكِ عَلَى تَقْدِيرِ تَمَامِ الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ حَقِّ الْمُوصَى لَهُ) قِيَاسُ ذَلِكَ أَنْ يَمْتَنِعَ عَلَى الْحُرِّ تَزْوِيجُهَا إلَّا بِشَرْطِ نِكَاحِ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ مَنْعِ نِكَاحِ الْأَمَةِ خَوْفُ رِقِّ الْوَلَدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ فَيُبَاعَانِ لِثَالِثٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) يُنَاقِضُ مَا قَدَّمَهُ قَرِيبًا فِي قَوْلِهِ وَلَوْ أَرَادَ صَاحِبُ الْمَنْفَعَةِ بَيْعَهَا فَالظَّاهِرُ صِحَّتُهَا مِنْ غَيْرِ الْوَارِثِ أَيْضًا كَمَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُمْ خِلَافًا لِلدَّارِمِيِّ، وَهُوَ تَابِعٌ فِيمَا ذَكَرَهُ هُنَا لِلشِّهَابِ حَجّ الْمُوَافِقُ لِلدَّارِمِيِّ بَعْدَ مَا صَرَّحَ بِمُخَالَفَتِهِ فِيمَا مَرَّ، وَكَتَبَ الشِّهَابُ سم عَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ حَجّ مَا لَفْظُهُ: نُقِلَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ حِكَايَةِ الزَّرْكَشِيّ لَهُ عَنْ جَزْمِ الدَّارِمِيِّ، وَلَك أَنْ تَقُولَ: إنَّمَا لَمْ يَصِحَّ بَيْعُ الرَّقَبَةِ مِنْ غَيْرِ الْمُوصَى لَهُ لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهَا وَحْدَهَا وَالْمَنْفَعَةُ يُنْتَفَعُ بِهَا بِاسْتِيفَائِهَا، فَالْمُتَّجِهُ صِحَّةُ بَيْعِهَا مِنْ غَيْرِ الْوَارِثِ أَيْضًا. فَإِنْ قُلْت: هِيَ مَجْهُولَةٌ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِقَدْرِ مُدَّتِهَا. قُلْت: لَوْ أَثَّرَ هَذَا لَامْتَنَعَ بَيْعُ رَأْسِ الْجِدَارِ أَبَدًا مَعَ أَنَّهُ صَحِيحٌ وَلَا يُمْلَكُ بِهِ عَيْنُ إلَخْ مَا ذَكَرَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

الْمُوصَى لَهُ إذْ مُدَّعَاهُ عَجِيبٌ مَعَ قَوْلِهِمْ الْآتِي بِالْعِتْقِ إنَّهُ لَوْ كَانَ الْحَمْلُ لِغَيْرِ الْمُعْتِقِ بِوَصِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا لَمْ يَعْتِقْ بِعِتْقِ الْأُمِّ وَلَوْ قُتِلَ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ قَتْلًا يُوجِبُ الْقِصَاصَ فَاقْتَصَّ الْوَارِثُ مِنْ قَاتِلِهِ انْتَهَتْ الْوَصِيَّةُ كَمَا لَوْ مَاتَ أَوْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ وَبَطَلَتْ مَنْفَعَتُهَا، فَإِنْ وَجَبَ مَالٌ بِعَفْوٍ أَوْ بِجِنَايَةٍ تُوجِبُهُ اشْتَرَى بِهِ مِثْلَ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ، وَلَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ مِنْ الْوَارِثِ أَوْ الْمُوصَى لَهُ وَلَوْ قُطِعَ طَرَفُهُ فَالْأَرْشُ لِلْوَارِثِ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى بِهِ بَاقٍ مُنْتَفَعٌ بِهِ وَمَقَادِيرُ الْمَنْفَعَةِ لَا تَنْضَبِطُ؛ وَلِأَنَّ الْأَرْشَ بَدَلَ بَعْضِ الْعَيْنِ، وَإِنْ جَنَى عَمْدًا اُقْتُصَّ مِنْهُ، أَوْ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ أَوْ عَفَا عَلَى مَالٍ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ وَبِيعَ فِي الْجِنَايَةِ إنْ لَمْ يَفْدِيَاهُ، فَإِنْ زَادَ الثَّمَنُ عَلَى الْأَرْشِ اُشْتُرِيَ بِالزَّائِدِ مِثْلُهُ، وَإِنْ فَدَيَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ غَيْرُهُمَا عَادَ كَمَا كَانَ، وَإِنْ فَدَى أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَقَطْ بِيعَ فِي الْجِنَايَةِ نَصِيبُ الْآخَرِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْعَبْدِ) مَثَلًا (كُلُّهَا) أَيْ مَعَ مَنْفَعَتِهِ (مِنْ الثُّلُثِ إنْ أَوْصَى بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا) أَوْ مُدَّةً مَجْهُولَةً؛ لِأَنَّهُ حَالَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَارِثِ. وَلِتَعَذُّرِ تَقْوِيمِ الْمَنْفَعَةِ بِتَعَذُّرِ الْوُقُوفِ عَلَى آخِرِ عُمْرِهِ فَيَتَعَيَّنُ تَقْوِيمُ الرَّقَبَةِ مَعَ مَنْفَعَتِهَا، فَإِنْ احْتَمَلَهَا الثُّلُثُ لَزِمَتْ الْوَصِيَّةُ فِي الْجَمِيعِ وَإِلَّا فَفِيمَا يَحْتَمِلُهُ، فَلَوْ سَاوَى الْعَبْدُ بِمَنَافِعِهِ مِائَةً وَبِدُونِهَا عَشَرَةً اُعْتُبِرَتْ الْمِائَةُ كُلُّهَا مِنْ الثُّلُثِ، فَإِنْ وَفَّى بِهَا فَوَاضِحٌ وَإِلَّا كَأَنْ لَمْ يَفِ إلَّا بِنِصْفِهَا صَارَ نِصْفُ الْمَنْفَعَةِ لِلْوَارِثِ، وَالْأَوْجَهُ فِي كَيْفِيَّةِ اسْتِيفَائِهِمَا أَنَّهُمَا يَتَهَايَآنِهَا وَالثَّانِي وَخَرَّجَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ إذْ لَا بُدَّ أَنْ يَبْقَى لَهُ قِيمَةٌ طَمَعًا فِي إعْتَاقِهِ (وَإِنْ أَوْصَى بِهَا مُدَّةً) مَعْلُومَةً (قُوِّمَ بِمَنْفَعَةٍ ثُمَّ) قُوِّمَ (مَسْلُوبُهَا تِلْكَ الْمُدَّةَ وَيُحْسَبُ النَّاقِصُ مِنْ الثُّلُثِ) ؛ لِأَنَّ الْحَيْلُولَةَ بِصَدَدِ الزَّوَالِ، فَإِذَا سَاوَى بِالْمَنْفَعَةِ مِائَةً وَبِدُونِهَا تِلْكَ الْمُدَّةَ تِسْعِينَ فَالْوَصِيَّةُ بِعَشَرَةٍ، فَإِنْ وَفَّى بِهَا الثُّلُثَ فَظَاهِرٌ وَإِلَّا كَأَنْ وَفَّى بِنِصْفِهَا فَكَمَا مَرَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَلَوْ أَوْصَى بِالْمَنْفَعَةِ لِوَاحِدٍ وَبِالرَّقَبَةِ لِآخَرَ فَرَدَّ الْأَوَّلُ رَجَعَتْ الْمَنْفَعَةُ لِلْوَارِثِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَوْ أَعَادَ الدَّارَ بِآلَتِهَا عَادَ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ بِمَنَافِعِهَا. (وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِحَجِّ تَطَوُّعٍ) أَوْ عُمْرَتِهِ أَوْ هُمَا (فِي الْأَظْهَرِ) بِنَاءً عَلَى جَوَازِ النِّيَابَةِ فِيهِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَيُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ النِّيَابَةَ إنَّمَا دَخَلَتْ فِي الْفَرْضِ لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ إلَى التَّطَوُّعِ (وَيَحُجُّ مِنْ بَلَدِهِ أَوْ الْمِيقَاتِ) أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا إنْ كَانَ أَبْعَدَ مِنْ الْمِيقَاتِ (كَمَا قُيِّدَ) عَمَلًا بِوَصِيَّتِهِ هَذَا إنْ وَسِعَهُ الثُّلُثُ وَإِلَّا فَمِنْ حَيْثُ أَمْكَنَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ. نَعَمْ لَوْ لَمْ يَفِ بِمَا يُمْكِنُ الْحَجُّ بِهِ مِنْ الْمِيقَاتِ: أَيْ مِيقَاتِ الْمَيِّتِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الْحَجِّ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَعَادَ لِلْوَرَثَةِ قَطْعًا؛ لِأَنَّ الْحَجَّ لَا يَتَبَعَّضُ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الْعِتْقِ، قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ (وَإِنْ أَطْلَقَ) الْوَصِيَّةَ (فَمِنْ الْمِيقَاتِ) يُحَجُّ عَنْهُ (فِي الْأَصَحِّ) حَمْلًا عَلَى أَقَلِّ الدَّرَجَاتِ. وَالثَّانِي مِنْ بَلَدِهِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ التَّجْهِيزُ لِلْحَجِّ مِنْهُ، وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِغَالِبٍ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ إذَا قَالَ حُجُّوا عَنِّي مِنْ ثُلُثِي، فَإِنْ قَالَ بِثُلُثِي فُعِلَ مَا يُمْكِنُ بِهِ ذَلِكَ مِنْ حَجَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ، فَإِنْ فَضَلَ مَا لَا يُمْكِنْ الْحَجُّ بِهِ فَهُوَ لِلْوَارِثِ كَمَا مَرَّ (وَحَجَّةُ الْإِسْلَامِ) وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهَا تُحْسَبُ عَلَى الْمَشْهُورِ (مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) ـــــــــــــــــــــــــــــSوَهِيَ مَوْجُودَةٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَهُوَ كَذَلِكَ وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ لَنَا حُرَّةٌ لَا تُنْكَحُ إلَّا بِشُرُوطِ الْأَمَةِ وَهِيَ الْمُوصَى بِأَوْلَادِهَا إذَا أَعْتَقَهَا الْوَارِثُ (قَوْلُهُ: قُوِّمَ بِمَنْفَعَتِهِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ أَوْصَى بِبَعْضِ مَنَافِعِهِ فَيُقَوَّمُ بِجَمِيعِهَا ثُمَّ يُقَوَّمُ مَسْلُوبَ الْبَعْضِ الَّذِي أَوْصَى بِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَعَادَ الدَّارَ بِآلَتِهَا) أَيْ وَلَوْ بِمَشَقَّةٍ فِي إعَادَتِهَا، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بِآلَتِهَا أَنَّهُ لَوْ أَعَادَهَا بِغَيْرِ آلَتِهَا لَا تَعُودُ مَنْفَعَةُ الْمُوصَى لَهُ، وَأَنَّهُ لَوْ أَعَادَهَا بِآلَتِهَا وَغَيْرِهَا لَا تَكُونُ الْمَنْفَعَةُ لِلْمُوصَى لَهُ كَذَلِكَ، وَلَكِنْ يُحْتَمَلُ أَنْ تُقَسَّمَ الْمَنْفَعَةُ بَيْنَهُمَا بِالْمُحَاصَّةِ فِي هَذِهِ. وَفِي حَجّ: فَرْعٌ: لَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُعْطَى خَادِمُ تُرْبَتِهِ أَوْ أَوْلَادِهِ مَثَلًا كُلَّ يَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ كَذَا أُعْطِيَهُ كَذَلِكَ إنْ عَيَّنَ إعْطَاءَهُ مِنْ رِيعِ مِلْكِهِ، وَإِلَّا أُعْطِيَهُ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ، وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ فِيمَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُعْرَفُ قَدْرُ الْمُوصَى بِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ حَتَّى يُعْلَمَ أَيَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ لَا، وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ أَوْصَى لِوَصِيَّةِ كُلِّ سَنَةٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ مَا دَامَ وَصِيًّا فَيَصِحُّ بِالْمِائَةِ الْأُولَى إنْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ لَا غَيْرَ خِلَافًا لِمَنْ غَلِطَ فِيهِ اهـ. وَقَوْلُهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ أَيْ النَّشَائِيُّ. (قَوْلُهُ: مِنْ حَجَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ) وَيَنْبَغِي جَوَازُ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ إذَا قَالَ حُجُّوا عَنِّي إلَخْ) اُنْظُرْ مَا مُرَادُهُ بِمَا تَقَرَّرَ حَتَّى يَكُونَ هَذَا قَيْدًا فِيهِ

كَسَائِرِ الدُّيُونِ وَمِثْلُهَا حَجَّةُ النَّذْرِ إنْ وَقَعَ فِي الصِّحَّةِ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ وَإِلَّا فَمِنْ الثُّلُثِ وَيُحَجُّ عَنْهُ مِنْ الْمِيقَاتِ، فَإِنْ قَيَّدَ بِأَبْعَدَ مِنْهُ وَوَفَّى بِهِ الثُّلُثُ فُعِلَ، وَلَوْ عَيَّنَّ شَيْئًا لِيَحُجَّ بِهِ عَنْهُ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ لَمْ يَكْفِ إذْنُ الْوَرَثَةِ: أَيْ وَلَا الْوَصِيُّ لِمَنْ يَحُجُّ عَنْهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِئْجَارِ؛ لِأَنَّ هَذَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ لَا مَحْضُ وَصِيَّةٍ ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْجَعَالَةَ كَالْإِجَارَةِ نَعَمْ لَوْ قَالَ إذَا أَحْجَجْتَ لَهُ غَيْرَك فَلَكَ كَذَا لَمْ يَسْتَحِقَّ مَا عَيَّنَهُ الْمَيِّتُ وَلَا أُجْرَةَ لِلْمُبَاشِرِ بِإِذْنِهِ عَلَى التَّرِكَةِ كَمَا لَوْ حَجَّ عَنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ عَقْدٍ (فَإِنْ) (أَوْصَى بِهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ) مِنْ (الثُّلُثِ) (عُمِلَ بِهِ) أَيْ بِقَوْلِهِ وَيَكُونُ فِي الْأَوَّلِ لِلتَّأْكِيدِ وَفِي الثَّانِي بِقَصْدِ الرِّفْقِ بِوَرَثَتِهِ إذَا كَانَ هُنَاكَ وَصَايَا أُخَرُ؛ لِأَنَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ تُزَاحِمُهَا حِينَئِذٍ، فَإِنْ وَفَّى بِهَا مَا خَصَّهَا وَإِلَّا كُمِّلَتْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَصَايَا فَلَا فَائِدَةَ فِي نَصِّهِ عَلَى الثُّلُثِ، وَلَوْ أَضَافَ الْوَصِيَّةَ الزَّائِدَةَ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ إلَى رَأْسِ الْمَالِ كَأَحِجُّوا عَنِّي مِنْ رَأْسِ مَالِي بِخَمْسِمِائَةٍ وَالْأُجْرَةُ مِنْ الْمِيقَاتِ مِائَتَانِ فَهُمَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَالثَّلَثُمِائَةِ مِنْ الثُّلُثِ (وَإِنْ أَطْلَقَ الْوَصِيَّةَ بِهَا فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَقِيلَ مِنْ الثُّلُثِ) ؛ لِأَنَّهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَصَالَةً فَذَكَرَهَا قَرِينَةً عَلَى إرَادَتِهِ الثُّلُثَ، وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ كَمَا احْتَمَلَ ذَلِكَ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ التَّأْكِيدَ وَإِذَا وَقَعَ التَّرَدُّدُ وَجَبَ الرُّجُوعُ لِلْأَصْلِ (وَيُحَجُّ) عَنْهُ (مِنْ الْمِيقَاتِ) ؛ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ وَلَوْ قَالَ أَحِجُّوا عَنِّي زَيْدًا بِكَذَا لَمْ يَجُزْ نَقْصُهُ عَنْهُ حَيْثُ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ الْوَصِيُّ بِدُونِهِ أَوْ وَجَدَ مَنْ يَحُجُّ بِدُونِهِ وَمَحَلُّهُ كَمَا لَا يَخْفَى إنْ كَانَ الْمُعَيَّنُ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِظُهُورِ إرَادَةِ الْوَصِيَّةِ لَهُ وَالتَّبَرُّعُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَإِلَّا جَازَ نَقْصُهُ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ الْمُعَيَّنُ وَارِثًا فَالزِّيَادَةُ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ، فَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ قَالَ أَحِجُّوا عَنِّي زَيْدًا بِأَلْفٍ يُصْرَفُ إلَيْهِ الْأَلْفُ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ حَيْثُ وَسِعَهَا الثُّلُثُ إنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا وَإِلَّا يُوقَفُ الزَّائِدُ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ عَلَى الْإِجَازَةِ، وَلَوْ حَجَّ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ أَوْ اسْتَأْجَرَ الْوَصِيُّ الْمُعَيَّنَ بِمَالِ نَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِ الْمُوصَى بِهِ أَوْ صِفَتِهِ رَجَعَ الْقَدْرُ الَّذِي عَيَّنَهُ الْمُوصِي لِوَرَثَتِهِ، وَعَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ بِأَقْسَامِهَا أُجْرَةُ الْأَجِيرِ مِنْ مَالِهِ، وَلَوْ عَيَّنَ قَدْرًا فَقَطْ فَوَجَدَ مَنْ يَرْضَى بِدُونِهِ جَازَ إحْجَاجُهُ وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ. قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَخَالَفَهُ الْأَذْرَعِيُّ فَقَالَ: الصَّحِيحُ وُجُوبُ صَرْفِ الْجَمِيعِ لَهُ، وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِمَا ذُكِرَ سَابِقًا مِنْ حَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا لَوْ كَانَ الْمُعَيَّنُ قَدْرَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ عَادَةً، وَالثَّانِي عَلَى مَا لَوْ زَادَ عَلَيْهَا، وَلَوْ عَيَّنَ الْأَجِيرَ فَقَطْ أُحِجَّ عَنْهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَأَقَلَّ إنْ رَضِيَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ شَخْصًا فِي سَنَةٍ فَأَرَادَ التَّأْخِيرَ إلَى قَابِلٍ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ، وَالْأَوْجَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي سَنَةٍ، بَلْ قَدْ يُقَالُ بِوُجُوبِهِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَصِيِّ الْمُبَادَرَةُ إلَى تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ مَا أَمْكَنَ لَا يُقَالُ: إنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُ حَجَّتَيْنِ عَنْ شَخْصٍ فِي سَنَةٍ. لِأَنَّا نَقُولُ: ذَلِكَ مَحَلُّهُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْفَاعِلِ وَمَا هُنَا لَا اتِّحَادَ فِيهِ لِإِيقَاعِهِ مِنْ اثْنَيْنِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: إنْ وَقَعَ) أَيْ النَّذْرُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ هَذَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ مَا يَحُجُّ بِهِ وَلَا كَانَتْ الْحَجَّةُ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ فَلْيُرَاجَعْ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُهُ نَعَمْ إلَخْ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْجَعَالَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ قَالَ) أَيْ الْوَارِثُ وَقَوْلُهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ مَا عَيَّنَهُ: أَيْ الْوَاسِطَةُ وَقَوْلُهُ عَلَى التَّرِكَةِ أَيْ وَلَا غَيْرَهَا (قَوْلُهُ: أَوْ وَجَدَ مَنْ يَحُجُّ بِدُونِهِ) أَيْ بِدُونِ مَا عَيَّنَهُ الْمُوصِي، وَيَدْفَعُ لَهُ جَمِيعَ الْمُوصَى بِهِ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِشَيْءٍ لِإِنْسَانٍ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ (قَوْلُهُ: فَفِي الْجَوَاهِرِ) أَيْ لِلْقَمُولِيِّ وَهَذَا اسْتِدْلَالٌ عَلَى مَا قَالَهُ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ الْوَصِيِّ وَقَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ هِيَ قَوْلُهُ أَوْ اسْتَأْجَرَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَيَّنَ قَدْرًا فَقَطْ) أَيْ دُونَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ (قَوْلُهُ: فَأَرَادَ) أَيْ الشَّخْصُ وَقَوْلُهُ إنْ مَاتَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ هَذَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ) اُنْظُرْ مَا مَرْجِعُ الْإِشَارَةِ فَإِنْ كَانَ هُوَ مَا صَدَرَ مِنْ الْمُوصِي فَلَا خَفَاءَ فِي عَدَمِ صِحَّتِهِ إذْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ هُوَ مَا يَفْعَلُهُ الْوَصِيُّ أَوْ الْوَارِثُ كَانَ مِنْ تَعْلِيلِ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: عَنْهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمُتَصَدِّقُ هُوَ أَوْ غَيْرَهُ، فَقَوْلُهُ مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ عَنْهُ إلَخْ رَاجِعٌ لِهَذَا وَمَا بَعْدَهُ.

كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ إنْ مَاتَ عَاصِيًا لِتَأْخِيرِهِ مُتَهَاوِنًا حَتَّى مَاتَ أُنِيبَ غَيْرُهُ رَفَعَا لِعِصْيَانِ الْمَيِّتِ وَلِوُجُوبِ الْفَوْرِيَّةِ فِي الْإِنَابَةِ عَنْهُ، وَإِلَّا أُخِّرَتْ إلَى الْيَأْسِ مِنْ حَجِّهِ؛ لِأَنَّهَا كَالتَّطَوُّعِ، وَلَوْ امْتَنَعَ أَصْلًا وَقَدْ عَيَّنَ لَهُ قَدْرًا أُحِجَّ غَيْرُهُ بِأَقَلِّ مَا يُوجَدُ وَلَوْ فِي التَّطَوُّعِ، وَفِيمَا إذَا عَيَّنَ قَدْرًا إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ فَوَاضِحٌ، وَإِلَّا فَمِقْدَارُ أَقَلَّ مَا يُوجَدُ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِ حَجِّهِ مِنْ الْمِيقَاتِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَالزَّائِدُ مِنْ الثُّلُثِ، وَحَيْثُ اسْتَأْجَرَ وَصِيٌّ أَوْ وَارِثٌ أَوْ أَجْنَبِيٌّ مَنْ يَحُجُّ عَنْ الْمَيِّتِ امْتَنَعَتْ الْإِقَالَةُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ لِلْمَيِّتِ فَلَمْ يَمْلِكْ أَحَدٌ إبْطَالَهُ، وَحَمَلَهُ كَثِيرٌ عَلَى مَا إذَا انْتَفَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الْإِقَالَةِ وَإِلَّا كَأَنْ عَجَزَ الْأَجِيرُ أَوْ خِيفَ حَبْسُهُ أَوْ فَلَسُهُ أَوْ قِلَّةُ دِبيَانَتِهِ جَازَتْ. قَالَ الزَّبِيلِيُّ: وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْأَجِيرِ إلَّا إنْ رُئِيَ يَوْمَ عَرَفَةَ بِالْبَصْرَةِ مَثَلًا وَقَالَ حَجَجْت أَوْ اعْتَمَرْت (وَلِلْأَجْنَبِيِّ) فَضْلًا عَنْ الْوَارِثِ الَّذِي بِأَصْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ اخْتَصَّ الْخِلَافُ بِالْأَجْنَبِيِّ الشَّامِلِ هُنَا لِقَرِيبٍ غَيْرِ وَارِثٍ (أَنْ يَحُجَّ عَنْ الْمَيِّتِ) الْحَجَّ الْوَاجِبَ كَحَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْهَا الْمَيِّتُ فِي حَيَاتِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَقَعُ عَنْهُ إلَّا وَاجِبَةٌ فَأُلْحِقَتْ بِالْوَاجِبِ (بِغَيْرِ إذْنِهِ) يَعْنِي الْوَارِثَ (فِي الْأَصَحِّ) كَقَضَاءِ دَيْنِهِ، بِخِلَافِ حَجِّ التَّطَوُّعِ لَا يَجُوزُ عَنْهُ مِنْ وَارِثٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ إلَّا بِإِيصَائِهِ وَإِنْ أَوْهَمَتْ عِبَارَةُ الشَّارِحِ خِلَافَهُ. وَالثَّانِي لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ لِلِافْتِقَارِ إلَى النِّيَّةِ، وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الصَّوْمِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ لِلصَّوْمِ بَدَلًا وَهُوَ الْإِمْدَادُ، وَإِنَّمَا جَعَلْنَا الضَّمِيرَ لِلْوَارِثِ عَلَى خِلَافِ السِّيَاقِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ حَيْثُ لَمْ يَأْذَنْ الْوَارِثُ وَإِلَّا صَحَّ وَإِنْ لَمْ يُوصِ الْمَيِّتُ قَطْعًا، وَيَصِحُّ بَقَاءُ السِّيَاقِ بِحَالِهِ مِنْ عَوْدِهِ لِلْمَيِّتِ، وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْقَطْعِ؛ لِأَنَّ إذْنَ وَارِثِهِ أَوْ لِلْوَصِيِّ أَوْ الْحَاكِمِ فِي نَحْوِ الْقَاصِرِ قَائِمٌ مَقَامَ إذْنِهِ، وَيَجُوزُ كَوْنُ أَجِيرِ التَّطَوُّعِ لَا الْفَرْضِ وَلَوْ نَذْرًا قِنًّا وَمُمَيِّزًا، وَنَازَعَ فِيهِ الْأَذْرَعِيَّ فَقَالَ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَأْجَرَ لِتَطَوُّعٍ أَوْصَى بِهِ إلَّا كَامِلًا وَهُوَ يَقَعُ فَرْضَ كِفَايَةٍ، وَكَالْحَجِّ زَكَاةُ الْمَالِ وَالْفِطْرِ، ثُمَّ مَا فُعِلَ عَنْهُ بِلَا وَصِيَّةٍ لَا يُثَابُ عَلَيْهِ إلَّا إنْ عُذِرَ فِي التَّأْخِيرِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ (وَيُؤَدِّي الْوَارِثُ) وَلَوْ عَامًا (عَنْهُ) أَيْ الْمَيِّتِ مِنْ التَّرِكَةِ (الْوَاجِبَ الْمَالِيَّ) كَعِتْقٍ وَإِطْعَامٍ وَكِسْوَةٍ (فِي كَفَّارَةٍ مُرَتَّبَةٍ) كَكَفَّارَةِ قَتْلٍ وَظِهَارٍ وَدَمِ نَحْوِ تَمَتُّعٍ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ فِي الْعِتْقِ لِلْمَيِّتِ وَكَذَا الْبَدَنِيُّ إنْ كَانَ صَوْمًا كَمَا قَدَّمَهُ فِيهِ (وَيُطْعِمُ وَيَكْسُو) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (فِي الْمُخَيَّرَةِ) كَكَفَّارَةِ يَمِينٍ وَنَحْوِ حَلْقِ مُحْرِمٍ وَنَذْرِ لَجَاج (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُعْتَقُ) عَنْهُ مِنْ التَّرِكَةِ (أَيْضًا) كَالْمُرَتَّبَةِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ شَرْعًا فَجَازَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْوَاجِبُ مِنْ الْخِصَالِ فِي حَقِّهِ أَقَلُّهَا. وَالثَّانِي قَالَ لَا ضَرُورَةَ هُنَا إلَى الْعِتْقِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ لَهُ) أَيْ الْوَارِثِ (الْأَدَاءُ مِنْ مَالِهِ) فِي الْمُرَتَّبَةِ وَالْمُخَيَّرَةِ (إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ) سَوَاءٌ الْعِتْقُ وَغَيْرُهُ كَقَضَاءِ الدَّيْنِ وَكَذَا مَعَ وُجُودِ التَّرِكَةِ أَيْضًا كَمَا اعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مِنْهُمْ الْبُلْقِينِيُّ، وَوَجَّهَهُ بِأَنَّ لَهُ إمْسَاكُ عَيْنِ التَّرِكَةِ وَقَضَاءُ دَيْنِ الْآدَمِيِّ الْمَبْنِيِّ عَلَى الْمُضَايَقَةِ مِنْ مَالِهِ فَحَقُّ اللَّهِ تَعَالَى أَوْلَى وَالتَّعَلُّقُ بِالْعَيْنِ مَوْجُودٌ فِيهِمَا وَتَعَلُّقُ الْعِتْقِ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ كَمَا لَا يَمْنَعُ الْوَارِثَ مِنْ شِرَاءِ عَبْدِهَا وَيُعْتِقُهُ كَذَلِكَ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ شِرَاءِ ذَلِكَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ حَيْثُ لَمْ يَتَعَلَّقْ الْعِتْقُ بِعَيْنِ الْعَبْدِ، وَلَعَلَّ تَقْيِيدَ الْمُصَنِّفِ بِعَدَمِ التَّرِكَةِ لِإِثْبَاتِ الْخِلَافِ لَا لِلْمَنْعِ، وَالثَّانِي لَا لِبُعْدِ الْعِبَادَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الْمُوصِي (قَوْلُهُ وَحَمَلَهُ كَثِيرٌ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْأَجِيرِ: أَيْ فِي الْإِتْيَانِ بِالْحَجِّ، وَقَوْلُهُ يَوْمَ عَرَفَةَ: أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَقَالَ حَجَجْت أَوْ اعْتَمَرْت) أَيْ وَإِنْ كَانَ وَلِيًّا؛ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِخَوَارِقِ الْعَادَاتِ (قَوْلُهُ: وَلِلْأَجْنَبِيِّ) أَيْ يَجُوزُ لَهُ (قَوْلُهُ: أَنْ يَحُجَّ عَنْ الْمَيِّتِ إلَخْ) وَهَلْ لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَحُجَّ التَّطَوُّعَ الَّذِي أَفْسَدَهُ الْمَيِّتُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ الْفَرْضَ صِحَّةُ حَجِّهِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ أَفْسَدَهُ وَجَبَ الْقَضَاءُ، وَلَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَنْبَغِي عَلَى فِعْلِ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ كَوْنُ أَجِيرِ التَّطَوُّعِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَذْرًا قِنًّا وَمُمَيِّزًا) وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعَاقِدَ فِي الْأَوَّلِ السَّيِّدُ وَفِي الثَّانِي الْوَلِيُّ (قَوْلُهُ وَكَالْحَجِّ زَكَاةُ الْمَالِ) أَيْ فِي كَوْنِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَصِحَّةِ فِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ لَهُ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَامًّا) أَيْ كَبَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ مَوْجُودٌ فِيهِمَا) أَيْ دَيْنُ الْآدَمِيِّ وَحَقُّ اللَّهِ تَعَالَى. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

عَنْ النِّيَابَةِ. وَالثَّالِثُ يُمْنَعُ الْإِعْتَاقُ فَقَطْ لِتَعَذُّرِ إثْبَاتِ الْوَلَاءِ لِلْمَيِّتِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ) أَيْ مَا فَعَلَ عَنْهُ مِنْ طَعَامٍ أَوْ كِسْوَةٍ (يَقَعُ عَنْهُ لَوْ تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ) وَهُوَ هُنَا غَيْرُ الْوَارِثِ كَمَا مَرَّ (بِطَعَامٍ أَوْ كِسْوَةٍ) كَقَضَاءِ دَيْنِهِ، وَالثَّانِي لَا لِبُعْدِ الْعِبَادَةِ عَنْ النِّيَابَةِ (لَا إعْتَاقَ) فِي مُرَتَّبَةٍ أَوْ مُخَيَّرَةٍ (فِي الْأَصَحِّ) لِاجْتِمَاعِ بُعْدِ الْعِبَادَةِ عَنْ النِّيَابَةِ وَبُعْدِ إثْبَاتِ الْوَلَاءِ لِلْمَيِّتِ، وَمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ جَوَازِهِ فِي الْمُرَتَّبَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَالثَّانِي يَقَعُ عَنْهُ كَغَيْرِهِ. (وَيَنْفَعُ الْمَيِّتَ صَدَقَةٌ) عَنْهُ وَمِنْهَا وَقْفٌ لِمُصْحَفٍ وَغَيْرِهِ وَحَفْرُ بِئْرٍ وَغَرْسُ شَجَرَةٍ مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ (وَدُعَاءٌ) لَهُ (مِنْ وَارِثٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ) إجْمَاعًا وَقَدْ صَحَّ خَبَرُ «إنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ دَرَجَةَ الْعَبْدِ فِي الْجَنَّةِ بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِهِ لَهُ» وَهُوَ مُخَصِّصُ وَقِيلَ نَاسِخُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم: 39] إنْ أُرِيدَ ظَاهِرُهُ وَإِلَّا فَقَدْ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِهِ وَمِنْهُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَافِرِ، أَوْ أَنَّ مَعْنَاهُ لَا حَقَّ لَهُ إلَّا فِيمَا سَعَى، وَأَنَّ مَا فَعَلَ عَنْهُ فَهُوَ مَحْضُ فَضْلٍ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ، وَظَاهِرٌ مِمَّا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَقِّ هُنَا نَوْعُ تَعَلُّقٍ وَنِسْبَةٍ، إذْ لَا يَسْتَحِقُّ أَحَدٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى ثَوَابًا خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ، وَمَعْنَى نَفْعِهِ بِالصَّدَقَةِ تَنْزِيلُهُ مَنْزِلَةَ الْمُتَصَدِّقِ وَاسْتِبْعَادُ الْإِمَامِ لَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ بِهِ ثُمَّ تَأْوِيلُهُ بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَى الْمُتَصَدِّقِ وَيَنَالُ الْمَيِّتَ بَرَكَتُهُ، رَدَّهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ وُقُوعِ الصَّدَقَةِ نَفْسِهَا عَنْ الْمَيِّتِ حَتَّى يُكْتَبَ لَهُ ثَوَابُهَا وَهُوَ ظَاهِرُ السُّنَّةِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَوَاسِعُ فَضْلِهِ تَعَالَى أَنْ يُثِيبَ الْمُتَصَدِّقَ أَيْضًا، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْأَصْحَابُ: يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَنْوِيَ الصَّدَقَةَ عَنْ أَبَوَيْهِ مَثَلًا فَإِنَّهُ تَعَالَى يُثِيبُهُمَا وَلَا يَنْقُصُ أَجْرَهُ، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ مَا ذُكِرَ فِي الْوَقْفِ يَلْزَمُهُ تَقْدِيرُ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ وَتَمْلِيكِهِ الْغَيْرَ وَلَا نَظِيرَ لَهُ: رُدَّ بِأَنَّ هَذَا يَلْزَمُ فِي الصَّدَقَةِ أَيْضًا وَإِنَّمَا لَمْ يَنْظُرْ لَهُ؛ لِأَنَّ جَعْلَهُ كَالْمُتَصَدِّقِ مَحْضُ فَضْلٍ فَلَا يَضُرُّ خُرُوجُهُ عَنْ الْقَوَاعِدِ لَوْ اُحْتِيجَ لِذَلِكَ التَّقْدِيرِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ بَلْ يَصِحُّ نَحْوُ الْوَقْفِ عَنْ الْمَيِّتِ، وَلِلْفَاعِلِ ثَوَابُ الْبِرِّ، وَلِلْمَيِّتِ ثَوَابُ الصَّدَقَةِ الْمُرَتَّبَةِ عَلَيْهِ، وَمَعْنَى نَفْعِهِ بِالدُّعَاءِ حُصُولُ الْمَدْعُوِّ بِهِ لَهُ إذَا اُسْتُجِيبَ وَاسْتِجَابَتُهُ مَحْضُ فَضْلٍ مِنْهُ تَعَالَى، وَلَا تُسَمَّى فِي الْعُرْفِ ثَوَابًا. أَمَّا نَفْسُ الدُّعَاءِ وَثَوَابُهُ فَلِلدَّاعِي؛ لِأَنَّهُ شَفَاعَةٌ أَجْرُهَا لِلشَّافِعِ وَمَقْصُودُهَا لِلْمَشْفُوعِ لَهُ، وَبِهِ فَارَقَ مَا مَرَّ فِي الصَّدَقَةِ، نَعَمْ دُعَاءُ الْوَلَدِ يَحْصُلْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَغَرْسُ شَجَرَةٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُثْمِرْ (قَوْلُهُ بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِهِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِوَالِدِي أَوْ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، وَقَوْلُهُ وَهُوَ مُخَصِّصُ عِبَارَةِ حَجّ وَهُمَا مُخَصِّصَانِ وَقِيلَ نَاسِخَانِ. [فَرْعٌ] قَالَ حَجّ: وَلَوْ أَوْصَى بِكَذَا لِمَنْ يَقْرَأُ عَلَى قَبْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ جُزْءَ قُرْآنٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمُدَّةَ صَحَّ، ثُمَّ مَنْ قَرَأَ عَلَى قَبْرِهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ اسْتَحَقَّ الْوَصِيَّةَ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ، وَفِي فَتَاوَى الْأَصْبَحِيِّ: لَوْ أَوْصَى بِوَقْفِ أَرْضٍ عَلَى مَنْ يَقْرَأُ عَلَى قَبْرِهِ حُكِّمَ الْعُرْفِ فِي غَلَّةِ كُلِّ سَنَةٍ بِسَنَتِهَا فَمَنْ قَرَأَ بَعْضَهَا اسْتَحَقَّ بِالْقِسْطِ أَوْ كُلَّهَا اسْتَحَقَّ غَلَّةَ السَّنَةِ كُلِّهَا أَوْ بِنَفْسِ الْأَرْضِ، فَإِنْ عَيَّنَ مُدَّةً لَمْ يَسْتَحِقَّ الْأَرْضَ إلَّا مَنْ قَرَأَ جَمِيعَ الْمُدَّةِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ مُدَّةً فَالِاسْتِحْقَاقُ تَعَلَّقَ بِشَرْطٍ مَجْهُولٍ لَا آخَرَ لِوَقْتِهِ فَيُشْبِهُ مَسْأَلَةَ الدِّينَارِ الْمَجْهُولَةِ اهـ. وَمُرَادُهُ بِمَسْأَلَةِ الدِّينَارِ مَا مَرَّ فِي الْفَرْعِ قَبْلَ قَوْلِهِ وَتَصِحُّ بِحَجِّ تَطَوُّعٍ. وَاعْتَرَضَ بِأَنَّهُ لَا يُشْبِهُهَا لِإِمْكَانِ حَمْلِ هَذَا عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ لِاسْتِحْقَاقِ الْوَصِيَّةِ قِرَاءَتُهُ عَلَى قَبْرِهِ جَمِيعَ حَيَاتِهِ فَلْيُحْمَلْ عَلَيْهِ تَصْحِيحًا لِلَّفْظِ مَا أَمْكَنَ، وَمَرَّ فِي الْوَقْفِ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِذَلِكَ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ وَمَعْنَى نَفْعِهِ بِالدُّعَاءِ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا نَوَى ثَوَابَ قِرَاءَةٍ لَهُ أَوْ دُعَاءٍ عَقِبَهَا بِحُصُولِ ثَوَابِهَا لَهُ أَوْ قَرَأَ عِنْدَ قَبْرِهِ حَصَلَ لَهُ مِثْلُ ثَوَابِ قِرَاءَتِهِ وَحَصَلَ لِلْقَارِئِ أَيْضًا الثَّوَابُ، فَلَوْ سَقَطَ ثَوَابُ الْقَارِئِ لِمُسْقِطٍ كَأَنْ غَلَبَ الْبَاعِثُ الدُّنْيَوِيُّ كَقِرَاءَتِهِ بِأُجْرَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْقُطَ مِثْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَيِّتِ وَلَوْ اُسْتُؤْجِرَ لِلْقِرَاءَةِ لِلْمَيِّتِ وَلَمْ يَنْوِهِ بِهَا وَلَا دَعَا لَهُ بَعْدَهَا وَلَا قَرَأَ عِنْدَ قَبْرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بَلْ يَصِحُّ نَحْوُ الْوَقْفِ عَنْ الْمَيِّتِ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُ الزَّرْكَشِيّ الْمَذْكُورُ

ثَوَابُهُ نَفْسُهُ لِلْوَالِدِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ عَمَلَ وَلَدِهِ لِتَسَبُّبِهِ فِي وُجُودِهِ مِنْ جُمْلَةِ عَمَلِهِ كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي خَبَرِ «يَنْقَطِعُ عَمَلُ ابْنِ آدَمَ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ» ثُمَّ قَالَ «أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» جَعَلَ دُعَاءَهُ مِنْ جُمْلَةِ عَمَلِ الْوَالِدِ وَإِنَّمَا يَكُونُ مِنْهُ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ انْقِطَاعِ الْعَمَلِ إنْ أُرِيدَ نَفْسُ الدُّعَاءِ لَا الْمَدْعُوِّ بِهِ، وَأَفْهَمُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُهُ سِوَى ذَلِكَ مِنْ بَقِيَّةِ الْعِبَادَاتِ وَلَوْ قِرَاءَةً. نَعَمْ يَنْفَعُهُ نَحْوُ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ تَبَعًا لِلنُّسُكِ وَالصَّوْمِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ، وَفِي الْقِرَاءَةِ وَجْهٌ وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ بِوُصُولِ ثَوَابِهَا لِلْمَيِّتِ بِمُجَرَّدِ قَصْدِهِ بِهَا، وَاخْتَارَهُ كَثِيرٌ مِنْ أَئِمَّتِنَا، وَحَمَلَ جَمْعٌ الْأَوَّلَ عَلَى قِرَاءَتِهِ لَا بِحَضْرَةِ الْمَيِّتِ وَلَا بِنِيَّةِ الْقَارِئِ ثَوَابَ قِرَاءَتِهِ لَهُ أَوْ نَوَاهُ وَلَمْ يَدْعُ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَيَنْبَغِي الْجَزْمُ بِنَفْعِ اللَّهُمَّ أَوْصِلْ ثَوَابَ مَا قَرَأْنَاهُ: أَيْ مِثْلَهُ فَهُوَ الْمُرَادُ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ لِفُلَانٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا نَفَعَهُ الدُّعَاءُ بِمَا لَيْسَ لِلدَّاعِي فَمَا لَهُ أَوْلَى، وَيَجْرِي هَذَا فِي سَائِرِ الْأَعْمَالِ، وَبِمَا ذَكَرَهُ فِي أَوْصِلْ ثَوَابَ مَا قَرَأْنَاهُ إلَى آخِرِهِ يَنْدَفِعُ إنْكَارُ الْبُرْهَانِ الْفَزَارِيِّ قَوْلَهُمْ اللَّهُمَّ أَوْصِلْ ثَوَابَ مَا تَلَوْتُهُ إلَى فُلَانٍ خَاصَّةً وَإِلَى الْمُسْلِمِينَ عَامَّةً؛ لِأَنَّ مَا اخْتَصَّ بِشَخْصٍ لَا يُتَصَوَّرُ التَّعْمِيمُ فِيهِ، فَقَدْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الظَّاهِرُ خِلَافُ مَا قَالَهُ، فَإِنَّ الثَّوَابَ يَتَفَاوَتُ، فَأَعْلَاهُ مَا خَصَّهُ وَأَدْنَاهُ مَا عَمَّهُ وَغَيْرَهُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى يَتَصَرَّفُ فِيمَا يُعْطِيهِ مِنْ الثَّوَابِ بِمَا يَشَاءُ، وَمَنَعَ التَّاجُ الْفَزَارِيّ مِنْ إهْدَاءِ الْقُرَبِ لِنَبِيِّنَا عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامُ مُعَلِّلًا لَهُ بِأَنَّهُ لَا يَتَجَرَّأُ عَلَى جَنَابِهِ الرَّفِيعِ بِمَا لَمْ يُؤْذَنْ فِيهِ، شَيْءٌ انْفَرَدَ بِهِ، وَمِنْ ثَمَّ خَالَفَهُ غَيْرُهُ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ، وَقَدْ أَوْضَحْتُ ذَلِكَ أَتَمَّ إيضَاحٍ فِي الْفَتَاوَى. ـــــــــــــــــــــــــــــSلَمْ يَبْرَأَ مِنْ وَاجِبِ الْإِجَارَةِ وَهَلْ تَكْفِي نِيَّةُ الْقِرَاءَةِ فِي أَوَّلِهَا وَإِنْ تَخَلَّلَ فِيهَا سُكُوتٌ يَنْبَغِي؟ نَعَمْ إذَا عَدَّ مَا بَعْدَ الْأَوَّلِ مِنْ تَوَابِعَهُ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لِلْوَالِدِ الْمَيِّتِ) أَيْ وَمِثْلُهُ الْحَيُّ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقَوْلُهُ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ: أَيْ مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ: وَذَهَبَ جَمْعٌ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَحُمِلَ جَمْعُ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ وَلَوْ قِرَاءَةً، وَقَوْلُهُ أَوْ نَوَاهُ ضَعِيفٌ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ سم الْمَذْكُورِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْفَعُهُ سِوَى ذَلِكَ) يَعْنِي الْحَجَّ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَحَمَلَ جَمْعٌ الْأَوَّلَ عَلَى قِرَاءَتِهِ لَا بِحَضْرَةِ الْمَيِّتِ) قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ مُجَرَّدَ الْقِرَاءَةِ بِحَضْرَةِ الْمَيِّتِ وَلَوْ اتِّفَاقًا مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ يَحْصُلُ ثَوَابُهَا لِلْمَيِّتِ وَفِيهِ بُعْدٌ وَإِنْ كَانَ فَضْلُ اللَّهِ وَاسِعًا فَتَأَمَّلْ وَاعْلَمْ أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْعِبَارَةِ فِي التُّحْفَةِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ سم مَا نَصُّهُ اعْتَمَدَ مَرَّ قَوْلَ هَذَا الْجَمْعِ، وَرَدَّ الِاكْتِفَاءَ بِنِيَّةِ جَعْلِ الثَّوَابِ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ. قَالَ: فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا نَوَى ثَوَابَ قِرَاءَتِهِ لَهُ أَوْ دَعَا لَهُ عَقِبَهَا بِحُصُولِ ثَوَابِهَا لَهُ أَوْ قَرَأَ عِنْدَ قَبْرِهِ حَصَلَ مِثْلُ ثَوَابِ قِرَاءَتِهِ وَحَصَلَ لِلْقَارِئِ أَيْضًا الثَّوَابُ، فَلَوْ سَقَطَ ثَوَابُ الْقَارِئِ لِمُسْقِطٍ كَأَنْ غَلَبَ الْبَاعِثُ الدُّنْيَوِيُّ كَقِرَاءَتِهِ بِأُجْرَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْقُطَ مِثْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي هَذَا فِي سَائِرِ الْأَعْمَالِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْإِشَارَةَ رَاجِعَةٌ لِقَوْلِ ابْنِ الصَّلَاحِ وَيَنْبَغِي الْجَزْمُ إلَخْ، بَلْ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ أَيْضًا، وَحِينَئِذٍ فَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا صَلَّى أَوْ صَامَ مَثَلًا وَقَالَ اللَّهُمَّ أَوْصِلْ ثَوَابَ هَذَا لِفُلَانٍ يَصِلُ إلَيْهِ ثَوَابُ مَا فَعَلَهُ مِنْ الصَّلَاةِ أَوْ الصَّوْمِ مَثَلًا فَتَنَبَّهْ وَرَاجِعْ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ) اُنْظُرْ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ اسْتَنْتَجَ هَذَا، وَلَعَلَّهُ سَقَطَ قَبْلَهُ تَعْلِيلُ الْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِعَدَمِ التَّمَامِ وَيَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْته عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ فَلْتُرَاجَعْ.

[فصل في الرجوع عن الوصية]

فَصْلٌ) فِي الرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ (لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الْوَصِيَّةِ) إجْمَاعًا وَكَالْهِبَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ بَلْ أَوْلَى، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَرْجِعْ فِي تَبَرُّعٍ نَجَّزَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِغَيْرِ فَرْعِهِ وَإِنْ اُعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ تَامٌّ (وَعَنْ بَعْضِهَا) كَكُلِّهَا، وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْوَارِثِ بِهِ إلَّا إنْ تَعَرَّضَتْ لِصُدُورِهِ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ، وَلَا يَكْفِي عَنْهُ قَوْلُهُ رَجَعَ عَنْ جَمِيعِ وَصَايَاهُ، وَيَحْصُلُ الرُّجُوعُ (بِقَوْلِهِ نَقَضْت الْوَصِيَّةَ أَوْ أَبْطَلْتهَا أَوْ رَجَعَتْ فِيهَا أَوْ فَسَخْتهَا) أَوْ رَدَدْتهَا أَوْ أَزَلْتهَا أَوْ رَفَعْتهَا وَكُلُّهَا صَرَائِحُ كَهُوَ حَرَامٌ عَلَى الْمُوصَى لَهُ (أَوْ) بِقَوْلِهِ (هَذَا) إشَارَةٌ إلَى الْمُوصَى بِهِ (لِوَارِثِي) أَوْ مِيرَاثٌ عَنِّي وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بَعْدَ مَوْتِي؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ إلَّا وَقَدْ أَبْطَلَ الْوَصِيَّةَ فِيهِ فَصَارَ كَقَوْلِهِ رَدَدْتهَا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ أَوْصَى بِشَيْءٍ لِزَيْدٍ ثُمَّ بِهِ لِعَمْرٍو، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَوْصَى بِحَامِلٍ لِزَيْدٍ وَيَحْمِلُهَا لِعَمْرٍو أَوْ عَكَسَ، وَقُلْنَا بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِهَا تَسْتَتْبِعُ الْحَمْلَ فَإِنَّهُ يُشَرَّكُ بَيْنَهُمَا لِاحْتِمَالِ نِسْيَانِهِ لِلْأُولَى بِأَنَّ الثَّانِي هُنَا لَمَّا سَاوَى الْأَوَّلَ فِي كَوْنِهِ مُوصًى لَهُ وَطَارِئًا اسْتِحْقَاقُهُ لَمْ يَكُنْ ضَمُّهُ إلَيْهِ صَرِيحًا فِي رَفْعِهِ فَأَثَّرَ فِيهِ احْتِمَالُ النِّسْيَانِ وَشَرَّكْنَا لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ، بِخِلَافِ الْوَارِثِ فَإِنَّهُ مُغَايِرٌ لَهُ وَاسْتِحْقَاقُهُ أَصْلِيٌّ فَكَانَ ضَمُّهُ إلَيْهِ رَافِعًا لِقُوَّتِهِ وَفَرَّقَ أَيْضًا بِأَنَّ عَمْرًا لَقَبٌ وَلَا مَفْهُومَ لَهُ وَوَارِثِي مَفْهُومُهُ صَحِيحٌ: أَيْ لَا لِغَيْرِهِ فِيهِ، وَيُنْتَقَضُ بِمَا لَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِشَيْءٍ ثُمَّ أَوْصَى بِهِ لِعَتِيقِهِ أَوْ قَرِيبِهِ غَيْرِ الْوَارِثِ فَإِنَّ صَرِيحَ كَلَامِهِمْ التَّشْرِيكُ بَيْنَهُمَا هُنَا مَعَ أَنَّ الثَّانِيَ لَهُ مَفْهُومٌ صَحِيحٌ فَالْأَقْعَدُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْفَرْقِ وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِهِ هُوَ مِنْ تَرِكَتِي، وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ مِنْ أَنَّ التَّعْلِيلَ بِانْتِفَاءِ الْمُرَجِّحِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ بِمَا أَوْصَيْت بِهِ لِعَمْرٍو أَوْ أَوْصَى بِشَيْءٍ لِلْفُقَرَاءِ ثُمَّ أَوْصَى بِبَيْعِهِ وَصَرْفِ ثَمَنِهِ لِلْمَسَاكِينِ أَوْ أَوْصَى بِهِ لِزَيْدٍ ثُمَّ بِعِتْقِهِ أَوْ عَكْسِهِ كَانَ رُجُوعًا لِوُجُودِ مُرَجِّحِ الثَّانِيَةِ مِنْ النَّصِّ عَلَى الْأُولَى الرَّافِعِ لِاحْتِمَالِ النِّسْيَانِ الْمُقْتَضِي لِلتَّشْرِيكِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ ذَاكِرًا لِلْأُولَى ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ) فِي الرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ: فِي الرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ) أَيْ فِي بَيَانِ حُكْمِ الرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ وَمَا يَحْصُل بِهِ (قَوْلُهُ: لَهُ الرُّجُوعُ) أَيْ يَجُوزُ لَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهَا مَا تَقَدَّمَ فِي حُكْمِ الْوَصِيَّةِ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ يَصْرِفُهُ فِي مَكْرُوهٍ كُرِهَتْ أَوْ فِي مُحَرَّمٍ حُرِّمَتْ فَيُقَالُ هُنَا بَعْدَ حُصُولِ الْوَصِيَّةِ وَإِنْ كَانَتْ مَطْلُوبَةً حِينَ فِعْلِهَا إذَا عَرَضَ لِلْمُوصَى لَهُ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَصْرِفُهَا فِي مُحَرَّمٍ وَجَبَ الرُّجُوعُ أَوْ فِي مَكْرُوهٍ نُدِبَ الرُّجُوعُ أَوْ فِي طَاعَةٍ كُرِهَ الرُّجُوعُ (قَوْلُهُ: بَلْ أَوْلَى) أَيْ لِعَدَمِ تَنْجِيزِهَا بِخِلَافِ الْهِبَةِ وَقَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ أَيْ وَهُوَ أَنَّ الرُّجُوعَ فِي الْوَصِيَّةِ جَائِزٌ لِتَعَلُّقِهَا بِالْمَوْتِ كَمَا فُهِمَ مِنْ قِيَاسِهَا عَلَى الْهِبَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي عَنْهُ) أَيْ التَّعَرُّضُ، وَقَوْلُهُ قَوْلُهُ: أَيْ الشَّاهِدِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُشَرَّكُ بَيْنَهُمَا) أَيْ فِي الْحَمْلِ فَقَطْ دُونَ الْأُمِّ (قَوْلُهُ بِأَنَّ عَمْرًا لَقَبٌ) أَيْ لِأَنَّهُ اسْمٌ جَامِدٌ، وَقَوْلُهُ وَلَا مَفْهُومَ لَهُ أَيْ فَشَرَّكْنَا بَيْنُهُمَا (قَوْلُهُ: وَيُنْتَقَضُ) أَيْ الْفَرْقُ بِأَنَّ عَمْرًا لَقَبٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَالْأَقْعَدُ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ بِأَنَّ الثَّانِي هُنَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِهِ) مُسْتَأْنَفٌ وَهُوَ فِي الْمَعْنَى مُحْتَرَزٌ قَوْلُهُ لِوَارِثِي (قَوْلُهُ: بِانْتِفَاءِ الْمُرَجِّحِ) أَيْ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَشَرَّكْنَا لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ ذَاكِرًا لِلْأُولَى) أَيْ فِيمَا لَوْ قَالَ أَوْصَيْت بِهِ لِزَيْدٍ ثُمَّ أَوْصَى بِهِ فِي وَقْتٍ آخَرَ لِعَمْرٍو وَلَمْ يَذْكُرْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ] ِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُشْرِكُ بَيْنَهُمَا) أَيْ فِي الْحَمْلِ خَاصَّةً فِي الصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ: لِقُوَّتِهِ) هُوَ عِلَّةٌ لِلرَّافِعِ فَالضَّمِيرُ فِيهِ لِلْوَارِثِ (قَوْلُهُ: بِمَا أَوْصَيْت بِهِ لِعَمْرٍو) الْمُنَاسِبُ لِمَا مَرَّ لِزَيْدٍ

اخْتَصَّ بِهَا الثَّانِي عَلَى مَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ وَمِنْ كَوْنِ الثَّانِيَةِ مُغَايِرَةً لِلْأُولَى فَيَتَعَذَّرُ التَّشْرِيكُ، لَكِنْ قَدْ يُنَازِعُ فِي الْبَحْثِ الْمَذْكُورِ تَعْلِيلُهُمْ التَّشْرِيكَ بِاحْتِمَالِ إرَادَتِهِ دُونَ الرُّجُوعِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: هَذَا الِاحْتِمَالُ لَا أَثَرَ لَهُ لِإِتْيَانِهِ فِي هَذَا لِوَارِثِي فَالْأَوْجَهُ مَا سَبَقَ، وَإِنْكَارُهَا بَعْدَ أَنْ سُئِلَ عَنْهَا عَلَى مَا مَرَّ فِي جَحْدِ الْوَكَالَةِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ (وَبِيَعِ) وَإِنْ حَصَلَ بَعْدَهُ فَسْخٌ وَلَوْ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ (وَإِعْتَاقٌ) وَتَعْلِيقُهُ وَإِيلَادٌ وَكِتَابَةٌ (وَإِصْدَاقٌ) لِمَا وَصَّى بِهِ وَكُلُّ تَصَرُّفٍ نَاجِزٌ لَازِمٌ إجْمَاعًا لِدَلَالَتِهِ عَلَى الْإِعْرَاضِ (وَكَذَا هِبَةٌ أَوْ رَهْنٌ) لَهُ مَعَ قَبْضٍ لِزَوَالِ الْمِلْكِ فِي الْهِبَةِ وَتَعْرِيضِهِ لِلْبَيْعِ فِي الرَّهْنِ (وَكَذَا دُونَهُ فِي الْأَصَحِّ) لِدَلَالَتِهِمَا عَلَى الْإِعْرَاضِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ قَبُولٌ بَلْ وَإِنْ فَسَدَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَلَى الْأَوْجَهِ، وَالثَّانِي لَا لِبَقَاءِ مِلْكِهِ (وَبِوَصِيَّةٍ بِهَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ) الْبَيْعُ وَمَا بَعْدَهُ لِإِشْعَارِهَا بِالْإِعْرَاضِ (وَكَذَا تَوْكِيلٌ فِي بَيْعِهِ وَعَرْضِهِ) يَصِحُّ رَفْعُهُ، وَكَذَا جَرُّهُ فَيُفِيدُ أَنَّ تَوْكِيلَهُ فِي الْعَرْضِ رُجُوعٌ (عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ تَوَسُّلٌ إلَى أَمْرٍ يَحْصُلُ بِهِ الرُّجُوعُ بِخِلَافِ وَطْءٍ وَإِنْ أَنْزَلَ، وَلَا نَظَرَ لِإِفْضَائِهِ لِمَا بِهِ الرُّجُوعُ لِبُعْدِهِ وَالثَّانِي لَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يُوجَدُ وَلَوْ هَلَكَ جَمِيعُ مَا لَهُ لَمْ تَبْطُلْ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّ الثُّلُثَ مُطْلَقًا لَا يَخْتَصُّ بِمَا عِنْدَهُ حَالَ الْوَصِيَّةِ بَلْ الْعِبْرَةُ بِمَا يَمْلِكُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ زَادَ أَوْ نَقَصَ (وَخَلْطُ حِنْطَةٍ مُعَيَّنَةٍ) وَصَّى بِهَا بِمِثْلِهَا أَوْ أَجْوَدَ أَوْ أَرْدَأَ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ مِنْهُ أَوْ مِنْ مَأْذُونُهُ (رُجُوعٌ) لِتَعَذُّرِ التَّسْلِيمِ بِمَا أَحْدَثَهُ فِي الْعَيْنِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَمْكَنَ التَّمْيِيزُ أَوْ اخْتَلَطَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ كَانَ الْخَلْطُ مِنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فِيمَا يَظْهَرُ لِمَا يَأْتِي مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْهَدْمِ وَنَحْوِ الطَّحْنِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ أَطْلَقُوا الْغَيْرَ هُنَا وَهُوَ مُنَافٍ لِقَوْلِهِمْ فِي الْغَصْبِ لَوْ صَدَرَ خَلْطٌ وَلَوْ مِنْ الْغَاصِبِ لِمَغْصُوبٍ مِثْلِيٍّ أَوْ مُتَقَوِّمٍ بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ أَجْوَدُ أَوْ أَرْدَأُ أَوْ مُمَاثِلًا كَانَ إهْلَاكًا فَيَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ، بِخِلَافِ خَلْطِ مُتَمَاثِلَيْنِ بِغَيْرِ تَعَدٍّ فَإِنَّهُ يُصَيِّرُهُمَا مُشْتَرَكَيْنِ اهـ. ـــــــــــــــــــــــــــــSزَيْدًا بِاللَّفْظِ لَكِنَّهُ كَانَ عَالِمًا بِالْوَصِيَّةِ الْأُولَى بِأَنْ أَخْبَرَ بِهَا ثُمَّ وَصَّى بِهَا لِلثَّانِي بِلَا تَرَاخٍ يُحْتَمَلُ مَعَهُ النِّسْيَانُ (قَوْلُهُ وَمِنْ كَوْنِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ النَّصِّ عَلَى الْأُولَى وَقَوْلُهُ الثَّانِيَةُ هِيَ قَوْلُهُ ثُمَّ أَوْصَى بِبَيْعِهِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ فَالْأَوْجَهُ مَا سَبَقَ هُوَ قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ النِّسْيَانِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ أَنْ سُئِلَ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ ابْتَدَأَ بِالْإِنْكَارِ مِنْ غَيْرِ سُؤَالِ أَحَدٍ كَانَ رُجُوعًا مُطْلَقًا وَلَعَلَّهُ غَيْرَ مُرَادٍ (قَوْلُهُ: فِي جَحْدِ الْوَكَالَةِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ إنْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّ الْإِنْكَارَ لِلْخَوْفِ عَلَيْهِ مِنْ ظَالِمٍ أَوْ نَحْوِهِ لَا يَكُونُ عَزْلًا وَإِلَّا كَانَ عَزْلًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ قَبُولٌ) وَمِثْلُهُمَا جَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الصِّيَغِ، وَيَدُلُّ لَهُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْعَرْضَ عَلَى نَحْوِ الْبَيْعِ أَوْ التَّوْكِيلِ فِيهِ رُجُوعٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ فَسَدَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ) أَيْ كَاشْتِمَالِهِمَا عَلَى شَرْطٍ فَاسِدٍ (قَوْلُهُ: وَكَذَا تَوْكِيلٌ فِي بَيْعِهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَبِعْ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ تَوَسُّلٌ إلَخْ أَنَّ مِثْلَ التَّوْكِيلِ فِي الْبَيْعِ التَّوْكِيلُ فِي كُلِّ مَا يَحْصُلُ بِهِ الرُّجُوعُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا جَرُّهُ) وَهُوَ أَوْلَى لِإِفَادَتِهِ حُصُولَ الرُّجُوعِ بِالْعَرْضِ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: لِمَا بِهِ الرُّجُوعُ) أَيْ وَهُوَ الْإِحْبَالُ (قَوْلُهُ: وَخَلْطُ حِنْطَةٍ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الْخَلْطِ التَّوْكِيلُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَخْلِطْ (قَوْلُهُ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ مِنْهُ) صِلَةٌ لِخَلْطِ (قَوْلُهُ وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ أَطْلَقُوا الْغَيْرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ كَانَ الْخَلْطُ مِنْ غَيْرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ مَا سَبَقَ) قَالَ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ هُوَ قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ النِّسْيَانِ (قَوْلُهُ: لِمَا يَأْتِي مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْهَدْمِ وَنَحْوِ الطَّحْنِ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِمَا فِي التُّحْفَةِ لَكِنَّ الْفَرْقَ الْمَذْكُورَ مَذْكُورٌ فِي التُّحْفَةِ بَعْدُ وَأَغْفَلَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ الْغَاصِبِ) كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْغَاصِبِ انْتَهَتْ، فَلَعَلَّ لَفْظَ غَيْرٍ سُقُط مِنْ الشَّارِحِ مِنْ الْكَتَبَةِ وَإِنْ كَانَ إثْبَاتُهُ غَيْرَ ضَرُورِيٍّ وَكَتَبَ الشِّهَابُ سم عَلَى عِبَارَةِ التُّحْفَةِ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ لَوْ صَدَرَ خَلْطٌ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْغَاصِبِ إلَى قَوْلِهِ

وَحِينَئِذٍ فَمَا هُنَا مَفْرُوضٌ فِي خَلْطٍ لَا يَقْتَضِي مِلْكَ الْمَخْلُوطِ لِلْخَالِطِ، وَفَرَّعَ الشَّيْخُ عَلَى عَدَمِ الرُّجُوعِ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْحَاصِلَةَ بِالْجَوْدَةِ غَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ فَتَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْخَلْطَ حَيْثُ لَمْ يَمْلِكْ بِهِ الْخَالِطُ يَصِيرُ الْمُخْتَلِطَانِ مُشْتَرِكَيْنِ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِمْ الْمَذْكُورِ، وَحِينَئِذٍ فَيَصِيرُ الْمُوصَى لَهُ شَرِيكًا لِلْمَالِكِ الْمُخَالِطِ بِالْأَجْزَاءِ سَوَاءٌ الْوَارِثُ وَغَيْرُهُ فَيَقْتَسِمَانِهِ سَوَاءٌ اسْتَوَيَا فِي الْجَوْدَةِ أَمْ لَا (وَلَوْ) (أَوْصَى بِصَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ) مُعَيَّنَةٍ (فَخَلَطَهَا) هُوَ أَوْ مَأْذُونُهُ (بِأَجْوَدَ مِنْهَا) خَلْطًا لَا يُمْكِنُ مَعَهُ التَّمْيِيزُ (فَرُجُوعٌ) ؛ لِأَنَّهُ أَحْدَثَ بِالْخَلْطِ زِيَادَةً لَمْ يَرْضَ بِتَسْلِيمِهَا وَلَا يُمْكِنُ بِدُونِهَا (أَوْ بِمِثْلِهَا فَلَا) قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ تَغْيِيرٌ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمِثْلَيْنِ (وَكَذَا بِأَرْدَأَ فِي الْأَصَحِّ) قِيَاسًا عَلَى تَعْيِيبِ الْمُوصَى بِهِ أَوْ إتْلَافِ بَعْضِهِ (وَطَحْنُ حِنْطَةٍ) مُعَيَّنَةٍ (وَصَّى بِهَا) أَوْ بِبَعْضِهَا (وَبَذْرُهَا) (وَعَجْنُ دَقِيقٍ) وَطَبْخُ لَحْمٍ وَشَيُّهُ وَجَعْلُهُ وَهُوَ لَا يَفْسُدُ قَدِيدًا (وَغَزْلُ قُطْنٍ) أَوْ جَعْلُهُ حَشْوًا مَا لَمْ يَتَّحِدْ الْمُوصَى لَهُ بِالثَّوْبِ وَالْقُطْنِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَيَلْحَقُ بِهِ نَظَائِرُهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَزُولَ اسْمُ أَحَدِ الْمُعَيَّنَيْنِ بِمَا فَعَلَهُ وَجَعْلُ خَشَبَةٍ بَابًا وَخُبْزٍ فَتِيتًا وَعَجِينٍ خُبْزًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَجْفِيفِ الرُّطَبِ لَا يَخْفَى إذْ يُقْصَدُ بِهِ الْبَقَاءُ، فَهُوَ كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ مَقْطُوعٍ أَوْصَى بِهِ، وَكَتَقْدِيدِ لَحْمٍ يَفْسُدُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَخَبْزِ الْعَجِينِ مَعَ أَنَّهُ يَفْسُدُ لَوْ تَرَكَهُ بِأَنَّ التَّهْيِئَةَ لِلْأَكْلِ فِي الْخُبْزِ أَغْلَبُ وَأَظْهَرُ مِنْهَا فِي الْقَدِيدِ (وَنَسْجُ غَزْلٍ) مَثَلًا (وَقَطْعُ ثَوْبٍ قَمِيصًا وَبِنَاءٌ وَغِرَاسٌ فِي عَرْصَةٍ رُجُوعٌ) سَوَاءٌ أَكَانَ بِفِعْلِهِ أَمْ بِفِعْلِ مَأْذُونِهِ سَوَاءٌ أَسْمَاهُ بِاسْمِهِ أَمْ قَالَ بِهَذَا أَمْ بِمَا فِي هَذَا الْبَيْتِ مَثَلًا لِإِشْعَارِ ذَلِكَ كُلِّهِ بِالْإِعْرَاضِ، هَذَا كُلُّهُ فِي الْمُعَيَّنِ كَمَا تَقَرَّرَ، فَلَوْ أَوْصَى بِنَحْوِ ثُلُثِ مَالِهِ ثُمَّ تَصَرَّفَ فِي جَمِيعِهِ وَلَوْ بِمَا يُزِيلُ الْمِلْكَ أَوْ هَلَكَ مَالُهُ لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِثُلُثِ مَالِهِ الْمَوْجُودِ عِنْدَ الْمَوْتِ لَا الْوَصِيَّةِ، وَلَوْ اخْتَصَّ نَحْوُ الْغِرَاسِ بِبَعْضِ الْعَرْصَةِ اخْتَصَّ الرُّجُوعُ بِمَحَلِّهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَاصِلَ فِي ذَلِكَ أَنَّ مَا أَشْعَرَ بِالْإِعْرَاضِ إشْعَارًا قَوِيًّا يَكُونُ رُجُوعًا وَإِنْ لَمْ يَزُلْ بِهِ الِاسْمُ حَيْثُ كَانَ مِنْهُ أَوْ مِنْ مَأْذُونِهِ، وَمَا يَزُولُ بِهِ الِاسْمِ يَحْصُلُ بِهِ الرُّجُوعُ وَإِنْ كَانَ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمَا عِلَّتَانِ مُسْتَقِلَّتَانِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ فَمَا هُنَا) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ كَانَ الْخَلْطُ مِنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، أَيْ فَلَا يَكُونُ رُجُوعًا مُطْلَقًا سَوَاءً كَانَ الْمَخْلُوطَ بِهِ أَجْوَدَ أَوْ أَرْدَأَ أَوْ مُسَاوِيًا (قَوْلُهُ لَا يَقْتَضِي مِلْكَ الْمَخْلُوطِ لِلْخَالِطِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْخَالِطُ غَيْرَ غَاصِبٍ أَوْ كَانَ غَاصِبًا وَخَلَطَ مَالَ الْمُوصَى بِمَالِهِ الْآخَرَ (قَوْلُهُ: عَلَى عَدَمِ الرُّجُوعِ) أَيْ فِيمَا لَوْ اخْتَلَطَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ خَلَطَهَا غَيْرُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ (قَوْلُهُ: شَرِيكًا لِلْمَالِكِ) وَالْفَرْضُ أَنَّ الْمَالِكَ غَيْرُ الْمُوصِي وَإِلَّا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَكَانَ الْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ لِمَالِكِ الْمَخْلُوطِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهَا اخْتَلَطَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ كَانَ الْخَلْطُ مِنْ غَيْرِ الْمُوصِي وَمَأْذُونِهِ (قَوْلُهُ: بِالْإِجْزَاءِ سَوَاءٌ) أَيْ خِلَافًا لحج حَيْثُ قَالَ بِبُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ فِي النِّصْفِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِمِثْلِهَا) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا لَوْ أَوْصَى بِحِنْطَةٍ مُعَيَّنَةٍ ثُمَّ خَلَطَهَا حَيْثُ جُعِلَ رُجُوعًا مُطْلَقًا أَنَّ الْمُوصَى فِي مَسْأَلَةِ الصُّبْرَةِ مَخْلُوطٌ قَبْلَ الْبَيْعِ فَلَمْ تَحْدُثْ لَهُ صِفَةٌ زَائِدَةٌ بِمُجَرَّدِ خَلْطِ الصُّبْرَةِ بِغَيْرِهَا فَاعْتُبِرَ أَنْ يَكُونَ الْخَلْطُ بِأَجْوَدَ خَاصَّةً لِتَحْصُلَ لَهُ صِفَةٌ مُشْعِرَةٌ بِالرُّجُوعِ، وَالْحِنْطَةُ الْمُعَيَّنَةُ لَمَّا كَانَتْ مُتَمَيِّزَةً وَقْتَ الْوَصِيَّةِ كَانَ فِي مُجَرَّدِ خَلْطِهَا صِفَةٌ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً قَبْلُ فَأَثَّرَ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَجْفِيفِ الرُّطَبِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا (قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَسْمَاهُ بِاسْمِهِ) أَيْ حَالَ الْوَصِيَّةِ بِهِ كَقَوْلِهِ أَوْصَيْت لَهُ بِهَذَا الْغَزْلِ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَيَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ هَذَا الصَّنِيعُ يَقْتَضِي مِلْكَ الْغَاصِبِ وَإِنْ كَانَ الْخَلْطُ مِنْ غَيْرِهِ فَرَاجِعْ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَمَا هُنَا مَفْرُوضٌ فِي خَلْطٍ لَا يَقْتَضِي إلَخْ) أَيْ أَمَّا الْخَلْطُ الَّذِي يَقْتَضِي مِلْكَ الْمَخْلُوطِ فَهُوَ رُجُوعٌ بِمَعْنَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَبْطُلُ بِهِ وَإِلَّا فَالْمُوصِي لَمْ يَحْصُلْ مِنْ جَانِبِهِ شَيْءٌ حَتَّى يُقَالَ إنَّهُ رُجُوعٌ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَفَرَّعَ الشَّيْخُ عَلَى عَدَمِ الرُّجُوعِ إلَخْ) تَفْرِيعُ الشَّيْخِ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ فِي الْمَتْنِ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ كَلَامِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَإِلَّا فَالشَّيْخُ كَمَتْنِ الرَّوْضِ لَمْ يَتَعَرَّضَا لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا

وَخَرَجَ بِالْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ الزَّرْعُ وَبِقَطْعِ الثَّوْبِ لِبْسُهُ لِضَعْفِ إشْعَارِهِمَا بِذَلِكَ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ دَامَ بَقَاءُ أُصُولِهِ: أَيْ بِالْمَعْنَى الْمَارِّ فِي الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ فِيمَا يَظْهَرُ كَانَ كَالْغِرَاسِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِشَيْءٍ لِزَيْدٍ ثُمَّ لِعَمْرٍو وَشَرَّك بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ اثْنَانِ وَنِسْبَةُ كُلٍّ إلَيْهَا النِّصْفَ فَهُوَ عَلَى طِبْقِ مَا يَأْتِي مِنْ الشَّيْخَيْنِ، وَإِنْ وَهِمَ فِيهِ بَعْضُهُمْ زَاعِمًا أَنَّ مَحَلَّ التَّشْرِيكِ هُنَا هُوَ مَحَلُّ الرُّجُوعِ نَظِيرُ مَا يَأْتِي عَنْ الْإِسْنَوِيِّ، فَإِذَا رَدَّ أَحَدُهُمَا أَخَذَ الْآخَرُ الْجَمِيعَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى بِهِ لَهُمَا ابْتِدَاءً فَرَدَّ أَحَدُهُمَا يَكُونُ النِّصْفُ لِلْوَارِثِ دُونَ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجِبْ لَهُ سِوَى النِّصْفِ نَصًّا، وَلَوْ أَوْصَى بِهَا لِوَاحِدٍ ثُمَّ بِنِصْفِهَا لِآخَرَ كَانَتْ أَثْلَاثًا ثُلُثَاهَا لِلْأَوَّلِ وَثُلُثُهَا لِلثَّانِي، وَمَا ادَّعَاهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّ هَذَا غَلَطٌ وَأَنَّ الصَّوَابَ أَنَّهَا أَرْبَاعٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَحَلَّ التَّشْرِيكِ هُوَ مَحَلُّ الرُّجُوعِ هُوَ الْغَلَطُ؛ لِأَنَّ الْمَرْعِيَّ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ طَرِيقَةُ الْعَوْلِ بِأَنْ يُقَالَ مَعَنَا مَالٌ وَنِصْفُ مَالٍ فَيُضَمُّ النِّصْفُ إلَى الْكُلِّ فَتَكُونُ الْجُمْلَةُ ثَلَاثَةً تُقَسَّمُ عَلَى النِّسْبَةِ فَيَكُونُ لِصَاحِبِ الْمَالِ ثُلُثَاهُ وَلِصَاحِبِ النِّصْفِ الثُّلُثُ، وَقَدْ ذَكَرَهَا الشَّيْخَانِ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي فِي حِسَابِ الْوَصَايَا، وَيُسْتَأْنَسُ لِهَذَا مِنْ الْقُرْآنِ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لِلِابْنِ إذَا انْفَرَدَ جَمِيعَ الْمَالِ وَلِلْبِنْتِ إذَا انْفَرَدَتْ النِّصْفَ، فَإِذَا اجْتَمَعَا أَخَذَ الِابْنُ قَدْرَهَا مَرَّتَيْنِ، فَكَذَلِكَ قُلْنَا يُعْطَى الْمُوصَى لَهُ بِالْجَمِيعِ الثُّلُثَيْنِ وَالْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ الثُّلُثَ، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَاَلَّذِي فِي الْمُهِمَّاتِ سَهْوٌ. وَقَدْ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ كَلَامَ الْإِسْنَوِيِّ عِنْدَ احْتِمَالِ إرَادَةِ الْمُوصِي التَّشْرِيكَ بَيْنَهُمَا، وَكَلَامُ الشَّيْخَيْنِ عِنْدَ انْتِفَائِهِ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ تَعْلِيلُ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ. وَلَوْ أَوْصَى لَهُ مَرَّةً ثُمَّ مَرَّةً أَتَى فِيهِ مَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ مِنْ التَّعَدُّدِ وَالِاتِّحَادِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا لَوْ أَوْصَى بِمِائَةٍ ثُمَّ بِخَمْسِينَ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا خَمْسُونَ لِتَضَمُّنِ الثَّانِيَةِ الرُّجُوعَ عَنْ بَعْضِ الْأُولَى. ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ، وَأَخَذَ مِنْهُ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِزَيْدٍ ثُمَّ بِثُلُثِهِ لَهُ وَلِعَمْرٍو تَنَاصَفَاهُ وَبَطَلَتْ الْأُولَى، وَلَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِعَيْنٍ ثُمَّ لِعَمْرٍو بِثُلُثِ مَالِهِ كَانَ لِعَمْرٍو رُبُعُهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ مَالِهِ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِإِنْسَانٍ بِعَيْنٍ وَلِآخَرَ بِثُلُثِهَا فَيَكُونُ لِلْآخَرِ رُبُعُهَا عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ عَنْ الشَّيْخَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ الزَّرْعُ) أَيْ فَلَا يَكُونُ رُجُوعًا (قَوْله بِالْمَعْنَى الْمَارِّ) أَيْ بِأَنْ يَجُزْ مِرَارًا وَلَوْ فِي دُونِ سَنَةٍ وَحِينَئِذٍ فَيَقْوَى تَشْبِيهُهُ بِالْغِرَاسِ الَّذِي يُرَادُ إبْقَاؤُهُ أَبَدًا (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) صَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ اهـ رَوْضَ (قَوْلُهُ: هُوَ مَحَلُّ الرُّجُوعِ) وَهُوَ النِّصْفُ الثَّانِي مِنْ الْعَيْنِ الْمُوصَى بِهَا (قَوْلُهُ: فَيُضَمُّ النِّصْفُ) أَيْ يُجْعَلُ عَلَى إلَخْ (قَوْلُهُ: عِنْدَ احْتِمَالِ إرَادَةِ الْمُوصِي) أَيْ وَيُرْجَعُ فِي ذَلِكَ إلَيْهِ أَوْ إلَى وَارِثِهِ (قَوْلُهُ: التَّشْرِيكُ بَيْنَهُمَا) أَيْ فِي النِّصْفِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: مِنْ التَّعَدُّدِ) أَيْ حَيْثُ وَصَفَهُمَا بِصِفَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ وَالِاتِّحَادُ حَيْثُ لَمْ يَصِفْهُمَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفَا جِنْسًا وَلَا صِفَةً فَوَصِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَإِلَّا فَثِنْتَانِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ (قَوْلُهُ: إنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ) أَيْ مَالِهِ مَثَلًا وَقَوْلُهُ ثُمَّ بِثُلُثِهِ أَيْ ثُلُثِ مَالِهِ (قَوْلُهُ: تَنَاصَفَاهُ) أَيْ الثُّلُثَ (قَوْلُهُ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ) وَذَلِكَ بِأَنْ يُقَالَ مَعَنَا مَالٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَالتُّحْفَةِ مِنْ فِعْلِ الْغَيْرِ الَّذِي لَا يُعَدُّ رُجُوعًا (قَوْلُهُ بِالْمَعْنَى الْمَارِّ) أَيْ بِأَنْ كَانَ يُجَزُّ مِرَارًا (قَوْلُهُ: وَنِسْبَةُ كُلٍّ إلَيْهَا) أَيْ إلَى الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: طَرِيقَةُ الْعَوْلِ) أَيْ لَا طَرِيقَةُ التَّدَاعِي الَّتِي بَنَى عَلَيْهَا الْإِسْنَوِيُّ كَلَامَهُ (قَوْلُهُ: عِنْدَ احْتِمَالِ إرَادَةِ الْمُوصِي التَّشْرِيكَ) يَعْنِي فِي النِّصْفِ خَاصَّةً (قَوْلُهُ: لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ مَا لَوْ أَوْصَى إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنَّ هَذَا الْإِيرَادَ يَرِدُ عَلَى الْبَعْضِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَعَلَ الْوَصِيَّةَ كَالْإِقْرَارِ مِنْ جِهَةِ التَّعَدُّدِ وَالِاتِّحَادِ خَاصَّةً لَا فِي كُلِّ الْأَحْكَامِ، وَمَا أُورِدَ عَلَيْهِ مِنْ الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ الْحُكْمُ فِيهَا الِاتِّحَادُ فِي الْبَابَيْنِ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَكُونُ بِالْأَقَلِّ وَالْإِقْرَارُ بِالْعَكْسِ فَهُوَ بِالْأَكْثَرِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَبَطَلَتْ الْأُولَى) الْمُنَاسِبُ لِلْمَقِيسِ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ وَكَانَ رُجُوعًا فِي بَعْضِ الْأُولَى وَهُوَ نِصْفُ الثُّلُثِ فَتَأَمَّلْ.

[فصل في الإيصاء]

فَصْلٌ فِي الْإِيصَاءِ وَهُوَ كَالْوِصَايَةِ لُغَةً، يَرْجِعُ لِمَا مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ وَشَرْعًا: إثْبَاتُ تَصَرُّفٍ مُضَافٍ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، فَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا اصْطِلَاحٌ فِقْهِيٌّ (يُسَنُّ) لِكُلِّ أَحَدٍ (الْإِيصَاءُ) عَدَلَ إلَيْهِ عَنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ الْوِصَايَةُ؛ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ لَفْظِ الْوَصِيَّةِ الْمُوهِمِ تَرَادُفَهُمَا عِنْدَ الْمُبْتَدِي (بِقَضَاءِ الدَّيْنِ) سَوَاءٌ كَانَ لِلَّهِ كَزَكَاةٍ أَمْ لِآدَمِيٍّ وَرَدِّ الْمَظَالِمِ كَالْمَغْصُوبِ وَأَدَاءِ الْحُقُوقِ كَالْعَوَارِيِّ وَالْوَدَائِعِ إنْ كَانَتْ ثَابِتَةً بِفَرْضِ إنْكَارِ الْوَرَثَةِ وَلَمْ يَرُدَّهَا وَإِلَّا وَجَبَ أَنْ يَعْلَمَ بِهَا غَيْرُ وَارِثٍ تَثْبُتُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ وَاحِدًا ظَاهِرُ الْعَدَالَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْقِيَاسِ أَوْ يَرُدُّهَا حَالًا خَوْفًا مِنْ خِيَانَةِ الْوَارِثِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ نَحْوَ الْمَغْصُوبِ لِقَادِرٍ عَلَى رَدِّهِ فَوْرًا لَا تَخْيِيرَ فِيهِ بَلْ يَتَعَيَّنُ الرَّدُّ، وَالْأَوْجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِخَطِّهِ إنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ مَنْ يُثْبِتُهُ، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُمْ كَمَا اكْتَفَوْا بِالْوَاحِدِ مَعَ أَنَّهُ وَإِنْ انْضَمَّ إلَيْهِ يَمِينُ غَيْرِ حُجَّةٍ عِنْدَ بَعْضِ الْمَذَاهِبِ نَظَرًا لِمَنْ يَرَاهُ حُجَّةً فَكَذَلِكَ الْخَطُّ نَظَرًا لِذَلِكَ. نَعَمْ مَنْ بِإِقْلِيمٍ يَتَعَذَّرُ فِيهِ مَنْ يُثْبِتُ بِالْخَطِّ أَوْ يَقْبَلُ الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ فَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِهِمَا (وَتَنْفِيذُ الْوَصَايَا) إنْ أَوْصَى بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا صَحَّتْ فِي نَحْوِ رَدِّ عَيْنٍ وَفِي دَفْعِهَا وَالْوَصِيَّةُ بِهَا لِمُعَيَّنٍ وَإِنْ كَانَ لِمُسْتَحِقِّهَا الِاسْتِقْلَالُ بِأَخْذِهَا مِنْ التَّرِكَةِ، بَلْ لَوْ أَخَذَهَا أَجْنَبِيٌّ مِنْ التَّرِكَةِ وَدَفَعَهَا إلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَارِثَ قَدْ يُخْفِيهَا أَوْ يُتْلِفُهَا وَيُطَالِبُ الْوَصِيُّ الْوَارِثَ بِنَحْوِ رَدِّهَا لِيَبْرَأَ الْمَيِّتُ وَتَبْقَى تَحْتَ يَدِ الْوَصِيِّ لَا الْحَاكِمِ لَوْ غَابَ مُسْتَحِقًّا، وَكَذَا لَوْ تَعَذَّرَ قَوْلُ الْمُوصَى لَهُ بِهَا. قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَحْثًا، وَقَالَ السُّبْكِيُّ: هِيَ قَبْلَ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَثُلُثُ مَالٍ يَضُمُّ الثُّلُثَ إلَى الْمَالِ ثُمَّ يُقَسَّمُ الْمَجْمُوعُ فَصَاحِبُ الثُّلُثِ لَهُ الرُّبْعُ لِأَنَّهُ رُبُعُ الْمَالِ وَثُلُثُهُ إذْ مَجْمُوعُهُمَا أَرْبَعَةُ أَثْلَاثٍ. (فَصْلٌ) فِي الْإِيصَاءِ (قَوْلُهُ: فِي الْإِيصَاءِ) أَيْ وَفِيمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَتَصْدِيقِ الْوَلِيِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: يَرْجِعُ لِمَا مَرّ) أَيْ مِنْ أَنَّهَا الْإِيصَالُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا) أَيْ الْإِيصَاءِ وَالْوَصِيَّةِ (وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَرُدَّهَا) أَيْ الْعَوَارِيّ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَلْ يَتَعَيَّنُ الرَّدُّ) أَيْ عَلَى مَنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ إلَخْ) أَيْ وَمِثْلُ الْبَلَدِ مَا قَرُبَ مِنْهَا كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُهُ نَعَمْ مَنْ بِإِقْلِيمٍ إلَخْ، فَالْمَدَارُ عَلَى كَوْنِهِ بِمَحَلٍّ يُمْكِنُ الْإِثْبَاتُ فِيهِ بِالْخَطِّ أَوْ الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، وَقَوْلُهُ مَنْ يُثْبِتُهُ: أَيْ يُثْبِتُ الْحَقَّ بِخَطِّهِ كَالْمَالِكِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا صَحَّتْ فِي نَحْوِ رَدِّ عَيْنٍ) وَمِثْلُ الْعَيْنِ دَيْنٌ فِي التَّرِكَةِ جِنْسُهُ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَمْ يَنْفَرِدْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْوَصِيَّةُ) أَيْ وَالْحَالُ (قَوْلُهُ: وَدَفَعَهَا إلَيْهِ) أَيْ فَلَوْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ ضَمِنَهَا مُطْلَقًا، لَكِنْ يَأْتِي أَنَّ الْمُعْتَمَدَ إبَاحَةُ الْإِقْدَامِ خِلَافًا لِمَا بَحَثَاهُ وَهُوَ قَدْ يَقْتَضِي عَدَمَ الضَّمَانِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ الْإِقْدَامِ عَدَمُ الضَّمَانِ لِجَوَازِ أَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ (قَوْلُهُ: وَيُطَالِبُ) مُسْتَأْنَفٌ، وَقَوْلُهُ وَيَبْقَى تَحْتَ يَدِ الْوَصِيِّ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ لَا الْحَاكِمِ) أَيْ فَلَوْ رَدَّهَا إلَيْهِ بِلَا طَلَبٍ مِنْ الْحَاكِمِ هَلْ يَضْمَنُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ تَعَذَّرَ قَبُولُ الْمُوصَى لَهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ: أَيْ يُطَالِبُ الْوَصِيُّ الْوَارِثَ بِالْعَيْنِ الْمُوصَى بِهَا عِنْدَ تَعَذُّرِ قَبُولِ الْمُوصَى لَهُ عِنْدَ غَيْبَتِهِ فَيَأْخُذُهَا الْوَصِيُّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي الْإِيصَاءِ] (قَوْلُهُ: وَرَدُّ الْمَظَالِمِ) عَطْفٌ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا صَحَّتْ) أَيْ الْوَصَايَا (قَوْلُهُ: وَيُطَالِبُ الْوَصِيُّ الْوَارِثَ بِنَحْوِ رَدِّهَا لِيَبْرَأَ الْمَيِّتُ وَتَبْقَى إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُمَا مَعْطُوفَانِ عَلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ إلَخْ فَهُمَا مِنْ فَوَائِدِ صِحَّتِهَا فِيمَا

الْقَبُولِ مِلْكٌ لِلْوَارِثِ فَلَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ دَفْعِهَا لِلْوَصِيِّ فَيَأْخُذُهَا الْحَاكِمُ إلَى أَنْ يَسْتَقِرَّ أَمْرُهَا وَمَعْنَى قَوْلِهِ مِلْكٌ لِلْوَارِثِ: أَيْ بِفَرْضِ عَدَمِ الْقَبُولِ فَكَانَ لَهُ دَخْلٌ فِيمَنْ تَبْقَى تَحْتَ يَدِهِ، وَالْأَوْجَهُ فِيمَا لَوْ أَوْصَى لِلْفُقَرَاءِ مَثَلًا أَنَّهُ إنْ عَيَّنَ لِذَلِكَ وَصِيًّا لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي دَخْلٌ فِيهِ إلَّا مِنْ حَيْثُ الْمُطَالَبَةُ بِالْحِسَابِ وَمَنْعُ إعْطَاءِ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ، وَإِلَّا تَوَلَّى هُوَ أَوْ نَائِبُهُ الصَّرْفَ، وَلَوْ أَخْرَجَ الْوَصِيُّ الْوَصِيَّةَ مِنْ مَالِهِ لِيَرْجِعَ فِي التَّرِكَةِ رَجَعَ إنْ كَانَ وَارِثًا وَإِلَّا فَلَا: أَيْ إلَّا إنْ أَذِنَ لَهُ حَاكِمٌ أَوْ جَاءَ وَقْتُ الصَّرْفِ الَّذِي عَيَّنَهُ الْحَاكِمُ وَفَقَدَ الْحَاكِمُ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ بَيْعُ التَّرِكَةِ فَأَشْهَدَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ كَمَا هُوَ قِيَاسُ نَظَائِرِهِ، وَسَيَأْتِي مَا يُؤَيِّدُهُ. وَلَوْ أَوْصَى بِبَيْعِ بَعْضِ التَّرِكَةِ وَإِخْرَاجِ كَفَنِهِ مِنْ ثَمَنِهِ فَاقْتَرَضَ الْوَصِيُّ دَرَاهِمَ وَصَرَفَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSلِيَحْفَظَهَا إلَى حُضُورِ الْمُوصَى لَهُ، فَإِنْ قَبِلَ سَلَّمَهَا لَهُ وَإِنْ رَدَّ دَفَعَهَا لِلْوَارِثِ (قَوْلُهُ: دَخَلَ فِيمَنْ تَبْقَى تَحْتَ يَدِهِ إلَخْ) أَيْ وَفِي مُدَّةِ الِانْتِظَارِ هَلْ تَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَى الْوَارِثِ أَوْ لَا، وَعَلَى وُجُوبِهَا عَلَيْهِ هَلْ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمُوصَى لَهُ إذَا قَبِلَ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ إنْ تَمَكَّنَ مِنْ رَفْعِ الْأَمْرِ إلَى الْحَاكِمِ وَلَمْ يَفْعَلْ لَا رُجُوعَ لَهُ لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ طَلَبِ الْقَبُولِ مِنْ الْمُوصَى لَهُ لِيَعْلَمَ هَلْ يَقْبَلُ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا تَوَلَّى هُوَ أَوْ نَائِبُهُ الصَّرْفَ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: ظَاهِرُهُ وَإِنْ وُجِدَ وَارِثٌ، لَكِنَّ قَوْلَ الْعُبَابِ الْآتِي مُطَالَبَةُ الْوَرَثَةِ بِالْفِعْلِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْوَارِثِ تَوَلِّيَ الصَّرْفِ، وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ: وَلَوْ قَالَ اجْعَلْ كَفَنِي مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ فَلَهُ الشِّرَاءُ بِعَيْنِهَا أَوْ فِي الذِّمَّةِ وَيَقْضِي مِنْهَا وَلَوْ أَوْصَى بِتَجْهِيزِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ مَالًا فَأَرَادَ الْوَارِثُ بَذْلَهُ مِنْ نَفْسِهِ لَمْ يَمْنَعْهُ الْوَصِيُّ، وَإِنْ أَرَادَ بَيْعَ بَعْضٍ لِذَلِكَ وَأَرَادَ الْوَصِيُّ أَنْ يَتَعَاطَاهُ فَأَيُّهُمَا أَحَقُّ؟ وَجْهَانِ انْتَهَتْ. فَانْظُرْ قَوْلَهُ فَأَيُّهُمَا أَحَقُّ هَلْ يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِ لِلْوَصِيِّ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ مُطَالَبَةُ الْوَرَثَةِ بِالْفِعْلِ أَوْ بِإِعْطَائِهِ التَّرِكَةَ لِيَفْعَلَ، فَإِنْ بَاعَ بِلَا مُرَاجَعَةٍ بَطَلَ، فَإِنْ غَابُوا اتَّجَهَ مُرَاجَعَتُهُ لِلْقَاضِي لِيَأْذَنَ لَهُ فِيهِ اهـ. فَإِنَّهُ إذَا وَجَبَتْ الْمُرَاجَعَةُ فَكَيْفَ يَتَمَكَّنُ مِنْ الْبَيْعِ مَعَ مُنَازَعَةِ مَنْ تَجِبُ مُرَاجَعَتُهُ حَتَّى يَكُونَ أَحَقَّ إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَ هَذَا أَوْ يَكُونَ ذَاكَ عَلَى الْوَجْهِ الْآخَرِ، وَلَعَلَّ الْأَوْجَهَ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ إنَّمَا وَجَبَتْ مُرَاجَعَتُهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ إمْسَاكَ التَّرِكَةِ وَالصَّرْفَ مِنْ مَالِهِ، وَعِنْدَ إرَادَةِ بَيْعِ الْبَعْضِ لِذَلِكَ انْدَفَعَ هَذَا الِاحْتِمَالُ فَجَازَ الِاخْتِلَافُ فِي الْأَحَقِّ مِنْهُمَا اهـ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَخْرَجَ الْوَصِيُّ إلَخْ) قَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِالْوَصِيِّ أَنَّ غَيْرَهُ إذَا أَخْرَجَ مِنْ مَالِهِ لِيَرْجِعَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ بَدَلِ مَا صَرَفَهُ مِنْ التَّرِكَةِ، وَإِنْ كَانَ وَارِثًا فَطَرِيقُ مَنْ أَرَادَ التَّصَرُّفَ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ وَلَا وِصَايَةَ لَهُ أَنْ يَسْتَأْذِنَ الْحَاكِمَ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا (قَوْلُهُ: فَأَشْهَدَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ مَنْ هُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِصِبًا أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ. (قَوْلُهُ: فَاقْتَرَضَ الْوَصِيُّ دَرَاهِمَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ وَارِثًا وَيَخْرُجُ بِهِ غَيْرُ الْوَصِيِّ مِنْ الْوَرَثَةِ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا بِأَنَّهُ هُنَا لَمَّا عَيَّنَ لِلْكَفَنِ عَيْنًا وَعَلَّقَهُ بِخُصُوصِهَا كَانَ ذَلِكَ آكَدُ مِمَّا لَوْ قَالَ أَعْطُوا زَيْدًا كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ مَثَلًا فَغَلَّظَ عَلَى الْوَصِيِّ حَيْثُ خَالَفَ غَرَضَ الْمُوصِي فَأُلْزِمَ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ مِنْ مَالِهِ وَلَوْ وَارِثًا. بِخِلَافِ تِلْكَ فَإِنَّهُ لَمَّا لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ فِيهَا جِهَةً كَانَ الْأَمْرُ أَوْسَعَ فَسُومِحَ لِلْوَارِثِ لِقِيَامِهِ مَقَامَ مُوَرِّثِهِ فِي الْجُمْلَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQذَكَرَ، وَفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ أَنَّهُ مُسْتَأْنَفٌ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ أَذِنَ لَهُ حَاكِمٌ إلَخْ) صَرِيحُ هَذَا الصَّنِيعِ أَنَّ إذْنَ الْحَاكِمِ يَكْفِيهِ فِي الرُّجُوعِ إذَا صَرَفَ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ كَانَ فِي التَّرِكَةِ مَا يَتَيَسَّرُ الصَّرْفُ مِنْهُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ كَمَا هُوَ قِيَاسُ نَظَائِرِهِ إذْ هُوَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَيْسَ قِيَاسَ النَّظَائِرِ، وَيُصَرِّحُ بِهِ مَا سَيَأْتِي فِيمَا لَوْ أَوْصَى بِبَيْعِ بَعْضِ التَّرِكَةِ وَإِخْرَاجِ كَفَنِهِ مِنْ ثَمَنِهِ مِنْ أَنَّ إذْنَ الْحَاكِمِ إنَّمَا يُفِيدُ عِنْدَ التَّعَذُّرِ، ثُمَّ قَالَ عَقِبَهُ نَظِيرَ مَا مَرَّ آنِفًا، إذْ هَذَا هُوَ الَّذِي أَرَادَهُ بِمَا مَرَّ آنِفًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَهُوَ لَا يَكُونُ نَظِيرَهُ إلَّا إنْ سَاوَاهُ فِيمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: الَّذِي عَيَّنَهُ الْحَاكِمُ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ الَّذِي عَيَّنَهُ الْمَيِّتُ انْتَهَتْ وَلَعَلَّهَا الصَّوَابُ (قَوْلُهُ: بِبَيْعِ بَعْضِ التَّرِكَةِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ بِأَنْ

فِيهِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ وَلَزِمَهُ وَفَاءُ الدَّيْنِ مِنْ مَالِهِ، وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَ عَدَمِ اضْطِرَارِهِ إلَى الصَّرْفِ مِنْ مَالِهِ وَإِلَّا كَأَنْ لَمْ يَجِدْ مُشْتَرِيًا رَجَعَ إنْ أَذِنَ لَهُ حَاكِمٌ أَوْ فَقَدَهُ وَأَشْهَدَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ نَظِيرَ مَا مَرَّ آنِفًا، وَلَوْ أَوْصَى بِقَضَاءِ الدَّيْنِ مِنْ عَيْنٍ بِتَعْوِيضِهَا فِيهِ وَهِيَ تُسَاوِيهِ أَوْ تَزِيدُ وَقَبِلَ الْوَصِيَّةَ بِالزَّائِدِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ أَوْ مِنْ ثَمَنِهَا تَعَيَّنَ فَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ إمْسَاكُهَا، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْوَصِيَّ اسْتِئْذَانُهُمْ فِيهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ لَا يَتَصَرَّفُ حَتَّى يَسْتَأْذِنَهُمْ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُمْ، فَإِنْ غَابُوا اسْتَأْذَنَ الْحَاكِمُ، وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ صِحَّةَ إذَا مِتُّ فَفَرِّقْ مَا أَسْتَحِقُّهُ عَلَيْك مِنْ الدَّيْنِ لِلْفُقَرَاءِ وَفِي آخِرِ الْوَكَالَةِ مَا يُؤَيِّدُهُ، وَلِلْمُشْتَرِي مِنْ نَحْوِ وَصِيٍّ وَقَيِّمٍ وَوَكِيلٍ وَعَامِلِ قِرَاضٍ أَنْ لَا يُسَلِّمَهُ الثَّمَنَ حَتَّى تَثْبُتَ وِلَايَتُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ. قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: وَلَوْ قَالَ ضَعْ ثُلُثِي حَيْثُ شِئْت لَمْ يَجُزْ لَهُ الْأَخْذُ لِنَفْسِهِ: أَيْ وَإِنْ نَصَّ لَهُ عَلَى ذَلِكَ لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبَضِ وَلَا لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ: أَيْ إلَّا أَنْ يَنُصَّ لَهُ عَلَيْهِ بِمُسْتَقِلٍّ إذْ لَا اتِّحَادَ وَلَا تُهْمَةَ حِينَئِذٍ (وَالنَّظَرُ فِي أَمْرِ الْأَطْفَالِ) وَالْمَجَانِينِ وَالسُّفَهَاءِ، وَكَذَا الْحَمْلُ الْمَوْجُودُ عِنْدَ الْإِيصَاءِ وَلَوْ مُسْتَقِلًّا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ جَمْعٍ مُتَقَدِّمِينَ وَسَكَتَ عَلَيْهِ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ، وَيَدْخُلُ مَنْ حَدَثَ بَعْدَ الْإِيصَاءِ عَلَى أَوْلَادِهِ تَبَعًا فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا فِي الْوَقْفِ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ وُجُوبَهُ فِي أَمْرِ نَحْوِ الْأَطْفَالِ إلَى ثِقَةٍ مَأْمُونٍ وَجِيهٍ كَافٍّ إذَا وَجَدَهُ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ تَرْكَهُ يُؤَدِّي إلَى اسْتِيلَاءِ خَائِنٍ مِنْ قَاضٍ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى أَمْوَالِهِمْ، وَفِي هَذَا ذَهَابٌ إلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ حِفْظُ مَالِهِمْ بِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا فِي حَيَاتِهِ. وَلَهُ أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ: مُوصٍ وَوَصِيٌّ وَمُوصَى فِيهِ وَصِيغَةٌ (وَشَرْطُ الْوَصِيِّ) تَعْيِينٌ وَ (تَكْلِيفٌ) أَيْ بُلُوغٌ وَعَقْلٌ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يَلِي أَمْرَ نَفْسِهِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لِفُلَانٍ إلَى بُلُوغِ ابْنِهِ أَوْ قُدُومِ زَيْدٍ فَإِذَا بَلَغَ أَوْ قَدِمَ فَهُوَ الْوَصِيُّ جَازَ، وَلَا يُرَدُّ عَلَى هَذَا؛ لِأَنَّهُ فِي الْإِيصَاءِ الْمُنَجَّزِ وَذَاكَ فِي الْإِيصَاءِ الْمُعَلَّقِ (وَحُرِّيَّةٌ) كَامِلَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَإِلَّا كَأَنْ لَمْ يَجِدْ مُشْتَرِيًا) أَيْ أَوْ خِيفَ تَغَيُّرُ الْمَيِّتِ لَوْ اشْتَغَلَ بِالْبَيْعِ (قَوْلُهُ: بِتَعْوِيضِهَا فِيهِ) أَيْ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ لَا يَتَصَرَّفُ حَتَّى يَسْتَأْذِنَهُمْ) أَيْ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ لَمْ يَقْبَلْ الْمُوصَى لَهُ الْعَيْنَ الَّتِي أَوْصَى بِتَعْوِيضِهَا لَهُ (قَوْلُهُ: وَفِي آخِرِ الْوَكَالَةِ مَا يُؤَيِّدُهُ) يُرَاجَعُ وَجْهُهُ فَإِنَّ الشَّخْصَ لَا يَكُونُ وَكِيلًا عَنْ غَيْرِهِ فِي إزَالَةِ مِلْكِهِ كَمَا قَالُوهُ، ثُمَّ ابْنُ حَجَرٍ قَالَ بَعْدَ اسْتِشْكَالِ مَا ذَكَرَ بِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ أَنَّهُ يُقَدَّرُ هُنَا أَنَّ الْفُقَرَاءَ وُكَلَاؤُهُ كَمَا قُدِّرَ أَنَّ الْمُعَمِّرِينَ وُكَلَاؤُهُ فِي إذْنِ الْأَجِيرِ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي الْعِمَارَةِ، وَقَدْ يُقَالُ لَا يُحْتَاجُ لِهَذَا التَّقْدِيرِ هُنَا بَلْ سَبَبُهُ الْخَوْفُ مِنْ اسْتِيلَاءِ نَحْوِ قَاضٍ بِالْقَبْضِ مِنْهُ ثُمَّ إقْبَاضُهُ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْقُضَاةِ وَنَحْوِهِمْ الْخِيَانَةُ لَا سِيَّمَا فِي الصَّدَقَاتِ، وَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بِهِ فِي قُضَاةِ زَمَنِهِ وَهُمْ أَحْسَنُ حَالًا مِمَّنْ بَعْدَهُمْ أَنَّهُمْ كَقَرِيبِي عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ لَهُ الْأَخْذُ لِنَفْسِهِ) وَمِثْلُ الْوَكِيلِ بِالصَّدَقَةِ وَطَرِيقُهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ عَيِّنْ لِي مَا آخُذُهُ بِأَنْ يُمَيِّزَهُ لَهُ وَيَدْفَعَهُ لَهُ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ لَهُ الْأَخْذُ لِنَفْسِهِ أَيْ وَلَهُ الصَّرْفُ لِمَنْ شَاءَ مِنْ غَيْرِ مَنْ ذَكَرَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ وَالْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ وَالْوَارِثِ وَغَيْرِهِ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِأَقَارِبِ زَيْدٍ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ جَمِيعُ أَقَارِبِهِ مِمَّنْ ذَكَرَ، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا لَوْ أَوْصَى لِلْيَتَامَى أَوْ الزَّمْنَى أَوْ نَحْوِهِمَا مِمَّنْ مَرَّ حَيْثُ اُشْتُرِطَ فِي الْمَدْفُوعِ لَهُمْ الْفَقْرُ أَنَّ لَفْظَ الْيُتْمِ وَنَحْوَهُ يُشْعِرُ بِذَلِكَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُدْفَعَ مِنْهُ شَيْءٌ لِوَرَثَةِ الْمُوصَى كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَصَّ لَهُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ أَخْذِ نَفْسِهِ، وَقَوْلُهُ بِمُسْتَقِلٍّ، أَيْ بِقَدْرٍ مُسْتَقِلٍّ (قَوْلُهُ وَلَوْ مُسْتَقِلًّا) أَيْ بِالْوَصِيَّةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُمْ حِفْظُ مَالِهِمْ) أَيْ الْمَوْجُودِ بِأَنْ آلَ إلَيْهِمْ بِطَرِيقٍ مِنْ الطُّرُقِ وَمَا يَئُولُ إلَيْهِمْ مِنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ عَلَى هَذَا) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ الْوُرُودِ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى الْجَوَابِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ بِيعُوا بَعْضَ تَرِكَتِي وَكَفِّنُونِي مِنْهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ تَرْكَهُ إلَخْ) كَذَا فِي النُّسَخِ، وَالصَّوَابُ إسْقَاطُ الْأَلِفِ قَبْلَ قَوْلِهِ أَوْ غَلَبَ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ وَلَا يَرِدُ عَلَى هَذَا) لَا يَخْفَى أَنَّ الْوَارِدَ إنَّمَا

وَلَوْ مَآلًا كَمُدَبَّرَةٍ وَمُسْتَوْلَدَةٍ فَلَا يَصِحُّ لِمَنْ فِيهِ رِقٌّ لِلْمُوصِي أَوْ لِغَيْرِهِ وَإِنْ أَذِنَ سَيِّدُهُ؛ لِأَنَّ الْوِصَايَةَ تَسْتَدْعِي فَرَاغًا وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ، وَمَا أَخَذَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْهُ مِنْ مَنْعِ الْإِيصَاءِ لِمَنْ أَجَّرَ نَفْسَهُ لِعَمَلِ مُدَّةٍ لَا يُمْكِنُهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِالْوِصَايَةِ فَلَا يَصِحُّ الْإِيصَاءُ لَهُ مَرْدُودٌ لِبَقَاءِ أَهْلِيَّتِهِ وَتَمَكُّنِهِ مِنْ اسْتِنَابَةِ ثِقَةٍ يَعْمَلُ عَنْهُ تِلْكَ الْمُدَّةِ (وَعَدَالَةٌ) وَلَوْ ظَاهِرَةً فَلَا يَصِحُّ لَفَاسِقٍ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْوِلَايَةِ، وَلَوْ وَقَعَ نِزَاعٌ فِي عَدَالَتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْعَدَالَةِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (وَهِدَايَةٌ إلَى التَّصَرُّفِ الْمُوصَى بِهِ) فَلَا تَجُوزُ لِمَنْ لَا يَهْتَدِي إلَيْهِ لِسَفَهٍ أَوْ هَرَمٍ أَوْ تَغَفُّلٍ إذْ لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ، وَلَوْ فَرَّقَ فَاسِقٌ مَثَلًا ـــــــــــــــــــــــــــــSعَنْهُ فَإِنَّ مَا هُنَا شُرُوطٌ فِي الْوَصِيِّ وَمَا يَأْتِي مُتَعَلِّقٌ بِالصِّيغَةِ مَعَ أَنَّ الْوَصِيَّ فِيهَا مُكَلَّفٌ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: وَجْهُ الْإِيرَادِ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ أَوْصَيْت لِزَيْدٍ إلَى بُلُوغِ ابْنِي فَإِذَا بَلَغَ فَهُوَ الْوَصِيُّ كَانَ الِابْنُ الَّذِي أَوْصَى إلَيْهِ صَبِيًّا وَقْتَهَا (قَوْلُهُ: مَرْدُودٌ) جَرَى عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ حَجّ حَيْثُ نَقَلَهُ وَأَقَرَّهُ (قَوْلُهُ وَعَدَالَةٌ) قَضِيَّةُ الِاكْتِفَاءِ بِالْعَدَالَةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ سَلَامَتُهُ مِنْ خَارِمِ الْمُرُوءَةِ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَدْلِ فِي عِبَارَتِهِمْ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ظَاهِرَةً) وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلُ وَلَوْ ظَاهِرَةً وَلَوْ بَاطِنَةً، وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ قَوْلُهُ وَلَوْ ظَاهِرَةً تَبِعَ فِيهِ الْهَرَوِيَّ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْعَدَالَةِ الْبَاطِنَةِ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ قُبَيْلَ كِتَابِ الصُّلْحِ اهـ. وَقَوْلُ الزِّيَادِيِّ لَا بُدَّ مِنْ الْعَدَالَةِ الْبَاطِنَةِ: أَيْ وَهِيَ الَّتِي تَثْبُتُ عِنْدَ الْقَاضِي بِقَوْلِ الْمُزَكِّينَ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا مُطْلَقًا: أَيْ وَقَعَ نِزَاعٌ فِي عَدَالَتِهِ أَوْ لَا، وَفِي نُسْخَةٍ أَيْضًا: وَعَدَالَةٌ بَاطِنَةٌ، وَهِيَ الْمُوَافِقَةُ لِمَا فِي الزِّيَادِيِّ (قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ لَفَاسِقٍ) قَالَ حَجّ: وَهَلْ يَحْرُمُ الْإِيصَاءُ لِنَحْوِ فَاسِقٍ عِنْدَهَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ اسْتِمْرَارُ فِسْقِهِ إلَى الْمَوْتِ فَيَكُونُ مُتَعَاطِيًا لِعَقْدٍ فَاسِدٍ بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ ظَاهِرًا، وَلَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ فَسَادُهُ لِاحْتِمَالِ عَدَالَتِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ وَلَا إثْمَ مَعَ الشَّكِّ، كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَمِمَّا يُرَجِّحُ الثَّانِيَ أَنَّ الْمُوصِيَ قَدْ يَتَرَجَّى صَلَاحَهُ لِوُثُوقِهِ بِهِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ جَعَلْته وَصِيًّا إنْ كَانَ عَدْلًا عِنْدَ الْمَوْتِ، وَوَاضِحٌ أَنَّهُ لَوْ قَالَ ذَلِكَ لَا إثْمَ عَلَيْهِ، فَكَذَا هُنَا؛ لِأَنَّ هَذَا مُرَادٌ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ هُنَا، وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي نَصْبِ غَيْرِ الْجَدِّ مَعَ وُجُودِهِ بِصِفَةِ الْوِلَايَةِ لِاحْتِمَالِ تَغَيُّرِهَا عِنْدَ الْمَوْتِ فَيَكُونُ لِمَنْ عَيَّنَهُ الْأَبُ لِوُثُوقِهِ بِهِ اهـ. أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ فَرَّقَ بَيْنَ مَا لَوْ قَالَ أَوْصَيْت لَهُ إذَا صَارَ عَدْلًا وَبَيْنَ مَا إذَا أَسْقَطَهُ وَاقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ أَوْصَيْت لِزَيْدٍ بِأَنَّهُ إذَا صَرَّحَ بِقَوْلِهِ إنْ كَانَ عَدْلًا وَقْتَ الْمَوْتِ أَشْعَرَ ذَلِكَ بِتَرَدُّدِهِ فِي حَالِهِ فَيَحْمِلُ الْقَاضِي عَلَى الْبَحْثِ فِي حَالِهِ وَقْتَ الْمَوْتِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ سَكَتَ فَإِنَّهُ يُظَنُّ مِنْ إيصَائِهِ لَهُ حُسْنُ حَالِهِ، وَرُبَّمَا خَفِيَتْ حَالُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ عَلَى الْقَاضِي فَيَغْتَرُّ بِتَفْوِيضِ الْمُوصَى لَهُ فَيُسَلِّمُهُ الْمَالَ عَلَى أَنَّ فِي إثْبَاتِ الْوَصِيَّةِ لَهُ قَبْلَ الْمَوْتِ حَمْلًا لَهُ عَلَى الْمُنَازَعَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَرُبَّمَا أَدَّى إلَى إفْسَادِ التَّرِكَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فَرَّقَ فَاسِقٌ) أَيْ فِيمَا لَوْ كَانَ الْمُوصَى بِهِ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَالْمُوصِي كَذَلِكَ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَإِنَّمَا صَحَّتْ إلَخْ مِنْ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ إذَا دَفَعَ لِلْمُعَيَّنِ وَقَعَ الْمَوْقِعَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ وَمَرَّ إلَخْ وَالْكَلَامُ فِي الْوَصِيَّةِ، أَمَّا لَوْ دَفَعَ شَخْصٌ فِي حَيَاتِهِ شَيْئًا لِفَاسِقٍ عَلِمَ فِسْقَهُ وَأَذِنَ لَهُ فِي تَفْرِيقِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQهُوَ الشِّقُّ الْأَوَّلُ: أَيْ لَا يَرِدُ عَلَى اشْتِرَاطِ التَّكْلِيفِ، وَوَجْهُ وُرُودِهِ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ، وَهُوَ أَنَّهُ جَعَلَ ابْنَهُ وَصِيًّا قَبْلَ التَّكْلِيفِ. نَعَمْ إنَّمَا يَظْهَرُ الْوُرُودُ لَوْ كَانَ الْعِبْرَةُ بِالتَّكْلِيفِ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ، لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّ الشُّرُوطَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَحِينَئِذٍ فَالْوُرُودُ فِيهِ خَفَاءٌ؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ لَا يَعْلَمُ وَقْتَ مَوْتِهِ وَلَعَلَّ ابْنَهُ عِنْدَهُ يَكُونُ مُكَلَّفًا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَآلًا) أَيْ لَكِنْ بِحَيْثُ يَكُونُ عِنْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْقَبُولِ وَهُوَ الْمَوْتُ حُرًّا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَمْثِيلِهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ مُطْلَقَ الْمَالِيَّةِ الصَّادِقَةِ بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ لَمَنْ فِيهِ رِقٌّ) أَيْ رِقٌّ لَا يَزُولُ بِمَوْتِ الْمُوصِي كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَبْلَهُ

مَا فُوِّضَ لَهُ تَفْرِقَتُهُ غَرِمَهُ، وَلَهُ اسْتِرْدَادُ بَدَلِ مَا دَفَعَهُ مِمَّنْ عَرَفَهُ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ فَإِنْ بَقِيَتْ عَيْنُ الْمَدْفُوعِ اسْتَرَدَّهُ الْحَاكِمُ وَأَسْقَطَ عَنْهُ مِنْ الْغُرْمِ بِقَدْرِهِ كَمَا لَا يَخْفَى وَمَرَّ أَنَّ لِلْمُسْتَحِقِّ لِعَيْنِ الِاسْتِقْلَالِ بِأَخْذِهَا وَأَنَّ لِلْأَجْنَبِيِّ أَخْذُهَا وَدَفْعُهَا إلَيْهِ فَمَا هُنَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ (وَإِسْلَامٌ) فَلَا تَصِحُّ مِنْ مُسْلِمٍ لِكَافِرٍ لِتُهْمَتِهِ، وَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُسْلِمُ وَصِيَّ ذِمِّيٍّ فَوَّضَ لَهُ وِصَايَةً عَلَى أَوْلَادِهِ الذِّمِّيِّينَ جَازَ لَهُ إيصَاءُ ذِمِّيٍّ مَرْدُودٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْوَصِيَّ يَلْزَمُهُ النَّظَرُ بِالْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ وَالتَّفْوِيضُ لِمُسْلِمٍ أَرْجَحُ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ مِنْهُ لِذِمِّيٍّ، فَالْوَجْهُ تَعَيُّنُ الْمُسْلِمِ هُنَا أَيْضًا، وَأُخِذَ مِنْ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِمُسْلِمٍ وَلَدٌ بَالِغٌ ذِمِّيٌّ سَفِيهٌ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُوصِيَ عَلَيْهِ ذِمِّيًّا وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَالتَّنْظِيرُ فِيهِ بِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ مَرْدُودٌ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَلْزَمُهُ رِعَايَةُ الْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ، وَذَكَرَ الْإِسْلَامَ بَعْدَ الْعَدَالَةِ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ قَدْ يَكُونُ عَدْلًا فِي دِينِهِ وَبِفَرْضِ عِلْمِهِ مِنْ الْعَدَالَةِ يَكُونُ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ (لَكِنَّ الْأَصَحَّ جَوَازُ وَصِيَّةِ ذِمِّيٍّ) أَوْ نَحْوِهِ وَلَوْ حَرْبِيًّا كَمَا هُوَ وَاضِحٌ (إلَى) كَافِرٍ مَعْصُومٍ (ذِمِّيٍّ) أَوْ مُعَاهِدٍ أَوْ مُؤَمَّنٍ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِأَوْلَادِهِ الْكُفَّارِ بِشَرْطِ كَوْنِ الْوَصِيِّ عَدْلًا فِي دِينِهِ، كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَلِيًّا لِأَوْلَادِهِ وَتُعْرَفُ عَدَالَتُهُ بِتَوَاتُرِهَا مِنْ الْعَارِفِينَ بِدِينِهِ أَوْ بِإِسْلَامِ عَارِفَيْنِ وَشَهَادَتِهِمَا بِهَا. وَالثَّانِي الْمَنْعُ كَشَهَادَتِهِ، وَلَا بُدَّ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ عَدُوًّا لِلطِّفْلِ كَمَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَآخَرِينَ: أَيْ عَدَاوَةٌ دُنْيَوِيَّةٌ، فَأَخَذَ الْإِسْنَوِيُّ مِنْهُ عَدَمَ وِصَايَةِ نَصْرَانِيٍّ لِيَهُودِيٍّ وَعَكْسُهُ مَرْدُودٌ، وَيُتَصَوَّرُ وُقُوعُ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطِّفْلِ وَالْمَجْنُونِ لِكَوْنِ الْمُوصِي عَدُوًّا لِلْوَصِيِّ أَوْ لِلْعِلْمِ بِكَرَاهَتِهِ لَهُمَا مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ، وَالْعِبْرَةُ فِي هَذِهِ الشُّرُوطِ بِحَالَةِ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ زَمَنُ التَّسَلُّطِ عَلَى الْقَبُولِ فَلَا يَضُرُّ فَقْدُهَا قَبْلَهُ وَلَوْ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ (وَلَا يَضُرُّ الْعَمَى فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الْأَعْمَى كَامِلٌ وَيُمْكِنُهُ التَّوْكِيلُ فِيمَا لَا يُمْكِنُهُ. وَالثَّانِي يَضُرُّ لِعَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِهِ وَشِرَائِهِ بِنَفْسِهِ، وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ امْتِنَاعِ الْوَصِيَّةِ بِالْأَخْرَسِ وَإِنْ كَانَ لَهُ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ غَيْرَ وَاضِحٍ، وَالْأَقْرَبُ الصِّحَّةُ فِيمَنْ لَهُ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ وَتَوَفَّرَتْ فِيهِ بَقِيَّةُ الشُّرُوطِ (وَلَا يُشْتَرَطُ الذُّكُورَةُ) إجْمَاعًا (وَأُمُّ الْأَطْفَالِ) الْمُسْتَجْمِعَةُ لِلشُّرُوطِ حَالَ الْوَصِيَّةِ لَا حَالَ الْمَوْتِ وَإِنْ جَرَى عَلَيْهِ جَمْعٌ؛ لِأَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَفَرَّقَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِيهِ فَلَا يَظْهَرُ إلَّا الِاعْتِدَادُ بِهِ وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بَدَلَ مَا دَفَعَهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُ الْعَيْنِ مَا دَامَتْ بَاقِيَةً وَأَنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِاسْتِرْدَادِ الْبَدَلِ، وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْبَدَلَ لَيْسَ مِنْ مَالِ الْمُوصِي وَهُوَ مُخَاطَبٌ بِبَدَلِهِ لِلْقَاضِي فَجَازَ لَهُ اسْتِيفَاؤُهُ، بِخِلَافِ عَيْنِ الْمَالِ فَإِنَّهَا مِنْ مَالِ الْمُوصِي وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا فَكَانَ قَبْضُهَا لِلْقَاضِي دُونَهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَقِيَتْ عَيْنُ الْمَدْفُوعِ) أَيْ فِي يَدِ مَنْ أَخَذَ مِمَّنْ فَرَّقَ (قَوْلُهُ: وَأَسْقَطَ عَنْهُ) أَيْ الْفَاسِقِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) أَيْ حَجّ (قَوْلُهُ: إلَى كَافِرٍ مَعْصُومٍ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: قَوْلُهُ مَعْصُومٌ قَضِيَّتُهُ امْتِنَاعُ إيصَاءِ الْحَرْبِيِّ إلَى حَرْبِيٍّ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْحَرْبِيَّ لَا بَقَاءَ لَهُ (قَوْلُهُ: كَشَهَادَتِهِ) أَيْ الذِّمِّيِّ عَلَى مِثْلِهِ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَكُونَ) أَيْ الْوَصِيُّ (قَوْلُهُ بِحَالِ الْمَوْتِ) أَقُولُ: هَلْ يُعْتَبَرُ فِي الْفَاسِقِ إذَا تَابَ مُضِيُّ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ يَكْفِي كَوْنُهُ عَدْلًا عِنْدَهُ وَإِنْ لَمْ تَمْضِ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالثَّانِي هُوَ الْأَقْرَبُ قِيَاسًا عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْوَلِيِّ إذَا أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَ بَعْدَ التَّوْبَةِ (قَوْلُهُ: فِيمَنْ لَهُ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ اخْتَصَّ بِفَهْمِهِمَا الْفَطِنُونَ وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُهَا بِمَا إذَا فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ لِتَكُونَ صَرِيحَةً (قَوْلُهُ: وَأُمُّ الْأَطْفَالِ) وَهَلْ الْجَدَّةُ كَذَلِكَ وَلَوْ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا أَشْفَقُ مِنْ الْأَجَانِبِ، وَظَاهِرُهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ يَشْمَلُهَا فِي بَابِ الْفَرَائِضِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ فَمَا هُنَا) أَيْ مِنْ الْغُرْمِ وَالِاسْتِرْدَادِ (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ مِنْ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ) يَعْنِي قَوْلَهُ بِأَنَّ الْوَصِيَّ يَلْزَمُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَبِ) أَيْ فِي هَذَا الْمَأْخُوذِ، وَقَوْلُهُ وَالْوَصِيِّ: أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْإِسْنَوِيِّ الْمُعَلَّلَةِ بِمَا ذُكِرَ.

الْأَوْلَوِيَّةَ إنَّمَا يُخَاطَبُ بِهَا الْمُوصِي وَهُوَ لَا عِلْمَ لَهُ بِمَا يَكُونُ حَالَ الْمَوْتِ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهَا إنْ جَمَعَتْ الشُّرُوطَ فِيهَا حَالَ الْوَصِيَّةِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُوصَى إلَيْهَا وَإِلَّا فَلَا، وَدَعْوَى أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَصْلُحُ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ لَا الْمَوْتِ مَرْدُودَةٌ بِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مَا هِيَ عَلَيْهِ (أَوْلَى) بِإِسْنَادِ الْوَصِيَّةِ إلَيْهَا (مِنْ غَيْرِهَا) ؛ لِأَنَّهَا أَشْفَقُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ كَوْنُهَا أَوْلَى كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ إنْ سَاوَتْ الرَّجُلَ فِي الِاسْتِرْبَاحِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْمَصَالِحِ التَّامَّةِ، وَلِلْحَاكِمِ تَفْوِيضُ أَمْرِ الْأَطْفَالِ إلَى امْرَأَةٍ حَيْثُ لَا وَصِيَّ فَتَكُونُ قَيِّمَةً وَلَوْ كَانَتْ أُمُّ الْأَطْفَالِ فَهِيَ أَوْلَى كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ. (وَيَنْعَزِلُ الْوَصِيُّ) وَقَيِّمُ الْحَاكِمِ بَلْ وَالْأَبُ وَالْجَدُّ (بِالْفِسْقِ) وَلَوْ لَمْ يَعْزِلْهُ الْحَاكِمُ لِزَوَالِ أَهْلِيَّتِهِ نَعَمْ تَعُودُ وِلَايَةُ الْأَبِ وَالْجَدِّ بِعَوْدِ الْعَدَالَةِ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُمَا شَرْعِيَّةٌ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا لِتَوَقُّفِهَا عَلَى التَّفْوِيضِ، فَإِذَا زَالَتْ احْتَاجَتْ لِتَفْوِيضٍ جَدِيدٍ وَكَذَا يَنْعَزِلُونَ بِالْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ لَا بِاخْتِلَالِ الْكِفَايَةِ بَلْ يَضُمُّ الْقَاضِي لَهُ مُعِينًا، بَلْ أَفْتَى السُّبْكِيُّ بَحْثًا بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ ضَمُّ آخَرَ لِلْوَصِيِّ بِمُجَرَّدِ الرِّيبَةِ. ثُمَّ قَالَ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ اهـ وَحَمَلَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَوَّلَ عَلَى قُوَّةِ الرِّيبَةِ وَالثَّانِي عَلَى ضَعْفِهَا وَأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي مُتَبَرِّعٍ، أَمَّا مَنْ يَتَوَقَّفُ ضَمُّهُ عَلَى جُعْلٍ فَلَا يُعْطَاهُ إلَّا عِنْدَ غَلَبَةِ الظَّنِّ لِئَلَّا يُضَيِّعَ مَالَ الْيَتِيمِ بِالتَّوَهُّمِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ ظَاهِرٍ، وَيَعْزِلُ الْقَاضِي قَيِّمَهُ بِمُجَرَّدِ اخْتِلَالِ كِفَايَتِهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي وَلَّاهُ، وَيَظْهَرُ جَرَيَانُ مَا مَرَّ مِنْ التَّفْصِيلِ فِيمَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى فِي زَمَنِنَا مِنْ نَصْبِ نَاظِرِ حِسْبَةٍ مُنْضَمًّا إلَى النَّاظِرِ الْأَصْلِيِّ (وَكَذَا الْقَاضِي) يَنْعَزِلُ بِمَا ذَكَرَ (فِي الْأَصَحِّ) لِزَوَالِ أَهْلِيَّتِهِ أَيْضًا وَالثَّانِي لَا كَالْإِمَامِ، وَالْأَوْجَهُ فِي فَاسِقٍ وَلَّاهُ ذُو شَوْكَةٍ عَالِمًا بِفِسْقِهِ عَدَمُ انْعِزَالِهِ بِزِيَادَتِهِ أَوْ بِطُرُوِّ فِسْقٍ آخَرَ إنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا بِهِ حَالَ تَوْلِيَتِهِ لَهُ لَوَلَّاهُ مَعَهُ وَإِلَّا انْعَزَلَ؛ لِأَنَّ مُوَلِّيَهُ حِينَئِذٍ لَا يَرْضَى بِهِ (لَا الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ) لِتَعَلُّقِ الْمَصَالِحِ الْكُلِّيَّةِ بِوِلَايَتِهِ، وَخَالَفَ فِيهِ كَثِيرُونَ فَنَقَلَ الْقَاضِي الْإِجْمَاعَ فِيهِ مُرَادُهُ إجْمَاعُ الْأَكْثَرِ. (وَيَصِحُّ) (الْإِيصَاءُ فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ) وَرَدِّ الْحُقُوقِ (وَتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ مِنْ كُلِّ حُرٍّ) سَكْرَانَ أَوْ (مُكَلَّفٍ) مُخْتَارٍ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْمُوصِي بِالْمَالِ وَمِنْ ثَمَّ يَأْتِي هُنَا نَظِيرُ مَا مَرَّ هُنَاكَ، فَلَوْ أَوْصَى السَّفِيهُ بِمَالٍ وَعَيَّنَ مَنْ يُنَفِّذُهُ تَعَيَّنَ فِيمَا يَظْهَرُ وَتَنْفِيذٌ بِالْيَاءِ مَصْدَرًا هُوَ مَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ كَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، وَحُكِيَ عَنْ خَطِّهِ حَذْفُ الْيَاءِ مُضَارِعًا، وَادَّعَى كَثِيرٌ أَنَّ الْأُولَى أَوْلَى إذْ يَلْزَمُ الثَّانِيَةَ التَّكْرَارُ الْمَحْضُ؛ لِأَنَّهُ قَدَّمَ الْوَصِيَّةَ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ أَوَّلَ الْفَصْلِ وَحَذَفَ بَيَانَ مَا يُنَفِّذُ فِيهِ وَمُخَالَفَةَ أَصْلِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ مُتَعَلِّقٌ بِيَصِحُّ أَيْضًا فَلَا تَكْرَارَ، وَحَذْفُ ذَلِكَ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ الْآتِي وَيُشْتَرَطُ بَيَانُ مَا يُوصَى فِيهِ. (وَيُشْتَرَطُ) فِي الْمُوصِي (فِي أَمْرِ الْأَطْفَالِ) وَالْمَجَانِينِ وَالسُّفَهَاءِ (مَعَ هَذَا) الْمَذْكُورِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَالتَّكْلِيفِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا أَشَرْنَا إلَيْهِ (أَنْ يَكُونَ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَيْهِمْ) مُبْتَدَأَةٌ مِنْ الشَّرْعِ وَهُوَ الْأَبُ وَالْجَدُّ الْمُسْتَجْمِعُ لِلشُّرُوطِ وَإِنْ عَلَا دُونَ سَائِرِ الْأَقَارِبِ وَالْوَصِيُّ وَالْحَاكِمُ وَقَيِّمُهُ وَمِنْهُ أَبٌ أَوْ جَدٌّ نَصَبَهُ الْحَاكِمُ عَلَى مَالِ مَنْ طَرَأَ سَفَهُهُ؛ لِأَنَّ وَلِيَّهُ الْآنَ الْحَاكِمُ دُونَهُمَا، وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ عَدَمِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ نَعَمْ تَعُودُ وَلَايَةُ الْأَبِ وَالْجَدِّ) مِثْلُهُمَا فِي ذَلِكَ الْحَاضِنَةُ وَالنَّاظِرُ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ، وَبَعْضُهُمْ زَادَ الْأُمَّ إذَا كَانَتْ وَصِيَّةً (قَوْلُهُ: وَكَذَا يَنْعَزِلُونَ بِالْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّ زَمَنُهُ فِيهِمَا فَيَنْعَزِلَانِ وَلَا تَعُودُ إلَيْهِمَا الْوَلَايَةُ بَعْدَ إفَاقَتِهِمَا إلَّا بِتَوْلِيَةٍ جَدِيدَةٍ (قَوْلُهُ وَحَمَلَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَوَّلَ) أَيْ جَوَازَ الضَّمِّ بِمُجَرَّدِ الرِّيبَةِ وَالثَّانِيَةُ هُوَ قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ إلَخْ (قَوْلُهُ: يَجُوزُ ضَمُّ آخَرَ لِلْوَصِيِّ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ تَوَقَّفَ ضَمُّهُ عَلَى جُعْلٍ دُفِعَ لَهُ مِنْ مَالِ الطِّفْلِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَمَّا مَنْ يَتَوَقَّفُ ضَمُّهُ عَلَى جُعْلٍ فَإِنَّهُ لَا يُعْطَاهُ إلَّا عِنْدَ غَلَبَةِ الظَّنِّ لِئَلَّا يَضِيعَ مَالُ الْيَتِيمِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ جَرَيَانُ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ بَلْ أَفْتَى إلَخْ. (قَوْلُهُ وَعَيَّنَ مَنْ يُنْفِذُهُ تَعَيَّنَ) أَيْ مَنْ عَيَّنَهُ السَّفِيهُ. (قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَحَذْفُ ذَلِكَ يُغْنِي عَنْهُ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم: الْإِغْنَاءُ لَيْسَ عَنْ الْحَذْفِ بَلْ عَنْ الذِّكْرِ. اهـ. فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ

صِحَّةِ إيصَاءِ فَاسِقٍ فِيمَا تَرَكَهُ لِوَلَدِهِ مِنْ الْمَالِ لِسَلْبِ وِلَايَتِهِ عَلَى وَلَدِهِ مَعْلُومٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. (وَلَيْسَ لِوَصِيٍّ) تَوْكِيلٌ إلَّا فِيمَا يَعْجِزُ عَنْهُ أَوْ لَا يَلِيقُ بِهِ فِعْلُهُ بِنَفْسِهِ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ وَلَا (إيصَاءٌ) اسْتِقْلَالًا قَطْعًا (فَإِنْ أُذِنَ لَهُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ بِخَطِّهِ (فِيهِ) مِنْ الْمُوصِي وَعَيَّنَ لَهُ شَخْصًا، أَوْ فَوَّضَ ذَلِكَ لِمَشِيئَتِهِ (جَازَ فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهُ اسْتِنَابَةٌ لَهُ فِيهِ كَالْوَكِيلِ يُوَكَّلُ بِالْإِذْنِ. وَالثَّانِي لَا لِبُطْلَانِ إذْنِهِ بِالْمَوْتِ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ عِنْدَ عَدَمِ التَّعْيِينِ بِأَنْ قَالَ: أَوْصِ لِمَنْ شِئْت، أَمَّا إذَا قَالَ أَوْصِ إلَى فُلَانٍ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَذَلِكَ. وَقِيلَ يَصِحُّ قَطْعًا. وَصُورَةُ الْإِذْنِ أَنْ يُضِيفَ إلَيْهِ بِأَنْ يَقُولَ أَوْصِ بِتَرِكَتِي، فَإِنْ قَالَ أَوْصِ لِمَنْ شِئْت أَوْ إلَى فُلَانٍ وَلَمْ يُضِفْ إلَى نَفْسِهِ لَمْ يُوصِ عَنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْبَغَوِيّ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْقَيِّمِ أَبٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَعْلُومٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَايَةٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا قَالَ أَوْصِ إلَخْ) الْغَرَضُ مِنْهُ إذَا فَوَّضَ لِمَشِيئَتِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ شَخْصًا فَفِيهِ قَوْلَانِ، وَإِنْ عَيَّنَ لَهُ شَخْصًا فَفِيهِ طَرِيقَانِ حَاكِيَةً لِلْقَوْلَيْنِ وَقَاطِعَةً بِالصِّحَّةِ وَإِلَّا فَبِالنَّظَرِ لِلرَّاجِحِ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَذَلِكَ) أَيْ يَجُوزُ (قَوْلُهُ: لَمْ يُوصِ عَنْهُ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَزِيدَ لَفْظَ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ قَوْلِهِ يُغْنِي (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ عِنْدَ عَدَمِ التَّعْيِينِ إلَخْ) وَحِينَئِذٍ فَكَانَ يَنْبَغِي حَذْفَ قَوْلِهِ فِي حَلِّ الْمَتْنِ وَعَيَّنَ شَخْصًا أَوْ فَوَّضَ ذَلِكَ لِمَشِيئَتِهِ (قَوْلُهُ: وَصُورَةُ الْإِذْنِ أَنْ يُضِيفَ إلَيْهِ) أَيْ يُضِيفَ إلَى نَفْسِهِ الْمُوصَى بِهِ كَالتَّرِكَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بِأَنْ يَقُولَ أُوصِي بِتَرِكَتِي أَيْ فُلَانًا أَوْ مَنْ شِئْت، فَإِنْ لَمْ يُضِفْ ذَلِكَ إلَى نَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ الْإِيصَاءُ أَصْلًا، ثُمَّ إذَا صَحَّ الْإِيصَاءُ بِأَنْ أَضَافَ مَا ذُكِرَ لِنَفْسِهِ تَارَةً يَقُولُ الْمُوصِي أُوصِي بِكَذَا عَنِّي وَتَارَةً يَقُولُ عَنْك وَتَارَةً يُطْلِقُ، وَإِذَا أَطْلَقَ فَهَلْ يُوصِي الْوَصِيُّ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ الْمُوصَى فِيهِ خِلَافٌ هَذَا حَاصِلُ مَا فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَمَا فِي حَوَاشِي وَالِدِ الشَّارِحِ عَلَيْهِمَا وَإِنْ كَانَ مَا سَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ بَعْدُ لَا يُوَافِقُ بَعْضَ ذَلِكَ. وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْمَقَامَ وَقَعَ فِيهِ اخْتِلَافُ فَهْمٍ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ، فَإِنَّ عِبَارَتَهُمَا لَوْ أَطْلَقَ فَقَالَ أُوصِي إلَى مَنْ شِئْت أَوْ إلَى فُلَانٍ وَلَمْ يُضِفْ إلَى نَفْسِهِ فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْوِصَايَةِ عَنْهُ حَتَّى يَجِيءَ فِيهِ الْخِلَافُ أَوْ يُقْطَعُ بِأَنَّهُ لَا يُوصِي عَنْهُ؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْبَغَوِيّ وَقَالَ: أَصَحُّهُمَا الثَّانِي انْتَهَتْ. فَمِنْ النَّاسِ مَنْ فَهِمَ أَنَّ مَعْنَى الْإِضَافَةِ إلَى نَفْسِهِ مَا قَدَّمْنَاهُ. وَمِنْهُمْ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ، وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ وَهُوَ الصَّوَابُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا نَقَلَهُ وَالِدُ الشَّارِحِ فِي حَوَاشِيهِمَا، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الشَّيْخَيْنِ عَنْ الْبَغَوِيّ أَوْ يُقْطَعُ بِأَنَّهُ لَا يُوصِي عَنْهُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يُوصِي فِي تَرِكَةِ الْمُوصِي سَوَاءٌ أَضَافَ الْوَصِيَّةَ إلَى نَفْسِهِ أَوْ إلَى الْمُوصِي أَوْ أَطْلَقَ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْإِذْنِ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَهِمَ أَنَّ مَعْنَى الْإِضَافَةِ إلَى نَفْسِهِ أَنْ يَقُولَ أَوْصِ عَنِّي، وَمِنْ أُولَئِكَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ. وَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ عُلِمَ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ الْآتِي وَأَنَّهُ مُلَفَّقٌ مِنْ الْفَهْمَيْنِ، وَسَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَى بَعْضِ ذَلِكَ، فَقَوْلُهُ وَصُورَةُ الْإِذْنِ: أَيْ الَّتِي هِيَ مَحَلُّ الصِّحَّةِ أَنْ يُضِيفَ إلَيْهِ بِأَنْ يَقُولَ أَوْصِ بِتَرِكَتِي مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَهْمِ الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ الصَّوَابُ وَقَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ أَوْصِ لِمَنْ شِئْت أَوْ إلَى فُلَانٍ وَلَمْ يُضِفْ إلَى نَفْسِهِ لَمْ يُوصِ عَنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّاهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَهْمِ الثَّانِي بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي: وَقَوْلِ الشَّيْخِ إنَّهُ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ إلَخْ فَإِنَّهُ جَعَلَهُ مُقَابِلًا لِهَذَا مَعَ أَنَّ هَذَا لَا يَنْتَظِمُ مَعَ مَا قَدَّمَهُ مَنْ حَصَرَ صُورَةَ الْإِذْنِ الصَّحِيحَةَ فِيمَا إذَا أَضَافَ إلَى نَفْسِهِ بِأَنْ قَالَ أَوْصِ بِتَرِكَتِي، وَقَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ فَالْحَاصِلُ إلَخْ مُلَفَّقٌ مِنْ الْفَهْمَيْنِ جَمِيعًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمْته، وَقَوْلُهُ وَقَوْلُ الشَّيْخِ إنَّهُ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ إنَّمَا يُوصِي عَنْ الْمُوصَى فِيهِ أَنَّ الْإِطْلَاقَ فِي كَلَامِ الشَّيْخِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ عَنِّي وَلَا عَنْك لَكِنْ بَعْدَ التَّقَيُّدِ بِإِضَافَةِ التَّرِكَةِ إلَى نَفْسِهِ الَّذِي هُوَ شَرْطُ الصِّحَّةِ وَعِبَارَتُهُ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِيصَاءِ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ الْوَصِيِّ أَوْ مُطْلَقًا صَحَّ، لَكِنَّهُ فِي الثَّالِثَةِ إنَّمَا يُوصِي عَنْ الْمُوصِي كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَابْنِ الصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِمَا انْتَهَتْ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَالِدُ الشَّارِحِ مَا لَفْظُهُ: قَوْلُهُ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِيصَاءِ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ الْمُوصِي

وَأَقَرَّاهُ. وَحِينَئِذٍ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ قَالَ لَهُ أَوْصِ عَنِّي أَوْ بِتَرِكَتِي أَوْ نَحْوِهِمَا وَصَّى عَنْهُ وَإِلَّا وَصَّى عَلَى نَفْسِهِ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ، وَقَوْلُ الشَّيْخِ إنَّهُ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ إنَّمَا يُوصِي عَنْ الْمُوصِي وَأَنَّهُ أَوْجَهُ مِمَّا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْبَغَوِيّ مِنْ تَصْحِيحِ أَنَّهُ لَا يُوصِي أَصْلًا إلَّا إذَا أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ أَنْ يُوصِيَ عَنْهُ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ بَنَاهُ تَبَعًا لِابْنِ الْمُقْرِي بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ مِنْ كَلَامِهِمَا، وَلَوْ قَالَ لِوَصِيِّهِ أَوْصَيْت إلَى مَنْ أَوْصَيْت إلَيْهِ إنْ مِتَّ أَنْتَ أَوْ إذَا مِتَّ أَنْتَ فَوَصِيُّك وَصِيِّي لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ إلَيْهِ مَجْهُولٌ، وَإِذَا عَيَّنَ لَهُ الْوَصِيُّ وَمَاتَ مِنْ غَيْرِ إيصَاءٍ لَهُ كَانَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُنَصِّبَ غَيْرَهُ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ رَجَّحَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ. (وَلَوْ) (قَالَ أَوْصَيْت) لِزَيْدٍ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ لِعَمْرٍو أَوْ (إلَيْك إلَى بُلُوغِ ابْنِي أَوْ قُدُومِ زَيْدٍ، فَإِذَا بَلَغَ أَوْ قَدِمَ فَهُوَ الْوَصِيُّ) (جَازَ) وَاغْتُفِرَ فِيهِ التَّأْقِيتُ وَالتَّعْلِيقُ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَحْتَمِلُ الْأَخْطَارَ وَالْجَهَالَاتِ، وَلَوْ بَلَغَ الِابْنُ أَوْ قَدِمَ زَيْدٌ غَيْرَ أَهْلٍ فَالْأَقْرَبُ انْتِقَالُ الْوِلَايَةِ لِلْحَاكِمِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهَا مُغَيَّاةً بِذَلِكَ، وَقَوْلُ الْمُنَكِّتِ إنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُ هَذَا عَقِبَ قَوْلِهِ الْآتِي وَيَجُوزُ فِيهِ التَّوْقِيتُ وَالتَّعْلِيقُ فَإِنَّهُ مِثَالٌ لَهُ يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُمَا ضِمْنِيَّانِ، فَلَوْ أَخَّرَ هَذَا إلَى هُنَاكَ لَرُبَّمَا تُوُهِّمَ قَصْرُ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا فَفَصَلَ بَيْنَهُمَا لِيَكُونَ هَذَا مُفِيدًا لِلضِّمْنِيِّ وَذَاكَ مُفِيدًا لِلصَّرِيحِ، وَكَوْنُ هَذَا مُغْنِيًا عَنْ ذَلِكَ لَا يُعْتَرَضُ بِمِثْلِهِ الْمِنْهَاجُ. (وَلَا يَجُوزُ) لِلْأَبِ (نَصْبُ وَصِيٍّ) عَلَى الْأَوْلَادِ (وَالْجَدُّ حَيٌّ) (بِصِفَةِ الْوِلَايَةِ) عَلَيْهِمْ حَالَ الْمَوْتِ: أَيْ لَا يُعْتَدُّ بِمَنْصُوبِهِ إذَا وُجِدَتْ وِلَايَةُ الْجَدِّ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ ثَابِتَةٌ بِالشَّرْعِ كَوِلَايَةِ التَّزْوِيجِ، أَمَّا لَوْ وُجِدَتْ حَالَ الْإِيصَاءِ ثُمَّ زَالَتْ عِنْدَ الْمَوْتِ فَيُعْتَدُّ بِمَنْصُوبِهِ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ لِمَا مَرَّ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَنْ الْمُوصِي، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ لِلْوَصِيِّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْإِيصَاءَ عَنْ نَفْسِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُ بَعْدَ (قَوْلِهِ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ مِنْ كَلَامِهِمَا) أَيْ مِنْ قَوْلِهِمَا وَلَوْ قَالَ أَوْصِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِذَا عَيَّنَ) أَيْ الْمُوصِي. (قَوْلُهُ: أَوْ قُدُومِ زَيْدٍ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ قَالَ أَوْصَيْت لَك سَنَةً إلَى قُدُومِ ابْنِي، ثُمَّ إنَّ الِابْنَ قَدِمَ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ هَلْ يَنْعَزِلُ الْوَصِيُّ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَوْصَيْت لَك سَنَةً مَا لَمْ يَقْدَمْ ابْنِي قَبْلَهَا فَإِنْ قَدِمَ فَهُوَ الْوَصِيُّ، فَيَنْعَزِلُ بِحُضُورِ الِابْنِ وَيَصِيرُ الْحَقُّ لَهُ، وَإِنَّمَا مَضَتْ السَّنَةُ وَلَمْ يَحْضُرْ الِابْنُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ التَّصَرُّفُ فِيمَا بَعْدَ السَّنَةِ إلَى قُدُومِ الِابْنِ لِلْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ السَّنَةَ الَّتِي قَدَّرَهَا لِوِصَايَتِهِ لَا تَشْمَلُ مَا زَادَ. (قَوْلُهُ لَا يُعْتَدُّ بِمَنْصُوبِهِ) أَيْ وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ فَسَادَ الْوَصِيَّةِ لِجَوَازِ أَنْ لَا يَكُونَ بِصِفَةِ الْوِلَايَةِ قَبْلَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: فَيُعْتَدُّ بِمَنْصُوبِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ مُطْلَقًا بِأَنْ قَالَ أَوْصِ بِتَرِكَتِي عَنِّي أَوْ عَنْ نَفْسِك أَوْ أَوْصِ بِتَرِكَتِي انْتَهَتْ. وَقَوْلُهُ وَأَنَّهُ أَوْجَهُ مِمَّا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ إلَخْ صَرِيحٌ فِي أَنَّ هَذَا مِنْ قَوْلِ الشَّيْخِ، وَهُوَ عَجِيبٌ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ كَلَامِهِ، وَإِنَّمَا كَتَبَهُ عَلَيْهِ وَالِدُ الشَّارِحِ فِي حَوَاشِيهِ عَقِبَ مَا قَدَّمْته عَنْهُ. وَعِبَارَتُهُ أَعْنِي وَالِدَ الشَّارِحِ فِي قَوْلِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ إلَخْ: وَهُوَ أَوْجَهُ مِمَّا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْبَغَوِيّ مِنْ تَصْحِيحِ أَنَّهُ لَا يُوصِي أَصْلًا إلَّا إذَا أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ أَنْ يُوصِيَ عَنْهُ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ بَنَاهُ تَبَعًا لِابْنِ الْمُقْرِي إلَخْ فِيهِ أَنَّهُ كَابْنِ الْمُقْرِي فِي الرَّوْضِ لَمْ يَفْهَمَا مِنْ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ إلَّا الصَّوَابَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ وَبِالْجُمْلَةِ فَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي هَذِهِ السَّوَادَةِ يَحْتَاجُ إلَى التَّحْرِيرِ وَالْإِصْلَاحِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ مَعَ مَتْنِ الْمِنْهَاجِ نَصُّهَا: فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ مِنْ الْمُوصِي وَعَيَّنَ لَهُ شَخْصًا أَوْ فَوَّضَهُ لِمَشِيئَتِهِ بِأَنْ قَالَ أَوْصِ بِتَرِكَتِي فُلَانًا أَوْ مَنْ شِئْت، فَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِتَرِكَتِي لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَظْهَرِ، ثُمَّ إنْ قَالَ لَهُ أَوْصِ عَنِّي أَوْ عَنْك فَوَاضِحٌ وَإِلَّا أَوْصَى عَنْ الْمُوصِي لَا عَنْ نَفْسِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ انْتَهَتْ. وَهِيَ مُسَاوِيَةٌ لِمَا فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَلِمَا قَدَّمْته أَوَّلَ الْقَوْلَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُمَا ضِمْنِيَّانِ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم: إنْ أَرَادَ بِالضِّمْنِيِّ مَا لَا تَصْرِيحَ فِي صِيغَتِهِ بِالتَّوْقِيتِ وَالتَّعْلِيقِ فَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ، أَوْ مَا لَا يُصَرِّحُ الْمُوصِي بِوَصْفِهِ بِهِمَا فِيمَا يَأْتِي لَمْ يَرِدْ مِنْهُ مَا صَرَّحَ فِيهِ الْمُوصِي بِذَلِكَ، أَوْ مَا لَمْ يُصَرِّحْ فِيهِ الْمُصَنِّفُ

أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالشُّرُوطِ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَمَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ جَوَازِهِ عِنْدَ غَيْبَةِ الْجَدِّ إلَى حُضُورِهِ لِلضَّرُورَةِ مَحَلُّ تَوَقُّفٍ، وَالْأَوْجَهُ الْمَنْعُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ احْتِمَالًا فَإِنَّ الْغَيْبَةَ لَا تَمْنَعُ حَقَّ الْوِلَايَةِ، وَيُمْكِنُ الْحَاكِمُ أَنْ يَنُوبَ عَنْهُ نَعَمْ يُمْكِنُ حَمْلُ بَحْثِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَ ثَمَّ ظَالِمٌ لَوْ اسْتَوْلَى عَلَى الْمَالِ أَكَلَهُ لِتَحَقُّقِ الضَّرُورَةِ حِينَئِذٍ، إذْ الْمُتَّجِهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ جَوَازُهُ وَخَرَجَ بِحَالِ الْمَوْتِ حَالُ الْوَصِيَّةِ فَلَا عِبْرَةَ بِهَا، بَلْ يَجُوزُ عَلَى مَا مَرَّ نَصْبُ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ بِصِفَةِ الْوِلَايَةِ حِينَئِذٍ ثُمَّ يُنْظَرُ عِنْدَ الْمَوْتِ لِتَأَهُّلِ الْجَدِّ وَعَدَمِهِ كَمَا عُلِمَ بِمَا مَرَّ، وَأَمَّا عَلَى الدُّيُونِ وَالْوَصَايَا فَتَجُوزُ مَعَ وُجُودِ الْجَدِّ فَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهَا فَالْجَدُّ أَوْلَى بِأَمْرِ الْأَطْفَالِ وَرَدِّ الدُّيُونِ وَنَحْوِهِمَا، وَالْحَاكِمُ أَوْلَى بِتَنْفِيذِ الْوَصَايَا كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي. (وَلَا) يَجُوزُ (الْإِيصَاءُ بِتَزْوِيجِ طِفْلٍ وَبِنْتٍ) وَلَوْ مَعَ عَدَمِ وَلِيٍّ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ لَا يَعْتَنِي بِدَفْعِ الْعَارِ عَنْ النَّسَبِ، وَسَيَأْتِي تَوَقُّفُ نِكَاحِ السَّفِيهِ عَلَى إذْنِ الْوَلِيِّ وَمِنْهُ الْوَصِيُّ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. (وَلَفْظُهُ) أَيْ الْإِيصَاءِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ: أَيْ وَصِيغَتُهُ (أَوْصَيْت إلَيْك أَوْ فَوَّضْت) إلَيْك (وَنَحْوُهُمَا) كَأَقَمْتُكَ مَقَامِي وَوَلَّيْتُك كَذَا بَعْدَ مَوْتِي فَهُوَ صَرِيحٌ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ حَيْثُ بَحَثَ أَنَّهُ كِنَايَةٌ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى مَدْلُولِ فَوَّضْت إلَيْك الصَّرِيحِ مَنْ وَكَّلْت، وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي مِنْ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ بِالْإِمَامَةِ لِوَاحِدٍ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَظَاهِرُهُ صِحَّتُهَا بِلَفْظِ أَوْصَيْت أَوْ فَوَّضْت، وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي فَوَّضْت ثَبَتَ فِي وَلَّيْت، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ قَاعِدَةِ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ؛ لِأَنَّا إذَا جَوَّزْنَا الْوَصِيَّةَ بِالْإِمَامَةِ كَانَ الْبَابُ وَاحِدًا، فَمَا كَانَ صَرِيحًا هُنَاكَ يَكُونُ صَرِيحًا هُنَا، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْمُوصَى فِيهِ إمَامَةٌ وَغَيْرُهَا، وَهَذَا لَا يُؤَثِّرُ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ اشْتِرَاطٌ بَعْدَ مَوْتِي فِيمَا عَدَا أَوْصَيْت، وَالْأَوْجَهُ أَنْ وَكَّلْتُك بَعْدَ مَوْتِي فِي أَمْرِ أَطْفَالِي كِنَايَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِمَوْضُوعِهِ فَيَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ، وَتَكْفِي إشَارَةُ الْأَخْرَسِ الْمُفْهِمَةُ وَكِتَابَتُهُ، وَيَلْحَقُ بِهِ نَاطِقٌ اُعْتُقِلَ لِسَانُهُ وَأَشَارَ بِالْوَصِيَّةِ بِرَأْسِهِ أَنْ نَعَمْ لِقِرَاءَةِ كِتَابِهَا عَلَيْهِ لِعَجْزِهِ (وَيَجُوزُ فِيهِ) أَيْ الْإِيصَاءِ (التَّوْقِيتُ) كَأَوْصَيْتُ إلَيْك سَنَةً أَوْ إلَى بُلُوغِ ابْنِي (وَالتَّعْلِيقُ) كَإِذَا مِتَّ أَوْ إذَا مَاتَ وَصِيٌّ فَقَدْ أَوْصَيْت إلَيْك كَمَا مَرَّ (وَيُشْتَرَطُ بَيَانُ مَا يُوصِي فِيهِ) وَكَوْنُهُ تَصَرُّفًا مَالِيًّا مُبَاحًا كَأَوْصَيْتُ إلَيْك فِي قَضَاءِ دُيُونِي أَوْ فِي التَّصَرُّفِ فِي أَمْرِ أَطْفَالِي أَوْ فِي وَدَائِعِي أَوْ فِي تَنْفِيذِ وَصَايَايَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الْأَبِ (قَوْلُهُ: لَوْ اسْتَوْلَى عَلَى الْمَالِ أَكَلَهُ) أَيْ بِاسْتِيلَائِهِ عَلَى مَا يُعَدُّ بِهِ إتْلَافًا لَهَا (قَوْلُهُ فَالْجَدُّ أَوْلَى) يَعْنِي بِمَعْنَى الِاسْتِحْقَاقِ. (قَوْلُهُ وَوَلَّيْتُك كَذَا بَعْدَ مَوْتِي) سَيَأْتِي عَنْ الْأَنْوَارِ قَرِيبًا أَنَّ قَوْلَ الْقَاضِي وَلَّيْتُك مَالَ فُلَانٍ لِلْحِفْظِ فَقَطْ اهـ. فَهَلْ يَأْتِي مِثْلُهُ هُنَا أَوْ يُفَرَّقُ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ الْفَرْقُ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ إذَا قَالَ ذَلِكَ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ أَخْرَجَ بَعْضَ مَا لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَأَبْقَى غَيْرَهُ، وَأَمَّا الْمُوصِي فَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ إذَا فَوَّضَ إلَى غَيْرِهِ فَقَدْ جُعِلَ لَهُ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ وَكَلَامُ الشَّارِحِ الْآتِي يُشِيرُ إلَى الْفَرْقِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ صَرِيحٌ) أَيْ قَوْلُهُ وَلَّيْتُك إلَخْ (قَوْلُهُ: بِالْإِمَامَةِ) أَيْ الْعُظْمَى (قَوْلُهُ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ) أَيْ فِي الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ: فِي أَمْرِ أَطْفَالِي) أَيْ أَوْ فِي قَضَاءِ دِينِي أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ نَعَمْ لِقِرَاءَةِ كِتَابِهَا) أَيْ عِنْدَ قِرَاءَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِوَصْفِهِ بِهِمَا فَهَذَا لَا فَائِدَةَ فِي إيرَادِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَيْ الْإِيصَاءُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ) أَيْ لَا كَمَا فَهِمَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ رُجُوعِ الضَّمِيرِ إلَى الْمُوصِي (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ حَيْثُ بَحَثَ أَنَّهُ كِنَايَةٌ) لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا نَسَبَهُ لِلْأَذْرَعِيِّ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُ صَرِيحٌ وَلَيْسَ لَهُ فِيهِ بَحْثٌ، وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَخْ تَعْلِيلٌ لِلصَّرَاحَةِ، وَقَوْلُهُ الصَّرِيحِ بِالْجَرِّ وَصْفٌ لِقَوْلِهِ فَوَّضْت إلَيْك، وَقَوْلُهُ مِنْ وَكَّلْتُك: أَيْ الْآتِي فِي كَلَامِهِ قَرِيبًا مُتَعَلِّقٌ بِأَقْرَبَ: أَيْ لَمَّا كَانَ وَلَّيْتُك إلَخْ أَقْرَبَ إلَى مَدْلُولِ فَوَّضْت إلَيْك الَّذِي هُوَ صَرِيحٌ مِنْ وَكَّلْتُك، قُلْنَا إنَّ وَكَّلْتُك صَرِيحٌ لِهَذِهِ الْأَقْرَبِيَّةِ. وَإِنْ قُلْنَا إنَّ وَكَّلْتُك كِنَايَةٌ كَمَا يَأْتِي، وَالشِّهَابُ حَجّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَدَّمَ مَسْأَلَةَ وَكَّلْتُك وَأَنَّهُ كِنَايَةٌ. ثُمَّ قَالَ عَقِبَ ذَلِكَ: وَقِيَاسُهُ أَنَّ وَلَّيْتُك كَذَلِكَ وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ شَيْخُنَا، لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُ صَرِيحٌ. وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى مَدْلُولِ

فَإِنْ جَمَعَ الْكُلَّ ثَبَتَ لَهُ أَوْ خَصَّصَهُ بِأَحَدِهَا لَمْ يَتَجَاوَزْهُ، وَلَوْ أَطْلَقَ كَأَوْصَيْتُ إلَيْك فِي أَمْرِي أَوْ فِي أُمُورِي أَوْ فِي أَمْرِ أَطْفَالِي وَلَمْ يَذْكُرْ التَّصَرُّفَ صَحَّ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْأَوَّلَ عَامٌّ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَفَسَادِ نَظِيرِهِ السَّابِقِ فِي الْوَكَالَةِ بِأَنَّ ذَاكَ لَوْ صَحَّ لَحِقَ الْمُوَكِّلَ بِهِ ضَرَرٌ لَا يُسْتَدْرَكُ كَعِتْقٍ وَوَقْفٍ وَطَلَاقٍ، بِخِلَافِهِ هُنَا لِتَقْيِيدِ تَصَرُّفِهِ بِالْمَصْلَحَةِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى الْغَيْرِ الَّذِي لَمْ يَأْذَنْ فِي خِلَافِهِ، وَالْمُعْتَمَدُ فِي الثَّانِي أَنَّهُ لِلْحِفْظِ وَالتَّصَرُّفِ فِي مَالِهِمْ لِلْعُرْفِ، وَفِي الْأَنْوَارِ أَنَّ قَوْلَ الْقَاضِي وَلَّيْتُك مَالَ فُلَانٍ لِلْحِفْظِ فَقَطْ وَمَرَّ آخِرَ الْحَجْرِ بَيَانُ أَنَّ قَاضِيَ بَلَدِ الْمَالِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِالْحِفْظِ وَنَحْوِهِ وَقَاضِي بَلَدِ الْمَحْجُورِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ فِي الْحَجْرِ أَنَّ نَظَرَ وَصَايَاهُ لِقَاضِي بَلَدِ الْمَالِكِ لَا الْمَالِ، وَسَيَأْتِي جَوَازُ النَّقْلِ فِي الْوَصِيَّةِ فَلَيْسَتْ كَالزَّكَاةِ حَتَّى يُعْتَبَرَ فِيهَا بَلَدُ الْمَالِ (فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى أَوْصَيْت إلَيْك لَغَا) كَوَكَّلْتُك وَلِعَدَمِ عُرْفٍ لَهُ يُحْمَلُ عَلَيْهِ، وَمُنَازَعَةُ السُّبْكِيّ فِيهِ بِأَنَّ الْعُرْفَ يَقْتَضِي أَنَّهُ تَثْبُتُ لَهُ جَمِيعُ التَّصَرُّفَاتِ مَرْدُودَةٌ، إذْ ذَلِكَ غَيْرُ مُطَّرِدٍ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْبَيَانِيِّينَ إنَّ حَذْفَ الْمَعْمُولِ يُؤْذِنُ بِالْعُمُومِ وَجَزَمَ الزَّبِيلِيُّ بِصِحَّةِ فُلَانٌ وَصِيِّي اهـ. لِأَنَّ كَلَامَ الْبَيَانِيِّينَ لَيْسَ فِي مِثْلِ مَا نَحْنُ فِيهِ، وَكَلَامُ الزَّبِيلِيِّ إمَّا ضَعِيفٌ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا هُنَا بِأَنَّ مَا قَالَهُ مُحْتَمِلٌ لِلْإِقْرَارِ وَهُوَ يَقْبَلُ الْمَجْهُولَ وَصَحَّ فِيهِ مَا يَحْتَمِلُهُ وَحُمِلَ عَلَى الْعُمُومِ إذْ لَا مُرَجِّحَ، وَمَا هُنَا مَحْضُ إنْشَاءٍ وَهُوَ لَا يَقْبَلُ الْجَهْلَ بِوَجْهٍ. (وَ) يُشْتَرَطُ (الْقَبُولُ) مِنْ الْوَصِيِّ؛ لِأَنَّهَا عَقْدُ تَصَرُّفٍ كَالْوَكَالَةِ وَمِنْ ثَمَّ اُكْتُفِيَ هُنَا بِالْعَمَلِ كَهُوَ ثُمَّ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا وَجَزَمَ بِهِ الْقَفَّالُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ اعْتَمَدَ السُّبْكِيُّ اشْتِرَاطَ اللَّفْظِ. نَعَمْ تَبْطُلُ بِالرَّدِّ وَيُسَنُّ قَبُولُهَا لِمَنْ عَلِمَ الْأَمَانَةَ مِنْ نَفْسِهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَالْأَوْلَى لَهُ عَدَمُهُ، فَإِنْ عَلِمَ مِنْ حَالِهِ الضَّعْفَ فَالظَّاهِرُ حُرْمَةُ الْقَبُولِ حِينَئِذٍ (وَلَا يَصِحُّ) قَبُولٌ وَلَا رَدٌّ (فِي حَيَاتِهِ فِي الْأَصَحِّ) لِعَدَمِ دُخُولِ وَقْتِ تَصَرُّفِهِ كَالْمُوصَى لَهُ بِالْمَالِ بِخِلَافِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ. وَالثَّانِي يَصِحُّ الْقَبُولُ وَالرَّدُّ فِي حَيَاتِهِ كَالْوَكَالَةِ وَالْقَبُولِ عَلَى التَّرَاخِي مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ تَنْفِيذُ الْوَصَايَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، أَوْ يَكُونُ هُنَاكَ مَا تَجِبُ الْمُبَادَرَةُ إلَيْهِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، أَوْ يَعْرِضُهَا الْحَاكِمُ عَلَيْهِ بَعْدَ ثُبُوتِهَا عِنْدَهُ. (وَلَوْ) (وَصَّى اثْنَيْنِ) وَشَرَطَ عَلَيْهِمَا الِاجْتِمَاعَ، أَوْ أَطْلَقَ بِأَنْ قَالَ أَوْصَيْت إلَيْكُمَا أَوْ إلَى فُلَانٍ ثُمَّ قَالَ وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ أَوْصَيْت إلَى فُلَانٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ عِلْمِهِ بِالْأَوَّلِ وَعَدَمِهِ، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَنَظِيرِهِ السَّابِقِ قَبْلَ الْفَصْلِ بِأَنَّ الِاجْتِمَاعَ هُنَا مُمْكِنٌ مَقْصُودٌ لِلْمُوصِي؛ لِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً لَهُ، وَثَمَّ اجْتِمَاعُ الْمِلْكَيْنِ عَلَى الْمُوصَى بِهِ وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ، وَالتَّشْرِيكُ خِلَافُ مَدْلُولِ اللَّفْظِ فَتَعَيَّنَ النَّظَرُ لِلْقَرِينَةِ وَهِيَ وُجُودُ عِلْمِهِ وَعَدَمِهِ، وَلَوْ قَالَ أَوْصَيْت إلَيْهِ فِيمَا أَوْصَيْت فِيهِ لِزَيْدٍ كَانَ رُجُوعًا (لَمْ يَنْفَرِدْ أَحَدُهُمَا) فِيمَا إذَا قَبِلَا بِالتَّصَرُّفِ عَمَلًا بِالشَّرْطِ فِي الْأَوَّلِ وَاحْتِيَاطًا فِي الثَّانِي فَلَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا فِيهِ بِأَنْ يَصْدُرَ عَنْ رَأْيِهِمَا أَوْ يَأْذَنَا لِثَالِثٍ فِيهِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالطِّفْلِ وَمَالِهِ وَتَفْرِقَةِ وَصِيَّةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ وَقَضَاءِ دَيْنٍ لَيْسَ فِي التَّرِكَةِ جِنْسُهُ، بِخِلَافِ رَدِّ وَدِيعَةٍ وَعَارِيَّةٍ وَمَغْصُوبٍ وَقَضَاءِ دَيْنٍ فِي التَّرِكَةِ جِنْسُهُ فَلِكُلٍّ الِانْفِرَادُ بِهِ؛ لِأَنَّ لِصَاحِبِهِ الِاسْتِقْلَالَ بِأَخْذِهِ، وَقَضِيَّةُ الِاعْتِدَادِ بِهِ وَوُقُوعِهِ مَوْقِعَهُ إبَاحَةُ الْإِقْدَامِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَإِنْ بَحَثَا خِلَافَهُ، وَلَوْ اخْتَلَفَ وَصِيَّا التَّصَرُّفِ الْمُسْتَقِلَّانِ فِيهِ نَفَذَ. ـــــــــــــــــــــــــــــSإلَخْ. (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْأَوَّلَ) أَيْ قَوْلُهُ وَلَوْ أَطْلَقَ كَأَوْصَيْتُ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ فِي الثَّانِي) أَيْ قَوْلُهُ أَوْ فِي أَمْرِ أَطْفَالِي (قَوْلُهُ لِقَاضِي بَلَدِ الْمَالِكِ) أَيْ فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ بِالْحِفْظِ وَغَيْرِهِ فَيُخَالِفُ مَالُهُ مَالَ الْمَحْجُورِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ مَا قَالَهُ مُحْتَمَلٌ) بِأَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَوْصَيْت لَهُ بِشَيْءٍ لَهُ عِنْدِي كَوَدِيعَةٍ. (قَوْلُهُ فَإِنْ عُلِمَ مِنْ حَالِهِ الضَّعْفُ) أَيْ أَوْ الْخِيَانَةُ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَبْطُلَ بِالتَّأْخِيرِ وَإِنْ أَثِمَ بِهِ حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى مَا يَفْسُقُ بِسَبَبِهِ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ لِصَاحِبِهِ) وَهُوَ رَبُّ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ الِاعْتِدَادِ بِهِ) أَيْ بِرَدِّ مَا ذَكَرَ لِلْمُسْتَحِقِّ (قَوْلُهُ: إبَاحَةُ الْإِقْدَامِ) وَمَعَ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَوَّضْت إلَيْك الصَّرِيحِ إلَخْ

تَصَرُّفُ السَّابِقِ أَوْ غَيْرُ الْمُسْتَقِلَّيْنِ فِيهِ أُلْزِمَا الْعَمَلَ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ الَّتِي رَآهَا الْحَاكِمُ، فَإِنْ امْتَنَعَ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ خَرَجَا أَوْ أَحَدُهُمَا عَنْ أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ أَنَابَ عَنْهُمَا أَمِينَيْنِ أَوْ أَمِينًا أَوْ فِي التَّصَرُّفِ أَوْ فِي الْحِفْظِ وَالْمَالُ مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ اسْتَقَلَّا أَوْ لَا تَوَلَّاهُ الْحَاكِمُ، فَإِنْ انْقَسَمَ قَسَمَهُ بَيْنَهُمَا وَلِكُلٍّ التَّصَرُّفُ بِحَسَبِ الْإِذْنِ، فَإِنْ تَنَازَعَا فِي عَيْنِ النِّصْفِ الْمَحْفُوظِ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ نَصَّ عَلَى اجْتِمَاعِهِمَا فِي الْحِفْظِ لَمْ يَنْفَرِدْ أَحَدُهُمَا بِحَالٍ (إلَّا إنْ صَرَّحَ بِهِ) أَيْ الِانْفِرَادِ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ كَالْوَكَالَةِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ إلَى كُلٍّ مِنْكُمَا أَوْ كُلٌّ مِنْكُمَا وَصِيٌّ فِي كَذَا أَوْ أَنْتُمَا وَصِيَّايَ فِي كَذَا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَأَوْصَيْت إلَيْكُمَا بِأَنَّهُ هُنَا أَثْبَتُ لِكُلِّ وَصْفِ الْوَصَايَا فَدَلَّ عَلَى الِاسْتِقْلَالِ، بِخِلَافِهِ ثُمَّ لَوْ جَعَلَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهِمَا مُشْرِفًا أَوْ نَاظِرًا لَمْ يَثْبُتْ لَهُ تَصَرُّفٌ، وَإِنَّمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مُرَاجَعَتِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إلَّا فِي نَحْوِ شِرَاءِ بَقْلٍ مِمَّا لَا يَحْتَاجُ لِنَظَرٍ. (وَلِلْمُوصِي وَالْوَصِيُّ الْعَزْلُ) أَيْ لِلْمُوصِي عَزْلُ الْوَصِيِّ وَلِلْوَصِيِّ عَزْلُ نَفْسِهِ (مَتَى شَاءَ) لِجَوَازِهَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَالْوَكَالَةِ، نَعَمْ لَوْ تَعَيَّنَ عَلَى الْوَصِيِّ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ كَافٍ غَيْرَهُ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ تَلَفُ الْمَالِ بِاسْتِيلَاءِ ظَالِمٍ أَوْ قَاضِي سُوءٍ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ لَمْ يَجُزْ لَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَلَمْ يَنْفُذْ حِينَئِذٍ، لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ مَجَّانًا بَلْ بِالْأُجْرَةِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْقَبُولُ، وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَزْلُ الْمُوصَى لَهُ حِينَئِذٍ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَيَاعِ نَحْوِ وَدِيعَةٍ أَوْ مَالِ أَوْلَادِهِ، وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ عَزْلُ نَفْسِهِ أَيْضًا إذَا كَانَتْ إجَارَةً بِعِوَضٍ، فَإِنْ كَانَتْ بِعِوَضٍ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ فَهِيَ جَعَالَةٌ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ مِنْ أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ إمْكَانُ الشُّرُوعِ فِي الْمُسْتَأْجَرِ لَهُ عَقِبَ الْعَقْدِ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّ شَرْطَهَا الْعِلْمُ بِأَعْمَالِهَا وَأَعْمَالِ الْوِصَايَةِ مَجْهُولَةٌ. أَجَابَ السُّبْكِيُّ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ صُورَتَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ الْمُوصِي عَلَى أَعْمَالٍ لِنَفْسِهِ فِي حَيَاتِهِ وَلِطِفْلِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، أَوْ يَسْتَأْجِرَ الْحَاكِمُ عَلَى الِاسْتِمْرَارِ عَلَى الْوَصِيَّةِ لِمَصْلَحَةٍ رَآهَا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي. وَأَمَّا الثَّانِي فَجَوَابُهُ كَوْنُ الْغَالِبِ عِلْمَهَا وَبِأَنَّ مَسِيسَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا اقْتَضَى الْمُسَامَحَةَ بِالْجَهْلِ بِهَا، وَقَوْلُ الْكَافِي لَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لِذَلِكَ ضَعِيفٌ، وَإِذَا لَزِمَتْ الْوِصَايَةُ بِالْإِجَارَةِ وَعَجَزَ عَنْهَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ مَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSهَلْ يَضْمَنُ لَوْ تَلْفِت فِي يَدِهِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ تَقْتَضِي الْإِبَاحَةُ عَدَمَ الضَّمَانِ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ أَيْ الرَّدِّ (قَوْلُهُ: أَنَابَ عَنْهُمَا) يُشْعِرُ بِبَقَائِهِمَا وَمَرَّ فِي قَوْلِهِ وَيَنْعَزِلُ الْوَصِيُّ إلَخْ مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ. وَقَالَ سم عَلَى حَجّ: أَنَابَ عَنْهُمَا: أَيْ وَلَا يَنْعَزِلَانِ فِي صُورَةِ الِامْتِنَاعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضِ اهـ. أَقُولُ: وَقَضِيَّتُهُ الِانْعِزَالُ فِي غَيْرِهِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ مِنْ عَدَمِ الِانْعِزَالِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمَا خَرَجَا عَنْ كَمَالِ الْأَهْلِيَّةِ بِاخْتِلَالِهَا مَعَ بَقَاءِ أَصْلِهَا كَمَرَضٍ يَمْنَعُهُمَا كَمَالَ النَّظَرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مُجَرَّدَ الِاخْتِلَالِ لَا يَقْتَضِي الْعَزْلَ (قَوْلُهُ: مُشْرِفًا أَوْ نَاظِرًا) قَضِيَّةُ الْعَطْفِ مُغَايَرَتُهُمَا فَلْيُنْظَرْ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ هُوَ عَطْفُ تَفْسِيرٍ إلَّا أَنَّهُ لَا يَكُونُ بِأَوْ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ مَجَازًا عَنْ الْوَاوِ. (قَوْلُهُ بِاسْتِيلَاءِ ظَالِمٍ أَوْ قَاضِي سُوءٍ) قَضِيَّةُ الْعَطْفِ مُغَايَرَتُهُمَا وَهُوَ ظَاهِرٌ بِحَمْلِ الظَّالِمِ عَلَى مُتَغَلِّبٍ لَا وَلَايَةَ لَهُ، وَحَمْلِ الْقَاضِي عَلَى مُتَوَلٍّ يَفْصِلُ الْأَحْكَامَ وَالْخُصُومَاتِ لَكِنَّهُ يَجُوزُ فِي حُكْمِهِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَزْلُ الْمُوصَى لَهُ) أَيْ لِلْوَصِيِّ (قَوْلُهُ: فَهُوَ جَعَالَةٌ) أَيْ وَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ مَتَى شَاءَ (قَوْلُهُ: أَجَابَ السُّبْكِيُّ عَنْ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ إمْكَانُ الشُّرُوعِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ وَإِنَّ شَرْطَهَا الْعِلْمُ (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ مَسِيسَ الْحَاجَةِ) أَيْ قُوَّةَ الْحَاجَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ فِي التَّصَرُّفِ أَوْ الْحِفْظِ وَالْمَالُ مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ إلَخْ) الصَّوَابُ حَذْفُ أَوْ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ فِي التَّصَرُّفِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ فَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقَانِ بِأَنَابَ، وَقَوْلُهُ أَوْ الْحِفْظُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ السَّابِقِ فِيهِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ اخْتَلَفَ وَصِيَّا التَّصَرُّفِ الْمُسْتَقِلَّانِ فِيهِ: أَيْ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْحِفْظِ فَقَطْ دُونَ التَّصَرُّفِ (قَوْلُهُ: اسْتَقَلَّا أَوْ لَا) أَيْ سَوَاءٌ اسْتَقَلَّا أَمْ لَمْ يَسْتَقِلَّا، فَجَوَابُ الشَّرْطِ قَوْلُهُ تَوَلَّاهُ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: فَجَوَابُهُ كَوْنُ الْغَالِبِ عِلْمَهَا) يُتَأَمَّلُ

يَقُومُ مَقَامَهُ فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ وَجَازَ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهَا إجَارَةُ عَيْنٍ وَهِيَ لَا يُسْتَوْفَى فِيهَا مِنْ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ لِمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ أَنَّ ضَعْفَهُ بِمَنْزِلَةِ عَيْبٍ حَادِثٍ فَيَعْمَلُ الْحَاكِمُ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةَ مِنْ الِاسْتِبْدَالِ بِهِ وَالضَّمِّ إلَيْهِ، وَتَسْمِيَةُ رُجُوعِ الْمُوصِي عَنْ الْإِيصَاءِ إلَيْهِ عَزْلًا مَعَ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِالْقَبُولِ فِي الْحَيَاةِ كَمَا مَرَّ مَجَازٌ، وَكَذَا تَسْمِيَةُ رُجُوعِ الْوَصِيِّ عَنْ الْقَبُولِ إذْ قَطْعُ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ الْإِيصَاءُ بِالرُّجُوعِ عَنْهُ أَوْ بِعَدَمِ قَبُولِهِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ قَطْعِ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ التَّصَرُّفُ لَوْ ثَبَتَ لَهُ، وَبِمَا تَقَرَّرَ انْدَفَعَ بِنَاءُ السُّبْكِيّ لِذَلِكَ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْقَبُولِ فِي الْحَيَاةِ. (وَإِذَا) (بَلَغَ الطِّفْلُ) أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ أَوْ رَشَدَ السَّفِيهُ (وَنَازَعَهُ) أَيْ الْوَصِيُّ (فِي) أَصْلٍ أَوْ قَدْرٍ نَحْوُ (الْإِنْفَاقِ) اللَّائِقِ بِحَالِهِ (عَلَيْهِ) أَوْ عَلَى مَمُونِهِ (صُدِّقَ الْوَصِيُّ) بِيَمِينِهِ، وَكَذَا قَيِّمُ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَمِينٌ، وَيَتَعَذَّرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ غَالِبًا بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِلْمَصْلَحَةِ، أَمَّا غَيْرُ اللَّائِقِ فَيُصَدَّقُ الْوَلَدُ فِيهِ قَطْعًا بِيَمِينِهِ لِتَعَدِّي الْوَصِيِّ بِفَرْضِ الْجُمُعَةِ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ حَلِفِ الْوَلَدِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بَلْ إنْ كَانَ مِنْ مَالِ الْوَلِيِّ فَلَغْوٌ أَوْ الْوَلَدِ ضَمِنَهُ، وَلَوْ تَنَازَعَا فِي الْإِسْرَافِ وَعَيَّنَ الْقَدْرَ نُظِرَ فِيهِ وَصُدِّقَ مَنْ يَقْتَضِي الْحَالُ تَصْدِيقَهُ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ صُدِّقَ الْوَصِيُّ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي شَيْءٍ أَهُوَ لَائِقٌ أَوْ لَا وَلَا بَيِّنَةَ صُدِّقَ الْوَصِيُّ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ خِيَانَتِهِ، أَوْ فِي تَارِيخِ مَوْتِ الْأَبِ أَوْ أَوَّلِ مِلْكِهِ لِلْمَالِ الْمُنْفَقِ مِنْهُ عَلَيْهِ صُدِّقَ الْوَلَدُ بِيَمِينِهِ وَكَالْوَصِيِّ فِي ذَلِكَ وَارِثُهُ (أَوْ) تَنَازَعَا (فِي دَفْعٍ) لِلْمَالِ (إلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ) أَوْ الْإِفَاقَةِ أَوْ الرُّشْدِ أَوْ فِي إخْرَاجِهِ الزَّكَاةَ مِنْ مَالِهِ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ، لَكِنْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ (صُدِّقَ الْوَلَدُ) بِيَمِينِهِ وَلَوْ عَلَى الْأَبِ لِعَدَمِ عُسْرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ وَهَذِهِ لَمْ تَتَقَدَّمْ فِي الْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ فِي الْقَيِّمِ، وَهَذِهِ فِي الْوَصِيِّ وَلَيْسَ مُسَاوِيًا لَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ نَعَمْ حِكَايَتُهُ الْخِلَافَ فِي الْقَيِّمِ وَجَزْمُهُ فِي الْوَصِيِّ مُعْتَرَضٌ بِأَنَّ الْخِلَافَ فِيهِمَا وَيُصَدَّقُ فِي عَدَمِ الْخِيَانَةِ وَتَلَفٍ بِنَحْوِ غَصْبٍ أَوْ سَرِقَةٍ كَالْمُودَعِ لَا فِي نَحْوِ بَيْعٍ لِحَاجَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ أَوْ تَرْكِ أَخْذٍ بِشُفْعَةٍ لِمَصْلَحَةٍ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، بِخِلَافِ الْأَبِ وَالْجَدِّ فَإِنَّهُمَا يُصَدَّقَانِ بِيَمِينِهِمَا، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْحَاكِمَ الثِّقَةَ كَالْوَصِيِّ لَا كَالْأَبِ وَالْجَدِّ وَلَا يُطَالَبُ أَمِينٌ كَوَصِيٍّ وَمُقَارِضٍ وَشَرِيكٍ وَوَكِيلٍ بِحِسَابٍ بَلْ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ خِيَانَةً حَلَفَ ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي الْوَصِيِّ وَالْهَرَوِيُّ فِي أُمَنَاءِ الْقَاضِي وَمِثْلُهُمْ بَقِيَّةُ الْأُمَنَاءِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْقَاضِي أَنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ رَاجِعٌ إلَى رَأْيِ الْحَاكِمِ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ مِنْ الْمَصْلَحَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَوْ لَمْ يَنْدَفِعْ نَحْوُ ظَالِمٍ إلَّا بِدَفْعِ مَالٍ لَزِمَ الْوَلِيُّ دَفْعُهُ وَيَجْتَهِدُ فِي قَدْرِهِ وَيُصَدَّقُ فِيهِ بِيَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ إلَّا بِتَعْيِيبِهِ جَازَ لَهُ بَلْ لَزِمَهُ أَيْضًا لَكِنْ لَا يُصَدَّقُ فِيهِ لِسُهُولَةِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَرَادَ وَصِيٌّ شِرَاءَ شَيْءٍ مِنْ مَالِ الطِّفْلِ رَفَعَ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ لِيَبِيعَهُ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ مِمَّنْ لَا يَبِيعُ لَهُ الْوَكِيلُ وَيَنْعَزِلُ بِمَا يَنْعَزِلُ بِهِ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِمُوَلِّيهِ فِيمَا هُوَ وَصِيٌّ فِيهِ إنْ قَبِلَ الْوِصَايَةَ، فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهَا قُبِلَتْ وَإِنْ صَرَّحَ بِكَوْنِهِ وَصِيًّا فِي ذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ عَزَلَ نَفْسَهُ، وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا مِنْ وَصِيٍّ وَسَلَّمَهُ الثَّمَنَ فَكَمَّلَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَأَنْكَرَ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فِي هَذِهِ الْحَالَةِ) هِيَ قَوْلُهُ أَمَّا غَيْرُ اللَّائِقِ. (قَوْلُهُ وَصُدِّقَ) أَيْ بِلَا يَمِينٍ (قَوْلُهُ وَوَكِيلٌ بِحِسَابٍ) أَيْ فِي الْكُلِّ (قَوْلُهُ: بَلْ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ) وَمِثْلُهُ وَارِثُهُ (قَوْلُهُ: حَلَفَ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَوْ بِجُعْلٍ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الْوَصِيِّ وَمِثْلُهُ الْقَاضِي بِخِلَافِ الْوَكِيلِ وَالْمُقَارَضِ وَالشَّرِيكِ فَالْأَمْرُ فِيهِ لِلْمَالِكِ فَإِنْ طَلَبَ حِسَابَهُ أُجِيبَ وَإِلَّا فَلَا وَمَا وَقَعَ فِيهِ النِّزَاعُ الْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الْأَمِينِ (قَوْلُهُ: بِمَا يَنْعَزِلُ بِهِ) أَيْ الْوَكِيلُ (قَوْلُهُ: وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ) أَيْ الْوَصِيُّ (قَوْلُهُ وَصِيٌّ فِيهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُرَادُ مِنْ هَذَا الْجَوَابِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا تَسْمِيَةُ رُجُوعِ الْوَصِيِّ عَنْ الْقَبُولِ) بِمَعْنَى عَدَمِ قَبُولِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي، وَإِلَّا فَهُوَ بَعْدَ الْقَبُولِ رُجُوعٌ حَقِيقَةً (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ صُدِّقَ الْوَصِيُّ) لَيْسَتْ هَذِهِ هِيَ الْمُتَقَدِّمَةَ فِي مَزْجِ الْمَتْنِ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ (قَوْلُهُ: أَوْ تَرْكِ أَخْذٍ بِشُفْعَةٍ) لَعَلَّ فَائِدَةَ هَذَا أَنَّا إذَا صَدَّقْنَا الْوَلَدَ بَقِيَتْ شُفْعَتُهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اشْتَرَى) أَيْ شَخْصٌ

[كتاب الوديعة]

كَوْنَ الْبَائِعِ وَصِيًّا عَلَيْهِ وَاسْتَرَدَّ مِنْهُ الْمَبِيعَ رَجَعَ عَلَى الْمُوصِي بِمَا أَدَّاهُ إلَيْهِ وَإِنْ وَافَقَهُ عَلَى أَنَّهُ وَصِيٌّ خِلَافًا لِلْقَاضِي لِقَوْلِهِمْ لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا مِنْ وَكِيلٍ وَسَلَّمَهُ الثَّمَنَ وَصَدَّقَهُ عَلَى الْوَكَالَةِ ثُمَّ أَنْكَرَهَا الْمُوَكِّلُ وَنَزَعَ مِنْهُ الْمَبِيعَ فَيَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ وَمَنْ اعْتَرَفَ أَنَّ عِنْدَهُ مَالًا لِفُلَانٍ وَزَعَمَ أَنْ قَالَ لَهُ هَذَا لِفُلَانٍ أَوْ أَنْتَ وَصِيٌّ فِي صَرْفِهِ فِي كَذَا لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَمَا رَجَّحَهُ الْغَزِّيِّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ فِي الثَّانِيَةِ وَتَرْجِيحُ السُّبْكِيّ فِيهَا أَنَّهُ يُصْرَفُ لِلْمُقِرِّ لَهُ بَعِيدٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ بَلْ يَلْزَمُهُ بَاطِنًا دَفْعُهُ لَهُ لَكِنَّ هَذَا لَا نِزَاعَ فِيهِ. . كِتَابُ الْوَدِيعَةِ هِيَ لُغَةً مَا وُضِعَ عِنْدَ غَيْرِ مَالِكِهِ لِحِفْظِهِ مِنْ وَدُعَ إذَا سَكَنَ؛ لِأَنَّهَا سَاكِنَةٌ عِنْدَ الْوَدِيعِ، وَقِيلَ مِنْ الدَّعَةِ أَيْ الرَّاحَةِ؛ لِأَنَّهَا تَحْتَ رَاحَتِهِ وَمُرَاعَاتِهِ وَشَرْعًا الْعَقْدُ الْمُقْتَضِي لِلِاسْتِحْفَاظِ أَوْ الْعَيْنِ الْمُسْتَحْفَظَةِ بِهِ حَقِيقَةً فِيهِمَا، وَتَصِحُّ إرَادَتُهُمَا وَإِرَادَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي التَّرْجَمَةِ ثُمَّ عَقْدُهَا فِي الْحَقِيقَةِ تَوْكِيلٌ مِنْ جِهَةِ الْمُودِعِ وَتَوَكُّلٌ مِنْ جِهَةِ الْوَدِيعِ فِي حِفْظِ مَالٍ أَوْ اخْتِصَاصٍ كَنَجَسٍ مُنْتَفَعٍ بِهِ، فَخَرَجَتْ اللُّقَطَةُ، وَالْأَمَانَةُ الشَّرْعِيَّةُ كَأَنْ طَيَّرَ نَحْوَ رِيحٍ شَيْئًا إلَيْهِ أَوْ إلَى مَحَلِّهِ وَعَلِمَ بِهِ وَالْحَاجَةُ بَلْ الضَّرُورَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا. وَأَرْكَانُهَا بِمَعْنَى الْإِيدَاعِ أَرْبَعَةٌ: وَدِيعَةٌ، وَمُودِعٌ، وَوَدِيعٌ، وَصِيغَةٌ. وَشَرْطُ الْوَدِيعَةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ كَوْنُهَا مُحْتَرَمَةً كَنَجَسٍ يُقْتَنَى وَحَبَّةُ بُرٍّ، بِخِلَافِ نَحْوِ كَلْبٍ لَا يَنْفَعُ وَآلَةِ لَهْوٍ. وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَةُ {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58] وَهِيَ وَإِنْ نَزَلَتْ فِي رَدِّ مِفْتَاحِ الْكَعْبَةِ إلَى عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ فَهِيَ عَامَّةٌ فِي جَمِيعِ الْأَمَانَاتِ قَالَ الْوَاحِدِيُّ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهَا نَزَلَتْ بِسَبَبِ مِفْتَاحِ الْكَعْبَةِ وَلَمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ دُونَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: رَجَعَ عَلَى الْمُوصِي) أَيْ وَرَجَعَ الْمَوْلَى عَلَيْهِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْفَوَائِدِ الَّتِي اسْتَوْفَاهَا مُدَّةَ وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ كَمَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا اسْتَوْفَاهُ لِتَبَيُّنِ فَسَادِ شِرَائِهِ (قَوْلُهُ: وَزَعَمَ) أَيْ قَالَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ إلَخْ) مُعْتَمَدُ. كِتَابُ الْوَدِيعَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ وَدُعَ) بِضَمِّ الدَّالِ شَوْبَرِيٌّ لَكِنْ قَالَ فِي الْقَامُوسِ وَوَدَعَ كَكَرُمَ وَوَضَعَ فَهُوَ وَدِيعٌ وَوَادِعٌ سَكَنَ وَاسْتَقَرَّ كَاتَّدَعَ اهـ (قَوْلُهُ: وَإِرَادَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا) لَكِنْ إنْ حُمِلَتْ فِي التَّرْجَمَةِ عَلَى الْعَقْدِ وَجَبَ أَنْ يُرَادَ بِالضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ عَنْ حِفْظِهَا الْعَيْنُ فَيَكُونُ فِيهِ اسْتِخْدَامٌ (قَوْلُهُ: فِي حِفْظِ مَالٍ أَوْ اخْتِصَاصٍ) هَذَا التَّعْرِيفُ لَا يَشْمَلُ التَّوْكِيلَ فِي اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ فِي نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ وَلَا اسْتِيفَاءَ الْحُدُودِ كَحَدِّ الْقَذْفِ فَإِنَّهُ تَوْكِيلٌ لَا إيدَاعٌ وَعَلَيْهِ فَكُلُّ إيدَاعٍ تَوْكِيلٌ وَلَا عَكْسَ (قَوْلُهُ فَخَرَجَتْ اللُّقَطَةُ) أَيْ بِتَفْسِيرِهَا شَرْعًا بِأَنَّهَا الْعَقْدُ الْمُقْتَضِي (قَوْلُهُ: وَالْأَمَانَةُ) عَطَفَ الْأَمَانَةَ عَلَى اللُّقَطَةِ؛ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِي اللُّقَطَةِ مَعْنَى الْإِكْسَابِ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى الْإِيدَاعِ) أَيْ لَا الْعَيْنِ (قَوْلُهُ: وَشَرْطُ الْوَدِيعَةِ) أَيْ لِيَتَأَتَّى فِيهَا الْأَحْكَامُ الْآتِيَةُ (قَوْلُهُ: وَآلَةُ لَهْوٍ) أَيْ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ حِفْظُهُ وَلَا مُرَاعَاتُهُ (قَوْلُهُ: فَهِيَ عَامَّةٌ) الْأَوْلَى حَذْفُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَنَّ عِنْدَهُ مَالًا لِفُلَانٍ) أَيْ الْمَيِّتِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ وَتَرْجِيحُ السُّبْكِيّ فِيهَا) صَوَابُهُ فِي الْأُولَى كَمَا فِي التُّحْفَةِ. [كِتَابُ الْوَدِيعَةِ]

يَنْزِلْ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ آيَةٌ سِوَاهَا وقَوْله تَعَالَى {فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} [البقرة: 283] وَخَبَرُ «أَدِّ الْأَمَانَةَ إلَى مَنْ ائْتَمَنَك وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَك» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ وَهُوَ يَخْطُبُ لِلنَّاسِ: لَا يُعْجِبَنَّكُمْ مِنْ الرَّجُلِ طَنْطَنَتُهُ، وَلَكِنْ مَنْ أَدَّى الْأَمَانَةَ وَكَفَّ عَنْ أَعْرَاضِ النَّاسِ فَهُوَ الرَّجُلُ. (مَنْ عَجَزَ عَنْ حِفْظِهَا حَرُمَ عَلَيْهِ قَبُولُهَا) أَيْ أَخْذُهَا؛ لِأَنَّهُ يُعَرِّضُهَا لِلتَّلَفِ وَإِنْ وَثِقَ بِأَمَانَةِ نَفْسِهِ (وَمَنْ) (قَدَرَ) عَلَى حِفْظِهَا وَهُوَ أَمِينٌ (وَ) لَكِنَّهُ (لَمْ يَثِقْ بِأَمَانَتِهِ) فِيهَا حَالًا أَوْ اسْتِقْبَالًا (كُرِهَ) لَهُ قَبُولُهَا مِنْ مَالِكِهَا الرَّشِيدِ الْجَاهِلِ بِحَالِهِ حَيْثُ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ قَبُولُهَا. وَالْقَوْلُ بِالْحُرْمَةِ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ مُجَرَّدِ الْخَشْيَةِ الْوُقُوعُ وَلَا ظَنُّهُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ وُقُوعُ الْخِيَانَةِ مِنْهُ فِيهَا حَرُمَ عَلَيْهِ قَبُولُهَا، أَمَّا غَيْرُ مَالِكِهَا كَوَلِيِّهِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ إيدَاعُ مَنْ لَمْ يَثِقْ بِأَمَانَتِهِ وَإِنْ ظَنَّ عَدَمَ الْخِيَانَةِ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ قَبُولُهَا مِنْهُ. وَأَمَّا إذَا عَلِمَ الْمَالِكُ الرَّشِيدُ بِحَالِهِ فَلَا حُرْمَةَ وَلَا كَرَاهَةَ فِي قَبُولِهَا كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ: إنَّ الْوَجْهَ تَحْرِيمُهُ عَلَيْهِمَا، أَمَّا عَلَى الْمَالِكِ فَلِإِضَاعَتِهِ مَالَهُ، وَأَمَّا عَلَى الْمُودِعِ فَلِإِعَانَتِهِ عَلَى ذَلِكَ مَرْدُودٌ، إذْ الشَّخْصُ إذَا عَلِمَ مِنْ غَيْرِهِ أَخْذَ مَالِهِ لِيُنْفِقَهُ أَوْ لِيَدْفَعَهُ لِغَيْرِهِ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ تَمْكِينُهُ مِنْهُ وَلَا الْآخِذُ إنْ عَلِمَ رِضَاهُ، وَالْإِيدَاعُ صَحِيحٌ مَعَ الْحُرْمَةِ، وَأَثَرُ التَّحْرِيمِ مَقْصُورٌ عَلَى الْإِثْمِ. نَعَمْ لَوْ كَانَ الْمُودِعُ مُتَصَرِّفًا عَنْ غَيْرِهِ بِوِلَايَةٍ أَوْ وَكَالَةٍ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ الْإِيدَاعُ فَهِيَ مَضْمُونَةٌ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ قَطُّ (فَإِنْ وَثِقَ) بِأَمَانَةِ نَفْسِهِ وَقَدَرَ عَلَى حِفْظِهَا (اُسْتُحِبَّ) لَهُ قَبُولُهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ التَّعَاوُنِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ، فَإِنْ تَعَيَّنَ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ كَأَدَاءِ الشَّهَادَةِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَصْلِ الْقَبُولِ كَمَا بَيَّنَهُ السَّرَخْسِيُّ دُونَ إتْلَافِ مَنْفَعَتِهِ وَمَنْفَعَةُ حِرْزِهِ فِي الْحِفْظِ مَجَّانًا، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أُجْرَةَ الْحِفْظِ كَمَا يَأْخُذَ أُجْرَةَ الْحِرْزِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ خِلَافًا لِلْفَارِقِيِّ وَابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ، وَقَدْ تُؤْخَذُ الْأُجْرَةُ عَلَى الْوَاجِبِ كَمَا فِي سَقْيِ اللَّبَإِ وَإِنْقَاذِ نَحْوِ غَرِيقٍ وَتَعْلِيمِ نَحْوِ الْفَاتِحَةِ، فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ عَصَى وَلَا ضَمَانَ، وَلَوْ تَعَدَّدَ الْأُمَنَاءُ الْقَادِرُونَ فَالْأَوْجَهُ تَعَيُّنُهَا عَلَى كُلٍّ. ـــــــــــــــــــــــــــــSالْفَاءِ؛ لِأَنَّ مَا بَعْدَهَا خَبَرٌ عَنْ هِيَ وَيَجُوزُ جَعْلُهَا جَوَابًا لِأَنَّ (قَوْلُهُ: وقَوْله تَعَالَى) أَيْ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَوْله تَعَالَى إلَخْ (قَوْلُهُ: طَنْطَنَتُهُ) أَيْ كَلَامُهُ الدَّالُّ عَلَى شِدَّةِ فَصَاحَتِهِ، وَفِي الْقَامُوسِ الطَّنِينُ كَأَمِيرٍ صَوْتُ الذُّبَابِ كَطَنْطَنَ، وَالطَّنْطَنَةُ حِكَايَةُ صَوْتِ الطُّنْبُورِ وَشَبَهِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْ أَخَذَهَا) قَالَ سم عَلَى حَجّ: كَأَنَّ وَجْهَ التَّفْسِيرِ بِذَلِكَ أَنَّ الْقَبُولَ لَفْظًا لَا يُشْتَرَطُ كَمَا سَيَأْتِي، لَكِنْ سَيَأْتِي أَيْضًا أَنَّهُ يَكْفِي اللَّفْظُ مِنْ جِهَةِ الْوَدِيعِ فَهَلْ يَحْرُمُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِلْأَخْذِ الْحَرَامِ أَوْ؛ لِأَنَّهُ تَعَاطِي عَقْدٍ فَاسِدٍ اهـ؟ أَقُولُ: الظَّاهِرُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ حَيْثُ عَلِمَ الْمَالِكُ بِحَالِهِ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمَالِكَ إذَا عَلِمَ بِحَالِ الْآخِذِ لَا يَحْرُمُ الْقَبُولُ وَلَا يُكْرَهُ (قَوْلُهُ: كُرِهَ لَهُ قَبُولُهَا) وَتُتَصَوَّرُ الْإِبَاحَةُ فِيهَا أَيْضًا بِأَنْ شَكَّ فِي أَمَانَةِ نَفْسِهِ، لَكِنَّ قَوْلَهُ وَلَمْ يَثِقْ إلَخْ يَقْتَضِي الْكَرَاهَةَ فِي هَذِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ تَمْكِينُهُ مِنْهُ) أَيْ مَا لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ صَرْفُهُ فِي مَعْصِيَةٍ وَإِلَّا حَرُمَ (قَوْلُهُ: وَأَثَرُ التَّحْرِيمِ) أَيْ حَيْثُ قُلْنَا بِهِ (قَوْلُهُ: مَقْصُورٌ عَلَى الْإِثْمِ) أَيْ فَلَا يَتَعَدَّاهُ إلَى الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَانَ) هُوَ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ وَأَثَرُ التَّحْرِيمِ مَقْصُورٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَهِيَ مَضْمُونَةٌ) أَيْ عَلَى الدَّافِعِ وَالْآخِذِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ وَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَى مَنْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ تَحْتَ يَدِهِ (قَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ) أَيْ أَخْذِ مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يَثِقُ بِأَمَانَةِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهُ) أَيْ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْقَبُولِ لَضَاعَتْ عَلَى مَالِكِهَا (قَوْلُهُ: وَابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ) أَيْ حَيْثُ مَنَعَا أَخْذَ أُجْرَةِ الْحِفْظِ (قَوْلُهُ: عَصَى وَلَا ضَمَانَ) بَقِيَ مَا لَوْ تَعَيَّنَ وَلَمْ يَعْلَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَخْذُهَا) أَيْ لَا مُجَرَّدُ قَبُولِهَا بِاللَّفْظِ، إذْ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْمُودَعِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَالْإِيدَاعُ صَحِيحٌ مَعَ الْحُرْمَةِ) أَيْ حَيْثُ قُلْنَا بِهَا

مَنْ سَأَلَهُ مِنْهُمْ عِنْدَ وُجُوبِ قَبُولِهَا لِئَلَّا يُؤَدِّيَ التَّوَاكُلُ إلَى تَلَفِهَا. (وَشَرْطُهُمَا) أَيْ الْمُودِعِ وَالْوَدِيعُ الدَّالُّ عَلَيْهِمَا مَا قَبْلَهُمَا (شَرْطُ مُوَكِّلٍ وَوَكِيلٍ) لِمَا مَرَّ أَنَّهَا تَوْكِيلٌ فِي الْحِفْظِ فَلَا يَجُوزُ إيدَاعُ مُحْرِمٍ صَيْدًا وَلَا كَافِرٍ نَحْوَ مُصْحَفٍ وَمَرَّتْ شُرُوطُهُمَا فِي الْوَكَالَةِ مَعَ مَا يُسْتَثْنَى مِنْهُ لِمَعْنًى يَأْتِي هُنَا فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ إيدَاعُ مُكَاتَبٍ لَكِنْ بِأُجْرَةٍ لِامْتِنَاعِ تَبَرُّعِهِ بِمَنَافِعِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ (وَيُشْتَرَطُ) مُرَادُهُ بِالشَّرْطِ هُنَا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ (صِيغَةُ الْمُودِعِ) بِلَفْظٍ أَوْ إشَارَةِ أَخْرَسَ مُفْهِمَةٍ صَرِيحَةً كَانَتْ (كَاسْتَوْدَعْتُك هَذَا أَوْ اسْتَحْفَظْتُك أَوْ أَنَبْتُك فِي حِفْظِهِ) أَوْ أَوْدَعْتُكَهُ أَوْ اسْتَوْدِعْهُ أَوْ اسْتَحْفِظْهُ أَوْ كِنَايَةً كَخُذْهُ مَعَ النِّيَّةِ وَالْكِتَابَةِ مِنْهَا فَلَا يَجِبُ عَلَى حَمَّامِيٍّ حِفْظُ نَحْوِ ثِيَابٍ لَمْ يَسْتَحْفِظْهَا وَإِنْ اقْتَضَتْ الْعَادَةُ حِفْظَهَا خِلَافًا لِلْقَاضِي، فَلَوْ ضَاعَتْ لَمْ يَضْمَنْهَا وَإِنْ فَرَّطَ فِي حِفْظِهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَحْفَظَهُ وَقَبِلَ مِنْهُ أَوْ أَعْطَاهُ أُجْرَةً لِحِفْظِهَا فَيَضْمَنُهَا إنْ فَرَّطَ، كَأَنْ نَامَ أَوْ غَابَ أَوْ نَعَسَ وَلَمْ يَسْتَحْفِظْ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ كَمَا لَا يَخْفَى وَإِنْ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ وَمِثْلُ ذَلِكَ الدَّوَابُّ فِي الْخَانِ فَلَا يَضْمَنُهَا الْخَانِيُّ إلَّا إنْ قَبِلَ الِاسْتِحْفَاظَ أَوْ الْأُجْرَةَ، وَلَيْسَ مِنْ التَّفْرِيطِ فِيهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَالِكُ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ السُّؤَالُ لِلْمَالِكِ وَأَخْذُهَا مِنْهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ: وَلَا كَافِرٍ نَحْوَ مُصْحَفٍ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ فِي الْبَيْعِ، وَيَجُوزُ بِلَا كَرَاهَةٍ ارْتِهَانٌ وَاسْتِيدَاعٌ وَاسْتِعَارَةُ الْمُسْلِمِ نَحْوَ الْمُصْحَفِ وَبِكَرَاهَةِ إجَارَةِ عَيْنِهِ وَإِعَارَتِهِ وَإِيدَاعِهِ، لَكِنْ يُؤْمَرُ بِوَضْعِ الْمَرْهُونِ عِنْدَ عَدْلٍ وَيَنُوبُ عَنْهُ مُسْلِمٌ فِي قَبْضِ الْمُصْحَفِ؛ لِأَنَّهُ مُحْدِثٌ انْتَهَى قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: وَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى وَضْعِ الْيَدِ وَمَا هُنَاكَ عَلَى الْعَقْدِ انْتَهَى. لَكِنْ يُتَأَمَّلُ هَذَا الْجَوَابُ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَدِيعَةِ، فَإِنَّ الْوَدِيعَ لَيْسَ لَهُ الِاسْتِنَابَةُ فِي حِفْظِهَا (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ إيدَاعُ مُكَاتَبٍ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ وَالْمُرَادُ قَبُولُهُ الْوَدِيعَةَ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَبِلَهَا بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ لَمْ يَجُزْ وَلَزِمَ الْمُودِعَ أُجْرَةُ مِثْلِ عَمَلِ الْوَدِيعِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ تَلِفَتْ فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهَا فَاسِدَةٌ وَهُوَ كَالصَّحِيحَةِ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ وَالْكِتَابَةُ مِنْهَا) أَيْ الْكِنَايَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ الْإِثْمِ إذَا ذَهَبَ وَتَرَكَهَا حَتَّى ضَاعَتْ، وَقَدْ يُخَالِفُهُ مَا فِي الْهَامِشِ عَنْ حَجّ مِنْ أَنَّهُ يَأْثَمُ إذَا لَمْ يَقْبَلْ وَلَمْ يَقْبِضْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: ذَاكَ فِيمَا إذَا وُجِدَ لَفْظٌ مِنْ الْمَالِكِ يَدُلُّ عَلَى طَلَبِ الْحِفْظِ، وَمَا هُنَا فِيمَا إذَا وَضَعَهَا صَاحِبُهَا بِلَا لَفْظٍ أَلْبَتَّةَ (قَوْلُهُ: وَقَبِلَ مِنْهُ) أَيْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ جَمِيعَ الْحَوَائِجِ ظَاهِرَهَا وَبَاطِنَهَا إذَا كَانَتْ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِحِفْظِهِ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ كِيسِ نَقْدٍ مَثَلًا مَا لَمْ يُعَيِّنْهُ لَهُ بِشَخْصِهِ، فَإِنْ عَيَّنَهُ لَهُ كَذَلِكَ ضَمِنَ. وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يَنْتَهِزْ السَّارِقُ الْفُرْصَةَ، فَإِنْ انْتَهَزَهَا لَا ضَمَانَ، وَقَوْلُنَا يَضْمَنُ جَمِيعَ الْحَوَائِجِ: أَيْ سَوَاءٌ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ كَأَنْ لَمْ تَجْرِ صِيغَةُ إجَارَةٍ أَمْ لَا كَأَنْ اسْتَأْجَرَهُ لِحِفْظِهَا مُدَّةً مُعَيَّنَةً (قَوْلُهُ: أَوْ أَعْطَاهُ أُجْرَةً) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الْوَدِيعُ بِاللَّفْظِ وَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظٍ مِنْ الْمَالِكِ، وَبِهِ يُشْعِرُ قَوْلُهُ أَعْطَاهُ أُجْرَةً لِحِفْظِهَا، وَكَتَبَ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ قَوْلُهُ أَوْ أَعْطَاهُ أُجْرَةً وَذَهَابُهُ بِدُونِهَا: أَيْ الْوَدِيعَةِ وَالْمَالِكُ حَاضِرٌ رَدَّ وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ هُنَا مُطْلَقًا فِيمَا يَظْهَرُ، خِلَافًا لِمَا تُوهِمُهُ بَعْضُ الْعِبَارَاتِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ الرَّدِّ الَّذِي عَلِمَ بِهِ الْمَالِكُ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ تَقْصِيرٌ بِوَجْهٍ، بِخِلَافِهِ فِيمَا إذَا لَمْ يَقْبَلْ وَلَمْ يَقْبِضْ فَإِنَّهُ يَأْثَمُ إنْ ذَهَبَ وَتَرَكَهَا بَعْدَ غَيْبَةِ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّ غَرَّهُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ غَابَ) لَعَلَّ الْمُرَادَ إنْ طَرَأَ لَهُ مَا يَقْتَضِي غَيْبَتَهُ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ رَدِّهَا لِلْمَالِكِ لِمَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ أَرَادَ السَّفَرَ أَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِاسْتِحْفَاظِ غَيْرِهِ لِمَنْ عَرَضَ لَهُ عُذْرٌ أَوْ مُطْلَقًا لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَى الْحِرْزِ أَوْ يَحْفَظُهَا وَلَوْ أَجْنَبِيًّا إنْ بَقِيَ نَظَرُهُ عَلَيْهَا كَالْعَادَةِ (قَوْلُهُ وَإِنْ فَسَدَتْ) غَايَةٌ لِقَوْلِهِ فَيَضْمَنُهَا (قَوْلُهُ إلَّا إنْ قَبِلَ الِاسْتِحْفَاظَ) وَمِنْهُ اذْهَبْ وَخَلِّهَا، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ الْآتِي: أَوْ ضَعْهُ فَوَضَعَهُ إلَخْ. قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَمَنْ رَبَطَ دَابَّتَهُ فِي خَانْ وَاسْتَحْفَظَ صَاحِبَهُ فَخَرَجَتْ فِي بَعْضِ غَفَلَاتِهِ أَوْ لَمْ يَسْتَحْفِظْهُ بَلْ قَالَ أَيْنَ أَرْبُطُهَا فَقَالَ هُنَا ثُمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا كَافِرٍ نَحْوُ مُصْحَفٍ) نَبَّهَ الشِّهَابُ سم عَلَى أَنَّ فِيهِ مُخَالَفَةً لِمَا مَرَّ أَوَائِلَ الْبَيْعِ فَلْيُرَاجَعْ.

مَا لَوْ كَانَ يُلَاحِظُ عَلَى الْعَادَةِ فَتَغَفَّلَهُ سَارِقٌ أَوْ خَرَجَتْ الدَّابَّةُ فِي بَعْضِ غَفَلَاتِهِ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ فِي الْحِفْظِ الْمُعْتَادِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّقْصِيرِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ) لِصِيغَةِ الْعَقْدِ أَوْ الْأَمْرِ (لَفْظًا وَيَكْفِي) مَعَ عَدَمِ اللَّفْظِ (الْقَبْضُ) أَيْ الْمَارُّ فِي الْبَيْعِ لَا غَيْرِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَا تُعْتَبَرُ فِيهِ الْفَوْرِيَّةُ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ فَالشَّرْطُ عَدَمُ الرَّدِّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ فِعْلٍ مَعَ الْقَبُولِ، فَلَوْ قَالَ هَذَا وَدِيعَةٌ أَوْ احْفَظْهُ فَقَالَ قَبِلْت أَوْ ضَعْهُ فَوَضَعَهُ كَانَ إيدَاعًا وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ سَوَاءٌ الْمَسْجِدُ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ أَقْوَى مِنْ مُجَرَّدِ الْفِعْلِ، وَقَدْ رَجَّحَ ذَلِكَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ لَفْظًا. وَالثَّالِثُ يُفَرَّقُ بَيْنَ صِيغَةِ الْأَمْرِ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ، وَلَوْ وُجِدَ لَفْظٌ مِنْ الْوَدِيعِ وَإِعْطَاءٌ مِنْ الْمُودِعِ كَانَ إيدَاعًا أَيْضًا فِيمَا يَظْهَرُ وِفَاقًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ، فَالشَّرْطُ لَفْظُ أَحَدِهِمَا وَفِعْلُ الْآخَرِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ، وَيَدْخُلُ وَلَدُ الْوَدِيعَةِ تَبَعًا لَهَا؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْإِيدَاعَ عَقْدٌ لَا مُجَرَّدُ إذْنٍ فِي الْحِفْظِ: أَيْ وَكَانَتْ حَالُ الْعَقْدِ حَامِلًا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَلَدِ الْمَرْهُونَةِ وَالْمُؤَجَّرَةِ بِأَنَّ تَعَلُّقَ الرَّهْنِ أَوْ الْإِجَارَةِ بِهِ فِيهِ إلْحَاقُ ضَرَرٍ بِالْمَالِكِ لَمْ يَرْضَ بِهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا؛ لِأَنَّ حِفْظَهُ مَنْفَعَةٌ لَهُ فَهُوَ رَاضٍ بِهِ قَطْعًا، وَلَوْ قَالَ لَهُ خُذْ هَذَا يَوْمًا وَدِيعَةً وَيَوْمًا غَيْرَ وَدِيعَةٍ فَوَدِيعَةٌ أَبَدًا، أَوْ خُذْهُ يَوْمًا وَدِيعَةً وَيَوْمًا عَارِيَّةً فَوَدِيعَةٌ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَعَارِيَّةٌ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، وَلَمْ يَعُدْ بَعْدَ يَوْمِ الْعَارِيَّةِ وَدِيعَةً وَلَا عَارِيَّةً بَلْ تَصِيرُ يَدُهُ يَدَ ضَمَانٍ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فَلَوْ عَكَسَ الْأُولَى فَقَالَ خُذْهُ يَوْمًا غَيْرَ وَدِيعَةٍ وَيَوْمًا وَدِيعَةً فَالْقِيَاسُ أَنَّهَا أَمَانَةٌ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــSفَقَدَهَا لَمْ يَضْمَنْ اهـ. أَقُولُ: وَيُقَالُ مِثْلُهُ فِي الْحَمَّامِيِّ، فَلَوْ وَجَدَ الْمَكَانَ مَزْحُومًا مَثَلًا وَقَالَ لَهُ أَيْنَ أَضَعُ حَوَائِجِي فَقَالَ ضَعْهَا هُنَا فَضَاعَتْ لَمْ يَضْمَنْ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْوَكَالَةِ) أَيْ حَيْثُ قِيلَ فِيهَا بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ ثَمَّ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: فَالشَّرْطُ لَفْظُ أَحَدِهِمَا) وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا: وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا حَمَّلَ دَابَّتَهُ حَطَبًا وَطَلَبَ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ يَأْخُذُوهَا مَعَهُمْ إلَى مِصْرٍ وَيَبِيعُوا الْحَطَبَ لَهُ فَامْتَنَعُوا مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَقْبَلُوهَا مِنْهُ، فَتَخَلَّفَ عَنْهُمْ عَلَى نِيَّةِ أَنْ يَأْتِيَ بِأَثْوَابِ السَّفَرِ وَيَلْحَقَهُمْ فِي الطَّرِيقِ فَلَمْ يَفْعَلْ، ثُمَّ إنَّهُمْ حَضَرُوا بِهَا إلَى مِصْرٍ وَتَصَرَّفُوا فِي الْحَطَبِ لِغَيْبَةِ صَاحِبِهِ وَوَضَعُوا الدَّابَّةَ عِنْدَ دَوَابِّهِمْ فَضَاعَتْ بِلَا تَقْصِيرٍ وَهُوَ عَدَمُ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: وَيَدْخُلُ وَلَدُ الْوَدِيعَةِ إلَخْ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: هَلْ الْمُرَادُ بِوَلَدِ الْوَدِيعَةِ مَا وَلَدَتْهُ عِنْدَ الْوَدِيعِ أَوْ مَا يَتْبَعُهَا بَعْدَ إيدَاعِهَا أَوْ كِلَاهُمَا، وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالدُّخُولِ الثَّانِي انْتَهَى. لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ الشَّارِحِ: أَيْ وَكَانَتْ حَالَ الْعَقْدِ حَامِلًا الْأَوَّلَ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْوَلَدَ الْمُنْفَصِلَ قَبْلَ الْإِيدَاعِ لَا يَدْخُلُ فِي الْعَقْدِ، وَحِينَئِذٍ فَيُشْكِلُ قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ؛ لِأَنَّ وَلَدَ الْمَرْهُونَةِ إنْ كَانَ حَمْلًا وَقْتَ الرَّهْنِ دَخَلَ، وَعَلَيْهِ الْوَدِيعَةُ وَالرَّهْنُ سِيَّانَ، وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ فِي بَابِ الرَّهْنِ: وَدَخَلَ فِي رَهْنِ حَامِلٍ حَمْلُهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ فَهُوَ رَهْنٌ، بِخِلَافِ رَهْنِ الْحَائِلِ لَا يَتْبَعُهَا حَمْلُهَا الْحَادِثُ فَلَيْسَ بِرَهْنٍ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ وَيَتَعَذَّرُ بَيْعُهَا حَامِلًا انْتَهَى. نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ مَفْهُومَ قَوْلِهِ وَكَانَتْ حَامِلًا فِيهِ تَفْصِيلٌ، وَهُوَ أَنَّ الْوَلَدَ الْمُنْفَصِلَ لَا يَدْخُلُ فِي الْإِيدَاعِ، بِخِلَافِ الْحَمْلِ الْحَادِثِ فِي يَدِ الْوَدِيعِ، وَالتَّقْدِيرُ فِي عِبَارَتِهِ أَوْ كَانَتْ حَامِلًا أَوْ حَدَثَ الْحَمْلُ فِي يَدِ الْوَدِيعِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَادِثِ وَوَلَدِ الْمَرْهُونَةِ الْحَادِثِ بَعْدَ الرَّهْنِ إلَخْ، وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفًا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي الرَّهْنِ (قَوْلُهُ: بَلْ تَسِيرُ يَدُهُ يَدَ ضَمَانٍ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُهُ، وَلَعَلَّهُ أَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي عَارِيَّةً كَانَتْ مَضْمُونَةً عَلَى مَنْ هِيَ بِيَدِهِ بِحُكْمِ الْعَارِيَّةِ فَيُسْتَصْحَبُ وَإِنْ انْتَهَتْ الْعَارِيَّةُ؛ لِأَنَّ غَايَتَهَا أَنَّهَا فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْعَارِيَّةِ (قَوْلُهُ: فَالْقِيَاسُ أَنَّهَا أَمَانَةٌ) أَيْ مِنْ وَقْتِ الْأَخْذِ (قَوْلُهُ: بَلْ أَمَانَةٌ شَرْعِيَّةٌ) أَيْ فَتَكُونُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ إنْ فَرَّطَ فِي حِفْظِهَا قَبْلَ إعْلَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَكَانَتْ حَامِلًا) أَيْ عِنْدَ الْعَقْدِ

بِإِذْنِ الْمَالِكِ وَلَيْسَتْ عَقْدَ وَدِيعَةٍ، وَإِنْ عَكَسَ الثَّانِيَةَ فَالْقِيَاسُ أَنَّهَا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ عَارِيَّةٌ وَفِي الثَّانِي أَمَانَةٌ، وَيُشْبِهُ أَنَّهَا لَا تَكُونُ وَدِيعَةً. (وَلَوْ) (أَوْدَعَهُ صَبِيٌّ) وَلَوْ مُرَاهِقًا كَامِلُ الْعَقْلِ (أَوْ مَجْنُونٌ) (مَا لَمْ يَقْبَلْهُ) أَيْ لَمْ يَجُزْ لَهُ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ كَالْعَدَمِ لِانْتِفَاءِ أَهْلِيَّتِهِ (فَإِنْ قَبِلَ) الْمَالَ وَقَبَضَهُ (ضَمِنَ) لِعَدَمِ الْإِذْنِ الْمُعْتَبَرِ كَالْغَاصِبِ بِأَقْصَى الْقِيَمِ وَلَمْ يَبْرَأْ إلَّا بِرَدِّهِ لِمَالِكِ أَمْرِهِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ فَاسِدُ الْوَدِيعَةِ كَصَحِيحِهَا، وَمَا يُقَالُ أَخْذًا مِنْ هَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ بَاطِلِ الْوَدِيعَةِ وَفَاسِدِهَا، وَوَجْهُ انْدِفَاعِ هَذَا أَنَّهَا حَيْثُ قُبِضَتْ بِإِذْنٍ مُعْتَبَرٍ فَفَاسِدُهَا كَصَحِيحِهَا وَحَيْثُ لَا فَلَا، فَالْفَرْقُ هُنَا بَيْنَ الْبَاطِلِ وَالْفَاسِدِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ عِنْدَ الْأَمْنِ مِنْ ضَيَاعِهَا، فَإِنْ خَافَهُ وَأَخَذَهَا حِسْبَةً لَمْ يَضْمَنْ كَمَا مَرَّ وَكَذَا لَوْ أَتْلَفَ نَحْوُ صَبِيٍّ مُودَعٍ وَدِيعَتَهُ بِلَا تَسْلِيطٍ مِنْ الْوَدِيعِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ لَا يُمْكِنُ إحْبَاطُهُ وَتَضْمِينُهُ مَالَ نَفْسِهِ مُحَالٌ فَتَعَيَّنَتْ بَرَاءَةُ الْوَدِيعِ. (وَلَوْ) (أَوْدَعَ) مَالِكٌ كَامِلٌ (صَبِيًّا) أَوْ مَجْنُونًا (مَالًا فَتَلِفَ عِنْدَهُ) وَلَوْ بِتَفْرِيطِهِ (لَمْ يَضْمَنْ) إذْ لَا يَصِحُّ الْتِزَامُهُ لِلْحِفْظِ (وَإِنْ أَتْلَفَهُ) وَهُوَ مُتَمَوِّلٌ إذْ غَيْرُهُ لَا يَضْمَنُ (ضَمِنَ فِي الْأَصَحِّ) وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا عَقْدٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الضَّمَانِ وَلَمْ يُسَلِّطْهُ عَلَى إتْلَافِهِ. وَالثَّانِي لَا كَمَا لَوْ بَاعَهُ شَيْئًا وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْبَيْعَ إذْنٌ فِي الِاسْتِهْلَاكِ بِخِلَافِ الْإِيدَاعِ. أَمَّا لَوْ أَوْدَعَهُ نَاقِصٌ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ التَّامِّ (وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ كَصَبِيٍّ) مُودِعًا وَوَدِيعًا فِيمَا ذُكِرَ فِيهِمَا بِجَامِعِ عَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِفِعْلِ كُلٍّ، وَقَوْلُهُ أَمَّا السَّفِيهُ الْمُهْمِلُ فَالْإِيدَاعُ مِنْهُ وَإِلَيْهِ كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ فَتَصِحُّ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَالْقِنُّ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ كَالصَّبِيِّ فَلَا يَضْمَنُ بِالتَّلَفِ وَإِنْ فَرَّطَ خِلَافًا لِلْجُرْجَانِيِّ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَتْلَفَ فَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ (وَتَرْتَفِعُ) الْوَدِيعَةُ: أَيْ يَنْتَهِي حُكْمُهَا (بِمَوْتِ الْمُودِعِ) بِكَسْرِ الدَّالِ (أَوْ الْمُودَعِ) بِفَتْحِهَا (وَجُنُونِهِ وَإِغْمَائِهِ) وَبِالْحَجْرِ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ، وَكَذَا عَلَى الْمُودِعِ لِفَلَسٍ وَبِعَزْلِهِ لِنَفْسِهِ وَبِعَزْلِ الْمَالِكِ لَهُ وَبِالْإِنْكَارِ بِلَا غَرَضٍ؛ لِأَنَّهَا وَكَالَةٌ فِي الْحِفْظِ، وَهِيَ تَرْتَفِعُ بِذَلِكَ وَبِكُلِّ فِعْلٍ مُضَمَّنٍ وَبِنَقْلِ الْمَالِكِ الْمَلِكَ فِيهَا بِنَحْوِ بَيْعٍ. وَفَائِدَةُ الِارْتِفَاعِ أَنَّهَا تَصِيرُ أَمَانَةً شَرْعِيَّةً فَعَلَيْهِ الرَّدُّ لِمَالِكِهَا أَوْ وَلِيِّهِ إنْ عَرَفَهُ: أَيْ إعْلَامُهُ بِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَالِكِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ أَوْدَعَهُ صَبِيٌّ) أَيْ الرَّشِيدُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ أَوْدَعَ مَالَ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ مِنْهُ، فَإِنْ أَوْدَعَ بِإِذْنٍ مِنْ الْمَالِكِ الْمُعْتَبَرِ إذْنُهُ لَمْ يَضْمَنْ الْوَدِيعُ. قَالَ حَجّ نَقْلًا عَنْ الْأَنْوَارِ: وَمَنْ تَبِعَهُ بِعَدَمِ الضَّمَانِ فِي صَبِيٍّ جَاءَ بِحِمَارٍ لِرَاعٍ: أَيْ وَالْحِمَارُ لِغَيْرِ الْآذِنِ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَلَا نَظَرَ لِفَسَادِ الْعَقْدِ هُنَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، إذْ الصَّبِيُّ لَا يَصِحُّ تَوَكُّلُهُ عَنْ غَيْرِهِ فِي غَيْرِ نَحْوِ إيصَالِ الْهَدِيَّةِ؛ لِأَنَّ لِلْفَاسِدِ حُكْمَ الصَّحِيحِ ضَمَانًا وَعَدَمَهُ، فَإِطْلَاقُ ذَاكِرِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ لِمَا يَأْتِي فِي إيدَاعِ الصَّبِيِّ مَالَهُ فَقَالَ لَهُ دَعْهُ يَرْتَعُ مَعَ الدَّوَابِّ ثُمَّ سَاقَهَا كَانَ مُسْتَوْدَعًا لَهُ، وَوَاضِحٌ أَنَّ سَوْقَهَا لَيْسَ بِشَرْطٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ خَافَهُ وَأَخَذَهَا حِسْبَةً لَمْ يَضْمَنْ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَرُدَّهَا إلَيْهِ، فَإِنْ رَدَّهَا إلَيْهِ ضَمِنَ. وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلُهُ لَمْ يَضْمَنْ: أَيْ حَيْثُ تَلِفَتْ بِلَا تَقْصِيرٍ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ حَجّ عَدَمُ الضَّمَانِ مُطْلَقًا، وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ سم، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ خَوْفَ ضَيَاعِهَا سَوَّغَ وَضْعَ يَدِهِ عَلَيْهَا فَكَأَنَّهُ بِذَلِكَ الْتَزَمَ حِفْظَهَا (قَوْلُهُ: بِلَا تَسْلِيطٍ) أَيْ فَإِنْ كَانَ بِتَسْلِيطٍ مِنْهُ ضَمِنَ مُمَيِّزًا كَانَ الصَّبِيُّ أَمْ لَا عَلَى مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ. (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ أَوْدَعَهُ نَاقِصٌ) كَصَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ، وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ: أَيْ الصَّبِيَّ (قَوْلُهُ: أَمَّا السَّفِيهُ الْمُهْمِلُ) أَيْ وَهُوَ مَنْ بَلَغَ مُصْلِحًا لِدِينِهِ وَمَالِهِ ثُمَّ بَذَّرَ وَلَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ الْقَاضِي أَوْ فَسَقَ (قَوْلُهُ: وَالْقِنُّ) أَيْ وَلَوْ بَالِغًا عَاقِلًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ فَرَّطَ) عِبَارَةُ عُمَيْرَةَ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: حُكْمُ الْعَبْدِ كَالصَّبِيِّ إلَّا فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا تَلِفَتْ تَحْتَ يَدِ الْعَبْدِ بِتَفْرِيطٍ ضَمِنَ انْتَهَى. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ وَبِالْحَجْرِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ أَنَّهَا تَصِيرُ أَمَانَةً شَرْعِيَّةً) قَالَ سم عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ فَاسِدُ الْوَدِيعَةِ كَصَحِيحِهَا) أَيْ بِقَوْلِهِ لِعَدَمِ الْإِذْنِ الْمُعْتَبَرِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ لَا يَصِحُّ بِإِطْلَاقِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) لَعَلَّهُ فِي الْبَيْعِ

أَوْ بِمَحَلِّهَا فَوْرًا عِنْدَ تَمَكُّنِهِ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ كَضَالَّةٍ وَجَدَهَا وَعَرَفَ مَالِكَهَا فَإِنْ غَابَ رَدَّهَا لِلْحَاكِمِ: أَيْ الْأَمِينِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي وَإِلَّا ضَمِنَ. (وَلَهُمَا) يَعْنِي لِلْمَالِكِ (الِاسْتِرْدَادُ وَ) لِلْوَدِيعِ (الرَّدُّ كُلَّ وَقْتٍ) لِجَوَازِهَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ نَعَمْ يَحْرُمُ الرَّدُّ حَيْثُ وَجَبَ الْقَبُولُ وَيَكُونُ خِلَافَ الْأُولَى حَيْثُ نُدِبَ وَلَمْ يَرْضَهُ الْمَالِكُ، وَتَثْنِيَةُ الضَّمِّ هُنَا لَا يُنَافِيهَا إفْرَادُهُ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا سِيَاقٌ آخَرُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِذَلِكَ بَلْ يَلْزَمُ عَلَى تَعَلُّقِهِ بِهِ فَسَادُ الْحُكْمِ وَهُوَ تَقْيِيدُ قَوْلِهِ وَلَهُمَا بِحَالَةِ ارْتِفَاعِهَا وَلَا قَائِلَ بِهِ (وَأَصْلُهَا) وَلَوْ بِجُعْلٍ وَإِنْ كَانَتْ فَاسِدَةً بِقَيْدِهَا السَّابِقِ (الْأَمَانَةُ) بِمَعْنَى أَنَّهَا مُتَأَصِّلَةٌ فِيهَا لَا تَبَعٌ كَالرَّهْنِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّاهَا أَمَانَةً بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} [البقرة: 283] وَلِئَلَّا تَرْغَبَ النَّاسُ عَنْهَا. وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِنَا وَإِنْ كَانَتْ فَاسِدَةً أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ رُكُوبَهَا أَوْ لُبْسَهَا كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ أَمَانَةً وَبَعْدَهُ عَارِيَّةً فَاسِدَةً. (وَقَدْ) (تَصِيرُ الْوَدِيعَةُ مَضْمُونَةً) عَلَى الْوَدِيعِ بِالتَّقْصِيرِ فِيهَا (لِعَوَارِضَ) وَلَهُ أَسْبَابٌ أَشَارَ إلَى بَعْضِهَا فَقَالَ (مِنْهَا أَنْ يُودِعَ غَيْرَهُ) وَلَوْ وَلَدَهُ وَزَوْجَتَهُ وَقِنَّهُ، نَعَمْ كَمَا يَأْتِي الِاسْتِعَانَةُ بِهِمْ حَيْثُ لَمْ تَزَلْ يَدُهُ لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ بِهِ (بِلَا إذْنٍ وَلَا عُذْرٍ فَيَضْمَنُ) الْوَدِيعَةَ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يَرْضَ بِأَمَانَةِ غَيْرِهِ وَلَا يَدِهِ أَيْ فَيَكُونُ طَرِيقًا فِي ضَمَانِهَا وَالْقَرَارُ عَلَى مَنْ تَلِفَتْ عِنْدَهُ فَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ مَنْ شَاءَ، فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الثَّانِيَ وَيَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الْأَوَّلِ إنْ كَانَ جَاهِلًا، أَمَّا الْعَامُّ فَلَا؛ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ، أَوْ الْأَوَّلُ رَجَعَ عَلَى الثَّانِي إنْ عَلِمَ لَا إنْ جَهِلَ (وَقِيلَ إنْ أَوْدَعَ الْقَاضِي لَمْ يَضْمَنْ) ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الشَّرْعِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَإِنْ غَابَ الْمَالِكُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَرْضَى بِهِ، وَشَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ طَالَتْ غَيْبَةُ الْمَالِكِ فَيَضْمَنُ عَلَى الْأَوَّلِ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ، وَيَلْزَمُ الْقَاضِيَ قَبُولُ عَيْنٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSحَجّ: ظَاهِرُهُ الرُّجُوعُ لِجَمِيعِ مَا سَبَقَ وَهُوَ مُشْكِلٌ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ وَبِكُلِّ فِعْلٍ مُضَمَّنٍ بَلْ وَبِقَوْلِهِ وَبِالْإِقْرَارِ بِهَا لِآخَرَ إذْ مَعَ صُدُورِ الْفِعْلِ الْمُضَمَّنِ الْمُقْتَضِي لِلتَّعَدِّي كَيْفَ تَثْبُتُ الْأَمَانَةُ اهـ. وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ قَوْلَهُ وَفَائِدَةَ الِارْتِفَاعِ إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَرْتَفِعُ بِمَوْتٍ إلَخْ، وَتَعْلِيلُهُ يَقْتَضِي أَنَّهَا بِالْفِعْلِ الْمُضَمَّنِ لَا تَصِيرُ أَمَانَةً لِتَعَدِّيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَحَلِّهَا فَوْرًا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَشَقَّةٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ كَضَالَّةٍ) وَمِنْهَا قِنٌّ أَوْ حَيَوَانٌ هَرَبَ مِنْ مَالِكِهِ وَدَخَلَ فِي دَارِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ حِفْظُهُ إلَى أَنْ يَعْلَمَ مَالِكُهُ، فَلَوْ تَرَكَهُ حَتَّى خَرَجَ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ. (قَوْلُهُ بِقَيْدِهَا السَّابِقِ) وَهُوَ كَوْنُ وَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهَا بِإِذْنٍ مُعْتَبَرٍ مِنْ الْمَالِكِ ثُمَّ رَأَيْته فِي سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ وَبَعْدَهُ عَارِيَّةً فَاسِدَةً) اُنْظُرْ وَجْهَ الْفَسَادِ، وَلَعَلَّ وَجْهَ فَسَادِهَا أَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ الْإِعَارَةَ فِيهَا مَقْصُودَةً وَإِنَّمَا جَعَلَهَا شَرْطًا فِي مُقَابَلَةِ الْحِفْظِ. (قَوْلُهُ وَزَوْجَتَهُ وَقِنَّهُ) أَيْ أَوْ الْقَاضِيَ أَيْضًا وَإِيدَاعُهُمْ بِأَنْ يَرْفَعَ يَدَهُ عَنْهَا وَيُفَوِّضَ أَمْرَ حِفْظِهَا إلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَهُ كَمَا يَأْتِي) الْأَوْلَى جَعْلُهُ خَارِجًا بِقَوْلِهِ أَنْ يُودِعَ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الِاسْتِعَانَةِ بِغَيْرِهِ لَيْسَ إيدَاعًا (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ تَزُلْ يَدُهُ) أَيْ بِأَنْ يُعَدَّ حَافِظًا لَهَا عُرْفًا (قَوْلُهُ: أَوْ الْأَوَّلُ) أَيْ وَإِنْ ضَمِنَ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ الْقَاضِي قَبُولُ عَيْنٍ) وَهُوَ وَاضِحٌ وَإِنْ جَازَ لِمَنْ هِيَ تَحْتَ يَدِهِ دَفْعُهَا لَهُ أَمَّا عِنْدَ امْتِنَاعِهِ فَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ، وَحُمِلَ مَا هُنَا عَلَى إذَا كَانَ لِلْوَدِيعِ عُذْرٌ خِلَافَ الظَّاهِرِ، فَإِنَّ الْكَلَامَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَمْ يَرْضَهُ الْمَالِكُ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: قَبْلَ ذَلِكَ) أَيْ الرُّكُوبِ أَوْ اللُّبْسِ (قَوْلُهُ: بِالتَّقْصِيرِ فِيهَا) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الصَّرْفَ صَارَ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقَدْ تَصِيرُ مَضْمُونَةً بَدَلًا عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِعَوَارِضَ وَانْظُرْ بِمَاذَا يَصِيرُ هَذَا مُتَعَلِّقًا حِينَئِذٍ، وَلَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِالتَّقْصِيرِ كَمَا لَا يَخْفَى وَكَذَلِكَ لَا يَصِحُّ كَوْنُهُ بَدَلًا مِنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَسْبَابٌ) أَيْ لِلتَّقْصِيرِ (قَوْلُهُ: وَالْقَرَارُ عَلَى مَنْ تَلِفَتْ عِنْدَهُ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ الثَّانِي إذَا تَلِفَتْ عِنْدَهُ جَاهِلًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَصَرَّحَ بِهِ هُنَا حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ الْأَوَّلَ) مُرَادُهُ عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ الثَّانِي مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الثَّانِيَ لَكِنَّ الْعِبَارَةَ حِينَئِذٍ غَيْرُ مُنْسَجِمَةٍ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ فِي الْأُولَى نَصُّهَا: فَإِنْ ضَمَّنَ الثَّانِي إلَخْ، فَصَحَّ لَهُ هَذَا الْعَطْفُ فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ حَيْثُ

لِغَائِبٍ إنْ كَانَتْ أَمَانَةً، بِخِلَافِ الدَّيْنِ وَالْمَضْمُونَةِ كَمَا يَأْتِي بِمَا فِيهِ قُبَيْلَ الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهُمَا فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ وَيَدِ الضَّامِنِ أَحْفَظُ، أَمَّا مَعَ الْعُذْرِ كَسَفَرٍ: أَيْ مُبَاحٍ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَمَرَضٍ وَخَوْفٍ فَلَا يَضْمَنُ بِإِيدَاعِهَا عِنْدَ تَعَذُّرِ الْمَالِكِ وَوَكِيلِهِ لِقَاضٍ: أَيْ أَمِينٍ ثُمَّ لِعَدْلٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، وَمَا نُوزِعَ بِهِ فِي التَّقْيِيدِ بِالْمُبَاحِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ إيدَاعَهَا رُخْصَةٌ فَلَا يُبِيحُهَا سَفَرُ الْمَعْصِيَةِ (وَإِذَا لَمْ يُزِلْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (يَدَهُ عَنْهَا جَازَتْ) لَهُ (الِاسْتِعَانَةُ بِمَنْ يَحْمِلُهَا) وَلَوْ خَفِيفَةً أَمْكَنَهُ حَمْلُهَا بِلَا مَشَقَّةٍ فِيمَا يَظْهَرُ (إلَى الْحِرْزِ) أَوْ يَحْفَظُهَا وَلَوْ أَجْنَبِيًّا إنْ بَقِيَ نَظَرُهُ عَلَيْهَا كَالْعَادَةِ، وَالْأَقْرَبُ اشْتِرَاطُ كَوْنِهِ ثِقَةً إنْ غَابَ عَنْهُ لَا إنْ لَازَمَهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ الْآتِي وَلَوْ أَرْسَلَهَا مَعَ مَنْ يَسْقِيهَا وَهُوَ غَيْرُ ثِقَةٍ ضَمِنَهَا (أَوْ يَضَعُهَا فِي خِزَانَةٍ) بِكَسْرِ الْخَاءِ مِنْ خَشَبٍ أَوْ بِنَاءٍ مَثَلًا كَمَا شَمَلَهُ كَلَامُهُمْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ وَيَظْهَرُ اشْتِرَاطُ مُلَاحَظَتِهِ لَهَا وَعَدَمُ تَمْكِينِ الْغَيْرِ مِنْهَا إلَّا إنْ كَانَ ثِقَةً. (وَإِذَا) (أَرَادَ) الْوَدِيعُ (سَفَرًا) مُبَاحًا كَمَا مَرَّ وَإِنْ قَصُرَ وَمَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْمُبَاحِ بِالنِّسْبَةِ لِرَدِّهَا لِغَيْرِ الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ أَمَّا لَهُمَا فَلَا (فَلْيَرُدَّ إلَى الْمَالِكِ) أَوْ وَلِيِّهِ (أَوْ وَكِيلِهِ) الْعَامِّ أَوْ الْخَاصِّ بِهَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ رِضَاهُ بِبَقَائِهَا عِنْدَهُ فِيمَا يَظْهَرُ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ قَصِيرًا كَخُرُوجٍ لِنَحْوِ مَيْلٍ مَعَ سُرْعَةِ عَوْدِهِ، وَمَتَى رَدَّهَا مَعَ وُجُودِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا لِقَاضٍ أَوْ عَدْلٍ ضَمِنَ، وَقَدْ يُقَالُ بِمَنْعِ دَفْعِهَا لِوَكِيلِهِ إذَا عُلِمَ فِسْقُهُ وَجَهِلَهُ الْمُوَكِّلُ وَعُلِمَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ فِسْقَهُ لَمْ يُوَكِّلْهُ (فَإِنْ فَقَدَهُمَا) لِغَيْبَةٍ طَوِيلَةٍ بِأَنْ كَانَتْ مَسَافَةَ قَصْرٍ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ فِي عَدْلِ الرَّهْنِ أَوْ حُبِسَ مَعَ عَدَمِ تَمَكُّنِ الْوُصُولِ لَهُمَا (فَالْقَاضِي) يَرُدُّهَا إلَيْهِ إنْ كَانَ ثِقَةً مَأْمُونًا كَمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ تَصْرِيحِ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْغَائِبِ وَيَلْزَمُهُ الْقَبُولُ كَمَا مَرَّ وَالْإِشْهَادُ عَلَى نَفْسِهِ بِقَبْضِهَا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ، وَلَوْ أَمَرَهُ الْحَاكِمُ بِدَفْعِهَا لِأَمِينٍ كَفَى إذْ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهَا بِنَفْسِهِ كَمَا مَرَّ، قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهَا بِنَفْسِهِ وَلَوْ كَانَ مَالِكُهَا مَحْبُوسًا بِالْبَلَدِ وَتَعَذَّرَ الْوُصُولُ لَهُ فَكَالْغَائِبِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيْبِ، وَيُقَاسُ بِالْحَبْسِ التَّوَارِي وَنَحْوُهُ (فَإِنْ فَقَدَهُ فَأَمِينٌ) بِالْبَلَدِ يَدْفَعُهَا إلَيْهِ لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ بِتَأْخِيرِ السَّفَرِ وَهَلْ يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ بِقَبْضِهَا؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ، أَوْجَهُهُمَا عَدَمُهُ كَمَا فِي الْحَاكِمِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِأَنْ أُبَّهَتَهُ تَأْبَى الْإِشْهَادَ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ غَيْرُ مُجْدٍ، وَمَتَى تَرَكَ هَذَا التَّرْتِيبَ ضَمِنَ حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ قَالَ الْفَارِقِيُّ: إلَّا فِي زَمَنِنَا فَلَا يَضْمَنُ بِالْإِيدَاعِ ثِقَةٌ مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي قَطْعًا لِمَا ظَهَرَ مِنْ فَسَادِ الْحُكَّامِ، وَذَكَرَ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى الْإِيدَاعِ عِنْدَ الْعُذْرِ يَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الدَّيْنِ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ فَوَاتُ مَا ذَكَرَ لِفَلَسٍ أَوْ حَجْرٍ أَوْ فِسْقٍ وَإِلَّا وَجَبَ أَخْذُهُ عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا (قَوْلُهُ: الْمَضْمُونَةِ) أَيْ بَلْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهَا (قَوْلُهُ: أَيْ مُبَاحٍ) وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ بَعْدُ فَلَا يُبِيحُهَا سَفَرُ الْمَعْصِيَةِ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْمُبَاحِ غَيْرَ الْحَرَامِ فَشَمَلَ الْمَكْرُوهَ (قَوْلُهُ: لَا إنْ لَازَمَهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ صَغِيرًا كَوَلَدِهِ وَرَقِيقِهِ حَيْثُ لَازَمَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ يَضَعُهَا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ يَحْمِلُهَا. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ بِمَنْعِ دَفْعِهَا) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَمَرَهُ الْحَاكِمُ بِدَفْعِهَا لِأَمِينٍ كَفَى) وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْقَاضِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِشْهَادُ عَلَى الْأَمِينِ؛ لِأَنَّهُ بِاسْتِنَابَةِ الْقَاضِي لَهُ صَارَ أَمِينَ الشَّرْعِ (قَوْلُهُ: وَتَعَذَّرَ الْوُصُولُ لَهُ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ الْمَشَقَّةُ الْقَوِيَّةُ الَّتِي لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً فِي مِثْلِ هَذِهِ (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا عَدَمُهُ) أَيْ فَلَا يَصِيرُ ضَامِنًا بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ حَيْثُ اعْتَرَفَ الْأَمِينُ بِأَخْذِهَا أَمَّا لَوْ أَنْكَرَ الْأَمِينُ أَخْذَهَا مِنْهُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الْوَدِيعِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا) جَرَى عَلَى الْفَرْقِ حَجّ (قَوْلُهُ: قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَدَلَ عَنْهَا أَنْ يَزِيدَ وَاوًا قَبْلَ قَوْلِهِ رَجَعَ (قَوْلُهُ: أَوْ حَبْسٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى غَيْبَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَمَرَهُ الْحَاكِمُ بِدَفْعِهَا لِأَمِينٍ كَفَى) أَيْ كَفَى الْحَاكِمُ فِي الْخُرُوجِ عَنْ الْإِثْمِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهَا بِنَفْسِهِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ التَّعْلِيلِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ مَالِكُهَا مَحْبُوسًا) مُكَرَّرٌ مَعَ مَا مَرَّ قَرِيبًا

شَيْخَهُ الشَّيْخَ أَبَا إِسْحَاقَ أَمَرَهُ فِي نَحْوِ ذَلِكَ بِالدَّفْعِ لِلْحَاكِمِ فَتَوَقَّفَ فَقَالَ لَهُ يَا بُنَيَّ التَّحْقِيقُ الْيَوْمَ تَخْرِيقٌ أَوْ تَمْزِيقٌ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّ عُدُولِهِ بِهَا عَنْ الْحَاكِمِ الْجَائِرِ عِنْدَ أَمْنِهِ عَلَى نَحْوِ نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ، وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْجَهُ أَنَّ سَفَرَهُ بِهَا خَيْرٌ مِنْ دَفْعِهَا لِلْجَائِرِ، وَلَوْ عَادَ الْوَدِيعُ مِنْ سَفَرِهِ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهَا وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْإِمَامَ وَلَوْ أَذِنَهُ مَالِكُهَا فِي السَّفَرِ بِهَا إلَى بَلَدِ كَذَا فِي طَرِيقِ كَذَا فَسَافَرَ فِي غَيْرِ تِلْكَ الطَّرِيقِ وَوَصَلَ لِتِلْكَ الْبَلْدَةِ فَنُهِبَتْ مِنْهُ ضَمِنَهَا لِدُخُولِهَا فِي ضَمَانِهِ بِمُجَرَّدِ عُدُولِهِ عَنْ تِلْكَ الطَّرِيقِ الْمَأْذُونِ فِيهَا، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلْبَلَدِ طَرِيقَانِ تَعَيَّنَ سُلُوكُ أَكْثَرِهِمَا أَمْنًا، فَإِنْ اسْتَوَيَا فَأَقْصَرُهُمَا. (فَإِنْ) (دَفَنَهَا بِمَوْضِعٍ) وَلَوْ فِي حِرْزٍ (وَسَافَرَ) (ضَمِنَ) ؛ لِأَنَّهُ عَرَّضَهَا لِلضَّيَاعِ (فَإِنْ أَعْلَمَ بِهَا أَمِينًا) وَإِنْ لَمْ يُرِهِ إيَّاهَا (يَسْكُنُ الْمَوْضِعَ) وَهُوَ حِرْزُ مِثْلِهَا أَوْ يُرَاقِبُهُ مِنْ سَائِرِ الْجَوَانِبِ أَوْ مِنْ فَوْقِ مُرَاقَبَةِ الْحَارِسِ وَاكْتَفَى جَمْعٌ بِكَوْنِهِ فِي يَدِهِ (لَمْ يَضْمَنْ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ مَا فِي الْمَوْضِعِ فِي يَدِ سَاكِنِهِ فَكَأَنَّهُ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ وَالثَّانِي يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ هَذَا إعْلَامٌ لَا إيدَاعٌ لِعَدَمِ التَّسْلِيمِ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْحَاكِمِ الْأَمِينِ وَإِلَّا ضَمِنَ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَهَذَا الْإِعْلَامُ لَيْسَ بِإِشْهَادٍ وَإِنَّمَا هُوَ ائْتِمَانٌ، فَيَكْفِي إعْلَامُ امْرَأَةٍ وَإِنْ لَمْ تَحْضُرْهُ، وَعَلَيْهِ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ وُجُوبِ الْإِشْهَادِ هُنَا وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ (وَلَوْ سَافَرَ) مَنْ أَوْدَعَهَا فِي الْحَضَرِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ مِنْ عَادَتِهِ السَّفَرَ أَوْ الِانْتِجَاعَ (بِهَا) وَقَدَرَ عَلَى دَفْعِهَا لِمَنْ مَرَّ بِتَرْتِيبِهِ (ضَمِنَ) وَإِنْ كَانَ فِي بَرٍّ آمِنٍ؛ لِأَنَّ حِرْزَ السَّفَرِ دُونَ حِرْزِ الْحَضَرِ وَمِنْ ثَمَّ نُقِلَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ الْمُسَافِرُ وَمَالُهُ عَلَى قَلَتٍ: أَيْ بِفَتْحِ اللَّامِ وَالْقَافِ هَلَاكٍ إلَّا مَا وَقَى اللَّهُ، وَقَدْ وَهِمَ مَنْ رَوَاهُ حَدِيثًا، كَذَا نُقِلَ عَنْ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَمِمَّنْ رَوَاهُ حَدِيثًا الدَّيْلَمِيُّ وَابْنُ الْأَثِيرِ وَسَنَدُهُمَا ضَعِيفٌ لَا مَوْضُوعٌ. أَمَّا إذَا أَوْدَعَهَا فِي السَّفَرِ فَاسْتَمَرَّ مُسَافِرًا أَوْ أَوْدَعَ بَدَوِيًّا وَلَوْ فِي الْحَضَرِ أَوْ مُنْتَجِعًا فَانْتَجَعَ بِهَا فَلَا ضَمَانَ لِرِضَا الْمَالِكِ بِذَلِكَ حِينَ أَوْدَعَهُ عَالِمًا بِحَالِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ حَالِيَّةٌ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَوْدَعَهُ فِيهِ لِقُرْبِهِ مِنْ بَلَدِهِ امْتَنَعَ إنْشَاؤُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــSالْفَارِقِيُّ) هُوَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْفَارِقِيُّ وُلِدَ بِمَيَّافارِقِينَ عَاشِرَ رَبِيعِ الْأَوَّلِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ وَتَفَقَّهَ بِهَا عَلَى الْكَازَرُونِيِّ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَحَلَ إلَى بَغْدَادَ فَأَخَذَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ وَلَازَمَهُ وَسَمِعَ عَلَيْهِ كِتَابَ الْمُهَذَّبِ وَحَفِظَهُ، وَتُوُفِّيَ فِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ عَنْ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً، وَمِنْ أَصْحَابِنَا آخَرُ يُقَالُ لَهُ الْفَارِقِيُّ، وَهُوَ أَبُو الْغَنَائِمِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَرَجِ السُّلَمِيُّ يَأْتِي فِي الْأَسْمَاءِ الزَّائِدَةِ، وَحَيْثُ نَقَلُوا عَنْ الْفَارِقِيِّ فَمُرَادُهُمْ الْأَوَّلُ انْتَهَى طَبَقَاتُ الْإِسْنَوِيِّ بِبَعْضِ تَصَرُّفٍ (قَوْلُهُ: تَخْرِيقٌ) أَيْ لِغَرَضِ مَنْ طَلَبَ التَّحْقِيقَ وَإِجْرَاءَ الْأُمُورِ عَلَى وَجْهِهَا بَاطِنًا، فَيَنْبَغِي لِمَنْ أَدْخَلَ نَفْسَهُ فِي أَمْرٍ مَا أَنْ يُجْرِيَ عَلَى ظَاهِرِ الشَّرْعِ (قَوْلُهُ: خَيْرٌ مِنْ دَفْعِهَا لِلْجَائِرِ) قَضِيَّتُهُ جَوَازُ الدَّفْعِ إلَيْهِ مَعَ الْعِلْمِ بِكَوْنِهِ جَائِرًا، وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الْفَارِقِيِّ يَحْرُمُ خِلَافُهُ، وَعَلَيْهِ فَحَيْثُ لَمْ يَجِدْ أَمِينًا أَوْ خَافَ مِنْ دَفْعِهَا لَهُ سَافَرَ بِهَا حَيْثُ تَمَكَّنَ مِنْ ذَلِكَ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ احْتَاجَ فِي سَفَرِهِ بِهَا إلَى مُؤْنَةٍ لِحَمْلِهَا مَثَلًا صَرَفَهَا وَرَجَعَ بِهَا إنْ أَشْهَدَ أَنَّهُ يَصْرِفُ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ (قَوْلُهُ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهَا) أَيْ مِنْ الْقَاضِي أَوْ الْأَمِينِ أَيْ وَلَهُ تَرْكُهَا عِنْدَهُمَا، وَلَا يُقَالُ إنَّمَا جَازَ دَفْعُهَا لَهُمَا لِضَرُورَةِ السَّفَرِ وَقَدْ زَالَتْ فَيَجِبُ الِاسْتِرْدَادُ (قَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِ عُدُولِهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ أَسْهَلَ مِنْ الْأُولَى أَوْ أَكْثَرَ أَمْنًا مِنْهَا، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي السَّفَرِ بِهَا مِنْ تِلْكَ الطَّرِيقِ بَلْ مَنْهِيٌّ. عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِسُلُوكِ الْأُولَى نَهْيٌ عَنْ سُلُوكِ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ سُلُوكُ أَكْثَرِهِمَا أَمْنًا) أَيْ وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ أَطْلَقَ فِي الْإِذْنِ، وَلَمْ يُعَيِّنْ طَرِيقًا أَخْذًا مِمَّا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَوَيَا) أَيْ وَلَا غَرَضَ لَهُ فِي الْأَطْوَلِ اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ وَاكْتَفَى جَمْعٌ) ضَعِيفٌ، وَقَوْلُهُ بِكَوْنِهِ: أَيْ الْحِرْزِ، وَقَوْلُهُ فِي يَدِهِ: أَيْ السَّاكِنِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلْبَلَدِ طَرِيقَانِ إلَخْ) كَأَنْ هَذَا غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِمَا قَبْلَهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَوْدَعَهُ) أَيْ الْمُسَافِرُ

لِسَفَرٍ ثَانٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ (إلَّا إذَا وَقَعَ حَرِيقٌ أَوْ غَارَةٌ وَعَجَزَ عَمَّنْ يَدْفَعُهَا إلَيْهِ) مِنْ مَالِكٍ أَوْ وَكِيلِهِ ثُمَّ حَاكِمٍ ثُمَّ أَمِينٍ (كَمَا سَبَقَ) قَرِيبًا فَلَا يَضْمَنُ لِعُذْرِهِ بَلْ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُنَجِّيهَا مِنْ الْهَلَاكِ إلَّا السَّفَرُ بِهَا لَزِمَهُ وَلَوْ مَخُوفًا، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ احْتِمَالُ الْخَوْفِ فِي الْحَضَرِ أَقْرَبَ جَازَ، وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ لَمْ يَبْعُدْ، وَقَوْلُهُ وَعَجَزَ بِمَعْنَى أَوْ فَوُجُودُ الْعَجْزِ كَافٍ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ قَبْلُ وَلَوْ حَدَثَ لَهُ فِي الطَّرِيقِ خَوْفٌ أَقَامَ بِهَا، فَإِنْ هَجَمَ عَلَيْهِ الْقُطَّاعُ فَطَرَحَهَا بِمَضْيَعَةٍ لِيَحْفَظَهَا فَضَاعَتْ ضَمِنَ، وَكَذَا لَوْ دَفَنَهَا خَوْفًا مِنْهُمْ عِنْدَ إقْبَالِهِمْ ثُمَّ أَضَلَّ مَوْضِعَهَا كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ إذْ كَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَصْبِرَ حَتَّى تُؤْخَذَ مِنْهُ فَتَصِيرَ مَضْمُونَةً عَلَى آخِذِهَا. (وَالْحَرِيقُ وَالْغَارَةُ) الْأَفْصَحُ الْإِغَارَةُ، وَمَعَ ذَلِكَ فَمَا اسْتَعْمَلَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا الْأَثَرُ وَهُوَ الْعُذْرُ فِي الْحَقِيقَةِ (فِي الْبُقْعَةِ وَإِشْرَافُ الْحِرْزِ عَلَى الْخَرَابِ) وَلَمْ يَجِدْ فِي الْكُلِّ حِرْزًا يَنْقُلُهَا إلَيْهِ (أَعْذَارٌ كَالسَّفَرِ) فِي جَوَازِ إيدَاعِ مَنْ مَرَّ بِتَرْتِيبِهِ (وَإِذَا) (مَرِضَ) مَرَضًا (مَخُوفًا) (فَلْيَرُدَّهَا إلَى الْمَالِكِ) أَوْ وَلِيِّهِ (أَوْ وَكِيلِهِ) الْعَامِّ أَوْ الْخَاصِّ بِهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ رَدُّهَا لِأَحَدِهِمَا (فَالْحَاكِمُ) الثِّقَةُ الْمَأْمُونُ يَرُدُّهَا إلَيْهِ (أَوْ أَمِينٌ) يَرُدُّهَا إلَيْهِ إنْ فُقِدَ الْحَاكِمُ وَسَوَاءٌ فِيهِ هُنَا وَفِي الْوَصِيَّةِ الْوَارِثُ وَغَيْرُهُ، فَإِنْ ظَنَّهُ أَمِينًا فَبَانَ غَيْرُهُ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ لَا يُؤَثِّرُ فِي الضَّمَانِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ عِنْدَ وَضْعِ يَدِ الْمَظْنُونِ أَمَانَتَهُ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَدِيعِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ إذْ لَمْ يُحْدِثْ فِيهَا فِعْلًا (أَوْ) عَطْفٌ عَلَى مَا بَعْدَ إلَّا لِيُفِيدَ ضَعْفَ قَوْلِ التَّهْذِيبِ تَكْفِيهِ الْوَصِيَّةُ وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ رَدِّهَا لِمَالِكِهَا (يُوصِي بِهَا) إلَى الْحَاكِمِ، فَإِنْ فَقَدَهُ فَإِلَى أَمِينٍ كَمَا أَوْمَأَ إلَيْهِ كَلَامُهُ الْمَارُّ مِنْ أَنَّ الْحَاكِمَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَمِينِ فِي الدَّفْعِ، فَكَذَا فِي الْإِيصَاءِ فَالتَّخْيِيرُ الْمَذْكُورُ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ كَمَا تَقَرَّرَ، وَالْمُرَادُ بِالْوَصِيَّةِ الْإِعْلَامُ بِهَا وَوَصْفُهَا بِمَا يُمَيِّزُهَا أَوْ يُشِيرُ لِعَيْنِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ يَدِهِ وَيَأْمُرُ بِالرَّدِّ إنْ مَاتَ، وَلَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ الْإِشْهَادِ كَمَا فِي الرَّافِعِيِّ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي تَرِكَتِهِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ أَوْ وَصَفَهُ فَلَا ضَمَانَ كَمَا رَجَّحَهُ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ وَإِنْ أَطَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي الِانْتِصَارِ لِخِلَافِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ مِنْ قِيَاسِ الْأَمِينِ عَلَى الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ وَلَوْ مَخُوفًا) أَيْ وَيَأْتِي فِي الْمُؤْنَةِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا فِي السَّفَرِ الْوَدِيعَةِ مَا مَرَّ وَإِنْ كَانَتْ الْمُؤْنَةُ فِيمَا يَحْتَاجُ الْوَدِيعُ إلَيْهِ فِي السَّفَرِ لِأَجْلِهَا فَقَطْ (قَوْلُهُ وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ) أَيْ حَيْثُ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ (قَوْلُهُ فَضَاعَتْ ضَمِنَ) أَيْ وَإِنْ جَهِلَ؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ بِالْحُكْمِ لَا يُسْقِطُ الضَّمَانَ. (قَوْلُهُ الْأَفْصَحُ الْإِغَارَةُ) فِيهِ مَعَ مَا بَعْدَهُ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْهُ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ فِيهِ) أَيْ فِي الْأَمِينِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ لَا يُؤَثِّرُ) أَقُولُ: قَدْ يُتَوَقَّفُ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ جَهْلًا بِالْحُكْمِ بَلْ جَهْلٌ بِحَالِ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ وَهُوَ مَانِعٌ مِنْ نِسْبَتِهِ إلَى تَقْصِيرٍ فِي دَفْعِهَا لَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ) أَيْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يُوصِي بِهَا، وَقَوْلُهُ مِنْ الْإِشْهَادِ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَوْ وَصَفَهُ فَلَا ضَمَانَ) أَيْ عَلَى. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ وَعَجَزَ بِمَعْنَى أَوْ فَوُجُودُ الْعَجْزِ كَافٍ) يَلْزَمُ عَلَى جَعْلِهَا بِمَعْنَى أَوْ وَإِنْ أَفَادَ مَا ذَكَرَهُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ وُقُوعِ الْحَرِيقِ أَوْ الْغَارَةِ وَإِنْ لَمْ يَعْجِزْ عَمَّنْ يَدْفَعُهَا إلَيْهِ مَعَ أَنَّ الْمَدَارَ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْعَجْزِ خَاصَّةً، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَمَا اقْتَضَاهُ سِيَاقُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ مِنْ الْعُذْرِ وَالْعَجْزِ الْمَذْكُورَيْنِ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ الْعَجْزُ كَافٍ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ) نَظَرَ فِيهِ الشِّهَابُ سم وَالنَّظَرُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: الْأَفْصَحُ الْإِغَارَةُ) قَالَ الشِّهَابُ سم: فِيهِ مَعَ مَا بَعْدَهُ نَظَرٌ. اهـ. وَكَأَنَّ وَجْهَ النَّظَرِ أَنَّ قَوْلَهُ الْأَفْصَحُ الْإِغَارَةُ مَعْنَاهُ أَنَّ فِيهِ لُغَتَيْنِ الْإِغَارَةُ وَالْغَارَةُ غَيْرَ أَنَّ أُولَاهُمَا أَفْصَحُ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا الْأَثَرُ يُنَاقِضُ ذَلِكَ وَأَنَّ اللُّغَةَ الْعَرَبِيَّةَ إنَّمَا هِيَ الْإِغَارَةُ فَقَطْ وَأَنَّ الْغَارَةَ أَثَرُهَا عَلَى أَنَّهُ قَدْ لَا يُتَعَقَّلُ كَوْنُ الْغَارَةِ أَثَرًا لِلْإِغَارَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَدِيعِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ رَدُّهَا إلَى غَيْرِ أَمِينٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ، وَهَلْ يَضْمَنُ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ الرَّدِّ إلَى أَمِينٍ الَّذِي هُوَ مُخَاطَبٌ بِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْأَمِينَ صَارَ كَالْعَدَمِ

وَلَا ضَمَانَ فِيمَا إذَا عَلِمَ تَلَفَهَا بَعْدَ الْوَصِيَّةِ بِهَا بِلَا تَفْرِيطِ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَبْلَ تَمَكُّنِ الْوَارِثِ مِنْ الرَّدِّ، وَرَجَّحَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ ضَمَانَ وَارِثٍ قَصَّرَ بِعَدَمِ إعْلَامِ مَالِكٍ جَهِلَ الْإِيصَاءَ أَوْ بِعَدَمِ الرَّدِّ بَعْدَ طَلَبِهِ وَتَمَكُّنِهِ مِنْهُ، وَإِنْ وُجِدَ مَا هُوَ بِتِلْكَ الصِّفَةِ مِنْ غَيْرِ تَعَدُّدٍ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الْوَارِثِ أَنَّهَا غَيْرُ الْوَدِيعَةِ لِمُخَالَفَتِهِ لِمَا أَقَرَّ بِهِ مُوَرِّثُهُ أَنَّ مَا بِهَذِهِ الصِّفَةِ لَيْسَ لَهُ، فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ عِنْدِي وَدِيعَةٌ لِفُلَانٍ أَوْ ثَوْبٌ لَهُ لَا يَدْفَعُ عَنْهُ الضَّمَانَ وُجِدَ فِي الثَّانِيَةِ فِي تَرِكَتِهِ ثَوْبٌ أَوْ لَمْ يُوجَدْ، وَكَذَا لَوْ وَصَفَهُ وَوُجِدَ عِنْدَهُ أَثْوَابٌ بِتِلْكَ الصِّفَةِ لِتَقْصِيرِهِ فِي الْبَيَانِ، وَفَارَقَ وُجُودَ عَيْنٍ وَاحِدَةٍ هُنَا مِنْ الْجِنْسِ وُجُودُ وَاحِدَةٍ بِالْوَصْفِ بِأَنَّهُ لَا تَقْصِيرَ ثَمَّ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَلَا يُعْطِي شَيْئًا مِمَّا وُجِدَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَكَالْمَرَضِ الْمَخُوفِ مَا أُلْحِقَ بِهِ مِمَّا مَرَّ. نَعَمْ الْحَبْسُ لِلْقَتْلِ فِي حُكْمِ الْمَرَضِ هُنَا لَا ثَمَّ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ هَذَا حَقُّ آدَمِيٍّ نَاجِزٍ فَاحْتِيطَ لَهُ أَكْثَرُ بِجَعْلِ مُقَدِّمَةِ مَا يُظَنُّ بِهِ الْمَوْتُ بِمَنْزِلَةِ الْمَرَضِ (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ) كَمَا ذَكَرَ (ضَمِنَ) لِتَقْصِيرِهِ لِتَعْرِيضِهَا بِالْفَوَاتِ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ يَعْتَمِدُ ظَاهِرَ يَدِهِ وَيَدَّعِيهَا لِنَفْسِهِ وَإِنْ وُجِدَ خَطُّ مُوَرِّثِهِ؛ لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ بِهَا بَيِّنَةٌ بَاقِيَةٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ. وَمَحَلُّ الضَّمَانِ بِغَيْرِ إيصَاءٍ وَإِيدَاعٍ إذَا تَلِفَتْ الْوَدِيعَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا قَبْلَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَمَالَ إلَيْهِ السُّبْكِيُّ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ كَالسَّفَرِ فَلَا يَتَحَقَّقُ الضَّمَانُ إلَّا بِهِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ ذَهَبَ الْإِسْنَوِيُّ إلَى كَوْنِهِ ضَامِنًا بِمُجَرَّدِ الْمَرَضِ حَتَّى لَوْ تَلِفَتْ بِآفَةٍ فِي مَرَضِهِ أَوْ بَعْدَ صِحَّتِهِ ضَمِنَهَا كَسَائِرِ أَسْبَابِ التَّقْصِيرِ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا فِي غَيْرِ الْقَاضِي. أَمَّا هُوَ إذَا مَاتَ وَلَمْ يُوجَدْ مَالُ الْيَتِيمِ فِي تَرِكَتِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينُ الشَّرْعِ، بِخِلَافِ سَائِرِ الْأُمَنَاءِ وَلِعُمُومِ وَلَايَتِهِ، قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ. قَالَ: وَإِنَّمَا يَضْمَنُ إذَا فَرَّطَ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهَذَا تَصْرِيحٌ مِنْهُ بِأَنَّ عَدَمَ إيصَائِهِ لَيْسَ تَفْرِيطًا وَإِنْ مَاتَ عَنْ مَرَضٍ وَهُوَ الْوَجْهُ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْقَاضِي الْأَمِينِ كَمَا مَرَّ. أَمَّا غَيْرُهُ فَيَضْمَنُ قَطْعًا، وَالضَّمَانُ فِيمَا ذَكَرَ ضَمَانُ تَعَدٍّ بِتَرْكِ الْمَأْمُورِ لَا ضَمَانُ عَقْدٍ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ (إلَّا) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ الْقَسَمَ مَرَضٌ مَخُوفٌ (إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ بِأَنْ مَاتَ فَجْأَةً) أَوْ قُتِلَ غِيلَةً فَلَا يَضْمَنُ لِانْتِفَاءِ التَّقْصِيرِ وَلَوْ لَمْ يُوصِ فَادَّعَى الْوَدِيعُ أَنَّهُ قَصَّرَ وَقَالَ الْوَارِثُ: لَعَلَّهَا تَلِفَتْ قَبْلَ أَنْ يُنْسَبَ إلَيَّ تَقْصِيرٌ صُدِّقَ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّاهُ، وَاعْتِرَاضُ الْإِسْنَوِيِّ لَهُ بِأَنَّ الْإِمَامَ إنَّمَا قَالَهُ عِنْدَ جَزْمِ الْوَارِثِ بِالتَّلَفِ لَا عِنْدَ تَرَدُّدِهِ فِيهِ فَإِنَّهُ صَحَّحَ حِينَئِذٍ الضَّمَانَ يُمْكِنُ رَدُّهُ بِأَنَّ الْوَارِثَ غَيْرُ مُتَرَدِّدٍ فِي التَّلَفِ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي أَنَّهُ وَقَعَ قَبْلَ نِسْبَتِهِ لِتَقْصِيرٍ أَوْ بَعْدَهُ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يُنَافِي مَا نَقَلَهُ عَنْ الْإِمَامِ وَدَعْوَاهُ تَلَفُهَا عِنْدَ مُوَرِّثِهِ بِلَا تَعَدٍّ، أَوْ رَدُّ مُوَرِّثِهِ لَهَا مَقْبُولَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــSالْوَرَثَةِ (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَ الْمُتَوَلِّي إلَخْ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ لَيْسَ لَهُ: أَيْ الْمُوَرِّثِ، وَقَوْلُهُ لَا يَدْفَعُ عَنْهُ: أَيْ الْمُوَرِّثِ، وَقَوْلُهُ الضَّمَانُ: أَيْ فَيُطَالَبُ بِهِ (قَوْلُهُ: لَا يُعْطِي شَيْئًا مِمَّا وُجِدَ) أَيْ لَا يَجِبُ بَلْ يَكُونُ الْوَاجِبُ لَهُ الْبَدَلَ الشَّرْعِيَّ فَيُعَيِّنُهُ الْوَارِثُ مِمَّا شَاءَ (قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ الصُّورَةِ) هِيَ قَوْلُهُ عِنْدِي وَدِيعَةٌ أَوْ ثَوْبٌ (قَوْلُهُ وَالضَّمَانُ فِيمَا ذَكَرَ ضَمَانُ تَعَدٍّ) أَيْ فَيَضْمَنُهَا بِالْبَدَلِ الشَّرْعِيِّ وَهُوَ الْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْقِيمَةُ فِي الْمُتَقَوِّمِ وَسَوَاءٌ تَلِفَتْ بِذَلِكَ السَّبَبِ أَوْ بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لَا ضَمَانَ عَقْدٍ) هَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ ضَمَانَ الْعَقْدِ يُمْكِنُ هُنَا حَتَّى اُحْتِيجَ إلَى نَفْيِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الْعَقْدِ هُوَ الْمَضْمُونُ بِمُقَابِلٍ مُعَيَّنٍ كَضَمَانِ الْمَبِيعِ بِالثَّمَنِ وَمَا هُنَا لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ قَبْلَ أَنْ يُنْسَبَ إلَيَّ تَقْصِيرٌ صُدِّقَ) أَيْ الْوَارِثُ، وَقَوْلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا ضَمَانَ فِيمَا إذَا عَلِمَ تَلَفَهَا بَعْدَ الْوَصِيَّةِ) وَكَذَا قَبْلَ الْوَصِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِتَلَفِهَا فِي الْحَيَاةِ كَمَا سَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِاعْتِمَادِهِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: لَا ضَمَانُ عَقْدٍ) هَذَا السِّيَاقُ يَقْتَضِي أَنَّ ضَمَانَ الْعَقْدِ مُتَأَتٍّ هُنَا وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: يُمْكِنُ رَدُّهُ بِأَنَّ الْوَارِثَ غَيْرُ مُتَرَدِّدٍ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لَعَلَّهَا تَلِفَتْ إلَخْ الَّذِي نَقَلَاهُ عَنْ الْإِمَامِ: أَيْ؛ لِأَنَّ التَّرَجِّيَ فِي كَلَامِهِ الْمَذْكُورِ رَاجِعٌ إلَى الْقَيْدِ فَقَطْ وَهُوَ قَوْلُهُ قَبْلَ إلَخْ فَهُوَ جَازِمٌ بِالتَّلَفِ: أَيْ فَالْإِسْنَوِيُّ لَمْ يُصِبْ فِيمَا فَهِمَهُ عَنْ الشَّيْخَيْنِ.

كَمَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ فِي وَارِثٍ لِوَكِيلٍ وَرَجَّحَاهُ فِي الثَّانِيَةِ وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَوْ جَهِلَ حَالَهَا وَلَمْ يَقُلْ الْوَارِثُ شَيْئًا بَلْ قَالَ لَا أَعْلَمُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قِيلَ إنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ الضَّمَانُ هَذَا كُلُّهُ إنْ لَمْ يَثْبُتْ تَعَدِّيه فِيهِ. قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ: أَوْ يُوجَدُ فِي تَرِكَتِهِ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ اشْتَرَاهُ بِمَالِ الْقِرَاضِ فِي صُورَتِهِ وَلَمْ يَكُنْ قَاضِيًا أَوْ نَائِبَهُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينُ الشَّرْعِ فَلَا يَضْمَنُ إلَّا إنْ تَحَقَّقَتْ خِيَانَتُهُ أَوْ تَفْرِيطُهُ مَاتَ عَنْ مَرَضٍ أَوْ لَا وَمَحَلُّهُ فِي الْأَمِينِ نَظِيرُ مَا مَرَّ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ وَارِثِ الْأَمِينِ أَنَّهُ رَدَّ بِنَفْسِهِ أَوْ تَلِفَ عِنْدَهُ أَيْ وَقَدْ تَمَكَّنَ مِنْ الرَّدِّ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَسَائِرُ الْأُمَنَاءِ كَالْوَدِيعِ فِيمَا تَقَرَّرَ. (وَمِنْهَا) مَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ (إذَا) (نَقَلَهَا) لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ (مِنْ مَحَلَّةٍ) إلَى مَحَلَّةٍ أُخْرَى (أَوْ دَارٍ إلَى) دَارٍ (أُخْرَى دُونَهَا فِي الْحِرْزِ) وَلَوْ حَرَزَ مِثْلَهَا (ضَمِنَ) لِتَعْرِيضِهَا لِلتَّلَفِ سَوَاءٌ أَتَلِفَ بِسَبَبِ النَّقْلِ أَمْ لَا. نَعَمْ إنْ نَقَلَهَا بِظَنِّ الْمِلْكِ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ انْتَفَعَ بِهَا بِظَنِّهِ؛ لِأَنَّ التَّعَدِّيَ هُنَا أَعْظَمُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ دُونَهُ بِأَنْ تَسَاوَيَا فِيهِ أَوْ كَانَ الْمَنْقُولُ إلَيْهِ أَحْرَزُ (فَلَا) يَضْمَنُ لِعَدَمِ التَّفْرِيطِ مِنْ غَيْرِ مُخَالَفَةٍ وَخَرَجَ بِإِلَى أُخْرَى نَقْلُهَا بِلَا نِيَّةِ تَعَدٍّ مِنْ بَيْتٍ إلَى بَيْتٍ فِي دَارٍ أَوْ خَانٍ وَاحِدٍ فَلَا ضَمَانَ بِهِ حَيْثُ كَانَ الثَّانِي حِرْزَ مِثْلِهَا، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَوْ نَقَلَهَا إلَى مَحَلَّةٍ أَوْ دَارٍ هِيَ حِرْزُ مِثْلِهَا مِنْ أَحْرَزَ مِنْهَا وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمَالِكُ حِرْزًا لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعِرَاقِيِّينَ، وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيهِ الِاتِّفَاقَ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الصَّحِيحُ انْتَهَى. وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نُسِبَ لِلشَّيْخَيْنِ الْجَزْمُ بِخِلَافِهِ، وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ كَلَامِهِمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمِنْهَاجِ وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا فِي السَّبَبِ الرَّابِعِ، وَقَدْ أَطْلَقَا فِي السَّبَبِ الثَّامِنِ الْجَزْمَ بِعَدَمِ الضَّمَانِ بِالنَّقْلِ إلَى حِرْزِ مِثْلِهَا مِنْ أَحْرَزَ مِنْهُ وَذَكَرَا فِيمَا لَوْ عَيَّنَ الْمَالِكُ حِرْزًا كَقَوْلِهِ احْفَظْهَا فِي هَذَا الْبَيْتِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُهَا بِنَقْلِهَا إلَى بَيْتٍ مِثْلِهِ، إلَّا إنْ تَلِفَتْ بِسَبَبِ النَّقْلِ كَانْهِدَامِ الْبَيْتِ الثَّانِي وَالسَّرِقَةِ مِنْهُ، وَذَكَرَ فِي الْأَنْوَارِ مَعَهُمَا الْغَصْبَ مِنْهُ، لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمَا اعْتِمَادُ إلْحَاقِهِ بِالْمَوْتِ وَجَمَعَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ كَلَامِ الْأَنْوَارِ فِيمَا إذَا كَانَ سَبَبُ الْغَصْبِ النَّقْلَ وَكَلَامُهُمَا فِي خِلَافِهِ، فَلَوْ ضَمَّ إلَى تَعْيِينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSوَدَعْوَاهُ: أَيْ الْوَارِثِ، وَقَوْلُهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ: أَيْ الْوَارِثِ، وَقَوْلُهُ أَنَّهُ رَدَّ بِنَفْسِهِ: أَيْ الْوَارِثِ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ نَقَلَهَا بِظَنِّ الْمِلْكِ) أَيْ وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ) يُتَأَمَّلُ أَيْ شَيْءٌ تَقَرَّرَ فِي كَلَامِهِ يُعْلَمُ مِنْهُ هَذَا، بَلْ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَمِنْهَا إذَا نَقَلَهَا مِنْ مَحَلَّةِ أَوْ دَارٍ إلَخْ خِلَافُهُ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ هِيَ عَيْنُ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ، وَلَوْ حِرْزَ مِثْلِهَا وَبِالْجُمْلَةِ فَالْحُكْمُ فِيمَا لَوْ نَقَلَهَا مِنْ دَارٍ إلَى أُخْرَى وَهِيَ دُونَهَا فِي الْحِفْظِ فِيهِ خِلَافٌ فَقِيلَ لَا يَضْمَنُ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَعُلِمَ مِمَّا إلَخْ، وَقِيلَ يَضْمَنُ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ وَلَوْ حِرْزَ مِثْلِهَا، فَكَأَنَّهُ ذَكَرَ الْأُولَى مُجَارَاةً لِظَاهِرِ الْمَتْنِ وَبَيَّنَ مَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَهُ فِي قَوْلِهِ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ إلَخْ، وَلَمْ يَذْكُرْ حَجّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ إلَخْ وَاقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ وَلَوْ حِرْزَ مِثْلِهَا وَزَادَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ فِي الْأَنْوَارِ مَعَهُمَا) أَيْ مَعَ الِانْهِدَامِ وَالسَّرِقَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَيْ وَقَدْ تَمَكَّنَ مِنْ الرَّدِّ) كَانَ الظَّاهِرُ: أَيْ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الرَّدِّ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي تَظْهَرُ فِيهِ الثَّمَرَةُ كَمَا لَا يَخْفَى فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ) فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، ثُمَّ رَأَيْت وَالِدَ الشَّارِحِ ذَكَرَ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّ الْمَتْنَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا عَيَّنَ الْمَالِكُ إلَخْ وَنَقَلَهُ عَنْ تَصْرِيحِ جَمَاعَةٍ بِهِ، فَكَأَنَّ الشَّارِحَ تَبِعَ وَالِدَهُ فِي ذَلِكَ وَتَوَهَّمَ أَنَّهُ قَيَّدَ الْمَتْنَ فِيمَا مَرَّ بِالتَّعْيِينِ فَقَالَ هُنَا وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَثْبَتَ التَّقْيِيدَ الْمَذْكُورَ وَأَسْقَطَهُ النُّسَّاخُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ إلَخْ مُحْتَرَزُ ذَلِكَ الْقَيْدِ الَّذِي قَيَّدَ بِهِ الْمَتْنَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَسَبَ) يَعْنِي الْأَذْرَعِيَّ: أَيْ وَالنِّسْبَةُ إلَيْهِمَا غَيْرُ صَحِيحَةٍ لِمَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ كَلَامَهُمَا فِيمَا إذَا عَيَّنَ الْمَالِكُ الْحِرْزَ (قَوْلُهُ: وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ كَلَامِهِمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمِنْهَاجِ) أَيْ حَمْلًا لَهُمَا عَلَى ظَاهِرِهِمَا، وَإِلَّا فَهُمَا مَحْمُولَانِ عَلَى

الْبَيْتِ النَّهْيَ عَنْ النَّقْلِ فَنَقَلَ بِلَا ضَرُورَةٍ فَذَكَرَ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ الْمَنْقُولُ إلَيْهِ أَحْرَزَ لِصَرِيحِ الْمُخَالَفَةِ بِلَا حَاجَةٍ، فَإِنْ نَقَلَ لِضَرُورَةِ غَارَةٍ أَوْ حَرْقٍ أَوْ غَلَبَةِ لُصُوصٍ لَمْ يَضْمَنْ إذَا كَانَ الْمَنْقُولُ إلَيْهِ حِرْزَ مِثْلِهَا، وَلَا بَأْسَ بِكَوْنِهِ دُونَ الْأَوَّلِ إذَا لَمْ يَجِدْ أَحْرَزَ مِنْهُ، وَلَوْ تَرَكَ النَّقْلَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ ضَمِنَ وَإِنْ حَدَثَتْ ضَرُورَةٌ فَلَا وَلَا يَضْمَنُ بِالنَّقْلِ أَيْضًا حِينَئِذٍ، وَحَيْثُ مَنَعْنَا النَّقْلَ إلَّا لِضَرُورَةٍ فَاخْتَلَفَا فِيهَا صُدِّقَ الْمُودِعُ بِيَمِينِهِ إنْ عُرِفَتْ وَإِلَّا طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ صُدِّقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ، هَذَا كُلُّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ نَهْيٌ، فَإِنْ نَهَاهُ عَنْهُ وَلَوْ مَعَ الْخَوْفِ فَلَا وُجُوبَ وَلَا ضَمَانَ بِتَرْكِهِ وَلَا أَثَرَ لِنَهْيِ نَحْوِ وَلِيٍّ. (وَمِنْهَا أَنْ) (لَا يَدْفَعَ مُتْلَفَاتِهَا) الَّتِي يَتَمَكَّنُ مِنْ دَفْعِهَا عَلَى الْعَادَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أُصُولِ حِفْظِهَا، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ بِخِزَانَتِهِ حَرِيقٌ فَبَادَرَ بِنَقْلِ أَمْتِعَتِهِ فَاحْتَرَقَتْ الْوَدِيعَةُ لَمْ يَضْمَنْهَا مُطْلَقًا، وَوَجَّهَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْبُدَاءَةِ بِنَفْسِهِ، وَنَظَرَ الْأَذْرَعِيُّ فِيمَا لَوْ أَمْكَنَهُ إخْرَاجُ الْكُلِّ دَفْعَةً: أَيْ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ لِمِثْلِهِ عَادَةً كَمَا هُوَ وَاضِحٌ أَوْ كَانَتْ فَوْقَ فَنَحَّاهَا وَأَخْرَجَ مَالَهُ الَّذِي تَحْتَهَا، وَالضَّمَانُ فِي الْأُولَى مُتَّجِهٌ وَفِي الثَّانِيَةِ مُحْتَمَلٌ إنْ تَلِفَتْ بِسَبَبِ التَّنْحِيَةِ، وَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْوَدَائِعُ لَمْ يَضْمَنْ مَا أَخَّرَهُ مِنْهَا مَا لَمْ يَكُنْ الَّذِي أَخَّرَهُ يُمْكِنُ: أَيْ يَسْهُلُ عَادَةً الِابْتِدَاءُ بِهِ أَوْ جَمْعُهُ مَعَ مَا أَخَذَهُ مِنْهَا. (فَلَوْ أَوْدَعَهُ دَابَّةً فَتَرَكَ عَلْفَهَا) بِإِسْكَانِ اللَّامِ أَوْ سَقْيَهَا مُدَّةً يَمُوتُ مِثْلُهَا فِيهَا جُوعًا أَوْ عَطَشًا وَلَمْ يَنْهَهُ (ضَمِنَ) هَا إنْ تَلِفَتْ وَنَقْصَ أَرْشِهَا إنْ نَقَصَتْ، فَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ مُضِيِّ تِلْكَ الْمُدَّةِ لَمْ يَضْمَنْهَا مَا لَمْ يَكُنْ بِهَا جُوعٌ أَوْ عَطَشٌ سَابِقٌ وَعَلِمَهُ فَيَضْمَنُ حِينَئِذٍ جَمِيعَهَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ جَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي كَصَاحِبِ الْأَنْوَارِ بِضَمَانِهِ بِالْقِسْطِ، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَا لَوْ جَوَّعَ إنْسَانًا وَبِهِ جُوعٌ سَابِقٌ وَمَنَعَهُ الطَّعَامَ مَعَ عِلْمِهِ بِالْحَالِ فَمَاتَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْجَمِيعَ، وَتَخْتَلِفُ الْمُدَّةُ بِاخْتِلَافِ الْحَيَوَانَاتِ وَالْمَرْجِعُ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِهَا، وَنَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَوْ رَأَى أَمِينٌ كَوَدِيعٍ وَرَاعٍ مَأْكُولًا تَحْتَ يَدِهِ وَقَعَ فِي مَهْلَكَةٍ فَذَبَحَهُ جَازَ، وَإِنْ تَرَكَهُ حَتَّى مَاتَ لَمْ يَضْمَنْهُ، ثُمَّ قَالَ: وَفِي عَدَمِ الضَّمَانِ إذَا أَمْكَنَهُ ذَلِكَ بِلَا كُلْفَةٍ نَظَرٌ، وَاسْتَشْهَدَ غَيْرُهُ لِلضَّمَانِ بِقَوْلِ الْأَنْوَارِ وَتَبِعَهُ الْغَزِّيِّ لَوْ أَوْدَعَهُ بُرًّا: أَيْ مَثَلًا فَوَقَعَ فِيهِ السُّوسُ لَزِمَهُ الدَّفْعُ عَنْهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ بَاعَهُ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ) أَيْ الْبَيِّنَةُ (قَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لِنَهْيِ نَحْوِ وَلِيٍّ) أَيْ بَلْ الْوَاجِبُ عَلَى الْوَدِيعِ مُرَاعَاةُ الْمَصْلَحَةِ فِي نَقْلِهَا وَعَدَمِهِ. (قَوْلُهُ وَفِي الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ فِيمَا لَوْ أَمْكَنَهُ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَفِي الثَّانِيَةِ هِيَ قَوْلُهُ أَوْ كَانَتْ فَوْقَ إلَخْ وَقَوْلُهُ مُحْتَمَلٌ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْ مَا أَخَّرَهُ) أَيْ مَا أَخَّرَ أَخْذَهُ حَيْثُ لَمْ يَبْتَدِئْ بِهِ لَا أَنَّهُ نَحَّاهُ مِنْ مَوْضِعِهِ وَأَخَذَ مَا وَرَاءَهُ (قَوْلُهُ بِالْقِسْطِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ عَدَدِ الرُّءُوسِ دُونَ الْمُدَّةِ كَمَا لَوْ جَنَى عَلَيْهِ اثْنَانِ بِجِرَاحَاتٍ وَاخْتَلَفَ عَدَدُهَا مِنْ الْجَارِحِينَ فَإِنَّ الضَّمَانَ بِعَدَدِ الرُّءُوسِ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ) هُوَ قَوْلُهُ فَيَضْمَنُ حِينَئِذٍ جَمِيعَهَا (قَوْلُهُ: مَعَ عِلْمِهِ بِالْحَالِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا ضَمَانَ شَرْحَ رَوْضٍ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُشْكِلُ بِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْعِلْمِ وَعَدَمِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِعِلَّتِهَا فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ (قَوْلُهُ: وَرَاعٍ إلَخْ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْبَالِغِ الْعَاقِلِ، وَقَوْلُهُ وَفِي عَدَمِ الضَّمَانِ إلَخْ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ وَاسْتَشْهَدَ غَيْرَهُ لِلضَّمَانِ إلَخْ) فِي الِاسْتِشْهَادِ بِمَا ذَكَرَ نَظَرٌ، إذْ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْأَنْوَارِ تَعَرُّضٌ لِلضَّمَانِ أَصْلًا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ أُخِذَ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا إذَا عَيَّنَ الْمَالِكُ الْحِرْزَ كَمَا تَقَرَّرَ (قَوْلُهُ: فَذَكَرَ) يَعْنِي الْأَنْوَارَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَدَثَتْ ضَرُورَةٌ فَلَا) كَذَا فِي نَصِّ الشَّارِحِ وَلَعَلَّ فِيهَا سَقْطًا مِنْ الْكَتَبَةِ، وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ: وَإِنْ قَالَ لَا يَنْقُلُهَا وَإِنْ حَدَثَتْ ضَرُورَةٌ فَإِنْ نَقَلَ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ تَرَكَ فَكَذَلِكَ انْتَهَتْ. عَلَى أَنَّ هَذَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ هَذَا كُلُّهُ إلَخْ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ مَنَعْنَا النَّقْلَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَنْوَارِ: وَلَوْ نَقَلَ وَقَالَ نَقَلْت لِلضَّرُورَةِ وَتَلِفَتْ وَأَنْكَرَهَا الْمَالِكُ فَإِنْ عُرِفَ هُنَاكَ مَا يَدَّعِيهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فِي التَّلَفِ وَإِلَّا طُولِبَ بِالْبَيِّنَةِ ثُمَّ يُصَدَّقُ بِالْيَمِينِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ فَالْقَوْلُ لِلْمَالِكِ فِي نَفْيِ الْمُدَّعَى انْتَهَتْ.

فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ تَوَلَّى بَيْعَهُ وَأَشْهَدَ (فَإِنْ نَهَاهُ) الْمَالِكُ (عَنْهُ فَلَا) ضَمَانَ عَلَيْهِ (عَلَى الصَّحِيحِ) وَإِنْ أَثِمَ كَمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِتْلَافِ. وَالثَّانِي يَضْمَنُ إذْ لَا حُكْمَ لِنَهْيِهِ عَمَّا أَوْجَبَهُ الشَّرْعُ وَلَا أَثَرَ لِنَهْيِ نَحْوِ وَلِيٍّ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ. نَعَمْ تَقْيِيدُهُ ذَلِكَ بِعِلْمِ الْوَدِيعِ بِالْحَالِ مَحْمُولٌ عَلَى اسْتِقْرَارِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ فِي أَصْلِ الضَّمَانِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ الْحَاكِمَ لِيُجْبِرَ مَالِكَهَا إنْ حَضَرَ أَوْ لِيَأْذَنَ لَهُ فِي الْإِنْفَاقِ لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ إنْ غَابَ، وَلَوْ نَهَاهُ عَنْ عَلْفِهَا لِنَحْوِ تُخَمَةٍ بِهَا لَزِمَهُ الِامْتِثَالُ فَإِنْ عَلَفَهَا مَعَ بَقَاءِ الْعِلَّةِ ضَمِنَ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِعِلَّتِهَا فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي إذْنِهِ إلَى تَقْدِيرِ عَلْفِهَا بَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ اللَّائِقِ بِهَا (فَإِنْ أَعْطَاهُ الْمَالِكُ عَلَفًا) بِفَتْحِ اللَّامِ اسْمٌ لِلْمَأْكُولِ وَلَمْ يَنْهَهُ (عَلَفَهُ مِنْهُ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُعْطِهِ ذَلِكَ (فَيُرَاجِعُهُ أَوْ وَكِيلُهُ) لِيَرُدَّهَا أَوْ يُنْفِقَهَا (فَإِنْ فُقِدَا فَالْحَاكِمُ) يُرَاجِعُهُ لِيُؤَجِّرَهَا وَيُنْفِقَ عَلَيْهَا مِنْ أُجْرَتِهَا، فَإِنْ عَجَزَ اقْتَرَضَ عَلَى الْمَالِكِ حَيْثُ لَا مَالَ لَهُ أَوْ بَاعَ بَعْضَهَا أَوْ كُلَّهَا بِالْمَصْلَحَةِ، وَاَلَّذِي يُنْفِقُهُ عَلَى الْمَالِكِ هُوَ الَّذِي يَحْفَظُهَا مِنْ التَّعْيِيبِ لَا الَّذِي يُسَمِّنُهَا، وَلَوْ كَانَتْ سَمِينَةً عِنْدَ الْإِيدَاعِ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ عَلْفُهَا بِمَا يَحْفَظُ نَقْصَهَا عَنْ عَيْبٍ يُنْقِصُ قِيمَتَهَا، وَلَوْ فُقِدَ الْحَاكِمُ أَنْفَقَ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ إنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا رُجُوعَ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ كَنَظِيرِهِ فِي هَرَبِ الْجِمَالِ. نَعَمْ لَوْ كَانَتْ رَاعِيَةً فَالظَّاهِرُ وُجُوبُ تَسْرِيحِهَا مَعَ ثِقَةٍ، فَلَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا لَمْ يَرْجِعْ: أَيْ إنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ عَلَيْهِ مَنْ يُسَرِّحُهَا مَعَهُ وَإِلَّا فَيَرْجِعُ وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ نَحْوُ الْبَيْعِ أَوْ الْإِيجَارِ أَوْ الِاقْتِرَاضِ كَالْحَاكِمِ، وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُهُ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا مُطْلَقًا إلَّا بِذَلِكَ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا تَقَرَّرَ عَنْ الْأَنْوَارِ وَهَلْ يَضْمَنُ نَخِيلًا اسْتَوْدَعَهَا لَمْ يَأْمُرْهُ بِسَقْيِهَا فَتَرَكَهُ كَالْحَيَوَانِ أَوْ لَا وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا نَعَمْ كَالصُّوفِ وَنَحْوِهِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ. نَعَمْ مَحَلُّ الْوَجْهَيْنِ كَمَا قَالَهُ فِيمَا لَا تَشْرَبُ بِعُرُوقِهَا وَفِيمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــSالضَّمَانُ مِنْ قَوْلِهِ لَزِمَهُ الدَّفْعُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ مَنْ تَرَكَ فِعْلَ مَا لَزِمَهُ فِي مَالِ غَيْرِهِ ضَمِنَهُ لِنِسْبَتِهِ إلَى تَقْصِيرٍ مَعَ إثْمِهِ بِالتَّرْكِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ تَوَلَّى بَيْعَهُ وَأَشْهَدَ) قَالَ حَجّ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ ثَمَّ مَنْ يُشْهِدُهُ عَلَى سَبَبِ الذَّبْحِ فَتَرَكَهُ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا لِعُذْرِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ قَوْلَهُ ذَبَحْتهَا لِذَلِكَ لَا يُقْبَلُ ثُمَّ رَأَيْته مُصَرِّحًا بِهِ فِيمَا يَأْتِي انْتَهَى. وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ عَدَمُ الضَّمَانِ مُطْلَقًا وَجَدَ شُهُودًا يُشْهِدُهُمْ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: نَعَمْ تَقْيِيدُهُ) أَيْ الْأَذْرَعِيِّ انْتَهَى. حَجّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعِلْمِ) أَيْ بِكَوْنِهِ وَلِيًّا (قَوْلُهُ: وَالْجَهْلُ فِي أَصْلِ الضَّمَانِ) أَيْ وَيَكُونُ قَرَارُ الضَّمَانِ فِي صُورَةِ الْجَهْلِ عَلَى الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِعِلَّتِهَا فِيمَا يَظْهَرُ) ؛ لِأَنَّ الْمُضَمَّنَاتِ لَا يَفْتَرِقُ الْحَالُ فِيهَا بَيْنَ عِلْمِهَا وَجَهْلِهَا (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) مُرَادُهُ حَجّ (قَوْلُهُ: بَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ اللَّائِقِ بِهَا) أَيْ فِيمَا يَدْفَعُ التَّعَيُّبَ لَا فِيمَا يُسَمِّنُهَا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَجَزَ) أَيْ الْحَاكِمُ بِأَنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ اقْتِرَاضٌ وَلَا بَيْعٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا رُجُوعَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ فَقَدَ الشُّهُودَ وَنَوَى الرُّجُوعَ، وَالْأَوْفَقُ بِمَا سَنَذْكُرُهُ فِي الرَّاعِي عَنْ حَجّ مِنْ أَنَّهُ يَرْجِعُ حَيْثُ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى صِدْقِهِ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ وُجُوبُ تَسْرِيحِهَا مَعَ ثِقَةٍ) أَيْ فَإِنْ عَلَفَهَا فِي الْبَيْتِ فَالظَّاهِرُ ضَمَانُ الْمَالِكِ مَا زَادَ عَلَى مُؤْنَةِ الرَّاعِي لَا جَمِيعِ مَا صَرَفَهُ (قَوْلُهُ: وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ) أَيْ الْوَدِيعِ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ مَا تَقَرَّرَ إلَخْ) قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مَا فِي الْأَنْوَارِ لَا طَرِيقَ لِدَفْعِ التَّلَفِ عَنْهُ فَالْبَيْعُ مُضْطَرٌّ إلَيْهِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ خُصُوصَ مَا فَعَلَهُ كَالْإِيجَارِ هُنَا مَثَلًا لَيْسَ مُتَعَيِّنًا؛ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِيهِ دُونَ غَيْرِهِ وَقَدْ تَعَذَّرَ الْإِنْفَاقُ مِنْ غَيْرِ بَيْعِهَا وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ كَالصُّوفِ) أَيْ خِلَافًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ بِعِلْمِ الْوَدِيعِ بِالْحَالِ) أَيْ بِكَوْنِهِ وَلِيًّا (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي إذْنِهِ) يَعْنِي الْحَاكِمَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَنْهَهُ) الْوَاوُ لِلْحَالِ عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ فِيمَا لَمْ يَنْهَهُ انْتَهَتْ. وَغَرَضُهُ مِنْ ذَلِكَ دَفْعُ مَا يُوهِمُهُ الْمَتْنُ مِنْ تَعَلُّقِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِمَسْأَلَةِ النَّهْيِ قَبْلَهَا (قَوْلُهُ: كَالصُّوفِ وَنَحْوِهِ) أَيْ فِيمَا إذَا تَرَكَ نَحْوَ نَشْرِهِ

إذَا لَمْ يَنْهَهُ عَنْ سَقْيِهَا (وَلَوْ) (بَعَثَهَا) أَيْ الدَّابَّةَ (مَعَ مَنْ يَسْقِيهَا) أَوْ يَعْلِفُهَا وَهُوَ ثِقَةٌ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ إخْرَاجُهَا لِذَلِكَ (لَمْ يَضْمَنْ) هَا (فِي الْأَصَحِّ) وَإِنْ لَاقَ بِهِ مُبَاشَرَتُهُ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ الْعَادَةُ وَهُوَ اسْتِنَابَةٌ لَا إيدَاعٌ. وَالثَّانِي يَضْمَنُ لِإِخْرَاجِهَا مِنْ حِرْزِهَا عَلَى يَدِ مَنْ لَمْ يَأْتَمِنْهُ الْمَالِكُ وَلَوْ أَخْرَجَهَا فِي زَمَنِ الْخَوْفِ أَوْ مَعَ غَيْرِ ثِقَةٍ ضَمِنَ قَطْعًا (وَعَلَى الْمُودَعِ) بِفَتْحِ الدَّالِ (تَعْرِيضُ ثِيَابِ الصُّوفِ) وَنَحْوِهَا مِنْ شَعْرٍ وَوَبَرٍ وَغَيْرِهِمَا (لِلرِّيحِ) وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ الْمَالِكُ بِهِ فَيُخْرِجُهَا حَتَّى مِنْ صُنْدُوقٍ مُقْفَلٍ عَلِمَ بِهَا فِيهِ فَفَتَحَهُ لِنَشْرِهَا، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ إنْ أَعْطَاهُ مِفْتَاحَهُ لَزِمَهُ الْفَتْحُ وَإِلَّا جَازَ لَهُ (كَيْ لَا يُفْسِدَهَا الدُّودُ وَكَذَا) عَلَيْهِ (لُبْسُهَا) بِنَفْسِهِ إنْ لَاقَ بِهِ (عِنْدَ حَاجَتِهَا) بِأَنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِدَفْعِ الدُّودِ بِسَبَبِ عَبِقِ رِيحِ الْآدَمِيِّ بِهَا. نَعَمْ إنْ لَمْ يَلِقْ بِهِ لُبْسُهَا أَلْبَسَهَا مَنْ يَلِيقُ بِهِ بِهَذَا الْقَصْدِ قَدْرَ الْحَاجَةِ مَعَ مُلَاحَظَتِهِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، فَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ ضَمِنَ مَا لَمْ يَنْهَهُ. نَعَمْ لَوْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ لَهُ لُبْسُهُ كَثَوْبِ حَرِيرٍ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَلْبَسُهُ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ لُبْسُهُ أَوْ وَجَدَهُ وَلَمْ يَرْضَ إلَّا بِأُجْرَةٍ فَالْأَوْجَهُ الْجَوَازُ بَلْ الْوُجُوبُ، وَلَوْ كَانَتْ الثِّيَابُ كَثِيرَةً بِحَيْثُ يَحْتَاجُ لُبْسُهَا إلَى مُضِيِّ زَمَنٍ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ فَالْأَقْرَبُ أَنَّ لَهُ رَفْعَ الْأَمْرِ إلَى الْحَاكِمِ لِيَفْرِضَ لَهُ أُجْرَةً فِي مُقَابَلَةِ لُبْسِهَا إذْ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَبْذُلَ مَنْفَعَتَهُ مَجَّانًا كَالْحِرْزِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ كَيْ لَا إلَى آخِرِهِ وُجُوبَ رَكُوبِ دَابَّةٍ أَوْ تَسْيِيرِهَا خَوْفًا عَلَيْهَا مِنْ الزَّمَانَةِ لِطُولِ وُقُوفِهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَجَعَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِثَالًا وَأَنَّ الضَّابِطَ خَوْفُ الْفَسَادِ، وَلَوْ تَرَكَهَا لِكَوْنِهَا بِنَحْوِ صُنْدُوقٍ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا أَوْ لَمْ يُعْطِهِ مِفْتَاحَهُ لَمْ يَضْمَنْهَا، وَلَوْ تَرَكَ الْوَدِيعُ شَيْئًا مِمَّا لَزِمَهُ لِجَهْلٍ بِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ وَعُذْرٍ لِنَحْوِ بُعْدِهِ عَنْ الْعُلَمَاءِ، فَفِي تَضْمِينِهِ وَقْفَةٌ لَكِنَّهُ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ. (وَمِنْهَا أَنْ) (يَعْدِلَ عَنْ الْحِفْظِ الْمَأْمُورِ بِهِ) مِنْ الْمُودِعِ وَتَلِفَتْ بِسَبَبِ الْعُدُولِ الْمُقَصِّرِ بِهِ (فَيَضْمَنُ) لِحُصُولِ التَّلَفِ مِنْ جِهَةِ مُخَالَفَتِهِ وَتَقْصِيرِهِ (فَلَوْ قَالَ لَهُ لَا تَرْقُدْ عَلَى الصُّنْدُوقِ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ (فَرَقَدَ عَلَيْهِ وَانْكَسَرَ بِثِقَلِهِ فَتَلِفَ مَا فِيهِ ضَمِنَ) لِذَلِكَ (وَإِنْ) (تَلِفَ بِغَيْرِهِ) أَيْ الْعُدُولِ أَوْ الثِّقَلِ كَأَنْ سُرِقَ وَهُوَ فِي بَيْتٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــSلحج (قَوْلُهُ: وَهُوَ ثِقَةٌ) وَالْمُرَادُ بِالثِّقَةِ حَيْثُ أَطْلَقَ الْمُكَلَّفُ الْعَدْلُ الْقَادِرُ عَلَى مُبَاشَرَةِ مَا فُوِّضَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ اسْتِنَابَةٌ لَا إيدَاعٌ) أَيْ فَلَا يُقَالُ الْوَدِيعُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْإِيدَاعُ وَدَفْعُهَا لِمَنْ ذَكَرَ إيدَاعٌ لَهُ مُدَّةَ وَضْعِ يَدِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ غَيْرِ ثِقَةٍ ضَمِنَ قَطْعًا) أَيْ دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ حَتَّى لَوْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ السَّبَبِ الَّذِي تَعَدَّى بِهِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الضَّمَانُ فَهُوَ ضَمَانُ جِنَايَةٍ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا جَازَ لَهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَدَّى فَتْحُهُ إلَى إتْلَافِ الْقُفْلِ وَهُوَ قَرِيبٌ إنْ كَانَ النَّقْصُ لِلْقُفْلِ دُونَ النَّقْصِ الْحَاصِلِ بِتَرْكِ التَّهْوِيَةِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِدَفْعِ الدُّودِ) قَالَ حَجّ: وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةٍ نَحْوُ اللُّبْسِ لِأَجْلِ ذَلِكَ وَإِلَّا ضَمِنَ بِهِ، وَيُوَجَّهُ فِي حَالِ الْإِطْلَاقِ بِأَنَّ الْأَصْلَ الضَّمَانُ حَتَّى يُوجَدَ لَهُ صَارِفٌ (قَوْلُهُ: لِدَفْعِ الدُّودِ) جَمْعُ دُودَةٍ وَيُجْمَعُ عَلَى دِيدَانٍ بِالْكَسْرِ انْتَهَى مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: بِهَذَا الْقَصْدِ) أَيْ فَلَوْ أَطْلَقَ ضَمِنَ حَجّ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ مَا لَمْ يَنْهَهُ) أَيْ فَإِنْ نَهَاهُ وَتَرَكَ التَّهْوِيَةَ وَنَحْوَهَا فَلَا ضَمَانَ وَبَقِيَ مَا لَوْ نَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَخَالَفَ وَلَبِسَهَا أَوْ هَوَّاهَا أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ فَهَلْ يَضْمَنُ إذَا تَلِفَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لِفِعْلِهِ مَا نُهِيَ عَنْهُ أَوْ لَا لِمَا فَعَلَهُ مِنْ الْمَصْلَحَةِ لِلْمَالِكِ فَلَا يُلْتَفَتُ لِنَهْيِهِ عَنْهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي كَمَا لَوْ نَهَاهُ عَنْ الْأَقْفَالِ فَأَقْفَلَ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ الْجَوَازُ) أَيْ جَوَازُ اللُّبْسِ لِلْوَدِيعِ (قَوْلُهُ: بَلْ الْوُجُوبُ) قَدْ يُتَوَقَّفُ فِي الْوُجُوبِ بَلْ فِي الْجَوَازِ مِنْ أَصْلِهِ، إذْ لَا ضَرُورَةَ لِلُبْسِهِ مَعَ وُجُودِ مَنْ يَلِيقُ بِهِ لُبْسُهَا، بَلْ الْقِيَاسُ أَنْ يَرْفَعَ أَمْرَهَا لِلْحَاكِمِ لِيَسْتَأْجِرَ مَنْ يَلْبَسُهَا (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ) أَيْ التَّضْمِينَ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ مُعْتَمَدٌ. وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الضَّمَانَ هُنَا مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ وَلَا يُفْتَرَقُ فِيهِ الْحَالُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ. (قَوْلُهُ عَلَى الصُّنْدُوقِ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَقَدْ يُفْتَحُ انْتَهَى حَجّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ إخْرَاجُهَا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ زَمَنَ خَوْفٍ (قَوْلُهُ فَالْأَوْجَهُ الْجَوَازُ) أَيْ جَوَازُ اللُّبْسِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْهَا) وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْفَتْحُ

مُحْرِزٍ مِنْ أَيِّ جَانِبٍ كَانَ أَوْ بِصَحْرَاءَ مِنْ رَأْسِ الصُّنْدُوقِ (فَلَا) يَضْمَنُ (عَلَى الصَّحِيحِ) ؛ لِأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا وَلَمْ يَأْتِ التَّلَفُ مِمَّا عَدَلَ إلَيْهِ وَنَحْوُ الرُّقُودِ قَفْلُ الْقُفْلَيْنِ زِيَادَةً فِي الْحِفْظِ، فَلَا نَظَرَ لِتَوَهُّمِ كَوْنِهِ إغْرَاءً لِلسَّارِقِ عَلَيْهَا الَّذِي عَلَّلَ بِهِ الثَّانِي الضَّمَانَ بِذَلِكَ. أَمَّا إذَا سُرِقَ مِنْ جَانِبِ صُنْدُوقٍ بِنَحْوِ صَحْرَاءَ فَيَضْمَنُ إنْ سُرِقَ مِنْ جَانِبٍ لَوْ لَمْ يَرْقُدْ فَوْقَهُ لَرَقَدَ فِيهِ فَنُسِبَ التَّلَفُ حِينَئِذٍ لِفِعْلِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ سُرِقَ مِنْ غَيْرِ مَرْقَدِهِ أَوْ فِي بَيْتٍ مُحْرَزٍ أَوْ لَا مَعَ نَهْيٍ وَإِنْ سُرِقَ مِنْ مَحَلِّ مَرْقَدِهِ؛ لِأَنَّهُ زَادَ احْتِيَاطًا وَلَمْ يَحْصُلْ التَّلَفُ بِفِعْلِهِ، وَيَضْمَنُ أَيْضًا لَوْ أَمَرَهُ بِالرُّقَادِ أَمَامَهُ فَرَقَدَ فَوْقَهُ فَسُرِقَ مِنْ أَمَامِهِ (وَكَذَا لَوْ قَالَ لَا تَقْفِلْ عَلَيْهِ) فَأَقْفَلَ أَوْ (قُفْلَيْنِ) بِضَمِّ الْقَافِ (فَأَقْفَلَهُمَا) فَلَا ضَمَانَ لِمَا مَرَّ، وَالثَّانِي يَضْمَنُ لِإِغْرَائِهِ السَّارِقَ بِهِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي بَلَدٍ لَمْ تَجْرِ عَادَتُهُمْ بِذَلِكَ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْمُعِينِ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ جَزْمًا. (وَلَوْ) (قَالَ) لَهُ (ارْبِطْ) بِكَسْرِ الْبَاءِ أَشْهَرُ مِنْ ضَمِّهَا (الدَّرَاهِمَ فِي كُمِّك فَأَمْسَكَهَا فِي يَدِهِ فَتَلِفَتْ) (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا إنْ ضَاعَتْ بِنَوْمٍ وَنِسْيَانٍ) الْوَاوُ فِيهِ بِمَعْنَى أَوْ (ضَمِنَ) لِحُصُولِ التَّلَفِ مِنْ جِهَةِ الْمُخَالَفَةِ، إذْ لَوْ رُبِطَتْ لَمْ تَضِعْ بِهَذَا السَّبَبِ (أَوْ) تَلِفَتْ (بِأَخْذِ غَاصِبٍ فَلَا) ضَمَانَ؛ لِأَنَّ الْيَدَ أَمْنَعُ لَهُ مِنْ الرَّبْطِ، نَعَمْ إنْ نَهَاهُ عَنْ أَخْذِهَا بِيَدِهِ ضَمِنَ مُطْلَقًا. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي إطْلَاقُ قَوْلَيْنِ. وَالطَّرِيقُ الثَّالِثُ إنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِمْسَاكِ ضَمِنَ وَإِنْ أَمْسَكَ بَعْدَ الرَّبْطِ فَلَا، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَلْزَمُهُ بَعْدَ رَبْطِهَا فِي كُمِّهِ إمْسَاكُهَا بِيَدِهِ، بَلْ إنْ كَانَ الرَّبْطُ مِنْ خَارِجِ الْكُمِّ فَأَخَذَهَا الْقَاطِعُ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ فِيهِ إظْهَارَهَا وَتَنْبِيهَ الْقَاطِعِ وَإِغْرَاءَهُ عَلَيْهَا لِسُهُولَةِ قَطْعِهِ أَوْ حَلِّهِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، لَا إنْ اسْتَرْسَلَتْ بِانْحِلَالِ الْعُقْدَةِ وَضَاعَتْ وَقَدْ احْتَاطَ فِي الرَّبْطِ فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهَا إنْ انْحَلَّتْ بَقِيَتْ الْوَدِيعَةُ فِي الْكُمِّ أَوْ كَانَ الرَّبْطُ مِنْ دَاخِلِهِ فَبِالْعَكْسِ فَيَضْمَنُهَا بِالِاسْتِرْسَالِ لِتَنَاثُرِهَا بِالِانْحِلَالِ لَا إنْ أَخَذَهَا الْقَاطِعُ لِعَدَمِ تَنْبِيهِهِ، وَلَا يُشْكِلُ بِكَوْنِ الْمَأْمُورِ بِهِ مُطْلَقَ الرَّبْطِ، فَإِذَا أَتَى بِهِ لَمْ يَنْظُرْ لِجِهَاتِ التَّلَفِ كَمَا لَوْ قَالَ احْفَظْهُ فِي الْبَيْتِ فَوَضَعَهُ بِزَاوِيَةٍ فَانْهَدَمَتْ وَلَوْ كَانَ بِغَيْرِهَا لَسَلِمَ؛ لِأَنَّ الرَّبْطَ مِنْ فِعْلِهِ وَهُوَ حِرْزٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ، وَقَوْلُهُ ارْبِطْ مُطْلَقٌ لَا شُمُولَ فِيهِ، فَإِذَا جَاءَ التَّلَفُ مِمَّا آثَرَهُ ضَمِنَ، وَلَا كَذَلِكَ زَوَايَا الْبَيْتِ؛ وَلِأَنَّ الرَّبْطَ لِلْعُرْفِ دَخَلَ فِي تَخْصِيصِهِ بِالْحُكْمِ وَإِنْ شَمَلَ لَفْظُهُ غَيْرَهُ، وَلَا كَذَلِكَ الْبَيْتُ، إذْ لَا دَخْلَ لِلْعُرْفِ فِي تَخْصِيصِ بَعْضِ زَوَايَاهُ وَإِنْ فُرِضَ اخْتِلَافُهَا بِنَاءً وَقُرْبًا مِنْ الشَّارِعِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَمِيصَانِ فَرَبَطَهَا فِي التَّحْتَانِيِّ مِنْهُمَا فَيَظْهَرُ عَدَمُ ضَمَانِهِ سَوَاءٌ أَرَبَطَ دَاخِلَ الْكُمِّ أَمْ خَارِجَهُ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرُوهُ (وَلَوْ جَعَلَهَا) وَقَدْ قَالَ لَهُ ارْبِطْهَا فِي كُمِّك (فِي جَيْبِهِ) وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُغَطًّى بِثَوْبٍ فَوْقَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَاَلَّذِي بِإِزَاءِ الْحَلْقِ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ، وَيُوَافِقُهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَهُوَ مُعْتَادٌ عِنْدَ الْمَغَارِبَةِ أَوْ مَا يَعْتَادُهُ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ جَعْلِهِ عِنْدَ طَوْقِهِ فَتْحَةً نَازِلَةً كَالْخَرِيطَةِ (بَدَلًا عَنْ الرَّبْطِ فِي الْكُمِّ) فَضَاعَتْ مِنْ غَيْرِ ثُقْبٍ فِيهِ لِمَا يَأْتِي (لَمْ يَضْمَنْ) ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَزُ مَا لَمْ يَكُنْ وَاسِعًا غَيْرَ مَزْرُورٍ، وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ الْكُمُّ أَحْرَزُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ قَدْ تَسْقُطُ مِنْهُ فِي النَّوْمِ وَنَحْوِهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْكُمَّ كَذَلِكَ، وَأَنَّ هَذَا لَا يَتَأَتَّى إلَّا فِي وَاسِعٍ غَيْرِ مَزْرُورٍ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ ضَيِّقًا أَوْ مَزْرُورًا وَهُوَ حِينَئِذٍ أَحْرَزُ مِنْ الْكُمِّ بِلَا شُبْهَةٍ (وَبِالْعَكْسِ) بِأَنْ أَمَرَهُ بِوَضْعِهَا فِي الْجَيْبِ فَرَبَطَهَا فِي الْكُمِّ (يَضْمَنُ) قَطْعًا لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْجَيْبَ بِشَرْطِهِ أَحْرَزُ مِنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَنَحْوُ الرُّقُودِ) هُوَ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي لَوْ أَمَرَهُ بِالرُّقَادِ أَمَامَهُ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهُمَا مَصْدَرَانِ لِرَقَدَ، وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الْمِصْبَاحِ رَقَدَ رَقْدًا وَرُقُودًا وَرُقَادًا نَامَ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا انْتَهَى. (قَوْلُهُ: لَمْ تَجْرِ عَادَتُهُمْ بِذَلِكَ) أَيْ بِقَفْلِ الْأَقْفَالِ. (قَوْلُهُ ضَمِنَ مُطْلَقًا) أَيْ بِنَوْمٍ أَوْ نِسْيَانٍ أَوْ أَخْذِ غَاصِبٍ (قَوْلُهُ: فَلَا ضَمَانَ) أَيْ وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ تَنْبِيهِهِ) أَيْ الْوَدِيعِ إيَّاهُ، وَقَوْلُهُ وَلَا يُشْكِلُ: أَيْ هَذَا التَّفْصِيلُ (قَوْلُهُ وَلَا كَذَلِكَ زَوَايَا الْبَيْتِ) نَعَمْ هُوَ كَذَلِكَ فِي الزَّوَايَا أَنْفُسِهَا. أَمَّا الْوَضْعُ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهَا فَمِنْ فِعْلِهِ وَهُوَ مُطْلَقٌ، فَإِذَا جَاءَ مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي اخْتَارَهَا ضَمِنَ (قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى) أَيْ وَهُوَ ظُهُورُهَا لِلسَّارِقِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ) أَيْ مِمَّا يُجْعَلُ عَلَى الْفَخْذِ (قَوْلُهُ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْجَيْبَ بِشَرْطِهِ) أَيْ وَهُوَ كَوْنُهُ ضَيِّقًا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(وَلَوْ) (أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ بِالسُّوقِ) مَثَلًا (وَلَمْ يُبَيِّنْ كَيْفِيَّةَ الْحِفْظِ فَرَبَطَهَا فِي كُمِّهِ وَأَمْسَكَهَا) مَثَلًا (بِيَدِهِ أَوْ جَعَلَهَا فِي جَيْبِهِ) الْمَذْكُورِ بِشَرْطِهِ (لَمْ يَضْمَنْ) ؛ لِأَنَّهُ احْتِيَاطٌ فِي الْحِفْظِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْجَيْبُ وَاسِعًا غَيْرَ مَزْرُورٍ أَوْ مَثْقُوبًا وَإِنْ جَهِلَهُ كَمَا أَطْلَقَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَقَيَّدَهُ صَاحِبُ الْكَافِي بِمَا إذَا كَانَ الثُّقْبُ مَوْجُودًا حَالَ جَعْلِهَا فِيهِ فَإِنْ حَدَثَ بَعْدَهُ فَلَا. وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الرَّبْطِ مِنْ غَيْرِ إمْسَاكٍ كَانَ ضَامِنًا. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَقِيَاسُ مَا سَبَقَ النَّظَرُ لِكَيْفِيَّةِ الرَّبْطِ وَجِهَةِ التَّلَفِ وَلَوْ سَقَطَتْ مِنْ كُمِّهِ بَعْدَ وَضْعِهَا فِيهِ بِلَا رَبْطٍ ضَمِنَهَا إنْ كَانَتْ خَفِيفَةً لَا يَشْعُرُ بِهَا لِتَفْرِيطِهِ فِي الْإِحْرَازِ لَا إنْ كَانَتْ ثَقِيلَةً يَشْعُرُ بِهَا فَلَا ضَمَانَ. قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَقِيَاسُ هَذَا اطِّرَادُهُ فِي سَائِرِ صُوَرِ الِاسْتِرْسَالِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهِ، فَلَوْ نَفَضَ كُمَّهُ فَسَقَطَتْ ضَمِنَهَا وَلَوْ سَهْوًا قَالَهُ الْقَاضِي، وَلَوْ وَضَعَهَا فِي كَوْرِ عِمَامَتِهِ مِنْ غَيْرِ شَدٍّ ضَمِنَهَا، فَإِنْ شَدَّهَا أَوْ رَبَطَهَا فِي التِّكَّةِ فَلَا. وَخَرَجَ بِالسُّوقِ مَا لَوْ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ فِي الْبَيْتِ وَقَالَ لَهُ احْفَظْهَا فِيهِ فَيَلْزَمُهُ الْحِفْظُ فِيهِ فَوْرًا، فَإِنْ أَخَّرَ بِلَا عُذْرٍ ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يَحْفَظْهَا فِيهِ وَرَبَطَهَا فِي كُمِّهِ أَوْ شَدَّهَا فِي عَضُدِهِ لَا مِمَّا يَلِي أَضْلَاعَهُ وَخَرَجَ بِهَا أَوْ لَمْ يَخْرُجْ وَأَمْكَنَ إحْرَازُهَا فِي الْبَيْتِ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ الْبَيْتَ أَحْرَزُ مِنْ ذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا إذَا شَدَّهَا فِي عَضُدِهِ مِمَّا يَلِي أَضْلَاعَهُ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَزُ مِنْ الْبَيْتِ، وَقَيَّدَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِمَا إذَا حَصَلَ التَّلَفُ فِي زَمَنِ الْخُرُوجِ لَا مِنْ جِهَةِ الْمُخَالَفَةِ وَإِلَّا فَيَضْمَنُ (وَإِنْ أَمْسَكَهَا بِيَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ إنْ أَخَذَهَا غَاصِبٌ) ؛ لِأَنَّ الْيَدَ أَحْرَزُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ (وَيَضْمَنُ إنْ تَلِفَتْ بِفِعْلِهِ أَوْ نَوْمٍ) لِتَقْصِيرِهِ (وَإِنْ) (قَالَ) لَهُ وَقَدْ أَعْطَاهَا لَهُ فِي السُّوقِ مَثَلًا (احْفَظْهَا فِي الْبَيْتِ) فَقَبِلَ (فَلْيَمْضِ إلَيْهِ) حَالًا (وَيُحْرِزُهَا فِيهِ) عَقِبَ وُصُولِهِ (فَإِنْ أَخَّرَ) شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ (بِلَا عُذْرٍ) فَتَلِفَتْ (ضَمِنَ) لِتَفْرِيطِهِ سَوَاءٌ أَتَلِفَتْ فِي الطَّرِيقِ أَمْ الْبَيْتِ، أَوْ كَانَتْ خَسِيسَةً أَمْ لَا، كَانَ سُوقُهُ أَوْ حَانُوتُهُ حِرْزَ مِثْلِهَا أَمْ لَا. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَيَنْبَغِي الرُّجُوعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ، وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ نَفَاسَةِ الْوَدِيعَةِ وَطُولِ التَّأْخِيرِ وَضِدِّهِمَا، وَقَالَ الْفَارِقِيُّ: يَرْجِعُ لِعَادَتِهِ، فَإِنْ جَرَتْ بِإِقَامَتِهِ فِي السُّوقِ إلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ لِاشْتِغَالِهِ بِنَحْوِ تِجَارَةٍ وَأَخَّرَهَا إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ فَلَا ضَمَانَ وَإِلَّا ضَمِنَ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ مُتَّجِهٌ مِنْ جِهَةِ الْعُرْفِ، لَكِنَّ الْمَنْقُولَ فِي الشَّامِلِ وَحِلْيَةِ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِمَا عَنْ النَّصِّ مِنْ غَيْرِ مُخَالَفَةٍ يَرُدُّهُ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: لَوْ قَالَ لَهُ وَهُوَ فِي حَانُوتِهِ احْمِلْهَا إلَى بَيْتِك لَزِمَهُ أَنْ يَقُومَ فِي الْحَالِ وَيَحْمِلَهَا إلَيْهِ، فَلَوْ تَرَكَهَا فِي حَانُوتِهِ وَلَمْ يَحْمِلْهَا إلَى الْبَيْتِ مَعَ الْإِمْكَانِ ضَمِنَ انْتَهَى وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ، وَلَا اعْتِبَارَ حِينَئِذٍ بِعَادَتِهِ؛ لِأَنَّهُ وَرَّطَ نَفْسَهُ بِقَبُولِهَا، وَلَوْ نَامَ وَمَعَهُ الْوَدِيعَةُ فَضَاعَتْ، فَإِنْ كَانَتْ بِحَضْرَةِ مَنْ يَحْفَظُهَا أَوْ فِي مَحَلِّ حِرْزٍ لَهَا لَمْ يَضْمَنْ، وَإِلَّا ضَمِنَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ صَرِيحُ كَلَامِهِمْ. قَالَ الرَّافِعِيُّ وَفِي تَقْيِيدِهِمْ الصُّورَةَ بِمَا إذَا قَالَ احْفَظْهَا فِي الْبَيْتِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ جَازَ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ بِهَا مَرْبُوطَةً، وَيُشْبِهُ أَنْ. ـــــــــــــــــــــــــــــSأَوْ مَزْرُورًا. (قَوْلُهُ فَإِنْ حَدَثَ بَعْدَهُ فَلَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ وَلَوْ بِغَيْرِ نَقْلِهَا (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ كَانَتْ ثَقِيلَةً) أَيْ وَكَانَتْ مِمَّا يُعْتَادُ وَضْعُ مِثْلِهِ فِي الْكُمِّ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: فَلَوْ نَفَضَ كُمَّهُ) أَيْ أَوْ أَرْخَاهُ مِنْ غَيْرِ نَفْضٍ (قَوْلُهُ: وَقَالَ احْفَظْهَا فِيهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ احْفَظْهَا لَمْ يَضْمَنْ بِالْخُرُوجِ بِهَا مِنْ الْبَيْتِ. وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ الْآنَ حِفْظُهَا بِأَيِّ وَجْهٍ اتَّفَقَ مِنْ وُجُوهِ الْحِفْظِ، وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ نَقْلًا عَنْ الرَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَخَّرَ بِلَا عُذْرٍ) أَيْ بِأَنْ رَبَطَهَا فِي كُمِّهِ أَوْ خَرَجَ بِهَا إلَى السُّوقِ (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ الْأَذْرَعِيُّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لَا مِنْ جِهَةِ الْمُخَالَفَةِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ نَحْوَ طَعَامِ نَفْسِهِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْبَيْتِ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ إلَخْ) ضَعِيفٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ رَبَطَهَا فِي التِّكَّةِ) لَيْسَ مِنْ جُمْلَةِ مَفْهُومِ قَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ شَدٍّ وَإِنْ أَوْهَمَتْهُ عِبَارَتُهُ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَوْ رَبَطَهَا فِي التِّكَّةِ أَوْ وَضَعَهَا فِي كُورِ عِمَامَتِهِ وَشَدَّهَا لَمْ يَضْمَنْ انْتَهَتْ

يَكُونَ الرُّجُوعُ فِيهِ إلَى الْعَادَةِ اهـ. وَهُوَ الْأَوْجَهُ. (وَمِنْهَا أَنْ يُضَيِّعَهَا بِأَنْ) تَقَعَ فِي كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ بِمَعْنَى كَأَنَّ كَثِيرًا كَمَا فِي هَذَا الْبَابِ إذْ أَنْوَاعُ الضَّيَاعِ كَثِيرَةٌ: مِنْهَا أَنْ تَقَعَ دَابَّةٌ فِي مَهْلَكَةٍ وَهِيَ مَعَ رَاعٍ أَوْ وَدِيعٍ فَيَتْرُكَ تَخْلِيصَهَا مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ بِلَا كَبِيرِ مَشَقَّةٍ، أَوْ ذَبْحَهَا بَعْدَ تَعَذُّرِ تَخْلِيصِهَا فَتَمُوتُ فَيَضْمَنُهَا عَلَى مَا مَرَّ، وَلَا يُصَدَّقُ فِي ذَبْحِهَا لِذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَمَا فِي دَعْوِهِ خَوْفًا أَلْجَأَهُ إلَى إيدَاعِ غَيْرِهِ. وَمِنْهَا أَنْ يَنَامَ عَنْهَا إلَّا إنْ كَانَتْ بِرَحْلِهِ أَوْ رُفْقَتِهِ حَوْلَهُ: أَيْ مُسْتَيْقِظِينَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا تَقْصِيرَ بِالنَّوْمِ حِينَئِذٍ. وَمِنْهَا ضَيَاعُهَا بِنِسْيَانٍ أَوْ نَحْوِهِ كَأَنْ قَعَدَ فِي طَرِيقٍ ثُمَّ قَامَ وَنَسِيَهَا أَوْ دَفَنَهَا بِحِرْزٍ ثُمَّ نَسِيَهُ (يَضَعُهَا فِي غَيْرِ حِرْزِ مِثْلِهَا) بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا وَإِنْ قَصَدَ إخْفَاءَهَا كَمَا لَوْ هَجَمَ عَلَيْهِ قُطَّاعٌ فَأَلْقَاهَا فِي مَضْيَعَةٍ أَوْ دُونَهَا إخْفَاءً لَهَا فَضَاعَتْ، وَالتَّنْظِيرُ فِيهِ غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ، وَلَوْ جَاءَهُ مَنْ يَخَافُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ فَهَرَبَ وَتَرَكَهَا: أَيْ وَلَمْ يُمْكِنْهُ أَخْذُهَا وَهِيَ فِي حِرْزِ مِثْلِهَا فَلَا ضَمَانَ لِانْتِفَاءِ تَقْصِيرِهِ وَضَابِطُ الْحِرْزِ هُنَا كَمَا فَصَّلُوهُ فِي السَّرِقَةِ بِالنِّسْبَةِ لِأَنْوَاعِ الْمَالِ وَالْمَحَالِّ ذَكَرَهُ فِي الْأَنْوَارِ قَالَ غَيْرُهُ: وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ أَنَّ الدَّارَ الْمُغْلَقَةَ لَيْلًا وَلَا نَائِمَ بِهَا غَيْرُ حِرْزٍ هُنَا أَيْضًا وَإِنْ كَانَتْ بِبَلَدِ أَمْنٍ، وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ احْفَظْ دَارِي فَأَجَابَ فَذَهَبَ الْمَالِكُ وَبَابُهَا مَفْتُوحٌ ثَمَّ الْآخَرُ ضَمِنَ، بِخِلَافِ الْمُغْلَقَةِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي ثَمَّ، فَلَوْ سَرَقَ الْوَدِيعَةَ مِنْ حِرْزِهَا مَنْ سَاكَنَهُ فِيهِ فَالْأَوْجَهُ الضَّمَانُ مُطْلَقًا كَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُمْ ثُمَّ لَيْسَ مُحْرَزًا بِالنِّسْبَةِ لِلضَّيْفِ وَالسَّاكِنِ، وَلَوْ ذَهَبَ الْفَأْرُ بِهَا مِنْ حِرْزِهَا فِي جِدَارٍ لَمْ يَجُزْ لِمَالِكِهَا حَفْرُهُ مَجَّانًا؛ لِأَنَّ مَالِكَهُ لَمْ يَتَعَدَّ، بِخِلَافِ مَا إذَا تَعَدَّى نَظِيرُ مَا قَالُوهُ فِي دِينَارٍ وَقَعَ بِمِحْبَرَةٍ أَوْ فَصِيلٍ بِبَيْتٍ وَلَمْ يُمْكِنْ إخْرَاجُهُ إلَّا بِكَسْرِهَا أَوْ هَدْمِهِ يُكْسَرُ وَيُهْدَمُ بِالْأَرْشِ إنْ لَمْ يَتَعَدَّ مَالِكُ الظَّرْفِ وَإِلَّا فَلَا أَرْشَ (أَوْ يَدُلُّ عَلَيْهَا) مَعَ تَعْيِينِهِ مَحَلَّهَا (سَارِقًا) أَوْ نَحْوَهُ (أَوْ) (مَنْ يُصَادِرُ الْمَالِكَ) لِإِتْيَانِهِ بِنَقِيضِ مَا الْتَزَمَهُ مِنْ حَفِظَهَا، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى الدَّلَالَةِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ ضَمَانِهِ، وَعَلَى. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَيَضْمَنُهَا عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ الْخِلَافِ فِيهِ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مِنْهُ هُوَ الضَّمَانُ وَقَدْ قَدَّمْنَا عَنْ حَجّ أَنَّ الَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ ثَمَّ مَنْ يُشْهِدُهُ عَلَى سَبَبِ الذَّبْحِ فَتَرَكَهُ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَلَا يُصَدَّقُ فِي ذَبْحِهَا لِذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) بَقِيَ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ رَاعِيًا وَلَا مُودَعًا وَرَأَى نَحْوَ مَأْكُولٍ لِغَيْرِهِ وَقَعَ فِي مَهْلَكَةٍ وَأَشْرَفَ عَلَى الْهَلَاكِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَبْحُهُ بِنِيَّةِ حِفْظِهِ لِمَالِكِهِ وَإِذَا تَرَكَهُ مِنْ غَيْرِ ذَبْحٍ لَا يَضْمَنُ أَوْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَبْحُهُ وَلَهُ تَرْكُهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِالتَّرْكِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِلْقَطْعِ بِرِضَا مَالِكِهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرِيدُ إتْلَافَ مَالِهِ لَكِنْ لَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَمَا قَالُوهُ فِي الرَّاعِي فَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ اُحْتُمِلَ تَصْدِيقُهُ كَمَا قَالَهُ حَجّ فِي الرَّاعِي، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ كُلَّهُ مَفْرُوضٌ فِي عَارِفٍ يُمَيِّزُ بَيْنَ الْأَسْبَابِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْهَلَاكِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَامَ وَنَسِيَهَا) وَمِنْهُ مَا لَوْ كَانَ مَعَهُ كِيسُ دَرَاهِمَ مَثَلًا فَوَضَعَهُ فِي حُجْرَةٍ ثُمَّ قَامَ وَنَسِيَهُ فَضَاعَ فَيَضْمَنُ (قَوْلُهُ: فَأَلْقَاهَا فِي مَضْيَعَةٍ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْمَضْيَعَةُ بِمَعْنَى الضَّيَاعِ، وَيَجُوزُ فِيهَا كَسْرُ الضَّادِ وَسُكُونِ الْيَاءِ مِثْلَ مَعِيشَةٍ، وَيَجُوزُ سُكُونُ الضَّادِ وَفَتْحُ الْيَاءِ وِزَانَ مُسْلِمَةٍ، وَالْمُرَادُ بِهَا الْمَفَازَةُ الْمُنْقَطِعَةُ (قَوْلُهُ: لَوْ قَالَ احْفَظْ دَارِي فَأَجَابَ) أَيْ صَرِيحًا (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ الضَّمَانُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُتَّهَمًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: لَيْسَ مُحْرَزًا بِالنِّسْبَةِ لِلضَّيْفِ) أَيْ فَالْوَدِيعُ مُقَصِّرٌ حَيْثُ وَضَعَهَا فِيمَا ذَكَرَ؛ لِأَنَّهُ وَضَعَهَا فِي غَيْرِ حِرْزِ مِثْلِهَا (قَوْلُهُ أَوْ هَدْمِهِ يُكْسَرُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُفْتِي بِجَوَازِ ذَلِكَ وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ يُقَالُ لِصَاحِبِ الْفَصِيلِ وَالدِّينَارِ إنْ هَدَمْت الْبَيْتَ وَكَسَرْت الدَّوَاةَ غَرِمَتْ الْأَرْشَ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ إتْلَافُ مَالِهِ لِعَدَمِ تَعَدَّيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ يَدُلُّ عَلَيْهَا) أَيْ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْغَيْرَ لَمْ يَلْتَزِمْ حِفْظَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَيْ مُسْتَيْقِظِينَ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ فِيهِمْ مُسْتَيْقِظًا وَلَوْ وَاحِدًا حَيْثُ يَحْصُلُ بِهِ الْحِفْظُ (قَوْلُهُ: عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّ الْمَالُ وَكَثُرَتْ الْوَدِيعَةُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ أَنَّ الدَّارَ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ يُفْصَلُ فِي أَنْوَاعِ الْمَالِ بِاعْتِبَارِ الْخِسَّةِ وَالنَّفَاسَةِ وَفِي الدَّارِ مِنْ كَوْنِهَا مُحْكَمَةَ الْبِنَاءِ مَثَلًا أَوْ بِخِلَافِ ذَلِكَ

عَدَمِ الْقَرَارِ عَلَيْهِ حَمَلَ الزَّرْكَشِيُّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَفَارَقَ مُحَرَّمًا دَلَّ عَلَى صَيْدٍ بِعَدَمِ الْتِزَامِ الْحِفْظِ، وَتَنْظِيرُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ فِي حَمْلِ الزَّرْكَشِيّ الْمَذْكُورَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ قَرَارَ الضَّمَانِ عَلَى الدَّالِّ عَلَى وَجْهٍ لَا قَائِلَ بِهِ مَرْدُودٌ بِمَنْعِ لُزُومِ ذَلِكَ نَظَرًا لِعُذْرِهِ مَعَ عَدَمِ مُبَاشَرَتِهِ لِلتَّسْلِيمِ أَوْ بِالْتِزَامِهِ نَظَرًا لِالْتِزَامِهِ الْحِفْظَ وَقَوْلُهُ لَا قَاتِلَ بِهِ شَهَادَةُ نَفْيٍ لَا يُحِيطُ بِهَا الْعِلْمُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ضَمَانُهُ بِمُجَرَّدِ الدَّلَالَةِ وَلَوْ تَلِفَتْ بِغَيْرِهَا وَبِهِ صَرَّحَ جَمْعٌ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ عِنْدَهُ كَالرَّافِعِيِّ وَغَيْرُهُمَا عَدَمُهُ، وَلَوْ قَالَ لَا تُخْبِرْ بِهَا فَخَالَفَ فَإِنْ أَخَذَهَا مُخْبِرُهُ أَوْ مُخْبِرُ مُخْبِرِهِ ضَمِنَ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ مَوْضِعَهَا فَلَا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْعَبَّادِيِّ، وَلَوْ دَفَعَ مِفْتَاحَ نَحْوِ بَيْتِهِ فَدَفَعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ سَاكِنٍ مَعَهُ فَفَتَحَ وَأَخَذَ الْمَتَاعَ لَمْ يَضْمَنْهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا الْتَزَمَ حِفْظَ الْمِفْتَاحِ لَا الْمَتَاعِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ الْتَزَمَهُ ضَمِنَهُ أَيْضًا. (فَلَوْ) (أَكْرَهَهُ ظَالِمٌ حَتَّى سَلَّمَهَا إلَيْهِ) أَوْ لِغَيْرِهِ (لِلْمَالِكِ تَضْمِينُهُ) أَيْ الْوَدِيعِ (فِي الْأَصَحِّ) لِمُبَاشَرَتِهِ لِلتَّسْلِيمِ وَلَوْ مُضْطَرًّا إذْ لَا يُؤَثِّرُ ذَلِكَ فِي ضَمَانِ الْمُبَاشَرَةِ وَالثَّانِي لَيْسَ لَهُ تَضْمِينُهُ لِلْإِكْرَاهِ وَيُطَالِبُ الظَّالِمَ وَلَهُ مُطَالَبَتُهُ عَلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا، وَاحْتَرَزَ بِسَلَّمَهَا إلَيْهِ عَمَّا لَوْ أَخَذَهَا الظَّالِمُ بِنَفْسِهِ قَهْرًا مِنْ غَيْرِ دَلَالَةٍ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ فَقَطْ جَزْمًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَعَدَمِ فِطْرِ الْمُكْرَهِ كَمَا مَرَّ أَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ لَهُ تَعَالَى وَمِنْ بَابِ خِطَابِ التَّكْلِيفِ فَأَثَّرَ فِيهِ الْإِكْرَاهُ وَهَذَا حَقُّ آدَمِيٍّ وَمِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ شَيْءٌ (ثُمَّ رَجَعَ) الْوَدِيعُ (عَلَى الظَّالِمِ) وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَتَسَلَّمُهَا لَوْ لَمْ يُسَلِّمْهَا إلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ لِاسْتِيلَائِهِ حَقِيقَةً عَلَيْهَا وَيَلْزَمُ الْوَدِيعَ دَفْعُ الظَّالِمِ بِمَا أَمْكَنَهُ، فَإِنْ لَمْ يَنْدَفِعْ إلَّا بِالْحَلِفِ جَازَ. وَكَفَّرَ إنْ كَانَ بِاَللَّهِ، وَحَنِثَ إنْ كَانَ بِالطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُكْرِهْهُ عَلَيْهِ بَلْ خَيَّرَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّسْلِيمِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخَذَ قُطَّاعٌ مَالَ رَجُلٍ وَلَمْ يَتْرُكُوهُ حَتَّى يَحْلِفَ بِهِ إنَّهُ لَا يُخْبِرُ بِهِمْ فَأَخْبَرَ بِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــSبِخِلَافِهِ هُوَ (قَوْلُهُ وَفَارَقَ مُحْرِمًا دَلَّ عَلَى صَيْدٍ) أَيْ حَيْثُ أَثِمَ وَلَا ضَمَانَ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ عِنْدَهُ كَالرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمَا عَدَمُهُ) وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ الدَّابَّةَ فِي زَمَنِ الْخَوْفِ دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ وَإِنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ الْخَوْفِ؛ لِأَنَّ إخْرَاجَ الدَّابَّةِ جِنَايَةٌ عَلَيْهَا نَفْسِهَا فَاقْتَضَتْ الضَّمَانَ، بِخِلَافِ الدَّلَالَةِ فَإِنَّهَا لِخُرُوجِهَا عَنْ الْوَدِيعَةِ لَا تُعَدُّ جِنَايَةً عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ الْتَزَمَهُ) أَيْ حَفِظَ الْأَمْتِعَةَ كَأَنْ اُسْتُحْفِظَ عَلَى الْمِفْتَاحِ وَمَا فِي الْبَيْتِ مِنْ الْأَمْتِعَةِ فَالْتَزَمَ ذَلِكَ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يُرِهِ الْأَمْتِعَةَ وَلَا سَلَّمَهَا لَهُ، وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ فِي الْخُفَرَاءِ إذَا اُسْتُحْفِظُوا عَلَى السِّكَّةِ حَيْثُ لَمْ يَضْمَنُوا الْأَمْتِعَةَ لِعَدَمِ تَسْلِيمِهَا لَهُمْ وَعَدَمِ رُؤْيَتِهِمْ إيَّاهَا. (قَوْلُهُ: وَحَنِثَ إنْ كَانَ بِالطَّلَاقِ) وَبَقِيَ مَا لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى الْحَلِفِ فَقَطْ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِاَللَّهِ فَهَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ فِي حَلِفِهِ بِأَحَدِهِمَا اخْتِيَارًا لَهُ فَحَنِثَ إذْ الْمُكْرَهُ عَلَيْهِ تَحْصِيلُ مَاهِيَّةِ الْحَلِفِ، وَالْمَاهِيَّةُ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُوجَدُ إلَّا فِي ضِمْنِ جُزْئِيَّاتِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: حَمَلَ الزَّرْكَشِيُّ الْقَوْلَ إلَخْ) هُوَ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى وَجْهٍ) أَيْ حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ مُقَابِلًا لِقَوْلِهِ لَا يَضْمَنُ (قَوْلُهُ: مَرْدُودٌ يَمْنَعُ لُزُومَ ذَلِكَ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ إنْ كَانَ مَوْضُوعُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ فِي دَلَالَةِ الْمُكْرَهِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ السِّيَاقِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مِنْ ثَمَّ لَوْ الْتَزَمَهُ ضَمِنَهُ) قَالَ الشَّيْخُ فِي حَاشِيَتِهِ: ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يُرِهِ الْأَمْتِعَةَ وَلَا سَلَّمَهَا لَهُ، وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ فِي الْخُفَرَاءِ إذَا اُسْتُحْفِظُوا عَلَى السِّكَّةِ حَيْثُ لَمْ يَضْمَنُوا الْأَمْتِعَةَ لِعَدَمِ تَسَلُّمِهَا لَهُمْ وَعَدَمِ رُؤْيَتِهِمْ إيَّاهَا انْتَهَى. قُلْت: لَا إشْكَالَ؛ لِأَنَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ تَسَلَّمَ الْمِفْتَاحَ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ أَيْضًا وَإِذَا سُلِّمَ الْمِفْتَاحُ مَعَ الْتِزَامِ حِفْظِ الْمَتَاعِ فَهُوَ مُتَسَلِّمٌ لِلْمَتَاعِ مَعْنًى بَلْ حِسًّا لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الدُّخُولِ إلَى مَحَلِّهِ، وَأَيْضًا فَالِاسْتِحْفَاظُ هُنَا عَلَى الْمَتَاعِ وَهُنَاكَ عَلَى السِّكَّةِ، وَأَيْضًا فَالْأَمْتِعَةُ هُنَا مُعَيَّنَةٌ نَوْعَ تَعْيِينٍ إذْ هِيَ مَحْصُورَةٌ فِي الْمَحَلِّ الْمُسْتَحْفِظِ عَلَيْهِ لَا تَزِيدُ وَلَا تَنْقُصُ، بِخِلَافِ بُيُوتِ السِّكَّةِ الَّتِي بِهَا سُكَّانُهَا يَزِيدُونَ وَيَنْقُصُونَ، وَأَيْضًا فَالْمُسْتَحْفِظُ هُنَا مَالِكُ الْمَتَاعِ وَثَمَّ الْمُسْتَحْفِظُ هُوَ الْحَاكِمُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَتْرُكُوهُ حَتَّى يَحْلِفَ بِهِ) الْأَوْلَى حَذْفُ بِهِ وَهُوَ تَابِعٌ فِيهِ

لِأَنَّهُمْ أَكْرَهُوهُ عَلَى الْحَلِفِ عَيْنًا، وَذَهَبَ الْغَزَالِيُّ إلَى وُجُوبِهِ بِاَللَّهِ دُونَ الطَّلَاقِ، نَعَمْ يَتَّجِهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ الْوُجُوبُ إنْ كَانَتْ حَيَوَانًا يُرِيدُ قَتْلَهُ أَوْ قِنًّا يُرِيدُ الْفُجُورَ بِهِ. (وَمِنْهَا أَنْ) (يَنْتَفِعَ بِهَا) بَعْدَ أَخْذِهَا لَا بِنِيَّةِ ذَلِكَ (بِأَنْ يَلْبَسَ) نَحْوَ الثَّوْبِ أَوْ يَجْلِسَ عَلَيْهِ مَثَلًا (أَوْ يَرْكَبَ) الدَّابَّةَ: أَوْ يُطَالِعَ فِي الْكِتَابِ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي (خِيَانَةً) بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ لَا لِعُذْرٍ فَيَضْمَنُ لِتَعَدِّيهِ بِخِلَافِهِ لِدَفْعِ نَحْوِ الدُّودِ مِمَّا مَرَّ، وَبِخِلَافِ نَحْوِ الْخَاتَمِ إذَا لَبِسَهُ الرَّجُلُ فِي غَيْرِ الْخِنْصَرِ فَإِنَّهُ لَا يُعَدُّ اسْتِعْمَالًا لَهُ. نَعَمْ يَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الِاسْتِعْمَالَ وَبِمَنْ لَمْ يَعْتَدْ اللُّبْسَ فِي غَيْرِهِ كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ الْعَامَّةِ لَا إنْ قَصَدَ بِلُبْسِهَا فِيهَا الْحِفْظَ فَلَا يَضْمَنُ. وَقَضِيَّتُهُ تَصْدِيقُهُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ لَبِسَهَا لِلْحِفْظِ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي وُقُوعِ الْخَوْفِ تَصْدِيقُ الْمَالِكِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْقَصْدَ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ، بِخِلَافِ وُقُوعِ الْخَوْفِ، وَغَيْرُ الْخِنْصَرِ لِلْمَرْأَةِ كَالْخِنْصَرِ، وَالْخُنْثَى مُلْحَقٌ بِالرَّجُلِ فِي أَوْجَهِ احْتِمَالَيْنِ إذَا لَبِسَهُ فِي غَيْرِ خِنْصَرِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ، فَإِنْ أَمَرَهُ بِوَضْعِهِ فِي خِنْصَرِهِ فَجَعَلَهُ فِي بِنَصْرِهِ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَزُ لِكَوْنِهِ أَغْلَظَ إلَّا إنْ جَعَلَهُ فِي أَعْلَاهُ أَوْ فِي أَوْسَطِهِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ، أَوْ انْكَسَرَ لِغِلَظِ الْبِنْصِرِ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ أَسْفَلَ الْخِنْصَرِ أَحْفَظُ مِنْ أَعْلَى الْبِنْصِرِ وَوَسَطُهُ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ وَلِلْمُخَالَفَةِ فِي الْأَخِيرَةِ، وَإِنْ قَالَ اجْعَلْهُ فِي الْبِنْصِرِ فَجَعَلَهُ فِي الْخِنْصَرِ فَإِنْ كَانَ لَا يَنْتَهِي إلَى أَصْلِ الْبِنْصِرِ فَاَلَّذِي فَعَلَهُ أَحْرَزُ فَلَا ضَمَانَ وَإِلَّا ضَمِنَ. وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: لَوْ قَالَ احْفَظْهُ فِي بِنَصْرِك فَحَفِظَهُ فِي خِنْصَرِهِ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَمْكَنَ لُبْسُهُ فِي الْبِنْصِرِ كَانَ فِي الْخِنْصَرِ وَاسِعًا انْتَهَى. وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِ أَنَّ مَا قَالَهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَلَا يُنَافِي مَا قَبْلَهُ، وَلَوْ قَالَ: احْفَظْ هَذَا فِي يَمِينِك فَجَعَلَهُ فِي يَسَارِهِ ضَمِنَ، وَبِالْعَكْسِ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ أَحْرَزُ؛ لِأَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ غَالِبًا نَقَلَهُ الْعِجْلِيّ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَكِنْ لَوْ هَلَكَ لِلْمُخَالَفَةِ ضَمِنَ قَالَ: وَقَضِيَّةُ مَا قَالَهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَعْسَرَ انْعَكَسَ الْحُكْمُ، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ يَعْمَلُ بِهِمَا عَلَى السَّوَاءِ كَانَا سَوَاءً، وَلَا يُرَدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ اسْتَعْمَلَهَا ظَانًّا كَوْنَهَا مِلْكَهُ فَإِنَّ ضَمَانَهَا مَعَ عَدَمِ الْخِيَانَةِ مَعْلُومٌ مِنْ كَلَامِهِ فِي الْغَصْبِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهُمَا لَمْ يَضْمَنْهَا، وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ: ظَنُّ الْمِلْكِ عُذْرًا إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ لِعَدَمِ الْإِثْمِ لَا لِلضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ حَتَّى مَعَ الْجَهْلِ وَالنِّسْيَانِ (أَوْ) بِأَنْ (يَأْخُذَ الثَّوْبَ) مَثَلًا (لِيَلْبَسَهُ أَوْ الدَّرَاهِمَ لِيُنْفِقَهَا فَيَضْمَنَ) الْمِثْلِيَّ بِمِثْلِهِ إنْ تَلِفَ، وَالْمُتَقَوِّمَ بِأَقْصَى قِيمَةٍ وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ إنْ مَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَلْبَسْ وَيُنْفِقْ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ أَوْ الْقَبْضَ لَمَّا اقْتَرَنَ بِنِيَّةِ التَّعَدِّي صَارَ كَقَبْضِ الْغَاصِبِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ الدَّرَاهِمَ أَخْذُ بَعْضِهَا كَدِرْهَمٍ فَيَضْمَنُهُ فَقَطْ مَا لَمْ يَفُضَّ خَتْمًا أَوْ يَكْسِرُ قُفْلًا وَيَضْمَنُ الْوِعَاءَ كَصُنْدُوقٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــSالْحَلِفِ فَفَرْدٌ مِنْهَا بِخُصُوصِهِ لَيْسَ مُكْرَهًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُمْ أَكْرَهُوهُ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا حِنْثَ، وَقَوْلُهُ وَذَهَبَ الْغَزَالِيُّ مُقَابِلَ الْجَوَازِ فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ فَإِنْ لَمْ يَنْدَفِعْ إلَّا بِالْحَلِفِ جَازَ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَتَّجِهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ الْوُجُوبُ) أَيْ بِحَلِفِهِ بِالطَّلَاقِ وَلَا حِنْثَ لِإِكْرَاهِهِ عَلَى الْحَلِفِ عَيْنًا. (قَوْلُهُ: لَا بِنِيَّةِ ذَلِكَ) أَيْ الِانْتِفَاعِ الْمَأْخُوذِ مَنْ يَنْتَفِعُ (قَوْلُهُ: وَوَسَطُهُ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ) هِيَ قَوْلُهُ أَوْ انْكَسَرَ لِغِلَظٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ لَا يَنْتَهِي) أَيْ بِأَنْ كَانَ ضَيِّقًا (قَوْلُهُ: فَلَا يُنَافِي مَا قَبْلَهُ) هُوَ قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ لَا يَنْتَهِي (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ مَا قَالَهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ وَقَوْلُهُ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ يَعْمَلُ بِهِمَا إلَخْ مُعْتَمَدٌ أَيْضًا، وَقَوْلُهُ فَإِنَّ ضَمَانَهَا إلَخْ مُعْتَمَدٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ فَيَضْمَنُهُ فَقَطْ) أَيْ مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى أَخْذِهِ تَلَفٌ لِبَاقِيهَا كَأَنْ أَعْلَمَ السَّارِقَ بِهَا عِنْدَ إخْرَاجِهَا وَأَخَذَ الدِّرْهَمَ مِنْهَا، وَكَالْوَدِيعَةِ مَا لَوْ سَأَلَهُ إنْسَانٌ فِي شِرَاءِ مَتَاعٍ لَهُ وَدَفَعَ لَهُ دَرَاهِمَ ثُمَّ ضَاعَتْ فَيَأْتِي فِيهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلتُّحْفَةِ، لَكِنَّ تِلْكَ لَيْسَ فِيهَا إلَّا ذِكْرُ الطَّلَاقِ فَالضَّمِيرُ لَهُ (قَوْلُهُ: لَا بِنِيَّةِ ذَلِكَ) أَيْ لَا بِنِيَّةِ الِانْتِفَاعِ وَإِلَّا صَارَ ضَامِنًا بِنَفْسِ الْأَخْذِ (قَوْلُهُ: وَغَيْرُ الْخِنْصَرِ لِلْمَرْأَةِ كَالْخِنْصَرِ) يَشْمَلُ نَحْوَ السَّبَّابَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُعْتَادُ اللُّبْسُ فِيهَا لِلنِّسَاءِ أَصْلًا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ) فِي مَسْأَلَةِ اللُّبْسِ فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

أَيْضًا فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ، وَإِذَا رَدَّ الْمَأْخُوذَ لَمْ يَزُلْ عَنْهُ ضَمَانُهُ حَتَّى لَوْ تَلِفَ الْجَمِيعُ ضَمِنَ دِرْهَمًا أَوْ النِّصْفَ ضَمِنَ نِصْفَ دِرْهَمٍ وَلَا يَضْمَنُ الْبَاقِيَ بِخَلْطِهِ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ، بِخِلَافِ رَدِّ بَدَلِهِ إنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ فَجَرَى فِيهِ مَا لَوْ خَلَطَهَا بِمَالِهِ وَمَثَّلَ الْمُصَنِّفُ بِمِثَالَيْنِ أَوَّلُهُمَا لِنِيَّةِ الْإِمْسَاكِ وَالْأَخْذِ، وَثَانِيهُمَا لِنِيَّةِ الْإِخْرَاجِ. (وَلَوْ) (نَوَى) بَعْدَ الْقَبْضِ (الْأَخْذَ) أَيْ قَصَدَهُ قَصْدًا مُصَمِّمًا (وَلَمْ يَأْخُذْ) (لَمْ يَضْمَنْ عَلَى الصَّحِيحِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ فِعْلًا وَلَا وَضَعَ يَدَهُ تَعَدِّيًا لَكِنَّهُ يَأْثَمُ، وَالثَّانِي يَضْمَنُ كَمَا لَوْ نَوَاهُ ابْتِدَاءً، وَرَدُّهُ الْأَوَّلَ بِأَنَّ النِّيَّةَ فِي الِابْتِدَاءِ اقْتَرَنَتْ بِالْفِعْلِ كَمَا مَرَّ فَأَثَّرَتْ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ إذَا أَخَذَهَا يَضْمَنُهَا مِنْ وَقْتِ نِيَّةِ الْأَخْذِ حَتَّى لَوْ نَوَى يَوْمَ الْخَمِيسِ وَأَخَذَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَضْمَنُ الْمَنْفَعَةَ وَالْأَرْشَ مِنْ يَوْمِ الْخَمِيسِ، وَالْمُرَادُ بِالنِّيَّةِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ تَجْدِيدُ الْقَصْدِ لِأَخْذِهَا لَا مَا يَخْطِرُ بِالْبَالِ وَدَاعِيَةُ الدِّينِ تَدْفَعُهُ فَإِنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ وَإِنْ تَرَدَّدَ الرَّأْيَ وَلَمْ يَجْزِمْ فَالظَّاهِرُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا حَكَمَ لَهُ حَتَّى يُجَرِّدَ قَصْدَ الْعُدْوَانِ، وَأَجْرَى الْخِلَافَ فِيمَا لَوْ نَوَى عَدَمَ الرَّدِّ وَإِنْ طَالَبَ الْمَالِكُ لَكِنْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَضْمَنُ هُنَا قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ مُمْسِكٌ لِنَفْسِهِ. (وَلَوْ) (خَلَطَهَا) عَمْدًا أَوْ سَهْوًا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ (بِمَالِهِ) أَوْ مَالِ غَيْرِهِ وَلَوْ أَجْوَدَ (وَلَمْ تَتَمَيَّزْ) بِأَنْ عَسُرَ تَمْيِيزُهَا كَبُرٍّ بِشَعِيرٍ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ (ضُمِّنَ) ضَمَانَ الْمَغْصُوبِ؛ لِأَنَّ الْمُودِعَ لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ، أَمَّا لَوْ تَمَيَّزَتْ بِنَحْوِ سِكَّةٍ فَلَا يَضْمَنُهَا إلَّا إنْ نَقَصَتْ بِالْخَلْطِ فَيَضْمَنُ النَّقْصَ (وَلَوْ) (خَلَطَ دَرَاهِمَ كِيسَيْنِ لِلْمُودِعِ) وَلَمْ تَتَمَيَّزْ وَقَدْ أَوْدَعَهُمَا غَيْرَ مَخْتُومَيْنِ (ضَمِنَ) تِلْكَ الدَّرَاهِمَ بِمَا مَرَّ (فِي الْأَصَحِّ) لِتَعَدِّيهِ. وَالثَّانِي لَا؛ لِأَنَّ كُلًّا لِمَالِكٍ وَاحِدٍ، أَمَّا لَوْ كَانَا مَخْتُومَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا فَيَضْمَنُ بِالْفَضِّ وَإِنْ لَمْ يَخْلِطْ كَفَتْحِ الصُّنْدُوقِ الْمُقْفَلِ، بِخِلَافِ حَلِّ خَيْطٍ يُشَدُّ بِهِ رَأْسُ الْكِيسِ أَوْ رِزْمَةُ الْقُمَاشِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ هُنَا مَنْعُ الِانْتِشَارِ لَا كَتْمُهُ عَنْهُ (وَمَتَى صَارَتْ مَضْمُونَةً بِانْتِفَاعٍ وَغَيْرِهِ ثُمَّ تَرَكَ الْخِيَانَةَ لَمْ يَبْرَأْ) كَمَا لَوْ جَحَدَهَا ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا وَيَلْزَمُهُ رَدُّهَا فَوْرًا بِخِلَافِ مُرْتَهِنٍ أَوْ وَكِيلٍ تَعَدَّى، وَكَأَنَّ الْفَرْقَ مَا مَرَّ مِنْ ارْتِفَاعِ أَصْلِ الْوَدِيعَةِ بِالْخِيَانَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا. (فَإِنْ) (أَحْدَثَ لَهُ الْمَالِكُ) الرَّشِيدُ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّهَا لَهُ (اسْتِئْمَانًا) أَوْ إذْنًا فِي حِفْظِهَا أَوْ إبْرَاءً أَوْ إيدَاعًا (بَرِئَ) الْوَدِيعُ مِنْ ضَمَانِهَا (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ، وَالثَّانِي لَا يَبْرَأُ حَتَّى يَرُدَّهَا إلَيْهِ وَإِلَى وَكِيلِهِ لِخَبَرِ «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» وَخَرَجَ بِأَحْدَثَ قَوْلُهُ لَهُ قَبْلَ الْخِيَانَةِ إنْ خُنْت ثُمَّ تَرَكْت عُدْت أَمِينًا فَلَا يَبْرَأُ بِهِ قَطْعًا كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّاهُ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطُ مَا لَمْ يَجِبْ وَتَعْلِيقٌ لِلْوَدِيعَةِ، وَكَذَا لَوْ أَبْرَأَهُ نَحْوُ وَلِيٍّ وَوَكِيلٍ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَوْ أَتْلَفَهَا فَأَحْدَثَ لَهُ اسْتِئْمَانًا أَوْ نَحْوُهُ فِي الْبَدَلِ لَمْ يَبْرَأْ. (وَمَتَى) (طَلَبَهَا الْمَالِكُ) الْمُطْلَقُ التَّصَرُّفِ وَلَوْ سَكْرَانَ فِيمَا يَظْهَرُ إلْحَاقًا لَهُ بِالْمُكَلَّفِ (لَزِمَهُ الرَّدُّ) فَوْرًا، وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّأْخِيرُ وَإِنْ سَلَّمَهَا لَهُ بِإِشْهَادٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــSهَذَا التَّفْصِيلُ. (قَوْلُهُ وَالْأَرْشُ مِنْ يَوْمِ الْخَمِيسِ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَمَّا جَرَّدَ قَصْدَهُ لِلْأَخْذِ وَاتَّصَلَ بِهِ بَعْدَ نُزِّلَ مَنْزِلَةَ الْمُسْتَوْلِي مِنْ حِينِ النِّيَّةِ، وَإِلَّا فَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ لَا يَضْمَنَ لِبَقَاءِ الْأَمَانَةِ فِي حَقِّهِ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ (قَوْلُهُ: وَأَجْرَى الْخِلَافَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُمْسِكٌ لِنَفْسِهِ) قَالَ حَجّ: وَفِيهِ نَظَرٌ، وَهُوَ يُشْعِرُ بِتَرْجِيحِ جَرَيَانِ الْخِلَافِ، وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ الضَّمَانِ. (قَوْلُهُ فَيَضْمَنُ) أَيْ وَإِنْ خَلَفَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ بِالْفَضِّ: أَيْ مَا فَضَّهُ فَقَطْ حَيْثُ لَمْ يَخْلِطْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مُرْتَهِنٍ أَوْ وَكِيلٍ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُمَا الرَّدُّ فَوْرًا وَإِنْ تَعَدِّيًا لِبَقَاءِ الرَّهْنِ وَالْوَكَالَةِ وَإِنْ زَالَتْ الْأَمَانَةُ. (قَوْلُهُ فَأَحْدَثَ لَهُ اسْتِئْمَانًا أَوْ نَحْوَهُ فِي الْبَدَلِ) وَهُوَ فِي ذِمَّةِ الْمُتْلِفِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخَذَهُ الْمَالِكُ مِنْهُ ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ ابْتِدَاءً ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: تَجْدِيدُ الْقَصْدِ لِأَخْذِهَا) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ فِيمَا مَرَّ بِقَوْلِهِ إنْ قَصَدَهُ قَصْدًا مُصَمِّمًا فَيَكُونُ مُكَرَّرًا مَعَهُ فَتَأَمَّلْ

لِقَبُولِ قَوْلِهِ فِي الرَّدِّ: نَعَمْ لَوْ كَانَ الْمُودِعُ حَاكِمًا ثُمَّ طَالَبَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ بِالْبَرَاءَةِ لِعَدَمِ قَبُولِ قَوْلِهِ بَعْدَ عَزْلِهِ. قَالَهُ الْإِصْطَخْرِيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَجِيءُ مِثْلُهُ فِيمَا لَوْ كَانَ الْمُودِعُ نَائِبًا عَنْ غَيْرِهِ بِوَلَايَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالرَّدِّ حَقِيقَتُهُ بَلْ التَّمْكِينُ مِنْ الْأَخْذِ (بِأَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا) وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ، أَمَّا مَالِكٌ حُجِرَ عَلَيْهِ لِنَحْوِ سَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ فَلَا يَرُدُّ إلَّا لِوَلِيِّهِ وَإِلَّا ضَمِنَ كَالرَّدِّ لِأَحَدِ شَرِيكَيْنِ أَوْ دَعَاهُ، فَإِنْ أَبَى إلَّا أَخْذَ حِصَّتِهِ رَفَعَهُ لِقَاضٍ يَقْسِمُهَا لَهُ إنْ انْقَسَمَ، وَلَوْ أَوْدَعَهُ مَعْرُوفًا بِاللُّصُوصِيَّةِ وَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهَا لِغَيْرِهِ ثُمَّ طَالَبَهُ لَزِمَهُ الرَّدُّ فِيمَا يَظْهَرُ لِظَاهِرِ الْيَدِ، وَلَوْ أَعْطَى غَيْرَهُ نَحْوَ خَاتَمٍ أَمَارَةً لِقَضَاءِ حَاجَةٍ وَأَمَرَهُ بِرَدِّهِ بَعْدَ قَضَائِهَا فَتَرَكَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي حِرْزِ مِثْلِهِ فَضَاعَ لَمْ يَضْمَنْهُ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ سِوَى التَّخْلِيَةِ (فَإِنْ أَخَّرَ) التَّخْلِيَةَ بَعْدَ الطَّلَبِ (بِلَا عُذْرٍ ضَمِنَ) لِتَعَدِّيهِ بِخِلَافِهِ لِنَحْوِ طُهْرٍ وَصَلَاةٍ وَأَكْلٍ دَخَلَ وَقْتُهَا وَهِيَ بِغَيْرِ مَجْلِسِهِ وَمُلَازَمَةِ غَرِيمٍ وَلَوْ طَالَ زَمَنُ الْعُذْرِ كَنَذْرِ اعْتِكَافِ شَهْرٍ مُتَتَابِعٍ وَإِحْرَامٍ يَطُولُ زَمَنُهُ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَوْكِيلُ أَمِينٍ يَرُدُّهَا إنْ وَجَدَهُ وَإِلَّا بَعَثَ لِلْحَاكِمِ لِيَرُدَّهَا، فَإِنْ تَرَكَ أَحَدَ هَذَيْنِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ ضَمِنَ، وَقَوْلُهُ أَعْطِهَا لِأَحَدِ وُكَلَائِي وَطَلَبَهَا أَحَدُهُمْ فَأَخَّرَهَا لِيَدْفَعَهَا لِلْآخَرِ اقْتَضَى الضَّمَانَ، فَإِنْ قَالَ أَعْطِ مَنْ شِئْت مِنْهُمْ لَمْ يَعْصِ بِالتَّأْخِيرِ، وَلَمْ يَضْمَنْ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ. (وَإِنْ) (ادَّعَى) الْوَدِيعُ (تَلَفَهَا وَلَمْ يَذْكُرْ سَبَبًا) لَهُ (أَوْ ذَكَرَ) سَبَبًا (خَفِيًّا) (كَسَرِقَةٍ) وَغَصْبٍ، نَعَمْ يَظْهَرُ حَمْلُهُ كَمَا أَفَادَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَلَى مَا إذَا ادَّعَى وُقُوعَهُ فِي خَلْوَةٍ وَإِلَّا طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ عَلَيْهِ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) إجْمَاعًا وَلَا يَلْزَمُهُ بَيَانُ السَّبَبِ، نَعَمْ يَلْزَمُهُ الْحَلِفُ لَهُ أَنَّهَا تَلِفَتْ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْهُ، وَلَوْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ عَلَى السَّبَبِ الْخَفِيِّ حَلَفَ الْمَالِكُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ وَغَرَّمَهُ الْبَدَلَ، وَشَمَلَ إطْلَاقُهُ دَعْوَى السَّرِقَةِ مَا لَوْ طَلَبَهَا الْمَالِكُ فَقَالَ لَهُ أَرُدُّهَا وَلَمْ يُخْبِرْهُ بِالسَّرِقَةِ ثُمَّ طَالَبَهُ فَأَخْبَرَهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَفَصَّلَ الْعَبَّادِيُّ فَقَالَ: إنْ كَانَ يَرْجُو وُجُودَهَا فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ أَيِسَ مِنْهَا ضَمِنَ، وَنَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْهُ وَأَقَرَّهُ (وَإِنْ ذَكَرَ) سَبَبًا (ظَاهِرًا كَحَرِيقٍ) وَمَوْتٍ ادَّعَى وُقُوعَهُ بِحَضْرَةِ جَمْعٍ كَمَا حَمَلَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ بَحْثًا وَإِلَّا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ عَلَيْهِ (فَإِنْ عُرِفَ الْحَرِيقُ وَعُمُومُهُ) وَلَمْ يُحْتَمَلْ سَلَامَةُ الْوَدِيعَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي (صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ) لَإِغْنَاءِ ظَاهِرِ الْحَالِ عَنْهَا، نَعَمْ إنْ اُتُّهِمَ بِأَنْ اُحْتُمِلَ سَلَامَتُهَا حَلَفَ وُجُوبًا (وَإِنْ عُرِفَ دُونَ عُمُومِهِ) وَاحْتُمِلَ سَلَامَتُهَا (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِاحْتِمَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSإيدَاعٌ. (قَوْلُهُ لِقَبُولِ قَوْلِهِ) أَيْ الْوَدِيعِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَانَ الْمُودِعُ) أَيْ لِمَا هُوَ أَمِينٌ فِيهِ كَمَالِ يَتِيمٍ مَثَلًا وَفَائِدَةُ وُجُوبِ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَعَ قَبُولِ قَوْلِ الْوَدِيعِ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ تَخْلِيصُ الْحَاكِمِ مِنْ وَرْطَةِ لُزُومِ غُرْمِهِ لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ الْعَزْلِ، وَقَوْلُهُ فَعَلَيْهِ: أَيْ مَنْ تَحْتَ يَدِهِ الْوَدِيعَةُ، وَقَوْلُهُ أَنْ يُشْهِدَ لَهُ: أَيْ عَلَى نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَرُدُّ إلَّا لِوَلِيِّهِ) أَيْ الْوَدِيعِ، وَفِي التَّعْبِيرِ بِالْوَلِيِّ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُفْلِسِ مُسَامَحَةٌ، فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْقَاضِي، وَلَيْسَ وَلِيًّا لِلْمُفْلِسِ وَإِنْ كَانَ لَهُ التَّصَرُّفُ (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي الضَّمَانَ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي أَعْدَلَ بَلْ أَوْ كَانَ الْأَوَّلُ فَاسِقًا. (قَوْلُهُ نَعَمْ يَظْهَرُ حَمْلُهُ) أَيْ الْغَصْبِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا إذَا ادَّعَى وُقُوعَهُ فِي خَلْوَةٍ) أَيْ فِي مَحَلٍّ لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ (قَوْلُهُ وَإِلَّا طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ عَلَيْهِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ) أَيْ فَلَا يُكَلَّفُ الْحَلِفُ أَنَّهَا مَا تَلِفَتْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ بَيَانُ السَّبَبِ) أَيْ فِي الْأُولَى (قَوْلُهُ: وَمَوْتٌ ادَّعَى وُقُوعَهُ بِحَضْرَةِ جَمْعٍ إلَخْ) أَيْ فَهَذَا سَبَبٌ ظَاهِرٌ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يُشَارِكُ الْحَرِيقَ فِي حُكْمِهِ الْآتِي، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَذْكُرْهُ مَعَهُ فِي تَفْصِيلِهِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهُ وُجُوبُ الْبَيِّنَةِ. نَعَمْ إنْ اسْتَفَاضَ فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُهُ بِلَا يَمِينٍ نَظِيرَ الْحَرِيقِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ الْآتِي وَإِلَّا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ حُمِلَ وَيَجُوزُ تَعَلُّقُهُ بِصُدِّقَ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ ثُمَّ يَحْلِفُ عَلَى التَّلَفِ بِهِ) قَدْ يُقَالُ: هَلَّا فُصِلَ بَيْنَ مَا إذَا تَعَرَّضَتْ الْبَيِّنَةُ لِكَوْنِ الْحَرِيقِ مَثَلًا عُرِفَ وَعُمُومُهُ فَيُصَدَّقُ الْوَدِيعُ بِلَا يَمِينٍ وَبَيْنَ مَا إذَا لَمْ تَتَعَرَّضْ فَيُحْتَاجُ لِلْيَمِينِ

مَا ادَّعَاهُ (وَإِنْ جَهِلَ طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ) عَلَى وُقُوعِهِ (ثُمَّ يَحْلِفُ عَلَى التَّلَفِ بِهِ) لِاحْتِمَالِ سَلَامَتِهَا وَإِنَّمَا لَمْ يُكَلَّفْ عَلَى التَّلَفِ بَيِّنَةً لِكَوْنِهِ مِمَّا يَخْفَى فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ مَالِكُهَا عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ بِالتَّلَفِ وَرَجَعَ عَلَيْهِ. (وَإِنْ) (ادَّعَى) وَدِيعٌ لَمْ يَضْمَنْ الْوَدِيعَةَ بِتَفْرِيطٍ أَوْ تَعَدٍّ (رَدَّهَا عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ) وَهُوَ أَهْلٌ لِلْقَبْضِ حَالَ الرَّدِّ مَالِكًا كَانَ أَوْ وَلِيَّهُ أَوْ وَكِيلَهُ أَوْ قَيِّمًا أَوْ حَاكِمًا (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِرِضَاهُ بِأَمَانَتِهِ فَلَمْ يَحْتَجَّ لِلْإِشْهَادِ عَلَيْهِ بِهِ، وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِتَصْدِيقِ جَابٍ ادَّعَى تَسْلِيمَ مَا جَبَاهُ لِمُسْتَأْجِرِهِ عَلَى الْجِبَايَةِ كَوَكِيلٍ ادَّعَى تَسْلِيمَ الثَّمَنِ لِمُوَكِّلِهِ (أَوْ) ادَّعَى الْوَدِيعُ الرَّدَّ (عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ مَنْ ائْتَمَنَهُ (كَوَارِثِهِ أَوْ ادَّعَى وَارِثُ الْمُودِعِ الرَّدَّ) مِنْهُ (عَلَى الْمَالِكِ) بِنَفْسِهِ (أَوْ أَوْدَعَ) الْوَدِيعُ (عِنْدَ سَفَرِهِ أَمِينًا) لَمْ يُعَيِّنْهُ الْمَالِكُ (فَادَّعَى الْأَمِينُ الرَّدَّ عَلَى الْمَالِكِ طُولِبَ) كُلٌّ مِمَّنْ ذَكَرَ (بِبَيِّنَةٍ) كَمَا لَوْ ادَّعَى مَنْ أَلْقَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا لِنَحْوِ دَارِهِ، وَمُلْتَقِطٌ الرَّدَّ عَلَى الْمَالِكِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرَّدِّ وَلَمْ يَأْتَمِنْهُ، أَمَّا لَوْ ادَّعَى وَارِثُ الْوَدِيعِ أَنَّ مُوَرِّثَهُ رَدَّهَا عَلَى الْمُودِعِ أَوْ أَنَّهَا تَلِفَتْ فِي يَدِ مُوَرِّثِهِ أَوْ يَدِهِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الرَّدِّ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ حُصُولِهَا فِي يَدِ الْوَارِثِ وَعَدَمُ تَعَدِّيهمَا، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ تَصْدِيقَ الْأَمِينِ فِي الْأَخِيرَةِ فِي رَدِّهَا عَلَى الْوَدِيعِ، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ ائْتَمَنَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ لِلْوَدِيعِ أَخْذَهَا مِنْهُ بَعْدَ عَوْدِهِ مِنْ السَّفَرِ كَمَا مَرَّ. (وَجُحُودُهَا بَعْدَ طَلَبِ الْمَالِكِ) لَهَا (مُضَمَّنٌ) بِأَنْ قَالَ لَمْ تُودِعْنِي فَيَمْتَنِعُ قَبُولُ دَعْوَاهُ الرَّدَّ أَوْ التَّلَفَ قَبْلَ ذَلِكَ لِلتَّنَاقُضِ لَا الْبَيِّنَةِ بِأَحَدِهِمَا لِاحْتِمَالِ نِسْيَانِهِ، وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ قَبُولِ دَعْوَاهُ النِّسْيَانَ فِي الْأَوَّلِ، وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ التَّنَاقُضَ مِنْ مُتَكَلِّمٍ وَاحِدٍ أَقْبَحُ فَغَلَّظَ فِيهِ أَكْثَرَ، بِخِلَافِ نَحْوِ قَوْلِهِ لَا وَدِيعَةَ لَك عِنْدِي يُقْبَلُ مِنْهُ الْكُلُّ لِعَدَمِ التَّنَاقُضِ، وَسَوَاءٌ ادَّعَى غَلَطًا أَوْ نِسْيَانًا لَمْ يُصَدِّقْهُ فِيهِ الْمَالِكُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ خِيَانَةٌ نَعَمْ لَوْ طَلَبَهَا مِنْهُ بِحَضْرَةِ ظَالِمٍ وَخَافَ عَلَيْهَا مِنْهُ فَجَحَدَهَا دَفْعًا لَهُ فَلَا ضَمَانَ لِإِحْسَانِهِ بِالْجَحْدِ وَخَرَجَ يَطْلُبُ الْمَالِكُ ابْتِدَاءً أَوْ جَوَابًا غَيْرَهُ وَلَوْ بِحَضْرَتِهِ. أَوْ أَجَابَ قَوْلُ الْمَالِكِ لِي عِنْدَك وَدِيعَةٌ لَا وَدِيعَةَ لِأَحَدٍ عِنْدِي؛ لِأَنَّ إخْفَاءَهَا أَبْلَغُ فِي حِفْظِهَا، وَلَوْ أَنْكَرَ أَصْلَ الْإِيدَاعِ الثَّابِتِ بِنَحْوِ بَيِّنَةٍ حُبِسَ، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ الِاكْتِفَاءُ فِي جَوَابِهِ بِلَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا لِتَضَمُّنِهِ دَعْوَى تَلَفِهَا أَوْ رَدِّهَا، وَمَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْصِيلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْ الْوَدِيعَةَ) أَيْ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ تَعَدٍّ يَقْتَضِي، ضَمَانَ الْوَدِيعَةِ (قَوْلُهُ: ادَّعَى تَسْلِيمَ مَا جَبَاهُ لِمُسْتَأْجَرِهِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ فَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَذِنَ لِشَخْصٍ فِي ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ عِوَضٍ (قَوْلُهُ: عَلَى الْجِبَايَةِ) بِخِلَافِ جَابِي، وَقَفَ أَقَامَهُ غَيْرُ نَاظِرِهِ كَوَاقِفِهِ ادَّعَى تَسْلِيمَ مَا جَبَاهُ لِنَاظِرِهِ لَا يُصَدَّقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتَمِنْهُ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ غَيْرُ نَاظِرِهِ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ نَاظِرُهُ لِلْجِبَايَةِ قُبِلَ دَعْوَاهُ الرَّدَّ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ ادَّعَى وَارِثُ الْوَدِيعِ) وَمِثْلُهُ وَارِثُ الْوَكِيلِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَمَا ذَكَرَ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي التَّلَفِ وَالرَّدِّ إلَخْ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ لِلْوَدِيعِ أَخْذَهَا) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ قَبْلَ ذَلِكَ) سَيَأْتِي أَنَّ هَذَا هُوَ الْأَفْضَلُ (قَوْلُهُ: فِي الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ فَيَمْتَنِعُ قَبُولُ دَعْوَاهُ الرَّدَّ (قَوْلُهُ: يُقْبَلُ مِنْهُ الْكُلُّ) أَيْ دَعْوَى الرَّدِّ وَالتَّلَفِ، وَالْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهُوَ بِقِسْمَيْهِ) أَيْ الْجُحُودِ بِقِسْمَيْهِ وَهُمَا قَوْلُهُ لَا تُودِعْنِي ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْ الْوَدِيعَةَ بِتَفْرِيطٍ أَوْ تَعَدٍّ) لَا يَخْفَى أَنَّ مِثْلَهُ يَتَأَتَّى فِيمَا مَرَّ فِي دَعْوَى التَّلَفِ لَكِنَّهُ إنَّمَا خَصَّ هَذَا بِالتَّقْيِيدِ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ مُبَرِّئٌ دُونَ التَّلَفِ فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ دَعْوَى الرَّدِّ مِثْلُ الرَّدِّ فَدَفَعَهُ بِمَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ: بِنَفْسِهِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ ادَّعَى غَلَطًا إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ مُضَمَّنٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ عِبَارَةِ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِطَلَبِ الْمَالِكِ ابْتِدَاءً أَوْ جَوَابًا إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَخَرَجَ بِطَلَبِ الْمَالِكِ قَوْلُهُ ابْتِدَاءً أَوْ جَوَابًا لِسُؤَالِ غَيْرِ الْمَالِكِ وَلَوْ بِحَضْرَتِهِ أَوْ لِقَوْلِ الْمَالِكِ لِي عِنْدَك وَدِيعَةٌ لَا وَدِيعَةَ لِأَحَدٍ عِنْدِي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ الِاكْتِفَاءُ فِي جَوَابِهِ)

فِي التَّلَفِ وَالرَّدِّ يَجْرِي فِي كُلِّ أَمِينٍ إلَّا الْمُرْتَهِنَ وَالْمُكْتَرِي فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمَا فِي الرَّدِّ، وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الدَّعَاوَى أَنَّ نَحْوَ الْغَاصِبِ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى التَّلَفِ أَيْضًا لِئَلَّا يَتَخَلَّدَ حَبْسُهُ ثُمَّ يَغْرَمُ الْبَدَلَ، وَأَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِيمَنْ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ أَيِسَ مِنْ مَالِكِهَا بَعْدَ الْبَحْثِ التَّامِّ بِأَنَّهُ يَصْرِفُهَا فِي أَهَمِّ الْمَصَالِحِ إنْ عَرَفَ وَإِلَّا سَأَلَ عَارِفًا وَيُقَدِّمُ الْأَحْوَجَ وَلَا يَبْنِي بِهَا مَسْجِدًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَدْفَعُهَا لِقَاضٍ أَمِينٍ، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِفَسَادِ الزَّمَانِ، قَالَ كَالْجَوَاهِرِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَعْرِفَهَا كَاللُّقَطَةِ فَلَعَلَّ صَاحِبَهَا نَسِيَهَا، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ صَرَفَهَا فِيمَا ذُكِرَ انْتَهَى. وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِهَا فِيمَا تَقَرَّرَ لُقَطَةُ الْحَرَمِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا مَالٌ ضَائِعٌ فَمَتَى لَمْ يَيْأَسْ مِنْ مَالِكِهِ أَمْسَكَهُ لَهُ أَبَدًا مَعَ التَّعْرِيفِ أَوْ أَعْطَاهُ لِلْقَاضِي فَيَحْفَظُهُ لَهُ كَذَلِكَ، وَمَتَى أَيِسَ مِنْهُ: أَيْ بِأَنْ يَبْعُدَ عَادَةً وُجُودُهُ فِيمَا يَظْهَرُ صَارَ مِنْ جُمْلَةِ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ كَمَا مَرَّ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ فَيَصْرِفُهُ فِي مَصَارِفِهَا مَنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ وَلَوْ لِبِنَاءِ مَسْجِدٍ، وَقَوْلُهُ وَلَا يَبْنِي بِهَا مَسْجِدًا لَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ الْأَفْضَلِ وَأَنَّ غَيْرَهُ أَهَمُّ، وَإِلَّا فَقَدْ صَرَّحُوا فِي مَالِ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ بِأَنَّ لَهُ بِنَاءَهُ أَوْ يَدْفَعُهُ لِلْإِمَامِ مَا لَمْ يَكُنْ جَائِرًا فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَوْ تَنَازَعَ اثْنَانِ فِي الْوَدِيعَةِ وَادَّعَى كُلٌّ أَنَّهَا مِلْكُهُ فَصَدَّقَ الْوَدِيعُ أَحَدَهُمَا بِعَيْنِهِ فَلِلْآخَرِ تَحْلِيفُهُ، فَإِنْ حَلَفَ سَقَطَتْ دَعْوَى الْآخَرِ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْآخَرُ وَغَرِمَ لَهُ الْوَدِيعُ الْقِيمَةَ، وَإِنْ صَدَّقَهُمَا فَالْيَدُ لَهُمَا وَالْخُصُومَةُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ قَالَ هِيَ لِأَحَدِكُمَا وَأُنْسِيته وَكَذَّبَاهُ فِي النِّسْيَانِ ضَمِنَ كَالْغَاصِبِ، وَالْغَاصِبُ لَوْ قَالَ هَذَا لِأَحَدِكُمَا وَأُنْسِيته فَحَلَفَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْبَتِّ أَنَّهُ لَمْ يَغْصِبْهُ تَعَيَّنَ الْمَغْصُوبُ لِلْآخَرِ بِلَا يَمِينٍ. وَلَوْ ادَّعَى الْوَارِثُ عِلْمَ الْوَدِيعِ بِمَوْتِ الْمَالِكِ وَطَلَبَهَا مِنْهُ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ بِهِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْوَارِثُ وَأَخَذَهَا، وَإِنْ قَالَ الْوَدِيعُ حَبَسْتهَا عِنْدِي لِأَنْظُرَ هَلْ أَوْصَى بِهَا مَكَالُهَا أَوْ لَا فَهُوَ مُتَعَدٍّ ضَامِنٌ، وَلَوْ أَوْدَعَهُ وَرَقَةً مَكْتُوبَةً بِإِقْرَارٍ أَوْ نَحْوِهِ وَتَلِفَتْ بِتَقْصِيرِهِ ضَمِنَ قِيمَتَهَا مَكْتُوبَةً وَأُجْرَةَ الْكِتَابَةِ: أَيْ وُجُوبَ قِيمَتِهَا مَعَ الْأُجْرَةِ، وَدَعْوَى كَوْنِ ذَلِكَ مَمْنُوعًا وَنَفَى الْأَذْرَعِيُّ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَجْهٌ مَرْدُودَةٌ، إذْ وَجْهُهُ وَاضِحٌ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ أَنَّ الْكَاغَدَ قَبْلَ كِتَابَتِهِ تَكْثُرُ فِيهِ الرَّغْبَةُ لِلِانْتِفَاعِ بِالْكِتَابَةِ فِيهِ فَقِيمَتُهُ مُرْتَفِعَةٌ، وَبَعْدَ كِتَابَتِهِ يَصِيرُ لَا قِيمَةَ لَهُ أَوْ قِيمَتُهُ تَافِهَةٌ، فَلَوْ لَمْ تَلْزَمْهُ مَعَ قِيمَتِهِ مَكْتُوبًا أُجْرَةُ كِتَابَةِ الشُّهُودِ لَأَجْحَفْنَا بِمَالِكِهِ؛ وَلِهَذَا الْمَعْنَى لَوْ أَتْلَفَ مَاءً بِمَفَازَةٍ ثُمَّ ظَفِرَ بِهِ مَالِكُهُ بِمَكَانٍ لَا قِيمَةَ لِلْمَاءِ فِيهِ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ لَا مِثْلُهُ، وَإِنَّمَا لَزِمَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ مُطَرَّزًا دُونَ أُجْرَةِ التَّطْرِيزِ لِعَدَمِ الْإِجْحَافِ بِالْمَالِكِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الثَّوْبِ تَزِيدُ بِتَطْرِيزِهِ، بَلْ كَثِيرًا مَا تُجَاوِزُ الزِّيَادَةُ قِيمَةَ مَا طُرِّزَ بِهِ، وَمِنْ نَظَائِرِ مَسْأَلَتِنَا مَا لَوْ أَعَارَ أَرْضًا لِلدَّفْنِ فَحَفَرَ فِيهَا الْمُسْتَعِيرُ ثُمَّ رَجَعَ الْمُعِيرُ قَبْلَ الدَّفْنِ فَمُؤْنَةُ الْحَفْرِ عَلَيْهِ لِوَلِيِّ الْمَيِّتِ، وَمَا لَوْ وَطِئَ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَقَوْلُهُ وَلَا وَدِيعَةَ لَك عِنْدِي، (قَوْلُهُ: إلَّا الْمُرْتَهِنَ وَالْمُكْتَرِيَ) وَالضَّابِطُ أَنْ يُقَالَ: كُلُّ مَنْ ادَّعَى التَّلَفَ صُدِّقَ وَلَوْ غَاصِبًا، وَمَنْ ادَّعَى الرَّدَّ فَإِنْ كَانَتْ يَدُهُ يَدَ ضَمَانٍ كَالْمُسْتَامِ (لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) وَإِنْ كَانَ أَمِينًا فَإِنْ ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى غَيْرِ مَنْ ائْتَمَنَهُ فَكَذَلِكَ أَوْ عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إلَّا الْمُكْتَرِيَ وَالْمُرْتَهِنَ (قَوْلُهُ: لُقَطَةُ الْحَرَمِ) أَيْ حَرَمِ مَكَّةَ لَا الْمَدِينَةِ لِجَوَازِ تَمَلُّكِ لُقَطَتِهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: فَيَصْرِفُهُ فِي مَصَارِفِهَا) أَيْ وَلَا يَأْخُذْ مِنْهَا شَيْئًا لِنَفْسِهِ لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ كَالْغَاصِبِ) وَحُكْمُهُ يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَالْغَاصِبُ لَوْ قَالَ إلَخْ. (قَوْلُهُ عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ بِهِ) أَيْ بِالْمَوْتِ (قَوْلُهُ: وَأُجْرَةِ الْكِتَابَةِ) أَيْ الْمُعْتَادَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ الْحُجَجُ الْمَعْرُوفَةُ وَالتَّذَاكِرُ الدِّيوَانِيَّةُ وَنَحْوُهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ مَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِأَصْلِ الْإِيدَاعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ السِّيَاقِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ يَدْفَعُهُ لِلْإِمَامِ إلَخْ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ فَيَصْرِفُهُ فِي مَصَارِفِهَا مَنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ (قَوْلُهُ: سَقَطَتْ دَعْوَى الْآخَرِ) كَانَ الْأَوْضَحُ الْإِضْمَارَ (قَوْلُهُ: أَيْ وُجُوبُ قِيمَتِهَا) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِهَذَا التَّفْسِيرِ مَعَ أَنَّ مَا قَبْلَهُ أَوْضَحُ فِي الْمُرَادِ مِنْهُ مَعَ عَدَمِ اسْتِقَامَتِهِ مِنْ حَيْثُ الْعَرَبِيَّةُ كَمَا لَا يَخْفَى

[كتاب قسم الفيء والغنيمة]

زَوْجَتَهُ أَوْ نَقَضَ وُضُوءَهَا بِاللَّمْسِ. فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ثَمَنُ مَاءِ الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ، وَمَا لَوْ حِمًى الْوَطِيسَ لِيَخْبِزَ فِيهِ فَجَاءَ آخَرُ وَبَرَّدَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مَا يَخْبِزُ فِيهِ. الْقَسْمُ بِفَتْحِ الْقَافِ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْقِسْمَةِ، وَبِكَسْرِهَا النَّصِيبُ، وَبِفَتْحِهَا وَالسِّينِ الْحَلِفُ، وَالْفَيْءُ مَصْدَرُ فَاءَ يَفِيءُ إذَا رَجَعَ، ثُمَّ سُمِّيَ بِهِ الْمَالُ الْآتِي لِرُجُوعِهِ إلَيْنَا مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمَصْدَرِ فِي اسْمِ الْفَاعِلِ؛ لِأَنَّهُ رَاجِعٌ، أَوْ الْمَفْعُولِ؛ لِأَنَّهُ مَرْدُودٌ، سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا لِلْمُؤْمِنِينَ لِلِاسْتِعَانَةِ عَلَى طَاعَتِهِ، فَمَنْ خَالَفَهُ فَقَدْ عَصَاهُ وَسَبِيلُهُ الرَّدُّ إلَى مَنْ يُطِيعُهُ. وَالْغَنِيمَةُ فَعَيْلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ مِنْ الْغُنْمِ: أَيْ الرِّبْحِ، وَالْمَشْهُورُ تَغَايُرُهُمَا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْعَطْفُ، وَقِيلَ اسْمُ الْفَيْءِ يَشْمَلُهَا؛ لِأَنَّهَا رَاجِعَةٌ إلَيْنَا وَلَا عَكْسَ فَهِيَ أَخَصُّ. وَقِيلَ هُمَا كَالْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ وَلَمْ تَحِلَّ لِغَيْرِنَا بَلْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ نَارٌ مِنْ السَّمَاءِ تَحْرُقُ مَا جَمَعُوهُ، وَكَانَتْ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاصَّةً؛ لِأَنَّ النُّصْرَةَ لَيْسَتْ إلَّا بِهِ وَحْدَهُ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ وَاسْتَقَرَّ الْأَمْرُ عَلَى مَا يَأْتِي، وَذِكْرُ هَذَا الْبَابِ كَمَا صَنَعَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنْسَبُ مِنْ ذِكْرِهِ بَعْدَ السِّيَرِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ عُلِمَ أَنَّ مَا تَحْتَ أَيْدِي الْكُفَّارِ مِنْ الْأَمْوَالِ لَيْسَ لَهُمْ بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ، فَهُوَ كَوَدِيعٍ تَحْتَ يَدِهِ مَالُ غَيْرِهِ سَبِيلُهُ رَدُّهُ إلَيْهِ، وَلِهَذَا ذَكَرَهُ عَقِبَ الْوَدِيعَةِ لِمُنَاسَبَتِهِ لَهَا. لَا يُقَالُ بَلْ هُمْ كَالْغَاصِبِ فَيَكُونُ الْأَنْسَبُ ذِكْرُهُ عَقِبَ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّ التَّشْبِيهَ بِالْغَاصِبِ وَإِنْ صَحَّ مِنْ وَجْهٍ لَكِنْ فِيهِ تَكَلُّفٌ، وَإِنَّمَا الْأَظْهَرُ التَّشْبِيهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــSوَلَا نَظَرَ بِمَا يَغْرَمُ عَلَى مِثْلِهَا حِينَ أَخَذَهَا لِبُعْدَيْ آخِذِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَقَضَ وُضُوءَهَا بِاللَّمْسِ) وَبَقِيَ مَا لَوْ عَلَتْ عَلَى زَوْجِهَا أَوْ نَقَضَتْ وُضُوءَهُ، وَالْقِيَاسُ أَنَّهَا تَضْمَنُ مَاءَ غُسْلِهِ وَوُضُوئِهِ، بَلْ لَوْ نَقَضَ وُضُوءَ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ نَقَضَتْ وُضُوءَهُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ مِنْ النَّفَقَاتِ (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ حَمَّى الْوَطِيسَ) أَيْ الْفُرْنَ. . كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ (قَوْلُهُ: وَالسِّينُ) أَيْ وَفَتْحُ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ اسْمُ الْفَيْءِ يَشْمَلُهَا) أَيْ الْغَنِيمَةَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَحِلَّ لِغَيْرِنَا) أَيْ الْغَنَائِمُ (قَوْلُهُ: تَحْرُقُ مَا جَمَعُوهُ) اسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْحَيَوَانَ، وَعَلَيْهِ فَانْظُرْ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِيهِ. وَقَالَ فِي الْفَتْحِ: دَخَلَ فِي عُمُومِ أَكْلِ النَّارِ الْغَنِيمَةَ السَّبْيُ، وَفِيهِ بُعْدٌ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَاهُ إهْلَاكُ الذُّرِّيَّةِ وَمَنْ لَمْ يُقَاتِلْ مِنْ النِّسَاءِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَسْتَثْنُوا مِنْ ذَلِكَ، وَيَلْزَمُ مِنْ اسْتِثْنَائِهِمْ عَدَمُ تَحْرِيمِ الْغَنَائِمِ عَلَيْهِمْ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ كَانَتْ لَهُمْ عَبِيدٌ وَإِمَاءٌ فَلَوْ لَمْ يَجُزْ لَهُمْ السَّبْيُ لَمَا كَانَ لَهُمْ أَرِقَّاءٌ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ اهـ. وَقَدْ يُقَالُ يُمْنَعُ الْحَصْرُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لِلرِّقِّ سَبَبٌ آخَرُ وَأَسْبَابٌ أُخَرُ غَيْرَ السَّبْيِ بِدَلِيلِ اسْتِرْقَاقِ السَّارِقِ فِي قِصَّةِ يُوسُفَ الْمُصَرَّحُ بِذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ} [يوسف: 75] وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَفِي شَرْحِ الْمَشَارِقِ لِلْأَكْمَلِ قَالَ مَالِكٌ: إنَّ مَنْ قَبْلَنَا إذَا غَنِمُوا ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ] (قَوْلُهُ: سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَ الدُّنْيَا إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: قَدْ تَقَدَّمَ مَا سُمِّيَ لِأَجْلِهِ فِينَا فِي قَوْلِهِ ثُمَّ سُمِّيَ بِهِ الْمَالُ الْآتِي لِرُجُوعِهِ إلَيْنَا، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ هُنَا لَيْسَ وَجْهَ التَّسْمِيَةِ وَإِنَّمَا هُوَ بَيَانُ مَعْنَى الرُّجُوعِ إلَيْنَا الَّذِي تَقَدَّمَ أَنَّهُ وَجْهُ التَّسْمِيَةِ، وَعِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ: وَالْفَيْءُ مَصْدَرُ فَاءَ يَفِيءُ إذَا رَجَعَ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ رَاجِعٌ مِنْ الْكُفَّارِ إلَى الْمُسْلِمِينَ. قَالَ الْقَفَّالُ:

بِالْوَدِيعِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَعَ جَوَازِ تَصَرُّفِهِمْ فِيهِ مُسْتَحِقُّ الرَّدِّ لِغَيْرِهِمْ. وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ قَوْله تَعَالَى {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} [الحشر: 7] وَقَوْلُهُ {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: 41] وَفِي خَبَرِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ وَقَدْ فَسَّرَ لَهُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْإِيمَانَ «وَأَنْ تُعْطُوا مِنْ الْمَغْنَمِ الْخُمُسَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (الْفَيْءُ مَالٌ) ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ الْأَغْلَبُ وَإِنْ قِيلَ حَذْفُ اللَّامِ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الِاخْتِصَاصَ (حَصَلَ) لَنَا (مِنْ كُفَّارٍ) وَخَرَجَ بِهِ نَحْوُ صَيْدِ دَرَاهِمَ الَّذِي لَمْ يَسْتَوْلُوا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ مُبَاحٌ فَيَمْلِكُهُ آخِذُهُ كَمَا فِي أَرْضِنَا (بِلَا قِتَالٍ وَإِيجَافٍ) أَيْ إسْرَاعِ نَحْوِ (خَيْلٍ وَرِكَابٍ) أَيْ إبِلٍ وَبِلَا مُؤْنَةٍ أَيْ لَهَا وَقْعٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (كَجِزْيَةٍ) وَخَرَاجٍ ضُرِبَ عَلَى حُكْمِهَا، كَذَا قَيَّدَهُ بَعْضُ الشَّارِحِينَ، وَالْوَجْهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِمَّا هُوَ فِي حُكْمِ الْأُجْرَةِ حَتَّى لَا يَسْقُطَ بِإِسْلَامِهِمْ وَيُؤْخَذُ مِنْ مَالِ مَنْ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ أُجْرَةً فَحَدُّ الْفَيْءِ صَادِقٌ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ صَبِيٌّ دَخَلَ دَارَنَا فَأَخَذَهُ مُسْلِمٌ وَضَالَّةُ حَرْبِيٍّ بِبِلَادِنَا، بِخِلَافِ كَامِلٍ دَخَلَ دَارَنَا فَأُخِذَ؛ لِأَنَّ أَخْذَهُ يَحْتَاجُ لِمُؤْنَةٍ: أَيْ غَالِبًا، وَالْوَاوُ فِي كَلَامِهِ عَلَى بَابِهَا لَا بِمَعْنَى أَوْ إذْ الْأَصْلُ فِيمَا فِي حَيِّزِ النَّفْيِ انْتِفَاءُ جَمِيعِهِ لَا مَجْمُوعِهِ كَمَا أَشَارُوا إلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ {وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] وَسَيَأْتِي قُبَيْلَ التَّفْوِيضِ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ كَوْنُهَا بِمَعْنَى أَوْ فِي جَانِبِ الْإِثْبَاتِ فِي حَدِّ الْغَنِيمَةِ. وَأَمَّا فِي جَانِبِ النَّفْيِ فِي حَدِّ الْفَيْءِ فَهِيَ عَلَى بَابِهَا، وَالْمُرَادُ انْتِفَاءُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى انْفِرَادِهِ (وَعُشْرُ تِجَارَةٍ) يَعْنِي مَا أُخِذَ مِنْ أَهْلِهَا سَاوَى الْعُشْرَ أَمْ لَا (وَمَا جَلَوْا) أَيْ هَرَبُوا (عَنْهُ خَوْفًا) وَلَوْ مِنْ غَيْرِنَا فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَرَدّ تَقْيِيدَ بَعْضِ الشُّرَّاحِ بِالْمُسْلِمِينَ أَخْذًا مِنْ عِبَارَةِ الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ، وَدَخَلَ فِي الْخَوْفِ مَا جَلَوْا عَنْهُ لِنَحْوِ ضُرٍّ أَصَابَهُمْ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ شُمُولِهِ لِخَوْفِهِمْ مِنْ غَيْرِنَا. نَعَمْ هُوَ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ لَوْ فُرِضَ تَرْكُهُمْ مَالًا لِنَحْوِ عَجْزِ دَوَابِّهِمْ عَنْ حَمْلِهِ كَانَ فَيْئًا أَيْضًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَمَا جَلَوْا عَنْهُ بَعْدَ تَقَابُلِ الْجَيْشَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْحَيَوَانَاتِ تَكُونُ مِلْكًا لِلْغَانِمِينَ دُونَ أَنْبِيَائِهِمْ، وَإِذَا غَنِمُوا غَيْرَ الْحَيَوَانَاتِ جَمَعُوهَا فَتَجِيءُ نَارٌ فَتَحْرُقُهَا اهـ. ثُمَّ رَأَيْت فِي عَيْنِ الْحَيَاةِ حَدِيثَ «قَعَدَ نَبِيٌّ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ تَحْتَ شَجَرَةٍ فَلَدَغَتْهُ نَمْلَةٌ فَأَمَرَ بِجَهَازِهِ فَأُحْرِقَتْ بِالنَّارِ» الْحَدِيثَ. قِيلَ كَانَ فِي شَرْعِ هَذَا النَّبِيِّ أَنَّ عِقَابَ الْحَيَوَانِ بِالتَّحْرِيقِ جَائِزٌ اهـ (قَوْلُهُ: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: 41] لَمَّا جَمَعَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ فِي التَّرْجَمَةِ احْتَاجَ الشَّارِحُ إلَى دَلِيلِ كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: حَتَّى لَا يَسْقُطَ) أَيْ فَلَا يَكُونُ الْمَالُ الْحَاصِلُ مِنْ الْكُفَّارِ فَيْئًا إلَّا عِنْدَ انْتِفَاءِ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْوَاوَ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ لِانْتِفَاءِ الْجَمِيعِ: أَيْ جَمِيعِ الْمُتَعَاطِفَاتِ، وَقَوْلُهُ لَا مَجْمُوعَةَ: أَيْ يَجِبُ كَوْنُهُ فَيْئًا بِانْتِفَاءِ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَإِنْ وُجِدَ الْآخَرَانِ؛ لِأَنَّ نَفْيَ الْمَجْمُوعِ نَفْيٌ لِلْحُكْمِ عَنْ الْجُمْلَةِ، وَهُوَ يَتَحَقَّقُ بِنَفْيِ أَيِّ وَاحِدٍ مِنْهَا مَعَ وُجُودِ الْآخَرَيْنِ، وَقَوْلُهُ فِي تَفْسِيرِ إلَخْ: أَيْ مِنْ أَنَّ الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ هُوَ صِرَاطُ الْمُنْعِمِ عَلَيْهِمْ وَهُمْ غَيْرُ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَغَيْرُ الضَّالِّينَ، فَاشْتَرَطَ لِكَوْنِهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا نَفْيَ كُلِّ مَنْ كَوْنُهُ صِرَاطَ الْمَغْضُوبِ والضالين، وَقَوْلُهُ فِي جَانِبِ الْإِثْبَاتِ إلَخْ: يَعْنِي أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْفَصْلِ الْآتِي الْغَنِيمَةُ مَالٌ حَصَلَ مِنْ كُفَّارٍ بِقِتَالٍ وَإِيجَافٍ مَعْنَاهُ أَنَّ الْغَنِيمَةَ تَتَحَقَّقُ بِوَاحِدٍ مِنْ الْقِتَالِ وَالْإِيجَافِ، فَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ، وَلَوْ جُعِلَتْ عَلَى بَابِهَا لَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي كَوْنِ الْمَالِ غَنِيمَةً مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْقِتَالِ وَالْإِيجَافِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ صَبِيٌّ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الصَّبِيِّ الْمَرْأَةُ حَيْثُ دَخَلَا بِلَا أَمَانٍ مِنَّا، وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ أَخْذَهُ يَحْتَاجُ لِمُؤْنَةٍ: أَيْ فَيَكُونُ غَنِيمَةً، وَقَوْلُهُ وَدَخَلَ فِي الْخَوْفِ إلَخْ مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ مَا جَلَوْا: أَيْ الْكُفَّارُ، وَقَوْلُهُ نَعَمْ هُوَ: أَيْ الْخَوْفُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQسُمِّيَ فَيْئًا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الدُّنْيَا إلَخْ، فَجَعَلَ مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ شَرْحًا وَبَيَانًا لِمَا قَالَهُ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَعَ جَوَازِ تَصَرُّفِهِمْ فِيهِ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالتَّصَرُّفِ نَحْوُ الْوَضْعِ فِي الْحِرْزِ وَالنَّقْلِ مِنْ مَحَلٍّ إلَى آخَرَ لِلْحَاجَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَحَدُّ الْفَيْءِ صَادِقٌ عَلَيْهِ) أَيْ إلَى إسْلَامِهِمْ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مِنْ كُفَّارٍ. أَمَّا مَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَلَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ الْحَدُّ كَمَا لَا يَخْفَى. وَأَمَّا قَوْلُهُ حَتَّى لَا يَسْقُطَ بِإِسْلَامِهِمْ فَإِنَّمَا هُوَ بَيَانُ خَاصِّيَّةِ الْخَرَاجِ الَّذِي هُوَ فِي حُكْمِ الْأُجْرَةِ

غَنِيمَةً، لَكِنَّهُ لَمَّا حَصَلَ التَّقَابُلُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ حُصُولِ الْقِتَالِ فَلَا يُرَدُّ عَلَى كَلَامِهِ (وَمَالُ) وَاخْتِصَاصُ (مُرْتَدٍّ قُتِلَ أَوْ مَاتَ) عَلَى الرِّدَّةِ (وَ) مَالُ (ذِمِّيٍّ) أَوْ مُعَاهِدٍ أَوْ مُؤَمَّنٍ (مَاتَ بِلَا وَارِثٍ) مُسْتَغْرِقٍ بِأَنْ لَمْ يَتْرُكْ وَارِثًا أَصْلًا أَوْ تَرَكَ وَارِثًا غَيْرَ جَائِزٍ فَجَمِيعُ مَالِهِ فِي الْأُولَى وَمَا فَضَلَ عَنْ وَارِثِهِ فِي الثَّانِيَةِ لِبَيْتِ الْمَالِ كَمَا بَيَّنَهُ السُّبْكِيُّ، وَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْحَدِّ بِسَبَبِ شُمُولِهِ لِمَا أَهْدَاهُ كَافِرٌ لَنَا فِي غَيْرِ حَرْبٍ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِفَيْءٍ وَلَا غَنِيمَةٍ مَعَ صِدْقِ تَعْرِيفِ الْفَيْءِ عَلَيْهِ وَلِمَا أُخِذَ بِسَرِقَةٍ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ مَعَ أَنَّهُ غَنِيمَةٌ مُخَمَّسَةٌ، وَكَذَا مَا أَهْدَوْهُ وَالْحَرْبُ قَائِمَةٌ؛ لِأَنَّ قَرِينَةَ نَفْيِ الْقِتَالِ وَالْإِيجَافِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي حُصُولٍ بِغَيْرِ عَقْدٍ وَنَحْوِهِ وَهَذَا حَاصِلٌ بِعَقْدٍ أَوْ نَحْوِهِ، فَمِنْ ثَمَّ اُتُّجِهَ حُكْمُهُمْ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِفَيْءٍ وَلَا غَنِيمَةٍ وَاتَّجَهَ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ عَلَى حَدِّ الْفَيْءِ، وَكَأَنَّ السَّارِقَ لَمَّا خَاطَرَ كَانَ فِي مَعْنَى الْمُقَاتِلِ، عَلَى أَنَّهُ سَيَذْكُرُ حُكْمَهُ فِي السِّيَرِ كَالْمُلْتَقِطِ الْأَظْهَرُ إيرَادٌ مِنْ السَّارِقِ لَوْلَا ذِكْرُهُ، ثُمَّ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ غَنِيمَةٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ مُخَاطَرَةً أَيْضًا إذْ قَدْ يَتَّهِمُونَهُ بِأَنَّهُ سَرَقَهَا، عَلَى أَنَّ الْأَذْرَعِيُّ بَحَثَ أَنَّ أَخْذَ مَالِهِمْ بِدَارِنَا بِلَا أَمَانٍ كَهُوَ فِي دَارِهِمْ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ فِيهِ مُخَاطَرَةً أَيْضًا بِخِلَافِ أَخْذِ الضَّالَّةِ السَّابِقِ؛ وَلِأَنَّ الْحَرْبَ لَمَّا كَانَتْ قَائِمَةً كَانَتْ فِي مَعْنَى الْقِتَالِ. (فَيُخَمَّسُ) جَمِيعُ الْفَيْءِ خَمْسَةَ أَسْهُمٍ مُتَسَاوِيَةٍ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ فِي قَوْلِهِمْ بِصَرْفِ جَمِيعِهِ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الْغَنِيمَةِ الْمُخَمَّسَةِ بِالنَّصِّ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا رَاجِعٌ إلَيْنَا مِنْ الْكُفَّارِ وَاخْتِلَافُ السَّبَبِ بِالْقِتَالِ وَعَدَمِهِ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ (وَخَمَّسَهُ لِخَمْسَةٍ) مُتَسَاوِيَةٍ (أَحَدُهَا مَصَالِحُ الْمُسْلِمِينَ كَالثُّغُورِ) وَهِيَ مَحَالُّ الْخَوْفِ مِنْ أَطْرَافِ بِلَادِنَا فَتُشْحَنُ بِالْعُدَّةِ وَالْعَدَدِ (وَالْقُضَاةُ) أَيْ قُضَاةُ الْبِلَادِ لَا الْعَسْكَرُ وَهُمْ الَّذِينَ يَحْكُمُونَ لِأَهْلِ الْفَيْءِ فِي مَغْزَاهُمْ فَسَيُرْزَقُونَ مِنْ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ لَا مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ كَأَئِمَّتِهِمْ وَمُؤَذِّنَيْهِمْ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَالْعُلَمَاءُ) يَعْنِي الْمُشْتَغِلِينَ بِعُلُومِ الشَّرْعِ وَآلَتِهَا، وَلَوْ مُبْتَدَئِينَ وَلَوْ أَغْنِيَاءَ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ نَقْلًا عَنْ الْغَزَالِيِّ وَالْأَئِمَّةِ وَالْمُؤَذِّنِينَ وَسَائِرِ مَنْ يَشْتَغِلُ عَنْ نَحْوِ كَسْبِهِ بِمَصَالِح الْمُسْلِمِينَ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَقَوْلُهُ لِنَحْوِ عَجْزٍ: أَيْ أَوْ ظَنِّهِمْ عَدُوًّا فَبَانَ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَيْسَ بِفَيْءٍ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَهِيَ مَا أَهْدَاهُ كَافِرٌ لَنَا فِي غَيْرِ هَرَبٍ (قَوْلُهُ: إيرَادًا مِنْ السَّارِقِ) أَيْ مِمَّا سَرَقَهُ السَّارِقُ (قَوْلُهُ: كَهُوَ فِي دَارِهِمْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ أَخْذِ الضَّالَّةِ) وَيُؤْخَذُ تَعْلِيلُ مَا أَهْدَاهُ وَالْحَرْبُ قَائِمَةٌ مِمَّا ذُكِرَ مِنْ تَوْجِيهِ مَا ذَكَرَ فِيمَا جَعَلُوا عَنْهُ بَعْدَ تَقَابُلِ الْجَيْشَيْنِ. (قَوْلُهُ: فَتُشْحَنُ بِالْعُدَّةِ) أَيْ آلَةِ الْحَرْبِ، وَقَوْلُهُ وَالْعَدَدِ كُلُّ مَا يُسْتَعَانُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَغْنِيَاءَ) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا قَبْلَهُ كَمَا فِي الزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا اهـ سم عَلَى حَجّ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مِثْلُهُ فِي الْأَئِمَّةِ وَالْمُؤَذِّنِينَ وَسَائِرِ مَنْ يَشْتَغِلُ عَنْ نَحْوِ كَسْبِهِ بِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ وَأُلْحِقَ بِهِمْ الْعَاجِزُونَ، وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَا يُكْتَبُ مِنْ الْجَامَكِيَّةِ لِلْمُشْتَغِلِينَ بِالْعِلْمِ مِنْ الْمُدَرِّسِينَ وَالْمُفْتِينَ وَالطَّلَبَةِ وَلَوْ مُبْتَدِئِينَ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَيَسْتَحِقُّونَ مَا يُعَيَّنُ لَهُمْ مِمَّا يُوَازِي قِيَامَهُمْ بِذَلِكَ وَانْقِطَاعَهُمْ عَنْ أَكْسَابِهِمْ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي لِمَنْ يَتَصَرَّفُ فِي ذَلِكَ مُرَاعَاةُ الْمَصْلَحَةِ فَيُقَدِّمُ الْأَحْوَجَ فَالْأَحْوَجَ وَيُفَاوِتُ بَيْنَهُمْ فِيمَا يُدْفَعُ لِهُمْ بِحَسَبِ مَرَاتِبِهِمْ وَيُشِيرُ إلَى ذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ وَالْعَطَاءُ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ، وَمَحَلُّ إعْطَاءِ الْمُدَرِّسِينَ وَالْأَئِمَّةِ وَنَحْوِهِمْ فِي مُقَابَلَةِ ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُمْ مَشْرُوطٌ فِي مُقَابَلَةِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ بَيْتِ الْمَالِ كَالْوَظَائِفِ الْمُعَيَّنَةِ لِلْإِمَامِ وَالْخَطِيبِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الْوَاقِفِ لِلْمَسْجِدِ مَثَلًا، فَإِنْ كَانَ، وَلَمْ يُوَازِ تَعَبَهُمْ فِي الْوَظَائِفِ الَّتِي قَامُوا بِهَا دَفَعَ إلَيْهِمْ مَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ زِيَادَةً عَلَى مَا شُرِطَ لَهُمْ مِنْ جِهَةِ الْأَوْقَافِ (قَوْلُهُ: بِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ) كَمَنْ يَشْتَغِلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ وَيُؤْخَذَ فَهُوَ بِالنَّصْبِ (قَوْلُهُ: لِبَيْتِ الْمَالِ كَمَا بَيَّنَهُ السُّبْكِيُّ) اُنْظُرْ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُنْتَظِمٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْخُذُهُ إرْثًا (قَوْلُهُ: وَالْعَدَدِ بِفَتْحِ) الْعَيْنِ يَعْنِي مِنْ الرِّجَالِ وَعِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ: وَالْمُرَادُ سَدُّهَا: أَيْ الثُّغُورِ بِالرِّجَالِ وَالْعُدَدِ انْتَهَتْ. فَالْعُدَدُ فِي كَلَامِهِ بِالضَّمِّ لِمُقَابَلَةِ الرِّجَالِ الَّذِينَ أُرِيدُوا بِالْعَدَدِ بِالْفَتْحِ هُنَا الْمُقَابِلُ لِلْعُدَّةِ الَّتِي هِيَ مُفْرَدُ الْعُدَدِ بِالضَّمِّ، وَهَذَا لَعَلَّهُ أَصْوَبُ مِمَّا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَغْنِيَاءَ) هَذَا فِي التُّحْفَةِ مَذْكُورٌ

لِعُمُومِ نَفْعِهِمْ، وَأُلْحِقَ بِهِمْ الْعَاجِزُونَ عَنْ الْكَسْبِ لَا مَعَ الْغِنَى كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ وَالْعَطَاءُ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ مُعْتَبَرٌ بِسَعَةِ الْمَالِ وَضِيقِهِ، وَهَذَا السَّهْمُ كَانَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ وَيَدَّخِرُ مِنْهُ مُؤْنَةَ سَنَةٍ وَيُصْرَفُ الْبَاقِي فِي الْمَصَالِحِ، كَذَا قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ، قَالُوا: وَكَانَ لَهُ الْأَرْبَعَةُ الْأَخْمَاسُ الْآتِيَةُ فَجُمْلَةُ مَا كَانَ لَهُ مِنْ الْفَيْءِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ. قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَكَانَ يَصْرِفُ الْعِشْرِينَ لِلْمَصَالِحِ قِيلَ وُجُوبًا وَقِيلَ نَدْبًا. وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: بَلْ كَانَ الْفَيْءُ كُلُّهُ لَهُ فِي حَيَاتِهِ وَإِنَّمَا خُمِّسَ بَعْدَ مَوْتِهِ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ: كَانَ لَهُ فِي أَوَّلِ حَيَاتِهِ ثُمَّ نُسِخَ فِي آخِرِهَا، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ الْخَبَرُ الصَّحِيحُ «مَا لِي مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ إلَّا الْخُمُسُ وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ» وَلَمْ يُرَدَّ عَلَيْهِمْ إلَّا بَعْدَ وَفَاتِهِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ وَلَوْ مَنَعَ السُّلْطَانُ الْمُسْتَحَقِّينَ حُقُوقَهُمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ جَوَازُ أَخْذِهِ مَا كَانَ يُعْطَاهُ؛ لِأَنَّ الْمَالَ لَيْسَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَمِنْ ثَمَّ مَنْ مَاتَ وَلَهُ فِيهِ حَقٌّ لَا يَسْتَحِقُّهُ وَارِثُهُ وَخَالَفَهُ فِي ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَمُنِعَ الظَّفَرُ فِي الْأَمْوَالِ الْعَامَّةِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ كَمَالِ الْمَجَانِينَ وَالْأَيْتَامِ، وَلَا يُنَافِي الْأَوَّلَ مَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ أَنَّ مَنْ غَصَبَ أَمْوَالًا لِأَشْخَاصٍ وَخَلَطَهَا ثُمَّ فَرَّقَهَا عَلَيْهِمْ بِقَدْرِ حُقُوقِهِمْ جَازَ لِكُلٍّ أَخْذُ قَدْرِ حَقِّهِ، أَوْ عَلَى بَعْضِهِمْ لَزِمَ مَنْ وَصَلَ إلَيْهِ شَيْءٌ قِسْمَتُهُ وَعَلَى الْبَاقِينَ بِنِسْبَةِ أَمْوَالِهِمْ؛ لِأَنَّ أَعْيَانَ الْأَمْوَالِ يُحْتَاطُ لَهَا مَا لَا يُحْتَاطُ لِمُجَرَّدِ تَعَلُّقِ الْحُقُوقِ (يُقَدَّمُ الْأَهَمُّ فَالْأَهَمُّ) وُجُوبًا وَأَهَمُّهَا سَدُّ الثُّغُورِ (وَالثَّانِي بَنُو هَاشِمٍ وَ) بَنُو (الْمُطَّلِبِ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَضَعَ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى الَّذِي فِي الْآيَةِ فِيهِمْ دُونَ بَنِي. ـــــــــــــــــــــــــــــSبِتَجْهِيزِ الْمَوْتَى مِنْ حَفْرِ الْقَبْرِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: وَيَدَّخِرُ مِنْهُ مُؤْنَةَ سَنَةٍ) فَإِنْ قَلَّتْ: يَرُدُّ عَلَى هَذَا مَا هُوَ ثَابِتٌ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَنَّهُ اخْتَارَ الْآخِرَةَ عَلَى الدُّنْيَا فَكَانَ يَتَقَلَّلُ مِنْ الْعَيْشِ مَا أَمْكَنَ وَمِنْ ثَمَّ قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -: «مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ يَوْمَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ حَتَّى قُبِضَ» . قُلْت: قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الشَّمَائِلِ جَوَابًا عَنْ ذَلِكَ مَا نَصُّهُ: وَيُجَابُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ النَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ بِأَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ أَوَاخِرَ حَيَاتِهِ، لَكِنْ تُعْرَضُ عَلَيْهِ حَوَائِجُ الْمُحْتَاجِينَ فَيُخْرِجُهُ فِيهَا، فَصَدَقَ أَنَّهُ ادَّخَرَ قُوتَ سَنَةٍ وَأَنَّهُمْ لَمْ يَشْبَعُوا كَمَا ذَكَرَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عِنْدَهُمْ مَا ادَّخَرَ لَهُمْ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ) هُوَ قَوْلُهُ وَهَذَا السَّهْمُ كَانَ لَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَالْقِيَاسُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: مَا كَانَ يُعْطَاهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّ مَحَلَّ جَوَازِ الْأَخْذِ فِيمَا لَمْ يُفْرَزْ مِنْهُ لِأَحَدٍ مِنْ مُسْتَحِقِّيهِ أَمَّا ذَلِكَ فَيَمْلِكُهُ مَنْ أَفْرَزَ لَهُ فَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ، وَكَتَبَ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ قَوْلُهُ: مَا كَانَ يُعْطَاهُ: أَيْ مِنْ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ، وَمِنْهَا التَّرِكَاتُ الَّتِي تَئُولُ لِبَيْتِ الْمَالِ، فَمَنْ ظَفِرَ بِشَيْءٍ مِنْهَا جَازَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ قَدْرَ مَا كَانَ يُعْطَاهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ كَثْرَةِ الْمُحْتَاجِينَ وَقِلَّتِهِمْ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الِاحْتِيَاطُ، فَلَا يَأْخُذُ إلَّا مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ لَوْ صَرَفَهُ أَمِينُ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى الْوَجْهِ الْجَائِزِ، وَيَجُوزُ لَهُ أَيْضًا أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ عَرَفَ احْتِيَاجَهُ مَا كَانَ يُعْطَاهُ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ وَعَلَى الْبَاقِينَ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَنْ وَصَلَ إلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ غَلَّةِ وَقْفٍ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ حَيْثُ لَمْ يُصْرَفْ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَعْدَ الْأَئِمَّةِ وَالْمُؤَذِّنِينَ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ سم أَنَّهُ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا قَبْلَهُ، وَالشَّيْخُ نَقَلَ كَلَامَ الشِّهَابِ الْمَذْكُورِ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى خِلَافِ وَجْهِهِ (قَوْلُهُ أَخَوَيْهِمَا شَقِيقَيْهِمَا) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: دُونَ بَنِي أَخِيهِمَا شَقِيقَيْهِمَا عَبْدِ شَمْسٍ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ عُثْمَانُ وَأَخِيهِمَا لِأَبِيهِمَا نَوْفَلٌ انْتَهَتْ. وَمَا فِي التُّحْفَةِ هُوَ الصَّوَابُ، وَسَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ التَّصْرِيحُ بِهِ قَرِيبًا

أَخِيهِمَا عَبْدِ شَمْسٍ وَنَوْفَلٍ مُجِيبًا عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ «نَحْنُ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ: أَيْ لَمْ يُفَارِقُوا بَنِي هَاشِمٍ فِي نُصْرَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَاهِلِيَّةً وَلَا إسْلَامًا، وَالْعِبْرَةُ بِالِانْتِسَابِ لِلْآبَاءِ دُونَ الْأُمَّهَاتِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُعْطِ الزُّبَيْرَ وَعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - شَيْئًا مَعَ أَنَّ أُمَّيْهِمَا هَاشِمِيَّتَانِ، وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْتِسَابَ أَوْلَادِ بَنَاتِهِ لَهُ فِي الْكَفَاءَةِ وَغَيْرِهَا كَابْنِ بِنْتِهِ رُقْيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - مِنْ عُثْمَانَ وَأُمَامَةَ بِنْتِ بِنْتِهِ زَيْنَبَ مِنْ أَبِي الْعَاصِ؛ لِأَنَّ هَذَيْنِ مَاتَا صَغِيرَيْنِ فَلَا فَائِدَةَ لِذِكْرِهِمَا، وَإِنَّمَا أَعْقَبَ أَوْلَادَ فَاطِمَةَ مِنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَهُمْ هَاشِمِيُّونَ أَبًا وَالْكَلَامُ فِي الْإِعْطَاءِ مِنْ الْفَيْءِ، أَمَّا أَصْلُ شَرَفِ النِّسْبَةِ إلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالسِّيَادَةِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَعُمُّ أَوْلَادَ الْبَنَاتِ أَيْضًا نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي آلِهِ أَنَّهُمْ هُنَا مِمَّنْ ذَكَرَ، وَفِي مَقَامِ الدُّعَاءِ كُلُّ مُؤْمِنٍ تَقِيٍّ كَمَا فِي خَبَرٍ ضَعِيفٍ. (يَشْتَرِكُ فِيهِ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ) لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ «وَلِإِعْطَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعَبَّاسَ وَكَانَ غَنِيًّا» ، وَمَحَلُّهُ إذَا اتَّسَعَ الْمَالُ، فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَا يَسُدُّ مَسَدًا بِالتَّوْزِيعِ قُدِّمَ الْأَحْوَجُ فَالْأَحْوَجُ (وَالنِّسَاءُ) ؛ لِأَنَّ الزُّبَيْرَ كَانَ يَأْخُذُ سَهْمَ أُمِّهِ صَفِيَّةَ عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَيُفَضَّلُ الذَّكَرُ) عَلَى الْأُنْثَى فَلَهُ سَهْمَانِ وَلَهَا سَهْمٌ؛ لِأَنَّهُ عَطِيَّةٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى تُسْتَحَقُّ بِقَرَابَةِ الْأَبِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ أَخْذُ الْجَدِّ مَعَ الْأَبِ وَابْنِ الِابْنِ مَعَ الِابْنِ وَاسْتِوَاءُ مُدْلٍ بِجِهَتَيْنِ وَمُدْلٍ بِجِهَةِ؛ لِأَنَّ التَّشْبِيهَ بِالْإِرْثِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ لَا بِالنِّسْبَةِ لِكُلٍّ عَلَى انْفِرَادِهِ (كَالْإِرْثِ) وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُمْ لَوْ أَعْرَضُوا عَنْ سَهْمِهِمْ لَمْ يَسْقُطْ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي السِّيَرِ، وَمِنْ إطْلَاقِ الْآيَةِ اسْتِوَاءُ صَغِيرِهِمْ وَعَالِمِهِمْ وَضِدُّهُمَا وَوُجُوبُ تَعْمِيمِهِمْ، وَلَا يُقَدَّمُ حَاضِرٌ بِمَوْضِعِ الْفَيْءِ عَلَى غَالِبٍ عَنْهُ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ إعْطَاءَ الْخُنْثَى كَالْأُنْثَى. ـــــــــــــــــــــــــــــSلِبَقِيَّةِ الْمُسْتَحِقِّينَ. (قَوْلُهُ أَيْ لَمْ يُفَارِقُوا) أَيْ بَنُو الْمُطَّلِبِ (قَوْلُهُ: عُثْمَانَ) أَيْ ابْنِ عَفَّانَ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ أُمَّيْهِمَا هَاشِمِيَّتَانِ) أَيْ أَمَّا الزُّبَيْرُ فَأُمُّهُ صَفِيَّةُ عَمَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا يَأْتِي، وَأَمَّا عُثْمَانُ فَأُمُّهُ كَمَا فِي جَامِعِ الْأُصُولِ أَرْوَى بِنْتُ كُرَيْزِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ حَبِيبٍ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ أَسْلَمَتْ انْتَهَى. وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ مَعَ أَنَّ أُمَّيْهِمَا هَاشِمِيَّتَانِ فَفِيهِ نَظَرٌ بِالنَّظَرِ لِعُثْمَانَ، وَفِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ بَعْدُ مِثْلُ مَا ذَكَرَ: وَأُمُّ أُرْوَى أُمُّ حَكِيمٍ الْبَيْضَاءُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْتَهَى. وَعَلَيْهِ فَفِي قَوْلِهِ أُمَّيْهِمَا تَجَوُّزٌ بِالنِّسْبَةِ لِأُمِّ عُثْمَانَ فَإِنَّ أُمَّ حَكِيمٍ أُمُّ أُمِّهِ لَا أُمُّهُ. (قَوْلُهُ: الْأَحْوَجَ فَالْأَحْوَجَ) أَيْ وَتَمَلُّكُهُمَا بِالْإِفْرَازِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ يَجُوزُ بَيْعُ الْمُرْتَزِقَةِ مَا أُفْرِزَ لَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضُوهُ فَإِنَّ جَوَازَ الْبَيْعِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ يَمْلِكُونَهُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الزُّبَيْرَ كَانَ يَأْخُذُ سَهْمَ أُمِّهِ) أَيْ نِيَابَةً عَنْهَا فِي الْقَبْضِ فَقَطْ لَا أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُهُ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ كَالْإِرْثِ، وَقَوْلُهُ لَمْ يَسْقُطْ: أَيْ وَعَلَيْهِ فَهَلْ يُقَاتَلُونَ عَلَى عَدَمِ أَخْذِهِ كَمَا قَالُوهُ فِي الزَّكَاةِ أَوْ لَا وَيُفَرَّقُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ ذِمَمَ أَهْلِ الزَّكَاةِ اُشْتُغِلَتْ بِحَقِّ الْمُسْتَحِقِّينَ وَصَاحِبُ الدَّيْنِ إذَا امْتَنَعَ مِنْ قَبُولِهِ أُجْبِرَ عَلَيْهِ لِتَفْرِيغِ ذِمَّةِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَلَا كَذَلِكَ أَهْلُ الْفَيْءِ، ثُمَّ قَضِيَّةُ عَدَمِ سُقُوطِهِ حِفْظُهُ إلَى الرِّضَا بِأَخْذِهِمْ إيَّاهُ، فَإِنْ أَيِسَ مِنْ أَخْذِهِمْ لَهُ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْإِمَامَ يَصْرِفُهُ فِي الْمَصَالِحِ، وَيُحْتَمَلُ تَنْزِيلُهُمْ مَنْزِلَةَ الْمَفْقُودِينَ مِنْ الْأَصْنَافِ فَيُرَدُّ نَصِيبُهُمْ عَلَى بَقِيَّةِ الْأَصْنَافِ (قَوْلُهُ: وَوُجُوبُ تَعْمِيمِهِمْ) شَمَلَ ذَلِكَ الْأَصْلَ مَعَ فَرْعِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَمَّا أَصْلُ شَرَفِ النِّسْبَةِ إلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ) إنْ أُرِيدَ بِالشَّرَفِ هُنَا الشَّرَفُ الْخَاصُّ فَالْمُرَادُ بِأَوْلَادِ الْبَنَاتِ بَنَاتُ صُلْبِهِ وَالْمُرَادُ بِأَوْلَادِهِنَّ بِلَا وَاسِطَةٍ كَمَا هُوَ الْحَقِيقَةُ فِيهِمَا أَوْ أَوْلَادُهُنَّ بِوَاسِطَةِ الذُّكُورِ بِقَرِينَةِ مَا قَدَّمَهُ فِي الْوَصَايَا مِنْ قَوْلِهِ وَالشَّرِيفُ الْمُنْتَسِبُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ إلَى الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ،؛ لِأَنَّ الشَّرَفَ وَإِنْ عَمَّ كُلَّ رَفِيعٍ إلَّا أَنَّهُ اُخْتُصَّ بِأَوْلَادِ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - عُرْفًا مُطَّرِدًا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَلَا يُقَدَّمُ حَاضِرٌ بِمَوْضِعِ الذَّبِّ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا الدَّاعِي لِذِكْرِ هَذَا هُنَا مَعَ أَنَّهُمْ إنَّمَا يَأْخُذُونَ بِجِهَةِ الْقَرَابَةِ وَلَا مَدْخَلَ لِلذَّبِّ فِيهَا، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ

وَأَنَّهُ لَا يُوقَفُ لَهُ شَيْءٌ، لَكِنَّ مُقْتَضَى التَّشْبِيهِ بِالْإِرْثِ وَقْفُ تَمَامِ نَصِيبِ ذَكَرٍ وَهُوَ الْأَوْجُهُ. (وَالثَّالِثُ الْيَتَامَى) لِلْآيَةِ (وَهُوَ) أَيْ الْيَتِيمُ (صَغِيرٌ) لَمْ يَبْلُغْ بِسِنٍّ أَوْ احْتِلَامٍ لِخَبَرِ «لَا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلَامٍ» حَسَّنَهُ الْمُصَنِّفُ وَضَعَّفَهُ غَيْرُهُ سَوَاءٌ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى (لَا أَبَ لَهُ) وَإِنْ كَانَ لَهُ جَدٌّ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ وَلَدِ الْمُرْتَزِقَةِ وَشَمَلَ ذَلِكَ وَلَدَ الزِّنَا وَاللَّقِيطَ وَالْمَنْفِيَّ بِاللِّعَانِ. نَعَمْ لَوْ ظَهَرَ لَهُمَا أَبٌ شَرْعًا اُسْتُرْجِعَ الْمَدْفُوعُ لَهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ، أَمَّا فَاقِدُ الْأُمِّ فَيُقَالُ لَهُ مُنْقَطِعٌ وَيَتِيمُ الْبَهَائِمِ فَاقِدُ أُمِّهِ وَالطُّيُورُ فَاقِدُهُمَا (وَيُشْتَرَطُ) إسْلَامُهُ وَ (فَقْرُهُ) أَوْ مَسْكَنَتُهُ (عَلَى الْمَشْهُورِ) ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْيَتِيمِ يُشْعِرُ بِالْحَاجَةِ، وَفَائِدَةُ ذَكَرِهِمَا هُنَا مَعَ شُمُولِ الْمَسَاكِينِ لَهُمْ عَدَمُ حِرْمَانِهِمْ وَإِفْرَادُهُمْ بِخُمُسٍ كَامِلٍ. وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ، وَقَالَ الْقَاضِي: إنَّهُ مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا وَإِلَّا لَمَا كَانَ لِذِكْرِهِ فَائِدَةٌ لِدُخُولِهِ فِي الْفُقَرَاءِ، وَرُدَّ بِمَا مَرَّ وَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ كُلٍّ مِنْ الْإِسْلَامِ وَالَيْتُمْ وَالْفَقْرِ وَكَوْنُهُ هَاشِمِيًّا أَوْ مُطَّلِبِيًّا بِالْبَيِّنَةِ، وَاعْتَبَرَ جَمْعٌ فِي الْأَخِيرَيْنِ الِاسْتِفَاضَةَ فِي نَسَبِهِ مَعَهَا، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ هَذَا النَّسَبَ أَشْرَفُ الْأَنْسَابِ وَيَغْلِبُ ظُهُورُهُ فِي أَهْلِهِ لِتَوَفُّرِ الدَّوَاعِي عَلَى إظْهَارِ إجْلَالِهِمْ فَاحْتِيطَ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ لِذَلِكَ وَلِسُهُولَةِ وُجُودِ الِاسْتِفَاضَةِ بِهِ غَالِبًا، وَالْأَقْرَبُ إلْحَاقُ أَهْلِ الْخُمُسِ الْأَوَّلِ بِمَنْ يَلِيهِمْ فِي اشْتِرَاطِ الْبَيِّنَةِ لِسُهُولَةِ الِاطِّلَاعِ عَلَى حَالِهِمْ غَالِبًا. (وَالرَّابِعُ وَالْخَامِسُ الْمَسَاكِينُ وَابْنُ السَّبِيلِ) وَلَوْ بِقَوْلِهِمْ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ وَإِنْ اُتُّهِمُوا، نَعَمْ الْأَوْجَهُ فِي مُدَّعِي تَلَفِ مَالٍ لَهُ عُرِفَ أَوْ عِيَالٍ تَكْلِيفُهُ بَيِّنَةً نَظِيرَ مَا يَأْتِي وَذَلِكَ لِلْآيَةِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُمَا. وَالْمَسَاكِينُ تَشْمَلُ الْفُقَرَاءَ وَلَهُمَا مَالٌ ثَانٍ وَهُوَ الْكَفَّارَةُ وَثَالِثٌ وَهُوَ الزَّكَاةُ، وَلَا بُدَّ فِي الْجَمِيعِ مِنْ الْإِسْلَامِ وَلَوْ ابْنَ سَبِيلٍ، وَلَوْ اجْتَمَعَ وَصْفَانِ فِي وَاحِدٍ أُعْطِيَ بِأَحَدِهِمَا إلَّا الْغَزْوَ مَعَ نَحْوِ الْقَرَابَةِ. نَعَمْ مَنْ اجْتَمَعَ فِيهِ يُتْمٌ وَمَسْكَنَةٌ أُعْطِيَ بِالْيُتْمِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ وَصْفٌ لَازِمٌ وَالْمَسْكَنَةُ مُنْفَكَّةٌ، كَذَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُهُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ فَرْعٌ سَاقِطٌ؛ لِأَنَّ الْيَتِيمَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ فَقْرٍ أَوْ مَسْكَنَةٍ، وَبِتَسْلِيمِهِ فَارَقَ أَخْذَ غَازٍ هَاشِمِيٍّ مَثَلًا بِهِمَا هُنَا بِأَنَّ الْأَخْذَ بِالْغَزْوِ لِحَاجَتِنَا وَبِالْمَسْكَنَةِ لِحَاجَةِ صَاحِبِهَا. وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُعْطَى مِنْ سَهْمِ الْيَتَامَى لَا مِنْ سَهْمِ الْمَسَاكِينِ (وَيُعَمِّمُ) الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ (الْأَصْنَافَ الْأَرْبَعَةَ) وَجَمِيعَ آحَادِهِمْ (الْمُتَأَخِّرَةَ) بِالْعَطَاءِ وُجُوبًا لِظَاهِرِ الْآيَةِ، نَعَمْ يَجُوزُ التَّفَاوُتُ بَيْنَ آحَادِ الصِّنْفِ غَيْرِ ذَوِي الْقُرْبَى لِاتِّحَادِ الْقَرَابَةِ وَتَفَاوُتِ الْحَاجَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي غَيْرِهِمْ لَا بَيْنَ الْأَصْنَافِ. وَلَوْ قَلَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالْأَبْعَدَ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ وَإِنْ كَانَ الْأَقْرَبُ يَحْجُبُهُ فِي الْإِرْثِ كَالْأَعْمَامِ وَالْإِخْوَةِ وَأَوْلَادِهِمْ مَعَ وُجُودِ ابْنِ الْمَيِّتِ أَوْ ابْنِ ابْنِهِ. (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ ظَهَرَ لَهُمَا) أَيْ اللَّقِيطِ وَالْمَنْفِيِّ بِاللِّعَانِ (قَوْلُهُ: اُسْتُرْجِعَ الْمَدْفُوعُ لَهُمَا) وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ عَلِمَاهُ. وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْجُوعِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الْغَارِمُ (قَوْلُهُ: وَرَدَّ بِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ عَدَمِ حِرْمَانِهِمْ وَإِفْرَادِهِمْ بِخُمُسٍ كَامِلٍ (قَوْلُهُ: الْيُتْمِ وَالْفَقْرِ) أَيْ الْمَشْرُوطِ فِي الْيُتْمِ، فَلَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمَسَاكِينَ يُعْطَوْنَ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِمْ (قَوْلُهُ: فِي الْأَخِيرَيْنِ) أَيْ كَوْنِهِ هَاشِمِيًّا أَوْ مُطَّلِبِيًّا، وَقَوْلُهُ مَعَهَا: أَيْ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ: أَهْلُ الْخُمُسِ الْأَوَّلِ) هُوَ خُمُسُ الْمَصَالِحِ أَيْ فَيُشْتَرَطُ فِي إعْطَاءِ مَنْ ادَّعَى الْقِيَامَ بِشَيْءٍ مِنْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ كَالِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ وَكَوْنِهِ إمَامًا أَوْ خَطِيبًا إثْبَاتُ مَا ادَّعَاهُ بِالْبَيِّنَةِ. (قَوْلُهُ وَلَهُمَا مَالٌ) أَيْ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ (قَوْلُهُ: مَعَ نَحْوِ) أَيْ كَالْقَيِّمِ، وَقَوْلُهُ الْقَرَابَةِ: أَيْ كَوْنُهُ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ، وَقَوْلُهُ أُعْطِيَ بِالْيُتْمِ إلَخْ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَالْمَسْكَنَةُ مُنْفَكَّةٌ) أَيْ فَإِنَّهَا فِي وَقْتِهَا لَا يَسْتَحِيلُ انْفِكَاكُهَا وَزَوَالُهَا، بِخِلَافِ الْيُتْمِ فَإِنَّهُ فِي وَقْتِهِ يَسْتَحِيلُ انْفِكَاكُهُ وَزَوَالُهُ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ مَعَ ظُهُورِهِ اشْتَبَهَ عَلَى بَعْضِ الضَّعَفَةِ. فَقَالَ الْيُتْمُ يَزُولُ أَيْضًا بِالْبُلُوغِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُ سم فِي وَقْتِهِ: أَيْ وَهُوَ مَا قَبْلَ بُلُوغِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَوْضِعَ الْفَيْءِ بَدَلَ الذَّبِّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ لَهُ جَدٌّ) هَذَا غَايَةٌ فِي تَسْمِيَتِهِ يَتِيمًا لَيْسَ إلَّا وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يُعْطَى إذَا كَانَ جَدُّهُ غَنِيًّا (قَوْلُهُ: وَالطُّيُورُ فَاقِدُهُمَا) لَعَلَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِنَحْوِ الْحَمَامِ، بِخِلَافِ نَحْوِ الدَّجَاجِ وَالْإِوَزِّ فَإِنَّ الْمُشَاهَدَ أَنَّ فَرْخَهُمَا

الْحَاصِلُ بِحَيْثُ لَوْ عَمَّ لَمْ يَسُدَّ مَسَدًا خَصَّ بِهِ الْأَحْوَجَ لِلضَّرُورَةِ (وَقِيلَ يَخْتَصُّ بِالْحَاصِلِ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ مَنْ فِيهَا مِنْهُمْ) كَالزَّكَاةِ، وَيَرُدُّهُ أَنَّ النَّقْلَ لِإِقْلِيمٍ لَا شَيْءَ فِيهِ، أَوْ فِيهِ مَالًا يَفِي بِمَسَاكِينِهِ إذَا وُزِّعَ عَلَيْهِمْ بِقَدْرِ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْمَنْقُولِ إلَيْهِمْ وَغَيْرِهِمْ إنَّمَا هُوَ لِمُوَافَقَةِ الْآيَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِوُجُوبِ تَعْمِيمِ جَمِيعِهِمْ فِي جَمِيعِ الْأَقَالِيمِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّكَاةِ بِأَنَّ التَّشَوُّفَ لَهَا فِي مَحَلِّهَا فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ لَا يُفَرِّقُهَا إلَّا الْمُلَّاكُ، بِخِلَافِ الْفَيْءِ؛ لِأَنَّ الْمُفَرِّقَ لَهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ. وَهُوَ لَسَعَةِ نَظَرِهِ يَتَشَوَّفُ كُلَّ مَنْ فِي حُكْمِهِ لِوُصُولِ شَيْءٍ مِنْ الْفَيْءِ إلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي النَّقْلِ فَانْدَفَعَ مَا لِلسُّبْكِيِّ هُنَا، وَمَنْ فُقِدَ مِنْ الْأَصْنَافِ الْأَرْبَعَةِ صُرِفَ نَصِيبُهُ لِلْبَاقِينَ مِنْهُمْ. (وَأَمَّا) (الْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ) الَّتِي كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَضْمُومَةً إلَى خُمُسِ الْخُمُسِ (فَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا لِلْمُرْتَزِقَةِ) وَقُضَاتِهِمْ وَأَئِمَّتِهِمْ وَمُؤَذِّنَيْهِمْ وَعُمَّالِهِمْ، مَا لَمْ يُوجَدْ مُتَبَرِّعٌ (وَهُمْ الْأَجْنَادُ الْمَرْصُودُونَ) فِي الدِّيوَانِ (لِلْجِهَادِ) لِحُصُولِ النُّصْرَةِ بِهِمْ بَعْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. سُمُّوا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ أَرَصَدُوا نُفُوسَهُمْ لِلذَّبِّ عَنْ الدِّينِ وَطَلَبِ الرِّزْقِ مِنْ مَالِهِ تَعَالَى. وَخَرَجَ بِهِمْ الْمُتَطَوِّعَةُ بِالْغَزْوِ إذَا نَشِطُوا فَيُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ دُونَ الْفَيْءِ عَكْسَ الْمُرْتَزِقَةِ مَا لَمْ يَعْجَزْ سَهْمُهُمْ عَنْ كِفَايَتِهِمْ فَيُكْمِلُ لَهُمْ الْإِمَامُ مِنْ سَهْمِ سَبِيلِ اللَّهِ (فَيَضَعُ) نَدْبًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الطَّيِّبِ وَإِنْ صَرَّحَ جَمْعٌ بِالْوُجُوبِ وَأَفْهَمَهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ الضَّبْطُ، وَهُوَ غَيْرُ مُنْحَصِرٍ فِي ذَلِكَ (الْإِمَامُ دِيوَانًا) بِكَسْرِ الدَّالِ: أَيْ دَفْتَرًا اقْتِدَاءً بِعُمُرِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ وَضَعَهُ لَمَّا كَثُرَ الْمُسْلِمُونَ. وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَقِيلَ عَرَبِيٌّ (وَيُنَصِّبُ) نَدْبًا (لِكُلِّ قَبِيلَةٍ أَوْ جَمَاعَةٍ عَرِّيفًا) يُعَرِّفُهُ بِأَحْوَالِهِمْ وَيَجْمَعُهُمْ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ خَبَرَ «الْعِرَافَةُ حَقٌّ وَلَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْهَا، وَلَكِنَّ الْعُرَفَاءَ فِي النَّارِ» أَيْ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِمْ الْجَوْرُ فِيمَنْ تَوَلَّوْا عَلَيْهِ (وَيَبْحَثُ) الْإِمَامُ وُجُوبًا بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبُهُ (عَنْ حَالِ كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْ الْمُرْتَزِقَةِ (وَعِيَالِهِ) وَهُمْ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ (وَمَا يَكْفِيهِ فَيُعْطِيهِ) وَلَوْ غَنِيًّا (كِفَايَتَهُمْ) مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَسَائِرِ مُؤْنَتِهِمْ مُرَاعِيًا فِي ذَلِكَ الزَّمَنَ وَالرُّخْصَ وَالْغَلَاءَ وَعَادَةَ الْمَحَلِّ وَالْمُرُوءَةَ وَغَيْرَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ مَا لَمْ يُوجَدْ مُتَبَرِّعٌ) أَيْ مِنْ الْقُضَاةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَعْجَزْ سَهْمُهُمْ) أَيْ الْمُرْتَزِقَةِ (قَوْلُهُ مِنْ سَهْمِ سَبِيلِ اللَّهِ) أَيْ فَإِنْ احْتَاجَ إلَى شَيْءٍ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ الْفَيْءِ فَعَلَى أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ صَرَّحَ جَمْعٌ بِالْوُجُوبِ) اعْتَمَدَهُ الزِّيَادِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ النَّدْبِ عَلَى مَا لَوْ أَمْكَنَ الضَّبْطُ بِدُونِهِ وَالْوُجُوبِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ إلَّا بِهِ، وَيُشْعِرُ بِهَذَا الْجَمْعِ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ إلَخْ (قَوْلُهُ الْعِرَافَةُ حَقٌّ) أَيْ وَهِيَ التَّدْبِيرُ لِأُمُورِ النَّاسِ وَالْقِيَامُ بِسِيَاسَتِهِمْ. وَفِي الْمِصْبَاحِ: عَرَفْت عَلَى الْقَوْمِ أَعْرُفُ مِنْ بَابِ قَتَلَ عِرَافَةً بِالْكَسْرِ فَأَنَا عَارِفٌ: أَيْ مُدَبِّرٌ أَمْرَهُمْ وَقَائِمٌ بِسِيَاسَتِهِمْ، وَعَرُفْت عَلَيْهِمْ بِالضَّمِّ لُغَةً فَأَنَا عَرِيفٌ وَالْجَمْعُ عُرَفَاءُ اهـ. فَالْعَرِيفُ صِفَةٌ مِنْ عَرَفَ عَلَى الْقَوْمِ كَقَتَلَ وَمِنْ عَرُفَ بِالضَّمِّ كَكَرُمَ. وَفِي الْقَامُوسِ: عَرَفَ كَكَرُمَ وَضَرَبَ صَارَ عَرِيفًا وَكَكَتَبَ كِتَابَةً عَمَلُ الْعِرَافَةِ. وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: وَالْعَرِيفُ النَّقِيبُ، وَهُوَ دُونَ الرَّئِيسِ وَالْجَمْعُ عُرَفَاءُ وَبَابُهُ إذَا صَارَ عَرِيفًا ظَرُفَ وَإِذَا بَاشَرَ ذَلِكَ مُدَّةً كَتَبَ (قَوْلُهُ وَلَكِنَّ الْعُرَفَاءَ فِي النَّارِ) وَمِنْ ذَلِكَ مَشَايِخُ الْأَسْوَاقِ وَالطَّوَائِفِ وَالْبُلْدَانِ (قَوْلُهُمْ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ) وَمِثْلُهُمْ مَنْ يُحْتَاجُ إلَيْهِمْ فِي الْقِيَامِ بِمَا يُطْلَبُ مِنْهُمْ كَسَايِسٍ وَقَوَّاسَةٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِمْ فِي خِدْمَةِ نَفْسِهِ وَدَوَابِّهِ وَمُعَاوَنَتِهِ عَلَى قِتَالِ الْأَعْدَاءِ فِي السَّفَرِ وَيُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ إلَّا إنْ كَانَ لِحَاجَةِ الْجِهَادِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَنِيًّا) وَمِنْ ذَلِكَ الْأُمَرَاءُ الْمَوْجُودُونَ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يَفْتَقِرُ إلَّا لِلْأُمِّ (قَوْلُهُ: الْأَظْهَرُ أَنَّهَا لِلْمُرْتَزِقَةِ) لَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ مُقَابِلَ الْأَظْهَرِ، وَهُوَ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهَا لِلْمَصَالِحِ كَخُمُسِ الْخُمُسِ وَأَهَمُّهَا تَعَهُّدُ الْمُرْتَزِقَةِ فَيَرْجِعُ إلَى الْأَوَّلِ وَيُخَالِفُهُ فِي الْفَاضِلِ عَنْهُمْ. وَالثَّانِي أَنَّهَا تُقْسَمُ كَمَا يُقْسَمُ الْخُمُسُ خُمُسُهَا لِلْمَصَالِحِ وَالْبَاقِي لِلْأَصْنَافِ الْأَرْبَعَةِ.

لَا نَحْوَ نَسَبٍ وَعِلْمٍ لِيَتَفَرَّغَ لِلْجِهَادِ وَيَزِيدَ مَنْ زَادَ لَهُ عِيَالٌ وَلَوْ زَوْجَةً رَابِعَةً، وَيُعْطِي لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَإِنْ كَثَرْنَ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ هُنَا؛ لِأَنَّ حَمْلَهُنَّ لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِيهِ، وَلِلْأَذْرَعِيِّ فِي الزَّوْجَاتِ لِانْحِصَارِهِنَّ وَلِعَبِيدِ خِدْمَتِهِ الَّذِينَ يَحْتَاجُهُمْ لَا لِمَا زَادَ عَلَى حَاجَتِهِ إلَّا إنْ كَانَ لِحَاجَةِ الْجِهَادِ، وَالْأَوْجَهُ إلْحَاقُ مَوْطُوءَتِهِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ بِعَبِيدِ الْخِدْمَةِ فَلَا يُعْطَى إلَّا لِمَنْ يَحْتَاجُهُ لِعِفَّةٍ أَوْ دَفْعِ ضَرَرٍ (وَيُقَدِّمُ) نَدْبًا (فِي إثْبَاتِ الِاسْمِ) فِي الدِّيوَانِ (وَالْإِعْطَاءِ قُرَيْشًا) لِخَبَرِ «قَدِّمُوا قُرَيْشًا وَلَا تَقَدَّمُوهَا» (وَهُمْ وَلَدُ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ) بْنِ خُزَيْمَةَ، وَقِيلَ وَلَدُ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ، وَنُقِلَ عَنْ أَكْثَرَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، سُمُّوا بِذَلِكَ لِتَقَرُّشِهِمْ: أَيْ تَجَمُّعِهِمْ أَوْ شِدَّتِهِمْ (وَيُقَدَّمُ مِنْهُمْ بَنِي هَاشِمٍ) لِشَرَفِهِمْ بِكَوْنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُمْ (وَ) بَنِي (الْمُطَّلِب) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَنَهُمْ بِهِمْ كَمَا مَرَّ، وَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُ أَشَارَ بِالْوَاوِ إلَى عَدَمِ التَّرْتِيبِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ بَنِي هَاشِمٍ مَحَلُّ نَظَرٍ، إذْ الْأَوْجَهُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ تَقْدِيمَ بَنِي هَاشِمٍ أَوْلَى، وَسَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنْ يُقَدِّمَ مِنْهُمْ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (ثُمَّ) بَنِي (عَبْدِ شَمْسٍ) ؛ لِأَنَّهُ شَقِيقُ هَاشِمٍ (ثُمَّ) بَنِي (نَوْفَلٍ) ؛ لِأَنَّهُ أَخُوهُ لِأَبِيهِ (ثُمَّ) بَنِي (عَبْدِ الْعُزَّى) ؛ لِأَنَّ خَدِيجَةَ مِنْهُمْ (ثُمَّ سَائِرَ الْبُطُونِ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) فَبَعْدَ بَنِي عَبْدِ الْعُزَّى بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، ثُمَّ بَنِي زُهْرَةَ بْنِ كِلَابٍ أَخْوَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ بَنِي تَيْمٍ؛ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعَائِشَةَ مِنْهُمْ وَهَكَذَا (ثُمَّ) بَعْدَ قُرَيْشٍ يُقَدِّمُ (الْأَنْصَارَ) لِآثَارِهِمْ الْحَمِيدَةِ فِي الْإِسْلَامِ، وَيَنْبَغِي كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ تَقْدِيمُ الْأَوْسِ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ مِنْهُمْ أَخْوَالَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْأَنْصَارُ كُلُّهُمْ مِنْ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ (ثُمَّ سَائِرَ الْعَرَبِ) لِشَرَفِهِمْ عَلَى غَيْرِهِمْ، وَظَاهِرُهُ تَقْدِيمُ الْأَنْصَارِ عَلَى مَنْ عَدَا قُرَيْشًا وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاسْتِوَاءُ جَمِيعِ الْعَرَبِ، لَكِنْ خَالَفَ السَّرَخْسِيُّ فِي الْأَوَّلِ وَالْمَاوَرْدِيُّ فِي الثَّانِي (ثُمَّ الْعَجَمَ) مُعْتَبَرًا فِيهِمْ النَّسَبُ كَالْعَرَبِ، فَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعُوا عَلَى نَسَبٍ اعْتَبَرُوا مَا يَرَوْنَهُ أَشْرَفَ، فَإِنْ اسْتَوَى اثْنَانِ هُنَاكَ فَكَمَا يَأْتِي، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ أَقْرَبُ مِنْهُمْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَشْرَفُ. وَمَتَى اسْتَوَى اثْنَانِ قُرِّبَا قُدِّمَ أَسَنُّهُمَا، فَإِنْ اسْتَوَيَا سِنًّا فَأَسْبَقُهُمَا إسْلَامًا ثُمَّ هِجْرَةً كَذَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يُقَدَّمُ بِالسَّبْقِ لِلْإِسْلَامِ ثُمَّ بِالدِّينِ ثُمَّ بِالسِّنِّ ثُمَّ بِالْهِجْرَةِ ثُمَّ بِالشَّجَاعَةِ ثُمَّ يَتَخَيَّرُ الْإِمَامُ، وَلَا يُشْكِلُ تَقْدِيمُهُمْ النَّسَبَ عَلَى السِّنِّ هُنَا عَكْسَ الرَّاجِحِ فِي إمَامَةِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى مَا بِهِ الِافْتِخَارُ بَيْنَ الْقَبَائِلِ وَثُمَّ عَلَى مَا يَزِيدُ بِهِ الْخُشُوعُ وَنَحْوُهُ، وَالسِّنُّ أَدْخَلُ فِي ذَلِكَ مِنْ النَّسَبِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ السِّنَّ كُلَّمَا زَادَ كَثُرَ الْخَيْرُ وَنَقَصَ الشَّرُّ (وَلَا يَثْبُتُ) نَدْبًا وَقِيلَ وُجُوبًا (فِي الدِّيوَانِ أَعْمَى وَلَا زَمِنًا وَلَا مَنْ يَصْلُحُ لِلْغَزْوِ) لِنَحْوِ جَهْلٍ بِالْقِتَالِ أَوْ صِفَتِهِ أَوْ جُبْنٍ عَنْهُ لِعَجْزِهِمْ وَمَحَلُّهُ فِي الْمُرْتَزِقِ، أَمَّا عِيَالُهُ فَيَثْبُتُونَ تَبَعًا لَهُ وَإِنْ قَامَ بِهِمْ نَقْصٌ كَمَا بَحَثَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ (وَلَوْ مَرِضَ بَعْضُهُمْ أَوْ جُنَّ وَرُجِيَ زَوَالُهُ) وَلَوْ. ـــــــــــــــــــــــــــــSبِمِصْرِنَا فَيُعْطَوْنَ مَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ لَهُمْ وَلِعِيَالِهِمْ وَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ بِالزِّرَاعَةِ وَنَحْوِهَا لِقِيَامِهِمْ بِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُمْ بِتَهَيُّئِهِمْ لِلْجِهَادِ وَنَصْبِ أَنْفُسِهِمْ لَهُ (قَوْلُهُ: بِعَبِيدِ الْخِدْمَةِ) وَمِثْلُ عَبِيدِ الْخِدْمَةِ إمَاؤُهَا بَلْ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْأَحْرَارِ الَّذِينَ يَحْتَاجُ إلَيْهِمْ فِي خِدْمَتِهِ أَوْ خِدْمَةِ أَهْلِ بَيْتِهِ حَيْثُ كَانَ مِمَّنْ يُخْدَمُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ شَقِيقُ هَاشِمٍ) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْمُطَّلِبِ وَإِلَّا فَعَبْدُ شَمْسٍ شَقِيقُهُمَا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: السَّرَخْسِيُّ) نِسْبَةً إلَى سَرْخَسَ بِفَتْحِ السِّينِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ ثُمَّ خَاءٍ مُعْجَمَةٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَهَا سِينٌ، وَقِيلَ بِإِسْكَانِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْخَاءِ انْتَهَى. طَبَقَاتُ الْإِسْنَوِيِّ (قَوْلُهُ: لَكِنْ خَالَفَ السَّرَخْسِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَوَى اثْنَانِ هُنَاكَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ كَالْعَرَبِ وَقَوْلُهُ وَذَلِكَ: أَيْ قَوْلُهُ اُعْتُبِرَ مَا يَرَوْنَهُ أَشْرَفَ. (قَوْلُهُ ثُمَّ بِالدِّينِ) أَيْ فَيُقَدَّمُ الْأَوْرَعُ فِي الدِّينِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ) قَالَ الشِّهَابُ سم: إنْ كَانَ الْمَعْنَى أَنَّ عِيَالَ الْمُرْتَزِقِ إذَا كَانَ بِهِمْ عَمًى أَوْ زَمَانَةٌ أَوْ

بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ (أُعْطِيَ) وَيَبْقَى اسْمُهُ فِي الدِّيوَانِ لِئَلَّا يَرْغَبَ النَّاسُ عَنْ الْجِهَادِ (فَإِنْ لَمْ يُرْجَ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُعْطَى) أَيْضًا كَذَلِكَ لَكِنْ يُمْحَى اسْمُهُ مِنْ الدِّيوَانِ، وَاَلَّذِي يُعْطَاهُ كِفَايَةُ مَمُونِهِ اللَّائِقَةِ بِهِ الْآنَ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ. وَالثَّانِي لَا يُعْطَى لِعَدَمِ رَجَاءِ نَفْعِهِ: أَيْ لَا يُعْطَى مِنْ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الْفَيْءِ الْمُعَدَّةِ لِلْمُقَاتِلَةِ وَلَكِنْ يُعْطَى مِنْ غَيْرِهَا إنْ كَانَ مُحْتَاجًا، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي إعْطَائِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَمَّا الْمَاضِي فَيُعْطَاهُ جَزْمًا، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ تَفْرِيعًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ مَسْكَنَتِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ وَقَالَ إنَّ النَّصَّ يَقْتَضِيهِ (وَكَذَا) يُعْطَى مَمُونُ الْمُرْتَزِقِ مَا يَلِيقُ بِذَلِكَ الْمَمُونِ هُوَ وَ (زَوْجَتُهُ) وَإِنْ تَعَدَّدَتْ وَمُسْتَوْلَدَاتُهُ (وَأَوْلَادُهُ) وَإِنْ سَفَلُوا وَأُصُولُهُ الَّذِينَ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُمْ فِي حَيَاتِهِ بِشَرْطِ إسْلَامِهِمْ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، فَلَا تُعْطَى الزَّوْجَةُ الْكَافِرَةُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ مُبْتَدَأَةٌ لَهَا وَمِثْلُهَا الْبَاقُونَ، فَإِنْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَالظَّاهِرُ إعْطَاؤُهَا لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ مَنْعِهِ وَهُوَ الْكُفْرُ (إذَا مَاتَ) وَلَوْ لَمْ يُرْجَ كَوْنُهُمْ مِنْ الْمُرْتَزِقَةِ بَعْدُ لِئَلَّا يَعْرِضَ النَّاسُ عَنْ الْجِهَادِ إلَى الْكَسْبِ لِإِغْنَاءِ عِيَالِهِمْ، وَمَا اسْتَنْبَطَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ هَذَا أَنَّ الْفَقِيهَ أَوْ الْمُعِيدَ أَوْ الْمُدَرِّسَ إذَا مَاتَ يُعْطَى مَمُونُهُ مِمَّا كَانَ يَأْخُذُهُ مَا يَقُومُ بِهِ تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْعِلْمِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ صُرِفَ لِمَنْ يَقُومُ بِالْوَظِيفَةِ وَلَا نَظَرَ لِاخْتِلَالِ الشَّرْطِ فِيهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ تَبَعٌ لِأَبِيهِمْ الْمُتَّصِفِ بِهِ مُدَّةً، فَمُدَّتُهُمْ مُغْتَفَرَةٌ فِي جَنْبِ مَا مَضَى كَزَمَنِ الْبَطَالَةِ، وَالْمُمْتَنِعُ إنَّمَا هُوَ تَقْرِيرُ مَنْ لَا يَصْلُحُ ابْتِدَاءً رُدَّ بِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُرْتَزِقِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ أَنَّ الْعِلْمَ مَحْبُوبٌ لِلنُّفُوسِ لَا يَصُدُّ شَيْءٌ عَنْهُ فَوُكِّلَ النَّاسُ فِيهِ إلَى مَيْلِهِمْ إلَيْهِ، وَالْجِهَادُ مَكْرُوهٌ لِلنُّفُوسِ فَيَحْتَاجُ النَّاسُ فِي إرْصَادِ أَنْفُسِهِمْ عَلَيْهِ إلَى تَأَلُّفٍ، وَأَنَّ الْإِعْطَاءَ مِنْ الْأَمْوَالِ الْعَامَّةِ وَهِيَ أَمْوَالُ الْمَصَالِحِ أَقْرَبُ مِنْ الْخَاصَّةِ كَالْأَوْقَافِ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ التَّوَسُّعِ فِي تِلْكَ التَّوَسُّعُ فِي هَذِهِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مُعَيَّنٌ مُقَيَّدٌ بِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةِ نَشْرِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ فَكَيْفَ يُصْرَفُ مَعَ انْتِفَاءِ الشَّرْطِ، وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ مِئُونَ الْعَالَمِ يُعْطَوْنَ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ إلَى الِاسْتِغْنَاءِ وَلَا بُعْدَ فِيهِ (فَتُعْطَى) الْمُسْتَوْلَدَةُ وَ (الزَّوْجَةُ حَتَّى تَنْكِحَ) أَوْ تَسْتَغْنِيَ بِكَسْبٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ تَنْكِحْ فَإِلَى الْمَوْتِ وَإِنْ رَغِبَ فِيهَا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ (وَالْأَوْلَادُ) ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا (حَتَّى يَسْتَقِلُّوا) أَيْ يَسْتَغْنُوا وَلَوْ قَبْلَ بُلُوغِهِمْ بِكَسْبٍ أَوْ نَحْوِ وَصِيَّةٍ أَوْ وَقْفٍ أَوْ نِكَاحٍ لِلْأُنْثَى أَوْ جِهَادٍ لِلذَّكَرِ، وَكَذَا بِقُدْرَتِهِ عَلَى الْكَسْبِ إذَا بَلَغَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ بِالْبُلُوغِ صَلَحَ لِلْجِهَادِ، فَإِذَا تَرَكَهُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْكَسْبِ لَمْ يُعْطَ ثُمَّ الْخِيرَةُ فِي وَقْتِ الْعَطَاءِ إلَى الْإِمَامِ كَجِنْسِ الْمُعْطَى. نَعَمْ لَا يُفَرِّقُ الْفُلُوسَ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَالْمُمْتَنِعُ إنَّمَا هُوَ إلَخْ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: قَوْلُهُ وَالْمُمْتَنِعُ إلَخْ هَذَا يُفِيدُ تَجْوِيزَ تَقْرِيرِ مَنْ لَا يَصْلُحُ لِلتَّدْرِيسِ عِوَضًا عَنْ أَبِيهِ وَيُسْتَنَابُ عَنْهُ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ صُرِفَ لِمَنْ يَقُومُ بِالْوَظِيفَةِ وَقَضِيَّةُ فَرْقِ غَيْرِهِ امْتِنَاعُ هَذَا، وَعَلَيْهِ فَهَلْ يُسْتَثْنَى مَا لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ تَكُونَ الْوَظِيفَةُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُدَرِّسِ لِوَلَدِهِ وَأَنَّهُ يُسْتَنَابُ عَنْهُ إنْ لَمْ يَصْلُحْ لِمُبَاشَرَتِهَا حَتَّى يَجُوزَ تَقْرِيرُ الْوَلَدِ قَبْلَ صَلَاحِهِ وَيُسْتَنَابُ أَوَّلًا فَيُقَرِّرُ غَيْرَهُ إلَى صَلَاحِهِ فَيُعْزَلُ الْأَوَّلُ وَيُقَرَّرُ هُوَ فِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُقَرِّرُ عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَيُسْتَنَابُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا يُفَرِّقُ الْفُلُوسَ إلَخْ) تَخْصِيصُ الِاسْتِثْنَاءِ بِالْفُلُوسِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَهُ دَفْعُ غَيْرِهَا مِنْ الْعُرُوضِ كَالْحُبُوبِ وَالثِّيَابِ، وَيُرَاعَى فِي تَفْرِقَتِهَا الْقِيمَةُ، لَكِنْ عَلَى هَذَا يُنْظَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَجْزٌ عَنْ الْغَزْوِ يُثْبَتُونَ تَبَعًا لَهُ فَهَذَا أَوْضَحُ مِنْ أَنْ يَحْتَاجَ لِبَحْثِ الْجَلَالِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُعْطَوْا لِلْقِتَالِ بَلْ أُعْطِيَ هُوَ مَا يَكْفِي مُؤْنَتَهُمْ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُمْحَى اسْمُهُ إلَخْ) أَيْ نَدْبًا لَا وُجُوبًا عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ بَلْ أَوْلَى بِعَدَمِ الْوُجُوبِ، وَالشِّهَابُ حَجّ يَرَى الْوُجُوبَ هُنَا وَهُنَاكَ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ تَفْرِيعًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ مَسْكَنَتِهِ إلَخْ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِحَجِّ لَكِنَّ ذَاكَ مُعْتَمَدُهُ الْوُجُوبُ لَا النَّدْبُ كَمَا عَرَفْت، وَكَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ مُفَرَّعٌ عَلَيْهِ لَا عَلَى النَّدْبِ الَّذِي اخْتَارَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تَنْكِحْ) أَيْ وَلَمْ تَسْتَغْنِ

وَإِنْ رَاجَتْ وَلَهُ إسْقَاطُ بَعْضِهِمْ لَكِنْ بِسَبَبٍ لَا بِغَيْرِهِ وَيُجِيبُ طَالِبَ إثْبَاتِ اسْمِهِ إنْ رَآهُ أَهْلًا وَفِي الْمَالِ سَعَةٌ، وَلِبَعْضِهِمْ إخْرَاجُ نَفْسِهِ إنْ اسْتَغْنَى لَا مَعَ الْحَاجَةِ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَلَا يَجُوزُ. (فَإِنْ) (فَضَلَتْ) ضُبِطَ بِالتَّشْدِيدِ بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ (الْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ عَنْ حَاجَاتِ الْمُرْتَزِقَةِ) وَقُلْنَا بِالْأَظْهَرِ أَنَّهَا لَهُمْ خَاصَّةً (وُزِّعَ) الْفَاضِلُ (عَلَيْهِمْ) أَيْ الْمُرْتَزِقَةِ الرِّجَالِ دُونَ غَيْرِهِمْ كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ فَحَوَى كَلَامِهِمْ (عَلَى قَدْرِ مُؤْنَتِهِمْ) ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُمْ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ) لَهُ (أَنْ يَصْرِفَ بَعْضَهُ) أَيْ الْفَاضِلَ لَا كُلَّهُ (فِي إصْلَاحِ الثُّغُورِ وَفِي السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ) وَهُوَ الْخَيْلُ؛ لِأَنَّهُ مَعُونَةٌ لَهُمْ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ بَلْ يُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ لِاسْتِحْقَاقِهِمْ لَهُ كَالْغَنِيمَةِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَصَرِيحُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَدَّخِرُ مِنْ الْفَيْءِ فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْئًا مَا وَجَدَ لَهُ مَصْرِفًا وَلَوْ بِنَاءَ نَحْوِ رِبَاطَاتٍ وَمَسَاجِدَ اقْتَضَاهَا رَأْيُهُ وَإِنْ خَافَ نَازِلَةً، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ النَّصِّ تَأَسِّيًا بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَإِنْ نَزَلَتْ فَعَلَى أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ الْقِيَامُ بِهَا، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ لَهُ الْإِدْخَارَ، وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ صَرْفِهِ لِلْمُرْتَزِقَةِ عَنْ السَّنَةِ الْقَابِلَةِ، وَلَهُ صَرْفُ مَالِ الْفَيْءِ فِي غَيْرِ مَصْرِفِهِ وَتَعْوِيضُ الْمُرْتَزِقَةِ إذَا رَآهُ مَصْلَحَةً (هَذَا حُكْمُ مَنْقُولُ الْفَيْءِ فَأَمَّا عَقَارُهُ) مِنْ بِنَاءٍ أَوْ أَرْضٍ (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ) لَا يَصِيرُ وَقْفًا بِنَفْسِ الْحُصُولِ وَإِنْ نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ الْإِمَامِ عَنْ الْأَئِمَّةِ وَاعْتَمَدَهُ بَلْ الْإِمَامُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنَّهُ (يُجْعَلُ وَقْفًا وَيُقَسَّمُ غَلَّتُهُ) فِي كُلِّ سَنَةٍ (كَذَلِكَ) أَيْ عَلَى الْمُرْتَزِقَةِ بِحَسَبِ حَاجَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُ أَنْفَعُ لَهُمْ أَوْ يُقَسِّمُ أَعْيَانَهُ عَلَيْهِمْ أَوْ يُبَاعُ وَيُقَسَّمُ ثَمَنُهُ بَيْنَهُمْ، وَمَا حَمَلْت عَلَيْهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ ظَاهِرٌ لِيُوَافِقَ الرَّوْضَةَ كَأَصْلِهَا، وَأَمَّا أَخْذُهُ عَلَى عُمُومِهِ فَهُوَ وَجْهٌ، وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ وَقْفًا بِنَفْسِ الْحُصُولِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إنْشَاءِ وَقْفِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَالْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ مِنْ الْخُمُسِ الْخَامِسِ حُكْمُهَا مَا مَرَّ، بِخِلَافِ الْخُمُسِ الْخَامِسِ الَّذِي لِلْمَصَالِحِ فَإِنَّهُ لَا يُقَسَّمُ بَلْ يُبَاعُ أَوْ يُوقَفُ وَهُوَ أَوْلَى وَيُصْرَفُ ثَمَنُهُ أَوْ غَلَّتُهُ فِيهَا، وَمَنْ مَاتَ مِنْ الْمُرْتَزِقَةِ بَعْدَ جَمْعِ الْمَالِ وَتَمَامِ الْمُدَّةِ فَنَصِيبُهُ لِوَارِثِهِ كَالدَّيْنِ أَوْ قَبْلَ تَمَامِهَا وَبَعْدَ جَمْعِ الْمَالِ فَقِسْطُهُ لَهُ أَوْ عَكْسُهُ فَلَا شَيْءَ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ إذَا مَاتَ قَبْلَ تَمَامِهَا وَقَبْلَ الْجَمْعِ، وَلَوْ ضَاقَ الْمَالُ عَنْهُمْ بِأَنْ لَمْ يَسُدَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــSوَجْهُ تَخْصِيصِ الْفُلُوسِ بِعَدَمِ الْإِخْرَاجِ مَعَ جَوَازِ غَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: الْمُرْتَزِقَةِ الرِّجَالِ) أَيْ الْمُقَاتِلَةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: عَنْ السَّنَةِ الْقَابِلَةِ) أَيْ فَيَمْلِكُونَهُ بِذَلِكَ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَرْجِعَ عَلَى تَرِكَتِهِمْ بِذَلِكَ إذَا مَاتُوا؛ لِأَنَّهُمْ اسْتَحَقُّوهُ بِمُجَرَّدِ حُصُولِهِ، فَإِعْطَاؤُهُ عَنْ السَّنَةِ الْقَابِلَةِ دَفْعٌ لِمَا اسْتَحَقُّوهُ الْآنَ (قَوْلُهُ: وَمَا حَمَلْت) أَيْ مِنْ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ: أَيْ قَوْلُهُ عَلَى الْمُرْتَزِقَةِ (قَوْلُهُ: فَنَصِيبُهُ لِوَارِثِهِ) لَا يُقَالُ: هَذَا يُنَافِيهِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْغَزَالِيِّ أَنَّ مَنْ مَاتَ وَلَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ حَقٌّ لَا يَسْتَحِقُّهُ وَارِثُهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْمُرَادُ بِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ لَهُ اسْتِحْقَاقٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِكَوْنِهِ مِنْ الْمَسَاكِينِ أَوْ بَنِي هَاشِمٍ أَوْ الْمُطَّلِبِ لَا يَسْتَحِقُّهُ وَارِثُهُ بِحَيْثُ يَأْخُذُهُ إرْثًا، بَلْ يَأْخُذُ مَا يَسْتَحِقُّهُ هُوَ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ مُوَرِّثِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَكْسُهُ) بِأَنْ كَانَ قَبْلَ جَمْعِ الْمَالِ وَبَعْدَ تَمَامِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيُجِيبُ طَالِبَ إثْبَاتِ اسْمِهِ إلَخْ) اُنْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ لَهُ اخْتِيَارُهُ (قَوْلُهُ: إنْ اُسْتُغْنِيَ) هُوَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ: أَيْ إنْ اُسْتُغْنِيَ عَنْهُ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلِبَعْضِهِمْ إخْرَاجُ نَفْسِهِ لِعُذْرٍ مُطْلَقًا وَلِغَيْرِهِ إلَّا إنْ احْتَجْنَا إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ) قَالَ الشِّهَابُ سم: بَلْ يَتَعَيَّنُ؛ لِأَنَّ مَعْنَى التَّخْفِيفِ أَنَّهُ إذَا فَضَلَتْ الْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ جَمِيعُهَا عَنْ حَاجَاتِ الْمُرْتَزِقَةِ بِأَنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ وَحَاصِلُ الْمَعْنَى عَلَى هَذَا وَإِنْ اسْتَغْنَى الْمُرْتَزِقَةُ عَنْ الْأَخْذِ مِنْ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ وُزِّعَتْ عَلَيْهِمْ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا بِمَرَاحِلَ كَثِيرَةٍ عَنْ الْمُرَادِ (قَوْلُهُ: عَلَى قَدْرِ مُؤْنَتِهِمْ) أَيْ عَلَى حَسْبِهَا وَنِسْبَتِهَا، فَإِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمْ نِصْفُ مَا لِلْآخَرِ وَلِلْآخَرِ ثُلُثُهُ وَهَكَذَا أَعْطَاهُمْ عَلَى هَذِهِ النِّسْبَةِ، وَقِيلَ يُعْطِيهِمْ عَلَى حَسَبِ الرُّءُوسِ (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ سَنَةٍ) أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ وَقْفًا إلَخْ) أَيْ وَتَقَدَّمَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ.

[فصل في الغنيمة وما يتبعها]

بِالتَّوْزِيعِ مَسَدًا بُدِئَ بِالْأَحْوَجِ، وَإِلَّا وُزِّعَ عَلَيْهِمْ بِنِسْبَةِ مَا كَانَ لَهُمْ وَيَصِيرُ الْفَاضِلُ دَيْنًا لَهُمْ إنْ قُلْنَا بِأَنَّ مَالَ الْفَيْءِ لِلْمَصَالِحِ، فَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ لِلْجَيْشِ سَقَطَ. قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، لَكِنْ أَطْلَقَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ مَنْ عَجَزَ بَيْتُ الْمَالِ عَنْ إعْطَائِهِ يَبْقَى دَيْنًا عَلَيْهِ لَا عَلَى نَاظِرِهِ. فَصْلٌ فِي الْغَنِيمَةِ وَمَا يَتْبَعُهَا (الْغَنِيمَةُ مَالٌ) هُوَ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ فَالِاخْتِصَاصُ كَذَلِكَ (حَصَلَ مِنْ) مَالِكِينَ لَهُ (كُفَّارٌ) أَصْلِيِّينَ حَرْبِيِّينَ (بِقِتَالٍ وَإِيجَافٍ) لِنَحْوِ خَيْلٍ أَوْ إبِلٍ لَا مِنْ ذِمِّيِّينَ فَإِنَّهُ لَهُمْ وَلَا يُخَمَّسُ، وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ فَلَا يُرَدُّ الْمَأْخُوذُ بِقِتَالِ الرَّجَّالَةِ وَالسُّفُنُ فَإِنَّهُ غَنِيمَةٌ وَلَا إيجَافَ فِيهِ، أَمَّا مَا أَخَذُوهُ مِنْ مُسْلِمٍ مَثَلًا قَهْرًا فَيَجِبُ رَدُّهُ لِمَالِكِهِ، كَفِدَاءِ الْأَسِيرِ يُرَدُّ إلَيْهِ كَذَا أَطْلَقُوهُ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَحَلَّهُ إنْ كَانَ مِنْ مَالِهِ وَإِلَّا رُدَّ لِمَالِكِهِ، وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ الْفَرْقِ؛ لِأَنَّ إعْطَاءَهُ عَنْهُ يَتَضَمَّنُ تَقْدِيرَ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ، وَسَيَأْتِي فِيمَنْ أَمْهَرَ عَنْ زَوْجٍ ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ وَطْءٍ هَلْ يَرْجِعُ الشَّطْرُ لِلزَّوْجِ أَوْ لِلْمُصْدِقِ مَا يَتَعَيَّنُ مَجِيئُهُ هُنَا. وَأَمَّا مَا حَصَلَ مِنْ مُرْتَدِّينَ فَفَيْءٌ كَمَا مَرَّ وَمِنْ ذِمِّيِّينَ يُرَدُّ إلَيْهِمْ وَكَذَا مِمَّنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ أَصْلًا أَوْ بِالنِّسْبَةِ لِنَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ تَمَسَّكَ بِدِينٍ حَقٍّ وَإِلَّا فَهُوَ كَحَرْبِيٍّ. قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَا يَرِدُ عَلَى التَّعْرِيفِ مَا هَرَبُوا عَنْهُ عِنْدَ الِالْتِقَاءِ وَقَبْلَ شَهْرِ السِّلَاحِ وَمَا صَالَحُونَا بَدْءًا وَأَهْدَوْهُ لَنَا عِنْدَ الْقِتَالِ، فَإِنَّ الْقِتَالَ لَمَّا قَرُبَ وَصَارَ كَالْمُتَحَقِّقِ الْمَوْجُودِ صَارَ كَأَنَّهُ مَوْجُودٌ بِطَرِيقِ الْقُوَّةِ الْمُنَزَّلَةِ مَنْزِلَةَ الْفِعْلِ، بِخِلَافِ مَا تَرَكُوهُ بِسَبَبِ حُصُولِ خَيْلِنَا فِي دَارِهِمْ فَإِنَّهُ فَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَقَعْ تَلَاقٍ لَمْ تَقْوَ بِهِ شَائِبَةُ الْقِتَالِ فِيهِ. وَإِنَّمَا حَكَمْنَا بِكَوْنِ الْبِلَادِ الْمَفْتُوحَةِ صُلْحًا غَيْرَ غَنِيمَةٍ؛ لِأَنَّ خُرُوجَهُمْ عَنْ الْمَالِ بِالْكُلِّيَّةِ صَيَّرَهُ فِي حَوْزَتِنَا لَا شَائِبَةَ لَهُمْ فِيهِ بِوَجْهٍ. بِخِلَافِ الْبِلَادِ فَإِنَّ يَدَهُمْ بَاقِيَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــS (فَصْلٌ) فِي الْغَنِيمَةِ وَمَا يَتْبَعُهَا (قَوْلُهُ: وَمَا يَتْبَعُهَا) أَيْ كَالنَّفَلِ الَّذِي يُشْرَطُ مِنْ الْحَاصِلِ عِنْدَ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: كَفِدَاءِ الْأَسِيرِ يُرَدُّ) أَيْ حَيْثُ كَانَ بَاقِيًا، فَإِنْ تَلِفَ فَلَا ضَمَانَ لِعَدَمِ الْتِزَامِ الْحَرْبِيِّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا رُدَّ لِمَالِكِهِ) عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمَالِكِ الْمُتَبَرِّعِ عَنْ الْأَسِيرِ، أَمَّا لَوْ قَالَ الْأَسِيرُ لِغَيْرِهِ فَادِنِي فَفَعَلَ فَهُوَ قَرْضٌ عَلَى الْأَسِيرِ فَيُرَدُّ لَهُ (قَوْلُهُ: هَلْ يَرْجِعُ الشَّطْرُ لِلزَّوْجِ إلَخْ) وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الدَّافِعُ الزَّوْجَ أَوْ وَلِيَّهُ رَجَعَ لِلزَّوْجِ أَوْ أَجْنَبِيًّا رَجَعَ لِلدَّافِعِ، لَكِنْ هَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا لَوْ رَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ وَرَجَعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ حَيْثُ قَالُوا يَعُودُ لِلْمُشْتَرِي مُطْلَقًا سَوَاءً أَدَّاهُ هُوَ أَوْ وَلِيُّهُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ، وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْأَدَاءِ عَنْ الْمُشْتَرِي، وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ أَدَّى عَنْ الزَّوْجِ حَتَّى يَأْتِيَ فِيهِ تَفْصِيلُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا حَكَمْنَا إلَخْ) وَارِدٌ عَلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَقَعْ تَلَاقٍ إلَخْ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ خُرُوجَهُمْ عَنْ الْمَالِ) أَيْ الَّذِي تَرَكُوهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي الْغَنِيمَةِ وَمَا يَتْبَعُهَا] (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا حَكَمْنَا إلَخْ) غَرَضُهُ مِنْ ذَلِكَ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَرِدُ عَلَى التَّعْرِيفُ مَا هَرَبُوا عَنْهُ إلَخْ، خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ أَنَّهُ وَارِدٌ عَلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَقَعْ تَلَاقٍ إلَخْ، إذْ الْمَالُ الَّذِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الَّتِي قَالَ فِيهَا الشَّارِحُ ذَلِكَ فَيْءٌ لَا غَنِيمَةٌ. وَغَرَضُهُ إنَّمَا هُوَ دَفْعُ مَا يَرِدُ عَلَى مَا جَعَلْنَاهُ غَنِيمَةً بِصَرِيحِ قَوْلِهِ وَإِنَّمَا حَكَمْنَا بِكَوْنِ الْبِلَادِ الْمَفْتُوحَةِ صُلْحًا غَيْرَ غَنِيمَةٍ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ خُرُوجَهُمْ عَنْ الْمَالِ) أَيْ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي جَعَلْنَا إلَخْ الْمَالُ فِيهَا غَنِيمَةٌ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ: أَيْ الَّذِي تَرَكُوهُ بِسَبَبِ

عَلَيْهَا وَلَوْ بِغَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ قَبْلَ الصُّلْحِ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ مَعْنَى الْغَنِيمَةِ فِيهَا وَمَرَّ فِي تَعْرِيفِ الْفَيْءِ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِذَلِكَ (فَيُقَدَّمُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ أَصْلِ الْمَالِ (السَّلَبُ) بِفَتْحِ اللَّامِ (لِلْقَاتِلِ) الْمُسْلِمِ وَلَوْ نَحْوَ قِنٍّ وَصَبِيٍّ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ لَهُ وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ نَحْوَ قَرِيبِهِ وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، أَوْ نَحْوَ امْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ إنْ قَاتَلَا سَوَاءٌ أَعْرَضَ عَنْهُ أَمْ لَا لِلْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ» نَعَمْ لَا يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ ذِمِّيٌّ وَمُسْلِمٌ قِنٌّ وَذِمِّيٌّ وَلَوْ خَرَجَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَكَذَا نَحْوُ عَيْنٍ وَمِخْذَلٍ (وَهُوَ ثِيَابُ الْقَتِيلِ) الَّتِي عَلَيْهِ (وَالْخُفُّ وَالرَّانُّ) وَهُوَ خُفٌّ طَوِيلٌ لَا قَدَمَ لَهُ يُلْبَسُ لِلسَّاقِ (وَآلَاتُ الْحَرْبِ كَدِرْعٍ) بِدَالٍ مُهْمَلَةٍ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالزَّرْدِيَّةِ (وَسِلَاحٌ) لِثُبُوتِ يَدِهِ عَلَى ذَلِكَ. وَقَضِيَّةُ عَطْفِهِ السِّلَاحَ عَلَى الدِّرْعِ أَنَّ الدِّرْعَ غَيْرُ سِلَاحٍ وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَيْهِ (وَمَرْكُوبٌ) وَلَوْ بِالْقُوَّةِ كَأَنْ قَتَلَ رَاجِلًا وَعِنَانُهُ بِيَدِهِ مَثَلًا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّهُ لَا يَكْفِي إمْسَاكُ غُلَامِهِ لَهُ حِينَئِذٍ وَإِنْ نَزَلَ لِحَاجَةٍ، وَعَلَيْهِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَالَهُ فِي الْجَنِيبَةِ بِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِمَرْكُوبِهِ فَاكْتَفَى بِإِفَادَةِ غَيْرِهِ، وَلَا كَذَلِكَ هَذَا، لَكِنَّ الْأَوْجَهَ أَنْ يَكُون كَالْجَنِيبَةِ مَعَهُ، وَلَوْ زَادَ سِلَاحُهُ عَلَى الْعَادَةِ، فَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الْجَنِيبَةِ أَنَّهُ لَا يُعْطَى إلَّا وَاحِدَةً أَنَّهُ لَا يُعْطَى إلَّا سِلَاحًا وَاحِدًا وَهُوَ الْأَوْجَهُ (وَسَرْجٌ وَلِجَامٌ) وَمِقْوَدٌ وَمِهْمَازٌ لِثُبُوتِ يَدِهِ عَلَى ذَلِكَ حِسًّا (وَكَذَا سِوَارٌ وَمِنْطَقَةٌ) وَهِمْيَانِ بِمَا فِيهِ وَطَوْقٌ (وَخَاتَمٌ وَنَفَقَةٌ مَعَهُ وَجَنِيبَةٌ) وَاحِدَةٌ لَا أَكْثَرَ مِنْهَا وَلَا وَلَدَ مَرْكُوبِهِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي فُرُوعِهِ، نَعَمْ الْخِيَرَةُ فِي وَاحِدَةٍ مِنْ الْجَنَائِبِ لِلْمُسْتَحِقِّ (تُقَادُ) وَلَوْ لَمْ يَقُدْهَا بِنَفْسِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ (مَعَهُ) أَمَامَهُ أَوْ خَلْفَهُ أَوْ. ـــــــــــــــــــــــــــــSبِسَبَبِ حُصُولِ خَيْلِنَا إلَخْ (قَوْلُهُ: مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِذَلِكَ) وَمِنْهُ السَّرِقَةُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ وَلُقَطَتُهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ) أَيْ الْمَقْتُولُ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَ امْرَأَةٍ) مِنْ النَّحْوِ الْعَبْدُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا نَحْوُ عَيْنٍ) وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالطَّلِيعَةِ، وَوَجْهُ عَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِمَا السَّلَبَ أَنَّ الْمُخْذِلَ وَإِنْ كَفَانَا شَرَّ مَنْ قَتَلَهُ لَكِنَّهُ مُنِعَ مِنْ السَّلَبِ لِكَثْرَةِ أَرَاجِيفِهِ لِلْمُسْلِمِينَ وَأَنَّ الْعَيْنَ لَمْ يَكْفِنَا شَرَّ قَتِيلِهِ حَالَ الْحَرْبِ الْمُعْتَبَرَ لِاسْتِحْقَاقِ السَّلَبِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا قُتِلَ حِينَ ذَهَابِهِ لِكَشْفِ أَحْوَالِ الْكُفَّارِ (قَوْلُهُ: الَّتِي عَلَيْهِ) أَيْ وَلَوْ حُكْمًا أَخْذًا مِنْ فَرَسِهِ الْمُتَهَيِّئِ مَعَهُ لِلْقِتَالِ الْآتِي (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالزَّرْدِيَّةِ) وَاللَّأْمَةِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْأَوْجَهَ أَنْ يَكُونَ) أَيْ الْمَمْسُوكُ مَعَ غُلَامِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ زَادَ سِلَاحُهُ عَلَى الْعَادَةِ) قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلَاتٌ لِلْحَرْبِ مِنْ أَنْوَاعٍ مُتَعَدِّدَةٍ كَسَيْفٍ وَبُنْدُقِيَّةٍ وَخِنْجَرٍ وَدَبُّوسٍ أَنَّ الْجَمِيعَ سَلَبٌ، بِخِلَافِ مَا زَادَ عَلَى الْعَادَةِ كَأَنْ كَانَ مَعَهُ سَيْفَانِ فَإِنَّمَا يُعْطِي وَاحِدًا مِنْهُمَا. وَفِي سم عَلَى حَجّ قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَسِلَاحٌ وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ آلَةُ حَرْبٍ قَالَ فِي الْعُبَابِ يَحْتَاجُهَا اهـ. وَهُوَ شَامِلٌ لِلْمُتَعَدِّدِ مِنْ نَوْعٍ كَسَيْفَيْنِ أَوْ رُمْحَيْنِ أَوْ أَنْوَاعٍ كَسَيْفٍ وَرُمْحٍ وَقَوْسٍ. وَقَضِيَّتُهُ إخْرَاجُ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ فِي الْحَاجَةِ بِالتَّوَقُّعِ فَكُلُّ مَا تَوَقَّعَ الِاحْتِيَاجُ إلَيْهِ كَانَ مِنْ السَّلَبِ. اهـ. وَعَلَى هَذَا فَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَوْ زَادَ سِلَاحُهُ عَلَى الْعَادَةِ: أَيْ بِحَيْثُ لَا يَحْتَاجُ لَهُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يُعْطِي إلَّا وَاحِدَةً) وَالْخِيَرَةُ فِيهِ لِلْقَاتِلِ قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْجَنِيبَةِ (قَوْلُهُ وَمِهْمَازٌ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: الْمِهْمَازُ حَدِيدَةٌ تَكُونُ فِي مُؤَخِّرِ خُفِّ الرَّائِضِ (قَوْلُهُ: وَهِمْيَانِ) اسْمٌ لِكِيسِ الدَّرَاهِمِ (قَوْلُهُ: وَلَا وَلَدَ مَرْكُوبِهِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا، وَيُسْتَثْنَى ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQحُصُولِ خَيْلِنَا إلَخْ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ لَهُ فِي الْقَوْلَةِ قَبْلَهَا (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ ذِمِّيٌّ) هُوَ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا نَحْوُ عَيْنٍ) مِنْ الْكُفَّارِ عَلَيْنَا بِأَنْ بَعَثُوهُ لِلتَّجَسُّسِ عَلَى أَحْوَالِنَا وَالصُّورَةُ أَنَّهُ مُسْلِمٌ، وَأَمَّا مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَنْ نُرْسِلُهُ نَحْنُ عَيْنًا عَلَى الْكُفَّارِ، وَوَجْهُ عَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ السَّلَبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا قُتِلَ حِينَ ذَهَابِهِ لِكَشْفِ أَحْوَالِ الْكُفَّارِ يُقَالُ عَلَيْهِ إنَّ عَدَمَ اسْتِحْقَاقِهِ حِينَئِذٍ إنَّمَا هُوَ لِعَدَمِ شُهُودِهِ الصَّفَّ لَا لِخُصُوصِ كَوْنِهِ عَيْنًا فَلَا فَائِدَةَ فِي التَّصْوِيرِ بِهِ (قَوْلُهُ: لِثُبُوتِ يَدِهِ عَلَى ذَلِكَ) كَانَ الْأَوْلَى حَذْفَهُ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي تَعْلِيلُ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا بِذَلِكَ

بِجَنْبِهِ، فَقَوْلُهُمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِثَالٌ لَا قَيْدٌ، وَفِي السِّلَاحِ الَّذِي عَلَيْهَا تَرَدُّدٌ لِلْإِمَامِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ السَّلَبِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْمِلُهُ عَلَيْهَا لِيُقَاتِلَ بِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِاتِّصَالِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِهِ مَعَ احْتِيَاجِهِ لِلْجَنِيبَةِ. وَالثَّانِي لَا يَسْتَحِقُّهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُقَاتِلًا بِهَا فَأَشْبَهَتْ مَا فِي خَيْمَتِهِ (لَا حَقِيبَةً مَشْدُودَةً عَلَى الْفَرَسِ) فَلَا يَأْخُذْهَا وَلَا مَا فِيهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالْأَمْتِعَةِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِانْفِصَالِهَا عَنْهُ وَعَنْ فَرَسِهِ مَعَ عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهَا. وَالطَّرِيقُ (الثَّانِي طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ كَالْجَنِيبَةِ) ، نَعَمْ لَوْ جَعَلَهَا وِقَايَةً لِظَهْرِهِ اتَّجَهَ دُخُولُهَا. (وَإِنَّمَا) (يَسْتَحِقُّ) الْقَاتِلُ السَّلَبَ (بِرُكُوبِ غَرَرٍ يَكْفِي بِهِ) أَيْ الرُّكُوبِ أَوْ الْغَرَرِ الْمُسْلِمِينَ (شَرَّ كَافِرٍ) أَصْلِيٍّ (فِي حَالِ الْحَرْبِ) كَأَنْ أَغْرَى عَلَيْهِ كَلْبًا عَقُورًا فَقَتَلَهُ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ إنَّ قِيَاسَهُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِيمَا لَوْ أَغْرَى عَلَيْهِ مَجْنُونًا أَوْ أَعْجَمِيًّا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَتِهِ مَرْدُودٌ، إذْ الْمَقِيسُ عَلَيْهِ لَا يَمْلِكُ وَالْمَقِيسُ يَمْلِكُ فَهُوَ لِلْمَجْنُونِ وَلِمَالِك الرَّقِيقِ لَا لِأَمْرِهِمَا (فَلَوْ) (رَمَى مِنْ حِصْنٍ أَوْ مِنْ الصَّفِّ أَوْ قَتَلَ نَائِمًا) أَوْ غَافِلًا أَوْ مَشْغُولًا أَوْ نَحْوَ شَيْخِ هَرِمٍ (أَوْ أَسِيرًا) لِغَيْرِهِ (أَوْ قَتَلَهُ وَقَدْ انْهَزَمَ الْكُفَّارُ) بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَحَيَّزُوا أَوْ قَصَدُوا نَحْوَ خَدِيعَةٍ لِبَقَاءِ الْقِتَالِ (فَلَا سَلَبَ) لِعَدَمِ التَّغْرِيرِ بِالنَّفْسِ الَّذِي جُعِلَ لَهُ السَّلَبُ فِي مُقَابَلَتِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَتَلَهُ مُقْبِلًا عَلَى الْقِتَالِ أَوْ مُدْبِرًا عَنْهُ وَالْحَرْبُ قَائِمَةٌ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ، فَشَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ قَتَلَهُ وَقَدْ انْهَزَمُوا ثُمَّ كَرُّوا عَنْ قُرْبٍ أَوْ كَانَ ذَلِكَ خَدِيعَةً أَوْ كَانَ تَحَيُّزُهُمْ إلَى فِئَةٍ قَرِيبَةٍ، وَلَوْ أَثْخَنَهُ وَاحِدٌ وَقَتَلَهُ آخَرُ عَمْدًا فَهُوَ لِلْمُثْخِنِ لِمَا يَأْتِي، فَإِنْ لِمَ يُثْخِنْهُ فَلِلثَّانِي، أَوْ أَمْسَكَهُ وَاحِدٌ وَلَمْ يَمْنَعْهُ الْهَرَبُ فَقَتَلَهُ آخَرُ فَلَهُمَا، فَإِنْ مَنَعَهُ فَهُوَ الْآسِرُ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا لَا سَلَبَ لَهُ كَمِخْذَلٍ كَانَ مَا ثَبَتَ لَهُ لَوْلَا الْمَانِعُ غَنِيمَةً قَالَهُ الدَّارِمِيُّ، وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ مِنْ وَرَاءِ الصَّفِّ فَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ وَرَاءَ لِإِيهَامِهَا وَفَهِمَ صُورَتَهَا مِمَّا ذَكَرَهُ بِالْأُولَى، وَقَوْلُ السُّبْكِيّ إنَّ هَذَا حَسَنٌ لِمَنْ لَا يَلْتَزِمُ فِي الِاخْتِصَارِ الْإِتْيَانَ بِمَعْنَى الْأَصْلِ مِنْ غَيْرِ تَغْيِيرٍ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ مَمْنُوعٌ، إذْ مِنْ شَأْنِ الْمُخْتَصَرِ تَغْيِيرُ مَا أَوْهَمَ سِيَّمَا إنْ كَانَ فِيمَا أَتَى بِهِ زِيَادَةُ مَسْأَلَةٍ، عَلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ الْتَزَمَ فِي خُطْبَتِهِ ذَلِكَ، فَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ غَيْرُ مُلَاقٍ لِصَنِيعِهِ بِالْكُلِّيَّةِ (وَكِفَايَةُ شَرِّهِ أَنْ يُزِيلَ امْتِنَاعَهُ بِأَنْ يَفْقَأَ) يَعْنِي يُزِيلَ ضَوْءَ (عَيْنَيْهِ) أَوْ الْعَيْنِ الْبَاقِيَةِ لَهُ (أَوْ يَقْطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ) «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَى سَلَبَ أَبِي جَهْلٍ لَعَنَهُ اللَّهُ لِمُثْخِنَيْهِ ابْنِي عَفْرَاءَ دُونَ قَاتِلِهِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -» (وَكَذَا لَوْ أَسَرَهُ) فَقَتَلَهُ الْإِمَامُ أَوْ مَنْ عَلَيْهِ أَوْ رَقَّهُ أَوْ فَادَاهُ، نَعَمْ لَا حَقَّ لَهُ فِي رَقَبَتِهِ وَفِدَائِهِ؛ لِأَنَّ اسْمَ السَّلَبِ لَا يَقَعُ عَلَيْهِمَا (أَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ) أَوْ قَطَعَ يَدًا وَرِجْلًا (فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهُ أَزَالَ أَعْظَمَ امْتِنَاعِهِ وَفَرْضُ بَقَائِهِ مَعَ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ حُرْمَةِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْوَالِدَةِ وَوَلَدِهَا، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ تَسْلِيمِ الْأُمِّ لِلْقَاتِلِ حَيْثُ كَانَ بَعْدَ شُرْبِ اللَّبَنِ وَوُجُودِ مَا يَسْتَغْنِي بِهِ الْوَلَدُ عَنْ أُمِّهِ وَإِلَّا تُرِكَتْ أُمُّهُ فِي الْغَنِيمَةِ أَوْ يُسَلَّمُ مَعَ أُمِّهِ لِلْقِتَالِ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ عَنْ اللَّبَنِ إنْ رَأَى الْإِمَامُ ذَلِكَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ السَّلَبِ) هُوَ ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مِنْ نَوْعِهِ غَيْرُهُ، وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَالْخِيَرَةُ فِيمَا يَأْخُذُهُ لَهُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ جَعَلَهَا) أَيْ الْحَقِيبَةَ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ أَغْرَى عَلَيْهِ كَلْبًا) أَيْ وَوَقَفَ فِي مُقَابَلَتِهِ حَتَّى قَتَلَهُ؛ لِأَنَّهُ خَاطَرَ بِرُوحِهِ حَيْثُ صَبَرَ فِي مُقَابَلَتِهِ حَتَّى عَقَرَهُ الْكَلْبُ. قَالَهُ الْقَاضِي اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَالْحَرْبُ) أَيْ وَالْحَالُ وَقَوْلُهُ وَلَوْ أَثْخَنَهُ أَيْ جَرَحَهُ (قَوْلُهُ لِمَا يَأْتِي) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَى سَلَبَ أَبِي جَهْلٍ لَعَنَهُ اللَّهُ» إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُثْخِنْهُ) أَيْ بِأَنْ جَرَحَهُ وَلَمْ يُثْخِنْهُ وَقَتَلَهُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ مَنَعَهُ) أَيْ الْمُمْسِكُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا حَقَّ لَهُ) أَيْ لِلْآسِرِ وَقَوْلُهُ فِي رَقَبَتِهِ: أَيْ الْمَأْسُورِ، وَمَا ذُكِرَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَنْ أَسَرَ كَافِرًا لَا يَسْتَقِلُّ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ بَلْ الْخِيَرَةُ فِيهِ لِلْإِمَامِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَأْسِرَهُ فِي الْحَرْبِ أَوْ غَيْرِهِ كَأَنْ دَخَلَ دَارَنَا بِغَيْرِ أَمَانٍ فَأَسَرَهُ (قَوْلُهُ: وَفَرْضُ بَقَائِهِ) . ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلِمَالِك الرَّقِيقِ) فِي نُسْخَةٍ بَدَلَ هَذَا: وَلِلْأَعْجَمِيِّ، وَهِيَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْعَبْدِ

نَادِرٌ. وَالثَّانِي لَا وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ فَقَالَ: لَا يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ إلَّا بِالْقَتْلِ لِظَاهِرِ خَبَرِ «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» . (وَلَا يُخَمَّسُ السَّلَبُ عَلَى الْمَشْهُورِ) لِقَضَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهِ لِلْقَاتِلِ وَلَمْ يُخَمِّسْهُ. وَالثَّانِي يُخَمَّسُ لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ فَيُدْفَعُ خُمُسُهُ لِأَهْلِ الْفَيْءِ وَالْبَاقِي لِلْقَاتِلِ (وَبَعْدَ السَّلَبِ تُخْرَجُ) بِمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ أَوَّلُهُ بِخَطِّهِ (مُؤْنَةُ الْحِفْظِ وَالنَّقْلِ وَغَيْرِهِمَا) مِنْ الْمُؤَنِ اللَّازِمَةِ وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ رَأْسِ مَالِ الْغَنِيمَةِ حَيْثُ لَا مُتَطَوِّعَ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ إخْرَاجُهَا مَعَ وُجُودِ مُتَطَوِّعٍ، وَلَا بِأَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ كَوَلِيِّ الْيَتِيمِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (ثُمَّ يُخَمَّسُ الْبَاقِي) وَلَوْ شُرِطَ عَلَيْهِمْ عَدَمُهُ فَيُجْعَلُ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ مُتَسَاوِيَةٍ وَيُكْتَبُ عَلَى وَرَقَةٍ لِلَّهِ أَوْ لِلْمَصَالِحِ وَعَلَى أَرْبَعَةٍ لِلْغَانِمِينَ وَتُدْرَجُ فِي بَنَادِقَ وَيُقْرَعُ فَمَا خَرَجَ لِلَّهِ جُعِلَ خُمُسُهُ لِلْخَمْسَةِ السَّابِقِينَ فِي الْفَيْءِ كَمَا قَالَ (فَخُمُسُهُ) أَيْ الْمَالِ الْبَاقِي (لِأَهْلِ خُمُسِ الْفَيْءِ يُقَسَّمُ) بَيْنَهُمْ (كَمَا سَبَقَ) وَالْأَرْبَعَةُ الْبَاقِيَةُ لِلْغَانِمِينَ وَتُقَدَّمُ قِسْمَتُهَا بَيْنَهُمْ لِحُضُورِهِمْ، وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُهَا لِدَارِنَا بَلْ يَحْرُمُ إنْ طَلَبُوا تَعْجِيلَهَا وَلَوْ بِلِسَانِ الْحَالِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ شَرْطُ الْإِمَامِ مَنْ غَنِمَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ، وَقِيلَ يَصِحُّ وَعَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ النَّفَلَ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَإِسْكَانِهَا (يَكُونُ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ الْمُرْصَدِ لِلْمَصَالِحِ) إذْ هُوَ الْمَأْثُورُ كَمَا جَاءَ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالثَّانِي مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ كَالسَّلَبِ، وَالثَّالِثُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهَا كَالْمُصَحَّحِ فِي الرَّوْضَةِ، وَإِنَّمَا يَجْرِي هَذَا الْخِلَافُ (إنْ نَفَلَ) بِالتَّخْفِيفِ مُعْدًى لِوَاحِدٍ، وَهُوَ مَا نُقِلَ عَنْ خَطِّهِ، وَالتَّشْدِيدُ مُعْدًى لِاثْنَيْنِ: أَيْ جُعِلَ النَّفَلُ بِأَنْ شَرَطَ الثُّلُثَ مَثَلًا (مِمَّا سَيُغْنَمُ فِي هَذَا الْقِتَالِ) وَغَيْرِهِ وَيُغْتَفَرُ الْجَهْلُ لِلْحَاجَةِ، وَقَدْ يُفْهِمُ كَلَامُهُ أَنَّ التَّنْفِيلَ. ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الِامْتِنَاعِ وَقَوْلُهُ مَعَ هَذَا: أَيْ قَوْلُهُ قَطَعَ يَدًا إلَخْ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا مُتَطَوِّعَ) أَيْ وَيَكُونُ ذَلِكَ بِالْمَصْلَحَةِ فَيَخْرُجُ بِهِ مَا لَوْ كَانَ بِأَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَرَطَ) غَايَةً (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلِسَانِ الْحَالِ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمَدِينَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ عَدَمُ تَوْفِيَةِ الدَّيْنِ إذَا دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى الطَّلَبِ مِنْ الدَّائِنِ (قَوْلُهُ: أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهَا) أَيْ الْغَنِيمَةِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُفْهِمُ كَلَامُهُ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ قَوْلُهُ يُفْهِمُ كَلَامُهُ فَإِنَّ كَلَامَهُ ظَاهِرٌ فِي خِلَافِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يَشْرِطَ لَهُ جُزْءًا مِمَّا سَيُغْنَمُ وَبَيْنَ أَنْ يُعْطِيَ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ الْحَاضِرِ عِنْدَهُ، فَالْحَصْرُ فِي كَوْنِ التَّنْفِيلِ إنَّمَا يَكُونُ قَبْلَ إصَابَةِ الْمَغْنَمِ مِنْ أَيْنَ يُوجَدُ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَأَفْهَمَتْ السِّينُ امْتِنَاعَ التَّنْفِيلِ مَعَ الْجَهْلِ بِالْقَدْرِ مِمَّا غُنِمَ وَهُوَ كَذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ كَمَا قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ يُنْفِلَ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ الْحَاصِلِ عِنْدَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَبَحْثُ تَعْيِينِ قَدْرِهِ، إذْ لَا حَاجَةَ لِاغْتِفَارِ الْجَهْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ فَقَالَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ كَوْنَهُ لَا يُسْتَحَقُّ إلَّا بِالْقَتْلِ لَيْسَ هُوَ الثَّانِيَ الْمَذْكُورَ فَلَا يَصِحُّ تَعْرِيفُهُ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ السُّبْكِيُّ يَخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَقُّ إلَّا بِالْقَتْلِ فَهُوَ طَرِيقَةٌ لَهُ لَمْ يَقُلْ بِهَا الْأَظْهَرُ وَلَا مُقَابِلُهُ فَلَا يَصِحُّ تَفْرِيعُهَا عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَيَكْتُبُ عَلَى وَرَقَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم: لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فِي قِسْمَةِ الْفَيْءِ كَمَا تَقَدَّمَ فَلْيُنْظَرْ سَبَبُهُ انْتَهَى. قُلْت:؛ لِأَنَّ الْغَانِمِينَ هُنَا مَالِكُونَ لِلْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ مَحْصُورُونَ، وَيَجِبُ دَفْعُ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ إلَيْهِمْ حَالًا عَلَى مَا يَأْتِي، فَوَجَبَتْ الْقُرْعَةُ الْقَاطِعَةُ لِلنِّزَاعِ كَمَا فِي سَائِرِ الْأَمْلَاكِ، وَأَمَّا الْفَيْءُ فَأَمَرَهُ مَوْكُولٌ إلَى الْإِمَامِ وَلَا مَالِكَ فِيهِ مُعَيَّنٌ فَلَمْ يَكُنْ لِلْقُرْعَةِ فِيهِ مَعْنًى فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ قِسْمَتُهَا بَيْنَهُمْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْإِمَامَ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى الْقِسْمَةَ بَيْنَهُمْ، وَانْظُرْ هَلْ لَهُ تَفْوِيضُ الْقِسْمَةِ لَهُمْ إذَا رَضُوا (قَوْلُهُ: بِالتَّخْفِيفِ) أَيْ مَفْتُوحَ الْفَاءِ وَمُضَارِعُهُ الْآتِي مَضْمُومُهَا لَا غَيْرُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُفْهِمُ كَلَامُهُ أَنَّ التَّنْفِيلَ) أَيْ مِنْ الْمَغْنَمِ. أَمَّا التَّنْفِيلُ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ الْحَاصِلُ عِنْدَهُ فَيَجُوزُ حَالًا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ عَلَى الْفَوْرِ وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ الشَّيْخِ فِي الْحَاشِيَةِ يُتَأَمَّلُ قَوْلُهُ يُفْهَمُ كَلَامُهُ، فَإِنَّ كَلَامَهُ ظَاهِرٌ فِي خِلَافِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يَشْرِطَ لَهُ جُزْءًا مِمَّا سَيَغْنَمُ وَبَيْنَ أَنْ يُعْطَى مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ الْحَاصِلِ عِنْدَهُ فَالْحَصْرُ

إنَّمَا يَكُونُ قَبْلَ إصَابَةِ الْمَغْنَمِ وَهُوَ مَا قَالَ الْإِمَامُ إنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ. أَمَّا بَعْدَ إصَابَتِهِ فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَخُصَّ بَعْضَهُمْ بِبَعْضِ مَا أَصَابُوهُ (وَيَجُوزُ) جَزْمًا (أَنْ يُنْفِلَ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ الْحَاصِلِ عِنْدَهُ) فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَيَجِبُ تَعْيِينُ قَدْرِهِ إذْ لَا حَاجَةَ لِاغْتِفَارِ الْجَهْلِ حِينَئِذٍ. وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْخُمُسِ وَمَالِ الْمَصَالِحِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ أَنَّ أَحَدَهُمَا أَصْلَحُ وَإِلَّا لَزِمَهُ فِعْلُهُ (وَالنَّفَلُ زِيَادَةٌ يَشْرُطُهَا الْإِمَامُ أَوْ الْأَمِيرُ) عِنْدَ الْحَاجَةِ لَا مُطْلَقًا (لِمَنْ يَفْعَلُ مَا فِيهِ نِكَايَةٌ فِي الْكُفَّارِ) زَائِدَةً عَلَى نِكَايَةِ الْجَيْشِ كَدَلَالَةٍ عَلَى قَلْعَةٍ وَتَجْسِيسٍ وَحِفْظِ مَكْمَنٍ سَوَاءٌ اسْتَحَقَّ سَلَبًا أَوْ لَا، وَلِلنَّفَلِ قِسْمٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يَزِيدَ مَنْ صَدَرَ مِنْهُ أَثَرٌ مَحْمُودٌ فِي الْحَرْبِ كَبِرَازٍ وَحُسْنِ إقْدَامٍ وَهُوَ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ الَّذِي عِنْدَهُ أَوْ مِنْ هَذِهِ الْغَنِيمَةِ (وَيَجْتَهِدُ الْإِمَامُ) أَوْ الْأَمِيرُ (فِي قَدْرِهِ) بِحَسَبِ قِلَّةِ الْعَمَلِ وَخَطَرِهِ وَضِدِّهِمَا «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُنَفِّلُ فِي الْبَدْأَةِ الرُّبُعَ وَفِي الرَّجْعَةِ الثُّلُثَ» ، وَالْمُرَادُ ثُلُثُ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهَا، أَوْ رُبُعُهَا: أَيْ الْمَصَالِحِ، وَالْبَدْءَةُ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَإِسْكَانِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَبَعْدَهَا هَمْزَةٌ: السَّرِيَّةُ الَّتِي يَبْعَثُهَا قَبْلَ دُخُولِ دَارِ الْحَرْبِ مُقَدِّمَةٌ لَهُ، وَالرَّجْعَةُ بِفَتْحِ الرَّاءِ السَّرِيَّةُ الَّتِي يَأْمُرُهَا بِالرُّجُوعِ بَعْدَ تَوَجُّهِ الْجَيْشِ لِدَارِنَا، وَإِنَّمَا نَقَصَ فِي الْبَدْءَةِ؛ لِأَنَّهُمْ مُسْتَرِيحُونَ إذْ لَمْ يَطُلْ بِهِمْ السَّفَرُ؛ وَلِأَنَّ الْكُفَّارَ فِي غَفْلَةٍ؛ وَلِأَنَّ الْإِمَامَ مِنْ وَرَائِهِمْ يَسْتَظْهِرُونَ بِهِ، وَالرَّجْعَةُ بِخِلَافِهَا فِي كُلِّ ذَلِكَ (وَالْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ) أَيْ الْبَاقِي مِنْهَا بَعْدَ السَّلَبِ وَالْمُؤَنِ (عَقَارُهَا وَمَنْقُولُهَا لِلْغَانِمِينَ) لِلْآيَةِ وَفِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَهُمْ مَنْ حَضَرَ الْوَقْعَةَ) يَعْنِي قَبْلَ الْفَتْحِ وَلَوْ بَعْدَ الْإِشْرَافِ عَلَيْهِ (بِنِيَّةِ الْقِتَالِ) وَقَيَّدَهُ بَعْضُ الشَّارِحِينَ بِمَنْ يُسْهِمُ لَهُ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَنْ يَرْضَخُ لَهُ مِنْ جُمْلَةِ الْغَانِمِينَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ السُّبْكِيُّ وَالْمُخْذِلُ وَالْمُرْجِفُ لَا نِيَّةَ لَهُمَا صَحِيحَةً فِي الْقِتَالِ فَلَا يُرَدَّانِ (وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ) أَوْ قَاتَلَ وَحَضَرَ بِنِيَّةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــSحِينَئِذٍ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِمَامُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ بِبَعْضِ مَا أَصَابُوهُ) يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ لَهُ بَعْدَ إصَابَةِ الْمَغْنَمِ تَنْفِيلَ مَنْ ظَهَرَتْ مِنْهُ نِكَايَةٌ فِي الْحَرْبِ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ صَرَّحَ بِالتَّوَقُّفِ الْمَذْكُورِ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا يَأْتِي عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ لَا مِنْ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ هَذِهِ الْغَنِيمَةِ) أَيْ أَوْ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ الَّذِي هُوَ مِنْ هَذِهِ الْغَنِيمَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ رُبُعِهَا) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّفَلَ مِنْ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ الَّذِي تَقَدَّمَ أَنَّهُ مَرْجُوحٌ وَلَوْ قَالَ أَوْ الْمَصَالِحِ لِيَكُونَ إشَارَةً إلَى وَجْهَيْنِ مِمَّا سَبَقَ بَلْ وَيَزِيدُ أَوْ أَصْلُ الْغَنِيمَةِ كَانَ أَوْضَحَ. (قَوْلُهُ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ) أَيْ بَلْ لَا يَصِحُّ إنْ أَرَادَ بِهِ السَّهْمَ الْكَامِلَ فَإِنْ أَرَادَ بِهِ مَا يَأْخُذُهُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ، فَقَوْلُهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ صَحِيحٌ، وَسَيَأْتِي الْحُكْمُ عَلَى الرَّضْخِ بِأَنَّهُ سَهْمٌ نَاقِصٌ (قَوْلُهُ وَالْمُرْجِفُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: لَا نِيَّةَ لَهُمَا) مُرَاعَاةً لِلَّفْظِ إنْ كَانَ الْعَطْفُ تَفْسِيرِيًّا ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي كَوْنِ التَّنْفِيلِ إنَّمَا يَكُونُ قَبْلَ إصَابَةِ الْمَغْنَمِ مِنْ أَيْنَ يُؤْخَذُ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِبَعْضِ مَا أَصَابُوهُ) قَالَ الشِّهَابُ سم: يُتَأَمَّلُ فَائِدَةُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي وَلِلنَّفْلِ قِسْمٌ آخَرُ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ بَعْدَ الْإِصَابَةِ مَعَ أَنَّهُ كَمَا هُنَا مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ أَوْ هَذِهِ الْغَنِيمَةِ وَأَجَابَ عَنْهُ الشَّيْخُ بِحَمْلِ مَا يَأْتِي عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ لَا مِنْ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ: أَيْ فَقَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي أَوْ مِنْ هَذِهِ الْغَنِيمَةِ مَعْنَاهُ: أَوْ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ الَّذِي هُوَ مِنْ هَذِهِ الْغَنِيمَةِ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الْإِمَامِ فَيَمْتَنِعُ أَنْ يُخَصَّ بَعْضُهُمْ بِبَعْضِ مَا أَصَابُوهُ: أَيْ مِمَّا هُوَ مَمْلُوكٌ لَهُمْ وَهُوَ الْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ ثُلُثُ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهَا أَوْ رُبُعِهَا أَيْ الْمَصَالِحِ) كَذَا فِي حَوَاشِي وَالِدِهِ عَلَى شَرْحِ الرَّوْضِ، وَنَبَّهَ الشَّيْخُ فِي حَاشِيَةٍ عَلَى أَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ النَّفَلَ مِنْ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ الَّذِي تَقَدَّمَ أَنَّهُ مَرْجُوحٌ (قَوْلُهُ: أَيْ الْبَاقِي مِنْهَا بَعْدَ السَّلَبِ وَالْمُؤَنِ) الْأَوْلَى بَلْ الْأَصْوَبُ حَذْفُهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي هَذَا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ إنَّمَا هُوَ فِي الْبَاقِي بَعْدَ مَا ذُكِرَ كَمَا تَقَدَّمَ التَّصْرِيحُ بِهِ، مَعَ أَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ السَّلَبَ وَالْمُؤَنَ مِنْ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا مَرَّ مِنْ إخْرَاجِهِمَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ثُمَّ يُخَمَّسُ الْبَاقِي (قَوْلُهُ: وَفِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) الْوَاوُ فِيهِ بِمَعْنَى مَعَ: أَيْ فَالْآيَةُ لَا دَلَالَةَ فِيهَا بِمُجَرَّدِهَا وَإِنَّمَا بَيَّنَهَا فِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

أُخْرَى لِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: إنَّمَا الْغَنِيمَةُ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ؛ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ تَهَيُّؤُهُ لِلْجِهَادِ؛ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْحُضُورَ يَجُرُّ إلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ تَكْثِيرَ سَوَادٍ لِلْمُسْلِمِينَ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ هَرَبَ أَسِيرٌ مِنْ كُفَّارٍ فَحَضَرَ بِنِيَّةِ خَلَاصِ نَفْسِهِ دُونَ الْقِتَالِ لَمْ يَسْتَحِقَّ إلَّا إنْ قَاتَلَ، لَكِنَّ مَحَلَّهُ فِيمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ ذَلِكَ الْجَيْشِ وَإِلَّا اسْتَحَقَّ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَوْ انْهَزَمَ حَاضِرٌ غَيْرُ مُتَحَرِّفٍ وَلَا مُتَحَيِّزٍ لِفِئَةٍ قَرِيبَةٍ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا مِمَّا غُنِمَ فِي غَيْبَتِهِ، وَلَا يَرُدُّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ انْهِزَامَهُ أَبْطَلَ نِيَّةَ الْقِتَالِ، فَإِنْ عَادَ أَوْ حَضَرَ شَخْصٌ الْوَقْعَةَ فِي الْأَثْنَاءِ لَمْ يَسْتَحِقَّ إلَّا مِمَّا غُنِمَ بَعْدَ حُضُورِهِ وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ مُتَحَرِّفٌ لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزٌ لِفِئَةٍ قَرِيبَةٍ إنْ عَادَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ فَيُشَارِكُ فِي الْجَمِيعِ، وَالسَّرَايَا الْمَبْعُوثَةُ إلَى دَارِ الْحَرْبِ لِكُلِّ سَرِيَّةٍ غُنْمُهَا وَلَا يَشْتَرِكُونَ فِيهِ إلَّا إنْ تَعَاوَنُوا وَاتَّحَدَ أَمِيرُهُمْ وَالْجِهَةُ، فَإِنْ بَعَثَهُمْ الْإِمَامُ أَوْ الْأَمِيرُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ فَكُلُّهُمْ جَيْشٌ وَاحِدٌ فَيَشْتَرِكُونَ فِيمَا غَنِمَهُ كُلٌّ مِنْهُمْ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْجِهَاتُ الْمَبْعُوثُ إلَيْهَا وَفَحَشَ الْبَعْدُ عَنْهُمْ، وَيَلْحَقُ بِكُلٍّ جَاسُوسُهَا وَحَارِسُهَا وَكَمِينُهَا، وَلَا يُرَدُّ وَاحِدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ عَلَى كَلَامِهِ؛ لِأَنَّهُمْ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِينَ (وَلَا شَيْءَ لِمَنْ حَضَرَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْقِتَالِ) لِمَا مَرَّ (وَفِيمَا) لَوْ حَضَرَ (قَبْلَ حِيَازَةِ الْمَالِ) جَمِيعِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْوَقْعَةِ (وَجْهٌ) أَنَّهُ يُعْطَى لِلُحُوقِهِ قَبْلَ تَمَامِ الِاسْتِيلَاءِ، وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ شَيْئًا مِنْ الْوَقْعَةِ (وَلَوْ مَاتَ بَعْضُهُمْ بَعْدَ انْقِضَائِهِ وَالْحِيَازَةِ فَحَقُّهُ) أَيْ حَقُّ تَمَلُّكِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّ كَلَامَهُمْ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ لِمَا سَيُذْكَرُ أَنَّ الْغَنِيمَةَ لَا تُمْلَكُ إلَّا بِالْقِسْمَةِ أَوْ اخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ (لِوَارِثِهِ) كَسَائِرِ الْحُقُوقِ (وَكَذَا) لَوْ مَاتَ بَعْضُهُمْ (بَعْدَ الِانْقِضَاءِ) لِلْقِتَالِ (وَقَبْلَ الْحِيَازَةِ) (فِي الْأَصَحِّ) لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي لِلتَّمْلِيكِ وَهُوَ انْقِضَاءُ الْقِتَالِ. وَالثَّانِي لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تُمْلَكُ بِالِانْقِضَاءِ مَعَ الْحِيَازَةِ (وَلَوْ) (مَاتَ فِي) أَثْنَاءِ (الْقِتَالِ) قَبْلَ حِيَازَةِ شَيْءٍ (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ) فَلَا حَقَّ لِوَارِثِهِ فِي شَيْءٍ أَوْ بَعْدَ حِيَازَةِ شَيْءٍ فَلَهُ حِصَّتُهُ مِنْهُ وَفَارَقَ اسْتِحْقَاقَهُ لِسَهْمِ فَرَسِهِ الَّذِي مَاتَ أَوْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ فِي الْأَثْنَاءِ وَلَوْ قَبْلَ الْحِيَازَةِ بِأَنَّهُ أَصْلٌ وَالْفَرَسُ تَابِعٌ فَجَازَ بَقَاءُ سَهْمِهِ لِلْمَتْبُوعِ، وَمَرَضُهُ وَجُرْحُهُ فِي الْأَثْنَاءِ غَيْرُ مَانِعٍ لَهُ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَرْجُوًّا، وَالْجُنُونُ وَالْإِغْمَاءُ كَالْمَوْتِ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ) (الْأَجِيرَ) إجَارَةُ عَيْنٍ (لِسِيَاسَةِ الدَّوَابِّ وَحِفْظِ الْأَمْتِعَةِ وَالتَّاجِرَ وَالْمُحْتَرِفَ) كَالْخَيَّاطِ (يُسْهِمُ لَهُمْ إذَا قَاتَلُوا) لِشُهُودِهِمْ الْوَقْعَةَ وَقِتَالِهِمْ. وَالثَّانِي لَا؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَقْصِدُوا الْجِهَادَ. أَمَّا مَنْ وَرَدَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى ذِمَّتِهِ أَوْ بِغَيْرِ مُدَّةٍ كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ فَيُعْطَى وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ، وَأَمَّا الْأَجِيرُ لِلْجِهَادِ فَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا فَلَا أُجْرَةَ لَهُ لِبُطْلَانِ إجَارَتِهِ؛ لِأَنَّهُ بِحُضُورِ الصَّفِّ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَسْتَحِقَّ السَّهْمَ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ قَطَعَ بِهِ الْبَغَوِيّ، وَاقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ تَرْجِيحَهُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِإِعْرَاضِهِ عَنْهُ بِالْإِجَارَةِ الْمُنَافِيَةِ لَهُ وَلَمْ يَحْضُرْ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: وَالسَّرَايَا الْمَبْعُوثَةُ) أَيْ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ: أَيْ إلَخْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي فَإِنْ بَعَثَهُمْ الْإِمَامُ أَوْ الْأَمِيرُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ دَارِ الْحَرْبِ) أَمَّا الْمَبْعُوثَةُ مِنْ دَارِنَا فَلَا يُشَارِكُونَ إلَّا إنْ تَعَاوَنُوا وَاتَّحَدَ أَمِيرُهُمْ وَالْجِهَةُ اهـ حَجّ. وَبِهَا نَعْلَمُ أَنَّهَا الْمُرَادَةُ لِلشَّارِحِ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا فَإِنْ بَعَثَهُمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: حَقُّ تَمَلُّكِهِ) أَيْ لَا نَفْسَ الْمِلْكِ فَلَا يُورَثُ الْمَالُ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ بَلْ الْأَمْرُ مُفَوَّضٌ لِرَأْيِ الْوَارِثِ إنْ شَاءَ تَمَلَّكَ وَإِنْ شَاءَ أَعْرَضَ (قَوْلُهُ: وَمَرَضُهُ) أَيْ الْمُقَاتِلِ (قَوْلُهُ وَالْإِغْمَاءُ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ فِي الْإِغْمَاءِ إذَا لَمْ يَكُنْ نَاشِئًا عَنْ الْقِتَالِ وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ الْمَرَضِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَسْتَحِقَّ السَّهْمَ) أَيْ وَلَا الرَّضْخَ أَيْضًا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) قَالَ سم عَلَى حَجّ وَهَلْ يُعْطَى السَّلَبُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَوْلُهُ: إلَّا بِالْقِسْمَةِ أَوْ اخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ) أَيْ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: إجَارَةُ عَيْنٍ) أَيْ إنْ قُيِّدَتْ بِمُدَّةٍ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَوْ بِغَيْرِ مُدَّةٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَفْهُومِ الْقَيْدِ الْمَارِّ كَاَلَّذِي بَعْدَهُ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ

مُجَاهِدًا، وَبِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَحْوِ التِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُنَافِيهِ، وَمِنْ ثَمَّ أَثَّرَتْ نِيَّةُ الْقِتَالِ مَعَهَا كَمَا تَقَرَّرَ. (وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ وَلِلْفَارِسِ) وَإِنْ غُصِبَ الْفَرَسُ لَكِنْ مِنْ غَيْرِ حَاضِرٍ وَإِلَّا فَلِرَبِّهِ، كَمَا لَوْ ضَاعَ فَرَسُهُ فِي الْحَرْبِ فَوَجَدَهُ آخَرُ فَقَاتَلَ عَلَيْهِ فَيُسْهِمُ لِمَالِكِهِ (ثَلَاثَةٌ) وَاحِدٌ لَهُ وَاثْنَانِ لِفَرَسِهِ. رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ مَعَهُ أَوْ بِقُرْبِهِ مُتَهَيِّئًا لِذَلِكَ وَلَكِنَّهُ قَاتَلَ رَاجِلًا أَوْ فِي سَفِينَةٍ بِقُرْبِ السَّاحِلِ وَاحْتُمِلَ أَنْ يَخْرُجَ وَيَرْكَبَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ إلَيْهَا، كَمَا حَمَلَ ابْنُ كَجٍّ إطْلَاقَ النَّصِّ عَلَيْهِ، وَلَوْ حَضَرَا بِفَرَسٍ مُشْتَرَكٍ أُعْطِيَا سَهْمَهُ شَرِكَةً بَيْنَهُمَا، فَإِنْ رَكِبَاهَا وَكَانَ فِيهَا قُوَّةُ الْكَرِّ وَالْفَرِّ بِهِمَا أُعْطِيَا أَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ سَهْمَانِ لَهُمَا وَسَهْمَانِ لِلْفَرَسِ وَإِلَّا فَسَهْمَانِ لَهُمَا فَقَطْ. نَعَمْ الْأَوْجَهُ أَنْ يَرْضَخَ لَهَا كَمَا لَا غِنَاءَ فِيهِ، وَلَوْ غَزَا نَحْوُ عَبِيدٍ وَنِسَاءٍ وَصِبْيَانٍ قُسِّمَ بَيْنَهُمْ مَا سِوَى الْخُمُسِ بِحَسَبِ مَا يَقْتَضِيهِ الرَّأْيُ مِنْ تَسَاوٍ وَتَفْضِيلٍ مَا لَمْ يَحْضُرْ مَعَهُمْ كَامِلٌ وَإِلَّا فَلَهُمْ الرَّضْخُ وَلَهُ الْبَاقِي، وَمَنْ كَمُلَ مِنْهُمْ فِي الْحَرْبِ أُسْهِمَ لَهُ فِيمَا يَظْهَرُ (وَلَا يُعْطَى) مَنْ مَعَهُ أَكْثَرُ مِنْ فَرَسٍ (إلَّا لِفَرَسٍ وَاحِدٍ) لِلِاتِّبَاعِ (عَرَبِيًّا) كَانَ (أَوْ غَيْرَهُ) كَبِرْذَوْنٍ وَهُوَ مَا أَبَوَاهُ عَجَمِيَّانِ وَهَجِينٌ، وَهُوَ مَا أَبُوهُ عَرَبِيٌّ فَقَطْ وَمَقْرِفٌ، وَهُوَ عَكْسُهُ لِصَلَاحِ الْجَمِيعِ لِلْكَرِّ وَالْفَرِّ وَتَفَاوُتِهِمَا فِيهِ كَتَفَاوُتِ الرَّجَّالَةِ (لَا لِبَعِيرٍ وَغَيْرِهِ) كَفِيلٍ وَبَغْلٍ إذْ لَا يَصْلُحُ صَلَاحِيَةَ الْخَيْلِ. نَعَمْ يَرْضَخُ لَهُمَا وَلَا يَبْلُغُ بِهِمَا سَهْمَ فَرَسِ وَيُفَاوِتُ بَيْنَهُمَا فَيُفَضِّلُ الْفِيلَ عَلَى الْبَغْلِ وَالْبَغْلَ عَلَى الْحِمَارِ، قَالَ الشَّيْخُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُفَضِّلُ الْبَعِيرَ عَلَى الْبَغْلِ بَلْ نُقِلَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ يُسْهِمُ لَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ} [الحشر: 6] ثُمَّ رَأَيْت فِي التَّعْلِيقَةِ عَلَى الْحَاوِي وَالْأَنْوَارِ تَفْضِيلَ الْبَغْلِ عَلَى الْبَعِيرِ وَلَمْ أَرَهُ فِي غَيْرِهِمَا وَفِيهِ نَظَرٌ، وَجَمَعَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى نَحْوِ الْهَجِينِ وَالثَّانِي عَلَى غَيْرِهِ، وَالْحَيَوَانُ الْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ مَا يُرْضَخُ وَمَا يُسْهَمُ لَهُ حُكْمُ مَا يُرْضَخُ لَهُ (وَلَا يُعْطَى لِفَرَسٍ) لَا نَفْعَ فِيهِ كَصَغِيرٍ، وَهُوَ مَا لَمْ يَبْلُغْ سَنَةً وَ (أَعْجَفَ) أَيْ مَهْزُولٍ وَيَلْحَقُ بِهِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ الْحَرُونُ الْجَمُوحُ وَلَوْ كَانَ شَدِيدًا قَوِيًّا؛ لِأَنَّهُ لَا يَكِرُّ وَلَا يَفِرُّ عِنْدَ الْحَاجَةِ بَلْ قَدْ يُهْلِكُ صَاحِبَهُ (وَمَا لَا غَنَاءَ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ الْمُعْجَمِ أَيْ نَفْعَ (فِيهِ) لِنَحْوِ كِبَرٍ وَهَرَمٍ لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ (وَفِي قَوْلٍ يُعْطَى إنْ لَمْ يُعْلَمْ نَهْيُ الْأَمِيرِ عَنْ إحْضَارِهِ) كَالشَّيْخِ الْهَرِمِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ هَذَا يُنْتَفَعُ بِرَأْيِهِ وَدُعَائِهِ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِي السَّهْمِ. أَمَّا الرَّضْخُ فَيُعْطَى لَهُ: أَيْ مَا لَمْ يُعْلَمْ النَّهْيُ عَنْ إحْضَارِهِ فِيمَا يَظْهَرُ إذْ لَا يُدْخِلُ الْأَمِيرُ دَارَ الْحَرْبِ إلَّا فَرَسًا كَامِلًا، وَلَا يُؤَثِّرُ طُرُوُّ عَجَفِهِ وَمَرَضِهِ وَجُرْحِهِ أَثْنَاءَ الْقِتَالِ كَمَا عُلِمَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ أَخْذًا مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ أَثَّرْت نِيَّةُ الْقِتَالِ مَعَهَا) أَيْ التِّجَارَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلِرَبِّهِ) أَيْ الْفَرَسِ (قَوْلُهُ: رَوَاهُ الشَّيْخَانِ) أَيْ هَذَا الْحُكْمَ، وَمَعَ ذَلِكَ يُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ نَطَقَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ قِسْمَةِ الْغَنَائِمِ، وَعِبَارَةُ حَجّ تَبَعًا لِلْمَحَلِّيِّ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ حَضَرَ بِنِيَّةِ الْقِتَالِ (قَوْلُهُ: مُتَهَيِّئًا لِذَلِكَ) خَرَجَ بِذَلِكَ مَا صَحِبَهُ لِلْحَمْلِ عَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ بِسَبَبِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُعَدًّا لِلْقِتَالِ وَإِنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ فِي حَمْلِ الْأَثْقَالِ، وَقَوْلُهُ نَعَمْ الْأَوْجَهُ أَنْ يُرْضَخَ لَهَا أَيْ وَيُقَسَّمَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَزَا نَحْوُ عَبِيدٍ) مِنْ النَّحْوِ الْمَجَانِينِ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ رَاجِلًا فِي الِابْتِدَاءِ ثُمَّ صَارَ فَارِسًا فِي الْأَثْنَاءِ وَلَوْ قَبْلَ الِانْقِضَاءِ بِيَسِيرٍ فَيُعْطَى سَهْمَ فَارِسٍ (قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُ كَفِيلٍ إلَخْ) وَمِنْ الْغَيْرِ مَا لَوْ رَكِبَ طَائِرًا وَقَاتَلَ عَلَيْهِ، وَبَقِيَ مَا لَوْ حَمَلَ آدَمِيٌّ آدَمِيًّا وَقَاتَلَ عَلَيْهِ هَلْ يُسْهَمُ لَهُمَا بِأَنْ يُعْطَى كُلٌّ سَهْمَ رَاجِلٍ أَوْ لِلْمُقَاتِلِ وَيُرْضَخُ لِلْحَامِلِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَبْلُغُ بِهِمَا) أَيْ بِسَبَبِهِمَا (قَوْلُهُ: لَا يَكِرُّ) بَابُهُ رَدَّ اهـ مُخْتَارٌ، وَقَوْلُهُ وَلَا يَفِرُّ: أَيْ بِالْكَسْرِ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ أَوَّلِهِ) أَيْ وَالْمَدِّ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَدْخُلُ) أَيْ إذْ لَا يَلِيقُ بِالْأَمِينِ أَنْ يَدْخُلَ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَكَانَ الْأَوْلَى خِلَافَ هَذَا التَّعْبِيرِ (قَوْلُهُ:: نَعَمْ الْأَوْجَهُ أَنَّهُ يُرْضَخُ لَهَا) أَيْ رَضْخَ الْفَرَسِ (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ أَوَّلِهِ الْمُعْجَمِ)

مِمَّا مَرَّ فِي مَوْتِهِ وَلَوْ أَحْضَرَ أَعْجَفَ فَصَحَّ، فَإِنْ كَانَ حَالَ حُضُورِ الْوَقْعَةِ صَحِيحًا أُسْهِمَ لَهُ، وَإِلَّا فَلَا كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ. (وَالْعَبْدُ وَالصَّبِيُّ) وَالْمَجْنُونُ (وَالْمَرْأَةُ) وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى مَا لَمْ تَبِنْ ذُكُورَتُهُ وَالْأَعْمَى وَالزَّمِنُ وَفَاقِدُ الْأَطْرَافِ وَالتَّاجِرُ وَالْمُحْتَرِفُ إذَا لَمْ يُقَاتِلَا وَلَا نَوَيَا الْقِتَالَ، وَلَا يُشْكِلُ الزَّمِنُ بِالشَّيْخِ الْهَرِمِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الزَّمِنِ نَقْصُ رَأْيِهِ، بِخِلَافِ الْهَرِمِ الْكَامِلِ الْعَاقِلِ (وَالذِّمِّيُّ) وَيَلْحَقُ بِهِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ الْمُعَاهِدُ وَالْمُؤَمَّنُ وَالْحَرْبِيُّ إنْ جَازَتْ الِاسْتِعَانَةُ بِهِمْ وَأَذِنَ الْإِمَامُ لَهُمْ (إذَا حَضَرُوا) وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ سَيِّدٌ وَوَلِيٌّ وَزَوْجٌ الْوَقْعَةَ (فَلَهُمْ) إنْ كَانَ فِيهِمْ نَفْعٌ وَإِنْ اسْتَحَقَّ الْمُسْلِمُ السَّلَبَ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ لِاخْتِلَافِ السَّبَبِ (الرَّضْخُ) وُجُوبًا لِلِاتِّبَاعِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ، أَمَّا الْمُبَعَّضُ فَالْأَوْجَهُ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ كَالْعَبْدِ، إذْ الرَّقِيقُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ فَرْضِ الْجِهَادِ وَالْمُبَعَّضُ كَذَلِكَ فَيَكُونُ الرَّضْخُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مَا لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةً وَيَحْضُرُ فِي نَوْبَتِهِ فَيَكُونُ الرَّضْخُ لَهُ، وَكَوْنُ الْغَنِيمَةِ اكْتِسَابًا لَا يَقْتَضِي إلْحَاقَهُ بِالْأَحْرَارِ فِي أَنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ؛ لِأَنَّ السَّهْمَ إنَّمَا يَكُونُ لِلْكَامِلِينَ وَهُوَ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنْ اعْتَمَدَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَالدَّمِيرِيِّ أَنَّهُ إنْ كَانَ مُهَايَأَةً وَحَضَرَ فِي نَوْبَتِهِ أُسْهِمَ لَهُ وَإِلَّا رُضِخَ؛ لِأَنَّ الْغَنِيمَةَ مِنْ بَابِ الِاكْتِسَابِ، وَالزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ صُرِفَ لَهُ فِي نَوْبَتِهِ وَإِلَّا قُسِمَ لَهُ بِقَدْرِ حُرِّيَّتِهِ وَأُرْضِخَ لِسَيِّدِهِ بِقَدْرِ رِقِّهِ (وَهُوَ) أَيْ الرَّضْخُ فِي اللُّغَةِ الْعَطَاءُ الْقَلِيلُ. وَفِي الشَّرْعِ شَيْءٌ (دُونَ سَهْمٍ يَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِي قَدْرِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرَدْ فِيهِ تَحْدِيدٌ فَرَجَعَ إلَى رَأْيِهِ وَيُفَاوَتُ بَيْنَ مُسْتَحَقِّيهِ بِحَسَبِ تَفَاوُتِ نَفْعِهِمْ فَيُرَجَّحُ الْمُقَاتِلُ وَمَنْ قِتَالُهُ أَكْثَرُ عَلَى غَيْرِهِ وَالْفَارِسُ عَلَى الرَّاجِلِ وَالْمَرْأَةُ الَّتِي تُدَاوِي الْجَرْحَى وَتَسْقِي الْعِطَاشَ عَلَى الَّتِي تَحْفَظُ الرِّحَالَ، بِخِلَافِ سَهْمِ الْغَنِيمَةِ فَإِنَّهُ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُقَاتِلُ وَغَيْرُهُ لِلنَّصِّ عَلَيْهِ، وَالرَّضْخُ بِالِاجْتِهَادِ لَكِنْ لَا يَبْلُغُ بِهِ سَهْمَ رَاجِلٍ وَلَوْ كَانَ الرَّضْخُ لِفَارِسٍ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلسِّهَامِ فَنَقَصَ بِهِ عَنْ قَدْرِهَا كَالْحُكُومَةِ مَعَ الْأَرْشِ الْمُقَدَّرَةِ (وَمَحَلُّهُ الْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهُ سَهْمٌ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَيُسْتَحَقُّ بِحُضُورِ الْوَقْعَةِ إلَّا أَنَّهُ نَاقِصٌ. وَالثَّانِي أَنَّهُ مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ كَالْمُؤَنِ. وَالثَّالِثُ أَنَّهُ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ سَهْمَ الْمَصَالِحِ (قُلْت: إنَّمَا) (يُرْضَخُ لِذِمِّيٍّ) وَمَا أُلْحِقَ بِهِ مِنْ الْكُفَّارِ (حَضَرَ بِلَا أُجْرَةٍ) وَلَوْ بِجَعَالَةٍ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهَا جَزْمًا وَإِنْ زَادَتْ عَلَى سَهْمِ رَاجِلٍ (وَ) كَانَ حُضُورُهُ (بِإِذْنِ الْإِمَامِ) أَوْ الْأَمِيرِ وَبِلَا إكْرَاهٍ مِنْهُ (عَلَى الصَّحِيحِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَإِلَّا فَإِنْ أَكْرَهَهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ الْأَمِيرُ عَلَى الْحُضُورِ فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فَمَا يَظْهَرُ وَلَا أَثَرَ لِإِذْنِ الْآحَادِ. وَالثَّانِي فِيمَا إذَا أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ لَا يُرْضَخُ لَهُ وَالثَّالِثُ إنْ قَاتَلَ اسْتَحَقَّ وَإِلَّا فَلَا، وَيَجُوزُ أَنْ يَبْلُغَ بِالْأُجْرَةِ سَهْمَ رَاجِلٍ، وَلَوْ حَضَرَ بِلَا إذْنِ الْإِمَامِ أَوْ الْأَمِيرِ فَلَا رَضْخَ لَهُ بَلْ لَهُ تَعْزِيرُهُ إنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا أَنَّهُ يَأْثَمُ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ إنْ جَازَتْ الِاسْتِعَانَةُ بِهِمْ) أَيْ بِأَنْ كَثُرَ الْمُسْلِمُونَ بِحَيْثُ لَوْ انْضَمَّ مَنْ أُرِيدَ الِاسْتِعَانَةُ بِهِمْ مِنْ الْكُفَّارِ إلَى مَنْ أُرِيدَ قِتَالُهُمْ قَاوَمْنَاهُمْ (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا يَبْلُغُ) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ غَايَةً (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلسِّهَامِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ مَنْ فَرَسُهُ أَعْجَفُ مَثَلًا يُعْطَى وَلِفَرَسِهِ قَدْرًا لَا يَبْلُغُ سَهْمَ رَاجِلٍ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ إذَا كَانَ الرَّاكِبُ مِمَّنْ لَا يُسْهَمُ لَهُ بِأَنْ كَانَ صَبِيًّا مَثَلًا. أَمَّا لَوْ كَانَ مِمَّنْ يُسْهَمُ لَهُ فَإِنَّهُ يُعْطَى لِنَفْسِهِ سَهْمَ رَاجِلٍ وَلِفَرَسِهِ جُزْءًا لَا يَبْلُغُ السَّهْمَ، وَقَدْ يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِمَّا قَدَّمَهُ فِيمَا لَوْ رَكِبَ اثْنَانِ فَرَسًا لَا يَصْلُحُ لِلْكَرِّ وَالْفَرِّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَكْرَهَهُ إلَخْ) أَيْ وَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى ذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يَبْلُغَ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَالْمَدِّ (قَوْلُهُ بِالِاجْتِهَادِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِيمَا يَظْهَرُ) عَجِيبٌ بَحْثُ هَذَا مَعَ أَنَّهُ نَصُّ الْمَذْهَبِ فِي الْمُتُونِ فِي السَّيْرِ. قَالَ فِي الْبَهْجَةِ: لَوْ قَهَرَ الْإِمَامُ ذِمِّيًّا عَلَى خُرُوجِهِ لَا مُسْلِمًا وَقَاتِلًا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ بِخُمُسِ الْخُمُسِ لَهُ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يَبْلُغَ بِالْأُجْرَةِ سَهْمَ رَاجِلٍ) أَيْ أَوْ يَزِيدُ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى سَهْمِ رَاجِلٍ، وَكَانَ

[كتاب قسم الصدقات]

رَآهُ، وَلَوْ غَزَتْ طَائِفَةٌ وَلَا أَمِيرَ فِيهِمْ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ فَحَكَّمُوا فِي الْقِسْمَةِ وَاحِدًا أَهْلًا صَحَّتْ، وَإِلَّا فَلَا حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ. أَيْ الزَّكَوَاتِ لِمُسْتَحِقِّيهَا، وَجَمَعَهَا لِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا. سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِإِشْعَارِهَا بِصِدْقِ بَاذِلِهَا وَلِشُمُولِهَا لِلنَّفْلِ ذَكَرَهَا فِي فَصْلٍ آخِرَ الْكِتَابِ وَرَتَّبَهُمْ عَلَى مَا يَأْتِي مُخَالِفًا لِمَنْ ابْتَدَأَ بِالْعَامِلِ لِتَقَدُّمِهِ فِي الْقَسْمِ لِكَوْنِهِ يَأْخُذُهُ عِوَضًا تَأَسِّيًا بِالْآيَةِ الْمُشَارِ فِيهَا فَاللَّامُ الْمِلْكِ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأُوَلِ إلَى إطْلَاقِ مِلْكِهِمْ وَتَصَرُّفِهِمْ وَنَفْيِ الظَّرْفِيَّةِ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ لِتَقْيِيدِهِ بِالصَّرْفِ فِيمَا أَعْطَوْا لِأَجْلِهِ وَإِلَّا اُسْتُرِدَّ، وَذَكَرَهَا أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ كَالْمُخْتَصَرِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ كَسَابِقِيهِ مَالٌ يَجْمَعُهُ الْإِمَامُ وَيُفَرِّقُهُ وَأَقَلُّهُمْ كَالْأُمِّ آخِرَ الزَّكَاةِ لِتَعَلُّقِهِ بِهَا، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ أَنْسَبَ، وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ وَافْتَتَحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ} [التوبة: 60] الْآيَةُ فَعُلِمَ مِنْ الْحَصْرِ بِإِنَّمَا عَدَمُ صَرْفِهَا لِغَيْرِهِمْ وَهُوَ مَجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا وَقَعَ الْخِلَافُ فِي اسْتِيعَابِهِمْ (الْفَقِيرُ مَنْ لَا مَالَ لَهُ) هُوَ كَلَامٌ ظَاهِرٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى رَابِطٍ نَحْوِيٍّ، أَمَّا الرَّابِطُ الْمَعْنَوِيُّ فَمَذْكُورٌ بَلْ مُتَكَرِّرٌ فِي كَلَامِهِ الْآتِي، وَبِفَرْضِ عَدَمِ ذِكْرِهِ فَمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ هُمْ الْمُسْتَحِقُّونَ لِهَذِهِ الصَّدَقَاتِ يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مُفْلِتًا إذْ دَلَالَةُ السِّيَاقِ مُحْكَمَةٌ، وَهِيَ قَاضِيَةٌ عِنْدَ مَنْ لَهُ أَدْنَى ذَوْقٍ بِأَنَّ الْمُرَادَ قِسْمَتُهَا لِمُسْتَحِقِّيهَا وَأَنَّهُمْ الْمُبَيَّنُونَ فِي كَلَامِهِ (وَلَا كَسْبَ) حَلَالٌ لَائِقٌ بِهِ (يَقَعُ) جَمِيعُهُ أَوْ مَجْمُوعُهُ (مَوْقِعًا مِنْ حَاجَتِهِ) مِنْ مَطْعَمٍ وَمَلْبَسٍ وَمَسْكَنٍ وَسَائِرِ مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ لِنَفْسِهِ وَمُمَوَّنِهِ الَّذِي تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ لَا غَيْرَهُ، وَإِنْ اقْتَضَتْ الْعَادَةُ إنْفَاقَهُ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ غَيْرِ إسْرَافٍ وَلَا تَقْتِيرٍ كَمَنْ يَحْتَاجُ إلَى عَشَرَةٍ وَلَا يَجِدُ إلَّا دِرْهَمَيْنِ. وَقَالَ الْمَحَامِلِيُّ: إلَّا ثَلَاثَةً وَالْقَاضِي إلَّا أَرْبَعَةً، وَهُوَ الْأَوْجَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَفْهُومِ قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ وَفِي الشَّرْعِ شَيْءٌ دُونَ سَهْمٍ، فَبَيَّنَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَبْلُغَ بِهِ سَهْمَ رَاجِلٍ إنْ رَآهُ وَاسْتَأْجَرَ بِقَدْرٍ يَبْلُغُهُ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ وَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ ذَلِكَ كِتَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهَا) أَنَّثَ الضَّمِيرَ مَعَ رُجُوعِهِ لِلنَّقْلِ لِكَوْنِهِ صَدَقَةً (قَوْلُهُ: وَلِشُمُولِهَا) أَيْ فِي حَدِّ ذَاتِهَا، أَمَّا مَعَ تَفْسِيرِهَا بِالزَّكَوَاتِ فَلَا شُمُولَ، وَلَعَلَّهُ فَسَّرَ بِالزَّكَوَاتِ بِالنَّظَرِ لِمَقْصُودِ الْبَابِ وَأَعَادَ الضَّمِيرَ عَلَيْهَا بِاعْتِبَارِ الْوَضْعِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ وَلِشُمُولِهَا. لِلنَّقْلِ وَضْعًا وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا قَالَهُ (قَوْلُهُ: لَا يَحْتَاجُ إلَى رَابِطٍ نَحْوِيٍّ) أَيْ كَأَنْ يُقَالَ كِتَابُ قِسْمِ الصَّدَقَاتِ وَهِيَ الزَّكَوَاتُ وَيَجِبُ قَسْمُهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ إلَى آخِرِ مَا فِي الْآيَةِ، ثُمَّ يَقُولُ فَالْفَقِيرُ مَنْ لَا مَالَ لَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ مَجْمُوعُهُ) أَيْ الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ إسْرَافٍ) الْمُرَادُ بِهِ هُنَا أَنْ يَتَجَاوَزَ الْحَدَّ بِهِ فِي الصَّرْفِ عَلَى مَا يَلِيقُ بِحَالِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَوْلَى حَذْفُ مَا هُنَا لِإِغْنَاءِ مَا مَرَّ عَنْهُ مَعَ الزِّيَادَةِ، وَعَجِيبٌ أَخْذُ الشَّيْخِ بِمَفْهُومِ مَا هُنَا مِنْ مَنْعِ الزِّيَادَةِ مَعَ تَقَدُّمِ التَّصْرِيحِ بِهَا فِي الشَّارِحِ. [كِتَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ] ِ (قَوْلُهُ: كَسَابِقَيْهِ) أَيْ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ

وَإِنْ اعْتَرَضَ بِأَنَّهُ يَقَعُ مَوْقِعًا. وَقَضِيَّةُ الْحَدِّ أَنَّ الْكَسُوبَ غَيْرُ فَقِيرٍ وَإِنْ لَمْ يَكْتَسِبْ وَهُوَ كَذَلِكَ هُنَا، وَفِي الْحَجِّ فِي بَعْضِ صُوَرِهِ كَمَا مَرَّ، وَفِيمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ فَرْعِهِ بِخِلَافِهِ فِي الْأَصْلِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ لِحُرْمَتِهِ كَمَا يَأْتِي إنْ وَجَدَ مَنْ يَسْتَعْمِلُهُ وَقَدَرَ عَلَيْهِ: أَيْ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً فِيمَا يَظْهَرُ وَحَلَّ لَهُ تَعَاطِيهِ وَلَاقَ بِهِ وَإِلَّا أُعْطِيَ، وَأَنَّ ذَا الْمَالِ الَّذِي عَلَيْهِ قَدْرُهُ وَلَوْ حَالًّا عَلَى الْمُعْتَمَدِ غَيْرُ فَقِيرٍ أَيْضًا فَلَا يُعْطَى مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ حَتَّى يَصْرِفَ مَا مَعَهُ فِي الدَّيْنِ، وَنِزَاعُ الرَّافِعِيِّ فِيهِ النَّاشِئُ عَنْ تَنَاقُضٍ حَكَى عَنْهُ هُنَا وَفِي الْعِتْقِ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْتَبَرَ كَمَا مَنَعَ وُجُوبَ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ وَزَكَاةِ الْفِطْرِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ مَنْعِهِ لِلْفِطْرَةِ، وَعَلَى الْمَنْعِ ثُمَّ يُفَرَّقُ بِأَنَّ تِلْكَ مُوَاسَاةٌ فِي مُقَابَلَةِ طُهْرَةٌ الْبَدَنِ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا لِتَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِذِمَّتِهِ، وَمَا هُنَا مَلْحَظُهُ الِاحْتِيَاجُ، وَهُوَ قَبْلَ صَرْفِ مَا بِيَدِهِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ، وَبِأَنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ تَجِبُ مَعَ الدَّيْنِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْفَلَسِ، فَوُجُوبُ الزَّكَاةِ فِيهِ وَنَفَقَةُ الْقَرِيبِ مَعَهُ يَقْتَضِيَانِ الْغِنَى، ثُمَّ هَذَا الْحَدُّ لِفَقِيرِ الزَّكَاةِ لَا فَقِيرَ الْعَرَايَا وَنَفَقَةُ الْمُمَوِّنِ وَغَيْرِهِمْ مِمَّا هُوَ مَعْلُومٌ فِي مَحَالِّهِ، وَمَنْ لَهُ عَقَارٌ يَنْقُصُ دَخْلُهُ عَنْ كِفَايَتِهِ فَقِيرٌ أَوْ مِسْكِينٌ بِنَاءً عَلَى إعْطَائِهِ كِفَايَةَ الْعُمْرِ الْغَالِبِ كَمَا يَأْتِي. نَعَمْ إنْ كَانَ نَفِيسًا وَلَوْ بَاعَهُ حَصَلَ بِهِ مَا يَكْفِيهِ دَخْلُهُ لَزِمَهُ بَيْعُهُ فِيمَا يَظْهَرُ (وَلَا يَمْنَعُ الْفَقْرَ) وَالْمَسْكَنَةَ (مَسْكَنُهُ) الَّذِي يَحْتَاجُهُ وَلَاقَ بِهِ فَإِنْ اعْتَادَ السَّكَنَ بِالْأُجْرَةِ أَوْ فِي الْمَدْرَسَةِ وَمَعَهُ ثَمَنُ مَسْكَنٍ أَوْ لَهُ مَسْكَنٌ خَرَجَ عَنْ اسْمِ الْفَقْرِ بِمَا مَعَهُ كَمَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ (وَثِيَابُهُ) وَلَوْ لِلتَّجَمُّلِ بِهَا فِي بَعْضِ أَيَّامِ السَّنَةِ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ إنْ لَاقَتْ بِهِ أَيْضًا فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ السُّبْكِيّ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ حُلِيَّ الْمَرْأَةِ اللَّائِقِ بِهَا الْمُحْتَاجَةُ لِلتَّزَيُّنِ بِهِ عَادَةً لَا يَمْنَعُ فَقْرَهَا، وَقِنَّهُ الْمُحْتَاجُ لِخِدْمَتِهِ وَلَوْ لِمُرُوءَتِهِ لَكِنْ إنْ اخْتَلَّتْ مُرُوءَتُهُ بِخِدْمَتِهِ لِنَفْسِهِ أَوْ شَقَّتْ عَلَيْهِ مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً، وَكُتُبُهُ الَّتِي يَحْتَاجُهَا وَلَوْ نَادِرًا كَمَرَّةٍ فِي السَّنَةِ مِنْ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ، أَوْ آلَةٍ لَهُ أَوْ لِطِبٍّ وَلَيْسَ ثَمَّ مِنْ يَعْتَنِي بِهِ، أَوْ وَعْظٍ لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ وَاعِظٌ؛ لِأَنَّهُ يَتَّعِظُ مِنْ نَفْسِهِ مَا لَا يَتَّعِظُ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَوْ تَكَرَّرَتْ عِنْدَهُ كُتُبٌ مِنْ فَنٍّ وَاحِدٍ بَقِيَتْ كُلُّهَا لِمُدَرِّسٍ وَالْمَبْسُوطُ لِغَيْرِهِ، فَيَبِيعُ الْمُوجَزَ إلَّا إنْ كَانَ فِيهِ مَا لَيْسَ فِي الْمَبْسُوطِ فِيمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَإِنْ كَانَ فِي الْمَطَاعِمِ وَالْمُلَابِسِ النَّفِيسَةِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مَا يَكُونُ سَبَبًا لِلْحَجْرِ عَلَى السَّفِيهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكْتَسِبْ) يَعْنِي بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ لَا كَسْبَ لَهُ بِالْقُوَّةِ بِأَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَفِيمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ فَرْعِهِ) أَيْ فَلَا تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ فَرْعِهِ الْكَسُوبِ وَإِنْ لَمْ يَكْتَسِبْ، وَقَوْلُهُ بِخِلَافِهِ فِي الْأَصْلِ أَيْ فَيَلْزَمُ فَرْعَهُ إنْفَاقُهُ، وَإِنْ كَانَ هُوَ مُكْتَسِبًا وَلَمْ يَكْتَسِبْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: غَيْرُ فَقِيرٍ أَيْضًا) أَيْ هُنَا، وَكَذَا فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ وَزَكَاةِ الْفِطْرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِيهِمَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْتَبَرَ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَزَكَاةِ الْفِطْرِ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ وَإِلَّا فَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الشَّارِحِ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ مُطْلَقًا كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَهُ وَغَيْرِهِمْ) مِنْهُ فُقَرَاءُ الْعَاقِلَةِ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ بَيْعُهُ فِيمَا يَظْهَرُ) شَمَلَ مَا لَوْ كَانَ بِيَدِهِ عَقَارُ غَلَّتِهِ لَا تَفِي بِنَفَقَتِهِ، وَثَمَنُهُ يَفِي بِتَحْصِيلِ جَامَكِيَّةٍ أَوْ وَظِيفَةٍ يُحَصِّلُ مِنْهَا مَا يَكْفِيهِ فَيُكَلَّفُ بَيْعُ الْعَقَارِ لِذَلِكَ وَلَا يَدْفَعُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ: خَرَجَ عَنْ اسْمِ الْفَقْرِ) خِلَافًا لحج فِيمَنْ اعْتَادَ السَّكَنَ بِالْأُجْرَةِ وَلَكِنْ جَرَى الزِّيَادِيُّ عَلَى مَا فِي حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ لِطِبٍّ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ كُتُبِ الطِّبِّ وَكُتُبِ الْوَعْظِ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَتَّعِظُ بِنَفْسِهِ غَالِبًا وَلَا يُطَبِّبُ نَفْسَهُ بَلْ يَحْتَاجُ لِلطَّبِيبِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجِ (قَوْلُهُ: فَيَبِيعُ الْمُوجَزَ) أَيْ الْمُخْتَصَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَفِيمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَةٌ قَرِيبِهِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: نَفَقَةُ فَرْعِهِ انْتَهَتْ. وَهِيَ أَصْوَبُ لِمُقَابَلَتِهَا بَعْدُ بِالْأَصْلِ، ثُمَّ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا عُطِفَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَفِي الْحَجِّ: أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ فَرْعِهِ الْكَسُوبِ وَإِنْ لَمْ يَكْتَسِبْ، بِخِلَافِ الْأَصْلِ يَلْزَمُ فَرْعَهُ إنْفَاقُهُ وَإِنْ كَانَ هُوَ مُكْتَسِبًا وَلَمْ يَكْتَسِبْ (قَوْلُهُ: إنْ وُجِدَ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ إنَّ الْكَسُوبَ غَيْرُ فَقِيرٍ (قَوْلُهُ: أَوْ لَهُ مَسْكَنٌ) فِيهِ مِنْ الْحَرَجِ مَا لَا يَخْفَى، عَلَى أَنَّ الَّذِي نَقَلَهُ غَيْرُهُ عَنْ السُّبْكِيّ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا كَانَ مَعَهُ ثَمَنُ الْمَسْكَنِ

يَظْهَرُ أَوْ نُسَخٍ مِنْ كِتَابٍ بَقِيَ لَهُ الْأَصَحُّ لَا الْأَحْسَنُ، وَآلَةُ الْمُحْتَرِفِ كَخَيْلِ جُنْدِيٍّ مُرْتَزِقٍ وَسِلَاحِهِ إنْ لَمْ يُعْطِهِ الْإِمَامُ بَدَلَهُمَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَمُتَطَوِّعٌ احْتَاجَهُمَا وَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْجِهَادُ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْفَلَسِ كَمَا سَيَأْتِي بِقَيْدِهِ، وَثَمَنُ مَا ذُكِرَ مَا دَامَ مَعَهُ يَمْنَعُ إعْطَاءَهُ بِالْفَقْرِ حَتَّى يَصْرِفَهُ (وَمَالُهُ الْغَائِبُ فِي مَرْحَلَتَيْنِ) أَوْ الْحَاضِرُ وَقَدْ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ (وَ) مَالُهُ (الْمُؤَجَّلُ) لِأَنَّهُ مُعْسِرٌ الْآنَ فِيهِمَا فَيَأْخُذُ إلَى أَنْ يَصِلَ أَوْ يَحِلَّ، أَمَّا مَا دُونَهُمَا وَلَا حَائِلٌ فَحُكْمُهُ كَالْحَاضِرِ. وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يَحِلَّ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَمْ لَا، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَمَّا كَانَ مَعْدُومًا لَمْ يُعْتَبَرْ لَهُ زَمَنٌ بَلْ أُعْطِيَ إلَى حُلُولِهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى خَلَاصِهِ، بِخِلَافِ الْمَالِ الْغَائِبِ فَفَرَّقَ فِيهِ بَيْنَ قُرْبِ الْمَسَافَةِ وَبُعْدِهَا (وَكَسْبٌ لَا يَلِيقُ) بِهِ شَرْعًا أَوْ عُرْفًا لِحُرْمَتِهِ أَوْ إخْلَالِهِ بِمُرُوءَتِهِ لِكَوْنِهِ كَالْعَدَمِ كَمَا لَوْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَسْتَعْمِلُهُ إلَّا مَنْ مَالُهُ حَرَامٌ: أَيْ أَوْ فِيهِ شُبْهَةٌ قَوِيَّةٌ فِيمَا يَظْهَرُ، وَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِأَنَّ أَرْبَابَ الْبُيُوتِ الَّذِينَ لَمْ تَجْرِ عَادَتُهُمْ بِالْكَسْبِ: أَيْ وَهُوَ يَخِلُّ بِمُرُوءَتِهِمْ لَهُمْ الْأَخْذُ وَكَلَامُهُمْ يَشْمَلُهُ، وَقَوْلُهُ فِي الْإِحْيَاءِ أَنَّ تَرْكَ الشَّرِيفِ نَحْوَ النَّسْخِ وَالْخَيَّاطَةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ حَمَاقَةٌ وَرُعُونَةُ نَفْسٍ وَأَخْذُهُ الْأَوْسَاخَ عِنْدَ قُدْرَتِهِ أَذْهَبُ لِلْمُرُوءَةِ مَحْمُولٌ عَلَى إرْشَادِهِ لِلْأَكْمَلِ مِنْ الْكَسْبِ، فَإِنْ أَرَادَ مَنْعَهُ مِنْ الْأَخْذِ اتَّجَهَ الْأَوَّلُ حَيْثُ أَخَلَّ الْكَسْبُ بِمُرُوءَتِهِ عُرْفًا وَإِنْ كَانَ نَسْخًا لَكُتُبِ الْعِلْمِ (وَلَوْ اشْتَغَلَ) بِحِفْظِ قُرْآنٍ أَوْ (بِعِلْمٍ) شَرْعِيٍّ وَمِنْهُ بَلْ أَهَمُّهُ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَرْزُقْهُ اللَّهُ قَلْبًا سَلِيمًا عِلْمُ الْبَاطِنِ الْمُطَهِّرُ لِلنَّفْسِ أَوْ آلَةٌ لَهُ، وَأَمْكَنَ عَادَةً تَأَتَّى تَحْصِيلُهُ فِيهِ كَمَا قَالَهُ الدَّارِمِيُّ وَأَقَرَّاهُ (وَالْكَسْبُ) الَّذِي يُحْسِنُهُ (يَمْنَعُهُ) مِنْ أَصْلِهِ أَوْ كَمَالِهِ (فَقِيرٌ) فَيُعْطَى وَيَتْرُكُ الْكَسْبَ لِتَعَدِّي نَفْعِهِ وَعُمُومِهِ، أَمَّا مَنْ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ التَّحْصِيلُ فَلَا يُعْطَى إذَا كَانَ يَلِيقُ بِهِ مِثْلُهُ (وَلَوْ اشْتَغَلَ بِالنَّوَافِلِ) مِنْ صَلَاةٍ وَغَيْرِهَا وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ الْمُطَلَّقَةُ غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ لَوْ تَعَارَضَ كَسْبٌ وَرَاتِبَةٌ كُلِّفَ الْكَسْبُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْعِلَّةِ الْآتِيَةِ (فَلَا) يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ شَيْئًا وَإِنْ اسْتَغْرَقَ بِذَلِكَ جَمِيعَ وَقْتِهِ، خِلَافًا لِلْقَفَّالِ لِأَنَّ نَفْعَهُ قَاصِرٌ عَلَيْهِ سَوَاءٌ الصُّوفِيُّ وَغَيْرُهُ. نَعَمْ أَفْتَى ابْنُ الْبَزْرِيِّ بِأَنَّهُ لَوْ نَذَرَ صَوْمَ الدَّهْرِ وَانْعَقَدَ نَذْرُهُ وَمَنَعَهُ صَوْمُهُ عَنْ كَسْبِهِ أُعْطِيَ لِلضَّرُورَةِ حِينَئِذٍ كَمَا لَوْ احْتَاجَ لِلنِّكَاحِ وَلَا شَيْءَ مَعَهُ فَيُعْطَى مَا يَصْرِفُ فِيهِ (وَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ مُعْسِرٌ الْآنَ فِيهِمَا) أَيْ مَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يُقْرِضُهُ عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّهُ غَنِيٌّ فَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ تَلَفِهِمَا فَتَبْقَى ذِمَّتُهُ مُعَلَّقَةٌ اهـ حَجّ. وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مَا يُصَرِّحُ بِهِ فِي قَوْلِهِ وَشَرْطُهُ: أَيْ ابْنُ السَّبِيلِ الْحَاجَةُ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُ يَشْمَلُهُ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ: أَيْ الْغَزَالِيِّ فِي الْإِحْيَاءِ (قَوْلُهُ أَوْ بِعِلْمٍ شَرْعِيٍّ) . [فَرْعٌ] قَالَ ع: لَوْ كَانَ فَقِيهًا فَهَلْ يُعْطَى مَا يَحْتَاجُهُ مِنْ الْكُتُبِ؟ هُوَ مُحْتَمَلٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ فِي كِتَابِ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ. وَالْأَقْرَبُ إعْطَاؤُهُ ذَلِكَ لِاحْتِيَاجِهِ لَهُ (قَوْلُهُ: وَأَمْكَنَ عَادَةً تَأَتَّى تَحْصِيلُهُ) وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ تَصِيرَ فِيهِ قُوَّةٌ بِحَيْثُ إذَا رَاجَعَ الْكَلَامَ فَهِمَ كُلَّ مَسَائِلِهِ أَوْ بَعْضِهَا (قَوْلُهُ: مِثْلُهُ) أَيْ الْكَسْبِ (قَوْلُهُ: وَانْعَقَدَ نَذْرُهُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الصَّوْمُ لَا يَضُرُّهُ (قَوْلُهُ: أُعْطِيَ لِلضَّرُورَةِ) قَدْ يُمْنَعُ بِأَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى الصَّوْمِ وَقْتَ النَّذْرِ ثُمَّ طَرَأَ مَا يَمْنَعُهُ مِنْهُ سَقَطَ وُجُوبُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مِنْ الْكَسْبِ) بَيَانٌ لِلْأَكْمَلِ (قَوْلُهُ: اتَّجَهَ الْأَوَّلُ) يَعْنِي مَا فِي الْفَتَاوَى، وَحَاصِلُ الْمُرَادِ أَنَّ كَلَامَ الْغَزَالِيِّ فِي الْإِحْيَاءِ الْمُخَالِفَ لِمَا فِي فَتَاوِيهِ إنْ لَمْ يُحْمَلْ عَلَى الْإِرْشَادِ وَإِلَّا فَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالْأَوْجَهُ مَا فِي الْفَتَاوَى (قَوْلُهُ: حَيْثُ أَخَلَّ الْكَسْبُ بِمُرُوءَتِهِ) أَيْ كَمَا قُيِّدَ بِهِ فِيمَا مَرَّ وَكَانَ يَنْبَغِي الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: تَأَتِّي تَحْصِيلِهِ فِيهِ) أَيْ تَحْصِيلِ الْمُشْتَغِلِ فِي ذَلِكَ الْعِلْمِ

يُشْتَرَطُ فِيهِ) أَيْ الْفَقِيرِ (الزَّمَانَةُ وَلَا التَّعَفُّفُ عَنْ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْجَدِيدِ) فِيهِمَا لِصِدْقِ اسْمِ الْفَقْرِ مَعَ ذَلِكَ وَلِظَاهِرِ الْأَخْبَارِ؛ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَى الْقَوِيَّ وَالسَّائِلَ وَضِدَّهُمَا وَالْقَدِيمُ يَشْتَرِطَانِ (وَالْمَكْفِيِّ بِنَفَقَةِ قَرِيبٍ) أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ (أَوْ زَوْجٍ) وَلَوْ فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ رَجِّعِي أَوْ بَائِنٍ وَهِيَ حَامِلٌ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (لَيْسَ فَقِيرًا) وَلَا مِسْكِينًا (فِي الْأَصَحِّ) لِاسْتِغْنَائِهِ وَلِلْمُنْفِقِ وَغَيْرِهِ الصَّرْفُ إلَيْهِ بِغَيْرِ الْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ. وَالثَّانِي نَعَمْ لِاحْتِيَاجِهِمَا إلَى غَيْرِهِمَا، نَعَمْ لَا يُعْطِي الْمُنْفِقُ قَرِيبَهُ مِنْ سَهْمِ الْمُؤَلَّفَةِ مَا يُغْنِيهِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ يُسْقِطُ النَّفَقَةَ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَا ابْنَ السَّبِيلِ إلَّا مَا زَادَ بِسَبَبِ السَّفَرِ، وَلِأَحَدِهِمَا بِالنِّسْبَةِ لِكِفَايَةٍ نَحْوَ قِنٍّ الْأَخْذُ مِمَّنْ لَا يَلْزَمُ الْمُزَكِّي إنْفَاقُهُ، وَلَوْ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا بِنُشُوزٍ لَمْ تُعْطَ لِقُدْرَتِهَا عَلَى النَّفَقَةِ حَالًا بِالطَّاعَةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ سَافَرَتْ بِلَا إذْنٍ أَوْ مَعَهُ وَمَنَعَهَا أُعْطِيت مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ حَيْثُ لَمْ تَقْدِرْ عَلَى الْعَوْدِ حَالًا لِعُذْرِهَا، وَإِلَّا فَمِنْ سَهْمِ ابْنِ السَّبِيلِ إذَا عَزَمَتْ عَلَى الرُّجُوعِ لِانْتِهَاءِ الْمَعْصِيَةِ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ الْمَكْفِيِّ بِنَفَقَةِ مُتَبَرِّعٍ فَيَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ، وَعَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ قَوْلٍ أَصْلُهُ كَالشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ لَا يُعْطَيَانِ مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ الْمُفِيد صِدْقُ الْحَدِّ عَلَى الْقَرِيبِ بِأَنَّهُ فَقِيرٌ، غَيْرَ أَنَّا إنَّمَا لَمْ نُعْطِهِ لِكَوْنِهِ فِي مَعْنَى الْقَادِرِ بِالْكَسْبِ، وَأَمَّا الْمَكْفِيَّةُ بِنَفَقَةِ الزَّوْجِ فَغَنِيَّةٌ قَطْعًا بِمَا تَمْلِكُهُ فِي ذِمَّتِهِ إلَى تَعْبِيرِهِ بِمَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّ صَنِيعَ أَصْلِهِ يُوهِمُ أَنَّ الْحَدَّ غَيْرُ مَانِعٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَرِيبِ لِمَا قَرَّرَهُ الْمُعْتَرِضُ أَنَّهُ فَقِيرٌ وَلَا يُعْطَى، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ غَيْرُ فَقِيرٍ؛ لِأَنَّ قُدْرَةَ بَعْضِهِ كَقُدْرَتِهِ لِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَتَهُ، فَمَا سَلَكَهُ الْمُصَنِّفُ أَوْجَهُ وَأَدَقُّ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ " الْمَكْفِيِّ " أَنَّ الْكَلَامَ فِي زَوْجٍ مُوسِرٍ، أَمَّا مُعْسِرٍ لَا يَكْفِي فَتَأْخُذُ تَمَامَ كِفَايَتِهَا بِالْفَقْرِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ لَمْ يَكْفِهَا مَا وَجَبَ لَهَا عَلَى الْمُوسِرِ لِكَوْنِهَا أَكُولَةً تَأْخُذُ تَمَامَ كِفَايَتِهَا بِالْفَقْرِ وَلَوْ مِنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَأَنَّهُ لَوْ غَابَ زَوْجُهَا وَلَا مَالَ لَهُ وَلَمْ تَقْدِرْ عَلَى التَّوَصُّلِ إلَيْهِ وَعَجَزَتْ عَنْ الِاقْتِرَاضِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَعَجْزُهُ عَنْ الصَّوْمِ هُنَا بِدُونِ الْكَسْبِ قَدْ يُقَالُ هُوَ مَانِعٌ مِنْ وُجُوبِ الصَّوْمِ فَيُكَلَّفُ الْكَسْبُ (قَوْلُهُ: وَلِظَاهِرِ الْأَخْبَارِ) قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عِنْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ اللَّهُ يُعْطِي وَأَنَا أَقْسِمُ» مَا نَصُّهُ: وَالْمُرَادُ أَنَّ الْمَالَ مَالُ اللَّهِ وَالْعِبَادَ عِبَادُ اللَّهِ وَأَنَا قَاسِمٌ بِإِذْنِهِ مَالَهُ بَيْنَكُمْ، فَمَنْ قَسَمْت لَهُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا فَبِإِذْنِ اللَّهِ. وَقَدْ يَشْمَلُ قِسْمَةَ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ وَالْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ: أَيْ مَا أَوْحَى اللَّهُ إلَيْهِ مِنْ الْعُلُومِ وَالْمَعَارِفِ وَالْحِكَمِ يَقْسِمُهُ بَيْنَهُمْ، فَيُلْقِي إلَى كُلِّ أَحَدٍ مَا يَلِيقُ بِهِ وَيَحْتَمِلُهُ وَاَللَّهُ يُعْطِي فَهْمَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ا. هـ. (قَوْلُهُ: أَوْ زَوْجٍ) قَضِيَّةُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ الْإِسْرَافِ وَالتَّقْتِيرِ فِي حَدِّ الْفَقْرِ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ كَانَتْ لَا يَكْفِيهَا عَلَى مَا يَلِيقُ بِهَا نَفَقَةُ الزَّوْجِ لِإِعْسَارِهِ مَثَلًا أَخَذَتْ مِنْ الزَّكَاةِ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي تَحْصِيلِ النَّفَقَةِ الَّتِي تَلِيقُ بِهَا خُصُوصًا إذَا كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْهَيْئَاتِ ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ الْآتِي وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلِأَحَدِهِمَا) أَيْ الْفَقِيرِ وَالْمِسْكَيْنِ (قَوْلُهُ: لِكِفَايَةٍ نَحْوَ قِنٍّ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: وَبَحَثَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّ الِابْنَ لَوْ كَانَ لَهُ عِيَالٌ جَازَ أَنْ يُعْطِيَهُ أَبُوهُ مِنْ سَهْمِ الْمَسَاكِينِ مَا يَصْرِفُهُ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ لَا تَلْزَمُ الْأَبَ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَهُ وَمَنَعَهَا) أَيْ مِنْ السَّفَرِ، وَقَوْلُهُ أُعْطِيت لَمْ يُبَيِّنْ مَا تُعْطَاهُ، فَإِنْ كَانَتْ تُعْطَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: نَعَمْ لَا يُعْطَى الْمُنْفِقُ إلَخْ) هُوَ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلِلْمُنْفِقِ وَغَيْرِهِ الصَّرْفُ إلَيْهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلِأَحَدِهِمَا) أَيْ الْمَكْفِيِّ بِنَفَقَةِ الْقَرِيبِ وَالْمُكَفِّيَةِ بِنَفَقَةِ الزَّوْجِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ تَرْجِيعِ الضَّمِيرِ إلَى الْفَقِيرِ الْمِسْكِينِ إذْ لَا يَصِحُّ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمَكْفِيَّةُ بِنَفَقَةِ الزَّوْجِ إلَخْ) هَذَا لَا مَوْضِعَ لَهُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَهُوَ مِنْ كَلَامِ الْمُعْتَرِضِ الَّذِي قَصَدَ الشَّارِحُ الرَّدَّ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِالِاعْتِرَاضِ، وَالشِّهَابُ حَجّ صَرَّحَ فِي تُحْفَتِهِ بِالِاعْتِرَاضِ حَاكِيًا لَهُ بِقِيلَ، وَمِنْ جُمْلَتِهِ قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمَكْفِيَّةُ إلَخْ، وَغَرَضُ الْمُعْتَرِضِ مِنْهُ الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْمَتْنِ أَيْضًا فِي حِكَايَتِهِ الْخِلَافَ فِيهَا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ صَنِيعَ أَصْلِهِ يُوهِمُ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم:

أَخَذَتْ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ وَفَتَاوَى الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ الزَّوْجَ أَوْ الْبَعْضَ لَوْ أَعْسَرَ أَوْ غَابَ وَلَمْ يَتْرُكْ مُنْفِقًا وَلَا مَالًا يُمْكِنُ الْوُصُولُ إلَيْهِ أُعْطِيت الزَّوْجَةُ أَوْ الْقَرِيبُ بِالْفَقْرِ أَوْ الْمَسْكَنَةِ، وَيُسَنُّ لَهَا أَنَّ تُعْطِي زَوْجَهَا مِنْ زَكَاتِهَا وَلَوْ بِالْفَقْرِ وَإِنْ أَنْفَقَهَا عَلَيْهَا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ خِلَافًا لِلْقَاضِي (وَالْمِسْكِينُ مَنْ قَدَرَ عَلَى مَالٍ أَوْ كَسْبٍ) حَلَالٍ لَائِقٍ (يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ كِفَايَتِهِ) وَكِفَايَةُ مُمَوَّنِهِ مِنْ مَطْعَمٍ وَغَيْرِهِ مِمَّا مَرَّ (وَلَا يَكْفِيهِ) كَمَنْ يَحْتَاجُ عَشَرَةً فَيَجِدُ سَبْعَةً أَوْ ثَمَانِيَةً وَإِنْ مَلَكَ نِصَابًا أَوْ أَنْصِبَاءَ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ: قَدْ يَمْلِكُ أَلْفًا وَهُوَ فَقِيرٌ، وَقَدْ لَا يَمْلِكُ إلَّا فَأْسًا وَحَبْلًا وَهُوَ غَنِيٌّ وَلَا يَمْنَعُ الْمَسْكَنَةَ الْمَسْكَنُ وَمَا مَعَهُ مِمَّا مَرَّ مَبْسُوطًا، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكِفَايَةِ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ كِفَايَةُ الْعُمْرِ الْغَالِبِ نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِي الْإِعْطَاءِ وَإِنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا. لَا يُقَالُ: يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ أَخْذُ أَكْثَرِ الْأَغْنِيَاءِ بَلْ الْمُلُوكِ مِنْ الزَّكَاةِ. لِأَنَّا نَقُولُ: مَنْ مَعَهُ مَالٌ يَكْفِيهِ رِبْحُهُ أَوْ عَقَارٌ يَكْفِيهِ دَخْلُهُ غَنِيٌّ، وَالْأَغْنِيَاءُ غَالِبُهُمْ كَذَلِكَ فَضْلًا عَنْ الْمُلُوكِ فَلَا يَلْزَمُ مَا ذُكِرَ، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمِسْكِينَ أَحْسَنُ حَالًا مِنْ الْفَقِيرِ خِلَافًا لِمَنْ عَكَسَ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ} [الكهف: 79] حَيْثُ سَمَّى مَالِكِيهَا مَسَاكِينَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمِسْكِينَ مَنْ يَمْلِكُ مَا مَرَّ (وَالْعَامِلُ) الْمُسْتَحِقُّ لِلزَّكَاةِ بِأَنْ فَرَّقَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ أُجْرَةً مِنْ بَيْتِ الْمَالِ هُوَ (سَاعٍ) يُجْبِيهَا (وَكَاتِبٌ) مَا وَصَلَ مِنْ ذَوِي الْأَمْوَالِ وَمَا عَلَيْهِمْ وَحَاسِبٌ (وَقَاسِمٌ وَحَاشِرٌ) وَهُوَ الَّذِي (يَجْمَعُ ذَوِي الْأَمْوَالِ) أَوْ السُّهْمَانِ وَحَافِظٌ وَعَرِيفٌ وَهُوَ كَالنَّقِيبِ لِلْقَبِيلَةِ وَمُشِدٌّ اُحْتِيجَ إلَيْهِ وَكَيَّالٌ وَوَزَّانٌ وَعَدَّادٌ يُمَيِّزُ بَيْنَ الْأَصْنَافِ (لَا) الَّذِي يُمَيِّزُ نَصِيبَ الْمُسْتَحِقِّينَ مِنْ مَالِ الْمَالِكِ بَلْ أُجْرَتُهُ عَلَيْهِ وَلَا نَحْوَ رَاعٍ وَحَافِظٍ بَعْدَ قَبْضِ الْإِمَامِ لَهَا بَلْ أُجْرَتُهُ مِنْ أَصْلِ الزَّكَاةِ لَا مِنْ خُصُوصِ سَهْمِ الْعَامِلِ، وَلَا (الْقَاضِي وَالْوَالِي) عَلَى الْإِقْلِيمِ إذَا قَامَا بِذَلِكَ بَلْ يَرْزُقُهُمَا الْإِمَامُ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ الْمُرْصَدِ لِلْمَصَالِحِ؛ لِأَنَّ عَمَلَهُمَا عَامٌّ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ دُخُولُ قَبْضِ الزَّكَاةِ وَصَرْفِهَا فِي عُمُومِ وِلَايَةِ الْقَاضِي، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْهَرَوِيِّ وَأَقَرَّهُ مَا لَمْ يُنَصَّبْ لَهُمَا مُتَكَلِّمٌ خَاصٌّ، وَالْأَوْجَهُ جَوَازُ أَخْذِهِ مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِ إذَا اسْتَدَانَ لِلْإِصْلَاحِ، وَمِنْ سَهْمِ الْغَازِي الْمُتَطَوِّعِ وَمِنْ سَهْمِ الْمُؤَلَّفِ الضَّعِيفِ النِّيَّةِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إذَا مُنِعَ حَقُّهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ جَازَ لَهُ الْأَخْذُ بِنَحْوِ الْفَقْرِ وَالْغُرْمِ مُطْلَقًا، وَسَيَأْتِي فِي الرِّشْوَةِ أَنَّ غَيْرَ السُّبْكِيّ بَحَثَ الْقَطْعَ بِجَوَازِ أَخْذِهِ لِلزَّكَاةِ. (وَالْمُؤَلَّفَةُ) جَمْعُ مُؤَلَّفٍ مِنْ التَّأْلِيفِ وَهُوَ جَمْعُ الْقُلُوبِ، وَهُوَ (مَنْ أَسْلَمَ وَنِيَّتُهُ ضَعِيفَةٌ) فِي أَهْلِ الْإِسْلَامِ أَوْ فِي الْإِسْلَامِ نَفْسِهِ بِنَاءً عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSكَغَيْرِهَا كِفَايَةَ الْعُمْرِ الْغَالِبِ أَشْكَلَ؛ لِأَنَّهَا إذَا عَادَتْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهَا عَلَى الزَّوْجِ فَلَا يَبْعُدُ أَنَّهَا تُعْطَى كِفَايَتُهَا إلَى عَوْدِهَا وَوُجُوبِ نَفَقَتِهَا اهـ سم عَلَى حَجّ قَوْلُهُ (أَوْ كَسْبٍ حَلَالٍ) أَيْ وَلَيْسَ فِيهِ شُبْهَةٌ أَخْذًا مِمَّا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ أَوْ فِيهِ شُبْهَةٌ قَوِيَّةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ فَيَجِدُ سَبْعَةً) أَيْ بَلْ أَوْ خَمْسَةً أَوْ سِتَّةً لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ مِنْ يَمْلِكُ أَرْبَعَةً فَقِيرٌ عَلَى الْأَوْجَهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ لَا يَمْلِكُ إلَّا فَأْسًا) بِالْهَمْزِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: كِفَايَةُ الْعُمْرِ الْغَالِبِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَخْذِ نَفْسِهِ، أَمَّا مُمَوَّنُهُ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَقْدِيرِ ذَلِكَ فِيهِ بَلْ يُلَاحَظُ فِيهِ كِفَايَةُ مَا يَحْتَاجُهُ الْآنَ مِنْ زَوْجَةٍ وَعَبْدٍ وَدَابَّةٍ مَثَلًا بِتَقْدِيرِ بَقَائِهَا أَوْ بَدَلِهَا لَوْ عُدِمَتْ بَقِيَّةُ عُمْرِهِ الْغَالِبِ (قَوْلُهُ وَمِشَدٍّ) هُوَ الَّذِي يَنْظُرُ فِي مَصَالِحِ الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ جَوَازُ أَخْذِهِ) أَيْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْقَاضِي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْمُؤَلَّفَةُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ يُعْطُونَ وَلَوْ مَعَ الْغِنَى اهـ سم عَلَى مَنْهَجِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ جَمْعُ الْقُلُوبِ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQيُتَأَمَّلُ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّ الزَّوْجَ أَوْ الْبَعْضَ لَوْ أُعْسِرَ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَنْ أَعْسَرَ زَوْجُهَا بِنَفَقَتِهَا تَأْخُذُ مِنْ الزَّكَاةِ وَإِنْ كَانَتْ مُتَمَكِّنَةً مِنْ الْفَسْخِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْفَسْخَ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ اسْتِغْنَاؤُهَا، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الِاسْتِغْنَاءُ بِأَنْ كَانَ لَهَا قَرِيبٌ مُوسِرٌ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا لَوْ فُسِخَتْ أَنَّهَا لَا تُعْطَى فَلْيُرَاجَعْ الْحُكْمُ (قَوْلُهُ: مَنْ مَعَهُ مَالٌ يَكْفِيهِ رِبْحُهُ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْجَوَابُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ كَوْنِ الْمَالِ يَكْفِيهِ الْعُمُرَ الْغَالِبَ أَنَّهُ تَكْفِيهِ عَيْنُهُ يَصْرِفُهَا كَمَا بَنَى عَلَيْهِ

مَا عَلَيْهِ أَئِمَّتُنَا كَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْإِيمَانَ: أَيْ التَّصْدِيقَ نَفْسَهُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ كَثَمَرَتِهِ فَيُعْطَى وَلَوْ امْرَأَةً لِيُقَوِّيَ إيمَانَهُ (أَوْ) مَنْ نِيَّتُهُ قَوِيَّةٌ لَكِنْ (لَهُ شَرَفٌ) بِحَيْثُ (يَتَوَقَّعُ بِإِعْطَائِهِ إسْلَامَ غَيْرِهِ) وَلَوْ امْرَأَةً (وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُمْ يُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ) لِنَصِّ الْآيَةِ عَلَيْهِمْ فَلَوْ حُرِمُوا لَزِمَ أَنْ لَا مَحْمَلَ لَهَا، وَدَعْوَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعَزَّ الْإِسْلَامَ عَنْ التَّأْلِيفِ بِالْمَالِ إنَّمَا يَتَوَجَّهُ فِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ، عَلَى أَنَّهَا إنَّمَا تَتَّجِهُ رَدًّا لِقَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّ مُؤَلَّفَةِ الْكُفَّارِ يُعْطَوْنَ مِنْ غَيْرِ الزَّكَاةِ لَعَلَّهُمْ يُسْلِمُونَ، وَعِنْدَنَا لَا يُعْطَوْنَ مِنْهَا قَطْعًا وَلَا مِنْ غَيْرِهَا عَلَى الْأَصَحِّ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي لَا يُعْطَوْنَ. وَالثَّالِثُ يُعْطَوْنَ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ الْمُرْصَدِ لِلْمَصَالِحِ وَهَذَا مِنْهَا وَمِنْ الْمُؤَلَّفَةِ أَيْضًا مَنْ يُقَاتِلُ أَوْ يُخَوِّفُ مَانِعِي الزَّكَاةِ حَتَّى يَحْمِلَهَا مِنْهُمْ إلَى الْإِمَامِ وَمَنْ يُقَاتِلُ مَنْ يَلِيه مِنْ الْكُفَّارِ أَوْ الْبُغَاةِ فَيُعْطَيَانِ إنْ كَانَ إعْطَاؤُهُمَا أَسْهَلَ مِنْ بَعْثِ جَيْشٍ وَحَذَفَهُمَا؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ فِي مَعْنَى الْعَامِلِ، وَالثَّانِيَ فِي مَعْنَى الْغَازِي، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ الْآتِي وَإِلَّا فَالْقِسْمَةُ عَلَى سَبْعَةٍ أَنَّ الْمُؤَلَّفَ بِأَقْسَامِهِ يُعْطَى وَإِنْ قَسَمَ الْمَالِكُ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا خِلَافًا لِجَمْعٍ مُتَأَخِّرِينَ، وَجَزَمَ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ بِمَا قَالُوهُ يُنَاقِضُهُ قَوْلُهُ بَعْدَ قُبَيْلِ الْفَصْلِ الثَّانِي، وَالْمُؤَلَّفَةُ يُعْطِيهَا الْإِمَامُ أَوْ الْمَالِكُ مَا يَرَاهُ. نَعَمْ اشْتِرَاطٌ أَنَّ لِلْإِمَامِ دَخْلًا فِي الْأَخِيرَيْنِ ظَاهِرٌ لِتَعَلُّقِهِمَا بِالْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ، فَلَا وَجْهَ لِتَوَقُّفِ إعْطَاءِ الْأَوَّلَيْنِ عَلَى نَظَرِ الْإِمَامِ، ثُمَّ اشْتِرَاطُ جَمْعٍ فِي إعْطَاءِ الْأَرْبَعَةِ الِاحْتِيَاجُ إلَيْهِمْ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُعْطِي الْمُؤَلَّفَةَ إلَّا الْإِمَامُ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا مَرَّ فِي الْأَخِيرَيْنِ مِنْ اشْتِرَاطِ كَوْنِ إعْطَائِهِمَا أَسْهَلَ مِنْ بَعْثِ جَيْشٍ إذْ ذَلِكَ يُغْنِي عَنْ اشْتِرَاطِ الْحَاجَةِ إلَيْهِمَا بَلْ الضَّعْفُ وَالشَّرَفُ فِي الْأَوَّلَيْنِ كَافٍ فِي الْحَاجَةِ. (وَالرِّقَابُ الْمُكَاتَبُونَ) كَمَا فَسَّرَ بِهِمْ الْآيَةَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ بِشَرْطِ صِحَّةِ كِتَابَتِهِمْ كَمَا سَنَذْكُرُهُ فَخَرَجَ الْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِإِعْطَاءِ مَالٍ، فَإِنْ عَتَقَ بِمَا اقْتَرَضَهُ وَأَدَّاهُ فَهُوَ غَارِمٌ، وَأَنْ لَا يَكُون مَعَهُمْ وَفَاءٌ بِالنُّجُومِ وَإِنْ قَدَرُوا عَلَى الْكَسْبِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُعْطَ الْفَقِيرُ وَالْمِسْكِينُ الْقَادِرَانِ عَلَى ذَلِكَ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ حَاجَتَهُمَا تَتَحَقَّقُ يَوْمًا بِيَوْمِ وَالْكَسُوبُ يَحْصُلُ كُلَّ يَوْمٍ كِفَايَتُهُ، وَلَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُ كِفَايَةِ الدَّيْنِ إلَّا بِالتَّدْرِيجِ غَالِبًا لَا حُلُولُ النُّجُومِ تَوْسِيعًا لِطُرُقِ الْعِتْقِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَيْهِ، وَبِهِ فَارَقَ الْغَارِمَ وَلَا إذْنَ لِلسَّيِّدِ فِي الْإِعْطَاءِ، وَإِذَا صَحَحْنَا كِتَابَةَ بَعْضِ قِنٍّ كَأَنْ أَوْصَى بِكِتَابِهِ عَبْدٌ فَعَجَزَ الثُّلُثُ عَنْ كُلِّهِ لَمْ يُعْطَ، وَلَا يُعْطَى مُكَاتَبُ نَفْسِهِ مِنْ زَكَاتِهِ، وَيُسْتَرَدُّ مِنْهُ إنْ عَجَّزَ نَفْسَهُ أَوْ عَتَقَ بِغَيْرِ الْمَدْفُوعِ، وَإِنَّمَا جَازَ أَنْ يُعْطَى لِغَرِيمِهِ مِنْ زَكَاتِهِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ مِلْكٌ لِسَيِّدِهِ فَكَأَنَّهُ أَعْطَى مَمْلُوكَهُ بِخِلَافِ الْغَارِمِ. نَعَمْ مَا أَتْلَفَهُ قَبْلَ الْعِتْقِ وَالْبَرَاءَةِ لَا يُغَرَّمُ بَدَّلَهُ لِتَلَفِهِ عَلَى مِلْكِهِ مَعَ حُصُولِ الْغَرَضِ الْمَقْصُودِ، وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْ إنْفَاقِهِ فِي غَيْرِ الْعِتْقِ وَإِنْ كَانَ لَهُ كَسْبٌ لَكِنْ قَبْلَ كَسْبِ مَا عَلَيْهِ لَا بَعْدَهُ لَيُقَوِّيَ ظَنَّ حُصُولِهِ الْمُتَشَوِّفَ إلَيْهِ الشَّارِعُ. (وَالْغَارِمُ) الْمَدِينُ وَمِنْهُ مُكَاتَبٌ اسْتَدَانَ النُّجُومَ وَعَتَقَ كَمَا مَرَّ، وَإِنَّمَا يُعْطَى (إنَّ اسْتَدَانَ لِنَفْسِهِ) شَيْئًا ـــــــــــــــــــــــــــــSهُنَا، وَإِلَّا فَهُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ مُطْلَقًا عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي فِي مَعْنَى الْغَازِي) لَكِنْ جَعَلَهُمَا فِي مَعْنَى مَنْ ذَكَرَ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُقَاتِلَ وَالْمَخُوفَ يُعْطِيَانِ مِنْ سَهْمِ الْعَامِلِ، وَأَنَّ مَنْ يُقَاتِلُ مَنْ يَلِيه مِنْ الْكُفَّارِ يُعْطَى مِنْ سَهْمِ الْغُزَاةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادًا وَإِنَّمَا يُعْطَوْنَ مِنْ سَهْمِ الْمُؤَلَّفَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْمَالِكُ) أَيْ حَيْثُ قُلْنَا بِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَا مُنَاقَضَةَ (قَوْلُهُ ظَاهِرٌ) أَيْ وَمَعَ ظُهُورِهِ فِي ذَلِكَ الْمُعْتَمَدِ كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْإِعْطَاءَ لَا يَخْتَصُّ بِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ الضَّعْفُ) أَيْ كَافٍ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ صِحَّةِ كِتَابَتِهِمْ) وَكَوْنُ الْكِتَابَةِ لِجَمِيعِ الْمُكَاتَبِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: نَعَمْ مَا أَتْلَفَهُ) أَيْ مِمَّا أَخَذَهُ وَهُوَ اسْتِدْرَاكٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُعْتَرِضُ اعْتِرَاضَهُ، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَكْفِيهِ رِبْحُهُ (قَوْلُهُ:: لَا حُلُولُ النُّجُومِ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ (قَوْلُهُ وَيُسْتَرَدُّ مِنْهُ) أَيْ الزَّكَاةُ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهِ وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَمَّا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ مَا أَتْلَفَهُ قَبْلَ الْعِتْقِ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ وَتُسْتَرَدُّ إلَخْ

يَصْرِفُهُ (فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ) طَاعَةً كَانَ أَوْ مُبَاحًا وَإِنْ صَرَفَهُ فِيهَا، وَلَوْ لَمْ يَتُبْ إذَا عُلِمَ قَصْدُهُ الْإِبَاحَةَ أَوْ لَا، لَكِنَّا لَا نُصَدِّقُهُ فِيهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِقَرَائِنَ تُفِيدُ مَا ذُكِرَ، وَتَمْثِيلُ الرَّافِعِيِّ الِاسْتِدَانَةَ لِلْمَعْصِيَةِ بِمَا لَوْ اشْتَرَى خَمْرًا فِي ذِمَّتِهِ مَحْمُولٌ عَلَى كَافِرٍ اشْتَرَاهَا وَقَبَضَهَا فِي الْكُفْرِ فَيَسْتَقِرُّ بَدَلُهَا فِي ذِمَّتِهِ، أَوْ يُرَادُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ اسْتَدَانَ شَيْئًا فَقَصَدَ صَرْفَهُ فِي تَحْصِيلِ خَمْرٍ وَصَرَفَهُ فِيهِ فَالِاسْتِدَانَةُ بِهَذَا الْقَصْدِ مَعْصِيَةٌ، وَتَعْبِيرُهُ بِالِاسْتِدَانَةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، فَلَوْ أَتْلَفَ مَالَ غَيْرِهِ عَمْدًا أَوْ أَسْرَفَ فِي النَّفَقَةِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إنْ صَرَفَ الْمَالَ فِي الْمَلَاذِّ الْمُبَاحَةِ لَيْسَ بِصَرْفِ مَحَلِّهِ فِيمَنْ يَصْرِفُ مِنْ مَالِهِ إلَّا بِالِاسْتِدَانَةِ مِنْ غَيْرِ رَجَاءِ وَفَائِهِ: أَيْ حَالًّا فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ سَبَبٍ ظَاهِرٍ. لَا يُقَالُ: لَوْ أُرِيدَ هَذَا لَمْ يَتَقَيَّدْ بِالْإِسْرَافِ. لِأَنَّا نَقُولُ: الْمُرَادُ بِالْإِسْرَافِ هُنَا الزَّائِدُ عَلَى الضَّرُورَةِ أَمَّا الِاقْتِرَاضُ لِلضَّرُورَةِ فَلَا حُرْمَةَ فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي وُجُوبِ الْبَيْعِ لِلْمُضْطَرِّ الْمُعْسِرِ، وَإِنَّمَا (أُعْطِيَ) الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي لِتَقْصِيرِهِ بِالِاسْتِدَانَةِ لِلْمَعْصِيَةِ مَعَ صَرْفِهَا فِيهَا (قُلْت: الْأَصَحُّ يُعْطَى إذَا تَابَ) حَالًّا إنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَكَذَا إذَا صَرَفَهُ فِي مُبَاحٍ كَعَكْسِهِ السَّابِقِ، وَلَا يُعْطَى غَارِمٌ مَاتَ وَلَا وَفَاءَ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ عَصَى بِهِ فَوَاضِحٌ وَإِلَّا فَغَيْرُ مُحْتَاجٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُطَالِبُ بِهِ. وَالثَّانِي لَا يُعْطَى؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا اتَّخَذَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً ثُمَّ يَعُودُ (وَالْأَظْهَرُ اشْتِرَاطُ حَاجَتِهِ) أَيْ الْمُسْتَدِينِ بِأَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ قَضَى دَيْنَهُ مِمَّا مَعَهُ تَمَسْكَنَ كَمَا رَجَحَاهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْمَجْمُوعِ فَيُتْرَكُ لَهُ مِمَّا مَعَهُ مَا يَكْفِيهِ: أَيْ الْكِفَايَةُ السَّابِقَةُ لِلْعُمْرِ الْغَالِبِ فِيمَا يَظْهَرُ، ثُمَّ إنْ فَضَلَ مَعَهُ شَيْءٌ صَرَفَهُ فِي دَيْنِهِ وَتَمَّمَ لَهُ بَاقِيَهُ وَإِلَّا قَضَى عَنْهُ الْكُلَّ، وَلَا يُكَلَّفُ كَسُوبٌ الْكَسْبَ هُنَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى قَضَاءِ دَيْنِهِ مِنْهُ غَالِبًا إلَّا بِتَدْرِيجٍ، وَفِيهِ حَرَجٌ شَدِيدٌ. وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَمُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْفَلَسِ مِنْ وُجُوبِ الِاكْتِسَابِ عَلَى عَاصٍ بِالِاسْتِدَانَةِ يَجِيءُ نَظِيرُهُ هُنَا، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ ذَاكَ حَقُّ آدَمِيٍّ فَغَلُظَ فِيهِ أَكْثَرُ (دُونَ حُلُولِ الدَّيْنِ) لِأَنَّهُ يُسَمَّى الْآنَ مَدِينًا (قُلْت: الْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ حُلُولِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) . لِعَدَمِ حَاجَتِهِ إلَيْهِ الْآنَ (أَوْ) اسْتَدَانَ (لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ) أَيْ الْحَالُ بَيْنَ الْقَوْمِ بِأَنْ يَخَافَ فِتْنَةً بَيْنَ شَخْصَيْنِ أَوْ قَبِيلَتَيْنِ تَنَازَعَا فِي قَتِيلٍ أَوْ مَالٍ مُتْلَفٍ، وَإِنْ عَرَفَ قَاتَلَهُ أَوْ مُتْلِفَهُ فَيَسْتَدِينُ مَا يُسَكِّنُ بِهِ الْفِتْنَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى قَوْلِهِ وَيَسْتَرِدُّ مِنْهُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا أُعْطِيَ الْأَوَّلُ) هُوَ مَنْ اسْتَدَانَ لِنَفْسِهِ دُونَ الْمَعْصِيَةِ، وَالثَّانِي هُوَ مَنْ اسْتَدَانَ لِلْمَعْصِيَةِ وَصَرَفَهُ فِيهَا (قَوْلُهُ: لَا يُطَالِبُ بِهِ) أَيْ الْآنَ (قَوْلُهُ مِمَّا مَعَهُ تَمَسْكُنٌ) أَيْ صَارَ مِسْكِينًا (قَوْلُهُ: فَيَسْتَدِينُ مَا يَسْكُنُ بِهِ) فِي سم عَلَى حَجّ: قَدْ يُقَالُ الِاسْتِدَانَةُ بِالْقَرْضِ وَلَا يَكُونُ إلَّا حَالًا إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَتَمْثِيلُ الرَّافِعِيِّ الِاسْتِدَانَةَ لِلْمَعْصِيَةِ) هَذَا سَقَطَ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ مِنْ الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ، وَلَفْظُ الْمَتْنِ: وَالْغَارِمُ إنْ اسْتَدَانَ لِنَفْسِهِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ أُعْطِي أَوْ لِمَعْصِيَةٍ فَلَا قُلْت إلَخْ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَتَمْثِيلُ الرَّافِعِيِّ إلَخْ مِنْ تَعَلُّقِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ لِمَعْصِيَةٍ فَلَا الَّذِي سَقَطَ شَرْحُهُ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ، وَفِي نُسَخِ الشَّارِحِ أَيْضًا كِتَابَةً أُعْطِيَ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي آخِرَ السَّوَادَةِ وَإِنَّمَا أُعْطِيَ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي إلَخْ بِالْأَحْمَرِ وَهُوَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ كَمَا عَرَفْت (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَغَيْرُ مُحْتَاجٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ مُطَالَبَةَ الدَّائِنِ الَّتِي كُنَّا نُعْطِيهِ لِدَفْعِهَا قَدْ انْدَفَعَتْ عَنْهُ بِالْمَوْتِ، فَالْمُرَادُ بِالْمُطَالَبَةِ فِي قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِهِ الْمُطَالَبَةَ الدُّنْيَوِيَّةَ كَمَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ كَلَامُ الدَّمِيرِيِّ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ نَفْيُ الْمُطَالَبَةِ الْأُخْرَوِيَّةِ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي التُّحْفَةِ مِمَّا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ لِلشَّارِحِ مَعَ الْمَتْنِ أَوْ اسْتَدَانَ لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ بِحَسَبِ مَا حَلَّ بِهِ الشَّارِحُ الْمَتْنَ أَوَّلًا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنْ اسْتَدَانَ لِنَفْسِهِ الَّذِي قَطَعَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْمَتْنِ قَبْلُ وَدَخَلَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَإِنَّمَا يُعْطَى فَيَصِيرُ التَّقْدِيرُ وَإِنَّمَا يُعْطَى إنْ اسْتَدَانَ لِنَفْسِهِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ أَوْ اسْتَدَانَ لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَحِينَئِذٍ فَيَصِيرُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أُعْطِيَ غَيْرُهُ مُتَعَلِّقًا بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ، فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يُقَدِّرَ لَهُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَإِلَّا صَارَ مُهْمَلًا فَتَأَمَّلْ

وَلَوْ كَانَ ثَمَّ مَنْ يُسَكِّنُهَا غَيْرُهُ (أُعْطِيَ) إنْ حَلَّ الدَّيْنُ هُنَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ (مَعَ الْغَنِيِّ) وَلَوْ بِنَقْدٍ وَإِلَّا لَامْتَنَعَ النَّاسُ مِنْ هَذِهِ الْمَكْرُمَةِ (وَقِيلَ إنْ كَانَ غَنِيًّا بِنَقْدٍ فَلَا) يُعْطَى إذْ لَيْسَ فِي صَرْفِهِ إلَى الدَّيْنِ مَا يَهْتِكُ الْمُرُوءَةَ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْمَلْحَظَ هُنَا الْحَمْلُ عَلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ الْمُقْتَضِي عَدَمَ الْفَرْقِ، وَأَفْهَمَ ذِكْرَهُ الِاسْتِدَانَةَ الدَّالُّ عَلَيْهَا الْعَطْفُ، كَمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَوْ أَعْطَى مِنْ مَالِهِ لَمْ يُعْطَ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ اسْتَدَانَ وَوَفَّى مِنْ مَالِهِ، وَمِنْ الْغَارِمِ الضَّامِنِ لِغَيْرِهِ لَا لَتَسْكِينِ فِتْنَةٍ وَهُوَ مُعْسِرٌ بِمَا عَلَى مُعْسِرٍ فَيُعْطَى. فَإِنْ وَفَّى فَلَا رُجُوعَ كَمُعْسِرٍ مُلْتَزِمٍ بِمَا عَلَى مُوسِرٍ بِلَا إذْنٍ، وَصَرْفُهُ إلَى الْأَصِيلِ الْمُعْسِرِ أَوْلَى أَوْ هُوَ مُوسِرٌ بِمَا عَلَى مُوسِرٍ فَلَا، وَشَمَلَ ذَلِكَ الضَّمَانُ بِالْإِذْنِ وَبِدُونِهِ، وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الشِّقِّ الثَّانِي وَاسْتَوْجَهَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، أَوْ مُوسِرٌ بِمَا عَلَى مُعْسِرٍ أُعْطِيَ دُونَ الضَّامِنِ، وَمَنْ اسْتَدَانَ لِنَحْوِ عِمَارَةِ مَسْجِدٍ وَقِرَى ضَيْفٍ وَفَكِّ أَسِيرٍ يُعْطَى عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ النَّقْدِ لَا عَنْ غَيْرِهِ كَالْعَقَارِ، كَذَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِمَا، وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ: حُكْمُهُ حُكْمُ مَا لَوْ اسْتَدَانَهُ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ، وَجَزَمَ بِهِ الْحِجَازِيُّ وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْأَكْثَرِينَ وَاعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، عَلَى أَنَّهُ لَوْ قِيلَ لَا أَثَرَ لِغِنَاهُ بِالنَّقْدِ أَيْضًا حَمْلًا عَلَى هَذِهِ الْمَكْرُمَةِ الْعَامِّ نَفْعُهَا لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَا اكْتَسَبَهُ مُكَاتَبٌ وَنَحْوُ غَارِمٍ وَابْنِ سَبِيلٍ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ صَرْفُ قَدْرِ مَا أَخَذَ فِيمَا أَخَذَ لَهُ. (وَسَبِيلُ اللَّهِ تَعَالَى غُزَاةٌ لَا فَيْءَ لَهُمْ) أَيْ لَا سَهْمَ لَهُمْ فِي دِيوَانِ الْمُرْتَزِقَةِ بَلْ هُمْ مُتَطَوِّعَةٌ يَغْزُونَ إذَا نَشِطُوا بَلْ هُمْ فِي حِرَفِهِمْ وَصَنَائِعِهِمْ وَسَبِيلُ اللَّهِ وَضْعًا الطَّرِيقُ الْمُوَصِّلَةُ لَهُ تَعَالَى، ثُمَّ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْجِهَادِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُ الشَّهَادَةِ الْمُوَصِّلَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، ثُمَّ وُضِعَ عَلَى هَؤُلَاءِ؛ لِأَنَّهُمْ جَاهَدُوا لَا فِي مُقَابِلٍ فَكَانُوا أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِمْ. وَأَمَّا تَفْسِيرُ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ الْمُخَالِفِ لِمَا عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ لَهُ بِالْحَجِّ لِحَدِيثٍ فِيهِ فَقَدْ أُجِيبَ عَنْهُ: أَيْ بَعْدَ تَسْلِيمِ صِحَّتِهِ الَّتِي زَعَمَهَا الْحَاكِمُ، وَإِلَّا فَقَدْ طَعَنَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ بِأَنَّ فِي سَنَدِهِ مَجْهُولًا، وَبِأَنَّ فِيهِ عَنْعَنَةَ مُدَلِّسٍ وَبِأَنَّ فِيهِ اضْطِرَابًا بِأَنَّا لَا نَمْنَعُ أَنَّهُ يُسَمَّى بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي مُرَادِ الْآيَةِ بِسَبِيلِ اللَّهِ لَا سِيَّمَا وَخَبَرُ «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ إلَّا لِخَمْسَةٍ، ذَكَر مِنْهَا الْغَازِيَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ مَنْ ذَكَرْنَاهُ (فَيُعْطَوْنَ مَعَ الْغَنِيِّ) إعَانَةً لَهُمْ عَلَى الْغَزْوِ، وَمَرَّ أَنَّهُ لَا حَظَّ لَهُمْ فِي الْفَيْءِ كَمَا لَا حَظَّ لِأَهْلِهِ فِي الزَّكَاةِ، فَإِنْ عُدِمَ وَاضْطُرِرْنَا إلَى الْمُرْتَزِقِ أَعَانَهُ الْأَغْنِيَاءُ مِنَّا مِنْ أَمْوَالِهِمْ لَا مِنْ الزَّكَاةِ. (وَابْنُ السَّبِيلِ) هُوَ شَامِلٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فَفِيهِ تَغْلِيبٌ (مُنْشِئُ سَفَرٍ) مِنْ بَلَدِ الزَّكَاةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَطَنَهُ، وَقُدِّمَ اهْتِمَامًا بِهِ لِوُقُوعِ الْخِلَافِ الْقَوِيِّ فِيهِ إذْ إطْلَاقُهُ عَلَيْهِ مَجَازٌ لِدَلِيلٍ هُوَ عِنْدَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الثَّانِي بِجَامِعِ احْتِيَاجِ كُلٍّ لِأُهْبَةِ السَّفَرِ (أَوْ مُجْتَازٌ) بِهِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِمُلَازِمَتِهِ السَّبِيلَ، وَهِيَ الطَّرِيقُ، وَأُفْرِدَ فِي الْآيَةِ دُونَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ السَّفَرَ مَحَلُّ الْوِحْدَةِ وَالِانْفِرَادِ (وَشَرْطُهُ) مِنْ جِهَةِ الْإِعْطَاءِ لَا التَّسْمِيَةِ (الْحَاجَةُ) بِأَنْ لَا يَجِدَ مَا يَقُومُ بِحَوَائِجِ سَفَرِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ بِغَيْرِهِ وَلَوْ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَإِنْ وَجَدَ مِنْ يُقْرِضُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ مِنْ اشْتِرَاطِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَعَدَمِ وُجُودِ مُقْرِضٍ بِأَنَّ الضَّرُورَةَ فِي السَّفَرِ وَالْحَاجَةَ فِيهِ أَغْلَبُ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُفَرِّقُوا فِيهِ بَيْنَ الْقَادِرِ عَلَى الْكَسْبِ، وَلَوْ بِلَا مَشَقَّةٍ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَبَيْنَ غَيْرِهِ لِتَحَقُّقِ حَاجَتِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ هُنَا دُونَ مَا مَرَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي ذِمَّتِهِ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ مَا يَصْرِفُهُ فِي تِلْكَ الْجِهَةِ كَإِبِلِ الدِّيَةِ اهـ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَفَّى) يَعْنِي الضَّامِنَ مَا عَلَى الْأَصِيلِ بِمَا قَبَضَهُ مِنْ الزَّكَاةِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْأَصِيلِ (قَوْلُهُ: لَا فِي مُقَابِلِ) هِيَ بِمَعْنَى اللَّامِ (قَوْلُهُ وَعَدَمِ وُجُودِ مُقْرِضٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنْ وَفَّى) وَفِي عِبَارَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ، وَإِذَا قَضَى وَقَوْلُهُ فَلَا رُجُوعَ: أَيْ عَلَى الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ إذَا غَرِمَ مِنْ مَالِهِ (قَوْلُهُ: إلَى الْأَصِيلِ الْمُعْسِرِ) أَيْ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ ذَلِكَ) أَيْ ضَمَانُ الْمُوسِرِ مَا عَلَى الْمُوسِرِ (قَوْلُهُ: فِي الشِّقِّ الثَّانِي) أَيْ قَوْلِهِ وَبِدُونِهِ (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ وُجُودِ مُقْرِضٍ) تَبِعَ فِي هَذِهِ الْإِحَالَةِ

[فصل في بيان مستند الإعطاء وقدر المعطى]

(وَعَدَمُ الْمَعْصِيَةِ) سَوَاءٌ أَكَانَ السَّفَرُ طَاعَةً أَمْ مَكْرُوهًا أَمْ مُبَاحًا وَلَوْ سَفَرَ نُزْهَةٍ، بِخِلَافِ سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ بِأَنْ عَصَى بِهِ لَا فِيهِ كَسَفَرِ الْهَائِمِ، لِأَنَّ إتْعَابَ النَّفْسِ وَالدَّابَّةِ بِلَا غَرَضٍ صَحِيحٍ حَرَامٌ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِإِعْطَائِهِ إعَانَتَهُ وَلَا يُعَانُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ، فَإِنْ تَابَ أُعْطِيَ لِبَقِيَّةِ سَفَرِهِ. (وَشَرْطُ أَخْذِ الزَّكَاةِ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ الْحُرِّيَّةُ) الْكَامِلَةُ إلَّا الْمُكَاتَبَ فَلَا يُعْطَى مُبَعَّضٌ وَلَوْ فِي نَوْبَتِهِ (وَالْإِسْلَامُ) فَلَا يُدْفَعُ مِنْهَا لِكَافِرٍ إجْمَاعًا، نَعَمْ يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ كَافِرٍ وَعَبْدٍ كَيَّالٍ أَوْ جَمَالٍ أَوْ حَافِظٍ أَوْ نَحْوِهِمْ مِنْ سَهْمِ الْعَامِلِ لِأَنَّهُ أُجْرَةٌ لَا زَكَاةَ بِخِلَافِ نَحْوِ سَاعٍ وَإِنْ كَانَ مَا يَأْخُذُهُ أُجْرَةً أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا أَمَانَةَ لَهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ جَوَازُ اسْتِئْجَارِ ذَوِي الْقُرْبَى مِنْ سَهْمِ الْعَامِلِ بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ، بِخِلَافِ عَمَلِهِ فِيهِ بِلَا إجَارَةٍ؛ لِأَنَّ فِيمَا يَأْخُذُهُ حِينَئِذٍ شَائِبَةُ زَكَاةٍ، وَبِهَذَا يَخُصُّ عُمُومَ قَوْلِهِ (وَأَنْ لَا يَكُونَ هَاشِمِيًّا وَلَا مُطَّلِبِيًّا) وَإِنْ مُنِعُوا حَقَّهُمْ مِنْ الْخُمُسِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ وَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ» وَبَنُو الْمُطَّلِبِ مِنْ الْآلِ كَمَا مَرَّ، وَكَالزَّكَاةِ كُلُّ وَاجِبٍ كَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُسْلَكُ بِالنَّذْرِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ عَلَى أَوْجُهِ احْتِمَالَيْنِ، كَمَا يُؤْخَذُ تَرْجِيحُ ذَلِكَ مِنْ إفْتَاءِ الْوَالِدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الْأُضْحِيَّةَ الْوَاجِبَةُ وَالْجُزْءُ الْوَاجِبُ مِنْ أُضْحِيَّةِ التَّطَوُّعِ، وَحُرِّمَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْكُلُّ؛ لِأَنَّ مَقَامَهُ أَشْرَفُ وَحَلَّتْ لَهُ الْهَدِيَّةُ؛ لِأَنَّهَا شَأْنُ الْمُلُوكِ بِخِلَافِ الصَّدَقَةِ (وَكَذَا مَوْلَاهُمْ فِي الْأَصَحِّ) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ» وَالثَّانِي قَالَ الْمَنْعُ فِيهِمْ لِاسْتِغْنَائِهِمْ بِخُمُسِ الْخُمُسِ كَمَا تَقَدَّمَ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ بَنِي أَخَوَاتِهِمْ مَعَ صِحَّةِ حَدِيثِ «ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ» بِأَنَّ أُولَئِكَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَبٌ وَقَبَائِلُ يُنْسَبُونَ إلَيْهِمْ غَالِبًا تَمَحَّضَتْ نِسْبَتُهُمْ لِسَادَاتِهِمْ فَحُرِّمَ عَلَيْهِمْ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِمْ تَحْقِيقًا لِشَرَفِ مَوَالِيهِمْ وَلَمْ يُعْطَوْا مِنْ الْخُمُسِ لِئَلَّا يُسَاوُوهُمْ فِي جَمِيعِ شَرَفِهِمْ، وَأَفْتَى الْمُصَنِّفُ فِي بَالِغٍ تَارِكِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَا يَقْبِضُهَا لَهُ إلَّا وَلِيُّهُ: أَيْ كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ فَلَا يُعْطَى لَهُ وَإِنْ غَابَ وَلِيُّهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ طَرَأَ تَبْذِيرُهُ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يَقْبِضُهَا، وَيَجُوزُ دَفْعُهَا لِفَاسِقٍ إلَّا إنْ عُلِمَ أَنَّهُ يَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى مَعْصِيَةٍ فَيَحْرُمُ: أَيْ وَإِنْ أَجْزَأَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ، وَلِأَعْمَى دَفْعُهَا وَأَخْذُهَا كَمَا يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ: يَجُوزُ دَفْعُهَا مَرْبُوطَةً مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ بِجِنْسٍ وَلَا قَدْرٍ وَلَا صِفَةٍ، نَعَمْ الْأُولَى تَوْكِيلُهُمَا خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ. فَصْلٌ فِي بَيَانِ مُسْتَنِدِ الْإِعْطَاءِ وَقَدْرِ الْمُعْطَى (مَنْ) (طَلَبَ زَكَاةً) أَوْ لَمْ يَطْلُبْ وَأُرِيدَ إعْطَاؤُهُ وَآثَرَ الطَّلَبَ؛ لِأَنَّهُ الْأَغْلَبُ (وَعَلِمَ الْإِمَامُ) أَوْ غَيْرُهُ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَمْ يَتَقَدَّمْ هَذَا فِي كَلَامِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْ حَجّ (قَوْلُهُ وَلَوْ سَفَرَ نُزْهَةٍ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْهَائِمَ عَاصٍ بِسَفَرِهِ، وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ: وَأُلْحِقَ بِهِ: أَيْ سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ سَفَرٌ لَا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ كَسَفَرِ الْهَائِمِ (قَوْلُهُ وَحَرُمَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْكُلُّ) فَرْضًا أَوْ نَفْلًا. [فَصْلٌ فِي بَيَانِ مُسْتَنِدِ الْإِعْطَاءِ وَقَدْرِ الْمُعْطَى] (فَصْلٌ) : فِي بَيَانِ مُسْتَنِدِ الْإِعْطَاءِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقَدْرُ الْمُعْطَى) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ حُكْمِ الْإِعْطَاءِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَأُرِيدَ إعْطَاؤُهُ) أَيْ بِأَنْ اقْتَضَاهُ الْحَالُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالشِّهَابَ حَجّ، لَكِنَّهُ أَسْقَطَ مَا أَحَالَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ مِمَّا قَدَّمَهُ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْفَقِيرِ وَمَالِهِ الْغَائِبِ فِي مَرْحَلَتَيْنِ وَالْمُؤَجَّلُ مِنْ قَوْلِهِ مَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يُقْرِضُهُ انْتَهَى. فَإِنْ كَانَ الشَّارِحُ أَسْقَطَ ذَاكَ قَصْدًا فَتَبَعِيَّتُهُ هُنَا فِي هَذِهِ الْإِحَالَةِ عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَفَرَ نُزْهَةٍ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ النُّزْهَةَ غَيْرُ حَامِلَةٍ لَهُ عَلَى السَّفَرِ لِيُوَافِقَ مَا سَيَأْتِي لَهُ آخِرَ الْفَصْلِ الْآتِي. (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مُسْتَنِدِ الْإِعْطَاءِ وَقَدْرِ الْمُعْطَى

الدَّفْعِ وَاقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِهِ؛ لِأَنَّ دَخْلَهُ فِيهَا أَقْوَى مِنْ غَيْرِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ غَلَبَةُ الظَّنِّ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (اسْتِحْقَاقُهُ) لَهَا (أَوْ عَدَمُهُ عَمَلٌ بِعِلْمِهِ) وَلَا يَخْرُجُ عَلَى خِلَافِ الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ؛ لِأَنَّ أَمْرَ الزَّكَاةِ مَبْنَاهُ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ وَلَيْسَ فِيهَا إضْرَارٌ بِالْغَيْرِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ مِنْ حَالِهِ شَيْئًا (فَإِنْ) (ادَّعَى فَقْرًا أَوْ مَسْكَنَةً) وَأَنَّهُ غَيْرُ كَسُوبٍ (لَمْ يُكَلَّفْ بَيِّنَةً) لِعُسْرِهَا وَلَا يُحَلَّفْ أَيْضًا وَإِنْ اُتُّهِمَ. وَلَوْ كَانَ جِلْدًا قَوِيًّا، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَحَالُهُ يَشْهَدُ بِصِدْقِهِ بِأَنْ كَانَ شَيْخًا كَبِيرًا أَوْ زَمِنًا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَمِثْلُ الزَّكَاةِ فِيمَا ذُكِرَ الْوَقْفُ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْوَصِيَّةُ لَهُمْ (فَإِنْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ) يُغْنِيهِ (وَادَّعَى تَلَفَهُ كُلِّفَ) الْبَيِّنَةَ، وَهُوَ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ، وَلَوْ لَمْ يَكُونَا مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ بِحَالِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ. أَمَّا لَوْ كَانَ الْمَالُ قَدْرًا لَا يُغْنِيهِ لَمْ يُطَالَبْ بِبَيِّنَةٍ إلَّا عَلَى تَلَفِ ذَلِكَ الْمِقْدَارِ، وَيُعْطَى تَمَامَ كِفَايَتِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا يَمِينٍ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيِّ مَجِيءُ مَا فِي الْوَدِيعَةِ هُنَا مِنْ دَعْوَاهُ التَّلَفَ بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ أَوْ خَفِيٍّ، وَإِنْ فَرَّقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْأَصْلَ ثَمَّ عَدَمُ الضَّمَانِ وَهُنَا عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ، وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ (وَكَذَا إنْ ادَّعَى عِيَالًا فِي الْأَصَحِّ) يُكَلَّفُ بَيِّنَةً بِذَلِكَ لِسُهُولَتِهَا. وَالثَّانِي: لَا وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِيَالِ مَا تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُمْ فَغَيْرُهُمْ يَسْأَلُونَ لِأَنْفُسِهِمْ أَوْ يَسْأَلُ هُوَ لَهُمْ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ. (وَيُعْطَى مُؤَلَّفٌ) بِقَوْلِهِ بِلَا يَمِينٍ إنْ ادَّعَى ضَعْفَ نِيَّتِهِ دُونَ شَرَفٍ أَوْ قِتَالٍ لِسُهُولَةِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِمَا وَتَعَذُّرِهَا فِي الْأَوَّلِ (وَغَازٍ وَابْنُ سَبِيلٍ) بِقِسْمَيْهِ (بِقَوْلِهِمَا) مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ؛ لِأَنَّهُ لِأَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ، وَإِنَّمَا يُعْطَيَانِ عِنْدَ الْخُرُوجِ لِيَتَهَيَّآ لَهُ (وَإِنْ لَمْ يَخْرُجَا) بِأَنْ مَضَتْ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ تَقْرِيبًا، وَلَمْ يَتَرَصَّدَا لِلْخُرُوجِ وَلَا انْتَظَرَا أُهْبَةً وَلَا رُفْقَةً (اسْتَرَدَّ) مِنْهُمَا مَا أَخَذَاهُ، وَكَذَا لَوْ خَرَجَ الْغَازِي وَلَمْ يَغْزُ ثُمَّ رَجَعَ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَوْ وَصَلَ بِلَادَهُمْ وَلَمْ يُقَاتِلْ لِبُعْدِ الْعَدُوِّ لَمْ يُسْتَرَدَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى بِلَادِهِمْ، وَقَدْ وُجِدَ وَخَرَجَ بِ " رَجَعَ " مَوْتُهُ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ أَوْ الْمَقْصِدِ فَلَا يُسْتَرَدُّ مِنْهُ إلَّا مَا بَقَّى، وَإِلْحَاقُ الرَّافِعِيِّ الِامْتِنَاعَ مِنْ الْغَزْوِ بِالْمَوْتِ رَدَّهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَرَّرَ، وَلَوْ فَضَلَ شَيْءٌ مِنْهُمَا بَعْدَ رُجُوعِهِمَا اُسْتُرِدَّ فَاضِلُ ابْنِ السَّبِيلِ مُطْلَقًا، وَكَذَا فَاضِلُ الْغَازِي بَعْدَ غَزْوِهِ كَانَ شَيْئًا لَهُ وَقَعَ عُرْفًا وَلَمْ يُقَتِّرْ عَلَى نَفْسِهِ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُمَا أُعْطِيَا فَوْقَ حَاجَتَيْهِمَا. (وَيُطَالِبُ عَامِلٌ وَمُكَاتَبٌ وَغَارِمٌ) وَلَوْ لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ (بِبَيِّنَةٍ) لِسُهُولَتِهَا بِمَا ادَّعَاهُ كَمَا فِي طَلَبِهِ مِنْ رَبِّ الْمَالِ أَوْ مِنْ الْإِمَامِ إذَا بَعَثَهُ وَادَّعَى أَنَّهُ قَبَضَ الصَّدَقَةَ وَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ بِلَا تَفْرِيطٍ وَيُتَصَوَّرُ دَعْوَاهُ مَعَ عِلْمِ الْإِمَامِ بِحَالِهِ إذْ هُوَ الْبَاعِثُ لَهُ بِمَا لَوْ طَلَبَ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَإِلَّا فَالْإِعْطَاءُ وَاجِبٌ عَلَى الْإِمَامِ حَيْثُ عَلِمَ (قَوْلُهُ: عَمِلَ بِعِلْمِهِ) مَا لَمْ تُعَارِضْهُ بَيِّنَةٌ، فَإِنْ عَارَضْته عَمِلَ بِهَا دُونَ عِلْمِهِ؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ (قَوْلُهُ: الْوَقْفُ عَلَى الْفُقَرَاءِ) أَيْ فَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ مِنْ الْفُقَرَاءِ دُفِعَ لَهُ مِنْهُ بِلَا يَمِينٍ وَإِنْ كَانَ جِلْدًا قَوِيًّا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ) عِلَّةً لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ كُلِّفَ الْبَيِّنَةَ (قَوْلُهُ: عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ) أَيْ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ) أَيْ حَيْثُ قَالَ الْمُرَادُ بِالْعِيَالِ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُمْ وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ تَقْضِي الْمُرُوءَةُ بِإِنْفَاقِهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ وَغَازٍ) وَمِثْلُهُ الْمُؤَلَّفَةُ إذَا قَالُوا نَأْخُذُ لِنَدْفَعَ مَنْ خَلْفَنَا مِنْ الْكُفَّارِ أَوْ نَأْتِي بِالزَّكَاةِ مِنْ مَانِعِيهَا (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ الْحُكْمِ وَلَمْ يُذْكَرْ عَنْهُ عِلَّةً لِلرَّدِّ (قَوْلُهُ: فَاضِلُ ابْنِ السَّبِيلِ مُطْلَقًا) أَيْ قَلَّ أَوْ كَثُرَ (قَوْلُهُ: لِتَبَيُّنِ أَنَّهُمَا أُعْطِيَا فَوْقَ حَاجَتِهِمَا) هَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّهُمَا لَوْ اتَّفَقَا فِي الطَّرِيقِ أَوْ الْمَقْصِدِ بِزِيَادَةٍ عَلَى الْمُعْتَادِ اُسْتُرِدَّ الزَّائِدُ مِنْهُمَا لَتَبَيَّنَ أَنَّهُمَا أَعْطَيَا فَوْقَ حَاجَتَيْهِمَا (قَوْلُهُ وَيَتَصَوَّرُ دَعْوَاهُ) أَيْ الْعَامِلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَنَّهُ غَيْرُ كَسُوبٍ) الصَّوَابُ إثْبَاتُ أَلِفٍ قَبْلَ الْوَاوِ فِي وَأَنَّهُ إذْ هُوَ مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ الْجَلَالِ، وَلَعَلَّهَا سَقَطَتْ مِنْ الْكَتَبَةِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الشَّارِحِ) يَعْنِي فِي مَسْأَلَةِ مَا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ غَيْرُ كَسُوبٍ الَّتِي زَادَهَا كَمَا عَرَفْت (قَوْلُهُ: كَمَا فِي طَلَبِهِ مِنْ رَبِّ الْمَالِ أَوْ مِنْ الْإِمَامِ إلَخْ) مُرَادُهُ بِهَذَا تَصْوِيرُ دَعْوَى الْعَامِلِ مَعَ عِلْمِ الْإِمَامِ بِحَالِهِ

الْإِمَامِ حِصَّتَهُ مِنْ زَكَاةٍ وَصَلَتْ إلَيْهِ مِنْ نَائِبِهِ بِمَحَلِّ كَذَا لِكَوْنِ ذَلِكَ النَّائِبِ اسْتَعْمَلَهُ عَلَيْهَا حَتَّى أَوْصَلَهَا إلَيْهِ، وَقَالَ لَهُ الْإِمَامُ أُنْسِيت أَنَّك الْعَامِلُ، أَوْ مَاتَ مُسْتَعْمِلُهُ فَطَلَب مِمَّنْ تَوَلَّى مَحَلَّهُ حِصَّتَهُ، وَمَا صَوَّرَ بِهِ السُّبْكِيُّ مِنْ إتْيَانِهِ لِرَبِّ الْمَالِ وَمُطَالَبَتِهِ مَعَ جَهْلِ حَالِهِ رُدَّ بِأَنَّهُ إنْ فَرَّقَ فَلَا عَامِلَ وَإِنْ فَرَّقَ الْإِمَامُ فَلَا وَجْهَ لِمُطَالَبَةِ الْمَالِكِ، وَابْنُ الرِّفْعَةِ بِمَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ الْإِمَامُ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ فَادَّعَى أَنَّهُ قَبَضَ الصَّدَقَاتِ وَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ وَطَالَبَ بِالْأُجْرَةِ رُدَّ بِخُرُوجِهِ عَمَّا نَحْنُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَدَّعِي بِأُجْرَةٍ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ لَا مِنْ الزَّكَاةِ: وَالْأَذْرَعِيُّ بِمَا إذَا فَوَّضَ التَّفْرِقَةَ إلَيْهِ أَيْضًا ثُمَّ جَاءَ، وَادَّعَى الْقَبْضَ وَالتَّفْرِقَةَ وَطَلَبَ أُجْرَتَهُ مِنْ الْمُصَالِحِ رُدَّ بِنَظِيرِ مَا قَبْلَهُ (وَهِيَ) أَيْ الْبَيِّنَةُ فِيمَا ذَكَرَ (إخْبَارُ عَدْلَيْنِ) أَوْ عَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَإِنْ عَرَى عَنْ لَفْظِ شَهَادَةٍ وَاسْتِشْهَادٍ وَدَعْوَى عِنْدَ حَاكِمٍ (وَتُغْنِي عَنْهَا) فِي سَائِرِ الصُّوَرِ الَّتِي يَحْتَاجُ إلَى الْبَيِّنَةِ فِيهَا (الِاسْتِفَاضَةُ) بَيْنَ النَّاسِ مِنْ قَوْمٍ يَبْعُدُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، وَقَدْ يَحْصُلُ ذَلِكَ بِثَلَاثَةٍ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَاسْتِغْرَابُ ابْنِ الرِّفْعَةِ لَهُ يُرَدُّ بِأَنَّ الْغَرَضَ هُنَا حُصُولُ الظَّنِّ الْمُجَوِّزِ لِلْإِعْطَاءِ، وَهُوَ حَاصِلٌ بِذَلِكَ، وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَةِ وَمِمَّا صَرَّحَ بِذَلِكَ قَوْلُهُمْ (وَكَذَا تَصْدِيقُ رَبِّ الدَّيْنِ وَالسَّيِّدِ فِي الْأَصَحِّ) بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا يَمِينٍ وَلَا نَظَرٍ لِاحْتِمَالِ التَّوَاطُؤِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْغَالِبِ. وَالثَّانِي لَا لِاحْتِمَالِ مَا مَرَّ. وَيُؤْخَذُ مِنْ اكْتِفَائِهِمْ بِإِخْبَارِ الْغَرِيمِ هُنَا وَحْدَهُ مَعَ تُهْمَتِهِ الِاكْتِفَاءُ بِإِخْبَارِ ثِقَةٍ وَلَوْ عَدْلٍ رِوَايَةُ ظَنِّ صِدْقِهِ، بَلْ الْقِيَاسُ الِاكْتِفَاءُ بِمَنْ وَقَعَ فِي الْقَلْبِ صِدْقُهُ وَلَوْ فَاسِقًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمَا. نَعَمْ بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْغَرِيمِ وَالسَّيِّدِ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا وُثِقَ بِقَوْلِهِمَا وَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ الصِّدْقُ. قَالَ وَإِلَّا لَمْ يَفِدْ قَطْعًا. وَلَمَّا مَهَّدَ مِنْ أَوَّلِ الْفَصْلِ إلَى هُنَا مَا يُعْلَمُ بِهِ الْوَصْفُ الْمُقْتَضِي لِلِاسْتِحْقَاقِ شَرَعَ فِي بَيَانِ قَدْرِ مَا يُعْطَاهُ كُلٌّ، فَقَالَ (وَيُعْطَى الْفَقِيرُ وَالْمِسْكِينُ) إنْ لَمْ يُحْسِنْ كُلٌّ مِنْهُمَا كَسْبًا بِحِرْفَةٍ وَلَا تِجَارَةٍ (كِفَايَةَ سَنَةٍ) لِتَكْرَارِ الزَّكَاةِ كُلَّ سَنَةٍ فَتَحْصُلُ الْكِفَايَةُ بِهَا قُلْت: الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ (وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ) يُعْطَى كُلٌّ مِنْهُمَا (كِفَايَةَ الْعُمْرِ الْغَالِبِ) أَيْ مَا بَقِيَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ إغْنَاؤُهُ وَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ، فَإِنْ زَادَ عُمْرُهُ عَلَيْهِ أُعْطِيَ سَنَةً بِسَنَةٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذْ لَا حَدَّ لِلزَّائِدِ عَلَيْهَا. أَمَّا مَنْ يُحْسِنُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَابْنُ الرِّفْعَةِ) أَيْ وَمَا صَوَّرَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ رُدَّ بِخُرُوجِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ عَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ) أَيْ عَدْلِ شَهَادَةٍ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ وَامْرَأَتَيْنِ، إذْ لَوْ كَانَ الْمُعْتَبَرُ كَوْنَهُ عَدْلًا رِوَايَةً لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ التَّعَدُّدُ وَلَا الذُّكُورَةِ مَعَ الْمَرْأَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَرَى) أَيْ الْإِخْبَارُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَحْصُلُ ذَلِكَ بِثَلَاثَةٍ) أَيْ الِاسْتِفَاضَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَدْلٍ رِوَايَةُ ظَنِّ صِدْقِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُظَنَّ صِدْقُهُ لَمْ يُعْتَمَدْ قَوْلُهُ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ خَبَرَ الْعَدْلِ بِمُجَرَّدِهِ يُفِيدُ الظَّنَّ، وَلَا عِبْرَةَ بِمَا يَجِدُهُ فِي نَفْسِهِ مَعَ خَبَرِهِ (قَوْلُهُ: كِفَايَةُ الْعُمْرِ الْغَالِبِ) أَيْ وَأَمَّا الزَّوْجَةُ إذَا لَمْ يَكْفِهَا نَفَقَةُ زَوْجِهَا وَمَنْ لَهُ قَرِيبٌ تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْطُوا كِفَايَةَ يَوْمٍ بِيَوْمٍ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَوَقَّعُونَ فِي كُلِّ وَقْتٍ مَا يَدْفَعُ حَاجَتَهُمْ مِنْ تَوْسِعَةِ زَوْجِ الْمَرْأَةِ عَلَيْهَا إمَّا بِتَيَسُّرِ مَالٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَمِنْ كِفَايَةِ قَرِيبٍ لَهُ (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ) أَيْ وَإِذَا مَاتَ فِي أَثْنَائِهَا لَا يُسْتَرَدُّ مِنْهُ شَيْءٌ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْأَرْبَعَةَ الْأُوَلَ مِنْ الْأَصْنَافِ يَمْلِكُونَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِنْ أَوْهَمَ سِيَاقُهُ خِلَافَهُ، لَكِنْ سَيَأْتِي لَهُ قَرِيبًا نَقْلُ الْأَوَّلِ عَنْ السُّبْكِيّ، وَالثَّانِي عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَرَدَّهُمَا فَالصَّوَابُ إسْقَاطُ مَا ذَكَرَهُ هُنَا (قَوْلُهُ: لِكَوْنِ ذَلِكَ النَّائِبِ اسْتَعْمَلَهُ) أَيْ الْعَامِلَ وَقَوْلُهُ حَتَّى أَوْصَلَهَا إلَيْهِ أَيْ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ: رُدَّ بِأَنَّهُ إنْ فُرِّقَ فَلَا عَامِلَ إلَخْ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ: أَيْ السُّبْكِيُّ أَنَّ الْعَامِلَ قَالَ لِلْمَالِكِ أَنَا عَامِلُ الْإِمَامِ فَادْفَعْ لِي زَكَاتَك، وَرُدَّ بِأَنَّ الْكَلَامَ لَيْسَ فِي هَذَا بَلْ فِي طَلَبِ الْعَامِلِ لِحِصَّتِهِ الْمُقَابِلَةِ لِعَمَلِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ الْإِمَامَ تَرَكَ بَعْضَ الزَّكَاةِ عِنْدَ الْمَالِكِ وَأَمَرَهُ بِأَنْ يُعْطِيَ مَنْ أَرْسَلَهُ إلَيْهِ فَجَاءَ مَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ عَامِلُ الْإِمَامِ وَأَنَّهُ أَرْسَلَهُ إلَيْهِ فَيُكَلَّفُ الْبَيِّنَةَ حِينَئِذٍ.

حِرْفَةً تَكْفِيهِ لَائِقَةً كَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ فَيُعْطَى ثَمَنَ آلَةِ حِرْفَتِهِ وَإِنْ كَثُرَتْ أَوْ تِجَارَةً فَيُعْطَى رَأْسَ مَالٍ يَكْفِيهِ لِذَلِكَ رِبْحُهُ غَالِبًا بِاعْتِبَارِ عَادَةِ بَلَدِهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالنَّوَاحِي، وَتَقْدِيرُهُمْ ذَلِكَ فِي أَرْبَابِ الْمَتَاجِرِ بِاعْتِبَارِ تَعَارُفِهِمْ، وَأَمَّا فِي زَمَنِنَا فَالْأَوْجَهُ الضَّبْطُ فِيهِ بِمَا مَرَّ، وَلَوْ أَحْسَنَ أَكْثَرَ مِنْ حِرْفَةٍ وَالْكُلُّ يَكْفِيهِ أُعْطِيَ ثَمَنَ أَوْ رَأْسَ مَالِ الْأَدْنَى، وَإِنْ كَفَاهُ بَعْضُهَا فَقَطْ أُعْطِيَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ تَكْفِهِ وَاحِدَةٌ مِنْهَا أُعْطِيَ لِوَاحِدَةٍ وَزِيدَ لَهُ شِرَاءُ عَقَارٍ يُتِمُّ دَخَلَهُ بَقِيَّةَ كِفَايَتِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَالْعُمْرُ الْغَالِبُ هُنَا سِتُّونَ عَامًا وَبَعْدَهَا سَنَةٌ ثُمَّ سَنَةٌ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِإِعْطَاءِ مَنْ لَا يُحْسِنُ ذَلِكَ إعْطَاءَ نَقْدٍ يَكْفِيهِ تِلْكَ الْمُدَّةِ لِتَعَذُّرِهِ بَلْ ثَمَنُ مَا يَكْفِيهِ دَخْلُهُ (فَيَشْتَرِي بِهِ) إنْ كَانَ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَوَلِيُّهُ (عَقَارًا يَسْتَغِلُّهُ) وَيَغْتَنِي بِهِ عَنْ الزَّكَاةِ فَيَمْلِكُهُ وَيُورَثُ عَنْهُ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِلْمَصْلَحَةِ الْعَائِدَةِ عَلَيْهِ، إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ لَا يُحْسِنُ تِجَارَةً وَلَا حِرْفَةً، وَالْأَقْرَبُ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ لِلْإِمَامِ دُونَ الْمَالِكِ شِرَاءُهُ لَهُ، نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِي الْغَازِي وَلَهُ إلْزَامُهُ بِالشِّرَاءِ وَعَدَمُ إخْرَاجِهِ عَنْ مِلْكِهِ، وَحِينَئِذٍ لَيْسَ لَهُ إخْرَاجُهُ فَلَا يَحِلُّ، وَلَا يَصِحُّ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَوْ مَلَكَ هَذَا دُونَ كِفَايَةِ الْعُمْرِ الْغَالِبِ كُمِّلَ لَهُ مِنْ الزَّكَاةِ كِفَايَتُهُ كَمَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ، وَأَطَالَ فِي الرَّدِّ عَلَى بَعْضِ مُعَاصِرِيهِ فِي اشْتِرَاطِهِ اتِّصَافِهِ يَوْمَ الْإِعْطَاءِ بِالْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ: أَيْ بِاحْتِيَاجِهِ حِينَئِذٍ لِلْعَطَاءِ، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ: لَوْ كَانَ مَعَهُ تِسْعُونَ وَلَا يَكْفِيهِ إلَّا رِبْحُ مِائَةٍ أُعْطِيَ الْعَشَرَةُ الْأُخْرَى، وَإِنْ كَفَتْهُ التِّسْعُونَ لَوْ أَنْفَقَهَا مِنْ غَيْرِ اكْتِسَابٍ فِيهَا سِنِينَ لَا تَبْلُغُ الْعُمْرَ الْغَالِبَ، هَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ مَحْصُورِينَ. أَمَّا الْمَحْصُورُونَ فَسَيَأْتِي أَنَّهُمْ يَمْلِكُونَهُ. وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُمْ يَمْلِكُونَهُ عَلَى قَدْرِ كِفَايَتِهِمْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِأَقَلِّ مُتَمَوِّلٍ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْمِلْكِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ ذَاكَ مَنُوطٌ بِالْعُرْفِ لَا بِمُسْتَحِقٍّ مُعَيَّنٍ فَنَظَرٌ فِيهِ لِاجْتِهَادِهِ وَرِعَايَةِ الْحَاجَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَى الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ إنَّمَا تَقْتَضِي الْإِثْمَ عِنْدَ الْإِخْلَالِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا مُرَجِّحَ إلَّا الْكِفَايَةُ فَوَجَبَ مِلْكُهُمْ بِحَبْسِهَا وَيُحْفَظُ الْفَاضِلُ عَنْهَا إلَى وُجُودِ غَيْرِهِمْ، وَمَا ادَّعَاهُ السُّبْكِيُّ فِيمَا لَوْ زَادَتْ الزَّكَاةُ عَلَى كِفَايَةِ الْمُسْتَحِقِّينَ لِكَثْرَتِهَا وَقِلَّتِهِمْ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قِسْمَتُهَا كُلُّهَا عَلَيْهِمْ وَيَنْتَقِلُ بَعْدَهُمْ لِوَرَثَتِهِمْ يُخَالِفُهُ صَرِيحُ كَلَامِهِمْ كَمَا اعْتَرَفَ بِهِ أَوَّلًا أَنَّ مَا زَادَ مِنْ الزَّكَاةِ عَلَى كِفَايَتِهِمْ يُحْفَظُ لِوُجُودِهِمْ. وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ أَقَلِّ مَا يُدْفَعُ مِنْ الزَّكَاةِ. وَالْوَجْهُ جَوَازُ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ وَمَا فِي الْوَدَائِعِ لِابْنِ سُرَيْجٍ مِنْ أَنَّ أَقَلَّهُ نِصْفُ دِرْهَمٍ وَأَكْثَرَهُ مَا يُخْرِجُهُ مِنْ حَالِ الْفَقْرِ إلَى حَالِ الْغِنَى مَحْمُولٌ عَلَى أَوْلَوِيَّةِ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمَالِكِ عِنْدَ عَدَمِ انْحِصَارِ مُسْتَحِقِّيهَا أَوْ انْحِصَارِهِمْ وَلَمْ يُوفِ بِهِمْ الْمَالُ. (وَ) يُعْطَى (الْمُكَاتَبُ) الْمَارُّ (وَالْغَارِمُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (قَدْرَ دَيْنِهِ) مَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَفَاءٌ لِبَعْضِهِ وَإِلَّا فَمَا يُوَفِّيهِ فَقَطْ، وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي الْغَارِمِ لِغَيْرِ إصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يُعْطَى مَعَ الْغِنَى (وَابْنُ السَّبِيلِ مَا يُوصِلُهُ مَقْصَدَهُ) بِكَسْرِ الصَّادِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي طَرِيقِهِ إلَيْهِ مَالٌ (أَوْ مَوْضِعُ مَالِهِ) إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فِي طَرِيقِهِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ بِبَعْضِهِ بَعْضُ مَا يَكْفِيهِ تُمِّمَتْ لَهُ كِفَايَتُهُ وَيُعْطَى لِرُجُوعِهِ أَيْضًا إنْ عَزَمَ عَلَى الرُّجُوعِ، وَالْأَحْوَطُ تَأْخِيرُهُ إلَى شُرُوعِهِ فِيهِ إنْ تَيَسَّرَ، وَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا أَخَذُوهُ مِلْكًا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: عَقَارًا يَسْتَغِلُّهُ) أَيْ وَنَحْوَ مَاشِيَةٍ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا اهـ حَجّ (وَلَهُ أَنَّ لِلْإِمَامِ إلَخْ) أَيْ وَيَصِيرُ مِلْكًا لَهُ حَيْثُ اشْتَرَاهُ بِنِيَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ لَيْسَ لَهُ إخْرَاجُهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَلْزَمْهُ بِعَدَمِ الْإِخْرَاجِ حَلَّ وَصَحَّ الْإِخْرَاجُ وَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ، وَصَرِيحُهُ أَنَّ مُجَرَّدَ الْأَمْرِ بِالشِّرَاءِ لَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ مِنْ الْإِخْرَاجِ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ فَيُقَالُ مُجَرَّدُ الْأَمْرِ بِالشِّرَاءِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْإِلْزَامِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَلَكَ هَذَا) أَيْ مِنْ ذَكَرَ مِنْ الْفَقِيرِ وَالْمِسْكَيْنِ أَوْ مَنْ لَا يُحْسِنُ الْكَسْبَ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُمْ) أَيْ الْمَحْصُورُونَ (قَوْلُهُ: وَيَحْفَظُ الْفَاضِلَ) هَلْ يُنْقَلُ كَمَا يَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ عَدِمَ الْأَصْنَافَ إلَخْ أَنَّ الْفَاضِلَ عَنْ حَاجَتِهِمْ يُنْقَلُ، وَعَلَى ظَاهِرِ مَا هُنَا فَهَذَا مُخْتَصٌّ بِالْمَحْصُورِينَ وَذَاكَ بِغَيْرِهِمْ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: يَعْنِي فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يُنْقَلُ (قَوْلُهُ يُخَالِفُهُ صَرِيحُ كَلَامِهِمْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَمَا فِي الْوَدَائِعِ) اسْمُ كِتَابٍ (قَوْلُهُ الْمَارُّ) وَهُوَ الْمُكَاتَبُ كِتَابَةً صَحِيحَةً (قَوْلُهُ: وَالْأَحْوَطُ تَأْخِيرُهُ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

يُعْطَى لِمُدَّةِ الْإِقَامَةِ إلَّا إقَامَةَ مُدَّةِ الْمُسَافِرِينَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا لَوْ أَقَامَ لِحَاجَةٍ يَتَوَقَّعُهَا كُلَّ وَقْتٍ فَيُعْطَى لِثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ (وَ) يُعْطَى (الْغَازِي) إذَا حَانَ وَقْتُ خُرُوجِهِ (قَدْرَ حَاجَتِهِ) اللَّائِقَةِ بِهِ وَبِمُمَوَّنِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْفَارِقِيُّ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ فِي النَّفَقَةِ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: إنَّهُ غَيْرُ بَعِيدٍ وَقِيَاسًا فِي الْكِسْوَةِ (لِنَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ ذَاهِبًا وَرَاجِعًا وَمُقِيمًا هُنَاكَ) أَيْ فِي الثَّغْرِ أَوْ نَحْوِهِ إلَى الْفَتْحِ وَإِنْ طَالَتْ الْإِقَامَةُ؛ لِأَنَّ اسْمَهُ لَا يَزُولُ بِذَلِكَ، بِخِلَافِ السَّفَرِ لِابْنِ السَّبِيلِ، وَيُعْطَيَانِ جَمِيعَ الْمُؤْنَةِ لَا مَا زَادَ بِسَبَبِ السَّفَرِ فَقَطْ وَمُؤْنَةَ مَنْ تَلْزَمْهُمَا مُؤْنَتُهُ وَلَمْ يُقَدِّرُوا الْمُعْطَى لِإِقَامَةِ الْغَازِي، وَيَتَّجِهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ إعْطَاؤُهُ لِأَقَلَّ مَا تُظَنُّ إقَامَتُهُ ثُمَّ، فَإِنْ زَادَ زِيدَ لَهُ، وَيُغْتَفَرُ النَّقْلُ حِينَئِذٍ لِدَارِ الْحَرْبِ لِلْحَاجَةِ أَوْ تَنْزِلُ إقَامَتُهُ ثَمَّ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ مَنْزِلَةَ إقَامَتِهِ بِبَلَدِ الْمَالِ (وَ) يُعْطِيهِ الْإِمَامُ لَا الْمَالِكُ لِامْتِنَاعِ الْإِبْدَالِ فِي الزَّكَاةِ عَلَيْهِ (فَرَسًا) إنْ كَانَ مِمَّنْ يُقَاتِلُ فَارِسًا (وَسِلَاحًا) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِشِرَاءٍ لِمَا يَأْتِي (وَيَصِيرُ ذَلِكَ) أَيْ الْفَرَسُ وَالسِّلَاحُ (مِلْكًا لَهُ) إنْ أَعْطَى الثَّمَنَ فَاشْتَرَى لِنَفْسِهِ أَوْ دَفَعَهُمَا لَهُ الْإِمَامُ مِلْكًا لَهُ إذَا رَآهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَهُمَا لَهُ أَوْ أَعَارَهُ إيَّاهُمَا لِكَوْنِهِمَا مَوْقُوفَيْنِ عِنْدَهُ إذْ لَهُ شِرَاؤُهُمَا مِنْ هَذَا السَّهْمِ وَبَقَاؤُهُمَا وَوَقْفُهُمَا، وَتَسْمِيَةُ ذَلِكَ عَارِيَّةً مَجَازٌ إذْ الْإِمَامُ لَا يَمْلِكَهُ وَالْآخِذُ لَا يَضْمَنُهُ وَإِنْ تَلَفَ بَلْ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيهِ بِيَمِينِهِ كَالْوَدِيعِ، لَكِنْ لَمَّا وَجَبَ رَدُّهُمَا عِنْدَ انْقِضَاءِ الْحَاجَةِ مِنْهُمَا أَشْبَهَا الْعَارِيَّةَ (وَيُهَيَّأُ لَهُ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ لِلْغَازِي (وَلِابْنِ السَّبِيلِ مَرْكُوبٌ إنْ كَانَ السَّفَرُ طَوِيلًا أَوْ) قَصِيرًا وَلَكِنَّهُ (كَانَ ضَعِيفًا لَا يُطِيقُ الْمَشْيَ) بِالضَّابِطِ الْمَارِّ فِي الْحَجِّ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ دَفْعًا لِضَرُورَتِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَرَ، وَهُوَ قَوِيٌّ وَأُعْطِي الْغَازِي مَرْكُوبًا غَيْرَ الْفَرَسِ كَمَا عُلِمَ مِنْ صَرِيحِ الْعِبَارَةِ لِتَوَفُّرِ فَرَسِهِ لِلْحَرْبِ، إذْ رُكُوبُهُ فِي الطَّرِيقِ يُضْعِفُهُ (وَمَا يَنْقُلُ عَلَيْهِ الزَّادَ وَمَتَاعَهُ) لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْرًا يُعْتَادُ مِثْلُهُ حَمَلَهُ بِنَفْسِهِ) لِانْتِفَاءِ الْحَاجَةِ وَأَفْهَمَ التَّعْبِيرُ بِيُهَيَّأُ اسْتِرْدَادَ الْمَرْكُوبِ، وَمَا يَنْقُلُ عَلَيْهِ الزَّادَ وَالْمَتَاعَ إذَا رَجَعَا، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَمَحَلُّهُ فِي الْغَازِي إنْ لَمْ يُمَلِّكْهُ لَهُ الْإِمَامُ إذَا رَآهُ؛ لِأَنَّهُ لِحَاجَتِنَا إلَيْهِ أَقْوَى اسْتِحْقَاقًا مِنْ ابْنِ السَّبِيلِ فَلِذَا اُسْتُرِدَّ مِنْهُ وَلَوْ مَا مَلَّكَهُ إيَّاهُ، وَشَمَلَ إطْلَاقُهُ ابْنَ السَّبِيلِ مَا لَوْ كَانَ سَفَرُهُ لِلنُّزْهَةِ، لَكِنْ بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ مَنَعَ صَرْفِ الزَّكَاةِ فِيمَا لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ، وَالْأَوْجَهُ حَمَلَهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْحَامِلُ لَهُ عَلَى السَّفَرِ لِلنُّزْهَةِ، وَيُعْطِي الْمُؤَلَّفَ مَا يَرَاهُ الدَّافِعُ وَالْعَامِلُ أُجْرَةَ عَمَلِهِ، فَإِنْ زَادَ سَهْمُهُ عَلَيْهَا رُدَّ الْفَاضِلُ عَلَى بَقِيَّةِ الْأَصْنَافِ أَوْ نَقَصَ كُمِّلَ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ أَوْ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ، وَلَوْ رَأَى الْإِمَامُ جُعَلَ الْعَامِلِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إجَارَةً أَوْ جَعَالَةً جَازَ وَبَطَلَ سَهْمُهُ فَتُقْسَمُ الزَّكَاةُ عَلَى بَقِيَّةِ الْأَصْنَافِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ عَامِلٌ. (وَمَنْ فِيهِ صِفَتَا اسْتِحْقَاقٍ) لِلزَّكَاةِ كَفَقِيرٍ غَارِمٍ أَوْ غَازٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSإنْ وُجِدَ شَرْطُ النَّقْلِ بِأَنْ كَانَ الْمُفَرِّقُ الْمَالِكَ انْتَهَى. حَجّ: أَيْ أَمَّا إنْ كَانَ الْمُفَرِّقُ الْإِمَامَ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى اعْتِبَارِ شَرْطٍ فِيهِ؛ لِأَنَّ لَهُ النَّقْلَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، وَقَوْلُهُ إلَى شُرُوعِهِ فِيهِ: أَيْ فِي الرُّجُوعِ (قَوْلُهُ: مُدَّةِ الْمُسَافِرِينَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُعْطَى لِمَا زَادَ عَلَى مُدَّةِ الْمُسَافِرِينَ وَإِنْ كَانَ عَدَمُ خُرُوجِهِ لِانْتِظَارِ رُفْقَةٍ أَوْ أُهْبَةٍ يَعْلَمُ عَدَمَ حُصُولِهَا قَبْلَ مَا يَقْطَعُ مُدَّةَ السَّفَرِ، وَلَوْ قِيلَ بِإِعْطَائِهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ تَأَخَّرَ خُرُوجُهُ لِانْتِظَارِ مَا ذُكِرَ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: إذَا حَانَ) أَيْ دَخَلَ (قَوْلُهُ: وَيُغْتَفَرُ النَّقْلُ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْمُفَرِّقُ الْمَالِكَ. أَمَّا الْإِمَامُ فَلَهُ النَّقْلُ مُطْلَقًا فَلَا يَحْتَاجُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ لِقَوْلِهِ وَيُفْتَقَرُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِامْتِنَاعِ الْإِبْدَالِ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ لِلْإِمَامِ إبْدَالَهَا بِمَا يَرَى فِيهِ الْمَصْلَحَةَ لِلْمُسْتَحِقَّيْنِ، وَقَوْلُهُ لَهُ فَاشْتَرَى لِنَفْسِهِ: أَيْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: الْمَارِّ فِي الْحَجِّ) أَيْ بِأَنْ تَلْحَقُهُ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَا مَلَكَهُ) أَيْ شَيْئًا (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ حَمْلُهُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْحَامِلُ عَلَى السَّفَرِ مُجَرَّدَ النُّزْهَةِ لَا يُعْطَى، وَيُخَالِفُهُ مَا جَزَمَ بِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَعَدَمُ الْمَعْصِيَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ سَفَرَ نُزْهَةٍ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ النُّزْهَةُ حَامِلَةً عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[فصل في قسمة الزكاة بين الأصناف]

(يُعْطَى بِإِحْدَاهُمَا فَقَطْ) وَالْخِيَرَةُ إلَيْهِ (فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْعَطْفِ فِي الْآيَةِ. وَالثَّانِي يُعْطَى بِهِمَا لِاتِّصَافِهِ بِهِمَا نَعَمْ إنْ أَخَذَ بِالْغُرْمِ أَوْ الْفَقْرِ مَثَلًا فَأَخْذُهُ غَرِيمُهُ وَبَقِيَ فَقِيرًا أَخَذَ بِالْفَقْرِ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ كَثِيرُونَ، فَالْمُمْتَنِعُ كَمَا أَفَادَهُ الزَّرْكَشِيُّ إنَّمَا هُوَ الْأَخْذُ بِهِمَا دُفْعَةً وَاحِدَةً: أَيْ أَوْ مُرَتَّبًا، وَلَمْ يَتَصَرَّفْ فِي الْمَأْخُوذِ أَوَّلًا كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. أَمَّا مِنْ زَكَاتَيْنِ فَيَجُوزُ أَخْذُهُ مِنْ وَاحِدَةٍ بِصِفَةٍ وَمِنْ الْأُخْرَى بِصِفَةٍ أُخْرَى، كَغَازٍ هَاشِمِيٍّ يَأْخُذُ بِهِمَا مِنْ الْفَيْءِ كَمَا مَرَّ. (فَصْلٌ) فِي قِسْمَةِ الزَّكَاةِ بَيْنَ الْأَصْنَافِ وَنَقْلِهَا وَمَا يَتْبَعُهَا (يَجِبُ) (اسْتِيعَابُ الْأَصْنَافِ) الثَّمَانِيَةِ بِالزَّكَاةِ وَلَوْ زَكَاةَ الْفِطْرِ، وَإِنْ اخْتَارَ جَمْعٌ جَوَازَ دَفْعِهَا لِثَلَاثَةِ فُقَرَاءَ أَوْ مَسَاكِينَ وَآخَرُونَ جَوَازَهُ لِوَاحِدٍ، وَأَطَالَ بَعْضُهُمْ فِي الِانْتِصَارِ لَهُ، بَلْ نَقَلَ الرُّويَانِيُّ عَنْ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَآخَرِينَ جَوَازَ دَفْعِ زَكَاةِ الْمَالِ أَيْضًا إلَى ثَلَاثَةٍ مِنْ أَهْلِ السُّهْمَانِ، قَالَ: وَهُوَ الِاخْتِيَارُ لِتَعَذُّرِ الْعَمَلِ بِمَذْهَبِنَا، وَلَوْ كَانَ الشَّافِعِيُّ حَيًّا لَأَفْتَى بِهِ اهـ (إنْ قَسَمَ الْإِمَامُ) أَوْ نَائِبُهُ (وَهُنَاكَ عَامِلٌ) لَمْ يَجْعَلْ الْإِمَامُ لَهُ شَيْئًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَضَافَهَا إلَيْهِمْ جَمِيعَهُمْ فَلَمْ يَجُزْ حِرْمَانُ بَعْضِهِمْ كَمَا لَوْ أَوْصَى أَوْ أَقَرَّ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو وَبَكْرٍ، وَمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الدَّارِمِيِّ وَأَقَرَّهُ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ جَوَازِ إعْطَائِهِ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ مُتَبَرِّعٌ مَرْدُودٌ، فَالْأَوْجَهُ وِفَاقًا لِلسُّبْكِيِّ وَغَيْرِهِ جَوَازُهُ، وَإِنْ وُجِدَ فَيَسْتَحِقُّ إنْ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ فِي الْعَمَلِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ لَهُ شَيْئًا وَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَأْخُذَ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ بِالْعَمَلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَحْتَاجُ لِشَرْطٍ مِنْ الْمَخْلُوقِ، كَمَا يَسْتَحِقُّ الْغَنِيمَةَ بِالْجِهَادِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ إلَّا إعْلَاءَ كَلِمَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSاخْتِيَارِ طَرِيقٍ يَسْلُكُهُ مَثَلًا لَا عَلَى أَصْلِ السَّفَرِ فَلْيُتَأَمَّلْ. أَوْ كَانَتْ النُّزْهَةُ لِإِزَالَةِ نَحْوِ مَرَضٍ بِهِ (قَوْلُهُ: يُعْطَى بِإِحْدَاهُمَا) أَيْ مَا لَمْ تَكُنْ إحْدَى الصِّفَتَيْنِ الْفَقْرَ وَالْأُخْرَى الْيُتْمَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ بِصِفَةِ الْيُتْمِ لَا بِصِفَةِ الْفَقْرِ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ يُعْطَى مِنْ سَهْمِ الْيَتَامَى لَا مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ كَمَا مَرَّ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالرَّابِعُ وَالْخَامِسُ الْمَسَاكِينُ وَابْنُ السَّبِيلِ. [فَصْل فِي قِسْمَةِ الزَّكَاةِ بَيْنَ الْأَصْنَافِ] (قَوْلُهُ: وَمَا يَتْبَعُهَا) أَيْ مِنْ سَنِّ الْوَسْمِ وَالْإِعْلَامِ بِأَخْذِهَا (قَوْلُهُ: يَجِبُ اسْتِيعَابُ الْأَصْنَافِ) فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ مَا الْمُرَادُ بِفَقِيرِ الْبَلَدِ الَّذِي تُصْرَفُ إلَيْهِ الزَّكَاةُ، هَلْ هُوَ مَنْ أَدْرَكَ وَقْتَ الْوُجُوبِ بِنِيَّةٍ تَقْطَعُ التَّرَخُّصَ أَمْ لَا. فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ الْمُرَادُ بِفَقِيرِ الْبَلَدِ مَنْ كَانَ بِبَلَدِ الْمَالِ عِنْدَ الْوُجُوبِ صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ سم عَلَى حَجّ، وَعِبَارَتُهُ عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ هَلْ يُشَارِكُ الْقَادِمُ بَعْدَ الْحَوْلِ الْمَوْجُودِينَ عِنْدَهُ، نَعَمْ يُشَارِكُهُمْ إنْ كَانُوا غَيْرَ مَحْصُورِينَ وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ هَكَذَا مَذْكُورٌ، وَأَفْتَى شَيْخُنَا حَجّ بِخِلَافِهِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ عَلَى الْمَحْصُورِينَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ زَكَاةَ الْفِطْرِ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَارَ جَمْعٌ: أَيْ مِنْ حَيْثُ الْفَتْوَى (قَوْلُهُ: لِثَلَاثَةِ فُقَرَاءَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ عَلَى هَذَا لَا يَدْفَعُهَا لِغَيْرِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ مِنْ ذَوِي السُّهْمَانِ، وَعَلَيْهِ فَيُخَالِفُ مَا اُخْتِيرَ فِي زَكَاةِ الْمَالِ مَنْ دَفَعَهَا لِثَلَاثَةٍ مِنْ ذَوِي السُّهْمَانِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ الْفُقَرَاءِ، لَكِنْ قَالَ حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ أَوْ مَسَاكِينَ مَثَلًا، وَهِيَ تَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ بَقِيَّةِ الْأَصْنَافِ (قَوْلُهُ: قَالَ وَهُوَ الِاخْتِيَارُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْفَتْوَى، وَقَوْلُهُ فَيُعْطَى فِي الْأَخِيرَةِ يُتَأَمَّلُ مَا الْمُرَادُ بِالْأَخِيرَةِ وَلَعَلَّهَا مَنْقُولَةٌ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا؛ لِأَنَّهَا عَيْنُ قَوْلِهِ الْآتِي فَيُعْطَى فِي الْأَخِيرَةِ حِصَّةَ إلَخْ، وَقَوْلُهُ إنْ جَعَلَ لِلْعَامِلِ إلَخْ مُحْتَرَزُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (فَصْلٌ) فِي قِسْمَةِ الزَّكَاةِ بَيْنَ الْأَصْنَافِ

اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ إلَّا بِنَاقِلٍ، فَيُعْطَى فِي الْأَخِيرَةِ حِصَّةَ الصِّنْفِ كُلِّهِ لِمَنْ وُجِدَ مِنْ أَفْرَادِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَسَمَ الْمَالِكُ أَوْ الْإِمَامُ وَلَا عَامِلَ هُنَاكَ أَوْ جُعِلَ لِلْعَامِلِ أُجْرَةٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَكَأَنَّهُمْ إنَّمَا نَظَرُوا هُنَاكَ لِكَوْنِهِ فَرِيضَةً؛ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فِي الْبَدَلِ عَنْهَا فَلَمْ يَفُتْ هُنَا بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِهِمْ ثُمَّ (بِالْقِسْمَةِ عَلَى سَبْعَةٍ) مِنْهُمْ الْمُؤَلَّفُ كَمَا مَرَّ بِمَا فِيهِ (فَإِنْ فُقِدَ بَعْضُهُمْ) أَيْ السَّبْعَةُ أَوْ الثَّمَانِيَةُ وَلَمْ يُبَالِ بِشُمُولِ هَذَا الْفَقْدِ الْعَامِلُ لِتَقْدِيمِهِ حُكْمَهُ: أَيُّ صِنْفٍ فَأَكْثَرَ، أَوْ بَعْضِ صِنْفٍ مِنْ الْبَلَدِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَالِكِ وَحْدَهُ، وَمِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِمَامِ (فَعَلَى الْمَوْجُودِينَ) تَكُونُ الْقِسْمَةُ فَيُعْطَى فِي الْأَخِيرَةِ حِصَّةَ الصِّنْفِ كُلِّهِ لِمَنْ وُجِدَ مِنْ أَفْرَادِهِ؛ لِأَنَّ الْمَعْدُومَ لَا سَهْمَ لَهُ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَالْمَوْجُودُ الْآنَ أَرْبَعَةٌ: فَقِيرٌ، وَمِسْكِينُ، وَغَارِمٌ، وَابْنُ سَبِيلٍ. وَالْأَمْرُ كَمَا قَالَ فِي غَالِبِ الْبِلَادِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مِنْهُمْ حُفِظَتْ حَتَّى يُوجَدَ بَعْضُهُمْ، وَسَيَذْكُرُ هَذَا أَيْضًا بِقَوْلِهِ وَإِلَّا فَيُرَدُّ عَلَى الْبَاقِينَ، وَلَا تَكْرَارَ؛ لِأَنَّهُ ذُكِرَ هُنَا لِضَرُورَةِ التَّقْسِيمِ وَثُمَّ لِبَيَانِ الْخِلَاف (وَإِذَا قَسَمَ الْإِمَامُ) أَوْ نَائِبُهُ الْمُفَوِّضُ إلَيْهِ الصَّرْفُ (اسْتَوْعَبَ) حَتْمًا (مِنْ الزَّكَوَاتِ الْحَاصِلَةِ عِنْدَهُ آحَادُ كُلِّ صِنْفٍ) لِسُهُولَةِ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِيعَابُ جَمِيعِ الْأَصْنَافِ بِزَكَاةِ كُلِّ مَالِكٍ بَلْ لَهُ إعْطَاءُ زَكَاةِ شَخْصٍ بِكَمَالِهَا لِوَاحِدٍ وَتَخْصِيصُ وَاحِدٍ بِنَوْعٍ وَآخَرَ بِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الزَّكَوَاتِ كُلَّهَا فِي يَدِهِ كَالزَّكَاةِ الْوَاحِدَةِ، وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ فِي قَوْلِهِمْ أَوَّلَ الْفَصْلِ بِالزَّكَاةِ الْجِنْسُ، وَمَحَلُّ وُجُوبِ الِاسْتِيعَابِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ إذَا لَمْ يَقِلَّ الْمَالُ، فَإِنْ قَلَّ بِأَنْ كَانَ قَدْرًا لَوْ وَزَّعَهُ عَلَيْهِمْ لَمْ يَسُدَّ لَمْ يَلْزَمْهُ الِاسْتِيعَابُ لِلضَّرُورَةِ بَلْ يُقَدِّمُ الْأَحْوَجَ فَالْأَحْوَجَ أَخْذًا مِنْ نَظِيرِهِ فِي الْفَيْءِ (وَكَذَا يَسْتَوْعِبُ) وُجُوبًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ (الْمَالِكُ) أَوْ وَكِيلُهُ الْآحَادَ (إنْ انْحَصَرَ الْمُسْتَحِقُّونَ فِي الْبَلَدِ) بِأَنْ سَهُلَ ضَبْطُهُمْ وَمَعْرِفَةُ عَدَدِهِمْ عَادَةً، نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِي النِّكَاحِ (وَوَفَّى بِهِمْ) أَيْ بِحَاجَتِهِمْ أَيْ النَّاجِزَةِ فِيمَا يَظْهَرُ (الْمَالُ) لِسُهُولَتِهِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَمَا وَقَعَ فِي كَلَامِهِمْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ عَدَمِ الْوُجُوبِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَفِ بِهِمْ الْمَالُ كَمَا قَالَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَنْحَصِرُوا أَوْ انْحَصَرُوا، وَلَمْ يَفِ بِهِمْ الْمَالُ (فَيَجِبُ إعْطَاءُ ثَلَاثَةٍ) فَأَكْثَرَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ؛ لِأَنَّهُمْ ذُكِرُوا فِي الْآيَةِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ، وَأَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ إلَّا ابْنَ السَّبِيلِ، وَهُوَ الْمُرَادُ فِيهِ أَيْضًا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلِهِ السَّابِقِ لَمْ يَجْعَلْ الْإِمَامُ لَهُ شَيْئًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهَا ثُمَّ) أَيْ وَهُوَ مَا لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يَأْخُذَ شَيْئًا فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ الزَّكَاةِ شَيْئًا مَعَ الشَّرْطِ لَفَاتَ مَا يُقَابِلُ سُبْعَهُ بِالْكُلِّيَّةِ، بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ الْأُجْرَةَ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ فَلَمْ يَفُتْهُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: وَالْمَوْجُودُ الْآنَ) أَيْ فِي زَمَنِهِ (قَوْلُهُ: إنْ انْحَصَرَ الْمُسْتَحِقُّونَ) هَلْ يُشْتَرَطُ فِيمَنْ تُدْفَعُ إلَيْهِمْ الزَّكَاةُ كَوْنُهُمْ مِنْ بَنِي آدَمَ أَوْ لَا حَتَّى لَوْ عِلْمَ اسْتِحْقَاقَ جَمَاعَةٍ فِي الْبَلَدِ مِنْ الْجِنِّ يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَيْهِمْ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ الدَّفْعُ لِلْجِنِّ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ «صَدَقَةٌ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» إذْ الظَّاهِرُ مِنْهُ أَنَّ الْإِضَافَةَ فِيهِ لِلْعَهْدِ وَالْمَعْهُودُ فُقَرَاءُ بَنِي آدَمَ (قَوْلُهُ أَيْ النَّاجِزَةِ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِهَا اهـ سم عَلَى حَجّ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ مُؤْنَةُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَكِسْوَةُ فَصْلٍ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الْجَمْعُ، وَقَوْلُهُ الْمُرَادُ فِيهِ: أَيْ ابْنِ السَّبِيلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَيُعْطَى فِي الْأَخِيرَةِ حِصَّةَ الصِّنْفِ كُلِّهِ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْأَخِيرَةِ هُنَا (قَوْلُهُ: وَكَأَنَّهُمْ إنَّمَا نَظَرُوا هُنَاكَ لِكَوْنِهِ فَرِيضَةً) أَيْ فِيمَا إذَا شَرَطَ أَنْ لَا يَأْخُذَ شَيْئًا: أَيْ وَلَمْ يَنْظُرُوا إلَيْهِ هُنَا، وَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهُ بَلْ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُعَلَّلُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُبَالِ بِشُمُولِ هَذَا إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ الَّتِي تَبِعَهَا الشَّارِحُ فِيمَا ذَكَرَهُ مَا نَصُّهُ: إنْ أَرَادَ فِي هَذَا الشُّمُولِ تَكْرَارًا فَهُوَ لَا يَنْدَفِعُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدَّمَ حُكْمَهُ، وَقَدْ يُجَابُ عَنْ التَّكْرَارِ بِأَنَّهُ بِالْعُمُومِ فَلَيْسَ مَحْذُورًا؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى ذِكْرِ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ فَهُوَ مَمْنُوعٌ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، وَإِنْ أَرَادَ شَيْئًا آخَرَ فَلْيُحَرَّرْ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِالزَّكَاةِ) أَيْ الَّذِي مَرَّ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْأَصْنَافُ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الْجَمْعُ، وَقَوْلُهُ الْمُرَادُ فِيهِ: أَيْ فِي ابْنِ السَّبِيلِ، وَقَوْلُهُ لِمَا مَرَّ فِيهِ: أَيْ

وَإِنَّمَا أُفْرِدَ لِمَا مَرَّ فِيهِ عَلَى أَنَّ إضَافَتَهُ لِلْمَعْرِفَةِ أَوْجَبَتْ عُمُومَهُ فَكَانَ فِي مَعْنَى الْجَمْعِ، وَكَذَا قَوْلُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَحْصُورِينَ يَسْتَحِقُّونَهَا بِالْوُجُوبِ، وَيَجِبُ اسْتِيعَابُهُمْ إنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَوَفَّى بِهِمْ الْمَالُ، نَعَمْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ مُتَّحِدًا حَيْثُ حَصَلَتْ بِهِ الْكِفَايَةُ، فَإِنْ أَخَلَّ بِصِنْفٍ غُرِّمَ لَهُ حِصَّتُهُ، أَوْ بِبَعْضِ الثَّلَاثَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ غُرِّمَ لَهُ أَقَلَّ مُتَمَوِّلٍ، ثُمَّ الْإِمَامُ إنَّمَا يَضْمَنُ مِمَّا عِنْدَهُ مِنْ الزَّكَاةِ لَا مِنْ مَالِهِ بِخِلَافِ الْمَالِكِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ الْمَحْصُورِ وَغَيْرِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّعْمِيمِ وَعَدَمِهِ: أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْمِلْكِ فَمَتَى وُجِدَ وَقْتَ الْوُجُوبِ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ ثَلَاثَةٌ فَأَقَلُّ مَلَكُوهَا وَإِنْ كَانُوا وَرَثَةَ الْمُزَكِّي بِنَفْسِ الْوُجُوبِ مِلْكًا مُسْتَقِرًّا يُورَثُ عَنْهُمْ وَإِنْ كَانَ وَرَثَتُهُمْ أَغْنِيَاءَ أَوْ الْمَالِكُ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَحِينَئِذٍ تَسْقُطُ الزَّكَاةُ عَنْهُ، وَالنِّيَّةُ لِسُقُوطِ الدَّفْعِ لَا لِتَعَذُّرِ أَخْذِهِ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ، وَلَمْ يُشَارِكْهُمْ فِيهِ مَنْ حَدَثَ وَلَهُمْ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ إلَّا بِالِاسْتِبْدَالِ عَنْهُ وَالْإِبْرَاءِ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْقِيَاسُ، إذْ الْغَالِبُ عَلَى الزَّكَاةِ التَّعَبُّدُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَلَوْ انْحَصَرَ صِنْفٌ أَوْ أَكْثَرُ دُونَ الْبَقِيَّةِ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ وَتَقَدَّمَ فِي الْوَكَالَةِ جَوَازُ التَّوْكِيلِ بِمَا فِيهِ وَهُنَا أَنَّهُمْ يَمْلِكُونَ عَلَى قَدْرِ كِفَايَتِهِمْ؛ لِأَنَّهَا الْمُرَجَّحَةُ فِي هَذَا الْبَابِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. (وَتَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْأَصْنَافِ) سَوَاءٌ أَقْسَمَ الْمَالِكُ أَمْ الْإِمَامُ وَإِنْ كَانَتْ حَاجَةُ بَعْضِهِمْ أَشَدَّ لِانْحِصَارِهِمْ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ مُقْتَضَى الْجَمْعِ بَيْنَهُمْ بِوَاوِ التَّشْرِيكِ. نَعَمْ حَيْثُ اسْتَحَقَّ الْعَامِلُ لَمْ يُرَدَّ عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ، فَإِنْ زَادَ الثَّمَنُ رُدَّ الزَّائِدُ لِلْبَاقِي كَمَا يَأْتِي، أَوْ نَقَصَ تُمِّمَ مِنْ الزَّكَاةِ أَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ نَقَصَ سَهْمُ صِنْفٍ آخَرَ عَنْ كِفَايَتِهِمْ وَزَادَ سَهْمُ صِنْفٍ آخَرَ رُدَّ فَاضِلُ هَذَا عَلَى أُولَئِكَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَوَقَعَ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ تَصْحِيحٌ نَقْلَهُ لِأُولَئِكَ الصِّنْفِ، وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ (لَا بَيْنَ آحَادِ الصِّنْفِ) فَلَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ إنْ قَسَمَ الْمَالِكُ لِعَدَمِ انْضِبَاطِ الْحَاجَاتِ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا التَّفَاوُتُ، نَعَمْ يُسْتَحَبُّ التَّسَاوِي إنْ تَسَاوَتْ حَاجَاتُهُمْ، وَيُفَارِقُ هَذَا مَا قَبْلَهُ بِأَنَّ الْأَصْنَافَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا أَفْرَدَ لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَأَفْرَدَهُ فِي الْآيَةِ دُونَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ السَّفَرَ مَحَلُّ الْوِحْدَةِ وَالِانْفِرَادِ (قَوْلُهُ: فَأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَيَجِبُ اسْتِيعَابُهُمْ لَا لِقَوْلِهِ يَسْتَحِقُّونَهَا فَإِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا لَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَقَطْ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْمِلْكِ فَمَتَى وُجِدَ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِمَّا عِنْدَهُ مِنْ الزَّكَاةِ) أَيْ دُونَ سَهْمِ الْمَصَالِحِ، وَعَلَيْهِ لَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْ الزَّكَاةِ هَلْ يَسْقُطُ ذَلِكَ أَوْ يَبْقَى لَهُمْ إلَى أَنْ تُوجَدَ زَكَاةٌ أُخْرَى فَيُؤَدِّيَ مِنْهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالثَّانِي أَقْرَبُ لِاسْتِحْقَاقِهِمْ لَهُ بِدُخُولِ وَقْتِ الْوُجُوبِ فَأَشْبَهَ الدَّيْنَ عَلَى الْمُعْسِرِ (قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ صِنْفٍ) أَيْ مِنْ جَمِيعِ الْأَصْنَافِ أَوْ مِنْ بَعْضِهِمْ، وَكَذَا لَوْ وُجِدَتْ الثَّلَاثَةُ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلَهُ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ شَمَلَ ذَلِكَ الْغُزَاةَ وَالْمُسَافِرِينَ وَإِرْثَهُمْ لَا يُشْكَلُ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَخْرُجُوا اسْتَرَدَّ مَا أَخَذُوهُ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ الْغُزَاةِ وَالْمُسَافِرِينَ، وَقِيَاسُهُ أَنَّهُمْ إذَا مَاتُوا هُنَا قَبْلَ خُرُوجِهِمْ تَبَيَّنَ أَنَّهُمْ لَمْ يَمْلِكُوا، إلَّا أَنْ يُقَال: هَؤُلَاءِ لَمَّا انْحَصَرُوا مَلَكُوا مِلْكًا مُطْلَقًا وَالْأَصْلُ خُرُوجُهُمْ لَوْ لَمْ يَمُوتُوا (قَوْلُهُ: مَلَكُوهَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضُوهَا (قَوْلُهُ: إذْ الْغَالِبُ عَلَى الزَّكَاةِ) وَمُقْتَضَى هَذِهِ الْعِلَّةِ امْتِنَاعُ الِاسْتِبْدَالِ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ (قَوْلُهُ وَهُنَا أَنَّهُمْ) أَيْ وَتَقَدَّمَ هُنَا وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَيَشْتَرِي بِهِ عَقَارًا يَسْتَغِلُّهُ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُمْ يَمْلِكُونَهُ عَلَى قَدْرِ كِفَايَتِهِمْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ زَادَ الثَّمَنُ) أَيْ ثَمَنُ الزَّكَاةِ الَّذِي هُوَ حِصَّةُ الْعَامِلِ إذَا قُسِّمَتْ عَلَى ثَمَانِيَةٍ أَوْ مَا دُونَ الثُّمُنِ إنْ لَمْ تُوجَدْ الثَّمَانِيَةُ بَلْ وُجِدَ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ: رُدَّ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ نَقَلَهُ لِأُولَئِكَ أَيْ فِي بَلَدٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: وَيُفَارِقُ هَذَا) أَيْ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لَا بَيْنَ آحَادِ الصِّنْفِ وَمَا قَبْلَهُ هُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَتَجِبُ التَّسْوِيَةُ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي قَوْلِهِ وَأَفْرَدَهُ فِي الْآيَةِ دُونَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ السَّفَرَ مَحَلُّ الْوَحْدَةِ وَالِانْفِرَادِ (قَوْلُهُ: وَمَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْصِيلِ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم: قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمَحْصُورَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنْ انْحَصَرَ الْمُسْتَحِقُّونَ وَفِي قَوْلِهِ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِكِ إلَخْ وَاحِدٌ، لَكِنَّ

مَحْصُورُونَ فِي ثَمَانِيَةٍ فَأَقَلَّ وَعَدَدُ كُلِّ صِنْفٍ غَيْرُ مَحْصُورٍ غَالِبًا فَسَقَطَ اعْتِبَارُهُ (إلَّا أَنْ يَقْسِمَ الْإِمَامُ) أَوْ نَائِبُهُ وَهُنَاكَ مَا يَسُدُّ مَسَدًا لَوْ وُزِّعَ (فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّفْضِيلُ مَعَ تَسَاوِي الْحَاجَاتِ) الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا التَّفَاوُتُ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ التَّعْمِيمَ فَكَذَا التَّسْوِيَةُ؛ وَلِأَنَّهُ نَائِبُهُمْ، فَلَا يُفَاوَتُ بَيْنَهُمْ عِنْدَ تَسَاوِي حَاجَاتِهِمْ، بِخِلَافِ الْمَالِكِ فِيهِمَا، وَهَذَا مَا جَرَى عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحَيْهِ عَلَى التَّتِمَّةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ. قُلْت: مَا فِي التَّتِمَّةِ وَإِنْ كَانَ قَوِيًّا فِي الدَّلِيلِ فَهُوَ خِلَافُ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْجُمْهُورِ اسْتِحْبَابُ التَّسْوِيَةِ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي، أَمَّا لَوْ اخْتَلَفَتْ الْحَاجَاتُ فَيُرَاعِيهَا وَالْمُتَوَطَّنُونَ أَوْلَى عِنْدَ عَدَمِ وُجُوبِ التَّسْوِيَةِ، وَعَلَى مَا فِي الْكِتَابِ تُسَنُّ التَّسْوِيَةُ عِنْدَ تَسَاوِي حَاجَاتِهِمْ، وَفَارَقَ هَذَا مَا قَبْلَهُ أَنَّ الْأَصْنَافَ مَحْصُورُونَ فِي ثَمَانِيَةٍ فَأَقَلَّ، وَعَدَدُ كُلِّ صِنْفٍ غَيْرُ مَحْصُورٍ غَالِبًا فَسَقَطَ اعْتِبَارُهُ وَجَازَ التَّفْضِيلُ. (وَالْأَظْهَرُ مَنْعُ نَقْلِ الزَّكَاةِ) مِنْ بَلَدِ الْوُجُوبِ الَّذِي بِهِ الْمُسْتَحِقُّونَ إلَى بَلَدٍ آخَرَ فِيهِ مُسْتَحِقُّوهَا فَتُصْرَفُ إلَيْهِمْ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» وَلِامْتِدَادِ أَطْمَاعِ أَصْنَافِ كُلِّ بَلْدَةٍ إلَى زَكَاةِ مَا فِيهَا مِنْ الْمَالِ، وَالنَّقْلُ يُوحِشُهُمْ، وَبِهِ فَارَقَتْ الزَّكَاةَ وَالنَّذْرَ وَالْوَصِيَّةَ لِفُقَرَاءَ أَوْ مَسَاكِينَ إذَا لَمْ يَنُصَّ الْمُوصِي وَنَحْوُهُ عَلَى نَقْلٍ أَوْ غَيْرِهِ. وَالثَّانِي الْجَوَازُ لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ وَنُقِلَ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَانْتَصَرَ لَهُ وَإِذَا مَنَعْنَا النَّقْلَ حَرُمَ وَلَمْ يَجُزْ، وَعُلِمَ مِنْ إنَاطَةِ الْحُكْمِ بِبَلَدِ الْمَالِ لَا الْمَالِكِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِبَلَدِ الْمَدِينِ لَا الدَّائِنِ، لَكِنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّ لَهُ صَرْفَهَا فِي أَيِّ بَلَدٍ شَاءَ؛ لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يُوصَفُ بِأَنَّ لَهُ مَحَلًّا مَخْصُوصًا؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ تَقْدِيرِيٌّ لَا حِسِّيٌّ فَاسْتَوَتْ الْأَمَاكِنُ كُلُّهَا إلَيْهِ فَيَتَخَيَّرُ مَالِكُهُ وَمَحَلُّهُ فِي دَيْنٍ يَلْزَمُ الْمَالِكَ الْإِخْرَاجُ عَنْهُ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ وَلَمْ يَلْزَمْ إخْرَاجُهَا عَنْهُ حَالًّا فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَحَلِّ قَبْضِهِ مِنْهُ فَيُخْرِجُ حِينَئِذٍ عَلَى مُسْتَحِقِّيهِ جَمِيعَ زَكَاةِ السَّنِينِ السَّابِقَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَالْأَوَّلِ فَيَتَخَيَّرُ هُنَا أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ بِالْقَبْضِ تَبَيَّنَ تَعَلُّقُ وُجُوبِ كُلِّ حَوْلٍ مَرَّ بِهِ، وَقَدْ كَانَ حِينَئِذٍ غَيْرَ مَوْجُودٍ حِسًّا لَكِنْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ مَنْعُ نَقْلِ الزَّكَاةِ) . [فَرْعٌ] مَا حَدُّ الْمَسَافَةِ الَّتِي يُمْتَنَعُ نَقْلُ الزَّكَاةِ إلَيْهَا؟ فِيهِ تَرَدُّدٌ، وَالْمُتَّجِهُ مِنْهُ أَنَّ ضَابِطَهَا فِي الْبَلَدِ وَنَحْوِهِ مَا يَجُوزُ التَّرَخُّصُ بِبُلُوغِهِ، ثُمَّ رَأَيْت حَجّ مَشَى عَلَى ذَلِكَ فِي فَتَاوِيهِ. فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُمْتَنَعُ نَقْلُهَا إلَى مَكَان يَجُوزُ فِيهِ الْقَصْرُ وَيَجُوزُ إلَى مَا لَا يَجُوزُ فِيهِ الْقَصْرُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجِ (قَوْلُهُ: وَالْوَصِيَّةُ) أَيْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِيهَا، وَقَوْلُهُ وَإِذَا مَنَعْنَا النَّقْلَ: أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَلْزَمْ إخْرَاجُهَا عَنْهُ حَالًّا) أَيْ بِأَنْ كَانَ عَلَى مُعْسِرٍ مَثَلًا أَوْ مُؤَجَّلًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلَهُ فِي هَذَا ثَلَاثَةٌ فَأَقَلُّ يُخَالِفُ مَا فَسَّرَهُ بِهِ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ:: الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا التَّفَاوُتُ) اُنْظُرْ مَا الدَّاعِي إلَى هَذَا الْوَصْفِ هُنَا (قَوْلُهُ: عِنْدَ عَدَمِ وُجُوبِ التَّسْوِيَةِ) الْأَصْوَبُ عِنْدَ عَدَمِ وُجُوبِ الِاسْتِيعَابِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى مَا فِي الْكِتَابِ) لَعَلَّ صَوَابَهُ وَعَلَى غَيْرِ مَا فِي الْكِتَابِ، إذْ الَّذِي فِي الْكِتَابِ حُرْمَةُ التَّفْضِيلِ الْمُسْتَلْزِمَةُ لِوُجُوبِ التَّسْوِيَةِ لَا لِسَنِّهَا (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ هَذَا مَا قَبْلَهُ إلَخْ) مُكَرَّرٌ مَعَ مَا مَرَّ لَهُ مَرَّتَيْنِ وَهُوَ كَقَوْلِهِ وَعَلَى مَا فِي الْكِتَابِ إلَخْ سَاقِطٌ فِي نُسْخَةٍ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ صَحِيحَةٍ (قَوْلُهُ حَرُمَ وَلَمْ يُجَزْ) بِضَمِّ أَوَّلِ يُجَزْ قَالَ الشِّهَابُ سم: قَدْ يُقَالُ هَذَا هُوَ الْمَنْعُ فَتَرْتِيبُهُ عَلَيْهِ تَرْتِيبُ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ إذَا مَنَعْنَاهُ عَمَّمْنَا الْمَنْعَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُرَادُ بِهِ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّ لَهُ) أَيْ الدَّائِنِ. [فَائِدَةٌ] قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي كِتَابِهِ أَدَبُ الْكَاتِبِ: قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: يُقَالُ رَجُلٌ دَائِنٌ إذَا كَثُرَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَقَدْ دَانَ فَهُوَ يَدِينُ دَيْنًا، وَلَا يُقَالُ مِنْ الدَّيْنِ دِينَ فَهُوَ مَدِينٌ، وَلَا يُقَالُ مَدْيُونٌ أَيْضًا إذَا كَثُرَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ، وَلَكِنْ يُقَالُ دِينَ الْمَلِكُ فَهُوَ مَدِينٌ إذَا دَانَ النَّاسُ لَهُ، وَيُقَالُ ادَّانَ الرَّجُلُ مُشَدَّدُ الدَّالِ إذَا أَخَذَ بِالدَّيْنِ فَهُوَ مُدَانٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ فِي دَيْنٍ يَلْزَمُ الْمَالِكَ الْإِخْرَاجُ عَنْهُ) أَيْ وَهُوَ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: تَعَلُّقُ وُجُوبِ كُلِّ حَوْلٍ مَرَّ فِيهِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ:

بِاعْتِبَارِ بَلَدِ الْمَدْيُونِ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِي مَالِكٍ مُقِيمٍ بِبَلَدٍ أَوْ بَادِيَةٍ لَا يَظْعَنُ عَنْهَا، أَمَّا الْإِمَامُ فَلَهُ نَقْلُهَا مُطْلَقًا لِمَا مَرَّ أَنَّ الزَّكَوَاتِ كُلَّهَا فِي يَدِهِ كَزَكَاةٍ وَاحِدَةٍ وَكَذَا السَّاعِي، بَلْ يَلْزَمُهُ نَقْلُهَا لِلْإِمَامِ إذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي تَفْرِقَتِهَا، وَمِثْلُهُ قَاضٍ لَهُ دَخَلَ فِيهَا بِأَنْ لَمْ يُوَلِّهَا الْإِمَامُ غَيْرَهُ، وَلِمَنْ جَازَ لَهُ النَّقْلُ إذْنُ الْمَالِكِ فِيهِ فِيمَا يَظْهَرُ لَكِنْ لَا يَنْقُلُ أَوْ يَأْذَنُ إلَّا فِي عَمَلِهِ لَا خَارِجِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَقَدْ يَجُوزُ لِلْمَالِكِ أَيْضًا كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ فِي كُلِّ مَحَلٍّ عِشْرُونَ شَاةً فَلَهُ إخْرَاجُ شَاةٍ بِأَحَدِهِمَا حَذَرًا مِنْ التَّشْقِيصِ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَكَأَنْ حَالَ الْحَوْلِ وَالْمَالُ بِبَادِيَةٍ لَا مُسْتَحِقَّ بِهَا فَيُفَرِّقُهُ فِي أَقْرَبِ مَحَلٍّ إلَيْهِ بِهِ مُسْتَحِقٌّ وَلِلْمُنْتَجَعَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْخِيَامِ الَّذِينَ لَا قَرَارَ لَهُمْ صَرْفُهَا لِمَنْ مَعَهُمْ وَلَوْ بَعْضَ صِنْفٍ كَمَنْ بِسَفِينَةٍ فِي اللُّجَّةِ فِيمَا يَظْهَرُ، فَإِنْ فَقَدُوا فَلِمَنْ بِأَقْرَبِ مَحَلٍّ إلَيْهِمْ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ وَالْحُلَلِ الْمُتَمَايِزَةِ بِنَحْوِ مَرْعًى وَمَاءٍ كُلٌّ حُلَّةٌ كَبَلَدٍ فَيَحْرُمُ النَّقْلُ إلَيْهَا، بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُتَمَيِّزَةِ فَلَهُ النَّقْلُ إلَيْهَا لِمَنْ بِدُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْ مَحَلِّ الْوُجُوبِ (وَلَوْ عَدِمَ الْأَصْنَافَ فِي الْبَلَدِ) أَيْ بَلَدِ الْوُجُوبِ أَوْ فَضَلَ شَيْءٌ عَنْهُمْ (وَجَبَ النَّقْلُ) لَهَا أَوْ لِلْفَاضِلِ إلَى مِثْلِهِمْ بِأَقْرَبِ مَحَلٍّ لِمَحَلِّ الْمَالِ، فَإِنْ جَاوَزَهُ حُرُمَ وَامْتَنَعَ كَالنَّقْلِ ابْتِدَاءً وَإِنَّمَا وَجَبَ حِفْظُ دَمِ الْحَرَمِ إلَى وُجُودِ مَسَاكِينِهِ وَامْتَنَعَ نَقْلُهُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ لَهُمْ بِالنَّصِّ فَهُوَ كَمَنْ نَذَرَ تَصَدُّقًا عَلَى فُقَرَاءِ بَلَدِ كَذَا فَفُقِدُوا حَيْثُ تُحْفَظُ إلَى وُجُودِهِمْ، وَالزَّكَاةُ لَيْسَ فِيهَا نَصٌّ صَرِيحٌ بِتَخْصِيصِهَا بِالْبَلَدِ، وَإِذَا جَازَ النَّقْلُ فَمَؤُنَتُهُ عَلَى الْمَالِكِ قَبْلَ قَبَضَ السَّاعِي وَبَعْدَهُ فِي الزَّكَاةِ فَيُبَاعُ مِنْهَا مَا يَفِي بِذَلِكَ كَمَا لَوْ خَشِيَ وُقُوعَهَا فِي خَطَرٍ أَوْ احْتَاجَ لِرَدِّ جُبْرَانٍ (أَوْ) عُدِمَ (بَعْضُهُمْ) مِنْ بَلَدِ الْمَالِ وَوُجِدَ بِغَيْرِهِ أَوْ فَضَلَ شَيْءٌ عَنْهُ بِأَنْ وُجِدَ جَمِيعُهُمْ وَفَضَلَ شَيْءٌ عَنْ كِفَايَةِ بَعْضِهِمْ أَوْ وُجِدَ بَعْضُهُمْ وَفَضَلَ عَنْ كِفَايَةِ بَعْضِهِ شَيْءٌ (وَجَوَّزْنَا النَّقْلَ) مَعَ وُجُودِهِمْ (وَجَبَ) النَّقْلُ لِذَلِكَ الصِّنْفِ بِأَقْرَبِ بَلَدٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ نُجَوِّزْهُ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ (فَيُرَدَّ) بِالنَّصْبِ وُجُوبًا نَصِيبُ الْمَفْقُودِ مِنْ الْبَعْضِ أَوْ الْفَاضِلِ عَنْهُ أَوْ عَنْ بَعْضِهِ (عَلَى الْبَاقِينَ) إنْ نَقَصَ نَصِيبُهُمْ عَنْ كِفَايَتِهِمْ وَلَا يُنْقَلُ إلَى غَيْرِهِمْ لِانْحِصَارِ الِاسْتِحْقَاقِ فِيهِمْ فَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ نَقَلَهُ لِذَلِكَ الصِّنْفِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ بَلَدِ الْمَدْيُونِ) هَذَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّ لَهُ إلَخْ إلَّا أَنْ يُخَصَّ مَا سَبَقَ بِالدَّيْنِ الَّذِي تَجِبُ الزَّكَاةُ عَنْهُ حَالًّا بِأَنْ كَانَ حَالًّا عَلَى مُوسِرٍ بَاذِلٍ وَهَذَا يَخُصُّ بِخِلَافِهِ، وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ ذَاكَ لَمَّا وَجَبَتْ زَكَاتُهُ آخِرَ الْحَوْلِ وَلَمْ تَكُنْ عَيْنُهُ مَوْجُودَةً وَلَا تَوَقَّفَ وُجُوبُ الْإِخْرَاجِ عَلَى قَبْضِهِ اسْتَوَتْ الْأَمَاكِنُ فِيهِ، وَهَذَا لَمَّا لَمْ يَجِبْ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ فِيهِ إلَّا بَعْدَ الْقَبْضِ اُلْتُحِقَ بِالْأَعْيَانِ فَاعْتُبِرَ بِبَلَدِ الْمَدْيُونِ، وَهُوَ مَحَلُّ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ فَلَهُ نَقْلُهَا مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ وُجِدَ الْمُسْتَحِقُّونَ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ مَالُ غَيْرِهِ وَمَالُهُ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ عَامَّةٌ. وَقَوْلُهُ وَمِثْلُهُ قَاضٍ: أَيْ مِثْلُ السَّاعِي (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يُوَلِّهَا الْإِمَامُ غَيْرَهُ) أَيْ بِأَنْ وَلَّاهُ الْإِمَامُ وَلَمْ يُوَلِّ غَيْرَهُ. وَقَوْلُهُ حَذَرًا مِنْ التَّشْقِيصِ مَعَ الْكَرَاهَةِ اُنْظُرْ مَا طَرِيقُهُ فِي الْخُرُوجِ مِنْ الْكَرَاهَةِ، وَقَدْ يُقَالُ طَرِيقُهُ أَنْ يَدْفَعُهَا لِلْإِمَامِ أَوْ السَّاعِي وَيُخْرِجُ شَاتَيْنِ فِي الْبَلَدَيْنِ، وَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا بِالزِّيَادَةِ، وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي بَعِيرِ الزَّكَاةِ أَنْ يَقَعَ الْجَمِيعُ وَاجِبًا لِعَدَمِ تَأَتِّي التَّجْزِئَةِ (قَوْلُهُ: وَالْمَالُ بِبَادِيَةٍ) وَكَالْبَادِيَةِ الْبَحْرُ لِمُسَافِرٍ فِيهِ فَيَصْرِفُ الزَّكَاةَ لِأَقْرَبِ بَلَدٍ إلَى مَحَلِّ حَوَلَان الْحَوْلِ، وَلَوْ كَانَ الْمَالُ لِلتِّجَارَةِ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ فِي الْبَحْرِ أَوْ قِيمَةٌ قَلِيلَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْبَحْرِ فَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ أَقْرَبِ مَحَلٍّ مِنْ الْبَرِّ يَرْغَبُ فِيهِ بِثَمَنِ مِثْلِهِ، وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي السَّفِينَةِ مَنْ يَصْرِفُ لَهُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَدِمَ) مِنْ بَابِ طَرِبَ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: قَبَضَ السَّاعِي) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا مُؤْنَةَ عَلَيْهِ إذَا دَفَعَهَا لِلْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وُقُوعَهَا فِي خَطَرٍ) أَيْ هَلَاكٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَجَدَ) الْأُولَى أَوْ وَجَدَ (قَوْلُهُ: فَيَرُدَّ بِالنَّصْبِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQمَرَّ بِهِ انْتَهَتْ. وَفِيهِ مُتَعَلِّقٌ بِتَعَلُّقٍ وَلَعَلَّ مَا فِي الشَّارِحِ تَحْرِيفٌ (قَوْلُهُ: مَعَ الْكَرَاهَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِإِخْرَاجٍ (قَوْلِهِ صَرَفَهَا لِمَنْ مَعَهُمْ) يَعْنِي يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: حَرُمَ وَامْتَنَعَ) الْأَصْوَبُ حَرُمَ وَلَمْ يُجَزْ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ

بِأَقْرَبِ بَلَدٍ إلَيْهِمْ (وَقِيلَ يَنْقُلُ) إلَى أَقْرَبِ مَحَلٍّ إلَيْهِمْ لِلنَّصِّ عَلَى اسْتِحْقَاقِهِمْ فَيُقَدَّمُ عَلَى رِعَايَةِ الْمَكَانِ النَّاشِئَةِ عَنْ الِاجْتِهَادِ، وَرُدَّ بِأَنَّ النَّصَّ وَلَوْ سُلِّمَ عُمُومُهُ كَانَ فِي عُمُومِهِ فِي الْأَمْكِنَةِ خِلَافٌ فَلَا يَكُونُ صَرِيحًا فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ، وَلَوْ امْتَنَعَ مُسْتَحِقُّوهَا مِنْ أَخْذِهَا قُوتِلُوا لِتَعْطِيلِهِمْ هَذَا الشِّعَارَ الْعَظِيمَ كَتَعْطِيلِ الْجَمَاعَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ بَلْ أَوْلَى، وَلَوْ قَالَ فُرِّقَ هَذَا عَلَى الْمَسَاكِينِ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِمْ وَلَا مُمَوَّنَهُ وَإِنْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ. (وَشَرْطُ السَّاعِي) وُصِفَ بِأَحَدِ أَوْصَافِهِ الْمَارَّةِ (كَوْنُهُ حُرًّا) ذَكَرًا (عَدْلًا) فِي الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ وَلَيْسَ مِنْ ذَوِي الْقُرْبَى وَلَا مَوَالِيهِمْ وَلَا مِنْ الْمُرْتَزِقَةِ، نَعَمْ مَرَّ اغْتِفَارُ كَثِيرٍ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ فِي بَعْضِ أَنْوَاعِ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّ عَمَلَهُ لَا وِلَايَةَ فِيهِ بِوَجْهٍ فَكَانَ مَا يَأْخُذُهُ مَحْضُ أُجْرَةٍ (فَفِيهَا بِأَبْوَابِ الزَّكَاةِ) فِيمَا تَضَمَّنَتْهُ وِلَايَتُهُ كَمَا قَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لِيَعْرِفَ مَا يَأْخُذُهُ وَمَنْ يَدْفَعُهُ لَهُ، هَذَا إنْ كَانَ التَّفْوِيضُ عَامًّا (فَإِنْ عُيِّنَ لَهُ أَخْذٌ وَدَفْعٌ) فَقَطْ (لَمْ يُشْتَرَطْ) فِيهِ كَأَعْوَانِهِ مِنْ نَحْوِ حَاسِبٍ وَكَاتِبٍ وَمُشْرِفٍ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي (الْفِقْهُ) وَلَا الذُّكُورَةِ وَلَا الْحُرِّيَّةِ لِأَنَّهَا سِفَارَةٌ لَا وِلَايَةٌ، نَعَمْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْإِسْلَامِ كَغَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ لَا يُشْتَرَطُ الْإِسْلَامُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَلَى أَخْذٍ مِنْ مُعَيَّنٍ وَصَرْفٍ مِنْ مُعَيَّنٍ كَمَا يَجُوزُ تَوْكِيلُ الْآحَادِ لَهُ فِي الْقَبْضِ وَالدَّفْعِ، وَيَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ بَعْثُ السُّعَاةِ لَأَخْذِ الزَّكَاةِ (وَلِيُعْلِمَ) الْإِمَامُ أَوْ السَّاعِي نَدْبًا (شَهْرًا لِأَخْذِهَا) أَيْ الزَّكَاةِ لِيَتَهَيَّأَ أَرْبَابُ الْأَمْوَالِ لِدَفْعِهَا وَالْمُسْتَحَقُّونَ لِأَخْذِهَا، وَيُسَنُّ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ كَوْنُ ذَلِكَ الشَّهْرِ الْمُحَرَّمِ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ الْعَامِ الشَّرْعِيِّ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِيمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْحَوْلُ الْمُخْتَلِفُ، فِي حَقِّ النَّاسِ، بِخِلَافِ نَحْوِ زَرْعٍ وَثَمَرٍ لَا يُسَنُّ فِيهِ ذَلِكَ بَلْ يُبْعَثُ الْعَامِلُ وَقْتَ وُجُوبِهِ مِنْ اشْتِدَادِ الْحَبِّ وَإِدْرَاكِ الثَّمَرِ كَمَا قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُخْتَلَفُ فِي النَّاحِيَةِ الْوَاحِدَةِ كَثِيرُ اخْتِلَافٍ، وَالْأَشْبَهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَا يَبْعَثُ فِي زَكَاةِ الْحُبُوبِ إلَّا عِنْدَ تَصْفِيَتِهَا، بِخِلَافِ الثِّمَارِ فَإِنَّهَا تُخْرَصُ حِينَئِذٍ، فَإِنْ بَعَثَ خَارِصًا لَمْ يَبْعَثْ السَّاعِيَ إلَّا عِنْدَ جَفَافِهَا، وَمَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ أَنَّ مَنْ تَمَّ حَوْلُهُ وَوُجِدَ الْمُسْتَحِقُّ وَلَا عُذْرَ لَهُ يَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ فَوْرًا وَلَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ لِلْمُحَرَّمِ وَلَا لِغَيْرِهِ. (وَيُسَنُّ وَسْمُ نَعَمِ الصَّدَقَةِ وَالْفَيْءِ) وَخَيْلِهِ وَحَمِيرِهِ وَبِغَالِهِ وَفِيَلَتِهِ لِلِاتِّبَاعِ فِي بَعْضِهَا وَقِيَاسًا فِي الْبَاقِي وَلِتَتَمَيَّزَ لِيَرُدَّهَا وَاجِدُهَا وَلِئَلَّا يَتَمَلَّكَهَا الْمُتَصَدِّقُ، فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لِمَنْ تَصَدَّقَ بِشَيْءٍ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ مِمَّنْ دَفَعَهُ لَهُ بِغَيْرِ نَحْوِ إرْثٍ، أَمَّا نَحْوُ نَعَمِ غَيْرِهِمَا فَيُبَاحُ وَسْمُهُ، وَهُوَ بِمُهْمَلَةٍ وَقِيلَ مُعْجَمَةٍ التَّأْثِيرُ بِنَحْوِ كَيٍّ، وَقِيلَ الْمُهْمَلَةُ لِلْوَجْهِ وَالْمُعْجَمَةُ لِسَائِرِ الْبَدَنِ وَيَكُونُ (فِي مَوْضِعٍ) ظَاهِرٍ صُلْبٍ (لَا يَكْثُرُ شَعْرُهُ) لِيَظْهَرَ، وَالْأَوْلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ؛ لِأَنَّهُ فِي جَوَابِ النَّفْيِ، وَيَجُوزُ رَفْعُهُ بِتَقْدِيرِ مُبْتَدَإٍ: أَيْ وَإِلَّا فَهُوَ يَرُدُّ: أَيْ يَجِبُ رَدُّهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ إعْطَاءِ نَفْسِهِ وَمُمَوَّنِهِ وَإِنْ عَيَّنَ لَهُ الْمَأْخُوذَ مِنْ غَيْرِ إفْرَازٍ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ قَابِضًا مُقْبِضًا مِنْ نَفْسِهِ فَإِنْ أَفْرَزَهُ جَازَ (قَوْلُهُ: فَكَانَ مَا يَأْخُذُهُ) وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ حَيْثُ لَمْ يَسْتَأْجِرْ، أَمَّا إذَا اُسْتُؤْجِرَ فَيَجُوزُ كَوْنُهُ هَاشِمِيًّا أَوْ مُطَّلَبِيًّا (قَوْلُهُ: وَلَا الْحُرِّيَّةِ) وَقِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ تَوْكِيلِ الصَّبِيِّ فِي تَفْرِقَةِ الزَّكَاةِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْبُلُوغِ حَيْثُ عَيَّنَ لَهُ مَا يَأْخُذُهُ وَمَا يَدْفَعُهُ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ) هَلْ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُمْ يُخْرِجُونَ الزَّكَاةَ أَوْ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَوْ يَشُكَّ تَرَدَّدَ فِيهِ سم. أَقُولُ. وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي بِشِقَّيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ عِلْمِهِ بِالْإِخْرَاجِ لَا فَائِدَةَ لِلْبَعْثِ إلَّا أَنْ يُقَالَ فَائِدَتُهُ نَقْلُهَا لِلْمُحْتَاجِينَ وَإِمْكَانُ التَّعْمِيمِ وَالنَّظَرِ فِيمَا هُوَ أَصْلَحُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ) أَيْ فَإِنْ أَخَّرَ وَتَلِفَ الْمَالُ فِي يَدِهِ ضَمِنَ زَكَاتَهُ (قَوْلُهُ: فَيُبَاحُ وَسْمُهُ) وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي زَمَنِنَا مِنْ وَسْمِ الْمُلْتَزِمِينَ أَمْوَالَهُمْ بِكِتَابَةِ أَسْمَائِهِمْ عَلَى مَا يَسِمُونَ بِهِ وَلَوْ اشْتَمَلَتْ أَسْمَاؤُهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي التُّحْفَةِ هُنَا (قَوْلُهُ: وُصِفَ بِأَحَدِ أَوْصَافِهِ الْمَارَّةِ) قَالَ الْمُحَقِّقُ سم: هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ مَعْنَى الْعَامِلِ الْعَامِّ خِلَافَ مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ الْآتِي كَأَعْوَانِهِ مِنْ نَحْوِ كَاتِبٍ إلَخْ.

فِي الْغَنَمِ آذَانُهَا وَفِي غَيْرِهَا فَخِذُهَا، وَكَوْنُ مِيسَمِ الْغَنَمِ الطَّلَفَ وَفَوْقَهُ الْبَقَرُ وَفَوْقَهُ الْإِبِلُ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مِيسَمَ الْخَيْلِ فَوْقَ مِيسَمِ الْحُمْرِ وَدُونَ مِيسَمِ الْبَقَرِ وَالْبِغَالِ. وَأَنَّ الْفِيلَ فَوْقَ الْإِبِلِ، وَيُكْتَبُ عَلَى نَعَمِ الزَّكَاةِ مَا يُمَيِّزُهَا عَنْ غَيْرِهَا مِنْ زَكَاةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ طُهْرَةٌ أَوْ لِلَّهِ، وَهُوَ أَبْرَكُ وَأَوْلَى اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ؛ وَلِأَنَّهُ أَقَلُّ ضَرَرًا لِقِلَّةِ حُرُوفِهِ. قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَحَكَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَأَقَرَّهُ. وَعَلَى نَعَمِ الْجِزْيَةِ جِزْيَةٌ أَوْ صَغَارٌ بِفَتْحِ الصَّادِ: أَيْ ذُلٌّ وَهُوَ أَوْلَى، وَإِنَّمَا جَازَ لِلَّهِ مَعَ أَنَّهَا قَدْ تَتَمَرَّغُ عَلَى النَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ التَّمْيِيزُ لَا الذِّكْرُ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ قَصْدَ غَيْرِ الدِّرَاسَةِ بِالْقُرْآنِ يُخْرِجُهُ عَنْ حُرْمَتِهِ الْمُقْتَضِيَةِ لِحُرْمَةِ مَسِّهِ بِلَا طُهْرٍ، وَبِهِ يُرَدُّ مَا لِلْإِسْنَوِيِّ وَمِنْ تَبِعَهُ هُنَا، وَالْحَرْفُ الْكَبِيرُ كَكَافِّ الزَّكَاةِ أَوْ صَادِ الصَّدَقَةِ أَوْ جِيمِ الْجِزْيَةِ أَوْ فَاءِ الْفَيْءِ كَافٍ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَيُكْرَهُ) الْوَسْمُ لِغَيْرِ آدَمِيٍّ (فِي الْوَجْهِ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ (قُلْت: الْأَصَحُّ تَحْرِيمُهُ وَبِهِ جَزَمَ الْبَغَوِيّ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ) خَبَرٌ فِيهِ (لَعْنُ فَاعِلِهِ) وَهُوَ «مَرَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحِمَارٍ وَقَدْ وُسِمَ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ لَعَنَ اللَّهُ الَّذِي وَسَمَهُ» ، وَحِينَئِذٍ فَمَنْ قَالَ بِالْكَرَاهَةِ أَرَادَ كَرَاهَةَ التَّحْرِيمِ أَوْ لَمْ يَبْلُغْهُ هَذَا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) أَمَّا وَسْمُ وَجْهِ الْآدَمِيِّ فَحَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَكَذَا ضَرْبُ وَجْهِهِ كَمَا يَأْتِي فِي الْأَشْرِبَةِ، وَيَحْرُمُ الْخِصَاءُ إلَّا لِصِغَارِ مَأْكُولٍ، وَالْأَوْجُهُ ضَبْطُ الصَّغِيرِ بِالْعُرْفِ أَوْ بِمَا يُسْرِعُ مَعَهُ الْبُرْءُ وَيَخِفُّ الْأَلَمُ وَقَدْ يَرْجِعُ لِمَا قَبْلَهُ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ تَحْرِيمَ إنْزَاءِ الْخَيْلِ عَلَى الْبَقَرِ لِكِبَرِ آلَتِهَا، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ إنْزَاءٍ مُضِرٍّ ضَرَرًا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً كَذَلِكَ، وَبِهِ يُرَدُّ تَنْظِيرُ بَعْضِ الشَّارِحِينَ حَيْثُ أَلْحَقَ إنْزَاءَ الْخَيْلِ عَلَى الْحَمِيرِ بِعَكْسِهِ فِي الْكَرَاهَةِ، نَعَمْ إنْ لَمْ يَحْتَمِلْ الْأَتَانُ الْفَرَسَ لِمَزِيدِ كِبَرِ جُثَّتِهِ اُتُّجِهَتْ الْحُرْمَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى اسْمٍ مُعْظَمٍ كَعَبْدِ اللَّهِ وَمُحَمَّدٍ وَأَحْمَدَ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَزِيدُوا فِي الْوَسْمِ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ، فَإِذَا حَصَلَتْ بِالْوَسْمِ فِي مَوْضِعٍ لَا يَسِمُونَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعْذِيبِ لِلْحَيَوَانِ بِلَا حَاجَةٍ، فَإِنْ انْتَقَلَ الْمِلْكُ فِي الْمَوْسُومِ مِنْ مَالِكٍ إلَى آخَرَ جَازَ لِلثَّانِي أَنْ يَسِمَ بِمَا يُعْلِمُ بِهِ انْتِقَالَهَا إلَيْهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ الْوَسْمَ لِمَا ذُكِرَ مُبَاحٌ وَإِنْ تَمَيَّزَ بِغَيْرِ الْوَسْمِ (قَوْلُهُ وَدُونَ مِيسَمِ الْبَقَرِ وَالْبِغَالِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا مُسْتَوِيَانِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوْلَى) أَيْ صِغَارٌ (قَوْلُهُ: أَوْ فَاءِ الْفَيْءِ كَافٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَقَلَّ مِنْهُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَصْغِيرُهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا ضَرْبُ وَجْهِهِ) أَيْ الْآدَمِيِّ وَإِنْ كَانَ خَفِيفًا وَلَوْ بِقَصْدِ الْمُزَاحِ وَالتَّقْيِيدِ بِهِ لِذِكْرِ الْإِجْمَاعِ فِيهِ، وَأَمَّا وَجْهُ غَيْرِهِ فَفِيهِ الْخِلَافُ فِي وَسْمِهِ وَالرَّاجِحُ مِنْهُ التَّحْرِيمُ (قَوْلُهُ: إلَّا لِصِغَارِ مَأْكُولٍ) أَيْ وَبِشَرْطِ اعْتِدَالِ الزَّمَنِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: حَيْثُ أَلْحَقَ) الْأُولَى فِيمَنْ أَلْحَقَ؛ لِأَنَّ الْمُنْظَرَ غَيْرُ الْمُلْحَقِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ لَمْ تَحْتَمِلْ الْأَتَانُ إلَخْ) هَذَا الِاسْتِدْرَاكُ مِنْ كَلَامِ بَعْضِ الشَّارِحِينَ الْمَذْكُورِ، لَكِنَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ لَا تُفِيدُ ذَلِكَ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ بِهِ يَرِدُ النَّظَرُ فِي قَوْلِ شَارِحِ يُلْحَقُ إنْزَاءُ الْخَيْلِ إلَخْ.

[فصل في صدقة التطوع]

فَصْلٌ) فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ وَهِيَ الْمُرَادَةُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ غَالِبًا (صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ سُنَّةٌ) مُؤَكَّدَةٌ لِلْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ الْكَثِيرَةِ الشَّهِيرَةِ فِيهَا مِنْهَا الْخَبَرُ الصَّحِيحُ «كُلُّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتَّى يُفْصَلَ بَيْنَ النَّاسِ» وَقَدْ تَحْرُمُ إنْ عَلِمَ: أَيْ وَلَوْ بِغَلَبَةِ ظَنِّهِ أَنَّهُ يَصْرِفُهَا فِي مَعْصِيَةٍ. لَا يُقَالُ: تَجِبُ لِلْمُضْطَرِّ لِتَصْرِيحِهِمْ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْبَدَلِ إلَّا بَعُوضٍ وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَيْءٌ. نَعَمْ مَنْ لَمْ يَتَأَهَّلْ لِلِالْتِزَامِ، وَلَيْسَ لَهُ ثَمَّ وَلِيٌّ يُمْكِنُ جَرَيَانُ ذَلِكَ فِيهِ، وَسَيَأْتِي فِي السِّيَرِ أَنَّهُ يُلْزِمُ الْمُوسِرِينَ عَلَى الْكِفَايَةِ نَحْوَ إطْعَامِ الْمُحْتَاجِينَ (وَتَحِلُّ لِغَنِيٍّ) وَلَوْ مِنْ ذَوِي الْقُرْبَى لِخَبَرِ «تُصُدِّقَ اللَّيْلَةُ عَلَى غَنِيٍّ، فَلَعَلَّهُ أَنْ يَعْتَبِرَ فَيُنْفِقَ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ» وَيُكْرَهُ لَهُ التَّعَرُّضُ لِأَخْذِهَا وَإِنْ لَمْ يَكْفِهِ مَالُهُ أَوْ كَسْبُهُ إلَّا يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَالْأَوْجَهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ آنِفًا عَدَمُ الِاعْتِبَارِ بِكَسْبٍ حَرَامٍ أَوْ غَيْرِ لَائِقٍ بِهِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيُكْرَهُ لَهُ أَخْذُهَا وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ إنْ أَظْهَرَ الْفَاقَةَ، ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ) فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْإِطْلَاقِ غَالِبًا) أَيْ وَإِلَّا فَقَدْ تُطْلَقُ عَلَى الْوَاجِبِ كَالزَّكَاةِ، وَهَلْ تُطْلَقُ عَلَى النَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ وَدِمَاءِ الْحَجِّ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَفِي كَلَامِ الْبَهْجَةِ وَشَرْحِهَا لِلشَّيْخِ مَا يُفِيدُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: حَتَّى يَفْصِلَ بَيْنَ النَّاسِ) أَيْ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَصْرِفُهَا فِي مَعْصِيَةٍ) وَهَلْ يَمْلِكُهَا حِينَئِذٍ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُرْمَةِ عَدَمُ الْمَلِكِ كَمَا فِي بَيْعِ الْعِنَبِ لِعَاصِرِ الْخَمْرِ (قَوْلُهُ: يُمْكِنُ جَرَيَانُ ذَلِكَ) أَيْ الْوُجُوبِ الْمَفْهُومِ مِنْ يَجِبُ لِلْمُضْطَرِّ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُلْزِمُ الْمُوسِرِينَ) رَاجِعْ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُضْطَرِّ، وَقَدْ يُصَوَّرُ مَا ذَكَرَ فِي الْمُضْطَرِّ الْمُحْتَاجِ بِمَا إذَا كَانَ الْبَاذِلُ مِنْ غَيْرِ الْمَيَاسِيرِ، أَوْ كَانَ الْمُضْطَرُّ غَنِيًّا لَكِنْ فَقَدَ مَا يَتَنَاوَلُهُ وَوَجَدَهُ مَعَ غَيْرِهِ فَلَا يَلْزَمهُ دَفْعُهُ لَهُ مَجَّانًا فَلَا إشْكَالَ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكْفِهِ مَالُهُ أَوْ كَسْبُهُ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَنِيِّ هُنَا مَا يَشْمَلُ الْقَادِرَ عَلَى الْكَسْبِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ الِاعْتِبَارِ) أَيْ فَلَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ لَهُ) أَيْ لِلْغَنِيِّ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ) أَيْ الْغَنِيِّ وَلَوْ بِالْقُدْرَةِ عَلَى الْكَسْبِ، وَحِينَئِذٍ فَيَتَّضِحُ الِاسْتِثْنَاءُ الْآتِي عَنْ الْغَزَالِيِّ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: إنْ أَظْهَرَ الْفَاقَةَ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ السُّؤَالُ لِمَنْ يَعْرِفُ (قَوْلُهُ: إنْ أَظْهَرَ الْفَاقَةَ) أَيْ أَوْ سَأَلَ اهـ حَجّ: أَيْ وَمَعَ حُرْمَةِ الْقَبُولِ حِينَئِذٍ يَمْلِكُ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُ سم: يَمْلِكُ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ: أَيْ فِيمَا لَوْ سَأَلَ، أَمَّا لَوْ أَظْهَرَ الْفَاقَةَ وَظَنَّهُ الدَّافِعُ مُتَّصِفًا بِهَا لَمْ يَمْلِكْ مَا أَخَذَهُ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ مِنْ غَيْرِ رِضًا مِنْ صَاحِبِهِ إذْ لَمْ يَسْمَحْ لَهُ إلَّا عَنْ ظَنِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ] (فَصْلٌ) فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ تَحْرُمُ إنْ عَلِمَ إلَخْ) أَيْ وَكَمَا يَأْتِي فِي اسْتِدْرَاكِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي (قَوْلُهُ: أَيْ وَلَوْ بِغَلَبَةِ ظَنِّهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ حَقِيقَةَ الْعِلْمِ مُبَايِنَةٌ لِحَقِيقَةِ الظَّنِّ فَلَا يَصِحُّ أَخْذُهُ غَايَةً فِيهِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَقَدْ تَحْرُمُ إنْ عَلِمَ وَكَذَا إنْ ظَنَّ فِيمَا يَظْهَرُ إلَخْ (قَوْلُهُ: يُمْكِنُ جَرَيَانُ ذَلِكَ فِيهِ) قَالَ الشِّهَابُ حَجّ: حَيْثُ لَمْ يَنْوِ الرُّجُوعَ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ سم مَا نَصُّهُ: فِيهِ نَظَرٌ دَقِيقٌ فَتَأَمَّلْهُ. اهـ. وَكَأَنَّ وَجْهَ النَّظَرِ أَنَّهُ صَارَ بِالْقَيْدِ الْمَذْكُورِ مُخَيَّرًا بَيْنَ الصَّدَقَةِ وَبَيْنَ دَفْعِهِ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ فَلَمْ تَجِبْ الصَّدَقَةُ عَيْنًا فَسَاوَى الْمُتَأَهِّلَ وَمَنْ لَهُ وَلِيٌّ حَاضِرٌ، إذْ لَا خَفَاءَ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِيهِ أَيْضًا بَيْنَ الصَّدَقَةِ وَبَيْنَ الْبَذْلِ بِعِوَضٍ، وَكَأَنَّ الشَّارِحَ إنَّمَا حَذَفَ هَذَا الْقَيْدَ لِهَذَا النَّظَرِ، لَكِنَّهُ إنَّمَا يَتِمُّ لَهُ إنْ كَانَ الْحُكْمُ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى غَيْرِ الْمُتَأَهِّلِ

وَاسْتَثْنَى فِي الْإِحْيَاءِ مِنْ تَحْرِيمِ سُؤَالِ الْقَادِرِ عَلَى الْكَسْبِ مَا لَوْ كَانَ يَسْتَغْرِقُ الْوَقْتَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، وَفِيهِ أَيْضًا سُؤَالُ الْغَنِيِّ حَرَامٌ إنْ وَجَدَ مَا يَكْفِيهِ هُوَ وَمُمَوَّنَهُ يَوْمَهُمْ وَلَيْلَتَهُمْ وَسُتْرَتَهُمْ وَآنِيَةً يَحْتَاجُونَ إلَيْهَا، وَالْأَوْجَهُ جَوَازُ سُؤَالِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ بَعْدَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إنْ كَانَ السُّؤَالُ عِنْدَ نَفَاذِ ذَلِكَ غَيْرَ مُتَيَسِّرٍ وَإِلَّا امْتَنَعَ، وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ غَايَةَ ذَلِكَ بِسَنَةٍ، وَنَازَعَ الْأَذْرَعِيُّ فِي التَّحْدِيدِ بِهَا وَبَحَثَ جَوَازَ طَلَبِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ إلَى وَقْتٍ يَعْلَمُ عَادَةً تَيَسُّرَ السُّؤَالِ وَالْإِعْطَاءِ فِيهِ، وَلَا يَحْرُمُ عَلَى مَنْ عَلِمَ غِنَى سَائِلٍ أَوْ مُظْهِرٍ لِلْفَاقَةِ الدَّفْعُ إلَيْهِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ، كَمَا صَرَّحَ بِعَدَمِهَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ إنَّمَا هِيَ لِتَغْرِيرِهِ بِإِظْهَارِ الْفَاقَةِ مَنْ لَا يُعْطِيهِ لَوْ عَلِمَ غِنَاهُ، فَمَنْ عَلِمَ وَأَعْطَاهُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ تَغْرِيرٌ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ سُؤَالَ مَا اُعْتِيدَ سُؤَالُهُ مِنْ الْأَصْدِقَاءِ وَنَحْوِهِمْ مِمَّا لَا يَشُكُّ فِي رِضَا بَاذِلِهِ وَإِنْ عَلِمَ غِنَى آخِذِهِ لَا حُرْمَةَ فِيهِ وَلَوْ عَلَى الْغَنِيِّ لِاعْتِيَادِ الْمُسَامَحَةِ بِهِ، وَمَنْ أَعْطَى لِوَصْفٍ يَظُنُّ بِهِ كَفَقْرٍ أَوْ صَلَاحٍ أَوْ نَسَبٍ أَوْ عَلِمَ وَهُوَ فِي الْبَاطِنِ بِخِلَافِهِ أَوْ كَانَ بِهِ وَصْفٌ بَاطِنًا بِحَيْثُ لَوْ عَلِمَ لَمْ يُعْطِهِ حُرِّمَ عَلَيْهِ الْأَخْذُ مُطْلَقًا، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي الْهَدِيَّةِ أَيْضًا فِيمَا يَظْهَرُ، بَلْ الْأَوْجَهُ إلْحَاقُ سَائِرِ عُقُودِ التَّبَرُّعِ بِهَا كَوَصِيَّةٍ وَهِبَةٍ وَنَذْرٍ وَوَقْفٍ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ نَدْبَ التَّنَزُّهِ عَنْ قَبُولِ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ إلَّا إنْ حَصَلَ لِلْمُعْطَى نَحْوَ تَأَذٍّ أَوْ قَطْعِ رَحِمٍ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ فِي الْأَخْذِ نَحْوَ شَكٍّ فِي الْحِلِّ أَوْ هَتْكٍ لِلْمُرُوءَةِ أَوْ دَنَاءَةٍ فِي التَّنَاوُلِ لِئَلَّا يُعَارِضَهُ خَبَرُ «مَا أَتَاك مِنْ هَذَا الْمَالِ وَأَنْتَ غَيْرُ مُسْتَشْرِفٍ وَلَا سَائِلٍ فَخُذْهُ» ، وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ: مَتَى أَذَلَّ نَفْسَهُ أَوْ أَلَحَّ فِي السُّؤَالِ أَوْ آذَى الْمَسْئُولَ حُرِّمَ اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَفِي الْإِحْيَاءِ: مَتَى أَخَذَ مَنْ جَوَّزْنَا لَهُ الْمَسْأَلَةَ عَالِمًا بِأَنَّ بَاعِثَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْفَاقَةِ (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى) أَيْ الْغَزَالِيُّ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ كَانَ يَسْتَغْرِقُ الْوَقْتَ) أَيْ بِحَيْثُ كَانَ اشْتِغَالُهُ بِالْعِلْمِ يَمْنَعُهُ مِنْ الِاكْتِسَابِ وَمِنْهُ مَا لَوْ كَانَ الزَّمَنُ الَّذِي يَزِيدُ عَلَى أَوْقَاتِ الِاشْتِغَالِ لَا يَتَأَتَّى لَهُ فِيهِ الِاكْتِسَابُ عَادَةً فَهُوَ كَالْعَدَمِ (قَوْلُهُ: سُؤَالُ الْغَنِيِّ حَرَامٌ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ يَمْلِكُ مَا أَخَذَهُ، وَمَحَلُّ حُرْمَةِ السُّؤَالِ فِي غَيْرِ مَا اُعْتِيدَ سُؤَالُهُ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَآنِيَةً يَحْتَاجُونَ إلَيْهَا) قَالَ فِي الْقُوتِ عَنْ الْإِحْيَاءِ: وَيَكْفِي كَوْنُهَا خَزَفِيَّةً اهـ سم عَلَى حَجّ. وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَلْقَ بِهِمْ وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: وَنَازَعَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ: مَا اُعْتِيدَ سُؤَالُهُ، أَيْ كَقَلَمٍ وَسِوَاكٍ، وَقَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ لِتَغْرِيرِهِ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ سُؤَالُ مَنْ عَرَفَ بِحَالِهِ لِعَدَمِ تَغْرِيرِهِ لَهُ (قَوْلُهُ: حَرُمَ عَلَيْهِ الْأَخْذُ مُطْلَقًا) هَلْ يَمْلِكُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى قِيَاسِ مَا يَأْتِي عَنْ فَتْوَى شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ أَوْ لَا، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّهُ إنَّمَا يُعْطَى هُنَا لِأَجْلِ ذَلِكَ الْوَصْفِ فِيهِ نَظَرٌ. وَالثَّانِي أَوْجَهُ مَا لَمْ يُوجَدْ نَقْلٌ بِخِلَافِهِ، وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَبْطُلُ الْوَقْفُ وَالنَّذْرُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ الْآتِي: وَحَيْثُ حَرُمَ الْأَخْذُ لَمْ يَمْلِكْ مَا أَخَذَهُ إلَخْ فَتَعَيَّنَ الْفَرْقُ، لَكِنْ فِي بُطْلَانِ ذَلِكَ عَدَمُ انْعِقَادِ الْوَقْفِ وَالنَّذْرِ ا. هـ عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُقَالُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ مِلْكِ الصَّدَقَةِ بُطْلَانُ الْوَقْفِ وَالنَّذْرِ لِجَوَازِ إلْحَاقِهِمَا بِمَا فِيهِ مُعَاوَضَةٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ صِحَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَحْمُولٌ) أَيْ نَدْبُ التَّنَزُّهِ (قَوْلُهُ: وَأَنْتَ غَيْرُ مُسْتَشْرِفٍ) أَيْ: مُتَعَرِّضٍ لِلسُّؤَالِ (قَوْلُهُ: مَتَى أَذَلَّ نَفْسَهُ) وَمِنْهُ بَلْ أَقْبَحُهُ مَا اُعْتِيدَ مِنْ سُؤَالِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَمَعَ ذَلِكَ يَمْلِكُ مَا أَخَذَهُ حَيْثُ لَمْ يُعْطَ عَلَى ظَنِّ صِفَةٍ لَيْسَتْ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَلَحَّ فِي السُّؤَالِ) ظَاهِرٌ، وَإِنْ لَمْ يُؤْذِ الْمَسْئُولَ. ا. هـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ آذَى الْمَسْئُولَ حَرُمَ اتِّفَاقًا) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ يَمْلِكُ مَا أَخَذَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا) أَيْ إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَذْكُورِ وَإِنْ قَصَدَ الرُّجُوعَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى فِي الْإِحْيَاءِ) يَجِبُ تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ وَفِيهِ أَيْضًا سُؤَالُ الْغَنِيِّ حَرَامٌ إلَخْ إذْ هُوَ إنَّمَا اسْتَثْنَاهُ مِنْهُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: مَنْ لَا يُعْطِيهِ) مَعْمُولٌ لِتَغْرِيرِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ الْأَوْجَهُ إلْحَاقُ سَائِرِ عُقُودِ التَّبَرُّعِ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ إلْحَاقُ الْأَخْذِ بِعَقْدٍ مِنْ عُقُودِ التَّبَرُّعِ لِيُسَاوِيَ الْمُلْحَقُ مَا أُلْحِقَ بِهِ (قَوْلُهُ: حَرُمَ اتِّفَاقًا)

الْمُعْطِي الْحَيَاءِ مِنْهُ أَوْ مِنْ الْحَاضِرِينَ وَلَوْلَاهُ لَمَا أَعْطَاهُ فَهُوَ حَرَامٌ إجْمَاعًا وَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ. ا. هـ. وَحَيْثُ أَعْطَاهُ عَلَى ظَنِّ صِفَةٍ وَهُوَ فِي الْبَاطِنِ بِخِلَافِهَا، وَلَوْ عَلِمَ مَا بِهِ لَمْ يُعْطِهِ لَمْ يَمْلِكْ الْآخِذُ مَا أَخَذَهُ كَهِبَةِ الْمَاءِ فِي الْوَقْتِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجِيلِيُّ مِنْ حُرْمَةِ السُّؤَالِ بِاَللَّهِ تَعَالَى إنْ أَدَّى إلَى تَضَجُّرٍ وَلَمْ يَأْمَنْ أَنْ يَرُدَّهُ، وَإِلَى أَنَّ رَدَّ السَّائِلِ صَغِيرَةٌ مَا لَمْ يَنْهَرْهُ وَإِلَّا فَكَبِيرَةٌ يَتَعَيَّنُ حَمْلُ أَوَّلِهِ عَلَى مَا إذَا آذَى بِذَلِكَ وَثَانِيهِ عَلَى نَحْوِ مُضْطَرٍّ مَعَ الْعِلْمِ بِحَالِهِ، وَإِلَّا فَعُمُومُ مَا قَالَهُ غَرِيبٌ (وَكَافِرٍ) لِخَبَرِ «فِي كُلِّ كَبِدٍّ رَطْبَةٍ أَجْرٌ» وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْحَرْبِيَّ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَيَانِ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ، لَكِنَّ الْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَنْ لَهُ عَهْدٌ أَوْ ذِمَّةٌ أَوْ قَرَابَةٌ أَوْ يُرْجَى إسْلَامُهُ أَوْ كَانَ بِأَيْدِينَا بِأَسْرٍ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا وَيَأْتِي مَنْعُ إعْطَائِهِ مِنْ أُضْحِيَّةِ التَّطَوُّعِ (وَدَفْعُهَا سِرًّا) أَفْضَلُ مِنْهُ جَهْرًا لِآيَةِ {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ} [البقرة: 271] ؛ وَلِأَنَّ مُخْفِيَهَا بِحَيْثُ لَا تَعْلَمُ شِمَالُهُ مَا أَنْفَقَتْ يَمِينُهُ كِنَايَةً عَنْ الْمُبَالَغَةِ فِي إخْفَائِهَا مِنْ السَّبْعَةِ الَّذِينَ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلِّهِ، نَعَمْ إنْ كَانَ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ وَأَظْهَرُهَا لِلتَّأَسِّي بِهِ مِنْ غَيْرِ رِيَاءٍ وَلَا سُمْعَةٍ فَهُوَ أَفْضَلُ، أَمَّا الزَّكَاةُ فَإِظْهَارُهَا أَفْضَلُ إجْمَاعًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ إلَّا الْمَالَ الْبَاطِنَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَوْ خَافَ مَحْذُورًا وَإِلَّا فَهُوَ ضَعِيفٌ. (وَفِي رَمَضَانَ) لَا سِيَّمَا فِي عَشْرِهِ الْأَخِيرِ أَفْضَلُ لِخَبَرِ «أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ فِي رَمَضَانَ» وَلِعَجْزِ الْفُقَرَاءِ عَنْ الْكَسْبِ فِيهِ وَيَلِيهِ فِيمَا يَظْهَرُ عَشْرُ الْحِجَّةِ، وَفِي الْأَمَاكِنِ الشَّرِيفَةِ كَمَكَّةَ ثُمَّ الْمَدِينَةِ، وَعِنْدَ الْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ كَغَزْوٍ وَمَرَضٍ وَسَفَرٍ وَكُسُوفٍ وَاسْتِسْقَاءٍ أَفْضَلُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ أَنَّ مَنْ أَرَادَ صَدَقَةً يُنْدَبُ لَهُ تَأْخِيرُهَا لِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ، بَلْ الِاعْتِنَاءُ عِنْدَ وُجُودِ ذَلِكَ بِالْإِكْثَارِ مِنْهَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ أَجْرًا وَأَكْثَرُ فَائِدَةً (وَلِقَرِيبٍ) تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ أَوَّلًا الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْ الْمَحَارِمِ ثُمَّ الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ ثُمَّ غَيْرُ ـــــــــــــــــــــــــــــSحَجّ (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ أَعْطَاهُ) أَيْ وَحَيْثُ حَرُمَ السُّؤَالُ مَلَكَ مَا أَخَذَهُ بِخِلَافِ هِبَةِ الْمَاءِ فِي الْوَقْتِ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ: حَيْثُ أَعْطَاهُ إلَخْ، وَقَضَيْتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَعْطَى غَنِيًّا يَظُنُّهُ فَقِيرًا وَلَوْ عَلِمَ غِنَاهُ لَمْ يُعْطِهِ لَمْ يَمْلِكْ مَا أَعْطَاهُ، فَمَا مَرَّ عَنْ فَتَاوَى شَيْخِنَا أَنَّهُ حَيْثُ حَرُمَ السُّؤَالُ مَلَكَ الْآخِذُ مَا أَخَذَهُ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَأَنَّ مُظْهِرَ الْفَاقَةِ يَمْلِكُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُتَصَدِّقُ لَوْ عَلِمَ لَمْ يُعْطِهِ، وَهُوَ يُفِيدُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَخَذَ وَظَنَّ الدَّافِعُ فِيهِ صِفَةً لَوْلَاهَا لَمَا دَفَعَ لَهُ، وَلَمْ تَكُنْ فِيهِ لَمْ يَمْلِكْ مَا أَخَذَهُ وَحَرُمَ عَلَيْهِ قَبُولُهُ، وَأَنَّهُ إذَا أَظْهَرَ صِفَةً لَمْ تَكُنْ فِيهِ كَالْفَقْرِ أَوْ سَأَلَ عَلَى وَجْهٍ أَذَلَّ بِهِ نَفْسَهُ حَرُمَ عَلَيْهِ الْأَخْذُ، وَلَكِنْ يَمْلِكُ مَا أَخَذَهُ إذَا كَانَ بِحَيْثُ لَوْ عَلِمَ الدَّافِعُ بِحَالِهِ لَمْ يَمْتَنِعْ مِنْ الدَّفْعِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: يَتَعَيَّنُ حَمْلُ أَوَّلِهِ) هُوَ قَوْلُهُ: يَتَعَيَّنُ السُّؤَالُ، وَقَوْلُهُ: وَثَانِيهِ هُوَ قَوْلُهُ: وَإِلَى أَنَّ رَدَّ السَّائِلِ (قَوْلُهُ: عَلَى نَحْوِ مُضْطَرٍّ) لَعَلَّ صُورَتَهُ أَنَّهُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ غَيْرَهُ يُعْطِيهِ مَا يُزِيلُ اضْطِرَارَهُ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنَّ رَدَّهُ كَبِيرَةٌ (قَوْلُهُ: أَنَّ ذَلِكَ) أَيْ أَنَّ مَحَلَّ اسْتِحْبَابِهِ فِي حَقِّهِ فِيمَنْ إلَخْ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ، وَيُعْلَمُ مِنْهَا أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ حِلِّهَا عَلَى الْغَنِيِّ وَالْكَافِرِ الِاسْتِحْبَابُ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: قَوْلُهُ وَكَافِرٍ: أَيْ وَلَوْ حَرْبِيًّا خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا) أَيْ فَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي مَنْعُ إعْطَائِهِ) أَيْ الْكَافِرِ (قَوْلُهُ: كَغَزْوٍ وَمَرَضٍ) أَيْ لَهُ أَوْ لِخَاصَّتِهِ كَقَرِيبِهِ أَوْ صَدِيقِهِ. [فَرْعٌ] قَالَ سم عَلَى حَجّ فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ: السُّؤَالُ فِي الْمَسْجِدِ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ السُّؤَالُ عَلَى وَجْهٍ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَى أَنْ رَدَّ السَّائِلَ إلَخْ) لَمْ يَتَقَدَّمْ مَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَيْهِ، وَهُوَ تَابِعٌ فِيهِ لِحَجِّ لَكِنَّ ذَاكَ صَدَّرَ عِبَارَتَهُ، وَذَهَبَ الْحَلِيمِيُّ إلَى حُرْمَةِ السُّؤَالِ بِاَللَّهِ تَعَالَى، إلَى أَنْ قَالَ: وَإِلَى أَنْ رَدَّ السَّائِلَ فَالْعَطْفُ فِي كَلَامِهِ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ: كِنَايَةٌ إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ بِحَيْثُ لَا تُعْلَمُ إلَخْ وَقَوْلُهُ مِنْ السَّبْعَةِ خَبَرٌ

الْمَحْرَمِ وَالرَّحِمُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ وَمِنْ جِهَةِ الْأُمِّ سَوَاءٌ، ثُمَّ مَحْرَمُ الرَّضَاعِ ثُمَّ الْمُصَاهَرَةِ ثُمَّ الْمَوْلَى مِنْ أَعْلَى ثُمَّ مِنْ أَسْفَلَ أَفْضَلُ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي نَحْوِ الزَّكَاةِ أَيْضًا إذَا كَانُوا بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْعَدُوِّ مِنْ الْأَقَارِبِ أَوْلَى لِخَبَرٍ فِيهِ وَأَلْحَقَ بِهِ الْعَدُوَّ مِنْ غَيْرِهِمْ (وَ) دَفْعُهَا بَعْدَ الْقَرِيبِ إلَى (جَارٍ أَفْضَلُ) مِنْهُ لِغَيْرِهِ فَعُلِمَ أَنَّ الْقَرِيبَ الْبَعِيدَ الدَّارِ فِي الْبَلَدِ أَفْضَلُ مِنْ الْجَارِ الْأَجْنَبِيِّ، وَفِي غَيْرِهَا، وَأَهْلُ الْخَيْرِ وَالْمُحْتَاجُونَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِمْ مُطْلَقًا، وَيُكْرَهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَأَقَرَّهُ الْأَخْذُ مِمَّنْ بِيَدِهِ حَلَالٌ وَحَرَامٌ كَالسُّلْطَانِ الْجَائِرِ، وَتَخْتَلِفُ الْكَرَاهَةُ بِقِلَّةِ الشُّبْهَةِ وَكَثْرَتِهَا، وَلَا يَحْرُمُ إلَّا إنْ تَيَقُّنَ أَنَّ هَذَا مِنْ الْحَرَامِ الَّذِي يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ صَاحِبِهِ، وَقَوْلُ الْغَزَالِيِّ يَحْرُمُ الْأَخْذُ مِمَّنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ وَكَذَا مُعَامَلَتُهُ شَاذٌّ انْفَرَدَ بِهِ: أَيْ عَلَى أَنَّهُ فِي بَسِيطِهِ جَرَى عَلَى الْمَذْهَبِ فَجَعَلَ الْوَرَعَ اجْتِنَابَ مُعَامَلَةِ مَنْ أَكْثَرُ مَالِهِ رِبًا، قَالَ: وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ وَإِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ رِبًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْمُعْتَمَدَ فِي الْإِمْلَاكِ الْيَدُ، وَلَمْ يَثْبُتْ لَنَا فِيهِ أَصْلٌ آخَرُ يُعَارِضُهُ فَاسْتُصْحِبَ وَلَمْ يُنَلْ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ ا. هـ. قَالَ غَيْرُهُ: وَيَجُوزُ الْأَخْذُ مِنْ الْحَرَامِ إنْ قَصَدَ بِهِ رَدُّهُ عَلَى مَالِكِهِ مَا لَمْ يَكُنْ مُفْتِيًا أَوْ حَاكِمًا أَوْ شَاهِدًا فَيَلْزَمُهُ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُهُ لِلرَّدِّ عَلَى مَالِكِهِ لِئَلَّا يَسُوءُ اعْتِقَادُ النَّاسِ فِي صِدْقِهِ وَدِينِهِ فَيَرُدُّونَ فَتْوَاهُ وَحَكَمَهُ وَشَهَادَتَهُ (وَمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَهُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ يُسْتَحَبُّ) لَهُ (أَنْ لَا يَتَصَدَّقْ حَتَّى يُؤَدِّيَ مَا عَلَيْهِ) تَقْدِيمًا لِلْأَهَمِّ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَالْمُحَرَّرِ، لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ وَالْأُولَى أَوْلَى؛ لِأَنَّ أَهَمِّيَّةَ الدَّيْنِ إنْ لَمْ تَقْتَضِي الْحُرْمَةَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ تَقْتَضِيَ طَلَبَ عَدَمِ الصَّدَقَةِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ إذْ لَا يَقُولُ أَحَدٌ فِيمَا أَظُنُّ أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ صَدَاقٌ أَوْ غَيْرُهُ إذَا تَصَدَّقَ بِنَحْوِ رَغِيفٍ مِمَّا يَقْطَعُ بِأَنَّهُ لَوْ بَقِيَ لَمْ يَدْفَعْهُ لِجِهَةِ الدَّيْنِ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ التَّصَدُّقُ بِهِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّ الْمُسَارَعَةَ لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ، أَوْلَى وَأَحَقُّ مِنْ التَّطَوُّعِ عَلَى الْجُمْلَةِ (قُلْت: الْأَصَحُّ تَحْرِيمُ صَدَقَتِهِ) وَمِنْهَا إبْرَاءُ مَدِينٍ لَهُ مُوسِرٌ فِيمَا يَظْهَرُ مُقِرًّا وَلَهُ بِهِ بَيِّنَةٌ (بِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ) حَالًا (لِنَفَقَةِ) وَمُؤْنَةِ (مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ أَوْ لِدَيْنٍ) وَلَوْ مُؤَجَّلًا لِلَّهِ أَوْ لِآدَمِيٍّ (لَا يَرْجُو) أَيْ يَظُنُّ (لَهُ وَفَاءَ) حَالًّا فِي الْحَالِ وَعِنْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَإِعْطَاءُ السَّائِلِ فِيهِ قُرْبَةٌ يُثَابُ عَلَيْهَا وَلَيْسَ بِمَكْرُوهٍ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ حَرَامًا، هَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ، ثُمَّ أَطَالَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ اهـ. وَقَوْلُ سم السُّؤَالُ فِي الْمَسْجِدِ وَمِثْلُهُ التَّعَرُّضُ، وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الْقِرَاءَةِ فِي الْمَسَاجِدِ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ لِيُتَصَدَّقْ عَلَيْهِمْ وَشَمَلَ ذَلِكَ أَيْضًا مَا لَوْ كَانَ السَّائِلُ فِي الْمَسْجِدِ يَسْأَلُ لِغَيْرِهِ فَيُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ هَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ وَإِلَّا انْتَفَتْ الْكَرَاهَةُ (قَوْلُهُ: وَالْعَدُوُّ مِنْ الْأَقَارِبِ أَوْلَى) أَيْ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَقَارِبِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَظُنَّ أَنَّ إعْطَاءَهُ يَحْمِلُهُ عَلَى زِيَادَةِ الضَّرَرِ لِظَنِّهِ أَنَّهُ إنَّمَا أَعْطَاهُ خَوْفًا مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَدَفْعُهَا بَعْدَ الْقَرِيبِ) أَيْ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ مِنْ مَحَارِمِ الرَّضَاعِ وَالْمُصَاهَرَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِهَا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْبَلَدِ: أَيْ وَفِي غَيْرِ الْبَلَدِ. قَالَ حَجّ: وَفِي غَيْرِهَا الْجَارُ أَوْلَى مِنْهُ اهـ. وَهِيَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَأَهْلُ الْخَيْرِ) أَيْ حَيْثُ كَانُوا فُقَرَاءَ (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا إبْرَاءُ مَدِينٍ) . [فَرْعٌ] أَبْرَأهُ لِظَنِّ إعْسَارِهِ فَتَبَيَّنَ غِنَاهُ نَفَذَتْ الْبَرَاءَةُ، أَوْ بِشَرْطِ الْإِعْسَارِ فَتَبَيَّنَ غِنَاهُ بَطَلَتْ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ وَفِيهِ أَيْضًا وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لَمْ يَضْبِطْ الْحَاجَةَ بِالنِّسْبَةِ لِنَفْسِهِ فَهَلْ هِيَ مَا يَدْفَعُ الضَّرَرَ أَوْ مَا يَدْفَعُ الْمَشَقَّةَ الَّتِي لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ ضَرَرٌ لِعِيَالِهِ وَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَنَّ (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْ الْجَارِ الْأَجْنَبِيِّ وَفِي غَيْرِهَا) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: أَفْضَلُ مِنْ الْجَارِ الْأَجْنَبِيِّ، وَفِي غَيْرِهَا الْجَارُ أَوْلَى مِنْهُ انْتَهَتْ. فَلَعَلَّ الْوَاوَ قَبْلَ قَوْلِهِ فِي غَيْرِهَا وَمَا بَعْدَ غَيْرِهَا سَقَطَتْ مِنْ الْكَتَبَةِ فِي الشَّارِحِ.

الْحُلُولِ فِي الْمُؤَجَّلِ مِنْ جِهَةٍ ظَاهِرَةٍ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ لَا يَجُوزُ تَرْكُهُ لِسُنَّةٍ، وَمَعَ حُرْمَةِ التَّصَدُّقِ يَمْلِكُهُ الْآخِذُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ التَّحْرِيمِ بِمَا يَحْتَاجُهُ لِنَفَقَةِ نَفْسِهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَصْبِرْ عَلَى الْإِضَافَةِ، وَعَلَيْهِ حُمِلَ قَوْلُهُمْ فِي التَّيَمُّمِ يَحْرُمُ عَلَى عَطْشَانَ إيثَارُ عَطْشَانَ آخَرَ فَلَا يُنَافِيهِ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ جَوَازِهِ بِذَلِكَ إذْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَصْبِرْ عَلَى مَا ذُكِرَ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُهُمْ فِي التَّيَمُّمِ يَجُوزُ لِلْمُضْطَرِّ إيثَارُ مُضْطَرٍّ آخَرَ مُسْلِمٍ وَلَا يُرَدُّ عَلَى الْكِتَابِ؛ لِأَنَّ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ يَشْمَلُ نَفْسَهُ أَيْضًا، وَاسْتِشْكَالُ جَمْعِ ذَلِكَ بِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ الصَّحَابَةِ وَالسَّلَفِ تَصَدَّقُوا بِمَا يَحْتَاجُونَهُ لِعِيَالِهِمْ مَحْمُولٌ عَلَى عِلْمِهِمْ مِنْ عِيَالِهِمْ الْكَامِلِينَ الرِّضَا وَالصَّبْرَ وَالْإِيثَارَ، كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ جَمْعٍ لَوْ كَانَ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ بَالِغًا عَاقِلًا وَرَضِيَ بِذَلِكَ كَانَ الْأَفْضَلُ التَّصَدُّقَ، أَمَّا إذَا ظَنَّ وَفَاءَ دَيْنِهِ مِنْ جِهَةٍ ظَاهِرَةٍ وَلَوْ عِنْدَ حُلُولِ الْمُؤَجَّلِ فَلَا بَأْسَ بِالتَّصَدُّقِ حَالًّا بَلْ قَدْ يُسَنُّ. نَعَمْ إنْ وَجَبَ أَدَاؤُهُ فَوْرًا لِطَلَبِ صَاحِبِهِ لَهُ أَوْ لِعِصْيَانِهِ بِسَبَبِهِ مَعَ عَدَمِ رِضَا صَاحِبِهِ بِالتَّأْخِيرِ حَرُمَتْ الصَّدَقَةُ قَبْلَ وَفَائِهِ مُطْلَقًا: كَمَا تَحْرُمُ صَلَاةُ النَّفْلِ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ فَرْضٌ فَوْرِيٌّ. (وَفِي اسْتِحْبَابِ الصَّدَقَةِ بِمَا فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ) الْمَارَّةِ مِنْ حَاجَةِ نَفْسِهِ وَمُمَوَّنِهِ يَوْمَهُمْ وَلَيْلَتَهُمْ وَكِسْوَةِ فَصْلِهِمْ وَوَفَاءِ دَيْنِهِ (أَوْجَهُ) أَحَدُهُمَا: تُسَنُّ مُطْلَقًا. ثَانِيهَا لَا مُطْلَقًا. ثَالِثُهَا وَهُوَ (أَصَحُّهَا) أَنَّهُ (إنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ الصَّبْرُ اُسْتُحِبَّ) ؛ لِأَنَّ الصِّدِّيقَ تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَالِهِ وَقَبِلَهُ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَإِلَّا) بِأَنْ شَقَّ عَلَيْهِ الصَّبْرُ (فَلَا) يُسْتَحَبُّ لَهُ بَلْ يُكْرَهُ لِخَبَرِ «خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى» أَيْ غِنَى النَّفْسِ، وَهُوَ صَبْرُهَا عَلَى الْفَقْرِ، وَبِهَذَا التَّفْصِيلِ جَمَعَ بَيْنَ ظَوَاهِرِ الْأَحَادِيثِ الْمُخْتَلِفَةِ كَهَذَا الْحَدِيثِ. أَمَّا التَّصَدُّقُ بِبَعْضِ الْفَاضِلِ عَنْ ذَلِكَ فَيُنْدَبُ اتِّفَاقًا، نَعَمْ الْمُقَارِبُ لِلْكُلِّ كَالْكُلِّ، وَخَرَجَ بِالصَّدَقَةِ الضِّيَافَةُ فَلَا يُشْتَرَطُ فَضْلُهَا عَنْ مُؤْنَةِ مَا ذُكِرَ عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ لِلْخِلَافِ الْقَوِيِّ فِي وُجُوبِهَا، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُؤَدِّ إيثَارُهَا إلَى إلْحَاقِ أَدْنَى ضَرَرٍ بِمُمَوَّنِهِ الَّذِي لَا رِضَا لَهُ، عَلَى أَنَّهُ خَالَفَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَيُكْرَهُ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ إمْسَاكُ الْفَضْلِ وَغَيْرُ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ، كَمَا بَوَّبَ عَلَيْهِ الْبَيْهَقِيُّ وَبَحَثَ غَيْرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَاقِي مَا زَادَ عَلَى كِفَايَةِ سَنَةٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهَا أَيْضًا إذَا كَانَ بِالنَّاسِ ضَرُورَةٌ لَزِمَهُ بَيْعُ مَا فَضَلَ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ سَنَةً، فَإِنْ أَبَى أَجْبَرَهُ السُّلْطَانُ. وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الرَّوْضَةِ عَنْ الْإِمَامِ: يَلْزَمُ الْمُوسِرَ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَمْ يَصِلْ إلَيْهِ بِهِ ضَرَرٌ أَوْ وَصَلَ إلَيْهِ الضَّرَرُ مِنْ جَرَّائِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَتَضَرَّرُوا (قَوْلُهُ: مِنْ جِهَةٍ ظَاهِرَةٍ) وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ صَاحِبُهُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي لَهُ فِي قَوْلِهِ نَعَمْ إنْ وَجَبَ أَدَاؤُهُ فَوْرًا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يُرَدُّ عَلَى الْكِتَابِ) هُوَ قَوْلُهُ: بِمَا يَحْتَاجُهُ لِنَفَقَةِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: حَرُمَتْ الصَّدَقَةُ) أَيْ بِمَا يُمْكِنُ أَنَّهُ يَدْفَعُ مِنْ الدَّيْنِ وَإِنْ قَلَّ كَجَدِيدٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ: قَبْلَ وَفَائِهِ مُطْلَقًا) أَيْ لَهُ جِهَةٌ يَرْجُو الْوَفَاءَ مِنْهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: كَمَا تَحْرُمُ صَلَاةُ النَّفْلِ) يَنْبَغِي إلَّا رَوَاتِبَ ذَلِكَ الْفَرْضِ الْفَوْرِيِّ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَكَذَا لَوْ خَافَ فَوْتَ رَاتِبِ الْحَاضِرَةِ فَيُقَدِّمَهُ عَلَى الْقَضَاءِ، وَإِنْ كَانَ فَوْرِيًّا؛ لِأَنَّ الِاشْتِغَالَ بِهَا لَا يُعَدُّ تَقْصِيرًا (قَوْلُهُ: وَقَبِلَهُ مِنْهُ) أَيْ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: خَالَفَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ) أَيْ فَجَعَلَ الضِّيَافَةَ كَالصَّدَقَةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ا. هـ. شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: إمْسَاكُ الْفَضْلِ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْفَاضِلِ الَّذِي يُكْرَهُ إمْسَاكُهُ، وَمَا الْمُرَادُ بِالْفَاضِلِ الَّذِي يُسْتَحَبُّ التَّصَدُّقُ بِهِ إنْ صَبَرَ، وَيُكْرَهُ إنْ لَمْ يَصْبِرْ، وَلِعِلَّةٍ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَبَحَثَ غَيْرُهُ إلَخْ إلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ الْفَاضِلَ هُوَ غَيْرُ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ فَلَا حَاجَةَ لِلْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِ الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ الْفَضْلِ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَاقِي) هُوَ غَيْرُ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَقُوتِ عِيَالِهِ سَنَةً) أَيْ مَا لَمْ يَشْتَدَّ الضَّرَرُ وَإِلَّا أَجْبَرَهُ عَلَى بَيْعِ مَا زَادَ عَلَى الْحَاجَةِ النَّاجِزَةِ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الرَّوْضَةِ إلَخْ) أَيْ فِي الْحَيْضِ فَلْيُرَاجَعْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ:: كَهَذَا الْحَدِيثِ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ مَعَ خَبَرِ أَبِي بَكْرٍ. اهـ. فَلَعَلَّ هَذَا سَقَطَ مِنْ الْكَتَبَةِ أَيْضًا فِي الشَّارِحِ فَلْتُرَاجَعْ نُسْخَةٌ صَحِيحَةٌ.

[كتاب النكاح]

الْمُوَاسَاةُ بِمَا زَادَ عَلَى كِفَايَةِ سَنَةٍ، وَيُسَنُّ التَّصَدُّقُ عَقِبَ كُلِّ مَعْصِيَةٍ كَمَا قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ، وَمِنْهُ التَّصَدُّقُ بِدِينَارٍ أَوْ نِصْفِهِ، وَيُسَنُّ لِمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا التَّصَدُّقُ بِالْقَدِيمِ وَهَلْ قَبُولُ الزَّكَاةِ لِلْمُحْتَاجِ أَفْضَلُ مِنْ قَبُولِ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ أَوْ لَا؟ وَجْهَانِ، رَجَّحَ الْأَوَّلَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ الْمُقْرِي؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى وَاجِبٍ؛ وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا مِنَّةَ فِيهَا، وَرَجَّحَ الثَّانِيَ آخَرُونَ، وَلَمْ يُرَجِّحْ فِي الرَّوْضَةِ وَاحِدًا مِنْهُمَا، ثُمَّ قَالَ عَقِبَ ذَلِكَ: قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِالْأَشْخَاصِ فَإِنْ عَرَضَ لَهُ شُبْهَةٌ فِي اسْتِحْقَاقِهِ لَمْ يَأْخُذْ الزَّكَاةَ وَإِنْ قَطَعَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمُتَصَدِّقُ إنْ لَمْ يَأْخُذْ هَذَا مِنْهُ لَا يَتَصَدَّقُ فَلْيَأْخُذْهَا فَإِنَّ إخْرَاجَ الزَّكَاةَ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِهَا وَلَمْ يَضِقْ بِالزَّكَاةِ تَخَيَّرَ وَأَخْذُهَا أَشَدُّ فِي كَسِرِّ النَّفْسِ اهـ: أَيْ فَهُوَ حِينَئِذٍ أَفْضَلُ. كِتَابُ النِّكَاحِ هُوَ لُغَةً: الضَّمُّ وَالْوَطْءُ، وَشَرْعًا: عَقْدٌ يَتَضَمَّنُ إبَاحَةَ وَطْءٍ بِاللَّفْظِ الْآتِي، وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْعَقْدِ مَجَازٌ فِي الْوَطْءِ لِصِحَّةِ نَفْيِهِ عَنْهُ وَلِاسْتِحَالَةِ أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً فِيهِ، وَيُكَنَّى بِهِ عَنْ الْعَقْدِ لِاسْتِقْبَاحِ ذِكْرِهِ كَفِعْلِهِ وَإِرَادَتِهِ فِي {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] دَلَّ عَلَيْهَا خَبَرُ «حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ» وَقِيلَ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا فَلَوْ حَلَفَ لَا يَنْكِحُ حَنِثَ بِالْعَقْدِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَالصَّوَابُ أَنَّهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَطَعَ بِهِ) أَيْ الِاسْتِحْقَاقِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَضِقْ بِالزَّكَاةِ) أَيْ لَمْ يَضِقْ بِأَخْذِهِ مِنْهَا عَلَى أَهْلِ الزَّكَاةِ. كِتَابُ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: بِاللَّفْظِ الْآتِي) أَيْ وَهُوَ الْإِنْكَاحُ وَالتَّزْوِيجُ، وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: مَجَازٌ فِي الْوَطْءِ لِصِحَّةِ إلَخْ) أَيْ وَذَلِكَ عَلَامَةُ الْمَجَازِ كَقَوْلِك فِي الْبَلِيدِ لَيْسَ حِمَارًا وَقَوْلُهُ: نَفْيُهُ أَيْ النِّكَاحِ وَقَوْلُهُ: عَنْهُ أَيْ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: وَلِاسْتِحَالَةِ إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ مَجَازٌ فِي الْعَقْدِ. أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا فَلَا؛ لِأَنَّهُ إذَا اُسْتُعْمِلَ فِي الْعَقْدِ عَلَى هَذَا يَكُونُ مُسْتَعْمَلًا فِي حَقِيقَتِهِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً فِيهِ) أَيْ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: وَيُكَنَّى بِهِ) الْوَاوُ لِلْحَالِ، وَقَوْلُهُ: لِاسْتِقْبَاحِ ذِكْرِهِ: أَيْ النِّكَاحِ: وَقَوْلُهُ: كَفِعْلِهِ وَالْأَقْبَحُ لَا يُكَنَّى بِهِ عَنْ غَيْرِهِ اهـ حَجّ. وَقَوْلُهُ: وَإِرَادَتِهِ: أَيْ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ حَلَفَ) مُفَرَّعٌ عَلَى كَوْنِهِ حَقِيقَةً فِي الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: حَنِثَ بِالْعَقْدِ) لَا الْوَطْءِ إلَّا إذَا نَوَاهُ. ا. هـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ ظَاهِرًا، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ شُهْرَتُهُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مَجَازًا فَلْيُرَاجَعْ ثُمَّ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ إنْ نَوَاهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِهِ حَيْثُ لَا نِيَّةَ وَإِنْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى إرَادَتِهِ كَأَنْ حَلَفَ لَا يَنْكِحُ زَوْجَتَهُ وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ عَمَلًا بِالْقَرِينَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ النِّكَاحِ] ِ (قَوْلُهُ: إبَاحَةُ وَطْءٍ) فِيهِ ذَهَابٌ إلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ الْآتِيَيْنِ أَنَّ النِّكَاحَ عَقْدُ إبَاحَةٍ أَوْ تَمْلِيكٍ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: لِصِحَّةِ نَفْيِهِ عَنْهُ) أَيْ وَصِحَّةُ النَّفْيِ دَلِيلُ الْمَجَازِ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ إنَّ هَذَا لَا يُسَلِّمُهُ الْخَصْمُ (قَوْلُهُ: وَلِاسْتِحَالَةِ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) أَيْ عُرْفًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: لِاسْتِقْبَاحِ ذِكْرِهِ كَفِعْلِهِ) أَيْ وَالْأَقْبَحُ لَا يُكَنَّى بِهِ عَنْ غَيْرِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ لِاسْتِقْبَاحِ أَنَّ إلَخْ عِلَّةٌ لِلِاسْتِحَالَةِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا) وَقِيلَ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ مَجَازٌ فِي الْعَقْدِ، وَلَعَلَّ، الْكَتَبَةَ أَسْقَطَتْهُ مِنْ الشَّارِحِ إذْ هُوَ فِي التُّحْفَةِ الَّتِي مَا هُنَا مَنْقُولٌ مِنْهَا (قَوْلُهُ: فَلَوْ حَلَفَ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى الْأَوَّلِ

وَلَوْ زَنَى بِامْرَأَةٍ لَمْ تَثْبُتْ مُصَاهَرَةٌ، وَقَدْ بَلَّغَ بَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ أَسْمَاءَهُ أَلْفًا وَأَرْبَعِينَ. وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ الْآيَاتُ وَالْأَخْبَارُ الْكَثِيرَةُ، وَفَائِدَتُهُ حِفْظُ النَّسْلِ وَتَفْرِيغُ مَا يَضُرُّ حَبْسُهُ وَاسْتِيفَاءُ اللَّذَّةِ وَالتَّمَتُّعِ، وَهَذِهِ هِيَ الَّتِي فِي الْجَنَّةِ، وَهَلْ هُوَ عَقْدُ تَمْلِيكٍ أَوْ إبَاحَةٍ؟ وَجْهَانِ يَظْهَرُ أَثَرُهُمَا فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا وَلَهُ زَوْجَةٌ وَالْأَصَحُّ لَا حِنْثَ حَيْثُ لَا نِيَّةَ، وَعَلَى الْأَصَحِّ الْأَوَّلُ فَهُوَ مَالِكٌ؛ لَأَنْ يَنْتَفِعَ لَا لِلْمَنْفَعَةِ، فَلَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ فَالْمَهْرُ لَهَا اتِّفَاقًا، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ، وَقَدْ افْتَتَحَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ بِذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ ذِكْرُهَا مُسْتَحَبٌّ لِئَلَّا يَرَاهَا جَاهِلٌ فَيَعْمَلُ بِهَا. وَلِنَذْكُرْ طَرَفًا مِنْهَا عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّكِ فَنَقُولُ: هِيَ أَنْوَاعٌ: أَحَدُهَا الْوَاجِبَاتُ كَالضُّحَى وَالْوِتْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلَوْ زَنَى بِامْرَأَةٍ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَطْءَ لَا يُسَمَّى نِكَاحًا وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ حَيْثُ أُطْلِقَ حُمِلَ عَلَى الْعَقْد إلَّا بِقَرِينَةٍ فَنَحْوَ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} [النساء: 22] مَعْنَاهُ: لَا تَنْكِحُوا مَنْ عَقَدَ عَلَيْهَا آبَاؤُكُمْ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ مَنْ زَنَى بِهَا أَبُوهُ لَا تَحْرُمُ (قَوْلُهُ: وَالْأَخْبَارُ الْكَثِيرَةُ) قَالَ حَجّ: وَقَدْ جَمَعْتهَا فَزَادَتْ عَلَى الْمِائَةِ بِكَثِيرٍ فِي تَصْنِيفٍ سَمَّيْته الْإِفْصَاحَ عَنْ أَحَادِيثِ النِّكَاحِ اهـ (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ) أَيْ اسْتِيفَاءُ اللَّذَّةِ (قَوْلُهُ: أَوْ إبَاحَةٌ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ) مُسْتَأْنَفٌ، وَقَوْلُهُ: وَطْؤُهَا: أَيْ وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا، فَلَوْ عَلِمَ زِنَاهَا لَوْ لَمْ يَطَأْ فَالْقِيَاسُ وُجُوبُ الْوَطْءِ دَفْعًا لِهَذِهِ الْمَفْسَدَةِ لَا لِكَوْنِهِ حَقًّا لَهَا (قَوْلُهُ: مِنْ خَصَائِصِهِ) وَخَصَائِصُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِسْمَانِ: مِنْهَا مَا اخْتَصَّ بِهِ عَلَى أُمَّتِهِ وَإِنْ شَارَكَهُ غَيْرُ أُمَّتِهِ فِيهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَنْبِيَاءِ، وَمِنْهَا مَا اخْتَصَّ بِهِ عَنْ سَائِرِ الْخَلْقِ فَلَا يَنْتَقِضُ عَدُّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْخَصَائِصِ بِأَنَّ فِيهَا مَا شَارَكَ فِيهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَرَاهَا) عِلَّةً لِاسْتِحْبَابِ ذِكْرِهَا، وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ نَفَى الْفَائِدَةَ فِي ذِكْرِهَا الْآنَ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ ذِكْرُهَا مَعَ التَّوَهُّمِ الْمَذْكُورِ. لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقَ الْوُقُوعَ فِيهِ سِيَّمَا وَالْجَاهِلُ لَا يَسْتَقِلُّ بِأَخْذِ الْحُكْمِ مِنْ الْكُتُبِ بَلْ يَبْحَثُ عَنْهَا، وَيَسْأَلُ الْعَالِمَ بِهَا (قَوْلُهُ: كَالضُّحَى) وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ أَقَلُّ الضُّحَى لَا أَكْثَرُهُ، وَقِيَاسُهُ فِي الْوِتْرِ كَذَلِكَ اهـ خَطِيبٌ عَلَى الْبَهْجَةِ. أَقُولُ: قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ رَكْعَةً وَاحِدَةً، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ ثَلَاثَةٌ، وَيُحْمَلُ الْأَقَلُّ فِي حَقِّهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْوِتْرِ عَلَى أَدْنَى الْكَمَالِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الضُّحَى ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَوْلُهُ وَلَوْ زَنَى إلَخْ تَفْرِيعٌ ثَانٍ (وَقَوْلُهُ هَذِهِ) يَعْنِي اسْتِيفَاءَ اللَّذَّةِ وَالتَّمَتُّعِ إذْ الْعَطْفُ لِلتَّفْسِيرِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ لَا حِنْثَ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إبَاحَةٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَهَذَا اخْتِيَارُ الشِّهَابِ حَجّ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ سِيَاقُهُ، وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ فِي تَصْحِيحِهِ كَانَهُ اسْتِرْوَاحٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَعَلَى الْأَصَحِّ الْأَوَّلُ فَهُوَ مَالِكٌ لَأَنْ يَنْتَفِعَ إلَخْ، إذْ هَذَا تَفْسِيرٌ لِلْمُرَادِ مِنْ الْمِلْكِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ، وَهُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا التَّصْحِيحِ لِوَالِدِهِ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ حَجّ: وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهُوَ مَالِكٌ إلَخْ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ صَحَّحَ مُقَابِلَهُ كَمَا سَبَقَ (قَوْلُهُ: إذْ ذِكْرُهَا مُسْتَحَبٌّ) يُقَالُ عَلَيْهِ السُّؤَالُ بَاقٍ عَنْ حِكْمَةِ ذِكْرِهَا هُنَا بِالْخُصُوصِ الَّذِي هُوَ الْمُدَّعَى، وَقَوْلُهُ لِئَلَّا يَرَاهَا جَاهِلٌ إلَخْ هَذَا فِي الرَّوْضَةِ عِلَّةٌ لِوُجُوبِ ذِكْرِهَا لَا لِاسْتِحْبَابِهِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ: وَابْتَدَأَ النَّاظِمُ كَجَمَاعَةِ الْبَابِ بِذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهَا فِي النِّكَاحِ أَكْثَرُ مِنْهَا فِي غَيْرِهِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: قَالَ الصَّيْمَرِيُّ: مَنَعَ ابْنُ خَيْرَانَ الْكَلَامَ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ انْقَضَى فَلَا مَعْنَى لِلْكَلَامِ فِيهِ. وَقَالَ سَائِرُ الْأَصْحَابِ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْعِلْمِ. قَالَ: وَالصَّوَابُ الْجَزْمُ بِجَوَازِهِ بَلْ اسْتِحْبَابِهِ، بَلْ لَا يَبْعُدُ وُجُوبُهُ لِئَلَّا يَرَى جَاهِلٌ بَعْضَ الْخَصَائِصِ فِي الْخَبَرِ الصَّحِيحِ فَيَعْمَلُ بِهَا أَخْذًا بِأَصْلِ التَّأَسِّي فَوَجَبَ بَيَانُهَا لِتُعْرَفَ، فَأَيُّ فَائِدَةٍ أَهَمُّ مِنْ هَذِهِ؟ وَأَمَّا مَا يَقَعُ فِي ضِمْنِ الْخَصَائِصِ مِمَّا لَا فَائِدَةَ فِيهِ الْيَوْمَ فَقَلِيلٌ لَا تَخْلُو أَبْوَابُ الْفِقْهِ عَنْ مِثْلِهِ لِلتَّدَرُّبِ وَمَعْرِفَةِ الْأَدِلَّةِ وَتَحْقِيقِ الشَّيْءِ

وَالْأُضْحِيَّةِ وَالسِّوَاكِ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَالْمُشَاوَرَةِ وَتَغْيِيرِ مُنْكَرٍ رَآهُ وَإِنْ خَافَ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ فَاعِلَهُ يَزِيدُ فِيهِ عِنَادًا خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ وَمُصَابَرَةِ الْعَدُوِّ وَإِنْ كَثُرَ وَقَضَاءِ دَيْنِ مُسْلِمٍ مَاتَ مُعْسِرًا، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ الْقَضَاءُ مِنْ الْمَصَالِحِ وَتَخْيِيرُ نِسَائِهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْجَوَابُ فَوْرًا فَلَوْ اخْتَارَتْهُ وَاحِدَةٌ لَمْ يَحْرُمْ طَلَاقُهَا أَوْ كَرِهَتْهُ تَوَقَّفَتْ الْفُرْقَةُ عَلَى الطَّلَاقِ، وَقَوْلُهَا اخْتَرْت نَفْسِي لَيْسَ طَلَاقًا فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ، وَالْأَوْجَهُ جَوَازُ تَزَوُّجِهِ بِهَا بَعْدَ فِرَاقِهَا وَنُسِخَ وُجُوبُ التَّهَجُّدِ عَلَيْهِ لَا الْوِتْرَ. الثَّانِي الْمُحَرَّمَاتُ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَصَدَقَةٍ وَتَعَلُّمِ خَطٍّ وَشِعْرٍ لَا أَكْلِ نَحْوِ ثُومٍ أَوْ مُتَّكِئًا، وَيَحْرُمُ نَزْعُ لَأْمَتِهِ قَبْلَ قِتَالِ عَدُوٍّ دَعَتْ لَهُ حَاجَةٌ وَمَدُّ الْعَيْنِ إلَى مَتَاعِ النَّاسِ، وَخَائِنَةُ الْأَعْيُنِ، وَهِيَ الْإِيمَاءُ بِمَا يُظْهِرُ خِلَافَهُ مِنْ مُبَاحٍ دُونَ الْخَدِيعَةِ فِي الْحَرْبِ، وَإِمْسَاكُ مَنْ كَرِهَتْ نِكَاحَهُ وَلَوْ أَمَةً فَيَجِبُ إخْرَاجُهَا عَنْ مِلْكٍ، وَنِكَاحُ كِتَابِيَّةٍ لَا التَّسَرِّي بِهَا، وَنِكَاحُ الْأَمَةِ، وَلَوْ مُسْلِمَةً، وَالْمَنُّ لِيَسْتَكْثِرَ. الثَّالِثُ التَّخْفِيفَاتُ وَالْمُبَاحَاتُ لَهُ وَهِيَ نِكَاحُ تِسْعٍ وَحَرُمَ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِنَّ ثُمَّ نُسِخَ، وَيَنْعَقِدُ نِكَاحُهُ مُحْرِمًا وَعَلَى مُحْرِمَةٍ وَبِلَا وَلِيٍّ وَشُهُودٍ وَبِلَفْظِ الْهِبَةِ إيجَابًا وَقَبُولًا، وَلَا مَهْرَ لِلْوَاهِبَةِ لَهُ وَإِنْ دَخَلَ بِهَا، وَيَجِبُ إجَابَتُهُ عَلَى امْرَأَةٍ رَغِبَ فِيهَا وَعَلَى زَوْجِهَا طَلَاقُهَا، وَلَهُ تَزْوِيجُ مَنْ شَاءَ لِمَنْ شَاءَ وَلَوْ لِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ مُتَوَلِّيًا لِلطَّرَفَيْنِ، وَيُزَوِّجُهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَأُبِيحَ لَهُ الْوِصَالُ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى الرَّكْعَةِ فِي الْوِتْرِ خِلَافُ الْأَوْلَى أَوْ مَكْرُوهٌ، وَلَا كَذَلِكَ رَكْعَتَا الضُّحَى (قَوْلُهُ: وَالسِّوَاكُ لِكُلِّ صَلَاةٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ نَفْلًا (قَوْلُهُ: وَالْمُشَاوَرَةِ) أَيْ لِأَصْحَابِهِ فِي الْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ) صَرَّحَ بِهِ رَدًّا عَلَى مَنْ ذَهَبَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَتَخْيِيرُ نِسَائِهِ) أَيْ، وَذَلِكَ وَقْتَ نُزُولِ الْأَمْرِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ الْجَوَابُ) أَيْ مِنْ الْمَرْأَةِ لِحُصُولِ الْفُرْقَةِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ اخْتَارَتْهُ) أَيْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْرُمْ طَلَاقُهَا) أَيْ بَعْدَ اخْتِيَارِهَا لَهُ (قَوْلُهُ: بَعْدَ فِرَاقِهَا) أَيْ حَيْثُ كَانَ دُونَ الثَّلَاثِ، أَمَّا لَوْ كَانَ بِهَا فَلَا يُتَصَوَّرُ نِكَاحُهُ لَهَا لِانْتِفَاءِ الْمُحَلَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ نِكَاحُ زَوْجَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحَالٍ، وَإِبَاحَةُ نِكَاحِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ الثَّلَاثِ لَمْ يَثْبُتْ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْخُصُوصِيَّةِ. (قَوْلُهُ: كَصَدَقَةٍ) أَيْ لِمَا فِيهَا مِنْ الذُّلِّ وَمِنْ الصَّدَقَةِ الْوَقْفُ وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا وُقِفَ عَلَيْهِ بِخُصُوصِهِ فَلَا يَصِحُّ، وَمَا وُقِفَ عَلَى عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ، وَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْمُسَامَحَةِ مِنْهُ كَالشُّرْبِ مِنْ السِّقَايَاتِ وَالْوُضُوءِ مِنْ الْمَاءِ الْمُسَبَّلِ لَهُ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْمَدَارِسَ الْمَوْقُوفَةَ عَلَى مَدَارِسَ خَاصَّةٍ يَجُوزُ لِغَيْرِ مَنْ وُقِفَتْ عَلَيْهِ دُخُولُهَا وَالشُّرْبُ وَالطَّهَارَةُ مِنْ مَائِهَا وَالْجُلُوسُ فِيهَا وَالنَّوْمُ حَيْثُ لَمْ يُضَيِّقْ عَلَى أَهْلِهَا لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالْمُسَامَحَةِ فِي ذَلِكَ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: وَتَعَلُّمِ خَطٍّ) لِجَرِّهِ لِقُوَّةِ شُبْهَةِ الْمُشْرِكِينَ فِيمَا افْتَرَوْهُ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَنَّهُ يَنْقُلُ الْأَخْبَارَ مِنْ الْكُتُبِ الْقَدِيمَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُتَّكِئًا) أَيْ أَوْ أَكْلُهُ مُتَّكِئًا (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ نَزْعُ لَأْمَتِهِ) أَيْ سِلَاحِهِ عَنْ بَدَنِهِ (قَوْلُهُ: وَمَدِّ الْعَيْنِ) أَيْ بِأَنْ يَوَدُّ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَنِكَاحِ كِتَابِيَّةٍ) أَيْ بِعَقْدٍ (قَوْلُهُ: ثُمَّ نُسِخَ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يُتَّفَقْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَادَ عَلَيْهِنَّ، وَلَعَلَّ الْحِكْمَةَ فِي النَّسْخِ مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يَفْعَلْ أَنْ تَكُونَ لَهُ الْمِنَّةُ عَلَى زَوْجَاتِهِ بِعَدَمِ التَّزَوُّجِ عَلَيْهِنَّ مَعَ إبَاحَتِهِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: إيجَابًا وَقَبُولًا) وَفِي نُسْخَةٍ: لَا قَبُولًا، وَمَا فِي الْأَصْلِ هُوَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ: وَعَلَى زَوْجِهَا) أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَأُبِيحَ لَهُ الْوِصَالُ) أَيْ التَّوَالِي بَيْنَ الصَّوْمَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَإِمْسَاكُ مَنْ كَرِهَتْ نِكَاحَهُ) الظَّاهِرُ مَا دَامَتْ كَارِهَةً أَخْذًا مِمَّا مَرَّ مِنْ جَوَازِ تَزَوُّجِهِ لَهَا بَعْدَ فِرَاقِهَا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَهِيَ نِكَاحُ تِسْعٍ) اُنْظُرْ هَلْ الْحَصْرُ فِي هَذَا كَاَلَّذِي بَعْدَهُ دُونَ مَا قَبْلَهَا مُرَادٌ أَمْ لَا. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا فِي الْخَصَائِصِ هُوَ عِبَارَةُ مَتْنِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: إيجَابًا) أَيْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً} [الأحزاب: 50] الْآيَةَ، وَقَوْلُهُ لَا قَبُولًا: أَيْ بَلْ يَجِبُ لَفْظُ النِّكَاحِ أَوْ التَّزَوُّجِ لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا} [الأحزاب: 50] كَذَا

وَصَفِيُّ الْمَغْنَمِ وَخُمُسُ الْخُمُسِ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ الْفَيْءِ، وَيَقْضِي بِعِلْمِهِ وَيَحْكُمُ وَيَشْهَدُ لِنَفْسِهِ وَفَرْعِهِ وَعَلَى عَدُوِّهِ وَيَحْمِي لِنَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ لَهُ، وَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِمَا ادَّعَاهُ، وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ مِنْ شَهِدَ لَهُ، وَلَهُ أَخْذُ طَعَامِ غَيْرِهِ إنْ احْتَاجَهُ، وَيَجِبُ إعْطَاؤُهُ لَهُ وَبَذْلُ النَّفْسِ دُونَهُ، وَلَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ بِالنَّوْمِ، وَمَنْ شَتَمَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ لَعَنَهُ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ قُرْبَةً وَمُعْظَمُ هَذِهِ الْمُبَاحَاتِ لَمْ يَفْعَلْهُ، الرَّابِعُ: الْفَضَائِلُ وَالْإِكْرَامُ، وَهِيَ تَحْرِيمُ زَوْجَاتِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَلَوْ مُطَلَّقَاتٍ وَمُخْتَارَاتٍ فِرَاقَهُ وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَسَرَارِي، وَتَفْضِيلُ نِسَائِهِ عَلَى سَائِرِ النِّسَاءِ وَثَوَابُهُنَّ وَعِقَابُهُنَّ مُضَاعَفٌ وَهُنَّ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ إكْرَامًا فَقَطْ كَهُوَ فِي الْأُبُوَّةِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَتَحْرِيمُ سُؤَالِهِنَّ إلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَأَفْضَلُ نِسَاءِ الْعَالَمِ مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ ثُمَّ فَاطِمَةُ ابْنَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ خَدِيجَةُ، وَمَنْ فَضَّلَهَا عَلَى ابْنَتِهَا فَمِنْ حَيْثُ الْأُمُومَةُ ثُمَّ عَائِشَةُ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَسَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ، وَأَوَّلُ مَنْ تَنْشَقَّ عَنْهُ الْأَرْضُ، وَأَوَّلُ مَنْ يَقْرَعُ بَابَ الْجَنَّةِ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ، وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ، وَأُمَّتُهُ خَيْرُ الْأُمَمِ مَعْصُومَةٌ لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ، وَصُفُوفُهُمْ كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ وَشَرِيعَتُهُ مُؤَيِّدَةٌ نَاسِخَةٌ لِغَيْرِهَا، وَمُعْجِزَتُهُ بَاقِيَةٌ وَهِيَ الْقُرْآنُ، وَنُصِرَ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لَهُ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَتُرَابُهَا طَهُورًا، وَأُحِلَّتْ لَهُ الْغَنَائِمُ وَلَمْ يُورَثْ، وَتَرِكَتُهُ صَدَقَةٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَأُكْرِمَ بِالشَّفَاعَاتِ الْخَمْسِ، وَخُصَّ بِالْعُظْمَى، وَدُخُولِ خَلْقٍ مِنْ أُمَّتِهِ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، وَأُرْسِلَ إلَى الْإِنْسِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِلَا مُفْطِرٍ. (قَوْلُهُ: وَصَفِيُّ الْمَغْنَمِ) أَيْ بِأَنْ يَخْتَارَ لِنَفْسِهِ مَا شَاءَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَيَقْضِي بِعِلْمِهِ) ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْقَضَاءَ بِالْعِلْمِ مِنْ خَصَائِصِهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، أَوْ أَنَّهُ ثَابِتٌ بِلَا شَرْطٍ وَفِي حَقِّ غَيْرِهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَلَهُ شُرُوطٌ عِنْدَ مَنْ جَوَّزَهُ (قَوْلُهُ: وَتَجُوزُ لَهُ الشَّهَادَةُ) أَيْ مِنْ الْغَيْرِ لَهُ: أَيْ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا ادَّعَاهُ، وَقَوْلُهُ: وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ: أَيْ مِنْ غَيْرِ تَزْكِيَةٍ وَمِنْ غَيْرِ ضَمِّ شَاهِدٍ آخَرَ لَهُ (قَوْلُهُ: إنْ احْتَاجَهُ) أَيْ ذَلِكَ الْغَيْرُ، وَلَوْ قَالَ وَإِنْ احْتَاجَهُ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ هَذِهِ هِيَ الْحَالَةُ الَّتِي يُفَارِقُ فِيهَا غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ لَعَنَهُ) أَيْ بِأَنْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَعَنَ اللَّهُ فُلَانًا إلَخْ (قَوْلُهُ: جَعَلَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ الْمَشْتُومِ وَالْمَلْعُونِ وَلَعَلَّهُ مَفْرُوضٌ فِي الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: وَهِيَ تَحْرِيمُ زَوْجَاتِهِ عَلَى غَيْرِهِ) نَقَلَ الْقُضَاعِيُّ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ تَزْوِيجُ نِسَاءِ أَنْبِيَائِهِمْ اهـ ابْنُ شَرَفٍ عَلَى التَّحْرِيرِ، وَلَا يُرَدُّ ذَلِكَ عَلَى الشَّارِحِ؛ لِأَنَّهُ يَكْفِي فِي غَيْرِهَا مِنْ الْخَصَائِص امْتِيَازُهُ بِذَلِكَ عَنْ أُمَّتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ) فِي إدْخَالِهِنَّ فِي الزَّوْجَاتِ تَسَمُّحٌ (قَوْلُهُ: إكْرَامًا فَقَطْ) أَيْ دُونَ جَوَازِ النَّظَرِ لَهُنَّ وَعَدَمِ نَقْضِ الْوُضُوءِ بِلَمْسِهِنَّ وَغَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَتَحْرِيمُ سُؤَالِهِنَّ) أَيْ عَنْ شَيْءٍ مَا (قَوْلُهُ: إلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ) أَيْ كَكَوْنِهِنَّ وَرَاءَ بَابٍ أَوْ سِتَارَةٍ أَوْ جِدَارٍ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ فَاطِمَةُ) وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: فُضْلَى النِّسَا بِنْتُ عِمْرَانَ فَفَاطِمَةُ ... فَأُمُّهَا ثُمَّ مَنْ قَدْ بَرَّأَ اللَّهُ وَقَوْلُ النَّاظِمِ: فَأُمُّهَا: أَيْ خَدِيجَةُ، وَقَوْلُهُ: أَيْضًا: مَنْ قَدْ بَرَّأَ اللَّهُ: أَيْ عَائِشَةَ (قَوْلُهُ: لَا تَجْتَمِعُ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ لِلْعِصْمَةِ (قَوْلُهُ: وَصُفُوفُهُمْ) أَيْ فِي صَلَاتِهِمْ حَيْثُ فُعِلَتْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: وَشَرِيعَتُهُ مُؤَيَّدَةٌ) أَيْ بِالْمُعْجِزَاتِ الظَّاهِرَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُورَثْ) وَكَذَا غَيْرُهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فَعَدَّهَا مِنْ الْخُصُوصِيَّاتِ بِالنَّظَرِ لِأُمَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَخُصَّ بِالْعُظْمَى) وَهِيَ الشَّفَاعَةُ فِي فَصْلِ الْقَضَاءِ: أَيْ الْحُكْمِ بَيْنَ النَّاسِ حَتَّى يُذْهَبَ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ إلَيْهَا وَبِأَهْلِ النَّارِ إلَيْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي شَرْحِ الرَّوْضِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، فَسَقَطَ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ تَصْوِيبِ مَا وَقَعَ فِي نُسْخَةٍ مِنْ قَوْلِهِ إيجَابًا وَقَبُولًا بِالْوَاوِ لَا بِالنَّفْيِ، وَلَمْ أَدْرِ مِنْ أَيْنَ هَذَا التَّصْوِيبُ (قَوْلُهُ: وَيَقْضِي بِعِلْمِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَوْ فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى بِلَا خِلَافٍ. اهـ. أَيْ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَإِنَّ فِي قَضَائِهِ بِهِ خِلَافًا، وَعَلَى جَوَازِهِ فَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ فِي غَيْرِ حُدُودِهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ: إلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ) أَيْ سَاتِرٍ لِشَخْصِهِنَّ كَجِدَارٍ (قَوْلُهُ: وَأَفْضَلُ نِسَاءِ الْعَالِمِينَ مَرْيَمُ) هَذَا لَا دَخْلَ لَهُ

وَالْجِنِّ لَا الْمَلَائِكَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ أَكْثَرُ الْأَنْبِيَاءِ أَتْبَاعًا، وَكَانَ لَا يَنَامُ قَلْبُهُ، وَيَرَى مِنْ خَلْفِهِ وَتَطَوُّعُهُ قَاعِدًا كَقَائِمٍ، وَلَا تَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ خَاطَبَهُ بِالسَّلَامِ وَيَحْرُمُ رَفْعُ الصَّوْتِ فَوْقَ صَوْتِهِ، وَنِدَاؤُهُ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ وَبِاسْمِهِ، وَالتَّكَنِّي بِكُنْيَتِهِ مُطْلَقًا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَتَجِبُ إجَابَتُهُ فِي الصَّلَاةِ وَلَا تَبْطُلُ بِهَا وَلَوْ فِعْلًا كَثِيرًا كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَشَمِلَهُ كَلَامُهُمَا، وَكَانَ يُتَبَرَّكُ وَيُسْتَشْفَى بِبَوْلِهِ وَدَمِهِ، وَمَنْ زَنَى بِحَضْرَتِهِ أَوْ اسْتَخَفَّ بِهِ كَفَرَ، وَإِنْ نَظَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الزِّنَا، وَأَوْلَادُ بَنَاتِهِ يُنْسَبُونَ إلَيْهِ، وَتَحِلُّ لَهُ الْهَدِيَّةُ مُطْلَقًا، وَأُعْطِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَكَانَ يُؤْخَذُ عَنْ الدُّنْيَا عِنْدَ الْوَحْيِ مَعَ بَقَاءِ التَّكْلِيفِ، وَلَا يَجُوزُ الْجُنُونُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِخِلَافِ الْإِغْمَاءِ وَلَا الِاحْتِلَامُ، وَرُؤْيَتُهُ فِي النَّوْمِ حَقٌّ وَلَا يُعْمَلُ بِهَا فِي الْأَحْكَامِ لِعَدَمِ ضَبْطِ النَّائِمِ، وَلَا تَأْكُلُ الْأَرْضُ لُحُومَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْكَذِبُ عَلَيْهِ عَمْدًا كَبِيرَةٌ، وَنَبَعَ الْمَاءُ الطَّهُورُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ، وَصَلَّ بِالْأَنْبِيَاءِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ، وَكَانَ أَبْيَضَ الْإِبْطِ، وَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِ الْخَطَأُ، وَيَبْلُغُهُ سَلَامُ النَّاسِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَيَشْهَدُ لِجَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ بِالْأَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَكَانَ إذَا مَشَى فِي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ لَا يَظْهَرُ لَهُ ظِلٌّ، وَلَا يَقَعُ مِنْهُ إيلَاءٌ وَلَا ظِهَارٌ، وَلَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ لِعَانٌ. وَنَقَلَ الْفَخْرُ الرَّازِيّ أَنَّهُ كَانَ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الذُّبَابُ وَلَا يَمْتَصُّ دَمَهُ الْبَعُوضُ، وَكُلُّ مَوْضِعٍ صَلَّى فِيهِ وَضُبِطَ مَوْقِفُهُ امْتَنَعَ فِيهِ الِاجْتِهَادُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً، وَوُجُوبُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ، وَعُرِضَ عَلَيْهِ جَمِيعُ الْخَلْقِ مِنْ آدَمَ إلَى مَنْ بَعْدَهُ كَمَا قَالَهُ فِي الذَّخَائِرِ، وَكَانَ لَا يَتَثَاءَبُ وَلَا يَظْهَرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ مِنْ الْغَائِطِ بَلْ تَبْتَلِعُهُ الْأَرْضُ كَمَا قَالَهُ الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ، وَمَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ حَرَجٌ فِي حُكْمِهِ عَلَيْهِ يَكْفُرُ بِهِ. قَالَهُ الْإِصْطَخْرِيُّ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ بَلْ صَلَّى النَّاسُ أَفْرَادًا (هُوَ) أَيْ النِّكَاحُ بِمَعْنَى التَّزَوُّجِ: أَيْ تَأَهُّلُهُ بِزَوْجَةٍ (مُسْتَحَبٌّ لِمُحْتَاجٍ إلَيْهِ) أَيْ تَائِقٌ لَهُ بِتَوَقَانِهِ لِلْوَطْءِ (يَجِدُ أُهْبَتَهُ) مِنْ مَهْرٍ وَكِسْوَةٍ فَصْلُ التَّمْكِينِ وَنَفَقَةِ يَوْمِهِ وَلَوْ خَصِيًّا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْإِحْيَاءِ أَوْ مُشْتَغِلًا بِالْعِبَادَةِ لِلْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لَا الْمَلَائِكَةِ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَكْثَرُ الْأَنْبِيَاءِ أَتْبَاعًا) أَيْ وَهُمْ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ (قَوْلُهُ: وَيَرَى مِنْ خَلْفِهِ) أَيْ حَقِيقَةً (قَوْلُهُ: وَلَا تَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ خَاطَبَهُ) أَيْ بِالسَّلَامِ وَلَا غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَبِاسْمِهِ) أَيْ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدِهَا (قَوْلُهُ: وَالتَّكَنِّي بِكُنْيَتِهِ) أَيْ وَلَوْ سُمِّيَ بِهَا شَخْصُ ابْتِدَاءً كَأَبِي الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَ اسْمُهُ مُحَمَّدًا أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ فِي زَمَنِهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَمَنْ زَنَى بِحَضْرَتِهِ) أَيْ فِي حَيَاتِهِ (قَوْلُهُ: وَتَحِلُّ لَهُ الْهَدِيَّةُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمُهْدَى لَهُ فِي خُصُومَةٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَلَا الِاحْتِلَامِ) أَيْ النَّاشِئِ عَنْ رُؤْيَا مَنَامِيَّةٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الشَّيْطَانِ، أَمَّا مُجَرَّدُ خُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ فَلَا يُمْتَنَعُ لِجَوَازِ كَوْنِهِ مِنْ امْتِلَاءِ أَوْعِيَةِ الْمَنِيِّ. (قَوْلُهُ: وَصَلَّى بِالْأَنْبِيَاءِ) أَيْ كَالصَّلَاةِ الَّتِي كَانَ يُصَلِّيهَا قَبْلَ الْإِسْرَاءِ فَلَا يُقَالُ الصَّلَاةُ لَمْ تَكُنْ فُرِضَتْ حِينَ صَلَّى بِالْأَنْبِيَاءِ (قَوْلُهُ: وَكَانَ أَبْيَضَ الْإِبْطِ) أَيْ بِلَا شَعْرٍ (قَوْلُهُ: وَيَبْلُغُهُ سَلَامُ النَّاسِ) أَيْ بِتَبْلِيغِ الْمَلَائِكَةِ وَلَوْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلَّا مَنْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَإِنَّهُ يَسْمَعُ صَلَاةَ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ بِلَا وَاسِطَةِ مَلَكٍ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ) أَيْ بَعْدَ وَفَاتِهِ، قِيلَ وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَلِيقُ بِغَيْرِهِ التَّقَدُّمُ لِلْإِمَامَةِ بِحَضْرَتِهِ تَعْظِيمًا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ تَقَدُّمًا عَلَيْهِ لَكِنْ مُجَرَّدُ صُورَةِ تَقَدُّمٍ فَلَمْ يَفْعَلْهُ أَحَدٌ، وَقِيلَ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْخِلَافَةِ وَاسْتِقْرَارِهَا لِأَحَدٍ وَالْإِمَامَةُ إنَّمَا كَانَتْ لَهُ وَلِلْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَنَفَقَةِ يَوْمِهِ) أَيْ وَلَيْلَتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَصِيًّا) أَخْذُهُ غَايَةً لِاحْتِمَالِ أَنَّ هُنَاكَ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ إلَيْهِ لِقَطْعِ أَوْعِيَةِ الْمَنِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْخَصَائِصِ وَلَعَلَّهُ ذَكَرَهُ تَتْمِيمًا (قَوْلُهُ: وَتَطَوُّعُهُ قَاعِدًا كَقَائِمٍ) أَيْ كَتَطَوُّعِهِ قَائِمًا (قَوْلُهُ: وَلَا تَبْطُلُ صَلَاةٌ مَنْ خَاطِبِهِ بِالسَّلَامِ) أَيْ بِلَا طَلَبٍ مِنْهُ: أَيْ بِقَوْلِهِ فِي التَّشَهُّدِ السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِعْلًا) أَيْ إذَا كَانَتْ الْإِجَابَةُ مُتَوَقِّفَةً عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَتَحِلُّ لَهُ الْهَدِيَّةُ مُطْلَقًا) أَيْ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ وُلَاةِ الْأُمُورِ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَقَعُ مِنْهُ إيلَاءٌ وَلَا ظِهَارٌ) أَيْ وَلَا يَصْدُرُ مِنْهُ ذَلِكَ لِحُرْمَتِهِ، وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِتَخْصِيصِهِمَا بِالذِّكْرِ إذْ كُلُّ الْمُحَرَّمَاتِ

«يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ» وَالْبَاءَةُ بِالْمَدِّ لُغَةً: الْجِمَاعُ، وَالْمُرَادُ هُوَ مَعَ الْمُؤْنَةِ لِرِوَايَةِ «مِنْ كَانَ مِنْكُمْ ذَا طَوْلٍ فَلْيَتَزَوَّجْ» وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْجِمَاعُ يُنَافِيهِ (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ) ؛ لِأَنَّ مَنْ لَا شَهْوَةَ لَهُ لَا يَحْتَاجُ لِلصَّوْمِ، وَتَأْوِيلُهُ بِأَنَّ الْمَعْنَى مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَ بِقُدْرَتِهِ عَلَى الْمُؤَنِ إلَخْ بَعِيدٌ لَا ضَرُورَةَ بَلْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ كَمَا لَا يَخْفَى وَلَمْ يَجِبْ مَعَ هَذَا الْأَمْرِ لِآيَةِ {مَا طَابَ لَكُمْ} [النساء: 3] وَرُدَّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْحَلَالُ مِنْ النِّسَاءِ، وَأَيْضًا فَلَمْ يَأْخُذْ بِظَاهِرِهِ أَحَدٌ فَإِنَّ الَّذِي حَكَوْهُ قَوْلًا إنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ لِبَقَاءِ النَّسْلِ. نَعَمْ لَوْ خَافَ الْعَنَتَ وَتَعَيَّنَ طَرِيقًا لِدَفْعِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ وَجَبَ، وَلَا يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ مُطْلَقًا وَإِنْ اُسْتُحِبَّ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ وُجُوبِهِ أَيْضًا فِيمَا لَوْ طَلَّقَ مَظْلُومَةً فِي الْقَسْمِ لِيُوَفِّيَهَا حَقَّهَا مِنْ نَوْبَةِ الْمَظْلُومِ لَهَا ظَاهِرٌ، وَإِنْ رُدَّ بِأَنَّ الطَّلَاقَ بِدْعِيٌّ، وَقَدْ صَرَّحُوا فِي الْبِدَعِ بِنَدْبِ الرَّجْعَةِ فِيهِ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بِأَنَّ الذِّمَّةَ اُشْتُغِلَتْ فِيهَا بِحَقٍّ لَهَا فَوَجَبَ رَدُّهُ، وَيَجِبُ مَا يَكُونُ طَرِيقًا مُتَعَيِّنًا لَهُ، وَلَا كَذَلِكَ طَلَاقُ الْبِدْعَةِ إذْ لَمْ يَسْتَقِرُّ لَهَا فِي ذِمَّتِهِ حَقٌّ تُطَالِبُهُ بِرَدِّهِ، وَمَنَعَ جَمْعٌ التَّسَرِّي فِي هَذَا الزَّمَنِ لِعَدَمِ التَّخْمِيسِ مَرْدُودٌ، كَمَا يَأْتِي بِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَّجِهُ فِيمَنْ تَحَقَّقَ أَنَّ سَابِيهَا مُسْلِمٌ لَا فِيمَنْ شَكَّ فِي سَابِيهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْحِلُّ، وَلَا فِيمَنْ تَحَقَّقَ أَنَّ سَابِيهَا كَافِرٌ مِنْ كَافِرٍ أَوْ اشْتَرَى خُمُسَ بَيْتِ الْمَالِ مِنْ نَاظِرِهِ لِحِلِّهَا يَقِينًا، وَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ مِنْ عَدَمِ اسْتِحْبَابِ النِّكَاحِ مُطْلَقًا لِمَنْ فِي دَارِ الْحَرْبِ خَوْفًا عَلَى وَلَدِهِ مِنْ التَّدَيُّنِ بِدِينِهِمْ، وَالِاسْتِرْقَاقِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ الزِّنَا لَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْ، إذْ الْمَصْلَحَةُ الْمُحَقَّقَةُ النَّاجِزَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمَفْسَدَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ الْمُتَوَهَّمَةِ. وَالْأَوْجَهُ إلْحَاقُ التَّسَرِّي بِالنِّكَاحِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا عَلَّلَ بِهِ يَأْتِي فِيهِ وَالضَّمَائِرُ الثَّلَاثَةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رَاجِعَةٌ كُلُّهَا لِلْعَقْدِ الْمُرَادِ بِهِ أَحَدُ طَرَفَيْهِ، وَهُوَ التَّزَوُّجُ: أَيْ قَبُولُ التَّزْوِيجِ وَلَا مَحْذُورَ فِيهِ، وَمَا يُوهِمُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ) خَصَّهُمْ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُمْ هُمْ الَّذِينَ تَغْلِبُ عَلَيْهِمْ الشَّهْوَةُ وَإِلَّا فَمِثْلُهُمْ غَيْرُهُمْ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ هُوَ) أَيْ الْجِمَاعُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجِبْ) أَيْ التَّزَوُّجُ، وَقَوْلُهُ: مَعَ هَذَا الْأَمْرِ هُوَ قَوْلُهُ: فَلْيَتَزَوَّجْ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ) أَيْ قَوْلُهُ: مَا طَابَ لَكُمْ (قَوْلُهُ: وَأَيْضًا فَلَمْ يَأْخُذْ إلَخْ) أَيْ فَلَيْسَ فِي الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ، نَعَمْ دَلَّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ عَيْنًا الْإِجْمَاعُ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَأَيْضًا إلَخْ. وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ فُرُوعِ الرَّدِّ بَلْ تَوْجِيهٌ لِعَدَمِ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الَّذِي حَكَوْهُ) أَيْ الْمَعْنَى الَّذِي حَكَوْهُ قَوْلًا أَوْ الْوُجُوبَ الَّذِي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ مُطْلَقًا) سَوَاءٌ احْتَاجَ إلَيْهِ أَمْ لَا تَاقَتْ نَفْسُهُ إلَيْهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) أَيْ ابْنِ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ إلْحَاقُ التَّسَرِّي بِالنِّكَاحِ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي كَوْنِهِ لَا يُسَنُّ، وَقَضَيْتُهُ إبَاحَةُ كُلٍّ مِنْ النِّكَاحِ وَالتَّسَرِّي. (قَوْلُهُ: وَمَا يُوهِمُهُ) أَيْ وَالْمَحْذُورُ الَّذِي ـــــــــــــــــــــــــــــQكَذَلِكَ (قَوْلُهُ: بَعِيدٌ لَا ضَرُورَةَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا بُعْدَ فِيهِ مَعَ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى السَّابِقَةِ وَالرِّوَايَاتُ يُفَسِّرُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَأَمَّا الْقُدْرَةُ عَلَى الْجِمَاعِ فَهِيَ مَفْهُومَةٌ مِنْ لَفْظِ الشَّبَابِ (قَوْلُهُ: وَأَيْضًا فَلَمْ يَأْخُذْ بِظَاهِرِهِ أَحَدٌ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِآيَةِ {مَا طَابَ لَكُمْ} [النساء: 3] فَهُوَ جَوَابٌ ثَانٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ رُدَّ بِأَنَّ الطَّلَاقَ بِدْعِيٌّ إلَخْ) الرَّدُّ أَقَرَّهُ حَجّ لَكِنَّ عِبَارَتَهُ: وَرُدَّ بِأَنَّ هَذَا الطَّلَاقَ بِدْعِيٌّ، وَقَدْ صَرَّحُوا فِي الْبِدْعِيِّ بِأَنَّهُ لَا تَجِبُ فِيهِ الرَّجْعَةُ إلَّا أَنْ يُسْتَثْنَى هَذَا لِمَا فِيهِ مِنْ اسْتِدْرَاكِ ظُلَامَةِ الْآدَمِيِّ (قَوْلُهُ: أَوْ اشْتَرَى خُمُسَ بَيْتِ الْمَالِ مِنْ نَاظِرِهِ) قَالَ الشِّهَابُ سم: يَحْتَاجُ أَنْ يَقُولَ وَأَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ الْخُمُسِ الْبَاقِيَةَ مِنْ مُسْتَحِقِّيهَا أَوْ أَوْلِيَائِهِمْ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِخُمُسِ بَيْتِ الْمَالِ مَا قَابَلَ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ الْغَانِمِينَ الَّذِي يُخَمَّسُ خَمْسَةَ أَخْمَاسٍ لَا خُمُسُ الْخُمُسِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْعِبَارَةِ، وَأُضِيفَ لِبَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِي جَمِيعِهِ لِلْإِمَامِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَبَقَ فِي بَابِهِ، عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ مِنْ مُسْتَحِقِّيهَا أَوْ أَوْلِيَائِهِمْ لَا يَصِحُّ إذْ لَا مُسْتَحِقَّ لَهَا مُعَيَّنٌ حَتَّى يَصِحَّ مِنْهُ التَّصَرُّفُ وَإِنَّمَا التَّصَرُّفُ لِلْإِمَامِ كَمَا سَبَقَ (قَوْلُهُ: وَمَا يُوهِمُهُ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ لِحَجِّ، لَكِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لِلضَّمِيرِ

فِي إلَيْهِ يَرُدُّهُ قَوْلُنَا: أَيْ تَائِقٌ إلَيْهِ بِتَوَقَانِهِ لِلْوَطْءِ وَهَذَا مَجَازٌ مَشْهُورٌ لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ فَانْدَفَعَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِهَا الْعَقْدَ أَوْ الْوَطْءَ لَمْ يَصِحَّ أَوْ بِهُوَ وَأَهُبَّتَهُ الْعَقْدَ وَبِإِلَيْهِ الْوَطْءَ صَحَّ لَكِنْ فِيهِ تَعَسُّفٌ (فَإِنْ فَقَدَهَا اُسْتُحِبَّ تَرْكُهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا} [النور: 33] الْآيَةَ وَعَبَّرَ الرَّافِعِيُّ وَالْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ بِأَنَّ الْأُولَى أَنْ لَا يَنْكِحَ، وَدَعْوَى أَنَّهَا دُونَ الْأُولَى فِي الطَّلَبِ مَرْدُودَةٌ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ يُكْرَهُ فِعْلُهُ، وَرُدَّ بِأَنَّ مُقْتَضَى الْخَبَرِ عَدَمُ طَلَبِ الْفِعْلِ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ النَّهْيِ عَنْ الْفِعْلِ بَلْ وَمِنْ طَلَبِ التَّرْكِ، وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ فِعْلُهُ وَعَلَيْهِ كَثِيرُونَ لِآيَةِ {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ} [النور: 32] مَعَ الْخَبَرِ الصَّحِيحِ «تَزَوَّجُوا النِّسَاءَ فَإِنَّهُنَّ يَأْتِينَكُمْ بِالْمَالِ» وَصَحَّ أَيْضًا «ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُعِينَهُمْ مِنْهُمْ النَّاكِحُ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَعْفِفَ» وَفِي مُرْسَلٍ «مَنْ تَرَكَ التَّزَوُّجَ مَخَافَةَ الْعَيْلَةِ فَلَيْسَ مِنَّا» وَحَمَلُوا الْأَمْرَ بِالِاسْتِعْفَافِ فِي الْآيَةِ عَلَى مَنْ لَمْ يَجِدْ زَوْجَةً وَلَا دَلَالَةَ لَهُمْ عِنْدَ التَّأَمُّلِ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْفَقْرِ وَإِتْيَانِهِنَّ بِالْمَالِ وَالْإِعَانَةِ وَخَوْفِ الْعَيْلَةِ عَدَمُ وُجْدَانِ الْأُهْبَةِ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ لَا سِيَّمَا. وَدَلِيلُنَا «وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» أَيْ قَاطِعٌ أَصَحُّ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذُكِرَ لَا يَقْبَلُ تَأْوِيلًا (وَيَكْسِرُ) إرْشَادًا (شَهْوَتَهُ بِالصَّوْمِ) لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ، وَكَوْنُهُ يُثِيرُ الْحَرَارَةَ وَالشَّهْوَةَ إنَّمَا هُوَ فِي ابْتِدَائِهِ، فَإِنْ لَمْ تَنْكَسِرْ بِهِ تَزَوَّجَ، وَلَا يَكْسِرُهَا بِنَحْرِ كَافِرٍ بَلْ يُكْرَه لَهُ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَنَقَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الْخِصَاءِ إنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ الشَّهْوَةَ بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ يُفَتِّرُهَا فِي الْحَالِ، وَلَوْ أَرَادَ إعَادَتَهَا بِاسْتِعْمَالِ ضِدِّ الْأَدْوِيَةِ لَأَمْكَنَهُ ذَلِكَ، وَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ مِنْ الْحُرْمَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSيُوهِمُهُ (قَوْلُهُ: صَحَّ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ اسْتِخْدَامًا (قَوْلُهُ: وَدَعْوَى أَنَّهَا) أَيْ قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَنْكِحَ وَقَوْلُهُ: دُونُ الْأَوْلَى أَيْ قَوْلُهُ: اُسْتُحِبَّ تَرْكُهُ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا) وَهُوَ مُتَّجِهٌ إذْ الْمُتَبَادِرُ مِنْهُمَا وَاحِدٌ هُوَ الطَّلَبُ الْغَيْرُ الْجَازِمِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ تَأَكُّدٍ وَعَدَمِهِ. ا. هـ ابْنُ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَحَمَلُوا الْأَمْرَ) أَيْ الْأَكْثَرُونَ (قَوْلُهُ: أَصَحُّ) أَصَحُّ خَبَرٍ قَوْلُهُ: وَدَلِيلُنَا (قَوْلُهُ: وَيَكْسِرُ إرْشَادًا) وَمَعَ ذَلِكَ يُثَابُ؛ لِأَنَّ الْإِرْشَادَ الرَّاجِعَ إلَى تَكْمِيلٍ شَرْعِيٍّ كَالْعِفَّةِ هُنَا كَالشَّرْعِيِّ خِلَافًا لِمَنْ أَخَذَ بِإِطْلَاقِ أَنَّ الْإِرْشَادَ نَحْوَ {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282] لَا ثَوَابَ فِيهِ اهـ حَجّ. وَهُوَ يُفِيدُ حَيْثُ رَجَعَ لِتَكْمِيلٍ شَرْعِيٍّ لَا يَحْتَاجُ لِقَصْدِ الِامْتِثَالِ وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ لِذَلِكَ فَلَا ثَوَابَ فِيهِ، وَإِنْ قَصَدَ الِامْتِثَالَ، وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي بَابِ الْمِيَاهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُكْرَهُ الْمُشَمَّسُ مَا نَصُّهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ: التَّحْقِيقُ أَنَّ فَاعِلَ الْإِرْشَادِ لِمُجَرَّدِ غَرَضِهِ لَا يُثَابُ، وَمُجَرَّدُ الِامْتِثَالِ يُثَابُ، وَلَهُمَا يُثَابُ ثَوَابًا أَنْقَصُ مِنْ ثَوَابِ مَنْ مَحَّضَ قَصْدَ الِامْتِثَالِ. ا. هـ (قَوْلُهُ: بِالصَّوْمِ) وَلَا دَخْلَ لِلصَّوْمِ فِي الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: تَزَوَّجَ) أَيْ مَعَ الِاحْتِيَاجِ وَعَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ تَرْضَ الْمَرْأَةُ بِذِمَّتِهِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمَهْرِ تُكَلَّفَهُ بِالِاقْتِرَاضِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْسِرُهَا بِنَحْوِ كَافُورٍ إلَخْ) وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ التَّسَبُّبِ فِي إلْقَاءِ النُّطْفَةِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِهَا فِي الرَّحِمِ فَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْزَدِيُّ يَجُوزُ إلْقَاءُ النُّطْفَةِ وَالْعَلَقَةِ، وَنَقَلَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَفِي الْإِحْيَاءِ فِي مَبْحَثِ الْعَزْلِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِهِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ؛ لِأَنَّهَا بَعْدَ الِاسْتِقْرَارِ آيِلَةٌ إلَى التَّخَلُّقِ الْمُهَيَّأِ لِنَفْخِ الرُّوحِ وَلَا كَذَلِكَ الْعَزْلُ اهـ حَجّ. وَحَكَى الشَّارِحُ خِلَافًا فِي كِتَابِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَأَطَالَ فِيهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ ثَمَّ اعْتِمَادُ عَدَمِ الْحُرْمَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: إنْ غَلَبَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي كَلَامِهِ مَرْجِعٌ، بِخِلَافِ حَجّ فَإِنَّهُ قَدَّمَ الْمَدْفُوعَ الْآتِيَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ حَاكِيًا لَهُ بِقِيلَ فَصَحَّ رُجُوعُ الضَّمِيرِ فِيهِ إلَى الْقَائِلِ الْمَفْهُومِ مِنْ قِيلَ (قَوْلُهُ: يَرُدُّهُ قَوْلُنَا: أَيْ تَائِقٌ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم: بَلْ لَا حَاجَةَ لِلتَّفْسِيرِ بِقَوْلِهِ: أَيْ تَائِقٌ إلَخْ لِصِحَّةِ التَّفْسِيرِ: أَيْ إلَى النِّكَاحِ الَّذِي هُوَ الْعَقْدُ لِكَوْنِهِ طَرِيقًا لِلْوَطْءِ الَّذِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْحَاجَةَ لِلشَّيْءِ حَاجَةٌ لِطَرِيقِهِ (قَوْلُهُ: نَوْعٌ مِنْ الْخِصَاءِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ نَوْعٌ مِنْ الِاخْتِصَاءِ. اهـ. وَلَعَلَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ مُحَرَّفَةٌ عَنْهَا مِنْ الْكَتَبَةِ.

مَحْمُولٌ عَلَى الْقَطْعِ لَهَا مُطْلَقًا (فَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ) أَيْ يَتَّقِ (لَهُ) أَيْ لِلنِّكَاحِ بِعَدَمِ تَوَقَانِهِ لِلْوَطْءِ خِلْقَةً أَوْ لِعَارِضٍ وَلَا عِلَّةَ بِهِ (كُرِهَ) لَهُ (إنْ فَقَدَ الْأُهْبَةَ) لَا الْتِزَامُهُ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ بِلَا حَاجَةٍ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ نِكَاحِ السَّفِيهِ الْحَاجَةُ فَلَا يُرَدُّ هُنَا (وَإِلَّا) بِأَنْ وَجَدَ الْأُهْبَةَ مَعَ عَدَمِ حَاجَتِهِ لِلنِّكَاحِ (فَلَا) يُكْرَهُ لَهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ، وَمَقَاصِدُهُ لَا تَنْحَصِرُ فِي الْوَطْءِ، بَلْ بَحَثَ جَمْعٌ نَدْبَهُ لِحَاجَةِ تَأَنُّسٍ وَخِدْمَةٍ. وَكَلَامُهُمْ يَأْبَاهُ (لَكِنَّ الْعِبَادَةَ) أَيْ التَّخَلِّي لَهَا مِنْ الْمُتَعَبِّدِ (أَفْضَلُ) مِنْهُ اهْتِمَامًا بِشَأْنِهَا، وَقَدَّرْنَا مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ ذَاتَ الْعِبَادَةِ أَفْضَلُ مِنْ ذَاتِ النِّكَاحِ قَطْعًا، وَيَصِحُّ عَدَمُ التَّقْدِيرِ، وَيَكُونُ " أَفْضَلُ " بِمَعْنَى فَاضِلٍ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ، وَمَا اقْتَضَاهُ ذَلِكَ مِنْ أَنَّ النِّكَاحَ لَيْسَ بِعِبَادَةٍ، وَلَوْ لِابْتِغَاءِ النَّسْلِ صَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ مُسْتَدِلًّا عَلَى ذَلِكَ بِصِحَّتِهِ مِنْ الْكَافِرِ مَمْنُوعٌ، إذْ صِحَّتُهُ مِنْهُ لَا تَنْفِي كَوْنَهُ عِبَادَةً كَعِمَارَةِ الْمَسَاجِدِ وَالْعِتْقِ؛ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِهِ، وَالْعِبَادَةُ إنَّمَا تُتَلَقَّى مِنْ الشَّارِعِ، وَأَفْتَى الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهُ إنْ قُصِدَ بِهِ طَاعَةٌ مِنْ وَلَدٍ صَالِحٍ أَوْ إعْفَافٌ كَانَ مِنْ عَمَلِ الْآخِرَةِ وَيُثَابُ عَلَيْهِ وَإِلَّا كَانَ مُبَاحًا وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ، وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ الْكَلَامَانِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ نِكَاحِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. أَمَّا هُوَ فَقُرْبَةٌ قَطْعًا؛ لِأَنَّ فِيهِ نَشْرُ الشَّرِيعَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَحَاسِنِهِ الْبَاطِنَةِ الَّتِي لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا الرِّجَالُ، وَمِنْ ثَمَّ وَسَّعَ لَهُ فِي عَدَدِ الزَّوْجَاتِ مَا لَمْ يُوَسِّعْ لِغَيْرِهِ لِيَحْفَظَ كُلَّ مَا لَمْ يَحْفَظْهُ غَيْرُهُ لِتَعَذُّرِ إحَاطَةِ الْعَدَدِ الْقَلِيلِ بِهَا لِكَثْرَتِهَا بَلْ خُرُوجِهَا عَنْ الْحَصْرِ. (قُلْت: فَإِنْ لَمْ يَتَعَبَّدْ فَالنِّكَاحُ أَفْضَلُ فِي الْأَصَحِّ) مِنْ الْبَطَالَةِ لِئَلَّا تُفْضِيَ بِهِ إلَى الْفَوَاحِشِ، فَأَفْضَلُ هُنَا بِمَعْنَى فَاضِلٍ مُطْلَقًا، وَالثَّانِي تَرْكُهُ أَفْضَلَ مِنْهُ لِلْخَطَرِ فِي الْقِيَامِ بِوَاجِبِهِ، وَفِي الصَّحِيحِ «اتَّقُوا اللَّهَ وَاتَّقُوا النِّسَاءَ فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إسْرَائِيلَ كَانَتْ مِنْ النِّسَاءِ» (فَإِنْ وَجَدَ الْأُهْبَةَ وَبِهِ عِلَّةٌ كَهَرَمٍ أَوْ مَرَضٍ دَائِمٍ أَوْ تَعْنِينٍ) كَذَلِكَ بِخِلَافِ مَنْ يَعِنُّ وَقْتًا دُونَ وَقْتٍ (كُرِهَ) لَهُ النِّكَاحُ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِعَدَمِ حَاجَتِهِ مَعَ عَدَمِ تَحْصِينِ الْمَرْأَةِ الْمُؤَدِّي غَالِبًا إلَى فَسَادِهَا، وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ الْإِحْيَاءِ يُسَنُّ لِنَحْوِ مَمْسُوحٍ تَشَبُّهًا بِالصَّالِحِينَ كَمَا يُسَنُّ إمْرَارِ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِ الْأَصْلَعِ، وَقَوْلُ الْفَزَارِيِّ: أَيْ نَهْيٌ وَرَدَ فِي نَحْوِ الْمَجْبُوبِ وَالْحَاجَةُ غَيْرُ مُنْحَصِرَةٍ فِي الْجِمَاعِ، وَمَا اقْتَضَاهُ سِيَاقُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ عَدَمِ مَجِيءِ تِلْكَ الْأَحْكَامِ فِي الْمَرْأَةِ غَيْرُ مُرَادٍ، فَفِي الْأُمِّ وَغَيْرِهَا نَدَبَهُ لِلتَّائِقَةِ وَأَلْحَقَ بِهَا مُحْتَاجَةً لِلنَّفَقَةِ وَخَائِفَةً مِنْ اقْتِحَامِ فَجَرَةٍ، وَفِي التَّنْبِيهِ مَنْ جَازَ لَهَا النِّكَاحُ إنْ احْتَاجَتْهُ نُدِبَ لَهَا وَإِلَّا كُرِهَ، وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ، ثُمَّ نَقَلَ وُجُوبَهُ عَلَيْهَا. إذَا لَمْ تَنْدَفِعْ عَنْهَا الْفَجَرَةُ إلَّا بِهِ، وَبِمَا ذَكَرَ عُلِمَ ضَعْفُ قَوْلِ الزَّنْجَانِيِّ يُسَنُّ لَهَا مُطْلَقًا، إذْ لَا شَيْءَ عَلَيْهَا مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْقِيَام بِأَمْرِهَا وَسِتْرِهَا، وَقَوْلُ غَيْرِهِ لَا يُسَنُّ لَهَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ عَلَيْهَا حُقُوقًا خَطِيرَةً لِلزَّوْجِ لَا يَتَيَسَّرُ لَهَا الْقِيَامُ بِهَا، وَمِنْ ثَمَّ وَرَدَ الْوَعِيدُ الشَّدِيدُ فِي ذَلِكَ، وَلَوْ عَلِمَتْ مِنْ نَفْسِهَا عَدَمَ الْقِيَامِ بِهَا وَلَمْ تَحْتَجْ إلَيْهِ حُرُمَ عَلَيْهَا اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ آخِرًا ظَاهِرٌ. . ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الصَّوْمُ عَلَى الظَّنِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُمْ يَأْبَاهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَقَدَّرْنَا مَا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ التَّخَلِّي لَهَا (قَوْلُهُ: وَمَا اقْتَضَاهُ ذَلِكَ) أَيْ التَّقْدِيرُ؟ (قَوْلُهُ: مَمْنُوعٌ) أَيْ مَا اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ عِبَادَةً مُطْلَقًا، وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ جَمْعٌ قَالَ بَعْضُهُمْ لِصِحَّتِهِ مِنْ الْكَافِرِ مَمْنُوعٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: إذْ صِحَّتُهُ مِنْهُ) أَيْ الْكَافِرِ (قَوْلُهُ: وَيُثَابُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقَصْدِ وَالنِّكَاحُ بَاقٍ عَلَى إبَاحَتِهِ كَذَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَصَرِيحُ الشَّارِحِ هُنَا خِلَافُهُ، وَهُوَ أَنَّهُ مَعَ قَصْدِ الطَّاعَةِ يُصَيِّرُ نَفْسَهُ طَاعَةً وَعِنْدِ عَدَمِ قَصْدِهَا هُوَ مُبَاحٌ لَكِنَّ قَوْلَهُ: فِيمَا مَرَّ بِعَدَمِ انْعِقَادِهِ يَقْتَضِي بَقَاءَهُ عَلَى إبَاحَتِهِ (قَوْلُهُ: كُرِهَ لَهُ النِّكَاحُ) لَوْ طَرَأَتْ هَذِهِ الْأَحْوَالُ بَعْدَ الْعَقْدِ فَهَلْ يَلْحَقُ بِالِابْتِدَاءِ أَوْ لَا لِقُوَّةِ الدَّوَامِ؟ تَرَدَّدَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ، وَالثَّانِي هُوَ الْوَجْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَرَدَ فِي نَحْوِ الْمَجْبُوبِ) أَيْ فِي تَزَوُّجِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ نَقَلَ وُجُوبَهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: عَدَمُ الْقِيَامِ بِهَا) أَيْ بِحَاجَتِهِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالنِّكَاحِ كَاسْتِعْمَالِهَا الطِّيبَ إذَا أَمَرَهَا بِهِ وَالتَّزَيُّنِ بِأَنْوَاعِ الزِّينَةِ عِنْدَ أَمْرِهِ وَإِحْضَارِ مَا يُتَزَيَّنُ بِهِ لَهَا، وَلَيْسَ مِنْ الْحَاجَةِ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ تَهْيِئَةِ الطَّعَامِ وَنَحْوِهِ لِلزَّوْجِ لِعَدَمِ وُجُوبِهِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: حَرُمَ عَلَيْهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(وَيُسْتَحَبُّ دَيِّنَةٌ) بِحَيْثُ يُوجَدُ فِيهَا صِفَةُ الْعَدَالَةِ لَا الْعِفَّةُ عَنْ الزِّنَا فَقَطْ لِلْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ «فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاك» أَيْ اسْتَغْنَيْت إنْ فَعَلْت أَوْ افْتَقَرْت إنْ لَمْ تَفْعَلْ، وَفِي مُسْلِمَةٍ تَارِكَةٍ لِلصَّلَاةِ وَكِتَابِيَّةٍ تَرَدُّدٌ، فَيَحْتَمِلُ أَنَّ هَذِهِ أَوْلَى لِلْإِجْمَاعِ عَلَى صِحَّةِ نِكَاحِهَا وَبَطَلَانِ نِكَاحِ تِلْكَ لِرِدَّتِهَا عِنْدَ قَوْمٍ، وَيُحْتَمَلُ تِلْكَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ نِكَاحِ هَذِهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ الْأَوَّلَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْإِسْرَائِيلِيَّة؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ الْقَوِيَّ إنَّمَا هُوَ فِي غَيْرِهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْأُولَى لِقَوِيِّ الْإِيمَانِ وَالْعِلْمِ هَذِهِ لِأَمْنِهِ مِنْ فِتْنَتِهَا وَقُرْبِ سِيَاسَتِهِ لَهَا إلَى أَنْ تُسْلِمَ وَلِغَيْرِهِ تِلْكَ لِئَلَّا تَفْتِنَهُ هَذِهِ (بِكْرًا) لِلْأَمْرِ بِهِ مَعَ تَعْلِيلِهِ بِأَنَّهُنَّ أَعْذَبُ أَفْوَاهًا: أَيْ أَلْيَنُ كَلَامًا، أَوْ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ أَطْيَبِيَّتِهِ وَحَلَاوَتِهِ، وَأَنْتَقُ أَرْحَامًا: أَيْ أَكْثَرُ أَوْلَادًا وَأَرْضَى بِالْيَسِيرِ مِنْ الْعَمَلِ: أَيْ الْجِمَاعِ، وَأَغَرَّ غِرَّةً بِالْكَسْرِ: أَيْ أَبْعَدُ مِنْ مَعْرِفَةِ الشَّرِّ وَالتَّفَطُّنِ لَهُ، وَبِالضَّمِّ: أَيْ غُرَّةُ الْبَيَاضِ أَوْ حُسْنُ الْخَلْقِ وَإِرَادَتُهُمَا مَعًا أَجْوَدُ. نَعَمْ الثَّيِّبُ أَوْلَى لِلْعَاجِزِ عَنْ الِافْتِضَاضِ، وَلِمَنْ عِنْدَهُ عِيَالٌ يَحْتَاجُ إلَى كَامِلَةٍ تَقُومُ عَلَيْهِنَّ كَمَا اسْتَصْوَبَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ جَابِرٍ لِهَذَا، وَيُنْدَبُ كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ أَنْ لَا يُزَوِّجْ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ إلَّا مِنْ بِكْرٍ لَمْ يَتَزَوَّجْ قَطُّ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ عَنْ الْإِينَاسِ بِأَوَّلِ مَأْلُوفٍ مَجْبُولَةٌ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا تَقَرَّرَ مِنْ نَدْبِ الْبِكْرِ وَلَوْ لِلثَّيِّبِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِيمَا يُسَنُّ لِلزَّوْجِ وَهَذَا فِيمَا يُسَنُّ لِلْوَلِيِّ (نَسِيبَةٌ) أَيْ مَعْرُوفَةُ الْأَصْلِ طَيِّبَةٌ لِنِسْبَتِهَا إلَى الْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ وَتُكْرَهُ بِنْتُ الزِّنَا وَالْفَاسِقِ، وَأَلْحَقَ بِهَا اللَّقِيطَةَ وَمِنْ لَا يُعْرَفْ أَبُوهَا لِخَبَرِ «تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ وَلَا تَضَعُوهَا فِي غَيْرِ الْأَكْفَاءِ» صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَاعْتَرَضَ (لَيْسَتْ قَرَابَةً قَرِيبَةً) لِخَبَرٍ فِيهِ النَّهْيُ عَنْهُ وَتَعْلِيلُهُ بِأَنَّ الْوَلَدَ يَجِيءُ نَحِيفًا لَكِنْ لَا أَصْلَ لَهُ، وَمِنْ ثَمَّ نَازَعَ جَمْعٌ فِي هَذَا الْحُكْمِ بِأَنَّهُ لَا أَصْلَ لَهُ وَبِإِنْكَاحِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيًّا كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ وَيُرَدُّ بِأَنَّ نَحَافَةَ الْوَلَدِ النَّاشِئَةِ غَالِبًا عَنْ الِاسْتِحْيَاءِ مِنْ الْقَرَابَةِ الْقَرِيبَةِ مَعْنًى ظَاهِرٌ يَصْلُحُ أَصْلًا لِذَلِكَ، وَالْمُرَادُ بِالْقَرِيبَةِ مَنْ هِيَ فِي أَوَّلِ دَرَجَاتِ الْخُؤُولَةِ وَالْعُمُومَةِ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ ابْنِ عَمٍّ فَهِيَ بَعِيدَةٌ وَنِكَاحُهَا أَوْلَى مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ لِانْتِفَاءِ ذَلِكَ الْمَعْنَى مَعَ حُنُوِّ الرَّحِمِ، وَتَزَوُّجُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِزَيْنَبِ بِنْتِ جَحْشٍ مَعَ كَوْنِهَا بِنْتَ عَمَّتِهِ لِمَصْلَحَةِ حِلِّ نِكَاحِ زَوْجَةِ الْمُتَبَنَّى، وَتَزْوِيجُهُ زَيْنَبَ بِنْتَهُ لِأَبِي الْعَاصِ مَعَ أَنَّهَا بِنْتُ خَالَتِهِ بِتَقْدِيرِ وُقُوعِهِ بَعْدَ النُّبُوَّةِ وَاقِعَةُ حَالٍ فِعْلِيَّةٍ فَاحْتِمَالُ كَوْنِهِ لِمَصْلَحَةٍ يُسْقِطهَا، وَكُلٌّ مِمَّا ذُكِرَ مُسْتَقِلٌّ بِالنَّدْبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSوَمِثْلُهَا فِي ذَلِكَ الرَّجُلُ (قَوْلُهُ: فَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذِهِ) أَيْ الْكِتَابِيَّةَ (قَوْلُهُ: وَبُطْلَانُ نِكَاحِ تِلْكَ) أَيْ تَارِكَةِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: كَرِدَّتِهَا عِنْدَ قَوْمٍ) نَسَبَ غَيْرُ الشَّارِحِ هَذَا الْقَوْلَ إلَى أَحْمَدَ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ مُجَرَّدَ التَّرْكِ رِدَّةٌ. وَالْمَنْقُولُ فِي مَذْهَبِهِمْ خِلَافُهُ. قَالَ فِي مُنْتَهَى الْإِرَادَاتِ: وَمَنْ تَرَكَهَا وَلَوْ جَهْلًا وَعُرِّفَ فَعَلِمَ وَأَصَرَّ كَفَرَ وَكَذَا تَهَاوُنًا وَكَسَلًا إذَا دَعَاهُ إمَامٌ أَوْ نَائِبُهُ لِفِعْلِهَا وَأَبَى حَتَّى تَضَايَقَ وَقْتُ الَّتِي بَعْدَهَا وَيُسْتَتَابُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ تَابَ بِفِعْلِهَا وَإِلَّا ضُرِبَ عُنُقُهُ. قَالَ شَارِحُهُ: وَلَا قَتْلَ وَلَا تَكْفِيرَ قَبْلَ الدُّعَاءِ، وَكَذَا قَالَ صَاحِبُ الْإِقْنَاعِ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَنَابِلَةِ أَيْضًا، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ النِّسَاءَ الْمَوْجُودَاتِ فِي زَمَنِنَا أَنْكِحَتُهَا صَحِيحَةٌ حَتَّى عِنْدَ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ تِلْكَ) أَيْ تَارِكَةُ الصَّلَاةِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: هَذِهِ) أَيْ الْكِتَابِيَّةُ وَلِغَيْرِهِ تِلْكَ: أَيْ تَارِكَةُ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: أَكْثَرُ أَوْلَادًا) قَالَ حَجّ: وَأَسْخَنُ أَقْبَالًا اهـ (قَوْلُهُ: أَيْ غُرَّةُ الْبَيَاضِ) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ بِنْتُ الزِّنَا وَالْفَاسِقِ) أَيْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُعَيَّرُ بِهَا لِدَنَاءَةِ أَصْلِهَا وَرُبَّمَا اكْتَسَبَتْ مِنْ طِبَاعِ أَبِيهَا (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا أَصْلَ لَهُ) أَيْ لِلْخَبَرِ (قَوْلُهُ: يَصْلُحُ أَصْلًا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ، وَقَوْلُهُ: لِذَلِكَ: أَيْ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: يُسْقِطُهَا) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَاحْتِمَالُ كَوْنِهِ (قَوْلُهُ: وَكُلٌّ مِمَّا ذُكِرَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَيْ غُرَّةُ الْبَيَاضِ) قَالَ الشِّهَابُ سم: اُنْظُرْ الْمُرَادَ فَإِنَّ الْأَلْوَانَ لَا تَتَفَاوَتُ بِتَفَاوُتِ الْبَكَارَةِ وَالثُّيُوبَةِ انْتَهَى. وَقَدْ يُقَالُ: لَا مَانِعَ مِنْ نَقْصِ بِهَائِهَا وَإِشْرَاقِهَا بِزَوَالِ الْبَكَارَةِ وَإِنْ لَمْ يُدْرَكْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: يَصْلُحُ أَصْلًا لِذَلِكَ) نَظَرَ فِيهِ

وَيُنْدَبُ كَوْنُهَا وَدُودًا وَلُودًا وَيُعْرَفُ فِي الْبِكْرِ بِأَقَارِبِهَا، وَوَافِرَةُ الْعَقْلِ وَحَسَنَةُ الْخُلُقِ وَكَذَا بَالِغَةٌ وَفَاقِدَةُ وَلَدٍ مِنْ غَيْرِهِ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ، وَحَسْنَاءُ وَالْمُرَادُ بِالْجَمَالِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْوَصْفُ الْقَائِمُ بِالذَّاتِ الْمُسْتَحْسَنُ عِنْدَ ذَوِي الطِّبَاعِ السَّلِيمَةِ نَعَمْ تُكْرَهُ ذَاتُ الْجَمَالِ الْمُفْرِطِ؛ لِأَنَّهَا تَزْهُو بِهِ وَتَتَطَلَّعُ إلَيْهَا أَعْيُنُ الْفَجَرَةِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ أَحْمَدُ: مَا سَلِمَتْ ذَاتُ جَمَالٍ قَطُّ وَخَفِيفَةُ الْمَهْرِ، وَأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ ظَاهِرَةٍ، وَيُقَاسُ بِالزَّوْجَةِ السُّرِّيَّةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ، وَأَنْ لَا تَكُونَ شَقْرَاءَ، قِيلَ الشُّقْرَةُ بَيَاضٌ نَاصِعٌ يُخَالِطُهُ نُقَطٌ فِي الْوَجْهِ لَوْنُهَا غَيْرُ لَوْنِهِ، وَلَا ذَاتَ مُطَلَّقٍ لَهَا إلَيْهِ رَغْبَةٌ أَوْ عَكْسُهُ وَلَا فِي حِلِّهَا لَهُ خِلَافٌ كَأَنْ زَنَى أَوْ تَمَتَّعَ بِأُمِّهَا أَوْ بِهَا فَرْعُهُ أَوْ أَصْلُهُ أَوْ شَكٌّ بِنَحْوِ رِضَاعٍ. وَفِي حَدِيثٍ عِنْدَ الدَّيْلَمِيِّ وَالْخَطَّابِيِّ «النَّهْيُ عَنْ نِكَاحِ الشَّهْبَرَةِ الزَّرْقَاءِ الْبَذِيَّةِ، وَاللَّهْبَرَةِ الطَّوِيلَةِ الْمَهْزُولَةِ، وَالنَّهْبَرَةِ الْقَصِيرَةِ الذَّمِيمَةِ، أَوْ الْعَجُوزِ الْمُدْبِرَةِ» . وَالْهَنْدَرَةِ: الْعَجُوزُ الْمُدَبَّرَةِ أَوْ الْمُكْثِرَةِ لِلْهَذْرِ: أَيْ الْكَلَامِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، أَوْ الْقَصِيرَةِ الذَّمِيمَةِ، وَلَوْ تَعَارَضَتْ تِلْكَ الصِّفَاتُ فَالْأَوْجَهُ تَقْدِيمُ ذَاتِ الدِّينِ مُطْلَقًا ثُمَّ الْعَقْلُ وَحُسْنُ الْخُلُقِ ثُمَّ النَّسَبُ ثُمَّ الْبَكَارَةُ ثُمَّ الْوِلَادَةُ ثُمَّ الْجَمَالُ ثُمَّ مَا الْمَصْلَحَةُ فِيهِ أَظْهَرُ بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِ. وَيُسَنُّ أَنْ يَتَزَوَّجَ فِي شَوَّالٍ، وَأَنْ يَدْخُلَ فِيهِ، وَأَنْ يَعْقِدَ فِي الْمَسْجِدِ، وَأَنْ يَكُونَ مَعَ جَمْعٍ وَأَوَّلَ النَّهَارِ. (وَإِذَا) (قَصَدَ نِكَاحَهَا) وَرَجَا الْإِجَابَةَ رَجَاءً ظَاهِرًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ لَا يَجُوزُ إلَّا عِنْدَ غَلَبَةِ الظَّنِّ الْمُجَوِّزِ، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِخُلُوِّهَا عَنْ نِكَاحٍ وَعِدَّةٍ تُحَرِّمُ التَّعْرِيضَ وَإِلَّا فَغَايَةُ النَّظَرِ مَعَ عِلْمِهَا بِهِ كَوْنُهُ كَالتَّعْرِيضِ، فَإِطْلَاقُ الْحُرْمَةِ حَيْثُ كَانَ بِإِذْنِهَا أَوْ مَعَ عِلْمِهَا بِأَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ مِنْ دَيِّنَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ كَوْنُهَا وَدُودًا) أَيْ مُتَحَبِّبَةٌ لِلزَّوْجِ (قَوْلُهُ: وَحَسْنَاءَ إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ: أَيْ بِحَسَبِ طَبْعِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ الْعِفَّةُ، وَهِيَ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: مَا سَلِمَتْ ذَاتُ جَمَالٍ قَطُّ) أَيْ مِنْ فِتْنَةٍ أَوْ تَطَلُّعِ فَاجِرٍ إلَيْهَا أَوْ تَقَوُّلِهِ عَلَيْهَا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى امْرَأَةٍ) أَيْ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ) وَمِنْهَا تَوَهُّمُ حُصُولِ وَلَدٍ مِنْهَا وَاحْتِيَاجُهُ لِلْخِدْمَةِ (قَوْلُهُ: وَيُقَاسُ بِالزَّوْجَةِ السُّرِّيَّةِ) أَيْ حَتَّى فِي النَّسَبِ فَتُقَدَّمُ الْإِسْرَائِيلِيَّة عَلَى غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ الْعَجُوزُ الْمُدَبَّرَةُ) أَيْ الَّتِي تَغَيَّرَتْ أَحْوَالُهَا (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ تَقْدِيمُ ذَاتِ الدِّينِ مُطْلَقًا) أَيْ جَمِيلَةٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْوِلَادَةِ) فِي حَجّ تَقْدِيمُ الْوِلَادَةِ عَلَى شَرَفِ النِّسَاءِ (قَوْلُهُ: بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِ) قَالَ حَجّ: تَنْبِيهٌ كَمَا يُسَنُّ تَحَرِّي هَذِهِ الصِّفَاتِ فِيهَا يُسَنُّ لَهَا وَلِوَلِيِّهَا تَحَرِّيهَا فِيهِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ ا. هـ. (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ أَنْ يَتَزَوَّجَ فِي شَوَّالٍ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ «لِقَوْلِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شَوَّالٍ وَبَنَى بِي فِي شَوَّالٍ» وَبِهَذَا الْحَدِيثِ رُدَّ مَا كَانَتْ الْجَاهِلِيَّةُ عَلَيْهِ وَمَا تَحْكِيهِ بَعْضُ الْعَوَامّ الْيَوْمَ مِنْ كَرَاهَةِ التَّزَوُّجِ، وَالتَّزْوِيجِ وَالدُّخُولِ فِي شَوَّالٍ بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ، وَهُوَ مِنْ آثَارِ الْجَاهِلِيَّةِ، كَانُوا يَتَطَيَّرُونَ بِذَلِكَ لِمَا فِي اسْمِ شَوَّالٍ مِنْ الْإِشَالَةِ وَالرَّفْعِ اهـ. وَصَحَّ التَّرْغِيبُ فِي صَفَرٍ أَيْضًا. رَوَى الزُّهْرِيُّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَوَّجَ ابْنَتَهُ فَاطِمَةَ عَلِيًّا فِي شَهْرِ صَفَرٍ عَلَى رَأْسِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا مِنْ الْهِجْرَةِ» اهـ بَهْنَسِيٌّ. وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلَهُ: وَيُسَنُّ أَنْ يَتَزَوَّجَ فِي شَوَّالٍ: أَيْ حَيْثُ كَانَ يُمْكِنُهُ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ عَلَى السَّوَاءِ، فَإِنْ وُجِدَ سَبَبٌ لِلنِّكَاحِ فِي غَيْرٍ فَعَلَهُ (قَوْلُهُ: تُحَرِّمُ التَّعْرِيضِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالشِّهَابُ سم بِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْحُكْمِ مِنْ أَصْلِ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ (قَوْلُهُ: إلَّا لِمَصْلَحَةٍ) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ شَكٌّ) عَطْفٌ عَلَى خِلَافٍ (قَوْلُهُ: وَعِدَّةٍ تُحَرِّمُ التَّعْرِيضَ وَإِلَّا فَغَايَةُ النَّظَرِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَعِدَّةٌ تُحَرِّمُ التَّعْرِيضَ كَالرَّجْعِيَّةِ، فَإِنْ لَمْ تُحَرِّمْهُ جَازَ النَّظَرُ وَإِنْ عُلِمَتْ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ كَالتَّعْرِيضِ قَالَ الشِّهَابُ سم: فِيهِ

لِرَغْبَتِهِ فِي نِكَاحِهَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا ذُكِرَ (سُنَّ نَظَرُهُ إلَيْهَا) لِلْأَمْرِ بِهِ فِي الْخَبَرِ الصَّحِيحِ مَعَ تَعْلِيلِهِ بِأَنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَهُمَا: أَيْ تَدُومَ الْمَوَدَّةُ وَالْأُلْفَةُ، وَقِيلَ مِنْ الْأُدْمِ؛ لِأَنَّهُ يُطَيِّبُ الطَّعَامَ وَنَظَرُهَا إلَيْهِ كَذَلِكَ وَوَقْتُهُ (قَبْلَ الْخِطْبَةِ) لَا بَعْدَهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَرُدُّ أَوْ يُعْرِضْ فَحَصَلَ التَّأَذِّي وَالْكَسْرُ، وَمَعْنَى خَطَبَ فِي رِوَايَةٍ أَرَادَ لِلْخَبَرِ الْآخَرِ «إذَا أَلْقَى اللَّهُ فِي قَلْبِ امْرِئٍ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهَا» . وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ بَقَاءُ نَدْبِ النَّظَرِ وَإِنْ خَطَبَ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَدَعْوَى الْإِبَاحَةِ بَعْدهَا فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ، إلَّا مَا أَذِنَ فِيهِ الشَّارِعُ، وَهُوَ لَمْ يَأْذَنْ إلَّا قَبْلَ الْخِطْبَةِ مَمْنُوعٌ ذَلِكَ الْحَصْرُ، بَلْ يُؤْخَذُ مِنْ مَجْمُوعِ الْخَبَرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ إذْنُهُ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَوْلَى (وَإِنْ لَمْ تَأْذَنْ) هِيَ وَلَا وَلِيُّهَا اكْتِفَاءً بِإِذْنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَفِي رِوَايَةٍ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَعْلَمُ، بَلْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الْأَوْلَى عَدَمُ عِلْمِهَا؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَتَزَيَّنْ لَهُ بِمَا يَغُرُّهُ وَلَمْ يَنْظُرْ لِاشْتِرَاطِ مَالِكٍ إذْنِهَا كَأَنَّهُ لِمُخَالَفَتِهِ لِلرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ (وَلَهُ تَكْرِيرُ نَظَرِهِ) وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ فِيمَا يَظْهَرُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ هَيْئَتُهَا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اكْتَفَى بِنَظْرَةٍ حَرُمَ مَا زَادَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ نَظَرٌ أُبِيحَ لِضَرُورَةٍ فَلْيَتَقَيَّدْ بِهَا، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَخَافَ الْفِتْنَةِ أَمْ لَا كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالرُّويَانِيُّ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ فِي حَالَةِ الشَّهْوَةِ الْأَذْرَعِيُّ (وَلَا يَنْظُرُ) مِنْ الْحُرَّةِ (غَيْرَ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ) ظَهْرًا وَبَطْنًا مِنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ إلَى الْكُوعِ بِلَا مَسِّ شَيْءٍ مِنْهُمَا لِدَلَالَةِ الْوَجْهِ عَلَى الْجَمَالِ وَالْكَفَّيْنِ عَلَى خِصْبِ الْبَدَنِ، وَاشْتِرَاطُ النَّصِّ وَكَثِيرِينَ سِتْرُ مَا عَدَاهُمَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مَنْعُ نَظَرِ غَيْرِهِمَا أَوْ نَظَرِهِمَا إنْ أَدَّى إلَى نَظَرِ غَيْرِهِمَا وَرُؤْيَتُهُمَا مَعَ عَدَمِ عِلْمِهَا لَا تَسْتَلْزِمُ تَعَمُّدَ رُؤْيَةِ مَا عَدَاهُمَا، فَانْدَفَعَ مَا مَالَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْجُمْهُورِ الْجَوَازُ مُطْلَقًا سَتَرَتْ أَوْ لَا، وَتَوْجِيهُهُ بِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهَا مَعَ عَدَمِ عِلْمِهَا لَا تَسْتُرُ مَا عَدَاهُمَا وَبِأَنَّ اشْتِرَاطَ ذَلِكَ يَسُدُّ بَابَ النَّظَرِ. أَمَّا مَنْ فِيهَا رِقٌّ فَيَنْظُرُ مَا عَدَا مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَقَالَ إنَّهُ مَفْهُومُ كَلَامِهِمْ: أَيْ تَعْلِيلُهُمْ عَدَمِ حِلِّ مَا عَدَا الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ بِأَنَّهُ عَوْرَةٌ وَسَبَقَهُ لِذَلِكَ الرُّويَانِيُّ، وَلَا يُعَارِضُهُ مَا يَأْتِي أَنَّهَا كَالْحُرَّةِ فِي نَظَرِ الْأَجْنَبِيِّ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ النَّظَرَ هُنَا مَأْمُورٌ بِهِ، وَلَوْ مَعَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ فَأُنِيطَ بِمَا عَدَا عَوْرَةِ الصَّلَاةِ، وَفِيمَا يَأْتِي مَنُوطٌ بِخَوْفِ الْفِتْنَةِ، وَهُوَ جَارٍ فِيمَا عَدَاهُمَا مُطْلَقًا وَإِذَا لَمْ تُعْجِبْهُ يَسْكُتُ وَلَا يَقُولُ لَا أُرِيدُهَا وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَنْعُ خِطْبَتِهَا؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ إذَا طَالَ وَأَشْعَرَ بِالْإِعْرَاضِ جَازَتْ كَمَا يَأْتِي، وَضَرَرُ الطُّولِ دُونَ ضَرَرِ قَوْلِهِ لَا أُرِيدُهَا فَاحْتُمِلَ، وَمَنْ لَا يَتَيَسَّرُ لَهُ النَّظَرُ أَوْ لَا يُرِيدُهُ بِنَفْسِهِ كَمَا أَطْلَقَهُ جَمْعٌ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يُرْسِلَ مَنْ يَحِلُّ لَهُ نَظَرُهَا لِيَتَأَمَّلَهَا وَيَصِفَهَا لَهُ وَلَوْ بِمَا لَا يَحِلُّ لَهُ نَظَرُهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْخَبَرِ فَيَسْتَفِيدُ بِالْبَعْثِ مَا لَا يَسْتَفِيدُ بِالنَّظَرِ، وَهَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ بِأَنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً (قَوْلُهُ: وَالْأُلْفَةُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: سَنَّ نَظَرُهُ إلَيْهَا إلَخْ) وَخَرَجَ بِإِلَيْهَا نَحْوُ وَلَدِهَا الْأَمْرَدِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ نَظَرُهُ وَإِنْ بَلَغَهُ اسْتِوَاؤُهُمَا فِي الْحُسْنِ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فِيهِ اهـ حَجّ. وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْجَوَازُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: الْخَبَرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ) هُمَا قَوْلُهُ: خَطَبَ، وَقَوْلُهُ: إذَا أَلْقَى اللَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَخَافَ الْفِتْنَةَ) أَيْ وَلَوْ مَعَ الشَّهْوَةِ (قَوْلُهُ: لَا تَسْتَلْزِمُ تَعَمُّدَ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ اتَّفَقَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لِلنَّظَرِ وَجَبَ الْغَضُّ سَرِيعًا، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ مَتَى نَظَرَ إلَيْهَا أَدَّى ذَلِكَ إلَى نَظَرِ غَيْرِهِمَا حَرُمَ النَّظَرُ وَبَعَثَ إلَيْهَا مَنْ يَصِفُهَا لَهُ إنْ أَرَادَ (قَوْلُهُ: مَنْ يَحِلُّ لَهُ) أَيْ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً كَأَخِيهَا أَوْ مَمْسُوحٍ يُبَاحُ لَهُ النَّظَرُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِمَا لَا يَحِلُّ لَهُ نَظَرُهُ) كَالصَّدْرِ وَبَقِيَ مَا لَوْ ارْتَكَبَتْ الْحُرْمَةَ وَرَأَتْ الْعَوْرَةَ هَلْ يَجُوزُ لَهَا وَصَفُّهَا لِلْخَاطِبِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــQتَأَمُّلٌ (قَوْلُهُ: وَنَظَرُهَا إلَيْهِ كَذَلِكَ) أَيْ فَتَنْظُرُ مِنْهُ مَا عَدَا مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِيمَا كَتَبَهُ عَلَى شَرْحِ الرَّوْضِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْعُبَابِ (قَوْلُهُ: لَا بَعْدَهَا) يُنَاقِضُهُ قَوْلُهُ الْآتِي وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ بَقَاءُ نَدْبِ النَّظَرِ وَإِنْ خَطَبَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا الْأَصْلُ) لَعَلَّ هَذَا الْمُدَّعِي مِمَّنْ يَرَى إبَاحَةَ النَّظَرِ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ الْآتِي فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَنْعُ خِطْبَتِهَا) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ نَظَرُهُ بَعْدَ الْخُطْبَةِ، أَمَّا إذَا كَانَ قَبْلَهَا فَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ تَرَتُّبُ مَا ذَكَرَ كَمَا لَا يَخْفَى

لِمَزِيدِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ مُسْتَثْنًى مِنْ حُرْمَةِ وَصْفِ امْرَأَةِ امْرَأَةً لِرَجُلٍ. (وَيَحْرُمُ نَظَرُ فَحْلٍ) وَمَجْبُوبٍ وَخَصِيٍّ وَخُنْثَى إذْ هُوَ مَعَ النِّسَاءِ كَرَجُلٍ وَعَكْسُهُ فَيَحْرُمْ نَظَرُهُ لَهُمَا وَنَظَرُهُمَا لَهُ احْتِيَاطًا، وَإِنَّمَا غَسَّلَاهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لِانْقِطَاعِ الشَّهْوَةِ بِالْمَوْتِ فَلَمْ يَبْقَ لِلِاحْتِيَاطِ حِينَئِذٍ مَعْنًى لَا مَمْسُوحٌ كَمَا يَأْتِي (بَالِغٍ) وَلَوْ شَيْخًا هَرِمًا وَمُخَنَّثًا وَهُوَ الْمُتَشَبِّهُ بِالنِّسَاءِ عَاقِلٍ مُخْتَارٍ (إلَى عَوْرَةِ حُرَّةٍ) خَرَجَ مِثَالُهَا فَلَا يَحْرُمُ نَظَرُهُ فِي نَحْوِ مِرْآةٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ جَمْعٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرَهَا وَلَيْسَ الصَّوْتُ مِنْهَا فَلَا يَحْرُمُ سَمَاعُهُ مَا لَمْ يَخَفْ مِنْهُ فِتْنَةً، وَكَذَا لَوْ الْتَذَّ بِهِ عَلَى مَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَمِثْلُهَا فِي ذَلِكَ الْأَمْرَدُ (كَبِيرَةٍ) بِأَنْ بَلَغَتْ حَدًّا تُشْتَهَى فِيهِ لِذَوِي الطِّبَاعِ السَّلِيمَةِ (أَجْنَبِيَّةٍ) وَهِيَ مَا عَدَا وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا بِلَا خِلَافٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: 30] ؛ وَلِأَنَّهُ إذَا حَرُمَ نَظَرُ الْمَرْأَةِ إلَى عَوْرَةِ مِثْلِهَا فَأَوْلَى الرَّجُلُ (وَكَذَا وَجْهُهَا) أَوْ بَعْضُهُ وَلَوْ بَعْضَ عَيْنِهَا (وَكَفِّهَا) أَيْ كُلُّ كَفٍّ مِنْهَا، وَهُوَ مِنْ رَأْسِ الْأَصَابِعِ إلَى الْمِعْصَمِ (عِنْدَ خَوْفِ فِتْنَةٍ) إجْمَاعًا مِنْ دَاعِيَةٍ نَحْوَ مَسٍّ لَهَا أَوْ خَلْوَةٍ بِهَا وَكَذَا عِنْدَ النَّظَرِ بِشَهْوَةٍ بِأَنْ يَلْتَذَّ بِهِ وَإِنْ أَمِنَ الْفِتْنَةَ قَطْعًا (وَكَذَا عِنْدَ الْأَمْنِ) مِنْ الْفِتْنَةِ فِيمَا يَظُنُّهُ مِنْ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ (عَلَى الصَّحِيحِ) وَوَجَّهَهُ الْإِمَامُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَنْعِ النِّسَاءِ أَنْ يَخْرُجْنَ سَافِرَاتِ الْوُجُوهِ وَبِأَنَّ النَّظَرَ مَظِنَّةُ الْفِتْنَةِ وَمُحَرِّكٌ لِلشَّهْوَةِ، فَاللَّائِقُ بِمَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ سَدُّ الْبَابِ وَالْإِعْرَاضُ عَنْ تَفَاصِيلِ الْأَحْوَالِ كَالْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ، وَبِهِ انْدَفَعَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ غَيْرُ عَوْرَةٍ فَكَيْفَ حَرُمَ نَظَرُهُ؛ لِأَنَّهُ مَعَ كَوْنِهِ غَيْرُ عَوْرَةٍ نَظَرُهُ مَظِنَّةٌ لِلْفِتْنَةِ أَوْ الشَّهْوَةِ فَفَطَمَ النَّاسُ عَنْهُ احْتِيَاطًا، عَلَى أَنَّ السُّبْكِيَّ قَالَ: الْأَقْرَبُ إلَى صَنِيعِ الْأَصْحَابِ أَنَّ وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا عَوْرَةٌ فِي النَّظَرِ وَالثَّانِي لَا يَحْرُمُ وَنَسَبَهُ الْإِمَامُ لِلْجُمْهُورِ وَالشَّيْخَانِ لِلْأَكْثَرِينَ، وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: إنَّهُ الصَّوَابُ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: التَّرْجِيحُ بِقُوَّةِ الْمُدْرِكِ، وَالْفَتْوَى عَلَى مَا فِي الْمِنْهَاجِ، وَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى مَنْعِ النِّسَاءِ: ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا غَسَّلَاهُ) أَيْ بِشَرْطِ عَدَمِ وُجُودِ مَحْرَمٍ لَهُ (قَوْلُهُ: لِانْقِطَاعِ الشَّهْوَةِ) أَيْ مَعَ احْتِمَالِ كَوْنِهِ كَالْمُغَسَّلِ ذُكُورَةً أَوْ أُنُوثَةً. فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ تَغْسِيلُ الْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَبِالْعَكْسِ مَعَ انْقِطَاعِ الشَّهْوَةِ بِالْمَوْتِ (قَوْلُهُ: لَا مَمْسُوحَ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَحْلِ هُنَا مَا يَشْمَلُ الْخِصِيَّ وَالْمَجْبُوبَ، وَيَدُلُّ لَهُ مُقَابَلَتُهُ بِالْمَمْسُوحِ الْآتِيَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: عَاقِلٌ مُخْتَارٌ) أَمَّا الْمَجْنُونُ فَلَيْسَ مُخَاطَبًا وَمَعَ ذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهَا الِاحْتِجَابُ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي وَيَجِبُ عَلَى وَلِيِّهِ مَنْعُهُ (قَوْلُهُ: فِي نَحْوِ مِرْآةٍ) وَمِنْهُ الْمَاءُ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الصَّوْتُ) وَمِنْهُ الزَّغَارِيتُ (قَوْلُهُ: مِنْهَا) أَيْ الْعَوْرَةِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ الْتَذَّ بِهِ) أَيْ فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّ اللَّذَّةَ لَيْسَتْ بِاخْتِيَارٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ مَا لَمْ يَخَفْ مِنْهُ فِتْنَةً (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ الْعَوْرَةُ (قَوْلُهُ: إلَى الْمِعْصَمِ) فِي نُسْخَةٍ إلَى الْكُوعِ، وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: الْمِعْصَمُ وَزَّانُ مِقْوَدِ مَوْضِعُ السِّوَارِ مِنْ السَّاعِدِ اهـ. وَلَعَلَّ التَّعْبِيرَ بِهِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمِعْصَمَ شَامِلٌ لِرَأْسِ السَّاعِدِ مِنْ جِهَةِ الْإِبْهَامِ وَالْخِنْصَرِ وَمَا بَيْنَهُمَا، بِخِلَافِ الْكُوعِ فَإِنَّهُ خَاصٌّ بِالطَّرَفِ الَّذِي يَلِي الْإِبْهَامَ (قَوْلُهُ: مِنْ دَاعِيَةٍ نَحْوَ مَسٍّ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ ضَابِطَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ أَنْ يَخَافَ أَنْ تَدْعُوهُ نَفْسُهُ إلَى مَسٍّ لَهَا أَوْ خَلْوَةٍ بِهَا (قَوْلُهُ: وَمُحَرِّكٌ) عَطْفٌ مُغَايِرٌ (قَوْلُهُ: وَبِهِ) أَيْ بِمَا وَجَّهَ بِهِ الْإِمَامُ، وَقَوْلُهُ: انْدَفَعَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ: أَيْ الْوَجْهَ (قَوْلُهُ: وَالْفَتْوَى عَلَى مَا فِي الْمِنْهَاجِ) مُعْتَمَدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: عَاقِلٍ) أَيْ أَمَّا الْمَجْنُونُ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ لِسُقُوطِ تَكْلِيفِهِ، وَسَيَأْتِي وُجُوبُ الِاحْتِجَابِ عَلَيْهَا مِنْهُ وَمَنْعُ الْوَلِيِّ لَهُ مِنْ النَّظَرِ (قَوْلُهُ: وَ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَرُمَ نَظَرُ الْمَرْأَةِ إلَى عَوْرَةِ مِثْلِهَا فَأَوْلَى الرَّجُلُ) قَالَ الشِّهَابُ سم: لَكِنَّ الْمُرَادَ بِعَوْرَةِ مِثْلِهَا غَيْرُ الْمُرَادِ بِعَوْرَتِهَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ (قَوْلُهُ: مِنْ دَاعِيَةٍ إلَخْ) بَيَانٌ لِلْفِتْنَةِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا عِنْدَ النَّظَرِ بِشَهْوَةٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ التَّرْجِيحُ بِقُوَّةِ الْمُدْرَكِ) قَالَ الشَّارِحُ فِيمَا كَتَبَهُ عَلَى شَرْحِ الرَّوْضِ مُرَادُهُ بِذَلِكَ أَنَّ الْمُدْرَكَ مَعَ مَا فِي الْمِنْهَاجِ كَمَا أَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ. اهـ. وَأَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ عَلَى مَا فِي الْمِنْهَاجِ خَبَرُ التَّرْجِيحِ، وَالْمَعْنَى وَالتَّرْجِيحُ عَلَى طِبْقِ مَا فِي الْمِنْهَاجِ مِنْ جِهَةِ قُوَّةِ الْمُدْرَكِ وَمِنْ جِهَةِ الْمَذْهَبِ فَهُوَ رَاجِحٌ دَلِيلًا وَمَذْهَبًا فَتَأَمَّلْ

أَيْ مَنْعِ الْوُلَاةِ لَهُنَّ مُعَارِضٌ لِمَا حَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ سَتْرُ وَجْهِهَا فِي طَرِيقِهَا، وَإِنَّمَا ذَلِكَ سُنَّةٌ، وَعَلَى الرِّجَالِ غَضُّ الْبَصَرِ عَنْهُنَّ لِلْآيَةِ، وَحَكَاهُ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ، وَدَعْوَى بَعْضِهِمْ عَدَمُ التَّعَارُضِ فِي ذَلِكَ إذْ مَنْعُهُنَّ مِنْ ذَلِكَ لَيْسَ لِكَوْنِ السِّتْرِ وَاجِبًا عَلَيْهِنَّ فِي ذَاتِهِ بَلْ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً عَامَّةً وَفِي تَرْكِهِ إخْلَالٌ بِالْمُرُوءَةِ مَرْدُودَةٌ، إذْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمَا أَنَّ السِّتْرَ وَاجِبٌ لِذَاتِهِ فَلَا يَتَأَتَّى هَذَا الْجَمْعُ، وَكَلَامُ الْقَاضِي ضَعِيفٌ، وَحَيْثُ قِيلَ بِالْجَوَازِ كُرِهَ، وَقِيلَ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَحَيْثُ قِيلَ بِالتَّحْرِيمِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ حَرُمَ النَّظَرُ إلَى الْمُنْتَقِبَةِ الَّتِي لَا يَبِينُ مِنْهَا غَيْرُ عَيْنَيْهَا وَمَحَاجِرِهَا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ جَمِيلَةً فَكَمْ فِي الْمَحَاجِرِ مِنْ خَنَاجِرِ، وَأَفْهَمَ تَخْصِيصُ الْكَلَامِ بِالْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ حُرْمَةَ كَشْفِ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْبَدَنِ، وَمَا اخْتَارَهُ الْأَذْرَعِيُّ تَبَعًا لِجَمْعٍ مِنْ حِلِّ نَظَرِ وَجْهِ وَكَفٍّ عَجُوزٍ تُؤْمَنُ الْفِتْنَةُ مِنْ نَظَرِهَا لِآيَةِ {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ} [النور: 60] ضَعِيفٌ مَرْدُودٌ بِمَا مَرَّ مِنْ سَدِّ الْبَابِ وَأَنَّ لِكُلِّ سَاقِطَةٍ لَاقِطَةٌ، وَلَا دَلِيلَ فِي الْآيَةِ كَمَا هُوَ جَلِيٌّ بَلْ فِيهَا إشَارَةٌ لِلْحُرْمَةِ بِالتَّقْيِيدِ بِغَيْرِ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ، وَاجْتِمَاعُ أَبِي بَكْرٍ وَأَنَسٍ بِأُمِّ أَيْمَنَ وَسُفْيَانَ وَأَضْرَابِهِ بِرَابِعَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لَا يَسْتَلْزِمُ النَّظَرَ، عَلَى أَنَّ مِثْلَ هَؤُلَاءِ لَا يُقَاسُ بِهِمْ غَيْرُهُمْ، وَمِنْ ثَمَّ جَوَّزُوا لِمِثْلِهِمْ الْخَلْوَةَ كَمَا يَأْتِي قُبَيْلَ الِاسْتِبْرَاءِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. (وَلَا يَنْظُرُ مِنْ مَحْرَمِهِ) بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ (بَيْنَ) فِيهِ تَجَوُّزٌ أَوْضَحَهُ قَوْلُهُ الْآتِي إلَّا مَا بَيْنَ (السُّرَّةِ وَرُكْبَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ عَوْرَةٌ فَيَحْرُمُ نَظَرُ ذَلِكَ إجْمَاعًا (وَيَحِلُّ) نَظَرُ (مَا سِوَاهُ) حَيْثُ لَا شَهْوَةَ وَلَوْ كَافِرًا؛ لِأَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ تُحَرِّمُ الْمُنَاكَحَةَ فَكَانَا كَرَجُلَيْنِ وَامْرَأَتَيْنِ، نَعَمْ لَوْ كَانَ الْكَافِرُ مِنْ قَوْمٍ يَعْتَقِدُونَ حِلَّ الْمَحَارِمِ كَالْمَجُوسِ امْتَنَعَ نَظَرُهُ وَخَلَوْتُهُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَأَفَادَ تَعْبِيرُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَكَمْ فِي الْمَحَاجِرِ) جَمْعُ مَحْجِرٍ كَمَجْلِسٍ وَهُوَ مَا يَبْدُو مِنْ النِّقَابِ ا. هـ. مُخْتَارُ. وَفِي الْقَامُوسِ: الْمَحْجِرُ كَمَجْلِسِ وَمِنْبَرِ الْحَدِيقَةُ وَمِنْ الْعَيْنِ مَا دَارَ بِهَا وَبَدَا مِنْ الْبُرْقُعِ أَوْ مَا يَظْهَرُ مِنْ نِقَابِهَا (قَوْلُهُ: وَمَا اخْتَارَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلُ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ لِكُلِّ سَاقِطَةٍ إلَخْ) أَيْ وَمِنْ أَنَّ لِكُلِّ إلَخْ، فَالْعَجُوزُ الَّتِي لَا تَشْتَهِي قَدْ يُوجَدُ لَهَا مَنْ يُرِيدُهَا وَيَشْتَهِيهَا (قَوْلُهُ: بَلْ فِيهَا إشَارَةٌ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ الْإِشَارَةِ فَإِنَّ ظَاهِرَهَا جَوَازُ النَّظَرِ إنْ لَمْ تَتَبَرَّجْ بِالزِّينَةِ وَمَفْهُومُهَا الْحُرْمَةُ إذَا تَزَيَّنَتْ وَهُوَ عَيْنُ مَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ: إلَّا مَا بَيْنَ سُرَّةٍ) فَإِنَّهُ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُحَرَّمَ نَظَرُ مَا بَيْنَهُمَا لَا نَفْسُ مَعْنَى بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ مَعْنًى لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَدَعْوَى بَعْضِهِمْ) هُوَ حَجّ (قَوْلُهُ: مَرْدُودَةٌ إذْ الظَّاهِرُ كَلَامُهُمَا إلَخْ) هَذَا لَا يُلَاقِي مَا ادَّعَاهُ هَذَا الْبَعْضُ،؛ لِأَنَّ حَاصِلَ دَعْوَاهُ أَنَّ مَا حَكَاهُ الْإِمَامُ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى مَنْعِ النِّسَاءِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ ذَلِكَ لِوُجُوبِ سَتْرِهَا وَجْهَهَا فِي طَرِيقِهَا وَإِنْ فَهِمَهُ مِنْهُ الْإِمَامُ حَتَّى وَجَّهَهُ بِهِ، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلْمَصْلَحَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَهَذَا لَا مَحِيدَ عَنْهُ، وَلَا يَصِحُّ رَدُّهُ بِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمَا مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ الْمُعَارَضَةَ الَّتِي دَفَعَهَا لَيْسَتْ بَيْنَ الْجَوَازِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَالْحُرْمَةِ وَإِنَّمَا هِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِاتِّفَاقِ عَلَى مَنْعِ النِّسَاءِ كَمَا سَبَقَ (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ تَخْصِيصُ الْكَلَامِ بِالْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَأَفْهَمَ تَخْصِيصُ حِلِّ الْكَشْفِ بِالْوَجْهِ حُرْمَةَ كَشْفِ مَا عَدَاهُ مِنْ الْبَدَنِ حَتَّى الْيَدِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ الْيَدِ؛ لِأَنَّهُ عَوْرَةٌ، وَمُحْتَمَلٌ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ لَكَشَفَهَا بِخِلَافِ الْوَجْهِ انْتَهَتْ. وَقَوْلُهُ تَخْصِيصَ حِلِّ الْكَشْفِ بِالْوَجْهِ: أَيْ فِيمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَمَالَ فِي التُّحْفَةِ إلَى تَرْجِيحِهِ، فَكَأَنَّ الشَّارِحَ فَهِمَ أَنَّ مُرَادَهُمْ مَا فِي الْمَتْنِ فَعَبَّرَ عَنْهُ بِمَا ذَكَرَهُ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ عَلَيْهِ إنَّ مَا فِي الْمَتْنِ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ حِلٍّ وَلَا كَشْفٍ (قَوْلُهُ: فِيهِ تَجَوُّزٌ) أَيْ حَيْثُ جَعَلَ بَيْنَ مَفْعُولًا بِهِ وَأَخْرَجَهَا عَنْ الظَّرْفِيَّةِ وَهِيَ مِنْ الظُّرُوفِ الْغَيْرِ الْمُتَصَرِّفَةِ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ مَا الْمَانِعُ مِنْ جَعْلِ الْمَفْعُولِ بِهِ مَحْذُوفًا وَالتَّقْدِيرُ وَلَا يَنْظُرُ مِنْ مَحْرَمِهِ شَيْئًا بَيْنَ إلَخْ (قَوْلُهُ امْتَنَعَ نَظَرُهُ وَخَلْوَتُهُ) بِمَعْنَى أَنْ نَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ

كَالرَّوْضَةِ حِلُّ نَظَرِ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ؛ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ عَوْرَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِنَظَرِ الْمَحْرَمِ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ اقْتَضَتْ عِبَارَةُ ابْنِ الْمُقْرِي تَبَعًا لِغَيْرِهِ حُرْمَةِ ذَلِكَ (وَقِيلَ) يَحِلُّ نَظَرُ (مَا يَبْدُو فِي الْمِهْنَةِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا: أَيْ الْخِدْمَةِ، وَهُوَ الرَّأْسُ وَالْعُنُقُ وَالْيَدَانِ إلَى الْعَضُدَيْنِ وَالرِّجْلَانِ إلَى الرُّكْبَتَيْنِ (فَقَطْ) إذْ لَا ضَرُورَةَ لِنَظَرِ مَا سِوَاهُ. (وَالْأَصَحُّ حِلُّ) (النَّظَرِ بِلَا شَهْوَةٍ) وَلَا خَوْفِ فِتْنَةٍ (إلَى الْأَمَةِ) وَلَوْ أُمَّ وَلَدٍ وَخَرَجَ بِهَا الْمُبَعَّضَةُ فَكَالْحُرَّةِ قَطْعًا وَقِيلَ عَلَى الْأَصَحِّ: وَالثَّانِي يَحْرُمُ إلَّا مَا يَبْدُو فِي الْمِهْنَةِ إذْ لَا حَاجَةَ، وَالثَّالِثُ يَحْرُمُ نَظَرُهَا كُلُّهَا كَالْحُرَّةِ وَسَيَأْتِي تَرْجِيحُهُ (إلَّا مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ) فَلَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ عَوْرَتُهَا فِي الصَّلَاةِ فَأَشْبَهَتْ الرَّجُلَ وَالنَّظَرُ بِشَهْوَةٍ حَرَامٌ قَطْعًا لِكُلِّ مَنْظُورٍ إلَيْهِ مِنْ مَحْرَمٍ وَغَيْرِهِ غَيْرُ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ وَالتَّعَرُّضُ لَهُ هُنَا فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ لَيْسَ لِلِاخْتِصَاصِ بَلْ لِحِكْمَةٍ تَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ قَالَهُ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَالْبَعْضُ الَّذِي تَعَرَّضَ لَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ مَسْأَلَةُ الْأَمَةِ وَالصَّغِيرَةِ وَالْأَمْرَدِ، وَأَفَادَ بِمَفْهُومِ تَعَرُّضِهِ أَنَّ تَحْرِيمَ نَظَرِ الْأَمَةِ وَالصَّغِيرَةِ بِشَهْوَةٍ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الرَّافِعِيِّ وَالْمُصَنِّفِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَأَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ بَيْنَهُمَا فِي الْأَمَةِ وَالْأَمْرَدِ عِنْدَ انْتِفَائِهَا، وَالْحِكْمَةُ مَعَ مَا ذَكَرْته أَنَّ الْأَمَةَ لَمَّا أَنْ كَانَتْ فِي مَظِنَّةِ الِامْتِهَانِ وَالِابْتِذَالِ فِي الْخِدْمَةِ وَمُخَالَطَةِ الرِّجَالِ وَكَانَتْ عَوْرَتُهَا فِي الصَّلَاةِ مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتهَا فَقَطْ كَالرَّجُلِ رُبَّمَا تَوَهَّمَ جَوَازُ النَّظَرِ إلَيْهَا وَلَوْ بِشَهْوَةٍ لِلْحَاجَةِ، وَأَنَّ الصَّغِيرَةَ لَمَّا أَنْ كَانَتْ لَيْسَتْ مَظِنَّةً لِلشَّهْوَةِ لَا سِيَّمَا عِنْدَ عَدَمِ تَمْيِيزِهَا رُبَّمَا تُوُهِّمَ جَوَازُ النَّظَرِ إلَيْهَا وَلَوْ بِشَهْوَةٍ، وَأَنَّ الْأَمْرَدَ لَمَّا أَنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الرِّجَالِ وَكَانَتْ الْحَاجَةُ دَاعِيَةً إلَى مُخَالَطَتِهِمْ فِي أَغْلَبِ الْأَحْوَالِ رُبَّمَا تُوُهِّمَ جَوَازُ نَظَرِهِمْ إلَيْهِ وَلَوْ بِشَهْوَةٍ لِلْحَاجَةِ بَلْ لِلضَّرُورَةِ، فَدَفَعَ تِلْكَ التَّوَهُّمَاتِ بِتَعَرُّضِهِ الْمَذْكُورِ، وَأَفَادَ بِهِ تَحْرِيمَ نَظَرِ كُلٍّ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ إلَى الْآخِرِ بِشَهْوَةٍ إذَا لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمَا زَوْجِيَّةٌ وَلَا مَحْرَمِيَّةٌ وَلَا سَيِّدِيَّةٌ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَتَحْرِيمُ نَظَرِ كُلٍّ مِنْ الرَّجُلِ إلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ إلَى الْمَرْأَةِ وَالْمَحْرَمِ إلَى مَحْرَمِهِ بِشَهْوَةٍ بِطَرِيقِ الْمُسَاوَاةِ وَنَاهِيَك بِحُسْنِ تَعَرُّضِهِ الْمَذْكُورِ (وَ) الْأَصَحُّ حِلُّ النَّظَرِ (إلَى صَغِيرَةٍ) لَا تُشْتَهَيْ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَظِنَّةٍ لِلشَّهْوَةِ لِجَرَيَانِ النَّاسِ عَلَيْهِ فِي الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ، وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ حِكَايَةُ الْخِلَافِ فِيهَا: أَيْ فَضْلًا عَنْ الْإِشَارَةِ لِقُوَّتِهِ يَكَادُ أَنْ يَكُونَ خَرْقًا لِلْإِجْمَاعِ، وَتَجْوِيزُ الْمَاوَرْدِيِّ النَّظَرَ لِمَنْ لَا تُشْتَهَيْ، وَإِنْ بَلَغَتْ تِسْعَ سِنِينَ غَيْرُ حَاصِرٍ، إذْ الْوَجْهُ ضَبْطُهُ بِمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الِاشْتِهَاءِ وَعَدَمُهُ عِنْدَ أَهْلِ الطِّبَاعِ السَّلِيمَةِ فَإِنْ لَمْ تُشْتَهَ لَهُمْ لِتَشَوُّهٍ بِمَا قَدَّرَ فِيمَا يَظْهَرُ زَوَالَ تَشَوُّهِهَا، فَإِنْ كَانَتْ مُشْتَهَاةٌ لَهُمْ حِينَئِذٍ حُرِّمَ نَظَرُهَا وَإِلَّا فَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــSالنَّظَرُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: وَكَسْرِهَا) أَيْ وَفَتْحِهَا أَيْضًا اهـ دَمِيرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي تَرْجِيحُهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِكُلِّ مَنْظُورٍ إلَيْهِ) يَشْمَلُ عُمُومُهُ الْجَمَادَاتِ فَيَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهَا بِشَهْوَةٍ (قَوْلُهُ: وَالتَّعَرُّضُ لَهُ) أَيْ النَّظَرُ بِشَهْوَةٍ (قَوْلُهُ: ضَبْطُهُ بِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ بَلَغَتْ حَدًّا تَشْتَهِي فِيهِ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالثَّانِي يَحْرُمُ إلَّا مَا يَبْدُو فِي الْمَهْنَةِ إلَخْ) مَحَلُّ ذِكْرِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الَّذِي هُوَ جُزْءٌ مِنْ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: فَدَفَعَ تِلْكَ التَّوَهُّمَاتِ بِتَعَرُّضِهِ الْمَذْكُورِ) قَالَ الشِّهَابُ سم: وَأَقُولُ: قَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي تَوْجِيهِ التَّقْيِيدِ فِي النَّظَرِ إلَى الْأَمْرَدِ مُقْتَضَاهُ أَنَّ التَّعَرُّضَ لَهُ فِي نَظَرِ الرَّجُلِ إلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ إلَى الْمَرْأَةِ أَوْلَى مِنْ التَّعَرُّضِ لَهُ فِي نَظَرِ الْأَمْرَدِ كَمَا لَا يَخْفَى، فَكَانَ يَنْبَغِي التَّعَرُّضُ لَهُ فِيمَا ذُكِرَ، وَيُفْهَمُ مِنْهُ حُكْمُ نَظَرِ الْأَمْرَدِ بِالْأَوْلَى فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَالْبَعْضُ الَّذِي تَعَرَّضَ لَهُ الْمُصَنِّفُ إلَى آخِرِ السَّوَادَةِ هُوَ عِبَارَةُ فَتَاوَى وَالِدِهِ بِالْحَرْفِ، لَكِنْ فِي الشَّارِحِ إسْقَاطُ بَعْضِ أَلْفَاظٍ مِنْ الْفَتَاوَى لَا بُدَّ مِنْهَا لَعَلَّهُ مِنْ الْكَتَبَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا مَحْرَمِيَّةَ)

وَفَارَقَتْ الْعَجُوزَ بِسَبْقِ اشْتِهَائِهَا وَلَوْ تَقْدِيرًا فَاسْتُصْحِبَ وَلَا كَذَلِكَ الصَّغِيرَةُ (إلَّا) (لِلْفَرْجِ) فَلَا يَحِلُّ نَظَرُهُ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: كَصَاحِبِ الْعِدَّةِ اتِّفَاقًا، وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ دَعْوَى الِاتِّفَاقِ بِأَنَّ الْقَاضِيَ جَوَّزَهُ جَزْمًا فَلَيْسَ ذَلِكَ اتِّفَاقًا بَلْ فِيهِ خِلَافٌ لَا أَنَّهُ رَدٌّ لِلْحُكْمِ كَمَا فَهِمَهُ ابْنُ الْمُقِرِّي كَكَثِيرٍ فَصَرَّحَ بِالْجَوَازِ. وَأَمَّا فَرْجُ الصَّغِيرِ فَكَفَرْجِ الصَّغِيرَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدَةِ، وَإِنْ صَرَّحَ الْمُتَوَلِّي وَتَبِعَهُ السُّبْكِيُّ بِجَوَازِ النَّظَرِ إلَيْهِ إلَى التَّمْيِيزِ، فَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ «أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عِيَاضٍ قَالَ: رُفِعْت إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صِغَرِي وَعَلَيَّ خِرْقَةٌ وَقَدْ كُشِفَتْ عَوْرَتِي فَقَالَ: غَطُّوا عَوْرَتَهُ فَإِنَّ حُرْمَةَ عَوْرَةِ الصَّغِيرِ كَحُرْمَةِ عَوْرَةِ الْكَبِيرِ، وَلَا يَنْظُرُ اللَّهُ إلَى كَاشِفِ عَوْرَتِهِ» وَاسْتَثْنَى ابْنُ الْقَطَّانِ الْأُمَّ زَمَنَ الرَّضَاعِ وَالتَّرْبِيَةِ لِمَكَانِ الضَّرُورَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيُلْحَقُ غَيْرُ الْأُمِّ مِمَّنْ يَرْضَعُ بِهَا فِيمَا يَظْهَرُ. (وَأَنَّ نَظَرَ الْعَبْدِ) الْعَدْلِ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ، وَلَا تَكْفِي الْعِفَّةُ عَنْ الزِّنَا فَقَطْ خِلَافًا لِابْنِ الْعِمَادِ غَيْرِ الْمُشْتَرَكِ وَالْمُبَعَّضِ وَغَيْرُ الْمُكَاتَبِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْقَاضِي وَأَقَرَّهُ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَفَاءٌ خِلَافًا لِلْقَاضِي (إلَى سَيِّدَتِهِ) الْعَفِيفَةِ كَمَا قَالَهُ الْوَاحِدِيُّ وَغَيْرُهُ (وَنَظَرٌ مَسْمُوحٍ) ذَكَرَهُ كُلُّهُ وَأُنْثَيَاهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَبْقَى فِيهِ مَيْلٌ لِلنِّسَاءِ أَصْلًا وَإِسْلَامُهُ فِي الْمُسْلِمَةِ وَعَدَالَتُهُ وَلَوْ أَجْنَبِيًّا لِأَجْنَبِيَّةٍ مُتَّصِفَةٌ بِالْعَدَالَةِ أَيْضًا (كَالنَّظَرِ إلَى مَحْرَمٍ) فَيَنْظُرَانِ مِنْهَا مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَتَنْظُرُ مِنْهُمَا ذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ} [النور: 31] وَيَلْحَقَانِ بِالْمَحْرَمِ أَيْضًا فِي الْخَلْوَةِ وَالسَّفَرِ، وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ: لَا أَحْسَبُ فِي تَحْرِيمِ سَفَرِ الْمَمْسُوحِ مَعَهَا خِلَافًا مَمْنُوعٌ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ دُخُولِهِ عَلَيْهِنَّ بِغَيْرِ حِجَابٍ لَا فِي نَحْوِ حِلِّ الْمَسِّ وَعَدَمِ نَقْضِ الْوُضُوءِ، بِهِ وَإِنَّمَا حَلَّ نَظَرُهُ لِأَمَتِهِ الْمُشْتَرَكَةِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكِيَّةَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَفَارَقَتْ الْعَجُوزَ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ مَا قَدْ يُقَالُ قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْعَجُوزَ لَوْ كَانَتْ شَوْهَاءَ مِنْ صِغَرِهَا وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ بِهَا إلَى أَنْ صَارَتْ عَجُوزًا أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ نَظَرُهَا لِعَدَمِ سَبْقِ الشَّهْوَةِ لَهَا، وَوَجْهُ الدَّفْعِ مَا سَبَقَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي كَلَامِهِ مِنْ أَنَّ الشَّوْهَاءَ إذَا بَلَغَتْ سِنًّا تَشْتَهِي فِيهِ يُفْرَضُ زَوَالُ الشَّهْوَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا الْفَرْجَ) أَيْ قُبُلًا أَوْ دُبْرًا، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الْفَرْجِ مَحَلُّهُ إذَا خُلِقَ بِلَا فَرْجٍ أَوْ قُطِعَ ذَكَرُهُ فَيَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهِ إعْطَاءً لَهُ حُكْمَ الْفَرْجِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: لِمَكَانِ الضَّرُورَةِ) إضَافَةٌ بَيَانِيَّةٌ: أَيْ لِلضَّرُورَةِ، وَالتَّعْبِيرُ بِهِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ كَغَيْرِهَا عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ وَلَيْسَ مِنْ الْحَاجَةِ مُجَرَّدُ مُلَاعَبَةِ الصَّبِيِّ (قَوْلُهُ: مِمَّنْ يَرْضَعُ بِهَا) التَّعْبِيرُ بِالْإِرْضَاعِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَالْمَدَارُ عَلَى مَنْ يَتَعَهَّدُ الصَّبِيَّ بِالْإِصْلَاحِ وَلَوْ ذَكَرًا كَإِزَالَةِ مَا عَلَى فَرْجِهِ مِنْ النَّجَاسَةِ مَثَلًا وَكَدَهْنِ الْفَرْجِ بِمَا يُزِيلُ ضَرَرَهُ، ثُمَّ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ يَتَعَاطَى إصْلَاحَهُ بَيْنَ كَوْنِ الْأُمِّ قَادِرَةً عَلَى كَفَالَتِهِ وَاسْتِغْنَائِهَا عَنْ مُبَاشَرَةِ غَيْرِهَا وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: الْعَفِيفَةِ) أَيْ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ فِي الْعَبْدِ وَهُوَ الْعَدَالَةُ (قَوْلُهُ: غَيْرُ أُولِي الْإِرْبَةِ) أَيْ الشَّهْوَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا حَلَّ نَظَرُهُ) أَيْ السَّيِّدِ لِأَمَتِهِ: أَيْ كَمَا تَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي كَلَامِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِلزَّوْجِ النَّظَرُ إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ وَنَحْوَ أَمَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQالصَّوَابُ حَذْفُهُ (قَوْلُهُ: لِجَرَيَانِ النَّاسِ عَلَيْهِ إلَخْ) يَنْبَغِي ذِكْرُ الْوَاوِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَتْ) أَيْ الصَّغِيرَةُ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: لَا أَنَّهُ رَدٌّ لِلْحُكْمِ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ فَلَيْسَ ذَلِكَ اتِّفَاقًا إذْ هُوَ تَفْسِيرٌ لِمَا أَرَادَهُ الْمُصَنِّفُ بِالرَّدِّ، فَكَأَنَّهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ الْمَذْكُورُ: إنَّمَا هُوَ رَدٌّ لِدَعْوَى الِاتِّفَاق فَقَطْ لَا أَنَّهُ رَدٌّ لِلْحُكْمِ (قَوْلُهُ: الْعَفِيفَةِ) إنَّمَا قَيَّدَ بِهَذَا هُنَا وَبِالْعَدَالَةِ فِيهَا فِيمَا يَأْتِي نَظَرًا إلَى حِلِّ نَظَرِهَا إلَيْهِ الْآتِي كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِلتَّقْيِيدِ بِذَلِكَ بِالنَّظَرِ لِمُجَرَّدِ نَظَرِهِ إلَيْهَا حَيْثُ لَمْ تَنْظُرْ إلَيْهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَإِسْلَامِهِ) مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ أَنْ لَا يَبْقَى (قَوْلُهُ: لَا فِي نَحْوِ حِلِّ الْمَسِّ) كَأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَالنَّظَرِ إلَى مَحْرَمٍ لَكِنْ فِي صِحَّةِ هَذَا الْعَطْفِ وَقْفَةٌ، وَالْمُرَادُ أَنَّ الْعَبْدَ وَالْمَمْسُوحَ كَالْمَحْرَمِ فِي حِلِّ النَّظَرِ فَقَطْ لَا فِي نَحْوِ الْمَسِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا حَلَّ نَظَرُهُ لِأَمَتِهِ الْمُشْتَرَكَةِ) جَوَابٌ عَمَّا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ

أَقْوَى مِنْ الْمَمْلُوكِيَّةِ فَأُبِيحَ لِلْمَالِكِ مَا لَا يُبَاحُ لِلْمَمْلُوكِ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ حِلُّ نَظَرِهَا لِمُكَاتَبِهَا وَلِلْمُشْتَرَكِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا، وَقَدْ صَرَّحُوا بِخِلَافِهِ، فَالْأَوْجَهُ فِي الْفَرْقِ أَنَّ مَلْحَظِ نَظَرِ السَّيِّدَةِ الْحَاجَةُ وَهِيَ مَنْفِيَّةٌ مَعَ الْكِتَابَةِ أَوْ الِاشْتِرَاكِ وَلَا كَذَلِكَ فِي السَّيِّدِ، وَيُؤَيِّدُهُ نَقْلُ الْمَاوَرْدِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِئْذَانُ إلَّا فِي الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ، وَعَلَّلُوهُ بِكَثْرَةِ حَاجَتِهِ إلَى الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَالْمُخَالَطَةِ وَالْمَحْرَمُ الْبَالِغُ لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِئْذَانُ إلَّا فِيهَا فِيمَا يَظْهَرُ كَالْمُرَاهِقِ الْأَجْنَبِيِّ بَلْ أَوْلَى، وَأَطَالَ الْمُصَنِّفُ فِي مُسَوَّدَةِ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَكَثِيرُونَ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ فِي الِانْتِصَارِ لِمُقَابِلِ الْأَصَحِّ فِي الْعَبْدِ، وَأَجَابُوا عَنْ الْآيَةِ بِأَنَّهَا فِي الْإِمَاءِ الْمُشْرِكَاتِ، وَعَنْ خَبَرِ أَبِي دَاوُد «أَنَّ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - اسْتَتَرَتْ مِنْ عَبْدٍ وَهَبَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهَا وَقَدْ أَتَاهَا بِهِ فَقَالَ: لَيْسَ عَلَيْك بَأْسٌ إنَّمَا هُوَ أَبُوك وَغُلَامُك» بِأَنَّهُ كَانَ صَبِيًّا إذْ الْغُلَامُ يَخْتَصُّ حَقِيقَةً بِهِ، وَبِأَنَّهَا وَاقِعَةُ حَالٍ مُحْتَمَلَةٍ وَبِعِزَّةِ الْعَدَالَةِ فِي الْأَحْرَارِ فَبِالْمَمَالِيكِ أَوْلَى مَعَ مَا غَلَبَ بَلْ اطَّرَدَ فِيهِمْ مِنْ الْفِسْقِ وَالْفُجُورِ لَكِنْ بِتَأَمُّلِ مَا مَرَّ مِنْ اشْتِرَاطِ عَدَالَتِهِمَا يَنْدَفِعُ كُلُّ ذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْمُرَاهِقَ) بِكَسْرِ الْهَاءِ مَنْ قَارَبَ الِاحْتِلَامَ: أَيْ بِاعْتِبَارِ غَالِبِ سِنِّهِ وَهُوَ قُرْبُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فِيمَا يَظْهَرُ (كَالْبَالِغِ) فَيَلْزَمُهَا الِاحْتِجَابُ مِنْهُ كَالْمَجْنُونِ لِظُهُورِهِ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ. وَالثَّانِي لَهُ النَّظَرُ كَالْمَحْرَمِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَلْزَمُ وَلِيَّهُ مَنْعُهُ النَّظَرَ كَمَا يَلْزَمُهُ مَنْعُهُ سَائِرَ الْمُحَرَّمَاتِ، وَلَوْ ظَهَرَ مِنْهُ تَشَوُّفٌ لِلنِّسَاءِ فَكَالْبَالِغِ قَطْعًا، وَالْمُرَاهِقَةُ كَالْبَالِغَةِ، أَمَّا الْمُرَاهِقُ الْمَجْنُونُ فَمُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمْ إلْحَاقُ الْمُرَاهِقِ بِالْبَالِغِ بِظُهُورِهِ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَحِكَايَتُهُ لَهَا أَنَّهُ لَيْسَ مِثْلَهُ وَخَرَجَ بِالْمُرَاهِقِ غَيْرُهُ، فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يُحْسِنُ حِكَايَةَ مَا يَرَاهُ عَلَى وَجْهِهِ مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ فَكَالْمَحْرَمِ أَوْ بِشَهْوَةٍ فَكَالْبَالِغِ أَوْ لَا يُحْسِنُ ذَلِكَ فَكَالْعَدِمِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ (وَيَحِلُّ نَظَرُ رَجُلٍ إلَى رَجُلٍ) مَعَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ بِلَا شَهْوَةٍ اتِّفَاقًا (إلَّا مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ) فَيَحْرُمُ نَظَرُهُ مُطْلَقًا وَلَوْ مِنْ مَحْرَمٍ؛ لِأَنَّهُ عَوْرَةٌ، وَالْمُرَاهِقُ كَالْبَالِغِ نَاظِرًا كَانَ أَوْ مَنْظُورًا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ دَلْكُ فَخْذِ الرَّجُلِ بِشَرْطِ حَائِلٍ وَأَمْنِ فِتْنَةٍ وَأُخِذَ مِنْهُ حِلُّ مُصَافَحَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ مَعَ ذَيْنِك؛ وَأَفْهَمَ تَخْصِيصُهُ الْحِلَّ مَعَهُمَا بِالْمُصَافَحَةِ حُرْمَةُ مَسِّ غَيْرِ وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ وَلَوْ مَعَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ وَعَدَمِ الشَّهْوَةِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ مَظِنَّةٌ لِأَحَدِهِمَا كَالنَّظَرِ وَحِينَئِذٍ فَيُلْحَقُ بِهَا الْأَمْرَدُ فِي ذَلِكَ، وَيُؤَيِّدُهُ إطْلَاقُهُمْ حُرْمَةَ مُعَانَقَتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSإلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ الِاشْتِرَاكُ) هُوَ وَاضِحٌ فِيمَا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ وَنَظَرَتْ فِي غَيْرِ نَوْبَتِهَا، أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ أَوْ كَانَتْ فَنَظَرَتْ فِي نَوْبَتِهَا فَالْحَاجَةُ مَوْجُودَةٌ، ثُمَّ مَا ذُكِرَ فِي الْمُشْتَرَكِ يَأْتِي مِثْلُهُ فِي الْمُبَعَّضِ (قَوْلُهُ: إلَّا فِيهَا) أَيْ الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ، وَقَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ أَبُوك: أَيْ الدَّاخِلُ، وَقَوْلُهُ: كَالْمَجْنُونِ: أَيْ الْبَالِغِ كَمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ أَمَّا الْمُرَاهِقُ الْمَجْنُونُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ظَهَرَ مِنْهُ) أَيْ الْمُرَاهِقِ بِقَرِينَةٍ دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: دَلْكُ فَخْذِ الرَّجُلِ) أَيْ وَمِثْلُهُ بَقِيَّةُ الْعَوْرَةِ حَتَّى الْفَرْجَ (قَوْلُهُ: مَعَ ذَيْنِك) أَيْ الْحَائِلِ وَأَمْنِ الْفِتْنَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَتِفٍ، لَكِنْ قَالَ سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: لَا يَبْعُدُ تَقْيِيدُهُ بِالْحَائِلِ الرَّقِيقِ بِخِلَافِ الْغَلِيظِ م ر اهـ (قَوْلُهُ: فَيُلْحَقُ بِهَا) أَيْ فِي حُرْمَةِ مَسِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ إطْلَاقُهُمْ حُرْمَةَ إلَخْ) قَدْ يُمْنَعُ التَّأْيِيدُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمُعَانَقَةَ كَالْمُحَقِّقَةِ لِلشَّهْوَةِ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ اللَّمْسِ بِالْيَدِ مَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَقْيِيدِهِ الْعَبْدَ بِغَيْرِ الْمُشْتَرَكِ مِنْ مُنَافَاتِهِ لِحِلِّ نَظَرِ السَّيِّدِ لِأَمَتِهِ الْمُشْتَرَكَةِ (قَوْلُهُ: أَنَّ مَلْحَظَ نَظَرِ السَّيِّدَةِ) الْمَصْدَرُ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ، وَقَوْلُهُ وَلَا كَذَلِكَ السَّيِّدُ: أَيْ فِي نَظَرِهِ إلَى مَمْلُوكَتِهِ (قَوْلُهُ: وَأُخِذَ مِنْهُ حِلُّ مُصَافَحَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ) الظَّاهِرُ أَنَّ ذِكْرَ الْمُصَافَحَةِ مِثَالٌ وَآثَرَهُ؛ لِأَنَّ الِابْتِلَاءَ بِهِ غَالِبٌ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَأَتَّى قَوْلُ الشَّارِحِ وَأَفْهَمَ تَخْصِيصُهُ إلَخْ وَقَدْ نَقَلَ الشِّهَابُ سم عَنْ الشَّارِحِ أَنَّهُ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ كُلٍّ مِنْ الْمَأْخُوذِ وَالْمَأْخُوذِ مِنْهُ بِالْحَاجَةِ، ثُمَّ قَالَ: قُلْت وَحِينَئِذٍ يُحْتَمَلُ أَنَّ غَيْرَ الْمُصَافَحَةِ كَالْمُصَافَحَةِ (قَوْلُهُ: غَيْرِ وَجْهِهَا) اُنْظُرْ مَا وَجْهُهُ وَاَلَّذِي أَفْهَمَهُ التَّخْصِيصُ حُرْمَةُ مَسِّ الْوَجْهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَيُلْحَقُ بِهَا الْأَمْرَدُ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي حُرْمَةِ مَسِّ مَا سِوَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَلَوْ بِحَائِلٍ (قَوْله مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ) بَحَثَ الشِّهَابُ سم

الشَّامِلَةِ لِكَوْنِهَا مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ. (وَيَحْرُمُ نَظَرُ أَمْرَدَ) وَهُوَ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ أَوَانَ طُلُوعِ اللِّحْيَةِ غَالِبًا، وَيَنْبَغِي ضَبْطُ ابْتِدَائِهِ بِحَيْثُ لَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَاشْتُهِيَتْ لِلرِّجَالِ مَعَ خَوْفِ فِتْنَةٍ بِأَنْ لَمْ يَنْدُرْ وُقُوعُهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ أَوْ (بِشَهْوَةٍ) إجْمَاعًا وَكَذَا كُلُّ مَنْظُورٍ إلَيْهِ، فَفَائِدَةُ ذِكْرِهَا فِيهِ تَمْيِيزُ طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ، وَضَبَطَ فِي الْإِحْيَاءِ الشَّهْوَةَ بِأَنْ يَتَأَثَّرَ بِجَمَالِ صُورَتِهِ بِحَيْثُ يُدْرِكُ مِنْ نَفْسِهِ فَرْقًا بَيْنَ الْمُلْتَحِي وَبَيْنَهُ، وَقَرِيبٌ مِنْهُ قَوْلُ السُّبْكِيّ هِيَ أَنْ يَنْظُرَ فَيَلْتَذَّ وَإِنْ لَمْ يَشْتَهِ زِيَادَةَ وَقَاعٍ أَوْ مُقَدِّمَةٍ لَهُ فَذَاكَ زِيَادَةٌ فِي الْفِسْقِ، وَكَثِيرُونَ يَقْتَصِرُونَ عَلَى مُجَرَّدِ النَّظَرِ وَالْمَحَبَّةِ ظَانِّينَ سَلَامَتَهُمْ مِنْ الْإِثْمِ وَلَيْسُوا سَالِمِينَ مِنْهُ (قُلْت وَكَذَا) يَحْرُمُ نَظَرُهُ (بِغَيْرِهَا) أَيْ الشَّهْوَةِ وَلَوْ مَعَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ (فِي الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ) ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْفِتْنَةِ فَهُوَ كَالْمَرْأَةِ فِي الْكَلَامِ فِي الْجَمِيلِ الْوَجْهِ النَّقِيِّ الْبَدَنِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي التِّبْيَانِ وَغَيْرِهِ بَلْ هُوَ أَشَدُّ إثْمًا مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ لِعَدَمِ حِلِّهِ بِحَالٍ، وَقَدْ حُكِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجَلَاءِ قَالَ: كُنْت أَمْشِي مَعَ أُسْتَاذِي يَوْمًا فَرَأَيْت حَدَثًا جَمِيلًا فَقُلْت: يَا أُسْتَاذِي تَرَى يُعَذِّبُ اللَّهُ هَذِهِ الصُّورَةَ؟ فَقَالَ: سَتَرَى غِبَّهُ، فَنَسِيَ الْقُرْآنَ بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةً. وَالثَّانِي لَا يَحْرُمُ وَإِلَّا لَأَمَرَ الْأَمْرَدَ بِالِاحْتِجَابِ كَالنِّسَاءِ، وَرُدَّ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَشَقَّةِ الصَّعْبَةِ عَلَيْهِمْ وَتَرْكِ الْأَسْبَابِ اللَّازِمِ لَهُ وَعَلَى غَيْرِهِمْ غَضُّ الْبَصَرِ عِنْدَ تَوَقُّعِ الْفِتْنَةِ لَا سِيَّمَا مَعَ مُخَالَطَةِ النَّاسِ لَهُمْ مِنْ عَصْرِ الصَّحَابَةِ إلَى الْآنَ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُمْ لَمْ يُؤْمَرُوا بِغَضِّ الْبَصَرِ عَنْهُمْ فِي كُلِّ حَالٍ كَالنِّسَاءِ بَلْ عِنْدَ تَوَقُّعِ الْفِتْنَةِ. وَنَازَعَ فِي الْمُهِمَّاتِ فِي الْعَزْوِ لِلنَّصِّ وَقَالَ: الصَّادِرُ مِنْ الشَّافِعِيِّ عَلَى مَا بَيَّنَهُ فِي الرَّوْضَةِ إنَّمَا هُوَ إطْلَاقٌ يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى حَالَةِ الشَّهْوَةِ اهـ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: لَا أَعْرِفُ هَذَا النَّصَّ لِلشَّافِعِيِّ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي مَعْرِفَتِهِ وَلَا سُنَنِهِ وَلَا مَبْسُوطِهِ، وَتَبِعَهُ الْمَحَامِلِيُّ عَلَى عَدَمِ مَعْرِفَتِهِ لِلنَّصِّ. وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: مَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ أَحَدٌ وَلَيْسَ وَجْهًا ثَانِيًا، فَإِنَّ الْمَوْجُودَ فِي كُتُبِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً لَا يَحْرُمُ قَطْعًا، فَإِنْ خَافَ فَوَجْهَانِ، وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ النَّصِّ مَطْعُونٌ فِيهِ. وَلَعَلَّهُ وَقَعَ لِلشَّافِعِيِّ ذَلِكَ عِنْدَ حُصُولِ شَهْوَةٍ أَوْ خَوْفٍ فِتْنَةٍ. وَأَمَّا عِنْدَ عَدَمِ الشَّهْوَةِ وَعَدَمِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْحَائِلِ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ نَظَرُ أَمْرُدَ) أَيْ وَلَوْ عَلَى أَمْرَدَ مِثْلِهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ) أَيْ بِاعْتِبَارِ الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ لِلنَّاسِ لَا جِنْسِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَنْدُرْ وُقُوعُهَا) نَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّ مُجَرَّدَ الْخَوْفِ لَا يَكْفِي فِي الْحُرْمَةِ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ الْخَوْفِ، فَإِنَّ الْخَوْفَ يَصْدُقُ بِمُجَرَّدِ احْتِمَالِهِ وَلَوْ عَلَى بُعْدٍ فَلَا بُدَّ مِنْ ظَنِّ الْفِتْنَةِ بِأَنْ كَثُرَ وُقُوعُهَا (قَوْلُهُ: أَوْ بِشَهْوَةٍ) ع وَالظَّاهِرُ أَنَّ شَعْرَ رَأْسِهِ كَبَاقِي بَدَنِهِ فَيَحْرُمُ النَّظَرُ إلَى شَعْرِهِ الْمُنْفَصِلِ كَالْمُتَّصِلِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فَفَائِدَةُ ذِكْرِهَا) أَيْ الشَّهْوَةِ وَقَوْلُهُ: فِيهِ أَيْ الْأَمْرَدِ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يُدْرِكُ) أَيْ بِاللَّذَّةِ (قَوْلُهُ: فَرْقًا بَيْن الْمُلْتَحِي) أَيْ بِحَيْثُ تَسْكُنُ نَفْسُهُ إلَيْهِ مَا لَا تَسْكُنُهُ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْمُلْتَحِي وَيُوَضِّحُهُ قَوْلُهُ: وَقَرِيبٌ مِنْهُ قَوْلُ السُّبْكِيّ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: زِيَادَةُ وَقَاعٍ هُوَ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ إلَى الْمَوْصُوفِ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَشْتَهِ وِقَاعًا زَائِدًا عَلَى مُجَرَّدِ اللَّذَّةِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ حِلِّهِ بِحَالٍ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ فَالزِّنَا بِالْمَرْأَةِ أَشَدُّ إثْمًا مِنْ اللِّوَاطِ بِهِ عَلَى الرَّاجِحِ لِمَا يُؤَدِّي إلَيْهِ الزِّنَا مِنْ اخْتِلَاطِ الْأَنْسَابِ (قَوْلُهُ: سَتَرَى غِبَّهُ) أَيْ عَاقِبَةَ هَذَا الْكَلَامِ (قَوْلُهُ: وَنَازَعَ فِي الْمُهِمَّاتِ) أَيْ لِلْإِسْنَوِيِّ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ) مُرَادُهُمْ بِهِ الْإسْفَرايِينِيّ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: وَلَا مَبْسُوطِهِ) أَيْ مَعَ اسْتِقْصَائِهِ النُّصُوصَ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّهُ وَقَعَ لِلشَّافِعِيِّ) أَيْ التَّعْبِيرُ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَقْيِيدَهُ بِالرَّقِيقِ (قَوْلُهُ: تَمْيِيزُ طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ) أَيْ مَعَ مَا قَدَّمَهُ مِنْ الْحِكْمَةِ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ) أَيْ أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِهِ (قَوْلُهُ: لَا سِيَّمَا مَعَ مُخَالَطَةِ النَّاسِ لَهُمْ إلَخْ) هَذَا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا قَبْلَهُ كَمَا يُدْرَكُ بِالتَّأَمُّلِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا يُرَدُّ بِهِ اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ) فِي التُّحْفَةِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَانْظُرْ مَا مُرَادُهُ الَّذِي نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ نَبَّهَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَامِدٍ لَا أَعْرِفُ هَذَا النَّصَّ لِلشَّافِعِيِّ لَكِنْ كَانَ اللَّائِقُ أَنْ يَقُولَ كَمَا

الْفِتْنَةِ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ النَّظَرُ بِلَا خِلَافٍ، وَهَذَا إجْمَاعٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُنْسَبَ لِلشَّافِعِيِّ مَا يَخْرِقُ الْإِجْمَاعَ اهـ. وَقَالَ الشَّارِحُ: لَمْ يُصَرِّحْ هُوَ أَعْنِي الْمُصَنِّفَ وَلَا غَيْرَهُ بِحِكَايَتِهَا فِي الْمَذْهَبِ اهـ. فَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ اخْتِيَارَاتِهِ لَا مِنْ حَيْثُ الْمَذْهَبُ، وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَشَرْطُ الْحُرْمَةِ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنْ لَا يَكُونَ النَّاظِرُ مَحْرَمًا بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ وَلَا سَيِّدًا، وَأَنْ لَا تَدْعُوَ إلَى نَظَرِهِ حَاجَةٌ، فَإِنْ دَعَتْ كَمَا لَوْ كَانَ لِلْمَخْطُوبَةِ نَحْوَ وَلَدٍ أَمْرَدَ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ رُؤْيَتُهَا وَسَمَاعُ وَصْفِهَا جَازَ لَهُ نَظَرُهُ إنْ بَلَغَهُ اسْتِوَاؤُهُمَا فِي الْحُسْنِ وَإِلَّا فَلَا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَ انْتِفَاءِ الشَّهْوَةِ وَعَدَمِ خَوْفِ الْفِتْنَةِ، وَالْأَوْجَهُ حِلُّ نَظَرِ مَمْلُوكِهِ وَمَمْسُوحٍ بِشَرْطِهِمَا الْمَارِّ وَخَرَجَ بِالنَّظَرِ الْمَسُّ فَيَحْرُمُ وَإِنْ حَلَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ أَفْحَشُ وَغَيْرُ مُحْتَاجٍ لَهُ وَالْخَلْوَةُ بِهِ فَتَحْرُمُ لَكِنْ إنْ حَرُمَ النَّظَرُ فِيمَا يَظْهَرُ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَسِّ ظَاهِرٌ (وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ الْأَمَةَ كَالْحُرَّةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْأُنُوثَةِ وَخَوْفِ الْفِتْنَةِ، بَلْ جَمَالٌ كَثِيرٍ مِنْ الْإِمَاءِ أَكْثَرُ مِنْ جَمَالِ كَثِيرٍ مِنْ الْحَرَائِرِ فَخَوْفُهَا فِيهِنَّ أَعْظَمُ. وَأَمَّا ضَرْبُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَمَةً اسْتَتَرَتْ كَالْحُرَّةِ وَقَوْلُهُ لَهَا أَتَتَشَبَّهِينَ بِالْحَرَائِرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSعِنْدَ حُصُولِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ) خِلَافًا لحج. وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْجَوَازِ بِعَدَالَةِ النَّاظِرِ وَالْمَنْظُورِ إلَيْهِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ لَهُ فِي نَظَرِ عَبْدِ الْمَرْأَةِ لَهَا وَنَظَرِ الْمَمْسُوحِ وَمِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَالْأَوْجَهُ حِلُّ نَظَرِ مَمْلُوكِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَحْوَ وَلَدٍ أَمْرَدَ) لَعَلَّ التَّقْيِيدَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمُشَابَهَةَ فِي الْغَالِبِ إنَّمَا تَقَعُ بَيْنَ نَحْوِ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا، وَإِلَّا فَلَوْ بَلَغَهُ اسْتِوَاءُ الْمَرْأَةِ وَشَخْصٍ أَجْنَبِيٍّ عَنْهَا وَتَعَذَّرَتْ رُؤْيَتُهَا فَيَنْبَغِي جَوَازُ النَّظَرِ إلَيْهِ، وَفِي سم عَلَى حَجّ: وَيَنْبَغِي أَنَّهُ يَجُوزُ نَظَرُ نَحْوِ أُخْتِهَا لَكِنْ إنْ كَانَتْ مُتَزَوِّجَةً فَيَنْبَغِي امْتِنَاعُ نَظَرِهَا بِغَيْرِ رِضَا زَوْجِهَا أَوْ ظَنِّ رِضَاهُ، وَكَذَا بِغَيْرِ رِضَاهَا إذَا كَانَتْ عَزَبًا؛ لِأَنَّ مَصْلَحَتَهَا وَمَصْلَحَةَ زَوْجِهَا مُقَدَّمَةٌ عَلَى مَصْلَحَةِ هَذَا الْخَاطِبِ اهـ. وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِأَمْنِ الْفِتْنَةِ وَعَدَمِ الشَّهْوَةِ وَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ فِي الْمَخْطُوبَةِ نَفْسِهَا (قَوْلُهُ: وَسَمَاعُ وَصْفِهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَهُ إرْسَالُ امْرَأَةٍ تَنْظُرُهَا لَهُ وَتَصِفُهَا لَهُ لَا يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ. وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فَإِنَّ الْخَبَرَ لَيْسَ كَالْمُعَايَنَةِ، فَقَدْ يُدْرِكُ النَّاظِرُ مِنْ نَفْسِهِ عِنْدَ الْمُعَايَنَةِ مَا تَقْصُرُ الْعِبَارَةُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: جَازَ لَهُ نَظَرُهُ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ رُؤْيَةِ الْأَمْرَدِ رِضَاهُ وَلَا رِضَا وَلِيِّهِ، وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظَرِ أُخْت الزَّوْجَةِ بِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ بِهِ فِي نَظَرِ الْأَمْرَدِ مَا لَا يُتَسَامَحُ بِهِ فِي نَظَرِ الْمَرْأَةِ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْمُعْتَمَدُ جَوَازَ نَظَرِ الْأَمْرَدِ الْجَمِيلِ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ (قَوْلُهُ: وَعَدَمِ خَوْفِ الْفِتْنَةِ) وَلَا يُقَالُ إنَّ ذَلِكَ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةِ النَّظَرِ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْمَخْطُوبَةَ مَحَلُّ التَّمَتُّعِ فِي الْجُمْلَةِ اهـ خَطِيبٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ حِلُّ نَظَرِ مَمْلُوكِهِ) أَيْ مَمْلُوكِ الْأَمْرَدِ لَهُ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالنَّظَرِ الْمَسُّ) أَيْ وَلَوْ بِحَائِلٍ عَلَى مَا مَرَّ لَهُ فِي قَوْلِهِ وَحِينَئِذٍ فَيُلْحَقُ بِهَا الْأَمْرَدُ فِي ذَلِكَ، وَقَدَّمْنَا عَنْ سم تَقْيِيدُ الْحَائِلِ بِالرَّقِيقِ، لَكِنَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ فِي السِّيَرِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُسَنُّ ابْتِدَاؤُهُ: أَيْ السَّلَامِ مَا نَصُّهُ: وَيَحْرُمُ تَقْبِيلُ أَمْرَدَ حَسَنٍ لَا مَحْرَمِيَّةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَنَحْوَهَا وَمَسُّ شَيْءٍ بَدَنَهُ بِلَا حَائِلٍ كَمَا مَرَّ اهـ. فَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ بِمَا مَرَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا فَغَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا سَوَّى فِيهِ بَيْنَ الْحَائِلِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ أَرَادَ غَيْرَهُ فَلْيَنْظُرْ (قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ وَإِنْ حَلَّ) أَيْ النَّظَرُ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وَالْخَلْوَةُ بِهِ أَوْ مَسُّ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ حَرَامٌ حَتَّى عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُمَا أَفْحَشُ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَسِّ ظَاهِرٌ) ـــــــــــــــــــــــــــــQنَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِحِكَايَتِهَا) يَعْنِي الْحُرْمَةَ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ لَكِنَّ الشَّارِحَ: أَعْنِي الْمَحَلِّيَّ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فِي مَقَامِ الرَّدِّ عَلَى الْمُصَنِّفِ كَمَا يُوهِمُهُ سِبَاقُ الشَّارِحِ هُنَا، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ فِي مَقَامِ الِاعْتِذَارِ عَمَّنْ نَسَبَ إلَى الْمُصَنِّفِ الْحُرْمَةَ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ حِلُّ نَظَرِ مَمْلُوكِهِ إلَخْ) أَيْ إذَا قُلْنَا بِطَرِيقَةِ الْمُصَنِّفِ، وَقَوْلُهُ نَظَرِ مَمْلُوكِهِ: أَيْ إلَيْهِ فَهُوَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ إنْ حَرُمَ النَّظَرُ) نَظَرَ فِيهِ الشِّهَابُ سم، وَفِي

يَا لَكَاعِ، فَغَيْرُ دَالٍّ عَلَى الْحِلِّ لِاحْتِمَالِ قَصْدِهِ بِذَلِكَ نَفْيَ الْأَذَى عَنْ الْحَرَائِرِ؛ لِأَنَّ الْإِمَاءَ كُنَّ يُقْصَدْنَ لِلزِّنَا، قَالَ تَعَالَى {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ} [الأحزاب: 59] وَكَانَتْ الْحَرَائِرُ تُعْرَفُ بِالسِّتْرِ فَخَشِيَ أَنَّهُ إذَا اسْتَتَرَتْ الْإِمَاءُ حَصَلَ الْأَذَى لِلْحَرَائِرِ فَأَمَرَ الْإِمَاءَ بِالتَّكَشُّفِ وَيَحْتَرِزْنَ فِي الصِّيَانَةِ مِنْ أَهْلِ الْفُجُورِ. (وَالْمَرْأَةُ مَعَ الْمَرْأَةِ كَرَجُلٍ وَرَجُلٍ) فِيمَا مَرَّ فَيَحِلُّ عِنْدَ انْتِفَاءِ الشَّهْوَةِ وَخَوْفِ الْفِتْنَةِ سِوَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ؛ لِأَنَّهُ عَوْرَةٌ (وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُ) (نَظَرِ) كَافِرَةٍ (ذِمِّيَّةٍ) أَوْ غَيْرِهَا، وَلَوْ حَرْبِيَّةً (إلَى مُسْلِمَةٍ) فَيَلْزَمُ الْمُسْلِمَةَ الِاحْتِجَابُ مِنْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ نِسَائِهِنَّ} [النور: 31] فَلَوْ جَازَ لَهَا النَّظَرُ لَمْ يَبْقَ لِلتَّخْصِيصِ فَائِدَةٌ. وَصَحَّ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَنْعُهُ الْكِتَابِيَّاتِ دُخُولَ الْحَمَّامِ مَعَ الْمُسْلِمَاتِ؛ وَلِأَنَّهَا رُبَّمَا تَحْكِيهَا لِلْكَافِرِ. وَالثَّانِي لَا يَحْرُمُ نَظَرًا إلَى اتِّحَادِ الْجِنْسِ كَالرِّجَالِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُفَرِّقُوا فِيهِمْ بَيْنَ نَظَرِ الْكَافِرِ إلَى الْمُسْلِمِ وَعَكْسِهِ. نَعَمْ يَجُوزُ عَلَى الْأَوَّلِ نَظَرُهَا لِمَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ عَلَى الْأَشْبَهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَقِيلَ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ فَقَطْ، وَرَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهَا مَعَهَا كَالْأَجْنَبِيِّ وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، ثُمَّ مَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ الْكَافِرَةُ مَحْرَمًا أَوْ مَمْلُوكَةً لِلْمُسْلِمَةِ وَإِلَّا جَازَ لَهُمَا النَّظَرُ إلَيْهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الثَّانِيَةِ وَبَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْأُولَى، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَظَاهِرُ إيرَادِ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّ التَّحْرِيمَ عَلَى الذِّمِّيَّةِ وَهُوَ صَحِيحٌ إنْ قُلْنَا بِتَكْلِيفِ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَإِذَا كَانَ حَرَامًا عَلَى الْكَافِرَةِ حَرُمَ عَلَى الْمُسْلِمَةِ التَّمْكِينُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا تُعِينُهَا بِهِ عَلَى مُحَرَّمٍ. وَأَمَّا نَظَرُ الْمُسْلِمَةِ إلَيْهَا فَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ جَوَازُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِانْتِقَاءِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْكَافِرَةِ وَإِنْ تَوَقَّفَ الزَّرْكَشِيُّ فِي ذَلِكَ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْفَاسِقَةُ مَعَ الْعَفِيفَةِ كَالْكَافِرَةِ مَعَ الْمُسْلِمَةِ مَرْدُودٌ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَإِنْ جَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ. (وَ) الْأَصَحُّ (جَوَازُ) (نَظَرِ الْمَرْأَةِ) الْبَالِغَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ (إلَى بَدَنِ) رَجُلٍ (أَجْنَبِيٍّ) (سِوَى مَا بَيْنَ سِرْته وَرَكِبْتِهِ إنْ لَمْ تَخَفْ فِتْنَةً) وَلَا نَظَرَتْ بِشَهْوَةٍ «لِنَظَرِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - الْحَبَشَةَ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرَاهَا» وَفَارَقَ نَظَرَهُ إلَيْهَا بِأَنَّ بَدَنَهَا عَوْرَةٌ وَلِذَا وَجَبَ سَتْرُهُ بِخِلَافِ بَدَنِهِ (قُلْت: الْأَصَحُّ التَّحْرِيمُ كَهُوَ) أَيْ كَنَظَرِهِ (إلَيْهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور: 31] وَخَبَرُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ مَيْمُونَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ وَقَدْ رَآهُمَا يَنْظُرَانِ لِابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ بِالِاحْتِجَابِ مِنْهُ فَقَالَتْ لَهُ أُمُّ سَلَمَةَ: أَلَيْسَ هُوَ أَعْمَى لَا يُبْصِرُ؟ فَقَالَ: أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا أَلَسْتُمَا تُبْصِرَانِهِ» وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهَا نَظَرَتْ وُجُوهَهُمْ وَأَبْدَانَهُمْ وَإِنَّمَا نَظَرَتْ لِعْبَهُمْ وَحِرَابَهُمْ، وَلَا يَلْزَمُهُ تَعَمُّدُ نَظَرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ وَهُوَ أَنَّ الْمَسَّ مَظِنَّةٌ لِتَحْرِيكِ الشَّهْوَةِ (قَوْلُهُ: يَا لَكَاعِ) أَيْ يَا لَئِيمَةُ (قَوْلُهُ: ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ) أَيْ يُمَيَّزْنَ عَنْ الْإِمَاءِ وَالْقَيْنَاتِ اهـ بَيْضَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَيَحْتَرِزْنَ فِي الصِّيَانَةِ) أَيْ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَشْفِ رَأْسِهَا النَّظَرُ إلَيْهَا وَبِفَرْضِهِ فَلَعَلَّ الْأَمْرَ بِهِ أَنَّ الْمَفْسَدَةَ فِيهِ أَخَفُّ مِنْ الْمَفْسَدَةِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى السَّتْرِ مِنْ قَصْدِ الْحَرَائِرِ بِالزِّنَا (قَوْلُهُ: سِوَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ) أَيْ نَظَرٌ سِوَى إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَرْبِيَّةً) أَيْ أَوْ مُرْتَدَّةً (قَوْلُهُ: وَإِلَّا جَازَ لَهُمَا النَّظَرُ إلَيْهَا) أَيْ فِيمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ (قَوْلُهُ: فِي الثَّانِيَةِ) هِيَ قَوْلُهُ: أَوْ مَمْلُوكَةً، وَقَوْلُهُ: فِي الْأُولَى هِيَ قَوْلُهُ: لَمْ تَكُنْ الْكَافِرَةُ مَحْرَمًا (قَوْلُهُ: حَرُمَ عَلَى الْمُسْلِمَةِ) لَعَلَّ الْغَرَضَ مِنْ ذِكْرِهِ هُنَا التَّنْبِيهُ عَلَى اسْتِفَادَتِهِ مِنْ الْمَتْنِ، وَإِلَّا فَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي قَوْلِهِ قَبْلُ فَيَلْزَمُ الْمُسْلِمَةَ الِاحْتِجَابُ (قَوْلُهُ: فَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ جَوَازُهُ) أَيْ لِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَاشِيَةِ الزِّيَادِيِّ أَنَّ الْخَلْوَةَ بِهِ حَرَامٌ حَتَّى عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: وَإِذَا كَانَ حَرَامًا عَلَى الْكَافِرَةِ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا الشَّرْطِ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمَةِ التَّمْكِينُ لِلذِّمِّيَّةِ مِنْ النَّظَرِ إذَا قُلْنَا بِعَدَمِ الْحُرْمَةِ عَلَى الْكَافِرَةِ الَّذِي هُوَ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ، وَفِيهِ وَقْفَةٌ لَا تَخْفَى، وَانْظُرْهُ مَعَ إطْلَاقِ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ عَقِبَ قَوْلِ الْمَتْنِ فَيَلْزَمُ الْمُسْلِمَةَ الِاحْتِجَابُ مِنْهَا

الْبَدَنِ وَإِنْ وَقَعَ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ صَرَفَتْهُ حَالًا، أَوْ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ آيَةِ الْحِجَابِ، أَوْ أَنَّ عَائِشَةَ لَمْ تَبْلُغْ مَبْلَغَ النِّسَاءِ، وَقَوْلُ الْجَلَالِ الْبُلْقِينِيِّ إنَّ مَا اقْتَضَاهُ الْمَتْنُ مِنْ حُرْمَةِ نَظَرِهَا لِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ بِلَا شَهْوَةٍ وَعِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الْأَصْحَابِ رُدَّ بِأَنَّ اسْتِدْلَالَهُمْ بِمَا مَرَّ فِي قَضِيَّةِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ. وَالْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ، وَيَرُدُّهُ أَيْضًا قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ جَازِمًا بِهِ جَزَمَ الْمَذْهَبُ يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ سَدُّ طَاقَةٍ تُشْرِفُ الْمَرْأَةُ مِنْهَا عَلَى الرِّجَالِ إنْ لَمْ تَنْتَهِ بِنَهْيِهِ وَقَدْ عَلِمَ مِنْهَا تَعَمُّدَ النَّظَرِ إلَيْهِمْ، وَمَرَّ نَدْبُ نَظَرِهَا إلَيْهِ لِلْخِطْبَةِ كَهُوَ إلَيْهَا (وَنَظَرُهَا إلَى مَحْرَمِهَا كَعَكْسِهِ) أَيْ كَنَظَرِهِ إلَيْهَا فَتَنْظُرُ مِنْهُ بِلَا شَهْوَةٍ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُمَا مُلْحَقَانِ بِمَا يَحِلُّ نَظَرُهُ. أَمَّا الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ فَيُعَامَلُ بِالْأَشَدِّ فَيَكُونُ مَعَ النِّسَاءِ رَجُلًا وَمَعَ الرِّجَالِ امْرَأَةً إذَا كَانَ فِي سِنٍّ يَحْرُمُ فِيهِ نَظَرُ الْوَاضِحِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ مِنْ الْمَجْمُوعِ، وَلَا يَحِلُّ لِأَجْنَبِيٍّ وَلَا أَجْنَبِيَّةٍ الْخَلْوَةُ بِهِ، فَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا لِامْرَأَةٍ فَهُوَ مَعَهَا كَعَبْدِهَا، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ مَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ يُغَسِّلُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ لِضَعْفِ الشَّهْوَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ بِخِلَافِهَا قَبْلَهُ. (وَمَتَى حَرُمَ النَّظَرُ حَرُمَ الْمَسُّ) ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي إثَارَةِ الشَّهْوَةِ إذْ لَوْ أَنْزَلَ بِهِ أَفْطَرَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَظَرَ فَأَنْزَلَ فَإِنَّهُ لَا يُفْطِرُ، فَيَحْرُمُ مَسُّ الْأَمْرَدِ كَمَا يَحْرُمُ نَظَرُهُ وَدَلْكُ فَخْذِ الرَّجُلِ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ، وَيَجُوزُ بِهِ إنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً وَلَمْ تَكُنْ شَهْوَةً، وَقَدْ يَحْرُمُ النَّظَرُ دُونَ الْمَسِّ كَأَنْ أَمْكَنَ الطَّبِيبَ مَعْرِفَةُ الْعِلَّةِ بِالْمَسِّ فَقَطْ، وَكَعُضْوِ أَجْنَبِيَّةٍ مَبَانٍ فَيَحْرُمُ نَظَرُهُ فَقَطْ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْخَادِمِ وَالْأَصَحُّ حُرْمَةُ مَسِّهِ أَيْضًا، أَمَّا دُبْرُ الْحَلِيلَةِ فَيَحِلُّ نَظَرُهُ وَمَسُّهُ خِلَافًا لِلدَّارِمِيِّ، وَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ حَيْثُ حَلَّ النَّظَرُ حَلَّ الْمَسُّ أَغْلَبِيٌّ أَيْضًا فَلَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ مَسُّ وَجْهِ أَجْنَبِيَّةٍ وَإِنْ حَلَّ نَظَرُهُ بِنَحْوِ خِطْبَةٍ أَوْ شَهَادَةٍ أَوْ تَعْلِيمٍ، وَلَا لِسَيِّدَةٍ مَسُّ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِ عَبْدِهَا وَعَكْسِهِ وَإِنْ حَلَّ النَّظَرُ. ـــــــــــــــــــــــــــــSخِلَافًا لحج حَيْثُ قَالَ وَمِثْلُهَا: أَيْ الْكَافِرَةِ فَاسِقَةٌ بِسِحَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ كَزِنًا أَوْ قِيَادَةٍ فَيَحْرُمُ التَّكَشُّفُ لَهَا اهـ. وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ مَا عَلَّلُوا بِهِ حُرْمَةَ نَظَرِ الْكَافِرَةِ مَوْجُودٌ فِيهَا، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْأَمْرَدِ التَّكَشُّفُ لِمَنْ هَذِهِ حَالَتُهُ لِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: مِنْ حُرْمَةِ نَظَرِهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: فِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ) أَيْ بَيْنَ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: تَعَمُّدَ النَّظَرِ إلَيْهِمْ) قَدْ يُقَالُ: يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ أَنَّهَا تَنْظُرُ مِنْهُمْ غَيْرَ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُمَا) أَيْ السُّرَّةُ وَالرُّكْبَةُ (قَوْلُهُ: مُلْحَقَانِ) أَيْ خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: أَمَّا الْخُنْثَى) تَقَدَّمَ لَهُ ذِكْرُهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَحْرُمُ نَظَرُ فَحْلٍ فَلَعَلَّهُ ذَكَرَهُ هُنَا لِلتَّصْرِيحِ بِالتَّقْيِيدِ بِبُلُوغِ السِّنِّ الْمَذْكُورِ وَعَزُّوهُ لِلْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: الْخَلْوَةُ بِهِ) أَيْ الْخُنْثَى (قَوْلُهُ: الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ) أَيْ حَيْثُ لَا يُوجَدُ لَهُ مَحْرَمٌ يُغَسِّلُهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَبْلُغُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ يَلْتَذُّ بِنَظَرِ الشَّعْرِ كَمَسِّهِ غَايَتُهُ أَنَّ الْمَسَّ أَبْلَغُ فِي اللَّذَّةِ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُمْ عَلَّلُوا عَدَمَ انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِمَسِّ الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ وَالسِّنِّ بِأَنَّهُ لَا لَذَّةَ فِيهِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا هُنَا. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمَنْفِيَّ ثُمَّ اللَّذَّةَ الْقَوِيَّةَ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا تَحْرِيكُ الشَّهْوَةِ وَالْمُثْبَتُ هُنَا مُطْلَقُ اللَّذَّةِ، وَهِيَ كَافِيَةٌ فِي التَّحْرِيمِ احْتِيَاطًا (قَوْلُهُ: كَمَا يَحْرُمُ نَظَرُهُ) أَيْ بَلْ يَحْرُمُ، وَإِنْ جَازَ النَّظَرُ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْمَسَّ أَبْلَغُ مِنْ النَّظَرِ فِي إثَارَةِ الشَّهْوَةِ (قَوْلُهُ: فَخْذِ رَجُلٍ) أَيْ غَيْرٍ الْأَمْرَدِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يَحْرُمُ مَسُّهُ وَلَوْ بِحَائِلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ أَنَّ عَائِشَةَ لَمْ تَبْلُغْ مَبْلَغَ النِّسَاءِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ تُرَاهِقْ (قَوْلُهُ: رُدَّ بِأَنَّ اسْتِدْلَالَهُمْ إلَخْ) فِي هَذَا الرَّدِّ كَاَلَّذِي بَعْدَهُ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِاحْتِمَالِ إنْكَارِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَيْمُونَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ لِنَظَرِهِمَا غَيْرَ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ، وَأَنَّ الْوُجُوبَ الَّذِي قَالَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِمَنْعِ النِّسَاءِ مِنْ رُؤْيَةِ غَيْرِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مَعَهَا كَعَبْدِهَا) أَيْ فَيَنْظُرُ إلَيْهَا بِشَرْطِ الْعَدَالَةِ، فَالْمُرَادُ كَعَبْدِهَا الَّذِي تَقَرَّرَ حُكْمُهُ فِيمَا مَرَّ، فَلَا يُقَالُ إنَّ فِي الْعِبَارَةِ تَشْبِيهَ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ مَا عَبَّرَ بِهِ أَصْوَبُ مِنْ قَوْلِهِ جَازَ لَهُ نَظَرُهَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَدَلْكُ فَخِذِ رَجُلٍ إلَخْ) قَدْ مَرَّ هَذَا

وَكَذَا الْمَمْسُوحُ كَمَا مَرَّ، وَمَا ذَكَرَ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ مِنْ مُمَيِّزٍ لَمْ يُرَاهِقْ فَيَحِلُّ نَظَرُهُ لَا مَسُّهُ مَرْدُودٌ، وَقَدْ يَحْرُمُ مَسُّ مَا حَلَّ نَظَرُهُ مِنْ الْمَحْرَمِ كَبَطْنِهَا وَرِجْلِهَا وَتَقْبِيلِهَا بِلَا حَائِلٍ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَلَا شَفَقَةٍ بَلْ وَكَيْدِهَا عَلَى مُقْتَضَى عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ، لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّهُ خِلَافُ إجْمَاعِ الْأُمَّةِ، وَسَبَبُهُ أَنَّ الرَّافِعِيَّ عَبَّرَ بِسَلْبِ الْعُمُومِ الْمُشْتَرَطِ فِيهِ تَقْدِيمُ النَّفْيِ عَلَى كُلٍّ وَهُوَ وَلَا مَسَّ كُلَّ مَا يَحِلُّ نَظَرُهُ مِنْ الْمَحَارِمِ: أَيْ بَلْ بَعْضُهُ كَمَا تَقُولُ لَا يَحِلُّ لِزَيْدٍ أَنْ يَتَزَوَّجَ كُلَّ امْرَأَةٍ، فَعَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِعُمُومِ السَّلْبِ الْمُشْتَرَطِ فِيهِ تَقَدُّمِ الْإِثْبَاتِ عَلَى كُلٍّ فَقَالَ: يَحْرُمُ مَسُّ كُلِّ مَا حَلَّ نَظَرُهُ مِنْ الْمَحْرَمِ، وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ يَحِلُّ مَسُّ رَأْسِ الْمَحْرَمِ وَغَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ إجْمَاعًا: أَيْ حَيْثُ لَا شَهْوَةَ وَلَا خَوْفَ فِتْنَةٍ بِوَجْهٍ سَوَاءٌ أَمَسَّ لِحَاجَةٍ أَمْ شَفَقَةٍ، وَمُقْتَضَى ذَلِكَ عَدَمُ جَوَازِهِ عِنْدَ عَدَمِ الْقَصْدِ مَعَ انْتِفَائِهِمَا، وَيُحْتَمَلُ جَوَازُهُ حِينَئِذٍ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبَّلَ فَاطِمَةَ وَقَبَّلَ الصِّدِّيقُ الصِّدِّيقَةَ» . لَا يُقَالُ: إنَّ ذَلِكَ كَانَ لِلشَّفَقَةِ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ إنَّمَا هُوَ انْتِفَاءُ الشَّهْوَةِ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ صَادِقٌ بِمَا ذَكَرْنَاهُ وَعَبَّرَ أَصْلُهُ وَغَيْرُهُ بِحَيْثُ بَدَلَ مَتَى، وَاسْتَحْسَنَهُ السُّبْكِيُّ؛ لِأَنَّ حَيْثُ اسْمُ مَكَان، وَالْقَصْدُ أَنَّ كُلَّ مَكَان حَرُمَ نَظَرُهُ حَرُمَ مَسُّهُ، وَمَتَى اسْمُ زَمَانٍ وَلَيْسَ مَقْصُودًا هُنَا، وَرُدَّ بِمَنْعِ عَدَمِ قَصْدِهِ بَلْ قَدْ يَكُونُ مَقْصُودًا، إذْ الْأَجْنَبِيَّةُ يَحْرُمُ مَسُّهَا وَيَحِلُّ بَعْدَ نِكَاحِهَا وَيَحْرُمُ بَعْدَ طَلَاقِهَا وَقَبْلَ زَمَنٍ نَحْوَ مُعَامَلَةٍ يَحْرُمُ وَمَعَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: مَرْدُودٌ) أَيْ فَيَحِلُّ نَظَرُهُ وَمَسُّهُ أَيْضًا، لَكِنْ قَالَ سم عَلَى حَجّ: قَضِيَّةُ كَوْنِهِ كَالْمَحْرَمِ أَنْ يَأْتِيَ فِي مَسِّهِ تَفْصِيلُ الْمَحْرَمِ إلَى آخَرِ مَا ذَكَرَهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَحْرُمُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: مَا حَلَّ نَظَرُهُ مِنْ الْمَحْرَمِ) وَكَذَا مِنْ غَيْرِهَا عَلَى مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَأَفْهَمَ تَخْصِيصُهَا الْحِلَّ مَعَهُمَا بِالْمُصَافَحَةِ حُرْمَةَ مَسِّ غَيْرِ وَجْهِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ حَاجَةٍ) وَمِنْ الْحَاجَةِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ حَكِّ رِجْلَيْ الْمَحْرَمِ وَنَحْوُ الْحَكِّ كَغَسْلِهِمَا وَتَكْبِيسِ ظَهْرِهِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَسَبَبُهُ) أَيْ مُقْتَضَى عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا مَسَّ) أَيْ وَلَا يَحِلُّ (قَوْلُهُ: الْمُشْتَرَطُ فِيهِ تَقَدُّمُ الْإِثْبَاتِ عَلَى كُلٍّ إلَخْ) يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُشْتَرَطَ فِي عُمُومِ السَّلْبِ تَقَدُّمِ كُلٍّ عَلَى النَّفْيِ لَا تَقَدُّمِ الْإِثْبَاتِ عَلَيْهَا، وَقَوْلُهُ: فَقَالَ يَحْرُمُ مَسُّ كُلِّ مَا حَلَّ نَظَرُهُ مِنْ الْمَحْرَمِ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ هَذَا التَّرْكِيبَ لَيْسَ فِيهِ نَفْيٌ. وَأَجَابَ حَجّ عَنْ الْإِيرَادَيْنِ بِقَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الرَّوْضَةِ مِنْ الْمَحْرَمِ أَيْ كُلِّ مَا لَا يَحْرُمُ نَظَرُهُ مِنْهُ حَتَّى يُطَابِقَ مَا ذَكَرَ أَوَّلًا مِنْ شَرْطِ سَلْبِ الْعُمُومِ، فَقَوْلُهُ: الْمُشْتَرَطُ فِيهِ إلَخْ يَتَعَيَّنُ تَأْوِيلُهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِتَقَدُّمِ الْإِثْبَاتِ عَلَى كُلٍّ تَأْخِيرُ النَّفْيِ عَنْهَا اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ: وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ يَحِلُّ مَسُّ) أَيْ بِحَائِلٍ وَبِدُونِهِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ عَدَمِ الْقَصْدِ) أَيْ لِلْمَشَقَّةِ وَالْحَاجَةِ (قَوْلُهُ: مَعَ انْتِفَائِهِمَا) أَيْ الشَّهْوَةِ وَخَوْفِ الْفِتْنَةِ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ جَوَازُهُ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ فَالْمُعْتَمَدُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ الْحُرْمَةِ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْحَاجَةِ وَالشَّفَقَةِ، وَمَا وَقَعَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِنْ الصِّدِّيقِ مَحْمُولٌ عَلَى الشَّفَقَةِ (قَوْلُهُ: صَادِقٌ بِمَا ذَكَرْنَاهُ) أَيْ مِنْ قَصْدِ الشَّفَقَةِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِمَنْعِ عَدَمِ قَصْدِهِ إلَخْ) وَانْظُرْ مَا لَوْ انْفَصَلَ مِنْهَا شَعْرٌ قَبْلَ نِكَاحِهَا هَلْ يَحِلُّ لِزَوْجِهَا نَظَرُهُ الْآنَ اعْتِبَارًا بِوَقْتِ النَّظَرِ؛ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ اتِّصَالِهِ كَانَ يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ أَوْ يَحْرُمُ اعْتِبَارًا بِوَقْتِ انْفِصَالِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ انْفَصَلَ مِنْهَا حَالَ الزَّوْجِيَّةِ هَلْ يَجُوزُ نَظَرُهُ بَعْدَ الطَّلَاقِ اعْتِبَارًا بِوَقْتِ الِانْفِصَالِ أَوْ لَا اعْتِبَارًا بِوَقْتِ النَّظَرِ، وَيَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي شَعْرِ الزَّوْجِ بِالنِّسْبَةِ لِنَظَرِهَا، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِوَقْتِ النَّظَرِ، وَنُقِلَ فِي الدَّرْسِ عَنْ شَيْخِنَا الْحَلَبِيِّ مَا يُوَافِقُ مَا قُلْنَاهُ وَعَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ خِلَافُهُ وَفِيهِ وَقْفَةٌ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ. ثُمَّ مَا تَقَرَّرَ مِنْ التَّرَدُّدِ فِيمَا انْفَصَلَ مِنْهَا بَعْدَ بُلُوغِ حَدِّ الشَّهْوَةِ. أَمَّا مَا انْفَصَلَ مِنْ صَغِيرَةٍ لَا تُشْتَهَيْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا تَرَدُّدَ فِي حِلِّ نَظَرِهِ، وَإِنْ بَلَغَتْ حَدَّ الشَّهْوَةِ (قَوْلُهُ: يَحْرُمُ) أَيْ النَّظَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقَدْ يَحْرُمُ مَسُّ مَا حَلَّ نَظَرُهُ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ قَطْعِ هَذَا عَمَّا يُنَاسِبُهُ فِيمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إلَخْ) أَيْ وَمَا اقْتَضَاهُ عُمُومُ قَوْلِهِ مِمَّا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ مُقَيَّدٌ بِمَا قَدَّمَهُ وَقَدْ صَرَّحَ بِتَقْيِيدِهِ بِهِ حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ: وَقَبْلَ زَمَنِ نَحْوِ مُعَامَلَةٍ يَحْرُمُ)

يَحِلُّ. (وَيُبَاحَانِ) أَيْ النَّظَرُ وَالْمَسُّ (لِفَصْدٍ وَحِجَامَةٍ وَعِلَاجٍ) لِلْحَاجَةِ لَكِنْ بِحَضْرَةِ مَانِعِ خَلْوَةٍ كَمَحْرَمٍ أَوْ زَوْجٍ أَوْ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ لِحِلِّ خَلْوَةِ رَجُلٍ بِامْرَأَتَيْنِ ثِقَتَيْنِ، وَلَيْسَ الْأَمْرَدَانِ كَالْمَرْأَتَيْنِ عَلَى إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّ مَا عَلَّلُوا بِهِ فِيهِمَا مِنْ اسْتِحْيَاءِ كُلٍّ بِحَضْرَةِ الْأُخْرَى غَيْرُ مُتَأَتٍّ فِي الْأَمْرَدَيْنِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الرَّجُلَيْنِ. وَيُشْتَرَطُ فَقْدُ امْرَأَةٍ تُحْسِنُ ذَلِكَ كَعَكْسِهِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ غَيْرُ أَمِينٍ مَعَ وُجُودِ أَمِينٍ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِصَاحِبِ الْكَافِي، وَشَرَطَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنْ يَأْمَنَ الِافْتِتَانَ وَلَا يَكْشِفُ إلَّا قَدْرَ الْحَاجَةِ كَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ، وَلَا ذِمِّيًّا مَعَ وُجُودِ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيَّةٍ مَعَ وُجُودِ مُسْلِمَةٍ، وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ تَقْدِيمَ مُسْلِمَةٍ فَصَبِيٍّ مُسْلِمٍ غَيْرِ مُرَاهِقٍ فَمُرَاهِقٍ فَكَافِرٍ غَيْرِ مُرَاهِقٍ فَمُرَاهِقٍ فَامْرَأَةٍ كَافِرَةٍ فَمَحْرَمٍ مُسْلِمٍ فَمَحْرَمٍ كَافِرٍ فَأَجْنَبِيٍّ مُسْلِمٍ فَكَافِرٍ اهـ. وَوَافَقَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَلَى تَقْدِيمِ الْكَافِرَةِ عَلَى الْمُسْلِمِ وَفِي تَقْدِيمِهِ لَهَا عَلَى الْمَحْرَمِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، وَالْأَوْجَهُ تَقْدِيمُ نَحْوِ مَحْرَمٍ مُطْلَقًا عَلَى كَافِرَةٍ لِنَظَرِهِ مَا لَا تَنْظُرُ هِيَ، وَمَمْسُوحٍ عَلَى مُرَاهِقٍ وَأُنْثَى وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ وَالدِّينِ عَلَى غَيْرِهِ وَوُجُودِ مَنْ لَا يَرْضَى إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ كَالْعَدَمِ فِيمَا يَظْهَرُ، بَلْ لَوْ وُجِدَ كَافِرٌ يَرْضَى بِدُونِهَا وَمُسْلِمٌ لَا يَرْضَى إلَّا بِهَا اُحْتُمِلَ أَنَّ الْمُسْلِمَ كَالْعَدَمِ أَيْضًا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي أَنَّ الْأُمَّ لَوْ طَلَبَتْ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَوَجَدَ الْأَبُ مَنْ يَرْضَى بِدُونِهَا سَقَطَتْ حَضَانَةُ الْأُمِّ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ، وَالْأَوْجَهُ فِي الْأَمْرَدِ مَجِيءُ نَظِيرِ ذَلِكَ التَّرْتِيبِ فِيهِ فَيُقَدِّمُ مَنْ يَحِلُّ نَظَرُهُ إلَيْهِ فَغَيْرُ مُرَاهِقٍ فَمُرَاهِقٍ فَمُسْلِمٍ بَالِغٍ فَكَافِرٍ، وَيُعْتَبَرُ فِي الْوَجْهِ وَالْكَفِّ أَدْنَى حَاجَةٍ وَفِيمَا عَدَاهُمَا مُبِيحُ تَيَمُّمٍ إلَّا الْفَرْجَ وَقَرِيبَهُ، فَيُعْتَبَرُ زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ، وَهِيَ اشْتِدَادُ الضَّرُورَةِ حَتَّى لَا يُعَدُّ الْكَشْفُ لِذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: بِامْرَأَتَيْنِ ثِقَتَيْنِ) وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ مَحَلَّ الِاكْتِفَاءِ بِامْرَأَةٍ ثِقَةٍ أَنْ تَكُونَ الْمُعَالِجَةُ ثِقَةٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الْأَمْرَدَانِ) أَيْ وَالْأَكْثَرُ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: يَأْمَنَ الِافْتِتَانَ) هُوَ ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ أَيْضًا، فَإِنْ تَعَيَّنَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعَالِجَ وَيَكُفَّ نَفْسَهُ مَا أَمْكَنَ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي فِي الشَّاهِدِ عِنْدَ تَعَيُّنِهِ (قَوْلُهُ: نَحْوَ مَحْرَمٍ مُطْلَقًا) أَيْ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا (قَوْلُهُ: عَلَى مُرَاهِقٍ وَأُنْثَى) عِبَارَةُ حَجّ، وَأَمْهَرُ: أَيْ وَيُقَدَّمُ الْأَمْهَرُ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ إلَخْ، وَهِيَ تُفِيدُ أَنَّ الْكَافِرَ حَيْثُ كَانَ أَعْرَفَ مِنْ الْمُسْلِمِ يُقَدَّمُ حَتَّى عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ، وَبِهَا يُقَيَّدُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ تَقْدِيمِ الْأُنْثَى عَلَى غَيْرِهَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ أَعْرَفَ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ) أَيْ إلَّا الْمَحْرَمَ بِالنِّسْبَةِ لِلْكَافِرَةِ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَالدَّيْنُ عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ الْجِنْسِ ظَاهِرُهُ وَلَوْ صَبِيًّا غَيْرَ مُرَاهِقٍ فَيُوَافِقُ مَا مَرَّ عَنْ سم (قَوْلُهُ: مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ) أَيْ وَإِنْ قَلَّتْ الزِّيَادَةُ (قَوْلُهُ: اُحْتُمِلَ أَنَّ الْمُسْلِمَ كَالْعَدَمِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ فِي الْوَجْهِ) أَيْ مِنْ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: وَفِيمَا عَدَاهُمَا مُبِيحُ تَيَمُّمٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: ـــــــــــــــــــــــــــــQيَعْنِي النَّظَرَ إذْ الْمَسُّ لَا تُبِيحُهُ الْمُعَامَلَةُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لَكِنْ بِحَضْرَةِ مَانِعِ خَلْوَةٍ إلَخْ) قَضِيَّةُ جَعْلِ هَذَا قَيْدًا لِحِلِّ النَّظَرِ وَالْمَسِّ أَنَّهُ لَوْ اخْتَلَى بِهَا مُرْتَكِبًا لِلْحُرْمَةِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّظَرُ وَالْمَسُّ لِانْتِفَاءِ شَرْطِ الْحِلِّ الَّذِي هُوَ حُضُورُ مَنْ ذُكِرَ، وَظَاهِرُ الْعِلَّةِ خِلَافُهُ، وَأَنَّ الْحُرْمَةَ إنَّمَا هِيَ مِنْ حَيْثُ الْخَلْوَةُ وَرُبَّمَا يَأْتِي قَرِيبًا مَا يُؤَيِّدُ الثَّانِيَ فَلْيُرَاجَعْ " قَوْلُهُ وَلَا ذِمِّيًّا " مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ غَيْرَ أَمِينٍ (قَوْلُهُ: وَأُنْثَى وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ إلَخْ) كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ وَأُنْثَى حَرَّفَتْهُ الْكَتَبَةُ عَنْ قَوْلِهِ وَأَمْهَرُ: أَيْ وَيُقَدَّمُ أَمْهَرُ: أَيْ أَكْثَرُ مَهَارَةً عَلَى غَيْرِهِ، وَلَوْ كَانَ الْأَمْهَرُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ وَغَيْرِ الدِّينِ كَرَجُلٍ كَافِرٍ إذْ الْعِبَارَةُ لِلتُّحْفَةِ وَهُوَ فِيهَا كَمَا ذَكَرْته، وَمَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا يُدْرَكُ بِالتَّأَمُّلِ وَإِنْ أَبْقَاهُ الشَّيْخُ عَلَى ظَاهِرِهِ (قَوْلُهُ: وَيَحْتَمِلُ الْفَرْقَ) لَعَلَّهُ الِاحْتِيَاطُ لِلْحُرْمَةِ الَّتِي هِيَ الْأَصْلُ هُنَا (قَوْلُهُ: فَيُقَدَّمُ مَنْ يَحِلُّ نَظَرُهُ إلَيْهِ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِمَنْ يَحِلُّ نَظَرُهُ إلَيْهِ عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ الرَّاجِحَةِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مَنْ يَحِلُّ نَظَرُهُ لِلْمَحَلِّ الَّذِي بِهِ الْعِلَّةُ وَعَلَيْهِ فَمَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ لَا يُمْنَعُ مِنْهُ إلَّا الْمَرْأَةُ الْأَجْنَبِيَّةُ، وَمَا بَيْنَهُمَا يُقَدَّمُ فِيهِ زَوْجَتُهُ أَوْ أَمَتُهُ خَاصَّةً ثُمَّ مَنْ ذَكَرَهُ بَعْدُ، لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلشِّقِّ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ فَغَيْرُ مُرَاهِقٍ إلَخْ إذْ هُمْ فِيمَنْ يَحِلُّ لَهُ النَّظَرُ فَلْيُحَرَّرْ الْمُرَادُ

هَتْكًا لِلْمُرُوءَةِ. (قُلْت: وَيُبَاحُ) (النَّظَرُ) لِلْوَجْهِ فَقَطْ (لِمُعَامَلَةٍ) كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ لِيَرْجِعَ بِالْعُهْدَةِ وَيُطَالِبَ بِالثَّمَنِ مَثَلًا (أَوْ شَهَادَةٍ) تَحَمُّلًا وَأَدَاءً لَهَا وَعَلَيْهَا كَنَظَرِهِ لِلْفَرْجِ لِيَشْهَدَ بِوِلَادَةٍ أَوْ زِنًا أَوْ عَبَالَةٍ أَوْ الْتِحَامِ إفْضَاءٍ وَالثَّدْيِ لِلرَّضَاعِ لِلْحَاجَةِ، وَتَعَمُّدِ النَّظَرِ لِلشَّهَادَةِ غَيْرُ ضَارٍّ وَإِنْ تَيَسَّرَ وُجُودُ نِسَاءٍ أَوْ مَحَارِمَ يَشْهَدُونَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي الْمُعَالَجَةِ بِأَنَّ النِّسَاءَ نَاقِصَاتٍ وَقَدْ لَا يَقْبَلْنَ وَالْمَحَارِمُ قَدْ لَا يَشْهَدُونَ، وَأَيْضًا فَقَدْ وَسَّعُوا هُنَا اعْتِنَاءً بِالشَّهَادَةِ وَالنَّظَرُ لِغَيْرِ ذَلِكَ عَمْدًا غَيْرُ مُفَسِّقٍ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ؛ لِأَنَّهُ صَغِيرَةٌ وَتَكَلَّفَ الْكَشْفَ لِلتَّحَمُّلِ وَالْأَدَاءِ، فَإِنْ امْتَنَعَتْ أُمِرَتْ امْرَأَةٌ أَوْ نَحْوُهَا بِكَشْفِهَا، قَالَ السُّبْكِيُّ: وَعِنْدَ نِكَاحِهَا لَا بُدَّ أَنْ يَعْرِفَهَا الشَّاهِدَانِ بِالنَّسَبِ أَوْ بِكَشْفِ وَجْهِهَا؛ لِأَنَّ التَّحَمُّلَ عِنْدَ النِّكَاحِ مَنْزِلٌ مَنْزِلَةِ الْأَدَاءِ اهـ. وَلَوْ عَرَفَهَا الشَّاهِدُ فِي النِّقَابِ لَمْ يَحْتَجْ لِلْكَشْفِ فَعَلَيْهِ يَحْرُمُ الْكَشْفُ حِينَئِذٍ إذْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، وَمَتَى خَشِيَ فِتْنَةً أَوْ شَهْوَةً لَمْ يَنْظُرْ إلَّا إنْ تَعَيَّنَ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَمَعَ ذَلِكَ يَأْثَمُ بِالشَّهْوَةِ وَإِنْ أُثِيبَ عَلَى التَّحَمُّلِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ ذُو وَجْهَيْنِ، لَكِنْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ فَبَحَثَ الْحِلَّ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الشَّهْوَةَ أَمْرٌ طَبَعِيٌّ لَا يَنْفَكُّ عَنْ النَّظَرِ فَلَا يُكَلَّفُ الشَّاهِدُ بِإِزَالَتِهَا وَلَا يُؤَاخَذُ بِهَا كَمَا لَا يُؤَاخَذُ الزَّوْجُ بِمَيْلِ قَلْبِهِ لِبَعْضِ نِسْوَتِهِ وَالْحَاكِمُ بِمَيْلِ قَلْبِهِ لِبَعْضِ الْخُصُومِ، وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَا هُوَ بِاخْتِيَارِهِ، وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ، وَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ كَوْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَقَضِيَّتُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ لَوْ خَافَ شَيْئًا فَاحِشًا فِي عُضْوٍ بَاطِنٍ امْتَنَعَ النَّظَرُ بِسَبَبِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ عَبَالَةٍ) هِيَ كِبَرُ الذَّكَرِ (قَوْلُهُ: وَالنَّظَرُ لِغَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ لِغَيْرِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأُمُور الْمُجَرَّدَةِ لَهُ (قَوْلُهُ: أُمِرَتْ امْرَأَةٌ إلَخْ) أَيْ قَهْرًا عَلَيْهَا وَيَتَلَطَّفُ مَرِيدُ الْكَشْفِ بِهَا بِحَيْثُ لَا يُؤْذِيهَا وَلَا يُتْلِفُ شَيْئًا مِنْ أَسْبَابِهَا، فَلَوْ امْتَنَعَتْ وَأَدَّتْ مُحَاوَلَةُ كَشْفِهَا لِإِتْلَافِ شَيْءٍ مِنْ أَسْبَابِهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمَانَ لِنِسْبَةِ التَّلَفِ إلَيْهَا. لَا يُقَالُ: هِيَ مَأْذُونٌ لَهَا فِي الْفِعْلِ مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ، وَذَلِكَ مُسْقِطٌ لِلضَّمَانِ. لِأَنَّا نَقُولُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ مُجَرَّدِ الْإِذْنِ عَدَمُ الضَّمَانِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِيمَا لَوْ بَعَثَ سُلْطَانٌ إلَى مَنْ ذُكِرَتْ بِسُوءٍ عِنْدَهُ فَأُجْهِضَتْ حَيْثُ قِيلَ فِيهِ بِالضَّمَانِ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الرَّسُولِ وَمُرْسِلِهِ مَأْذُونٌ لَهُ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ امْتِنَاعَهَا مِنْ التَّمْكِينِ مِنْ الْكَشْفِ وَمُعَالَجَتِهَا مُقْتَضٍ لِإِحَالَةِ التَّلَفِ عَلَيْهَا وَمُسْقِطٌ لِلضَّمَانِ، وَأَمَّا لَوْ حَصَلَ الضَّرَرُ بِمَرِيدَةِ الْكَشْفِ بِامْتِنَاعِ مَنْ أُرِيدَ كَشْفُ وَجْهِهَا لِلشَّهَادَةِ عَلَيْهَا مَثَلًا فَالْأَقْرَبُ ضَمَانُ الْمُمْتَنِعَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ نَشَأَ مِنْ امْتِنَاعِهَا فَنُسِبَ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: لَا بُدَّ) أَيْ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ، حَتَّى لَوْ شَهِدَا عَلَى شَخْصٍ بِأَنَّهُ تَزَوَّجَ أَوْ يَتَزَوَّجُ امْرَأَةً مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةِ نَسَبِهَا وَلَا صُورَتِهَا لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ عَلَى مَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ. ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ بَعْدَ الْكَلَامِ عَلَى نِكَاحِ الشِّغَارِ مَا يُصَرِّحُ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ مَعْرِفَةِ الشُّهُودِ لَهَا حَيْثُ قَالَ مَا نَصُّهُ: وَتَرَدَّدَ الْأَذْرَعِيُّ فِي أَنَّ الشُّهُودَ هَلْ يُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُمْ لَهَا كَالزَّوْجِ وَاَلَّذِي أَفْهَمَهُ قَوْلُ الْمُتَوَلِّي لِتَعَذُّرِ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا أَنَّهُمْ مِثْلُهُ، لَكِنْ رَجَّحَ ابْنُ الْعِمَادِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُمْ لَهَا بَلْ الْوَاجِبُ حُضُورُهُمْ وَضَبْطُ صِيغَةِ الْعَقْدِ لَا غَيْرَ حَتَّى لَوْ دُعُوا لِلْأَدَاءِ لَمْ يَشْهَدُوا إلَّا بِصُورَةِ الْعَقْدِ الَّتِي سَمِعُوهَا كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ ا. هـ. ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامًا أَيَّدَ بِهِ كَلَامَ ابْنِ الْعِمَادِ فَرَاجِعْهُ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ: لَكِنْ رَجَّحَ ابْنُ الْعِمَادِ وَاعْتَمَدَهُ م ر اهـ (قَوْلُهُ: مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْأَدَاءِ) أَيْ وَأَدَاءُ الشَّهَادَةِ لَا بُدَّ لِلِاعْتِدَادِ بِهِ مِنْ مَعْرِفَةِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِنَسَبِهِ أَوْ عَيْنِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ تَعَيَّنَ) أَيْ وَيَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا النَّظَرُ مَا عَدَا الْخِطْبَةِ عَلَى مَا مَرَّ فِيهَا (قَوْلُهُ: فَبَحَثَ الْحِلَّ مُطْلَقًا) أَحَلَّ النَّظَرَ لِلشَّهَادَةِ بِشَهْوَةٍ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ: يَأْثَمُ بِالشَّهْوَةِ، وَقَوْلُهُ: وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ: فَبَحَثَ الْحِلَّ مُطْلَقًا، وَقَوْلُهُ: عَلَى خِلَافِهِ: أَيْ كَمَا يَقْتَضِيهِ مَا نَظَرَ بِهِ حَجّ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْقَاضِي، أَمَّا الزَّوْجُ فَقَدْ يَمْنَعُ أَنَّ تَعَاطِيَهُ لِمَا يُوجِبُ مَيْلَهُ لِبَعْضِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالنَّظَرُ لِغَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ الْقَصْدِ وَمَا بَعْدَهُ

حِلِّ نَظَرِ الشَّاهِدِ مُفَرَّعًا عَلَى الْمَذْهَبِ وَهُوَ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِتَعْرِيفِ عَدْلٍ. أَمَّا مَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ كَمَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَةِ فَلَا شَكَّ فِي امْتِنَاعِهِ فِيهِ نَظَرٌ. لِأَنَّا وَإِنْ قُلْنَا بِهِ النَّظَرُ أَحْوَطُ وَأَوْلَى، وَكَفَى بِذَلِكَ حَاجَةً مُجَوِّزَةً لَهُ (وَتَعْلِيمٌ) لِأَمْرَدَ وَأُنْثَى وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَهُوَ أَيْ التَّعْلِيمُ لِلْأَمْرَدِ خَاصَّةً تَبِعَ فِيهِ السُّبْكِيَّ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ جَوَازَهُ غَيْرُ مَقْصُورٍ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى مَا يَجِبُ تَعْلِيمُهُ كَمَا مَرَّ، وَسَيُعْلَمُ مِمَّا صَرَّحَ بِهِ فِي الصَّدَاقِ، وَمَحَلُّ جَوَازِ ذَلِكَ عِنْدَ فَقْدِ جِنْسٍ وَمَحْرَمٍ صَالِحٍ وَتَعَذُّرِهِ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَوُجُودِ مَانِعِ خَلْوَةٍ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْعِلَاجِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا سَيَأْتِي فِي الصَّدَاقِ مِنْ تَعَذُّرِ تَعْلِيمِهِ بَعْدَ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ تَعْلِيمَ الْمُطَلَّقِ يَمْتَدُّ مَعَهُ الطَّمَعُ لِسَبْقِ مُقَرِّبِ الْأُلْفَةِ فَاشْتَدَّتْ الْوَحْشَةُ بَيْنَهُمَا لِتَعَلُّقِ آمَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ، وَعَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تِلْكَ الشُّرُوطِ هُنَا أَيْضًا، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ اعْتِبَارِهَا فِي الْأَمْرَدِ كَمَا عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ الْفِعْلِيُّ، وَيَتَّجِهُ اشْتِرَاطُ الْعَدَالَةِ فِيهِمَا كَالْمَمْلُوكِ بَلْ أَوْلَى (وَنَحْوُهَا) كَأَمَةٍ يُرِيدُ شِرَاءَهَا فَيَنْظُرُ مَا عَدَا عَوْرَتَهَا وَحَاكِمٌ يَحْكُمُ لَهَا كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ عَلَيْهَا أَوْ بِحَلِفِهَا كَمَا قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ النَّظَرُ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ (بِقَدْرِ الْحَاجَةِ) (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) . فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجَاوِزَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَا حَلَّ لِضَرُورَةٍ يُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَوْ عَرَفَهَا الشَّاهِدُ بِنَظْرَةٍ لَمْ تَجُزْ ثَانِيَةً أَوْ بِرُؤْيَةِ بَعْضِ وَجْهِهَا لَمْ تَجُزْ رُؤْيَةُ كُلِّهِ، وَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يَسْتَوْعِبُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِحِلِّ نَظَرِ وَجْهِهَا حَيْثُ لَا فِتْنَةَ وَلَا شَهْوَةَ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْأَصَحَّ خِلَافُهُ، وَكُلُّ مَا حَلَّ لَهُ نَظَرُهُ مِنْهَا لِلْحَاجَةِ يَحِلُّ لَهَا مِنْهُ نَظَرُهُ لِلْحَاجَةِ أَيْضًا كَالْمُعَامَلَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا مَرَّ. (وَلِلزَّوْجِ النَّظَرُ إلَى كُلِّ بَدَنِهَا) حَالَ حَيَاتِهَا: أَيْ الزَّوْجَةِ وَالْمَمْلُوكَةِ الَّتِي تَحِلُّ، وَعَكْسُهُ إنْ لَمْ يَمْنَعْهَا كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَإِنَّ تَوَقَّفَ فِيهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ التَّمَتُّعَ بِهَا بِخِلَافِ الْعَكْسِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْفَرْجَ ظَاهِرًا مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَبَاطِنًا أَشَدُّ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ اسْتِمْتَاعِهِ وَعَكْسُهُ لِلْخَبَرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSنِسَائِهِ مَحْذُورٌ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمُرَادَ بِالْمَيْلِ فِي حَقِّهِ الْمَيْلُ الْمُؤَدِّي إلَى الْجَوْرِ فِي الْقِسْمَةِ (قَوْلُهُ: مُفَرَّعًا عَلَى الْمَذْهَبِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَةِ) أَيْ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِتَعْرِيفِ الْعَدْلِ (قَوْلُهُ: فِيهِ نَظَرٌ) مُعْتَمَدٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ قُلْنَا بِهِ) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ، وَالضَّمِيرُ فِي بِهِ رَاجِعٌ لِجَوَازِ التَّعْرِيفِ (قَوْلُهُ: مَقْصُورٍ عَلَيْهِ) أَيْ الْأَمْرَدِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ فَقْدِ جِنْسٍ) وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ لِهَذِهِ الشُّرُوطِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ غَيْرُ مَنْ تَوَفَّرَتْ فِيهِ أَمْهَرَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ حَجّ (قَوْلُهُ: فَاشْتَدَّتْ الْوَحْشَةُ) أَيْ طَلَبَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ اعْتِبَارِهَا) أَيْ الشُّرُوطِ (قَوْلُهُ: وَيَتَّجِهُ اشْتِرَاطُ الْعَدَالَةِ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْأَمْرَدِ وَمُعَلِّمِهِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَمْنَعْهَا) أَيْ فَإِنْ مَنَعَهَا حَرُمَ عَلَيْهَا النَّظَرُ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ لِغَيْرِ الْعَوْرَةِ، لَكِنْ قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ حُرْمَةَ نَظَرِهَا لِعَوْرَةِ زَوْجِهَا إذَا مَنَعَهَا مِنْهُ م ر اهـ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا عَلَى مَا يَجِبُ تَعْلِيمُهُ كَمَا مَرَّ) اُنْظُرْ أَيْنَ مَرَّ (قَوْلُهُ: وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يُصَرِّحُ بِهِ فِي الصَّدَاقِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَمَا مَرَّ فَالضَّمِيرُ فِي سَيَعْلَمُ لِمَا اعْتَمَدَهُ مِنْ عَدَمِ الْقَصْرِ عَلَى مَا ذَكَرَ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي التُّحْفَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَاشْتَدَّتْ الْوَحْشَةُ بَيْنَهُمَا) تُتَأَمَّلُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تِلْكَ الشُّرُوطِ أَيْضًا) هَذَا لَا مَوْقِعَ لَهُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَهُوَ تَابِعٌ فِيهِ لِلتُّحْفَةِ لَكِنْ فِيهَا ظَاهِرٌ، فَإِنَّ الْمُخْتَارَ فِيهَا خِلَافُ مَوْقِعِ مَا اخْتَارَهُ الشَّارِحُ فِيمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ قَصْرِ جَوَازِ النَّظَرِ لِلتَّعْلِيمِ عَلَى مَا يَجِبُ تَعْلِيمُهُ فَالْمُخْتَارُ فِيهَا ذَلِكَ الْقَصْرُ، ثُمَّ نُقِلَ فِيهَا عَنْ قَضِيَّةِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الصَّدَاقِ أَنَّ مَا لَا يَجِبُ تَعْلِيمُهُ كَذَلِكَ ثُمَّ قَالَ وَعَلَيْهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَأَمَةٍ يُرِيدُ شِرَاءَهَا فَيَنْظُرُ مَا عَدَا عَوْرَتَهَا إلَخْ) هَذَا الْمِثَالُ قَطَعَ فِيهِ النَّظَرَ عَمَّا قَيَّدَ بِهِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُبَاحُ النَّظَرُ مِنْ قَوْلِهِ لِلْوَجْهِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِحِلِّ نَظَرِ وَجْهِهَا إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا تَقَيَّدَ بِالْمُعَامَلَةِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مَحَلُّ اسْتِمْتَاعِهِ) أَيْ بَدَنُهَا فَهُوَ تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ، وَقَوْلُهُ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ لَعَلَّهُ سَقَطَ قَبْلَهُ وَاوٌ مِنْ الْكَتَبَةِ

الصَّحِيحُ «احْفَظْ عَوْرَتَك إلَّا مِنْ زَوْجَتِك أَوْ أَمَتِك» أَيْ فَهِيَ أَوْلَى أَنْ لَا تَحْفَظَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ لَا لَهَا وَمِنْ ثَمَّ لَزِمَهَا تَمْكِينُهُ وَلَا عَكَسَ، وَقِيلَ يَحْرُمُ نَظَرُ الْفَرْجِ لِخَبَرِ «إذَا جَامَعَ أَحَدُكُمْ زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ فَلَا يَنْظُرُ إلَى فَرْجِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ يُورِثُ الْعَمَى» أَيْ فِي النَّاظِرِ أَوْ الْوَلَدِ أَوْ الْقَلْبِ، حَسَّنَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَخَطَّأَ ابْنَ الْجَوْزِيَّ فِي ذِكْرِهِ لَهُ فِي الْمَوْضُوعَاتِ وَرُدَّ بِأَنَّ أَكْثَرَ الْمُحَدِّثِينَ عَلَى ضَعْفِهِ، وَأَنْكَرَ الْفَارِقِيُّ جَرَيَانَ خِلَافٍ فِي حُرْمَةِ نَظَرِهِ حَالَةَ الْجِمَاعِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ بِأَنَّ الْخَبَرَ الْمَذْكُورَ مُصَرَّحٌ بِخِلَافِهِ، وَتَقَدَّمَ جَوَازُ النَّظَرِ لِحَلْقَةِ الدُّبْرِ وَمَسِّهَا وَالتَّلَذُّذِ بِهَا بِمَا سِوَى الْإِيلَاجِ؛ لِأَنَّ جُمْلَةَ أَجْزَائِهَا مَحَلُّ اسْتِمْتَاعِهِ إلَّا مَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ مِنْ الْإِيلَاجِ، وَخَرَجَ بِالنَّظَرِ الْمَسُّ فَلَا خِلَافَ فِي حِلِّهِ وَلَوْ لِلْفَرْجِ وَبِحَالِ الْحَيَاةِ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَا يَحِلُّ بِشَهْوَةٍ وَبِاَلَّتِي تَحِلُّ زَوْجَتُهُ الْمُعْتَدَّةُ عَنْ شُبْهَةٍ وَنَحْوُ أَمَةٍ مَجُوسِيَّةٍ فَلَا يَحِلُّ لَهُ إلَّا نَظَرُ مَا عَدَا مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا. وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَا حَرُمَ نَظَرُهُ مِنْهُ أَوْ مِنْهَا مُتَّصِلًا حَرُمَ نَظَرُهُ مُنْفَصِلًا كَقُلَامَةِ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ وَالْفَرْقُ مَبْنِيٌّ عَلَى مُقَابِلِ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَكَذَا وَجْهُهَا إلَى آخِرِهِ، وَشَعْرُ امْرَأَةٍ وَعَانَةُ رَجُلٍ فَتَجِبُ مُوَارَاتُهَا، وَالْمُنَازَعَةُ فِي هَذَيْنِ بِالْإِجْمَاعِ الْفِعْلِيِّ بِإِلْقَائِهِمَا فِي الْحَمَّامَاتِ وَالنَّظَرُ إلَيْهِمَا يَرُدُّ ذَلِكَ مَرْدُودَةٌ. قَالُوا: وَكَدَمِ فَصْدٍ وَمَا قِيلَ مَا لَمْ يَتَمَيَّزْ بِشَكْلِهِ كَفَضْلَةٍ أَوْ شَعْرٍ يَنْبَغِي حَلُّهُ مَرْدُودٌ، فَقَدْ نَقَلَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ احْتِمَالًا لِلْإِمَامِ، ثُمَّ ضَعَّفَهُ بِأَنَّهُ لَا أَثَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَكَتَبَ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يَمْنَعْهَا اعْتَمَدَ حَجّ الْجَوَازَ وَلَوْ مَنَعَهَا، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: فَرْعٌ: الْخِلَافُ الَّذِي فِي النَّظَرِ إلَى الْفَرْجِ لَا يَجْرِي فِي مَسِّهِ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ، وَلَمْ أَرَ أَحَدًا قَالَ بِتَحْرِيمِ مَسِّ الْفَرْجِ لَهُ وَإِنْ كَانَ وَاضِحًا لَمْ يُصَرِّحُوا بِذَلِكَ، وَرَأَيْت فِي كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالرَّجُلِ أَنْ يَمَسَّ فَرْجَ امْرَأَتِهِ، وَالْمَرْأَةُ أَنْ تَمَسَّ فَرْجَ زَوْجِهَا سُبْكِيٌّ اهـ. وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ مُحَرِّكٌ لِلشَّهْوَةِ بِلَا ضَرَرٍ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَزِمَهَا تَمْكِينُهُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَلْحَقْهَا ضَرَرٌ بِذَلِكَ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَتُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلَهُ وَمِنْ ثَمَّ لَزِمَهَا تَمْكِينُهُ: أَيْ وَإِنْ تَكَرَّرَ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ) الظَّاهِرُ رُجُوعُهُ لَرَدِّ مَا قَالَهُ ابْنُ الْجَوْزِيُّ لَكِنَّ تَضْعِيفَ أَكْثَرِ الْمُحَدِّثِينَ لَهُ لَا يَقْتَضِي وَضْعَهُ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ رَدُّ تَحْسِينِ ابْنِ الصَّلَاحِ لَهُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَحِلُّ بِشَهْوَةٍ) أَيْ النَّظَرُ وَأَفْهَمَ حِلُّ النَّظَرِ بِلَا شَهْوَةٍ إلَى جَمِيعِ بَدَنِهَا (قَوْلُهُ: زَوْجَتُهُ الْمُعْتَدَّةُ) أَيْ فَلَا يَحِلُّ نَظَرُهُ إلَى شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَنَحْوُ أَمَةٍ) كَالْمُشْرِكَةِ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ) أَيْ بَيْنَ قُلَامَةِ ظُفْرِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ حَيْثُ جَازَ نَظَرُ الْأَوَّلِ وَحَرُمَ نَظَرُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: فَتَجِبُ مُوَارَاتُهَا) أَيْ قُلَامَةِ الظُّفْرِ وَشَعْرِ الْمَرْأَةِ وَعَانَةِ الرَّجُلِ وَإِطْلَاقُ الْقُلَامَةِ شَامِلٌ لِقُلَامَةِ ظُفْرِ الرَّجُلِ، وَعَلَيْهِ فَتَقْيِيدُ وُجُوبِ الْمُوَارَاةِ لِلشَّعْرِ بِعَانَتِهِ مُشْكِلٌ، وَقِيَاسُ الْقُلَامَةِ تَعَدَّى ذَلِكَ إلَى جَمِيعِ أَجْزَائِهِ حَتَّى شَعْرِ الرَّأْسِ فَلْيُرَاجَعْ، وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ: يَجِبُ عَلَى مَنْ حَلَقَ عَانَتَهُ مُوَارَاةُ شَعْرِهَا لِئَلَّا يُنْظَرَ إلَيْهِ، وَاعْتَمَدَ حَجّ وُجُوبَ مُوَارَاةِ الظُّفْرِ مِنْ الْمَرْأَةِ وَالشَّعْرِ اهـ. وَقِيَاسُهُ عَكْسُهُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ حُرْمَةِ نَظَرِ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ (قَوْلُهُ: يُرَدُّ ذَلِكَ) لَمْ يَذْكُرْ خَبَرًا لِقَوْلِهِ وَالْمُنَازَعَةُ، وَفِي حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ يُرَدُّ ذَلِكَ قَدَّمْت فِي مَبْحَثِ الِانْتِفَاعِ بِالشَّارِعِ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ مَا يَرُدُّهُ فَرَاجِعْهُ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ بَعْدَ قَوْلِهِ ذَلِكَ مَرْدُودَةٌ (قَوْلُهُ: كَفَضْلَةٍ) تَعْبِيرُهُ بِمَا قَدْ يَشْمَلُ بَوْلَ الْمَرْأَةِ فَيَحْرُمُ نَظَرُهُ لِمَنْ عَلِمَ بِأَنَّهُ بَوْلُ امْرَأَةٍ، وَفِي كَلَامِ سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: هَلْ بَوْلُ الْمَرْأَةِ كَدَمِ فَصْدِهَا فَيَحْرُمُ نَظَرُهُ أَوْ لَا، وَيُفَرَّقُ بِمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ جُزْءٌ مِمَّنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُ فَإِنَّ الْبَوْلَ لَا يُعَدُّ جُزْءًا بِخِلَافِ الدَّمِ فِيهِ نَظَرٌ اهـ. أَقُولُ: الْأَقْرَبُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ لِمَا عَلَّلَ بِهِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَرَدَ) أَيْ تَحْسِينُ ابْنِ الصَّلَاحِ (قَوْلُهُ فَلَا يَحِلُّ بِشَهْوَةٍ) فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الشَّهْوَةَ فِيمَا مَرَّ حَتَّى يَأْخُذَ هَذَا مُحْتَرَزَهُ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَبِحَالِ الْحَيَاةِ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَهِيَ كَالْمَحْرَمِ انْتَهَتْ. فَلَعَلَّ الشَّارِحَ إنَّمَا عَدَلَ عَنْهَا لِأَنَّهُ لَا يَعْتَمِدُ مُقْتَضَاهَا فَلْيُرَاجَعْ مُعْتَمَدُهُ، لَكِنْ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُقَدِّمَ مَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ هَذَا مُحْتَرَزَهُ.

[فصل الخطبة]

لِلتَّمْيِيزِ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ جُزْءٌ مِمَّنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُ. وَيَحْرُمُ مُضَاجَعَةُ رَجُلَيْنِ أَوْ امْرَأَتَيْنِ عَارِيَّيْنِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَإِنْ لَمْ يَتَمَاسَّا وَلَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا إذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ الصَّبِيَّةُ عَشْرَ سِنِينَ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ لِعُمُومِ خَبَرِ «وَفَرِّقُوا بَيْنهمْ فِي الْمَضَاجِعِ» أَيْ عِنْدَ الْعُرْي كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُعْتَبَرٌ فِي الْأَجَانِبِ فَمَا بَالُك بِالْمَحَارِمِ لَا سِيَّمَا الْآبَاءُ وَالْأُمَّهَاتُ، وَوَجْهُ التَّحْرِيمِ أَنَّ ضَعْفَ عَقْلِ الصَّغِيرِ مَعَ إمْكَانِ احْتِلَامِهِ قَدْ يُؤَدِّي إلَى مَحْظُورٍ وَلَوْ بِالْأُمِّ، وَيَجُوزُ نَوْمُهُمَا فِي فِرَاشٍ وَاحِدٍ مَعَ عَدَمِ التَّجَرُّدِ وَلَوْ مُتَلَاصِقَيْنِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيُمْتَنَعُ مَعَ التَّجَرُّدِ فِي فِرَاشٍ وَاحِدٍ وَإِنْ تَبَاعَدَا، وَيُكْرَهُ لِلْإِنْسَانِ نَظَرُ فَرْجِ نَفْسِهِ عَبَثًا. (فَصْلٌ) الْخِطْبَةُ بِكَسْرِ الْخَاءِ وَهِيَ الْتِمَاسُ النِّكَاحِ (تَحِلُّ خِطْبَةُ خَلِيَّةٍ عَنْ نِكَاحٍ وَعِدَّةٍ) تَصْرِيحًا وَتَعْرِيضًا وَيَحْرُمُ خِطْبَةُ الْمَنْكُوحَةِ كَذَلِكَ إجْمَاعًا فِيهِمَا، وَسَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ اشْتِرَاطُ خُلُوِّهَا أَيْضًا مِنْ بَقِيَّةِ مَوَانِعِ النِّكَاحِ وَمِنْ خِطْبَةِ الْغَيْرِ، وَمَا أُورِدَ عَلَى مَفْهُومِهِ مِنْ الْمُعْتَدَّةِ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ حَيْثُ تَحِلُّ خِطْبَتُهَا مَعَ عَدَمِ خُلُوِّهَا مِنْ الْعِدَّةِ الْمَانِعَةِ لِلنِّكَاحِ لِأَنَّ ذَا الْعِدَّةِ لَا حَقَّ لَهُ فِي نِكَاحِهَا. رُدَّ بِأَنَّ الْجَائِزَ إنَّمَا هُوَ التَّعْرِيضُ فَقَطْ، خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ جَوَازَ التَّصْرِيحِ لَهَا وَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي: لَا تَصْرِيحَ لِمُعْتَدَّةٍ فَسَاوَتْ غَيْرَهَا، وَعَلَى مَنْطُوقِهِ مِنْ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا حَيْثُ حَرُمَ عَلَى مُطَلِّقِهَا خِطْبَتُهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَتَعْتَدُّ مِنْهُ. رُدَّ أَيْضًا بِأَنَّهَا قَامَ بِهَا مَانِعٌ فَأَشْبَهَتْ خَلِيَّةً مَحْرَمًا لَهُ، فَكَمَا لَا تُرَدُّ الْمَحْرَمُ لَا تُرَدُّ هَذِهِ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْخَلِيَّةُ مِنْ سَائِرِ الْمَوَانِعِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ يَرِدُ عَلَيْهِ إيهَامُهُ حِلَّ خِطْبَةِ الْأَمَةِ الْمُسْتَفْرَشَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَالَ بَوْلُك طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ دُمُكِ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ مُضَاجَعَةُ رَجُلَيْنِ) وَكَالْمُضَاجَعَةِ مَا يَقَعُ كَثِيرًا فِي مِصْرنَا مِنْ دُخُولِ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ مَغْطِسِ الْحَمَّامِ فَيَحْرُمُ إنْ خِيفَ النَّظَرُ أَوْ الْمَسُّ مِنْ أَحَدِهِمَا لِعَوْرَةِ الْآخِرِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ الْعُرْيَ (قَوْلُهُ: قَدْ يُؤَدِّي إلَى مَحْظُورٍ) وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَقْيِيدِ الْحُرْمَةِ بِالرَّجُلَيْنِ وَالْمَرْأَتَيْنِ مَعَ أَنَّ مَا هُنَا شَامِلٌ لِلْأُمِّ مَعَ ابْنِهَا بَلْ ظَاهِرٌ فِيهِ؛ لِأَنَّ التَّقْيِيدَ فِيمَا مَرَّ لِمُجَرَّدِ التَّصْوِيرِ لَا لِلِاحْتِرَازِ. (فَصْلٌ) فِي الْخِطْبَةِ (قَوْلُهُ: فِي الْخِطْبَةِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُهَا مِنْ حُكْمِ مَنْ اُسْتُشِيرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ شَرْعًا وَلُغَةً (قَوْلُهُ: الْتِمَاسٌ) أَيْ الْتِمَاسُ الْخَاطِبِ النِّكَاحَ مِنْ جِهَةِ الْمَخْطُوبَةِ (قَوْلُهُ: وَعِدَّةٍ) أَيْ وَتُسَرُّ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَسَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ) أَيْ بِمَعُونَةِ مَا قَرَّرَهُ فِيهِ وَإِلَّا فَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَسَاوَتْ غَيْرَهَا) أَيْ الْمُعْتَدَّةَ عَنْ شُبْهَةٍ (قَوْلُهُ: حَرُمَ عَلَى مُطَلِّقِهَا خِطْبَتُهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ الْخِطْبَةُ] فَصْلٌ) فِي الْخِطْبَةِ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ خِطْبَةُ الْمَنْكُوحَةِ) أَيْ وَأَمَّا الْمُعْتَدَّةُ فَسَتَأْتِي فِي الْمَتْنِ لَكِنَّهُ كَرَّرَ هَذَا أَيْضًا قُبَيْلَ الْمَتْنِ الْآتِي (قَوْلُهُ: مِنْ بَقِيَّةِ مَوَانِعِ النِّكَاحِ) أَيْ سَائِرِ الْمَوَانِعِ عَلَى مَا يَأْتِي بِمَا فِيهِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ تَحِلُّ خِطْبَتُهَا مَعَ عَدَمِ خُلُوِّهَا إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْمَرْدُودَ مِمَّنْ يَرَى الزَّعْمَ الْآتِيَ مِنْ جَوَازِ خِطْبَةِ الْمُعْتَدَّةِ عَنْ شُبْهَةٍ وَلَوْ بِالتَّصْرِيحِ، فَحَاصِلُ الرَّدِّ عَلَيْهِ تَضْعِيفُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مِنْ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا) أَيْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعُدَّةِ (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى) عِبَارَةُ

وَإِنْ لَمْ يُعْرِضْ السَّيِّدُ عَنْهَا، وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا فِيهِ مِنْ إيذَائِهِ، إذْ هِيَ فِي مَعْنَى الزَّوْجَةِ انْتَهَى، وَالْأَوْجَهُ حُرْمَتُهُ مُطْلَقًا مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى إعْرَاضِ السَّيِّدِ عَنْهَا وَمَحَبَّتِهِ لِتَزْوِيجِهَا، وَوَجْهُ انْدِفَاعِهِ أَنَّ هُنَا مَانِعًا هُوَ إفْسَادُهَا عَلَيْهِ، بَلْ مُجَرَّدُ عِلْمِهِ بِامْتِدَادِ نَظَرِ غَيْرِهِ لَهَا مَعَ سُؤَالِهِ لَهُ فِي ذَلِكَ إيذَاءٌ لَهُ أَيُّ إيذَاءٍ وَإِنْ فُرِضَ الْأَمْنُ عَلَيْهَا مِنْ الْفَسَادِ وَقَدْ عُرِفَ أَنَّ انْتِفَاءَ سَائِرِ الْمَوَانِعِ مُرَادٌ وَهَذَا مِنْ جُمْلَتِهَا وَبِهَذَا يَتَّضِحُ أَيْضًا عَدَمُ وُرُودِ قَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ عَلَيْهِ يَحْرُمُ عَلَى ذِي أَرْبَعٍ الْخِطْبَةُ: أَيْ لِقِيَامِ الْمَانِعِ مِنْهُ، وَقِيَاسُهُ تَحْرِيمُ نَحْوِ أُخْتِ زَوْجَتِهِ اهـ. وَلَمْ يَرَ الْبُلْقِينِيُّ ذَلِكَ فَبَحَثَ الْحِلَّ إذَا كَانَ قَصْدُهُ أَنَّهَا إذَا أَجَابَتْ أَبَانَ وَاحِدَةً، وَكَذَا فِي نَحْوِ أُخْتِ زَوْجَتِهِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ، وَالْأَوْجَهُ حِلُّ خِطْبَةِ صَغِيرَةٍ ثَيِّبٍ، أَوْ بِكْرٍ لَا مُجْبِرَ لَهَا خِلَافًا لِمَنْ بَحَثَ خِلَافَهُ، إلَّا إنْ أَرَادَ إيقَاعَ عَقْدٍ فَاسِدٍ، عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: يُمْنَعُ كَوْنُ ذَلِكَ خِطْبَةً لِعَدَمِ الْمُجِيبِ لَهَا، وَيَحِلُّ خِطْبَةُ نَحْوِ مَجُوسِيَّةٍ لِيَنْكِحَهَا إذَا أَسْلَمَتْ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ تَحِلُّ عَدَمَ نَدْبِهَا وَهُوَ مَا نَقَلَاهُ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: تُسَنُّ: أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَاحْتَجَّا لَهُ بِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَجَرَى عَلَيْهِ النَّاسُ وَأَيَّدَهُ غَيْرُهُمَا بِأَنَّ لِلْوَسَائِلِ حُكْمَ الْمَقَاصِدِ، قَالَ: لَكِنْ يَلْزَمُ مِنْهُ وُجُوبُهَا إذَا أَوْجَبْنَا النِّكَاحَ وَهُوَ مُسْتَبْعَدٌ اهـ. وَلَا بُعْدَ فِيهِ حَيْثُ تَوَقَّفَ عَلَيْهَا، وَلَا يَتَأَيَّدُ مَا نَقَلَاهُ بِتَصْرِيحِهِمْ بِكَرَاهَةِ خِطْبَةِ الْمُحْرِمِ مَعَ حُرْمَةِ نِكَاحِهِ، لِأَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ لَمْ يَخْطُبْهَا لِيَنْكِحَهَا مَعَ الْإِحْرَامِ وَإِلَّا حَرُمَتْ، وَكَذَا يُقَالُ فِي خِطْبَةِ الْحَلَالِ لِلْمُحْرِمَةِ وَفَارَقَتْ الْمُعْتَدَّةَ بِتَوَقُّفِ الِانْقِضَاءِ عَلَى إخْبَارِهَا الَّذِي قَدْ تَكُونُ كَاذِبَةً فِيهِ، بِخِلَافِ الْإِحْرَامِ فَإِنَّ التَّحَلُّلَ مِنْهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إخْبَارِهَا، وَقَدْ يُقَالُ: إنْ أُرِيدَ بِهَا مُجَرَّدُ الِالْتِمَاسِ كَانَتْ حِينَئِذٍ وَسِيلَةً لِلنِّكَاحِ، فَلْيَكُنْ حُكْمُهَا حُكْمَهُ مِنْ نَدْبٍ وَغَيْرِهِ أَوْ الْكَيْفِيَّةِ الْمَخْصُوصَةِ مِنْ الْإِتْيَانِ لِأَوْلِيَائِهَا مَعَ الْخِطْبَةِ، فَهِيَ سُنَّةٌ مُطْلَقًا، فَادِّعَاءُ أَنَّهَا وَسِيلَةٌ لِلنِّكَاحِ وَأَنَّ لِلْوَسَائِلِ حُكْمَ الْمَقَاصِدِ مَمْنُوعٌ بِإِطْلَاقِهِ لِعَدَمِ صِدْقِ حَدِّ الْوَسِيلَةِ عَلَيْهَا، إذْ النِّكَاحُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا بِإِطْلَاقِهَا لِأَنَّ كَثِيرًا مَا يَقَعُ بِدُونِهَا، وَخَرَجَ بِالْخَلِيَّةِ الزَّوْجَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَمِنْهَا تَوَافُقُهُ مَعَهَا عَلَى أَنْ تَتَزَوَّجَ غَيْرَهُ لِتَحِلَّ لَهُ فَيَحْرُمَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُعْرِضْ) الْوَاوُ لِلْحَالِ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) أَيْ فِي الْحِلِّ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ حُرْمَتُهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ خِطْبَةِ الْمُسْتَفْرَشَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ) أَيْ بَحْثُ الْحِلِّ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ) قَدْ تُدْفَعُ هَذِهِ الْعِلَاوَةُ بِأَنَّ الْخِطْبَةَ هِيَ الْتِمَاسُ النِّكَاحِ وَقَدْ وُجِدَ وَإِنْ تَعَذَّرَتْ الْإِجَابَةُ لِمَانِعٍ، إلَّا أَنْ يُعْتَبَرَ فِي مُسَمَّى الْخِطْبَةِ أَنَمَّا الْتِمَاسُ النِّكَاحِ مِمَّنْ تُعْتَبَرُ إجَابَتُهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَقَدْ يُقَالُ: يَكْفِي فِي مُسَمَّى الْخِطْبَةِ كَوْنُهُ مِمَّنْ تُعْتَبَرُ إجَابَتُهُ بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ، وَفِيهِ بُعْدٌ، (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ) أَيْ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ قَالَ لَكِنْ يَلْزَمُ إلَخْ) أَيْ قَالَ الْمُؤَيَّدُ (قَوْلُهُ وَلَا يَتَأَيَّدُ مَا نَقَلَاهُ) أَيْ عَنْ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ: مَعَ حُرْمَةِ نِكَاحِهِ) أَيْ فَلَا يَتِمُّ أَنْ لِلْوَسَائِلِ حُكْمَ الْمَقَاصِدِ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَتْ) أَيْ الْمُحْرِمَةَ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُقَالُ) مِنْ كَلَامِ م ر وَهُوَ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إنْ أُرِيدَ بِهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQالتُّحْفَةِ: قَوْلُ مَنْ قَالَ إلَخْ وَهِيَ الْأَصْوَبُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَوَجْهُ انْدِفَاعِهِ أَنَّ هُنَا مَانِعًا هُوَ إفْسَادُهَا إلَخْ) هَلَّا كَانَ الْمَانِعُ عَدَمَ اسْتِبْرَائِهَا الَّذِي هُوَ مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) مُتَعَلِّقٌ بِوُرُودٍ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ أَوْ بِهَذَا يَتَّضِحُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَرِدُ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُهُ تَحْرِيمُ نَحْوِ أُخْتِ زَوْجَتِهِ) كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ كَلَامُ ابْنِ النَّقِيبِ كَمَا عُلِمَ مِنْ حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ، فَلَعَلَّ الْكَتَبَةَ أَسْقَطَتْ مِنْ الشَّارِحِ. قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ قَبْلَ قَوْلِهِ وَقِيَاسُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَرَ ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ) قَالَ الشِّهَابُ سم: يُمْكِنُ تَقْيِيدُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ بِغَيْرِ مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ فَلَا يَتَنَافَيَانِ (قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ الْغَيْرُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: وَلَا بُعْدَ فِيهِ حَيْثُ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا) عَدَلَ عَنْ قَوْلِ التُّحْفَةِ وَلَا بُعْدَ فِيهِ إذَا سَلِمَ كَوْنُهَا وَسِيلَةً، فَقَدْ كَتَبَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ سم مَا لَفْظُهُ: هَذَا لَا يَظْهَرُ كِفَايَتُهُ فِي نَفْيِ الْبُعْدِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَوَقُّفِ النِّكَاحِ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِوُجُوبِهَا (قَوْلُهُ: مَعَ الْخُطْبَةِ) أَيْ بِضَمِّ الْخَاءِ، وَيُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ الْخِطْبَةِ وَهُوَ تَحْرِيفٌ (قَوْلُهُ: إذْ النِّكَاحُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم:

فَتَحْرُمُ خِطْبَتُهَا تَصْرِيحًا وَتَعْرِيضًا كَمَا مَرَّ، وَالْمُعْتَدَّةُ عَنْ نِكَاحٍ لَكِنْ لَمَّا كَانَ فِيهَا تَفْصِيلٌ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (لَا تَصْرِيحٌ) مِنْ غَيْرِ ذِي الْعِدَّةِ لِمُسْتَبْرَأَةٍ (أَوْ لِمُعْتَدَّةٍ) عَنْ وَفَاةٍ، أَوْ شُبْهَةٍ، أَوْ فِرَاقٍ بِطَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٍّ، أَوْ بِفَسْخٍ، أَوْ انْفِسَاخٍ فَلَا تَحِلُّ إجْمَاعًا لِأَنَّهَا قَدْ تَرْغَبُ فِيهِ فَتَكْذِبُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذِهِ حِكْمَةٌ فَلَا تُرَدُّ الْعِدَّةُ بِالْأَشْهُرِ وَإِنْ أُمِنَ كَذِبُهَا إذَا عُلِمَ وَقْتُ فِرَاقِهَا، أَمَّا ذُو الْعِدَّةِ فَتَحِلُّ لَهُ إنْ حَلَّ نِكَاحُهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَحِلَّ كَأَنْ وَطِئَ مُعْتَدَّةً بِشُبْهَةٍ فَحَمَلَتْ فَإِنَّ عِدَّتَهُ تُقَدَّمُ وَلَا تَحِلُّ لَهُ خِطْبَتُهَا إذْ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا (وَلَا تَعْرِيضٌ لِرَجْعِيَّةٍ) وَمُعْتَدَّةٍ عَنْ رِدَّةٍ لِأَنَّهُمَا فِي مَعْنَى الزَّوْجَةِ لِعَوْدِهِمَا لِلنِّكَاحِ بِالرَّجْعَةِ وَالْإِسْلَامِ (وَيَحِلُّ تَعْرِيضٌ) بِغَيْرِ جِمَاعٍ (فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ) وَلَوْ حَامِلًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} [البقرة: 235] وَخَشْيَةُ إلْقَائِهَا الْحَمْلَ لِيَتَعَجَّلَ الِانْقِضَاءُ نَادِرَةٌ فَلَا يُنْظَرُ إلَيْهَا (وَكَذَا) يَحِلُّ التَّعْرِيضُ (لِبَائِنٍ) مُعْتَدَّةٍ بِالْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِعُمُومِ الْآيَةِ وَلِانْقِطَاعِ سُلْطَةِ الزَّوْجِ عَنْهَا وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّ لِصَاحِبِ الْعِدَّةِ أَنْ يَنْكِحَهَا فَأَشْبَهَتْ الرَّجْعِيَّةَ وَأُورِدَ عَلَيْهِ بَائِنٌ بِثَلَاثٍ، أَوْ رَضَاعٍ، أَوْ لِعَانٍ فَإِنَّهُ يَحِلُّ التَّعْرِيضُ لَهَا قَطْعًا، وَرُدَّ بِأَنَّ بَعْضَهُمْ أَجْرَى فِيهِ الْخِلَافَ أَيْضًا فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ يَرْتَضِيهِ، وَالْعِدَّةُ عَنْ شُبْهَةٍ قِيلَ مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ وَقِيلَ مِمَّا فِيهِ الْخِلَافُ، وَلِجَوَابِهَا وَجَوَابِ وَلِيِّهَا حُكْمُ خِطْبَتِهِ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ ثُمَّ التَّصْرِيحُ مَا يَقْطَعُ بِهِ فِي الرَّغْبَةِ فِي النِّكَاحِ كَقَوْلِهِ: إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُك نَكَحْتُك، وَالتَّعْرِيضُ مَا يَحْتَمِلُ ذَلِكَ وَعَدَمَهُ كَأَنْتِ جَمِيلَةٌ وَمَنْ يَجِدُ مِثْلَك إنَّ اللَّهَ سَائِقٌ إلَيْك خَيْرًا لَا تَبْقَيْ أَيِّمًا، رُبَّ رَاغِبٍ فِيك وَكَذَا إنِّي رَاغِبٌ فِيك كَمَا نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ حَاصِلِ كَلَامِ الْأُمِّ وَاعْتَمَدَهُ وَهُوَ بِالْجِمَاعِ كَعِنْدِي جِمَاعٌ يُرْضِي مَنْ جُومِعَتْ مُحَرَّمٌ، وَنَحْوِ الْكِنَايَةِ وَهِيَ الدَّلَالَةُ عَلَى الشَّيْءِ بِذِكْرِ لَازِمِهِ قَدْ يُفِيدُ مَا يُفِيدُهُ التَّصْرِيحُ، كَأُرِيدُ أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْك نَفَقَةَ الزَّوْجَاتِ وَأَلْتَذَّ بِك فَيَحْرُمُ، وَقَدْ لَا فَيَكُونُ تَعْرِيضًا كَذِكْرِ ذَلِكَ مَا عَدَا وَأَلْتَذَّ بِك، وَكَوْنُ الْكِنَايَةِ أَبْلَغَ مِنْ التَّصْرِيحِ بِاتِّفَاقِ الْبُلَغَاءِ وَغَيْرِهِمْ إنَّمَا هُوَ لِمَلْحَظٍ يُنَاسِبُ تَدْقِيقَهُمْ الَّذِي لَا يُرَاعِيهِ الْفَقِيهُ وَإِنَّمَا يُرَاعِي مَا دَلَّ عَلَيْهِ التَّخَاطُبُ الْعُرْفِيُّ وَمِنْ ثَمَّ افْتَرَقَ الصَّرِيحُ هُنَا وَثَمَّ (وَتَحْرُمُ) عَلَى عَالِمٍ بِالْخِطْبَةِ وَبِالْإِجَابَةِ وَبِصَرَاحَتِهَا وَبِحُرْمَةِ الْخِطْبَةِ عَلَى الْخِطْبَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الْخِطْبَةِ (قَوْلُهُ كَأَنْ وَطِئَ) أَيْ الشَّخْصُ وَقَوْلُهُ بِشُبْهَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِوَطْءٍ وَقَوْلُهُ فَإِنَّ عِدَّتَهُ أَيْ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: وَلَا تَحِلُّ لَهُ) أَيْ لِصَاحِبِ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَحِلُّ لَهُ) أَيْ لِبَقَاءِ عِدَّةِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَلَا تَعْرِيضَ لِلرَّجْعِيَّةِ) أَيْ وَلَوْ بِإِذْنِ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: وَالْإِسْلَامِ) أَمَّا فِي الرَّجْعَةِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا فِي الْإِسْلَامِ فَهُوَ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَتَبَيَّنُ بِإِسْلَامِهَا أَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ الزَّوْجِيَّةِ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ جِمَاعٍ) أَيْ أَمَّا بِهِ فَيَحْرُمُ كَأَنْ يَقُولَ عِنْدِي جِمَاعٌ يَرْضَى (قَوْلُهُ: فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ يَرْتَضِيهِ) أَيْ جَرَيَانَ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: وَالْعِدَّةُ عَنْ شُبْهَةٍ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ وَمَا أَوْرَدَ عَلَى مَفْهُومِهِ مِنْ الْمُعْتَدَّةِ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ إلَخْ، وَلَعَلَّ حِكْمَةَ ذِكْرِهِ هُنَا التَّنْبِيهُ عَلَى حِكَايَةِ الْخِلَافِ فِيهِ (قَوْلُهُ: مَا يَقْطَعُ بِهِ) أَيْ بِسَبَبِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ بِالْجِمَاعِ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَدْ يُمْنَعُ اعْتِبَارُ التَّوَقُّفِ فِي الْوَسِيلَةِ بَلْ يَكْفِي فِيهَا الْإِفْضَاءُ وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَدَّةُ عَنْ نِكَاحٍ) الْأَصْوَبُ حَذْفُ قَوْلِهِ عَنْ نِكَاحٍ (قَوْلُهُ: بِشُبْهَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِوَطْءٍ (قَوْلُهُ: عَنْ رِدَّةٍ) أَيْ مِنْ الزَّوْجِ إذْ الْمُرْتَدَّةُ لَا يَحِلُّ نِكَاحُهَا فَلَا تَحِلُّ خِطْبَتُهَا مِنْ حَيْثُ الرِّدَّةُ (قَوْلُهُ: مُعْتَدَّةٌ بِالْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنْ كَانَتْ عِدَّتُهَا بِالْأَقْرَاءِ حَرُمَ قَطْعًا (قَوْلُهُ: أَبْلَغُ مِنْ التَّصْرِيحِ) لَا خَفَاءَ إنَّ الْأَبْلَغِيَّةَ فِيهَا لَيْسَتْ مِنْ حَيْثُ إفْهَامُ الْمَقْصُودِ، فَالصَّرِيحُ أَبْلَغُ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ بِالِاتِّفَاقِ لِعَدَمِ احْتِيَاجِ الذِّهْنِ فِيهِ إلَى الِانْتِقَالِ مِنْ أَمْرٍ إلَى أَمْرٍ آخَرَ، وَالْأَبْلَغِيَّةُ فِي الْكِنَايَةِ لِلْمَلْحَظِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ

(خِطْبَةٌ عَلَى خِطْبَةِ مَنْ) جَازَتْ خِطْبَتُهُ وَإِنْ كُرِهَتْ وَ (قَدْ صَرَّحَ) لَفْظًا (بِإِجَابَتِهِ) وَلَوْ كَافِرًا مُحْتَرَمًا لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْ ذَلِكَ وَالتَّقْيِيدِ بِالْأَخِ فِيهِ لِلْغَالِبِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيذَاءِ وَالْقَطِيعَةِ وَيَحْصُلُ التَّصْرِيحُ بِالْإِجَابَةِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ الْمُجْبِرُ وَمِنْهُ السَّيِّدُ فِي أَمَتِهِ غَيْرِ الْمُكَاتَبَةِ وَالسُّلْطَانُ فِي مَجْنُونَةٍ بَالِغَةٍ لَا أَبَ لَهَا وَلَا جَدَّ، أَوْ هِيَ وَالْوَلِيُّ وَلَوْ مُجْبَرَةً فِي غَيْرِ الْكُفْءِ، أَوْ غَيْرِ الْمُجْبَرَةِ وَحْدَهَا فِي الْكُفْءِ وَقَدْ عُيِّنَ، أَوْ وَلِيُّهَا وَقَدْ أَذِنَتْ فِي إجَابَتِهِ، أَوْ أَذِنَ فِي تَزْوِيجِهَا وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَزَوِّجْنِي مَنْ شِئْت، وَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِ مُكَاتَبَةٍ كِتَابَةً صَحِيحَةً مَعَ سَيِّدِهَا وَكَذَا مُبَعَّضَةٌ لَمْ تُجْبَرْ وَإِلَّا فَمِنْهُ مَعَ وَلِيِّهَا أَجَبْتُك مَثَلًا وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقَصْدَ إجَابَةٌ لَا يَتَوَقَّفُ الْعَقْدُ بَعْدَهَا عَلَى أَمْرٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَيْهِ، وَلَا يَقُومُ سُكُوتُ بِكْرٍ غَيْرِ مُجْبَرَةٍ مَقَامَ تَصْرِيحِهَا خِلَافًا لِمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ فَقَدْ نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الدَّارَكِيِّ نَقْلَ الْأَوْجُهِ الضَّعِيفَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِاكْتِفَاءِ بِهِ فِي اسْتِئْذَانِهَا فِي النِّكَاحِ أَنَّهُ يُسْتَحَى مِنْهُ مَا لَا يُسْتَحَى فِي إجَابَةِ الْخِطْبَةِ. وَالْأَوْجَهُ فِي رَضِيتُك زَوْجًا أَنَّهُ صَرِيحٌ كَأَجَبْتُكَ خِلَافًا لِمَنْ رَجَّحَ كَوْنَهُ تَعْرِيضًا وَخَرَجَ بِمَنْ عُيِّنَ مَا لَوْ قَالَتْ لَهُ زَوِّجْنِي مِمَّنْ شِئْت فَإِنَّهُ يَحِلُّ لِكُلِّ أَحَدٍ خِطْبَتُهَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ: أَيْ قَبْلَ أَنْ يَخْطُبَهَا أَحَدٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ وَحَلَّ لِكُلِّ أَحَدٍ خِطْبَتُهَا عَلَى خِطْبَةِ غَيْرِهِ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِهَذِهِ (إلَّا بِإِذْنِهِ) أَيْ الْخَاطِبِ لَهُ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا حَيَاءٍ، أَوْ إلَّا أَنْ يَتْرُكَ، أَوْ يُعْرِضَ عَنْهُ الْمُجِيبُ، أَوْ يُعْرِضَ هُوَ كَأَنْ يَطُولَ الزَّمَنُ بَعْدَ إجَابَتِهِ حَتَّى تَشْهَدَ قَرَائِنُ أَحْوَالِهِ بِإِعْرَاضِهِ كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَمِنْهُ سَفَرُهُ الْبَعِيدُ الْمُنْقَطِعُ، وَقِيسَ بِالْإِذْنِ وَالتَّرْكِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي الْخَبَرِ مَا ذُكِرَ. (فَإِنْ لَمْ يُجِبْ وَلَمْ يَرُدَّ) بِأَنْ لَمْ يُذْكَرْ لَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، أَوْ ذُكِرَ لَهُ مَا أَشْعَرَ بِأَحَدِهِمَا، أَوْ بِكُلٍّ مِنْهُمَا (لَمْ تَحْرُمْ فِي الْأَظْهَرِ) الْمَقْطُوعِ بِهِ فِي السُّكُوتِ إذْ لَمْ يَبْطُلْ بِهِ شَيْءٌ مُقَرَّرٌ، وَكَذَا إنْ أُجِيبَ تَعْرِيضًا مُطْلَقًا، أَوْ تَصْرِيحًا وَلَمْ يَعْلَمْ الثَّانِي بِالْخِطْبَةِ، أَوْ عَلِمَ بِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْإِجَابَةِ، أَوْ عَلِمَ بِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ كَوْنَهَا بِالصَّرِيحِ، أَوْ عَلِمَ كَوْنَهَا بِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْحُرْمَةِ، أَوْ عَلِمَ بِهَا وَحَصَلَ إعْرَاضٌ مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا، أَوْ حَرُمَتْ الْخِطْبَةُ، أَوْ نَكَحَ مَنْ يَحْرُمُ جَمْعُ الْمَخْطُوبَةِ مَعَهَا، أَوْ طَالَ الزَّمَنُ بَعْدَ الْإِجَابَةِ بِحَيْثُ يُعَدُّ مُعْرِضًا، أَوْ كَانَ الْأَوَّلُ حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا الْأَصْلُ الْإِبَاحَةُ مَعَ سُقُوطِ حَقِّهِ بِنَحْوِ إذْنِهِ، أَوْ إعْرَاضِهِ، وَالْمُرْتَدُّ لَا يَنْكِحُ، وَطُرُوُّ رِدَّتِهِ قَبْلَ الْوَطْءِ يَفْسَخُ الْعَقْدَ فَالْخِطْبَةُ أَوْلَى. وَالثَّانِي تَحْرُمُ لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ وَقُطِعَ بِالْأَوَّلِ فِي السُّكُوتِ لِأَنَّهَا لَا تُبْطِلُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالتَّعْرِيضُ بِالْجِمَاعِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَرِهَتْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ فَاقِدَ الْأُهْبَةِ وَبِهِ عِلَّةٌ (قَوْلُهُ: كَزَوِّجْنِي مَنْ شِئْت) أَجَبْتُك مَثَلًا اهـ. حَجّ (قَوْلُهُ: لَمْ تُجْبَرْ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ ثَيِّبًا (قَوْلُ وَإِلَّا فَمِنْهُ) أَيْ مِنْ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: مَقَامَ تَصْرِيحِهَا) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِمَنْ عَيَّنَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَقَدْ عَيَّنَ، أَوْ وَلِيُّهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ إلَّا أَنْ يَتْرُكَ) بِأَنْ تُصَرِّحَ بِعَدَمِ الْأَخْذِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِي أَوْ يُعْرِضُ هُوَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ سَفَرُهُ الْبَعِيدُ) وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِانْقِطَاعِ انْقِطَاعُ الْمُرَاسَلَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَخْطُوبَةِ لَا انْقِطَاعُ خَبَرِهِ بِالْكُلِّيَّةِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَطُرُوُّ رِدَّتِهِ) أَيْ حَتَّى لَوْ عَادَ لِلْإِسْلَامِ لَا يَعُودُ حَقُّهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَا تُبْطِلُ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِمَعْنَى أَنَّ الْكَلَامَ الَّذِي اشْتَمَلَ عَلَيْهَا يُوصَفُ بِالْبَلَاغَةِ بِاصْطِلَاحِهِمْ (قَوْلُهُ: وَقَدْ عَيَّنَ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَاهُ مَعَ أَنَّ الْإِجَابَةَ الْمُعْتَبَرَةَ لَا تَكُونُ إلَّا لِمُعَيَّنٍ، فَالتَّعْيِينُ مُعْتَبَرٌ فِي الْكُلِّ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ، وَقَدْ عَيَّنَ فِي الْإِذْنِ وَإِنْ اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ الْآتِي وَخَرَجَ بِمَنْ عَيَّنَ إلَخْ، إذْ لَا إذْنَ هُنَا؛ لِأَنَّهَا مُجِيبَةٌ بِنَفْسِهَا وَحْدَهَا، وَهَذَا الْقَيْدُ لَيْسَ فِي التُّحْفَةِ الَّتِي مَا هُنَا عِبَارَتُهَا حَرْفًا بِحَرْفٍ (قَوْلُهُ: أَجَبْتُك مَثَلًا) هَذَا مَقُولُ الْقَوْلِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِمَنْ عَيَّنَ) قَدْ عَرَفْت مَا فِي الْمَخْرَجِ مِنْهُ مَا يُعَرِّفُك مَا فِي هَذَا الْمَخْرَجِ، عَلَى أَنَّهُ لَا يُلَاقِي مَوْضُوعَ الْمَخْرَجِ مِنْهُ كَمَا لَا يَخْفَى، عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِيهِ أَمْرٌ مَعْلُومٌ لَا تَوَقُّفَ فِيهِ، وَأَمَّا مَا تَوَهَّمَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ هَذَا النَّصِّ فَهُوَ مَدْفُوعٌ بِمَا تَقَدَّمَ فِي الشَّرْحِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَزَوِّجْنِي مَنْ شِئْت فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي حَذْفُ الْمُخْرَجِ وَالْمُخْرَجِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ إلَّا أَنْ يَتْرُكَ) أَيْ بِأَنْ

شَيْئًا، وَمَنْ خَطَبَ خَمْسًا مَعًا، أَوْ مُرَتِّبًا لَمْ تَجُزْ خِطْبَةُ إحْدَاهُنَّ حَتَّى يَحْصُلَ إعْرَاضٌ، أَوْ يَعْقِدَ عَلَى أَرْبَعٍ. وَيُسْتَحَبُّ خِطْبَةُ أَهْلِ الْفَضْلِ مِنْ الرِّجَالِ، فَمَنْ خُطِبَ وَأَجَابَ وَالْخَاطِبَةُ مُكَمِّلَةٌ لِلْعَدَدِ الشَّرْعِيِّ، أَوْ لَمْ يُرِدْ إلَّا وَاحِدَةً حَرُمَ عَلَى امْرَأَةٍ ثَانِيَةٍ خِطْبَتُهُ بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكْمُلْ الْعَدَدُ وَلَا أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى وَاحِدَةٍ فَلَا حُرْمَةَ مُطْلَقًا لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ. (وَمَنْ) (اُسْتُشِيرَ فِي خَاطِبٍ) ، أَوْ نَحْوَ عَالِمٍ يُرِيدُ الِاجْتِمَاعَ بِهِ، أَوْ مُعَامَلَتَهُ هَلْ تَصْلُحُ، أَوْ لَا، أَوْ لَمْ يَسْتَشِرْ فِي ذَلِكَ كَمَا يَجِبُ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا أَنْ يُخْبِرَ بِهِ مَنْ يُرِيدُ شِرَاءَهُ مُطْلَقًا فَالِاسْتِشَارَةُ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ وَعُلِمَ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَعْرَاضِ وَالْأَمْوَالِ، خِلَافًا لِمَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْأَعْرَاضَ أَشَدُّ حُرْمَةً مِنْ الْأَمْوَالِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الضَّرَرَ هُنَا أَشَدُّ لِأَنَّ فِيهِ تَكَشُّفَ بُضْعٍ وَهَتْكَ سَوْأَةٍ وَذُو الْمُرُوءَةِ يَسْمَحُ فِي الْأَمْوَالِ بِمَا لَا يَسْمَحُ بِهِ هُنَا (ذَكَرَ) وُجُوبًا كَمَا فِي الْأَذْكَارِ وَالرِّيَاضِ وَشَرْحِ مُسْلِمٍ كَفَتَاوَى الْقَفَّالِ وَابْنِ الصَّلَاحِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَتَعْبِيرُهُ فِي الرَّوْضَةِ بِالْجَوَازِ غَيْرُ مُنَافٍ لِلْوُجُوبِ (مَسَاوِيَهُ) الشَّرْعِيَّةَ، وَكَذَا الْعُرْفِيَّةُ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ الْخَبَرِ الْآتِي: «وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ» أَيْ عُيُوبَهُ. سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تُسِيءُ صَاحِبَهَا: أَيْ مَا يَنْزَجِرُ بِهِ مِنْهَا إنْ لَمْ يَنْزَجِرْ بِنَحْوِ مَا يَصْلُحُ لَك كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ كَالْغَزَالِيِّ، وَلَا يُنَافِيهِ الْخَبَرُ الْآتِي لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِمَ مِنْ مُسْتَشِيرَتِهِ أَنَّهَا وَإِنْ اكْتَفَتْ بِنَحْوٍ لَا يَصْلُحُ لَك تَظُنُّ وَصْفًا أَقْبَحَ مِمَّا هُوَ فِيهِ فَبَيَّنَ دَفْعًا لِهَذَا الْمَحْظُورِ، وَلَا يُقَاسُ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ غَيْرُهُ فَيَلْزَمُهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ تُوُهِّمَ نَقْصٌ أَفْحَشُ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَفْظٌ لَا يُتَعَبَّدُ بِهِ فَلَا مُبَالَاةَ بِإِيهَامِهِ (بِصِدْقٍ) لِيَحْذَرَ بَذْلًا لِلنَّصِيحَةِ الْوَاجِبَةِ، وَصَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اُسْتُشِيرَ فِي مُعَاوِيَةَ وَأَبِي جَهْمٍ فَقَالَ: أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ كَثْرَةِ الضَّرْبِ وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ» . نَعَمْ إنْ عَلِمَ أَنَّ الذِّكْرَ لَا يُفِيدُ أَمْسَكَ كَالْمُضْطَرِّ لَا يُبَاحُ لَهُ إلَّا مَا اُضْطُرَّ إلَيْهِ. وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ وُجُوبُ ذِكْرِ الْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ مِنْ الْعُيُوبِ، وَهَذَا أَحَدُ أَنْوَاعِ الْغَيْبَةِ الْجَائِزَةِ، وَهِيَ ذِكْرُ الْغَيْرِ بِمَا فِيهِ، أَوْ فِي نَحْوِ وَلَدِهِ، أَوْ زَوْجَتِهِ أَوْ مَالِهِ بِمَا يَكْرَهُ: أَيْ عُرْفًا، أَوْ شَرْعًا لَا بِنَحْوِ صَلَاحٍ وَإِنْ كَرِهَهُ فِيمَا يَظْهَرُ وَلَوْ بِإِشَارَةٍ، أَوْ إيمَاءٍ وَبِالْقَلْبِ بِأَنْ أَصَرَّ فِيهِ عَلَى اسْتِحْضَارِ ذَلِكَ. وَمِنْ أَنْوَاعِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSالْخِطْبَةُ (قَوْلُهُ: أَوْ مُرَتَّبًا) أَيْ مَعَ قَصْدِ أَنْ يَنْكِحَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا أَخْذًا مِمَّا قَدَّمَهُ فِيمَا لَوْ كَانَ تَحْتَهُ أَرْبَعٌ وَخَطَبَ خَامِسَةً، أَوْ نَحْوَ أُخْتِ زَوْجَتِهِ. وَقَضِيَّتُهُ الْحُرْمَةُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ. (قَوْلُهُ بَيْنَ الْأَعْرَاضِ وَالْأَمْوَالِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ، أَوْ مُعَامَلَتِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْأَعْرَاضَ أَشَدُّ حُرْمَةً) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ مَنْ فَرَّقَ يَقُولُ الْأَعْرَاضُ أَشَدُّ حُرْمَةً: أَيْ احْتِرَامًا فَيَحْذَرُ مِنْ هَتْكِهَا بِخِلَافِ الْأَمْوَالِ (قَوْلُهُ: مُسَاوِيهِ) أَيْ وَلَوْ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِمَا يُرِيدُهُ كَأَنْ أَرَادَ الزَّوْجُ وَكَانَ فَاسِقًا وَحَسَنَ الْعِشْرَةِ مَعَ الزَّوْجَاتِ فَيَذْكُرُ لِلزَّوْجَةِ الْفِسْقَ وَإِنْ لَمْ تَسْأَلْ الزَّوْجَةُ عَنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَفْظٌ) أَيْ قَوْلُ الرَّسُولِ لَا يَصْلُحُ لَك إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ) هُوَ غَيْرُ ابْنِ أَبِي سُفْيَانَ (قَوْلُهُ: وَهِيَ ذِكْرُ الْغَيْرِ بِمَا فِيهِ) أَيْ أَمَّا بِمَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ كَذِبٌ صَرِيحٌ (قَوْلُهُ: لَا بِنَحْوِ صَلَاحٍ) مِنْ الْأَوْصَافِ الْحَمِيدَةِ (قَوْلُهُ وَمِنْ أَنْوَاعِهَا إلَخْ) وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ، فَقَالَ: الْقَدَحُ لَيْسَ بِغِيبَةٍ فِي سِتَّةٍ ... مُتَظَلِّمٍ وَمُعَرِّفٍ وَمُحَذِّرِ وَلِمُظْهِرٍ فِسْقًا وَمُسْتَفْتٍ وَمَنْ ... طَلَبَ الْإِعَانَةَ فِي إزَالَةِ مُنْكَرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQيُصَرِّحَ بِالتَّرْكِ حَتَّى لَا يَتَكَرَّرَ مَعَ الْإِعْرَاضِ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ خِطْبَةِ أَهْلِ الْفَضْلِ) الْمَصْدَرُ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الضَّرَرَ هُنَا) أَيْ فِي الْأَعْرَاضِ وَهَذَا مِنْ كَلَامِ الْفَارِقِيِّ (قَوْلُهُ: أَيْ عُيُوبُهُ) تَفْسِيرٌ لِمُسَاوِيهِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ ذِكْرُ الْغَيْرِ بِمَا فِيهِ أَوْ فِي نَحْوِ وَلَدِهِ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ فُلَانٌ الْفَاسِقُ أَوْ أَبُو الْفَاسِقِ أَوْ زَوْجُ الْفَاسِقَةِ مَثَلًا، وَخَرَجَ

الْمُبَاحَةِ أَيْضًا التَّظَلُّمُ لِذِي قُدْرَةٍ عَلَى إنْصَافِهِ أَوْ الِاسْتِعَانَةِ بِهِ عَلَى تَغْيِيرِ مُنْكَرٍ وَدَفْعِ مَعْصِيَةٍ، وَالِاسْتِفْتَاءُ بِأَنْ يَذْكُرَ وَحَالَ خَصْمِهِ مَعَ تَعْيِينِهِ لِلْمُفْتِي وَإِنْ أَغْنَى إجْمَالُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي التَّعْيِينِ فَائِدَةٌ، وَمُجَاهَرَةٌ بِفِسْقٍ، أَوْ بِدْعَةٍ بِأَنْ لَمْ يُبَالِ بِمَا يُقَالُ فِيهِ مِنْ جِهَةِ ذَلِكَ لِخَلْعِهِ جِلْبَابَ الْحَيَاءِ فَسَقَطَتْ حُرْمَتُهُ لَكِنْ لَا يَذْكُرُ بِغَيْرِ مَا تَجَاهَرَ بِهِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مُجَاهَرَتَهُ بِصَغِيرَةٍ كَذَلِكَ فَيَذْكُرُهَا فَقَطْ وَشُهْرَتُهُ بِوَصْفٍ يَكْرَهُهُ فَيُذْكَرُ لِلتَّعْرِيفِ وَإِنْ أَمْكَنَ تَعْرِيفُهُ بِغَيْرِهِ لَا عَلَى وَجْهِ التَّنْقِيصِ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ، وَلَوْ اُسْتُشِيرَ فِي نَفْسِهِ وَفِيهِ مُسَاوٍ فَالْأَوْجَهُ مَنْ تَرَدَّدَ فِيهِ، وَاقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمَا وُجُوبٌ نَحْوُ لَا أَصْلُحُ لَكُمْ إنْ لَمْ يَسْمَحْ بِالْإِعْرَاضِ فَإِنْ رَضَوْا بِهِ مَعَ ذَلِكَ وَإِلَّا لَزِمَهُ التَّرْكُ أَوْ الْإِخْبَارُ بِمَا فِيهِ مِنْ كُلِّ مَذْمُومٍ شَرْعًا أَوْ عُرْفًا فِيمَا يَظْهَرُ نَظِيرُ مَا مَرَّ. وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ تَحْرِيمِ ذِكْرِ مَا فِيهِ حَرَجٌ كَزِنًا بَعِيدٍ وَإِنْ أَمْكَنَ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ لَهُ مَنْدُوحَةً عَنْهُ بِتَرْكِ الْخِطْبَةِ بَلْ يَرُدُّهُ قَوْلُهُمْ فِي بَابِ الزِّنَا بِاسْتِحْبَابِ سَتْرِهِ عَلَى نَفْسِهِ لَا وُجُوبِهِ. وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ لَوْ عَلِمَ رِضَاهُمْ بِعَيْبِهِ فَلَا فَائِدَةَ لِذِكْرِهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ اسْتِشَارَتَهُمْ لَهُ فِي نَفْسِهِ دَالَّةٌ عَلَى عَدَمِ رِضَاهُمْ فَتَعَيَّنَ الْإِخْبَارُ، أَوْ التَّرْكُ كَمَا تَقَرَّرَ. وَمُقْتَضَى مَا تَقَرَّرَ أَنَّ فَرْضَهُمْ التَّرَدُّدَ السَّابِقَ فِيمَا لَوْ اُسْتُشِيرَ فِي نَفْسِهِ لَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ فَيَلْزَمُهُ ذِكْرُ مَا فِيهِ بِتَرْتِيبِهِ السَّابِقِ وَإِنْ لَمْ يُسْتَشَرْ وَهُوَ قِيَاسُ مَنْ عَلِمَ بِمَبِيعِهِ عَيْبًا يَلْزَمُهُ ذِكْرُهُ مُطْلَقًا. (وَيُسْتَحَبُّ) لِلْخَاطِبِ أَوْ نَائِبِهِ إنْ جَازَتْ الْخِطْبَةُ بِالتَّصْرِيحِ لَا بِالتَّعْرِيضِ كَمَا بَحَثَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَوْ سُنَّتْ فِيمَا فِيهِ تَعْرِيضٌ صَارَ تَصْرِيحًا (تَقْدِيمُ خُطْبَةٍ) بِضَمِّ الْخَاءِ (قَبْلَ الْخِطْبَةِ) بِكَسْرِهَا لِخَبَرِ «كُلُّ أَمْرٍ ذِي ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لِذِي قُدْرَةٍ عَلَى إنْصَافِهِ) مَفْهُومُهُ الْحُرْمَةُ إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَمُجَاهِرَةٌ بِفِسْقٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ زَجْرَهُ عَنْ الْمَعْصِيَةِ (قَوْلُهُ: مَعَ ذَلِكَ) أَيْ فَذَاكَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَزِمَهُ) أَيْ وَإِلَّا يَرْضَوْا بِالْأَصْلَحِ (قَوْلُهُ: مِنْ تَحْرِيمِ ذِكْرِ) أَيْ فِيمَا لَوْ اُسْتُشِيرَ فِي نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ لِلْخَاطِبِ أَوْ نَائِبِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرَةِ: وَتَبَرَّكَ الْأَئِمَّةُ بِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا قَالَ «إذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَخْطُبَ لِحَاجَةٍ مِنْ نِكَاحٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَلْيَقُلْ: إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102] {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [النساء: 1] إلَى قَوْلِهِ: رَقِيبًا، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا} [الأحزاب: 70] ، إلَى قَوْلِهِ: عَظِيمًا» وَتُسَمَّى هَذِهِ الْخُطْبَةُ خُطْبَةَ الْحَاجَةِ، وَكَانَ الْقَفَّالُ يَقُولُ بَعْدَهَا: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الْأُمُورَ كُلَّهَا بِيَدِ اللَّهِ يَقْضِي فِيهَا مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ، لَا مُؤَخِّرَ لِمَا قَدَّمَ وَلَا مُقَدِّمَ لِمَا أَخَّرَ، وَلَا يَجْتَمِعُ اثْنَانِ وَلَا يَفْتَرِقَانِ إلَّا بِقَضَاءٍ وَقَدَرٍ وَكِتَابٍ قَدْ سَبَقَ، وَإِنَّ مِمَّا قَضَى اللَّهُ تَعَالَى وَقَدَّرَ أَنْ خَطَبَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ عَلَى صَدَاقِ كَذَا أَقُولُ: قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ أَجْمَعِينَ. (قَوْلُهُ: إنْ جَازَتْ الْخِطْبَةُ بِالتَّصْرِيحِ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ الْمَخْطُوبَةُ خَلِيَّةً مِنْ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: فِيمَا فِيهِ تَعْرِيضٌ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ الْمَخْطُوبَةُ فِي عِدَّتِهَا شُبْهَةٌ، أَوْ فِرَاقٌ بَائِنٌ (قَوْلُهُ: صَارَ تَصْرِيحًا) ـــــــــــــــــــــــــــــQبِذَكَرِهِ ذِكْرُ وَلَدِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِذِكْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ غِيبَةً لَهُ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ: وَمُجَاهِرَةٌ بِفِسْقٍ) هُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافَيْنِ لِيَصِحَّ الْعَطْفُ: أَيْ وَمِنْ أَنْوَاعِهَا الْمُبَاحَةِ غِيبَةُ ذِي مُجَاهِرَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَسْمَحْ بِالْإِعْرَاضِ) هُوَ بِكَسْرِ هَمْزَةِ الْإِعْرَاضِ: أَيْ مَحَلِّ وُجُوبِ الذِّكْرِ إنْ لَمْ يَسْمَحْ بِالْإِعْرَاضِ عَنْ الْخِطْبَةِ: أَيْ أَمَّا إذَا سَمَحَ بِهِ فَيُعْرِضُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الذِّكْرُ (قَوْلُهُ: إنْ جَازَتْ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ الْمَخْطُوبَةُ خَالِيَةً مِنْ الْمَوَانِعِ

بَالٍ» السَّابِقِ، وَفِي رِوَايَةٍ «كُلُّ كَلَامٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ فَهُوَ أَقْطَعُ» أَيْ عَنْ الْبَرَكَةِ، فَيُبْدَأُ بِالْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ بِالصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يُوصِي بِالتَّقْوَى ثُمَّ يَقُولُ جِئْتُكُمْ خَاطِبًا كَرِيمَتَكُمْ، وَإِنْ كَانَ وَكِيلًا قَالَ: جَاءَكُمْ مُوَكِّلِي خَاطِبًا كَرِيمَتَكُمْ أَوْ فَتَاتَكُمْ، فَيَخْطُبُ الْوَلِيُّ، أَوْ نَائِبُهُ كَذَلِكَ ثُمَّ يَقُولُ: لَسْت بِمَرْغُوبٍ عَنْك، أَوْ نَحْوَهُ (وَ) يُسْتَحَبُّ خُطْبَةٌ (أُخْرَى) كَمَا ذُكِرَ (قَبْلَ الْعَقْدِ) عِنْدَ إرَادَةِ التَّلَفُّظِ بِهِ سَوَاءٌ الْوَلِيُّ، أَوْ نَائِبُهُ وَالزَّوْجُ، أَوْ نَائِبُهُ وَأَجْنَبِيٌّ قَالَ شَارِحٌ: وَهِيَ آكَدُ مِنْ الْأُولَى (وَلَوْ خَطَبَ الْوَلِيُّ) كَمَا ذُكِرَ ثُمَّ قَالَ زَوَّجْتُك إلَى آخِرِهِ (فَقَالَ الزَّوْجُ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ) وَالسَّلَامُ (عَلَى رَسُولِ اللَّهِ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَبِلْت) إلَى آخِرِهِ (صَحَّ النِّكَاحُ) مَعَ تَخَلُّلِ ذَلِكَ بَيْنَ لَفْظَيْهِمَا (عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهُ مُقَدِّمَةُ الْقَبُولِ مَعَ قَصْرِهِ فَلَيْسَ أَجْنَبِيًّا عَنْهُ. وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْفَاصِلَ لَيْسَ مِنْ الْعَقْدِ، وَصَحَّحَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ أَقْوَى (بَلْ) عَلَى الصِّحَّةِ (يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ) لِلْخَبَرِ الْمَارِّ (قُلْت: الصَّحِيحُ) وَصَحَّحَهُ فِي الْأَذْكَارِ أَيْضًا (لَا يُسْتَحَبُّ) ذَلِكَ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) بَلْ يُسْتَحَبُّ تَرْكُهُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَبْطَلَ بِهِ، وَمَا فِي الْكِتَابِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا نَدْبُهُ بِزِيَادَةِ الْوَصِيَّةِ بِالتَّقْوَى، وَأَطَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ فِي تَصْوِيبِهِ نَقْلًا وَمَعْنًى، وَاسْتُبْعِدَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ عَدَمَ النَّدْبِ مَعَ عَدَمِ الْبُطْلَانِ خَارِجٌ عَنْ كَلَامِهِمْ. قَالَ فِي الْأَذْكَارِ: وَيُسَنُّ كَوْنُ الَّتِي أَمَامَ الْعَقْدِ أَطْوَلَ مِنْ خُطْبَةِ الْخِطْبَةِ (فَإِنْ طَالَ الذِّكْرُ الْفَاصِلُ) بَيْنَهُمَا: أَيْ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ بِحَيْثُ يُشْعِرُ بِالْإِعْرَاضِ عَنْ الْقَبُولِ، وَضَبَطَهُ الْقَفَّالُ بِأَنْ يَكُونَ زَمَنُهُ لَوْ سَكَتَا فِيهِ لَخَرَجَ الْجَوَابُ عَنْ كَوْنِهِ جَوَابًا، وَالْأَوْلَى ضَبْطُهُ بِالْعُرْفِ (لَمْ يَصِحَّ) النِّكَاحُ جَزْمًا لِإِشْعَارِهِ بِالْإِعْرَاضِ، وَكَوْنُهُ مُقَدِّمَةً لِلْقَبُولِ لَا يَسْتَدْعِي اغْتِفَارَ طُولِهِ لِأَنَّ الْمُقَدِّمَةَ الَّتِي قَامَ الدَّلِيلُ عَلَيْهَا مَا ذُكِرَ فَقَطْ فَلَمْ يُغْتَفَرْ طُولُهُ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ لَوْ قَالَ زَوَّجْتُك فَاسْتَوْصِ بِهَا فَقَبِلَ لَمْ يَصِحَّ صَحِيحٌ، وَالْمُنَازَعَةُ فِيهِ بِأَنَّهُ وَهْمٌ مُفَرَّعَةٌ عَلَى أَنَّ الْكَلِمَةَ فِي الْبَيْعِ مِمَّنْ انْقَضَى كَلَامُهُ لَا تَضُرُّ وَقَدْ مَرَّ رَدُّهُ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ ثُمَّ اشْتِرَاطُ وُقُوعِ الْجَوَابِ مِمَّنْ خُوطِبَ دُونَ نَحْوِ وَكِيلِهِ وَأَنْ يَسْمَعَهُ مَنْ بِقُرْبِهِ وَأَنْ يُقْبَلَ عَلَى وَفْقِ الْإِيجَابِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَهْرِ وَأَنْ يُتِمَّ الْمُبْتَدِي كَلَامَهُ حَتَّى ذَكَرَ الْمَهْرَ وَصِفَاتِهِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي مَجِيئُهُ هُنَا. نَعَمْ فِي اشْتِرَاطِ فَرَاغِهِ مِنْ ذِكْرِ الْمَهْرِ وَصِفَاتِهِ نَظَرٌ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ هَذَا ثُمَّ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّمَنِ لِأَنَّ ذِكْرَهُ مِنْ الْمُبْتَدِي شَرْطٌ فَهُوَ مِنْ تَمَامِ الصِّيغَةِ الْمُشْتَرَطَةِ فَاشْتُرِطَ الْفَرَاغُ مِنْهُ، وَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَمُقْتَضَاهُ حُرْمَتُهُمَا حِينَئِذٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ التَّصْرِيحَ حَيْثُ وَقَعَ حَرَامٌ (قَوْلُهُ: السَّابِقَ) أَيْ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ (قَوْلُهُ: جَاءَكُمْ مُوَكِّلِي) يَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ جِئْتُكُمْ خَاطِبًا كَرِيمَتَكُمْ لِمُوَكِّلِي فِي الْخِطْبَةِ (قَوْلُهُ: فِي فَتَاتِكُمْ) الْفَتَى الشَّابُّ وَالْفَتَاةُ الشَّابَّةُ وَالْفَتَى أَيْضًا السَّخِيُّ الْكَرِيمُ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: فَيَخْطُبُ الْوَلِيُّ) هُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَتْ الْمَخْطُوبَةُ مُجْبَرَةً. أَمَّا غَيْرُهَا فَتَتَوَقَّفُ الْإِجَازَةُ مِنْ الْوَلِيِّ عَلَى إذْنِهَا لَهُ فِيهَا، فَلَوْ لَمْ تَأْذَنْ لَهُ فِي الْإِجَابَةِ لَمْ يَخْطُبْ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ خَطَبَ مِنْ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا وَأَجَابَتْ فَهَلْ تُخْطَبُ لِإِجَابَتِهَا، أَوْ لَا لِأَنَّ الْخِطْبَةَ لَا تَلِيقُ بِالنِّسَاءِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا مُجَرَّدُ الذِّكْرِ بَلْ هَذَا ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ (قَوْلُهُ: وَهِيَ آكَدُ مِنْ الْأُولَى) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْحَمْدُ لِلَّهِ إلَخْ مُقَدِّمَةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَا فِي الْكِتَابِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ قُلْت الصَّحِيحُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى ضَبْطُهُ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الْقَفَّالِ بِمَا ذَكَرَهُ ضَبْطَ الْعُرْفِ فَلَا تَنَافِي بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: فَقِيلَ لَمْ يَصِحَّ) أَيْ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْعَقْدِ: وَقَوْلُهُ صَحِيحٌ أَيْ خِلَافًا لحج. (قَوْلُهُ: لَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَهْرِ) أَيْ أَمَّا هُوَ فَالتَّخَالُفُ فِيهِ يُفْسِدُ الْمُسَمَّى فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانَ دُونَ مَا سَمَّاهُ الزَّوْجُ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ الشَّرْعِيُّ دُونَ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ فِي اشْتِرَاطِ فَرَاغِهِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ نَظَرٌ: أَيْ فَيَنْفُذُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى ضَبْطُهُ بِالْعُرْفِ) وَهُوَ مُرَادُ الْقَفَّالِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ حَيْثُ فَسَّرَهُ بِهِ.

كَذَلِكَ الْمَهْرُ فَالْأَوْجَهُ صِحَّةُ الشِّقِّ الْآخَرِ بَعْدَ تَمَامِ الصِّيغَةِ الْمُصَحَّحَةِ وَإِنْ كَانَ فِي أَثْنَاءِ ذِكْرِ الْمَهْرِ وَصِفَاتِهِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي غُنْيَتِهِ بَعْدَ مَا حَكَى عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ: الِاشْتِرَاطَ وَهَذَا الِاشْتِرَاطُ: أَيْ عَدَمُهُ ظَاهِرٌ عَلَى طَرِيقَةِ الْعِرَاقِيِّينَ فِيمَا أَرَاهُ وَهِيَ الْمَذْهَبُ انْتَهَى. لَكِنْ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ فِي بَابِ الْبَيْعِ بِمُسَاوَاةِ النِّكَاحِ لِلْبَيْعِ فِي ذَلِكَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ بِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَعَ تَكَلُّمِ الْمُبْتَدِي لَا يُسَمَّى جَوَابًا فَيَقَعُ لَغْوًا، وَفِيهِ مَا فِيهِ، وَيُسْتَحَبُّ قَوْلُ الْوَلِيِّ قَبْلَ الْعَقْدِ زَوَّجْتُك عَلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ إمْسَاكٍ بِمَعْرُوفٍ، أَوْ تَسْرِيحٍ بِإِحْسَانٍ، وَالدُّعَاءُ لِلزَّوْجِ عَقِبَهُ بِبَارَكَ اللَّهُ لَك وَبَارَكَ عَلَيْك وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ لِصِحَّةِ الْخَبَرِ بِهِ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا بَارَكَ اللَّهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا فِي صَاحِبِهِ وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَذْكَارِ اسْتِحْبَابُ قَوْلِهِ أَيْضًا كَيْفَ وَجَدْت أَهْلَك بَارَكَ اللَّهُ لَك لِمَا صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا دَخَلَ عَلَى زَيْنَبَ خَرَجَ فَدَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَسَلَّمَ فَقَالَتْ: وَعَلَيْك السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، كَيْفَ وَجَدْت أَهْلَك بَارَكَ اللَّهُ لَك، ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ مَعَ كُلِّ نِسَائِهِ، وَكُلٌّ قَالَ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ» ، فَإِنْ قِيلَ قَوْلُهُنَّ لَهُ كَيْفَ وَجَدْت أَهْلَك لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ نَدْبُهُ مُطْلَقًا لِمَا فِيهِ مِنْ نَوْعِ اسْتِهْجَانٍ مَعَ الْأَجَانِبِ خُصُوصًا الْعَامَّةَ. قُلْنَا: هَذَا الِاسْتِفْهَامُ لَيْسَ عَلَى حَقِيقَتِهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُجِبْ عَنْهُ وَإِنَّمَا هُوَ لِلتَّقْرِيرِ: أَيْ وَجَدْتهَا عَلَى مَا تُحِبُّ، وَمَعَ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُنْدَبَ هَذَا إلَّا لِعَارِفٍ بِالسُّنَّةِ، وَهُوَ بِالرِّفَاءِ بِالْمَدِّ وَالْبَنِينَ مَكْرُوهٌ، وَالْأَخْذُ بِنَاصِيَتِهَا أَوَّلَ لُقْيَاهَا وَيَقُولُ بَارَكَ اللَّهُ لِكُلٍّ مِنَّا فِي صَاحِبِهِ ثُمَّ إذَا أَرَادَ الْجِمَاعَ تَغَطَّيَا بِثَوْبٍ وَقَدَّمَا قَبْلَهُ التَّنْظِيفَ وَالتَّطَيُّبَ وَالتَّقْبِيلَ وَنَحْوَهُ مِمَّا يُنَشِّطُ لَهُ لِلْأَمْرِ بِهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ} [البقرة: 228] أَيْ أُحِبُّ أَنْ أَتَزَيَّنَ لِزَوْجَتِي كَمَا أُحِبُّ أَنْ تَتَزَيَّنَ لِي لِهَذِهِ الْآيَةِ، وَقَوْلُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَإِنْ أَيِسَ مِنْ الْوَلَدِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ: بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقَتْنَا، وَلْيَتَحَرَّ اسْتِحْضَارَ ذَلِكَ بِصِدْقٍ فِي قَلْبِهِ عِنْدَ الْإِنْزَالِ فَإِنَّ لَهُ أَثَرًا بَيِّنًا فِي صَلَاحِ الْوَلَدِ وَغَيْرِهِ، وَلَا يُكْرَهُ لِلْقِبْلَةِ وَلَوْ بِصَحْرَاءَ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ أَحَدُهُمَا فِي أَثْنَائِهِ بِمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، وَيَحْرُمُ ذِكْرُ تَفَاصِيلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْقَبُولُ قَبْلَ ذِكْرِ الْمَهْرِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ إلَخْ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: فِي أَثْنَاءِ ذِكْرِ الْمَهْرِ وَصِفَاتِهِ) أَيْ أَوْ قَبْلَ ذِكْرِهِ بِالْمَرَّةِ (قَوْلُهُ: أَيْ عَدَمُهُ) أَيْ لِاشْتِرَاطٍ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ مَا فِيهِ) أَيْ فَالْأَوْجَهُ الصِّحَّةُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ نَعَمْ فِي اشْتِرَاطِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ قَوْلُ الْوَلِيِّ) أَيْ فَلَا يُطْلَبُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَتَى بِهِ أَجْنَبِيٌّ لَا تَحْصُلُ السُّنَّةُ وَلَا يَكُونُ جَهْلُ الْوَلِيِّ بِذَلِكَ عُذْرًا فِي الِاكْتِفَاءِ بِهِ مِنْ الْغَيْرِ بَلْ يَنْبَغِي لِلْعَالِمِ تَعْلِيمُهُ ذَلِكَ حَيْثُ جَهِلَهُ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْعَقْدِ) أَيْ فَيَقُولُ ذَلِكَ أَوَّلًا ثُمَّ يَذْكُرُ الْإِيجَابَ ثَانِيًا بِالصِّفَةِ السَّابِقَةِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْمَخْطُوبَةِ وَالْمَهْرِ مَعَ صِفَتِهِ مِنْ حُلُولٍ وَتَأْجِيلٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: زَوَّجْتُك) أَيْ أُرِيدُ أَنْ أُزَوِّجَك إلَخْ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَبِلَ الزَّوْجُ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ (قَوْلُهُ: وَالدُّعَاءُ لِلزَّوْجِ) أَيْ مِمَّنْ حَضَرَ سَوَاءٌ الْوَلِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: عَقِبَهُ) أَيْ الْعَقْدِ فَيَطُولُ بِطُولِ الزَّمَنِ عُرْفًا، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ الْعَقْدَ يُنْدَبُ لَهُ ذَلِكَ إذَا لَقِيَ الزَّوْجَ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ لَمْ تَنْتَفِ نِسْبَةُ الْقَوْلِ إلَى التَّهْنِئَةِ عُرْفًا (قَوْلُهُ: اسْتِحْبَابُ قَوْلِهِ) أَيْ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَيَنْبَغِي لِلزَّوْجِ أَنْ يُجِيبَهُ بِالدُّعَاءِ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ ذَلِكَ، وَلَا يَنْبَغِي ذِكْرُ أَوْصَافِ الزَّوْجَةِ، بَلْ قَدْ يَحْرُمُ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْأَوْصَافُ مِمَّا يُسْتَحَى مِنْ ذِكْرِهَا. (قَوْلُهُ: كَيْفَ وَجَدْت أَهْلَك) وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَرَّهَا عَلَى ذَلِكَ كَغَيْرِهَا. وَأَمَّا قَوْلُهَا ذَلِكَ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِاجْتِهَادٍ مِنْهَا، أَوْ أَنَّهَا كَانَتْ فَهِمَتْ اسْتِحْبَابَ ذَلِكَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِطَرِيقٍ مَا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا هُوَ) أَيْ الِاسْتِفْهَامُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ بِالرِّفَاءِ) أَيْ الِالْتِئَامِ: أَيْ أَعْرَسْت بِالرِّفَاءِ وَالْبَنِينَ مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ كُلٍّ) أَيْ وَيُسْتَحَبُّ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَيِسَ مِنْ الْوَلَدِ) أَيْ لِكِبَرٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ صِغَرِ السِّنِّ أَوْ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: وَلْيَتَحَرَّ اسْتِحْضَارَ ذَلِكَ) أَيْ قَوْلُهُ بِسْمِ اللَّهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) هَلْ مِنْهُ مَا يُرَغِّبُ الزَّوْجَ فِي الْجِمَاعِ مِمَّا يَفْعَلُهُ النِّسَاءُ حَالَةَ الْوَطْءِ مِنْ الْغُنْجِ مَثَلًا، فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْكَرَاهَةُ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ بِمَا لَا يَتَعَلَّقُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[فصل في أركان النكاح وتوابعها]

بَلْ صَحَّ مَا يَقْتَضِي كَوْنَهُ كَبِيرَةً. أَمَّا وَطْؤُهُ حَلِيلَتَهُ وَهُوَ يُفَكِّرُ فِي مَحَاسِنِ أَجْنَبِيَّةٍ حَتَّى خُيِّلَ إلَيْهِ أَنَّهُ يَطَؤُهَا فَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ، وَاَلَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ جَمْعٌ مُحَقِّقُونَ كَابْنِ الْفِرْكَاحِ وَابْنِ الْبَزَرِيِّ وَالْكَمَالِ الرَّدَّادِ شَارِحِ الْإِرْشَادِ وَالْجَلَالِ السُّيُوطِيّ وَغَيْرِهِمْ حِلُّ ذَلِكَ، وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ التَّقِيِّ السُّبْكِيّ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ يَحْسُنُ تَرْكُ الْوَطْءِ لَيْلَةَ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَوَسَطِهِ وَآخِرِهِ لِمَا قِيلَ: إنَّ الشَّيْطَانَ يَحْضُرُ فِيهِنَّ. رُدَّ بِعَدَمِ ثُبُوتِ شَيْءٍ فِي ذَلِكَ. وَبِفَرْضِهِ: الذِّكْرُ الْوَارِدُ يَمْنَعُهُ. وَيُنْدَبُ لَهُ إذَا سَبَقَ إنْزَالُهُ إمْهَالُهَا لِتُنْزِلَ وَأَنْ يَتَحَرَّى بِهِ وَقْتَ السَّحَرِ لِانْتِفَاءِ الشِّبَعِ وَالْجُوعِ الْمُفْرِطَيْنِ حِينَئِذٍ، إذْ هُوَ مَعَ أَحَدِهِمَا مُضِرٌّ غَالِبًا كَالْإِفْرَاطِ فِيهِ مَعَ التَّكَلُّفِ، وَضَبَطَ بَعْضُ الْأَطِبَّاءِ نَفْعَهُ بِأَنْ يَجِدَ دَاعِيَةً مِنْ نَفْسِهِ لَا بِوَاسِطَةٍ كَتَفَكُّرٍ. نَعَمْ فِي الْخَبَرِ الصَّحِيحِ أَمَرَ مَنْ رَأَى امْرَأَةً فَأَعْجَبَتْهُ بِهِ مُعَلَّلًا بِأَنَّ مَا مَعَ زَوْجَتِهِ كَمَا مَعَ الْمَرْئِيَّةِ، وَفِعْلُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الذَّهَابِ إلَيْهَا، أَوْ لَيْلَتَهَا وَأَنْ لَا يَتْرُكَهُ عِنْدَ قُدُومِهِ مِنْ سَفَرٍ وَالتَّقَوِّي لَهُ بِأَدْوِيَةٍ مُبَاحَةٍ مَعَ رِعَايَةِ الْقَوَانِينِ الطِّبِّيَّةِ مَعَ قَصْدِ صَالِحٍ كَعِفَّةٍ، أَوْ نَسْلٍ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِمَحْبُوبٍ فَيَكُونُ مَحْبُوبًا فِيمَا يَظْهَرُ وَكَثِيرٌ يُخْطِئُونَ ذَلِكَ فَيَتَوَلَّدُ مِنْهُ أُمُورٌ ضَارَّةٌ جِدًّا فَلْيُحْذَرْ. وَوَطْءُ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ مَكْرُوهٌ لِلنَّهْيِ عَنْهُ إنْ خَشِيَ مِنْهُ ضَرَرًا لِلْوَلَدِ بَلْ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ حَرُمَ، وَمَنْ أَطْلَقَ عَدَمَ كَرَاهَتِهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَخْشَ مِنْهُ ضَرَرًا فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ وَتَوَابِعِهَا وَهِيَ خَمْسَةٌ: زَوْجَانِ، وَوَلِيٌّ، وَشَاهِدَانِ، وَصِيغَةٌ، وَقَدَّمَهَا لِانْتِشَارِ الْخِلَافِ فِيهَا الْمُسْتَدْعِي لِطُولِ الْكَلَامِ عَلَيْهَا فَقَالَ (إنَّمَا) (يَصِحُّ النِّكَاحُ بِإِيجَابٍ) وَلَوْ مِنْ هَازِلٍ وَمِثْلُهُ الْقَبُولُ (وَهُوَ) أَنْ يَقُولَ الْعَاقِدُ (زَوَّجْتُك ـــــــــــــــــــــــــــــSبِهِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ مَقْصُودُهُ مِنْ الْجِمَاعِ كَأَنْ يَطْلُبَ مِنْهَا أَنْ تَكُونَ عَلَى صِفَةٍ يَتَمَكَّنُ مَعَهَا مِنْ تَمَامِ مُرَادِهِ فِي الْوَطْءِ (قَوْلُهُ بَلْ صَحَّ مَا يَقْتَضِي كَوْنَهُ كَبِيرَةً) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَتَفَكَّرُ فِي مَحَاسِنِ أَجْنَبِيَّةٍ) أَيْ أَوْ أَمْرَدَ فَيَتَصَوَّرُهَا بِصُورَتِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: حَلَّ ذَلِكَ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إمْهَالُهَا لِتُنْزِلَ) وَيَظْهَرُ ذَلِكَ بِإِخْبَارِهَا، أَوْ بِقَرَائِنَ تَدُلُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَالْإِفْرَاطِ فِيهِ) أَيْ الْجِمَاعِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ فِي الْخَبَرِ) هُوَ فِي حُكْمِ الْمُسْتَثْنَى مَعَ عَدَمِ الْإِتْيَانِ مَعَ الْوَاسِطَةِ (قَوْلُهُ: وَفِعْلُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ) أَيْ وَيُنْدَبُ فِعْلُهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَتْرُكَهُ عِنْدَ قُدُومِهِ) أَيْ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي تَعْقُبُ قُدُومَهُ مَثَلًا مِنْ السَّفَرِ، بَلْ، أَوْ فِي يَوْمِهِ إنْ اتَّفَقَتْ خَلْوَةٌ (قَوْلُهُ: مِنْ سَفَرٍ) أَيْ تَحْصُلُ بِهِ غَيْبَةٌ عَنْ الْمَرْأَةِ عُرْفًا (قَوْلُهُ: وَوَطْءُ الْحَامِلِ) أَيْ بَعْدَ ظُهُورِهِ وَلَوْ بِإِخْبَارِهَا حَيْثُ صَدَّقَهَا فِيهِ (قَوْلُهُ: بَلْ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ حَرُمَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ خَافَ الزِّنَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ قَوِيَ الظَّنُّ بِحَيْثُ الْتَحَقَ بِالْيَقِينِ وَكَانَ الضَّرَرُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهِ لِلْوَلَدِ مِمَّا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً كَهَلَاكِ الْوَلَدِ، وَلَا يُشْكَلُ هَذَا بِمَا مَرَّ فِي الرَّهْنِ مِنْ جَوَازِ وَطْءِ الْمَرْهُونَةِ إنْ خَافَ الزِّنَا، لِأَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ ضَرَرٌ مُحَقَّقٌ وَلَا مَظْنُونٌ، وَغَايَتُهُ أَنَّ سَبَبَ الْمَنْعِ مُجَرَّدُ تَوَهُّمِ الْحَبَلِ فِيمَنْ تَحْبَلُ وَبِفَرْضِهِ لَا ضَرُورَةَ عَلَى الرَّاهِنِ لِبَقَاءِ الدَّيْنِ وَإِنْ فَاتَ جَرْدُ التَّوَثُّقِ. (فَصْلٌ) فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: وَتَوَابِعِهَا) أَيْ كَنِكَاحِ الشِّغَارِ وَكَالشَّهَادَةِ عَلَى إذْنِ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ الْأَرْكَانُ (قَوْلُهُ وَشَاهِدَانِ) عَدَّهُمَا رُكْنًا لِعَدَمِ اخْتِصَاصِ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، بِخِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مَا لَا يُعْتَبَرُ فِي الْآخَرِ، وَجَعَلَهُمَا حَجّ رُكْنًا وَاحِدًا لِتَعَلُّقِ الْعَقْدِ بِهِمَا فَلَا تَخَالُفَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ الْقَبُولُ) أَيْ فِي أَنَّهُ يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ الْهَازِلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مَحْمُولٌ) أَيْ كَلَامُهُ. [فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ وَتَوَابِعِهَا] (فَصْلٌ) فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ

أَوْ أَنْكَحْتُك) مُوَلِّيَتِي فُلَانَةَ مَثَلًا (وَقَبُولٌ) مُرْتَبِطٌ بِالْإِيجَابِ كَمَا مَرَّ آنِفًا (بِأَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ) وَمِثْلُهُ وَكِيلُهُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ (تَزَوَّجْت) هَا (أَوْ نَكَحْت) هَا فَلَا بُدَّ مِنْ دَالٍّ عَلَيْهَا مِنْ نَحْوِ اسْمٍ، أَوْ ضَمِيرٍ، أَوْ إشَارَةٍ (أَوْ قَبِلْت) ، أَوْ رَضِيت كَمَا حَكَاهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ الْوَزِيرُ عَنْ إجْمَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ السُّبْكِيُّ، وَمِثْلُهُ أَحْبَبْت، أَوْ أَرَدْت كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ (نِكَاحَهَا) بِمَعْنَى إنْكَاحِهَا لِيُطَابِقَ الْإِيجَابَ وَلِاسْتِحَالَةِ مَعْنَى النِّكَاحِ هُنَا إذْ هُوَ الْمُرَكَّبُ مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ كَمَا مَرَّ (أَوْ تَزْوِيجَهَا) ، أَوْ النِّكَاحَ، أَوْ التَّزْوِيجَ لَا قَبِلْت وَلَا قَبِلْتهَا وَلَا قَبِلْته إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الْمُتَوَسِّطِ عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ لَكِنْ رَدَّهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا أَيْضًا تَخَاطُبٌ، فَلَوْ قَالَ لِلْوَلِيِّ زَوَّجْته ابْنَتَك فَقَالَ زَوَّجْت عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا، لَكِنْ جَزَمَ غَيْرُ وَاحِدٍ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ زَوَّجْته، أَوْ زَوَّجْتهَا ثُمَّ قَالَ لِلزَّوْجِ قَبِلْت نِكَاحَهَا فَقَالَ قَبِلْته عَلَى مَا مَرَّ، أَوْ تَزَوَّجْتهَا فَقَالَ تَزَوَّجْت صَحَّ، وَلَا يَكْفِي هُنَا نَعَمْ وَنَبَّهَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ الْوَلِيُّ: زَوَّجْتهَا لِفُلَانٍ، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى زَوَّجْتهَا لَمْ يَصِحَّ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ، وَأَوْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِلتَّخْيِيرِ مُطْلَقًا إذْ لَا يُشْتَرَطُ تَوَافُقُ اللَّفْظَيْنِ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُ قَبِلْت لِأَنَّهُ الْقَبُولُ الْحَقِيقِيُّ مَمْنُوعٌ بَلْ الْكُلُّ قَبُولٌ حَقِيقِيٌّ شَرْعًا، وَبِفَرْضِ ذَلِكَ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ لِأَنَّ غَيْرَ الْأَهَمِّ قَدْ يُقَدَّمُ لِنُكْتَةٍ كَالرَّدِّ عَلَى مُشَكِّكٍ، أَوْ مُخَالِفٍ فِيهِ وَالتَّنْظِيرُ فِي صِحَّةِ تَزَوَّجْت، أَوْ نَكَحْت لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الْإِخْبَارِ وَالْقَبُولِ، وَفِي تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ فِي قَوْلِهِ تَزَوَّجْت قَالَ أَصْحَابُنَا: لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ لَا عَقْدٌ انْتَهَى. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ آنِفًا) أَيْ فِي آخِرِ الْفَصْلِ قَبْلَهُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ طَالَ الذِّكْرُ الْفَاصِلُ بَيْنَهُمَا لَمْ يَصِحَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ دَالٍّ عَلَيْهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ السُّبْكِيُّ) أَيْ فِي رَضِيت (قَوْلُهُ: لَا قَبِلْت) أَيْ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ نِكَاحِهَا أَوْ تَزْوِيجِهَا، وَقَوْلُهُ لَكِنْ رَدُّوهُ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْمُتَوَسِّطِ. وَالْحَاصِلُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُتَوَسِّطِ أَنْ يَقُولَ الْوَلِيُّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُتَوَسِّطِ زَوَّجْت بِنْتَك فُلَانًا زَوَّجْتهَا لَهُ، أَوْ زَوَّجْته إيَّاهَا، وَلَا يَكْفِي زَوَّجْت بِدُونِ الضَّمِيرِ وَلَا زَوَّجْتهَا بِدُونِ ذِكْرِ الزَّوْجِ، وَأَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُتَوَسِّطِ تَزَوَّجْتهَا مَثَلًا تَزَوَّجْت أَوْ قَبِلْت نِكَاحَهَا لَا قَبِلْت وَحْدَهَا وَلَا مَعَ الضَّمِيرِ نَحْوُ قَبِلْته (قَوْلُهُ: لَكِنْ جَزَمَ غَيْرُ وَاحِدٍ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ:، أَوْ زَوَّجْتهَا) أَيْ فَلَا يَكْفِي زَوَّجْت فَقَطْ وَلَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ ضَمٍّ لِفُلَانٍ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ فَقَالَ قَبِلْته عَلَى مَا مَرَّ) مَرْجُوحٌ (قَوْلُهُ:، أَوْ تَزَوَّجْتهَا) أَيْ، أَوْ قَالَ الْمُتَوَسِّطُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَقَالَ تَزَوَّجْت) أَيْ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا، وَفِي هَذِهِ تُخَالِفُ مَسْأَلَةُ الْمُتَوَسِّطِ غَيْرَهَا لِمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ دَالٍّ عَلَيْهَا مِنْ نَحْوِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي هُنَا) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْمُتَوَسِّطِ بِخِلَافِهِ فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْمُتَوَسِّطِ (قَوْلُهُ: لِلتَّخْيِيرِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَتَى الْوَلِيُّ بِلَفْظِ الْإِنْكَاحِ، أَوْ التَّزْوِيجِ فَلَيْسَ قَبِلْت نِكَاحَهَا رَاجِعًا لَأَنْكَحْت وَقَبِلْت تَزْوِيجَهَا رَاجِعًا لَزَوَّجْت (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُشْتَرَطُ تَوَافُقُ اللَّفْظَيْنِ) أَيْ أَمَّا التَّوَافُقُ مَعْنًى فَلَا بُدَّ مِنْهُ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ قُبَيْلَ الْفَصْلِ وَأَنْ يُقْبَلَ عَلَى وَفْقِ الْإِيجَابِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَهْرِ إلَخْ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَلِيُّ جَدًّا وَلَهُ بِنْتَا ابْنَيْنِ فَقَالَ لِلزَّوْجِ زَوَّجْتُك مُوَلِّيَتِي فَقَبِلَ نِكَاحَ إحْدَاهُمَا الْبُطْلَانُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: كَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُ قَبِلْت) أَيْ عَلَى تَزَوَّجْت (قَوْله وَفِي تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ) مُسْتَنَدُ النَّظَرِ وَلَوْ قَالَ لِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَمَا حَكَاهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ الْوَزِيرُ) أَيْ الْحَنْبَلِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالْإِشْرَاقِ (قَوْلُهُ: فَقَالَ تَزَوَّجْت صَحَّ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: تَزَوَّجْتهَا، وَهِيَ الْأَصْوَبُ لِمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَنَبَّهَ الْوَالِدُ إلَخْ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْمُتَوَسِّطِ: أَيْ فَقَوْلُهُ فِيهَا لَكِنْ جَزَمَ غَيْرُ وَاحِدٍ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ زَوَّجْتُهُ أَوْ زَوَّجْتُهَا: أَيْ مَعَ قَوْلِهِ لِفُلَانٍ فِي الشِّقِّ الثَّانِي، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَوْلُهُ فُلَانَةُ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَفِي تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ إلَخْ) مِنْ جُمْلَةِ كَلَامِ الْمُنَظِّرِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ انْتَهَى. لَكِنْ لَيْسَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مَا يَصِحُّ تَسْلِيطُهُ عَلَيْهِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَقَدْ قِيلَ فِي صِحَّةِ تَزَوَّجْت أَوْ نَكَحْت نَظَرٌ

مَرْدُودٌ لِبِنَائِهِ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِمُجَرَّدِ تَزَوَّجْت مِنْ غَيْرِ نَحْوِ ضَمِيرٍ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ كَمَا مَرَّ، وَحِينَئِذٍ فَمَا فِي التَّعْلِيقِ صَحِيحٌ لَكِنْ لِخُلُوِّهِ عَنْ ذَلِكَ الْمُوجِبِ لِتَمَحُّضِهِ لِلْإِخْبَارِ بِهِ، أَوْ قَرَّبَهُ مِنْهُ لَا لِلتَّرَدُّدِ الَّذِي ذُكِرَ لِأَنَّ هَذَا إنْشَاءٌ شَرْعًا كَبِعْتُ وَلَا يَضُرُّ فَتْحُ تَاءِ مُتَكَلِّمٍ وَلَوْ مِنْ عَارِفٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ عَدَّهُمْ كَمَا مَرَّ فِي أَنْعَمْت بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِهَا مُخِلًّا لِلْمَعْنَى، لِأَنَّ الْمَدَارَ فِي الصِّيغَةِ عَلَى الْمُتَعَارَفِ فِي مُحَاوَرَاتِ النَّاسِ، وَلَا كَذَلِكَ الْقِرَاءَةُ وَإِبْدَالُ الزَّايِ جِيمًا وَعَكْسُهُ وَالْكَافِ هَمْزَةً كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَفِي فَتَاوَى بَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ يَصِحُّ أُنْكِحُكَ كَمَا هُوَ لُغَةُ قَوْمٍ مِنْ الْيَمَنِ، وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: لَا يَضُرُّ زَوَّجْت لَك، أَوْ إلَيْك لِأَنَّ الْخَطَأَ فِي الصِّيغَةِ إذَا لَمْ يُخِلَّ بِالْمَعْنَى يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالْخَطَإِ فِي الْإِعْرَابِ وَالتَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ انْتَهَى. وَمُرَادُهُ بِالْخَطَإِ فِي الصِّيغَةِ الصِّلَاتُ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرَ وَغَيْرِهِ مِنْ اغْتِفَارِ كُلِّ مَا لَا يُخِلُّ بِالْمَعْنَى، وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي صِحَّتُهُ مَعَ نَفْيِ الصَّدَاقِ فَيُعْتَبَرُ لِلُزُومِهِ هُنَا ذِكْرُهُ فِي كُلٍّ مِنْ شِقَّيْ الْعَقْدِ مَعَ تَوَافُقِهِمَا فِيهِ كَتَزَوَّجْتُهَا بِهِ وَإِلَّا وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ (وَيَصِحُّ تَقَدُّمُ لَفْظِ الزَّوْجِ) ، أَوْ وَكِيلِهِ سَوَاءٌ قَبِلْت وَغَيْرُهَا (عَلَى) لَفْظِ (الْوَلِيِّ) أَوْ وَكِيلِهِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ (وَلَا يَصِحُّ) النِّكَاحُ (إلَّا بِلَفْظِ التَّزْوِيجِ أَوْ الْإِنْكَاحِ) أَيْ مَا اُشْتُقَّ مِنْهُمَا، وَلَا تَكْرَارَ فِي هَذَا مَعَ مَا مَرَّ لِإِبْهَامِ حَصْرِ الصِّحَّةِ فِي تِلْكَ الصِّيَغِ فَيَصِحُّ نَحْوُ أَنَا مُزَوِّجُك إلَى آخِرِهِ وَذَلِكَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ» وَكَلِمَتُهُ مَا وَرَدَ فِي كِتَابِهِ، وَلَمْ يَرِدْ فِيهِ سِوَاهُمَا، وَالْقِيَاسُ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ فِي النِّكَاحِ ضَرْبًا مِنْ التَّعَبُّدِ فَلَمْ يَصِحَّ بِنَحْوِ لَفْظِ إبَاحَةٍ وَتَمْلِيكٍ وَهِبَةٍ وَجَعْلُهُ تَعَالَى النِّكَاحَ بِلَفْظِ الْهِبَةِ خُصُوصِيَّةٌ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقَوْلِهِ {خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: 50] صَرِيحٌ وَاضِحٌ فِي ذَلِكَ، وَخَبَرُ الْبُخَارِيِّ «مَلَّكْتُكهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي إلَخْ كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ خِلَافًا) أَيْ فَمَا فِي التَّعْلِيقِ صَحِيحٌ لِمَا بَيَّنَهُ مِنْ أَنَّ التَّنْظِيرَ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا فَعَدَمُ الصِّحَّةِ بِتَزَوَّجْتُ فَقَطْ ظَاهِرٌ وَالتَّنْظِيرُ فِيهِ مُنْدَفِعٌ (قَوْلُهُ فَمَا فِي التَّعْلِيقِ) أَيْ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: عَنْ ذَلِكَ الْمُوجِبِ) وَهُوَ الضَّمِيرُ، أَوْ نَحْوُهُ (قَوْلُهُ: الَّذِي ذُكِرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ عَارِفٍ) خِلَافًا لحج فِي الْعَارِفِ (قَوْلُهُ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ) أَيْ عَدَمَ الضَّرَرِ هُنَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَدَارَ فِي الصِّيغَةِ عَلَى الْمُتَعَارَفِ) فِي كَوْنِ فَتْحِ تَاءِ الْمُتَكَلِّمِ مِنْ الْمُتَعَارَفِ فِي مُحَاوَرَاتِ النَّاسِ وَلَوْ مِنْ الْعَارِفِ نَظَرٌ فَالْقَلْبُ إلَى مَا قَالَهُ حَجّ أَمْيَلُ (قَوْلُهُ: وَإِبْدَالُ الزَّايِ جِيمًا) أَيْ لَا يَضُرُّ، وَيَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ قَالَ الزَّوْجُ فِي الْمُرَاجَعَةِ رَاجَعْت زَوْجَتِي لِعَقْدِ نِكَاحِي فَلَا يَضُرُّ، أَوْ قَالَ زَوَّزْتُكَ، أَوْ زَوِّزْنِي (قَوْلُهُ: وَالْكَافُ هَمْزَةً) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مِنْ عَارِفٍ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لُغَتُهُ وَلَا لُثْغَةَ بِلِسَانِهِ (قَوْلُهُ: يَصِحُّ أُنْكِحُكَ) وَيَصِحُّ أَيْضًا أُزَوِّجْتُكَ وَلَوْ مِنْ عَالِمٍ، وَنُقِلَ فِي الدَّرْسِ عَنْ الرَّمْلِيِّ مَا يُوَافِقُهُ، وَوَجْهُهُ أَنْ مَعْنَى أُزَوِّجْتُكَ فُلَانَةَ صَيَّرْتُك زَوْجًا لَهَا، وَهُوَ مُسَاوٍ فِي الْمَعْنَى كَزَوَّجْتُكَهَا، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَيْضًا مَا يُخَالِفُهُ. (قَوْلُهُ: وَالتَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ) أَيْ وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَحِلُّ (قَوْلُهُ: الصِّلَاتُ) أَيْ وَهِيَ لَك، أَوْ إلَيْك إلَخْ (قَوْلُهُ: مَعَ نَفْيِ الصَّدَاقِ) أَوْ الِاقْتِصَارُ عَلَى بَعْضِ مَا سَمَّاهُ الْوَلِيُّ (قَوْلُهُ: لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ) أَيْ مَعَ تَقَدُّمِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِلَفْظِ التَّزْوِيجِ) وَلَا يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِمَا عَلَى مَا مَرَّ مِنْ إبْدَالِ الزَّايِ جِيمًا وَعَكْسُهُ (قَوْله بِأَمَانَةِ اللَّهِ) أَيْ بِجَعْلِهِنَّ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ كَالْأَمَانَاتِ الشَّرْعِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَكَلِمَتُهُ مَا وَرَدَ فِي كِتَابِهِ) أَيْ مِنْ نَحْوِ {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3] وَ {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37] (قَوْلُهُ: وَاضِحٌ فِي ذَلِكَ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِتَرَدُّدِهِ إلَى قَوْلِهِ انْتَهَى، فَقَوْلُهُ وَفِي تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ إلَخْ مِنْ جُمْلَةِ مَا قِيلَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا إنْشَاءٌ شَرْعًا) قَالَ الشِّهَابُ سم: لَا وَجْهَ لِكَوْنِهِ إنْشَاءً مَعَ نَحْوِ الضَّمِيرِ وَمُتَمَحِّضًا لِلْأَخْبَارِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ مَعَ عَدَمِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِبْدَالُ إلَخْ) مَعْطُوفٌ

بِمَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ» إمَّا وَهْمٌ مِنْ مَعْمَرٍ كَمَا قَالَهُ النَّيْسَابُورِيُّ لِأَنَّ رِوَايَةَ الْجُمْهُورِ زَوَّجْتُكهَا وَالْجَمَاعَةُ أَوْلَى بِالْحِفْظِ مِنْ الْوَاحِدِ أَوْ رِوَايَةٌ بِالْمَعْنَى لِظَنِّ التَّرَادُفِ، أَوْ جُمِعَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ إشَارَةً إلَى قُوَّةِ حَقِّ الزَّوْجِ وَأَنَّهُ كَالْمَالِكِ وَيَنْعَقِدُ نِكَاحُ الْأَخْرَسِ بِإِشَارَتِهِ الَّتِي لَا يَخْتَصُّ بِفَهْمِهَا الْفَطِنُ، وَكَذَا بِكِتَابَتِهِ عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ وَتَعَذَّرَ تَوْكِيلُهُ لِاضْطِرَارِهِ حِينَئِذٍ، وَيُلْحَقُ بِكِتَابَتِهِ فِي ذَلِكَ إشَارَتُهُ الَّتِي يَخْتَصُّ بِفَهْمِهَا الْفَطِنُ. (وَيَصِحُّ) عَقْدُ النِّكَاحِ (بِالْعَجَمِيَّةِ) (فِي الْأَصَحِّ) وَهِيَ مَا عَدَا الْعَرَبِيَّةَ مِنْ سَائِرِ اللُّغَاتِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَإِنْ أَحْسَنَ قَائِلُهَا الْعَرَبِيَّةَ اعْتِبَارًا بِالْمَعْنَى لِأَنَّهُ لَفْظٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إعْجَازٌ فَاكْتَفَى بِتَرْجَمَتِهِ. وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ اعْتِبَارًا بِاللَّفْظِ الْوَارِدِ. وَالثَّالِثُ إنْ عَجَزَ عَنْ الْعَرَبِيَّةِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا يَعُدُّهُ أَهْلُ تِلْكَ اللُّغَةِ صَرِيحًا، هَذَا إنْ فَهِمَ كُلٌّ كَلَامَ نَفْسِهِ وَالْآخَرِ. فَإِنْ فَهِمَهَا ثِقَةٌ دُونَهُمَا فَأَخْبَرَهُمَا بِمَعْنَاهَا فَوَجْهَانِ، رَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ الْمَنْعَ كَمَا فِي الْعَجَمِيِّ الَّذِي ذَكَرَ لَفْظَ الطَّلَاقِ وَأَرَادَ مَعْنَاهُ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ، قَالَ: وَصُورَتُهُ: أَنْ لَا يَعْرِفَهَا إلَّا بَعْدَ إتْيَانِهِ بِهَا، فَلَوْ أَخْبَرَهُ بِمَعْنَاهَا قَبْلُ صَحَّ إنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ، وَيُشْتَرَطُ فَهْمُ الشَّاهِدَيْنِ ذَلِكَ أَيْضًا كَمَا سَيَأْتِي. (لَا بِكِنَايَةٍ) فِي الصِّيغَةِ كَأَحْلَلْتُكَ بِنْتِي فَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ (قَطْعًا) وَإِنْ نَوَى بِهَا النِّكَاحَ وَتَوَفَّرَتْ الْقَرَائِنُ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا مَطْلَعَ لِلشُّهُودِ الْمُشْتَرَطِ حُضُورُهُمْ لِكُلِّ فَرْدٍ فَرْدٌ مِنْهُ عَلَى النِّيَّةِ، وَبِهِ فَارَقَ الْبَيْعَ وَإِنْ شُرِطَ فِيهِ الْإِشْهَادُ عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ، وَقَوْلُهُ ذَلِكَ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى اقْتِرَانِهَا بِالْعَقْدِ لَا عَلَى نَفْسِ الْعَقْدِ، وَلَوْ اسْتَخْلَفَ قَاضٍ فَقِيهًا فِي تَزْوِيجِ امْرَأَةٍ اُشْتُرِطَ اللَّفْظُ الصَّرِيحُ، وَلَوْ قَالَ زَوَّجَك اللَّهُ بِنْتِي لَمْ يَصِحَّ كَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَأَقَرَّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كِنَايَةٌ وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَنْعُ الْقِيَاسِ (قَوْلُهُ: بِمَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ هَذِهِ الصِّيغَةِ بِتَعْلِيمِك إيَّاهَا مَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ وَقَدْ كَانَ مَعْلُومًا لَهُمَا: أَيْ الزَّوْجَيْنِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا بِكِتَابَتِهِ) ظَاهِره وَلَوْ لِغَائِبٍ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ، قَالَ فِي مَتْنِ الرَّوْضِ: وَلَا بِكِتَابَةٍ، قَالَ فِي شَرْحِهِ: فِي غَيْبَةٍ أَوْ حُضُورٍ لِأَنَّهَا كِنَايَةٌ، قَالَ: بَلْ لَوْ قَالَ لِغَائِبٍ زَوَّجْتُك ابْنَتِي، أَوْ قَالَ زَوَّجْتهَا مِنْ فُلَانٍ ثُمًّ كَتَبَ فَبَلَغَهُ الْكِتَابُ، أَوْ الْخَبَرُ فَقَالَ قَبِلْت لَمْ يَصِحَّ كَمَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْأُولَى، وَسَكَتَ عَنْ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهَا سَقَطَتْ مِنْ كَلَامِهِ، إلَى أَنْ فَرَّقَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَيْنَ مَا هُنَا وَالْبَيْعِ بِأَنَّهُ أَوْسَعُ بِدَلِيلِ انْعِقَادِهِ بِالْكِنَايَةِ وَثُبُوتِ الْخِيَارِ فِيهِ انْتَهَى. وَهُوَ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ بِالْكِتَابَةِ لِكَوْنِهَا كِنَايَةً، وَهُوَ شَامِلٌ لِلْأَخْرَسِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ حَيْثُ صَحَّ عَقْدُ الْأَخْرَسِ بِالْكِتَابَةِ لِلضَّرُورَةِ عَلَى مَا ذُكِرَ فَيُحْتَمَلُ تَخْصِيصُهُ بِالْحَاضِرِ لِتَحَقُّقِ الضَّرُورَةِ فِيهِ وَيُحْتَمَلُ التَّعْمِيمُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ هَذَا، وَقَدْ يُقَالُ: مَا الْمَانِع مِنْ أَنَّ الْقَاضِيَ يُزَوِّجُهُ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ إشَارَةٌ صَرِيحَةٌ كَمَا يَتَصَرَّفُ فِي أَمْوَالِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَحْمُولٌ) أَيْ صِحَّةُ نِكَاحِهِ بِالْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ) أَيْ لِكُلِّ أَحَدٍ، أَمَّا إذَا فَهِمَهَا الْفَطِنُ دُونَ غَيْرِهِ سَاوَتْ الْكِتَابَةَ فَيَصِحُّ نِكَاحُهُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ وَتَعَذَّرَ تَوْكِيلُهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَهُ التَّوْكِيلُ بِالْكِتَابَةِ، أَوْ الْإِشَارَةِ الَّتِي يَخْتَصُّ بِفَهْمِهَا الْفَطِنُ تَعَيَّنَ لِصِحَّةِ نِكَاحِهِ تَوْكِيلُهُ، وَهُوَ قَرِيبٌ لِأَنَّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ كِنَايَةً أَيْضًا فَهِيَ فِي التَّوْكِيلِ وَهُوَ يَنْعَقِدُ بِالْكِنَايَةِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: إشَارَتُهُ الَّتِي يَخْتَصُّ بِفَهْمِهَا إلَخْ) أَيْ فَيَصِحُّ نِكَاحُهُ بِهَا لِلضَّرُورَةِ حَيْثُ تَعَذَّرَ تَوْكِيلُهُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ النِّكَاحَ لَفْظٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: رَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ) أَيْ عُرْفًا بِالْإِخْبَارِ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ (قَوْلُهُ فَهْمُ الشَّاهِدَيْنِ ذَلِكَ) أَيْ مَا أَتَى بِهِ الْعَاقِدَانِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا مَطْلَعَ) أَيْ اطِّلَاعَ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ ذَلِكَ) أَيْ نَوَيْت (قَوْلُهُ: اُشْتُرِطَ اللَّفْظُ الصَّرِيحُ) أَيْ فِي الِاسْتِخْلَافِ بِأَنْ يَقُولَ اسْتَخْلَفْتُك أَوْ أَذِنْت لَك فِي تَزْوِيجِ فُلَانَةَ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ زَوَّجَك اللَّهُ بِنْتِي لَمْ يَصِحَّ) ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى فَتْحِ تَاءِ الْمُتَكَلِّمِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ) أَيْ بَيْنَ لَفْظَيْهِمَا فِيمَا إذَا لَمْ يَقُلْ لِلْمُتَأَخِّرِ إلَّا بَعْدَ لَفْظِ الْمُتَقَدِّمِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ ذَلِكَ) أَيْ بِأَنْ قَالَ بَعْدَ الْعَقْدِ بِالْكِنَايَةِ نَوَيْت بِمَا قُلْته النِّكَاحَ (قَوْلُهُ: اُشْتُرِطَ اللَّفْظُ الصَّرِيحُ) أَيْ فِي الِاسْتِخْلَافِ،

كَذَلِكَ وَإِنْ نَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْعَبَّادِيِّ مَا يَقْتَضِي صَرَاحَتَهُ، وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا فِي الصِّيغَةِ الْكِنَايَةُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ قَالَ أَبُو بَنَاتٍ زَوَّجْتُك إحْدَاهُنَّ أَوْ بِنْتِي، أَوْ فَاطِمَةَ وَنَوَيَا مُعَيَّنَةً وَلَوْ غَيْرَ الْمُسَمَّاةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الصِّيغَةَ هِيَ الْمُحَلِّلَةُ فَاحْتِيطَ لَهَا أَكْثَرُ، وَلَا يَكْفِي زَوَّجْت ابْنَتِي أَحَدَكُمَا مُطْلَقًا (وَلَوْ قَالَ) الْوَلِيُّ (زَوَّجْتُك) إلَى آخِرِهِ (فَقَالَ) الزَّوْجُ (قَبِلْت) مُطْلَقًا، أَوْ قَبِلْته وَلَوْ فِي مَسْأَلَةِ الْمُتَوَسِّطِ عَلَى مَا مَرَّ (لَمْ يَنْعَقِدْ) النِّكَاحُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِانْتِفَاءِ لَفْظِ النِّكَاحِ، أَوْ التَّزْوِيجِ كَمَا مَرَّ، وَفِي قَوْلٍ يَنْعَقِدُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى مَا أَوْجَبَهُ الْوَلِيُّ فَإِنَّهُ كَالْمُعَادِ لَفْظًا كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْبَيْعِ، وَفَارَقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْقَبُولَ وَإِنْ انْصَرَفَ إلَى مَا أَوْجَبَهُ الْبَائِعُ إلَّا أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْكِنَايَاتِ وَالنِّكَاحُ لَا يَنْعَقِدُ بِهَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ، وَقِيلَ بِالْمَنْعِ قَطْعًا، وَقِيلَ بِالصِّحَّةِ قَطْعًا (وَلَوْ) (قَالَ) الزَّوْجُ لِلْوَلِيِّ (زَوِّجْنِي بِنْتَك فَقَالَ الْوَلِيُّ زَوَّجْتُك) بِنْتِي إلَى آخِرِهِ (أَوْ) (قَالَ الْوَلِيُّ) لِلزَّوْجِ (تَزَوَّجْتهَا) أَيْ بِنْتِي (فَقَالَ) الزَّوْجُ (تَزَوَّجْت) هَا إلَى آخِرِهِ (صَحَّ) النِّكَاحُ فِيهِمَا بِمَا ذُكِرَ لِلِاسْتِدْعَاءِ الْجَازِمِ الدَّالِّ عَلَى الرِّضَا، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ خَاطِبَ الْوَاهِبَةِ قَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَوِّجْنِيهَا، فَقَالَ زَوَّجْتُكهَا» وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ قَالَ بَعْدَهُ تَزَوَّجْتهَا وَلَا غَيْرَهُ، وَخَرَجَ بِزَوِّجْنِي: تُزَوِّجُنِي أَوْ زَوَّجْتنِي وَتَتَزَوَّجُهَا مِنِّي فَلَا يَصِحُّ لِانْتِفَاءِ الْجَزْمِ، نَعَمْ إنْ قَبِلَ، أَوْ أَوْجَبَ ثَانِيًا صَحَّ، وَلَا يَصِحُّ أَيْضًا قُلْ تَزَوَّجْتهَا، أَوْ زَوَّجْتهَا لِأَنَّهُ اسْتِدْعَاءٌ لِلَّفْظِ دُونَ التَّزْوِيجِ، وَلَا زَوَّجْت نَفْسِي، أَوْ ابْنِي مِنْ بِنْتِك لِأَنَّ الزَّوْجَ غَيْرُ مَعْقُودٍ عَلَيْهِ وَإِنْ أُعْطِيَ حُكْمَهُ فِي نَحْوِ أَنَا مِنْك طَالِقٌ مَعَ النِّيَّةِ. (وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ) فَيَفْسُدُ بِهِ كَالْبَيْعِ بَلْ أَوْلَى لِمَزِيدِ الِاحْتِيَاطِ هُنَا، وَلَوْ قَالَ زَوَّجْتُك إنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَصَدَ التَّعْلِيقَ، أَوْ أَطْلَقَ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ قَصَدَ التَّبَرُّكَ، أَوْ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ بِمَشِيئَتِهِ تَعَالَى صَحَّ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْوُضُوءِ (وَلَوْ) (بُشِّرَ) شَخْصٌ (بِوَلَدٍ فَقَالَ) لِمَنْ عِنْدَهُ هُوَ بِمَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ لِجَلِيسِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ طَلَّقَك اللَّهُ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ، لِأَنَّ مَا لَا يَنْفُذُ مِنْ الشَّخْصِ مُنْفَرِدًا إذَا أَضَافَهُ إلَى اللَّهِ كَانَ كِنَايَةً، وَمَا يَنْفُذُ مِنْهُ مُنْفَرِدًا يَكُونُ صَرِيحًا (قَوْلُهُ: وَنَوَيَا مُعَيَّنَةً) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي النِّيَّةِ بَطَلَ الْعَقْدُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَبَقِيَ مَا لَوْ زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ ثُمَّ مَاتَ ثُمَّ اخْتَلَفَتْ الزَّوْجَةُ مَعَ الزَّوْجِ فِي أَنَّهَا الْمُسَمَّاةُ بِأَنْ قَالَتْ لَسْت الْمُسَمَّاةَ وَقَالَ الشُّهُودُ بَلْ أَنْتِ الْمُسَمَّاةُ فَهَلْ الْعِبْرَةُ بِقَوْلِهَا أَوْ بِقَوْلِ الشُّهُودِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ قَالَتْ لَسْت الْمُسَمَّاةَ فِي الْعَقْدِ وَقَالَ الشُّهُودُ بَلْ أَنْتِ الْمَقْصُودَةُ بِالتَّسْمِيَةِ، وَإِنَّمَا الْوَلِيُّ سَمَّى غَيْرَك فِي الْعَقْدِ غَلَطًا وَوَافَقَهُمَا الزَّوْجُ عَلَى ذَلِكَ، فَهَلْ الْعِبْرَةُ بِقَوْلِهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النِّكَاحِ أَوْ الْعِبْرَةِ بِقَوْلِ الشُّهُودِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْغَلَطِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي زَوَّجْت ابْنَتِي أَحَدَكُمَا مُطْلَقًا) نَوَى الْوَلِيُّ مُعَيَّنًا مِنْهُمَا أَوْ لَا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُ وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ زَوَّجْتُك إحْدَى بَنَاتِي وَنَوَيَا مُعَيَّنَةً حَيْثُ صَحَّ ثُمَّ لَا هُنَا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مِنْ الزَّوْجِ الْقَبُولُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهِ لِيَقَعَ الْإِشْهَادُ عَلَى قَبُولِهِ الْمُوَافِقِ لِلْإِيجَابِ وَالْمَرْأَةُ لَيْسَ الْعَقْدُ وَالْخِطَابُ مَعَهَا وَالشَّهَادَةُ تَقَعُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْوَلِيُّ فَاغْتُفِرَ فِيهَا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْبَيْعِ) ظَاهِرٌ فِي أَنَّ قَبِلْت كِنَايَةٌ فِي الْبَيْعِ فَيَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ وَقَضِيَّةُ مَا فِي الْبَيْعِ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: إلَى آخِرِهِ) أَيْ فُلَانَةَ (قَوْلُهُ:، أَوْ زَوَّجْتهَا) أَيْ فَلَا يُغْنِي وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَنْ الْقَبُولِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الزَّوْجَ غَيْرُ مَعْقُودٍ عَلَيْهِ) عِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: قَوْلُهُ أَمَّا الْكِنَايَةُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ إلَخْ وَمِثْلُ الزَّوْجَةِ الزَّوْجُ إذَا نَوَيَا مُعَيَّنًا بِأَنْ قَالَ زَوِّجْ بِنْتَك ابْنِي، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ مِنْ الْبُطْلَانِ فِي زَوَّجْت ابْنِي مِنْ بِنْتِك ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا تَكْفِي الْكِنَايَةُ عَلَى الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ: لِمَنْ عِنْدَهُ) لَا خَفَاءَ أَنَّهُ مُسَاوٍ لِقَوْلِ الشَّارِحِ الْمَحَلِّيِّ لِجَلِيسِهِ لَا أَشْمَلَ مِنْهُ وَإِنْ أَفَادَهُ صَنِيعُ الشَّارِحِ هُنَا وَالْعِبَارَةُ الْأُولَى لِلتُّحْفَةِ، وَقَدْ رَاعَى فِيهَا مَا رَاعَاهُ الشَّارِحُ الْمَحَلِّيُّ مِمَّا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ هُنَا فَكَانَ عَلَى

وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِإِتْيَانِ الْمُصَنِّفِ بِالْفَاءِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّعْقِيبِ فِي قَوْلِهِ فَقَدْ زَوَّجْتُكهَا (إنْ كَانَ أُنْثَى فَقَدْ زَوَّجْتُكهَا) فَقَبِلَ وَبَانَتْ أُنْثَى (أَوْ) (قَالَ) شَخْصٌ لِآخَرَ (إنْ كَانَتْ بِنْتِي طَلُقَتْ وَاعْتَدَّتْ فَقَدْ زَوَّجْتُكهَا) فَقَبِلَ ثُمَّ بَانَ انْقِضَاءُ عِدَّتِهَا وَأَنَّهَا أَذِنَتْ لَهُ، أَوْ قَالَ لِمَنْ تَحْتَهُ أَرْبَعٌ إنْ كَانَتْ إحْدَاهُنَّ مَاتَتْ زَوَّجْتُك بِنْتِي فَقَبِلَ (فَالْمَذْهَبُ بُطْلَانُهُ) لِفَسَادِ الصِّيغَةِ بِالتَّعْلِيقِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِيمَنْ بَاعَ مَالَ مُوَرِّثِهِ أَوْ زَوَّجَ أَمَتِهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا حِينَ الْبَيْعِ، أَوْ التَّزْوِيجِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بَيْنَهُمَا بِجَزْمِ الصِّيغَةِ هُنَاكَ وَخَرَجَ بِوَلَدٍ مَا لَوْ بُشِّرَ بِأُنْثَى فَقَالَ بَعْدَ تَيَقُّنِهِ أَوْ ظَنِّهِ صِدْقَ الْمُخْبِرِ إنْ صَدَقَ الْمُخْبِرُ فَقَدْ زَوَّجْتُكهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِأَنَّهُ غَيْرُ تَعْلِيقٍ بَلْ تَحْقِيقٌ لِأَنَّ إنْ هُنَا بِمَعْنَى إذْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175] كَذَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ ثُمَّ قَالَا: وَيَجِبُ فَرْضُهُ فِيمَا إذَا تَيَقَّنَ صِدْقَ الْمُخْبِرِ وَإِلَّا فَلَفْظُ إنْ لِلتَّعْلِيقِ وَتَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ السُّبْكِيُّ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَمَحَلُّ كَوْنِ التَّعْلِيقِ مَانِعًا إذَا كَانَ لَيْسَ مُقْتَضَى الْإِطْلَاقِ وَإِلَّا فَيَنْعَقِدُ، فَلَوْ قَالَ الْوَلِيُّ زَوَّجْتُك ابْنَتِي إنْ كَانَتْ حَيَّةً وَكَانَتْ غَائِبَةً وَتَحَدَّثَ بِمَرَضِهَا، أَوْ ذَكَرَ مَوْتَهَا، أَوْ قَتْلَهَا وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ فَإِنَّ هَذَا التَّعْلِيقَ يَصِحُّ مَعَهُ الْعَقْدُ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ إنْ هُنَا لَيْسَتْ بِمَعْنَى إذْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَالنَّظَرُ لِأَصْلِ بَقَاءِ الْحَيَاةِ لَا يَلْحَقُهُ بِتَيَقُّنِ الصِّدْقِ فِيمَا مَرَّ، وَبَحَثَ غَيْرُهُ الصِّحَّةَ فِي إنْ كَانَتْ فُلَانَةُ مُوَلِّيَتِي فَقَدْ زَوَّجْتُكهَا وَفِي زَوَّجْتُك إنْ شِئْت كَالْبَيْعِ إذْ لَا تَعْلِيقَ فِي الْحَقِيقَةِ اهـ. وَيُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ أَنَّهَا مُوَلِّيَتُهُ. وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا لَمْ يُرِدْ التَّعْلِيقَ وَلَا يُقَاسُ بِالْبَيْعِ كَمَا تَقَرَّرَ. (وَلَا) (تَوْقِيتُهُ) بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ، أَوْ مَجْهُولَةٍ فَيَفْسُدُ لِصِحَّةِ النَّهْيِ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، وَجَازَ أَوَّلًا رُخْصَةً لِلْمُضْطَرِّ ثُمَّ حَرُمَ عَامَ خَيْبَرَ ثُمَّ جَازَ عَامَ الْفَتْحِ وَقَبْلَ حِجَّةِ الْوَدَاعِ، ثُمَّ حَرُمَ أَبَدًا بِالنَّصِّ الصَّرِيحِ الَّذِي لَوْ بَلَغَ ابْنَ عَبَّاسٍ لَمْ يَسْتَمِرَّ عَلَى حِلِّهَا مُخَالِفًا كَافَّةَ الْعُلَمَاءِ، وَمَا حُكِيَ عَنْهُ مِنْ الرُّجُوعِ عَنْ ذَلِكَ لَمْ يَثْبُتْ بَلْ صَحَّ عَنْ جَمْعٍ مِنْ السَّلَفِ أَنَّهُمْ وَافَقُوهُ فِي الْحِلِّ لَكِنْ خَالَفُوهُ فَقَالُوا لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ النِّكَاحِ، وَبِهَذَا نَازَعَ الزَّرْكَشِيُّ فِي حِكَايَةِ الْإِجْمَاعِ فَقَالَ الْخِلَافُ مُحَقَّقٌ وَإِنْ ادَّعَى جَمْعٌ نَفْيَهُ، وَكَذَا لُحُومُ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ حُرِّمَتْ مَرَّتَيْنِ، وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ صِحَّتَهُ عِنْدَ تَوْقِيتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ) أَيْ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ فَرْضُهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ الْوَلِيُّ) تَفْرِيعٌ عَلَى مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ لِأَنَّ إنْ فِي هَذَا التَّرْكِيبِ لَيْسَتْ بِمَعْنَى إذْ، بِخِلَافِهَا فِيمَا مَرَّ فَإِنَّهَا بِمَعْنَاهَا لِتَيَقُّنِ صِدْقِ الْمُخْبِرِ. أَمَّا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ فَالشَّكُّ مَنَعَ مِنْ حَمْلِهَا عَلَى مَعْنَى إذْ وَأَوْجَبَ اسْتِعْمَالَهَا لِلتَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ وَيُحْمَلُ الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ فُلَانَةَ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ إنْ شِئْت (قَوْلُهُ: لِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ مَزِيدِ الِاحْتِيَاطِ هُنَا. (قَوْلُهُ: وَلَا تَوْقِيتُهُ) أَيْ حَيْثُ وَقَعَ ذَلِكَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ أَمَّا لَوْ تَوَافَقَا عَلَيْهِ قَبْلُ وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لَهُ فِي الْعَقْدِ لَمْ يَضُرَّ لَكِنْ يَنْبَغِي كَرَاهَتُهُ أَخْذًا مِنْ نَظِيرِهِ فِي الْحَالِ (قَوْلُهُ: وَجَازَ) أَيْ التَّوْقِيتُ (قَوْلُهُ: مُخَالِفًا كَافَّةَ الْعُلَمَاءِ) أَيْ وَلَا يُحَدُّ مَنْ نَكَحَ بِهِ لِهَذِهِ الشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ: حُرِّمَتْ مَرَّتَيْنِ) وَمِمَّا تَقَرَّرَ نَسْخُهُ أَيْضًا الْقِبْلَةُ وَالْوُضُوءُ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ، وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ فَقَالَ: ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّارِحِ أَنْ يُعَبِّرَ بِمَا هُوَ أَعَمُّ ثُمَّ يَقُولَ: وَإِنَّمَا قَالَ الشَّارِحُ لِجَلِيسِهِ لِإِتْيَانِ الْمُصَنِّفِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي قَوْلِهِ فَقَدْ زَوَّجْتُكهَا) صَوَابُهُ فِي قَوْلِهِ فَقَالَ (قَوْلُهُ: بَعْدَ تَيَقُّنِهِ أَوْ ظَنِّهِ صِدْقَ الْمُخْبِرِ) لَيْسَ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ وَإِنْ أَفَادَهُ صَنِيعُ الشَّارِحِ، بَلْ هُوَ تَقْيِيدٌ مِنْ الشَّيْخَيْنِ لِهَذَا الْمَنْقُولِ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ قَالَا فَيَجِبُ فَرْضُهُ إلَخْ الْمُقَيَّدُ لِنَقِيضِ مَا أَفَادَهُ هَذَا الصَّنِيعُ، فَكَانَ الْأَصْوَبُ حَذْفَ قَوْلِهِ بَعْدَ تَيَقُّنِهِ إلَخْ لِيَتَأَتَّى قَوْله ثُمَّ قَالَا إلَخْ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَوْ حَذْفِ قَوْلِهِ ثُمَّ قَالَا إلَخْ، وَالْإِتْيَانُ بِأَيٍّ التَّفْسِيرِيَّةِ قَبْلَ قَوْلِهِ بَعْدَ تَيَقُّنِهِ إلَخْ لِيُفِيدَ أَنَّ هَذَا التَّقْيِيدَ لَيْسَ مِنْ جُمْلَةِ مَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ وَإِنَّمَا هُوَ تَقْيِيدٌ لَهُ (قَوْلُهُ: لِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ الِاحْتِيَاطِ هُنَا (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا) أَيْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ مُوَافَقَةِ

بِمُدَّةِ عُمْرِهِ، أَوْ عُمْرِهَا لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْوَاقِعِ مَمْنُوعٌ، فَقَدْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ فِي الْبَيْعِ بِأَنَّهُ إذَا قَالَ: بِعْتُك هَذَا حَيَاتَك لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ؛ فَالنِّكَاحُ أَوْلَى؛ وَلِأَنَّ الْمَوْتَ لَا يَرْفَعُ آثَارَ النِّكَاحِ كُلَّهَا، فَالتَّعْلِيقُ بِالْحَيَاةِ الْمُقْتَضِي لِرَفْعِهَا بِالْمَوْتِ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَاهُ حِينَئِذٍ وَبِهِ يَتَأَيَّدُ إطْلَاقُهُمْ لَا يُقَالُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ صِحَّتِهِمَا نَفْيُ صِحَّةِ الْعَقْدِ لِأَنَّا نَقُولُ: بِلُزُومِهِ عَلَى قَوَاعِدِنَا وَإِنْ نُقِلَ عَنْ زُفَرَ صِحَّتُهُ وَإِلْغَاءُ التَّوْقِيتِ، وَمِثْلُ مَا تَقَرَّرَ مَا لَوْ أَقَّتَهُ بِمُدَّةٍ لَا تَبْقَى الدُّنْيَا إلَيْهَا غَالِبًا كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِصِيَغِ الْعُقُودِ لَا بِمَعَانِيهَا. (وَلَا نِكَاحَ الشِّغَارِ) بِمُعْجَمَتَيْنِ أُولَاهُمَا مَكْسُورَةٌ لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ، مِنْ شَغَرَ الْكَلْبُ رِجْلَهُ: رَفَعَهَا لِيَبُولَ، فَكَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَقُولُ: لَا تَرْفَعْ رِجْلَ بِنْتِي حَتَّى أَرْفَعَ رِجْلَ بِنْتِك، أَوْ مِنْ شَغَرَ الْبَلَدُ إذَا خَلَا لِخُلُوِّهِ عَنْ الْمَهْرِ، أَوْ عَنْ بَعْضِ الشُّرُوطِ (وَهُوَ) شَرْعًا كَمَا فِي آخِرِ الْخَبَرِ الْمُحْتَمِلِ أَنْ يَكُونَ مِنْ تَفْسِيرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِنْ تَفْسِيرِ ابْنِ عُمَرَ رَاوِيهِ أَوْ نَافِعٍ رَاوِيهِ عَنْهُ وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد فَيُرْجَعُ إلَيْهِ (زَوَّجْتُكهَا) أَيْ بِنْتِي (عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي) ، أَوْ تُزَوِّجَ ابْنِي مَثَلًا (بِنْتَك وَبُضْعُ كُلِّ وَاحِدَةٍ) مِنْهُمَا (صَدَاقُ الْأُخْرَى فَيَقْبَلُ) ذَلِكَ وَعِلَّةُ الْبُطْلَانِ التَّشْرِيكُ فِي الْبُضْعِ لِأَنَّ كُلًّا جَعَلَ بُضْعَ مُوَلِّيَتِهِ مَوْرِدًا لِلنِّكَاحِ وَصَدَاقًا لِلْأُخْرَى فَأَشْبَهَ تَزْوِيجَهَا مِنْ رَجُلَيْنِ (فَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ الْبُضْعَ صَدَاقًا) بِأَنْ قَالَ زَوَّجْتُك بِنْتِي عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي بِنْتَك وَلَمْ يَزِدْ فَقَبِلَ (فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ) لِلنِّكَاحَيْنِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ لِانْتِفَاءِ التَّشْرِيكِ فِي الْبُضْعِ وَمَا فِيهِ مِنْ شَرْطِ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ لَا يُفْسِدُ النِّكَاحَ، وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ أَنَّ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي بِنْتَك اسْتِيجَابٌ قَائِمٌ مَقَامَ زَوِّجْنِي وَإِلَّا لَوَجَبَ الْقَبُولُ بَعْدُ وَلَوْ جُعِلَ الْبُضْعُ صَدَاقًا لِأَحَدِهِمَا بَطَلَ مَنْ جُعِلَ بُضْعُهَا صَدَاقًا فَقَطْ، فَفِي زَوَّجْتُكهَا عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي بِنْتَك وَبُضْعُ بِنْتِك صَدَاقُ بِنْتِي يَصِحُّ الْأَوَّلُ فَقَطْ، وَفِي عَكْسِهِ يَبْطُلُ الْأَوَّلُ فَقَطْ وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِوُجُودِ التَّعْلِيقِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَزَعَمَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ مَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ مُخَالِفٌ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَنُصُوصِ الشَّافِعِيِّ (وَلَوْ سَمَّيَا) أَوْ أَحَدُهُمَا (مَالًا مَعَ جَعْلِ الْبُضْعِ صَدَاقًا) كَأَنْ قَالَ وَبُضْعُ كُلٍّ وَأَلْفٌ صَدَاقُ الْأُخْرَى (بَطَلَ فِي الْأَصَحِّ) لِبَقَاءِ مَعْنَى التَّشْرِيكِ وَالثَّانِي يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى صُورَةِ تَفْسِيرِ الشِّغَارِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَحِلَّ عَنْ الْمَهْرِ وَلَوْ قَالَ لِمَنْ تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ زَوَّجْتُك أَمَتِي عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي ابْنَتَك بِرَقَبَةِ الْأَمَةِ فَزَوَّجَهُ عَلَى ذَلِكَ صَحَّ النِّكَاحَانِ لِعَدَمِ التَّشْرِيكِ فِيمَا وَرَدَ عَلَيْهِ عَقْدُ النِّكَاحِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا لِعَدَمِ التَّسْمِيَةِ وَالتَّفْوِيضِ فِي الْأُولَى وَفَسَادِ الْمُسَمَّى ـــــــــــــــــــــــــــــSوَأَرْبَعٌ تَكَرَّرَ النَّسْخُ لَهَا ... جَاءَتْ بِهَا الْأَخْبَارُ وَالْآثَارُ فَقُبْلَةٌ وَمُتْعَةٌ وَخَمْرٌ ... كَذَا الْوُضُوءُ مِمَّا تَمَسُّ النَّارُ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْمَوْتَ إلَخْ) وَبِهَذَا التَّعْلِيقِ يَنْدَفِعُ مَا أُورِدَ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمِلْكَ يَنْتَقِلُ فِي الْمَبِيعِ لِوَرَثَةِ الْمُشْتَرِي وَالزَّوْجِيَّةُ تَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ (قَوْلُهُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ صِحَّتِهِمَا) أَيْ الْمُدَّةِ الْمَعْلُومَةِ وَالْمَجْهُولَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نُقِلَ عَنْ زُفَرَ) مِنْ أَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ مَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي الْبُطْلَانِ. (قَوْلُهُ: وَلَا نِكَاحُ الشِّغَارِ) أَيْ وَلَا يُحَدُّ مَنْ نَكَحَ بِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي مَتْنِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ، أَوْ مَنْ شَغَرَ الْبَلَدَ إذَا خَلَا) أَيْ عَنْ السُّلْطَانِ (قَوْلُهُ: لَا يَفْسُدُ النِّكَاحُ) أَيْ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: اسْتِيجَابٌ) أَيْ فَقَوْلُهُ زَوَّجْتُك بِنْتِي عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي بِنْتَك بِمَنْزِلَةِ زَوِّجْنِي بِنْتَك وَزَوَّجْتُك بِنْتِي، وَقَوْلُهُ قَبِلْت النِّكَاحَ مُسْتَعْمَلٌ فِي قَبُولِ نِكَاحِ نَفْسِهِ وَتَزْوِيجِ ابْنَتِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ قَبِلْت نِكَاحَ بِنْتِك وَزَوَّجْتُك ابْنَتِي (قَوْلُهُ: قَائِمٌ مَقَامَ زَوِّجْنِي) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: يَصِحُّ الْأَوَّلُ فَقَطْ) أَيْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: وَالتَّفْوِيضِ) أَيْ وَلِعَدَمِ التَّفْوِيضِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQجَمْعٍ مِنْ السَّلَفِ لِابْنِ عَبَّاسٍ (قَوْلُهُ: فَالنِّكَاحُ أَوْلَى) قَدْ تُمْنَعُ هَذِهِ الْأَوْلَوِيَّةُ بَلْ الْمُسَاوَاةُ بِأَنَّ النِّكَاحَ يَرْتَفِعُ بِالْمَوْتِ بِدَلِيلِ أَنَّهَا تَتَزَوَّجُ بَعْدَهُ وَإِنْ بَقِيَتْ آثَارُهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: مِنْ نَفْيِ صِحَّتِهِمَا) أَيْ التَّوْقِيتِ بِعُمُرِهِ أَوْ عُمُرِهَا (قَوْلُهُ: كَمَا فِي آخِرِ الْخَبَرِ إلَخْ) يَعْنِي تَفْسِيرَ الشِّغَارِ بِمَا يَأْتِي فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَالتَّفْوِيضُ) أَيْ وَلِعَدَمِ التَّفْوِيضِ

فِي الثَّانِيَةِ، إذْ لَوْ صَحَّ الْمُسَمَّى فِيهَا لَزِمَ صِحَّةُ نِكَاحِ الْأَبِ جَارِيَةَ ابْنِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ، وَلَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ زَيْدٌ مَثَلًا بِنْتَه وَصَدَاقُ الْبِنْتِ بُضْعُ الْمُطَلَّقَةِ فَزَوَّجَهُ عَلَى ذَلِكَ صَحَّ التَّزْوِيجُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ لِفَسَادِ الْمُسَمَّى وَوَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ، أَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ عَلَى أَنْ يُعْتِقَ زَيْدٌ عَبْدَهُ وَيَكُونُ طَلَاقُهَا عِوَضًا عَنْ عِتْقِهِ فَأَعْتَقَهُ عَلَى ذَلِكَ طَلُقَتْ وَنَفَذَ الْعِتْقُ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ نَقَلَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ ابْنِ كَجٍّ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَرَجَعَ الزَّوْجُ عَلَى السَّيِّدِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَالسَّيِّدُ عَلَى الزَّوْجِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ، وَسَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الزَّوْجِ مِنْ عِلْمِهِ، أَوْ ظَنِّهِ حِلَّ الْمَرْأَةِ لَهُ، فَلَوْ جَهِلَ حِلَّهَا لَمْ يَصِحَّ نِكَاحُهَا احْتِيَاطًا لِعَقْدِ النِّكَاحِ. وَقَدْ سُئِلَ الْوَالِدُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ عَنْ قَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ فِي قُوَّتِهِ وَغَيْرِهِ: إنَّ الْأَصْلَ فِي عُقُودِ الْعَوَامّ الْفَسَادُ. وَالْعِلْمُ بِشُرُوطِ عَقْدِ النِّكَاحِ حَالَ الْعَقْدِ شَرْطٌ كَمَا قَالَاهُ، فَإِذَا طَلَّقَ شَخْصٌ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا وَسُئِلَ عَنْ الْعَاقِدِ فَإِذَا هُوَ جَاهِلٌ بِحَيْثُ لَوْ سُئِلَ عَنْ الشُّرُوطِ لَا يَعْرِفُهَا الْآنَ وَلَا يَعْلَمُهَا عِنْدَ الْعَقْدِ هَلْ يَحْتَاجُ إلَى مُحَلِّلٍ أَمْ يَجُوزُ التَّجْدِيدُ بِدُونِهِ وَمَا تَعْرِيفُ الْعَامِّيِّ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ الْمَذْكُورِ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ اجْتِمَاعِ مُعْتَبَرَاتِهَا وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ الْحُكْمَ بِصِحَّتِهَا لِأَنَّهَا الظَّاهِرُ مِنْ الْعُقُودِ الْجَارِيَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَحِينَئِذٍ فَذِكْرُهُ الْعَوَامَّ مِثَالٌ إذْ غَيْرُهُمْ كَذَلِكَ، أَوْ أَنَّ الْغَالِبَ فِي عُقُودِ الْعَوَامّ فَسَادُهَا لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِمْ مُعْتَبَرَاتِهَا بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ، وَأَمَّا مَا قَالَاهُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَنَّ الْعِلْمَ بِشُرُوطِهِ حَالَ عَقْدِهِ شَرْطٌ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ لِجَوَازِ مُبَاشَرَتِهِ لَا لِصِحَّتِهِ حَتَّى إذَا كَانَتْ الشُّرُوطُ مُتَحَقِّقَةً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَانَ النِّكَاحُ صَحِيحًا وَإِنْ كَانَ الْمُبَاشِرُ مُخْطِئًا فِي مُبَاشَرَتِهِ وَيَأْثَمُ إذَا قَدِمَ عَلَيْهِ عَالِمًا بِامْتِنَاعِهِ، فَفِي الْبَحْرِ لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً يَعْتَقِدُ أَنَّهَا أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ ثُمَّ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ صَحَّ النِّكَاحُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَحَكَى أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَعِنْدِي هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِشَرْطٍ صَرَّحُوا بِاعْتِبَارِ ـــــــــــــــــــــــــــــSإذْ صُورَةُ التَّفْوِيضِ فِي الْأَمَةِ أَنْ يَقُولَ زَوَّجْتُكهَا بِلَا مَهْرٍ، وَبِالْجُمْلَةِ فَالْأَمَةُ لَمْ يُذْكَرْ لَهَا مَهْرٌ وَذَلِكَ مُوجِبٌ لِمَهْرِ الْمِثْلِ إذْ لَمْ يُوجَدْ تَفْوِيضٌ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ لَهَا شَيْءٌ إلَّا بِالدُّخُولِ، أَوْ الْفَرْضِ عَلَى مَا يَأْتِي، فَحَيْثُ انْتَفَى التَّفْوِيضُ هُنَا وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ زَوَّجْتُك وَقَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ هِيَ قَوْلُهُ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي (قَوْلُهُ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ) أَيْ وَيَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ الْمُطَلِّقُ عَلَى الْآخَرِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ لِفَسَادِ الْعِوَضِ (قَوْلُهُ: طَلَّقْت) أَيْ بَائِنًا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ انْتَهَى مُؤَلِّفٌ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ الزَّوْجُ) أَيْ فِيمَا لَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ عَلَى أَنْ يُعْتِقَ زَيْدٌ عَبْدَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ:، أَوْ ظَنَّهُ) أَيْ ظَنًّا قَوِيًّا (قَوْلُهُ: فَلَوْ جَهِلَ حِلَّهَا) أَيْ وَاسْتَمَرَّ جَهْلُهُ كَأَنْ شَكَّ فِي مَحْرَمِيَّتِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ عَدَمَهَا بَعْدُ أَوْ كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ خُنْثَى وَإِنْ اتَّضَحَ بِالْأُنُوثَةِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَفِي الْبَحْرِ) اسْتِظْهَارًا عَلَى قَوْلِهِ حَتَّى إذَا كَانَتْ الشُّرُوطُ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ) أَيْ لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِالشُّرُوطِ، وَقَوْلُهُ وَعَلَيْهِ: أَيْ عَلَى مَا حَكَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِذَا طَلَّقَ شَخْصٌ إلَخْ) هُوَ مِنْ كَلَامِ السَّائِلِ لَا مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: وَسُئِلَ عَنْ الْعَاقِدِ) أَيْ وَقَعَ السُّؤَالُ أَيْ الْبَحْثُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ اجْتِمَاعِ مُعْتَبَرَاتِهَا) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَاتِ أُمُورٌ وُجُودِيَّةٌ وَالْأَصْلُ فِيهَا الْعَدَمُ، فَالْمُرَادُ بِالْأَصْلِ الْأَصْلُ بِاصْطِلَاحِ أَهْلِ الْأُصُولِ الْمُقَابِلُ لِلظَّاهِرِ كَمَا سَيَأْتِي مُقَابَلَتُهُ بِهِ، وَحَاصِلُ كَلَامِ الْفَتَاوَى فِي تَفْسِيرِ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُ يَجُوزُ فِيهِ أَمْرَانِ: إمَّا أَنْ يُرَادَ بِالْأَصْلِ مَا ذُكِرَ مِنْ اصْطِلَاحِ أَهْلِ الْأُصُولِ بِالْمَعْنَى الَّذِي قَرَّرْته وَحِينَئِذٍ فَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْعَوَامِّ؛ لِأَنَّ الْإِتْيَانَ بِالْمُعْتَبَرَاتِ مُطْلَقًا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُهَا وَإِنْ حُكِمَ بِصِحَّةِ الْعُقُودِ تَرْجِيحًا لِلظَّاهِرِ هُنَا عَلَى الْأَصْلِ. وَإِمَّا أَنْ يُرَادَ بِالْأَصْلِ الْغَالِبُ عَلَى خِلَافِ اصْطِلَاحِ أَهْلِ الْأُصُولِ وَحِينَئِذٍ فَذِكْرُ الْعَوَامّ قَيْدٌ لَا مِثَالٌ (قَوْلُهُ: فَفِي الْبَحْرِ لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً إلَخْ) سَيَأْتِي تَضْعِيفُهُ (قَوْلُهُ: لَيْسَ بِشَيْءٍ) هُوَ آخِرُ كَلَامِ الْبَحْرِ

تَحَقُّقِهِ كَحِلِّ الْمَنْكُوحَةِ، وَعَلَيْهِ قَالُوا فِي مَسْأَلَةِ الْبَحْرِ عَدَمُ الصِّحَّةِ لَا أَنَّهُ عَامٌّ لِجَمِيعِ الشُّرُوطِ بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ زَوَّجَ أَمَةَ مُوَرِّثِهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا صَحَّ، وَالشَّكُّ هُنَا فِي وِلَايَةِ الْعَاقِدِ بِالْمِلْكِ وَهُوَ مِنْ أَرْكَانِ النِّكَاحِ، وَبِأَنَّهُ لَوْ عُقِدَ النِّكَاحُ بِحَضْرَةِ خُنْثَيَيْنِ فَبَانَا رَجُلَيْنِ صَحَّ، وَالشَّكُّ هُنَا فِي الشَّاهِدَيْنِ وَهُمَا مِنْ أَرْكَانِهِ أَيْضًا وَنَظَائِرُهَا كَثِيرَةٌ فِي كَلَامِهِمْ، فَعُلِمَ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لَا تَحِلُّ لِمُطَلِّقِهَا إلَّا بَعْدَ التَّحْلِيلِ بِشُرُوطِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْعَامِّيِّ هُنَا مَنْ لَمْ يُحَصِّلْ مِنْ الْفِقْهِ شَيْئًا يَهْتَدِي بِهِ إلَى الْبَاقِي وَلَيْسَ مُشْتَغِلًا بِالْفِقْهِ، وَلَا بُدَّ فِي الزَّوْجَةِ مِنْ الْخُلُوِّ مِنْ نِكَاحٍ وَعِدَّةٍ وَمِنْ جَهْلٍ مُطْلَقٍ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ الْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُ، وَفِي الْوَلِيِّ مِنْ نَحْوِ فَقْدِ رِقٍّ وَصِبًا وَأُنُوثَةٍ، أَوْ خُنُوثَةٍ وَغَيْرِهَا مِمَّا يَأْتِي، وَفِي الثَّلَاثَةِ مِنْ تَعْيِينٍ إلَّا فِي إحْدَى بَنَاتِي وَاخْتِيَارٍ إلَّا فِي الْمُجْبَرَةِ وَعَدَمِ إحْرَامٍ. (وَلَا يَصِحُّ) النِّكَاحُ (إلَّا بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ) وَلَوْ اتَّفَقَا بِأَنْ يَسْمَعَا الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ» وَمَا كَانَ مِنْ نِكَاحٍ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ. وَالْمَعْنَى فِيهِ الِاحْتِيَاطُ لِلْأَبْضَاعِ وَصِيَانَةُ الْأَنْكِحَةِ عَنْ الْجُحُودِ وَيُسَنُّ إحْضَارُ جَمْعٍ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ (شَرْطُهُمَا حُرِّيَّةٌ) كَامِلَةٌ فِيهِمَا (وَذُكُورَةٌ) مُحَقَّقَةٌ وَكَوْنُهُمَا إنْسِيَّيْنِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ فَلَا يَنْعَقِدُ بِمَنْ فِيهِ رِقٌّ وَلَا بِامْرَأَةٍ وَلَا بِخُنْثَى إلَّا إنْ بَانَ ذَكَرًا كَالْوَلِيِّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ عَقَدَ عَلَى خُنْثَى، أَوْ لَهُ وَإِنْ بَانَ عَدَمُ الْخَلَلِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الشَّهَادَةَ وَالْوِلَايَةَ مَقْصُودَانِ لِغَيْرِهِمَا، بِخِلَافِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَاحْتِيطَ لَهُ أَكْثَرُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عَقَدَ عَلَى مَنْ شَكَّ فِي كَوْنِهَا مَحْرَمًا لَهُ فَبَانَتْ غَيْرَ مَحْرَمٍ لَمْ يَصِحَّ كَمَا قَالَاهُ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ وَمَرَّ آنِفًا مَا فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: عَدَمُ الصِّحَّةِ) سَيَأْتِي لَهُ فِي الشَّرْحِ مَا يُصَرِّحُ بِهِ بِأَنَّ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَنَّ مَا فِي الْبَحْرِ ضَعِيفٌ وَسَنَذْكُرُ عَنْهُ مَا يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: لَا أَنَّهُ عَامٌّ) مُتَّصِلٌ بِمَخْصُوصٍ (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لَا أَنَّهُ عَامٌّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْوَلِيُّ (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ الْحُكْمَ بِصِحَّتِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ فَإِذَا طَلَّقَ شَخْصٌ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا وَسُئِلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مُشْتَغِلًا بِالْفِقْهِ) قَضِيَّتُهُ أَنْ مَنْ لَمْ يُحَصِّلْ مِنْ الْفِقْهِ مَا ذُكِرَ وَلَكِنَّهُ مُشْتَغِلٌ بِهِ لَيْسَ عَامِّيًّا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَإِنْ كَانَ مُشْتَغِلًا بِالْفِقْهِ إلَخْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ حَيْثُ كَانَ مُشْتَغِلًا بِالْفِقْهِ كَانَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ الْبَحْثَ مِنْ تَصْحِيحِ الْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنْ الْفِقْهِ مَا يَهْتَدِي بِهِ إلَى بَاقِيهِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ جَهِلَ مُطْلَقَ) أَيْ بِأَنْ لَا يَعْرِفَهَا بِوَجْهٍ كَأَنْ قِيلَ لَهُ زَوَّجْتُك هَذِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ اسْمَهَا وَلَا نَسَبَهَا انْتَهَى حَجّ. وَفِيهِ كَلَامٌ حَسَنٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَفِي الثَّلَاثَةِ) أَيْ الْوَلِيِّ وَالزَّوْجِ وَالْمَرْأَةِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْوَلِيُّ لِرَجُلٍ لَا يَعْرِفُ لَهُ اسْمًا وَلَا نَسَبًا زَوَّجْتُك بِنْتِي فَقَبِلَ أَنَّهُ يَصِحُّ النِّكَاحُ، بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَرْأَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ زَوَّجْتُك هَذِهِ لِمَنْ لَمْ يَعْرِفْ اسْمَهَا وَنَسَبَهَا لَمْ يَصِحَّ (قَوْلُهُ: وَاخْتِيَارٍ) أَيْ وَيُشْتَرَطُ اخْتِيَارُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَصِيَانَةُ) عَطْفُ مُغَايِرٍ (قَوْلُهُ: وَكَوْنُهُمَا إنْسِيَّيْنِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي حُضُورُ الْجِنِّيِّ، وَقَيَّدَهُ حَجّ بِمَا إذَا لَمْ تُعْلَمْ عَدَالَتُهُ الظَّاهِرَةُ (قَوْله فَبَانَتْ غَيْرَ مَحْرَمٍ لَمْ يَصِحَّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْله وَمَرَّ آنِفًا مَا فِيهِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَحَكَى أَبُو إِسْحَاقَ إلَخْ، وَالْمُعْتَمَدُ الصِّحَّةُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَقْدِ عَلَى الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ حَيْثُ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ ثَبَتَ أُنُوثَتُهُ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ عَلَيْهِ بِحَالٍ، بِخِلَافِ الْمَحْرَمِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْعَقْدُ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ اهـ مُؤَلِّفٌ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الشَّرْحِ وَمَا فِي الشَّرْحِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. [فَرْعٌ اسْتِطْرَادِيٌّ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ مَنْ يُرِيدُ الزَّوَاجَ يَأْخُذُ حُصْرَ الْمَسْجِدِ لِلْجُلُوسِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ عَقِبَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَمِنْ جَهْلٍ مُطْلَقٍ) أَيْ وَلَا بُدَّ مِنْ خُلُوِّهِ مِنْ جَهْلِ الزَّوْجِ بِهَا جَهْلًا مُطْلَقًا: أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِ إيَّاهَا إمَّا بِعَيْنِهَا أَوْ بِاسْمِهَا وَنَسَبِهَا كَمَا أَوْضَحَهُ فِي التُّحْفَةِ أَتَمَّ إيضَاحٍ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي إحْدَى بَنَاتِي) أَيْ بِشَرْطِهِ بِأَنْ نَوَيَا مُعَيَّنَةً (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ) فِيهِ تَسَمُّحٌ بِالنِّسْبَةِ لِلزَّوْجِ وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ غَيْرُ مَعْقُودٍ عَلَيْهِ

(وَعَدَالَةٌ) وَمِنْ لَازِمِهَا الْإِسْلَامُ وَالتَّكْلِيفُ الْمَذْكُورَانِ فِي الْمُحَرَّرِ وَلَا يُنَافِي هَذَا انْعِقَادَهُ بِالْمَسْتُورِينَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الرُّخْصَةِ، أَوْ ذِكْرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ ثُمَّ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ (وَسَمْعٌ) لِأَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ قَوْلٌ فَاشْتُرِطَ سَمَاعُهُ حَقِيقَةً (وَبَصَرٌ) لِمَا يَأْتِي أَنَّ الْأَقْوَالَ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِالْمُشَاهَدَةِ وَالسَّمَاعِ (وَفِي الْأَعْمَى وَجْهٌ) لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلشَّهَادَةِ فِي الْجُمْلَةِ وَالْأَصَحُّ لَا، وَإِنْ عَرَفَ الزَّوْجَيْنِ، وَمِثْلُهُ مَنْ بِظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ. وَفِي الْأَصَمِّ أَيْضًا وَجْهٌ، وَنُطْقٌ، وَعَدَمُ حَجْرِ سَفَهٍ، وَانْتِفَاءُ حِرْفَةٍ دَنِيئَةٍ تُخِلُّ بِمُرُوءَتِهِ، وَعَدَمُ اخْتِلَالِ ضَبْطٍ لِغَفْلَةٍ، أَوْ نِسْيَانٍ، وَمَعْرِفَةُ لِسَانِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ؛ فَلَا يَكْفِي إخْبَارُ ثِقَةٍ بِمَعْنَاهُ، وَقِيلَ يَكْفِي ضَبْطُ اللَّفْظِ (وَالْأَصَحُّ انْعِقَادُهُ) بَاطِنًا وَظَاهِرًا بِمَحْرَمَيْنِ لَكِنَّ الْأَوْلَى عَدَمُ حُضُورِهِمَا وَ (بِابْنَيْ الزَّوْجَيْنِ) أَيْ ابْنَيْ كُلٍّ مِنْهُمَا، أَوْ ابْنِ أَحَدِهِمَا وَابْنِ الْآخَرِ (وَعَدُوَّيْهِمَا) كَذَلِكَ فَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ، أَوْ بِجَدَّيْهِمَا وَبِجَدِّهَا وَأَبِيهِ لَا أَبِيهَا لِأَنَّهُ الْعَاقِدُ، أَوْ مُوَكِّلُهُ، نَعَمْ تُتَصَوَّرُ شَهَادَتُهُ لِاخْتِلَافِ دِينٍ، أَوْ رِقٍّ بِهَا وَذَلِكَ لِانْعِقَادِ النِّكَاحِ بِهِمَا فِي الْجُمْلَةِ. لَا يُقَالُ: هَذِهِ عِلَّةُ الضَّعِيفِ فِي الْأَعْمَى فَمَا الْفَرْقُ لِأَنَّا نَقُولُ: الْفَرْقُ أَنَّ شَهَادَةَ الِابْنِ، أَوْ الْعَدُوِّ يُتَصَوَّرُ قَبُولُهَا فِي هَذَا النِّكَاحِ بِعَيْنِهِ فِي صُورَةِ دَعْوَى حِسْبَةٍ مَثَلًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ، وَلَا كَذَلِكَ فِي الْأَعْمَى، وَإِمْكَانُ ضَبْطِهِ لَهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَيْهَا فِي الْمَحَلِّ الَّذِي يُرِيدُونَ الْعَقْدَ فِيهِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ مُفَسِّقًا فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنْ الظَّاهِرَ صِحَّةُ الْعَقْدِ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِمْ اعْتِقَادُهُمْ إبَاحَةَ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ مِمَّا يُتَسَامَحُ بِهِ، وَبِتَقْدِيرِ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ فَيُمْكِنُ أَنَّ ذَلِكَ صَغِيرَةً لَا تُوجِبُ فِسْقًا. وَوَقَعَ السُّؤَالُ أَيْضًا عَمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى مِنْ لُبْسِ الْقَوَاوِيقِ الْقَطِيفَةِ لِلشُّهُودِ وَلِلْوَلِيِّ هَلْ هُوَ مُفَسِّقٌ يُفْسِدُ الْعَقْدَ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنْ الظَّاهِرَ أَنَّا لَا نَحْكُمُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ بِفَسَادِ الْعَقْدِ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلشُّهُودِ فَلِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْعَقْدَ يَحْضُرُ مَجْلِسَهُ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ لَابِسِينَ ذَلِكَ فَإِنْ اتَّفَقَ أَنَّ فِيهِمْ اثْنَيْنِ سَالِمَيْنِ مِنْ ذَلِكَ اُعْتُدَّ بِشَهَادَتِهِمَا وَإِنْ كَانَ حُضُورُهُمَا اتِّفَاقًا، وَأَمَّا فِي الْوَلِيِّ فَإِنَّهُ إنْ اتَّفَقَ لُبْسُهُ ذَلِكَ فَقَدْ يَكُونُ لَهُ عُذْرٌ كَجَهْلِهِ بِالتَّحْرِيمِ وَمَعْرِفَةُ ذَلِكَ مِمَّا يَخْفَى عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ يُقَالُ فِي الْجُلُوسِ عَلَى الْحَرِيرِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ قَوْلٌ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْعَاقِدُ أَخْرَسَ وَلَهُ إشَارَةٌ يَفْهَمُهَا كُلُّ أَحَدٍ لَا يُشْتَرَطُ فِي الشَّاهِدِ السَّمْعُ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ الْآنَ لَيْسَ قَوْلًا وَلَا مَانِعَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ مَنْ بِظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ) تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ أَنَّ الْبَصِيرَ يَصِحُّ بَيْعُهُ لِلْمُعَيَّنِ وَإِنْ كَانَ بِظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ حَالَ الْعَقْدِ بِحَيْثُ لَا يَرَى أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا هُنَا وَثُمَّ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ شُهُودِ النِّكَاحِ إثْبَاتُ الْعَقْدِ بِهِمَا عِنْدَ التَّنَازُعِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ مَعَ الظُّلْمَةِ وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ مَنْ بِظُلْمَةٍ: أَيْ لِعَدَمِ عِلْمِهِمَا بِالْمُوجِبِ وَالْقَابِلِ وَالِاعْتِمَادُ عَلَى الصَّوْتِ لَا نَظَرَ لَهُ، فَلَوْ سَمِعَا الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ لِلْمُوجِبِ وَالْقَابِلِ وَلَكِنْ جَزَمَا فِي أَنْفُسِهِمَا بِأَنَّ الْمُوجِبَ وَالْقَابِلَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ لَمْ يَكْفِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْأَصَمِّ أَيْضًا) فِيهِ تَوَرُّكٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ حَيْثُ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي الْأَعْمَى وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْأَصَمِّ (قَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِي إخْبَارُ ثِقَةٍ بِمَعْنَاهُ) أَيْ بَعْدَ تَمَامِ الصِّيغَةِ، أَمَّا قَبْلَهَا بِأَنْ أَخْبَرَهُ بِمَعْنَاهَا وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ فَيَصِحُّ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ هَذَا إنْ فَهِمَ كُلٌّ كَلَامَ نَفْسِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ تُتَصَوَّرُ شَهَادَتُهُ) أَيْ الْأَبِ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ لِانْعِقَادِ إلَخْ) عِلَّةً لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: لَا يُقَالُ هَذِهِ) أَيْ قَوْلُهُ لِانْعِقَادِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِمْكَانُ ضَبْطِهِ) أَيْ الْأَعْمَى، وَقَوْلُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي هَذَا إلَخْ) وَجْهُ الْمُنَافَاةِ أَنَّهُ جَعَلَ الْعَدَالَةَ شَرْطًا فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ إلَّا إذَا وُجِدَتْ، ثُمَّ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ بِالْمَسْتُورِينَ مَعَ انْتِفَائِهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الرُّخْصَةِ) قَالَ الشِّهَابُ سم: أَوْ أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الِانْعِقَادِ بَاطِنًا وَفِيمَا يَأْتِي فِي الْمَسْتُورِينَ فِي الِانْعِقَادِ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ: فَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ) لَا وَجْهَ لِهَذَا التَّفْرِيعِ إذْ لَمْ يُقَدِّمْ قَبْلَهُ مَا يَتَفَرَّعُ عَنْهُ وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَالْوَاوُ (قَوْلُهُ: أَوْ مُوَكَّلِهِ) أَيْ مُوَكَّلِ الْعَاقِدِ (قَوْلُهُ: لِانْعِقَادِ النِّكَاحِ بِهِمَا) أَيْ بِابْنَيْ الزَّوْجَيْنِ وَالْعَدُوَّيْنِ (قَوْلَةُ لَا يُقَالُ هَذِهِ عِلَّةُ الضَّعِيفِ فِي الْأَعْمَى) قَالَ الشَّيْخُ سم: كَيْفَ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ فِي الْأَعْمَى؛ لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلشَّهَادَةِ فِي الْجُمْلَةِ وَلَمْ يَقُلْ لِانْعِقَادِ

إلَى الْحَاكِمِ لَا يُفِيدُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُخَاطَبَ غَيْرُ مَنْ أَمْسَكَهُ، وَإِنْ كَانَ فَمُ هَذَا فِي أُذُنِهِ وَفَمُ الْآخَرِ فِي أُذُنِهِ الْأُخْرَى فَيَتَعَذَّرُ إثْبَاتُ هَذَا النِّكَاحِ بِعَيْنِهِ بِشَهَادَةٍ فَكَانَتْ كَالْعَدَمِ، وَلَوْ كَانَ لَهَا إخْوَةٌ فَزَوَّجَهَا أَحَدُهُمْ وَالْآخَرَانِ شَاهِدَانِ صَحَّ لِأَنَّ الْعَاقِدَ لَيْسَ نَائِبًا عَنْهُمَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ وُكِّلَ أَبٌ، أَوْ أَخٌ تَعَيَّنَ لِلْوِلَايَةِ وَحَضَرَ مَعَ الْآخَرِ لِأَنَّهُ الْعَاقِدُ حَقِيقَةً، إذْ الْوَكِيلُ فِي النِّكَاحِ سَفِيرٌ مَحْضٌ فَكَانَا بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، وَفَارَقَ صِحَّةَ شَهَادَةِ سَيِّدٍ أَذِنَ لِقِنِّهِ وَوَلِيٍّ لِلسَّفِيهِ فِي النِّكَاحِ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَيْسَ بِعَاقِدٍ وَلَا نَائِبِهِ، وَلَا الْعَاقِدُ نَائِبُهُ، لِأَنَّ إذْنَهُ لَهُ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ إنَابَةً بَلْ رَفْعُ حَجْرٍ عَنْهُ وَيَنْعَقِدُ ظَاهِرًا (بِمَسْتُورِي الْعَدَالَةِ) وَهُمَا مَنْ لَا يُعْرَفُ لَهُمَا مُفَسِّقٌ عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ، لَكِنَّ الَّذِي اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَقَالَ إنَّهُ الْحَقُّ أَنَّهُ مَنْ عُرِفَ ظَاهِرُهُ بِالْعَدَالَةِ وَلَمْ يُزَكَّ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَمِنْ ثَمَّ بَطَلَ السَّتْرُ بِتَجْرِيحِ عَدْلٍ، وَلَمْ يُلْحَقْ الْفَاسِقُ إذَا تَابَ بِالْمَسْتُورِ. وَيُسْتَحَبُّ اسْتِتَابَةُ الْمَسْتُورِ عِنْدَ الْعَقْدِ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِجَرَيَانِهِ بَيْنَ أَوْسَاطِ النَّاسِ وَالْعَوَامِّ فَلَوْ كُلِّفُوا بِمَعْرِفَةِ الْعَدَالَةِ الْبَاطِنَةِ لِيَحْضُرَ الْمُتَّصِفُ بِهَا لَطَالَ الْأَمْرُ وَشَقَّ، وَمِنْ ثَمَّ صَحَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSإلَى الْحَاكِمِ: أَيْ إلَى أَنْ يَأْتِيَ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ غَيْرُ مَنْ أَمْسَكَهُ) هَذَا يُشْكَلُ عَلَيْهِ صِحَّةُ شَهَادَتِهِ عَلَى مَنْ أَقَرَّ فِي إذْنِهِ وَأَمْسَكَهُ حَتَّى شُهِدَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْقَاضِي، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ النِّكَاحَ يُحْتَاطُ لَهُ فَنَظَرُوا إلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا (قَوْلُهُ وَالْآخَرَانِ شَاهِدَانِ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ: وَلَوْ شَهِدَ وَلِيَّانِ كَأَخَوَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةِ إخْوَةٍ وَالْعَاقِدُ غَيْرُهُمَا مِنْ بَقِيَّةِ الْأَوْلِيَاءِ لَا إنْ عُقِدَ بِوَكَالَةٍ مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا مِنْهُ بِمُعَيَّنٍ لَهُ جَازَ، بِخِلَافِ مَا إذَا عَقَدَ غَيْرُهُمَا بِوَكَالَةٍ مِمَّنْ ذُكِرَ لِمَا مَرَّ اهـ. وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِهِ لَا بِوَكَالَةٍ مِنْهُ بَعْدَ تَبْيِينِ الشَّارِحِ الْغَيْرَ فِي قَوْلِهِ وَالْعَاقِدُ غَيْرُهُمَا بِقَوْلِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَوْلِيَاءِ تَقْيِيدُ عَدَمِ الصِّحَّةِ بِمَا إذَا حَضَرَ اثْنَانِ مِنْ الثَّلَاثَةِ عَقَدَ ثَالِثُهُمَا بِوَكَالَتِهِمَا، وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَصَدَ الْعَقْدَ عَنْ نَفْسِهِ لَا بِوَاسِطَةِ الْوَكَالَةِ فَلَا تَبْعُدُ الصِّحَّةُ لِصَرْفِهِ الْعَقْدَ عَنْ الْوَكَالَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى. أَقُولُ: الصِّحَّةُ وَاضِحَةٌ إنْ كَانَتْ أَذِنْت لَهُ فِي تَزْوِيجِهَا، أَمَّا إنْ خُصَّتْ الْإِذْنُ بِالْأَخَوَيْنِ الْآخَرَيْنِ وَأَذِنْت لَهُمَا فِي تَوْكِيلِ مَنْ شَاءَا فَوَكَّلَا الثَّالِثَ فَفِي الصِّحَّةِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يُصْرَفُ الْعَقْدُ عَنْ كَوْنِهِ وَكِيلًا يَصِيرُ مُزَوِّجًا بِلَا إذْنٍ وَهُوَ بَاطِلٌ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا) أَيْ السَّيِّدَ وَالْوَلِيَّ (قَوْلُهُ: بِمَسْتُورِي الْعَدَالَةِ) وَلَوْ كَانَ الْعَاقِدُ الْحَاكِمَ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَ جَمْعٌ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُلْحَقْ الْفَاسِقُ) أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ وَهِيَ سَنَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQالنِّكَاحِ بِهِ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا قَالَ فِي هَذَا. اهـ. أَيْ فَقَوْلُهُ فِي الْإِشْكَالِ هَذِهِ عِلَّةُ الضَّعِيفِ مَمْنُوعٌ بَلْ الْعِلَّةُ فِيهِ غَيْرُ هَذِهِ، فَهُوَ غَيْرُ أَهْلٍ لِانْعِقَادِ النِّكَاحِ بِهِ لَا جُمْلَةً وَلَا تَفْصِيلًا، فَالْإِشْكَالُ غَيْرُ مُتَأَتٍّ كَالْجَوَابِ عَنْهُ الَّذِي حَاصِلُهُ تَسْلِيمُ الْإِشْكَالِ. (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُخَاطَبَ غَيْرُ مَنْ أَمْسَكَهُ) بِمَعْنَى أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْوَلِيَّ خَاطَبَ رَجُلًا حَاضِرًا غَيْرَ الَّذِي قَبِلَ وَأَمْسَكَهُ الْأَعْمَى فَلَمْ يُصَادِفْ قَبُولُهُ مَحَلًّا لِعَدَمِ مُخَاطَبَتِهِ بِالْإِيجَابِ الَّتِي هِيَ شَرْطٌ كَمَا مَرَّ، وَإِذَا كَانَ هَذَا مُرَادَهُمْ بِهَذَا التَّعْلِيلِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ فَلَا يَتَأَتَّى قَوْلُ الشِّهَابِ سم لَا يَخْفَى إمْكَانُ ضَبْطِهِ عَلَى وَجْهٍ يَنْتَفِي مَعَهُ هَذَا الِاحْتِمَالُ كَأَنْ قَبَضَ أَنْفَ وَشَفَةَ مَنْ وَضَعَ فَمَه فِي أُذُنِهِ إلَى الْقَاضِي اهـ. وَوَجْهُ عَدَمِ تَأَتِّيهِ أَنَّ هَذَا الِاحْتِمَالَ قَائِمٌ مَعَهُ أَيْضًا، وَكَذَلِكَ لَا يَأْتِي قَوْلُ شَيْخِنَا فِي حَاشِيَتِهِ هَذَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ صِحَّةُ شَهَادَتِهِ عَلَى مَنْ أَقَرَّ فِي أُذُنِهِ وَأَمْسَكَهُ حَتَّى شَهِدَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْقَاضِي، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ النِّكَاحَ يُحْتَاطُ لَهُ فَنَظَرُوا إلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا. اهـ. وَوَجْهُ عَدَمِ تَأَتِّيهِ أَيْضًا أَنَّ الِاحْتِمَالَ الْمَذْكُورَ مُنْتَفٍ فِي الْإِقْرَارِ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْمُخَاطَبَةِ فِيهِ بَلْ يَصِحُّ لِلْغَائِبِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ بَطَلَ السَّتْرُ إلَخْ) أَيْ قَبْلَ الْعَقْدِ لَا بَعْدَهُ كَمَا سَيَأْتِي، قَالَ الشِّهَابُ سم: قَضِيَّةُ هَذَا الصَّنِيعِ أَنَّ مَا ذُكِرَ لَا يَتَأَتَّى عَلَى الْأَوَّلِ وَفِيهِ مَا فِيهِ فَلْيُحَرَّرْ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَتُسْتَحَبُّ اسْتِتَابَةُ الْمَسْتُورِ) اُنْظُرْ مَا فَائِدَةُ هَذِهِ الِاسْتِتَابَةِ مَعَ أَنَّ تَوْبَةَ الْفَاسِقِ لَا تُلْحِقُهُ

كَابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْعَاقِدُ الْحَاكِمَ اُعْتُبِرَتْ الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ قَطْعًا لِسُهُولَةِ مَعْرِفَتِهَا عَلَيْهِ بِمُرَاجَعَةِ الْمُزَكِّينَ، وَصَحَّحَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ عَدَمَ الْفَرْقِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، إذْ مَا طَرِيقُهُ الْمُعَامَلَةُ يَسْتَوِي فِيهِ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ رَأَى مَالًا بِيَدِ مُتَصَرِّفٍ فِيهِ بِلَا مُنَازِعٍ جَازَ لَهُ كَغَيْرِهِ شِرَاؤُهُ مِنْهُ اعْتِمَادًا عَلَى ظَاهِرِ الْيَدِ، وَإِنْ سَهُلَ عَلَيْهِ طَلَبُ الْحُجَّةِ، وَقَدْ يُقَالُ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ لَوْ طَلَبَ مِنْهُ جَمَاعَةٌ بِأَيْدِيهِمْ مَالٌ لَا مُنَازِعَ لَهُمْ فِيهِ قِسْمَتَهُ بَيْنَهُمْ لَمْ يُجِبْهُمْ إلَّا إنْ أَثْبَتُوا عِنْدَهُ أَنَّهُ مِلْكُهُمْ لِئَلَّا يَحْتَجُّوا بَعْدَ قِسْمَتِهِ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُمْ أَنَّهُ لَا يَتَوَلَّى الْعَقْدَ إلَّا بِحَضْرَةِ مَنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ عَدَالَتُهُمَا وَأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ شَرْطًا لِلصِّحَّةِ بَلْ لِجَوَازِ الْإِقْدَامِ، فَلَوْ عَقَدَ بِمَسْتُورَيْنِ فَبَانَا عَدْلَيْنِ صَحَّ، أَوْ عَقَدَ غَيْرُهُ بِهِمَا فَبَانَا فَاسِقَيْنِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا يَأْتِي لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَلَوْ اخْتَصَمَ زَوْجَانِ أَقَرَّا عِنْدَهُ بِنِكَاحٍ بَيْنَهُمَا بِمَسْتُورَيْنِ فِي نَفَقَةٍ حَكَمَ بَيْنَهُمَا مَا لَمْ يَعْلَمْ فِسْقَ الشَّاهِدِ لِأَنَّ الْحُكْمَ هُنَا فِي تَابِعٍ بِخِلَافِهِ فِيمَا قَبْلَهُمَا عَلَى مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ، وَصَرِيحُ كَلَامِ الْحَنَّاطِيِّ يُفِيدُ عَدَمَ لُزُومِ الزَّوْجِ الْبَحْثَ عَنْ حَالِ الْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ، وَإِيجَابُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ ذَلِكَ لِامْتِنَاعِ الْإِقْدَامِ عَلَى الْعَقْدِ مَعَ الشَّكِّ فِي شَرْحِهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ مَا عُلِّلَ بِهِ إنَّمَا هُوَ فِي الشَّكِّ فِي الزَّوْجَيْنِ فَقَطْ لِمَا مَرَّ أَنَّهُمَا الْمَقْصُودَانِ بِالذَّاتِ فَاحْتِيطَ لَهُمَا أَكْثَرُ، بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا فَجَازَ الْإِقْدَامُ عَلَى الْعَقْدِ حَيْثُ ظُنَّ وُجُودُ شُرُوطِهِ، ثُمَّ إنْ بَانَ خِلَافُ مَا ظُنَّ بَانَ فَسَادُ النِّكَاحِ وَإِلَّا فَلَا، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ لَا يَنْعَقِدُ بِحُضُورِهِمَا لِتَعَذُّرِ إثْبَاتِهِ بِهِمَا (لَا مَسْتُورَيْ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَلَوْ مَعَ ظُهُورِهِمَا بِالدَّارِ بِأَنْ يَكُونَا بِمَوْضِعٍ يَخْتَلِطُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ بِالْكُفَّارِ وَالْأَحْرَارُ بِالْعَبِيدِ وَلَا غَالِبَ، أَوْ يَكُونَا ظَاهِرَيْ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ بِالدَّارِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ حَالِهِ فِيهِمَا بَاطِنًا لِسُهُولَةِ الْوُقُوفِ عَلَى الْبَاطِنِ فِيهِمَا، وَكَذَا الْبُلُوغُ وَنَحْوُهُ مِمَّا مَرَّ. نَعَمْ إنْ بَانَ مُسْلِمًا، أَوْ حُرًّا، أَوْ بَالِغًا مَثَلًا بَانَ انْعِقَادُهُ كَمَا لَوْ بَانَ الْخُنْثَى ذَكَرًا. (وَلَوْ) (بَانَ فِسْقُ) الْوَلِيِّ، أَوْ (الشَّاهِدِ) أَوْ غَيْرُهُ مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ كَجُنُونٍ، أَوْ إغْمَاءٍ، أَوْ صِغَرٍ ادَّعَاهُ وَارِثُهُ، أَوْ وَارِثُهَا وَقَدْ عُهِدَ، أَوْ أَثْبَتَهُ (عِنْدَ الْعَقْدِ) (فَبَاطِلٌ عَلَى الْمَذْهَبِ) كَمَا لَوْ بَانَا كَافِرَيْنِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَخَرَجَ بِعِنْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: إذْ مَا طَرِيقُهُ الْمُعَامَلَةُ) أَيْ مُعَامَلَتُهُ مُعَامَلَةَ غَيْرِهِ كَمَا هُنَا فَإِنَّهُ عُومِلَ فِيهِ الْمَسْتُورُ مُعَامَلَةَ مَنْ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُهُ إذْ مَا طَرِيقُهُ الْمُعَامَلَةُ: أَيْ بَيْنَ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالْمَسْتُورَيْنِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ رَأَى) أَيْ الْقَاضِي وَقَوْلُهُ لَوْ طَلَبَ مِنْهُ: أَيْ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَتَوَلَّى الْعَقْدَ) أَيْ عَقْدَ النِّكَاحِ وَقَوْلُهُ إلَّا بِحَضْرَةِ مَنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ: أَيْ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَعْلَمْ فِسْقَ الشَّاهِدِ) أَيْ فَإِنْ عَلِمَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: عَلَى مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ صَحَّحَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ ظُهُورِهِمَا) أَيْ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ. (قَوْلُهُ:، أَوْ وَارِثُهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَاهُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لَا تُسْمَعُ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْمَسْتُورِ كَمَا قَدَّمَهُ قَبْلَهُ، وَلَعَلَّهُمْ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ ظَاهِرِ الْفِسْقِ وَغَيْرِ ظَاهِرِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَصَمَ زَوْجَانِ إلَخْ) هَذَا لَا مَوْقِعَ لَهُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، وَهُوَ تَابِعٌ فِي إيرَادِهِ لِلشِّهَابِ حَجّ، لَكِنَّ ذَاكَ إنَّمَا أَوْرَدَهُ لِاخْتِيَارِهِ قَبْلَهُ الْفَرْقَ بَيْنَ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ، فَكَأَنَّهُ يَقُولُ مَحَلُّ اعْتِبَارِ الْعَدَالَةِ الْبَاطِنَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَاكِمِ فِي الْحُكْمِ الْوَاقِعِ قَصْدًا بِخِلَافِ الْوَاقِعِ تَبَعًا، وَأَمَّا الشَّارِحُ فَحَيْثُ اخْتَارَ عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ وَأَنَّهُ يَكْفِي الْمَسْتُورُ فِيمَا لَوْ كَانَ الْعَاقِدُ الْحَاكِمَ فَلَا يَبْقَى لِإِيرَادِ هَذَا فِي كَلَامِهِ مَعْنًى؛ لِأَنَّ الْمَسْتُورَ إذَا كَفَى فِيمَا وَقَعَ قَصْدًا فَفِيمَا وَقَعَ تَبَعًا أَوْلَى (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَا بِمَوْضِعٍ يَخْتَلِطُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ إلَخْ) هَذَا مِثَالٌ لِمَا قَبْلَ الْغَايَةِ، وَقَوْلُهُ أَوْ يَكُونَا ظَاهِرَيْ الْإِسْلَامِ إلَخْ مِثَالٌ لِلْغَايَةِ (قَوْلُهُ: كَجُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ صِغَرٍ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ كَصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ ادَّعَاهُ، فَقَدَّمَ الشَّارِحُ الْجُنُونَ مَعَ أَنَّ ضَمِيرَ عُهِدَ إنَّمَا يَرْجِعُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُقَالُ فِيهِ عُهِدَ، وَأَمَّا الصِّغَرُ فَإِنَّمَا يُقَالُ فِيهِ أَمْكَنَ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي عِبَارَاتِهِمْ، وَيَجُوزُ أَنَّهُ جَعَلَ عُهِدَ وَصْفًا لَهُمَا تَغْلِيبًا وَمَعْنَاهُ فِي الصِّغَرِ أَمْكَنُ (قَوْلُهُ: ادَّعَاهُ وَارِثُهُ أَوْ وَارِثُهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ

الْعَقْدِ تَبَيُّنُهُ قَبْلَهُ. نَعَمْ تَبَيُّنُهُ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ كَتَبَيُّنِهِ عِنْدَهُ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي هُوَ صَحِيحٌ فِي أَحَدِ قَوْلَيْنِ اكْتِفَاءً بِالسَّتْرِ يَوْمَئِذٍ (وَإِنَّمَا يَتَبَيَّنُ) الْفِسْقُ، أَوْ غَيْرُهُ بِعِلْمِ الْحَاكِمِ حَيْثُ سَاغَ لَهُ الْحُكْمُ بِعِلْمِهِ فَيَلْزَمُهُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ لَمْ يَتَرَافَعَا إلَيْهِ مَا لَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ يَرَاهُ بِصِحَّتِهِ، أَوْ (بِبَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ بِهِ مُفَسِّرًا سَوَاءٌ أَكَانَ الشَّاهِدُ عَدْلًا أَوْ مَسْتُورًا، وَكَوْنُ السَّتْرِ يَزُولُ بِإِخْبَارِ عَدْلٍ بِالْفِسْقِ وَلَوْ غَيْرَ مُفَسِّرٍ مَحَلَّهُ فِيمَا قَبْلَ الْعَقْدِ، بِخِلَافِهِ بَعْدَهُ لِانْعِقَادِهِ ظَاهِرًا فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ مُبْطِلِهِ (أَوْ اتِّفَاقِ الزَّوْجَيْنِ) عَلَى فِسْقِهِمَا عِنْدَ الْعَقْدِ سَوَاءٌ أَعَلِمَا بِهِ عِنْدَهُ أَمْ بَعْدَهُ مَا لَمْ يُقِرَّا قَبْلُ عِنْدَ حَاكِمٍ أَنَّهُ بِعَدْلَيْنِ وَيَحْكُمُ بِصِحَّتِهِ، وَإِلَّا لَمْ يَلْتَفِتْ لِاتِّفَاقِهِمَا: أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِحُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ لَا لِتَقْرِيرِ النِّكَاحِ. وَذَكَرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ بَحْثًا عَدَمُ قَبُولِ إقْرَارِ السَّفِيهِ فِي إبْطَالِ مَا ثَبَتَ لَهَا مِنْ الْمَالِ وَمِثْلُهَا الْأَمَةُ، ثُمَّ مَحَلُّ بُطْلَانِهِ بِاتِّفَاقِهِمَا إنَّمَا هُوَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِحَقِّهِمَا دُونَ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ تَوَافَقَا وَأَقَامَا أَوْ الزَّوْجُ بَيِّنَةً بِفَسَادِ النِّكَاحِ بِذَلِكَ أَوْ بِغَيْرِهِ لَمْ يُلْتَفَتْ لِذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِسُقُوطِ التَّحْلِيلِ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يَرْتَفِعُ بِذَلِكَ. قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ، وَلِأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الْعَقْدِ يَقْتَضِي اعْتِرَافَهُ بِاسْتِجْمَاعِ مُعْتَبَرَاتِهِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ وَالْحَوَالَةِ، وَقَضِيَّتُهُ سَمَاعُهَا مِمَّنْ زَوَّجَهُ وَلِيُّهُ، وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مِنْ التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ، وَبِهِمَا عُلِمَ ضَعْفُ قَوْلِ الزَّبِيلِيِّ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ إنْ بَيَّنَتْ السَّبَبَ وَلَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ إقْرَارٌ بِصِحَّتِهِ. نَعَمْ إنْ عَلِمَا الْمُفْسِدَ جَازَ لَهُمَا الْعَمَلُ بِقَضِيَّتِهِ بَاطِنًا، لَكِنْ إذَا عَلِمَ ـــــــــــــــــــــــــــــSدَعْوَاهُ (قَوْلُهُ: تَبَيَّنَهُ قَبْلَهُ) أَيْ فَلَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: كَتَبَيُّنِهِ عِنْدَهُ) فَيَضُرُّ وَهُوَ وَاضِحٌ فِي الشَّاهِدِ دُونَ الْوَلِيِّ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ عَقْدِهِ بَعْدَ التَّوْبَةِ مُضِيُّ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ سَاغَ لَهُ الْحُكْمُ بِعِلْمِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مُجْتَهِدًا (قَوْلُهُ: تَشْهَدُ بِهِ مُفَسَّرًا) أَيْ وَقْتَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: لَا لِتَقْرِيرِ النِّكَاحِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ قَوْلُهُ وَلِأَنَّ إقْدَامَهُ (قَوْلُهُ: مِنْ التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ) أَيْ وَهُوَ حَقُّ اللَّهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ عَلِمَا الْمُفْسِدَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ إقْرَارٌ بِصِحَّتِهِ) وَبَيِّنَتُهَا إذَا أَرَادَتْ بَعْدَ الْوَطْءِ مَهْرَ الْمِثْلِ وَكَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْمُسَمَّى حَيْثُ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهَا إقْرَارٌ بِصِحَّتِهِ، وَبِهَذَا يُرَدُّ بَحْثُ الْغَزِّيِّ إطْلَاقَ قَبُولِ بَيِّنَتِهَا، وَعَلَيْهِ لَوْ أُقِيمَتْ لِذَلِكَ وَحُكِمَ بِفَسَادِهِ لَمْ يَرْتَفِعْ مَا وَجَبَ مِنْ التَّحْلِيلِ لِمَا عُلِمَ مِنْ تَبْعِيضِ الْأَحْكَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَتَبَيُّنِهِ عِنْدَهُ) قَالَ الشِّهَابُ سم: هَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ فِي الْوَلِيِّ الَّذِي زَادَهْ عَلَى الْمَتْنِ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا تَابَ زُوِّجَ فِي الْحَالِ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ) قَالَ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ: هُوَ شَامِلٌ لِمَا مَثَّلَ بِهِ فِيمَا سَبَقَ لِلْغَيْرِ بِقَوْلِهِ كَصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ فَانْظُرْ مَا أَفَادَهُ الْحَصْرُ هُنَا مَعَ قَوْلِهِ هُنَاكَ وَقَدْ عُهِدَ أَوْ أَثْبَتَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُقِرَّ قَبْلُ عِنْدَ حَاكِمٍ أَنَّهُ بِعَدْلَيْنِ إلَخْ) هَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ الْقُوتِ لِلْأَذْرَعِيِّ، لَكِنَّهُ ذَكَرَهُ بِالنِّسْبَةِ لِاتِّفَاقِ الزَّوْجَيْنِ وَبِالنِّسْبَةِ لِاعْتِرَافِ الزَّوْجِ الْآتِي فِي الْمَتْنِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ قَوْلَهُ: أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِحُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ إنَّمَا يَتَأَتَّى فِي الشِّقِّ الثَّانِي خِلَافًا لِمَا صَنَعَهُ الشَّارِحُ كَابْنِ حَجّ مِنْ تَأَتِّيهِ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ بَلْ قَصَرَهُ عَلَيْهِ وَمِنْ ثَمَّ اسْتَشْكَلَهُ الْمُحَقِّقُ سم بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الزَّوْجَةَ مُعْتَرِفَةٌ بِسُقُوطِ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ فَكَيْفَ تَثْبُتُ لَهَا، وَعِبَارَةُ الْقُوتِ: قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْحُكْمِ بِبُطْلَانِهِ بِتَصَادُقِهِمَا عَلَى فِسْقِ الشَّاهِدَيْنِ أَوْ بِإِقْرَارِ الزَّوْجِ بَيْنَ أَنَّهُ سَبَقَ مِنْهُمَا إقْرَارٌ بِعَدَالَتِهِمَا عِنْدَ الْعَقْدِ أَمْ لَا حُكِمَ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ أَمْ لَا. ثُمَّ سَاقَ كَلَامًا لِلْمَاوَرْدِيِّ صَرِيحًا فِي خِلَافِ ذَلِكَ وَقَالَ عَقِبه: وَقَدْ أَفْهَمَ كَلَامُهُ: يَعْنِي الْمَاوَرْدِيَّ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ أَوَّلًا بِصِحَّتِهِ ثُمَّ ادَّعَى سَفَهَ الْوَلِيِّ وَفِسْقَ الشَّاهِدَيْنِ أَنَّهُ يُلْزَمُ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ حَتَّى يُقِرَّ عَلَيْهِ لَوْ أَرَادَهُ وَيَلْغُو اعْتِرَافُهُ اللَّاحِقُ لِأَجْلِ إقْرَارِهِ السَّابِقِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بِمَا تَضْمَنَّهُ إقْرَارُهُ السَّابِقُ مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ مِنْ نَفَقَةٍ وَمَهْرٍ وَغَيْرِهِمَا لَا أَنَّا نُقِرُّهُمَا إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَالضَّمَائِرُ فِي قَوْلِهِ أَنَّهُ يُلْزَمُ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ حَتَّى يُقِرَّ عَلَيْهِ إلَخْ إنَّمَا هِيَ لِلزَّوْجِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) هَذَا رَاجِعٌ لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ: وَأَقَامَا أَوْ الزَّوْجُ بَيِّنَةً إلَخْ) أَيْ وَاتَّفَقَا عَلَى

الْحَاكِمُ بِهِمَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا كَنَظِيرِهِ الْآتِي قُبَيْلَ فَصْلِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالْأَزْمِنَةِ، وَمَا نُقِلَ عَنْ الْكَافِي مِنْ عَدَمِ التَّعَرُّضِ لَهُمَا مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْحَاكِمِ مَعَ أَنَّهُ مُنَازَعٌ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ بَحْثٌ لِلْأَذْرَعِيِّ، وَبَحَثَ السُّبْكِيُّ قَبُولَ بَيِّنَتِهِ إذَا لَمْ يُرِدْ نِكَاحًا بَلْ التَّخَلُّصَ مِنْ الْمَهْرِ: أَيْ وَلَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ إقْرَارٌ بِصِحَّتِهِ وَخَرَجَ بِأَقَامَا، أَوْ الزَّوْجُ مَا لَوْ قَامَتْ حِسْبَةٌ وَوُجِدَتْ شُرُوطُ قِيَامِهَا فَتُسْمَعُ كَمَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ وَاعْتَمَدُوهُ، وَذَكَرَ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ أَنَّ بَيِّنَةَ الْحِسْبَةِ تُقْبَلُ لَكِنَّهُمْ ذَكَرُوا فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ أَنَّ مَحَلَّ قَبُولِ بَيِّنَةِ الْحِسْبَةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا كَأَنْ طَلَّقَ شَخْصٌ زَوْجَتَهُ وَهُوَ يُعَاشِرُهَا أَوْ أَعْتَقَ رَقِيقَهُ وَهُوَ يُنْكِرُ ذَلِكَ، أَمَّا إذَا لَمْ تَدْعُ إلَيْهَا حَاجَةٌ فَلَا تُسْمَعُ، وَهُنَا كَذَلِكَ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْوَالِدُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَهُوَ حَسَنٌ (وَلَا أَثَرَ) (لِقَوْلِ الشَّاهِدَيْنِ كُنَّا) عِنْدَ الْعَقْدِ (فَاسِقَيْنِ) مَثَلًا لِأَنَّهُمَا مُقِرَّانِ عَلَى غَيْرِهِمَا، نَعَمْ لَهُ أَثَرٌ فِي حَقَّيْهِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَأَنَّ إقْرَارَهُمَا وَبَيِّنَتَهُمَا إنَّمَا يُعْتَدُّ بِهِمَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِحَقِّهِمَا لَا غَيْرَ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ أُقِيمَتْ بَيِّنَةٌ بِفَسَادِ النِّكَاحِ ثُمَّ أَعَادَهَا عَادَتْ إلَيْهِ بِطَلْقَتَيْنِ فَقَطْ لِأَنَّ إسْقَاطَ الطَّلْقَةِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا تُفِيدُهُ الْبَيِّنَةُ أَيْضًا وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ اهـ. حَجّ وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلُهُ وَلَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ إقْرَارٌ بِصِحَّتِهِ، أَيْ وَعَلَيْهِ يَسْقُطُ التَّحْلِيلُ تَبَعًا، وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ عِنْدَ قَوْلِهِ إذَا لَمْ يُرِدْ نِكَاحًا إلَخْ مَا نَصُّهُ: وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ عَدَمُ صِحَّةِ النِّكَاحِ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ سُقُوطُ التَّحْلِيلِ لِوُقُوعِهِ تَبَعًا اهـ. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ حَجّ. [فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا عَامِدًا عَالِمًا هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ بِفَسَادِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ لِكَوْنِ الْوَلِيِّ كَانَ فَاسِقًا أَوْ الشُّهُودُ كَذَلِكَ بَعْدَ مُدَّةٍ مِنْ السِّنِينَ، وَهَلْ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى هَذَا الْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ وَفَاءِ عِدَّةٍ مِنْ نِكَاحِهِ الْأَوَّلِ، وَهَلْ يَتَوَقَّفُ نِكَاحُهُ الثَّانِي عَلَى حُكْمِ حَاكِمٍ بِصِحَّتِهِ وَهَلْ الْأَصْلُ فِي عُقُودِ الْمُسْلِمِينَ الصِّحَّةُ، أَوْ الْفَسَادُ وَأَجَبْنَا عَنْهُ بِمَا صُورَتُهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ بِذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي، وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِذَلِكَ وَإِنْ وَافَقَتْهُ الزَّوْجَةُ عَلَيْهِ حَيْثُ أَرَادَ بِهِ إسْقَاطَ التَّحْلِيلِ، نَعَمْ إنْ عَلِمَ بِذَلِكَ جَازَ لَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى الْعَمَلُ بِهِ، فَيَصِحُّ نِكَاحُهُ لَهَا مِنْ غَيْرِ مُحَلِّلٍ إنْ وَافَقَتْهُ الزَّوْجَةُ عَلَى ذَلِكَ، وَمِنْ غَيْرِ وَفَاءِ عِدَّةٍ مِنْهُ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَعْقِدَ فِي عِدَّةِ نَفْسِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ عَنْ شُبْهَةٍ، أَوْ طَلَاقٍ، وَلَا يَتَوَقَّفُ حِلُّ وَطْئِهِ لَهَا وَثُبُوتُ أَحْكَامِ الزَّوْجِيَّةِ لَهُ عَلَى حُكْمِ حَاكِمٍ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى عِلْمِهِ بِفَسَادِ الْأَوَّلِ فِي مَذْهَبِهِ وَاسْتِجْمَاعِ الثَّانِي لِشُرُوطِ الصِّحَّةِ الْمُخْتَلِفَةِ كُلِّهَا، أَوْ بَعْضِهَا فِي الْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِ الْقَاضِي التَّعَرُّضُ لَهُ فِيمَا فَعَلَ، وَأَمَّا الْقَاضِي فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا إذَا عَلِمَ بِذَلِكَ، وَالْأَصْلُ فِي الْعُقُودِ الصِّحَّةُ، فَلَا يَجُوزُ الِاعْتِرَاضُ فِي نِكَاحٍ وَلَا غَيْرِهِ عَلَى مَنْ اسْتَنَدَ فِي فِعْلِهِ إلَى عَقْدٍ مَا لَمْ يَثْبُتْ فَسَادُهُ بِطَرِيقِهِ وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ مِمَّنْ يَرَى صِحَّتَهُ مَعَ فِسْقِ الْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ، أَمَّا إذَا حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْعَمَلُ بِخِلَافِهِ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا لِمَا هُوَ مُقَرَّرٌ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ، وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذُكِرَ بَيْنَ أَنْ يَسْبِقَ مِنْ الزَّوْجِ تَقْلِيدٌ لِغَيْرِ إمَامِنَا الشَّافِعِيِّ مِمَّنْ يَرَى صِحَّةَ النِّكَاحِ مَعَ فِسْقِ الشَّاهِدِ وَالْوَلِيِّ أَمْ لَا. وَعِبَارَةُ م ر فِي شَرْحِهِ ثُمَّ: وَمَحَلُّ بُطْلَانِهِ بِاتِّفَاقِهِمَا، إلَى قَوْلِهِ: فَلَيْسَ لَهُ التَّعَرُّضُ لَهُمَا (قَوْلُهُ: وَوُجِدَتْ شُرُوطُ قِيَامِهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQذَلِكَ كَمَا عُلِمَ بِالْأَوْلَى، وَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهُ قَبْلُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ لِانْسِجَامِ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ مُنَازَعٌ فِيهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ نَقْلُهُ عَنْ الْكَافِي بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَإِنَّمَا هُوَ إلَخْ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: مُنَازَعٌ فِي كَوْنِهِ فِيهِ: أَيْ الْكَافِي، فَلَعَلَّ فِي كَوْنِهِ سَقَطَ مِنْ الْكَتَبَةِ مِنْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَهُنَا كَذَلِكَ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ: وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ شَرْطُ سَمَاعِهَا الضَّرُورَةُ وَهِيَ لَا تُتَصَوَّرُ هُنَا مَمْنُوعٌ انْتَهَى. قَالَ الشِّهَابُ سم: يَرُدُّ الْمَنْعَ أَنَّ مِنْ صُوَرِ ذَلِكَ أَنْ يُرِيدَ هُنَا مُعَاشَرَتَهَا. اهـ. وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ أَنَّهُ عَقَدَ عَلَيْهَا بِفَاسِقَيْنِ مَثَلًا وَيُرِيدُ مُعَاشَرَتَهَا، وَإِلَّا فَمَتَى قَالَا إنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَيُرِيدُ مُعَاشَرَتَهَا كَانَ ذَلِكَ مُتَضَمِّنًا

فَلَوْ حَضَرَا عَقْدَ أُخْتِهِمَا مَثَلًا ثُمَّ مَاتَتْ وَوَرِثَاهَا سَقَطَ الْمَهْرُ قَبْلَ الْوَطْءِ وَفَسَدَ الْمُسَمَّى بَعْدَهُ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ: أَيْ إنْ كَانَ دُونَ الْمُسَمَّى، أَوْ مِثْلَهُ لَا أَكْثَرَ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَهُوَ وَاضِحٌ لِئَلَّا يَلْزَمَ أَنَّهُمَا أَوْجَبَا بِإِقْرَارِهِمَا حَقًّا لَهُمَا عَلَى غَيْرِهِمَا (وَلَوْ اعْتَرَفَ بِهِ الزَّوْجُ وَأَنْكَرَتْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِقَوْلِهِ وَهِيَ فُرْقَةُ فَسْخٍ لَا تَنْقُصُ عَدَدًا (وَعَلَيْهِ) أَيْ الزَّوْجُ الْمُقِرُّ بِالْفِسْقِ (نِصْفُ الْمَهْرِ) الْمُسَمَّى (إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَإِلَّا) كَأَنْ دَخَلَ بِهَا (فَكُلُّهُ) عَلَيْهِ وَلَا يَرِثُهَا لِأَنَّ حُكْمَ اعْتِرَافِهِ مَقْصُورٌ عَلَيْهِ وَمِنْ ثَمَّ وَرِثَتْهُ، لَكِنْ بَعْدَ حَلِفِهَا أَنَّهُ عُقِدَ بِعَدْلَيْنِ وَخَرَجَ بِاعْتِرَافِهِ اعْتِرَافُهَا بِخَلَلِ وَلِيٍّ، أَوْ شَاهِدٍ فَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْعِصْمَةَ بِيَدِهِ وَهِيَ تُرِيدُ رَفْعَهَا وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهَا، وَلَكِنْ لَوْ مَاتَ لَمْ تَرِثْهُ وَإِنْ مَاتَتْ، أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ وَطْءٍ فَلَا مَهْرَ أَوْ بَعْدَهُ فَلَهَا أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْمُسَمَّى وَمَهْرُ الْمِثْلِ مَا لَمْ تَكُنْ مَحْجُورًا عَلَيْهَا بِسَفَهٍ فَلَا سُقُوطَ لِفَسَادِ إقْرَارِهَا فِي الْمَالِ كَمَا مَرَّ، وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ مَحَلَّ سُقُوطِهِ قَبْلَ الْوَطْءِ مَا إذَا لَمْ تَقْبِضْهُ، وَإِلَّا لَمْ يَسْتَرِدَّهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ لَوْ قَالَ طَلَّقَهَا بَعْدَ الْوَطْءِ فَلِي الرَّجْعَةُ فَقَالَتْ بَلْ قَبْلَهُ صُدِّقَتْ وَهُوَ مُقِرٌّ لَهَا بِالْمَهْرِ، فَإِنْ كَانَتْ قَبَضَتْهُ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ وَإِلَّا لَمْ تُطَالِبْهُ إلَّا بِنِصْفِهِ وَالنِّصْفُ الَّذِي يُنْكِرُهُ هُنَاكَ بِمَثَابَةِ الْكُلِّ هُنَا. وَمَا أُجِيبَ بِهِ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الزَّوْجَيْنِ فِي تِلْكَ اتَّفَقَا عَلَى حُصُولِ الْمُوجِبِ لِلْمَهْرِ وَهُوَ الْعَقْدُ وَاخْتَلَفَا فِي الْمُقِرِّ لَهُ وَهُوَ الْوَطْءُ وَهُنَا تَدَّعِي نَفْيَ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لَهُ فَلَوْ مَلَّكْنَاهَا شَيْئًا مِنْهُ لَمَلَكَتْهُ بِغَيْرِ سَبَبٍ تَدَّعِيهِ رَدَّهُ الْوَالِدُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ بِأَنَّ الْجَوَابَ الْمَذْكُورَ لَا يُجْدِي شَيْئًا وَالْمُعْتَمَدُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ، إذْ الْجَامِعُ الْمُعْتَبَرُ بَيْنَهُمَا أَنْ مَنْ فِي يَدِهِ الْمَالُ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّهُ لِغَيْرِهِ وَذَلِكَ الْغَيْرُ يُنْكِرُهُ فَيُقَرُّ الْمَالُ فِي يَدِهِ فِيهِمَا. وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الذَّخَائِرِ أَنَّهُ لَوْ قَالَتْ نَكَحَنِي بِغَيْرِ وَلِيٍّ وَشُهُودٍ فَقَالَ بَلْ بِهِمَا صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ إنْكَارٌ لِأَصْلِ الْعَقْدِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى تَصْدِيقِ مُدَّعِي الْفَسَادِ، فَالْأَصَحُّ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ، وَفِي كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ حَيْثُ قَالَ: وَكَانَ يَنْبَغِي تَخْرِيجُهُ عَلَى دَعْوَى الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ. (وَيُسْتَحَبُّ) (الْإِشْهَادُ عَلَى رِضَا الْمَرْأَةِ) (حَيْثُ يُعْتَبَرُ رِضَاهَا) احْتِيَاطًا لِيُؤْمَنَ إنْكَارُهَا وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ نَدْبَهُ عَلَى الْمُجْبَرَةِ الْبَالِغَةِ لِئَلَّا تَرْفَعَهُ لِمَنْ يَعْتَبِرُ إذْنَهَا وَتَجْحَدَهُ فَيُبْطِلَهُ (وَلَا يُشْتَرَطُ) ذَلِكَ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَيْسَ رُكْنًا فِي الْعَقْدِ بَلْ شَرْطٌ فِيهِ فَلَمْ يَجِبْ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ، وَرِضَاهَا الْكَافِي فِي الْعَقْدِ يَحْصُلُ بِإِذْنِهَا، أَوْ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ بِإِخْبَارِ وَلِيِّهَا مَعَ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ وَعَكْسِهِ، وَشَمِلَ ذَلِكَ الْحَاكِمَ وَبِهِ أَفْتَى الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ، وَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْبُلْقِينِيُّ مِنْ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يُزَوِّجُهَا حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ إذْنُهَا لِأَنَّهُ يَلِي ذَلِكَ بِجِهَةِ الْحُكْمِ فَيَجِبُ ظُهُورُ مُسْتَنَدِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ تَصَرُّفَ الْحَاكِمِ حُكْمٌ وَالصَّحِيحُ خِلَافُهُ، وَأَفْتَى الْبَغَوِيّ بِأَنَّ الشَّرْطَ أَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِهِ صِدْقُ الْمُخْبِرِ لَهُ بِأَنَّهَا أَذِنَتْ لَهُ، وَكَلَامُ الْقَفَّالِ وَالْقَاضِي يُؤَيِّدُهُ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَجُوزُ اعْتِمَادُ صَبِيٍّ أَرْسَلَهُ الْوَلِيُّ لِغَيْرِهِ لِيُزَوِّجَ مُوَلِّيَتَهُ، وَالْأَوْجَهُ مَجِيءُ مَا مَرَّ فِي عَقْدِهِ بِمَسْتُورَيْنِ هُنَا، وَأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي جَوَازِ مُبَاشَرَتِهِ لَا فِي الصِّحَّةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِمَا مَرَّ أَنَّ مَدَارَهَا عَلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSوَمِنْهَا الِاحْتِيَاجُ إلَيْهَا كَمَا لَوْ لَمْ يُعْلِمْهَا بِطَلَاقِهِ لَهَا ثَلَاثًا وَظَنَّاهُ يُعَاشِرُهَا بِحُكْمِ الزَّوْجِيَّةِ فَشَهِدَ بِمُبْطِلِ النِّكَاحِ عِنْدَ الْقَاضِي، وَبِهَذَا يُجَابُ عَنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَهُنَا كَذَلِكَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَكِنْ بَعْدَ حَلِفِهَا) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: لَمْ يَرْجِعْ) أَيْ الزَّوْجُ (قَوْلُهُ بِأَنَّ الزَّوْجَيْنِ فِي تِلْكَ) أَيْ قَوْلُهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ إلَخْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQلِاعْتِرَافِهِمَا بِصِحَّةِ الْعَقْدِ وَخَرَجَ عَنْ صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ:: بِإِذْنِهَا أَوْ بِبَيِّنَةٍ إلَخْ) اُنْظُرْ هَذَا الْعَطْفَ.

[فصل فيمن يعقد النكاح وما يتبعه]

فَصْلٌ فِيمَنْ يَعْقِدُ النِّكَاحَ وَمَا يَتْبَعُهُ (لَا تُزَوِّجُ امْرَأَةٌ نَفْسَهَا) وَلَوْ (بِإِذْنٍ) مِنْ وَلِيِّهَا (وَلَا غَيْرِهَا) وَلَوْ (بِوَكَالَةٍ) مِنْ الْوَلِيِّ بِخِلَافِ إذْنِهَا لِقِنِّهَا أَوْ مَحْجُورِهَا وَذَلِكَ لِآيَةِ {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ} [البقرة: 232] إذْ لَوْ جَازَ لَهَا تَزْوِيجُ نَفْسِهَا لَمْ يَكُنْ لِلْعَضْلِ تَأْثِيرٌ وَلِلْخَبَرَيْنِ الصَّحِيحَيْنِ كَمَا قَالَهُ الْأَئِمَّةُ كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ» الْحَدِيثَ الْمَارَّ «وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ أَنْكَحَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ» وَكَرَّرَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَصَحَّ أَيْضًا «لَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ وَلَا الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا» نَعَمْ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ قَالَ بَعْضُهُمْ أَصْلًا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُمْكِنُ التَّوَجُّهُ لَهُ، جَازَ لَهَا أَنْ تُفَوِّضَ مَعَ خَاطِبِهَا أَمْرَهَا إلَى مُجْتَهِدٍ عَدْلٍ فَيُزَوِّجُهَا مِنْهُ لِأَنَّهُ مُحَكَّمٌ وَهُوَ كَالْحَاكِمِ، وَكَذَا لَوْ وَلَّتْ مَعَهُ عَدْلًا صَحَّ عَلَى الْمُخْتَارِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِأَصْلِهِ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِفَقْدِ الْحَاكِمِ، بَلْ يَجُوزُ مَعَ وُجُودِهِ سَفَرًا، أَوْ حَضَرًا بِنَاءً عَلَى الصَّحِيحِ فِي جَوَازِ التَّحْكِيمِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَمُرَادُ الْإِسْنَوِيِّ مَا إذَا كَانَ الْمُحَكَّمُ صَالِحًا لِلْقَضَاءِ، وَأَمَّا الَّذِي اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ تَكْفِي الْعَدَالَةُ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ صَالِحًا لِلْقَضَاءِ فَشَرْطُهُ السَّفَرُ وَفَقْدُ الْقَاضِي أَيْ وَلَوْ قَاضِي ضَرُورَةً، وَأَيَّدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى وُجُودِ الْقَاضِي وَفَقْدِهِ لَا عَلَى السَّفَرِ وَالْحَضَرِ. نَعَمْ لَوْ كَانَ الْحَاكِمُ لَا يُزَوِّجُ إلَّا بِدَرَاهِمَ لَهَا وَقَعَ لَا تُحْتَمَلُ فِي مِثْلِهِ عَادَةً كَمَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْبِلَادِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ) فِيمَنْ يَعْقِدُ النِّكَاحَ (قَوْلُهُ: وَمَا يَتْبَعُهُ) أَيْ كَالتَّوَقُّفِ عَلَى الْإِذْنِ وَكَيْفِيَّةِ الْإِذْنِ مِنْ نُطْقٍ، أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِوَكَالَةٍ مِنْ الْوَلِيِّ) أَيْ أَوْ مِنْ الْمَرْأَةِ كَمَا شَمِلَتْهُ الْغَايَةُ، بَلْ ذَلِكَ أَوْلَى لِعَدَمِ الصِّحَّةِ مِنْهُ فِيمَا لَوْ أَذِنَ بِهِ الْوَلِيُّ (قَوْلُهُ: لِقِنِّهَا، أَوْ مَحْجُورِهَا) أَيْ فِي أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَقَالَ سم عَلَى حَجّ: وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَكُونُ وَلِيَّةً عَلَى الْمَحْجُورِ إلَّا بِطَرِيقِ الْوِصَايَةِ، وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَلْ يَنْكِحُ: أَيْ السَّفِيهُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ أَوْ يَقْبَلُ لَهُ النِّكَاحَ قَوْلُ الشَّارِحِ وَوَلِيُّهُ فِي الْأَوَّلِ: أَيْ فِيمَا إذَا بَلَغَ سَفِيهًا الْأَبُ فَالْجَدُّ فَوَصِيٌّ أَذِنَ لَهُ فِي التَّزْوِيجِ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْعَزِيزِ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ إلَخْ، فَلَعَلَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى كَلَامِ الْعَزِيزِ فَلْيُحَرَّرْ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلُهُ لِقِنِّهَا، أَوْ مَحْجُورِهَا: أَيْ مِنْ سَفِيهٍ، أَوْ مَجْنُونٍ هِيَ وَصِيَّةٌ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: إلَّا بِوَلِيٍّ الْحَدِيثَ) أَيْ أَقَرَّا الْحَدِيثَ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ إذْنٍ) أَفْهَمَ أَنَّهَا إذَا أَنْكَحَتْ نَفْسَهَا بِإِذْنِ وَلِيِّهَا صَحَّ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ بِإِذْنٍ مِنْ وَلِيِّهَا فَيَحْتَاجُ إلَى وَكِيلٍ، عَلَى أَنَّ الْمَفْهُومَ هُنَا غَيْرُ مُرَادٍ لَا يُقَالُ: قَوْلُهُ بَعْدُ فِي الْحَدِيثِ الْآتِي وَلَا الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِذْنِ وَعَدَمِهِ. لِأَنَّا نَقُولُ: الْأَوَّلُ خَاصٌّ فَيُقَدَّمُ عَلَى هَذَا الْعَامِّ (قَوْلُهُ: وَكَرَّرَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) أَيْ كَرَّرَ قَوْلَهُ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ كَمَا يَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِذَا اجْتَمَعَ أَوْلِيَاءُ إلَخْ نَقْلًا عَنْ تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الرَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ وَلَّتْ مَعَهُ) أَيْ الْخَاطِبِ (قَوْلُهُ: وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَدَارَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إلَّا بِدَرَاهِمَ لَهَا وَقَعَ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلزَّوْجَيْنِ (قَوْلُهُ: لَا يُحْتَمَلُ مِثْلُهُ) أَيْ ذَلِكَ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ: مَعَ وُجُودِهِ) أَيْ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُهُ تَصْحِيحُ تَزْوِيجِهَا) أَيْ لِغَيْرِهَا لَا لِنَفْسِهَا اهـ. حَجّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِيمَنْ يَعْقِدُ النِّكَاحَ وَمَا يَتْبَعُهُ] فَصْلٌ) فِيمَنْ يَعْقِدُ النِّكَاحَ (قَوْلُهُ: أَوْ مَحْجُورِهَا) أَشَارَ سم إلَى ضَعْفِهِ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهَا عَلَى الْمَحْجُورِ لَا تَكُونُ إلَّا بِطَرِيقِ الْوِصَايَةِ، وَالْوَصِيُّ لَا يُعْتَبَرُ إذْنُهُ خِلَافًا لِمَا فِي الْعَزِيزِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ وَلَّتْ مَعَهُ) أَيْ الْخَاطِبِ

فِي زَمَنِنَا اُتُّجِهَ جَوَازُ تَوْلِيَةِ أَمْرِهَا لِعَدْلٍ مَعَ وُجُودِهِ، وَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِذَلِكَ بِأَنْ عَلِمَ مُوَلِّيهِ بِذَلِكَ حَالَ التَّوْلِيَةِ وَخَرَجَ بِتَزَوَّجَ مَا لَوْ وَكَّلَ امْرَأَةً لِتُوَكِّلَ مَنْ يُزَوِّجُ مُوَلِّيَتَهُ، أَوْ وَكَّلَ مُوَلِّيَتَهُ لِتُوَكِّلَ مَنْ يُزَوِّجُهَا وَلَمْ يَقُلْ لَهَا عَنْ نَفْسِك سَوَاءٌ أَقَالَ عَنِّي أَمْ أَطْلَقَ فَوَكَّلَتْ وَعَقَدَ الْوَكِيلُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِأَنَّهَا سَفِيرَةٌ مَحْضَةٌ، وَلَوْ اُبْتُلِينَا بِوِلَايَةِ امْرَأَةٍ الْإِمَامَةَ نَفَذَ حُكْمُهَا لِلضَّرُورَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ، وَقِيَاسُهُ تَصْحِيحُ تَزْوِيجِهَا، وَكَذَا لَوْ زَوَّجَتْ كَافِرَةٌ كَافِرَةً بِدَارُ الْحَرْبِ فَيُقَرُّ الزَّوْجَانِ عَلَيْهِ بَعْدَ إسْلَامِهِمَا، وَيَجُوزُ إذْنُهَا لِوَلِيِّهَا بِلَفْظِ الْوَكَالَةِ كَمَا يَأْتِي (وَلَا تَقْبَلُ نِكَاحًا لِأَحَدٍ) بِوِلَايَةٍ وَلَا بِوَكَالَةٍ، لِأَنَّ مَحَاسِنَ الشَّرِيعَةِ تَقْتَضِي فَطْمَهَا عَنْ ذَلِكَ بِالْكُلِّيَّةِ لِمَا قُصِدَ مِنْهَا مِنْ الْحَيَاءِ وَعَدَمِ ذِكْرِهِ أَصْلًا، وَالْخُنْثَى فِيمَا ذُكِرَ مِثْلُهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُسْلِمِ فِي كِتَابِ الْخَنَاثَى وَبَحَثَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ وَقَالَ: لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا، فَإِنْ اتَّضَحَتْ ذُكُورَتُهُ وَلَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ صَحَّ كَمَا مَرَّ، وَقَدْ جَزَمَ بِذَلِكَ السُّبْكِيُّ فِي كِتَابِ الْخَنَاثَى كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. (وَالْوَطْءُ فِي نِكَاحٍ) وَلَوْ فِي الدُّبُرِ (بِلَا وَلِيٍّ) بِأَنْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ وَلَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ فِيهِ بِشَيْءٍ (يُوجِبُ) عَلَى الزَّوْجِ الرَّشِيدِ دُونَ السَّفِيهِ كَمَا يَأْتِي (مَهْرَ الْمِثْلِ) كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْخَبَرُ الْمَارُّ لَا الْمُسَمَّى لِفَسَادِ النِّكَاحِ، وَلَا يَجِبُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ لَوْ كَانَتْ بِكْرًا وَصَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِعَدَمِ وُجُوبِ أَرْشِ الْبَكَارَةِ فِيهِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ بِأَنَّ إتْلَافَ الْبَكَارَةِ مَأْذُونٌ فِيهِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ كَالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْوَطْءُ (لَا الْحَدَّ) وَإِنْ اعْتَقَدَ التَّحْرِيمَ لِشُبْهَةِ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ لَكِنْ يُعَزَّرُ مُعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ مَا لَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ بِصِحَّتِهِ، أَوْ بِبُطْلَانِهِ وَإِلَّا فَكَالْمُجْمَعِ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ عَدَمَ الْفَرْقِ، وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ لِأَنَّهَا مُتَمَكِّنَةٌ مِنْ تَفْوِيضِ أَمْرِهَا لِمَنْ يُزَوِّجُهَا فَيَكُونُ قَاضِيًا (قَوْلُهُ بِدَارِ الْحَرْبِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ فِيمَا يَظْهَرُ وَنُقِلَ مِثْلُهُ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ (قَوْلُهُ: تَقْتَضِي فَطْمَهَا) أَيْ تَطْلُبُهُ عَلَى وَجْهِ اللِّيَاقَةِ وَالْكَمَالِ لَا أَنَّهَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا ذَلِكَ بِنَهْيِ الشَّارِعِ وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهَا مِنْ حَيْثُ تَعَاطِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ إنْ عَلِمَتْ بِفَسَادِهِ (قَوْلُهُ: وَالْخُنْثَى فِيمَا ذُكِرَ مِثْلُهَا) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ خَالَفَ وَزُوِّجَ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى الْوَاطِئِ لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ أُنُوثَتَهُ، وَبِتَقْدِيرِهَا فَالْمَرْأَةُ يَصِحُّ عَقْدُهَا فِي الْجُمْلَةِ عِنْدَ مَنْ قَالَ بِهِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا إلَخْ) أَيْ، أَوْ وَكَّلَتْ مَنْ يُزَوِّجُهَا وَلَيْسَ مِنْ أَوْلِيَائِهَا كَجَارِهَا مَثَلًا (قَوْلُهُ: دُونَ السَّفِيهَةِ كَمَا يَأْتِي) أَيْ عَلَى مَا يَأْتِي وَمِنْهُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَتْ الْمَوْطُوءَةُ رَشِيدَةً مُخْتَارَةً إلَى آخِرِ قَوْلِهِ مَهْرُ مِثْلِهَا بِكْرًا بِلَا إفْرَادِ أَرْشٍ (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ) أَيْ بِعَدَمِ وُجُوبِ أَرْشِ الْبَكَارَةِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَقَوْلُهُ بِعَدَمِ وُجُوبِ إلَخْ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ: أَيْ النِّكَاحِ وَبَيْنَهُ: أَيْ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اعْتَقَدَ التَّحْرِيمَ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يُقَلِّدْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَكَالْمُجْمَعِ عَلَيْهِ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِدَارِ الْحَرْبِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ كَمَا نُقِلَ عَنْ الزِّيَادِيِّ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ) قَالَ فِي الْعُبَابِ: لَعَلَّهُ إذَا اعْتَقَدَ حِلَّهُ أَوْ جَهِلَتْ تَحْرِيمَهُ. اهـ. قَالَ الشِّهَابُ سم: وَقَدْ يُقَالُ حَيْثُ اعْتَقَدَ الزَّوْجُ الْحِلَّ وَجَبَ الْمَهْرُ وَإِنْ لَمْ تَعْتَقِدْ هِيَ أَيْضًا (قَوْلُهُ: دُونَ السَّفِيهِ) أَيْ عَلَى مَا يَأْتِي فِيهِ (قَوْلُهُ: وَلَا أَرْشُ الْبَكَارَةِ) فِي نُسْخَةٍ مَا نَصُّهُ: وَيَجِبُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ لَوْ كَانَتْ بِكْرًا وَصَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِعَدَمِ وُجُوبِ أَرْشِ الْبَكَارَةِ فِيهِ وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ إلَخْ وَهَذِهِ النُّسْخَةُ هِيَ الْمُوَافَقَةُ لِمَا قَدَّمَ تَصْحِيحَهُ فِي بَابِ الْبَيْعِ مِنْ وُجُوبِ أَرْشِ الْبَكَارَةِ مَعَ مَهْرِ ثَيِّبٍ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ بِصِحَّتِهِ أَوْ بُطْلَانِهِ) قَيْدٌ فِي الْمَهْرِ وَنَفْيِ الْحَدِّ وَوُجُوبِ التَّعْزِيرِ: أَيْ أَمَّا إذَا حُكِمَ بِصِحَّتِهِ فَالْوَاجِبُ الْمُسَمَّى وَلَا حَدَّ

كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَيَمْتَنِعُ حِينَئِذٍ عَلَى مُخَالِفٍ نَقْضُهُ، أَمَّا الْوَطْءُ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ فَلَا حَدَّ فِيهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَسَيَأْتِي مَبْسُوطًا فِي بَابِ الزِّنَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. (وَيُقْبَلُ إقْرَارُ الْوَلِيِّ بِالنِّكَاحِ) عَلَى مُوَلِّيَتِهِ (إنْ اسْتَقَلَّ) حَالَةَ الْإِقْرَارِ (بِالْإِنْشَاءِ) وَهُوَ الْمُجْبِرُ مِنْ أَبٍ، أَوْ جَدٍّ، أَوْ قَاضٍ فِي مَجْنُونَةٍ بِشَرْطِهَا الْآتِي وَإِنْ لَمْ تُصَدِّقْهُ الْبَالِغَةُ لِمَا مَرَّ أَنَّ مَنْ مَلَكَ الْإِنْشَاءَ مَلَكَ الْإِقْرَارَ بِهِ غَالِبًا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَقِلًّا لِانْتِفَاءِ إجْبَارِهِ حَالَةَ الْإِقْرَارِ، كَأَنْ ادَّعَى وَهِيَ ثَيِّبٌ أَنَّهُ زَوَّجَهَا حِينَ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ لِانْتِفَاءِ كَفَاءَةِ الزَّوْجِ (فَلَا) يُقْبَلُ لِعَجْزِهِ عَنْ الْإِنْشَاءِ دُونَ إذْنِهَا. (وَيُقْبَلُ) (إقْرَارُ الْحُرَّةِ الْبَالِغَةِ الْعَاقِلَةِ) وَلَوْ سَفِيهَةً فَاسِقَةً سَكْرَانَةَ بِكْرًا، أَوْ ثَيِّبًا (بِالنِّكَاحِ) مِنْ زَوْجٍ صَدَّقَهَا عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ غَيْرَ كُفْءٍ (عَلَى الْجَدِيدِ) وَإِنْ كَذَّبَهَا الْوَلِيُّ وَشُهُودٌ عَيَّنَتْهُمْ، أَوْ أَنْكَرَ الْوَلِيُّ الرِّضَا بِدُونِ الْكُفْءِ لِاحْتِمَالِ نِسْيَانِهِمْ وَلِأَنَّهُ حَقُّهُمَا فَلَمْ يُؤَثِّرْ إنْكَارُ الْغَيْرِ لَهُ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَفْصِيلِهَا الْإِقْرَارَ فَتَقُولُ زَوَّجَنِي مِنْهُ وَلِيِّي بِحَضْرَةِ عَدْلَيْنِ وَرِضَايَ إنْ كَانَتْ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ رِضَاهَا، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا سَيَأْتِي فِي الدَّعَاوَى مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِإِقْرَارِهَا الْمُطْلَقِ لِأَنَّ مَحَلَّهُ فِي إقْرَارٍ وَقَعَ فِي جَوَابِ دَعْوَى لِأَنَّ تَفْصِيلَهَا يُغْنِي عَنْ تَفْصِيلِهِ، وَمَا هُنَا فِي إقْرَارٍ مُبْتَدَإٍ، وَلَوْ أَقَرَّ الْمُجْبِرُ لِوَاحِدٍ وَهِيَ لِآخَرَ قُدِّمَ السَّابِقُ، فَإِنْ وَقَعَا مَعًا قُدِّمَ إقْرَارُهَا كَمَا رَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَدْرِيبِهِ لِتَعَلُّقِ ذَلِكَ بِبَدَنِهَا وَحَقِّهَا، وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَفِيمَا إذَا اُحْتُمِلَ الْحَالَانِ احْتِمَالَانِ فِي الْمَطْلَبِ أَوْجَهُهُمَا الْوَقْفُ إنْ رُجِيَ الظُّهُورُ وَإِلَّا بَطَلَ، وَكَذَا لَوْ عُلِمَ السَّبْقُ دُونَ عَيْنِ السَّابِقِ وَأَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْقِنُّ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَلَا تَعْزِيرَ حَيْثُ حُكِمَ بِصِحَّتِهِ وَيُحَدُّ حَيْثُ حُكِمَ بِبُطْلَانِهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْوَطْءُ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ) أَيْ بِأَنْ زَوَّجَتْهُ نَفْسَهَا بِدُونِ ذَلِكَ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَكَذَا الْوَطْءُ لِأَنَّ هَذَا مُشَارِكٌ لِمَا قَبْلَهُ فِي الْحُكْمِ فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ قَسِيمًا لَهُ (قَوْلُهُ فَلَا حَدَّ فِيهِ) أَيْ وَيَأْثَمُ (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ) أَيْ لِقَوْلِ دَاوُد بِصِحَّتِهِ وَإِنْ حَرُمَ تَقْلِيدُهُ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِشَرْطِهِ عِنْدَهُ. (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهَا الْآتِي) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ مُحْتَاجَةً عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: مَلَكَ الْإِقْرَارَ بِهِ غَالِبًا) أَيْ وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ (قَوْلُهُ: دُونَ إذْنِهَا) أَيْ فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ زَوَّجَهَا بِإِذْنِهَا وَأَنْكَرَتْ الْإِذْنَ فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ. (قَوْلُهُ: مِنْ زَوْجٍ) أَيْ وَلَوْ سَفِيهًا عَلَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَبَحَثَ بَعْضٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مَعَ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ السَّفِيهِ مِنْ تَصْدِيقِ وَلِيِّهِ (قَوْلُهُ: صَدَّقَهَا عَلَى ذَلِكَ) أَيْ وَإِذَا لَمْ يُصَدِّقْهَا فَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ حَالًا، وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ حَكَاهُمَا الْإِمَامُ، وَقَالَ الْقَفَّالُ لَا، وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْهُ آخِرَ الطَّلَاقِ اعْتِبَارًا بِقَوْلِهَا فِي حَقِّ نَفْسِهَا، وَطَرِيقُ حِلِّهَا أَنْ يُطَلِّقَهَا اهـ. وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ حَجّ. وَهَلْ رُجُوعُهَا عَنْ الْإِقْرَارِ كَالطَّلَاقِ اهـ سم عَلَيْهِ. أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالطَّلَاقِ فَتُزَوَّجُ حَالًا (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ نِسْيَانِهِمْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ بَعُدَ ذَلِكَ عَادَةً بِقُرْبِ الْمُدَّةِ جِدًّا كَأَنْ ادَّعَتْهُ مِنْ أَمْسٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَفْصِيلَهَا) أَيْ الدَّعْوَةِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ لِآخَرَ قُدِّمَ السَّابِقُ) أَيْ الْآنَ لِمَجْلِسِ الْحُكْمِ وَإِنْ أَسْنَدَ الْآخَرُ التَّزْوِيجَ إلَى تَارِيخٍ مُتَقَدِّمٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّ نِسْبَتَهُ وَإِقْرَارَهُ يُحْكَمُ بِصِحَّتِهِ لِعَدَمِ الْمُعَارِضِ الْآنَ، فَإِذَا حَضَرَ الثَّانِي وَادَّعَى خِلَافَهُ كَانَ مُرِيدًا لِرَفْعِ الْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ وَمَا حُكِمَ بِثُبُوتِهِ لَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (قَوْلُهُ: فِي تَدْرِيبِهِ) أَيْ مُخَالِفًا فِيهِ لِمَا صَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِهِ مِنْ بُطْلَانِ نِكَاحِهِمَا وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ وَفِيمَا إذَا اُحْتُمِلَ الْحَالَانِ) أَيْ فِي سَبْقٍ وَعَدَمِهِ، وَفِي نُسْخَةٍ احْتِمَالَانِ صَحَّ أَوْجَهُهُمَا أَنَّهُ كَالْمَعِيَّةِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي نِكَاحِ اثْنَيْنِ أَنَّهُ مِثْلُهَا اهـ حَجّ. وَهَذِهِ هِيَ الْأَقْرَبُ لِقُوَّةِ جَانِبِ الْمَرْأَةِ بِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِهَا (قَوْلُهُ: دُونَ عَيْنِ السَّابِقِ) بَقِيَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا تَعْزِيرَ. وَأَمَّا إذَا حُكِمَ بِبُطْلَانِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْوَطْءُ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ وَكَذَا الْوَطْءُ فِي نِكَاحٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا أَنَّهُ كَالْمَعِيَّةِ) كَذَا فِي التُّحْفَةِ، وَفِي نُسْخَةٍ مِنْ الشَّارِحِ: أَوْجَهُهُمَا الْوَقْفُ إنْ رُجِيَ

يُعْتَبَرُ مَعَ تَصْدِيقِهِ تَصْدِيقُ سَيِّدِهِ وَبَحَثَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مَعَ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ السَّفِيهِ مِنْ تَصْدِيقِ وَلِيِّهِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ هَذِهِ زَوْجَتِي فَسَكَتَتْ، أَوْ امْرَأَةٌ هَذَا زَوْجِي فَسَكَتَ وَمَاتَ الْمُقِرُّ وَرِثَهُ السَّاكِتُ دُونَ عَكْسِهِ، وَفِي الْأُولَى لَوْ أَنْكَرَتْ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا، وَمَعَ ذَلِكَ يُقْبَلُ رُجُوعُهَا وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا يَأْتِي آخِرَ الرَّجْعَةِ لِأَنَّهَا مُقِرَّةٌ بِحَقٍّ عَلَيْهَا وَقَدْ مَاتَ وَهُوَ مُقِيمٌ عَلَى الْمُطَالَبَةِ، وَفِي التَّتِمَّةِ لَوْ أَقَرَّتْ بِالنِّكَاحِ وَأَنْكَرَ سَقَطَ حُكْمُ الْإِقْرَارِ فِي حَقِّهِ حَتَّى لَوْ عَادَ بَعْدَ ذَلِكَ وَادَّعَى نِكَاحًا لَمْ يُسْمَعْ مَا لَمْ يَدَّعِ نِكَاحًا جَدِيدًا، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ مَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِيمَنْ مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ فِي مَنْزِلِهِ فَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ كَانَ أَقَرَّ بِطَلَاقِهَا ثَلَاثًا قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَبْعَةِ أَشْهُرٍ فَأَقَامَتْ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ أَقَرَّ قَبْلَ مَوْتِهِ أَنَّهَا فِي عَقْدِ نِكَاحِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُسْمَعُ دَعْوَاهَا وَبَيِّنَتُهَا إلَّا إنْ ادَّعَتْ نِكَاحًا مُفَصَّلًا، وَمِنْهُ أَنْ تَذْكُرَ أَنَّهَا تَحَلَّلَتْ تَحْلِيلًا بِشُرُوطِهِ ثُمَّ تُقِيمُ بَيِّنَةً بِذَلِكَ، بِخِلَافِ دَعْوَاهَا مُجَرَّدَ إقْرَارِهِ لِأَنَّ دَعْوَاهُ مُجَرَّدَةً عَنْ دَعْوَى نَفْسِ الْحَقِّ غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ، وَبِخِلَافِ دَعْوَاهَا النِّكَاحَ، وَأَنَّهُ أَقَرَّ بِأَنَّهَا فِي عِصْمَتِهِ وَعَقْدِ نِكَاحِهِ وَلَمْ يُفَصَّلْ بِذِكْرِ مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْعِدَّتَانِ وَالتَّحْلِيلُ وَغَيْرُ ذَلِكَ لِأَنَّهَا لَمْ تَدَّعِ إقْرَارَهُ بِمَا يُبِيحُ لَهُ نِكَاحَهَا وَإِقْرَارُهُ بِأَنَّهَا فِي عِصْمَتِهِ وَعَقْدُ نِكَاحِهِ لَا يَقْتَضِي إرْثَهَا مِنْهُ لِاحْتِمَالِهِ أَمْرَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ لِلنِّكَاحِ السَّابِقِ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ تَكْذِيبُ الْبَيِّنَةِ بِإِقْرَارِهِ بِالثَّلَاثِ وَنِكَاحٌ آخَرُ أَحْدَثَاهُ بَعْدَ إمْكَانِ التَّحْلِيلِ وَالْإِرْثُ لَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا حَيْثُ ادَّعَتْ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِأَنَّهَا فِي نِكَاحِهِ بَعْدَ مُضِيِّ إمْكَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا لَوْ عَلِمَ عَيْنَ السَّابِقِ ثُمَّ نَسِيَ، وَيَنْبَغِي أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَفِيمَا إذَا اُحْتُمِلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: يُعْتَبَرُ مَعَ تَصْدِيقِهِ) أَيْ فِي قَبُولِ إقْرَارِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ) وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ السَّفِيهَةِ حَيْثُ قُبِلَ إقْرَارُهَا لِمَنْ صَدَّقَهَا، وَإِنْ كَذَّبَهَا الْوَلِيُّ عَلَى مَا مَرَّ أَنَّ إقْرَارَ السَّفِيهَةِ يُغَرِّمُهُ الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ فَكَأَنَّ إقْرَارَهُ يَتَعَلَّقُ بِأَمْرٍ مَالِيٍّ وَالنَّظَرُ فِيهِ لِلْوَلِيِّ فَاعْتُبِرَ تَصْدِيقُهُ، وَلَا كَذَلِكَ الْمَرْأَةُ فَإِنَّ إقْرَارَهَا لَا يُغَرِّمُهَا شَيْئًا فَبِمَحْضِ إقْرَارِهَا لِمَا يَتَعَلَّقُ بِبَدَنِهَا لَمْ يُعْتَبَرْ تَصْدِيقُ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ: دُونَ عَكْسِهِ) أَيْ بِأَنْ مَاتَ السَّاكِتُ (قَوْلُهُ: وَمَعَ ذَلِكَ يُقْبَلُ رُجُوعُهَا) أَيْ فَتَثْبُتُ فِي حَقِّهَا أَحْكَامُ الزَّوْجِيَّةِ مِنْ الْإِرْثِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ) أَيْ وَقِسْمَةُ التَّرِكَةِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُطَالَبَةِ) أَيْ بِقَوْلِهِ هَذِهِ زَوْجَتِي (قَوْلُهُ لَوْ أَقَرَّ بِالنِّكَاحِ) أَيْ لِشَخْصٍ (قَوْلُهُ: ادَّعَى نِكَاحًا لَمْ يُسْمَعْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَبُولِ رُجُوعِ الْمَرْأَةِ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهَا مُقِرَّةٌ بِحَقٍّ عَلَيْهَا وَقَدْ مَاتَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ دَعْوَاهُ مُجَرَّدَةٌ) كَأَنَّ مَرْجِعَ الْهَاءِ مُجَرَّدُ إقْرَارِهِ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْمَفْعُولِ، وَالْمَعْنَى دَعْوَاهُ بِمُجَرَّدِ إقْرَارِهِ، وَقَوْلُهُ عَنْ نَفْسِ الْحَقِّ أَيْ النِّكَاحِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لِلنِّكَاحِ السَّابِقِ) أَيْ لِأَجْلِ النِّكَاحِ وَالْأَمْرَانِ هُمَا نِكَاحُهُ السَّابِقُ عَلَى الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ وَالنِّكَاحُ الْحَاصِلُ بَعْدَ التَّحْلِيلِ (قَوْلُهُ: بِإِقْرَارِهِ بِالثَّلَاثِ) أَيْ وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَيْهِ فَلَا إرْثَ كَذَا يَنْبَغِي بِدَلِيلٍ قَوْلُهُ وَالْإِرْثُ لَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إلَخْ) يُتَأَمَّلُ هَذَا الْحَاصِلُ فَإِنَّهُ لَا يُطَابِقُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ اشْتِرَاطِ التَّفْصِيلِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَأَقَامَتْ بَيِّنَةً: أَيْ مُفَصَّلَةً لِإِقْرَارِهِ وَتُرِكَ هَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالظُّهُورُ وَإِلَّا بَطَلَ إلَخْ، وَظَاهِرٌ أَنَّ قَوْلَهُ بَعْدُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي إلَخْ إنَّمَا بِتَأَتِّي عَلَى نُسْخَةِ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: تَصْدِيقُ سَيِّدِهِ) هَلْ الْمُرَادُ تَصْدِيقُهُ فِي النِّكَاحِ أَوْ فِي الْإِذْنِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ يُرَاجَعُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي وَلِيِّ السَّفِيهِ (قَوْلُهُ: سَقَطَ حُكْمُ الْإِقْرَارِ فِي حَقِّهِ) أَيْ أَمَّا فِي حَقِّهَا فَلَا يَسْقُطُ فَتُطَالِبُهُ بِالْمَهْرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ فَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ دَعْوَاهُ) قَالَ سم كَأَنَّ مَرْجِعَ الْهَاءِ مُجَرَّدُ إقْرَارِهِ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْمَفْعُولِ، وَالْمَعْنَى دَعْوَاهَا مُجَرَّدَ إقْرَارِهِ، وَقَوْلُهُ عَنْ نَفْسِ الْحَقِّ: أَيْ النِّكَاحِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا حَيْثُ ادَّعَتْ إلَخْ) تَوَقَّفَ الشِّهَابُ سم فِي مُطَابَقَةِ هَذَا الْحَاصِلِ لِمَا مَرَّ عَنْ إفْتَاءِ بَعْضِهِمْ مِنْ اعْتِبَارِ دَعْوَى نِكَاحٍ مُفَصَّلٍ، وَذَكَرَ أَنَّ هَذَا أُورِدَ عَلَى

التَّحْلِيلِ مِنْ طَلَاقِهَا الْأَوَّلِ وَأَقَامَتْ بَيِّنَةً بِذَلِكَ قُبِلَتْ وَوَرِثَتْ وَإِلَّا فَلَا، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ الْمُزَجَّدِ الْيَمَنِيِّ: تُسْمَعُ دَعْوَاهَا وَبَيِّنَتُهَا وَتَرِثُهُ، وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ لِإِمْكَانِ زَوَالِ الْمَانِعِ الَّذِي أَثْبَتَتْهُ الْأُولَى بِالتَّحْلِيلِ بِشَرْطِهِ اهـ مُلَخَّصًا، وَالْقَدِيمُ إنْ كَانَا غَرِيبَيْنِ ثَبَتَ النِّكَاحُ، وَإِلَّا طُولِبَتْ بِالْبَيِّنَةِ لِسُهُولَتِهَا، وَعَنْ الْقَدِيمِ عَدَمُ الْقَبُولِ مُطْلَقًا، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَمِنْهُمْ مَنْ نَفَاهُ عَنْ الْقَدِيمِ وَحَمَلَهُ عَلَى الْحِكَايَةِ عَنْ الْغَيْرِ. (وَلِلْأَبِ) وَإِنْ لَمْ يَلِ الْمَالَ لِطُرُوِّ سَفَهٍ بَعْدَ الْبُلُوغِ عَلَى النَّصِّ لِأَنَّ الْعَارَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّ وِلَايَةَ تَزْوِيجِهَا تَابِعَةٌ لِوِلَايَةِ مَالِهَا (تَزْوِيجُ الْبِكْرِ) وَتُرَادِفُهَا الْعَذْرَاءُ لُغَةً وَعُرْفًا، وَقَدْ يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا فَيُطَلِّقُونَ الْبِكْرَ عَلَى مَنْ إذْنُهَا السُّكُوتُ وَإِنْ زَالَتْ بَكَارَتُهَا، وَيَخُصُّونَ الْعَذْرَاءَ بِالْبِكْرِ حَقِيقَةً وَالْمُعْصِرُ تُطْلَقْ عَلَى مُقَارَبَةِ الْحَيْضِ وَعَلَى مَنْ حَاضَتْ وَعَلَى مَنْ وَلَدَتْ، أَوْ حُبِسَتْ فِي الْبَيْتِ سَاعَةَ طَمَثَتْ، أَوْ رَاهَقَتْ الْعِشْرِينَ (صَغِيرَةً وَكَبِيرَةً) عَاقِلَةً، أَوْ مَجْنُونَةً (بِغَيْرِ إذْنِهَا) لِخَبَرِ الدَّارَقُطْنِيّ «الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا» وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ فِي الصَّغِيرَةِ، وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ ذَلِكَ كَفَاءَةُ الزَّوْجِ وَيَسَارُهُ بِحَالِ صَدَاقِهَا عَلَيْهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَلَوْ زَوَّجَهَا مِنْ مُعْسِرٍ بِهِ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ بَخَسَهَا حَقَّهَا وَلَيْسَ مُفَرَّعًا عَلَى أَنَّ الْيَسَارَ مُعْتَبَرٌ فِي الْكَفَاءَةِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَعَدَمُ عَدَاوَةٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ كَمَا بَحَثَهُ الْعِرَاقِيُّ، وَعَدَمُ عَدَاوَةٍ ظَاهِرَةٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَلِيِّ وَإِلَّا فَلَا يُزَوِّجُهَا إلَّا بِإِذْنِهَا، بِخِلَافِ غَيْرِ الظَّاهِرَةِ لِأَنَّ الْوَلِيَّ يَحْتَاطُ لِمُوَلِّيَتِهِ لِخَوْفِ الْعَارِ وَلِغَيْرِهِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ الْجَوَازَ، وَاعْتُبِرَ الظُّهُورُ هُنَا دُونَ مَا مَرَّ فِي الزَّوْجِ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْوَلِيِّ الْمُجْبِرِ وَالزَّوْجِ، لِأَنَّ انْتِفَاءَ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَلِيِّهَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSالتَّقْيِيدُ اعْتِمَادًا عَلَى مَا قَدَّمَهُ. (قَوْلُهُ: لِطُرُوِّ سَفَهٍ) أَيْ لَهَا، وَكَذَا لَوْ بَلَغَتْ رَشِيدَةً: أَيْ وَاسْتَمَرَّ رُشْدُهَا لِزَوَالِ وِلَايَةِ الْمَالِ بِبُلُوغِهَا (قَوْلُهُ: وَالْمُعْصَرُ) ذَكَرَهَا لِمُنَاسِبَتِهَا لِلْبِكْرِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى مَنْ حَاضَتْ) أَيْ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ وَعَلَى مَنْ وَلَدَتْ) أَيْ أَوَّلَ وِلَادَةٍ، وَقَوْلُهُ سَاعَةَ طَمَثَتْ: أَيْ حَاضَتْ، وَقَوْلُهُ، أَوْ رَاهَقَتْ: أَيْ قَارَبَتْ الْعِشْرِينَ إلَخْ أَيْ فَالْمُعْصِرُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ هَذِهِ الْمَعَانِي لَا يُعْلَمُ الْمُرَادُ مِنْهُ إلَّا بِقَرِينَةٍ (قَوْلُهُ: بِحَالِ صَدَاقِهَا) بَقِيَ مَا لَوْ قَالَ وَلِيُّ الْمَرْأَةِ لِوَلِيِّ الزَّوْجِ زَوَّجْت بِنْتِي ابْنَك بِمِائَةِ قِرْشٍ فِي ذِمَّتِك مَثَلًا فَلَا يَصِحُّ وَطَرِيقُ الصِّحَّةِ أَنْ يَهَبَ الصَّدَاقَ لِوَلَدِهِ وَيَقْبِضَهُ لَهُ، وَهَلْ اسْتِحْقَاقُ الْجِهَاتِ كَالْإِمَامَةِ وَنَحْوِهَا كَافٍ فِي الْيَسَارِ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الْفَرَاغِ عَنْهَا وَتَحْصِيلُ حَالِ الصَّدَاقِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي بَابِ التَّفْلِيسِ مِنْ أَنَّهُ يُكَلَّفُ النُّزُولُ عَنْهَا، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ تَجَمَّدَ لَهُ فِي جِهَةِ الْوَقْفِ، أَوْ الدِّيوَانِ مَا يَفِي بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ لِأَنَّهُ كَالْوَدِيعَةِ عِنْدَ النَّاظِرِ وَعِنْدَ مَنْ يَصْرِفُ الْجَامِكِيَّةِ. وَكَتَبَ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ قَوْلُهُ بِحَالِ صَدَاقِهَا: أَيْ بِأَنْ يَكُونَ فِي مِلْكِهِ ذَلِكَ نَقْدًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ بِقَرْضٍ إذْ ذَاكَ، أَوْ بِغَيْرِهِ، فَالْمَدَارُ عَلَى كَوْنِهِ فِي مِلْكِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الصِّحَّةِ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ أَنَّ غَيْرَ الزَّوْجِ كَأَبِيهِ يَدْفَعُ عَنْهُ الْوَلِيُّ الْمَرْأَةُ قَبْلَ الْعَقْدِ الصَّدَاقَ، فَهُوَ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِ الزَّوْجِ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ يَحْصُلُ بِهِ قَضَاؤُهُ لَكِنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِعَدَمِ رَدِّهِ إلَيْهِ وَعَدَمِ مُطَالَبَةِ الزَّوْجِ بِهِ وَتَصَرُّفِ الْمَرْأَةِ فِيهِ فَيُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ مِلْكِهِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا أَوَّلًا فِي مِلْكِهِ مِنْ أَنَّ الزَّوْجَ يَسْتَعِيرُ مِنْ بَعْضِ أَقَارِبِهِ مَثَلًا مَصَاغًا، أَوْ نَحْوَهُ لِيَدْفَعَهُ لِلْمَرْأَةِ إلَى أَنْ يُوسِرَ فَيَدْفَعَ لَهَا الصَّدَاقَ وَيَسْتَرِدَّ مَا دَفَعَهُ لَهَا لِيَرُدَّهُ عَلَى مَالِكِهِ فَلَا يَكْفِي لِعَدَمِ مِلْكِهِ، وَالْعَقْدُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهِ فَاسِدٌ حَيْثُ وَقَعَ بِلَا إذْنٍ مُعْتَبَرٍ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مُفَرَّعًا) أَيْ قَوْلُهُ فَلَوْ زَوَّجَهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ) أَيْ لَا ظَاهِرَةٌ وَلَا خَفِيَّةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّارِحِ فَلَمْ يَجِبْ بِمُقْنِعٍ بَلْ قَالَ يُحْمَلُ هَذَا الْحَاصِلُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَلِ الْمَالَ إلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْعَارَ عَلَيْهِ إلَى آخِرِهِ) قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الثَّيِّبَ الْبَالِغَةَ الَّتِي طَرَأَ سَفَهُهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ لَا يُزَوِّجُهَا إلَّا الْأَبُ، كَذَا فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ لِابْنِ قَاسِمٍ، وَفِي كَوْنِ هَذَا قَضِيَّتَهُ نَظَرٌ لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَاعْتُبِرَ الظُّهُورُ هُنَا دُونَ مَا مَرَّ فِي الزَّوْجِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ

إلَّا لِمَنْ يَحْصُلُ لَهَا مِنْهُ حَظٌّ وَمَصْلَحَةٌ وَشَفَقَةٌ عَلَيْهَا، أَمَّا مُجَرَّدُ كَرَاهَتِهَا لَهُ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ فَلَا تُؤَثِّرُ، لَكِنْ يُكْرَهُ لَهُ تَزْوِيجُهَا مِنْهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ لَا يُقَالُ: يَلْزَمُ مِنْ اشْتِرَاطِ عَدَالَتِهِ انْتِفَاءُ عَدَاوَتِهِ لِتَنَافِيهِمَا. لِأَنَّا نَمْنَعُ ذَلِكَ لِمَا سَيُعْلَمُ فِي مَبْحَثِهَا أَنَّهَا قَدْ لَا تَكُونُ مُفَسِّقَةً، وَأَلْحَقَ الْخَفَّافُ بِالْمُجْبِرِ وَكِيلَهُ، وَعَلَيْهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ظُهُورُهَا لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَلِجَوَازِ مُبَاشَرَتِهِ دُونَ صِحَّتِهِ كَوْنُهُ (بِمَهْرِ مِثْلِهَا حَالٌ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ) وَسَيَأْتِي فِي مَهْرِ الْمِثْلِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِيمَنْ لَمْ يَعْتَدْنَ الْأَجَلَ، أَوْ غَيْرَ نَقْدِ الْبَلَدِ وَإِلَّا جَازَ بِالْمُؤَجَّلِ وَبِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ، وَاشْتِرَاطُ أَنْ لَا تَتَضَرَّرَ بِهِ لِنَحْوِ هَرَمٍ أَوْ عَمًى وَإِلَّا فُسِخَ وَأَنْ لَا يَلْزَمَهَا الْحَجُّ وَإِلَّا اُشْتُرِطَ إذْنُهَا. قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ لِئَلَّا يَمْنَعَهَا الزَّوْجُ مِنْهُ ضَعِيفَانِ، بَلْ الثَّانِي شَاذٌّ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ مَعَ إذْنِهَا (وَيُسْتَحَبُّ) (اسْتِئْذَانُهَا) أَيْ الْبِكْرِ الْبَالِغَةِ الْعَاقِلَةِ وَلَوْ سَكْرَانَةَ تَطْيِيبًا لِقَلْبِهَا، وَعَلَيْهِ حَمَلُوا خَبَرَ مُسْلِمٍ «وَالْبِكْرُ يَسْتَأْمِرُهَا أَبُوهَا» جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَبَرِ الدَّارَقُطْنِيّ الْمَارِّ، أَمَّا الصَّغِيرَةُ فَلَا إذْنَ لَهَا، وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ نَدْبَهُ فِي الْمُمَيِّزَةِ لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ، وَلِأَنَّ بَعْضَ الْأَئِمَّةِ أَوْجَبَهُ، وَيُسْتَحَبُّ حِينَئِذٍ عَدَمُ تَزْوِيجِهَا إلَّا لِحَاجَةٍ، أَوْ مَصْلَحَةٍ، وَيُنْدَبُ أَنْ يُرْسِلَ ثِقَةً لَا تَحْتَشِمُهَا لِمُوَلِّيَتِهِ وَأُمُّهَا أَوْلَى لِتَعْلَمَ مَا فِي نَفْسِهَا. (وَلَيْسَ لَهُ) (تَزْوِيجُ ثَيِّبٍ) عَاقِلَةٍ وَإِنْ عَادَتْ بَكَارَتُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَبُو خَلَفٍ الطَّبَرِيُّ فِي شَرْحِ الْمِفْتَاحِ (إلَّا بِإِذْنِهَا) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ " الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا " وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَمَّا مَارَسَتْ الرِّجَالَ زَالَتْ غَبَاوَتُهَا وَعَرَفَتْ مَا يَضُرُّهَا وَمَا يَنْفَعُهَا مِنْهُمْ بِخِلَافِ الْبِكْرِ (فَإِنْ كَانَتْ) الثَّيِّبُ (صَغِيرَةً) عَاقِلَةً حُرَّةً (لَمْ تُزَوَّجْ حَتَّى تَبْلُغَ) لِوُجُوبِ إذْنِهَا وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ مَعَ صِغَرِهَا، أَمَّا الْمَجْنُونَةُ فَتُزَوَّجُ كَمَا يَأْتِي، وَأَمَّا الْقِنَّةُ فَيُزَوِّجُهَا السَّيِّدُ مُطْلَقًا (وَالْجَدُّ) أَبُو الْأَبِ وَإِنْ عَلَا (كَالْأَبِ عِنْدَ عَدَمِهِ) ، أَوْ عَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِأَنَّ لَهُ وِلَادَةَ عُصُوبَةٍ كَالْأَبِ بَلْ أَوْلَى، وَمِنْ ثَمَّ اخْتَصَّ بِتَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ وَوَكِيلُ كُلٍّ مِثْلُهُ لَكِنَّ الْجَدَّ يُوَكِّلُ فِيهِمَا وَكِيلَيْنِ فَالْوَكِيلُ الْوَاحِدُ يَتَوَلَّى طَرَفًا فَقَطْ (وَسَوَاءٌ) فِي وُجُودِ الثُّيُوبَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِاعْتِبَارِ إذْنِهَا (زَالَتْ الْبَكَارَةُ بِوَطْءٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ أَمَّا مُجَرَّدُ كَرَاهَتِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: أَنَّهَا قَدْ لَا تَكُونُ) أَيْ الْعَدَاوَةُ (قَوْلُهُ: وَأَلْحَقَ الْخَفَّافُ) أَيْ فِي الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا ظُهُورُهَا) أَيْ بَلْ يَكُونُ مُجَرَّدُ الْعَدَاوَةِ مَانِعًا (قَوْلُهُ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا) وَهُوَ أَنَّ شَفَقَةَ الْوَلِيِّ تَدْعُوهُ لِرِعَايَةِ الْمَصْلَحَةِ وَلَوْ مَعَ الْعَدَاوَةِ الْبَاطِنَةِ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فَإِنَّهُ لَا شَفَقَةَ لَهُ فَرُبَّمَا حَمَلَتْهُ الْعَدَاوَةُ عَلَى عَدَمِ رِعَايَةِ الْمَصْلَحَةِ (قَوْلُهُ: وَلِجَوَازِ) أَيْ وَيُشْتَرَطُ لِجَوَازِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ) أَيْ عَدَمِ جَوَازِ الْمُبَاشَرَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا جَازَ بِالْمُؤَجَّلِ) وَمِنْهُ مَا يَقَعُ الْآنَ مِنْ جَعْلِ بَعْضِ الصَّدَاقِ حَالًّا وَبَعْضِهِ مُؤَجَّلًا بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ فَيَصِحُّ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فُسِخَ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ كَانَتْ صَغِيرَةً. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُ ثَيِّبٍ) وَلَوْ كَانَ لَهَا فَرْجَانِ أَصْلِيَّانِ فَوُطِئَتْ فِي أَحَدِهِمَا وَزَالَتْ بَكَارَتُهَا صَارَتْ ثَيِّبًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَصْلِيًّا وَالْآخَرُ زَائِدًا وَاشْتَبَهَ الْأَصْلِيُّ بِالزَّائِدِ فَلَا تَصِيرُ ثَيِّبًا لِلشَّكِّ فِي زَوَالِ الْوِلَايَةِ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْوَطْءُ فِي الزَّائِدِ اهـ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ (قَوْلُهُ: لَمَّا مَارَسْت الرِّجَالَ) أَيْ بِقُبُلِهَا لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْوَطْءَ فِي الدُّبُرِ لَا يَمْنَعُ مِنْ الْإِجْبَارِ، وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ لِمَا يَأْتِي أَيْضًا فِي وَطْءِ الْقِرْدِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: فَيُزَوِّجُهَا السَّيِّدُ مُطْلَقًا) أَيْ ثَيِّبًا، أَوْ غَيْرَهَا صَغِيرَةً، أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَقِبَ مَا مَرَّ عَنْ الْعِرَاقِيِّ: وَإِنَّمَا لَمْ يَعْتَبِرُوا ظُهُورَ الْعَدَاوَةِ هُنَا كَمَا اُعْتُبِرَ ثَمَّ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ الْمُجْبِرِ، بَلْ قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَى مَا قَالَهُ: يَعْنِي الْعِرَاقِيَّ؛ لِأَنَّ انْتِفَاءَ الْعَدَاوَةِ إلَى آخِرِ مَا فِي الشَّرْحِ: أَيْ فَاشْتِرَاطُ انْتِفَاءِ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَلِيِّ مُغَنٍّ عَنْ اشْتِرَاطِ انْتِفَائِهَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ فَانْظُرْ مَا فِي الشَّرْحِ مَعَ هَذَا (قَوْلُهُ: وَلِجَوَازِ مُبَاشَرَتِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِصِحَّةِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: ثِقَةً لَا تَحْتَشِمُهَا لِمُوَلِّيَتِهِ) الْأَوْلَى تَقْدِيمُ لِمُوَلِّيَتِهِ عَلَى لَا تَحْتَشِمُهَا

حَلَالٍ أَوْ حَرَامٍ) ، أَوْ شُبْهَةٍ وَإِنْ عَادَتْ وَإِنْ كَانَ الْوَطْءُ حَالَةَ النَّوْمِ، أَوْ نَحْوَهُ لِأَنَّهَا فِي ذَلِكَ تُسَمَّى ثَيِّبًا فَيَشْمَلُهَا الْخَبَرُ، وَإِيرَادُ الشُّبْهَةِ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِمْ إنَّ وَطْأَهَا لَا يُوصَفُ بِحِلٍّ وَلَا حُرْمَةٍ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ مَعْنَاهُ بِأَنَّ الْوَاطِئَ مَعَهَا كَالْغَافِلِ فِي عَدَمِ التَّكْلِيفِ فَلَا يُوصَفُ فِعْلُهُ بِذَلِكَ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ وَإِنْ وُصِفَ بِالْحِلِّ فِي ذَاتِهِ لِعَدَمِ الْإِثْمِ فِيهِ، وَقَوْلُهُمْ لَا يَخْلُو فِعْلٌ مِنْ الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ، أَوْ السِّتَّةِ مَحَلُّهُ فِي فِعْلِ الْمُكَلَّفِ (وَلَا أَثَرَ لِزَوَالِهَا بِلَا وَطْءٍ كَسَقْطَةٍ) وَحِدَّةِ حَيْضٍ وَأَصْبَحَ (فِي الْأَصَحِّ) خِلَافًا لِشَرْحِ مُسْلِمٍ وَلَا لِوَطْئِهَا فِي الدُّبُرِ لِعَدَمِ مُمَارَسَتِهَا لِلرِّجَالِ بِالْوَطْءِ فِي مَحَلِّ الْبَكَارَةِ وَهِيَ عَلَى غَبَاوَتِهَا وَحَيَائِهَا، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْغَوْرَاءَ لَوْ وُطِئَتْ فِي فَرْجِهَا ثَيِّبٌ وَإِنْ بَقِيَتْ الْبَكَارَةُ وَالْأَرْجَحُ خِلَافُهُ بَلْ هِيَ كَسَائِرِ الْأَبْكَارِ كَنَظِيرِهِ الْآتِي فِي التَّحْلِيلِ، وَإِنْ فَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ إنَّمَا اُشْتُرِطَ زَوَالُهَا ثُمَّ مُبَالَغَةٌ فِي التَّنْفِيرِ عَمَّا شُرِعَ التَّحْلِيلُ لِأَجْلِهِ مِنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ، وَلَا كَذَلِكَ هُنَا لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى زَوَالِ الْحَيَاءِ بِالْوَطْءِ وَهُوَ هُنَا كَذَلِكَ، أَمَّا لَوْ زَالَتْ بِذَكَرِ حَيَوَانٍ غَيْرِ آدَمِيٍّ كَقِرْدِ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهَا كَالثَّيِّبِ: وَلَوْ خُلِقَتْ بِلَا بَكَارَةٍ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْأَبْكَارِ كَمَا حَكَاهُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ وَأَقَرَّهُ، وَتُصَدَّقُ الْمُكَلَّفَةُ فِي دَعْوَى الْبَكَارَةِ وَلَوْ فَاسِقَةً بِلَا يَمِينٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي، وَبِيَمِينِهَا فِيمَا يَظْهَرُ فِي دَعْوَى الثُّيُوبَةِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ تَتَزَوَّج وَلَا تُسْأَلُ عَنْ الْوَطْءِ، فَإِنْ ادَّعَتْ الثُّيُوبَةَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَدْ زَوَّجَهَا وَلِيُّهَا مِنْ غَيْرِ إذْنِهَا نُطْقًا فَهُوَ الْمُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ لِمَا فِي تَصْدِيقِهَا مِنْ إبْطَالِ النِّكَاحِ، بَلْ لَوْ شَهِدَتْ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ بِثُيُوبَتِهَا عِنْدَ الْعَقْدِ لَمْ يَبْطُلْ لِجَوَازِ إزَالَتِهَا بِنَحْوِ أُصْبُعٍ، أَوْ أَنَّهَا خُلِقَتْ بِدُونِهَا كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَإِنْ أَفْتَى الْقَاضِي بِخِلَافِهِ. (وَمَنْ عَلَى حَاشِيَةِ النَّسَبِ كَأَخٍ، أَوْ عَمٍّ) لِأَبَوَيْنِ، أَوْ أَبٍ وَابْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا (لَا يُزَوِّجُ صَغِيرَةً) وَلَوْ مَجْنُونَةً (بِحَالٍ) أَمَّا الثَّيِّبُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْبِكْرُ فَلِلْخَبَرِ الْمَارِّ وَلَيْسُوا فِي مَعْنَى الْأَبِ لِوُفُورِ شَفَقَتِهِ (وَتُزَوَّجُ الثَّيِّبُ) الْعَاقِلَةُ (الْبَالِغَةُ) الْخَرْسَاءُ بِإِشَارَتِهَا الْمُفْهِمَةِ، أَوْ بِكِتَابَتِهَا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ نَوَتْ بِهِ الْإِذْنَ، كَمَا قَالُوهُ فِي أَنَّ كِتَابَةَ الْأَخْرَسِ بِالطَّلَاقِ كِنَايَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ، فَلَوْ لَمْ تَكُنْ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ وَلَا كِتَابَةٌ فَالْوَجْهُ أَنَّهَا كَالْمَجْنُونَةِ فَيُزَوِّجُهَا الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ ثُمَّ الْحَاكِمُ دُونَ غَيْرِهِمْ، أَمَّا النَّاطِقَةُ الْعَاقِلَةُ فَتُزَوَّجُ (بِصَرِيحِ الْإِذْنِ) وَلَوْ بِلَفْظِ الْوَكَالَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَبِيرَةً (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ) وَهِيَ الْوَاجِبُ وَالْمَنْدُوبُ وَالْمَكْرُوهُ وَالْحَرَامُ وَالْمُبَاحُ، أَوْ السِّتَّةِ: أَيْ بِزِيَادَةِ خِلَافِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: لِزَوَالِهَا بِلَا وَطْءٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ هُنَا مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْإِجْبَارِ وَكَذَا الِاكْتِفَاءُ بِالصَّمْتِ، وَأَمَّا لَوْ وَطِئَهَا إنْسَانٌ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَهْرُ ثَيِّبٍ اهـ ع (قَوْلُهُ وَلَا لِوَطْئِهَا فِي الدُّبُرِ) أَيْ وَإِنْ زَالَتْ بَكَارَتُهَا بِسَبَبِهِ (قَوْلُهُ: وَحَيَائِهَا) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ فَرَّقَ بَعْضُهُمْ) أَيْ حَجّ (قَوْلُهُ: فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْأَبْكَارِ) وَيَنْبَغِي مَجِيءُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ ع هُنَا (قَوْلُهُ وَتُصَدَّقُ الْمُكَلَّفَةُ فِي دَعْوَى الْبَكَارَةِ) أَيْ فَيُكْتَفَى بِسُكُوتِهَا فِي الْإِذْنِ وَتُزَوَّجُ بِالْإِجْبَارِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فَاسِقَةً) شَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ زُوِّجَتْ بِشَرْطِ الْبَكَارَةِ وَادَّعَى الزَّوْجُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَالدُّخُولِ أَنَّهُ وَجَدَهَا ثَيِّبًا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا ادَّعَاهُ وَبِتَقْدِيرِ أَنَّهُ وَجَدَهَا، كَذَلِكَ جَازَ أَنْ يَكُونَ زَوَالُهَا بِحِدَّةِ حَيْضٍ أَوْ نَحْوِهِ فَهِيَ بِكْرٌ وَلَوْ لَمْ تُوجَدْ الْعُذْرَةُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ نَوَتْ) قَيَّدَ فِي الْكُتُبِ وَمِثْلُهُ إشَارَتُهَا الَّتِي يَفْهَمُهَا الْفَطِنُ دُونَ غَيْرِهِ فِي أَنَّهَا كِنَايَةٌ تَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: إنْ نَوَتْ بِهِ الْإِذْنَ) أَيْ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِكِتَابَتِهَا ثَانِيًا (قَوْلُهُ: فَيُزَوِّجُهَا الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ أَوْ شُبْهَةٌ) هَذَا الْعَطْفُ يُنَاقِضُ مَا سَيَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ وُصِفَ بِالْحِلِّ فِي ذَلِكَ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم فِي كَوْنِ الْوَصْفِ بِالْحِلِّ بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ نَظَرٌ، وَالْوَجْهُ أَنَّهُ بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ حَرَامٌ وَبِاعْتِبَارِ عَارِضِهِ مِنْ الِاشْتِبَاهِ وَالظَّنِّ حَلَالٌ وَانْتِفَاءُ الْإِثْمِ لِلْعُذْرِ لَا يَقْتَضِي كَوْنَ الْحِلِّ لِلذَّاتِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ خُلِقَتْ بِلَا بَكَارَةٍ) مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ الْمَارِّ لِخَلْقِهَا بِلَا بَكَارَةٍ وَالْأَوَّلُ سَاقِطٌ فِي نُسَخٍ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْعَقْدِ) مُتَعَلِّقٌ بِدَعْوَى

لِلْأَبِ أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ بِقَوْلِهَا أَذِنْت لَهُ فِي أَنْ يَعْقِدَ لِي وَإِنْ لَمْ تَذْكُرْ نِكَاحًا كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ يَكْفِي قَوْلُهَا رَضِيت بِمَنْ يَرْضَاهُ أَبِي، أَوْ أُمِّي، أَوْ بِمَا يَفْعَلُهُ أَبِي وَهُمْ فِي ذِكْرِ النِّكَاحِ لَا إنْ رَضِيَتْ أُمِّي أَوْ بِمَا تَفْعَلُهُ مُطْلَقًا وَلَا إنْ رَضِيَ أَبِي إلَّا أَنْ تُرِيدَ بِهِ بِمَا يَفْعَلُهُ فَلَا يَكْفِي سُكُوتُهَا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ الْمَارِّ وَصَحَّ خَبَرُ «لَيْسَ لِلْوَلِيِّ مَعَ الثَّيِّبِ أَمْرٌ» وَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي آخِرَ الْفَصْلِ الْآتِي أَنَّ قَوْلَهَا رَضِيت أَنْ أُزَوَّجَ، أَوْ رَضِيَتْ فُلَانًا زَوْجًا مُتَضَمِّنٌ لِلْإِذْنِ لِلْوَلِيِّ، فَلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِهِ بِلَا تَجْدِيدِ اسْتِئْذَانٍ، وَيُشْتَرَطُ عَدَمُ رُجُوعِهَا عَنْهُ قَبْلَ كَمَالِ الْعَقْدِ، لَكِنْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِيهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ: وَلَوْ أَذِنَتْ لَهُ ثُمَّ عَزَلَ نَفْسَهُ لَمْ يَنْعَزِلْ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ بِالنَّصِّ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهَا عَزْلُهُ لِنَفْسِهِ، وَتَقْيِيدُ بَعْضِهِمْ لَهُ بِمَا إذَا كَانَ قَبْلَ الْإِذْنِ وَإِلَّا كَانَ رَدُّهُ، أَوْ عَضْلُهُ إبْطَالًا لَهُ فَلَا يُزَوِّجُهَا إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ فِيهِ نَظَرٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ (وَيَكْفِي فِي الْبِكْرِ) الْبَالِغَةِ الْعَاقِلَةِ إذَا اُسْتُؤْذِنَتْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الزَّوْجُ (سُكُوتَهَا) الَّذِي لَمْ يَقْتَرِنْ بِنَحْوِ بُكَاءٍ مَعَ صِيَاحٍ، أَوْ ضَرْبِ خَدٍّ لِلْمُجْبِرِ قَطْعًا وَلِغَيْرِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلنِّكَاحِ وَلَوْ لِغَيْرِ كُفْءٍ وَإِنْ ظَنَّتْهُ كُفْئًا كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُ لَا لِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ كَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ (فِي الْأَصَحِّ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ وَلِقُوَّةِ حَيَائِهَا. وَالثَّانِي لَا بُدَّ مِنْ النُّطْقِ كَمَا فِي الثَّيِّبِ، وَكَسُكُوتِهَا قَوْلُهَا لِمَ لَا يَجُوزُ إنْ أَذِنَ جَوَابًا لِقَوْلِهِ أَيَجُوزُ أَنْ أُزَوِّجَك، أَوْ تَأْذَنِينَ، أَمَّا إذَا لَمْ تُسْتَأْذَنْ وَإِنَّمَا زَوَّجَ بِحَضْرَتِهَا فَلَا يَكْفِي سُكُوتُهَا: وَأَفْتَى الْبَغَوِيّ بِأَنَّهَا لَوْ أَذِنَتْ مُخْبِرَةً بِبُلُوغِهَا فَزُوِّجَتْ ثُمَّ قَالَتْ لَمْ أَكُنْ بَالِغَةً حِينَ أَقْرَرْت صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ كَيْفَ يَبْطُلُ النِّكَاحُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهَا السَّابِقِ مِنْهَا نَقِيضُهُ لَا سِيَّمَا مَعَ عَدَمِ إبْدَائِهَا عُذْرًا فِي ذَلِكَ. (وَالْمُعْتِقُ) وَعَصَبَتُهُ (وَالسُّلْطَانُ كَالْأَخِ) فَيُزَوِّجُونَ الثَّيِّبَ الْبَالِغَةَ بِصَرِيحِ الْإِذْنِ وَالْبِكْرَ الْبَالِغَةَ بِسُكُوتِهَا، وَكَوْنُ السُّلْطَانِ كَالْأَخِ فِي هَذَا لَا يُنَافِي انْفِرَادَهُ عَنْهُ بِمَسَائِلَ عَنْهُ يُزَوِّجُ فِيهَا دُونَ الْأَخِ كَالْمَجْنُونَةِ (وَأَحَقُّ الْأَوْلِيَاءِ) بِالتَّزْوِيجِ (أَبٌ) لِأَنَّهُ أَشْفَقُهُمْ (ثُمَّ جَدٌّ) أَبُو الْأَبِ (ثُمَّ أَبُوهُ) وَإِنْ عَلَا لِتَمَيُّزِهِ بِالْوِلَادَةِ (ثُمَّ أَخٌ لِأَبَوَيْنِ، أَوْ لِأَبٍ) أَيْ ثُمَّ الْأَبُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ لِإِدْلَائِهِ بِالْأَبِ (ثُمَّ ابْنُهُ وَإِنْ سَفَلَ) كَذَلِكَ (ثُمَّ عَمٌّ) لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ (ثُمَّ سَائِرُ الْعَصَبَةِ كَالْإِرْثِ) خَاصٌّ بِسَائِرِ الْعَصَبَاتِ وَإِلَّا فَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الْجَدُّ فَإِنَّهُ يُشَارِكُ الْأَخَ ثُمَّ وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ هُنَا (وَيُقَدَّمُ) مُدْلٍ بِأَبَوَيْنِ عَلَى مُدْلٍ بِأَبٍ لَمْ يَتَمَيَّزْ بِمَا هُوَ أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْمَنَازِلِ وَحِينَئِذٍ يُقَدَّمُ (أَخٌ لِأَبَوَيْنِ عَلَى أَخٍ لِأَبٍ فِي الْأَظْهَرِ) الْجَدِيدُ كَالْإِرْثِ وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ وَأَشْفَقُ، وَقَرَابَةُ الْأُمِّ مُرَجَّحَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا دَخْلٌ هُنَا ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً ثَيِّبًا، أَوْ بِكْرًا (قَوْلُهُ:، أَوْ بِقَوْلِهَا أَذِنْت لَهُ فِي أَنْ يَعْقِدَ لِي) أَيْ أَوْ بِقَوْلِهِ نَعَمْ فِي جَوَابِ أَذِنْت لِأَبِيك مَثَلًا فِي أَنْ يُزَوِّجَك مِنْ فُلَانٍ فَقَالَتْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَهُمْ فِي ذِكْرِ النِّكَاحِ) ظَاهِرُهُ رُجُوعُهُ لِقَوْلِهِ رَضِيت بِمِنْ يَرْضَاهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا إنْ رَضِيَتْ أُمِّي) أَيْ لَا قَوْلُهَا رَضِيت إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَا تَفْعَلُهُ) أَيْ أُمِّي وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي ذِكْرِ النِّكَاحِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: بِمَا يَفْعَلُهُ) أَيْ بِأَنْ تَقُولَ إنْ رَضِيَ إنِّي رَضِيته بِمَا يَفْعَلُهُ (قَوْلُهُ: رَضِيت أَنْ أُزَوَّجَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهِ اسْتِئْذَانٌ مِنْ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ: قَبْلَ كَمَالِ الْعَقْدِ) أَيْ فَلَوْ رَجَعَتْ قَبْلَ الْعَقْدِ، أَوْ مَعَهُ بَطَلَ إذْنُهَا (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِيهِ) أَيْ الرُّجُوعِ (قَوْلُهُ: إذَا اُسْتُؤْذِنَتْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الِاسْتِئْذَانُ مِنْ الْمُجْبِرِ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِلنِّكَاحِ) مُتَعَلِّقٌ بِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ لِلْمُجْبِرِ وَلِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: لِتَمْيِيزِهِ بِالْوِلَادَةِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَهُمْ فِي ذِكْرِ النِّكَاحِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ مَنْ عِنْدَهَا يَتَفَاوَضُونَ فِي ذِكْرِ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِلنِّكَاحِ) قَيْدٌ فِي كُلٍّ مِنْ الْمُجْبَرِ وَغَيْرِهِ نَبَّهَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا وَسَبَقَهُ سم، لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِمَفْهُومِهِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ لَا لِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ إلَخْ قَالَ خِلَافُ مَا يُوهِمُهُ صَنِيعُهُ يَعْنِي حَجّ التَّابِعَ لَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا زُوِّجَ بِحَضْرَتِهَا إلَخْ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْمُجْبَرِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ سم (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا) أَيْ لِقَرَابَةِ الْأُمِّ

كَمَا رُجِّحَ بِهِ الْعَمُّ الشَّقِيقُ فِي الْإِرْثِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا دَخْلٌ فِيهِ، إذْ الْعَمُّ لِلْأُمِّ لَا يَرِثُ، وَالْقَدِيمُ هُنَا وَلِيَّانِ لِأَنَّ قَرَابَةَ الْأُمِّ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي النِّكَاحِ فَلَا يُرَجَّحُ بِهَا بِخِلَافِ الْإِرْثِ، كَمَا لَوْ كَانَ لَهُمَا عَمَّانِ أَحَدُهُمَا خَالٌ وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِمَا مَرَّ وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا لَمْ يَتَمَيَّزْ إلَخْ ابْنَا عَمٍّ أَحَدُهُمَا لِأَبَوَيْنِ وَالْآخَرُ لِأَبٍ لَكِنَّهُ أَخُوهَا لِأُمِّهَا فَهُوَ الْوَلِيُّ لِإِدْلَائِهِ بِالْجَدِّ وَالْأُمِّ، وَالْأَوَّلُ إنَّمَا يُدْلِي بِالْجَدِّ وَالْجَدَّةِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُعْتِقًا فَيُقَدَّمُ لَا خَالًا بَلْ هُمَا سَوَاءٌ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا ابْنًا وَالْآخَرُ أَخًا لِأُمٍّ قُدِّمَ الِابْنُ (وَلَا يُزَوِّجُ ابْنٌ بِبُنُوَّةٍ) خِلَافًا لِلْمُزَنِيِّ كَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لِعَدَمِ الْمُشَارَكَةِ بَيْنَهُمَا فِي النَّسَبِ، فَلَا يُعْتَنَى بِدَفْعِ الْعَارِ عَنْهُ وَلِهَذَا لَا يُزَوِّجُ الْأَخُ لِلْأُمِّ، وَأَمَّا «قَوْلُ أَمِّ سَلَمَةَ لِابْنِهَا عُمَرَ قُمْ فَزَوِّجْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ عُمَرُ الْمَعْرُوفُ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ سِنَّهُ حِينَئِذٍ كَانَ نَحْوَ ثَلَاثِ سِنِينَ فَهُوَ طِفْلٌ لَا يُزَوِّجُ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الرَّاوِيَ وَهَمَ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِأَنَّهُ مِنْ عَصَبَتِهَا وَاسْمُهُ مُوَافِقٌ لِابْنِهَا فَظَنَّ الرَّاوِي أَنَّهُ هُوَ، وَرِوَايَةُ قُمْ فَزَوِّجْ أُمَّك بَاطِلَةٌ عَلَى أَنَّ نِكَاحَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَفْتَقِرُ لِوَلِيٍّ فَهُوَ اسْتِطَابَةٌ لَهُ، وَبِتَقْدِيرِ أَنَّهُ ابْنُهَا أَنَّهُ بَالِغٌ فَهُوَ ابْنُ ابْنِ عَمِّهَا وَلَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ أَقْرَبُ مِنْهُ وَنَحْنُ نَقُولُ بِوِلَايَتِهِ، كَمَا قَالَ (فَإِنْ كَانَ) ابْنُهَا (ابْنَ ابْنِ عَمٍّ) لَهَا، أَوْ نَحْوَ أَخٍ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ، أَوْ نِكَاحِ مَجُوسٍ (أَوْ مُعْتِقًا) لَهَا، أَوْ عَصَبَةً لِمُعْتِقِهَا (أَوْ قَاضِيًا زَوَّجَ بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ السَّبَبِ لَا بِالْبُنُوَّةِ فَهِيَ غَيْرُ مُقْتَضِيَةٍ لَا مَانِعَةٍ (وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ زَوَّجَ الْمُعْتِقُ) الرَّجُلُ (ثُمَّ عَصَبَتُهُ) وَلَوْ أُنْثَى لِخَبَرِ «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» وَفِي الْخُنْثَى هُنَا وَفِي النَّسَبِ يُزَوِّجُ مَنْ يَلِيهِ بِإِذْنِهِ وُجُوبًا فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ لِيَكُونَ وَكِيلًا عَنْهُ بِتَقْدِيرِ ذُكُورَتِهِ (كَالْإِرْثِ) فِي تَرْتِيبِهِمْ فَيُقَدَّمُ بَعْدَ عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ مُعْتِقُ الْمُعْتِقِ ثُمَّ عَصَبَتُهُ وَهَكَذَا. نَعَمْ أَخٌ الْمُعْتِقِ وَابْنُ أَخِيهِ يُقَدَّمَانِ هُنَا عَلَى جَدِّهِ، وَكَذَا الْعَمُّ يُقَدَّمُ هُنَا عَلَى أَبٍ الْجَدِّ وَابْنُ الْمَرْأَةِ لَا يُزَوِّجُهَا بِالْبُنُوَّةِ، وَابْنُ الْمُعْتِقِ يُزَوِّجُ وَيُقَدَّمُ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ عَنْ بَقِيَّةِ الْعَصَبَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا رُجِّحَ بِهِ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْقَرَابَةِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: بِهَا (قَوْلُهُ: لَا خَالًا) صُورَةُ كَوْنِهِ ابْنَ عَمٍّ وَخَالًا كَأَنْ يَكُونَ لِشَخْصٍ عَمَّانِ لِأَحَدِهِمَا بِنْتٌ وَابْنٌ فَتَزَوَّجَ بِنْتَ عَمِّهِ فَأَتَى مِنْهَا بِبِنْتٍ فَأَخُو أُمِّهَا ابْنُ عَمِّهَا وَخَالُهَا وَابْنُ الْعَمِّ الثَّانِي ابْنُ عَمٍّ فَقَطْ، فَابْنَا الْعَمِّ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا يُرَجَّحُ أَحَدُهُمَا بِالْخُؤُولَةِ. ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ صَوَّرَهَا بِأَنْ يَتَزَوَّجَ زَيْدٌ امْرَأَةً لَهَا بِنْتٌ مِنْ غَيْرِهِ فَيَأْتِي مِنْهَا بِوَلَدٍ، وَيَتَزَوَّجُ أَخُوهُ بِنْتَهَا الْمَذْكُورَةَ فَيَأْتِي مِنْهَا بِبِنْتٍ، فَوَلَدُ زَيْدٍ ابْنُ عَمِّ هَذِهِ الْبِنْتِ وَأَخُو أُمِّهَا فَهُوَ خَالُهَا (قَوْلُهُ: فَهِيَ غَيْرُ مُقْتَضِيَةٍ) دُفِعَ بِهِ مَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ الْبُنُوَّةَ إذَا اجْتَمَعَتْ مَعَ غَيْرِهَا سَلَبَتْ الْوِلَايَةَ عَنْهُ، لِأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ الْمُقْتَضِي وَالْمَانِعُ قُدِّمَ الثَّانِي. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْبُنُوَّةَ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهَا مَفْهُومُ الْمَانِعِ، وَهُوَ وَصْفٌ ظَاهِرٌ مُنْضَبِطٌ مُعَرَّفٌ نَقِيضُ الْحُكْمِ، وَغَايَتُهُ أَنَّ الْبُنُوَّةَ لَيْسَتْ مِنْ الْأَسْبَابِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلنِّكَاحِ، إذْ الْأَسْبَابُ الْمُقْتَضِيَةُ لَهَا هِيَ مُشَارَكَتُهَا فِي النَّسَبِ بِحَيْثُ يَعْتَنِي مَنْ قَامَ بِهِ السَّبَبُ بِدَفْعِ الْعَارِ عَنْ ذَلِكَ النَّسَبِ وَلَيْسَتْ مُقْتَضِيَةً لِفِعْلِ مَا تُعَيَّرُ بِهِ الْأُمُّ حَتَّى تَكُونَ مَانِعَةً مِنْ تَزْوِيجِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أُنْثَى) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمُعْتَقُ أُنْثَى (قَوْلُهُ: لُحْمَةٌ) اللُّحْمَةُ بِضَمِّ اللَّامِ الْقَرَابَةُ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَفِي الْخُنْثَى) أَيْ الْعَصَبَةِ الْخُنْثَى (قَوْلُهُ: يُزَوِّجُ مَنْ يَلِيهِ بِإِذْنِهِ) أَيْ مَعَ إذْنِ الْمَرْأَةِ لِلْأَبْعَدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَلَا يَكْفِي إذْنُهَا لِلْخُنْثَى وَحْدَهُ لِجَوَازِ كَوْنِهِ أُنْثَى وَالْإِذْنُ لَهُ لَاغٍ (قَوْلُهُ: وَيُقَدَّمُ هُنَا عَلَى أَبِي الْجَدِّ) أَيْ وَعَمُّ أَبِي الْمُعْتِقِ يُقَدَّمُ عَلَى جَدِّ جَدِّهِ، وَهَكَذَا كُلُّ عَمٍّ أَقْرَبُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَمَّا قَوْلُ أُمِّ سَلَمَةَ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَ هَذَا مَنْسُوبًا لِمَنْ رَوَاهُ لِيَتَأَتَّى رَدُّهُ الْآتِي الَّذِي حَاصِلُهُ أَنَّهَا لَمْ تَقُلْ لِابْنِهَا، وَإِلَّا فَبَعْدَ أَنْ صَدَّرَ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ الَّتِي حَاصِلُهَا الْجَزْمُ بِأَنَّهَا قَالَتْ لِابْنِهَا فَلَا يَتَأَتَّى الرَّدُّ بِمَا يَأْتِي فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أُنْثَى) أَيْ عَلَى مَا يَأْتِي وَهُوَ غَايَةٌ فِي الضَّمِيرِ الْمُضَافِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِإِذْنِهِ) أَيْ بِإِذْنِ الْخُنْثَى لَهُ، وَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْمَرْأَةِ الْمُزَوِّجَةِ لِمَنْ يَلِي أَيْضًا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا: أَيْ لِاحْتِمَالِ أُنُوثَةِ الْخُنْثَى، فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْمَرْأَةِ لِكُلٍّ مِنْ الْخُنْثَى.

أَبِي الْمُعْتِقِ لِأَنَّ التَّعْصِيبَ لَهُ، وَلَوْ تَزَوَّجَ عَتِيقٌ بِحُرَّةِ الْأَصْلِ فَأَتَتْ بِبِنْتٍ زَوَّجَهَا مَوَالِي أَبِيهَا كَمَا قَالَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو طَاهِرٍ، وَهُوَ الْمَنْقُولُ لِتَصْرِيحِهِمْ كَمَا يَأْتِي بِأَنَّ الْوَلَاءَ لِمَوَالِي الْأَبِ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الْكِفَايَةِ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا إلَّا الْحَاكِمُ (وَيُزَوِّجُ عَتِيقَةَ الْمَرْأَةِ) بَعْدَ فَقْدِ عَصَبَةِ الْعَتِيقَةِ مِنْ النَّسَبِ (مَنْ يُزَوِّجُ الْمُعْتَقَةَ) (مَا دَامَتْ حَيَّةً) لِبَقَاءِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا كَأَبِي الْمُعْتِقَةِ فَجَدُّهَا بِتَرْتِيبِ الْأَوْلِيَاءِ، وَيَكْفِي سُكُوتُهَا إنْ كَانَتْ بِكْرًا كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ وَجَرَى عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ فِي تَكْمِلَتِهِ وَإِنْ خَالَفَ ذَلِكَ فِي دِيبَاجِهِ. لَا يُقَالُ: كَلَامُهُ يُوهِمُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مُسْلِمَةً وَالْمُعْتِقَةُ وَوَلِيُّهَا كَافِرَيْنِ زَوَّجَهَا، أَوْ كَافِرَةً وَالْمُعْتِقَةُ مُسْلِمَةً وَوَلِيُّهَا كَافِرٌ لَا يُزَوِّجُهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ. لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي فِي اخْتِلَافِ الدِّينِ (وَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُ الْمُعْتِقَةِ فِي الْأَصَحِّ) إذْ لَا وِلَايَةَ لَهَا وَلَا إجْبَارَ فَلَا فَائِدَةَ لَهُ. وَالثَّانِي يُعْتَبَرُ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَهَا وَالْعَصَبَةُ إنَّمَا يُزَوِّجُونَ بِإِدْلَائِهِمْ فَلَا أَقَلَّ مِنْ مُرَاجَعَتِهَا، وَأَمَةُ الْمَرْأَةِ كَعَتِيقَتِهَا فِيمَا ذُكِرَ لَكِنْ يُشْتَرَطُ إذْنُ السَّيِّدَةِ الْكَامِلَةِ نُطْقًا وَلَوْ بِكْرًا إذْ لَا تَسْتَحِي، فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً ثَيِّبًا امْتَنَعَ عَلَى الْأَبِ تَزْوِيجُ أَمَتِهَا إلَّا إذَا كَانَتْ مَجْنُونَةً، وَلَيْسَ لِلْأَبِ إجْبَارُ أَمَةِ الْبِكْرِ الْبَالِغِ (فَإِذَا مَاتَتْ) الْمُعْتِقَةُ (زَوَّجَ) الْعَتِيقَةَ (مَنْ لَهُ الْوَلَاءُ) عَلَى الْمُعْتِقَةِ مِنْ عَصَبَاتِهَا فَيُقَدَّمُ ابْنُهَا وَإِنْ سَفَلَ ثُمَّ أَبُوهَا عَلَى تَرْتِيبِ عَصَبَةِ الْوَلَاءِ، وَإِنْ أَعْتَقَهَا اثْنَانِ اُعْتُبِرَ رِضَاهُمَا فَيُوَكَّلَانِ، أَوْ يُوَكِّلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، أَوْ يُبَاشِرَانِ مَعًا وَيُزَوِّجُهَا مِنْ أَحَدِهِمَا الْآخَرُ مَعَ السُّلْطَانِ، فَإِنْ مَاتَا اُشْتُرِطَ فِي تَزْوِيجِهَا اثْنَانِ مِنْ عَصَبَتِهِمَا مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ، أَوْ أَحَدِهِمَا كَفَى مُوَافَقَةُ أَحَدِ عَصَبَتِهِ لِلْآخَرِ، وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَوَرِثَهُ الْآخَرُ اسْتَقَلَّ بِتَزْوِيجِهَا، وَعَتِيقَةُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ يُزَوِّجُهَا بِإِذْنِهِ وُجُوبًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْحَاوِي وَالْبَهْجَةِ مَنْ يُزَوِّجُهُ بِفَرْضِ أُنُوثَتِهِ لِيَكُونَ وَكِيلًا، أَوْ وَلِيًّا وَالْمُبَعَّضَةُ يُزَوِّجُهَا مَالِكُ بَعْضِهَا مَعَ قَرِيبِهَا وَإِلَّا فَمَعَ مُعْتِقِ بَعْضِهَا وَإِلَّا فَمَعَ عَصَبَتِهِ وَإِلَّا فَمَعَ السُّلْطَانِ، وَيُزَوِّجُ الْحَاكِمُ أَمَةَ كَافِرٍ أَسْلَمَتْ بِإِذْنِهِ، وَكَذَا الْمَوْقُوفَةُ لَكِنْ بِإِذْنِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ: أَيْ إنْ انْحَصَرُوا وَإِلَّا فَبِإِذْنِ النَّاظِرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSلِلْمُعْتِقِ بِدَرَجَةٍ يُقَدَّمُ عَلَى مَنْ فَوْقَهُ مِنْ الْأُصُولِ (قَوْلُهُ: مَوَالِي أَبِيهَا) أَيْ بَعْدَ فَقْدِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ بَعْدَ فَقْدِ عَصَبَةِ النَّسَبِ (قَوْلُهُ: مَا دَامَتْ حَيَّةً) دَخَلَ فِيهِ مَا لَوْ جَنَتْ الْمُعْتِقَةُ وَلَيْسَ لَهَا أَبٌ وَلَا جَدٌّ فَيُزَوِّجُ عَتِيقَتَهَا السُّلْطَانُ لِأَنَّهُ الْوَلِيُّ لِلْمَجْنُونَةِ الْآنَ دُونَ عَصَبَةِ الْمُعْتِقَةِ مِنْ النَّسَبِ كَأَخِيهَا وَابْنِ عَمِّهَا إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُمْ عَلَى الْمُعْتِقَةِ الْآنَ. فَإِنْ قِيلَ: هَذَا مُشْكِلٌ بِأَنَّ الْعَتِيقَةَ إذَا كَانَتْ مُعْتِقَتُهَا وَوَلِيُّهَا كَافِرَيْنِ لَا يُزَوِّجُهَا الْوَلِيُّ الْكَافِرُ، وَإِذَا كَانَتْ كَافِرَةً وَمُعْتِقَتُهَا مُسْلِمَةٌ زَوَّجَهَا الْكَافِرُ لِاتِّحَادِهِ مَعَهَا دِينًا وَلَا يُزَوِّجُ مُعْتِقَتَهَا لِإِسْلَامِهَا، وَوَجْهُ الْإِشْكَالِ أَنَّ الْمَرْأَةَ حَيْثُ جَنَتْ فَلَيْسَ لِأَخِيهَا تَزْوِيجُهَا، وَقِيَاسُ كَوْنِ الْكَافِرِ، يُزَوِّجُ عَتِيقَةَ أُخْتِهِ الْكَافِرَةَ عِنْدَ إسْلَامِ الْعَتِيقَةِ أَنْ يُزَوِّجَ أَخُو الْمَجْنُونَةِ عَتِيقَتَهَا وَلَا يَنْتَقِلُ لِلسُّلْطَانِ قُلْت: يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمَجْنُونَةَ إذَا زُوِّجَتْ إنَّمَا تُزَوَّجُ بِالْإِجْبَارِ، وَوِلَايَةُ الْإِجْبَارِ لَمْ تَثْبُتْ لِغَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ مِنْ الْأَقَارِبِ، وَإِنَّمَا تَثْبُتُ ابْتِدَاءً لِلسُّلْطَانِ، بِخِلَافِ الْكَافِرِ مَعَ الْمُسْلِمَةِ فَإِنَّ وِلَايَتَهُ عَلَيْهَا مِنْ حَيْثُ النَّسَبِ بَاقِيَةً فَاسْتَتْبَعَتْ الْوِلَايَةَ عَلَى عَتِيقَتِهَا، وَاخْتِلَافُ الدِّينِ وَإِنْ صَلُحَ مَانِعًا مِنْ تَزْوِيجِ أُخْتِهِ الْمُسْلِمَةِ لَمْ يَصْلُحْ مَانِعًا مِنْ تَزْوِيجِ عَتِيقَتِهَا الْكَافِرَةِ (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي سُكُوتُهَا) أَيْ الْعَتِيقَةِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلْأَبِ إجْبَارُ أَمَةٍ) أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنٍ مِنْهَا إنْ كَانَتْ بَالِغَةً وَإِلَّا فَلَا يُزَوَّجُ (قَوْلُهُ يُزَوِّجُهَا بِإِذْنِهِ) أَيْ مَعَ إذْنِ الْعَتِيقَةِ أَيْضًا لِمَنْ تَزَوَّجَ فَلَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِ الْإِذْنَيْنِ، وَكَذَا لَا بُدَّ مِنْ سَبْقِ إذْنِهَا لِلْخُنْثَى إذْ لَا يَصِحُّ إذْنُهُ لِمَنْ يَلِيهِ بِتَقْدِيرِ ذُكُورَتِهِ إلَّا إذَا أَذِنَتْ لَهُ الْعَتِيقَةُ فِي التَّزْوِيجِ لِيَصِحَّ تَوْكِيلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمَنْ يَلِيهِ وَإِذْنُ الْخُنْثَى لِمَنْ يَلِيهِ (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي سُكُوتُهَا) أَيْ الْعَتِيقَةِ (قَوْلُهُ: امْتَنَعَ عَلَى الْأَبِ تَزْوِيجُ أَمَتِهَا) أَيْ كَمَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ تَزْوِيجُهَا، وَقَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِالثَّيِّبِ أَنَّهُ يُزَوِّجُ أَمَتَهُ الْبِكْرَ الْقَاصِرَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: اثْنَانِ مِنْ عَصَبَتِهِمَا) أَيْ وَهُمَا أَقْرَبُ الْعَصَبَاتِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: أَوْ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ: وَعَتِيقَةُ الْخُنْثَى إلَخْ) مُكَرَّرٌ

فِيمَا يَظْهَرُ، كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اقْتَضَتْ الْمَصْلَحَةُ تَزْوِيجَهَا، أَمَّا الْعَبْدُ فَلَا يُزَوِّجُ بِحَالٍ إذْ الْحَاكِمُ وَوَلِيُّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَنَاظِرُ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ لَا يَتَصَرَّفُونَ إلَّا بِالْمَصْلَحَةِ، وَلَا مَصْلَحَةَ فِي تَزْوِيجِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعَلُّقِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ بِأَكْسَابِهِ (فَإِنَّ فَقْدَ الْمُعْتِقِ وَعَصَبَتِهِ زَوَّجَ السُّلْطَانُ) وَهُوَ هُنَا فِيمَا مَرَّ وَيَأْتِي مِنْ شَمْلِهَا وِلَايَتُهُ عَامًّا كَانَ، أَوْ خَاصًّا كَالْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي لِعُقُودِ الْأَنْكِحَةِ، أَوْ هَذَا النِّكَاحُ بِخُصُوصِهِ مَنْ هِيَ حَالَةَ الْعَقْدِ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَلَوْ مُجْتَازَةً وَأَذِنَتْ لَهُ وَهِيَ خَارِجَةٌ عَنْ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ، ثُمَّ زَوَّجَهَا بَعْدَ عَوْدِهَا لَهُ كَمَا يَأْتِي لَا قَبْلَ وُصُولِهَا لَهُ، بَلْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَكْتُبَ بِتَزْوِيجِهَا، وَلَا يُنَافِيه أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَكْتُبَ بِمَا حُكِمَ بِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ عَلَيْهَا لَا تَتَعَلَّقُ بِالْخَاطِبِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ حُضُورُهُ بِخِلَافِهِ ثُمَّ فَإِنَّ الْحُكْمَ يَتَعَلَّقُ بِالْمُدَّعِي فَكَفَى حُضُورُهُ. (وَكَذَا يُزَوِّجُ) السُّلْطَانُ (إذَا عَضَلَ الْقَرِيبُ) وَلَوْ مُجْبِرًا (، أَوْ الْمُعْتِقُ) أَيْ امْتَنَعَ، أَوْ عَصَبَتُهُ إجْمَاعًا لَكِنْ بَعْدَ ثُبُوتِ الْعَضَلِ عِنْدَهُ بِامْتِنَاعٍ مِنْهُ، أَوْ سُكُوتِهِ بِحَضْرَتِهِ بَعْدَ أَمْرِهِ بِهِ وَالْمَرْأَةُ وَالْخَاطِبُ حَاضِرَانِ أَوْ وَكِيلُهُمَا، أَوْ بَيِّنَةٌ بَعْدَ تَعَزُّزِهِ أَوْ تَوَارِيهِ. نَعَمْ إنْ فَسَقَ بِعَضْلِهِ لِتَكَرُّرِهِ مِنْهُ عَدَمُ غَلَبَةِ طَاعَاتِهِ مَعَاصِيَهُ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الشَّهَادَاتِ زَوَّجَ الْأَبْعَدُ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ الْعَضْلَ صَغِيرَةٌ، وَإِفْتَاءُ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ كَبِيرَةٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ مُرَادُهُ أَنَّهُ مَعَ عَدَمِ تِلْكَ الْغَلَبَةِ فِي حُكْمِهَا لِتَصْرِيحِهِ هُوَ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ صَغِيرَةٌ وَحِكَايَتُهُمْ لِذَلِكَ وَجْهًا ضَعِيفًا، وَلِلْجَوَازِ كَذَلِكَ لِلِاغْتِنَاءِ عَنْهُ بِالسُّلْطَانِ، وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّهُ يُزَوِّجُ أَيْضًا عِنْدَ غَيْبَةِ الْوَلِيِّ وَإِحْرَامِهِ وَنِكَاحِهِ لِمَنْ هُوَ وَلِيُّهَا فَقَطْ وَجُنُونُ بَالِغَةٍ فَقَدَتْ الْمُجْبِرَ وَتَعَزَّزَ الْوَلِيُّ، أَوْ تَوَارِيهِ أَوْ حَبْسُهُ وَمُنِعَ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ أَمَّا الْعَبْدُ) أَيْ الْمَوْقُوفُ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ) أَيْ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: مِنْ تَعَلُّقِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ خَافَ الْعَنَتَ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ أَنْ يَكْتُبَ بِتَزْوِيجِهَا) أَيْ وَالْحَالَةُ أَنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ (قَوْلُهُ: لَا تَتَعَلَّقُ بِالْخَاطِبِ) أَيْ الزَّوْجِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا يُزَوِّجُ السُّلْطَانُ) وَنَظَمَ بَعْضُهُمْ الْمَسَائِلَ الَّتِي يُزَوِّجُ فِيهَا الْحَاكِمُ فَقَالَ: خَمْسٌ مُحَرَّرَةٌ تَقَرَّرَ حُكْمُهَا ... فِيهَا يُرَدُّ الْأَمْرُ لِلْحُكَّامِ فَقْدُ الْوَلِيِّ وَعَضَلُهُ وَنِكَاحُهُ ... وَكَذَاك غَيْبَتُهُ مَعَ الْإِحْرَامِ وَزَادَ السُّيُوطِيّ عَلَى ذَلِكَ مَسَائِلَ نَظَمَهَا بِقَوْلِهِ: عِشْرُونَ زَوَّجَ حَاكِمٌ عَدَمُ الْوَلِيِّ ... وَالْفَقْدُ وَالْإِحْرَامُ وَالْعَضْلُ السَّفَرْ حَبْسٌ تَوَارَ عِزُّهُ وَنِكَاحُهُ ... أَوْ طِفْلُهُ أَوْ حَافِدٌ إذْ مَا قُهِرْ وَفَتَاةُ مَحْجُورٍ وَمَنْ جُنَّتْ وَلَا ... أَبٌ وَجَدٌّ لِاحْتِيَاجٍ قَدْ ظَهَرْ أَمَةُ الرَّشِيدَةِ لَا وَلِيَّ لَهَا وَبَيْتِ ... الْمَالِ مَعَ مَوْقُوفَةٍ إذْ لَا ضَرَرْ مَعَ مُسْلِمَاتٍ عُلِّقَتْ أَوْ دُبِّرَتْ ... أَوْ كُوتِبَتْ أَوْ كَانَ أَوْلَدَ مَنْ كَفَرْ (قَوْلُهُ: لِتَكَرُّرِهِ) أَيْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَقَوْلُهُ بِأَنَّهُ: أَيْ الْعَضْلَ (قَوْلُهُ: وَلِلْجَوَازِ كَذَلِكَ) أَيْ وَجْهًا ضَعِيفًا (قَوْلُهُ: أَنَّهُ) أَيْ الْحَاكِمَ، وَقَوْلُهُ وَإِحْرَامُهُ وَنِكَاحُهُ: أَيْ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ: أَوْ حَبْسُهُ) أَيْ وَلَوْ فِي الْبَلَدِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ لِأَنَّهَا بِمَثَابَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَعَ مَا مَرَّ آنِفًا (قَوْلُهُ مَنْ هِيَ حَالَةُ الْعَقْدِ إلَخْ) مِنْ مَفْعُولِ زَوْجِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ) فِي بِمَعْنَى إلَى كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَلِلْجَوَازِ) أَيْ وَلِحِكَايَتِهِمْ جَوَازَ الْعَضْلِ وَجْهًا ضَعِيفًا أَيْضًا لِلِاغْتِنَاءِ عَنْهُ بِالسُّلْطَانِ

النَّاسُ مِنْ الِاجْتِمَاعِ بِهِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَفَقْدُهُ حَيْثُ لَا يُقْسَمُ مَالُهُ، وَمَا زَادَهُ جَمْعٌ مِنْ الْإِلْحَاقِ بِمَا تَقَرَّرَ مَا لَوْ كَانَ لَهَا أَقَارِبُ وَجُهِلَ أَيُّهُمْ أَقْرَبَ إلَيْهَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا امْتَنَعُوا مِنْ الْإِذْنِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ بَعْدَ إذْنِهَا لِلْوَلِيِّ مِنْهُمْ مُجْمَلًا إذْ الْإِذْنُ كَافٍ مَعَ ذَلِكَ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَذِنَتْ لِوَلِيِّهَا مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ فَزَوَّجَهَا وَلِيُّهَا بَاطِنًا وَإِنْ لَمْ تَعْرِفْهُ وَلَا عَرَفَهَا، أَوْ قَالَتْ أَذِنْت لِأَحَدِ أَوْلِيَائِي، أَوْ مَنَاصِيبِ الشَّرْعِ صَحَّ وَزَوَّجَهَا فِي الْأَخِيرَةِ كُلٌّ مِنْهُمْ، وَتَزْوِيجُهُ: أَعْنِي الْقَاضِيَ، أَوْ نَائِبَهُ بِنِيَابَةِ اقْتَضَتْهَا الْوِلَايَةُ كَمَا صَحَّحَهُ الْإِمَامُ فِي بَابِ الْقَضَاءِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَلَا يَصِحُّ إذْنُهَا لِحَاكِمٍ غَيْرِ مَحَلِّهَا. نَعَمْ إنْ أَذِنَتْ لَهُ وَهِيَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ ثُمَّ زَوَّجَهَا وَهِيَ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ اتَّجَهَتْ صِحَّتُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّ إذْنَهَا لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَثَرُهُ حَالًا لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَإِذْنُهُ لِمَنْ يُزَوِّجُ قِنَّهُ، أَوْ يَنْكِحُ مُوَلِّيَتَهُ بَعْدَ سَنَةٍ وَلِمَنْ يَشْتَرِي لَهُ الْخَمْرَ بَعْدَ تَخَلُّلِهَا صَحِيحٌ أَيْضًا، وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ سَمَاعُهُ لِبَيِّنَةٍ بِحَقٍّ، أَوْ تَزْكِيَةٍ خَارِجَ عَمَلِهِ لِأَنَّ السَّمَاعَ سَبَبٌ لِلْحُكْمِ فَأُعْطِيَ حُكْمَهُ، بِخِلَافِ الْإِذْنِ فَإِنَّهُ لَيْسَ سَبَبًا لِحُكْمٍ بَلْ لِصِحَّةِ مُبَاشَرَةِ التَّزْوِيجِ فَيَكْفِي وُجُودُهُ مُطْلَقًا، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهَا لَوْ أَذِنَتْ لَهُ ثُمَّ خَرَجَتْ لِغَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ ثُمَّ عَادَتْ ثُمَّ زَوَّجَهَا صَحَّ وَتَخَلَّلَ الْخُرُوجُ مِنْهُ، أَوْ مِنْهَا غَيْرُ مُبْطِلٍ لِلْإِذْنِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِالثَّانِيَةِ ابْنُ الْعِمَادِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ سَمِعَ الْبَيِّنَةَ ثُمَّ خَرَجَ لِغَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ ثُمَّ عَادَ يُحْكَمُ بِهَا، وَمِثْلُهَا الْأُولَى فِيمَا يَظْهَرُ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَزَعَمَ أَنَّ خُرُوجَهَا وَعَوْدَهَا كَمَا لَوْ أَذِنَتْ لَهُ ثُمَّ عُزِلَ ثُمَّ وَلِيَ مَرْدُودٌ لِأَنَّ خُرُوجَهَا عَنْ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ لَا يَقْتَضِي وَصْفَهُ بِالْعَزْلِ بَلْ بِعَدَمِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا، فَالْمَسْأَلَتَانِ مُتَّحِدَتَانِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَوِلَايَةُ الْقَاضِي تَشْمَلُ بِلَادَ نَاحِيَتِهِ وَقُرَاهَا وَمَا بَيْنَهَا مِنْ الْبَسَاتِينِ وَالْمَزَارِعِ وَالْبَادِيَةِ وَغَيْرِهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَقَدْ قَالُوا وَلَوْ نَادَاهُ كَائِنَيْنِ فِي طَرَفَيْ وِلَايَتِهِ أَمْضَاهُ، وَلَوْ زَوَّجَهَا هُوَ وَوَلِيُّهَا الْغَائِبُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِالْبَيِّنَةِ قُدِّمَ الْوَلِيُّ، وَلَوْ قُدِّمَ وَقَالَ كُنْت زَوَّجْتهَا قَبْلَ الْحَاكِمِ لَمْ يُقْبَلْ، وَلَوْ ثَبَتَ رُجُوعُ الْعَاضِلِ قَبْلَ تَزْوِيجِهِ بَانَ بُطْلَانُهُ (وَإِنَّمَا يَحْصُلُ الْعَضْلُ) مِنْ الْوَلِيِّ (إذَا دَعَتْ بَالِغَةٌ عَاقِلَةٌ) وَلَوْ سَفِيهَةً (إلَى كُفْءٍ) وَلَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْعَضْلِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا يُقْسَمُ مَالُهُ) أَيْ بِأَنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ وَلَمْ يَثْبُتْ مَوْتُهُ (قَوْلُهُ: وَزَوَّجَهَا فِي الْأَخِيرَةِ) هِيَ قَوْلُهُ، أَوْ مَنَاصِيبِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ) أَيْ وَهُوَ أَيْضًا فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِذْنُهُ) أَيْ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ: لِمَنْ تَزَوَّجَ فِيهِ) أَيْ وَإِذْنُهُ فِي النِّكَاحِ وَهُوَ مُحْرِمٌ لِمَنْ تَزَوَّجَ بَعْدَ التَّحَلُّلِ مِنْ الْإِحْرَامِ صَحِيحٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ حَجّ (قَوْلُهُ: فَيَكْفِي وُجُودُهُ مُطْلَقًا) فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَقَدْ صَرَّحَ بِالثَّانِيَةِ) هِيَ قَوْلُهُ، أَوْ مِنْهَا (قَوْلُهُ: قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ سَمِعَ إلَخْ) هَذَا الْقِيَاسُ يَقْتَضِي أَنَّ الثَّانِيَةَ هِيَ مَا لَوْ كَانَ الْخُرُوجُ مِنْهُ وَالْأَوْلَى إذَا كَانَ مِنْهَا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدُ وَزَعَمَ أَنَّ خُرُوجَهَا إلَخْ، وَإِنَّمَا سَمَّاهَا ثَانِيَةً نَظَرًا لِقَوْلِهِ لَوْ أَذِنَتْ لَهُ ثُمَّ خَرَجَتْ لِغَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ وَتَخَلَّلَ الْخُرُوجُ (قَوْلُهُ: فَقَدْ قَالُوا وَلَوْ نَادَاهُ إلَخْ) فِي الِاسْتِدْلَالِ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ عَلَى شُمُولِ مَحَلِّ الْوِلَايَةِ لِلْبَسَاتِينِ وَغَيْرِهَا نَظَرٌ لِجَوَازِ حَمْلِ الطَّرَفَيْنِ عَلَى آخَرَ بَلَدَيْ الْقَاضِيَيْنِ بِأَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا وَاقِفًا بِآخِرِ بَلَدِهِ وَالْآخَرُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ) أَيْ لِشَخْصَيْنِ بَعْدَ إذْنِهَا لِكُلٍّ مِنْ الْوَلِيِّ وَالْقَاضِي (قَوْلُهُ: لَمْ يُقْبَلْ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُصَدِّقْهُ الزَّوْجَانِ وَإِلَّا قُبِلَ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي لَهُ فِي الْفَصْلِ الْآتِي مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ زَوَّجَ الْأَبْعَدُ فَادَّعَى الْأَقْرَبُ إلَخْ (قَوْلُهُ: قَبْلَ تَزْوِيجِهِ) أَيْ الْحَاكِمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مَا لَوْ كَانَ لَهَا أَقَارِبُ) لَفْظُ مَا بَدَلٌ مِنْ مَا فِي قَوْلِهِ وَمَا زَادَهْ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ أَذِنَتْ لَهُ إلَخْ) هَذَا الِاسْتِدْرَاكُ مُكَرَّرٌ مَعَ مَا مَرَّ آنِفًا (قَوْلُهُ: فَقَدْ قَالُوا وَلَوْ نَادَاهُ إلَخْ) تَوَقَّفَ شَيْخُنَا فِي الْأَخْذِ مِنْ هَذَا الَّذِي قَالُوهُ إذْ قَدْ يُقَالُ إنَّ مُرَادَهُمْ بِطَرَفِ الْوِلَايَةِ طَرَفُ الْبَلَدِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: فِي طَرَفَيْ وِلَايَتِهِ) كَذَا فِي النُّسَخِ وَصَوَابُهُ وِلَايَتُهُمَا كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي

[فصل في موانع الولاية للنكاح]

عِنِّينًا أَوْ مَجْبُوبًا بِالْبَاءِ وَقَدْ خَطَبَهَا وَعَيَّنَتْهُ وَلَوْ بِالنَّوْعِ بِأَنْ خَطَبَهَا أَكْفَاءُ فَدَعَتْ إلَى أَحَدِهِمْ، أَوْ ظَهَرَتْ حَاجَةٌ مَجْنُونَةٌ لِلنِّكَاحِ (وَامْتَنَعَ) وَلَوْ لِنَقْصِ الْمَهْرِ فِي الْأُولَى، أَوْ قَالَ لَا أُزَوِّجُ إلَّا مَنْ هُوَ أَكْفَأُ مِنْهُ، أَوْ هُوَ أَخُوهَا مِنْ الرَّضَاعِ أَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنِّي لَا أُزَوِّجُهَا، أَوْ مَذْهَبِي لَا يَرَى حِلَّهَا لِهَذَا الزَّوْجِ لِوُجُوبِ إجَابَتِهَا حِينَئِذٍ كَإِطْعَامِ الْمُضْطَرِّ، وَلَا نَظَرَ لِإِقْرَارِهِ بِالرَّضَاعِ وَلَا لِحَلِفِهِ وَلَا لِمَذْهَبِهِ لِأَنَّهُ إذَا زَوَّجَ بِإِجْبَارِ الْحَاكِمِ لَمْ يَأْثَمْ وَلَمْ يَحْنَثْ، وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ التَّحْلِيلِ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ، أَوْ لِقُوَّةِ دَلِيلِ التَّحْرِيمِ عِنْدَهُ لَمْ يَأْثَمْ بِهِ بَلْ يُثَابُ عَلَى قَصْدِهِ. قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِي تَزْوِيجِ الْحَاكِمِ حِينَئِذٍ نَظَرٌ لِفَقْدِ الْعَضْلِ انْتَهَى. وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ تَقْرِيرُ ذَلِكَ الْبَحْثِ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ إطْلَاقُهُمْ أَنَّهُ حَيْثُ وُجِدَتْ الْكَفَاءَةُ لَمْ يُعْذَرْ (وَلَوْ) (عَيَّنَتْ) الْمُجْبَرَةُ (كُفْئًا وَأَرَادَ الْأَبُ) ، أَوْ الْجَدُّ الْمُجْبِرُ كُفْئًا (غَيْرَهُ فَلَهُ ذَلِكَ) وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنُهَا يَبْذُلُ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ وَحَكَاهُ عَنْهُ فِي الْكِفَايَةِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ أَكْمَلُ نَظَرًا مِنْهَا. وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ إجَابَتُهَا إعْفَافًا لَهَا، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي غَيْرِ الْمُجْبِرِ مَنْ عَيَّنَتْهُ جَزْمًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا لِأَنَّ أَصْلَ تَزْوِيجِهَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِهَا، وَلَا يَأْثَمُ فِي الْبَاطِنِ لِعَضْلِ الْمَانِعِ يُخِلُّ بِالْكَفَاءَةِ عِلْمُهُ مِنْهُ بَاطِنًا وَلَمْ يُمْكِنْهُ إثْبَاتُهُ. (فَصْلٌ) فِي مَوَانِعِ الْوِلَايَةِ لِلنِّكَاحِ (لَا وِلَايَةَ لِرَقِيقٍ) كُلِّهِ وَلَوْ مُكَاتَبًا، أَوْ مُبَعَّضًا وَإِنْ قَلَّ لِنَقْصِهِ، نَعَمْ لَهُ خِلَافًا لِفَتَاوَى الْبَغَوِيّ تَزْوِيجُ أَمَةٍ مَلَكَهَا بِبَعْضِهِ الْحُرِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ السَّيِّدَ يُزَوِّجُ بِالْمِلْكِ لَا بِالْوِلَايَةِ، وَمِثْلُهُ الْمُكَاتَبُ بَلْ أَوْلَى لِتَمَامِ مِلْكِهِ لَكِنْ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَأَفْهَمَ نَفْيُ وِلَايَةِ الرَّقِيقِ جَوَازَ كَوْنِهِ وَكِيلًا، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْقَبُولِ لَا الْإِيجَابِ كَمَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ (وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ لِنَقْصِ الْمَهْرِ فِي الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ إذَا دَعَتْ بَالِغَةٌ وَالثَّانِيَةُ هِيَ قَوْلُهُ، أَوْ ظَهَرَتْ حَاجَةٌ مَجْنُونَةٌ (قَوْلُهُ إذَا زَوَّجَ بِإِجْبَارِ الْحَاكِمِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُهَدِّدْهُ بِعُقُوبَةٍ، أَوْ هُدِّدَ بِهَا وَلَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ تَحْقِيقُ مَا هَدَّدَ بِهِ، أَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ هَذَا، وَقَدْ يُشْكِلُ عَدَمُ الْوُقُوعِ هُنَا مَعَ إجْبَارِ الْحَاكِمِ بِمَا يَأْتِي لَهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَقَعُ طَلَاقُ مُكْرَهٍ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ بِحَقٍّ حَنِثَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ امْتَنَعَ) أَيْ الْوَلِيُّ، وَقَوْلُهُ مِنْ التَّحْلِيلِ أَيْ بَعْدَ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ لَمْ يُعْذَرْ) أَيْ الْوَلِيُّ فَيُحْكَمُ بِعَضْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَأْثَمْ وَيُزَوِّجُ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَأْثَمُ) أَيْ غَيْرُ الْمُجْبِرِ. (فَصْلٌ) فِي مَوَانِعِ الْوِلَايَةِ لِلنِّكَاحِ (قَوْلُهُ: فِي مَوَانِعِ الْوِلَايَةِ لِلنِّكَاحِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَتَزْوِيجِ السُّلْطَانِ عِنْدَ غَيْبَةِ الْوَلِيِّ، أَوْ إحْرَامِهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَهُ) أَيْ الْمُبَعَّضِ، وَهَذَا اسْتِدْرَاكٌ صُورِيٌّ (قَوْلُهُ: يُزَوَّجُ بِالْمِلْكِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ الْمُبَعَّضِ (قَوْلُهُ: بَلْ أَوْلَى) قَدْ تُدْفَعُ الْأَوْلَوِيَّةُ بِأَنَّ مِلْكَ الْمُكَاتَبِ مُعَرَّضٌ لِلزَّوَالِ وَلَا كَذَلِكَ الْمُبَعَّضُ، وَعِبَارَةُ حَجّ تَعْلِيلًا لِصِحَّتِهِ مِنْ الْمُبَعَّضِ بَعْدَ قَوْلِهِ لَا بِالْوِلَايَةِ وَكَالْمُكَاتَبِ بِالْإِذْنِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهُ: أَيْ الْمُبَعَّضَ تَامُّ الْمِلْكِ اهـ. فَجَعَلَ الصِّحَّةَ فِي الْمُبَعَّضِ أَوْلَى مِنْهَا فِي الْمُكَاتَبِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) أَيْ فَلَوْ خَالَفَ وَفَعَلَ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ، ثُمَّ لَوْ وَطِئَ الزَّوْجُ مَعَ ظَنِّهِ الصِّحَّةَ فَلَا حَدَّ لِلشُّبْهَةِ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَهَلْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ مَعَ عِلْمِهِ الْفَسَادَ، أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ كَذَلِكَ إنْ قِيلَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQفَتَاوَى وَالِدِهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَحْنَثْ) تَوَقَّفَ فِيهِ الشَّيْخُ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ فَقِيَاسُهُ الْحِنْثُ. [فَصْلٌ فِي مَوَانِعِ الْوِلَايَةِ لِلنِّكَاحِ] (فَصْلٌ) فِي مَوَانِعِ الْوِلَايَةِ

لِنَقْصِهِمَا أَيْضًا وَإِنْ تَقَطَّعَ الْجُنُونُ تَغْلِيبًا لِزَمَنِهِ الْمُقْتَضِي لِسَلْبِ الْعِبَارَةِ فَيُزَوِّجُ الْأَبْعَدُ زَمَنُهُ فَقَطْ، نَعَمْ لَوْ قَلَّ جِدًّا كَيَوْمٍ فِي سَنَةٍ اُنْتُظِرَتْ كَالْإِغْمَاءِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَوْ قَصُرَ زَمَنُ الْإِفَاقَةِ جِدًّا فَهُوَ كَالْعَدَمِ: أَيْ مِنْ حَيْثُ عَدَمِ انْتِظَارِهِ لَا مِنْ حَيْثُ عَدَمِ صِحَّتِهِ إنْكَاحُهُ فِيهِ لَوْ وَقَعَ، وَيُشْتَرَطُ بَعْدَ إفَاقَتِهِ صَفَاؤُهُ مِنْ آثَارِ خَبَلٍ يُحْمَلُ عَلَى حِدَّةٍ فِي الْخُلُقِ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ (وَمُخْتَلُّ النَّظَرِ) وَإِنْ قَلَّ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ خِلَافَهُ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى نَوْعٍ لَا يُؤَثِّرُ فِي النَّظَرِ فِي الْأَكْفَاءِ وَالْمَصَالِحِ (بِهَرَمٍ، أَوْ خَبَلٍ) أَصْلِيٍّ، أَوْ عَارِضٍ، أَوْ بِأَسْقَامٍ شَغَلَتْهُ عَنْ اخْتِبَارِ الْأَكْفَاءِ (وَكَذَا مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ) بِأَنْ بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ، أَوْ بَذَّرَ فِي مَالِهِ بَعْدَ رُشْدِهِ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ لَا وِلَايَةَ لَهُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) إذْ لَا يَلِي أَمْرَ نَفْسِهِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى، وَيَصِحُّ تَوْكِيلُهُ فِي قَبُولِ النِّكَاحِ لَا إيجَابُهُ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الرَّقِيقِ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا هَذَا، وَالثَّانِي يَلِي لِأَنَّهُ كَامِلُ النَّظَرِ فِي أَمْرِ النِّكَاحِ، وَإِنَّمَا حُجِرَ عَلَيْهِ لِحِفْظِ مَالِهِ. أَمَّا سَفِيهٌ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ فَيَلِي كَمَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الْأُمِّ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا كَالرَّوْضَةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ صَحَّحَ جَمْعٌ خِلَافَهُ وَأَمَّا مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ فَيَلِي لِأَنَّهُ كَامِلٌ، وَإِنَّمَا حُجِرَ عَلَيْهِ لِحَقِّ الْغَيْرِ لَا لِنَقْصٍ فِيهِ (وَمَتَى كَانَ) الْمُعْتِقُ، أَوْ (الْأَقْرَبُ) مِنْ عَصَبَةِ النَّسَبِ، أَوْ الْوَلَاءِ مُتَّصِفًا (بِبَعْضِ هَذِهِ الصِّفَاتِ فَالْوِلَايَةُ) فِي الْأُولَى لِأَقْرَبِ عَصَبَاتِ الْمُعْتِقِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَالْإِرْثِ، وَفِي الثَّانِيَةِ (لِلْأَبْعَدِ) نَسَبًا فَوَلَاءٌ، فَلَوْ أَعْتَقَ أَمَةً وَمَاتَ عَنْ ابْنٍ صَغِيرٍ وَأَبٍ، أَوْ أَخٍ كَبِيرٍ زَوَّجَ الْأَبُ أَوْ الْأَخُ لَا الْحَاكِمُ عَلَى الْمَنْقُولِ الْمُعْتَمَدِ، وَإِنْ نُقِلَ عَنْ نَصٍّ وَجَمْعٍ مُتَقَدِّمِينَ أَنَّ الْحَاكِمَ هُوَ الْمُزَوِّجُ، وَانْتَصَرَ لَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ، وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ: الظَّاهِرُ وَالِاحْتِيَاطُ أَنَّ الْحَاكِمَ هُوَ الَّذِي يُزَوِّجُ يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ نُصُوصٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَبْعَدَ هُوَ الَّذِي يُزَوِّجُ وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ الْأَقْرَبَ حِينَئِذٍ كَالْعَدَمِ وَلِإِجْمَاعِ أَهْلِ السِّيَرِ عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَوَّجَهُ وَكِيلُهُ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ أُمَّ حَبِيبَةَ بِالْحَبَشَةِ مِنْ ابْنِ عَمِّ أَبِيهَا خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ أَوْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ لِكُفْرِ أَبِيهَا أَبِي سُفْيَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَيُقَاسُ بِالْكُفْرِ سَائِرُ الْمَوَانِعِ السَّابِقَةِ وَالْآتِيَةِ وَلِذَا قِيلَ كَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُ هَذَا عَنْ كُلِّهَا، وَمَتَى زَالَ الْمَانِعُ عَادَتْ الْوِلَايَةُ. وَلَوْ زَوَّجَ الْأَبْعَدُ فَادَّعَى الْأَقْرَبُ أَنَّهُ زَوَّجَ بَعْدَ تَأَهُّلِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: فَلَا اعْتِبَارَ بِهِمَا، وَالرُّجُوعُ فِيهِ إلَى قَوْلِ الزَّوْجَيْنِ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَهُمَا فَلَا يُقْبَلُ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِجَوَازِهِ عِنْدَ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ (قَوْلُهُ: الْأَبْعَدُ زَمَنُهُ) أَيْ الْجُنُونِ (قَوْلُهُ: فِي سَنَةٍ اُنْتُظِرَتْ) أَيْ الْإِفَاقَةُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَصُرَ زَمَنُ الْإِفَاقَةِ) أَيْ كَيَوْمٍ (قَوْلُهُ: لَوْ وَقَعَ) أَيْ وَلَا مِنْ حَيْثُ عَدَمِ صِحَّةِ تَزْوِيجِ الْأَبْعَدِ فِيهِ لَوْ وَقَعَ فَلَا يَصِحُّ تَزْوِيجُ الْأَبْعَدِ فِي زَمَنِ الْإِفَاقَةِ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ خِلَافَهُ) أَيْ خِلَافَ اشْتِرَاطِ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَيُشْتَرَطُ بَعْدَ إفَاقَتِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِأَنْ بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ) أَيْ فِي مَالِهِ. أَمَّا مَنْ بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ بِالْفِسْقِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْفَاسِقِ، وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ (قَوْلُهُ: أَمَّا سَفِيهٌ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ) بِأَنْ بَلَغَ رَشِيدًا ثُمَّ بَذَّرَ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ، وَالْمُرَادُ بِبُلُوغِهِ رَشِيدًا أَنْ يَمْضِيَ لَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ زَمَنٌ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ مَا يُنَافِي الرُّشْدَ تَقْتَضِي الْعَادَةُ بِرُشْدِ مَنْ مَضَى عَلَيْهِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَعَاطِي مَا يَحْصُلُ بِهِ لَا مُجَرَّدُ كَوْنِهِ لَمْ يَتَعَاطَ مُنَافِيًا وَقْتَ الْبُلُوغِ بِخُصُوصِهِ (قَوْلُهُ: فَالْوِلَايَةُ فِي الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ، وَمَتَى كَانَ الْمُعْتِقُ، وَقَوْلُهُ وَفِي الثَّانِيَةِ هِيَ قَوْلُهُ، أَوْ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نُقِلَ عَنْ نَصٍّ) أَيْ لِلشَّافِعِيِّ، وَلَعَلَّ تَنْكِيرَهُ لِكَوْنِ الْمَشْهُورِ عَنْهُ خِلَافَهُ (قَوْلُهُ: يَنْبَغِي تَأْخِيرُ هَذَا) أَيْ قَوْلُهُ وَمَتَى كَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَتَى زَالَ الْمَانِعُ) أَيْ تَحَقَّقْنَا زَوَالَهُ، وَقَوْلُهُ عَادَتْ الْوِلَايَةُ: أَيْ حَالًا وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ فِي زَوَالِ التَّبْذِيرِ حُسْنُ تَصَرُّفِهِ مُدَّةً يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ زَوَالُهُ (قَوْلُهُ فَلَا اعْتِبَارَ بِهِمَا) أَيْ الْأَبْعَدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنْ تَقَطَّعَ الْجُنُونُ) أَيْ فَلَا يُزَوَّجُ فِي زَمَنِهِ وَإِنْ أَوْهَمَتْ عِلَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُزَوَّجُ حَتَّى فِي زَمَنِ الْإِفَاقَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ زُوِّجَ الْأَبْعَدُ إلَخْ) وَصُورَتُهُ أَنَّ الْأَبْعَدَ زُوِّجَ وَادَّعَى أَنْ تَزْوِيجَهُ قَبْلَ تَأَهُّلِ الْأَقْرَبِ وَادَّعَى الْأَقْرَبُ أَنَّهُ بَعْدَهُ

قَوْلُ غَيْرِهِمَا، وَجَزَمَ فِيمَا لَوْ زَوَّجَهَا بَعْدَ تَأَهُّلِ الْأَقْرَبِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ، سَوَاءٌ أَعَلِمَ ذَلِكَ أَمْ لَمْ يَعْلَمْهُ (وَالْإِغْمَاءُ إنْ كَانَ لَا يَدُومُ غَالِبًا) يَعْنِي بِأَنْ قَلَّ جِدًّا كَالْحَاصِلِ بَهِيجَانِ الْمَرَّةِ الصَّفْرَاءِ (اُنْتُظِرَ إفَاقَتُهُ) قَطْعًا لِقُرْبِ زَوَالِهِ كَالنَّائِمِ (وَإِنْ كَانَ يَدُومُ) يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ، أَوْ (أَيَّامًا اُنْتُظِرَ) لَكِنْ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّ مَنْ شَأْنُهُ أَنَّهُ قَرِيبُ الزَّوَالِ كَالنَّوْمِ، وَقِيلَ لَا تُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ بَلْ تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ إلَى الْأَبْعَدِ كَالْجُنُونِ وَالسُّكْرِ بِلَا تَعَدٍّ فِي مَعْنَى الْإِغْمَاءِ، فَإِنْ دَعَتْ حَاجَتُهَا إلَى النِّكَاحِ فِي زَمَنِ الْإِغْمَاءِ، أَوْ السُّكْرِ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمَا عَدَمُ تَزْوِيجِ الْحَاكِمِ. وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِلْمُتَوَلِّي، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ أَيْ يَوْمًا وَيَوْمَيْنِ فَأَكْثَرَ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِيمَا دُونَ الثَّلَاثَةِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْكِتَابِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، غَيْرَ أَنَّ حَمْلَ الشَّارِحِ عَلَى ذَلِكَ أَفَادَ كَوْنَهُ مَنْقُولًا، وَأَفَادَ أَيْضًا أَنَّ الْغَايَةَ ثَلَاثَةٌ وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُهُ الزِّيَادَةَ، إذْ هِيَ أَقَلُّ الْكَثِيرِ وَأَكْثَرُ الْقَلِيلِ، وَقَدْ أَنَاطَ الشَّرْعُ بِهَا أَحْكَامًا كَثِيرَةً وَلَمْ يُغْتَفَرْ مَا زَادَ عَلَيْهَا (وَقِيلَ تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ لِلْأَبْعَدِ) كَمَا فِي الْجُنُونِ (وَلَا يَقْدَحُ) الْخَرَسُ إنْ كَانَ لَهُ كِتَابَةٌ، أَوْ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ وَإِلَّا زَوَّجَ الْأَبْعَدُ وَمَرَّ صِحَّةُ تَزَوُّجِهِ وَمِثْلُهُ تَزْوِيجُهُ بِالْكِتَابَةِ مَعَ مَا فِيهِ فَرَاجِعْهُ، وَلَا (الْعَمَى فِي الْأَصَحِّ) لِقُدْرَتِهِ مَعَهُ عَلَى الْبَحْثِ عَنْ الْأَكْفَاءِ. وَتَعَذُّرُ شَهَادَتِهِ إنَّمَا هُوَ لِتَعَذُّرِ تَحَمُّلِهِ وَإِلَّا فَهِيَ مَقْبُولَةٌ مِنْهُ فِي أَمَاكِنَ تَأْتِي، وَالثَّانِي يَقْدَحُ لِنَقْصِهِ كَالشَّهَادَةِ وَرُدَّ بِمَا مَرَّ نَعَمْ لَا يَجُوزُ لِقَاضٍ تَفْوِيضُ وِلَايَةِ الْعُقُودِ إلَيْهِ لِأَنَّهَا نَوْعٌ مِنْ وِلَايَةِ الْقَضَاءِ وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ عَقْدَهُ بِمَهْرٍ مُعَيَّنٍ لَا يُشَبَّهُ بِشِرَائِهِ بِمُعَيَّنٍ، أَوْ بَيْعِهِ لَهُ. (وَلَا وِلَايَةَ لِفَاسِقٍ) غَيْرِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ مُجْبِرًا كَانَ، أَوْ لَا، فَسَقَ بِشُرْبِ الْخَمْرِ، أَوْ لَا. أَعْلَنَ بِفِسْقِهِ، أَوْ لَا (عَلَى الْمَذْهَبِ) بَلْ تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ لِلْأَبْعَدِ لِخَبَرِ «لَا نِكَاحَ إلَّا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالْأَقْرَبِ (قَوْلُهُ وَجَزَمَ فِيمَا لَوْ زَوَّجَهَا) أَيْ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَا يُعَارِضُ مَا قَبْلَهُ لِأَنَّ هَذَا مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ عَلِمَ بَعْدَ الْعَقْدِ أَنَّهُ زَوْجٌ وَمَا قَبْلَهُ فِيمَا لَوْ تَعَارَضَ وَلَمْ تُعْلَمْ حَقِيقَةُ الْحَالِ (قَوْلُهُ: وَالْإِغْمَاءِ) قَالَ الْإِمَامُ: وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ الصَّرْعُ اهـ مُؤَلِّفٌ (قَوْلُهُ: فِي زَمَنِ الْإِغْمَاءِ) أَيْ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: وَأَفَادَ أَيْضًا إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْغَايَةَ ثَلَاثَةٌ) أَيْ فَيَنْتَقِلُ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ لِلْأَبْعَدِ، وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَتَنْتَقِلُ مِنْ أَوَّلِ الْمُدَّةِ حَيْثُ أَخْبَرَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ أَنَّهُ يَزِيدُ عَلَى الثَّلَاثَةِ اهـ. ثُمَّ هَلْ الْمُرَادُ بِأَهْلِ الْخِبْرَةِ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، ثُمَّ لَوْ زُوِّجَ الْأَبْعَدُ اعْتِمَادًا عَلَى قَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ فَزَالَ الْمَانِعُ قَبْلَ مُضِيِّ الثَّلَاثَةِ بَانَ بُطْلَانُهُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ زَوَّجَ الْحَاكِمُ لِغَيْبَةِ الْأَقْرَبِ فَبَانَ عَدَمُهَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُغْتَفَرْ مَا زَادَ عَلَيْهَا) هَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمُدَّةَ إنْ لَمْ تَزِدْ عَلَى ثَلَاثَةٍ اُنْتُظِرَتْ فَالثَّلَاثَةُ مُلْحَقَةٌ بِمَا دُونَهَا، وَفِي كَلَامِ حَجّ أَنَّهُ مَتَى زَادَ عَلَى يَوْمَيْنِ لَمْ يُنْتَظَرْ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْجُنُونِ) يُفِيدُ أَنَّ إفَاقَةَ الْمَجْنُونِ لَا تُنْتَظَرُ وَإِنْ لَمْ تَزِدْ مُدَّتُهُ عَلَى الثَّلَاثِ، وَلَعَلَّهُ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا تَكَرَّرَ جُنُونُهُ لِمَا مَرَّ نَقْلًا عَنْ بَحْثِ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُ إذَا قَلَّ الْجُنُونُ كَيَوْمٍ فِي سَنَةٍ اُنْتُظِرَتْ الْإِفَاقَةُ، وَقَوْلُهُ وَلَا يَقْدَحُ: أَيْ فِي ثُبُوتِ الْوِلَايَةِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ تَزْوِيجُهُ) قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ تَزَوُّجَهُ ضَرُورِيٌّ فِي حَقِّهِ بِخِلَافِ تَزْوِيجِهِ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِالِانْتِقَالِ لِغَيْرِهِ عَلَى أَنَّ مَا مَرَّ فِي تَزَوُّجِهِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا تَعَذَّرَ تَوْكِيلُهُ وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تُسْتَثْنَى الْكِتَابَةُ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ النِّكَاحِ بِالْكِنَايَةِ، وَكَذَا تُسْتَثْنَى الْإِشَارَةُ إذَا فَهِمَهَا الْفَطِنُ دُونَ غَيْرِهِ فَيَصِحُّ بِهَا مَعَ كَوْنِهَا كِنَايَةً عَلَى مَا أَفْهَمَهُ إطْلَاقُهُ (قَوْلُهُ وَتَعَذَّرَ شَهَادَتُهُ) أَيْ عَدَمُ قَبُولِهَا (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِتَعَذُّرِ تَحَمُّلِهِ (قَوْلُهُ وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ) لَعَلَّهُ فِي قَوْلِهِ لِقُدْرَتِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَنَّ عَقْدَهُ) أَيْ الْأَعْمَى (قَوْله بِمَهْرٍ مُعَيَّنٍ) أَيْ كَأَنْ قَالَ زَوَّجْتُك بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ زَوَّجْتُك بِكَذَا فِي ذِمَّتِك أَوْ أَطْلَقَ فَيَصِحُّ، ثُمَّ إنْ كَانَ لَهُ وِلَايَةُ الْمَالِ وَكُلُّ مَنْ يَقْبِضُهُ وَإِلَّا وَكَّلَتْ هِيَ (قَوْلُهُ: لَا يُشْبِهُ) أَيْ ذَلِكَ الْمُعَيَّنَ بَلْ يَثْبُتُ مَهْرُ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQفَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ أَنَّهُ يَرْجِعُ لِلْأَبْعَدِ وَالْمُرَادُ بِالزَّوْجَيْنِ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ (قَوْلُهُ: بِطَرِيقِ الْأَوْلَى) فِيهِ وَقْفَةٌ لَا تَخْفَى بَلْ

بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ» أَيْ عَدْلٍ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُ يَلِي لِأَنَّ الْفَسَقَةَ لَمْ يُمْنَعُوا مِنْ التَّزْوِيجِ فِي عَصْرِ الْأَوَّلِينَ، وَعَلَّلَهُ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الْوَازِعَ الطَّبْعِيَّ أَقْوَى مِنْ الْوَازِعِ الشَّرْعِيِّ، وَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ لَوْ سَلَبْنَاهُ الْوِلَايَةَ انْتَقَلَتْ إلَى حَاكِمٍ فَاسِقٍ وَلِيَ وَإِلَّا فَلَا. قَالَ: وَلَا سَبِيلَ إلَى الْفَتْوَى بِغَيْرِهِ، إذْ الْفِسْقُ عَمَّ الْعِبَادَ وَالْبِلَادَ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ حَسَنٌ، وَيَنْبَغِي الْعَمَلُ بِهِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ. وَالْمُعْتَمَدُ مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْكِتَابِ لِأَنَّ الْحَاكِمَ يُزَوِّجُ لِلضَّرُورَةِ وَقَضَاؤُهُ نَافِذٌ. أَمَّا الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ فَلَا يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ فَيُزَوِّجُ بَنَاتَه إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلِيٌّ خَاصٌّ وَبَنَاتُ غَيْرِهِ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ وَإِنْ فَسَقَ تَفْخِيمًا لِشَأْنِهِ، وَلَوْ تَابَ الْفَاسِقُ تَوْبَةً صَحِيحَةً زَوَّجَ حَالًا كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّ الشَّرْطَ عَدَمُ الْفِسْقِ لَا الْعَدَالَةُ وَبَيْنَهُمَا وَاسِطَةٌ، وَلِذَا زَوَّجَ الْمَسْتُورُ الظَّاهِرُ الْعَدَالَةِ وَالصَّبِيُّ إذَا بَلَغَ وَالْكَافِرُ إذَا أَسْلَمَ وَلَمْ يَصْدُرْ مِنْهُمَا مُفَسِّقٌ وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ مِنْهُمَا مَلَكَةُ تَحَمُّلِهِمَا الْآنَ عَلَى مُلَازَمَةِ التَّقْوَى، وَأَصْحَابُ الْحِرَفِ الدَّنِيَّةِ يَلُونَ كَمَا رَجَّحَ فِي الرَّوْضَةِ الْقَطْعَ بِهِ. (وَيَلِي الْكَافِرُ) الْأَصْلِيُّ غَيْرُ الْفَاسِقِ فِي دِينِهِ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ كَثِيرِينَ بِعَدْلٍ فِي دِينِهِ لِمَا تَقَرَّرَ فِي الْمُسْلِمِ فَهُوَ أَوْلَى (الْكَافِرَةَ) الْأَصْلِيَّةَ وَلَوْ عَتِيقَةَ مُسْلِمٍ وَإِنْ اخْتَلَفَ دِينُهُمَا سَوَاءٌ أَكَانَ الزَّوْجُ مُسْلِمًا أَمْ ذِمِّيًّا، وَهِيَ مُجْبَرَةٌ أَوْ غَيْرُ مُجْبَرَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 73] لَا الْمُسْلِمَةَ إجْمَاعًا فَيُزَوِّجُ الْيَهُودِيُّ النَّصْرَانِيَّةَ وَالْعَكْسُ كَالْإِرْثِ وَقَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ عَدَمُ وِلَايَةِ حَرْبِيٍّ عَلَى ذِمِّيَّةٍ وَبِالْعَكْسِ وَأَنَّ الْمُسْتَأْمَنَ كَالذِّمِّيِّ، وَهُوَ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ ظَاهِرٌ، وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَصُورَةُ وِلَايَةِ النَّصْرَانِيِّ عَلَى الْيَهُودِيَّةِ أَنْ يَتَزَوَّجَ نَصْرَانِيٌّ بِيَهُودِيَّةٍ فَيَأْتِي لَهُ بِنْتٌ مِنْهَا فَتَتَخَيَّرُ بَعْدَ بُلُوغِهَا بَيْنَ دِينِ أَبِيهَا وَأُمِّهَا وَتَخْتَارُ دِينَ أُمِّهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ عَدَمُ الْفَرْقِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَعَلَى هَذَا لَوْ أَذِنَتْ لَهُ وَهُوَ عَدْلٌ ثُمَّ فَسَقَ ثُمَّ تَابَ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهَا لَوْ أَذِنَتْ لِلْقَاضِي فَعُزِلَ ثُمَّ وَلِيَ احْتَاجَ إلَى إذْنٍ جَدِيدٍ لِبُطْلَانِ الْأَوَّلِ بِخُرُوجِهِ عَنْ الْوِلَايَةِ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْوَازِعَ) أَيْ الْمَيْلَ وَقَوْلُهُ الطَّبْعِيَّ أَيْ الْمَنْسُوبَ إلَى الطَّبْعِ بِسُكُونِ الْبَاءِ، وَهُوَ الْجِبِلَّةُ الَّتِي خُلِقَ الْإِنْسَانُ عَلَيْهَا. وَأَمَّا الطَّبِيعَةُ فَهِيَ مِزَاجُ الْإِنْسَانِ الْمُرَكَّبُ مِنْ الْأَخْلَاطِ (قَوْلُهُ: فَيُزَوِّجُ بَنَاتَه) لَوْ كُنَّ أَبْكَارًا هَلْ يُجْبِرُهُنَّ لِأَنَّهُ أَبٌ جَازَ لَهُ التَّزْوِيجُ، أَوْ لَا، وَلَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِئْذَانِ لِأَنَّ تَزْوِيجَهُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ لَا الْخَاصَّةِ فِيهِ نَظَرٌ، وَمَالَ م ر لِلْأَوَّلِ اهـ سم عَلَى حَجّ. لَكِنْ مُقْتَضَى قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلِيٌّ خَاصٌّ الثَّانِي، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ اُشْتُرِطَ فِي تَزْوِيجِهِ فَقْدُ الْقَرِيبِ الْعَدْلِ بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهَا أَخٌ، أَوْ نَحْوُهُ فَتَمَحَّضَ تَزْوِيجُهُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ، وَهِيَ لَا تَقْتَضِي الْإِجْبَارَ بَلْ عَدَمُهُ (قَوْلُهُ: زُوِّجَ حَالًا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَشْرَعْ فِي رَدِّ الْمَظَالِمِ وَلَا فِي قَضَاءِ الصَّلَوَاتِ مَثَلًا حَيْثُ وُجِدَتْ شُرُوطُ التَّوْبَةِ بِأَنْ عَزَمَ عَزْمًا مُصَمِّمًا عَلَى رَدِّ الْمَظَالِمِ (قَوْلُهُ: وَبَيْنَهُمَا وَاسِطَةٌ) وَمِنْهَا خُرْمُ الْمُرُوءَةِ (قَوْلُهُ: وَأَصْحَابُ الْحِرَفِ الدَّنِيَّةِ) أَيْ الَّتِي لَا تَلِيقُ بِهِمْ عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ عِبَارَتُهُ حَيْثُ جَعَلَهُ مُؤَيَّدًا بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ مُضِيِّ مُدَّةٍ بَعْدَ التَّوْبَةِ وَالْبُلُوغِ وَالْإِسْلَامِ. وَهُوَ ظَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ عَدَمُ الْفِسْقِ لَا الْعَدَالَةِ، وَلَا يُعَارِضُ هَذَا مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ الِاكْتِفَاءِ بِحُضُورِ ذِي الْحِرْفَةِ الدَّنِيَّةِ عَقْدُ النِّكَاحِ حَيْثُ لَمْ تُخِلَّ بِمُرُوءَتِهِ، لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الشَّهَادَةِ الْعَدَالَةُ وَدَنَاءَةُ الْحِرْفَةِ الَّتِي لَا تَلِيقُ بِمُرْتَكِبِهَا تُخِلُّ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْوِلَايَةِ عَدَمُ الْفِسْقِ وَدَنَاءَةُ الْحِرْفَةِ لَا تَقْتَضِيهِ وَإِنْ أَخَلَّ بِمُرُوءَتِهِ. (قَوْلُهُ: لِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ عَدَمُ الْفِسْقِ لَا الْعَدَالَةِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ) أَيْ بِالْإِرْثِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ) هَذَا عَيْنُ قَوْلِهِ السَّابِقِ سَوَاءٌ أَكَانَ الزَّوْجُ مُسْلِمًا إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQيُوهِمُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيمَا دُونَ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْمَسْأَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَصْدُرْ مِنْهُمَا مُفَسِّقٌ) أَيْ فَهُمَا مِنْ تِلْكَ الْوَاسِطَةِ لَا يَتَّصِفَانِ بِفِسْقٍ وَلَا عَدَالَةٍ، وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنْ الزَّرْكَشِيّ، لَكِنْ نَقَلَ الشِّهَابُ سم عَنْ كَنْزِ شَيْخِهِ الْبَكْرِيِّ تَصْوِيبَ اتِّصَافِهِمَا بِالْعَدَالَةِ قَالَ: أَعْنِي الشِّهَابَ الْمَذْكُورَ: وَمَا قَالَهُ الْأُسْتَاذُ: يَعْنِي الْبَكْرِيَّ لَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ عَدَمُ الْفَرْقِ إلَخْ) تَقَدَّمَ هَذَا

بَيْنَ أَنْ يَكُونَ زَوْجُ الْكَافِرَةِ كَافِرًا، أَوْ مُسْلِمًا وَهُوَ كَذَلِكَ، لَكِنْ لَا يُزَوِّجُ الْمُسْلِمَ قَاضِيهمْ، بِخِلَافِ الزَّوْجِ الْكَافِرِ لِأَنَّ نِكَاحَ الْكُفَّارِ مَحْكُومٌ بِصِحَّتِهِ وَإِنْ صَدَرَ مِنْ قَاضِيهِمْ. أَمَّا الْمُرْتَدُّ فَلَا يَلِي بِحَالٍ وَلَا يُزَوِّجُ أَمَتَهُ بِمِلْكٍ كَمَا لَا يَتَزَوَّجُ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَلِي مُسْلِمَةً وَلَوْ عَتِيقَةَ كَافِرٍ وَلَا مُسْلِمٌ كَافِرَةً، وَهُوَ كَذَلِكَ لِعَدَمِ الْمُوَالَاةِ بَيْنَهُمَا، نَعَمْ لِوَلِيِّ السَّيِّدِ تَزْوِيجُ أَمَتِهِ الْكَافِرَةِ كَالسَّيِّدِ الْآتِي بَيَانُ حُكْمِهِ، وَلِلْقَاضِي تَزْوِيجُ الْكَافِرَةِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ، وَلِلْمُسْلِمِ تَوْكِيلُ نَصْرَانِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ فِي قَبُولِ نَصْرَانِيَّةٍ لِأَنَّهُمَا يَقْبَلَانِ نِكَاحَهَا لِأَنْفُسِهِمَا لَا فِي نِكَاحِ مُسْلِمَةٍ، إذْ لَا يَجُوزُ لَهُمَا نِكَاحُهَا بِحَالٍ، بِخِلَافِ تَوْكِيلِهِمَا فِي طَلَاقِهَا لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُمَا طَلَاقُهَا، وَيُتَصَوَّرُ بِأَنْ أَسْلَمَتْ كَافِرَةٌ بَعْدَ الدُّخُولِ فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا ثُمَّ أَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ، فَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ فِيهَا تَبَيَّنَ بَيْنُونَتُهَا مِنْهُ بِإِسْلَامِهَا وَلَا طَلَاقَ، وَلِلنَّصْرَانِيِّ وَنَحْوِهِ تَوْكِيلُ مُسْلِمٍ فِي نِكَاحِ كِتَابِيَّةٍ لَا مَجُوسِيَّةٍ وَنَحْوِهَا لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْكِحُهَا بِحَالٍ، وَلِلْمُعْسِرِ تَوْكِيلُ مُوسِرٍ فِي نِكَاحِ أَمَةٍ لِأَنَّهُ أَهْلُ نِكَاحِهَا فِي الْجُمْلَةِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ حَالًا لِمَعْنًى فِيهِ. (وَإِحْرَامُ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ) لِنَفْسِهِ، أَوْ غَيْرِهِ بِوِلَايَةٍ، أَوْ وَكَالَةٍ (أَوْ الزَّوْجَةِ) ، أَوْ الزَّوْجِ الْغَيْرِ الْعَاقِدِ إحْرَامًا مُطْلَقًا، أَوْ بِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ وَلَوْ فَاسِدًا (يَمْنَعُ صِحَّةَ النِّكَاحِ) وَإِذْنُهُ فِيهِ لِقِنِّهِ الْحَلَالِ عَلَى الْمَنْقُولِ الْمُعْتَمَدِ، أَوْ لِمُوَلِّيهِ السَّفِيهِ كَمَا بَحَثَهُ جَمْعٌ، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَصِحَّةِ التَّوْكِيلِ حَيْثُ لَمْ يُقَيَّدْ بِالْعَقْدِ فِي الْإِحْرَامِ بِأَنَّ مَا هُنَا مَنْشَؤُهُ الْوِلَايَةُ وَالْمُحْرِمُ غَيْرُ أَهْلٍ لَهَا بِخِلَافِ مُجَرَّدِ الْإِذْنِ إذْ يُحْتَاطُ لِلْوِلَايَةِ مَا لَا يُحْتَاطُ لِغَيْرِهَا، وَذَلِكَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكِحُ» بِكَسْرِ الْكَافِ فِيهِمَا وَفَتْحِ الْيَاءِ فِي الْأُولَى وَضَمِّهَا فِي الثَّانِي وَخَبَرِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَكَحَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ» مُعَارَضٌ بِالْخَبَرِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّهُ كَانَ حَلَالًا وَأَنَّهُ الرَّسُولُ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ مُقَدَّمٌ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ لِلْوَاقِعَةِ عَلَى أَنَّ مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نِكَاحَهُ مَعَ الْإِحْرَامِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُزَوِّجَ حَلَالٌ لِحَلَالٍ أَمَةَ مَحْجُورِهِ الْمُحْرِمِ لِأَنَّ الْعَاقِدَ غَيْرُ نَائِبٍ لَهُ، وَأَنْ تُزَفَّ الْمُحْرِمَةُ لِزَوْجِهَا الْمُحْرِمِ، وَلَا حَدَّ فِي الْوَطْءِ هُنَا بِخِلَافِهِ فِي نِكَاحِ مُرْتَدَّةٍ أَوْ مُعْتَدَّةٍ (وَلَا يَنْقُلُ) الْإِحْرَامُ (الْوِلَايَةَ) لِلْأَبْعَدِ لِأَنَّهُ لَا يَسْلُبُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ فَلَا يَلِي بِحَالٍ) أَيْ حَتَّى لِزَوْجِ أَمَتِهِ أَوْ مُوَلِّيَتِهِ فِي الرِّدَّةِ ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يَتَبَيَّنْ صِحَّتُهُ بَلْ هُوَ مَحْكُومٌ بِبُطْلَانِهِ لِأَنَّ النِّكَاحَ مِمَّا لَا يَقْبَلُ الْوَقْفَ وَإِنْ قُلْنَا السَّيِّدُ يُزَوِّجُ أَمَتَهُ بِالْمِلْكِ لِأَنَّ مِلْكَ الْمُرْتَدِّ مَوْقُوفٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يُزَوِّجُ) أَيْ الْمُرْتَدُّ، وَقَوْلُهُ أَمَتَهُ بِمِلْكٍ أَيْ إمَّا لِزَوَالِهِ إنْ قُلْنَا بِزَوَالِ مِلْكِهِ بِالرِّدَّةِ وَإِمَّا لِتَزَلْزُلِهِ إنْ قُلْنَا بِالْوَقْفِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ (قَوْلُهُ كَمَا لَا يَتَزَوَّجُ) أَيْ لِكَوْنِهِ لَا يَبْقَى (قَوْلُهُ: نَعَمْ لِوَلِيِّ السَّيِّدِ) أَيْ الذَّكَرِ مُسْلِمًا كَانَ، أَوْ كَافِرًا، أَوْ وَلِيِّ السَّيِّدَةِ الْمُسْلِمَةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: عِنْدَ تَعَذُّرِ الْوَلِيِّ) أَيْ لِفَقْدِهِ، أَوْ عَضْلِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ (قَوْلُهُ: فِي طَلَاقِهَا) أَيْ الْمُسْلِمَةِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهَا) كَالْوَثَنِيَّةِ وَعَابِدَةِ الشَّمْسِ، أَوْ الْقَمَرِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُسْلِمَ) قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ تَوْكِيلِ الْمُسْلِمِ فِي قَبُولِ نِكَاحِ الْكِتَابِيَّةِ حِلُّ نِكَاحِهِ لَهَا بِأَنْ وَجَدَ فِيهَا شُرُوطَ نِكَاحِ الْمُسْلِمِ. وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ خِلَافًا، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِحِلِّ نِكَاحِ الْمُسْلِمِ لَهَا فِي الْجُمْلَةِ وَإِنْ افْتَقَرَ إلَى شُرُوطٍ وَقَدْ يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْكِحُهَا بِحَالٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَهْلُ نِكَاحِهَا) أَيْ أَهْلٌ لَهُ فَالْإِضَافَةُ عَلَى مَعْنَى اللَّامِ. (قَوْلُهُ: هَذَا وَصِحَّةِ التَّوْكِيلِ) أَيْ فِي تَزْوِيجِ مُوَلِّيَتِهِ، أَوْ تَزْوِيجِ نَفْسِهِ، أَوْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ مَا هُنَا مَنْشَؤُهُ) يُرَدُّ عَلَى هَذَا صِحَّةُ إذْنِ الْمَرْأَةِ لِقِنِّهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ مَنْشَأُ ذَلِكَ الْمِلْكُ دُونَ هَذَا، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الرَّقِيقَ إنَّمَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ النِّكَاحُ بِغَيْرِ إذْنٍ لِحَقِّ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ كَانَ) أَيْ النَّبِيُّ حَلَالًا، وَقَوْلُهُ وَأَنَّهُ أَيْ أَبَا رَافِعٍ (قَوْلُهُ: وَلَا حَدَّ فِي الْوَطْءِ هُنَا) أَيْ فِيمَا لَوْ عَقَدَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَإِنْ قُلْنَا بِفَسَادِ الْعَقْدِ عَلَى مَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ وَعَلَيْهِ فَأَيُّ فَرْقٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مَا هُنَا) يَعْنِي فِيمَا لَوْ نَكَحَهَا وَهُوَ مُحْرِمٌ أَيْ لِمَا فِي صِحَّةِ نِكَاحِهَا مِنْ الْخِلَافِ

لِبَقَاءِ الرُّشْدِ وَالنَّظَرُ وَإِنَّمَا يَمْنَعُ النِّكَاحَ (فِي الْأَصَحِّ) هُوَ رَاجِعٌ، لِنَقْلِ الْوِلَايَةِ فَقَطْ. وَإِذَا لَمْ يَنْقُلْهَا (فَيُزَوِّجُ السُّلْطَانُ عِنْدَ إحْرَامِ الْوَلِيِّ) لِمَا مَرَّ، وَقَوْلُهُ (لَا الْأَبْعَدُ) إيضَاحٌ لِأَنَّهُ عَيْنُ قَوْلِهِ وَلَا يَنْقُلُ وَشَمِلَ كَلَامُهُ طُولَ مُدَّةِ الْإِحْرَامِ وَقِصَرَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ قَالَ الْإِمَامُ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمَا إنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي طَوِيلِهَا كَمَا فِي الْغَيْبَةِ وَالْإِمَامُ وَالْقَاضِي فِيهَا كَغَيْرِهِمَا فِي ذَلِكَ، ثُمَّ اسْتَدْرَكَ عَلَى مَفْهُومِ عِبَارَةِ أَصْلِهِ فَقَالَ (قُلْت: وَلَوْ أَحْرَمَ الْوَلِيُّ، أَوْ الزَّوْجُ فَعَقَدَ وَكِيلُهُ الْحَلَالُ لَمْ يَصِحَّ) الْعَقْدُ قَبْلَ التَّحَلُّلَيْنِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ لَا يَمْلِكُهُ فَفَرْعُهُ أَوْلَى بَلْ بَعْدَهُمَا لِأَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِهِ، فَإِنْ عَقَدَ الْوَكِيلُ ثُمَّ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ هَلْ وَقَعَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، أَوْ بَعْدَهُ صُدِّقَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهَا الظَّاهِرَةُ فِي الْعُقُودِ، وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِمَا إذَا ادَّعَى مُقْتَضَى بُطْلَانِهِ غَيْرُ الزَّوْجِ، وَإِلَّا رَفَعْنَا الْعَقْدَ بِالنِّسْبَةِ لَهُ مُؤَاخَذَةً بِإِقْرَارِهِ وَلَوْ أَحْرَمَ وَتَزَوَّجَ وَلَمْ يَدْرِ هَلْ أَحْرَمَ قَبْلَ تَزَوُّجِهِ أَمْ بَعْدَهُ فَفِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ عَنْ النَّصِّ صِحَّةُ تَزَوُّجِهِ، وَلَوْ وَكَّلَ فِي تَزْوِيجِ مُوَلِّيَتِهِ فَزَوَّجَهَا وَكِيلُهُ ثُمَّ بَانَ مَوْتُ مُوَكِّلِهِ وَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ مَاتَ قَبْلَ تَزْوِيجِهَا أَمْ بَعْدَهُ فَالْأَصَحُّ صِحَّةُ الْعَقْدِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ. وَقَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدَ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِأَحْرَمَ الْوَلِيُّ، أَوْ الزَّوْجُ بَعْدَ التَّوْكِيلِ مِثَالٌ، وَإِلَّا فَالْحُكْمُ لَا يَخْتَصُّ بِكَوْنِهِ بَعْدَهُ، وَإِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ إتْيَانُهُ بِالْفَاءِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّعْقِيبِ فِي قَوْلِهِ فَعَقَدَ، وَلَوْ أَحْرَمَ الْإِمَامُ، أَوْ الْقَاضِي فَلِنُوَّابِهِ تَزْوِيجُ مَنْ فِي وِلَايَتِهِ حَالَ إحْرَامِهِ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُمْ بِالْوِلَايَةِ لَا بِالْوَكَالَةِ، وَمِنْ ثَمَّ جَازَ لِنَائِبِ الْقَاضِي الْحُكْمُ لَهُ، وَبِهِ يُرَدُّ بَحْثُ الزَّرْكَشِيّ الِامْتِنَاعَ إنْ قَالَ لَهُ الْإِمَامُ اسْتَخْلِفْ عَنْ نَفْسِك، أَوْ أَطْلَقَ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ عَلَى التَّقْيِيدِ بِحَالَةِ الْإِحْرَامِ كَمَا لَوْ قَالَ الْمُحْرِمُ لِلْحَلَالِ زَوِّجْنِي حَالَ إحْرَامِي. (وَلَوْ) (غَابَ) الْوَلِيُّ (الْأَقْرَبُ) نَسَبًا، أَوْ وَلَاءً (إلَى مَرْحَلَتَيْنِ) ، أَوْ أَكْثَرَ وَلَمْ يُحْكَمْ بِمَوْتِهِ وَلَيْسَ لَهُ وَكِيلٌ حَاضِرٌ فِي تَزْوِيجِ مُوَلِّيَتِهِ (زَوَّجَ السُّلْطَانُ) لَا الْأَبْعَدُ وَإِنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ وَجُهِلَ مَحَلُّهُ وَحَيَاتُهُ لِبَقَاءِ أَهْلِيَّةِ الْغَائِبِ وَأَصْلُ بَقَائِهِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَأْذَنَ لِلْأَبْعَدِ، أَوْ يَسْتَأْذِنُهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ وَلَوْ بَانَ كَوْنُهُ بِدُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِحَلِفِهِ لَمْ يَصِحَّ تَزْوِيجُ السُّلْطَانِ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ، أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ وَكِيلٌ فَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــSبَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُرْتَدَّةِ وَالْمُعْتَدَّةِ، وَلَعَلَّهُ أَنَّ فِي صِحَّةِ نِكَاحِ الْمُحْرِمَةِ خِلَافًا، وَلَا كَذَلِكَ الْمُرْتَدَّةُ وَالْمُعْتَدَّةُ (قَوْلُهُ: لِنَقْلِ الْوِلَايَةِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ مَنْعِ صِحَّةِ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ عِنْدَ إحْرَامِ الْوَلِيِّ) أَيْ بِإِذْنٍ مِنْ الْمَرْأَةِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِ الْوَلِيِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لَهُ بِسَبَبِ الْإِحْرَامِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمُجْبَرَةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ عَيْنُ قَوْلِهِ) هَذَا مَمْنُوعٌ قَطْعًا بَلْ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ لَازِمٌ لَهُ وَلَا إشْكَالَ فِي تَفْرِيعِ اللَّازِمِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فِيهَا) أَيْ فِي الْغَيْبَةِ وَقَوْلُهُ كَغَيْرِهِمَا خَبَرٌ لِقَوْلِهِ وَالْإِمَامُ (قَوْلُهُ: الْحُكْمُ لَهُ) أَيْ لِلْقَاضِي (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ) أَيْ الزَّرْكَشِيّ (قَوْلُهُ: بِحَالَةِ الْإِحْرَامِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ الْقَاضِي لِأَحَدِ نُوَّابِهِ اسْتَخْلَفْتُك عَنِّي حَالَةَ الْإِحْرَامِ فِي تَزْوِيجِ مُوَلِّيَتِي، وَمَعَ ذَلِكَ فَفِي الْحَمْلِ شَيْءٌ لِقَوْلِ الشَّارِحِ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُمْ بِالْوِلَايَةِ إلَخْ. (قَوْلُهُ، أَوْ بِحَلِفِهِ قُدِّمَ) أَيْ فَتَبَيَّنَ فَسَادُ عَقْدِ السُّلْطَانِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) عَطْفٌ مُسَبَّبٌ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: عَيْنُ قَوْلِهِ وَلَا يُنْقَلُ) قَالَ الشِّهَابُ سم: هَذَا مَمْنُوعٌ قَطْعًا، بَلْ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ لَازِمٌ لَهُ وَلَا إشْكَالَ فِي تَفْرِيعِ اللَّازِمِ (قَوْلُهُ: وَالْإِمَامِ وَالْقَاضِي) أَيْ وَشَمِلَ كَلَامُهُ أَوَّلًا فِي قَوْلِهِ وَإِحْرَامُ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ الْإِمَامَ وَالْقَاضِيَ: أَيْ فَهُمَا كَغَيْرِهِمَا فِي أَنَّ إحْرَامَهَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْعَقْدِ مِنْهُمَا. وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الشُّمُولَ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَوْلِهِ وَلَا يَنْقُلُ الْوِلَايَةَ فِي الْأَصَحِّ فَيُزَوِّجُ السُّلْطَانُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ عَلَى التَّقْيِيدِ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ الْقَاضِي لِأَحَدِ نُوَّابِهِ اسْتَخْلَفْتُك عَنِّي حَالَ الْإِحْرَامِ فِي تَزْوِيجِ مُوَلِّيَتِي، وَمَعَ ذَلِكَ فَفِي الْحَمْلِ شَيْءٌ لِقَوْلِ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُمْ بِالْوِلَايَةِ. اهـ. مِنْ حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى أَنْ يَأْذَنَ لِلْأَبْعَدِ) اُنْظُرْ هَلْ يَحْتَاجُ فِي أَدَاءِ هَذَا الْأَوْلَى إلَى إذْنِهَا

مُقَدَّمٌ عَلَى السُّلْطَانِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ، وَلَوْ قُدِّمَ وَقَالَ كُنْت زَوَّجْتهَا لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّ الْحَاكِمَ هُنَا وَلِيٌّ وَالْوَلِيُّ الْحَاضِرُ لَوْ زَوَّجَ فَقَدِمَ آخَرُ غَائِبٌ وَقَالَ كُنْت زَوَّجْت لَمْ يُقْبَلْ بِدُونِ بَيِّنَةٍ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّ الْحَاكِمَ وَكِيلُ الْغَائِبِ، وَالْوَكِيلُ لَوْ بَاعَ فَقَدِمَ مُوَكِّلُهُ وَقَالَ كُنْت بِعْت مَثَلًا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ (وَدُونَهُمَا) أَيْ الْمَرْحَلَتَيْنِ إذَا غَابَ الْأَقْرَبُ إلَيْهِ (لَا يُزَوِّجُ) السُّلْطَانُ (إلَّا بِإِذْنِهِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْمُقِيمِ بِالْبَلَدِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ إذْنُهُ لِنَحْوِ خَوْفٍ زَوَّجَ الْحَاكِمُ كَمَا اعْتَمَدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ، وَالثَّانِي يُزَوِّجُ لِئَلَّا تَتَضَرَّرَ بِفَوَاتِ الْكُفْءِ الرَّاغِبِ كَالْمَسَافَةِ الطَّوِيلَةِ وَتُصَدَّقُ فِي غَيْبَةِ وَلِيِّهَا وَخُلُوِّهَا مِنْ الْمَوَانِعِ وَيُسْتَحَبُّ طَلَبُ بَيِّنَةٍ مِنْهَا بِذَلِكَ وَإِلَّا فَتَحْلِيفُهَا، فَإِنْ أَلَحَّتْ فِي الطَّلَبِ وَرَأَى الْقَاضِي التَّأْخِيرَ فَالْأَوْجَهُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ احْتِيَاطًا لِلْأَنْكِحَةِ، وَلَهُ تَحْلِيفُهَا أَنَّهَا لَمْ تَأْذَنْ لِلْغَائِبِ إنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُزَوَّجُ إلَّا بِإِذْنٍ، وَعَلَى أَنَّهُ لَمْ يُزَوِّجْهَا فِي الْغَيْبَةِ، وَالْأَوْجَهُ فِي هَذِهِ الْيَمِينُ وَشَبَهُهَا الْوُجُوبُ احْتِيَاطًا لِلْأَبْضَاعِ، لَكِنْ صَحَّحَ فِي الْأَنْوَارِ اسْتِحْبَابَهَا، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ مَا لَمْ يُعْرَفْ لَهَا زَوْجٌ مُعَيَّنٌ وَإِلَّا اُشْتُرِطَ فِي صِحَّةِ تَزْوِيجِ الْحَاكِمِ لَهَا دُونَ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْأَنْوَارِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إثْبَاتُهَا لِفِرَاقِهَا سَوَاءٌ أَحْضَرَ أَمْ غَابَ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَالرَّافِعِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ قَبُولَ قَوْلِهَا فِي الْمُعَيَّنِ أَيْضًا حَتَّى عِنْدَ الْقَاضِي لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِقَوْلِ أَرْبَابِهَا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَالَ اشْتَرَيْت هَذِهِ الْأَمَةَ مِنْ فُلَانٍ وَأَرَادَ بَيْعَهَا جَازَ شِرَاؤُهَا مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ شِرَاؤُهُ لَهَا مِمَّنْ عَيَّنَهُ لَكِنَّ الْجَوَابَ أَنَّ النِّكَاحَ يُحْتَاطُ لَهُ أَكْثَرَ وَلَوْ عُدِمَ السُّلْطَانُ لَزِمَ أَهْلَ الشَّوْكَةِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ الْعَقْدِ وَالْحَلِّ نَصْبُ قَاضٍ وَتَنْفُذُ أَحْكَامُهُ لِلضَّرُورَةِ الْمُلْجِئَةِ لِذَلِكَ، وَقَدْ صَرَّحَ بِنَظِيرِ ذَلِكَ الْإِمَامُ فِي الْغِيَاثِيِّ فِيمَا إذَا فُقِدَتْ شَوْكَةُ سُلْطَانِ الْإِسْلَامِ، أَوْ نُوَّابِهِ فِي بَلَدٍ، أَوْ قُطْرٍ، وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِيهِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَشْعَرِيِّ وَغَيْرِهِ وَاسْتَدَلَّ لَهُ الْخَطَّابِيُّ بِقَضِيَّةِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَأَخْذِهِ الرَّايَةَ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ لَمَّا أُصِيبَ الَّذِينَ أَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَيْدٌ فَجَعْفَرٌ فَابْنُ رَوَاحَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، قَالَ: وَإِنَّمَا تَصَدَّى خَالِدٌ لِلْإِمَارَةِ لِأَنَّهُ خَافَ ضَيَاعَ الْأَمْرِ فَرَضِيَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَوَافَقَ الْحَقَّ وَصَارَ ذَلِكَ أَصْلًا فِي الضَّرُورَاتِ إذَا وَقَعَتْ فِي قِيَامِ الدِّينِ. (وَلِلْمُجْبِرِ) لِمُوَلِّيَتِهِ (التَّوْكِيلُ فِي التَّزْوِيجِ بِغَيْرِ إذْنِهَا) كَمَا لَهُ تَزْوِيجُهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا، نَعَمْ يُنْدَبُ لِلْوَكِيلِ اسْتِئْذَانُهَا وَيَكْفِي سُكُوتُهَا (وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الزَّوْجِ) لِلْوَكِيلِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ وُفُورَ شَفَقَتِهِ تَدْعُوهُ أَنْ لَا يُوَكِّلَ إلَّا مَنْ يَثِقُ بِهِ وَبِنَظَرِهِ وَاخْتِبَارِهِ، وَلَا يُنَافِيهِ اشْتِرَاطُ تَعْيِينِ ـــــــــــــــــــــــــــــSسَبَبٍ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ بِقَوْلِهِ فَلَمْ يَصِحَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ حَيْثُ اكْتَفَى فِيهِ بِحَلِفِهِ أَنَّ عَقْدَ الْحَاكِمِ وَقَعَ هُنَا فِي زَمَنِ كَوْنِهِ وَلِيًّا لِتَحَقُّقِ غَيْبَتِهِ، بِخِلَافِهِ فِيمَا قَبْلَهُ فَإِنَّهُ بِتَقْدِيرِ كَوْنِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ فِي مَكَان قَرِيبٍ لَا وِلَايَةَ لِلْحَاكِمِ، (قَوْلُهُ: لِنَحْوِ خَوْفٍ) مِنْهُ الْمَشَقَّةُ الَّتِي لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً (قَوْلُهُ: وَتُصَدَّقُ) أَيْ بِيَمِينِهَا (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ وَقَوْلُهُ فَتَحْلِيفُهَا أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: لَمْ يُزَوِّجْهَا فِي الْغَيْبَةِ) وَيَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَحْلِفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ: احْتِيَاطًا لِلْأَبْضَاعِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لِفِرَاقِهَا) عِبَارَةُ حَجّ: لِفِرَاقِهِ (قَوْلُهُ: وَاسْتَدَلَّ لَهُ) أَيْ قَوْلُهُ وَقَدْ صَرَّحَ بِنَظِيرِ ذَلِكَ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ) أَيْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (قَوْلُهُ: وَلِلْمُجْبِرِ لِمُوَلِّيَتِهِ التَّوْكِيلُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ نَهَتْهُ عَنْهُ وَقَدْ يُفْهِمُهُ تَخْصِيصُهُ الْفَسَادَ فِيمَا لَوْ نَهَتْهُ الْآتِي عَنْ التَّوْكِيلِ بِغَيْرِ الْمُجْبِرِ (قَوْلُهُ يُنْدَبُ لِلْوَكِيلِ اسْتِئْذَانُهَا) أَيْ حَيْثُ وَكَّلَ الْمُجْبِرُ بِغَيْرِ إذْنِهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ وُفُورَ شَفَقَتِهِ) أَيْ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ: وَاخْتِبَارِهِ) عَطْفُ مُغَايِرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْأَبْعَدِ أَيْضًا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ الْوَلِيُّ (قَوْلُهُ: وَخُلُوُّهَا مِنْ الْمَوَانِعِ) هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِمَا إذَا كَانَ الْوَلِيُّ غَائِبًا كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَتَحْلِيفُهَا) هَذَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ وَتُصَدَّقُ فِي غَيْبَةِ وَلِيِّهَا، إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ تَصْدِيقَهَا إنَّمَا يَكُونُ بِالْيَمِينِ، عَلَى أَنَّهُ لَا يَخْفَى مَا فِي تَعْبِيرِهِ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا مِنْ الْإِيهَامِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى أَنَّهُ لَمْ يُزَوِّجْهَا إلَخْ) الْقِيَاسُ فِي هَذَا تَحْلِيفُهَا عَلَى نَفْيِ

الزَّوْجَةِ لِمَنْ وَكَّلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ لَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ لِأَنَّهُ لَا ضَابِطَ لَهُ هُنَا يَرْجِعُ إلَيْهِ وَثَمَّ يَتَقَيَّدُ بِالْكُفْءِ وَيَكْفِي تَزَوَّجْ لِي مَنْ شِئْت وَإِحْدَى هَؤُلَاءِ لِأَنَّ عُمُومَهُ الشَّامِلَ لِأَفْرَادِهِ مُطَابَقَةٌ يَنْفِي الْغَرَرَ بِخِلَافِ امْرَأَةٍ وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِ الْأَزْوَاجِ، وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ شَفَقَةٌ تَدْعُوهُ إلَى حُسْنِ اخْتِبَارِهِ، وَرُدَّ بِمَا مَرَّ (وَيُحْتَاطُ الْوَكِيلُ) حَتْمًا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (فَلَا يُزَوِّجُ) بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَثَمَّ مَنْ يَبْذُلُ أَكْثَرَ مِنْهُ: أَيْ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَإِنْ صَحَّ الْعَقْدُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يَتَأَثَّرُ بِفَسَادِ الْمُسَمَّى وَلَا كَذَلِكَ النِّكَاحُ، وَلَا يُزَوِّجُ أَيْضًا (غَيْرَ كُفْءٍ) فَلَوْ خَطَبَهَا أَكْفَاءٌ مُتَفَاوِتُونَ لَمْ يَجُزْ تَزْوِيجُهَا وَلَمْ يَصِحَّ بِغَيْرِ الْأَكْفَاءِ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ بِالْمَصْلَحَةِ وَهِيَ مُنْحَصِرَةٌ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْ الْوَلِيَّ ذَلِكَ لِأَنَّ نَظَرَهُ أَوْسَعُ مِنْ نَظَرِ الْوَكِيلِ فَفُوِّضَ الْأَمْرُ إلَى مَا يَرَاهُ أَصْلَحَ، وَلَوْ اسْتَوَيَا كَفَاءَةً وَأَحَدُهُمَا مُتَوَسِّطٌ وَالْآخَرُ مُوسِرٌ تَعَيَّنَ الثَّانِي فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَوْ قَالَتْ لِوَلِيِّهَا زَوِّجْنِي مَنْ شِئْت جَازَ لَهُ تَزْوِيجُهَا مِنْ غَيْرِ الْكُفْءِ كَمَا لَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ زَوِّجْهَا مَنْ شَاءَتْ فَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ بِرِضَاهَا (وَغَيْرُ الْمُجْبِرِ) كَالْأَبِ فِي الثَّيِّبِ (إنْ قَالَتْ لَهُ وَكِّلْ وَكَّلَ) وَلَهُ التَّزْوِيجُ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ قَالَتْ لَهُ وَكِّلْ وَلَا تُزَوِّجْنِي بِنَفْسِك فَسَدَ الْإِذْنُ لِأَنَّهُ صَارَ لِلْأَجْنَبِيِّ ابْتِدَاءً، نَعَمْ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى أَنَّهَا إنَّمَا قَصَدَتْ إجْلَالَهُ صَحَّ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ. وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ جَعَلْت إلَيْك أَنْ تُوَكِّلَ عَنْ نَفْسِك فِي بَيْعِ هَذِهِ السِّلْعَةِ وَلَا تَبِعْهَا بِنَفْسِك أَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ وَلَا الْإِذْنُ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّصَرُّفِ بِنَفْسِهِ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُوَكِّلَ عَنْهُ غَيْرَهُ (وَإِنْ نَهَتْهُ) عَنْ التَّوْكِيلِ (فَلَا) يُوَكِّلُ عَمَلًا بِإِذْنِهَا كَمَا يُرَاعِي إذْنَهَا فِي أَصْلِ التَّزْوِيجِ (وَإِنْ قَالَتْ) لَهُ (زَوِّجْنِي) وَأَطْلَقَتْ فَلَمْ تَأْمُرْهُ بِتَوْكِيلٍ وَلَا نَهَتْهُ عَنْهُ (فَلَهُ التَّوْكِيلُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ بِالْإِذْنِ صَارَ وَلِيًّا شَرْعًا: أَيْ مُتَصَرِّفًا بِالْوِلَايَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَمَلَكَ التَّوْكِيلَ عَنْهُ وَبِهِ فَارَقَ كَوْنُ الْوَكِيلِ لَا يُوَكِّلُ إلَّا لِحَاجَةٍ وَيَلْزَمُ الِاحْتِيَاطُ هُنَا نَظِيرُ مَا مَرَّ وَالثَّانِي لَا، لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ بِالْإِذْنِ فَلَا يُوَكِّلُ إلَّا بِإِذْنٍ كَالْوَكِيلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا ضَابِطَ لَهُ هُنَا) أَيْ فِيمَا لَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ لَهُ (قَوْلُهُ: يَنْفِي الْغَرَرَ) أَيْ لِأَنَّهُ أَذِنَ فِي نِكَاحِ كُلِّ امْرَأَةٍ أَرَادَهَا الْوَكِيلُ، بِخِلَافِ امْرَأَةٍ فَإِنَّ مُسَمَّاهُ وَاحِدَةٌ لَا بِعَيْنِهَا، فَلَا يُنَافِي إرَادَةَ الزَّوْجِ وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِحَيْثُ لَا يَتَعَدَّى لِغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّ وُفُورَ شَفَقَتِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ صَحَّ الْعَقْدُ) أَيْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ الَّذِي زُوِّجَ بِهِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَتَأَثَّرُ بِفَسَادِ الْمُسَمَّى) أَيْ فَأَثَّرَتْ الْمُخَالَفَةُ فِيهِ وَلَا كَذَلِكَ النِّكَاحُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْمُسَمَّى يَفْسُدُ هُنَا مَعَ صِحَّةِ النِّكَاحِ بَلْ الْوَاجِبُ عَلَى الزَّوْجِ مَا سَمَّاهُ فَقَطْ حَيْثُ كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَصِحَّ بِغَيْرِ الْأَكْفَاءِ) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ وَإِنْ كَانَ غَيْرُ الْأَكْفَاءِ أَصْلَحَ مِنْ حَيْثُ الْيَسَارِ وَحُسْنِ الْخُلُقِ وَنَحْوِهِمَا، وَلَوْ قِيلَ بِالصِّحَّةِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْ الْوَلِيَّ ذَلِكَ) أَيْ التَّزْوِيجُ مِنْ الْأَكْفَاءِ (قَوْلُهُ: وَالْآخَرُ مُوسِرٌ) قَالَ حَجّ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَمَحَلُّهُ إنْ سَلِمَ مَا لَمْ يَكُنْ الْأَوَّلُ أَصْلَحَ لِحُمْقِ الثَّانِي وَشِدَّةِ بُخْلِهِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ الثَّانِي) أَيْ فَإِنْ زُوِّجَ مِنْ الْأَوَّلِ لَمْ يَصِحَّ، وَقَدْ يُشْكَلُ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَثُمَّ لَمْ يَبْذُلْ أَكْثَرَ مِنْهُ صَحَّ مَعَ الْحُرْمَةِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الضَّرَرَ هُنَا يَفُوتُ الْأَيْسَرَ أَشَدَّ مِنْ فَوَاتِ الزِّيَادَةِ فِي الْمَهْرِ لِدَوَامِ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَتْ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ رَشِيدَةٍ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ) هِيَ قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَتْ لَهُ وَكِّلْ وَلَا تُزَوِّجْنِي بِنَفْسِك (قَوْلُهُ: جَعَلْت إلَيْك أَنْ تُوَكِّلَ عَنْ نَفْسِك) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَالَ جَعَلْت لَك أَنْ تُوَكِّلَ عَنِّي، أَوْ أَطْلَقَ وَنَهَاهُ عَنْ الْمُبَاشَرَةِ بِنَفْسِهِ فَلَا يَبْطُلُ تَوْكِيلُهُ (قَوْلُهُ: يُوَكِّلَ عَنْهُ غَيْرَهُ) أَيْ عَنْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: لَا يُوَكَّلُ إلَّا لِحَاجَةٍ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْمُوَكِّلُ فِي التَّوْكِيلِ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُ الِاحْتِيَاطُ) أَيْ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ (قَوْلُهُ: نَظِيرُ مَا مَرَّ) أَيْ فِي تَوْكِيلِ الْمُجْبِرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعِلْمِ فَقَطْ كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ فِي الْحَلِفِ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ الثَّانِي) أَيْ عَلَى الْوَكِيلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

وَرُدَّ بِمَا مَرَّ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الزَّوْجِ لِلْوَكِيلِ كَمَا مَرَّ، فَإِنْ عَيَّنَتْ فِي إذْنِهَا لِلْوَلِيِّ شَخْصًا وَجَبَ تَعْيِينُهُ لِلْوَكِيلِ فِي التَّوْكِيلِ، فَإِنْ أَطْلَقَ فَزَوَّجَ وَلَوْ مِنْهُ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ التَّفْوِيضَ الْمُطْلَقَ مَعَ أَنَّ الْمَطْلُوبَ مُعَيَّنٌ فَاسِدٌ، وَفَارَقَ التَّقْيِيدَ بِالْكُفْءِ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ بِأَنَّهُ سَاعَدَهُ اطِّرَادُ الْعُرْفِ الْعَامِّ وَهُوَ مَعْمُولٌ بِهِ فِي الْعُقُودِ، بِخِلَافِ التَّقْيِيدِ بِالْمُعَيَّنِ فَإِنَّهُ يَقْرُبُ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْعُرْفِ الْخَاصِّ، وَهُوَ لَا يُؤَثِّرُ كَبَيْعِ حِصْرِمٍ بِلَا شَرْطٍ قُطِعَ فِي بَلَدٍ عَادَتُهُمْ قَطْعُهُ حِصْرِمًا، وَبِقَوْلِهِمْ مَعَ أَنَّ الْمَطْلُوبَ مُعَيَّنٌ مَعَ الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ يَنْدَفِعُ مَا قِيلَ اعْتِرَاضًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنَّ عَدَمَ تَعْيِينِ الزَّوْجِ لَهُ لَا يُفْسِدُ الْإِذْنَ إذْ لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِالنِّكَاحِ الْمُمْتَنِعِ بَلْ إطْلَاقٌ فَكَمَا يَجُوزُ هُنَاكَ وَيَتَقَيَّدُ بِالْكُفْءِ فَكَذَلِكَ يَجُوزُ هُنَا وَيَتَقَيَّدُ بِالْمُعَيَّنِ، وَإِنَّمَا بَطَلَ تَوْكِيلُ وَلِيِّ الطِّفْلِ فِي بَيْعِ مَالِهِ بِمَا عَزَّ وَهَانَ لِأَنَّهُ إذْنٌ صَرِيحٌ فِي الْبَيْعِ الْمُمْتَنِعِ شَرْعًا، إذْ أَهْلُ الْعُرْفِ إنَّمَا يَسْتَعْمِلُونَهُ فِي الْإِذْنِ فِي الْغَبْنِ، فَلَيْسَ هَذَا نَظِيرَ مَا نَحْنُ فِيهِ وَإِنَّمَا نَظِيرُهُ أَنْ يُطْلَقَ لِلْوَكِيلِ فِي بَيْعِ مَالِ مُوَلِّيهِ، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ يَصِحُّ وَيَتَقَيَّدُ بِالْمُسَوِّغِ الشَّرْعِيِّ (وَلَوْ) (وَكَّلَ) غَيْرُ الْحَاكِمِ مِمَّنْ يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِهَا (قَبْلَ اسْتِئْذَانِهَا) يَعْنِي إذْنَهَا (فِي النِّكَاحِ) (لَمْ يَصِحَّ) النِّكَاحُ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّزْوِيجَ بِنَفْسِهِ حِينَئِذٍ فَكَيْفَ يُفَوِّضُهُ لِغَيْرِهِ. أَمَّا بَعْدَ إذْنِهَا وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ بِهِ حَالَ التَّوْكِيلِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ. أَمَّا الْحَاكِمُ فَلَهُ تَقْدِيمُ إنَابَةِ مَنْ يُزَوِّجُ مُوَلِّيَتَهُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ اسْتِنَابَتَهُ فِي شُغْلِ مُعَيَّنٍ اسْتِخْلَافٌ لَا تَوْكِيلٌ وَلَوْ ذَكَرَ لَهُ دَنَانِيرَ انْصَرَفَتْ لِلْغَالِبِ وَإِلَّا وَجَبَ التَّعْيِينُ إنْ اخْتَلَفَ قِيمَتُهَا كَالْبَيْعِ، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ يَصِحُّ لِأَنَّهُ يَلِي تَزْوِيجَهَا بِشَرْطِ الْإِذْنِ فَلَهُ تَفْوِيضُ مَالِهِ لِغَيْرِهِ، وَلَوْ قَالَتْ لِلْحَاكِمِ أَذِنْت لِأَخِي أَنْ يُزَوِّجَنِي فَإِنْ عَضَلَ فَزَوِّجْنِي لَمْ يَصِحَّ الْإِذْنُ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ، أَوْ وَكِيلُ الْمُجْبِرِ رَجُلًا ثُمَّ زَالَتْ الْبَكَارَةُ بِوَطْءٍ قَبْلَ التَّزْوِيجِ فَالْأَوْجَهُ بُطْلَانُ الْوَكَالَةِ، وَلَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ فِي النِّكَاحِ تَزَوَّجْ لِي فُلَانَةَ مِنْ فُلَانٍ وَكَانَ فُلَانٌ وَلِيَّهَا لِفِسْقِ أَبِيهَا ثُمَّ انْتَقَلَتْ الْوِلَايَةُ لِلْأَبِ، أَوْ قَالَ زَوِّجْنِيهَا مِنْ أَبِيهَا فَمَاتَ الْأَبُ وَانْتَقَلَتْ الْوِلَايَةُ لِلْأَخِ مَثَلًا لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ تَزْوِيجُهَا مِمَّنْ صَارَ وَلِيًّا كَمَا بَحَثَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَإِنْ أَطْلَقَ) أَيْ الْوَلِيُّ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ التَّقْيِيدَ) أَيْ التَّقْيِيدَ بِالْمُعَيَّنِ التَّقْيِيدُ مِنْهَا بِالْكُفْءِ كَأَنْ قَالَتْ زَوِّجْنِي مِنْ كُفْءٍ حَيْثُ يَصِحُّ التَّوْكِيلُ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلْكُفْءِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْكُفْءِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْعُرْفُ الْعَامُّ مَعْمُولٌ بِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِالْمُعَيَّنِ) أَيْ هُنَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْعُرْفُ الْخَاصُّ (قَوْلُهُ: كَبَيْعِ حِصْرِمٍ) كَزِبْرِجٍ (قَوْلُهُ: قَطْعُهُ) أَيْ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّ عَدَمَ إلَخْ) وَفِي نُسْخَةٍ الْعِبْرَةُ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَعَدَمُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا بَطَلَ تَوْكِيلُ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ يَرِدُ عَلَى صِحَّةِ التَّوْكِيلِ الْمُطْلَقِ وَقَدْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ زَوِّجْنِي مِنْ كُفْءٍ حَيْثُ صَحَّ التَّوْكِيلُ وَوَجَبَ التَّزْوِيجُ مِنْ الْكُفْءِ وَلَمْ يُحْمَلْ قَوْلُ وَلِيِّ الطِّفْلِ بِعْ بِمَا عَزَّ وَهَانَ عَلَى الْبَيْعِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ فَيَصِحُّ وَيَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ مُرَاعَاتُهُ (قَوْلُهُ: وَيَتَقَيَّدُ بِالْمُسَوَّغِ الشَّرْعِيِّ) أَيْ وَهُوَ ثَمَنُ الْمِثْلِ الْحَالِّ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ (قَوْلُهُ: يَعْنِي إذْنَهَا) إنَّمَا فُسِّرَ بِذَلِكَ لِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِالِاسْتِئْذَانِ يُفْهَمُ أَنَّهَا لَوْ أَذِنَتْ بِلَا سَبْقِ اسْتِئْذَانٍ لَمْ يَكْفِ وَأَنَّهُ لَوْ اسْتَأْذَنَهَا وَلَمْ تَأْذَنْ اكْتَفَى بِهِ وَكِلَاهُمَا غَيْرُ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ وَإِلَّا وَجَبَ التَّعْيِينُ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يُعَيَّنْ فَيُحْتَمَلُ الصِّحَّةُ وَيُزَوِّجُ الْوَكِيلُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَيُحْتَمَلُ الْفَسَادُ أَيْ فَسَادُ التَّوْكِيلِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي التَّزْوِيجِ بِغَيْرِ الدَّنَانِيرِ وَقَدْ تَعَذَّرَ الْحَمْلُ عَلَيْهَا لِاخْتِلَافِ قِيمَتِهَا، لَكِنْ مَا سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ عَقَدَ وَكِيلُ الْوَلِيِّ بِدُونِ مَا قَدَّرَهُ لَهُ مِنْ الصِّحَّةِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ يُرَجَّحُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) أَيْ لِلتَّعْلِيقِ، وَقَوْلُهُ الْإِذْنُ: أَيْ لِلْقَاضِي (قَوْلُهُ فَالْأَوْجَهُ بُطْلَانُ الْوَكَالَةِ) أَيْ لِعَدَمِ الْإِذْنِ (قَوْلُهُ: مِمَّنْ صَارَ وَلِيًّا) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا بَطَلَ تَوْكِيلُ وَلِيِّ الطِّفْلِ إلَخْ) هَذَا مِنْ جُمْلَةِ كَلَامِ الْمُعْتَرِضِ إلَى آخِرِ السَّوَادَةِ جَوَابًا عَمَّا قَدْ يَرِدُ عَلَى قَوْلِهِ بَلْ إطْلَاقٌ وَعَجِيبٌ قَوْلُ الشِّهَابِ سم فِيمَا كَتَبَهُ عَلَى حَجّ كَأَنَّهُ جَوَابُ إشْكَالٍ عَلَى الصِّحَّةِ فِيمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَفَارَقَ التَّقْيِيدُ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ بِالْكُفْءِ إلَخْ، مَعَ أَنَّ حَجّ خَتَمَ السَّوَادَةَ بِقَوْلِهِ. اهـ. النَّافِي لِهَذَا التَّوَهُّمِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ذَكَرَ لَهُ) يَعْنِي لِلْوَكِيلِ

الزَّرْكَشِيُّ أَيْضًا، وَيَصِحُّ إذْنُهَا لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا إذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا لَا تَوْكِيلَ الْوَلِيِّ لِمَنْ يُزَوِّجُ مُوَلِّيَتَهُ كَذَلِكَ، لِأَنَّ تَزْوِيجَ الْوَلِيِّ بِالْوِلَايَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَتَزْوِيجَ الْوَكِيلِ بِالْوِلَايَةِ الْجَعْلِيَّةِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْأُولَى أَقْوَى مِنْ الثَّانِيَةِ فَيُكْتَفَى فِيهَا بِمَا لَا يُكْتَفَى بِهِ فِي الْجَعْلِيَّةِ وَلِأَنَّ بَابَ الْإِذْنِ أَوْسَعُ مِنْ بَابِ الْوَكَالَةِ كَذَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمَا جَمَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ بَيْنَ مَا ذُكِرَ فِي الْبَابَيْنِ يَحْمِلُ عَدَمَ الصِّحَّةِ عَلَى الْوَكَالَةِ وَالصِّحَّةِ عَلَى التَّصَرُّفِ إذْ قَدْ تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ وَيَصِحُّ تَصَرُّفٌ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ خَطَأٌ صَرِيحٌ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ (وَلْيَقُلْ وَكِيلُ الْوَلِيِّ) لِلزَّوْجِ (زَوَّجْتُك بِنْتَ فُلَانٍ) ابْنِ فُلَانٍ وَيَرْفَعُ نَسَبَهُ إلَى أَنْ يَتَمَيَّزَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْجُرْجَانِيِّ ثُمَّ يَقُولُ مُوَكِّلِي، أَوْ وَكَالَةً عَنْهُ مَثَلًا إنْ جَهِلَ الزَّوْجُ، أَوْ الشَّاهِدَانِ، أَوْ أَحَدُهُمَا وَكَالَتَهُ عَنْهُ وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ لِذَلِكَ، وَكَذَا لَا بُدَّ مِنْ تَصْرِيحِ الْوَكِيلِ بِهَا فِيمَا يَأْتِي إنْ جَهِلَهَا الْوَلِيُّ، أَوْ الشَّاهِدَانِ، وَالْأَوْجَهُ الِاكْتِفَاءُ فِي الْعِلْمِ فِي كَوْنِهِ وَكِيلًا بِقَوْلِهِ وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِإِخْبَارِ الرَّقِيقِ بِأَنَّ سَيِّدَهُ أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ بِإِثْبَاتِ الْوِلَايَةِ لِنَفْسِهِ مَعَ أَنَّ هَذَا بِعَيْنِهِ جَارٍ فِي الْوَكِيلِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَمْ تَثْبُتْ وَكَالَتُهُ بِقَوْلِهِ بَلْ إنَّ الْعَقْدَ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ الثَّابِتَةِ بِغَيْرِ قَوْلِهِ بِخِلَافِ الرَّقِيقِ (وَلْيَقُلْ الْوَلِيُّ لِوَكِيلِ الزَّوْجِ: زَوَّجْت بِنْتِي فُلَانًا) ابْنَ فُلَانٍ كَذَلِكَ (فَيَقُولُ وَكِيلُهُ قَبِلْت نِكَاحَهَا لَهُ) وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ فِي الْبَيْعِ لِخِطَابِ الْوَكِيلِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ وُقُوعُهُ لَهُ وَلَا كَذَلِكَ النِّكَاحُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ هُنَا لَهُ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ الشُّهُودَ لَا اطِّلَاعَ لَهُمْ عَلَى النِّيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ لِعَدَمِ الْإِذْنِ لَهُ فِي التَّزَوُّجِ مِنْهُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَذِنَ الْإِنْسَانُ فِي تَزَوُّجِ امْرَأَةٍ مُعَيَّنَةٍ لَهُ فَقَبِلَ نِكَاحَهَا لَهُ غَيْرُهُ فَلَا يَصِحُّ لِعَدَمِ الْإِذْنِ لِلْغَيْرِ وَإِنْ عُلِمَتْ رَغْبَةُ الزَّوْجِ فِي تِلْكَ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَزْوِيجَ الْوَلِيِّ بِالْوِلَايَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَتَزْوِيجَ الْوَكِيلِ بِالْوِلَايَةِ الْجَعْلِيَّةِ) قَدْ يُشْكَلُ عَلَى هَذَا الْفَرْقِ مَا مَرَّ مِنْ الْبُطْلَانِ فِيمَا لَوْ قَالَتْ لِلْقَاضِي أَذِنْت لِأَخِي أَنْ يُزَوِّجَنِي إلَخْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: ثُبُوتُ الْوِلَايَةِ لِلْخَاصِّ أَقْوَى مِنْهَا لِغَيْرِهِ، فَأَثَّرَ تَعْلِيقُ الْإِذْنِ لِلْقَاضِي ثَمَّ وَلَمْ يُؤَثِّرْ هُنَا، أَوْ يُقَالُ: الْوِلَايَةُ لِلْأَبِ ثَابِتَةٌ هُنَا حَالَ الْإِذْنِ وَوِلَايَةُ الْقَاضِي لَمْ تَثْبُتْ إلَّا عِنْدَ عَضْلِ الْأَخِ، وَمِنْ ثَمَّ جَرَى الْخِلَافُ فِي أَنَّ تَزْوِيجَ الْحَاكِمِ حِينَئِذٍ بِالْوِلَايَةِ، أَوْ الْوَكَالَةِ، وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ: مَا ذُكِرَ فِي الْبَابَيْنِ) أَيْ بَابِ الْوَكَالَةِ وَبَابِ الْإِذْنِ (قَوْلُهُ: وَلْيَقُلْ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ وَكَذَا لَا بُدَّ مِنْ تَصْرِيحِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ التَّصْرِيحَ بِالْوَكَالَةِ فِيمَا ذُكِرَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ، وَاسْتَوْجَهَ حَجّ أَنَّهُ شَرْطٌ لِحِلِّ التَّصَرُّفِ لَا غَيْرَ، وَقَوْلُهُ بِهَا: أَيْ الْوَكَالَةِ (قَوْلُهُ: فِي كَوْنِهِ وَكِيلًا بِقَوْلِهِ) أَيْ ثَمَّ إنْ صَدَقَ الْمُوَكِّلُ بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَى ذَلِكَ فَظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي عَدَمِ التَّوْكِيلِ فَيَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ النِّكَاحِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْكَارُ الْمُوَكِّلِ فِي نِكَاحِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُمْكِنُ وُقُوعُهُ لَهُ) لَا يُقَالُ كَمَا يُمْكِنُ وُقُوعُ عَقْدِ الْبَيْعِ لِلْوَكِيلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بَيْنَ مَا ذُكِرَ فِي الْبَابَيْنِ) يَعْنِي بَابَيْ النِّكَاحِ وَالْوَكَالَةِ، فَإِنَّهُ فِي الرَّوْضَةِ ذَكَرَ مَسْأَلَةَ مَا إذَا وَكَّلَ الْوَلِيَّ مَنْ يُزَوِّجُ مُوَلِّيَتَهُ وَجَزَمَ فِيهَا بِالْبُطْلَانِ، وَنَقَلَ فِي بَابِ النِّكَاحِ فِيهَا الصِّحَّةَ عَنْ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّهُ فَحُكِمَ عَلَيْهِ بِالتَّنَاقُضِ، فَأَفْتَى وَالِدُ الشَّارِحِ بِاعْتِمَادِ مَا فِي بَابِ الْوَكَالَةِ وَتَضْعِيفِ مَا فِي هَذَا الْبَابِ، وَرَدِّ مَا جَمَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ مِمَّا ذُكِرَ، وَلَكِنَّ الشَّارِحَ لَمْ يُمَهِّدْ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ الْمُرَادُ بِالْبَابَيْنِ (قَوْلُهُ خَطَأٌ صَرِيحٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ بِالْوَكَالَةِ الْفَاسِدَةِ (قَوْلُهُ: وَيُرْفَعُ نَسَبُهُ) لَعَلَّهُ إذَا جَهِلَهُ الزَّوْجُ أَوْ الشَّاهِدَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَخْذًا مِنْ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ هَذَا بِعَيْنِهِ) هَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْمُنَافَاةِ الْمَنْفِيَّةِ، وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ إلَخْ هُوَ وَجْهُ عَدَمِ الْمُنَافَاةِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَمْ يُثْبِتْ وَكَالَتَهُ بِقَوْلِهِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ إلَّا الْعَقْدُ الْمَذْكُورُ وَمَضْمُونُهُ مَا ذُكِرَ وَلَمْ يَقَعْ مِنْهُ إنْ قَالَ قَبْلَ ذَلِكَ أَنَا وَكِيلُ فُلَانٍ كَمَا قَالَ الرَّقِيقُ قَدْ أَذِنَ لِي سَيِّدِي (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ وُقُوعُهُ لَهُ) أَيْ مَعَ تَسْمِيَةِ الْمُوَكِّلِ فِي الْإِيجَابِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ كَمَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ، وَهَذَا هُوَ مَحَلُّ الْفَرْقِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) أَيْ وَإِنْ نَوَاهُ بِدَلِيلِ الْعِلَّةِ وَصَرَّحَ بِهَذِهِ الْغَايَةِ فِي التُّحْفَةِ

وَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَقْبَلَ، أَوْ لَا كَمَا ذُكِرَ مَعَ التَّصْرِيحِ بِوَكَالَتِهِ إنْ جُهِلَتْ ثُمَّ يُجِيبُهُ الْوَلِيُّ وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ هَذَا لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا قَدَّمَهُ فِي الصِّيغَةِ وَلَوْ كَانَا وَكِيلَيْنِ قَالَ وَكِيلُ الْوَلِيِّ زَوَّجْت بِنْتَ فُلَانٍ مِنْ فُلَانٍ وَقَالَ وَكِيلُ الزَّوْجِ مَا ذُكِرَ، وَإِنْكَارُ الْمُوَكِّلِ فِي نِكَاحِهِ لِلْوَكَالَةِ يُبْطِلُ النِّكَاحَ بِالْكُلِّيَّةِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِوُقُوعِهِ لِلْوَكِيلِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ أَرَادَ الْأَبُ قَبُولَ نِكَاحٍ لِابْنِهِ مَحْجُورِهِ فَلْيَقُلْ لَهُ الْوَلِيُّ زَوَّجْت فُلَانَةَ بِابْنِك فَيَقُولُ الْأَبُ قَبِلْت نِكَاحَهَا لِابْنِي، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي التَّوْكِيلِ بِإِيجَابِ النِّكَاحِ، أَوْ قَبُولِهِ ذِكْرُ الْمَهْرِ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ الزَّوْجُ عَقَدَ لَهُ وَكِيلُهُ عَلَى مَنْ تُكَافِئُهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَأَقَلَّ، فَإِنْ عَقَدَ بِأَزْيَدَ صَحَّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ كَنَظِيرِهِ فِي الْخُلْعِ خِلَافًا لِمَا فِي الْأَنْوَارِ، وَإِنْ عَقَدَ وَكِيلُ الْوَلِيِّ بِدُونِ مَا قَدَّرَهُ لَهُ صَحَّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ خِلَافًا لِابْنِ الْمُقْرِي، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِ وَالْأَنْوَارِ فِي نَفْيِ الصِّحَّةِ عَلَى الْمَهْرِ لَا النِّكَاحِ وَإِنْ عَقَدَ وَكِيلُ الزَّوْجِ بِأَكْثَرَ مِمَّا أَذِنَ لَهُ فِيهِ صَحَّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ خِلَافًا لِمَا فِي الْأَنْوَارِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ، وَلَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ زَوِّجْنِي فُلَانَةَ بِعَبْدِك هَذَا مَثَلًا فَفَعَلَ صَحَّ وَمَلَكَتْهُ الْمَرْأَةُ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ، وَكَانَ قَرْضًا لَا هِبَةً فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا اقْتَضَاهُ مَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ فِي اشْتَرِ لِي عَبْدَ فُلَانٍ بِثَوْبِك هَذَا. (وَيَلْزَمُ الْمُجْبِرَ) أَيْ الْأَبَ وَالْجَدَّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا الْإِجْبَارُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ الْآتِيَةِ، فَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ شَأْنُهُ الْإِجْبَارُ وَمِثْلُهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ عَدَمِهِ: أَيْ أَصْلًا، أَوْ بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ الرُّجُوعُ إلَيْهِ، وَالْمُجْبِرُ بِالنَّصْبِ مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ (تَزْوِيجُ) بِالرَّفْعِ فَاعِلٌ مُؤَخَّرٌ (مَجْنُونَةٍ) أَطْبَقَ جُنُونُهَا (بَالِغَةٍ) مُحْتَاجَةٍ لِلْوَطْءِ نَظِيرُ مَا يَأْتِي، أَوْ لِلْمَهْرِ أَوْ لِلنَّفَقَةِ وَلَوْ ثَيِّبًا، وَحَذْفُ الْحَاجَةِ اكْتِفَاءٌ بِالْبُلُوغِ لِأَنَّهُ مَظِنَّتُهَا غَالِبًا (وَمَجْنُونٍ) أَطْبَقَ جُنُونُهُ بَالِغٍ (ظَهَرَتْ حَاجَتُهُ) بِظُهُورِ أَمَارَاتِ تَوَقَانِهِ بِدَوَرَانِهِ حَوْلَ النِّسَاءِ أَوْ بِتَوَقُّعِ الشِّفَاءِ بِقَوْلِ عَدْلٍ طَبِيبٍ أَوْ بِاحْتِيَاجِهِ لِمَنْ يَخْدُمُهُ وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَقُومُ بِذَلِكَ مِنْ نَحْوِ مَحْرَمٍ وَمُؤَنُ النِّكَاحِ أَخَفُّ مِنْ ثَمَنِ سَرِيَّةٍ وَمُؤْنَتِهَا، وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّ الزَّوْجَةَ لَا يَلْزَمُهَا خِدْمَتُهُ وَإِنْ وَعَدَتْ فَقَدْ لَا تَفِي اكْتِفَاءً بِدَاعِيَةِ طَبْعِهَا وَمُسَامَحَتِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSيُمْكِنُ وُقُوعُ النِّكَاحِ لِلْوَكِيلِ بِأَنْ يُعْرِضَ الْوَلِيُّ عَنْ الْمُوَكِّلِ وَيُزَوِّجَ الْوَكِيلُ فَيَقْبَلُ لِنَفْسِهِ لِأَنَّا نَقُولُ: الْمُرَادُ أَنَّ عَقْدَ الْبَيْعِ إذَا أَوْقَعَهُ الْبَائِعُ لِلْمُوَكِّلِ وَاشْتَرَى لَهُ الْوَكِيلُ يُمْكِنُ إلْغَاءُ تَسْمِيَةِ الْمُوَكِّلِ وَيَقَعُ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى مَعِيبًا بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ وَسَمَّى الْمُوَكِّلُ فَإِنَّ الْعَقْدَ يَقَعُ لِلْوَكِيلِ وَتَلْغُو التَّسْمِيَةُ، وَلَا كَذَلِكَ النِّكَاحُ فَإِنَّهُ حَيْثُ عُلِّقَ الْعَقْدُ بِالْمُوَكِّلِ لَا يُمْكِنُ وُقُوعُهُ لِلْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: لِابْنِي) أَيْ، أَوْ لَهُ، وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَالَ زَوَّجْت ابْنِي بِنْتَك فَلَا يَصِحُّ كَمَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَيْسَ مَعْقُودًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ عَلَى مَنْ تُكَافِئُهُ) صَرِيحُ هَذَا أَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ فِي التَّوْكِيلِ امْرَأَةً وَإِلَّا لَمْ تُشْتَرَطْ الْمُكَافَأَةُ، بَلْ يُقْبَلُ نِكَاحُ الْمُعَيَّنَةِ وَإِنْ لَمْ تُكَافِئْ الزَّوْجَ، لَكِنَّهُ يُشْكَلُ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ أَذِنَ فِي نِكَاحِ امْرَأَةٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ لَمْ يَصِحَّ التَّوْكِيلُ، فَإِنْ أُجِيبَ عَمَّا هُنَا بِفَرْضِ الْكَلَامِ فِيمَا لَوْ قَالَ لَهُ تَزَوَّجْ لِي مَنْ شِئْت. قُلْنَا: يُشْكَلُ اشْتِرَاطُ كَوْنِ الْمَرْأَةِ مُكَافِئَةً لِأَنَّ صَرِيحَ مَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَرْأَةِ كَوْنُهَا مُكَافِئَةً لِلتَّعْمِيمِ بِقَوْلِهِ مَنْ شِئْت، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ هُنَا عَلَى مَنْ تُكَافِئُهُ عَلَى مَنْ تَصْلُحُ لَهُ (قَوْلُهُ: بِدُونِ مَا قَدَّرَهُ لَهُ صَحَّ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ مَا سَمَّاهُ الْوَكِيلُ فَوْقَ مَهْرِ مِثْلِهَا، وَقَوْلُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ مَا سَمَّاهُ الْوَكِيلُ دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: وَكَانَ قَرْضًا) قَضِيَّةُ قَوْلِهِ قَرْضًا أَنْ يَلْزَمَهُ رَدُّ مِثْلِهِ الصُّورِيِّ، لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي الْقَرْضِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي كَذَا بِثَوْبِك هَذَا فَفَعَلَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَةُ الثَّوْبِ وَقِيَاسُهُ هُنَا لُزُومُ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِيهَا صُدِّقَ الْغَارِمُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْبُلُوغَ (قَوْلُهُ: وَمَجْنُونٍ) أَيْ مِنْ مَالِ الْمَجْنُونِ لَا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ بِقَوْلِ عَدْلٍ) أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ وَلَا كَوْنُ الْإِخْبَارِ بِذَلِكَ لِلْقَاضِي، بَلْ يَكْفِي فِي الْوُجُوبِ عَلَى الْأَبِ مُجَرَّدُ إخْبَارِ الْعَدْلِ بِالِاحْتِيَاجِ (قَوْلُهُ لِمَنْ يَخْدُمُهُ) بِضَمِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِقَوْلِ عَدْلٍ) الْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ لِمَا سَيَأْتِي فِي تَزْوِيجِ الْمَحْجُورِ مِنْ اشْتِرَاطِ عَدْلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَمُؤَنُ النِّكَاحِ أَخَفُّ إلَخْ) لَعَلَّ الْحَالَ هُنَا مُقَيَّدَةٌ لِيَخْرُجَ مَا إذَا كَانَ ثَمَنُ السَّرِيَّةِ وَمُؤَنُهَا أَخَفَّ، ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَةَ الرَّوْضَةِ نَصًّا فِيمَا

لَهُ غَالِبًا بَلْ أَكْثَرُهُنَّ بَعْدَ تَرْكِهِ رُعُونَةً وَحُمْقًا وَذَلِكَ لِلْحَاجَةِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَالْحِكْمَةُ فِي الْمُخَالَفَةِ بَيْنَهُمَا أَنْ تَزْوِيجَهَا يُفِيدُهَا الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ وَتَزْوِيجُهُ يُغَرِّمُهُ إيَّاهُمَا بِنَاءً عَلَى حَسَبِ مَا فَهِمَهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ وُجُودُ الْحَاجَةِ كَافٍ فِيهِمَا إذْ الْمَنَاطُ فِي كُلِّ الْحَاجَةِ لَا غَيْرَ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا فَإِنَّهُمَا قَيَّدَا فِيهِمَا بِالْحَاجَةِ بِظُهُورِ أَمَارَاتِ التَّوَقَانِ، لَكِنْ يَلْزَمُ مِنْ ظُهُورِهِ فِيهِ ظُهُورُهَا بِخِلَافِهِ فِيهَا لِلْحَيَاءِ الَّذِي جُبِلْنَ عَلَيْهِ، فَمِنْ ثُمَّ ذَكَرَ الظُّهُورَ فِيهِ دُونَهَا، وَقَدْ عَبَّرَ الشَّيْخُ فِي مَنْهَجِهِ بِمَا يُفِيدُ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا، وَاعْتَذَرَ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الْبُلُوغَ مَظِنَّةُ الْحَاجَةِ إلَى النِّكَاحِ، وَلِهَذَا لَمْ يُقَيِّدْ الْمَجْنُونَ بِالْبُلُوغِ لِدَلَالَةِ الْحَاجَةِ عَلَيْهِ، وَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ مِنْ الِاحْتِبَاكِ الَّذِي هُوَ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَدِيعِ، وَهُوَ أَنْ يَحْذِفَ مِنْ الْأَوَّلِ مَا أَثْبَتَ آخِرًا وَعَكْسُهُ، فَحَذَفَ ظُهُورَ الْحَاجَةِ فِي الْمَجْنُونَةِ وَأَثْبَتَ الْبُلُوغَ فِيهَا، وَحَذَفَ فِي الْمَجْنُونِ الْبُلُوغَ وَذَكَرَ فِيهِ الْحَاجَةَ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [آل عمران: 13] أَيْ مُؤْمِنَةٌ {وَأُخْرَى كَافِرَةٌ} [آل عمران: 13] أَيْ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ الشَّيْطَانِ، وَلَا يُخَالِفُ مَا تَقَرَّرَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي، وَيُزَوِّجُ الْمَجْنُونَةَ أَبٌ وَجَدٌّ إنْ ظَهَرَتْ مَصْلَحَةٌ، وَلَا تُشْتَرَطُ الْحَاجَةُ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي جَوَازِ التَّزْوِيجِ لَهُ وَهَذَا فِي لُزُومِهِ، أَمَّا إذَا تَقَطَّعَ جُنُونُهُمَا لَمْ يُزَوَّجَا حَتَّى يُفِيقَا وَيَأْذَنَا وَتَسْتَمِرُّ إفَاقَتُهُمَا إلَى تَمَامِ الْعَقْدِ، وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْبِكْرِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُجْبِرِ (لَا صَغِيرَةُ وَصَغِيرٌ) فَلَا يَلْزَمُ تَزْوِيجُهُمَا وَلَوْ مَجْنُونَيْنِ كَمَا يَأْتِي، وَإِنْ ظَهَرَتْ الْغِبْطَةُ فِي ذَلِكَ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ حَالًا مَعَ مَا فِي النِّكَاحِ مِنْ الْأَخْطَارِ، أَوْ الْمُؤَنِ، وَبِهِ فَارَقَ وُجُوبَ بَيْعِ مَالِهِ عِنْدَ الْغِبْطَةِ (وَيَلْزَمُ الْمُجْبِرَ) بِالنَّصْبِ وَهُوَ الْأَبُ وَالْجَدُّ (وَغَيْرَهُ إنْ تَعَيَّنَ) كَأَخٍ وَاحِدٍ، أَوْ عَمٍّ (إجَابَةُ) بَالِغَةٍ (مُلْتَمِسَةٍ التَّزْوِيجَ) دَعَتْ إلَى كُفْءٍ تَحْصِينًا لَهَا وَحُصُولُ الْغَرَضِ بِتَزْوِيجِ السُّلْطَانِ لَا نَظَرَ إلَيْهِ لِأَنَّ فِيهِ مَشَقَّةً وَهَتْكًا، عَلَى أَنَّ تَعَدُّدَ الْأَوْلِيَاءِ لَا يَمْنَعُ التَّعْيِينَ عَلَى مَنْ شَاءَتْ مِنْهُمْ كَمَا قَالَ (فَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSالدَّالِ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ كَافٍ فِيهِمَا) أَيْ الْمَجْنُونِ وَالْمَجْنُونَةِ (قَوْلُهُ لِلْحَيَاءِ الَّذِي جُبِلْنَ عَلَيْهِ) أَيْ فِي الْأَصْلِ فَرُبَّمَا اسْتَدَامَتْ الْحَالَةُ الَّتِي أَلِفَتْهَا قَبْلَ الْجُنُونِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ فَلَا يُقَالُ هِيَ بَعْدَ الْجُنُونِ لَا تَمْيِيزَ لَهَا حَتَّى تَجْتَنِبَ مَا يُسْتَحَى مِنْ فِعْلِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُزَوَّجَا حَتَّى يُفِيقَا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُمَا لَا يُزَوَّجَانِ مَا دَامَا مَجْنُونَيْنِ وَإِنْ أَضَرَّهُمَا التَّعَزُّبُ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، بَلْ الْمَدَارُ عَلَى التَّضَرُّرِ وَعَدَمِهِ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ هُنَا الْعَقْدُ كَذَا أَطْلَقُوهُ وَهُوَ بَعِيدٌ إنْ عُهِدَتْ نُدْرَتُهَا وَتَحَقَّقَتْ الْحَاجَةُ لِلنِّكَاحِ فَلَا يَنْبَغِي انْتِظَارُهَا حِينَئِذٍ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ فِي أَقْرَبِ نُدْرَةِ إفَاقَتِهِ، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ غَلَبَتْ الْإِفَاقَةُ وَتَضَرَّرَا فِي مُدَّةِ الْجُنُونِ لَا يَجُوزُ تَزْوِيجُهُمَا (قَوْلُهُ: أَنَّ هَذَا) أَيْ قَوْلُهُ حَتَّى يُفِيقَا وَيَأْذَنَا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُ تَزْوِيجُهُمَا) أَيْ بَلْ لَا يَجُوزُ فِي الْمَجْنُونِ الصَّغِيرِ وَيَجُوزُ فِي الْمَجْنُونَةِ إذَا ظَهَرَتْ مَصْلَحَةٌ وَكَانَ الْمُزَوِّجُ الْأَبَ، أَوْ الْجَدَّ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَبِهِ) أَيْ بِمَا فِي النِّكَاحِ مِنْ الْأَخْطَارِ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ شَاءَتْ) أَيْ إرَادَتُهُ فَسَأَلَتْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَرَجَّيْتُهُ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَالْحِكْمَةُ إلَخْ) صَدْرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ فَفِي الْمُحَرَّرِ وَالْمِنْهَاجِ اكْتَفَى فِي الْمَجْنُونَةِ بِالْبُلُوغِ عَنْ الْحَاجَةِ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّتُهَا، وَاقْتَصَرَ فِي الْمَجْنُونِ عَلَى الْحَاجَةِ الظَّاهِرَةِ لِاسْتِلْزَامِهَا لِلْبُلُوغِ، بِخِلَافِ الْخَفِيَّةِ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا الْأَطِبَّاءُ فَكَأَنَّهُ قِيلَ بَالِغَةٌ مُحْتَاجَةٌ وَبَالِغٌ ظَاهِرُ الْحَاجَةِ وَالْحِكْمَةُ فِي الْمُخَالَفَةِ إلَخْ: أَيْ فَجَعْلُهُ الظُّهُورَ قَيْدًا لِهَذِهِ الْحِكْمَةِ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ (قَوْلُهُ: مِنْ ظُهُورِهِ) أَيْ ظُهُورِ التَّوَقَانِ قَالَ الشِّهَابُ سم: وَكَأَنَّ الْمُرَادَ بِظُهُورِهِ فِيهِ وُجُودُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ: مَا أَثْبَتَ آخِرًا) أَيْ أَوْ أَثْبَتَ مُقَابِلَهُ بِدَلِيلِ الْآيَةِ (قَوْلُهُ: فَحَذْفُ ظُهُورِ الْحَاجَةِ إلَخْ) أَيْ وَالْحِكْمَةُ فِي حَذْفِ مَا حَذَفَ وَذِكْرِ مَا ذَكَرَ فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ دُونَ الْآخَرِ مَا تَقَرَّرَ أَوَّلًا، وَإِنَّمَا قَالَ فَحَذْفُ ظُهُورُ الْحَاجَةِ وَلَمْ يَقُلْ فَحَذْفُ الْحَاجَةِ إذْ الظُّهُورُ لَيْسَ بِقَيْدٍ كَمَا مَرَّ مُجَارَاةً لِلْمَتْنِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْحَاجَةِ حَالًا) هَذَا ظَاهِرٌ فِي حَاجَةِ الْوَطْءِ، لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّ مِنْ الْحَاجَةِ فِي الْمَجْنُونَةِ الِاحْتِيَاجَ لِلْمَهْرِ أَوْ النَّفَقَةِ وَفِي الْمَجْنُونِ تَوَقَّعَ الشِّفَاءَ وَالِاحْتِيَاجَ لِلْخِدْمَةِ عَلَى مَا مَرَّ فَهَلَّا لَزِمَ تَزْوِيجُ الصَّغِيرَةِ وَالصَّغِيرِ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَا يَمْنَعُ التَّعْيِينَ) وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إنَّمَا أَفْرَدَ لِلْخِلَافِ فِيهِ

لَمْ يَتَعَيَّنْ كَإِخْوَةٍ) أَشِقَّاءٍ، أَوْ لِأَبٍ (فَسَأَلَتْ بَعْضَهُمْ) أَنْ يُزَوِّجَهَا (لَزِمَهُ الْإِجَابَةُ فِي الْأَصَحِّ) لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى التَّوَاكُلِ كَشَاهِدَيْنِ مَعَهُمَا غَيْرُهُمَا طُلِبَ مِنْهُمَا الْأَدَاءُ، فَإِنْ امْتَنَعَ الْكُلُّ زَوَّجَ السُّلْطَانُ بِالْعَضْلِ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِإِمْكَانِهِ بِغَيْرِهِ. (وَإِذَا) (اجْتَمَعَ أَوْلِيَاءُ) مِنْ النَّسَبِ (فِي دَرَجَةٍ) وَرُتْبَةٍ كَإِخْوَةٍ أَشِقَّاءٍ، أَوْ لِأَبٍ أَوْ أَعْمَامٍ كَذَلِكَ وَأَذِنَتْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ بِانْفِرَادِهِ، أَوْ قَالَتْ أَذِنْت فِي فُلَانٍ فَمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ فَلْيُزَوِّجْنِي مِنْهُ (اُسْتُحِبَّ أَنْ يُزَوِّجَهَا أَفْقَهُهُمْ) بِبَابِ النِّكَاحِ ثُمَّ أَوْرَعُهُمْ (وَ) بَعْدَ ذَلِكَ (أَسَنُّهُمْ بِرِضَاهُمْ) أَيْ بَاقِيهِمْ لِأَنَّ الْأَفْقَهَ أَعْلَمُ بِشُرُوطِ الْعَقْدِ وَالْأَوْرَعَ أَبْعَدُ عَنْ التُّهْمَةِ وَالْأَسَنَّ أَخْبَرُ بِالْأَكْفَاءِ، وَاحْتِيجَ لِرِضَاهُمْ لِأَنَّهُ أَجْمَعُ لِلْمَصْلَحَةِ، وَلَوْ زَوَّجَ الْمَفْضُولُ صَحَّ، أَمَّا لَوْ أَذِنَتْ لِأَحَدِهِمْ فَلَا يُزَوِّجُ غَيْرُهُ إلَّا وَكَالَةً عَنْهُ، وَأَمَّا لَوْ قَالَتْ زَوِّجُونِي فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ اجْتِمَاعُهُمْ، وَخَرَجَ بِأَوْلِيَاءِ النَّسَبِ الْمُعْتِقُونَ فَيُشْتَرَطُ اجْتِمَاعُهُمْ، أَوْ تَوْكِيلُهُمْ، نَعَمْ عَصَبَةُ الْمُعْتِقِ كَأَوْلِيَاءِ النَّسَبِ فَيَكْفِي أَحَدُهُمْ، فَإِنْ تَعَدَّدَ الْمُعْتِقُ اُشْتُرِطَ وَاحِدٌ مِنْ عَصَبَةِ كُلٍّ (فَإِنْ تَشَاحُّوا) فَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمْ أَنَا الَّذِي أُزَوِّجُ وَاتَّحَدَ الْخَاطِبُ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمْ وُجُوبًا قَطْعًا لِلنِّزَاعِ فَمَنْ قُرِعَ مِنْهُمْ زَوَّجَ وَلَا تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ لِلْحَاكِمِ، وَأَمَّا خَبَرُ «فَإِنْ تَشَاحُّوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» فَمَحْمُولٌ عَلَى الْعَضْلِ، فَإِنْ تَعَدَّدَ فَمَنْ تَرْضَاهُ، فَإِنْ رَضِيَتْ الْكُلَّ أَمَرَ الْحَاكِمُ بِتَزْوِيجِهَا مِنْ أَصْلَحِهِمْ، وَلَوْ أَذِنَتْ لِجَمَاعَةٍ مِنْ الْقُضَاةِ عَلَى أَنْ يَسْتَقِلْ كُلٌّ مِنْهُمْ فَتَنَازَعُوا فِيمَنْ يُزَوِّجُ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَدَمُ الْإِقْرَاعِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ مَأْذُونٌ عَلَى انْفِرَادِهِ وَلَا حَظَّ لَهُ فِيهِ فَلْيُبَادِرْ إلَى التَّصَرُّفِ إنْ شَاءَ بِخِلَافِ الْوَلِيِّ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ دَاوُد اسْتِحْبَابُ إقْرَاعِ السُّلْطَانِ، فَإِنْ أُقْرِعَ غَيْرُهُ جَازَ، وَإِنْ ذَهَبَ ابْنُ كَجٍّ إلَى تَعَيُّنِ إقْرَاعِ السُّلْطَانِ بَيْنَ الْأَوْلِيَاءِ (وَلَوْ زَوَّجَ) بَعْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَإِنْ امْتَنَعَ الْكُلُّ) أَيْ دُونَ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ، فَإِنْ عَضَلُوا ثَلَاثًا زَوَّجَ الْأَبْعَدُ عَلَى مَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ زَوَّجَ) الْأَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ بِالْفَاءِ لِأَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ أَذِنَتْ لِأَحَدِهِمْ) أَيْ مُعَيَّنًا (قَوْلُهُ: فَلَا يُزَوِّجُ) أَيْ لَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ اجْتِمَاعُهُمْ) أَيْ وَيَحْصُلُ ذَلِكَ بِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَيَكُونُ تَزْوِيجُهُ بِالْوِلَايَةِ عَنْ نَفْسِهِ وَبِالْوَكَالَةِ عَنْ بَاقِيهِمْ أَوْ بِاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى الْإِيجَابِ وَكَتَبَ سم عَلَى حَجّ. قَالَ الْأُسْتَاذُ الْكَبِيرُ: فَإِنْ تَشَاحُّوا فَطَالِبُ الِانْفِرَادِ عَاضِلٌ اهـ. فَانْظُرْ هَلْ يُزَوِّجُ الْحَاكِمُ حِينَئِذٍ لِأَنَّهَا إنَّمَا أَذِنَتْ لِلْمَجْمُوعِ وَقَدْ عَضَلَ الْمَجْمُوعُ بِعَضْلِ بَعْضِهِ وَتَزْوِيجِ الْبَقِيَّةِ مُشْكِلٌ لِأَنَّهَا لَمْ تَأْذَنْ لِلْبَقِيَّةِ وَحْدَهَا اهـ. أَقُولُ: الْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُ الْحَاكِمُ بَلْ تُرَاجَعُ لِتُقْصِرَ الْإِذْنَ عَلَى غَيْرِ الْمُمْتَنِعِ فَيُزَوِّجَهَا دُونَ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: فَمَنْ أُقْرِعَ) أَيْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَشَاحُّوا) لَفْظُ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد " فَإِنْ تَشَاجَرُوا " وَلَفْظُ جَامِعِ الْأُصُولِ وَتَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الرَّافِعِيِّ وَالْأَعْلَامِ " اشْتَجَرُوا " وَكِلَاهُمَا مِنْ التَّشَاجُرِ بِالْجِيمِ وَالرَّاءِ. قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ: أَيْ تَنَازَعُوا وَاخْتَلَفُوا. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: 65] وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّيْخِ كَبَعْضِ نُسَخِ الْمَنْهَجِ، وَلَفْظُ تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الرَّافِعِيِّ حَدِيثُ عَائِذٍ «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، فَإِنْ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَدَّدَ) أَيْ الْخَاطِبُ، وَقَوْلُهُ فَإِنْ رَضِيَتْ لِكُلٍّ: أَيْ بِأَنْ أَذِنَتْ فِي التَّزْوِيجِ بِأَيِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: أَمَرَ الْحَاكِمُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَقَلَّ وَاحِدٌ بِتَزْوِيجِهَا مِنْ أَحَدِ الْخَاطِبِينَ مِنْ غَيْرِ أَمْرِ الْحَاكِمِ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْأَصْلَحُ (قَوْلُهُ: فَلْيُبَادِرْ إلَى التَّصَرُّفِ) أَيْ أَحَدُهُمْ أَيْ لَهُ ذَلِكَ كَمَا لَهُ أَنْ يُشَاوِرَ بَقِيَّتَهُمْ تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْوَلِيِّ) أَيْ فَإِنْ أَمْسَكُوا رُوجِعَ مُوَلِّيهِمْ حَجّ (قَوْلُهُ: اسْتِحْبَابُ إقْرَاعِ السُّلْطَانِ) أَيْ بَيْنَ الْأَوْلِيَاءِ لِأَنَّ الْقُرْعَةَ مِنْهُ أَقْطَعُ لِلنِّزَاعِ مِنْهَا إنْ وُجِدَتْ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أُقْرِعَ غَيْرُهُ جَازَ) أَيْ حَيْثُ كَانَ بِرِضَاهُمْ فِي إقْرَاعِهِ وَإِلَّا فَلَا يُعْتَدُّ بِإِقْرَاعِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ فِي فُلَانٍ) اُنْظُرْ هَلْ هُوَ قَيْدٌ وَمَا فَائِدَتُهُ.

الْقُرْعَةِ (غَيْرُ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ وَقَدْ أَذِنَتْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ) أَيْ يُزَوِّجُهَا (صَحَّ) تَزْوِيجُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِلْإِذْنِ فِيهِ إذْ الْقُرْعَةُ قَاطِعَةٌ لِلنِّزَاعِ لَا سَالِبَةٌ لِلْوِلَايَةِ. وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِيَكُونَ لِلْقُرْعَةِ فَائِدَةٌ، وَرُدَّ بِمَا مَرَّ، وَلَوْ بَادَرَ قَبْلَ الْقُرْعَةِ صَحَّ قَطْعًا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ وَقَدْ أَذِنَتْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ مَا لَوْ أَذِنَتْ لِأَحَدِهِمْ فَزَوَّجَ الْآخَرُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ قَطْعًا كَمَا مَرَّ. (فَلَوْ) (زَوَّجَهَا أَحَدُهُمْ) أَيْ الْأَوْلِيَاءِ وَقَدْ أَذِنَتْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ (زَيْدًا وَالْآخَرُ عُمْرًا) ، أَوْ وَكَّلَ الْوَلِيُّ فَزَوَّجَ هُوَ وَكِيلَهُ، أَوْ وَكَّلَ وَكِيلَيْنِ فَزَوَّجَ كُلٌّ وَالزَّوْجَانِ كُفْئَانِ، أَوْ أَسْقَطُوا الْكَفَاءَةَ وَإِلَّا بَطَلَا مُطْلَقًا إلَّا إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا كُفْئًا فَنِكَاحُهُ صَحِيحٌ وَإِنْ تَأَخَّرَ (فَإِنْ) سَبَقَ أَحَدُ الْعَقْدَيْنِ وَ (عُرِفَ السَّابِقُ) مِنْهُمَا بِبَيِّنَةٍ، أَوْ تَصَادُقٍ مُعْتَبَرٍ وَلَمْ يُنْسَ (فَهُوَ الصَّحِيحُ) وَالْآخَرُ بَاطِلٌ وَإِنْ دَخَلَ بِهَا الْمَسْبُوقُ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «أَيُّمَا امْرَأَةٍ زَوَّجَهَا وَلِيَّانِ فَهِيَ لِلْأَوَّلِ مِنْهُمَا» (وَإِنْ وَقَعَا مَعًا) فَبَاطِلَانِ وَهُوَ وَاضِحٌ (أَوْ جُهِلَ السَّبْقُ وَالْمَعِيَّةُ فَبَاطِلَانِ) لِتَعَذُّرِ الْإِمْضَاءِ، وَالْأَصْلُ فِي الْأَبْضَاعِ الْحُرْمَةُ حَتَّى يَتَحَقَّقَ السَّبَبُ الْمُبِيحُ، نَعَمْ يُنْدَبُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَقُولَ إنْ كَانَ قَدْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا فَقَدْ حَكَمْت بِبُطْلَانِهِ لِتَحِلَّ يَقِينًا وَثَبَتَتْ لَهُ هَذِهِ الْوِلَايَةُ لِلْحَاجَةِ. قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ (وَكَذَا) يَبْطُلَانِ (لَوْ عُلِمَ سَبْقُ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يَتَعَيَّنْ) وَأَيِسَ مِنْ تَعَيُّنِهِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِمَا ذُكِرَ وَمُجَرَّدُ الْعِلْمِ بِالسَّبْقِ لَا يُفِيدُ وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْجُمُعَتَيْنِ فَلَمْ يُحْكَمْ بِبُطْلَانِهِمَا لِأَنَّ الصَّلَاةَ إذَا تَمَّتْ صَحِيحَةً لَا يَطْرَأُ عَلَيْهَا مُبْطِلٌ لَهَا، وَلَا كَذَلِكَ الْعَقْدُ لِأَنَّهُ يُفْسَخُ بِأَسْبَابٍ، وَلِأَنَّ الْمَدَارَ تَمَّ عَلَى عِلْمِهِ تَعَالَى وَهُوَ يَعْلَمُ السَّابِقَةَ، بِخِلَافِ مَا هُنَا، وَيُنْدَبُ لِلْحَاكِمِ هُنَا أَيْضًا نَظِيرُ مَا مَرَّ أَنْ يَقُولَ فَسَخْت السَّابِقَ مِنْهُمَا. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا هَذَا، وَالثَّانِي مُخَرَّجٌ مِنْ نَظِيرِ الْجُمُعَتَيْنِ، وَرُدَّ بِمَا مَرَّ، وَإِذَا قُلْنَا بِبُطْلَانِهِمَا وَجَرَى مِنْهُ فَسْخٌ انْفَسَخَ بَاطِنًا حَتَّى لَوْ تَعَيَّنَ السَّابِقُ فَلَا زَوْجِيَّةَ وَإِلَّا انْفَسَخَ ظَاهِرًا فَقَطْ، فَإِذَا تَعَيَّنَ فَهُوَ الزَّوْجُ. أَمَّا إذَا لَمْ يَقَعْ يَأْسٌ مِنْ تَعَيُّنِ السَّابِقِ فَيَجِبُ التَّوَقُّفُ إلَى تَعَيُّنِهِ كَمَا فِي الذَّخَائِرِ (وَلَوْ سَبَقَ مُعَيَّنٌ ثُمَّ اُشْتُبِهَ) لِنِسْيَانِهِ (وَجَبَ التَّوَقُّفُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ) السَّابِقُ لِتَحَقُّقِ صِحَّةِ الْعَقْدِ فَلَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِيَقِينٍ فَيَمْتَنِعَانِ عَنْهَا وَلَا تَنْكِحُ غَيْرَهُمَا وَإِنْ طَالَ عَلَيْهَا الْأَمْرُ كَزَوْجَةِ الْمَفْقُودِ حَتَّى يُطَلِّقَاهَا، أَوْ يَمُوتَا أَوْ يُطَلِّقُ وَاحِدٌ وَيَمُوتُ الْآخَرُ. نَعَمْ بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَقَدْ أَذِنَتْ) أَيْ وَالْحَالُ (قَوْلُهُ لِكُلٍّ مِنْهُمْ أَنْ يُزَوِّجَهَا) ثُمَّ كُرِهَ إنْ كَانَ الْقَارِعُ الْإِمَامَ، أَوْ نَائِبَهُ اهـ حَجّ. وَمَفْهُومُهُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ إذَا كَانَ الْقَارِعُ غَيْرَهُمَا، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ سَبَبَ الْكَرَاهَةِ جَرَيَانُ وَجْهٍ بِعَدَمِ صِحَّةِ النِّكَاحِ، وَإِطْلَاقُهُمْ يَقْتَضِي أَنَّهُ جَائِزٌ سَوَاءٌ أُقْرِعَ الْإِمَامُ، أَوْ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ إذْ الْقُرْعَةُ قَاطِعَةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ مَعَ وُجُوبِ الْقُرْعَةِ، فَإِنَّ مُقْتَضَى الْوُجُوبِ حُرْمَةُ الْمُبَادَرَةِ فَضْلًا عَنْ كَرَاهَتِهَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْقُرْعَةُ إنَّمَا تَجِبُ إذَا طُلِبَتْ بَعْدَ التَّنَازُعِ، فَيَجُوزُ أَنَّ الْمُبَادَرَةَ الَّتِي لَا تُكْرَهُ مَعَهَا صُورَتُهَا أَنْ يُبَادِرَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ التَّنَازُعِ وَطَلَبِ الْقُرْعَةِ (قَوْلُهُ:، أَوْ تَصَادُقٍ مُعْتَبَرٍ) بِأَنْ كَانَ صَرِيحًا عَنْ اخْتِيَارٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ دَخَلَ بِهَا) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: أَيُّمَا امْرَأَةٍ) مَا فِي هَذَا التَّرْكِيبِ وَأَمْثَالِهِ زَائِدَةٌ (قَوْلُهُ: وَثَبَتَتْ لَهُ) أَيْ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: لِمَا ذُكِرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِتَعَذُّرِ الْإِمْضَاءِ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يُحْكَمُ بِبُطْلَانِهِمَا) أَيْ حَتَّى تُعَادَ جُمُعَةٌ بَلْ تُعَادُ ظُهْرًا لِاحْتِمَالِ صِحَّةِ إحْدَاهُمَا وَذَلِكَ مَانِعٌ مِنْ إعَادَةِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا هُنَا) أَيْ فَإِنَّ الْمَدَارَ فِيهِ عَلَى عِلْمِ الزَّوْجِ لِيَتَعَلَّقَ بِهِ جَوَازُ الْإِقْدَامِ عَلَى الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: وَإِذَا قُلْنَا بِبُطْلَانِهِمَا) أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا إذَا جُهِلَ السَّبْقُ، أَوْ عُلِمَ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ سَابِقٌ وَأَيِسَ مِنْ مَعْرِفَتِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) نُقِلَ بِالْبُطْلَانِ كَأَنْ عُلِمَ السَّابِقُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَجَرَى مِنْهُ) أَيْ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ وَأَنْ لَا يَقَعَ مِنْ الْحَاكِمِ فَسْخٌ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: لِتَحَقُّقِ صِحَّةِ الْعَقْدِ) أَيْ وَعَدَمِ تَعَذُّرِ الْإِمْضَاءِ حَتَّى تُفَارِقَ مَا قَبْلَهَا

كَالْبُلْقِينِيِّ أَنَّهَا عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ التَّبَيُّنِ: أَيْ عُرْفًا تَطْلُبُ الْفَسْخَ مِنْ الْحَاكِمِ وَيُجِيبُهَا إلَيْهِ لِلضَّرُورَةِ، وَكَالْفَسْخِ بِالْعَيْبِ وَأَوْلَى وَلَا تُطَالِبُ وَاحِدًا مِنْهُمَا بِمَهْرٍ، وَصَحَّحَ الْإِمَامُ عَدَمَ وُجُوبِ النَّفَقَةِ حَالَةَ التَّوَقُّفِ لِتَعَذُّرِ الِاسْتِمْتَاعِ، وَقَطَعَ ابْنُ كَجٍّ أَنَّهَا عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ بِحَسَبِ حَالِهِمَا لِحَبْسِهَا لَهُمَا، وَكَلَامُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَيْسَ فِي الرَّوْضَةِ تَصْرِيحٌ بِتَرْجِيحٍ، وَعَلَى الْوُجُوبِ لَوْ تَعَيَّنَ السَّابِقُ مِنْهُمَا وَقَدْ أَنْفَقَا لَمْ يَرْجِعْ الْآخَرُ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ إلَّا إذَا كَانَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ كَمَا صَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ، فَإِنْ فُقِدَ رَجَعَ بِهِ إنْ أَشْهَدَ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ، وَقَوْلُ أَبِي عَاصِمٍ الْعَبَّادِيِّ الَّذِي حَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي أَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ إذَا أَنْفَقَ بِغَيْرِ إذْنِ الْحَاكِمِ وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ كَجٍّ حَمَلَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِذْنِ هُنَا الْإِلْزَامُ وَاللَّازِمُ لِلشَّخْصِ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ، وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَقَفَ إرْثُ زَوْجَةِ، أَوْ هِيَ فَإِرْثُ زَوْجٍ (فَإِنْ ادَّعَى كُلُّ زَوْجٍ) عَلَيْهَا (عِلْمَهَا بِسَبْقِهِ) أَيْ سَبْقِ نِكَاحِهِ عَلَى التَّعْيِينِ وَإِلَّا لَمْ تُسْمَعْ الدَّعْوَى (سُمِعَتْ دَعْوَاهُمَا) كَدَعْوَى أَحَدِهِمَا إنْ انْفَرَدَ (بِنَاءً عَلَى الْجَدِيدِ) الْأَصَحُّ كَمَا مَرَّ (وَهُوَ قَبُولُ إقْرَارِهَا بِالنِّكَاحِ) لِأَنَّ لَهَا حِينَئِذٍ فَائِدَةً، وَتُسْمَعُ أَيْضًا عَلَى وَلِيِّهَا إنْ كَانَ مُجْبِرًا لِقَبُولِ إقْرَارِهِ بِهِ أَيْضًا لَا دَعْوَى أَحَدِهِمَا، أَوْ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ أَنَّهُ السَّابِقُ عَلَى الْآخَرِ وَلَوْ لِلتَّحْلِيفِ، لِأَنَّ الزَّوْجَةَ مِنْ حَيْثُ هِيَ زَوْجَةٌ وَلَوْ أَمَةً لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ فِي يَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يَدَّعِيهِ الْآخَرُ، وَتُسْمَعُ دَعْوَى النِّكَاحِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ عَلَى الْمُجْبِرِ فِي الصَّغِيرَةِ، فَإِنْ أَقَرَّ فَذَاكَ، وَإِنْ أَنْكَرَ حَلَفَ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الزَّوْجُ وَأَخَذَهَا وَالْكَبِيرَةَ، لَكِنْ لِلزَّوْجِ بَعْدَ تَحْلِيفِهِ تَحْلِيفُهَا إنْ أَنْكَرَتْ، وَلَا تُسْمَع دَعْوَاهُ عَلَى وَلِيِّ ثَيِّبٍ صَغِيرَةٍ وَإِنْ قَالَ نَكَحْتهَا بِكْرًا لِأَنَّهُ الْآنَ لَا يَمْلِكُ الْإِنْشَاءَ فَلَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَتَعَيَّنَ ثُمَّ نَسِيَ وَتَضَرَّرَتْ بِطُولِ الِانْتِظَارِ فَرَفَعَتْ أَمْرَهَا لِلْقَاضِي فُسِخَ (قَوْلُهُ وَيُجِيبُهَا) أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: وَلَا تُطَالِبُ) أَيْ الزَّوْجَةُ، وَهَذَا مُتَّصِلٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ وَيَنْبَغِي أَنَّ لَهُمَا الْمُطَالَبَةَ بِالْمَهْرِ إذَا رَفَعَتْ أَمْرَهَا لِلْقَاضِي وَفُسِخَ لِأَنَّ الْفَسْخَ إذَا كَانَ مِنْهَا، أَوْ بِسَبَبِهَا يَسْقُطُ الْمَهْرُ (قَوْلُهُ: بِحَسَبِ حَالِهِمَا) أَيْ ثُمَّ إذَا تَعَيَّنَ الْغَنِيُّ فَهَلْ تَرْجِعُ الْمَرْأَةُ عَلَيْهِ بِمَا زَادَ عَلَى نِصْفِ نَفَقَةِ الْفَقِيرِ، وَإِذَا تَعَيَّنَ الْفَقِيرُ فَهَلْ يَرْجِعُ الْغَنِيُّ عَلَى الْمَرْأَةِ بِمَا زَادَ عَلَى مَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْفَقِيرِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الرُّجُوعُ بِمَا ذُكِرَ فِيهِمَا (قَوْلُهُ فَإِنْ فُقِدَ) أَيْ الْحَاكِم، أَوْ تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ، أَوْ امْتَنَعَ عَنْ الْحُكْمِ إلَّا بِرِشْوَةٍ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُهُ فَإِنْ فُقِدَ: أَيْ بِأَنْ كَانَ فِي مَحَلٍّ يُشَقُّ الْوُصُولُ إلَيْهِ فِيهِ عَادَةً (قَوْلُهُ الْإِلْزَامُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مَذْهَبُ الْقَاضِي يَرَى وُجُوبَ النَّفَقَةِ عَلَيْهِمَا مِنْ غَيْرِ تَرَاجُعٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَهَا) أَيْ الدَّعْوَى (قَوْلُهُ: لَا دَعْوَى أَحَدِهِمَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْإِلْزَامُ) قَالَ الشِّهَابُ سم: أَيْ بِأَنْ يَرَى الْحَاكِمُ إلْزَامَهُ بِهَا بِلَا رُجُوعٍ لَهُ، فَإِذَا أَنْفَقَ بِلَا إلْزَامٍ لِذَلِكَ لَكِنْ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَنْفَقَ بِإِلْزَامِهَا حَاكِمٌ يَرَى الْإِلْزَامَ بِلَا رُجُوعٍ فَلَا رُجُوعَ هَذَا حَاصِلُ مُرَادِ الشَّيْخِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ ادَّعَى كُلُّ زَوْجٍ عِلْمَهَا إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ نَقْلًا عَنْ شَيْخِهِ الْبُرُلُّسِيِّ هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِجَمِيعِ الصُّوَرِ السَّابِقَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ إذَا اعْتَرَفَ الزَّوْجَانِ بِأَنَّ الْحَالَ كَمَا ذُكِرَ فَإِنْ تَنَازَعَا وَزَعَمَ كُلٌّ أَنَّهُ السَّابِقُ وَأَنَّهَا تَعْلَمُ ذَلِكَ فَفِيهِ هَذَا التَّفْصِيلُ يُعْرَفُ أَنَّ الْمَعْنَى هَذَا بِمُرَاجَعَةِ الرَّافِعِيِّ الْكَبِيرِ (قَوْلُهُ: عَلَى التَّعْيِينِ) اُنْظُرْ كَيْفَ يَتَأَتَّى هَذَا التَّقْيِيدُ مَعَ إضَافَةِ سَبْقٍ إلَى ضَمِيرِ الْمُدَّعِي الْمُفِيدِ أَنَّ الصُّورَةَ، أَنْ يَقُولَ كُلٌّ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهَا تَعْلَمُ أَنِّي السَّابِقُ وَأَيُّ تَعْيِينٍ بَعْدَ هَذَا، وَالْوَاقِعُ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ انْتِفَاءِ تِلْكَ الْإِضَافَةِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: لَوْ تَدَاعَيَا السَّبْقَ بَيْنَهُمَا لَمْ تُسْمَعْ أَوْ عَلَيْهَا سُمِعَتْ إنْ ادَّعَى كُلٌّ عِلْمَهَا بِأَنَّهُ السَّابِقُ لَا إنْ ادَّعَى عِلْمَهَا بِالسَّبْقِ: أَيْ لِأَحَدِهِمَا كَمَا قَالَ شَارِحُهُ، قَالَ: فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى لِلْجَهْلِ بِالْمُدَّعِي. اهـ. فَالصُّورَةُ الْأُولَى مُسَاوِيَةٌ لِمَا فِي الْمَتْنِ هُنَا، وَأَفَادَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بِصَنِيعِهِ أَنَّ الدَّعْوَى فِيهَا مَسْمُوعَةٌ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ لِعَدَمِ الْجَهْلِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ) يَعْنِي صُورَةَ مَا إذَا

يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِهِ عَلَيْهَا. قَالَهُ الْبَغَوِيّ، وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ ثَمَّ بَيِّنَةٌ يُرِيدُ إقَامَتَهَا عَلَيْهِ سُمِعَتْ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا فِي الدَّعَاوَى (فَإِنْ) أَقَرَّتْ لَهُمَا فَكَعَدِمِهِ، أَوْ (أَنْكَرَتْ حَلَفَتْ) هِيَ، وَضَبَطَهُ الْمُصَنِّفُ بِخَطِّهِ بِضَمِّ أَوَّلِهِ، أَوْ أَنْكَرَ وَلِيُّهَا الْمُجْبِرُ حَلَفَ وَإِنْ كَانَتْ رَشِيدَةً عَلَى الْبَتِّ وَهِيَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالسَّبْقِ لِتَوَجُّهِ الْيَمِينِ عَلَيْهَا بِسَبَبِ غَيْرِهَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمِينًا انْفَرَدَا، أَوْ اجْتَمَعَا وَإِنْ رَضِيَا بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَرَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ كَالرَّافِعِيِّ هُنَا عَلَى مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ لِلْعِلْمِ بِضَعْفِهِ مِمَّا قَرَّرَاهُ فِي الدَّعَاوَى وَغَيْرِهَا، وَيُسْتَثْنَى مِنْ تَحْلِيفِهَا مَا لَوْ كَانَتْ خَرْسَاءَ، أَوْ مَعْتُوهَةً، أَوْ صَبِيَّةً، أَوْ خَرِسَتْ بَعْدَ التَّزْوِيجِ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا، وَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ كَمَا نَقَلَهُ الْجُورِيُّ عَنْ النَّصِّ، وَإِذَا حَلَفَتْ لَهُمَا بَقِيَ التَّدَاعِي وَالتَّحَالُفُ بَيْنَهُمَا، وَالْمُمْتَنِعُ إنَّمَا هُوَ ابْتِدَاءُ التَّدَاعِي، وَالتَّحَالُفُ بَيْنَهُمَا مِنْ غَيْرِ رَبْطِ الدَّعْوَى بِهَا فَمَنْ حَلَفَ فَالنِّكَاحُ لَهُ، كَذَا نَقَلَاهُ عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَأَقَرَّاهُ، وَاعْتَرَضَا بِأَنَّ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ عَدَمُ تَحَالُفِهِمَا مُطْلَقًا، وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، قَالَ جَمْعٌ: فَيَبْقَى الْإِشْكَالُ، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: بَلْ يَبْطُلُ النِّكَاحَانِ بِحَلِفِهِمَا، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَصَرَّحَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ غَيْرِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْبَهْجَةِ (وَإِنْ أَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا) عَلَى التَّعْيِينِ بِالسَّبْقِ وَهِيَ مِمَّنْ يَصِحُّ إقْرَارُهَا (ثَبَتَ نِكَاحُهُ) بِإِقْرَارِهَا (وَسَمَاع دَعْوَى الْآخَرِ وَتَحْلِيفُهَا) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ (لَهُ) إنَّهَا لَا تَعْلَمُ سَبْقَ نِكَاحِهِ (يَنْبَنِي عَلَى الْقَوْلَيْنِ) السَّابِقَيْنِ فِي الْإِقْرَارِ (فِيمَنْ قَالَ هَذَا لِزَيْدٍ بَلْ لِعَمْرٍو هَلْ يَغْرَمُ لِعَمْرٍو إنْ قُلْنَا نَعَمْ) وَهُوَ الْأَظْهَرُ (فَنَعَمْ) تُسْمَعُ الدَّعْوَى وَلَهُ تَحْلِيفُهَا رَجَاءَ أَنْ تُقِرَّ، أَوْ تَنْكُلَ فَيَحْلِفُ وَيُغَرِّمُهَا مَهْرَ الْمِثْلِ لِأَنَّهَا أَحَالَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بُضْعِهَا بِإِقْرَارِهَا الْأَوَّلِ وَلَوْ حَلَّفَهَا الْحَاضِرُ فَلِلْغَائِبِ تَحْلِيفُهَا فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ، وَمَحَلُّهُمَا إذَا حَلَفَتْ أَنَّهَا لَا تَعْلَمُ سَبْقَهُ وَلَا تَارِيخَ الْعَقْدَيْنِ، فَإِنْ اقْتَصَرَتْ عَلَى أَنَّهَا لَا تَعْلَمُ سَبْقَهُ تَعَيَّنَ الْحَلِفُ لِلثَّانِي، وَأُجْرِيَ هَذَا الْخِلَافُ فِي كُلِّ خَصْمَيْنِ يَدَّعِيَانِ شَيْئًا وَاحِدًا، وَمَا أَفْهَمَهُ مَا تَقَرَّرَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الزَّوْجَيْنِ (قَوْلُهُ: لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ رَضِيَا) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ) وَفِي نُسْخَةِ الْبَغَوِيّ: وَهِيَ أَوْلَى لِأَنَّ الزَّرْكَشِيَّ مُتَأَخِّرٌ عَنْ السُّبْكِيّ (قَوْلُهُ:، أَوْ مَعْتُوهَةً) أَيْ وَعِنْدَهَا خَبَلٌ (قَوْلُهُ: وَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِفَسْخِ الْحَاكِمِ وَعِبَارَةُ حَجّ فَسْخًا أَيْضًا، وَهُوَ مُحْتَمِلٌ إلَّا فِي صِبَاهَا إلَخْ وَهِيَ تُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ بِنَفْسِهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ فَسْخِ الزَّوْجَيْنِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ فَمَنْ حَلَفَ) أَيْ عَلَى الْبَتِّ (قَوْلُهُ: بَلْ يَبْطُلُ النِّكَاحَانِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مِمَّنْ يَصِحُّ إقْرَارُهَا) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ بَالِغَةً عَاقِلَةً وَلَوْ سَفِيهَةً وَفَاسِقَةً وَسَكْرَانَةَ بِكْرًا، أَوْ ثَيِّبًا كَمَا مَرَّ لَهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُقْبَلُ إقْرَارُ الْبَالِغَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ فَلِلْغَائِبِ) أَيْ يَجُوزُ لَهُ (قَوْلُهُ: وَمَا أَفْهَمَهُ مَا تَقَرَّرَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQزَوَّجَهَا وَلِيَّانِ الْمُشْتَمِلَةَ عَلَى الصُّورَةِ الْخَمْسَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ بِأَنْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى الْوَلِيِّ أَنَّهُ زَوَّجَهُ إيَّاهَا (قَوْلُهُ: فَكَعَدَمِهِ) وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يُقَالُ لَهَا إمَّا أَنْ تُقِرِّي أَوْ تَحْلِفِي وَكَانَ الْأَوْلَى الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا أَقَرَّتْ لَهُمَا بِعِبَارَةٍ وَاحِدَةٍ، وَإِلَّا فَالزَّوْجُ مِنْ أَقَرَّتْ لَهُ أَوَّلًا كَمَا هُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ: عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) قَالَ الشِّهَابُ سم: مُتَعَلِّقٌ بِكُلٍّ مِنْ حَلَفَتْ وَحَلَفَ، ثُمَّ كَتَبَ فِي قَوْلِهِ أُخْرَى مَا نَصُّهُ: هَذَا مُسَلَّمٌ فِي حَلِفِهَا لَا فِي حَلِفِ الْوَلِيِّ، بَلْ إنَّمَا يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِسَبَبِ غَيْرِهَا) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: بِسَبَبِ فِعْلِ غَيْرِهَا انْتَهَتْ وَلَعَلَّ لَفْظَ فِعْلٍ سَقَطَ مِنْ الْكَتَبَةِ (قَوْلُهُ: انْفِرَادًا وَاجْتِمَاعًا) يُتَأَمَّلُ (قَوْلُهُ: خَرْسَاءَ) أَيْ لَا إشَارَةَ لَهَا مُفْهِمَةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ صَبِيَّةٌ) اُنْظُرْهُ مَعَ أَنَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ زَوَّجَهَا وَلِيَّانِ بِإِذْنِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ خَرِسَتْ بَعْدَ التَّزْوِيجِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ خَرْسَاءَ يَشْمَلُهُ (قَوْلُهُ: وَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ) أَيْ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ، وَلَا يُنَافِيهِ أَنَّهُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ الْأُولَى مِنْ صُوَرِ الِاشْتِبَاهِ مَحْكُومٌ بِبُطْلَانِهِ،؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الزَّوْجَيْنِ تَدَاعٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ عَنْ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَلَوْ حَلَّفَهَا الْحَاضِرُ إلَخْ) هَذَا مَوْضِعُهُ قَبْلَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَوْ أَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ الْحَلِفُ لِلثَّانِي) أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا تَعْلَمُ

مِنْ أَنَّ إقْرَارَهَا لَا يُفِيدُهُ زَوْجِيَّةُ مَحَلِّهِ مَا لَمْ يَمُتْ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَإِلَّا صَارَتْ زَوْجَةً لِلثَّانِي وَتَعْتَدُّ لِلْأَوَّلِ عِدَّةَ وَفَاةٍ إنْ لَمْ يَطَأْهَا وَإِلَّا اعْتَدَّتْ بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ مِنْهَا وَمِنْ ثَلَاثَةِ أَقَرَاء عِدَّةِ الْوَطْءِ مَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا، وَالْقِيَاسُ أَنَّهَا تَرْجِعُ عَلَى الثَّانِي بِمَا غَرِمَتْهُ لَهُ لِأَنَّهَا إنَّمَا غَرِمَتْهُ لِلْحَيْلُولَةِ أَمَّا إذَا لَمْ تَحْلِفْ يَمِينَ الرَّدِّ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهَا، وَإِنْ أَقَرَّتْ لَهُمَا مَعًا فَهُوَ لَغْوٌ فَيُقَالُ لَهَا إمَّا أَنْ تُقِرِّي أَوْ تَحْلِفِي. (وَلَوْ) (تَوَلَّى) جَدٌّ طَرَفَيْ عَقْدٍ (فِي تَزْوِيجِ بِنْتِ ابْنِهِ) الْبِكْرِ، أَوْ الْمَجْنُونَةِ كَمَا اشْتَرَطَهُ الْمُصَنِّفُ وَبِهِ يُعْلَمُ اشْتِرَاطُ إجْبَارِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْعِرَاقِيُّونَ وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَيَمْتَنِعُ ذَلِكَ فِي بِنْتِ الِابْنِ الثَّيِّبِ الْبَالِغَةِ الْعَاقِلَةِ (بِابْنِ ابْنِهِ الْآخَرِ) الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَالْأَبُ فِيهِمَا مَيِّتٌ، أَوْ سَاقِطُ الْوِلَايَةِ (صَحَّ فِي الْأَصَحِّ) لِقُوَّةِ وِلَايَتِهِ وَشَفَقَتِهِ دُونَ سَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ، وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ لُزُومَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَجَوَازُ الْإِتْيَانِ بِقَبِلْتُ نِكَاحَهَا بِدُونِ الْوَاوِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِصَاحِبِ الِاسْتِقْصَاءِ وَابْنِ مَعْنٍ، وَزَعَمَ أَنَّ الْجُمَلَ الْمُتَنَاسِبَةَ مِنْ مُتَكَلِّمٍ وَاحِدٍ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ عَاطِفٍ يَدُلُّ عَلَى كَمَالِ اتِّصَالِهَا، وَإِلَّا لَكَانَ الْكَلَامُ مَعَهَا مُفْلَتًا غَيْرَ مُلْتَئِمٍ مَرْدُودٌ بِأَنَّ هَذَا لِلْأَوْلَوِيَّةِ لَا لِلصِّحَّةِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ خِطَابَ الْإِنْسَانِ مَعَ نَفْسِهِ غَيْرُ مُنْتَظِمٍ وَلِخَبَرِ «كُلُّ نِكَاحٍ لَا يَحْضُرُهُ أَرْبَعَةٌ فَهُوَ سِفَاحٌ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَلَا يَتَوَلَّاهُمَا غَيْرُ الْجَدِّ حَتَّى وَكِيلُهُ بِخِلَافِ وَكِيلِهِ أَوْ وَكِيلِهِ مَعَهُ كَمَا سَيَأْتِي، وَلَوْ زَوَّجَ الْحَاكِمُ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا لِمَجْنُونٍ وَنَصِيبُ مَنْ يَقْبَلُ وَيُزَوِّجُهَا مِنْهُ وَبِالْعَكْسِ صَحَّ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ، وَفِي الْبَحْرِ لَوْ أَرَادَ الْحَاكِمُ تَزْوِيجَ مَجْنُونَةٍ بِمَجْنُونٍ فَلَا نَصَّ فِيهِ، وَالْقِيَاسُ عَدَمُ تُوَلِّيه الطَّرَفَيْنِ، وَلِلْعَمِّ تَزْوِيجُ ابْنَةِ أَخِيهِ بِابْنِهِ الْبَالِغِ، وَلِابْنِ الْعَمِّ تَزْوِيجُ ابْنَةِ عَمِّهِ بِابْنِهِ الْبَالِغِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَوَلَّ الطَّرَفَيْنِ، وَإِنْ زَوَّجَهَا أَحَدُهُمَا بِابْنِهِ الطِّفْلِ لَمْ يَصِحَّ إذْ لَيْسَ فِيهِ قُوَّةُ الْجُدُودَةِ، وَعَلَيْهِ فَالْأَقْرَبُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَدَمُ تَعَيُّنِ الصَّبْرِ إلَى بُلُوغِ الصَّبِيِّ، فَيُقْبَلُ بَلْ يَقْبَلُ لَهُ أَبُوهُ وَالْحَاكِمُ يُزَوِّجُهَا مِنْهُ كَالْوَلِيِّ إذَا أَرَادَ تَزْوِيجَ مُوَلِّيَتِهِ، وَلَيْسَ لَهُ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ فِي تَزْوِيجِ عَبْدِهِ بِأَمَتِهِ بِنَاءً عَلَى عَلَى عَدَمِ إجْبَارِهِ لَهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ. (وَلَا يُزَوِّجُ ابْنُ الْعَمِّ) مَثَلًا، إذْ مِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الْمُعْتِقُ وَعَصَبَتُهُ (نَفْسَهُ) مِنْ مُوَلِّيَتِهِ الَّتِي لَا وَلِيَّ لَهَا أَقْرَبَ مِنْهُ لِاتِّهَامِهِ فِي أَمْرِ نَفْسِهِ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ كَالْجَدِّ (بَلْ يُزَوِّجُهُ ابْنُ عَمٍّ فِي دَرَجَتِهِ) لِاشْتِرَاكِهِ مَعَهُ فِي الْوِلَايَةِ لَا أَبْعَدَ مِنْهُ لِحَجْبِهِ بِهِ (فَإِنْ فُقِدَ) مَنْ فِي دَرَجَتِهِ (فَالْقَاضِي) لِبَلَدِهَا يُزَوِّجُهَا مِنْهُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ لِفَقْدِ وَلِيِّهَا، وَفِي قَوْلِهَا لَهُ زَوِّجْنِي مِنْ نَفْسِك جَازَ لِلْقَاضِي أَنْ يُزَوِّجَهَا بِهَذَا الْإِذْنِ، إذْ مَعْنَاهُ فَوِّضْ أَمْرِي إلَى مَنْ يُزَوِّجُك إيَّايَ، بِخِلَافِ زَوِّجْنِي فَقَطْ أَوْ مِمَّنْ شِئْت لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ تَزْوِيجُهَا بِأَجْنَبِيٍّ. (فَلَوْ) (أَرَادَ الْقَاضِي نِكَاحَ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا) غَيْرُهُ لِنَفْسِهِ، أَوْ لِمَحْجُورِهِ (زَوَّجَهُ مَنْ فَوْقَهُ مِنْ الْوُلَاةِ) وَمَنْ هُوَ مِثْلُهُ (أَوْ خَلِيفَتُهُ) لِأَنَّ حُكْمَهُ نَافِذٌ عَلَيْهِ، وَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فِي قَوْلِهِ وَيُغَرِّمُهَا مَهْرَ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّ إقْرَارَهَا) أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ نَكَلَتْ وَرَدَّتْ الْيَمِينَ عَلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَإِلَّا اعْتَدَّتْ إلَخْ) وَالْقِيَاسُ أَيْضًا أَنَّهَا لَا تَرِثُ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَعْوَاهَا عَدَمَ زَوْجِيَّتِهِ وَمِنْ ثَمَّ سَلَّمَتْ لِلثَّانِي بِلَا عَقْدٍ عَمَلًا بِإِقْرَارِهَا لَهُ (قَوْلُهُ: إمَّا أَنْ تَقْوَى) أَيْ إقْرَارًا يُعْتَدُّ بِهِ بِأَنْ يَكُونَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَقَطْ. (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْعِرَاقِيُّونَ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: الثَّيِّبِ الْبَالِغَةِ) أَيْ وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا أَذِنَتْ لَهُ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ لُزُومَ الْإِيجَابِ) أَيْ فَلَا يَكْفِي أَحَدُهُمَا فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: فَهُوَ سِفَاحٌ) أَيْ زِنًا (قَوْلُهُ: رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ) وَيُجَابُ بِأَنَّ الْجَدَّ نُزِّلَ مَنْزِلَةَ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ فَقَدْ حَضَرَ النِّكَاحَ أَرْبَعَةٌ حُكْمًا (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَوَلَّاهُمَا غَيْرُ الْجَدِّ) شَمِلَ الْحَاكِمَ، وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي قَوْلِهِ وَفِي الْبَحْرِ لَوْ أَرَادَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَوَّجَهَا أَحَدُهُمَا) أَيْ الْعَمُّ وَابْنُ الْعَمِّ. (قَوْلُهُ إذْ مَعْنَاهُ فَوِّضْ أَمْرِي إلَخْ) أَيْ يُحْمَلُ لَفْظُهَا عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ مَعْنَاهُ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ حُكْمَهُ) أَيْ الْخَلِيفَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQسَبْقَهُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ) أَيْ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ صِحَّةِ النِّكَاحِ وَعَلَيْهِ فَتُحْسَبُ الْأَقْرَاءُ مِنْ وَقْتِ الْوَطْءِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: إمَّا أَنْ تُقِرِّي) أَيْ إقْرَارًا مُعْتَبَرًا مُعَيَّنًا (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ) فِي هَذَا التَّعْبِيرِ مُسَامَحَةٌ لَا تَخْفَى.

[فصل في الكفاءة]

أَرَادَهُ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ زَوَّجَهُ خَلِيفَتُهُ (وَكَمَا لَا يَجُوزُ لِوَاحِدٍ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ) غَيْرُ الْجَدِّ كَمَا مَرَّ (لَا يَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا فِي أَحَدِهِمَا) وَيَتَوَلَّى هُوَ الْآخَرَ (أَوْ وَكِيلَيْنِ فِيهِمَا) أَيْ وَاحِدًا فِي الْإِيجَابِ وَوَاحِدًا فِي الْقَبُولِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ فِعْلَ وَكِيلِهِ كَفِعْلِهِ بِخِلَافِ الْقَاضِي وَخَلِيفَتِهِ فَإِنَّ تَصَرُّفَهُمَا بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ. وَالثَّانِي يَجُوزُ لِانْعِقَادِهِ بِأَرْبَعَةٍ. (فَصْلٌ) فِي الْكَفَاءَةِ وَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ فِي النِّكَاحِ دَفْعًا لِلْعَارِ لَا لِصِحَّتِهِ مُطْلَقًا وَإِلَّا لَمَا سَقَطَتْ بِالْإِسْقَاطِ كَبَقِيَّةِ الشُّرُوطِ بَلْ حَيْثُ لَا رِضَا مِنْ الْمَرْأَةِ وَحْدَهَا فِي جَبٍّ وَعُنَّةٍ وَمَعَ وَلِيِّهَا الْأَقْرَبِ فِيمَا سِوَاهُمَا عَلَى مَا يَأْتِي (زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ) الْمُنْفَرِدُ كَأَبٍ، أَوْ أَخٍ مُسْلِمًا، أَوْ ذِمِّيًّا فِي ذِمِّيَّةٍ كَمَا يَأْتِي فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ (غَيْرَ كُفْءٍ بِرِضَاهَا، أَوْ) زَوَّجَهَا (بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ الْمُسْتَوِينَ) فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ كَإِخْوَةِ غَيْرَ كُفْءٍ (بِرِضَاهَا) وَلَوْ سَفِيهَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْوَسِيطِ وَإِنْ سَكَتَتْ الْبِكْرُ بَعْدَ اسْتِئْذَانِهَا فِيهِ مُعَيَّنًا، أَوْ بِوَصْفِ كَوْنِهِ غَيْرَ كُفْءٍ (وَرِضَا الْبَاقِينَ) صَرِيحًا (صَحَّ) التَّزْوِيجُ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: يُكْرَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً مِنْ فَاسِقٍ إلَّا لِرِيبَةٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْكَفَاءَةَ حَقُّهَا وَحَقُّهُمْ وَقَدْ رَضُوا بِإِسْقَاطِهَا، وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ وَهِيَ قُرَشِيَّةٌ بِنِكَاحِ أُسَامَةَ حِبِّهِ وَهُوَ مَوْلًى، وَزَوَّجَ أَبُو حُذَيْفَةَ سَالِمًا مَوْلَاهُ بِنْتَ أَخِيهِ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَالْجُمْهُورُ أَنَّ مَوَالِيَ قُرَيْشٍ لَيْسُوا أَكْفَاءً لَهُمْ وَزَوَّجَ بَنَاتِهِ مِنْ غَيْرِ أَكْفَاءٍ وَإِنْ جَازَ أَنْ يَكُونَ لِأَجْلِ ضَرُورَةِ بَقَاءِ نَسْلِهِنَّ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ الْمُسْتَوِينَ الْأَبْعَدُ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَاحِدًا فِي الْإِيجَابِ وَوَاحِدًا فِي الْقَبُولِ) طَرِيقُهُ أَنْ يَتَوَلَّى هُوَ طَرَفًا وَالْقَاضِي آخَرَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَعَلَيْهِ فَالْأَقْرَبُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَدَمُ تَعَيُّنِ الصَّبْرِ إلَخْ [فَصْلٌ فِي الْكَفَاءَةِ] (فَصْلٌ) فِي الْكَفَاءَةِ (قَوْلُهُ: بَلْ حَيْثُ لَا رِضَا مِنْهُ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ لَا لِصِحَّتِهِ مُطْلَقًا فَكَأَنَّهُ قِيلَ لَا تُعْتَبَرُ الصِّحَّةُ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَإِنَّمَا تُعْتَبَرُ لَهَا حَيْثُ لَا رِضَا إلَخْ (قَوْلُهُ: فِيمَا سِوَاهُمَا) أَيْ الْجَبُّ وَالْعُنَّةُ (قَوْلُهُ، أَوْ أَخٍ مُسْلِمًا) أَيْ الْوَلِيُّ (قَوْلُهُ:، أَوْ ذِمِّيًّا فِي ذِمِّيَّةٍ) أَيْ إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا عِنْدَ الْعَقْدِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَنَا التَّعَرُّضُ لَهُمْ عَلَى مَا يَأْتِي فِي نِكَاحِ الْكُفَّارِ (قَوْلُهُ: مُعَيَّنًا) أَيْ بِشَخْصِهِ، أَوْ وَصْفِهِ كَابْنِ فُلَانٍ مَثَلًا لِأَنَّهَا مُتَمَكِّنَةٌ مِنْ السُّؤَالِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَرِضَا الْبَاقِينَ صَرِيحًا صَحَّ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَعْرِفْ الْكَفَاءَةَ لَا هِيَ وَلَا وَلِيُّهَا مُقَصِّرُونَ بِتَرْكِ الْبَحْثِ عَنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: إلَّا لِرِيبَةٍ) أَيْ تَنْشَأُ مِنْ عَدَمِ تَزْوِيجِهَا لَهُ كَأَنْ خِيفَ زِنَاهُ بِهَا لَوْ لَمْ يَنْكِحْهَا، أَوْ تَسَلُّطُ فَاجِرٍ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ وَجْهُ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ وَالْجُمْهُورُ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ تَقْدِيرُهُ لَا دَلَالَةَ فِي تَزْوِيجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِفَاطِمَةَ وَلَا تَزْوِيجِ أَبِي حُذَيْفَةَ لِبِنْتِ أَخِيهِ لِأَنَّ مَوَالِيَ قُرَيْشٍ أَكْفَاءٌ لَهُمْ (قَوْلُهُ: وَزَوَّجَ بَنَاتِهِ إلَخْ) وَلَا يُشْكِلُ أَنَّهُ زَوَّجَهُنَّ بِالْإِجْبَارِ لِأَنَّا نَقُولُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اسْتَأْذَنَهُنَّ فَلَا إجْبَارَ، أَوْ فَاطِمَةُ حِينَ زَوَّجَهَا عَلِيًّا كَانَتْ بَالِغَةً لِأَنَّهَا وُلِدَتْ وَقُرَيْشٌ تَبْنِي الْبَيْتَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ بِخَمْسِ سِنِينَ وَتَزَوَّجَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصْلٌ) فِي الْكَفَاءَةِ (قَوْلُهُ:: فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ) أَيْ وَرُتْبَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: كَأُخْوَةٍ) أَيْ أَشِقَّاءَ أَوْ لِأَبٍ عِنْدَ فَقْدِهِمْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَكَتَتْ) غَايَةٌ أُخْرَى (قَوْلُهُ: إلَّا لِرِيبَةٍ) أَيْ تَنْشَأُ مِنْ عَدَمِ تَزْوِيجِهَا كَفُجُورِهَا بِهِ

وَلِيًّا وَتَقَدَّمَ غَيْرُهُ عَلَيْهِ لَا يَسْلِبُ كَوْنَهُ وَلِيًّا. (وَلَوْ) (زَوَّجَهَا الْأَقْرَبُ) غَيْرَ كُفْءٍ (بِرِضَاهَا) (فَلَيْسَ لِلْأَبْعَدِ اعْتِرَاضٌ) إذْ لَا حَقَّ لَهُ الْآنَ فِي الْوِلَايَةِ، وَلَا نَظَرَ لِتَضَرُّرِهِ بِلُحُوقِ الْعَارِ لِنَسَبِهِ لِأَنَّ الْقَرَابَةَ يَكْثُرُ انْتِشَارُهَا فَيَشُقُّ اعْتِبَارُ رِضَا الْكُلِّ وَلَا ضَابِطَ لِدُونِهِ فَيُقَيَّدُ الْأَمْرُ بِالْأَقْرَبِ، وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا لَوْ كَانَ الْأَقْرَبُ نَحْوَ صَغِيرٍ، أَوْ مَجْنُونٍ، فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ حِينَئِذٍ رِضَا الْأَبْعَدِ لِأَنَّهُ الْوَلِيُّ وَالْأَقْرَبُ كَالْعَدَمِ (وَلَوْ) (زَوَّجَهَا أَحَدُهُمْ) أَيْ الْمُسْتَوِينَ (بِهِ) أَيْ غَيْرِ الْكُفْءِ لِغَيْرِ جَبٍّ، أَوْ عُنَّةٍ (بِرِضَاهَا دُونَ رِضَاهُمْ) أَيْ الْبَاقِينَ وَلَمْ يَرْضَوْا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ (لَمْ يَصِحَّ) وَإِنْ جَهِلَ الْعَاقِدُ عَدَمَ كَفَاءَتِهِ لِأَنَّ الْحَقَّ لِجَمِيعِهِمْ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ التَّنَقِّي مِنْ الْعُيُوبِ شَرْطٌ لِلْكَفَاءَةِ فِي الْجُمْلَةِ وَلَوْ بِجَبٍّ، أَوْ عُنَّةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَاهَا وَيُكْتَفَى بِهِ إذَا رَضِيَتْ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْأَوْلِيَاءُ (وَفِي قَوْلٍ يَصِحُّ وَلَهُمْ الْفَسْخُ) لِأَنَّ النَّقْصَ يَقْتَضِي الْخِيَارَ فَقَطْ كَعَيْبِ الْمَبِيعِ وَيُرَدُّ بِوُضُوحِ الْفَرْقِ، نَعَمْ لَوْ رَضُوا بِتَزْوِيجِهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ ثُمَّ خَالَعَهَا الزَّوْجُ ثُمَّ زَوَّجَهَا أَحَدُهُمْ مِنْ الْمُطَلِّقِ بِرِضَاهَا دُونَ رِضَا الْبَاقِينَ صَحَّ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِرِضَاهُمْ بِهِ أَوَّلًا وَإِنْ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ بِمُقَابِلِهِ وَفِي مَعْنَى الْمُخْتَلِعِ الْفَاسِخُ وَالْمُطَلِّقُ رَجْعِيًّا إذَا أَعَادَهَا بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا وَالْمُطَلِّقُ قَبْلَ الدُّخُولِ. (وَيُجْرَى الْقَوْلَانِ فِي) (تَزْوِيجِ الْأَبِ) ، أَوْ الْجَدِّ (بِكْرًا صَغِيرَةً، أَوْ بَالِغَةً غَيْرَ كُفْءٍ بِغَيْرِ رِضَاهَا) أَيْ الْبَالِغَةِ الْمُجْبَرَةِ بِالنِّكَاحِ (فَفِي الْأَظْهَرِ) التَّزْوِيجُ (بَاطِلٌ) لِوُقُوعِهِ عَلَى خِلَافِ الْغِبْطَةِ (وَفِي الْآخَرِ يَصِحُّ وَلِلْبَالِغَةِ الْخِيَارُ) حَالًا (وَلِلصَّغِيرَةِ) الْخِيَارُ (إذَا بَلَغَتْ) لِمَا مَرَّ أَنَّ النَّقْصَ إنَّمَا يَقْتَضِي الْخِيَارَ وَيَجْرِي الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي تَزْوِيجِ غَيْرِ الْمُجْبِرِ إذَا أَذِنَتْ فِي التَّزْوِيجِ مُطْلَقًا، وَقِيلَ لَا خِيَارَ، وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْخِيَارِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ هُنَاكَ إذْنٌ فِي مُعَيَّنٍ مِنْهَا، أَوْ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ كَفَى ذَلِكَ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ كُفْءٍ، ثُمَّ قَدْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ وَقَدْ. ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ فِي رَمَضَانَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ سِنَّهَا حِينَئِذٍ يَزِيدُ عَلَى مُدَّةِ الْبُلُوغِ بِالسِّنِّ، وَلَكِنْ فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّهَا وُلِدَتْ سَنَةَ إحْدَى وَأَرْبَعِينَ مِنْ مَوْلِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَكُونُ وِلَادَتُهَا حِينَئِذٍ سَنَةَ الْمَبْعَثِ النَّبَوِيِّ، وَعَلَيْهِ فَلَا يُقَالُ إنَّهَا زُوِّجَتْ دُونَ الْبُلُوغِ فَلَا يُعْتَدُّ بِإِذْنِهَا لِجَوَازِ أَنَّهَا بَلَغَتْ بِالسِّنِّ أَيْضًا، أَوْ بِالْحَيْضِ (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ غَيْرُهُ) جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ وَقَوْلُهُ لَا يُسْلَبُ كَوْنَهُ وَلِيًّا: أَيْ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: وَلَا ضَابِطَ لِدُونِهِ) أَيْ الْأَقْرَبِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ الْأَبْعَدُ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا اسْتَثْنَاهُ الْبَغَوِيّ) كَذَا فِي نُسْخَةٍ، وَالْأَوْلَى إسْقَاطُهُ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ إلَخْ عَلَى أَنَّ هَذِهِ النُّسْخَةَ مَضْرُوبٌ عَلَيْهَا بِخَطِّ الْمُؤَلِّفِ (قَوْلُهُ: وَيُكْتَفَى بِهِ إذَا رَضِيَتْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ رَضُوا بِتَزْوِيجِهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَكَانَ الْأَوْلَى عَدَمُ الِاسْتِدْرَاكِ. وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ: قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ رَضُوا إلَخْ مِنْهُ مَا لَوْ جَهِلُوا الْكَفَاءَةَ حَالَةَ الْعَقْدِ ثُمَّ عَلِمُوا بِعَدَمِهَا وَلَمْ يَفْسَخُوا (قَوْلُهُ: دُونَ رِضَا الْبَاقِينَ صَحَّ) أَيْ خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: وَالْمُطَلِّقُ قَبْلَ الدُّخُولِ) بَقِيَ مَا لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَتَزَوَّجَتْ بِآخَرَ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي تَزْوِيجِهَا مِنْهُ لِرِضَا الْبَاقِينَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إذْ لَا حَقَّ لَهُ الْآنَ فِي الْوِلَايَةِ) أَيْ فِي التَّصَرُّفِ بِهَا وَلَا يُزَوِّجُ وَإِلَّا لَنَا فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ وَلِيًّا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا ضَابِطَ لِدُونِهِ) أَيْ دُونَ رِضَا الْكُلِّ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ إلَخْ) اُنْظُرْ مِنْ أَيْنَ عُلِمَ وَمَا الدَّاعِي إلَى هَذَا هُنَا مَعَ أَنَّهُ سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ وَهُوَ سَاقِطٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ: وَتَكْتَفِي بِهِ) أَيْ بِرِضَاهَا فِي الْجَبِّ وَالْعُنَّةِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إلَخْ) هُوَ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَلَمْ يَرْضَوْا بِهِ أَوَّلَ مُرَّةٍ (قَوْلُهُ بِالنِّكَاحِ) مُتَعَلِّقٌ بِرِضَاهَا (قَوْلُهُ: مِنْهَا)

وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا مَتَى ظَنَّتْ كَفَاءَتَهُ فَلَا خِيَارَ إلَّا إنْ بَانَ مَعِيبًا أَوْ رَقِيقًا، وَهَذَا مُجْمَلُ قَوْلِ الْبَغَوِيّ لَوْ أَطْلَقَتْ الْإِذْنَ لِوَلِيِّهَا: أَيْ فِي مُعَيَّنٍ فَبَانَ الزَّوْجُ غَيْرَ كُفْءٍ تَخَيَّرَتْ، وَلَوْ زَوَّجَهَا الْمُجْبِرُ غَيْرَ كُفْءٍ ثُمَّ ادَّعَى صِغَرَهَا الْمُمْكِنَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَبَانَ بُطْلَانُ النِّكَاحِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ الْقَوْلُ قَوْلَ الزَّوْجِ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ لِلصِّحَّةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِصْحَابُ الصِّغَرِ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ، وَلِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ انْتِفَاءِ الْمَانِعِ لَا يُؤَثِّرُ مُبَاشَرَةُ الْوَلِيِّ لِلْعَقْدِ الْفَاسِدِ فِي تَصْدِيقِهِ لِأَنَّ الْحَقَّ لِغَيْرِهِ مَعَ عَدَمِ انْعِزَالِهِ عَنْ الْوِلَايَةِ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ سَفِيرٌ وَكَذَا تُصَدَّقُ الزَّوْجَةُ إذَا بَلَغَتْ ثُمَّ ادَّعَتْ صِغَرَهَا حَالَ عَقْدِ الْمُجْبِرِ عَلَيْهَا بِغَيْرِ الْكُفْءِ. (وَلَوْ) (طَلَبَتْ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا) سِوَى الْحَاكِمِ لِعَدَمِ غَيْرِهِ أَوْ لِفَقْدِ شَرْطِهِ النَّاقِلِ لَهُ (أَنْ يُزَوِّجَهَا السُّلْطَانُ) الشَّامِلُ لِلْقَاضِي وَنَائِبِهِ وَلَوْ فِي مُعَيَّنٍ كَمَا مَرَّ حَيْثُ أَطْلَقَ (بِغَيْرِ كُفْءٍ فَفَعَلَ لَمْ يَصِحَّ) التَّزْوِيجُ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ الِاحْتِيَاطِ مِمَّنْ هُوَ كَالنَّائِبِ عَنْ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ بَلْ وَعَنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَهُمْ حَظٌّ فِي الْكَفَاءَةِ. وَالثَّانِي يَصِحُّ كَالْوَلِيِّ الْخَاصِّ، وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَزَعَمَ أَنَّ مَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ لَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ، وَلَيْسَ لِلشَّافِعِيِّ نَصٌّ شَاهِدٌ لَهُ وَلَا وَجْهَ لَهُ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، وَخَبَرُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ لَا يُنَافِيهِ إذْ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَوَّجَهَا أُسَامَةَ بَلْ أَشَارَ عَلَيْهَا بِهِ وَلَا يُدْرَى مَنْ زَوَّجَهَا فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ زَوَّجَهَا وَلِيٌّ خَاصٌّ بِرِضَاهُمَا وَخَصَّ جَمْعٌ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ تَزْوِيجُهُ لِنَحْوِ غَيْبَةِ الْوَلِيِّ، أَوْ عَقْلِهِ أَوْ إحْرَامِهِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ قَطْعًا لِبَقَاءِ حَقِّهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ طَلَبَتْ وَلَمْ يُجِبْهَا الْقَاضِي فَهَلْ لَهَا تَحْكِيمُ عَدْلٍ لِيُزَوِّجَهَا مِنْهُ لِلضَّرُورَةِ، أَوْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ كَالْقَاضِي؟ مَحَلُّ نَظَرٍ، وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ ذَلِكَ إلَى فَسَادِهَا وَلِأَنَّهُ لَيْسَ كَالنَّائِبِ بِاعْتِبَارَيْهِ السَّابِقَيْنِ. (وَخِصَالُ الْكَفَاءَةِ) أَيْ الصِّفَاتُ الْمُعْتَبَرَةُ فِيهَا لِيُعْتَبَرَ مِثْلُهَا فِي الزَّوْجِ خَمْسٌ وَالْعِبْرَةُ فِيهَا بِحَالَةِ الْعَقْدِ، نَعَمْ تَرْكُ الْحِرْفَةِ الدَّنِيئَةِ قَبْلَهُ لَا يُؤَثِّرُ إلَّا إنْ مَضَتْ سَنَةٌ كَمَا أَطْلَقَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَيُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ. (قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا مَتَى ظَنَّتْ إلَخْ) وَبِهِ يُجَابُ عَمَّا اُعْتُرِضَ بِهِ بِأَنَّ مَا هُنَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي بَابِ الْخِيَارِ مِنْ أَنَّهُ إذَا زَوَّجَهَا بِمَعِيبٍ فَإِنْ عَلِمَتْ عَيْبَهُ قَبْلَ النِّكَاحِ فَلَا خِيَارَ لَهَا وَإِنْ جَهِلَتْ ثَبَتَ الْخِيَارُ وَثُبُوتُهُ فَرْعُ صِحَّةِ النِّكَاحِ، وَمَا هُنَا يَقْتَضِي بُطْلَانَهُ لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ بَانَ مَعِيبًا) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَانَ فَاسِقًا، أَوْ دَنِيءَ النَّسَبِ أَوْ الْحِرْفَةِ مَثَلًا فَلَا خِيَارَ لَهَا حَيْثُ أَذِنَتْ فِيهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ زُوِّجَتْ مِنْ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِهَا فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ: ثُمَّ ادَّعَى صِغَرَهَا) أَيْ الْمُجْبِرُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِصْحَابُ الصِّغَرِ) وَمُقْتَضَى هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الزَّوْجُ وَادَّعَى وَارِثُهُ صِغَرَهَا حَتَّى لَا تَرِثَ لِبُطْلَانِ الْعَقْدِ صُدِّقَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ سَفِيرٌ) وَفِي نُسْخَةٍ لِأَنَّهَا صَغِيرَةٌ وَهُوَ أَصْوَبُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ مُبَاشَرَتِهِ لِلْعَقْدِ الْفَاسِدِ عِلْمُهُ بِفَسَادِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا تُصَدَّقُ الزَّوْجَةُ) قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي السَّفِيهَةِ وَنَحْوِهَا أَنَّ مَحَلَّ مَا ذُكِرَ إذَا لَمْ تُمَكِّنْهُ بَعْدَ بُلُوغِهَا مُخْتَارَةً. (قَوْلُهُ حَيْثُ أَطْلَقَ) أَيْ السُّلْطَانُ وَقَوْلُهُ وَلَهُمْ حَظٌّ أَيْ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: بِرِضَاهُمَا) أَيْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ قَوْلُهُ وَخَصَّ جَمْعٌ ذَلِكَ: أَيْ الثَّانِيَ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ طَلَبَتْ) مَفْهُومُهُ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَطْلُبْ وَحَكَمَتْ ابْتِدَاءً لَا يَصِحُّ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ يَكْفِي عِلْمُهَا بِامْتِنَاعِهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُجِبْهَا الْقَاضِي) أَيْ وَلَيْسَ ثَمَّ قَاضٍ يَرَى تَزْوِيجَهَا مِنْ غَيْرِ الْكُفْءِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: لِيُزَوِّجَهَا مِنْهُ) أَيْ غَيْرِ الْكُفْءِ (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارَيْهِ السَّابِقَيْنِ) وَهُمَا النِّيَابَةُ عَنْ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ بَلْ وَعَنْ الْمُسْلِمِينَ. (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَبَرَةُ فِيهَا) أَيْ فِي الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ وَالْعِبْرَةُ فِيهَا) أَيْ الصِّفَاتِ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ مَضَتْ سَنَةٌ) وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْحِرْفَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْخِصَالِ حَيْثُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا ذَلِكَ عَلَى مَا يَأْتِي ـــــــــــــــــــــــــــــQتَقَدَّمَ هَذَا قَرِيبًا (قَوْلُهُ: مَتَى ظَنَّتْ كَفَاءَتَهُ) أَيْ وَهُوَ مُعَيَّنٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التَّفْسِيرِ الْآتِي (قَوْلُهُ: أَوْ لِفَقْدِ شَرْطِهِ) أَيْ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: النَّاقِلِ) وَصْفٌ لِلْفَقْدِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي مُعَيَّنٍ) غَايَةٌ فِي النَّائِبِ: أَيْ وَإِنْ كَانَ النَّائِبُ نَائِبَهُ فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ: أَيْ شَامِلٍ لِلْأَنْكِحَةِ، وَقَوْلُهُ حَيْثُ أُطْلِقَ مُتَعَلِّقٌ بِالشَّامِلِ (قَوْلُهُ: الْمُعْتَبَرَةُ فِيهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: لِيُعْتَبَرَ مِثْلُهَا فِي الزَّوْجِ) اُنْظُرْهُ مَعَ مَا سَيَأْتِي فِي التَّخْيِيرِ بِنَحْوِ الْبَرَصِ وَإِنْ كَانَ الْآخِرُ أَبْرَصَ

جَمْعٌ وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ تَلَبَّسَ بِغَيْرِهَا بِحَيْثُ زَالَ عَنْهُ اسْمُهَا وَلَمْ يُنْسَبْ إلَيْهَا أَصْلًا، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ زَمَنٍ يَقْطَعُ نِسْبَتَهَا عَنْهُ بِحَيْثُ صَارَ لَا يُعَيَّرُ بِهَا، وَقَدْ بَحَثَ ابْنُ الْعِمَادِ وَالزَّرْكَشِيُّ أَنَّ الْفَاسِقَ إذَا تَابَ لَا يُكَافِئُ الْعَفِيفَةَ، وَصَرَّحَ ابْنُ الْعِمَادِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِأَنَّ الزَّانِيَ الْمُحْصَنَ وَإِنْ تَابَ وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ لَا يَعُودُ كُفْءً كَمَا لَا تَعُودُ عِفَّتُهُ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِأَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ لَيْسَ بِكُفْءٍ لِلرَّشِيدَةِ وَبِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِحَالَةِ الْعَقْدِ عُلِمَ أَنَّ طُرُوءَ الْحِرْفَةِ الدَّنِيئَةِ لَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ وَهُوَ الْأَوْجَهُ لِأَنَّ الْخِيَارَ فِي النِّكَاحِ بَعْدَ صِحَّتِهِ لَا يُوجَدُ إلَّا بِالْأَسْبَابِ الْخَمْسَةِ الْآتِيَةِ فِي بَابِهِ وَبِالْعِتْقِ تَحْتَ رَقِيقٍ وَلَيْسَ طُرُوءُ ذَلِكَ وَاحِدًا مِنْ هَذِهِ وَلَا فِي مَعْنَاهَا وَأَمَّا قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ يَنْبَغِي الْخِيَارُ إذَا تَجَدَّدَ الْفِسْقُ فَمَرْدُودٌ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ وَغَيْرُهُمَا نَعَمْ طُرُوءُ الرِّقِّ يُبْطِلُ النِّكَاحَ وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ تَتَخَيَّرُ بِهِ وَهُمْ أَحَدُهَا (سَلَامَةٌ) لِلزَّوْجِ (مِنْ الْعُيُوبِ الْمُثْبِتَةِ لِلْخِيَارِ) فَمَنْ بِهِ جُنُونٌ، أَوْ جُذَامٌ، أَوْ بَرَصٌ لَا يُكَافِئُ وَلَوْ مَنْ بِهَا ذَلِكَ وَإِنْ اتَّحَدَ النَّوْعُ وَكَانَ مَا بِهَا أَقْبَحَ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَعَافُ مِنْ غَيْرِهِ مَا لَا يَعَافُهُ مِنْ نَفْسِهِ، أَوْ جَبٌّ أَوْ عُنَّةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا يُكَافِئُ وَلَوْ رَتْقَاءَ، أَوْ قَرْنَاءَ. أَمَّا الْعُيُوبُ الَّتِي لَا تُثْبِتُ الْخِيَارَ فَلَا تُؤَثِّرُ كَعَمًى وَقَطْعِ أَطْرَافٍ وَتَشَوُّهِ صُورَةٍ خِلَافًا لِجَمْعٍ مُتَقَدِّمِينَ، بَلْ قَالَ الْقَاضِي يُؤَثِّرُ كُلُّ مَا يَكْسِرُ سَوْرَةَ التَّوَقَانِ وَالرُّويَانِيُّ لَيْسَ الشَّيْخُ كُفْءً لِلشَّابَّةِ وَاخْتِيرَ وَكُلُّ ذَلِكَ ضَعِيفٌ لَكِنْ يَنْبَغِي مُرَاعَاتُهُ، بِخِلَافِ زَعْمِ قَوْمٍ رِعَايَةَ الْبَلَدِ فَلَا يُكَافِئُ جَبَلِيٌّ بَلَدِيًّا فَلَا يُرَاعَى لِأَنَّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَظَاهِرُ مَا مَرَّ أَنَّ التَّنَقِّي مِنْ الْعُيُوبِ مُعْتَبَرٌ فِي الزَّوْجَيْنِ خَاصَّةً دُونَ آبَائِهِمَا فَابْنُ الْأَبْرَصِ كُفْءٌ لِمَنْ أَبُوهَا سَلِيمٌ ذَكَرَهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْإِشْرَافِ وَالْأَقْرَبُ خِلَافُهُ فَلَا يَكُونُ كُفْءً لَهَا لِأَنَّهَا تُعَيَّرُ بِهِ (وَ) ثَانِيهَا (حُرِّيَّةٌ، فَالرَّقِيقُ) أَيْ مَنْ بِهِ رِقٌّ وَإِنْ قَلَّ (لَيْسَ كُفُؤًا لِحُرَّةٍ) وَلَوْ عَتِيقَةٍ وَلَا لِمُبَعَّضَةِ لِأَنَّهَا مَعَ تَعَيُّرِهَا بِهِ تَتَضَرَّرُ بِإِنْفَاقِهِ نَفَقَةَ الْمُعْسِرِينَ (وَالْعَتِيقُ لَيْسَ كُفُؤًا لِحُرَّةٍ أَصْلِيَّةٍ) لِنَقْصِهِ عَنْهَا، وَوُجُودُ نَحْوِ امْرَأَةٍ، أَوْ مِلْكٍ فِيهِ لَا يَنْفِي عَنْهُ وَصْمَةَ الرِّقِّ فَانْدَفَعَ مَا لِكَثِيرٍ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي الْفَاسِقِ أَنَّهُ لَا يُعَدُّ تَارِكًا لِحِرْفَتِهِ عُرْفًا إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ تِلْكَ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ إذَا تَابَ لَا يُكَافِئُ الْعَفِيفَةَ) خِلَافًا لحج ظَاهِرُهُ وَإِنْ مَضَى مِنْ تَوْبَتِهِ سُنُونَ، وَفِي حَجّ أَنَّ مَا أَطْلَقَهُ ابْنُ الْعِمَادِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَمْضِ لَهُ سَنَةٌ اهـ. وَيُوَجَّهُ إطْلَاقُ الشَّارِحِ بِأَنَّ ثُلْمَةَ الْعِرْضِ الْحَاصِلَةِ بِالزِّنَا لَا تَنْسَدُّ بِالتَّوْبَةِ، وَلِذَا لَا يَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْهُ بِالتَّوْبَةِ وَإِنْ طَالَتْ مُدَّتُهَا، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ حَجّ عَلَى غَيْرِ الزِّنَا فَيَكُونُ مُقَيِّدًا لِإِطْلَاقِ الشَّارِحِ، وَعَلَيْهِ فَالزَّانِي لَا يَكُونُ كُفْءً لِلْعَفِيفَةِ وَإِنْ تَابَ وَإِنْ كَانَ بِكْرًا، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ ابْنِ الْعِمَادِ: الزَّانِي الْمُحْصَنُ لَا يَكُونُ كُفْءً وَإِنْ تَابَ فِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ، وَهُوَ أَنَّ غَيْرَ الزَّانِي إذَا تَابَ وَمَضَتْ مُدَّةُ الِاسْتِبْرَاءِ كَافَأَ الْعَفِيفَةَ، وَأَنَّ غَيْرَ الْمُحْصَنِ لَا يُكَافِئُ الْعَفِيفَةَ وَإِنْ تَابَ كَالْمُحْصَنِ، وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ الْعِمَادِ إلَخْ تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا وَالْعِبْرَةُ فِيهَا بِحَالَةِ الْعَقْدِ. [فَرْعٌ] وَقَعَ فِي الدَّرْسِ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ جَاءَتْ امْرَأَةٌ مَجْهُولَةُ النَّسَبِ إلَى الْحَاكِمِ وَطَلَبَتْ مِنْهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ ذِي الْحِرْفَةِ الدَّنِيئَةِ وَنَحْوِهَا فَهَلْ يُجِيبُهَا أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ الثَّانِي لِلِاحْتِيَاطِ لِأَمْرِ النِّكَاحِ فَلَعَلَّهَا تُنْسَبُ إلَى ذِي حِرْفَةٍ شَرِيفَةٍ، وَبِفَرْضِ ذَلِكَ فَتَزْوِيجُهَا مِنْ ذِي الْحِرْفَةِ الدَّنِيئَةِ بَاطِلٌ وَالنِّكَاحُ يُحْتَاطُ لَهُ (قَوْلُهُ بِأَنَّ الزَّانِيَ الْمُحْصَنَ) وَمِثْلُهُ الْبِكْرُ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الزِّنَا اللِّوَاطُ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ طُرُوُّ ذَلِكَ) أَيْ الْحِرْفَةُ الدَّنِيئَةُ (قَوْلُهُ: تَتَخَيَّرُ بِهِ) أَيْ طُرُوُّ الرِّقِّ (قَوْلُهُ: قَالَ الْقَاضِي يُؤَثِّرُ) أَيْ فِي الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ خِلَافُهُ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: وَلَا لِمُبَعَّضَةٍ) أَيْ إذَا نَقَصَتْ حُرِّيَّتُهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا سَاوَتْ، أَوْ زَادَتْ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ كَذَا بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَنَّ الْفَاسِقَ إذَا تَابَ لَا يُكَافِئُ الْعَفِيفَةَ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْفِسْقُ بِغَيْرِ الزِّنَا كَمَا أَفْتَى بِهِ وَالِدُ الشَّارِحِ خِلَافًا لِحَجِّ وَإِنْ تَبِعَهُ الزِّيَادِيُّ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ خِلَافُهُ) قَدْ يُتَوَقَّفُ فِي هَذِهِ الْأَقْرَبِيَّةِ خُصُوصًا فِي نَحْوِ الْعُنَّةِ لَا سِيَّمَا

الْمُتَأَخِّرِينَ هُنَا، وَكَذَا لَا يُكَافِئُ مَنْ عَتَقَ بِنَفْسِهِ مَنْ عَتَقَ أَبُوهَا وَلَا مَنْ مَسَّ الرِّقُّ أَحَدَ آبَائِهِ، أَوْ أَبًا لَهُ أَقْرَبُ مِنْ لَمْ يَمَسَّ أَحَدَ آبَائِهَا، أَوْ مَسَّ لَهَا أَبًا أَبْعَدَ وَلَا أَثَرَ لِمَسِّهِ الْأُمَّ (وَ) ثَالِثُهَا (نَسَبٌ) وَالْعِبْرَةُ فِيهِ بِالْآبَاءِ كَالْإِسْلَامِ فَلَا يُكَافِئُ مَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ، أَوْ لَهُ أَبَوَانِ فِي الْإِسْلَامِ مَنْ أَسْلَمَتْ بِأَبِيهَا، أَوْ كَانَ لَهَا ثَلَاثَةُ آبَاءٍ فِيهِ، وَمَا لَزِمَ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ الصَّحَابِيَّ لَا يَكُونُ كُفْءً لِابْنَةِ التَّابِعِيِّ صَحِيحٌ لَا زَلَلَ فِيهِ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ بَعْضَ خِصَالٍ لَا يُقَابَلُ بِبَعْضٍ فَانْدَفَعَ مَا لِلْأَذْرَعِيِّ هُنَا وَاعْتُبِرَ النَّسَبُ فِي الْآبَاءِ لِأَنَّ الْعَرَبَ تَفْتَخِرُ بِهِ فِيهِمْ دُونَ الْأُمَّهَاتِ فَمَنْ انْتَسَبَتْ لِمَنْ تَشْرُفُ بِهِ لَا يُكَافِئُهَا مَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَحِينَئِذٍ (فَالْعَجَمِيُّ) أَبًا وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ عَرَبِيَّةً (لَيْسَ كُفْءَ عَرَبِيَّةٍ) وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهَا عَجَمِيَّةً لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى اصْطَفَى الْعَرَبَ عَلَى غَيْرِهِمْ وَمَيَّزَهُمْ عَنْهُمْ بِفَضَائِلَ جَمَّةٍ كَمَا صَحَّتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ (وَلَا غَيْرُ قُرَشِيٍّ) مِنْ الْعَرَبِ (قُرَشِيَّةٍ) أَيْ كُفْءَ قُرَشِيَّةٍ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى اصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ الْمُصْطَفَيْنَ مِنْ الْعَرَبِ كَمَا يَأْتِي (وَلَا غَيْرُ هَاشِمِيٍّ وَمُطَّلِبِيٍّ) كُفْءً (لَهُمَا) لِخَبَرِ «إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى مِنْ الْعَرَبِ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ كِنَانَةَ قُرَيْشًا، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ» وَصَحَّ خَبَرُ «نَحْنُ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ» فَهُمَا مُتَكَافِئَانِ، نَعَمْ أَوْلَادُ فَاطِمَةَ مِنْهُمْ لَا يُكَافِئُهُمْ غَيْرُهُمْ مِنْ بَقِيَّةِ بَنِي هَاشِمٍ لِأَنَّ مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ أَوْلَادَ بَنَاتِهِ يَنْتَسِبُونَ إلَيْهِ فِي الْكَفَاءَةِ وَغَيْرِهَا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَبِهِ يُرَدُّ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّهُمْ أَكْفَاءُ لَهُمْ كَمَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ، وَقَدْ يُتَصَوَّرُ تَزْوِيجُ هَاشِمِيَّةٍ بِرَقِيقٍ وَدَنِيءِ النَّسَبِ بِأَنْ يَتَزَوَّجَ هَاشِمِيٌّ أَمَةً بِشَرْطِهِ فَتَلِدَ بِنْتًا فَهِيَ مِلْكٌ لِمَالِكِ أُمِّهَا فَيُزَوِّجُهَا مِنْ رَقِيقٍ وَدَنِيء نَسَبٍ لِأَنَّ وَصْمَةَ الرِّقِّ الثَّابِتِ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ أَلْغَتْ اعْتِبَارَ كُلِّ كَمَالٍ مَعَهُ مَعَ كَوْنِ الْحَقِّ فِي الْكَفَاءَةِ فِي النَّسَبِ لِسَيِّدِهَا لَا لَهَا عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ حَتَّى لَا يُنَافِيَهُ قَوْلُهُمَا فِي تَزْوِيجِ أَمَةٍ عَرَبِيَّةٍ نَحْوَ عَجَمِيٍّ، الْخِلَافُ فِي مُقَابَلَةِ بَعْضِ الْخِصَالِ بِبَعْضٍ الظَّاهِرُ فِي امْتِنَاعِ نِكَاحِهَا، وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ لِأَنَّ مَحَلَّ الْأَوَّلِ فِي تَزْوِيجِ الْمَالِكِ وَالثَّانِي فِي تَزْوِيجِ الْحَاكِمِ (وَالْأَصَحُّ اعْتِبَارُ النَّسَبِ فِي الْعَجَمِ كَالْعَرَبِ) قِيَاسًا عَلَيْهِمْ فَالْفُرْسُ أَفْضَلُ مِنْ النَّبَطِ وَبَنُو إسْرَائِيلَ أَفْضَلُ مِنْ الْقِبْطِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَلَا عِبْرَةَ بِالِانْتِسَابِ لِلظَّلَمَةِ، بِخِلَافِ الرُّؤَسَاءِ بِإِمْرَةٍ جَائِزَةٍ وَنَحْوِهَا لِأَنَّ أَقَلَّ مَرَاتِبِهَا أَنْ تَكُونَ كَالْحِرَفِ، وَقَوْلُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَهُوَ قَرِيبٌ، ثُمَّ رَأَيْته فِي الْخَطِيبِ وَحَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ لِلرَّمْلِيِّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ أَوْلَادُ فَاطِمَةَ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُتَصَوَّرُ) هُوَ فِي مَعْنَى الِاسْتِدْرَاكِ (قَوْلُهُ: حَتَّى لَا يُنَافِيَهُ) حَتَّى هُنَا تَعْلِيلِيَّةٌ، وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِمْ لِأَنَّ وَصْمَةَ الرِّقِّ الثَّابِتِ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِبَعْضِ الظَّاهِرِ) صِفَةٌ لِلْخِلَافِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَحَلَّ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ وَقَدْ يُتَصَوَّرُ تَزْوِيجُ هَاشِمِيَّةٍ بِرَقِيقٍ. وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ فِي تَزْوِيجِ أَمَةٍ عَرَبِيَّةٍ بِحُرٍّ عَجَمِيٍّ، وَيُصَوَّرُ تَزْوِيجُ الْحَاكِمِ لِلْأُمَّةِ بِمَا إذَا كَانَ مَالِكُ الْأَمَةِ امْرَأَةً وَوَلِيُّهَا الْحَاكِمُ فَإِنَّهُ يُزَوِّجُ أَمَتَهَا بِإِذْنٍ مِنْهَا، وَقَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِالْحَاكِمِ أَنَّ وَلِيَّ الْمَرْأَةِ لَوْ كَانَ غَيْرَ الْحَاكِمِ يُزَوِّجُهَا مِنْ رَقِيقٍ بِإِذْنٍ مِنْ سَيِّدَتِهَا وَإِنْ كَانَتْ عَرَبِيَّةً، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا نَصُّهُ: جَوَابًا عَنْ الْإِشْكَالِ: وَقَدْ يُعْتَذَرُ بِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بَيَانُ عَدَمِ الْكَفَاءَةِ لِيَجْتَنِبَ ذَلِكَ غَيْرُ السَّيِّدِ كَوَكِيلِهِ فِي تَزْوِيجِ أَمَتِهِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ يَقَعُ وَكَمَا فِي تَزْوِيجِ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ أَمَتَهَا اهـ. أَيْ وَتَوَلَّى السَّيِّدُ، وَمَا فِي آخِرِ الْفَصْلِ: أَيْ مِنْ صِحَّةِ تَزْوِيجِهَا لِلرَّقِيقِ مَحْمُولٌ عَلَى السَّيِّدِ، وَهَذَا الِاعْتِذَارُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْ النَّبَطِ) طَائِفَةٌ مَنْزِلُهُمْ شَاطِئُ الْفُرَاتِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْقِبْطِ) بِكَسْرِ الْقَافِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ بِامْرَأَةٍ جَائِزَةٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَ أَهْلًا لَهَا (قَوْلُهُ وَنَحْوِهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQإذَا كَانَ حُصُولُهَا فِي الْأَبِ لِطَعْنِهِ فِي السِّنِّ (قَوْلُهُ: حَتَّى لَا يُنَافِيَهُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ مَعَ كَوْنِ إلَخْ الَّذِي حَصَلَ بِهِ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا، فَالضَّمِيرُ فِي يُنَافِيَهُ يَرْجِعُ لِأَصْلِ الْحُكْمِ فِي هَذِهِ الَّذِي هُوَ جَوَازُ تَزْوِيجِ السَّيِّدِ أَمَتَهُ إلَخْ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: إنَّمَا أَتَيْنَا بِهَذِهِ الْمَعِيَّةِ حَتَّى لَا يُنَافِيَ مَا جَزَمَا بِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا قَالَاهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُخْرَى، وَهَذَا أَصْوَبُ مِمَّا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: فِي تَزْوِيجِ أَمَةٍ إلَخْ) هُوَ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ لِلْخِلَافِ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَقُولِ الْقَوْلِ، وَقَوْلُهُ الظَّاهِرُ وَصْفٌ لِقَوْلِهِمَا وَهَذَا أَصْوَبُ مِمَّا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الرُّؤَسَاءِ بِإِمْرَةٍ جَائِزَةٍ) قَالَ الشَّيْخُ: بِأَنْ

التَّتِمَّةِ وَلِلْعَجَمِ عُرْفٌ فِي النَّسَبِ فَيُعْتَبَرُ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ مَا ذَكَرُوهُ مِمَّا مَرَّ كَتَقْدِيمِ بَنِي إسْرَائِيلَ، وَكَذَا مَا قِيسَ بِذَلِكَ مِنْ اعْتِبَارِ عُرْفِهِمْ فِي الْحِرَفِ أَيْضًا يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ مَا يَأْتِي عَنْهُمْ مِنْ أَنَّهُ رَفِيعٌ، أَوْ دَنِيءٌ وَإِلَّا لَمْ يُعْتَبَرْ بِعُرْفٍ لَهُمْ وَلَا لِغَيْرِهِمْ، خَالَفَ مَا ذَكَرَهُ الْأَئِمَّةُ لِأَنَّهُمْ أَعْلَمُ بِالْعُرْفِ وَهُوَ بَعْدَ أَنْ عَرَفُوهُ وَقَرَّرُوهُ لَا نَسْخَ فِيهِ. وَالثَّانِي لَا يُعْتَبَرُ فِيهِمْ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْتَنُونَ بِحِفْظِ الْأَنْسَابِ وَلَا يُدَوِّنُونَهَا بِخِلَافِ الْعَرَبِ (وَ) رَابِعُهَا (عِفَّةٌ) عَنْ الْفِسْقِ فِيهِ وَفِي آبَائِهِ (فَلَيْسَ فَاسِقٌ) وَلَوْ ذِمِّيًّا فَاسِقًا فِي دِينِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ، أَوْ مُبْتَدِعٌ وَلَا ابْنُ أَحَدِهِمَا وَإِنْ سَفَلَ (كُفْءَ عَفِيفَةٍ) أَوْ سُنِّيَّةٍ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الرُّويَانِيُّ وَأَقَرَّاهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ} [السجدة: 18] وَغَيْرُ الْفَاسِقِ وَلَوْ مَسْتُورًا كُفْءٌ لَهُمَا وَغَيْرُ مَشْهُورٍ بِالصَّلَاحِ كُفْءٌ لِلْمَشْهُورَةِ بِهِ وَفَاسِقٌ كُفْءٌ لِفَاسِقَةٍ مُطْلَقًا إلَّا إنْ زَادَ فِسْقُهُ، أَوْ اخْتَلَفَ نَوْعُهُمَا كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَمُنَازَعَةُ الزَّرْكَشِيّ مَرْدُودَةٌ بِظُهُورِ الْفَرْقِ وَيُجْرَى ذَلِكَ فِي كُلِّ مُبْتَدِعٍ وَمُبْتَدِعَةٍ (وَ) خَامِسُهَا (حِرْفَةٌ) فِيهِ، أَوْ فِي أَحَدٍ مِنْ آبَائِهِ وَهِيَ مَا يُتَحَرَّفُ بِهِ لِطَلَبِ الرِّزْقِ مِنْ الصَّنَائِعِ وَغَيْرِهَا، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ بَاشَرَ صَنْعَةً دَنِيئَةً لَا عَلَى جِهَةِ الْحِرْفَةِ بَلْ لِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ مُقَابِلٍ لَا يُؤَثِّرُ ذَلِكَ فِيهِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي أَنَّ مَنْ بَاشَرَ نَحْوَ ذَلِكَ اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ لَا تَنْخَرِمُ بِهِ مُرُوءَتُهُ (فَصَاحِبُ حِرْفَةٍ دَنِيئَةٍ) بِالْهَمْزِ وَالْمَدِّ وَهِيَ مَا دَلَّتْ مُلَابَسَتُهُ عَلَى انْحِطَاطِ الْمُرُوءَةِ وَسُقُوطِ النَّفْسِ. قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَلَيْسَ مِنْهَا نِجَارَةٌ بِالنُّونِ وَتِجَارَةٌ بِالتَّاءِ. وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: تُرَاعَى فِيهَا عَادَةُ الْبَلَدِ، فَإِنَّ الزِّرَاعَةَ قَدْ تَفْضُلُ التِّجَارَةَ فِي بَلَدٍ وَفِي بَلَدٍ أُخْرَى بِالْعَكْسِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي ذَلِكَ بِالْعُرْفِ الْعَامِّ وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ بَلَدُ الزَّوْجَةِ لَا بَلَدُ الْعَقْدِ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى عَارِهَا وَعَدَمِهِ وَذَلِكَ إنَّمَا يُعْرَفُ بِالنِّسْبَةِ لِعُرْفِ بَلَدِهَا: أَيْ الَّتِي هِيَ بِهَا حَالَةَ الْعَقْدِ، وَذَكَرَ فِي الْأَنْوَارِ تَفَاضُلًا بَيْنَ كَثِيرٍ مِنْ الْحِرَفِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فَبِنْتُ مَنْ اتَّصَفَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَا يُكَافِئُهَا ابْنُ مَنْ لَمْ يَتَّصِفْ بِهَا مَعَ مُشَارَكَتِهَا لِأَبِيهَا فِي بَقِيَّةِ الْخِصَالِ الْمُعْتَبَرَةِ (قَوْلُهُ: خَالَفَ) أَيْ قَوْلُهُ يُعْرَفُ لَهُمْ (قَوْلُهُ: وَفِي آبَائِهِ) الْمُتَبَادِرُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْفِسْقَ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْأُمَّهَاتِ وَلَيْسَ مُرَادًا لِمَا سَيَأْتِي لَهُ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ فَسَقَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ذِمِّيًّا فَاسِقًا) أَيْ إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا عِنْدَ الْعَقْدِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ أَوْ مُبْتَدِعٌ) أَيْ لَا نُكَفِّرُهُ بِبِدْعَتِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ كَالشِّيعَةِ وَالرَّافِضَةِ (قَوْلُهُ:، أَوْ سُنِّيَّةٌ) ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَلَا ابْنُ أَحَدِهِمَا وَإِنْ كَانَ أَبُوهَا فَاسِقًا، أَوْ مُبْتَدِعًا وَالزَّوْجُ عَفِيفًا سُنِّيًّا (قَوْلُهُ: كُفْءٌ لَهُمَا) أَيْ الْعَفِيفَةِ وَالسُّنِّيَّةِ (قَوْلُهُ وَفَاسِقٌ كُفْءٌ لِفَاسِقَةٍ مُطْلَقًا) أَيْ بِالزِّنَا، أَوْ شُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ غَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ:، أَوْ اخْتَلَفَ نَوْعُهُمَا) أَيْ نَوْعُ الْفِسْقَيْنِ (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي ذَلِكَ) أَيْ قَوْلُهُ إلَّا إنْ زَادَ فِسْقُهُ (قَوْلُهُ: بَلْ لَا يُؤَثِّرُ ذَلِكَ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَنَّ مَنْ بَاشَرَ نَحْوَ ذَلِكَ) أَيْ وَإِنْ كَانَ بِعِوَضٍ (قَوْلُهُ: وَسُقُوطُ النَّفْسِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الرُّويَانِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ بَلَدُ الزَّوْجَةِ) أَيْ فَلَوْ أَوْجَبَ الْوَلِيُّ فِي بَلَدٍ وَمُوَلِّيَتُهُ فِي بَلَدٍ أُخْرَى فَالْعِبْرَةُ بِبَلَدِ الزَّوْجَةِ لَا بَلَدِ الْعَقْدِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِيَ: أَيْ الَّتِي بِهَا حَالَةَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: الَّتِي هِيَ بِهَا) قَضِيَّتُهُ اعْتِبَارُ بَلَدِ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ مَجِيئُهَا لَهَا لِعَارِضٍ كَزِيَارَةٍ وَفِي نِيَّتِهَا الْعَوْدُ إلَى وَطَنِهَا وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ أَيْ الَّتِي هِيَ بِهَا إلَخْ إنْ كَانَ الْمُرَادُ الَّتِي بِهَا عَلَى وَجْهِ التَّوَطُّنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَ أَهْلًا لَهَا. اهـ. وَيَدُلُّ لَهُ مَا سَيَأْتِي عَنْ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: خَالَفَ إلَخْ) وَصْفٌ لِعُرْفٍ (قَوْلُهُ: وَعِفَّةٌ عَنْ الْفِسْقِ فِيهِ وَفِي آبَائِهِ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّ ابْنَ الْفَاسِقِ مَثَلًا وَإِنْ كَانَ عَفِيفًا لَا يُكَافِئُ الْعَفِيفَةَ وَإِنْ كَانَتْ بِنْتَ فَاسِقٍ، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا قَدْ يُخَالِفُهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: كُفْءٌ لَهَا) هُوَ بِضَمِيرِ الْمُؤَنَّثَةِ الرَّاجِعِ إلَى الْعَفِيفَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَتْنِ وَوَقَعَ فِي نُسْخَةِ الشَّيْخِ كُفْءٌ لَهُمَا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ، فَجَعَلَ الشَّيْخُ الضَّمِيرَ لِلْعَفِيفَةِ وَالسُّنِّيَّةِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُبْتَدِعَ كُفْءٌ لَهُمَا إذْ هُوَ مِنْ غَيْرِ الْفَاسِقِ بِدَلِيلِ عَطْفِهِ عَلَيْهِ فِيمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) هَذَا الْإِطْلَاقُ بِالنِّسْبَةِ لِأَنْوَاعِ الْفِسْقِ: أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِسْقُهُمَا بِزِنًا أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا بِشَرْطِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ إلَخْ) هَذَا مِنْهُ مَصِيرٌ إلَى

وَلَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ عُرْفِ بَلَدِهِ (لَيْسَ) هُوَ، أَوْ ابْنُهُ وَإِنْ سَفَلَ (كُفْءَ أَرْفَعَ مِنْهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ} [النحل: 71] أَيْ سَبَبِهِ فَبَعْضُهُمْ يَصِلُهُ بِعِزٍّ وَسُهُولَةٍ وَبَعْضُهُمْ بِضِدِّهِمَا (فَكَنَّاسٌ وَحَجَّامٌ وَحَارِسٌ) وَبَيْطَارٌ وَدَبَّاغٌ (وَرَاعٍ) وَلَا يُنَافِي عَدُّهُ هُنَا مَا وَرَدَ «مَا مِنْ نَبِيٍّ إلَّا رَعَى الْغَنَمَ» لِأَنَّ مَا هُنَا بِاعْتِبَارِ مَا يَعْرِفُهُ النَّاسُ وَغَلَبَ عَلَى الرِّعَاءِ بَعْدَ تِلْكَ الْأَزْمِنَةِ مِنْ التَّسَاهُلِ فِي الدِّينِ وَقِلَّةِ الْمُرُوءَةِ (وَقَيِّمُ حَمَّامٍ) هُوَ وَأَبُوهُ (لَيْسَ كُفْءَ بِنْتِ خَيَّاطٍ) وَالْأَوْجَهُ أَنَّ كُلَّ ذِي حِرْفَةٍ فِيهَا مُبَاشَرَةُ نَجَاسَةٍ كَالْجِزَارَةِ عَلَى الْأَصَحِّ لَيْسَ كُفْءَ الَّذِي حِرْفَتُهُ لَا مُبَاشَرَةَ فِيهَا لَهَا، وَأَنَّ بَقِيَّةَ الْحِرَفِ الَّتِي لَمْ يَذْكُرُوا فِيهَا تَفَاضُلًا مُتَسَاوِيَةٌ إلَّا إنْ اطَّرَدَ الْعُرْفُ بِتَفَاوُتِهَا كَمَا مَرَّ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّ الْقَصَّابَ لَيْسَ كُفْءً لِبِنْتِ السَّمَّاكِ خِلَافًا لِلْقَمُولِيِّ (وَلَا خَيَّاطٌ) كُفْءَ (بِنْتِ تَاجِرٍ) وَهُوَ مَنْ يَجْلِبُ الْبَضَائِعَ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِجِنْسٍ مِنْهَا لِلْبَيْعِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ تَعْبِيرَهُمْ بِالْجَلْبِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْرِيفُهُمْ لِلتِّجَارَةِ بِأَنَّهَا تَقْلِيبُ الْمَالِ لِغَرَضِ الرِّبْحِ، وَأَنَّ مَنْ لَهُ حِرْفَتَانِ دَنِيَّةٌ وَرَفِيعَةٌ اُعْتُبِرَ مَا اُشْتُهِرَ بِهِ وَالْأَغْلَبُ الدَّنِيَّةُ، بَلْ لَوْ قِيلَ بِتَغْلِيبِهَا مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ تَعْبِيرِهِ بِهَا لَمْ يَبْعُدْ (أَوْ بَزَّازٌ) وَهُوَ بَائِعُ الْبَزِّ (وَلَا هُمَا) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (بِنْتَ عَالَمٍ، أَوْ قَاضٍ) لِاقْتِضَاءِ الْعُرْفِ ذَلِكَ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِبِنْتِ الْعَالِمِ وَالْقَاضِي مَنْ فِي آبَائِهَا الْمَنْسُوبَةِ إلَيْهِ أَحَدُهُمَا وَإِنْ عَلَا لِأَنَّهَا مَعَ ذَلِكَ تَفْتَخِرُ بِهِ، وَالْجَاهِلُ لَا يَكُونُ كُفْءً لِلْعَالِمَةِ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ، وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُ الرَّوْضَةِ خِلَافَهُ لِأَنَّ الْعِلْمَ إذَا اُعْتُبِرَ فِي آبَائِهَا فَلَأَنْ يُعْتَبَرَ فِيهَا بِالْأَوْلَى إذْ أَقَلُّ مَرَاتِبِ الْعِلْمِ أَنْ يَكُونَ كَالْحِرْفَةِ وَصَاحِبُ الدَّنِيئَةِ لَا يُكَافِئُ صَاحِبَ الشَّرِيفَةِ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ الْعِلْمَ مَعَ الْفِسْقِ لَا أَثَرَ لَهُ إذْ لَا فَخْرَ لَهُ حِينَئِذٍ فِي الْعُرْفِ فَضْلًا عَنْ الشَّرْعِ، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْقَضَاءِ فَقَالَ: إنْ كَانَ الْقَاضِي أَهْلًا فَعَالِمٌ وَزِيَادَةٌ، أَوْ غَيْرَ أَهْلٍ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ فِي قُضَاةِ زَمَنِنَا نَجِدُ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ كَقَرِيبِ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ فَفِي النَّظَرِ إلَيْهِ نَظَرٌ، وَيَجِيءُ فِيهِ مَا سَبَقَ فِي الظَّلَمَةِ الْمُسْتَوْلِينَ عَلَى الرِّقَابِ، بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُمْ بِعَدَمِ الِاعْتِبَارِ لِأَنَّ النِّسْبَةَ إلَيْهِ عَارٌ بِخِلَافِ الْمُلُوكِ وَنَحْوِهَا اهـ. وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْعِلْمَ مَعَ الْفِسْقِ بِمَنْزِلَةِ الْحِرْفَةِ الشَّرِيفَةِ فَيُعْتَبَرُ مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ أَيْضًا وَنَقَلَهُ غَيْرُهُ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّ فِسْقَ أُمِّهِ وَحِرْفَتَهَا الدَّنِيئَةَ تُؤَثِّرُ هُنَا أَيْضًا لِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى الْعُرْفِ وَهُوَ قَاضٍ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ خِلَافَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــSفَوَاضِحٌ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ عَلَى عَزْمِ الْعَوْدِ لِبَلَدِهَا فَمُشْكِلٌ مُخَالِفٌ لِمَا قَبْلَهَا (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ} [النحل: 71] إلَخْ) وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ فِي الْآيَةِ مَا يُفْهَمُ مِنْ أَنَّ أَسْبَابَ الرِّزْقِ مُخْتَلِفَةٌ وَبَعْضَهَا أَشْرَفُ مِنْ بَعْضٍ (قَوْلُهُ وَلَا يُنَافِي عَدُّهُ هُنَا) أَيْ مِنْ الْحِرَفِ الدَّنِيئَةِ (قَوْلُهُ أَنَّ الْقَصَّابَ) أَيْ الْجَزَّارَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَنْ يَجْلِبُ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَيَجْلُبُ جَلَبًا أَيْضًا بِوَزْنِ يَطْلُبُ طَلَبًا مِثْلُهُ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ مَا اُشْتُهِرَ بِهِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: مَنْ فِي آبَائِهَا الْمَنْسُوبَةِ إلَيْهِمْ إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ الْعَالِمُ فِي آبَائِهَا أَقْرَبَ مِنْ الْعَالِمِ فِي آبَائِهِ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْمَنْسُوبَيْنِ إلَى مَنْ أَسْلَمَ، أَوْ إلَى الْعَتِيقِ أَنَّهُ لَا يُكَافِئُهَا، وَيُحْتَمَل الْفَرْقُ فَيَكُونُ كُفُؤًا لَهَا كَمَا أَنَّ الْمُشْتَرِكَيْنِ فِي الصَّلَاحِ الْمُخْتَلِفَيْنِ فِي مَرَاتِبِهِ أَكْفَاءٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى مَنْهَجٍ نَقَلَ مَا اسْتَقَرَّ بَنَاهُ عَلَى م ر. وَعِبَارَةُ حَجّ تَنْبِيهٌ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِالْعَالِمِ هُنَا ـــــــــــــــــــــــــــــQرَأْيِ الرُّويَانِيِّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا هُنَا بِاعْتِبَارِ مَا يَعْرِفُهُ النَّاسُ) قَالَ الشِّهَابُ سم: قَدْ يُقَالُ الْكَلَامُ فِيمَنْ اتَّخَذَ الرَّعْيَ حِرْفَةً (قَوْلُهُ: كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْرِيفُهُمْ إلَخْ) وَيَدُلُّ التَّعْرِيفُ أَيْضًا عَلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِجِنْسٍ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ أَيْضًا فَانْظُرْ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ) أَيْ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ إلَخْ) مُرَادُهُ بِهِ مُخَالَفَةُ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: فَيُعْتَبَرُ مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ) أَيْ فَلَوْ كَانَتْ عَالِمَةً فَاسِقَةً لَا يُكَافِئُهَا فَاسِقٌ غَيْرُ عَالِمٍ خِلَافًا لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ

وَأَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ حَافِظَ الْقُرْآنِ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ مَعَ عَدَمِ مَعْرِفَةِ مَعْنَاهُ لَا يُكَافِئُ ابْنَةَ مَنْ لَا يَحْفَظُهُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْيَسَارَ) عُرْفًا (لَا يُعْتَبَرُ) فِي بَدْوٍ وَلَا حَضَرٍ وَلَا عَرَبٍ وَلَا عَجَمٍ لِأَنَّ الْمَالَ ظِلٌّ زَائِلٌ وَحَالٌ حَائِلٌ وَطَوْدٌ مَائِلٌ وَلَا يَفْتَخِرُ بِهِ أَهْلُ الْمُرُوءَاتِ وَالْبَصَائِرِ، وَأَمَّا خَبَرُ «الْحَسَبُ الْمَالُ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ» فَمَحْمُولٌ أَوَّلُهُمَا عَلَى أَنَّ حِكْمَتَهُ مُطَابَقَةُ الْخَبَرِ الْآخَرِ «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِحَسَبِهَا وَمَالِهَا» الْحَدِيثَ: أَيْ أَنَّ الْغَالِبَ فِي الْأَغْرَاضِ ذَلِكَ، وَوُكِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَأْنُ ذَمِّ الْمَالِ إلَى مَا عُرِفَ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِي ذَمِّهِ، لَا سِيَّمَا قَوْله تَعَالَى {وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ} [الزخرف: 33] إلَى قَوْلِهِ {وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الزخرف: 35] وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ اللَّهَ يَحْمِي عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ مِنْ الدُّنْيَا كَمَا يَحْمِي أَحَدُكُمْ مَرِيضَهُ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَلَوْ سَوِيَتْ الدُّنْيَا عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ» وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْأَئِمَّةُ: لَا يَكْفِي فِي الْخُطْبَةِ الِاقْتِصَارُ عَلَى ذَمِّ الدُّنْيَا لِأَنَّهُ مِمَّا تَوَاصَى بِهِ مُنْكِرُو الْمَعَادِ أَيْضًا. وَثَانِيهمَا عَلَى أَنَّهُ تَصِحُّ بِمَا يُعَدُّ عُرْفًا مُنَفِّرًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُنَفِّرًا شَرْعًا فَانْدَفَعَ مَا لِلْأَذْرَعِيِّ وَغَيْرِهِ هُنَا. وَالثَّانِي لَا يُعْتَبَرُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يُنْفِقْ عَلَى الْوَلَدِ وَتَتَضَرَّرُ هِيَ بِنَفَقَتِهِ عَلَيْهَا نَفَقَةَ الْمُعْسِرِينَ بِلُزُومِ نَفَقَتِهِ لَهَا عِنْدَ فَقْدِ مَا يَقُومُ بِهِ غَيْرُهَا، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ زَوَّجَهَا وَلِيُّهَا بِالْإِجْبَارِ بِمُعْسِرٍ بِحَالِ صَدَاقِهَا عَلَيْهِ، لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ كَمَا مَرَّ، وَلَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى اعْتِبَارِ الْيَسَارِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ بَلْ لِأَنَّهُ بَخَسَهَا حَقَّهَا، فَهُوَ كَمَا لَوْ زَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ، وَلَا يُعْتَبَرُ الْجَمَالُ وَالْبَلَدُ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَيْسَ الْبُخْلُ وَالْكَرَمُ وَالطُّولُ وَالْقِصَرُ مُعْتَبَرًا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِيمَا إذَا أَفْرَطَ الْقِصَرُ فِي الرَّجُلِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ لِلْأَبِ تَزْوِيجُ ابْنَتِهِ مِمَّنْ هُوَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ مِمَّا تَتَعَيَّرُ بِهِ الْمَرْأَةُ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ بَعْضَ الْخِصَالِ) الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْكَفَاءَةِ (لَا يُقَابَلُ بِبَعْضٍ) أَيْ إذْ لَا تُجْبَرُ نَقِيصَةٌ بِفَضِيلَةٍ، فَلَا تُزَوَّجُ حُرَّةٌ عَجَمِيَّةٌ بِرَقِيقٍ عَرَبِيٍّ، وَلَا سَلِيمَةٌ مِنْ الْعُيُوبِ دَنِيئَةٌ بِمَعِيبٍ نَسِيبٍ، وَلَا حُرَّةٌ فَاسِقَةٌ بِعَبْدٍ عَفِيفٍ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّ دَنَاءَةَ نَسَبِهِ تَنْجَبِرُ بِعِفَّتِهِ الظَّاهِرَةِ، وَأَنَّ الْأَمَةَ الْعَرَبِيَّةَ يُقَابِلُهَا الْحُرُّ الْعَجَمِيُّ وَمَا حَكَاهُ الشَّارِحُ عَنْ الْإِمَامِ مِنْ أَنَّ التَّنَقِّي مِنْ الْحِرَفِ الدَّنِيئَةِ يُعَارِضُهُ الصَّلَاحُ وِفَاقًا وَالْيَسَارُ إنْ اُعْتُبِرَ يُعَارِضُ بِكُلِّ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَنْ يُسَمَّى عَالِمًا فِي الْعُرْفِ وَهُوَ الْفَقِيهُ وَالْمُحَدِّثُ وَالْمُفَسِّرُ لَا غَيْرُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ: لَا يُكَافِئُ ابْنَةَ إلَخْ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَنْ يَحْفَظُ نِصْفَهُ بِالْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ لَا يُكَافِئُ ابْنَةَ مَنْ يَحْفَظُهُ كُلَّهُ لِوَاحِدٍ أَوْ يَحْفَظُهُ بِقِرَاءَةٍ مُلَفَّقَةٍ (قَوْلُهُ: مَنْ لَا يَحْفَظُهُ) وَكَمَا اُعْتُبِرَ حِفْظُ الْقُرْآنِ فِي نَفْسِ الْأَبِ كَذَا يُعْتَبَرُ فِي بَقِيَّةِ أُصُولِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْعَالِمِ وَالْقَاضِي (قَوْلُهُ: وَحَالَ حَائِلٌ إلَخْ) هَذِهِ الْمَعَاطِيفُ مَعَانِيهَا مُخْتَلِفَةٌ لَكِنْ الْمُرَادُ مِنْهَا وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: وَطَوْدٌ مَائِلٌ) أَيْ جَبَلٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: إنَّ اللَّهَ يَحْمِي عَبْدَهُ مِنْ الدُّنْيَا) أَيْ الزَّائِدَةِ عَلَى الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ) أَيْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: بِحَالِ صَدَاقِهَا عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ) وَمِنْهُ مَا لَوْ زَوَّجَ الْوَلِيُّ مَحْجُورَهُ الْمُعْسِرَ بِنْتًا بِإِجْبَارِ وَلِيِّهَا لَهَا ثُمَّ يَدْفَعُ أَبُو الزَّوْجِ الصَّدَاقَ عَنْهُ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ كَانَ حَالَ الْعَقْدِ مُعْسِرًا، فَالطَّرِيقُ أَنْ يَهَبَ الْأَبُ لِابْنِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ مُقَدَّرَ الصَّدَاقِ وَيُقْبِضَهُ لَهُ ثُمَّ يُزَوِّجَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَ الْهِبَةِ لِلْوَلَدِ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ أَنَّ الْأَبَ يَدْفَعُ عَنْ ابْنِهِ مُقَدَّمَ الصَّدَاقِ قَبْلَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هِبَةً لَكِنَّهُ يُنَزَّلُ مَنْزِلَتَهَا بَلْ قَدْ يَدَّعِي أَنَّهُ هِبَةٌ ضِمْنِيَّةٌ لِلْوَلَدِ، فَإِنْ دَفَعَهُ لِوَلِيِّ الزَّوْجَةِ فِي قُوَّةِ أَنْ يَقُولَ: مَلَّكْت هَذَا لِابْنِي وَدَفَعْته لَك عَنْ صَدَاقِ بِنْتِك الَّذِي قُدِّرَ لَهَا (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الْبُخْلُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: مِمَّا تُعَيَّرُ بِهِ الْمَرْأَةُ) أَيْ وَمَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِلُزُومِ نَفَقَتِهِ لَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ عِنْدَ فَقْدِ مَا يَقُومُ بِهِ غَيْرُهَا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مُوسِرٌ غَيْرُهَا، وَالْبَاءُ فِي بِلُزُومِ بِمَعْنَى مَعَ، فَلَا

خَصْلَةٍ غَيْرَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ. وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَبُوهَا سَالِمًا مِنْ الْحِرَفِ الدَّنِيئَةِ وَأَبُوهُ غَيْرَ سَالِمٍ مِنْهَا لَكِنَّهُ صَالِحٌ جَبَرَ الصَّلَاحُ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ وَكَانَ كُفْءً لَهَا (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ الْأَبِ (تَزْوِيجُ ابْنِهِ الصَّغِيرِ أَمَةً) لِأَنَّهُ مَأْمُونُ الْعَنَتِ، بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ يَجُوزُ تَزْوِيجُهُ بِهَا بِشَرْطٍ (وَكَذَا مَعِيبَةٌ) بِعَيْبٍ يُثْبِتُ الْخِيَارَ فَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُ خِلَافُ الْغِبْطَةِ، وَفِي قَوْلٍ يَصِحُّ وَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ إذَا بَلَغَ، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْبُطْلَانِ فِي تَزْوِيجِهِ الرَّتْقَاءَ وَالْقَرْنَاءَ لِأَنَّهُ بَذْلُ مَالٍ فِي بُضْعٍ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ، بِخِلَافِ تَزْوِيجِ الصَّغِيرَةِ مَجْبُوبًا، وَإِنْ زَوَّجَ الْمَجْنُونَ، أَوْ الصَّغِيرَ عَجُوزًا، أَوْ عَمْيَاءَ، أَوْ قَطْعَاءَ، أَوْ الصَّغِيرَةَ بِهَرِمٍ، أَوْ أَعْمَى، أَوْ أَقْطَعَ فَوَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ فِي صُورَةِ الْمَجْنُونِ وَالصَّغِيرِ، وَنَقَلُوهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُزَوِّجُهُمَا بِالْمَصْلَحَةِ، وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ فِي ذَلِكَ بَلْ عَلَيْهِمَا ضَرَرٌ فِيهِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْكَفَاءَةِ تَصْحِيحُ الصِّحَّةِ فِي صُوَرِ الصَّغِيرَةِ لِأَنَّ وَلِيَّهَا إنَّمَا يُزَوِّجُهَا بِالْإِجْبَارِ مِنْ الْكُفْءِ وَكُلٌّ مِنْ هَؤُلَاءِ كُفْءٌ، فَالْمَأْخَذُ فِي هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا مُخْتَلَفٌ، إذْ الْمَلْحَظُ ثَمَّ الْعَارُ وَهُنَا الْمَصْلَحَةُ، وَلِأَنَّ تَزْوِيجَهَا يُفِيدُهَا وَتَزْوِيجُهُ يُغْرِمُهُ فَاحْتِيطَ لَهُ أَكْثَرُ وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ، لَكِنْ يَظْهَرُ حُرْمَةُ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي شُرُوطِ الْإِجْبَارِ (وَيَجُوزُ) تَزْوِيجُهُ (مَنْ لَا يُكَافِئُهُ بِبَاقِي الْخِصَالِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الرَّجُلَ لَا يَتَعَيَّرُ بِاسْتِفْرَاشِ مَنْ لَا تُكَافِئُهُ، نَعَمْ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ إذَا بَلَغَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ وَالرَّوْضَةِ وَإِنْ نَازَعَ فِي ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ فَقَدْ صَرَّحَا بِهِ فِي أَوَّلِ الْخِيَارِ وَحَيْثُ قَالَا لَوْ زَوَّجَ الصَّغِيرَ مَنْ لَا تُكَافِئُهُ وَصَحَّحْنَاهُ فَلَهُ الْخِيَارُ إذَا بَلَغَ. وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ لَا تَكُونُ لَهُ فِيهِ غِبْطَةٌ. . . ـــــــــــــــــــــــــــــSذَلِكَ لَوْ وَقَعَ صَحَّ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ خِصَالِ الْكَفَاءَةِ (قَوْلُهُ: وَصُورَةُ ذَلِكَ) أَيْ الْمُقَابِلِ (قَوْلُهُ: يَجُوزُ تَزْوِيجُهُ) أَيْ بِالْأَمَةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ تَزْوِيجِ الصَّغِيرَةِ مَجْبُوبًا) لَعَلَّهُ مَرْجُوحٌ وَإِلَّا فَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الصِّحَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ) وَفِي نُسْخَةِ الْبُلْقِينِيِّ: وَلَعَلَّ مَا فِي الْأَصْلِ هُوَ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ الْأَوْفَقُ بِمَا مَرَّ عَنْ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ مِنْ تَلَامِذَتِهِ (قَوْلُهُ: فِي صُورَةِ الصَّغِيرَةِ) أَيْ دُونَ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا مَرَّ إلَخْ) فِي أَخْذِهِ مِمَّا مَرَّ نَظَرٌ بَلْ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْهُ الْجَوَازُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ) أَيْ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَضَرَّرُ بِهَا لِمَا خَفِيَ عَلَى الْوَلِيِّ مِنْ لُحُوقِ الضَّرَرِ لَهُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ تَزَوَّجَ الْبَالِغُ بِمَعِيبَةٍ يَجْهَلُ عَيْبَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQيَرِدُ أَنَّ نَفَقَتَهُ حِينَئِذٍ لَازِمَةٌ لَهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ زَوْجَتَهُ (قَوْلُهُ: مَبْنِيٌّ عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ) اُنْظُرْهُ مَعَ حِكَايَةِ الْوِفَاقِ، وَلَعَلَّ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ يَنْبَنِي عَلَيْهِ خِلَافٌ فِي صُوَرِ هَلْ يَحْصُلُ بَيْنَهَا مُعَارِضَةٌ أَوْ لَا، وَاتَّفَقَ الْقَائِلُونَ بِهِ عَلَى الْمُعَارَضَةِ فِي صُورَةِ الْإِمَامِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: بِعَيْبٍ يُثْبِتُ الْخِيَارَ) شَمِلَ الْجُنُونَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ تَزْوِيجِ الصَّغِيرَةِ مَجْبُوبًا) كَانَ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِقَطْعِ بَعْضِهِمْ: أَيْ فَالْبَعْضُ الْمَذْكُورُ قَطَعَ بِالْبُطْلَانِ فِي تَزْوِيجِ الصَّغِيرِ بِالرَّتْقَاءِ وَالْقَرْنَاءِ، بِخِلَافِ تَزْوِيجِ الصَّغِيرَةِ بِالْمَجْبُوبِ فَإِنَّهُ لَمْ يَقْطَعْ بِالْبُطْلَانِ فِيهِ، بَلْ حَكَى فِيهِ خِلَافًا: أَيْ وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ الْبُطْلَانَ أَيْضًا لِعَدَمِ الْمُكَافَأَةِ (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي شُرُوطِ الْإِجْبَارِ) أَيْ مِمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ شَرْطٌ لِجَوَازِ الْمُبَاشَرَةِ.

[فصل في تزويج المحجور عليه]

فَصْلٌ) فِي تَزْوِيجِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ (لَا يُزَوَّجُ مَجْنُونٌ صَغِيرٌ) إذْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ حَالًا وَبَعْدَ بُلُوغِهِ لَا يُدْرَى حَالُهُ، بِخِلَافِ صَغِيرٍ عَاقِلٍ فَإِنَّ الظَّاهِرَ حَاجَتُهُ إلَيْهِ بَعْدَهُ، وَلَا مَجَالَ لِحَاجَةِ تَعَهُّدِهِ وَخِدْمَتِهِ فَإِنَّ لِلْأَجْنَبِيَّاتِ أَنْ يَقُمْنَ بِهَا، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ إنَّ قَضِيَّةَ ذَلِكَ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي صَغِيرٍ لَمْ يَظْهَرْ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ. أَمَّا غَيْرُهُ فَيَلْحَقُ بِالْبَالِغِ فِي جَوَازِ تَزْوِيجِهِ لِحَاجَةِ الْخِدْمَةِ مَمْنُوعٌ (وَكَذَا) لَا يُزَوَّجُ مَجْنُونٌ (كَبِيرٌ) أَيْ بَالِغٌ لِأَنَّهُ يُغَرِّمُهُ الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ (إلَّا لِحَاجَةٍ) لِلنِّكَاحِ حَاصِلَةٍ حَالًا كَأَنْ تَظْهَرَ رَغْبَتُهُ فِي النِّسَاءِ بِدَوَرَانِهِ حَوْلَهُنَّ وَتَعَلُّقِهِ بِهِنَّ،، أَوْ مَآلًا كَتَوَقُّعِ شِفَائِهِ بِاسْتِفْرَاغِ مَائِهِ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ مِنْ الْأَطِبَّاءِ بِذَلِكَ، أَوْ بِأَنْ يَحْتَاجَ إلَى مَنْ يَخْدُمُهُ وَيَتَعَهَّدُهُ وَلَا يَجِدُ فِي مَحَارِمِهِ مَنْ يَحْصُلُ بِهِ ذَلِكَ، وَتَكُونُ مُؤْنَةُ النِّكَاحِ أَخَفَّ مِنْ ثَمَنِ أَمَةٍ فَيُزَوِّجُهُ إنْ أَطْبَقَ جُنُونُهُ كَمَا مَرَّ الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ ثُمَّ السُّلْطَانُ كَوِلَايَةِ مَالِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمَا أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يُزَوِّجُهُ وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّ نَصَّ الْأُمِّ يُعَضِّدُهُ اهـ. وَمَا نُقِلَ عَنْ نَصِّهِ أَيْضًا مِنْ أَنَّهُ يُزَوِّجُ السَّفِيهَ قِيلَ مَحْمُولٌ عَلَى وَصِيٍّ فُوِّضَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِذَا عُلِمَ أَنَّ تَزْوِيجَهُ لِلْحَاجَةِ (فَوَاحِدَةٌ) يَجِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا لِانْدِفَاعِ الْحَاجَةِ بِهَا وَفَرْضُ احْتِيَاجِ أَكْثَرَ مِنْهَا نَادِرٌ فَلَمْ يُنْظَرْ إلَيْهِ، وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ إنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الشَّخْصَ قَدْ لَا تُعِفُّهُ الْوَاحِدَةُ فَتُسْتَحَبُّ لَهُ الزِّيَادَةُ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى مِقْدَارٍ يَحْصُلُ بِهِ الْإِعْفَافُ، وَيُتَّجَهُ مِثْلُهُ فِي الْمَجْنُونِ وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى السَّفِيهِ مَرْدُودٌ بِوُضُوحِ الْفَرْقِ، فَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ رَأَيْت فِي وَصَايَا الْأُمِّ أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ لَهُ بَيْن امْرَأَتَيْنِ وَلَا جَارِيَتَيْنِ لِلْوَطْءِ وَإِنْ اتَّسَعَ مَالُهُ إلَّا أَنْ تُسْقَمَ أَيَّتُهُمَا كَانَتْ عِنْدَهُ حَتَّى لَا يَكُونَ فِيهَا مَوْضِعٌ لِلْوَطْءِ فَيَنْكِحُ أَوْ يَتَسَرَّى إذَا كَانَ مَالُهُ مُحْتَمِلًا لِذَلِكَ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَوْ جُذِمَتْ، أَوْ بَرِصَتْ، أَوْ جُنَّتْ جُنُونًا يُخَافُ مِنْهُ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــS (فَصْلٌ) فِي تَزْوِيجِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ) أَيْ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ كَلُزُومِ مَهْرِ الْمِثْلِ إذَا نَكَحَ بِلَا إذْنٍ وَوَطِئَ غَيْرَ رَشِيدَةٍ (قَوْلُهُ: لِحَاجَةِ تَعَهُّدِهِ) أَيْ الْمَجْنُونِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ لِلْأَجْنَبِيَّاتِ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ لَمْ تُوجَدْ أَجْنَبِيَّةٌ تَقُومُ بِذَلِكَ فَهَلْ يُزَوَّجُ لِلضَّرُورَةِ، أَوْ لَا لِنُدْرَةِ فَقْدِهِنَّ فَيَلْحَقُ ذَلِكَ بِالْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ الثَّانِيَ (قَوْلُهُ: إنَّ قَضِيَّةَ ذَلِكَ) أَيْ قَوْلِهِ فَإِنَّ لِلْأَجْنَبِيَّاتِ إلَخْ (قَوْلُهُ أَمَّا غَيْرُهُ) أَيْ مِمَّنْ يَظْهَرُ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: مَمْنُوعٌ) لَعَلَّ سَنَدَ الْمَنْعِ أَنَّ الْمَجْنُونَ حَيْثُ لَمْ تُوجَدْ فِيهِ الشَّهْوَةُ فَالْغَالِبُ أَنَّهُ لَا يَحْكِي شَيْئًا مِنْ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ فَهُوَ كَالْبَهِيمَةِ (قَوْلُهُ: بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ) أَيْ، أَوْ وَاحِدٍ كَمَا قَدَّمَهُ (قَوْلُهُ: إلَى مَنْ يَخْدُمُهُ) بِالضَّمِّ اهـ مُخْتَارٌ وَقَوْلُهُ وَتَكُونُ أَيْ وَالْحَالُ (قَوْلُهُ مِنْ أَنَّهُ يُزَوَّجُ السَّفِيهُ) جَزَمَ بِضَعْفِهِ حَجّ (قَوْلُهُ: يَجِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا) أَيْ حَيْثُ كَانَتْ الْحَاجَةُ لِلْوَطْءِ، أَمَّا لَوْ كَانَتْ الْخِدْمَةُ فَسَيَأْتِي جَوَازُ غَيْرِ الْوَاحِدَةِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ لَهُ) أَيْ الْمَجْنُونِ (قَوْلُهُ: حَتَّى لَا يَكُونَ فِيهَا مَوْضِعٌ لِلْوَطْءِ) أَيْ لَا يُصْلَحُ لِلْوَطْءِ (قَوْلُهُ: فَيَنْكِحُ، أَوْ يَتَسَرَّى إلَخْ) مُعْتَمَدٌ، وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ أَنَّ مِثْلَهُ السَّفِيهُ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا) أَيْ الزَّوْجَةَ (قَوْلُهُ: أَوْ بَرِصَتْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي تَزْوِيجِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ] ِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّهُ يُزَوِّجُ السَّفِيهَ) أَنْظُر مَا الْمُرَادُ بِتَزْوِيجِهِ الْمَنْفِيِّ هَلْ هُوَ الْقَبُولُ لَهُ أَوْ الْإِذْنُ لَهُ: وَقَوْلُهُ فُوِّضَ لَهُ ذَلِكَ اُنْظُرْ التَّفْوِيضَ مِمَّنْ؟ وَفِي نُسْخَةٍ حِكَايَةُ هَذَا الْحَمْلِ بِقِيلَ وَأَصْلُ هَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ خِلَافًا فِي أَنَّ الْوَصِيَّ هَلْ يُزَوِّجُ السَّفِيهَ قَالَ أَوَّلًا ثُمَّ قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ وَغَيْرُهُ: وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَلَيْسَ

كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَأَمَّا الْأَمَةُ إذَا لَمْ تَكُنْ أُمَّ وَلَدٍ فَتُبَاعُ، وَقَدْ لَا تَكْفِي الْوَاحِدَةُ أَيْضًا لِلْخِدْمَةِ فَيُزَادُ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ، أَمَّا لَوْ كَانَ مُتَقَطِّعَ الْجُنُونِ فَلَا يُزَوَّجُ حَتَّى يَأْذَنَ بَعْدَ إفَاقَتِهِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَقَعَ الْعَقْدُ حَالَ الْإِفَاقَةِ فَلَوْ جُنَّ قَبْلَهُ بَطَلَ الْإِذْنُ كَمَا مَرَّ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُجْبِرَ تَزْوِيجُ مَجْنُونٍ ظَهَرَتْ حَاجَتُهُ مَعَ مَزِيدِ إيضَاحٍ. (وَلَهُ) أَيْ الْأَبِ فَالْجَدِّ (تَزْوِيجُ صَغِيرٍ عَاقِلٍ) غَيْرُ مَمْسُوحٍ (أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ) وَلَوْ أَرْبَعًا إنْ رَآهُ الْوَلِيُّ مَصْلَحَةً لِأَنَّ تَزْوِيجَهُ مَنُوطٌ بِهَا وَقَدْ يَقْتَضِي ذَلِكَ أَمَّا الصَّغِيرُ الْمَمْسُوحُ فَفِي تَزْوِيجِهِ الْخِلَافُ فِي الصَّغِيرِ الْمَجْنُونِ. قَالَهُ الْجُوَيْنِيُّ، وَيُؤْخَذُ مِنْ نَظَرِهِمْ لِشَفَقَةِ الْوَلِيِّ أَنَّ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِهِ عَدَاوَةٌ ظَاهِرَةٌ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ وَهُوَ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْمُجْبَرَةِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ وَيَدُلُّ لِلْفَرْقِ إطْلَاقُهُمْ لِوِلَايَةِ مَالِهِ. (وَيُزَوِّجُ) جَوَازًا (الْمَجْنُونَةَ) إنْ أَطْبَقَ جُنُونُهَا نَظِيرَ مَا مَرَّ (أَبٌ أَوْ جَدٌّ) إنْ فُقِدَ الْأَبُ أَوْ انْتَفَتْ وِلَايَتُهُ (إنْ ظَهَرَتْ مَصْلَحَةٌ) فِي تَزْوِيجِهَا مِنْ كِفَايَةِ نَحْوِ نَفَقَةٍ، وَقَضِيَّةُ تَقْيِيدِهِ كَغَيْرِهِ بِالظُّهُورِ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِأَصْلِ الْمَصْلَحَةِ، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ (وَلَا تُشْتَرَطُ الْحَاجَةُ) إلَّا فِي الْوُجُوبِ كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ لِأَنَّ تَزْوِيجَهُ يُغَرِّمُهُ (وَسَوَاءٌ) فِي جَوَازِ تَزْوِيجِ الْأَبِ فَالْجَدِّ الْمَجْنُونَةَ لِلْمَصْلَحَةِ (صَغِيرَةٌ وَكَبِيرَةٌ ثَيِّبٌ وَبِكْرٌ) بَلَغَتْ مَجْنُونَةً، أَوْ عَاقِلَةً ثُمَّ جُنَّتْ لِأَنَّهُ لَا تُرْجَى لَهَا حَالَةٌ تُسْتَأْذَنُ فِيهَا وَالْأَبُ وَالْجَدُّ لَهُمَا وِلَايَةُ الْإِجْبَارِ فِي الْجُمْلَةِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) لِلصَّغِيرَةِ الْمَجْنُونَةِ وَلَوْ ثَيِّبًا (أَبٌ وَجَدٌّ لَمْ تُزَوَّجْ فِي صِغَرِهَا) وَلَوْ لِغِبْطَةٍ إذْ لَا إجْبَارَ لِغَيْرِهِمَا وَلَا حَاجَةَ فِي الْحَالِ لَهَا (فَإِنْ بَلَغَتْ زَوَّجَهَا) وَلَوْ ثَيِّبًا (السُّلْطَانُ) الشَّامِلُ لِمَنْ مَرَّ (فِي الْأَصَحِّ) كَمَا يَلِي مَالَهَا، وَيُسَنُّ لَهُ مُرَاجَعَةُ أَقَارِبِهَا وَأَقَارِبِ الْمَجْنُونِ فِيمَا مَرَّ تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ وَلِأَنَّهُمْ أَعْرَفُ بِمَصْلَحَتِهَا وَلِهَذَا قَالَ الْمُتَوَلِّي: يُرَاجَعُ الْجَمِيعُ حَتَّى الْأَخُ وَالْعَمُّ وَالْخَالُ، وَقِيلَ تَجِبُ الْمُرَاجَعَةُ وَعَلَيْهِ يُرَاجِعُ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ لَوْ لَمْ يَكُنْ جُنُونٌ. وَالثَّانِي يُزَوِّجُهَا الْقَرِيبُ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ مَقَامَ إذْنِهَا وَتُزَوَّجُ (لِلْحَاجَةِ) الَّتِي مَرَّ تَفْصِيلُهَا (لَا لِمَصْلَحَةٍ) كَنَفَقَةٍ وَيُؤْخَذُ مِنْ جَعْلِ هَذَا مِثَالًا لِلْمَصْلَحَةِ أَنَّ الْفَرْضَ فِيمَنْ لَهَا مُنْفِقٌ، أَوْ مَالٌ يُغْنِيهَا عَنْ الزَّوْجِ وَإِلَّا كَانَ الْإِنْفَاقُ حَاجَةً أَيَّ حَاجَةٍ (فِي الْأَصَحِّ) ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ بَابِ طَرِبَ (قَوْلُهُ: كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ) أَيْ مِنْ جَوَازِ جَمْعِهِ بَيْنَ اثْنَتَيْنِ (قَوْلُهُ: أَنْ يُؤْمَرَ بِفِرَاقِهَا) لَعَلَّ صُورَةَ الْأَمْرِ أَنْ يَكُونَ جُنُونُهُ مُتَقَطِّعًا فَيُؤْمَرَ فِي وَقْتِ الْإِفَاقَةِ، وَقَدْ يُنَافِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمُطْبَقِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ أَمَّا لَوْ كَانَ مُتَقَطِّعَ الْجُنُونِ عَلَى أَنَّهُ فِي نُسْخَةٍ مَضْرُوبٌ عَلَى قَوْلِهِ نَعَمْ إلَى قَوْلِهِ وَأَمَّا الْأَمَةُ (قَوْلُهُ: بِحَسَبِ الْحَاجَةِ) أَيْ وَلَهُ التَّمَتُّعُ بِمَا زَادَ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَلَا يُزَوَّجُ حَتَّى يَأْذَنَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ بَعُدَتْ الْإِفَاقَةُ بَلْ وَإِنْ قَلَّتْ جِدًّا كَيَوْمٍ فِي سَنَةٍ لَكِنْ قَالَ حَجّ فِيمَا تَقَدَّمَ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَلْزَمُ الْمُجْبِرَ تَزْوِيجُ إلَخْ مَا نَصُّهُ أَمَّا إذَا تَقَطَّعَ جُنُونُهُمَا فَلَا يُزَوَّجَانِ حَتَّى يُفِيقَا وَيَأْذَنَا وَتَسْتَمِرَّ إفَاقَتُهُمَا إلَى تَمَامِ الْعَقْدِ كَذَا أَطْلَقُوهُ، وَهُوَ بَعِيدٌ إنْ عُهِدَتْ نُدْرَتُهَا وَتَحَقَّقَتْ الْحَاجَةُ لِلنِّكَاحِ فَلَا يَنْبَغِي انْتِظَارُهَا حِينَئِذٍ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ فِي أَقْرَبِ نَدَرَتْ إفَاقَتُهُ اهـ. (قَوْلُهُ: غَيْرُ مَمْسُوحٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَجْبُوبًا، أَوْ خَصِيًّا (قَوْلُهُ: لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ) أَيْ بِإِمْكَانِ تَخَلُّصِ الصَّغِيرِ مِنْ ضَرَرِ الزَّوْجَةِ إذَا لَمْ تُلْقِ بِهِ بَعْدَ كَمَالِهِ وَلَا كَذَلِكَ الْمَرْأَةُ. (قَوْلُهُ تَسْتَأْذِنُ فِيهَا) أَيْ فَلَوْ زَوَّجَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ ثُمَّ أَفَاقَتْ لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ وَلَا خِيَارَ لَهَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ الشَّامِلُ لِمَنْ مَرَّ) أَيْ مِنْ الْقَاضِي وَنُوَّابِهِ (قَوْلُهُ: أَيَّ حَاجَةٍ فِي الْأَصَحِّ) قَالَ حَجّ: سَيَأْتِي ـــــــــــــــــــــــــــــQاخْتِلَافَ نَصٍّ بَلْ نَصُّهُ: عَلَى أَنَّهُ يُزَوِّجُهُ مَحْمُولٌ عَلَى وَصِيٍّ فُوِّضَ إلَيْهِ التَّزْوِيجُ. اهـ. وَأَشَارَ وَالِدُهُ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ إلَى تَصْحِيحِ عَدَمِ صِحَّةِ تَزْوِيجِ الْوَصِيِّ وَيُوَافِقُهُ مَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ لَا تَكْفِي الْوَاحِدَةُ) اُنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ الْوَاحِدَةُ مِنْ الْإِمَاءِ أَوْ مِنْهَا وَمِنْ الزَّوْجَاتِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَوَاشِي سم عَنْ بَحْثِ الشَّارِحِ مَا يُصَرِّحُ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الزَّوْجَاتِ (قَوْلُهُ: أَنَّ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِيهِ) كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ فِي قَوْلِهِ أَبِيهِ، وَلَعَلَّهَا مُحَرَّفَةٌ عَنْ النُّونِ وَإِلَّا لَزِمَ خُلُوُّ قَوْلِهِ لَا يَفْعَلُ الَّذِي هُوَ خَبَرٌ عَنْ ضَمِيرٍ يَعُودُ عَلَى الْمُبْتَدَإِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا كَانَ الْإِنْفَاقُ حَاجَةً)

لِمَا مَرَّ. وَالثَّانِي نَعَمْ كَالْأَبِ وَالْجَدِّ وَلَا خِيَارَ لَهَا بَعْدَ إفَاقَتِهَا فِي فَسْخِ النِّكَاحِ لِأَنَّ التَّزْوِيجَ لَهَا كَالْحُكْمِ لَهَا وَعَلَيْهَا. (وَمَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ) حِسًّا (بِسَفَهٍ) بِأَنْ بَذَّرَ فِي مَالِهِ، أَوْ حُكْمًا كَمَنْ بَلَغَ سَفِيهًا وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ وَهُوَ السَّفِيهُ الْمُهْمِلُ (لَا يَسْتَقِلُّ بِنِكَاحٍ) كَيْ لَا يُفْنِيَ مَالَهُ فِي مُؤْنَةٍ وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ وَلِيِّهِ عَلَيْهِ بِهِ وَلَا إقْرَارُهُ هُوَ حَيْثُ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ وَلِيُّهُ، وَإِنَّمَا صَحَّ إقْرَارُ الْمَرْأَةِ بِهِ لِأَنَّهُ يُفِيدُهَا وَنِكَاحُهُ يُغَرِّمُهُ (بَلْ يَنْكِحُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، أَوْ يَقْبَلُ لَهُ الْوَلِيُّ) النِّكَاحَ بِإِذْنِهِ لِصِحَّةِ عِبَارَتِهِ فِيهِ بَعْدَ إذْنِ الْوَلِيِّ لَهُ، وَيُشْتَرَطُ حَاجَتُهُ لِلنِّكَاحِ بِنَحْوِ مَا مَرَّ فِي الْمَجْنُونِ وَلَا يُكْتَفَى فِيهَا بِقَوْلِهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهَا فِي الْخِدْمَةِ وَظُهُورِ قَرَائِنَ عَلَيْهَا فِي الشَّهْوَةِ وَلَا يُزَوَّجُ إلَّا وَاحِدَةً، فَإِنْ كَانَ مِطْلَاقًا بِأَنْ طَلَّقَ بَعْدَ الْحَجْرِ، أَوْ قَبْلَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ ثَلَاثَ زَوْجَاتٍ، أَوْ ثِنْتَيْنِ وَكَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَلَوْ فِي زَوْجَةٍ وَاحِدَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ سُرِّيَ بِأَمَةٍ. فَإِنْ تَضَجَّرَ مِنْهَا أُبْدِلَتْ، وَمِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يُعْلَمُ اتِّفَاقُ سَائِرِ الْأَصْحَابِ عَلَى بُطْلَانِ الدَّوْرِ فِي الْمَسْأَلَةِ السُّرَيْجِيَّةِ كَمَا أَوْضَحَ ذَلِكَ النَّاشِرِيُّ فِي نُكَتِهِ أَتَمَّ إيضَاحٍ، وَلَا يُزَادُ لَهُ عَلَى حَلِيلَةٍ وَإِنْ اتَّسَعَ مَالُهُ نَصَّ عَلَيْهِ. نَعَمْ لَوْ جُذِمَتْ، أَوْ بَرِصَتْ، أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنَّ الزَّوْجَ وَلَوْ مُعْسِرًا يَلْزَمُهُ إخْدَامُ نَحْوِ الْمَرِيضَةِ مُطْلَقًا وَغَيْرِهَا إنْ خُدِمَتْ فِي بَيْتِ أَبِيهَا، وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي الْمَجْنُونَةِ هَلْ هِيَ كَالْمَرِيضَةِ، أَوْ لَا، وَحِينَئِذٍ لَوْ اُحْتِيجَ لِإِخْدَامِ الْمَجْنُونَةِ وَلَمْ تَنْدَفِعْ حَاجَتُهَا إلَّا بِالزَّوَاجِ اُتُّجِهَ أَنَّ لِلسُّلْطَانِ تَزْوِيجَهَا لِحَاجَةِ الْخِدْمَةِ إنْ جَعَلْنَاهَا كَالْمَرِيضَةِ، أَوْ إنْ كَانَتْ تُخْدَمُ لِوُجُوبِ خِدْمَتِهَا عَلَى الزَّوْجِ كَمَا يُزَوَّجُ الْمَجْنُونُ لِحَاجَةِ الْخِدْمَةِ فِيمَا مَرَّ بَلْ هَذَا أَوْلَى لِوُجُوبِ الْخِدْمَةِ هُنَا لَا ثَمَّ اهـ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ إذْ لَا إجْبَارَ لِغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: وَلَا خِيَارَ لَهَا) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ وَالْمَرْجُوحِ (قَوْلُهُ: كَالْحُكْمِ لَهَا وَعَلَيْهَا) وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يُزَوِّجُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِقُصُورِ وِلَايَتِهِ وَبِهِ فَارَقَ السُّلْطَانَ اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ وَلِيِّهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ سَبَقَ مِنْ السَّفِيهِ إذْنٌ لِلْوَلِيِّ فِي تَزْوِيجِهِ، وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ فِي السَّفِيهِ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْقَبُولِ عِنْدَ عَدَمِ إذْنِ السَّفِيهِ لِوَلِيِّهِ إنْ أُرِيدَ بِمَرْجِعِ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ حَيْثُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهِ: النِّكَاحُ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْإِقْرَارُ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ اُتُّجِهَ مَا ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهِ) أَيْ فِي الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ مَا مَرَّ) وَمِنْهُ أَنْ يُتَوَقَّعَ شِفَاؤُهُ مِنْ مَرَضٍ يَنْشَأُ عَنْهُ حِدَّةٌ تُوجِبُ عَدَمَ حُسْنِ التَّصَرُّفِ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ كَحَرَارَةٍ تَنْشَأُ مِنْ عَدَمِ اسْتِفْرَاغِ الْمَنِيِّ وَإِنْ لَمْ يَنْشَأْ عَنْهَا عَدَمُ حُسْنِ التَّصَرُّفِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا ثَلَاثُ مَرَّاتٍ) أَيْ مُتَفَرِّقَةٍ عَلَى مَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ مَرَّاتٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَضَجَّرَ مِنْهَا أُبْدِلَتْ) أَيْ حَيْثُ أَمْكَنَ، فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ إمَّا لِعَدَمِ مَنْ يَرْغَبُ فِيهَا لِأَمْرٍ قَامَ بِهَا، أَوْ لِصَيْرُورَتِهَا مُسْتَوْلَدَةً فَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِيمَنْ سَقِمَتْ أَنْ يَضُمَّ مَعَهَا غَيْرَهَا مِنْ امْرَأَةٍ، أَوْ أَمَةٍ (قَوْلُهُ: عَلَى بُطْلَانِ الدَّوْرِ فِي الْمَسْأَلَةِ السُّرَيْجِيَّةِ) أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الدَّوْرُ صَحِيحًا لِأَمْرٍ حَيْثُ كَانَ مِطْلَاقًا بِأَنْ يَقُولَ بَعْدَ نِكَاحِهِ لِامْرَأَتِهِ إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْتَ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بَعْدُ وَيَسْتَغْنِي عَنْ التَّسَرِّي (قَوْلُهُ نَعَمْ يَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ) وَعَلَيْهِ لَوْ احْتَاجَ لِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ لَمْ يُزَوَّجْ، لَكِنْ فِي نُسْخَةٍ الضَّرْبُ عَلَى قَوْلِهِ نَعَمْ يَأْتِي مَا مَرَّ فِي الْمَجْنُونِ بِخَطِّهِ وَكَتَبَ بَدَلَهُ: نَعَمْ لَوْ جُذِمَتْ، أَوْ بَرِصَتْ، أَوْ جُنَّتْ جُنُونًا يُخَافُ عَلَيْهِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ، ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ كَمَا تَقَدَّمَ التَّمْثِيلُ لَهَا بِهَا (قَوْلُهُ: كَمَنْ بَلَغَ سَفِيهًا وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ) أَيْ بِخِلَافِ مَنْ بَذَّرَ بَعْدَ رُشْدِهِ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ فَتَصَرُّفَاتُهُ نَافِذَةٌ، وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ قَوْلِهِ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ لِإِيهَامِهِ أَنَّ لِهَذَا الْحَجْرِ تَأْثِيرًا (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ وَلِيُّهُ) قَالَ الشِّهَابُ سم: يَنْبَغِي رُجُوعُهُ لِمَسْأَلَةِ الْوَلِيِّ أَيْضًا، وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ جَوَازِ رُجُوعِ الضَّمِيرِ فِيهِ لِلْإِقْرَارِ فَفِيهِ وَقْفَةٌ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يُعْلَمُ اتِّفَاقُ سَائِرِ الْأَصْحَابِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ صَحِيحَةً لَقَالَ الْأَصْحَابُ هُنَا نُعَلِّمُهُ صِيغَةَ الدَّوْرِ لِئَلَّا يَهْلِكَ مَالُهُ بِالتَّسَرِّي، كَذَا قَالَهُ فِي التَّفْقِيهِ، وَلِلشِّهَابِ سم فِي هَذَا الِاسْتِدْلَالِ مُنَازَعَةٌ فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ فِي الْمَجْنُونِ إلَخْ) نَبَّهَ الشَّيْخُ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى أَنَّ الشَّارِحَ ضَرَبَ عَلَيْهِ بِخَطِّهِ وَكَتَبَ بَدَلَهُ نَعَمْ لَوْ جُذِمَتْ أَوْ بَرِصَتْ أَوْ جُنَّتْ جُنُونًا يُخَافُ عَلَيْهِ مِنْهَا إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ، وَمَعْلُومٌ

جُنَّتْ جُنُونًا يُخَافُ عَلَيْهِ مِنْهَا كَانَتْ كَالْعَدَمِ، لَكِنْ هَلْ تُتْرَكُ تَحْتَهُ، أَوْ يُؤْمَرُ بِفِرَاقِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ مِنْهَا وَلَمْ يُرْجَ شِفَاؤُهَا؟ هَذَا مَوْضِعُ نَظَرٍ، وَالْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِهِمْ تَرْكُهَا كَمَا فِي نَظِيرِهِ فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ، وَالْأَوْجَهُ تَعَيُّنُ الْأَصْلَحِ مِنْ التَّسَرِّي، أَوْ التَّزْوِيجِ لَمْ يُرِدْ التَّزْوِيجَ بِخُصُوصِهِ لِأَنَّ التَّحْصِينَ بِهِ أَقْوَى مِنْهُ بِالتَّسَرِّي (فَإِنْ أَذِنَ) لَهُ الْوَلِيُّ (وَعَيَّنَ امْرَأَةً) تَلِيقُ بِهِ دُونَ الْمَهْرِ (لَمْ يَنْكِحْ غَيْرَهَا) فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ بِدُونِ مَهْرِ الْمُعَيَّنَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ عُيِّنَ مَهْرٌ فَنَكَحَ بِأَزْيَدَ مِنْهُ، أَوْ أَنْقَصَ لِأَنَّهُ تَابِعٌ. قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ: وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ تَعَيُّنِ الْمَرْأَةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَحِقَهُ مَغَارِمُ بِسَبَبِ الْمُخَالَفَةِ، فَلَوْ عَدَلَ إلَى غَيْرِهَا وَكَانَتْ خَيْرًا مِنْ الْمُعَيَّنَةِ نَسَبًا وَجَمَالًا وَدِينًا وَدُونَهَا مَهْرًا وَنَفَقَةً فَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ قَطْعًا كَمَا لَوْ عَيَّنَ مَهْرًا فَنَكَحَ بِدُونِهِ انْتَهَى. وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا شُبْهَةَ فِيهِ (وَيَنْكِحُهَا) أَيْ الْمُعَيَّنَةَ (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) لِأَنَّهُ الْمَرَدُّ الشَّرْعِيُّ (أَوْ أَقَلَّ) مِنْهُ لِأَنَّ فِيهِ رِفْقًا بِهِ (فَإِنْ زَادَ) عَلَيْهِ (فَالْمَشْهُورُ صِحَّةُ النِّكَاحِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) أَيْ بِقَدْرِهِ (مِنْ الْمُسَمَّى) الَّذِي نَكَحَ بِعَيْنِهِ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي النِّكَاحِ مِنْهُ وَيَلْغُو مَا زَادَ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ مِنْ سَفِيهٍ. وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: الْقِيَاسُ بُطْلَانُ الْمُسَمَّى جَمِيعِهِ لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ إلَّا بِجَمِيعِهِ وَتَرْجِعُ لِمَهْرِ الْمِثْلِ: أَيْ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ فِي ذِمَّتِهِ، وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَأَرَادَ بِالْمَقِيسِ عَلَيْهِ نِكَاحَ الْوَلِيِّ لَهُ بِالْأَزْيَدِ الْآتِي قَرِيبًا، وَفَرَّقَ الْغَزِّيِّ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ تَصَرُّفَ الْوَلِيِّ وَقَعَ لِلْغَيْرِ مَعَ كَوْنِهِ مُخَالِفًا لِلشَّرْعِ وَالْمَصْلَحَةِ فَبَطَلَ الْمُسَمَّى مِنْ أَصْلِهِ وَالسَّفِيهُ هُنَا تَصَرَّفَ لِنَفْسِهِ وَهُوَ يَمْلِكُ أَنْ يَعْقِدَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، فَإِذَا زَادَ بَطَلَ فِي الزَّائِدِ كَشَرِيكٍ بَاعَ مُشْتَرَكًا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ، وَمَرَّ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ مَسَائِلُ يَبْطُلُ فِيهَا الْعَقْدُ مِنْ أَصْلِهِ بِتَوْجِيهِهَا بِمَا يُوَافِقُ ذَلِكَ وَيُوَضِّحُهُ، وَيَأْتِي فِي الصَّدَاقِ أَنَّهُ لَوْ نَكَحَ لِطِفْلِهِ بِفَوْقِ مَهْرِ الْمِثْلِ مِنْ مَالِ الطِّفْلِ، أَوْ أَنْكَحَ مُوَلِّيَتَهُ الْقَاصِرَةَ أَوْ الَّتِي لَمْ تَأْذَنْ بِدُونِهِ فَسَدَ الْمَسُّ وَصَحَّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ: أَيْ فِي الذِّمَّةِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ فَيُوَافِقُ مَا هُنَا فِي وَلِيِّ السَّفِيهِ (وَلَوْ قَالَ لَهُ انْكِحْ بِأَلْفٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ امْرَأَةً نَكَحَ بِالْأَقَلِّ مِنْ أَلْفٍ وَمَهْرِ مِثْلِهَا) لِامْتِنَاعِ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا أَذِنَ فِيهِ الْوَلِيُّ وَعَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSوَلَا يُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ النُّسْخَةِ حُكْمُ مَا لَوْ احْتَاجَ لِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ وَمَا فِي الْأَصْلِ أَوْلَى (قَوْلُهُ لِأَنَّ التَّحْصِينَ بِهِ أَقْوَى) أَيْ الْعِفَّةَ عَنْ الْمَيْلِ لِلْأَجْنَبِيَّاتِ، وَلَكِنْ يُنْظَرُ مَا وَجْهُهُ، فَإِنَّ السَّرِيَّةَ رُبَّمَا كَانَتْ أَجْمَلَ مِنْ الْحُرَّةِ وَذَلِكَ أَقْوَى فِي تَحْصِيلِ الْعِفَّةِ عَنْ الْأَجْنَبِيَّاتِ، وَقَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ بِكَوْنِ التَّحْصِينِ بِهِ أَقْوَى أَنَّهُ تَحْصُلُ بِهِ صِفَةُ كَمَالٍ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ كَثُبُوتِ الْإِحْصَانِ الْمُمَيِّزِ لَهُ عَنْ التَّسَرِّي (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَصِحَّ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ خَيْرًا مِنْ الْمُعَيَّنَةِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَدُونَهَا مَهْرًا وَنَفَقَةً) قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَوْ سَاوَتْ الْمُعَيَّنَةَ فِي ذَلِكَ، أَوْ كَانَتْ خَيْرًا مِنْهَا نَسَبًا وَجَمَالًا وَمِثْلُهَا نَفَقَةً لَمْ يَصِحَّ نِكَاحُهَا، وَهُوَ قَرِيبٌ فِي الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ لِلْمُخَالَفَةِ وَجْهٌ دُونَ الثَّانِي لِأَنَّهُ يَكْفِي مُسَوِّغُ الْعُدُولِ مَزِيدٌ مِنْ وَجْهٍ، وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِيمَا لَوْ سَاوَتْهَا فِي صِفَةٍ، أَوْ صِفَتَيْنِ مِنْ ذَلِكَ وَزَادَتْ الْمَعْدُولُ إلَيْهَا عَلَى الْمَعْدُولِ عَنْهَا بِصِفَةٍ (قَوْلُهُ: وَهَذَا ظَاهِرٌ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: الَّذِي نَكَحَ بِعَيْنِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ لَهُ قَدْرًا يَنْكِحُ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ فَزَادَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ حُكْمُهُ كَذَلِكَ وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَمَا فِي الذِّمَّةِ وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالتَّعْيِينِ مُجَرَّدُ التَّسْمِيَةِ (قَوْلُهُ وَفَرَّقَ الْغَزِّيِّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فِي وَلِيِّ السَّفِيهِ) أَيْ حَيْثُ نَكَحَ لَهُ بِفَوْقِ مَهْرِ الْمِثْلِ، أَمَّا بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ فَصَحِيحٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّ الشَّارِحَ إنَّمَا ضَرَبَ عَلَى هَذَا الِاسْتِدْرَاكِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرْتَضِيهِ، فَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ أَنَّ الْأَوْلَى مَا فِي الْأَصْلِ مِنْ هَذَا الِاسْتِدْرَاكِ لَمْ يُلَاحِظْ فِيهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ يُؤْمَرُ بِفِرَاقِهَا) نَائِبُ الْفَاعِلِ هُوَ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ: أَيْ يَحْصُلُ الْأَمْرُ بِفِرَاقِهَا وَإِلَّا فَالْمَجْنُونُ لَا يُؤْمَرُ، وَعَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فَالْمَأْمُورُ مَعْلُومٌ وَهُوَ الْوَلِيُّ، وَلَعَلَّهُ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى صِحَّةَ الْفِرَاقِ مِنْهُ، لَكِنْ فِيهِ وَقْفَةٌ لَا تَخْفَى، وَقَدْ نَبَّهَ الشَّيْخُ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى أَنَّ هَذَا الِاسْتِدْرَاكَ مَضْرُوبٌ عَلَيْهِ فِي بَعْضِ النُّسَخِ،

مَهْرِ الْمَنْكُوحَةِ، فَإِذَا نَكَحَ امْرَأَةً بِأَلْفٍ وَهُوَ مُسَاوٍ لِمَهْرِ مِثْلِهَا، أَوْ نَاقِصٌ عَنْهُ صَحَّ بِهِ، أَوْ زَائِدٌ عَلَيْهِ صَحَّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ مِنْهُ خِلَافًا لِابْنِ الصَّبَّاغِ وَلَغَا الزَّائِدُ، أَوْ نَكَحَهَا بِأَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ بَطَلَ النِّكَاحُ إنْ نَقَصَ الْأَلْفُ عَنْ مَهْرِ مِثْلِهَا لِتَعَذُّرِ صِحَّتِهِ بِالْمُسَمَّى وَبِمَهْرِ الْمِثْلِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَزْيَدُ مِنْ الْمَأْذُونِ فِيهِ، وَالْأَصَحُّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مِنْ الْمَأْذُونِ فِيهِ، أَوْ مُسَاوٍ لَهُ، أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ الْأَلْفِ وَالْأَلْفُ مَهْرُ مِثْلِهَا، أَوْ أَقَلُّ صَحَّ بِالْمُسَمَّى لِأَنَّهُ أَقَلُّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرُ صَحَّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ إنْ نَكَحَ بِأَكْثَرَ مِنْهُ وَإِلَّا فَبِالْمُسَمَّى، أَمَّا إذَا عَيَّنَ لَهُ قَدْرًا وَامْرَأَةً كَانْكِحْ فُلَانَةَ بِأَلْفٍ، فَإِنْ كَانَ الْأَلْفُ مَهْرَ مِثْلِهَا، أَوْ أَقَلَّ فَنَكَحَهَا بِهِ، أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ صَحَّ بِالْمُسَمَّى لِأَنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ الْإِذْنَ بِمَا يَضُرُّهُ، أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْهُ لَغَا الزَّائِدُ فِي الْأَوْلَى لِزِيَادَتِهِ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَانْعَقَدَ بِهِ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْمَأْذُونِ فِيهِ وَبَطَلَ النِّكَاحُ فِي الثَّانِيَةِ لِتَعَذُّرِهِ بِالْمُسَمَّى وَبِمَهْرِ الْمِثْلِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَزْيَدُ مِنْ الْمَأْذُونِ فِيهِ نَظِيرُ مَا مَرَّ، أَوْ أَكْثَرُ مِنْهُ فَالْإِذْنُ بَاطِلٌ مِنْ أَصْلِهِ (وَلَوْ أَطْلَقَ الْإِذْنَ) بِأَنْ قَالَ لَهُ انْكِحْ وَلَمْ يُعَيِّنْ امْرَأَةً وَلَا قَدْرًا (فَالْأَصَحُّ صِحَّتُهُ) لِأَنَّ لَهُ مَرَدًّا كَمَا قَالَ (وَيَنْكِحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) لِأَنَّهُ الْمَأْذُونُ فِيهِ شَرْعًا أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ فَإِنْ زَادَ لَغَا الزَّائِدُ (مَنْ تَلِيقُ بِهِ) فَلَوْ نَكَحَ مَنْ يَسْتَغْرِقُ مَهْرُ مِثْلِهَا مَالَهُ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ كَمَا اخْتَارَهُ الْإِمَامُ وَقَطَعَ بِهِ الْغَزَالِيُّ لِانْتِفَاءِ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَسْتَغْرِقْهُ وَكَانَ الْفَاضِلُ تَافِهًا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ عُرْفًا كَانَ كَالْمُسْتَغْرِقِ، وَلَوْ زَوَّجَ الْوَلِيُّ الْمَجْنُونَ بِهَذِهِ لَمْ يَصِحَّ فِيمَا يَظْهَرُ لِاعْتِبَارِ الْحَاجَةِ فِيهِ كَالسَّفِيهِ وَهِيَ تَنْدَفِعُ بِدُونِ هَذِهِ، بِخِلَافِ تَزْوِيجِهِ لِلصَّغِيرِ الْعَاقِلِ فَإِنَّهُ مَنُوطٌ بِالْمَصْلَحَةِ فِي ظَنِّ الْوَلِيِّ، وَقَدْ تَظْهَرُ لَهُ فِي نِكَاحِهَا وَلِهَذَا جَازَ لَهُ تَزْوِيجُهُ بِأَرْبَعٍ كَمَا مَرَّ. وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الْمَهْرِ وَالْمَرْأَةِ أَوْ الْقَبِيلَةِ وَإِلَّا لَمْ يُؤْمَنْ أَنْ يَنْكِحَ مَنْ يَسْتَغْرِقُ مَهْرُ مِثْلِهَا مَالَهُ، وَلِهَذَا لَوْ قَالَ لَهُ انْكِحْ مَنْ شِئْت بِمَا شِئْت لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ رَفْعٌ لِلْحَجْرِ بِالْكُلِّيَّةِ فَبَطَلَ الْإِذْنُ مِنْ أَصْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَتَأَتَّ فِيهِ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ، وَلَيْسَ لِسَفِيهٍ أُذِنَ لَهُ فِي نِكَاحٍ تَوْكِيلٌ فِيهِ لِأَنَّ حَجْرَهُ لَمْ يُرْفَعْ إلَّا عَنْ مُبَاشَرَتِهِ (فَإِنْ قَبِلَ لَهُ وَلِيُّهُ اُشْتُرِطَ إذْنُهُ فِي الْأَصَحِّ) لِمَا مَرَّ مِنْ صِحَّةِ عِبَارَتِهِ هُنَا. وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ لِأَنَّ النِّكَاحَ مِنْ مَصْلَحَتِهِ وَعَلَى الْوَلِيِّ رِعَايَتُهَا (وَيَقْبَلُ) لَهُ (بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَأَقَلَّ) كَالشِّرَاءِ لَهُ (فَإِنْ زَادَ) عَلَيْهِ (صَحَّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) وَلَغَتْ الزِّيَادَةُ لِانْتِفَاءِ أَهْلِيَّتِهِ لِلتَّبَرُّعِ وَبَطَلَ الْمُسَمَّى مِنْ أَصْلِهِ كَمَا مَرَّ آنِفًا بِمَا فِيهِ (وَفِي قَوْلٍ يَبْطُلُ) النِّكَاحُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى لَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ الثَّمَنِ بُطْلَانُ الْبَيْعِ إذْ لَا مَرَدَّ لَهُ بِخِلَافِ النِّكَاحِ. (وَلَوْ) (نَكَحَ السَّفِيهُ) أَيْ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ وَلِيِّهِ الشَّامِلِ لِلْحَاكِمِ عِنْدَ فَقْدِ الْأَصْلِ، أَوْ امْتِنَاعِهِ (فَبَاطِلٌ) نِكَاحُهُ لِإِلْغَاءِ عِبَارَتِهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، نَعَمْ لَوْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَةُ الْوَلِيِّ وَالْحَاكِمِ وَخَشِيَ الْعَنَتَ جَازَ لَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِالنِّكَاحِ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا (قَوْلُهُ مَنْ تَلِيقُ بِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ نَكَحَ مَنْ لَا تَلِيقُ بِهِ لَمْ يَصِحَّ نِكَاحُهَا وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْرِقْ مَهْرُ مِثْلِهَا مَالَهُ وَلَا قَرُبَ مِنْ الِاسْتِغْرَاقِ وَهُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ فَلَوْ نَكَحَ مَنْ يَسْتَغْرِقُ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ مَالُهُ يَزِيدُ عَلَى مَهْرِ اللَّائِقَةِ عُرْفًا، أَمَّا لَوْ كَانَ مَالُهُ بِقَدْرِ مَهْرِ اللَّائِقَةِ، أَوْ دُونَهُ فَلَا مَانِعَ مِنْ تَزْوِيجِهِ بِمَنْ يَسْتَغْرِقُ لَهُ مَهْرُ مِثْلِهَا مَالَهُ لِأَنَّ تَزْوِيجَهُ بِهِ ضَرُورِيٌّ فِي تَحْصِيلِ النِّكَاحِ، إذْ الْغَالِبُ أَنَّ مَا دُونَ ذَلِكَ لَا يُوَافَقُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَةُ الْوَلِيِّ وَالْحَاكِمِ) وَبَقِيَ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ وَلِيٌّ وَلَا حَاكِمٌ هَلْ يَتَزَوَّجُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَظَاهِرٌ أَنَّ قَوْلَهُ أَمَّا الْأَمَةُ إلَخْ مَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا الِاسْتِدْرَاكِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ نَكَحَ مَنْ يَسْتَغْرِقُ مَهْرُ مِثْلِهَا مَالَهُ لَمْ يَصِحَّ) هَلَّا قَالَ فَلَوْ نَكَحَ مَنْ يَسْتَغْرِقُ مَا وَجَبَ بِعَقْدِهَا مَالَهُ لِيَشْمَلَ مَا إذَا تَزَوَّجَهَا بِدُونِ مَهْرِ مِثْلِهَا وَكَانَ مَا تَزَوَّجَهَا بِهِ يَسْتَغْرِقُ مَالَهُ (قَوْلُهُ: بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الْمَهْرِ وَالْمَرْأَةِ) كَذَا فِي النُّسَخِ، وَلَعَلَّهُ سَقَطَ أَلِفٌ قَبْلَ وَاوِ وَالْمَرْأَةُ مِنْ الْكَتَبَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يُؤْمَنْ إلَخْ) أَيْ إنْ قُلْنَا بِصِحَّتِهِ عَلَى خِلَافِ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَيْ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ) أَيْ حِسًّا أَوْ حُكْمًا عَلَى مَا مَرَّ

حِينَئِذٍ عَلَى مَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ كَامْرَأَةٍ لَا وَلِيَّ لَهَا بَلْ أَوْلَى لَكِنْ أَفْتَى الْوَالِدُ بِخِلَافِهِ (فَإِنْ وَطِئَ) مَنْكُوحَتَهُ الرَّشِيدَةَ الْمُخْتَارَةَ (لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) أَيْ حَدٌّ قَطْعًا لِلشُّبْهَةِ وَمِنْ ثَمَّ لَحِقَهُ الْوَلَدُ وَلَا مَهْرَ وَلَوْ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ، وَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ مِنْ لُزُومِهِ ذِمَّتَهُ فِي الْبَاطِنِ ضَعِيفٌ، أَمَّا صَغِيرَةٌ أَوْ مُكْرَهَةٌ، أَوْ نَائِمَةٌ، أَوْ مَجْنُونَةٌ أَوْ سَفِيهَةٌ فَالْأَوْجَهُ وُجُوبُهُ لَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْمُكْرَهَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّنْ ذُكِرَ مِثْلُهَا إذْ لَا يَصِحُّ تَسْلِيطُهُنَّ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَمُلَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَعَلِمَتْ بِسَفَهِهِ وَمَكَّنَتْهُ مُطَاوِعَةً لَمْ يَجِبْ لَهَا شَيْءٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنَّمَا أَثَرُ قَوْلِ سَفِيهٍ لِآخَرَ اقْطَعْ يَدِي مَثَلًا فَقَطَعَهَا حَيْثُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَلَمْ يُؤَثِّرْ هُنَا لِأَنَّ الْبُضْعَ مَحَلُّ تَصَرُّفِ الْوَلِيِّ فَكَانَ إذْنُهَا فِي إتْلَافِهِ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ، بِخِلَافِ قَطْعِ الْيَدِ وَنَحْوِهَا، وَلِأَنَّ الْبُضْعَ مُقَوَّمٌ بِالْمَالِ شَرْعًا ابْتِدَاءً فَلَمْ يَكُنْ لِإِذْنِهَا مَعَ سَفَهِهَا مَدْخَلٌ فِيهِ، بِخِلَافِ قَطْعِ نَحْوِ الْيَدِ، وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ: يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْمُزَوَّجَةُ بِالْإِجْبَارِ كَالسَّفِيهَةِ فَإِنَّهُ لَا تَقْصِيرَ مِنْ قِبَلِهَا فَإِنَّهَا لَمْ تَأْذَنْ وَالتَّمْكِينُ وَاجِبٌ عَلَيْهَا مَرْدُودٌ، إذْ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا التَّمْكِينُ حِينَئِذٍ (وَقِيلَ) يَلْزَمُهُ مَهْرُ (مِثْلٍ) لِئَلَّا يَخْلُوَ الْوَطْءُ عَنْ عُقْرٍ، أَوْ عُقُوبَةٍ (وَقِيلَ أَقَلُّ مُتَمَوَّلٍ) لِأَنَّ بِهِ يَنْدَفِعُ الْخُلُوِّ الْمَذْكُورِ. (وَمَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ صَحَّ نِكَاحُهُ) كَمَا قَدَّمَهُ فِي الْفَلَسِ وَأَعَادَهُ هُنَا تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ وَذَلِكَ لِصِحَّةِ عِبَارَتِهِ وَذِمَّتِهِ (وَمُؤَنُ النِّكَاحِ فِي كَسْبِهِ لَا فِيمَا مَعَهُ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ غُرَمَائِهِ بِهِ مَعَ إحْدَاثِهَا بِاخْتِيَارِهِ، بِخِلَافِ الْوَلَدِ الْمُتَجَدِّدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَسْبٌ بَقِيَ فِي ذِمَّتِهِ وَلَهَا الْفَسْخُ بِإِعْسَارِهِ بِشَرْطِهِ، وَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ تَخْيِيرِهَا حَالَةَ جَهْلِهَا مَرْدُودٌ، أَمَّا النِّكَاحُ السَّابِقُ عَلَى الْحَجْرِ فَمُؤَنُهُ فِيمَا مَعَهُ إلَى قِسْمَةِ مَالِهِ، أَوْ اسْتِغْنَائِهِ بِكَسْبٍ. (وَنِكَاحُ عَبْدٍ) وَلَوْ مُدَبَّرًا وَمُبَعَّضًا وَمُكَاتَبًا وَمُعَلَّقًا عِتْقُهُ بِصِفَةٍ (بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ) وَلَوْ أُنْثَى أَوْ كَافِرًا (بَاطِلٌ) لِلْحَجَرِ عَلَيْهِ، وَلِلْحَجَرِ الصَّحِيحِ «أَيُّمَا مَمْلُوكٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــSصِيَانَةً لَهُ عَنْ الْوُقُوعِ فِي الزِّنَا (قَوْلُهُ: لَكِنْ أَفْتَى الْوَالِدُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ وَوَجْهُهُ نُدْرَةُ مَا ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ جَهِلَتْ سَفَهَهُ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ الْآتِي وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَمُلَتْ إلَخْ خِلَافُهُ فَلْيُرَاجَعْ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ وَلَا يَفْتَرِقُ فِيهِ الْحَالُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ (قَوْلُهُ قَطْعًا لِلشُّبْهَةِ) هُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ بِفَسَادِ النِّكَاحِ أَمَّا إذَا عَلِمَهُ، فَيَنْبَغِي أَنَّهُ زَانٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ، لَكِنْ إطْلَاقُ قَوْلِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ إلَخْ يُفِيدُ نَفْيَ الْحَدِّ وَلَوْ مَعَ الْعِلْمِ بِالْفَسَادِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ بَعْضَ الْأَئِمَّةِ كَالْإِمَامِ مَالِكٍ يَقُولُ بِصِحَّةِ نِكَاحِ السَّفِيهِ وَيُثْبِتُ لِوَلِيِّهِ الْخِيَارَ وَهَذَا مُوجِبٌ لِإِسْقَاطِ الْحَدِّ، عَلَى أَنَّ فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ مَا يَقْتَضِي جَرَيَانَ الْخِلَافِ عِنْدَنَا فِي صِحَّةِ نِكَاحِهِ (قَوْلُهُ: وَمَكَّنَتْهُ مُطَاوِعَةً) أَيْ وَلَمْ يَسْبِقْ لَهَا تَمْكِينٌ قَبْلُ وَإِلَّا فَقَدْ اسْتَقَرَّ لَهَا الْمَهْرُ بِالْوَطْءِ السَّابِقِ وَلَا شَيْءَ لَهَا فِي الثَّانِي لِاتِّحَادِ الشُّبْهَةِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ بِخِلَافِ قَطْعِ نَحْوِ الْيَدِ) أَيْ فَإِنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ الْقِصَاصُ أَوَّلًا وَالْمَالُ إنْ وَجَبَ فِي الْعَفْوِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا التَّمْكِينُ) أَيْ بِفَسَادِ النِّكَاحِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ ظَنَّتْ صِحَّتَهُ فَالْوَجْه مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَلْزَمُهُ مَهْرُ مِثْلٍ) جَرَيَانُ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ جَهِلَتْ سَفَهَهُ أَوْ عَلِمَتْهُ وَظَنَّتْ صِحَّةَ النِّكَاحِ بِدُونِ إذْنِ وَلِيِّهِ، أَمَّا مَعَ الْعِلْمِ بِفَسَادِ النِّكَاحِ فَفِي جَرَيَانِهِمَا نَظَرٌ، وَالْوَجْهُ أَنَّهَا زَانِيَةٌ فَلَا مَهْرَ لَهَا وَيَجِبُ عَلَيْهَا الْحَدُّ إنْ لَمْ تُرَاعِ الشُّبْهَةَ السَّابِقَةَ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا (قَوْلُهُ عَنْ عُقْرٍ) أَيْ مَهْرٍ، وَقَوْلُهُ، أَوْ عُقُوبَةٍ: أَيْ حَدٍّ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْوَلَدِ الْمُتَجَدِّدِ) أَيْ فَإِنَّ حُدُوثَهُ قَهْرِيٌّ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْوَطْءِ الْإِحْبَالُ وَمُؤَنُهُ فِي مَالِهِ حَتَّى يُقْسَمَ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ) وَهُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَهْرِ عَدَمُ الْوَطْءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَامْرَأَةٍ لَا وَلِيَّ لَهَا إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهَا تُحَكِّمُ كَمَا قَالَهُ الشِّهَابُ سم، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْكَلَامَ كُلَّهُ مَعَ عَدَمِ التَّحْكِيمِ، أَمَّا مَعَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ وَهُوَ حِينَئِذٍ كَمَسْأَلَةِ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَمَكَّنَتْهُ) لَعَلَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ لَمْ يَطَأْهَا قَبْلَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: مَرْدُودٌ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ: لَكِنْ لَوْ جَهِلَتْ فَسَادَ النِّكَاحِ وَاعْتَقَدَتْ وُجُوبَ التَّمْكِينِ فَفِيهِ نَظَرٌ

سَيِّدِهِ فَهُوَ عَاهِرٌ» وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيُّ: يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ مَنَعَهُ سَيِّدُهُ فَرَفَعَهُ إلَى حَاكِمٍ يَرَى إجْبَارَهُ فَأَمَرَهُ فَامْتَنَعَ فَأَذِنَ لَهُ الْحَاكِمُ، أَوْ زَوَّجَهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ جَزْمًا كَمَا لَوْ عَضَلَ الْوَلِيُّ مَحَلُّ نَظَرٍ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ صِحَّتَهُ عَلَى مَذْهَبِ ذَلِكَ الْحَاكِمِ لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ، أَوْ عَلَى قَوْلِنَا فَلَا وَجْهَ لَهُ، وَإِذَا بَطَلَ لِعَدَمِ الْإِذْنِ تَعَلَّقَ مَهْرُ الْمِثْلِ بِذِمَّتِهِ فَقَطْ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ نَحْوِ صَغِيرَةٍ وَإِلَّا تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي السَّفِيهِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَجَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ كَالْإِمَامِ فِي وَطْئِهِ أَمَةً غَيْرُ مَا دَوَّنَهُ أَيْضًا بِتَعَلُّقِهِ بِرَقَبَتِهِ، وَإِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّهُ بِذِمَّتِهِ (وَ) نِكَاحُهُ (بِإِذْنِهِ) أَيْ السَّيِّدِ الرَّشِيدِ غَيْرُ الْمُحْرِمِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ نُطْقًا وَلَوْ أُنْثَى بِكْرًا (صَحِيحٌ) لِمَفْهُومِ الْخَبَرِ (وَلَهُ إطْلَاقُ الْإِذْنِ) فَيَنْكِحُ حُرَّةً أَوْ أَمَةً بِبَلَدِهِ وَغَيْرِهَا، نَعَمْ لِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ إلَيْهَا (وَلَهُ تَقْيِيدُهُ بِامْرَأَةٍ) مُعَيَّنَةٍ (أَوْ قَبِيلَةٍ، أَوْ بَلَدٍ وَلَا يَعْدِلُ عَمَّا أَذِنَ فِيهِ) وَإِلَّا بَطَلَ وَلَوْ كَانَ مَهْرُ الْمَعْدُولِ إلَيْهَا أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمُعَيَّنَةِ، نَعَمْ لَوْ قَدَّرَ لَهُ مَهْرًا فَزَادَ عَلَيْهِ، أَوْ زَادَ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ صَحَّتْ الزِّيَادَةُ وَلَزِمَتْ ذِمَّتَهُ فَيُتْبَعُ بِهَا بَعْدَ عِتْقِهِ لِصِحَّةِ ذِمَّتِهِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي السَّفِيهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْعَبْدِ الرَّشِيدِ، وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي صُورَةِ التَّقْدِيرِ إنْ لَمْ يَنْهَهُ عَنْ الزِّيَادَةِ وَإِلَّا بَطَلَ النِّكَاحُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ حِينَئِذٍ وَلَا يُحْتَاجُ لِإِذْنٍ فِي الرَّجْعَةِ بِخِلَافِ إعَادَةِ الْبَائِنِ، وَلَوْ نَكَحَ فَاسِدًا نَكَحَ صَحِيحًا بِلَا إنْشَاءِ إذْنٍ لِأَنَّ الْفَاسِدَ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ الْإِذْنُ الْأَوَّلُ وَرُجُوعُهُ عَنْ الْإِذْنِ كَرُجُوعِ الْمُوَكِّلِ، وَكَذَا وَلِيُّ السَّفِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ إجْبَارُ عَبْدِهِ) غَيْرِ الْمُكَاتَبِ وَالْمُبَعَّضِ وَلَوْ صَغِيرًا وَمُخَالِفًا فِي الدِّينِ (عَلَى النِّكَاحِ) لِأَنَّهُ يُلْزِمُ بِهِ ذِمَّتَهُ مَالًا كَالْكِتَابَةِ وَلِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ رَفْعَ النِّكَاحِ بِالطَّلَاقِ فَكَيْفَ يُجْبَرُ عَلَى مَا لَا يَمْلِكُ رَفْعَهُ وَإِنَّمَا أَجْبَرَ الْأَبُ الِابْنَ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَبِالنِّسْبَةِ لِلنَّفَقَةِ مُضِيُّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِلَا إنْفَاقٍ فَتُفْسَخُ صَبِيحَةَ الرَّابِعِ عَلَى مَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ صَغِيرَةً، أَوْ مَجْنُونَةً، أَوْ كَبِيرَةً لَمْ تُمَكِّنْ مُخْتَارَةً (قَوْلُهُ: بِتَعَلُّقِهِ بِرَقَبَتِهِ) وَهُوَ ظَاهِرٌ لِوُجُوبِهِ بِغَيْرِ رِضَا مُسْتَحِقِّهِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْخُرُوجِ إلَيْهَا) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ بِبَلَدِهِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بَطَلَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الْمَعْدُولُ إلَيْهَا خَيْرًا مِنْ الْمُعَيَّنَةِ نَسَبًا وَجَمَالًا وَدِينًا، وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ فِي السَّفِيهِ عَنْ ابْنِ أَبِي الدَّمِ مِنْ الصِّحَّةِ بِأَنَّ حَجْرَ الرِّقِّ أَقْوَى مِنْ حَجْرِ السَّفَهِ بِدَلِيلِ أَنَّ وَلِيَّ السَّفِيهِ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْإِذْنِ لَهُ حَيْثُ احْتَاجَ إلَى النِّكَاحِ أَثِمَ وَأُجْبِرَ عَلَى الْإِذْنِ فِي نِكَاحِ السَّفِيهِ مَنْ تَلِيقُ، بِخِلَافِ سَيِّدِ الْعَبْدِ، فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى تَزْوِيجِهِ وَإِنْ خَافَ الْعَنَتَ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَكَحَ فَاسِدًا) أَيْ بِأَنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي النِّكَاحِ وَأَطْلَقَ فَنَكَحَ نِكَاحًا فَاسِدًا لِفَقْدِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهِ (قَوْلُهُ نَكَحَ صَحِيحًا) أَيْ جَازَ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ ثَانِيًا نِكَاحًا صَحِيحًا (قَوْلُهُ: وَرُجُوعُهُ) أَيْ السَّيِّدِ، وَقَوْلُهُ كَرُجُوعِ الْمُوَكِّلِ أَيْ يُعْتَدُّ بِهِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ الْمُكَاتَبِ وَالْمُبَعَّضِ) أَمَّا هُمَا فَلَا قَطْعًا (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ) أَيْ السَّيِّدَ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا أَجْبَرَ الْأَبُ الِابْنَ) أَيْ بِأَنْ يُزَوِّجَهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ. قَالَ الْبَغَوِيّ: أَوْ يُكْرِهُهُ عَلَى الْقَبُولِ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ وَخَالَفَهُ الْمُتَوَلِّي ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ) قَالَ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ أَيْضًا: فِي عَدَمِ صِحَّتِهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ شَامِلَةٌ لِهَذِهِ الْحَالَةِ وَهَذَا كَافٍ فِي صِحَّتِهِ (قَوْلُهُ: تَعَلَّقَ مَهْرُ الْمِثْلِ بِذِمَّتِهِ) أَيْ إنْ وَطِئَ (قَوْلُهُ: نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي السَّفِيهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ مُطْلَقُ الْوُجُوبِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْخُرُوجِ إلَيْهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ إذَا كَانَتْ بِغَيْرِ بَلَدِهِ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ قُدِّرَ لَهُ إلَخْ) الِاسْتِدْرَاكُ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَعْدِلُ عَمَّا أَذِنَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا وَلِيُّ السَّفِيهِ) أَيْ رُجُوعُهُ كَرُجُوعِ الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ الْمُكَاتَبِ وَالْمُبَعَّضِ) أَخْرَجَهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ فَلَا يُجْبَرَانِ جَزْمًا (قَوْلُهُ:؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ رَفْعَ النِّكَاحِ) عِبَارَةُ الْقُوتِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ رَفْعَهُ فَكَيْفَ يُجْبَرُ عَلَيْهِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ:؛ وَلِأَنَّ الْعَبْدَ

الصَّغِيرَ لِأَنَّهُ قَدْ يَرَى تَعَيُّنَ الْمَصْلَحَةِ لَهُ حِينَئِذٍ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ رِعَايَتُهَا. وَالثَّانِي لَهُ إجْبَارُهُ كَالْأَمَةِ (وَلَا عَكْسُهُ) بِالْجَرِّ وَالرَّفْعِ أَيْ لَا يُجْبَرُ السَّيِّدُ عَلَى نِكَاحِ قِنِّهِ بِأَقْسَامِهِ السَّابِقَةِ أَيْضًا إذَا طَلَبَهُ مِنْهُ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ يُشَوِّشُ عَلَيْهِ مَقَاصِدَ الْمِلْكِ وَفَوَائِدَهُ كَتَزْوِيجِ الْأَمَةِ. وَالثَّانِي يُجْبِرُهُ عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى الْبَيْعِ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ ذَلِكَ يُوقِعُهُ فِي الْفُجُورِ. (وَلَهُ) (إجْبَارُ أَمَتِهِ) الَّتِي يَمْلِكُ جَمِيعَهَا وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ لَازِمٌ عَلَى النِّكَاحِ لَكِنْ مِمَّنْ يُكَافِئُهَا فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ بِدُونِ رِضَاهَا، نَعَمْ لَهُ إجْبَارُهَا عَلَى رَقِيقٍ وَدَنِيءِ النَّسَبِ إذْ لَا نَسَبَ لَهَا، وَإِنَّمَا صَحَّ بَيْعُهَا مِنْ غَيْرِ الْكُفْءِ وَلَوْ مَعِيبًا وَلَزِمَهَا تَمْكِينُهُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْمُتَوَلِّي: أَيْ عِنْدَ أَمْنِ ضَرَرٍ يَلْحَقُهَا فِي بَدَنِهَا، لِأَنَّ الْغَرَضَ الْأَصْلِيَّ مِنْ الشِّرَاءِ الْمَالُ وَمِنْ النِّكَاحِ التَّمَتُّعُ (بِأَيْ صِفَةٍ كَانَتْ) مِنْ بَكَارَةٍ أَوْ ثُيُوبَةٍ، أَوْ صِغَرٍ، أَوْ كِبَرٍ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَرِدُ عَلَى مَنَافِعِ الْبُضْعِ وَهِيَ مِلْكُهُ وَلِانْتِفَاعِهِ بِمَهْرِهَا وَنَفَقَتِهَا بِخِلَافِ الْعَبْدِ، أَمَّا الْمُبَعَّضَةُ وَالْمُكَاتَبَةُ فَلَا يُجْبِرُهُمَا كَمَا لَا يُجْبِرَانِهِ، وَمَرَّ أَنَّهُ لَيْسَ لِلرَّاهِنِ تَزْوِيجُ مَرْهُونَةٍ لَزِمَ رَهْنُهَا إلَّا مِنْ مُرْتَهِنٍ، أَوْ بِإِذْنِهِ، وَمِثْلُهَا جَانِيَةٌ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهَا مَالٌ وَهُوَ مُعْسِرٌ. وَالْأَصَحُّ وَكَانَ اخْتِيَارًا لِلْفِدَاءِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ مُفَوِّتٌ لِلرَّقَبَةِ وَصَحَّ الْعِتْقُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَيْهِ، وَكَذَا لَا يَجُوزُ لِمُفْلِسٍ تَزْوِيجُ أَمَتِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْغُرَمَاءِ، وَلَا لِسَيِّدٍ تَزْوِيجُ أَمَةِ تِجَارَةِ عَامِلِ قِرَاضِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِأَنَّهُ يُنْقِصُ قِيمَتَهَا فَيَتَضَرَّرُ بِهِ الْعَامِلُ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ رِبْحُ، أَوْ تِجَارَةُ قِنِّهِ الْمَأْذُونِ لَهُ الْمَدِينِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَإِذْنِ الْغُرَمَاءِ (فَإِنْ طَلَبَتْ) مِنْهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا (لَمْ يَلْزَمْهُ تَزْوِيجُهَا) مُطْلَقًا لِنَقْصِ قِيمَتِهَا وَلِفَوَاتِ اسْتِمْتَاعِهِ بِمَنْ تَحِلُّ لَهُ (وَقِيلَ إنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ) مُؤَبَّدًا وَأُلْحِقَ بِهِ مَا إذَا كَانَ امْرَأَةً (لَزِمَهُ) إجَابَتُهَا تَحْصِينًا لَهَا (وَإِذَا زَوَّجَهَا) أَيْ الْأَمَةَ سَيِّدُهَا (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ بِالْمِلْكِ لَا بِالْوِلَايَةِ) لِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِيمَا يَمْلِكُ اسْتِيفَاءَهُ وَنَقْلَهُ إلَى الْغَيْرِ إنَّمَا يَكُونُ بِحُكْمِ الْمِلْكِ كَاسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ وَنَقْلِهَا بِالْإِجَارَةِ، وَالثَّانِي ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالثَّالِثُ لَهُ إجْبَارُ الصَّغِيرِ دُونَ الْكَبِيرِ انْتَهَى مَحَلِّيٌّ. وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ: وَإِنَّمَا أَجْبَرَ الْأَبُ الِابْنَ الصَّغِيرَ: أَيْ بِقَبُولِهِ النِّكَاحَ لَهُ (قَوْلُهُ وَالثَّانِي لَهُ إجْبَارُهُ كَالْأَمَةِ) وَعَلَى هَذَا الثَّانِي لَوْ طَلَّقَ السَّيِّدُ مَثَلًا زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ زَوَّجَهَا وَلِيُّهَا بِإِذْنِهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا لِهَذَا الْعَبْدِ بِإِجْبَارِ سَيِّدِهِ صَحَّ النِّكَاحُ، ثُمَّ إذَا مَلَّكَهَا إيَّاهُ سَيِّدُهُ بَعْدَ وَطْئِهِ لَهَا انْفَسَخَ النِّكَاحُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَطْلِيقٍ مِنْ الْعَبْدِ وَتَحِلُّ الْمَرْأَةُ بِذَلِكَ لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا مِنْ الْعَبْدِ. قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَصْرِ: وَالْعَمَلُ بِهَذَا الْقَوْلِ حَيْثُ أَمْكَنَ أَوْلَى مِمَّا يُفْعَلُ الْآنَ فِي التَّحْلِيلِ بِالصَّبِيِّ قَالَ: لِسَلَامَةِ مَا ذُكِرَ مِنْ الِاحْتِيَاجِ إلَى الْمَصْلَحَةِ فِي تَزْوِيجِ الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ حَيْثُ كَانَ الْمُزَوِّجُ السَّيِّدَ لَا يَتَوَقَّفُ صِحَّةُ النِّكَاحِ عَلَى مَصْلَحَةٍ انْتَهَى. وَفِيهِ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ أَنَّهُ عَمِلَ بِمُقَابِلِ الْأَظْهَرِ، وَقَدْ صَرَّحَ الشَّارِحُ كحج فِي شَرْحِ الْخُطْبَةِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِهِ وَلَوْ لِنَفْسِهِ، وَأَنَّهُ يَحْتَاجُ مَعَ ذَلِكَ إلَى عَدَالَةِ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ وَالشُّهُودِ وَأَتَى بِذَلِكَ لِيَكُونَ الْعَقْدُ صَحِيحًا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ تَأَمَّلْ وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا قِيلَ. (قَوْلُهُ: الَّتِي يَمْلِكُ جَمِيعَهَا) أَيْ وَاحِدًا كَانَ السَّيِّدُ أَوْ مُتَعَدِّدًا فَالْمُشْتَرَكَةُ يَجْبُرُهَا مَالِكُهَا (قَوْلُهُ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ) وَمِنْهُ الْعِفَّةُ وَالسَّلَامَةُ مِنْ الْعُيُوبِ وَمِنْ دَنَاءَةِ الْحِرْفَةِ عَلَى مَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ نَعَمْ إلَخْ مِنْ أَنَّ مَا عَدَا الرِّقَّ وَدَنَاءَةَ النَّسَبِ مُعْتَبَرٌ (قَوْلُهُ: عِنْدَ أَمْنِ ضَرَرٍ يَلْحَقُهَا) أَيْ وَلَوْ بِاعْتِبَارِ غَلَبَةِ ظَنِّهَا كَأَنْ كَانَ مَجْذُومًا، أَوْ أَبْرَصَ، وَقَوْلُهُ الْمَالُ: أَيْ لَا التَّمَتُّعُ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُبَعَّضَةُ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ الَّتِي يَمْلِكُ جَمِيعَهَا إلَخْ (قَوْلُهُ وَمَرَّ أَنَّهُ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ لَازِمٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ إذْنِ الْغُرَمَاءِ) أَيْ أَمَّا بِإِذْنِهِمْ فَيَصِحُّ، ثُمَّ إنْ لَمْ يَظْهَرْ غَرِيمٌ آخَرُ فَذَاكَ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي تَبَيُّنُ بُطْلَانِ النِّكَاحِ، ثُمَّ مَا ذُكِرَ مِنْ الصِّحَّةِ مَعَ الْإِذْنِ يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ أَذِنَ لَهُ الْحَاكِمُ، وَإِلَّا فَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْفَلَسِ مِنْ بُطْلَانِ بَيْعِ مَالِهِ بِدُونِ إذْنِ الْحَاكِمِ بُطْلَانُ النِّكَاحِ هُنَا (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ إذْنِهِ) أَيْ الْقِنِّ (قَوْلُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ تَزْوِيجُهَا) أَيْ وَإِنْ خَافَ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَمْلِكُ رَفْعَهُ بِالطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: بِالْجَرِّ) لَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ كَانَ مُوسِرًا الَّذِي هُوَ

بِالْوِلَايَةِ لِأَنَّ عَلَيْهِ مُرَاعَاةَ الْحَظِّ وَلِهَذَا لَا يُزَوِّجُهَا مِنْ مَعِيبٍ كَمَا مَرَّ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ عَدَمُ مَجِيءِ الْخِلَافِ فِي تَزْوِيجِ الْعَبْدِ وَهُوَ كَذَلِكَ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: إلَّا إذَا قُلْنَا لِلسَّيِّدِ إجْبَارُهُ، قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهُوَ صَحِيحٌ (فَيُزَوِّجُ) عَلَى الْأَوَّلِ مُبَعَّضٌ أَمَتَهُ خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ كَمَا مَرَّ وَ (مُسْلِمٌ أَمَتَهُ الْكَافِرَةَ) بِخِلَافِ الْكَافِرِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ أَمَتَهُ الْمُسْلِمَةَ إذْ لَا يَمْلِكُ التَّمَتُّعَ بِهَا أَصْلًا بَلْ وَلَا سَائِرَ التَّصَرُّفَاتِ سِوَى إزَالَةِ الْمِلْكِ عَنْهَا وَكِتَابَتِهَا، بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ فِي الْكَافِرَةِ، وَلِأَنَّ حَقَّ الْمُسْلِمِ فِي الْوِلَايَةِ آكَدُ وَلِهَذَا ثَبَتَ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَى الْكَافِرَاتِ بِالْجِهَةِ الْعَامَّةِ، وَعَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ بِالْكِتَابِيَّةِ فَعَدَلَ الْمُصَنِّفُ إلَى الْكَافِرَةِ فَشَمَلَ الْمُرْتَدَّةَ إذْ لَا تُزَوَّجُ بِحَالٍ وَالْوَثَنِيَّةَ الْمَجُوسِيَّةَ، وَفِيهِمَا وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ وَجَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّمَتُّعَ بِهَا. وَالثَّانِي يَجُوزُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَصَحَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَجَزَمَ بِهِ شُرَّاحُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ لِأَنَّ لَهُ بَيْعَهَا وَإِجَارَتَهَا وَعَدَمُ جَوَازِ التَّمَتُّعِ بِهَا الَّذِي عَلَّلَ بِهِ الْبَغَوِيّ جَزْمَهُ بِالْمَنْعِ فِي غَيْرِ الْكِتَابِيَّةِ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ كَمَا فِي أَمَتِهِ الْمَحْرَمِ كَأُخْتِهِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ: أَيْ الْكِتَابِيَّةِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ مِثَال كَمَا قَرَّرْنَاهُ، وَإِنَّمَا حُمِلَ كَلَامُهُ عَلَى كَلَامِ أَصْلِهِ لِأَنَّ الشَّيْخَيْنِ حَكَيَا فِي الْمَجُوسِيَّةِ وَجْهَيْنِ كَمَا مَرَّ وَلَمْ يُرَجِّحَا شَيْئًا، وَقَوْلُهُ لِأَنَّ غَيْرَهَا لَا يَحِلُّ نِكَاحُهَا أَيْ لَهُ وَإِلَّا فَسَيَأْتِي حِلُّ الْوَثَنِيَّةِ لِلْوَثَنَيَّ (وَفَاسِقٌ) أَمَتَهُ كَمَا يُؤَجِّرُهَا (وَمُكَاتَبٌ) كِتَابَةً صَحِيحَةً أَمَتَهُ لَكِنْ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ الِاسْتِقْلَالُ بِتَزْوِيجِهَا، كَعَبْدِهِ (وَلَا يُزَوِّجُ وَلِيُّ عَبْدٍ) مُوَلِّيَهُ مِنْ (صَبِيٍّ) وَمَجْنُونٍ وَسَفِيهٍ ذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى لِعَدَمِ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ بِانْقِطَاعِ كَسْبِهِ (وَيُزَوِّجُ) وَلِيِّ النِّكَاحِ وَالْمَالِ (أَمَتَهُ) إجْبَارًا الَّتِي يُزَوِّجُهَا الْمَوْلَى بِتَقْدِيرِ كَمَالِهِ (فِي الْأَصَحِّ) إذَا ظَهَرَتْ الْغِبْطَةُ كَمَا قَيَّدَاهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا اكْتِسَابًا لِلْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَالثَّانِي لَا يُزَوِّجُهَا لِأَنَّهُ قَدْ يُنْقِصُ قِيمَتَهَا وَقَدْ تَحْبَلُ فَتُهْلِكُ كَأَمَتِهِ، لَكِنْ لَا تُزَوَّجُ أَمَةُ السَّفِيهِ إلَّا بِإِذْنِهِ وَخَرَجَ بِوَلِيِّهِمَا أَمَةٌ صَغِيرَةٌ عَاقِلَةٌ ثَيِّبٌ فَلَا تُزَوَّجُ أَمَةٌ صَغِيرَةٌ وَصَغِيرٌ لَيْسَتْ كَذَلِكَ فَلَا يُزَوِّجُهَا السُّلْطَانُ وَلَا يُجْبَرُ الْوَلِيُّ عَلَى نِكَاحِ أَمَةِ الْمَوْلَى. . ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَيْهَا الْعَنَتَ، وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا: أَيْ صَغِيرَةً، أَوْ كَبِيرَةً حَلَّتْ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: عَدَمُ مَجِيءِ الْخِلَافِ) أَيْ الَّذِي فِي قَوْلِهِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ بِالْمِلْكِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) مِنْ م ر (قَوْلُهُ: وَهُوَ صَحِيحٌ) أَيْ فَيَأْتِي الْخِلَافُ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا ثَبَتَ لَهُ) أَيْ لِلْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ بِالْجِهَةِ الْعَامَّةِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ إمَامًا، أَوْ نَائِبَهُ (قَوْلُهُ: إذْ لَا تُزَوَّجُ بِحَالٍ) الْأَوْلَى وَلَا تُزَوَّجُ بِحَالٍ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ لَا يَصْلُحُ تَعْلِيلًا لِلشُّمُولِ الْمَعْدُولِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: الْحَاوِي الصَّغِيرُ) لِبَيَانِ الْوَاقِعِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَهُ بَيْعَهَا) أَيْ الْأُمَّةِ الْمَجُوسِيَّةِ أَوْ الْوَثَنِيَّةِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ تَزْوِيجُ الْمُكَاتَبِ أَمَتَهُ عَلَى إذْنِ السَّيِّدِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا عَجَّزَ نَفْسَهُ أَوْ عَجَّزَهُ سَيِّدُهُ فَيَعُودُ هُوَ وَمَا فِي يَدِهِ لِلسَّيِّدِ فَاشْتُرِطَ إذْنُ السَّيِّدِ لَهُ فِي التَّزْوِيجِ، وَإِذَا زَوَّجَ فَهُوَ مُزَوِّجٌ عَنْ نَفْسِهِ لَا عَنْ سَيِّدِهِ، وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ كَانَ الْمُكَاتَبُ مُسْلِمًا وَالْأَمَةُ كَذَلِكَ وَالسَّيِّدُ كَافِرًا (قَوْلُهُ: كَعَبْدِهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ أَيْ كَمَا أَنْ لَيْسَ لَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِتَزْوِيجِ عَبْدِ الْمُكَاتَبِ بَلْ بِإِذْنِهِ لَهُ فِيهِ (قَوْلُهُ: الَّتِي يُزَوِّجُهَا الْمُوَلَّى) مُقْتَضَاهُ أَنَّ لِلْوَلِيِّ تَزْوِيجَ أَمَةِ مُوَلِّيهِ الْعَرَبِيَّةِ بِحُرٍّ عَجَمِيٍّ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْكَفَاءَةِ مَا يُوَافِقُهُ، وَعِبَارَتُهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا غَيْرُ هَاشِمِيٍّ وَمُطَّلِبِيٍّ لَهُمَا نَصُّهَا: وَقَدْ يُتَصَوَّرُ تَزْوِيجُ هَاشِمِيَّةٍ إلَخْ، فَإِنَّ الْعَجَمِيَّ دَنِيءُ النَّسَبِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَرَبِيَّةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ تُزَوَّجُ الْهَاشِمِيَّةُ بِرَقِيقٍ وَدَنِيءِ النَّسَبِ (قَوْلُهُ: خَرَجَ بِوَلِيِّهِمَا) أَيْ النِّكَاحِ وَالْمَالِ (قَوْلُهُ: لَيْسَتْ كَذَلِكَ) أَيْ ثَيِّبٌ (قَوْلُهُ: فَلَا يُزَوِّجُهَا السُّلْطَانُ) أَيْ وَيُزَوِّجُهَا الْأَبُ وَالْجَدُّ لِأَنَّ لَهُمَا إجْبَارَ سَيِّدَيْهِمَا فَجَازَ لَهُمَا إجْبَارُهَا تَبَعًا لِسَيِّدَيْهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَعْنَى قَوْلِهِ وَإِلَّا (قَوْلُهُ: وَهُوَ صَحِيحٌ) أَيْ كَوْنُ مَا ذَكَرَ مَبْنِيًّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ لِلسَّيِّدِ إجْبَارَهُ أَوْ عَدَمُ مَجِيءِ الْخِلَافِ فِي تَزْوِيجِ الْعَبْدِ، وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ فِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: مِثَالٌ) أَيْ فِي الْوَاقِعِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ وَإِنَّمَا حُمِلَ إلَخْ (قَوْلُهُ كَعَبْدِهِ) أَيْ عَبْدِ الْمُكَاتَبِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِوَلِيِّهِمَا) أَيْ النِّكَاحِ وَالْمَالِ (قَوْلُهُ: عَلَى نِكَاحِ الْمَوْلَى) كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ، وَلَعَلَّ الْكَتَبَةَ أَسْقَطَتْ مِنْهُ لَفْظَ أَمَةٍ قَبْلَ قَوْلِهِ الْمَوْلَى

[باب ما يحرم من النكاح]

(بَابٌ) مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ بَيَانٌ لِمَا أَيْ النِّكَاحِ الْمُحَرَّمِ لِذَاتِهِ لَا لِعَارِضٍ كَالْإِحْرَامِ، وَحِينَئِذٍ فَهَذِهِ التَّرْجَمَةُ مُسَاوِيَةٌ لِتَرْجَمَةِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بِبَابِ مَوَانِعِ النِّكَاحِ، وَهُوَ قِسْمَانِ: مُؤَبَّدٌ، وَغَيْرُهُ. وَالْأَوَّلُ أَسْبَابُهُ ثَلَاثَةٌ: قَرَابَةٌ: وَرَضَاعٌ: وَمُصَاهَرَةٌ. وَفِي ضَبْطِ ذَلِكَ عِبَارَتَانِ: إحْدَاهُمَا يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ أُصُولُهُ وَفُصُولُهُ وَفُصُولُ أَوَّلِ أُصُولِهِ وَأَوَّلُ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ بَعْدَ الْأَصْلِ الْأَوَّلِ. فَالْأُصُولُ: الْأُمَّهَاتُ، وَالْفُصُولُ: الْبَنَاتُ، وَفُصُولُ أَوَّلِ الْأُصُولِ: الْأَخَوَاتُ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ، وَأَوَّلُ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ بَعْدَ الْأَصْلِ الْأَوَّلِ: الْعَمَّاتُ وَالْخَالَاتُ، وَهَذِهِ لِلْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ. ثَانِيهمَا لِتِلْمِيذِ أَبِي مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيِّ وَرَجَّحَهَا الرَّافِعِيُّ، وَهِيَ أَنَصُّ عَلَى الْإِنَاثِ وَأَخْصَرُ، وَجَاءَتْ عَلَى نَمَطِ قَوْله تَعَالَى {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ} [الأحزاب: 50] الْآيَةَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَنْ عَدَاهُنَّ مِنْ الْأَقَارِبِ مَمْنُوعٌ أَنَّهُ يَحْرُمُ جَمِيعُ مَنْ شَمَلَتْهُ الْقَرَابَةُ غَيْرَ وَلَدِ الْعُمُومَةِ وَوَلَدِ الْخُؤُولَةِ، وَعَدَّ بَعْضُهُمْ مِنْ الْمَوَانِعِ اخْتِلَافُ الْجِنْسِ فَلَا يَجُوزُ لِلْآدَمِيِّ نِكَاحُ جِنِّيَّةٍ. قَالَهُ الْعِمَادُ بْنُ يُونُسَ وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْقَمُولِيُّ وَهُوَ الْأَوْجَهُ (تَحْرُمُ الْأُمَّهَاتُ) أَيْ نِكَاحُهُنَّ وَكَذَا جَمِيعُ مَا يَأْتِي لِأَنَّ الْأَعْيَانَ لَا تُوصَفُ بِحِلٍّ وَلَا حُرْمَةٍ (وَكُلُّ مَنْ وَلَدَتْك أَوْ وَلَدَتْ مَنْ وَلَدَك) وَهِيَ الْجَدَّةُ مِنْ الْجِهَتَيْنِ وَإِنْ عَلَتْ (فَهِيَ أُمُّك) حَقِيقَةً عِنْدَ انْتِفَاءِ الْوَاسِطَةِ وَمَجَازًا عِنْدَ وُجُودِهَا عَلَى الْأَصَحِّ وَحُرْمَةُ أَزْوَاجِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَلَّمَ لِكَوْنِهِنَّ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الِاحْتِرَامِ فَهِيَ أُمُومَةٌ غَيْرُ مَا نَحْنُ فِيهِ (وَالْبَنَاتُ) وَلَوْ احْتِمَالًا كَالْمَنْفِيَّةِ بِاللَّعَّانِ لِأَنَّهَا لَمْ تَنْتَفِ عَنْهُ قَطْعًا وَلِهَذَا لَوْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ لَحِقَتْهُ، وَمَعَ النَّفْيِ هَلْ يَثْبُتُ ـــــــــــــــــــــــــــــS (بَابٌ) مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: بَيَانٌ لِمَا) أَيْ مِنْ النِّكَاحِ بَيَانٌ إلَخْ (قَوْلُهُ فِي ضَبْطِ ذَلِكَ) أَيْ السَّبَبِ الْمُحَرَّمِ لِلْقَرَابَةِ فَلَا يَرِدُ عَدَمُ شُمُولِ التَّعْرِيفَيْنِ لِمَنْ حَرُمَ بِالرَّضَاعِ، أَوْ الْمُصَاهَرَةِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ أَنَصُّ عَلَى الْإِنَاثِ) لَا يَظْهَرُ ذَلِكَ فِي الْعِبَارَةِ الَّتِي حَكَاهَا عَنْهُ بِقَوْلِهِ يَحْرُمُ جَمِيعُ مَنْ شَمَلَتْهُ الْقَرَابَةُ إلَخْ، لِأَنَّ الْقَرَابَةَ كَمَا تَشْمَلُ الْإِنَاثَ تَشْمَلُ الذُّكُورَ، نَعَمْ ذَلِكَ ظَاهِرٌ فِيمَا حَكَاهُ غَيْرُهُ بِقَوْلِهِ تَحْرُمُ مَنْ لَا دَخَلَتْ تَحْتَ اسْمِ وَلَدِ الْعُمُومَةِ إلَخْ لِظُهُورِهِ فِي الْإِنَاثِ بِسَبَبِ تَاءِ التَّأْنِيثِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) أَيْ خِلَافًا لحج: أَيْ فَيَجُوزُ لِلْآدَمِيِّ نِكَاحُ الْجِنِّيَّةِ وَعَكْسُهُ، وَيَجُوزُ وَطْؤُهَا إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَلَوْ عَلَى صُورَةِ حِمَارَةٍ مَثَلًا وَثَبَتَتْ أَحْكَامُ النِّكَاحِ لِلْإِنْسِيِّ مِنْهُمَا فَيَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ بِمَسِّهَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ بِوَطْئِهَا وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَمِنْهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا مَا يُنْفِقُهُ عَلَى الْآدَمِيَّةِ لَوْ كَانَتْ زَوْجَةً وَأَمَّا الْجِنِّيُّ مِنْهُمَا فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِأَحْكَامِنَا (قَوْلُهُ وَحُرْمَةُ أَزْوَاجِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) دَفَعَ بِهِ مَا يُقَالُ تَعْرِيفُ الْإِمَامِ بِمَا ذُكِرَ قَاصِرٌ فَإِنَّهُ لَا يَشْمَلُ زَوْجَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَدَمِ وِلَادَتِهِنَّ لِأَحَدٍ مِنْ الْأُمَّةِ وَمَعَ ذَلِكَ حَرُمْنَ عَلَى غَيْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسُمِّينَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ (قَوْلُهُ: وَمَعَ النَّفْيِ إلَخْ) فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ: وَمَعَ النَّفْيِ فَفِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ بِقَتْلِهِ لَهَا وَالْحَدِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَابٌ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ] (بَابٌ) مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: بَيَانٌ لِمَا) قَالَ الشِّهَابُ سم: لَا يَخْفَى قُرْبُ حَمْلِ مَا عَلَى التَّبْعِيضِ بَلْ أَقْرَبِيَّتُهُ: أَيْ بَابِ الْأَفْرَادِ الْمُحَرَّمَةِ مِنْ جُمْلَةِ أَفْرَادِ النِّكَاحِ، وَأَمَّا حَمْلُ مَا عَلَى الْبَيَانِ فَيَلْزَمُهُ نُقْصَانُ الْبَيَانِ وَاحْتِيَاجُهُ لِلتَّقْيِيدِ. اهـ. (قَوْلُهُ: مُسَاوِيَةٌ) أَشَارَ الشِّهَابُ سم إلَى التَّوَقُّفِ فِيهِ وَالتَّوَقُّفُ فِيهِ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ) هَذِهِ هِيَ الْعِبَارَةُ الثَّانِيَةُ فَهِيَ خَبَرُ ثَانِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ احْتِمَالًا كَالْمَنْفِيَّةِ) أَيْ فَتَحْرُمُ ظَاهِرًا، إذْ الصُّورَةُ أَنَّهُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِأُمِّهَا فَهِيَ فِي الْبَاطِنِ مَنْفِيَّةٌ عَنْهُ قَطْعًا

لَهَا مِنْ أَحْكَامِ النَّسَبِ شَيْءٌ سِوَى تَحْرِيمِ نِكَاحِهَا حَيْثُ لَمْ يَدْخُلْ بِأُمِّهَا كَقَبُولِ شَهَادَتِهِ لَهَا وَوُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ بِقَتْلِهَا وَالْحَدُّ بِقَذْفِهِ لَهَا وَالْقَطْعُ بِسَرِقَةِ مَالِهَا أَوْ لَا؟ وَجْهَانِ: أَوْجَهُهُمَا كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، ثَانِيهمَا كَمَا اقْتَضَى كَلَامُ الرَّوْضَةِ تَصْحِيحُهُ، وَإِنْ قِيلَ إنَّمَا وَقَعَ ذَلِكَ فِي النُّسَخِ السَّقِيمَةِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَهَلْ يَأْتِي الْوَجْهَانِ فِي انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِلَمْسِهَا وَجَوَازِ النَّظَرِ إلَيْهَا وَالْخَلْوَةِ بِهَا، أَوْ لَا إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ الْمَحْرَمِيَّةُ كَمَا فِي الْمُلَاعَنَةِ وَأُمِّ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ وَبِنْتِهَا؟ وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي عَدَمُ ثُبُوتِ الْمَحْرَمِيَّةِ انْتَهَى. وَالْأَوْجَهُ حُرْمَةُ النَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ بِهَا احْتِيَاطًا وَعَدَمُ نَقْضِ الْوُضُوءِ بِلَمْسِهَا لِلشَّكِّ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ فِي أَسْبَابِ الْحَدَثِ (وَكُلُّ مَنْ وَلَدْتهَا، أَوْ وَلَدْت مَنْ وَلَدَهَا) وَإِنْ سَفَلَ (فَهِيَ بِنْتُك) حَقِيقَةً وَمَجَازًا نَظِيرُ مَا مَرَّ (قُلْت: وَالْمَخْلُوقَةُ مِنْ) مَاءِ (زِنَاهُ تَحِلُّ لَهُ) لِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ عَنْهُ، إذْ لَا يَثْبُتُ لَهَا تَوَارُثٌ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ أَحْكَامِ النَّسَبِ، وَإِنْ أَخْبَرَهُ صَادِقٌ كَعِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقْتَ نُزُولِهِ بِأَنَّهَا مِنْ مَائِهِ لِأَنَّ الشَّرْعَ قَطَعَ نَسَبَهَا عَنْهُ فَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهَا مِنْ مَاءِ سِفَاحٍ، نَعَمْ يُكْرَهُ لَهُ نِكَاحُهَا خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ (وَيَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ) وَعَلَى سَائِرِ مَحَارِمِهَا (وَلَدُهَا مِنْ زِنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) إجْمَاعًا لِأَنَّهُ بَعْضُهَا وَانْفَصَلَ مِنْهَا إنْسَانًا وَلَا كَذَلِكَ الْمَنِيُّ وَمِنْ ثَمَّ أَجْمَعُوا هُنَا عَلَى إرْثِهِ (وَالْأَخَوَاتُ) مِنْ جِهَةِ أَبَوَيْك أَوْ أَحَدُهُمَا، نَعَمْ لَوْ زَوَّجَهُ الْحَاكِمُ مَجْهُولَةَ النَّسَبِ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهَا أَبُوهُ بِشَرْطِهِ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ هُوَ ثَبَتَتْ أُخُوَّتُهَا لَهُ وَبَقِيَ نِكَاحُهُ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْعَبَّادِيُّ وَالْقَاضِي غَيْرَ مَرَّةٍ قَالُوا: وَلَيْسَ لَنَا مَنْ يَطَأُ أُخْتَهُ فِي الْإِسْلَامِ غَيْرُ هَذَا، وَلَوْ مَاتَ الزَّوْجُ فَيَنْبَغِي أَنْ تَرِثَ مِنْهُ زَوْجَتُهُ بِالزَّوْجِيَّةِ لَا بِالْأُخْتِيَّةِ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ لَا تَحْجُبُ، بِخِلَافِ الْأُخْتِيَّةِ فَهِيَ أَقْوَى السَّبَبَيْنِ، فَإِنْ صَدَقَ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ، ثُمَّ إنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا شَيْءَ لَهَا، أَوْ بَعْدَهُ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، وَقِيسَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ مَا لَوْ تَزَوَّجَتْ بِمَجْهُولِ النَّسَبِ فَاسْتَلْحَقَهُ أَبُوهَا ثَبَتَ نَسَبُهُ وَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ إنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الزَّوْجُ، وَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِقَذْفِهِ لَهَا وَالْقَطْعِ بِسَرِقَةِ مَالِهَا وَقَبُولِ شَهَادَتِهِ لَهَا وَجْهَانِ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: أَشْبَهُهُمَا نَعَمْ، وَأَصَحُّهُمَا كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا انْتَهَى. وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْقِصَاصَ لَا يَجِبُ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا قَرَّرُوهُ فِي الْجِنَايَاتِ أَنَّ الْقِصَاصَ يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ، فَحَاصِلُ مَا يَجِبُ اعْتِمَادُهُ بِاعْتِبَارِ مَضْمُونِ النُّسْخَتَيْنِ، وَمَا نُقِلَ عَنْهُ فِي بَعْضِ هَوَامِشِ تَلَامِذَتِهِ أَنَّهُ يَثْبُتُ لِهَذِهِ جَمِيعُ الْأَحْكَامِ النِّسْبِيَّةِ إلَّا فِي جَوَازِ النَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ فَيَحْرُمَانِ احْتِيَاطًا، وَبِهَذَا الْحَاصِلِ صَرَّحَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ لِلْبَهْجَةِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: وَلَا غَيْرُهُ مِنْ أَحْكَامِ النَّسَبِ) فَلَوْ وَطِئَ مُسْلِمٌ كَافِرَةً بِالزِّنَا فَهَلْ يَلْحَقُ الْوَلَدُ الْمُسْلِمَ فِي الْإِسْلَامِ، أَوْ يَلْحَقُ الْكَافِرَةَ ذَهَبَ ابْنُ حَزْمٍ وَغَيْرُهُ إلَى الْأَوَّلِ، وَاعْتَمَدَ م ر تَبَعًا لِوَالِدِهِ الثَّانِيَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي بَابِ اللَّقِيطِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَلَا كَذَلِكَ الْمَنِيُّ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُلِ: أَيْ لَيْسَ مِثْلَ ذَلِكَ الْمَنِيُّ يَعْنِي لَمْ يَنْفَصِلْ إنْسَانًا (قَوْلُهُ: أَجْمَعُوا هُنَا عَلَى إرْثِهِ) أَيْ مِنْ أُمِّهِ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ) وَهُوَ الْإِمْكَانُ وَتَصْدِيقُهَا إنْ كَبِرَتْ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَدْخُلْ بِأُمِّهَا) لَعَلَّهُ قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ احْتِمَالًا كَالْمَنْفِيَّةِ بِاللِّعَانِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَإِلَّا فَظَاهِرٌ أَنَّ الْوَجْهَيْنِ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَمَا بَعْدَهُ يَجْرِيَانِ فِيمَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: كَقَبُولِ شَهَادَتِهِ لَهَا) أَيْ عَدَمِ قَبُولِ شَهَادَتِهِ لَهَا وَكَذَا فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي بَعْدُ (قَوْلُهُ: وَهَلْ يَأْتِي الْوَجْهَانِ فِي انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ إلَخْ) الَّذِي يَظْهَرُ عَدَمُ تَأَتِّيهِمَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا بِالنِّسْبَةِ لِلْبَاطِنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَهِيَ إنْ كَانَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ بِأُمِّهَا اُنْتُقِضَ الْوُضُوءُ بِمَسِّهَا قَطْعًا وَحَرُمَ النَّظَرُ وَالْخَلْوَةُ بِهَا كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا لَمْ يُنْتَقَضْ قَطْعًا وَحَلَّ كُلٌّ مِنْ النَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ بِهَا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا رَبِيبَةٌ فَلَا وَجْهَ لِجَرَيَانِ الْوَجْهَيْنِ، وَبِهَذَا تَعْلَمُ مَا فِي اسْتِيجَاهِ الشَّارِحِ كَاسْتِقْرَابِ الْبُلْقِينِيِّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ صُدِّقَ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ)

أَقَامَ الْأَبُ بَيِّنَةً فِي الصُّورَةِ الْأُولَى ثَبَتَ النَّسَبُ وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ وَحُكْمُ الْمَهْرِ مَا مَرَّ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ وَصَدَّقَتْهُ الزَّوْجَةُ فَقَطْ لَمْ يَنْفَسِخْ النِّكَاحُ لِحَقِّ الزَّوْجِ لَكِنْ لَوْ أَبَانَهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ تَجْدِيدُ نِكَاحِهَا لِأَنَّ إذْنَهَا شَرْطٌ وَقَدْ اعْتَرَفَتْ بِالتَّحْرِيمِ. وَأَمَّا الْمَهْرُ فَلَازِمٌ لِلزَّوْجِ لِأَنَّهُ يَدَّعِي ثُبُوتَهُ عَلَيْهِ لَكِنَّهَا تُنْكِرُهُ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَنِصْفُ الْمُسَمَّى، أَوْ بَعْدَهُ فَكُلُّهُ، وَحُكْمُهَا فِي قَبْضِهِ كَمَنْ أَقَرَّ لِشَخْصٍ بِشَيْءٍ وَهُوَ يُنْكِرُهُ وَمَرَّ حُكْمُهُ فِي الْإِقْرَارِ، وَلَوْ وَقَعَ الِاسْتِلْحَاقُ قَبْلَ التَّزْوِيجِ لَمْ يَجُزْ لِلِابْنِ نِكَاحُهَا (وَبَنَاتُ الْأُخُوَّةِ وَالْأَخَوَاتِ) وَإِنْ سَفَلْنَ (وَالْعَمَّاتُ وَالْخَالَاتُ وَكُلُّ مَنْ هِيَ أُخْتُ ذَكَرِ وَلَدِك) وَإِنْ عَلَا مِنْ جِهَةِ الْأَبِ، أَوْ الْأُمِّ وَسَوَاءٌ أُخْتُهُ لِأَبَوَيْهِ، أَوْ لِأَحَدِهِمَا (فَعَمَّتُك، أَوْ أُخْتُ أُنْثَى وَلَدِك) وَإِنْ عَلَتْ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ، أَوْ الْأُمِّ سَوَاءٌ أُخْتُهَا لِأَبَوَيْهَا، أَوْ لِأَحَدِهِمَا (فَخَالَتُك) وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ الْأَخْصَرَ مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنْ يُقَالَ يَحْرُمُ كُلُّ قَرِيبٍ إلَّا مَا دَخَلَ فِي وَلَدِ الْعُمُومَةِ، أَوْ الْخُؤُولَةِ (وَيَحْرُمُ هَؤُلَاءِ السَّبْعِ بِالرَّضَاعِ أَيْضًا) أَيْ كَمَا حَرُمْنَ مِنْ النَّسَبِ لِلنَّصِّ عَلَى الْأُمَّهَاتِ وَالْأَخَوَاتِ فِي الْآيَةِ وَلِلْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» وَفِي رِوَايَةٍ «مَا يَحْرُمُ مِنْ الْوِلَادَةِ» (وَكُلُّ مَنْ أَرْضَعَتْك أَوْ أَرْضَعَتْ مَنْ أَرْضَعَتْك، أَوْ) أَرْضَعَتْ (مَنْ وَلَدَك) وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ (أَوْ وَلَدَتْ مُرْضِعَتَك، أَوْ) وَلَدَتْ، أَوْ أَرْضَعَتْ (ذَا) أَيْ صَاحِبَ (لَبَنِهَا) شَرْعًا كَحَلِيلِ الْمُرْضِعَةِ الَّذِي اللَّبَنُ لَهُ وَإِنْ وَلَدَتْهُ بِوَاسِطَةٍ (فَأُمُّ رَضَاعٍ) شَرْعًا. (وَقِسْ) بِذَلِكَ (الْبَاقِيَ) مِنْ السَّبْعِ الْمُحَرَّمَةِ بِالرَّضَاعِ، فَالْمُرْتَضِعَةُ بِلَبَنِك، أَوْ بِلَبَنِ فَرْعِك وَلَوْ مِنْ الرَّضَاعِ وَبِنْتُهَا كَذَلِكَ وَإِنْ سَفَلَتْ بِنْتُ رَضَاعٍ، وَالْمُرْتَضِعَةُ بِلَبَنِ أَصْلِك وَلَوْ مِنْ الرَّضَاعِ وَإِنْ سَفَلَتْ، وَمُرْتَضِعَةٌ بِلَبَنِ أَخِيك، أَوْ ابْنِ أَخِيك وَبِنْتُهَا نَسَبًا، أَوْ رَضَاعًا وَإِنْ سَفَلَتْ بِنْتُ أَخٍ، أَوْ أُخْتِ رَضَاعٍ وَأُخْتُ فَحْلٍ، أَوْ مُرْضِعَةٌ وَأُخْتُ أَصْلِهَا نَسَبًا، أَوْ رَضَاعًا، وَمُرْتَضِعَةٌ بِلَبَنِ أَصْلٍ نَسَبًا، أَوْ رَضَاعًا عَمَّةُ رَضَاعٍ، أَوْ خَالَتُهُ (وَلَا تَحْرُمُ عَلَيْك مَنْ أَرْضَعَتْ أَخَاك) ، أَوْ أُخْتَك، وَإِنَّمَا حَرُمَتْ أُمُّ أَخِيك نَسَبًا لِأَنَّهَا أُمُّك، أَوْ مَوْطُوءَةُ أَبِيك (وَ) لَا مَنْ أَرْضَعَتْ (نَافِلَتَك) أَيْ وَلَدَ وَلَدِك لِأَنَّهَا كَاَلَّتِي قَبْلَهَا أَجْنَبِيَّةٌ عَنْك وَحَرُمَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِأَنْ كَانَ صَغِيرًا عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِهِ، أَوْ مَجْنُونًا طَرَأَ جُنُونُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ وَصَدَّقَتْهُ) بَقِيَ مَا لَوْ صُدِّقَ الزَّوْجُ وَحْدَهُ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ وَيَنْبَغِي انْفِسَاخُ النِّكَاحِ ثُمَّ إنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَهَا نِصْفُ الْمُسَمَّى، أَوْ بَعْدَهُ فَكُلُّهُ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِقَوْلِهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا (قَوْلُهُ: وَمَرَّ حُكْمُهُ فِي الْإِقْرَارِ) وَهُوَ أَنَّهُ يَبْقَى فِي يَدِ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ حَتَّى يَرْجِعَ الْمُنْكَرُ وَيَعْتَرِفَ (قَوْلُهُ: لِلِابْنِ نِكَاحُهَا) أَيْ وَإِنْ كَذَّبَهُ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ تَيَقُّنُ حِلِّ الْمَنْكُوحَةِ وَالْحِلُّ مَشْكُوكٌ فِيهِ الْآنَ، بِخِلَافِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَإِنَّا حَكَمْنَا بِصِحَّتِهِ ظَاهِرًا وَشَكَكْنَا فِي رَافِعِهِ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ) هَذَا عَيْنُ مَا مَرَّ عَنْ أَبِي مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيِّ عَلَى مَا نَقَلَهُ هُوَ عَنْهُ (قَوْلُهُ: الَّذِي اللَّبَنُ لَهُ) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ كَانَ اللَّبَنُ لِغَيْرِهِ كَأَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً تُرْضِعُ فَإِنَّ الزَّوْجَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ صَاحِبَ اللَّبَنِ (قَوْلُهُ: فَالْمُرْتَضِعَةُ بِلَبَنِك) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْمُرْضِعَةُ زَوْجَةً، أَوْ أَمَةً أَوْ مَوْطُوءَةً بِشُبْهَةٍ (قَوْلُهُ: بِلَبَنِ أَصْلٍ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَصْلُ الْفَحْلِ أَوْ الْمُرْضِعَةُ، أَوْ أَصْلُ الشَّخْصِ الثَّانِي وَمَا فَوْقَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ أَوْ الزَّوْجُ فَقَطْ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ وَيَأْتِي وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَيْهَا لِلْأَحْكَامِ الَّتِي ذَكَرَهَا بَعْدُ (قَوْلُهُ: فَاسْتَلْحَقَهُ أَبُوهَا) كَأَنْ جُنَّ قَبْلَ الِاسْتِلْحَاقِ، وَإِلَّا فَيَلْزَمُ مِنْ تَصْدِيقِهِ الْمُعْتَبَرِ انْقِطَاعُ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ الْأَخْصَرَ إلَخْ) لَكِنْ يَفُوتُهُ حِينَئِذٍ بَيَانُ جِهَةِ الْقَرَابَةِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرْتَضِعَةُ بِلَبَنِ أَصْلِك وَلَوْ مِنْ الرَّضَاعِ) هُنَا سَقْطٌ فِي نُسَخِ الشَّارِحِ وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَالْمُرْتَضِعَةُ بِلَبَنِ أَبِيك أَوْ أُمِّك وَلَوْ رَضَاعًا وَمَوْلُودَةُ أَحَدِهِمَا أُخْتُ رَضَاعٍ وَبِنْتُ وَلَدِ الْمُرْضِعَةِ أَوْ الْفَحْلِ نَسَبًا أَوْ رَضَاعًا وَإِنْ سَفَلَتْ، وَمُرْتَضِعَةٌ بِلَبَنِ أَخِيك أَوْ أُخْتِك وَبِنْتِهَا نَسَبًا أَوْ رَضَاعًا وَإِنْ سَفَلَتْ، وَبِنْتُ وَلَدٍ أَرْضَعَتْهُ أُمُّك أَوْ ارْتَضَعَ بِلَبَنِ أَبِيك نَسَبًا أَوْ رَضَاعًا وَإِنْ سَفَلَتْ بِنْتُ أَخٍ أَوْ أُخْتُ رَضَاعٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَنَافِلَتُك)

أُمُّهُ نَسَبًا لِأَنَّهَا بِنْتٌ أَوْ مَوْطُوءَةُ ابْنٍ (وَلَا أُمُّ مُرْضِعَةِ وَلَدِك) كَذَلِكَ وَهِيَ نَسَبًا أُمُّ مَوْطُوءَتِك (وَبِنْتُهَا) أَيْ الْمُرْضِعَةُ كَذَلِكَ وَهِيَ نَسَبًا بِنْتٌ أَوْ رَبِيبَةٌ، فَعُلِمَ أَنَّ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ لَا تُسْتَثْنَى مِنْ قَاعِدَةِ يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ سَبَبَ انْتِفَاءِ التَّحْرِيمِ عَنْهُنَّ رَضَاعًا انْتِفَاءُ جِهَةِ الْمَحْرَمِيَّةِ نَسَبًا فَلِذَا لَمْ يَسْتَثْنِهَا كَالْمُحَقِّقِينَ فَاسْتِثْنَاؤُهَا فِي كَلَامِ غَيْرِهِمْ صُورِيٌّ، وَزِيدَ عَلَيْهَا أُمُّ الْعَمِّ وَأُمُّ الْعَمَّةِ، وَأُمُّ الْخَالِ وَأُمُّ الْخَالَةِ وَأُمُّ الْأَخِ وَأُمُّ الْأُخْتِ فَهَؤُلَاءِ يَحْرُمْنَ نَسَبًا لَا رَضَاعًا كَمَا تَقَرَّرَ. وَصُورَةُ الْأَخِيرَةِ امْرَأَةٌ لَهَا ابْنٌ ارْتَضَعَ مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ ذَاتِ ابْنٍ فَهَذَا لَهُ نِكَاحُ أُمِّ أَخِيهِ الْمَذْكُورَةِ. (وَلَا) يَحْرُمُ عَلَيْك (أُخْتُ أَخِيك) الَّذِي مِنْ النَّسَبِ أَوْ الرَّضَاعِ (بِنَسَبٍ وَلَا رَضَاعٍ) مُتَعَلِّقٌ بِأُخْتٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَهِيَ) نَسَبًا (أُخْتُ أَخِيك لِأَبِيك لِأُمِّهِ) بِأَنْ كَانَ لِأُمِّ أَخِيك لِأَبِيك بِنْتٌ مِنْ غَيْرِ أَبِيك (وَعَكْسُهُ) أَيْ أُخْتُ أَخِيك لِأُمِّك لِأَبِيهِ: أَيْ بِأَنْ كَانَ لِأَبِي أَخِيك لِأُمِّك بِنْتٌ مِنْ غَيْرِ أُمِّك وَرَضَاعًا أُخْتُ أَخِيك لِأَبٍ، أَوْ أُمٍّ رَضَاعًا بِأَنْ أَرْضَعَتْهُمَا أَجْنَبِيَّةٌ عَنْك (وَتَحْرُمُ) عَلَيْك بِالْمُصَاهَرَةِ (زَوْجَةُ مَنْ وَلَدْت) وَإِنْ سَفَلَ مِنْ نَسَبٍ، أَوْ رَضَاعٍ (أَوْ وَلَدَك) وَإِنْ عَلَا (مِنْ نَسَبٍ، أَوْ رَضَاعٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ} [النساء: 23] وَمَنْطُوقُ خَبَرِ يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ السَّابِقِ يُعَيَّنُ حَمْلُ مِنْ أَصْلَابِكُمْ عَلَى أَنَّهُ لِإِخْرَاجِ الْمُتَبَنِّي دُونَ ابْنِ الرَّضَاعِ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 22] (وَ) يَحْرُمُ عَلَيْك (أُمَّهَاتُ زَوْجَتِك مِنْهُمَا) أَيْ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ وَإِنْ عَلَوْنَ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا لِإِطْلَاقِ قَوْله تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: 23] وَحِكْمَتُهُ ابْتِلَاءُ الزَّوْجِ بِمُكَالَمَتِهَا وَالْخَلْوَةِ بِهَا لِتَرْتِيبِ أَمْرِ الزَّوْجِيَّةِ فَحَرُمَتْ كَسَابِقَتَيْهَا بِنَفْسِ الْعَقْدِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا كَذَلِكَ الْبِنْتُ، نَعَمْ يُشْتَرَطُ حَيْثُ لَا وَطْءَ صِحَّةُ الْعَقْدِ لِانْتِفَاءِ حُرْمَةِ الْفَاسِدِ مَا لَمْ يَنْشَأْ عَنْهُ وَطْءٌ، أَوْ اسْتِدْخَالٌ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ وَطْءُ شُبْهَةٍ وَهُوَ مُحَرَّمٌ كَمَا يَأْتِي. (وَكَذَا بَنَاتُهَا) أَيْ زَوْجَتِك وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ سَوَاءٌ بَنَاتُ ابْنِهَا وَبَنَاتُ بِنْتِهَا وَإِنْ سَفَلَتْ (إنْ دَخَلْنَ بِهَا) بِأَنْ وَطِئَهَا فِي حَيَاتِهَا وَلَوْ فِي الدُّبُرِ وَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا وَكَذَا إنْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَك الْمُحْتَرَمَ حَالَةَ إنْزَالِهِ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْتَرَمًا حَالَ الِاسْتِدْخَالِ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ، إذْ هُوَ كَالْوَطْءِ فِي أَكْثَرِ أَحْكَامِهِ فِي هَذَا الْبَابِ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا أَصْلُهُ الْأَوَّلُ إذْ الْمُرْتَضِعَةُ بِلَبَنِهِ أُخْتٌ كَمَا تَقَدَّمَ لَا عَمَّةٌ وَلَا خَالَةٌ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أُمُّ الْعَمِّ) أَيْ مِنْ الرَّضَاعِ (قَوْلُهُ: فَهَذَا لَهُ) وَلَا يُشْكِلُ هَذَا بِمَا مَرَّ، فَإِنَّ الزَّوْجَ هُنَا يَنْكِحُ أُمَّ أَخِيهِ مِنْ الرَّضَاعِ الَّتِي هِيَ أُمٌّ لِذَلِكَ الْأَخِ مِنْ النَّسَبِ، وَفِيمَا مَرَّ الزَّوْجُ يَنْكِحُ مُرْضِعَةَ أَخِيهِ مَعَ انْتِفَاءِ نَسَبِهَا عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَا رَضَاعَ مُتَعَلِّقٍ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَفَلَ) أَيْ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى بِوَاسِطَةٍ، أَوْ بِغَيْرِهَا فَهُوَ شَامِلٌ لِزَوْجَةِ ابْنِ الْبِنْتِ فَتَحْرُمُ عَلَى جَدِّهِ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ مِنْ وَلَدِهِ بِوَاسِطَةٍ إذْ الْوَلَدُ يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى، وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّهَا لَا تَحْرُمُ تَمَسُّكًا بِقَوْلِ الْقَائِلِ: بَنُونَا بَنُو أَبْنَائِنَا وَبَنَاتُنَا ... بَنُوهُنَّ أَبْنَاءُ الرِّجَالِ الْأَبَاعِدِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا عَبَّرُوا بِزَوْجَةِ الْوَلَدِ بِوَاسِطَةٍ، أَوْ بِغَيْرِهَا وَهُوَ شَامِلٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ جِدًّا (قَوْلُهُ: كَسَابِقَتَيْهَا) هُمَا زَوْجَةُ مَنْ وَلَدَتْ، أَوْ وَلَدُك (قَوْلُهُ:، أَوْ اسْتِدْخَالٌ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي الدُّبُرِ. وَهُوَ ظَاهِرٌ لِوُجُودِ مُسَمَّى الْوَطْءِ وَالِاسْتِدْخَالِ، وَقَدْ قَالُوا الدُّبُرُ كَالْقُبُلِ فِي أَحْكَامِهِ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ. وَلَمْ يَذْكُرُوا ـــــــــــــــــــــــــــــQإنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ مَنْ أَرْضَعَتْ وَلَدَك؛ لِأَنَّهُ بِصَدَدِ بَيَانِ مَنْ يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ وَيَحِلُّ مِنْ الرَّضَاعِ، وَأَمَّا مَنْ أَرْضَعَتْ ابْنَك فَهِيَ تَحِلُّ مِنْ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ مَعًا كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ لِمَا عَلِمْت أَنَّ سَبَبَ انْتِفَاءِ التَّحْرِيمِ إلَخْ) أَيْ فَأُمُّ أَخِيك مَثَلًا لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْك مِنْ حَيْثُ إنَّهَا أُمُّ أَخِيك بَلْ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا أُمُّك أَوْ مَوْطُوءَةُ أَبِيك كَمَا تَقَدَّمَ وَذَلِكَ مُنْتَفٍ عَمَّنْ أَرْضَعَتْ أَخَاك مَثَلًا

وَغَيْرُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: 23] الْآيَةَ، وَلَمْ يُعِدْ دَخَلْتُمْ لِأُمَّهَاتِ نِسَائِكُمْ أَيْضًا وَإِنْ اقْتَضَتْهُ قَاعِدَةُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ رُجُوعِ الْوَصْفِ وَنَحْوِهِ لِسَائِرِ مَا تَقَدَّمَهُ لِأَنَّ مَحَلَّهُ إنْ اتَّحَدَ الْعَامِلُ وَهُوَ هُنَا مُخْتَلِفٌ، إذْ عَامِلُ نِسَائِكُمْ الْأُولَى الْإِضَافَةُ، وَالثَّانِيَة حَرْفُ الْجَرِّ، وَلَا نَظَرَ مَعَ ذَلِكَ لِاتِّحَادِ عَمَلِهِمَا خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْعَامِلِ يَدُلُّ عَلَى اسْتِقْلَالِ كُلٍّ بِحُكْمٍ، وَمُجَرَّدُ الِاتِّفَاقِ فِي الْعَمَلِ لَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى وَذِكْرُ الْحُجُورِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ تَحْرِيمِ بِنْتِ زَوْجِ الْأُمِّ، أَوْ الْبِنْتِ، أَوْ أُمِّهِ وَعَدَمِ تَحْرِيمِ أُمِّ زَوْجَةِ الْأَبِ، أَوْ الِابْنِ، أَوْ بِنْتِهَا، أَوْ زَوْجَةِ الرَّبِيبِ أَوْ الرَّابِّ لِخُرُوجِهِنَّ عَنْ الْمَذْكُورَاتِ. (وَمَنْ) (وَطِئَ امْرَأَةً) حَيَّةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (بِمِلْكٍ) وَلَوْ فِي دُبُرِهَا (حَرُمَ عَلَيْهِ أُمَّهَاتُهَا وَبَنَاتُهَا وَحَرُمَتْ عَلَى آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ) إجْمَاعًا وَتَثْبُتُ هُنَا الْمَحْرَمِيَّةُ أَيْضًا (وَكَذَا) الْحَيَّةُ (الْمَوْطُوءَةُ) وَلَوْ فِي الدُّبُرِ (بِشُبْهَةٍ) إجْمَاعًا أَيْضًا لَكِنْ لَا تَثْبُتُ بِهَا مَحْرَمِيَّةٌ. ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ هُنَا: أَيْ فِي تَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ وَفِي لُحُوقِ النَّسَبِ وَوُجُوبِ الْعِدَّةِ أَنْ تَكُونَ الشُّبْهَةُ (فِي حَقِّهِ) كَأَنْ وَطِئَهَا بِفَاسِدِ نِكَاحٍ وَكَظَنِّهَا حَلِيلَتَهُ (قِيلَ، أَوْ) تُوجَدُ شُبْهَةٌ فِي (حَقِّهَا) كَأَنْ ظَنَّتْهُ حَلِيلَهَا، أَوْ كَانَ بِهَا نَحْوُ وَإِنْ عُلِمَ فَعَلَى هَذَا بِأَيِّهِمَا قَامَتْ الشُّبْهَةُ أَثَّرَتْ، نَعَمْ الْمُعْتَبَرُ فِي النَّهْرِ شُبْهَتُهَا فَقَطْ. وَمِنْهَا أَنْ تُوطَأَ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَإِنْ اعْتَقَدَتْ التَّحْرِيمَ فَلَيْسَتْ مُسْتَثْنَاةً خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ لِمَا مَرَّ أَنَّ مُعْتَقِدَ تَحْرِيمِهِ لَا يُحَدُّ لِلشُّبْهَةِ، وَلَا أَثَرَ لِوَطْءِ خُنْثَى لِاحْتِمَالِ زِيَادَةِ مَا أَوْلَجَ بِهِ، أَوْ فِيهِ كَمَا قَالَهُ أَبُو الْفُتُوحِ (لَا الْمَزْنِيُّ بِهَا) فَلَا يَثْبُتُ لَهَا وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ أُصُولِهَا وَفُرُوعِهَا حُرْمَةُ مُصَاهَرَةٍ بِالزِّنَا الْحَقِيقِيِّ، بِخِلَافِهِ مِنْ مَجْنُونٍ فَإِنَّ الصَّادِرَ مِنْهُ صُورَةُ زِنًا فَيَثْبُتُ بِهِ النَّسَبُ وَالْمُصَاهَرَةُ، وَلَا لَاطَ بِغُلَامٍ لَمْ يَحْرُمْ عَلَى الْفَاعِلِ أُمُّ الْغُلَامِ وَبِنْتِهِ (وَلَيْسَتْ مُبَاشَرَةً) بِسَبَبٍ مُبَاحٍ كَلَمْسٍ وَقُبْلَةٍ وَمُفَاخَذَةٍ (بِشَهْوَةٍ كَوَطْءٍ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهَا لَا تُوجِبُ عِدَّةً فَكَذَا لَا تُوجِبُ حُرْمَةً. وَالثَّانِي كَالْوَطْءِ بِجَامِعِ التَّلَذُّذِ بِالْمَرْأَةِ، وَلِأَنَّهُ اسْتِمْتَاعٌ يُوجِبُ الْفِدْيَةَ عَلَى الْمُحْرِمِ فَكَانَ كَالْوَطْءِ، وَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ أَنَّهُ يَرِدُ عَلَيْهِ لَمْسُ الْأَبِ جَارِيَةَ ابْنِهِ فَإِنَّهَا تَحْرُمُ لِمَا فِيهِ مِنْ الشُّبْهَةِ فِي مِلْكِهِ، بِخِلَافِ لَمْسِ الزَّوْجَةِ ذَكَرَهُ الْإِمَامُ مَحَلُّ نَظَرٍ، وَلَعَلَّهُ فَرَّعَهُ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي، ـــــــــــــــــــــــــــــSهَذَا فِي الْمُسْتَثْنَيَاتِ فَيُنْسَبُ إلَيْهِمْ مَنْطُوقًا لِمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّ مَا يُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقَاتِهِمْ يُضَافُ إلَيْهِمْ بِالتَّصْرِيحِ (قَوْلُهُ: إنْ اتَّحَدَ الْعَامِلُ) أَيْ وَلَوْ مَعْنًى نَحْوَ قَوْلِك وَقَفْت دَارِي عَلَى أَوْلَادِي وَحَبَسْت ضَيْعَتِي عَلَى أَقَارِبِي وَسَبَّلْت بُسْتَانِي عَلَى عُتَقَائِي الْمَحَاوِيجِ مِنْهُمْ، وَمَا هُنَا مُخْتَلِفٌ لِأَنَّ الْعَامِلَ فِي الْأَوَّلِ الْإِضَافَةُ وَالثَّانِي حَرْفُ الْجَرِّ وَهُمَا مُخْتَلِفَانِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ وَطِئَ امْرَأَةً) أَيْ، أَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لَا تَثْبُتُ بِهَا مَحْرَمِيَّةٌ) أَيْ فَتَنْقُضُ وُضُوءَهُ وَيَحْرُمُ نَظَرُهَا وَالْخَلْوَةُ بِهَا وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَالضَّمِيرُ فِي بِهَا رَاجِعٌ لِلشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ: فِي نِكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ) أَيْ وَكَذَا بِلَا وَلِيٍّ وَشُهُودٍ (قَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لِوَطْءِ خُنْثَى) أَيْ فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَى وَطْئِهِ حُرْمَةٌ لِأَصْلِهِ عَلَى الْمَوْطُوءَةِ (قَوْلُهُ: لَا الْمَزْنِيُّ بِهَا) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ خَرَجَ مَنِيُّهُ عَلَى وَجْهٍ غَيْرِ مُحْتَرَمٍ ثُمَّ اسْتَدْخَلَتْهُ زَوْجَتُهُ، كَمَا لَوْ وَطِئَهَا فِي الدُّبُرِ ثُمَّ سَالَ الْمَنِيُّ وَأَخَذْته فِي خِرْقَةٍ وَاسْتَدْخَلَتْهُ وَحَبِلَتْ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ مِنْ مَجْنُونٍ) قَالَ حَجّ: أَوْ مُكْرَهٍ. قَالَ سم عَلَيْهِ مَا نَصُّهُ: عِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ: نَعَمْ وَطْءُ الْمُكْرَهِ وَالْمَجْنُونِ مِنْ أَقْسَامِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ فَيُعْطَى حُكْمَهُ اهـ. وَقَضِيَّتُهُ ثُبُوتُ النَّسَبِ مِنْ الْمُكْرَهِ، وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا عَنْ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: لِمَسِّ الْأَبِ جَارِيَةَ ابْنِهِ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِسَبَبٍ مُبَاحٍ) أَيْ كَالزَّوْجِيَّةِ وَالْمِلْكِ، قَالَهُ الشِّهَابُ سم، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ مَا سَيَأْتِي مِنْ اسْتِثْنَاءِ الزَّرْكَشِيّ وَالتَّنْظِيرِ فِيهِ بِمَا يَأْتِي يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّبَبِ الْمُبَاحِ ظَنُّ الْإِبَاحَةِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: فَرَّعَهُ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي) قَدْ يُقَالُ: يُنَافِي هَذَا تَعْبِيرُهُ بِالِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي) صَوَابُهُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي

وَإِلَّا فَاَلَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ سِوَى وَطْئِهِ (وَلَوْ اختلطت مَحْرَمٌ) بِنَسَبٍ، أَوْ رَضَاعٍ، أَوْ مُصَاهَرَةٍ أَوْ مُحَرَّمَةٌ بِسَبَبٍ آخَرَ كَلِعَانٍ أَوْ تَمَجُّسٍ وَتَكَلَّفَ بَعْضُهُمْ ضَبْطَ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ بِالضَّمِّ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ لِيَشْمَلَ جَمِيعَ ذَلِكَ (بِنِسْوَةِ قَرْيَةٍ كَبِيرَةٍ) بِأَنْ كُنَّ غَيْرَ مَحْصُورَاتٍ (نَكَحَ) إنْ أَرَادَ (مِنْهُنَّ) وَلَوْ قَدَرَ بِسُهُولَةٍ عَلَى مُتَيَقِّنَةِ الْحِلِّ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ رُخْصَةً مِنْهُ تَعَالَى، وَحِكْمَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُبَحْ لَهُ ذَلِكَ رُبَّمَا انْسَدَّ عَلَيْهِ بَابُ النِّكَاحِ، فَإِنَّهُ وَإِنْ سَافَرَ لِبَلَدٍ لَا يَأْمَنُ مُسَافِرَتَهَا إلَيْهِ وَيَنْكِحُ إلَى أَنْ يَبْقَى مَحْصُورًا كَمَا رَجَّحَهُ الرُّويَانِيُّ وَلَا يُخَالِفُهُ تَرْجِيحُهُمْ فِي الْأَوَانِي الْأَخْذَ إلَى أَنْ يَبْقَى وَاحِدٌ، إذْ النِّكَاحُ يُحْتَاطُ لَهُ فَوْقَ غَيْرِهِ، وَمَا فَرَّقَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ يَكْفِي فِيهِ الظَّنُّ فَيُبَاحُ الْمَظْنُونُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمُتَيَقَّنِ بِخِلَافِهِ هُنَا مَرْدُودٌ بِمَا تَقَرَّرَ مِنْ حِلِّ الْمَشْكُوكِ فِيهَا مَعَ وُجُودِ مُتَيَقَّنَةِ الْحِلِّ، وَسَيَأْتِي حِلُّ مُخْبِرَتِهِ بِالتَّحْلِيلِ وَانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَإِنْ ظَنَّ كَذِبَهَا (لَا بِمَحْصُورَاتٍ) فَلَا يَنْكِحُ مِنْهُنَّ، وَلَوْ فَعَلَ لَمْ يَصِحَّ احْتِيَاطًا لِلْأَبْضَاعِ مَعَ عَدَمِ الْمَشَقَّةِ فِي اجْتِنَابِهِنَّ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، وَلَا مَدْخَلَ لِلِاجْتِهَادِ هُنَا، نَعَمْ لَوْ تَيَقَّنَ صِفَةً بِمَحْرَمِهِ كَسَوَادٍ نَكَحَ غَيْرَ ذَاتِ السَّوَادِ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَاجْتَنَبَهَا إنْ انْحَصَرْنَ. ثُمَّ مَا عَسُرَ عَدُّهُ بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ كَأَلْفٍ غَيْرِ مَحْصُورٍ وَمَا سَهُلَ كَمِائَةٍ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي بَابِ الْأَمَانِ وَذَكَرَهُ فِي الْأَنْوَارِ هُنَا مَحْصُورٌ وَبَيْنَهُمَا أَوْسَاطٌ تُلْحَقُ بِأَحَدِهِمَا بِالظَّنِّ، وَمَا شَكَّ فِيهِ يَسْتَثْنِي فِيهِ الْقَلْبُ. قَالَهُ الْغَزَالِيُّ، وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ التَّحْرِيمُ عِنْدَ الشَّكِّ لِأَنَّ مِنْ الشُّرُوطِ الْعِلْمُ بِحِلِّهَا وَاعْتَرَضَ بِمَا لَوْ زَوَّجَ أَمَةَ مُورَثِهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا أَوْ تَزَوَّجَتْ زَوْجَةُ الْمَفْقُودِ فَبَانَ مَيِّتًا فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَمَرَّ مَا فِيهِ فِي فَصْلِ الصِّيغَةِ، وَلَوْ اخْتَلَطَتْ زَوْجَتُهُ بِأَجْنَبِيَّاتٍ امْتَنَعَ وَطْءُ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْوَطْءَ إنَّمَا يُبَاحُ بِالْعَقْدِ دُونَ الِاجْتِهَادِ (وَلَوْ طَرَأَ مُؤَبَّدُ تَحْرِيمٍ) بِفَتْحِ الْبَاءِ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ وَبِكَسْرِهَا (عَلَى نِكَاحِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِشَهْوَةٍ (قَوْلُهُ: لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ سِوَى وَطْئِهِ) أَيْ الْمَرْأَةَ عَلَى أَبِي الْوَاطِئِ، أَوْ ابْنِهِ سِوَى إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَطَتْ مُحَرَّمٌ) وَمِثْلُهُ عَكْسُهُ وَهُوَ مَا لَوْ اخْتَلَطَ مَحْرَمُهَا بِرِجَالِ قَرْيَةٍ فَيَأْتِي فِيهِ مَا ذُكِرَ، ثُمَّ رَأَيْته فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وَكَأَنَّهُ تَرَكَهُ لِتَلَازُمِهِمَا (قَوْلُهُ: مَرْدُودٌ) أَيْ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ، وَيَجُوزُ أَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ كَلَامِهِ عَلَى مُقَابَلَةِ السُّبْكِيّ (قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي) تَقْوِيَةٌ لِلرَّدِّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ظَنَّ كَذِبَهَا) عِبَارَتُهُ فِيمَا يَأْتِي وَلَمْ يَقَعْ صِدْقُهَا فِي قَلْبِهِ اهـ. وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ ظَنُّ كَذِبِهَا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْحَاصِلُ بِمُجَرَّدِ الشَّكِّ، وَأَمَّا قَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي وَإِنْ كَذَّبَهَا زَوْجٌ عَيَّنَتْهُ فَمَعْنَاهُ أَنْ تَزْعُمَ أَنَّهَا تَحَلَّلَتْ بِزَمَنٍ فَكَذَّبَهَا، وَخَرَجَ بِظَنٍّ كَذِبِهَا مَا لَوْ صَرَّحَ بِهِ، وَلَمْ يَقُلْ بَعْدَ ذَلِكَ تَبَيَّنْت الْأَمْرَ فَعَلِمْت صِدْقَهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ آخِرَ الْفَصْلِ وَلَوْ كَذَّبَهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ (قَوْلِهِ وَلَوْ فَعَلَ لَمْ يَصِحَّ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يُحَدُّ لِلشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ انْحَصَرُوا أَوَّلًا (قَوْلُهُ: وَاجْتَنَبَهَا) أَيْ ذَاتَ السَّوَادِ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ مَا فِيهِ) أَيْ وَهُوَ أَنَّ هَذَا يَرْجِعُ لِلشَّكِّ فِي وِلَايَةِ الْعَاقِدِ فِي كُلٍّ مِنْ أَمَةِ مُورَثِهِ وَزَوْجَةِ الْمَفْقُودِ وَمَا هُنَا يَرْجِعُ لِلشَّكِّ فِي ذَاتِ الْمَرْأَةِ هَلْ تَحِلُّ، أَوْ لَا، وَحَاصِلُ مَا مَرَّ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِتَيَقُّنِ الْحِلِّ فَلَا يَكْفِي وُجُودُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَفِي غَيْرِهِ بِالنِّسْبَةِ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ مُطَابِقَتُهُ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَبِالنِّسْبَةِ لِجَوَازِ الْإِقْدَامِ بِظَنِّ اسْتِيفَاءِ الشُّرُوطِ (قَوْلُهُ: وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ مُطْلَقًا) أَيْ مَحْصُورَاتٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَبِكَسْرِهَا) أَيْ فَيَكُونُ صِفَةً لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ سَبَبٌ مُؤَبِّدٌ لِلتَّحْرِيمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَمِائَةٍ) الَّذِي فِي عِبَارَةِ الْغَزَالِيِّ كَعِشْرِينَ. وَلَمَّا نَقَلَهَا الْعَلَّامَةُ حَجّ قَالَ عَقِبَ قَوْلِهِ كَعِشْرِينَ بَلْ كَمِائَةٍ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ إلَخْ، فَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ بِخِلَافِ مَا فِي الشَّارِحِ

قَطَعَهُ كَوَطْءِ زَوْجَةِ أَبِيهِ) بِالْيَاءِ، أَوْ النُّونِ فِي ضَبْطِهِمَا بِخَطِّهِ (بِشُبْهَةٍ) وَكَوَطْءِ الزَّوْجِ أُمَّ، أَوْ بِنْتَ زَوْجَتِهِ بِشُبْهَةٍ فَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ إلْحَاقًا لِلدَّوَامِ بِالِابْتِدَاءِ لِأَنَّهُ مَعْنًى يُوجِبُ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا، فَإِذَا طَرَأَ قَطْعٌ كَالرَّضَاعِ، وَبِهَذَا يَتَّضِحُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَوْطُوءَةِ مَحْرَمًا لِلْوَاطِئِ كَبِنْتِ أَخِيهِ وَغَيْرِهَا خِلَافًا لِمَنْ قَيَّدَ بِالثَّانِيَةِ، وَخَرَجَ بِنِكَاحِ مَا لَوْ طَرَأَ عَلَى مِلْكِ الْيَمِينِ كَوَطْءِ الْأَصْلِ أَمَةَ فَرْعِهِ فَإِنَّهَا وَإِنْ حَرُمَتْ بِهِ عَلَى الْفَرْعِ أَبَدًا لَا يَنْقَطِعُ بِهِ مِلْكُهُ حَيْثُ لَا إحْبَالَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ تَحْرِيمِهَا لِبَقَاءِ الْمَالِيَّةِ، وَمُجَرَّدُ الْحِلِّ هُنَا غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ، وَلَوْ عَقَدَ أَبٌ عَلَى امْرَأَةٍ وَابْنُهُ عَلَى ابْنَتِهَا وَزُفَّتْ كُلٌّ لِغَيْرِ زَوْجِهَا وَوَطِئَهَا غَلَطًا انْفَسَخَ النِّكَاحَانِ وَلَزِمَ كُلًّا لِمَوْطُوءَتِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ وَعَلَى السَّابِقِ مِنْهُمَا بِالْوَطْءِ لِزَوْجَتِهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى وَفِيمَا يَلْزَمُ الثَّانِيَ مِنْهُمَا وُجُوهٌ أَوْجَهُهَا كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ يَجِبُ لِصَغِيرَةٍ لَا تَعْقِلُ وَمَكْرُوهَةٍ وَنَائِمَةٍ لِأَنَّ الِانْفِسَاخَ حِينَئِذٍ غَيْرُ مَنْسُوبٍ إلَيْهَا فَكَانَ كَمَا لَوْ أَرْضَعَتْ زَوْجَتُهُ الْكَبِيرَةُ الصَّغِيرَةَ يَنْفَسِخُ نِكَاحُهَا وَلِلصَّغِيرَةِ نِصْفُ الْمُسَمَّى عَلَى الزَّوْجِ وَيَرْجِعُ عَلَى السَّابِقِ بِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ لَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا بِمَا غَرِمَ وَلَا يَجِبُ لِعَاقِلَةٍ مُطَاوِعَةٍ فِي الْوَطْءِ وَلَوْ غَلَطًا وَإِنْ وَطِئَا مَعًا فَعَلَى كُلٍّ لِزَوْجَتِهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى، وَيَرْجِعُ كُلٌّ عَلَى الْآخَرِ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ يَظْهَرُ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَرْجِيحُهُ بِنِصْفِ مَا كَانَ يَرْجِعُ بِهِ لَوْ انْفَرَدَ وَيُهْدَرُ نِصْفُهُ، وَلَوْ أَشْكَلَ الْحَالُ وَلَمْ يُعْلَمْ سَبْقٌ وَلَا مَعِيَّةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: كَوَطْءِ زَوْجَةِ أَبِيهِ إلَخْ) يُسْتَثْنَى كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ الْخُنْثَى فَلَا يَنْقَطِعُ بِوَطْئِهِ زَوْجَةَ ابْنِهِ نِكَاحُ ابْنِهِ لِاحْتِمَالِ زِيَادَةِ الذَّكَرِ الَّذِي وَطِئَ بِهِ فَلَا يُقْطَعُ النِّكَاحُ بِالشَّكِّ وَقَدْ يُشْكِلُ تَصَوُّرُ ابْنِ الْخُنْثَى لِأَنَّهُ إنْ اتَّضَحَتْ ذُكُورَتُهُ تَعَيَّنَ أَنَّ وَطْأَهُ يَقْطَعُ النِّكَاحَ كَغَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَّضِحْ فَالْمُشْكِلُ لَا يَصِحُّ نِكَاحُهُ حَتَّى يَتَصَوَّرَ لَهُ وَلَدٌ، وَلِهَذَا قَالُوا مَا دَامَ مُشْكِلًا اسْتَحَالَ كَوْنُهُ أَبًا أَوْ جَدًّا، أَوْ أُمًّا، أَوْ زَوْجًا، أَوْ زَوْجَةً اهـ. وَيَجُوزُ أَنْ يُصَوَّرَ بِمَسْأَلَةٍ ذَكَرَهَا فِي الْعُبَابِ فِي بَابِ الْحَدَثِ وَعِبَارَتُهُ مَعَ شَرْحِهِ لِلشَّارِحِ: وَإِنْ مَالَ إلَى الرِّجَالِ فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ ثُمَّ جَامَعَ وَأَتَتْ مَوْطُوءَتُهُ بِوَلَدٍ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ نَقْلًا عَنْ جَدِّهِ: وَقَالَ إنَّهُ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ وَالدِّقَّةِ لَحِقَهُ نَسَبًا احْتِيَاطًا وَلَا تَحْكُمُ بِذُكُورَتِهِ لِأَنَّ الْحِسَّ يُكَذِّبُهُ اهـ. بَقِيَ أَنَّهُ لِمَ خَصَّ هَذَا الْبَعْضُ الِاسْتِثْنَاءَ بِزَوْجَةِ الِابْنِ، وَهَلَّا ذَكَرَهُ فِي زَوْجَةِ الْأَبِ أَيْضًا، ثُمَّ اُنْظُرْ مَا الْمَانِعُ مِنْ أَنْ يُصَوَّرَ أَيْضًا بِمَا إذَا اسْتَدْخَلَتْ امْرَأَةٌ ذَكَرَهُ وَهُوَ نَائِمٌ لِظَنِّهَا أَنَّهُ زَوْجُهَا وَأَتَتْ مِنْهُ بِوَلَدٍ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: إنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي زَوْجَةِ الْأَبِ لِأَنَّ الْأَبَ وَاضِحٌ، وَكَوْنُ الِابْنِ خُنْثَى لَا يَقْتَضِي وَطْؤُهُ انْفِسَاخَ نِكَاحِ زَوْجَةِ الْأَبِ لِجَوَازِ كَوْنِ الْوَلَدِ أُنْثَى، لَكِنْ هَذَا فِي الْحَقِيقَةِ لَا يَدْفَعُ السُّؤَالَ لِأَنَّ مُحَصِّلَهُ أَنْ يُقَالَ هَلَّا ذَكَرَ وَطْءَ الْخُنْثَى لِزَوْجَةِ أَبِيهِ فَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ وَيَكُونُ ذَلِكَ مُسْتَثْنًى مِنْ انْفِسَاخِ النِّكَاحِ بِوَطْءِ زَوْجَةِ الْأَبِ (قَوْلُهُ: وَكَوَطْءِ الزَّوْجِ أُمَّ، أَوْ بِنْتَ زَوْجَتِهِ) أَيْ فَيُحَرِّمَانِ الْأُولَى مُطْلَقًا وَفِي الثَّانِيَةِ إنْ دَخَلَ بِالْأُمِّ (قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ الْأَبِ لِلِابْنِ فِي مُقَابَلَةِ التَّحْرِيمِ. أَمَّا الْمَهْرُ فَيَلْزَمُهُ فِي مُقَابَلَةِ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ وَلَزِمَ كُلًّا لِمَوْطُوءَتِهِ) أَيْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ صَغِيرَةً، أَوْ مُكْرَهَةً، أَوْ نَائِمَةً أَوْ غَافِلَةً (قَوْلُهُ: وَعَلَى السَّابِقِ مِنْهُمَا) زِيَادَةٌ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ لِمَنْ وَطِئَهَا (قَوْلُهُ: بِالْوَطْءِ لِزَوْجَتِهِ) أَيْ صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً نَائِمَةً، أَوْ مُكْرَهَةً (قَوْلُهُ وَفِيمَا يَلْزَمُ الثَّانِي مِنْهُمَا) أَيْ لِزَوْجَتِهِ (قَوْلُهُ يَجِبُ لِصَغِيرَةٍ) أَيْ نِصْفُ الْمُسَمَّى (قَوْلُهُ: يَنْفَسِخُ نِكَاحُهَا) أَيْ الْكَبِيرَةُ (قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ) أَيْ الثَّانِي وَقَوْلُهُ لَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَيْ كَامِلًا، وَقَوْلُهُ وَلَا بِمَا غَرِمَ: أَيْ مِنْ الْمُسَمَّى (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ) أَيْ النِّصْفُ، وَقَوْلُهُ لِعَاقِلَةِ: أَيْ وَيَجِبُ لِزَوْجِهَا عَلَى الْأَوَّلِ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ لِتَفْوِيتِهِ الْبُضْعَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مُطَاوِعَةً) أَيْ لِغَيْرِ زَوْجِهَا (قَوْلُهُ مَا كَانَ يَرْجِعُ بِهِ لَوْ انْفَرَدَ) أَيْ وَهُوَ رُبْعُ مَهْرِ الْمِثْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَعَلَى السَّابِقِ مِنْهُمْ بِالْوَطْءِ لِزَوْجَتِهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى) أَيْ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي تَسَبَّبَ فِي فِرَاقِهَا حَيْثُ صَيَّرَهَا بِوَطْئِهِ لِزَوْجَةِ الْآخَرِ أُمَّ مَوْطُوءَتِهِ أَوْ بِنْتَهَا.

وَجَبَ لِلْمَوْطُوءَةِ مَهْرُ الْمِثْلِ وَانْفَسَخَ النِّكَاحَانِ وَلَا رُجُوعَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَلِزَوْجَةِ كُلٍّ نِصْفُ الْمُسَمَّى وَلَا يَسْقُطُ بِالشَّكِّ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَلَوْ نَكَحَ امْرَأَةً وَبِنْتَهَا جَاهِلًا مُرَتَّبًا فَالثَّانِي بَاطِلٌ، فَإِنْ وَطِئَ الثَّانِيَةَ فَقَطْ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ فَنِكَاحُ الْأُولَى بِحَالِهِ، أَوْ جَاهِلًا بِهِ بَطَلَ نِكَاحُ الْأُولَى وَلَزِمَهُ لَهَا نِصْفُ الْمُسَمَّى وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ أَبَدًا وَلِلْمَوْطُوءَةِ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَحَرُمَتْ عَلَيْهِ أَبَدًا إنْ كَانَتْ هِيَ الْأُمَّ، وَإِنْ كَانَتْ الْبِنْتَ لَمْ تَحْرُمْ أَبَدًا إلَّا إنْ كَانَ قَدْ وَطِئَ الْأُمَّ (وَيَحْرُمُ جَمْعُ الْمَرْأَةِ وَأُخْتِهَا، أَوْ عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا مِنْ رَضَاعٍ، أَوْ نَسَبٍ) وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ لِأَبَوَيْنِ، أَوْ أَبٍ، أَوْ أُمٍّ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا لِلْآيَةِ فِي الْأُخْتَيْنِ وَلِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ فِي الْبَاقِي، وَحِكْمَةُ ذَلِكَ كَمَا فِيهِ أَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى قَطِيعَةِ الرَّحِمِ وَإِنْ رَضِيَتْ بِذَلِكَ فَإِنَّ الطَّبْعَ يَتَغَيَّرُ وَضَابِطُ مَنْ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا كُلُّ امْرَأَتَيْنِ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ، أَوْ رَضَاعٌ لَوْ قُدِّرَتْ إحْدَاهُمَا ذَكَرًا لَحَرُمَ تَنَاكُحُهُمَا، فَخَرَجَ بِالْقَرَابَةِ وَالرَّضَاعِ الْمُصَاهَرَةُ، فَيَحِلُّ الْجَمْعُ بَيْنَ امْرَأَةٍ وَأُمِّ وَبِنْتِ زَوْجِهَا أَوْ زَوْجَةِ وَلَدِهَا إذْ لَا رَحِمَ هُنَا يُخْشَى قَطْعُهُ، وَالْمِلْكُ فَيَحِلُّ الْجَمْعُ بَيْنَ امْرَأَةِ وَأَمَتِهَا بِأَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِشَرْطِهِ الْآتِي ثُمَّ يَتَزَوَّجُ سَيِّدَتَهَا، أَوْ يَكُونَ قِنًّا وَإِنْ حَرُمَتْ كُلٌّ بِتَقْدِيرِ ذُكُورَةِ الْأُخْرَى إذْ الْعَبْدُ لَا يَنْكِحُ سَيِّدَتَهُ وَالسَّيِّدُ لَا يَنْكِحُ أَمَتَهُ، وَيَحِلُّ الْجَمْعُ أَيْضًا بَيْنَ بِنْتِ الرَّجُلِ وَرَبِيبَتِهِ، وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَرَبِيبَةِ زَوْجِهَا مِنْ امْرَأَةٍ، وَبَيْنَ أُخْتِ الرَّجُلِ مِنْ أُمِّهِ وَأُخْتِهِ لِأَبِيهِ إذْ لَا تَحْرُمُ الْمُنَاكَحَةُ بَيْنَهُمَا بِتَقْدِيرِ ذُكُورَةِ إحْدَاهُمَا (فَإِنْ) (جَمَعَ) بَيْنَ أُخْتَيْنِ (بِعَقْدٍ) وَاحِدٍ (بَطَلَ) النِّكَاحَانِ إذْ لَا مُرَجِّحَ (أَوْ) بِعَقْدَيْنِ وَيَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ فِي نِكَاحِ اثْنَتَيْنِ فَإِنْ وَقَعَا مَعًا، أَوْ عُرِفَ سَبْقٌ وَلَمْ تَتَعَيَّنْ سَابِقَةٌ وَلَمْ تُرْجَ مَعْرِفَتُهَا، أَوْ جُهِلَ السَّبْقُ وَالْمَعِيَّةُ بَطَلَا، أَوْ وَقَعَا (مُرَتَّبًا) وَعُرِفَتْ السَّابِقَةُ وَلَمْ تُنْسَ (فَالثَّانِي) هُوَ الْبَاطِلُ إنْ صَحَّ الْأَوَّلُ لِحُصُولِ الْجَمْعِ بِهِ، فَإِنْ نُسِيَتْ وَرُجِيَتْ مَعْرِفَتُهَا وَجَبَ التَّوَقُّفُ إلَى تَبَيُّنِ الْحَالِ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الِاحْتِيَاجِ فِي ذَلِكَ لِفَسْخِ الْحَاكِمِ. وَأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْعَقْدَ عَلَى إحْدَاهُمَا امْتَنَعَ حَتَّى يُطَلِّقَ الْأُخْرَى بَائِنًا لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا الزَّوْجَةَ فَتَحِلُّ الْأُخْرَى يَقِينًا بِدُونِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَجَبَ لِلْمَوْطُوءَةِ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْ الْمَوْطُوءَتَيْنِ (قَوْلُهُ: مَهْرُ الْمِثْلِ) أَيْ عَلَى الْوَاطِئِ (قَوْلُهُ: وَلِزَوْجَةِ كُلٍّ نِصْفُ الْمُسَمَّى) أَيْ عَلَى زَوْجِهَا (قَوْلُهُ: فَنِكَاحُ الْأُولَى بِحَالِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ زَانٍ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ جَمْعُ الْمَرْأَةِ وَأُخْتِهَا) قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: سُئِلَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ عَنْ جَمْعِ الْأُخْتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ، فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا مَانِعَ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَدُورُ مَعَ الْعِلَّةِ وُجُودًا وَعَدَمًا لِأَنَّ الْعِلَّةَ التَّبَاغُضُ وَقَطِيعَةُ الرَّحِمِ وَهَذَا الْمَعْنَى مُنْتَفٍ فِي الْجَنَّةِ اهـ. وَبِهَامِشِهِ نَقْلًا عَنْ بَعْضِ الْهَوَامِشِ الصِّحَاحِ مَا نَصُّهُ: بَلْ صَرَّحَ الْقُرْطُبِيُّ بِأَنَّهُ يَجُوزُ نِكَاحُ سَائِرِ الْمَحَارِمِ فِي الْجَنَّةِ إلَّا الْأُمَّ وَالْبِنْتَ (قَوْلُهُ: وَحِكْمَةُ ذَلِكَ كَمَا فِيهِ) أَيْ مَا فِي الْخَبَرِ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَإِنَّكُمْ إذَا فَعَلْتُمْ قَطَعْتُمْ أَرْحَامَكُمْ» اهـ أَسَنَوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالْمِلْكُ) أَيْ وَخَرَجَ الْمِلْكُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَتَزَوَّجُ سَيِّدَتَهَا) أَيْ، أَوْ يَتَزَوَّجُ السَّيِّدَةَ أَوَّلًا ثُمَّ يَعْرِضُ لَهَا مَرَضٌ يَمْنَعُ حُصُولَ الْعِفَّةِ بِهَا (قَوْلُهُ وَرَبِيبَتُهُ) أَيْ بِنْتُ زَوْجَتِهِ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَالثَّانِي هُوَ الْبَاطِلُ) فَرْعٌ: وَقَعَا مُرَتَّبًا إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ بِلَا وَلِيٍّ، أَوْ بِلَا شُهُودٍ، لَكِنْ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ حَاكِمٌ يَرَاهُ حُكْمًا مُقَارِنًا لِلْعَقْدِ الثَّانِي فَيَنْبَغِي أَنَّ الصَّحِيحَ هُوَ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ لِسَبْقِ وُجُودِهِ، وَبِالْحُكْمِ تَثْبُتُ صِحَّتُهُ مِنْ حِينِ وُجُودِهِ لَا مِنْ حِينِ الْحُكْمِ فَقَطْ، وَلَوْ وَقَعَ حُكْمَانِ مُتَقَارِنَانِ أَحَدُهُمَا بِصِحَّتِهِ وَالْآخَرُ بِفَسَادِهِ فَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْحُكْمِ بِصِحَّتِهِ، وَقَوْلُهُ وَرُجِيَتْ مَعْرِفَتُهَا مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ تُرْجَ مَعْرِفَتُهَا لَا يَتَوَقَّفُ بَلْ يَبْطُلَانِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ رَاجَعَتْ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ وَشَرْحِهِ وَكَذَا يَبْطُلَانِ لَوْ عُرِفَ سَبْقُ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يَتَعَيَّنْ وَأَيِسَ مِنْ تَعْيِينِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ فَوَجَدْته كَذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّ مَحَلَّ الْبُطْلَانِ إذَا لَمْ يَرْجُ مَعْرِفَةَ السَّابِقِ وَإِلَّا وَجَبَ مَوْقِفٌ (قَوْلُهُ: إنْ صَحَّ الْأَوَّلُ) أَيْ وَإِنْ وَقَعَ بِلَا وَلِيٍّ، أَوْ بِلَا شُهُودٍ وَحَكَمَ بِصِحَّتِهِ حَاكِمٌ، وَعِبَارَةُ سم: فَرْعٌ: إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَاهُ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الِاحْتِيَاجِ) أَيْ كَوْنُ الْأَقْرَبِ عَدَمَ إلَخْ هَذَا الْأَقْرَبُ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِيمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ عَيْنَ السَّابِقَةِ بِأَنْ عَلِمَ السَّبْقَ وَلَمْ تَتَعَيَّنْ السَّابِقَةُ، أَمَّا إذَا عُلِمَتْ السَّابِقَةُ ثُمَّ نُسِيَتْ فَلَا مَعْنَى لِافْتِقَارِ التَّوَقُّفِ الْوَاجِبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مَشَقَّةٍ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ بِوَجْهٍ، أَمَّا إذَا فَسَدَ الْأَوَّلُ فَالثَّانِي هُوَ الصَّحِيحُ سَوَاءٌ أَعَلِمَ بِذَلِكَ أَمْ لَا خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ كَمَا تَعَقَّبَهُ الرُّويَانِيُّ لِأَنَّ غَايَةَ الْأَمْرِ أَنَّهُ هَازِلٌ بِهَذَا الْعَقْدِ وَهَزْلُ النِّكَاحِ جِدٌّ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَأْتِي مَا ذُكِرَ فِي جَمْعِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ وَفِيمَا إذَا نَكَحَ عَشَرَةً فِي أَرْبَعَةِ عُقُودٍ أَرْبَعًا وَثَلَاثًا وَثِنْتَيْنِ وَوَاحِدَةً وَجَهِلَ السَّابِقَ فَوَطِئَ وَمَاتَ فَيُؤْخَذُ مِنْ التَّرِكَةِ مُسَمَّى أَرْبَعٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّ فِي نِكَاحِهِ أَرْبَعًا يَجِبُ مَهْرُهُنَّ وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهِنَّ وَمَهْرُ مِثْلِ مَنْ دَخَلَ بِهِنَّ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُنَّ مِنْ الزَّائِدَاتِ عَلَى تِلْكَ الْأَرْبَعِ، وَمَا أُخِذَ لِلْمَدْخُولِ بِهِنَّ يُدْفَعُ لَهُنَّ وَلِلْأَرْبَعِ يُوقَفُ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ الْوَرَثَةِ إلَى الْبَيَانِ، أَوْ الصُّلْحِ وَلِذَلِكَ تَفْرِيعٌ طَوِيلٌ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا فَرَاجِعْهُ (وَمَنْ حَرُمَ جَمْعُهُمَا بِنِكَاحٍ) كَأُخْتَيْنِ (حَرُمَ) جَمْعُهُمَا (فِي الْوَطْءِ بِمِلْكٍ) لِأَنَّهُ إذَا حَرُمَ الْعَقْدُ فَالْوَطْءُ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَقْوَى وَلِأَنَّ التَّقَاطُعَ فِيهِ أَكْثَرُ (لَا مَلَكَهُمَا) إجْمَاعًا لِأَنَّ الْمِلْكَ قَدْ يُقْصَدُ بِهِ غَيْرُ الْوَطْءِ وَلِهَذَا جَازَ لَهُ نَحْوُ أُخْتِهِ (فَإِنْ وَطِئَ) فِي فَرْجٍ وَاضِحٍ، أَوْ دُبُرٍ وَلَوْ مُكْرَهًا أَوْ جَاهِلًا (وَاحِدَةً) غَيْرَ مُحَرَّمَةٍ عَلَيْهِ بِنَحْوِ رَضَاعٍ وَإِنْ ظَنَّهَا تَحِلُّ لَهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الِاسْتِدْخَالَ هُنَا لَيْسَ كَالْوَطْءِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (حَرُمَتْ الْأُخْرَى حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُولَى) لِئَلَّا يَحْصُلَ الْجَمْعُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ، وَلَا يُؤَثِّرُ وَطْؤُهَا وَإِنْ حَبِلَتْ فِيمَا يَظْهَرُ تَحْرِيمُ الْأُولَى إذْ الْحَرَامُ لَا يُحَرِّمُ الْحَلَالَ، ثُمَّ التَّحْرِيمُ يَحْصُلُ بِمُزِيلِ الْمِلْكِ (كَبَيْعٍ) وَلَوْ لِبَعْضِهَا إنْ لَزِمَ، أَوْ شُرِطَ ـــــــــــــــــــــــــــــSإلَى الْفَسْخِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى حَجّ، نَعَمْ لَهَا طَلَبُ الْفَسْخِ مِنْ الْقَاضِي وَيَنْفُذُ لِلضَّرُورَةِ وَيَزُولُ بِهِ التَّوَقُّفُ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ) أَيْ قَوْلُهُ أَمْ لَا خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ (قَوْلُهُ: وَجُهِلَ السَّابِقُ فَوَطِئَ) أَيْ وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ (قَوْلُهُ: وَمَا أُخِذَ لِلْمَدْخُولِ بِهِنَّ يُدْفَعُ لَهُنَّ) وَفِي نُسْخَةٍ: وَمَا أُخِذَ لِلْمَدْخُولِ بِهِنَّ يُقَابَلُ بَيْنَ مُسَمَّى الثَّلَاثِ وَمَهْرِ مِثْلِ الثِّنْتَيْنِ وَعَكْسُهُ وَنَأْخُذُ الْأَكْثَرَ مِنْ الْجَمِيعِ وَنُعْطِي كُلَّ وَاحِدَةٍ الْأَقَلَّ مِنْ مُسَمَّاهَا وَمَهْرَ مِثْلِهَا وَيُوقَفُ الْبَاقِي، وَهَذِهِ هِيَ الْأَقْرَبُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ لَمْ تَتَحَقَّقْ مَا وَجَبَ لَهَا، بَلْ إنْ كَانَ نِكَاحُهَا صَحِيحًا لِكَوْنِهَا مِنْ السَّابِقَاتِ اسْتَحَقَّتْ الْمُسَمَّى، أَوْ فَاسِدًا فَمَهْرُ الْمِثْلِ لِلشُّبْهَةِ فَعَلِمْنَا اسْتِحْقَاقَهَا لِلْأَقَلِّ مِنْ الْمُسَمَّى وَمَهْرِ الْمِثْلِ وَشَكَكْنَا فِي الزَّائِدِ فَدَفَعَ لَهَا مَا تَحَقَّقَ اسْتِحْقَاقَهَا لَهُ وَوُقِفَ الزَّائِدُ، وَإِنَّمَا كَانَتْ هَذِهِ أَوْلَى لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى النُّسْخَةِ الَّتِي فِي الْأَصْلِ أَنَّ الْمَدْخُولَ بِهَا بِتَقْدِيرِ كَوْنِهَا زَوْجَةً إذَا دُفِعَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَكَانَ زَائِدًا عَلَى الْمُسَمَّى أَخْذُهَا مَا لَا تَسْتَحِقُّهُ، وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ: وَنُعْطِي كُلَّ وَاحِدَةٍ: أَيْ مِمَّنْ دَخَلَ بِهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يُؤَثِّرُ وَطْؤُهَا) أَيْ الثَّانِيَةُ بِأَنْ تَعَدَّى وَوَطِئَهَا ظَاهِرُهُ وَإِنْ ظَنَّهَا الْأُولَى وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقَدْ يَشْمَلُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ قَبْلُ وَإِنْ ظَنَّهَا تَحِلُّ لَهُ (قَوْلُهُ: تَحْرِيمُ الْأُولَى) أَيْ بَلْ هِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى حِلِّهَا وَيَلْزَمُهُ بَقَاءُ الثَّانِيَةِ عَلَى تَحْرِيمِهَا، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي التَّمْهِيدِ مَا نَصُّهُ: مَسْأَلَةٌ: يَجُوزُ عِنْدَنَا تَحْرِيمُ وَاحِدٍ لَا بِعَيْنِهِ، ثُمَّ قَالَ: فَمِنْ فُرُوعِ الْمَسْأَلَةِ مَا إذَا كَانَ لَهُ أَمَتَانِ وَهُمَا أُخْتَانِ فَوَطِئَ إحْدَاهُمَا فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْءُ الْأُخْرَى حَتَّى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَيُؤْخَذُ مِنْ التَّرِكَةِ مُسَمَّى أَرْبَعٍ) قَدْ يُقَالُ إذَا كَانَتْ مُسَمَّيَاتُهُنَّ مُخْتَلِفَةً فَأَيُّ مُسَمًّى يُرَاعَى؟ وَفِي الرَّوْضَةِ مُخَالَفَةٌ لِمَا ذَكَرَ هُنَا مِنْ وُجُوهٍ تُعْرَفُ بِمُرَاجَعَتِهَا (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ فِي نِكَاحِهِ أَرْبَعٌ) هَذَا أَصْوَبُ مِنْ قَوْلِ التُّحْفَةِ؛ لِأَنَّ فِي نِكَاحِهِ أَرْبَعًا بِيَقِينٍ، إذْ لَا يَكُونُ فِي نِكَاحِهِ أَرْبَعٌ بِيَقِينٍ إلَّا إنْ سَبَقَ نِكَاحُ الْأَرْبَعِ أَوْ نِكَاحُ الثَّلَاثِ ثُمَّ الْوَاحِدَةِ أَوْ عَكْسُهُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ: بِخِلَافِ مَا إذَا سَبَقَ نِكَاحُ اثْنَتَيْنِ مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ بَعْدَهُ إلَّا نِكَاحُ الْوَاحِدَةِ عَلَى أَيِّ تَقْدِيرٍ، إذْ الصُّورَةُ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ إلَّا أَرْبَعَةُ عُقُودٍ، وَمَتَى وَقَعَ نِكَاحُ مَنْ تَحِلُّ وَمَنْ لَا تَحِلُّ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ بَطَلَ الْجَمِيعُ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ أَنَّهُنَّ مِنْ الزَّائِدَاتِ عَلَى تِلْكَ الْأَرْبَعِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَوْطُوآتِ زَائِدَاتٌ عَلَى الْأَرْبَعِ فَيَخْرُجُ بِذَلِكَ مَا إذَا وَطِئَ مِنْهُنَّ سَبْعًا أَوْ أَكْثَرَ إذْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْجَمْعُ بَيْنَ مَهْرِ الْمِثْلِ وَالْمُسَمَّى لِبَعْضِهِنَّ، وَانْظُرْ مَا حُكْمُ مَا إذَا وَطِئَ فَوْقَ الزَّائِدَاتِ عَلَى الْأَرْبَعِ.

الْخِيَارُ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ وَهِبَةٌ وَلَوْ لِبَعْضِهَا مَعَ قَبْضِهِ بِإِذْنِهِ، أَوْ بِمُزِيلِ الْحِلِّ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ (أَوْ نِكَاحٌ، أَوْ كِتَابَةٌ) صَحِيحَةٌ لِارْتِفَاعِ الْحِلِّ، فَإِنْ عَادَ حِلُّ الْأُولَى بِنَحْوِ فَسْخٍ أَوْ طَلَاقٍ قَبْلَ وَطْءِ الثَّانِيَةِ تَخَيَّرَ فِي وَطْءِ أَيَّتِهِمَا شَاءَ بَعْدَ اسْتِبْرَاءٍ لِلْعَائِدَةِ إنْ أَرَادَهَا، أَوْ بَعْدَ وَطْئِهَا لَمْ يَطَأْ الْعَائِدَةَ حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُخْرَى، وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ مَلَكَ أُمًّا وَابْنَتَهَا حَرُمَتْ إحْدَاهُمَا مُؤَبَّدًا بِوَطْءِ الْأُخْرَى (لَا حَيْضٌ وَإِحْرَامٌ) وَنَحْوُ رِدَّةٍ وَعِدَّةٍ لِأَنَّهَا أَسْبَابٌ عَارِضَةٌ قَرِيبَةُ الزَّوَالِ (وَكَذَا رَهْنٌ) مَقْبُوضٌ (فِي الْأَصَحِّ) لِبَقَاءِ الْحِلِّ لَوْ أَذِنَ لَهُ الْمُرْتَهِنُ. وَالثَّانِي يَكْفِي الرَّهْنُ كَالتَّزْوِيجِ (وَلَوْ مَلَكَهَا ثُمَّ نَكَحَ أُخْتَهَا) الْحُرَّةَ (أَوْ عُكِسَ) أَيْ نَكَحَ امْرَأَةً ثُمَّ مَلَكَ نَحْوَ أُخْتِهَا، أَوْ تَقَارَنَ الْمِلْكُ وَالنِّكَاحُ (حَلَّتْ الْمَنْكُوحَةُ دُونَهَا) لِأَنَّ فِرَاشَ النِّكَاحِ أَقْوَى لِلُحُوقِ الْوَلَدِ فِيهِ بِالْإِمْكَانِ وَلَا يُجَامِعُهُ الْحِلُّ لِلْغَيْرِ، بِخِلَافِ فِرَاشِ الْمِلْكِ فِيهِمَا (وَلِلْعَبْدِ) وَلَوْ مُبَعَّضًا (امْرَأَتَانِ) لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ (وَلِلْحُرِّ أَرْبَعٌ فَقَطْ) لِخَبَرِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِمَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ» وَكَأَنَّ حِكْمَةَ هَذَا الْعَقْدِ مُوَافَقَتُهُ لِأَخْلَاطِ الْبَدَنِ الْأَرْبَعَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ عَنْهَا أَنْوَاعُ الشَّهْوَةِ الْمُسْتَوْفَاةِ غَالِبًا بِهِنَّ، وَقَدْ تَتَعَيَّنُ الْوَاحِدَةُ كَمَا مَرَّ فِي نِكَاحِ السَّفِيهِ وَالْمَجْنُونِ وَكَانَتْ شَرِيعَةُ مُوسَى تُحِلُّ النِّسَاءَ بِلَا حَصْرٍ مُرَاعَاةً لِمَصْلَحَةِ الرِّجَالِ، وَشَرِيعَةُ عِيسَى تَمْنَعُ غَيْرَ الْوَاحِدَةِ مُرَاعَاةً لِمَصْلَحَةِ النِّسَاءِ فَرَاعَتْ شَرِيعَتُنَا مَصْلَحَةَ النَّوْعَيْنِ (فَإِنْ) (نَكَحَ) الْحُرُّ (خَمْسًا) ، أَوْ أَكْثَرَ (مَعًا) (بَطَلْنَ) أَيْ نِكَاحُهُنَّ لِانْتِفَاءِ الْمُرَجِّحِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ فِيهِنَّ مَنْ يَحْرُمُ جَمْعُهُ بَطَلَ فِيهِ فَقَطْ وَصَحَّ فِي الْبَاقِيَاتِ إنْ كُنَّ أَرْبَعًا فَأَقَلَّ، أَوْ نَحْوُ مَجُوسِيَّةٍ، أَوْ مُلَاعَنَةٍ، أَوْ أَمَةٍ بَطَلَ فِيهَا فَقَطْ كَذَلِكَ (، أَوْ مُرَتَّبًا فَالْخَامِسَةُ) هِيَ الَّتِي يَبْطُلُ فِيهَا وَيَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ فِي جَمْعِ نَحْوِ الْأُخْتَيْنِ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَقْسَامِ، وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ وَمُقَابِلُهُ، وَيَأْتِي نَظِيرُ ذَلِكَ فِي جَمْعِ الْعَبْدِ ثَلَاثًا فَأَكْثَرَ (وَتَحِلُّ الْأُخْتُ) وَنَحْوُهَا (وَالْخَامِسَةُ) لِلْحُرِّ وَالثَّالِثَةُ لِغَيْرِهِ (فِي عِدَّةِ بَائِنٍ) لِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ مِنْهُ (لَا رَجْعِيَّةٍ) وَمُتَخَلِّفَةٍ عَنْ الْإِسْلَامِ وَمُرْتَدَّةٍ بَعْدَ وَطْءٍ وَقَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَاتِ (وَإِذَا طَلَّقَ) قَبْلَ الْوَطْءِ، أَوْ بَعْدَهُ (الْحُرُّ ثَلَاثًا وَالْعَبْدُ) وَلَوْ مُبَعَّضًا (طَلْقَتَيْنِ) فِي نِكَاحٍ، أَوْ أَنْكِحَةٍ قَبْلَ الدُّخُولِ، أَوْ بَعْدَهُ وَكَانَ قِنًّا عِنْدَ الثَّانِيَةِ وَإِلَّا كَأَنْ عُلِّقَتْ بِعِتْقِهِ ثَبَتَتْ لَهُ الثَّالِثَةُ (لَمْ تَحِلَّ لَهُ) تِلْكَ الْمُطَلَّقَةُ (حَتَّى تَنْكِحَ) زَوْجًا غَيْرَهُ وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا حُرًّا عَاقِلًا، أَوْ عَبْدًا بَالِغًا، عَاقِلًا، أَوْ كَانَ مَجْنُونًا بِالنُّونِ، أَوْ خَصِيًّا، أَوْ ذِمِّيًّا فِي ذِمِّيَّةٍ، لَكِنْ إنْ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ لَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا أَقْرَرْنَاهُمْ عَلَيْهِ، وَكَالذِّمِّيِّ نَحْوُ الْمَجُوسِيِّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَمَا نُوَزِّعُ فِيهِ مِنْ أَنَّ الْكِتَابِيَّ لَا يَحِلُّ لَهُ نَحْوُ مَجُوسِيَّةٍ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ نَحْوَ الْمَجُوسِيِّ لَا تَحِلُّ لَهُ كِتَابِيَّةٌ رُدَّ بِأَنَّ كَلَامَ الرَّوْضَةِ صَرِيحٌ فِي حِلِّ ذَلِكَ فَمُقَابِلُهُ لَا يَرِدُ عَلَيْهِ (وَتَغِيبَ) ـــــــــــــــــــــــــــــSتَحْرُمَ الْأُولَى عَلَيْهِ بِتَزْوِيجٍ، أَوْ كِتَابَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَإِنْ أَقْدَمَ وَوَطِئَهَا قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَتَخَيَّرُ فِي وَطْءِ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ الْأُخْرَى، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ، وَكَأَنَّ سَبَبَهُ أَنَّ الْوَطْءَ قَدْ وَقَعَ وَقَدْ اسْتَوَيَا الْآنَ فِي سَبَبِ التَّحْرِيمِ فَأَشْبَهَ اسْتِوَاءَهُمَا قَبْلَ الْوَطْءِ وَلَا سَبِيلَ إلَى تَحْرِيمِهَا عَلَى التَّأْبِيدِ فَجَعَلْنَا تَحْرِيمَ إحْدَاهُمَا بِعَيْنِهَا مَنُوطًا بِاخْتِيَارِهِ اهـ. وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ النَّصَّ مُؤَوَّلٌ (قَوْلُهُ: وَهِبَةٌ) أَيْ وَلَوْ لِفَرْعِهِ وَلَا يَضُرُّ تَمَكُّنُهُ مِنْ الرُّجُوعِ فِي هِبَتِهَا (قَوْلُهُ:، أَوْ بَعْدَ وَطْئِهَا) أَيْ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ حَلَّتْ الْمَنْكُوحَةُ دُونَهَا) أَيْ مَا دَامَ النِّكَاحُ بَاقِيًا، فَإِنْ طَلَّقَ الْمَنْكُوحَةَ حَلَّتْ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ: مِنْ بَقِيَّةِ الْأَقْسَامِ) أَيْ الْمُشَارِ إلَيْهَا فِيمَا مَرَّ بِقَوْلِهِ: فَإِنْ نَسِيَتْ وَرُجِيَتْ مَعْرِفَتُهَا وَجَبَ التَّوَقُّفُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ إذَا فَسَدَ الْأَوَّلُ فَالثَّانِي هُوَ الصَّحِيحُ سَوَاءٌ أَعَلِمَ بِذَلِكَ أَمْ لَا خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ (قَوْلُهُ فِي نِكَاحٍ أَوْ أَنْكِحَةٍ) الْمُرَادُ مِنْهَا بِالنِّسْبَةِ لِلرَّقِيقِ اثْنَانِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) غَايَةٌ أَيْ، وَإِنْ كَانَ الْمُطَلِّقُ، وَقَوْلُهُ وَصَبِيًّا: أَيْ بِأَنْ طَلَّقَ عَنْهُ وَلِيُّهُ، أَوْ طَلَّقَ هُوَ وَحَكَمَ بِصِحَّةِ ذَلِكَ حَاكِمٌ يَرَاهُ فِيهِمَا وَإِلَّا فَالصَّبِيّ عِنْدَنَا لَا يَصِحُّ طَلَاقُهُ (قَوْلُهُ: أَقْرَرْنَاهُمْ عَلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ) مُكَرَّرٌ (قَوْلُهُ: عَاقِلًا) أَيْ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ الْمَجْنُونَ لَا يَصِحُّ تَزْوِيجُهُ كَمَا مَرَّ، وَقَوْلُهُ بَالِغًا:

بِفَتْحِ أَوَّلِهِ لِيَشْمَلَ مَا لَوْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ أَيْ وَانْتَفَى قَصْدُهُمَا، وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ عَمَّا لَوْ ضَمَّ وَبَنَى لِلْفَاعِلِ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ فَوْقِيَّةً أَوْهَمَ اشْتِرَاطَ فِعْلِهَا، أَوْ تَحْتِيَّةً أَوْهَمَ اشْتِرَاطَ فِعْلِهِ (بِقُبُلِهَا حَشَفَتُهُ) وَلَوْ مَعَ نَوْمٍ وَلَوْ مِنْهُمَا مَعَ زَوَالِ بَكَارَتِهَا وَلَوْ غَوْرَاءَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِنْ لَفَّ عَلَى الْحَشَفَةِ خِرْقَةً خَشِنَةً وَلَمْ يُنْزِلْ، أَوْ قَارَنَهَا نَحْوُ صَوْمٍ، أَوْ حَيْضٍ، أَوْ عِدَّةِ شُبْهَةٍ عَرَضَتْ بَعْدَ نِكَاحِهِ (أَوْ قَدْرُهَا) مِنْ فَاقِدِهَا فَالْعِبْرَةُ بِقَدْرِ حَشَفَتِهِ الَّتِي كَانَتْ دُونَ حَشَفَةِ غَيْرِهِ وَيُطَلِّقَهَا وَتَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] أَيْ وَيَطَأَهَا لِلْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ «حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَك» وَهِيَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ الْجِمَاعُ لِخَبَرِ أَحْمَدَ وَالنَّسَائِيُّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَّرَهَا بِهِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ تَشْبِيهًا بِالْعَسَلِ بِجَامِعِ اللَّذَّةِ: أَيْ بِاعْتِبَارِ الْمَظِنَّةِ، وَاكْتَفَى بِالْحَشَفَةِ لِإِنَاطَةِ أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ بِهَا لِأَنَّهَا الْآلَةُ الْحَسَّاسَةُ وَلَيْسَ الِالْتِذَاذُ إلَّا بِهَا، وَقِيسَ بِالْحُرِّ غَيْرُهُ وَشُرِعَ تَنْفِيرًا عَنْ الثَّلَاثِ، وَخَرَجَ بِتَنْكِحَ وَطْءُ السَّيِّدِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ، بَلْ لَوْ اشْتَرَاهَا الْمُطَلِّقُ لَمْ تَحِلَّ لَهُ وَبِقُبُلِهَا وَطْءُ الدُّبُرِ وَبِقَدْرِهَا أَقَلُّ مِنْهُ كَبَعْضِ حَشَفَةِ السَّلِيمِ وَكَإِدْخَالِ الْمَنِيِّ (بِشَرْطِ الِانْتِشَارِ) بِالْفِعْلِ وَإِنْ قَلَّ، أَوْ أُعِينَ بِنَحْوِ أُصْبُعٍ، وَقَوْلُ السُّبْكِيّ: لَمْ يَشْتَرِطْهُ بِالْفِعْلِ أَحَدٌ بَلْ الشَّرْطُ سَلَامَتُهُ مِنْ نَحْوِ عُنَّةٍ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ الْمُصَحَّحُ مَذْهَبًا وَدَلِيلًا، وَلَيْسَ لَنَا وَطْءٌ يَتَوَقَّفُ تَأْثِيرُهُ عَلَى الِانْتِشَارِ سِوَى هَذَا (وَصِحَّةُ النِّكَاحِ) فَلَا يُؤَثِّرُ فَاسِدٌ وَإِنْ وَقَعَ وَطْءٌ فِيهِ لِأَنَّ النِّكَاحَ فِي الْآيَةِ لَا يَتَنَاوَلُهُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ حَلَفَ لَا يَنْكِحُ لَمْ يَحْنَثْ بِهِ وَإِنْ لَحِقَ بِالْوَطْءِ مِنْهُ النَّسَبُ وَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِيهِمَا عَلَى مُجَرَّدِ الشُّبْهَةِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ نِكَاحٌ أَصْلًا وَعَدَمُ اخْتِلَالِهِ فَلَا يَكْفِي وَطْءٌ مَعَ رِدَّةِ أَحَدِهِمَا، أَوْ فِي طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ بِأَنْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ وَإِنْ رَاجَعَ، أَوْ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ (وَكَوْنُهُ مِمَّنْ يُمْكِنُ جِمَاعُهُ) أَيْ يُتَشَوَّفُ إلَيْهِ مِنْهُ عَادَةً لِمَا يَأْتِي فِي غَيْرِ الْمُرَاهِقِ (لَا طِفْلًا) وَإِنْ انْتَشَرَ ذَكَرُهُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ الْمَتْنُ وَغَيْرُهُ لِانْتِفَاءِ أَهْلِيَّتِهِ لِذَوْقِ الْعُسَيْلَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSيَكُنْ فِيهِ مُفْسِدٌ مُقَارِنٌ لِلتَّرَافُعِ. (قَوْلُهُ: أَوْ قَدَّرَهَا) أَيْ وَتَعْتَرِفُ بِذَلِكَ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ عَقَدَ لَهَا عَلَى آخَرَ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَلَمْ تَعْتَرِفْ بِإِصَابَةٍ وَلَا عَدَمِهَا وَأَذِنَتْ فِي تَزْوِيجِهَا مِنْ الْأَوَّلِ ثُمَّ ادَّعَتْ عَدَمَ إصَابَةِ الثَّانِي فَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُهَا سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ عَقْدِ زَوْجِهَا الْأَوَّلِ، أَوْ بَعْدَهُ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي عَنْ الْقَمُولِيِّ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ كَوْنِ الْإِنْكَارِ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِيمَنْ أَخْبَرَتْ أَوَّلًا بِالتَّحْلِيلِ ثُمَّ أَنْكَرَتْهُ، وَمَا هُنَا فِيمَا لَوْ لَمْ يَسْبِقْ إقْرَارٌ وَإِذْنُهَا فِي التَّزْوِيجِ مِنْ الْأَوَّلِ جَازَ أَنَّهَا بَنَتْهُ عَلَى ظَنِّهَا أَنَّ الْعَقْدَ بِمُجَرَّدِهِ يُبِيحُ حِلَّهَا لِلْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهَا ذَلِكَ لِأَنَّهُ بِفَرْضِ عِلْمِهَا يُحْتَمَلُ نِسْيَانُهَا (قَوْلُهُ: فَسَّرَهَا بِهِ) أَيْ وَبِهَذَا اتَّضَحَ وَجْهُ الِاكْتِفَاءِ بِدُخُولِ الْحَشَفَةِ مَعَ نَوْمِهَا (قَوْلُهُ: وَصِحَّةُ النِّكَاحِ) مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الطِّفْلَ لَا يَحْصُلُ التَّحْلِيلُ بِهِ إلَّا إذَا كَانَ الْمُزَوِّجُ لَهُ أَبًا، أَوْ جَدًّا وَكَانَ عَدْلًا وَفِي تَزْوِيجِهِ مَصْلَحَةٌ لِلطِّفْلِ وَكَانَ الْمُزَوِّجُ لِلْمَرْأَةِ وَلِيُّهَا الْعَدْلُ بِحَضْرَةِ عَدْلَيْنِ، فَمَتَى اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ التَّحْلِيلُ لِفَسَادِ النِّكَاحِ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ مَا يَقَعُ فِي زَمَنِنَا مِنْ تَعَاطِي ذَلِكَ وَالِاكْتِفَاءِ بِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ، لِأَنَّ الْغَالِبَ أَوَ الْمُحَقَّقَ أَنَّ الَّذِينَ يُزَوِّجُونَ أَوْلَادَهُمْ لِإِرَادَةِ ذَلِكَ إنَّمَا هُمْ السَّفَلَةُ الْمُوَاظِبُونَ عَلَى تَرْكِ الصَّلَوَاتِ وَارْتِكَابِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَأَنَّ تَزْوِيجَهُمْ لِأَوْلَادِهِمْ لِذَلِكَ الْغَرَضِ لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ لِلطِّفْلِ بَلْ هُوَ مَفْسَدَةٌ أَيُّ مَفْسَدَةٍ: وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ فِيهِ أَنَّ الْمُزَوِّجَ لِلْمَرْأَةِ مِنْ غَيْرِ أَوْلِيَائِهَا بِأَنْ تُوَكِّلَ رَجُلًا أَجْنَبِيًّا فِي عَقْدِ نِكَاحِهَا. (قَوْلُهُ: لَا يَتَنَاوَلُهُ) أَيْ الْفَاسِدَ (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ اخْتِلَالِهِ) أَيْ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ) أَيْ مَاءَ الثَّانِي، وَهُوَ تَصْوِيرٌ لِكَوْنِ الزَّوْجِ الثَّانِي طَلَّقَ رَجْعِيًّا قَبْلَ الْوَطْءِ ثُمَّ وَطِئَ بَعْدَهُ، أَوْ ارْتَدَّ ثُمَّ وَطِئَ بَعْدَهَا مَعَ أَنَّ الرِّدَّةَ قَبْلَ الدُّخُولِ تُنَجِّزُ الْفُرْقَةَ (قَوْلُهُ: مِنْهُ عَادَةً) أَيْ مِنْ ذَوَاتِ الطِّبَاعِ السَّلِيمَةِ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ أَهْلِيَّتِهِ لِذَوْقِ الْعُسَيْلَةِ) . ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يَصِحُّ تَزْوِيجُهُ كَمَا مَرَّ أَيْضًا

وَقَيَّدَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ مَا بَيْنَ سَبْعِ سِنِينَ، وَاقْتَضَى كَلَامُ غَيْرِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ غَيْرُ الْمُرَاهِقِ، وَهُوَ مَنْ لَمْ يُقَارِبْ الْبُلُوغَ، وَإِنَّمَا لَمْ يُضْبَطْ بِالتَّمْيِيزِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَنْظُورٍ إلَيْهِ هُنَا لِأَنَّ الْمَجْنُونَ يُحَلِّلُ مَعَ عَدَمِ تَمْيِيزِهِ فَأُنِيطَ بِمَنْ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَتَأَهَّلَ لِلْوَطْءِ وَهُوَ الْمُرَاهِقُ دُونَ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا تَحَلَّلَتْ طِفْلَةٌ لَا يُمْكِنُ جِمَاعُهَا بِجِمَاعِ مَنْ يُمْكِنُ جِمَاعُهُ لِأَنَّ التَّنْفِيرَ الَّذِي شُرِعَ التَّحْلِيلُ مِنْ أَجَلِهِ حَاصِلٌ، بِخِلَافِ عَكْسِهِ فَانْدَفَعَ قِيَاسُهُ عَلَيْهِ (عَلَى الْمَذْهَبِ فِيهِنَّ) أَيْ الِانْتِشَارِ وَمَا بَعْدَهُ، وَفِي وَجْهٍ قَطَعَ الْجُمْهُورُ بِخِلَافِهِ أَنَّهُ يَحْصُلُ التَّحْلِيلُ بِلَا انْتِشَارٍ لِشَلَلِ، أَوْ غَيْرِهِ لِحُصُولِ صُورَةِ الْوَطْءِ وَأَحْكَامِهِ، وَفِي قَوْلٍ أَنْكَرَهُ بَعْضُهُمْ: يَكْفِي الْوَطْءُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ لِأَنَّ اسْمَ النِّكَاحِ يَتَنَاوَلُهُ، وَفِي وَجْهٍ نَقَلَ الْإِمَامُ اتِّفَاقَ الْأَصْحَابِ عَلَى خِلَافِهِ أَنَّ الطِّفْلَ الَّذِي لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ الْجِمَاعُ يُحَلِّلُ (وَلَوْ) (نَكَحَ) مَرِيدُ التَّحْلِيلِ (بِشَرْطِ) وَلِيِّهَا وَمُوَافَقَتِهِ هُوَ، أَوْ عَكْسُهُ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ (أَنَّهُ إذَا وَطِئَ طَلَّقَ، أَوْ) أَنَّهُ إذَا وَطِئَ (بَانَتْ) مِنْهُ (أَوْ) أَنَّهُ إذَا وَطِئَ (فَلَا نِكَاحَ) بَيْنَهُمَا وَنَحْوُ ذَلِكَ (بَطَلَ) النِّكَاحُ لِمُنَافَاةِ الشَّرْطِ فِيهِنَّ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ. وَعَلَى ذَلِكَ حُمِلَ خَبَرُ «لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ أَيْضًا مَا وَقَعَ فِي الْأَنْوَارِ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمُحَلِّلِ اسْتِدْعَاءُ التَّحْلِيلِ (وَفِي التَّطْلِيقِ قَوْلٌ) إنَّهُ لَا يَضُرُّ شَرْطُهُ كَمَا لَوْ نَكَحَهَا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا، وَرُدَّ بِأَنَّ هَذَا شَرْطُ شَيْءٍ خَارِجٍ عَنْ النِّكَاحِ لَا يُنَافِي ذَاتَه الْمَوْضُوعَ هُوَ لَهَا فَفَسَدَ دُونَ الْعَقْدِ بِخِلَافِ شَرْطِ الطَّلَاقِ وَخَرَجَ بِشَرْطِ ذَلِكَ إضْمَارُهُ فَلَا يُؤَثِّرُ وَإِنْ تَوَاطَآ قَبْلَ الْعَقْد عَلَيْهِ، نَعَمْ يُكْرَهُ إذْ كُلُّ مَا لَوْ صُرِّحَ بِهِ أَبْطَلَ يَكُونُ إضْمَارُهُ مَكْرُوهًا نَصَّ عَلَيْهِ، وَيُكْرَهُ تَزَوُّجُ مَنْ ادَّعَتْ تَحْلِيلَهَا لِزَمَنِ إمْكَانِهِ وَلَمْ يَقَعْ صِدْقُهَا فِي قَلْبِهِ وَإِنْ كَذَّبَهَا زَوْجٌ عَيَّنَتْهُ فِي النِّكَاحِ أَوْ الْوَطْءِ وَإِنْ صَدَّقْنَاهُ فِي نَفْيِهِ حَتَّى لَا يَلْزَمَهُ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يُكَذِّبَهَا فِي أَصْلِ النِّكَاحِ الْوَلِيُّ وَالزَّوْجُ وَالشُّهُودُ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَالْبُلْقِينِيِّ وَإِنْ نَقَلَهُ عَنْ الزَّازِ وَغَيْرِهِ. نَعَمْ فِي التَّهْذِيبِ لَوْ كَذَّبَهَا الزَّوْجُ وَالشُّهُودُ حَلَّتْ، وَلَا يَرِد ذَلِكَ عَلَى مَا مَرَّ لِأَنَّهُ إنَّمَا مُنِعَ عِنْدَ تَكْذِيبِ الثَّلَاثَةِ دُونَ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ، وَمَرَّ أَنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُهَا بِالنِّكَاحِ لِمَنْ صَدَّقَهَا وَإِنْ كَذَّبَهَا الْوَلِيُّ وَالشُّهُودُ، وَكَذَا لَوْ أَنْكَرَ الطَّلَاقَ مَا لَمْ يَعْلَمْ الْأَوَّلُ كَذِبَهُ وَإِنَّمَا قُبِلَ قَوْلُهَا فِي التَّحْلِيلِ مَعَ ظَنِّ الزَّوْجِ كَذِبَهَا لِمَا مَرَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا ذَكَرْته فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَنَّ مَنْ اشْتَهَى طَبْعًا حُلِّلَ كَمَا يُنْقَضُ الْوُضُوءُ بِمَسِّهِ وَمَنْ لَا فَلَا. وَأَمَّا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ غَيْرِ الْبَنْدَنِيجِيِّ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ غَيْرُ الْمُرَاهِقِ، وَهُوَ مَنْ لَمْ يُقَارِبْ الْبُلُوغَ فَبَعِيدٌ مِنْ عِبَارَةِ الْمَتْنُ وَغَيْرُهُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَقَيْدُهُ) أَيْ مَنْ يُمْكِنُ جِمَاعُهُ (قَوْلُهُ: دُونَ غَيْرِهِ) أَيْ وَلَوْ اسْتَثْنَى فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ عِبَارَتِهِ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ حَجّ (قَوْلُهُ: بِجِمَاعِ مَنْ يُمْكِنُ جِمَاعُهُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ ذَكَرُهُ صَغِيرًا جِدًّا (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِأَنَّ هَذَا) أَيْ قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ (قَوْلُهُ: إذْ كُلُّ مَا لَوْ صَرَّحَ بِهِ أَبْطَلَ إلَخْ) وَلَوْ نَكَحَهَا عَلَى أَنْ لَا يَطَأَهَا إلَّا مَرَّةً، فَإِنْ شَرَطَتْهُ الزَّوْجَةُ بَطَلَ النِّكَاحُ، وَإِنْ شَرَطَهُ الزَّوْجُ فَلَا انْتَهَى. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يُحِلَّهَا لِلْأَوَّلِ فَفِي الِاسْتِذْكَارِ لِلدَّارِمِيِّ فِيهِ وَجْهَانِ، وَجَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِالصِّحَّةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ الْفُرْقَةَ بَلْ شَرَطَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ شَرْحُ الرَّوْضِ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَذَّبَهَا) غَايَةٌ (قَوْلُهُ نَقَلَهُ عَنْ الزَّازِ) اسْمُهُ أَبُو الْفَرَجِ (قَوْلُهُ وَلَا يَرِدُ ذَلِكَ عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لَا أَنْ يُكَذَّبَ فِي أَصْلِ النِّكَاحِ الْوَلِيُّ وَالزَّوْجُ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ أَنْكَرَ الطَّلَاقَ) أَيْ الْمُحَلِّلُ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَلَوْ أَنْكَرَ الطَّلَاقَ صُدِّقَ، وَقَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ أَنْكَرَ الطَّلَاقَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُكَذَّبَ فِي أَصْلِ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: مَعَ ظَنِّ الزَّوْجِ) أَيْ الْأَوَّلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمُحَلِّلِ اسْتِدْعَاءُ التَّحْلِيلِ) الَّذِي فِي الْأَنْوَارِ عَلَى الْمُحَلَّلِ لَهُ بِزِيَادَةٍ لَهُ بَعْدَ الْمُحَلَّلِ الَّذِي هُوَ مَفْتُوحُ اللَّامِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ أَنْكَرَ الطَّلَاقَ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَكْذِبَ فِي أَصْلِ النِّكَاحِ الْوَلِيُّ وَالزَّوْجُ وَالشُّهُودُ

[فصل في نكاح من فيها رق وتوابعه]

أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِقَوْلِ أَرْبَابِهَا، وَأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مُسْتَنَدٌ شَرْعِيٌّ، وَلَوْ كَذَّبَهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ، وَمَرَّ أَنَّهَا مَتَى أَقَرَّتْ لِلْحَاكِمِ بِزَوْجٍ مُعَيَّنٍ لَمْ يَقْبَلْهَا فِي فِرَاقِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ أَخْبَرَتْ بِالتَّحْلِيلِ ثُمَّ رَجَعَتْ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ: يَعْنِي قَبْلَ الْعَقْدِ لَمْ تَحِلَّ، أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَرْتَفِعْ، وَلَوْ اعْتَرَفَ الثَّانِي بِالْإِصَابَةِ وَأَنْكَرَتْهَا لَمْ تَحِلَّ أَيْضًا. وَفِي الْحَاوِي لَوْ غَابَ بِزَوْجَتِهِ ثُمَّ رَجَعَ وَزَعَمَ مَوْتَهَا حَلَّ لِأُخْتِهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ غَابَتْ زَوْجَتُهُ وَأُخْتُهَا فَرَجَعَتْ وَزَعَمَتْ مَوْتَهَا لَمْ تَحِلَّ لَهُ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّهُ عَاقِدٌ فَصُدِّقَ بِخِلَافِ الْأُخْتِ (فَصْلٌ) فِي نِكَاحِ مَنْ فِيهَا رِقٌّ وَتَوَابِعِهِ (لَا يَنْكِحُ مَنْ يَمْلِكُهَا) وَلَوْ مُسْتَوْلَدَةٌ وَمُكَاتَبَةٌ (أَوْ) يَمْلِكُ (بَعْضَهَا) لِتَنَاقُضِ أَحْكَامِ الْمِلْكِ وَالنِّكَاحِ، إذْ الْمِلْكُ لَا يَقْتَضِي نَحْوَ قَسْمٍ وَطَلَاقٍ وَالزَّوْجِيَّةُ تَقْتَضِيهِمَا، وَعِنْدَ التَّنَاقُضِ يَثْبُتُ الْأَقْوَى وَيَسْقُطُ الْأَضْعَفُ، وَمِلْكُ الْيَمِينِ أَقْوَى لِعَدَمِ مِلْكِهِ بِالنِّكَاحِ شَيْئًا بَلْ أَنْ يَنْتَفِعَ بِشَيْءٍ خَاصٍّ، نَعَمْ فِرَاشُ النِّكَاحِ أَقْوَى مِنْ فِرَاشِ مِلْكِ الْيَمِينِ، عَلَى أَنَّ التَّرْجِيحَ هُنَاكَ بَيْنَ عَيْنَيْنِ وَهُنَا بَيْنَ وَصْفَيْ عَيْنٍ فَظَهَرَ الْفَرْقُ، وَمَمْلُوكَةُ مُكَاتَبِهِ كَمَمْلُوكَتِهِ لِأَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ، وَكَذَا مَمْلُوكَةُ فَرْعِهِ وَالْأَمَةُ الْمَوْقُوفَةُ عَلَيْهِ أَوْ الْمُوصَى لَهُ بِمَنَافِعِهَا كَمَمْلُوكَتِهِ. (وَلَوْ) (مَلَكَ) هُوَ أَوْ مُكَاتَبُهُ لَا فَرْعُهُ لِأَنَّ تَعَلُّقَ السَّيِّدِ بِمَالِ مُكَاتَبِهِ أَقْوَى مِنْهُ بِمَالِ فَرْعِهِ (زَوْجَتَهُ أَوْ بَعْضَهَا) مِلْكًا تَامًّا (بَطَلَ نِكَاحُهُ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلَوْ كَذَّبَهَا) أَيْ فِي التَّحْلِيلِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَقْبَلْهَا) أَيْ دَعْوَاهَا، وَقَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ: أَيْ دُخُولِ الثَّانِي بِالْمَعْنَى الَّذِي فَسَّرَ بِهِ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ:، أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَرْتَفِعْ) أَيْ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ: وَأَنْكَرَتْهَا) أَيْ، أَوْ أَنْكَرَتْهَا مِنْ أَصْلِهَا بِأَنْ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهَا اعْتِرَافٌ بِالتَّحْلِيلِ (قَوْلُهُ: وَزَعَمَ مَوْتَهَا) أَيْ ادَّعَى. . (فَصْلٌ) فِي نِكَاحِ مَنْ فِيهَا رِقٌّ (قَوْلُهُ: وَتَوَابِعِهِ) أَيْ كَطُرُوءِ الْيَسَارِ وَقَوْلُهُ لَا يُنْكِحُ مَنْ يَمْلِكُهَا: أَيْ وَلَوْ مُبَعَّضًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُسْتَوْلَدَةً) أَيْ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ لِتَعَاطِيهِ عَقْدًا فَاسِدًا لِأَنَّ وَطْأَهَا جَائِزٌ لَهُ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ (قَوْلُهُ: أَقْوَى مِنْ فِرَاشِ مِلْكِ الْيَمِينِ) أَيْ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا نَكَحَ الْحُرَّةَ حَرُمَ عَلَيْهِ وَطْءُ أُخْتِهَا الْأُمَّةِ لِأَنَّ النِّكَاحَ أَقْوَى (قَوْلُهُ: وَهُنَا بَيْنَ وَصْفَيْ) أَيْ مِلْكٍ وَنِكَاحٍ، وَقَوْلُهُ عَيْنٍ: أَيْ أَمَةٍ (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَمْلُوكَةُ فَرْعِهِ) الْمُوسِرِ. قَالَ سم فِي حَاشِيَةِ حَجّ: قَيَّدَ م ر بِالْمُوسِرِ ثُمَّ ضَرَبَ عَلَيْهِ: أَيْ إلَى قَوْلِهِ وَالْأَمَةُ انْتَهَى. وَفِي كَلَامِ الرُّويَانِيِّ الْجَزْمُ بِمَا فِي الْأَصْلِ (قَوْلُهُ:، أَوْ الْمُوصَى لَهُ) قَالَ حَجّ: وَمَا ذَكَرَ فِي الْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهَا يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا أَوْصَى لَهُ بِخِدْمَتِهَا، أَوْ مَنْفَعَتِهَا عَلَى التَّأْبِيدِ، لِأَنَّ هَذِهِ هِيَ الَّتِي يُتَّجَهُ عَدَمُ صِحَّةِ تَزَوُّجِهِ بِهَا لِجَرَيَانِ قَوْلٍ بِأَنْ يَمْلِكَهَا، بِخِلَافِ غَيْرِهَا فَإِنَّ غَايَتَهَا أَنَّهَا كَمُسْتَأْجَرَةٍ لَهُ فَالْوَجْهُ حِلُّ تَزَوُّجِهِ بِهَا إذَا رَضِيَ الْوَارِثُ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَلَا شُبْهَةَ لِلْمُوصَى لَهُ فِي مِلْكِ رَقَبَتِهَا، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَيْهِ بِأَنْ يُقَالَ: أَيْ بِمَنَافِعِهَا كُلِّهَا لِأَنَّ الْإِضَافَةَ لِلْمَعْرِفَةِ تُفِيدُ الْعُمُومَ. (قَوْلُهُ: زَوْجَتُهُ، أَوْ بَعْضُهَا) وَلَوْ وَقَفَتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ أَوْ أُوصِيَ لَهُ بِمَنْفَعَتِهَا فَهَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَزَعَمَتْ) أَيْ الْأُخْتُ. [فَصْلٌ فِي نِكَاحِ مَنْ فِيهَا رِقٌّ وَتَوَابِعِهِ] (فَصْلٌ) فِي نِكَاحِ مَنْ فِيهَا رِقٌّ (قَوْلُهُ: بَيْنَ عَيْنَيْنِ) أَيْ وَهُمَا الزَّوْجَةُ وَالْأَمَةُ، وَالْمُرَادُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ مُتَعَلِّقَيْنِ بِعَيْنَيْنِ، وَقَوْلُهُ وَهُنَا بَيْنَ وَصْفَيْ عَيْنٍ: أَيْ وَهِيَ الْأَمَةُ وَوَصْفَاهَا الْمِلْكُ وَالنِّكَاحُ (قَوْلُهُ الْمُوسِرُ) نَبَّهَ الشَّيْخُ سم عَلَى أَنَّ الشَّارِحَ ضَرَبَ عَلَيْهِ، وَلَا خَفَاءَ أَنَّهُ

أَضْعَفُ وَإِنَّمَا لَمْ تَنْفَسِخْ إجَارَةُ عَيْنٍ بِشِرَائِهَا لِأَنَّهُ لَا مُنَاقَضَةَ بَيْنَ مِلْكِ الْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ، أَمَّا لَوْ لَمْ يَتِمَّ كَأَنْ اشْتَرَاهَا بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ ثُمَّ فُسِخَ فَإِنَّهُ يَسْتَمِرُّ نِكَاحُهُ، وَكَذَا فِي عَكْسِهِ الَّذِي تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ (وَلَا تَنْكِحُ) الْمَرْأَةُ (مَنْ تَمْلِكُهُ، أَوْ بَعْضَهُ) مِلْكًا تَامًّا لِتَضَادِّ أَحْكَامِهِمَا هُنَا أَيْضًا لِأَنَّهَا تُطَالِبُهُ بِالسَّفَرِ لِلشَّرْقِ لِأَنَّهُ عَبْدُهَا وَهُوَ يُطَالِبُهَا بِهِ لِلْغَرْبِ لِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَعِنْدَ تَعَذُّرِ الْجَمْعِ يَسْقُطُ الْأَضْعَفُ كَمَا مَرَّ وَخَرَجَ بِمَنْ تَمْلِكُهُ عَبْدُ أَبِيهَا، أَوْ ابْنِهَا فَيَحِلُّ لَهَا نِكَاحُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِأَبِي زُرْعَةَ وَلَيْسَ كَتَزَوُّجِ الْأَبِ أَمَةَ ابْنِهِ لِشُبْهَةِ الْإِعْفَافِ هُنَا لَا ثَمَّ وَمُجَرَّدُ اسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ فِي مَالِ الْأَبِ، أَوْ الِابْنِ لَا نَظَرَ لَهُ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ نَكَحَ الْوَلَدُ أَمَة أَبِيهِ جَازَ كَمَا مَرَّ (وَلَا الْحُرُّ) كُلُّهُ (أَمَةَ غَيْرِهِ) وَيَلْحَقُ بِهَا عَلَى الْأَوْجَهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حُرَّةٌ وَلَدُهَا رَقِيقٌ بِأَنْ أَوْصَتْ لِرَجُلٍ بِحَمْلِ أَمَةٍ دَائِمًا فَأَعْتَقَهَا الْوَارِثُ كَمَا مَرَّ آخِرَ الْوَصِيَّةِ بِالْمَنَافِعِ (إلَّا بِشُرُوطٍ) أَرْبَعَةٍ بَلْ أَكْثَرَ أَحَدُهَا (أَنْ لَا تَكُونَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ) ، أَوْ أَمَةٌ (تَصْلُحُ لِلِاسْتِمْتَاعِ) وَلَوْ كِتَابِيَّةً لِلنَّهْيِ عَنْ نِكَاحِ الْأَمَةِ عَلَى الْحُرَّةِ وَهُوَ مُرْسَلٌ لَكِنَّهُ اُعْتُضِدَ وَلِأَمْنِهِ الْعَنَتَ الْمُشْتَرَطَ بِنَصِّ الْآيَةِ وَمَا قِيلَ مِنْ عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ لِهَذَا الشَّرْطِ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ الْآتِي وَأَنْ يَخَافَ زِنًا مَرْدُودٌ لِأَنَّا نَجِدُ كَثِيرًا مَنْ تَحْتُهُ صَالِحَةٌ لِذَلِكَ وَهُوَ يَخَافُ الزِّنَا فَاحْتِيجَ لِلتَّصْرِيحِ بِهِمَا وَلَمْ يُغْنِ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ، وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِأَنَّ وُجُودَهَا أَبْلَغُ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَنْفَسِخُ نِكَاحُهَا كَمَا لَوْ مَلَكَ مُكَاتَبُهُ زَوْجَتَهُ، أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهَا كَالْمَمْلُوكَةِ لَهُ خُصُوصًا وَالْوَقْفُ لَا يَتِمُّ إلَّا بِقَبُولِهِ وَالْوَصِيَّةُ لَا تُمْلَكُ إلَّا بِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي عَكْسِهِ) أَيْ وَهَلْ يَحِلُّ لَهُ الْوَطْءُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ فِيمَا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ لِبَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ، أَمَّا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهَا، أَوْ لَهُمَا فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْوَطْءُ لِأَنَّهُ فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهَا قَدْ مَلَكَتْهُ وَهُوَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ وَطْءُ سَيِّدَتِهِ، وَفِيمَا إذَا كَانَ لَهُمَا يَكُونُ مَوْقُوفًا فَلَا يُدْرَى هَلْ الزَّوْجِيَّةُ بَاقِيَةٌ بِتَقْدِيرِ عَدَمِ تَمَامِ الْعَقْدِ، أَوْ مُنْتَفِيَةٌ بِتَقْدِيرِ تَمَامِهِ لَهَا (قَوْلُهُ: تَمْلِكُهُ أَوْ بَعْضَهُ مِلْكًا تَامًّا) مَفْهُومُهُ عَلَى قِيَاسِ مَفْهُومِ التَّقْيِيدِ بِهِ السَّابِقِ أَنَّهَا تَنْكِحُ مَنْ تَمْلِكُهُ مِلْكًا غَيْرَ تَامٍّ كَأَنْ اشْتَرَتْهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهَا وَحْدَهَا وَنَكَحَتْهُ ثُمَّ فَسَخَتْ الشِّرَاءَ فَيَكُونُ نِكَاحًا صَحِيحًا فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْفَسَادُ، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ طُرُوءِ الْمِلْكِ عَلَى النِّكَاحِ فَيُشْتَرَطُ تَمَامُهُ فَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي لِكَوْنِهِ دَوَامًا، بِخِلَافِ طُرُوءِ النِّكَاحِ عَلَى الْمِلْكِ فَيُحْتَاطُ لَهُ فَيَبْطُلُ النِّكَاحُ لِوُجُودِ الْمِلْكِ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنْ كَانَ مُزَلْزَلًا (قَوْلُهُ: عَبْدُ أَبِيهَا أَوْ ابْنِهَا) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إعْفَافُهَا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ بِأَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِحَمْلِ أَمَةٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لَهُ بِأَوَّلِ وَلَدٍ تَلِدُهُ مَثَلًا صَحَّ تَزْوِيجُهَا مِنْ الْحُرِّ بِلَا شَرْطٍ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ أَوْصَى بِبَعْضِ أَوْلَادِهَا صَحَّ تَزْوِيجُهَا مِنْ الْحُرِّ إذَا عَتَقَتْ وَوَلَدَتْ مَا أَوْصَى بِهِ، فَلَوْ أَوْصَى بِأَوَّلِ وَلَدٍ تَلِدُهُ صَحَّ تَزْوِيجُهَا مِنْ الْحُرِّ بَعْدَ وِلَادَةِ الْأَوَّلِ لَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: فَأَعْتَقَهَا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهَا الْمُوصِي كَانَ رُجُوعًا عَنْ الْوَصِيَّةِ بِالْحَمْلِ فَلْيُرَاجَعْ. [فَرْعٌ] لَوْ عَلَّقَ سَيِّدُ الْأَمَةِ عِتْقَهَا بِتَزَوُّجِهَا مِنْ زَيْدٍ فَهَلْ يَصِحُّ تَزَوُّجُهَا مِنْ زَيْدٍ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ تُقَارِنُ الْعَقْدَ، أَوْ تَعْقُبُهُ فَلَا تُرَقَّ أَوْلَادُهَا لَا تَبْعُدُ الصِّحَّةُ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. بَلْ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ إعْتَاقَهَا عَلَى صِفَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQحِينَئِذٍ يَتَعَيَّنُ الضَّرْبُ عَلَى مَا بَعْدَهُ إلَى قَوْلِهِ بِخِلَافِ الْمُعْسِرِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي نُسْخَةٍ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ) أَيْ أَمَّا إذَا كَانَ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا فَلَا مِلْكَ لَهُ أَصْلًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي عَكْسِهِ إلَخْ) الْإِشَارَةُ رَاجِعَةٌ إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَوْ مَلَكَ زَوْجَتَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ نَكَحَ الْوَلَدُ أَمَةَ أَبِيهِ كَمَا مَرَّ) لَمْ يَمُرَّ هَذَا فِي كَلَامِهِ وَهُوَ وَقَوْلُهُ كَمَا مَرَّ سَاقِطٌ فِي نُسْخَةٍ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ إلَخْ) أَيْ بَدَلَ قَوْلِهِمْ وَلِأَمْنِهِ الْعَنَتَ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ عِنْدَ جَمْعٍ) أَيْ وَعِنْدَ جَمْعٍ آخَرِينَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَتَضْعِيفُهُ هَذَا كَالْجُمْهُورِ مِنْ زِيَادَةٍ عِنْدَ جَمْعٍ، قَالَ آخَرُونَ: إنَّ أَصْلَهُ يُشِيرُ إلَى ذَلِكَ، وَآخَرُونَ

اسْتِطَاعَةِ طَوْلِهَا الْمَانِعَ بِنَصِّ الْآيَةِ، وَالتَّقْيِيدُ فِيهَا بِالْمُحْصَنَاتِ: أَيْ الْحَرَائِرِ الْمُؤْمِنَاتِ لِلْغَالِبِ مِنْ أَنَّ الْمُسْلِمَ إنَّمَا يَرْغَبُ فِي حُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ وَخَرَجَ بِالْحُرِّ كُلِّهِ الْعَبْدُ وَالْمُبَعَّضُ فَلَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ لِأَنَّ إرْقَاقَ وَلَدِهِ لَيْسَ عَيْبًا (قِيلَ وَلَا غَيْرُ صَالِحَةٍ) لِلِاسْتِمْتَاعِ لِنَحْوِ عَيْبِ خِيَارٍ، أَوْ هَرَمٍ لِعُمُومِ النَّهْيِ السَّابِقِ وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الِاسْتِغْنَاءُ بِوَطْءِ مَا دُونَ الْفَرْجِ وَتَضْعِيفُهُ هَذَا كَالْجُمْهُورِ مِنْ زِيَادَتِهِ عِنْدَ جَمْعٍ، وَلَمْ يُصَرِّحْ فِي الرَّوْضَةِ كَالرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحَيْنِ بِشَيْءٍ وَاعْتَمَدَ جَمْعٌ خِلَافَ ذَلِكَ وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْكِتَابِ (وَ) ثَانِيهَا (أَنْ يَعْجِزَ عَنْ حُرَّةٍ) وَلَوْ كِتَابِيَّةً بِأَنْ لَمْ يَفْضُلْ عَمَّا مَعَهُ، أَوْ مَعَ فَرْعِهِ الَّذِي يَلْزَمُهُ إعْفَافُهُ مِمَّا لَا يُبَاعُ فِي الْفِطْرَةِ فِيمَا يَظْهَرُ مَا يَفِي بِمَهْرِ مِثْلِهَا وَقَدْ طَلَبَتْهُ أَوْ لَمْ تَرْضَ إلَّا بِزِيَادَةٍ عَلَيْهِ وَإِنْ قُلْت. نَعَمْ لَوْ وَجَدَ حُرَّةً وَأَمَةً لَمْ يَرْضَ سَيِّدُهَا إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ تِلْكَ الْحُرَّةِ وَلَمْ تَرْضَ هَذِهِ الْحُرَّةُ إلَّا بِمَا طَلَبَهُ السَّيِّدُ لَمْ تَحِلَّ لَهُ الْأَمَةُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ النَّصِّ لِقُدْرَتِهِ عَلَى أَنْ يَنْكِحَ بِصَدَاقِهَا حُرَّةً، وَقَوْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ: وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْحُرَّةِ مَحَلُّ نَظَرٍ، فَإِنَّهُ مَعَ مُنَافَاتِهِ لِكَلَامِهِمْ يُعَدُّ مَغْبُونًا بِالزِّيَادَةِ عَلَى مَهْرِ مِثْلِ الْحُرَّةِ، وَلَا يُعَدُّ مَغْبُونًا فِي الْأَمَةِ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي مِثْلِهَا خِسَّةُ السَّيِّدِ وَشَرَفُهُ، وَقَدْ يَقْتَضِي شَرَفُ السَّيِّدِ أَنْ يَكُونَ مَهْرُ أَمَتِهِ بِقَدْرِ مُهُورِ حَرَائِرَ أُخَرَ فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ اعْتِبَارِ ذَلِكَ (تَصْلُحُ) لِلِاسْتِمْتَاعِ ثَمَّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِصَلَاحِيَّتِهَا هُنَا وَفِيمَا مَرَّ بِاعْتِبَارِ مَيْلِ طَبْعِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ، نَعَمْ تَمْثِيلُهُمْ لِلْمُصَالَحَةِ بِمَنْ تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ مِنْ غَيْرِ عَيْبِ خِيَارٍ وَلَا هَرَمٍ وَلَا زِنًا وَلَا غَيْبَةٍ وَلَا عِدَّةٍ يُرَجَّحُ الثَّانِي، وَبِهِ يُعْلَمُ إنْ أُرِيدَ بِاحْتِمَالِ الْوَطْءِ وَلَوْ تَوَقُّعًا أَنَّ الْمُتَحَيِّرَةَ صَالِحَةٌ فَتُمْنَعُ الْأَمَةُ لِتَوَقُّعِ شِفَائِهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ إنْ أَمِنَ الْعَنَتَ زَمَنَ تَوَقُّعِ الشِّفَاءِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَأْمَنْ فَلَا تَمْنَعُهَا، وَلَا يَحِلُّ لَهُ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً نَظَرًا لِلْحَالَةِ الرَّاهِنَةِ وَعَمَلًا بِالِاحْتِيَاطِ، وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَعَدَمِ نَظَرِهِمْ لَهَا فِي خِيَارِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSتُوجَدُ قَبْلَ إمْكَانِ اجْتِمَاعِهِ بِهَا عَادَةً صَحَّ تَزَوُّجُهُ بِهَا لِعَدَمِ إمْكَانِ رِقِّ الْوَلَدِ الْحَاصِلِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: مَا دُونَ الْفَرْجِ) أَيْ كَإِبْطِهَا (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ وَجَدَ حُرَّةً وَأَمَةً إلَخْ) وَفِي نُسْخَةٍ، وَكَانَ صَدَاقُ الْأَمَةِ الَّذِي لَمْ يَرْضَ سَيِّدُهَا بِنِكَاحِهَا إلَّا بِهِ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْحُرَّةِ الْمَوْجُودَةِ وَلَمْ تَرْضَ الْحُرَّةُ إلَّا بِمَا سَأَلَهُ سَيِّدُ الْأَمَةِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى أَنْ يَنْكِحَ بِصَدَاقِهَا حُرَّةً وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِ الْحُرَّةِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ اهـ. وَهَذِهِ هِيَ الْمُوَافِقَةُ لِمَا جَزَمَ بِهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ عَلَى أَنَّ تِلْكَ النُّسْخَةَ لَا تَخْلُو مِنْ تَخَالُفٍ فَإِنَّهُ صَوَّرَ الْمَسْأَلَةَ أَوَّلًا بِأَنَّ مَا سَأَلَهُ السَّيِّدُ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْحُرَّةِ وَالتَّقْيِيدُ بِذَلِكَ هُوَ عَيْنُ مَا ذَكَرَهُ عَنْ بَعْضِ الشُّرَّاحِ فَلَا وَجْهَ لِلتَّنْظِيرِ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ تِلْكَ الْحُرَّةِ) أَيْ وَهُوَ مَهْرُ مِثْلِ الْأَمَةِ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يَحِلُّ لَهُ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّ الَّذِي فِيهِ خِلَافُهُ، وَالْحَقُّ أَنَّ عِبَارَتَهُ مُحْتَمِلَةٌ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ وَجَدَ حُرَّةً وَأَمَةً لَمْ يَرْضَ سَيِّدُهَا إلَخْ) كَذَا فِي التُّحْفَةِ إلَى قَوْلِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى أَنْ يَنْكِحَ بِصَدَاقِهَا حُرَّةً. ثُمَّ قَالَ عَقِبَهُ مَا نَصُّهُ: وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْحُرَّةِ، كَذَا قَالَهُ شَارِحٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ مَعَ مُنَافَاتِهِ لِكَلَامِهِمْ إلَى آخِرِ مَا فِي الشَّارِحِ فَكَأَنَّ الشَّارِحَ تَوَهَّمَ مِنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ أَنَّ قَوْلَ التُّحْفَةِ كَذَا قَالَهُ شَارِحُ إلَخْ رَاجِعٌ إلَى الْغَايَةِ فَقَطْ، فَعَبَّرَ عَنْ تِلْكَ بِمَا تَرَى، مَعَ أَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِأَصْلِ الِاسْتِدْرَاكِ، وَأَنَّ الْغَايَةَ الْمَذْكُورَةَ إنَّمَا هِيَ تَصْرِيحٌ بِمَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ فِي الِاسْتِدْرَاكِ لَمْ يَرْضَ سَيِّدُهَا إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ تِلْكَ الْحُرَّةِ وَلَمْ تَرْضَ هَذِهِ الْحُرَّةُ إلَّا بِمَا طَلَبَهُ السَّيِّدُ وَلَيْسَتْ قَدْرًا زَائِدًا كَمَا تَوَهَّمَهُ الشَّارِحُ اسْتِرْوَاحًا، وَفِي نُسْخَةٍ مِنْ الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ: نَعَمْ لَوْ وَجَدَ حُرَّةً وَأَمَةً وَكَانَ صَدَاقُ الْأَمَةِ الَّتِي لَمْ يَرْضَ سَيِّدُهَا بِنِكَاحِهَا إلَّا بِهِ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْحُرَّةِ الْمَوْجُودَةِ وَلَمْ تَرْضَ الْحُرَّةُ إلَّا بِمَا سَأَلَهُ سَيِّدُ الْأَمَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى أَنْ يَنْكِحَ بِصَدَاقِهَا حُرَّةً وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِ الْحُرَّةِ. قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ اهـ. وَلَيْسَ فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ تَنْظِيرٌ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَقْتَضِي شَرَفُ السَّيِّدِ إلَخْ) وَحِينَئِذٍ فَيَجِبُ تَقْيِيدُ الْحُكْمِ بِمَا إذَا كَانَ شَرِيفًا بِالْفِعْلِ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لَهُ إذَا كَانَ دَنِيًّا

النِّكَاحِ، وَأَيْضًا فَالْفَسْخُ يُحْتَاطُ لَهُ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُلْحِقُوا بِأَسْبَابِهِ الْخَمْسَةِ الْآتِيَةِ غَيْرَهَا مَعَ وُجُودِ الْمَعْنَى فِيهِ وَزِيَادَةٍ (قِيلَ، أَوْ لَا تَصْلُحُ) لَهُ كَصَغِيرَةٍ وَلِعَدَمِ حُصُولِ الصَّالِحَةِ هُنَا لَا ثَمَّ جَرَى فِي الرَّوْضَةِ فِي هَذِهِ عَلَى مَا هُنَا وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ ثَمَّ وَلَمْ يُرَجِّحْ مِنْهُ شَيْئًا (فَلَوْ قَدَرَ عَلَى) حُرَّةٍ (غَائِبَةٍ حَلَّتْ) لَهُ (أَمَةٌ إنْ لَحِقَتْهُ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ) وَهِيَ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ مَا يُنْسَبُ مُتَحَمِّلُهَا فِي طَلَبِ الزَّوْجَةِ إلَى الْإِسْرَافِ وَمُجَاوَزَةِ الْحَدِّ (فِي قَصْدِهَا، أَوْ خَافَ زِنًا) بِالِاعْتِبَارِ الْآتِي (مُدَّتَهُ) أَيْ مُدَّةَ قَصْدِهَا وَإِلَّا لَمْ تَحِلَّ وَلَزِمَهُ السَّفَرُ لَهَا إنْ أَمْكَنَ انْتِقَالُهَا مَعَهُ لِبَلَدِهِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَإِلَّا فَكَالْعَدِمِ لِأَنَّ تَكْلِيفَهُ التَّغَرُّبَ أَعْظَمُ مَشَقَّةً، وَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ هِبَةِ مَهْرٍ، أَوْ أَمَةٍ لِلْمِنَّةِ، وَإِطْلَاقُهُمْ أَنَّ غَيْبَةَ الزَّوْجَةِ، أَوْ الْمَالِ يُبِيحُ نِكَاحَ الْأَمَةِ صَحِيحٌ، وَلَا يُشْكِلُ الْأَوَّلُ بِمَا تَقَرَّرَ فِيمَنْ قَدَرَ عَلَى مَنْ يَتَزَوَّجُهَا بِالسَّفَرِ إلَيْهَا وَأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَتَّى مَا فِيهَا مِنْ التَّفْصِيلِ هُنَا وَلَا الثَّانِي بِذَلِكَ التَّفْصِيلِ وَلَا بِمَا مَرَّ فِي قِسْمِ الصَّدَقَاتِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَرْحَلَتَيْنِ وَدُونِهِمَا لِإِمْكَانِ الْفَرْقِ بِأَنَّ الطَّمَعَ فِي حُصُولِ حُرَّةٍ لَمْ يَأْلَفْهَا يُخَفِّفُ الْعَنَتَ وَبِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ هُنَا أَكْثَرُ خَشْيَةً مِنْ الْوُقُوعِ فِي الزِّنَا وَمَا فِي الْوَسِيطِ مِنْ أَنَّ لِلْمُفْلِسِ نِكَاحَ الْأَمَةِ مَحْمُولٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَلَى مَنْ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ، قَالَ: لِأَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ مُتَّهَمٌ فِي دَعْوَاهُ خَوْفَ الزِّنَا لِأَجْلِ الْغُرَمَاءِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلظَّاهِرِ. أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَتَحِلُّ لَهُ لِعَجْزِهِ (وَلَوْ وَجَدَ حُرَّةً) تَرْضَى (بِمُؤَجَّلٍ) وَلَمْ يَجِدْ الْمَهْرَ وَهُوَ يَتَوَقَّعُ الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَحَلِّ (أَوْ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ) وَهُوَ يَجِدُهُ (فَالْأَصَحُّ حِلُّ أَمَةٍ) وَاحِدَةٍ (فِي الْأُولَى) لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَجِدُ وَفَاءً فَتَصِيرُ ذِمَّتُهُ مُشْتَغِلَةً وَالثَّانِي لَا لِلْقُدْرَةِ عَلَى نِكَاحِ حُرَّةٍ، وَإِنَّمَا وَجَبَ شِرَاءُ مَاءٍ بِنَظِيرِ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْمَاءِ كَوْنُهُ تَافِهًا يَقْدِرُ عَلَى ثَمَنِهِ مِنْ غَيْرِ كَبِيرِ مَشَقَّةٍ بِخِلَافِ الْمَهْرِ، وَأَيْضًا فَهُوَ هُنَا يَحْتَاجُ مَعَ ذَلِكَ كُلَفًا أُخْرَى كَنَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ مُعْسِرٌ فَلَمْ يُجْمَعْ عَلَيْهِ بَيْنَ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَلَا يُكَلَّفُ بَيْعَ مَا يَبْقَى فِي الْفِطْرَةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَمَا اقْتَضَتْهُ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فِيهَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَحْتَاجُهُ لِلْخِدْمَةِ. نَعَمْ يَظْهَرُ فِي نَحْوِ مَسْكَنٍ أَوْ خَادِمٍ نَفِيسٍ تَمَكَّنَ مِنْ بَيْعِهِ وَتَحْصِيلِ مَسْكَنٍ، أَوْ خَادِمٍ لَائِقٍ وَمَهْرِ حُرَّةٍ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ هُنَاكَ (دُونَ الثَّانِيَةِ) لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِالْمُسَامَحَةِ فِي الْمُهُورِ فَلَا مِنَّةَ، بِخِلَافِ الْمُسَامَحَةِ بِهِ كُلِّهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَدَّ مَعَ لُزُومِهِ لَهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَلَا نَظَرَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ إلَى أَنَّهَا قَدْ تَنْذِرُ لَهُ بِإِسْقَاطِهِ إنْ وَطِئَ لِلْمِنَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الْأَمَةِ الْمُتَحَيِّرَةِ (قَوْلُهُ: وَلِعَدَمِ حُصُولِ الصَّالِحَةِ هُنَا لَا ثَمَّ) هَذَا وَجِيهٌ جِدًّا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُرَجِّحْ مِنْهُ شَيْئًا) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ الْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْكِتَابِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: فَلَوْ قَدَرَ عَلَى حُرَّةٍ غَائِبَةٍ) أَيْ غَيْرِ مُتَزَوَّجٍ بِهَا وَيُرِيدُ تَزْوِيجَهَا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِطْلَاقُهُمْ أَنَّ غَيْبَةَ الزَّوْجَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمُجَاوَزَةُ الْحَدِّ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: وَإِطْلَاقُهُمْ إلَخْ) أَيْ مَا وَقَعَ فِي كَلَامِهِمْ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْكِلُ الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ إنَّ غَيْبَةَ الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَتَأَتَّى مَا فِيهَا مِنْ التَّفْصِيلِ) تَأَتِّي التَّفْصِيلِ فِي الْأَوَّلِ مُتَّجَهٌ جِدًّا فَلَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْهُ وَكَذَا فِي الثَّانِي، وَإِنْ اُتُّجِهَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا فِي قِسْمِ الصَّدَقَاتِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَهُوَ وَجِيهٌ جِدًّا (قَوْله وَلَا الثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ، أَوْ الْمَالُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ إلَخْ) قَالَ سم: قَدْ يُقَالُ اتِّهَامُهُ لَا يَصْلُحُ عِلَّةً لِامْتِنَاعِ نِكَاحِ الْأَمَةِ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَصْلُحُ لِامْتِنَاعِ صَرْفِ مَهْرِهَا مِنْ أَعْيَانِ أَمْوَالِهِ وَنِكَاحُهَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ بَلْ هُوَ مُمْكِنٌ بِمَهْرٍ فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ بِنَظِيرِ ذَلِكَ) أَيْ الْمُؤَجَّلِ (قَوْلُهُ: وَمَا اقْتَضَتْهُ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فِيهَا) أَيْ الْفِطْرَةِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ) أَيْ الْبَيْعَ (قَوْلُهُ: دُونَ الثَّانِيَةِ) أَيْ فَلَا تَحِلُّ الْأَمَةُ (قَوْلُهُ: مَعَ لُزُومِهِ) عِلَّةٌ ثَانِيَةٌ لِحِلِّ الْأَمَةِ وَالضَّمِيرُ لِمَهْرِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ لَهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) عِبَارَةُ حَجّ: لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا وَجَبَ شِرَاءُ مَاءٍ إلَخْ) كَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ عَلَى الثَّانِي

الَّتِي لَا تُحْتَمَلُ حِينَئِذٍ، وَالثَّانِي لَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْمِنَّةِ وَرُدَّ بِمَا مَرَّ (وَ) ثَالِثُهَا (أَنْ يَخَافَ) وَلَوْ خَصِيًّا (زِنًا) بِأَنْ يَتَوَقَّعُهُ لَا عَلَى وَجْهِ النُّدُورِ بِأَنْ تَغْلِبَ شَهْوَتُهُ تَقْوَاهُ، بِخِلَافِ مَنْ غَلَبَتْ تَقْوَاهُ، أَوْ مُرُوءَتُهُ الْمَانِعَةُ مِنْهُ، أَوْ اعْتَدَلَا، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} [النساء: 25] أَيْ الزِّنَا، وَأَصْلُهُ الْمَشَقَّةُ الشَّدِيدَةُ، سَمَّى بِهِ الزِّنَا لِأَنَّهُ سَبَبُهَا بِالْحَدِّ، أَوْ الْعَذَابِ، وَالْمُرَاعَى عِنْدَنَا كَمَا فِي الْبَحْرِ عُمُومُهُ، فَلَوْ خَافَهُ مِنْ أَمَةٍ بِعَيْنِهَا لِقُوَّةِ مَيْلِهِ إلَيْهَا لَمْ تَحِلَّ لَهُ سَوَاءٌ أَوَجَدَ الطَّوْلَ أَمْ لَا، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: إذَا كَانَ وَاجِدًا لَهُ رَدَّهُ الشَّيْخُ بِأَنَّ الْوَجْهَ تَرْكُ التَّقْيِيدِ بِوُجُودِهِ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي جَوَازَ نِكَاحِهَا عِنْدَ فَقْدِ الطَّوْلِ فَيَفُوتُ اعْتِبَارُ عُمُومِ الْعَنَتِ مَعَ أَنَّ وُجُودَ الطَّوْلِ كَافٍ فِي الْمَنْعِ مِنْ نِكَاحِهَا، وَلَا اعْتِبَارَ بِعِشْقِهِ لِأَنَّهُ دَاءٌ تُهَيِّجُهُ الْبَطَالَةُ وَإِطَالَةُ الْفِكْرِ، وَكَمْ مِمَّنْ اُبْتُلِيَ بِهِ وَزَالَ عَنْهُ وَلِاسْتِحَالَةِ زِنَا الْمَجْبُوبِ دُونَ مُقَدِّمَاتِهِ مِنْهُ لَمْ تَحِلَّ لَهُ الْأَمَةُ مُطْلَقًا كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ نَظَرٌ، لِلْأَوَّلِ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الْعِنِّينُ وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: يَنْبَغِي جَوَازُهُ لِلْمَمْسُوحِ مُطْلَقًا لِانْتِفَاءِ مَحْذُورِ رِقِّ الْوَلَدِ خَطَأٌ فَاحِشٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِنَصِّ الْآيَةِ وَهُوَ أَمْنُ الْعَنَتِ، وَلِأَنَّهُ يُنْتَقَضُ مَا ذَكَرَهُ بِالصَّبِيِّ فَإِنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَنْكِحُ الْأَمَةَ قَطْعًا، وَلَا نَظَرَ إلَى طُرُوءِ الْبُلُوغِ وَتَوَقُّعِ الْحَبَلِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، كَمَا لَا نَظَرَ إلَى طُرُوءِ الْيَسَارِ فِي حَقِّ نَاكِحِ الْأَمَةِ وَبِنِكَاحِ الْأَمَةِ الصَّغِيرَةِ وَالْآيِسَةِ وَبِمَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ يَعْتِقُ عَقِبَ الْوِلَادَةِ أَوْ وَهُوَ مُجْتَنٌّ كَمَا لَوْ نَكَحَ جَارِيَةَ ابْنِهِ، وَأَطْلَقَ الْقَاضِي أَنَّ الْمَجْنُونَ بِالنُّونِ لَا يُزَوَّجُ أَمَةً، وَاعْتَرَضَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ بِأَنَّ الْأَوْجَهَ جَوَازُهُ إذَا أَعْسَرَ وَخِيفَ عَلَيْهِ الْعَنَتُ، وَيَمْتَنِعُ عَلَى مَنْ تَوَفَّرَتْ فِيهِ شُرُوطُ نِكَاحِ الْأَمَةِ أَنْ يَنْكِحَ أَمَةً غَيْرَ صَالِحَةٍ كَصَغِيرَةٍ لَا تُوطَأُ وَرَتْقَاءَ، وَقَرْنَاءَ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ بِهِ الْعَنَتَ (فَلَوْ) كَانَ مَعَهُ مَالٌ لَا يَقْدِرُ بِهِ عَلَى حُرَّةٍ (وَأَمْكَنَهُ تَسَرٍّ) بِشِرَاءِ صَالِحَةٍ لِاسْتِمْتَاعٍ بِهِ بِأَنْ قَدَرَ عَلَيْهَا بِثَمَنِ مِثْلِهَا فَاضِلًا عَمَّا مَرَّ وَحِينَئِذٍ (فَلَا خَوْفَ) عَلَيْهِ مِنْ الزِّنَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَمْنِهِ الْعَنَتَ بِهِ فَلَا حَاجَةَ لِإِرْقَاقِ وَلَدِهِ وَلِلثَّانِي تَحِلُّ لَهُ لِأَنَّهَا دُونَ الْحُرَّةِ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ لَا الْخَوْفُ لِلْقَطْعِ بِانْتِفَائِهِ (وَ) رَابِعُهَا (إسْلَامُهَا) وَيَجُوزُ جَرُّهُ فَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ نِكَاحُ أَمَةٍ كِتَابِيَّةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: 25] وَلِاجْتِمَاعِ نَقْصِ الْكُفْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِالْوَطْءِ وَهِيَ أَوْضَحُ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي) أَيْ فَتَحِلُّ الْأَمَةُ (قَوْلُهُ: بِالْحَدِّ، أَوْ الْعَذَابِ) عَبَّرَ بِأَوْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحُدُودَ جَوَابِرُ فِي الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ الرَّاجِحُ فَمَنْ حُدَّ فِي الدُّنْيَا لَا يُعَذَّبُ فِي الْآخِرَةِ (قَوْلُهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ عُمُومُهُ) أَيْ الْخَوْفِ (قَوْلُهُ نَظَرًا لِلْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ وَلِاسْتِحَالَةِ زِنَا الْمَجْبُوبِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ فِي الْمَجْبُوبِ (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ الْعِنِّينِ) وَفِي نُسْخَةٍ: حَيْثُ أَمِنَ الْوُقُوعَ فِي الزِّنَا اهـ. أَقُولُ: بِهَذَا الْقَيْدِ سَاوَى السَّلِيمَ فَلَا حَاجَةَ لِذَكَرِهِ مَعَ الْمَجْبُوبِ، نَعَمْ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ مَعَ الْخَصِيِّ حَيْثُ قَالَ بِخِلَافِ الْخَصِيِّ وَالْعِنِّينِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُمَا نِكَاحُ الْأَمَةِ بِشَرْطِهِ، وَهِيَ وَاضِحَةٌ لِلتَّسْوِيَةِ فِيهَا بَيْنَ الْخَصِيِّ وَالْعِنِّينِ وَالسَّلِيمِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْأَوْجَهَ جَوَازُهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَرَتْقَاءَ وَقُرَنَاءَ) أَيْ وَمُتَحَيِّرَةٍ كَمَا قَدَّمَهُ (قَوْلُهُ: صَالِحَةٌ لِلِاسْتِمْتَاعِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ الْعُرْفِ بِالْمَنْظَرِ لِغَالِبِ النَّاسِ (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ فَلَا خَوْفَ) فِي حَجّ إسْقَاطُ قَوْلِهِ وَحِينَئِذٍ وَهُوَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ جَرُّهُ) أَيْ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ شُرُوطِ اهـ سم عَلَى حَجّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مِنْهُ) مُتَعَلِّقٌ بِاسْتِحَالَةٍ (قَوْلُهُ: نَظَرًا لِلْأَوَّلِ) أَيْ اسْتِحَالَةِ الزِّنَا مِنْهُ: أَيْ وَإِنْ قَالَ جَمْعٌ بِجَوَازِ الْأَمَةِ لَهُ نَظَرًا لِلثَّانِي وَهُوَ تَأَتِّي الْمُقَدَّمَاتِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَأَطْلَقَ الْقَاضِي إلَخْ) تَقَدَّمَ لَهُ الْجَزْمُ بِهَذَا (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ ذِكْرَ هَذَا هُنَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ ضَيَاعُ جَوَابِ الشَّرْطِ، فَكَانَ الْأَصْوَبُ مَا فِي التُّحْفَةِ مِنْ تَأْخِيرِهِ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَلَا خَوْفَ مَعَ إسْقَاطِ الْوَاوِ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ جَرُّهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا أَنْ لَا يَكُونَ عَقِبَ قَوْلِهِ إلَّا بِشُرُوطٍ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَحَلِّ جَرٍّ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مُفَصَّلٍ مِنْ مُجْمَلٍ. كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَبَرَ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ. فَالْجَرُّ هُنَا عَلَى الْأَوَّلِ وَالرَّفْعُ عَلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ

وَالرِّقِّ بَلْ أَمَةٌ مُسْلِمَةٌ وَلَوْ مَمْلُوكَةً لِكَافِرٍ (وَيَحِلُّ لِحُرٍّ وَعَبْدٍ كِتَابِيَّيْنِ أَمَةٌ كِتَابِيَّةٌ عَلَى الصَّحِيحِ) لِتَكَافُئِهِمَا فِي الدِّينِ وَالثَّانِي الْمَنْعُ كَمَا لَا يَنْكِحُهَا الْحُرُّ الْمُسْلِمُ وَلَمْ يُصَرِّحْ الشَّيْخَانِ فِي الْحُرِّ الْكِتَابِيِّ بِاشْتِرَاطِ خَوْفِ الْعَنَتِ وَفَقْدِ طَوْلِ الْحُرَّةِ وَاَلَّذِي فَهِمَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ اشْتِرَاطُهُمَا كَالْمُسْلِمِ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوهُ مِثْلَهُ، إلَّا فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ، وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ حَيْثُ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الشُّرُوطَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الْمُؤْمِنِينَ الْأَحْرَارِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَنِكَاحُ الْحُرِّ الْمَجُوسِيِّ، أَوْ الْوَثَنِيِّ الْأَمَةَ الْمَجُوسِيَّةَ، أَوْ الْوَثَنِيَّةَ كَنِكَاحِ الْكِتَابِيِّ الْكِتَابِيَّةَ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ التَّعْجِيزُ إذَا طَلَبُوا مِنْ قَاضِينَا ذَلِكَ وَإِلَّا فَنِكَاحُ الْكُفَّارِ مَحْكُومٌ بِصِحَّتِهِ (لَا لِعَبْدٍ مُسْلِمٍ فِي الْمَشْهُورِ) لِأَنَّ مَدْرَك الْمَنْعِ فِيهَا كُفْرُهَا فَاسْتَوَى فِيهَا الْمُسْلِمُ الْحُرُّ وَالْقِنُّ كَالْمُرْتَدَّةِ. وَالثَّانِي لَهُ نِكَاحُهَا لِتُسَاوِيهِمَا فِي الرِّقِّ، وَمَرَّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا تَكُونَ مَوْقُوفَةً عَلَيْهِ وَلَا مُوصًى لَهُ بِخِدْمَتِهَا وَلَا مَمْلُوكَةً لِمُكَاتَبِهِ، أَوْ وَلَدِهِ (وَمَنْ بَعْضُهَا رَقِيقٌ كَرَقِيقَةِ) فَلَا يَنْكِحُهَا الْحُرُّ إلَّا بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ لِأَنَّ إرْقَاقَ بَعْضِ الْوَلَدِ مَحْذُورٌ أَيْضًا وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَدَرَ عَلَى مُبَعَّضَةٍ وَأَمَةٍ لَمْ تَحِلَّ لَهُ الْأَمَةُ كَمَا رَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ وَلَدَ الْمُبَعَّضَةِ يَنْعَقِدُ مُبَعَّضًا وَهُوَ الرَّاجِحُ أَيْضًا. (وَلَوْ نَكَحَ حُرٌّ أَمَةً بِشَرْطِهِ ثُمَّ أَيْسَرَ، أَوْ نَكَحَ حُرَّةً لَمْ تَنْفَسِخْ الْأَمَةُ) أَيْ نِكَاحُهَا لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ لِقُوَّتِهِ بِوُقُوعِ الْعَقْدِ صَحِيحًا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَتَأَثَّرْ أَيْضًا بِطُرُوءِ إحْرَامٍ وَعِدَّةٍ، نَعَمْ طُرُوءُ رِقٍّ عَلَى كِتَابِيَّةٍ زَوْجَةِ حُرٍّ مُسْلِمٍ يَقْطَعُ نِكَاحَهَا لِأَنَّ الرِّقَّ أَقْوَى تَأْثِيرًا مِنْ غَيْرِهِ. (وَلَوْ) (جَمَعَ مَنْ) أَيْ حُرٌّ (لَا تَحِلُّ لَهُ أَمَةً) أَمَتَيْنِ بَطَلَتَا قَطْعًا، أَوْ (حُرَّةً وَأَمَةً بِعَقْدٍ) وَقَدَّمَ الْحُرَّةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلَمْ يُصَرِّحْ الشَّيْخَانِ فِي الْحُرِّ الْكِتَابِيِّ إلَخْ) أَيْ أَمَّا الْعَبْدُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي نِكَاحِهِ لِلْأَمَةِ شَيْءٌ إلَّا إسْلَامُهَا إنْ كَانَ مُسْلِمًا. [فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِعَبْدِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ قَبْلَهُ بِشَهْرٍ، ثُمَّ إنَّهُ زَوَّجَ أَمَةً قَبْلَ دُخُولِهِ الدَّارَ بِعَشْرَةٍ أَيَّامٍ مَثَلًا فَهَلْ يَصِحُّ نِكَاحُهُ لِأَنَّهُ رَقِيقٌ ظَاهِرًا أَمْ لَا لِأَنَّهُ حُرٌّ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْجَوَابُ عَنْهُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ اجْتَمَعَ فِيهِ وَقْتَ النِّكَاحِ الشُّرُوطُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي نِكَاحِ الْحُرِّ الْأُمَّةَ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ تَحْتَهُ صَالِحَةٌ لِلْوَطْءِ وَخَافَ الزِّنَا صَحَّ نِكَاحُهُ وَإِلَّا فَلَا، كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ مَنْ أُخْبِرَ بِمَوْتِ زَوْجِهَا ثُمَّ بَانَتْ حَيَاتُهُ، وَكَمَنْ تَزَوَّجَ أَمَةَ مُورَثِهِ ظَانًّا مَوْتَهُ فَبَانَتْ حَيَاتُهُ، وَكَمَنْ أَعْتَقَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ أَمَةً فَتَزَوَّجَتْ بِحُرٍّ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ وَلَمْ تَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَإِنَّهُ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ النِّكَاحِ فِي الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ) أَيْ فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِلْمُسْلِمِ وَتَحِلُّ لِلْكِتَابِيِّ (قَوْلُهُ: كَنِكَاحِ الْكِتَابِيِّ الْكِتَابِيَّةَ) أَيْ فَإِنَّهُ يَحِلُّ (قَوْلُهُ: وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَحِلُّ لِحُرٍّ وَعَبْدٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ) مُرَادُهُ بَيَانُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ بَلْ أَكْثَرُ (قَوْلُهُ: وَلَا مُوصًى لَهُ بِخِدْمَتِهَا) أَيْ أَبَدًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ حَجّ (قَوْلُهُ: يَنْعَقِدُ مُبَعَّضًا) وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَنَقَلَ سم عَنْ الشَّارِحِ عَلَى مَنْهَجٍ أَنَّهُ قَرَّرَ أَوَّلًا انْعِقَادَهُ حُرًّا كُلَّهُ وَصَمَّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَرَّرَ ثَانِيًا مَا ذَكَرَهُ هُنَا تَبَعًا لِأَبِيهِ اهـ. وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ مُبَعَّضَتَيْنِ حُرِّيَّةُ إحْدَاهُمَا أَكْثَرُ مِنْ حُرِّيَّةِ الْأُخْرَى وَجَبَ تَقْدِيمُ مِنْ كَثُرَتْ حُرِّيَّتُهَا. (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَتَأَثَّرْ) أَيْ وَمِنْ أَجْلِ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ إلَخْ وَضَمِيرُ يَتَأَثَّرُ رَاجِعٌ لِلنِّكَاحِ (قَوْلُهُ: يُقْطَعُ نِكَاحُهَا) شَامِلٌ لِمَا لَوْ كَانَ زَوْجُهَا مِمَّنْ تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ لِأَنَّهَا صَارَتْ أَمَةً كِتَابِيَّةً وَهُوَ مُسْلِمٌ. (قَوْلُهُ: وَقَدَّمَ الْحُرَّةَ) أَيْ، أَوْ أَخَّرَ قَالَ سم عَلَى حَجّ: لَمْ يَتَعَرَّضْ لِمُحْتَرَزِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَمَا فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي الْبَيْعِ فَيَجْرِي فِيهِ مَا قِيلَ ثُمَّ اهـ: أَيْ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُ الصِّحَّةُ فِيمَا يَقْبَلُ الصِّحَّةَ مِنْهُمَا، وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ مَعْنَى قَوْلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فِي الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِيهَا مَا يَظْهَرُ فِيهِ الْإِعْرَابُ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى زِيَادَةِ شَرْطٍ عَلَى الْأَرْبَعَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ هُنَا كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ فِيمَا مَرَّ بِقَوْلِهِ بَلْ أَكْثَرُ

[فصل في حل نكاح الكافرة]

كَزَوَّجْتُكَ ابْنَتِي وَأَمَتِي بِكَذَا، أَوْ يَكُونُ وَكِيلًا فِيهِمَا، أَوْ وَلِيًّا فِي وَاحِدٍ وَوَكِيلًا فِي الْآخَرِ فَقَبْلَهُمَا (بَطَلَتْ الْأَمَةُ) قَطْعًا لِأَنَّ شَرْطَ نِكَاحِهَا فَقْدُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْحُرَّةِ. أَمَّا لَوْ لَمْ يُقَدِّمْ الْحُرَّةَ فَإِنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ (لَا الْحُرَّةُ فِي الْأَظْهَرِ) تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ، وَفَارَقَ نِكَاحَ الْأُخْتَيْنِ بِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ فِيهِ وَهُنَا الْحُرَّةُ أَقْوَى. وَالثَّانِي تَبْطُلُ الْحُرَّةُ أَيْضًا فِرَارًا مِنْ تَبْعِيضِ الْعَقْدِ أَمَّا مَنْ فِيهِ رِقٌّ فَيَصِحُّ جَمْعُهُمَا إلَّا أَنْ تَكُونَ الْأَمَةُ كِتَابِيَّةً وَهُوَ مُسْلِمٌ، وَأَمَّا بِعَقْدَيْنِ كَزَوَّجْتُكَ بِنْتِي بِأَلْفٍ وَأَمَتِي بِمِائَةٍ فَقَبِلَ الْبِنْتَ ثُمَّ الْأَمَةَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ فِي الْحُرَّةِ قَطْعًا، وَفِي هَذِهِ لَوْ قَدَّمَ الْأَمَةَ إيجَابًا وَقَبُولًا وَهِيَ تَحِلُّ لَهُ صَحَّ نِكَاحُهُمَا لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبَلْ الْحُرَّةَ إلَّا بَعْدَ نِكَاحِ الْأَمَةِ، وَلَوْ فَصَّلَ فِي الْإِيجَابِ وَجَمَعَ فِي الْقَبُولِ أَوْ عَكَسَ فَكَذَلِكَ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِمَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ لِأَنَّ الْأَظْهَرَ إنَّمَا يَأْتِي فِيهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ خَرَجَ بِمَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ مَنْ تَحِلُّ لَهُ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ حُرًّا صَحَّ فِي الْحُرَّةِ فَقَطْ، أَوْ عَبْدًا، أَوْ مُبَعَّضًا صَحَّ فِيهِمَا، وَالْمَفْهُومُ إذَا كَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا يُرَدُّ وَلَوْ نَكَحَ أَمَةً فَاسِدًا فَكَالصَّحِيحِ فِي كَوْنِ وَلَدِهَا رَقِيقًا مَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِي أَحَدِهِمَا عِتْقُهُ بِصِيغَةِ تَعْلِيقٍ لَا مُطْلَقًا كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَتَاوِيهِ وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّ وَلَدَ الْمَنْكُوحَةِ رَقِيقٌ لِمَالِكِهَا وَلَوْ كَانَ زَوْجُهَا الْحُرُّ عَرَبِيًّا، وَكَذَا لَوْ حَصَلَ مِنْ شُبْهَةٍ لَا تَقْتَضِي حُرِّيَّةَ الْوَلَدِ، أَوْ مِنْ زِنًا وَلَوْ تَزَوَّجَ بِأُمِّ وَلَدِ الْغَيْرِ فَوَلَدُهُ مِنْهَا كَالْأُمِّ، وَلَوْ ظَنَّ أَنَّ وَلَدَ الْمُسْتَوْلَدَةِ يَكُونُ حُرًّا كَانَ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ وَتَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ لِلسَّيِّدِ. . (فَصْلٌ) فِي حِلِّ نِكَاحِ الْكَافِرَةِ وَتَوَابِعِهِ (يَحْرُمُ) عَلَى مُسْلِمٍ وَكِتَابِيٍّ وَكَذَا وَثَنِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ وَنَحْوِهِمَا كَمَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ، وَقَوْلُ الشَّيْخِ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ عَدَمُ مَنْعِهِمْ مِنْ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالصِّحَّةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSالشَّارِحِ الْآتِي: أَمَّا لَوْ لَمْ يُقَدِّمْ الْحُرَّةَ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ الْأَمَةُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْحُرَّةُ صَالِحَةً، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ نِكَاحِ الْأَمَةِ عَلَى غَيْرِ الصَّالِحَةِ صِحَّةُ نِكَاحِهِمَا هُنَا حَيْثُ كَانَتْ الْحُرَّةُ غَيْرَ صَالِحَةٍ فَلْيُرَاجَعْ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ عَلَى حُرَّةٍ غَيْرِ صَالِحَةٍ وَأَمَةٍ لَمْ تَنْدَفِعْ الْأَمَةُ لِأَنَّ الْحُرَّةَ غَيْرَ الصَّالِحَةِ كَالْعَدَمِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ) وَالرَّاجِحُ مِنْهُ الصِّحَّةُ فِي الْحُرَّةِ دُونَ الْأَمَةِ (قَوْلُهُ: وَفِي هَذِهِ) أَيْ فِيمَا لَوْ كَانَ بِعَقْدَيْنِ (قَوْلُهُ:، أَوْ عُكِسَ فَكَذَلِكَ) أَيْ يَصِحُّ نِكَاحُ الْحُرَّةِ دُونَ الْأَمَةِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِي أَحَدِهِمَا) أَيْ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَالصَّحِيحِ (قَوْلُهُ: بِصِيغَةِ تَعْلِيقٍ) أَيْ بِأَنْ قَالَ إنْ أَتَتْ مِنْك بِوَلَدٍ فَهُوَ حُرٌّ، فَإِنْ شَرَطَ كَانَ حُرًّا لِلتَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ: لَا مُطْلَقًا) أَيْ فَلَوْ زَوَّجَهَا وَشَرَطَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ أَنْ يَكُونَ أَوْلَادُهَا أَحْرَارًا لَغَا الشَّرْطُ وَانْعَقَدُوا أَرِقَّاءَ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ تُنْكَحْ إلَّا حَيْثُ وُجِدَتْ فِيهَا شُرُوطُ الْأَمَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ زَوْجُهَا الْحُرَّ) أَيْ بَلْ، أَوْ كَانَ هَاشِمِيًّا، أَوْ مُطَّلِبِيًّا كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: فَوَلَدُهُ مِنْهَا كَالْأُمِّ) أَيْ فَيَنْعَقِدُ رَقِيقًا وَيَعْتِقُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ وَلَا يَنْكِحُ إلَّا بِشُرُوطِ الْأَمَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ظَنَّ إلَخْ) أَيْ وَإِنَّمَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ إذَا كَانَ بِمَا يَخْفَى عَلَى مِثْلِهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ حُرًّا كَانَ كَذَلِكَ) أَيْ حُرًّا لِلشُّبْهَةِ. . [فَصْلٌ فِي حِلِّ نِكَاحِ الْكَافِرَةِ] (فَصْلٌ) فِي حِلِّ نِكَاحِ الْكَافِرَةِ (قَوْلُهُ: وَتَوَابِعُهُ) كَحُكْمِ تَهَوُّدِ النَّصْرَانِيِّ وَعَكْسِهِ وَوُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَى الْكَافِرَةِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُمَا) أَيْ كَعَابِدِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ (قَوْلُهُ: مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الشَّيْخِ إلَخْ) أَيْ فِي غَيْرِ شَرْحِ مَنْهَجِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (فَصْلٌ) فِي نِكَاحِ الْكَافِرَةِ

الْأَصَحِّ مِنْ صِحَّةِ أَنْكِحَتِهِمْ فَقَدْ قَالُوا لَوْ كَانَ تَحْتَهُ مَجُوسِيَّةٌ، أَوْ وَثَنِيَّةٌ وَتَخَلَّفَتْ عَنْ الْإِسْلَامِ قَبْلَ الدُّخُولِ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا إلَّا أَنْ تُصِرَّ عَلَى ذَلِكَ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ غَيْرُ مُلَاقٍ لِكَلَامِ السُّبْكِيّ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذْ هُوَ فِي التَّحْرِيمِ، وَهَذَا فِي عَدَمِ مَنْعِهِمْ لَوْ فَعَلُوهُ بِأَنْفُسِهِمْ وَتَرَافَعُوا إلَيْنَا، أَمَّا لَوْ طَلَبَ نَحْوُ الْمَجُوسِيِّ مِنَّا ذَلِكَ فِي الِابْتِدَاءِ لَمْ نُجِبْهُ (نِكَاحُ مَنْ لَا كِتَابَ لَهَا كَوَثَنِيَّةٍ) ، أَوْ عَابِدَةِ وَثَنٍ أَيْ صَنَمٍ وَقِيلَ الْوَثَنُ غَيْرُ الْمُصَوَّرِ الصَّنَمُ (وَمَجُوسِيَّةٍ) إذْ لَا كِتَابَ بِأَيْدِي قَوْمِهَا الْآنَ وَلَمْ نَتَيَقَّنْهُ مِنْ قَبْلُ فَنَحْتَاطُ وَوَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221] خَرَجَتْ الْكِتَابِيَّةُ لِمَا يَأْتِي فَيَبْقَى مَنْ عَدَاهَا عَلَى عُمُومِهِ، وَمِثْلُ نَحْوِ الْمَجُوسِيَّةِ عَابِدَةُ شَمْسٍ وَقَمَرٍ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَمَجُوسِيَّةٍ عَطْفٌ عَلَى مَنْ لَا كِتَابَ لَهَا لَا عَلَى وَثَنِيَّةٍ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ لَا كِتَابَ لَهَا أَصْلًا مَعَ أَنَّهُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ أَنَّ لَهُمْ كِتَابًا يُنْسَبُ إلَى زَرَادُشْتَ فَلَمَّا بَدَّلُوهُ رُفِعَ. (وَتَحِلُّ كِتَابِيَّةٌ) لِمُسْلِمٍ وَكِتَابِيٍّ وَكَذَا غَيْرُهُمَا عَلَى مَا مَرَّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5] أَيْ حَلَّ لَكُمْ. نَعَمْ الْأَصَحُّ حُرْمَتُهَا عَلَيْهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نِكَاحًا لَا تَسَرِّيًا وَتَمَسَّكُوا بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَطَأُ صَفِيَّةَ وَرَيْحَانَةَ قَبْلَ إسْلَامِهِمَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَكَلَامُ أَهْلِ السِّيَرِ يُخَالِفُ ذَلِكَ. (لَكِنْ يُكْرَهُ) لِلْمُسْلِمِ إنْ لَمْ يَخْشَ الْعَنَتَ فِيمَا يَظْهَرُ كِتَابِيَّةٌ (حَرْبِيَّةٌ) وَلَوْ تَسَرِّيًا فِي دَارِهِمْ كَمَا يَأْتِي لِئَلَّا يُرَقَّ وَلَدُهَا إذَا سُبِيَتْ حَامِلًا فَإِنَّهَا لَا تُصَدَّقُ أَنَّ حَمْلَهَا مِنْ مُسْلِمٍ، وَلِأَنَّ فِي الْإِقَامَةِ بِدَارِ الْحَرْبِ تَكْثِيرَ سَوَادِهِمْ، وَمِنْ ثَمَّ كُرِهَتْ مُسْلِمَةٌ مُقِيمَةٌ ثَمَّ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأُمِّ (وَكَذَا) تُكْرَهُ (ذِمِّيَّةٌ عَلَى الصَّحِيحِ) لِئَلَّا تَفْتِنَهُ بِفَرْطِ مَيْلِهِ إلَيْهَا، أَوْ وَلَدَهُ وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ مَيْلَ النِّسَاءِ إلَى دِينِ أَزْوَاجِهِنَّ وَإِيثَارَهُمْ عَلَى الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ، نَعَمْ الْكَرَاهَةُ فِيهَا أَخَفُّ مِنْهَا فِي الْحَرْبِيَّةِ. وَالثَّانِي لَا تُكْرَهُ، لِأَنَّ الِاسْتِفْرَاشَ إهَانَةٌ وَالْكَافِرَةُ جَدِيرَةٌ بِذَلِكَ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ نَدْبُ نِكَاحِهَا إذَا رُجِيَ إسْلَامُهَا كَمَا وَقَعَ لِعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ نَكَحَ نَصْرَانِيَّةً كَلْبِيَّةً فَأَسْلَمَتْ وَحَسُنَ إسْلَامُهَا، وَمَحَلُّ كَرَاهَةِ الذِّمِّيَّةِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ إذَا وَجَدَ مُسْلِمَةً وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ (وَالْكِتَابِيَّةُ يَهُودِيَّةً أَوْ نَصْرَانِيَّةً) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا} [الأنعام: 156] (لَا مُتَمَسِّكَةٌ بِالزَّبُورِ وَغَيْرِهِ) كَصُحُفِ شِيثٍ وَإِدْرِيسَ وَإِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى نَبِيِّنَا وَسَلَّمَ فَلَا تَحِلُّ لَهُ وَإِنْ أَقَرُّوا بِالْجِزْيَةِ سَوَاءٌ أَثَبَتَ تَمَسُّكُهَا بِذَلِكَ بِقَوْلِهَا أَمْ بِالتَّوَاتُرِ أَمْ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ أَسْلَمَا لِأَنَّهُ أُوحِيَ إلَيْهِمْ مَعَانِيهَا لَا أَلْفَاظُهَا، أَوْ لِكَوْنِهَا حِكَمًا وَمَوَاعِظَ لَا أَحْكَامًا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ إذْ هُوَ) أَيْ كَلَامُ السُّبْكِيّ وَقَوْلُهُ وَهَذَا أَيْ كَلَامُ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَمَجُوسِيَّةٌ) وَهِيَ عَابِدَةُ النَّارِ (قَوْلُهُ: إلَى زَرَادُشْتَ) قَالَ ابْن قُبْرُسَ فِي حَاشِيَةِ الشِّفَاءِ: زَرَادُشْتُ هُوَ الَّذِي تَدَّعِي الْمَجُوسُ نُبُوَّتَهُ وَكَذَلِكَ الْمُؤَرِّخُونَ، ضَبَطَهُ السُّلْطَانُ عِمَادُ الدِّينِ فِي تَارِيخِهِ زَرَادُشْتُ بِفَتْحِ الزَّايِ الْمَنْقُوطَةِ وَبِالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا أَلِفٌ ثُمَّ دَالٌ مَضْمُومَةٌ مُهْمَلَةٌ وَسُكُونُ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ ثُمَّ تَاءٌ مُثَنَّاةٌ فَوْقَ وَهُوَ صَاحِبُ كِتَابِ الْمَجُوسِ، وَيُوجَدُ فِي نُسَخِ الشَّارِحِ بِغَيْرِ هَذَا الضَّبْطِ وَلَعَلَّهُ مِنْ تَحْرِيفِ النُّسَّاخِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا غَيْرُهُمَا) أَيْ مِنْ وَثَنِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ (قَوْلُهُ عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ أَهْلِ السِّيَرِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: يُخَالِفُ ذَلِكَ) أَيْ فَلَمْ يَطَأْهُمَا إلَّا بَعْدَ الْإِسْلَامِ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَخْشَ الْعَنَتَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مُسْلِمَةً (قَوْلُهُ:، أَوْ وَلَدَهُ) أَيْ، أَوْ تَفْتِنَ وَلَدَهُ (قَوْلُهُ: نُدِبَ نِكَاحُهَا) أَيْ الذِّمِّيَّةِ وَيَظْهَرُ أَنَّ مِثْلَهَا الْحَرْبِيَّةُ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ كَرَاهَةِ الذِّمِّيَّةِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْحَرْبِيَّةَ بَاقِيَةٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مُسْلِمَةً أَيْضًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَوْحَى إلَيْهِمْ مَعَانِيَهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ:: إذْ هُوَ فِي التَّحْرِيمِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ التَّحْرِيمَ الَّذِي فِي الْمَتْنِ الَّذِي جَعَلَهُ الشَّارِحُ مُتَعَلِّقًا لِلْمُسْلِمِ وَمَنْ بَعْدَهُ وَبَنَى عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ كَلَامَهُ هُوَ التَّحْرِيمُ بِمَعْنَى عَدَمِ الصِّحَّةِ، وَحِينَئِذٍ فَادِّعَاءُ عَدَمِ مُلَاقَاةِ كَلَامِ الشَّيْخِ لِكَلَامِ السُّبْكِيّ غَيْرُ ظَاهِرٍ بَلْ مَوْرِدُهُمَا وَاحِدٌ. نَعَمْ تَعْلِيلُ السُّبْكِيّ يُوهِمُ مَا فَهِمَهُ وَالِدُ الشَّارِحِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَثَبَتَ تَمَسُّكُهَا بِذَلِكَ إلَخْ)

وَشَرَائِعَ، وَفَرَّقَ الْقَفَّالُ بَيْنَ الْكِتَابِيَّةِ وَغَيْرِهَا بِأَنَّ فِيهَا نَقْصَ الْكُفْرِ فِي الْحَالِ وَغَيْرُهَا فِيهِ مَعَ ذَلِكَ نَقْصُ فَسَادِ الدِّينِ فِي الْأَصْلِ (فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْكِتَابِيَّةُ) أَيْ لَمْ يَتَحَقَّقْ كَوْنُهَا (إسْرَائِيلِيَّةً) أَيْ مِنْ نَسْلِ إسْرَائِيلَ وَهُوَ يَعْقُوبُ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعْنَى إسْرَا: عَبْدٌ، وَإِيلَ: اللَّهُ بِأَنْ عَرَفَ أَنَّهَا غَيْرُ إسْرَائِيلِيَّةٍ، أَوْ شَكَّ أَهِيَ إسْرَائِيلِيَّةٌ، أَوْ غَيْرُهَا (فَالْأَظْهَرُ حِلُّهَا) لِلْمُسْلِمِ، أَوْ الْكِتَابِيِّ (إنْ عُلِمَ) بِالتَّوَاتُرِ، أَوْ شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ لَا بِقَوْلِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِنَّمَا قُبِلَ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلْجِزْيَةِ تَغْلِيبًا لِحَقْنِ الدِّمَاءِ (دُخُولُ قَوْمِهَا) أَيْ أَوَّلُ آبَائِهَا (فِي ذَلِكَ الدِّينِ) أَيْ دِينِ مُوسَى، أَوْ عِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ - (قَبْلَ نَسْخِهِ وَتَحْرِيفِهِ) ، أَوْ قَبْلَ نَسْخِهِ وَبَعْدَ تَحْرِيفِهِ وَاجْتَنَبُوا الْمُحَرَّفَ يَقِينًا لِتَمَسُّكِهِمْ بِهِ حِينَ كَانَ حَقًّا فَالْحِلُّ لِفَضِيلَةِ الدِّينِ وَحْدَهَا، وَمِنْ ثَمَّ سَمَّى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هِرَقْلَ وَأَصْحَابَهُ أَهْلَ كِتَابٍ فِي كِتَابِهِ إلَيْهِ مَعَ أَنَّهُمْ لَيْسُوا إسْرَائِيلِيِّينَ (وَقِيلَ يَكْفِي) دُخُولُهُمْ بَعْدَ تَحْرِيفِهِ وَإِنْ لَمْ يَجْتَنِبُوا الْمُحَرَّفَ إذَا كَانَ (قَبْلَ نَسْخِهِ) لِأَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - تَزَوَّجُوا مِنْهُمْ وَلَمْ يَجْتَنِبُوا، وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ لِبُطْلَانِ فَضِيلَةِ الدِّينِ بِتَحْرِيفِهِ، وَخَرَجَ بِعُلِمَ مَا لَوْ شَكَّ هَلْ دَخَلُوا قَبْلَ التَّحْرِيفِ، أَوْ بَعْدَهُ، أَوْ قَبْلَ النَّسْخِ، أَوْ بَعْدَهُ، فَلَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمْ وَلَا ذَبَائِحُهُمْ أَخْذًا بِالْأَحْوَطِ، وَيَقْبَلُ ذَلِكَ الَّذِي ذَكَرَهُ وَذَكَرْنَاهُ مَا لَوْ دَخَلُوا بَعْدَ التَّحْرِيفِ وَلَمْ يَجْتَنِبُوا وَلَوْ احْتِمَالًا، أَوْ بَعْدَ النَّسْخِ كَمَنْ تَهَوَّدَ، أَوْ تَنَصَّرَ بَعْدَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَوْ تَهَوَّدَ بَعْدَ بَعْثَةِ عِيسَى بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهَا نَاسِخَةٌ لِشَرِيعَةِ مُوسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقِيلَ إنَّهَا مُخَصِّصَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ} [آل عمران: 50] وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ لِاحْتِمَالِهِ النَّسْخَ أَيْضًا إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي نَسْخِ الشَّرِيعَةِ لِمَا قَبْلَهَا رَفْعُ جَمِيعِ أَحْكَامِهَا بِهَا، وَقَوْلُ السُّبْكِيّ: يَنْبَغِي الْحِلُّ مِمَّنْ عَلِمَ دُخُولَ أَوَّلِ أُصُولِهِمْ وَشَكَّ هَلْ هُوَ قَبْلَ نَسْخٍ أَوْ تَحْرِيفٍ، أَوْ بَعْدَهُمَا قَالَ، وَإِلَّا فَمَا مِنْ كِتَابِيٍّ الْيَوْمَ لَا يُعْلَمُ أَنَّهُ إسْرَائِيلِيٌّ إلَّا وَيُحْتَمَلُ فِيهِ ذَلِكَ فَيُؤَدِّي إلَى عَدَمِ حِلِّ ذَبَائِحِ أَحَدٍ مِنْهُمْ الْيَوْمَ وَلَا مُنَاكَحَتِهِمْ، بَلْ وَلَا فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ كَبَنِي قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ وَقَيْنُقَاعَ، وَطُلِبَ مِنِّي بِالشَّامِ مَنْعُهُمْ مِنْ الذَّبَائِحِ فَأَبَيْت لِأَنَّ يَدَهُمْ عَلَى ذَبِيحَتِهِمْ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ، وَمَنَعَهُمْ قَبْلِي مُحْتَسِبٌ لِفَتْوَى بَعْضِهِمْ وَلَا بَأْسَ بِالْمَنْعِ، وَأَمَّا الْفَتْوَى بِهِ فَجَهْلٌ وَاشْتِبَاهٌ عَلَى مَنْ أَفْتَى بِهِ اهـ مُلَخَّصًا ضَعِيفٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فَشَرَفُهَا دُونَ شَرَفِ مَا أُوحِيَ لَفْظُهُ وَمَعَانِيهِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ فِيهَا) أَيْ بِأَنَّ الْكِتَابِيَّةَ (قَوْلُهُ: وَمَعْنَى إسْرَا) أَيْ بِالْعَرَبِيَّةِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ عَرَفَ أَنَّهَا إلَخْ) أَيْ إمَّا بِالتَّوَاتُرِ أَوْ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ أَسْلَمَا، وَلَا يَكْفِي قَوْلُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إنَّهَا إسْرَائِيلِيَّةٌ قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ: فَالْأَظْهَرُ حِلُّهَا لِلْمُسْلِمِ) قَضِيَّةُ اقْتِصَارِهِ هُنَا عَلَى الْمُسْلِمِ وَالْكِتَابِيِّ وَذِكْرِهِ غَيْرَهُمَا فِيمَنْ تَحِلُّ لَهُ الْكِتَابِيَّةُ فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِحِلِّ نِكَاحِ الْمَجُوسِيِّ وَالْوَثَنِيِّ وَنَحْوِهِمَا لِلْكِتَابِيَّةِ اعْتِبَارُ الشُّرُوطِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ: إنْ عُلِمَ بِالتَّوَاتُرِ) أَيْ وَلَوْ مِنْ كُفَّارٍ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا قُبِلَ ذَلِكَ) أَيْ دَعْوَى الْكَافِرِ أَنَّ أَوَّلَ آبَائِهِ دَخَلَ قَبْلَ النَّسْخِ (قَوْلُهُ: فَالْحِلُّ لِفَضِيلَةِ الدِّينِ) أَيْ حِلُّ نِكَاحِهَا (قَوْلُهُ: الَّذِي ذَكَرَهُ) أَيْ الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ قَبْلَ نَسْخِهِ، وَقَوْلُهُ وَذَكَرْنَاهُ: أَيْ فِي قَوْلِهِ، أَوْ قَبْلَ نَسْخِهِ وَبَعْدَ تَحْرِيفِهِ، وَقَوْلُهُ مَا لَوْ دَخَلُوا بَعْدَ التَّحْرِيفِ: أَيْ فَلَا تَحِلُّ (قَوْلُهُ: وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا حَاجَةَ إلَى هَذَا التَّعْمِيمِ هُنَا (قَوْلُهُ: نَقْصُ فَسَادِ الدِّينِ فِي الْأَصْلِ) قَالَ الشِّهَابُ سم يُتَأَمَّلُ. اهـ. أَقُولُ: لَعَلَّ وَجْهَ التَّأَمُّلِ أَنَّهُ كَيْفَ يُقَالُ بِفَسَادِ الدِّينِ فِي الْأَصْلِ فِيمَنْ تَمَسَّكَ بِالزَّبُورِ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ كَانَ هَذَا مُرَادَهُ بِالْأَمْرِ بِالتَّأَمُّلِ فَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الزَّبُورَ وَنَحْوَهُ لَا يَصِحُّ التَّمَسُّكُ بِهِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ حِكَمٌ وَمَوَاعِظُ لَا أَحْكَامٌ وَشَرَائِعُ (قَوْلُهُ: فَالْحِلُّ لِفَضِيلَةِ الدِّينِ وَحْدَهَا) أَيْ فِي غَيْرِ الْإِسْرَائِيلِيَّة الَّتِي الْكَلَامُ فِيهَا، أَمَّا الْإِسْرَائِيلِيَّة فَسَيَأْتِي أَنَّ النَّظَرَ لِنَسَبِهَا (قَوْلُهُ: وَقِيلَ إنَّهَا مُخَصِّصَةٌ) يَعْنِي نَاسِخَةٌ لِلْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ لَا لِلْجَمِيعِ الَّذِي هُوَ مُرَادُ الْأَصَحِّ كَمَا لَا يَخْفَى لِاسْتِحَالَةِ إرَادَةِ التَّخْصِيصِ هُنَا حَقِيقَةً الَّذِي هُوَ قَصْرُ الْعَامِّ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ، فَتَعَيَّنَ مَا ذَكَرْته مِنْ إرَادَةِ النَّسْخِ بِهِ الَّذِي هُوَ رَفْعُ

مَرْدُودٌ، أَمَّا الْإِسْرَائِيلِيَّة يَقِينًا بِالتَّوَاتُرِ، أَوْ بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ لَا الْمُتَعَاقِدَيْنِ كَمَا مَرَّ فَتَحِلُّ مُطْلَقًا لِشَرَفِ نَسَبِهَا مَا لَمْ يُتَيَقَّنْ دُخُولُ أَوَّلِ آبَائِهَا فِي ذَلِكَ الدِّينِ بَعْدَ بَعْثَةٍ تَنْسَخُهُ لِسُقُوطِ فَضِيلَتِهِ بِنَسْخِهِ، وَهِيَ بَعْثَةُ عِيسَى أَوْ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا بَعْثَةُ مَنْ بَيْنَ مُوسَى وَعِيسَى لِأَنَّهُمْ كُلُّهُمْ أُرْسِلُوا بِالتَّوْرَاةِ وَالزَّبُورِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ حِكَمٌ وَمَوَاعِظُ، وَلَا يُؤَثِّرُ تَمَسُّكُهُمْ هُنَا بِالْمُحَرَّفِ قَبْلَ النَّسْخِ لِمَا ذُكِرَ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ: أَمَّا بَعْدَ النَّسْخِ بِبَعْثَةِ نَبِيِّنَا عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ فَلَا تُفَارِقُ فِيهِ الْإِسْرَائِيلِيَّة غَيْرَهَا يُفْهَمُ أَنَّ الْإِسْرَائِيلِيَّة لَوْ تَهَوَّدَ أَوَّلُ آبَائِهَا بَعْدَ بَعْثَةِ عِيسَى تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَالْمُرَادُ بِأَوَّلِ آبَائِهَا أَوَّلُ جَدٍّ يُمْكِنُ انْتِسَابُهَا لَهُ وَلَا نَظَرَ لِمَنْ بَعْدَهُ، وَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي مِنْ حُرْمَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ بَيْنَ مَنْ تَحِلُّ وَبَيْنَ مَنْ لَا تَحِلُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِمْ هُنَا فِي الْإِسْرَائِيلِيَّة وَغَيْرِهَا أَوَّلُ آبَائِهَا: أَيْ أَوَّلُ الْمُنْتَقِلِينَ مِنْهُمْ، وَأَنَّهُ يَكْفِي فِي تَحْرِيمِهَا دُخُولُ وَاحِدٍ مِنْ آبَائِهَا بَعْدَ النَّسْخِ وَالتَّحْرِيفِ عَلَى مَا مَرَّ وَإِنْ لَمْ يَنْتَقِلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ لَا أَنَّهَا حِينَئِذٍ صَارَتْ مُتَوَلِّدَةً بَيْنَ مَنْ تَحِلُّ وَتَحْرُمُ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَكْفِي هُنَا بَعْضُ آبَائِهَا مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ نَظِيرُ مَا يَأْتِي ثَمَّ. (وَالْكِتَابِيَّةُ الْمَنْكُوحَةُ) الْإِسْرَائِيلِيَّة وَغَيْرُهَا (كَمُسْلِمَةٍ) مَنْكُوحَةٍ (فِي نَفَقَةٍ) وَكِسْوَةٍ وَسَكَنٍ (وَقَسْمٍ وَطَلَاقٍ) وَغَيْرِهَا مَا عَدَا نَحْوَ التَّوَارُثِ وَالْحَدَّ بِقَذْفِهَا لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الزَّوْجِيَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِذَلِكَ (وَتُجْبَرُ) كَحَلِيلَةٍ مُسْلِمَةٍ أَيْ لَهُ إجْبَارُهَا (عَلَى غُسْلِ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ) عَقِبَ الِانْقِطَاعِ لِتَوَقُّفِ الْحِلِّ لِلْوَطْءِ عَلَيْهِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْحَنَفِيَّ لَا يُجْبِرُهَا لَكِنْ الْأَوْجَهُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ احْتِيَاطٌ عِنْدَهُ فَغَايَتُهُ أَنَّهُ كَالْجَنَابَةِ فَإِنْ أَبَتْ غَسَّلَهَا، وَيُشْتَرَطُ نِيَّتُهَا إذَا اغْتَسَلَتْ اخْتِيَارًا كَمُغَسِّلِ الْمَجْنُونَةِ وَالْمُمْتَنِعَةِ اسْتِبَاحَةَ التَّمَتُّعِ وَإِنْ خَالَفَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي مَوْضِعٍ فَجَزَمَ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْأُولَى لِلضَّرُورَةِ كَمَا مَرَّ مَبْسُوطًا فِي الطَّهَارَةِ بِقَوْلِ الشَّيْخِ وَيُغْتَفَرُ عَدَمُ النِّيَّةِ لِلضَّرُورَةِ كَمَا فِي الْمُسْلِمَةِ الْمَجْنُونَةِ مَحْمُولٌ عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ مِنْهَا فَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ (وَكَذَا جَنَابَةٌ) أَيْ غُسْلُهَا وَلَوْ فَوْرًا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُكَلَّفَةً (وَتَرْكُ أَكْلِ خِنْزِيرٍ) وَشُرْبِ مَا لَا يُسْكِرُ وَإِنْ اعْتَقَدَتْ حِلَّهُ وَنَحْوُ بَصَلٍ نِيءٍ وَإِزَالَةِ وَسَخٍ وَشَعْرٍ وَلَوْ بِنَحْوِ إبْطٍ وَظُفُرٍ وَكُلِّ مُنَفِّرٍ عَنْ كَمَالِ التَّمَتُّعِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِمَا فِي مُخَالَفَةِ كُلِّ مَا ذُكِرَ مِنْ الِاسْتِقْذَارِ. وَالثَّانِي لَا إجْبَارَ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الِاسْتِمْتَاعَ وَاسْتِثْنَاءُ بَعْضِهِمْ بَحْثًا مَمْسُوحًا ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلأُحِلَّ لَكُمْ} [آل عمران: 50] (قَوْلُهُ: وَلَا يُؤَثِّرُ تَمَسُّكُهُمْ هُنَا) أَيْ فِي قَوْلِهِ أَمَّا الْإِسْرَائِيلِيَّة يَقِينًا (قَوْلُهُ وَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي مِنْ حُرْمَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ إلَخْ) وَفِي نُسَخٍ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَا نَظَرَ لِمَنْ بَعْدَهُ: وَظَاهِرُ أَنَّهُ يَكْفِي إلَخْ وَهِيَ الْأُولَى. (قَوْلُهُ: لِاشْتِرَاكِهِمَا) أَيْ الْكِتَابِيَّةِ وَالْمُسْلِمَةِ (قَوْلُهُ: فَجَزَمَ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْأُولَى) أَيْ الْكِتَابِيَّةِ (قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ) أَيْ الِاخْتِيَارِ إنْ أَكْرَهَهَا عَلَى الْغُسْلِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ حَجّ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِي مُكْرَهَةٍ عَلَى نَفْسِهَا لِلضَّرُورَةِ مَعَ عَدَمِ مُبَاشَرَتِهَا لِلْغُسْلِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ أَنَّهَا إذَا اغْتَسَلَتْ مُخْتَارَةً لَا بُدَّ مِنْ نِيَّتِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ بِخِطَابٍ إذْ هُوَ الْمُتَحَقِّقُ هُنَا كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَوَجَّهُ قَوْلُ الشَّارِحِ تَبَعًا لِلشِّهَابِ حَجّ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوَّلُ الْمُنْتَقِلِينَ مِنْهُمْ) قَالَ الشِّهَابُ سم: أَيْ فَاعْتِبَارُ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ تَبَعِيَّةُ أَبْنَائِهِ لَهُ وَلِلِاحْتِرَازِ عَنْ دُخُولِ مَا عَدَا الْأَوَّلَ مَثَلًا قَبْلَ النَّسْخِ وَالتَّحْرِيفِ فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ فَيَكُونُ الْحَاصِلُ أَنَّ شَرْطَ الْحِلِّ دُخُولُ الْأَوَّلِ بِشَرْطِهِ يَقِينًا مُطْلَقًا أَوْ احْتِمَالًا فِي الْإِسْرَائِيلِيَّة وَتَبَعِيَّةً مَنْ بَيْنَهُمَا أَيْ الْمَنْكُوحَةِ وَبَيَّنَهُ أَيْ أَبِي الْمَنْكُوحَةِ الْمَذْكُورِ لَهُ أَوْ جُهِلَ الْحَالُ فِيهِ وَلَوْ فِي غَيْرِ الْإِسْرَائِيلِيَّة. فَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّرْطَ عَدَمُ عِلْمِ عَدَمِ التَّبَعِيَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَنْتَقِلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ) أَيْ غَيْرُهُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: اخْتِيَارًا) كَذَا فِي النُّسَخِ بِالْخَاءِ، وَفِي نُسْخَةٍ إجْبَارًا بِالْجِيمِ وَهِيَ الْأَصْوَبُ، وَعَلَيْهَا يَدُلُّ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَيُغْتَفَرُ إلَخْ كَمَا لَا يَخْفَى، وَمِنْهَا يُعْلَمُ وُجُوبُ النِّيَّةِ عَلَى مَنْ اغْتَسَلَتْ اخْتِيَارًا بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ فَوْرًا) هُوَ غَايَةٌ فِي الْإِجْبَارِ وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ فِيهِ. وَالثَّانِي أَنَّهُ

وَرَتْقَاءَ وَمُتَحَيِّرَةً وَمَنْ بِعِدَّةِ شُبْهَةٍ، أَوْ إحْرَامٍ فَلَا يُجْبِرُهَا عَلَى نَحْوِ الْغُسْلِ إذْ لَا تَمَتُّعَ فِيهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَالْوَجْهُ الْأَخْذُ بِعُمُومِ كَلَامِهِمْ إذْ دَوَامُ الْجَنَابَةِ تُورِثُ قَذَرًا فِي الْبَدَنِ فَيُشَوِّشُ عَلَيْهِ التَّمَتُّعَ وَلَوْ بِالنَّظَرِ (وَتُجْبَرُ هِيَ وَمُسْلِمَةٌ عَلَى غَسْلِ مَا نَجُسَ مِنْ أَعْضَائِهَا) ، أَوْ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهَا وَلَوْ بِمَعْفُوٍّ عَنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ لِتَوَقُّفِ كَمَالِ التَّمَتُّعِ عَلَى ذَلِكَ وَغَسْلُ نَجَاسَةٍ مَلْبُوسٍ ظَهَرَ رِيحُهَا أَوْ لَوْنُهَا وَعَلَى عَدَمِ لُبْسِ نَجِسٍ، أَوْ ذِي رِيحٍ كَرِيهٍ وَخُرُوجٌ وَلَوْ لِمَسْجِدٍ أَوْ كَنِيسَةٍ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الِاسْتِمْتَاعُ بِعَفْوٍ مُتَنَجِّسٍ إذَا تَوَلَّدَ مِنْهُ تَنْجِيسُهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَفِي قَدْرِ مَا يُجْبِرُهَا عَلَى الْغُسْلِ مِنْ نَحْوِ أَكْلِ خِنْزِيرٍ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا سَبْعًا كَوُلُوغِهِ وَكَالزَّوْجِ فِيمَا ذُكِرَ السَّيِّدُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى، وَلَيْسَ لَهُ إجْبَارُ أَمَتِهِ الْمَجُوسِيَّةِ، أَوْ الْوَثَنِيَّةِ عَلَى الْإِسْلَامِ لِأَنَّ الرِّقَّ أَفَادَهَا الْأَمَانَ مِنْ الْقَتْلِ. (وَتَحْرُمُ) (مُتَوَلِّدَةٌ مِنْ وَثَنِيٍّ) أَوْ مَجُوسِيٍّ (وَكِتَابِيَّةٌ) جَزْمًا لِأَنَّ الِانْتِسَابَ إلَى الْأَبِ وَهُوَ لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ (وَكَذَا عَكْسُهُ) فَتَحْرُمُ مُتَوَلِّدَةٌ مِنْ كِتَابِيٍّ وَنَحْوِ وَثَنِيَّةٍ (فِي الْأَظْهَرِ) تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ. وَالثَّانِي تَحِلُّ لِأَنَّهَا تُنْسَبُ لِلْأَبِ وَمَحَلُّ مَا ذَكَرْنَا مَا لَمْ تَبْلُغْ وَتَخْتَارْ دِينَ الْكِتَابِيِّ مِنْهُمَا كَمَا حَكَيَاهُ عَنْ النَّصِّ وَأَقَرَّاهُ لِأَنَّ فِيهَا شُعْبَةً مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، غَيْرَ أَنَّا غَلَّبْنَا التَّحْرِيمَ مَا دَامَتْ تَابِعَةً لِأَحَدِ أَبَوَيْهَا، فَإِذَا بَلَغَتْ وَاسْتَقَلَّتْ، أَوْ اخْتَارَتْ دِينَ الْكِتَابِيِّ قَوِيَتْ تِلْكَ الشُّعْبَةُ، لَكِنْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِتَحْرِيمِهَا وَهُوَ أَوْجَهُ (وَإِنْ خَالَفَتْ السَّامِرَةُ الْيَهُودَ) وَهُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَصْلُهُمْ السَّامِرِيُّ عَابِدُ الْعِجْلِ (وَالصَّابِئُونَ) مِنْ صَبَأَ إذَا رَجَعَ (النَّصَارَى) وَهُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ (فِي أَصْلِ دِينِهِمْ) وَلَوْ احْتِمَالًا كَأَنْ نَفَوْا الصَّانِعَ أَوْ عَبَدُوا كَوْكَبًا (حَرُمْنَ) كَالْمُرْتَدِّينَ لِخُرُوجِهِمْ عَنْ مِلَّتِهِمْ إلَى نَحْوِ رَأْيِ الْقُدَمَاءِ الْآتِي (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُخَالِفُوهُمْ فِي ذَلِكَ بِأَنْ وَافَقُوهُمْ فِيهِ يَقِينًا، أَوْ إنَّمَا خَالَفُوهُمْ فِي الْفُرُوعِ (فَلَا) يَحْرُمْنَ إنْ وُجِدَتْ فِيهِمْ الشُّرُوطُ السَّابِقَةُ مَا لَمْ تُكَفِّرْهُمْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى كَمُبْتَدِعَةِ مِلَّتِنَا، وَقَدْ تُطْلَقُ الصَّابِئَةُ أَيْضًا عَلَى قَوْمٍ أَقْدَمَ مِنْ النَّصَارَى كَانُوا فِي زَمَنِ إبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْسُوبُونَ لِصَابِئٍ عَمِّ نُوحٍ يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ السَّبْعَةَ وَيُضِيفُونَ الْآثَارَ إلَيْهَا وَيَزْعُمُونَ أَنَّ الْفَلَكَ حَيٌّ نَاطِقٌ وَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ إذْ لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمْ وَلَا ذَبَائِحُهُمْ مُطْلَقًا وَلَا يُقِرُّونَ بِجِزْيَةٍ وَمِنْ ثَمَّ أَفْتَى الْإِصْطَخْرِيُّ وَالْمَحَامِلِيُّ الْقَاهِرُ بِقَتْلِهِمْ لَمَّا اسْتَفْتَى الْفُقَهَاءَ فِيهِمْ فَبَذَلُوا لَهُ مَالًا كَثِيرًا فَتَرَكَهُمْ. (وَلَوْ) (تَهَوَّدَ نَصْرَانِيٌّ، أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ تَنَصَّرَ يَهُودِيٌّ فِي دَارِ الْحَرْبِ، أَوْ دَارِنَا كَمَا يُصَرِّحُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَلَا يُجْبِرُهَا عَلَى نَحْوِ الْغُسْلِ إلَخْ) سُئِلَ الْعَلَّامَةُ حَجّ عَمَّا إذَا امْتَنَعَتْ الزَّوْجَةُ مِنْ تَمْكِينِ الزَّوْجِ لِتَشَعُّثِهِ وَكَثْرَةِ أَوْسَاخِهِ، هَلْ تَكُونُ نَاشِزَةً أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ لَا تَكُونُ نَاشِزَةً بِذَلِكَ، وَمِثْلُهُ كُلُّ مَا تُجْبَرُ الْمَرْأَةُ عَلَيْهِ يُجْبَرُ هُوَ عَلَى إزَالَتِهِ أَخْذًا مِمَّا فِي الْبَيَانِ أَنَّ كُلَّ مَا يَتَأَذَّى بِهِ الْإِنْسَانُ تَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ إزَالَتُهُ اهـ: أَيْ حَيْثُ تَأَذَّتْ بِذَلِكَ تَأَذِّيًا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ مِنْ جِيرَانِ الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ، أَوْ مِمَّنْ هُوَ مُعَاشِرٌ لَهُ. وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا ظَهَرَ بِبَدَنِهِ الْمُبَارَكُ الْمَعْرُوفُ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا أَخْبَرَ طَبِيبَانِ أَنَّهُ مِمَّا يُعْدِي، أَوْ لَمْ يُخْبِرَا بِذَلِكَ لَكِنْ تَأَذَّتْ بِهِ تَأَذِّيًا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً بِمُلَازَمَتِهِ مَعَ ذَلِكَ عَدَمَ تَعَاطِي مَا يُنَظِّفُ بِهِ بَدَنَهُ فَلَا تَصِيرُ نَاشِزَةً بِامْتِنَاعِهَا وَإِنْ لَمْ يُخْبِرْ الطَّبِيبَانِ الْمَذْكُورَانِ بِمَا ذُكِرَ وَكَانَ مُلَازِمًا عَلَى النَّظَافَةِ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ بِبَدَنِهِ مِنْ الْعُفُونَاتِ مَا تَتَأَذَّى بِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِمُجَرَّدِ نُفْرَتِهَا وَجَبَ عَلَيْهَا تَمْكِينُهُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ الْقُرُوحُ السَّيَّالَةُ وَنَحْوُهَا مِنْ كُلِّ مَا لَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ وَلَا يُعْمَلُ بِقَوْلِهَا فِي ذَلِكَ بَلْ بِشَهَادَةِ مَنْ يُعْرَفُ حَالُهُ لِكَثْرَةِ عِشْرَتِهِ لَهُ (قَوْلُهُ: فَيُشَوِّشُ عَلَيْهِ التَّمَتُّعَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ التَّمَتُّعُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَزَوَالِ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِمَعْفُوٍّ عَنْهُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لِلنَّجَاسَةِ أَثَرٌ مِنْ لَوْنٍ، أَوْ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ وَتَخْتَارُ دِينَ الْكِتَابِيِّ) عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ مَا لَمْ تَبْلُغْ (قَوْلُهُ لَمَّا اسْتَفْتَى الْفُقَهَاءَ فِيهِمْ) أَيْ وَفِيمَنْ وَافَقَهُمْ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يُجْبِرُهَا إلَّا إذَا طَالَ زَمَنُ الْجَنَابَةِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تُكَفِّرْهُمْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى) أَيْ عَلَى التَّوْزِيعِ

بِهِ كَلَامُهُمْ (لَمْ يُقَرَّ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِبُطْلَانِ مَا انْتَقَلَ عَنْهُ وَكَانَ مُقِرًّا بِبُطْلَانِ مَا انْتَقَلَ إلَيْهِ فَلَمْ يُقَرَّ كَمُسْلِمٍ ارْتَدَّ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ انْتَقَلَ عَقِبَ بُلُوغِهِ إلَى مَا يُقَرُّ عَلَيْهِ يُقَرُّ، وَلَيْسَ مُرَادًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّا لَا نَعْتَبِرُ اعْتِقَادَهُ بَلْ الْوَاقِعَ وَهُوَ الِانْتِقَالُ إلَى الْبَاطِلِ، وَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ إنَّمَا هُوَ لِلْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ. وَالثَّانِي يُقَرُّ لِتُسَاوِيهِمَا فِي التَّقْرِيرِ بِالْجِزْيَةِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا خَالَفَ الْحَقَّ وَلَيْسَ كَالْمُسْلِمِ يَرْتَدُّ لِأَنَّهُ تَرَكَ الدِّينَ الْحَقَّ (فَإِنْ كَانَتْ) الْمُنْتَقِلَةُ (امْرَأَةً) نَصْرَانِيَّةً تَهَوَّدَتْ، أَوْ عَكْسَهُ (لَمْ تَحِلَّ لِمُسْلِمٍ) لِأَنَّهَا لَمْ تُقَرَّ كَالْمُرْتَدَّةِ (وَإِنْ كَانَتْ) الْمُنْتَقِلَةُ (مَنْكُوحَتَهُ) أَيْ الْمُسْلِمِ وَمِثْلُهُ كَافِرٌ لَا يَرَى حِلَّ الْمُنْتَقِلَةِ (فَكَرَدَّةِ مُسْلِمَةٍ) فَتَتَنَجَّزُ الْفُرْقَةُ قَبْلَ الْوَطْءِ وَكَذَا بَعْدَهُ إنْ لَمْ تُسْلِمْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ) إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَمَانٌ فَنَقْتُلُهُ إنْ ظَفِرْنَا بِهِ وَإِلَّا بَلَّغْنَاهُ مَأْمَنَهُ وَفَاءً بِأَمَانِهِ (وَفِي قَوْلٍ) لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ (أَوْ دِينُهُ الْأَوَّلُ) لِأَنَّهُ كَانَ مُقَرًّا عَلَيْهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُطْلَبُ مِنْهُ أَحَدُهُمَا إذْ طَلَبُ الْكُفْرِ كُفْرٌ بَلْ أَنْ يُطَالَبَ بِالْإِسْلَامِ عَيْنًا فَإِنْ أَبَى وَرَجَعَ لِدِينِهِ الْأَوَّلِ لَمْ يُتَعَرَّضْ لَهُ، وَقِيلَ الْمُرَادُ ذَلِكَ وَلَيْسَ فِيهِ طَلَبٌ لِلْكُفْرِ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ كَمَا يُطَالَبُ بِالْإِسْلَامِ، أَوْ الْجِزْيَةِ، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ وَيُظْهِرُ أَنَّ عَدَمَ قَبُولِ غَيْرِ الْإِسْلَامِ فِيمَا بَعْدَ عَقْدِ الْجِزْيَةِ: أَيْ قَبْلَ الِانْتِقَالِ، أَمَّا لَوْ تَهَوَّدَ نَصْرَانِيٌّ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ جَاءَنَا قَبْلَ الْجِزْيَةِ فَإِنَّهُ يُقَرُّ لِمَصْلَحَةٍ قَبُولُهَا مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ. (وَلَوْ) (تَوَثَّنَ) كِتَابِيٌّ (لَمْ يُقَرَّ) لِمَا مَرَّ (وَفِيمَا يُقْبَلُ) مِنْهُ (الْقَوْلَانِ) أَظْهَرُهُمَا تَعَيُّنُ الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَبَى فَكَمَا مَرَّ (وَلَوْ تَهَوَّدَ وَثَنِيٌّ أَوْ تَنَصَّرَ لَمْ يُقَرَّ) لِذَلِكَ (وَيَتَعَيَّنُ الْإِسْلَامُ) فِي حَقِّهِ (كَمُسْلِمٍ ارْتَدَّ) وَلَمْ يَجُزْ هُنَا الْقَوْلَانِ لِأَنَّ الْمُنْتَقَلَ عَنْهُ أَدْوَنَ، فَإِنْ أَبَى فَكَمَا مَرَّ أَيْضًا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَشَمَلَهُ كَلَامُ ابْنِ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ. (وَلَا تَحِلُّ مُرْتَدَّةٌ لِأَحَدٍ) مُسْلِمٍ لِإِهْدَارِهَا وَكَافِرٍ لِعُلْقَةِ الْإِسْلَامِ وَمُرْتَدٍّ لِإِهْدَارِهِ أَيْضًا (وَلَوْ) (ارْتَدَّ الزَّوْجَانِ) مَعًا (أَوْ أَحَدُهُمَا) (قَبْلَ دُخُولٍ) أَيْ وَطْءٍ، أَوْ وُصُولِ مَنِيٍّ مُحْتَرَمٍ لِفَرْجِهَا (تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ) بَيْنَهُمَا لِأَنَّ النِّكَاحَ لَمْ يَتَأَكَّدْ (أَوْ) ارْتَدَّ أَوْ أَحَدُهُمَا (بَعْدَهُ وَقَفَتْ) الْفُرْقَةُ كَطَلَاقٍ وَظِهَارٍ وَإِيلَاءٍ (فَإِنْ جَمَعَهُمَا الْإِسْلَامُ فِي الْعِدَّةِ دَامَ النِّكَاحُ) بَيْنَهُمَا لِتَأَكُّدِهِ (وَإِلَّا فَالْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا) حَاصِلَةٌ (مِنْ) حِينِ (الرِّدَّةِ) مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَا يَنْفُذُ مَا ذُكِرَ (وَيَحْرُمُ الْوَطْءُ فِي) مُدَّةِ (التَّوَقُّفِ) لِتَزَلْزُلِ النِّكَاحِ بِإِشْرَافِهِ عَلَى الزَّوَالِ (وَلَا حَدَّ) فِيهِ لِشُبْهَةِ بَقَاءِ النِّكَاحِ وَمِنْ ثَمَّ وَجَبَتْ لَهُ عِدَّةٌ. نَعَمْ يُعَزَّرُ وَلَيْسَ لَهُ فِي زَمَنِ التَّوَقُّفِ نِكَاحُ نَحْوِ أُخْتِهَا، وَفِي الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحِ قُبَيْلَ الصَّدَاقِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ تَحْتَهُ مُسْلِمَةٌ وَكَافِرَةٌ وَغَيْرُ مَدْخُولٍ بِهِمَا فَقَالَ لِلْمُسْلِمَةِ ارْتَدَّتْ وَلِلذِّمِّيَّةِ أَسْلَمَتْ فَأَنْكَرَتَا ارْتَفَعَ نِكَاحُهُمَا بِزَعْمِهِ إذْ إنْكَارُ الذِّمِّيَّةِ الْإِسْلَامَ فِي حُكْمِ الرِّدَّةِ عَلَى زَعْمِهِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ وُقِفَ النِّكَاحُ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSصَابِئَةِ النَّصَارَى اهـ مَنْهَجٌ. (قَوْلُهُ وَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِبُطْلَانِ مَا انْتَقَلَ عَنْهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَنَقْتُلُهُ إنْ ظَفِرْنَا بِهِ) أَيْ يَجُوزُ لِمَا قَبْلَهُ وَضَرْبُ الرِّقِّ عَلَيْهِ وَأَسْرُهُ وَالْمَنُّ عَلَيْهِ اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ. وَهَذَا فِي الذَّكَرِ، وَقِيَاسُهُ فِي الْمَرْأَةِ أَنَّهَا لَا تُقْتَلُ وَلَكِنَّهَا تُرَقُّ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا كَسَائِرِ الْحَرْبِيَّاتِ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ قَبْلُ لِأَنَّهَا لَمْ تُقِرَّ كَالْمُرْتَدَّةِ لِجَوَازِ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهَا لَا تُقِرُّ بِالْجِزْيَةِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ جَمَعَهُمَا الْإِسْلَامُ) أَيْ بِأَنْ اتَّفَقَ عَدَمُ قَتْلِهِمَا حَتَّى أَسْلَمَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنَّهُ يُؤَخِّرُ قَتْلَهُمَا لِيَنْظُرَ هَلْ يَعُودُ إلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، أَوْ لَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنْ أَبَى فَكَمَا مَرَّ أَيْضًا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ) عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَمُسْلِمٍ ارْتَدَّ نَصُّهَا هَذَا الْكَلَامُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إنْ لَمْ يُسْلِمْ قَتَلْنَاهُ كَالْمُرْتَدِّ، وَالْوَجْهُ أَنْ يَكُونَ حَالُهُ كَمَا قَبْلَ الِانْتِقَالِ حَتَّى لَوْ كَانَ لَهُ أَمَانٌ لَمْ يَتَغَيَّرْ حُكْمُهُ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ حَرْبِيًّا لَا أَمَانَ لَهُ قُتِلَ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ وَهَذَا وَاضِحٌ. اهـ.

[باب نكاح المشرك]

وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ يَا كَافِرَةُ مَرِيدًا حَقِيقَةَ الْكُفْرِ جَرَى فِيهِ مَا تَقَرَّرَ فِي الرِّدَّةِ، أَوْ الشَّتْمَ فَلَا، وَكَذَا لَوْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا عَمَلًا بِأَصْلِ بَقَاءِ الْعِصْمَةِ وَجَرَيَانِ ذَلِكَ لِلشَّتْمِ كَثِيرًا مُرَادًا بِهِ كُفْرَانُ نِعْمَةِ الزَّوْجِ. . (بَابٌ نِكَاحُ الْمُشْرِكِ) هُوَ هُنَا الْكَافِرُ عَلَى أَيِّ مِلَّةٍ كَانَ، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى مُقَابِلِ الْكِتَابِيِّ كَمَا فِي أَوَّلِ سُورَةِ لَمْ يَكُنْ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ مَعَهُ كَالْفَقِيرِ مَعَ الْمِسْكَيْنِ (لَوْ) (أَسْلَمَ كِتَابِيٌّ، أَوْ غَيْرُهُ) كَمَجُوسِيٍّ، أَوْ وَثَنِيٍّ (وَتَحْتَهُ حُرَّةٌ كِتَابِيَّةٌ) يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا ابْتِدَاءً، أَوْ أَمَةً وَعَتَقَتْ فِي الْعِدَّةِ، أَوْ أَسْلَمَتْ فِيهَا وَهُوَ مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (دَامَ نِكَاحُهُ) بِالْإِجْمَاعِ (أَوْ) أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ كِتَابِيَّةٌ لَا تَحِلُّ، أَوْ (وَثَنِيَّةٌ، أَوْ مَجُوسِيَّةٌ) مَثَلًا (فَتَخَلَّفَتْ) عَنْهُ بِأَنْ لَمْ تُسْلِمْ مَعَهُ (قَبْلَ الدُّخُولِ) أَوْ اسْتِدْخَالِ مَاءٍ مُحْتَرَمٍ (تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ) بَيْنَهُمَا لِمَا مَرَّ فِي الرِّدَّةِ (أَوْ) تَخَلَّفَتْ (بَعْدَهُ) أَيْ الدُّخُولِ، أَوْ نَحْوِهِ (وَأَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ دَامَ نِكَاحُهُ) إجْمَاعًا إلَّا مَا شَذَّ بِهِ النَّخَعِيّ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَصَرَّتْ إلَى انْقِضَائِهَا وَإِنْ قَارَنَهُ إسْلَامُهَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ تَغْلِيبًا لِلْمَانِعِ (فَالْفُرْقَةُ) بَيْنَهُمَا حَاصِلَةٌ (مِنْ) حِينِ (إسْلَامِهِ) إجْمَاعًا (وَلَوْ) (أَسْلَمَتْ) زَوْجَةٌ كَافِرَةٌ (وَأَصَرَّ) زَوْجُهَا عَلَى كُفْرِهِ كِتَابِيًّا كَانَ، أَوْ غَيْرَهُ (فَكَعَكْسِهِ) الْمَذْكُورِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ نَحْوِ وَطْءٍ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ أَوْ بَعْدَهُ وَأَسْلَمَ فِي الْعَادَةِ دَامَ نِكَاحُهُ، وَإِلَّا فَالْفُرْقَةُ مِنْ حِينِ إسْلَامِهَا وَهِيَ فِيهِمَا فُرْقَةٌ فَسْخٍ لِإِطْلَاقٍ لِأَنَّهَا بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِمَا (وَلَوْ) (أَسْلَمَا مَعًا) قَبْلَ وَطْءٍ، أَوْ بَعْدَهُ (دَامَ النِّكَاحُ) بَيْنَهُمَا إجْمَاعًا عَلَى أَيِّ كُفْرٍ كَانَ وَلِتُسَاوِيهِمَا فِي الْإِسْلَامِ الْمُنَاسِبِ لِلتَّقْرِيرِ فَارَقَ هَذَا مَا لَوْ ارْتَدَّا مَعًا (وَالْمَعِيَّةُ) فِي الْإِسْلَامِ إنَّمَا تُعْتَبَرُ (بِآخِرِ اللَّفْظِ) الْمُحَصِّلِ لَهُ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِي حُصُولِهِ عَلَيْهِ دُونَ أَوَّلِهِ وَوَسَطِهِ، وَظَاهِرُهُ جَرَيَانُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ، فَلَوْ شَرَعَ فِي كَلِمَةِ الْإِسْلَامِ فَمَاتَ مُورَثُهُ بَعْدَ أَوَّلِهَا وَقَبْلَ تَمَامِهَا لَمْ يَرِثْهُ، وَكَانَ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ يُتَبَيَّنُ بِالرَّاءِ دُخُولُهُ فِيهَا مِنْ حِينِ نُطْقِهِ بِالْهَمْزَةِ أَنْ يُقَالَ بِالتَّبَيُّنِ هُنَا، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ التَّكْبِيرَ ثَمَّ رُكْنٌ وَهُوَ مِنْ الْأَجْزَاءِ فَكَانَ ذَلِكَ التَّبَيُّنُ ضَرُورِيًّا ثَمَّ. وَأَمَّا هُنَا فَكَلِمَةُ الْإِسْلَامِ خَارِجَةٌ عَنْ مَاهِيَّتِه فَلَا حَاجَةَ لِلتَّبَيُّنِ فِيهَا، بَلْ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْمُحَصَّلَ هُنَا تَمَامُهَا لَا مَا قَبْلَهُ مِنْ أَجْزَائِهَا، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ بِهِمَا (قَوْلُهُ: جَرَى فِيهِ مَا تَقَرَّرَ فِي الرِّدَّةِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ إنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ إلَخْ. (بَابٌ نِكَاحُ الْمُشْرِكِ) (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى مُقَابِلِ الْكِتَابِيِّ) أَيْ حَيْثُ عَطَفَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ فِي الرِّدَّةِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِإِهْدَارِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: النَّخَعِيّ) هُوَ بِفَتْحَتَيْنِ نِسْبَةٌ إلَى النَّخَعِ قَبِيلَةٌ مِنْ مُذْحِجَ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَارَنَهُ) أَيْ الِانْقِضَاءُ (قَوْلُهُ: مِنْ حِينِ إسْلَامِهِ) أَيْ فَيَتَزَوَّجُ حَالًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَسْلَمَتْ زَوْجَةٌ كَافِرَةٌ) أَيْ مُطْلَقًا كِتَابِيَّةٌ، أَوْ غَيْرُهَا (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ نَحْوِ وَطْءٍ) أَيْ كَاسْتِدْخَالِ الْمَنِيِّ (قَوْلُهُ: وَهِيَ فِيهِمَا فُرْقَةُ فَسْخٍ) أَيْ فَلَا تَنْقُصُ الْعَدَدَ (قَوْلُهُ: فَمَاتَ مُورَثُهُ) أَيْ الْمُسْلِمِ أَمَّا مُورَثُهُ الْكَافِرُ فَيَرِثُهُ لِأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ إسْلَامِهِ (قَوْلُهُ: خَارِجَةٌ عَنْ مَاهِيَّتِه) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ يَا كَافِرَةُ إلَخْ) هَذَا الْفَرْعُ مِنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَعِبَارَتُهُ: إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ يَا كَافِرَةُ، فَإِنْ أَرَادَ شَتْمَهَا لَمْ تَبِنْ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الشَّتْمِ وَنَوَى فِرَاقَهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا كَافِرَةٌ بَانَتْ مِنْهُ انْتَهَتْ وَنَظَرَ فِيهَا الدَّمِيرِيِّ. [بَاب نِكَاح الْمُشْرِكِ] (بَابُ نِكَاحِ الْمُشْرِكِ) (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ مَعَهُ كَالْفَقِيرِ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ حَيْثُ أُطْلِقَ الْمُشْرِكُ شَمِلَ الْكِتَابِيَّ كَمَا فِي التَّرْجَمَةِ، أَمَّا

الْمَعِيَّةُ بِآخِرِ اللَّفْظِ وَالْإِسْلَامُ بِالتَّبَعِيَّةِ كَهُوَ اسْتِقْلَالًا فِيمَا ذُكِرَ. نَعَمْ لَوْ أَسْلَمَتْ بَالِغَةً عَاقِلَةً مَعَ أَبِي الطِّفْلِ، أَوْ الْمَجْنُونِ قَبْلَ نَحْوِ الْوَطْءِ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مِنْهُمْ الْبَغَوِيّ خِلَافًا لِآخَرِينَ وَوَجْهُهُ الْبُلْقِينِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ بِعَدَمِ مُقَارَنَةِ إسْلَامِهِ لِإِسْلَامِهَا، أَمَّا الْمَعِيَّةُ فَلِأَنَّ إسْلَامَهُ إنَّمَا يَقَعُ عَقِبَ إسْلَامِ أَبِيهِ فَهُوَ عَقِبَ إسْلَامِهَا، وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّ الْعِلَّةَ الشَّرْعِيَّةَ مَعَ مَعْلُولِهَا لِأَنَّ الْحُكْمَ لِلتَّابِعِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْحُكْمِ لِلْمَتْبُوعِ فَلَا يُحْكَمُ لِلْوَلَدِ بِإِسْلَامٍ حَتَّى يَصِيرَ الْأَبُ مُسْلِمًا. وَأَمَّا فِي التَّرْتِيبِ فَلِأَنَّ إسْلَامَهَا قَوْلِيٌّ وَإِسْلَامَهُ حُكْمِيٌّ وَهُوَ أَسْرَعُ فَيَكُونُ إسْلَامُهُ مُتَقَدِّمًا عَلَى إسْلَامِهَا وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي إسْلَامِ أَبِيهَا مَعَهُ (وَحَيْثُ أَدْمَنَا) النِّكَاحَ (لَا يَضُرُّ مُقَارَنَةُ الْعَقْدِ) أَيْ عَقْدِ النِّكَاحِ الْوَاقِعِ فِي الْكُفْرِ (لِمُفْسِدٍ) مِنْ مُفْسِدَاتِ النِّكَاحِ (هُوَ زَائِلٌ عِنْدَ الْإِسْلَامِ) لِأَنَّ الشُّرُوطَ لَمَّا أُلْغِيَ اعْتِبَارُهَا حَالَ نِكَاحِ الْكَافِرِ وَصَارَ رُخْصَةً لِكَوْنِ جَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَسْلَمُوا وَأَقَرَّهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بَلْ وَأَمَرَ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى أُخْتَيْنِ أَنْ يَخْتَارَ إحْدَاهُمَا، وَعَلَى عَشْرٍ أَنْ يَخْتَارَ أَرْبَعًا وَجَبَ اعْتِبَارُهَا حَالَ الْتِزَامِ أَحْكَامِنَا بِالْإِسْلَامِ لِئَلَّا يَخْلُوَ الْعَقْدُ عَنْ شَرْطِهِ فِي الْحَالَيْنِ مَعًا وَيَكْفِي الْحِلُّ فِي بَعْضِ الْمَذَاهِبِ كَمَا ذَكَرَهُ الْجُرْجَانِيُّ، فَإِنْ اعْتَقَدُوا فَسَادَهُ وَانْقِطَاعَهُ فَلَا تَقْرِيرَ بَلْ يَرْتَفِعُ النِّكَاحُ (وَكَانَتْ بِحَيْثُ تَحِلُّ لَهُ الْآنَ وَإِنْ بَقِيَ الْمُفْسِدُ) الْمَذْكُورُ عِنْدَ الْإِسْلَامِ بِحَيْثُ كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ وَقْتَهُ كَنِكَاحٍ مَحْرَمٍ وَمُلَاعَنَةٍ وَمُطَلَّقَةٍ ثَلَاثًا قَبْلَ تَحْلِيلٍ (فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا) لِامْتِنَاعِ ابْتِدَائِهِ حِينَئِذٍ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ (فَيُقَرُّ عَلَى نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ) ، أَوْ مَعَ إكْرَاهٍ، أَوْ نَحْوِهِ لِحِلِّ نِكَاحِهَا الْآنَ فَالضَّابِطُ أَنْ تَكُونَ الْآنَ بِحَيْثُ يَحِلُّ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا مَعَ تَقَدُّمِ مَا تُسَمَّى بِهِ زَوْجَةً عِنْدَهُمْ. (وَفِي عِدَّةٍ) لِلْغَيْرِ سِوَى عِدَّةِ الشُّبْهَةِ وَغَيْرِهَا (هِيَ مُنْقَضِيَةٌ عِنْدَ الْإِسْلَامِ) بِخِلَافِهَا إذَا بَقِيَتْ لِمَا تَقَرَّرَ (وَ) يُقَرُّ عَلَى غَصْبِ حَرْبِيٍّ، أَوْ ذِمِّيٍّ لِحَرْبِيَّةٍ إنْ اعْتَقَدُوهُ نِكَاحًا لَا عَلَى ذِمِّيٍّ ذِمِّيَّةً وَهُمْ يَعْتَقِدُونَ غَصْبَهَا نِكَاحًا فَلَا يُقَرُّونَ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُقَيَّدٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ بِمَا إذَا لَمْ يَتَوَطَّنْ الذِّمِّيُّ دَارَ الْحَرْبِ وَإِلَّا فَهُوَ كَالْحَرْبِيِّ، إذْ لَا يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهُ وَعَلَى نِكَاحٍ (مُؤَقَّتٍ إنْ اعْتَقَدُوهُ مُؤَبَّدًا) إلْغَاءٌ لِذِكْرِ الْمُؤَقَّتِ، بِخِلَافِ مَا إذَا اعْتَقَدُوهُ مُؤَقَّتًا فَإِنَّهُمْ لَا يُقَرُّونَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَسْلَمَا قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ لِأَنَّهُ لَا نِكَاحَ بَعْدَهَا فِي مُعْتَقَدِهِمْ وَقَبْلَهَا يَعْتَقِدُونَهُ مُؤَقَّتًا وَمِثْلُهُ لَا يَحِلُّ ابْتِدَاؤُهُ، وَبِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَالتَّفْصِيلِ فِي شَرْطِ الْخِيَارِ وَفِي النِّكَاحِ فِي الْعِدَّةِ بَيْنَ بَقَاءِ الْمُدَّةِ وَالْعِدَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الْإِسْلَامُ وَهِيَ التَّصْدِيقُ بِالْقَلْبِ (قَوْلُهُ: مَعَ أَبِي الطِّفْلِ) أَيْ، أَوْ عَقِبَ إسْلَامِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَأَمَّا فِي التَّرْتِيبِ إلَخْ وَيُصَرِّحُ بِهَذَا الْمَعْنَى قَوْلُ حَجّ: وَيَبْطُلُ إنْ أَسْلَمَتْ عَقِبَ إسْلَامِ الْأَبِ (قَوْلُهُ: مَعَ مَعْلُولِهَا) أَيْ كَائِنَةٌ مَعَ مَعْلُولِهَا، وَالْمُرَادُ بِهِ دَفْعُ مَا يُقَالُ إسْلَامُ الْأَبِ عِلَّةٌ لِإِسْلَامِ الزَّوْجِ فَيَكُونُ مُقَارِنًا لَهُ لِأَنَّهُ مَعْلُولٌ لِإِسْلَامِ الْأَبِ، وَمِنْ لَازِمِ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ إسْلَامُ الزَّوْجِ مُقَارِنًا لِإِسْلَامِ الْمَرْأَةِ فَيَدُومُ النِّكَاحُ (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي الْحِلُّ) هُوَ مُتَّصِلٌ مَعْنًى بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ هُوَ زَائِلٌ عِنْدَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِامْتِنَاعِ ابْتِدَائِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا يُقِرُّونَ عَلَيْهِ) بَقِيَ الْمُعَاهَدُ وَالْمُؤَمَّنُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا كَالْحَرْبِيِّ لِأَنَّ الْحِرَابَةِ فِيهِمَا مُتَأَصِّلَةٌ وَأَمَانُهُمَا مُعَرَّضٌ لِلزَّوَالِ فَكَانَ لَا أَمَانَ لَهُمَا (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا) أَيْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQشُمُولُ الْكِتَابِيِّ عِنْدَ إطْلَاقِهِ لِغَيْرِ الْكِتَابِيِّ فَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ (قَوْلُهُ: مَعَ أَبِي الطِّفْلِ أَوْ الْمَجْنُونِ) كَأَنَّهُ سَقَطَ مِنْ النُّسَخِ لَفْظُ أَوْ عَقِبَهُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ الْآتِي وَأَمَّا فِي التَّرْتِيبِ إلَخْ وَالْحُكْمُ هَكَذَا مَنْقُولٌ عَنْ الْبَغَوِيّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اعْتَقَدُوا فَسَادَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: نَعَمْ إنْ اعْتَقَدُوا فَسَادَ الْمُفْسِدِ الزَّائِلِ فَلَا تَقْرِيرَ (قَوْلُهُ: وَكَانَتْ بِحَيْثُ تَحِلُّ لَهُ الْآنَ) لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِقَوْلِهِ هُوَ زَائِلٌ عِنْدَ الْإِسْلَامِ كَمَا نَقَلَهُ الشِّهَابُ سم عَنْ شَيْخِهِ الشِّهَابِ الْبُرُلُّسِيِّ لِئَلَّا يَرِدَ مَا لَوْ زَالَ الْمُفْسِدُ الْمُقَارِنُ لِلْعَقْدِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، وَلَكِنْ طَرَأَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ مُؤَبِّدُ التَّحْرِيمِ مِنْ رَضَاعٍ وَنَحْوِهِ فَهَذَا خَارِجٌ بِقَوْلِهِ وَكَانَتْ إلَخْ

فَلَا يُقَرُّونَ وَانْقِضَائِهَا فَيُقَرُّونَ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ بَعْدَهَا هُنَا لَا نِكَاحَ فِي اعْتِقَادِهِمْ بِخِلَافِهِمْ فِي دِينِك وَقَبْلَهَا الْحُكْمُ فِي الْكُلِّ وَاحِدٌ (وَكَذَا) يُقَرُّ (لَوْ قَارَنَ الْإِسْلَامَ) مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا (عِدَّةُ شُبْهَةٍ) كَأَنْ أَسْلَمَ فَوَطِئَتْ بِشُبْهَةٍ ثُمَّ أَسْلَمَتْ، أَوْ عَكْسُهُ، أَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ ثُمَّ أَسْلَمَا فِي عِدَّتِهَا (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ نِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ لِأَنَّ عِدَّةَ الشُّبْهَةِ لَا تَقْطَعُ نِكَاحَ الْمُسْلِمِ فَهُنَا أَوْلَى لِكَوْنِهِ يَحْتَمِلُ فِي أَنْكِحَةِ الْكُفَّارِ مَا لَا يَحْتَمِلُ فِي أَنْكِحَةِ الْمُسْلِمِينَ فَغَلَّبْنَا عَلَيْهِ حُكْمَ الِاسْتِدَامَةِ هُنَا دُونَ نَظَائِرِهِ، وَفِي وَجْهٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَجُوزُ نِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ. أَمَّا الشُّبْهَةُ الْمُقَارِنَةُ لِلْعَقْدِ كَأَنْ نَكَحَ مُعْتَدَّةً عَنْ شُبْهَةٍ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي أَثْنَاءِ عِدَّتِهَا فَلَا يُقَرُّ النِّكَاحُ مَعَهَا لِأَنَّ الْمُفْسِدَ قَائِمٌ عِنْدَ الْإِسْلَامِ وَنَقْلًا عَنْ الرَّقْم أَنَّهُ يَقِرُّ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ لَا يَمْنَعُ الدَّوَامَ مَعَ عِدَّةِ الشُّبْهَةِ بِخِلَافِ عِدَّةِ النِّكَاحِ. قَالَا: وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْجُمْهُورُ لِهَذَا الْفَرْقِ وَأَطْلَقُوا اعْتِبَارَ التَّقْرِيرِ بِالِابْتِدَاءِ اهـ: أَيْ بِلَا فَرْقٍ بَيْنَ عِدَّةِ الشُّبْهَةِ وَالنِّكَاحِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. نَعَمْ لَوْ حَرَّمَهَا وَطْءُ الشُّبْهَةِ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ أَبَاهُ، أَوْ ابْنَهُ فَلَا تَقْرِيرَ كَمَا مَالَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ، فَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدُوا فِيهِ شَيْئًا فَلَا تَقْرِيرَ، وَحَيْثُ لَمْ يَقْتَرِنْ بِمُفْسِدٍ فَلَا يُؤَثِّرُ اعْتِقَادُهُمْ فَسَادَهُ لِأَنَّهُ لَا رُخْصَةَ فِي رِعَايَةِ اعْتِقَادِهِمْ حِينَئِذٍ (لَا نِكَاحَ مَحْرَمٍ) كَبِنْتِهِ وَزَوْجَةِ أَبِيهِ فَإِنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَيْهَا إجْمَاعًا، نَعَمْ لَا نَتَعَرَّضُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ إلَّا بِقَيْدِهِ الْآتِي وَلَا نِكَاحَ زَوْجَةٍ لِآخَرَ، كَذَا أَطْلَقُوهُ، نَعَمْ لَوْ قَصَدَ الِاسْتِيلَاءَ عَلَيْهَا وَهِيَ حَرْبِيَّةٌ مَلَكَهَا وَانْفَسَخَ نِكَاحُ الْأَوَّلِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْمُؤَقَّتِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُنْظَرْ لِاعْتِقَادِهِمْ فِي نَحْوِ الْمُؤَقَّتِ دُونَ نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ وَنَحْوِهِ لِأَنَّ أَثَرَ التَّأْقِيتِ مِنْ زَوَالِ الْعِصْمَةِ عِنْدَ انْتِهَاءِ الْوَقْتِ وَعَدَمِهَا بَاقٍ فَنَظَرُوا لِاعْتِقَادِهِمْ فِيهِ، بِخِلَافِ انْتِفَاءِ الْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ فَإِنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ عِنْدَ الْإِسْلَامِ حَتَّى يَنْظُرُوا لِاعْتِقَادِهِمْ فِيهِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا يَأْتِي فِي الْأَمَةِ لِإِمْكَانِ الْفَرْقِ بِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ لِرِقِّ الْوَلَدِ اقْتَضَى عَدَمَ النَّظَرِ لِاعْتِقَادِهِمْ الْمُقْتَضِي لِرِقِّهِ. (وَلَوْ) (أَسْلَمَ ثُمَّ أَحْرَمَ) بِنُسُكٍ (ثُمَّ أَسْلَمَتْ) فِي الْعِدَّةِ (وَهُوَ مُحْرِمٌ) ، أَوْ أَسْلَمَتْ ثُمَّ أَحْرَمَتْ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ وَهِيَ مُحْرِمَةٌ (أُقِرَّ) النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّ طُرُوءَ الْإِحْرَامِ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فِي نِكَاحِ الْمُسْلِمِ فَهَذَا أَوْلَى نَظِيرُ مَا مَرَّ، وَفِي قَوْلٍ قَطَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْمُحْرِمِ. أَمَّا لَوْ أَسْلَمَا مَعًا ثُمَّ أَحْرَمَ أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ يُقَرُّ جَزْمًا، وَلَوْ قَارَنَ إحْرَامُهُ إسْلَامَهَا فَالْأَقْرَبُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ. (وَلَوْ) (نَكَحَ حُرَّةً) صَالِحَةً لِلتَّمَتُّعِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ (وَأَمَةً) مَعًا، أَوْ مُرَتَّبًا (وَأَسْلَمُوا) أَيْ الثَّلَاثَةُ مَعًا وَلَوْ قَبْلَ الْوَطْءِ، أَوْ أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ قَبْلَهُ، أَوْ بَعْدَهُ فِي الْعِدَّةِ كَمَا يَأْتِي فِي ضِمْنِ تَقْسِيمِ مَنْعِ وُقُوعِهِ فِي التَّكْرَارِ (تَعَيَّنَتْ الْحُرَّةُ وَانْدَفَعَتْ الْأَمَةُ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِامْتِنَاعِ نِكَاحِهَا مَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا نِكَاحَ بَعْدَهَا إلَخْ (قَوْلُهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ بَعْدَهَا) أَيْ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِمْ فِي دِينِك) أَيْ شَرْطُ الْخِيَارِ وَالنِّكَاحِ فِي الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ فَلَا يُقَرُّ النِّكَاحُ) أَيْ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِهَا إذَا بَقِيَتْ لِمَا تَقَرَّرَ (قَوْلُهُ: وَنَقْلًا عَنْ الرَّقْمِ) هُوَ اسْمُ كِتَابٍ لِلْعَبَّادِيِّ: وَاسْمُهُ أَبُو الْحَسَنِ الْعَبَّادِيُّ، وَهُوَ مُصَنِّفُ الرَّقْمِ، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الْخُرَاسَانِيِّينَ. تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَلَهُ ثَمَانُونَ سَنَةً. قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ اهـ طَبَقَاتُ الْإِسْنَوِيِّ (قَوْلُهُ: إلَّا بِقَيْدِهِ) أَيْ وَهُوَ التَّرَافُعُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ قَصَدَ إلَخْ) هَذَا اسْتِدْرَاكٌ صُورِيٌّ وَإِلَّا فَعِنْدَ قَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا لَيْسَ بِزَوْجٍ (قَوْلُهُ: وَانْفَسَخَ نِكَاحُ الْأَوَّلِ) زَادَ حَجّ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي: وَلَا نِكَاحٌ بِشَرْطِ الْخِيَارِ وَلَوْ لِأَحَدِهِمَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ إلَّا إنْ اعْتَقَدُوا إلْغَاءَ الشَّرْطِ وَأَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا إلَخْ اهـ. (قَوْلُهُ أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ) الرَّاجِحُ مِنْهُ التَّقْرِيرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: دُونَ نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ نَظَرُوا لِاعْتِقَادِهِمْ وَقَرَّرُوا النِّكَاحَ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ أَثَرَ التَّأْقِيتِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: لِأَنَّ أَثَرَ التَّأْقِيتِ مِنْ زَوَالِ الْعِصْمَةِ عِنْدَ انْتِهَاءِ الْوَقْتِ بَاقٍ فَلَمْ يَنْتَظِرُوا لِاعْتِقَادِهِمْ انْتَهَتْ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهَا الصَّوَابُ

وُجُودِ حُرَّةٍ صَالِحَةٍ تَحْتَهُ، وَفِي قَوْلٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي لَا تَنْدَفِعُ الْأَمَةُ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْإِمْسَاكَ كَاسْتِدَامَةِ النِّكَاحِ لَا كَابْتِدَائِهِ. أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ الْحُرَّةُ صَالِحَةً فَكَالْعَدِمِ، وَلَوْ أَسْلَمَتْ الْحُرَّةُ فَقَطْ مَعَ الزَّوْجِ تَعَيَّنَتْ أَيْضًا وَانْدَفَعَتْ الْأَمَةُ وَإِنَّمَا لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ تَقَدُّمِ نِكَاحِهَا وَتَأَخُّرِهِ لِمَا مَرَّ آنِفًا فِي الْأُخْتَيْنِ، وَكَذَا تَنْدَفِعُ الْأَمَةُ بِيَسَارٍ، أَوْ إعْفَافٍ طَارِئٍ قَارَنَ إسْلَامَهُمَا مَعًا وَإِنْ فُقِدَ ابْتِدَاءٌ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ وُجِدَ ابْتِدَاءٌ لِأَنَّ وَقْتَ اجْتِمَاعِهِمَا فِيهِ هُوَ وَقْتُ جَوَازِ نِكَاحِ الْأَمَةِ إذْ لَوْ سَبَقَ إسْلَامُهُ حَرُمَتْ عَلَيْهِ الْأَمَةُ لِكُفْرِهَا أَوْ إسْلَامِهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ لِإِسْلَامِهَا وَإِنَّمَا غَلَّبُوا هُنَا شَائِبَةَ الِابْتِدَاءِ لِأَنَّ الْمُفْسِدَ خَوْفُ إرْقَاقِ الْوَلَدِ وَهُوَ دَائِمٌ فَأَشْبَهَ الْمَحْرَمِيَّةَ، بِخِلَافِ الْعِدَّةِ وَالْإِحْرَامِ لِزَوَالِهِمَا عَنْ قُرْبٍ. (وَنِكَاحُ الْكُفَّارِ) الْأَصْلِيِّينَ الَّذِي لَمْ يَسْتَوْفِ شُرُوطَنَا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُقَرُّونَ عَلَيْهِ لَوْ أَسْلَمُوا بِنَاءً عَلَى مَا نَقَلَاهُ عَنْ الْإِمَامِ مِنْ الْقَطْعِ بِأَنَّ مَنْ نَكَحَ مَحْرَمَهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى نِكَاحِ غَيْرِهَا مِنْ نَحْوِ الْمُسَمَّى تَارَةً وَمَهْرِ الْمِثْلِ أُخْرَى لِأَنَّ النِّكَاحَ لَمْ يَنْعَقِدْ، وَرَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَأَيَّدَهُ بِالنَّصِّ وَغَيْرِهِ وَنَقَلَهُ عَنْ جَمَاعَةٍ لَكِنَّهُمَا نَقَلَا عَنْ الْقَفَّالِ أَنَّهَا كَغَيْرِهَا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَكَلَامُهُمَا يَمِيلُ إلَيْهِ فَيُحْكَمُ بِصِحَّةِ نِكَاحِهَا وَاسْتِثْنَاؤُهَا إنَّمَا هُوَ مِمَّا يُقَرُّونَ عَلَيْهِ لَا مِنْ الْحُكْمِ بِصِحَّةِ أَنْكِحَتِهِمْ (صَحِيحٌ) أَيْ مَحْكُومٌ بِصِحَّتِهِ إذْ الصِّحَّةُ تَسْتَدْعِي تَحَقُّقَ الشُّرُوطِ بِخِلَافِ الْحُكْمِ بِهَا رُخْصَةٍ وَتَخْفِيفًا (عَلَى الصَّحِيحِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ} [القصص: 9] . {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} [المسد: 4] وَلِحَدِيثِ غَيْلَانَ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ وَأَمَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْإِمْسَاكِ وَلَمْ يَسْأَلْ عَنْ شَرَائِطِ النِّكَاحِ. أَمَّا مَا اسْتَوْفَى شُرُوطَنَا فَهُوَ صَحِيحٌ جَزْمًا (وَقِيلَ فَاسِدٌ) لِعَدَمِ مُرَاعَاتِهِمْ لِلشُّرُوطِ (وَقِيلَ) لَا يُحْكَمُ بِصِحَّتِهِ وَلَا بِفَسَادِهِ بَلْ يُتَوَقَّفُ إلَى الْإِسْلَامِ (إنْ أَسْلَمَ وَقُرِّرَ تَبَيُّنُ صِحَّتِهِ وَإِلَّا فَلَا) إذْ لَا يُمْكِنُ إطْلَاقُ صِحَّتِهِ مَعَ اخْتِلَالِ شُرُوطِهِ وَلَا فَسَادِهِ مَعَ أَنَّهُ يُقَرُّ عَلَيْهِ (فَعَلَى الصَّحِيحِ) وَهُوَ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ أَنْكِحَتِهِمْ (لَوْ) (طَلَّقَ) كِتَابِيَّةً، أَوْ غَيْرَهَا (ثَلَاثًا) فِي الْكُفْرِ (ثُمَّ أَسْلَمَا) أَوْ أَسْلَمَ هُوَ وَلَمْ تَتَحَلَّلْ فِي الْكُفْرِ. وَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ ظَاهِرٌ وَإِنْ أَوْهَمَ إطْبَاقُهُمْ عَنْ التَّعْبِيرِ هُنَا بِثُمَّ أَسْلَمَا خِلَافَهُ، لَكِنْ قَوْلُهُمْ الْمَارُّ وَتَحْتُهُ كِتَابِيَّةٌ حُرَّةٌ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا ابْتِدَاءً يُفْهِمُ هَذَا (لَمْ تَحِلَّ) لَهُ (إلَّا بِمُحَلِّلٍ) بِشُرُوطِهِ السَّابِقَةِ وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدُوا وُقُوعَ الطَّلَاقِ إذْ لَا أَثَرَ لِاعْتِقَادِهِمْ مَعَ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ الْوُقُوعِ عَلَى قَوْلِ الْفَسَادِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ أَمَّا عَلَى الْوَقْفِ فَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقَعُ فِي كُلِّ عَقْدٍ يُقَرُّ عَلَيْهِ فِي الْإِسْلَامِ، وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ. أَمَّا لَوْ تَحَلَّلَتْ فِي الْكُفْرِ كَفَى فِي الْحِلِّ، وَلَوْ طَلَّقَهَا فِي الشِّرْكِ ثَلَاثًا ثُمَّ نَكَحَهَا فِيهِ بِلَا مُحَلِّلٍ ثُمَّ أَسْلَمَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ، وَلَوْ طَلَّقَ الْكَافِرُ أُخْتَيْنِ، أَوْ حُرَّةً وَأَمَةً ثَلَاثًا ثَلَاثًا ثُمَّ أَسْلَمُوا لَمْ يَنْكِحْ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ إلَّا بِمُحَلِّلٍ وَإِنْ أَسْلَمُوا مَعًا، أَوْ سَبَقَ إسْلَامُهُ، أَوْ إسْلَامُهُمَا بَعْدَ الدُّخُولِ ثُمَّ طَلَّقَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا لَمْ يَنْكِحْ مُخْتَارَةَ الْأُخْتَيْنِ، أَوْ الْحُرَّةَ إلَّا بِمُحَلِّلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ وَانْدَفَعَتْ الْأَمَةُ) أَيْ لِلتَّخَلُّفِ لَا لِمُجَرَّدِ وُجُودِ الْحُرَّةِ (قَوْلُهُ: تَقَدَّمَ نِكَاحُهَا) أَيْ الْأَمَةِ (قَوْلُهُ: وَتَأَخُّرُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَا مَزِيَّةَ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى. (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى مَا نَقَلَاهُ عَنْ الْإِمَامِ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: أَنَّهَا) أَيْ الْمُحْرِمُ كَغَيْرِهَا أَيْ فِي اسْتِحْقَاقِ نِصْفِ الْمُسَمَّى، أَوْ كُلِّهِ (قَوْلُهُ أَمَّا مَا اسْتَوْفَى شُرُوطَنَا) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ الَّذِي لَمْ يَسْتَوْفِ شُرُوطَنَا إلَخْ وَمِثَالُهُ مَا لَوْ زَوَّجَهَا قَاضِي الْمُسْلِمِينَ بِحَضْرَةِ مُسْلِمَيْنِ عَدْلَيْنِ، أَوْ وَلِيِّهَا الْكَافِرِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فَاسِقًا عِنْدَهُمْ بِحَضْرَةِ مُسْلِمَيْنِ عَدْلَيْنِ (قَوْلُهُ: كَفَى فِي الْحِلِّ) أَيْ إنْ وَجَدَتْ شُرُوطَهُ عِنْدَنَا وَيُحْتَمَلُ الِاكْتِفَاءُ بِاعْتِقَادِهِمْ. وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ كَفَى فِي الْحِلِّ (قَوْلُهُ:، أَوْ إسْلَامُهُمَا بَعْدَ الدُّخُولِ) أَيْ وَقَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ لَمْ يَنْكِحْ مُخْتَارَةَ الْأُخْتَيْنِ) أَيْ لِلنِّكَاحِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَمَّا مَا اسْتَوْفَى شُرُوطَنَا إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَنْ الْقَوْلَيْنِ الْآتِيَيْنِ

(وَ) اعْلَمْ أَنَّهُ كَمَا ثَبَتَتْ الصِّحَّةُ لِلنِّكَاحِ يَثْبُتُ الْمُسَمَّى عَلَى غَيْرِ قَوْلِ الْفَسَادِ فَحِينَئِذٍ (مَنْ قُرِّرَتْ فَلَهَا الْمُسَمَّى الصَّحِيحُ) أَمَّا عَنْ قَوْلِ الْفَسَادِ فَالْأَقْرَبُ كَمَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ أَنَّ لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ (وَأَمَّا) الْمُسَمَّى (الْفَاسِدُ كَخَمْرٍ) مُعَيَّنَةٍ، أَوْ فِي الذِّمَّةِ (فَإِنْ قَبَضَتْهُ) أَيْ الرَّشِيدَةُ، أَوْ قَبَضَهُ وَلِيُّ غَيْرِهَا وَلَوْ بِإِجْبَارٍ مِنْ قَاضِيهِمْ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ، فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ أَحَدٌ مِمَّنْ ذُكِرَ رَجَعَ إلَى اعْتِقَادِهِمْ فِيمَا يَظْهَرُ (قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَلَا شَيْءَ لَهَا) لِانْفِصَالِ الْأَمْرِ بَيْنَهُمَا قَبْلَ أَنْ يُجْرَى عَلَيْهِ حُكْمُنَا، نَعَمْ إنْ أَصْدَقَهَا حُرًّا مُسْلِمًا اسْتَرَقُّوهُ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَإِنْ قَبَضَتْهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ لِأَنَّا لَا نُقِرُّهُمْ فِي كُفْرِهِمَا عَلَيْهِ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْخَمْرِ لِأَنَّ الْفَسَادَ فِي الْخَمْرِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُنَا لِحَقِّ الْمُسْلِمِ فَلَا يَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْهُ، وَكَالْمُسْلِمِ سَائِرُ مَا يَخْتَصُّ بِهِ كَأُمِّ وَلَدِهِ نَصَّ عَلَيْهِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْحُرَّ الذِّمِّيَّ الَّذِي بِدَارِنَا وَمَا يَخْتَصُّ بِهِ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَلْزَمُنَا الدَّفْعُ عَنْهُمْ، وَلَوْ بَاعَ الْكَافِرُ الْخَمْرَ بِثَمَنٍ هَلْ يَمْلِكُهُ، وَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ قَبُولُهُ مِنْ دِينِهِ وَكَانَ أَوَّلًا جَرَى الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الْجِزْيَةِ الثَّانِيَ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ بَلْ لَا يَجُوزُ لَهُ قَبُولُهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَقْبِضْهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِأَنْ لَمْ تَقْبِضْهُ أَصْلًا، أَوْ قَبَضَتْهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ سَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ إسْلَامِهِمَا، أَوْ إسْلَامِ أَحَدِهِمَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (فَلَهَا مَهْرُ مِثْلٍ) لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ إلَّا بِمَهْرٍ وَتَتَعَذَّرُ الْآنَ مُطَالَبَتُهَا بِالْخَمْرِ فَيَتَعَيَّنُ الْبَدَلُ الشَّرْعِيُّ وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ (وَإِنْ قَبَضَتْ بَعْضَهُ) فِي الْكُفْرِ (فَلَهَا قِسْطُ مَا بَقِيَ مِنْ مَهْرِ مِثْلٍ) لِتَعَذُّرِ قَبْضِ الْبَعْضِ الْآخَرِ فِي الْإِسْلَامِ، وَالِاعْتِبَارُ فِي تَقْسِيطِ ذَلِكَ فِي صُورَةِ مِثْلِيٍّ كَخَمْرٍ تَعَدَّدَتْ ظُرُوفُهَا وَاخْتَلَفَ قَدْرُهَا أَمْ لَا بِالْكَيْلِ، وَفِي صُورَةِ مُتَقَوِّمٍ كَخَمْرَيْنِ زَادَتْ إحْدَاهُمَا بِوَصْفٍ يَقْتَضِي زِيَادَةَ قِيمَتِهِمَا وَكَخِنْزِيرَيْنِ وَاجْتِمَاعُهُمَا كَخَمْرٍ وَثَلَاثِ خَنَازِيرَ وَقَبَضَتْ أَحَدَ الْأَجْنَاسِ، أَوْ بَعْضَهُ بِالْقِيمَةِ عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا. نَعَمْ لَوْ تَعَدَّدَ الْجِنْسُ وَكَانَ مِثْلِيًّا كَزِقِّ خَمْرٍ وَزِقِّ بَوْلٍ وَقَبَضَتْ بَعْضَ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى السَّوَاءِ فَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الشَّيْخُ اعْتِبَارُ الْكَيْلِ، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ هُنَا مَا مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا كِلَابٌ وَأَوْصَى بِكَلْبٍ مِنْ كِلَابِهِ اُعْتُبِرَ الْعَدَدُ لَا الْقِيمَةُ لِأَنَّ ذَاكَ مَحْضُ تَبَرُّعٍ فَاغْتُفِرَ ثَمَّ مَا لَمْ يُغْتَفَرْ فِي الْمُعَاوَضَاتِ، وَلَوْ نَكَحَ الْكَافِرُ تَفْوِيضًا وَاعْتَقَدُوا أَنْ لَا مَهْرَ لِمُفَوِّضَةٍ بِحَالٍ ثُمَّ أَسْلَمُوا وَلَوْ بَعْدَ وَطْءٍ فَلَا مَهْرَ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ وَطْأَهَا بِلَا مَهْرٍ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الصَّدَاقِ أَنَّهُ لَوْ نَكَحَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيَّةً تَفْوِيضًا وَتَرَافَعَا إلَيْنَا حَكَمْنَا لَهَا بِالْمَهْرِ لِأَنَّ مَا هُنَا فِي الْحَرْبِيَّيْنِ وَفِيمَا إذَا اعْتَقَدَا أَنْ لَا مَهْرَ بِحَالٍ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فِيهِمَا. (وَمَنْ انْدَفَعَتْ بِإِسْلَامٍ) مِنْهُ أَوْ مِنْهَا (بَعْدَ دُخُولٍ) بِأَنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يُسْلِمْ الْآخَرُ فِي الْعِدَّةِ (فَلَهَا الْمُسَمَّى الصَّحِيحُ إنْ صُحِّحَ نِكَاحُهُمْ) لِاسْتِقْرَارِهِ بِالدُّخُولِ، وَمَا أُورِدَ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَكَحَ أُمًّا وَبِنْتَهَا وَدَخَلَ بِالْأُمِّ ثُمَّ أَسْلَمَ وَجَبَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ مَعَ أَنَّهَا إنَّمَا انْدَفَعَتْ بِإِسْلَامٍ بَعْدَ دُخُولٍ مَرْدُودٍ بِمَنْعِ الْحَصْرِ وَإِنَّمَا الَّذِي دَفَعَهَا فِي الْحَقِيقَةِ صَيْرُورَتُهَا مَحْرَمًا لَهُ بِالْعَقْدِ عَلَى بِنْتِهَا، عَلَى أَنَّهُ يَأْتِي قَرِيبًا أَنَّ مَحِلَّ وُجُوبِ مَهْرِ الْمِثْلِ إنْ فَسَدَ الْمُسَمَّى (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ نُصَحِّحْهُ وَكَانَ زَوْجُهَا قَدْ سَمَّى لَهَا فَاسِدًا (فَمَهْرُ مِثْلٍ) لَهَا فِي مُقَابَلَةِ الْوَطْءِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ سَائِرُ مَا يَخْتَصُّ بِهِ) أَيْ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَاعَ الْكَافِرُ) أَيْ لِمِثْلِهِ (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الْجِزْيَةِ الثَّانِيَ) أَيْ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَبُولُهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ وَطْءٍ) حَتَّى لَوْ أَسْلَمَا قَبْلَ الْوَطْءِ وَوَطِئَ بَعْدَهُ فِي الْإِسْلَامِ لَا شَيْءَ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَجَبَ لَهَا) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ مَحْرَمًا لَهَا كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: صَيْرُورَتُهَا مَحْرَمًا لَهُ) لَكِنْ هَذَا قَدْ يُشْكِلُ بِمَا مَرَّ لَهُ مِنْ أَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ إنَّمَا تُؤَثِّرُ فِي عَدَمِ التَّقْرِيرِ لَا فِي اسْتِحْقَاقِ الْمَهْرِ، وَبِمَا سَيَأْتِي أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ عَدَمُ الْفَرْقِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ أَحَدٌ مِمَّنْ ذَكَرَ) أَيْ بَلْ قَبَضَهُ غَيْرُهُ كَغَيْرِ الرَّشِيدَةِ بِقَرِينَةِ الْمُقَابِلِ الْآتِي فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: كَأُمِّ وَلَدِهِ) وَكَذَا قِنُّهُ وَسَائِرُ مَمْلُوكَاتِهِ، فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ سَائِرُ مَا يَخْتَصُّ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْمَمْلُوكَ لَهُ (قَوْلُهُ: أَمْ لَا) رَاجِعٌ إلَى كُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ تَعَدَّدَتْ ظُرُوفُهَا، وَقَوْلُهُ وَاخْتَلَفَ قَدْرُهَا (قَوْلُهُ: وَاجْتِمَاعِهِمَا) هُوَ بِالْجَرِّ

فَإِنْ قَبَضَتْ بَعْضَهُ فِي الْكُفْرِ فَكَمَا مَرَّ آنِفًا (أَوْ) انْدَفَعَتْ بِإِسْلَامٍ (قَبْلَهُ) أَيْ الدُّخُولِ (وَصُحِّحَ) النِّكَاحُ لِاسْتِيفَاءِ شَرَائِطِهِ، أَوْ عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ مَحْكُومٌ بِصِحَّتِهِ (فَإِنْ كَانَ الِانْدِفَاعُ بِإِسْلَامِهَا فَلَا شَيْءَ لَهَا) لِأَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ مِنْ جِهَتِهَا، وَإِذَا لَمْ يَجِبْ لَهَا شَيْءٌ مَعَ صِحَّتِهِ فَأَوْلَى مَعَ فَسَادِهِ. إذْ الْفَرْضُ أَنْ لَا وَطْءَ، فَقَوْلُهُ وَصُحِّحَ غَيْرُ قَيْدٍ هُنَا بَلْ فِيمَا بَعْدَهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ (أَوْ بِإِسْلَامِهِ) وَصُحِّحَ النِّكَاحُ (فَنِصْفُ مُسَمَّى إنْ كَانَ) الْمُسَمَّى (صَحِيحًا وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَصِحَّ كَخَمْرٍ (فَنِصْفُ مَهْرِ مِثْلٍ) كَكُلِّ تَسْمِيَةٍ فَاسِدَةٍ، فَإِنْ لَمْ يُسَمَّ شَيْءٌ فَمُتْعَةٌ. أَمَّا إذَا لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ فَلَا شَيْءَ لَهَا لِأَنَّ الْمُوجِبَ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ إنَّمَا هُوَ الْوَطْءُ وَنَحْوُهُ وَلَمْ يُوجَدْ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ عَدَمُ الْفَرْقِ فِيمَا ذُكِرَ بَيْنَ الْمَحْرَمِ وَغَيْرِهَا، وَكَلَامُ الرَّوْضَةِ يَمِيلُ إلَيْهِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْقَفَّالِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي فِيمَنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أُمٌّ وَبِنْتُهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَيْضًا، وَمَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ مِنْ الْقَطْعِ بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهَا لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَنْعَقِدْ، وَأُيِّدَ بِمَا قَالُوهُ فِي الْمَجُوسِيِّ إذَا مَاتَ وَتَحْتَهُ مَحْرَمٌ لَمْ نُوَرِّثْهَا: أَيْ بِالزَّوْجِيَّةِ، وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَأَتْبَاعُهُ وَغَيْرُهُمْ، وَادَّعَى الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ. قِيلَ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلنَّصِّ مِنْ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى أَرْبَعٍ لَا مَهْرَ لَهُنَّ إذَا انْدَفَعَ نِكَاحُهُنَّ بِاخْتِيَارِ أَرْبَعٍ قَبْلَ الدُّخُولِ ضَعِيفٌ، وَالنَّصُّ الْمَذْكُورُ مَرْجُوحٌ، وَالْمُعْتَمَدُ اسْتِحْقَاقُ مَنْ زَادَتْ عَلَى أَرْبَعٍ الْمَهْرَ. (وَلَوْ) (تَرَافَعَ إلَيْنَا) فِي نِكَاحٍ، أَوْ غَيْرِهِ (ذِمِّيٌّ) ، أَوْ مُعَاهَدٌ (وَمُسْلِمٌ) (وَجَبَ) عَلَيْنَا (الْحُكْمُ) بَيْنَهُمَا جَزْمًا (أَوْ ذِمِّيَّانِ) كَيَهُودِيَّيْنِ، أَوْ نَصْرَانِيَّيْنِ أَوْ ذِمِّيٌّ وَمُعَاهَدٌ (وَجَبَ) الْحُكْمُ بَيْنَهُمَا (فِي الْأَظْهَرِ) قَالَ تَعَالَى {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 49] وَهِيَ نَاسِخَةٌ كَمَا صَحَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لِقَوْلِهِ {أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: 42] . لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ مَنْعُ الظَّالِمِ عَنْ الذِّمِّيِّ كَالْمُسْلِمِ. وَالثَّانِي وَعَلَيْهِ جَمْعٌ لَا يَجِبُ بَلْ يَتَخَيَّرُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: 42] وَرُدَّ بِمَا مَرَّ، أَوْ تُحْمَلُ الْآيَةُ الْأُولَى عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالثَّانِيَةُ عَلَى الْمُعَاهَدَيْنِ، إذْ لَا يَجِبُ الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ عَلَى الْمَذْهَبِ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِمْ أَحْكَامَنَا وَلَمْ نَلْتَزِمْ دَفْعَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ النَّسْخِ أَمَّا بَيْنَ يَهُودِيٍّ وَنَصْرَانِيٍّ فَيَجِبُ جَزْمًا، وَحَيْثُ وَجَبَ الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ لَمْ يُشْتَرَطْ رِضَا الْخَصْمَيْنِ بَلْ رِضَا أَحَدِهِمَا، وَحِينَئِذٍ يَجِبُ الْإِعْدَاءُ، وَالْحُضُورُ وَطَلَبُهُ رِضًا، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ عَلَى أَحَدِهِمَا شَيْءٌ اسْتَوْفَيْنَاهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ، فَلَوْ أَقَرَّ ذِمِّيٌّ بِزِنًا أَوْ سَرِقَةِ مَالٍ وَلَوْ لِذِمِّيٍّ حَدَدْنَاهُ. نَعَمْ لَوْ تَرَافَعَ أَهْلُ الذِّمَّةِ إلَيْنَا فِي شُرْبِ الْخَمْرِ لَمْ يُحَدُّوا وَإِنْ رَضُوا بِحُكْمِنَا لِعَدَمِ اعْتِقَادِهِمْ تَحْرِيمَهُ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ حَدِّ الزِّنَا وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ، وَلِأَنَّ الْخَمْرَ أَسْهَلُ لِأَنَّهَا أُحِلَّتْ وَإِنْ أَسْكَرَتْ فِي ابْتِدَاءِ مِلَّتِنَا، وَنَحْوُ الزِّنَا لَمْ يُحَلَّ فِي مِلَّةٍ قَطُّ، فَمِنْ ثَمَّ اسْتَثْنَى الْخَمْرَ مِمَّا تَقَرَّرَ، وَإِحْضَارُهُ التَّوْرَاةَ لِرَجْمٍ الزَّانِيَيْنِ إنَّمَا هُوَ لِتَكْذِيبِ ابْنِ صُورِيَّا اللَّعِينِ فِي قَوْلِهِ لَيْسَ فِيهَا رَجْمٌ لَا لِرِعَايَةِ اعْتِقَادِهِمْ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ حَدُّ الْحَنَفِيِّ بِشُرْبِ مَا لَا يُسْكِرُ لِأَنَّ مِنْ عَقِيدَتِهِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَذْهَبِ الْحَاكِمِ الْمُتَرَافَعِ إلَيْهِ مَعَ الْتِزَامِهِ لِقَوَاعِدِ الْأَدِلَّةِ الشَّاهِدَةِ بِضَعْفِ رَأْيِهِ فِيهِ وَلَا كَذَلِكَ هُمْ، وَفُهِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ عَدَمُ لُزُومِ الْحُكْمِ لَنَا بَيْنَ حَرْبِيَّيْنِ، أَوْ حَرْبِيٍّ وَمُعَاهَدٍ، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُسَمَّ شَيْءٌ فَمُتْعَةٌ) أَيْ وَنَكَحَهَا تَفْوِيضًا وَاعْتَقَدُوا أَنْ لَا مَهْرَ كَمَا سَبَقَ، وَإِلَّا وَجَبَ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ إنْ كَانَ الِانْدِفَاعُ قَبْلَ الْوَطْءِ وَإِلَّا فَكُلُّهُ لِأَنَّ عَدَمَ التَّسْمِيَةِ مِنْ غَيْرِ الْمُفَوِّضَةِ يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: لَمْ نُوَرِّثْهَا) أَيْ بِالزَّوْجِيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ يَجِبُ الْإِعْدَاءُ) أَيْ الطَّلَبُ (قَوْلُهُ وَطَلَبُهُ رِضًا) أَيْ بِالْحُكْمِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِذِمِّيٍّ حَدَّدْنَاهُ) أَيْ بِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الزِّنَا وَالسَّرِقَةُ مِنْ الْجَلْدِ وَالتَّغْرِيبِ، أَوْ الرَّجْمِ، أَوْ الْقَطْعِ وَغُرْمِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: وَإِحْضَارُهُ التَّوْرَاةَ) أَيْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ عَدَمُ الْفَرْقِ إلَخْ) مُكَرَّرٌ مَعَ مَا مَرَّ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: وَالثَّانِيَةُ عَلَى الْمُعَاهَدِينَ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ تَرَافُعُهُمْ مَعَ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ

الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ عُقِدَتْ الذِّمَّةُ لِأَهْلِ بَلْدَةٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَهُمْ كَالْمُعَاهَدِينَ إذْ لَا يَلْزَمُنَا الدَّفْعُ عَنْهُمْ فَكَذَا الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ (وَنُقِرُّهُمْ) أَيْ الْكُفَّارَ فِيمَا تَرَافَعُوا فِيهِ إلَيْنَا (عَلَى مَا نُقِرُّهُمْ) عَلَيْهِ (لَوْ أَسْلَمُوا وَنُبْطِلُ مَا لَا نُقِرُّهُمْ) عَلَيْهِ لَوْ أَسْلَمُوا، خَتَمَ بِهَذَا مَعَ تَقَدُّمِ كَثِيرٍ مِنْ صُوَرِهِ لِأَنَّهُ ضَابِطٌ صَحِيحٌ يَجْمَعُهَا وَغَيْرَهَا فَنُقِرُّهُمْ عَلَى نَحْوِ نِكَاحٍ عَرِيَ عَنْ وَلِيٍّ وَشُهُودٍ لَا عَلَى نَحْوِ نِكَاحٍ مُحَرَّمٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلِمْنَاهُ فِيهِمْ وَلَمْ يَتَرَافَعُوا إلَيْنَا فِيهِ فَلَا نَتَعَرَّضُ لَهُمْ. وَلَوْ جَاءَنَا مَنْ تَحْتَهُ أُخْتَانِ لِطَلَبِ فَرْضِ النَّفَقَةِ مَثَلًا أَعْرَضْنَا عَنْهُ مَا لَمْ يَرْضَ بِحُكْمِنَا فَنَأْمُرُهُ بِاخْتِيَارِ إحْدَاهُمَا، وَيُجِيبُهُمْ حَاكِمُنَا فِي تَزْوِيجِ كِتَابِيَّةٍ لَا وَلِيَّ لَهَا بِشُهُودٍ مِنَّا، وَلَوْ تَحَاكَمُوا إلَيْنَا بَعْدَ الْقَبْضِ فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ، أَوْ قَبْلَهُ وَقَدْ حَكَمَ حَاكِمُهُمْ بِإِمْضَائِهِ لَمْ نَتَعَرَّضْ لَهُ وَإِلَّا نَقَضْنَاهُ، كَذَا أَطْلَقُوهُ، وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ فِي نَحْوِ النِّكَاحِ الْمُؤَقَّتِ، أَوْ بِشَرْطِ نَحْوِ الْخِيَارِ مِنْ النَّظَرِ لِاعْتِقَادِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَاكِمُهُمْ، فَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْمُرَادَ بِحُكْمِ حَاكِمِهِمْ هُنَا اعْتِقَادُهُمْ، فَإِنْ اعْتَقَدُوهُ صَحِيحًا لَمْ نَتَعَرَّضْ لَهُ وَإِلَّا نَقَضْنَاهُ وَفَسَدَ، فَالْحَاصِلُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ هَذَا مَعَ مَا مَرَّ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْخَمْرِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُمْ مَتَى نَكَحُوا نِكَاحًا، أَوْ عَقَدُوا عَقْدًا مُخْتَلًّا عِنْدَنَا لَمْ نَتَعَرَّضْ لَهُمْ، ثُمَّ إنْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا فِيهِ، أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْ آثَارِهِ وَعَلِمْنَا اشْتِمَالَهُ عَلَى الْمُفْسِدِ نَظَرْنَا، فَإِنْ كَانَ سَبَبُ الْفَسَادِ مُنْقَضِيًا أَثَرُهُ عِنْدَ التَّرَافُعِ كَالْخُلُوِّ عَنْ الْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ وَكَمُقَارَنَتِهِ لِعِدَّةٍ انْقَضَتْ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مُفْسِدٍ انْقَضَى وَكَانَتْ بِحَيْثُ تَحِلُّ لَهُ عِنْدَ التَّرَافُعِ أَقْرَرْنَاهُمْ وَإِنْ كَانَتْ بِحَيْثُ لَا تَحِلُّ لَهُ عِنْدَهُ فَإِنْ قَوِيَ الْمَانِعُ كَنِكَاحِ أُمَّةٍ بِلَا شُرُوطِهَا وَمُطَلَّقَةٍ ثَلَاثًا قَبْلَ التَّحْلِيلِ لَمْ يُنْظَرْ لِاعْتِقَادِهِمْ وَفَرَّقْنَا بَيْنَهُمْ احْتِيَاطًا لِرِقِّ الْوَلَدِ وَلِلْبُضْعِ، وَمِنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ عَدَمُ الْكَفَاءَةِ دَفْعًا لِلْعَارِ وَإِنْ ضَعُفَ كَمُؤَقَّتٍ وَمَشْرُوطٍ فِيهِ نَحْوُ خِيَارٍ وَنِكَاحٍ مَغْصُوبَةٍ نَظَرْنَا لِاعْتِقَادِهِمْ فِيهِ. لَا يُقَالُ: هُمْ مُكَلَّفُونَ بِالْفُرُوعِ فَلِمَ لَمْ نُؤَاخِذْهُمْ بِهَا مُطْلَقًا. لِأَنَّا نَقُولُ: ذَاكَ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ لِعِقَابِهِمْ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِأَحْكَامِ الدُّنْيَا، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَنَا الْبَحْثُ عَنْ اشْتِمَالِ أَنْكِحَتِهِمْ عَلَى مُفْسِدٍ أَوَّلًا لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي أَنْكِحَتِهِمْ الصِّحَّةُ كَأَنْكِحَتِنَا. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْمُرَادَ بِحُكْمِ حَاكِمْهُمْ هُنَا اعْتِقَادُهُمْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُمْ إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا فِي عَقْدٍ فَاسِدٍ عِنْدَنَا وَصَحِيحٌ عِنْدَهُمْ لَا نَتَعَرَّضُ لَهُمْ حَيْثُ كَانَ الْمُفْسِدُ مُنْقَضِيًا عِنْدَ الْإِسْلَامِ، وَمِنْهُ مَا لَوْ كَانَ الْفَسَادُ لِعَدَمِ الصِّيغَةِ، أَوْ لِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ مُنْقَضٍ عِنْدَ التَّرَافُعِ، وَمَا تَرَافَعُوا فِيهِ يَصِحُّ ابْتِدَاءُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ الْآنَ وَقَدْ اعْتَقَدُوا صِحَّتَهُ قَبْلُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ (قَوْلُهُ: لَمْ نُؤَاخِذْهُمْ بِهَا مُطْلَقًا) أَيْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا أَمْ لَا. . ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مَعَ تَقَدُّمِ كَثِيرٍ مِنْ صُوَرِهِ) قَدْ يُمْنَعُ أَنَّ الَّذِي مَرَّ مِنْ صُوَرِ هَذَا الضَّابِطِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الصُّوَرَ فِيمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ، وَهَذَا الضَّابِطُ فِيمَا إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا فِي حَالِ الْكُفْرِ. وَاسْتَغْنَى الْمُصَنِّفُ عَنْ إعَادَةِ تِلْكَ الصُّوَرِ هُنَا بِهَذَا الضَّابِطِ الَّذِي حَاصِلُهُ أَنَّ حُكْمَهُمْ إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا كَحُكْمِهِمْ إذَا أَسْلَمُوا فِيمَا يُقَرُّونَ عَلَيْهِ وَمَا لَا فَلَا (قَوْلُهُ: لَا وَلِيَّ لَهَا) أَيْ فَيُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَنَا الْبَحْثُ عَنْ اشْتِمَالِ أَنْكِحَتِهِمْ عَلَى مُفْسِدٍ أَوْ لَا) أَيْ لَيْسَ لَنَا ذَلِكَ بَعْدَ التَّرَافُعِ، وَالْمُرَادُ أَنَّا لَا نَبْحَثُ عَنْ اشْتِمَالِهَا عَلَى مُفْسِدٍ ثُمَّ نَنْظُرُ فِي ذَلِكَ الْمُفْسِدِ هَلْ هُوَ بَاقٍ فَنَنْقُضُ الْعَقْدَ أَوْ زَائِلٌ فَنُبْقِيهِ، فَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّا نَنْقُضُ عَقْدَهُ الْمُشْتَمِلَ عَلَى مُفْسِدٍ غَيْرِ زَائِلٍ مَحَلُّهُ إذَا ظَهَرَ لَنَا ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ وَإِلَّا فَالْبَحْثُ مُمْتَنِعٌ عَلَيْنَا وَنَحْكُمُ بِالصِّحَّةِ مُطْلَقً. اهـ. كَذَا ظَهَرَ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي أَنْكِحَتِهِمْ إلَخْ) الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ فِي التَّحَالُفِ فِي الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي أَنْكِحَتِهِمْ إلَخْ

[فصل في أحكام زوجات الكافر إذا أسلم على أكثر من مباحة]

(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ زَوْجَاتِ الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ مُبَاحَةٍ (إذَا) (أَسْلَمَ) كَافِرٌ حُرٌّ (وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ) مِنْ الزَّوْجَاتِ الْحَرَائِرِ (وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ) وَلَوْ قَبْلَ وَطْءٍ (أَوْ) أَسْلَمْنَ قَبْلَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ هُوَ، أَوْ عَكْسُهُ بَعْدَ نَحْوِ وَطْءٍ وَهُنَّ (فِي الْعِدَّةِ، أَوْ كُنَّ كِتَابِيَّاتٍ) يَحِلُّ لِلْمُسْلِمِ نِكَاحُهُنَّ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْنَ (لَزِمَهُ) حَتْمًا وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَعْنَاهُ جَوَازُ ذَلِكَ لَهُ إنْ تَأَهَّلَ لِلِاخْتِيَارِ لِكَوْنِهِ مُكَلَّفًا، أَوْ سَكْرَانَ مُخْتَارًا غَيْرَ مُرْتَدٍّ وَلَوْ مَعَ إحْرَامٍ وَعِدَّةِ شُبْهَةٍ (اخْتِيَارُ أَرْبَعٍ) وَلَوْ ضِمْنًا بِأَنْ يَخْتَارَ الْفَسْخَ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِنَّ كَمَا يَأْتِي لِحُرْمَةِ الزَّائِدِ عَلَيْهِنَّ لَا إمْسَاكِهِنَّ فَلَهُ بَعْدَ اخْتِيَارِهِنَّ فِرَاقُهُنَّ (مِنْهُنَّ) وَلَوْ مَيِّتَاتٍ فَيَرِثُهُنَّ تَقَدَّمْنَ، أَوْ تَأَخَّرْنَ اسْتَوْفَى نِكَاحُهُنَّ الشُّرُوطَ، أَوْ لَمْ يَسْتَوْفِهَا كَأَنْ عَقَدَ عَلَيْهِنَّ مَعًا لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ السَّابِقِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ مَنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ أَنْ يَخْتَارَ أَرْبَعًا» وَلَمْ يُفَصِّلْ لَهُ " فَدَلَّ عَلَى الْعُمُومِ كَمَا هُوَ شَأْنُ الْوَقَائِعِ الْقَوْلِيَّةِ، وَحَمْلُهُ عَلَى الْأَوَائِلِ يَرُدُّ رِوَايَةَ الشَّافِعِيِّ وَالْبَيْهَقِيِّ فِيمَنْ تَحْتَهُ خَمْسٌ اخْتَارَ أُولَاهُنَّ لِلْفِرَاقِ. وَعَلَى تَجْدِيدِ الْعَقْدِ مُخَالِفٌ لِلظَّاهِرِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ، وَإِسْلَامُ مَنْ فِيهِ رِقٌّ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ثِنْتَيْنِ كَإِسْلَامِ الْحُرِّ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ هُنَا وَفِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي، وَقَدْ يُتَصَوَّرُ اخْتِيَارُهُ لِأَرْبَعٍ بِأَنْ يَعْتِقَ قَبْلَ إسْلَامِهِ سَوَاءٌ قَبْلَ إسْلَامِهِنَّ، أَوْ بَعْدَهُ، أَوْ مَعَهُ أَوْ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَقَبْلَ إسْلَامِهِنَّ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِوَقْتِ الِاخْتِيَارِ وَهُوَ عِنْدَهُ حُرٌّ وَمِنْ ثَمَّ امْتَنَعَ عَلَيْهِ إمْسَاكُ الْأَمَةِ. وَلَوْ أَسْلَمَ مَعَهُ، أَوْ فِي الْعِدَّةِ ثِنْتَانِ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْبَاقِيَاتُ فِيهَا لَمْ يَخْتَرْ إلَّا ثِنْتَيْنِ وَلَوْ مِنْ الْمُتَأَخِّرَاتِ لِاسْتِيفَائِهِ عَدَدَ الْعَبِيدِ قَبْلَ عِتْقِهِ، أَمَّا مَنْ لَمْ يَتَأَهَّلْ كَغَيْرِ مُكَلَّفٍ أَسْلَمَ تَبَعًا فَيُوقَفُ اخْتِيَارُهُ لِكَمَالِهِ وَنَفَقَتُهُنَّ فِي مَالِهِ وَإِنْ كُنَّ أَلْفًا لِأَنَّهُنَّ مَحْبُوسَاتٌ لِحَقِّهِ (وَيَنْدَفِعُ) بِاخْتِيَارِ الْأَرْبَعِ نِكَاحُ (مَنْ زَادَ) مِنْهُنَّ عَلَى الْأَرْبَعِ الْمُخْتَارَةِ لَكِنْ مِنْ حِينِ الْإِسْلَامِ إنْ أَسْلَمُوا مَعًا وَإِلَّا فَمِنْ إسْلَامِ السَّابِقِ مِنْ الزَّوْجِ وَالْمُنْدَفِعَةِ فَتُحْسَبُ ـــــــــــــــــــــــــــــS (فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ زَوْجَاتِ الْكَافِرِ (قَوْلُهُ: إذَا أَسْلَمَ) قَيَّدَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ جَمِيعَ أَحْكَامِ الزَّوْجَاتِ هُنَا (قَوْلُهُ: إذَا أَسْلَمَ كَافِرٌ حُرٌّ) شَامِلٌ لِلْمَحْجُورِ بِسَفَهٍ عِنْدَ الْإِسْلَامِ، فَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ لَهُ اخْتِيَارَ أَرْبَعٍ بَلْ إنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَمُؤْنَةُ الْجَمِيعِ إلَى الِاخْتِيَارِ، وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ، وَقَدْ يُؤَيِّدُهُ أَنَّ مَنْ تَحْتَهُ أَرْبَعٌ لَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي نِكَاحِهِنَّ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْنَ) لَوْ قَالَ وَلَمْ يُسْلِمْنَ كَفَى فَإِنْ حَكَمَ مَا لَوْ أَسْلَمْنَ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ وَعَلَيْهِ فَالْوَاوُ لِلْحَالِ (قَوْلُهُ: اخْتِيَارُ أَرْبَعٍ) كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ اخْتِيَارُ وَاحِدَةٍ لِأَنَّ نِكَاحَ الْكُفَّارِ صَحِيحٌ فَيَسْتَمِرُّ بَعْدَ الْإِسْلَامِ فِي أَرْبَعَةٍ فَلَيْسَ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى وَاحِدَةٍ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ عَلَى شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ خِلَافَهُ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُتَصَوَّرُ اخْتِيَارُهُ) أَيْ مَنْ فِيهِ رِقٌّ (قَوْلُهُ:، أَوْ بَعْدَ إسْلَامِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ تَأَخَّرَ عِتْقُهُ عَنْ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِنَّ تَعَيَّنَ اخْتِيَارُ ثِنْتَيْنِ، وَهُوَ مُسْتَفَادٌ بِالْأَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ أَسْلَمَ مَعَهُ، أَوْ فِي الْعِدَّةِ إلَخْ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِوَقْتِ الِاخْتِيَارِ الْمُرَادُ بِهِ دُخُولُ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ وَهُوَ يَحْصُلُ بِاجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِنَّ، فَعِتْقُهُ بَعْدُ إنَّمَا حَصَلَ بَعْدَ تَعَيُّنِ اخْتِيَارِ الثِّنْتَيْنِ (قَوْلُهُ: لِاسْتِيفَائِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ مَعَهُ، أَوْ فِي الْعِدَّةِ وَاحِدَةٌ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْبَاقِيَاتُ كَانَ لَهُ اخْتِيَارُ أَرْبَعٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كُنَّ أَلْفًا) ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصَلِّ فِي أَحْكَام زَوْجَات الْكَافِر إذَا أسلم عَلَى أَكْثَر مِنْ مباحة] (فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ زَوْجَاتِ الْكَافِرِ (قَوْلُهُ إنْ تَأَهَّلَ) قَيْدٌ لِلْمَتْنِ (قَوْلُهُ: لَا إمْسَاكُهُنَّ) مَعْطُوفٌ عَلَى اخْتِيَارِ أَرْبَعٍ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِوَقْتِ الِاخْتِيَارِ) أَيْ الْوَقْتِ الَّذِي يَدْخُلُ بِهِ الِاخْتِيَارُ وَهُوَ بَعْدَ إسْلَامِ الْجَمِيعِ.

الْعِدَّةُ مِنْ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ السَّبَبُ فِي الْفُرْقَةِ لَا مِنْ حِينِ الِاخْتِيَارِ وَفُرْقَتُهُنَّ فُرْقَةُ فَسْخٍ لَا فُرْقَةُ طَلَاقٍ، وَلَوْ أَسْلَمَتْ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ زَوْجٍ لَمْ يَكُنْ لَهَا اخْتِيَارٌ عَلَى الْأَصَحِّ أَسْلَمُوا مَعَهُ، أَوْ مُرَتَّبًا، ثُمَّ إنْ تَرَتَّبَ النِّكَاحَانِ فَهِيَ لِلْأَوَّلِ، وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَا دُونَهَا، أَوْ الْأَوَّلُ وَحْدَهُ وَهِيَ كِتَابِيَّةٌ، فَإِنْ مَاتَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ مَعَ الثَّانِي أُقِرَّتْ مَعَهُ إنْ اعْتَقَدُوا صِحَّتَهُ، وَإِنْ وَقَعَا مَعًا لَمْ تُقَرَّ مَعَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُطْلَقًا (وَإِنْ أَسْلَمَ) مِنْهُنَّ (مَعَهُ قَبْلَ دُخُولِ، أَوْ) أَسْلَمَ مَعَهُ، أَوْ بَعْدَهُ، أَوْ قَبْلَهُ بَعْدَ الدُّخُولِ (فِي الْعِدَّةِ أَرْبَعٌ فَقَطْ) بِأَنْ اجْتَمَعَ إسْلَامُهُ وَإِسْلَامُهُنَّ قَبْلَ انْقِضَائِهَا وَلَيْسَ تَحْتَهُ كِتَابِيَّةٌ (تَعَيَّنَ) وَانْدَفَعَ نِكَاحُ مَنْ بَقِيَ بِتَخَلُّفِهِنَّ مَثَلًا لِتَعَذُّرِ إمْسَاكِهِنَّ بِتَخَلُّفِهِنَّ عَنْهُ فِي الْأُولَى وَعَنْ الْعِدَّةِ فِي الثَّانِيَةِ. وَأَفْهَمَ مَا تَقَرَّرَ فِيهَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ تَحْتَهُ ثَمَانٍ مَثَلًا فَأَسْلَمَ أَرْبَعٌ لَمْ يَخْتَرْهُنَّ وَأَسْلَمَ الزَّائِدَاتُ، أَوْ بَعْضُهُنَّ فِي الْعِدَّةِ، أَوْ كَانَتْ الزَّائِدَاتُ كِتَابِيَّاتٍ لَمْ يَتَعَيَّنْ الْأَوَّلُ، وَأَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ أَرْبَعٌ ثُمَّ انْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ أَوْ مُتْنَ ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ الْبَاقِيَاتُ فِي عِدَّتِهِنَّ تَعَيَّنَتْ الْأَخِيرَاتُ لِاجْتِمَاعِ إسْلَامِهِنَّ مَعَ إسْلَامِهِ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهِنَّ، وَلَوْ أَسْلَمَ أَرْبَعٌ ثُمَّ هُوَ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهِنَّ وَتَخَلَّفَتْ الْبَاقِيَاتُ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ مِنْ حِينِ إسْلَامِهِ، أَوْ مُتْنَ مُشْرِكَاتٍ تَعَيَّنَتْ الْأُولَيَاتُ لِمَا ذُكِرَ، فَإِنْ لَمْ يَتَخَلَّفْنَ بَلْ أَسْلَمْنَ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهِنَّ مِنْ حِينِ إسْلَامِهِ اخْتَارَ أَرْبَعًا كَيْفَ شَاءَ لِاجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِ الْكُلِّ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهِنَّ. (وَلَوْ) (أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أُمٌّ وَبِنْتُهَا) نَكَحَهُمَا مَعًا، أَوْ لَا وَهُمَا (كِتَابِيَّتَانِ) ، أَوْ غَيْرُ كِتَابِيَّتَيْنِ وَلَكِنْ (أَسْلَمَتَا) (فَإِنْ دَخَلَ بِهِمَا) ، أَوْ شَكَّ فِي عَيْنِ الْمَدْخُولِ بِهَا (حَرُمَتَا أَبَدًا) وَلَوْ قُلْنَا بِفَسَادِ أَنْكِحَتِهِمْ لِأَنَّ وَطْءَ كُلٍّ بِشُبْهَةٍ يُحَرِّمُ الْأُخْرَى وَلِكُلٍّ الْمُسَمَّى إنْ صَحَّ وَإِلَّا فَمَهْرُ الْمِثْلِ (أَوْ لَا) أَيْ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ (بِوَاحِدَةٍ) مِنْهُمَا، أَوْ شَكَّ هَلْ دَخَلَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَوْ لَا (تَعَيَّنَتْ الْبِنْتُ) وَانْدَفَعَتْ الْأُمُّ لِحُرْمَتِهَا أَبَدًا بِالْعَقْدِ عَلَى الْبِنْتِ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ أَنْكِحَتِهِمْ (وَفِي قَوْلٍ يَتَخَيَّرُ) بِنَاءً عَلَى فَسَادِهَا (أَوْ) دَخَلَ (بِالْبِنْتِ) فَقَطْ (تَعَيَّنَتْ) الْبِنْتُ أَيْضًا لِحُرْمَةِ الْأُمِّ أَبَدًا بِالْعَقْدِ عَلَى الْبِنْتِ أَوْ بِوَطْئِهَا (أَوْ) دَخَلَ (بِالْأُمِّ حَرُمَتَا أَبَدًا) الْأُمُّ بِالْعَقْدِ عَلَى الْبِنْتِ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ أَنْكِحَتِهِمْ وَهِيَ بِوَطْءِ الْأُمِّ، وَلِلْأُمِّ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالدُّخُولِ عَلَى مَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمُسَمَّى فَاسِدًا وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ الْمُسَمَّى، وَاعْتَذَرَ فِي الْمُهِمَّاتِ عَنْ كَلَامِهِمَا بِحَمْلِهَا عَلَى مَا إذَا نَكَحَ الْأُمَّ وَالْبِنْتَ بِمَهْرٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ لِلْأُمِّ مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ نَكَحَ نِسْوَةً بِمَهْرٍ وَاحِدٍ (وَفِي قَوْلٍ تَبْقَى الْأُمُّ) بِنَاءً عَلَى فَسَادِ أَنْكِحَتِهِمْ، وَمَنْ انْدَفَعَتْ بِلَا وَطْءٍ لَمْ يَجِبْ لَهَا مَهْرٌ عِنْدَ ابْنِ الْحَدَّادِ وَلَهَا نِصْفُهُ عِنْدَ الْقَفَّالِ إنْ صَحَّحْنَا أَنْكِحَتَهُمْ. (أَوْ) أَسْلَمَ حُرٌّ (وَتَحْتَهُ أَمَةٌ) فَقَطْ (وَأَسْلَمَتْ مَعَهُ) قَبْلَ دُخُولٍ، أَوْ بَعْدَهُ (أَوْ) ـــــــــــــــــــــــــــــSهَذَا يُسْتَفَادُ مِنْ إطْلَاقِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ وَنَفَقَتُهُنَّ حَتَّى يَخْتَارَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَقَعَا مَعًا) أَيْ النِّكَاحَانِ بَقِيَ مَا لَوْ عُلِمَ السَّابِقُ وَنُسِيَ، أَوْ لَمْ يُعْلَمْ سَبْقٌ وَلَا مَعِيَّةٌ، أَوْ عُلِمَ السَّبْقُ وَلَمْ يُعْلَمْ عَيْنُ السَّابِقِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْكَمَ بِالْوَقْفِ فِيمَا لَوْ عُلِمَ السَّابِقُ وَنُسِيَ وَرُجِيَ بَيَانُهُ وَبِالْبُطْلَانِ فِي الْبَاقِي (قَوْلُهُ: بِتَخَلُّفِهِنَّ عَنْهُ فِي الْأُولَى) هِيَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ قَبْلَ دُخُولِ (قَوْلُهُ: وَعَنْ الْعِدَّةِ فِي الثَّانِيَةِ) هِيَ قَوْلُهُ، أَوْ أَسْلَمَ مَعَهُ (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ مَا تَقَرَّرَ فِيهَا) أَيْ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَخْتَرْهُنَّ) أَيْ لَمْ يَتَّفِقْ أَنَّهُ اخْتَارَهُنَّ بَعْدَ إسْلَامِ الْكُلِّ (قَوْلُهُ: وَأَسْلَمَ) أَيْ وَالْحَالُ (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَتْ الْأَخِيرَاتُ) رَاجِعْ وَجْهَهُ فِي الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ اخْتِيَارُ الْمَيِّتَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَوْتُهُنَّ قَبْلَ إسْلَامِهِ بِمَنْزِلَةِ انْقِضَاءِ عِدَّتِهِنَّ قَبْلَهُ، وَيُخَصُّ بِذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ فَيَكُونُ قَوْلُهُ السَّابِقُ وَلَوْ مَيِّتَاتٌ مَفْرُوضًا فِيمَا إذَا مُتْنَ بَعْدَ إسْلَامِهِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَتْ الْأُولَيَاتُ لِمَا ذُكِرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِاجْتِمَاعِ إسْلَامِهِنَّ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَمَنْ انْدَفَعَتْ بِلَا وَطْءٍ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ لَهَا مَهْرٌ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُهُ فَإِنَّ الْفُرْقَةَ لَمْ تَحْصُلْ مِنْهَا بَلْ مِنْهُ حَيْثُ اخْتَارَ غَيْرَهَا لِلنِّكَاحِ إنْ أَسْلَمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ إنْ صَحَّحْنَا أَنْكِحَتَهُمْ) يَعْنِي بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ أَنْكِحَتِهِمْ، فَكَلَامُ الْقَفَّالِ مَبْنِيٌّ عَلَى صِحَّتِهَا كَمَا أَنَّ كَلَامَ ابْنِ الْحَدَّادِ مَبْنِيٌّ

أَسْلَمَتْ بَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ (فِي الْعِدَّةِ أُقِرَّ) النِّكَاحُ (إنْ حَلَّتْ لَهُ الْأَمَةُ) عِنْدَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهَا لِإِعْسَارِهِ مَعَ خَوْفِهِ الْعَنَتَ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ يُقَرُّ ابْتِدَاءً عَلَى نِكَاحِهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَحِلَّ لَهُ الْآنَ، وَلَوْ طَلَّقَهَا فِي الْحَالَةِ الْأُولَى ثُمَّ أَيْسَرَ حَلَّتْ لَهُ رَجْعَتُهَا لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ (وَإِنْ تَخَلَّفَتْ) عَنْ إسْلَامِهِ أَوْ عَكْسُهُ (قَبْلَ دُخُولٍ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ) لِمَا مَرَّ مِنْ حُرْمَةِ الْأَمَةِ الْكَافِرَةِ عَلَى الْمُسْلِمِ مُطْلَقًا. (أَوْ) أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ (إمَاءٌ وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ) وَلَوْ قَبْلَ وَطْءٍ (أَوْ) أَسْلَمْنَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ (فِي الْعِدَّةِ) (اخْتَارَ أَمَةً) وَاحِدَةً (إنْ حَلَّتْ لَهُ) لِوُجُودِ شُرُوطِ نِكَاحِهَا فِيهِ (عَنْهُ اجْتِمَاعُ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِنَّ) قَيْدٌ فِي اخْتِيَارِ أَمَةٍ مِنْ الْكُلِّ فَلَا يُنَافِي قَوْلَ غَيْرِهِ عِنْدَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهَا لِأَنَّهُ فِي أَمَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْهُنَّ كَمَا يَأْتِي وَذَلِكَ لِحِلِّ ابْتِدَاءِ نِكَاحِهَا حِينَئِذٍ، وَيَنْفَسِخُ نِكَاحُ الْبَوَاقِي هَذَا إنْ كَانَ حُرًّا، وَإِلَّا اخْتَارَ ثِنْتَيْنِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَحِلَّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ عِنْدَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِنَّ (انْدَفَعْنَ) كُلُّهُنَّ مِنْ حِينِ الْإِسْلَامِ لِحُرْمَةِ ابْتِدَاءِ نِكَاحِ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ حِينَئِذٍ وَلَوْ اخْتَصَّ الْحِلُّ بِوُجُودِهِ فِي بَعْضٍ تَعَيَّنَ، فَلَوْ أَسْلَمَ ذُو ثَلَاثِ إمَاءٍ فَأَسْلَمَتْ وَاحِدَةٌ وَهِيَ تَحِلُّ لَهُ ثُمَّ الْأُخْرَيَانِ وَهُمَا لَا يَحِلَّانِ تَعَيَّنَتْ الْأُولَى، أَوْ الْأُولَى وَالثَّالِثَةُ وَهُمَا يَحِلَّانِ دُونَ الثَّانِيَةِ اخْتَارَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا، وَلَوْ أَسْلَمَ عَلَى أَرْبَعِ إمَاءٍ فَأَسْلَمَ مَعَهُ ثِنْتَانِ وَتَخَلَّفَ ثِنْتَانِ فَعَتَقَتْ وَاحِدَةٌ مِنْ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ وَأَسْلَمَتْ الْمُتَخَلِّفَتَانِ عَلَى الرِّقِّ انْدَفَعَ نِكَاحُهُمَا لِأَنَّ تَحْتَ زَوْجِهِمَا حُرَّةٌ عِنْدَ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهَا لَا نِكَاحَ الْقِنَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ لِأَنَّ عِتْقَ صَاحِبِهَا كَانَ بَعْدَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهَا وَإِسْلَامِ الزَّوْجِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِي حَقِّهَا وَاخْتَارَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا، كَذَا ذَكَرَاهُ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْأَصَحَّ مَا ذَكَرَهُ آخَرُونَ حَتَّى الْمُصَنِّفُ فِي تَنْقِيحِهِ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْجَمِيعِ لِأَنَّ الْعَتِيقَةَ فِي حَالِ الِاجْتِمَاعِ فِي الْإِسْلَامِ كَانَتْ أَمَةً لَكِنْ أَطَالَ السُّبْكِيُّ فِي رَدِّهِ وَالِانْتِصَارِ لِلْأَوَّلِ. (أَوْ) أَسْلَمَ حُرٌّ وَتَحْتَهُ (حُرَّةٌ) تَصْلُحُ لِلتَّمَتُّعِ (وَإِمَاءٌ وَأَسْلَمْنَ) أَيْ الْحُرَّةُ وَالْإِمَاءُ (مَعَهُ) وَلَوْ قَبْلَ وَطْءٍ (أَوْ) أَسْلَمْنَ قَبْلَهُ، أَوْ بَعْدَهُ (فِي الْعِدَّةِ تَعَيَّنَتْ) الْحُرَّةُ وَإِنْ مَاتَتْ، أَوْ ارْتَدَّتْ سَوَاءٌ أَسْلَمَ الْإِمَاءُ قَبْلَهَا أَمْ بَعْدَهَا أَمْ بَيْنَ إسْلَامِ الزَّوْجِ وَإِسْلَامِهَا (وَانْدَفَعْنَ) أَيْ الْإِمَاءُ لِأَنَّهَا تَمْنَعُهُنَّ ابْتِدَاءً فَكَذَا دَوَامًا، وَلِهَذَا لَوْ لَمْ تَصْلُحْ لِلِاسْتِمْتَاعِ اخْتَارَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَإِنْ أَصَرَّتْ) تِلْكَ الْحُرَّةُ عَلَى الْكُفْرِ وَلَمْ تَكُنْ كِتَابِيَّةٌ يَحِلُّ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا (فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا) وَهِيَ مُصِرَّةٌ (اخْتَارَ أَمَةً) إنْ حَلَّتْ لَهُ الْأَمَةُ لِتَبَيُّنِ انْدِفَاعِ الْحُرَّةِ مِنْ حِينِ إسْلَامِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ تَمَحَّضَ الْإِمَاءُ، أَمَّا لَوْ اخْتَارَ أَمَةً قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْحُرَّةِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ بَانَ انْدِفَاعُ الْحُرَّةِ لِوُقُوعِهِ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ فَيُجَدِّدُهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا (وَلَوْ أَسْلَمَتْ) الْحُرَّةُ مَعَهُ، أَوْ فِي الْعِدَّةِ (وَعَتَقْنَ) ـــــــــــــــــــــــــــــSالْجَمِيعُ وَإِنْ كَانَ انْدِفَاعُهَا لِتَخَلُّفِهَا عَنْ الْعِدَّةِ فَقَدْ عُلِمَ حُكْمُ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ فِي قَوْلِهِ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ، أَوْ قَبْلَهُ وَصَحَّحَ، فَإِنْ كَانَ الِانْدِفَاعُ بِإِسْلَامِهَا إلَخْ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمُسْلِمِ مُطْلَقًا) أَيْ وُجِدَتْ شُرُوطُ نِكَاحِ الْأَمَةِ، أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: هَذَا إنْ كَانَ حُرًّا) أَيْ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ، أَوْ لِآخَرَ (قَوْلُهُ: انْدَفَعَ نِكَاحُهُمَا) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَكُنْ كِتَابِيَّةً) أَيْ أَمَّا إذَا كَانَتْ كَذَلِكَ تَعَيَّنَتْ وَانْدَفَعَتْ الْأَمَةُ (قَوْلُهُ: فَيُجَدِّدُهُ) أَيْ الِاخْتِيَارَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى فَسَادِهَا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ صَنِيعُهُ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ مِنْ حُرْمَةِ الْأَمَةِ الْكَافِرَةِ إلَخْ) هُوَ تَعْلِيلٌ قَاصِرٌ إذْ لَا يَتَأَتَّى فِي صُورَةِ الْعَكْسِ عَلَى أَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ حُرَّةً وَأَسْلَمَتْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ دَامَ النِّكَاحُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ، فَالتَّعْلِيلُ الصَّحِيحُ الشَّامِلُ لِلصُّورَتَيْنِ مَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ النِّكَاحَ قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يُؤَكَّدْ، وَقَدْ يُجَابُ عَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ إنَّمَا آثَرَ التَّعْلِيلَ بِمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ الْحُرَّةَ إذَا كَانَتْ كِتَابِيَّةً أُقِرَّتْ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَهِيَ تَحِلُّ لَهُ) أَيْ بِأَنْ تَوَفَّرَتْ فِيهِ شُرُوطُ حِلِّ نِكَاحِ الْأَمَةِ عِنْدَ إسْلَامِهَا (قَوْلُهُ: وَهُمَا لَا يَحِلَّانِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مُوسِرًا عِنْدَ إسْلَامِهِمَا وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ

أَيْ الْإِمَاءُ قَبْلَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِنَّ (ثُمَّ أَسْلَمْنَ فِي الْعِدَّةِ فَكَحَرَائِرَ) أَصْلِيَّاتٍ لِكَمَالِهِنَّ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهِنَّ (فَيَخْتَارُ) الْحُرُّ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا (أَرْبَعًا) وَكَذَا لَوْ أَسْلَمْنَ ثُمَّ عَتَقْنَ ثُمَّ أَسْلَمَ أَوْ عَتَقْنَ ثُمَّ أَسْلَمْنَ ثُمَّ أَسْلَمَ أَوْ عَتَقْنَ ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ أَسْلَمْنَ وَضَابِطُهُ أَنْ يَعْتِقْنَ قَبْلَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِنَّ، فَإِنْ تَأَخَّرَ عِتْقُهُنَّ عَنْ الْإِسْلَامِيِّينَ تَعَيَّنَتْ الْحُرَّةُ إنْ كَانَتْ وَصَلُحَتْ وَإِلَّا اخْتَارَ أَمَةً تَحِلُّ وَأَلْحَقَ مُقَارَنَةَ الْعِتْقِ لِإِسْلَامِهِنَّ بِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ (وَالِاخْتِيَارُ) أَيْ أَلْفَاظُهُ الدَّالَّةُ عَلَيْهِ (اخْتَرْتُك) أَوْ اخْتَرْت نِكَاحَك، أَوْ تَقْرِيرَهُ، أَوْ حَبْسُك، أَوْ عَقْدُك، أَوْ قَرَّرْتُك (أَوْ قَرَرْت نِكَاحَك، أَوْ أَمْسَكْتُك) ، أَوْ أَمْسَكْت نِكَاحَك (أَوْ ثَبَّتُّك) ، أَوْ ثَبَتَ نِكَاحُك، أَوْ حَبَسْتُك عَلَى النِّكَاحِ وَكُلُّهَا صَرَائِحُ إلَّا مَا حُذِفَ مِنْهُ لَفْظُ النِّكَاحِ فَكِنَايَةٌ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الِاخْتِيَارِ بِهَا نَظَرًا إلَى أَنَّهُ إدَامَةٌ، وَمُجَرَّدُ اخْتِيَارِ الْفَسْخِ لِلزَّائِدَاتِ عَلَى الْأَرْبَعِ يُعَيِّنُ الْأَرْبَعَ لِلنِّكَاحِ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُنَّ أُرِيدُكُنَّ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِلزَّائِدَاتِ لَا أُرِيدُكُنَّ، لَكِنْ يَظْهَرُ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ أُرِيدُكُنَّ لِلنِّكَاحِ صَرِيحٌ وَمَعَ حَذْفُهُ كِنَايَةٌ، وَنَحْوُ فَسَخْت أَوْ أَزَلْت، أَوْ رَفَعْت، أَوْ صَرَفْت نِكَاحَك صَرِيحُ فَسْخٍ، وَنَحْوُ فَسَخْتُك أَوْ صَرَفْتُك كِنَايَةٌ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ صِحَّةُ الِاخْتِيَارِ بِالْكِنَايَةِ وَإِنْ مَنَعَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَقَالَا إنَّهُ كَابْتِدَاءِ النِّكَاحِ (وَالطَّلَاقُ) بِصَرِيحٍ، أَوْ كِنَايَةٍ وَلَوْ مُعَلَّقًا كَأَنْ نَوَى بِالْفَسْخِ طَلَاقًا (اخْتِيَارٌ) لِلْمُطَلَّقَةِ إذْ لَا يُخَاطَبُ بِهِ إلَّا الزَّوْجَةُ، فَإِنْ طَلَّقَ أَرْبَعًا تَعَيَّنَ لِلنِّكَاحِ وَانْدَفَعَ الْبَاقِي شَرْعًا، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ فِي الْفَسْخِ قَوْلُهُمْ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَوَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ لِأَنَّا نَمْنَعُ وُجُودَ نَفَاذِهِ فِي مَوْضُوعِهِ عِنْدَ إرَادَتِهِ بِهِ الطَّلَاقَ، إذْ الْمُرَادَةُ بِالطَّلَاقِ لَيْسَتْ مَحْمَلًا لِلْفَسْخِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ يَقْتَضِيهِ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ لَفْظَ الطَّلَاقِ اقْتَضَى أَنْ لَا يَصِحَّ بِمَعْنَاهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ فَسَخْت نِكَاحَك بِنِيَّةِ الطَّلَاقِ اخْتِيَارٌ لِلنِّكَاحِ وَإِنْ أَرَادَ الْأَعَمَّ، وَرُدَّ عَلَيْهِ أَنَّ الْفِرَاقَ مِنْ صَرَائِحِ الطَّلَاقِ وَهُوَ هُنَا فِيهِ فَسْخٌ لِأَنَّا نَقُولُ بِاخْتِيَارِ الثَّانِي، وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ الْفِرَاقُ لِأَنَّهُ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ فَهُوَ فِي حَقِّ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ الْعَدَدِ الشَّرْعِيِّ صَرِيحٌ فِي الْفَسْخِ وَفِي حَقِّ غَيْرِهِ صَرِيحٌ فِي الطَّلَاقِ (لَا الظِّهَارُ وَالْإِيلَاءُ) فَلَيْسَ أَحَدُهُمَا اخْتِيَارًا (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الظِّهَارِ لِتَحْرِيمِهِ وَالْإِيلَاءِ لِتَحْرِيمِهِ أَيْضًا لِكَوْنِهِ حَلِفًا عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْوَطْءِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ أَلْيَقُ مِنْهُ بِالْمَنْكُوحَةِ، فَإِنْ اخْتَارَ الْمُولِي، أَوْ الْمُظَاهِرُ مِنْهَا لِلنِّكَاحِ حُسِبَتْ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ مِنْ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ فَيَصِيرُ فِي الظِّهَارِ عَائِدًا إنْ لَمْ يُفَارِقْهَا حَالًا وَلَيْسَ الْوَطْءُ اخْتِيَارًا لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ ابْتِدَاءٌ، أَوْ اسْتِدَامَةٌ لِلنِّكَاحِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: تَعَيَّنَتْ الْحُرَّةُ إنْ كَانَتْ) أَيْ إنْ وُجِدَتْ (قَوْلُهُ: قَرَّرْت نِكَاحَك) أَيْ وَلَيْسَ الشَّهَادَةُ شَرْطًا فِيهِ، بِخِلَافِ ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ فَإِنَّ الشُّهُودَ شَرْطٌ فِيهِ وَلَا اطِّلَاعَ لَهُمْ عَلَى النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَكُلُّهَا صَرَائِحُ) أَيْ فَلَا تَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ فِي الْفَسْخِ) أَيْ مِنْ صَرَاحَتِهِ مَعَ النِّكَاحِ وَجَعْلِهِ كِنَايَةً بِدُونِهِ وَوُقُوعِ الطَّلَاقِ بِنِيَّتِهِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ كَأَنْ نَوَى إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَمْنَعُ) وَفِي شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا مُسْتَثْنًى رِعَايَةً لِمَنْ رَغِبَ فِي الْإِسْلَامِ اهـ. وَهُوَ قَرِيبٌ مِمَّا ذَكَرَهُ حَجّ وَعِبَارَتُهُ لِأَنَّهَا أَيْ الْقَاعِدَةَ أَغْلَبِيَّةٌ اهـ. وَهِيَ أَوْلَى لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ قَدْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي لِإِبْطَالِ الْقَاعِدَةِ فَإِنَّ مَا ذَكَرُوا فِيهِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ كِنَايَةً لِكَوْنِهِ يَجِدُ نَفَاذًا يُقَالُ فِيهِ بِمِثْلِ مَا ذُكِرَ وَهُوَ أَنَّهُ بِنِيَّةٍ غَيْرِ مَدْلُولَةٍ لَا يَجِدُ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّا نَقُولُ بِاخْتِيَارِ الثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ وَإِنْ أَرَادَ الْأَعَمَّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ) عِبَارَةُ حَجّ بَعْدَمَا ذَكَرَ: وَهُوَ هُنَا بِالْفَسْخِ أَوْلَى مِنْهُ بِالطَّلَاقِ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ فَمِنْ ثَمَّ قَالُوا إنَّهُ صَرِيحٌ فِيهِ كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ اهـ. وَهِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى تَوْجِيهِ صَرَاحَتِهِ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: عِنْدَ إرَادَتِهِ بِهِ الطَّلَاقَ) أَيْ أَمَّا عِنْدَ عَدَمِ إرَادَتِهِ فَهُوَ وَاجِدٌ نَفَاذَهُ وَهُوَ الدَّفْعُ عَنْ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّا نَقُولُ) لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا عَنْ قَوْلِهِ وَمَا قِيلَ إلَخْ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ خَبَرٍ كَأَنْ يُقَالَ مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إلَخْ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالظِّهَارُ) مَعْطُوفٌ عَلَى مُدَّةٍ

وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَحْصُلُ بِهِ. وَالثَّانِي هُمَا تَعْيِينٌ لِلنِّكَاحِ كَالطَّلَاقِ (وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ اخْتِيَارِ) اسْتِقْلَالِيٍّ (وَ) لَا تَعْلِيقُ (فَسْخٍ) كَإِنْ دَخَلْت فَقَدْ اخْتَرْت نِكَاحَك، أَوْ فَسْخَهُ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ ابْتِدَاءٌ، أَوْ اسْتِدَامَةٌ وَكُلٌّ يَمْتَنِعُ تَعْلِيقُهُ وَلِأَنَّ مَنَاطَ الِاخْتِيَارِ الشَّهْوَةُ وَهُوَ لَا يَقْبَلُ تَعْلِيقًا لِأَنَّهُ قَدْ يُوجَدُ وَقَدْ لَا، أَمَّا تَعْلِيقُهُ ضِمْنًا كَإِنْ دَخَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ مَنْ دَخَلَتْ فَهِيَ طَالِقٌ تَصْحِيحٌ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الضِّمْنِيِّ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمُسْتَقِلِّ (وَلَوْ حُصِرَ الِاخْتِيَارُ فِي خَمْسٍ) ، أَوْ أَكْثَرَ (انْدَفَعَ مَنْ زَادَ) عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَعْيِينًا تَامًّا (وَعَلَيْهِ التَّعْيِينُ) التَّامُّ وَهُوَ أَرْبَعٌ فِي الْحُرِّ وَثِنْتَانِ فِي غَيْرِهِ لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْفَصْلِ الْمُغْنِي عَمَّا هُنَا لَوْلَا تَوَهُّمُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَأْتِي هُنَا (وَنَفَقَتُهُنَّ) أَيْ الْخَمْسِ، وَكَذَا كُلُّ مَنْ أَسْلَمَ عَلَيْهِنَّ إذَا لَمْ يَخْتَرْ مِنْهُنَّ شَيْئًا، وَأَرَادَ بِالنَّفَقَةِ مَا يَعُمُّ سَائِرَ الْمُؤَنِ (حَتَّى يَخْتَارَ) الْحُرُّ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا وَغَيْرُهُ ثِنْتَيْنِ لِأَنَّهُنَّ مَحْبُوسَاتٌ بِحُكْمِ النِّكَاحِ (فَإِنْ تَرَكَ الِاخْتِيَارَ) ، أَوْ التَّعْيِينَ (حُبِسَ) إلَى إتْيَانِهِ بِهِ لِامْتِنَاعِهِ مِنْ وَاجِبٍ لَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ فِيهِ، فَإِنْ اُسْتُمْهِلَ أُمْهِلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، كَمَا قَالَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ إنَّهُ يَنْبَغِي الْقَطْعُ بِهِ لِأَنَّهَا مُدَّةٌ التَّرَوِّي شَرْعًا، فَإِنْ لَمْ يَفْدِ فِيهِ الْحَبْسُ عَزَّرَهُ بِمَا يَرَاهُ مِنْ ضَرْبٍ وَغَيْرِهِ، فَإِذَا بَرِئَ مِنْ أَلَمِ الْأَوَّلِ أَعَادَهُ وَهَكَذَا إلَى أَنْ يَخْتَارَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْحَبْسَ تَعْزِيرٌ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمَا يُخَالِفُهُ فَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَعْزِيرُهُ ابْتِدَاءً بِنَحْوِ ضَرْبٍ لِأَنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ تَرَوٍّ فَلَمْ يُبَادِرْ بِمَا يُشَوِّشُ الْفِكْرَ وَيُعَطِّلُهُ عَنْ الِاخْتِيَارِ بَلْ بِمَا يُصَفِّيهِ وَيَحْمِلُهُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْحَبْسُ، وَيُتْرَكُ نَحْوُ مَجْنُونٍ إلَى إفَاقَتِهِ، وَلَا يَنُوبُ الْحَاكِمُ عَنْ الْمُمْتَنِعِ لِأَنَّهُ خِيَارُ شَهْوَةٍ وَبِهِ فَارَقَ تَطْلِيقَهُ عَلَى الْمُولِي الْآتِي وَمَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ تَوَقُّفِ حَبْسِهِ عَلَى طَلَبٍ وَلَوْ مِنْ بَعْضِهِنَّ: لِأَنَّهُ حَقُّهُنَّ كَالدَّيْنِ بِنَاءً عَلَى رَأْيِهِ أَنْ " أَمْسِكْ أَرْبَعًا " فِي الْخَبَرِ لِلْإِبَاحَةِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لِلْوُجُوبِ وَإِنْ وَافَقَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ وُجُوبٌ لِحَقِّهِ تَعَالَى لِمَا يَلْزَمُ عَلَى حِلِّ تَرْكِهِ مِنْ إمْسَاكِ أَكْثَرِ مِنْ أَرْبَعٍ فِي الْإِسْلَامِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ " فَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْأَوْجَهُ وُجُوبُ عَدَمِ تَوَقُّفِهِ عَلَى طَلَبٍ أَخْذًا بِإِطْلَاقِهِمْ (فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ) أَيْ الِاخْتِيَارِ (اعْتَدَّتْ حَامِلٌ بِهِ) أَيْ بِوَضْعِ الْحَمْلِ وَإِنْ كَانَتْ ذَاتَ أَقْرَاءٍ (وَذَاتُ أَشْهُرٍ وَغَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ) احْتِيَاطًا لِاحْتِمَالِ الزَّوْجِيَّةِ فِي كُلٍّ مِنْهُنَّ، وَذَكَرَ الْعَشْرَ تَغْلِيبًا لِلَّيَالِيِ كَمَا فِي الْآيَةِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْفَسْخِ وَأَنَّهُ مَعَ كَوْنِهِ صَرِيحًا فِيهِ يَكُونُ كِنَايَةً فِي الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: اسْتِقْلَالِيٌّ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ مَعَ كَوْنِهِ اخْتِيَارًا لَكِنَّهُ ضِمْنِيٌّ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: اسْتِدَامَةٌ) أَيْ لِلنِّكَاحِ (قَوْلُهُ وَهُوَ لَا يَقْبَلُ) أَيْ الْمَنَاطُ وَكَانَ الْأَوْلَى وَهِيَ (قَوْلُهُ وَلَوْ حَصَرَ الِاخْتِيَارَ) لَوْ أَسْلَمَ عَلَى عَشْرٍ مَثَلًا وَاخْتَارَ مِنْهُنَّ سِتًّا فِيهِنَّ أُخْتَانِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اخْتِيَارِ أَرْبَعٍ مِنْ السِّتِّ، وَلَا يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِلِاخْتِيَارِ لِانْدِفَاعِ الْأُخْتَيْنِ لِجَوَازِ اخْتِيَارِهِ وَاحِدَةً مِنْهُمَا مَعَ ثَلَاثٍ مِنْ غَيْرِهِمَا م ر اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ فَإِنْ اُسْتُمْهِلَ أُمْهِلَ) أَيْ وُجُوبًا، وَقَوْلُهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ أَيْ كَوَامِلَ (قَوْلُهُ: إلَى أَنْ يَخْتَارَ) أَيْ وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ جِدًّا (قَوْلُهُ: إلَى إفَاقَتِهِ) أَيْ وَإِنْ طَالَ جُنُونُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَافَقَهُ الْأَذْرَعِيُّ) فِي كَلَامِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وسم نَقْلًا عَنْ بِرّ أَنَّ الْأَذْرَعِيَّ تَعَقَّبَ السُّبْكِيَّ فِي ذَلِكَ لَا أَنَّهُ وَافَقَهُ فَرَاجِعْهُ اهـ. فَلَعَلَّ الْأَذْرَعِيَّ اخْتَلَفَ كَلَامُهُ (قَوْلُهُ وَذَاتُ أَشْهُرٍ) أَيْ لِكَوْنِهَا صَغِيرَةً، أَوْ آيِسَةً (قَوْلُهُ لَوْ قَالَ وَعَشْرَةٌ) أَيْ لَوْ قَالَ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ (قَوْلُهُ عَنْ كَلَامِ الْعَرَبِ) أَيْ لِأَنَّهُمْ يُغَلِّبُونَ اللَّيَالِيَ عَنْ الْأَيَّامِ وَمِنْ ثَمَّ يُؤَرِّخُونَ بِهَا فَيَقُولُونَ لِعَشْرِ لَيَالٍ مَضَيْنَ مِنْ شَهْرِ كَذَا، أَوْ بَقِينَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلِأَنَّ مَنَاطَ الِاخْتِيَارِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلِأَنَّ مَنَاطَ الِاخْتِيَارِ الشَّهْوَةُ فَلَمْ يُقْبَلْ تَعْلِيقًا؛ لِأَنَّهَا قَدْ تُوجَدُ وَقَدْ لَا انْتَهَتْ. وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَهُوَ أَيْ الْمَنَاطُ (قَوْلُهُ: وَيُتْرَكُ نَحْوُ مَجْنُونٍ إلَخْ) قَدْ تَقَدَّمَ مَا يَشْمَلُ هَذَا وَغَيْرَهُ (قَوْلُهُ: تَغْلِيبًا لِلَّيَالِيِ) كَمَا فِي الْآيَةِ وَكَأَنَّهَا إنَّمَا غُلِّبَتْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ وَعَشْرَةٌ لَتُوُهِّمَ عَشْرَةٌ مِنْ

[فصل في مؤنة المسلمة أوالمرتدة]

الزَّمَخْشَرِي: لَوْ قَالَ وَعَشْرَةً كَانَ خَارِجًا عَنْ كَلَامِ الْعَرَبِ (وَذَاتُ الْأَقْرَاءِ بِالْأَكْثَرِ مِنْ) الْبَاقِي وَقْتَ الْمَوْتِ مِنْ (الْأَقْرَاءِ) الْمَحْسُوبِ ابْتِدَاؤُهَا عَنْ حِينِ إسْلَامِهَا إنْ أَسْلَمَا مَعًا وَإِلَّا فَمِنْ إسْلَامِ السَّابِقِ (وَأَرْبَعَةٌ) مِنْ الْأَشْهُرِ (وَعَشْرٌ) مِنْ الْمَوْتِ لِأَنَّ كُلًّا يَحْتَمِلُ كَوْنَهَا زَوْجَةً فَتَلْزَمُهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ وَمُفَارَقَةٌ فِي الْحَيَاةِ فَعَلَيْهَا الْأَقْرَاءُ فَوَجَبَ الِاحْتِيَاطُ لِتَحِلَّ بِيَقِينٍ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَالْمُرَادُ الْأَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ، وَمَا بَقِيَ مِنْ الْأَقْرَاءِ صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَيُوقَفُ) فِيمَا إذَا مَاتَ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ (نُصِيبُ زَوْجَاتٍ) أَسْلَمْنَ كُلُّهُنَّ مِنْ رُبُعٍ، أَوْ ثُمُنٍ بِعَوْلٍ، أَوْ دُونَهُ لِلْعِلْمِ بِأَنَّ فِيهِنَّ أَرْبَعَ زَوْجَاتٍ لَكِنْ جَهِلْنَ أَعْيَانَهُنَّ (حَتَّى يَصْطَلِحْنَ) عَلَى ذَلِكَ بِتَسَاوٍ، أَوْ تَفَاضُلٍ، نَعَمْ إنْ كَانَ فِيهِنَّ مَحْجُورَةٌ امْتَنَعَ عَلَى وَلِيِّهَا الْمُصَالَحَةُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ حِصَّتِهَا مِنْ عَدَدِهِنَّ كَالثُّمُنِ إذَا كُنَّ ثَمَانِيَةً لِأَنَّا وَإِنْ لَمْ نَتَيَقَّنْ أَنَّهُ حَقُّهَا لَكِنَّهَا صَاحِبَةُ يَدٍ عَلَى ثُمُنِ الْمَوْقُوفِ وَلَوْ طَلَبَ بَعْضُهُنَّ شَيْئًا قَبْلَ الصُّلْحِ أُعْطِيَ الْيَقِينَ وَإِنْ لَمْ يَبْرَأْ مِنْ الْبَاقِي، أَمَّا إذَا أَسْلَمَ بَعْضٌ وَالْبَاقِيَاتُ يَصْلُحْنَ لِلنِّكَاحِ كَثَمَانِ كِتَابِيَّاتٍ أَسْلَمَ مِنْهُنَّ أَرْبَعٌ، أَوْ أَرْبَعُ كِتَابِيَّاتٍ وَأَرْبَعُ وَثَنِيَّاتٍ وَأَسْلَمَ الْوَثَنِيَّاتُ فَلَا شَيْءَ لِلْمُسْلِمَاتِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْكِتَابِيَّاتِ هُنَّ الزَّوْجَاتُ. (فَصْلٌ) فِي مُؤْنَةِ الْمُسْلِمَةِ أَوْ الْمُرْتَدَّةِ لَوْ (أَسْلَمَا مَعًا) قَبْلَ دُخُولٍ أَوْ بَعْدَهُ (اسْتَمَرَّتْ النَّفَقَةُ) وَبَقِيَّةُ الْمُؤَنِ لِبَقَاءِ النِّكَاحِ (وَلَوْ أَسْلَمَ) هُوَ (وَأَصَرَّتْ) وَلَمْ تَكُنْ كِتَابِيَّةً كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَحَذَفَهُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ كَلَامِهِ سَابِقًا (حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ فَلَا) نَفَقَةَ لَهَا لِإِسَاءَتِهَا بِتَخَلُّفِهَا عَنْ الْإِسْلَامِ الْوَاجِبِ عَلَيْهَا فَوْرًا مِنْ غَيْرِ رُخْصَةٍ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ جِهَتِهِ مَنْعٌ بِوَجْهٍ، (وَإِنْ أَسْلَمَتْ فِيهَا) أَيْ الْعِدَّةُ (لَمْ تَسْتَحِقَّ لِمُدَّةِ التَّخَلُّفِ) شَيْئًا (فِي الْجَدِيدِ) لِإِسَاءَتِهَا بِالتَّخَلُّفِ أَيْضًا وَإِنْ بَانَ بِإِسْلَامِهَا أَنَّهَا زَوْجَةٌ وَالْقَدِيمُ الْوُجُوبُ لِتَبَيُّنِ زَوْجِيَّتِهَا وَهِيَ لَمْ تُحْدِثْ شَيْئًا وَالزَّوْجُ هُوَ الَّذِي بَدَّلَ الدَّيْنَ، وَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَنَّهَا لَوْ تَخَلَّفَتْ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ ثُمَّ أَسْلَمَتْ عَقِبَ زَوَالِ الْمَانِعِ اسْتَحَقَّتْ كَمَا أَرْشَدَ إلَيْهِ تَعْلِيلُهُمْ مَرْدُودٌ لِأَنَّهَا تَسْقُطُ بِعَدَمِ التَّمْكِينِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ نُشُوزٌ وَلَا تَقْصِيرٌ مِنْ الزَّوْجَةِ كَمَا تَسْقُطُ بِحَبْسِهَا ظُلْمًا، وَالتَّخَلُّفُ هُنَا بِمَنْزِلَةِ النُّشُوزِ وَهُوَ مُسْقِطٌ لِلنَّفَقَةِ وَلَوْ مِنْ نَحْوِ صَغِيرَةٍ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِيمَنْ سَبَقَ إسْلَامُهُ مِنْهُمَا صَدَقَتْ لِأَنَّهُ يَدَّعِي مُسْقِطًا لِلنَّفَقَةِ الَّتِي كَانَتْ وَاجِبَةً وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ (وَلَوْ) (أَسْلَمَتْ) هِيَ (أَوَّلًا فَأَسْلَمَ) هُوَ (فِي الْعِدَّةِ) فَلَهَا نَفَقَةُ تَخَلُّفِهِ (أَوْ أَصَرَّ) إلَى انْقِضَائِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْهُ، وَلَعَلَّ الْحِكْمَةَ فِي ذَلِكَ أَنَّ اللَّيَالِيَ سَابِقَةٌ عَلَى الْأَيَّامِ (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهَا الْأَقْرَاءُ) أَيْ الِاعْتِدَادُ بِالْأَقْرَاءِ (قَوْلُهُ: إذَا كُنَّ ثَمَانِيَةً) الْأَوْلَى ثَمَانِيًا لِأَنَّ الْمَعْدُودَ مُؤَنَّثٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَبْرَأْ مِنْ الْبَاقِي) فَلَوْ كُنَّ ثَمَانِيًا وَطَلَبَ أَرْبَعٌ لَمْ يُعْطَيْنَ شَيْئًا، أَوْ خَمْسٌ أَعْطَيْنَ رُبْعَ الْمَوْقُوفِ لِتَيَقُّنِ أَنَّ فِيهِنَّ زَوْجَةً، أَوْ سِتٌّ فَالنِّصْفُ وَهَكَذَا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْكِتَابِيَّاتِ هُنَّ الزَّوْجَاتُ) أَيْ وَشَرْطُ الْإِرْثِ تَحَقَّقَ مُوجِبُهُ. (فَصْلٌ) فِي مُؤْنَةِ الْمُسْلِمَةِ أَوْ الْمُرْتَدَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَشْهُرِ (قَوْلُهُ: كَانَ خَارِجًا عَنْ كَلَامِ الْعَرَبِ) نَقَلَ الشِّهَابُ سم عَنْ الْبَيْضَاوِيِّ مَا مَعْنَاهُ أَنَّ الْعَرَبَ لَمْ يَقَعْ فِي كَلَامِهِمْ فِي مِثْلِ ذَلِكَ مُرَاعَاةُ الْأَيَّامِ أَصْلًا، وَوَجْهُهُ بِأَنَّ اللَّيَالِيَ غُرَرُ الْأَعْوَامِ وَالشُّهُورِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْمُرَادُ إلَخْ) هُوَ مُكَرَّرٌ مَعَ مَا حَلَّ بِهِ الْمَتْنَ (قَوْلُهُ: أَعْطَى الْيَقِينَ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ كُنَّ ثَمَانِيًا فَطَلَبَ أَرْبَعٌ لَمْ يُعْطَيْنَ شَيْئًا أَوْ خَمْسٌ أُعْطِينَ رُبُعَ الْمَوْقُوفِ لِتَيَقُّنِ أَنَّ فِيهِنَّ زَوْجَةً أَوْ سِتٌّ فَالنِّصْفُ وَهَكَذَا، وَلَهُنَّ قِسْمَةُ مَا أَخَذْنَهُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ وَلَا يَنْقَطِعُ بِهِ تَمَامُ حَقِّهِنَّ. [فَصْلٌ فِي مُؤْنَةِ الْمُسْلِمَةِ أَوْالْمُرْتَدَّةِ] (فَصْلٌ) فِي مُؤْنَةِ الْمُسْلِمَةِ أَوْ الْمُرْتَدَّةِ

[باب الخيار في النكاح]

(فَلَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ) لِإِحْسَانِهَا وَإِسَاءَتِهِ بِالتَّخَلُّفِ. وَالثَّانِي لَا تَسْتَحِقُّ فِيهَا، أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِاسْتِمْرَارِهِ عَلَى دَيْنِهِ الَّتِي أَحْدَثَتْ مَانِعَ الِاسْتِمْتَاعِ وَإِنْ كَانَ طَاعَةً كَالْحَجِّ، وَرَدَ بِأَنَّهُ مُوَسَّعٌ وَالْإِسْلَامُ مُضَيِّقٌ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّهَا بَائِنٌ حَائِلٌ وَلِهَذَا لَوْ طَلَّقَهَا لَمْ يَقَعْ، وَفَرَّقَ الْمُتَوَلِّي بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا إذَا سُبِقَتْ إلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ الدُّخُولِ حَيْثُ يَسْقُطُ مَهْرُهَا مَعَ إحْسَانِهَا بِأَنَّ الْمَهْرَ عِوَضُ نَكَلَ فَسَقَطَ بِتَفْوِيتِ الْعَاقِدِ مُعَوِّضَهُ وَلَوْ مَعْذُورًا كَأَكْلِ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ اضْطِرَارًا وَالنَّفَقَةُ لِلتَّمْكِينِ وَإِنَّمَا تَسْقُطُ لِلتَّعَدِّي وَلَا تَعَدِّي هُنَا، وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ هُنَا أَنَّهُ لَوْ تَخَلَّفَ لِجُنُونٍ أَوْ نَحْوِهِ يَأْتِي فِيهِ نَظِيرُ مَا مَرَّ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ عُذْرَ الزَّوْجِ لَا يُسْقِطُ النَّفَقَةَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي بَابِهَا. (وَإِنْ) (ارْتَدَّتْ) أَوْ ارْتَدَّا مَعًا (فَلَا نَفَقَةَ) لَهَا فِي مُدَّةِ الرِّدَّةِ (وَإِنْ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ) كَالنَّاشِزِ بَلْ أَوْلَى وَتَسْتَحِقُّ مِنْ وَقْتِ الْإِسْلَامِ فِي الْعِدَّةِ (وَإِنْ) (ارْتَدَّ) الزَّوْجُ وَحْدَهُ (فَلَهَا) عَلَيْهِ (نَفَقَةُ الْعِدَّةِ) لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ جِهَتِهِ وَلَوْ ارْتَدَّتْ فَغَابَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ وَهُوَ غَائِبٌ اسْتَحَقَّتْهَا مِنْ حِينِ إسْلَامِهَا وَفَارَقَتْ النُّشُوزَ بِأَنَّ سُقُوطَ النَّفَقَةِ بِالرِّدَّةِ زَالَ بِالْإِسْلَامِ وَسُقُوطَهَا بِالنُّشُوزِ لِلْمَنْعِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ وَالْخُرُوجِ مِنْ قَبْضَتِهِ وَذَلِكَ لَا يَزُولُ مَعَ الْغَيْبَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي تَهْذِيبِهِ، وَلَوْ أَقَامَ الزَّوْجُ شَاهِدَيْنِ أَنَّهُمَا أَسْلَمَا حِينَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ غُرُوبِهَا يَوْمَ كَذَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا وَاسْتَمَرَّ النِّكَاحُ، أَوْ أَنَّهُمَا أَسْلَمَا مَعَ طُلُوعِهَا أَوْ غُرُوبِهَا يَوْمَ كَذَا لَمْ تُقْبَلْ لِأَنَّ وَقْتَ الطُّلُوعِ أَوْ الْغُرُوبِ يَتَنَاوَلُ حَالَ تَمَامِهِ وَهِيَ حَالَةٌ وَاحِدَةٌ وَالْمَعِيَّةُ لِلطُّلُوعِ أَوْ الْغُرُوبِ تَتَنَاوَلُ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إسْلَامُ أَحَدِهِمَا مُقَارِنًا لِطُلُوعِ أَوَّلِ الْقُرْصِ أَوْ غُرُوبِهِ وَإِسْلَامُ الْآخَرِ مُقَارِنًا لِطُلُوعِ آخِرِهِ أَوْ غُرُوبِهِ. (بَابُ) (الْخِيَارِ) فِي النِّكَاحِ (وَالْإِعْفَافُ وَنِكَاحُ الْعَبْدِ) وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا ذُكِرَ تَبَعًا إذَا (وَجَدَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِالْآخَرِ جُنُونًا) وَلَوْ مُتَقَطِّعًا أَوْ قَبْلَ الْعِلَاجِ، وَالْجُنُونُ زَوَالُ الشُّعُورِ مِنْ الْقَلْبِ مَعَ بَقَاءِ الْحَرَكَةِ وَالْقُوَّةِ فِي الْأَعْضَاءِ وَمِثْلُهُ الْخَبَلُ كَمَا أَلْحَقَهُ بِهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ بِالتَّحْرِيكِ كَذَا قِيلَ، وَاَلَّذِي ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: يَأْتِي فِيهِ نَظِيرُ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ السُّقُوطِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ عُذْرَ الزَّوْجِ لَا يَسْقُطُ) مُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ وَذَلِكَ لَا يَزُولُ مَعَ الْغَيْبَةِ) أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ رَفْعِهَا لِلْقَاضِي وَإِعْلَامِهَا لَهُ بِأَنَّهَا رَجَعَتْ لِلطَّاعَةِ فَيُرْسِلُ الْقَاضِي إلَى الزَّوْجِ فَإِنْ مَضَتْ بَعْدَ الْإِرْسَالِ وَالْعِلْمِ مُدَّةٌ وَإِمْكَانُ الرُّجُوعِ وَلَمْ يَرْجِعْ اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَانِعَ الْآنَ مِنْ جَانِبِهِ (قَوْلُهُ: حِينَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) أَيْ وَقْتَ. (بَابُ الْخِيَارِ) فِي النِّكَاحِ (وَالْإِعْفَافِ وَنِكَاحِ الْعَبْدِ) (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُتَقَطِّعًا) وَإِنْ قَلَّ. اهـ حَجّ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا هُوَ مَا نَقَلَ اسْتِثْنَاءَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْمُتَوَلِّي، وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ الشَّارِحُ مُخَالِفًا لِحَجِّ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْخَفِيفِ فِي كَلَامِ حَجّ عَلَى غَيْرِ مَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي فَلَا يَكُونُ مُخَالِفًا (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ الْخَبَلُ) أَيْ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ (قَوْلُهُ: كَذَا قِيلَ) أَيْ قِيلَ إنَّ الْخَبَلَ مِثْلُ الْجُنُونِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي مُغَايَرَتِهِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ) هُوَ هُنَا بِصِيغَةِ الْمَاضِي، بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ فَإِنَّهُ بِصِيغَةِ الْمَصْدَرِ، وَقَوْلُهُ يَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ هُوَ خَبَرُ أَنَّهُ فَهُوَ مِنْ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ، وَمُرَادُهُ بِنَظِيرِ مَا مَرَّ ضِدُّ مَا مَرَّ: أَيْ عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ (قَوْلُهُ: يَتَنَاوَلُ حَالَ تَمَامِهِ) يَعْنِي لَا يَتَنَاوَلُ إلَّا ذَلِكَ. [بَابُ الْخِيَارِ فِي النِّكَاحِ] (بَابُ الْخِيَارِ) (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ فِي الْحُكْمِ فَهُوَ غَيْرُهُ فِي الْمَفْهُومِ لِيَتَأَتَّى مَا ذَكَرَهُ بَعْدُ فَتَأَمَّلْ

فِي الْقَامُوسِ أَنَّهُ الْجُنُونُ، وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ لَمَحَ أَنَّ الْجُنُونَ فِيهِ كَمَالُ اسْتِغْرَاقٍ بِخِلَافِ الْخَبَلِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْمُتَقَطِّعِ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي الْخَفِيفُ الَّذِي يَطْرَأُ فِي بَعْضِ الْأَزْمَانِ، وَأَمَّا الْإِغْمَاءُ بِالْمَرَضِ فَلَا خِيَارَ بِهِ كَسَائِرِ الْأَمْرَاضِ، وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِيمَا تَحْصُلُ مِنْهُ الْإِفَاقَةُ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ، أَمَّا الْمَأْيُوسُ مِنْ زَوَالِهِ فَكَالْجُنُونِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي، وَيَثْبُتُ أَيْضًا بِالْإِغْمَاءِ بِغَيْرِ الْمَرَضِ كَالْجُنُونِ، وَالْإِصْرَاعُ نَوْعٌ مِنْ الْجُنُونِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ (أَوْ جُذَامًا) وَإِنْ قَلَّ وَهُوَ عِلَّةٌ يَحْمَرُّ مِنْهَا الْعُضْوُ ثُمَّ يَسْوَدُّ ثُمَّ يَتَقَطَّعُ وَيَتَنَاثَرُ وَيَتَصَوَّرُ فِي كُلِّ عُضْوٍ غَيْرَ أَنَّهُ يَكُونُ فِي الْوَجْهِ أَغْلِبُ (أَوْ بَرَصًا) وَهُوَ بَيَاضٌ شَدِيدٌ يُبَقِّعُ الْجِلْدَ وَيُذْهِبُ دَمَوِيَّتَهُ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ بَعْدَ اسْتِحْكَامِهِمَا، أَمَّا أَوَائِلُهُمَا فَلَا خِيَارَ بِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجُوَيْنِيُّ، قَالَ: وَالِاسْتِحْكَامُ فِي الْجُذَامِ يَكُونُ بِالتَّقَطُّعِ، وَتَرَدَّدَ الْإِمَامُ فِيهِ وَجَوَّزَ الِاكْتِفَاءَ بِاسْوِدَادِهِ وَحُكْمِ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِاسْتِحْكَامِ الْعِلَّةِ وَلَمْ يَشْتَرِطُوا فِي الْجُنُونِ الِاسْتِحْكَامَ، وَالْفَرْق كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ إفْضَاءُ الْجُنُونِ إلَى الْجِنَايَةِ عَلَى الزَّوْجِ غَالِبًا وَاسْتِشْكَالُ تَصَوُّرِ فَسْخِ الْمَرْأَةِ بِالْعَيْبِ لِأَنَّهَا إنْ عَلِمَتْ بِهِ فَلَا خِيَارَ وَإِلَّا فَالتَّنَقِّي مِنْهُ شَرْطٌ لِلْكَفَاءَةِ وَلَا صِحَّةَ مَعَ انْتِقَائِهَا، وَالْخِيَارُ فَرْعُ الصِّحَّةِ غَفْلَةٌ عَنْ قِسْمٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّهَا لَوْ أَذِنَتْ لَهُ فِي التَّزْوِيجِ مِنْ مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِ كُفْءٍ وَزَوَّجَهَا وَلِيُّهَا مِنْهُ بِنَاءً عَلَى سَلَامَتِهِ فَتَبَيَّنَ كَوْنُهُ مَعِيبًا صَحَّ النِّكَاحُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ فِي التَّوْلِيَةِ وَالْمُرَابَحَةِ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ بِذَلِكَ (أَوْ وَجَدَهَا رَتْقَاءَ) أَيْ مُنْسَدًّا مَحَلَّ الْجِمَاعِ مِنْهَا بِلَحْمٍ (أَوْ قُرَنَاءَ) وَهُوَ انْسِدَادُهُ بِعَظْمٍ وَلَا تُجْبَرُ عَلَى شَقِّ الْمَوْضِعِ، فَإِنْ فَعَلَتْهُ وَأَمْكَنَ الْوَطْءُ فَلَا خِيَارَ وَلَيْسَ لِلْأَمَةِ فِعْلُ ذَلِكَ قَطْعًا إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهَا (أَوْ وَجَدَتْهُ عِنِّينًا) أَيْ بِهِ دَاءٌ يَمْنَعُ انْتِشَارَ ذَكَرِهِ عَنْ قُبُلِهَا، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى غَيْرِهَا سُمِّيَ بِذَلِكَ لِلِينِ ذَكَرِهِ، وَانْعِطَافِهِ مَأْخُوذٌ مِنْ عِنَانِ الدَّابَّةِ (أَوْ مَجْبُوبًا) أَيْ مَقْطُوعًا ذَكَرُهُ أَوْ إلَّا دُونَ قَدْرِ الْحَشَفَةِ: أَيْ حَشَفَةِ ذَكَرِهِ أَخْذًا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: الَّذِي يَطْرَأُ فِي بَعْضِ الْأَزْمَانِ) لَمْ يُبَيِّنْ الْمُرَادَ بِذَلِكَ الْبَعْضِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يَحْتَمِلُ عَادَةً كَيَوْمٍ فِي سَنَةٍ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمَأْيُوسُ مِنْ زَوَالِهِ) أَيْ بِأَنْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ لَا يَزُولُ أَصْلًا، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْأَطِبَّاءُ يَزُولُ بَعْدَ مُدَّةٍ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ الْخِيَارُ وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ، وَلَوْ قِيلَ بِثُبُوتِهِ حِينَئِذٍ لَمْ يَبْعُدْ (قَوْلُهُ: وَالْإِصْرَاعُ) عِبَارَةُ مُخْتَارِ الصِّحَاحِ. وَالصَّرْعُ عِلَّةٌ اهـ. فَالتَّعْبِيرُ بِهِ أَوْلَى (قَوْلُهُ نَوْعٌ مِنْ الْجُنُونِ) فَيَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ (قَوْلُهُ: بِاسْتِحْكَامِ الْعِلَّةِ) مُعْتَمَدٌ، وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ اسْتِحْكَامُهَا بَلْ يَكْفِي حُكْمُ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِكَوْنِهِ جُذَامًا أَوْ بَرَصًا رَمْلِيٌّ اهـ. وَلَعَلَّ هَذَا هَذَا مُرَادُ الْإِمَامِ بِقَوْلِهِ بِالِاكْتِفَاءِ بِاسْوِدَادِهِ وَحُكْمُ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ إلَخْ فَلَا تَخَالُفَ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِ كُفْءٍ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: هُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهَا أَذِنَتْ فِي غَيْرِ كُفْءٍ وَهُوَ شَامِلٌ لِغَيْرِ الْكُفْءِ بِاعْتِبَارِ الْعَيْبِ، وَهَذَا يَتَضَمَّنُ رِضَاهَا بِالْعَيْبِ فَكَيْفَ مَعَ ذَلِكَ تَتَخَيَّرُ، وَلَيْسَ هَذَا كَمَا لَوْ أَذِنَتْ فِيمَنْ ظَنَّتْهُ كُفْئًا فَبَانَ مَعِيبًا فَإِنَّمَا تَتَخَيَّرُ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْإِذْنِ فَمَنْ ظَنَّتْهُ كُفْئًا فَبَانَ مَعِيبًا فَإِنَّهُ لَا يَتَضَمَّنُ الرِّضَا بِالْعَيْبِ وَبَيْنَ إذْنِهَا فِي غَيْرِ الْكُفْءِ لِتَضَمُّنِهِ الرِّضَا بِالْعَيْبِ، وَقَدْ أَوْرَدْته عَلَى م ر فَوَافَقَ عَلَى الْإِشْكَالِ اهـ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ الْغَالِبَ فِي النَّاسِ السَّلَامَةُ مِنْ هَذِهِ الْعُيُوبِ فَحَمَلَ الْإِذْنَ فِي التَّزْوِيجِ مِنْ غَيْرِ الْكُفْءِ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْخَلَلُ الْمُفَوِّتُ لِلْكَفَاءَةِ بِدَنَاءَةِ النَّسَبِ أَوْ نَحْوِهَا حَمْلًا عَلَى الْغَالِبِ (قَوْلُهُ: وَلَا تُجْبَرُ عَلَى شِقِّ الْمَوْضِعِ) أَيْ حَيْثُ كَانَتْ بَالِغَةً وَلَوْ سَفِيهَةً، أَمَّا الصَّغِيرَةُ فَيَنْبَغِي أَنَّ لِوَلِيِّهَا ذَلِكَ حَيْثُ رَأَى فِيهِ الْمَصْلَحَةَ وَلَا خَطَرَ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَطْعِ السِّلْعَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَتْهُ) أَيْ أَوْ غَيْرُهَا (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلْأَمَةِ فِعْلُ ذَلِكَ) أَيْ الشَّقِّ (قَوْلُهُ: إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهَا) لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ قَدْ يُؤَدِّي إلَى نَقْصٍ فِي قِيمَتِهَا (قَوْلُهُ: حَشَفَةِ ذَكَرِهِ) أَيْ كَبُرَتْ أَوْ صَغُرَتْ حَتَّى لَوْ كَانَ الْبَاقِي مِنْ ذَكَرِهِ قَدْرَ حَشَفَةٍ مُعْتَدِلَةٍ أَوْ أَكْثَرَ لَكِنْ دُونَ حَشَفَتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ أَيْضًا بِالْإِغْمَاءِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَالْجُنُونِ وَإِنْ تَقَطَّعَ لَا الْإِغْمَاءُ بِالْمَرَضِ لَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَاسْتِشْكَالُ تَصَوُّرِ فَسْخِ الْمَرْأَةِ بِالْعَيْبِ) يَعْنِي الْمُقَارِنِ إذْ الطَّارِئُ لَا إشْكَالَ فِيهِ

مِمَّا مَرَّ فِي التَّحْلِيلِ وَغَيْرِهِ، فَإِنْ بَقِيَ قَدْرُهَا وَعَجَزَ عَنْ الْوَطْءِ بِهِ ضُرِبَتْ لَهُ الْمُدَّةُ الْآتِيَةُ كَالْعِنِّينِ (ثَبَتَ) لِمَنْ كَرِهَ مِنْهُمَا ذَلِكَ (الْخِيَارُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ) بَعْدَ ثُبُوتِ الْعَيْبِ عِنْدَ الْحَاكِمِ كَمَا يَأْتِي، فَقَدْ جَاءَتْ الْآثَارُ بِذَلِكَ وَصَحَّ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ذَلِكَ فِي الثَّلَاثَة الْأَوَّل لِ، وَهِيَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ كَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْهُ وَعَوَّلَ عَلَيْهِ، وَمِثْلُهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِتَوْقِيفٍ، وَأَجْمَعَ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - عَلَيْهِ فِي الْخَاصِّينَ بِهِ وَقِيَاسًا أَوْلَوِيًّا فِي الْكُلِّ عَلَى ثُبُوتِ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ بِدُونِ هَذِهِ مَعَ أَنَّ الْفَائِتَ ثَمَّ مَالِيَّةٌ يَسِيرَةٌ وَهُنَا الْمَقْصِدُ الْأَعْظَمُ الْجِمَاعُ أَوْ التَّمَتُّعُ لَا سِيَّمَا وَالْجُذَامُ وَالْبَرَصُ يُعْدِيَانِ الْمُعَاشِرَ وَالْوَلَدَ أَوْ نَسْلَهُ كَثِيرًا كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأُمِّ فِي مَوْضِعٍ وَحَكَاهُ عَنْ الْأَطِبَّاءِ وَالْمُجَرِّبِينَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ: وَلَا يُنَافِيه خَبَرُ «لَا عَدْوَى» لِأَنَّهُ نَفْيٌ لِاعْتِقَادِ الْجَاهِلِيَّةِ نِسْبَةَ الْفِعْلِ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَوُقُوعُهُ بِفِعْلِهِ جَلَّ وَعَلَا، وَمِنْ ثَمَّ صَحَّ خَبَرُ «فِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ فِرَارَك مِنْ الْأَسَدِ» وَأَكَلَ مَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَارَةً وَتَارَةً لَمْ يُصَافِحْهُ بَيَانًا لَسَعَةِ الْأَمْرِ عَلَى الْأُمَّةِ مِنْ الْفِرَارِ وَالتَّوَكُّلِ، وَخَرَجَ بِهَذِهِ الْخَمْسَةِ غَيْرُهَا كَالْعِذْيَوْطِ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ الْمُهْمَلِ وَسُكُونِ ثَانِيه الْمُعْجَمِ وَفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَضَمِّهَا، وَيُقَالُ عَذْوَطَ كَعَتْوَرَ وَهُوَ فِيهِمَا مَنْ يُحْدِثُ عِنْدَ الْجِمَاعِ، وَفِيهِ مَنْ يُنْزِلُ قَبْلَ الْإِيلَاجِ فَلَا خِيَارَ بِهِ مُطْلَقًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَسُكُوتُهُمَا فِي مَوْضِعٍ عَلَى أَنَّ الْمَرَضَ الْمَأْيُوسَ مِنْهُ زَوَالُهُ وَلَا يُمْكِنُ مَعَهُ الْجِمَاعُ فِي مَعْنَى الْعُنَّةِ إنَّمَا هُوَ لِكَوْنِ ذَلِكَ مِنْ طُرُقِ الْعُنَّةِ فَلَيْسَ قِسْمًا خَارِجًا عَنْهَا، وَنَقَلَهُمَا عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّ الْمُسْتَأْجَرَةَ الْعَيْنُ كَذَلِكَ ضَعِيفٌ لَكِنْ لَا نَفَقَةَ لَهَا، وَسَيَأْتِي الْفَسْخُ بِالرِّقِّ وَالْإِعْسَارِ، وَلَوْ وَجَدَهَا ضَيِّقَةَ الْمَنْفَذِ بِحَيْثُ لَا يُفْضِيهَا كُلُّ وَاطِئٍ فَهِيَ كَمَا لَوْ وَجَدَهَا رَتْقَاءَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ فِي الدِّيَاتِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَتَعَذَّرَ دُخُولُ ذَكَرٍ مِنْ بَدَنِهِ كَبَدَنِهَا نَحَافَةً وَضِدَّهَا فَرْجَهَا، وَكَذَا يُقَالُ بِنَظِيرِ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِمْ كَمَا تَتَخَيَّرُ هِيَ بِكِبَرِ آلَتِهِ بِحَيْثُ يُفْضِي كُلَّ مَوْطُوءَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَوْ صَغُرَتْ حَشَفَتُهُ جِدًّا وَكَانَ الْبَاقِي قَدْرَهَا دُونَ الْمُعْتَدِلَةِ فَلَا خِيَارَ، وَبَقِيَ مَا لَوْ ثَنَى ذَكَرَهُ مَعَ انْتِشَارِهِ وَأَدْخَلَ مِنْهُ قَدْرَ الْحَشَفَةِ فَهَلْ يَكْفِي ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهَا الْفَسْخُ أَوَّلًا لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِقَدْرِهَا مَعَ وُجُودِهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي (قَوْلُهُ ثَبَتَ لِمَنْ كَرِهَ) عِبَارَةُ حَجّ: ثَبَتَ الْخِيَارُ لِلْكَارِهِ مِنْهُمَا الْجَاهِلُ بِالْعَيْبِ أَوْ الْعِلْمِ بِهِ إذَا انْتَقَلَ لِأَفْحَشَ مِنْهُ مَنْظَرًا كَانَ بِالْيَدِ فَانْتَقَلَ لِلْوَجْهِ لَا لِلْيَدِ الْأُخْرَى اهـ (قَوْلُهُ: كَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْهُ) أَيْ عَنْ عُمَرَ، وَقَوْلُهُ وَعَوَّلَ: أَيْ اعْتَمَدَ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ: أَيْ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ (قَوْلُهُ: فِي الْخَاصِّينَ بِهِ) وَهُمَا الْجَبُّ وَالْعُنَّةُ (قَوْلُهُ: بِدُونِ هَذِهِ) أَيْ بِعُيُوبٍ دُونَ هَذِهِ (قَوْلُهُ: كَالْعِذْيَوْطِ) وَيُقَالُ الْعِظْيَوْطُ وَالْعِضْيَوْطُ بِضَادِ مُعْجَمَةٍ أَوْ ظَاءٍ مُشَالَةٍ مُعْجَمَةٍ بَدَلَ الذَّالِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، وَعِتْوَرٌ: أَيْ بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ كَدِرْهَمٍ وَادٍ اهـ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ فِيهِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ) أَيْ الرَّجُلِ (قَوْلُهُ الْمَرَضُ الْمَأْيُوسُ مِنْ زَوَالِهِ) أَيْ الْقَائِمُ بِالزَّوْجِ مِنْهُ مَا لَوْ حَصَلَ لَهُ كِبَرٌ فِي الْأُنْثَيَيْنِ بِحَيْثُ تَغَطَّى الذَّكَرُ بِهِمَا وَصَارَ الْبَوْلُ يَخْرُج مِنْ بَيْنِ الْأُنْثَيَيْنِ وَلَا يُمْكِنُهُ الْجِمَاعُ بِشَيْءٍ مِنْهُ فَيَثْبُتُ لِزَوْجَتِهِ الْخِيَارُ إنْ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ وَطْءٌ لِأَنَّ هَذَا هُوَ مُقْتَضَى التَّشْبِيهِ بِالْعُنَّةِ وَذَلِكَ حَيْثُ أَيِسَ مِنْ زَوَالِ كِبَرِهِمَا بِقَوْلِ طَبِيبَيْنِ بَلْ يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدٍ عَدْلٍ، وَلَوْ قِيلَ فِي هَذِهِ إنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْجَبِّ فَيَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ مُطْلَقًا لَكَانَ مُحْتَمِلًا لِأَنَّ هَذَا الْمَرَضَ يَمْنَعُ مِنْ احْتِمَالِ الْوَطْءِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ الْبُرْءُ مُمْكِنًا فِي نَفْسِهِ الْتَحَقَ بِالْعُنَّةِ، بِخِلَافِ الْجَبِّ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ فِي الْعَادَةِ عَوْدُ الذَّكَرِ أَصْلًا (قَوْلُهُ: فِي مَعْنَى الْعُنَّةِ) أَيْ فَيَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ، وَلَوْ أَصَابَهَا مَرَضٌ يَمْنَعُ مِنْ الْجِمَاعِ وَأَيِسَ مِنْ زَوَالِهِ فَهَلْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ إلْحَاقًا لِمَرَضِهَا بِالرَّتْقِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْخِيَارِ بَلْ قَدْ يَفْهَمُهُ كَلَامُهُ الْآتِي فِي الِاسْتِحَاضَةِ حَيْثُ قَالَ وَإِنْ حَكَمَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِاسْتِحْكَامِهَا (قَوْلُهُ: أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَةَ الْعَيْنَ كَذَلِكَ) أَيْ يَثْبُتُ بِهَا الْخِيَارُ (قَوْله: كَبَدَنِهَا نَحَافَةً) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِهَذِهِ الْخَمْسَةِ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ عَلَى حِدَتِهِ إذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا يَتَخَيَّرُ بِخَمْسَةٍ (قَوْلُهُ: أَنْ يَتَعَذَّرَ دُخُولُ ذَكَرٍ مِنْ بَدَنِهِ كَبَدَنِهَا إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يَفُضَّهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ (قَوْلُهُ: كَمَا تَتَخَيَّرُ بِكِبَرِ آلَتِهِ بِحَيْثُ يَفُضُّ كُلَّ مَوْطُوءَةٍ)

وَلَا خِيَارَ بِبَخَرٍ وَصُنَانٍ وَقُرُوحٍ سَيَّالَةٍ وَعَمًى وَزَمَانَةٍ وَبَلَهٍ وَخِصَاءٍ وَاسْتِحَاضَةٍ وَإِنْ لَمْ تُحْفَظْ لَهَا عَادَةٌ، وَحُكِّمَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِاسْتِحْكَامِهَا خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ، وَسَوَاءٌ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ بِمَا ذُكِرَ أَكَانَ بِأَحَدِهِمَا مِثْلُ ذَلِكَ الْعَيْبِ أَمْ لَا (وَقِيلَ إنْ وُجِدَ بِهِ مِثْلُ عَيْبِهِ) مِنْ الْجُذَامِ أَوْ الْبَرَص قَدْرًا وَفُحْشًا (فَلَا) خِيَارَ لِتُسَاوِيهِمَا حِينَئِذٍ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ وَإِنْ كَانَ مَا بِهِ أَفْحَشُ لِأَنَّهُ يَعَافُّ مِنْ غَيْرِهِ مَا لَا يَعَافُّ مِنْ نَفْسِهِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمَجْنُونَيْنِ الْمُطْبِقِ جُنُونُهُمَا لِتَعَذُّرِ الْفَسْخِ حِينَئِذٍ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَوْ كَانَ مَجْبُوبًا بِالْبَاءِ وَهِيَ رَتْقَاءُ فَطَرِيقَانِ لَمْ يُرَجِّحَا شَيْئًا مِنْهُمَا، وَالْأَقْرَبُ ثُبُوتُهُ. (وَلَوْ) (وَجَدَهُ) أَيْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ (خُنْثَى وَاضِحًا) بِأَنْ زَالَ إشْكَالُهُ قَبْلَ عَقْدِ النِّكَاحِ بِذُكُورَةٍ أَوْ أُنُوثَةٍ (فَلَا) خِيَارَ لَهُ (فِي الْأَظْهَرِ) سَوَاءٌ اتَّضَحَ بِعَلَامَةٍ قَطْعِيَّةٍ أَوْ ظَنِّيَّةٍ أَوْ بِإِخْبَارِهِ لِأَنَّ مَا بِهِ مِنْ ثُقْبَةٍ أَوْ سِلْعَةٍ زَائِدَةٍ لَا يَفُوتُ مَقْصُودُ النِّكَاحِ. وَالثَّانِي لَهُ الْخِيَارُ بِذَلِكَ لِنَفْرَةِ الطَّبْعِ عَنْهُ. أَمَّا الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ فَنِكَاحُهُ بَاطِلٌ. (وَلَوْ) (حَدَثَ بِهِ) أَيْ الزَّوْجُ بَعْدَ الْعَقْدِ (عَيْبٌ) وَلَوْ بِفِعْلِهَا كَأَنْ جَبَّتْ ذَكَرَهُ (تَخَيَّرَتْ) قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ لِتَضَرُّرِهَا بِهِ كَالْمُقَارِنِ وَإِنَّمَا لَمْ يَتَخَيَّرْ الْمُشْتَرِي بِتَعْيِيبِهِ الْمَبِيعَ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بِهِ قَابِضًا لِحَقِّهِ، وَلَا كَذَلِكَ هِيَ كَمُسْتَأْجِرِ الدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ (إلَّا عُنَّةً) حَدَثَتْ (بَعْدِ دُخُولٍ) فَإِنَّهَا لَا تَتَخَيَّرُ بِهَا لِأَنَّهَا عَرَفَتْ قُدْرَتَهُ عَلَى الْوَطْءِ وَوَصَلَتْ لِحَقِّهَا مِنْهُ كَتَقْرِيرِ الْمَهْرِ وَوُجُودِ الْإِحْصَانِ مَعَ رَجَاءِ زَوَالِهَا وَبِهِ فَارَقَتْ الْجَبَّ، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ، قَوْلُهُمْ: الْوَطْءُ حَقُّ الزَّوْجِ فَلَهُ تَرْكُهُ أَبَدًا وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ، وَلَا خِيَارَ لَهَا لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى بَقَاءِ تَوَقُّعِهَا لِلْوَطْءِ اكْتِفَاءً بِدَاعِيَةِ الزَّوْجِ، فَمَتَى يَئِسَتْ مِنْهُ ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ لِتَضَرُّرِهَا (أَوْ بِهَا) قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ (تَخَيَّرَ فِي الْجَدِيدِ) كَمَا لَوْ حَدَثَ بِهِ، وَالْقَدِيمُ لَا لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْخَلَاصِ بِالطَّلَاقِ بِخِلَافِهَا. وَرَدَ بِتَضَرُّرِهِ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ أَوْ كُلِّهِ، وَلَا يَبْعُدُ عَنْ الْأَوَّلِ أَنْ يَكُونَ حُدُوثُ الرَّتْقِ وَالْقَرْنِ بَعْدَ الْوَطْءِ كَحُدُوثِ الْجَبِّ فِي الْخِلَافِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي النَّفَقَاتِ، وَلَوْ حَدَثَ بِهِ جُبٌّ فَرَضِيَتْ ثُمَّ حَدَثَ بِهَا رَتْقٌ أَوْ قَرْنٌ فَالْأَوْجَهُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لَهُ وَيَحْتَمِلُ عَدَمُهُ لِقِيَامِ الْمَانِعِ بِهِ. (وَلَا خِيَارَ لِوَلِيٍّ بِحَادِثٍ) بِالزَّوْجِ بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الْكَفَاءَةِ فِي الِابْتِدَاءِ دُونَ الدَّوَامِ لِانْتِفَاءِ الْعَارِ فِيهِ، وَلِهَذَا لَوْ عَتَقَتْ تَحْتَ قِنٍّ وَرَضِيَتْ بِهِ لَمْ يَتَخَيَّرْ بِهِ إنْ كَانَ لَهُ الْمَنْعُ ابْتِدَاءً مِنْ نِكَاحِ الرَّقِيقِ (وَكَذَا) لَا خِيَارَ لَهُ (بِمُقَارَنٍ جَبٍّ وَعُنَّةٍ) لِلنِّكَاحِ إذْ لَا عَارَ، وَالضَّرَرُ عَلَيْهَا فَقَطْ، وَيُتَصَوَّرُ مَعْرِفَةُ الْعُنَّةِ الْمُقَارِنَةِ مَعَ كَوْنِهَا لَا تَثْبُتُ إلَّا بَعْدَ الْعَقْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فَإِنْ كَانَ كَبَدَنِهَا، ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ لِأَنَّهَا كَالرَّتْقَاءِ فِي حَقِّهِ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَقُرُوحٌ سَيَّالَةٌ) وَمِنْهَا الْمَرَضُ الْمُسَمَّى بِالْمُبَارَكِ وَالْمَرَضُ الْمُسَمَّى بِالْعُقْدَةِ وَالْحَكَّةِ فَلَا خِيَارَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ) أَيْ ثُبُوتِ الْخِيَارِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ لَا يَثْبُتُ لِأَحَدِهِمَا بِنَفْسِهِ وَإِلَّا فَلَا مَانِعَ مِنْ ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِوَلِيِّ الْمَرْأَةِ بِجُنُونِ الزَّوْجِ كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ مَجْنُونَةً لِمَا يَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَيَتَخَيَّرُ بِمُقَارَنِ جُنُونٍ إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ الزَّوْجِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهِيَ رَتْقَاءُ) أَيْ ابْتِدَاءً فَلَا يَتَكَرَّرُ مَعَهُ قَوْلُهُ الْآتِي وَلَوْ حَدَثَ بِهِ جَبٌّ فَرَضِيَتْ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ ثُبُوتُهُ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ هِيَ كَمُسْتَأْجَرٍ) أَيْ قِيَاسًا عَلَيْهِ إذَا عَيَّبَ الدَّارَ الْمُسْتَأْجَرَةَ (قَوْلُهُ: وَرَدَ بِتَضَرُّرِهِ) لَا يَظْهَرُ عَلَى الْأَصَحِّ الْآتِي وَجْهُ الرَّدِّ فِيمَا لَوْ حَدَثَ الْعَيْبُ بَعْدَ الْوَطْءِ لِتَقَرُّرِ الْمُسَمَّى بِهِ (قَوْلُهُ: كَحُدُوثِ الْجَبِّ فِي الْخِلَافِ) وَالرَّاجِحُ مِنْهُ الثُّبُوتُ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَخَيَّرْ) أَيْ الْوَلِيُّ (قَوْلُهُ: بِمُقَارِنِ جَبٍّ) أَيْ بِأَنْ زَوَّجَهَا بِهِ وَهُوَ مَجْبُوبٌ أَوْ عِنِّينٌ (قَوْلُهُ: وَالضَّرَرُ عَلَيْهَا) أَيْ فَحَيْثُ رَضِيَتْ لَا الْتِفَاتَ إلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَدْ يُقَالُ: إنْ كَانَ يَلْزَمُهَا تَمْكِينُهُ فَالْعِبْرَةُ بِحَالِهَا، وَإِنْ كَانَ لَا يَلْزَمُهَا تَمْكِينُهُ فَلَا وَجْهَ لِثُبُوتِ الْخِيَارِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَتَقَاعَدُ عَنْ الْعَيْنِ لَكِنَّ قِيَاسَهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِكَوْنِهِ يُفْضِيهَا أَوْ لَا يُفْضِيهَا بِخُصُوصِهَا نَظِيرَ مَا لَوْ كَانَ يُعَنُّ عَنْهَا بِخُصُوصِهَا فَلْيُنْظَرْ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ) اُنْظُرْ مَا مَرْجِعُ اسْمِ الْإِشَارَةِ مَعَ قَصْرِهِ الْخِلَافَ عَلَى الْجُذَامِ وَالْبَرَصِ (قَوْلُهُ: أَوْ كُلُّهُ) اُنْظُرْهُ

بِأَنْ يُخْبِرَ بِهَا مَعْصُومٌ مُطْلَقًا أَوْ عَنْ هَذِهِ بِخُصُوصِهَا أَوْ بِمَا إذَا تَزَوَّجَهَا وَعَرَفَ الْوَلِيُّ عُنَّتَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَأَرَادَ تَجْدِيدَ نِكَاحِهَا، وَلَا يُنَافِيه قَوْلُهُمْ قَدْ يُعَنُّ فِي نِكَاحٍ دُونَ آخَرَ وَإِنْ اتَّحَدَتْ الْمَرْأَةُ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُهُ. (وَيَتَخَيَّرُ) الْوَلِيُّ (بِمُقَارِنِ جُنُونٍ) وَإِنْ رَضِيَتْ بِهِ لِأَنَّهُ يُعَيَّرُ بِهِ (وَكَذَا جُذَامٌ وَبَرَصٌ) فَيَتَخَيَّرُ بِأَحَدِهِمَا إذَا قَارَنَ (فِي الْأَصَحِّ) لِذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ الزَّوْجِ فِي ذَلِكَ الْعَيْبِ أَوْ أَزْيَدَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِاخْتِصَاصِ الضَّرَرِ بِالْمَرْأَةِ وَكَلَامُهُمْ قَدْ يَتَنَاوَلُ السَّيِّدَ وَغَيْرَهُ، وَمَا فِي الْبَسِيطِ فِي الْكَلَامِ عَلَى تَزْوِيجِ الْأَمَةِ أَنَّهَا لَوْ تَزَوَّجَتْ مِنْ مَعِيبٍ ثُمَّ عَلِمَتْ بِهِ فَلَهَا الْخِيَارُ دُونَ السَّيِّدِ وَجْهٌ مَرْجُوحٌ، وَالرَّاجِحُ ثُبُوتُهُ لَهُ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّدَ مَالِكُ الْأَمَةِ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ الْخِيَارُ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَتَوَصَّلْ إلَيْهِ إلَّا بِإِبْطَالِ حَقِّ غَيْرِهِ. (وَالْخِيَارُ) الْمُقْتَضَى لِلْفَسْخِ بِعَيْبٍ مِمَّا مَرَّ بَعْدَ تَحَقُّقِهِ. وَهُوَ فِي الْعُنَّةِ بِمُضِيِّ السَّنَةِ الْآتِيَةِ وَفِي غَيْرِهَا بِثُبُوتِهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ (عَلَى الْفَوْرِ) كَمَا فِي الْبَيْعِ بِجَامِعِ أَنَّهُ خِيَارُ عَيْبٍ فَيُبَادِرُ بِالرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ عَلَى الْوَجْهِ السَّابِقِ ثُمَّ وَفِي الشُّفْعَةِ ثُمَّ بِالْفَسْخِ بَعْدَ ثُبُوتِ سَبَبِهِ عِنْدَهُ وَإِلَّا سَقَطَ خِيَارُهُ وَيُقْبَلُ دَعْوَاهُ الْجَهْلَ بِأَصْلِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ أَوْ بِفَوْرِيَّتِهِ إنْ أَمْكَنَ بِأَنْ لَا يَكُونَ مُخَالِطًا لِلْعُلَمَاءِ: أَيْ مُخَالَطَةً تَسْتَدْعِي عُرْفًا مَعْرِفَةَ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُلَمَاءِ مِنْ يَعْرِفُ هَذَا الْحُكْمَ وَإِنْ جَهِلَ غَيْرُهُ كَمَا يُقَالُ فِي نَظَائِرِهِ. (وَالْفَسْخُ) بِعَيْبِهِ أَوْ بِعَيْبِهَا الْمُقَارِنُ أَوْ الْحَادِثُ (قَبْلَ دُخُولٍ يُسْقِطُ الْمَهْرَ) وَالْمُتْعَةَ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ فَاسِخَةً فَظَاهِرٌ أَوْ هُوَ فَبِسَبَبِهَا فَكَأَنَّهَا الْفَاسِخَةُ وَلِأَنَّهُ بَذْلُ الْعِوَضِ السَّلِيمِ فِي مُقَابَلَةِ مَنَافِعِهَا وَقَدْ تَعَذَّرَتْ بِالْعَيْبِ، وَبِهِ فَارَقَ عَدَمَ جَعْلِ الْعَيْبِ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ فَسْخِهِ بِغَيْرِ عَيْبِهَا لِأَنَّ قَضِيَّةَ الْفَسْخِ تُرَادُ الْعِوَضَيْنِ فَكَمَا رَدَّ شَرَطَ كَامِلًا رَدَّتْ مَهْرُهُ كَذَلِكَ (وَ) الْفَسْخُ (بَعْدَهُ) أَيْ الدُّخُولِ أَوْ مَعَهُ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجِبُ بِهِ (مَهْرٌ) (مِثْلَ إنْ فُسِخَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لَا الْفَاعِل لِإِيهَامِهِ بَعْدَ الْوَطْءِ أَوْ مَعَهُ (بِ) عَيْبٍ بِهِ أَوْ بِهَا (مُقَارِنٍ) لِلْعَقْدِ لِأَنَّهُ إنَّمَا بَذَلَ الْمُسَمَّى فِي مُقَابَلَةِ اسْتِمْتَاعِهِ بِسَلِيمَةٍ وَلَمْ يُوجَدْ فَكَأَنَّهُ لَا تَسْمِيَةَ (أَوْ) إنْ فُسِخَ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ (بِحَادِثٍ بَيْنَ الْعَقْدِ وَالْوَطْءِ) أَوْ فُسِخَ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ بِحَادِثٍ مَعَهُ (جَهِلَهُ الْوَاطِئُ) لِمَا ذُكِرَ أَمَّا إذَا عَلِمَهُ ثَمَّ وَاطِئٌ فَلَا خِيَارَ ـــــــــــــــــــــــــــــSطَلَبِ الْوَلِيِّ الْفَسْخَ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُخْبِرَ بِهَا مَعْصُومٌ مُطْلَقًا) أَيْ عَنْهَا وَغَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: وَيَتَخَيَّرُ الْوَلِيُّ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ بَالِغَةً رَشِيدَةً كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَإِنْ رَضِيَتْ بِهِ، إذْ نَحْوُ الصَّغِيرَةِ وَالْمَجْنُونَةِ لَا أَثَرَ لِرِضَاهُ فَلَا يَحْسُنُ أَخْذُهُ غَايَةً (قَوْلُهُ: قَدْ يَتَنَاوَلُ السَّيِّدَ إلَخْ) أَيْ بِالتَّجَوُّزِ فِي الْوَلِيِّ لِمَا مَرَّ أَنَّ السَّيِّدَ إنَّمَا يُزَوِّجُ بِالْمِلْكِ لَا بِالْوِلَايَةِ. (قَوْلُهُ: بِمُضِيِّ السَّنَةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَوْ عَلِمَتْ بِعُنَّتِهِ وَأَخَّرَتْ الرَّفْعَ إلَى الْقَاضِي لَا يَسْقُطُ خِيَارُهَا، وَرُبَّمَا يَقْتَضِي قَوْلُهُ الْآتِي وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ بَلْ صَرِيحُهُ أَنَّ الرَّفْعَ ثَانِيًا إلَخْ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِهَا بِثُبُوتِهِ) أَيْ كَمَا يَعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ الْفَسْخَ بِهَذِهِ الْعُيُوبِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الرَّفْعِ لِلْقَاضِي وَذَكَرَهُ هُنَا لِيُبَيِّنَ مَحَلَّ الْفَوْرِ فَهُوَ غَيْرُ مَا يَأْتِي لَا عَيْنُهُ (قَوْلُهُ: وَيَقْبَلُ دَعْوَاهُ الْجَهْلَ) أَيْ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ جِدًّا. (قَوْلُهُ: يَسْقُطُ الْمَهْرُ وَالْمُتْعَةُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَيُمْنَعُ مِنْ وُجُوبِ الْمُتْعَةِ لِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِيَسْقُطُ قَدْ يَقْتَضِي أَنَّهَا وَجَبَتْ ثُمَّ سَقَطَتْ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ) أَيْ بِأَنَّهُ بَذْلُ الْعِوَضِ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَدَمَ جَعْلِ الْعَيْبِ فِيهِ) أَيْ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ لِإِيهَامِهِ) أَيْ أَنَّ الْفَاسِخَ هُوَ الزَّوْجُ (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا عَلِمَهُ ثُمَّ وَطِئَ) أَيْ مُخْتَارًا، أَمَّا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْوَطْءِ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ خِيَارُهُ وَأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُكْرِهِ كَإِكْرَاهٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَعَ أَنَّ كُلَّ الْمَهْرِ قَدْ تَقَرَّرَ بِالدُّخُولِ فَهُوَ لَازِمٌ لَهُ بِكُلِّ حَالٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَتَوَصَّلْ إلَيْهِ إلَّا بِإِبْطَالِ حَقِّ غَيْرِهِ) أَيْ كَسُقُوطِ الْمَهْرِ (قَوْلُهُ: لِإِيهَامِهِ) أَيْ أَنَّ مَحَلَّ وُجُوبِ الْمَهْرِ إذَا كَانَ هُوَ الْفَاسِخَ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا بَذَلَ الْمُسَمَّى إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إنَّمَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ كَانَ الْعَيْبُ بِهَا وَيَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْعَيْبُ بِهِ يَجِبُ الْمُسَمَّى وَهُوَ الْقَوْلُ الْآتِي، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ فِيهِ: إنَّهُ الَّذِي لَا يَتَّجِهُ غَيْرُهُ لَكِنْ أَجَابَ عَنْهُ الشِّهَابُ حَجّ بِمَا لَا يَشْفِي عِنْدَ التَّأَمُّلِ فَلْيُرَاجَعْ

لِرِضَاهُ بِهِ فَشَمِلَ مَا لَوْ عُذِرَ بِالتَّأْخِيرِ فَيَبْطُلُ خِيَارُهُ فِيمَا يَظْهَرُ (وَ) الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجِبُ (الْمُسَمَّى إنْ) فَسَخَ بَعْدَ وَطْءٍ وَقَدْ (حَدَثَ) الْعَيْبُ (بَعْدَ وَطْءٍ) لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَمْتَعَ بِسَلِيمَةٍ اسْتَقَرَّ وَلَمْ يُغَيِّرْ وَإِنَّمَا ضُمِنَ الْوَطْءُ هُنَا بِالْمُسَمَّى أَوْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، بِخِلَافِهِ فِي أَمَةٍ اشْتَرَاهَا ثُمَّ وَطِئَهَا ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهَا، لِأَنَّهُ هُنَا مُقَابِلٌ بِالْمَهْرِ وَثَمَّ غَيْرُ مُقَابِلٍ بِالثَّمَنِ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الرَّقَبَةِ فَقَطْ. الثَّانِي وَهُوَ قَوْلٌ مُخَرَّجٌ يَجِبُ الْمُسَمَّى مُطْلَقًا فَيُتَصَوَّر بِالدُّخُولِ. وَالثَّالِثُ مَهْرُ الْمِثْلِ مُطْلَقًا وَقِيلَ فِي الْمُقَارَنِ إنْ فُسِخَ بِعَيْبِهَا فَمَهْرُ الْمِثْلِ أَوْ فُسِخَتْ بِعَيْبِهِ فَالْمُسَمَّى. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَطْءَ مَضْمُونٌ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ مُقَابِلٍ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ هَلْ يَجِبُ الْمُسَمَّى أَوْ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَمَا اسْتَشْكَلَ بِهِ التَّفْصِيلُ بِأَنَّ الْفَسْخَ إنْ رَفَعَ الْعَقْدَ مِنْ أَصْلِهِ فَلْيَجِبْ مَهْرُ الْمِثْلِ مُطْلَقًا أَوْ مِنْ حِينِهِ فَالْمُسَمَّى مُطْلَقًا. أَجَابَ عَنْهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّهُ هُنَا وَفِي الْإِجَارَةِ إنَّمَا يَرْفَعُهُ مِنْ حِينِ وُجُودِ سَبَبِ الْفَسْخِ لَا مِنْ أَصْلِ الْعَقْدِ وَلَا مِنْ حِينِ الْفَسْخِ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِيهِمَا الْمَنَافِعُ هِيَ لَا تُقْبَضُ إلَّا بِالِاسْتِيفَاءِ وَحِينَئِذٍ تَعَيَّنَ ذَلِكَ التَّفْصِيلُ، بِخِلَافِهِ فِي الْفَسْخِ بِنَحْوِ رِدَّةٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ إعْسَارٍ فَإِنَّهُ مِنْ حِينِ الْفَسْخِ قَطْعًا انْتَهَى. وَهُوَ مُشْكِلٌ فِي الْإِعْسَارِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فَاسِخًا بِذَاتِهِ بِخِلَافِ اللَّذَيْنِ قَبْلَهُ فَكَانَ الْقِيَاسُ إلْحَاقَهُ بِالْعَيْبِ لَا بِهِمَا، وَقَالَ غَيْرُهُ بِمَنْعِ التَّرَدُّدِ هُنَا لِأَنَّ سَبَبَ وُجُوبِ مَهْرِ الْمِثْلِ أَنَّهُ لَمَّا تَمَتَّعَ بِمَعِيبَةٍ عَلَى خِلَافِ مَا ظَنَّهُ مِنْ السَّلَامَةِ صَارَ الْعَقْدُ كَأَنَّهُ جَرَى بِلَا تَسْمِيَةٍ، وَأَيْضًا فَقَضِيَّةُ الْفَسْخِ رُجُوعُ كُلٍّ إلَى عَيْنِ حَقِّهِ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَبَدَلُهُ فَتَعَيَّنَ الرُّجُوعُ إلَى حَقِّهِ وَهُوَ الْمُسَمَّى وَرُجُوعُهَا لِبَدَلِ حَقِّهَا وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ لِفَوَاتِ حَقِّهَا بِالدُّخُولِ. (وَلَوْ) (انْفَسَخَ) النِّكَاحُ (بِرِدَّةٍ) مِنْهُ أَوْ مِنْهَا (بَعْدَ وَطْءٍ) بِأَنْ لَمْ يَجْمَعْهُمَا الْإِسْلَامُ فِي الْعِدَّةِ (فَالْمُسَمَّى) لِأَنَّ الْوَطْءَ قَبْلَهَا قَرَّرَهُ وَهِيَ لَا تَسْتَنِدُ لِسَبَبٍ سَابِقٍ أَوْ قَبْلَهُ فَإِنْ كَانَتْ مِنْهَا فَلَا شَيْءَ لَهَا أَوْ مِنْهُ تَشْطُرُ الْمُسَمَّى، فَإِنْ وَطِئَهَا جَاهِلَةً فِي رِدَّتِهِ أَوْ رِدَّتِهَا: أَيْ وَقَدْ عَادَتْ إلَى الْإِسْلَامِ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ مَعَ شَطْرِ الْمُسَمَّى فِي الثَّانِيَةِ. (وَلَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ) الْفَاسِخُ (بَعْدَ الْفَسْخِ بِالْمَهْرِ) الَّذِي غَرِمَهُ سَوَاءٌ الْمُسَمَّى وَمَهْرُ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى إتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ، فَإِنَّ كُلًّا طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ وَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَى الْمُكْرِهِ (قَوْلُهُ: فَشَمِلَ مَا لَوْ عُذِرَ بِالتَّأْخِيرِ) أَيْ ثُمَّ وَطِئَ هُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْعُذْرُ نَحْوَ لَيْلٍ أَوْ غَيْبَةِ الْحَاكِمِ، أَمَّا لَوْ كَانَ الْعُذْرُ جَهْلَهُ ثُبُوتَ الْخِيَارِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْقُطَ لِأَنَّ وَطْأَهُ وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ لَا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهُ بِالْعَيْبِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: لَوْ عُذِرَ بِالْقَاضِي لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ بِوَطْئِهِ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ. ثُمَّ رَأَيْت مَا ذَكَرْته وَقَدَّمْته فِي مُشْتَرٍ عَلِمَ الْعَيْبَ وَجَهِلَ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ فَاسْتَعْمَلَهُ هَلْ يَسْقُطُ رَدُّهُ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَهُ رِضَاهُ مِنْهُ بِهِ أَوَّلًا لِأَنَّهُ إنَّمَا اسْتَعْمَلَهُ لِظَنِّهِ يَأْسَهُ مِنْ الرَّدِّ فَيَأْتِي نَظِيرُ ذَلِكَ هُنَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ فِي أَمَةٍ اشْتَرَاهَا) أَيْ ثَيِّبًا أَوْ غَيْرَهَا، لَكِنَّ زَوَالَ الْبَكَارَةِ فِي الْبِكْرِ عَيْبٌ حَادِثٌ يَمْنَعُ الرَّدَّ الْقَهْرِيَّ فَيَأْتِي فِيهِ مَا ذُكِرَ ثَمَّ. اهـ (قَوْلُهُ: وَمَا اسْتَشْكَلَ بِهِ التَّفْصِيلُ) بَيْنَ كَوْنِ الْفَسْخِ بِعَيْبٍ بَعْدَ الْوَطْءِ أَوْ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ اللَّذَيْنِ) أَيْ الرِّدَّةِ وَالرَّضَاعِ وَقَوْلُهُ قَبْلَهُ أَيْ الْإِعْسَارِ (قَوْلُهُ: فَكَانَ الْقِيَاسُ إلْحَاقُهُ بِالْعَيْبِ) أَيْ عَلَى أَنَّ فَسْخَ النِّكَاحِ بِعَيْبٍ وَالْإِجَارَةُ تَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِ سَبَبِهِ لَا مِنْ أَصْلِ الْعَقْدِ وَلَا مِنْ حِينِ الْفَسْخِ. (قَوْلُهُ أَوْ قَبْلَهُ) أَيْ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ وَقَدْ عَادَتْ إلَى الْإِسْلَامِ) أَيْ فَإِنْ مَاتَتْ عَلَى رِدَّتِهَا فَلَا شَيْءَ لَهَا لِإِهْدَارِهَا بِالرِّدَّةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ عَادَتْ إلَخْ فَإِنْ يَتَبَيَّنُ عِصْمَةُ أَجْزَائِهَا (قَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ) هِيَ قَوْلُهُ أَوْ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ الْمُسَمَّى) أَيْ عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ السَّابِقِ وَمَهْرِ الْمِثْلِ عَلَى الْأَصَحِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَكَانَ الْقِيَاسُ إلْحَاقَهُ بِالْعَيْبِ) لَك أَنْ تَقُولَ بَلْ الْقِيَاسُ إلْحَاقُهُ بِهِمَا بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْ الثَّلَاثَةِ مَلْحَظُ الْفَسْخِ فِيهِ حُصُولُهُ فِي الْحَالِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى كَوْنِهِ مُقَارِنًا أَوْ غَيْرَ مُقَارِنٍ، وَلَا يَصِحُّ إلْحَاقُهُ بِالْعَيْبِ لِلْفَارِقِ الَّذِي أَشَرْتُ إلَيْهِ. وَأَمَّا كَوْنُ الْفَسْخِ يَقَعُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِفَاعِلٍ فَذَاكَ أَمْرٌ آخَرُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَلْحَظًا فِي ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ إنَّمَا تَمَتَّعَ بِمَعِيبَةٍ) هُوَ قَاصِرٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْعَيْبُ بِهَا (قَوْلُهُ: وَأَيْضًا فَقَضِيَّةُ الْفَسْخِ إلَخْ) يَقْتَضِي وُجُوبَ مَهْرِ الْمِثْلِ حَتَّى فِي الْعَيْبِ الْحَادِثِ بَعْدَ الْوَطْءِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَيْ وَقَدْ عَادَتْ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ رِدَّتِهَا

الْمِثْلِ (عَلَى مَنْ غَرَّهُ فِي الْجَدِيدِ) مِنْ وَلِيٍّ أَوْ زَوْجَةٍ بِأَنْ سَكَتَ عَنْ عَيْنِهَا لِإِظْهَارِهَا لَهُ مَعْرِفَةَ الْخَاطِبِ بِهِ. قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَقَالَ الزَّازُ بِأَنْ تَعْقِدَ بِنَفْسِهَا وَيُحْكَمُ بِهِ حَاكِمٌ يَرَاهُ لِاسْتِيفَائِهِ مَنْفَعَةَ بُضْعٍ، وَكُلٌّ صَحِيحٌ، وَبِهِ فَارَقَ الرُّجُوعَ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ الْآتِي وَالْقَدِيمُ يَرْجِعُ بِهِ لِلتَّدْلِيسِ عَلَيْهِ بِإِخْفَاءِ الْعَيْبِ الْمُقَارِنِ لِلْعَقْدِ، وَرَدَّ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ. أَمَّا الْعَيْبُ الْحَادِثُ بَعْدَ الْعَقْدِ إذَا فُسِخَ بِهِ فَلَا يَرْجِعُ بِالْمَهْرِ جَزْمًا لِانْتِفَاءِ التَّدْلِيسِ. (وَيُشْتَرَطُ فِي) الْفَسْخِ بِعَيْبٍ (الْعُنَّةُ) (رَفَعَ إلَى حَاكِمٍ) جَزْمًا لِتَوَقُّفِ ثُبُوتِهَا عَلَى مَزِيدِ نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ وَيُغْنِي عَنْهُ الْمُحْكَمُ بِشَرْطِهِ حَيْثُ نَفَذَ حُكْمُهُ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ (وَكَذَا سَائِرُ الْعُيُوبِ) أَيْ بَاقِيهَا يُشْتَرَطُ بِالْفَسْخِ بِكُلٍّ مِنْهَا ذَلِكَ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ مُعْسَرٌ فِيهِ فَأَشْبَهَ الْفَسْخَ بِالْإِعْسَارِ. وَالثَّانِي لَا بَلْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الِانْفِرَادُ بِالْفَسْخِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَاقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّهُمَا لَوْ تَرَاضَيَا بِالْفَسْخِ بِمَا يَجُوزُ بِهِ الْفَسْخُ لَمْ يَصِحَّ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمُحَرَّرِ. نَعَمْ يَأْتِي فِي الْفَسْخِ بِالْإِعْسَارِ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَجِدْ حَاكِمًا وَلَا مُحَكِّمًا نَفَذَ فَسْخُهَا لِلضَّرُورَةِ وَالْقِيَاسُ مَجِيئُهُ هُنَا. (وَتَثْبُتُ الْعُنَّةُ) إنْ سُمِعَتْ دَعْوَاهَا بِهَا بِأَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا وَهِيَ غَيْرُ رَتْقَاءُ وَلَا قَرْنَاءُ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْخِصَالِ وَغَيْرُ أَمَةٍ كَمَا قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ، وَإِلَّا لَزِمَ بُطْلَانُ نِكَاحِهَا حَيْثُ ادَّعَتْ عُنَّةً مُقَارِنَةً لِلْعَقْدِ، لِأَنَّ شَرْطَهُ خَوْفُ الْعَنَتِ وَهُوَ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْ عِنِّينٍ إنْ قُلْنَا بِجَوَازِ نِكَاحِهِ الْأَمَةَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ (بِإِقْرَارِهِ) بِهَا بَيْنَ يَدَيْ حَاكِمٍ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ (أَوْ بَيِّنَةٍ عَلَى إقْرَارِهِ) لَا عَلَيْهَا إذْ لَا اطِّلَاعَ لِلشُّهُودِ عَلَى ذَلِكَ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَى الْمَرْأَةِ عَلَى غَيْرِ مُكَلَّفٍ لِعَدَمِ صِحَّةِ إقْرَارِهِ بِهَا (وَكَذَا) تَثْبُتُ (بِيَمِينِهَا بَعْدَ نُكُولِهِ) عَيْنَ الْيَمِينِ الْمَسْبُوقِ بِإِنْكَارِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهَا تَعْرِفُهَا مِنْهُ بِقَرَائِنِ حَالِهِ فَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ كَرَاهَتِهِ لَهَا أَوْ اسْتِحْيَائِهِ مِنْهَا. وَالثَّانِي لَا تَرِدُ عَلَيْهَا وَيُقْضَى بِنُكُولِهِ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالتَّعْنِينِ أَوْلَى لِأَنَّهُ الْعُنَّةُ فِي اللُّغَةِ حَظِيرَةُ مُعَدَّةٌ لِلْمَاشِيَةِ مَرْدُودٌ بِتَرَادُفِهِمَا اصْطِلَاحًا فَلَا أَوْلَوِيَّةَ، عَلَى أَنَّ ابْنَ مَالِكٍ جَعَلَ الْعُنَّةَ مُرَادِفَةً لِلتَّعْنِينِ لُغَةً فَتَكُونُ مُشْتَرَكَةً. (وَإِذَا ثَبَتَتْ) الْعُنَّةُ بِوَجْهٍ مِمَّا مَرَّ (ضَرَبَ الْقَاضِي لَهُ سَنَةً) وَلَوْ قِنًّا كَافِرًا إذْ مَا يَتَعَلَّقُ بِالطَّبْعِ يَسْتَوِي فِيهِ الْقِنُّ وَغَيْرُهُ (بِطَلَبِهَا) لِقَضَاءِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِهَا، وَحُكِيَ فِيهِ الْإِجْمَاعُ، وَحِكْمَتُهُ مُضِيُّ الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ إذَا تَعَذَّرَ الْجِمَاعُ إنْ كَانَ لِعَارِضِ حَرَارَةٍ زَالَ شِتَاءً أَوْ بُرُودَةٍ زَالَ صَيْفًا أَوْ يُبُوسَةٍ زَالَ رَبِيعًا أَوْ رُطُوبَةٍ زَالَ خَرِيفًا، فَإِذَا مَضَتْ السَّنَةِ عُلِمَ أَنَّ عَجْزَهُ خِلْقِيٌّ، وَابْتِدَاؤُهَا مِنْ وَقْتِ الضَّرْبِ لَا الثُّبُوتِ، بِخِلَافِ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ فَإِنَّهَا مِنْ وَقْتِ الْحَلِفِ بِالنَّصِّ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: عَلَى مَنْ غَرَّهُ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا عِنْدَهُ جُمْلَةٌ مِنْ الْعَسَلِ فَوَقَعَتْ فِيهِ سِحْلِيَّةٌ فَسَأَلَ مُفْتِيًا فَأَفْتَاهُ بِالنَّجَاسَةِ فَأَرَاقَهُ هَلْ يَضْمَنُهُ الْمُفْتِي أَوْ لَا، وَهُوَ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُفْتِي الْمَذْكُورِ أَخْذًا مِمَّا ذُكِرَ وَيُعَزَّرُ فَقَطْ إنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَيُغْنِي عَنْهُ الْمُحَكِّمُ بِشَرْطِهِ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ مُجْتَهِدًا وَلَا يُوجَدُ قَاضٍ وَلَوْ قَاضَى ضَرُورَةً (قَوْلُهُ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَجِدْ حَاكِمًا) مِنْهُ مَا لَوْ تَوَقَّفَ فَسْخُ الْحَاكِمِ لَهَا عَلَى دَرَاهِمَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهَا وَقْعٌ بِالنِّسْبَةِ لِحَالِ الْمَرْأَةِ. (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْخِصَالِ) هُوَ الْخَفَّافُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا تَثْبُتُ بِيَمِينِهَا) أَيْ وَبِإِخْبَارِ مَعْصُومٍ (قَوْلُهُ: حَظِيرَةٌ) وَهِيَ مَا تُحَوَّطُ لِلْمَاشِيَةِ كَالزَّرِيبَةِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: ضَرَبَ الْقَاضِي لَهُ سَنَةً) هَلْ وَلَوْ أَخْبَرَهُ مَعْصُومٌ بِأَنَّهُ عَجْزٌ خِلْقِيٌّ تَوَقَّفَ فِيهِ سم، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ حَجّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ضَرْبِ السَّنَةِ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَنَاطَ الْحُكْمَ بِهَا لَكِنَّ الْمَعْصُومَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِأَنْ سَكَتَ) تَصْوِيرٌ لِتَغْرِيرِ الزَّوْجَةِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: لِاسْتِيفَائِهِ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِأَصْلِ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: وَكُلُّ صَحِيحٍ) أَيْ كُلٌّ مِنْ قَوْلِ الْمُتَوَلِّي وَالزَّازِ: وَكَانَ الْمُنَاسِبُ تَقْدِيمَهُ عَلَى التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ) أَيْ بِالتَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ غَيْرُ رَتْقَاءَ وَلَا قَرْنَاءَ) لَا يُلَاقِي مَا مَرَّ مِنْ ثُبُوتِ الْخِيَارِ إذَا كَانَتْ رَتْقَاءَ أَوْ قَرْنَاءَ وَهُوَ مَجْبُوبٌ وَهَذَا سَاقِطٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَزِمَ بُطْلَانُ نِكَاحِهَا حَيْثُ إلَخْ) لَعَلَّ فِيهِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا فَتَأَمَّلْ

وَتُعْتَبَرُ بِالْأَهِلَّةِ فَإِنْ وَقَعَ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ كَمُلَتْ مِنْ الثَّالِثَ عَشَرَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَيَكْفِي قَوْلُهَا: أَنَا طَالِبَةٌ حَقِّي بِمُوجِبِ الشَّرْعِ وَإِنْ جَهِلَتْ تَفْصِيلَ الْحُكْمِ فَإِنْ سَكَتَتْ لَمْ تُضْرَبُ. نَعَمْ إنْ عَلِمَ الْقَاضِي أَنَّ سُكُونَهَا لِنَحْوِ جَهْلٍ أَوْ دَهْشَةٍ فَلَا بَأْسَ بِتَنْبِيهِهَا، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ قِيَامِ الْوَلِيِّ عَنْهَا فِي ذَلِكَ وَلَوْ مَجْنُونَةً (فَإِذَا تَمَّتْ) السَّنَةُ وَلَمْ يَطَأْهَا وَلَمْ تَعْتَزِلْهُ فِيهَا (رَفَعَتْهُ إلَيْهِ) لِامْتِنَاعِ اسْتِقْلَالِهَا بِالْفَسْخِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ بَلْ صَرِيحُهُ أَنَّ الرَّفْعَ ثَانِيًا بَعْدَ السَّنَةِ يَكُونُ عَلَى الْفَوْرِ وَهُوَ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ (فَإِنْ قَالَ وَطِئْت) فِيهَا أَوْ بَعْدَهَا وَهِيَ ثَيِّبٌ (حَلَفَ) إنْ طَلَبَتْ يَمِينَهُ عَلَى وَطِئَهَا لِتَعَذُّرِ إثْبَاتِ الْوَطْءِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ، أَمَّا بِكْرٌ غَيْرُ غَوْرَاءَ شَهِدَ بِبَكَارَتِهَا أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فَتُصَدَّقُ هِيَ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهَا، وَتَحْلِفُ وُجُوبًا كَمَا رَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ. نَعَمْ يَظْهَرُ تَوَقُّفُهُ عَلَى طَلَبِهِ، وَكَيْفِيَّةِ حَلِفِهَا أَنَّهُ لَمْ يُصِبْهَا وَأَنَّ بَكَارَتَهَا أَصْلِيَّةٌ وَلَوْ لَمْ تَزُلْ الْبَكَارَةُ فِي غَيْرِ الْغَوْرَاءِ لِرِقَّةِ الذَّكَرِ فَهُوَ وَطْءٌ كَامِلٌ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي إجْزَائِهِ فِي التَّحْلِيلِ عَلَى مَا مَرَّ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ تَصْدِيقِهِ فِي الْوَطْءِ مُسْتَثْنًى مِنْ قَاعِدَةِ تَصْدِيقِ نَافِي الْوَطْءِ، كَمَا اُسْتُثْنِيَ مِنْهَا أَيْضًا تَصْدِيقُهُ فِيهِ فِي الْإِيلَاءِ، وَفِيمَا إذَا أَعْسَرَ بِالْمَهْرِ حَتَّى يَمْتَنِعَ فَسْخُهَا وَتَصْدِيقُهَا فِيهِ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي كَوْنِ الطَّلَاقِ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ يَلْحَقُهُ، وَلَوْ شُرِطَتْ بَكَارَتُهَا فَوُجِدَتْ ثَيِّبًا فَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا لِدَفْعِ الْفَسْخِ أَوْ ادَّعَتْ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا أَنَّ الْمُحَلِّلَ وَطِئَهَا وَفَارَقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَأَنْكَرَ الْمُحَلِّلُ الْوَطْءَ: أَيْ وَتُصَدَّقُ عَلَى الْفِرَاقِ فَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا لِحِلِّهَا لِلْأَوَّلِ لَا لِتَقْرِيرِ مَهْرِهَا لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ فِي انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَبَيِّنَةُ الْوَطْءِ مُتَعَذِّرَةٌ، وَلَوْ قَالَ لَهَا وَهِيَ طَاهِرٌ أَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ ثُمَّ ادَّعَى وَطْأَهَا فِي هَذَا الطُّهْرِ لِيَرْفَعَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ فِي الْحَالِ وَأَنْكَرَتْهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ، وَنَظِيرُهُ إفْتَاءُ الْقَاضِي فِي إذَا لَمْ أُنْفِقْ عَلَيْك الْيَوْمَ فَأَنْتَ طَالِقٌ وَادَّعَى الْإِنْفَاقَ فَيُصَدَّقُ لِدَفْعِ الطَّلَاقِ وَهِيَ لِبَقَاءِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ عَمَلًا بِأَصْلِ بَقَاءِ الْعِصْمَةِ وَبَقَاءِ النَّفَقَةِ وَإِنَّ ابْنَ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيه الظَّاهِرُ الْوُقُوعُ (فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (حَلَفَتْ) هِيَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَطَأْهَا إذْ النُّكُولُ كَالْإِقْرَارِ (فَإِنْ حَلَفَتْ) أَنَّهُ لَمْ يَطَأْهَا (أَوْ أَقَرَّ) هُوَ بِذَلِكَ (اسْتَقَلَّتْ) هِيَ (بِالْفَسْخِ) لَكِنْ بَعْدَ قَوْلِ الْقَاضِي ثَبَتَتْ الْعُنَّةُ أَوْ حَقُّ الْفَسْخِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ فَاخْتَارِي كَمَا ذَهَبَ إلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِهِ جَمْعٌ، وَلِذَا حَذَفَهُ مِنْ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَمَنْ أَثْبَتَهُ فَلَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ، وَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ اشْتِرَاطِ قَوْلِهِ حَكَمْت لِأَنَّ الثُّبُوتَ لَيْسَ بِحُكْمٍ مَمْنُوعٍ إذَا الْمَدَارُ عَلَى تَحَقُّقِ السَّبَبِ وَقَدْ وُجِدَ (وَقِيلَ يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ الْقَاضِي) لَهَا فِي الْفَسْخِ (أَوْ فَسْخِهِ) بِنَفْسِهِ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ، وَرَدَ بِالِاكْتِفَاءِ بِمَا سَبَقَ، ـــــــــــــــــــــــــــــSوَاجِبُ التَّصْدِيقِ، فَالْأَقْرَبُ عَدَمُ ضَرْبِ السَّنَةِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَخْبَرَهُ مَعْصُومٌ بِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْهُ نَاقِضٌ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْأَخْذِ بِخَبَرِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ سَكَتَتْ لَمْ تُضْرَبْ) أَيْ الْمُدَّةُ (قَوْلُهُ أَوْ دَهْشَةٍ) أَيْ تَحَيَّرَ، يُقَالُ دَهِشَ الرَّجُلُ تَحَيَّرَ (قَوْلُهُ: فَلَا بَأْسَ بِتَنْبِيهِهَا) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ وُجُوبِ وَذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِتَقْصِيرِهَا بِعَدَمِ الْبَحْثِ (قَوْلُهُ: إنَّهُ الْقِيَاسُ) أَيْ فِي الْبِكْرِ الْغَوْرَاءِ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ) أَيْ ثَمَّ لَا وَهُنَا (قَوْلُهُ: لِدَفْعِ الْفَسْخِ) أَيْ لَا لِوُجُوبِ الْمَهْرِ، فَلَوْ طَلَّقَ مُصِرًّا عَلَى إنْكَارِ الْجِمَاعِ تَشَطَّرَ الْمَهْرُ (قَوْلُهُ لَا لِتَقْرِيرِ مَهْرِهَا) أَيْ فَلَا يَجِبُ كُلُّهُ بَلْ يَتَشَطَّرُ (قَوْلُهُ: وَهِيَ لِبَقَاءِ النَّفَقَةِ) قِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ أَنْ يُوَفِّيَهُ حَقَّهُ وَقْتَ كَذَا ثُمَّ مَضَى الْوَقْتُ وَادَّعَى تَوْفِيَتَهُ فِيهِ وَأَنْكَرَ الْمُسْتَحِقُّ، صُدِّقَ الْمُسْتَحِقُّ فِي بَقَاءِ الدَّيْنِ، وَالزَّوْجُ فِي عَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ. (قَوْلُهُ: إذْ النُّكُولُ كَالْإِقْرَارِ) أَيْ مَعَ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِهَا كَانَ أَوْلَى إذَا النُّكُولُ بِمُجَرَّدِهِ لَا أَثَرَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَلِذَا حَذَفَهُ) أَيْ قَوْلَهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ فَاخْتِيَارِيٌّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَهُوَ صَرِيحٌ فِي التَّحْلِيلِ) لَكِنَّ الَّذِي قَدَّمَهُ هُنَاكَ اعْتِمَادُ عَدَمِ حُصُولِ التَّحْلِيلِ بِهِ (قَوْلُهُ: إذْ النُّكُولُ) أَيْ مَعَ رَدِّ الْيَمِينِ

وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ فِي الْفَسْخِ بِالْإِعْسَارِ لِأَنَّ الْعُنَّةَ هُنَا خَصْلَةٌ وَاحِدَةٌ، فَإِذَا تَحَقَّقَتْ بِضَرْبِ الْمُدَّةِ وَعَدَمِ الْوَطْءِ لَمْ يَبْقَ حَاجَةٌ لِلِاجْتِهَادِ، بِخِلَافِ الْإِعْسَارِ فَإِنَّهُ بِصَدَدِ الزَّوَالِ كُلَّ وَقْتٍ فَاحْتَاجَ لِلنَّظَرِ وَالِاجْتِهَادِ فَلَمْ تُمَكَّنْ مِنْ الْفَسْخِ بِهِ (وَلَوْ اعْتَزَلَتْهُ أَوْ مَرِضَتْ أَوْ حُبِسَتْ فِي الْمُدَّةِ) جَمِيعِهَا (لَمْ تُحْسَبْ) الْمُدَّةُ إذْ لَا أَثَرَ لَهَا حِينَئِذٍ فَتَسْتَأْنِفُ سَنَةً أُخْرَى، بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَعَ بِذَلِكَ لَهُ فَإِنَّهَا تُحْسَبُ عَلَيْهِ، وَاعْتَمَدَ الْأَذْرَعِيُّ فِي حَبْسِهِ وَمَرَضِهِ وَسَفَرِهِ كُرْهًا عَدَمَ حُسْبَانِهَا لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ، وَخَرَجَ بِجَمِيعِهَا: فَلَا يَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ بَلْ تَنْتَظِرُ الْفَصْلَ الَّذِي وَقَعَ لَهَا ذَلِكَ فِيهِ فَتَكُونُ مَعَهُ فِيهِ وَلَا يَضُرُّ انْعِزَالُهَا عَنْهُ فِيمَا سِوَاهُ، وَلَوْ كَانَ الِانْعِزَالُ عَنْهُ يَوْمًا مَثَلًا فَالْقِيَاسُ قَضَاءُ مِثْلِ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَا جَمِيعَ الْفَصْلِ وَلَا أَيَّ يَوْمٍ مِنْهُ (وَلَوْ رَضِيَتْ بَعْدَهَا) أَيْ السَّنَةِ (بِهِ) أَيْ الْمُقَامِ مَعَ الزَّوْجِ (بَطَل حَقُّهَا) مِنْ الْفَسْخِ لِرِضَاهَا بِالْعَيْبِ مَعَ كَوْنِهِ خَصْلَةً وَاحِدَةً وَالضَّرَرُ لَا يَتَجَدَّدُ، وَبِهِ فَارَقَ الْإِيلَاءَ وَالْإِعْسَارَ وَانْهِدَامَ الدَّارِ فِي الْإِجَارَةِ وَخَرَجَ بِبُعْدِهَا رِضَاهَا قَبْلَ مُضِيِّهَا لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِلْحَقِّ قَبْلَ ثُبُوتِهِ، وَلَوْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا بَعْدَ رِضَاهَا بِهِ بِأَنْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ أَوْ وَطِئَهَا فِي دُبُرِهَا ثُمَّ رَاجَعَهَا لَمْ يَعُدْ حَقُّ الْفَسْخِ لِاتِّحَادِ النِّكَاحِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ جَدَّدَ نِكَاحَهَا بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ طَلَبُهَا لِكَوْنِهِ نِكَاحًا غَيْرَ الْأَوَّلِ (قَوْله وَكَذَا لَوْ أَجَّلَتْهُ) زَمَنًا آخَرَ بَعْدَ الْمُدَّةِ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهُ الْفَوْرُ وَالتَّأْجِيلُ مُفَوِّتٌ لَهُ، وَبِهِ فَارَقَ إمْهَالَ الدَّائِنِ بَعْدَ الْحُلُولِ لِأَنَّ حَقَّ طَلَبِ الدَّيْنِ عَلَى التَّرَاخِي. وَالثَّانِي لَا يَبْطُلُ لِإِحْسَانِهَا بِالتَّأْجِيلِ وَلَا يَلْزَمُهَا فَلَهَا الْفَسْخُ مَتَى شَاءَتْ. (وَلَوْ) (نَكَحَ وَشَرَطَ) فِي الْعَقْدِ (فِيهَا إسْلَامٌ) أَوْ فِيهِ إذَا أَرَادَ تَزَوُّجَ كِتَابِيَّةٍ (أَوْ فِي أَحَدِهِمَا نَسَبٌ أَوْ حُرِّيَّةٌ أَوْ غَيْرُهُمَا) مِنْ الصِّفَاتِ الْكَامِلَةِ كَبَكَارَةٍ أَوْ النَّاقِصَةِ كَثُيُوبَةٍ أَوْ الَّتِي لَا وَلَا كَكَوْنِ أَحَدِهِمَا أَبْيَضَ مَثَلًا (فَأَخْلَفَ) الْمَشْرُوطَ وَقَدْ أَذِنَ السَّيِّدُ فِيمَا إذَا بَانَ قِنًّا وَالزَّوْجَةُ حُرَّةٌ وَالزَّوْجُ تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ إذَا بَانَتْ قِنَّةً وَالْكَافِرَةُ كِتَابِيَّةٌ يَحِلُّ نِكَاحُهَا (فَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ النِّكَاحِ) لِأَنَّ الْخُلْفَ فِي الشَّرْطِ لَا يُوجِبُ فَسَادَ الْبَيْعِ مَعَ تَأْثِيرِهِ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فَالنِّكَاحُ أَوْلَى. وَالثَّانِي يَبْطُلُ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَعْتَمِدُ الصِّفَاتِ فَتُبَدِّلُهَا كَتَبَدُّلِ الْعَيْنِ، أَمَّا خُلْفُ الْعَيْنِ كَزَوِّجْنِي مِنْ زَيْدٍ فَزَوَّجَهَا مِنْ عَمْرٍو فَيَبْطُلُ جَزْمًا (ثُمَّ) إذَا صَحَّ (إنْ بَانَ) الْمَوْصُوفُ فِي غَيْرِ الْمَعِيبِ لِمَا مَرَّ فِيهِ مِثْلُ مَا شَرَطَ أَوْ (خَيْرًا مِمَّا شَرَطَ) كَإِسْلَامٍ وَبَكَارَةٍ وَحُرِّيَّةٍ بَدَلَ أَضْدَادِهَا صَحَّ النِّكَاحُ، وَحِينَئِذٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: بَلْ يَنْتَظِرُ الْفَصْلَ) أَيْ مِنْ السَّنَةِ الْأُخْرَى. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِاسْتِلْزَامِهِ لِاسْتِئْنَافٍ أَيْضًا لِأَنَّ ذَاتَ الْفَصْلِ إنَّمَا يَأْتِي مِنْ سَنَةٍ أُخْرَى. قَالَ: فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ انْعِزَالُهَا عَنْهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْفَصْلِ مِنْ قَابِلٍ بِخِلَافِ الِاسْتِئْنَافِ اهـ شَرْحُ مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: بِأَنْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي دُبُرِهَا. (قَوْلُهُ: إذَا أَرَادَ تَزَوُّجَ كِتَابِيَّةٍ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرَادَ تَزَوُّجَ مُسْلِمَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى شَرْطِ الْإِسْلَامِ إذْ الْكَافِرُ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْمُسْلِمَةِ وَغَيْرُ الْكِتَابِيَّةِ مِنْ الْكَافِرَاتِ لَا يَصِحُّ نِكَاحُ الْمُسْلِمِ لَهَا (قَوْلُهُ: كَثُيُوبَةٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَتْ كَوْنَهُ بِكْرًا فَبَانَ ثَيِّبًا ثُبُوتُ الْخِيَارِ لَهَا (قَوْلُهُ: وَلَا كَكَوْنِ أَحَدِهِمَا أَبْيَضَ مَثَلًا) هَلْ مِثْلُهُ الْكُحْلُ وَالدَّعَجُ وَالسِّمَنُ وَغَيْرُهَا مِمَّا ذُكِرَ فِي السِّلْمِ أَوْ لَا؟ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ تُقْصَدُ فِي النِّكَاحِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ التَّمَتُّعُ، وَلَا كَذَلِكَ الرَّقِيقُ لِمَا مَرَّ فِي السِّلْمِ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْخِدْمَةُ وَهِيَ لَا تَخْتَلِفُ بِهَذِهِ الْأُمُورِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الثَّانِي لَمَّا ذُكِرَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَالزَّوْجَةُ حُرَّةٌ) أَيْ وَالْحَالُ (قَوْلُهُ فَزَوَّجَهَا مِنْ عَمْرٍو) مُرَادُهُ بِذَلِكَ أَنَّ عَيْبَ النِّكَاحِ مُقْتَضٍ لِلْفَسْخِ بِوَضْعِهِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ حَتَّى لَوْ شَرَطَ فِيهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالزَّوْجَةُ حُرَّةٌ) سَيَأْتِي مَا يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: صَحَّ النِّكَاحُ) تَقْدِيرُ هَذَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَمْرَانِ: الْأَوَّلُ أَنَّهُ يَصِيرُ حَاصِلُ الْمَتْنِ مَعَ الشَّرْحِ فَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ النِّكَاحِ، ثُمَّ إنْ بَانَ خَيْرًا مِمَّا شَرَطَ صَحَّ النِّكَاحُ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ. الثَّانِي أَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ عَدَمَ ثُبُوتِ الْخِيَارِ وَحْدَهُ يُنْتِجُهُ صِحَّةُ النِّكَاحِ، فَيُفْهَمُ أَنَّ ثُبُوتَ الْخِيَارِ مُفَرَّعٌ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ النِّكَاحِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ

(فَلَا خِيَارَ) لِأَنَّهُ مُسَاوٍ أَوْ أَكْمَلَ، وَفَارَقَ الْخِيَارَ فِي مَبِيعَةٍ شُرِطَ كُفْرُهَا فَبَانَتْ مُسْلِمَةً بِأَنَّ الْمَلْحَظَ ثَمَّ الْقِيمَةُ وَقَدْ تَزِيدُ فِي الْكَافِرَةِ (وَإِنْ بَانَ دُونَهُ) أَيْ الشُّرُوطِ (فَلَهَا الْخِيَارُ) لِلْخُلْفِ، فَإِنْ رَضِيَتْ فَلِأَوْلِيَائِهَا الْخِيَارُ إذَا كَانَ الْخُلْفُ فِي النَّسَبِ لِفَوَاتِ الْكَفَاءَةِ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لَهَا فِي النَّسَبِ مُطْلَقًا وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ. وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّ الشَّافِعِيَّ رَجَّحَهُ فِي خُلْفِ شَرْطِ نَسَبِ الزَّوْجِ، وَمِثْلُهُ شَرْطُ نَسَبِهَا، لَكِنَّ الْأَظْهَرَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَقَضِيَّةُ مَا فِي الْكَبِيرِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إنْ سَاوَاهَا فِي نَسَبِهَا أَوْ زَادَ عَلَيْهَا لَا خِيَارَ لَهَا وَإِنْ كَانَ دُونَ الْمَشْرُوطِ، وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الْأَنْوَارِ، وَجَعَلَ الْعِفَّةَ كَالنَّسَبِ: أَيْ وَالْحِرْفَةُ كَذَلِكَ (وَكَذَا لَهُ) الْخِيَارُ (فِي الْأَصَحِّ) أَيْ إذَا لَمْ يَزِدْ نَسَبُهَا عَلَى نَسَبِهِ وَلَمْ يُسَاوِهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي جَانِبِهِ لِلْغُرُورِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْفَسْخُ فَوْرًا، وَلَوْ بِغَيْرِ قَاضٍ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَإِنْ بَحَثَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ كَعَيْبِ النِّكَاحِ. وَالثَّانِي لَا خِيَارَ لَهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْفَسْخِ بِالطَّلَاقِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الزَّوْجُ فِي الْأُولَى عَبْدًا، ثُبُوتُ الْخِيَارِ لَهُ، وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عَدَمُهُ لِتَكَافُئِهِمَا مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ طَلَاقِهَا وَأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ فِي الثَّانِيَةِ أَمَةً ثُبُوتُ الْخِيَارِ لَهَا، وَهُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي أَيْضًا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِلتَّغْرِيرِ وَلِحَقِّ السَّيِّدِ وَإِنْ جَرَى فِي الْأَنْوَارِ عَلَى مُقَابِلِهِ كَنَظِيرِهِ فِيمَا قَبْلَهُ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ الْمُرَجَّحُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالْخِيَارُ لِسَيِّدِهَا دُونَهَا، بِخِلَافِ سَائِرِ الْعُيُوبِ لِأَنَّهُ يُجْبِرُهَا عَلَى نِكَاحِ عَبْدٍ لَا مَعِيبَ. (وَلَوْ) (ظَنَّهَا مُسْلِمَةً أَوْ حُرَّةً) وَلَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ (فَبَانَتْ كِتَابِيَّةً أَوْ أَمَةً وَهِيَ لَا تَحِلُّ لَهُ) (فَلَا خِيَارَ) لَهُ فِيهِمَا (فِي الْأَظْهَرِ) لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ أَوْ الشَّرْطِ كَمَا لَوْ ظَنَّ الْمَبِيعَ كَاتِبًا مَثَلًا فَلَمْ يَكُنْ. وَالثَّانِي لَهُ الْخِيَارُ لِأَنَّ ظَاهِرَ الدَّارِ الْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ، فَإِذَا خَالَفَ ذَلِكَ ثَبَتَ الْخِيَارُ، وَلَوْ ظَنَّ حُرِّيَّتَهَا فَخَرَجَتْ مُبَعَّضَةً فَهِيَ كَمَا لَوْ بَانَتْ أَمَةً كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. (وَلَوْ أَذِنَتْ) لِوَلِيِّهَا (فِي تَزْوِيجِهَا بِمَنْ ظَنَّتْهُ كُفْئًا) لَهَا (فَبَانَ فِسْقُهُ أَوْ دَنَاءَةُ نَسَبِهِ وَحِرْفَتِهِ) (فَلَا خِيَارَ لَهَا) لِتَقْصِيرِهَا كَوَلِيِّهَا بِتَرْكِ مَا ذُكِرَ (قُلْت: وَلَوْ بَانَ) الزَّوْجُ (مَعِيبًا أَوْ عَبْدًا) وَهِيَ حُرَّةٌ وَأَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي النِّكَاحِ (فَلَهَا الْخِيَارُ) فِيهِمَا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) أَمَّا الْأَوَّلُ وَهُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ فَلِمُوَافَقَةِ مَا ظَنَّتْهُ مِنْ السَّلَامَةِ لِلْغَالِبِ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَيْبَ نِكَاحٍ كَجُذَامٍ فَظَهَرَ بِهَا بَرَصٌ تَخَيَّرَ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَشَدَّ مِنْ الثَّانِي اهـ مُؤَلِّفٌ. وَمِثْلُ مَا ذُكِرَ مَا لَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ زَوِّجْنِي فُلَانَةَ فَقَبِلَ لَهُ نِكَاحُ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ بَاطِلٌ. أَمَّا لَوْ رَأَى امْرَأَةً ثُمَّ زَوَّجَ غَيْرَهَا فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ وَلَا خِيَارَ لَهُ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ صُورَةَ تَبَدُّلِ الْعَيْنِ لَيْسَ شَامِلًا لِمِثْلِ هَذِهِ (قَوْلُهُ: فِي النَّسَبِ مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَ نَسَبُهَا مُسَاوِيًا أَوْ لَا وَيُتَأَمَّلُ كَوْنُ قَضِيَّةِ إطْلَاقِهِ ذَلِكَ مِنْ أَيْ جِهَةٍ كَانَ ذَلِكَ قَضِيَّتُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ دُونَ الْمَشْرُوطِ) غَايَةُ (قَوْلِهِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْفَسْخُ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ فَسَخْت النِّكَاحَ (قَوْلُهُ: لَوْ كَانَ الزَّوْجُ فِي الْأُولَى) وَهِيَ مَا لَوْ أَذِنَ السَّيِّدُ فِي نِكَاحِ الْعَبْدِ وَشَرْطُ كَوْنِهَا حُرَّةً فَبَانَتْ أَمَةً (قَوْلُهُ عَلَى الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ وَلِحَقِّ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ سَائِرِ الْعُيُوبِ) أَيْ فَإِنَّ الْخِيَارَ لَهَا وَلِسَيِّدِهَا عَلَى مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَيَتَخَيَّرُ بِمُقَارِنِ جُنُونٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ أَمَّا الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ مَعِيبًا، وَقَوْلُهُ لِلْغَالِبِ فِي النَّاسِ: أَيْ فَحَيْثُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَيْ وَالْحُرِّيَّةُ كَذَلِكَ) أَيْ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، لَكِنَّ تَعْبِيرَهُ بِأَيِّ يُفِيدُ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْحُرِّيَّةِ لَيْسَتْ فِي الْأَنْوَارِ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ نِسْبَتُهَا لِلْأَنْوَارِ، وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ الْحُرِّيَّةِ الْحِرْفَةُ وَهِيَ الْأَصْوَبُ (قَوْلُهُ: أَيْ إذْ لَمْ يَزِدْ نَسَبُهَا إلَخْ) يُوهِمُ أَنَّ صُورَةَ الْمَتْنِ قَاصِرَةٌ عَلَى مَسْأَلَةِ النَّسَبِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) تَبِعَ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ الْجَلَالَ الْمَحَلِّيَّ، وَكَذَا فِي قَوْلِهِ الْآتِي فِي الثَّانِيَةِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِهِ مَا يَتَنَزَّلُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَالْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ ذَكَرَ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْمَارِّ وَإِنْ بَانَ دُونَهُ مَا نَصُّهُ: كَأَنْ شَرَطَ أَنَّهَا حُرَّةٌ فَبَانَتْ أَمَةً وَهُوَ حُرٌّ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ وَقَدْ أَذِنَ السَّيِّدُ فِي نِكَاحِهَا، أَوْ أَنَّهُ حُرٌّ فَبَانَ عَبْدًا وَقَدْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي النِّكَاحِ وَالزَّوْجَةُ حُرَّةٌ. اهـ. فَصَحَّ لَهُ التَّعْبِيرُ

فِي النَّاسِ. وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ نَقْصَ الرِّقِّ يُؤَدِّي إلَى تَضَرُّرِهَا بِأَشْغَالِ سَيِّدِهِ لَهُ عَنْهَا بِخِدْمَتِهِ وَبِأَنَّهُ لَا يُنْفِقُ إلَّا نَفَقَةَ الْمُعْسِرِينَ وَتَعْيِيرُ وَلَدِهَا بِرِقِّ أَبِيهِ، وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ اعْتَمَدَ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ نَصَّ الْإِمَامُ وَالْبُوَيْطِيُّ أَنَّهُ لَا خِيَارَ كَالْفِسْقِ فَقَدْ رَدَّ بِظُهُورِ الْفِرَقِ، لِأَنَّ الرِّقَّ مَعَ كَوْنِهِ أَفْحَشَ عَارٌ يَدُومُ عَارُهُ وَلَوْ بَعْدَ الْعِتْقِ بِخِلَافِ الْفِسْقِ لَا سِيَّمَا بَعْدَ التَّوْبَةِ. (وَمَتَى فَسَخَ) الْعَقْدَ (بِخُلْفِ) شَرْطٍ أَوْ ظَنٍّ (فَحُكْمُ الْمَهْرِ وَالرُّجُوعِ بِهِ عَلَى الْغَارِّ مَا سَبَقَ فِي الْعَيْبِ) فَيَسْقُطُ الْمَهْرُ قَبْلَ الْوَطْءِ لَا مَعَهُ وَلَا بَعْدَهُ، وَلَا يَرْجِعُ بِهِ لَوْ غَرِمَهُ عَلَى الْغَارِّ، وَحُكْمُ مُؤَنِ الزَّوْجَةِ فِي مُدَّةِ الْعِدَّةِ أَنَّهَا لَا تَجِبُ هُنَا وَثَمَّ كَكُلٍّ مَفْسُوخٌ نِكَاحُهَا بِمُقَارِنٍ لِلْعَقْدِ كَعَيْبٍ أَوْ غُرُورٍ وَلَوْ حَامِلًا عَلَى تَنَاقُضٍ لَهُمَا فِي سُكْنَاهَا كَمَا سَيَأْتِي، وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ السُّكْنَى. (وَالْمُؤَثِّرُ) لِلْفَسْخِ بِخُلْفِ الشَّرْطِ (تَغْرِيرٌ قَارَنَ الْعَقْدَ) بِأَنْ وَقَعَ شَرْطًا فِي صُلْبِهِ كَزَوَّجْتُك هَذِهِ الْحُرَّةَ. وَهُوَ وَكِيلٌ عَنْ مَالِكِهَا أَوْ عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ أَوْ بِشَرْطِ أَنَّهَا حُرَّةٌ، لِأَنَّ الشُّرُوطَ إنَّمَا تُؤَثِّرُ فِي الْعُقُودِ إذَا كَانَتْ كَذَلِكَ. أَمَّا الْمُؤَثِّرُ لِلرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ الْآتِيَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مُقَارِنًا لِصُلْبِ الْعَقْدِ بَلْ يَكْفِي فِيهِ تَقَدُّمُهُ عَلَى الْعَقْدِ مُطْلَقًا أَوْ مُتَّصِلًا بِهِ عُرْفًا مَعَ قَصْدِ التَّرْغِيبِ فِي النِّكَاحِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ مَفْهُومٌ مِمَّا قَبْلَهُ بِالْأَوْلَى وَإِنَّمَا ذُكِرَ لِلْخِلَافِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْفَسْخَ رَفْعٌ لِلْعَقْدِ أَصْلًا فَاشْتَرَطَ اشْتِمَالَهُ عَلَى مُوجِبِ الْفَسْخِ لِيَقْوَى عَلَى رَفْعِهِ بَعْدَ انْعِقَادِهِ وَلَا كَذَلِكَ قِيمَةُ الْوَلَدِ، وَمَا وَقَعَ لِلشَّارِحِ هُنَا مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ يُوهِمُ اتِّحَادَ التَّغَيُّرَيْنِ فَجَعَلَ الْمُتَّصِلَ بِالْعَقْدِ كَالْمَذْكُورِ فِيهِ فَإِنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي الْفَسْخِ. (وَلَوْ) (غُرَّ) حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ (بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ) نَكَحَهَا وَشَرَطَ فِي الْعَقْدِ حُرِّيَّتهَا (وَصَحَّحْنَاهُ) أَيْ النِّكَاحَ بِأَنْ قُلْنَا إنَّ خُلْفَ الشَّرْطِ لَا يُبْطِلُهُ مَعَ وُجُودِ شُرُوطِ نِكَاحِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَخْلَفَ ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ، وَقَوْلُهُ وَأَمَّا الثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ أَوْ عَبْدًا (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ) أَيْ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: لَا سِيَّمَا بَعْدَ التَّوْبَةِ) قَضِيَّةُ الْفَرْقِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّ الْفِسْقَ لَوْ كَانَ بِالزِّنَا ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ. (قَوْلُهُ وَثَمَّ كَكُلِّ مَفْسُوخٍ) أَيْ وَثَمَّ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَا سَبَقَ فِي الْعَيْبِ (قَوْلُهُ: فِي سُكْنَاهَا) أَيْ الْمُعْتَدَّةِ عَنْ الْفَسْخِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهَا حَامِلًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي النَّفَقَاتِ فِي فَصْلِ الْجَدِيدِ أَنَّهَا تَجِبُ بِالتَّمْكِينِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَالْحَائِلُ الْبَائِنُ بِخُلْعٍ إلَخْ، وَفِي الْعَدَدِ فِي فَصْلٍ تَجِبُ سُكْنَى لِمُعْتَدَّةِ طَلَاقٍ بَعْدَ قَوْلِهِ وَيَجِبُ لِمُعْتَدَّةٍ فَسْخٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ إذَا كَانَتْ كَذَلِكَ) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ بِأَنْ وَقَعَ شَرْطًا فِي صُلْبِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَكْفِي فِيهِ تَقَدُّمُهُ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: قَوْله فَيَكْفِي فِيهِ تَقَدُّمُهُ إلَخْ اعْتَمَدَهُ م ر: أَيْ كَمَا يَكْفِي تَأَخُّرُهُ كَانَ قَالَ لَهُ بَيْنَ الْعَقْدِ وَالْوَطْءِ هَذِهِ حُرَّةٌ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقُلْ لَهُ كَانَ بِسَبِيلٍ مِنْ أَنْ لَا يَطَأَهَا، كَذَا وَجَدَهُ م ر بِخَطِّهِ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى وَالِدِهِ، ثُمَّ تَوَقَّفَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى مُسْتَنِدِهِ مِنْ كَلَامِهِمْ. (قَوْلُهُ: وَشَرَطَ فِي الْعَقْدِ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَذْكُورُ، عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ مَا يُغْنِي عَنْهُ (قَوْلُهُ: شَرْطٍ) كَانَ يَنْبَغِي زِيَادَةُ لَامٍ فِيهِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ لِيُبْقِيَ الْمَتْنُ عَلَى تَنْوِينِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ وَكِيلٌ عَنْ مَالِكِهَا) سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ تَصَوُّرُهُ مِنْ الْمَالِكِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ فِي ذَلِكَ إلَخْ) حَاصِلُ هَذَا الْبَحْثِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْغَزَالِيَّ قَائِلٌ بِأَنَّ التَّغْرِيرَ الْمُتَقَدِّمَ عَلَى الْعَقْدِ مُؤَثِّرٌ مُطْلَقًا بِالنِّسْبَةِ لِقِيمَةِ الْوَلَدِ وَأَنَّ الْإِمَامَ يَشْتَرِطُ فِيهِ شَرْطَيْنِ: أَنْ يَتَّصِلَ بِالْعَقْدِ: أَيْ عُرْفًا. وَأَنْ يُذْكَرَ عَلَى وَجْهِ التَّرْغِيبِ فِي النِّكَاحِ. فَلَوْ انْتَفَى شَرْطٌ مِنْهُمَا فَفِيهِ تَرَدُّدٌ لَهُ، وَالشَّارِحُ لِمَ يُنَبِّهْ عَلَى كَوْنِهِمَا مَقَالَتَيْنِ فَلَمْ يَبْقَ لِذِكْرِ الثَّانِي بَعْدَ الْأَوَّلِ مَوْقِعٌ فِي كَلَامِهِ. وَقَوْلُهُ وَهُوَ مَفْهُومٌ مِمَّا قَبْلَهُ بِالْأَوْلَى صَوَابُهُ وَهُوَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ مَا قَبْلَهُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَإِنَّمَا ذُكِرَ لِلْخِلَافِ فَلَمْ أَفْهَمْ مَعْنًى؛ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِهِ كَلَامَ الْإِمَامِ فَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ فَهُوَ مَحَلُّ وِفَاقٍ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ أَرَادَ كَلَامَ الْغَزَالِيِّ فَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا ذُكِرَ لِإِفَادَةِ الْحُكْمِ بِحَيْثُ لَا يُغْنِي

الْأَمَةِ فِيهَا أَوْ لَمْ نُصَحِّحْهُ بِأَنْ قُلْنَا إنَّ خُلْفَ الشَّرْطِ يُبْطِلُهُ أَوْ لِفَقْدِ بَعْضِهَا (فَالْوَلَدُ) الْحَاصِلُ (قَبْلَ الْعِلْمِ) بِأَنَّهَا أَمَةُ (حُرٍّ) وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ عَبْدًا عَمَلًا بِظَنِّهِ فَإِنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُهُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ وَطِئَ عَبْدٌ أَمَةً ظَانًّا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْحُرَّةُ كَانَ الْوَلَدُ حُرًّا، وَلَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ ظَانًّا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْأَمَةُ فَالْوَلَدُ حُرٌّ وَلَا أَثَرَ لِظَنِّهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحُرِّيَّةَ التَّابِعَةَ لِلْأُمِّ أَقْوَى، إذْ لَا يُؤَثِّرُ فِيهَا شَيْءٌ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهَا الظَّنُّ. أَمَّا مَا عُلِّقَتْ بِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْحَالِ كَأَنْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ أَوَّلِ وَطْءٍ بِعَدْلِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ قِنٌّ، وَلَا بُدَّ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ اعْتِبَارِ قَدْرٍ زَائِدٍ لِلْوَطْءِ وَالْوَضْعِ، وَيَصْدُقُ فِي ظَنِّهِ بِيَمِينِهِ وَيَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فَيَحْلِفُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ مُوَرِّثَهُ عَلِمَ بِرِقِّهَا (وَعَلَى الْمَغْرُورِ) فِي ذِمَّتِهِ وَلَوْ قِنًّا (قِيمَتُهُ) يَوْمَ وِلَادَتِهِ لِأَنَّهُ أَوَّلَ أَوْقَاتِ إمْكَانِ تَقْوِيمِهِ (لِسَيِّدِهَا) وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ جَدَّ الْوَلَدِ لِتَقْوِيَتِهِ رِقَّهُ التَّابِعَ لِرِقِّهَا بِظَنِّهِ حُرِّيَّتَهَا، نَعَمْ لَوْ كَانَ الزَّوْجُ عَبْدًا لِسَيِّدِهَا لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى قِنِّهِ مَالٌ (وَيَرْجِعُ بِهَا) الزَّوْجُ إذَا غَرِمَهَا لَا قَبْلَهُ كَالضَّامِنِ (عَلَى الْغَارِّ) غَيْرِ السَّيِّدِ لِأَنَّهُ الْمُوَقِّعُ فِي غُرْمِهَا وَلَمْ يَدْخُلْ فِي الْعَقْدِ عَلَى غُرْمِهَا بِخِلَافِ الْمَهْرِ، وَالْمَهْرُ الْوَاجِبُ عَلَى الْعَبْدِ الْمَغْرُورِ بِوَطْئِهِ إنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلٍ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ أَوْ الْمُسَمَّى فَبِكَسْبِهِ (وَالتَّغْرِيرُ بِالْحُرِّيَّةِ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْ سَيِّدِهَا) غَالِبًا لِعِتْقِهَا لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي سَيِّدٍ مَتَى قَالَ ذَلِكَ حُكِمَ بِعِتْقِهَا عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ زَوَّجْتُك هَذِهِ الْحُرَّةَ أَوْ عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ تَعْتِقْ بَاطِنًا إذَا لَمْ يَقْصِدْ إنْشَاءَ الْعِتْقِ وَلَا سَبَقَ مِنْهُ (بَلْ) يُتَصَوَّرُ (مِنْ وَكِيلِهِ) أَوْ وَلِيِّهِ فِي نِكَاحِهَا وَحِينَئِذٍ يَكُونُ خُلْفَ ظَنٍّ أَوْ شَرْطٍ (أَوْ مِنْهَا) وَحِينَئِذٍ يَكُونُ خُلْفَ ظَنٍّ فَقَطْ وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ مَنْ لَيْسَ بِعَاقِدٍ وَلَا مَعْقُودٍ عَلَيْهِ. أَمَّا غَيْرُ غَالِبٍ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ فَيُتَصَوَّرُ كَأَنْ تَكُونَ مَرْهُونَةً أَوْ جَانِيَةً وَهُوَ مُعْسِرٌ وَقَدْ أَذِنَ لَهُ الْمُسْتَحِقُّ فِي تَزْوِيجِهَا أَوْ اسْمُهَا حُرَّةً أَوْ سَيِّدُهَا مُفْلِسًا أَوْ سَفِيهًا أَوْ مُكَاتِبًا وَيُزَوِّجُهَا بِإِذْنِ الْغُرَمَاءِ أَوْ الْوَلِيِّ أَوْ السَّيِّدِ أَوْ مَرِيضًا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ، أَوْ يُرِيدُ بِالْحُرِّيَّةِ الْعِفَّةُ عَنْ الزِّنَا لِظُهُورِ الْقَرِينَةِ فِيهِ (فَإِنْ كَانَ) التَّغْرِيرُ (مِنْهَا تَعَلَّقَ الْغُرْمُ بِذِمَّتِهَا) فَتُطَالَبُ بِهِ غَيْرُ الْمُكَاتَبَةِ بَعْدَ عِتْقِهَا لَا بِكَسْبِهَا وَلَا بِرَقَبَتِهَا، فَإِنْ كَانَ مِنْ وَكِيلِ السَّيِّدِ تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ فَيُطَالِبُهُ بِهِ حَالًا كَالْمُكَاتَبِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ قِيمَةَ الْوَلَدِ لِسَيِّدِهَا أَوْ مِنْهُمَا فَعَلَى كُلٍّ نِصْفُهَا، وَلَوْ اسْتَنَدَ تَغْرِيرُ الْوَكِيلِ لِقَوْلِهِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِمَا غَرِمَهُ، نَعَمْ لَوْ ذَكَرَتْ حُرِّيَّتَهَا لِلزَّوْجِ أَيْضًا رَجَعَ عَلَيْهَا ابْتِدَاءً دُونَهُ لِأَنَّهَا لَمَّا شَافَهَتْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَوْ يُقَدَّمُ عَلَى الْعَقْدِ مُطْلَقًا أَوْ مُتَّصِلًا بِهِ عُرْفًا مَعَ قَصْدِ التَّرْغِيبِ فِي النِّكَاحِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَوْ لِفَقْدِ بَعْضِهَا) قَسِيمُ قَوْلِهِ بِأَنْ قُلْنَا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُهُ) أَيْ الظَّنُّ مَا لَمْ يُعَارِضْهُ أَقْوَى مِنْهُ كَمَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ يَظُنُّهَا الْأَمَةَ حَيْثُ انْعَقَدَ حُرًّا لِأَنَّ حُرِّيَّتَهَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَقْوَى مِنْ ظَنِّهِ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهَا الظَّنُّ) أَيْ بِخِلَافِ الظَّنِّ بِرِقِّهَا فَإِنَّهُ يَقْبَلُ الرَّفْعَ بِالتَّعْلِيقِ وَالشَّرْطِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلٍ) أَيْ بِأَنْ نَكَحَ بِلَا إذْنٍ مِنْ سَيِّدِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْمُسَمَّى) أَيْ بِأَنْ نَكَحَ بِإِذْنِ السَّيِّدِ وَسَمَّى تَسْمِيَتَهُ صَحِيحَةً، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ فَسَدَ الْمُسَمَّى أَوْ نَكَحَهَا مُفَوَّضَةً ثُمَّ وَطِئَ تَعَلَّقَ مَهْرُ الْمِثْلِ بِذِمَّتِهِ، وَكَذَا لَوْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ، ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامِ الْجَوْجَرِيِّ مَا يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ يَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ الْمُسَمَّى الصَّحِيحِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَمْ تُعْتِقْ) أَيْ مِنْ كَوْنِ الْحُكْمِ بِعِتْقِهَا مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ (قَوْلُهُ: فَتُطَالِبُ بِهِ غَيْرَ الْمُكَاتَبَةِ) أَيْ أَمَّا هِيَ فَتُطَالِبُ حَالًا كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ كَالْمُكَاتَبِ (قَوْلُهُ: تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْهُمَا) أَيْ هِيَ وَالْوَكِيلُ، وَقَوْلُهُ رَجَعَ: أَيْ الْوَكِيلُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَمَّا شَافَهَتْهُ) أَيْ فَلَوْ أَنْكَرَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَنْهُ كَلَامُ الْإِمَامِ لَا لِمُجَرَّدِ الْخِلَافِ فِيهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: غَيْرِ السَّيِّدِ) أَيْ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مَهْرَ مِثْلٍ) كَأَنْ كَانَ النِّكَاحُ فَاسِدًا. وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَوْ بِفَسْخِهِ فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ إذَا شَرَطَ حُرِّيَّتَهَا وَهُوَ عَبْدٌ فَبَانَتْ أَمَةً أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الرَّاجِحَ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ سَفِيهًا) مَعَ قَوْلِهِ أَوْ الْوَلِيُّ يُرَاجِعُ الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْهُمَا)

خَرَجَ الْوَكِيلُ مِنْ الْوَسَطِ وَإِنْ كَانَ مِنْ السَّيِّدِ فَلَا شَيْءَ لَهُ (وَلَوْ) (انْفَصَلَ الْوَلَدُ مَيِّتًا بِلَا جِنَايَةٍ) أَوْ بِجِنَايَةٍ غَيْرِ مَضْمُونَةٍ (فَلَا شَيْءَ فِيهِ) إذْ حَيَاتُهُ غَيْرُ مُتَيَقَّنَةٍ. أَمَّا إذَا انْفَصَلَ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ مَضْمُونَةٍ فَفِيهِ لِانْعِقَادِهِ حُرًّا غُرَّةٌ لِوَارِثِهِ، فَإِنْ كَانَ الْجَانِي حُرًّا أَجْنَبِيًّا لَزِمَ عَاقِلَتُهُ غُرَّةً لِلْمَغْرُورِ الْحُرِّ لِأَنَّهُ أَبُوهُ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَرِثَ مَعَهُ إلَّا أُمُّ الْأُمِّ الْحُرَّةُ، وَعَلَى الْمَغْرُورِ عَشْرُ قِيمَةِ الْأُمِّ لِلسَّيِّدِ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى قِيمَةِ الْغُرَّةِ لِأَنَّ الْجَنِينَ الْقِنَّ إنَّمَا يُضْمَنُ بِهَذَا، أَوْ قِنًّا أَجْنَبِيًّا تَعَلَّقَتْ الْغُرَّةُ بِرَقَبَتِهِ وَيَضْمَنُهُ الْمَغْرُورُ لِسَيِّدِهَا بِعُشْرِ قِيمَتِهَا لِمَا ذُكِرَ، وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ مِنْ عَبْدِ الْمَغْرُورِ فَحَقُّ سَيِّدِ الْأَمَةِ عَلَى الْمَغْرُورِ وَلَا يَثْبُتُ لَهُ شَيْءٌ عَلَى عَبْدِهِ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ لِلْجَنِينِ جَدَّةٌ فَنَصِيبُهَا مِنْ الْغُرَّةِ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ سَيِّدِ الْأَمَةِ فَالْغُرَّةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَحَقُّهُ عَلَى الْمَغْرُورِ. (وَمَنْ عَتَقَتْ) كُلُّهَا أَوْ بَاقِيهَا وَلَوْ بِقَوْلِ زَوْجِهَا فَشَمِلَ مَا لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ بِعَبْدٍ فَادَّعَتْ عَلَى سَيِّدِهَا أَنَّهُ أَعْتَقَهَا فَصَدَّقَهَا الزَّوْجُ وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ وَتَبْقَى عَلَى رَقِّهَا وَيَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ لِأَنَّهَا حُرَّةٌ فِي زَعْمِهِمَا وَالْحَقُّ لَا يَعْدُوهُمَا، وَإِنَّمَا رُدَّ قَوْلُهَا فِي حَقِّ السَّيِّدِ لَا الزَّوْجِ، وَعَلَيْهِ لَوْ فَسَخَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يَسْقُطْ صَدَاقُهَا لِأَنَّهُ حَقُّ السَّيِّدِ، وَلَوْ أَنَّهَا فَسَخَتْهُ ثُمَّ عَتَقَ الْعَبْدُ وَأَيْسَرَ امْتَنَعَ نِكَاحُهَا لِأَنَّهَا رَقِيقَةٌ ظَاهِرًا وَأَوْلَادُهَا تَجْعَلُ أَرِقَّاءَ قَبْلَ وَطْءٍ أَوْ بَعْدَهُ وَلَوْ كَافِرَةً وَمُكَاتَبَةً (تَحْتَ رَقِيقٍ أَوْ) تَحْتَ (مَنْ فِيهِ رِقٌّ تَخَيَّرَتْ) هِيَ ـــــــــــــــــــــــــــــSذِكْرَهَا ذَلِكَ لِلزَّوْجِ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا لِأَنَّهُ الْأَصْلُ (قَوْلُهُ: خَرَجَ الْوَكِيلُ مِنْ الْوَسَطِ) أَيْ فَصُورَةُ الرُّجُوعِ عَلَيْهِمَا أَنْ يَذْكُرَا حُرِّيَّتَهَا لِلزَّوْجِ مَعًا بِأَنْ لَا يَسْتَنِدَ تَغْرِيرُهُ بِتَغْرِيرِهَا، وَلَوْ اسْتَنَدَ تَغْرِيرُهَا لِتَغْرِيرِ الْوَكِيلِ كَأَنْ أَخْبَرَهَا أَنَّ سَيِّدَهَا أَعْتَقَهَا فَقِيَاسُ مَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا ثُمَّ تَرْجِعُ عَلَيْهِ مَا لَمْ تُشَافِهْ الزَّوْجَ أَيْضًا فَتَرْجِعُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: أَنْ يَرِثَ مَعَهُ) أَيْ الْأَبُ (قَوْلُهُ: بِهَذَا) أَيْ عُشْرَ قِيمَةِ الْأُمِّ (قَوْلُهُ أَوْ قِنًّا) أَيْ أَوْ كَانَ الْجَانِي قِنًّا إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَيَضْمَنُهُ: أَيْ الْوَلَدُ (قَوْلُهُ: لِمَا ذُكِرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّ الْجَنِينَ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ الْمَغْرُورُ) أَيْ أَوْ كَانَ الْجَانِي الْمَغْرُورُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ هُنَا) أَيْ فِيمَا لَوْ كَانَ الْجَانِي قِنِ الْمَغْرُورِ (قَوْلُهُ: أَوْ قِنَّهُ فَالْغِرَّةُ بِرَقَبَتِهِ) أَيْ تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَمَنْ عَتَقَتْ كُلُّهَا إلَخْ) . [فَرْعٌ] لَوْ طَلَّقَهَا الْعَبْدُ لَمْ يَقَعْ طَلَاقُهُ فِي الْحَالِ وَلَكِنْ يَكُونُ مُرَاعِيًا سَبَبَ الْفَسْخِ، فَإِنْ اخْتَارَتْ الْمُقَامَ مَعَهُ عَلِمْنَا أَنَّ الطَّلَاقَ لَمْ يَقَعْ، وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا لِأَنَّ سَبَبَ الْفَسْخِ سَبَقَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ، وَفِي إيقَاعِ الطَّلَاقِ إبْطَالُ فَسْخٍ تَقَدَّمَهُ فَلَمْ يَجُزْ إبْطَالُهُ اسْتِغْنَاءً فِي الْفَرْقِ وَالِاسْتِثْنَاءِ لِلْبَكْرِيِّ. أَقُولُ: قَدْ يُقَالُ فِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ نَظَرٌ وَإِنْ تَقَدَّمَ سَبَبُ الْفَسْخِ، بَلْ الْقِيَاسُ أَنْ يُحْكَمَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ الْآنَ، ثَمَّ إنْ عَلِمَتْ بِالْعِتْقِ وَامْتَنَعَتْ مِنْ الْفَسْخِ حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ رَجَاءَ أَنَّهُ لَا يُرَاجَعُ اسْتَغْنَتْ عَنْ الْفَسْخِ وَتَعَذَّرَ فِي التَّأْخِيرِ لِذَلِكَ، فَلَوْ رَاجَعَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ جَازَ لَهَا الْفَسْخُ، وَلَيْسَ هَذَا كَمَا لَوْ طَلَّقَ الْمُعْتَدَّةَ فِي الْعِدَّةِ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّةَ إذَا أَصَرَّتْ عَلَى الرِّدَّةِ حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ تَبَيَّنَ حُصُولُ الْفُرْقَةِ بِنَفْسِ الرِّدَّةِ، وَإِنَّمَا يَنْبَغِي تَشْبِيهُ هَذَا بِمَا لَوْ اشْتَرَى شِقْصًا مِنْ دَارٍ وَلَمْ يَعْلَمْ الشَّرِيكُ بِالْبَيْعِ فَبَاعَهُ الْمُشْتَرِي لِآخَرَ فَإِنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ وَإِنْ سَبَقَ اسْتِحْقَاقَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ عَلَى بَيْعِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: فَيُصَدَّقُ) أَيْ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ: فِي زَعْمِهِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ تَصْدِيقُ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حَقُّ السَّيِّدِ) أَيْ فَيَجِبُ لَهُ نِصْفُ الْمُسَمَّى إنْ كَانَ صَحِيحًا وَنِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ إنْ كَانَ الْمُسَمَّى فَاسِدًا (قَوْلُهُ: امْتَنَعَ نِكَاحُهَا) أَيْ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَلَمْ يَكُنْ تَغْرِيرُ الْوَكِيلِ مُسْتَنِدًا لِقَوْلِ الزَّوْجَةِ لِمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: قَبْلَ وَطْءٍ) ظَرْفٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ عَتَقَتْ.

دُونَ سَيِّدِهَا (فِي فَسْخِ النِّكَاحِ) أَوْ تَحْتَ حُرٍّ فَلَا إجْمَاعًا فِي الْأَوَّلِ، وَلِأَنَّ «بَرِيرَةَ عَتَقَتْ تَحْتَ مُغِيثٍ وَكَانَ قِنًّا كَمَا فِي الْبُخَارِيِّ فَخَيَّرَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ الْمُقَامِ وَالْفِرَاقِ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِتَضَرُّرِهَا بِهِ عَارًا وَنَفَقَةً وَغَيْرَهُمَا نَظِيرُ مَا مَرَّ وَأُلْحِقَ بِالْعَبْدِ الْمُبَعَّضُ لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الرِّقِّ عَلَيْهِ، وَلَوْ عَتَقَا مَعًا وَعَتَقَ الزَّوْجُ بَعْدَهَا أَوْ مَاتَ قَبْلَ اخْتِيَارِهَا الْفَسْخَ فَلَا خِيَارَ لَهَا وَلَوْ فَسَخَتْ بِنَاءً عَلَى بَقَاءِ رَقِّهِ فَبَانَ خِلَافُهُ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْفَسْخِ كَمَا مَرَّ فِي الْفَسْخِ بِالْعَيْبِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ مَا لَوْ عَتَقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي مَرَضِ مَوْتِ سَيِّدِهَا وَلَمْ تَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا بِمَهْرِهَا فَلَا خِيَارَ لَهَا لِسُقُوطِ الْمَهْرِ بِفَسْخِهَا فَيَضِيقُ الثُّلُثُ فَلَا تَعْتِقُ كُلُّهَا فَلَا تَتَخَيَّرُ وَلَا يَحْتَاجُ هُنَا إلَى رَفْعِ حَاكِمٍ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ النَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ) أَيْ هَذَا الْخِيَارُ (عَلَى الْفَوْرِ) كَخِيَارِ الْعَيْبِ فَيُعْتَبَرُ هُنَا بِمَا مَرَّ فِي الشُّفْعَةِ كَمَا سَبَقَ آنِفًا. وَالثَّانِي يَمْتَدُّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ وَقْتِ عِلْمِهَا بِالْعِتْقِ لِأَنَّهَا مُدَّةٌ قَرِيبَةٌ فَتَتَرَوَّى فِيهَا. وَقِيلَ يَبْقَى مَا لَمْ يَمَسَّهَا مُخْتَارَةً أَوْ تُصَرِّحُ بِإِسْقَاطِهِ. نَعَمْ غَيْرُ الْمُكَلَّفَةِ تُؤَخَّرُ جَزْمًا لِكَمَالِهَا لِتَعَذُّرِهِ مِنْ وَلِيِّهَا وَالْعَتِيقَةُ فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ لَهَا انْتِظَارُ بَيْنُونَتِهَا لِتَسْتَرِيحَ مِنْ تَعَبِ الْفَسْخِ (فَإِنْ قَالَتْ) بَعْدَ أَنْ أَخَّرَتْ الْفَسْخَ وَقَدْ أَرَادَتْهُ (جَهِلَتْ الْعِتْقَ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا إنْ أَمْكَنَ) جَهْلُهَا بِهِ عَادَةً بِأَنْ لَمْ يَكْذِبْهَا بِهِ ظَاهِرَ الْحَالِ (بِأَنْ كَانَ الْمُعْتِقُ غَائِبًا) عَنْ مَحَلِّهَا وَقْتَ الْعِتْقِ لِعُذْرِهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَذَّبَهَا ظَاهِرُ الْحَالِ كَكَوْنِهَا مَعَهُ فِي بَيْتِهِ، وَلَا قَرِينَةَ عَلَى خَوْفِهِ ضَرَرًا مِنْ إظْهَارِ عِتْقِهَا كَمَا هُوَ وَاضِحٌ فَلَا تُصَدَّقُ بَلْ الزَّوْجُ بِيَمِينِهِ وَيَبْطُلُ خِيَارُهَا (وَكَذَا إنْ قَالَتْ جَهِلْت الْخِيَارَ بِهِ) أَيْ الْعِتْقِ فَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى عَلَى غَالِبِ النَّاسِ وَلَا يَعْرِفُهُ سِوَى الْخَوَاصِّ. وَالثَّانِي يَمْنَعُ ذَلِكَ وَيُبْطِلُ خِيَارَهَا. وَمَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عِنْدَ احْتِمَالِ صِدْقِهَا وَكَذِبِهَا. أَمَّا مَنْ عَلِمَ صِدْقَهَا كَالْعَجَمِيَّةِ فَقَوْلُهَا مَقْبُولٌ قَطْعًا أَوْ كَذِبُهَا بِأَنْ كَانَتْ تُخَالِطُ الْفُقَهَاءَ وَتَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْهُمْ. فَغَيْرُ مَقْبُولٍ قَطْعًا، وَلَوْ عَلِمَتْ أَصْلَ الْخِيَارِ وَادَّعَتْ جَهْلَهَا بِفَوْرِيَّتِهِ صُدِّقْت بِيَمِينِهَا كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَنَظِيرِهِ مِنْ الْعَيْبِ وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَنَفْيِ الْوَلَدِ وَغَيْرِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ قَدِيمَةَ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ لَا لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا أَشْكَلَ عَلَى الْعُلَمَاءِ فَعَلَى هَذِهِ أَوْلَى. (فَإِنْ) (فُسِخَتْ) مَنْ عَتَقَتْ تَحْتَ رَقِيقِ النِّكَاحِ (قَبْلَ وَطْءٍ فَلَا مَهْرَ) وَلَا مُتْعَةَ وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ لِسَيِّدِهَا لِأَنَّ الْفَسْخَ مِنْ جِهَتِهَا وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ مَنْعُهَا مِنْهُ (أَوْ) فُسِخَتْ (بَعْدَهُ) أَيْ الْوَطْءِ (بِعِتْقٍ بَعْدَهُ وَجَبَ الْمُسَمَّى) لِاسْتِقْرَارِهِ بِهِ (أَوْ) فَسَخَتْ بَعْدَ الْوَطْءِ بِعِتْقٍ (قَبْلَهُ) أَوْ مَعَهُ بِأَنْ لَمْ تَعْلَمْ عِتْقَهَا إلَّا بَعْدَ التَّمْكِينِ مِنْ وَطْئِهَا (فَمَهْرُ مِثْلٍ) لِاسْتِنَادِ الْفَسْخِ إلَى وَقْتِ وُجُودِ سَبَبِهِ وَهُوَ الْعِتْقُ السَّابِقُ لِلْوَطْءِ فَصَارَ كَالْوَطْءِ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ (وَقِيلَ) يَجِبُ (الْمُسَمَّى) لِتَقَرُّرِهِ بِالْوَطْءِ وَمَا وَجَبَ مِنْهُمَا لِلسَّيِّدِ لِوُقُوعِ الْوَطْءِ الْمُوجِبِ لَهُمَا الْمُسْتَنِدِ لِلْعَقْدِ الْوَاقِعِ فِي مِلْكِهِ، وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ يُرَدُّ بِأَنَّ اسْتِنَادَ الْفَسْخِ لِوَقْتِ الْعِتْقِ وَإِنْ أَوْجَبَ وُقُوعَ الْوَطْءِ وَهِيَ حُرَّةٌ لَا يُنَافِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَقْدَ هُوَ الْمُوجِبُ الْأَصْلِيُّ وَقَدْ وَقَعَ فِي مِلْكِهِ. (وَلَوْ عَتَقَ بَعْضُهَا أَوْ كُوتِبَتْ أَوْ عَتَقَ عَبْدٌ تَحْتَهُ أَمَةٌ فَلَا خِيَارَ) لِبَقَاءِ أَحْكَامِ الرِّقِّ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَلِعَدَمِ تَعْيِيرِهِ بِهَا فِي الثَّالِثِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْخَلَاصِ بِالطَّلَاقِ بِخِلَافِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بِالْعَبْدِ الْمُبَعَّضُ) أَيْ وَإِنْ قَلَّ مَا فِيهِ مِنْ الرِّقِّ (قَوْلُهُ: أَوْ مَاتَ) أَيْ الزَّوْجُ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَمَسَّهَا) أَيْ يَطَأَهَا (قَوْلُهُ: تُؤَخَّرُ جَزْمًا) أَيْ وَتَعَذَّرَ فِي التَّأْخِيرِ فَتَفَسَّخَ بَعْدِ الْكَمَالِ إنْ شَاءَتْ (قَوْلُهُ: لَهَا انْتِظَارُ بَيْنُونَتِهَا) أَيْ فَلَا يَسْقُطُ خِيَارُهَا بِذَلِكَ فَإِنْ رَاجَعَهَا ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ عَقِبَهَا (قَوْلُهُ: أَشْكَلَ عَلَى الْعُلَمَاءِ) أَيْ حَيْثُ اخْتَلَفُوا فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَمَا وَجَبَ مِنْهُمَا) أَيْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَالْمُسَمَّى (قَوْلُهُ: لِوُقُوعِ الْوَطْءِ) أَيْ بِسَبَبِ وُقُوعِ إلَخْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[فصل في الإعفاف]

(فَصْلٌ) فِي الْإِعْفَافِ. (يَلْزَمُ الْوَلَدُ) الْحُرُّ وَلَوْ مُبَعَّضًا الْمُوسِرَ بِمَا يَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْأَقْرَبِ، ثُمَّ الْوَارِثُ وَإِنْ سَفُلَ وَكَانَ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى وَغَيْرَ مُكَلَّفٍ وَكَافِرًا اتَّحَدَ أَمْ تَعَدَّدَ، فَإِنْ اسْتَوَى اثْنَانِ فَأَكْثَرُ قُوَّةً وَإِرْثًا وُزِّعَ عَلَيْهِمْ بِحَسَبِ الْإِرْثِ عَلَى مَا رَجَّحَهُ فِي الْأَنْوَارِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (إعْفَافُ الْأَبِ) الْكَامِلِ الْحُرِّيَّةِ الْمَعْصُومِ الْمُعْسِرِ وَلَوْ كَافِرًا (وَالْأَجْدَادِ) وَلَوْ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ حَيْثُ اتَّصَفُوا بِمَا ذُكِرَ (عَلَى الْمَشْهُورِ) لِئَلَّا يَقَعَ فِي الزِّنَا الْمُنَافِي لِلْمُصَاحَبَةِ بِالْمَعْرُوفِ، وَلِأَنَّهُ مِنْ وُجُوهِ حَاجَتِهِ الْمُهِمَّةِ كَالنَّفَقَةِ. وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ وَهُوَ مَخْرَجٌ كَمَا لَا يَلْزَمُ الْأَصْلَ إعْفَافُ الْفَرْعِ، وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ الْمُعْسِرُ وَغَيْرُ الْأَصْلِ وَالْأَصْلُ الْأُنْثَى لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا لَا عَلَيْهَا وَإِلْزَامُهُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى زَوْجِهَا مَعَهَا عُسْرٌ جِدًّا عَلَى النُّفُوسِ فَلَمْ يُكَلَّفْ بِهِ وَالرَّقِيقُ وَغَيْرُ الْمَعْصُومِ، لَوْ قَدَرَ عَلَى إعْفَافِ أُصُولِهِ لَزِمَهُ، فَإِنْ ضَاقَ مَالُهُ قَدَّمَ الْعُصْبَةَ وَإِنْ بَعُدَ كَأَبِي أَبِي أَبِيهِ عَلَى أَبِي أُمِّهِ. فَإِنْ اسْتَوَيَا عُصُوبَةً أَوْ عَدَمَهَا قُدِّمَ الْأَقْرَبُ كَأَبٍ عَلَى جَدٍّ وَأَبِي أُمٍّ عَلَى أَبِيهِ، فَإِنْ اسْتَوَيَا قُرْبًا فَقَطْ بِأَنْ كَانَ فِي جِهَةِ الْأُمِّ كَأَبِي أُمٍّ وَأَبِي أُمِّ أُمٍّ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا وَلَوْ بِلَا حَاكِمٍ، وَإِعْفَافُهُ يَحْصُلُ فِي الرَّشِيدِ (بِأَنْ يُعْطِيَهُ) بَعْدَ النِّكَاحِ وَلَا يَلْزَمُهُ قَبْلَهُ (مَهْرُ) مِثْلِ (حُرَّةٍ) تَلِيقُ بِهِ وَلَوْ كِتَابِيَّةً وَلَوْ بَعْدَ أَنْ نَكَحَهَا مُوسِرًا ثُمَّ أَعْسَرَ قَبْلَ وَطْئِهَا وَامْتَنَعَتْ مِنْ التَّسْلِيمِ حَتَّى يُسْلِمَهُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ (أَوْ يَقُولُ لَهُ انْكِحْ وَأُعْطِيك الْمَهْرَ) أَيْ مَهْرَ مِثْلِ الْمَنْكُوحَةِ اللَّائِقَةِ بِهِ، فَلَوْ زَادَ فَفِي ذِمَّةِ الْأَبِ (أَوْ يَنْكِحُ لَهُ بِإِذْنِهِ وَيُمْهِرُ) هَا (أَوْ يُمَلِّكُهُ أَمَةً) تَحِلُّ لَهُ (أَوْ ثَمَنُهَا) بَعْدَ شِرَائِهَا لِأَنَّ الْغَرَضَ حَاصِلٌ بِوَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يَكْفِي شَوْهَاءُ وَصَغِيرَةٌ وَمَنْ بِهَا عَيْبٌ يَثْبُتُ الْخِيَارُ وَلَوْ شَابَّةً وَجَذْمَاءَ، ـــــــــــــــــــــــــــــS [فَصْلٌ فِي الْإِعْفَافِ] (قَوْلُهُ: فِي الْإِعْفَافِ) أَيْ وَمَا بِتَبَعِهِ كَحُرْمَةِ وَطْءِ الْأَبِ أَمَةَ وَلَدِهِ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْإِعْفَافِ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ (قَوْلُهُ: بِمَا يَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ) أَيْ بِحَيْثُ لَا يَصِيرُ مِسْكِينًا بِمَا تَكَلَّفَ بِهِ كَابْنِ الْبِنْتِ مَعَ ابْنِ ابْنِ الِابْنِ (قَوْلُهُ: اتَّحَدَ أَمْ تَعَدَّدَ) أَيْ الْوَلَدُ وَوَجْهُ شُمُولِ الْوَلَدِ الْمَذْكُورِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْمُتَعَدِّدَ أَنَّ الْوَلَدَ جِنْسٌ يُطْلَقُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالْكَثِيرِ بِخِلَافِ الِابْنِ، وَفِي الْمُخْتَارِ الْوَلَدُ يَكُونُ وَاحِدًا وَجَمْعًا، وَكَذَلِكَ الْوُلْدُ بِوَزْنِ الْقُفْلِ وَقَدْ يَكُونُ الْوُلْدُ جَمْعَ وَلَدٍ كَأَسَدٍ اهـ (قَوْلُهُ: قُوَّةً) عِبَارَةُ حَجّ: قَوِيًّا، وَهِيَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَيْ خِلَافًا لِحَجِّ حَيْثُ قَالَ بِالتَّسْوِيَةِ (قَوْلُهُ: الْمُنَافِي لِلْمُصَاحَبَةِ بِالْمَعْرُوفِ) أَيْ الْمُشَارُ إلَيْهَا فِي قَوْلِهِ {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15] (قَوْله وَالْأَصْلُ الْأُنْثَى) ظَاهِرُهُ وَإِنْ خَافَ عَلَيْهَا الزِّنَا (قَوْلُهُ وَالرَّقِيقُ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَمَنْ فِيهِ رِقٌّ لِيَشْمَلَ الْمُبَعَّضَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَوَيَا) أَيْ الْفَرْعُ الرَّشِيدُ (قَوْلُهُ: أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا) أَيْ وُجُوبًا، فَلَوْ أَعَفَّ غَيْرَ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ أَوْ هَجَمَ وَأَعَفَّ أَحَدُهُمَا بِلَا قُرْعَةٍ أَثِمَ وَصَحَّ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ: فَلَوْ زَادَ) أَيْ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ شِرَائِهَا) أَيْ الْوَاقِعِ مِنْ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: وَجَذْمَاءُ) أَيْ مَقْطُوعَةُ الْيَدِ، فَإِنَّ مَنْ بِهَا الْمَرَضُ الْمَخْصُوصُ يُقَالُ لَهُ مَجْذُومَةٌ لَا جَذْمَاءُ عَلَى مَا فِي الصِّحَاحِ، فَلَا يُقَالُ الْجَذْمَاءُ دَاخِلَةٌ فِيمَنْ فِيهِ عَيْبٌ، لَكِنْ فِي الْقَامُوسِ أَنَّ مَنْ بِهَا ذَلِكَ الْمَرَضُ يُقَالُ لَهَا جَذْمَاءُ وَلِلرَّجُلِ أَجْذَمُ اهـ. وَعَلَيْهِ فَعَطْفُ الْجَذْمَاءِ عَلَى مَنْ بِهَا عَيْبٌ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ إنْ أُرِيدَ بِهِ الْمَجْذُومُ، فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْأَقْطَعُ كَانَ مُبَايِنًا ـــــــــــــــــــــــــــــQ (فَصْلٌ) فِي الْإِعْفَافِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَوَيَا قُرْبًا فَقَطْ) أَيْ لَا عُصُوبَةً (قَوْلُهُ: فِي الرَّشِيدِ) قَيْدٌ فِي الْفَرْعِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: مَهْرُ مِثْلِ حُرَّةٍ) اُنْظُرْ لَوْ كَانَ إنَّمَا نَكَحَ بِأَكْثَرَ أَوْ بِأَقَلَّ وَيُعْلَمُ حُكْمُ الزِّيَادَةِ مِمَّا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا تَكْفِي شَوْهَاءُ) لَعَلَّهُ إنْ لَمْ يُرِدْهَا

وَكَذَا لَوْ لَمْ يُثْبِتْهُ كَعَمْيَاءَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ بِأَمَةٍ لِأَنَّهُ مُسْتَغْنٍ بِمَالِ فَرْعِهِ. نَعَمْ لَوْ لَمْ يَقْدِرْ الْفَرْعُ إلَّا عَلَى مَهْرِ أَمَةٍ اتَّجَهَ تَزْوِيجُهُ بِهَا، أَمَّا غَيْرُ الرَّشِيدِ فَعَلَى وَلِيِّهِ أَقَلُّ هَذِهِ الْخَمْسَةِ، إلَّا أَنْ يَرْفَعَ لِحَاكِمٍ يَرَى غَيْرَهُ، وَالْخِيرَةُ فِي ذَلِكَ لِلْفَرْعِ مَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى مَهْرٍ كَمَا يَأْتِي، وَلَوْ كَانَتْ الْوَاحِدَةُ لَا تَكْفِيه لِشِدَّةِ شَبَقِهِ وَإِفْرَاطِ شَهْوَتِهِ فَهَلْ يَلْزَمُ الْوَلَدَ إعْفَافُهُ بِاثْنَتَيْنِ أَوْ لَا؟ قُوَّةُ كَلَامِهِمْ تُقَيِّدُ الْمَنْعَ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ مُسْتَبْعَدٌ (ثُمَّ) إذَا زَوَّجَهُ أَوَمَلَكَهُ (عَلَيْهِ مُؤْنَتُهُمَا) بِتَثْنِيَةِ الضَّمِيرِ بِخَطِّهِ: أَيْ الْأَبِ وَمَنْ أَعَفَّهُ بِهَا مِنْ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ، وَفِي بَعْضِ النَّسْخِ مُؤْنَتُهَا: أَيْ مُؤْنَةُ مَنْ أَعَفَّهُ بِهَا وَهُوَ أَحْسَنُ وَمُوَافِقٌ لِمَا فِي الْمُحَرَّرِ، لِأَنَّ مُؤْنَةَ الْأَصْلِ مَعْلُومَةٌ مِنْ بَابِهَا وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ إعْفَافِهِ مُؤْنَتُهُ إذْ قَدْ يَقْدِرُ عَلَيْهَا فَقَطْ. نَعَمْ يُمْكِنُ الِاعْتِذَارُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ إنَّمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ مَتَى أَعَفَّهُ سَقَطَتْ مُؤْنَتُهُ وَأَنَّ مَا يَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا لَمْ يُعِفَّهُ، وَلِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مَنْ احْتَاجَ لِلْإِعْفَافِ يَحْتَاجُ لِلْإِنْفَاقِ، وَحَمْلُ بَعْضِهِمْ كَلَامَهُ عَلَى الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ بَعِيدٌ لِأَنَّ الْعَطْفَ فِيهِمَا بِأَوْ مَعَ أَنَّهُ يُوهِمُ وُجُوبَ إنْفَاقِهِمَا لَوْ اجْتَمَعَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَا يَلْزَمُ الْفَرْعُ أُدْمٌ لِزَوْجَةِ أَصْلِهِ وَلَا نَفَقَةَ خَادِمِهَا كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ لِأَنَّهَا لَا تَتَخَيَّرُ بِعَجْزِهِ عَنْهُمَا، وَلَوْ كَانَتْ تَحْتَ الْأَصْلِ مَنْ لَا تُعِفُّهُ كَشَوْهَاءَ وَصَغِيرَةٍ لَزِمَ الْفَرْعَ إعْفَافُهُ، فَلَوْ أَعَفَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَلْزَمْهُ سِوَى نَفَقَةٍ وَاحِدَةٍ يُوَزِّعُهَا الْأَبُ عَلَيْهِمَا، وَلَا تَتَعَيَّنُ لِلْجَدِيدَةِ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ (وَلَيْسَ لِلْأَبِ تَعْيِينُ النِّكَاحِ دُونَ التَّسَرِّي) وَلَا عَكْسُهُ (وَلَا) تَعْيِينُ (رَفِيعَةٍ) لِمَهْرٍ وَمُؤْنَةٍ أَوْ لِثَمَنٍ بِجَمَالٍ أَوْ شَرَفٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِجْحَافِ بِالْفَرْعِ (وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى مَهْرٍ) أَوْ ثَمَنٍ (فَتَعْيِينُهَا لِلْأَبِ) إذْ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْفَرْعِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِغَرَضِهِ (وَيَجِبُ التَّجْدِيدُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ) أَيْ فَلَوْ خَالَفَ وَفَعَلَ لَمْ يَنْعَقِدْ النِّكَاحُ (قَوْلُهُ فَعَلَى وَلِيِّهِ أَقَلُّ هَذِهِ الْخَمْسَةِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ الْأَقَلُّ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِلَّا فَصُوَرُ الْمَهْرِ لَيْسَ فِيهَا أَقَلُّ بِالنِّسْبَةِ لِأَنْفُسِهَا وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَمَةِ وَالثَّمَنُ الْأَمَةُ مَعَ الْأَمَةِ (قَوْلُهُ: وَالْخِيرَةُ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِيمَنْ يُعِفُّهُ بِهَا (قَوْلُهُ: لِشِدَّةِ شَبَقِهِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ عَدَمُ الْكِفَايَةِ لِاحْتِيَاجِهِ لِلْخِدْمَةِ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْمَجْنُونِ وُجُوبُ الزِّيَادَةِ، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْمَجْنُونَ يُزَوَّجُ مِنْ مَالِهِ بِخِلَافِ الْأَبِ، وَقَدْ يُؤَيِّدُ وُجُوبَ الزِّيَادَةِ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي مُحْتَاجٌ إلَى نِكَاحٍ أَوْ إلَى عَقْدِهِ لِخِدْمَةٍ لِنَحْوِ مَرَضٍ (قَوْلُهُ: تُفِيدُ الْمَنْعَ) مُعْتَمَدُ (قَوْلِهِ إنَّمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى مُؤْنَةِ الْأَبِ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يُعِفَّهُ) هُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ مِنْ أَعَفَّ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: يُقَالُ عَفَّ عَنْ الشَّيْءِ يَعِفُّ مِنْ بَابِ ضَرَبَ عِفَّةً بِالْكَسْرِ وَعَفَافًا بِالْفَتْحِ امْتَنَعَ عَنْهُ فَهُوَ عَفِيفٌ، وَاسْتَعَفَّ عَنْ الْمَسْأَلَةِ مِثْلُ عَفَّ، وَرَجُلٌ عَفٌّ، وَامْرَأَةٌ عَفَّةٌ بِفَتْحِ الْعَيْنِ فِيهِمَا وَتَعَفَّفَ كَذَلِكَ، وَيَتَعَدَّى بِالْأَلِفِ فَيُقَالُ أَعَفَّهُ اللَّهُ إعْفَافًا، وَجَمْعُ الْعَفِيفِ أَعِفَّةٌ وَأَعِفَّاءُ اهـ (قَوْلُهُ: وُجُوبُ إنْفَاقِهِمَا) أَيْ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَا تَتَخَيَّرُ بِعَجْزِهِ عَنْهُمَا) أَيْ الْأَدَمِ وَالْخَادِمِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ الْفَرْعُ (قَوْلُهُ: وَلَا تَعْيِينُ رَفِيعَةٍ) لَوْ تَعَدَّدَ مَنْ يُعِفُّهُ لَكِنَّ مَيْلَهُ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ أَكْثَرُ بِحَيْثُ إنَّهُ إنْ لَمْ يُزَوَّجْ بِهَا خَشِيَ الْعَنَتَ وَكَانَ مَهْرُهَا زَائِدًا عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ اللَّائِقَةِ بِهِ فَهَلْ يَلْزَمُ الْفَرْعَ إعْفَافُهُ بِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَبُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ اتَّجَهَ تَزْوِيجُهُ بِهَا) قَالَ حَجّ وَيَتَزَوَّجُهَا الْأَبُ لِلضَّرُورَةِ وَهُوَ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مُحْتَاجٌ إلَى نِكَاحٍ وَإِنْ أَمِنَ الزِّنَا صَرِيحٌ فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ تَوَفُّرِ شُرُوطِ تَزَوُّجِ الْأَمَةِ فَيَكُونُ مُسْتَثْنًى مِمَّا مَرَّ فِي تَزَوُّجِ الْأَمَةِ لَكِنْ فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ لِسُمِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَوَفُّرِ الشُّرُوطِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: أَقَلُّ هَذِهِ الْخَمْسَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّهَا تَرْجِعُ إلَى مَهْرِ حُرَّةٍ أَوْ ثَمَنِ أَمَةٍ، عَلَى أَنَّ الصُّورَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ مَعْنَوِيٌّ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إذْ قَدْ يَقْدِرُ عَلَيْهَا) أَيْ الْأَصْلُ عَلَى مُؤْنَتِهِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَمُؤْنَةُ) اُنْظُرْهُ مَعَ أَنَّ الْمُؤْنَةَ مُقَدَّرَةٌ سِيَّمَا وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهَا أَدَمٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى مَهْرٍ أَوْ ثَمَنٍ) أَيْ وَلَمْ تَكُنْ مُعَيَّنَةَ الْأَبِ أَرْفَعُ مُؤْنَةً بِقَرِينَةِ مَا قَبْلَهُ

إذَا مَاتَتْ) الزَّوْجَةُ أَوْ الْأَمَةُ بِغَيْرِ فِعْلِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (أَوْ انْفَسَخَ) نِكَاحُهُ (بِرِدَّةٍ) مِنْهَا لَا مِنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ كَالْمَوْتِ، أَمَّا الْفَسْخُ بِرِدَّتِهِ فَهُوَ كَطَلَاقِهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَكَرِدَّتِهِ رِدَّتُهُمَا مَعًا كَمَا لَا يَخْفَى (أَوْ فَسْخِهِ) أَيْ الزَّوْجِ النِّكَاحَ (بِعَيْبٍ) فِي الزَّوْجَةِ، وَيُفْهَمُ مِنْهُ فَسْخُهَا بِعَيْبِهِ بِالْأَوْلَى فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ: إنَّ الْأَوْلَى فَسْخٌ بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ لِيَعُمَّ فَسْخُ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَكَالرِّدَّةِ الْفَسْخُ بِرَضَاعٍ كَمَا لَوْ كَانَ تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ فَأَرْضَعَتْهَا زَوْجَتُهُ الَّتِي أَعَفَّ بِهَا لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمُّ زَوْجَتِهِ (وَكَذَا إنْ طَلَّقَ) وَلَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ أَوْ أَعْتَقَ الْأَمَةَ (بِعُذْرٍ) كَنُشُوزٍ أَوْ رِيبَةٍ (فِي الْأَصَحِّ) بِخِلَافِهِ بِغَيْرِ عُذْرٍ لِأَنَّهُ الْمُفَوِّتُ عَلَى نَفْسِهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ الْعَزْمُ عَلَى عَدَمِ عَوْدِهِ لِمَا صَدَرَ مِنْهُ وَإِنْ ظَنَّ صِدْقَهُ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ فَإِنَّ الْأَبَ قَصَدَ قَطْعَ النِّكَاحِ، وَالْعُذْرُ فِي الْأَمَةِ أَنْ تَكُونَ مُسْتَوْلَدَةً أَوْ غَيْرَهَا وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَرْغَبُ فِي شِرَائِهَا وَخَافَ رِيبَةً مِنْهَا أَوْ اشْتَدَّ شِقَاقُهَا، وَلَا يَجِبُ التَّجْدِيدُ فِي عِدَّةِ الرَّجْعِيَّةِ، وَيُسَرَّى الْمِطْلَاقُ، وَمَرَّ ضَابِطُهُ فِي مَبْحَثِ نِكَاحِ السَّفِيهِ وَيُسْأَلُ الْحَاكِمُ الْحَجَرَ عَلَيْهِ حَتَّى لَا يَنْفُذَ مِنْهُ إعْتَاقُهَا كَمَا قَالَهُ الْقَمُولِيُّ، وَيَتَّجِهُ انْفِكَاكُهُ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ قُدْرَتِهِ عَلَى إعْفَافِ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ قَاضٍ، لَكِنْ قَوْلُهُمْ فِي الْفَلْسِ إنَّ الْحَجْرَ مَتَى تَوَقَّفَ عَلَى ضَرْبِ الْحَاكِمِ لَا يَنْفَكُّ إلَّا بِفَكِّهِ يُنَازَعُ فِي ذَلِكَ (وَإِنَّمَا يَجِبُ إعْفَافُ فَاقِدِ مَهْرٍ) وَثَمَنِ أَمَةٍ لَا وَاجِدِ أَحَدِهِمَا وَلَوْ بِقُدْرَتِهِ عَلَى الْكَسْبِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَإِنْ جَعَلَهُ فِي الْكَبِيرِ عَلَى الْخِلَافِ فِي النَّفَقَةِ: أَيْ فَلَا يُكَلِّفُ الْكَسْبَ عَلَى الصَّحِيحِ، إذْ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا هُنَا تَكَرُّرُهَا فَيَشُقُّ عَلَى الْأَصْلِ الْكَسْبُ لَهَا بِخِلَافِ الْمَهْرِ أَوْ ثَمَنِ الْأَمَةِ، وَلِأَنَّ الْبُنَيَّةَ لَا تَقُومُ بِدُونِ النَّفَقَةِ وَلِأَنَّهَا آكَدُ إذْ لَا خِلَافَ فِيهَا بِخِلَافِهِ. نَعَمْ يَظْهَرُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِمَا إذَا قَدَرَ عَلَى تَحَصُّلِهِ بِهِ فِي مُدَّةٍ قَصِيرَةٍ عُرْفًا بِحَيْثُ لَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ التَّعَزُّبِ فِيهِ مَشَقَّةٌ لَا تَحْتَمِلُ غَالِبًا (مُحْتَاجٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِجْحَافِ بِالْفَرْعِ (قَوْلُهُ أَوْ الْأَمَةُ بِغَيْرِ فِعْلِهِ) وَلَيْسَ مِنْهُ الْحَبَلُ حَتَّى لَوْ أَحْبَلَهَا فَمَاتَتْ بِالْوِلَادَةِ يَجِبُ التَّجْدِيدُ. وَكَتَبَ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ: أَوْ الْأَمَةُ بِغَيْرِ فِعْلِهِ: أَيْ أَمَّا بِفِعْلِهِ فَلَا تَجَدُّدَ، وَظَاهِرُهُ إنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ وَأَضَرَّ بِهِ التَّعَزُّبُ، وَلَوْ قِيلَ بِاعْتِبَارِ مَوْتِ أَقْرَانِهَا فَيُجَدَّدُ لَهُ أُخْرَى لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ بَقَاءُ الْأَقْرَانِ يَتَفَاوَتُ (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَطَلَاقِهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ) أَيْ فَلَا يَلْزَمُ الْفَرْعَ التَّجْدِيدُ لَهُ إذَا أَسْلَمَ بَعْدَ حُصُولِ الْفُرْقَةِ مَا دَامَتْ حَيَّةً صَالِحَةً (قَوْلُهُ: وَكَالرِّدَّةِ) أَيْ مِنْهُمَا، وَقَوْلُهُ الْفَسْخُ بِرَضَاعٍ: أَيْ فَيَجِبُ التَّجْدِيدُ (قَوْلُهُ أَوْ أَعْتَقَ الْأَمَةَ بِعُذْرٍ) رَاجِعٌ لِلطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ بِغَيْرِ عُذْرٍ) هَلْ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ تَحْتَهُ شَوْهَاءُ أَوْ صَغِيرَةٌ فَأَعَفَّهُ بِغَيْرِهِمَا ثُمَّ دَفَعَ لَهُ نَفَقَةً فَقَسَّمَهَا الْأَبُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا مَرَّ، أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ فَفَسَخَتْ الْجَدِيدَةُ لِعَدَمِ تَمَامِ نَفَقَتِهَا أَوْ لَا لِعُذْرِ الْأَبِ بِلُزُومِهِ بِالتَّوْزِيعِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، فَيَجِبُ التَّجْدِيدُ لَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ظَنَّ صِدْقَهُ) وَلَوْ قِيلَ إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ وَحَقَّتْ ضَرُورَتُهُ بِحَيْثُ خَشِيَ عَلَيْهِ نَحْوَ زِنًا أَوْ مَرَضٍ يَهْلِكُ أَنَّهُ يُجَدِّدُ لَهُ أُخْرَى لَمْ يَبْعُدْ اهـ حَجّ. وَهُوَ قَرِيبٌ بَلْ لَوْ قِيلَ بِوُجُوبِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ صِدْقَهُ فِيمَا قَالَ لَمْ يَبْعُدْ حَيْثُ خِيفَ هَلَاكُهُ أَوْ وُقُوعُهُ فِي الزِّنَا (قَوْلُهُ: وَيُسَرِّي الْمِطْلَاقُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ الَّذِي عُرِفَ ذَلِكَ مِنْهُ قَبْلَ الْإِعْسَارِ، فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ إذَا طَلَّقَ لِغَيْرِ عُذْرٍ لَا يَجِبُ التَّجْدِيدُ لَهُ أَوْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا ثُمَّ رَاجَعَ ثُمَّ طَلَّقَ ثَلَاثًا ثُمَّ مَاتَتْ، وَقَوْلُنَا ثُمَّ طَلَّقَ ثَلَاثًا أَيْ فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ رَأَيْته فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ ضَابِطُهُ) أَيْ وَهُوَ أَنْ يُطَلِّقَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَلَوْ فِي زَوْجَةٍ وَعِبَارَتُهُ ثَمَّ، فَإِنْ كَانَ مِطْلَاقًا بِأَنْ طَلَّقَ بَعْدَ الْحَجَرِ أَوْ قَبْلَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ ثَلَاثَ زَوْجَاتٍ أَوْ ثِنْتَيْنِ، وَكَذَا ثَلَاثُ مَرَّاتٍ وَلَوْ فِي زَوْجَةٍ وَاحِدَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ قَاضٍ) مُعْتَمَدٍ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَظْهَرُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (؛ قَوْلُهُ: مِنْ التَّعَزُّبِ فِيهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِغَيْرِ فِعْلِهِ) لَعَلَّهُ أَوْ بِفِعْلِهِ الْمَعْذُورِ فِيهِ كَدَفْعِهَا لِصِيَالٍ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فَلْيُرَاجَعْ

إلَى نِكَاحٍ) أَيْ وَطْءٍ لِشِدَّةِ تَوَقَانِهِ بِحَيْثُ يَشُقُّ الصَّبْرُ عَلَيْهِ وَإِنْ أَمِنَ الزِّنَا أَوْ إلَى عَقْدِهِ لِخِدْمَةٍ لِنَحْوِ مَرَضٍ وَتَعَيَّنَ طَرِيقًا لِذَلِكَ لَكِنَّهُ لَا يُسَمَّى إعْفَافًا كَمَا أَفَادَهُ السُّبْكِيُّ، وَلَوْ احْتَاجَ إلَى اسْتِمْتَاعٍ بِغَيْرِ الْوَطْءِ لِنَحْوِ عُنَّةٍ لَمْ يَلْزَمْ الْوَلَدَ ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَرَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ (وَيُصَدَّقُ) الْأَصْلُ (إذَا ظَهَرَتْ) مِنْهُ (الْحَاجَةُ) أَيْ أَظْهَرَهَا وَلَوْ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَحْتَفِ بِقَرِينَةٍ إذْ لَا تُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ (بِلَا يَمِينٍ) لِأَنَّ تَحْلِيفَهُ يُخِلُّ بِحُرْمَتِهِ، نَعَمْ يَأْثَمُ بِطَلَبِهِ كَاذِبًا، فَإِنَّ كَذِبَهُ ظَاهِرُ الْحَالِ كَذِي فَالِجٍ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فِيمَا يَظْهَرُ حَيْثُ احْتَمَلَ صِدْقَهُ وَلَوْ عَلَى نُدُورٍ. (وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْءُ أَمَةِ وَلَدِهِ) الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَإِنْ سَفُلَ بِالْإِجْمَاعِ (وَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ) تَعْزِيرٍ عَلَيْهِ لَحِقَّهُ تَعَالَى إنْ رَآهُ الْإِمَامُ إذَا وَطِئَهَا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ مُخْتَارًا وَأَرْشُ بَكَارَةٍ و (مَهْرٌ) لِلْوَلَدِ فِي ذِمَّةِ الْحُرِّ وَرَقَبَةُ غَيْرِهِ وَإِنْ طَاوَعَتْهُ فِي أَرْجَحِ الْقَوْلَيْنِ، نَعَمْ الْمُكَاتَبُ كَالْحُرِّ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ، وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يُحْبِلْهَا أَوْ أَحَبْلَهَا وَتَأَخَّرَ الْإِنْزَالُ عَنْ مَغِيبِ الْحَشَفَةِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ، فَإِنْ أَحْبَلَهَا وَتَقَدَّمَ إنْزَالُهُ عَلَى تَغْيِيبِهَا أَوْ قَارَنَهُ فَلَا مَهْرَ وَلَا أَرْشَ لِأَنَّ وَطْأَهُ وَقَعَ بَعْدَ أَوْ مَعَ انْتِقَالِهَا إلَيْهِ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ يَمْلِكُهَا قَبْلَ الْإِحْبَالِ (لَا حَدَّ) وَلَوْ مُوسِرًا وَإِنْ كَانَتْ مَوْطُوءَةَ فَرْعِهِ أَوْ مُسْتَوْلَدَةً لَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ فِي مَوَاضِعَ وَجَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ نَقَلَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ تَجْرِبَةِ الرُّويَانِيِّ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ قَطْعًا لِعَدَمِ تَصَوُّرِ مِلْكِهِ لَهَا بِحَالٍ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ «أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك» وَلِشُبْهَةِ الْإِعْفَافِ الَّذِي هُوَ مِنْ جِنْسِ مَا فَعَلَهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ سَرَقَ مَالَهُ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ ـــــــــــــــــــــــــــــSذُكِرَ نَظَرًا لِلْمَعْنَى إذْ الْمُدَّةُ زَمَانٌ (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ) أَيْ الْعَقْدُ لِلْخِدْمَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَحْتَفِ) أَيْ يَقُولُ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فِيمَا يَظْهَرُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ فِيمَا يَظْهَرُ أَنَّهُ الرَّاجِحُ فَلَا يُنَافِي أَنَّ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: لَحِقَهُ تَعَالَى) أَيْ لَا لَحِقَ الِابْنَ اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ نَقْلًا عَنْ الرَّافِعِيِّ، وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي أَنَّ كَوْنَ التَّعْزِيرِ لَيْسَ لِحَقِّ الِابْنِ هَلْ هُوَ خَاصٌّ بِمَا هُنَا وَأَنَّهُ وَجَدَ لِابْنِهِ إنْ وَجَدَ مِنْ الْأَبِ فِي حَقِّهِ مَا يَقْتَضِيه أَمْ لَا يُعَزَّرُ لَهُ فِي مَوْضِعٍ كَمَا لَا يَحُدُّ لَهُ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ عُلِّقَ بِنَظَرِ الْإِمَامِ فَإِنَّ تَعْلِيقَهُ بِذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّهُ إنَّمَا يَفْعَلُهُ حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَصْلَحَةٌ (قَوْلُهُ: وَمَهْرٌ لِلْوَلَدِ) أَيْ مَهْرُ ثَيِّبٍ اهـ سم. [فَرْعٌ] قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَمَنْ تَزَوَّجَ أَمَةَ أَخِيهِ فَوَطِئَهَا أَبُوهُمَا لَزِمَهُ مَهْرٌ لِلْمَالِكِ وَمَهْرٌ لِلزَّوْجِ اهـ. أَمَّا الَّذِي لِلْمَالِكِ فَهُوَ فِي مُقَابَلَةِ الْوَطْءِ، وَأَمَّا الَّذِي لِلزَّوْجِ فَهُوَ لِتَفْوِيتِهِ إيَّاهَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فِي ذِمَّةِ الْحُرِّ) هَلْ وَلَوْ مُبَعَّضًا لِأَنَّهُ يَمْلِكُ أَوْ يُقَالُ نِصْفُ الْمَهْرِ فِي رَقَبَتِهِ وَنِصْفُهُ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الثَّانِي. ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الشَّارِحِ بِالنِّسْبَةِ لَقِيمَةِ الْوَلَدِ وَالْمُبَعَّضِ بِقَدْرِ الْحُرِّيَّةِ إلَخْ، وَهُوَ مُؤَيِّدٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ طَاوَعَتْهُ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ نَعَمْ الْمُكَاتَبُ كَالْحُرِّ) أَيْ فَيَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ يَمْلِكُهَا قَبْلَ الْإِحْبَالِ) وَيَظْهَرُ أَنَّ الْقَوْلَ فِي التَّقَدُّمِ وَعَدَمِهِ قَوْلُ الْأَبِ بِيَمِينِهِ إذْ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ، فَإِنْ شَكَّ فَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَامَّ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَالْخَاصَّ إلْزَامُهَا، إذْ إتْلَافُ مَالِ الْغَيْرِ الْأَصْلُ فِيهِ إيجَابُهُ لِلضَّمَانِ وَيَقَعُ لَهُمْ أَنَّهُمْ يُرَجِّحُونَ هَذَا لِخُصُوصِهِ فَهُوَ أَقْوَى، وَمَعَ ذَلِكَ الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْأَبَ امْتَازَ عَنْ غَيْرِهِ بِمَا يُوجِبُ خُرُوجَهُ عَنْ هَذَا الْخَاصِّ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: كَمَا اقْتَضَاهُ) أَيْ عَدَمُ الْحَدِّ فِي الْمُسْتَوْلَدَةِ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ مِلْكِهِ لَهَا) أَيْ الْمُسْتَوْلِدِ (قَوْلُهُ وَمَالُك لِأَبِيك) أَيْ يَجِبُ عَلَيْك أَنْ تَكُونَ مَعَ وَالِدِك ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ أَيْ وَطْءٍ) إنَّمَا حَمَلَ النِّكَاحَ عَلَى الْوَطْءِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْمَارِّ إعْفَافُ (قَوْلُهُ: لِخِدْمَةٍ لِنَحْوِ مَرَضٍ) وَظَاهِرٌ أَنَّهَا تَكْفِي هُنَا وَإِنْ كَانَتْ شَوْهَاءَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ) أَيْ فِي الْمُسْتَوْلَدَةِ (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) أَيْ نَفْيِ الْحَدِّ

لَا يُقْتَلُ بِوَلَدِهِ فَيَبْعُدُ رَجْمُهُ بِوَطْءِ أَمَتِهِ، وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ وَطِئَهَا فِي دُبُرِهَا فَلَا حَدَّ: كَمَا لَوْ وَطِئَ السَّيِّدُ أَمَتَهُ الْمُحَرَّمَةَ عَلَيْهِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ أَوْ تَمَجُّسٍ فِي دُبُرِهَا (فَإِنْ أَحْبَلَ) الْأَبُ (فَالْوَلَدُ حُرٌّ نَسِيبٌ) لِلشُّبْهَةِ وَإِنْ كَانَ قِنًّا كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الْقَفَّالِ وَأَقَرَّاهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَوَلَدِ الْمَغْرُورِ فَيُطَالِبُهُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ بَعْدَ عِتْقِهِ، نَعَمْ الْأَوْجَهُ مُطَالَبَةُ الْمُكَاتَبِ بِهَا حَالًا لِأَنَّهُ يَمْلِكُهُ وَالْمُبَعَّضُ بِقَدْرِ الْحُرِّيَّةِ حَالًا وَبِقَدْرِ الرِّقِّ بَعْدَ عِتْقِهِ (فَإِنْ كَانَتْ مُسْتَوْلَدَةً لِلِابْنِ لَمْ تَصِرْ مُسْتَوْلَدَةً لِلْأَبِ) لِأَنَّهَا لَا تَقْبَلُ النَّقْلَ، فَلَوْ كَانَ الْأَصْلُ مُسْلِمًا وَالْفَرْعُ ذِمِّيًّا وَمُسْتَوْلَدَةً ذِمِّيَّةً فَهَلْ يَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ لِلْأَصْلِ لِأَنَّهَا قَابِلَةٌ لِلنَّقْلِ لَوْ نَقَضَتْ الْعَهْدَ وَسُبِيَتْ أَوْ لَا؟ لِأَنَّهَا الْآنَ عَلَى حَالَةٍ تَقْتَضِي مَنْعَ النَّقْلِ، تَرَدُّدٌ، وَالْأَوْجَهُ الْقَطْعُ بِالثَّانِي (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَكُنْ مُسْتَوْلَدَةً لَهُ (فَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا تَصِيرُ) مُسْتَوْلَدَةً لِلْأَبِ الْحُرِّ وَلَوْ مُعْسِرًا لِقُوَّةِ الشُّبْهَةِ هُنَا وَبِهِ فَارَقَ أَمَةَ أَجْنَبِيٍّ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ وَلَوْ مَلَكَ الْوَلَدُ بَعْضَهَا وَالْبَاقِي حُرٌّ نَفَذَ اسْتِيلَادُ الْأَبِ فِي نَصِيبِ وَلَدِهِ أَوْ قِنٌّ نَفَذَ فِيهِ، مُطْلَقًا، وَكَذَا فِي نَصِيبِ الشَّرِيكِ إنْ أَيْسَرَ، أَمَّا الْقِنُّ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ فَلَا تَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً لَهُ. وَالثَّانِي لَا تَصِيرُ لِأَنَّهَا غَيْرُ مِلْكٍ لَهُ وَلَا حَاجَةَ إلَى تَقْدِيرِ انْتِقَالِ الْمِلْكِ فِيهَا إلَيْهِ، وَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ اسْتَعَارَ أَمَةَ ابْنِهِ لِلرَّهْنِ فَرَهَنَهَا ثُمَّ اسْتَوْلَدَهَا لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لِأَدَائِهِ إلَى بُطْلَانِ عَقْدٍ عَقَدَهُ بِنَفْسِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ رَهَنَ أَمَةً فَاسْتَوْلَدَهَا أَبُوهُ فَإِنَّهَا تَصِيرُ لِأَنَّهُ لَا يُؤَدِّي لِذَلِكَ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الرَّاهِنَ لَوْ أَحْبَلَ أَمَتَهُ الْمَرْهُونَةَ وَهُوَ مُوسِرٌ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَبَطَل الرَّهْنُ مَعَ أَدَائِهِ إلَى بُطْلَانِ عَقْدٍ عَقَدَهُ بِنَفْسِهِ (وَ) الْأَظْهَرُ (أَنَّ عَلَيْهِ قِيمَتَهَا) يَوْمَ الْإِحْبَالِ سَوَاءٌ أَنْزَلَ قَبْلَ ذَلِكَ أَمْ بَعْدَهُ أَمْ مَعَهُ، وَالْقَوْلُ فِي قَدْرِهَا قَوْلُ الْأَبِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ، وَلَوْ تَكَرَّرَ وَطْؤُهُ لَهَا مُدَّةً وَاخْتَلَفَتْ قِيمَتُهَا فِيمَا وَلَمْ يَعْلَمْ مَتَى عَلِقَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَالْمَمْلُوكِ لَهُ بِحَيْثُ لَا تُخَالِفُهُ فِيمَا أَمَرَك بِهِ وَلَا تَفْعَلُ مَعَهُ مَا يُؤْذِيه، وَمَعْنَى كَوْنِ الْمَالِ لَهُ أَنَّ مَالَهُ بِمَنْزِلَةِ مَالِ أَبِيهِ فَيَصْرِفُ عَلَيْهِ مِنْهُ مَا يَدْفَعُ حَاجَتَهُ فَكَانَ لَهُ فِي مَالِ وَلَدِهِ شُبْهَةٌ اقْتَضَتْ دَفْعَ الْحَدِّ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ وَطِئَهَا فِي دُبُرِهَا فَلَا حَدَّ) أَيْ خِلَافًا لِحَجِّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ قِنًّا) أَيْ الْأَبُ وَيُلْغَزُ بِهِ فَيُقَالُ لَنَا حُرٌّ بَيْنَ رَقِيقِينَ (قَوْلُهُ: فَيُطَالِبُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ بَعْدَ عِتْقِهِ) تَقَدَّمَ فِي بَابِ مُعَامَلَةِ الْعَبِيدِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى الْقِنُّ شَيْئًا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ تَعَلَّقَ بَدَلُهُ بِذِمَّتِهِ، وَإِنَّمَا يُطَالَبُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ لِجَمِيعِهِ، وَقِيَاسُهُ أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ مَا ذَكَرَهُ بَعْدُ فِي الْمُبَعَّضِ أَنَّهُ إذَا عَتَقَ بَعْضُهُ طُولِبَ بِقَدْرِ مَا يَخُصُّ جُزْءَ الْحُرِّيَّةِ حَالًا، وَعَلَيْهِ فَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ بِأَنَّهُ ثَمَّ وَجَبَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بِرِضَا مُسْتَحِقِّهِ فَلَمْ يُضَايَقْ فِيهِ بِخِلَافِهِ هُنَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ يُمْكِنُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا مَرَّ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُبَعَّضِ الْآتِي بِأَنَّ جِنَايَةَ الْمُبَعَّضِ وَقَعَتْ مَعَ حُرِّيَّةِ بَعْضِهِ فَتَعَلَّقَ الْغُرْمُ بِجُمْلَتِهِ وَهُوَ يَقْتَضِي التَّوْزِيعَ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّ الْوَطْءَ وَقَعَ مِنْهُ وَهُوَ رَقِيقٌ كُلُّهُ فَاسْتَصْحَبَ حَتَّى عَتَقَ كُلُّهُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ الْقَطْعُ بِالثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: وبِهِ فَارَقَ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ قُوَّةِ الشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ: أَمَةُ أَجْنَبِيٍّ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ) أَيْ فَإِنَّهَا لَا تَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً لِلْوَاطِئِ وَلَوْ مُوسِرًا وَغَيْرَ مُسْتَوْلَدَةٍ لِمَالِكِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ قِنٌّ نَفَذَ فِيهِ) أَيْ نُصِيب وَلَدِهِ وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا: أَيْ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي نَصِيبِ الشَّرِيكِ إنْ أَيْسَرَ) أَيْ الْأَبُ، فَإِنْ كَانَ الْأَبُ مُعْسِرًا لَمْ يَنْفُذْ فِي نَصِيبِ الشَّرِيكِ وَيَرِقُّ مِنْ الْوَلَدِ نَصِيبُ الشَّرِيكِ وَيَنْفُذُ الْإِيلَادُ فِي نَصِيبِ الِابْنِ مِنْ الْمُبَعَّضَةِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: مَرْدُودٌ) أَيْ فَتَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً لِلْأَبِ (قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ فِي قَدْرِهَا) أَيْ الْقِيمَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ قِنًّا) أَيْ الْأَبُ (قَوْلُهُ: كَوَلَدِ الْمَغْرُورِ) أَيْ إذَا كَانَ رَقِيقًا (قَوْلُهُ: فَيُطَالَبُ) أَيْ الْأَبُ الرَّقِيقُ، وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الْأَبَ لَا يَغْرَمُ قِيمَةَ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحُرِّ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ قِيمَةَ الْأُمِّ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ نَفَذَ فِيهِ) أَيْ فِي نَصِيبِ الِابْنِ (قَوْلُهُ: وَلَا حَاجَةَ إلَخْ) مِنْ تَمَامِ عِلَّةِ الضَّعِيفِ يُشِيرُ إلَى الرَّدِّ عَلَى الْأَظْهَرِ

بِالْوَلَدِ اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهَا فِي آخَرِ زَمَنٍ يُمْكِنُ عُلُوقُهَا بِهِ فِيهِ. قَالَهُ الْقَفَّالُ، وَذَلِكَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ قَبْلَ وِلَادَتِهَا لِأَنَّ الْعُلُوقَ مِنْ ذَلِكَ يَقِينٌ وَمَا قَبْلَهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ. قَالَ: وَلَا يُؤْخَذُ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ الْقَوَابِلِ، بِخِلَافِ نَفَقَةِ الْحَامِلِ الْمَبْتُوتَةِ لِأَنَّهَا كَانَتْ وَاجِبَةً، وَهَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ يَسْتَوْلِ عَلَيْهَا قَبْلَ زَمَنِ الْعُلُوقِ، وَإِلَّا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَقْصَى قِيمَتِهَا مِنْ اسْتِيلَائِهِ عَلَيْهَا إلَى زَمَنِ الْعُلُوقِ. أَمَّا الْمُسْتَوْلَدَةُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا مُطْلَقًا لِعَدَمِ انْتِقَالِهَا إلَيْهِ وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا لَا تَصِيرُ (مَعَ مَهْرٍ) بِشَرْطِهِ السَّابِقِ كَمَا لَوْ اسْتَوْلَدَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمُشْتَرَكَةَ وَوَجَبَا لِاخْتِلَافِ سَبَبِهِمَا فَالْمَهْرُ لِلْإِيلَاجِ وَالْقِيمَةُ لِلِاسْتِيلَادِ (لَا قِيمَةَ وَلَدٍ) فَلَا تَلْزَمُهُ وَإِنْ انْفَصَلَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ مَضْمُونَةٍ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ الْتَزَمَ قِيمَةَ أُمِّهِ وَهُوَ جُزْءٌ مِنْهَا فَانْدَرَجَ فِيهَا وَلِأَنَّهُ انْعَقَدَ فِي مِلْكِهِ وَلِأَنَّ قِيمَتَهُ إنَّمَا تَجِبُ بَعْدَ انْفِصَالِهِ وَذَلِكَ وَاقِعٌ فِي مِلْكِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعَالِيلِ عَدَمِ لُزُومِ قِيمَةِ الْوَلَدِ لُزُومُهَا فِيمَا لَوْ كَانَتْ مُسْتَوْلَدَةً لِلِابْنِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَمَتَى حَكَمْنَا بِالِانْتِقَالِ وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيه، وَيَحْصُلُ مِلْكُهَا قُبَيْلَ الْعُلُوقِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا يَقْتَضِيه تَرْجِيحُهُمْ عَدَمَ وُجُوبِ قِيمَةِ الْوَالِدِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَقُولُ يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ بَعْدَ الْعُلُوقِ لِتَحَقُّقِ الصَّيْرُورَةِ حِينَئِذٍ. (وَعَلَيْهِ نِكَاحُهَا) أَيْ وَيَحْرُمُ عَلَى الْأَصْلِ الْحُرِّ مِنْ النَّسَبِ نِكَاحُ أَمَةِ وَلَدِهِ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ إعْفَافُهُ لِأَنَّ قُوَّةَ شُبْهَتِهِ فِي مَالِهِ اسْتِحْقَاقُهُ الْإِعْفَافَ عَلَيْهِ صَيَّرَتْهُ كَالشَّرِيكِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَحْرُمْ عَلَى أَصْلِ قِنٍّ كَأَمَةِ أَصْلٍ عَلَى فَرْعٍ وَأَمَةِ فَرْعِ رَضَاعٍ عَلَى أَصْلٍ قَطْعًا. (فَلَوْ) (مَلَكَ زَوْجَةَ وَالِدِهِ الَّذِي لَا تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ) حَالَ مِلْكِ الْوَلَدِ وَكَانَ نَكَحَهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِشَرْطِهِ (لَمْ يَنْفَسِخْ النِّكَاحُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ. وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَرْتَفِعْ نِكَاحُ أَمَةٍ بِطُرُوِّ يَسَارٍ وَتَزَوَّجَ حُرَّةً. أَمَّا إذَا حَلَّتْ لَهُ حِينَئِذٍ لِكَوْنِهِ قِنًّا أَوْ مُبَعَّضًا أَوْ الْوَلَدُ مُعْسِرًا لَا يَلْزَمُهُ إعْفَافُهُ فَلَا يَنْفَسِخُ بِطُرُوِّ مِلْكِ الِابْنِ قَطْعًا، فَقَوْلٌ الْإِسْنَوِيِّ وَمِنْ تَبِعَهُ كَالشَّارِحِ لَا فَائِدَةَ لِهَذَا التَّقْيِيدِ مَرْدُودٌ بِمَا قَرَّرْنَاهُ. وَالثَّانِي يَنْفَسِخُ كَمَا لَوْ مَلَكَهَا الْأَبُ لِمَا لَهُ فِي مَالِ وَلَدِهِ مِنْ شُبْهَةِ الْمَلِكِ بِوُجُوبِ الْإِعْفَافِ وَغَيْرِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهَا) وَهَلْ يَجِبُ مَعَ ذَلِكَ مَهْرٌ وَإِنْ سَبَقَهُ الْإِنْزَالُ فِي الْوَطْأَةِ الْأُولَى وَاحْتَمَلَ كَوْنُ الْعُلُوقِ مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ أَوَّلًا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنْهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي وَطْءِ مِلْكِ غَيْرِهِ وُجُوبُ الْمَهْرِ كَسَائِرِ الْإِتْلَافَاتِ فَلَا يَسْقُطُ إلَّا بِيَقِينٍ، لَكِنْ قَدْ يُعَارِضُهُ مَا مَرَّ عَنْ حَجّ بِالْهَامِشِ مِنْ أَنَّ الْأَبَ امْتَازَ عَنْ غَيْرِهِ بِمَا يُوجِبُ خُرُوجَهُ عَنْ هَذَا الْخَاصِّ وَقَوْلُهُ يُمْكِنُ عُلُوقُهَا بِهِ فِيهِ شَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَكْثَرَ وَفِيهِ أَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِمَّا زَادَ عَلَى أَقَلِّ الْقِيَمِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ الْأَصْلُ عَدَمُ الِانْتِقَالِ عَنْ مِلْكِ الْفَرْعِ فَاسْتَصْحَبَ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ انْتِقَالِهَا) أَيْ وَلَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ مَهْرُهُ (قَوْلُهُ بِشَرْطِهِ السَّابِقِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يُحْبِلْهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ اسْتَوْلَدَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمُشْتَرَكَةَ) أَيْ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ مِنْ الْمَهْرِ وَالْقِيمَةِ وَتَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً لِلْوَاطِئِ إنْ أَيْسَرَ، فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَا يَنْفُذُ الِاسْتِيلَادُ فِي حِصَّةِ الشَّرِيكِ، وَقِيَاسُ مَا ذَكَرْنَا عَنْ الرَّوْضِ عَنْ سم أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مُبَعَّضًا (قَوْلُهُ: وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ) أَيْ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى. (قَوْلُهُ مِنْ النَّسَبِ) صِلَةُ الْأَصْلِ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْأَصْلِ مِنْ الرَّضَاعِ (قَوْلُهُ: اسْتِحْقَاقَهُ) مَفْعُولُ شُبْهَةٍ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَحْرُمْ) أَيْ النِّكَاحُ. (قَوْلُهُ بِمَا قَرَّرْنَاهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ أَمَّا إذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَحْصُلُ مِلْكُهَا قُبَيْلَ الْعُلُوقِ) وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَصَحِّ الْمَارِّ فِي الْمَتْنِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ إلَخْ لَكِنْ فِي سِيَاقَةِ قَلَاقَةٌ شَدِيدَةٌ فَلْتُرَاجَعْ عِبَارَةُ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَجِبْ إعْفَافُهُ) أَيْ عَلَى ذَلِكَ الْوَلَدِ بِأَنْ كَانَ هُنَاكَ مَنْ هُوَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ فِي وُجُوبِ الْإِعْفَافِ (قَوْلُهُ: الَّذِي لَا تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ) يَعْنِي أَمَةَ ابْنِهِ.

[فصل في نكاح الرقيق]

(وَلَيْسَ لَهُ نِكَاحُ أَمَةٍ مُكَاتَبَةٍ) إذْ شُبْهَتُهُ فِي مَالِهِ أَقْوَى مِنْ شُبْهَةِ الْوَلَدِ. وَمِنْ ثَمَّ قَالَ (فَإِنَّ مِلْكَ مُكَاتَبٍ زَوْجَةَ سَيِّدِهِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا لَوْ مَلَكَهَا السَّيِّدُ لِمَا ذُكِرَ. وَالثَّانِي يَلْحَقُهُ بِمِلْكِ الْوَلَدِ زَوْجَةَ أَبِيهِ وَدُفِعَ بِمَا مَرَّ وَإِنَّمَا لَمْ يَعْتِقْ بَعْضُ سَيِّدٍ مَلَكَهُ مُكَاتَبُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَجْتَمِعُ مِلْكُ الْبَعْضِ وَعَدَمُ الْعِتْقِ، إذْ الْمُكَاتَبُ نَفْسُهُ لَوْ مَلَكَ أَبَاهُ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ وَالْمِلْكُ وَالنِّكَاحُ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا. (فَصْلٌ) فِي نِكَاحِ الرَّقِيقِ (السَّيِّدُ بِإِذْنِهِ فِي نِكَاحِ عَبْدِهِ لَا يَضْمَنُ) بِذَلِكَ الْإِذْنِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ الَّذِي هُوَ نَفْيُ كَوْنِ الْإِذْنِ سَبَبًا لِلضَّمَانِ، وَاحْتِمَالٌ أَنَّهُ لِإِفَادَةِ كَوْنِ الْإِذْنِ سَبَبًا لِنَفْيِ الضَّمَانِ بَعِيدٌ مِنْ السِّيَاقِ وَالْمَعْنَى، لِأَنَّ نَفْيَ الضَّمَانِ هُوَ الْأَصْلُ فَلَا يُحْتَاجُ لِبَيَانِ سَبَبٍ لَهُ آخَرَ فَيَسْقُطُ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ كَانَ الْأَحْسَنُ لَا يَضْمَنُ بِإِذْنِهِ فِي نِكَاحِ عَبْدِهِ لِيَكُونَ نَصًّا فِي الْأَوَّلِ (مَهْرًا وَنَفَقَةً) أَيْ مُؤْنَةً بَلْ قَدْ تُطْلَقُ عَلَيْهَا غَالِبًا فِي كَلَامِهِمْ (فِي الْجَدِيدِ) لِعَدَمِ الْتِزَامِهَا تَعْرِيضًا وَلَا تَصْرِيحًا، بَلْ لَوْ ضَمِنَ ذَلِكَ عِنْدَ إذْنِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ لِتَقَدُّمِ ضَمَانِهِ عَلَى وُجُوبِهِ، بِخِلَافِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَيَصِحُّ فِي الْمَهْرِ إنْ عَلِمَهُ لَا النَّفَقَةُ إلَّا فِيمَا وَجَبَ مِنْهَا قَبْلَ الضَّمَانِ وَعِلْمِهِ (وَهُمَا فِي كَسْبِهِ) كَذِمَّتِهِ لِأَنَّهُ بِالْإِذْنِ رَضِيَ بِصَرْفِ كَسْبِهِ فِيهِمَا وَلَا يُعْتَبَرُ كَسْبُهُ الْحَادِثُ بَعْدَ الْإِذْنِ فِي النِّكَاحِ بَلْ الْحَادِثُ (بَعْدَ النِّكَاحِ) وَوُجُوبُ الدَّفْعِ وَهُوَ فِي مَهْرِ مُفَوَّضَةٍ بِفَرْضٍ صَحِيحٍ أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSحَلَّتْ لَهُ إلَخْ. (قَوْله إذْ شُبْهَتُهُ) أَيْ السَّيِّدِ، وَقَوْلُهُ فِي مَالِهِ أَيْ الْمُكَاتَبِ، وَقَوْلُهُ أَقْوَى: أَيْ أَقْوَى مِنْ شُبْهَتِهِ فِي مَالِ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ: لِمَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ إذْ شُبْهَتُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَعْتِقْ بَعْضُ سَيِّدٍ) أَيْ أَصْلُ سَيِّدٍ أَوْ فَرْعِهِ. [فَصْل فِي نِكَاحِ الرَّقِيقِ] (قَوْلُهُ: فِي نِكَاحِ الرَّقِيقِ) أَيْ وَفِيمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ قَتَلَتْ الْحُرَّةُ نَفْسَهَا (قَوْلُهُ: لِيَكُونَ نَصًّا فِي الْأَوَّلِ) عَلَى أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى مُسْتَفَادٌ مِنْ التَّرْكِيبِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا لِأَنَّ الْجَارَ مُتَعَلِّقٌ بِالْفِعْلِ وَهُوَ يَضْمَنُ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ تَقَدُّمِهِ وَتَأَخُّرِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ لَوْ ضَمِنَ ذَلِكَ) أَيْ لَوْ ذَكَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى الضَّمَانِ كَأَنْ قَالَ تَزَوَّجْ وَعَلَيَّ الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْهُ) أَيْ لَمْ يَلْزَمْهُ (قَوْلُهُ: لِتَقَدُّمِ ضَمَانِهِ) أَيْ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: عَلَى وُجُوبِهِ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ (قَوْلُهُ وَهُمَا فِي كَسْبِهِ) هَلْ وَلَوْ خَصَّهُ بِأَحَدِهِمَا أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا تَأَمَّلْ اهـ كَذَا بِهَامِشٍ، وَالْأَقْرَبُ نَعَمْ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي النِّكَاحِ إذْنٌ فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الضَّمَانِ وَنَهَاهُ عَنْ الْأَدَاءِ فَإِنَّهُ إذَا غَرِمَ يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الْأَصْلِ (قَوْلُهُ بَعْدَ الْإِذْنِ فِي النِّكَاحِ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَا كَسَبَهُ بَيْنَ الْإِذْنِ وَالنِّكَاحِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مَهْرٌ وَنَفَقَةٌ، لَكِنْ فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ عِبَارَةُ الرَّوْضِ تَعَلَّقَ بِمَا فِي يَدِهِ مِنْ حَادِثٍ بَعْدَ مُوجِبِهِمَا وَكَذَا رِبْحٌ وَرَأْسُ مَالٍ اهـ. قَالَ بِرّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ أَكْسَابُهُ بِغَيْرِ التِّجَارَةِ الَّتِي بَعْدَ الْإِذْنِ وَلَوْ قَبْلَ النِّكَاحِ اهـ. أَقُولُ: صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ. أَقُولُ: فَمَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَلَى خِلَافِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ وُجُوبُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصْلٌ) فِي نِكَاحِ الرَّقِيقِ (قَوْلُهُ: فَيَسْقُطُ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ كَانَ الْأَحْسَنَ إلَخْ) فِي سُقُوطِ الْقَوْلِ بِمَا ذُكِرَ بِمُجَرَّدِ مَا قَرَّرَهُ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، إذْ هُوَ لَا يَدْفَعُ الْأَحْسَنِيَّةَ الْمَذْكُورَةَ، وَمِنْ ثَمَّ اعْتَرَفَ بِهَا حَجّ بَعْدَ أَنْ أَشَارَ إلَى الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمَتْنِ وَرَدَّهُ بِاللَّفْظِ الَّذِي

وَطْءٍ وَمَهْرِ غَيْرِهَا الْحَالِّ بِالْعَقْدِ وَالْمُؤَجَّلِ بِالْحُلُولِ وَفِي النَّفَقَةِ بِالتَّمْكِينِ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ فِي إذْنِهِ لَهُ فِي الضَّمَانِ كَسْبُهُ بَعْدَ الْإِذْنِ وَإِنْ تَأَخَّرَ الضَّمَانُ عَنْهُ لِثُبُوتِ الْمَضْمُونِ حَالَةَ الْإِذْنِ ثُمَّ لَا هُنَا كَمَا مَرَّ (الْمُعْتَادُ) كَالْحِرْفَةِ (وَالنَّادِرُ) كَلُقَطَةٍ وَوَصِيَّةٍ وَكَيْفِيَّةِ تَعَلُّقِهِمَا بِالْكَسْبِ أَنْ يُنْظَرَ فِي كَسْبِهِ كُلَّ يَوْمٍ فَتُؤَدِّي مِنْهُ النَّفَقَةُ لِأَنَّ الْحَاجَةَ لَهَا نَاجِزَةٌ، ثُمَّ إنْ فَضَلَ شَيْءٌ صُرِفَ لِلْمَهْرِ الْحَالِّ حَتَّى يَفْرُغَ، ثُمَّ يُصْرَفَ لِلسَّيِّدِ وَلَا يُدَّخَرَ شَيْءٌ مِنْهُ لِلنَّفَقَةِ أَوْ الْحُلُولِ فِي الْمُسْتَقْبِلِ لِعَدَمِ وُجُوبِهِمَا، وَقَوْل الْغَزَالِيِّ يُصْرَفُ لِلْمَهْرِ أَوَّلًا ثُمَّ لِلنَّفَقَةِ حَمَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَلَى مَا لَوْ امْتَنَعَتْ مِنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا حَتَّى تَقْبِضَ جَمِيعَ الْمَهْرِ، وَنَازَعَ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْمَقَالَتَيْنِ ثُمَّ بَحَثَ عَدَمَ تَعَيُّنِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِأَنَّهُمَا دَيْنٌ فِي كَسْبِهِ فَيَصْرِفُهُ عَمَّا شَاءَ مِنْ الْمَهْرِ أَوْ النَّفَقَةِ وَهُوَ الْقِيَاسُ بَلْ نَقَلَهُ فِي تَوَسُّطِهِ عَنْ بَعْضِ مُحَقِّقِي الْعَصْرِ (فَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ) فَيَجِبَانِ (فِيمَا بِيَدِهِ مِنْ رِبْحٍ) وَلَوْ قَبْلَ الْإِذْنِ فِي النِّكَاحِ (وَكَذَا رَأْسُ مَالٍ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَزِمَهُ بِعَقْدٍ مَأْذُونٍ فِيهِ فَكَانَ كَدَيْنِ التِّجَارَةِ، وَبِهِ فَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْكَسْبِ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إلَّا بَعْدَ الْوُجُوبِ، وَيُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّ الْقِنَّ لَا تَعَلُّقَ لَهُ وَلَا شُبْهَةَ فِيمَا حَصَلَ بِكَسْبِهِ وَإِنْ وَفَرَّهُ السَّيِّدُ تَحْتَ يَدِهِ، بِخِلَافِ مَالِ التِّجَارَةِ لِأَنَّهُ مُفَوَّضٌ لِرَأْيِهِ فَلَهُ فِيهِ نَوْعُ اسْتِقْلَالٍ وَيَجِبَانِ فِي كَسْبِهِ هُنَا أَيْضًا، فَإِذَا لَمْ يَفِ أَحَدُهُمَا تُمِّمَ مِنْ الْآخَرِ. وَالثَّانِي لَا كَسَائِرِ أَمْوَالِ السَّيِّدِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكْتَسِبًا وَلَا مَأْذُونًا لَهُ) أَوْ زَادَ عَلَى مَا قُدِّرَ لَهُ (فَفِي ذِمَّتِهِ) يُطَالَبُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ لِوُجُوبِهِ بِرِضَا مُسْتَحِقِّهِ (وَفِي قَوْلٍ عَلَى السَّيِّدِ) لِأَنَّ الْإِذْنَ لِمَنْ هَذَا حَالُهُ الْتِزَامٌ لِلْمُؤَنِ (وَلَهُ الْمُسَافَرَةُ بِهِ) إنْ تَكَفَّلَ الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِلْغَيْرِ كَرَهْنٍ وَإِلَّا اشْتَرَطَ رِضَاهُ (وَيَفُوتُ الِاسْتِمْتَاعُ) عَلَيْهِ لِمِلْكِهِ الرَّقَبَةَ فَقَدِمَ حَقُّهُ، نَعَمْ لِلْعَبْدِ اسْتِصْحَابُ زَوْجَتِهِ مَعَهُ وَالْكِرَاءُ مِنْ كَسْبِهِ فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهَا لِلسَّفَرِ مَعَهُ فَنَفَقَتُهَا بَاقِيَةٌ بِحَالِهَا (وَإِذَا لَمْ يُسَافِرْ) بِهِ أَوْ سَافَرَ بِهِ مَعَهَا (لَزِمَهُ تَخْلِيَتُهُ لَيْلًا) أَيْ بَعْضَهُ الْآتِيَ فِي الْأَمَةِ وَوَقْتِ فَرَاغِ شُغْلِهِ بَعْدَ النُّزُولِ فِي السَّفَرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ (لِلِاسْتِمْتَاعِ) لِأَنَّهُ وَقْتُ الِاسْتِرَاحَةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ عَمَلُهُ لَيْلًا انْعَكَسَ الْحُكْمُ، ـــــــــــــــــــــــــــــSالدَّفْعِ (قَوْلُهُ: وَمَهْرُ غَيْرِهَا الْحَالُّ) أَيْ إذَا كَانَتْ مُطِيقَةً لِلْوَطْءِ فَلَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا تُطِيقُهُ كَأَنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ الصَّغِيرَةَ بِرَقِيقٍ فَلَا يَجِبُ إلَّا بَعْدَ الْإِطَاقَةِ كَمَا يَأْتِي فِي الصَّدَاقِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَنْظُرَ فِي كَسْبِهِ كُلَّ يَوْمٍ) أَيْ وُجُوبًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحَاجَةَ لَهَا) أَيْ النَّفَقَةِ (قَوْلُهُ: فِي الْمَقَالَتَيْنِ) هُمَا قَوْلُهُ وَكَيْفِيَّتُهُ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَقَوْلُ الْغَزَالِيِّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْقِيَاسُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فِيمَا بِيَدِهِ مِنْ رِبْحٍ) وَمِثْلُهُ مَا كَسَبَهُ بِغَيْرِ التِّجَارَةِ قَبْلَ النِّكَاحِ عَلَى مَا قَدَّمْنَا عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ مَا فَرَّقَ بِهِ الشَّارِحُ هُنَا بَيْنَ مَالِ التِّجَارَةِ وَالْكَسْبِ خِلَافُهُ لِأَنَّ دَيْنَ التِّجَارَةِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، وَلَا شُبْهَةَ لِلرَّقِيقِ فِيهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا جَعَلَ لَهُ السَّيِّدُ نَوْعَ اسْتِقْلَالٍ بِالتَّصَرُّفِ صَارَ لَهُ شُبْهَةٌ فِي كُلِّ مَا بِيَدِهِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ) أَيْ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ لَزِمَهُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ مَا مَرَّ: أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ كَسْبُهُ (قَوْلُهُ: إنْ تَكَفَّلَ الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ تَوَقَّفَ جَوَازُ السَّفَرِ بِهِ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ طَوِيلِ السَّفَرِ وَقَصِيرِهِ، وَلَوْ قِيلَ بِجَوَازِ السَّفَرِ بِهِ إذَا الْتَزَمَ أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ مِمَّا يُحَصِّلُهُ مِنْ الْكَسْبِ مُدَّةَ سَفَرِ السَّيِّدِ وَأُجْرَةِ مِثْلِهِ مُدَّةَ السَّفَرِ لَمْ يَبْعُدْ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلَهُ إنْ تَكَفَّلَ الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ: أَيْ سَوَاءٌ الْحَالُّ وَالْمُؤَجَّلُ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي الْمُؤَجَّلِ لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِ الْمُطَالَبَةِ بِهِ، وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَهْرٌ أَوْ كَانَ وَهُوَ مُؤَجَّلٌ إلَخْ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ اللَّازِمَ لَهُ الْأَقَلُّ مِنْ النَّفَقَةِ وَالْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَالْكِرَاءُ) أَيْ لَهَا (قَوْلُهُ: انْعَكَسَ الْحُكْمُ) أَيْ فَتَلْزَمُهُ تَخْلِيَتُهُ نَهَارًا وَيَسْتَخْدِمُهُ لَيْلًا ـــــــــــــــــــــــــــــQذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: أَوْ زَادَ) أَيْ الرَّقِيقُ فِي الْمَهْرِ الَّذِي قَدَّرَهُ لَهُ السَّيِّدُ

وَقَيَّدَهُ جَمْعٌ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ بِمَنْزِلِ سَيِّدِهِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْهَا كُلَّ وَقْتٍ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمَحَلُّهُ إنْ كَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا كُلَّ وَقْتٍ وَإِلَّا كَأَنْ كَانَ يَسْتَخْدِمُهُ جَمِيعَ النَّهَارِ فِي نَحْوِ زَرْعِهِ فَلَا فَرْقَ (وَيَسْتَخْدِمُهُ نَهَارًا) إنْ تَكَفَّلَ (الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ) أَيْ تَحَمَّلَهُمَا وَهُوَ مُوسِرٌ أَوْ أَدَّاهُمَا وَلَوْ مُعْسِرًا (وَإِلَّا فَيُخَلِّيه لِكَسْبِهِمَا) لِإِحَالَتِهِ حُقُوقَ النِّكَاحِ عَلَى كَسْبِهِ (وَإِنْ اسْتَخْدَمَهُ) نَهَارًا (بِلَا تَكَفُّلٍ) أَوْ حَبَسَهُ بِلَا اسْتِخْدَامٍ (لَزِمَهُ الْأَقَلُّ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلٍ) لَهُ مُدَّةَ الِاسْتِخْدَامِ أَوْ الْحَبْسِ أَيْ مِنْ ابْتِدَائِهِ إلَى وَقْتِ الْمُطَالَبَةِ (وَكُلُّ الْمَهْرِ) الْحَالُّ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ (وَالنَّفَقَةُ) أَيْ الْمُؤْنَةُ مُدَّةَ أَحَدِ ذَيْنك أَيْضًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَهْرٌ أَوْ كَانَ وَهُوَ مُؤَجَّلٌ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرْنَاهُ فَالْأَقَلُّ مِنْ النَّفَقَةِ وَالْأُجْرَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ أُجْرَتَهُ إنْ زَادَتْ فَالزِّيَادَةُ لِسَيِّدِهِ وَإِنْ نَقَصَتْ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِتْمَامُ، وَبِهِ فَارَقَ مَا لَوْ اسْتَخْدَمَهُ أَجْنَبِيٌّ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ مُطْلَقًا، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ اسْتِخْدَامَهُ بِلَا تَكَفُّلٍ وَحَبْسَهُ بِلَا اسْتِخْدَامٍ وَلَا تَكَفُّلَ لَا إثْمَ عَلَيْهِ فِيهِ لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ عَلَى الزَّوْجَةِ مِنْهُ بِوَجْهٍ وَخَرَجَ بِنَهَارٍ مَا لَوْ اسْتَخْدَمَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا فَلَا يَلْزَمُهُ فِي مُقَابَلَةِ اللَّيْلِ شَيْءٌ، وَيَتَعَيَّنُ فَرْضُهُ فِيمَنْ عَمَلُهُ نَهَارًا وَإِلَّا كَالْأَتُونِيّ فَاللَّيْلُ فِي حَقِّهِ كَالنَّهَارِ كَمَا مَرَّ وَفِي اسْتِخْدَامِ لَيْلٍ لَا يُعَطِّلُ شُغْلَهُ نَهَارًا (وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ) مُطْلَقًا لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَسَبَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مَا يَفِي بِالْجَمِيعِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْأَصْلَ خِلَافُ ذَلِكَ وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ الْمُرَادُ نَفَقَةُ مُدَّةِ نَحْوِ الِاسْتِخْدَامِ كَمَا مَرَّ وَقِيلَ مُدَّةِ النِّكَاحِ. (وَلَوْ نَكَحَ فَاسِدًا) لِعَدَمِ الْإِذْنِ أَوْ لِفَقْدِ شَرْطٍ كَمُخَالَفَةِ الْمَأْذُونِ (وَوَطِئَ فَمَهْرُ مِثْلٍ) يَجِبُ (فِي ذِمَّتِهِ) لِحُصُولِهِ بِرِضَا مُسْتَحَقِّهِ، نَعَمْ لَوْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي الْفَاسِدِ بِخُصُوصِهِ تَعَلَّقَ بِكَسْبِهِ وَمَالِ تِجَارَتِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَ لِانْصِرَافِهِ لِلصَّحِيحِ فَقَطْ (وَفِي قَوْلٍ فِي رَقَبَتِهِ) لِأَنَّهُ إتْلَافٌ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي حُرَّةٍ بَالِغَةٍ عَاقِلَةٍ رَشِيدَةٍ مُتَيَقِّظَةٍ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا مُخْتَارَةً أَوْ أَمَةً سَلَّمَهَا سَيِّدُهَا، فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ لِأَنَّهُ جِنَايَةٌ مَحْضَةٌ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. (وَإِذَا زَوَّجَ السَّيِّدُ أَمَتَهُ) غَيْرَ الْمُكَاتَبَةِ كِتَابَةً ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ) أَيْ قَيَّدَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لَزِمَهُ تَخْلِيَتُهُ لَيْلًا (قَوْلُهُ: فَلَا فَرْقَ) أَيْ بَيْنَ كَوْنِهَا بِمَنْزِلَةِ السَّيِّدِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: إنْ تَكَفَّلَ الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ) قَالَ بَعْضُهُمْ: وَجَمِيعُ مَا سَبَقَ فِي عَبْدٍ كَسُوبٍ أَمَّا الْعَاجِزُ عَنْ الْكَسْبِ جُمْلَةً فَالظَّاهِرُ أَنَّ لِلسَّيِّدِ السَّفَرُ بِهِ وَاسْتِخْدَامُهُ حَضَرًا مِنْ غَيْرِ الْتِزَامِ شَيْءٍ اهـ سم عَلَى الْمِنْهَاجِ. وَأَقَرَّهُ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ (قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ ابْتِدَائِهِ) مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ وَالْمُرَادُ الْأَقَلُّ مِنْ الْأُجْرَةِ مُدَّةَ الِاسْتِخْدَامِ (قَوْلُهُ: أَحَدُ ذَيْنِك) أَيْ مُدَّةَ الِاسْتِخْدَامِ وَالْحَبْسِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ عَلَى الزَّوْجَةِ إلَخْ) أَيْ لِلُزُومِ السَّيِّدِ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْأُجْرَةِ وَالنَّفَقَةِ وَالْمَهْرِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا كَالْأَتُونِيّ) عِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: وَالْأَتُونِيّ وَازِنُ رَسُولٍ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: هُوَ لِلْحَمَّامِ وَالْجُصَاصَةِ، وَجَمَعَتْهُ الْعَرَبُ عَلَى أَتَاتِينَ بِتَاءَيْنِ نَقْلًا عَنْ الْفَرَّاءِ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ مُثَقَّلٌ، قَالَ: وَالْعَامَّةُ تُخَفِّفُهُ وَيُقَالُ هُوَ مُوَلَّدٌ، وَهَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ بِالنَّقْلِ الصَّحِيحِ أَنَّ الْعَرَبَ جَمَعَتْهُ عَلَى أَتَاتِينَ وَأُتُنٍ بِالْمَكَانِ أَتُونًا مِنْ بَابِ قَعَدَ أَقَامَ اهـ (قَوْلُهُ فِي حَقِّهِ كَالنَّهَارِ) أَيْ فَلَا يُطَالَبُ بِخِدْمَةِ النَّهَارِ وَيَلْزَمُهُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ أُجْرَةِ خِدْمَةِ اللَّيْلِ (قَوْلُهُ: وَالنَّفَقَةُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءً كَانَتْ قَدْرَ الْأُجْرَةِ أَوْ زَادَتْ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: مَا يَفِي بِالْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ الْمُؤَنِ السَّابِقَةِ وَاللَّاحِقَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إلَى وَقْتِ الْمُطَالَبَةِ) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّ الِاسْتِخْدَامَ أَوْ الْحَبْسَ بَاقٍ بِقَرِينَةِ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: كَالنَّهَارِ) أَيْ فَيَلْزَمُهُ هُنَا الْأَقَلُّ أَيْضًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ مُطْلَقِ كَوْنِ اللَّيْلِ فِي حَقِّهِ كَالنَّهَارِ وَإِنْ كَانَ مَا مَرَّ فِي تَخْلِيَتِهِ لِلِاسْتِمْتَاعِ وَهُنَا فِي لُزُومِ الْأَقَلِّ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: وَفِي اسْتِخْدَامِ لَيْلٍ لَا يُعَطِّلُ إلَخْ) الْمُرَادُ أَنَّهُ كَانَ عَمَلُهُ لَيْلًا يُعَطِّلُ شُغْلَهُ نَهَارًا يَلْزَمُهُ الْأَقَلُّ الْمَذْكُورُ. وَإِنْ كَانَ عَمَلُهُ الْمُعْتَادُ نَهَارً. اهـ. كَذَا ظَهَرَ فَلْيُرَاجَعْ

صَحِيحَةً سَوَاءً مَحْرَمُهُ وَغَيْرُهَا (اسْتَخْدَمَهَا) بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ، أَمَّا هُوَ فَلِأَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ نَظَرُ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَالْخَلْوَةُ بِهَا، وَأَمَّا نَائِبُهُ الْأَجْنَبِيُّ فَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الِاسْتِخْدَامِ نَظَرٌ وَلَا خَلْوَةُ (نَهَارٍ) أَوْ آجَرَهَا إنْ شَاءَ لِبَقَاءِ مِلْكِهِ وَهُوَ لَمْ يَنْقُلْ لِلزَّوْجِ إلَّا مَنْفَعَةَ الِاسْتِمْتَاعِ خَاصَّةً (وَسَلَّمَهَا لِلزَّوْجِ لَيْلًا) لِأَنَّهُ يَمْلِكُ مَنْفَعَتَيْ اسْتِخْدَامِهَا وَالتَّمَتُّعِ بِهَا، وَقَدْ نَقَلَ الثَّانِيَةَ لِلزَّوْجِ فَتَبْقَى لَهُ الْأُخْرَى يَسْتَوْفِيهَا فِي النَّهَارِ دُونَ اللَّيْلِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الِاسْتِرَاحَةِ وَالِاسْتِمْتَاعِ، أَمَّا الْمُكَاتَبَةُ فَلَيْسَ لَهُ اسْتِخْدَامُهَا لِأَنَّهَا مَالِكَةٌ لِأَمْرِهَا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: وَالْقِيَاسُ فِي الْمُبَعَّضَةِ أَنَّهُ إنْ كَانَ ثَمَّ مُهَايَأَةٌ فَهِيَ فِي نَوْبَتِهَا كَالْحُرَّةِ وَفِي نَوْبَةِ سَيِّدِهَا كَالْقِنَّةِ وَإِلَّا فَكَالْقِنَّةِ، وَمُرَادُهُ بِاللَّيْلِ وَقْتُ فَرَاغِهَا مِنْ الْخِدْمَةِ عَادَةً، فَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْبُوَيْطِيِّ: إنَّ وَقْتَ أَخْذِهَا مَضَى ثُلُثُ اللَّيْلِ تَقْرِيبٌ وَإِنْ كَانَتْ مُحْتَرِفَةً (وَلَا نَفَقَةَ) وَلَا كِسْوَةَ (عَلَى الزَّوْجِ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ اسْتِخْدَامِهَا (فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ التَّسْلِيمِ وَالتَّمْكِينِ التَّامِّ. وَالثَّانِي تَجِبُ لِوُجُودِ التَّسْلِيمِ الْوَاجِبِ. وَالثَّالِثُ يَجِبُ شَطْرُهَا تَوْزِيعًا لَهَا عَلَى الزَّمَانِ فَلَوْ سَلَّمَهَا لَيْلًا وَنَهَارًا وَجَبَتْ قَطْعًا. (وَلَوْ) (أَخْلَى) السَّيِّدُ (فِي دَارِهِ) أَوْ فِي مَحَلِّ غَيْرِهِ (بَيْتًا وَقَالَ لِلزَّوْجِ تَخْلُو بِهَا فِيهِ) (لَمْ يَلْزَمْهُ) ذَلِكَ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْحَيَاءَ وَالْمُرُوءَةَ يَمْنَعَانِهِ مِنْ دُخُولِ ذَلِكَ وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ ذَلِكَ لِتَدُومَ يَدُ السَّيِّدِ عَلَى مِلْكِهِ مَعَ تَمَكُّنِ الزَّوْجِ مِنْ الْوُصُولِ إلَى حَقِّهِ وَعَلَى هَذَا تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ. نَعَمْ لَوْ كَانَ زَوْجُهَا وَلَدَ سَيِّدِهَا وَكَانَ لِأَبِيهِ وِلَايَةُ إسْكَانِهِ لِسَفَهٍ أَوْ مُرُودَةٍ وَخِيفَ عَلَيْهِ مِنْ انْفِرَادِهِ فَيُشْبِهُ أَنَّ لِلسَّيِّدِ ذَلِكَ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى الْمُعَلَّلِ بِهِ فِي حَقِّ وَلَدِهِ مَعَ ضَمِيمَةِ عَدَمِ الِاسْتِقْلَالِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: سَوَاءٌ مَحْرَمُهُ وَغَيْرُهَا) إنَّمَا نَصَّ عَلَى غَيْرِ الْمَحْرَمِ لِأَنَّهُ قَدْ يُتَوَهَّمُ عَدَمُ جَوَازِ اسْتِخْدَامِهَا خَوْفًا مِنْ أَنْ يُؤَدِّيَ ذَلِكَ إلَى الْخَلْوَةِ بِهَا أَوْ نَحْوِهَا (قَوْلُهُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ الِاسْتِخْدَامِ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ كَوْنُ النَّائِبِ ذَكَرًا (قَوْلُهُ أَمَّا الْمُكَاتَبَةُ) أَيْ كِتَابَةً صَحِيحَةً (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَكَالْقِنَّةِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةً، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَسْتَخْدِمُهَا وَلَوْ لَيْلًا وَنَهَارًا وَلَا يَلْزَمُهُ لَهَا شَيْءٌ فِي مُقَابَلَةِ جُزْءِ الْحُرِّيَّةِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهَا لَمَّا لَمْ تُطْلَبْ الْمُهَايَأَةُ مَعَ إمْكَانِهَا أَسْقَطَتْ حَقَّهَا مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِجُزْئِهَا الْحُرِّ. [فَرْعٌ] حَبَسَ الزَّوْجُ الْأَمَةَ عَنْ السَّيِّدِ لَيْلًا وَنَهَارًا هَلْ تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ وَأُجْرَةُ مِثْلِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: الْقِيَاسُ لُزُومُهُمَا لِأَنَّهُمَا لِسَبَبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَهُمَا التَّسْلِيمُ وَالْفَوَاتُ عَلَى السَّيِّدِ وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ بَعْضِهِمْ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: حِينَ اسْتِخْدَامِهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إنَّمَا يُسْقِطُ مِنْ الْكِسْوَةِ مَا يُقَابِلُ الزَّمَنَ الَّذِي اسْتَخْدَمَهَا فِيهِ فَقَطْ، وَقِيَاسُ مَا فِي النُّشُوزِ أَنْ تَسْقُطَ كِسْوَةُ الْفَصْلِ بِاسْتِخْدَامِ بَعْضِهِ وَلَوْ يَوْمًا، وَالسُّقُوطُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إثْمٍ بَلْ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الِامْتِنَاعِ مِنْ الزَّوْجِ وَأَنَّ نَفَقَةَ الْيَوْمِ تَسْقُطُ بِاسْتِخْدَامِ بَعْضِهِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي نُشُوزِ بَعْضِ الْيَوْمِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحَيَاءَ وَالْمُرُوءَةَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ السَّيِّدُ بَيْتًا بِجِوَارِهِ مُسْتَقِلًّا وَجَبَ عَلَى الزَّوْجِ السُّكْنَى فِيهِ لِانْتِفَاءِ مَا عَلَّلَ بِهِ مِنْ أَنَّ الْمُرُوءَةَ وَالْحَيَاءَ إلَخْ، سِيَّمَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ إذَا بَعُدَ بِهَا سَكَنَ بِالْأُجْرَةِ وَكَانَ الْمَحَلُّ الَّذِي عَيَّنَهُ السَّيِّدُ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِإِيجَارِهِ أَيْضًا وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَسْكُنَ فِيهِ وَيَدْفَعَ الْأُجْرَةَ لِصَاحِبِهِ عَلَى الْعَادَةِ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ) أَيْ الِاخْتِلَاءَ بِهَا فِي بَيْتِ السَّيِّدِ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ: أَيْ حَيْثُ اسْتَخْدَمَهَا السَّيِّدُ وَإِلَّا وَجَبَتْ عَلَيْهِ لِتَسْلِيمِهَا لَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَانَ زَوْجُهَا وَلَدَ سَيِّدِهَا) قَدْ يَخْرُجُ الْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ، وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ تَحْتَ وِلَايَةِ سَيِّدِهَا وَهِيَ شَامِلَةٌ لَهُمَا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ مُرُودَةٍ) أَيْ كَوْنُهُ أَمْرَدَ (قَوْله فَيُشْبِهُ أَنَّ لِلسَّيِّدِ ذَلِكَ) أَيْ وَتَلْزَمُ الْوَلَدَ نَفَقَتُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ مُحْتَرِفَةً) هُوَ قَيْدٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ اسْتَخْدَمَهَا نَهَارًا: أَيْ وَلَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهَا لِلزَّوْجِ حِينَئِذٍ وَإِنْ كَانَتْ مُحْتَرِفَةً وَقَالَ الزَّوْجُ دَعْهَا تَحْتَرِفْ فِي بَيْتِي. وَعِبَارَةُ الْبَهْجَةِ: وَأَخَذَهَا لِلزَّوْجِ لَيْلًا لَا فِي غَيْرٍ وَلَوْ صَاحِبَةَ احْتِرَافِ

وَلَوْ قَالَ لَا أُسْلِمُهَا لِلزَّوْجِ إلَّا نَهَارًا لَمْ يَلْزَمْهُ إجَابَتُهُ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ لُزُومَهَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ مِمَّنْ لَا يَأْوِي إلَى أَهْلِهِ لَيْلًا كَالْحَارِسِ إذْ نَهَارُهُ كَلَيْلِ غَيْرِهِ فَامْتِنَاعُهُ عِنَادٌ، فَلَوْ قَالَ السَّيِّدُ أُسْلِمُهَا لَيْلًا عَلَى عَادَةِ النَّاسِ الْغَالِبَةِ وَطَلَبَ زَوْجُهَا ذَلِكَ نَهَارًا لِرَاحَتِهِ فِيهِ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ إجَابَةُ الزَّوْجِ كَمَا لَوْ أَرَادَ السَّيِّدُ أَنْ يُبْدِلَ عِمَادَ السُّكُونِ الْغَالِبِ وَهُوَ اللَّيْلُ بِالنَّهَارِ فَإِنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ، وَالْأَوْجَهُ مِنْ تَرَدُّدٍ لِلْأَذْرَعِيِّ وُجُوبُ تَسْلِيمِ الْأُمَّةِ لَيْلًا وَنَهَارًا حَيْثُ كَانَتْ لَا كَسْبَ لَهَا وَلَا خِدْمَةَ فِيهَا لِزَمَانَةٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ خَبَلٍ أَوْ غَيْرِهَا، إذْ لَا وَجْهَ لِحَبْسِهَا عِنْدَ السَّيِّدِ بِلَا فَائِدَةٍ. (وَلِلسَّيِّدِ السَّفَرُ بِهَا) وَإِنْ تَضَمَّنَ الْخَلْوَةَ بِهَا وفَوَّتَ التَّمَتُّعَ عَلَى الزَّوْجِ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِرَقَبَتِهَا وَمَنْفَعَتِهَا فَيُقَدِّمُ حَقَّهُ، بِخِلَافِ الزَّوْجِ لَا يَجُوزُ لَهُ الْمُسَافَرَةُ بِهَا مُنْفَرِدًا بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَيْلُولَةِ الْقَوِيَّةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَيِّدِهَا، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْأَمَةَ لَوْ كَانَتْ مُكْتَرَاةً أَوْ مَرْهُونَةً أَوْ مُكَاتَبَةً كِتَابَةً صَحِيحَةً لَمْ يَجُزْ لِسَيِّدِهَا الْمُسَافَرَةَ بِهَا إلَّا بِرِضَا الْمُكْتَرِي وَالْمُرْتَهِنِ وَالْمَكَاتِبِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْجَانِيَةُ الْمُتَعَلِّقُ بِرَقَبَتِهَا مَالٌ كَالْمَرْهُونَةِ، إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ السَّيِّدُ الْفِدَاءَ، وَمِثْلُ ذَلِكَ يَأْتِي فِي سَفَرِ السَّيِّدِ بِعَبْدِهِ الْمُزَوِّجِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ لِذَلِكَ (وَلِلزَّوْجِ صُحْبَتُهَا) فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ وَلَا يُلْزَمُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا، وَلَهُ اسْتِرْدَادُ مَهْرِ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا إنْ لَمْ يُسَافِرْ مَعَهَا، لَكِنَّ مَحَلَّهُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ إذَا سَلَّمَهُ ظَانًّا وُجُوبَ التَّسْلِيمِ عَلَيْهِ، فَإِنْ تَبَرَّعَ بِهِ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ. (وَالْمَذْهَبُ أَنَّ السَّيِّدَ لَوْ قَتَلَهَا أَوْ قَتَلَتْ نَفْسَهَا قَبْلَ دُخُولِ سَقَطَ مَهْرُهَا) الْوَاجِبَ لَهُ لِتَفْوِيتِهِ مَحَلَّهُ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ وَتَفْوِيتُهَا كَتَفْوِيتِهِ سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا أَمْ خَطَأً أَمْ شِبْهَ عَمْدٍ حَتَّى فِي وُقُوعِهَا فِي بِئْرٍ حَفَرَهَا عُدْوَانًا (وَأَنَّ الْحُرَّةَ قَتَلَتْ نَفْسَهَا أَوْ قَتَلَ الْأَمَةَ أَجْنَبِيٌّ أَوْ مَاتَتْ فَلَا) يَسْقُطُ الْمَهْرُ قَبْلَ الدُّخُولِ (كَمَا لَوْ هَلَكَتَا بَعْدَ دُخُولٍ) وَفِي الْأَنْوَارِ لَوْ قَتَلَ السَّيِّدُ زَوْجَ الْأَمَةِ أَوْ قَتَلَتْهُ الْأَمَةُ سَقَطَ مَهْرُهَا، وَلَوْ قَتَلَتْ الْحُرَّةُ زَوْجَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَفِي بَعْضِ شُرُوحِ الْمُخْتَصَرِ أَنَّهُ لَا مَهْرَ لَهَا وَاعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَمَا ذَكَرَ فِي قَتْلِ الْحُرَّةِ هُوَ الْمَنْصُوصُ فِيهَا عَكْسُ الْمَنْصُوصِ السَّابِقِ فِي قَتْلِ السَّيِّدِ أَمَتَهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحُرَّةَ كَالْمُسْلَمَةِ إلَى الزَّوْجِ بِالْعَقْدِ إذْ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ السَّفَرِ، بِخِلَافِ الْأَمَةِ، وَلِلْأَصْحَابِ فِي الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَانِ أَشْهُرُهُمَا فِي كُلٍّ قَوْلَانِ بِالنَّقْلِ وَالتَّخْرِيجِ أَرْجَحُهُمَا الْمَنْصُوصُ فِيهِمَا وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْمَنْصُوصِ فِيهِمَا وَفِي وَجْهٍ أَنَّ قَتْلَ الْأَمَةِ نَفْسَهَا لَا يُسْقِطُ الْمَهْرُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ الْمُسْتَحِقَّةَ لَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ) أَيْ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ الزَّوْجَ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ لُزُومَهَا) أَيْ الْإِجَابَةِ (قَوْلُهُ: مِمَّنْ لَا يَأْوِي إلَى أَهْلِهِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إجَابَةُ الزَّوْجِ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: فَإِنْ كَانَتْ حِرْفَةُ الزَّوْجِ لَيْلًا كَالْحَارِسِ وَالْأَتُونِيّ لَمْ يَلْزَمْ السَّيِّدَ تَسْلِيمُهُ لَهُ نَهَارًا إلَّا إنْ كَانَتْ حِرْفَةُ السَّيِّدِ لَيْلًا أَيْضًا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ انْتَهَى. وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَكَذَا أَيْ الْمُجَابُ الزَّوْجُ لَوْ كَانَ مَحَلَّ رَاحَةِ الزَّوْجِ النَّهَارُ لِكَوْنِهِ حَارِسًا مَثَلًا وَمَحَلَّ اسْتِخْدَامِ السَّيِّدِ النَّهَارُ أَيْضًا فَطَلَبَ الزَّوْجُ تَسْلِيمَهَا نَهَارًا وَجَبَ لِأَنَّ السَّيِّدَ وَرَّطَ نَفْسَهُ بِتَزْوِيجِهَا اهـ. وَهِيَ مُوَافِقَةٌ لِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ بَلْ الْمُجَابُ الزَّوْجُ فَالْغَرَضُ مِنْ قَوْلِهِ كَمَا لَوْ أَرَادَ السَّيِّدُ إلَخْ التَّنْظِيرَ فِي الْحُكْمِ لَا الْقِيَاسِ. (قَوْله لَا يَجُوزُ لَهُ الْمُسَافَرَةُ) أَيْ فَلَوْ خَالَفَ وَسَافَرَ بِهَا بِغَيْرِ إذْنٍ ضَمِنَ ضَمَانَ الْغُصُوبِ لِأَنَّهُ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا بِالسَّفَرِ بِلَا إذْنٍ مِنْ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ لِذَلِكَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَهُ الْمُسَافَرَةُ بِهِ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِلْغَيْرِ وَإِلَّا اشْتَرَطَ رِضَاهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يُلْزَمُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا) أَيْ إذَا صَحِبَهَا مَا لَمْ تُسَلِّمْ لَهُ فِي السَّفَرِ عَلَى الْعَادَةِ. (قَوْلُهُ أَمْ شِبْهَ عَمْدٍ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْقَتْلِ بَيْنَ كَوْنِهِ بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ سَبَبٍ أَوْ شَرْطٍ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا مَهْرَ لَهَا) أَيْ لِأَنَّ التَّفْوِيتَ مِنْ جِهَتِهَا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَا يَتَرَتَّبْ عَلَى قَتْلِهَا لَهُ مِنْ الْقِصَاصِ أَوْ الدِّيَةِ لِعِلْمِهِ مِنْ مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ: وَفِي وَجْهٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَفِي وَجْهٍ أَنَّ قَتْلَ الْأَجْنَبِيِّ لَهَا أَوْ مَوْتَهَا يُسْقِطُ الْمَهْرَ كَفَوَاتِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ السَّيِّدَ يُزَوِّجُ بِالْمِلْكِ. (وَلَوْ بَاعَ مُزَوَّجَةً) قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ (فَالْمَهْرُ) الْمُسَمَّى (لِلْبَائِعِ) وَكَذَا لَوْ لَمْ يُسَمِّ سَوَاءٌ أَكَانَ صَحِيحًا أَمْ فَاسِدًا دَخَلَ بِهَا قَبْلَ الْبَيْعِ أَمْ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ وَجَبَ بِالْعَقْدِ الْوَاقِعِ فِي مِلْكِهِ إلَّا مَا وَجَبَ لِلْمُفَوَّضَةِ بَعْدَ الْبَيْعِ بِفَرْضٍ أَوْ وَطْءٍ أَوْ مَوْتٍ أَوْ بِوَطْءٍ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ فَلِلْمُشْتَرِي كَمُتْعَةِ أَمَةٍ مُفَوَّضَةٍ طَلُقَتْ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقِيلَ الدُّخُولُ وَالْفَرْضُ وَإِنْ عَتَقَتْ أَمَتُهُ الْمُزَوَّجَةُ فَلَهَا مِمَّا ذُكِرَ مَا لِلْمُشْتَرِي وَلِمُعْتَقِهَا مَا لِلْبَائِعِ، وَلَا يَحْبِسُهَا الْبَائِعُ لِلْمَهْرِ وَلَا الْمُشْتَرِي (فَإِنْ) (طَلُقَتْ) بَعْدَ الْبَيْعِ (قَبْلَ دُخُولِ) (فَنِصْفُهُ) الْوَاجِبُ (لَهُ) لِمَا ذُكِرَ. (وَلَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ بِعَبْدِهِ لَمْ يَجِبْ مَهْرٌ) لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ ابْتِدَاءً وَإِنْ دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ بَعْدَ بَيْعٍ أَوْ عِتْقٍ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَوْ قَبْلَهُ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَصْلًا، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُكَاتَبًا كِتَابَةً صَحِيحَةً يَلْزَمُهُ الْمَهْرُ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ مَعَ السَّيِّدِ فِي الْمُعَامَلَةِ كَالْأَجْنَبِيِّ. وَأَمَّا الْمُبَعَّضُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بِقِسْطِ مَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَعْتَقْتُك عَلَى أَنْ تَنْكِحِينِي أَوْ نَحْوِهِ فَقَبِلَتْ فَوْرًا أَوْ قَالَتْ أَعْتِقْنِي عَلَى أَنْ أَنْكِحَك أَوْ نَحْوَهُ فَأَعْتَقَهَا فَوْرًا عَتَقَتْ وَاسْتَحَقَّ عَلَيْهَا قِيمَتَهَا وَقْتَ الْإِعْتَاقِ، نَعَمْ لَوْ كَانَتْ أَمَتُهُ مَجْنُونَةً أَوْ صَغِيرَةً فَأَعْتَقَهَا عَلَى أَنْ يَكُونَ عِتْقَهَا صَدَاقُهَا. قَالَ الدَّارِمِيُّ عَتَقَتْ وَصَارَتْ أَجْنَبِيَّةً يَتَزَوَّجُهَا كَسَائِرِ الْأَجَانِبِ وَلَا قِيمَةَ وَالْوَفَاءُ بِالنِّكَاحِ مِنْهُمَا غَيْرُ لَازِمٍ وَلَوْ مُسْتَوْلَدَةً، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا مُعْتَقُهَا وَأَصْدَقهَا الْعِتْقَ فَسَدَ الصَّدَاقُ لِأَنَّهَا قَدْ عَتَقَتْ أَوْ الْقِيمَةَ صَحَّ وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهَا مِنْهَا إنْ عَلِمَاهَا لَا إنْ جَهِلَاهَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَهَا بِقِيمَةِ عَبْدٍ لَهُ أَتْلَفَتْهُ وَلَوْ قَالَتْ لَهُ امْرَأَةٌ أَعْتِقْ عَبْدَك عَلَى أَنْ أَنْكِحَك أَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي عَلَى أَنْ أُنْكِحَك ابْنَتِي فَفَعَلَ عَتَقَ الْعَبْدُ وَلَمْ يَلْزَمْ الْوَفَاءُ بِالنِّكَاحِ وَوَجَبَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ، وَإِنْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَعْتَقْتُك عَلَى أَنْ تَنْكِحِي زَيْدًا فَقَبِلَتْ وَجَبَتْ الْقِيمَةُ عَلَيْهَا فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ، وَاسْتَظْهَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَاعْتَمَدَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَإِنْ قَالَتْ لِعَبْدِهَا أَعْتَقْتُك عَلَى أَنْ تَتَزَوَّجَنِي عَتَقَ مَجَّانًا وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ أَوْ إنْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنِّي أَنْكِحُك بَعْدَ عِتْقِك فَأَنْتِ حُرَّةٌ وَنَكَحَهَا لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ وَلَمْ تَعْتِقْ لِلدُّورِ كَمَا لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ إنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فَفِي التَّعْبِيرِ بِالْمَذْهَبِ تَغْلِيبٌ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ السَّيِّدَ يُزَوِّجُ بِالْمِلْكِ) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ إلَّا مَا وَجَبَ لِلْمُفَوَّضَةِ) الْأَوْلَى لَا مَا وَجَبَ إلَخْ لِأَنَّ مَا وَجَبَ مِمَّا ذُكِرَ لَمْ يَجِبْ بِالْعَقْدِ أَيْضًا فَمَا وَجَبَ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ لَمْ تَشْمَلْهُ عِبَارَةُ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَتَقَتْ) أَيْ بَعْدَ التَّزْوِيجِ (قَوْلُهُ وَلَا يَحْبِسُهَا الْبَائِعُ) أَيْ لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْ الرَّقَبَةِ وَلَا الْمُشْتَرِي لِأَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ لَمْ يَكُنْ يَمْلِكُهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَهُ) كَتَزَوَّجِينِي (قَوْلُهُ: فَقَبِلَتْ) أَيْ بِأَنْ قَالَتْ قَبِلْت (قَوْلُهُ: عَتَقَتْ) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَاسْتَحَقَّ عَلَيْهَا قِيمَتَهَا) أَيْ وَلَا يَلْزَمُهَا الْوَفَاءُ بِالنِّكَاحِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَانَتْ أَمَتُهُ مَجْنُونَةً) أَوْ سَفِيهَةً فِيمَا يَظْهَرْ اهـ حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ. قَالَ وَقِيَاسُ تَوَقُّفِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِي خُلْعِ السَّفِيهَةِ عَلَى قَبُولِهَا تَوَقَّفَ عِتْقُهَا عَلَيْهِ أَيْضًا اهـ أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُهَا الْمَالُ وَإِنْ عَتَقَتْ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْتِزَامِهَا (قَوْلُهُ: وَالْوَفَاءُ بِالنِّكَاحِ مِنْهُمَا) أَيْ السَّيِّدِ وَالْأَمَةِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَهَا) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ التَّشْبِيهُ رَاجِعًا لِمَا لَوْ جَعَلَ عِتْقَهَا أَوْ قِيمَتَهَا صَدَاقَهَا فَيُقَالُ إنْ كَانَتْ أَتْلَفَتْ الْعَبْدَ قَبْلَ الْعِتْقِ يَجِبُ مَهْرُ مِثْلِهَا لِأَنَّهَا لَمْ يَلْزَمْهَا شَيْءٌ لِلسَّيِّدِ يَكُونُ صَدَاقًا وَإِنْ أَتْلَفَتْهُ بَعْدَ الْعِتْقِ صَحَّ النِّكَاحُ بِالْقِيمَةِ وَبَرَأَتْ مِنْهَا إنْ عَلِمَاهَا وَإِلَّا فَبِمَهْرِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: وَجَبَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ) أَيْ عَلَى الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ (قَوْلُهُ: وَوَجَبَتْ الْقِيمَةُ عَلَيْهَا) أَيْ فِي ذِمَّتِهَا (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) أَيْ النِّكَاحُ (قَوْلُهُ وَلَمْ تَعْتِقْ لِلدُّورِ) أَوْ إنْ يَسَّرَ اللَّهُ بَيْنَنَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَلِلْمُشْتَرِي) أَيْ إنْ وَقَعَ الْوَطْءُ فِي مِلْكِهِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ فَمَنْ وَقَعَ أَحَدُهُمَا: أَيْ الْوَطْءُ أَوْ الْفَرْضُ فِي مِلْكِهِ فَهُوَ الْمُسْتَحِقُّ (قَوْلُهُ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَصْلًا) اُنْظُرْ مَا الدَّاعِي إلَى هَذَا فِي الْغَايَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ إلَخْ)

[كتاب الصداق]

دَخَلَتْ الدَّارَ فَأَنْت حُرَّةٌ قَبْلَهُ بِشَهْرٍ مَثَلًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي الْحَالِ لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ. كِتَابُ الصَّدَاقِ هُوَ بِفَتْحِ الصَّادِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا، وَجَمْعُهُ جَمْعُ قِلَّةٍ أَصْدِقَةٍ وَجَمْعُ كَثْرَةٍ صُدُقٌ، وَيُقَالُ فِيهِ صَدُقَةٌ بِفَتْحٍ فَتَثْلِيثٍ وَبِضَمٍّ أَوْ فَتْحٍ فَسُكُونٍ وَبِضَمِّهِمَا وَجَمْعُهُ صَدُقَاتٌ، وَلَهُ أَسْمَاءُ جَمْعٍ بَعْضُهُمْ ثَمَانِيَةً مِنْهَا فِي قَوْلِهِ: صَدَاقٌ وَمَهْرٌ نِحْلَةٌ وَفَرِيضَةٌ ... حِبَاءٌ وَأَجْرٌ ثُمَّ عَقْرُ عَلَائِقَ وَزَادَ آخَرُ الطُّولَ فِي قَوْلِهِ: مَهْرٌ صَدَاقُ نِحْلَةٌ وَفَرِيضَةٌ ... طُولُ حِبَاءٍ عَقْرٌ أَجْرُ عَلَائِقَ مَا وَجَبَ بِعَقْدِ نِكَاحٍ، وَيَأْتِي أَنَّ الْفَرْضَ فِي التَّفْوِيضِ وَإِنْ كَانَ الْوُجُوبُ بِهِ مُبْتَدَأَ الْعَقْدِ هُوَ الْأَصْلُ فِيهِ أَوْ وَطْءٌ أَوْ تَفْوِيتُ بُضْعٍ قَهْرًا كَرَضَاعٍ وَرُجُوعِ شُهُودٍ، وَهَذَا عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ أَنَّ الْمَعْنَى الشَّرْعِيَّ أَخُصُّ مِنْ اللُّغَوِيِّ إذْ ـــــــــــــــــــــــــــــSنِكَاحًا فَأَنْتِ حُرَّةٌ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ وَإِنْ مَضَى بَعْدَ قَوْلِهِ زَمَنٌ يَسَعُ الْعِتْقَ وَلَمْ تَعْتِقْ لِلدُّورِ لِأَنَّ الْعِتْقَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى صِحَّتِهِ: أَيْ النِّكَاحُ وَهِيَ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ حَالَ الْعَقْدِ شَاكٌّ هَلْ هِيَ حُرَّةٌ أَوْ أَمَةٌ كَمَا لَوْ إلَخْ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ. كِتَابُ الصَّدَاقِ (قَوْلُهُ بِفَتْحِ الصَّادِ) أَيْ شَرْعًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَهَذَا عَلَى إلَخْ (قَوْلُهُ: أَصْدِقَةً) أَيْ كَمَا فِي قَذَالٍ وَأَقْذِلَةٍ، وَيُؤْخَذُ الْجَمْعَانِ الْمَذْكُورَانِ مِنْ قَوْلِ الْأَلْفِيَّةِ: فِي اسْمٍ مُذَكَّرٍ رُبَاعِيٍّ بِمَدْ ... ثَالِثٍ أَفْعِلَةٍ عَنْهُمْ اطَّرَدْ وَقَوْلُهَا: أَوْ فِعْلٍ لِاسْمٍ رُبَاعِيٍّ بِمَدْ ... قَدْ زِيدَ قَبْلَ لَامِ إعْلَالًا فُقِدْ إلَخْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: بِفَتْحٍ) أَيْ لِلصَّادِ وَقَوْلُهُ فَتَثْلِيثٌ أَيْ لِلدَّالِ، وَقَوْلُهُ وَبِضَمٍّ: أَيْ لِلصَّادِ (قَوْلُهُ وَجَمْعُهُ صَدُقَاتٍ) أَيْ جَمِيعُ اللُّغَاتِ فِيمَا لَحِقَتْهُ الْهَاءُ مِمَّا ذُكِرَ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلَهُ وَجَمْعُهُ صَدُقَاتٍ: أَيْ بِالْوُجُوهِ السَّابِقَةِ فِيهِ فَإِنَّ جَمْعَ السَّلَامَةِ تَابِعٌ لِمُفْرَدِهِ (قَوْلُهُ: وَزَادَ آخِرَ الطُّولِ) أَيْ وَزَادَ آخِرَ الطُّولِ وَالنِّكَاحُ وَالْخَرَسُ عَلَى الثَّمَانِيَةِ الْأُولَى فَقَالَ: وَطُولُ نِكَاحٍ ثُمَّ خَرِسَ تَمَامُهَا ... فَفَرْدٌ وَعُشْرٌ عَدَّ ذَاكَ مُوَافِقٌ (قَوْلُهُ: أَوْ وَطْءٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِعَقْدِ نِكَاحٍ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْمَعْنَى الشَّرْعِيَّ أَخَصُّ) أَيْ وَيَكُونُ قَوْلُهُمْ فِي تَوْجِيهِ تَسْمِيَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذَا التَّشْبِيهُ لِشَيْءٍ مَحْذُوفٍ فِي الشَّرْحِ وَهُوَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَهُوَ قَوْلُهُ بَعْدَ تَقْرِيرِ الدَّوْرِ؛ لِأَنَّهُ حَالَ الْعَقْدِ شَاكٌّ هَلْ هِيَ حُرَّةٌ أَوْ أَمَةٌ، ثُمَّ قَالَ كَمَا لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ إلَخْ. [كِتَابُ الصَّدَاقِ] ِ (قَوْلُهُ: مَا وَجَبَ) هُوَ خَبَرُ هُوَ الْمَارُّ (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِيهِ) أَيْ الْفَرْضِ أَوْ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ الْمُشْتَقَّ مِنْ الصِّدْقِ لَا يُنَاسِبُ إلَّا مَا بَذَلَ فِي النِّكَاحِ فَقَطْ

هُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ الصِّدْقِ لِإِشْعَارِهِ بِصِدْقِ رَغْبَةِ بَاذِلِهِ فِي النِّكَاحِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ فِي إيجَابِهِ، وَيُرَادِفُهُ الْمَهْرُ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْأَصْلُ فِيهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ (تُسَنُّ تَسْمِيَتُهُ فِي الْعَقْدِ) " لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَخْلُ نِكَاحًا مِنْهُ " وَلِئَلَّا يُشْبِهَ نِكَاحَ الْوَاهِبَةِ نَفْسَهَا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلِأَنَّهُ أَدْفَعُ لِلْخُصُومَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِأَنَّ الْغَرَضَ الْأَعْظَمَ الِاسْتِمْتَاعُ وَلَوَاحِقُهُ وَذَلِكَ يَقُومُ بِالزَّوْجَيْنِ فَهُمَا كَالرُّكْنِ. نَعَمْ لَوْ زَوَّجَ عَبْدَهُ بِأَمَتِهِ لَا يُسْتَحَبُّ ذِكْرُهُ فِي الْجَدِيدِ إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ، كَذَا فِي الْمَطْلَبِ وَالْكِفَايَةِ وَفِي نُسَخِ الْعَزِيزِ الْمُعْتَمَدَةِ وَفِي بَعْضِ نُسَخِهِ، وَالرَّوْضَةُ أَنَّ الْجَدِيدَ الِاسْتِحْبَابُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ، وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَنْقُصَ فِي الْعَقْدِ عَنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فِضَّةً خَالِصَةً لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا يُجَوِّزُ أَقَلَّ مِنْهَا وَتَرَكَ الْمُغَالَاةَ فِيهِ، وَأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ فِضَّةٍ خَالِصَةٍ. أَصْدِقَةُ أَزْوَاجِهِ مَا سِوَى أُمِّ حَبِيبَةَ وَبَنَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنْ يَكُونَ مِنْ الْفِضَّةِ لِلِاتِّبَاعِ، وَصَحَّ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي خُطْبَتِهِ: لَا تُغَالُوا بِصُدُقِ النِّسَاءِ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا أَوْ تَقْوَى عِنْدَ اللَّهِ كَانَ أَوْلَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَيَجُوزُ إخْلَاؤُهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ تَسْمِيَتِهِ إجْمَاعًا لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمَا. نَعَمْ لَوْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ وَرَضِيَتْ رَشِيدَةٌ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلٍ وَجَبَتْ تَسْمِيَتُهُ، أَوْ كَانَتْ مَحْجُورَةً أَوْ مَمْلُوكَةً لِمَحْجُورٍ وَرَضِيَ الزَّوْجُ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَجَبَتْ تَسْمِيَتُهُ. (وَمَا صَحَّ مَبِيعًا) بِأَنْ وُجِدَتْ فِيهِ شُرُوطُهُ السَّابِقَةُ (صَحَّ صَدَاقًا) فَتَلْغُو تَسْمِيَةُ غَيْرِ مُتَمَوِّلٍ وَمَا لَا يُقَابَلُ بِمُتَوَلٍّ كَنَوَاةٍ وَتَرْكِ شُفْعَةٍ وَحَدِّ قَذْفٍ وَتَسْمِيَةِ جَوْهَرَةٍ فِي الذِّمَّةِ لِمَا مَرَّ مِنْ امْتِنَاعِ السَّلَمِ فِيهَا، بِخِلَافِ الْمُعَيَّنَةِ لِصِحَّةِ بَيْعِهَا أَوْ دَيْنٍ عَلَى غَيْرِهَا بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ فِي الْكِتَابِ، فَعَلَى مُقَابِلِهِ الْأَصَحُّ يَجُوزُ ـــــــــــــــــــــــــــــSصَدَاقًا لِإِشْعَارِهِ بِصِدْقِ رَغْبَةِ بَاذِلِهِ فِي النِّكَاحِ يَقْتَضِي اخْتِصَاصَهُ بِمَا يَذْكُرُ فِي الْعَقْدِ فَلَا يَشْمَلُ مَا وَجَبَ بِتَفْوِيتِ الْبُضْعِ قَهْرًا وَمَا وَجَبَ بِوَطْءِ الشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ: وَيُرَادِفُهُ) أَيْ الصَّدَاقُ (قَوْلُهُ: نِكَاحُ الْوَاهِبَةِ نَفْسَهَا) أَيْ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ فَهُمَا كَالرُّكْنِ) أَيْ وَالرُّكْنُ مَتَى وُجِدَ وُجِدَتْ مَاهِيَّةُ الشَّيْءِ فَعَدَمُ ذِكْرِ الْمَهْرِ لَا يُنَافِي وُجُودَ الْمَاهِيَّةِ بِدُونِهِ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ الْمَقْصُودُ بِالرُّكْنِيَّةِ ذَاتَ الزَّوْجِ مِنْ حَيْثُ هِيَ بَلْ مِنْ حَيْثُ اتِّصَافُهُ بِالزَّوْجِيَّةِ وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ إلَّا بِالصِّيغَةِ جُعِلَتْ رُكْنًا أَيْضًا كَالزَّوْجَيْنِ (قَوْلُهُ: وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ) أَيْ قَوْلُهُ لَا يُسْتَحَبُّ ذِكْرُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِحَجِّ (قَوْلُهُ: عَنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ) وَهِيَ تُسَاوَى الْآنَ نَحْوَ خَمْسِينَ نِصْفِ فِضَّةٍ (قَوْله مَا سِوَى أُمِّ حَبِيبَةٍ) وَأَمَّا صَدَاقُ أُمِّ حَبِيبَةَ بِأَرْبَعِمِائَةِ دِينَارٍ فَكَانَ مِنْ النَّجَاشِيِّ إكْرَامًا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَدْخُلَ بِهَا حَتَّى يَدْفَعَ لَهَا مِنْهُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ. اهـ شَرْحُ رَوْضٍ (قَوْلُهُ: وَبَنَاتِهِ) عَطْفٌ عَلَى أَزْوَاجِهِ (قَوْلُهُ: لَا تُغَالُوا بِصُدُقِ النِّسَاءِ) أَيْ بِأَنْ تُشَدِّدُوا عَلَى الْأَزْوَاجِ بِطَلَبِ الزِّيَادَةِ عَلَى مُهُورِ أَمْثَالِهِنَّ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ) أَيْ هَذِهِ الْخَصْلَةُ (قَوْلُهُ وَجَبَ تَسْمِيَتُهُ) أَيْ فَلَوْ خَالَفَ أَثِمَ وَصَحَّ الْعَقْدُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: وَجَبَتْ تَسْمِيَتُهُ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يُسَمِّ أَثِمَ وَصَحَّ كَالَّتِي قَبْلَهَا. (قَوْلُهُ: وَدَيْنٌ عَلَى غَيْرِهَا) مَفْهُومُهُ أَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَيْهَا لَمْ يَصِحَّ بِهِ قَطْعًا، وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا نَصُّهُ: نَعَمْ يَرُدُّ الدَّيْنَ عَلَى غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ مِمَّنْ عَلَيْهِ وَلَا يَصِحُّ جَعْلُهُ صَدَاقًا عَمِيرَةُ اهـ: أَيْ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِهِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، أَمَّا عَلَى مُقَابِلِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَيَصِحُّ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ بِنَاءً عَلَى إلَخْ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ يَرُدُّ بَيْعِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ مُوَافِقٌ لِمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الشَّارِحِ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ جَعْلُ الدَّيْنِ الَّذِي لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا صَدَاقًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَمْ يُخْلِ نِكَاحًا مِنْهُ) أَيْ وَأَمَّا الْوَاهِبَةُ نَفْسُهَا فَلَمْ يُوَقِّعْ لَهَا نِكَاحًا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ) عِبَارَةُ الْقُوتِ: وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْأَظْهَرُ مِنْ النِّكَاحِ الِاسْتِمْتَاعُ فَكَانَ رُكْنَهُ الزَّوْجَانِ دُونَ الصَّدَاقِ (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ أَقَلُّ مِنْهَا) لَعَلَّهُ إذَا ذَكَرَ الْمَهْرَ فِي الْعَقْدِ، وَإِلَّا فَسَيَأْتِي حِكَايَةُ إجْمَاعٍ عَلَى جَوَازِ إخْلَاءِ الْعَقْدِ مِنْهُ

بِشُرُوطِهِ السَّابِقَةِ، وَلَوْ عَقَدَ بِنَقْدٍ ثُمَّ تَغَيَّرَتْ الْمُعَامَلَةُ وَجَبَ هُنَا وَفِي الْمَبِيعِ وَغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ مَا وَقَعَ الْعَقْدُ بِهِ زَادَ سُعْرُهُ أَوْ نَقَصَ أَوْ عَزَّ وُجُودُهُ، فَإِنْ فَقَدَ وَلَهُ مِثْلٌ وَجَبَ وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ بِبَلَدِ الْعَقْدِ وَقْتَ الْمُطَالَبَةِ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. نَعَمْ يَمْتَنِعُ جَعْلُ رَقَبَةِ الْعَبْدِ صَدَاقًا لِزَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ، بَلْ يَبْطُلُ النِّكَاحُ لِلتَّضَادِّ بَيْنَهُمَا كَمَا مَرَّ وَأَحَدُ أَبَوَيْ الصَّغِيرَةِ صَدَاقًا لَهَا وَجَعْلُ الْأَبِ أُمَّ ابْنِهِ صَدَاقًا لِابْنِهِ وَلَا يَرِدُ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِصِحَّةِ إصْدَاقِهَا فِي الْجُمْلَةِ، وَالْمَنْعُ هُنَا لِعَارِضٍ هُوَ كَوْنُهُ يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ الصَّدَاقِ رَفْعُهُ. نَعَمْ يَرِدُ عَلَى عَكْسِهِ صِحَّةُ إصْدَاقِهَا مَا لَزِمَهَا مِنْ قَوَدٍ مَعَ عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِهِ وَاسْتِثْنَاءٍ مَا لَوْ جَعَلَ ثَوْبًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ صَدَاقًا لِتَعَلُّقِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بِهِ مِنْ وُجُوبِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ بِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ، لِأَنَّهُ إنْ تَعَيَّنَ السِّتْرُ بِهِ امْتَنَعَ بَيْعُهُ وَصِحَّةُ إصْدَاقِهِ وَإِلَّا صَحَّ كُلٌّ مِنْهُمَا. (وَإِذَا) (أَصْدَقَهَا عَيْنًا) يُمْكِنُ تَقْوِيمُهَا كَعَبْدٍ مَوْصُوفٍ (فَتَلِفَتْ) تِلْكَ الْعَيْنُ (فِي يَدِهِ) قَبْلَ الْقَبْضِ (ضَمِنَهَا) وَإِنْ عَرَضَهَا عَلَيْهَا وَامْتَنَعَتْ مِنْ قَبْضِهَا (ضَمَانُ عَقْدٍ) لِأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ بِعَقْدِ مُعَاوَضَةٍ كَالْمَبِيعِ بِيَدِ بَائِعِهِ فَيَضْمَنُهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا يَأْتِي إذْ ضَمَانُ الْعَقْدِ هُوَ وُجُوبُ الْمُقَابِلِ الَّذِي وَقَعَ الْعَقْدُ بِهِ (وَفِي قَوْلٍ ضَمَانُ يَدٍ) كَالْمُسْتَامِ لِبَقَاءِ النِّكَاحِ فَيَضْمَنُ الْمِثْلِيَّ بِمِثْلِهِ وَالْمُتَقَوِّمَ بِقِيمَتِهِ (ف) عَلَى الْأَوَّلِ (لَيْسَ لَهَا بَيْعُهُ) أَيْ الْمُعَيَّنِ وَلَا التَّصَرُّفُ فِيهِ (قَبْلَ قَبْضِهِ وَيَصِحُّ) التَّقَابُلُ فِيهِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَلَهَا الِاعْتِيَاضُ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ كَالْمَبِيعِ نَعَمْ تَعْلِيمُ الصَّنْعَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَهَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ بِبَلَدِ الْعَقْدِ) يَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ الصَّدَاقُ مُعَيَّنًا فِي الْعَقْدِ فَلَا مَعْنَى لِفَقْدِهِ إلَّا تَلَفَهُ، وَالْمُعَيَّنُ إذَا تَلِفَ لَا يَجِبُ مِثْلُهُ وَلَا قِيمَتُهُ بَلْ مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ فَلَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ وَجَبَ مَهْرُ مِثْلٍ وَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ لَمْ يُتَصَوَّرْ فَقْدُهُ إلَّا بِانْقِطَاعِ نَوْعِهِ، إذْ التَّلَفُ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا لِلْمُعَيَّنِ، وَإِذَا انْقَطَعَ نَوْعُهُ لَمْ يُتَصَوَّرْ لَهُ مِثْلُ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِاخْتِيَارِ الشِّقِّ الثَّانِي وَيُرَادُ مِثْلُهُ مِنْ جِنْسِهِ وَتَجِبُ مَعَهُ قِيمَةُ الصَّنْعَةِ مَثَلًا إذَا كَانَ الْمُسَمَّى فُلُوسًا وَفُقِدَتْ يَجِبُ مِثْلُهَا نُحَاسًا وَقِيمَةُ صَنْعَتِهَا أَوْ بِاخْتِيَارِ الْأَوَّلِ لَكِنْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الصَّدَاقَ الْمُعَيَّنَ مَضْمُونٌ ضَمَانَ يَدٍ (قَوْلُهُ: صَدَاقًا لِزَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ) صُورَةٌ أَوْلَى، وَقَوْلُهُ وَأَحَدُ أَبَوَيْ الصَّغِيرَةِ صُورَتَانِ، وَقَوْلُهُ وَجَعَلَ الْأَبُ أُمَّ ابْنَةٍ إلَخْ صُورَةٌ رَابِعَةٌ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَجَعَلَ الْأَبُ أُمَّ ابْنِهِ إلَخْ) وَصُورَتُهَا أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَةً بِشُرُوطِهَا وَتَلِدَ مِنْهُ وَلَدًا ثُمَّ يَمْلِكَهَا وَوَلَدَهَا فَيَعْتِقَ الْوَلَدُ عَلَيْهِ ثُمَّ يُرِيدَ تَزْوِيجَهُ وَجَعْلَ أُمِّهِ صَدَاقًا لَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ ذَلِكَ عَلَيْهِ) عِبَارَةُ حَجّ هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ عَلَيْهِ إلَخْ (قَوْله مَا لَزِمَهَا) أَيْ أَوْ قِنَّهَا. (قَوْلُهُ: كَعَبْدٍ مَوْصُوفٍ) أَيْ مَعْلُومٍ بِأَنْ شُوهِدَ بَعْدَ التَّعْيِينِ وَضُبِطَتْ صِفَتُهُ. قَالَ حَجّ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ تَعَذَّرَ: أَيْ الْمِثْلُ وَالْقِيمَةُ كَقِنٍّ أَوْ ثَوْبٍ غَيْرِ مَوْصُوفٍ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ قَطْعًا اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: كَأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ الْقِنَّ أَوْ الثَّوْبَ عَيْنٌ فِي الْعَقْدِ بِالْمُشَاهَدَةِ ثُمَّ تَلِفَ قَبْلَ ضَبْطِ صِفَتِهِ بِحَيْثُ يُمْكِنُ تَقْوِيمُهُ وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ وَصْفٌ وَإِلَّا فَلَا يُتَصَوَّرُ تَلَفُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ كَانَ مُعَيَّنًا مَجْهُولًا كَانَ الْوَاجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ بِالْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يَتْلَفْ اهـ (قَوْلُهُ: وَالْمُتَقَوِّمُ بِقِيمَتِهِ) الْمُتَبَادَرُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ قِيمَةُ يَوْمِ التَّلَفِ لَا أَقْصَى الْقِيَمِ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنُ) أَيْ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ كَالْبَيْعِ) يَشْكُلُ عَلَيْهِ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ أَنَّ الْمَبِيعَ إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ لِأَنَّهُ مُثَمَّنٌ (قَوْله نَعَمْ تَعْلِيمُ الصَّنْعَةِ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فُقِدَ وَلَهُ مِثْلٌ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ (قَوْلُهُ: أَمْ ابْنَهُ) كَأَنْ وَلَدَتْهُ مِنْهُ وَهِيَ فِي غَيْرِ مِلْكِهَا بِنِكَاحٍ ثُمَّ مَلَكَهَا إذْ لَوْ صَحَّ لَمَلَكَهَا ابْنُهَا فَتَعْتِقُ عَلَيْهِ فَيَمْتَنِعُ انْتِقَالُهَا لِلْمَرْأَةِ : (قَوْلُهُ يُمْكِنُ تَقْوِيمُهَا) يَعْنِي يُمْكِنُ أَنْ تُقَوَّمَ لَوْ تَلِفَتْ لِتَتَأَتَّى فِيهَا الْأَحْكَامُ الْآتِيَةُ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا الضَّمَانُ بِالْقِيمَةِ احْتِرَازًا عَمَّا لَا يُمْكِنُ فِيهِ ذَلِكَ كَغَيْرِ الْمُنْضَبِطِ فَلَا يَأْتِي فِيهِ جَمِيعُ مَا يَأْتِي، فَالشَّارِحُ وَطَّأَ بِهَذَا لِتَجْرِيَ فِيهِ جَمِيعُ الْأَحْكَامِ، وَمِثْلُهُ الْعَبْدُ الْمَوْصُوفُ فَقَوْلُهُ الْمَوْصُوفُ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ إذْ الْمُرَادُ مَا يُمْكِنُ وَصْفُهُ لَوْ تَلِفَ كَالْعَبْدِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: كَالْمَبِيعِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ كَالثَّمَنِ

لَا يُعْتَاضُ عَنْهُ كَالْمُسَلَّمِ فِيهِ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّاهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ مَرْدُودٌ فَقَدْ أَجَابَ عَنْهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ امْتِنَاعَ الِاعْتِيَاضِ عَنْ ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى الْمُسَلَّمِ فِيهِ لَا يَقْتَضِي وُجُوبَ تَسْلِيمِهَا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ، وَفَارَقَ جَوَازَهُ فِي غَيْرِهِ مِنْ الدَّيْنِ بِشِدَّةِ الضَّعْفِ فِيهِ دُونَهُ كَمَا لَا يَخْفَى، فَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي لَيْسَ بِضَعِيفٍ لِأَنَّ الصَّنْعَةَ مُنَزَّلَةٌ مَنْزِلَةَ الْمَبِيعِ فَكَأَنَّهُ بَاعَ عَرَضًا بِعَرَضٍ وَلَا ثَمَنَ حِينَئِذٍ كَمَا هُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي الْبَيْعِ (وَلَوْ تَلِفَتْ) عَلَى الْأَوَّلِ كَمَا أَفَادَهُ التَّفْرِيعُ (فِي يَدِهِ) قَدْرَ مِلْكٍ لَهُ قُبَيْلَ التَّلَفِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَيَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ نَقْلِهِ وَتَجْهِيزِهِ وَ (وَجَبَ مَهْرُ مِثْلٍ) لِبَقَاءِ النِّكَاحِ وَالْبُضْعِ كَالتَّلَفِ فَيَرْجِعُ لِبَدَلِهِ وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ رَدَّ الْمَبِيعَ وَالثَّمَنُ تَالِفٌ يَجِبُ بَدَلُهُ (وَإِنْ أَتْلَفَتْهُ) الزَّوْجَةُ، وَهِيَ رَشِيدَةٌ لِغَيْرِ نَحْوِ صِيَالٍ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ (فَقَابِضَةٌ) لَحَقِّهَا عَلَيْهِمَا وَيَبْرَأُ مِنْهُ الزَّوْجُ (وَإِنْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ) أَهْلٌ لِلضَّمَانِ (تَخَيَّرَتْ عَلَى الْمَذْهَبِ) بَيْنَ فَسْخِ الصَّدَاقِ وَإِبْقَائِهِ كَنَظِيرِهِ ثُمَّ (فَإِنْ فَسَخَتْ الصَّدَاقَ أَخَذَتْ مِنْ الزَّوْجِ مَهْرَ مِثْلٍ) عَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُتْلِفِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَفْسَخْهُ (غَرِمَتْ الْمُتْلِفَ) بِكَسْرِ اللَّامِ مِثْلُهُ فِي الْمِثْلِيِّ وَقِيمَتُهُ فِي الْمُتَقَوِّمِ وَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ (وَإِنْ أَتْلَفَهُ الزَّوْجُ فَكَتَلَفِهِ) بِآفَةٍ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ إتْلَافَ الْبَائِعِ كَذَلِكَ فَيَنْفَسِخُ الصَّدَاقُ وَتَرْجِعُ هِيَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ (وَقِيلَ كَأَجْنَبِيٍّ) فَتَتَخَيَّرُ. (وَلَوْ) (أَصْدَقَ عَبْدَيْنِ) مَثَلًا (فَتَلِفَ عَبْدٌ) بِآفَةٍ أَوْ إتْلَافِ الزَّوْجِ (قَبْلَ قَبْضِهِ) (انْفَسَخَ) عَقْدُ الصَّدَاقِ (فِيهِ لَا فِي الْبَاقِي عَلَى الْمَذْهَبِ) تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ فِي الدَّوَامِ (وَلَهَا الْخِيَارُ فِيهِ) لِتَلَفِ بَعْضِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ (فَإِنْ فَسَخَتْ فَمَهْرُ مِثْلٍ) عَلَى الْأَوَّلِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَجَازَتْ (ف) لَهَا (حِصَّةٌ) أَيْ قِسْطُ قِيمَةِ (التَّالِفِ مِنْهُ) أَيْ مَهْرِ الْمِثْلِ، فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ ثُلُثَ مَجْمُوعِ قِيمَتِهِمَا فَلَهَا ثُلُثُ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَإِنْ أَتْلَفَتْهُ فَقَابِضَةٌ لِقِسْطِهِ مِنْ الصَّدَاقِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ تَخَيَّرَتْ كَمَا مَرَّ. (وَلَوْ تَعَيَّبَ قَبْلَ قَبْضِهِ) بِغَيْرِ فِعْلِهَا كَعَمَى الْقِنِّ (تَخَيَّرَتْ عَلَى الْمَذْهَبِ، فَإِنْ فَسَخَتْ) عَقْدَ الصَّدَاقِ (فَمَهْرُ مِثْلٍ) يَلْزَمُ الزَّوْجَ لَهَا عَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ يَرْجِعُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ الْمَعِيبِ بِمُوجِبِ جِنَايَتِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَجَازَتْ (فَلَا شَيْءَ لَهَا) غَيْرَ الْمَعِيبِ كَالْمُشْتَرِي، نَعَمْ لَوْ كَانَ الْمَعِيبُ أَجْنَبِيًّا فَلَهَا عَلَيْهِ الْأَرْشُ وَالزَّوَائِدُ فِي يَدِ الزَّوْجِ أَمَانَةٌ فَلَا يَضْمَنُهَا إلَّا إنْ امْتَنَعَ مِنْ التَّسْلِيمِ. (وَالْمَنَافِعُ الْفَائِتَةُ فِي يَدِ الزَّوْجِ لَا يَضْمَنُهَا وَإِنْ طَلَبَتْ) مِنْهُ الزَّوْجَةُ (التَّسْلِيمَ فَامْتَنَعَ عَلَى ضَمَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَجْعُولَةِ صَدَاقًا لَهَا (قَوْلُهُ: لَا يُعْتَاضُ عَنْهُ) أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعْلِيمِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) فَلَوْ تَنَازَعَا فِي التَّسْلِيمِ فَقَالَ هُوَ: لَا أَعْلَمُ. وَقَالَتْ هِيَ بِالْعَكْسِ فَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي فَلَوْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ نَحْوِ قُرْآنٍ وَطَلَبَ كُلٌّ التَّسْلِيمَ إلَخْ أَنْ يُقَالَ بِمِثْلِهِ هُنَا (قَوْلُهُ وَفَارَقَ) أَيْ عَدَمَ جَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ التَّعْلِيمِ (قَوْله بِشِدَّةِ الضَّعْفِ فِيهِ) أَيْ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: فَكَأَنَّهُ) أَيْ فِيمَا لَوْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ قُرْآنٍ (قَوْلُهُ: بَاعَ عَرَضًا) أَيْ بُضْعًا وَقَوْلُهُ بِعَرَضٍ أَيْ تَعْلِيمٍ (قَوْله فَيَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ قِنِّهِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ غَيْرَ آدَمِيٍّ أَمَّا الْآدَمِيُّ فَيَجِبُ تَجْهِيزُهُ (قَوْلُهُ: وَتَجْهِيزُهُ) أَيْ حَيْثُ كَانَ مُحْتَرِفًا (قَوْلُهُ: وَهِيَ رَشِيدَةٌ) لَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ مُحْتَرِزِهِ وَهُوَ السَّفِيهُ، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا يَضْمَنُهُ بِبَدَلِهِ أَوْ يَلْزَمُهُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَا تَكُونُ قَابِضَةً بِالْإِتْلَافِ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَبْضُهَا، وَقَوْلُهُ لِنَحْوِ غَيْرِ صِيَالٍ اُحْتُرِزَ بِهِ مِنْ إتْلَافِهِ لِصِيَالِهِ فَلَا ضَمَانَ وَيَلْزَمُ الزَّوْجَ مَهْرُ الْمِثْلِ اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ قِيمَةُ التَّالِفِ) اعْتِبَارُ الْقِيمَةِ وَاضِحٌ فِي الْعَبْدَيْنِ وَنَحْوِهِمَا، أَمَّا الْمِثْلُ كَقَفِيزَيْ بُرٍّ تَلِفَ أَحَدُهُمَا فَالْقِيَاسُ التَّوْزِيعُ بِاعْتِبَارِ الْمِقْدَارِ لَا الْقِيمَةِ، وَيَرْجِعُ فِي الْقِيمَةِ لِأَرْبَابِ الْخِبْرَةِ، فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ ذَلِكَ إمَّا لِفَقْدِهِمْ أَوْ لِعَدَمِ رُؤْيَةِ أَرْبَابِ الْخِبْرَةِ لَهُ صَدَقَ الْغَارِمُ. (قَوْلُهُ وَالزَّوَائِدُ) أَيْ الْمُنْفَصِلَةُ. (قَوْلُهُ وَإِنْ طَلَبَتْ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ فَامْتَنَعَ) أَيْ بِنَاءً ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ إلَخْ) الِاعْتِرَاضُ لِلْبُلْقِينِيِّ، وَصُورَتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَالْمُسَلَّمِ فِيهِ لَاعْتُبِرَ تَسْلِيمُ الزَّوْجَةِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الصَّنْعَةَ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ

الْعَقْدِ) كَمَا لَوْ اتَّفَقَ ذَلِكَ مِنْ الْبَائِعِ، فَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ وَالصَّوَابُ عِنْدَ الِامْتِنَاعِ مِنْ التَّسْلِيمِ التَّضْمِينُ مَمْنُوعٌ، وَأَمَّا عَلَى ضَمَانِ الْيَدِ فَيَضْمَنُهَا مِنْ وَقْتِ الِامْتِنَاعِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَحَيْثُ لَا امْتِنَاعَ لَا ضَمَانَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ (وَكَذَا) لَا يَضْمَنُ الْمَنَافِعَ (الَّتِي اسْتَوْفَاهَا بِرُكُوبٍ وَنَحْوِهِ) (عَلَى الْمَذْهَبِ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ جِنَايَتَهُ كَالْآفَةِ، وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ يَضْمَنُهَا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ جِنَايَتَهُ كَجِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ. (وَلَهَا) أَيْ الْمَالِكَةُ لِأَمْرِهَا الَّتِي لَمْ يُدْخَلْ بِهَا (حَبْسُ نَفْسِهَا) لِلْفَرْضِ وَالْقَبْضِ إنْ كَانَتْ مُفَوَّضَةً كَمَا سَيَذْكُرُهُ وَإِلَّا فَلَهَا الْحَبْسُ (لِتَقْبِضَ الْمَهْرَ) الَّذِي مَلَكَتْهُ بِالنِّكَاحِ (الْمُعَيَّنِ وَ) الدَّيْنَ (الْحَالَّ) سَوَاءٌ أَكَانَ بَعْضُهُ أَمْ كُلُّهُ بِالْإِجْمَاعِ لِدَفْعِ ضَرَرِ فَوْتِ بُضْعِهَا بِالتَّسْلِيمِ، وَخَرَجَ بِمَلَكَتْهُ بِالنِّكَاحِ مَا لَوْ زَوَّجَ أُمَّ وَلَدِهِ فَعَتَقَتْ بِمَوْتِهِ أَوْ أَعْتَقَهَا أَوْ بَاعَهَا وَصَحَّحْنَاهُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ الْآتِيَةِ لِأَنَّهُ مِلْكٌ لِلْوَارِثِ أَوْ الْمُعْتِقُ أَوْ الْبَائِعُ لَا لَهَا، وَمَا لَوْ زَوَّجَ أَمَةً ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَأَوْصَى لَهَا بِمَهْرِهَا لِأَنَّهَا مَلَكَتْهُ لَا عَنْ جِهَةِ النِّكَاحِ وَيَحْبِسُ الْأَمَةَ سَيِّدُهَا الْمَالِكُ لِلْمَهْرِ أَوْ وَلِيُّهُ وَالْمَحْجُورَةَ وَلِيُّهَا مَا لَمْ تَكُنْ الْمَصْلَحَةُ فِي التَّسْلِيمِ، وَتَنْظِيرُ الْأَذْرَعِيِّ فِيمَا لَوْ خَشِيَ فَوَاتَ الْبُضْعِ لِنَحْوِ فَلَسٍ. مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ لَا مَصْلَحَةَ حِينَئِذٍ. نَعَمْ يَتَّجِهُ بَحْثُهُ فِي أَنَّ لِوَلِيِّ السَّفِيهَةِ مَنْعَهَا مِنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا حَيْثُ لَا مَصْلَحَةَ، وَالْأَوْجَهُ مِنْ تَرَدُّدٍ لَهُ فِي مُكَاتَبَةِ كِتَابَةً صَحِيحَةً أَنَّ لِسَيِّدِهَا مَنْعَهَا كَسَائِرِ تَبَرُّعَاتِهَا، وَدَعْوَى بَعْضِهِمْ أَنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ مَرْدُودَةٌ، فَلَعَلَّهُ سَرَى لَهُ أَنَّهُ بَدَلَ بُضْعِهَا وَلَا حَقَّ لَهُ فِيهِ، وَكَلَامُهُمْ يَرُدُّهُ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ (لَا الْمُؤَجَّلِ) لِرِضَاهَا بِذِمَّتِهِ (وَلَوْ حَلَّ) الْأَجَلُ (قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَلَا حَبْسَ) لَهَا (فِي الْأَصَحِّ) لِوُجُوبِ تَسْلِيمِهَا نَفْسَهَا قَبْلَ الْحُلُولِ فَلَا يَرْتَفِعُ بِالْحُلُولِ، وَهَذَا مَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْكَبِيرِ عَنْ أَكْثَرِ الْأَئِمَّةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَالثَّانِي لَهَا الْحَبْسُ كَمَا لَوْ كَانَ حَالًّا ابْتِدَاءً، وَرَجَّحَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَقَالَ إنَّ الْأَوَّلَ غَلَطٌ، وَصَوَّبَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ هُنَا وَفِي الْبَيْعِ اعْتِمَادًا عَلَى نَصٍّ نَقَلَهُ عَنْ الْمَزْنِيِّ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَدْ رَاجَعْت كَلَامَ الْمُزَنِيّ فَوَجَدْتُهُ مِنْ تَفَقُّهِهِ وَلَمْ يَنْقُلْهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ. (وَلَوْ قَالَ كُلٌّ لَا أُسْلِمُ حَتَّى تُسْلِمَ فَفِي قَوْلٍ يُجْبَرُ هُوَ) لِإِمْكَانِ اسْتِرْدَادِ الصَّدَاقِ دُونَ الْبُضْعِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَأْتِ الْقَوْلُ بِإِجْبَارِهَا وَحْدَهَا لِفَوَاتِ الْبُضْعِ عَلَيْهَا هُنَا دُونَ الْمَبِيعِ ثُمَّ (وَفِي قَوْلٍ لَا إجْبَارَ فَمَنْ سَلَّمَ أَجْبَرَ صَاحِبَهُ) لِأَنَّ كُلًّا وَجَبَ لَهُ حَقٌّ وَعَلَيْهِ حَقٌّ فَلَمْ يُجْبَرْ بِإِيفَاءِ مَا عَلَيْهِ دُونَ مَا لَهُ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُمَا يُجْبَرَانِ فَيُؤْمَرُ بِوَضْعِهِ عِنْدَ عَدْلٍ وَتُؤْمَرُ) هِيَ (بِالتَّمْكِينِ فَإِذَا سَلَّمَتْ) وَإِنْ لَمْ يَطَأْ مِنْ غَيْرِ امْتِنَاعٍ مِنْهَا (أَعْطَاهَا الْعَدْلَ) فَإِنْ امْتَنَعَتْ اُسْتُرِدَّ مِنْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى ضَمَانِ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِمَلَكَتْهُ) أَيْ فَلَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ. [فَرْعٌ] فُهِمَ مِنْ الرَّوْضَةِ أَنَّ لِوَلِيِّ الصَّغِيرَةِ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِمُؤَجَّلٍ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ الْمَصْلَحَةِ، وَهَلْ يَجِبُ الْإِشْهَادُ وَالِارْتِهَانُ قِيَاسُ بَيْعِ مَا لَهَا بِمُؤَجَّلٍ الْوُجُوبُ، فَإِنْ لَمْ يَتَأَتَّ الْإِشْهَادُ وَالِارْتِهَانُ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ لَا تَرْغَبَ الْأَزْوَاجُ فِيهَا إلَّا بِدُونِهَا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ لَا مَصْلَحَةَ) أَيْ فِي التَّسْلِيمِ فَلَا حَاجَةَ إلَى بَحْثِهِ (قَوْلُهُ: أَنَّ لِسَيِّدِهَا مَنْعَهَا) أَيْ مِنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا (قَوْلُهُ: فِي الْكَبِيرِ) أَيْ الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. (قَوْلُهُ: لِإِمْكَانِ الِاسْتِرْدَادِ) . [فَرْعٌ] طَلَبَ الزَّوْجُ مِنْ الْوَلِيِّ تَسْلِيمَ الزَّوْجَةِ فَادَّعَى أَنَّهَا مَاتَتْ، فَالْمُصَدَّقُ الزَّوْجُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْحَيَاةُ فَلَا يَلْزَمُهُ دَفْعُ الْمَهْرِ حَتَّى يَثْبُتَ مَوْتُهَا بِالْبَيِّنَةِ، وَلَا يَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ تَجْهِيزِهَا وَإِنْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ مَوْتُهَا لِأَنَّ مُؤْنَةَ التَّجْهِيزِ إنَّمَا تَجِبُ حَيْثُ تَجِبُ النَّفَقَةُ، وَالنَّفَقَةُ لَا تَجِبُ إلَّا بِالتَّسْلِيمِ وَلَمْ يَحْصُلْ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ تَسْلِيمُ سَابِقٍ، وَأَمَّا الْإِرْثُ فَهُوَ تَابِعٌ لِثُبُوتِ الْمَوْتِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ تَسْلِيمٌ اهـ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَطَأْ) أَيْ تَرَكَ الْوَطْءَ تَرْكًا لَيْسَ نَاشِئًا مِنْ امْتِنَاعِ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِمَلَكْتُهُ بِالنِّكَاحِ) أَيْ بِمَجْمُوعِ ذَلِكَ إذْ هُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى قَيْدَيْنِ، فَقَوْلُهُ مَا لَوْ زَوَّجَ أُمَّ وَلَدِهِ إلَخْ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ مَلَكْته وَقَوْلُهُ مَا لَوْ زَوَّجَ أَمَةً ثُمَّ أَعْتَقَهَا إلَخْ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ بِالنِّكَاحِ (قَوْلُهُ: وَيَحْبِسُ الْأَمَةَ سَيِّدُهَا) هُوَ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ الْمَالِكَةُ لِأَمْرِهَا (قَوْلُهُ: الْمَالِكُ لِلْمَهْرِ) لَعَلَّهُ أَخْرَجَ بِهِ الْمُوصَى بِفَوَائِدِهَا فَلْيُرَاجَعْ

إذْ ذَلِكَ هُوَ الْعَدْلُ بَيْنَهُمَا وَالْعَدْلُ لَيْسَ نَائِبًا عَنْهَا وَإِلَّا كَانَ هُوَ الْمُجْبَرُ وَحْدَهُ وَإِلَّا نَائِبًا عَنْهُ وَإِلَّا كَانَتْ هِيَ الْمُجْبَرَةُ وَحْدَهَا وَإِنَّمَا هُوَ نَائِبُ الشَّرْعِ لِقَطْعِ الْخُصُومَةِ بَيْنَهُمَا، وَيَجُوزُ كَوْنُهُ نَائِبًا عَنْهَا لَكِنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ تَسْلِيمِ الْمَهْرِ لَهَا وَهِيَ مَمْنُوعَةٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ قَبْلَ التَّمْكِينِ وَأَنْ يَكُونَ نَائِبًا عَنْهُ وَلَا مَحْظُورَ فِي إجْبَارِهَا لِزَوَالِ الْعِلَّةِ الْمُقْتَضِيَة لِعَدَمِ إجْبَارِهَا، وَاخْتَارَ الْبُلْقِينِيُّ كَوْنَهُ نَائِبَهُمَا لِتَصْرِيحِ أَبِي الطَّيِّبِ بِأَنَّهُ لَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ كَانَ مِنْ ضَمَانِهَا، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ، وَكَوْنُهُ مِنْ ضَمَانِهِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي عَدْلِ الرَّهْنِ وَلَيْسَ هَذَا كَالْمُمْتَنِعِ الْمَذْكُورِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَلَوْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ نَحْوِ قُرْآنٍ وَطَلَبَ كُلٌّ التَّسْلِيمَ فَاَلَّذِي أَفْتَيْت بِهِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا أَنَّهُمَا إنْ اتَّفَقَا عَلَى شَيْءٍ فَذَاكَ وَإِلَّا فُسِخَ الصَّدَاقُ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ فَيُسْلِمُهُ لِعَدْلٍ وَتُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهَا (وَلَوْ بَادَرَتْ فَمَكَّنَتْهُ طَالَبَتْهُ) بِالْمَهْرِ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ لِبَذْلِهَا مَا فِي وُسْعِهَا (فَإِنْ لَمْ يَطَأْ) هَا (امْتَنَعَتْ حَتَّى يُسْلِمَ) هَا الْمَهْرَ لِأَنَّ الْقَبْضَ هُنَا إنَّمَا هُوَ بِالْوَطْءِ (وَإِنْ وَطِئَ) هَا بِتَمْكِينِهَا مِنْهُ مُخْتَارَةً مُكَلَّفَةً وَلَوْ فِي الدُّبُرِ (فَلَا) تَمْتَنِعُ لِسُقُوطِ حَقِّهَا بِوَطْئِهِ، أَمَّا لَوْ أَكْرَهَهَا أَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُكَلَّفَةٍ حَالَ الْوَطْءِ ثُمَّ كَمَّلَتْ بَعْدَهُ كَانَ لَهَا الِامْتِنَاعُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تُمَكِّنْهُ إلَّا لِظَنِّهَا سَلَامَةَ مَا قَبَضَتْهُ فَخَرَجَ مَعِيبًا مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرِ مِنْهَا فِي قَبْضِهِ فَلَهَا الِامْتِنَاعُ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ تَمْكِينَ نَحْوِ الرَّتْقَاءِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ كَتَمْكِينِ السَّلِيمَةِ مِنْ الْوَطْءِ فَلَهَا الِامْتِنَاعُ قَبْلَهُ لَا بَعْدَهُ، وَمَا فِي الْكِفَايَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ الْوَلِيُّ الْمَجْنُونَةَ أَوْ الصَّغِيرَةَ لِمَصْلَحَةٍ لَا رُجُوعَ لَهَا وَإِنْ كَمَّلَتْ كَمَا لَوْ تَرَكَ الْوَلِيُّ الشُّفْعَةَ لِمَصْلَحَةِ لَيْسَ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بَعْدَ كَمَالِهِ الْأَخْذَ بِهَا مَرْدُودٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشُّفْعَةِ لَائِحٌ إذْ هَذَا مِنْ تَفْوِيتِ حَاصِلٍ وَمَا فِيهَا تَفْوِيتٌ مَعْدُومٌ، وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ التَّسْلِيمَ وَقَعَ عَلَى خِلَافِ الْمَصْلَحَةِ، أَمَّا لَوْ سَلَّمَهَا بِلَا مَصْلَحَةٍ لَمْ يَكُنْ مَانِعًا لَهَا. مِنْ الْحَبْسِ بِلَا نِزَاعٍ بَلْ الْمَحْجُورُ عَلَيْهَا بِالسَّفَهِ لَوْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا وَرَأَى الْوَلِيُّ خِلَافَهُ فَالْأَوْجَهُ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ وَإِنْ وُطِئَتْ (وَلَوْ بَادَرَ) الزَّوْجُ (فَسَلَّمَ) الْمَهْرَ (فَلْتُمَكِّنْ) زَوْجَهَا وُجُوبًا إذَا طَلَبَهُ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا عَلَيْهِ، (فَإِنْ امْتَنَعَتْ) أَيْ الزَّوْجَةُ وَلَوْ (بِلَا عُذْرٍ اُسْتُرِدَّ إنْ قُلْنَا إنَّهُ يُجْبَرُ) وَالْأَصَحُّ لَا، فَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا بِالتَّسْلِيمِ فَلَا يَسْتَرِدُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: إذْ ذَلِكَ) أَيْ الِاسْتِرْدَادُ. وَقَوْلُهُ هُوَ الْعَدْلُ: أَيْ الْإِنْصَافُ (قَوْلُهُ: لِقَطْعِ الْخُصُومَةِ بَيْنَهُمَا) وَقِيلَ نَائِبُهُمَا لِقَوْلِهِمْ: لَوْ أَخَذَ الْحَاكِمُ الدَّيْنَ مِنْ الْمُمْتَنِعِ مَلَكَهُ الْغَرِيمُ وَتَبْرَأُ ذِمَّةُ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ فَاَلَّذِي أَفْتَيْت بِهِ) مِنْ كَلَامِ م ر (قَوْلُهُ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ) وَقَدْ يُقَالُ تُجْبَرُ هِيَ لِأَنَّ رِضَاهَا بِالتَّعْلِيمِ الَّذِي لَا يَحْصُلُ عَادَةً إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ كَالتَّأْجِيلِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ إجْبَارُهَا فِيهِ وَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ، وَقَدْ يُجَابُ عَنْ هَذَا بِأَنَّ انْتِهَاءَ الْأَجَلِ مَعْلُومٌ فَتُمْكِنُهَا الْمُطَالَبَةُ بَعْدَهُ وَزَمَنُ التَّعْلِيمِ لَا غَايَةَ لَهُ فَهِيَ إذَا مَكَّنَتْهُ قَدْ يَتَسَاهَلُ فِي التَّعْلِيمِ فَتَطُولُ الْمُدَّةُ عَلَيْهَا بَلْ رُبَّمَا فَاتَ التَّعْلِيمُ بِذَلِكَ. وَنُقِلَ فِي الدَّرْسِ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ الْجَزْمَ بِمَا قُلْنَاهُ (قَوْلُهُ: وَقَعَ عَلَى خِلَافِ الْمَصْلَحَةِ) أَيْ فَلَهَا بَعْدَ الْكَمَالِ الِامْتِنَاعُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ) قَدْ يُقَالُ اللَّائِقُ بِالْمُبَالَغَةِ إنَّمَا هُوَ عَكْسُ ذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ وَلَوْ بِعُذْرٍ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ إسْقَاطُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إذْ ذَلِكَ هُوَ الْعَدْلُ) تَعْلِيلٌ لِلْأَظْهَرِ (قَوْلُهُ: لِزَوَالِ الْعِلَّةِ) يُتَأَمَّلُ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ هَذَا كَالْمُمْتَنِعِ الْمَذْكُورِ) تَبِعَ فِي ذِكْرِ هَذَا الْعَلَّامَةَ حَجّ، لَكِنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِهِ ذِكْرُ الْمُمْتَنِعِ، وَالْعَلَامَةُ الْمَذْكُورُ سَاقَ مَقَالَةً أُخْرَى قَبْلَ اخْتِيَارِ الْبُلْقِينِيِّ أَنَّهُ نَائِبُهُمَا جَمِيعًا، وَنَقَلَ اسْتِدْلَالَ قَائِلِهَا بِقَوْلِهِ لَوْ أَخَذَ الدَّيْنَ مِنْ الْمُمْتَنِعِ مَلَكَهُ الْغَرِيمُ وَتَبْرَأُ ذِمَّةُ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ فَأَرَادَ هُنَا أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الزَّوْجِ وَبَيْنَ الْمُمْتَنِعِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: إذْ هَذَا تَفْوِيتٌ حَاصِلٌ إلَخْ) عِبَارَتُهُ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ: يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْأَخْذَ بِهَا: أَيْ بِالشُّفْعَةِ تَفْوِيتُ مَعْدُومٍ فَأَشْبَهَ التَّحْصِيلَ فَلَهُ تَرْكُهُ بِالْمَصْلَحَةِ ، وَمَسْأَلَتُنَا تَفْوِيتُ حَاصِلٌ إذْ الْبُضْعُ يُقَابِلُهُ حَقُّ الْحَبْسِ، فَإِذَا سَلَّمَهَا فَقَدْ فَوَّتَ عَلَيْهَا حَقَّهَا لَا سِيَّمَا حَيْثُ كَانَ مِمَّنْ لَا يَرَى خَلَاصَ حَقِّهَا مِنْهُ. اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ تَحْرِيفٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ) إنَّمَا يَظْهَرُ وَجْهُهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَصَحِّ الْآتِي وَلَعَلَّهُ وَطَّأَ بِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ

لَا يُقَالُ أَهْمَلَ الْمُصَنِّفُ مَحَلَّ التَّسْلِيمِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ كَلَامِهِ فِي النَّفَقَاتِ، وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِالشَّامِ وَالْعَقْدُ بِغَزَّةَ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا بِغَزَّةَ اعْتِبَارًا بِمَحَلِّ الْعَقْدِ، فَإِنْ طَلَبَهَا إلَى مِصْرَ فَنَفَقَتُهَا مِنْ الشَّامِ إلَى غَزَّةَ عَلَيْهَا ثُمَّ مِنْ غَزَّةَ إلَى مِصْرَ عَلَيْهِ، وَهَلْ مُؤْنَةُ الطَّرِيقِ مِنْ الشَّامِ إلَى غَزَّةَ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ قَالَ الْحَنَّاطِيُّ فِي فَتَاوِيه: نَعَمْ، وَحَكَى الرُّويَانِيُّ فِيهِ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا نَعَمْ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ بِأَمْرِهِ. وَالثَّانِي لَا لِأَنَّ تَمْكِينَهَا إنَّمَا يَحْصُلُ بِغَزَّةَ، قَالَ: وَهَذَا أَقْيَسُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (وَلَوْ اُسْتُمْهِلَتْ) هِيَ أَوْ وَلِيُّهَا (لِتَنْظِيفٍ وَنَحْوِهِ) كَإِزَالَةِ وَسَخٍ (أُمْهِلَتْ) حَتْمًا وَإِنْ قَبَضَتْ الْمَهْرَ لِلْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ «لَا تَطْرُقُوا النِّسَاءَ لَيْلًا حَتَّى تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ وَتَسْتَحِدَّ الْمُغِيبَةُ» قَالَ الْمُتَوَلِّي: فَإِذَا مُنِعَ الزَّوْجُ الْغَائِبُ أَنْ يَطْرُقَهَا مُغَافَصَةً فَهُنَا أَوْلَى (مَا) أَيْ زَمَنًا (يَرَاهُ قَاضٍ) مِنْ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ (وَلَا يُجَاوِزُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) لِأَنَّ غَرَضَ التَّنْظِيفِ يَنْتَهِي فِيهَا غَالِبًا (لَا) لِجِهَازٍ وَسِمَنٍ وَلَا (لِيَنْقَطِعَ حَيْضٌ) وَنِفَاسٌ وَصَوْمٌ وَإِحْرَامٌ لِإِمْكَانِ التَّمَتُّعِ بِهَا فِي الْجُمْلَةِ مَعَ طُولِ زَمَنِهَا، وَقَوْل الزَّرْكَشِيّ إنَّ قِيَاسَ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْإِمْهَالِ لِلتَّنْظِيفِ أَنْ تُمْهَلَ الْحَائِضُ إذَا لَمْ تَزِدْ مُدَّةُ حَيْضِهَا عَلَى مُدَّةِ التَّنْظِيفِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي التَّتِمَّةِ فَيَخْتَصُّ عَدَمُ إمْهَالِهَا بِمَا إذَا كَانَتْ مُدَّةُ الْحَيْضِ تَزِيدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَإِلَّا فَتَمَهُّلٌ مَرْدُودٌ (وَلَا تُسَلَّمُ صَغِيرَةٌ) ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا لِفَهْمِ عَدَمِ الْعُذْرِ فِيهِ بِالْأُولَى فَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لَا يُقَالُ أَهْمَلَ الْمُصَنِّفُ مَحَلَّ التَّسْلِيمِ) هُوَ مَنْزِلُ الزَّوْجِ وَالْكَلَامُ هُنَا فِيمَنْ عَقَدَ عَلَيْهَا وَهِيَ بِبَلَدِ الْعَقْدِ كَالزَّوْجِ فَمُؤْنَةُ وُصُولِهَا لِلْمَنْزِلِ الَّذِي يُرِيدُهُ الزَّوْجُ مِنْ تِلْكَ الْبَلَدِ عَلَيْهَا اهـ حَجّ. قَالَ سم عَلَيْهِ: وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَزُفَّتْ إلَى الزَّوْجِ فِي مَنْزِلِهَا فَدَخَلَ عَلَيْهَا بِإِذْنِهَا فَلَا أُجْرَةَ لِمُدَّةِ سَكَنِهِ، وَإِنْ كَانَتْ سَفِيهَةً أَوْ بَالِغَةً فَسَكَنَتْ وَدَخَلَ عَلَيْهَا بِإِذْنِ أَهْلِهَا وَهِيَ سَاكِتَةٌ فَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ لِمُدَّةِ إقَامَتِهِ مَعَهَا لِأَنَّهُ لَا يُنْسَبُ إلَى سَاكِتٍ قَوْلٌ وَلِأَنَّ عَدَمَ الْمَنْعِ أَعَمُّ مِنْ الْإِذْنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَعْمَلَ الزَّوْجُ أَوَانِي الْمَرْأَةِ وَهِيَ سَاكِتَةٌ عَلَى جَارِي الْعَادَةِ تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ اهـ كَلَامُ الْخَادِمِ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ الْمَنْزِلُ لِأَهْلِ الزَّوْجَةِ وَأَذِنُوا لَهُ فِي الدُّخُولِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَأُجْرَةٍ وَلَا لِعَدَمِهَا، وَقِيَاسُ مَا ذُكِرَ فِي الزَّوْجَةِ وُجُوبُ الْأُجْرَةِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ الشَّامِ إلَى غَزَّةَ عَلَيْهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ جَهِلَتْ كَوْنَهُ بِغَزَّةَ كَأَنْ قَبِلَ لَهُ وَكِيلُهُ بِبَلَدِ الْمَرْأَةِ وَظَنَّتْ الزَّوْجَ بِهَا (قَوْلُهُ: الْمُغِيبَةُ) أَيْ مَنْ غَابَ زَوْجُهَا وَهِيَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ بَعْدَهَا يَاءٌ خَفِيفَةٌ: قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: وَأَغَابَتْ الْمَرْأَةُ بِالْأَلِفِ غَابَ زَوْجُهَا فَهِيَ مُغِيبٌ وَمُغِيبَةٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَتَمَهُّلٌ مَرْدُودٌ) أَيْ فَلَا تَمَهُّلَ، وَإِنْ قَلَّ (قَوْلُهُ وَلَا تُسَلَّمُ صَغِيرَةٌ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: فَلَوْ سُلِّمَتْ لَهُ صَغِيرَةً لَا تُوطَأُ لَمْ يَلْزَمْهُ تَسْلِيمُ الْمَهْرِ كَالنَّفَقَةِ، وَإِنْ سَلَّمَهُ عَالِمًا بِحَالِهَا أَوْ جَاهِلًا فَفِي اسْتِرْدَادِهِ وَجْهَانِ كَالْوَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ امْتَنَعَتْ بِلَا عُذْرٍ وَقَدْ بَادَرَ الزَّوْجُ إلَى تَسْلِيمِهِ ذَكَرَهُ الْأَصْلَ، وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ عَدَمِ اسْتِرْدَادِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ. قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ أَيْضًا: وَمَنْ أَفْضَى امْرَأَتَهُ بِالْوَطْءِ لَمْ يَعْدُ إلَيْهِ حَتَّى تَبْرَأَ الْبُرْءَ الَّذِي لَوْ عَادَ لَمْ يَخْدِشْهَا، وَلَوْ ادَّعَتْ عَدَمَ الْبُرْءِ كَأَنْ قَالَتْ لَمْ يَنْدَمِلْ الْجُرْحُ فَأَنْكَرَ هُوَ أَوْ قَالَ وَلَيُّ الصَّغِيرَةِ لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ فَأَنْكَرَ الزَّوْجَ عُرِضَتْ عَلَى أَرْبَعِ نِسْوَةٍ ثِقَاتٍ فِيهِمَا أَوْ رَجُلَيْنِ مَحْرَمَيْنِ لِلصَّغِيرَةِ وَكَالْمُحْرِمِينَ الْمَمْسُوحَانِ اهـ. وَقَدْ يَسْتَشْكِلُ التَّخْيِيرُ فِي الصَّغِيرَةِ بَيْنَ النِّسْوَةِ وَالرَّجُلَيْنِ الْمَحْرَمَيْنِ بِأَنَّ قِيَاسَ الْمُدَاوَاةِ امْتِنَاعُ الْمَحْرَمَيْنِ مَعَ وُجُودِ النِّسْوَةِ، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْمُدَاوَاةَ تَحْتَاجُ مِنْ تَكَرُّرِ النَّظَرِ وَغَيْرِهِ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ هُنَا فَكَانَ مَا هُنَا أَخَفُّ، ثُمَّ قَدْ يَسْتَشْكِلُ التَّقْيِيدَ بِالْمَحْرَمَيْنِ بِأَنَّ نَظَرَ الْأَجَانِبِ جَائِزٌ لِنَحْوِ حَاجَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَا وَالْوِلَادَةِ وَظَاهِرُهُ عَدَمُ التَّوَقُّفِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْمُغِيبَةُ) هُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالتَّحْتِيَّةِ الْمُحَفَّفَةِ وَهِيَ الَّتِي غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَفِعْلُهَا أَغَابَ (قَوْلُهُ: مِنْ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: مِنْ نَحْوِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ. اهـ. فَشَمِلَتْ الثَّلَاثَةَ أَيْضًا، وَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ لِيَنْسَجِمَ مَعَ الْمَتْنِ كَمَا لَا يَخْفَى، فَلَعَلَّ لَفْظَ نَحْوِ سَقَطَ مِنْ الْكَتَبَةِ

لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ (وَلَا مَرِيضَةٌ) وَهَزِيلَةٌ بِهُزَالٍ عَارِضٍ لَا يُطِيقَانِ الْوَطْءَ (حَتَّى يَزُولَ مَانِعُ وَطْءٍ) لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَحْمِلُهُ فَرْطُ الشَّهْوَةِ عَلَى الْجِمَاعِ فَتَتَضَرَّرُ بِهِ، وَيُكْرَهُ لِوَلِيِّ صَغِيرَةٍ وَلِنَحْوِ مَرِيضَةٍ التَّسْلِيمُ قَبْلَ الْإِطَاقَةِ، وَيَحْرُمُ وَطْؤُهَا مَا دَامَتْ لَا تَحْتَمِلُهُ، وَيَرْجِعُ فِيهِ بِشَهَادَةِ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ، وَتُسَلَّمُ لَهُ نَحِيفَةً لَا بِمَرَضٍ عَارِضٍ وَإِنْ لَمْ تَحْتَمِلْ الْجِمَاعَ إذْ لَا غَايَةَ تُنْتَظَرُ وَتُمَكِّنُهُ مِمَّا عَدَا الْوَطْءَ لَا مِنْهُ إنْ خَافَتْ إفْضَاءَهَا، وَلَوْ قَالَ سَلِّمُوهَا لِي وَلَا أَقْرَبُهَا أُجِيبَ وُجُوبًا إلَى تَسْلِيمِ مَرِيضَةٍ لَا صَغِيرَةٍ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ ثِقَةً. (وَيَسْتَقِرُّ الْمَهْرُ بِوَطْءٍ) بِتَغْيِيبِ حَشَفَةٍ أَوْ قَدْرِهَا مِنْ فَاقِدِهَا سَوَاءٌ أَوَجَبَ بِنِكَاحٍ أَوْ فَرْضٍ كَمَا فِي الْمُفَوَّضَةِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ التَّحْلِيلُ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ (وَإِنْ) حَرُمَ (ك) وَطْءِ (حَائِضٍ) أَوْ فِي دُبُرٍ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ النَّصُّ لَا بِاسْتِمْتَاعٍ وَاسْتِدْخَالِ مَاءٍ وَإِزَالَةِ بَكَارَةٍ بِلَا آلَةٍ، وَالْمُرَادُ بِاسْتِقْرَارِهِ الْأَمْنُ عَلَيْهِ مِنْ سُقُوطِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ بِنَحْوِ طَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ (وَبِمَوْتِ أَحَدِهِمَا) فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ لَا فَاسِدٍ قَبْلَ وَطْءٍ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ وَلِبَقَاءِ آثَارِ النِّكَاحِ بَعْدَهُ مِنْ التَّوَارُثِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ لَا يَسْتَقِرُّ بِالْمَوْتِ كَمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ قَتَلَتْ أَمَةٌ نَفْسَهَا أَوْ قَتَلَهَا سَيِّدُهَا، وَقَدْ يَسْقُطُ بَعْدَ اسْتِقْرَارِهِ كَمَا لَوْ اشْتَرَتْ حُرَّةٌ زَوْجَهَا بَعْدَ وَطْئِهَا وَقَبْلَ قَبْضِهَا لِلصَّدَاقِ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى قِنِّهِ مَالٌ ابْتِدَاءً، كَذَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ وَجْهٌ، وَالْأَصَحُّ عَدَمُ سُقُوطِهِ إذْ الدَّوَامُ أَقْوَى مِنْ الِابْتِدَاءِ، فَإِنْ كَانَتْ قَبَضَتْهُ لَمْ تَرُدَّ شَيْئًا مِنْهُ، وَكَالْحُرَّةِ الْمُكَاتَبَةِ وَالْمُبَعَّضَةِ، وَقَدْ لَا يَجِبُ أَصْلًا كَأَنْ أَعْتَقَ مَرِيضٌ أَمَةً لَا يَمْلِكُ سِوَاهَا فَتَزَوَّجَهَا وَأَجَازَ الْوَرَثَةُ عِتْقَهَا فَإِنَّهُ يَسْتَقِرُّ النِّكَاحُ وَلَا مَهْرَ لِلدُّورِ، إذْ لَوْ وَجَبَ رِقُّ بَعْضِهَا فَيَبْطُلُ نِكَاحُهَا فَيَبْطُلُ الْمَهْرُ (لَا بِخَلْوَةٍ فِي الْجَدِيدِ) لِمَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: 237] الْآيَةَ، وَالْمَسُّ الْجِمَاعُ، وَالْقَدِيمُ يَسْتَقِرُّ بِالْخَلْوَةِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ حَيْثُ لَا مَانِعَ حِسِّيٍّ كَرَتْقٍ وَلَا شَرْعِيٍّ كَحَيْضٍ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ مَظِنَّةُ الْوَطْءِ، وَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ لَهُ مِنْ أَنَّ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ قَضَوْا بِهِ بِالْخَلْوَةِ مُنْقَطِعٌ وَلَا يَسْتَقِرُّ بِهَا فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ إجْمَاعًا. ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى فَقْدِ الْغَيْرِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَا مَرِيضَةً) أَيْ لَا يَجِبُ تَسْلِيمُهَا لِقَوْلِهِ بَعْدُ وَيُكْرَهُ لِوَلِيِّ صَغِيرَةٍ إلَخْ، وَمَحَلُّ عَدَمِ الْوُجُوبِ إذَا لَمْ يَطْلُبْهَا الزَّوْجُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَلَوْ قَالَ سَلِّمُوهَا لِي وَلَا أَقْرَبُهَا أُجِيبَ إلَى تَسْلِيمِ مَرِيضَةٍ إلَخْ (قَوْله حَتَّى يَزُولَ مَانِعُ وَطْءٍ) أَيْ وَلَا نَفَقَةَ لَهُمَا لِعَدَمِ التَّمْكِينِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُمَا مَنْ اُسْتُمْهِلَتْ لِنَحْوِ التَّنْظِيفِ وَكُلُّ مَنْ عُذِرَتْ فِي عَدَمِ التَّمْكِينِ (قَوْلُهُ: إنْ خَافَتْ إفْضَاءَهَا) أَيْ أَوْ مَا لَا يَحْتَمِلُ مِنْ الْمَشَقَّةِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ ثِقَةً) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ انْتِشَارُ الذَّكَرِ وَلَا إزَالَةُ بَكَارَةِ الْغَوْرَاءِ. (قَوْلُهُ: وَيَسْتَقِرُّ الْمَهْرُ بِوَطْءٍ) أَيْ وَيَصْدُقُ فِي نَفْيِهِ الْوَطْءَ (قَوْلُهُ: وَإِزَالَةُ بَكَارَةٍ بِلَا آلَةٍ) أَيْ فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدُ، وَجَبَ لَهَا الشَّطْرُ دُونَ أَرْشِ الْبَكَارَةِ، فَإِنْ فَسَخَ النِّكَاحَ وَلَمْ يَجِبْ لَهَا مَهْرٌ وَجَبَ أَرْشُ الْبَكَارَةِ كَذَا يُفْهَمُ مِنْ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَسْقُطُ) أَيْ ابْتِدَاءً وَقَوْلُهُ بَعْدَ وَطْئِهَا أَيْ وَطْءِ الزَّوْجِ لَهَا (قَوْلُهُ أَقْوَى مِنْ الِابْتِدَاءِ) أَيْ فَيَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ حَتَّى يَعْتِقَ وَيَزُولَ مِلْكُهَا عَنْهُ فَيَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ (قَوْلُهُ: إذْ لَوْ وَجَبَ رَقَّ) أَيْ كَانَ وُجُوبُهُ يُثْبِتُ دَيْنًا يُرِقُّ بِهِ بَعْضَهَا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ وَلَا يَسْتَقِرُّ بِهَا) أَيْ الْخَلْوَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ لِوَلِيِّ صَغِيرَةٍ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ الْمَتْنِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْعَلَّامَةُ حَجّ عَقِبَ قَوْلِهِ وَلَا مَرِيضَةٍ: أَيْ يُكْرَهُ الْوَلِيُّ وَالْأَخِيرَتَيْنِ: أَيْ الْمَرِيضَةِ وَالْهَزِيلَةِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: إنْ خَافَتْ إفْضَاءَهَا) أَيْ أَوْ مَا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً.

[فصل في بيان أحكام المسمى الصحيح والفاسد]

(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْمُسَمَّى الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ (نَكَحَهَا) بِمَا لَا يَمْلِكُهُ كَأَنْ نَكَحَهَا (بِخَمْرٍ أَوْ حُرٍّ أَوْ مَغْصُوبٍ) سَوَاءٌ أَصَرَّحَ بِوَصْفِهِ كَمَا ذُكِرَ أَمْ أَشَارَ إلَيْهِ فَقَطْ وَقَدْ عَلِمَهُ أَوْ جَهِلَهُ (وَجَبَ مَهْرُ مِثْلٍ) لِفَسَادِ التَّسْمِيَةِ وَبَقَاءِ النِّكَاحِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي أَنْكِحَتِنَا أَمَّا أَنْكِحَةُ الْكُفَّارِ فَقَدْ مَرَّ حُكْمُهَا (وَفِي قَوْلٍ قِيمَتُهُ) أَيْ بَدَلُهُ بِتَقْدِيرِ الْحُرِّ قِنًّا وَالْمَغْصُوبُ مَمْلُوكًا وَالْخَمْرُ خَلًّا أَوْ عَصِيرًا أَوْ عِنْدَ مَنْ يَرَى لَهَا قِيمَةٌ عَلَى مَا مَرَّ فِي ذَلِكَ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِقَصْدِ مَا لَا قِيمَةَ لَهُ، وَذَلِكَ التَّقْدِيرُ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ مَعَ سُهُولَةِ الرُّجُوعِ لِلْبَدَلِ الشَّرْعِيِّ لِلْبُضْعِ وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَلَوْ سَمَّى نَحْوَ دَمٍ فَكَذَلِكَ، وَيُفَارِقُ الْخُلْعَ بِأَنَّ الْعَقْدَ أَقْوَى مِنْ الْحِلِّ فَقَوَّى هُنَا عَلَى إيجَابِ مَهْرِ الْمِثْلِ (أَوْ بِمَمْلُوكٍ وَمَغْصُوبٍ بَطَلَ فِيهِ وَصَحَّ فِي الْمَمْلُوكِ فِي الْأَظْهَرِ) تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ، وَيَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ ثُمَّ مِنْ تَقْدِيمِ الْبَاطِلِ أَوْ تَأْخِيرِهِ (وَتَتَخَيَّرُ) لِأَنَّ الْمُسَمَّى كُلَّهُ لَمْ يُسْلَمْ لَهَا (فَإِنْ فَسَخَتْ فَمَهْرُ مِثْلٍ) يَجِبُ لَهَا (وَفِي قَوْلٍ قِيمَتُهُمَا) أَيْ بَدَلُهُمَا (وَإِنْ أَجَازَتْ فَلَهَا مَعَ الْمَمْلُوكِ حِصَّةُ الْمَغْصُوبِ مِنْ مَهْرِ مِثْلٍ بِحَسَبِ قِيمَتِهِمَا) عَمَلًا بِالتَّوْزِيعِ، فَلَوْ سَاوَى كُلٌّ مِائَةً فَلَهَا نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ بَدَلًا عَنْ الْمَغْصُوبِ (وَفِي قَوْلٍ تَقْنَعُ بِهِ) أَيْ الْمَمْلُوكُ وَلَا شَيْءَ لَهَا مَعَهُ. (وَلَوْ) (قَالَ زَوَّجْتُك بِنْتِي وَبِعْتُك ثَوْبَهَا بِهَذَا الْعَبْدِ) وَهُوَ وَلِيُّ مَالِهَا أَيْضًا أَوْ وَكِيلٌ عَنْهَا فِيهِ (صَحَّ النِّكَاحُ) لِأَنَّهُ لَا يَفْسُدُ بِفَسَادِ الْمُسَمَّى (وَكَذَا الْمَهْرُ وَالْبَيْعُ فِي الْأَظْهَرِ) كَمَا قَدَّمَهُ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَأَعَادَهُ هُنَا عَلَى وَجْهٍ أَبْيَنَ فَلَا تَكْرَارَ وَخَرَجَ بِثَوْبِهَا ثَوْبِي فَإِنَّ الْمَهْرَ يَفْسُدُ كَبَيْعِ عَبْدِي اثْنَيْنِ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ (وَيُوَزَّعُ الْعَبْدُ عَلَى) قِيمَةِ (الثَّوْبِ وَمَهْرِ مِثْلٍ) فَلَوْ سَاوَى كُلٌّ أَلْفًا كَانَ نِصْفُ الْعَبْدِ ثَمَنًا وَنِصْفُهُ صَدَاقًا فَيَرْجِعُ إلَيْهِ بِطَلَاقٍ قَبْلَ وَطْءِ رُبْعِهِ وَيَفْسَخُ نِصْفَهُ، هَذَا إنْ كَانَ مَا خَصَّ الْمَهْرُ الْمِثْلُ يُسَاوِيه، فَإِنْ نَقَصَ عَنْهُ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ قَطْعًا، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ بُطْلَانُهُمَا وَوُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ. (وَلَوْ) (نَكَحَ) بِأَلْفٍ بَعْضَهَا مُؤَجَّلٌ بِمَجْهُولٍ كَمَا يَقَعُ فِي زَمَنِنَا مِنْ قَوْلِهِمَا يَحِلُّ ـــــــــــــــــــــــــــــS [فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْمُسَمَّى الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ] فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْمُسَمَّى الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ كَمَا ذَكَرَ) أَيْ أَوْ وُصِفَ بِغَيْرِ وَصْفِهِ كَعَصِيرٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ مَمْلُوكٍ لَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ (قَوْلُهُ: وَيُفَارِقُ الْخُلْعَ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ مَعَ تَسْمِيَتِهِ بَلْ وَقَعَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا اهـ سم عَلَى حَجّ وَقَدْ يُقَالُ أَيْضًا غَيْرُ الْمَقْصُودِ كَالْعَدَمِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يُسَمَّ وَالنِّكَاحُ إذَا خَلَا مِنْ التَّسْمِيَةِ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ وَالطَّلَاقُ إذَا خَلَا عَنْ الْعِوَضِ وَقَعَ رَجْعِيًّا، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا يُصَرِّحُ بِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى إيجَابِ مَهْرِ الْمِثْلِ) أَيْ بِخِلَافِ الْخُلْعِ (قَوْلُهُ: وَمَغْصُوبٌ) وَكَالْمَغْصُوبِ كُلُّ مَا لَيْسَ مَمْلُوكًا لِلزَّوْجِ كَأَنْ نَكَحَ بِمَمْلُوكٍ وَخَمْرٍ أَوْ حُرٍّ أَوْ مَغْصُوبٍ، لَكِنْ مَرَّ فِي الْبَيْعِ أَنَّ شَرْطَ التَّوْزِيعِ أَنْ يَكُونَ الْحَرَامُ مَعْلُومًا وَإِلَّا بَطَل قَطْعًا، وَأَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا وَإِلَّا فَيَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِالْمَمْلُوكِ وَحْدَهُ وَلَا شَيْءَ فِي مُقَابَلَةِ غَيْرِ الْمَقْصُودِ فَيَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ هُنَا فَيَجِبُ فِي الْأَوَّلِ مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَا شَيْءَ بَدَلُ غَيْرِ الْمَقْصُودِ فِي الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ) وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ خِلَافًا لِحَجِّ. (قَوْله وَهُوَ وَلِيُّ مَالِهَا أَيْضًا أَوْ وَكِيلٌ عَنْهَا) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ انْتَفَيَا وَالْقِيَاسُ فِيهَا صِحَّةُ النِّكَاحِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْمَهْرَ يَفْسُدُ) أَيْ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ قَطْعًا) أَيْ كَمَا أَنَّهُ إذَا نَقَصَ مَا يَخُصُّ الثَّمَنَ عَنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ بَطَلَ الْبَيْعُ وَالْكَلَامُ مَا لَمْ تَأْذَنْ فِي الْعَبْدِ بِعَيْنِهِ وَإِلَّا ـــــــــــــــــــــــــــــQ (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْمُسَمَّى الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ:: وَالْمَغْصُوبُ مَمْلُوكًا) قَدْ يُقَالُ مَا الدَّاعِي إلَى ذَلِكَ مَعَ أَنَّ لَهُ قِيمَةً فِي نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: مَنْ يَرَى لَهَا) أَيْ الْخَمْرَ (قَوْلُهُ: وَيُفْسَخُ) أَيْ بِسَبَبِهَا

بِمَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ فَسَدَ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ لَا مَا يُقَابِلُ الْمَجْهُولَ لِتَعَذُّرِ التَّوْزِيعِ مَعَ الْجَهْلِ بِالْأَجَلِ أَوْ (بِأَلْفٍ) مَثَلًا (عَلَى أَنَّ لِأَبِيهَا) أَوْ غَيْرِهِ أَلْفًا مِنْ الصَّدَاقِ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ) عَلَى (أَنْ يُعْطِيَهُ) بِالتَّحْتِيَّةِ أَوْ غَيْرِهِ (أَلْفًا) كَذَلِكَ (فَالْمَذْهَبُ فَسَادُ الصَّدَاقِ وَوُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ) فِيهِمَا لِأَنَّ الْأَلْفَ إنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ الْمَهْرِ فَهُوَ شَرْطُ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ، وَإِلَّا فَقَدْ جَعَلَ بَعْضَ مَا الْتَزَمَهُ فِي مُقَابَلَةِ الْبُضْعِ لِغَيْرِ الزَّوْجَةِ كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ نَكَحَهَا بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهَا أَلْفًا صَحَّ بِالْأَلْفَيْنِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَأَلْحَقَ لَفْظَ الْإِعْطَاءِ بِلَفْظِ الِاسْتِحْقَاقِ لِأَنَّهُ يُفِيدُهُ، وَمِنْ ثَمَّ صَحَّ بِعْتُك هَذَا عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي عَشَرَةً وَتَكُونُ هِيَ الثَّمَنَ، أَمَّا بِالْفَوْقِيَّةِ فَهُوَ وَعْدٌ مِنْهَا لِأَبِيهَا وَهُوَ غَيْرُ مُفْسِدٍ لِلصَّدَاقِ، كَذَا قَالَهُ جَمْعٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ فِي أَنْكِحَتِهَا بِشَرْطِ أَنْ تُعْطِيَنِي هِيَ كَذَا شَرْطٌ فَاسِدٌ لِأَنَّهُ عَقْدٌ فِي عَقْدٍ أَيْضًا، وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ إعْطَائِهَا الْأَبَ مَا لَا يَجِبُ عَلَيْهَا وَعَدَمُ نَفَقَتِهَا الْوَاجِبَةِ لَهَا. (وَلَوْ) (شَرَطَ) فِي صُلْبِ الْعَقْدِ (خِيَارًا فِي النِّكَاحِ) (بَطَلَ النِّكَاحُ) لِمُنَافَاتِهِ لِوَضْعِ النِّكَاحِ مِنْ الدَّوَامِ وَاللُّزُومِ، وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ شَرَطَهُ عَلَى تَقْدِيرِ عَيْبٍ مُثْبِتٍ لِلْخِيَارِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ (أَوْ) شَرَطَ خِيَارًا (فِي الْمَهْرِ) (فَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ النِّكَاحِ) لِأَنَّهُ لِاسْتِقْلَالِهِ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ فَسَادُ غَيْرِهِ (لَا الْمَهْرُ) لِأَنَّ الصَّدَاقَ لَمْ يَتَمَحَّضْ لِلْعِوَضِيَّةِ بَلْ فِيهِ شَائِبَةُ النِّحْلَةِ فَلَمْ يُلْقَ بِهِ الْخِيَارُ لِأَنَّهُ يَكُونُ فِي الْمُعَاوَضَةِ الْمَحْضَةِ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ. وَالثَّانِي يَصِحُّ الْمَهْرُ أَيْضًا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْمَالُ كَالْبَيْعِ فَيَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ. وَالثَّالِثُ يَفْسُدُ النِّكَاحُ لِفَسَادِ الْمَهْرِ أَيْضًا (وَسَائِرِ الشُّرُوطِ) أَيْ بَاقِيهَا (إنْ وَافَقَ مُقْتَضَى النِّكَاحِ) كَشَرْطِ الْقَسْمِ وَالنَّفَقَةِ (أَوْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ غَرَضٌ) كَأَنْ لَا تَأْكُلَ إلَّا كَذَا (لَغَا) الشَّرْطُ أَنْ لَا يُؤَثِّرَ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ وَالْمَهْرِ، وَلَكِنَّهُ فِي الْأَوَّلِ مُؤَكِّدٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْإِلْغَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَلَا أَثَرَ لِلنَّقْصِ فِيهِمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَالْكَلَامُ حِينَئِذٍ فِي الرَّشِيدَةِ وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَوْ وَكِيلٌ عَنْهَا وَكَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ وَكِيلًا وَأَذِنَتْ لَهُ. (قَوْلُهُ: فَسَدَ) أَيْ الْمُسَمَّى، وَقَوْلُهُ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ: أَيْ وَلَا رُجُوعَ لِلزَّوْجِ عَلَى الْأَبِ بِمَا دَفَعَهُ لَهُ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ مِنْهُ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ مِنْ الصَّدَاقِ (قَوْلُهُ: صَحَّ بِالْأَلْفَيْنِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: بِلَفْظِ الِاسْتِحْقَاقِ) أَيْ الَّذِي أَفَادَهُ قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ لِأَبِيهَا أَلْفًا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ إلَخْ) وَلَيْسَ فِيهِ مَا يَقْتَضِي اعْتِمَادَ مُقْتَضَى النَّظَرِ، فَإِنَّ مُجَرَّدَ التَّوَقُّفِ فِي الْحُكْمِ لَا يُبْطِلُهُ وَإِنَّمَا يَقْتَضِي مُخَالَفَةَ الْأَوَّلِ لَوْ ذَكَرَ أَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الْأَوْجَهُ أَوْ نَحْوَهُ، وَكَذَا كُلُّ مَوْضِعٍ نُقِلَ فِيهِ حُكْمٌ عَنْ أَحَدٍ وَنَظَرَ فِيهِ لَا يَكُونُ النَّظَرُ مُقْتَضِيًا لِضَعْفِهِ وَمَعَ ذَلِكَ مُقْتَضَى النَّظَرِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: أَوْ شَرَطَ خِيَارًا) قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَلَا يَضُرُّ شَرْطُ الْخِيَارِ عَلَى تَقْدِيرِ وُجُوبِ عَيْبٍ كَمَا بَحَثَ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ، وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ شَرْطُ طَلَاقٍ عَلَى تَقْدِيرِ الْإِيلَاءِ أَوْ تَحْرِيمٍ عَلَى تَقْدِيرِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ اهـ. وَلَا مَحِيصَ عَنْ ذَلِكَ لِلْمُتَأَمِّلِ وَإِنْ خَالَفَهُ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ سم وَهُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا مَحِيصَ عَنْهُ بَلْ مَأْخُوذٌ مِنْ عُمُومِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَسَائِرُ الشُّرُوطِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي الْمَهْرِ) كَأَنْ قَالَ زَوَّجْتُكهَا بِكَذَا عَلَى أَنَّ لَك أَوْلَى الْخِيَارِ فِي الْمَهْرِ، فَإِنْ شِئْت أَوْ شِئْت أَبْقَيْت الْعَقْدَ بِهِ وَإِلَّا فَسَخَ الصَّدَاقُ وَرَجَعَ لِمَهْرِ الْمِثْلِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَلَكِنَّهُ فِي الْأَوَّلِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ إنْ وَافَقَ مُقْتَضَى النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: مُؤَكِّدٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ) أَيْ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ فَهُوَ وَعْدٌ مِنْهَا) لَعَلَّهُ بِالنَّظَرِ لِمُوَافَقَتِهَا إيَّاهُ، وَإِلَّا فَهِيَ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهَا وَعْدٌ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهِ) لَعَلَّ وَجْهَ خُرُوجِهِ عَمَّا يَأْتِي فِي شَرْطِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْعَقْدِ اللُّزُومُ وَهَذَا يُنَافِيهِ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ بَلْ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَاهُ، وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ شَرْطِ الْخِيَارِ الْمَذْكُورِ وَشَرْطِ الطَّلَاقِ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَمُخِلٌّ بِمَقْصُودِهِ فَتَأَمَّلْهُ فَلَعَلَّهُ يَنْدَفِعُ بِهِ تَشْنِيعُ الشِّهَابِ سم عَلَى الشَّارِحِ

فِيهِ بُطْلَانِهِ بِخِلَافِ الثَّانِي، وَمَا أَوْهَمَهُ كَلَامُ بَعْضِ الشَّارِحِينَ مِنْ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْبُطْلَانِ وَكَلَامُ آخَرَ مِنْ اسْتِوَائِهِمَا فِي عَدَمِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ (وَصَحَّ النِّكَاحُ وَالْمَهْرُ) كَالْبَيْعِ (وَإِنْ خَالَفَ) مُقْتَضَاهُ (وَلَمْ يُخِلَّ بِمَقْصُودِهِ الْأَصْلِيِّ) سَوَاءٌ كَانَ لَهَا (كَشَرْطِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ) عَلَيْهَا كَشَرْطِ (أَنْ لَا نَفَقَةَ لَهَا صَحَّ النِّكَاحُ) لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَفْسُدْ بِفَسَادِ الْعِوَضِ فَلَأَنْ لَا يَفْسُدَ بِفَسَادِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ أَوْلَى (وَفَسَدَ الشَّرْطُ) لِمُخَالَفَتِهِ لِلشَّرْعِ فَقَدْ صَحَّ «كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ» (وَالْمَهْرُ) لِأَنَّ شَارِطَهُ لَمْ يَرْضَ بِالْمُسَمَّى إلَّا مَعَ سَلَامَةِ شَرْطِهِ وَلَمْ يُسَلِّمْ فَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ. (وَإِنْ) (أَخَلَّ) الشَّرْطُ بِمَقْصُودِ النِّكَاحِ الْأَصْلِيِّ (ك) شَرْطِ وَلِيِّ الزَّوْجَةِ عَلَى الزَّوْجِ (أَنْ لَا يَطَأَ) هَا مُطْلَقًا أَوْ فِي نَحْوِ نَهَارٍ وَهِيَ مُحْتَمِلَةٌ لَهُ أَوْ أَنْ لَا يَسْتَمْتِعَ بِهَا (أَوْ) شَرْطَ الْوَلِيُّ أَوْ الزَّوْجُ أَنْ (يُطَلِّقَهَا) بَعْدَ زَمَنٍ مُعَيَّنٍ أَوْ لَا (بَطَلَ النِّكَاحُ) لِلْإِخْلَالِ الْمَذْكُورِ وَلَا تَكْرَارَ فِي الْأَخِيرَةِ مَعَ مَا مَرَّ فِي التَّحْلِيلِ. أَمَّا إذَا كَانَ الشَّارِطُ لِعَدَمِ الْوَطْءِ هُوَ الزَّوْجُ فَلَا بُطْلَانَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّهُ حَقُّهُ فَلَهُ تَرْكُهُ، وَلَمْ تُنَزَّلْ مُوَافَقَتُهُ فِي الْأَوَّلِ مَنْزِلَةَ شَرْطِهِ حَتَّى يَصِحَّ وَلَا مُوَافَقَتُهَا فِي الثَّانِي مَنْزِلَةَ شَرْطِهَا حَتَّى يَبْطُلَ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْمُبْتَدِئِ فَأُنِيطَ الْحُكْمُ بِهِ دُونَ الْمُسَاعِدِ لَهُ عَلَى شَرْطِهِ دَفَعَا لِلتَّعَارُضِ. وَأَمَّا إذَا لَمْ تَحْتَمِلْهُ فَشَرَطَتْ عَدَمَهُ مُطْلَقًا إنْ أَيِسَ مِنْ احْتِمَالِهَا لَهُ كَقَرْنَاءَ أَوْ إلَى زَمَنِ احْتِمَالِهِ فَلَا يَضُرُّ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الشَّرْطِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَلَوْ كَانَتْ مُتَحَيِّرَةً وَحَرَّمْنَا وَطْأَهَا وَشَرَطَتْ تَرْكَهُ احْتِمَالَ الْقَوْلِ بِفَسَادِ النِّكَاحِ لِتَوَقُّعِ شِفَائِهَا وَاحْتَمَلَ خِلَافَهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْعِلَّةَ الْمُزْمِنَةَ إذَا طَالَتْ دَامَتْ اهـ. وَهَذَا أَوْجَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــSكَمَا هُوَ قَضِيَّةُ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: كَشَرْطِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا) . [تَنْبِيهٌ] قَدْ يَسْتَشْكِلُ كَوْنُ التَّزَوُّجِ عَلَيْهَا مِنْ مُقْتَضَى النِّكَاحِ بِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ أَنَّهُ لَا يَقْتَضِي مَنْعَهُ وَلَا عَدَمَهُ. وَيُجَابُ بِمَنْعِ ذَلِكَ وَادِّعَاءِ أَنَّ نِكَاحَ مَا دُونَ الرَّابِعَةِ مُقْتَضٍ لِحِلِّهَا بِمَعْنَى أَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَهُ عَلَامَةً عَلَيْهِ اهـ حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ: قَدْ يُوضَحُ بِأَنَّ نِكَاحَ الْوَاحِدَةِ مَثَلًا لَمَّا كَانَ مَظِنَّةَ الْحَجْرِ وَمَنْعِ غَيْرِهَا أَثْبَتَ الشَّارِعُ حِلَّ غَيْرِهَا بَعْدَ نِكَاحِهَا دَفْعًا لِتَوَهُّمِ عُمُومِ تِلْكَ الْمَظِنَّةِ لِمَنْعِ غَيْرِهَا فَصَارَ نِكَاحُ غَيْرِهَا مِنْ آثَارِهَا نِكَاحَهَا وَتَابِعًا لَهُ فِي الثُّبُوتِ فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ اهـ (قَوْلُهُ: كَشَرْطِ أَنْ لَا نَفَقَةَ لَهَا) أَيْ عَلَى الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: فَلَأَنْ لَا يَفْسُدَ) بِفَتْحِ اللَّامِ الْمُؤَكِّدَةِ (قَوْلُهُ: «لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ» ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُوَافِقْ قَوَاعِدَ الشَّرْعِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَافَقَهَا وَإِنْ ثَبَتَ بِغَيْرِ الْقُرْآنِ. (قَوْلُهُ: أَنْ يُطَلِّقَهَا) أَيْ بِخِلَافِ شَرْطِ أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا أَوْ لَا يُخَالِعَهَا فَلَا يُؤَثِّرُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، لَكِنْ يَبْقَى الْكَلَامُ فِي أَنَّهُ مِنْ الْمُوَافِقِ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ أَوْ مِنْ الْمُخَالِفِ الْغَيْرِ الْمُخِلِّ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَالظَّاهِرُ الثَّانِي فَيَفْسُدُ الشَّرْطُ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: مَعَ مَا مَرَّ فِي التَّحْلِيلِ) أَيْ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا وَقَعَ عَلَى سَبِيلِ التَّمْثِيلِ لِمَا يُخِلُّ بِمُقْتَضَاهُ، وَمِثْلُهُ لَا يُعَدُّ تَكْرَارًا لِأَنَّهُ لَيْسَ مَقْصُودًا بِالذَّاتِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ تَرْكُهُ) قَالَ الْمَحَلِّيُّ: بَعْدَ مَا ذَكَرَ بِخِلَافِهِ فِيهَا: أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرَطَتْ هِيَ عَدَمَ الْوَطْءِ فَلَا يَصِحُّ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ غَيْرَ مُتَهَيِّئٍ لِلْوَطْءِ لِصِغَرٍ أَوْ نَحْوِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْأَقْرَبُ الصِّحَّةُ فِيهِ مَادَامَ الزَّوْجُ غَيْرَ مُتَهَيِّئٍ لِلنِّكَاحِ لِأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِمُقْتَضَى النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَنْزِلْ مُوَافَقَتُهُ فِي الْأَوَّلِ) وَهُوَ مَا لَوْ كَانَ شَرَطَ عَدَمَ الْوَطْءِ مِنْهَا (قَوْلُهُ: إنْ أَيِسَ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِحَسَبِ ظَاهِرِ الْحَالِ وَإِلَّا فَالْقَرْنَاءُ يُمْكِنُ زَوَالُ مَانِعِهَا (قَوْلُهُ: وَحَرَّمْنَا وَطْأَهَا) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ (قَوْلُهُ: وَاحْتَمَلَ خِلَافَهُ) أَيْ الْقَوْلَ بِالصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا أَوْجَهُ) وَمَحَلُّهُ حَيْثُ أَطْلَقَ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يَطَأَ وَإِنْ زَالَ الْمَانِعُ، فَقِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ الْبُطْلَانِ فِي شَرْطِ عَدَمِ إرْثِ الْكِتَابِيَّةِ وَإِنْ زَالَ الْمَانِعُ بُطْلَانَهُ هُنَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَهَذَا أَوْجَهُ) يَتَعَيَّنُ أَنْ يَجِيءَ فِيهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي فِيمَا لَوْ تَزَوَّجَ كِتَابِيَّةً أَوْ أَمَةً بِشَرْطِ عَدَمِ الْإِرْثِ وَرَأَيْتُ

وَمِنْ هَذَا الْقِسْمِ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الْحَنَّاطِيِّ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي مَا لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا تَرِثَهُ أَوْ يَرِثَهَا أَوْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا غَيْرُهُ وَإِنْ صَحَّحَ الْبُلْقِينِيُّ الصِّحَّةَ وَبُطْلَانَ الشَّرْطِ. وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِي شَرْطِ نَفْيِ الْإِرْثِ كَمَا بَحَثَهُ فِي الْخَادِمِ فِي غَيْرِ الْكِتَابِيَّةِ وَالْأَمَةِ، فَلَوْ تَزَوَّجَ كِتَابِيَّةً أَوْ أَمَةً عَلَى أَنْ لَا يَرِثَهَا، فَإِنْ أَرَادَ مَا دَامَ الْمَانِعُ قَائِمًا صَحَّ النِّكَاحُ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ، وَإِنْ أَرَادَ مُطْلَقًا فَبَاطِلٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِمُقْتَضَى النِّكَاحِ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَالْأَوْجَهُ الصِّحَّةُ لِأَنَّ الْأَصْلَ دَوَامُ الْمَانِعِ، وَيَحْتَمِلُ الْبُطْلَانَ تَنْزِيلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ. (وَلَوْ) (نَكَحَ نِسْوَةً بِمَهْرٍ) وَاحِدٍ كَأَنْ زَوَّجَهُ بِهِنَّ جَدُّهُنَّ أَوْ مُعْتِقُهُنَّ أَوْ وَكِيلُ أَوْلِيَائِهِنَّ (فَالْأَظْهَرُ فَسَادُ الْمَهْرِ) لِلْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْهُنَّ حَالًّا مَعَ اخْتِلَافِ الْمُسْتَحِقِّ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ زَوَّجَ أَمَتَيْهِ بِقِنٍّ صَحَّ بِالْمُسَمَّى (وَلِكُلٍّ مَهْرُ مِثْلٍ) وَالثَّانِي يَصِحُّ وَيُوَزَّعُ عَلَى مَهْرِ أَمْثَالِهِنَّ. (وَلَوْ) (نَكَحَ وَلِيُّ أَبٍ أَوْ جَدٍّ لِطِفْلٍ) أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ سَفِيهٍ (بِفَرْقِ مَهْرِ مِثْلٍ) بِمَا لَا يَتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ مِنْ مَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَمَهْرُ مِثْلِهَا يَلِيقُ بِهِ عَلَى مَا مَرَّ فِي بَابِ مَبْحَثِ نِكَاحِ السَّفِيهِ وَغَيْرِهِ (أَوْ أَنْكَحَ بِنْتًا) لَهُ بِمُوَحَّدَةٍ فَنُونٍ كَمَا هُوَ بِخَطِّهِ (لَا) بِمَعْنَى غَيْرٍ لِعَدَمِ وُجُودِ شَرْطِ الْعَطْفِ بِهَا كَمَا فِي قَوْلِهِ لَا طَهُورَ ظَهَرَ إعْرَابُهَا فِيمَا بَعْدَهَا لِكَوْنِهَا بِصُورَةِ الْحَرْفِ (رَشِيدَةً) كَمَجْنُونَةٍ وَبِكْرٍ صَغِيرَةٍ أَوْ سَفِيهَةٍ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ (أَوْ) أَنْكَحَ بِنْتًا لَهُ (رَشِيدَةً) بِكْرًا بِلَا إذْنٍ مِنْهَا لَهُ فِي النَّقْصِ عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ (بِدُونِهِ) أَيْ مَهْرِ الْمِثْلِ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ بِهِ (فَسَدَ الْمُسَمَّى) لِانْتِفَاءِ الْحَظِّ الْمُشْتَرَطِ فِي تَصَرُّفِ الْوَلِيِّ بِالزِّيَادَةِ فِي الْأُولَى وَالنَّقْصِ فِيمَا بَعْدَهَا. أَمَّا مِنْ مَالِ الْوَلِيِّ فَيَصِحُّ كَمَا رَجَّحَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ لِأَنَّ فِي إفْسَادِهِ إضْرَارًا بِالِابْنِ بِإِلْزَامِهِ بِكَمَالِ الْمَهْرِ مِنْ مَالِهِ، وَلِظُهُورِ هَذِهِ الْمَصْلَحَةِ لَمْ يُنْظَرْ إلَى تَضْمِينِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ. وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ التَّرْكِيبُ مِنْ كَوْنِهِ غَيْرَ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّ لَا إذَا دَخَلَتْ عَلَى مُفْرَدٍ هُوَ صِفَةٌ لِسَابِقٍ وَجَبَ تَكْرَارُهَا نَحْوَ {لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ} [البقرة: 68] {لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ} [النور: 35] مَرْدُودٌ لِأَنَّ شَرْطَ لَا الْوَاجِبِ تَكْرَارُهَا أَنْ لَا تَكُونَ بِمَعْنَى غَيْرٍ كَمَا اقْتَضَاهُ جَعْلُهُمْ الَّتِي يَجِبُ تَكْرَارُهَا غَيْرَ الَّتِي بِمَعْنَى غَيْرٍ حَيْثُ قَالُوا فِي الْأُولَى شَرْطُهَا أَنْ يَلِيَهَا جُمْلَةٌ اسْمِيَّةٌ صَدْرُهَا مَعْرِفَةٌ أَوْ نَكِرَةٌ وَلَمْ تَعْمَلْ فِيهَا أَوْ فِعْلٌ مَاضٍ وَلَوْ تَقْدِيرًا وَقَالُوا قَدْ تَرِدُ اسْمًا بِمَعْنَى غَيْرٍ نَحْوُ {وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] {لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ} [الواقعة: 33] {لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ} [البقرة: 68] فَأَفْهَمَ هَذَا أَنَّ لَا الَّتِي احْتَجَّ بِهَا الْمُعْتَرِضُ فِي الْآيَةِ لَيْسَتْ مِمَّا يَجِبُ تَكْرِيرُهُ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى غَيْرٍ فِيهَا، وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَمَا ذَكَرَهُ اعْتِرَاضًا وَتَعْلِيلًا غَيْرَ صَحِيحٍ (وَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ النِّكَاحِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) لِأَنَّهُ لَا يَفْسُدُ بِفَسَادِ الصَّدَاقِ كَمَا مَرَّ، وَفَارَقَ عَدَمَ صِحَّتِهِ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ إيجَابَ مَهْرِ الْمِثْلِ هُنَا تَدَارُكٌ لِمَا فَاتَ مِنْ الْمُسَمَّى وَذَلِكَ لَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ. وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَمِنْ هَذَا الْقِسْمِ) وَهُوَ مَا أَخَلَّ بِمُقْتَضَاهُ (قَوْلُهُ: صَحَّ النِّكَاحُ) هَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ فِي شَرْطِهِ عَدَمُ وَطْءِ الْقَرْنَاءِ. (قَوْلُهُ صَحَّ بِالْمُسَمَّى) وَعَلَيْهِ فَلَوْ انْفَسَخَ نِكَاحُ إحْدَاهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ طَلُقَتْ وُزِّعَ الْمُسَمَّى عَلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ مَهْرِ الْمِثْلِ، فَلَوْ كَانَ مَهْرُ الْبَاقِيَةِ عِشْرِينَ وَاَلَّتِي انْفَسَخَ نِكَاحُهَا عَشَرَةٌ سَقَطَ عَنْ الزَّوْجِ ثُلُثُ الْمُسَمَّى وَوَجَبَ لِلْبَاقِيَةِ ثُلُثَاهُ. (قَوْلُهُ لِعَدَمِ وُجُودِ شَرْطِ الْعَطْفِ) وَهُوَ أَنْ لَا يَصْدُقَ أَحَدُ مَعْطُوفَيْهَا عَلَى الْآخَرِ (قَوْله فَسَدَ الْمُسَمَّى) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُعَيَّنْ لَهُ قَدْرًا، وَلَوْ قَالَتْ لِوَلِيِّهَا وَيَنْقُصُ عَنْهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمَا إذَا كَانَ يُزَوِّجُهَا بِالْإِجْبَارِ كَمَا يَعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ بِكْرًا فَلَا يَشْكُلُ بِمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ مِنْ الْبُطْلَانِ عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ (قَوْله أَمَّا مِنْ مَالِ الْوَلِيِّ فَيَصِحُّ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ مِنْ مَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: قَالُوا فِي الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ الَّتِي يَجِبُ تَكْرَارُهَا (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّيْخَ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ) اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِ الْأُصُولِيِّينَ إنَّ الْفِعْلَ لَا عُمُومَ لَهُ، وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ النُّسَخِ لَفْظُ مُطْلَقًا أَوْ نَحْوُهَا.

[فصل في التفويض]

لِفَسَادِ الْمَهْرِ بِمَا ذُكِرَ. (وَلَوْ) (تَوَافَقُوا) أَيْ الزَّوْجُ وَالْوَلِيُّ أَوْ الزَّوْجَةُ الرَّشِيدَةُ، فَالْجَمْعُ بِاعْتِبَارِهَا وَإِنْ كَانَتْ مُوَافَقَةُ الْوَلِيِّ حِينَئِذٍ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي اللُّزُومِ أَوْ بِاعْتِبَارِ مَنْ يَنْضَمُّ لِلْفَرِيقَيْنِ غَالِبًا (عَلَى مَهْرٍ سِرًّا وَأَعْلَنُوا زِيَادَةً فَالْمَذْهَبُ وُجُوبٌ مَا عَقَدَ بِهِ) أَوَّلًا وَإِنْ تَكَرَّرَ قَلَّ أَوْ كَثُرَ اتَّحَدَتْ شُهُودُ السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ أَمْ لَا لِأَنَّ الْمَهْرَ إنَّمَا يَجِبُ بِالْعَقْدِ فَلَمْ يُنْظَرْ لِغَيْرِهِ، وَعَلَى هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ حَمَلُوا نَصَّ الشَّافِعِيِّ فِي مَوْضِعٍ عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ مَهْرُ السِّرِّ، وَفِي آخَرَ عَلَى أَنَّهُ مَهْرُ الْعَلَانِيَةِ وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ تَحْكِي قَوْلَيْنِ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَثْبَتَهُمَا فِي الْحَالَةِ الْأُولَى أَيْضًا. (وَلَوْ) (قَالَتْ) رَشِيدَةٌ (لِوَلِيِّهَا) غَيْرِ الْمُجْبِرِ (زَوِّجْنِي بِأَلْفٍ فَنَقَصَ عَنْهُ) (بَطَلَ النِّكَاحُ) كَمَا لَوْ قَالَتْ لَهُ زَوِّجْنِي مِنْ زَيْدٍ فَزَوَّجَهَا مِنْ عَمْرٍو (فَلَوْ) (أَطْلَقَتْ) الْإِذْنَ بِأَنْ لَمْ تَتَعَرَّضْ فِيهِ لِمَهْرٍ (فَنَقَصَ عَنْ مَهْرِ مِثْلِ) (بَطَلَ) إذْ الْإِذْنُ الْمُطْلَقُ مَحْمُولٌ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ فَكَأَنَّهَا قُيِّدَتْ بِهِ (وَفِي قَوْلٍ يَصِحُّ بِمَهْرِ مِثْلٍ) وَكَذَا لَوْ زَوَّجَهَا بِلَا مَهْرٍ (قُلْت: الْأَظْهَرُ صِحَّةُ النِّكَاحِ فِي الصُّورَتَيْنِ) أَيْ التَّقْيِيدُ وَالْإِطْلَاقُ (بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَسَائِرِ الْأَسْبَابِ الْمُفْسِدَةِ لِلصَّدَاقِ، وَلِأَنَّ الْبُضْعَ لَهُ مَرَدٌّ شَرْعِيٌّ يُرَدُّ إلَيْهِ وَبِهِ فَارَقَ تَزْوِيجَهُ مِنْ عَمْرِو فِيمَا ذَكَرَ، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ كَالْبُلْقِينِيِّ إنَّهَا لَوْ كَانَتْ سَفِيهَةً فَسَمَّى دُونَ تَسْمِيَتِهَا لَكِنَّهُ كَانَ زَائِدًا عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ انْعَقَدَ بِالْمُسَمَّى لِئَلَّا يَضِيعَ الزَّائِدُ عَلَيْهَا وَاطِّرَادُهُ فِي الرَّشِيدَةِ مَرْدُودٌ بَلْ الْوَاجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ. لَا يُقَالُ: بَلْ هُوَ صَحِيحٌ لِأَنَّ عِبَارَتَهَا مُلْغَاةٌ فِي الْمَالِ فَكَأَنَّ الْوَلِيَّ ابْتَدَأَ بِمَا سَمَّاهُ فَوَجَبَ. لِأَنَّا نَقُولُ: بِتَسْلِيمِهِ لَوْ ابْتَدَأَ بِهِ، أَمَّا فِي مَسْأَلَتِنَا فَرَتَّبَهُ عَلَى تَسْمِيَةٍ غَيْرِ مُعْتَبَرَةٍ فَلَغَا مَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا، وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ لَوْ قَالَتْ لِوَلِيِّهَا زَوِّجْنِي مِنْ فُلَانٍ إنْ رَدَّ عَلَيَّ ثِيَابِي كَانَ تَزْوِيجُهَا مِنْهُ إنْ رَدَّ ثِيَابَهَا عَلَيْهَا وَإِلَّا فَلَا، وَكَذَا لَوْ قَالَتْ زَوِّجْنِي مِنْ فُلَانٍ إنْ كَانَ يَتَزَوَّجُنِي عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَيْهَا صَحَّ وَإِلَّا فَلَا، وَوَجْهُهُ أَنَّ إذْنَهَا مَشْرُوطٌ بِذَلِكَ فَلَيْسَ مُفَرَّعًا عَلَى مَا فِي الْمُحَرَّرِ. (فَصْلٌ) فِي التَّفْوِيضِ وَهُوَ لُغَةً: رَدُّ الْأَمْرِ لِلْغَيْرِ وَشَرْعًا: إمَّا تَفْوِيضُ بُضْعٍ وَهُوَ إخْلَاءُ النِّكَاحِ عَنْ الْمَهْرِ وَإِمَّا تَفْوِيضُ مَهْرٍ كَزَوِّجْنِي بِمَا شِئْت أَوْ شَاءَ فُلَانٌ، وَالْمُرَادُ هُنَا هُوَ الْأَوَّلُ، وَتُسَمَّى مُفَوَّضَةً بِالْكَسْرِ وَهُوَ وَاضِحٌ وَبِالْفَتْحِ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ مَهْرُ السِّرِّ) أَيْ السِّرُّ إذَا تَقَدَّمَ وَالْعَلَانِيَةُ إنْ تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ كَمَا لَوْ قَالَتْ (قَوْلُهُ: فَرَتَّبَهُ) أَيْ الْوَلِيُّ وَقَوْلُهُ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ وَهِيَ تَسْمِيَتُهَا لِأَنَّ عِبَارَتَهَا لَاغِيَةٌ فِي الْمَالِ (قَوْلُهُ: إنْ رَدَّ عَلَى ثِيَابِي) أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: كَانَ لَهُ تَزْوِيجُهَا) وَإِنَّمَا لَمْ يَبْطُلْ إذْنُهَا الْمَذْكُورُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى التَّعْلِيقِ لِمَا مَرَّ فِي كَلَامِهِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ وَكِيلًا، إذْ التَّعْلِيقُ إنَّمَا يُبْطِلُ الْوَكَالَةَ دُونَ الْوِلَايَةِ إذْ هِيَ ثَابِتَةٌ قَبْلَ الْإِذْنِ وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ تَصَرُّفَهُ مَوْقُوفٌ عَلَى الْإِذْنِ مِنْهَا وَقَدْ وُجِدَ. [فَصْلٌ فِي التَّفْوِيضِ] (فَصْلٌ) فِي التَّفْوِيضِ (قَوْلُهُ: فِي التَّفْوِيضِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ تَقَرُّرِ الْمَهْرِ بِالْمَوْتِ وَمِنْ حَبْسِهَا نَفْسِهَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ إخْلَاءُ النِّكَاحِ عَنْ الْمَهْرِ) أَيْ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ، وَمِنْهُ أَنْ تَقُولَ لِوَلِيِّهَا زَوِّجْنِي بِلَا مَهْرٍ فَيُزَوِّجُهَا كَذَلِكَ أَوْ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ، أَمَّا لَوْ قَالَ الْوَلِيُّ زَوَّجْتُكهَا بِلَا مَهْرٍ وَلَمْ يَسْبِقْ إذْنٌ مِنْهَا بِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ تَفْوِيضًا عَلَى الْوَجْهِ الْمُرَادِ هُنَا بَلْ يَجِبُ فِيهِ مَهْرُ الْمِثْلِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَوَّلُ) وَأَمَّا الثَّانِي فَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ مِنْ أَنَّهَا إنْ عَيَّنَتْ مَهْرًا اُتُّبِعَ وَإِنْ لَمْ تُعَيِّنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصْلٌ) فِي التَّفْوِيضِ (قَوْلُهُ: إخْلَاءُ النِّكَاحِ عَنْ الْمَهْرِ) يَعْنِي عَلَى الْوَجْهِ الْخَاصِّ الْآتِي فِي الْمَتْنِ، وَلَعَلَّ اللَّامَ فِي الْمَهْرِ لِلْعَهْدِ الشَّرْعِيِّ:

وَهُوَ أَفْصَحُ لِأَنَّ الْوَلِيَّ فَوَّضَ أَمْرَهَا إلَى زَوْجِهَا: أَيْ جَعَلَ لَهُ دَخْلًا فِي إيجَابِهِ بِفَرْضِهِ الْآتِي. وَكَانَ قِيَاسُهُ وَإِلَى الْحَاكِمِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ كَنَائِبِهِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى ذِكْرِهِ إذَا (قَالَتْ رَشِيدَةٌ) بِكْرٌ أَوْ ثَيِّبٌ أَوْ سَفِيهَةٌ مُهْمَلَةٌ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ فِي الْحَجْرِ لِوَلِيِّهَا (زَوِّجْنِي بِلَا مَهْرٍ) أَوْ عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ لِي (فَزَوَّجَ وَنَفَى الْمَهْرَ أَوْ سَكَتَ) عَنْهُ أَوْ زَوَّجَ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ أَوْ بِمُؤَجَّلٍ (فَهُوَ تَفْوِيضٌ صَحِيحٌ) كَمَا عُلِمَ مِنْ حَدِّهِ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ. وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بِلَا مَهْرٍ مَا لَوْ قَالَتْ زَوِّجْنِي فَقَطْ فَلَا يَكُونُ تَفْوِيضًا لِأَنَّ إذْنَهَا مَحْمُولٌ عَلَى مُقْتَضَى الشَّرْعِ وَالْعُرْفِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ لِاسْتِحْيَائِهَا مِنْ ذِكْرِ الْمَهْرِ غَالِبًا وَبِنَفْيِ الْمَهْرِ إلَى آخِرِهِ مَا لَوْ أَنْكَحَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ حَالًا مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بِالْمُسَمَّى أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ أَوْ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ لَغَتْ التَّسْمِيَةُ وَلَمْ يَجِبْ شَيْءٌ وَصَارَ كَمَا لَوْ سَكَتَ عَنْ الْمَهْرِ، وَمَحَلُّ اقْتِضَاءِ التَّسْمِيَةِ الْفَاسِدَةِ مَهْرَ الْمِثْلِ بِالْعَقْدِ فِي غَيْرِ التَّفْوِيضِ، وَلَوْ قَالَتْ زَوِّجْنِي بِلَا مَهْرٍ حَالًا وَلَا مَآلًا وَإِنْ جَرَى وَطْءٌ فَهُوَ تَفْوِيضٌ صَحِيحٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَانْتَصَرَ لَهُ الزَّرْكَشِيُّ لَا فَاسِدٌ وَإِنْ قَالَ بِهِ أَبُو إِسْحَاقَ وَصَاحِبَا الْمُهَذَّبِ وَالْبَيَانِ وَغَيْرُهُمْ كَمَا فِي سَائِرِ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الَّذِي يَقْتَضِيه إيرَادُ جُمْهُورِ الْعِرَاقِيِّينَ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ فَهُوَ الْمَذْهَبُ (وَكَذَا لَوْ قَالَ سَيِّدُ أَمَةٍ زَوَّجْتُكهَا بِلَا مَهْرٍ) إذْ هُوَ الْمُسْتَحَقُّ كَالرَّشِيدَةِ وَكَذَا لَوْ سَكَتَ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لِآخَرَ فِي تَزْوِيجِ أَمَتِهِ وَسَكَتَ عَنْ الْمَهْرِ فَزَوَّجَهَا الْوَكِيلُ وَسَكَتَ لَا يَكُونُ تَفْوِيضًا لِأَنَّ الْوَكِيلَ يَلْزَمُهُ الْحَظُّ لِمُوَكِّلِهِ فَيَنْعَقِدُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي وَلِيٍّ أَذِنَتْ لَهُ وَسَكَتَتْ، وَالْمُكَاتَبَةُ كِتَابَةً صَحِيحَةً مَعَ سَيِّدِهَا كَحُرَّةٍ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَا يُنَافِيه مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ التَّفْوِيضَ تَبَرُّعٌ، وَهِيَ لَا تَسْتَقِلُّ بِهِ إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ لِأَنَّ تَعَاطِيه لِذَلِكَ مُتَضَمِّنٌ لِلْإِذْنِ لَهَا فِيهِ، وَلَوْ زَوَّجَهَا عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا أَوْ عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا وَتُعْطِي زَوْجَهَا أَلْفًا وَقَدْ أَذِنَتْ بِذَلِكَ فَمُفَوَّضَةٌ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي التَّفْوِيضِ (وَلَا يَصِحُّ تَفْوِيضُهُ غَيْرَ رَشِيدَةٍ) كَغَيْرِ مُكَلَّفَةٍ وَسَفِيهَةٍ مَحْجُورٍ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ أَهْلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSزَوَّجَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهَا إذَا قَالَتْ لَهُ زَوِّجْنِي بِمَا شِئْت جَازَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَبِمَا دُونَهُ، وَلَا يَجُوزُ إخْلَاءُ النِّكَاحِ مِنْهُ، فَإِنْ أَخْلَاهُ مِنْهُ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَفْصَحُ) لَعَلَّ الْأَفْصَحِيَّةَ بِاعْتِبَارِ كَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهِ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ وَإِلَّا فَمِثْلُ ذَلِكَ لَا يَظْهَرُ فِيهِ مَعْنَى الْأَفْصَحِ فَإِنَّ اللُّغَتَيْنِ لَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: كَنَائِبِهِ) أَيْ كَنَائِبِ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ بِكْرٌ أَوْ ثَيِّبٌ) تَعْمِيمٌ (قَوْلُهُ: أَوْ سَفِيهَةٌ) أَشَارَ إلَى أَنَّ هَذِهِ مُلْحَقَةٌ بِالرَّشِيدَةِ وَلَيْسَتْ مِنْهَا، وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ فِي أَوَّلِ الْبَيْعِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّشِيدِ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ غَيْرُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فَهُوَ مُرَادٌ وَإِلَّا فَالرَّشِيدَةُ كَمَا تَقَدَّمَ مَنْ بَلَغَتْ مَصْلَحَةً لِدِينِهَا وَمَالِهَا (قَوْلُهُ: مُهْمَلَةٌ) بِأَنْ بَلَغَتْ رَشِيدَةٌ ثُمَّ بَذَرَتْ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهَا أَوْ فَسَقَتْ (قَوْلُهُ: أَوْ بِمُؤَجَّلٍ) أَيْ إنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ قَوْمٍ اعْتَادُوا التَّأْجِيلَ وَإِلَّا فَيَنْعَقِدُ بِمَا سُمِّيَ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِذَا جَرَى تَفْوِيضٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ) هَذَا عَيْنُ مَا سَبَقَ فِي قَوْلِهِ أَوَّلًا أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ أَوْ بِمُؤَجَّلٍ، وَلَعَلَّ ذِكْرَهُ تَوْطِئَةٌ لِقَوْلِهِ وَصَارَ كَمَا لَوْ إلَخْ عَلَى أَنَّ هَذَا سَاقِطٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَرَى وَطْءٌ) مِنْ تَتِمَّةِ الصِّيغَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ بِهِ أَبُو إِسْحَاقَ) أَيْ الْإسْفَرايِينِيّ (قَوْلُهُ وَسَكَتَ) أَيْ السَّيِّدُ، وَقَوْلُهُ فَزَوَّجَهَا الْوَكِيلُ وَسَكَتَ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ زَوَّجْتُكهَا بِلَا مَهْرٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ زَوَّجَهَا عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ) أَيْ زَوَّجَ الْوَلِيُّ الْحُرَّةَ أَوْ السَّيِّدُ الْأَمَةَ الْمُكَاتَبَةَ (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَذِنَتْ) أَيْ الْحُرَّةُ أَوْ الْمُكَاتَبَةُ فِي الصُّورَتَيْنِ وَمِثْلُهَا سَيِّدُ الْأَمَةِ لَكِنْ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنٍ مِنْ الْأَمَةِ (قَوْلُهُ: كَغَيْرِ مُكَلَّفَةٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ مَهْرُ الْمِثْلِ لِيَدْخُلَ مَا سَيَأْتِي فِيمَا لَوْ قَالَتْ لَهُ زَوِّجْنِي بِلَا مَهْرٍ فَزَوَّجَهَا بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ. أَوْ أَنَّ إخْلَاءَهُ عَنْ الْمَهْرِ هُوَ صُورَتُهُ الْأَصْلِيَّةُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ يَلْزَمُهُ الْحَظُّ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ كَانَ قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ذِكْرُ مَهْرُ الْمِثْلِ فَأَكْثَرُ فِي الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ زَوَّجَهَا عَلَى أَنَّ لَا مَهْرَ وَلَا نَفَقَةَ) يَعْنِي الرَّشِيدَةَ أَوْ مَنْ فِي مَعْنَاهَا مِمَّنْ مَرَّ

لِلتَّبَرُّعِ. أَمَّا إذْنُهَا فِي النِّكَاحِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى التَّفْوِيضِ فَصَحِيحٌ. (وَإِذَا جَرَى تَفْوِيضٌ صَحِيحٌ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ بِنَفْسِ الْعَقْدِ) وَإِلَّا لِتَشَطَّرَ بِطَلَاقٍ قَبْلَ وَطْءٍ، وَقَدْ دَلَّ الْقُرْآنُ عَلَى أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ غَيْرَ الْمُتْعَةِ. وَاعْتَرَضَ قَوْلُهُ شَيْءٌ بِأَنَّهُ أَوْجَبَ شَيْئًا هُوَ أَحَدُ أَمْرَيْنِ الْمَهْرَ أَوْ مَا يَتَرَاضَيَانِ بِهِ وَذَلِكَ يَتَعَيَّنُ بِتَرَاضِيهِمَا أَوْ بِالْوَطْءِ أَوْ بِالْمَوْتِ، وَيَرِدُ بِمَا يَأْتِي مِنْ إشْكَالِ الْإِمَامِ وَأَنَّهُ لَوْ طَلَّقَ قَبْلَ فَرْضٍ وَوَطْءٍ لَمْ يَجِبْ شَرْطٌ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ أَصْلًا بِنَفْسِ الْعَقْدِ، وَأَمَّا لُزُومُ الْمَالِ بِطَارِئٍ فَرْضٍ أَوْ وَطْءٍ أَوْ مَوْتٍ فَوُجُوبٌ مُبْتَدَأٌ وَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ هُوَ الْأَصْلُ فِيهِ. (فَإِنْ) (وَطِئَ) الْمُفَوَّضَةَ وَلَوْ مُخْتَارَةً (فَمَهْرُ مِثْلٍ) لَهَا لِأَنَّ الْبُضْعَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، إذْ لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ، وَمَرَّ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ أَنَّ الْحَرْبِيِّينَ لَا الذِّمِّيِّينَ لَوْ اعْتَقَدُوا أَنْ لَا مَهْرَ لِمُفَوِّضَةٍ مُطْلَقًا عَمِلْنَا بِهِ وَإِنْ أَسْلَمَا قَبْلَ الْوَطْءِ لِسَبْقِ اسْتِحْقَاقِهِ وَطْئًا بِلَا مَهْرٍ، وَكَذَا لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ عَبْدَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا أَوْ بَاعَهَا لِآخَرَ ثُمَّ دَخَلَ الزَّوْجُ بِهَا فَلَا مَهْرَ لَهَا وَلَا لِلْبَائِعِ (وَيُعْتَبَرُ) مَهْرُ الْمِثْلِ: أَيْ صَدَاقُهَا (بِحَالِ الْعَقْدِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ الْمُقْتَضِي لِلْوُجُوبِ وَالثَّانِي بِحَالِ الْوَطْءِ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْوُجُوبِ، وَنَقَلَ الْأَوَّلُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ لَكِنَّ الْمُرَجَّحَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَلَى الْمُعْتَبَرِينَ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وُجُوبُ الْأَكْثَرِ مِنْ الْعَقْدِ إلَى الْوَطْءِ، لِأَنَّ الْبُضْعَ لَمَّا دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ وَاقْتَرَنَ بِهِ إتْلَافٌ وَجَبَ الْأَقْصَى كَالْمَقْبُوضِ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْأَوْجَهَ فِيمَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْوَطْءِ تَرْجِيحُ اعْتِبَارِ الْأَكْثَرِ أَيْضًا خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، إذْ الْبُضْعُ قَدْ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ بِالْعَقْدِ وَاقْتَرَنَ بِهِ الْمُقَرَّرُ وَهُوَ الْمَوْتُ فَكَانَ كَالْوَطْءِ. (وَلَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ مُطَالَبَةُ الزَّوْجِ بِأَنْ يَفْرِضَ لَهَا مَهْرًا) لِتَكُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا. وَاسْتَشْكَلَهُ الْإِمَامُ بِأَنَّا إنْ قُلْنَا يَجِبُ مَهْرُ مِثْلٍ بِالْعَقْدِ فَمَا مَعْنَى الْمُفَوَّضَةِ، وَإِنْ قُلْنَا لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ فَكَيْفَ تَطْلُبُ مَا لَمْ يَجِبْ لَهَا. قَالَ: وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يُلْحِقَ مَا وُضِعَ عَلَى الْإِشْكَالِ بِمَا هُوَ بَيِّنٌ طَلَبَ مُسْتَحِيلًا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَعْنَى الْمُفَوَّضَةِ عَلَى الْأَوَّلِ جَوَازُ إخْلَاءِ الْوَلِيِّ الْعَقْدَ عَنْ التَّسْمِيَةِ وَكَفَى بِدَفْعِ الْإِثْمِ عَنْهُ فَائِدَةً وَمَعْنًى وَإِنَّمَا طَلَبَتْ ذَلِكَ عَلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ جَرَى سَبَبُ وُجُوبِهِ فَالْعَقْدُ سَبَبٌ لِلْوُجُوبِ بِنَحْوِ الْفَرْضِ لَا أَنَّهُ مُوجِبٌ لِلْمَهْرِ وَفَرْقٌ ظَاهِرٌ بَيْنَهُمَا (وَ) لَهَا أَيْضًا (حَبْسُ نَفْسِهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــSمِثَالٌ لِغَيْرِ الرَّشِيدَةِ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذْنُهَا) أَيْ الْمَحْجُورُ عَلَيْهَا بِسَفَهٍ لِلْعِلْمِ بِأَنَّ غَيْرَ الْمُكَلَّفَةِ لَا يَصِحُّ إذْنُهَا. [فَرْعٌ] قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَتَفْوِيضُ الْمَرِيضَةِ صَحِيحٌ إنْ صَحَّتْ، فَإِنْ مَاتَتْ وَأَجَازَ الْوَارِثُ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا هَكَذَا نَقَلَهُ م ر عَنْ خَطِّ وَالِدِهِ اهـ. أَقُولُ: وَيَنْبَغِي تَصْوِيرُ ذَلِكَ بِمَا لَوْ أَذِنَتْ أَنْ تُزَوَّجَ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَيَكُونُ مِنْ تَفْوِيضِ الْمَهْرِ، وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِلْفَرْقِ بَيْنَ إجَازَةِ الْوَارِثِ وَعَدَمِهَا، بَلْ لَا مَعْنًى لَهُ لِأَنَّهُ بِالْمَوْتِ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَا تَبَرُّعَ فِيهِ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَجَازَ الْوَارِثُ أَوْ رَدَّ (قَوْلُهُ: مِنْ إشْكَالِ الْإِمَامِ) أَيْ مِنْ الْجَوَابِ عَنْ إشْكَالِ الْإِمَامِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَجِبْ بِهِ شَيْءٌ وَإِنَّمَا هُوَ سَبَبٌ لِلْوُجُوبِ. (قَوْلُهُ أَوْ بَاعَهَا) أَيْ أَوْ بَاعَهُمَا مَعًا (قَوْله أَيْ صَدَاقُهَا) عِبَارَةٌ حَجّ: أَيْ صِفَاتُهَا الْمُرَاعَاةُ فِيهِ اهـ. وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْأَوْلَى جَعْلُهُ مُقَدَّرًا بَعْدَ الْجَارِ فِي قَوْمِهِ بِحَالِ الْعَقْدِ. فَيَقُولُ وَتُعْتَبَرُ بِصِفَاتِهَا الْمُرَاعَاةُ حَالَ الْعَقْدِ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ أَوْ صَدَاقُهَا (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْأَوْجَهَ) فِي الْأَخْذِ مِنْ ذَلِكَ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْتَرِنْ بِالْعَقْدِ إتْلَافٌ فِي مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) هُوَ حَجّ حَيْثُ اُعْتُبِرَ وَقْتُ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: مُطَالَبَةُ الزَّوْجِ) أَيْ إنْ كَانَ أَهْلًا وَإِلَّا فَلَهَا مُطَالَبَةُ الْوَلِيِّ فَيَقُومُ مَقَامَ الزَّوْجِ فِيمَا يَفْرِضُهُ كَمَا سَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَكَفَى بِدَفْعِ الْإِثْمِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عِنْدَ عَدَمِ التَّفْوِيضِ أَثِمَ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَمَّا إذْنُهَا فِي النِّكَاحِ الْمُشْتَمِلُ عَلَى التَّفْوِيضِ فَصَحِيحٌ) يَعْنِي أَنَّهَا إذَا أَذِنَتْ فِي النِّكَاحِ وَفَوَّضَتْ يَصِحُّ الْإِذْنُ بِالنِّسْبَةِ إلَى النِّكَاحِ لَا إلَى التَّفْوِيضِ (قَوْلُهُ: مِنْ إشْكَالِ الْإِمَامِ) يَعْنِي جَوَابَ إشْكَالِ الْإِمَامِ فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ،

عَنْ الزَّوْجِ (لِيَفْرِضَ) لَهَا مَهْرًا لِمَا مَرَّ أَيْضًا (وَكَذَا التَّسْلِيمُ الْمَفْرُوضُ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا لَهَا ذَلِكَ فِي الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ إذْ مَا فُرِضَ بَعْدَهُ بِمَنْزِلَةِ مَا سَمَّى فِيهِ. وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهَا سَامَحَتْ بِالْمَهْرِ فَكَيْفَ تَضَايَقَ بِتَقْدِيمِهِ، وَلَوْ خَافَتْ الْفَوْتَ بِالتَّسْلِيمِ جَازَ لَهَا ذَلِكَ قَطْعًا. (وَيُشْتَرَطُ رِضَاهَا بِمَا يَفْرِضُهُ الزَّوْجُ) وَإِلَّا فَكَمَا لَوْ لَمْ يُفْرَضْ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا، نَعَمْ إنْ فُرِضَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا بِاعْتِرَافِهَا حَالًّا مِنْ نَقْدِ بَلَدِهَا لَمْ يُعْتَبَرْ رِضَاهَا كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ دَاوُد عَنْ الْأَصْحَابِ، وَانْتَصَرَ لَهُ الْأَذْرَعِيُّ لِأَنَّهَا إذَا رَفَعَتْهُ لِحَاكِمٍ لَمْ يُفْرَضْ لَهَا غَيْرُهُ فَامْتِنَاعُهَا تَعَنُّتٌ وَعِنَادٌ (لَا عِلْمَهَا بِقَدْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بَدَلًا عَنْهُ بَلْ هُوَ الْوَاجِبُ. وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ عِلْمُهَا بِقَدْرِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ الْوَاجِبُ ابْتِدَاءً وَمَا يُفْرَضُ بَدَلٌ عَنْهُ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا قَبْلَ الدُّخُولِ. أَمَّا بَعْدَهُ فَلَا يَصِحُّ تَقْدِيرُهُ إلَّا بَعْدَ عِلْمِهِمَا بِقَدْرِهِ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ قِيمَةُ مُسْتَهْلَكٍ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. (وَيَجُوزُ فَرْضٌ مُؤَجَّلُ) بِالتَّرَاضِي (فِي الْأَصَحِّ) كَمَا يَجُوزُ تَأْجِيلُ الْمُسَمَّى. وَالثَّانِي لَا بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ مَهْرِ الْمِثْلِ ابْتِدَاءً، وَلَا مَدْخَلَ لِلتَّأْجِيلِ فِيهِ فَكَذَا بَدَلُهُ. (وَ) يَجُوزُ فَرْضٌ (فَوْقَ مَهْرِ مِثْلٍ) وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ غَيْرُ بَدَلٍ (وَقِيلَ لَا إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ) أَيْ الْمَهْرِ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْهُ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ النَّقْصُ عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ بِلَا خِلَافٍ قَالَهُ الْإِمَامُ. (وَلَوْ) (امْتَنَعَ) الزَّوْجُ (مِنْ الْفَرْضِ أَوْ تَنَازَعَا فِيهِ) أَيْ قَدْرِ الْمَفْرُوضِ وَرُفِعَ الْأَمْرُ لِلْقَاضِي بِدَعْوَى صَحِيحَةٍ (فَرَضَ الْقَاضِي) وَإِنْ لَمْ يَرْضَيَا بِفَرْضِهِ لِأَنَّهُ حُكْمٌ مِنْهُ وَمَنْصِبُهُ فَصْلُ الْخُصُومَاتِ (نَقْدَ الْبَلَدِ) أَيْ بَلَدِ الْفَرْضِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَا يُعَارِضُهُ التَّعْبِيرُ بِبَلَدِ الْمَرْأَةِ لِاسْتِلْزَامِ الْفَرْضِ حُضُورَهَا أَوْ حُضُورَ وَكِيلِهَا، فَالتَّعْبِيرُ بِبَلَدِ الْفَرْضِ لِتَدْخُلَ هَذِهِ الصُّورَةُ أَوْلَى، وَإِذَا اُعْتُبِرَ بَلَدُ الْفَرْضِ أَوْ بَلَدِهَا فَقَدْ ذَكَرُوا فِي اعْتِبَارِ قَدْرِهِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ بَلَدُهَا إلَّا إنْ كَانَ بِهَا نِسَاءُ قَرَابَتِهَا أَوْ بَعْضُهُنَّ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ بَلَدُهُنَّ إنْ جَمَعَهُنَّ بَلَدٌ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ أَقْرَبُهُنَّ لِبَلَدِهَا، فَإِنْ تَعَذَّرَتْ مَعْرِفَتُهُنَّ اُعْتُبِرَتْ أَجْنَبِيَّاتُ بَلَدِهَا كَمَا يَأْتِي. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الصِّفَةِ بِبَلَدِهَا أَوْ بِبَلَدِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَرَّ مِنْ اسْتِحْبَابِ التَّسْمِيَةِ إلَّا فِيمَا اُسْتُثْنِيَ، وَلَيْسَ، هَذَا مِنْهُ. (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ فُرِضَ) أَيْ الزَّوْجُ (قَوْلُهُ: لَا عِلْمُهَا) فِي نُسْخَةٍ لَا عِلْمُهُمَا وَهِيَ عَنْ خَطِّهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ) هَذَا التَّقْيِيدُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا يَفْرِضَانِهِ بِتَرَاضِيهَا وَمَا ذَكَرَهُ لَيْسَ مِنْهُ فَإِنَّ الْوَطْءَ بِمُجَرَّدِهِ يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ، فَالْبَحْثُ عَنْهُ بَحْثٌ يُعْلَمُ بِهِ مَا وَجَبَ لَهَا بِالْوَطْءِ (قَوْلُهُ: مُسْتَهْلَكٌ) بِفَتْحِ اللَّامِ، يُقَالُ أَهْلَكَهُ وَاسْتَهْلَكَهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ اهـ مُخْتَارٌ. (قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ) عِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ وَلَوْ مِنْ جِنْسِهِ وَهِيَ أَوْلَى لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِهِ وَقِيلَ لَا إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ النَّقْصُ) أَيْ بِالرِّضَا. (قَوْلُهُ: بِدَعْوَى صَحِيحَةٍ) أَيْ كَأَنْ قَالَتْ نَكَحَنِي بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ وَرِضَايَ بِلَا مَهْرٍ أَطْلُبُ الْمَهْرَ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ بَلَدُهَا) أَيْ وَلَا بَلَدَ الْفَرْضِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ بِهَا نِسَاءُ قَرَابَاتِهَا) أَيْ وَقَالُوا فِي النَّقْدِ الْعِبْرَةُ بِنَقْدِ بَلَدِ الْمَرْأَةِ أَوْ الْوَكِيلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ قَرَابَتِهَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَالْحَاصِلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضُهُنَّ) أَيْ وَلَوْ كُنَّ أَبْعَدَ، وَكَانَ الْأَقْرَبُ غَالِبًا بِغَيْرِ بَلَدِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ، وَعِبَارَتُهُ فِيمَا يَأْتِي: وَتُعْتَبَرُ الْحَاضِرَاتُ مِنْهُنَّ، وَظَاهِرُهُ مُوَافِقٌ لِمَا هُنَا ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ أَنَّ لَفْظَ جَوَابٍ سَقَطَ مِنْ الْكَتَبَةِ (قَوْلُهُ: بِاعْتِرَافِهَا) قَيْدٌ فِي كَوْنِهِ مَهْرَ مِثْلِهَا (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْقُوتِ: ذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ تَقْدِيرَ الْمَهْرِ بَعْدَ الدُّخُولِ وَأَنَّ الْحَاكِمَ يُقَدِّرُهُ فَإِنَّ حُكْمَهُ هُنَا مَقْصُورٌ عَلَى تَقْدِيرِهِ دُونَ إيجَابِهِ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ بِالدُّخُولِ وَإِنْ قَدَّرَهُ الزَّوْجَانِ لَمْ يَصِحَّ تَقْدِيرُهُمَا إلَّا مَعَ عِلْمِهِمَا بِقَدْرِهِ قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ هُنَا قِيمَةُ مُسْتَهْلَكٍ (قَوْلُهُ:: وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ) كَذَا فِي النُّسَخِ، وَيَنْبَغِي حَذْفُ لَفْظَةِ غَيْرِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْغَايَةِ مُخَالَفَةُ الْقَوْلِ الْأَتْي (قَوْلُهُ: فِي الصِّفَةِ) أَيْ صِفَةِ الْمَهْرِ

وَكِيلِهَا فَلَا يَكُونُ إلَّا مِنْ نَقْدِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ. وَفِي قَدْرِهِ بِبَلَدِ نِسَاءِ قَرَابَاتِهَا إلَى آخِرِ مَا مَرَّ (حَالًّا) وَإِنْ رَضِيَتْ بِغَيْرِهِمَا أَوْ اُعْتِيدَ ذَلِكَ لِمَا مَرَّ أَنَّ فِي الْبُضْعِ حَقًّا لَهُ تَعَالَى، بَلْ لَوْ اعْتَادَ نِسَاؤُهَا التَّأْجِيلَ لَمْ يُؤَجِّلْهُ وَيَفْرِضْ مَهْرَ مِثْلِهَا حَالًّا وَيَنْقُصُ مِنْهُ مَا يُقَابِلُ الْأَجَلَ، وَقِيَاسُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ اعْتَادُوا فَرَضَ الْعَرُوضِ أَنْ يَفْرِضَ نَقْدًا وَيَنْقُصَ مِنْ ذَلِكَ بِقَدْرِ مَا يَلِيقُ بِالْعُرُوضِ (قُلْت: وَيُفْرَضُ مَهْرَ مِثْلٍ) بِلَا زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ لِأَنَّهُ قِيمَةُ الْبُضْعِ، نَعَمْ يُغْتَفَرُ الْقَدْرُ الْيَسِيرُ الْوَاقِعُ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ بِأَنْ لَمْ يَتَغَابَنْ بِهِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْوَكِيلِ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا مَنْعُ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ وَإِنْ رَضِيَا وَهُوَ مُتَّجِهٌ نَظِيرَ مَا مَرَّ وَإِنْ اخْتَارَ الْأَذْرَعِيُّ خِلَافَهُ، وَقَوْلُ الْغَزِّيِّ قَدْ يُقَالُ إذَا تَرَاضِيَا خَرَجَتْ الْحُكُومَةُ عَنْ نَظَرِ الْقَاضِي وَالْكَلَامُ إذَا فُصِلَتْ الْخُصُومَاتُ بِحُكْمٍ بَاتَ مَرْدُودًا بِأَنَّ مُرَادَهُمْ أَنَّ حُكْمَهُ الْبَاتَّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ لَا يَمْنَعُهُ رِضَاهُمَا بِخِلَافِهِ وَبِدُونِهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ لَا يَجُوزُ رِضَاهُمَا بِهِ (وَيُشْتَرَطُ عِلْمُهُ بِهِ) أَيْ بِقَدْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) حَتَّى لَا يَزِيدَ عَلَيْهِ وَلَا يَنْقُصَ مِنْهُ لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ لِغَيْرِهِ. لَا يُقَالُ: الْقِيَاسُ كَوْنُهُ شَرْطًا لِجَوَازِ تَصَرُّفِهِ لِنُفُوذِهِ لَوْ صَادَفَهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ. لِأَنَّا نَقُولُ: الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ أَنَّهُ شَرْطٌ لَهُمَا. إذْ قَضَاءُ الْقَاضِي مَعَ الْجَهْلِ غَيْرُ نَافِذٍ وَإِنْ صَادَفَ الْحَقَّ. (وَلَا يَصِحُّ) (فَرْضُ أَجْنَبِيٍّ) وَلَوْ (مِنْ مَالِهِ) بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ، سَوَاءٌ الدَّيْنُ وَالْعَيْنُ (فِي الْأَصَحِّ) وَإِنَّمَا جَازَ أَدَاءُ دَيْنِ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ ثَمَّ عَقْدٌ مَانِعٌ مِنْهُ، وَهُنَا الْفَرْضُ تَغْيِيرٌ لِمَا يَقْتَضِيه الْعَقْدُ وَتَصَرُّفٌ فِيهِ فَلَمْ يَلْقَ بِغَيْرِ الْعَاقِدِ وَمَأْذُونِهِ. وَالثَّانِي يَصِحُّ كَمَا لَوْ أَدَّى الصَّدَاقَ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَرَدَ بِمَا مَرَّ، نَعَمْ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْأَجْنَبِيُّ سَيِّدَ الزَّوْجِ أَنْ يَصِحَّ الْفَرْضُ مِنْ مَالِهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ فَرْعًا لَهُ يَلْزَمُهُ إعْفَافُهُ وَقَدْ أَذِنَ لَهُ فِي النِّكَاحِ لِيُؤَدِّيَ عَنْهُ وَالْوَلِيُّ يَفْرِضُ عَنْ مَحْجُورِهِ مِنْ مَالِ مَحْجُورِهِ، وَلَا يَصِحُّ إبْرَاءُ الْمُفَوَّضَةِ عَنْ مَهْرِهَا وَلَا إسْقَاطُ فَرْضِهَا قَبْلَ الْفَرْضِ وَالْوَطْءِ فِيهِمَا لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ إبْرَاءٌ عَمَّا لَمْ يَجِبْ، وَفِي الثَّانِي كَإِسْقَاطِ زَوْجَةِ الْمَوْلَى حَقَّهَا مِنْ مُطَالَبَةِ زَوْجِهَا، وَلَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ عَنْ الْمُتْعَةِ قَبْلَ الطَّلَاقِ لِعَدَمِ وُجُوبِهَا وَبَعْدَهُ لِأَنَّهُ إبْرَاءٌ عَنْ مَجْهُولٍ، وَلَوْ فَسَدَ الْمُسَمَّى وَأَبْرَأَتْ عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَهِيَ تَعْرِفُهُ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ عَلِمَتْ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى أَلْفَيْنِ وَتَيَقَّنَتْ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْ أَلْفٍ فَأَبْرَأَتْهُ مِنْ أَلْفَيْنِ نَفَذَ. (وَالْفَرْضُ الصَّحِيحُ) مِنْهُمَا أَوْ مِنْ الْقَاضِي (كَمُسَمَّى فَيَتَشَطَّرُ بِطَلَاقٍ قَبْلَ الْوَطْءِ) كَالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ. أَمَّا الْفَاسِدُ كَخَمْرٍ فَلَغْوٌ فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ حَتَّى يَتَشَطَّرُ، وَإِنَّمَا اقْتَضَى الْفَاسِدُ فِي ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ مَهْرَ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ أَقْوَى بِكَوْنِهِ فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ وَهُنَا دَوَامُهُ مَعَ سَبْقِ الْخُلُوِّ عَنْ الْعِوَضِ فَلَمْ يُنْظَرْ لِلْفَاسِدِ. (وَلَوْ) (طَلَّقَ) ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: نِسَاءُ قَرَابَاتِهَا) أَيْ وَإِنْ بَعُدْنَ جِدًّا عَنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ (قَوْلُهُ: فَرَضَ الْعَرُوضِ) أَيْ وَإِنْ رَاجَتْ (قَوْلُهُ: نَظِيرُ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَفْرِضُ غَيْرَ نَقْدِ الْبَلَدِ الْحَالِّ وَإِنْ رَضِيَتْ بِغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: لَا يُقَالُ الْقِيَاسُ كَوْنُهُ) أَيْ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ شَرْطٌ لَهُمَا) أَيْ جَوَازُ التَّصَرُّفِ وَالنُّفُوذِ. (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ الْعَاقِدِ وَمَأْذُونِهِ) أَيْ كَوَكِيلِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ مَالِ مَحْجُورِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فَرْضُهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَلَيْسَ مُرَادًا فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ مِنْ مُطَالَبَةِ زَوْجِهَا) أَيْ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ وَبَعْدَهُ) أَيْ وَلَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَهِيَ تَعْرِفُهُ صَحَّ) مِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّ غَالِبَ الْإِبْرَاءِ الْوَاقِعِ مِنْ النِّسَاءِ فِي زَمَنِنَا غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُمْ يَجْعَلُونَ مُؤَخَّرَ الصَّدَاقِ يَحِلُّ بِمَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ. وَهَذَا مُفْسِدٌ لِلْمُسَمَّى وَمُوجِبٌ لِمَهْرِ الْمِثْلِ، فَإِذَا وَقَعَ الْإِبْرَاءُ مِمَّا تَسْتَحِقُّهُ عَلَيْهِ مِنْ مُؤَخَّرِ صَدَاقِهَا وَهُوَ كَذَا لَمْ يَصِحَّ، فَالطَّرِيقُ فِي صِحَّةِ الْإِبْرَاءِ الَّذِي يَقَعُ فِي مُقَابَلَتِهِ الطَّلَاقَ تَعْيِينُ قَدْرٍ مِمَّا تَسْتَحِقُّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَجْعَلُ الطَّلَاقَ فِي مُقَابِلَةِ ذَلِكَ الْقَدْرِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلِمْت أَنَّهُ) أَيْ مَهْرَ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: وَتَيَقَّنَتْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ انْتَفَى تَيَقُّنُهَا ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ الْإِبْرَاءُ. وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ خِلَافُهُ بَلْ مَرَّ أَنَّهُ لَوْ أَبْرَأهُ مِنْ مُعَيَّنٍ مُعْتَقِدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَبِدُونِهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ إلَخْ) أَيْ وَحُكْمُهُ بِدُونِهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ لَا يُجَوِّزُهُ رِضَاهُمَا بِهِ.

[فصل في بيان مهر المثل]

الزَّوْجُ (قَبْلَ فَرْضٍ وَوَطْءٍ) (فَلَا تَشَطُّرَ) لِمَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى {وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة: 237] وَلَهَا الْمُتْعَةُ كَمَا سَيَأْتِي. (وَإِنْ) (مَاتَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (قَبْلَهُمَا) أَيْ الْفَرْضِ وَالْوَطْءِ (لَمْ يَجِبْ مَهْرُ مِثْلٍ فِي الْأَظْهَرِ) كَالْفُرْقَةِ فِي الطَّلَاقِ (قُلْت: الْأَظْهَرُ وُجُوبُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِذَلِكَ لِبِرْوَعَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -» كَالْوَطْءِ فِي تَقْرِيرِ الْمُسَمَّى، فَكَذَا فِي إيجَابِ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي التَّفْوِيضِ. (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَهْرِ الْمِثْلِ (مَهْرُ الْمِثْلِ مَا يَرْغَبُ بِهِ) عَادَةً (فِي مِثْلِهَا) نَسَبًا وَصِفَةً (وَرُكْنُهُ الْأَعْظَمُ نَسَبٌ) وَلَوْ فِي الْعَجَمِ كَالْعَرَبِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ كَالْأَكْثَرِينَ، لِأَنَّ التَّفَاخُرَ إنَّمَا يَقَعُ بِهِ غَالِبًا فَتَخْتَلِفُ الرَّغَبَاتُ بِهِ مُطْلَقًا خِلَافًا لِلْقَفَّالِ وَالْعَبَّادِيِّ (فَيُرَاعَى) مِنْ أَقَارِبِهَا لِتُقَاسَ هِيَ عَلَيْهَا (أَقْرَبُ مَنْ تُنْسَبُ) مِنْ نِسَاءِ الْعَصَبَةِ (إلَى مَنْ تُنْسَبُ هَذِهِ) الَّتِي تَطْلُبُ مَعْرِفَةَ مَهْرِهَا (إلَيْهِ) كَأُخْتٍ وَعَمَّةٍ وَبِنْتِ أَخٍ لَا جَدَّةٍ وَخَالَةٍ وَأُمٍّ «لِقَضَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَهْرِ نِسَاءٍ لِبِرْوَعَ» فِي الْخَبَرِ الْمَارِّ، أَمَّا مَجْهُولَةُ النَّسَبِ فَرُكْنُهُ الْأَعْظَمُ نِسَاءُ الْأَرْحَامِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (وَأَقْرَبُهُنَّ أُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ) لِإِدْلَائِهَا بِجِهَتَيْنِ (ثُمَّ) إنْ فُقِدَتْ أَوْ جُهِلَ مَهْرُهَا أَوْ كَانَتْ مُفَوَّضَةً وَلَمْ يُفْرَضْ لَهَا مَهْرٌ مِثْلُ أُخْتٍ (لِأَبٍ ثُمَّ بَنَاتُ أَخٍ) وَإِنْ سَفُلْنَ (ثُمَّ عَمَّاتٌ) ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ فَبَانَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ بَرِئَ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَلَعَلَّ مَا هُنَا مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ. (قَوْلُهُ لِبِرْوَعَ) بِكَسْرِ الْبَاءِ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ وَبِفَتْحِهَا عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ كَلَامِهِمْ فَعَوَّلَ بِالْكَسْرِ إلَّا خِرْوَعَ وَعِتْوَدٌ اسْمَانِ لِنَبْتٍ وَوَادٍ اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ. [فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَهْرِ الْمِثْلِ] (قَوْلُهُ: مَهْرُ الْمِثْلِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ تَعَدُّدِ الْمَهْرِ وَاتِّحَادِهِ (قَوْلُهُ: لَا جِدَّةَ) أَيْ وَلَوْ أُمَّ أَبٍ (قَوْلُهُ: بِرْوَعَ فِي الْخَبَرِ) قَدْ يُقَالُ: لَا دَلَالَةَ فِي الْخَبَرِ لِتَعْيِينِ الْعَصَبَةِ لِأَنَّ الَّذِي فِي الْخَبَرِ أَنَّهُ قَضَى لَهَا بِمَهْرِ نِسَائِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُرَادَ بِنِسَائِهَا مِنْ الْخَبَرِ هَلْ هَذِهِ الْعَصَبَةُ خَاصَّةٌ أَوْ الْأَعَمُّ مِنْهُنَّ وَذَوَاتُ الْأَرْحَامِ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ إضَافَةَ النِّسَاءِ إلَيْهَا تَقْتَضِي زِيَادَةَ التَّخْصِيصِ بِنِسَائِهَا، وَتِلْكَ الزِّيَادَةُ لَيْسَتْ إلَّا لِلْعَصَبَةِ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَجْهُولَةُ النَّسَبِ) أَيْ بِأَنْ لَا يُعْرَفَ أَبُوهَا، وَانْظُرْ هَلْ يُمْكِنُ مَعَ جَهْلِ أَبِيهَا مَعْرِفَةُ أَنَّ فُلَانَةَ أُخْتُهَا أَوْ عَمَّتُهَا وَقَدْ يُدَّعَى إمْكَانُ ذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ تُقَدَّمُ نَحْوُ أُخْتِهَا عَلَى نِسَاءِ الْأَرْحَامِ. وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ أَمَّا مَجْهُولَةٌ إلَخْ يَتَحَصَّلُ مِنْ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ أَنَّ مَنْ جُهِلَ أَبُوهَا لَا تُعْتَبَرُ نِسَاءُ عَصَبَاتِهَا كَأُخْتِهَا، وَتُعْتَبَرُ أَرْحَامُهَا كَأُمِّ أَبِيهَا، فَإِنْ كَانَ وَجْهُ ذَلِكَ عَدَمَ مَعْرِفَةِ عَصَبَاتِهَا فَهُوَ مُشْكِلٌ، إذْ كَيْفَ جَهْلُ الْأَبِ يَكُونُ مَانِعًا مِنْ مَعْرِفَةِ أُخْتِهَا الَّتِي هِيَ بِنْتُهُ دُونَ أُمِّهِ، وَإِنْ كَانَ وَجْهُهُ شَيْئًا آخَرَ فَمَا هُوَ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَجَوَابُهُ أَنَّهُمْ إنَّمَا اعْتَبَرُوا نِسَاءَ الْأَرْحَامِ بِنَاءً عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّهُ إذَا جُهِلَ أَبُوهَا لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ نِسَاءِ عَصَبَاتِهَا، فَإِنْ أَمْكَنَ عُمِلَ بِهِ. وَبَقِيَ مَا لَوْ لَمْ يُعْرَفْ لَهَا أَبٌ وَلَا أُمٌّ كَاللَّقِيطَةِ وَحُكْمُهُ يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي فَإِنْ تَعَذَّرَ أَرْحَامُهَا فَنِسَاءُ بَلَدِهَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَمَّاتٌ) هَلْ وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ فَتُقَدَّمُ أُخْتُ الْجَدِّ وَإِنْ بَعُدَ عَلَى بِنْتِ الْعَمِّ، وَكَذَا يُقَالُ فِي بَنَاتِ الْعَمِّ مَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَهْرِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: نَسَبًا وَصِفَةً) أَيْ مَجْمُوعَهُمَا وَإِلَّا فَسَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا فُقِدَ النَّسَبُ يُرْجَعُ إلَى الصِّفَةِ فَقَطْ فِي الرَّحِمِ ثُمَّ فِي الْأَجْنَبِيَّاتِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْقَفَّالِ وَالْعَبَّادِيِّ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُقَابِلُ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ (قَوْلُهُ: بِمَهْرِ نِسَاءِ بِرَوْعٍ) يَعْنِي قَضَى

لَا بَنَاتُهُنَّ وَلَا يَرِدْنَ عَلَى كَلَامِهِ (كَذَلِكَ) أَيْ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ بَنَاتُ عَمٍّ ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ بَنَاتُ أَوْلَادِ عَمٍّ وَإِنْ سَفُلْنَ كَذَلِكَ (فَإِنْ فُقِدَ نِسَاءُ الْعَصَبَةِ) بِأَنْ لَمْ يُوجَدْنَ وَإِلَّا فَالْمَيِّتَاتُ يُعْتَبَرُ بِهِنَّ أَيْضًا (أَوْ لَمْ يَنْكِحْنَ أَوْ جُهِلَ) نَسَبُهُنَّ أَوْ (مَهْرُهُنَّ فَأَرْحَامٌ) أَيْ قَرَابَاتٌ لِلْأُمِّ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ، فَهُنَّ هُنَا أَعَمُّ مِنْ أَرْحَامِ الْفَرَائِضِ مِنْ حَيْثُ شُمُولِهِ لِلْجَدَّاتِ الْوَارِثَاتِ، وَأَخَصُّ مِنْ حَيْثُ عَدَمِ شُمُولِهِ لِبَنَاتِ الْعَمَّاتِ وَالْأَخَوَاتِ وَنَحْوِهِمَا (كَجَدَّاتٍ وَخَالَاتٍ) لِأَنَّهُنَّ أَوْلَى بِالِاعْتِبَارِ مِنْ الْأَجَانِبِ تُقَدَّمُ الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى مِنْ جِهَةٍ أَوْ جِهَاتٍ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا عَدَمُ اعْتِبَارِ الْأُمِّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ كَيْفَ لَا تُعْتَبَرُ وَتُعْتَبَرُ أُمُّهَا، وَلِذَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: تُقَدَّمُ الْأُمُّ فَالْأُخْتُ لِلْأُمِّ فَالْجَدَّاتُ، فَإِنْ اجْتَمَعَ أُمُّ أَبٍ وَأُمُّ أُمٍّ فَوُجُوهٌ أَوْجُهُهَا اسْتِوَاؤُهُمَا، ثُمَّ الْخَالَةُ ثُمَّ بَنَاتُ الْأَخَوَاتِ: أَيْ لِلْأُمِّ ثُمَّ بَنَاتُ الْأَخْوَالِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي نِسَاءِ عَصَبَتِهَا مَنْ بِصِفَتِهَا فَكَالْعَدِمِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ. قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: فَيَنْتَقِلُ إلَى مَنْ بَعْدَهُنَّ، وَلَوْ قِيلَ يُعْتَبَرُ النَّسَبُ، ثُمَّ يُزَادُ أَوْ يُنْقَصُ لِفَقْدِ الصِّفَاتِ مَا يَلِيقُ بِهَا نَظِيرُ مَا يَأْتِي لَمْ يَبْعُدْ، وَكَوْنُ ذَلِكَ فِيهِ مُشَارَكَةٌ فِي بَعْضِ الصِّفَاتِ بِخِلَافِ هَذَا لَا تَأْثِيرَ لَهُ إذْ مَلْحَظُ التَّفَاوُتِ مَوْجُودٌ فِي الْكُلِّ، وَتُعْتَبَرُ الْحَاضِرَاتُ مِنْهُنَّ، فَإِنْ غِبْنَ كُلُّهُنَّ اُعْتُبِرَتْ دُونَ أَجْنَبِيَّاتِ بَلَدِهَا كَمَا جَزَمَا بِهِ وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ أَرْحَامُهَا فَنِسَاءُ بَلَدِهَا ثُمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSبَنَاتِ ابْنِ الْعَمِّ فِيهِ نَظَرٌ، وَقِيَاسُ مَا فِي الْإِرْثِ ذَلِكَ فَتُقَدَّمُ الْعَمَّةُ وَإِنْ بَعُدَتْ وَبِنْتُ الْعَمِّ وَإِنْ بَعُدَ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدْنَ) أَيْ بَنَاتُ الْعَمَّاتِ لِأَنَّهُنَّ لَسْنَ مِنْ نِسَاءِ الْعَصَبَاتِ (قَوْلُهُ: وَالْأَخَوَاتُ) أَيْ لِلْأَبِ لِمَا يَأْتِي، وَعَلَى هَذَا فَبَنَاتُ الْعَمَّاتِ وَالْأَخَوَاتِ لَسْنَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْحَامِ وَلَا مِنْ نِسَاءِ الْعَصَبَاتِ فَلَا يُعْتَبَرْنَ أَصْلًا (قَوْلُهُ: تُقَدَّمُ الْأُمُّ) أَيْ بَعْدَ نِسَاءِ الْعَصَبَاتِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي ذَوَاتِ الْأَرْحَامِ. وَفِي حَجّ: تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِنْ ضَبْطِ نِسَاءِ الْعَصَبَةِ وَنِسَاءِ الْأَرْحَامِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّ مَنْ عَدَا هَذَيْنِ مِنْ الْأَقَارِبِ كَبِنْتِ الْأُخْتِ مِنْ الْأَبِ فِي حُكْمِ الْأَجْنَبِيَّاتِ، وَكَأَنَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْعَادَةَ فِي الْمَهْرِ لَمْ تُعْهَدْ إلَّا بِاعْتِبَارِ الْأُولَيَيْنِ دُونَ الْأَخِيرَةِ اهـ (قَوْلُهُ فَالْجَدَّاتُ) أَيْ لِلْأُمِّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اجْتَمَعَ أُمُّ أَبٍ) أَيْ لِلْأُمِّ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي قَرَابَاتِهَا، أَمَّا أُمُّ أَبِي الْمَنْكُوحَةِ فَلَمْ تَدْخُلْ فِي الْأَرْحَامِ بِالضَّابِطِ الَّذِي ذَكَرَهُ، وَيَنْبَغِي أَنَّهَا مِنْ نِسَاءِ الْعَصَبَاتِ فَتَقَدَّمَ عَلَى ذَوَاتِ الْأَرْحَامِ، لِأَنَّ الْمُرَادَ بِنِسَاءِ الْعَصَبَةِ هُنَا مَنْ لَوْ فُرِضَتْ ذَكَرًا كَانَتْ فِي مَحَلِّ الْعُصُوبَةِ، وَأُمُّ الْأَبِ لَوْ فُرِضَتْ كَذَلِكَ كَانَتْ أَبَا أَبٍ، لَكِنَّ فِيهِ أَنَّهَا لَا يَشْمَلُهَا قَوْلُهُمْ وَهُنَّ الْمَنْسُوبَاتُ إلَى مَنْ تُنْسَبُ هِيَ إلَيْهِ فَإِنَّمَا قَدْ تَكُونُ مِنْ غَيْرِ قَبِيلَتِهَا أَوْ أَهْلِ بَلَدِهَا، بَلْ قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ نِسَاءِ الْعَصَبَةِ وَلَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْحَامِ كَبِنْتِ الْعَمَّةِ، وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْأَجْنَبِيَّاتِ (قَوْلُهُ: أَوْجُهُهُمَا اسْتِوَاؤُهُمَا) أَيْ فَتَلْحَقُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا زَادَ مَهْرُهَا عَلَى الْأُخْرَى أَوْ نَقَصَ وَلَا الْتِفَاتَ إلَى ضَرَرِ الزَّوْجِ عِنْدَ الزِّيَادَةِ وَضَرَرِهَا عِنْدَ النَّقْصِ (قَوْلُهُ: مَنْ بِصِفَتِهَا) بِأَنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ قَبِيلَتِهَا فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي مِنْ اخْتِصَاصِهَا بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ، كَذَا نُقِلَ مِنْ خَطِّ الْمُؤَلِّفِ: أَيْ بِأَنْ يَكُونَ الْمَوْجُودُ مِنْ نِسَاءِ عَصَبَاتِهَا لَا يُنْسَبُ إلَى أَوَّلِ جَدٍّ تُنْسَبُ هِيَ إلَيْهِ وَبُعْدُ قَبِيلَةٍ لَهَا بِأَنْ تُنْسَبَ إلَى جَدٍّ آخَرَ وَيَجْمَعُ الْكُلَّ جَدٌّ أَعْلَى، فَالْمَوْجُودُ مِمَّنْ يُنْسَبُ إلَى الْجَدِّ الْأَعْلَى مِنْ نِسَاءِ عَصَبَاتِهَا وَلَيْسَ مِنْ قَبِيلَتِهَا فَتُقَدَّمُ أُمُّهَا وَنَحْوُهَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ) أَيْ الْغَزِّيِّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ غِبْنَ كُلُّهُنَّ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَرُبَتْ الْمَسَافَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِبِرْوَعَ بِمَهْرِ نِسَائِهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدْنَ عَلَى كَلَامِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُنَّ لَا يَنْتَسِبْنَ إلَّا لِآبَائِهِنَّ وَلَيْسُوا مِنْ عَصَبَةِ هَذِهِ (قَوْلُهُ: نَسَبُهُنَّ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ جَهِلَ كَيْفِيَّةَ انْتِسَابِهَا إلَيْهِنَّ وَعَكْسُهُ بِأَنْ عَلِمَ أَصْلَ الِانْتِسَابِ وَجَهِلَتْ كَيْفِيَّتَهُ (قَوْلُهُ: وَالْأَخَوَاتُ) يَعْنِي لِلْأَبِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، وَحِينَئِذٍ فَهُنَّ كَبَنَاتِ الْعَمَّاتِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الْأَجْنَبِيَّاتِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ حَجّ (قَوْلُهُ: أَيْ لِلْأُمِّ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلشَّقْشَقَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ بِهِ إلَّا بَنَاتُ الْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ حَجّ أَيْضًا (قَوْلُهُ: الْحَاضِرَاتُ)

أَقْرَبُ بَلَدٍ إلَيْهَا ثُمَّ أَقْرَبُ النِّسَاءِ بِهَا شَبَهًا، وَتُعْتَبَرُ الْعَرَبِيَّةُ بِعَرَبِيَّةٍ مِثْلِهَا وَأَمَةٌ وَعَتِيقَةٌ بِمِثْلِهِمَا مَعَ اعْتِبَارِ شَرَفِ السَّيِّدِ وَخِسَّتِهِ، وَقَرَوِيَّةٍ وَبَلَدِيَّةٍ وَبَدَوِيَّةٍ بِمِثْلِهَا (وَيُعْتَبَرُ) مَعَ ذَلِكَ (سِنٌّ) وَعِفَّةٌ (وَعَقْلٌ) وَجَمَالٌ (وَيَسَارٌ) وَفَصَاحَةٌ (وَبَكَارَةٌ وَثُيُوبَةٌ وَ) كُلُّ (مَا اخْتَلَفَ بِهِ غَرَضٌ) مِنْ عِلْمٍ وَشَرَفٍ، مِمَّنْ شَارَكَتْهُنَّ فِي شَيْءٍ مِنْهَا اُعْتُبِرَ وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ نَحْوُ الْمَالِ وَالْجَمَالِ فِي الْكَفَاءَةِ لِأَنَّ مَدَارَهَا عَلَى دَفْعِ الْعَارِ وَمَدَارُ الْمَهْرِ عَلَى مَا تَخْتَلِفُ بِهِ الرَّغَبَاتُ (فَإِنْ اخْتَصَّتْ) عَنْهُنَّ (بِفَضْلٍ بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ أَوْ نَقْصٌ بِشَيْءٍ مِنْ ضِدِّهِ زِيدَ) عَلَيْهِ (أَوْ نَقَصَ) مِنْهُ (لَائِقٌ بِالْحَالِ) بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ قَاضٍ بِاجْتِهَادِهِ (وَلَوْ سَامَحْت وَاحِدَةٌ) هِيَ مِثَالٌ لِلنُّدْرَةِ وَالْقِلَّةِ لَا قَيْدٌ مِنْ نِسَائِهَا (لَمْ يَجِبْ مُوَافَقَتُهَا) اعْتِبَارًا بِغَالِبِهِنَّ، نَعَمْ لَوْ كَانَتْ مُسَامَحَتُهَا لِنَقْصِ دَخْلٍ فِي النَّسَبِ وَفَتَرَ الرَّغْبَةُ فِيهِ اُعْتُبِرَ (وَلَوْ خَفَضْنَ) كُلُّهُنَّ أَوْ غَالِبُهُنَّ (لِلْعَشِيرَةِ) أَيْ الْأَقَارِبِ (فَقَطْ اُعْتُبِرَ) فِي حَقِّهِمْ دُونَ غَيْرِهِمْ سَوَاءٌ مَهْرُ الشُّبْهَةِ وَغَيْرِهَا خِلَافًا لِلْإِمَامِ، بَلْ ذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُنَّ لَوْ خُفِضَتْ لِدَنَاءَتِهِنَّ لِغَيْرِ الْعَشِيرَةِ فَقَطْ اُعْتُبِرَ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَكَذَا لَوْ خُفِضَ لِذِي صِفَةٍ كَشَبَابٍ أَوْ عِلْمٍ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ جَمْعٍ يُعْتَبَرُ الْمَهْرُ بِحَالِ الزَّوْجِ أَيْضًا مِنْ نَحْوِ عِلْمٍ فَقَدْ يُخَفَّفُ عَلَى نَحْوِ الْعَالِمِ دُونَ غَيْرِهِ، وَمَرَّ أَنَّهُنَّ لَوْ اعْتَدْنَ التَّأْجِيلَ فَرَضَ الْحَاكِمُ حَالًّا وَيَنْقُصُ لَائِقًا بِالْأَجَلِ، وَالْوَجْهُ كَمَا تَفَقَّهَهُ السُّبْكِيُّ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْعُمْرَانِيُّ أَنَّهُ إذَا اُعْتِيدَ التَّأْجِيلُ بِأَجَلٍ مُعَيَّنٍ مُطَّرِدٍ جَازَ لِلْوَلِيِّ وَلَوْ حَاكَمَا الْعَقْدُ بِهِ، وَذَلِكَ النَّقْصُ الَّذِي ذَكَرُوهُ مَحَلُّهُ فِي فَرْضِ الْحَاكِمِ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ الْعَقْدِ قَالَ بِخِلَافِ الْمُسَمَّى ابْتِدَاءً، كَأَنَّ زَوْجَ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ صَغِيرَةٌ وَلَوْ كَانَتْ عَادَةَ نِسَائِهَا أَنْ يَنْكِحْنَ بِمُؤَجَّلٍ وَبِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْجَرْيَ عَلَى عَادَتِهِنَّ. (وَفِي وَطْءِ نِكَاحٍ فَاسِدٍ) يَجِبُ (مَهْرُ مِثْلٍ) لِاسْتِيفَائِهِ مَنْفَعَةَ الْبُضْعِ وَيُعْتَبَرُ مَهْرُهَا (يَوْمَ الْوَطْءِ) أَيْ وَقْتَهُ لِأَنَّهُ وَقْتَ الْإِتْلَافِ لَا الْعَقْدِ لِفَسَادِهِ (فَإِنْ تَكَرَّرَ) ذَلِكَ (فَمَهْرٌ) وَاحِدٌ وَلَوْ فِي نَحْوِ مَجْنُونَةٍ لِاتِّحَادِ الشُّبْهَةِ فِي الْجَمِيعِ فَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهَا سَلَّطَتْهُ أَوْ لَا خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، ثُمَّ إنْ اتَّحَدَتْ صِفَاتُهَا فِي كُلِّ تِلْكَ الْوَطَآتِ فَوَاضِحٌ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لِدَنَاءَتِهِنَّ) أَيْ خِسَّتِهِنَّ (قَوْلُهُ كَشَبَابٍ أَوْ عِلْمٍ) يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا بِالرِّيفِ لَهُ بَنَاتٌ زَوَّجَ بَعْضَهُنَّ بِقَدْرٍ غَالٍ جَرْيًا عَلَى عَادَتِهِنَّ وَبَعْضَهُنَّ بِالْمِصْرِ بِدُونِ ذَلِكَ لَمَّا رَأَى فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ لَهَا مِنْ الرَّاحَةِ الَّتِي تَحْصُلُ لَهَا بِالنِّسْبَةِ لِأَهْلِ الْقُرَى، وَلِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الْمُسَامَحَةِ لِلزَّوْجِ الَّذِي هُوَ مِنْ الْمِصْرِ وَهُوَ أَنَّ ذَلِكَ صَحِيحٌ لَا مَانِعَ مِنْهُ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالْمُسَامَحَةِ لِمِثْلِهِ، وَأَنَّهُ لَوْ أُرِيدَ تَزْوِيجُ وَاحِدَةٍ مِنْ أَقَارِبِ تِلْكَ النِّسْوَةِ بَعْدَ ذَلِكَ نَظَرَ فِي حَالِ الزَّوْجِ أَهْوَ مِنْ الْمِصْرِ فَيُسَامِحُ لَهُ أَوْ مِنْ الْقُرَى فَيُشَدِّدُ عَلَيْهِ وَمِثْلُ الْأَدَبِ غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَوْلِيَاءِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَقَدْ يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ وَقَرَوِيَّةٌ وَبَلَدِيَّةٌ وَبَدْوِيَّةٌ بِمِثْلِهَا (قَوْلُهُ: وَمَرَّ) أَيْ قَبْلَ الْفَصْلِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ حَالًّا. (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهَا سَلَّطَتْهُ) أَيْ كَالْعَاقِلَةِ، وَقَوْلُهُ أَوَّلًا: أَيْ كَالْمَجْنُونَةِ (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ تِلْكَ الْوَطَآتِ) هُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْحَاضِرَاتِ مَنْ بَلَدُهُ بَلَدُهَا، وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْمَيِّتَاتِ يُعْتَبَرْنَ فَضْلًا عَنْ الْغَائِبَاتِ (قَوْلُهُ وَمَرَّ) أَيْ فِي التَّفْوِيضِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مُجَرَّدِ الْعَقْدِ) يَعْنِي الْمَذْكُورَ فِي قَوْلِهِ أَنَّهُ إذَا اُعْتِيدَ التَّأْجِيلُ بِأَجَلٍ مُعَيَّنٍ إلَخْ، وَإِنْ أَوْهَمَ سِيَاقُ الشَّارِحِ خِلَافَ ذَلِكَ، وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ ثَمَّ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ عَدَمِ: دُخُولِ الْأَجَلِ فِي مَهْرِ الْمِثْلِ فِيمَا إذَا كَانَ قَدْ وَجَبَ، أَمَّا لَوْ اُحْتِيجَ إلَى مَعْرِفَتِهِ لِيَعْقِدَ بِهِ لِمَوْلَى عَلَيْهِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى فَالظَّاهِرُ جَوَازُهُ كَمَا يَبِيعُ وَيَشْتَرِي لَهُ كَذَلِكَ حَيْثُ اقْتَضَاهُ النَّظَرُ. قَالَ شَارِحٌ: يَعْنِي السُّبْكِيَّ: لَوْ كَانَ عَادَةُ نِسَاءِ الْعَصَبَةِ يُنْكَحْنَ بِمُؤَجَّلٍ وَغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ فَفِي الْمُتْلَفَاتِ لَا يُمْكِنُ إلَّا الْحُلُولُ وَنَقْدُ الْبَلَدِ، وَأَمَّا فِي الِابْتِدَاءِ إذَا أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَ الصَّغِيرَ أَوْ الصَّغِيرَةَ فَيَجُوزُ الْجَرْي عَلَى عَادَةِ عَشِيرَتِهَا وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا وَعَرْضًا وَغَيْرَ نَقْدِ الْبَلَدِ فِيمَا يَظْهَرُ. اهـ. انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا) هُوَ بِإِسْكَانِ الْوَاوِ فَأَوْ عَاطِفَةٌ وَلَا نَافِيَةٌ،

فِي بَعْضِ الْوَطَآتِ سَلِيمَةً سَمِينَةً مَثَلًا، وَفِي بَعْضِهَا بِضِدِّ ذَلِكَ اُعْتُبِرَ مَهْرُهَا (فِي أَعْلَى الْأَحْوَالِ) لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ تُوجَدْ إلَّا تِلْكَ الْوَطْأَةِ لَوَجَبَ ذَلِكَ الْعَالِي فَإِنْ لَمْ تَقْتَضِ زِيَادَةً لَمْ تَقْتَضِ نَقْصًا (قُلْت: وَلَوْ تَكَرَّرَ بِشُبْهَةٍ وَاحِدَةٍ فَمَهْرٌ) وَاحِدٌ لِشُمُولِ الشُّبْهَةِ لِلْكُلِّ هُنَا أَيْضًا، وَخَصَّهُ الْعِرَاقِيُّونَ بِمَا إذَا لَمْ يَطَأْ بَعْدَ أَدَاءِ الْمَهْرِ وَإِلَّا وَجَبَ لِمَا بَعْدَ أَدَائِهِ مَهْرٌ آخَرُ وَاسْتَحْسَنَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُهُ، وَيَشْهَدُ لَهُ مَا مَرَّ فِي الْحَجِّ أَنَّ مَحَلَّ تَدَاخُلِ الْكَفَّارَةِ مَا لَمْ يَتَخَلَّلْ تَكْفِيرٌ وَإِلَّا وَجَبَتْ أُخْرَى لِمَا بَعْدُ وَهَكَذَا، وَلَا يَجِبُ مَهْرٌ لِحَرْبِيَّةٍ أَوْ مُرْتَدَّةٍ مَاتَتْ كَذَلِكَ، وَالْمُرَادُ بِالتَّكَرُّرِ كَمَا قَالَهُ الدَّمِيرِيِّ أَنْ يَحْصُلَ بِكُلِّ مَرَّةٍ قَضَاءُ الْوَطَرِ مَعَ تَعَدُّدِ الْأَزْمِنَةِ، فَلَوْ كَانَ يَنْزِعُ وَيَعُودُ وَالْأَفْعَالُ مُتَوَاصِلَةٌ وَلَمْ يَقْضِ الْوَطَرَ إلَّا آخِرًا فَهُوَ وِقَاعٌ وَاحِدٌ بِلَا خِلَافٍ، أَمَّا إذَا تَتَوَاصَلُ الْأَفْعَالُ فَتَعَدَّدَ الْوَطَآتُ وَإِنْ لَمْ يَقْضِ وَطَرَهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى نَزَعَ قَاصِدًا لِلتَّرْكِ أَوْ بَعْضِ قَضَاءِ الْوَطَرِ ثُمَّ عَادَ وَإِلَّا فَلَا (فَإِنْ تَعَدَّدَ جِنْسُهَا) كَأَنْ وَطِئَهَا بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ ثُمَّ بِظَنٍّ أَنَّهَا أَمَتُهُ أَوْ اتَّحَدَ وَتَعَدَّدَتْ هِيَ كَأَنْ وَطِئَهَا يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ ثُمَّ انْكَشَفَ الْحَالُ ثُمَّ وَطِئَهَا بِذَلِكَ الظَّنِّ (تَعَدَّدَ الْمَهْرُ) لِأَنَّ تَعَدُّدَهَا كَتَعَدُّدِ النِّكَاحِ. (وَلَوْ) (كَرَّرَ وَطْءَ مَغْصُوبَةٍ) غَيْرِ زَانِيَةِ كَنَائِمَةٍ أَوْ مُكْرَهَةٍ أَوْ مُطَاوِعَةٍ بِشُبْهَةٍ اخْتَصَّتْ بِهَا كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ (أَوْ مُكْرَهَةٍ عَلَى زِنًا) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَغْصُوبَةً إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْوَطْءِ وَلَوْ مَعَ الْإِكْرَاهِ الْغَصْبَ، فَقَوْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ اخْتِصَاصُ الْأُولَى بِالْمُكْرَهَةِ وَأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِعَطْفِ هَذِهِ عَلَيْهَا مَمْنُوعٌ (تَكَرُّرُ الْمَهْرِ) لِأَنَّ سَبَبَهُ الْإِتْلَافُ وَقَدْ تَعَدَّدَ بِتَعَدُّدِ الْوَطَآتِ. (وَلَوْ) (تَكَرَّرَ وَطْءُ الْأَبِ) جَارِيَةَ ابْنِهِ وَلَمْ تَحْبَلْ (وَالشَّرِيكُ) الْأَمَةُ الْمُشْتَرَكَةُ (وَسَيِّدٌ) بِالتَّنْوِينِ وَيَجُوزُ تَرْكُهُ (مُكَاتَبَةً) لَهُ أَوْ لِمُكَاتِبِهِ أَوْ مُطَلَّقَتِهِ الرَّجْعِيَّةِ (فَمَهْرٌ) وَاحِدٌ فِيهِنَّ وَإِنْ طَالَ بَيْنَ كُلِّ وَطْأَتَيْنِ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ لِاتِّحَادِ الشُّبْهَةِ فِي جَمِيعِهِنَّ (وَقِيلَ مُهُورٌ) لِتَعَدُّدِ الْإِتْلَافِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ مَعَ الْعِلْمِ بِالْحَالِ (وَقِيلَ إنْ اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ فَمَهْرٌ، وَإِلَّا فَمُهُورٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِانْقِطَاعِ كُلِّ مَجْلِسٍ عَنْ الْآخَرِ وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي الْمُكَاتَبَةِ إنْ لَمْ تَحْمِلْ، فَإِنْ حَمَلَتْ خُيِّرَتْ بَيْنَ بَقَاءِ الْكِتَابَةِ وَفَسْخِهَا لِتَصِيرَ أُمَّ وَلَدٍ، فَإِنْ اخْتَارَتْ الْأَوَّلَ فَمَهْرٌ آخَرُ وَهَكَذَا كَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــSبِفَتْحِ الطَّاءِ لِأَنَّ مَا كَانَ عَلَى وَزْنِ فَعْلَةٍ إنْ كَانَ اسْمًا جُمِعَ عَلَى فَعَلَاتٍ بِالْفَتْحِ كَجَفْنَةٍ وَجَفَنَاتٍ وَإِنْ كَانَ صِفَةً كَصَعْبَةٍ جُمِعَ عَلَى فَعْلَاتٍ بِسُكُونِ الْعَيْنِ وَالْوَطْأَةُ لَا تُسْتَعْمَلُ تَابِعَةً لِغَيْرِهَا حَتَّى تَكُونَ صِفَةً، فَيُقَالُ هَذِهِ وَطْأَةٌ وَلَا يُقَالُ هَذِهِ شَيْءٌ وَطْأَةٌ بِحَيْثُ تَكُونُ صِفَةً لَهُ كَمَا يُقَالُ هَذِهِ امْرَأَةٌ صَعْبَةٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَجَبَ لِمَا بَعْدَ أَدَائِهِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَهَكَذَا إلَخْ) أَيْ فَيَتَكَرَّرُ الْمَهْرُ بِتَكْرَارِ الْوَطْءِ فِي الْحَامِلِ مُطْلَقًا إذَا اخْتَارَتْ الْكِتَابَةَ وَيَتَكَرَّرُ التَّخْيِيرُ أَيْضًا بِتَكْرَارِ الْوَطْءِ، أَمَّا غَيْرُ الْحَامِلِ إذَا اخْتَارَتْ الْكِتَابَةَ فَهِيَ كَغَيْرِهَا مِنْ الْأَجْنَبِيَّاتِ. قَوْلُهُ أَمَّا غَيْرُ الْحَامِلِ إذَا اخْتَارَتْ الْكِتَابَةَ لَمْ يَظْهَرْ لِلتَّعْبِيرِ بِاخْتِيَارِ الْكِتَابَةِ فِيهَا وَجْهٌ لِأَنَّ الْحَامِلَ لِعِتْقِهَا سَبَبَانِ الْكِتَابَةُ وَأُمِّيَّةُ الْوَلَدِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْحَامِلِ فَلَيْسَ لِعِتْقِهَا إلَّا سَبَبٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الْكِتَابَةُ فَلَا وَجْهَ لِلتَّخْيِيرِ فِيهَا، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ بِ اخْتَارَتْ الْكِتَابَةُ أَنَّهَا اخْتَارَتْ بَقَاءَهَا وَعَدَمَ التَّعْجِيزِ، لَكِنْ هَذَا لَيْسَ مِمَّا الْكَلَامُ فِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ: وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْعَاقِلَةِ وَالْمَجْنُونَةِ وَالصَّغِيرَةِ وَغَيْرِهَا، وَيَظْهَرُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً وَقُلْنَا لَا عَمْدَ لَهَا أَنْ يَتَكَرَّرَ؛ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِتَسْلِيطِهَا وَتَسْلِيطِ الْوَلِيِّ لَا يُؤَثِّرُ إلَّا حَيْثُ يُجَوِّزُهُ الشَّرْعُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اخْتَارَتْ الْأَوَّلَ فَمَهْرٌ آخَرُ) عِبَارَةُ وَالِدِهِ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَحَلُّهُ فِي الْمُكَاتَبَةِ إذَا لَمْ تَحْمِلْ فَتُخَيَّرُ بَيْنَ الْمَهْرِ وَالتَّعْجِيزِ وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ فَتَخْتَارُ الْمَهْرَ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَوَطِئَهَا مَرَّةً أُخْرَى خُيِّرَتْ، فَإِنْ اخْتَارَتْ الْمَهْرَ وَجَبَ لَهَا مَهْرٌ آخَرُ وَهَكَذَا سَائِرُ الْوَطَآتِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ

[فصل في تشطير المهر وسقوطه]

فَصْلٌ فِي تَشْطِيرِ الْمَهْرِ وَسُقُوطِهِ (الْفُرْقَةُ) فِي الْحَيَاةِ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ السَّابِقِ (قَبْلَ وَطْءٍ مِنْهَا) كَفَسْخِهَا بِعَيْبِهِ أَوْ بِإِعْسَارِهِ أَوْ بِعِتْقِهَا، وَكَرِدَّتِهَا أَوْ إسْلَامِهَا وَلَوْ تَبَعًا، أَوْ إرْضَاعِهَا لَهُ أَوْ لِزَوْجَةٍ أُخْرَى لَهُ؛ أَوْ مِلْكِهَا لَهُ أَوْ ارْتِضَاعِهَا كَأَنْ دَبَّتْ وَرَضَعَتْ مِنْ أُمِّهِ مَثَلًا (أَوْ بِسَبَبِهَا كَفَسْخِهِ بِعَيْبِهَا تُسْقِطُ الْمَهْرَ) الْمُسَمَّى ابْتِدَاءً وَالْمَفْرُوضُ بَعْدَ وَمَهْرُ الْمِثْلِ لِأَنَّ فَسْخَهَا إتْلَافٌ لِلْمُعَوَّضِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَأَسْقَطَ عِوَضَهُ كَإِتْلَافِ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَفَسْخُهُ النَّاشِئُ عَنْهَا كَفَسْخِهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْ أَبَاهَا الْمُسْلِمَ مَهْرُهَا مَعَ أَنَّهُ فَوَّتَ بِذَلِكَ بُضْعَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ تَبَعِيَّتَهَا فِيهِ كَاسْتِقْلَالِهَا، بِخِلَافِ الْمُرْضِعَةِ يَلْزَمُهَا الْمَهْرُ وَإِنْ لَزِمَهَا الْإِرْضَاعُ لِتَعَيُّنِهَا لِأَنَّ لَهَا أُجْرَةً تَجْبُرُ مَا تَغْرَمُهُ وَالْمُسْلِمُ لَا شَيْءَ لَهُ، فَلَوْ غَرِمَ لِنَفَرٍ عَنْ الْإِسْلَامِ وَلَأَجْحَفْنَا بِهِ وَجَعَلَ عَيْبَهَا كَفَسْخِهَا وَلَمْ يَجْعَلْ عَيْبَهُ كَفِرَاقِهِ لِأَنَّهُ بَذَلَ الْعِوَضَ فِي مُقَابَلَةِ مَنَافِعَ سَلِيمَةٍ وَلَمْ يَتِمَّ بِخِلَافِهَا. وَإِنَّمَا مُكِّنَتْ مِنْ الْفَسْخِ مَعَ أَنَّ مَا قَبَضَتْهُ سَلِيمٌ لِدَفْعِ ضَرَرِهَا، فَإِذَا اخْتَارَتْ دَفْعَهُ فَلْتَرُدَّ بَدَلَهُ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمَا كَغَيْرِهِمَا عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُقَارِنِ لِلْعَقْدِ وَالْحَادِثِ فِي حَالَةِ فَسْخِهِ بِعَيْبِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ قَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِالْمُقَارَنِ وَجَعَلَ الْحَادِثَ كَالطَّلَاقِ (وَمَالًا) يَكُونُ مِنْهَا وَلَا بِسَبَبِهَا (كَطَلَاقٍ) وَلَوْ خُلْعًا أَوْ رَجْعِيًّا بِأَنْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ الْمُحْتَرَمَ، وَيُفَرِّقُ بَيْنَ هَذَا وَإِسْقَاطِ الْخُلْعِ إثْمُ الطَّلَاقِ الْبِدْعِيِّ بِأَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى مَا يُحَقِّقُ الرِّضَا مِنْهَا بِلُحُوقِ الضَّرَرِ وَقَدْ وُجِدَ، وَلَا كَذَلِكَ هُنَا وَإِنْ فَوَّضَهُ إلَيْهَا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا أَوْ عَلَّقَهُ بِفِعْلِهَا فَفَعَلَتْ (وَإِسْلَامِهِ) وَلَوْ تَبَعًا (وَرِدَّتِهِ وَلِعَانِهِ وَإِرْضَاعِ أُمِّهِ) لَهَا وَهِيَ صَغِيرَةٌ (أَوْ) إرْضَاعِ (أُمِّهَا) لَهُ وَهُوَ صَغِيرٌ وَمِلْكِهِ لَهَا (يَشْطُرُهُ) أَيْ يُنَصِّفُهُ لِلنَّصِّ عَلَيْهِ فِي الطَّلَاقِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237] وَقِيَاسًا عَلَيْهِ فِي الْبَاقِي، وَمَرَّ أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ بِعَبْدِهِ فَلَا مَهْرَ فَلَوْ عَتَقَا ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ وَطْءٍ فَلَا شَطْرَ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَةَ غَيْرِهِ بِرَقَبَتِهِ فَفَعَلَ ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ الْوَطْءِ فَيَرْجِعُ الْكُلُّ لِمَالِكِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ) فِي تَشْطِيرِ الْمَهْرِ وَسُقُوطِهِ (قَوْلُهُ وَسُقُوطِهِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَحُكْمِ الزِّيَادَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ قُبَيْلَ فَصْلِ: نَكَحَهَا بِخَمْرٍ إلَخْ وَيَسْتَقِرُّ الْمَهْرُ بِوَطْءٍ وَبِمَوْتِ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: قَبْلَ وَطْءٍ مِنْهَا) حَالٌ مِنْ الْفُرْقَةِ أَوْ ظَرْفُ لَغْوٍ مُتَعَلِّقٌ بِهَا (قَوْلُهُ: كَفَسْخِهَا) أَيْ فَكَانَ كَإِتْلَافِهَا لِلْمُعَوَّضِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْ أَبَاهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: وَالْمَفْرُوضُ بَعْدُ) وَتَقَدَّمَ لَهُ فِي تَعْرِيفِ الصَّدَاقِ أَنَّهُ صَحَّحَ جَعْلَ الْمَفْرُوضِ مِنْ الْمَهْرِ لِأَنَّ الْعَقْدَ سَبَبٌ فِي وُجُوبِهِ وَإِنْ تَأَخَّرَ نَفْسُ الْوُجُوبِ عَنْهُ، فَمَا هُنَا مُوَافِقٌ لَهُ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْمُسَمَّى وَالْمَفْرُوضَ وَمَهْرَ الْمِثْلِ أَقْسَامًا لِمُطْلَقِ الْمَهْرِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ تَبَعِيَّتَهَا فِيهِ) أَيْ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: كَاسْتِقْلَالِهَا) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ (قَوْلُهُ: لِتَعَيُّنِهَا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهَا (قَوْلُهُ: كَفِرَاقِهِ) أَيْ بَلْ جُعِلَ كَفَسْخِهَا (قَوْلُهُ: وَمَا لَا يَكُونُ مِنْهَا) أَيْ وَالْفِرَاقُ الَّذِي لَا يَكُونُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِأَنْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ) أَيْ وَلَوْ فِي الدُّبُرِ، وَهُوَ تَصْوِيرٌ لِلرَّجْعِيِّ قَبْلَ الْوَطْءِ: أَيْ فَيَتَشَطَّرُ بِمُجَرَّدِ الطَّلَاقِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَإِذَا رَاجَعَهَا لَا يَجِبُ لَهَا شَيْءٌ زِيَادَةً عَلَى مَا وَجَبَ لَهَا أَوَّلًا (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا) أَيْ كَوْنِ الْفُرْقَةِ بِالْخُلْعِ لَا مِنْهَا وَلَا بِسَبَبِهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ فَوَّضَهُ إلَيْهَا) غَايَةً لِقَوْلِهِ كَطَلَاقِ وَلَوْ عَطَفَهُ عَلَى خُلْعٍ فَقَالَ أَوْ فَوَّضَهُ إلَيْهَا إلَخْ كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسًا عَلَيْهِ فِي الْبَاقِي) أَيْ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا فُرْقَةٌ لَا مِنْهَا وَلَا بِسَبَبِهَا (قَوْلُهُ: بِرَقَبَتِهِ) أَيْ نَفْسِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي تَشْطِيرِ الْمَهْرِ وَسُقُوطِهِ] (فَصْلٌ) فِي تَشْطِيرِ الْمَهْرِ وَسُقُوطِهِ (قَوْلُهُ: يَلْزَمُهَا الْمَهْرُ) أَيْ لِلزَّوْجِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ اسْتِثْنَاءَ هَذِهِ صُورِيٌّ؛ لِأَنَّ

الْأَمَةِ، أَمَّا النِّصْفُ الْمُسْتَقَرُّ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا النِّصْفُ الرَّاجِعُ بِالطَّلَاقِ فَهُوَ إنَّمَا يَرْجِعُ لِلزَّوْجِ إنْ تَأَهَّلَ، وَإِلَّا فَلِمَنْ قَامَ مَقَامَهُ، وَهُوَ هُنَا مَالِكُهُ عِنْدَ الطَّلَاقِ لَا الْعَقْدِ لِأَنَّهُ صَارَ الْآنَ أَجْنَبِيًّا عَنْهُ بِكُلِّ تَقْدِيرٍ، وَلَوْ أَعْتَقَهُ مَالِكُهُ أَوْ بَاعَهُ ثُمَّ انْفَسَخَ أَوْ طَلَّقَ قَبْلَ وَطْءٍ رَجَعَ هُوَ أَوْ سَيِّدُهُ عَلَى الْمُعْتِقِ أَوْ الْبَائِعِ بِقِيمَتِهِ أَوْ نِصْفِهَا لِأَنَّهُ وَمُشْتَرِيه حِينَئِذٍ الْمُسْتَحِقُّ عِنْدَ الْفِرَاقُ، وَسَكَتَ عَمَّا لَوْ ارْتَدَّا مَعًا وَحُكْمُهُ تَشْطِيرُ الْمَهْرِ عَلَى الصَّحِيحِ، بِخِلَافِ مَا سَيَأْتِي فِي نَظِيرِهِ فِي الْمُتْعَةِ، وَيَلْحَقُ بِالْمَوْتِ مَسْخُ أَحَدِهِمَا جَمَادًا، بِخِلَافِ مَسْخِهِ حَيَوَانًا، فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ وَكَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنَّهُ تَتَنَجَّزُ الْفُرْقَةُ كَمَا فِي التَّدْرِيبِ، وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الْمَهْرِ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ عَوْدُهُ لِلزَّوْجِ لِانْتِفَاءِ أَهْلِيَّةِ تَمَلُّكِهِ وَلَا لِلْوَرَثَةِ لِأَنَّهُ حَيٌّ فَيَبْقَى لِلزَّوْجَةِ، قَالَهُ تَخْرِيجًا، وَإِنَّمَا قُلْنَا تَتَنَجَّزُ الْفُرْقَةُ بَعْدَ الدُّخُولِ بِمَسْخِهِ حَيَوَانًا، وَلَمْ يُنْتَظَرْ عَوْدُهُ إنْسَانًا فِي الْعِدَّةِ كَالرِّدَّةِ لِأَنَّهُ قَدْ خَرَجَ عَنْ الْإِنْسَانِيَّةِ فَلَمْ يَبْقَ مِنْ جِنْسِ مَنْ يَصِحُّ نِكَاحُهُ وَعَوْدُهُ لَيْسَ بِاخْتِيَارِهِ بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ، وَلِاطِّرَادِ الْعَادَةِ الْإِلَهِيَّةِ بِعَدَمِ عَوْدِ الْمَمْسُوخِ، وَلَا كَذَلِكَ الْمُرْتَدُّ فَإِنَّهُ يَعُودُ كَثِيرًا، وَلَوْ مُسِخَتْ حَيَوَانًا حَصَلَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ جِهَتِهَا وَعَادَ كُلُّ الْمَهْرِ لِلزَّوْجِ كَمَا فِي التَّدْرِيبِ (ثُمَّ قِيلَ مَعْنَى التَّشْطِيرِ أَنَّ لَهُ خِيَارَ الرُّجُوعِ) فِي النِّصْفِ إنْ شَاءَ تَمَلَّكْهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ إذْ لَا يَمْلِكُ قَهْرًا غَيْرَ الْإِرْثِ وَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ، لِأَنَّهُ جَعَلَهُ كَخِيَارِ الْوَاهِبِ (وَالصَّحِيحُ عَوْدُهُ) أَيْ النِّصْفُ إلَيْهِ إنْ كَانَ هُوَ الْمُؤَدِّي عَنْ نَفْسِهِ أَوْ أَدَّاهُ عَنْهُ وَلِيُّهُ وَهُوَ أَبٌ أَوْ جَدٌّ وَإِلَّا عَادَ لِلْمُؤَدِّي كَمَا رَجَّحَاهُ، وَإِنْ أَطَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي رَدِّهِ (بِنَفْسِ الطَّلَاقِ) أَيْ الْفِرَاقُ وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْهُ لِلْآيَةِ وَدَعْوَى الْحَصْرِ مَمْنُوعَةٌ، أَلَا تَرَى أَنَّ السَّالِبَ يَمْلِكُ قَهْرًا وَكَذَا مَنْ أَخَذَ صَيْدًا يَنْظُرُ إلَيْهِ، نَعَمْ لَوْ سَلَّمَهُ الْعَبْدُ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: مَالِكُهُ عِنْدَ الطَّلَاقِ) أَيْ وَهُوَ سَيِّدُ الْأَمَةِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ: أَيْ مَالِكُهُ عِنْدَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَعْتَقَهُ مَالِكُهُ) أَيْ وَهُوَ سَيِّدُ الْأَمَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ وَمُشْتَرِيه) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا سَيَأْتِي فِي نَظِيرِهِ فِي الْمُتْعَةِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا مُتْعَةَ (قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ بِالْمَوْتِ) أَيْ فِي تَقَرُّرِ الْكُلِّ وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ غَايَةً (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ تَتَنَجَّزُ الْفُرْقَةُ) وَتَعْتَدُّ إنْ دَخَلَ بِهَا عِدَّةَ الْحَيَاةِ (قَوْلُهُ: فَيَبْقَى لِلزَّوْجَةِ) أَيْ حَيْثُ قَبَضَتْهُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ هَذَا الْكَلَامُ فَإِنْ لَمْ تَقْبِضْهُ تَشَطَّرَ لَكِنَّ الْفُرْقَةَ لَيْسَتْ مِنْهَا وَلَا بِسَبَبِهَا حَيْثُ كَانَ دِينَارٌ أَمَّا لَوْ كَانَ عَيْنًا لَمْ يَقْبِضْهَا فَيُحْتَمَلُ إلْحَاقُهُ بِمَا لَوْ قَبَضَتْهُ فَتَنْزِعُهُ مِمَّنْ هُوَ فِي يَدِهِ لِأَنَّهَا مَلَكَتْهُ بِالْعَقْدِ وَتَعَذَّرَ عَوْدُهُ لِلزَّوْجِ وَلِوَرَثَتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُسِخَتْ) أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ (قَوْلُهُ: وَعَادَ كُلُّ الْمَهْرِ) التَّعْبِيرُ بِعَادَ يُشْعِرُ بِأَنَّهَا قَبَضَتْهُ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّهَا مَلَكَتْ بِالْعَقْدِ وَمَسْخُهَا لَمْ يَكُنْ مِنْهَا فَكَانَ الْقِيَاسُ التَّشْطِيرُ كَمَا لَوْ أَرْضَعَتْهَا أُمُّ الزَّوْجِ مَثَلًا وَالْجَوَابُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ مِنْ أَنَّهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْهَا لَكِنَّهَا مِنْ جِهَتِهَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي) أَيْ الْخِيَارُ (قَوْلُهُ: كَخِيَارِ الْوَاهِبِ) أَيْ لِوَلَدِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا عَادَ لِلْمُؤَدِّي) وَمِنْهَا مَا لَوْ أَدَّاهُ وَلَدُهُ الْبَالِغُ عَنْهُ فَيَرْجِعُ لِلْوَلَدِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ أَدَّاهُ عَنْ وَلَدِهِ مُوَلِّيه حَيْثُ رَجَعَ إلَى الْمَوْلَى أَنَّ الْوَلِيَّ إذَا دَفَعَ عَنْ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ يُقَدَّرُ دُخُولُهُ فِي مِلْكِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فَيَعُودُ إلَيْهِ وَالْوَلَدُ الْبَالِغُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى أَبِيهِ، فَإِذَا أَدَّى عَنْهُ يَكُونُ تَبَرُّعًا مُسْقِطًا لِلدَّيْنِ كَفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ، فَإِذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيهَا وَاقِعًا كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ، وَإِنَّمَا اسْتَثْنَاهَا نَظَرًا إلَى أَنَّ جَمِيعَ الْعَبْدِ يَصِيرُ لِمَالِكٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَعْتَقَهُ مَالِكُهُ) أَيْ وَهُوَ سَيِّدُ الْأَمَةِ (قَوْلُهُ: وَيُلْحَقُ بِالْمَوْتِ) أَيْ الْمَعْلُومِ حُكْمُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ أَوْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ) كَذَا فِي نُسَخٍ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الْخَلَلِ، وَعِبَارَةُ وَالِدِهِ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَوْلُهُ: أَيْ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَيَعُودُ إلَيْهَا ذَلِكَ بِكُلِّ فُرْقَةٍ: أَيْ فِي الْحَيَاةِ احْتِرَازًا عَنْ الْفُرْقَةِ بِالْمَوْتِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مُقَرِّرٌ لِلْمَهْرِ، وَمِنْ صُوَرِهِ مَا لَوْ مُسِخَ أَحَدُهُمَا حَجَرًا، أَمَّا لَوْ مُسِخَ الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ حَيَوَانًا فَفِي التَّدْرِيبِ أَنَّهُ تَحْصُلُ الْفُرْقَةُ وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الْمَهْرِ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ عَوْدُهُ لِلزَّوْجِ إلَى آخِرِ مَا فِي الشَّارِحِ، فَحَقُّ عِبَارَةِ الشَّارِحِ: فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ وَكَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ إلَخْ، ثُمَّ رَأَيْته فِي نُسْخَةٍ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: يُنْظَرُ إلَيْهِ) أَيْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ فِي أَخْذِهِ إلَّا النَّظَرُ إلَى صُورَتِهِ ثُمَّ يُرْسِلُهُ وَلَمْ

مِنْ كَسْبِهِ أَوْ مَالِ تِجَارَتِهِ ثُمَّ فَسَخَ أَوْ طَلَّقَ قَبْلَ وَطْءٍ عَادَ النِّصْفُ أَوْ الْكُلُّ لِسَيِّدِهِ، عِنْدَ الْفِرَاقِ لَهَا لَا الْإِصْدَاقِ، وَوَقَعَ لِبَعْضِ الشُّرَّاحِ عَكْسُ ذَلِكَ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ، فَإِنْ عَتَقَ وَلَوْ مَعَ الْفِرَاقِ عَادَ لَهُ (فَلَوْ زَادَ) الصَّدَاقُ (بَعْدَهُ) أَيْ الْفِرَاقُ (فَلَهُ) كُلُّ الزِّيَادَةِ مُنْفَصِلَةٌ أَوْ مُتَّصِلَةٌ أَوْ نِصْفُهَا لِحُدُوثِهَا مِنْ مِلْكِهِ أَوْ مِنْ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا أَوْ نَقَصَ بَعْدَ الْفِرَاقِ فِي يَدِهَا ضَمِنَتْ الْأَرْشَ كُلَّهُ أَوْ نِصْفَهُ تَعَدَّتْ بِمَنْعِهَا لَهُ بَعْدَ طَلَبِهِ أَوْ لَا: أَيْ لِأَنَّ يَدَهَا عَلَيْهِ يَدُ ضَمَانٍ وَمِلْكُهُ لَهُ بِنَفْسِ الْفِرَاقِ مُسْتَقَرٌّ، وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ تَعَيَّبَ الصَّدَاقُ بِيَدِهِ قَبْلَ قَبْضِهَا لِأَنَّ مِلْكَهَا الْآنَ لَمْ يَسْتَقِرَّ فَلَمْ يَقْوَ عَلَى إيجَابِ أَرْشٍ لَهَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَوْ فِي يَدِهِ فَكَذَلِكَ إنْ جَنَى عَلَيْهِ أَجْنَبِيٌّ أَوْ هِيَ. (وَإِنْ) (طَلَّقَ) مَثَلًا (وَالْمَهْرُ) الَّذِي قَبَضَتْهُ (تَالِفٌ) وَلَوْ حُكْمًا (فَلَهُ نِصْفُ بَدَلِهِ مِنْ مِثْلٍ) فِي مِثْلِيٍّ (أَوْ قِيمَةٍ) فِي مُتَقَوِّمٍ كَمَا لَوْ رَدَّ الْمَبِيعَ فَوَجَدَ ثَمَنَهُ تَالِفًا (وَإِنْ تَعَيَّبَ فِي يَدِهَا) قَبْلَ نَحْوِ الطَّلَاقِ (فَإِنْ قَنَعَ) الزَّوْجُ (بِهِ) أَيْ بِنِصْفِهِ مَعِيبًا أَخَذَهُ بِلَا أَرْشٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَقْنَعْ بِهِ (فَنِصْفُ قِيمَتِهِ سَلِيمًا) وَنِصْفُ مِثْلِهِ سَلِيمًا فِي الْمِثْلِيِّ، وَالتَّعْبِيرُ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ فِي مَوْضِعٍ بِمَعْنَى قِيمَةِ النِّصْفِ الْمُعَبِّرِ بِهَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَمُؤَدَّاهُمَا وَاحِدٌ إذْ الثَّانِيَةُ تَرْجِعُ لِلْأُولَى وَإِلَّا فَهِيَ بِظَاهِرِهَا أَقَلُّ لِأَنَّ التَّشْقِيصَ يُنْقِصُهَا، وَلِذَا صَوَّبَ فِي الرَّوْضَةِ رُجُوعَهُ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ الَّذِي هُوَ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ النِّصْفِ رِعَايَةً لَهُ كَمَا رُوعِيَتْ هِيَ فِي تَخْيِيرِهَا الْآتِي مَعَ كَوْنِهِ مِنْ ضَمَانِهَا (وَإِنْ تَعَيَّبَ قَبْلَ قَبْضِهَا) لَهُ بِآفَةٍ وَرَضِيَتْ بِهِ (فَلَهُ نِصْفُهُ نَاقِصًا بِلَا خِيَارٍ) وَلَا أَرْشَ لِأَنَّهُ حَالَةُ نَقْصِهِ مِنْ ضَمَانِهِ (فَإِنْ عَابَ بِجِنَايَةٍ وَأَخَذَتْ أَرْشَهَا) يَعْنِي وَكَانَ الْجَانِي مِمَّنْ يَضْمَنُ الْأَرْشَ وَإِنْ لَمْ تَأْخُذْهُ بَلْ وَإِنْ أَبْرَأَتْهُ عَنْهُ بَلْ وَلَوْ رَدَّتْهُ سَلِيمًا (فَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ نِصْفَ الْأَرْشِ) مَعَ نِصْفِ الْعَيْنِ لِأَنَّهُ بَدَلُ الْفَائِتِ وَبِهِ فَارَقَ الزِّيَادَةَ الْمُنْفَصِلَةَ. وَالثَّانِي لَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْأَرْشِ كَالزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ (وَلَهَا) إذَا فَارَقَ وَلَوْ بِسَبَبِهَا (زِيَادَةً) قَبْلَ الْفِرَاقِ (مُنْفَصِلَةً) كَوَلَدٍ وَثَمَرَةٍ وَأُجْرَةٍ وَلَوْ فِي يَدِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSرَجَعَ كَانَ لِلْمُؤَدِّي. وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلَهُ وَإِلَّا عَادَ لِلْمُؤَدِّي. وَأَمَّا فِي الْبَيْعِ فَيَعُودُ الثَّمَنُ إلَى الْمُشْتَرِي مُطْلَقًا كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ تَلِفَ الثَّمَنُ دُونَ الْمَبِيعِ رَدَّهُ وَأَخَذَ مِثْلَ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْفِرَاقِ) أَيْ لِأَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ فَيَرْجِعُ الْمَهْرُ لِلزَّوْجِ إنْ كَانَ أَهْلًا لِلْمِلْكِ وَلِسَيِّدِهِ حِينَ الطَّلَاقِ إنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا وَالْبَائِعُ صَارَ أَجْنَبِيًّا (قَوْلُهُ: فَلَهُ كُلُّ الزِّيَادَةِ) أَيْ فِي الْفَسْخِ، وَقَوْلُهُ أَوْ نِصْفُهَا: أَيْ فِي الطَّلَاقِ، وَقَوْلُهُ مِنْ مِلْكِهِ: أَيْ إنْ انْفَسَخَ النِّكَاحُ، وَقَوْلُهُ أَوْ مُشْتَرَكٌ: أَيْ إنْ طَلَّقَ (قَوْلُهُ: ضَمِنَتْ الْأَرْشَ كُلَّهُ) أَيْ إنْ كَانَ الْفِرَاقُ مِنْهَا أَوْ بِسَبَبِهَا، وَقَوْلُهُ أَوْ نِصْفُهُ: أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهَا وَلَا بِسَبَبِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ فِي يَدِهِ فَكَذَلِكَ) أَيْ يَجِبُ كُلُّ الْأَرْشِ لِلزَّوْجِ أَوْ نِصْفُهُ. (قَوْله وَلَوْ حُكْمًا) أَيْ كَأَنْ أَعْتَقَتْهُ (قَوْلُهُ وَالتَّعْبِيرُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ بِمَعْنَى قِيمَةِ النِّصْفِ (قَوْلُهُ فَإِنْ عَابَ) أَيْ قَامَ بِهِ الْعَيْبُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ لَمْ تُفْسَخْ (قَوْلُهُ: مُنْفَصِلَةٌ) أَيْ سَوَاءٌ فَارَقَ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَقْصِدْ بِأَخْذِهِ صَيْدَهُ (قَوْلُهُ:: وَالتَّعْبِيرُ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ) أَيْ كَمَا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ) أَيْ كَمَا أَنَّهُمْ عَبَّرُوا أَيْضًا بِقِيمَةِ النِّصْفِ، فَالشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ تَارَةً عَبَّرُوا بِهَذِهِ وَتَارَةً عَبَّرُوا بِهَذِهِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ سِيَاقُ الشَّارِحِ، ثُمَّ إنَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ مَقْلُوبَةٌ وَحَقُّهَا أَنَّ التَّعْبِيرَ بِقِيمَةِ النِّصْفِ بِمَعْنَى نِصْفِ الْقِيمَةِ: أَيْ الَّذِي هُوَ الْمُرَادُ كَمَا سَيَنْحَطُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَالتَّعْبِيرُ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ وَبِقِيمَةِ النِّصْفِ وَهِيَ أَقَلُّ وَقَعَ فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ تَنَاقُضًا وَهُوَ مَا فَهِمَهُ كَثِيرُونَ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُؤَدَّاهُمَا عِنْدَهُمْ وَاحِدًا، وَعَلَيْهِ يُحْتَمَلُ تَأْوِيلُ الْأُولَى لِتُوَافِقَ الثَّانِيَةَ بِأَنَّ الْمُرَادَ كُلٌّ مِنْ النِّصْفَيْنِ عَلَى حِدَتِهِ، وَيَحْتَمِلُ عَكْسُهُ بِأَنْ يُرَادَ قِيمَةُ النِّصْفِ مُنْضَمًّا لِلنِّصْفِ الْأُخَرِ، وَالْأَوْجَهُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ مَا فِي الْمَتْنِ، وَصَوَّبَهُ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ الَّذِي هُوَ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ النِّصْفِ رِعَايَةً لَهُ إلَى الْآخِرِ مَا فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْفِرَاقِ) أَيْ وَبَعْدَ الْإِصْدَاقِ بِقَرِينَةِ

فَلْيَرْجِعْ فِي الْأَصْلِ أَوْ نِصْفِهِ أَوْ بَدَلِهِ دُونَهَا لِحُدُوثِهَا فِي مِلْكِهَا، وَالْفِرَاقُ إنَّمَا يَقْطَعُ مِلْكَهُ مِنْ حِينِ وُجُودِهِ لَا قَبْلَهُ كَرُجُوعِ الْوَاهِبِ نَعَمْ فِي وَلَدِ الْأَمَةِ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ تَتَعَيَّنُ قِيمَةُ أُمِّهِ لَا نِصْفُهَا حَذَرًا مِنْ التَّفْرِيقِ الْمُحَرَّمِ وَإِنْ قَالَ آخُذُ نِصْفَهَا بِشَرْطِ أَنْ لَا أُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا فِيهِمَا يَظْهَرُ، وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ حَمْلًا عِنْدَ الْإِصْدَاقِ فَإِنْ رَضِيَتْ رَجَعَ فِي نِصْفِهِمَا وَإِلَّا فَلَهُ قِيمَةُ نِصْفِهِ يَوْمَ الِانْفِصَالِ مَعَ نِصْفِ قِيمَتِهَا إنْ لَمْ يُمَيِّزْ وَلَدَ الْأَمَةِ، هَذَا إنْ لَمْ تَنْقُصْ بِالْوِلَادَةِ فِي يَدِهَا، وَإِلَّا تَخَيَّرَ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ نِصْفَهَا نَاقِصًا أَوْ رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا حِينَئِذٍ، فَإِنْ كَانَ النَّقْصُ فِي يَدِهِ رَجَعَ فِي نِصْفِهَا، وَإِنَّمَا نَظَرُوا لِمَنْ النَّقْصُ بِالْوِلَادَةِ فِي يَدِهِ لِأَنَّ الْوَلَدَ مَلَكَهُمَا مَعًا فَلَمْ يُنْظَرْ لِسَبَبِهِ إذْ لَا مُرَجِّحَ، وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ حَدَثَ الْوَلَدُ بَعْدَ الْإِصْدَاقِ فِي يَدِهِ ثُمَّ وَلَدَتْ فِي يَدِهَا، فَإِنَّ الَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ مِنْ ضَمَانِهِ نَظَرًا إلَى أَنَّ السَّبَبَ وُجِدَ فِي يَدِهِ وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ لَهَا (وَ) لَهَا فِيمَا لَوْ فَارَقَهَا لَا بِسَبَبٍ مُقَارِنٍ بَعْدَ زِيَادَةٍ مُتَّصِلَةٍ (خِيَارٌ فِي مُتَّصِلَةٍ) كَسِمَنٍ وَحِرْفَةٍ وَلَيْسَ مِنْهَا ارْتِفَاعُ السُّوقِ. وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ كُلُّ الصَّدَاقِ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ بِسَبَبٍ مُقَارِنٍ لِلْعَقْدِ كَعَيْبِ أَحَدِهِمَا رَجَعَ إلَيْهِ بِزِيَادَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ وَإِنْ لَمْ تَرْضَ هِيَ كَفَسْخِ الْبَيْعِ بِالْعَيْبِ، وَإِنْ كَانَ بِسَبَبٍ عَارِضٍ تَخَيَّرَتْ بَيْنَ أَنْ تُسَلِّمَهُ زَائِدًا وَأَنْ تُسَلِّمَهُ قِيمَتَهُ غَيْرَ زَائِدٍ (فَإِنْ شَحَّتْ) فِيهَا وَكَانَ الْفِرَاقُ لَا بِسَبَبِهَا (ف) لَهُ وَلَوْ مُعْسِرَةً (نِصْفُ قِيمَةِ) الْمَهْرِ بِأَنْ يَقُومَ (بِلَا زِيَادَةٍ) وَامْتِنَاعِ الرُّجُوعِ فِي الْمُتَّصِلَةِ مِنْ خُصُوصِيَّةِ هَذَا الْمَحَلِّ لِأَنَّ الْعَوْدَ هُنَا ابْتِدَاءُ تَمَلُّكٍ لَا فَسْخَ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَمْهَرَ الْعَبْدُ مِنْ كَسْبِهِ أَوْ مَالِ تِجَارَتِهِ ثُمَّ عَتَقَ عَادَ لَهُ، وَلَوْ كَانَ فَسْخًا لَعَادَ لِمَالِكِهِ أَوَّلًا وَهُوَ السَّيِّدُ (وَإِنْ سَمَحَتْ) بِالزِّيَادَةِ وَهِيَ مُطْلَقَةُ التَّصَرُّفِ (لَزِمَهُ الْقَبُولُ) لَهَا لِكَوْنِهَا تَابِعَةً لَا تَظْهَرُ الْمِنَّةُ فِيهَا فَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ الْقِيمَةِ (وَإِنْ) فَارَقَ لَا بِسَبَبِهَا وَقَدْ (زَادَ) مِنْ وَجْهٍ (وَنَقَصَ) مِنْ وَجْهٍ (كَكِبَرِ عَبْدٍ) كِبَرًا يَمْنَعُ دُخُولَهُ عَلَى الْحُرُمِ وَقَبُولُهُ لِلرِّيَاضَةِ وَالتَّعْلِيمِ وَيَقْوَى بِهِ عَلَى الْأَسْفَارِ وَالصَّنَائِعِ، فَالْأَوَّلُ نَقْصٌ وَالثَّانِي زِيَادَةٌ أَمَّا مَصِيرُ ابْنِ سَنَةٍ ابْنِ نَحْوِ خَمْسٍ فَزِيَادَةٌ مَحْضَةٌ وَمَصِيرُ شَابٍّ شَيْخًا فَنَقْصٌ مَحْضٌ (وَطُولُ نَخْلَةٍ) بِحَيْثُ قَلَّ بِهِ ثَمَرُهَا وَكَثُرَ حَطَبُهَا (وَتَعَلُّمُ صَنْعَةٍ مَعَ) حُدُوثِ نَحْوِ (بَرَصٍ فَإِنْ اتَّفَقَا) عَلَى أَنَّهُ يَرْجِعُ (بِنِصْفِ الْعَيْنِ) فَظَاهِرٌ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا (وَإِلَّا فَنِصْفُ قِيمَةٍ) لِلْعَيْنِ مُجَرَّدَةٍ عَنْ زِيَادَةٍ وَنَقْصٍ لِأَنَّهُ الْأَعْدَلُ، وَلَا يُجْبَرُ هُوَ عَلَى أَخْذِ نِصْفِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِسَبَبٍ مُقَارِنٍ أَمْ لَا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَلَهَا فِيمَا لَوْ فَارَقَ لَا بِسَبَبٍ مُقَارِنٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلْيَرْجِعْ فِي الْأَصْلِ) أَيْ إنْ كَانَ بِفَسْخٍ، وَقَوْلُهُ أَوْ نِصْفُهُ: أَيْ إنْ كَانَ بِطَلَاقٍ، وَقَوْلُهُ أَوْ بَدَلُهُ: أَيْ كُلًّا أَوْ نِصْفًا إنْ كَانَ تَالِفًا (قَوْله تَتَعَيَّنُ قِيمَةُ أُمِّهِ) أَيْ نِصْفُ قِيمَةِ الْأُمِّ، وَقَوْلُهُ لَا نِصْفُهَا: أَيْ الْأُمُّ فِيمَا لَوْ طَلَّقَ وَقِيمَةُ الْأُمِّ كُلُّهَا لَا ذَاتُهَا فِيمَا لَوْ فَسَخَ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ غَايَةٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ رَضِيَتْ) أَيْ بِرَدِّهِ (قَوْلُهُ: مَعَ نِصْفِ قِيمَتِهِمَا) أَيْ وَقْتَ الْفُرْقَةِ (قَوْله لَا سَبَبَ مُقَارِنٍ) بَحَثَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّ مِثْلَ الْمُقَارِنِ الْحَادِثِ قَبْلَ الزِّيَادَةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِنْهَا ارْتِفَاعُ السُّوقِ) أَيْ وَلَا مِنْ النَّقْصِ انْخِفَاضُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ بِسَبَبٍ عَارِضٍ) أَيْ وَقَدْ حَدَثَ بَعْدَ الزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ فَسْخًا لَعَادَ) قَدْ يُقَالُ بَلْ الْقِيَاسُ أَنَّهُ يَعُودُ لَهُ وَإِنْ قُلْنَا فُسِخَ بِنَاءً عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ أَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ رَضِيَتْ إلَخْ) إنَّمَا تَوَقَّفَ عَلَى رِضَاهَا؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ فِيهِ زِيَادَةٌ فِي مِلْكِهَا (قَوْلُهُ: لَا بِسَبَبٍ مُقَارِنٍ) لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا إذَا كَانَ الرَّاجِعُ النِّصْفَ، وَإِنَّمَا ذَكَرُوا هَذَا التَّفْصِيلَ فِيمَا إذَا كَانَ الرَّاجِعُ الْكُلَّ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَأَمَّا الْمُتَّصِلَةُ كَالسَّمْنِ وَالصَّنْعَةِ فَلِلزَّوْجَةِ الْخِيَارُ بَيْنَ تَسْلِيمِهِ زَائِدًا أَوْ قِيمَتِهِ غَيْرَ زَائِدٍ، إلَى أَنْ قَالَ: وَلَوْ عَادَ إلَيْهِ الْكُلُّ نَظَرَتْ فَإِنْ كَانَتْ بِسَبَبٍ عَارِضٍ كَرِدَّتِهَا فَكَذَلِكَ: أَيْ فَكَمَا ذُكِرَ فِي عَوْدِ النِّصْفِ مِمَّا حَدَثَ فِيهِ زِيَادَةٌ أَوْ مُقَارِنٌ كَعَيْبِ أَحَدِهِمَا أَخَذَهُ بِزِيَادَتِهِ. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ الْعَوْدُ فِي النِّصْفِ فَقَطْ فِي الْعَيْبِ

الْعَيْنِ لِلنَّقْصِ وَلَا هِيَ عَلَى إعْطَائِهِ لِلزِّيَادَةِ (وَزِرَاعَةُ الْأَرْضِ نَقْصٌ) لِأَنَّهَا تُذْهِبُ قُوَّتَهَا غَالِبًا (وَحَرْثُهَا زِيَادَةٌ) فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى نِصْفِهَا مَحْرُوثَةً أَوْ مَزْرُوعَةً وَتُرِكَ الزَّرْعُ لِلْحَصَادِ فَذَاكَ وَإِلَّا رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا مُجَرَّدَةً عَنْ حَرْثٍ وَزَرْعٍ وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِيمَا إذَا اُتُّخِذَتْ لِلزَّرْعِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَكَانَ فِي وَقْتِهِ وَإِلَّا فَهُوَ نَقْصٌ مَحْضٌ وَاسْتَغْنَى عَنْهُ بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ إذْ هُوَ فِي أَرْضٍ لِلزِّرَاعَةِ (وَحَمْلُ أَمَةٍ وَبَهِيمَةٍ) وُجِدَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَلَمْ يَنْفَصِلْ عِنْدَ الْفِرَاقِ (زِيَادَةٌ) لِتَوَقُّعِ الْوَلَدِ (وَنَقَصَ) لِأَنَّ فِيهِ الضَّعْفَ حَالًا وَخَوْفَ الْمَوْتِ مَآلًا (وَقِيلَ الْبَهِيمَةُ) حَمْلُهَا (زِيَادَةً) مَحْضَةً لِلْأَمْنِ عَلَيْهَا مَعَهُ غَالِبًا بِخِلَافِ الْأَمَةِ، وَرَدَ هُنَا وَإِنْ وَافَقَهُ فِي خِيَارِ الْبَيْعِ أَنَّهُ عَيْبٌ فِي الْأَمَةِ فَقَطْ بِأَنَّهُ فِيهَا يَفْسُدُ اللَّحْمُ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ تَجُزْ التَّضْحِيَةُ بِحَامِلٍ كَمَا سَيَأْتِي، وَلَا يُقَاسَ مَا هُنَا عَلَى الْبَيْعِ إذْ الْمَدَارُ ثَمَّ عَلَى مَا يُخِلُّ بِالْمُعَاوَضَةِ وَهُنَا عَلَى مَا فِيهِ جَبْرٌ لِلْجَانِبَيْنِ، عَلَى أَنَّ كَلَامَهُمَا قُبَيْلُ الْإِقَالَةِ يَقْتَضِي أَنَّهُ فِيهِمَا إنْ حَصَلَ بِهِ نَقْصٌ فَعَيْبٌ وَإِلَّا فَلَا (وَإِطْلَاعُ نَخْلٍ) لَمْ يُؤَبَّرْ عِنْدَ الْفِرَاقِ (زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ) فَيُمْنَعُ الزَّوْجُ مِنْ الرُّجُوعِ الْقَهْرِيِّ لِحُدُوثِهَا بِمِلْكِهَا وَلَوْ رَضِيَتْ بِأَخْذِهِ لَهُ مَعَ النَّخْلِ أُجْبِرَ عَلَى قَبُولِهِ، بِخِلَافِ الثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ وَظُهُورِ النُّورِ فِي غَيْرِ النَّخْلِ بِدُونِ نَحْوِ تَسَاقُطِهِ كَبُدُوِّ الطَّلْعِ مِنْ غَيْرِ تَأْبِيرٍ (وَإِنْ) (طَلَّقَ) مَثَلًا (وَعَلَيْهِ ثَمَرٌ مُؤَبَّرٌ) بِأَنْ تَشَقَّقَ طَلْعُهُ أَوْ وُجِدَ نَحْوُ تَسَاقُطِ نُورِ غَيْرِهِ وَقَدْ حَدَثَ بَعْدَ الْإِصْدَاقِ وَلَمْ يَدْخُلْ وَقْتَ جُذَاذِهِ (لَمْ يَلْزَمْهَا قَطْفُهُ) أَيْ قَطْعُهُ لِيَرْجِعْ هُوَ لِنَحْوِ نِصْفِ النَّخْلِ لِأَنَّهُ حَدَثَ فِي مِلْكِهَا، بَلْ لَهَا إبْقَاؤُهُ إلَى جُذَاذِهِ وَإِنْ اُعْتِيدَ قَطْعُهُ أَخْضَرَ، وَتَنْظِيرُ الْأَذْرَعِيِّ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ نَظَرُهُمْ لِجَانِبِهَا أَكْثَرُ جَبْرًا لِمَا حَصَلَ لَهَا مِنْ كَسْرِ الْفِرَاقِ أَلْغَى النَّظَرَ إلَى هَذَا الِاعْتِيَادِ وَأَوْجَبَ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ (فَإِنْ قُطِفَ) أَوْ قَالَتْ ارْجِعْ وَأَنَا أَقِطْفُهُ (تَعَيَّنَ نِصْفُ) نَحْوِ (النَّخْلِ) حَيْثُ لَا نَقَصَ فِي الشَّجَرِ حَدَثَ مِنْهُ وَلَا زَمَنَ لِلْقَطْفِ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ حِينَئِذٍ عَلَيْهِ بِوَجْهٍ (وَلَوْ رَضِيَ بِنِصْفِ نَحْوِ النَّخْلِ وَتَبْقِيَةِ الثَّمَرِ إلَى جُذَاذِهِ) وَقَبْضِ النِّصْفِ شَائِعًا بِحَيْثُ بَرِئَتْ مِنْ ضَمَانِهِ (أُجْبِرَتْ) عَلَى ذَلِكَ (فِي الْأَصَحِّ) إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهَا فِيهِ (وَيَصِيرُ النَّخْلُ فِي يَدِهِمَا) كَبَقِيَّةِ الْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ. وَالثَّانِي لَا تُجْبَرُ، وَرَجَّحَهُ جَمْعٌ وَادَّعَى الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الْأَصَحُّ أَوْ الصَّحِيحُ لِأَنَّهُ قَدْ يَمْنَعُهَا السَّقْيُ إنْ أَرَادَتْهُ لِتَنْمِيَةِ الثَّمَرَةِ عِنْدَ إضْرَارِهِ بِالشَّجَرِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَقْبِضْهُ كَذَلِكَ كَأَنْ قَالَ أَرْضَى بِنِصْفِ النَّخْلِ وَأُؤَخِّرُ الرُّجُوعَ إلَى بَعْدِ الْجُذَاذِ أَوْ أَرْجِعُ فِي نِصْفِهِ حَالًّا وَلَا أَقْبِضُهُ إلَّا بَعْدَ الْجُذَاذِ أَوْ وَأُعِيرُهَا نِصْفُهُ فَلَا يُجَابُ لِذَلِكَ قَطْعًا وَإِنْ قَالَ لَهَا أَبْرَأْتُك مِنْ ضَمَانِهِ لِإِضْرَارِهَا لِأَنَّهَا لَا تَبْرَأُ بِذَلِكَ، فَإِنْ قَالَ أَقْبِضُهُ ثُمَّ أُودِعُهَا إيَّاهُ وَرَضِيَتْ بِذَلِكَ أُجْبِرَتْ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ وَإِلَّا فَلَا، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ إطْلَاقُ مَنْ أَطْلَقَ أَنَّ قَوْلَهُ أُودِعُهَا كَقَوْلِهِ أُعِيرُهَا (وَلَوْ رَضِيَتْ بِهِ) أَيْ الرُّجُوعِ فِي نِصْفِ الشَّجَرِ وَتَرْكِ ثَمَرِهَا لِلْجُذَاذِ (فَلَهُ الِامْتِنَاعُ) مِنْهُ (وَالْقِيمَةُ) أَيْ طَلَبُهَا لِأَنَّ حَقَّهُ ثَبَتَ مُعَجَّلًا فَلَا يُؤَخَّرُ بِدُونِ رِضَاهُ وَالتَّأْخِيرُ جَائِزٌ بِالرِّضَا لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا وَلَا يَلْزَمُ، فَلَوْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا عَنْهُ جَازَ، وَلَوْ وَهَبَتْهُ نِصْفَ الثَّمَرِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الْقَبُولِ لِزِيَادَةِ الْمِنَّةِ هُنَا بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ فِي الطَّلْعِ، فَإِنْ قُبِلَ اشْتَرَكَا فِيهِمَا (وَمَتَى ثَبَتَ ـــــــــــــــــــــــــــــSحِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ وَكَمَا أَنَّهُ يَرْجِعُ الْعَبْدُ إذَا عَتَقَ يَرْجِعُ لِلْمُشْتَرِي لَوْ بَاعَهُ السَّيِّدُ بَعْدَ النِّكَاحِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَالَهُ سم عَلَى حَجّ مِنْ قَوْلِهِ قَدْ يُقَالُ فَلِمَ عَادَ لِلْمُؤَدِّي كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي أَنَّهُ فِيهِمَا) أَيْ الْأَمَةِ وَالْبَهِيمَةِ: أَيْ وَيَحْتَمِلُ رُجُوعَهُ لِلْبَيْعِ وَالْفِرَاقِ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اُعْتِيدَ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَأَنَا أَقْطِفُهُ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ لَهَا) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: أُجْبِرَتْ) هُوَ مَعَ قَوْلِهِ وَرَضِيَتْ لَا يَخْلُو عَنْ حَزَازَةٍ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَذَلِكَ لِأَنَّهُ حَيْثُ وَقَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُقَارِنِ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ فِيهِ إمَّا مِنْهَا أَوْ بِسَبَبِهَا فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ إلَّا الرُّجُوعُ فِي الْكُلِّ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ إطْلَاقُ مَنْ أَطْلَقَ إلَخْ) أَيْ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَرْضَ

خِيَارٌ لَهُ) لِنَقْصٍ (أَوْ لَهَا) لِزِيَادَةٍ أَوْ لَهُمَا لِاجْتِمَاعِهِمَا (لَمْ يَمْلِكْ نِصْفَهُ حَتَّى يَخْتَارَ ذُو الِاخْتِيَارِ) مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ مِنْهُمَا وَإِلَّا بَطَلَتْ فَائِدَةُ التَّخْيِيرِ وَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي لِأَنَّهُ لَيْسَ خِيَارَ عَيْبٍ مَا لَمْ يَطْلُبْ فَتُكَلَّفُ هِيَ اخْتِيَارَ أَحَدِهِمَا فَوْرًا وَلَا يُعَيِّنُ فِي طَلَبِهِ عَيْنًا وَلَا قِيمَةً لِأَنَّ التَّعْيِينَ يُنَافِي تَفْوِيضَ الْأَمْرِ إلَيْهَا بَلْ يُطَالِبُهَا بِحَقِّهِ عِنْدَهَا فَإِنْ امْتَنَعَتْ لَمْ تُحْبَسْ بَلْ تُنْزَعْ مِنْهَا وَتُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهَا، فَإِنْ أَصَرَّتْ عَلَى الِامْتِنَاعِ بَاعَ الْحَاكِمُ مِنْهَا بِقَدْرِ الْوَاجِبِ مِنْ الْقِيمَةِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْعُهُ بَاعَ الْكُلَّ وَأُعْطِيَتْ مَا زَادَ، وَمَعَ مُسَاوَاةِ ثَمَنِ نِصْفِ الْعَيْنِ لِنِصْفِ الْقِيمَةِ يَأْخُذُ نِصْفَ الْعَيْنِ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الْبَيْعِ ظَاهِرٌ: أَيْ لِأَنَّ الشِّقْصَ لَا يُرْغَبُ فِيهِ غَالِبًا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمَا عَدَمُ مِلْكِهِ: أَيْ فِي الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ بِالْإِعْطَاءِ حَتَّى يَقْضِيَ لَهُ الْقَاضِي بِهِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ رِعَايَةَ جَانِبِهَا لِمَا مَرَّ تُرَجِّحُ ذَلِكَ وَتُلْغِي النَّظَرَ لِامْتِنَاعِهَا وَمِنْ ثَمَّ جَرَى الْحَاوِي وَفُرُوعُهُ عَلَى ذَلِكَ (وَمَتَى رَجَعَ بِقِيمَةٍ) لِلْمُتَقَوِّمِ لِنَحْوِ زِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ أَوْ زَوَالِ مِلْكٍ (اُعْتُبِرَ الْأَقَلَّ مِنْ يَوْمَيْ الْإِصْدَاقِ وَالْقَبْضِ) لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ يَوْمَ الْإِصْدَاقِ أَقَلُّ فَمَا حَدَثَ فِي مِلْكِهَا فَلَا تَضْمَنُهُ لَهُ أَوْ يَوْمُ الْقَبْضِ أَقَلَّ فَمَا نَقَصَ قَبْلَهُ مِنْ ضَمَانِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهَا فِيهِ أَيْضًا وَمَا أَفْهَمَتْهُ عِبَارَتُهُ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ مَا بَيْنَهُمَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ نَقْصٌ بَيْنَهُمَا عَنْ قِيمَتِهِمَا بِأَنْ سَاوَتْ قِيمَةَ أَحَدِهِمَا أَوْ زَادَتْ عَلَى قِيمَتِهِمَا فَإِنْ نَقَصَتْ عَنْ الْقِيمَتَيْنِ فَالْعِبْرَةُ بِهَا كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ إذْ الَّذِي قَالَهُ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ أَقَلُّ قِيَمِهِ مِنْ يَوْمِ الْإِصْدَاقِ إلَى الْقَبْضِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ هُوَ الصَّوَابُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ تَلِفَ فِي يَدِهَا بَعْدَ الْفِرَاقِ فَإِنَّهُ يَجِبُ قِيمَةُ يَوْمِ التَّلَفِ لِتَلَفِهِ عَلَى مِلْكِهِ تَحْتَ يَدِ ضَامِنِهِ لَهُ وَلَوْ أَصْدَقَهَا حُلِيًّا فَكَسَرَتْهُ أَوْ انْكَسَرَ ثُمَّ أَعَادَتْهُ كَمَا كَانَ ثُمَّ فَارَقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يَرْجِعْ فِيهِ بِدُونِ رِضَاهَا لِزِيَادَتِهِ بِالصَّنْعَةِ عِنْدَهَا وَكَذَا لَوْ أَصْدَقَهَا نَحْوَ جَارِيَةٍ هَزِلَتْ ثُمَّ سَمِنَتْ عِنْدَهَا كَقِنٍّ نَسِيَ صَنْعَةً ثُمَّ تَعَلَّمَهَا عِنْدَهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا فَعَمَى عِنْدَهَا ثُمَّ أَبْصَرَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِغَيْرِ رِضَاهَا كَمَا لَوْ تَعَيَّبَ بِغَيْرِ ذَلِكَ فِي يَدِهَا ثُمَّ زَالَ الْعَيْبُ ثُمَّ فَارَقَهَا فَإِنْ لَمْ تَرْضَ الزَّوْجَةُ بِرُجُوعِهِ فِي الْحُلِيِّ الْمَذْكُورِ رَجَعَ بِنِصْفِ وَزْنِهِ تِبْرًا وَنِصْفِ قِيمَةِ صَنْعَتِهِ وَهِيَ أُجْرَةُ مِثْلِهَا مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِهِ كَمَا فِي الْغَصْبِ فِيمَا لَوْ أَتْلَفَ حُلِيًّا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَإِنْ فَرَّقَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بَيْنَ مَا هُنَا وَالْغَصْبَ بِأَنَّهُ ثُمَّ أَتْلَفَ مِلْكَ غَيْرِهِ فَكُلِّفَ رَدَّ مِثْلِهِ مَعَ الْأُجْرَةِ وَهُنَا إنَّمَا تَصَرَّفْت فِي مِلْكِ نَفْسِهَا فَتُدْفَعُ نِصْفُ قِيمَةِ الْحُلِيِّ بِهَيْئَتِهِ الَّتِي كَانَتْ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ أَصْدَقَهَا إنَاءً نَحْوَ ذَهَبٍ فَكَسَرَتْهُ وَأَعَادَتْهُ أَوْ لَمْ تُعِدْهُ لَمْ يَرْجِعْ مَعَ نِصْفِهِ بِالْأُجْرَةِ إذْ لَا أُجْرَةَ لِصَنْعَتِهِ أَوْ نَسِيَتْ الْمَغْصُوبَةُ الْغِنَاءَ عِنْدَ الْغَاصِبِ لَمْ يَضْمَنْهُ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ أَيْ عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ وَإِنْ صَحَّ شِرَاؤُهَا بِزِيَادَةٍ لِلْغِنَاءِ عَلَى قِيمَتِهَا بِلَا غِنَاءٍ. (وَلَوْ) (أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ) مَا فِيهِ كُلْفَةٌ عُرْفًا مِنْ (قُرْآنٍ) وَلَوْ دُونَ ثَلَاثِ آيَاتٍ فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ نَحْوِ شِعْرٍ فِيهِ كُلْفَةٌ وَمَنْفَعَةٌ تُقْصَدُ شَرْعًا لِاشْتِمَالِهِ عَلَى عِلْمٍ أَوْ مَوَاعِظَ مَثَلًا عَيْنًا أَوْ فِي الذِّمَّةِ وَلَوْ لِنَحْوِ عَبْدِهَا أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSالرِّضَا مِنْهَا وَقَدْ طَلَبَ جَعْلَهُ وَدِيعَةً لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ أُجْبِرَتْ مَعْنًى، لِأَنَّ الْإِجْبَارَ إلْزَامُ الْمُمْتَنِعِ مِنْ الْفِعْلِ عَلَى قَبُولِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي) أَيْ الِاخْتِيَارِ (قَوْلُهُ: وَتُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهَا) أَيْ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ: عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: هُوَ الصَّوَابُ) أَيْ مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَعَلَّمَهَا عِنْدَهَا) أَفْهَمُ أَنَّهُ لَوْ تَذَكَّرَهَا بِنَفْسِهِ عِنْدَهَا رَجَعَ فِيهِ بِغَيْرِ رِضَاهَا (قَوْلُهُ: فَعَمِيَ عِنْدَهَا) وَالْفَرْقُ أَنَّ السِّمَنَ الطَّارِئَ يُعَدُّ زِيَادَةً فِي نَحْوِ الْأَمَةِ وَزَوَالُ الْعَيْبِ لَا يُعَدُّ زِيَادَةً بَلْ يُقَالُ فِي الْعُرْفِ إنَّهُ عَادَ إلَى حَالِهِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا أُجْرَةَ لِصَنْعَتِهِ) أَيْ لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أُبِيحَ لَهَا فِعْلُهُ كَأَنْ اتَّخَذَتْهُ لِتَشْرَبَ مِنْهُ لِإِزَالَةِ مَرَضٍ قَامَ بِهَا لَزِمَهُ أُجْرَةُ الصَّنْعَةِ كَالْحُلِيِّ الْمُبَاحِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: يَأْخُذُ نِصْفَ الْعَيْنِ) هُوَ بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ: أَيْ يَأْخُذُ الزَّوْجُ

وَلَدِهَا الَّذِي يَلْزَمُهَا مُؤْنَتُهُ صَحَّ وَلَوْ كَانَ تَعْلِيمُ الْقُرْآنِ لِكِتَابِيَّةٍ إنْ رَجَا إسْلَامَهَا (وَ) مَتَى (طَلَّقَ) مَثَلًا (قَبْلَهُ) أَيْ تَعْلِيمِهَا هِيَ دُونَ نَحْوِ عَبْدِهَا وَلَمْ تَصِرْ زَوْجَةً لَهُ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ أَوْ مُحَرَّمًا لَهُ بِحُدُوثِ رَضَاعٍ أَوْ بِنِكَاحِ بِنْتِهَا وَلَا كَانَتْ صَغِيرَةً لَا تُشْتَهَى وَكَانَ التَّعْلِيمُ بِنَفْسِهِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَصَوَّبَهُ السُّبْكِيُّ (فَالْأَصَحُّ تَعَذُّرُ تَعْلِيمِهِ) وَإِنْ وَجَبَ كَالْفَاتِحَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ لِأَنَّهَا صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً فَالْمَفْسَدَةُ غَيْرُ مَأْمُونَةٍ لِمَا حَصَلَ بَيْنَهُمَا مِنْ سَبَبِ الْأُلْفَةِ وَتَعَلُّقِ آمَالِ كُلٍّ بِصَاحِبِهِ فَاشْتَدَّتْ الْوَحْشَةُ، وَالتُّهْمَةُ بَيْنَهُمَا فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ النَّظَرِ لِلْأَجْنَبِيَّةِ لِلتَّعْلِيمِ. وَالثَّانِي لَا يَتَعَذَّرُ بَلْ يُعَلِّمُهَا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ مِنْ غَيْرِ خَلْوَةِ الْكُلِّ إنْ طَلَّقَ بَعْدَ الْوَطْءِ أَوْ النِّصْفِ إنْ طَلَّقَ قَبْلَهُ وَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَهُ تَعْلِيمُهَا مَا اسْتَحَقَّتْهُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ بِحَضْرَةِ مَانِعِ خَلْوَةٍ رَضِيَ بِالْحُضُورِ كَمَحْرَمٍ أَوْ زَوْجٍ أَوْ امْرَأَةٍ أُخْرَى وَهُمَا ثِقَتَانِ يَحْتَشِمُهُمَا فَلَا تَعَذُّرَ وَمَتَى لَمْ يَتَعَذَّرْ لِكَوْنِهِ لِنَحْوِ قِنِّهَا وَتَشَطَّرَ أَوْ تَعَذَّرَ بِأَنْ كَانَ لَهَا وَاخْتَلَفَا فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى شَيْءٍ فَذَاكَ إلَّا تَعَيَّنَ الْمَصِيرُ إلَى نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِ الْإِسْنَوِيِّ بِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ تَعْلِيمِ نِصْفٍ مُشَاعٍ مُسْتَحِيلٌ وَنِصْفِ مُعَيَّنٍ تَحَكُّمٌ مِنْ كَثْرَةِ الِاخْتِلَافِ بِطُولِ الْآيَاتِ وَقِصَرِهَا وَسُهُولَتِهَا وَصُعُوبَتِهَا حَتَّى فِي السُّورَةِ الْوَاحِدَةِ وَدَعْوَى رَدِّهِ وَإِنَّ الْمُجَابَ الزَّوْجُ عِنْدَ طَلَبِهِ نِصْفًا غَيْرَ مُلَفَّقٍ مَرْدُودَةٌ وَقِيَاسُهُ عَلَى إجَابَةِ الْمَدِينِ فَاسِدٌ إذْ ذَاكَ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ أَحْضَرَ لَهُ نَظِيرَ حَقِّهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَأَبَى رَبُّ الدَّيْنِ إلَّا غَيْرَهُ فَكَانَ مُتَعَنِّتًا وَمَا هُنَا بِخِلَافِ ذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ (وَيَجِبُ) حَيْثُ تَعَذَّرَ مَا أَصْدَقَهَا تَعْلِيمُهُ (مَهْرُ مِثْلٍ) إنْ فَارَقَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: تَعْلِيمُ مَا فِيهِ كُلْفَةٌ) أَيْ بِحَيْثُ تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ وَإِنْ قَلَّتْ. (قَوْلُهُ: لِاشْتِمَالِهِ) بَيَانٌ لِمَا يَقْصِدُ شَرْعًا (قَوْلُهُ: الَّذِي يَلْزَمُهَا مُؤْنَتُهُ) أَيْ بِخِلَافِ غَيْرِهِ إمَّا لِكَوْنِهِ غَنِيًّا بِمَالٍ أَوْ كَوْنِ نَفَقَتِهِ عَلَى أَبِيهِ أَوْ كَوْنِهِ كَبِيرًا قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ غَايَةً فِي الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: وَالتُّهْمَةُ) عَطْفُ سَبَبٍ عَلَى مُسَبَّبٍ (قَوْلُهُ: إنْ طَلَّقَ قَبْلَهُ) أَيْ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ إنْ بَذَلَتْهَا فَإِنْ لَمْ تَبْذُلْهَا وَامْتَنَعَ مِنْ الْحُضُورِ مَجَّانًا لَمْ تُجْبَرْ عَلَى بَذْلِهَا وَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ) أَيْ أَوْ مَجَالِسَ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ أَوْ تَعَذَّرَ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ هَذِهِ الصُّورَةِ لِأَنَّهُ مَعَ التَّعَذُّرِ يَجِبُ مَهْرُ مِثْلٍ وَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي الْقَدْرِ أَوْ إبْدَالِهِ لِقَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ قِنُّهَا أَوْ لَهَا وَلَمْ يَتَعَذَّرْ لِكَوْنِهِ فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ لَهَا وَاخْتَلَفَا) الْأَوْلَى إسْقَاطُ قَوْلِهِ وَاخْتَلَفَا لِأَنَّ مَا أَفَادَهُ بِهِ هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ اتَّفَقَا إلَخْ (قَوْلُهُ: مَرْدُودَةٌ) جَرَى عَلَيْهَا حَجّ (قَوْلُهُ وَيَجِبُ حَيْثُ تَعَذُّرٌ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَاشْتَدَّتْ الْوَحْشَةُ) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَعَذَّرَ بِأَنْ كَانَ لَهَا وَاخْتَلَفَا إلَخْ) إنْ كَانَتْ الصُّورَةُ أَنَّهُ أَصْدَقَهَا لِيُعْلِمَهَا بِنَفْسِهِ فَهِيَ صُورَةُ الْمَتْنِ وَالتَّعَذُّرُ فِيهَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى اخْتِلَافِهِمَا وَلَا عَلَى التَّشْطِيرِ وَإِنْ كَانَتْ الصُّورَةُ أَنَّهُ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمًا فِي الذِّمَّةِ فَلَا تَعَذُّرَ، فَإِنْ أَرَادَ بِالتَّعَذُّرِ التَّعَسُّرَ الْآتِيَ فِي إفْتَاءِ وَالِدِهِ فَمَسْأَلَةُ الْقِنِّ كَذَلِكَ، فَلَا وَجْهَ لِلْحُكْمِ عَلَيْهَا بِالتَّعَذُّرِ دُونَهَا، ثُمَّ إنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ إفْتَاءَ وَالِدِهِ فِيمَا لَوْ كَانَ التَّعْلِيمُ لِنَحْوِ قِنِّهَا أَيْضًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَاَلَّذِي فِي فَتَاوَى وَالِدِهِ سُئِلَ عَنْ شَخْصٍ أَصْدَقَ امْرَأَةً تَعْلِيمَ سُورَةٍ مُعَيَّنَةٍ فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَالتَّعْلِيمِ وَقُلْتُمْ بِأَنَّهُ لَا يَتَعَذَّرُ التَّعْلِيمُ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَأْجِرُ مَنْ يُعَلِّمُهَا مِمَّنْ يَحِلُّ نَظَرُهُ إلَيْهَا وَطَلَبَتْ تَعْلِيمَ نِصْفِ السُّورَةِ الثَّانِي وَطَلَبَ الزَّوْجُ تَعْلِيمَهَا النِّصْفَ الْأَوَّلَ فَمَنْ يَعْمَلُ بِقَوْلِهِ مِنْهُمَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَخْفَى عُسْرُ التَّنْصِيفِ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ لَا يُوقَفُ عَلَى حَدِّهِ كَمَا يُوقَفُ عَلَى حَدِّ جَمِيعِهِ وَتَعْلِيمُ نِصْفٍ مُشَاعٍ لَا يُمْكِنُ، وَالْقَوْلُ بِاسْتِحْقَاقِ نِصْفٍ مُعَيَّنٍ دُونَ النِّصْفِ الْآخَرِ تَحَكُّمٌ وَيُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ، لَا سِيَّمَا أَنَّ السُّورَةَ مُخْتَلِفَةُ الْآيَاتِ فِي الطُّولِ وَالْقِصَرِ وَالسُّهُولَةِ وَالصُّعُوبَةِ، فَحِينَئِذٍ إنْ اتَّفَقَا عَلَى شَيْءٍ فَذَاكَ وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْمَصِيرُ إلَى نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ. اهـ. فَكَانَ صَوَابُ الْعِبَارَةِ: وَمَتَى لَمْ يَتَعَذَّرْ وَتُشْطَرُ بِأَنْ كَانَ لِنَحْوِ عَبْدِهَا مُطْلَقًا أَوْ لَهَا فِي الذِّمَّةِ وَاخْتَلَفَا فَإِنْ اتَّفَقَا إلَخْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ فِي الثَّانِيَةِ أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِ الْإِسْنَوِيِّ إلَخْ، وَمِثْلُهَا الْأُولَى (قَوْلُهُ: حَيْثُ تَعَذَّرَ) أَيْ فِي صُورَةِ الْمَتْنِ وَأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَيَجِبُ إلَخْ مُتَرَتِّبٌ عَلَى

(بَعْدِ وَطْءٍ وَنِصْفِهِ) إنْ فَارَقَ لَا بِسَبَبِهَا (قَبْلَهُ) جَرْيًا عَلَى الْقَاعِدَةِ فِي تَلَفِ الصَّدَاقِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَوْ عَلَّمَهَا ثُمَّ فَارَقَهَا بَعْدَ وَطْءٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهَا بِأُجْرَةِ مِثْلِ الْكُلِّ إنْ لَمْ يَجِبْ شَطْرٌ وَإِلَّا فَبِأُجْرَةِ مِثْلِ نِصْفِهِ أَمَّا لَوْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَهَا لَهَا فِي ذِمَّتِهِ لَمْ يَتَعَذَّرْ بَلْ يَسْتَأْجِرُ نَحْوَ امْرَأَةٍ أَوْ مَحْرَمٍ يُعَلِّمُهَا مَا وَجَبَ لَهَا وَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ بِمَا شُرِطَ تَعْلِيمُهُ مِنْ قُرْآنٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا وَكَّلَ الْجَاهِلُ مَنْ يُعْلِمُهُ وَلَا يَكْفِي التَّقْدِيرُ بِالْإِشَارَةِ إلَى الْمَكْتُوبِ فِي أَوْرَاقِ الْمُصْحَفِ وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْحَرْفِ الَّذِي يُعَلِّمُهُ لَهَا كَقِرَاءَةِ نَافِعٍ فَيُعَلِّمُهَا مَا شَاءَ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ وَنُقِلَ عَنْ الْبَصْرِيِّينَ أَنَّهُ يُعَلِّمُهَا مَا غَلَبَ عَلَى قِرَاءَةِ أَهْلِ الْبَلَدِ وَهُوَ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ حَسَنٌ فَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ فِيهَا شَيْءٌ تَخَيَّرَ فَإِنْ عَيَّنَ الزَّوْجُ وَالْوَلِيُّ حَرْفًا تَعَيَّنَ فَلَوْ عَلَّمَهَا غَيْرُهُ كَانَ مُتَطَوِّعًا بِهِ وَعَلَيْهِ تَعْلِيمُ الْمُعَيَّنِ وَفَاءً بِالشَّرْطِ، وَلَوْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ قُرْآنٍ أَوْ غَيْرِهِ شَهْرًا صَحَّ لَا تَعْلِيمَ سُورَةٍ فِي شَهْرٍ كَمَا فِي الْإِجَازَةِ. (وَلَوْ) (طَلَّقَ) مَثَلًا قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَ قَبْضِهَا لِلصَّدَاقِ (وَقَدْ زَالَ مِلْكُهَا عَنْهُ) وَلَوْ بِهِبَةٍ مَقْبُوضَةٍ أَوْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ كَرَهْنٍ مَقْبُوضٍ وَإِجَارَةِ وَتَزْوِيجٍ وَلَمْ يَصْبِرْ لِزَوَالِ ذَلِكَ التَّعَلُّقِ وَلَمْ يَرْضَ بِالرُّجُوعِ مَعَ تَعَلُّقِهِ بِهِ (فَنِصْفُ بَدَلِهِ) أَيْ قِيمَةِ الْمُتَقَوِّمِ وَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ كَمَا لَوْ تَلِفَ وَلَيْسَ لَهُ نَقْضُ تَصَرُّفِهَا بِخِلَافِ الشَّفِيعِ لِوُجُودِ حَقِّهِ عِنْدَ تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي وَحَقِّ الزَّوْجِ إنَّمَا حَدَثَ بَعْدُ، وَلَوْ صَبَرَ لِزَوَالِهِ وَامْتَنَعَ مِنْ تَسَلُّمِهِ فَبَادَرَتْ بِدَفْعِ الْبَدَلِ إلَيْهِ لَزِمَهُ الْقَبُولُ لِدَفْعِ خَطَرِ ضَمَانِهَا، لَهُ أَمَّا لَوْ كَانَ الْحَقُّ غَيْرَ لَازِمٍ كَوَصِيَّةٍ لَمْ يُمْنَعْ الرُّجُوعُ وَلَوْ دَبَّرَتْهُ أَوْ عَلَّقَتْ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ رَجَعَ إنْ كَانَتْ مُعْسِرَةً وَيَبْقَى النِّصْفُ الْآخَرُ مُدَبَّرًا أَوْ مُعَلَّقًا عِتْقُهُ لَا إنْ كَانَتْ مُوسِرَةً. لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لَهُ مَعَ قُدْرَةِ الزَّوْجَةِ عَلَى الْوَفَاءِ حَقُّ الْحُرِّيَّةِ وَالرُّجُوعِ يَفُوتُهُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَمْنَعْ التَّدْبِيرَ فَسْخَ الْبَائِعِ وَلَا رُجُوعَ الْأَصْلِ فِي هِبَتِهِ لِفَرْعِهِ، وَمُنِعَ هُنَا لِأَنَّ الثَّمَنَ عِوَضٌ مَحْضٌ، وَمَنْعُ الرُّجُوعِ فِي الْوَاهِبِ يُفَوِّتُ الْحَقَّ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِ الصَّدَاقِ فِيهِمَا (فَإِنْ كَانَ زَالَ وَعَادَ) أَوْ زَالَ الْحَقُّ اللَّازِمُ وَلَوْ بَعْدَ الطَّلَاقِ قَبْلَ أَخْذِ الْبَدَلِ (تَعَلَّقَ) الزَّوْجُ (بِالْعَيْنِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ بَدَلٍ تَعَيَّنَ مَا لَهُ أَوْلَى، ـــــــــــــــــــــــــــــSالْبَلَادَةُ كَمَا فِي الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ أَصْدَقَهَا) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَكَانَ التَّعْلِيمُ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمَرْأَةِ بِمَا يَجْعَلُ تَعْلِيمَهُ صَدَاقًا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ إلَّا إذَا كَانَتْ رَشِيدَةً وَأَذِنَتْ فِيهِ وَقَدْ يُقَالُ لَمَّا رَضِيَتْ بِجَعْلِ صَدَاقِهَا مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ هُوَ التَّعْلِيمُ كَأَنَّهَا رَدَّتْ الْأَمْرَ إلَى وَلِيِّهَا فِيمَا يَجْعَلُهُ صَدَاقُهَا مِنْ ذَلِكَ كَمَا لَوْ وَكَّلَ فِي شِرَاءِ عَبْدٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُهُ لِلْوَكِيلِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلَهُ وَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ وَيَكْفِي فِي عِلْمِهِمَا سَمَاعُهُ لَهُ مَنْ يَقْرَؤُهُ عَلَيْهِمَا وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْحَرْفِ) أَيْ الْوَجْهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ تَعْلِيمُ الْمُعَيَّنِ) أَيْ مِنْ الْكَلِمَةِ الَّتِي لَمْ يَشْمَلْهَا مَا تَعَلَّمَتْهُ فَلَوْ شَرَطَ تَعْلِيمَهَا قِرَاءَةَ نَافِعٍ مَثَلًا فَعَلَّمَهَا قِرَاءَةَ غَيْرِهِ وَجَبَ تَعْلِيمُ الْكَلِمَاتِ الَّتِي يُخَالِفُ فِيهَا نَافِعًا غَيْرَهُ مِمَّنْ تَعَلَّمَتْ قِرَاءَتَهُ (قَوْلُهُ: شَهْرًا) أَيْ وَتَعَلُّمُهَا مِنْ الشَّهْرِ فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِالتَّعْلِيمِ فِيهَا كَالنَّهَارِ، فَلَوْ طَلَبَتْ خِلَافَ الْمُعْتَادِ لَا يَلْزَمُ الْآخَرُ الْإِجَابَةَ، فَإِنْ تَرَاضَيَا بِشَيْءٍ عَمِلَ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَرْضَ بِالرُّجُوعِ) هُوَ وَاضِحٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِجَارَةِ وَالتَّزْوِيجِ لِصِحَّةِ بَيْعِ الْمُؤَجَّرِ وَالْمُزَوَّجَةِ وَمُشْكِلٌ فِي الرَّهْنِ فَإِنَّ الرَّهْنَ يَمْنَعُ مِنْ بَيْعِ الْمَرْهُونِ. وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَصْبِرْ: أَيْ الزَّوْجُ (قَوْلُهُ: وَامْتَنَعَ مِنْ تَسَلُّمِهِ) أَيْ الْآنَ (قَوْلُهُ: رَجَعَ إنْ كَانَتْ مُعْسِرَةً) هَلَّا قِيلَ بِعَدَمِ الرُّجُوعِ مَعَ الْإِعْسَارِ أَيْضًا لِاحْتِمَالِ أَنْ تَصِيرَ مُوسِرَةً وَقْتَ وُجُودِ الصِّفَةِ فَيُنْفِذُ الْمُعْتِقُ الْعَلَقَ بِالصِّفَةِ أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ فَالْأَصَحُّ تَعَذُّرُ تَسْلِيمِهِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَرْضَ بِالرُّجُوعِ مَعَ تَعَلُّقِهِ بِهِ) هُوَ وَاضِحٌ حَتَّى فِي مَسْأَلَةِ الرَّهْنِ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ، وَلَا تَلَازُمَ بَيْنَ مَنْعِ بَيْعِ الْمَرْهُونِ وَرُجُوعِ الزَّوْجِ فِيهِ كَمَا لَا يَخْفَى

وَبِهِ فَارَقَ نَظَائِرَهُ كَمَا مَرَّ فِي الْفَلَسِ. وَالثَّانِي لَا لِأَنَّ الْمِلْكَ فِي الْعَيْنِ مُسْتَفَادٌ مِنْ جِهَةِ غَيْرِ الصَّدَاقِ وَهَذَا الْخِلَافُ مِنْ فُرُوعِ قَاعِدَةِ الزَّائِلِ الْعَائِدِ كَاَلَّذِي لَمْ يَزُلْ أَوْ كَاَلَّذِي لَمْ يَعُدْ وَلَهُ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ مُخْتَلِفَةُ التَّرْجِيحِ. (وَلَوْ) (وَهَبَتْهُ) لَهُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ بَعْدَ قَبْضِهَا لَهُ وَالْمَهْرُ عَيْنٌ (ثُمَّ طَلَّقَ) مَثَلًا قَبْلَ وَطْءٍ (فَالْأَظْهَرُ أَنَّ لَهُ نِصْفَ بَدَلِهِ) مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ لَا بَدَلِ نِصْفِهِ كَمَا مَرَّ وَذَلِكَ لِعَوْدِهِ إلَيْهِ بِمِلْكٍ جَدِيدٍ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ وَهَبَ مَا اشْتَرَاهُ مِنْ بَائِعِهِ ثُمَّ أَفْلَسَ بِالثَّمَنِ فَإِنَّ الْبَائِعَ يُضَارِبُ بِهِ، وَكَوْنُ الْمَوْهُوبِ ثَمَّ غَيْرُ الثَّمَنِ الْمُسْتَحَقِّ وَهُنَا عَيْنُ الْمُسْتَحَقِّ لَا أَثَرَ لَهُ لِأَنَّ عِلَّةَ الْمُقَابِلِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّهُمَا عَجَّلَتْ لَهُ مَا يَسْتَحِقُّهُ تَتَأَتَّى فِيمَا سَلَّمَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْفَلَسِ فَكَانَتْ حُجَّةً عَلَيْهِ، وَخَرَجَ بِمَا ذَكَرْنَا مَا لَوْ لَمْ تَهَبْهُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِنِصْفِهِ قَطْعًا، وَمَا لَوْ وَهَبَتْهُ لَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنَّ الْهِبَةَ بَاطِلَةٌ عَلَى الْمَذْهَبِ وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُ الشَّارِحِ خِلَافًا (وَعَلَى هَذَا) الْأَظْهَرُ (لَوْ وَهَبَتْهُ النِّصْفَ) ثُمَّ أَقَبَضَتْهُ لَهُ (فَلَهُ نِصْفُ الْبَاقِي) وَهُوَ الرَّبْعُ (وَرُبُعُ بَدَلِ كُلِّهِ) لِأَنَّ الْهِبَةَ وَرَدَتْ عَلَى مُطْلَقِ النِّصْفِ فَيَشِيعُ فِيمَا أَخْرَجَتْهُ وَمَا أَبْقَتْهُ (وَفِي قَوْلِ النِّصْفِ الْبَاقِي) لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ النِّصْفَ بِالطَّلَاقِ وَقَدْ وَجَدَهُ فَانْحَصَرَ حَقُّهُ فِيهِ وَمِنْ ثُمَّ سَمَّى هَذَا قَوْلُ الْحَصْر (وَفِي قَوْلٍ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ بَدَلِ نِصْفِ كُلِّهِ) أَيْ نِصْفِ بَدَلِ كُلِّهِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَكَأَنَّهُ أَشَارَ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يُمْكِنُ رَدُّ إحْدَى الْعِبَارَتَيْنِ إلَى الْأُخْرَى (أَوْ) بِمَعْنَى الْوَاوِ إذْ لَا يُعْطَفُ بِهَا فِي مَدْخُولٍ بَيْنَ (نِصْفِ الْبَاقِي وَرُبُعِ بَدَلِ كُلِّهِ) لِئَلَّا يَلْحَقَهُ ضَرَرُ التَّشْطِيرِ إذْ هُوَ عَيْبٌ. (وَلَوْ) (كَانَ) الْمَهْرُ (دَيْنًا) لَهَا عَلَى زَوْجِهَا (فَأَبْرَأَتْهُ) وَلَوْ بِهِبَةٍ مِنْهُ ثُمَّ فَارَقَ قَبْلَ وَطْءٍ (لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا) بِشَيْءٍ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا كَمَا لَوْ شَهِدَا بِدَيْنٍ وَحَكَمَ بِهِ ثَمَّ أَبْرَأَ مِنْهُ الْمَحْكُومَ لَهُ ثُمَّ رَجَعَا لَمْ يَغْرَمَا لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ شَيْئًا وَالطَّرِيقُ الثَّانِي طَرْدُ قَوْلَيْ الْهِبَةِ وَلَوْ قَبَضَتْ الدَّيْنَ ثُمَّ وَهَبَتْهُ لَهُ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَهِبَةِ الْعَيْنِ. (وَلَيْسَ لِوَلِيٍّ عَفْوٌ عَنْ صَدَاقٍ عَلَى الْجَدِيدِ) كَسَائِرِ دُيُونِهَا وَحُقُوقِهَا، وَاَلَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ فِي الْآيَةِ الزَّوْجُ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَمَكَّنُ مِنْ رَفْعِهَا بِالْفُرْقَةِ: أَيْ إلَّا أَنْ تَعْفُوَ هِيَ فَيُسْلَمَ الْكُلُّ لَهُ أَوْ يَعْفُوَ هُوَ فَيُسْلَمَ الْكُلُّ لَهَا لَا الْوَلِيِّ إذْ لَمْ يَبْقَ بِيَدِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ عُقْدَةً، وَالْقَدِيمُ لَهُ ذَلِكَ وَلَهُ شُرُوطٌ: أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ أَبًا أَوْ جَدًّا، وَأَنْ يَكُونَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَأَنْ تَكُونَ بِكْرًا صَغِيرَةً عَاقِلَةً، وَأَنْ يَكُونَ بَعْدَ الطَّلَاقِ، وَأَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ لَمْ يُقْبَضْ، وَلَوْ خَالَعَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَى غَيْرِ الصَّدَاقِ اسْتَحَقَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَوْتِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ فِيهِمَا لِوَقْتِ وُجُودِ الصِّفَةِ، وَكَوْنِ الْأَصْلِ عَدَمُ وُجُودِ الْيَسَارِ لَا يَمْنَعُ مِنْ النَّظَرِ لِذَلِكَ مَعَ تَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ فِي مَنْعِ الرُّجُوعِ مَعَ إعْسَارِهَا إضْرَارًا لَهُ بِتَأْخِيرِ الرُّجُوعِ إلَى وَقْتِ وُجُودِ الصِّفَةِ، فَجَوَّزَ لَهُ الرُّجُوعَ حَالًا لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الْفَسْخِ وَأَخْذِ صَدَاقِهِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ نَظَائِرَهُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالنَّظَائِرِ مَا فِي الْفَلَسِ وَالْهِبَةِ لِلْوَلَدِ، فَإِنَّهُ لَوْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهَا وَعَادَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الْوَاهِبِ وَالْبَائِعِ عَلَى الرَّاجِحِ فِيهِمَا، وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ: وَعَائِدٌ كَزَائِلٍ لَمْ يُعَدْ ... فِي فَلَسٍ مَعَ هِبَةٍ لِلْوَلَدْ وَزَادَ بَعْضُهُمْ أَيْضًا فَقَالَ: فِي الْبَيْعِ وَالْقَرْضِ وَفِي الصَّدَاقْ ... بِعَكْسِ ذَا اسْتَعْمِلْهُ بِاتِّفَاقْ (قَوْلُهُ: كَاَلَّذِي لَمْ يَزُلْ) مُعْتَمَدٌ هُنَا. (قَوْلُهُ: فَكَانَتْ حُجَّةً عَلَيْهِ) أَيْ الْمُقَابِلِ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِمَا ذَكَرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ بِلَفْظِ الْهِبَةِ (قَوْلُهُ مَا لَوْ لَمْ تَهَبْهُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ) أَيْ كَأَنْ قَالَتْ لَهُ أَعْمَرْتُكَ أَوْ أَرْقَبْتُك فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا هِبَةٌ بِغَيْرِ لَفْظِهَا. (قَوْلُهُ وَلَهُ شُرُوطٌ) أَيْ لِلْقَدِيمِ (قَوْلُهُ: اسْتَحَقَّهُ) أَيْ الْغَيْرُ وَقَوْلُهُ وَلَهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ: أَيْ مَعَ الْعِوَضِ الْمُخَالَعِ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِنِصْفِهِ) أَيْ نِصْفِ الْبَدَلِ

[فصل في المتعة]

وَلَهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ، وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى جَمِيعِ الصَّدَاقِ صَحَّ فِي نَصِيبِهَا دُونَ نَصِيبِهِ، وَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ إنْ جَهِلَ التَّشْطِيرَ، فَإِذَا فَسَخَ عِوَضَ الْخُلْعِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَإِلَّا فَنِصْفُ الصَّدَاقِ، وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى النِّصْفِ الْبَاقِي لَهَا بَعْدَ الْفُرْقَةِ صَارَ كُلُّ الصَّدَاقِ لَهُ نِصْفُهُ بَعُوضِ الْخُلْعِ وَبَاقِيه بِالتَّشْطِيرِ، وَإِنْ أَطْلَقَ النِّصْفَ بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدُهُ بِالْبَاقِي وَلَا بِغَيْرِهِ وَقَعَ الْعِوَضُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا فَلَهَا عَلَيْهِ رُبْعُ الْمُسَمَّى وَلَهُ عَلَيْهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ بِحُكْمِ التَّشْطِيرِ وَعِوَضُ الْخُلْعِ وَنِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ بِحُكْمِ مَا فَسَدَ مِنْ الْخُلْعِ، وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى أَنْ لَا تَبِعَةَ لَهَا عَلَيْهِ فِي الْمَهْرِ صَحَّ وَجَعَلْنَاهُ عَلَى مَا يَبْقَى لَهَا مِنْهُ. الْمُتْعَةُ وَهِيَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا لُغَةً: التَّمَتُّعُ كَالْمَتَاعِ وَهُوَ مَا يُتَمَتَّعُ بِهِ مِنْ الْحَوَائِجِ، وَأَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً يَتَمَتَّعُ بِهَا زَمَنًا ثُمَّ يَتْرُكُهَا، وَأَنْ يَضُمَّ لِحَجِّهِ عُمْرَةً. وَشَرْعًا: مَالٌ يَدْفَعُهُ: أَيْ وُجُوبًا لِمَنْ فَارَقَهَا، أَوْ سَيِّدِهَا بِشُرُوطٍ كَمَا قَالَ (يَجِبُ) عَلَى مُسْلِمٍ وَحُرٍّ وَضِدِّهِمَا (لِمُطَلَّقَةٍ) وَلَوْ ذِمِّيَّةً أَوْ أَمَةً (قَبْلَ وَطْءِ مُتْعَةٍ إنْ لَمْ يَجِبْ لَهَا شَطْرُ مَهْرٍ) بِأَنْ فَوَّضَتْ وَلَمْ يُفْرَضْ لَهَا شَيْءٌ صَحِيحٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَتِّعُوهُنَّ} [البقرة: 236] وَلَا يُنَافِيهِ {حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 236] لِأَنَّ فَاعِلَ الْوَاجِبِ مُحْسِنٌ أَيْضًا، وَخَرَجَ بِمُطَلَّقَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لِأَنَّ سَبَبَ إيجَابِهَا إيحَاشُ الزَّوْجِ لَهَا وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا، وَكَذَا لَوْ مَاتَتْ هِيَ أَوْ مَاتَا إذْ لَا إيحَاشَ وَبِلَمْ يَجِبْ إلَى آخِرِهِ مَنْ وَجَبَ لَهَا شَطْرٌ بِتَسْمِيَةٍ أَوْ بِفَرْضٍ فِي التَّفْوِيضِ لِأَنَّهُ يُجْبَرُ الْإِيحَاشَ، نَعَمْ لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ بِعَبْدِهِ لَمْ يَجِبْ شَطْرٌ وَلَا مُتْعَةٌ (وَكَذَا) تَجِبُ (لِمَوْطُوءَةٍ) طَلُقَتْ طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَإِنْ رَاجَعَهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَتَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوْ بَائِنًا (فِي الْأَظْهَرِ) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 241] وَخُصُوصِ {فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ} [الأحزاب: 28] وَهُنَّ مَدْخُولٌ بِهِنَّ، وَلَا نَظَرَ لِلْمَهْرِ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ اسْتِيفَاءِ بُضْعِهَا فَلَمْ يَصِحَّ لِلْجَبْرِ، بِخِلَافِ الشَّطْرِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَفَوَّضَ طَلَاقَهَا إلَيْهَا فَطَلَّقَتْ أَمْ عَلَّقَهُ بِفِعْلِهَا فَفَعَلَتْ. وَالثَّانِي وَهُوَ الْقَدِيمُ لَا مُتْعَةَ لَهَا لِاسْتِحْقَاقِهَا الْمَهْرَ وَفِيهِ غُنْيَةً عَنْ الْمُتْعَةِ، وَلِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَسْتَحِقَّهَا مَعَ الشَّطْرِ فَمَعَ الْكُلِّ أَوْلَى (وَفُرْقَةٌ) ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: صَحَّ فِي نَصِيبِهَا) أَيْ هُوَ الصِّنْفُ (قَوْلُهُ وَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ) أَيْ بَيْنَ الْفَسْخِ فِي النِّصْفِ الَّذِي عَادَ إلَيْهِ وَالْإِجَازَةِ (قَوْلُهُ: رَجَعَ عَلَيْهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ) أَيْ وَيَبْقَى الْمَهْرُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ عَلَى مَا يَبْقَى لَهَا مِنْهُ) أَيْ وَهُوَ النِّصْفُ. (فَصْلٌ) فِي الْمُتْعَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يُتَمَتَّعُ بِهِ) أَيْ وَيُطْلَقُ أَيْضًا الْمَتَاعُ عَلَى مَا يُتَمَتَّعُ بِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَضُمَّ لِحَجِّهِ عُمْرَةً) فِي مَعْرِفَةِ هَذَا الْمَعْنَى، وَالْوَضْعُ لَهُ فِي اللُّغَةِ نَظَرٌ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: النُّسُكُ كَانَ مَعْلُومًا لِأَهْلِ اللُّغَةِ فَلَا مَانِعَ أَنْ يَضَعُوا لَهُ وَلِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّ فِيهِ مَا فِيهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: طَلُقْت طَلَاقًا رَجْعِيًّا) أَيْ خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: وَتَكَرَّرَ بِتَكَرُّرِهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَقْبِضْ مُتْعَةَ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ غُنْيَةً) أَيْ كِفَايَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَيْسَ لِوَلِيٍّ عَفْوٌ عَنْ صَدَاقٍ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَنِصْفُ الصَّدَاقِ) الْأَوْلَى وَإِلَّا فَنِصْفُهُ كَمَا فِي الرَّوْضِ (قَوْلُهُ وَجَعَلْنَاهُ عَلَى مَا يَبْقَى لَهَا) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ: وَمَعْنَاهُ عَلَى مَا يَبْقَى إلَخْ، وَلَعَلَّ مَا فِي الشَّرْحِ مُحَرَّفٌ عَنْهُ مِنْ الْكَتَبَةِ. [فَصْلٌ فِي الْمُتْعَةِ] (فَصْلٌ) فِي الْمُتْعَةِ (قَوْلُهُ: وَتَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي الْعِدَّةِ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ حَجّ (قَوْلُهُ: فَفَعَلَتْ) أَيْ أَمْ لَا وَلَعَلَّهُ سَقْطٌ

قَبْلَ وَطْءٍ أَوْ بَعْدَهُ (لَا بِسَبَبِهَا كَطَلَاقٍ) فِي إيجَابِ الْمُتْعَةِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ مِنْ الزَّوْجِ كَإِسْلَامِهِ وَرِدَّتِهِ وَلِعَانِهِ أَمْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ كَوَطْءِ بَعْضِهِ زَوْجَتَهُ بِشُبْهَةٍ أَوْ إرْضَاعِ نَحْوِ أُمِّهِ لَهَا، وَصُورَةُ هَذَا مَعَ تَوَقُّفِ وُجُوبِ الْمُتْعَةِ عَلَى وَطْءٍ أَوْ تَفْوِيضٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُسْتَحِيلٌ فِي الطِّفْلَةِ أَنْ يُزَوِّجَ أَمَتَهُ الصَّغِيرَةَ بِعَبْدٍ تَفْوِيضًا، أَوْ كَافِرٌ بِنْتَه الصَّغِيرَةَ لِكَافِرٍ تَفْوِيضًا وَعِنْدَهُمْ أَنْ لَا مَهْرَ لِمُفَوَّضَةٍ ثُمَّ تُرْضِعُهَا نَحْوُ أُمِّهِ فَيَتَرَافَعُوا إلَيْنَا فَيُقْضَى لَهَا بِمُتْعَةٍ، أَوْ أَنْ يَتَزَوَّجَ طِفْلٌ بِكَبِيرَةٍ فَتُرْضِعُهُ أُمُّهَا، أَمَّا مَا كَانَ بِسَبَبِهَا كَإِسْلَامِهَا وَفَسْخِهِ بِعَيْبِهَا وَعَكْسِهِ أَوْ بِسَبَبِهِمَا كَأَنْ ارْتَدَّا مَعًا، وَكَذَا لَوْ سُبِيَا مَعًا كَمَا فِي الْبَحْرِ مِنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ أَنَّهُ فِرَاقٌ مِنْ جِهَتِهَا وَأَنَّهُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْحِيَازَةِ، بِخِلَافِ الزَّوْجِ قَالَ: فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا: أَيْ أَوْ مَجْنُونًا احْتَمَلَ أَنَّ لَهَا الْمُتْعَةَ، وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ، وَكَذَا لَوْ مَلَكَهَا مَعَ أَنَّهَا فُرْقَةٌ لَا بِسَبَبِهَا، وَفَرَّقَ الرَّافِعِيُّ بَيْنَ الْمَهْرِ وَالْمُتْعَةِ بِأَنَّ مُوجِبَ الْمَهْرِ مِنْ الْعَقْدِ جَرَى بِمِلْكِ الْبَائِعِ، وَالْمُتْعَةُ إنَّمَا تَجِبُ بِالْفُرْقَةِ، وَهِيَ حَاصِلَةٌ بِمِلْكِ الزَّوْجِ فَكَيْفَ تَجِبُ هِيَ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَلِذَا لَوْ بَاعَهَا مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَطَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ وَطْءٍ كَانَ الْمَهْرُ لِلْبَائِعِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ كَانَتْ مُفَوَّضَةً كَانَتْ الْمُتْعَةُ لِلْمُشْتَرِي. (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا تَنْقُصَ عَنْ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا) أَوْ مُسَاوِيهَا، وَيُسَنُّ أَنْ لَا تَبْلُغَ نِصْفَ مَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي، وَإِنْ بَلَغَتْهُ أَوْ جَاوَزَتْهُ جَازَ لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ: وَلَا تَزِيدُ: أَيْ وُجُوبًا عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ انْتَهَى. وَمَحَلُّهُ مَا إذَا فَرَضَهُ الْحَاكِمُ، وَيَشْهَدُ لَهُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ نَظَائِرُ: مِنْهَا أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَبْلُغُ بِحُكُومَةِ عُضْوٍ مُقَدَّرَهُ، وَمِنْهَا أَنْ لَا يَبْلُغَ بِالتَّعْزِيرِ الْحَدَّ وَغَيْرَ ذَلِكَ، أَمَّا إذَا اتَّفَقَ عَلَيْهَا الزَّوْجَانِ فَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ، وَيُحْمَلُ عَلَى هَذَا كَلَامُ مَنْ اعْتَرَضَ عَلَى الْبُلْقِينِيِّ وَقَالَ: الْأَوْجَهُ خِلَافُ كَلَامِهِ، بَلْ مُقْتَضَى النَّظَائِرِ أَنْ لَا تَصِلَ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ إذَا فَرَضَهَا الْقَاضِي وَهُوَ ظَاهِرٌ (فَإِنْ تَنَازَعَا قَدَّرَهَا الْقَاضِي بِنَظَرِهِ) أَيْ اجْتِهَادِهِ (مُعْتَبِرًا حَالَهُمَا) أَيْ مَا يَلِيقُ بِيَسَارِهِ وَنَحْوِ نَسَبِهَا وَصِفَاتِهَا السَّابِقَةِ فِي مَهْرِ الْمِثْلِ (وَقِيلَ حَالُهُ) لِظَاهِرِ {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} [البقرة: 236] وَيُرَدُّ بِأَنَّ قَوْله تَعَالَى بَعْدَ {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 241] فِيهِ إشَارَةٌ إلَى اعْتِبَارِ حَالِهِنَّ أَيْضًا (وَقِيلَ حَالُهَا) لِأَنَّهَا كَالْبَدَلِ عَنْ الْمَهْرِ وَهُوَ مُعْتَبَرٌ بِهَا وَحْدَهَا (وَقِيلَ) الْمُعْتَبَرُ (أَقَلُّ مَالٍ) يَجُوزُ جَعْلُهُ صَدَاقًا وَرُدَّ بِأَنَّ الْمَهْرَ بِالتَّرَاضِي. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَيُقْضَى بِمُتْعَةٍ) أَيْ لَهَا (قَوْلُهُ: أَوْ أَنْ يَتَزَوَّجَ طِفْلٌ) أَيْ تَفْوِيضًا (قَوْلُهُ أَوْ بِسَبَبِهِمَا) أَيْ فَلَا مُتْعَةَ اهـ حَجّ فَلَعَلَّ هَذِهِ سَاقِطَةٌ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ) أَيْ فَلَا مُتْعَةَ لَهَا، وَقَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ مَلَكَهَا أَيْ فَلَا مُتْعَةَ لَهَا (قَوْلُهُ: وَلِذَا لَوْ بَاعَهَا) أَيْ لِهَذَا الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ أَيْ لَا تَبْلُغُ نِصْفَ مَهْرِ الْمِثْلِ) أَيْ فَلَوْ كَانَ النِّصْفُ يَنْقُصُ عَنْ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا فَيَنْبَغِي اعْتِبَارُهُ وَإِنْ فَاتَتْ السَّنَةُ الْأُولَى لِأَنَّهُ قِيلَ بِامْتِنَاعِ الزِّيَادَةِ عَلَى نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ) أَيْ عَدَمُ مُجَاوَزَتِهَا مَهْرَ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَكْفِي نَقْصُ أَقَلِّ مُتَمَوِّلٍ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ نَقْصِ قَدْرٍ لَهُ وَقَعَ عُرْفًا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ الْأَوَّلَ (قَوْلُهُ: مُعْتَبَرًا حَالُهُمَا) أَيْ وَقْتَ الْفِرَاقِ (قَوْلُهُ: وَرَدَّ بِأَنَّ الْمَهْرَ بِالتَّرَاضِي) مُجَرَّدُ كَوْنِهِ بِالتَّرَاضِي لَا يَصْلُحُ لِلرَّدِّ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ، وَقِيلَ أَقَلُّ مَالٍ يَجِبُ فِي الصَّدَاقِ، بَلْ قَالَ يَجُوزُ جَعْلُهُ صَدَاقًا وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْجَعْلَ إنَّمَا هُوَ بِتَرَاضِيهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ الْكَتَبَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَنْ يَتَزَوَّجَ طِفْلٌ بِكَبِيرَةٍ إلَخْ) هَذَا لَا يَصِحُّ تَصْوِيرًا لِقَوْلِهِ وَإِرْضَاعُ نَحْوِ أَمَةٍ لَهَا فَكَانَ الْأَصْوَبُ أَنْ يَقُولَ بَدَلَهُ وَإِرْضَاعُ نَحْوِ أُمِّهَا لَهُ لِيَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى أَصْلِ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ ارْتَدَّا مَعًا) لَعَلَّهُ سَقَطَ بَعْدَهُ لَفْظُ فَلَا مُتْعَةَ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ الْكَتَبَةِ. (قَوْلُهُ: بَلْ مُقْتَضَى النَّظَائِرِ إلَخْ) هُوَ مِنْ عِنْدِ الشَّارِحِ وَفِيهِ نَوْعُ تَكْرِيرٍ مَعَ مَا مَرَّ وَالْمُعْتَرِضُ هُوَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: فِيهِ إشَارَةٌ إلَخْ) أَشَارَ الشِّهَابُ سم إلَى التَّوَقُّفِ فِيهِ.

[فصل في الاختلاف في المهر]

(فَصْلٌ) فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْمَهْرِ وَالتَّحَالُفِ فِيمَا سُمِّيَ مِنْهُ إذَا (اخْتَلَفَا) أَيْ الزَّوْجَانِ (فِي قَدْرِ مَهْرٍ) مُسَمًّى وَكَانَ مَا يَدَّعِيهِ الزَّوْجُ أَقَلَّ (أَوْ) فِي (صِفَتِهِ) مِنْ نَحْوِ جِنْسٍ كَدَنَانِيرَ وَحُلُولٍ وَقَدْرِ أَجَلٍ وَصِحَّةٍ وَضِدِّهَا وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا: أَوْ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَاهُمَا (تَحَالَفَا) كَمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ فِي كَيْفِيَّةِ الْيَمِينِ وَمَنْ يَبْدَأُ بِهِ، نَعَمْ يُبْدَأُ هُنَا بِالزَّوْجِ لِقُوَّةِ جَانِبِهِ بِبَقَاءِ الْبُضْعِ لَهُ، وَخَرَجَ بِمُسَمَّى مَا لَوْ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ لِنَحْوِ فَسَادِ تَسْمِيَةٍ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهَا مَهْرُ مِثْلٍ وَاخْتَلَفَا فِيهِ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَيَكُونُ مَا يَدَّعِيهِ أَقَلَّ، أَمَّا لَوْ كَانَ أَكْثَرَ فَتَأْخُذُ مَا ادَّعَتْهُ وَيَبْقَى الزَّائِدُ فِي يَدِهِ كَمَنْ أَقَرَّ لِشَخْصٍ بِشَيْءٍ فَكَذَّبَهُ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ عَمَّا زَادَ (وَيَتَحَالَفُ) عِنْدَ الِاخْتِلَافِ السَّابِقِ أَيْضًا (وَارِثَاهُمَا وَوَارِثُ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (وَالْآخَرُ) لِقِيَامِهِ مَقَامَ مُوَرِّثِهِ، نَعَمْ الْوَارِثُ إنَّمَا يَحْلِفُ فِي النَّفْيِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ كَلَا أَعْلَمُ أَنَّ مُوَرِّثِي نَكَحَ بِأَلْفٍ وَإِنَّمَا نَكَحَ بِخَمْسِمِائَةٍ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْقَطْعِ بِالثَّانِي الْقَطْعُ بِالْأَوَّلِ لِاحْتِمَالِ جَرَيَانِ عَقْدَيْنِ عَلِمَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ، بِخِلَافِ الْمُوَرِّثِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ مُطْلَقًا (ثَمَّ) بَعْدَ التَّحَالُفِ (يُفْسَخُ الْمَهْرُ) الْمُسَمَّى: أَيْ يَفْسَخُهُ كِلَاهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ الْحَاكِمُ، وَيَنْفُذُ بَاطِنًا أَيْضًا مِنْ الْمُحِقِّ فَقَطْ لِمَصِيرِهِ بِالتَّحَالُفِ مَجْهُولًا، وَلَا يَنْفَسِخُ بِالتَّحَالُفِ كَالْبَيْعِ (وَيَجِبُ مَهْرُ مِثْلٍ) وَإِنْ زَادَ عَلَى مَا ادَّعَتْهُ لِأَنَّ التَّحَالُفَ يُوجِبُ رَدَّ الْبُضْعِ وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ فَوَجَبَتْ قِيمَتُهُ (وَلَوْ) (ادَّعَتْ تَسْمِيَةً) لِقَدْرٍ (فَأَنْكَرَهَا) مِنْ أَصْلِهَا وَلَمْ يَدَّعِ تَفْوِيضًا (تَحَالَفَا فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ حَاصِلَهُ الِاخْتِلَافُ فِي قَدْرِ الْمَهْرِ لِأَنَّهُ يَقُولُ الْوَاجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَهِيَ تَدَّعِي زِيَادَةً عَلَيْهِ. وَالثَّانِي يُصَدَّقُ الزَّوْجُ بِيَمِينِهِ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَصْلِ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَلَوْ ادَّعَى تَسْمِيَةَ قَدْرٍ دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ فَأَنْكَرَتْ ذِكْرَهَا تَحَالَفَا أَيْضًا، فَإِنْ كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ تَحَالَفَا أَيْضًا كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَإِنْ ادَّعَى تَفْوِيضًا فَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّسْمِيَةِ مِنْ جَانِبٍ وَعَدَمُ التَّفْوِيضِ مِنْ جَانِبٍ فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى نَفْيِ مُدَّعِي الْآخَرِ تَمَسُّكًا بِالْأَصْلِ، وَكَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي عَقْدَيْنِ فَإِذَا حَلَفَتْ وَجَبَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، فَلَوْ كَانَتْ هِيَ الْمُدَّعِيَةَ لِلتَّفْوِيضِ وَكَانَتْ دَعْوَاهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَكَذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ اسْتَظْهَرَ عَدَمَ سَمَاعِ دَعْوَاهَا إذْ لَمْ تَدَّعِ عَلَى الزَّوْجِ شَيْئًا فِي الْحَالِ غَايَتُهُ أَنَّ لَهَا أَنْ تُطَالِبَ بِالْفَرْضِ، وَوَجْهُ رَدِّهِ امْتِنَاعُ مُطَالَبَتِهَا لَهُ حِينَئِذٍ بِفَرْضِ مَهْرِ مِثْلِهَا لِدَعْوَاهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ) فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْمَهْرِ (قَوْلُهُ: فِيمَا سُمِّيَ مِنْهُ) أَيْ وَلَوْ حُكْمًا لِيَشْمَلَ مَا لَوْ أَنْكَرَ الزَّوْجُ التَّسْمِيَةَ مِنْ أَصْلِهَا (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْقَطْعِ بِالثَّانِي) وَهُوَ جَانِبُ الْإِثْبَاتِ الْمُقَابِلِ لِلنَّفْيِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فِي الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْمُحِقِّ فَقَطْ) اُحْتُرِزَ عَنْ الْكَذِبِ فَيَنْفَسِخُ بَاطِنًا أَيْضًا بِفَسْخِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْفَسِخُ بِالتَّحَالُفِ) أَيْ بِنَفْسِ التَّحَالُفِ (قَوْلُهُ فَوَجَبَتْ قِيمَتُهُ) أَيْ وَهِيَ مَهْرُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: تَحَالَفَا فِي الْأَصَحِّ) أَيْ فَإِنْ أَصَرَّ الزَّوْجُ عَلَى الْإِنْكَارِ لَمْ تُرَدَّ عَلَيْهَا الْيَمِينُ وَلَا يُقْضَى لَهَا بِشَيْءٍ بَلْ يُؤْمَرُ الزَّوْجُ بِالْحَلِفِ أَوْ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ) أَيْ الْمُسَمَّى الَّذِي ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ادَّعَى تَفْوِيضًا) أَيْ وَهِيَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْمَهْرِ] (فَصْلٌ) فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْمَهْرِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ يَبْدَأُ بِهِ) يَنْبَغِي حَذْفُهُ لِيَتَأَتَّى لَهُ الِاسْتِدْرَاكُ وَلَيْسَ هُوَ فِي عِبَارَةِ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الِاخْتِلَافِ السَّابِقِ) أَيْ مُطْلَقِ الِاخْتِلَافِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: لِمَصِيرِهِ بِالتَّحَالُفِ مَجْهُولًا) تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ ادَّعَتْ تَسْمِيَةً) أَيْ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التَّعْلِيلِ الْآتِي (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ) قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَوَجْهُ رَدِّهِ امْتِنَاعُ مُطَالَبَتِهَا لَهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الرَّدَّ لَيْسَ مِنْ جِهَةِ سَمَاعِ الدَّعْوَى أَوْ عَدَمِهِ الَّذِي

مُسَمًّى دُونَهُ (وَلَوْ) (ادَّعَتْ نِكَاحًا وَمَهْرَ مِثْلٍ) لِانْتِفَاءِ جَرَيَانِ تَسْمِيَةٍ صَحِيحَةٍ (فَأَقَرَّ بِالنِّكَاحِ وَأَنْكَرَ الْمَهْرَ) بِأَنْ نَفَاهُ فِي الْعَقْدِ (أَوْ سَكَتَ عَنْهُ) بِأَنْ قَالَ نَكَحْتهَا وَلَمْ يَزِدْ: أَيْ وَلَمْ يَدَّعِ تَفْوِيضًا وَلَا إخْلَاءَ النِّكَاحِ عَنْ ذِكْرِ الْمَهْرِ (فَالْأَصَحُّ تَكْلِيفُهُ الْبَيَانَ) لِأَنَّ النِّكَاحَ يَقْتَضِيهِ (فَإِنْ ذَكَرَ قَدْرًا وَزَادَتْ عَلَيْهِ تَحَالَفَا) لِأَنَّهُ اخْتِلَافٌ فِي قَدْرِ الْمَهْرِ، وَقَوْلُ جَمْعٍ فِي قَدْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ لِأَنَّهَا قَدْ تَدَّعِي وُجُوبَ مَهْرِ الْمِثْلِ ابْتِدَاءً وَهُوَ يُنْكِرُ ذَلِكَ وَيَدَّعِي تَسْمِيَةَ قَدْرٍ دُونَهُ، فَإِنْ أُرِيدَ أَنَّ هَذَا يَنْشَأُ عَنْهُ الِاخْتِلَافُ فِي قَدْرِ الْمَهْرِ بِأَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ الْمُسَمَّى قَدْرُ مَهْرِ مِثْلِهَا فَتَدَّعِي عَدَمَ التَّسْمِيَةِ وَأَنَّ مَهْرَ مِثْلِهَا أَكْثَرُ صَحَّ ذَلِكَ مَا فِيهِ، وَعَلَى كُلٍّ فَهَذِهِ غَيْرُ مَا مَرَّ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي قَدْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُمَا ثَمَّ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ الْوَاجِبُ وَأَنَّ الْعَقْدَ خَلَا عَنْ التَّسْمِيَةِ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَقَوْلُ الشَّارِحِ هُنَا بِأَنْ نَفَى فِي الْعَقْدِ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ صَادِقٌ بِنَفْيِ التَّسْمِيَةِ رَأْسًا أَوْ بِتَسْمِيَةٍ فَاسِدَةٍ لِأَنَّ السَّالِبَةَ الْكُلِّيَّةَ تَصْدُقُ بِنَفْيِ الْمَوْضُوعِ، وَقَوْلُهُ بِأَنْ نَفَى فِي الْعَقْدِ رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَنْكَرَ الْمَهْرَ، وَقَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ، فَلَا تَكْرَارَ فِيهِ مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا بِأَنْ لَمْ تَجْرِ تَسْمِيَةٌ صَحِيحَةٌ إذْ ذَاكَ بَيَانُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَهُنَا بَيَانٌ لِلْإِنْكَارِ أَوْ السُّكُوتِ (فَإِنْ أَصَرَّ مُنْكِرًا) لِلْمَهْرِ أَوْ سَاكِتًا (حَلَفَتْ) يَمِينَ الرَّدِّ أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ مَهْرَ مِثْلِهَا (وَقُضِيَ لَهَا) بِهِ عَلَيْهِ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا ابْتِدَاءً لِأَنَّ النِّكَاحَ قَدْ يُعْقَدُ بِأَقَلَّ مُتَمَوِّلٍ، وَفَارَقَتْ مَا قَبْلَهَا بِأَنَّهُمَا ثَمَّ اخْتَلَفَا فِي الْقَدْرِ ابْتِدَاءً لِأَنَّ إنْكَارَهُ التَّسْمِيَةَ ثَمَّ يَقْتَضِي وُجُوبَ مَهْرِ الْمِثْلِ وَمُدَّعَاهَا أَزْيَدَ، وَهُنَا أَنْكَرَ الْمَهْرَ أَصْلًا وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ مَعَ الِاعْتِرَافِ بِالنِّكَاحِ فَنُكَلِّفُهُ الْبَيَانَ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مَهْرُ مِثْلِ مَا لَوْ ادَّعَتْ نِكَاحًا بِمُسَمًّى قَدْرَ الْمَهْرِ أَوْ لَا فَقَالَ لَا أَدْرِي أَوْ سَكَتَ فَإِنَّهُ لَا يُكَلَّفُ الْبَيَانَ عَلَى الرَّاجِحِ لِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ هُنَا مَعْلُومٌ بَلْ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ مَا ادَّعَتْهُ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَقُضِيَ لَهَا، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْوَارِثَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ كَالْمُوَرِّثِ. وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ بَيَانَ مَهْرٍ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ مَهْرًا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ. وَالثَّالِثُ الْقَوْلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهَا (وَلَوْ) (اُخْتُلِفَ فِي قَدْرِهِ) أَيْ الْمُسَمَّى (زَوْجٌ وَوَلِيُّ صَغِيرَةٍ أَوْ مَجْنُونَةٍ) وَمِثْلُهُ الْوَكِيلُ وَقَدْ ادَّعَى زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَالزَّوْجُ مَهْرَ الْمِثْلِ أَوْ زَوْجَةٌ وَوَلِيٌّ ـــــــــــــــــــــــــــــSتَسْمِيَةٌ (قَوْلُهُ: فَإِذَا حَلَفَتْ) أَيْ وَقَدْ حَلَفَ الْآخَرُ عَلَى عَدَمِ التَّسْمِيَةِ (قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ) أَيْ يَحْلِفُ كُلٌّ عَلَى نَفْيِ دَعْوَى الْآخَرِ، فَإِذَا حَلَفَتْ اسْتَحَقَّتْ مَهْرَ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ النِّكَاحَ يَقْتَضِيهِ) أَيْ الْمَهْرَ (قَوْلُهُ وَقَوْلُ جَمْعٍ) مِنْهُمْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أُرِيدَ أَنَّ هَذَا) أَيْ الِاخْتِلَافَ (قَوْلُهُ وَفَارَقَتْ مَا قَبْلَهَا) هُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ ادَّعَتْ تَسْمِيَةً فَأَنْكَرَهَا (قَوْلُهُ: بَلْ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ مَا ادَّعَتْهُ) ثُمَّ إذَا حَلَفَ يُطَالَبُ بِتَسْمِيَةِ قَدْرٍ أَوْ تُطْلَبُ هِيَ بِتَسْمِيَةِ قَدْرٍ غَيْرِ مَا عَيَّنَتْ أَوْ لَا أَوْ كَيْفَ الْحَالُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ يَرْجِعَانِ لِمَهْرِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ أَنْكَرَ التَّسْمِيَةَ وَحَلَفَ عَلَى نَفْيِ مَا ادَّعَتْهُ فَانْتَفَى وَبَقِيَ عَدَمُ التَّسْمِيَةِ وَهُوَ يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ الْوَارِثَ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ وَادَّعَتْ وِرْثَهَا عَلَى الزَّوْجِ أَنَّهُ لَمْ يَكْسُهَا مُدَّةَ كَذَا أَوْ لَمْ يَدْفَعْ لَهَا الْمَهْرَ فَتُصَدَّقُ الْوَرَثَةُ فِي دَعْوَاهُمْ ذَلِكَ إنْ لَمْ تُقِمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQهُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ، وَإِنَّمَا الرَّدُّ لِمَا ادَّعَاهُ الْمُخَالِفُ آخِرًا مِنْ أَنَّ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِالْفَرْضِ. وَحَاصِلُ الرَّدِّ مَنْعُ أَنَّ لَهَا الْمُطَالَبَةَ بِالْفَرْضِ إذْ هُوَ فَرْعُ ثُبُوتِ التَّفْوِيتِ وَهُوَ لَمْ يَثْبُتْ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ يُنَازِعُهَا فِيهِ وَيَدَّعِي أَنَّ النِّكَاحَ إنَّمَا وَقَعَ بِمُسَمًّى إلَّا أَنَّهُ دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَلَعَلَّ وَجْهَ سَمَاعِ دَعْوَاهَا مَعَ أَنَّهَا لَمْ تَدَّعِ شَيْئًا فِي الْحَالِ كَمَا قَالَهُ الْمُسْتَظْهِرُ الْمَذْكُورُ أَنَّ دَعْوَاهَا لَمَّا كَانَتْ وَسِيلَةً لِلْمُطَالَبَةِ بِالْفَرْضِ سُمِعَتْ. (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الشَّارِحِ هُنَا بِأَنْ نَفَى فِي الْعَقْدِ إلَخْ) هَذَا إلَى آخِرِ السَّوَادَةِ يَحْتَاجُ إلَى تَحْرِيرٍ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَتْ مَا قَبْلَهَا) يَعْنِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ ادَّعَتْ تَسْمِيَةً فَأَنْكَرَهَا إلَخْ.

صَغِيرٌ أَوْ مَجْنُونٌ وَقَدْ أَنْكَرَتْ نَقْصَ الْوَلِيِّ عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ وَلِيَّاهُمَا (تَحَالَفَا فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْوَلِيَّ بِمُبَاشَرَتِهِ لِلْعَقْدِ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُوَلَّى كَوَكِيلِ الْمُشْتَرِي مَعَ الْبَائِعِ أَوْ عَكْسِهِ، فَلَوْ كَمَّلَ قَبْلَ حَلِفِ وَلِيِّهِ حَلَفَ دُونَ الْوَلِيِّ، وَالثَّانِي لَا تَحَالُفَ لِأَنَّا لَوْ حَلَّفْنَا الْوَلِيَّ لَأَثْبَتنَا بِيَمِينِهِ حَقَّ غَيْرِهِ وَهُوَ مَحْذُورٌ، أَمَّا إذَا اعْتَرَفَ الزَّوْجُ بِزِيَادَةٍ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ فَلَا تَحَالُفَ، بَلْ يُؤْخَذُ بِقَوْلِهِ بِلَا يَمِينٍ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ لِلِانْفِسَاخِ الْمُوجِبِ لِمَهْرِ الْمِثْلِ فَتَضِيعُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الزَّوْجُ دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ مِنْ غَيْرِ تَحَالُفٍ، كَذَا قَالَاهُ. وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: التَّحْقِيقُ فِي الْأُولَى حَلَفَ الزَّوْجُ رَجَاءَ أَنْ يَنْكُلَ فَيَحْلِفَ الْوَلِيُّ وَيَثْبُتُ مُدَّعَاهُ الْأَكْثَرُ مِنْ مُدَّعِي الزَّوْجِ اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَمِنْ ثَمَّ تَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ، وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ أَيْضًا، وَيَحْلِفُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْوَلِيُّ وَثَبَتَ مُدَّعَاهُ، وَخَرَجَ بِالصَّغِيرَةِ وَالْمَجْنُونَةِ الْبَالِغَةُ وَالْعَاقِلَةُ فَهِيَ الَّتِي تَحْلِفُ، وَلَا يُنَافِي حَلِفَ الْوَلِيِّ هُنَا قَوْلُهُمْ فِي الدَّعَاوَى لَا يَحْلِفُ وَإِنْ بَاشَرَ السَّبَب لِأَنَّ ذَلِكَ فِي حَلِفِهِ عَلَى اسْتِحْقَاقِ مُوَلِّيهِ وَهَذَا لَا تَجُوزُ النِّيَابَةُ فِيهِ، وَمَا هُنَا فِي حَلِفِهِ أَنَّ عَقْدَهُ وَقَعَ هَكَذَا فَهُوَ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَالْمَهْرُ ثَابِتٌ ضِمْنًا، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْوَجْهَ الْمُفَصَّلَ ثَمَّ بَيِّنٌ أَنْ يُبَاشِرَ السَّبَبَ وَأَنْ لَا يَرُدَّ هَذَا الْجَمْعُ مَمْنُوعٌ بِأَنَّهُ مَعَ مُبَاشَرَتِهِ لِلسَّبَبِ إنْ حَلَفَ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْمُوَلَّى لَمْ يَفْدِ وَإِلَّا أَفَادَ (وَلَوْ) (قَالَتْ نَكَحَنِي يَوْمَ كَذَا بِأَلْفٍ وَيَوْمَ كَذَا بِأَلْفٍ وَ) طَالَبَتْهُ بِالْأَلْفَيْنِ فَإِنْ (ثَبَتَ الْعَقْدَانِ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ) أَوْ بِيَمِينِهَا بَعْدَ نُكُولِهِ (لَزِمَهُ أَلْفَانِ) وَإِنْ لَمْ تَتَعَرَّضْ لِتَخَلُّلِ فُرْقَةٍ وَلَا الْوَطْءِ لِأَنَّ الْعَقْدَ الثَّانِيَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ ارْتِفَاعِ الْأَوَّلِ، وَلِأَنَّ الْمُسَمَّى وَجَبَ بِالْعَقْدِ فَاسْتُصْحِبَ بَقَاؤُهُ، وَلَمْ يَنْظُرْ لِأَصْلِ عَدَمِ الدُّخُولِ عَمَلًا بِقَرِينَةِ سُكُوتِهِ عَنْ دَعْوَاهُ الظَّاهِرِ فِي وُجُودِهِ، وَبِهَذَا يُجَابُ عَنْ اسْتِشْكَالِ الْبُلْقِينِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُنَا، وَأَيْضًا فَأَصْلُ الْبَقَاءِ أَقْوَى مِنْ أَصْلِ عَدَمِ الدُّخُولِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ عُلِمَ وُجُودُهُ ثُمَّ شُكَّ فِي ارْتِفَاعِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ. وَالثَّانِي لَمْ يُعْلَمْ لَهُ مُسْتَنَدٌ إلَّا مُجَرَّدَ الِاحْتِمَالِ فَلَمْ يُعَوَّلْ مَعَ ذَلِكَ عَلَيْهِ (وَإِنْ قَالَ لَمْ أَطَأْ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّهُ الْأَصْلُ (وَسَقَطَ الشَّطْرُ) فِي النِّكَاحَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا لِأَنَّهُ فَائِدَةُ تَصْدِيقِهِ وَحَلِفِهِ، وَإِنَّمَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ عَدَمَهُ فِي الثَّانِي إنْ ادَّعَى الطَّلَاقَ مِنْهُ (وَإِنْ قَالَ كَانَ الثَّانِي تَجْدِيدَ لَفْظٍ لَا عَقْدًا لَمْ يُقْبَلْ) لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ مِنْ صِحَّةِ الْعُقُودِ الْمُتَشَوِّفُ إلَيْهَا الشَّارِعُ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي تَصْدِيقِ مُدَّعِي الصِّحَّةِ، وَاحْتِمَالُ كَوْنِ الطَّلَاقِ رَجْعِيًّا وَأَنَّ الزَّوْجَ اسْتَعْمَلَ لَفْظَ الْعَقْدِ مَعَ الْوَلِيِّ فِي الرَّجْعَةِ نَادِرٌ جِدًّا فَلَمْ يَلْتَفِتُوا إلَيْهِ فَانْدَفَعَ مَا لِلْبُلْقِينِيِّ هُنَا، وَلَهُ تَحْلِيفُهَا عَلَى نَفْيِ مَا ادَّعَاهُ لِإِمْكَانِهِ وَلَوْ أَعْطَاهَا مَالًا وَادَّعَتْ أَنَّهُ هَدِيَّةٌ وَقَالَ بَلْ صَدَاقٌ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَدْفُوعُ مِنْ جِنْسِ الصَّدَاقِ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِكَيْفِيَّةِ إزَالَةِ مِلْكِهِ، فَإِنْ أَعْطَى مَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ شَيْئًا، وَقَالَ الدَّافِعُ بِعِوَضٍ وَأَنْكَرَ الْآخِذُ صُدِّقَ الْمُنْكِرُ بِيَمِينِهِ، وَيُفَارِقُ مَا قَبْلَهُ بِأَنَّ الزَّوْجَ مُسْتَقِلٌّ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ وَبِقَصْدِهِ وَبِأَنَّهُ يُرِيدُ إبْرَاءَ ذِمَّتِهِ، بِخِلَافِ مُعْطِي مَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فِيهِمَا، وَتُسْمَعُ دَعْوَى دَفْعِ صَدَاقٍ لِوَلِيِّ مَحْجُورَةٍ لَا إلَى وَلِيِّ رَشِيدَةٍ وَلَوْ بِكْرًا، إلَّا إذَا ـــــــــــــــــــــــــــــSبَيِّنَةً بِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ وَلِيَّاهُمَا) أَيْ بِأَنْ كَانَ الصَّدَاقُ مِنْ مَالِ وَلِيِّ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: حَلَفَ دُونَ الْوَلِيِّ) أَيْ عَلَى الْبَتِّ (قَوْلُهُ: الْبَالِغَةُ وَالْعَاقِلَةُ) ظَاهِرُهُ كَشَرْحِ الْمَنْهَجِ عَدَمُ اعْتِبَارِ الرُّشْدِ فَيُحَلِّفُ السَّفِيهَةَ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ فَيَحْلِفُ الْوَلِيُّ (قَوْلُهُ وَأَيْضًا فَأَصْلُ الْبَقَاءِ) أَيْ لِمَا أَوْجَبَهُ الْعَقْدَانِ مِنْ الْمَهْرَيْنِ الْكَامِلَيْنِ (قَوْلُهُ: فَانْدَفَعَ مَا لِلْبُلْقِينِيِّ) أَيْ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ كُلِّ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ الْمُنْكِرُ) هَذَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ آخِرَ الْعَارِيَّةِ مِنْ أَنَّ مَنْ دَفَعَ لِغَيْرِهِ مَالًا وَادَّعَى أَنَّهُ قَرْضٌ وَالْآخَرُ أَنَّهُ وَدِيعَةٌ أَوْ وَكِيلٌ فِيهِ صُدِّقَ الدَّافِعُ، وَعِبَارَتُهُ ثَمَّ قُبَيْلَ كِتَابِ الْغَصْبِ: وَبِمَا تُقِرُّ ظَهَرَ ضَعْفُ قَوْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ وَلِيَّاهُمَا) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْمَهْرُ مِنْ مَالِ وَلِيِّ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مُعْطَى مَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ) لَعَلَّهُ بِصِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ مَصْدَرًا مِيمِيًّا فَتَأَمَّلْ

[فصل في وليمة العرس]

ادَّعَى إذْنَهَا نُطْقًا، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنِ الْمَنْكُوحَةِ صُدِّقَ كُلٌّ فِيمَا نَفَاهُ بِيَمِينِهِ، وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتَيْنِ تَزَوَّجْتُكُمَا بِأَلْفٍ فَقَالَتْ إحْدَاهُمَا: بَلْ أَنَا فَقَطْ بِأَلْفٍ تَحَالَفَا، وَأَمَّا الْأُخْرَى فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي نَفْيِ النِّكَاحِ وَإِنْ أَصْدَقَهَا جَارِيَةً ثُمَّ وَطِئَهَا عَالِمًا بِالْحَالِ قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يُحَدَّ لِشُبْهَةِ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي أَنَّهَا هَلْ تَمْلِكُ قَبْلَ الدُّخُولِ جَمِيعَ الصَّدَاقِ أَوْ نِصْفَهُ فَقَطْ، وَعَلَّلَهُ فِي الرَّوْضَةِ بِذَلِكَ وَبِأَنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَخْفَى مِثْلُ ذَلِكَ عَلَى الْعَوَامّ، ثُمَّ بَنَى عَلَيْهِمَا مَا لَوْ كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهَا تَمْلِكُ جَمِيعَ الصَّدَاقِ بِالْعَقْدِ فَعَلَى الثَّانِي يُحَدُّ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ، أَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ حُدَّ وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى جَهْلِ مِلْكِهَا لِلْجَارِيَةِ بِالدُّخُولِ إلَّا مِنْ قَرِيبِ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ أَوْ مِمَّنْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ. مِنْ الْوَلْمِ وَهُوَ الِاجْتِمَاعُ، وَهِيَ أَعْنِي الْوَلِيمَةَ اسْمٌ لِكُلِّ دَعْوَةٍ أَوْ طَعَامٍ يُتَّخَذُ لِحَادِثِ سُرُورٍ أَوْ غَيْرِهِ، لَكِنْ اسْتِعْمَالُهَا مُطْلَقَةً فِي الْعُرْسِ أَشْهَرُ وَفِي غَيْرِهِ مُقَيَّدَةٌ فَيُقَالُ وَلِيمَةُ خِتَانٍ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنَّ مَحَلَّ نَدْبِ وَلِيمَةِ الْخِتَانِ فِي حَقِّ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ لِأَنَّهُ يُخْفَى وَيُسْتَحْيَا مِنْ إظْهَارِهِ، لَكِنْ الْأَوْجَهُ اسْتِحْبَابُهُ فِيمَا بَيْنَهُنَّ خَاصَّةً، وَأَطْلَقُوا نَدْبَهَا لِلْقُدُومِ مِنْ السَّفَرِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي السَّفَرِ الطَّوِيلِ لِقَضَاءِ الْعُرْفِ بِهِ، أَمَّا مَنْ غَابَ يَوْمًا أَوْ أَيَّامًا يَسِيرَةٍ إلَى بَعْضِ النَّوَاحِي الْقَرِيبَةِ فَكَالْحَاضِرِ (وَلِيمَةُ الْعُرْسِ) بِضَمِّ الْعَيْنِ مَعَ ضَمِّ الرَّاءِ وَإِسْكَانِهَا (سُنَّةٌ) مُؤَكَّدَةٌ بَلْ هِيَ آكَدُ الْوَلَائِمِ لِثُبُوتِهَا عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلًا وَفِعْلًا فَفِي الْبُخَارِيِّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْلَمَ عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ بِمُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ» «وَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْلَمَ عَلَى صَفِيَّةَ بِتَمْرٍ وَسَمْنٍ وَأَقِطٍ» «وَأَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ـــــــــــــــــــــــــــــSالْبَغَوِيّ لَوْ دَفَعَ لِغَيْرِهِ أَلْفًا فَهَلَكَ فَادَّعَى الدَّافِعُ الْقَرْضَ وَالْمَدْفُوعُ لَهُ الْوَدِيعَةَ صُدِّقَ الْمَدْفُوعُ لَهُ، وَقَدْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِتَصْدِيقِ الْمَالِكِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْأَنْوَارِ عَنْ مِنْهَاجِ الْقُضَاةِ لَوْ قَالَ بَعْدَ تَلَفِهِ دَفَعْته قَرْضًا وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ وَكَالَةً صُدِّقَ الدَّافِعُ اهـ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ كُلٌّ فِيمَا نَفَاهُ) أَيْ وَلَا نِكَاحَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ وَطِئَهَا) أَيْ الْجَارِيَةَ (قَوْلُهُ: لَمْ يُحَدَّ) أَيْ وَوَلَدُهُ مِنْهَا حُرٌّ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: فَعَلَى الثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ هَلْ تَمْلِكُ قَبْلَ الدُّخُولِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا هُوَ قَوْلُهُ وَبِأَنَّهُ لَا يَبْعُدُ، وَقَوْلُهُ وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى إلَخْ أَيْ وَعَلَيْهِ فَيُعَزَّرُ فَقَطْ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ (فَصْلٌ) فِي وَلِيمَةِ الْعُرْسِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الِاجْتِمَاعُ) أَيْ لُغَةً، وَقَوْلُهُ وَهِيَ أَيْ شَرْعًا (قَوْلُهُ: لِحَادِثِ سُرُورٍ) . [تَنْبِيهٌ] قَالَ الرَّاغِبُ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْفَرَحِ وَالسُّرُورِ أَنَّ السُّرُورَ انْشِرَاحُ الصَّدْرِ بِلَذَّةٍ فِيهَا طُمَأْنِينَةُ الصَّدْرِ عَاجِلًا وَآجِلًا، وَالْفَرَحُ انْشِرَاحُ الصَّدْرِ بِلَذَّةٍ عَاجِلَةٍ غَيْرِ آجِلَةٍ وَذَلِكَ فِي اللَّذَّاتِ الْبَدَنِيَّةِ الدُّنْيَوِيَّةِ، وَقَدْ يُسَمَّى الْفَرَحُ سُرُورًا وَعَكْسُهُ لَكِنْ عَلَى نَظَرِ مَنْ لَا يَعْتَبِرُ الْحَقَائِقَ وَيَتَصَوَّرُ أَحَدَهُمَا بِصُورَةِ الْآخَرِ اهـ مُنَاوِيٌ عِنْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ فِي الْجَنَّةِ دَارًا يُقَالُ لَهَا دَارُ الْفَرَحِ» (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) يَشْمَلُ الْمَعْمُولَ لِلْحُزْنِ، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي قَوْلِهِ وَلِيمَةُ مَوْتٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِمُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَضُمُّ إلَيْهِمَا شَيْئًا آخَرَ وَلَمْ يَعْلَمُ كَيْفِيَّةَ فِعْلِهِ فِيهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَبِأَنَّهُ لَا يَبْعُدُ إلَخْ) كَذَا فِي النُّسَخِ، وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْهُ أَلِفٌ قَبْلَ الْوَاوِ إذْ هُوَ فِي الرَّوْضَةِ عَلَّلَ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ وَرَتَّبَ عَلَيْهِمَا مَا يَأْتِي، وَانْظُرْ مَا وَجْهُ وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَى الثَّانِي مَعَ أَنَّ شُبْهَةَ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ قَائِمَةٌ وَلَا بُدَّ. [فَصْلٌ فِي وَلِيمَةِ الْعُرْسِ]

وَقَدْ تَزَوَّجَ أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ» وَأَقَلُّهَا لِلْمُتَمَكِّنِ شَاةٌ وَلِغَيْرِهِ مَا قَدِرَ عَلَيْهِ. قَالَ الثَّانِي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَالْمُرَادُ أَقَلُّ الْكَمَالِ شَاةٌ لِقَوْلِ التَّنْبِيهِ: وَبِأَيِّ شَيْءٍ أَوْلَمَ مِنْ الطَّعَامِ جَازَ، وَهُوَ يَشْمَلُ الْمَأْكُولَ وَالْمَشْرُوبَ الَّذِي يُعْمَلُ فِي حَالِ الْعَقْدِ مِنْ سُكَّرٍ وَغَيْرِهِ وَلَوْ مُوسِرًا، وَسَكَتُوا عَنْ اسْتِحْبَابِ الْوَلِيمَةِ لِلتَّسَرِّي، وَقَدْ صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَوْلَمَ عَلَى صَفِيَّةَ» قَالُوا: إنْ لَمْ يَحْجُبْهَا فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ، وَإِنْ حَجَبَهَا فَهِيَ امْرَأَتُهُ. وَفِيهِ دَلِيلُ عَدَمِ اخْتِصَاصِ الْوَلِيمَةِ بِالزَّوْجَةِ وَنَدْبِهَا لِلتَّسَرِّي، إذْ لَوْ اخْتَصَّتْ بِالزَّوْجَةِ لَمْ يَتَرَدَّدُوا فِي كَوْنِهَا زَوْجَةً أَوْ سُرِّيَّةً، وَعَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ ذَاتِ الْخَطَرِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَا مَا مَرَّ وَهُوَ لَا يَتَقَيَّدُ بِذَاتِ الْخَطَرِ. وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِوَقْتِ الْوَلِيمَةِ، وَاسْتَنْبَطَ السُّبْكِيُّ مِنْ كَلَامِ الْبَغَوِيّ أَنَّ وَقْتَهَا مُوَسَّعٌ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ وَلَا آخَرَ لِوَقْتِهَا فَيَدْخُلُ وَقْتُهَا بِهِ، وَالْأَفْضَلُ فِعْلُهَا بَعْدَ الدُّخُولِ: أَيْ عَقِبَهُ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُولِمْ عَلَى نِسَائِهِ إلَّا بَعْدَ الدُّخُولِ» فَتَجِبُ الْإِجَابَةُ إلَيْهَا مِنْ حِينِ الْعَقْدِ وَإِنْ خَالَفَ الْأَفْضَلَ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ ابْنُ السُّبْكِيّ فِي التَّوْشِيحِ، وَلَا تَفُوتُ بِطَلَاقٍ وَلَا مَوْتٍ وَلَا بِطُولِ الزَّمَنِ فِيمَا يَظْهَرُ كَالْعَقِيقَةِ (وَفِي قَوْلٍ أَوْ وَجْهٍ) وَصَوَّبَ جَمْعٌ أَنَّهُ قَوْلٌ، وَعَلَى الْقِيَاسِ لِأَنَّ مُثْبِتَهُ زِيَادَةُ عِلْمٍ (وَاجِبَةٌ) عَيْنًا لِلْخَبَرِ الْمَارِّ «أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ» وَحَمَلُوهُ عَلَى النَّدْبِ لِخَبَرِ «هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا: أَيْ الزَّكَاةِ، قَالَ: لَا إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» وَخَبَرِ «لَيْسَ فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ» وَهُمَا صَحِيحَانِ، وَلِأَنَّهَا لَوْ وَجَبَتْ لَوَجَبَتْ الشَّاةُ وَلَا قَائِلَ بِهِ، وَصَرَّحَ الْجُرْجَانِيُّ بِنَدْبِ عَدَمِ كَسْرِ عَظْمِهَا كَالْعَقِيقَةِ، وَوَجْهُ مَا قَالُوهُ ثَمَّ أَنَّ فِيهِ تَفَاؤُلًا بِسَلَامَةِ أَخْلَاقِ الزَّوْجَةِ وَأَعْضَائِهَا كَالْوَلَدِ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يُسَنُّ هُنَا فِي الْمَذْبُوحِ مَا يُسَنُّ فِي الْعَقِيقَةِ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهَا لَوْ اتَّحَدَتْ وَتَعَدَّدَتْ الزَّوْجَاتُ وَقَصَدَهَا عَنْهُنَّ كَفَتْ، فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ اُسْتُحِبَّ التَّعَدُّدُ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَمُنَازَعَةُ بَعْضِهِمْ فِيهِ بِأَنَّ الْمُتَّجَهَ أَنَّهَا كَالْعَقِيقَةِ فَتَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِهِنَّ مُطْلَقًا مَرْدُودَةٌ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بِأَنَّهَا جُعِلَتْ فِدَاءً لِلنَّفْسِ بِخِلَافِ مَا هُنَا، وَنَقَلَ ابْنُ الصَّلَاحِ أَنَّ الْأَفْضَلَ فِعْلُهَا لَيْلًا لَا نَهَارًا لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ نِعْمَةٍ لَيْلِيَّةٍ وَلِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا} [الأحزاب: 53] وَكَانَ ذَلِكَ لَيْلًا اهـ. مُتَّجَهٌ إنْ ثَبَتَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَهَا لَيْلًا (وَالْإِجَابَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: مِنْ سُكَّرٍ وَغَيْرِهِ) أَيْ فَيَكْفِي فِي أَدَاءِ السُّنَّةِ، وَالْمَفْهُومُ مِنْ مِثْلِ هَذَا التَّعْبِيرِ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ وَلَا حَرَامٍ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَهُ مِنْ ضَعَفَةِ الطَّلَبَةِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي السِّيرَةِ الشَّامِيَّةِ مَا نَصُّهُ: رَوَى التَّوَقَانِيُّ بِسَنَدٍ وَاهٍ عَنْ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكَلَ بِطِّيخًا بِسُكَّرٍ» (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَحْجُبْهَا) أَيْ عَنْ الْخُرُوجِ (قَوْلُهُ: فَلَا فَرْقَ فِيهَا) أَيْ السُّرِّيَّةِ (قَوْلُهُ: ذَاتِ الْخَطَرِ) أَيْ الشَّرَفِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَا مَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَطَعَامٌ يُتَّخَذُ إلَخْ (قَوْلُهُ: إنَّ وَقْتَهَا مُوَسَّعٌ) أَيْ فِي حَقِّ الْحُرَّةِ. أَمَّا الْأَمَةُ فَوَقْتُهَا إرَادَتُهُ إعْدَادَهَا لِلْوَطْءِ، وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ سم بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: فَيَدْخُلُ وَقْتُهَا بِهِ) أَيْ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: مِنْ حِينِ الْعَقْدِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ مَا يَقَعُ مِنْ الدَّعْوَةِ قَبْلَ الْعَقْدِ لِفِعْلِ الْوَلِيمَةِ بَعْدَهُ لَا تَجِبُ فِيهِ الْإِجَابَةُ لِكَوْنِ الدَّعْوَةِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا، وَالظَّاهِرُ الْوُجُوبُ لِأَنَّ الدَّعْوَةَ وَإِنْ تَقَدَّمَتْ فَهِيَ لِفِعْلِ مَا تَحْصُلُ بِهِ السُّنَّةُ، وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فَتَجِبُ الْإِجَابَةُ إلَخْ أَنَّ الْإِجَابَةَ تَجِبُ لَهَا حَيْثُ كَانَتْ تُفْعَلُ بَعْدَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: وَلَا بِطُولِ الزَّمَنِ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَلَا آخِرَ لِوَقْتِهَا (قَوْلُهُ: إنَّهَا لَوْ اتَّحَدَتْ إلَخْ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ تَعَدَّدَتْ أَسْبَابُهَا فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعَدُّدِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ) أَيْ بِأَنْ أَطْلَقَ (قَوْلُهُ: وَمُنَازَعَةُ بَعْضِهِمْ) مُرَادُهُ حَجّ (قَوْلُهُ وَكَانَ ذَلِكَ) أَيْ الطَّعَامُ الَّذِي قِيلَ فِي شَأْنِهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَعَلَهَا لَيْلًا) أَيْ وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ فَلَا يَتِمُّ الِاسْتِدْلَال عَلَى سَنِّهَا لَيْلًا بِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَا مَا مَرَّ) اُنْظُرْ مَا مُرَادُهُ بِمَا مَرَّ وَهُوَ تَابِعٌ فِيهِ لِحَجِّ لَكِنَّ ذَاكَ قَالَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي ضِمْنِ سُؤَالٍ وَجَوَابٍ مَا نَصُّهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ سِرَّهَا صَلَاحُ الزَّوْجَةِ وَبَرَكَتُهَا (قَوْلُهُ: لَوَجَبَتْ الشَّاةُ) هَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى مَعَ قَطْعِ

إلَيْهَا) بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ (فَرْضُ عَيْنٍ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ، تُدْعَى إلَيْهَا الْأَغْنِيَاءُ وَتُتْرَكُ الْفُقَرَاءُ» «وَمَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ» أَيْ بِفَتْحِ الدَّالِ، وَقَوْلُ قُطْرُبٍ بِضَمِّهَا غَلَّطُوهُ فِيهِ، كَذَا قَالَهُ جَمْعٌ، وَيُنَافِيهِ قَوْلُ الْقَامُوسِ وَتُضَمُّ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ سَبَبَ التَّغْلِيطِ أَنَّ قُطْرُبَ يُوجِبُ الضَّمَّ «فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» وَالْمُرَادُ وَلِيمَةُ الْعُرْسِ لِأَنَّهَا الْمَعْهُودَةُ عِنْدَهُمْ، وَلِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى وَلِيمَةِ عُرْسٍ فَلْيُجِبْ» وَلَا تَجِبُ إجَابَةٌ لِغَيْرِ وَلِيمَةِ عُرْسٍ وَمِنْهُ وَلِيمَةُ التَّسَرِّي كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. وَقِيلَ تَجِبُ، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَيْهِ لِأَخْبَارٍ فِيهِ (وَقِيلَ) فَرْضُ (كِفَايَةٍ) وَيَصِحُّ الرَّفْعُ لِأَنَّ الْقَصْدَ إظْهَارُ الْحَلَالِ عَنْ السِّفَاحِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِحُصُولِ الْبَعْضِ، وَيُرَدُّ بِفَرْضِ تَسْلِيمِ مَا عَلَّلَ بِهِ بِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى التَّوَاكُلِ (وَقِيلَ سُنَّةٌ) لِأَنَّهُ تَمْلِيكُ مَالٍ فَلَمْ يَجِبْ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْأَكْلَ سُنَّةٌ لَا وَاجِبٌ. أَمَّا عَلَى أَنَّهَا وَاجِبَةٌ فَتَجِبُ الْإِجَابَةُ إلَيْهَا قَطْعًا: أَيْ بِالشُّرُوطِ الْآتِيَةِ كَمَا اقْتَضَتْهُ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ (وَإِنَّمَا) (تَجِبُ) الْإِجَابَةُ عَلَى الصَّحِيحِ (أَوْ تُسَنُّ) عَلَى مُقَابِلِهِ أَوْ عِنْدَ فَقْدِ بَعْضِ شُرُوطِ الْوُجُوبِ أَوْ فِي بَقِيَّةِ الْوَلَائِمِ (بِشَرْطِ) (أَنْ) يَخُصَّهُ بِدَعْوَةٍ وَلَوْ بِكِتَابَةٍ أَوْ رِسَالَةٍ مَعَ ثِقَةٍ أَوْ مُمَيِّزٍ لَمْ يُجَرَّبْ عَلَيْهِ الْكَذِبُ جَازِمَةٍ لَا إنْ فَتَحَ بَابَهُ وَقَالَ لِيَحْضُرَ مَنْ شَاءَ أَوْ قَالَ لَهُ أَحْضُرُ إنْ شِئْت مَا لَمْ تَظْهَرْ قَرِينَةٌ عَلَى جَرَيَانِ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّأَدُّبِ أَوْ الِاسْتِعْطَافِ مَعَ ظُهُورِ رَغْبَتِهِ فِي حُضُورِهِ، وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ قَوْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ أَوْ قَالَ لَهُ إنْ شِئْت أَنْ تَحْمِلَنِي لَزِمَتْهُ الْإِجَابَةُ وَأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا فَلَا تَجِبُ إجَابَةُ ذِمِّيٍّ بَلْ تُسَنُّ إنْ رُجِيَ إسْلَامُهُ أَوْ كَانَ نَحْوُ قَرِيبٍ أَوْ جَارٍ، وَسَيَأْتِي فِي الْجِزْيَةِ حُرْمَةُ الْمَيْلِ إلَيْهِ بِالْقَلْبِ، وَلَا يَلْزَمُ ذِمِّيًّا إجَابَةُ مُسْلِمٍ، وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي مَالِ الدَّاعِي شُبْهَةٌ أَيْ قَوِيَّةٌ بِأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ فِي مَالِهِ حَرَامًا وَلَا يَعْلَمُ عَيْنَهُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامًا فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ بَعْضِهِمْ مِنْ التَّقْيِيدِ لَكِنْ يُؤَيِّدُهُ عَدَمُ كَرَاهَةِ مُعَامَلَتِهِ وَالْأَكْلِ مَعَهُ إلَّا حِينَئِذٍ، وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ يُحْتَاطُ لِلْوُجُوبِ مَا لَا يُحْتَاطُ لِلْكَرَاهَةِ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ الْآنَ مَالٌ يَنْفَكُّ عَنْ شُبْهَةٍ، وَأَنْ لَا تَدْعُوهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَعَلَهَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَمَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ) لَيْسَ هَذَا مِنْ الْحَدِيثِ وَإِنَّمَا هُوَ مَدْرَجٌ مِنْ كَلَامِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعِبَارَةُ الْحَافِظِ السُّيُوطِيّ فِي شَرْحِ أَلْفِيَّتِهِ نَصُّهَا: قَالَ الْحَافِظُ حَجّ فِي النُّكَتِ: لَمْ يَتَعَرَّضْ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَى بَيَانِ مَا يَنْسُبُ الصَّحَابِيُّ فَاعِلَهُ إلَى الْكُفْرِ وَالْعِصْيَانِ كَقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ: مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا أَوْ سَاحِرًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ: وَفِي رِوَايَةٍ، بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَكَقَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِيمَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ: فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَقَوْلُهُ فِي الْخَارِجِ مِنْ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْأَذَانِ: أَمَّا هَذَا فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ وَقَوْلُ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ: مَنْ صَامَ الْيَوْمَ الَّذِي يَشُكُّ فِيهِ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ، فَهَذَا ظَاهِرٌ أَنَّ لَهُ حُكْمَ الْمَرْفُوعِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَوْقُوفًا لِجَوَازِ إحَالَةِ الْإِثْمِ عَلَى مَا ظَهَرَ لَهُ مِنْ الْقَوَاعِدِ. قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ بَلْ حَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ مُسْنَدٌ اهـ (قَوْلُهُ: كَذَا قَالَهُ) أَيْ التَّغْلِيظَ (قَوْلُهُ: أَوْ عِنْدَ فَقْدِ بَعْضِ شُرُوطٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ شُرُوطَ الْوُجُوبِ: أَيْ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ هِيَ الْمَذْكُورَةُ بِقَوْلِهِ بِشَرْطِ إلَخْ فَيَصِيرُ الْمَعْنَى إنَّمَا تُسَنُّ عِنْدَ فَقْدِ بَعْضِ الشُّرُوطِ تِلْكَ الشُّرُوطَ وَذَلِكَ فَاسِدٌ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ ذِمِّيًّا إجَابَةُ مُسْلِمٍ) أَيْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّاعِي قَرَابَةٌ أَمْ صَدَاقَةٌ أَمْ لَا، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ عَدَمُ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِدَعْوَةِ الْآخَرِ إنْ طَلَبَهَا لِلتَّوَدُّدِ، وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالنَّظَرِ عَمَّا فَسَّرَ بِهِ الْحَدِيثَ فِيمَا مَرَّ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَقَلُّ الْكَمَالِ. (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ وَلِيمَةُ التَّسَرِّي) أَيْ مِنْ الْغَيْرِ لِيُوَافِقَ مَا نَقَلَهُ الشِّهَابُ سم عَنْ الشَّارِحِ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ لِوَلِيمَةِ التَّسَرِّي (قَوْلُهُ: عَلَى الصَّحِيحِ) يَعْنِي وُجُوبَ الْإِجَابَةِ عَيْنًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ: أَيْ وَكِفَايَةً عَلَى مُقَابِلِهِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ الْآنَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِتَقْيِيدِ الشُّبْهَةِ فِيمَا مَرَّ بِالْقَوِيَّةِ كَمَا

امْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ إلَّا إنْ كَانَ ثَمَّ نَحْوُ مَحْرَمٍ لَهُ أُنْثَى يَحْتَشِمُهَا أَوْ لَهَا وَأَذِنَ زَوْجُ الْمُزَوَّجَةِ وَسُنَّ لَهَا الْوَلِيمَةُ وَإِلَّا لَمْ تَجِبْ الْإِجَابَةُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ خَلْوَةٌ مُحَرَّمَةٌ خَشْيَةَ الْفِتْنَةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ كَسُفْيَانَ وَهِيَ كَرَابِعَةَ وَجَبَتْ الْإِجَابَةُ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ دَعْوَتَهَا أَكْثَرُ مِنْ رَجُلٍ كَذَلِكَ مَا لَمْ يَحْصُلْ جَمْعٌ تُحِيلُ الْعَادَةُ مَعَهُمْ أَدْنَى فِتْنَةٍ أَوْ رِيبَةٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي آخِرَ الْعَدَدِ. وَيُتَصَوَّرُ اتِّحَادُ الرَّجُلِ مَعَ اشْتِرَاطِ عُمُومِ الدَّعْوَةِ بِأَنْ لَا يَكُونَ أَوَّلًا يَعْرِفُ ثَمَّ غَيْرَهُ، بَلْ يَأْتِي فِي هَذَا مَا يَعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ قَدْ يَتَّحِدُ لِقِلَّةِ مَا عِنْدَهُ وَمِنْ صُوَرِ وَلِيمَةِ الْمَرْأَةِ أَنْ تُولِمَ عَنْ الرَّجُلِ بِإِذْنِهِ كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ الَّذِي يَظْهَرُ حِينَئِذٍ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِدَعْوَتِهِ لَا بِدَعْوَتِهَا لِأَنَّ الْوَلِيمَةَ صَارَتْ لَهُ بِإِذْنِهِ لَهَا الْمُقْتَضِي لِتَقْدِيرِ دُخُولِ ذَلِكَ فِي مِلْكِهِ نَظِيرَ إخْرَاجِ فِطْرَةِ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ، وَحِينَئِذٍ يَتَعَيَّنُ أَنْ يُزَادَ فِي التَّصْوِيرِ أَنَّهُ أَذِنَ لَهَا فِي الدَّعْوَةِ أَيْضًا، وَأَنْ لَا يُعْذَرَ بِمُرَخِّصِ جَمَاعَةٍ كَمَا فِي الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ تَوَقَّفَ الْأَذْرَعِيُّ فِي إطْلَاقِهِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ الدَّاعِي فَاسِقًا أَوْ شِرِّيرًا طَالِبًا لِلْمُبَاهَاةِ وَالْفَخْرِ كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ، وَبِهِ يُعْلَمُ اتِّجَاهُ قَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ كُلُّ مَنْ جَازَ هَجْرُهُ لَا تَجِبُ إجَابَتُهُ، وَأَنْ لَا يُدْعَى قَبْلُ وَتَلْزَمُهُ الْإِجَابَةُ. أَمَّا عِنْدَ عَدَمِ لُزُومِهَا فَيَظْهَرُ أَنَّهَا كَالْعَدَمِ بَلْ يُجِيبُ الْأَسْبَقُ، فَإِنْ جَاءَا مَعًا أَجَابَ الْأَقْرَبُ رَحِمًا، فَإِنْ اسْتَوَيَا أُقْرِعَ. وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ أَجَابَ الْأَقْرَبُ وَقَوْلُهُ أُقْرِعَ وُجُوبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَقَدْ يُنْظَرُ فِيهِ، إذْ لَوْ قِيلَ بِالنَّدْبِ فَقَطْ لِلتَّعَارُضِ الْمُسْقِطِ لِلْوُجُوبِ لَمْ يَبْعُدْ، وَأَنْ يَكُونَ الدَّاعِي مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ فَلَا يُجِيبُ غَيْرُهُ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ لِعِصْيَانِهِ بِذَلِكَ، ثُمَّ إنْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي أَنْ يُولِمَ كَانَ كَالْحُرِّ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الدَّعْوَةِ أَيْضًا نَظِيرَ مَا مَرَّ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَوْ اتَّخَذَهَا الْوَلِيُّ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَهُوَ أَبٌ أَوْ جَدٌّ وَجَبَ الْحُضُورُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ. وَأَنْ يَكُونَ الْمَدْعُوُّ حُرًّا وَلَوْ سَفِيهًا أَوْ عَبْدًا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَلَوْ مُكَاتَبًا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ إنْ لَمْ يَضُرَّ حُضُورُهُ بِكَسْبِهِ وَإِلَّا فَبِالْإِذْنِ فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ مُبَعَّضًا فِي نَوْبَتِهِ، وَغَيْرَ قَاضٍ: أَيْ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ، نَعَمْ يُسْتَحَبُّ لَهُ مَا لَمْ يَخُصَّ بِهَا بَعْضَ النَّاسِ إلَّا مَنْ كَانَ يَخُصُّهُمْ قَبْلَ الْوِلَايَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمُنْتَفٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ. قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلدُّنْيَا وَإِلَّا فَهُوَ مُكَلَّفٌ بِالْفُرُوعِ (قَوْلُهُ وَسُنَّ لَهَا الْوَلِيمَةُ) يُتَأَمَّلُ صُورَةُ سَنِّهَا لَهَا فَإِنَّ الْكَلَامَ فِي شُرُوطِ الْوُجُوبِ وَهُوَ خَاصٌّ بِوَلِيمَةِ الْعُرْسِ، وَلَا يَدْفَعُ هَذَا التَّوَقُّفُ مَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ لِأَنَّهُ إنَّمَا صَوَّرَ بِهِ مُجَرَّدَ كَوْنِ الْوَلِيمَةِ مِنْ الْمَرْأَةِ وَهُوَ لَا يَقْتَضِي السَّنَّ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: يُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ فِي حَقِّهَا بِغَيْرِ وَلِيمَةِ الْعُرْسِ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ الْإِجَابَةِ لِسَائِرِ الْوَلَائِمِ، أَوْ أَنَّهَا فَعَلَتْهَا عَنْ الزَّوْجِ لِإِعْسَارِهِ أَوْ امْتِنَاعِهِ مِنْ الْفِعْلِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَيُتَصَوَّرُ اتِّحَادُ الرَّجُلِ) أَيْ انْفِرَادُهُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَا يَكُونَ) أَيْ يُوجَدُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ صُوَرِ وَلِيمَةِ الْمَرْأَةِ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّصْوِيرِ أَنَّ الْوَلِيمَةَ سُنَّةٌ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ حِينَئِذٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَكُونَ الدَّاعِي فَاسِقًا أَوْ شِرِّيرًا) عَطْفُهُ عَلَى الْفَاسِقِ يَقْتَضِي أَنَّ مُجَرَّدَ كَوْنِهِ شِرِّيرًا لَا يُوجِبُ الْفِسْقَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ قَدْ يُرَادُ بِالشِّرِّيرِ كَثِيرُ الْخُصُومَاتِ وَذَلِكَ لَا يَسْتَلْزِمُ مُحَرَّمًا فَضْلًا عَنْ الْكَبِيرَةِ (قَوْلُهُ أَجَابَ الْأَقْرَبُ رَحِمًا) وَهَذَا التَّرْتِيبُ جَارٍ فِي الْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ (قَوْلُهُ: وُجُوبَ ذَلِكَ) مُعْتَمَدُ (قَوْلِهِ فَلَا يُجِيبُ غَيْرَهُ) أَيْ فَلَا تَجُوزُ لَهُ الْإِجَابَةُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَبٌ أَوْ جَدٌّ) يُفِيدُ أَنَّ الْأُمَّ لَوْ كَانَتْ وَصِيَّةً وَأَوْلَمَتْ مِنْ مَالِهَا لَهُ لَا يَجِبُ الْحُضُورُ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَبَ وَالْجَدَّ يَتَمَكَّنُ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ إدْخَالِ مَالِهِ فِي مِلْكِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْأُمِّ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي تَصْوِيرِهِ وَلِيمَةَ الْمَرْأَةِ أَنَّ غَيْرَ الْأَبِ وَالْجَدِّ إذَا فَعَلَ الْوَلِيمَةَ بِإِذْنٍ مِمَّنْ طُلِبَتْ مِنْهُ وَجَبَتْ الْإِجَابَةُ عَلَى مَنْ دُعِيَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَفِيهًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُفَوِّتْ عَلَيْهِ مَا يَقْصِدُ مِنْ عَمَلِهِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَخُصَّ) أَيْ الْقَاضِي، وَقَوْلُهُ بِهَا: أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQيُصَرِّحُ بِذَلِكَ عِبَارَةُ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَأَذِنَ زَوْجُ الْمُزَوَّجَةِ) أَيْ فِي الْوَلِيمَةِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: بَلْ يَأْتِي فِي هَذَا الشَّرْطِ) يَعْنِي الْمَذْكُورَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَوَ لَا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَخُصَّ) أَيْ الْقَاضِي، وَقَوْلُهُ بِهَا أَيْ بِالْإِجَابَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا مَنْ كَانَ يَخُصُّهُمْ إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ: نَعَمْ لَوْ كَانَ يَخُصُّ قَوْمًا بِإِجَابَةٍ قَبْلَ الْوِلَايَةِ فَحَكَى ابْنُ كَجٍّ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ.

فَلَا بَأْسَ بِاسْتِمْرَارِهِ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَالْأَوْلَى فِي زَمَانِنَا أَنْ لَا يُجِيبَ أَحَدٌ الْخُبْثَ النِّيَّاتِ وَأَلْحَقَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كُلَّ ذِي وِلَايَةٍ عَامَّةٍ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَالْأَوْجَهُ اسْتِثْنَاءُ أَبْعَاضِهِ وَنَحْوِهِمْ فَيَلْزَمُهُ إجَابَتُهُمْ لِعَدَمِ نُفُوذِ حُكْمِهِ لَهُمْ وَأَنْ لَا يَعْتَذِرَ لِلدَّاعِي فَيَعْذِرُهُ أَيْ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ لَا حَيَاءً بِحَسَبِ الْقَرَائِنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَأَنْ (لَا يَخُصَّ الْأَغْنِيَاءَ) بِالدَّعْوَةِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُمْ أَغْنِيَاءَ فَلَا يَظْهَرُ مِنْهُ قَصْدُ التَّخْصِيصِ بِهِمْ عُرْفًا فِيمَا يَظْهَرُ لِغَيْرِ عُذْرٍ لِقِلَّةِ مَا عِنْدَهُ، فَإِنْ ظَهَرَ مِنْهُ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمْ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِمْ. أَمَّا إذَا خَصَّهُمْ لَا لِغِنَاهُمْ مَثَلًا بَلْ لِجِوَارٍ أَوْ اجْتِمَاعِ حِرْفَةٍ أَوْ قِلَّةِ مَا عِنْدَهُ فَيَلْزَمُهُمْ كَغَيْرِهِمْ الْإِجَابَةُ، وَمَا تَقَرَّرَ هُوَ مُرَادُ الْمُحَرَّرِ بِقَوْلِهِ مِنْهَا أَنْ يَدْعُوَ جَمِيعَ عَشِيرَتِهِ وَجِيرَانِهِ أَغْنِيَائِهِمْ وَفُقَرَائِهِمْ دُونَ أَنْ يَخُصَّ الْأَغْنِيَاءَ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ فِي اشْتِرَاطِ التَّعْمِيمِ مَعَ فَقْرِهِ نَظَرٌ. قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجِيرَانِ هُنَا أَهْلُ مَحَلَّتِهِ وَمَسْجِدِهِ دُونَ أَرْبَعِينَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَأَنْ لَا يَتَعَيَّنَ عَلَى الْمَدْعُوِّ حَقٌّ كَأَدَاءِ شَهَادَةٍ وَصَلَاةِ جِنَازَةٍ (وَأَنْ يَدْعُوَهُ) بِخُصُوصِهِ كَمَا مَرَّ (فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ) (فَإِنْ أَوْلَمَ ثَلَاثَةً) مِنْ الْأَيَّامِ (لَمْ تَجِبْ فِي) الْيَوْمِ (الثَّانِي) بَلْ تُسْتَحَبُّ، وَهُوَ دُونَ سُنَّتِهَا فِي الْأَوَّلِ فِي غَيْرِ الْعُرْسِ، وَقِيلَ تَجِبُ إنْ لَمْ يُدْعَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، أَوْ دُعِيَ وَامْتَنَعَ لِعُذْرٍ وَدُعِيَ فِي الثَّانِي وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَتُكْرَهُ) فِي الْيَوْمِ (الثَّالِثِ) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «الْوَلِيمَةُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ حَقٌّ، وَفِي الثَّانِي مَعْرُوفٌ، وَفِي الثَّالِثِ رِيَاءٌ وَسُمْعَةٌ» وَالْأَوْجَهُ أَنَّ تَعَدُّدَ الْأَوْقَاتِ كَتَعَدُّدِ الْأَيَّامِ، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِعُذْرٍ كَضِيقِ مَنْزِلٍ وَجَبَتْ الْإِجَابَةُ مُطْلَقًا (وَأَنْ لَا يُحْضِرَهُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ (لِخَوْفٍ) مِنْهُ (أَوْ طَمَعٍ فِي جَاهِهِ) أَوْ لِيُعَاوِنَهُ عَلَى بَاطِلٍ بَلْ لِلتَّقَرُّبِ وَالتَّوَدُّدِ الْمَطْلُوبِ أَوْ لِنَحْوِ عِلْمِهِ أَوْ صَلَاحِهِ وَوَرَعِهِ أَوَّلًا بِقَصْدِ شَيْءٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ فِي الْإِحْيَاءِ أَنْ يَقْصِدَ بِإِجَابَتِهِ الِاقْتِدَاءَ بِالسُّنَّةِ حَتَّى يُنَابَ وَزِيَارَةَ أَخِيهِ وَإِكْرَامَهُ حَتَّى يَكُونَ مِنْ الْمُتَحَابِّينَ الْمُتَزَاوِرِينَ فِي اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَوْ صِيَانَةَ نَفْسِهِ عَنْ أَنْ يَظُنَّ بِهِ كِبْرًا وَاحْتِقَارَ مُسْلِمٍ (وَأَنْ لَا يَكُونَ ثُمَّ) أَيْ بِالْمَحَلِّ الَّذِي يَحْضُرُ فِيهِ (مَنْ يَتَأَذَّى) الْمَدْعُوُّ (بِهِ) لِعَدَاوَةٍ ظَاهِرَةٍ بَيْنَهُمَا كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَلَا أَثَرَ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّاعِي (أَوْ لَا يَلِيقُ بِهِ مُجَالَسَتُهُ) كَالْأَرْذَالِ لِلضَّرَرِ، وَأَمَّا قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ: لَوْ كَانَ هُنَاكَ عَدُوٌّ لَهُ أَوْ دَعَاهُ عَدُوُّهُ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي إسْقَاطِ الْوُجُوبِ فَمَحْمُولٌ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَلَى مَا إذَا كَانَ لَا يَتَأَذَّى بِهِ وَلَا تَكُونُ كَثْرَةُ الزَّحْمَةِ عُذْرًا إنْ وَجَدَ سَعَةً: أَيْ لِمَدْخَلِهِ وَمَجْلِسِهِ وَأَمِنَ عَلَى نَحْوِ عِرْضِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ عَنْ الْبَيَانِ وَإِلَّا عُذِرَ (وَ) أَنْ (لَا) يَكُونَ بِمَحَلِّ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِالْإِجَابَةِ اهـ سم (قَوْلُهُ: فَلَا بَأْسَ بِاسْتِمْرَارِهِ) أَيْ الطَّلَبِ فِي حَقِّهِ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يُجِيبَ) أَيْ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: كُلَّ ذِي وِلَايَةٍ عَامَّةٍ) وَمِنْهُ مَشَايِخُ الْبُلْدَانِ وَالْأَسْوَاقِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَخُصَّ الْأَغْنِيَاءَ) وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا مَنْ يَتَجَمَّلُ بِهِ عَادَةً وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَنِيًّا (قَوْلُهُ: أَوْ قِلَّةِ مَا عِنْدَهُ) أَيْ وَاتَّفَقَ أَنَّ الَّذِينَ دَعَاهُمْ لِذَلِكَ هُمْ الْأَغْنِيَاءُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْصِدَ تَخْصِيصَهُمْ بِالدَّعْوَةِ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ: لَمْ تَجِبْ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي) وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ أَنَّ الشَّخْصَ يَدْعُو جَمَاعَةً وَيَعْقِدُ الْعَقْدَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُهَيِّئُ طَعَامًا وَيَدْعُو النَّاسَ ثَانِيًا فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ ثَانِيًا (قَوْلُهُ: وَسُمْعَةٌ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: كَضَيِّقِ مَنْزِلٍ) أَوْ قَصْدِ جَمْعِ الْمُتَنَاسِبَيْنِ فِي وَقْتٍ كَالْعُلَمَاءِ وَالتُّجَّارِ وَنَحْوِهِمْ (قَوْلُهُ أَنْ يَقْصِدَ) أَيْ الْمَدْعُوُّ بِإِجَابَتِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَا أَثَرَ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُ) أَيْ الْمَدْعُوِّ لِأَنَّ الْحُضُورَ قَدْ يَكُونُ سَبَبًا لِزَوَالِ الْعَدَاوَةِ (قَوْلُهُ فَمَحْمُولٌ) هُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْعَدَاوَةُ بَيْنَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالِاسْتِمْرَارِ (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ عُذْرٍ كَقِلَّةِ مَا عِنْدَهُ) اُنْظُرْ مَا صُورَةُ كَوْنِهِ يَخُصُّهُمْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُمْ أَغْنِيَاءَ لِنَحْوِ هَذَا الْعُذْرِ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا إذَا كَانَ لَا يَتَأَذَّى بِهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ حَمْلٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ وَالْحَمْلُ فِي الثَّانِيَةِ يُنَافِي إطْلَاقَ قَوْلِهِ الْمَارِّ وَلَا أَثَرَ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّاعِي فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ عَنْ الْبَيَانِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ الْمَارِّ وَأَنْ لَا يُعْذَرَ بِمُرَخِّصِ جَمَاعَةٍ كَمَا فِي الْبَيَانِ، وَانْظُرْ مَا وَجْهُ عِلْمِ مَا ذَكَرَهُ مِمَّا مَرَّ عَنْ الْبَيَانِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْخَوْفَ عَلَى الْعِرْضِ لَيْسَ عُذْرًا بِرَأْسِهِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ، عَلَى أَنَّهُ أَوْلَى مِنْ مُجَالَسَةِ مَنْ لَا تَلِيقُ بِهِ مُجَالَسَتُهُ، بَلْ يَظْهَرُ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي كَوْنِ الْمُجَالَسَةِ الْمَذْكُورَةِ

حُضُورِهِ (مُنْكَرٌ) أَيْ مُحَرَّمٌ وَلَوْ صَغِيرَةً كَآنِيَةِ نَقْدٍ كَمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: أَيْ يُبَاشِرُ الْأَكْلَ مِنْهَا بِلَا حِيلَةٍ تُجَوِّزُهُ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ حُضُورِهَا بِنَاءً عَلَى مَا يَأْتِي فِي صُوَرٍ غَيْرِ مُمْتَهَنَةٍ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ دُخُولُ مَحَلِّهَا، وَكَنَظَرِ رَجُلٍ لِامْرَأَةٍ أَوْ عَكْسِهِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ إشْرَافَ النِّسَاءِ عَلَى الرِّجَالِ عُذْرٌ، وَكَآلَةٍ مُطْرِبَةٍ مُحَرَّمَةٍ كَذِي وَتَرٍ وَزَمْرٍ وَلَوْ شَبَّابَةً وَطَبْلِ كُوبَةٍ، وَكَمَنْ يَضْحَكُ بِفُحْشٍ وَكَذِبٍ كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ، أَمَّا مُحَرَّمٌ وَنَحْوُهُ مِمَّا مَرَّ بِغَيْرِ مَحَلِّ حُضُورِهِ كَبَيْتٍ آخَرَ مِنْ الدَّارِ فَلَا يَمْنَعُ الْوُجُوبَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْحَاوِي إذَا لَمْ يُشَاهِدْ الْمَلَاهِيَ لَمْ يَضُرَّ سَمَاعُهَا كَاَلَّتِي بِجِوَارِهِ، وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ قَضِيَّةِ كَلَامِ كَثِيرِينَ مِنْهُمْ الشَّيْخَانِ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ قَضِيَّةِ كَلَامِ آخَرِينَ عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ مَحَلِّ الْحُضُورِ وَسَائِرِ بُيُوتِ الدَّارِ وَاعْتَمَدَهُ فَقَالَ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ بَلْ لَا تَجُوزُ لِمَا فِي الْحُضُورِ مِنْ سُوءِ الظَّنِّ بِالْمَدْعُوِّ وَبِهِ يُفَارِقُ الْجَارُ، وَفَرَّقَ السُّبْكِيُّ أَيْضًا بِأَنَّ فِي مُفَارَقَةِ دَارِهِ ضَرَرًا عَلَيْهِ وَلَا فِعْلَ مِنْهُ، بِخِلَافِ هَذَا فَإِنَّهُ تَعَمَّدَ الْحُضُورَ لِمَحَلِّ الْمَعْصِيَةِ بِلَا ضَرُورَةٍ، وَمِمَّا قَالَاهُ هُوَ الْوَجْهُ، وَبِتَسْلِيمٍ أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الْأَوَّلِينَ الْحِلُّ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ ثَمَّ عُذْرٌ يَمْنَعُ مِنْ كَوْنِهِ مُقِرًّا عَلَى الْمَعْصِيَةِ بِلَا ضَرُورَةٍ (فَإِنْ كَانَ) الْمُنْكَرُ (يَزُولُ بِحُضُورِهِ) لِنَحْوِ عِلْمٍ أَوْ جَاهٍ (فَلْيَحْضُرْ) وُجُوبًا إجَابَةً لِلدَّعْوَةِ وَإِزَالَةً لِلْمُنْكَرِ، وَلَا يَمْنَعُ الْوُجُوبُ وُجُودَ مَنْ يُزِيلُهُ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْإِزَالَةِ فَقَطْ كَمَا تَقَرَّرَ، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ حُضُورِهِ نَهَاهُمْ، فَإِنْ عَجَزَ خَرَجَ، فَإِنْ عَجَزَ لِنَحْوِ خَوْفٍ قَعَدَ كَارِهًا، وَلَا يَجْلِسُ مَعَهُمْ إنْ أَمْكَنَ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ وَإِزَالَةِ الْمُنْكَرِ بِشَرْطِهِ الْآتِي فِي السِّيَرِ وَعَدَمِ وُجُوبِ إزَالَةِ الرَّصَدِيِّ فِي الْحَجِّ وَإِنْ قَدِرَ عَلَيْهَا بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْحَجِيجِ أَنْ لَا تَجْتَمِعَ كَلِمَتُهُمْ وَمَانِعِيهِمْ أَنْ تَشْتَدَّ شَوْكَتُهُمْ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْوُجُوبِ ثَمَّ التَّرَاخِي وَهُنَا الْفَوْرُ فَاحْتِيطَ لِلْوُجُوبِ هُنَا أَكْثَرَ (وَمِنْ الْمُنْكَرِ فِرَاشُ حَرِيرٍ) فِي دَعْوَةٍ اُتُّخِذَتْ لِرِجَالٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الَّذِي يُنْكِرُ بِاعْتِقَادِ الْمَدْعُوِّ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي فِي السِّيَرِ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الَّذِي يُنْكِرُ بِاعْتِقَادِ الْفَاعِلِ تَحْرِيمَهُ لِأَنَّ مَا هُنَا فَبِوُجُوبِ الْحُضُورِ وَوُجُوبُهُ مَعَ وُجُودِ مُحَرَّمٍ فِي اعْتِقَادِهِ فِيهِ مَشَقَّةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَبَيْنَ غَيْرِ الدَّاعِي. أَمَّا إذَا كَانَ الْعَدُوُّ هُوَ الدَّاعِي فَقَضِيَّةُ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَلَا أَثَرَ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّاعِي أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ لِلْوُجُوبِ حِينَئِذٍ وَيُمْكِنُ تَقْيِيدُ مَا مَرَّ بِمَا ذُكِرَ هُنَا (قَوْلُهُ: إنَّ إشْرَافَ النِّسَاءِ عَلَى الرِّجَالِ عُذْرٌ) أَيْ وَلَوْ أَمْكَنَهُ التَّحَرُّزُ عَنْ رُؤْيَتِهِنَّ لَهُ كَتَغْطِيَةِ رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ بِحَيْثُ لَا يُرَى شَيْءٌ مِنْ بَدَنِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ تَعَمَّدَ الْحُضُورَ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ حَضَرَ عَلَى ظَنِّ أَنْ لَا مَعْصِيَةَ بِالْمَكَانِ ثُمَّ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ كَأَنْ حَضَرَ مَعَ الْمُجْتَمَعِينَ فِي مَحَلِّ الدَّعْوَةِ ثُمَّ سَمِعَ الْآلَاتِ فِي غَيْرِ الْمَحَلِّ الَّذِي هُوَ فِيهِ أَوْ حَضَرَ أَصْحَابُ الْآلَاتِ بَعْدَ حُضُورِهِ لِمَحَلِّ الدَّعْوَةِ عَدَمُ وُجُوبِ الْخُرُوجِ عَلَيْهِ، وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ أَخْذًا بِقَوْلِهِ مِنْ سُوءِ الظَّنِّ بِالْمَدْعُوِّ إلَخْ (قَوْلُهُ وَمَا قَالَاهُ) أَيْ الْأَذْرَعِيُّ وَالسُّبْكِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ آلَاتِ اللَّهْوِ فِي مَحَلِّ الْحُضُورِ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: ثَمَّ عُذْرٌ) اُنْظُرْ مَا الْعُذْرُ؟ وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِمَا لَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ ضَرَرًا يَلْحَقُهُ إنْ لَمْ يَحْضُرْ (قَوْلُهُ: مَنْ يُزِيلُهُ غَيْرُهُ) غَيْرُهُ نَعْتٌ لِمَنْ أَوْ حَالٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ الْأَعْذَارِ انْخِرَامُ الْعِرْضِ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ فِي ذَلِكَ لَيْسَ رَاجِعًا إلَّا لِلْعِرْضِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى مَا يَأْتِي إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم: اُنْظُرْ مَا وَجْهُ الْبِنَاءِ مَعَ أَنَّ الْآتِيَ أَنَّهُ يَحْرُمُ حُضُورُ الْمَحَلِّ الَّذِي فِيهِ الْمُحَرَّمُ، بِخِلَافِ مُجَرَّدِ دُخُولِهِ. نَعَمْ الْفَرْقُ لَائِحٌ بَيْنَ حُضُورِ الْآنِيَةِ وَحُضُورِ الصُّوَرِ، وَهُوَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الصُّوَرِ نَصُّهَا فِي الْمَحَلِّ وَهُوَ حَاصِلٌ فَحَرُمَ مُجَرَّدُ الْحُضُورِ بِمَحَلٍّ هِيَ فِيهِ وَأَمَّا الْآنِيَةُ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الِاسْتِعْمَالُ وَهُوَ غَيْرُ حَاصِلٍ بِمُجَرَّدِ حُضُورِهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَبِهِ يُفَارِقُ الْجَارُ) قَالَ الشِّهَابُ سم: هَذَا الْكَلَامُ قَدْ يُفِيدُ وُجُوبَ الْإِجَابَةِ لِدَارٍ بِجِوَارِهَا مُنْكَرٌ. نَعَمْ فَرْقُ السُّبْكِيّ قَدْ يُفِيدُ الْمَنْعَ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَمَا قَالَاهُ) أَيْ الْأَذْرَعِيُّ وَالسُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ: وَمَانِعِيهِمْ) أَيْ مِنْ شَأْنِ مَانِعِيهِمْ

عَلَيْهِ فَسَقَطَ وُجُوبُ الْحُضُورِ. وَأَمَّا الْإِنْكَارُ فَفِيهِ إضْرَارٌ بِالْفَاعِلِ، وَلَا يَجُوزُ إضْرَارُهُ إلَّا إنْ اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا اعْتَقَدَهُ الْمُنْكِرُ فَقَطْ لِأَنَّ أَحَدًا لَا يُعَامَلُ بِمُقْتَضَى اعْتِقَادِ غَيْرِهِ فَتَأَمَّلْ، وَإِذَا سَقَطَ الْوُجُوبُ وَأَرَادَ الْحُضُورَ اُعْتُبِرَ حِينَئِذٍ اعْتِقَادُ الْفَاعِلِ، فَإِنْ ارْتَكَبَ أَحَدٌ مُحَرَّمًا فِي اعْتِقَادِهِ لَزِمَ هَذَا الْمُتَبَرِّعَ بِالْحُضُورِ الْإِنْكَارُ، فَإِنْ عَجَزَ لَزِمَهُ الْخُرُوجُ إنْ أَمْكَنَهُ عَمَلًا بِكَلَامِهِمْ فِي السِّيَرِ حِينَئِذٍ، فَقَدْ قَالُوا: الْمَنْقُولُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ الْحُضُورُ إلَّا إنْ اعْتَقَدَ الْفَاعِلُ التَّحْرِيمَ وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا تَقَرَّرَ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ النَّبِيذُ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِمَنْ فَرَّقَ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي شَارِبِهِ الْحَنَفِيِّ: أَحُدُّهُ وَأَقْبَلُ شَهَادَتَهُ. لِأَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ فِي تَعْلِيلِهِ أَنَّ الْحَاكِمَ يَجِبُ عَلَيْهِ رِعَايَةُ اعْتِقَادِهِ دُونَ اعْتِقَادِ الْمَرْفُوعِ إلَيْهِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ هُنَا وَلَوْ كَانَ الْمُنْكَرُ مُخْتَلَفًا فِيهِ كَشُرْبِ النَّبِيذِ وَالْجُلُوسِ عَلَى الْحَرِيرِ حَرُمَ الْحُضُورُ عَلَى مُعْتَقَدِ تَحْرِيمِهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمُتَعَاطِي لَهُ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ أَيْضًا، وَكَفُرُشِ الْحَرِيرِ سَتْرُ الْجِدَارَ بِهِ بَلْ أَوْلَى لِحُرْمَةِ هَذَا حَتَّى عَلَى النِّسَاءِ، وَفُرُشِ جُلُودِ نُمُورٍ بَقِيَ وَبَرُهَا كَمَا قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ وَغَيْرُهُ، وَأَلْحَقَ بِهِ فِي الْعُبَابِ جِلْدَ فَهْدٍ فِي حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِهِ، وَكَذَا مَغْصُوبٌ وَمَسْرُوقٌ وَكَلْبٌ لَا يَحِلُّ اقْتِنَاؤُهُ وَلَوْ كَانَ الدَّاخِلُ أَعْمَى. وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِفُرُشِ الْحَرِيرِ لِأَنَّهُ الْمُحَرَّمُ دُونَ الْفِرَاشِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَطْوِيًّا مَرْدُودٌ إذْ فُرُشُ الْحَرِيرِ لَا يَحْرُمُ مُطْلَقًا، بَلْ لِمَنْ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يَجْلِسُ عَلَيْهِ جُلُوسًا مُحَرَّمًا عَلَى أَنَّ كَلَامَهُ فِي مُنْكَرٍ حَاضِرٍ بِمَحَلِّ الدَّعْوَةِ وَالْفُرُشُ لَا يُوصَفُ بِذَلِكَ فَتَعَيَّنَ التَّعْبِيرُ بِالْفِرَاشِ وَاحْتِمَالُ طَيِّهِ يَرُدُّهُ قَرِينَةُ السِّيَاقِ أَنَّهُ جَلَسَ عَلَيْهِ (وَصُورَةِ حَيَوَانٍ) مُشْتَمِلَةٍ عَلَى مَا لَمْ يُمْكِنْ بَقَاؤُهُ بِدُونِهِ دُونَ غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا نَظِيرٌ كَفَرَسٍ بِأَجْنِحَةٍ، هَذَا إنْ كَانَتْ بِمَحَلِّ حُضُورِهِ لَا نَحْوَ بَابٍ وَمَمَرٍّ كَمَا قَالَاهُ قَدِرَ عَلَى إزَالَتِهَا أَمْ لَا. وَلُزُومُ الْإِجَابَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ مَعْلُومٌ فَلَا يُرَدُّ هُنَا، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ بِطَرِيقِهِ مُحَرَّمٌ تَلْزَمُهُ الْإِجَابَةُ، ثُمَّ إنْ قَدِرَ عَلَى إزَالَتِهِ لَزِمَتْهُ وَإِلَّا فَلَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُحَرَّمَ إنْ كَانَ بِمَحَلِّ الْحُضُورِ لَمْ تَجِبْ الْإِجَابَةُ وَحَرُمَ الْحُضُورُ أَوْ بِنَحْوِ مَمَرِّهِ وَجَبَتْ إذْ لَا يُكْرَهُ الدُّخُولُ إلَى مَحَلٍّ هِيَ بِمَمَرِّهِ. أَمَّا مُجَرَّدُ الدُّخُولِ لِمَحَلٍّ فِيهِ ذَلِكَ فَلَا يَحْرُمُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْحُضُورِ غَيْرُ مَسْأَلَةِ الدُّخُولِ خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَسَوَاءٌ فِي الصُّورَةِ الْمُحَرَّمَةِ أَكَانَتْ (عَلَى سَقْفٍ أَوْ جِدَارٍ أَوْ وِسَادَةٍ) مَنْصُوبَةً لِمَا نَذْكُرُهُ فِي الْمِخَدَّةِ لِتَرَادُفِهِمَا (أَوْ سِتْرٍ) عُلِّقَ لِزِينَةٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ (أَوْ ثَوْبٍ مَلْبُوسٍ) وَلَوْ بِالْقُوَّةِ فَيَدْخُلُ الْمَوْضُوعُ بِالْأَرْضِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَيَجُوزُ) ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَفُرُشِ جُلُودِ نُمُورٍ) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخُيَلَاءِ وَالْكِبْرِ (قَوْلُهُ: وَصُورَةِ حَيَوَانٍ) الَّذِي أَفْتَى بِهِ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ أَنَّ مَلَائِكَةَ الرَّحْمَةِ لَا تَمْتَنِعُ مِنْ دُخُولِ بَيْتٍ فِيهِ صُورَةٌ وَلَوْ عَلَى نَقْدٍ، وَخَالَفَهُ حَجّ فِي الزَّوَاجِرِ، وَالْأَقْرَبُ مَا فِي الزَّوَاجِرِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ حَمْلَ النَّقْدِ وَالتَّعَامُلِ بِهِ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ صُورَةُ إنَّمَا هُوَ لِلْعُذْرِ فِي الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ وَعَدَمِ إرَادَةِ تَعْظِيمِهِ وَالْعُذْرُ فِي الِاحْتِيَاجِ وَالضَّرُورَةِ لَا تَزِيدُ عَلَى مُلَازَمَةِ الْحَيْضِ لِلْحَائِضِ، وَمَعَ ذَلِكَ وَرَدَ النَّصُّ بِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ حَائِضٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَلْحَقَ بِهِ صَاحِبُ الْعُبَابِ جِلْدَ فَهْدٍ) صَرِيحُ هَذَا الصَّنِيعِ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ مِنْ جُلُودِ السِّبَاعِ إلَّا جِلْدُ النَّمِرِ: أَيْ لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْهُ كَمَا قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ، وَأَنَّ الْفَهْدَ مُلْحَقٌ بِهِ عَلَى مَا قَالَهُ صَاحِبُ الْعُبَابِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُمَا هُمَا اللَّذَانِ تُوجَدُ فِيهِمَا الْعِلَّةُ، وَهِيَ أَنَّ اسْتِعْمَالَ ذَلِكَ شَأْنُ الْمُتَكَبِّرِينَ لِظُهُورِ وَبَرِهِمَا وَتَمْيِيزِهِ، لَكِنَّ عِبَارَةَ ابْنِ حَجَرٍ: وَفُرُشُ جُلُودِ السِّبَاعِ وَعَلَيْهَا الْوَبَرُ؛ لِأَنَّهُ شَأْنُ الْمُتَكَبِّرِينَ انْتَهَتْ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: إذْ فُرُشُ الْحَرِيرِ لَا يَحْرُمُ مُطْلَقًا) أَيْ خِلَافًا لِقَوْلِ الْمُعْتَرِضِ؛ لِأَنَّهُ الْمُحَرَّمُ (قَوْلُهُ دُونَ غَيْرِهِ) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ إلَى مَا وَفِي الْعِبَارَةِ مُشَاحَّةٌ لَا تَخْفَى (قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُحَرَّمَ) أَيْ الْمُجْمَعَ عَلَى تَحْرِيمِهِ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ آنِفًا (قَوْلُهُ: وَحَرُمَ الْحُضُورُ) أَيْ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إزَالَتِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ.

حُضُورُ مَحَلٍّ فِيهِ (مَا) أَيْ صُورَةٌ (عَلَى أَرْضٍ وَبِسَاطٍ) يُدَاسُ (وَمِخَدَّةٍ) يُنَامُ أَوْ يُتَّكَأُ عَلَيْهَا، وَمَا عَلَى طَبَقٍ وَخِوَانٍ وَقَصْعَةٍ لِأَنَّ مَا يُوطَأُ وَيُطْرَحُ مُهَانٌ مُبْتَذَلٌ لَا عَلَى نَحْوِ إبْرِيقٍ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ لِارْتِفَاعِهِ، قَالَ: وَعِنْدِي أَنَّ الدَّنَانِيرَ الرُّومِيَّةَ الَّتِي عَلَيْهَا الصُّوَرُ مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا يُنْكَرُ لِامْتِهَانِهَا بِالْإِنْفَاقِ وَالْمُعَامَلَةِ، وَقَدْ كَانَ السَّلَفُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - يَتَعَامَلُونَ بِهَا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ وَلَمْ تَحْدُثْ الدَّرَاهِمُ الْإِسْلَامِيَّةُ إلَّا فِي زَمَنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ (وَمَقْطُوعِ الرَّأْسِ) لِزَوَالِ مَا بِهِ مِنْ الْحَيَاةِ فَصَارَ كَمَا فِي قَوْلِهِ (وَصُوَرِ شَجَرٍ) وَكُلُّ مَا لَا رُوحَ لَهُ كَالْقَمَرَيْنِ لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَذِنَ لِمُصَوِّرٍ فِي ذَلِكَ (وَيَحْرُمُ) وَلَوْ عَلَى نَحْوِ أَرْضٍ وَبِلَا رَأْسٍ إذْ مَا مَرَّ بِالنِّسْبَةِ لِلِاسْتِدَامَةِ وَمَا هُنَا فِي الْفِعْلِ (تَصْوِيرُ حَيَوَانٍ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَظِيرٌ كَمَا مَرَّ لِلْوَعِيدِ الشَّدِيدِ عَلَى ذَلِكَ، نَعَمْ يَجُوزُ تَصْوِيرُ لَعِبِ الْبَنَاتِ «لِأَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - كَانَتْ تَلْعَبُ بِهَا عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» ، وَحِكْمَتُهُ تَدْرِيبُهُنَّ أَمْرَ التَّرْبِيَةِ وَلَا أُجْرَةَ لِمُصَوِّرٍ كَمَا لَا أَرْشَ عَلَى كَاسِرِ صُورَةٍ. (وَلَا تَسْقُطُ إجَابَةٌ بِصَوْمٍ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى طَعَامٍ فَلْيُجِبْ، فَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ، وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ» أَيْ فَلْيَدْعُ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ «فَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ» وَإِذَا دُعِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَلَا يُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ إنِّي صَائِمٌ، حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ عَنْ الْأَصْحَابِ: أَيْ إنْ أَمِنَ الرِّيَاءَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَاسْتَثْنَى مِنْهُ الْبُلْقِينِيُّ مَا لَوْ دَعَاهُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ وَالْمَدْعُوُّونَ كُلُّهُمْ مُكَلَّفُونَ صَائِمُونَ فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهَا إلَّا مُجَرَّدُ نَظَرِ الطَّعَامِ وَالْجُلُوسُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إلَى آخِرِهِ مُشِقٌّ، فَإِنْ أَرَادَ هَذَا فَلْيَدْعُهُمْ عِنْدَ الْغُرُوبِ، قَالَ: وَهَذَا وَاضِحٌ. وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ عَدَمُ وُجُوبِ الْأَكْلِ وَلَوْ فِي وَلِيمَةِ الْعُرْسِ وَالْأَمْرُ بِهِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ وَيَحْصُلُ بِلُقْمَةٍ (فَإِنْ شَقَّ عَلَى الدَّاعِي صَوْمُ نَفْلٍ) وَلَوْ مُؤَكَّدًا (فَالْفِطْرُ أَفْضَلُ) لِإِمْكَانِ تَدَارُكِ الصَّوْمِ بِنَدْبِ قَضَائِهِ وَلِخَبَرٍ فِيهِ لَكِنْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ إسْنَادُهُ مُظْلِمٌ، وَيُنْدَبُ كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ أَنْ يَنْوِيَ بِفِطْرِهِ إدْخَالَ السُّرُورِ عَلَيْهِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ فَالْإِمْسَاكُ أَفْضَلُ. وَأَمَّا الْفَرْضُ وَلَوْ مُوَسَّعًا فَيَحْرُمُ الْخُرُوجُ مِنْهُ مُطْلَقًا (وَيَأْكُلُ الضَّيْفُ) جَوَازًا كَمَا مَرَّ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا كُلُّ مَنْ حَضَرَ طَعَامَ غَيْرِهِ وَحَقِيقَتُهُ الْغَرِيبُ وَمِنْ ثَمَّ تَأَكَّدَتْ ضِيَافَتُهُ وَإِكْرَامُهُ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهَا (مِمَّا قَدَّمَ لَهُ بِلَا لَفْظٍ) دَعَاهُ أَوْ لَمْ يَدْعُهُ اكْتِفَاءَ بِالْقَرِينَةِ، نَعَمْ إنْ انْتَظَرَ غَيْرَهُ لَمْ يَجُزْ قَبْلَ حُضُورِهِ إلَّا بِلَفْظٍ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ مِمَّا حُرْمَةَ أَكْلِ جَمِيعِ مَا قُدِّمَ لَهُ، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَنُظِرَ فِيهِ إذَا قَلَّ وَاقْتَضَى الْعُرْفُ أَكْلَ جَمِيعِهِ، وَالْأَوْجَهُ النَّظَرُ فِي ذَلِكَ لِلْقَرِينَةِ الْقَوِيَّةِ، فَإِنْ دَلَّتْ عَلَى أَكْلِ الْجَمِيعِ حَلَّ وَإِلَّا امْتَنَعَ، وَصَرَّحَ الشَّيْخَانِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا بِكَرَاهَةِ الْأَكْلِ فَوْقَ الشِّبَعِ وَآخَرُونَ بِحُرْمَتِهِ، وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَالِ نَفْسِهِ الَّذِي لَا يَضُرُّهُ. وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ وَيَضْمَنُهُ لِصَاحِبِهِ مَا لَمْ يَعْلَمْ رِضَاهُ بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَإِطْلَاقُ جَمْعٍ عَدَمَ ضَمَانِهِ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى عِلْمِ رِضَا الْمَالِكِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَمَالِ نَفْسِهِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ: وَلَوْ كَانَ يَأْكُلُ قَدْرَ عَشَرَةٍ وَالْمُضِيفُ جَاهِلٌ بِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَأْكُلَ فَوْقَ مَا يَقْتَضِيهِ الْعُرْفُ فِي مِقْدَارِ الْأَكْلِ لِانْتِفَاءِ الْإِذْنِ اللَّفْظِيِّ وَالْعُرْفِيِّ فِيمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ وَمَا عَلَى طَبَقٍ وَخِوَانٍ) بِالْكَسْرِ، وَالضَّمُّ لُغَةٌ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: لَا عَلَى نَحْوِ إبْرِيقٍ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: إسْنَادُهُ مُظْلِمٌ) أَيْ وَهُوَ عَلَامَةُ عَدَمِ الْقَبُولِ وَهَذَا فِي التَّجْرِيحِ دُونَ قَوْلِهِمْ فِيهِ كَذَّابٌ (قَوْلُهُ: إلَّا بِلَفْظٍ) أَيْ لَمْ تَدُلَّ الْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّهُ قَالَهُ حَيَاءً أَوْ نَحْوَهُ (قَوْلُهُ: فَوْقَ الشِّبَعِ) أَيْ التَّعَارُفِ لَا الْمَطْلُوبِ شَرْعًا وَهُوَ أَكْلُ نَحْوِ ثُلُثِ الْبَطْنِ (قَوْلُهُ: بِحَمْلِ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ بِكَرَاهَةِ الْأَكْلِ، وَقَوْلُهُ وَالثَّانِي: أَيْ قَوْلُهُ بِحُرْمَتِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمَقْطُوعُ الرَّأْسِ) أَيْ مَثَلًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الشَّارِحِ. قَالَ الشِّهَابُ سم وَيَظْهَرُ أَنَّ خَرْقَ نَحْوِ بَطْنِهِ لَا يَجُوزُ اسْتِدَامَتُهُ وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَا تَبْقَى مَعَ الْحَيَاةِ فِي الْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْمُحَاكَاةِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَظِيرٌ) أَيْ كَفَرَسٍ بِأَجْنِحَةٍ

وَرَاءَهُ، وَكَذَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَكْلُ لُقَمٍ كِبَارٍ مُسْرِعًا فِي مَضْغِهَا وَابْتِلَاعِهَا إذَا قَلَّ الطَّعَامُ لِأَنَّهُ يَأْكُلُ أَكْثَرَهُ وَيَحْرِمُ غَيْرَهُ، وَلَا لِرَذِيلٍ أَكَلَ مِنْ نَفِيسٍ بَيْنَ يَدَيْ كَبِيرٍ خُصَّ بِهِ إذْ لَا دَلَالَةَ عَلَى الْإِذْنِ لَهُ بَلْ الْعُرْفُ زَاجِرٌ لَهُ اهـ. وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ مُرَاعَاةُ الْقَرَائِنِ الْقَوِيَّةِ وَالْعُرْفُ الْمُطَّرِدُ وَلَوْ بِنَحْوِ لُقْمَةٍ، فَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ وَالنَّصَفَةُ مَعَ الرُّفْقَةِ فَلَا يَأْخُذُ إلَّا مَا يَخُصُّهُ أَوْ يَرْضَوْنَ بِهِ بِلَا حَيَاءٍ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قِرَانِ نَحْوِ تَمْرَتَيْنِ بَلْ قِيلَ أَوْ سِمْسِمَتَيْنِ (وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ) أَيْ مَا قُدِّمَ لَهُ (إلَّا بِأَكْلٍ) لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِيهِ دُونَ مَا عَدَاهُ كَإِطْعَامِ سَائِلٍ أَوْ هِرَّةٍ وَكَتَصَرُّفِهِ فِيهِ بِنَقْلٍ لَهُ إلَى مَحَلِّهِ أَوْ بِنَحْوِ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ. نَعَمْ لَهُ تَقْلِيمُ مَنْ مَعَهُ مَا لَمْ يُفَاوِتْ بَيْنَهُمْ فَيَحْرُمُ عَلَى ذِي النَّفِيسِ تَلْقِيمُ ذِي الْخَسِيسِ دُونَ عَكْسِهِ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَالْمُفَاوَتَةُ بَيْنَهُمْ مَكْرُوهَةٌ: أَيْ إنْ خُشِيَ مِنْهَا حُصُولُ ضَغِينَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ مِلْكِهِ قَبْلَ الِازْدِرَادِ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ مَا لَمْ يَبْتَلِعْهُ، لَكِنَّ الْمُرَجَّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ بِوَضْعِهِ فِي فَمِهِ، وَصَرَّحَ بِتَرْجِيحِهِ الْقَاضِي وَالْإِسْنَوِيُّ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ نُسِبَ فِي ذَلِكَ لِلسَّهْوِ، وَالْمُرَادُ بِمِلْكِهِ ذَلِكَ مِلْكُهُ لِعَيْنِهِ مِلْكًا مُقَيَّدًا فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ نَحْوُ بَيْعِهِ، نَعَمْ ضِيَافَةُ الذِّمِّيِّ الْمَشْرُوطَةُ عَلَيْهِ تُمْلَكُ بِتَقْدِيمِهَا لِلضَّيْفِ اتِّفَاقًا فَلَهُ الِارْتِحَالُ بِهِ (وَلَهُ) أَيْ الضَّيْفِ مَثَلًا (أَخْذُ مَا) يَشْمَلُ الطَّعَامَ وَالنَّقْدَ وَغَيْرَهُمَا وَتَخْصِيصُهُ بِالطَّعَامِ رَدَّهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فَتَفَطَّنْ لَهُ وَلَا تَغْتَرَّ بِمَنْ وَهَمَ فِيهِ (يَعْلَمُ) أَوْ يَظُنُّ بِقَرِينَةٍ: قَوِيَّةٍ بِحَيْثُ لَا يَتَخَلَّفُ الرِّضَا عَنْهَا عَادَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (رِضَاهُ بِهِ) لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى طِيبِ نَفْسِ الْمَالِكِ، فَإِذَا قَضَتْ الْقَرِينَةُ الْقَوِيَّةُ بِهِ حَلَّ، وَتَخْتَلِفُ قَرَائِنُ الرِّضَا فِي ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَمَقَادِيرِ الْأَمْوَالِ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ حُرْمَةُ التَّطَفُّلِ وَهُوَ الدُّخُولُ لِمَحَلِّ غَيْرِهِ لِتَنَاوُلِ طَعَامِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَا عُلِمَ رِضَاهُ أَوْ ظَنُّهُ بِقَرِينَةٍ مُعْتَبَرَةٍ، بَلْ يَفْسُقُ بِهِ إنْ تَكَرَّرَ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ لِلْخَبَرِ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ يَدْخُلُ سَارِقًا وَيَخْرُجُ مُغِيرًا وَإِنَّمَا لَمْ يَفْسُقْ بِأَوَّلِ مَرَّةٍ لِلشُّبْهَةِ، وَمِنْهُ أَنْ يَدَّعِيَ وَلَوْ عَالِمًا مُدَرِّسًا أَوْ صُوفِيًّا فَيَسْتَصْحِبَ جَمَاعَتَهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الدَّاعِي وَلَا ظَنِّ رِضَاهُ بِذَلِكَ، وَإِطْلَاقُ بَعْضِهِمْ أَنَّ دَعْوَتَهُ تَتَضَمَّنُ دَعْوَةَ جَمَاعَتِهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَالصَّوَابُ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْصِيلِ (وَيَحِلُّ) لَكِنْ الْأَوْلَى تَرْكُهُ (نَثْرُ سُكَّرٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــSوَقَوْلُهُ وَيَضْمَنُهُ: أَيْ ضَمَانَ الْغُصُوبِ (قَوْلُهُ مَعَ الرُّفْقَةِ) أَيْ بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: فِي قِرَانٍ) أَيْ جَمْعٍ وَقَوْلُهُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ: أَيْ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ بِتَرْجِيحِهِ) وَقِيَاسِ مِلْكِهِ بِوَضْعِهِ فِي فِيهِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ قَبْلَ ابْتِلَاعِهِ، مَلَكَهُ وَارِثُهُ: أَيْ مِلْكًا مُطْلَقًا حَتَّى يَجُوزَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِنَحْوِ بَيْعِهِ، وَلَوْ خَرَجَ مِنْ فِيهِ قَهْرًا أَوْ اخْتِيَارًا فَهَلْ يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ عَدَمُ الزَّوَالِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مِلْكِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِهِ لَكِنْ لَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِغَيْرِ الْأَكْلِ اهـ سم (قَوْلُهُ وَهُوَ الدُّخُولُ لِمَحَلٍّ غَيْرِهِ) وَكَحِرْمَةِ الدُّخُولِ لِأَكْلِ طَعَامِ الْغَيْرِ دُخُولُهُ مِلْكَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى مَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ مُسَمَّى التَّطَفُّلِ ثُمَّ الْمُرَادُ بِمَحَلِّهِ مَا يَخْتَصُّ بِهِ بِمِلْكٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ وَضَعَهُ فِي مَحَلٍّ مُبَاحٍ كَمَسْجِدٍ فَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِ مَنْ دَعَاهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: إنَّهُ يَدْخُلُ سَارِقًا) وَعَلَيْهِ فَلَوْ دَخَلَ وَأَخَذَ مَا يُسَاوِي رُبْعَ دِينَارٍ قُطِعَ إنْ دَخَلَ بِقَصْدِ السَّرِقَةِ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ الشَّوْبَرِيِّ وَفِيهِ وَقْفَةٌ، بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي الدُّخُولِ، بِخِلَافِ نَحْوِ دَاخِلِ الْحَمَّامِ فَإِنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي الدُّخُولِ لِلْغُسْلِ، فَإِنْ صَرَفَهُ بِقَصْدِ السَّرِقَةِ قُطِعَ لِعَدَمِ الْإِذْنِ لَهُ فِي الدُّخُولِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ (قَوْلُهُ: وَيَخْرُجُ مُغِيرًا) أَيْ مُنْتَهِبًا، وَقَوْلُهُ وَمِنْهُ: أَيْ التَّطَفُّلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مَا لَمْ يُفَاوِتْ) أَيْ الْمَالِكُ (قَوْلُهُ مُغَيِّرًا) قَالَ الشَّيْخُ أَيْ مُنْتَهِبًا (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ التَّطَفُّلِ، وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُتَّصِفَ بِالتَّطَفُّلِ هُوَ الْمُدَّعُو الْمَذْكُورُ فَلْيُنْظَرْ هَلْ هُوَ الْمُرَادُ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْمُتَّصِفَ بِذَلِكَ مَنْ دَخَلَ مَعَهُ مِنْ جَمَاعَتِهِ

وَهُوَ رَمْيُهُ مُفَرَّقًا (وَغَيْرِهِ) كَلَوْزٍ وَدَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ (فِي الْأَمْلَاكِ) أَيْ عَقْدِ النِّكَاحِ وَكَذَا سَائِرُ الْوَلَائِمِ كَالْخِتَانِ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ (وَلَا يُكْرَهُ فِي الْأَصَحِّ) لِخَبَرِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَضَرَ إمْلَاكًا فِيهِ أَطْبَاقُ اللَّوْزِ وَالسُّكَّرِ فَأَمْسَكُوا، فَقَالَ: أَلَا تَنْهَبُونَ، فَقَالُوا: نَهَيْتنَا عَنْ النُّهْبَى، فَقَالَ: إنَّمَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ نُهْبَةِ الْعَسَاكِرِ، أَمَّا الْفُرْسَانُ فَلَا، خُذُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ، فَجَاذَبَنَا وَجَاذَبْنَاهُ» قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ مَوْضُوعٌ، لَكِنْ بَيَّنَ الْحَافِظُ الْهَيْتَمِيُّ فِي مَجْمَعِهِ أَنَّ الطَّبَرَانِيَّ رَوَاهُ فِي الْكَبِيرِ بِسَنَدِ رِجَالِهِ ثِقَاتٍ إلَّا اثْنَيْنِ فَإِنَّهُ لَمْ يَجِدْ مَنْ تَرْجَمَهُمَا وَحِينَئِذٍ فَلَا وَضْعَ وَلَا انْقِطَاعَ، وَالثَّانِي يُكْرَهُ لِلدَّنَاءَةِ فِي الْتِقَاطِهِ، وَقَدْ يَأْخُذُهُ مِنْ غَيْرِهِ أَحَبُّ إلَى صَاحِبِ النِّثَارِ (وَيَحِلُّ الْتِقَاطُهُ) لِلْعِلْمِ بِرِضَا مَالِكِهِ (وَتَرْكُهُ أَوْلَى) وَقِيلَ أَخْذُهُ مَكْرُوهٌ لِأَنَّهُ دَنَاءَةٌ، نَعَمْ إنْ عُلِمَ أَنَّ النَّاثِرَ لَا يُؤْثِرْ بِهِ وَلَمْ يَقْدَحْ أَخْذُهُ فِي مُرُوءَتِهِ لَمْ يَكُنْ تَرْكُهُ أَوْلَى، وَيُكْرَهُ أَخْذُهُ مِنْ الْهَوَاءِ بِإِزَارٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنْ أَخَذَ مِنْهُ أَوْ الْتَقَطَهُ وَبَسَطَ ثَوْبَهُ لِأَجْلِهِ فَوَقَعَ فِيهِ مَلَكَهُ كَالْأَخْذِ وَلَوْ صَبِيًّا وَإِنْ سَقَطَ مِنْهُ بَعْدَ أَخْذِهِ فَلَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَمْلِكْهُ، وَحَيْثُ كَانَ أَوْلَى بِهِ وَأَخَذَهُ غَيْرُهُ فَفِي مِلْكِهِ وَجْهَانِ جَارِيَانِ فِيمَا لَوْ عَشَّشَ طَائِرٌ فِي مِلْكِهِ فَأَخَذَ فَرْخَهُ غَيْرُهُ وَفِيمَا إذَا دَخَلَ السَّمَكُ مَعَ الْمَاءِ فِي حَوْضِهِ وَفِيمَا إذَا وَقَعَ الثَّلْجُ فِي مِلْكِهِ فَأَخَذَهُ غَيْرُهُ وَفِيمَا إذَا أَحْيَا مَا تَحَجَّرَهُ غَيْرُهُ، لَكِنْ الْأَصَحُّ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا الْمِلْكُ كَالْإِحْيَاءِ مَا عَدَا صُورَةَ النِّثَارِ لِقُوَّةِ الِاسْتِيلَاءِ فِيهَا، أَمَّا الْعَبْدُ فَيَمْلِكُهُ سَيِّدُهُ، فَإِنْ وَقَعَ فِي حِجْرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَبْسُطَهُ لَهُ فَسَقَطَ مِنْهُ قَبْلَ قَصْدِ أَخْذِهِ لَمْ يَمْلِكْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فِي الْإِمْلَاكِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ (قَوْلُهُ: وَابْنُ الْجَوْزِيِّ مَوْضُوعٌ) فِيهِ أَنَّ ابْنَ الْجَوْزِيِّ لَمْ يَقُلْ فِيهِ مَوْضُوعٌ، إنَّمَا قَالَ لَا يَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْوَضْعُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: بَيْنَ قَوْلِنَا مَوْضُوعٌ وَقَوْلِنَا لَا يَصِحُّ بَوْنٌ كَبِيرٌ، فَإِنَّ الْأَوَّلَ إثْبَاتٌ لِلْكَذِبِ وَالِاخْتِلَاقِ وَالثَّانِيَ إخْبَارٌ عَنْ عَدَمِ الثُّبُوتِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ إثْبَاتُ الْعُدْمِ وَهَذَا يَجِيءُ فِي كُلِّ حَدِيثٍ قَالَ فِيهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ لَا يَصِحُّ أَوْ نَحْوُهُ. قَالَ ابْنُ عِرَاقٍ: وَكَأَنَّ نُكْتَةَ تَعْبِيرِهِ بِذَلِكَ حَيْثُ عَبَّرَ بِهِ أَنَّهُ لَمْ يُلِحَّ لَهُ فِي الْحَدِيثِ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَوْضُوعٌ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ احْتَمَلَ عِنْدَهُ أَنْ يَكُونَ مَوْضُوعًا لِأَنَّهُ مِنْ طَرِيقِ مَتْرُوكٍ وَكَذَّابٍ فَأُدْخِلَ فِي الْمَوْضُوعَاتِ لِهَذَا الِاحْتِمَالِ، وَهَذَا إنَّمَا يَتِمُّ عِنْدَ تَفَرُّدِ الْكَذَّابِ أَوْ الْمُتَّهَمِ، عَلَى أَنَّ الْحَافِظَ حَجّ فِي النُّخْبَةِ خَصَّ هَذَا بِاسْمِ الْمَتْرُوكِ وَلَمْ يُنَظِّمْهُ فِي سِلْكِ الْمَوْضُوعِ اهـ (قَوْلُهُ: فَفِي مِلْكِهِ) أَيْ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَقَعَ فِي حَجْرِهِ) أَيْ الشَّخْصِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْخَبَرُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَضَرَ إمْلَاكًا إلَخْ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ الدَّلِيلِ مِنْهُ مَعَ أَنَّهُ لَا نَثْرَ فِيهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ عَلِمَ أَنَّ النَّاثِرَ لَا يُؤْثِرُ بِهِ) أَيْ لَا يَخُصُّ بِهِ بَعْضَهُمْ دُونَ بَعْضٍ (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ كَانَ أَوْلَى بِهِ إلَخْ) لَمْ يُقَدِّمْ قَبْلَهُ مَا يَتَنَزَّلُ هَذَا عَلَيْهِ وَهُوَ مَا إذَا سَقَطَ فِي حِجْرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَبْسُطَ لَهُ، لَكِنَّهُ إنَّمَا يَصِيرُ أَوْلَى بِهِ مَا دَامَ فِي حِجْرِهِ، فَإِنْ سَقَطَ مِنْ حِجْرِهِ زَالَ اخْتِصَاصُهُ بِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الشَّرْحِ، وَحَيْثُ قُلْنَا هُوَ أَوْلَى بِهِ فَسَقَطَ فَأَخَذَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَمْلِكْهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْأَصَحَّ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا الْمِلْكُ) أَيْ لِلْآخِذِ الثَّانِي.

[كتاب القسم]

الْقَسْمُ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ وَأَمَّا بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ فَالنَّصِيبُ وَبِفَتْحِهَا فَالْيَمِينُ (وَالنُّشُوزِ) مِنْ نَشَزَ ارْتَفَعَ فَهُوَ ارْتِفَاعٌ عَنْ أَدَاءِ الْحَقِّ وَمِنْ لَازِمِ بَيَانِهِمَا بَيَانُ بَقِيَّةِ أَحْكَامِ عِشْرَةِ النِّسَاءِ فَسَقَطَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ كَانَ حَقُّهُ أَنْ يَزِيدَ فِي التَّرْجَمَةِ وَعِشْرَةَ النِّسَاءِ لِأَنَّهُ مَقْصُودُ الْبَابِ (يَخْتَصُّ الْقَسْمُ) أَيْ وُجُوبُهُ (بِزَوْجَاتٍ) حَقِيقَةً فَلَا يَتَجَاوَزُهُنَّ لِلرَّجْعِيَّةِ وَلَا لِلْإِمَاءِ وَلَوْ مُسْتَوْلَدَاتٍ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3] أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهِنَّ الْعَدْلُ الَّذِي هُوَ فَائِدَةُ الْقَسْمِ، نَعَمْ يُسْتَحَبُّ لَهُ عَدَمُ تَعْطِيلِهِنَّ وَأَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُنَّ وَإِدْخَالُ الْبَاءِ عَلَى الْمَقْصُورِ عَلَيْهِ لُغَةٌ صَحِيحَةٌ وَإِنْ كَانَ الْأَفْصَحُ دُخُولَهَا عَلَى الْمَقْصُورِ (وَمَنْ) لَهُ زَوْجَاتٌ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَهُنَّ كَمَا يَأْتِي، نَعَمْ إنْ (بَاتَ) فِي الْحَضَرِ أَيْ صَارَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَالتَّعْبِيرُ بِ بَاتَ لِبَيَانِ أَنَّ شَأْنَ الْقَسْمِ اللَّيْلُ لَا لِإِخْرَاجِ مُكْثِهِ عِنْدَ إحْدَاهُنَّ نَهَارًا إذْ الْأَقْرَبُ لُزُومُ مُكْثِهِ مِثْلُ ذَلِكَ الزَّمَنِ عِنْدَ الْبَاقِيَاتِ (عِنْدَ بَعْضِ نِسْوَتِهِ) بِقُرْعَةٍ أَوْ دُونَهَا وَإِنْ أَثِمَ فَلَيْسَ فِي عِبَارَتِهِ مَا يَقْتَضِي جَوَازَ الْمَبِيتِ بِالْفِعْلِ عِنْدَ بَعْضِهِنَّ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ وَلَا مَعْنَى بَاتَ أَرَادَ خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَعَلَ وُجُودَ الْمَبِيتِ بِالْفِعْلِ عِنْدَ وَاحِدَةٍ شَرْطًا لِلُزُومِ الْمَبِيتِ عِنْدَ الْبَقِيَّةِ وَهَذَا لَا يَقْتَضِي شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ وَبِهِ يَظْهَرُ أَيْضًا انْدِفَاعُ مَا قِيلَ إنَّ عِبَارَتَهُ تُوهِمُ قَصْرَ الْوُجُوبِ عَلَى مَا إذَا بَاتَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ تَجِبُ التَّسْوِيَةُ لَوْ كَانَ عِنْدَهَا نَهَارًا دَائِمًا وَلَا يَبِيتُ عِنْدَ وَاحِدَةٍ بَعْدَ ذَلِكَ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ النَّهَارُ وَقْتَ سُكُونِهِ كَالْحَارِسِ (لَزِمَهُ) فَوْرًا فِيمَا يَظْهَرُ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ لَا سِيَّمَا إنْ عَصَى بِأَنْ لَمْ يَقْرَعْ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَزِمَ وَهُوَ مُعَرَّضٌ لِلسُّقُوطِ بِالْمَوْتِ فَلَزِمَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ مَا أَمْكَنَهُ وَبِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَجِّ وَدَيْنٍ لَمْ يَعْصِ بِهِ أَنْ يَبِيتَ (عِنْدَ مَنْ بَقِيَ مِنْهُنَّ) تَسْوِيَةً بَيْنَهُنَّ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «إذَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ امْرَأَتَانِ فَلَمْ يَعْدِلْ بَيْنَهُمَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ أَوْ سَاقِطٌ» وَقَدْ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى غَايَةٍ مِنْ الْعَدْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــSكِتَابُ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ (قَوْلُهُ: بِزَوْجَاتٍ) أَيْ وَلَوْ كُنَّ مِنْ الْجِنِّ أَوْ بَعْضُهُنَّ مِنْ الْإِنْسِ وَالْبَعْضُ الْآخَرُ مِنْ الْجِنِّ فَتَسْتَحِقُّ الْجِنِّيَّةُ الْقَسْمَ وَإِنْ جَاءَتْ عَلَى غَيْرِ صُورَةِ بَنِي آدَمَ حَيْثُ عَرَفَ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ لِأَنَّهَا لَا تُرَى عَنْ صُورَتِهَا الْأَصْلِيَّةِ فَتَزَوُّجُهُ بِهَا مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِيءُ عَلَى غَيْرِ صُورَتِهَا الْأَصْلِيَّةِ رِضًا مِنْهُ بِمَجِيئِهَا عَلَى أَيِّ صُورَةٍ كَانَتْ (قَوْلُهُ: عَدَمُ تَعْطِيلِهِنَّ) أَيْ الْإِمَاءِ (قَوْلُهُ: أَيْ صَارَ لَيْلًا) أَيْ حَصَلَ (قَوْلُهُ: وَلَا مَعْنَى بَاتَ) أَيْ وَلَا أَنَّ مَعْنَى بَاتَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ فَوْرًا) أَيْ فَلَوْ تَرَكَهُ كَانَ كَبِيرَةً أَخْذًا مِنْ الْخَبَرِ الْآتِي (قَوْلُهُ: «إذَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ امْرَأَتَانِ» ) أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: «وَشِقُّهُ مَائِلٌ» ) هُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْقَسْمِ] ِ وَالنُّشُوزِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ لَازِمِ بَيَانِهِمَا بَيَانُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى، وَلَوْ أَجَابَ بِأَنَّ الْقَسْمَ وَالنُّشُوزَ مِنْ جُمْلَةِ أَحْكَامِ عِشْرَةِ النِّسَاءِ وَأَكْثَرُ الْكَلَامِ الْآتِي فِيهِمَا فَلِذَلِكَ خَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ لَكَانَ وَاضِحًا عَلَى أَنَّ مِنْ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ إذَا تَرْجَمَ لِشَيْءٍ وَزَادَ عَلَيْهِ لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: وَبِهِ يَظْهَرُ أَيْضًا انْدِفَاعُ مَا قِيلَ إلَخْ) الْقَائِلُ هُوَ الْأَذْرَعِيُّ، وَعِبَارَةُ كَلَامِهِ: أَيْ الْمُصَنِّفِ يُوهِمُ أَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ الْقَسْمُ إذَا بَاتَ عِنْدَهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَجِبُ عِنْدَ إرَادَتِهِ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَخْصِيصُ وَاحِدَةٍ بِالْبُدَاءَةِ بِهَا إلَّا بِالْقُرْعَةِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا سَيَأْتِي انْتَهَتْ. فَمُرَادُهُ بِالْقَسْمِ هُنَا كَمَا تَرَى ضَرْبُ الْقُرْعَةِ، وَحِينَئِذٍ فَالشَّارِحُ كَالْعَلَّامَةِ حَجّ لَمْ يَتَوَارَدَا مَعَهُ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ. نَعَمْ تَقَعُ الْمُنَاقَشَةُ مَعَ الْأَذْرَعِيِّ فِي أَنَّ الْقُرْعَةَ تُسَمَّى قَسْمًا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَفِيمَا مَرَّ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِمَا مَرَّ

فِي الْقَسْمِ وَقَوْلُ الْإِصْطَخْرِيِّ إنَّهُ كَانَ تَبَرُّعًا مِنْهُ لِعَدَمِ وُجُوبِهِ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ} [الأحزاب: 51] الْآيَةَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ لَكِنْ اخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَخَرَجَ بِ فِي الْحَضَرِ مَا لَوْ سَافَرَ وَحْدَهُ، وَنَكَحَ جَدِيدَةً فِي الطَّرِيقِ وَبَاتَ عِنْدَهَا فَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاءٌ لِلْمُتَخَلِّفَاتِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُنَّ فِي سَائِرِ الِاسْتِمْتَاعَاتِ وَلَا يَجِبُ لِتَعَلُّقِهَا بِالْمَيْلِ الْقَهْرِيِّ وَكَذَا فِي التَّبَرُّعَاتِ الْمَالِيَّةِ فِيمَا يَظْهَرُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَ التَّسْوِيَةَ فِيهَا أَيْضًا (وَلَوْ أَعْرَضَ عَنْهُنَّ أَوْ عَنْ الْوَاحِدَةِ) ابْتِدَاءً أَوْ عِنْدَ اسْتِكْمَالِ النَّوْبَةِ بِالنِّسْبَةِ لَهُنَّ (لَمْ يَأْثَمْ) لِأَنَّ الْمَبِيتَ حَقُّهُ وَلِأَنَّ فِي دَاعِيَةِ الطَّبْعِ مَا يُغْنِي عَنْ إيجَابِهِ (وَ) لَكِنْ (يُسْتَحَبُّ) لَهُ (أَنْ لَا يُعَطِّلَهُنَّ) أَيْ مَنْ ذُكِرْنَ الشَّامِلُ لِلْوَاحِدَةِ وَأَكْثَرَ مِنْ الْجِمَاعِ وَالْمَبِيتِ تَحْصِينًا لَهُنَّ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى فَسَادِهِنَّ أَوْ إضْرَارِهِنَّ سِيَّمَا إنْ كَانَتْ عِنْدَهُ سُرِّيَّةٌ جَمِيلَةٌ وَآثَرَهَا عَلَيْهَا أَوْ عَلَيْهِنَّ وَمِنْ ثَمَّ اخْتَارَ جَمْعٌ قَوْلَ الْمُتَوَلِّي يُكْرَهُ الْإِعْرَاضُ عَنْهُنَّ وَقَدْ يَمْتَنِعُ الْإِعْرَاضُ لِعَارِضٍ كَأَنْ ظَلَمَهَا ثُمَّ بَانَتْ مِنْهُ فَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ عَلَى الرَّاجِحِ بِطَرِيقِهِ الشَّرْعِيِّ وَيُنْدَبُ أَنْ لَا يُخَلِّيَ الزَّوْجَةَ فِي كُلِّ أَرْبَعِ لَيَالٍ مِنْ لَيْلَةٍ اعْتِبَارًا بِمَنْ لَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ وَأَنْ يَنَامَا فِي فِرَاشٍ وَاحِدٍ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ حَيْثُ لَا عُذْرَ فِي الِانْفِرَادِ سِيَّمَا إنْ حَرَصَتْ عَلَى ذَلِكَ (وَتَسْتَحِقُّ الْقَسْمَ مَرِيضَةٌ) مَا لَمْ يُسَافِرْ بِهِنَّ وَتَتَخَلَّفُ بِسَبَبِ الْمَرَضِ فَلَا قَسْمَ لَهَا وَإِنْ اسْتَحَقَّتْ النَّفَقَةَ كَمَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَأَقَرَّهُ (وَرَتْقَاءُ) وَقَرْنَاءُ وَمَجْنُونَةٌ يُؤْمَنُ مِنْهَا وَمُرَاهِقَةٌ (وَحَائِضٌ وَنُفَسَاءُ) وَمُحَرَّمَةٌ وَمُولٍ أَوْ مُظَاهَرٌ مِنْهَا وَكُلُّ ذَاتِ عُذْرٍ شَرْعِيٍّ أَوْ طَبْعِيٍّ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْأُنْسُ لَا الْوَطْءُ وَكَمَا تَسْتَحِقُّ كُلَّ النَّفَقَةِ (لَا نَاشِزَةٌ) أَيْ خَارِجَةٌ عَنْ طَاعَتِهِ بِأَنْ تَخْرُجَ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ تَمْنَعَهُ مِنْ التَّمَتُّعِ بِهَا أَوْ تُغْلِقَ الْبَابَ فِي وَجْهِهِ وَلَوْ مَجْنُونَةً أَوْ تَدَّعِيَ الطَّلَاقَ كَذِبًا أَوْ مُعْتَدَّةٌ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَنَحْوُهُ مِمَّا وَرَدَ فِي كَلَامِ الشَّارِعِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحْمَلُ عَلَى حَقِيقَتِهِ حَيْثُ لَا صَارِفَ (قَوْلُهُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ) أَيْ فَالْمُعْتَمَدُ وُجُوبُهُ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: لَكِنْ اخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَنَكَحَ جَدِيدَةً فِي الطَّرِيقِ) هُوَ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ وَإِلَّا فَلَوْ اسْتَصْحَبَ بَعْضَ نِسَائِهِ فِي السَّفَرِ بِقُرْعَةٍ لَمْ يَقْضِ لِلْبَاقِيَاتِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاءٌ لِلْمُتَخَلِّفَاتِ) خَرَجَ مَا لَوْ كَانَ مَعَهُ وَاحِدَةٌ مِنْ زَوْجَاتِهِ فَيَقْسِمُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْجَدِيدَةِ مَا دَامَ فِي السَّفَرِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي التَّبَرُّعَاتِ) أَيْ لَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ فِيهَا (قَوْلُهُ: بِطَرِيقِهِ الشَّرْعِيِّ) أَيْ وَهُوَ عَوْدُهَا لِعِصْمَتِهِ (قَوْلُهُ: لَا عُذْرَ فِي الِانْفِرَادِ) أَيْ يَقْتَضِيهِ (قَوْلُهُ: وَتَسْتَحِقُّ الْقَسْمَ مَرِيضَةٌ) يَدْخُلُ فِي الْمَرَضِ نَحْوُ الْجُذَامِ فَتَسْتَحِقُّ الْقَسْمَ وَلَا يُنَافِيهِ الْأَمْرُ بِالْفِرَارِ مِنْ الْأَجْذَمِ لِأَنَّ هَذَا تَسَبَّبَ فِي تَسَلُّطِهَا عَلَيْهِ بِهَذَا الْحَقِّ مَعَ إمْكَانِ التَّخَلُّصِ بِالطَّلَاقِ وَالِاكْتِفَاءِ مِنْهُ بِأَنْ يَبِيتَ بِجَانِبٍ مِنْ الْبَيْتِ مِنْ غَيْرِ مُلَاصِقَةٍ وَاتِّحَادِ فِرَاشٍ. اهـ سم عَلَى حَجّ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ هَذَا تَسَبُّبٌ فِي تَسَلُّطِهَا عَلَيْهِ هَذَا التَّعْلِيلُ لَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الْمَجْزُومُ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ لَهَا فَسْخٌ بِسَبَبِ الْجُذَامِ وَيَأْتِي التَّعْلِيلُ الثَّانِي وَعَلَيْهِ فَهَلْ يُكْتَفَى فِي دَفْعِ النُّشُوزِ مِنْهَا بِانْفِرَادِهَا عَنْهُ فِي جَانِبٍ مِنْ الْبَيْتِ فَلَا تَكُونُ نَاشِزَةً بِذَلِكَ وَلَا بِعَدَمِ تَمْكِينِهَا لَهُ مِنْ الْجِمَاعِ وَالتَّمَتُّعِ بِهَا عَلَى مَا يُرِيدُهُ مِنْهَا أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ وَكُلُّ ذَاتِ عُذْرٍ) ذَكَرَهُ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لِلسَّيِّدِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَمْنَعُهُ مِنْ التَّمَتُّعِ) أَيْ وَلَوْ بِنَحْوِ قُبْلَةٍ وَإِنْ مَكَّنَتْهُ مِنْ الْجِمَاعِ حَيْثُ لَا عُذْرَ فِي امْتِنَاعِهَا مِنْهُ فَإِنْ عُذِرَتْ كَأَنْ كَانَ بِهِ صُنَانٌ مَثَلًا مُسْتَحْكَمٌ وَتَأَذَّتْ بِهِ تَأَذِّيًا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً لَمْ تُعَدَّ نَاشِزَةً وَتُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ إنْ لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ قَوِيَّةٌ عَلَى كَذِبِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ تُغْلِقُ الْبَابَ) وَخَرَجَ بِذَلِكَ ضَرْبُهَا لَهُ وَشَتْمُهَا فَلَا يُعَدُّ نُشُوزًا (قَوْلُهُ: أَوْ تَدَّعِي الطَّلَاقَ كَذِبًا) هَلْ مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِطَرِيقِهِ الشَّرْعِيِّ) أَيْ بِأَنْ يُعِيدَ الْمَظْلُومَ لَهُنَّ حَتَّى يَقْضِيَ مِنْ نُوَبِهِنَّ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ الْقَضَاءُ إلَّا كَذَلِكَ، وَلَيْسَ فِي هَذَا إيجَابُ سَبَبِ الْوُجُوبِ وَهُوَ لَا يَجِبُ خِلَافًا لِمَا فِي التُّحْفَةِ لِمَا بَيَّنَهُ الشِّهَابُ سم فِي حَوَاشِيهَا مِنْ أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ تَحْصِيلِ مَحَلِّ أَدَاءِ الْحَقِّ الْوَاجِبِ، فَوُجُوبُ الْإِعَادَةِ وُجُوبٌ لِتَحْصِيلِ مَا يُؤَدِّي مِنْهُ مَا وَجَبَ لَا وُجُوبٌ لِسَبَبِ الْوُجُوبِ. (قَوْلُهُ: وَمُعْتَدَّةٌ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ نَاشِزَةٌ

وَصَغِيرَةٌ لَا تُطِيقُ الْوَطْءَ وَمَغْصُوبَةٌ، وَمَحْبُوسَةٌ وَأَمَةٌ لَمْ يَتِمَّ تَسْلِيمُهَا وَمُسَافِرَةٌ بِإِذْنِهِ وَحْدَهَا لِحَاجَتِهَا كَمَا لَا نَفَقَةَ لَهُنَّ، وَقَوْلُ الرُّويَانِيِّ: وَلَوْ ظَهَرَ زِنَاهَا حَلَّ لَهُ مَنْعُ قَسْمِهَا وَحُقُوقِهَا لِتَفْتَدِي مِنْهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَهُوَ أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ بَعِيدٌ، وَالْأَوْجَهُ تَرْجِيحُ مُقَابِلِهِ، وَيَأْتِي أَوَّلَ الْخُلْعِ مَا يُصَرِّحُ بِهِ، وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا ظَهَرَ زِنَاهَا فِي عِصْمَتِهِ لَا قَبْلَهَا وَالْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ الْقَسْمُ زَوْجٌ عَاقِلٌ أَوْ سَكْرَانُ وَلَوْ مُرَاهِقًا، نَعَمْ إثْمُ جَوْرِهِ عَلَى وَلِيِّهِ إنْ عَلِمَ بِهِ أَوْ قَصَّرَ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، عَلَى أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْمُرَاهِقِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَالْمُمَيِّزُ الْمُمْكِنُ وَطْؤُهُ كَذَلِكَ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ غَيْرَهُ لَوْ نَامَ عِنْدَ بَعْضِهِنَّ وَطَلَبَ لِلْبَاقِيَاتِ بَيَاتَهُ عِنْدَهُنَّ لَزِمَ وَلِيَّهُ إجَابَتُهُمْ لِذَلِكَ وَسَفِيهًا وَإِثْمُهُ عَلَى نَفْسِهِ لِتَكْلِيفِهِ، أَمَّا الْمَجْنُونُ فَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ ضَرَرُهُ وَآذَاهُ الْوَطْءُ فَلَا قَسْمَ وَإِنْ أُمِنَ وَعَلَيْهِ بَقِيَّةُ دَوْرٍ وَطَلَبَتْهُ لَزِمَ وَلِيَّهُ الطَّوَافُ بِهِ عَلَيْهِنَّ كَمَا لَوْ نَفَعَهُ الْوَطْءُ أَوْ مَالَ إلَيْهِ، هَذَا كُلُّهُ إنْ أَطْبَقَ جُنُونُهُ أَوْ لَمْ يَنْضَبِطْ وَقْتَ إفَاقَتِهِ وَإِلَّا رَاعَى هُوَ أَوْقَاتِ الْإِفَاقَةِ وَوَلِيُّهُ أَوْقَاتِ الْجُنُونِ بِشَرْطِهِ لِيَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ نَوْبَةٌ مِنْ هَذِهِ، وَفِيمَا لَا يَنْضَبِطُ لَوْ قَسَمَ لِوَاحِدَةٍ زَمَنَ الْجُنُونِ وَأَفَاقَ فِي نَوْبَةٍ أُخْرَى قَضَى لِلْأُولَى مَا جَرَى فِي زَمَنِ الْجُنُونِ لِنَقْصِهِ وَعَلَى مَحْبُوسٍ وَحْدَهُ وَقَدْ مُكِّنَ مِنْ النِّسَاءِ الْقَسْمُ، وَمَنْ امْتَنَعَتْ مِنْهُنَّ يَسْقُطُ حَقُّهَا إنْ صَلَحَ مَحَلُّهُ لِسُكْنَى مِثْلِهَا فِيمَا يَظْهَرُ (فَإِنْ) (لَمْ يَنْفَرِدْ بِمَسْكَنٍ) وَأَرَادَ الْقَسْمَ (دَارَ عَلَيْهِنَّ فِي بُيُوتِهِنَّ) تَوْفِيَةً لِحَقِّهِنَّ (وَإِنْ انْفَرَدَ) بِمَسْكَنٍ (فَالْأَفْضَلُ الْمُضِيُّ إلَيْهِنَّ) صَوْنًا لَهُنَّ (وَلَهُ دُعَاؤُهُنَّ) بِمَسْكَنِهِ وَعَلَيْهِنَّ الْإِجَابَةُ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقُّهُ، فَمَنْ امْتَنَعَتْ: أَيْ وَقَدْ لَاقَ مَسْكَنُهُ بِهَا فِيمَا يَظْهَرُ فَهِيَ نَاشِزَةٌ، إلَّا ذَاتَ خَفَرٍ لَمْ تَعْتَدْ الْبُرُوزَ فَيَذْهَبُ لَهَا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَاسْتَحْسَنَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَإِنْ اسْتَغْرَبَهُ الرُّويَانِيُّ، إلَّا نَحْوَ مَعْذُورَةٍ بِمَرَضٍ فَيَذْهَبُ أَوْ يُرْسِلُ لَهَا مَرْكَبًا إنْ أَطَاقَتْ مَعَ مَا يَقِيهَا مِنْ نَحْوِ مَطَرٍ (وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُ ذَهَابِهِ إلَى بَعْضٍ وَدُعَاءُ بَعْضٍ) إلَى مَسْكَنِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيحَاشِ وَلِمَا فِي تَفْضِيلِ بَعْضِهِنَّ عَلَى بَعْضٍ مِنْ تَرْكِ الْعَدْلِ وَالثَّانِي لَا، كَمَا لَهُ الْمُسَافَرَةُ بِبَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ ظَاهِرًا فَطَلَبهَا لِعِلْمِهِ بِعَدَمِ وُقُوعِهِ بَاطِنًا وَامْتَنَعَتْ لِوُقُوعِهِ ظَاهِرًا وَحُرْمَةُ تَمْكِينِهَا فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ امْتِنَاعَهَا عُذْرٌ مُسْقِطٌ لِوُجُوبِ الْقَسْمِ عَلَى الزَّوْجِ ثُمَّ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهَا صِدْقُهُ فِيمَا قَالَ وَجَبَ عَلَيْهَا تَمْكِينُهُ أَوْ كَذِبُهُ حَرُمَ التَّمْكِينُ. (قَوْلُهُ: وَمَحْبُوسَةً) ظَاهِرٌ وَلَوْ ظُلْمًا أَوْ حَبَسَهَا الزَّوْجُ لِحَقِّهِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ تَرْجِيحُ مُقَابِلِهِ) وَهُوَ وُجُوبُ الْقَسْمِ وَدَفْعِ النَّفَقَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَا قَبْلَهَا) أَيْ فَلَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ قَطْعًا لِرِضَاهُ بِهِ وَقْتَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ (قَوْلُهُ: وَآذَاهُ الْوَطْءُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَبِهِ عَبَّرَ حَجّ (قَوْلُهُ: وَطَلَبَتْهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَطْلُبْهُ لَا يَجِبُ عَلَى وَلِيِّهِ وَعَلَيْهِ فَيُشْكِلُ بِمَا مَرَّ فِي الْعَاقِلِ حَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَبِيتُ عِنْدَ بَقِيَّةِ الزَّوْجَاتِ فَوْرًا إذَا بَاتَ عِنْدَ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ عَلَى مَا مَرَّ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَجِّ وَقَضَاءِ الدَّيْنِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْجُنُونَ مَظِنَّةٌ لِلْإِيذَاءِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مُكَلَّفًا فَخُفِّفَ فِي أَمْرِ وَلِيِّهِ حَتَّى تَوَقَّفَ الْوُجُوبُ عَلَى طَلَبِ الزَّوْجَةِ مَعَ أَنَّ الْمَجْنُونَ لَمْ يَعْصِ بِالْمَبِيتِ حَتَّى يَطْلُبَ التَّخَلُّصَ مِمَّا لَزِمَهُ عَلَى الْفَوْرِ (قَوْلُهُ: وَوَلِيُّهُ أَوْقَاتَ الْجُنُونِ) أَيْ فَلَوْ اخْتَلَفَ أَوْقَاتُ الْإِفَاقَةِ طُولًا وَقِصَرًا مِنْ غَيْرِ انْضِبَاطٍ لِلطُّولِ وَالْقِصَرِ فَهَلْ تُعْتَبَرُ كُلُّ نَوْبَةٍ بِحَسَبِهَا، فَيُقْضَى لِمَنْ وَقَعَتْ الْقَصِيرَةُ لَهَا بِجُزْءٍ مِنْ نَوْبَةِ مَنْ وَقَعَتْ الطَّوِيلَةُ لَهَا أَوْ يَكْتَفِي لِكُلِّ وَاحِدَةٍ بِمَا صَادَفَ نَوْبَتَهَا مِنْ الْإِفَاقَةِ قَصُرَ أَوْ طَالَ (قَوْلُهُ: نَوْبَةٌ مِنْ هَذِهِ) أَيْ وَنَوْبَةٌ مِنْ هَذِهِ. (قَوْلُهُ: إلَّا ذَاتَ خَفَرٍ) أَيْ شَرَفٍ (قَوْلُهُ: أَوْ يُرْسِلُ لَهَا مَرْكَبًا) أَيْ وَعَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ اهـ سم ذَهَابًا وَإِيَابًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمُسَافِرَةٌ بِإِذْنِهِ) لَا يُقَالُ: لَوْ قَالَ وَلَوْ بِإِذْنِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَإِنْ كَانَتْ مَسْأَلَةُ عَدَمِ الْإِذْنِ مَعْلُومَةً بِالْفَحْوَى؛ لِأَنَّا نَقُولُ: تَتَكَرَّرُ مَعَ قَوْلِهِ الْمَارِّ بِأَنْ تَخْرُجَ بِغَيْرِ إذْنِهِ (قَوْلُهُ: لِتَتَكَوَّنَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ نَوْبَةٌ إلَخْ) عِلَّةٌ غَائِيَّةٌ (قَوْلُهُ: قَضَى لِلْأُولَى) وَهَلْ يَقْضِي لِلْأُخْرَى مَا بَاتَهُ عِنْدَ تِلْكَ فِي زَمَنِ الْجُنُونِ يُرَاجَعُ

(إلَّا لِغَرَضٍ كَقُرْبِ مَسْكَنِ مَنْ مَضَى إلَيْهَا) أَوْ خَوْفٍ عَلَيْهَا لِنَحْوِ شَبَابٍ دُونَ غَيْرِهَا فَلَا يَحْرُمُ لِانْتِفَاءِ الْإِيحَاشِ حِينَئِذٍ فَمَنْ امْتَنَعَتْ فَنَاشِزٌ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَوْ كَانَ الْغَرَضُ ذَهَابَهُ لِلْبَعِيدَةِ لِلْخَوْفِ عَلَيْهَا وَدُعَاؤُهُ لِلْقَرِيبَةِ لِلْأَمْنِ عَلَيْهَا اُعْتُبِرَ عَكْسُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَالضَّابِطُ أَنْ لَا يَظْهَرَ مِنْهُ التَّفْضِيلُ وَالتَّخْصِيصُ اهـ وَقَوْلُهُ (أَوْ خَوْفٍ) عَلَيْهَا عَطْفٌ عَلَى قُرْبٍ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرَهُ فَهُوَ مَا فِي الْمَتْنِ لَا عَكْسُهُ (وَيَحْرُمُ أَنْ يُقِيمَ بِمَسْكَنِ وَاحِدَةٍ) سَوَاءٌ مِلْكُهَا أَوْ مِلْكُهُ أَوْ غَيْرِهِمَا وَلَوْ لَمْ تَكُنْ هِيَ فِيهِ حَالَ دُعَائِهِنَّ فِيمَا يَظْهَرُ (وَيَدْعُوهُنَّ) أَيْ الْبَاقِيَاتِ (إلَيْهِ) بِغَيْرِ رِضَاهُنَّ لِمَا مَرَّ، فَإِنْ أَجَبْنَ فَلَهَا الْمَنْعُ، وَحِينَئِذٍ يَصِحُّ عَوْدُ قَوْلِهِ إلَّا بِرِضَاهُمَا لِهَذِهِ أَيْضًا بِأَنْ يُجْعَلْنَ قِسْمًا وَهِيَ قِسْمًا آخَرَ (وَأَنْ) (يَجْمَعَ ضَرَّتَيْنِ) أَوْ زَوْجَةً وَسُرِّيَّةً (فِي مَسْكَنٍ) مُتَّحِدٍ الْمَرَافِقِ أَوْ بَعْضِهَا كَخَيْمَةٍ فِي حَضَرٍ وَلَوْ لَيْلَةً أَوْ دُونَهَا لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ التَّبَاغُضِ (إلَّا بِرِضَاهُمَا) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا وَلَهُمَا الرُّجُوعُ، نَعَمْ لَا يُعْتَبَرُ رِضَا السُّرِّيَّةِ بَلْ الْمُعْتَبَرُ رِضَا الزَّوْجَةِ فَقَطْ، وَلِلْحُرَّةِ الرُّجُوعُ هُنَا أَيْضًا، أَمَّا خَيْمَةُ السَّفَرِ فَلَهُ جَمْعُهُمَا فِيهَا لِعُسْرِ إفْرَادِ كُلٍّ بِخَيْمَةٍ مَعَ عَدَمِ دَوَامِ الْإِقَامَةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ جَمْعِهِمَا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ مِنْ سَفِينَةٍ مَا لَمْ يَتَعَذَّرْ إفْرَادُ كُلٍّ بِمَحَلٍّ لِصِغَرِهَا مَثَلًا، أَمَّا إذَا تَعَدَّدَ الْمَسْكَنُ وَانْفَرَدَ كُلٌّ بِجَمِيعِ مَرَافِقِهِ نَحْوِ مَطْبَخٍ وَحَشٍّ وَسَطْحٍ وَرَحْبَتِهِ وَبِئْرِ مَاءٍ وَلَاقَ فَلَا امْتِنَاعَ لَهُمَا وَإِنْ كَانَا مِنْ دَارٍ وَاحِدَةٍ كَعُلُوٍّ وَسُفْلٍ وَإِنْ اتَّحَدَا غَلْقًا وَدِهْلِيزًا فِيمَا يَظْهَرُ، إذْ الْفَرْضُ عَدَمُ اشْتِرَاكِهِمَا فِيمَا يُؤَدِّي إلَى التَّخَاصُمِ، وَنَحْوُ الدِّهْلِيزِ الْخَارِجِ عَنْ الْمَسْكَنَيْنِ لَا يُؤَدِّي اتِّحَادُهُ إلَيْهِ كَاتِّحَادِ الْمَمَرِّ مِنْ أَوَّلِ بَابٍ إلَى بَابِ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ اتِّحَادَ الرَّحَا فِي بَلَدٍ اُعْتِيدَ فِيهِ إفْرَادُ كُلِّ مَسْكَنٍ بِرَحًا كَاتِّحَادِ بَعْضِ الْمَرَافِقِ لِأَنَّ الِاشْتِرَاكَ فِيهَا يُؤَدِّي إلَى التَّخَاصُمِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَيُكْرَهُ وَطْءُ وَاحِدَةٍ مَعَ عِلْمِ الْأُخْرَى، وَلَا تَلْزَمُهَا الْإِجَابَةُ لِأَنَّ الْحَيَاءَ وَالْمُرُوءَةَ يَأْبَيَانِ ذَلِكَ، وَمِنْ ثَمَّ صَوَّبَ الْأَذْرَعِيُّ التَّحْرِيمَ، وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا أَدَّى إلَى رُؤْيَةِ عَوْرَةٍ مُحَرَّمَةٍ أَوْ قَصَدَ بِهِ الْإِضْرَارَ وَالْأَوَّلُ عَلَى خِلَافِهِ. (وَلَهُ أَنْ يُرَتِّبَ الْقَسْمَ عَلَى لَيْلَةٍ) وَأَوَّلُهَا مُخْتَلِفٌ بِاخْتِلَافِ أَهْلِ الْحِرَفِ فَيُعْتَبَرُ فِي حَقِّ أَهْلِ كُلِّ حِرْفَةٍ عَادَتُهُمْ الْغَالِبَةُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَآخِرُهَا الْفَجْرُ خِلَافًا لِلسَّرَخْسِيِّ حَيْثُ حَدَّهَا بِغُرُوبِ الشَّمْسِ وَطُلُوعِهَا (وَيَوْمٍ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حَاصِلٌ بِكُلٍّ، لَكِنْ تَقْدِيمُ اللَّيْلِ أَوْلَى لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ عَيَّنَهُ لِأَنَّهُ الَّذِي عَلَيْهِ التَّوَارِيخُ الشَّرْعِيَّةُ (وَالْأَصْلُ) لِمَنْ عَمَلُهُ بِالنَّهَارِ (اللَّيْلُ) لِأَنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ سَكَنًا (وَالنَّهَارُ تَبَعٌ) لِأَنَّهُ وَقْتُ التَّرَدُّدِ (فَإِنْ عَمِلَ لَيْلًا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ) أَيْ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: صَرِيحٌ) خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ عَطْفًا عَلَى إلَخْ، ثُمَّ رَأَيْته بِالنَّصْبِ فِي حَجّ (قَوْلُهُ وَسُرِّيَّةً) أَيْ لِمَنْ يَطَؤُهَا وَلَوْ سَوْدَاءَ (قَوْلُهُ: وَلِلْحُرَّةِ الرُّجُوعُ هُنَا) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ مَعَهَا سُرِّيَّةٌ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَتَعَذَّرْ إفْرَادُ كُلٍّ) أَيْ بِخَيْمَةٍ وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ أَذًى لَهُمَا أَوْ لِإِحْدَاهُمَا لِلْمَشَقَّةِ مَعَ عَدَمِ دَوَامِ إلَخْ، وَالْمُرَادُ أَنَّ مِنْ شَأْنِ السَّفَرِ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ فُرِضَ عَدَمُ الْمَشَقَّةِ لَا يُكَلَّفُ التَّعَدُّدَ (قَوْلُهُ: كَعُلُوٍّ وَسُفْلٍ) وَالْخِيرَةُ فِي ذَلِكَ لِلزَّوْجِ حَيْثُ كَانَا لَائِقَيْنِ بِهِمَا (قَوْلُهُ: مِنْ أَوَّلِ بَابٍ) أَيْ لِلْمَحَلِّ (قَوْلُهُ: أَوْ قَصَدَ بِهِ الْإِضْرَارَ) وَيَحْرُمُ التَّمْكِينُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ أَيْضًا لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ (قَوْلُهُ وَآخِرُهَا الْفَجْرُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْأَضَرَّ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْحِرَفِ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ أَوْ خَوْفٍ عَلَيْهَا إلَخْ) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: مُتَّحِدُ الْمَرَافِقِ) قَالَ الشِّهَابُ سم: قَضِيَّتُهُ جَوَازُ الْجَمْعِ فِي مَسْكَنٍ مُتَعَدِّدِ الْمَرَافِقِ لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ وَأَمَّا إذَا تَعَدَّدَ الْمَسْكَنُ إلَخْ خِلَافًا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَسَطْحٍ) قَالَ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُمَا سَطْحٌ وَاحِدٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا سَطْحٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي كَعُلُوٍّ وَسُفْلٍ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي مِثْلِهِ اخْتِصَاصُ الْعُلُوِّ بِالسَّطْحِ. اهـ. (قَوْلُهُ: مَعَ عِلْمِ الْأُخْرَى) عِبَارَةُ غَيْرِهِ: بِحَضْرَةِ الْأُخْرَى. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ) هَذَا تَفْسِيرُ الْأَتُّونِيِّ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ وَإِلَّا فَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا وَقَّادُ الْحَمَّامِ خَاصَّةً، أَيْ أَوْ نَحْوُهُ مِمَّنْ عَمَلُهُ لَيْلًا

وَسَكَنَ نَهَارًا كَحَارِسٍ) وَأَتُّونِيٍّ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ مَعَ تَشْدِيدِهَا وَقَدْ تُخَفَّفُ وَهُوَ وَقَّادُ الْحَمَّامِ أَوْ غَيْرُهُ نِسْبَةً إلَى الْأَتُون وَهُوَ أُخْدُودُ الْخَبَّازِ وَالْجَصَّاصِ. ذَكَرَهُ فِي الْقَامُوسِ (فَعَكْسُهُ) كَعَكْسِ مَا ذُكِرَ، فَإِنْ كَانَ يَعْمَلُ تَارَةً لَيْلًا وَتَارَةً نَهَارًا لَمْ يُجْزِهِ نَهَارُهُ عَنْ لَيْلِهِ وَلَا عَكْسُهُ: أَيْ وَالْأَصْلُ فِي حَقِّهِ وَقْتَ السُّكُونِ لِتَفَاوُتِ الْغَرَضِ، وَلَوْ كَانَ يَعْمَلُ بَعْضَ اللَّيْلِ وَبَعْضَ النَّهَارِ فَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَحَلَّ السُّكُونِ هُوَ الْأَصْلُ وَالْعَمَلَ هُوَ التَّبَعُ، وَأَنَّهُ لَا يُجْزِئُ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَمَلُهُ فِي بَيْتِهِ كَخِيَاطَةٍ وَكِتَابَةٍ فَظَاهِرٌ تَمْثِيلُهُمْ بِالْحَارِسِ وَالْأَتُونِيِّ عَدَمُ الِاعْتِبَارِ بِهَذَا الْعَمَلِ فَيَكُونُ اللَّيْلُ فِي حَقِّهِ هُوَ الْأَصْلُ إذْ الْقَصْدُ الْأُنْسُ وَهُوَ حَاصِلٌ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِي الْحَاضِرِ، أَمَّا الْمُسَافِرُ فَعِمَادُهُ وَقْتَ نُزُولِهِ مَا لَمْ تَكُنْ خَلْوَتُهُ فِي سَيْرِهِ فَهُوَ الْعِمَادُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَعِمَادُهُ فِي الْمَجْنُونِ وَقْتَ إفَاقَتِهِ أَيَّ وَقْتٍ كَانَ، وَقَوْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَأَيَّامُ الْجُنُونِ كَالْغَيْبَةِ جَارٍ عَلَى كَلَامِ الْبَغَوِيّ الَّذِي ضَعَّفَاهُ، فَعَلَى مَا مَرَّ مِنْ النَّظَرِ لِأَيَّامِ الْإِفَاقَةِ وَحْدَهَا وَالْجُنُونِ بَعْدَهَا الْأَصْلُ فِي حَقِّهِ كَغَيْرِهِ. نَعَمْ مَرَّ فِي غَيْرِ الْمُنْضَبِطِ أَنَّ الْإِفَاقَةَ لَوْ حَصَلَتْ فِي نَوْبَةِ وَاحِدَةٍ قَضَى لِلْأُخْرَى قَدْرَهَا، فَعَلَيْهِ قَدْ يُقَالُ إنَّ الْعِمَادَ هُنَا وَقْتُ الْإِفَاقَةِ، وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّامِلِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ مَنْ عِمَادُهُ اللَّيْلُ لَا يَجُوزُ خُرُوجُهُ فِيهِ بِغَيْرِ رِضَاهَا لِجِنَازَةٍ وَجَمَاعَةٍ وَإِجَابَةِ دَعْوَةٍ مَرْدُودٌ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي لَيَالِي الزِّفَافِ فَقَطْ عَلَى مَا يَأْتِي لِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ فِيهَا لِمَنْدُوبٍ تَقْدِيمُهَا لِوَاجِبِ حَقِّهَا كَذَا قَالَاهُ، لَكِنْ أَطَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ فِي رَدِّهِ: وَاعْتَمَدُوا عَدَمَ الْحُرْمَةِ: أَيْ وَعَلَيْهِ فَهِيَ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ كَمَا مَرَّ وَتَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُنَّ فِي الْخُرُوجِ لِنَحْوِ جَمَاعَةٍ، فَإِنْ خَصَّ بِهِ لَيْلَةً وَاحِدَةً مِنْهُنَّ حَرُمَ (وَلَيْسَ لِلْأَوَّلِ) وَهُوَ مَنْ عِمَادُهُ اللَّيْلُ، وَيُقَاسُ بِهِ فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي مَنْ عِمَادُهُ النَّهَارُ أَوْ وَقْتُ النُّزُولِ أَوْ السُّكُونِ أَوْ الْإِفَاقَةِ (دُخُولٌ فِي نَوْبَةٍ عَلَى أُخْرَى لَيْلًا) وَلَوْ لِحَاجَةٍ (إلَّا لِضَرُورَةٍ كَمَرَضِهَا الْمَخُوفِ) وَلَوْ ظَنًّا وَإِنْ طَالَتْ مُدَّتُهُ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ احْتِمَالًا كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الْغَزَالِيِّ لِيُعْرَفَ الْحَالُ، وَمِمَّا يَدْفَعُ تَنْظِيرَهُ قَوْلُ التَّهْذِيبِ وَغَيْرِهِ لَوْ مَرِضَتْ أَوْ وَلَدَتْ وَلَا مُتَعَهِّدَ لَهَا. قَالَ الرَّافِعِيُّ: أَوْ لَهَا مُتَعَهِّدٌ كَمَحْرَمٍ إذْ لَا يَلْزَمُهُ إسْكَانُهُ فَلَهُ أَنْ يُدِيمَ الْبَيْتُوتَةَ عِنْدَهَا وَيَقْضِيَ، وَقِيَاسُهُ أَنَّ مَسْكَنَ إحْدَاهُنَّ لَوْ اخْتَصَّ بِخَوْفٍ، وَلَمْ تَأْمَنْ عَلَى نَفْسِهَا إلَّا بِهِ جَازَ لَهُ الْبَيْتُوتَةُ عِنْدَهَا مَا دَامَ الْخَوْفُ مَوْجُودًا وَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ، نَعَمْ إنْ سَهُلَ نَقْلُهَا لِمَنْزِلٍ لَا خَوْفَ فِيهِ لَمْ يَبْعُدْ تَعْيِينُهُ عَلَيْهِ (وَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ دَخَلَ لِضَرُورَةٍ كَمَا هُوَ صَرِيحُ السِّيَاقِ، فَقَوْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ يَحْتَمِلُ إرَادَةَ هَذَا وَضِدِّهِ وَالْأَمْرَيْنِ بَعِيدٌ (إنْ طَالَ مُكْثُهُ) عُرْفًا، وَتَقْدِيرُ الْقَاضِي لِطُولِهِ بِثُلُثِ اللَّيْلِ وَغَيْرِهِ بِسَاعَةٍ طَوِيلَةٍ عُرْفًا مَرْدُودٌ، وَالْأَوْجَهُ ضَبْطُ الْعُرْفِ فِي ذَلِكَ بِفَوْقِ مَا مَنْ شَأْنُهُ أَنْ يَحْتَاجَ إلَيْهِ عِنْدَ الدُّخُولِ لِتَفَقُّدِ الْأَحْوَالِ عَادَةً، فَهَذَا الْقَدْرُ لَا يُقْضَى مُطْلَقًا وَمَا زَادَ عَلَيْهِ يُقْضَى مُطْلَقًا وَإِنْ فُرِضَ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَإِنَّهُ كَمَا تَخْتَلِفُ أَحْوَالُ أَهْلِ الْحِرَفِ فِي أَوَّلِهِ كَذَلِكَ تَخْتَلِفُ فِي آخِرِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أُخْدُودٌ) أَيْ حَفِيرَةٌ (قَوْلُهُ: هُوَ الْأَصْلُ) مُعْتَمَدُ (قَوْلِهِ وَإِنْ طَالَتْ مُدَّتُهُ) أَيْ الدُّخُولِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَلْزَمُهُ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ الْآتِي فَلَهُ أَنْ يُدِيمَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَمْ تَأْمَنْ عَلَى نَفْسِهَا) أَيْ أَوْ مَالِهَا وَإِنْ قَلَّ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَبْعُدْ تَعْيِينُهُ عَلَيْهِ) مُعْتَمَدُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ لِعَكْسِ مَا ذُكِرَ) هُوَ بِاللَّامِ أَوَّلَهُ خِلَافًا لِمَا يُوجَدُ فِي النُّسَخِ فَهُوَ عِلَّةٌ: أَيْ فِعْلُهُ الْعَكْسَ عَكْسُ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَعْكُوسِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ) يُوهِمُ أَنَّ مَا قَبْلَهُ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ هَذَا الْبَعْضِ وَأَنَّ الْحُكْمَ فِيهِ مُرَادٌ مَعَ أَنَّهُ يُنَافِي مَا سَيَنْحَطُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَعِمَادُهُ فِي الْمَجْنُونِ وَقْتَ إفَاقَتِهِ: أَيْ وَقْتَ كَانَ وَأَيَّامُ الْجُنُونِ كَالْغَيْبَةِ كَذَا جَزَمَ بِهِ شَارِحٌ وَإِنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى كَلَامِ الْبَغَوِيّ الَّذِي ضَعَّفَاهُ إلَخْ فَكَأَنَّ الشَّارِحَ تَوَهَّمَ أَنَّ قَوْلَهُ كَذَا رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ وَأَيَّامُ الْجُنُونِ كَالْغَيْبَةِ خَاصَّةً فَعَبَّرَ عَنْهُ بِمَا ذَكَرَ. (قَوْلُهُ: أَوْ الْإِفَاقَةُ) أَيْ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لِيُعْرَفَ الْحَالُ) أَيْ لِيُعْرَفَ هَلْ

أَنَّ الضَّرُورَةَ امْتَدَّتْ فَوْقَ ذَلِكَ، وَتَعْلِيلُهُمْ بِالْمُسَامَحَةِ وَعَدَمِهَا ظَاهِرٌ فِي ذَلِكَ (قَضَى) مِنْ نَوْبَتِهَا مِثْلَهُ لِأَنَّهُ مَعَ الطُّولِ لَا يَسْمَحُ بِهِ، وَحَقُّ الْآدَمِيِّ لَا يَسْقُطُ بِالْعُذْرِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَطُلْ مُكْثُهُ عُرْفًا (فَلَا) يُقْضَى لِلْمُسَامَحَةِ بِهِ، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ وَيَأْثَمُ سَبَقُ قَلَمٍ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ دَخَلَ لِلضَّرُورَةِ وَإِنَّمَا الْإِثْمُ عِنْدَ تَعَدِّيهِ بِالدُّخُولِ وَإِنْ قَلَّ مُكْثُهُ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَقْضِي إلَّا إنْ طَالَ مُكْثُهُ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ إذْ قَضِيَّتُهُ أَنَّ شَرْطَ الْقَضَاءِ عِنْدَ الطُّولِ كَوْنُ الدُّخُولِ لِضَرُورَةٍ وَأَنَّهُ لِغَيْرِهَا يَقْضِي مُطْلَقًا لِتَعَدِّيهِ، وَكَذَا يَجِبُ الْقَضَاءُ عِنْدَ طُولِ زَمَنِ الْخُرُوجِ لَيْلًا وَلَوْ لِغَيْرِ بَيْتِ الضَّرَّةِ وَإِنْ أُكْرِهَ لَكِنَّهُ هُنَا يَقْضِي عِنْدَ فَرَاغِ النَّوْبَةِ لَا مِنْ نَوْبَةِ إحْدَاهُنَّ، وَعِنْدَ فَرَاغِ زَمَنِ الْقَضَاءِ، يَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ إنْ أَمِنَ لِنَحْوِ مَسْجِدٍ، وَقَدْ يَجِبُ الْقَضَاءُ عِنْدَ الْقَصْرِ بِأَنْ بَعُدَ مَنْزِلُهَا بِحَيْثُ طَالَ زَمَنُ الذَّهَابِ وَالْعَوْدِ فَيَجِبُ الْقَضَاءُ مِنْ نَوْبَتِهَا وَإِنْ قَصَّرَ الْمُكْثَ عِنْدَهَا، وَلَهُ قَضَاءُ الْفَائِتِ فِي أَيِّ جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ (وَلَهُ الدُّخُولُ نَهَارًا) لِحَاجَةٍ لِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ فِيهِ مَا لَا يُتَسَامَحْ فِي اللَّيْلِ فَيَدْخُلُ (لِوَضْعٍ) أَوْ أَخْذِ (مَتَاعٍ وَنَحْوِهِ) كَتَسْلِيمِ نَفَقَةٍ وَتَعَرُّفِ خَبَرٍ، «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ جَمِيعًا فَيَدْنُو مِنْ كُلِّ امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ مَسِيسٍ حَتَّى يَبْلُغَ إلَى الَّتِي جَاءَتْ نَوْبَتُهَا فَيَبِيتُ عِنْدَهَا» . (وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَطُولَ مُكْثُهُ) عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ: أَيْ يَجُوزُ لَهُ تَطْوِيلُ الْمُكْثِ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْعِرَاقِيِّينَ إلَى وُجُوبِهِ لِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْحَاجَةِ كَابْتِدَاءِ دُخُولٍ لِغَيْرِهَا، وَهُوَ حَرَامٌ كَمَا صَرَّحَا بِهِ، وَيُرَدُّ بِوُقُوعِهِ هُنَا تَابِعًا، وَيُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِ (وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَقْضِي إذَا دَخَلَ لِحَاجَةٍ) وَإِنْ أَطَالَ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمَا، وَصَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، لَكِنْ صَرَّحَ آخَرُونَ بِالْقَضَاءِ عِنْدَ الطُّولِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا طَالَتْ بِغَيْرِ الْحَاجَةِ. وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا طَالَ فَوْقَهَا: كَذَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَبِهِ يُعْلَمُ صِحَّةُ مَا فِي الْمُهَذَّبِ وَعَدَمُ مُخَالَفَتِهِ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ. وَالثَّانِي يَقْضِي إذَا طَالَ كَمَا فِي اللَّيْلِ، وَاحْتُرِزَ بِالْحَاجَةِ عَمَّا لَوْ دَخَلَ بِلَا سَبَبٍ وَسَيَأْتِي (وَ) الصَّحِيحُ (أَنَّ لَهُ مَا سِوَى وَطْءٍ مِنْ اسْتِمْتَاعٍ) لِلْخَبَرِ الْمَارِّ وَلِأَنَّ النَّهَارَ تَبَعٌ. وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ، وَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ الْحُرْمَةِ إنْ أَفْضَى إلَيْهِ إفْضَاءً قَوِيًّا كَمَا فِي قُبْلَةِ الصَّائِمِ يُرَدُّ بِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ ذَاتَ الْجِمَاعِ مُحَرَّمَةٌ إجْمَاعًا ثَمَّ لَا هُنَا، لِأَنَّهُ إذَا وَقَعَ وَقَعَ جَائِزًا إنَّمَا الْحُرْمَةُ لِمَعْنًى خَارِجٍ وَهُوَ حَقُّ الْغَيْرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ عَلَى أَنَّ فِي حِلِّهِ مِنْ أَصْلِهِ خِلَافًا فَاحْتِيطَ ثَمَّ لِذَلِكَ وَلِكَوْنِهِ مُفْسِدًا لِلْعِبَادَةِ مَا لَمْ يُحْتَطْ هُنَا، وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ (وَ) الصَّحِيحُ (أَنَّهُ يَقْضِي) زَمَنَ إقَامَتِهِ إنْ طَالَ (إنْ دَخَلَ بِلَا سَبَبٍ) لِتَعَدِّيهِ، وَالثَّانِي لَا يَقْضِي لِأَنَّ النَّهَارَ تَبَعٌ. (وَلَا تَجِبُ تَسْوِيَةٌ فِي الْإِقَامَةِ) فِي غَيْرِ الْأَصْلِ كَأَنْ كَانَ (نَهَارًا) أَيْ فِي قَدْرِهَا لِأَنَّهُ وَقْتَ التَّرَدُّدِ وَهُوَ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ، وَكَذَا فِي أَصْلِهَا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ الْإِطْلَاقُ، لَكِنَّ الَّذِي بَحَثَهُ الْإِمَامُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ امْتِنَاعُهُ إنْ كَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: يَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ إنْ أَمِنَ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَأْمَنْ كَمَّلَ اللَّيْلَ عِنْدَهَا وَالْأَوْلَى لَهُ عَدَمُ التَّمَتُّعِ، وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي قَضَاءُ بَقِيَّةِ اللَّيْلِ أَيْضًا حَيْثُ لَمْ يَنْعَزِلْ عَنْهَا فِي مَسْكَنٍ آخَرَ مِنْ الْبَيْتِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَصُرَ الْمُكْثُ عِنْدَهَا) كَذَا جَزَمَ بِهِ شَارِحٌ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، لَكِنْ ظَاهِرُ تَخْصِيصِهِ الْقَضَاءَ بِزَمَنِ الْمُكْثِ خِلَافُهُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ زَمَنَ الْعَوْدِ وَالذَّهَابِ لَا يَظْهَرُ فِيهِ قَصْدُ تَخْصِيصٍ مُؤَثِّرٍ عُرْفًا نَعَمْ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي صُورَةِ الْقَضَاءِ بَعْدَ فَرَاغِ النُّوَبِ أَنَّ زَمَنَهَا لَوْ طَالَ قَضَاهُ بَعْدَ فَرَاغِ النُّوَبِ اهـ حَجّ وَهُوَ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ مَسِيسٍ) أَيْ وَطْءٍ انْتَهَى شَرْحُ مَنْهَجٍ. وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ الْآتِي مَا سِوَى وَطْءٍ مِنْ اسْتِمْتَاعٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQهُوَ مَخُوفٌ أَوْ غَيْرُ مَخُوفٍ (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ الْقَضَاءُ) أَيْ قَضَاءُ زَمَنِ الْمُكْثِ عِنْدَهَا وَكَذَا زَمَنُ الذَّهَابِ وَالْإِيَابِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْعِرَاقِيِّينَ إلَى وُجُوبِهِ) يَعْنِي وُجُوبَ عَدَمِ طُولِ الْمُكْثِ الَّذِي هُوَ مُفَادُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَنْ لَا يَطُولَ مُكْثُهُ (قَوْلُهُ: صِحَّةُ مَا فِي الْمُهَذَّبِ) أَيْ مِنْ وُجُوبِ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ فِي حِلِّهِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ عَلَى أَنَّ فِي حُرْمَتِهِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ) هُوَ مُكَرَّرٌ فَقَدْ مَرَّ. (قَوْلُهُ امْتِنَاعُهُ) يُتَأَمَّلُ مَرْجِعُ الضَّمِيرِ

قَاصِدًا، وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ فَقَالَ لَا شَكَّ أَنَّ تَخْصِيصَ إحْدَاهُنَّ بِالْإِقَامَةِ عِنْدَهَا نَهَارًا عَلَى الدَّوَامِ وَالِانْتِشَارِ فِي نَوْبَةِ غَيْرِهَا يُورِثُ حِقْدًا وَعَدَاوَةً وَإِظْهَارَ مَيْلٍ وَتَخْصِيصٍ. أَمَّا الْأَصْلُ فَتَجِبُ التَّسْوِيَةُ فِي قَدْرِ الْإِقَامَةِ فِيهِ (وَأَقَلُّ نُوَبِ الْقَسْمِ لَيْلَةٌ لَيْلَةٌ) وَنَهَارٌ نَهَارٌ فِي نَحْوِ الْحَارِسِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَلَا يَجُوزُ تَبْعِيضُهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ فِي النَّهَارِ لِأَنَّهُ يُنَغِّصُ الْعَيْشَ، وَمِنْ ثَمَّ جَازَ بِرِضَاهُنَّ، وَعَلَيْهِ حَمَلُوا «طَوَافَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى نِسَائِهِ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ» (وَهُوَ أَفْضَلُ) مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا لِلِاتِّبَاعِ وَأَقْرَبُ عَهْدِهِ بِهِنَّ (وَيَجُوزُ ثَلَاثًا) ثَلَاثًا وَلَيْلَتَيْنِ لَيْلَتَيْنِ وَإِنْ كَرِهْنَ ذَلِكَ لِقُرْبِهَا (وَلَا زِيَادَةَ) عَلَى الثَّلَاثِ فَيَحْرُمُ بِغَيْرِ رِضَاهُنَّ (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَإِنْ تَفَرَّقْنَ فِي الْبِلَادِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْإِيحَاشِ وَقِيلَ يُكْرَهُ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ، وَجَرَى عَلَيْهِ الدَّارِمِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، وَبِهِ يَقْرُبُ الْوَجْهُ الشَّاذُّ الْقَائِلُ لَا تَقْدِيرَ بِزَمَنٍ أَصْلًا وَإِنَّمَا هُوَ إلَى الزَّوْجِ (وَالصَّحِيحُ) فِيمَا إذَا لَمْ يَرْضَيْنَ فِي الِابْتِدَاءِ بِوَاحِدَةٍ بِلَا قُرْعَةٍ (وُجُوبُ قُرْعَةٍ) بَيْنَهُنَّ (لِلِابْتِدَاءِ) فِي الْقَسْمِ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ تَحَرُّزًا عَنْ التَّرْجِيحِ بِلَا مُرَجِّحٍ فَيَبْدَأُ بِمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهَا ثُمَّ يَقْرَعُ لِلْبَاقِيَاتِ وَهَكَذَا، فَإِذَا تَمَّتْ النَّوْبَةُ رَاعَى التَّرْتِيبَ الْأَوَّلَ مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ، نَعَمْ لَوْ بَدَأَ بِوَاحِدَةٍ ظُلْمًا أَقْرَعَ لِلْبَاقِيَاتِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَغْوٌ، فَإِذَا تَمَّ الْعَدَدُ أَقْرَعَ الِابْتِدَاءَ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْأَوَّلَ لَغْوٌ (وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ) فَيَبْدَأُ بِمَنْ شَاءَ بِلَا قُرْعَةٍ لِأَنَّهُ الْآنَ لَا يَلْزَمُهُ الْقَسْمُ وَلَوْ أَرَادَ الِابْتِدَاءَ بِمَا لَيْسَ قَسْمًا كَدُونِ لَيْلَةٍ اُتُّجِهَ وُجُوبُهَا أَيْضًا (وَلَا يُفَضِّلُ فِي قَدْرِ نَوْبَةٍ) وَلَوْ مُسْلِمَةً عَلَى كِتَابِيَّةٍ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا شُرِعَ لَهُ الْقَسْمُ مِنْ الْعَدْلِ (لَكِنْ لِحُرَّةٍ مَثَلًا أَمَةٌ) تَجِبُ نَفَقَتُهَا أَيْ مَنْ فِيهَا رِقٌّ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهَا وَلَوْ مُبَعَّضَةً: أَيْ لَهَا لَيْلَتَانِ، وَلِلْأَمَةِ لَيْلَةٌ لَا غَيْرُ. لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ امْتِنَاعِ الزِّيَادَةِ عَلَى ثَلَاثٍ وَالنَّقْصِ عَنْ لَيْلَةٍ، بَلْ لَوْ جَعَلَ لِلْحُرَّةِ ثَلَاثًا وَلِلْأَمَةِ لَيْلَةً وَنِصْفًا لَمْ يَجُزْ فَعُلِمَ سَهْوُ مَنْ أَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ كَلَامَهُ يُوهِمُ جَوَازَ لَيْلَتَيْنِ لِلْأَمَةِ وَأَرْبَعٍ لِلْحُرَّةِ لِخَبَرٍ مُرْسَلٍ فِيهِ اُعْتُضِدَ بِقَوْلِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ بَلْ لَا يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ، وَإِنَّمَا سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي حَقِّ الزِّفَافِ لِأَنَّهُ لِزَوَالِ الْحَيَاءِ وَهُمَا فِيهِ سَوَاءٌ، وَيُتَصَوَّرُ كَوْنُهَا جَدِيدَةً فِي الْحُرِّ بِأَنْ تَكُونَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ غَيْرُ صَالِحَةٍ لِلِاسْتِمْتَاعِ فَنَكَحَ أَمَةً، وَمَنْ عَتَقَتْ قَبْلَ تَمَامِ نَوْبَتِهَا اُلْتُحِقَتْ بِالْحَرَائِرِ وَإِنْ كَانَتْ الْبُدَاءَةُ بِالْأَمَةِ وَعَتَقَتْ فِي لَيْلَتِهَا فَكَالْحُرَّةِ أَوْ بَعْدَ تَمَامِهَا أَوْ فِي الْحُرَّةِ لَيْلَتَيْنِ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَلَوْ لَمْ تَعْلَمْ هِيَ بِالْعِتْقِ حَتَّى مَضَى أَدْوَارٌ وَهُوَ يَقْسِمُ لَهَا قَسْمَ الْإِمَاءِ لَمْ يَقْضِ لَهَا مَا مَضَى. وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: الْقِيَاسُ أَنَّهُ يَقْضِي لَهَا اهـ. وَالْوَجْهُ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ الْجَزْمُ بِهِ عِنْدَ عِلْمِ الزَّوْجِ بِذَلِكَ، وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ حَقَّ الْقَسْمِ حَيْثُ وَجَبَ لِلْأَمَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSلِلْخَبَرِ الْمَارِّ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ فِي النَّهَارِ) أَيْ وَأَمَّا اللَّيْلُ فَهُوَ فِي كَلَامِهِمْ (قَوْلُهُ: فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ) أَيْ أَوْ يُقَالُ هُوَ مِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَفَرَّقْنَ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا كَثُرَ السُّؤَالُ فِيهِ أَنَّ مَنْ لَهُ زَوْجَةٌ بِمَكَّةَ وَأُخْرَى بِمِصْرَ مَثَلًا امْتَنَعَ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَ إحْدَاهُنَّ أَزْيَدَ مِنْ ثَلَاثٍ، فَإِذَا بَاتَ عِنْدَ إحْدَاهُنَّ ثَلَاثًا امْتَنَعَ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَهَا إلَّا بَعْدَ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْأُخْرَى وَيَبِيتَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا، وَهَذَا الْحُكْمُ مِمَّا عَمَّتْ الْبَلْوَى بِمُخَالَفَتِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ عِنْدَ عَدَمِ الرِّضَا (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ) أَيْ فَلَوْ أَعَادَ الْقُرْعَةَ جَازَ لَهُ ذَلِكَ عَلَى مَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُ الْمَحَلِّيِّ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْقُرْعَةِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ بَعْدَ تَمَامِ الدَّوْرِ اسْتَوَتْ الزَّوْجَاتُ فَيُعْدَمُ ثُبُوتُ حَقٍّ لَهُنَّ عَلَى الزَّوْجِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَرَادَ الْمَبِيتَ عِنْدَ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ قَسْمٍ وَبِبَعْضِ الْهَوَامِشِ وُجُوبُ رِعَايَةِ التَّرْتِيبِ وَامْتِنَاعِ الْقُرْعَةِ فَاحْذَرْهُ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا سَوَّى بَيْنَهُمَا) أَيْ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ (قَوْلُهُ: الْجَزْمُ بِهِ) أَيْ بِالْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ لِلْأَمَةِ) أَيْ يَكُونُ لِلْأَمَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ فَقَالَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ أَخَصُّ مِنْ حَيْثُ التَّقْيِيدُ بِالدَّوَامِ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَغْوٌ) اُنْظُرْ مَا الدَّاعِي إلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِقْرَاعِ لِمَا بَعْدَ الْأُولَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الِابْتِدَاءُ بِهَا لَغْوًا (قَوْلُهُ: أَقْرَعَ لِلِابْتِدَاءِ) أَيْ لِلِابْتِدَاءِ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ قَبْلَ الَّتِي بَعْدَهَا فَهُوَ مُسَاوٍ لِقَوْلِ الرَّوْضِ ثُمَّ أَعَادَهَا لِلْجَمِيعِ. (قَوْلُهُ:: لِخَبَرٍ مُرْسَلٍ إلَخْ)

لَا لِسَيِّدِهَا (وَتَخْتَصُّ بِكْرٌ) وُجُوبًا بِالْمَعْنَى السَّابِقِ فِي إذْنِهَا فِي النِّكَاحِ (جَدِيدَةٌ عِنْدَ زِفَافٍ) وَفِي عِصْمَتِهِ غَيْرُهَا يُرِيدُ الْمَبِيتَ عِنْدَهَا كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ جَدِيدَةٌ (بِسَبْعٍ وَلَاءً بِلَا قَضَاءٍ وَثَيِّبٌ) بِذَلِكَ الْمَعْنَى أَيْضًا عِنْدَ زِفَافٍ كَذَلِكَ (بِثَلَاثٍ) وَلَاءً بِلَا قَضَاءٍ وَلَوْ أَمَةً فِيهِمَا لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «سَبْعٌ لِلْبِكْرِ وَثَلَاثٌ لِلثَّيِّبِ» وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ فِي نِكَاحِهِ غَيْرُهَا، وَحِكْمَةُ ذَلِكَ ارْتِفَاعُ الْحِشْمَةِ بِمَا ذُكِرَ وَزِيدَ لِلْبِكْرِ لِأَنَّ حَيَاءَهَا أَكْثَرُ، وَالثَّلَاثُ أَقَلُّ الْجَمْعِ وَالسَّبْعُ أَيَّامُ الدُّنْيَا. وَلَوْ نَكَحَ جَدِيدَتَيْنِ وَأَرَادَ الْمَبِيتَ عِنْدَهُمَا وَجَبَ لَهُمَا حَقُّ الزِّفَافِ فَإِنْ زُفَّتَا مُرَتِّبًا بَدَأَ بِالْأُولَى وَإِلَّا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا، وَلَا حَقَّ لِلرَّجْعِيَّةِ، بِخِلَافِ بَائِنٍ أَعَادَهَا وَمُسْتَفْرَشَةٍ أَعْتَقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا. أَمَّا إذَا لَمْ يُوَالِ فَلَا يُحْسَبُ بَلْ يَجِبُ لَهَا سَبْعٌ أَوْ ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَةٌ ثُمَّ يَقْضِي مَا لِلْبَاقِيَاتِ مِنْ نَوْبَتِهَا مَا بَاتَهُ عِنْدَهَا مُفَرِّقًا. (وَيُسَنُّ تَخْيِيرُهَا) أَيْ الثَّيِّبِ (بَيْنَ ثَلَاثٍ بِلَا قَضَاءٍ) لِلْأُخْرَيَاتِ (وَسَبْعٌ بِقَضَاءٍ) أَيْ قَضَاءُ السَّبْعِ لَهُنَّ «تَأَسِّيًا بِتَخْيِيرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَّ سَلَمَةَ كَذَلِكَ فَاخْتَارَتْ التَّثْلِيثَ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا طَلَبَتْ الْإِقَامَةَ عِنْدَهَا كَمَا طَلَبَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ وَإِلَّا كَانَ الْخِيَارُ لَهُ مَحَلُّ نَظَرٍ، نَعَمْ إنْ خَيَّرَهَا فَسَكَتَتْ أَوْ فَوَّضَتْ إلَيْهِ الْإِقَامَةَ تَخَيَّرَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَإِنْ أَقَامَ السَّبْعَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا لَوْ اخْتَارَتْ دُونَ السَّبْعِ لَمْ يَقْضِ سِوَى مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ لِأَنَّهَا لَمْ تَطْمَعْ فِي حَقِّ غَيْرِهَا وَهِيَ الْبِكْرُ، وَلَوْ زَادَ الْبِكْرَ عَلَى السَّبْعِ قَضَى الزَّائِدَ فَقَطْ مُطْلَقًا، وَوَجْهُهُ أَنَّهَا لَمْ تَطْمَعْ بِوَجْهٍ جَائِزٍ فَكَانَ مَحْضَ تَعَدٍّ (وَمَنْ سَافَرَتْ وَحْدَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ نَاشِزَةً) فَلَا قَسْمَ لَهَا، نَعَمْ لَوْ سَافَرَ بِهَا السَّيِّدُ وَقَدْ بَاتَ عِنْدَ الْحُرَّةِ لَيْلَتَيْنِ قَضَاهَا إذَا رَجَعَتْ كَمَا نَقَلَاهُ وَأَقَرَّاهُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ بَالَغَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي رَدِّهِ، وَكَذَا لَوْ ارْتَحَلَتْ لِخَرَابِ الْبَلَدِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَهُوَ خَبَرٌ (قَوْلُهُ: وُجُوبًا بِالْمَعْنَى) وَهِيَ مَنْ لَمْ تَزَلْ بَكَارَتُهَا بِوَطْءٍ فِي قُبُلِهَا (قَوْلُهُ: وَلَا حَقَّ لِرَجْعِيَّةٍ) أَيْ يَتَرَتَّبُ عَلَى الرَّجْعَةِ، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ مَبِيتِ السَّبْعِ ثُمَّ رَاجَعَهَا قُضِيَ لَهَا مَا بَقِيَ مِنْهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاتَ عِنْدَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا ثُمَّ رَاجَعَهَا، وَبَقِيَ مَا لَوْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا بَعْدَ أَنْ بَاتَ عِنْدَهَا بَعْضَ السَّبْعِ كَثَلَاثَةٍ مَثَلًا ثُمَّ جَدَّدَ النِّكَاحَ فَهَلْ يَبِيتُ عِنْدَهَا بَقِيَّةَ السَّبْعِ الْأُوَلِ قَبْلَ الطَّلَاقِ وَالسَّبْعِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ الثَّانِي أَوْ يَسْقُطُ مَا بَقِيَ مِنْ السَّبْعِ الْأُوَلِ وَتَلْزَمُهُ سَبْعَةٌ لِلْعَقْدِ الثَّانِي فَقَطْ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَسَبْعٌ بِقَضَاءٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ: فَإِنْ سَبَّعَ بِطَلَبِهَا قُضِيَ لِكُلٍّ. قَالَ فِي شَرْحِهِ الصَّغِيرِ: مِنْ الْبَاقِيَاتِ سَبْعًا اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يَقْضِي لِكُلِّ وَاحِدَةٍ سَبْعًا انْتَهَى سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَكَيْفِيَّةُ الْقَضَاءِ بِأَنْ يَقْرَعَ بَيْنَهُنَّ وَيَدُورَ، فَاللَّيْلَةُ الَّتِي تَخُصُّهَا يَبِيتُهَا عِنْدَ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِالْقُرْعَةِ أَيْضًا، وَفِي الدَّوْرِ الثَّانِي يَبِيتُ لَيْلَتَهَا عِنْدَ وَاحِدَةٍ مِنْ الْبَاقِيَتَيْنِ بِالْقُرْعَةِ أَيْضًا، وَفِي الدَّوْرِ الثَّالِثِ يَبِيتُ لَيْلَتَهَا عِنْدَ الثَّالِثَةِ وَهَكَذَا يَفْعَلُ فِي بَقِيَّةِ الْأَدْوَارِ إلَى أَنْ يُتِمَّ السَّبْعَ، وَتَمَامُهَا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَثَمَانِينَ لَيْلَةً وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ كُلِّ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً فَيَحْصُلُ السَّبْعُ مِمَّا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: قَضَاءُ السَّبْعِ لَهُنَّ) أَيْ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَقَامَ السَّبْعَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ ادَّعَى غَيْرَ الْجَدِيدَةِ أَنَّهَا اخْتَارَتْ السَّبْعَةَ وَأَنْكَرَتْ ذَلِكَ صُدِّقَتْ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ طَلَبِهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَمْ تَطْمَعْ فِي حَقِّ غَيْرِهَا) أَيْ فِي حَقٍّ شُرِعَ لِغَيْرِهَا، فَإِنَّ الْخَمْسَ مَثَلًا لَمْ تُشْرَعْ لِأَحَدٍ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ طَلَبَتْ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَقَدْ بَاتَ عِنْدَ الْحُرَّةِ لَيْلَتَيْنِ) أَيْ أَوْ لَيْلَةً عِنْدَ أَمَةٍ، وَقَوْلُهُ قَضَاهَا إذَا رَجَعَتْ وَذَلِكَ لِاسْتِحْقَاقِهَا لَهَا قَبْلَ السَّفَرِ وَالسَّفَرُ لَا اخْتِيَارَ لَهَا فِيهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ ارْتَحَلَتْ) أَيْ الزَّوْجَةُ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهَا أَمَةً ـــــــــــــــــــــــــــــQتَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ. (قَوْلُهُ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ جَدِيدَةٌ) أَيْ أَفْهَمَ أَنَّ مَنْ فِي عِصْمَتِهِ جَدِيدَةٌ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ يُرِيدُ الْمَبِيتَ عِنْدَهَا (قَوْلُهُ: مَا لِلْبَاقِيَاتِ) كَذَا فِي التُّحْفَةِ، وَانْظُرْ مَا وَجْهُ ذِكْرِ مَا مَعَ مَا الْآتِيَةِ فِي قَوْلِهِ مَا بَاتَهُ. (قَوْلُهُ: قَضَى السَّبْعَ لَهُنَّ) أَيْ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ كَمَا بَيَّنَهُ الشِّهَابُ سم (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّ مَحَلَّهُ) أَيْ مَحَلَّ تَخْيِيرِهَا.

وَارْتِحَالِ أَهْلِهَا وَاقْتَصَرَتْ عَلَى قَدْرِ الضَّرُورَةِ كَمَا لَوْ خَرَجَتْ مِنْ الْبَيْتِ لِإِشْرَافِهِ عَلَى الِانْهِدَامِ كَمَا أَفَادَهُ السُّبْكِيُّ (وَبِإِذْنِهِ لِغَرَضِهِ يَقْضِي لَهَا) لِأَنَّهُ الْمَانِعُ لِنَفْسِهِ مِنْهَا (وَلِغَرَضِهَا) كَحَجٍّ (لَا) يَقْضِي لَهَا (فِي الْجَدِيدِ) لِأَنَّهَا فَوَّتَتْ حَقَّهُ وَإِذْنُهُ رَافِعٌ لِلْإِثْمِ خَاصَّةً، وَخَرَجَ مَا لَوْ سَافَرَتْ بِإِذْنِهِ مَعَهُ أَوْ بِغَيْرِ إذْنٍ وَلَا نَهْيٍ وَلَوْ لِغَرَضِهَا فَإِنَّهَا تَسْتَحِقُّهُ. فَإِنْ مَنَعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ فَخَرَجَتْ سَقَطَ حَقُّهَا كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، لَكِنْ قَوْلُهُ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهَا مِثَالٌ لَا قَيْدٌ فَمَعَ قُدْرَتِهِ كَذَلِكَ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ لَمْ يَسْتَمْتِعْ بِهَا فِي ذَلِكَ السَّفَرِ، فَإِنْ اسْتَمْتَعَ بِهَا فِيهِ اُتُّجِهَ وُجُوبُ ذَلِكَ، وَالْقَدِيمُ يَقْضِي لِوُجُودِ الْإِذْنِ، وَلَوْ سَافَرَتْ لِحَاجَةِ ثَالِثٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَيَظْهَرُ أَنَّهَا كَحَاجَةِ نَفْسِهَا، وَهُوَ كَمَا قَالَ غَيْرُهُ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَكُنْ خُرُوجُهَا بِسُؤَالِ الزَّوْجِ لَهَا فِيهِ وَإِلَّا فَيَلْحَقُ بِخُرُوجِهَا لِحَاجَتِهِ بِإِذْنِهِ أَوْ سَافَرَتْ وَحْدَهَا بِإِذْنِهِ لِحَاجَتِهِمَا مَعًا لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهَا كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّفَقَةِ، وَمِثْلُهَا الْقَسْمُ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ ابْنُ الْعِمَادِ مِنْ السُّقُوطِ وَامْتِنَاعُهَا مِنْ السَّفَرِ مَعَ الزَّوْجِ نُشُوزٌ مَا لَمْ تَكُنْ مَعْذُورَةً بِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَمَنْ سَافَرَ لِنَقْلِهِ حَرُمَ) عَلَيْهِ (أَنْ يَسْتَصْحِبَ بَعْضَهُنَّ) فَقَطْ وَلَوْ بِقُرْعَةٍ، كَمَا لَا يَجُوزُ لِلْمُقِيمِ أَنْ يُخَصِّصَ بَعْضَهُنَّ بِقُرْعَةٍ فَيَقْضِي لِلْمُتَخَلِّفَاتِ وَلِمَنْ أَرْسَلَهُنَّ مَعَ وَكِيلِهِ، نَعَمْ لَا يَجُوزُ لَهُ اسْتِصْحَابُ بَعْضِهِنَّ وَإِرْسَالُ بَعْضِهِنَّ مَعَ وَكِيلِهِ إلَّا بِقُرْعَةٍ، وَالْمُرَادُ بِالْوَكِيلِ هُنَا الْمَحْرَمُ، فَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا امْتَنَعَ السَّفَرُ مَعَهُ، وَالْأَوْجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِالنِّسْوَةِ الثِّقَاتِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَيْضًا تَرْكُ الْكُلِّ كَمَا فِي الْبَسِيطِ عَنْ الْأَصْحَابِ لِانْقِطَاعِ أَطْمَاعِهِنَّ مِنْ الْوَقَاعِ كَالْإِيلَاءِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ لَمْ يَرْضَيْنَ (وَفِي سَائِرِ الْأَسْفَارِ) إلَّا لِنَقْلَةِ (الطَّوِيلَةِ وَكَذَا الْقَصِيرَةُ فِي الْأَصَحِّ يَسْتَصْحِبُ) غَيْرُ الْمُغَرَّبِ لِلزِّنَا عَلَى مَا يَأْتِي (بَعْضَهُنَّ) وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ (بِقُرْعَةٍ) وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَاحِبَةِ النَّوْبَةِ لِلِاتِّبَاعِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، فَإِنْ اسْتَصْحَبَ وَاحِدَةً بِلَا قُرْعَةٍ أَثِمَ وَقُضِيَ لِلْبَاقِيَاتِ مِنْ نَوْبَتِهَا إذَا عَادَتْ وَإِنْ لَمْ يَبِتْ عِنْدَهَا، إلَّا إنْ رَضِينَ فَلَا إثْمَ وَلَا قَضَاءَ، وَلَهُنَّ قَبْلَ سَفَرِهَا الرُّجُوعُ. وَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ بَلْ قَبْلَ بُلُوغِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ بَعِيدٌ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَوْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لِصَاحِبَةِ النَّوْبَةِ لَمْ تَدْخُلْ نَوْبَتَهَا، بَلْ إذَا رَجَعَ وَفَّاهَا إيَّاهَا، وَيُشْتَرَطُ فِي السَّفَرِ هُنَا كَوْنُهُ مُرَخَّصًا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ عَلَى قَدْرِ الضَّرُورَةِ) أَفْهَمَ أَنَّهَا لَوْ سَافَرَتْ بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ بِإِذْنِ الزَّوْجِ لَا يُقْضَى لَهَا مَا اسْتَقَرَّ قَبْلَ سَفَرِهَا لِاخْتِيَارِهَا لَهُ (قَوْلُهُ: وَبِإِذْنِهِ لِغَرَضِهِ) أَيْ وَلَوْ مَعَ غَرَضِهَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَا نَهْيَ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا مَعَهُ (قَوْلُهُ: فَمَعَ قُدْرَتِهِ كَذَلِكَ) أَيْ فَلَا حَقَّ لَهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَمْتَعَ بِهَا) ظَاهِرُهُ أَنَّ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا فِي جُزْءٍ مِنْ السَّفَرِ يُوجِبُ نَفَقَتَهَا وَالْقَسْمَ لَهَا فِي جَمِيعِهِ فَلْيُرَاجَعْ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا بَعْدَ الِاسْتِمْتَاعِ لِأَنَّ اسْتِمْتَاعَهُ بِهَا رِضًا بِمُصَاحَبَتِهَا لَهُ وَأَمَّا الْوُجُوبُ فِيمَا قَبْلَهُ فَفِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: مَعَ الزَّوْجِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ سَفَرُهُ مَعْصِيَةً، وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وَالِامْتِنَاعُ مِنْهُ لِعِصْيَانِهِ بِهِ نُشُوزٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْعُهَا لِلْمَعْصِيَةِ بَلْ لِاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَكُنْ مَعْذُورَةً بِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ) كَشِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ فِي الطَّرِيقِ لَا تُطِيقُ السَّفَرَ مَعَهُ وَلَيْسَ مِنْهُ مُجَرَّدُ مُفَارِقَةِ أَهْلِهَا وَعَشِيرَتِهَا (قَوْلُهُ وَلِمَنْ أَرْسَلَهُنَّ مَعَ وَكِيلِهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِقُرْعَةٍ وَإِنْ جَازَ ذَلِكَ، وَفَائِدَةُ الْقُرْعَةِ إسْقَاطُ الْإِثْمِ لَا الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا امْتَنَعَ) أَيْ عَلَيْهِنَّ وَامْتَنَعَ عَلَى الزَّوْجِ الْإِذْنُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ إلَّا لِنَقْلَةٍ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: أَيْ الَّتِي لِغَيْرِ النَّقْلَةِ لِأَنَّ هَذَا قَسِيمُ قَوْلِهِ وَمَنْ سَافَرَ لِنَقْلَةٍ إلَخْ، فَلَا وَجْهَ لِلِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ بُلُوغِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ بَعِيدٌ) قَالَ سم عَلَى حَجّ قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ بَلْ قَبْلَ بُلُوغِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ قَدْ يُرَادُ بِهَا أَوَّلُهَا فَلَا يُنَافِي الْآتِي عَنْهُ (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ فِي السَّفَرِ هُنَا) أَيْ الْمُسْقِطِ لِلْقَضَاءِ لِلْبَاقِيَاتِ (قَوْلُهُ: كَوْنُهُ مُرَخَّصًا) لَعَلَّهُ اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ دُونَ الْقَصِيرِ لِمَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ بِغَيْرِ إذْنٍ وَلَا نَهْيٍ) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهَا مَعَهُ.

وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ مَا دَامَ يَتَرَخَّصُ وَلَوْ فِي مُدَّةِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ ثَمَّ، بَلْ جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ، إذْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّ هَذَا مِنْ رُخَصِهِ فَفِي نَحْوِ سَفَرِ مَعْصِيَةٍ مَتَى سَافَرَ بِبَعْضِهِنَّ أَثِمَ مُطْلَقًا وَقَضَى لِلْبَاقِيَاتِ، وَيَلْزَمُ مَنْ عَيَّنَتْهَا الْقُرْعَةُ لَهُ الْإِجَابَةُ وَلَوْ مَحْجُورَةً وَفِي بَحْرٍ غَلَبَتْ فِيهِ السَّلَامَةُ كَمَا مَرَّ، وَالثَّانِي لَا يَسْتَصْحِبُ بَعْضَهُنَّ بِقُرْعَةٍ فِي الْقَصِيرِ، فَإِنْ فَعَلَ قَضَى لِأَنَّهُ كَالْإِقَامَةِ (وَلَا يَقْضِي) لِلزَّوْجَاتِ الْمُتَخَلِّفَاتِ (مُدَّةَ) ذَهَابِ (سَفَرِهِ) لِأَنَّ الْمُسَافِرَةَ قَدْ لَحِقَهَا مِنْ الْمَشَقَّةِ مَا يَزِيدُ عَلَى تَرَفُّهِهَا بِصُحْبَتِهِ (فَإِنْ وَصَلَ الْمَقْصِدَ) بِكَسْرِ الصَّادِ أَوْ غَيْرَهُ (وَصَارَ مُقِيمًا) بِنِيَّةِ إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ عِنْدَ وُصُولِهِ (قَضَى مُدَّةَ الْإِقَامَةِ) إنْ لَمْ يَعْتَزِلْهَا فِيهَا لِامْتِنَاعِ التَّرَخُّصِ حِينَئِذٍ، وَلَوْ كَتَبَ لِلْبَاقِيَاتِ يَسْتَحْضِرُهُنَّ عِنْدَ الْإِقَامَةِ بِبَلَدٍ قَضَى مِنْ حِينِ الْكِتَابَةِ كَمَا صَوَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَسَكَتَا عَنْ تَرْجِيحِهِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَلَوْ سَافَرَ بِهَا لِحَاجَةٍ بِلَا قُرْعَةٍ قَضَى لِلْبَاقِيَاتِ جَمِيعَ الْمُدَّةِ وَلَوْ لَمْ يَبِتْ مَعَهَا مَا لَمْ يُخَلِّفْهَا فِي بَلَدٍ، فَإِنْ خَلَّفَهَا فِي بَلَدٍ لَمْ يَقْضِ لَهُنَّ كَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ (لَا الرُّجُوعَ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ مِنْ بَقِيَّةِ سَفَرِهِ الْمَأْذُونِ فِيهِ فَلَا نَظَرَ لِتَخَلُّلِ إقَامَةٍ قَاطِعَةٍ وَلَا مُدَّةِ الذَّهَابِ أَيْضًا، لَكِنْ هَلْ يَقْضِي مُدَّةَ الذَّهَابِ مِنْ الْمَحَلِّ الْآخَرِ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ أَرْجَحُهُمَا لَا، وَلَوْ أَقَامَ بَعْدَ مُدَّةٍ ثُمَّ أَنْشَأَ سَفَرًا مِنْهُ أَمَامَهُ، فَإِنْ كَانَ نَوَى ذَلِكَ أَوَّلًا فَلَا قَضَاءَ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ سَفَرُهُ بَعْدَ انْقِطَاعِ تَرَخُّصِهِ قَضَى وَإِلَّا فَلَا. وَالثَّانِي يَقْضِي لِأَنَّهُ سَفَرٌ جَدِيدٌ بِلَا قُرْعَةٍ. (وَمَنْ) (وَهَبَتْ حَقَّهَا) مِنْ الْقَسْمِ لِغَيْرِهَا (لَمْ يَلْزَمْ الزَّوْجَ الرِّضَا) بِهَا لِأَنَّ اسْتِمْتَاعَ حَقِّهِ فَيَبِيتُ عِنْدَهَا فِي لَيْلَتِهَا (فَإِنْ رَضِيَ) بِالْهِبَةِ (وَوَهَبَتْ لِمُعَيَّنَةٍ) مِنْهُنَّ (بَاتَ عِنْدَهَا) وَإِنْ لَمْ تَرْضَ هِيَ بِذَلِكَ (لَيْلَتَيْهِمَا) لِلِاتِّبَاعِ لِمَا وَهَبَتْ سَوْدَةُ نَوْبَتَهَا لِعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ـــــــــــــــــــــــــــــSاسْتِصْحَابِهَا فِيهِ بِالْقُرْعَةِ (قَوْلُهُ: وَقَضَى لِلْبَاقِيَاتِ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهَا السَّفَرُ مَعَهُ إذَا خَرَجَتْ لَهَا الْقُرْعَةُ أَوْ كَانَتْ مُنْفَرِدَةً (قَوْلُهُ مُدَّةَ ذَهَابِ سَفَرِهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: قَضَى مِنْ حِينِ الْكِتَابَةِ) يُتَأَمَّلُ هَذَا فَإِنَّهُ يَقْضِي مِنْ حِينِ الْإِقَامَةِ كَتَبَ أَوْ لَمْ يَكْتُبْ فَلَا وَجْهَ لِقَوْلِهِ قَضَى مِنْ حِينِ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَقْضِ لَهُنَّ) أَيْ مَا بَعْدَ التَّخَلُّفِ مَا لَمْ يَعُدْ مِنْ سَفَرِهِ وَيَسْتَصْحِبُهَا مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي خَلَّفَهَا فِيهِ فَيَقْضِي مُدَّةَ اسْتِصْحَابِهَا (قَوْلُهُ: وَلَا مُدَّةَ الذَّهَابِ) يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَلَا يَقْضِي مُدَّةَ ذَهَابِ سَفَرِهِ، وَقَوْلُهُ الْآتِي وَلَوْ أَقَامَ بَعْدَ مُدَّةِ إلَخْ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ هَذَا الذَّهَابَ هُوَ عَيْنُ السَّفَرِ الْآتِي بَعْدَ الْإِقَامَةِ، وَيُمْكِنُ عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ إقَامَةُ فَيُغَايِرُ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: مِنْ الْمَحَلِّ الْآخَرِ) أَيْ الَّذِي أَقَامَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَامَ بَعْدَ مُدَّةٍ) أَيْ بَعْدَ وُصُولِهِ مَقْصِدَهُ (قَوْلُهُ قَضَى) أَيْ الزَّائِدَ فَقَطْ، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَمَّا اسْتَصْحَبَ السَّفَرَ جَعَلَ كُلَّهُ مُقْتَضِي الْقُرْعَةَ، بِخِلَافِ مَا إذَا وُجِدَتْ الْإِقَامَةُ الْقَاطِعَةُ لِلسَّفَرِ فَإِنَّ السَّفَرَ الثَّانِيَ جَدِيدٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلِ فَجَرَى فِيهِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ فَيَبِيتُ عِنْدَهَا) أَيْ قَهْرًا عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: لِلِاتِّبَاعِ) أَيْ «لِاتِّبَاعِ فِعْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِنِيَّةِ إقَامَةٍ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِأَجْلِ قَوْلِ الْمَتْنِ قَضَى مُدَّةَ الْإِقَامَةِ،؛ لِأَنَّهُ إذَا صَارَ مُقِيمًا بِلَا نِيَّةٍ لَا يَقْضِي إلَّا مَا زَادَ عَلَى مُدَّةِ التَّرَخُّصِ، وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَادُ بِالْإِقَامَةِ الْإِقَامَةُ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَتَبَ لِلْبَاقِيَاتِ) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ سَافَرَ لِحَاجَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضِ. وَحَاصِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ لِلْأَصْحَابِ وَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ سَافَرَ لِحَاجَةٍ وَأَقَامَ ثُمَّ كَتَبَ يَسْتَحْضِرُ الْبَاقِيَاتِ هَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَقْضِيَ مَا بَعْدَ الْكِتَابَةِ أَوْ لَا يَقْضِي إلَّا مَا قَبْلَهَا إنْ كَانَ فَعَلَ مَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ، أَيْ؛ لِأَنَّ إقْبَالَهُ عَلَى الْبَاقِيَاتِ بِالْمُكَاتَبَةِ رَافِعٌ لِلْإِقْبَالِ عَلَى مُسَاكَنَةِ الَّتِي مَعَهُ كَمَا وَجَّهَهُ بِهِ الْفَهَّامَةُ سم وَرَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلَ، وَبِهَذَا تَعْلَمُ مَا فِي سِيَاقِ الشَّارِحِ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْمُوهِمَ لِمُغَايِرَتِهَا لِمَا قَبْلَهَا مِنْ حَيْثُ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: نَقَلَهُ الْأَصْلُ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ لِشَرْحِ الرَّوْضِ نَقَلَهَا الشَّارِحُ بِرُمَّتِهَا وَذَاكَ مُرَادُهُ بِالْأَصْلِ الرَّوْضَةُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ هَلْ يَقْضِي إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَقَضِيَّتُهُ أَيْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ أَثْنَاءَ السَّفَرِ إقَامَةً طَوِيلَةً ثُمَّ سَافَرَ لِلْمَقْصِدِ لَمْ يَقْضِ مُدَّةَ السَّفَرِ بَعْدَ تِلْكَ الْإِقَامَةِ بِغَيْرِ مَا ذَكَرُوهُ فِي الرُّجُوعِ وَهُوَ أَحَدُ احْتِمَالَيْنِ لِلشَّيْخَيْنِ لَمْ أَرَ مَنْ رَجَّحَ مِنْهُمَا شَيْئًا (قَوْلُهُ: وَلَا مُدَّةَ الذَّهَابِ)

وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْهِبَةُ عَنْ قَوَاعِدِ الْهِبَاتِ وَلِذَا لَمْ يُشْتَرَطْ رِضَا الْمَوْهُوبِ لَهَا، بَلْ يَكْفِي رِضَا الزَّوْجِ لِأَنَّ الْحَقَّ مُشْتَرِكٌ بَيْنَ الْوَاهِبَةِ وَبَيْنَهُ إذْ لَيْسَ لَنَا هِبَةٌ يُقْبَلُ فِيهَا غَيْرُ الْمَوْهُوبِ لَهُ مَعَ تَأَهُّلِهِ لِلْقَبُولِ إلَّا هَذِهِ، وَلَا يُوَالِيهِمَا إنْ كَانَتَا مُتَفَرِّقَتَيْنِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَأْخِيرِ حَقٍّ مِنْ بَيْنِهِمَا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ تَقَدَّمَتْ لَيْلَةُ الْوَاهِبَةِ وَأَرَادَ تَأْخِيرَهَا جَازَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَكَذَا لَوْ تَأَخَّرَتْ فَأَخَّرَ نَوْبَةَ الْمَوْهُوبِ لَهَا بِرِضَاهَا كَمَا أَفْهَمَهُ التَّعْلِيلُ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ النَّقِيبِ (وَقِيلَ) فِي الْمُنْفَصِلَتَيْنِ (يُوَالِيهِمَا) إنْ شَاءَ (أَوْ) وَهَبَتْ (لَهُنَّ) أَوْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا (سَوَّى) بَيْنَ الْبَاقِيَاتِ وُجُوبًا لِأَنَّهَا صَارَتْ كَالْمَعْدُومَةِ (أَوْ) وَهَبَتْ (لَهُ فَلَهُ التَّخْصِيصُ) لِوَاحِدَةٍ فَأَكْثَرَ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فَلَهُ وَضْعُهُ حَيْثُ شَاءَ مُرَاعِيًا مَا مَرَّ فِي الْمُوَالَاةِ أَوْ وَهَبَتْ لَهُ وَلِبَعْضِ الزَّوْجَاتِ أَوْ لَهُ وَلِلْجَمِيعِ قَسَمَ عَلَى الرُّءُوسِ كَمَا لَوْ وَهَبَ شَخْصٌ عَيْنًا لِجَمَاعَةٍ أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَقِيلَ يُسَوِّي) فَتُجْعَلُ الْوَاحِدَةُ كَالْمَعْدُومَةِ هُنَا أَيْضًا لِأَنَّ التَّخْصِيصَ يُورِثُ الْإِيحَاشَ، وَلَوْ أَخَذَتْ عَلَى حَقِّهَا عِوَضًا لَزِمَهَا رَدُّهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَيْنًا وَلَا مَنْفَعَةً فَلَا يُقَابَلُ بِمَالٍ لَكِنْ يَقْضِي لَهَا لِأَنَّهَا لَمْ تُسْقِطْهُ مَجَّانًا، وَمَرَّ أَنَّ مَا فَاتَ قَبْلَ عِلْمِ الزَّوْجِ بِرُجُوعِهَا لَا يَقْضِي، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ هِبَةُ رَجْعِيَّةٍ قَبْلَ رَجْعَتِهَا، وَاسْتَنْبَطَ السُّبْكِيُّ مِمَّا هُنَا وَمِنْ خُلْعِ الْأَجْنَبِيِّ جَوَازَ النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ بِعِوَضٍ وَدُونَهُ وَاَلَّذِي اسْتَقَرَّ رَأْيُهُ عَلَيْهِ حَلَّ بَذْلُ الْعِوَضِ مُطْلَقًا وَأَخَذَهُ إنْ كَانَ النَّازِلُ أَهْلًا لَهَا، وَهُوَ حِينَئِذٍ لِإِسْقَاطِ حَقِّ النَّازِلِ فَهُوَ مُجَرَّدُ افْتِدَاءٍ، وَبِهِ فَارَقَ مَنْعُ بَيْعِ حَقِّ التَّحَجُّرِ وَشِبْهِهِ كَمَا هُنَا لَا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمَنْزُولِ لَهُ بِهَا أَوْ بِشَرْطِ حُصُولِهَا لَهُ، بَلْ يَلْزَمُ نَاظِرَ الْوَظِيفَةِ تَوْلِيَةُ مَنْ تَقْتَضِيهِ الْمَصْلَحَةُ الشَّرْعِيَّةُ وَلَوْ غَيْرَ الْمَنْزُولِ لَهُ، وَلَهَا الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ مَتَى شَاءَتْ وَيَخْرُجُ بَعْدَهُ فَوْرًا، وَلَوْ بَاتَ فِي نَوْبَةِ وَاحِدَةٍ عِنْدَ غَيْرِهَا ثُمَّ ادَّعَى هِبَتَهَا وَأَنْكَرَتْ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSحِينَ وَهَبَتْ سَوْدَةُ» إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلِذَا لَمْ يُشْتَرَطْ) أَيْ وَلَا كَوْنُهَا رَشِيدَةً (قَوْلُهُ: وَلِبَعْضِ الزَّوْجَاتِ) أَيْ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا (قَوْلُهُ: حَلَّ بَذْلُ الْعِوَضِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ النَّازِلُ أَهْلًا أَوْ غَيْرَهُ عَلَى مَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ وَأَخَذَهُ إنْ كَانَ النَّازِلُ أَهْلًا، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِطْلَاقِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ حُصُولِهَا لَهُ أَوْ عَدَمُهُ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ الْآتِي أَوْ بِشَرْطِ حُصُولِهَا إلَخْ عَطْفًا عَلَيْهِ، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ بَعْدُ بَلْ يَلْزَمُ نَاظِرَ إلَخْ لِمُجَرَّدِ الِانْتِقَالِ فَهُوَ بِمَعْنَى الْوَاوِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْعِوَضُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَيْرَ الْمَنْزُولِ لَهُ) أَيْ وَلَا رُجُوعَ عَلَى النَّازِلِ كَمَا مَرَّ، وَفِيمَا إذَا نَزَلَ مَجَّانًا وَلَمْ يَقْصِدْ إسْقَاطَ حَقِّهِ إلَّا لِلْمَنْزُولِ لَهُ فَقَطْ لَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ أَنْ يُقَرِّرَ كَهِبَةٍ لَمْ تُقْبَضْ، وَحِينَئِذٍ لَا يَجُوزُ لِلنَّاظِرِ تَقْرِيرُ غَيْرِ النَّازِلِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ لَهُ عَزْلُهُ اهـ حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ وَلَا رُجُوعَ عَلَى النَّازِلِ هَذَا نَاظِرٌ إذَا كَانَ بَذْلُ الْعِوَضِ عَلَى مُجَرَّدِ النُّزُولِ، أَمَّا لَوْ بَذَلَهُ عَلَى النُّزُولِ وَالْحُصُولُ لَهُ فَيَنْبَغِي الرُّجُوعُ اهـ م ر. وَقَوْلُهُ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ نَظَرٌ، وَيُتَّجَهُ خِلَافُهُ وَسُقُوطُ حَقِّهِ بِمُجَرَّدِ النُّزُولِ لَهُ مُطْلَقًا اهـ م ر. أَقُولُ: بَقِيَ مَا لَوْ أَفْهَمَ النَّازِلُ الْمَنْزُولَ لَهُ زِيَادَةَ مَعْلُومِ الْوَظِيفَةِ عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي اسْتَقَرَّتْ الْعَادَةُ بِصَرْفِهِ وَتَبَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْمَنْزُولِ لَهُ خِلَافُهُ فَهَلْ لِلْمَنْزُولِ لَهُ الرُّجُوعُ بِمَا بَذَلَهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الرُّجُوعِ لِأَنَّ الْمَنْزُولَ لَهُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ الْبَحْثِ (قَوْلُهُ: بَعْدَهُ) أَيْ إنْ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ وَإِلَّا انْعَزَلَ عَنْهَا فِي مَحَلٍّ آخَرَ مِنْ الْبَيْتِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا وَجَبَ لَهَا الْقَضَاءُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQهُوَ مُكَرَّرٌ مَعَ مَا حَلَّ بِهِ الْمَتْنَ آنِفًا. (قَوْلُهُ: وَلَا يُوَالِيهِمَا) هُوَ مُرَادُ الْمَتْنِ بِقَوْلِهِ لَيْلَتَيْهِمَا: أَيْ عَلَى حُكْمِهَا مِنْ التَّفْرِيقِ إنْ كَانَتَا مُتَفَرِّقَتَيْنِ بِدَلِيلِ الْقِيلِ الْآتِي (قَوْلُهُ: أَوْ لَهُ وَلِلْجَمِيعِ قَسْمٌ عَلَى الرُّءُوسِ) أَيْ بِأَنْ يَجْعَلَ نَفْسَهُ بِرَأْسٍ ثُمَّ يَخُصَّ بِنَوْبَتِهِ مَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ هَكَذَا ظَهَرَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: كَمَا هُنَا) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْقَسْمِ.

[فصل في بعض أحكام النشوز وسوابقه ولواحقه]

فَصْلٌ فِي بَعْضِ أَحْكَامِ النُّشُوزِ وَسَوَابِقِهِ وَلَوَاحِقِهِ إذَا (ظَهَرَ أَمَارَاتُ نُشُوزِهَا) كَخُشُونَةِ جَوَابٍ وَتَعْبِيسٍ بَعْدَ طَلَاقَةٍ وَإِعْرَاضٍ بَعْدَ إقْبَالٍ (وَعَظَهَا نَدْبًا) أَيْ حَذَّرَهَا عِقَابَ الدُّنْيَا بِالضَّرْبِ وَسُقُوطِ الْمُؤَنِ وَالْقَسْمِ وَالْآخِرَةَ بِالْعَذَابِ، قَالَ تَعَالَى {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ} [النساء: 34] وَيَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ لَهَا خَبَرَ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا بَاتَتْ الْمَرْأَةُ هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ» (بِلَا هَجْرٍ) وَلَا ضَرْبٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يَكُونَ نُشُوزًا فَلَعَلَّهَا تَعْتَذِرُ أَوْ تَتُوبُ وَحَسُنَ أَنْ يَسْتَمِيلَهَا بِشَيْءٍ، وَالْمُرَادُ نَفْيُ هَجْرٍ يُفَوِّتُ حَقَّهَا مِنْ نَحْوِ قَسْمٍ لِحُرْمَتِهِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ هَجْرِهَا فِي الْمَضْجَعِ فَلَا يَحْرُمُ لِأَنَّهُ حَقُّهُ كَمَا مَرَّ (فَإِنْ) (تَحَقَّقَ نُشُوزًا) كَمَنْعِ تَمَتُّعٍ وَخُرُوجٍ بِغَيْرِ عُذْرٍ (وَلَمْ يَتَكَرَّرْ وَعَظَ وَهَجَرَ فِي الْمَضْجَعِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ: أَيْ الْوَطْءِ أَوْ الْفِرَاشِ لِظَاهِرِ الْآيَةِ لَا فِي الْكَلَامِ لِحُرْمَتِهِ لِكُلِّ أَحَدٍ فِيمَا زَادَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، إلَّا إنْ قَصَدَ بِهِ رَدَّهَا عَنْ الْمَعْصِيَةِ، وَإِصْلَاحَ دِينِهَا لَا حَظَّ نَفْسَهُ وَلَا الْأَمْرَيْنِ فِيمَا يَظْهَرُ لِجَوَازِ الْهَجْرِ لِعُذْرٍ شَرْعِيٍّ كَكَوْنِ الْمَهْجُورِ نَحْوَ فَاسِقٍ أَوْ مُبْتَدِعٍ وَكَصَلَاحِ دِينِهِ أَوْ دِينِ الْهَاجِرِ، وَمِنْ ثَمَّ «هَجَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الثَّلَاثَةَ الَّذِينَ خُلِّفُوا وَنَهَى الصَّحَابَةَ عَنْ كَلَامِهِمْ» ، وَيُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا مَا جَاءَ مِنْ مُهَاجَرَةِ السَّلَفِ (وَلَا يَضْرِبُ فِي الْأَظْهَرِ) لِعَدَمِ تَأَكُّدِ الْجِنَايَةِ بِالتَّكَرُّرِ (قُلْت: الْأَظْهَرُ يَضْرِبُ) أَيْ يَجُوزُ لَهُ بِشَرْطِ عِلْمِهِ بِإِفَادَتِهِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ وَلَمْ يُؤْخَذْ بِهِ فِي الْمَرْتَبَةِ الْأُولَى لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ (فَإِنْ تَكَرَّرَ ضَرَبَ) إنْ عَلِمَ ذَلِكَ أَيْضًا مَعَ وَعْظِهِ وَهَجْرِهِ وَالْأَوْلَى الْعَفْوُ وَلَا يَجُوزُ ضَرْبٌ مُدْمٍ أَوْ مُبَرِّحٌ وَهُوَ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ مَا يَعْظُمُ أَلَمُهُ عُرْفًا وَإِنْ لَمْ تَنْزَجِرْ إلَّا بِهِ حَرُمَ الْمُبَرِّحُ وَغَيْرُهُ كَمَا يَأْتِي، وَلَا يُنَافِي قَوْلُ الرُّويَانِيِّ عَنْ الْأَصْحَابِ يَضْرِبُهَا بِمِنْدِيلٍ مَلْفُوفٍ أَوْ بِيَدِهِ لَا بِسَوْطٍ وَلَا بِعَصَا مَا يَأْتِي فِي سَوْطِ الْحُدُودِ وَالتَّعَازِيرِ، لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْحَقُّ هُنَا لِنَفْسِهِ وَالْعَفْوُ فِي حَقِّهِ أَوْلَى خُفِّفَ فِيهِ مَا لَمْ يُخَفَّفْ فِي غَيْرِهِ، عَلَى أَنَّ الْأَوْجَهَ جَوَازُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ) فِي بَعْضِ أَحْكَامِ النُّشُوزِ (قَوْلُهُ: وَسَوَابِقِهِ) أَيْ ظُهُورِ الْأَمَارَاتِ، وَقَوْلُهُ وَلَوَاحِقِهِ: أَيْ كَبَعْثِ الْحَكَمَيْنِ (قَوْلُهُ: كَخُشُونَةِ جَوَابٍ) أَيْ بَعْدَ لِينٍ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ هَجْرِهَا فِي الْمَضْجَعِ) هَذَا يَقْتَضِي اتِّحَادَ حُكْمِ ظُهُورِ أَمَارَةِ النُّشُوزِ وَتَحَقُّقَهُ فِي الْهَجْرِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ تَحَقَّقَ إلَخْ، وَقَدْ يُقَالُ: الْمُرَادُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ جَازَ لَهُ الْهَجْرُ فِي الْمَضْجَعِ وَإِنَّ تَحَقُّقَهُ طُلِبَ مِنْهُ (قَوْلُهُ بِفَتْحِ الْجِيمِ) يُقَالُ ضَجَعَ الرَّجُلُ: وَضَعَ جَنْبَهُ بِالْأَرْضِ، وَبَابُهُ قَطَعَ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: كَكَوْنِ الْمَهْجُورِ نَحْوَ فَاسِقٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَ هَجْرُهُ لَا يُفِيدُ تَرْكُهُ الْفِسْقَ وَلَا الْبِدْعَةَ، نَعَمْ لَوْ عَلِمَ أَنَّ هَجْرَهُ يَحْمِلُهُ عَلَى زِيَادَةِ الْفِسْقِ فَيَنْبَغِي امْتِنَاعُهُ (قَوْلُهُ: الثَّلَاثَةَ الَّذِينَ خُلِّفُوا) وَهُمْ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ وَصَاحِبَاهُ مُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ وَهِلَالُ ابْنُ أُمَيَّةَ اهـ رَوْضٌ. أَقُولُ: وَيَجْمَعُ أَسْمَاءَهُمْ بِاعْتِبَارِ الْأَوَائِلِ مَكَّةُ وَأَسْمَاءَ آبَائِهِمْ بِاعْتِبَارِ الْأَوَاخِرِ مَكَّةَ (قَوْلُهُ: مَا جَاءَ مِنْ مُهَاجَرَةِ السَّلَفِ) أَيْ تَرْكُ بَعْضِهِمْ الْكَلَامَ لِبَعْضٍ (قَوْلُهُ: فِي الْمَرْتَبَةِ الْأُولَى) وَهِيَ مَا لَوْ ظَهَرَتْ أَمَارَاتُ النُّشُوزِ (قَوْلُهُ إنْ عُلِمَ ذَلِكَ) أَيْ أَنَّهُ يُفِيدُ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى الْعَفْوُ) أَيْ بِخِلَافِ وَلِيِّ الصَّبِيِّ فَالْأَوْلَى لَهُ عَدَمُ الْعَفْوِ لِأَنَّ ضَرْبَهُ لِلتَّأْدِيبِ مَصْلَحَةٌ لَهُ وَضَرْبُ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ مَصْلَحَةٌ لِنَفْسِهِ شَرْحُ رَوْضٍ. (قَوْلُهُ: مَا يَعْظُمُ أَلَمُهُ عُرْفًا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يُخْشَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي بَعْضِ أَحْكَامِ النُّشُوزِ وَسَوَابِقِهِ وَلَوَاحِقِهِ] (فَصْلٌ) فِي بَعْضِ أَحْكَامِ النُّشُوزِ (قَوْلُهُ: أَيْ الْوَطْءُ أَوْ الْفِرَاشُ) أَيْ وَإِنْ أَدَّى إلَى تَفْوِيتِ حَقِّهَا مِنْ الْقَسْمِ لِمَا هُوَ مَعْلُومٌ أَنَّ النُّشُوزَ يُسْقِطُ حَقَّهَا مِنْ ذَلِكَ وَبِهَذَا فَارَقَ مَا مَرَّ فِي الرُّتْبَةِ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالْهَجْرِ فِي الْمَضْجَعِ إيثَارًا لِلَفْظِ الْآيَةِ كَمَا هُوَ عَادَتُهُ فِي هَذَا

بِسَوْطٍ وَعَصَا هُنَا أَيْضًا، وَلَا عَلَى وَجْهٍ أَوْ مُهْلِكٍ وَلَا لِنَحْوِ نَحِيفَةٍ لَا تُطِيقُهُ، وَقَدْ يُسْتَغْنَى عَنْهُ وَلَا أَنْ يَبْلُغَ ضَرْبُ حُرَّةٍ أَرْبَعِينَ وَغَيْرِهَا عِشْرِينَ، أَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُفِيدُ فَيَحْرُمُ لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ مُسْتَغْنًى عَنْهَا، وَإِنَّمَا ضَرَبَ لِلْحَدِّ وَالتَّعْزِيرِ مُطْلَقًا وَلَوْ لِلَّهِ لِعُمُومِ الْمَصْلَحَةِ ثَمَّ وَلَمْ يَجِبْ الرَّفْعُ هُنَا لِلْحَاكِمِ لِمَشَقَّتِهِ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ رَدُّهَا لِلطَّاعَةِ كَمَا أَفَادَهُ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا} [النساء: 34] نَعَمْ خَصَّصَ الزَّرْكَشِيُّ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ وَإِلَّا فَيَتَعَيَّنُ الرَّفْعُ إلَى الْحَاكِمِ، وَلَوْ ادَّعَى أَنَّ سَبَبَ الضَّرْبِ النُّشُوزُ وَأَنْكَرَتْ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ كَمَا بَحَثَهُ فِي الْمَطْلَبِ لِأَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَهُ وَلِيًّا عَلَيْهَا، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِسُقُوطِ شَيْءٍ مِنْ حَقِّهَا فَلَا، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ تَكَرَّرَ ضَرَبَ تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَلَمْ يَتَكَرَّرْ بَعْدَ مَا ذُكِرَ فِيهِ مِنْ الرَّاجِحِ وَمُقَابِلِهِ، وَأَيْضًا فَفِيهِ فَائِدَةُ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ عِنْدَ تَكَرُّرِهِ مَحَلُّ اتِّفَاقٍ بَيْنَ الرَّافِعِيِّ وَالْمُصَنِّفِ وَأَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ بَيْنَهُمَا عِنْدَ انْتِفَائِهِ، فَلَوْ قَدَّمَهُ لِتَوَهُّمِ جَرَيَانِ الْخِلَافِ بَيْنَهُمَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ أَيْضًا، فَقَوْلُ الشَّارِحِ لَوْ قَدَّمَهُ عَلَى الزِّيَادَةِ وَقَيَّدَ الضَّرْبَ فِيهَا بِعَدَمِ التَّكَرُّرِ كَأَنْ أَقْعَدَ مَمْنُوعٌ، بَلْ الْأَقْعَدُ مَا فَعَلَهُ لِأَنَّ التَّصْرِيحَ بِالْمَفْهُومِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ مَا فِي الْمَنْطُوقِ (فَلَوْ مَنَعَهَا حَقَّهَا كَقَسْمٍ وَنَفَقَةٍ أَلْزَمَهُ الْقَاضِي تَوْفِيَتَهُ) إذَا طَلَبَتْهُ، فَإِنْ لَمْ يَتَأَهَّلْ لِكَوْنِهِ مَحْجُورًا أَلْزَمَهُ وَلِيُّهُ بِذَلِكَ، وَلَهُ بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ فِي ضَرْبِهَا لِلنُّشُوزِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ تَأْدِيبِهَا لِحَقِّهِ كَشَتْمِهِ لِمَشَقَّةِ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ (فَإِنْ أَسَاءَ خُلُقَهُ وَآذَاهَا) بِنَحْوِ ضَرْبٍ بِلَا سَبَبٍ نَهَاهُ مِنْ غَيْرِ تَعْزِيرٍ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ جَوَازَهُ عِنْدَ طَلَبِهَا مُمْتَنِعٌ لِأَنَّ إسَاءَةَ الْخُلُقِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ تَكْثُرُ وَالتَّعْزِيرُ عَلَيْهَا يُورِثُ وَحْشَةً فَاقْتُصِرَ عَلَى نَهْيِهِ رَجَاءَ أَنْ يَلْتَئِمَ الْحَالُ بَيْنَهُمَا كَمَا أَفَادَهُ السُّبْكِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَقَوْلُ الْغَزَالِيِّ يُحَالُ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَعُودَ لِلْعَدْلِ مَحْمُولٌ عَلَى تَحَقُّقِ تَعَدِّيهِ عَلَيْهَا، وَمَنْ نَفَاهَا أَرَادَ الْحَالَةَ الَّتِي بِخِلَافِ الْأَوَّلِ. قَالَ الشَّيْخُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَيْلُولَةَ بَعْدَ التَّعْزِيرِ وَالْإِسْكَانِ، وَلَوْ كَانَ لَا يَتَعَدَّى عَلَيْهَا وَإِنَّمَا يَكْرَهُ صُحْبَتَهَا لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ وَيَعْرِضُ عَنْهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَيُسَنُّ لَهَا اسْتِعْطَافُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْهُ مَحْذُورُ تَيَمُّمٍ لَكِنْ صَرَّحَ حَجّ بِخِلَافِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى وَجْهٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُؤْذِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا ضَرَبَ) أَيْ ضَرَبَ الْقَاضِي (قَوْلُهُ وَالتَّعْزِيرُ مُطْلَقًا) أَيْ أَفَادَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ نَعَمْ خَصَّصَ الزَّرْكَشِيُّ) مُعْتَمَدُ (قَوْلِهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ تَعْلَمْ جَرَاءَتَهُ وَاسْتِهْتَارَهُ حِينَئِذٍ وَإِلَّا لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ اهـ حَجّ: أَيْ فَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا صُدِّقَتْ فِي أَنَّهُ تَعَدَّى بِضَرْبِهَا فَيُعَزِّرُهُ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِسُقُوطِ شَيْءٍ) لَمْ يَتَقَدَّمْ مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مُحْتَرِزًا لَهُ، لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْهُ تَقْيِيدُ مَا سَبَقَ كَأَنْ يُقَالَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ بِالنِّسْبَةِ لِسُقُوطِ التَّعْزِيرِ (قَوْلُهُ بَعْدَ مَا ذُكِرَ) مُتَعَلِّقٌ بِتَصْرِيحِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَعْزِيرٍ) أَيْ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى لِمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَيْلُولَةَ بَعْدَ التَّعْزِيرِ) يُتَأَمَّلُ مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا مِنْ غَيْرِ تَعْزِيرٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ الْغَزَالِيَّ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ حَيْثُ نَهَاهُ وَلَمْ يَمْتَنِعْ بَلْ عَادَ لِإِسَاءَتِهَا فَعَزَّرَهُ وَأَسْكَنَهُ بِجِوَارِ مَنْ يَعْرِفُ وَلَمْ يَفْدِ ذَلِكَ مَعَهُ (قَوْلُهُ: وَالْإِسْكَانُ) أَيْ بِجِوَارِ عَدْلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْكِتَابِ الشَّارِحِ. وَإِنَّمَا فَسَّرَ الْمُرَادَ بِالْمَضْجَعِ (قَوْلُهُ: لَا عَلَى وَجْهٍ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ ضَرْبٌ مُدْمٍ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُسْتَغْنَى عَنْهُ) لَعَلَّهُ سَقَطَ عَقِبَهُ لَفْظُ بِالْمُبَرِّحِ مِنْ الْكَتَبَةِ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا ضُرِبَ) هُوَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ: أَيْ وَإِنَّمَا جَازَ الضَّرْبُ: أَيْ مِنْ الْحَاكِمِ لِلْحَدِّ وَالتَّعْزِيرِ إلَخْ، وَقَدْ ذَكَرَ الشِّهَابُ سم أَنَّ الشَّارِحَ ضَرَبَ عَلَى هَذَا بَعْدَ أَنْ تَبِعَ فِيهِ حَجّ وَقَالَ: هَذَا لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يُحَدُّ وَلَا يُعَزَّرُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى. اهـ. وَكَأَنَّهُ قَرَأَ ضَرَبَ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ الَّتِي بِخِلَافِ الْأَوَّلِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ بِظَنِّ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَيْلُولَةَ بَعْدَ التَّعْزِيرِ إلَخْ) وَحِينَئِذٍ فَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ التَّعْزِيرِ الْآتِي كَمَا صَنَعَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.

بِمَا يَجِبُ كَأَنْ تَسْتَرْضِيَهُ بِتَرْكِ بَعْضِ حَقِّهَا كَمَا «تَرَكَتْ سَوْدَةُ نَوْبَتَهَا لِعَائِشَةَ فَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْسِمُ لَهَا يَوْمَهَا وَيَوْمَ سَوْدَةَ» ، كَمَا أَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ إذَا كَرِهَتْ صُحْبَتَهُ لِمَا ذُكِرَ أَنْ يَسْتَعْطِفَهَا بِمَا تُحِبُّ مِنْ زِيَادَةِ النَّفَقَةِ وَنَحْوِهَا كَمَا مَرَّ (فَإِنْ عَادَ) إلَيْهِ (عَزَّرَهُ) بِطَلَبِهَا بِمَا يَرَاهُ (وَإِنْ) (قَالَ كُلٌّ) مِنْ الزَّوْجَيْنِ (إنَّ صَاحِبَهُ مُتَعَدٍّ) عَلَيْهِ (تَعَرَّفَ) وُجُوبًا فِيمَا يَظْهَرُ إنْ لَمْ يَظُنَّ فِرَاقَهُ لَهَا وَلَمْ يَنْدَفِعْ مَا ظَنَّهُ بَيْنَهُمَا مِنْ الشَّرِّ إلَّا بِالتَّعَرُّفِ (الْقَاضِي الْحَالُّ) بَيْنَهُمَا (بِثِقَةٍ يَخْبُرُهُمَا) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ ثَالِثِهِ بِمُجَاوَرَتِهِ لَهُمَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا جَارٌ ثِقَةٌ أَسْكَنَهُمَا بِجَنْبِ ثِقَةٍ وَأَمَرَهُ بِتَعَرُّفِ حَالِهِمَا وَيُنْهَيَا إلَيْهِ لِعُسْرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ، وَكَلَامُهُ كَالرَّافِعِيِّ صَرِيحٌ فِي اعْتِبَارِ الْعَدَالَةِ دُونَ الْعَدَدِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي التَّهْذِيبِ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الظَّاهِرُ اعْتِبَارُ مَنْ تَسْكُنُ النَّفْسُ لِخَبَرِهِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْخَبَرِ لَا الشَّهَادَةِ، وَأَيَّدَهُ غَيْرُهُ بِأَنَّهُمْ يَشْتَرِطُوا صِيغَةَ شَهَادَةٍ وَلَا نَحْوَ حُضُورِ خَصْمٍ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ الِاكْتِفَاءُ بِعَدْلِ الرِّوَايَةِ (وَمَنَعَ الظَّالِمَ) مِنْ ظُلْمِهِ بِنَهْيِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ بِغَيْرِ تَعْزِيرٍ وَثَانِيًا بِتَعْزِيرٍ وَيُعَزِّرُهَا مُطْلَقًا، وَكَانَ الْفَرْقُ أَنَّ لَهُ شُبْهَةً مِنْ حَيْثُ إنَّ الشَّارِعَ جَعَلَهُ وَلِيًّا عَلَيْهَا فِي التَّأْدِيبِ فَاحْتِيطَ لَهُ بِخِلَافِهَا (فَإِنْ اشْتَدَّ الشِّقَاقُ) أَيْ الْخِلَافُ (بَعَثَ الْقَاضِي) وُجُوبًا لِلْآيَةِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ دَفْعِ الظِّلَامَاتِ، وَهُوَ مِنْ الْفُرُوضِ الْعَامَّةِ عَلَى الْقَاضِي (حَكَمًا) وَيُسَنُّ كَوْنُهُ (مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا) وَيُسَنُّ كَوْنُهُ (مِنْ أَهْلِهَا) فَلَا يَكْفِي حُكْمُ وَاحِدٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ يَنْظُرَانِ فِي أَمْرِهِمَا بَعْدَ اخْتِلَاءِ حَكَمِ كُلٍّ بِهِ وَمَعْرِفَةِ مَا عِنْدَهُ (وَهُمَا وَكِيلَانِ لَهُمَا) لِأَنَّهُمَا رَشِيدَانِ فَلَا يُوَلِّي عَلَيْهِمَا فِي حَقِّهِمَا إذْ الْبُضْعُ حَقُّهُ وَالْمَالُ حَقُّهَا (وَفِي قَوْلٍ) حَاكِمَانِ (مُوَلَّيَانِ مِنْ) جِهَةِ (الْحَاكِمِ) لِتَسْمِيَتِهِمَا فِي الْآيَةِ حَكَمَيْنِ، وَقَدْ يُوَلِّي عَلَى الرَّشِيدِ كَالْمُفْلِسِ وَيُرَدُّ بِأَنَّ التَّوْلِيَةَ عَلَى الْمُفْلِسِ لَا لِذَاتِهِ وَمَا هُنَا بِخِلَافِهِ. (فَعَلَى الْأَوْلَى يُشْتَرَطُ رِضَاهُمَا) وَيُشْتَرَطُ فِي الْحَكَمَيْنِ تَكْلِيفٌ وَإِسْلَامٌ وَحُرِّيَّةٌ وَعَدَالَةٌ وَاهْتِدَاءٌ لِلْمَقْصُودِ الْمَبْعُوثِ مِنْ أَجْلِهِ لَا الذُّكُورَةُ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ فِيهِمَا ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُمَا وَكِيلَانِ لِتَعَلُّقِ وَكَالَتِهِمَا بِنَظَرِ الْحَاكِمِ كَمَا فِي أَمِينِهِ (فَيُوَكِّلُ) الزَّوْجُ (حَكَمَهُ) إنْ شَاءَ (بِطَلَاقٍ وَقَبُولِ عِوَضِ خُلْعٍ وَتُوَكِّلُ) الزَّوْجَةُ إنْ شَاءَتْ (حَكَمَهَا بِبَذْلِ عِوَضٍ) لِلْخُلْعِ (وَقَبُولِ طَلَاقٍ بِهِ) ثُمَّ يَفْعَلَانِ الْأَصْلَحَ مِنْ صُلْحٍ أَوْ تَفْرِيقٍ، فَإِنْ اخْتَلَفَ رَأْيُهُمَا بَعَثَ الْقَاضِي أَمِينَيْنِ غَيْرَهُمَا لِيَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ تَوَافُقِهِمَا أَدَّبَ الْقَاضِي الظَّالِمَ وَاسْتَوْفَى حَقَّ الْمَظْلُومِ، وَلَوْ أُغْمِيَ عَلَى أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ جُنَّ قَبْلَ الْبَعْثِ امْتَنَعَ أَوْ غَابَ أَحَدُهُمَا بَعْدَهُ نَفَذَ أَمْرُهُمَا كَبَقِيَّةِ الْوُكَلَاءِ، وَلَا يَجُوزُ لِوَكِيلٍ فِي طَلَاقٍ أَنْ يُخَالِعَ لِأَنَّ تَوَكُّلَهُ وَإِنْ أَفَادَهُ مَالًا فَوَّتَ عَلَيْهِ الرَّجْعَةَ، وَلَا لِوَكِيلٍ فِي خُلْعٍ أَنْ يُطَلِّقَ مَجَّانًا، وَلَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ خُذْ مَالِي مِنْهَا ثُمَّ طَلِّقْهَا، أَوْ طَلِّقْهَا عَلَى أَنْ تَأْخُذَ مَالِي مِنْهَا اشْتَرَطَ تَقَدُّمَ أَخْذِ الْمَالِ عَلَى الطَّلَاقِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ خُذْ مَالِي مِنْهَا وَطَلِّقْهَا كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ تَصْحِيحِ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّهُ، لِأَنَّ الْوَكِيلَ يَلْزَمُهُ الِاحْتِيَاطُ فَلَزِمَهُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْوَاوُ لِلتَّرْتِيبِ، فَإِنْ قَالَ طَلِّقْهَا ثُمَّ خُذْ مَالِي مِنْهَا جَازَ تَقْدِيمُ أَخْذِ الْمَالِ عَلَى مَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَكَالتَّوْكِيلِ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ فِيمَا ذُكِرَ التَّوْكِيلُ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجَةِ كَأَنْ قَالَتْ خُذْ مَالِي مِنْهُ ثُمَّ اخْتَلِعْنِي ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: كَمَا تَرَكَتْ سَوْدَةُ) أَيْ لِإِرَادَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَلَاقَهَا لِكِبَرِهَا (قَوْلُهُ: أَسْكَنَهُمَا) أَيْ وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ زِيَادَةُ الْمُؤْنَةِ لِأَنَّ مَصْلَحَةَ السُّكْنَى تَعُودُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ الِاكْتِفَاءُ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ بِعَدْلِ الرِّوَايَةِ أَيْ كَعَبْدٍ وَامْرَأَةٍ (قَوْلُهُ: وَيُعَزِّرُهَا مُطْلَقًا) أَيْ وَلَوْ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ (قَوْلُهُ: لَا الذُّكُورَةُ) أَيْ وَلَكِنْ تُسَنُّ اهـ مَنْهَجٌ (قَوْلُهُ: امْتَنَعَ) أَيْ الْبَعْثُ حَتَّى يُفِيقَا وَيَأْذَنَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ خُذْ مَالِي) أَيْ الَّذِي هُوَ تَحْتَ يَدِهَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ اخْتَلِعْنِي) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَظُنَّ فِرَاقَهُ لَهَا) كَأَنَّ مُرَادَهُ بِهَذَا التَّقْيِيدِ أَنَّهُ إذَا ظَنَّ أَنَّ مُرَادَهُ فِرَاقُهَا وَأَنَّ الْحَالَ لَا يَلْتَئِمُ بَيْنَهُمَا يُسَمَّى فِي فِرَاقِهِمَا بِغَيْرِ تَعَرُّفٍ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَلَوْ أُغْمِيَ عَلَى أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ إلَخْ) فِي الرَّوْضِ قَبْلَ هَذَا مَا نَصُّهُ: فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَى أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ جُنَّ وَلَوْ بَعْدَ اسْتِعْلَامِ الْحَاكِمِ رَأْيَهُ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُمَا، وَإِنْ أُغْمِيَ عَلَى أَحَدِهِمَا إلَى آخِرِ مَا فِي الشَّارِحِ.

[كتاب الخلع]

كِتَابُ الْخُلْعِ بِالضَّمِّ مِنْ الْخَلْعِ بِالْفَتْحِ وَهُوَ النَّزْعُ، لِأَنَّ كُلًّا لِبَاسٌ لِلْآخَرِ كَمَا فِي الْآيَةِ. وَأَصْلُهُ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ} [النساء: 4] الْآيَةَ، وَخَبَرُ الْبُخَارِيِّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ وَقَدْ سَأَلَتْهُ زَوْجَتُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا عَلَى حَدِيقَتِهَا الَّتِي أَصْدَقَهَا إيَّاهَا: خُذْ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً» وَهُوَ أَوَّلُ خُلْعٍ فِي الْإِسْلَامِ، وَهُوَ مَكْرُوهٌ، وَقَدْ يُسْتَحَبُّ كَالطَّلَاقِ، وَسَوَاءٌ فِي جَوَازِهِ حَالَةَ الشِّقَاقِ وَالْوِفَاقِ، فَلَوْ حَلَفَ بِالثَّلَاثِ عَلَى مَا لَا بُدَّ مِنْ فِعْلِهِ كَانَ فِي التَّخَلُّصِ بِهِ تَفْصِيلٌ يَأْتِي فِي الطَّلَاقِ، وَإِذَا فَعَلَ الْخُلْعَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَلْيَشْهَدْ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ إذَا أَعَادَهَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ وَإِنْ صَدَّقَتْهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ أَنَّ اتِّفَاقَهُمَا عَلَى مُفْسِدٍ لِلْعَقْدِ بَعْدَ الثَّلَاثِ لَا يُفِيدُ رَفْعَ التَّحْلِيلِ، وَإِنَّمَا قُبِلَتْ الْبَيِّنَةُ هُنَا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى أَمْرِهِ بِالْإِشْهَادِ لِإِثْمٍ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّهَا هُنَا لَا تَرْفَعُ الْعَقْدَ الْمُوجِبَ لِلْوُقُوعِ بِخِلَافِهَا ثَمَّ فَكَانَتْ التُّهْمَةُ فِيهَا أَقْوَى، وَلَوْ مَنَعَهَا نَحْوَ نَفَقَتِهَا لِتَخْتَلِعَ مِنْهُ بِمَالٍ فَفَعَلَتْ بَطَلَ الْخُلْعُ وَوَقَعَ رَجْعِيًّا أَوَّلًا بِقَصْدِ ذَلِكَ وَقَعَ بَاطِنًا وَيَأْثَمُ بِمَنْعِهِ فِي الْحَالَيْنِ وَإِنْ تَحَقَّقَ زِنَاهَا، كَذَا نَقَلَهُ فِي الشَّامِلِ وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ لَكِنَّهُ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ، وَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ قَرِيبٌ مِنْ الْخِلَافِ فِي بَيْعِ الْمَصَادِرِ لِأَنَّهُ إذَا مَنَعَهَا حَقَّهَا لَمْ يُكْرِهَهَا عَلَى الْخُلْعِ بِخُصُوصِهِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَمَّا اقْتَرَنَ الْمَنْعُ بِقَصْدِ الْخُلْعِ وَكَانَ يَعْسُرُ تَخْلِيصُ مِثْلِ ذَلِكَ مِنْهُ بِالْحَاكِمِ لِمَشَقَّتِهِ وَتَكَرُّرِهِ، نُزِّلَ مَنْزِلَةَ الْإِكْرَاهِ بِالنِّسْبَةِ لِالْتِزَامِ الْمَالِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ (هُوَ فُرْقَةٌ بِعِوَضٍ) مَقْصُودٍ كَمَيْتَةٍ، وَقَوَدٍ لَهَا عَلَيْهِ رَاجِعٌ لِجِهَةِ الزَّوْجِ أَوْ سَيِّدِهِ، وَلَوْ كَانَ الْعِوَضُ تَقْدِيرًا كَأَنْ خَالَعَهَا عَلَى مَا فِي كَفِّهَا وَهُمَا عَالِمَانِ بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، إذْ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فَيُشْتَرَطُ تَقْدِيمُ أَخْذِ الْمَالِ عَلَى الِاخْتِلَاعِ، فَلَوْ خَالَعَ قَبْلَ أَخْذِ الْمَالِ لَمْ يَصِحَّ. كِتَابُ الْخُلْعِ (قَوْلُهُ: «خُذْ الْحَدِيقَةَ» ) عِبَارَةُ الشَّيْخِ فِي مَنْهَجِهِ: «اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ» إلَخْ، فَلَعَلَّهُمَا رِوَايَتَانِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُسْتَحَبُّ) أَيْ كَأَنْ كَانَتْ تُسِيءُ عِشْرَتَهَا مَعَهُ عَلَى مَا يَأْتِي، وَقَضِيَّةُ اقْتِصَارِهِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ بَقِيَّةُ الْأَحْكَامِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْ فِعْلِهِ) أَيْ عَلَى تَرْكِ مَا لَا بُدَّ لَهُ إلَخْ سم عَلَى حَجّ وَمِثْلُهُ فِعْلُ مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْ تَرْكِهِ عَلَى مَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ (قَوْلُهُ فَلْيَشْهَدْ عَلَيْهِ) أَيْ نَدْبًا (قَوْلُهُ: وَوَقَعَ رَجْعِيًّا) ضَعِيفٌ وَقَوْلُهُ وَقَعَ بَائِنًا أَيْ لِعَدَمِ الْإِكْرَاهِ (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ) أَيْ فَتَبَيَّنَ وَيَلْزَمُهَا مَا الْتَزَمَتْهُ فِي الصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ) غَايَةُ (قَوْلِهِ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ) أَيْ أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْخُلْعِ] ِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْ فِعْلِهِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فِي التَّفْصِيلِ الْآتِي؛ لِأَنَّهُ جَارٍ فِي عُمُومِ الْحَلِفِ عَلَى شَيْءٍ وَإِنْ اسْتَغْنَى عَنْهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، وَإِنَّمَا هُوَ قَيْدٌ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ فِي أَنَّهُ هَلْ يُنْدَبُ حِينَئِذٍ الْخُلْعُ أَوْ لَا، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَقَدْ يُسْتَحَبُّ كَالطَّلَاقِ وَيَزِيدُ هَذَا بِنَدْبِهِ لِمَنْ حَلَفَ بِالثَّلَاثِ عَلَى شَيْءٍ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ فِعْلِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِكَثْرَةِ الْقَائِلِينَ بِعَوْدِ الصِّفَةِ، فَالْوَجْهُ أَنَّهُ مُبَاحٌ لِذَلِكَ لَا مَنْدُوبٌ، عَلَى أَنَّ فِي التَّخَلُّصِ بِهِ تَفْصِيلًا يَأْتِي فِي الطَّلَاقَ فَتَفَطَّنْ لَهُ. اهـ. وَقَوْلُهُ لِكَثْرَةِ الْقَائِلِينَ إلَخْ: أَيْ فَلَمَّا جَرَى الْخِلَافُ فِي أَصْلِ التَّخَلُّصِ بِهِ انْتَفَى وَجْهُ الِاسْتِحْبَابِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ الصُّورَةِ) يَعْنِي فِي مُطْلَقِ مَا يَتَخَلَّصُ بِالْخُلْعِ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّ الْفَرْقَ) أَيْ بَيْنَ مَا إذَا مَنَعَهَا نَفَقَتَهَا لِتَخْتَلِعَ وَمَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ إلَخْ) وَصْفٌ لِعِوَضٍ (قَوْلُهُ: أَوْ سَيِّدِهِ) قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ التَّعْبِيرِ

قَوْلُهُ فِي كَفِّهَا صِلَةٌ لِمَا أَوْ صِفَةٌ لَهَا غَايَتُهُ أَنَّهُ وَصَفَهُ بِصِفَةٍ كَاذِبَةٍ فَتَلْغُو فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ خَالَعَهَا عَلَى شَيْءٍ مَجْهُولٍ، وَكَذَا عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ صَدَاقِهَا وَلَا شَيْءَ لَهَا عَلَيْهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ اكْتِفَائِهِمْ فِي الْعِوَضِ بِالتَّقْدِيرِ صِحَّةُ مَا أَفْتَى بِهِ جَمْعٌ فِيمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ إنْ أَبْرَأْتنِي مِنْ مَهْرِك فَأَنْت طَالِقٌ فَأَبْرَأَتْهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ لِأَنَّهَا مَالِكَةٌ لِلْمَهْرِ حَالَ الْإِبْرَاءِ، وَإِذَا صَحَّ لَا يَرْتَفِعُ وَإِنْ ذَهَبَ آخَرُونَ إلَى عَدَمِ الْوُقُوعِ لِأَنَّ مِنْ لَازِمِهِ رُجُوعُ النِّصْفِ إلَيْهِ فَلَمْ يَبْرَأْ مِنْ الْجَمِيعِ فَلَمْ يُوجَدْ الْمُعَلَّقُ بِهِ مِنْ الْإِبْرَاءِ مِنْ كُلِّهِ، وَلِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِصِفَةٍ يَقَعُ مُقَارِنًا لَهَا كَمَا ذَكَرُوهُ فِي تَعَالِيقِ الطَّلَاقِ بِمُقْتَضَى لَفْظِهِ وَتَأْيِيدُ بَعْضِهِمْ ذَلِكَ بِصِحَّةِ خُلْعِهَا الْمُنْجَزِ بِهِ لَكِنَّهُ يُرَجَّحُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ لِفَسَادِ نِصْفِ عِوَضِهِ بِرُجُوعِهِ بِهِ لِلزَّوْجِ مَمْنُوعٌ إذْ لَا مُلَازَمَةَ لِمَا مَرَّ أَنَّهَا لَوْ أَبْرَأَتْهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ وَبِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِمْ فِي تَعَالِيقِ الطَّلَاقِ الشَّرْطُ عِلَّةٌ وَضْعِيَّةٌ وَالطَّلَاقُ مَعْلُولُهَا فَيَتَقَارَنَانِ فِي الْوُجُودِ كَالْعِلَّةِ الْحَقِيقِيَّةِ مَعَ مَعْلُولِهَا أَنَّهُ إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ قَارَنَهُ الْمَشْرُوطُ فَهُنَا إذَا وُجِدَ الْإِبْرَاءُ قَارَنَهُ الطَّلَاقُ، وَالتَّشْطِيرُ إنَّمَا يُوجَدُ عَقِبَ الطَّلَاقِ وَعَقِبَهُ لَمْ يَبْقَ مَهْرٌ حَتَّى يَتَشَطَّرَ عَلَى أَنَّ جَمْعًا عَلَى تَقَدُّمِهَا بِالزَّمَانِ عَلَى مَعْلُولِهَا وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ، بَلْ عَلَى الْأَوَّلِ بَيْنَهُمَا تَقَدُّمٌ وَتَأَخُّرٌ مِنْ حَيْثُ الرُّتْبَةِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَالْخُلْعِ الْمُنْجَزِ بِأَنَّ الْبَرَاءَةَ وُجِدَتْ فِي ضِمْنِهِ وَفِي مَسْأَلَتِنَا وُجِدَتْ مُتَقَدِّمَةً عَلَى وَقْتِ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى مَا فِي ذِمَّتِهِ وَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ أَوْ وَهُمَا جَاهِلَانِ بِمَا فِيهَا فَيَجِبُ مَهْرُ مِثْلٍ (قَوْلُهُ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ) أَيْ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ لِأَنَّهَا لَمْ تَأْخُذْ مِنْهُ عِوَضًا كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ (قَوْلُهُ: الْمُنْجَزِ بِهِ) أَيْ صَدَاقِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ (قَوْلُهُ: بَلْ عَلَى الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِجِهَةٍ (قَوْلُهُ: غَايَتُهُ أَنَّهُ وَصَفَهُ بِصِفَةٍ) أَيْ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ لِيَشْمَلَ الصِّلَةَ. (قَوْلُهُ: وَيَقَعُ الطَّلَاقُ) أَيْ وَلَا يَرْجِعُ إلَيْهِ شَطْرُ الصَّدَاقِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي فِي دَفْعِ الْمُلَازَمَةِ لِمَا مَرَّ أَنَّهَا لَوْ أَبْرَأَتْهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ، وَمِنْ قَوْلِهِ فِي الْفَرْقِ الْآتِي آخِرَ السَّوَادَةِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْهُ شَيْءٌ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْقَوْلَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ مِنْ لَازِمِهِ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ: أَيْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَلَا يُفِيدُ جَوَابُهُ الْآتِي. اهـ. وَمُرَادُهُ بِجَوَابِهِ الْآتِي الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ فِيمَا يَأْتِي إذْ لَا مُلَازَمَةَ إلَخْ، وَكَأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ الشِّهَابَ حَجّ الَّذِي تَبِعَهُ الشَّارِحُ فَهِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا التَّوْجِيهِ أَنَّهُ عَامٌّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَغَيْرِهَا فَرَدَّ عَلَيْهِ بِمَا ذَكَرَ، وَوَجْهُ الرَّدِّ أَنَّ التَّوْجِيهَ قَاصِرٌ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ، وَمَا أُشِيرَ إلَيْهِ فِي الْجَوَابِ الْآتِي بِمَا مَرَّ فِي غَيْرِهَا، وَظَاهِرٌ أَنَّ الشِّهَابَ حَجّ إنَّمَا فَهِمَ أَنَّ التَّوْجِيهَ لِهَذِهِ الصُّورَةِ وَوَجْهُ جَوَابِهِ حِينَئِذٍ أَنَّ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهَا لَوْ أَبْرَأَتْهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ شَامِلٌ لِهَذِهِ الصُّورَةِ، وَهُوَ مُنَاقَضٌ بِمَا ذَكَرَ فِيهَا هُنَا مِنْ الْحُكْمِ، فَجَوَابُهُ مُفِيدٌ. نَعَمْ فَرَّقَ الشِّهَابُ سم فِي قَوْلِهِ غَيْرُ هَذِهِ الصُّورَةِ وَبَيْنَ مَا مَرَّ بِأَنَّهَا ثَمَّ لَمْ تَأْخُذْ شَيْئًا، وَهُنَا مَلَكَتْ نَفْسَهَا فِي نَظِيرِ الْبَرَاءَةِ فَهِيَ فِي مَعْنَى الْمُفَوَّضَةِ (قَوْلُهُ: بِمُقْتَضَى لَفْظِهِ) لَعَلَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يَقَعُ (قَوْلُهُ: إذْ لَا مُلَازَمَةَ إلَخْ) هُوَ دَفْعٌ لِلْمُلَازَمَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ مِنْ لَازِمِهِ إلَخْ: وَأَمَّا وَجْهُ قَوْلِهِ مَمْنُوعٌ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَالْخُلْعِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِمْ) مُرَادُهُ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَلِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِصِفَةٍ إلَخْ، لَكِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي لَفْظِهِ مَا يُسَوِّغُ عَطْفَ هَذَا عَلَيْهِ وَهُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ لِحَجِّ، لَكِنَّ ذَاكَ عَبَّرَ قَبْلَ هَذَا بَدَلًا عَنْ قَوْلِ الشَّارِحِ إذْ لَا مُلَازَمَةَ إلَخْ بِمَا نَصُّهُ: وَيُجَابُ بِمَنْعِ الْمُلَازَمَةِ إلَخْ، فَسَاغَ لَهُ عَطْفُ هَذَا عَلَى مَنْعٍ. (قَوْلُهُ: إنَّمَا يُوجَدُ عَقِبَ الطَّلَاقِ) قَالَ الشِّهَابُ سم: قَدْ يُقَالُ الطَّلَاقُ عِلَّةُ التَّشْطِيرِ وَالْمَعْلُولُ يُقَارِنُ عِلَّتَهُ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْبَرَاءَةَ إلَخْ) قَالَ

التَّشْطِيرِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْهُ شَيْءٌ لَهُ، أَمَّا فُرْقَةٌ بِلَا عِوَضٍ أَوْ بِعِوَضٍ غَيْرِ مَقْصُودٍ كَدَمٍ أَوْ بِمَقْصُودٍ رَاجِعٍ لِغَيْرِ مَنْ مَرَّ كَأَنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى إبْرَائِهَا زَيْدًا عَمَّا لَهَا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ خُلْعًا بَلْ يَقَعُ رَجْعِيًّا (بِلَفْظِ طَلَاقٍ) أَيْ بِلَفْظٍ مُحَصِّلٍ لَهُ صَرِيحٍ أَوْ كِنَايَةً وَمِنْ ذَلِكَ لَفْظُ الْمُفَادَاةِ الْآتِي، وَلِكَوْنِ لَفْظِ الْخُلْعِ الْأَصْلَ فِي الْبَابِ عَطْفُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ بَابِ عَطْفِ الْأَخَصِّ عَلَى الْأَعَمِّ فَقَالَ (أَوْ خُلْعٍ) فَالْمُرَادُ بِالْخُلْعِ فِي التَّرْجَمَةِ مَعْنَاهُ كَمَا أَفَادَهُ حَدُّهُ لَهُ. وَأَرْكَانُهُ زَوْجٌ وَمُلْتَزِمٌ وَبُضْعٌ وَعِوَضٌ وَصِيغَةٌ (شَرْطُهُ) الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ لِصِحَّتِهِ فَلَا يُنَافِي كَوْنُهُ رُكْنًا (زَوْجٌ) أَيْ صُدُورُهُ مِنْ زَوْجٍ وَشَرْطُ الزَّوْجِ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ (يَصِحُّ طَلَاقُهُ) لِأَنَّهُ طَلَاقٌ فَلَا يَصِحُّ مِمَّنْ لَا يَصِحُّ طَلَاقُهُ مِمَّنْ يَأْتِي فِي بَابِهِ (فَلَوْ) (خَالَعَ عَبْدٌ أَوْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ) زَوْجَتَهُ مَعَهَا أَوْ مَعَ غَيْرِهَا (صَحَّ) وَلَوْ بِأَقَلَّ شَيْءٍ وَبِلَا إذْنٍ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يُطَلِّقَ مَجَّانًا فَبِعِوَضٍ أَوْلَى (وَوَجَبَ) عَلَى الْمُخْتَلِعِ (دَفْعُ الْعِوَضِ) الْعَيْنِ أَوْ الدَّيْنِ (إلَى مَوْلَاهُ) أَيْ الْعَبْدُ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ قَهْرًا، نَعَمْ الْمَأْذُونُ لَهُ يُسَلِّمُ لَهُ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ، وَكَذَا الْمُكَاتَبُ يُسَلِّمُ لِاسْتِقْلَالِهِ، وَكَذَا مُبَعَّضٌ خَالَعَ فِي نَوْبَتِهِ بِنَاءً عَلَى دُخُولِ الْكَسْبِ النَّادِرِ فِي الْمُهَايَأَةِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةً فَمَا يَخُصُّ حُرِّيَّتَهُ (وَوَلِيِّهِ) أَيْ السَّفِيهِ كَسَائِرِ أَمْوَالِهِ، فَإِنْ دَفَعَهُ لَهُ فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَفِي الْعَيْنِ يَأْخُذُهَا الْوَلِيُّ، فَإِنْ عَلِمَ إنْ قَصَّرَ حَتَّى تَلِفَتْ ضَمِنَهَا فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ، فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا وَتَلِفَتْ فِي يَدِ السَّفِيهِ رَجَعَ عَلَى الْمُخْتَلِعِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ لَا الْبَدَلِ: أَيْ لِأَنَّهُ ضَامِنُهُ ضَمَانَ عَقْدٍ لَا ضَمَانَ يَدٍ، وَفِي الدَّيْنِ يَرْجِعُ الْوَلِيُّ عَلَى الْمُخْتَلِعِ بِالْمُسَمَّى لِبَقَائِهِ فِي ذِمَّتِهِ لِعَدَمِ الْقَبْضِ الصَّحِيحِ، وَيَسْتَرِدُّ الْمُخْتَلِعُ مِنْ السَّفِيهِ مَا سَلَّمَهُ إلَيْهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: عَلَى إبْرَائِهَا زَيْدًا) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ عُلِّقَ طَلَاقُهَا عَلَى إبْرَائِهَا لَهُ مِنْ صَدَاقِهَا أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَقَعُ بَائِنًا وَمِنْهُ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ التَّعْلِيقِ عَلَى الزَّوْجِ بِأَنَّهُ إنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ غَابَ عَنْهَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَأَبْرَأَتْهُ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ مَثَلًا مِنْ صَدَاقِهَا أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا تَسْتَحِقُّهُ عَلَيْهِ تَكُونُ طَالِقًا مِنْهُ فَحَيْثُ ثَبَتَ وُجُودُ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَأَبْرَأَتْهُ بَرَاءَةً صَحِيحَةً طَلُقَتْ بَائِنًا وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ خَالَعَ بِمَجْهُولٍ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ عَلِمَاهُ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ زَكَاةٌ وَأَبْرَأَتْهُ غَيْرُ مَحْجُورٍ عَلَيْهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: بِلَفْظٍ مُحَصِّلٍ لَهُ) أَيْ لِلطَّلَاقِ بِمَعْنَى حَلِّ الْعِصْمَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْفُرْقَةُ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ زَوْجَتُهُ مَعَهَا) أَيْ وَلَوْ بِوَكِيلِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ غَيْرِهَا) أَيْ كَأَجْنَبِيٍّ، وَقَوْلُهُ نَعَمْ الْمَأْذُونُ لَهُ: فِي الْخُلْعِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْمُكَاتَبُ) أَيْ كِتَابَةً صَحِيحَةً أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى دُخُولِ الْكَسْبِ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: فَمَا يَخُصُّ حُرِّيَّتَهُ) أَيْ فَيُسَلِّمُ لَهُ مَا يَخُصُّ إلَخْ أَوْ خَالَعَ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ فَكُلُّ الْعِوَضِ لِلسَّيِّدِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ دَفَعَهُ) أَيْ الْمُلْتَزِمُ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ إذْنِهِ) أَيْ الْوَلِيِّ، وَقَوْلُهُ ضَمِنَهَا: أَيْ الْوَلِيُّ، وَقَوْلُهُ رَجَعَ، أَيْ الْوَلِيُّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ ضَمَانَهُ) أَيْ عِوَضِ الْخُلْعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالشِّهَابُ سم: قَدْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْبَرَاءَةَ وَإِنْ كَانَتْ فِي ضِمْنِهِ لَكِنَّ الطَّلَاقَ يُقَارِنُهَا، وَالتَّشْطِيرُ إنَّمَا يُوجَدُ عَقِبَهُ كَمَا قَالَ وَعَقِبَهُ لَمْ يَبْقَ مَهْرٌ حَتَّى يَتَشَطَّرَ فَتَأَمَّلْهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: مِنْ بَابِ عَطْفِ الْأَخَصِّ) قَالَ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ: يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ عَطْفَ الْأَخَصِّ شَرْطُهُ الْوَاوُ. (قَوْلُهُ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ إلَخْ) وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ أَيْضًا بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْجُمْلَةِ وَصْفُ الْخَبَرِ لَا عَيْنِهِ فَيَكُونُ الْخَبَرِ مُوَطِّئًا لِلْمَقْصُودِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ يَصِحُّ طَلَاقُهُ عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} [النمل: 55] وَالْوَصْفُ الْمَذْكُورُ شَرْطٌ بِلَا شَكٍّ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا صَنِيعُهُ فِي الْمُقَابِلِ الْآتِي حَيْثُ قَالَ وَشَرْطُ قَابِلِهِ وَلَمْ يَقُلْ وَشَرْطُهُ قَابِلٌ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ إنَّمَا هُوَ شَرْطُ الرُّكْنِ لَا ذَاتُهُ (قَوْلُهُ: أَيْ صُدُورُهُ مِنْ زَوْجٍ) هَذَا يُنَاسِبُ مَا ذَكَرْته فِي الْقَوْلَةِ قَبْلَهَا لَا مَا أَوَّلَ بِهِ الشَّارِحُ الْمَتْنَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ إلَخْ) لَمْ يُبَيِّنْ فِيمَا سَيَأْتِي الشِّقَّ الثَّانِي مِنْ هَذَا التَّفْصِيلِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ بِإِذْنِهِ وَقَدْ بَيَّنَهُ فِي التُّحْفَةِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: مِنْ مَالِ السَّفِيهِ) كَذَا فِي النُّسَخِ وَيَجِبُ حَذْفُ

فَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ لَمْ يُطَالِبْهُ. نَعَمْ لَوْ قَيَّدَ أَحَدُهُمَا الطَّلَاقَ بِالدَّفْعِ لَهُ: أَيْ أَوْ نَحْوِ إعْطَاءٍ أَوْ قَبْضٍ أَوْ إقْبَاضٍ جَازَ لَهَا أَنْ تَدْفَعَ إلَيْهِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا مُضْطَرَّةٌ لِيَقَعَ الطَّلَاقُ كَمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ، عَلَى أَنَّهُ عِنْدَ الدَّفْعِ لَيْسَ مِلْكَهُ حَتَّى تَكُونَ مُقَصِّرَةً بِتَسْلِيمِهِ لَهُ وَإِنَّمَا هُوَ مَلَكَهَا ثُمَّ يَمْلِكُهُ بَعْدُ، وَعَلَى الْوَلِيِّ الْمُبَادَرَةُ لِأَخْذِهِ مِنْهُ. (وَشُرِطَ قَابِلُهُ) أَوْ مُلْتَمِسَةٌ مِنْ زَوْجَتِهِ أَوْ أَجْنَبِيٌّ لِيَصِحَّ خُلْعُهُ مِنْ أَصْلِهِ تَكْلِيفٌ وَاخْتِيَارٌ وَبِالْمُسَمَّى نَعَمْ سَيَأْتِي أَنَّ الْوَكِيلَ السَّفِيهَ لَوْ أَضَافَ الْمَالَ إلَيْهَا يَقَعُ بِالْمُسَمَّى (إطْلَاقُ تَصَرُّفِهِ فِي الْمَالِ) بِأَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ أَوْ رِقٍّ لِأَنَّ الِاخْتِلَاعَ الْتِزَامُ الْمَالِ فَهُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ (فَإِنْ اخْتَلَعَتْ أَمَةٌ) وَمَحَلُّهُ فِي رَشِيدَةٍ وَإِلَّا فَكَالسَّفِيهَةِ الْحُرَّةُ فِيمَا يَأْتِي (بِلَا إذْنِ سَيِّدٍ) لَهَا رَشِيدٍ (بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنِ مَالِهِ) أَوْ مَالِ غَيْرِهِ أَوْ عَيْنِ اخْتِصَاصٍ كَذَلِكَ (بَانَتْ لِوُقُوعِهِ) بِعِوَضٍ فَاسِدٍ، نَعَمْ إنْ قَيَّدَ بِتَمْلِيكِهَا الْعَيْنَ لَمْ تَطْلُقْ (وَلِلزَّوْجِ فِي ذِمَّتِهَا مَهْرُ مِثْلٍ) يَتْبَعُهَا بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَالْيَسَارِ (فِي صُورَةِ الْعَيْنِ) إذْ هُوَ الْمُرَادُ حِينَئِذٍ، وَلَوْ خَالَعَتْهُ بِمَالٍ وَشَرَطَتْهُ لِوَقْتِ الْعِتْقِ فَسَدَ وَرَجَعَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَمُنَازَعَةُ السُّبْكِيّ فِيهِ بِأَنَّهُ شَرْطٌ يُوَافِقُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَكَيْفَ يُفْسِدُهُ؟ مَرْدُودَةٌ أَنَّهُ لَيْسَ مُقْتَضَاهُ اخْتِيَارًا وَإِنَّمَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ لِلضَّرُورَةِ، وَفِي قَوْلٍ قِيمَتُهَا إنْ تَقَوَّمَتْ وَإِلَّا فَمِثْلُهَا (وَ) لَهُ (فِي صُورَةِ الدَّيْنِ الْمُسَمَّى) كَمَا يَصِحُّ الْتِزَامُ الرَّقِيقِ بِطَرِيقِ الضَّمَانِ وَيُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ وَيَسَارِهِ، وَفِي قَوْلٍ مَهْرُ مِثْلٍ وَيَفْسُدُ الْمُسَمَّى وَرَجَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَجَرَى عَلَيْهِ كَثِيرُونَ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَهْلًا لِلِالْتِزَامِ (وَإِنْ أَذِنَ) لَهَا السَّيِّدُ فِي الِاخْتِلَاعِ (وَعَيَّنَ عَيْنًا لَهُ) أَيْ مِنْ مَالِهِ (أَوْ قَدَّرَ دَيْنًا) فِي ذِمَّتِهَا كَأَلْفِ دِرْهَمٍ (فَامْتَثَلَتْ تَعَلَّقَ) الزَّوْجُ (بِالْعَيْنِ) فِي الْأَوَّلِ عَمَلًا بِإِذْنِهِ، نَعَمْ إنْ أَذِنَ لَهَا أَنْ تُخَالِعَ بِرَقَبَتِهَا وَهِيَ تَحْتَ حُرٍّ أَوْ مُكَاتَبٍ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ الْمِلْكَ يُقَارِنُ الطَّلَاقَ فَيَمْنَعُهُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ لِمُوَرِّثِهِ بِمَوْتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مُضْطَرَّةٌ) أَيْ لِعَدَمِ إمْكَانِ تَخَلُّصِهَا بِدُونِ الدَّفْعِ لَهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالِاضْطِرَارِ أَنْ يَكُونَ ثَمَّ ضَرُورَةٌ تَدْعُوهَا إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْوَلِيِّ الْمُبَادَرَةُ لِأَخْذِهِ) أَيْ فَإِنْ قَصَّرَ ضَمِنَ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ فِي الْعَيْنِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَجْنَبِيٍّ لِيَصِحَّ) أَيْ الْتِزَامُهُ لِلْعِوَضِ (قَوْلُهُ: وَبِالْمُسَمَّى) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ أَصْلِهِ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ: أَيْ وَشَرْطُ قَابِلِهِ لِيَصِحَّ اخْتِلَاعُهُ بِالْمُسَمَّى إطْلَاقُ تَصَرُّفِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ نَعَمْ سَيَأْتِي أَنَّ الْوَكِيلَ) أَيْ عَنْ الْمُلْتَزِمِ الْمُطْلَقِ التَّصَرُّفِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَكَالسَّفِيهَةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَقَعُ رَجْعِيًّا وَلَا مَالَ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بِعَيْنِ مَالٍ لِلسَّيِّدِ أَذِنَ لَهَا فِي الِاخْتِلَاعِ بِهِ فَلْيُرَاجَعْ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ. وَيَنْبَغِي وُقُوعُهُ فِي هَذِهِ بَائِنًا لِأَنَّ الْمُلْتَزِمَ لِلْعِوَضِ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ: أَوْ عَيْنِ اخْتِصَاصٍ كَذَلِكَ) أَيْ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ تَطْلُقْ) هَذَا كَمَا تَرَى مَفْرُوضٌ عِنْدَ عَدَمِ الْإِذْنِ أَمَّا لَوْ أَذِنَ لَهَا السَّيِّدُ فِي الِاخْتِلَاعِ بِعَيْنٍ فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهَا تَطْلُقُ (قَوْلُهُ: يَتْبَعُهَا بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ) شَامِلٌ لِلْمُكَاتَبَةِ وَلَوْ كَانَتْ تُمْلَكُ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ. وَسَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ أَنَّهَا تُخَالِفُ الْأَمَةَ فِيمَا لَوْ اخْتَلَعَتْ بِدَيْنٍ بِلَا إذْنٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا يَصِحُّ الْتِزَامُ الرَّقِيقِ) أَيْ لِلدَّيْنِ، وَقَوْلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَفْظِ مَالٍ كَمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَبْضٍ أَوْ إقْبَاضٍ) أَيْ وَدَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ التَّمْلِيكَ لِيُوَافِقَ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ إذَا عَلَّقَ بِأَحَدِهِمَا وَقَعَ بِالْأَخْذِ بِالْيَدِ وَلَا يَمْلِكُ. (قَوْلُهُ: لِيَصِحَّ خُلْعُهُ مِنْ أَصْلِهِ تَكْلِيفٌ وَاخْتِيَارٌ وَبِالْمُسَمَّى إلَخْ) صَرِيحٌ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْخُلْعِ مِنْ أَصْلُهُ الرُّشْدُ، وَسَيَأْتِي فِي خُلْعِ السَّفِيهِ خِلَافُهُ فَكَانَ الْأَصْوَبُ إبْقَاءَ الْمَتْنِ عَلَى ظَاهِرِهِ نَعَمْ يَرِدُ عَلَى الْمَتْنِ صِحَّةُ خُلْعِ الْأَمَةِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إلَخْ) لَوْ أَخَّرَ هَذَا الِاسْتِدْرَاكَ عَنْ الْمُسْتَدْرَكِ عَلَيْهِ لَكَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: أَوْ عَيْنِ اخْتِصَاصٍ) إنَّمَا قَيَّدَ بِالْعَيْنِ لِأَجْلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَفِي صُورَةِ الدَّيْنِ الْمُسَمَّى (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَالَعَتْهُ بِمَالٍ إلَخْ) إنْ كَانَتْ الصُّورَةُ أَنَّ الْمَالَ دَيْنٌ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ فَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهَا عَنْ مَسْأَلَةِ الدَّيْنِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ: فِي الثَّانِيَةِ) الْأَصْوَبُ حَذْفُهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: فَكَمَا مَرَّ فِي الْأَمَةِ: أَيْ فَيَصِحُّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَمُرَادُ الشَّارِحِ

لَمْ تَطْلُقْ (وَبِكَسْبِهَا) الْحَادِثِ بَعْدَ الْخُلْعِ وَمَالِ تِجَارَتِهَا الَّذِي لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ دَيْنٌ (فِي الدَّيْنِ) فِي الثَّانِيَةِ عَمَلًا بِإِذْنِهِ أَيْضًا، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُكْتَسَبَةً وَلَا مَأْذُونَةً فَفِي ذِمَّتِهَا تُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهَا وَيَسَارِهَا، وَخَرَجَتْ بِ امْتَثَلْت مَا لَوْ زَادَتْ عَلَى الْمَأْذُونِ فِيهِ فَإِنَّهَا تُتْبَعُ بِالزَّائِدِ بَعْدَ الْعِتْقِ (وَإِنْ أَطْلَقَ الْإِذْنَ) بِأَنْ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ دَيْنًا وَلَا عَيْنًا (اقْتَضَى مَهْرَ مِثْلٍ) أَيْ مِثْلِهَا (مِنْ كَسْبِهَا) الْمَذْكُورِ وَمَا بِيَدِهَا مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ كَمَا لَوْ أَطْلَقَهُ لِعَبْدِهِ فِي النِّكَاحِ، فَإِنْ زَادَتْ عَلَيْهِ فَكَمَا مَرَّ، أَمَّا الْمُبَعَّضَةُ إنْ اُخْتُلِعَتْ عَلَى مَا مَلَكَتْهُ فَكَالْحُرَّةِ أَوْ عَلَى مَا يَمْلِكُهُ السَّيِّدُ فَكَالْأَمَةِ أَوْ عَلَى الْأَمْرَيْنِ أَعْطَى كُلٌّ حَكَمَهُ الْمَذْكُورَ، وَالْمُكَاتَبَةُ كَالْقِنَّةِ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ فِيهَا كَمَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ كَالرَّافِعِيِّ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ تَبَعًا لِلْجُمْهُورِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ هُنَا. نَعَمْ تُخَالِفُهَا فِيمَا لَوْ اُخْتُلِعَتْ بِدَيْنٍ بِلَا إذْنٍ، فَإِنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهَا مَهْرُ مِثْلِهَا فِي ذِمَّتِهَا، بِخِلَافِ الرَّقِيقَةِ غَيْرِ الْمُكَاتَبَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْمُسَمَّى فِي ذِمَّتِهَا، وَمَا وَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ هُنَا مِنْ أَنَّ الْمَذْهَبَ وَالْمَنْصُوصَ أَنَّ خُلْعَهَا بِإِذْنٍ كَهُوَ بِلَا إذْنٍ لَا يُطَابِقُ مَا فِي الرَّافِعِيِّ بَلْ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إنَّهُ غَلَطٌ. (وَإِنْ) (خَالَعَ سَفِيهَةً) أَيْ مَحْجُورًا عَلَيْهَا بِسَفَهٍ بِأَلْفٍ (أَوْ) (قَالَ طَلَّقْتُك عَلَى أَلْفٍ) أَوْ عَلَى هَذَا فَقَبِلَتْ أَوْ بِأَلْفٍ إنْ شِئْت فَشَاءَتْ فَوْرًا أَوْ قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا (فَقَبِلَتْ) (طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا) وَلَغَا ذِكْرُ الْمَالِ وَإِنْ أَذِنَ لَهَا الْوَلِيُّ فِيهِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهَا لِالْتِزَامِهِ، وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ صَرْفُ مَالِهَا فِي هَذَا وَنَحْوِهِ وَإِنْ تَعَيَّنَتْ الْمَصْلَحَةُ فِيهِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهَا، لَكِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُخْشَ عَلَى مَالِهَا مِنْ الزَّوْجِ وَلَمْ يُمْكِنْ دَفْعُهُ إلَّا بِالْخُلْعِ فَالْأَوْجَهُ جَوَازُهُ: أَعْنِي صَرْفَ الْمَالِ فِي الْخُلْعِ أَخْذًا مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَصِيِّ دَفْعُ جَائِزٍ عَنْ مَالِ مُوَلِّيهِ إذَا لَمْ يَنْدَفِعْ إلَّا بِشَيْءٍ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِيمَا بَعْدَ الدُّخُولِ وَإِلَّا بَانَتْ وَلَا مَالَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، أَمَّا لَوْ قَالَ لَهَا إنْ أَبْرَأْتنِي مِنْ مَهْرِك فَأَنْت طَالِقٌ فَأَبْرَأَتْهُ لَمْ يَقَعْ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْإِبْرَاءُ لَمْ يُوجَدْ كَمَا أَفْتَى بِهِ السُّبْكِيُّ وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ، وَصَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ وَغَيْرُهُ، وَلَيْسَ مِنْ التَّعْلِيقِ قَوْلُ الْمَرْأَةِ بَذَلْت لَك صَدَاقِي عَلَى طَلَاقِي فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فَيَقَعُ رَجْعِيًّا، لِأَنَّ التَّعْلِيقَ إنَّمَا تَضَمَّنَهُ كَلَامُهَا لَا كَلَامُهُ، وَحِينَئِذٍ لَا يَبْرَأُ لِأَنَّ هَذَا الْبَذْلَ فِي مَعْنَى تَعْلِيقِ الْإِبْرَاءِ وَتَعْلِيقُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ، خِلَافًا لِابْنِ عُجَيْلٍ وَالْحَضْرَمِيِّ حَيْثُ أَفْتَيَا بِأَنَّهُ بَائِنٌ يَلْزَمُهَا بِهِ مَهْرُ مِثْلِهَا، فَقَدْ خَالَفَهُمَا غَيْرُهُمَا وَبَالَغَ فَقَالَ: لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِالْبَيْنُونَةِ نُقِضَ حُكْمُهُ: أَيْ لِعَدَمِ وَجْهِهِ، إذْ الزَّوْجُ إنْ طَلَّقَ أَوْ فَوَّضَ إلَيْهَا لَمْ يَرْبِطْ طَلَاقَهُ بِعِوَضٍ، وَلَا عِبْرَةَ بِكَوْنِهِ إنَّمَا طَلَّقَ لِظَنِّهِ سُقُوطَ الصَّدَاقِ عَنْهُ بِذَلِكَ لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ التَّعْلِيقِ بِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَالَ بَعْدَ الْبَذْلِ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى ذَلِكَ وَقَعَ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالْبَرَاءَةِ حَتَّى يَقْتَضِيَ ـــــــــــــــــــــــــــــSبَعْدَ عِتْقِهِ: أَيْ كُلِّهِ (قَوْلُهُ: لَمْ تَطْلُقْ) إلَّا إذَا قَالَ إنْ مِتُّ فَأَنْتِ حُرَّةٌ انْتَهَى حَجّ: أَيْ إذَا قَالَ الْمُوَرِّثُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا مَأْذُونَةَ) أَيْ فِي التِّجَارَةِ (قَوْلُهُ نَعَمْ تُخَالِفُهَا) أَيْ الْمُكَاتَبَةُ (قَوْلُهُ: خَالَعَ سَفِيهَةً) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ عَلِمَ سَفَهَهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: مَحْجُورًا عَلَيْهَا بِسَفَهٍ) أَيْ حِسًّا بِأَنْ بَلَغَتْ مُصْلِحَةً لِدِينِهَا وَمَالِهَا ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهَا الْقَاضِي، أَوْ شَرْعًا بِأَنْ بَلَغَتْ غَيْرَ مُصْلِحَةٍ لِأَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ فَالْأَوْجَهُ جَوَازُهُ) لَكِنْ يُتَّجَهُ عَلَى هَذَا وُقُوعُ الطَّلَاقِ رَجْعِيًّا لِعَدَمِ صِحَّةِ الْمُقَابَلَةِ وَعَدَمِ مِلْكِ الزَّوْجِ، وَإِنَّمَا جَازَ الدَّفْعُ لِلضَّرُورَةِ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ قَالَ لَهَا) أَيْ السَّفِيهَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْإِبْرَاءُ) أَيْ بِمَعْنَى إسْقَاطِ الْحَقِّ وَإِنْ وُجِدَ لَفْظُ الْإِبْرَاءِ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهِ (قَوْلُهُ: قَوْلُ الْمَرْأَةِ) أَيْ وَلَوْ رَشِيدَةً انْتَهَى حَجّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَرْبِطْ طَلَاقَهُ بِعِوَضٍ) أَيْ فَاَلَّذِي يَنْبَغِي وُقُوعُهُ رَجْعِيًّا انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى ذَلِكَ) فَقَبِلَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَدَمُ صِحَّةِ الْمُسَمَّى (قَوْلُهُ: تُتْبَعُ بِالزَّائِدِ) أَيْ فِي الدَّيْنِ وَبَدَلِهِ فِي الْعَيْنِ، كَذَا قَالَهُ حَجّ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْبَدَلِ مُقَابِلُهُ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُمْكِنْ دَفْعُهُ إلَّا بِالْخُلْعِ) كَأَنَّ الظَّاهِرَ أَوْ أَمْكَنَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: دَفْعٌ جَائِزٌ) أَيْ بِمَالٍ مِنْ مَالِ الْمَوْلَى (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِنْ التَّعْلِيقِ قَوْلُ الْمَرْأَةِ) أَيْ وَلَوْ رَشِيدَةً

فَسَادُهَا عَدَمَ الْوُقُوعِ بَلْ بِالْبَدَلِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ فَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ، هَذَا وَالْأَوْجَهُ وُقُوعُهُ بَائِنًا إنْ ظَنَّ صِحَّتَهُ وَوُقُوعَهُ رَجْعِيًّا إنْ عَلِمَ بُطْلَانَهُ، وَيُحْمَلُ كَلَامُ كُلٍّ عَلَى حَالَةٍ، فَلَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَائِهَا فَفِيهِ احْتِمَالَانِ أَرْجَحُهُمَا أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ بِالْإِعْطَاءِ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهِ الْمِلْكُ، وَلَيْسَتْ كَالْأَمَةِ لِأَنَّ تِلْكَ يَلْزَمُهَا مَهْرُ الْمِثْلِ بِخِلَافِ السَّفِيهَةِ. وَالثَّانِي أَنْ يَنْسَلِخَ الْإِعْطَاءُ عَنْ مَعْنَاهُ الَّذِي هُوَ التَّمْلِيكُ إلَى مَعْنَى الْإِقْبَاضِ فَتَطْلُقُ رَجْعِيًّا (فَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ لَمْ تَطْلُقْ) هُوَ تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ مَا قَبْلَهُ لِأَنَّ الصِّيغَةَ تَقْتَضِي الْقَبُولَ، نَعَمْ إنْ نَوَى بِالْخُلْعِ الطَّلَاقَ وَلَمْ يُضْمِرْ الْتِمَاسَ قَبُولِهَا وَقَعَ رَجْعِيًّا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، وَلَوْ قَالَ لِرَشِيدَةٍ وَمَحْجُورٍ عَلَيْهَا بِسَفَهٍ خَالَعْتُكُمَا بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ إحْدَاهُمَا فَقَطْ لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لِأَنَّ الْخِطَابَ مَعَهُمَا يَقْتَضِي قَبُولَهُمَا، فَإِنْ قَبِلَتَا بَانَتْ الرَّشِيدَةُ لِصِحَّةِ الْتِزَامِهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ لِلْجَهْلِ بِمَا يَلْزَمُهَا مِنْ الْمُسَمَّى وَطَلُقَتْ السَّفِيهَةُ رَجْعِيًّا. (وَيَصِحُّ) (اخْتِلَاعُ الْمَرِيضَةِ مَرَضَ الْمَوْتِ) لِأَنَّ لَهَا صَرْفَ مَالِهَا فِي شَهَوَاتِهَا بِخِلَافِ السَّفِيهَةِ (وَلَا يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا زَائِدٌ عَلَى مَهْرِ مِثْلٍ) لِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَيْهِ هُوَ التَّبَرُّعُ وَلَيْسَ مَا زَادَ عَلَى وَارِثٍ لِخُرُوجِهِ بِالْخُلْعِ عَنْ الْإِرْثِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ وَرِثَ بِبُنُوَّةِ عَمٍّ تَوَقَّفَ الزَّائِدُ عَلَى الْإِجَازَةِ مُطْلَقًا، أَمَّا مَهْرُ الْمِثْلِ فَأَقَلُّ فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَفَارَقَتْ الْمُكَاتَبَةُ بِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمَرِيضِ أَقْوَى وَلِهَذَا لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهُ الْمُوسِرِينَ وَجَازَ لَهُ صَرْفُ الْمَالِ فِي شَهَوَاتِهِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ، وَيَصِحُّ خُلْعُ الْمَرِيضِ بِأَقَلِّ شَيْءٍ لِأَنَّ طَلَاقَهُ مَجَّانًا صَحِيحٌ فَبِشَيْءٍ أَوْلَى، وَلِأَنَّ الْبُضْعَ لَا تَعَلُّقَ لِلْوَارِثِ بِهِ (وَ) يَصِحُّ اخْتِلَاعُ (رَجْعِيَّةٍ) (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَاتِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ وَالثَّانِي لَا لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى الِافْتِدَاءِ لِجَرَيَانِهَا إلَى الْبَيْنُونَةِ. نَعَمْ مَنْ عَاشَرَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا لَا يَصِحُّ خُلْعُهَا كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ مَعَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا، لِأَنَّ وُقُوعَهُ بَعْدَ الْعِدَّةِ تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ فَلَا عِصْمَةَ يَمْلِكُهَا حَتَّى يَأْخُذَ فِي مُقَابَلَتِهَا مَالًا كَمَا فِي قَوْلِهِ (لَا بَائِنٍ) بِخُلْعٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ خُلْعُهَا إذْ لَا يَمْلِكُ بُضْعَهَا حَتَّى يُزِيلَهُ، وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّهُ بَعْدَ نَحْوِ وَطْءٍ فِي رِدَّةٍ أَوْ إسْلَامِ أَحَدٍ نَحْوِ وَثَنِيِّينَ مَوْقُوفٌ (وَيَصِحُّ عِوَضُهُ) أَيْ الْخَلْعِ (قَلِيلًا وَكَثِيرًا دَيْنًا وَعَيْنًا وَمَنْفَعَةً) كَالصَّدَاقِ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] نَعَمْ لَوْ خَالَعَهَا عَلَى أَنْ تُعَلِّمَهُ بِنَفْسِهَا سُورَةً مِنْ الْقُرْآنِ امْتَنَعَ كَمَا مَرَّ لِتَعَذُّرِهِ بِالْفِرَاقِ، وَكَذَا عَلَى أَنَّهُ بَرِئَ مِنْ سُكْنَاهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ لِحُرْمَةِ إخْرَاجِهَا مِنْ الْمَسْكَنِ فَلَهَا السُّكْنَى وَعَلَيْهَا فِيهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، وَتُحْمَلُ الدَّرَاهِمُ فِي الْخُلْعِ الْمُنْجَزِ عَلَى نَقْدِ الْبَلَدِ وَفِي الْمُعَلَّقِ عَلَى دَرَاهِمِ الْإِسْلَامِ الْخَالِصَةِ لَا عَلَى غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ وَلَا عَلَى النَّاقِصَةِ أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSانْتَهَى حَجّ (قَوْلُهُ: إنْ ظَنَّ صِحَّتَهُ) أَيْ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ لِصِحَّةِ الْإِبْرَاءِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ إنْ كَانَتْ رَشِيدَةً وَإِلَّا وَقَعَ رَجْعِيًّا وَلَا مَالَ (قَوْلُهُ: هُوَ التَّبَرُّعُ) أَيْ الْمُتَبَرَّعُ بِهِ، وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ: أَيْ هَذَا الزَّائِدُ، وَقَوْلُهُ عَلَى وَارِثٍ: أَيْ تَبَرُّعًا عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ لِخُرُوجِهَا: أَيْ الزَّوْجَةِ، وَقَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ وَرِثَ: أَيْ الزَّوْجُ، وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا: أَيْ زَادَ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ أَمْ لَا، وَقَوْلُهُ وَفَارَقَتْ: أَيْ الْمَرِيضَةُ، وَقَوْلُهُ الْمُكَاتَبَةُ: أَيْ حَيْثُ لَمْ يَتَعَلَّقْ الْعِوَضُ بِمَا فِي يَدِهَا إنْ كَانَ اخْتِلَاعُهَا بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: لِجَرَيَانِهَا) أَيْ صَيْرُورَتِهَا، وَقَوْلُهُ لِأَنَّ وُقُوعَهُ: أَيْ الطَّلَاقَ (قَوْلُهُ: وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّهُ) أَيْ الْخَلْعُ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ) أَيْ يَمْتَنِعُ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهَا فِيهِمَا) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ نَعَمْ لَوْ إلَخْ وَقَوْلُهُ كَذَا (قَوْلُهُ: مَهْرُ الْمِثْلِ) أَيْ وَتَبَيَّنَ (قَوْلُهُ: وَفِي الْمُعَلَّقِ) كَأَنْ قَالَ لَهَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَوْ أَعْطَيْت زَيْدًا كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ فَأَنْت طَالِقٌ عَلَى كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ (قَوْلُهُ: الْخَالِصَةِ) أَيْ وَهِيَ الْمُقَدَّرُ كُلُّ دِرْهَمٍ مِنْهَا بِخَمْسِينَ شَعِيرَةٍ وَخَمْسِينَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَهُوَ لَا يَصِحُّ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى تَعْلِيقِ الْإِبْرَاءِ كَمَا مَرَّ فَلَوْ قَالَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: فَلَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَائِهَا) يَعْنِي السَّفِيهَةَ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الصِّيغَةَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الزَّائِدُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ مِقْدَارَ الثُّلُثِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ لِحُرْمَةِ إخْرَاجِهَا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ إخْرَاجٌ بِأَنْ كَانَتْ فِي مِلْكِهَا مَثَلًا لَا يَمْتَنِعُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَتُحْمَلُ الدَّرَاهِمُ) أَيْ فِيمَا إذَا قَالَ خَالَعْتُكِ عَلَى عَشْرَةِ دَرَاهِمَ مَثَلًا كَمَا هُوَ وَاضِحٌ،

الزَّائِدَةِ وَإِنْ غَلَبَ التَّعَامُلُ بِهَا إلَّا إنْ قَالَ الْمُعَلَّقُ أَرَدْتهَا وَاعْتِيدَتْ، وَلَا يَجِبُ سُؤَالُهُ فَإِنْ أَعْطَتْهُ الْوَازِنَةَ لَا مِنْ غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ طَلُقَتْ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُ فِضَّتِهَا، وَلَهُ رَدُّهُ عَلَيْهَا وَيُطَالِبُ بِيَدٍ لَهُ، وَإِنْ غَلَبَتْ الْمَغْشُوشَةُ وَأَعْطَتْهَا لَهُ لَمْ تَطْلُقْ وَلَهَا حُكْمُ النَّاقِصَةِ، فَلَوْ كَانَ نَقْدُ الْبَلَدِ خَالِصًا فَأَعْطَتْهُ مَغْشُوشًا تَبْلُغُ نَقْرَتُهُ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ طَلُقَتْ وَمَلَكَ الْمَغْشُوشَةَ بِغِشِّهَا لِحَقَارَتِهِ فِي جَنْبِ الْفِضَّةِ فَكَانَ تَابِعًا كَمَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ نَعْلِ الدَّابَّةِ، جَزَمَ بِذَلِكَ ابْنُ الْمُقْرِي، وَلَمْ يُرَجِّحْ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ شَيْئًا غَيْرَ أَنَّهُ وَجَّهَ مِلْكَ الْغِشِّ بِمَا مَرَّ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ تَشْبِيهِهِ بِالنَّعْلِ أَنَّهُ لَوْ انْفَصَلَ عَادَ مِلْكُهُ إلَيْهَا مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ إنَّمَا عَادَ النَّعْلُ إلَى الْمُشْتَرِي إذَا أَعْرَضَ عَنْهُ وَلَمْ يُمَلِّكْهُ لِلْبَائِعِ لِعَدَمِ عَوْدِ مِلْكِهِ لَهُ، وَهَذِهِ الْحَالَةُ هِيَ الْمُشَبَّهُ بِهَا فِي كَلَامِ الرَّوْضَةِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَعُودُ الْغِشُّ إلَى مِلْكِهَا بِانْفِصَالِهِ، وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ لِلنَّعْلِ إلَى التَّمْلِيكِ، بِخِلَافِ الْغِشِّ لِأَنَّ النَّعْلَ بِصَدَدِ السُّقُوطِ مِنْ الدَّابَّةِ بِخِلَافِهِ. (وَلَوْ) (خَالَعَ بِمَجْهُولٍ) كَثَوْبٍ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ وَلَا وَصْفٍ أَوْ بِمَعْلُومٍ وَمَجْهُولٍ أَوْ بِمَا فِي كَفِّهَا وَلَا شَيْءَ فِيهِ وَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ (أَوْ) نَحْوِ مَغْصُوبٍ أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ سُؤَالُهُ) أَيْ عَمَّا أَرَادَهُ بَلْ يَجِبُ نَقْدُ الْبَلَدِ مَا لَمْ يَقُلْ أَرَدْت خِلَافَهُ وَتُوَافِقُهُ الزَّوْجَةُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لَا مِنْ غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ) أَيْ أَوْ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ بِالْأَوْلَى لَكِنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِبَدَلِهَا بَلْ يَمْلِكُهَا (قَوْلُهُ: وَلَهُ رَدُّهُ عَلَيْهَا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَرُدَّهُ عَلَيْهَا اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ وَيُطَالَبُ بِبَدَلِهِ: أَيْ مِنْ الدَّرَاهِمِ الْإِسْلَامِيَّةِ الْخَالِصَةِ (قَوْلُهُ: وَلَهَا حُكْمُ النَّاقِصَةِ) أَيْ فِي أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ بِهَا وَيَرُدُّهَا عَلَيْهَا فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْعِلَّةِ عَلَى الْمَعْلُولِ (قَوْلُهُ: تَبْلُغُ نَقْرَتَهُ) أَيْ الْفِضَّةَ الْخَالِصَةَ (قَوْلُهُ بِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِحَقَارَتِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَعْلُومٍ وَمَجْهُولٍ) هَلَّا بَانَتْ هُنَا بِالْمَعْلُومِ وَحِصَّةِ الْمَجْهُولِ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ أَقُولُ: يُجَابُ بِأَنَّ شَرْطَ التَّوْزِيعِ أَنْ يَكُونَ الْحَرَامُ مَعْلُومًا لِيَتَأَتَّى التَّوْزِيعُ عَلَيْهِ إذْ الْمَجْهُولُ لَا يُمْكِنُ فَرْضُهُ لِيُعْلَمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَانْظُرْ إذَا لَمْ يُعْتَدْ الْمُعَامَلَةُ بِالدَّرَاهِمِ كَمَا فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ (قَوْلُهُ: وَيُطْلَبُ بِبَدَلِهِ) أَيْ مِنْ الْغَالِبِ (قَوْلُهُ: وَلَهَا حُكْمُ النَّاقِصَةِ) أَيْ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ أَرَدْتهَا وَلَا تَطْلُقُ إلَّا بِإِعْطَاءِ الْخَالِصَةِ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهَا الْخَالِصَةَ يُطَالِبَهَا بِالْمَغْشُوشَةِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَمْلِكْهُ لِلْبَائِعِ لِعَوْدِ مِلْكِهِ لَهُ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَفِي بَعْضِهَا، لِعَدَمِ عَوْدِ مِلْكِهِ لَهُ. وَكِلَاهُمَا غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ فِيهِ تَحْرِيفٌ وَسَقْطٌ، وَعِبَارَةُ وَالِدِ الشَّارِحِ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ الَّتِي هِيَ أَصْلُ مَا هُنَا نَصُّهَا: فَأَمَّا إذَا مَلَّكَهُ لَهُ لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ إلَى آخِرِ مَا فِي الشَّارِحِ، فَقَوْلُهُ فَأَمَّا إذَا مَلَكَهُ لَهُ سَاقِطٌ مِنْ الشَّارِحِ مَعَ تَحْرِيفِ قَوْلِهِ لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ كَوَالِدِهِ إذَا أَعْرَضَ عَنْهُ إلَخْ جَوَابُ إنَّمَا. وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ فِي الرَّوْضَةِ لَمَّا ذَكَرَ حُكْمَ مَا لَوْ أَعْطَتْهُ الْمَغْشُوشَةَ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ. قُلْت: ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَائِلِ بِالْمِلْكِ أَنَّهُ لَا يُنْظَرُ إلَى الْغِشِّ لِحَقَارَتِهِ فِي جَنْبِ الْفِضَّةِ وَيَكُونُ تَابِعًا كَمَا سَبَقَ فِي مَسْأَلَةِ نَعْلِ الدَّابَّةِ. اهـ. وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضِ إلَّا أَنَّهُ زَادَ التَّرْجِيحَ، فَفَهِمَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِبَعْضِهِمْ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ مَسْأَلَةَ النَّعْلِ الْمُشَبَّهَ بِهَا. هِيَ مَا إذَا ثَمَّ اشْتَرَى دَابَّةً وَأَنْعَلَهَا ثُمَّ ظَهَرَ بِهَا عَيْبٌ فَرَدَّهَا حَيْثُ يَتْبَعُهَا نَعْلُهَا، فَأَخَذَ مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ عَنْهُ الشَّارِحُ ثُمَّ رَدَّهُ وَالِدُ الشَّارِحِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ النَّعْلَ لَهُ حَالَاتٌ: مِنْهَا إذَا أَعْرَضَ عَنْهُ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ تَمْلِيكِهِ لِلْبَائِعِ وَهَذِهِ هِيَ الَّتِي يَعُودُ فِيهَا النَّعْلُ لِلْمُشْتَرِي إذَا سَقَطَ، وَمِنْهَا إذَا مَلَّكَهُ لِلْبَائِعِ وَهَذِهِ لَا يَعُودُ فِيهَا لِلْمُشْتَرِي وَهِيَ الْمُشَبَّهُ بِهَا، وَحِينَئِذٍ لَا يَصِحُّ الْأَخْذُ الْمَذْكُورُ، ثُمَّ اسْتَشْعَرَ وَالِدُ الشَّارِحِ سُؤَالًا وَهُوَ أَنَّهُ كَانَ مُقْتَضَى التَّشْبِيهِ أَنَّ الزَّوْجَ إنَّمَا يَمْلِكُ الْغِشَّ إذَا مَلَّكَتْهُ لَهُ الزَّوْجَةُ نَظِيرُ النَّعْلِ الْمُشَبَّهِ بِهِ، فَأَجَابَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ إلَخْ هَذَا حَاصِلُ مَا فِي الشَّارِحِ كَالْحَوَاشِي، وَلَك أَنْ تَقُولَ مَا الْمَانِعُ مِنْ كَوْنِ مَسْأَلَةِ النَّفْلِ الْمُشَبَّهِ بِهَا هِيَ مَا إذَا بَاع الدَّابَّةَ مَنْعُولَةً فَإِنَّ النَّعْلَ يَتْبَعُهَا مُطْلَقًا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي أَبْوَابِ الْبَيْعِ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ التَّشْبِيهُ تَامًّا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَيَنْدَفِعُ أَخْذُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ الْمَذْكُورِ مِنْ أَصْلِهِ وَلَا يُحْتَاجُ لِمَا أَطَالَ بِهِ الشَّارِحُ كَوَالِدِهِ مِمَّا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُشَبَّهَ بِهِ مَسْأَلَةُ رَدِّ الدَّابَّةِ مَنْعُولَةً فَتَأَمَّلْ.

(خَمْرٍ) مَعْلُومَةٍ وَهُمَا مُسْلِمَانِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ فَاسِدٍ يُقْصَدُ وَالْخُلْعُ مَعَهَا (بَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) لِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةِ بُضْعٍ فَلَمْ يَفْسُدْ بِفَسَادِ عِوَضِهِ وَرَجَعَ إلَى مُقَابِلِهِ كَالنِّكَاحِ، وَمَنْ صَرَّحَ بِفَسَادِهِ مُرَادُهُ مِنْ حَيْثُ الْعِوَضُ (وَفِي قَوْلٍ بِبَدَلِ الْخَمْرِ) الْمَعْلُومَةِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الصَّدَاقِ عَلَى الضَّعِيفِ أَيْضًا هَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَا تَعْلِيقَ أَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَاءِ مَجْهُولٍ، لَكِنْ مَعَ الْجَهْلِ بِخِلَافِ إنْ أَبْرَأْتنِي مِنْ صَدَاقِك أَوْ مُتْعَتِك مَثَلًا أَوْ دَيْنِك فَأَنْت طَالِقٌ، فَأَبْرَأَتْهُ جَاهِلَةً بِهِ أَوْ بِمَا ضَمَّ إلَيْهِ فَلَا تَطْلُقُ لِأَنَّهُ إنَّمَا عَلَّقَ بِإِبْرَاءٍ صَحِيحٍ وَلَمْ يُوجَدْ كَمَا فِي إنْ بَرِئْت وَمِثْلُهُ مَا لَوْ ضَمَّ لِلْبَرَاءَةِ إسْقَاطَهَا لِحَضَانَةِ وَلَدِهَا لِأَنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِالْإِسْقَاطِ وَجَهْلُهُ كَذَلِكَ، وَقَوْلُهُمْ لَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمُبَرَّإِ مَحَلَّهُ فِيمَا لَا مُعَاوَضَةَ فِيهِ بِوَجْهٍ كَمَا اعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مُحَقِّقُونَ مِنْهُمْ الزَّرْكَشِيُّ، وَغَلَّطَ جَمْعًا أَجْرَوْا كَلَامَ الْأَصْحَابِ عَلَى إطْلَاقِهِ فَأَخْذُ جَمْعٍ بَعْدَهُمْ بِهَذَا الْإِطْلَاقِ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ، فَإِنْ عَلِمَاهُ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ زَكَاةٌ وَأَبْرَأَتْهُ غَيْرُ مَحْجُورٍ عَلَيْهَا فِي مَجْلِسِ التَّوَاجُبِ، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ وَقَعَ بَائِنًا، فَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِهِ زَكَاةٌ لَمْ يَقَعْ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقِّينَ مَلَكُوا بَعْضَهُ فَلَمْ يَبْرَأْ مِنْ كُلِّهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْجَهْلِ بِهِ حَالًّا وَإِنْ أَمْكَنَ الْعِلْمُ بِهِ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ وَلَيْسَ كَقَارَضْتُك وَلَك سُدُسُ رُبْعِ عُشْرِ الرِّبْحِ لِأَنَّهُ مُنْتَظِرٌ فَكَفَى عِلْمُهُ بَعْدُ وَالْبَرَاءَةُ نَاجِزَةٌ فَاشْتُرِطَ وُجُودُ الْعِلْمِ عِنْدَهَا فَانْدَفَعَ قِيَاسُهَا عَلَى ذَلِكَ، وَمَحَلُّ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ كَانَتْ مَحْجُورَةً أَوْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ مُسْتَحَقٌّ أَوْ كَانَ ثَمَّ جَهْلٌ مَا لَمْ يَقُلْ لَهَا بَعْدُ أَنْتِ طَالِقٌ، فَإِنْ قَالَهُ اُتُّجِهَ أَنَّهُ إنْ ظَنَّ صِحَّةَ الْبَرَاءَةِ وَقَصَدَ الْإِخْبَارَ عَمَّا مَضَى وَطَابَقَ الثَّانِي الْأَوَّلَ لَمْ يَقَعْ وَإِلَّا وَقَعَ، وَلَوْ أَبْرَأَتْهُ ثُمَّ ادَّعَتْ جَهْلَهَا بِقَدْرِهِ فَإِنْ زُوِّجَتْ صَغِيرَةً صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا أَوْ بَالِغَةً وَدَلَّ الْحَالُ عَلَى جَهْلِهَا بِهِ لِكَوْنِهَا مُجْبَرَةً لَمْ تُسْتَأْذَنْ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَإِطْلَاقُ الزَّبِيلِيِّ تَصْدِيقَهُ فِي الْبَالِغَةِ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا يُقَابِلُهُ (قَوْلُهُ: وَالْخُلْعُ مَعَهَا) أَيْ أَمَّا مَعَ الْأَجْنَبِيِّ فَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ الْخِلَافُ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ فِي عَدَمِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: إسْقَاطُهَا لِحَضَانَةِ) وَالْكَلَامُ فِي الْمُعَلَّقِ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ، أَمَّا لَوْ طَلَّقَهَا عَلَى عَدَمِ الْحَضَانَةِ فَقَطْ أَوْ عَلَى ذَلِكَ مَعَ الْبَرَاءَةِ طَلُقَتْ وَعَلَيْهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَمْ تَسْقُطْ حَضَانَتُهَا كَمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ طَلَّقَهَا عَلَى أَنْ لَا سُكْنَى لَهَا (قَوْلُهُ: وَجَهْلِهِ كَذَلِكَ) أَيْ جَهْلِ الزَّوْجِ بِالْمُبَرَّإِ مِنْهُ كَجَهْلِ الْمَرْأَةِ بِهِ فَيَمْنَعُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَلِمَاهُ) مُحْتَرَزُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ جَهْلَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ يَمْنَعُ الْوُقُوعَ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ عَدَمِ الْوُقُوعِ (قَوْلُهُ: وَقَصَدَ الْإِخْبَارَ عَمَّا مَضَى) أَيْ فَلَوْ قَصَدَ الْإِنْشَاءَ بِذَلِكَ عَلَى ظَنِّ صِحَّةِ الْبَرَاءَةِ فَقَضِيَّتُهُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ رَجْعِيًّا (قَوْلُهُ: وَطَابَقَ الثَّانِي الْأَوَّلَ) أَيْ بِأَنْ كَانَ طَلْقَةً مَثَلًا، وَقَوْلُهُ لَمْ يَقَعْ: أَيْ الثَّانِي، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا وَقَعَ: أَيْ مَا أَوْقَعَهُ ثَانِيًا رَجْعِيًّا، وَقَوْلُهُ ثُمَّ ادَّعَتْ جَهْلَهَا: أَيْ لِتَكُونَ الْبَرَاءَةُ فَاسِدَةً فَتُطَالِبُ بِمَا لَهَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ) أَيْ تُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا وَلَا وُقُوعَ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَهَلْ يُمَكَّنُ الزَّوْجُ مِنْ قُرْبَانِهَا لِتَصْدِيقِهَا بِعَدَمِ الْوُقُوعِ أَوْ لَا مُؤَاخَذَةَ لَهُ بِدَعْوَاهُ عِلْمَهَا بِالْمُبَرَّإِ مِنْهُ الْمُقْتَضِي لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَضِيَّةُ مَا يَأْتِي عَنْ سم فِي قَوْلِهِ نَعَمْ إنْ كَذَّبَهَا فِي إقْرَارِهَا لِثَالِثٍ إلَخْ الثَّانِي. [فَائِدَةٌ] سُئِلَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ عَمَّنْ قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ سَبْقِ سُؤَالٍ مِنْهُ أَبْرَأَك اللَّهُ فَقَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ يَقَعُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِهِ لَمْ يُعَلِّقْهُ عَلَى شَيْءٍ انْتَهَى (قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِإِعْطَاءِ مَجْهُولٍ لَكِنْ) أَيْ الْإِعْطَاءُ وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ: مَحَلُّ الْبَيْنُونَةِ وَوُقُوعُ الطَّلَاقِ فِي الْخُلْعِ بِالْمَجْهُولِ إذَا كَانَ بِغَيْرِ تَعْلِيقٍ أَوْ مُعَلَّقًا بِإِعْطَاءِ الْمَجْهُولِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَتَحَقَّقُ إعْطَاؤُهُ مَعَ الْجَهَالَةِ أَمَّا إذَا قَالَ مَثَلًا إنْ أَبْرَأْتِنِي مِنْ صَدَاقِك إلَخْ (قَوْلُهُ: وَجَهْلُهُ كَذَلِكَ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ أَيْ وَجَهْلُ الزَّوْجِ كَجَهْلِ الزَّوْجَةِ فِي أَنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي عَدَمِ الْوُقُوعِ (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُمْ لَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمُبَرَّإِ) أَيْ مَنْ أَبْرَأَهُ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: فِي مَجْلِسِ التَّوَاجُبِ) اُنْظُرْ مَا قَضِيَّتُهُ (قَوْلُهُ: وَطَابَقَ الثَّانِي الْأَوَّلَ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ

وَفِي الْأَنْوَارِ لَوْ قَالَ إنْ أَبْرَأْتنِي مِنْ صَدَاقِك فَأَنْت طَالِقٌ وَقَدْ أَقَرَّتْ بِهِ لِثَالِثٍ فَأَبْرَأَتْهُ، فَفِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ خِلَافٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْإِبْرَاءِ مَحْضُ تَعْلِيقٍ فَيَبْرَأُ وَتَطْلُقُ رَجْعِيًّا أَوْ خُلْعٌ بِعِوَضٍ كَالتَّعْلِيقِ بِالْإِعْطَاءِ وَالْأَصَحُّ الثَّانِي، فَعَلَى الْأَوَّلِ هُوَ كَالتَّعْلِيقِ بِالْمُسْتَحِيلِ، وَعَلَى الثَّانِي وَجْهَانِ، وَأَقْيَسُ الْوَجْهَيْنِ الْوُقُوعُ كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَعْطَيْتنِي هَذَا الْمَغْصُوبَ فَأَعْطَتْهُ وَلَا يَبْرَأُ الزَّوْجُ وَعَلَيْهَا لَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ فَيَبْرَأُ صَحِيحٌ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ كَذَّبَهَا فِي إقْرَارِهَا فَانْدَفَعَ التَّنْظِيرُ فِيهِ بِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهَا أَقَرَّتْ بِهِ لِثَالِثٍ فَكَيْفَ يَبْرَأُ وَيَجْرِي مَا تَقَرَّرَ فِيمَا لَوْ أَحَالَتْ بِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْهُ فَأَبْرَأَتْهُ ثُمَّ طَالَبَهُ الْمُحْتَالُ وَأَقَامَ بِحَوَالَتِهَا لَهُ قَبْلَ الْإِبْرَاءِ بَيِّنَةً فَيُغَرِّمُهُ إيَّاهُ وَرَجَعَ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ، هَذَا وَاَلَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ أَنَّ الْإِبْرَاءَ حَيْثُ أُطْلِقَ إنَّمَا يَنْصَرِفُ لِلصَّحِيحِ، وَحِينَئِذٍ فَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ فِي الصُّورَتَيْنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ حَالَ التَّعْلِيقِ دَيْنٌ حَتَّى يَبْرَأَ مِنْهُ. نَعَمْ إنْ أَرَادَ التَّعْلِيقَ عَلَى لَفْظِ الْبَرَاءَةِ وَقَعَ رَجْعِيًّا وَفَارَقَ الْمَغْصُوبُ بِأَنَّ الْإِعْطَاءَ قُيِّدَ بِهِ وَالطَّلَاقُ عَلَى مَا فِي كَفِّهَا مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ بِأَنَّهُ ذَكَرَهُ عِوَضًا غَايَتُهُ أَنَّهُ فَاسِدٌ فَرَجَعَ لِبَدَلِ الْبُضْعِ، بِخِلَافِ الْإِبْرَاءِ الْمُعَلَّقِ لَا يَنْصَرِفُ إلَّا لِمَوْجُودٍ يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مِنْهُ، وَمَرَّ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ بِإِبْرَاءِ سَفِيهَةٍ فَأَبْرَأَتْهُ لَمْ يَقَعْ، وَإِنْ عُلِمَ سَفَهُهَا فَقِيَاسُهُ هُنَا عَدَمُ الْوُقُوعِ، وَإِنْ عُلِمَ إقْرَارُهَا أَوْ حَوَالَتُهَا، أَمَّا خُلْعُ الْكُفَّارِ بِنَحْوِ خَمْرٍ فَيَصِحُّ نَظَرًا لِاعْتِقَادِهِمْ، فَإِنْ أَسْلَمَا قَبْلَ قَبْضِهِ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ، وَأَمَّا الْخُلْعُ مَعَ غَيْرِ الزَّوْجَةِ مِنْ أَبٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ عَلَى هَذَا الْخَمْرِ أَوْ الْمَغْصُوبِ أَوْ عَبْدِهَا هَذَا أَوْ عَلَى صَدَاقِهَا وَلَمْ يُصَرِّحْ بِنِيَابَةٍ وَلَا اسْتِقْلَالٍ بَلْ أَطْلَقَ فَيَقَعُ رَجْعِيًّا وَلَا مَهْرَ سِوَاهَا، أَوْ خَالَعَ بِمَعْلُومٍ وَمَجْهُولٍ فَسَدَ الْمُسَمَّى وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ، بِخِلَافِ الْخُلْعِ عَلَى صَحِيحٍ وَفَاسِدٍ مَعْلُومٍ نَشَأَ فَسَادُهُ مِنْ غَيْرِ الْجَهَالَةِ فَيَصِحُّ فِي الصَّحِيحِ، وَيَجِبُ فِي الْفَاسِدِ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ قَوْلُهُ وَإِلَّا صُدِّقَ (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَقَرَّتْ بِهِ) أَيْ الصَّدَاقِ (قَوْلُهُ: فَيَبْرَأُ وَتَطْلُقُ رَجْعِيًّا) فِيمَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى الْبَرَاءَةِ: أَيْ وَقُلْنَا هُوَ تَعْلِيقٌ مَحْضٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ مَفْرُوضًا فِيمَا لَوْ أَقَرَّتْ بِهِ لِآخَرَ، بَلْ حُكْمُ مَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ لِثَالِثٍ مِنْ الْوُقُوعِ وَعَدَمِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا، فَالتَّنْظِيرُ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَقَوْلُهُ فَيَبْرَأُ صَحِيحٌ إلَخْ عَلَى مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ: فَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ قَوْلِهِ فَيَبْرَأُ وَتَطْلُقُ رَجْعِيًّا، وَقَوْلُهُ وَعَلَى الثَّانِي: أَيْ قَوْلِهِ أَوْ خُلْعٌ بِعِوَضٍ (قَوْلُهُ: فَقِيَاسُ ذَلِكَ إلَخْ) مُعْتَمَدُ (قَوْلِهِ لَمْ يَبْقَ حَالَ التَّعْلِيقِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ نُجِزَ الطَّلَاقُ بِالْبَرَاءَةِ كَأَنْ قَالَ طَلَّقْتُك عَلَى أَنِّي بَرِيءٌ مِنْ صَدَاقِك وَهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا يَجْهَلُهُ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ حَيْثُ قُبِلَتْ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ الْمَغْصُوبَ) أَيْ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَائِهَا لَهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْإِبْرَاءِ الْمُعَلَّقِ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَا ذَكَرَهُ عَنْ الْأَنْوَارِ فِيمَا لَوْ أَحَالَتْ بِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْهُ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ عَلَى الْبَرَاءَةِ بِصِيغَةِ التَّعْلِيقِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ عَلَى الْبَرَاءَةِ الْمُنْجَزَةِ بَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ مَعَ فَسَادِهَا (قَوْلُهُ: فَقِيَاسُهُ هُنَا إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْخُلْعُ مَعَ غَيْرِ الزَّوْجَةِ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَالْخُلْعُ مَعَهَا (قَوْلُهُ: عَلَى هَذَا الْخَمْرِ) صُورَةُ هَذَا أَنْ يُصَرِّحَ بِوَصْفِ نَحْوِ الْخَمْرِيَّةِ وَالْغَصْبِ وَإِلَّا وَقَعَ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ فِي الْفَاسِدِ مَا يُقَابِلُهُ) اُنْظُرْ كَيْفِيَّةَ التَّوْزِيعِ إذَا كَانَ الْفَاسِدُ نَحْوَ مَيْتَةٍ مَعْلُومًا اهـ سم ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْمُطَابَقَةِ هَلْ هِيَ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَدَدِ أَوْ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّرَاحَةِ وَالْكِنَايَةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَأَقْيَسُ الْوَجْهَيْنِ الْوُقُوعُ) أَيْ بَائِنًا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ) أَيْ الْأَنْوَارِ: أَيْ عَلَى مَا فِي بَعْضِ نُسَخِهِ، وَفِي نُسْخَةٍ أُخْرَى مِنْهُ بَعْدَ قَوْلِهِ خِلَافَ مَا نَصُّهُ: مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْإِبْرَاءِ مَحْضُ تَعْلِيقٍ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَلَا إبْرَاءَ أَوْ خُلْعَ إلَخْ وَهِيَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ مَعَ إسْقَاطِ قَوْلِهِ وَقَوْلُهُ فَيَبْرَأُ إلَخْ فَكَأَنَّ الشَّارِحَ رَجَعَ إلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ آخِرًا (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ) أَيْ الثَّالِثَ، وَإِلَّا فَلَا عِبْرَةَ بِتَكْذِيبِ الزَّوْجِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مُجَرَّدُ دَعْوَى تَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ فَتَأَمَّلْ.

وَمَرَّ صِحَّتُهُ بِمَيْتَةٍ لَا دَمٍ فَيَقَعُ رَجْعِيًّا كَكُلِّ عِوَضٍ لَا يُقْصَدُ، وَالْفَرْقُ أَنَّهَا تُقْصَدُ لِأَغْرَاضٍ لَهَا وَقَعَ عُرْفًا كَإِطْعَامِ الْجَوَارِحِ، وَلَا كَذَلِكَ الدَّمُ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ إنَّهُ يُقْصَدُ لِمَنَافِعَ كَثِيرَةٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَطِبَّاءُ لِأَنَّهَا كُلَّهَا تَافِهَةٌ عُرْفًا فَلَمْ يُنْظَرْ لَهَا وَكَذَا الْحَشَرَاتُ مَعَ أَنَّ لَهَا خَوَاصَّ كَثِيرَةً (وَلَهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (التَّوْكِيلُ) فِي الْخُلْعِ كَمَا قَدَّمَهُ فِي بَابِهِ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ كَالْبَيْعِ لَكِنَّهُ ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ (فَلَوْ) (قَالَ لِوَكِيلِهِ خَالِعْهَا بِمِائَةٍ) مِنْ نَقْدِ كَذَا (لَمْ يُنْقِصْ مِنْهَا) لِأَنَّهُ دُونَ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَلَهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا لِوُقُوعِ الشِّقَاقِ هُنَا فَانْتَفَتْ الْمُحَابَاةُ، وَبِهِ فَارَقَ بِعْ هَذَا مِنْ زَيْدٍ بِمِائَةٍ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ أَطْلَقَ) كَ خَالِعْهَا بِمَالٍ وَكَذَا خَالِعْهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذِكْرَ الْخُلْعِ وَحْدَهُ يَقْتَضِي الْمَالَ (لَمْ يَنْقُصْ عَنْ مَهْرِ مِثْلٍ) وَلَهُ أَنْ يَزِيدَ (فَإِنْ نَقَصَ فِيهَا) أَيْ فِي الْأُولَى أَيَّ نَقْصٍ كَانَ، وَفَارَقَتْ الثَّانِيَةُ بِأَنَّ الْمُقَدَّرَ يَخْرُجُ عَنْهُ بِأَيِّ نَقْصٍ بِخِلَافِ الْمَحْمُولِ عَلَيْهِ الْإِطْلَاقُ، وَكَالنَّقْصِ فِيهَا الْخُلْعُ بِغَيْرِ الْجِنْسِ أَوْ الصِّفَةِ، وَفِي الثَّانِيَةِ نَقْصًا فَاحِشًا، وَمَرَّ فِي الْوَكَالَةِ وَكَالنَّقْصِ فِيهَا خُلْعُهُ بِمُؤَجَّلٍ أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ (لَمْ تَطْلُقْ) لِلْمُخَالَفَةِ الصَّرِيحَةِ كَالْبَيْعِ (وَفِي قَوْلٍ يَقَعُ بِمَهْرِ مِثْلٍ) كَالْخُلْعِ بِخَمْرٍ، وَرَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَتَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ فِي الثَّانِيَةِ، وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ وَفَارَقَتْ التَّقْدِيرَ بِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ فِيهِ صَرِيحَةٌ فَلَمْ يَكُنْ الْمَأْتِيُّ بِهِ مَأْذُونًا فِيهِ. (وَلَوْ) (قَالَتْ لِوَكِيلِهَا اخْتَلِعْ بِأَلْفٍ فَامْتَثَلَ) أَوْ نَقَصَ عَنْهَا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِفَهْمِهِ بِالْأَوْلَى (نَفَذَ) لِمُوَافَقَتِهِ الْإِذْنَ وَفِي تَسْلِيمِ الْوَكِيلِ الْأَلْفَ بِغَيْرِ إذْنٍ جَدِيدٍ وَجْهَانِ أَوْجَهُهَا الْمَنْعُ (وَإِنْ زَادَ) أَوْ ذَكَرَ غَيْرَ الْجِنْسِ أَوْ غَيْرَ نَقْدِ الْبَلَدِ (فَقَالَ اخْتَلَعْتُهَا بِأَلْفَيْنِ مِنْ مَالِهَا بِوَكَالَتِهَا) أَوْ أَطْلَقْت فَزَادَ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ (بَانَتْ وَيَلْزَمُهَا مَهْرُ مِثْلٍ) وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّهُ قَضِيَّةُ فَسَادِ الْعِوَضِ بِزِيَادَتِهِ فِيهِ مَعَ إضَافَتِهِ إلَيْهَا (وَفِي قَوْلٍ يَلْزَمُهَا الْأَكْثَرُ مِنْهُ) أَيْ مَهْرِ الْمِثْلِ (وَمِمَّا سَمَّتْهُ) لِلْوَكِيلِ لِأَنَّ الْأَكْثَرَ إنْ كَانَ الْمَهْرُ فَهُوَ الْوَاجِبُ عِنْدَ فَسَادٍ أَوْ الْمُسَمَّى فَقَدْ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَقُولُ وَكَيْفِيَّتُهُ أَنْ تُفْرَضَ مُذَكَّاةٌ فَتُقَسَّطُ عَلَيْهَا وَعَلَى الْمَعْلُومَةِ (قَوْلُهُ: فَيَقَعُ رَجْعِيًّا) أَيْ فِي الدَّمِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَنْقُصْ مِنْهَا) أَيْ وَلَا يُخَالِعُ بِغَيْرِ النَّقْدِ الَّذِي عَيَّنَهُ لَا جِنْسًا وَلَا صِفَةً فَلَوْ خَالَفَ لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ مَا خَالَعَ بِهِ مِنْ النَّقْصِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا) بَقِيَ مَا لَوْ نَهَاهُ عَنْ الزِّيَادَةِ فَهَلْ يَبْطُلُ الْخُلْعُ كَالْبَيْعِ أَوْ لَا وَيُفَرَّقُ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَالْبَيْعِ بِأَنَّ الْخُلْعَ لَا يَتَأَثَّرُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا) أَيْ حَيْثُ كَانَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى الْمِائَةِ مَعْلُومَةً، أَمَّا إذَا كَانَتْ مَجْهُولَةً فَهَلْ تَفْسُدُ الْمِائَةُ لِضَمِّ الْمَجْهُولِ إلَيْهَا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ مَا سَمَّاهُ مِنْ النَّقْدِ وَلَمْ يَنْقُصْ عَنْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَوِّتْ مَقْصُودَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ أَوْ دُونَ مَا سَمَّاهُ الزَّوْجُ فَيَنْبَغِي عَدَمُ الْوُقُوعِ لِانْتِفَاءِ حُصُولِ الْعِوَضِ الَّذِي قَدَّرَهُ (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي الْمَالَ) أَيْ وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَنْقُصْ عَنْ مَهْرِ مِثْلٍ) أَيْ نَقْصًا فَاحِشًا كَمَا يَأْتِي وَلَوْ قَدَّمَهُ لَكَانَ أَوْلَى وَلِيَظْهَرَ قَوْلُهُ وَفَارَقَتْ الثَّانِيَةُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَكَالنَّقْصِ فِيهَا) أَيْ قَوْلُهُ فِي الْأُولَى أَيْ نَقَصَ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ فِي الْوَكَالَةِ إلَخْ) أَيْ ضَابِطُ التَّفْوِيضِ الْفَاحِشِ وَهُوَ مَا لَا يَتَغَابَنُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَكَالنَّقْصِ فِيهَا) أَيْ فِي الثَّانِيَةِ وَمِثْلُهَا الْأُولَى، وَلَعَلَّهُ تَرَكَ التَّنْبِيهَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ بِغَيْرِ الْجِنْسِ أَوْ الصِّفَةِ هَذَا وَلَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ فِيهَا كَمَا فَعَلَ حَجّ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: يَقَعُ بِمَهْرِ مِثْلٍ) أَيْ فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا الْمَنْعُ) وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ التَّسْلِيمَ تَصَرُّفٌ لَمْ يَشْمَلْهُ الِاخْتِلَاعُ الْمُوَكَّلُ فِيهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَمَا فِي الذِّمَّةِ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ الْمُعَيَّنَ اعْتَدَّ بِهِ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَرْأَةِ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَوْ اسْتَقَلَّ بِقَبْضِ الْمُعَيَّنِ اعْتَدَّ بِقَبْضِهِ (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهَا مَهْرُ مِثْلٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ: سَوَاءٌ أَزَادَ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِغَيْرِ الْجِنْسِ أَوْ الصِّفَةِ) أَوْ خَالَعَ بِمُؤَجَّلٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: الصَّرِيحَةُ) يَنْبَغِي حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى

رَضِيَتْ بِهِ، وَفِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا حِكَايَةُ هَذَا الْقَوْلِ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ، وَهُوَ أَنَّهُ مِمَّا سَمَّتْهُ هِيَ وَمِنْ أَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَمِمَّا سَمَّاهُ الْوَكِيلُ وَصَوَّبَتْ، وَزِيَادَتُهُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ فِي حَالِ إطْلَاقِهَا كَزِيَادَتِهِ عَلَى مُقَدَّرِهَا (وَإِنْ أَضَافَ الْوَكِيلُ الْخُلْعَ إلَى نَفْسِهِ) بِأَنْ قَالَ مِنْ مَالِي (فَخُلْعُ أَجْنَبِيٍّ) وَسَتَأْتِي صِحَّتُهُ (وَالْمَالُ) كُلُّهُ (عَلَيْهِ) دُونَهَا لِأَنَّ إضَافَتَهُ لِنَفْسِهِ إعْرَاضٌ عَنْ التَّوْكِيلِ وَاسْتِبْدَادٌ بِالْخُلْعِ مَعَ الزَّوْجِ (وَإِنْ أَطْلَقَ) بِأَنْ لَمْ يُضِفْهُ لِنَفْسِهِ وَلَا إلَيْهَا فَقَالَ: اخْتَلَعْت فُلَانَةَ بِأَلْفَيْنِ (فَالْأَظْهَرُ أَنَّ عَلَيْهَا مَا سَمَّتْهُ) لِأَنَّهَا الْتَزَمَتْهُ (وَعَلَيْهِ الزِّيَادَةُ) لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ بِهَا فَكَأَنَّهُ افْتَدَاهَا بِمَا سَمَّتْهُ وَزِيَادَةً مِنْ عِنْدِهِ، وَهَذَا بِاعْتِبَارِ اسْتِقْرَارِ الضَّمَانِ وَإِلَّا فَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَدَّمَهُ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّ لِلزَّوْجِ مُطَالَبَةَ الْوَكِيلِ بِالْكُلِّ، فَإِذَا غَرِمَهُ رَجَعَ عَلَيْهَا بِقَدْرِ مَا سَمَّتْهُ. قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَنْوِيَهَا أَوْ لَا، وَرُدَّ بِجَزْمِ إمَامِهِ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِهَا نَزَلَ الْخُلْعُ عَلَيْهِ وَصَارَ خُلْعَ أَجْنَبِيٍّ وَلَا طَالَبَ عَلَيْهَا وَقَالَ إنَّهُ بَيِّنٌ وَلَا إشْكَالَ فِيهِ. وَسَيَأْتِي لِذَلِكَ تَتِمَّةٌ فِي نَظِيرِهِ وَلَا يُطَالَبُ وَكِيلُهَا بِمَا لَزِمَهُ إلَّا إنْ ضَمِنَ كَأَنْ قَالَ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ فَيُطَالَبُ بِهِ لِأَنَّ الْخُلْعَ يَسْتَقِلُّ بِهِ الْأَجْنَبِيُّ فَأَثَّرَ الضَّمَانُ فِيهِ بِمَعْنَى الِالْتِزَامِ وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَى إضَافَةٍ فَاسِدَةٍ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ لِتَصْرِيحِهِ بِالْوَكَالَةِ أَنَّ فَائِدَةَ قَوْلِهِمْ بِوَكَالَتِهَا الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَتْنِ عَدَمُ مُطَالَبَتِهِ حِينَئِذٍ لَا غَيْرُ لِمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ مِنْ الْوُقُوعِ فِي الْكُلِّ وَأَنَّ التَّفْصِيلَ فِي اللُّزُومِ إنَّمَا هُوَ بَيْنَ الْإِضَافَةِ إلَيْهَا أَوْ إلَيْهِ وَالْإِطْلَاقِ سَوَاءٌ أَذَكَرَ الْوَكَالَةَ فِي الْكُلِّ أَمْ لَا، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ مَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ مِنْ مُطَالَبَةِ وَكِيلِ الشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ لِإِمْكَانِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ أَصْلَ الشِّرَاءِ يُمْكِنُ وُقُوعُهُ لَهُ بِخِلَافِهِ هُنَا وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ عَلَيْهَا أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ مِمَّا سَمَّتْهُ وَمِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى مُسَمَّى الْوَكِيلِ كَمَا مَرَّ وَعَلَيْهِ التَّكْمِلَةُ إنْ نَقَصَ عَنْهُ (وَيَجُوزُ) أَيْ يَحِلُّ وَيَصِحُّ (تَوْكِيلُهُ) أَيْ الزَّوْجِ فِي الْخُلْعِ (ذِمِّيًّا) وَحَرْبِيًّا وَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ مُسْلِمَةً ـــــــــــــــــــــــــــــSمِقْدَارِهَا أَمْ نَقَصَ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَاسْتِبْدَادٌ) أَيْ اسْتِقْلَالٌ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيَكُونُ عَلَيْهَا مَا سَمَّتْ وَعَلَيْهِ الزِّيَادَةُ (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ) أَيْ فِي أَنَّ عَلَيْهَا مَا سَمَّتْ وَعَلَيْهِ الزِّيَادَةَ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَنْوِهَا) أَيْ بِأَنْ نَوَى نَفْسَهُ أَوْ أَطْلَقَ (قَوْلُهُ: وَلَا طَلَبَ عَلَيْهَا) أَيْ أَصْلًا لَا بِالْأَصْلِ وَلَا بِالزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ إنَّهُ بَيِّنٌ) مُعْتَمَدُ (قَوْلِهِ وَسَيَأْتِي لِذَلِكَ تَتِمَّةٌ فِي نَظِيرِهِ) أَيْ فِيمَا لَوْ كَانَ الْوَكِيلُ عَبْدًا (قَوْلُهُ وَلَا يُطَالِبُ وَكِيلَهَا) يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ قَبْلُ وَإِلَّا فَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَدَّمَهُ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّ لِلزَّوْجِ إلَخْ، فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يُطَالِبُ بِمَا لَزِمَهَا وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا إذَا غَرِمَ وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ، وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ: فَإِنْ لَمْ يَمْتَثِلْ فِي الْمَالِ بِأَنْ زَادَ عَلَى مِقْدَارِهَا أَوْ ذَكَرَ غَيْرَ جِنْسِهِ وَقَالَ مِنْ مَالِهَا بِوَكَالَتِهَا بَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَلَا يُطَالَبُ بِهِ إلَّا إنْ ضَمِنَ فِيمَا سَمَّاهُ وَلَوْ أَزْيَدَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَإِنْ تَرَتَّبَ ضَمَانُهُ عَلَى إضَافَةٍ فَاسِدَةٍ اهـ. وَهِيَ تُفِيدُ أَنَّهُ إذَا امْتَثَلَ فَاخْتَلَعَ بِمَا أَذِنَتْ فِيهِ طُولِبَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَيَرْجِعُ بِمَا غَرِمَ ضَمِنَ أَوْ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ لَمْ يَمْتَثِلْ لَمْ يُطَالَبْ بِمَا لَزِمَهَا إلَّا إذَا ضَمِنَهُ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلَهُ وَلَا يُطَالَبُ وَكِيلُهَا، هَذَا يُنَافِي مَا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ وَهَذَا بِاعْتِبَارِ اسْتِقْرَارِ الضَّمَانِ وَإِلَّا فَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَدَّمَهُ إلَخْ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ بِمَا لَزِمَهَا: أَيْ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ (قَوْلُهُ: بِمَا لَزِمَهُ) يُتَأَمَّلُ فَإِنَّ الْعِوَضَ إنَّمَا يَلْزَمُهُ إذَا أَضَافَ الْمَالَ إلَى نَفْسِهِ وَهُوَ حِينَئِذٍ خُلْعُ أَجْنَبِيٍّ فَيُطَالَبُ بِالْمَالِ مُطْلَقًا وَلَا مَعْنَى لِضَمَانِهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَلَعَلَّ الْعِبَارَةَ بِمَا لَزِمَهَا، ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامِ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ التَّعْبِيرَ يَلْزَمُهَا، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ: لَزِمَهَا (قَوْلُهُ: عَلَى إضَافَةٍ فَاسِدَةٍ) أَيْ كَأَنْ أَضَافَ الْجُمْلَةَ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْكِلُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يُطَالَبُ وَكِيلُهَا إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَّا فِي الْأُولَى فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: كَزِيَادَتِهِ عَلَى مُقَدَّرِهَا) أَيْ فِيمَا مَرَّ فِيهِ (قَوْلُهُ: مُطَالَبَةُ الْوَكِيلِ بِالْكُلِّ) أَيْ فِي صُورَةِ الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُطَالَبُ وَكِيلُهَا بِمَا لَزِمَهُ) أَيْ فِيمَا إذَا صَرَّحَ بِوَكَالَتِهَا سَوَاءٌ امْتَثَلَ مَا سَمَّتْهُ أَوْ زَادَ أَوْ نَقَصَ، وَفِي

لِإِمْكَانِ مُخَالَعَتِهِ الْمُسْلِمَةَ فِيمَا لَوْ أَسْلَمَتْ وَتَخَلَّفَ ثُمَّ أَسْلَمَ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِصِحَّةِ الْخُلْعِ (وَعَبْدًا وَمَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ) وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ السَّيِّدُ وَالْوَلِيُّ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ الْعُهْدَةِ، بِالْوَكِيلِ بِخِلَافِ وَكِيلِهَا عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ (وَلَا يَجُوزُ) أَيْ لَا يَصِحُّ (تَوْكِيلُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ) بِسَفَهٍ وَمِثْلُهُ الْعَبْدُ هُنَا أَيْضًا (فِي قَبْضِ الْعِوَضِ) الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لَهُ، فَإِنْ فَعَلَ وَقَبَضَ بَرِئَ الْمُخَالِعُ بِالدَّفْعِ لَهُ وَكَانَ الزَّوْجُ هُوَ الْمُضَيِّعُ لِمَالِهِ كَذَا نَقَلَاهُ وَأَقَرَّاهُ أَيْضًا، لَكِنْ حَمَلَهُ السُّبْكِيُّ كَابْنِ الرِّفْعَةِ عَلَى عِوَضٍ مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَعَلَّقَ الطَّلَاقَ بِدَفْعِهِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ الْقَبْضُ إذْ مَا فِيهَا لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ، فَإِذَا تَلِفَ كَانَ عَلَى الْمُلْتَزِمِ وَبَقِيَ حَقُّ الزَّوْجِ فِي ذِمَّتِهِ، وَيَجُوزُ أَيْضًا تَوْكِيلُهَا كَافِرًا وَكَذَا عَبْدًا، وَفِيمَا إذَا أَطْلَقَ وَلَمْ يَأْذَنْ السَّيِّدُ فِي الْوَكَالَةِ لِلزَّوْجِ مُطَالَبَتُهُ بِالْمَالِ بَعْدَ الْعِتْقِ ثُمَّ بَعْدَ غُرْمِهِ يَرْجِعُ عَلَيْهَا إنْ قَصَدَ الرُّجُوعَ بِأَنْ نَوَاهَا بِاخْتِلَاعِهَا أَوْ أَطْلَقَ بِخِلَافِ مَا إذَا نَوَى نَفْسَهُ بِهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ فِي تَوْكِيلِ الْحُرِّ حَيْثُ لَمْ يُشْتَرَطْ قَصْدُهُ لِلرُّجُوعِ بِأَنَّ الْمَالَ لَمَّا لَمْ يَتَأَهَّلْ مُسْتَحِقُّهُ لِلْمُطَالَبَةِ بِهِ ابْتِدَاءً وَإِنَّمَا تَطْرَأُ مُطَالَبَتُهُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ الْمَجْهُولِ وُقُوعِهِ فَضْلًا عَنْ زَمَنِهِ لَوْ وَقَعَ كَانَ كَالْأَدَاءِ الْمُبْتَدَإِ فَاشْتُرِطَ صَارِفٌ عَنْ التَّبَرُّعِ، بِخِلَافِ الْحُرِّ فَإِنَّ التَّعَلُّقَ بِهِ عَقِبَ الْوَكَالَةِ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى أَنَّ أَدَاءَهُ إنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَتِهَا فَلَمْ يُشْتَرَطْ لِرُجُوعِهِ قَصْدٌ، وَمَعَ إذْنِ السَّيِّدِ فِيهَا يَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ وَمَالِ تِجَارَتِهِ لَا سَفِيهًا وَإِنْ أَذِنَ الْوَلِيُّ، فَلَوْ فَعَلَ وَقَعَ رَجْعِيًّا إنْ أَطْلَقَ، فَإِنْ أَضَافَ الْمَالَ إلَيْهَا بَانَتْ وَلَزِمَهَا الْمَالُ وَرَجَعَ بِهِ عَلَيْهَا بَعْدَ غُرْمِهِ، كَذَا أَطْلَقُوهُ، وَيَظْهَرُ أَنْ يَجِيءَ فِيهِ مَا مَرَّ فِي الْوَكِيلِ أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ إلَّا إنْ طُولِبَ (وَالْأَصَحُّ صِحَّةُ) (تَوْكِيلِهِ امْرَأَةً بِخُلْعٍ) وَفِي نُسْخَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: كَذَا نَقَلَاهُ إلَخْ) مُعْتَمَدُ (قَوْلِهِ لَكِنْ حَمَلَهُ السُّبْكِيُّ) اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ (قَوْلُهُ: إذْ مَا فِيهَا) أَيْ الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ أَيْضًا تَوْكِيلُهَا كَافِرًا وَكَذَا عَبْدًا) هَذِهِ التَّتِمَّةُ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا فِيمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا أَطْلَقَ) أَيْ الْعَبْدُ بِأَنْ لَمْ يُضِفْهُ لَهُ وَلَا لَهَا (قَوْلُهُ بَعْدَ الْعِتْقِ) أَيْ لِكُلِّهِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا إلَخْ) أَيْ حَيْثُ رَجَعَ الْعَبْدُ عَلَيْهَا فِيمَا لَوْ أَطْلَقَ، وَهَذَا الْفَرْقُ إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى مَا نَقَلَهُ فِيمَا مَرَّ عَنْ الْإِمَامِ مِنْ أَنَّ الْحُرَّ إذَا أَطْلَقَ لَا مُطَالَبَةَ لَهُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ أَمَّا عَلَى مَا نَقَلَهُ عَنْ الْغَزَالِيِّ فَالْمَسْأَلَتَانِ مُسْتَوِيَتَانِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: وَمَا مَرَّ فِي تَوْكِيلِ الْحُرِّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَطْلَقَ انْصَرَفَ لِنَفْسِهِ، وَأَنَّهُ إذَا غَرِمَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَأَهَّلْ مُسْتَحِقُّهُ) أَيْ وَهُوَ الْعَبْدُ (قَوْلُهُ: تَطْرَأُ مُطَالَبَتُهُ) أَيْ لِلْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: فَاشْتُرِطَ صَارِفٌ عَنْ التَّبَرُّعِ) أَيْ وَهُوَ قَصْدُ الرُّجُوعِ اهـ حَجّ إلَّا أَنَّ هَذَا الْفَرْقَ ظَاهِرٌ عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ حَجّ فِي جَانِبِ الْحُرِّ مِنْ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا مَا لَمْ يَنْوِ التَّبَرُّعَ بِأَنْ نَوَاهَا أَوْ أَطْلَقَ وَأَنَّ الْعَبْدَ إنَّمَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا إذَا قَصَدَ الرُّجُوعَ. أَمَّا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ اعْتِمَادِ كَلَامِ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ فِي الْحُرِّ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْعَبْدِ مِنْ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا إذَا نَوَاهَا أَوْ أَطْلَقَ فَلَا يَتَأَتَّى مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّوْجِيهِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ صَارِفٍ عَنْ التَّبَرُّعِ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إذَا أَطْلَقَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَقَعَ رَجْعِيًّا إنْ أَطْلَقَ) أَيْ أَوْ نَوَى نَفْسَهُ (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ بِهِ) إنَّمَا يَتِمُّ إذَا رَجَعَ لِلْعَبْدِ إذْ السَّفِيهُ لَا يَغْرَمُ وَعِبَارَةُ حَجّ: وَإِنَّمَا صَحَّ هُنَا لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى السَّفِيهِ، كَذَا ذَكَرُوهُ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ، فَمَا قِيلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالتُّحْفَةِ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ يَتَعَيَّنُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَتَخَلَّفَ) أَيْ وَخَالَعَ فِي حَالِ التَّخَلُّفِ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُ مُعَيَّنٍ وَعَلَّقَ الطَّلَاقَ بِدَفْعِهِ) أَيْ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ لِوُجُودِ الصِّفَةِ مَعَ عَدَمِ صِحَّةِ الْقَبْضِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: إذْ مَا فِيهَا) يَعْنِي الذِّمَّةَ (قَوْلُهُ: بِأَنْ نَوَاهَا) قَدْ يُقَالُ إنَّ هَذَا لَا يُلَائِمُ الْفَرْقَ الْآتِيَ (قَوْلُهُ: إنْ أَطْلَقَ) أَيْ أَوْ أَضَافَهُ إلَيْهِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ عَلَيْهَا بَعْدَ غُرْمِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: فَإِنْ أَضَافَ الْمَالَ إلَيْهَا بَانَتْ وَلَزِمَهَا الْمَالُ، وَإِنَّمَا صَحَّ هُنَا؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى السَّفِيهِ، كَذَا ذَكَرُوهُ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ فَمَا قِيلَ إنَّهُ يُطَالَبُ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهَا بَعْدَ غُرْمِهِ وَهْمٌ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ فِي الْوَكِيلِ) يَعْنِي الْوَكِيلَ فِي الشِّرَاءِ مَثَلًا، لَكِنْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَكِيلِ الْخُلْعِ فَتَأَمَّلْ.

[فصل في صيغة الخلع وما يتعلق بها]

لِخُلْعٍ فَاللَّامُ بِمَعْنَى الْبَاءِ (زَوْجَتُهُ أَوْ طَلَاقُهَا) لِصِحَّةِ تَفْوِيضِ طَلَاقِهَا إلَيْهَا، وَتَوْكِيلُ امْرَأَةٍ بِخُلْعٍ صَحِيحٍ قَطْعًا، وَمَرَّ أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ لَمْ يَصِحَّ تَوْكِيلُهُ امْرَأَةً فِي طَلَاقِ بَعْضِهِنَّ، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِأَنَّهَا لَا تَسْتَقِلَّ بِالطَّلَاقِ (وَلَوْ) (وَكَّلَا) أَيْ الزَّوْجَانِ مَعًا (رَجُلًا) فِي الْخُلْعِ وَقَبُولِهِ (تَوَلَّى طَرَفًا) أَرَادَهُ مِنْهُمَا مَعَ الْآخَرِ أَوْ وَكِيلِهِ كَسَائِرِ الْعُقُودِ (وَقِيلَ) يَتَوَلَّى (الطَّرَفَيْنِ) لِأَنَّ الْخُلْعَ يَكْفِي فِيهِ اللَّفْظُ مِنْ جَانِبٍ كَمَا لَوْ عَلَّقَ بِالْإِعْطَاءِ فَأَعْطَتْهُ. (فَصْلٌ فِي الصِّيغَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا الْفُرْقَةُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ طَلَاقٌ) يَنْقُصُ الْعَدَدُ إنْ قُلْنَا بِصَرَاحَتِهِ أَوْ نَوَاهُ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] ذَكَرَ حُكْمَ الِافْتِدَاءِ الْمُرَادِفِ لَهُ الْخُلْعُ بَعْدَ التَّطْلِيقَتَيْنِ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الثَّالِثَةِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ وُقُوعِ ثَالِثَةٍ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الثَّالِثَةَ هِيَ الِافْتِدَاءُ (وَفِي قَوْلٍ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْقَدِيمِ وَالْجَدِيدِ الْفُرْقَةُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ أَوْ الْمُفَادَاةِ إذَا لَمْ يُقْصَدْ بِهِ طَلَاقًا (فَسْخٌ لَا يُنْقِصُ) بِالتَّخْفِيفِ فِي الْأَفْصَحِ (عَدَدًا) فَيَجُوزُ تَجْدِيدُ النِّكَاحِ بَعْدَ تَكَرُّرٍ مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ وَاخْتَارَهُ كَثِيرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ، وَأَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ مُتَكَرِّرًا وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِالْآيَةِ نَفْسِهَا، إذْ لَوْ كَانَ الِافْتِدَاءُ طَلَاقًا لَمَا قَالَ فَإِنْ طَلَّقَهَا وَإِلَّا لَكَانَ الطَّلَاقُ أَرْبَعًا، أَمَّا الْفُرْقَةُ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ بِعِوَضٍ فَطَلَاقٌ يُنْقِصُ الْعَدَدَ قَطْعًا كَمَا لَوْ قَصَدَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ الطَّلَاقَ، لَكِنْ نَقَلَ الْإِمَامُ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ الْقَطْعَ بِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ طَلَاقًا بِالنِّيَّةِ كَمَا لَوْ قَصَدَ بِالظِّهَارِ الطَّلَاقَ (فَعَلَى الْأَوَّلِ) الْأَصَحِّ (لَفْظُ الْفَسْخِ كِنَايَةٌ) فِي الطَّلَاقِ: أَيْ الْفُرْقَةِ بِعِوَضِ الْمُعَبَّرِ عَنْهَا بِلَفْظِ الْخُلْعِ فَيَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي الْقُرْآنِ (وَالْمُفَادَاةُ) أَيْ هِيَ وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهَا (كَخُلْعٍ) عَلَى الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ (فِي الْأَصَحِّ) لِوُرُودِهَا فِي الْآيَةِ السَّابِقَةِ. وَالثَّانِي أَنَّهُ كِنَايَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَكَرَّرْ فِي الْقُرْآنِ وَلَمْ يُشْتَهَرْ عَلَى لِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرِيعَةِ (وَلَفْظُ الْخُلْعِ) وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُ (صَرِيحٌ) فِي الطَّلَاقِ لِتَكَرُّرِهِ عَلَى لِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرْعِ لِإِرَادَةِ الطَّلَاقِ فَكَانَ كَالْمُتَكَرِّرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSإنَّهُ يُطَالَبُ وَرَجَعَ بِهِ عَلَيْهَا بَعْدَ غُرْمِهِ وَهْمٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ تَوْكِيلُهُ امْرَأَةً إلَخْ) قَالَ: لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ الِاخْتِيَارَ لِلنِّكَاحِ وَهِيَ لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهَا فِيهِ اهـ. وَقَوْلُهُ فِي طَلَاقِ بَعْضِهِنَّ أَيْ مُبْهَمًا أَمَّا بَعْدَ تَعَيُّنِهِنَّ لِلنِّكَاحِ فَيَصِحُّ تَوْكِيلُهَا فِي طَلَاقِهِنَّ. (فَصْلٌ) فِي الصِّيغَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا (قَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا) أَيْ كَوُقُوعِ وَاحِدَةٍ بِثُلُثِ الْأَلْفِ إذَا قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً (قَوْلُهُ: وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِالْآيَةِ نَفْسِهَا) أَيْ وَهِيَ قَوْلُهُ {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] (قَوْلُهُ: فَطَلَاقٌ يُنْقِصُ الْعَدَدَ) مُعْتَمَدُ (قَوْلِهِ بِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ طَلَاقًا) أَيْ بَلْ هُوَ فَسْخٌ (قَوْلُهُ: فَيَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْفَسْخَ كِنَايَةٌ وَلَوْ مَعَ الْمَالِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ وَالثَّانِي أَنَّهُ) أَيْ لَفْظُ الْمُفَادَاةِ (قَوْلُهُ: حَمَلَةِ الشَّرِيعَةِ) الْمُرَادُ بِهِمْ الْفُقَهَاءُ (قَوْلُهُ: وَلَفْظُ الْخُلْعِ وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُ إلَخْ) صَرِيحٌ أَوْ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ لَفْظَ الْخُلْعِ صَرِيحٌ فِي الطَّلَاقِ حَيْثُ ذَكَرَ مَعَهُ الْمَالَ أَوْ نَوَى، وَيُشْكِلُ بِمَا يَأْتِي فِي الطَّلَاقِ مِنْ أَنَّ الْمَصَادِرَ كِنَايَاتٌ، وَيُصَرِّحُ بِأَنَّ مَا هُنَا كَالطَّلَاقِ قَوْلُ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ: وَمِنْهُ صَرِيحُ مُشْتَقٍّ مُفَادَاةً وَمُشْتَقِّ خُلْعٍ اهـ. وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا هُنَا عَلَى مَا فِي الطَّلَاقِ بِأَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُ عَطْفَ تَفْسِيرٍ عَلَى الْخُلْعِ فَيَصِيرُ الْمَعْنَى وَمَا اُشْتُقَّ مِنْ الْخُلْعِ صَرِيحًا، وَعَلَيْهِ فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُفَادَاةِ عَلَى مَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ فِي الْمُفَادَاةِ: أَيْ هِيَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي صِيغَة الخلع وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا] فَصْلٌ) فِي الصِّيغَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ هِيَ) هَذَا وَمَا سَيَأْتِي فِي لَفْظِ الْخُلْعِ يُخَالِفُ مَا قَالُوهُ فِي الطَّلَاقِ فَلْيُحَرَّرْ، ثُمَّ رَأَيْت الشِّهَابَ سم

فِي الْقُرْآنِ، وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ ذِكْرِ الْمَالِ مَعَهُ أَوْ لَا (وَفِي قَوْلٍ) هُوَ (كِنَايَةٌ) يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ، لِأَنَّ صَرَائِحَ الطَّلَاقِ ثَلَاثَةُ أَلْفَاظٍ تَأْتِي لَا غَيْرُ وَانْتَصَرَ لَهُ جَمْعٌ نَقْلًا وَدَلِيلًا (فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ جَرَى بِغَيْرِ ذِكْرِ مَالٍ وَجَبَ مَهْرُ مِثْلٍ فِي الْأَصَحِّ) لِاطِّرَادِ الْعُرْفِ بِجَرَيَانِهِ بِمَالٍ فَرَجَعَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لِلْمَرَدِّ وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ كَالْخُلْعِ بِمَجْهُولٍ، وَقَضِيَّتُهُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ جَزْمًا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ هَلْ يَجِبُ عِوَضٌ أَوْ لَا، وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ ذِكْرِ الْمَالِ كِنَايَةٌ، وَحَمَلَ جَمْعٌ مَا فِي الْكِتَابِ عَلَى مَا إذَا نَوَى بِهَا الْتِمَاسَ قَبُولِهَا فَقُبِلَتْ، فَيَكُونُ حِينَئِذٍ صَرِيحًا لِمَا يَأْتِي أَنَّ نِيَّةَ الْعِوَضِ مُؤَثِّرَةٌ هُنَا، فَكَذَا نِيَّةُ قَبُولِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ وَهُوَ لَفْظُ الْخُلْعِ وَنَحْوِهِ مَعَ قَبُولِهَا، وَمَا فِي الرَّوْضَةِ عَلَى مَا إذَا نَفَى الْعِوَضَ وَنَوَى الطَّلَاقَ فَيَقَعُ رَجْعِيًّا وَإِنْ قَبِلَتْ فَعُلِمَ أَنَّ صَرَاحَتَهُ بِغَيْرِ ذِكْرِ مَالٍ إذَا قَبِلَتْ وَنَوَى الْتِمَاسَ قَبُولِهَا وَأَنَّ مُجَرَّدَ لَفْظِ الْخُلْعِ لَا يُوجِبُ عِوَضًا جَزْمًا وَإِنْ نَوَى بِهِ طَلَاقًا، وَفِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى. هَذَا وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ جَرَى مَعَهَا وَصَرَّحَ بِالْعِوَضِ أَوْ نَوَاهُ وَقَبِلَتْ بَانَتْ أَوْ عَرَّى عَنْ ذَلِكَ وَنَوَى الطَّلَاقَ وَأَضْمَرَ الْتِمَاسَ جَوَابِهَا وَقَبِلَتْ وَقَعَ بَائِنًا، فَإِنْ لَمْ يُضْمِرْ جَوَابَهَا وَنَوَى وَقَعَ رَجْعِيًّا وَإِلَّا فَلَا، وَخَرَجَ بِمَعَهَا مَا لَوْ جَرَى مَعَ أَجْنَبِيٍّ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ مَجَّانًا، وَظَاهِرٌ أَنَّ وَكِيلَهَا مِثْلُهَا (وَيَصِحُّ) الْخُلْعُ بِصَرَائِحِ الطَّلَاقِ مُطْلَقًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَ (بِكِنَايَاتِ الطَّلَاقِ مَعَ النِّيَّةِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ طَلَاقٌ، وَكَذَا عَلَى أَنَّهُ فَسْخٌ إنْ نَوَيَا (وَبِالْعَجَمِيَّةِ) قَطْعًا، وَهِيَ مَا عَدَا الْعَرَبِيَّةَ لِانْتِفَاءِ اللَّفْظِ الْمُتَعَبَّدِ بِهِ (وَلَوْ) (قَالَ بِعْتُك نَفْسَك بِكَذَا فَقَالَتْ اشْتَرَيْت) أَوْ نَحْوَهُ كَ قَبِلْت (فَكِنَايَةُ خُلْعٍ) وَهُوَ الْفُرْقَةُ بِعِوَضٍ بِنَاءً عَلَى الطَّلَاقِ وَالْفَسْخِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ قَاعِدَةِ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَجِدْ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSوَمَا اُشْتُقَّ مِنْهَا أَنَّ الْمُفَادَاةَ تَرِدُ اسْمَ مَفْعُولٍ، يُقَالُ فَأَدَّيْت الْمَرْأَةَ فَهِيَ مُفَادَاةٌ وَمَصْدَرًا، لَكِنْ ذَكَرَ الْمُفَادَاةَ مِنْ الْمَالِ وَحَمَلَهَا عَلَى الْمُبْتَدَإِ فِي أَنْتِ مُفَادَاةٌ بِكَذَا قَرِينَةٍ عَلَى إرَادَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ، هَذَا وَلَكِنْ قَوْلُهُ فِي بَابِ الطَّلَاقِ فَصَرِيحُهُ الطَّلَاقُ: أَيْ مَا اُشْتُقَّ مِنْهُ إجْمَاعًا، وَكَذَا الْخُلْعُ وَالْمُفَادَاةُ وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُمَا عَلَى مَا مَرَّ فِي الْبَابِ السَّابِقِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ لَفْظَ الْخُلْعِ صَرِيحٌ حَيْثُ ذَكَرَ مَعَهُ الْمَالَ أَوْ نَوَى وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ كِنَايَةٌ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمَصَادِرِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ صَرَائِحَ الطَّلَاقِ ثَلَاثَةٌ) وَهِيَ: الطَّلَاقُ وَالْفِرَاقُ وَالسَّرَاحُ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ قَوْلُهُ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا إذَا نَوَى بِهَا) أَيْ الصِّيغَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قُبِلَتْ) أَيْ وَنَوَى الْتِمَاسَ قَبُولِهَا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) أَيْ فِي الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ) يَنْبَغِي جَرَيَانُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي الْأَجْنَبِيِّ وَبَحَثْت بِهِ مَعَ م ر فَوَافَقَ اهـ سم (قَوْلُهُ: بَانَتْ) أَيْ بِمَا ذَكَرَهُ أَوْ نَوَاهُ، وَقَوْلُهُ أَوْ عَرَّى عَنْ ذَلِكَ: أَيْ ذَكَرَ الْمَالَ وَنِيَّتَهُ (قَوْلُهُ: وَقَعَ بَائِنًا) أَيْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَقَوْلُهُ وَنَوَى: أَيْ الطَّلَاقَ، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا: أَيْ إنْ لَمْ يَنْوِ الطَّلَاقَ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تُطْلَقُ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْ مَالًا وَلَا نَوَاهُ بَلْ نَوَى الطَّلَاقَ فَقَطْ وَإِنْ أَضْمَرَ الْتِمَاسَ قَبُولِهِ وَقَبِلَ، وَعِبَارَةُ سم: قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ يَنْبَغِي جَرَيَانُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي الْأَجْنَبِيِّ، وَبَحَثْت بِهِ مَعَ م ر فَوَافَقَ اهـ (قَوْلُهُ بِصَرَائِحِ الطَّلَاقِ مُطْلَقًا) أَيْ نَوَى أَوَّلًا قُلْنَا هُوَ طَلَاقٌ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: وَبِالْعَجَمِيَّةِ) أَيْ وَلَوْ مِنْ عَرَبِيٍّ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى الطَّلَاقِ) أَيْ عَلَى قَوْلِي إلَخْ (قَوْلُهُ: مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ) أَيْ وَوَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجِدْ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ) أَيْ لِأَنَّ لَفْظَ الْبَيْعِ صَرِيحٌ فِي نَقْلِ الْمِلْكِ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQنَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَحَمَلَ جَمْعٌ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ لَا الْخِلَافُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ (قَوْلُهُ: وَقُبِلَتْ) أَيْ وَإِلَّا فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِمَعَهَا مَا لَوْ جَرَى مَعَ أَجْنَبِيٍّ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ مَجَّانًا) هَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي أَوَّلِ الْأَقْسَامِ وَهُوَ مَا إذَا صَرَّحَ بِالْعِوَضِ أَوْ نَوَاهُ وَوَقَعَ الْقَبُولُ كَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: إنْ نَوَيَا) أَيْ الزَّوْجَانِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ: فَلَوْ لَمْ يَنْوِيَا أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ يَقَعْ.

فَاسْتِثْنَاؤُهُ مِنْهَا غَيْرُ صَحِيحٍ وَإِنْ سَلَكَهُ جَمْعٌ كَالزَّرْكَشِيِّ وَالدَّمِيرِيِّ (وَإِذَا) (بَدَأَ) الزَّوْجُ (بِصِيغَةِ مُعَاوَضَةٍ كَ طَلَّقْتُك أَوْ خَالَعْتُكِ بِكَذَا) (وَقُلْنَا الْخُلْعُ طَلَاقٌ) وَهُوَ الرَّاجِحُ (فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ) لِأَخْذِهِ عِوَضًا فِي مُقَابَلَةِ الْبُضْعِ الْمُسْتَحَقِّ لَهُ (فِيهَا ثَوْبُ تَعْلِيقٍ) لِتَوَقُّفِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيهِ عَلَى قَبُولِ الْمَالِ كَتَوَقُّفِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ بِشَرْطٍ عَلَيْهِ. أَمَّا إذَا قُلْنَا فَسْخٌ فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ مَحْضَةٌ كَالْبَيْعِ (وَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ قَبُولِهَا) كَمَا هُوَ شَأْنُ الْمُعَاوَضَاتِ (وَيُشْتَرَطُ قَبُولُهَا) أَيْ الْمُخْتَلِعَةِ النَّاطِقَةِ (بِلَفْظٍ) كَ قَبِلْت أَوْ اخْتَلَعْت أَوْ ضَمِنْت أَوْ بِفِعْلٍ كَإِعْطَائِهِ الْأَلْفَ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ، لَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ. أَمَّا الْخَرْسَاءُ فَبِإِشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ. وَالْكِتَابَةُ مَعَ النِّيَّةِ تَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ (غَيْرِ مُنْفَصِلٍ) بِكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ إنْ طَالَ كَمَا يَأْتِي آخِرَ الْفَصْلِ، وَكَذَا السُّكُوتُ كَمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ وَلِهَذَا اُشْتُرِطَ تَوَافُقُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ هُنَا أَيْضًا (فَلَوْ اخْتَلَفَ إيجَابٌ وَقَبُولٌ كَ طَلَّقْتُك بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ بِأَلْفَيْنِ وَعَكْسُهُ أَوْ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ وَاحِدَةً بِثُلُثِ أَلْفٍ فَلَغْوٌ) كَمَا فِي الْبَيْعِ فَلَا طَلَاقَ وَلَا مَالَ. (وَلَوْ) (قَالَ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَالْأَصَحُّ وُقُوعُ الثَّلَاثِ وَوُجُوبُ أَلْفٍ) لِعَدَمِ تَخَالُفِهِمَا هُنَا فِي الْمَالِ الْمُعْتَبَرِ قَبُولُهَا لِأَجْلِهِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا فِي الطَّلَاقِ فِي مُقَابَلَتِهِ وَالزَّوْجُ مُسْتَقِلٌّ بِهِ فَوَقَعَ مَا زَادَ عَلَيْهَا، وَبِهِ انْدَفَعَ مَا قِيلَ قَدْ يَكُونُ لَهَا غَرَضٌ فِي عَدَمِ الثَّلَاثِ لِتَرْجِعَ لَهُ مِنْ غَيْرِ مُحَلَّلٍ، وَيُفَارِقُ مَا لَوْ بَاعَ عَبْدَيْنِ بِأَلْفٍ فَقَبِلَ أَحَدَهُمَا بِأَلْفٍ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا يَسْتَقِلُّ بِتَمْلِيكِ الزَّائِدِ، وَالثَّانِي تَقَعُ وَاحِدَةٌ بِأَلْفٍ نَظَرًا إلَى قَبُولِهَا. وَالثَّالِثُ لَا يَقَعُ لِاخْتِلَافِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ (وَإِنْ) (بَدَأَ بِصِيغَةِ تَعْلِيقٍ كَمَتَى أَوْ مَتَى مَا) زَائِدَةٌ لِلتَّأْكِيدِ أَوْ أَيَّ وَقْتٍ أَوْ حِينَ أَوْ زَمَنَ (أَعْطَيْتنِي) كَذَا فَأَنْت طَالِقٌ (فَتَعْلِيقٌ) مِنْ جَانِبِهِ فِيهِ ثَوْبُ مُعَاوَضَةٍ لَكِنْ لَا نَظَرَ إلَيْهَا هُنَا غَالِبًا لِأَنَّ لَفْظَهُ الْمَذْكُورَ مِنْ صَرَائِحِهِ فَلَمْ يُنْظَرْ لِمَا فِيهِ مِنْ نَوْعِ مُعَاوَضَةٍ (فَلَا) طَلَاقَ قَبْلَ تَحَقُّقِ الصِّفَةِ وَلَا يَبْطُلُ بِطُرُوِّ جُنُونِهِ عَقِبَهُ وَلَا (رُجُوعَ لَهُ) عَنْهُ قَبْلَ الْإِعْطَاءِ كَسَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ (وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ لَفْظًا) لِعَدَمِ اقْتِضَاءِ الصِّيغَةِ ذَلِكَ (وَلَا الْإِعْطَاءُ فِي الْمَجْلِسِ) بَلْ يَكْفِي بَعْدَ تَفَرُّقِهِمَا مِنْهُ لِدَلَالَتِهِ عَلَى اسْتِغْرَاقِ جَمِيعِ الْأَزْمِنَةِ صَرِيحًا، فَلَمْ تَقْوَ قَرِينَةُ الْمُعَاوَضَةِ عَلَى إيجَابِ الْفَوْرِ وَإِنَّمَا وَجَبَ فِي قَوْلِهَا مَتَى طَلَّقْتنِي فَلَكَ أَلْفٌ وُقُوعُهُ فَوْرًا لِأَنَّ جَانِبَهَا يَغْلِبُ فِيهِ الْمُعَاوَضَةُ بِخِلَافِهِ، وَأَفْهَمَ مِثَالُهُ أَنَّ مَتَى: أَيْ وَنَحْوَهَا إنَّمَا تَكُونُ لِلتَّرَاخِي إثْبَاتًا، أَمَّا نَفْيًا كَمَتَى لَمْ تُعْطِنِي أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ فَلِلْفَوْرِ فَتَطْلُقُ بِمُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْإِعْطَاءُ فَلَمْ تُعْطِهِ (وَإِنْ قَالَ إنْ) بِالْكَسْرِ (أَوْ إذَا) وَمِثْلُهُمَا كُلُّ مَا لَمْ يَدُلَّ عَلَى الزَّمَنِ الْآتِي (أَعْطَيْتنِي فَكَذَلِكَ) أَيْ لَا رُجُوعَ لَهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ لَفْظًا لِأَنَّهُمَا حَرْفَا تَعْلِيقٍ كَمَتَى. أَمَّا الْمَفْتُوحَةُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَإِذْ فَالطَّلَاقُ مَعَ أَحَدِهِمَا يَقَعُ بَائِنًا حَالًا وَيَظْهَرُ تَقْيِيدُهُ بِالنَّحْوِيِّ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الطَّلَاقِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ مَعَ الْبَيْنُونَةِ لَا مَالَ لَهُ عَلَيْهَا ظَاهِرًا، وَوَجْهُهُ أَنَّ مُقْتَضَى لَفْظِهِ أَنَّهَا بَذَلَتْ لَهُ أَلْفًا عَلَى الطَّلَاقِ وَأَنَّهُ قَبَضَهُ (لَكِنْ يُشْتَرَطُ) إنْ كَانَتْ حُرَّةً، وَأُلْحِقَ بِهَا الْمُبَعَّضَةُ وَالْمُكَاتَبَةُ سَوَاءٌ الْحَاضِرَةُ وَالْغَائِبَةُ عَقِبَ عِلْمِهَا (إعْطَاءٌ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSالْعَيْنِ بِثَمَنٍ مَخْصُوصٍ، وَهُوَ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ هُنَا لِأَنَّ بَيْعَ الرَّجُلِ لِزَوْجَتِهِ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً غَيْرُ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ: فَاسْتِثْنَاؤُهُ مِنْهَا) أَيْ الْقَاعِدَةِ (قَوْلُهُ: مَحْضَةٌ كَالْبَيْعِ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْعِلَّةَ بِشَوْبِ التَّعْلِيقِ مَوْجُودَةٌ فِيهِ فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ تَقْبَلْ الْمَرْأَةُ لَمْ يَكُنْ فَسْخًا (قَوْلُهُ: أَوْ ضَمِنَتْ) قَالَهُ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ) مُعْتَمَدُ (قَوْلِهِ لَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ) وَمِنْ الظَّاهِرِ قَوْلُ الْمَنْهَجِ وَشُرِطَ فِي الصِّيغَةِ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: إيجَابٌ وَقَبُولٌ) أَيْ فِي الْمَالِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَيُفَارَقُ) أَيْ حَيْثُ قُلْنَا بِالْبُطْلَانِ انْتَهَى سم (قَوْلُهُ: بَلْ يَكْفِي بَعْدَ تَفَرُّقِهِمَا) أَيْ وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ جِدًّا (قَوْلُهُ: وُقُوعُهُ فَوْرًا) أَيْ وُقُوعُ تَطْلِيقِهِ فَوْرًا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ) أَيْ جَانِبِهِ. وَقَوْلُهُ فَتَطْلُقُ: أَيْ طَلَاقًا رَجْعِيًّا (قَوْلُهُ: كُلُّ مَا لَمْ) أَيْ لَفْظُ (قَوْلُهُ: يَقَعُ بَائِنًا) قَالَهُ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَالْمُكَاتَبَةُ) وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْمُكَاتَبَةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا خَلَعَهَا عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ يَقَعُ بَائِنًا حَالًا) اُنْظُرْ هَلْ هُوَ الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَعْطَتْهُ شَيْئًا أَوْ فِي الظَّاهِرِ فَقَطْ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ لَا غَيْرُ (قَوْلُهُ: ظَاهِرًا) أَيْ وَكَذَا بَاطِنًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَلْتَزِمْ لَهُ شَيْئًا فَلْيُرَاجَعْ

الْفَوْرِ) وَالْمُرَادُ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ مَجْلِسُ التَّوَاجُبِ السَّابِقُ بِأَنْ لَا يَتَخَلَّلَ كَلَامٌ أَوْ سُكُوتٌ طَوِيلٌ عُرْفًا، وَقِيلَ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا بِمَا مَرَّ فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ لِأَنَّ ذِكْرَ الْعِوَضِ قَرِينَةٌ تَقْتَضِي التَّعْجِيلَ إذْ الْأَعْوَاضُ تَتَعَجَّلُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ، وَتُرِكَتْ هَذِهِ الْقَضِيَّةُ فِي نَحْوِ مَتَى لِصَرَاحَتِهَا فِي التَّأْخِيرِ كَمَا مَرَّ، بِخِلَافِ إنْ إذْ لَا دَلَالَةَ لَهَا عَلَى زَمَنٍ أَصْلًا وَإِذَا لِأَنَّ مَتَى مُسَمَّاهَا زَمَنٌ عَامٌّ وَمُسَمَّى إذَا زَمَنٌ مُطْلَقٌ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَدَوَاتِ الْعُمُومِ اتِّفَاقًا فَلِهَذَا الِاشْتِرَاكِ فِي أَصْلِ الزَّمَنِ وَعَدَمِهِ فِي إنْ اتَّضَحَ أَنَّهُ لَوْ قِيلَ مَتَى أَلْقَاك صَحَّ أَنْ يُقَالَ مَتَى أَوْ إذَا شِئْت دُونَ إنْ شِئْت لِأَنَّهَا لِعَدَمِ دَلَالَتِهَا عَلَى زَمَنٍ لَا تَصْلُحُ جَوَابًا لِلِاسْتِفْهَامِ الَّذِي فِي مَتَى عَنْ الزَّمَانِ، وَمَحَلُّ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ إنْ وَإِذَا فِي الْإِثْبَاتِ. أَمَّا النَّفْيُ فَإِذَا لِلْفَوْرِ بِخِلَافِ إنْ كَمَا يَأْتِي، أَمَّا الْأَمَةُ فَمَتَى أَعْطَتْ طَلُقَتْ وَإِنْ طَالَ لِتَعَذُّرِ إعْطَائِهَا حَالًّا إذْ لَا مِلْكَ لَهَا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِإِعْطَاءِ نَحْوِ خَمْرٍ اُشْتُرِطَ الْفَوْرُ لِقُدْرَتِهَا عَلَيْهِ حَالًّا، وَفِي الْأَوَّلِ إذَا أَعْطَتْهُ مِنْ كَسْبِهَا أَوْ غَيْرِهِ بَانَتْ لِوُجُودِ الصِّفَةِ وَيَرُدُّ الزَّوْجُ الْأَلْفَ لِمَالِكِهَا، وَيَتَعَلَّقُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِذِمَّتِهَا تُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهَا، وَلَا يُنَافِيهِ مَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْأَمَةِ إنْ أَعْطَيْتنِي ثَوْبًا فَأَنْت طَالِقٌ حَيْثُ لَا تَطْلُقُ بِإِعْطَاءِ ثَوْبٍ لِعَدَمِ مِلْكِهَا لَهُ لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ فِي حَقِّهَا لِكَوْنِهَا لَا تَمْلِكُ مُنَوَّطٌ بِمَا يُمْكِنُ تَمْلِيكُهُ فَلَمْ تَطْلُقْ بِهِ فِي مَسْأَلَةِ إنْ أَعْطَيْتنِي ثَوْبًا إذْ لَا يُمْكِنُ تَمْلِيكُهُ لِجَهَالَتِهِ فَصَارَ كَإِعْطَاءِ الْحُرَّةِ ثَوْبًا مَغْصُوبًا أَوْ نَحْوَهُ، بِخِلَافِ إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا أَوْ هَذَا الثَّوْبَ. (وَإِنْ) (بَدَأَتْ بِطَلَبِ طَلَاقٍ) كَطَلِّقْنِي بِكَذَا أَوْ إنْ أَوْ إذَا أَوْ مَتَى طَلَّقْتنِي فَلَكَ عَلَيَّ كَذَا (فَأَجَابَ) هَا الزَّوْجُ (فَمُعَاوَضَةٌ) مِنْ جَانِبِهَا لِمِلْكِهَا الْبُضْعَ فِي مُقَابَلَةِ مَا بَذَلَتْهُ (مَعَ ثَوْبِ جَعَالَةٍ) لِبَذْلِهَا الْعِوَضَ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ تَحْصِيلِهِ لِغَرَضِهَا، وَهُوَ الطَّلَاقُ الَّذِي يَسْتَقِلُّ بِهِ كَالْعَامِلِ فِي الْجَعَالَةِ (فَلَهَا الرُّجُوعُ قَبْلَ جَوَابِهِ) كَسَائِرِ الْجَعَالَاتِ وَالْمُعَاوَضَاتِ (وَيُشْتَرَطُ فَوْرٌ لِجَوَابِهِ) فِي مَجْلِسِ التَّوَاجُبِ نَظَرًا لِجَانِبِ الْمُعَاوَضَةِ وَإِنْ عَلَّقَتْ بِمَتَى، بِخِلَافِ جَانِبِ الزَّوْجِ كَمَا مَرَّ. فَلَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ زَوَالِ الْفَوْرِيَّةِ حُمِلَ عَلَى الِابْتِدَاءِ فَيَقَعُ رَجْعِيًّا بِلَا عِوَضٍ، وَفَارَقَ الْجَعَالَةَ بِقُدْرَتِهِ عَلَى الْعَمَلِ فِي الْمَجْلِسِ، بِخِلَافِ عَامِلِ الْجَعَالَةِ غَالِبًا، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْفَوْرِ إنْ صَرَّحَتْ بِالتَّرَاخِي، وَلَا يُشْتَرَطُ هُنَا تَوَافُقٌ نَظَرًا لِشَائِبَةِ الْجَعَالَةِ، فَلَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ بِخَمْسِمِائَةٍ وَقَعَ بِهَا كَرَدِّ عَبْدِي بِأَلْفٍ فَرَدَّهُ بِأَقَلَّ (وَلَوْ) (طَلَبَتْ) وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ ـــــــــــــــــــــــــــــSعِوَضٍ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا دَيْنًا كَانَ أَوْ عَيْنًا بَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَنَّهُ يَرُدُّ عَلَيْهَا مَا قَبَضَهُ مِنْهَا وَلَا يَمْلِكُهُ وَيَسْتَقِرُّ لَهُ فِي ذِمَّتِهَا مَهْرُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: أَوْ سُكُوتٌ طَوِيلٌ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَضُرُّ تَخَلُّلُ كَلَامٍ يَسِيرٍ (قَوْلُهُ: يَتَفَرَّقَا بِمَا مَرَّ) أَيْ بِأَنْ يُفَارِقُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ مُخْتَارًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذِكْرَ الْعِوَضِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ إعْطَاءً عَلَى الْفَوْرِ (قَوْلُهُ: لِصَرَاحَتِهَا) أَيْ مَتَى (قَوْلُهُ: صَحَّ أَنْ يُقَالَ) أَيْ فِي الْجَوَابِ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّهَا: أَيْ إنْ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْأَمَةُ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ إنْ كَانَتْ حُرَّةً (قَوْلُهُ: وَفِي الْأَوَّلِ) أَيْ غَيْرِ الْخَمْرِ (قَوْلُهُ بَعْدَ عِتْقِهَا) أَيْ كُلِّهَا أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِ فِي مُعَامَلَةِ الرَّقِيقِ (قَوْلُهُ: فَلَهَا الرُّجُوعُ) أَيْ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ كَ رَجَعْت عَمَّا قُلْته أَوْ أَبْطَلْته أَوْ نَقَصْته أَوْ فَسَخْته (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَإِنَّمَا وَجَبَ فِي قَوْلِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: حُمِلَ عَلَى الِابْتِدَاءِ) فَلَوْ قَالَ قَصَدْت بِهِ جَوَابَهَا صُدِّقَ إنْ عُذِرَ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا نَصُّهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ جَوَابٌ وَكَانَ جَاهِلًا لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ اهـ. وَلَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَ تَصْدِيقِهِ هَلْ هُوَ عَدَمُ الْوُقُوعِ لِفَوَاتِ الْفَوْرِيَّةِ الْمُشْتَرَطَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: نَعَمْ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ كَذَلِكَ لِمَا ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ الْجَعَالَةَ) أَيْ حَيْثُ يَسْتَحِقُّ فِيهَا الْجُعَلَ وَإِنْ تَرَاخَى الْعَمَلُ (قَوْلُهُ إنْ صَرَّحَتْ بِالتَّرَاخِي) أَيْ كَأَنْ قَالَتْ إنْ طَلَّقْتنِي وَلَوْ بَعْدَ شَهْرٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ طَلَبَتْ) أَيْ الْمَرْأَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِعَدَمِ مِلْكِهَا لَهُ) هُوَ مِنْ كَلَامِ الْبَغَوِيّ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ إلَخْ) هُوَ وَجْهُ عَدَمِ الْمُنَافَاةِ. (قَوْلُهُ: فَرَدُّهُ أَقَلُّ) أَيْ

نِصْفَهَا مَثَلًا بَانَتْ بِنِصْفِ الْمُسَمَّى أَوْ يَدَهَا مَثَلًا بَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ لِلْجَهْلِ بِمَا يُقَابِلُ الْيَدَ أَوْ (ثَلَاثًا بِأَلْفٍ) وَهُوَ يَمْلِكُهُنَّ عَلَيْهَا (فَطَلَّقَ طَلْقَةً بِثُلُثِهِ) يَعْنِي لَمْ يَقْصِدْ بِهَا الِابْتِدَاءَ سَوَاءٌ أَقَالَ بِثُلُثِهِ أَمْ سَكَتَ عَنْهُ وَلَمْ يَنْوِ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ (فَوَاحِدَةٌ) تَقَعُ فَقَطْ (بِثُلُثِهِ) أَوْ طَلْقَتَيْنِ فَطَلْقَتَانِ بِثُلُثَيْهِ تَغْلِيبًا لِثَوْبِ الْجَعَالَةِ إذْ لَوْ قَالَ رُدَّ عَبِيدِي الثَّلَاثَةَ وَلَك أَلْفٌ فَرَدَّ وَاحِدًا اسْتَحَقَّ ثُلُثَ الْأَلْفِ وَفَارَقَ عَدَمُ الْوُقُوعِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ جَانِبِهِ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ فِيهِ مُعَاوَضَةٌ وَشَرْطُ التَّعْلِيقِ وُجُودُ الصِّفَةِ وَالْمُعَاوَضَةُ التَّوَافُقُ وَلَمْ يُوجَدَا، وَأَمَّا مِنْ جَانِبِهَا فَلَا تَعْلِيقَ فِيهِ بَلْ فِيهِ مُعَاوَضَةٌ أَيْضًا كَمَا مَرَّ وَجَعَالَةُ هَذَا لَا يَقْتَضِي الْمُوَافَقَةَ فَغَلَبَ، بِخِلَافِ التَّعْلِيقِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِيهِ أَيْضًا فَاسْتَوَيَا، وَلَوْ أَجَابَهَا بِأَنْتِ طَالِقٌ وَلَمْ يَذْكُرْ عَدَدًا وَلَا نَوَاهُ وَقَعَتْ وَاحِدَةً فَقَطْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الطَّلَاقِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ (وَإِذَا خَالَعَ أَوْ طَلَّقَ بِعِوَضٍ) وَلَوْ فَاسِدًا (فَلَا رَجْعَةَ) لَهُ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا إنَّمَا بَذَلَتْ الْمَالَ لِتَمْلِكَ نَفْسَهَا كَمَا أَنَّهُ إذَا بَذَلَ الصَّدَاقَ لَا تَمْلِكُ هِيَ رَفْعَهُ (فَإِنْ شَرَطَهَا) كَطَلَّقْتُكِ أَوْ خَالَعْتُكِ بِكَذَا عَلَى أَنَّ لِي عَلَيْك الرَّجْعَةَ فَقَبِلَتْ (فَرَجْعِيٌّ وَلَا مَالَ) لَهُ لِأَنَّ شَرْطَ الرَّجْعَةِ وَالْمَالِ مُتَنَافِيَانِ أَيْ فَيَتَسَاقَطَانِ وَيَبْقَى مُجَرَّدُ الطَّلَاقِ وَهُوَ يَقْتَضِي الرَّجْعَةَ (وَفِي قَوْلِ بَائِنٍ بِمَهْرِ مِثْلٍ) لِأَنَّ الْخُلْعَ لَا يَفْسُدُ بِفَسَادِ الْعِوَضِ، وَلَوْ خَالَعَهَا بِعِوَضٍ عَلَى أَنَّهُ مَتَى شَاءَ رَدَّهُ وَكَانَ لَهُ الرَّجْعَةُ بَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ نَصَّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ رَضِيَ هُنَا بِسُقُوطِ الرَّجْعَةِ وَمَتَى سَقَطَتْ لَا تَعُودُ. (وَلَوْ) (قَالَتْ طَلِّقْنِي بِكَذَا وَارْتَدَّتْ) أَوْ ارْتَدَّ هُوَ أَوْ ارْتَدَّا مَعًا (فَأَجَابَ) هَا الزَّوْجُ فَوْرًا بِأَنْ لَمْ تَتَرَاخَ الرِّدَّةُ وَلَا الْجَوَابُ كَمَا أَفَادَتْهُ الْفَاءُ وَحِينَئِذٍ نُظِرَ (إنْ كَانَ) الِارْتِدَادُ (قَبْلَ دُخُولٍ أَوْ بَعْدَهُ وَأَصَرَّتْ) هِيَ أَوْ هُوَ أَوْ هُمَا عَلَى الرِّدَّةِ (حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ بَانَتْ بِالرِّدَّةِ وَلَا مَالَ) وَلَا طَلَاقَ لِانْقِطَاعِ النِّكَاحِ بِالرِّدَّةِ فِي الْحَالَيْنِ، أَمَّا إذَا أَجَابَ قَبْلَ الرِّدَّةِ فَإِنَّهَا تَبِينُ حَالًا بِالْمَالِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَعَا مَعًا فَإِنَّهَا تَبِينُ بِالرِّدَّةِ كَمَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ: أَيْ إنْ لَمْ يَقَعْ إسْلَامٌ إذْ الْمَانِعُ أَقْوَى مِنْ الْمُقْتَضَى، وَهَذَا أَوْجَهُ مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ مِنْهَجِهِ مِنْ وُجُوبِهِ (وَإِنْ أَسْلَمَتْ) هِيَ أَوْ هُوَ أَوْ هُمَا (فِيهَا) أَيْ الْعِدَّةِ (طَلُقَتْ بِالْمَالِ) الْمُسَمَّى لِأَنَّا تَبَيَّنَّا صِحَّةَ الْخُلْعِ وَتُحْسَبُ الْعِدَّةُ مِنْ حِينِ الطَّلَاقِ (وَلَا يَضُرُّ) فِي الْخُلْعِ سُكُوتٌ أَوْ (تَخَلُّلُ كَلَامٌ يَسِيرٍ) وَلَوْ أَجْنَبِيًّا مِنْ الْمَطْلُوبِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَمْ سَكَتَ عَنْهُ) أَفْهَمَ أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ مَا يَزِيدُ عَلَى الثُّلُثِ كَأَنْ قَالَ طَلَّقْتُك وَاحِدَةً بِأَلْفٍ أَوْ نَوَى ذَلِكَ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِعَدَمِ مُوَافَقَةِ مَا أَجَابَهَا بِهِ لِسُؤَالِهَا (قَوْلُهُ: وَقَعَتْ وَاحِدَةً) أَيْ بِثُلُثِ الْأَلْفِ وَأَمَّا لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ مَلَكَ طَلْقَةً فَقَطْ فَقَالَتْ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا إلَخْ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ الْوُقُوعِ هُنَا وَهُوَ قَوْلُهُ وَلَوْ مَلَكَ عَلَيْهَا الثَّلَاثَ فَقَالَتْ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً بِأَلْفٍ وَثِنْتَيْنِ مَجَّانًا إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ لِي عَلَيْك الرَّجْعَةَ) أَوْ إنْ أَبْرَأْتنِي مِنْ صَدَاقِك فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً فَأَبْرَأَتْهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ جَمْعٌ أَخْذًا مِنْ فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ فَرَجْعِيٌّ إلَخْ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ فَيَتَسَاقَطَانِ) هَذَا يَقْتَضِي بُطْلَانَ الْبَرَاءَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ شَرْطَ الرَّجْعَةِ إنَّمَا يُنَافِي الْبَرَاءَةَ إذَا جُعِلَتْ عِوَضًا لَا مُجَرَّدَ التَّعْلِيقِ عَلَيْهَا فَلَا يُنَافِي شَرْطَ الرَّجْعَةِ، وَكَوْنُ الْبَرَاءَةِ عِوَضًا لَا بُطْلَانَهَا فِي نَفْسِهَا فَالْأَوْجَهُ صِحَّتُهَا، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَإِنَّ شَرْطَ الرَّجْعَةِ يُنَافِي الْعِوَضَ فَيَسْقُطُ، وَإِذَا سَقَطَ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ عِوَضًا سَقَطَ مُطْلَقًا إذْ لَيْسَ لَهُ جِهَةٌ، أُخْرَى يَثْبُتُ بِاعْتِبَارِهَا، بِخِلَافِ الْبَرَاءَةِ فَإِنَّهَا مَعْلُولَةٌ فِي نَفْسِهَا فَتَأَمَّلْهُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَعَا) أَيْ الْجَوَابُ وَالرِّدَّةُ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَقَعْ) يَنْبَغِي أَنَّهُ فِيمَا بَعْدَ الدُّخُولِ وَإِلَّا لَمْ يُؤَثِّرْ الْإِسْلَامُ وَإِنْ جَزَمَ بِهِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ وَوَافَقَ السُّبْكِيُّ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQبِأَنْ نَقَصَ مِنْ أَلْفٍ خَمْسَمِائَةٍ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّ وَإِلَّا فَالْجِعَالَةُ تَلْزَمُ بِتَمَامِ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ: نِصْفَهَا) أَيْ الزَّوْجُ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُوجَدَا) أَيْ الصِّفَةُ وَالتَّوَافُقُ.

[فصل في الألفاظ الملزمة للعوض في الخلع]

جَوَابُهُ (بَيْنَ إيجَابٍ وَقَبُولٍ) لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ إعْرَاضًا هُنَا نَظَرًا لِشَائِبَةِ التَّعْلِيقِ أَوْ الْجَعَالَةِ وَبِهِ فَارَقَ الْبَيْعُ، أَمَّا الْكَثِيرُ مِمَّنْ لَا يَطْلُبُ جَوَابَهُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَضُرُّ أَيْضًا، وَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - نَظِيرَ الْمُرَجَّحِ فِي الْبَيْعِ. . (فَصْلٌ) فِي الْأَلْفَاظِ الْمُلْزِمَةِ لِلْعِوَضِ وَمَا يَتْبَعُهَا. (لَوْ) (قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَعَلَيْك) كَذَا (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (وَلِي عَلَيْك كَذَا) وَظَاهِرٌ أَنَّ مِثْلَ هَذَا عَكْسُهُ كَعَلَيْك كَذَا وَأَنْت طَالِقٌ وَتَوَهُّمُ فَرْقٍ بَيْنَهُمَا بَعِيدٌ (وَلَمْ يَسْبِقْ طَلَبُهَا بِمَالٍ وَقَعَ رَجْعِيًّا قَبِلَتْ أَمْ لَا وَلَا مَالَ) لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ مَجَّانًا، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ لَهُ عَلَيْهَا كَذَا بِجُمْلَةٍ خَبَرِيَّةٍ مَعْطُوفَةٍ عَلَى جُمْلَةِ الطَّلَاقِ غَيْرُ صَالِحَةٍ لِلشَّرْطِيَّةِ أَوْ الْعِوَضِيَّةِ فَلَمْ يَلْزَمْهَا لِوُقُوعِهَا مُلْغَاةً فِي نَفْسِهَا وَفَارَقَ قَوْلُهَا طَلِّقْنِي وَعَلَيَّ أَوْ وَلَك عَلَيَّ أَلْفٌ فَأَجَابَهَا فَإِنَّهُ يَقَعُ بَائِنًا بِأَلْفٍ بِأَنَّ الْمُتَعَلِّقَ بِهَا مِنْ عَقْدِ الْخُلْعِ هُوَ الِالْتِزَامُ فَحُمِلَ لَفْظُهَا عَلَيْهِ وَهُوَ يَنْفَرِدُ بِالطَّلَاقِ، فَإِذَا خَلَا لَفْظُهُ عَنْ صِيغَةِ مُعَاوَضَةٍ حُمِلَ لَفْظُهُ عَلَى مَا يَنْفَرِدُ بِهِ. نَعَمْ إنْ شَاعَ عُرْفًا أَنَّ ذَلِكَ لِلشَّرْطِ كَعَلَيَّ صَارَ مِثْلُهُ: أَيْ إنْ قَصَدَهُ بِهِ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّاهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَيْسَ مِمَّا تَعَارَضَ فِيهِ مَدْلُولَانِ لُغَوِيٌّ وَعُرْفِيٌّ حَتَّى يُقَدَّمَ اللُّغَوِيُّ لِأَنَّ مَا هُنَا فِي لَفْظٍ شَاعَ اسْتِعْمَالُهُ فِي شَيْءٍ فَقَبِلَتْ إرَادَتَهُ مِنْهُ، وَذَاكَ فِي تَعَارُضِ الْمَدْلُولِينَ وَلَا إرَادَةَ، فَقُدِّمَ الْأَقْوَى وَهُوَ اللُّغَوِيُّ، وَأَيْضًا فَمَا هُنَا فِيمَا إذَا اُشْتُهِرَ اسْتِعْمَالُ لَفْظٍ فِي شَيْءٍ وَلَمْ يُعَارِضْهُ مَدْلُولٌ لُغَوِيٌّ وَالْكَلَامُ هُنَاكَ فِيمَا إذَا تَعَارَضَ مَدْلُولَانِ لُغَوِيٌّ وَعُرْفِيٌّ. وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ إطْلَاقِ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّ الِاشْتِهَارَ هُنَا يَجْعَلُهُ صَرِيحًا فَلَا يَحْتَاجُ لِقَصْدٍ، وَأَمَّا الِاشْتِهَارُ الَّذِي لَا يُلْحِقُ الْكِنَايَةَ بِالتَّصْرِيحِ فَإِنَّمَا هُوَ بِالْكِنَايَاتِ الْمُوقِعَةِ، أَمَّا الْأَلْفَاظُ الْمُلْزِمَةُ فَيَكْفِي فِي صَرَاحَتِهَا الِاشْتِهَارُ، أَلَا تَرَى أَنَّ: بِعْتُك ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ) فِي الْأَلْفَاظِ الْمُلْزِمَةِ لِلْعِوَضِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا يَنْفَرِدُ بِهِ) أَيْ وَهُوَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: إنَّ ذَلِكَ) أَيْ قَوْلَهُ أَنْتِ طَالِقٌ (قَوْلُهُ صَارَ مِثْلَهُ) أَيْ فَإِنْ قَبِلَتْ بَانَتْ بِهِ وَإِلَّا فَلَا، وَقَوْلُهُ إنَّ قَصْدَهُ يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ مُجَرَّدَ الشُّيُوعِ لَا يُصَيِّرُهُ صَرِيحًا فِي الشَّرْطِ، وَحِينَئِذٍ فَالْفَرْقُ بَيْنَ حَالَةِ الشُّيُوعِ وَعَدَمِهَا أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَرَدْت حَيْثُ شَاعَ وَإِنْ كَذَّبَتْهُ فِي الْإِرَادَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُشِعْ (قَوْلُهُ: وَذَاكَ فِي تَعَارُضِ) أَيْ وَاَلَّذِي تَعَارَضَ فِيهِ مَفْهُومَانِ (قَوْلُهُ: وَأَيْضًا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ صَارَ مِثْلَهُ (قَوْلُهُ: فَيَكْفِي فِي صَرَاحَتِهَا) قَضِيَّتُهُ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَيْهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَهُوَ مُنَافٍ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ الْإِلْزَامِ بِهِ إلَّا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ أَمَّا الْكَثِيرُ مِمَّنْ لَا يُطْلَبُ جَوَابُهُ) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ قَبْلَ هَذَا حُكْمَهُ مِمَّنْ يُطْلَبُ جَوَابُهُ وَإِنْ كَانَ مَفْهُومًا بِالْأَوْلَى. [فَصْلٌ فِي الْأَلْفَاظِ الْمُلْزِمَةِ لِلْعِوَضِ فِي الخلع] (فَصْلٌ) فِي الْأَلْفَاظِ الْمُلْزِمَةِ لِلْعِوَضِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ إلَخْ) هَذَا فِي صُورَتَيْ الْمَتْنِ وَظَاهِرٌ أَنَّ تَعْلِيلَ عَكْسِهِ بِعَكْسِ تَعْلِيلِهِ (قَوْلُهُ: وَأَيْضًا فَمَا هُنَا فِيمَا إذَا اُشْتُهِرَ إلَخْ) هَذَا الْجَوَابُ لِوَالِدِ الشَّارِحِ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ لَكِنَّهُ عَنْ إطْلَاقِ الْمُتَوَلِّي، وَالشَّارِحُ تَبِعَ الشِّهَابَ حَجّ فِي تَقْيِيدِ إطْلَاقِ الْمُتَوَلِّي بِقَوْلِهِ: أَيْ إنْ قَصَدَهُ وَفِي الْجَوَابِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا تَعَارَضَ فِيهِ مَدْلُولَانِ إلَخْ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُجِيبَ عَنْهُ بِجَوَابِ وَالِدِهِ هَذَا مَعَ أَنَّهُ جَوَابٌ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ إطْلَاقُهُ فَلَمْ يُلَائِمْ، إذْ الْجَوَابُ الْأَوَّلُ الَّذِي هُوَ لِلشِّهَابِ حَجّ حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ دَعْوَى الْإِرَادَةِ الْمَذْكُورَةِ حَتَّى يُقْبَلَ، وَالثَّانِي حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اُشْتُهِرَ لَفْظٌ فِي إرَادَةِ مَعْنًى يُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى عِنْدَ الْإِطْلَاقِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى دَعْوَى الْإِرَادَةِ، فَكَانَ الْأَصْوَبُ أَنْ يَجْعَلَ جَوَابَ وَالِدِهِ هَذَا تَوْجِيهًا ثَانِيًا لِإِطْلَاقِ الْمُتَوَلِّي كَمَا لَا يَخْفَى، وَمَا فِي حَوَاشِي شَيْخِنَا مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ وَأَيْضًا

بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ. وَفِي الْبَلَدِ نَقْدٌ غَالِبٌ يَكُونُ صَرِيحًا فِيهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا لِتَأْثِيرِ الِاشْتِهَارِ فِيهِ، فَانْدَفَعَ بِمَا تَقَرَّرَ أَوَّلًا اسْتِشْكَالُ هَذَا بِقَوْلِهِمْ إذَا تَعَارَضَ مَدْلُولَانِ لُغَوِيٌّ وَعُرْفِيٌّ قُدِّمَ الْأَوَّلُ، وَآخِرًا قَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ: إنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الصَّرَاحَةَ تُؤْخَذُ مِنْ الِاشْتِهَارِ أَيْ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْعِرَاقِيُّ فِيمَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَبْرِئِينِي وَأَنْت طَالِقٌ وَقَصَدَ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ عَلَى الْبَرَاءَةِ حَمَلَهُ عَلَى التَّعْلِيقِ (فَإِنْ قَالَ أَرَدْت) بِهِ (مَا يُرَادُ بِ طَلَّقْتُك بِكَذَا) وَهُوَ الْإِلْزَامُ (وَصَدَّقَتْهُ) وَقَبِلَتْ (فَكَهُوَ) لُغَةٌ قَلِيلَةٌ أَيْ فَكَمَا لَوْ قَالَهُ (فِي الْأَصَحِّ) فَيَقَعُ بَائِنًا بِالْمُسَمَّى لِأَنَّ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ وَعَلَيْك كَذَا عِوَضًا، أَمَّا إذَا لَمْ تُصَدِّقْهُ وَقَبِلَتْ فَيَقَعُ بَائِنًا مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ، ثُمَّ إنْ حَلَفَتْ أَنَّهَا لَا تَعْلَمُ أَنَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهَا لَهُ مَالٌ وَإِلَّا حَلَفَ وَلَزِمَهَا، وَأَمَّا إذَا لَمْ تَقْبَلْ فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ إنْ صَدَّقَتْهُ أَوْ كَذَّبَتْهُ وَرَدَّتْ عَلَيْهِ الْيَمِينَ وَحَلَفَ يَمِينَ الرَّدِّ وَإِلَّا وَقَعَ رَجْعِيًّا وَلَا حَلِفَ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْإِرَادَةِ صَارَ كَأَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ وَلَمْ يُرِدْهُ وَمَرَّ أَنَّهُ رَجْعِيٌّ، وَمَا اسْتَشْكَلَ بِهِ السُّبْكِيُّ عَدَمُ قَبُولِ إرَادَتِهِ مَعَ احْتِمَالِ اللَّفْظِ لَهَا إذْ الْوَاوُ تَحْتَمِلُ الْحَالَ فَيَتَقَيَّدُ الطَّلَاقُ بِحَالَةِ إلْزَامِهِ إيَّاهَا بِالْعِوَضِ، فَحَيْثُ لَا الْتِزَامَ لَا طَلَاقَ يُرَدُّ بِأَنَّ الْعَطْفَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْوَاوِ أَظْهَرُ فَقَدَّمُوهُ عَلَى الْحَالِيَّةِ، نَعَمْ لَوْ كَانَ نَحْوِيًّا وَقَصَدَهَا لَمْ يَبْعُدْ قَبُولُهُ بِيَمِينِهِ وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ كَمَا قَالَهُ فِي الظَّاهِرِ أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَلَا وُقُوعَ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ الْمَنْعُ إذْ لَا أَثَرَ لِلتَّوَافُقِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَصْلُحُ لِلْإِلْزَامِ فَكَأَنْ لَا إرَادَةَ (وَإِنْ سَبَقَ) طَلَبَهَا بِمَالٍ مَعْلُومٍ وَقَصَدَ جَوَابَهَا (بَانَتْ بِالْمَذْكُورِ) لِتَوَافُقِهِمَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَوْ حَذَفَ وَعَلَيْك لَزِمَ فَمَعَ ذِكْرِهَا أَوْلَى فَإِنْ أَبْهَمَتْهُ وَعَيَّنَهُ فَهُوَ كَالِابْتِدَاءِ بِ طَلَّقْتُك عَلَى أَلْفٍ فَإِنْ قَبِلَتْ بَانَتْ بِالْأَلْفِ وَإِلَّا فَلَا طَلَاقَ وَإِنْ أَبْهَمَهُ أَيْضًا أَوْ اقْتَصَرَ عَلَى طَلَّقْتُك بَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَقْصِدْ جَوَابَهَا بِأَنْ قَصَدَ ابْتِدَاءَ الطَّلَاقِ وَحَلَفَ وَقَعَ رَجْعِيًّا كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَأَقَرَّهُ وَلَوْ سَكَتَ عَنْ التَّفْسِيرِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكُونُ جَوَابًا (وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَنَّ لِي عَلَيْك كَذَا فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَطَلَّقْتُك بِكَذَا فَإِذَا قَبِلَتْ) فَوْرًا فِي مَجْلِسِ التَّوَاجُبِ بِنَحْوِ قَبِلْت أَوْ ضَمِنْت (بَانَتْ وَوَجَبَ الْمَالُ) لِأَنَّ عَلَى لِلشَّرْطِ فَإِذَا قَبِلَتْ طَلُقَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنْ يُقَالَ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ كَانَ اللَّفْظُ غَيْرَ مُلْزِمٍ (قَوْلُهُ: فَانْدَفَعَ بِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّ مَا هُنَا شَاعَ إلَخْ (قَوْلُهُ: حَمَلَهُ عَلَى التَّعْلِيقِ) أَيْ فَإِنْ أَبْرَأَتْهُ بَرَاءَةً صَحِيحَةً طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا، وَيُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ وَإِنْ كَذَّبَتْهُ فِي قَصْدِ التَّعْلِيقِ لِاشْتِهَارِ مِثْلِ ذَلِكَ فِي التَّعْلِيقِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ وَعَلَيْك أَوْ لِي عَلَيْك كَذَا حَيْثُ لَمْ يُقْبَلْ عِنْدَ انْتِفَاءِ تَصْدِيقِهَا لِعَدَمِ اشْتِهَارِهِ فِي الشَّرْطِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا يَحْلِفَ وَقَعَ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَلَا حَلِفَ: أَيْ الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ (قَوْلُهُ: فِي مِثْلِ هَذِهِ الْوَاوُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَعَلَيْك أَوْ وَلِي عَلَيْك (قَوْلُهُ وَقَصَدَهَا) أَيْ الْحَالِيَّةَ (قَوْلُهُ: فَمَعَ ذِكْرِهَا أَوْلَى) بَقِيَ مَا لَوْ عَيَّنَتْهُ وَأَبْهَمَ هُوَ كَ طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ فَقَالَ طَلَّقْتُك بِمَالٍ مَثَلًا فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَعَكْسِهِ بِجَامِعِ الْمُخَالَفَةِ بِالتَّعْيِينِ وَالْإِبْهَامِ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ فَإِنْ قَبِلَتْ بَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَا مِنْ جَانِبِهِ وَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ فَلَا وُقُوعَ (قَوْلُهُ: وَحَلَفَ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ قَصَدْت الِابْتِدَاءَ وَلَهَا تَحْلِيفُهُ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا أَيْ قَبُولُ قَوْلِهِ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ، وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ، وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّ دَعْوَاهُ ذَلِكَ بَعْدَ الْتِمَاسِهَا وَإِجَابَتِهَا فَوْرًا خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَظَاهِرُ الْحَالِ أَنَّهُ مِنْ تَصَرُّفِهِ، ثُمَّ رَأَيْت لَهُ فِي كَلَامِهِ عَلَى الْمُخْتَصَرِ أَنَّ وُقُوعَهُ رَجْعِيًّا إنَّمَا هُوَ فِي الْبَاطِنِ، أَمَّا فِي الظَّاهِرِ فَيَقَعُ بَائِنًا. قَالَ: وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا هُوَ الْوَجْهُ اللَّائِقُ بِمَنْصِبِهِ وَلَا يَغْتَرُّ بِمَنْ تَابَعَهُ عَلَى الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ لَمْ يَظْفَرْ بِمَا حَقَّهُ بَعْدَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُهُ وَقَعَ رَجْعِيًّا مُعْتَمَدُ (قَوْلِهِ وَلَوْ سَكَتَ عَنْ التَّفْسِيرِ) أَيْ بِأَنْ أَطْلَقَ (قَوْلُهُ: يَكُونُ جَوَابًا) أَيْ فَيَقَعُ بَائِنًا ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ صَارَ مِثْلُهُ ظَاهِرَ الْفَسَادِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا نُصَدِّقْهُ وَلَمْ يَحْلِفْ يَمِينَ الرَّدِّ (قَوْلُهُ: وَلَا حَلَفَ) أَيْ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي كَلَامِهِمْ مِنْ الْوُقُوعِ رَجْعِيًّا فِيمَا إذَا كَذَّبَتْهُ فِي الْإِرَادَةِ، وَقَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ: أَيْ

وَدَعْوَى مُقَابِلِهِ أَنَّهُ يَقَعُ رَجْعِيًّا لِأَنَّ الشَّرْطَ فِي الطَّلَاقِ يَلْغُو إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ قَضَايَاهُ كَأَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَنْ لَا أَتَزَوَّجَ عَلَيْك تُرَدُّ بِأَنَّهُ لَا قَرِينَةَ هُنَا عَلَى الْمُعَاوَضَةِ بِوَجْهٍ، أَمَّا الشَّرْطُ التَّعْلِيقِيُّ كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا فَلَا خِلَافَ فِي تَوَقُّفِهِ عَلَى الْإِعْطَاءِ. (وَإِنْ) (قَالَ إنْ ضَمِنْت لِي أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ) أَوْ عَكْسُ (فَضَمِنْت) بِلَفْظِ الضَّمَانِ فِيمَا يَظْهَرُ لَا بِمُرَادِفِهِ كَ الْتَزَمْت، وَإِنْ بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ نَظَرًا لِلَّفْظِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (فِي الْفَوْرِ) أَيْ مَجْلِسِ التَّوَاجُبِ (بَانَتْ وَلَزِمَهَا الْأَلْفُ) لِوُجُودِ الْعَقْدِ الْمُقْتَضِي لِلْإِلْزَامِ إيجَابًا وَقَبُولًا، وَخَرَجَ بِلَفْظِ الضَّمَانِ غَيْرُهُ كَ قَبِلْت أَوْ شِئْت أَوْ رَضِيت فَلَا طَلَاقَ وَلَا مَالَ، وَكَذَا لَوْ أَعْطَتْهُ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ، وَلَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي عَلَى كَذَا فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْت كَانَ ابْتِدَاءً مِنْهُ فَلَا يَقَعُ إلَّا إنْ شَاءَتْ وَلَا مَالَ حِينَئِذٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (وَإِنْ) (قَالَ مَتَى ضَمِنْت) لِي أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ (فَمَتَى ضَمِنَتْ) كَمَا مَرَّ (طَلُقَتْ) لِأَنَّ مَتَى لِلتَّرَاخِي وَلَا رُجُوعَ لَهُ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ ضَمِنَتْ دُونَ أَلْفٍ لَمْ تَطْلُقْ) لِعَدَمِ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (وَلَوْ ضَمِنَتْ أَلْفَيْنِ طَلُقَتْ) بِأَلْفٍ لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فِي ضِمْنِهِمَا، بِخِلَافِ طَلَّقْتُك عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَتْ بِأَلْفَيْنِ لِأَنَّ تِلْكَ صِيغَةُ مُعَاوَضَةٍ تَقْتَضِي التَّوَافُقَ كَمَا مَرَّ، وَإِذَا قَبَضَ الْأَلْفَ الزَّائِدَ فَهُوَ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ (وَلَوْ) (قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك إنْ ضَمِنْت لِي أَلْفًا فَقَالَتْ) فِي مَجْلِسِ التَّوَاجُبِ كَمَا اقْتَضَتْهُ الْفَاءُ (طَلُقَتْ وَضَمِنَتْ أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ ضَمِنَتْ وَطَلُقَتْ (بَانَتْ بِأَلْفٍ) لِأَنَّ أَحَدَهُمَا شَرْطٌ فِي الْآخَرِ يُعْتَبَرُ اتِّصَالُهُ بِهِ فَهُمَا قَوْلٌ وَاحِدٌ فَاسْتَوَى التَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ، وَبِهِ فَارَقَ مَا يَأْتِي فِي الْإِيلَاءِ (فَإِنْ اقْتَصَرَتْ عَلَى أَحَدِهِمَا) بِأَنْ ضَمِنَتْ وَلَمْ تَطْلُقْ أَوْ عَكْسُهُ (فَلَا) طَلَاقَ لِعَدَمِ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِمَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالضَّمَانِ هُنَا مَا مَرَّ فِي بَابِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ عَقْدٌ مُسْتَقِلٌّ وَلَا الْتِزَامَ مُبْتَدَأٌ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِغَيْرِ النَّذْرِ، بَلْ الْتِزَامٌ بِقَبُولٍ فِي ضِمْنِ مُعَاوَضَةٍ فَلَزِمَ لِأَنَّهُ وَقَعَ تَبَعًا لَا مَقْصُودًا، وَأُلْحِقَ بِذَلِكَ عَكْسُهُ وَهُوَ إنْ ضَمِنْت لِي أَلْفًا فَقَدْ مَلَّكْتُك أَنْ تُطَلِّقِي نَفْسَك، وَلَا يُشْكِلُ مَا تَقَرَّرَ بِمَا يَأْتِي أَنَّ تَفْوِيضَ الطَّلَاقِ إلَيْهَا تَمْلِيكٌ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ، لِأَنَّهُ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ هَذَا وَقَعَ فِي ضِمْنِ مُعَاوَضَةٍ فَقُبِلَ التَّعْلِيقُ وَاغْتُفِرَ لِأَنَّهُ وَقَعَ تَبَعًا لَا مَقْصُودًا بِخِلَافِ مَا يَأْتِي، وَمَا نُوزِعَ بِهِ فِي الْإِلْحَاقِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَمَّا الشَّرْطُ) مُقَابِلُ مَا فُهِمَ مِنْ أَنَّ عَلَيَّ أَنَّ لِي عَلَيْك كَذَا شَرْطٌ إلْزَامِيٌّ (قَوْلُهُ: عَلَى الْإِعْطَاءِ) أَيْ فَوْرًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي إلَخْ) وَمَا يَقَعُ كَثِيرًا أَنْ يَقُولَ لَهَا عِنْدَ الْخِصَامِ أَبْرِئِينِي وَأَنَا أَطْلَقْتُك أَوْ تَقُولُ هِيَ لَهُ ابْتِدَاءً أَبْرَأْتُك أَوْ أَبْرَأَك اللَّهُ فَيَقُولُ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَنْتِ طَالِقٌ، وَاَلَّذِي يَتَبَادَرُ فِيهِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ رَجْعِيًّا وَأَنَّهُ يَدِينُ فِيمَا لَوْ قَالَ أَرَدْت إنْ صَحَّتْ بَرَاءَتُك (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ شَاءَتْ) أَيْ فَيَقَعُ رَجْعِيًّا (قَوْلُهُ: الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِمَا) أَيْ الْأَمْرَيْنِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ فِي بَابِهِ) بَقِيَ مَا لَوْ أَرَادَهُ كَأَنْ قَالَ إنْ ضَمِنْت الْأَلْفَ الَّذِي لِي عَلَى فُلَانٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَضَمِنَتْهُ اُتُّجِهَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بَائِنًا لِأَنَّهُ بِعِوَضٍ رَاجِعٍ لِلزَّوْجِ، وَلَا يَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ بِبَرَاءَتِهَا مِنْ الْأَلْفِ بِإِبْرَائِهِ أَوْ أَدَاءِ الْأَصِيلِ كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى الْأَلْفِ فَقَبِلَتْ ثُمَّ أَبْرَأهَا مِنْهُ أَوْ أَدَّاهَا عَنْهَا أَحَدٌ فَلْيُتَأَمَّلْ وِفَاقًا لَمْ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ مَا إنْ ضَمِنَتْ لِزَيْدٍ مَالَهُ عَلَى عَمْرٍو فَأَنْت طَالِقٌ فَضَمِنَتْهُ فَهُوَ مُجَرَّدُ تَعْلِيقٍ، فَإِنْ ضَمِنَتْ وَلَوْ عَلَى التَّرَاخِي طَلُقَتْ رَجْعِيًّا لِعَدَمِ رُجُوعِ الْعِوَضِ لِلزَّوْجِ، وَإِنْ لَمْ تَضْمَنْ فَلَا وُقُوعَ، وَقَوْلُ سم لِأَنَّهُ بِعِوَضٍ: أَيْ وَهُوَ الضَّمَانُ، وَإِنَّمَا كَانَ عِوَضًا لِصَيْرُورَةِ مَا ضَمِنَتْهُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهَا يَسْتَحِقُّ الْمُطَالَبَةَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا الْتِزَامَ) أَيْ وَلَا هُوَ الْتِزَامٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ حَقِيقَةُ الْعَكْسِ فَطَلِّقِي نَفْسَك فَلَعَلَّ التَّعْبِيرَ بِمَا ذُكِرَ بَيَانٌ لِلْمَعْنَى وَإِشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ صِيغَةِ الْأَمْرِ وَغَيْرِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالسُّبْكِيُّ. (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِلَفْظِ الضَّمَانِ غَيْرُهُ) مِنْ الْغَيْرِ الْمُرَادِفِ كَالْتَزَمْتُ فَكَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهُ مَعَ مَا خَرَجَ. (قَوْلُهُ: الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِمَا) أَيْ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، فَوُقُوعُ الطَّلَاقِ مُعَلَّقٌ عَلَى تَلَفُّظِهَا بِهِ وَبِالضَّمَانِ بِهَذَا الْمَعْنَى، أَمَّا بِالْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيِّ

بِأَنَّ مَعْنَى الْأَوَّلِ التَّنْجِيزُ، أَيْ طَلَّقْتُك بِأَلْفٍ تَضْمَنِينَهُ لِي، وَالثَّانِيَةُ التَّعْلِيقُ الْمَحْضُ، وَنَظِيرُهُ صِحَّةُ بِعْتُك إنْ شِئْت دُونَ إنْ شِئْت بِعْتُك يُرَدُّ بِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَاتَيْنِ إنَّمَا هُوَ لِمَعْنًى مَرَّ فِي الْبَيْعِ لَا يَأْتِي هُنَا كَيْفَ وَالتَّعْلِيقُ ثَمَّ يَفْسُدُ مُطْلَقًا إلَّا فِي الْأُولَى لِأَنَّ قَبُولَهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَشِيئَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهَا، وَالتَّعْلِيقُ هُنَا غَيْرُ مُفْسِدٍ مُطْلَقًا فَاسْتَوَى تَقَدُّمُهُ وَتَأَخُّرُهُ (وَإِذَا عُلِّقَ بِإِعْطَاءِ مَالٍ فَوَضَعَتْهُ) أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ فَوْرًا فِي غَيْرِ مَتَى وَنَحْوِهَا بِنَفْسِهَا أَوْ بِوَكِيلِهَا مَعَ حُضُورِهَا مُخْتَارَةً قَاصِدَةً دَفْعَهُ عَنْ التَّعْلِيقِ، فَإِنْ قَالَتْ لَمْ أَقْصِدْ الدَّفْعَ عَنْ ذَلِكَ أَوْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْأَخْذُ لِحَبْسٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ نَحْوِهِ لَمْ تَطْلُقْ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ (بَيْنَ يَدَيْهِ) بِحَيْثُ يَعْلَمُ بِهِ وَيَتَمَكَّنُ مِنْ أَخْذِهِ بِلَا مَانِعٍ لَهُ مِنْهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ (طَلَّقْت) بِفَتْحِ اللَّامِ أَجْوَدُ مِنْ ضَمِّهَا وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ لِأَنَّهُ إعْطَاءٌ عُرْفًا وَلِهَذَا يُقَالُ أَعْطَيْته فَلَمْ يَأْخُذْهُ (وَالْأَصَحُّ دُخُولُهُ فِي مِلْكِهِ) قَهْرًا بِمُجَرَّدِ الْوَضْعِ لِضَرُورَةِ دُخُولِ الْمُعَوَّضِ فِي مِلْكِهَا بِالْإِعْطَاءِ لِأَنَّ الْعِوَضَيْنِ يَتَقَارَبَانِ فِي الْمِلْكِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ سَفِيهَةً لَمْ تَطْلُقْ بِإِعْطَائِهَا، وَالثَّانِي لَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ فَيَرُدُّهُ هُوَ وَيَرْجِعُ لِمَهْرِ مِثْلِهَا وَكَالْإِعْطَاءِ الْإِيتَاءُ بِالْمَدِّ وَقَوْلُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ أَنَّ مِثْلَهُ الْمَجِيءُ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى وُجُودِ قَرِينَةٍ تُشْعِرُ بِالتَّمْلِيكِ (وَإِنْ) (قَالَ إنْ أَقَبَضْتنِي) أَوْ أَدَّيْت أَوْ سَلَّمْت أَوْ دَفَعْت إلَيَّ كَذَا فَأَنْت طَالِقٌ (فَقِيلَ كَالْإِعْطَاءِ) فِيمَا ذُكِرَ فِيهِ (وَالْأَصَحُّ) أَنَّهُ (كَسَائِرِ التَّعْلِيقِ) فَلَا يَمْلِكُهُ لِأَنَّ الْإِقْبَاضَ لَا يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ فَهُوَ صِفَةٌ مَحْضَةٌ بِخِلَافِ الْإِعْطَاءِ يَقْتَضِيهِ، نَعَمْ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْقَصْدَ بِالْإِقْبَاضِ التَّمْلِيكُ كَأَنْ قَالَتْ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ التَّعْلِيقِ طَلِّقْنِي أَوْ قَالَ فِيهِ إنْ أَقَبَضْتنِي كَذَا لِنَفْسِي أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: بِأَنَّ مَعْنَى الْأَوَّلِ) أَيْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِيَةُ) أَيْ الْعَكْسُ (قَوْلُهُ: وَإِذَا عُلِّقَ بِإِعْطَاءِ مَالٍ) قَضِيَّةُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْعِوَضِ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ مِمَّا يَصِحُّ إصْدَاقُهُ: أَنَّهُ يُشْتَرَطُ مِثْلُ ذَلِكَ هُنَا، وَعَلَيْهِ فَلَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَاءِ نَحْو حَبَّتِي بُرٍّ فَهَلْ يَقَعُ بِذَلِكَ الطَّلَاقِ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ لِكَوْنِ مَا ذُكِرَ مِمَّا يُقْصَدُ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا لَوْ عُلِّقَ بِخَمْرٍ أَوْ مَيْتَةٍ، أَوْ يَقَعُ رَجْعِيًّا كَمَا لَوْ عُلِّقَ بِدَمٍ أَوْ حَشَرَاتٍ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ وَإِنْ لَمْ يَعُدَّ مَالًا لَكِنَّهُ يَقْصِدُ فِي الْجُمْلَةِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ طَلَّقَ بِمَيِّتَةٍ أَوْ عَلَّقَ بِهَا (قَوْلُهُ: فَوَضَعَتْهُ) يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ عَلَّقَ عَلَى إعْطَاءِ مَعْلُومٍ كَأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَاءِ مَجْهُولٍ كَإِنْ أَعْطَيْتنِي مَالًا فَهَلْ يَقَعُ بِأَيِّ قَدْرٍ أَعْطَتْهُ وَهَلْ يَمْلِكُهُ وَيَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ أَوْ تَبِينُ بِهِ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَضِيَّةُ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَاءِ عَبْدٍ وَلَمْ يَصِفْهُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بِأَيِّ مَالٍ دَفَعْته وَيَجِبُ رَدُّهُ، وَيَسْتَحِقُّ مَهْرَ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: طَلُقَتْ) هَلْ يُشْتَرَطُ لِوُقُوعِهِ الْإِبْصَارُ فَلَا يُعْتَدُّ بِوَضْعِهِ بَيْنَ يَدَيْ الْأَعْمَى، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِي الْأَعْيَانِ أَوَّلًا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَنَحْوِ الْبَيْعِ بِأَنَّ هُنَا شَائِبَةَ تَعْلِيقٍ فَاقْتَضَتْ الْوُقُوعُ مُطْلَقًا وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي مُلْتَزِمِ الْعِوَضِ إذَا كَانَ مُعَيِّنًا الْإِبْصَارَ أَيْضًا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَقَعُ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ فِيهِمَا كَمَا لَوْ خَالَعَ عَلَى عِوَضٍ فَاسِدٍ (قَوْلُهُ كَأَنْ قَالَتْ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ التَّعْلِيقِ طَلِّقْنِي) لَعَلَّ وَجْهَ كَوْنِ ذَلِكَ قَرِينَةً أَنَّ قَوْلَهُ إنْ أَقَبَضْتنِي جَوَابًا لِسُؤَالِهَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمَالَ فِي مُقَابَلَةِ الطَّلَاقِ وَكَوْنُهُ كَذَلِكَ مُقْتَضٍ لِلتَّمْلِيكِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَالْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ هُوَ الضَّمَانُ وَتَعْلِيقُهَا نَفْسَهَا مُعَلَّقٌ (قَوْلُهُ: أَيْ طَلَّقَك بِأَلْفٍ تَضْمَنِينَهُ) كَانَ الظَّاهِرُ فِي الْحَلِّ مَلَّكْتهَا الطَّلَاقَ بِأَلْفٍ تَضْمَنُهُ لِي فَإِنَّ هَذَا هُوَ مَعْنَى طَلِّقِي نَفْسَك إنْ ضَمِنْت، وَأَيْضًا فَإِنَّ الَّذِي يَضُرُّ تَعْلِيقُهُ إنَّمَا هُوَ التَّمْلِيكُ لَا الطَّلَاقُ (قَوْلُهُ: وَالتَّعْلِيقُ هُنَا) أَيْ فِي خُصُوصِ هَذِهِ الصُّورَةِ لِمَا قَدَّمَهُ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَيَتَمَكَّنُ مِنْ أَخْذِهِ) كَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمَهُ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْأَخْذُ إلَخْ إذْ هَذَا مَفْهُومُهُ (قَوْلُهُ: وَكَالْإِعْطَاءِ الْإِيتَاءُ) كَأَنْ يَقُولَ إنْ آتَيْتنِي مَالًا بِالْمَدِّ، أَمَّا الْإِتْيَانُ كَأَنْ يَقُولَ إنْ أَتَيْتنِي بِمَالٍ بِالْقَصْرِ فَظَاهِرٌ أَنَّ مِثْلَ الْمَجِيءِ فِيمَا يَأْتِي فِيهِ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ قَالَتْ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ التَّعْلِيلِ طَلِّقْنِي) كَذَا فِي النُّسَخِ وَقَدْ سَقَطَ مِنْهُ لَفْظُ بِأَلْفِ عَقِبَ طَلِّقْنِي كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي كَلَامِ الْمُتَوَلِّي صَاحِبِ هَذَا

لِأَصْرِفَهُ فِي حَوَائِجِي كَانَ كَالْإِعْطَاءِ فِيمَا يُقْصَدُ بِهِ فَيُعْطَى حُكْمَهُ السَّابِقَ (وَلَا يُشْتَرَطُ لِلْإِقْبَاضِ مَجْلِسٌ) تَفْرِيعًا عَلَى عَدَمِ الْمِلْكِ لِأَنَّهُ صِفَةٌ مَحْضَةٌ (قُلْت: وَيَقَعُ رَجْعِيًّا) لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْإِقْبَاضَ لَا يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ (وَيُشْتَرَطُ لِتَحَقُّقِ الصِّفَةِ) وَهِيَ الْإِقْبَاضُ الْمُتَضَمِّنُ لِلْقَبْضِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مُشِيرًا بِهِ إلَى رَدِّ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ سَهْوٌ، إذْ الْمَذْكُورُ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ إنَّمَا هُوَ فِي صِيغَةِ إنْ قَبَضْت مِنْك لَا فِي إنْ أَقَبَضْتنِي فَانْتَقَلَ نَظَرُهُ مِنْ صُورَةٍ إلَى أُخْرَى، وَوَجْهُ دَفْعِهِ اسْتِلْزَامُ الْإِقْبَاضِ لِلْقَبْضِ. (أَخْذُهُ) بِيَدِهِ (مِنْهَا) فَلَا يَكْفِي وَضْعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى قَبْضًا وَيُسَمَّى إقْبَاضًا (وَلَوْ مُكْرَهَةً) وَحِينَئِذٍ يَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا هُنَا أَيْضًا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) إذْ هُوَ خَارِجٌ عَنْ أَقْسَامِ الْخُلْعِ فَلَمْ يُؤَثِّرُ فِيهِ الْإِكْرَاهُ (وَلَوْ) (عَلَّقَ) طَلَاقَهَا (بِإِعْطَاءِ) نَحْوِ (عَبْدٍ) كَثَوْبٍ (وَوَصَفَهُ بِصِفَةِ سَلَمٍ) أَوْ غَيْرِهَا كَكَوْنِهِ كَاتِبًا (فَأَعْطَتْهُ) عَبْدًا (لَا بِالصِّفَةِ) الْمَشْرُوطَةِ (لَمْ تَطْلُقْ) لِعَدَمِ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (أَوْ) أَعْطَتْهُ عَبْدًا (بِهَا) أَيْ بِالصِّفَةِ (طَلُقَتْ) بِالْعَبْدِ الْمَوْصُوفِ بِصِفَةِ السَّلَمِ وَبِمَهْرِ الْمِثْلِ فِي الْمَوْصُوفِ بِغَيْرِهَا لِفَسَادِ الْعِوَضِ فِيهَا بِعَدَمِ اسْتِيفَاءِ صِفَةِ السَّلَمِ (أَوْ بِأَنَّ) الَّذِي وَصْفُهُ صِفَةُ السَّلَمِ (مَعِيبًا) لَمْ يُؤَثِّرْ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ وُجُودُ الصِّفَةِ، نَعَمْ يَتَخَيَّرُ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يَقْتَضِي السَّلِيمَ (فَلَهُ) إمْسَاكُهُ وَلَا أَرْشَ لَهُ، وَلَهُ (رَدُّهُ وَمَهْرُ مِثْلٍ) بَدَلَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهَا ضَمَانَ عَقْدٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ لَا يَدٍ (وَفِي قَوْلٍ قِيمَتُهُ سَلِيمًا) بِنَاءً عَلَى مُقَابِلِهِ، وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ عَبْدٍ سَلِيمٍ بِتِلْكَ الصِّفَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يُعَلِّقْ بِأَنْ خَالَعَهَا عَلَى عَبْدٍ مَوْصُوفٍ وَقَبِلَتْهُ وَأَحْضَرَتْ لَهُ عَبْدًا بِالصِّفَةِ فَقَبَضَهُ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ فَلَهُ رَدُّهُ وَأَخْذُ بَدَلِهِ سَلِيمًا بِتِلْكَ الصِّفَةِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَقَعَ قَبْلَ الْإِعْطَاءِ بِالْقَبُولِ عَلَى عَبْدٍ فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ ذَاكَ، وَلَوْ كَانَ قِيمَةُ الْعَبْدِ مَعَ الْعَيْبِ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَكَانَ الزَّوْجُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ فَلَا رَدَّ لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ الْقَدْرَ الزَّائِدَ عَلَى السَّفِيهِ وَعَلَى الْغُرَمَاءِ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ عَبْدًا فَالرَّدُّ لِلسَّيِّدِ: أَيْ الْمُطْلَقِ التَّصَرُّفَ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَإِلَّا فَوَلِيُّهُ (وَلَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْإِقْبَاضُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِي وَضْعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ) ضَعَّفَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى قَبْضًا) هَذَا التَّوْجِيهُ يَقْتَضِي الِاكْتِفَاءَ بِالْوَضْعِ بَيْنَ يَدَيْهِ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ هُنَا الْإِقْبَاضُ، وَكَأَنَّهُ تَبِعَ حَجّ فِي التَّعْبِيرِ بِهِ، لَكِنْ حَجّ فَرَضَ الْكَلَامَ فِي التَّعْلِيقِ بِالْقَبْضِ دُونَ الْإِقْبَاضِ فَلَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الصِّيغَةَ اقْتَضَتْ شَيْئَيْنِ: الْإِقْبَاضُ مِنْهَا، وَالْقَبْضُ مِنْهُ، فَلَمْ يَكْفِ الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ نَظَرًا لِلْقَبْضِ الَّذِي تَضَمَّنَهُ الْإِقْبَاضُ (قَوْلُهُ لَمْ تَطْلُقْ) إطْلَاقُهُمْ الطَّلَاقَ هُنَا وَاسْتِثْنَاءُ نَحْوِ الْمَغْصُوبِ فِيمَا يَأْتِي يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَهُوَ مُشْكِلٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي هُنَا مَا يَأْتِي اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ فِي كَلَامِهِمْ الْإِشَارَةَ إلَى أَنَّ الْمُعْطِيَ هُنَا غَيْرُ مَغْصُوبٍ أَيْضًا حَيْثُ قَالُوا إنْ أَعْطَتْهُ بِصِفَةِ السَّلَمِ مَلَكَهُ إنْ كَانَ سَلِيمًا وَيُخَيَّرُ بَيْنَ الرِّضَا بِهِ وَرَدِّهِ وَالرُّجُوعِ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ إلَى كَانَ مَعِيبًا (قَوْلُهُ فَالرَّدُّ لِلسَّيِّدِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ سَفِيهًا فَالرَّدُّ لِوَلِيِّهِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَوَلِيُّهُ) أَيْ السَّيِّدُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالِاسْتِدْرَاكِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْإِقْبَاضُ الْمُتَضَمِّنُ لِلْقَبْضِ) الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ مِنْ هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ الْأَخْذَ إنَّمَا جَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ شَرْطًا لِمَا إذَا أَرَادَ الْمُعَلِّقُ بِالْإِقْبَاضِ فَرْدًا مَخْصُوصًا مِنْهُ وَهُوَ الْإِقْبَاضُ الْمُتَضَمِّنُ لِلْقَبْضِ لَا مُطْلَقُ الْإِقْبَاضِ، وَحِينَئِذٍ فَيُتَوَقَّفُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي وَوَجْهُ دَفْعِهِ إلَخْ، إذْ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْقَبْضَ دَائِمًا مُسْتَلْزِمٌ لِلْإِقْبَاضِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ وَلَا يَكْفِي وَضْعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى قَبْضًا وَيُسَمَّى إقْبَاضًا، عَلَى أَنَّ صَوَابَ الْعِبَارَةِ لِتُلَائِمَ مَا قَبْلَهَا اسْتِلْزَامُ الْإِقْبَاضِ لِلْقَبْضِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الَّذِي وَصَفَهُ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى إصْلَاحِ الْمَتْنِ، إذْ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ مَعِيبٌ عِنْدَ الْأَخْذِ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّهُ كَمَا لَا يَخْفَى. وَظَاهِرٌ أَنَّ مَا حَلَّ بِهِ الشَّارِحُ حَلٌّ مَعْنًى، وَإِلَّا فَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ مَعِيبًا مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ، وَالتَّقْدِيرُ أَوْ بِهَا طَلُقَتْ ثُمَّ إنْ كَانَ سَلِيمًا فَلَا رَدَّ لَهُ أَوْ مَعِيبًا فَلَهُ رَدُّهُ

قَالَ) إنْ أَعْطَيْتنِي (عَبْدًا) وَلَمْ يَصِفْهُ بِصِفَةٍ (طَلُقَتْ بِعَبْدٍ) عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كَانَ وَلَوْ مُدَبَّرًا لِوُجُودِ الِاسْمِ وَلَا يَمْلِكُهُ لِأَنَّ مَا هُنَا مُعَاوَضَةٌ وَهِيَ لَا يُمْلَكُ بِهَا مَجْهُولٌ فَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا يَأْتِي، وَمَا اسْتَشْكَلَ بِهِ مِنْ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيقَ إنْ كَانَ تَمْلِيكًا لَمْ يَقَعْ لِعَدَمِ وُجُودِ الْمِلْكِ أَوْ إقْبَاضًا وَقَعَ رَجْعِيًّا وَكَانَ فِي يَدِهِ أَمَانَةً يُمْكِنُ رَدُّهُ بِأَنَّ الصِّيغَةَ اقْتَضَتْ أَمْرَيْنِ مِلْكَهُ وَتَوَقُّفَ الطَّلَاقِ عَلَى إعْطَاءِ مَا تَمْلِكُهُ. وَالثَّانِي مُمَكَّنٌ مِنْ غَيْرِ بَدَلٍ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ، لَكِنْ لَهُ بَدَلٌ يَقُومُ مَقَامَهُ فَعَمِلُوا بِكُلِّ مَا يُمْكِنُ فِيهِ حَذَرًا مِنْ إهْمَالِ اللَّفْظِ مَعَ ظُهُورِ إمْكَانِ إعْمَالِهِ (إلَّا) قَرِينَةً ظَاهِرَةً عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ (بِعَبْدٍ) الْعُمُومَ لِأَنَّ النَّكِرَةَ فِي الْإِثْبَاتِ وَإِنْ كَانَتْ مُطْلَقَةً لَا عَامَّةً يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهَا الْعُمُومُ: أَيْ مَنْ لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا لَهُ عَنْ نَفْسِهَا كَأَنْ كَانَ (مَغْصُوبًا) أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مُشْتَرَكًا أَوْ جَانِيًا تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ أَوْ مَوْقُوفًا أَوْ مَرْهُونًا (فِي الْأَصَحِّ) فَلَا تَطْلُقُ بِهِ لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ، وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ فِي الْمَغْصُوبِ مَا دَامَ مَغْصُوبًا بِخِلَافِ الْمَجْهُولِ. وَالثَّانِي تَطْلُقُ بِمَنْ ذُكِرَ كَالْمَمْلُوكِ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يَمْلِكُ الْمُعْطَى وَلَوْ كَانَ مَمْلُوكًا لَهَا كَمَا مَرَّ، نَعَمْ إنْ قَالَ مَغْصُوبًا طَلُقَتْ بِهِ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِصِفَةٍ حِينَئِذٍ فَيَلْزَمُهَا مَهْرُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ مَجَّانًا، وَلَوْ أَعْطَتْهُ عَبْدًا لَهَا مَغْصُوبًا طَلُقَتْ بِهِ لِأَنَّهُ بِالدَّفْعِ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ مَغْصُوبًا (وَلَهُ مَهْرُ مِثْلٍ) فِي غَيْرِ نَحْوِ الْمَغْصُوبِ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ مَجَّانًا، وَلَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَاءِ هَذَا الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ أَوْ هَذَا الْحُرِّ أَوْ نَحْوِهِ فَأَعْطَتْهُ بَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ عَلَّقَ بِخَمْرٍ. (وَلَوْ) (مَلَكَ طَلْقَةً) أَوْ طَلْقَتَيْنِ (فَقَطْ فَقَالَتْ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ الطَّلْقَةَ) أَوْ الطَّلْقَتَيْنِ (فَلَهُ أَلْفٌ) وَإِنْ جَهِلَتْ الْحَالَ لِأَنَّهُ حَصَلَ غَرَضُهَا مِنْ الثَّلَاثِ، وَهُوَ الْبَيْنُونَةُ الْكُبْرَى (وَقِيلَ ثُلُثُهُ) أَوْ ثُلُثَاهُ تَوْزِيعًا لِلْأَلْفِ عَلَى الثَّلَاثِ (وَقِيلَ إنْ عَلِمَتْ الْحَالَ فَأَلْفٌ وَإِلَّا فَثُلُثُهُ) أَوْ ثُلُثَاهُ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ أَوْقَعَ بَعْضَ طَلْقَةٍ فَيَسْتَحِقُّ الْجَمِيعَ أَيْضًا، وَهُوَ الْأَوْجَهُ عَمَلًا بِقَوْلِهِمْ الْمَارِّ إنَّهُ أَفَادَهَا الْبَيْنُونَةَ الْكُبْرَى، وَالضَّابِطُ أَنَّهُ إنْ مَلَكَ الْعَدَدَ الْمَسْئُولَ كُلَّهُ فَأَجَابَهَا بِهِ فَلَهُ الْمُسَمَّى أَوْ بِبَعْضِهِ فَلَهُ قِسْطُهُ، وَإِنْ مَلَكَ بَعْضَ الْمَسْئُولِ وَتَلَفَّظَ بِالْمَسْئُولِ أَوْ حَصَلَ مَقْصُودُهَا بِمَا أَوْقَعَ فَلَهُ الْمُسَمَّى وَإِلَّا وُزِّعَ عَلَى الْمَسْئُولِ، وَلَوْ مَلَكَ عَلَيْهَا الثَّلَاثَ فَقَالَتْ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً بِأَلْفٍ وَثِنْتَيْنِ مَجَّانًا وَقَعَ الثِّنْتَانِ مَجَّانًا دُونَ الْوَاحِدَةِ عَلَى مَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ، إنَّهُ حَسَنٌ مُتَّجَهٌ بَعْدَ أَنْ اسْتَبْعَدَ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ مِنْ وُقُوعِ الْأُولَى ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كَانَ) لَكِنْ بِشَرْطِ كَوْنِهِ مِلْكًا لَهَا فَلَا يَكْفِي مُعَارٌ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي: أَيْ مَنْ لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا لَهُ عَنْ نَفْسِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَمْلِكُهُ) أَيْ الْعَبْدُ الْمُعْطِي (قَوْلُهُ طَلُقَتْ بِهِ) أَيْ وَيَقَعُ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ عَمَلًا بِقَوْلِهِمْ) قَدْ قَدَّمَ مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَوْ طَلَبَتْ وَاحِدَةً إلَخْ مَا نَصُّهُ وَلَوْ طَلَبَتْ وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ نِصْفَهَا بَانَتْ بِنِصْفِ الْمُسَمَّى، إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَاكَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا كَانَ يَمْلِكُ عَلَيْهَا الثَّلَاثَ أَوْ أَنَّ الضَّمِيرَ ثَمَّ رَاجِعٌ لِلْمَرْأَةِ وَبُدِّلَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ ثَمَّ أَوْ يَدُهَا، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: وَالضَّابِطُ) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا وَزَّعَ) وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي عَشْرًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً الْمُسْتَحَقُّ عَشْرَةٌ لِأَنَّهَا نِسْبَةُ الْوَاحِدِ لِلْعَشْرِ أَوْ طَلَّقَ عَشْرًا أَوْ ثَلَاثًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْعُمُومَ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى هُنَا إلَّا الْعُمُومُ الْبَدَلِيُّ لَا الشُّمُولِيُّ، إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ طَلُقَتْ بِكُلِّ عَبْدٍ: أَيْ فَلَا تَطْلُقُ بِبَعْضِ الْعَبِيدِ، وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُقَالُ فَهَذَا الْعُمُومُ يُؤَدِّي مَعْنَاهُ الْإِطْلَاقَ، فَإِنْ كَانَ هَذَا الْعُمُومُ يُصَحِّحُ الِاسْتِثْنَاءَ فَالْإِطْلَاقُ مِثْلُهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَيْ مَنْ لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا لَهُ إلَخْ) لَمْ يُقَدِّمْ لِهَذَا التَّفْسِيرِ مُفَسِّرًا فَكَانَ الْأَصْوَبُ تَأْخِيرَهُ عَنْ مَغْصُوبًا كَمَا فِي التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ وَشَمِلَ كَلَامُهُ إلَخْ) وَجْهُ الشُّمُولِ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ

بِثُلُثِ الْأَلْفِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ، وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ، وَيُؤَيِّدُهُ الْفَرْقُ الْآتِي وَإِنْ قَالَ جَوَابًا لِمَا ذُكِرَ طَلَّقْتُك وَاحِدَةً بِثُلُثِ الْأَلْفِ وَثِنْتَيْنِ مَجَّانًا وَقَعَتْ الْأُولَى بِثُلُثِهِ فَقَطْ أَوْ ثِنْتَيْنِ مَجَّانًا وَوَاحِدَةً بِثُلُثِ الْأَلْفِ وَقَعَ الثَّلَاثُ إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا وَإِلَّا فَاثْنَتَانِ، وَلَوْ قَالَ طَلَّقْتُك ثَلَاثَةً وَاحِدَةً بِأَلْفٍ وَقَعَتْ الثَّلَاثُ وَاحِدَةً مِنْهَا بِثُلُثِهِ كَمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ، وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَالْأَصْفُونِيُّ وَالْحِجَازِيُّ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَفِيهِ كَلَامُ الْإِمَامِ السَّابِقُ فَعَلَى قَوْلِهِ لَا يَقَعُ إلَّا ثِنْتَانِ رَجْعِيَّتَانِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجْرِ عَلَى هَذَا ابْنُ الْمُقْرِي نَظِيرَ مَا سَبَقَ لَهُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ أَنَّهُ فِي تِلْكَ لَمْ يُوَافِقْهَا فِي الْعَدَدِ إلَّا بَعْدَ مُخَالَفَتِهِ مَا اقْتَضَاهُ طَلَبُهَا مِنْ تَوْزِيعِ الْأَلْفِ عَلَى الثَّلَاثِ حَيْثُ أَوْقَعَ وَاحِدَةً فَلَغَتْ بِخِلَافِهِ فِي هَذِهِ، وَإِنْ قَالَتْ طَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ ثِنْتَيْنِ اسْتَحَقَّ الْأَلْفَ، وَلَوْ أَعَادَهُ فِي جَوَابِهِ وَالْأَلْفُ فِي مُقَابَلَةِ مَا أَوْقَعَهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ، وَقَالَ فِي الْبَحْرِ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ (وَلَوْ) (طَلَبَتْ طَلْقَةً بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ) بِأَلْفٍ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ الْأَلْفَ طَلُقَتْ بِالْأَلْفِ أَوْ (بِمِائَةٍ وَقَعَ بِمِائَةٍ) لِقُدْرَتِهِ عَلَى الطَّلَاقِ مَجَّانًا فَبِعِوَضٍ وَإِنْ قَلَّ، أَوْلَى، وَبِهِ فَارَقَ أَنْتِ طَالِقٌ بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ بِمِائَةٍ (وَقِيلَ بِأَلْفٍ) حَمْلًا عَلَى مَا سَأَلَتْهُ (وَقِيلَ لَا يَقَعُ شَيْءٌ) لِلْمُخَالَفَةِ، وَفِي الْمُحَرَّرِ لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ زَادَ ذِكْرَ الْأَلْفِ وَقَعَ الثَّلَاثُ وَاسْتَحَقَّ الْأَلْفَ: أَيْ كَالْجَعَالَةِ وَحَذَفَهَا لِلْعِلْمِ مِنْ كَلَامِهِ بِأَنَّ الطَّلَاقَ إلَيْهِ فَلَمْ تَضُرَّ الزِّيَادَةُ فِيهِ عَلَى مَا سَأَلَتْهُ (وَلَوْ) (قَالَتْ طَلِّقْنِي غَدًا) مَثَلًا (بِأَلْفٍ) أَوْ إنْ طَلَّقْتنِي غَدًا فَلَكَ أَلْفٌ (فَطَلَّقَ غَدًا أَوْ قَبْلَهُ) غَيْرَ قَاصِدٍ الِابْتِدَاءَ (بَانَتْ) وَإِنْ عَلِمَ بِفَسَادِ الْعِوَضِ كَمَا لَوْ خَالَعَ بِخَمْرٍ لِأَنَّهُ حَصَّلَ مَقْصُودَهَا وَزَادَهُ فِي الثَّانِيَةِ بِالتَّعْجِيلِ (بِمَهْرِ مِثْلٍ) لِفَسَادِ الْعِوَضِ بِجَعْلِهِ سَلَمًا مِنْهَا لَهُ فِي الطَّلَاقِ، وَهُوَ مُحَالٌ فِيهِ لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ وَالصِّيغَةِ بِتَصْرِيحِهَا بِتَأْخِيرِ الطَّلَاقِ، وَهُوَ لَا يَقْبَلُ التَّأْخِيرَ مِنْ جَانِبِهَا لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهِ الْمُعَاوَضَةُ، وَبِهَذَا فَارَقَتْ هَذِهِ قَوْلُهَا إنْ جَاءَ الْغَدُ وَطَلَّقْتنِي فَلَكَ أَلْفٌ فَطَلَّقَهَا فِي الْغَدِ إجَابَةٌ لَهَا اسْتَحَقَّ الْمُسَمَّى لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ مِنْهَا بِتَأْخِيرِ الطَّلَاقِ. أَمَّا لَوْ قَصَدَ الِابْتِدَاءَ وَحَلَفَ إنْ اُتُّهِمَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَوْ طَلَّقَ بَعْدَهُ فَيَقَعُ رَجْعِيًّا لِأَنَّهَا لَوْ سَأَلَتْهُ التَّأْخِيرَ بِعِوَضٍ، فَقَالَ قَصَدْت الِابْتِدَاءَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فَهَذَا أَوْلَى، وَلِأَنَّهُ بِتَأْخِيرِهِ مُبْتَدِئٌ، فَإِنْ ذَكَرَ مَالًا اشْتَرَطَ قَبُولَهَا (وَقِيلَ فِي قَوْلٍ بِالْمُسَمَّى) وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ مِنْ أَنَّ الصَّوَابَ بِبَدَلِهِ لِأَنَّ التَّفْرِيعَ إنَّمَا هُوَ عَلَى فَسَادِ الْخُلْعِ، وَالْمُسَمَّى إنَّمَا يَكُونُ مَعَ صِحَّتِهِ يُرَدُّ بِأَنَّ بَدَلَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ فَيَتَّحِدُ ـــــــــــــــــــــــــــــSاسْتَحَقَّ الْأَلْفَ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ عَلَى مَا قَالَهُ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ كَلَامُ الْإِمَامِ السَّابِقُ) هُوَ قَوْلُهُ وَقَعَ الثِّنْتَانِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا هَذَا الْفَرْقُ الْمُشَارُ إلَيْهِ فِي قَوْلِهِ وَيُؤَيِّدُهُ الْفَرْقُ الْآتِي (قَوْلُهُ: نَظِيرَ مَا سَبَقَ) لَعَلَّ الْمُرَادَ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ مَلَكَ عَلَيْهَا الثَّلَاثَ إلَخْ مِنْ وُقُوعِ الثِّنْتَيْنِ مَجَّانًا وَعَدَمِ وُقُوعِ الْوَاحِدَةِ، وَإِلَّا فَلَمْ يَسْبِقْ التَّصْرِيحُ بِابْنِ الْمُقْرِي فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَعَادَهُ) غَايَةُ (قَوْلِهِ فَقَبِلَتْ بِمِائَةٍ) أَيْ مِنْ عَدَمِ وُقُوعِ شَيْءٍ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَالصِّيغَةُ بِتَصْرِيحِهَا) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِفَسَادِ الْعِوَضِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا فَارَقَتْ) لَمْ يَظْهَرْ بِمَا ذُكِرَ وَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ قَالَتْ إنْ طَلَّقْت غَدًا فَلَكَ أَلْفٌ، وَلَعَلَّهُ أَنَّ إنْ طَلُقَتْ غَدًا تَصْرِيحٌ بِتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ عَلَى مَجِيءِ الْغَدِ، بِخِلَافِ قَوْلِهَا إنْ جَاءَ الْغَدُ وَطَلَّقْتنِي فَإِنَّهُ جَعَلَ الْمُعَلَّقَ صَرِيحًا بِمَجِيءِ الْغَدِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ وَإِنْ كَانَ عَطْفُهُ عَلَى مَجِيءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَطَلَّقَ الطَّلْقَةَ أَوْقَعَ الطَّلْقَةَ: أَيْ وَلَوْ بِتَلَفُّظِهِ بِبَعْضِ الطَّلْقَةِ إذْ يَقَعُ بِهَا طَلْقَةٌ (قَوْلُهُ: وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ) أَيْ بِوُقُوعِ الْأُولَى بِثُلُثِهِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: مَا سَبَقَ لَهُ) أَيْ مَا سَبَقَ لَهُ فِي كِتَابِهِ الرَّوْضِ قَبْلَ ذِكْرِهِ مَا هُنَا وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ ذِكْرُهُ هُنَا (قَوْلُهُ: أَوْقَعَ وَاحِدَةً) أَيْ بِأَلْفٍ (قَوْلُهُ فِي مُقَابَلَةِ مَا أَوْقَعَهُ) اُنْظُرْ هَلْ الْخِلَافُ فَائِدَةٌ فِي غَيْرِ التَّعَالِيقِ. (قَوْلُهُ: وَفِي الْمُحَرَّرِ لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي وَاحِدَةً إلَخْ) وَتَقَدَّمَ هَذَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ قُبَيْلَ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: اسْتَحَقَّ الْمُسَمَّى) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ قَبْلَهُ لَفْظَ حَيْثُ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: بِبَدَلِهِ) أَيْ الْأَلْفِ.

الْقَوْلَانِ، فَإِنْ قِيلَ بَدَلُهُ مِثْلُهُ أَوْ قِيمَتُهُ قُلْنَا إنَّمَا يَجِبُ هَذَا فِيمَا إذَا وَقَعَ الطَّلَاقُ بِالْمُسَمَّى ثُمَّ تَلِفَ وَكَأَنَّ وَجْهَ وُجُوبِهِ مَعَ الْفَسَادِ عَلَى خِلَافِ الْقَاعِدَةِ أَنَّ الْفَسَادَ هُنَا لَيْسَ فِي ذَاتِ الْعِوَضِ وَلَا مُقَابِلِهِ بَلْ فِي الزَّمَنِ التَّابِعِ فَلَمْ يُنْظَرْ لَهُ. (وَإِنْ) (قَالَ إذَا) أَوْ إنْ (دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ) فَوْرًا كَمَا أَفَادَتْهُ الْفَاءُ (وَدَخَلَتْ) وَلَوْ عَلَى التَّرَاخِي (طَلُقَتْ عَلَى الصَّحِيحِ) لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ مَعَ الْقَبُولِ. وَالثَّانِي لَا تَطْلُقُ لِأَنَّ الْمُعَاوَضَةَ لَا تَقْبَلُ التَّعْلِيقَ فَيَمْتَنِعُ مَعَهُ ثُبُوتُ الْمَالِ فَيَنْتَفِي الطَّلَاقُ الْمَرْبُوطُ بِهِ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا (بِالْمُسَمَّى) كَمَا فِي الطَّلَاقِ الْمُنْجَزِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ وُجُوبُهُ عَلَى الطَّلَاقِ بَلْ يَجِبُ تَسْلِيمُهُ فِي الْحَالِ كَسَائِرِ الْأَعْوَاضِ الْمُطْلَقَةِ وَالْمُعَوَّضُ تَأَخَّرَ بِالتَّرَاضِي لِوُقُوعِهِ فِي ضِمْنِ التَّعْلِيقِ، بِخِلَافِ الْمُنْجَزِ يَجِبُ فِيهِ تَقَارُنُ الْعِوَضَيْنِ فِي الْمِلْكِ، وَقَوْلُهُ بِالْمُسَمَّى لَا يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الضَّعِيفِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ إلَّا عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ، خِلَافًا لِمَنْ ادَّعَاهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ كَذَلِكَ لِإِفَادَةِ الْبَيْنُونَةِ (وَفِي وَجْهٍ أَوْ قَوْلٍ بِمَهْرِ مِثْلٍ) لِأَنَّ الْمُعَاوَضَةَ لَا تَقْبَلُ التَّعْلِيقَ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا مُعَاوَضَةٌ غَيْرُ مَحْضَةٍ وَاسْتُثْنِيَ مِنْ صِحَّةِ تَعْلِيقِ الْخُلْعِ بِالْمُسَمَّى مَا لَوْ قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا فَأَنْت طَالِقٌ عَلَى مِائَةٍ وَهِيَ حَامِلٌ فِي غَالِبِ الظَّنِّ فَتَطْلُقُ إذَا أَعْطَتْهُ وَلَهُ عَلَيْهَا مَهْرُ مِثْلٍ كَمَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ نَصِّ الْإِمْلَاءِ (وَيَصِحُّ اخْتِلَاعُ أَجْنَبِيٍّ وَإِنْ كَرِهَتْهُ الزَّوْجَةُ) لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَسْتَقِلُّ بِهِ الزَّوْجُ، وَالِالْتِزَامُ يَتَأَتَّى مِنْ الْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّ اللَّهَ سَمَّى بِالْخُلْعِ فِدَاءً كَفِدَاءِ الْأَسِيرِ وَقَدْ يَحْمِلُهُ عَلَيْهِ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الشَّرِّ (وَهُوَ كَاخْتِلَاعِهَا لَفْظًا) أَيْ فِي أَلْفَاظِ الِالْتِزَامِ السَّابِقَةِ (وَحُكْمًا) فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ فَهُوَ مِنْ الزَّوْجِ ابْتِدَاءً صِيغَةُ مُعَاوَضَةٍ بِشَوْبِ تَعْلِيقٍ فَلَهُ الرُّجُوعُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْغَدِ يَسْتَلْزِمُ تَعْلِيقَهُ، وَفِي قَوْلِهِ الْآتِي لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَكَأَنَّ وَجْهَ) تَوْجِيهٌ لِلْمَرْجُوحِ. وَقَوْلُهُ وُجُوبِهِ أَيْ الْمُسَمَّى (قَوْلُهُ: فَقَبِلَتْ فَوْرًا) أَيْ بِأَنْ قَالَتْ قَبِلْت أَوْ الْتَزَمْت وَلَيْسَ مِنْهُ قَوْلُهَا مَلِيحٌ أَوْ حَسَنٌ (قَوْلُهُ بَلْ يَجِبُ تَسْلِيمُهُ فِي الْحَالِ) أَيْ فَلَا يَتَوَقَّفُ وُجُوبُ تَسْلِيمِهِ عَلَى الدُّخُولِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَعَلَيْهِ فَلَوْ سَلَّمَتْهُ وَلَمْ تَدْخُلْ إلَى أَنْ مَاتَتْ فَالْقِيَاسُ اسْتِرْدَادُ الْأَلْفِ مِنْهُ وَيَكُونُ تَرِكَةً، كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا بِمُسَمَّى ثُمَّ تَخَرَّبَتْ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا دَفَعَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ لِلْمُؤَجِّرِ، ثُمَّ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ تَقَارُنُ الْعِوَضَيْنِ فِي الْمِلْكِ أَنَّهُ مَلَكَ الْعِوَضَ هُنَا بِنَفْسِ الْقَبُولِ، وَأَنَّهَا إنَّمَا تَمْلِكُ الْبُضْعَ بِالدُّخُولِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقُلْنَا بِرَدِّ الْعِوَضِ يَفُوزُ بِالْفَوَائِدِ الْحَاصِلَةِ مِنْهُ لِحُدُوثِهَا فِي مِلْكِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَعُودُ لَهَا بِتَعَذُّرِ الطَّلَاقِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ ادَّعَاهُ) مُرَادُهُ الْمَحَلِّيَّ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ لِفَسَادِ الْمُسَمَّى وَوَجْهُ فَسَادِهِ بِأَنَّ الْحَمْلَ مَجْهُولٌ لَا يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ إلَيْهِ فِي الْحَالِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا جَعَلَهُ عِوَضًا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَهِيَ حَامِلٌ فِي غَالِبِ الظَّنِّ) لَمْ يُبَيِّنْ مَفْهُومَهُ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَلَوْ قَالَ لِحَامِلٍ إنْ كُنْت حَامِلًا فَأَنْت طَالِقٌ إلَخْ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى كَوْنِهَا حَامِلًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَإِنْ لَمْ يَظُنَّهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ الْحَمْلُ بِعَلَامَاتٍ قَوِيَّةٍ، فَإِنْ تَحَقَّقَهُ فَالْأَقْرَبُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بِالْمُسَمَّى (قَوْلُهُ: وَلَهُ عَلَيْهَا مَهْرُ مِثْلٍ) أَيْ وَيَرُدُّ الْمِائَةَ لَهَا (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَحْمِلُهُ) أَيْ الْأَجْنَبِيُّ، وَقَوْلُهُ مَا بَيْنَهُمَا: أَيْ الزَّوْجَيْنِ، وَقَوْلُهُ مِنْ الشَّرِّ قَالَ حَجّ: وَهَذَا كَالْحِكْمَةِ، وَإِلَّا فَلَوْ قَصَدَ بِفِدَائِهَا مِنْهُ أَنَّهُ يَتَزَوَّجُهَا صَحَّ أَيْضًا لَكِنَّهُ يَأْثَمُ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مِنْ الزَّوْجِ) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إنْ بَدَأَ الزَّوْجُ بِصِيغَةِ مُعَاوَضَةٍ فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ فِيهَا شَوْبُ تَعْلِيقٍ وَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ قَبُولِهَا نَظَرًا لِلْمُعَاوَضَةِ، أَوْ بِصِيغَةِ تَعْلِيقٍ فَتَعْلِيقٌ فِيهِ شَوْبُ مُعَاوَضَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ خِلَافًا لِمَنْ ادَّعَاهُ) قَالَ شَيْخُنَا: مُرَادُهُ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ قُلْت: الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ لَمْ يَدَّعِ هَذَا وَإِنَّمَا ذَكَرَ أَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَعِبَارَتُهُ، وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمَالَ إنَّمَا يَجِبُ بِالطَّلَاقِ وَهُوَ فِي الْمُسَمَّى وَجْهٌ إلَخْ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ لَا يَصْلُحُ لِلرَّدِّ عَلَيْهِ.

قَبْلَ الْقَبُولِ نَظَرًا لِشَوْبِ الْمُعَاوَضَةِ، وَمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ نَظَرًا لِشَوْبِ التَّعْلِيقِ سَبْقُ قَلَمٍ، وَمِنْ جَانِبِ الْأَجْنَبِيِّ ابْتِدَاءً مُعَاوَضَةٌ بِشَوْبِ جَعَالَةٍ، فَفِي طَلَّقْت امْرَأَتِي بِأَلْفٍ فِي ذِمَّتِك فَفَعَلَ وَطَلِّقْ امْرَأَتَك بِأَلْفٍ فِي ذِمَّتِي فَأَجَابَهُ تَبَيَّنَ بِالْمُسَمَّى، وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ حُكْمًا مَا لَوْ طَلَّقَهَا عَلَى ذَا الْمَغْصُوبِ أَوْ الْخَمْرِ أَوْ قِنٍّ زَيْدٍ هَذَا فَيَقَعُ رَجْعِيًّا، وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِيهَا بِأَنَّ الْبُضْعَ وَقَعَ لَهَا فَلَزِمَهَا بَدَلُهُ بِخِلَافِهِ، وَلَوْ خَالَعَ عَنْ زَوْجَتَيْهِ بِأَلْفٍ صَحَّ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ لِاتِّحَادِ الْبَاذِلِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اخْتَلَعَتَا وَيَحْرُمُ اخْتِلَاعُهُ فِي الْحَيْضِ بِخِلَافِ اخْتِلَاعِهَا كَمَا سَيَذْكُرُهُ، وَمِنْ خُلْعِ الْأَجْنَبِيِّ قَوْلُ أُمِّهَا مَثَلًا خَالِعْهَا عَلَى مُؤَخَّرِ صَدَاقِهَا فِي ذِمَّتِي فَيُجِيبَهَا فَيَقَعَ بَائِنًا بِمِثْلِ الْمُؤَخَّرِ فِي ذِمَّةِ السَّائِلَةِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، لِأَنَّ لَفْظَ مِثْلٍ مُقَدَّرَةٌ فِي نَحْوِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَنْوِ نَظِيرَ مَا فِي الْبَيْعِ، فَلَوْ قَالَتْ وَهُوَ كَذَا لَزِمَهَا مَا سَمَّتْهُ زَادَ أَوْ نَقَصَ لِأَنَّ الْمِثْلِيَّةَ الْمُقَدَّرَ تَكُونُ مِثْلًا مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ، وَبِنَحْوِ ذَلِكَ أَفْتَى الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ (وَلِوَكِيلِهَا) فِي الِاخْتِلَاعِ (أَنْ يَخْتَلِعَ لَهُ) أَيْ لِنَفْسِهِ وَلَوْ بِالْقَصْدِ كَمَا مَرَّ: أَيْ فَيَكُونُ خُلْعَ أَجْنَبِيٍّ وَالْمَالُ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا نَوَاهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمَا إذَا أَطْلَقَ وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ، وَاعْتِرَاضُ الْأَذْرَعِيِّ لَهُ بِجَزْمِ إمَامِهِ بِخِلَافِهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ كَلَامَهُ فِيمَا إذَا لَمْ يُخَالِفْهَا فِيمَا سَمَّتْهُ وَكَلَامُ إمَامِهِ فِيمَا إذَا خَالَفَهَا فِيهِ (وَلِأَجْنَبِيٍّ تَوْكِيلُهَا) فِي اخْتِلَاعِ نَفْسِهَا بِمَالِهِ أَوْ بِمَالٍ عَلَيْهِ وَكَذَا أَجْنَبِيٌّ آخَرُ فَإِنْ قَالَ لَهَا سَلِي زَوْجَك أَنْ يُطَلِّقَك بِأَلْفٍ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ سَلْ فُلَانًا أَنْ يُطَلِّقَ زَوْجَتَهُ بِأَلْفٍ اُشْتُرِطَ فِي لُزُومِ الْأَلْفِ لَهُ أَنْ يَقُولَ عَلَيَّ بِخِلَافِ سَلْ زَوْجِي أَنْ يُطَلِّقَنِي عَلَى كَذَا فَإِنَّهُ تَوْكِيلٌ وَإِنْ لَمْ تَقُلْ عَلَيَّ، وَلَوْ قَالَ طَلِّقْ زَوْجَتَك عَلَى أَنْ أُطَلِّقَ زَوْجَتِي فَفَعَلَا وَقَعَ بَائِنًا لِأَنَّهُ خُلْعٌ فَاسِدٌ وَالْعِوَضُ فِيهِ مَقْصُودٌ فِيمَا يَظْهَرُ فَلِكُلٍّ عَلَى الْآخَرِ مَهْرُ مِثْلِ زَوْجَتِهِ، وَإِذَا وَكَّلَهَا الْأَجْنَبِيُّ فِي الْخُلْعِ (فَتَتَخَيَّرُ هِيَ) بَيْنَ أَنْ تُخَالِعَ عَنْهَا أَوْ عَنْهُ بِالصَّرِيحِ أَوْ بِغَيْرِهِ مَعَ النِّيَّةِ، فَإِنْ أَطْلَقَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَلَا رُجُوعَ لَهُ، فَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَذْكُرْ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ هُنَا وَلِمَ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَوَّلِ، وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي قَرِيبًا أَنَّهُ قَدْ يُعَلَّقُ عَلَى الْعِوَضِ مِنْ جِهَةِ الْأَجْنَبِيِّ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ نَظَرًا لِشَوْبِ التَّعْلِيقِ) أَيْ بَدَلُ قَوْلِهِ نَظَرًا لِشَوْبِ الْمُعَاوَضَةِ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ طَلَّقَهَا عَلَى ذَا الْمَغْصُوبِ) بِخِلَافِ طَلَّقَهَا عَلَى ذَا الْعَبْدِ مَثَلًا وَهُوَ مَغْصُوبٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَإِنَّهَا تَبِينُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ بِاسْتِقْلَالٍ فَخُلْعٍ بِمَغْصُوبٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَالَعَ عَنْ زَوْجَتَيْهِ) أَيْ مَعَ أَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ اخْتَلَعَتَا) أَيْ فَإِنَّهُ يَقَعُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ اخْتِلَاعُهُ) أَيْ الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ: لَزِمَهَا مَا سَمَّتْهُ) أَيْ وَالْمُؤَخَّرُ بَاقٍ بِحَالِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ هُنَا بِالْجُمْلَةِ الْمُمَاثَلَةُ فِي مُجَرَّدِ كَوْنِهِ عِوَضًا، وَإِلَّا فَمَا سَمَّتْهُ صَادِقٌ بِأَنْ يَكُونَ ذَهَبًا مَثَلًا وَمَا عَلَى الزَّوْجِ فِضَّةٌ وَأَيْنَ الْمُمَاثَلَةُ فِي هَذِهِ. (قَوْلُهُ: وَمَا إذَا طَلَّقَ) أَيْ فَيَقَعُ الْخُلْعُ عَنْهَا وَالْمَالُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: مَرْدُودٌ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ النَّقْلِ عَنْ الْغَزَالِيِّ فِيمَا لَوْ خَالَعَهَا، وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ لِأَنَّهُ ثَمَّ جَعَلَ أَلْفًا مِمَّا سَمَّتْهُ لَازِمًا لَهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَالزَّائِدُ عَلَيْهِ، وَهُنَا جَعَلَ مَا سَمَّتْهُ لَازِمًا لَهَا وَهُوَ نَظِيرُ غَيْرِ مَا عَيَّنْته هُنَاكَ فَمُسَمَّاهَا لَازِمٌ لَهَا فِي الصُّورَتَيْنِ، وَمَا زَادَهُ الْوَكِيلُ ثُمَّ هُوَ الَّذِي اخْتَصَّ بِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا أَجْنَبِيٌّ) أَيْ لَهُ تَوْكِيلُ أَجْنَبِيٍّ آخَرَ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ تَوْكِيلٌ) أَيْ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْخُلْعِ رَاجِعَةٌ إلَيْهَا فَحُمِلَ سُؤَالُهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى التَّوْكِيلِ (قَوْلُهُ: مَهْرُ مِثْلِ زَوْجَتِهِ) قَدْ يُشْكِلُ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْعِوَضُ مَقْصُودًا غَيْرَ مَالٍ أَوْ مَجْهُولًا وَقَعَ الطَّلَاقُ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ رَجْعِيًّا، وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ قُبَيْلُ وَلَهُمَا التَّوْكِيلُ فَلَوْ خَالَعَهَا بِفَاسِدٍ بِقَصْدٍ كَمَجْهُولٍ وَخَمْرٍ وَمَيْتَةٍ وَمُؤَجَّلٍ بِمَجْهُولٍ بَانَتْ بِمَهْرِ مِثْلٍ، ثُمَّ قَالَ: وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي ضَمِيرَ خَالَعَهَا خُلْعَهُ مَعَ أَجْنَبِيٍّ بِذَلِكَ فَيَقَعُ رَجْعِيًّا، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ خَالَعَ عَنْ زَوْجَتَيْهِ إلَخْ) هَذَا وَاَلَّذِي بَعْدَهُ مُسْتَثْنَيَانِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِالْقَصْدِ) أَيْ فَتَكْفِي النِّيَّةُ وَلَا يُشْتَرَطُ التَّصْرِيحُ

فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وُقُوعُهُ عَنْهَا قَطْعًا: أَيْ نَظِيرُهُ مَا مَرَّ فِي الْوَكِيلِ بِقَيْدِهِ، لَكِنْ لَمَّا كَانَتْ تَسْتَقِلُّ بِهِ إجْمَاعًا بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ كَانَ جَانِبُهَا أَقْوَى، وَمِنْ ثَمَّ قَطَعُوا بِوُقُوعِهِ لَهَا هُنَا وَاخْتَلَفُوا ثَمَّ كَمَا مَرَّ، وَحَيْثُ صَرَّحَ بِاسْمِ الْمُوَكِّلِ طُولِبَ وَإِلَّا فَالْمُبَاشِرُ، فَإِذَا غَرِمَ رَجَعَ عَلَى مُوَكِّلِهِ إنْ وَقَعَ الْخُلْعُ عَنْهُ وَإِلَّا فَلَا (وَلَوْ) (اخْتَلَعَ رَجُلٌ) بِمَالِهِ أَوْ مَالِهَا (وَصَرَّحَ بِوَكَالَتِهَا كَاذِبًا) عَلَيْهَا (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ مَرْبُوطٌ بِالْتِزَامِ الْمَالِ وَلَمْ يَلْتَزِمْهُ هُوَ وَلَا هِيَ، نَعَمْ لَوْ اعْتَرَفَ الزَّوْجُ بِالْوَكَالَةِ أَوْ ادَّعَاهَا بَانَتْ بِقَوْلِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ (وَأَبُوهَا كَأَجْنَبِيٍّ فَيَخْتَلِعُ بِمَالِهِ) يَعْنِي بِمُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِهِ صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً (فَإِنْ) (اخْتَلَعَ) الْأَبُ أَوْ الْأَجْنَبِيُّ (بِمَالِهَا وَصَرَّحَ بِوَكَالَةٍ) مِنْهَا كَاذِبًا (أَوْ وِلَايَةٍ) لَهُ عَلَيْهَا (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَكِيلٍ وَلَا وَلِيٍّ فِي ذَلِكَ، وَالطَّلَاقُ مَرْبُوطٌ بِالْمَالِ وَلَمْ يَلْتَزِمْهُ أَحَدٌ، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ صَرْفُ مَالِهَا فِي عِوَضِ الْخُلْعِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَمْتَنِعْ عَلَيْهِ بِمَوْقُوفٍ عَلَى مَنْ يَخْتَلِعُ لِأَنَّهَا لَمْ تَمْلِكْهُ قَبْلَ الْخُلْعِ فَاسْتِثْنَاءُ الزَّرْكَشِيّ لَهُ مَمْنُوعٌ (أَوْ بِاسْتِقْلَالٍ فَخُلْعٌ بِمَغْصُوبٍ) لِأَنَّهُ بِالتَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ فِي مَالِهَا غَاصِبٌ لَهُ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَيَلْزَمُهُ مَهْرُ مِثْلٍ وَلَوْ لَمْ يُصَرِّحْ بِأَنَّهُ عَنْهُ وَلَا عَنْهَا، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ مَالُهَا فَهُوَ بِمَغْصُوبٍ كَذَلِكَ، وَإِلَّا وَقَعَ رَجْعِيًّا لِامْتِنَاعِ تَصَرُّفِهِ فِي مَالِهَا بِمَا ذُكِرَ كَمَا مَرَّ فَأَشْبَهَ خُلْعَ السَّفِيهَةِ كَمَا لَوْ قَالَ بِهَذَا الْمَغْصُوبِ أَوْ الْخَمْرِ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِمَا يَمْنَعُ التَّبَرُّعَ الْمَقْصُودَ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَقَعُ رَجْعِيًّا فِيمَا ذُكِرَ حَيْثُ صَرَّحَ بِسَبَبِ الْفَسَادِ، وَكَقَوْلِهِ عَلَى هَذَا الْمَغْصُوبِ أَوْ الْحُرِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ وَهُوَ فِي الْوَاقِعِ مَغْصُوبٌ وَمَا هُنَا وَإِنْ كَانَ الْعِوَضُ فِيهِ فَاسِدًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَمْ يُصَرَّحْ فِيهِ بِسَبَبِ الْفَسَادِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ طَلَّقَهَا عَلَى هَذَا الْعَبْدِ وَهُمَا يَعْلَمَانِ أَنَّهُ مَغْصُوبٌ (قَوْلُهُ بِقَيْدِهِ) وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يُخَالِعْهَا فِيمَا سَمَّتْهُ أَخْذًا مِمَّا رَدَّ بِهِ اعْتِرَاضَ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ وَاخْتَلَفُوا إلَخْ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: إنْ أَرَادَ مَا مَرَّ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَإِمَامِهِ فَقَدْ بَيَّنَ ثَمَّ أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمَا، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِاعْتِبَارِ مَا فَهِمَ الْأَذْرَعِيُّ اهـ (قَوْلُهُ: فَإِذَا غَرِمَ) أَيْ الْمُبَاشِرُ (قَوْلُهُ: بَانَتْ بِقَوْلِهِ) أَيْ الزَّوْجُ (قَوْلُهُ: فِي عِوَضِ الْخُلْعِ) يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ خَالَعَ عَلَى مَالِهَا مِنْ الزَّوْجِ كَمَا مَرَّ بِمَا فِيهِ (قَوْلُهُ: فَاسْتِثْنَاءُ الزَّرْكَشِيّ لَهُ) أَيْ لِلْمَوْقُوفِ (قَوْلُهُ: فَيَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا) الْإِطْلَاقُ هُنَا مَعَ التَّفْصِيلِ فِيمَا بَعْدَهُ، وَهُوَ مَا لَوْ لَمْ يُصَرِّحْ بِأَنَّهُ عَنْهُ وَلَا عَنْهَا بَيْنَ أَنْ لَا يَذْكُرَ أَنَّهُ مِنْ مَالِهَا فَخُلْعٌ بِمَغْصُوبٍ أَوْ يَذْكُرُ فَرَجْعِيٌّ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي الْوُقُوعِ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُمْ إنَّ الْمُخَالَعَةَ مِنْ غَيْرِ الزَّوْجَةِ بِنَحْوِ الْمَغْصُوبِ مَعَ التَّصْرِيحِ بِنَحْوِ الْغَصْبِ يُوجِبُ الْوُقُوعَ رَجْعِيًّا مَحَلُّهُ مَا لَمْ يُصَرِّحْ الْمُخَالِعُ بِالِاسْتِقْلَالِ وَإِلَّا وَقَعَ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَمَا لَمْ يَضْمَنْهُ الْمُخَالِعُ وَإِلَّا وَقَعَ كَذَلِكَ أَيْضًا كَمَا سَيَأْتِي، وَعِبَارَةُ الْبَهْجَةِ وَشَرْحِهَا مُصَرِّحَةٌ بِمَا ذُكِرَ: أَيْ مِنْ الْوُقُوعِ بَائِنًا عِنْدَ التَّصْرِيحِ بِالِاسْتِقْلَالِ وَإِنْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ مِنْ مَالِهَا وَهِيَ مَا نَصُّهُ: أَيْ وَالْخُلْعُ الْجَارِي مِنْ أَبِيهَا بِشَيْءٍ قَالَ إنَّهُ مِنْ مَالِهَا، وَلَا أَظْهَرَ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ نِيَابَةً عَنْهَا وَلَا اسْتِقْلَالًا رَجْعِيٌّ كَخُلْعِ السَّفِيهِ، إلَى أَنْ قَالَ: فَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِقَيْدِهِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ تُخَالِفْهُ فِيمَا سَمَّى الَّذِي حُمِلَ عَلَيْهِ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ فِيمَا مَرَّ وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا إنْ خَالَفَتْ فَهِيَ كَالْأَجْنَبِيِّ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا ثَمَّ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم: إنْ أَرَادَ مَا مَرَّ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَإِمَامِهِ فَقَدْ بَيَّنَ ثَمَّ أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمَا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِاعْتِبَارِهِ مَا فَهِمَ الْأَذْرَعِيُّ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ صَرَّحَ بِاسْمِ الْمُوَكِّلِ طُولِبَ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ فِي صِيغَةِ الْمُوَكِّلِ مَا يَقْتَضِي الِالْتِزَامَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الَّذِي بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ بِمَالِهِ) هُوَ مُشْكِلٌ وَمُخَالِفٌ لِمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ، وَالتَّعْلِيلُ الْآتِي لَا يُوَافِقُهُ، عَلَى أَنَّهُ لَا يُنَافِي مَا اقْتَضَاهُ صَنِيعُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ بَعْدَهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَجْنَبِيِّ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ أَوْ الْأَجْنَبِيُّ) هُوَ مُكَرَّرٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا إذَا خَالَعَ الْأَجْنَبِيَّ وَصَرَّحَ بِوَكَالَتِهَا كَاذِبًا فَقَدْ ذُكِرَ

لَهُ مِنْ الْخُلْعِ، بِخِلَافِ الْكَبِيرِ كَمَا مَرَّ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ عَائِدَةٌ لَهَا فَلَزِمَهَا الْبَدَلُ، وَلَوْ اخْتَلَعَ بِصَدَاقِهَا أَوْ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ بَرِيءٌ مِنْهُ أَوْ قَالَ طَلِّقْهَا وَأَنْت بَرِيءٌ مِنْهُ وَقَعَ رَجْعِيًّا وَلَا يَبْرَأُ مِنْ شَيْءٍ مِنْهُ. نَعَمْ إنْ ضَمِنَ لَهُ الْأَبُ أَوْ الْأَجْنَبِيُّ الدَّرْكَ أَوْ قَالَ لِلزَّوْجِ عَلَيَّ ضَمَانُ ذَلِكَ وَقَعَ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ عَلَى الْأَبِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَكَذَا لَوْ أَرَادَ بِالصَّدَاقِ مِثْلَهُ وَثَمَّ قَرِينَةٌ تُؤَيِّدُهُ كَحَوَالَةِ الزَّوْجِ عَلَى الْأَبِ وَقَبُولِ الْأَبِ لَهَا بِحُكْمِ أَنَّهَا تَحْتَ حَجْرِهِ فَيَقَعُ بَائِنًا بِمِثْلِ الصَّدَاقِ اهـ. وَمَرَّ آنِفًا وَفِي الْحَوَالَةِ مَالُهُ تَعَلَّقَ بِذَلِكَ، فَإِنْ قَالَتْ هِيَ لَهُ إنْ طَلَّقْتنِي فَأَنْت بَرِيءٌ مِنْ صَدَاقِي أَوْ فَقَدْ أَبْرَأْتُك مِنْهُ فَطَلَّقَهَا لَمْ يَبْرَأْ مِنْهُ، وَهَلْ يَقَعُ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا جَرَى ابْنُ الْمُقْرِي عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ لَا يُعَلَّقُ، وَطَلَاقُ الزَّوْجِ طَمَعًا فِي الْبَرَاءَةِ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ صَحِيحٍ فِي الِالْتِزَامِ لَا يُوجِبُ عِوَضًا. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ طَلَّقَ طَمَعًا فِي شَيْءٍ وَرَغِبَتْ هِيَ فِي الطَّلَاقِ بِالْبَرَاءَةِ فَيَكُونُ فَاسِدًا كَالْخَمْرِ فَيَقَعُ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ قَوْلِهَا إنْ طَلَّقْتنِي فَلَكَ أَلْفٌ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ تَعْلِيقًا لِلْإِبْرَاءِ فَهَذَا تَعْلِيقٌ لِلتَّمْلِيكِ، وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي أَوَاخِرَ الْبَابِ تَبَعًا لِنَقْلِ أَصْلِهِ لَهُ ثَمَّ عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي، وَقَدْ نَبَّهَ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ: وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَقَعُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَبْدَى: أَيْ أَظْهَرَ نِيَابَةً لَمْ تَطْلُقْ أَوْ اسْتِقْلَالًا بَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ اهـ سم حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَعَ) أَيْ أَبُوهَا، وَقَوْلُهُ صَدَاقُهَا: أَيْ كَانَ قَالَ لَهُ خَالِعْهَا عَلَى مَالَهَا عَلَيْك مِنْ الصَّدَاقِ، وَهَذَا قَدْ يُشْكِلُ بِمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَمِنْ خُلْعِ الْأَجْنَبِيِّ قَوْلُ أُمِّهَا مَثَلًا خَالِعْهَا عَلَى مُؤَخَّرِ صَدَاقِهَا إلَخْ، فَإِنَّ قَوْلَهُ مَثَلًا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأُمِّ وَغَيْرِهَا فِي ذَلِكَ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ مَا تَقَدَّمَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الْمِثْلِ وَمَا هُنَا عَلَى خِلَافِهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي عَنْ الْبُلْقِينِيِّ، وَأَيْضًا فَالْأَبُ لَمَّا كَانَ لَهُ عَلَيْهَا وِلَايَةٌ فِي الْجُمْلَةِ حُمِلَ مِنْهُ قَوْلُهُ عَلَى مُؤَخَّرِ صَدَاقِهَا عَلَى حَقِيقَتِهِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ فَوَقَعَ رَجْعِيًّا. [فَرْعٌ] يَقَعُ كَثِيرًا أَنْ تَحْصُلَ مُشَاجَرَةٌ بَيْنَ الرَّجُلِ وَزَوْجَتِهِ فَتَقُولُ لَهُ أَبْرَأْتُك فَيَقُولُ لَهَا إنْ صَحَّتْ بَرَاءَتُك فَأَنْت طَالِقٌ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ أَنَّهَا إنْ أَبْرَأَتْهُ مِنْ مَعْلُومٍ وَهِيَ رَشِيدَةٌ وَقَعَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا لِتَعْلِيقِهِ عَلَى مُجَرَّدِ صِحَّةِ الْبَرَاءَةِ وَقَدْ وُجِدَتْ لَا بَائِنًا لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ عِوَضًا فِي مُقَابَلَةِ الطَّلَاقِ لِصِحَّةِ الْبَرَاءَةِ قَبْلَ وُقُوعِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُبَرَّأُ مِنْهُ مَجْهُولًا فَلَا بَرَاءَةَ وَلَا وُقُوعَ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ كَثِيرُ الْوُقُوعِ. وَقَالَ حَجّ: وَلَوْ طَلَبَ مِنْهَا الْإِبْرَاءَ فَأَبْرَأَتْهُ بَرَاءَةً فَاسِدَةً فَنَجَزَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَبْلُ (قَوْلُهُ وَلَوْ اخْتَلَعَ بِصَدَاقِهَا) يَعْنِي الْأَبَ وَمِثْلُهُ الْأَجْنَبِيُّ. وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّيْخَ فِي حَاشِيَتِهِ اسْتَشْكَلَ هَذَا عَلَى مَا مَرَّ فِيمَا إذَا خَالَعَتْ أُمَّهَا عَلَى صَدَاقِهَا، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْأُمَّ مِثَالٌ فَغَيْرُهَا كَالْأَبِ، ثُمَّ تَمَحَّلَ لِلْجَوَابِ عَنْ ذَلِكَ بِجَوَابَيْنِ مَذْكُورَيْنِ فِي الْحَاشِيَةِ، وَظَاهِرٌ أَنْ لَا إشْكَالَ لِأَنَّ صُورَةَ مَا مَرَّ أَنَّ الْأُمَّ مَثَلًا قَالَتْ خَالَعَهَا عَلَى مُؤَخَّرِ صَدَاقِهَا فِي ذِمَّتِي، فَقَوْلُهَا فِي ذِمَّتِي يُقْتَضَى أَنَّهَا لَمْ تُخَالِعْ عَلَى نَفْسِ الصَّدَاقِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي ذِمَّتِهَا وَإِنَّمَا هُوَ فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ قَوْلُهَا قَبْلُ عَلَى مُؤَخَّرِ صَدَاقِهَا يُنَاقِضُ ذَلِكَ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ أَجَابُوا عَنْهُ بِأَنَّ لَفْظَ مِثْل مُقَدَّرٌ فِي مِثْلِ هَذَا لِيُوَافِقَ أَوَّلُ الْكَلَامِ آخِرَهُ، وَأَمَّا هُنَا فَالْأَبُ إنَّمَا خَالَعَ عَلَى نَفْسِ الصَّدَاقِ إذْ لَيْسَ فِي لَفْظِهِ مَا يُوجِبُ صَرْفَهُ عَنْ ذَلِكَ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ أَنَّهُ أَرَادَ الْمِثْلَ حَيْثُ ادَّعَاهُ إلَّا إنْ قَامَتْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ كَمَا يَأْتِي عَنْ الْبُلْقِينِيِّ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ أَرَادَ بِالصَّدَاقِ) يَعْنِي فِي الصُّورَةِ الْأُولَى كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي قَوْلِهِ وَكَذَا إنَّمَا هُوَ الْأَصْلُ الْوُقُوعُ بَائِنًا مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا يَلْزَمُهُ فِيهِمَا، وَإِلَّا فَهُوَ فِي الْأُولَى إنَّمَا يَلْزَمُهُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَفِي الثَّانِيَةِ مِثْلُ الصَّدَاقِ.

[فصل في الاختلاف في الخلع أو في عوضه]

رَجْعِيًّا، وَقَدْ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْبُلْقِينِيِّ: التَّحْقِيقُ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ الزَّوْجُ عَدَمَ صِحَّةِ تَعْلِيقِ الْإِبْرَاءِ وَقَعَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا أَوْ ظَنَّ صِحَّتَهُ وَقَعَ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْخُلْعِ أَوْ فِي عِوَضِهِ لَوْ (ادَّعَتْ خُلْعًا فَأَنْكَرَ) أَوْ قَالَ طَالَ الْفَصْلُ بَيْنَ لَفْظَيْنَا بِأَنْ سَأَلَتْهُ الطَّلَاقَ بِعِوَضٍ فَطَلَّقَهَا بِدُونِ ذِكْرِهِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَتْ طَلَّقْتَنِي مُتَّصِلًا فَبِنْتُ وَقَالَ بَلْ مُنْفَصِلًا فَلِيَ الرَّجْعَةُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَلَا بَيِّنَةَ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ مُطْلَقًا أَوْ فِي الْوَقْتِ الَّتِي تَدَّعِيهِ فِيهِ، فَإِنْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ وَلَا تَكُونُ إلَّا رَجُلَيْنِ بَانَتْ وَلَمْ يُطَالِبْهَا بِالْمَالِ لِأَنَّهُ يُنْكِرُهُ مَا لَمْ يَعُدْ وَيَعْتَرِفْ بِهِ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَزِمَهُ وَهِيَ مُعْتَرِفَةٌ بِهِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَلَيْسَ كَمَنْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِ بِشَيْءٍ فَأَنْكَرَهُ ثُمَّ صُدِّقَ لَا بُدَّ مِنْ إقْرَارٍ جَدِيدٍ مِنْ الْمُقِرِّ لِأَنَّ مَا هُنَا وَقَعَ فِي ضِمْنِ مُعَاوَضَةٍ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الشُّفْعَةِ. (وَإِنْ) (قَالَ طَلَّقْتُك بِكَذَا فَقَالَتْ) لَمْ تُطَلِّقْنِي أَوْ طَلَّقْتنِي (مَجَّانًا) أَوْ طَالَ الْفَصْلُ بَيْنَ لَفْظِي وَلَفْظِك أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (بَانَتْ) بِإِقْرَارِهِ (وَلَا عِوَضَ) عَلَيْهَا إذَا حَلَفَتْ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهَا مَا لَمْ يُقِمْ شَاهِدًا وَيَحْلِفْ مَعَهُ أَوْ تُصَدِّقْهُ فَيَثْبُتَ الْمَالُ، وَإِذَا حَلَفَتْ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ وَجَبَ نَفَقَتُهَا وَكِسْوَتُهَا زَمَنَ الْعِدَّةِ وَلَا يَرِثُهَا، لَكِنَّ الظَّاهِرَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ أَنَّهَا تَرِثُهُ. وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُقِرَّ بِأَنَّ الْمَالَ مِمَّا يَتِمُّ الْخُلْعُ بِدُونِ قَبْضِهِ. فَإِنْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ خَالَعَهَا عَلَى تَعْجِيلِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالطَّلَاقُ وَزَعَمَ أَنَّهُ إنَّمَا أَوْقَعَهُ لِظَنِّهِ صِحَّةُ الْبَرَاءَةِ لَمْ يُقْبَلْ عَلَى مَا فِيهِ مِمَّا يَأْتِي، وَهُوَ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ ظَاهِرًا وَأَنَّهُ فِي الْبَاطِنِ مَحْمُولٌ عَلَى قَصْدِهِ، فَإِنْ كَانَ صَادِقًا فِيهِ لَمْ يَقَعْ بَاطِنًا وَلَمْ يُبَيَّنْ الطَّلَاقُ الْوَاقِعُ هَلْ هُوَ رَجْعِيٌّ أَوْ بَائِنٌ، وَأَظُنُّ أَنَّ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ السَّابِقِ مَا يُصَرِّحُ بِالثَّانِي (قَوْلُهُ وَقَعَ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ الْعِوَضُ مَجْهُولًا كَأَنْ قَالَ لَهُ الْأَبُ وَلَك مَا يُرْضِيك، أَوْ عَلَيَّ مَا دَفَعْته لَهَا وَكَانَ مَجْهُولًا أَوْ نَحْوَهُ وَمِثْلُهُ أَيْضًا مَا لَوْ طَلَّقَهَا عَلَى إسْقَاطِ حَقِّهَا مِنْ الْحَضَانَةِ وَبَقِيَ مَا لَوْ خَالَعَهَا عَلَى رَضَاعَةِ وَلَدِهِ سَنَتَيْنِ مَثَلًا ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ فَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهَا بِأُجْرَةِ مِثْلِ مَا يُقَابِلُ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ أَوْ بِالْقِسْطِ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ بِاعْتِبَارِ مَا يُقَابِلُ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ بِمَنْزِلَةِ الْمَجْهُولِ وَالْوَاجِبِ مَعَ جَهْلِ الْعِوَضِ مَهْرُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: فَطَلَّقَهَا) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى بِذَلِكَ) أَيْ بِقَوْلِ الزَّرْكَشِيّ تَبَعًا إلَخْ. (فَصْلٌ) فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْخُلْعِ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي عِوَضِهِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ خَالَعَ بِأَلْفٍ وَنَوَيَا نَوْعًا (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ) كَأَنْ قَالَ قَصَدْت الِاسْتِئْنَافَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) أَيْ خِلَافًا لِحَجِّ (قَوْلُهُ: مِمَّا يَتِمُّ الْخُلْعُ بِدُونِ قَبْضِهِ) كَأَنْ قَالَ طَلَّقْتُك بِكَذَا فَقَبِلَتْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْخُلْعِ أَوْ فِي عِوَضِهِ] فَصْلٌ) فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْخُلْعِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إقْرَارٌ مِنْهَا إلَخْ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ كَالتُّحْفَةِ، وَفِي بَعْضِهَا مَا نَصُّهُ: مَا لَمْ يَعُدْ وَيَعْتَرِفْ بِهِ. قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ،؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَزِمَهُ وَهِيَ مُعْتَرِفَةٌ بِهِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَلَيْسَ كَمَنْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِ بِشَيْءٍ فَأَنْكَرَهُ ثُمَّ صُدِّقَ لَا بُدَّ مِنْ إقْرَارِ جَدِيدٍ مِنْ الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا وَقَعَ فِي ضِمْنِ مُعَاوَضَةٍ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الشُّفْعَةِ. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ رَجَعَ إلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ بَعْدَ أَنْ تَبِعَ التُّحْفَةَ فِي الْأُولَى فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مُعْتَرِفَةٌ بِهِ) أَيْ بِالْمَالِ

شَيْءٍ لَا يَتِمُّ الْخُلْعُ إلَّا بِقَبْضِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ إلَّا بَعْدَ قَبْضِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (وَإِنْ) (اخْتَلَفَا) أَيْ الْمُتَخَالِعَانِ الزَّوْجُ أَوْ وَكِيلُهُ وَهِيَ أَوْ وَكِيلُهَا أَوْ الْأَجْنَبِيُّ (فِي جِنْسِ عَرْضِهِ أَوْ قَدْرِهِ) أَوْ نَوْعِهِ أَوْ صِفَتِهِ أَوْ أَجَلِهِ أَوْ قَدْرِ أَجَلِهِ أَوْ فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ بِأَنْ قَالَتْ طَلَّقْتنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَقَالَ بَلْ وَاحِدَةً بِأَلْفٍ أَوْ سَكَتَ عَنْ الْعِوَضِ (وَلَا بَيِّنَةَ) لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ وَتَعَارَضَتَا بِأَنْ أُطْلِقَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا (تَحَالَفَا) كَالْمُتَبَايِعِينَ فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ وَمَنْ يَبْدَأُ بِهِ وَمِنْ ثَمَّ اشْتَرَطَ أَنْ يَكُونَ مُدَّعَاهُ أَكْثَرَ، فَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً قُضِيَ لَهُ (وَوَجَبَ) بَعْدَ فَسْخِهِمَا أَوْ فَسْخِ أَحَدِهِمَا أَوْ الْحَاكِمِ الْعِوَضُ (مَهْرُ مِثْلٍ) وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ مِمَّا ادَّعَاهُ لِأَنَّهُ بَدَلُ الْبُضْعِ الَّذِي تَعَذَّرَ رَدُّهُ إلَيْهِ. وَأَمَّا الْبَيْنُونَةُ فَوَاقِعَةٌ بِكُلِّ تَقْدِيرٍ، وَأَثَرُ التَّحَالُفِ إنَّمَا هُوَ فِي الْعِوَضِ خَاصَّةً، وَالْقَوْلُ فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ الْوَاقِعِ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَالَتْ سَأَلْتُك ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقْت وَاحِدَةً فَلَكَ ثُلُثُهُ فَقَالَ بَلْ ثَلَاثًا فَلِيَ الْأَلْفُ طَلُقَتْ ثَلَاثًا عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ وَتَحْلِفُ أَنَّهَا لَا تَعْلَمُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَحِينَئِذٍ لَهُ ثُلُثُ الْأَلْفِ، نَعَمْ إنْ أَوْقَعَهُنَّ فَقَالَ مَا طَلَّقْتهَا قَبْلُ وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ اسْتَحَقَّ الْأَلْفَ. (وَلَوْ) (خَالَعَ بِأَلْفٍ وَنَوَيَا نَوْعًا) أَوْ جِنْسًا أَوْ صِفَةً (لَزِمَ) وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ جَعْلًا لِلْمَنْوِيِّ كَالْمَلْفُوظِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ هُنَا مَا لَا يَحْتَمِلُ ثَمَّ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِيَا شَيْئًا فَغَالِبُ نَقْدِ الْبَلَدِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا غَالِبٌ فَمَهْرُ مِثْلٍ (وَقِيلَ) يَلْزَمُ (مَهْرُ مِثْلٍ) مُطْلَقًا لِلْجَهْلِ بِالْعِوَضِ (وَلَوْ قَالَ أَرَدْنَا) بِالْأَلْفِ الَّذِي أَطْلَقْنَاهُ (دَنَانِيرَ فَقَالَتْ بَلْ) أَرَدْنَا (دَرَاهِمَ أَوْ فُلُوسًا) أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا أَطْلَقْنَا وَقَالَ الْآخَرُ عَيَّنَّا نَوْعًا آخَرَ (تَحَالَفَا عَلَى الْأَوَّلِ) الْأَصَحِّ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْمَلْفُوظِ ثُمَّ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ (وَوَجَبَ مَهْرُ مِثْلٍ بِلَا تَحَالُفٍ فِي) الْقَوْلِ (الثَّانِي) أَمَّا لَوْ اخْتَلَفَتْ نِيَّتَاهُمَا وَتَصَادَقَا فَلَا فُرْقَةَ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ أَرَدْت الدَّرَاهِمَ وَقَالَتْ أَرَدْت الْفُلُوسَ بِلَا تَصَادُقٍ وَتَكَاذُبٍ فَتَبِينُ وَلَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِلَا تَحَالُفٍ، وَأَمَّا لَوْ صَدَّقَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ عَلَى مَا أَرَادَهُ وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ فِيمَا أَرَادَهُ فَتَبِينُ ظَاهِرًا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا لَهُ لِإِنْكَارِ أَحَدِهِمَا الْفُرْقَةَ، نَعَمْ إنْ عَادَ الْمُكَذِّبُ وَصَدَّقَ اسْتَحَقَّ الزَّوْجُ الْمُسَمَّى، وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ ضَبْطُ مَسَائِلِ الْبَابِ بِأَنَّ الطَّلَاقَ إمَّا أَنْ يَقَعَ بَائِنًا بِالْمُسَمَّى إنْ صَحَّتْ الصِّيغَةُ وَالْعِوَضُ، أَوْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ إنْ فَسَدَ الْعِوَضُ فَقَطْ، أَوْ رَجْعِيًّا إنْ فَسَدَتْ الصِّيغَةُ وَقَدْ نَجَّزَ الزَّوْجُ الطَّلَاقَ أَوْ لَا يَقَعُ أَصْلًا إنْ تَعَلَّقَ بِمَا لَمْ يُوجَدْ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ وَمَنْ يَبْدَأُ بِهِ) لَكِنْ يُبْدَأُ هُنَا بِالزَّوْجِ نَدْبًا (قَوْلُهُ بِلَا تَصَادُقٍ) أَيْ بِأَنْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَا أَعْلَمُ مَا نَوَاهُ صَاحِبِي (قَوْلُهُ: إنْ تَعَلَّقَ بِمَا لَمْ يُوجَدْ) أَيْ بِأَنْ عَلَّقَ بِإِبْرَائِهَا وَلَمْ يُوجَدْ أَوْ وُجِدَ وَلَمْ يَصِحَّ الْإِبْرَاءُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ سَكَتَ عَنْ الْعِوَضِ) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُمَا مُتَّفِقَانِ عَلَى الْخُلْعِ الْمُوجِبِ لِلْمَالِ كَمَا هُوَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ: الْعِوَضُ) هُوَ مَعْمُولُ فُسِخَ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْمَلْفُوظِ) تَعْلِيلٌ لِصُورَةِ الْمَتْنِ خَاصَّةً لَا لِلصُّورَةِ الَّتِي زَادَهَا.

[كتاب الطلاق]

كِتَابُ الطَّلَاقِ هُوَ لُغَةً حَلُّ الْقَيْدِ. وَشَرْعًا حَلُّ قَيْدِ النِّكَاحِ بِاللَّفْظِ الْآتِي. وَالْأَصْلُ فِيهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ بَلْ: سَائِرُ الْمِلَلِ، وَهُوَ إمَّا وَاجِبٌ كَطَلَاقِ مُولٍ لَمْ يُرِدْ الْوَطْءَ وَحَكَمَيْنِ رَأَيَاهُ أَوْ مَنْدُوبٌ كَأَنْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ بِحُقُوقِهَا وَلَوْ لِعَدَمِ الْمَيْلِ إلَيْهَا، أَوْ تَكُونُ غَيْرَ عَفِيفَةٍ مَا لَمْ يَخْشَ الْفُجُورَ بِهَا أَوْ سَيِّئَةَ الْخُلُقِ: أَيْ بِحَيْثُ لَا يَصْبِرُ عَلَى عِشْرَتِهَا عَادَةً فِيمَا يَظْهَرُ، وَإِلَّا فَمَتَى تُوجَدُ امْرَأَةٌ غَيْرُ سَيِّئَةِ الْخُلُقِ؟ وَفِي الْخَبَرِ الشَّرِيفِ «الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ فِي النِّسَاءِ كَالْغُرَابِ الْأَعْصَمِ» كِنَايَةً عَنْ نُدْرَةِ وُجُودِهَا، إذْ الْأَعْصَمُ وَهُوَ أَبْيَضُ الْجَنَاحَيْنِ، وَقِيلَ الرِّجْلَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا كَذَلِكَ أَوْ يَأْمُرُهُ بِهِ أَحَدُ وَالِدَيْهِ: أَيْ مِنْ غَيْرِ نَحْوِ تَعَنُّتٍ كَمَا هُوَ شَأْنُ الْحَمْقَى مِنْ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ، وَمَعَ عَدَمِ خَوْفِ فِتْنَةٍ أَوْ مَشَقَّةٍ بِطَلَاقِهَا فِيمَا يَظْهَرُ، أَوْ حَرَامٌ كَالْبِدْعِيِّ أَوْ مَكْرُوهٌ بِأَنْ سَلِمَ الْحَالُ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْحَلَالِ أَبْغَضَ إلَى اللَّهِ مِنْ الطَّلَاقِ» وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ «أَبْغَضُ الْحَلَالِ إلَى اللَّهِ الطَّلَاقُ» وَإِثْبَاتُ بُغْضِهِ تَعَالَى لَهُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ زِيَادَةُ التَّنْفِيرِ عَنْهُ لَا حَقِيقَتُهُ لِمُنَافَاتِهَا لِحِلِّهِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا لَيْسَ فِيهِ مُبَاحٌ لَكِنْ صَوَّرَهُ الْإِمَامُ بِمَا إذَا لَمْ يَشْتَهِهَا، أَيْ شَهْوَةً كَامِلَةً لِئَلَّا يُنَافِيَ مَا مَرَّ فِي عَدَمِ الْمَيْلِ إلَيْهَا وَلَا تَسْمَحُ نَفْسُهُ بِمُؤْنَتِهَا مِنْ غَيْرِ تَمَتُّعٍ بِهَا. وَأَرْكَانُهُ: زَوْجٌ وَصِيغَةٌ وَقَصْدٌ وَمَحَلٌّ وَوِلَايَةٌ عَلَيْهِ (يُشْتَرَطُ لِنُفُوذِهِ) أَيْ لِصِحَّةِ تَنْجِيزِهِ أَوْ تَعْلِيقِهِ كَوْنُهُ مِنْ زَوْجٍ، أَمَّا وَكِيلُهُ أَوْ الْحَاكِمُ فِي الْمَوْلَى فَلَا يَصِحُّ مِنْهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSكِتَابُ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِيهِ) أَيْ فِي وُقُوعِهِ (قَوْلُهُ: وَحَكَمَيْنِ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى الْوُجُوبِ عَلَيْهِمَا مَعَ أَنَّهُمَا وَكِيلَانِ وَالْوَكِيلُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ حَيْثُ دَامَ عَلَى الْوَكَالَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَخْشَ الْفُجُورَ بِهَا) أَيْ فُجُورَ غَيْرِهِ بِهَا فَلَا يَكُونُ مَنْدُوبًا لِأَنَّ فِي إبْقَائِهَا صَوْنًا لَهَا فِي الْجُمْلَةِ بَلْ يَكُونُ مُبَاحًا، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إنْ عَلِمَ فُجُورَ غَيْرِهِ بِهَا لَوْ طَلَّقَهَا وَانْتِفَاءَ ذَلِكَ عَنْهَا مَا دَامَتْ فِي عِصْمَتِهِ حُرْمَةُ طَلَاقِهَا إنْ لَمْ يَتَأَذَّ بِبَقَائِهَا تَأَذِّيًا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً. قَالَ حَجّ: وَيَلْحَقُ بِخَشْيَةِ الْفُجُورِ بِهَا حُصُولُ مَشَقَّةٍ لَهُ بِفِرَاقِهَا يُؤَدِّي إلَى مُبِيحِ تَيَمُّمٍ وَكَوْنِ مُقَامِهَا عِنْدَهُ أَمْنَعُ بِفُجُورِهَا فِيمَا يَظْهَرُ فِيهِمَا اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ مُبِيحِ تَيَمُّمٍ لَا يَبْعُدُ أَنْ يُكْتَفَى بِأَنْ لَا يُحْتَمَلَ عَادَةً (قَوْلُهُ: لَا حَقِيقَتُهُ) مَا الْمَانِعُ أَنَّ الْبُغْضَ مَعْنَاهُ الْكَرَاهَةُ وَعَدَمُ الرِّضَا وَهَذَا صَادِقٌ بِالْمَكْرُوهِ كَالْحَرَامِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ وَصْفَهُ بِالْحِلِّ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الْجَائِزُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ لِئَلَّا يُنَافِيَ مَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ كَأَنْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ بِحُقُوقِهَا وَلَوْ لِعَدَمِ الْمَيْلِ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَمَحَلٌّ) أَيْ زَوْجَةٌ وَقَوْلُهُ وَوِلَايَةٌ عَلَيْهِ أَيْ الْمَحَلِّ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ مِنْهُمَا) أَيْ الْوَكِيلُ وَالْحَاكِمُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الطَّلَاقِ] ِ (قَوْلُهُ: هُوَ لُغَةً حَلُّ الْقَيْدِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَيْدِ أَعَمُّ مِنْ الْحِسِّيِّ وَالْمَعْنَوِيِّ لِيَكُونَ بَيْنَ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَالْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ عَلَاقَةٌ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ، وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَوِيُّ خِلَافَ ظَاهِرِ التَّعْبِيرِ بِالْحِلِّ، وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ عِبَارَةٌ عَنْ حَلِّ الْقَيْدِ وَالْإِطْلَاقِ انْتَهَتْ. فَحُمِلَ حَلَّ الْقَيْدِ عَلَى الْحِسِّيِّ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ، وَعُطِفَ عَلَيْهِ الْإِطْلَاقَ الَّذِي هُوَ أَظْهَرُ فِي أَخْذِ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ مِنْهُ كَمَا تَقَرَّرَ، ثُمَّ ظَاهِرُ قَوْلِهِمْ فِي تَفْسِيرِ الطَّلَاقِ أَنَّهُ حَلُّ الْقَيْدِ أَنَّهُ مَصْدَرٌ، فَانْظُرْ هَلْ اُسْتُعْمِلَ الْفِعْلُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ مُجَرَّدًا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى التَّطْلِيقِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَوِلَايَةٌ عَلَيْهِ) كَأَنَّهُ أَخْرَجَ بِهِ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ إذْ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الطَّلَاقِ

تَعْلِيقُهُ، وَيُعْلَمُ هَذَا مِمَّا قَدَّمَهُ أَوَّلَ الْخُلْعِ وَمِمَّا سَيَذْكُرُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ قَبْلَ النِّكَاحِ وَ (التَّكْلِيفُ) فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقٌ وَلَا تَنْجِيزٌ مِنْ نَحْوِ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَنَائِمٍ لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُمْ، لَكِنْ لَوْ عَلَّقَهُ بِصِفَةٍ فَوُجِدَتْ وَبِهِ نَحْوَ جُنُونٍ وَقَعَ وَالِاخْتِيَارُ فَلَا يَقَعُ مِنْ مُكْرَهٍ كَمَا سَيَذْكُرُهُ. (إلَّا السَّكْرَانَ) وَهُوَ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِمُسْكِرٍ تَعَدِّيًا، وَهُوَ الْمُرَادُ بِهِ حَيْثُ أُطْلِقَ، وَسَيَذْكُرُ أَنَّ مِثْلَهُ كُلُّ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِمَا أَثِمَ بِهِ مِنْ نَحْوِ شَرَابٍ أَوْ دَوَاءٍ فَإِنَّهُ يَقَعُ طَلَاقُهُ مَعَ انْتِفَاءِ تَكْلِيفِهِ عَلَى الْأَصَحِّ: أَيْ مُخَاطَبَتِهِ حَالَ السُّكْرِ لِعَدَمِ فَهْمِهِ الَّذِي هُوَ شَرْطُ التَّكْلِيفِ وَنُفُوذِ تَصَرُّفَاتِهِ لَهُ وَعَلَيْهِ الدَّالُّ عَلَيْهِ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - عَلَى مُؤَاخَذَتِهِ بِالْقَذْفِ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ، وَهُوَ رَبْطُ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ لِتَعَدِّيهِ وَأَلْحَقَ مَالَهُ بِمَا عَلَيْهِ طَرْدًا لِلْبَابِ فَلَا يَرِدُ النَّائِمُ وَالْمَجْنُونُ، عَلَى أَنَّ خِطَابَ الْوَضْعِ قَدْ لَا يَعُمُّهُمَا كَكَوْنِ الْقَتْلِ سَبَبًا لِلْقِصَاصِ. وَالنَّهْيُ فِي {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: 43] لِمَنْ فِي أَوَائِلِ النَّشْوَةِ لِبَقَاءِ عَقْلِهِ فَلَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ، بِخِلَافِ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ سَوَاءٌ أَصَارَ زِقًّا مَطْرُوحًا أَمْ لَا، وَمَنْ أُطْلِقَ عَلَيْهِ التَّكْلِيفُ أَرَادَ أَنَّهُ بَعْدَ صَحْوِهِ مُكَلَّفٌ بِقَضَاءِ مَا فَاتَهُ أَوْ أَنَّهُ يَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُكَلَّفِينَ وَإِلَّا لَزِمَ صِحَّةُ نَحْوِ صَلَاتِهِ وَصَوْمِهِ. (وَيَقَعُ) الطَّلَاقُ (بِصَرِيحِهِ) وَهُوَ مَا لَا يَحْتَمِلُ ظَاهِرُهُ غَيْرَ الطَّلَاقِ وَمِنْ ثَمَّ وَقَعَ إجْمَاعًا (بِلَا نِيَّةٍ) لِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ مِنْ الْعَارِفِ بِمَدْلُولِ لَفْظِهِ، فَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي مِنْ اشْتِرَاطِ قَصْدِ لَفْظِ الطَّلَاقِ لِمَعْنَاهُ فَلَا يَكْفِي قَصْدُ حُرُوفِهِ فَقَطْ كَأَنْ لَقَّنَهُ أَعْجَمِيٌّ لَا يَعْرِفُ مَدْلُولَهُ فَقَصَدَ لَفْظَهُ فَقَطْ أَوْ مَعَ مَدْلُولِهِ عِنْدَ أَهْلِهِ وَسَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَيُعْلَمُ هَذَا) أَيْ كَوْنُهُ مِنْ زَوْجٍ (قَوْلُهُ: بِمَا أَثِمَ بِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيمَا ذَكَرَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ فِي نُفُوذِ تَصَرُّفِهِ لِأَنَّ الْكَافِرَ مُخَاطَبٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَلَا عِبْرَةَ بِاعْتِقَادِهِ الْحِلَّ. وَإِقْرَارُنَا إيَّاهُ عَلَى شُرْبِهِ لَيْسَ لِحِلِّ ذَلِكَ بَلْ لِكَوْنِ الْجِزْيَةِ مَأْخُوذَةً فِي مُقَابَلَةِ كَفِّ الْأَذَى عَنْهُمْ (قَوْلُهُ: الدَّالُّ عَلَيْهِ) أَيْ النُّفُوذُ (قَوْلُهُ: عَلَى مُؤَاخَذَتِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِإِجْمَاعِ (قَوْلُهُ وَهُوَ رَبْطُ الْأَحْكَامِ) أَيْ وُقُوعُ الطَّلَاقِ فِيهَا بِالْأَسْبَابِ أَيْ التَّلَفُّظُ بِالطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: كَكَوْنِ الْقَتْلِ سَبَبًا لِلْقِصَاصِ) أَيْ فَالصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ إذَا قَتَلَا لَا قِصَاصَ عَلَيْهِمَا مَعَ أَنَّ وُجُوبَ الْقِصَاصِ بِالْقَتْلِ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ: أَيْ فَحَيْثُ دَخَلَ التَّخْصِيصُ فِي شَأْنِهِمَا بِعَدَمِ وُجُوبِ ذَلِكَ الْقِصَاصِ أَمْكَنَ التَّخْصِيصُ بِغَيْرِهِ لِمَعْنًى يَقْتَضِيهِ كَمَا هُنَا (قَوْلُهُ: النَّشْوَةِ) هُوَ بِتَثْلِيثِ النُّونِ وَبِالْوَاوِ بِخِلَافِ النَّشْأَةِ بِالْهَمْزِ فَإِنَّهُ يُقَالُ نَشَأَ نَشْأَةً إذَا حَيِيَ وَرَبَا وَشَبَّ اهـ كَذَا فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ: أُطْلِقَ عَلَيْهِ) أَيْ السَّكْرَانِ (قَوْلُهُ: نَحْوُ صَلَاتِهِ وَصَوْمِهِ) وَيُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ أَوَائِلَ الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَوْ اتَّصَلَ جُنُونٌ لَمْ يَتَوَلَّدْ عَنْ السُّكْرِ بِهِ وَقَعَ عَلَيْهِ الْمُدَّةُ الَّتِي يَنْتَهِي إلَيْهَا السَّكْرَانُ غَالِبًا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَيَقَعُ الطَّلَاقُ) أَيْ مِمَّنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمِمَّا سَيَذْكُرُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ) إلَخْ قَالَ الشِّهَابُ سم: فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَنَائِمٍ) قَالَ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ: ذِكْرُ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالنَّائِمِ يَقْتَضِي حَمْلَ التَّكْلِيفِ عَلَى مَا يَشْمَلُ التَّمْيِيزَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُرَادُ بِهِ حَيْثُ أُطْلِقَ) أَيْ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مَنْ شَرِبَ الْمُسْكِرَ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يَزُلْ عَقْلُهُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَرِدُ النَّائِمُ وَالْمَجْنُونُ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُمَا وَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِمَا خِطَابٌ لِلْوَضْعِ فِيمَا عَلَيْهِمَا كَالْإِتْلَافِ لَكِنْ لَمْ يُلْحَقْ مَا لَهُمَا بِمَا عَلَيْهِمَا، عَلَى أَنَّ خِطَابَ الْوَضْعِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِمَا فِي جَمِيعِ مَا عَلَيْهِمَا فِي نَحْوِ الْإِتْلَافِ خَاصَّةً كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِالْعِلَاوَةِ فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: وَالنَّهْيُ فِي {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ} [النساء: 43] إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ كَيْفَ يُقَالُ إنَّ السَّكْرَانَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ التَّكْلِيفُ مِنْهُ مَعَ أَنَّهُ خُوطِبَ بِالنَّهْيِ فِي الْآيَةِ. فَأَجَابَ عَنْهُ بِمَا ذَكَرَهُ الَّذِي حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُخَاطَبَ فِيهَا لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ بَلْ هُوَ مُكَلَّفٌ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: وَمَنْ أَطْلَقَ عَلَيْهِ التَّكْلِيفَ إلَخْ) يُشِيرُ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي الْحَقِيقَةِ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ فِي كَوْنِهِ غَيْرَ مُكَلَّفٍ، لَكِنَّ هَذَا لَا يُنَاسِبُ تَعْبِيرَهُ بِالْأَصَحِّ فِيمَا مَرَّ الصَّرِيحَ فِي ثُبُوتِ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ لَقَّنَهُ أَعْجَمِيٌّ إلَخْ) وَكَأَنْ

الْإِكْرَاهَ يَجْعَلُ الصَّرِيحَ كِنَايَةً. (وَبِكِنَايَةٍ) وَهِيَ مَا احْتَمَلَ الطَّلَاقَ وَغَيْرَهُ وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِهَا أَظْهَرَ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ (بِنِيَّةٍ) لِإِيقَاعِهِ وَمَعَ قَصْدِ حُرُوفِهِ أَيْضًا، فَلَوْ لَمْ يَنْوِ لَمْ يَقَعْ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ اقْتَرَنَ بِهَا قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ كَأَنْتِ بَائِنٌ بَيْنُونَةً مُحَرِّمَةً لَا تَحِلِّينَ لِي أَبَدًا أَوْ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ كَلَسْت بِزَوْجَتِي مَا لَمْ يَقَعْ جَوَابُ دَعْوَى فَإِقْرَارٌ، وَفَارَقَ ضَمَّ " صَدَقَةٍ لَا تُبَاعُ " لِ " تَصَدَّقْت " حَيْثُ كَانَ صَرِيحًا فِي الْوَقْفِ بِأَنَّ صَرَائِحَهُ غَيْرُ مُنْحَصِرَةٍ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ، بَائِنٌ بَيْنُونَةً إلَى آخِرِهِ يَأْتِي فِي غَيْرِ الطَّلَاقِ كَالْفَسْخِ، بِخِلَافِ لَا تُبَاعُ لَا يَأْتِي فِي غَيْرِ الْوَقْفِ، وَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَأَقَرَّهُ جَمْعٌ مِنْ عَدَمِ نُفُوذِ طَلَاقِ السَّكْرَانِ بِالْكِنَايَةِ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى النِّيَّةِ وَهِيَ مُسْتَحِيلَةٌ مِنْهُ فَمَحَلُّ نُفُوذِ تَصَرُّفِهِ السَّابِقِ إنَّمَا هُوَ بِالصَّرَائِحِ فَقَطْ مِرْوَدٌ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ بِأَنَّ الصَّرِيحَ يُعْتَبَرُ فِيهِ قَصْدُ لَفْظٍ بِمَعْنَاهُ كَمَا تَقَرَّرَ وَالسَّكْرَانُ يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَيْضًا، فَكَمَا أَوْقَعُوهُ بِهِ وَلَمْ يَنْظُرُوا لِذَلِكَ فَكَذَلِكَ هِيَ وَكَوْنُهَا يُشْتَرَطُ فِيهَا قَصْدَانِ وَهُوَ قَصْدٌ وَاحِدٌ لَا يُؤَثِّرُ، لِأَنَّ الْمَلْحَظَ أَنَّ التَّغْلِيظَ عَلَيْهِ اقْتَضَى الْوُقُوعَ عَلَيْهِ بِالصَّرِيحِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَهَذَا بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ فِيهَا، وَشَرْطُ وُقُوعِهِ بِصَرِيحٍ أَوْ كِنَايَةٍ رَفْعُ صَوْتِهِ بِحَيْثُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ لَوْ كَانَ صَحِيحَ السَّمْعِ وَلَا عَارِضٍ وَلَا يَقَعُ بِغَيْرِ لَفْظٍ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ. (فَصَرِيحُهُ الطَّلَاقُ) ـــــــــــــــــــــــــــــSيَصِحُّ طَلَاقُهُ وَلَوْ سَكْرَانَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) أَيْ الطَّلَاقُ (قَوْلُهُ: كَلَسْت بِزَوْجَتِي) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَلَسْت بِزَوْجَتِي، أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا مَا أَنْتِ لِي بِزَوْجَةٍ أَوْ مَا تَكُونِينَ لِي بِزَوْجَةٍ، أَوْ إنْ شَكَانِي أَخِي لَسْت لِي بِزَوْجَةٍ أَوْ فَمَا تَصْلُحِينَ لِي زَوْجَةً، أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا مَا عَادَ زَوْجُ بِنْتِي يَكُونُ زَوْجًا لَهَا أَوْ مَا عُدْت تَكُونِينَ لِي بِزَوْجَةٍ، فَإِنْ نَوَى فِي ذَلِكَ كُلِّهِ الطَّلَاقَ وَقَعَ عِنْدَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا اهـ حَجّ بِالْمَعْنَى. وَقَوْلُ حَجّ أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا مَا عَادَ إلَخْ اُنْظُرْ وَجْهَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَلَعَلَّهُ أَنَّ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ يَنْوِي بِمَا ذَكَرَ الْحَلِفَ أَنَّهُ لَا يُبْقِي بِنْتَه مَعَ زَوْجِهَا بَلْ يَكُونُ سَبَبًا فِي طَلَاقِهَا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَقَعْ جَوَابُ دَعْوَى) هَلْ شَرْطُهَا كَوْنُهَا عِنْدَ حَاكِمٍ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ حَتَّى لَوْ ادَّعَتْ عَلَيْهِ امْرَأَةٌ بِأَنَّهُ زَوْجُهَا لِتَطْلُبَ نَفَقَتَهَا مَثَلًا عِنْدَ غَيْرِ حَاكِمٍ فَقَالَ لَسْت زَوْجَتِي كَانَ إقْرَارًا بِالطَّلَاقِ فَيُؤَاخَذُ بِهِ عِنْدَ الْقَاضِي اهـ (قَوْلُهُ: فَإِقْرَارٌ) وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ ظَاهِرًا. أَمَّا بَاطِنًا فَإِنْ كَانَ صَادِقًا حُرِّمَتْ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا مَا لَمْ يَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ) أَيْ أَنْتِ بَائِنٌ بَيْنُونَةً (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ) أَيْ ضَمَّ صَدَقَةٍ إلَخْ، وَقَوْلُهُ بِأَنَّ صَرَائِحَهُ: أَيْ الْوَقْفَ (قَوْلُهُ بَائِنٌ بَيْنُونَةً) هَذِهِ الْعِلَّةُ لَا تَأَتَّى فِي بَقِيَّةِ صِيَغِ الْكِنَايَةِ (قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ هِيَ) أَيْ الْكِنَايَةُ فَيَقَعُ بِهَا مِنْ غَيْرِ قَصْدِ اللَّفْظِ لِمَعْنَاهُ، وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ بِأَنْ يُخْبِرَ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ نَوَى سَوَاءٌ أَخْبَرَ فِي حَالِ السُّكْرِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقَوْلُهُ يُشْتَرَطُ فِيهَا: أَيْ الْكِنَايَةُ، وَقَوْلُهُ وَهُوَ: أَيْ الصَّرِيحُ، وَقَوْلُهُ مَوْجُودٌ فِيهَا: أَيْ الْكِنَايَةَ (قَوْلُهُ: وَلَا يَقَعُ بِغَيْرِ لَفْظٍ) أَيْ وَلَا بِصَوْتٍ خَفِيٍّ بِحَيْثُ لَا يُسْمِعُ بِهِ نَفْسَهُ (قَوْلُهُ: عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ) أَشَارَ بِهِ إلَى خِلَافِ سَيِّدِنَا مَالِكٍ فَإِنَّهُ قَالَ يَقَعُ بِنِيَّتِهِ اهـ حَجّ بِالْمَعْنَى. وَقَوْلُ حَجّ بِنِيَّتِهِ: أَيْ بِأَنْ يُضْمِرَ فِي نَفْسِهِ مَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ طَلَّقْتُك، أَمَّا مَا يَخْطُرُ لِلنَّفْسِ عِنْدَ الْمُشَاجَرَةِ أَوْ التَّضَجُّرِ مِنْهَا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْعَزْمِ عَلَى أَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQصَرَفَهُ الْعَارِفُ بِمَدْلُولِهِ عَنْ مَعْنَاهُ، وَاسْتَعْمَلَهُ فِي مَوْضُوعٍ آخَرَ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِهَا أَظْهَرَ) أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ الظُّهُورِ فِي كِلَا الْمَعْنَيَيْنِ، بِخِلَافِ الصَّرِيحِ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ لَيْسَ إلَّا الطَّلَاقَ، وَإِنْ احْتَمَلَ غَيْرَهُ فَهُوَ ضَعِيفٌ كَلَفْظِ الطَّلَاقِ إذَا خُوطِبَتْ بِهِ الزَّوْجَةُ فَإِنَّ الظَّاهِرَ مِنْهُ الْفِرَاقُ، وَإِنْ احْتَمَلَ مَعَهُ الطَّلَاقَ مِنْ الْوَثَاقِ فَهُوَ ضَعِيفٌ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَقَعْ جَوَابُ دَعْوَى فَإِقْرَارٍ) رُبَّمَا يَأْتِي لَهُ فِي الدَّعَاوَى وَالْبَيِّنَاتِ مَا يُخَالِفُ هَذَا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: مَرْدُودٌ إلَخْ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ أُجْبِرَ بِأَنَّهُ نَوَى إمَّا فِي حَالِ سُكْرِهِ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا هُوَ شَأْنُ الْحُكْمِ

أَيْ مَا اُشْتُقَّ مِنْهُ إجْمَاعًا (وَكَذَا) الْخُلْعُ وَالْمُفَادَاةُ وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُمَا عَلَى مَا مَرَّ فِي الْبَابِ السَّابِقِ وَكَذَا (الْفِرَاقُ وَالسَّرَاحُ) بِفَتْحِ السِّينِ: أَيْ مَا اُشْتُقَّ مِنْهُمَا (عَلَى الْمَشْهُورِ) لِاشْتِهَارِهِمَا فِي مَعْنَى الطَّلَاقِ وَوُرُودِهِمَا فِي الْقُرْآنِ مَعَ تَكَرُّرِ الْفِرَاقِ فِيهِ وَإِلْحَاقُ مَا لَمْ يَتَكَرَّرْ مِنْهَا بِمَا تَكَرَّرَ وَمَا لَمْ يَرِدْ مِنْ الْمُشْتَقَّاتِ بِمَا وَرَدَ لِأَنَّهُ بِمَعْنَاهُ. وَالثَّانِي أَنَّهُمَا كِنَايَتَانِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَشْتَهِرَا اشْتِهَارَ الطَّلَاقِ وَيُسْتَعْمَلَانِ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ وَمَا فِي الِاسْتِذْكَارِ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ هَذَيْنِ فِيمَنْ عَرَفَ صَرَاحَتَهُمَا، أَمَّا مَنْ لَمْ يَعْرِفْ إلَّا الطَّلَاقَ فَهُوَ الصَّرِيحُ فِي حَقِّهِ فَقَطْ، وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ إنَّهُ ظَاهِرٌ لَا يَتَّجِهُ غَيْرُهُ إذَا عَلِمَ أَنَّ ذَاكَ مِمَّا يَخْفَى عَلَيْهِ وَاضِحٌ فِي نَحْوِ أَعْجَمِيٍّ لَا يَدْرِي مَدْلُولَ ذَلِكَ وَلَا يُخَالِطُ أَهْلَهُ مُدَّةً يُظَنُّ بِهَا كَذِبُهُ، وَإِلَّا فَجَهْلُهُ بِالصَّرَاحَةِ لَا يُؤَثِّرُ فِيهَا لِمَا يَأْتِي أَنَّ الْجَهْلَ بِالْحُكْمِ لَا يُؤَثِّرُ وَإِنْ عُذِرَ بِهِ، وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْكَفَّارَةِ بِالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةُ عِنْدَهُمْ لَا عِنْدَنَا، لِأَنَّا نَعْتَبِرُ اعْتِقَادَهُمْ فِي عُقُودِهِمْ فَكَذَا فِي طَلَاقِهِمْ، وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَتَرَافَعُوا إلَيْنَا كَمَا مَرَّ، وَلِلَفْظِ الطَّلَاقِ وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُ أَمْثِلَةٌ يَأْتِي نَظَائِرُهَا فِي الْبَقِيَّةِ (كَ طَلَّقْتُك) وَطَلُقْت مِنْهُ بَعْدَ أَنَّ قِيلَ لَهُ طَلِّقْهَا وَمِنْهَا بَعْدَ طَلِّقِي نَفْسَك (وَأَنْتِ طَوَالِقُ) لَكِنَّهُ صَرِيحٌ فِي طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ وَأَنْتِ (طَالِقٌ) وَإِنْ قَالَ ثَلَاثًا عَلَى سَائِرِ الْمَذَاهِبِ فَيَقَعْنَ وِفَاقًا لِابْنِ الصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِ وَخِلَافًا لِلْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ، وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ يَقَعُ عَلَى سَائِرِ الْمَذَاهِبِ لِأَنَّ مِنْهَا مَنْ يَمْنَعُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ جُمْلَةً لِأَنَّ قَائِلِيهِ يُرِيدُونَ بِهِ سِوَى الْمُبَالَغَةِ فِي الْإِيقَاعِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَصَدَ أَحَدٌ التَّعْلِيقَ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا بُدَّ مِنْ تَطْلِيقِهِ لَهَا فَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ أَصْلًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْخُلْعُ) وَلَوْ قَالَ خَالَعْتكِ عَلَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَوُجِدَتْ شُرُوطُ الْخُلْعِ الَّذِي يَكُونُ بِهَا فَسْخًا عِنْدَهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ قَرِينَةً صَارِفَةً لِصَرَاحَةِ الْخُلْعِ فِي الطَّلَاقِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ اهـ حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ عَلَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ: أَيْ مِنْ غَيْرِ تَقْلِيدٍ صَحِيحٍ لِأَحْمَدَ، وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ سم لِصَرَاحَةِ الْخُلْعِ لَا يَكُونُ صَارِفًا عَنْ كَوْنِهِ كِنَايَةً فِي الطَّلَاقِ حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْ مَعَهُ الْمَالَ وَلَا نَوَى (قَوْلُهُ: وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُمَا) هَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ مَصْدَرَ الْخُلْعِ وَالْمُفَادَاةِ صَرِيحٌ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا بِالْهَامِشِ فِي بَابِ الْخُلْعِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْمُفَادَاةُ كَخُلْعٍ إلَى آخِرِ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: وَإِلْحَاقُ مَا لَمْ يَتَكَرَّرْ) لَمْ يَذْكُرْ وَجْهَ الْإِلْحَاقِ (قَوْلُهُ: وَاضِحٌ) خَبَرٌ عَنْ كُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ وَمَا فِي الِاسْتِذْكَارِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يُخَالِطُ أَهْلَهُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي حَقِّهِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَجَهْلُهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ بَاطِنًا وَلَوْ قِيلَ بِعَدَمِ الْمُؤَاخَذَةِ بِهِ بَاطِنًا لَمْ يَبْعُدْ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ وُقُوعَ الطَّلَاقِ أَصْلًا فَكَانَ كَالْأَعْجَمِيِّ الَّذِي لَا يَعْرِفُ لَهُ مَعْنًى (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَتَرَافَعُوا إلَيْنَا) أَيْ إلَى حَاكِمِنَا، وَأَمَّا الْمُفْتِي فَيُجِيبُ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُ صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَطَلُقَتْ مِنْهُ) أَيْ الصَّرِيحِ مِنْ الزَّوْجِ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ أَنْ قِيلَ: أَيْ حَيْثُ عُدَّ ذَلِكَ مُتَرَتِّبًا عَلَى السُّؤَالِ عُرْفًا (قَوْلُهُ: طَلِّقْهَا) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ طَلَبٌ لَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ طَلَّقْت بِغَيْرِ ذِكْرِ مَفْعُولٍ صَرِيحًا وَهَلْ يَكُونُ كِنَايَةً أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ أَنَّهُ لَا صَرِيحٌ وَلَا كِنَايَةٌ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ سَبَقَ مُشَاجَرَةٌ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ. [فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بِيَدِك طَلِّقِينِي فَقَالَتْ لَهُ أَنْتِ طَالِقٌ هَلْ هُوَ صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ؟ وَأَجَبْنَا عَنْهُ بِأَنَّهُ لَا صَرِيحٌ وَلَا كِنَايَةٌ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ بِيَدِهِ فَلَا تَمْلِكُهَا هِيَ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: صَرِيحٌ فِي طَلْقَةٍ) أَيْ فَإِنْ نَوَى أَكْثَرَ مِنْهَا وَقَعَ مَا نَوَاهُ (قَوْلُهُ لَوْ قَصَدَ أَحَدٌ التَّعْلِيقَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى سَائِرِ الْمَذَاهِبِ الْمُعْتَدِّ بِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْوُقُوعِ بِالْكِنَايَاتِ. وَحِينَئِذٍ فَإِنَّمَا أَوْقَعْنَا عَلَيْهِ الطَّلَاقَ بِإِقْرَارِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ مَا اُشْتُقَّ مِنْهُ) أَيْ أَوْ نَفْسُهُ فِي نَحْوِ أَوْقَعْتُ عَلَيْك الطَّلَاقَ أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: مِنْهُ بَعْدَ أَنْ قِيلَ لَهُ طَلِّقْهَا) الضَّمِيرَانِ لِلزَّوْجِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ خِلَافًا لِمَا

عَلَيْهَا قُبِلَ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي (وَمُطَلَّقَةٍ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ وَمُفَارَقَةٍ وَمُسَرَّحَةٍ (وَيَا طَالِقُ) لِمَنْ لَيْسَ اسْمُهَا ذَلِكَ لِمَا سَيَذْكُرُهُ وَيَا مُسَرَّحَةُ وَيَا مُفَارَقَةُ وَأَوْقَعْت عَلَيْك طَلْقَةً أَوْ الطَّلَاقَ فِيمَا يَظْهَرُ وَعَلَيَّ الطَّلَاقُ خِلَافًا لِجَمْعٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَكَذَا الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي إذَا خَلَا عَنْ التَّعْلِيقِ كَمَا رَجَعَ إلَيْهِ آخِرًا فِي فَتَاوِيهِ أَوْ طَلَاقُك لَازِمٌ لِي أَوْ وَاجِبٌ عَلَيَّ لَا أَفْعَلُ كَذَا لَا فَرْضَ عَلَيَّ عَلَى الْأَرْجَحِ وَلَا وَالطَّلَاقِ مَا أَفْعَلُ أَوْ مَا فَعَلْت كَذَا فَهُوَ لَغْوٌ حَيْثُ لَا نِيَّةَ، وَلَا جَمَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى أَنَّهَا مِمَّنْ يَقَعُ عَلَيْهَا الثَّلَاثُ حَالَةَ التَّلَفُّظِ بِهَا كَمَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ فِي أَوَّلِ فَصْلٍ فَإِنَّ طَلَّقْتُك أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: قُبِلَ مِنْهُ) أَيْ فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ أَصْلًا حَيْثُ كَانَ مِنْ الْمَذَاهِبِ مَنْ لَا يَقُولُ بِوُقُوعِهِ لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَيْهِ إنْ اتَّفَقَتْ الْمَذَاهِبُ عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ ثَلَاثًا عَلَيْك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا. [مَسْأَلَةٌ] : فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ: رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَاحِدَةً ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا فَلَقِيَهُ شَخْصٌ فَقَالَ مَا فَعَلْت بِزَوْجَتِك قَالَ طَلَّقْتهَا سَبْعِينَ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الثَّلَاثُ أَوْ لَا؟ الْجَوَابُ نَعَمْ يَقَعُ عَلَيْهِ الثَّلَاثُ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ. [مَسْأَلَةٌ] : قَالَ رَجُلٌ لِزَوْجَتِهِ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي ثَلَاثًا إنْ آذَيْتِنِي يَكُونُ سَبَبُ الْفِرَاقِ بَيْنِي وَبَيْنِك فَاخْتَلَسَتْ لَهُ نِصْفَ فِضَّةٍ فَمَا يَقَعُ عَلَيْهِ؟ الْجَوَابُ يُطَلِّقُهَا حِينَئِذٍ طَلْقَةً فَيَبْرَأُ مِنْ حَلِفِهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَقَعَ عَلَيْهِ الثَّلَاثُ. [مَسْأَلَةٌ] : حَلَفَ شَاهِدٌ بِالطَّلَاقِ لَا يَكْتُبُ مَعَ فُلَانٍ فِي وَرَقَةٍ رَسْمَ شَهَادَةٍ فَكَتَبَ الْحَالِفُ أَوَّلًا ثُمَّ كَتَبَ الْآخَرُ. الْجَوَابُ إنْ لَمْ تَكُنْ أَصْلُ الْوَرَقَةِ مَكْتُوبَةً بِخَطِّ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَلَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ تَوَاطُؤٌ وَلَا عَلِمَ أَنَّهُ يَكْتُبُ فِيهَا لَمْ يَحْنَثْ وَإِلَّا حَنِثَ. [مَسْأَلَةٌ] : فِيمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ تَكُونِي طَالِقًا هَلْ تَطْلُقُ أَمْ لَا لِاحْتِمَالِ هَذَا اللَّفْظِ الْحَالَ وَالِاسْتِقْبَالَ وَهَلْ هُوَ صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ، وَإِذَا قُلْتُمْ بِعَدَمِ وُقُوعِهِ فِي الْحَالِ فَمَتَى يَقَعُ أَبِمُضِيِّ لَحْظَةٍ أَمْ لَا يَقَعُ أَصْلًا لِأَنَّ الْوَقْتَ مِنْهُمْ؟ الْجَوَابُ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ كِنَايَةٌ، فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ وُقُوعَ الطَّلَاقِ فِي الْحَالِ طَلُقَتْ أَوْ التَّعْلِيقَ احْتَاجَ إلَى ذِكْرِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَهُوَ وَعْدٌ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَمَا ذَكَرَهُ فِي مَسْأَلَةِ قَالَ رَجُلٌ إلَخْ وَقَعَ عَلَيْهِ الثَّلَاثُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ حَيْثُ مَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الطَّلَاقُ وَلَمْ يُطَلِّقْ وَقَعَ حَالًا. وَقَدْ يُقَالُ إنَّ كَوْنَهُ سَبَبًا لَا يَسْتَلْزِمُ الْفَوْرِيَّةَ وَمَا ذَكَرَهُ فِي مَسْأَلَةِ الشَّاهِدِ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا أَرَادَ أَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ خَطِّي وَخَطُّهُ فِي وَرَقَةٍ وَإِلَّا يُرَدُّ ذَلِكَ لَمْ يَحْنَثْ إذَا تَأَخَّرَتْ كِتَابَةُ الْحَالِفِ عَنْ كِتَابَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ عَلَى مَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ فِي فَصْلٍ قَالَ طَلَّقْتُك أَوْ أَنْتِ إلَخْ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ) أَيْ الْمَفْتُوحَةِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيَّ الطَّلَاقُ) أَيْ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ، وَفِي سم: أَيْ إنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ: أَيْ عَلَى قَوْلِهِ عَلَيَّ الطَّلَاقُ وَقَعَ فِي الْحَالِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ قَيَّدَهُ هَلْ وَلَوْ نِيَّةً كَأَنْ أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى شَيْءٍ، فَلَمَّا قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ بَدَا لَهُ وَانْثَنَى عَنْ الْحَلِفِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ اُعْتُبِرَ وُجُودُ الصِّفَةِ، فَلَوْ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَا أَفْعَلُ كَذَا لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِالْفِعْلِ أَوْ لَأَفْعَلَنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِالتَّرْكِ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. وَسَنَذْكُرُ فِي فَصْلِ قَالَ طَلَّقْتُك بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ طَالِقٌ مَا يُفِيدُ عَدَمَ الْوُقُوعِ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: إذَا خَلَا عَنْ التَّعْلِيقِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إنْ اشْتَمَلَ عَلَى التَّعْلِيقِ كَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ فَالطَّلَاقُ لَازِمٌ لِي لَا يَكُونُ صَرِيحًا وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ يَمِينٌ وَالْأَيْمَانُ لَا تُعَلَّقُ (قَوْلُهُ: كَمَا رَجَعَ إلَيْهِ) أَيْ الْوَالِدُ (قَوْلُهُ: لَا أَفْعَلُ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَعَلَيَّ الطَّلَاقُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا فَرْضَ عَلَيَّ) أَيْ فَلَا يَكُونُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: إذَا خَلَا عَنْ التَّعْلِيقِ) لَيْسَ هَذَا فِي فَتَاوَى وَالِدِهِ، وَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ بِهِ حَالًا إذَا لَمْ يُعَلِّقْهُ بِشَيْءٍ، فَإِنْ عَلَّقَهُ: أَيْ حَلَفَ بِهِ عَلَى شَيْءٍ كَأَنْ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ أَوْ قَالَ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ

بَيْنَ أَلْفَاظِ الصَّرِيحِ الثَّلَاثَةِ بِنِيَّةِ التَّأْكِيدِ لَمْ يَتَكَرَّرْ. وَكَذَا فِي الْكِنَايَةِ كَمَا رَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَمَا فِي الرَّوْضَةِ عَنْ شُرَيْحٍ مِنْ خِلَافِهِ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا نَوَى الِاسْتِئْنَافَ أَوْ أَطْلَقَ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ مُطَلِّقَةٌ بِكَسْرِ اللَّامِ مِنْ طَلَّقَ بِالتَّشْدِيدِ كَانَ كِنَايَةَ طَلَاقٍ فِي حَقِّ النَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ الزَّوْجَ مَحَلُّ التَّطْلِيقِ وَقَدْ أَضَافَهُ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ فَلَا بُدَّ فِي وُقُوعِهِ مِنْ صَرْفِهِ بِالنِّيَّةِ إلَى مَحَلِّهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ أَنَا مِنْك طَالِقٌ (لَا أَنْتِ طَلَاقٌ) (وَ) أَنْتِ (الطَّلَاقُ فِي الْأَصَحِّ) بَلْ هُمَا كِنَايَتَانِ كَإِنْ فَعَلْتِ كَذَا فَفِيهِ طَلَاقُك، أَوْ فَهُوَ طَلَاقُك كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْعَيْنِ إلَّا تَوَسُّعًا وَالثَّانِي أَنَّهُمَا صَرِيحَانِ كَقَوْلِهِ يَا طَالِ أَوْ أَنْتِ طَالِ تَرْخِيمُ طَالِقٍ شُذُوذًا مِنْ وُجُوهٍ وَاعْتِمَادُ صَرَاحَتِهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ يَصْلُحُ تَرْخِيمًا لِطَالِبٍ وَطَالِعٍ وَلَا يُخَصِّصُ إلَّا النِّيَّةَ وَكَذَا أَنْتِ طَلْقَةٌ أَوْ نِصْفُ طَلْقَةٍ أَوْ أَنْتِ وَطَلْقَةٌ أَوْ مَعَ طَلْقَةٍ أَوْ فِيهَا وَلَك طَلْقَةٌ أَوْ الطَّلَاقُ. وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْخَطَأَ فِي الصِّيغَةِ إذَا لَمْ يُخِلَّ بِالْمَعْنَى لَا يَضُرُّ كَهُوَ بِالْإِعْرَابِ، وَمِنْهُ مَا لَوْ خَاطَبَ زَوْجَتَهُ بِقَوْلِهِ أَنْتُمْ أَوْ أَنْتُمَا طَالِقٌ وَأَنْ تَقُولَ لَهُ طَلِّقْنِي فَيَقُولُ هِيَ مُطَلَّقَةٌ فَلَا تُقْبَلُ إرَادَةُ غَيْرِهَا لِأَنَّ تَقَدُّمَ سُؤَالِهَا يَصْرِفُ اللَّفْظَ إلَيْهَا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهَا ذِكْرٌ رَجَعَ لِنِيَّتِهِ فِي نَحْوِ أَنْتِ طَالِقٌ وَهِيَ غَائِبَةٌ وَهِيَ طَالِقٌ وَهِيَ حَاضِرَةٌ، وَقَوْلُ الْبَغَوِيّ: لَوْ قَالَ مَا كِدْت أَنْ أُطَلِّقَك كَانَ إقْرَارًا بِالطَّلَاقِ نَظَرَ فِيهِ الْغَزِّيِّ بِأَنَّ النَّفْيَ الدَّاخِلَ عَلَى كَادَ لَا يُثْبِتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ، إلَّا أَنْ يُقَالَ وَآخَذْنَاهُ لِلْعُرْفِ. قَالَ الْأُشْمُونِيُّ: الْمَعْنَى مَا قَارَبْت أَنْ أُطَلِّقَك، وَإِذَا لَمْ يُقَارِبْ طَلَاقَهَا كَيْفَ يَكُونُ مُقِرًّا بِهِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالطَّلَاقِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ إنَّ نَفْيَهَا إثْبَاتٌ وَهُوَ بَاطِلٌ اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّ أَفْعَالَ الْمُقَارَبَةِ وُضِعَتْ لِدُنُوِّ الْخَبَرِ مَحْصُولًا، فَإِذَا حَصَلَ عَلَيْهِ النَّفْيُ قِيلَ مَعْنَاهُ الْإِثْبَاتُ مُطْلَقًا وَقِيلَ مَاضِيًا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ كَسَائِرِ الْأَفْعَالِ، وَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ {وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} [البقرة: 71] قَوْلَهُ فَذَبَحُوهَا لِاخْتِلَافِ وَقْتَيْهِمَا إذْ الْمَعْنَى أَنَّهُمْ مَا كَادُوا أَنْ يَفْعَلُوا حَتَّى انْتَهَتْ مُوَالَاتُهُمْ وَانْقَطَعَتْ تَعَلُّلَاتُهُمْ فَفَعَلُوا كَالْمُضْطَرِّ الْمُلْجَإِ إلَى الْفِعْلِ. (وَتَرْجَمَةُ الطَّلَاقِ) وَلَوْ مِمَّنْ أَحْسَنَ الْعَرَبِيَّةَ (بِالْعَجَمِيَّةِ) وَهِيَ مَا سِوَى الْعَرَبِيَّةِ (صَرِيحٌ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِشُهْرَةِ اسْتِعْمَالِهَا عِنْدَهُمْ فِي مَعْنَاهَا شُهْرَةَ الْعَرَبِيَّةِ عِنْدَ أَهْلِهَا. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ كِنَايَةٌ اقْتِصَارًا فِي الصَّرِيحِ عَلَى الْعَرَبِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــSصَرِيحًا وَلَكِنَّهُ كِنَايَةٌ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ قَالَ أَنَا مِنْك) وَهُوَ كِنَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي أَنَّهُمَا صَرِيحَانِ) أَيْ أَنْتِ طَلَاقٌ وَأَنْتِ الطَّلَاقُ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ نَحْوِ أَنْتِ طَوَالِقُ حَيْثُ لَمْ يَقَعْ بِهِ إلَّا وَاحِدَةٌ. [فَرْعٌ] قَالَ حَجّ: وَلَوْ قَالَ طَالِقٌ فَهَلْ هُوَ مِنْ تَرْجَمَةِ الطَّلَاقِ أَوْ كِنَايَةٌ أَوْ لَغْوٌ؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّرْجَمَةِ بِأَنَّ مُفَادَ كُلٍّ مِنْ الْمُتَرْجَمِ بِهِ وَعَنْهُ وَاحِدٌ، بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ مُفَادَ الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ الْحُرُوفُ الْمُنْتَظِمَةُ وَهِيَ الَّتِي بِهَا الْإِيقَاعُ فَاخْتَلَفَ الْمُفَادَانِ. فَإِنْ قُلْت: قَضِيَّةُ هَذَا تَرْجِيحُ الثَّالِثِ. قُلْت: لَوْ قِيلَ بِهِ لَمْ يَبْعُدْ لَكِنَّ ذَلِكَ اللَّفْظَ الْمُوقِعَ مَفْهُومٌ مِمَّا نَطَقَ بِهِ فَصَحَّ قَصْدُ الْإِيقَاعِ بِهِ اهـ (قَوْلُهُ بِقَوْلِهِ أَنْتُمْ إلَخْ) وَفِي الْأَنْوَارِ: لَوْ قَالَ نِسَائِي طَوَالِقُ وَأَرَادَ أَقَارِبَهُ لَمْ تَطْلُقْ زَوْجَاتُهُ وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى الْبَاطِنِ، أَمَّا فِي الظَّاهِرِ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ اهـ حَجّ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ إلَخْ يَنْبَغِي إلَّا مَعَ قَرِينَةٍ اهـ (قَوْلُهُ فَلَا تُقْبَلُ إرَادَةُ غَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ لَأَفْعَلَنَّ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ إلَّا بِوُجُودِ الصِّفَةِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ: فَصَارَ كَمَا قَالَ أَنَا مِنْك طَالِقٌ) قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ أَنَا مِنْك طَالِقٌ صَادِقٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُوقِعُ لِلطَّلَاقِ هُوَ أَوْ هِيَ بِخِلَافِ مُطَلَّقَةٍ لَا يَصْدُقُ إلَّا إذَا كَانَتْ هِيَ الْمُوقِعَةَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْعَيْنِ إلَّا تَوَسُّعًا) هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ إلَخْ) هَذَا رَتَّبَهُ الشِّهَابُ حَجّ عَلَى كَلَامٍ أَسْقَطَهُ الشَّارِحُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأُشْمُونِيُّ إلَخْ) كَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهُ عَقِبَ تَنْظِيرِ الْغَزِّيِّ إذْ هُوَ مُؤَيِّدٌ لَهُ.

لِوُرُودِهِ فِي الْقُرْآنِ وَتَكَرُّرِهِ عَلَى لِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرْعِ، أَمَّا تَرْجَمَةُ الْفِرَاقِ وَالسَّرَاحِ فَكِنَايَةٌ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْإِمَامِ وَالرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّاهُ لِبُعْدِهِمَا عَنْ الِاسْتِعْمَالِ، وَلَا يُنَافِي تَأْثِيرُ الشُّهْرَةِ هُنَا عَدَمَهَا فِي نَحْوِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ لِأَنَّ مَا هُنَا مَوْضُوعٌ لِلطَّلَاقِ بِخُصُوصِهِ بِخِلَافِ ذَاكَ وَإِنْ اُشْتُهِرَ فِيهِ، وَلَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا صَرْفُ هَذِهِ الصَّرَائِحِ عَنْ مَوْضُوعِهَا بِنِيَّتِهِ كَقَوْلِهِ أَرَدْت طَلَاقَهَا مِنْ وِثَاقٍ أَوْ مُفَارَقَتَهَا لِلْمَنْزِلِ أَوْ بِالسَّرَاحِ التَّوَجُّهَ إلَيْهَا أَوْ أَرَدْت غَيْرَهَا فَسَبَقَ لِسَانِي إلَيْهَا إلَّا بِقَرِينَةٍ كَحَلِّهَا مِنْ وِثَاقٍ فِي الْأَوَّلِ أَوْ فَارَقْتُك الْآنَ فِي الثَّانِي وَقَدْ وَدَّعَهَا عِنْدَ سَفَرِهِ أَوْ اسْرَحِي عَقِبَ أَمْرِهَا بِالتَّبْكِيرِ لِمَحَلِّ الزِّرَاعَةِ فِي الثَّالِثِ فِيمَا يَظْهَرُ فَيُقْبَلُ ظَاهِرًا، وَعَلَيَّ الطَّلَاقُ مِنْ فَرَسِي أَوْ ذِرَاعِي أَوْ جَوْزَةِ حَلْقِي أَوْ قَوْسِي أَوْ نَخْوَةِ رَأْسِي فَكَالِاسْتِثْنَاءِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا يَقَعُ بِهَا شَيْءٌ إنْ نَوَى ذَلِكَ قَبْلَ تَمَامِ اللَّفْظِ وَعَزَمَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِقَوْلِهِ مِنْ جَوْزَتِي وَنَحْوِ ذَلِكَ قَبْلَ تَمَامِ لَفْظِ الطَّلَاقِ، وَإِلَّا فَهِيَ صَرِيحَةٌ فَيَقَعُ عَلَيْهِ قَبْلَ إتْيَانِهِ بِنَحْوِ مِنْ جَوْزَتِي وَالْعَامِّيُّ وَالْعَالِمُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ. (وَأَطْلَقْتُك وَأَنْتِ مُطْلَقَةٌ) بِسُكُونِ الطَّاءِ (كِنَايَةٌ) لِعَدَمِ اشْتِهَارِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالزَّوْجَةِ، وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ يُدَيَّنُ بَلْ قَوْلُهُ لِأَنَّ تَقَدُّمَ سُؤَالِهَا إلَخْ ظَاهِرٌ فِيهِ فَإِنَّ الصَّرْفَ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَقَوْلُهُ نَظَرَ فِيهِ الْغَزِّيِّ إلَخْ مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ إنَّ نَفْيَهَا: أَيْ كَادَ، (وَقَوْلُهُ وَلَوْ مِمَّنْ أَحْسَنَ الْعَرَبِيَّةَ) شَامِلٌ لِلْعَرَبِيِّ الَّذِي يُحْسِنُ غَيْرَ الْعَرَبِيَّةِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: عَنْ مَوْضُوعِهَا بِنِيَّتِهِ) أَيْ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيَّ الطَّلَاقُ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ إلَخْ. [فَرْعٌ] لَوْ قَالَ أَنْتَ دَالِقٌ بِالدَّالِ فَيُمْكِنُ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا فِي تَالِقٍ بِالتَّاءِ لِأَنَّ الدَّالَ وَالطَّاءَ أَيْضًا مُتَقَارِبَانِ فِي الْإِبْدَالِ، إلَّا أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَمْ يَشْتَهِرْ فِي الْأَلْسِنَةِ كَاشْتِهَارِ تَالِقٍ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ الْقَوْلُ بِالْوُقُوعِ مَعَ فَقْدِ النِّيَّةِ. [فَرْعٌ] وَلَوْ قَالَ أَنْتَ طَالِقٌ بِالْقَافِ الْمَعْقُودَةِ قَرِيبَةٍ مِنْ الْكَافِ كَمَا يَلْفِظُ بِهَا الْعَرَبُ فَلَا شَكَّ فِي الْوُقُوعِ، فَلَوْ أَبْدَلَهَا كَافًا صَرِيحَةً فَقَالَ طَالِكٌ فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ كَمَا لَوْ قَالَ تَالِقٌ بِالتَّاءِ إلَّا أَنَّهُ يَنْحَطُّ عَنْهُ بِعَدَمِ الشُّهْرَةِ عَلَى الْأَلْسِنَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَدَالِقٍ بِالدَّالِ إلَّا أَنَّهُ لَا مَعْنَى يَحْتَمِلُهُ وَالتَّاءُ وَالْقَافُ وَالْكَافُ كَثِيرٌ فِي اللُّغَةِ: أَيْ إبْدَالُ بَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ، وَقُرِئَ {وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ} [التكوير: 11] وَقُشِطَتْ. [فَرْعٌ] أَبْدَلَ الْحَرْفَيْنِ فَقَالَ تَالِكٌ بِالتَّاءِ وَالْكَافِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً إلَّا أَنَّهُ أَضْعَفُ مِنْ جَمِيعِ الْأَلْفَاظِ السَّابِقَةِ، ثُمَّ إنَّهُ لَا مَعْنَى لَهُ مُحْتَمَلٌ، وَلَوْ قَالَ دَالِكٌ بِالدَّالِ وَالْكَافِ فَهُوَ أَضْعَفُ مِنْ تَالِكٍ مَعَ أَنَّ لَهُ مَعَانِي مُحْتَمَلَةٌ مِنْهَا الْمُمَاطَلَةُ لِلْغَرِيمِ وَمِنْهَا الْمُسَاحَقَةُ، يُقَالُ تَدَالَكَتْ الْمَرْأَتَانِ: أَيْ تَسَاحَقَتَا فَيَكُونُ كِنَايَةَ قَذْفٍ بِالْمُسَاحَقَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ هُنَا أَلْفَاظًا بَعْضُهَا أَقْوَى مِنْ بَعْضٍ، فَأَقْوَاهَا تَالِقٌ ثُمَّ دَالِقٌ، وَفِي رُتْبَتِهَا طَالِكٌ ثُمَّ تَالِكٌ ثُمَّ دَالِكٌ وَهِيَ أَبْعَدُهَا، وَالظَّاهِرُ الْقَطْعُ بِأَنَّهَا لَا تَكُونُ كِنَايَةَ طَلَاقٍ أَصْلًا ثُمَّ رَأَيْت الْمَسْأَلَةَ مَنْقُولَةً فِي كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بِهِ فَرَاجِعْهُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَهِيَ كِنَايَةٌ) بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ ضَرَبَ عَلَى قَوْلِهِ فَهِيَ كِنَايَةٌ اهـ. وَوَجْهُهُ أَنَّ الْكِنَايَةَ تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةِ الطَّلَاقِ وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ قَوْلَهُ عَلَيَّ الطَّلَاقُ صَرِيحٌ وَلَكِنْ حَيْثُ نَوَى مَعَ الصِّيغَةِ أَنْ يَقُولَ مِنْ فَرَسِي أَوْ نَحْوِهَا انْصَرَفَ عَنْ إضَافَتِهِ لِلزَّوْجَةِ فَهُوَ صَرِيحٌ يَقْبَلُ الصَّرْفَ فَالْوُقُوعُ بِهِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةِ الطَّلَاقِ وَهُوَ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ (قَوْلُهُ: إنْ عَزَمَ) مُتَعَلِّقٌ بِكِنَايَةٍ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِ ذَلِكَ) وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَكَالِاسْتِثْنَاءِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَهُوَ كِنَايَةٌ إلَخْ) كَذَا فِي نُسَخٍ مِنْ الشَّارِحِ. قَالَ الشِّهَابُ: وَحَاصِلُهُ كَمَا لَا يَخْفَى أَنَّهُ إنْ قَصَدَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ صِيغَةِ الطَّلَاقِ كَانَتْ صِيغَةُ الطَّلَاقِ كِنَايَةً إنْ نَوَى بِهَا طَلَاقَ

(وَلَوْ اشْتَهَرَ لَفْظٌ لِلطَّلَاقِ كَالْحَلَالِ) بِالضَّمِّ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ أَنَّ الِاسْمَ الْمَحْكِيَّ فِي حَالَةِ الرَّفْعِ حَرَكَتُهُ حِكَايَةٌ لَا إعْرَابٌ فَيُقَدَّرُ الْإِعْرَابُ فِيهِ فِي الْحَالَاتِ الثَّلَاثِ، فَمَنْ قَالَ هُنَا بِالرَّفْعِ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ أَنَّهَا حَرَكَةُ إعْرَابٍ أَوْ أَنَّهُ نَظَرَ إلَى أَنَّ التَّقْدِيرَ هُنَا كَقَوْلِهِ الْحَلَالُ إلَى آخِرِهِ، فَالْكَافُ دَاخِلَةٌ عَلَى قَوْلٍ مَحْذُوفٍ كَمَا هُوَ شَائِعٌ سَائِغٌ (أَوْ حَلَالُ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ) أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ حَرَّمْتُك أَوْ عَلَيَّ الْحَرَامُ أَوْ الْحَرَامُ يَلْزَمُنِي (صَرِيحٌ فِي الْأَصَحِّ) لِغَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ وَحُصُولِ التَّفَاهُمِ (قُلْت: الْأَصَحُّ أَنَّهُ كِنَايَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِعَدَمِ تَكَرُّرِهِ فِي الْقُرْآنِ لِلطَّلَاقِ وَلَا عَلَى لِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرْعِ وَأَنْتِ حَرَامٌ كِنَايَةٌ اتِّفَاقًا عِنْدَ مَنْ لَمْ يَشْتَهِرْ عِنْدَهُمْ، وَالْأَوْجَهُ مُعَامَلَةُ الْحَالِفِ بِعُرْفِ بَلَدِهِ مَا لَمْ يَطُلْ مُقَامُهُ عِنْدَ غَيْرِهِمْ وَيَأْلَفْ عَادَتَهُمْ، وَالتَّلَاقُ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ كِنَايَةٌ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَنْ كَانَتْ لُغَتُهُ ذَلِكَ أَمْ لَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاشْتِهَارَ لَا يُلْحَقُ غَيْرُ الصَّرِيحِ بِهِ بَلْ كَانَ الْقِيَاسُ عَدَمَ الْوُقُوعِ وَلَوْ نَوَى لِاخْتِلَافِ مَادَّتِهِمَا، إذْ التَّلَاقُ مِنْ التَّلَاقِي وَالطَّلَاقُ الِافْتِرَاقُ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ حَرْفُ التَّاءِ قَرِيبًا مِنْ مَخْرَجِ الطَّاءِ وَيُبْدَلُ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ الْآخَرِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَلْفَاظِ اقْتَضَى مَا ذَكَرْنَاهُ. (وَكِنَايَتُهُ) أَيْ الطَّلَاقُ أَلْفَاظٌ كَثِيرَةٌ بَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ صِيغَةِ الطَّلَاقِ كَانَ كِنَايَةً إنْ نَوَى بِهَا طَلَاقَ زَوْجَتِهِ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ قَصْدَهُ هَذِهِ الزِّيَادَةَ أَخْرَجَهَا عَنْ الصَّرَاحَةِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهَا كَذَلِكَ فَالصِّيغَةُ عَلَى صَرَاحَتِهَا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: قُلْت الْأَصَحُّ أَنَّهُ كِنَايَةٌ) وَمِنْ الْكِنَايَةِ أَيْضًا مَا لَوْ زَادَ عَلَى قَوْلِهِ أَنْتِ حَرَامٌ أَلْفَاظًا تُؤَكِّدُ بُعْدَهُ عَنْهَا كَأَنْتِ حَرَامٌ كَالْخِنْزِيرِ أَوْ الْمَيْتَةِ وَغَيْرِهِمَا، وَمِنْ ذَلِكَ مَا اُشْتُهِرَ عَلَى أَلْسِنَةِ الْعَامَّةِ مِنْ قَوْلِهِمْ أَنْتِ حَرَامٌ كَمَا حُرِّمَ عَلَيَّ لَبَنُ أُمِّي أَوْ إنْ أَتَيْتُك أَتَيْتُك مِثْلَ أُمِّي وَأُخْتِي أَوْ مِثْلَ الزَّانِي فَلَا يَخْرُجُ بِهِ عَنْ كَوْنِهِ كِنَايَةً، وَقَدْ شَمِلَ ذَلِكَ كُلَّهُ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ، وَلَيْسَ مِنْ الْكِنَايَةِ فِيمَا يَظْهَرُ مَا لَوْ قَالَتْ لَهُ أَنَا ذَاهِبَةٌ إلَى بَيْتِ أَبِي مَثَلًا فَقَالَ لَهَا الْبَابُ مَفْتُوحٌ فَهُوَ لَغْوٌ (قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى لِسَانِ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى الْعَدَمِ مَلْحُوظًا فِيهِ جَانِبُ الْمَعْنَى، وَكَأَنَّهُ قَالَ وَعَدَمِ تَكَرُّرِهِ عَلَى لِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرْعِ (قَوْلُهُ وَيَأْلَفُ عَادَتَهُمْ) أَيْ فَيَعْتَبِرُ حَالَهُمْ فِيهِ (قَوْلُهُ: اقْتَضَى مَا ذَكَرْنَاهُ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ كِنَايَةٌ مُطْلَقًا ـــــــــــــــــــــــــــــQزَوْجَتِهِ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ هَذِهِ الزِّيَادَةَ أَخْرَجَهَا عَنْ الصَّرَاحَةِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهَا كَذَلِكَ فَالصِّيغَةُ عَلَى صَرَاحَتِهَا، لَكِنْ فِي نُسْخَةٍ أُخْرَى مَا نَصُّهُ: فَكَالِاسْتِثْنَاءِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا يَقَعُ بِهَا شَيْءٌ إنْ نَوَى ذَلِكَ قَبْلَ تَمَامِ اللَّفْظِ وَعَزَمَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِقَوْلِهِ مِنْ جَوْزَتِي وَنَحْوِ ذَلِكَ قَبْلَ تَمَامِ لَفْظِ الطَّلَاقِ وَإِلَّا وَقَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ إتْيَانِهِ بِنَحْوِ جَوْزَتِي وَالْعَامِّيُّ وَالْعَالِمُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ. اهـ. وَهَذِهِ النُّسْخَةُ هِيَ الَّتِي تُنَاسِبُ الْقِيَاسَ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ، لَكِنَّ الْأَوْلَى الَّتِي تُوَافِقُ مَا فِي فَتَاوَى وَالِدِهِ الَّتِي نُسِبَ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: أَنَّ الِاسْمَ الْمَحْكِيَّ إلَخْ) نَازَعَ فِي هَذَا الشِّهَابُ سم بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَتِمُّ إنْ كَانَ الْمَحْكِيُّ لَفْظَ الْحَلَالِ وَحْدَهُ، وَهُوَ لَيْسَ كَذَلِكَ إنَّمَا الْمَحْكِيُّ جُمْلَةُ الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامُ، وَحِينَئِذٍ فَحَرَكَةُ الْجُزْءِ الْأَوَّلِ بَاقِيَةٌ عَلَى إعْرَابِهَا وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: مَنْ كَانَتْ لُغَتُهُ ذَلِكَ أَمْ لَا) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِهِ لُغَتَهُ أَنَّهُ مِنْ بَلَدٍ مَثَلًا يَنْطِقُونَ بِذَلِكَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْبِنَاءُ الْآتِي، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ فِي لِسَانِهِ عَجْزًا خِلْقِيًّا عَنْ النُّطْقِ بِالطَّاءِ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ بَلْ هُوَ صَرِيحٌ فِي حَقِّهِ قَطْعًا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: إذْ التَّلَاقُ مِنْ التَّلَاقِي) رَدَّ هَذَا السُّيُوطِيّ فِي فَتَاوِيهِ كَمَا نَقَلَهُ عَنْ الشِّهَابِ سم حَيْثُ قَالَ: أَعْنِي السُّيُوطِيّ. وَأَمَّا مَنْ قَالَ تَالِقٌ مِنْ التَّلَاقِي وَهُوَ مَعْنًى غَيْرُ الطَّلَاقِ فَكَلَامُهُ أَشَدُّ سُقُوطًا مِنْ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِرَدِّهِ، فَإِنَّ التَّلَاقِي لَا يُبْنَى مِنْهُ وَصْفٌ عَلَى فَاعِلٍ. اهـ. أَيْ؛ لِأَنَّ الْوَصْفَ مِنْهُ مُتَلَاقٍ وَالْكَلَامُ فِيمَا إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ تَالِقٌ. أَمَّا إذَا قَالَ عَلَيَّ التَّلَاقُ مَثَلًا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَأْتِي بِمَعْنَى التَّلَاقِي

لَا تَنْحَصِرُ (كَأَنْتِ خَلِيَّةٌ) أَيْ مِنْ الزَّوْجِ فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى فَاعِلَةٌ (بَرِيَّةٌ) أَيْ مِنْهُ (بَتَّةٌ) أَيْ مَقْطُوعَةُ الْوُصْلَةِ إذْ الْبَتُّ الْقَطْعُ وَتَنْكِيرُ هَذَا لُغَةٌ، وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا مُعَرَّفًا بِأَلْ مَعَ قَطْعِ الْهَمْزَةِ (بَتْلَةٌ) أَيْ مَتْرُوكَةُ النِّكَاحِ وَمِنْهُ «نُهِيَ عَنْ التَّبَتُّلِ» وَمِثْلُهَا مَثْلَةٌ مِنْ مَثَلَ بِهِ جَدَعَهُ (بَائِنٌ) مِنْ الْبَيْنِ وَهُوَ الْفُرْقَةُ وَإِنْ زَادَ بَعْدَهُ بَيْنُونَةً لَا تَحِلِّينَ بَعْدَهَا لِي أَبَدًا كَمَا مَرَّ (اعْتَدِّي اسْتَبْرِئِي رَحِمَك) وَلَوْ لِغَيْرِ مَوْطُوءَةٍ طَلَّقْت نَفْسِي (الْحَقِي) بِكَسْرٍ ثُمَّ فَتْحٍ وَيَجُوزُ عَكْسُهُ (بِأَهْلِك) أَيْ لِأَنِّي طَلَّقْتُك (حَبْلُك عَلَى غَارِبِك) أَيْ خَلَّيْت سَبِيلَك كَمَا يُخَلَّى الْبَعِيرُ بِإِلْقَاءِ زِمَامِهِ فِي الصَّحْرَاءِ عَلَى غَارِبِهِ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الظَّهْرِ وَارْتَفَعَ مِنْ الْعُنُقِ (لَا أَنْدَهُ) أَيْ أَزْجُرُ (سَرْبَك) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ وَهُوَ الْإِبِلُ وَمَا يُرْعَى مِنْ الْمَالِ: أَيْ تَرَكْتُك لَا أَهْتَمُّ بِشَأْنِك. أَمَّا بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ فَهُوَ قَطِيعُ الظِّبَاءِ وَتَصِحُّ إرَادَتُهُ هُنَا أَيْضًا (اُعْزُبِي) بِمُهْمَلَةٍ فَمُعْجَمَةٍ: أَيْ تَبَاعَدِي عَنِّي (اُغْرُبِي) بِمُعْجَمَةٍ فَرَاءٍ أَيْ صِيرِي غَرِيبَةً أَجْنَبِيَّةً مِنِّي (دَعِينِي) أَيْ اُتْرُكِينِي (وَدِّعِينِي) بِتَشْدِيدِ الدَّالِ مِنْ الْوَدَاعِ أَيْ لِأَنِّي طَلَّقْتُك (وَنَحْوُهَا) مِنْ كُلِّ مَا يُشْعِرُ بِالْفُرْقَةِ إشْعَارًا قَرِيبًا كَ تَجَرَّدِي تَزَوَّدِي اُخْرُجِي سَافِرِي تَقَنَّعِي تَسَتَّرِي بَرِئْت مِنْك الْزَمِي أَهْلَك لَا حَاجَةَ لِي فِيك أَنْتِ وَشَأْنَك أَنْتِ وَلِيَّةُ نَفْسِك وَسَلَامٌ عَلَيْك وَكُلِي وَاشْرَبِي خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِمَا وَأَوْقَعْت الطَّلَاقَ فِي قَمِيصِك أَوْ بَارَكَ اللَّهُ لَك لَا فِيك، وَسَيَأْتِي أَنَّ أَشْرَكْتُك مَعَ فُلَانَةَ وَقَدْ طَلُقَتْ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَأَنَا مِنْك طَالِقٌ أَوْ بَائِنٌ كِنَايَةٌ وَخَرَجَ بِنَحْوِهَا نَحْوُ قُومِي أَغْنَاك اللَّهُ أَحْسَنَ اللَّهُ جَزَاك اعْزِلِي اُقْعُدِي، وَلَوْ قَالَتْ لَهُ أَنَا مُطَلَّقَةٌ فَقَالَ أَلْفَ مَرَّةٍ كَانَ كِنَايَةً فِي الطَّلَاقِ وَالْعَدَدِ فِيمَا يَظْهَرُ، فَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ وَحْدَهُ أَوْ الْعَدَدَ وَقَعَ مَا نَوَاهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا فِي أَنْتِ وَاحِدَةٌ أَوْ ثَلَاثٌ إنَّهُ كِنَايَةٌ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قِيلَ لَهُ هَلْ هِيَ طَالِقٌ فَقَالَ ثَلَاثًا كَمَا يَأْتِي قُبَيْلَ آخِرِ الْفَصْلِ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ طَالِقٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَتَنْكِيرُ هَذَا لُغَةٌ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ وَرَدَ عَنْ الْعَرَبِ كَذَلِكَ لَكِنَّهُ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ. وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: وَتَنْكِيرُ أَلْبَتَّةَ جَوَّزَهُ الْفَرَّاءُ اهـ. وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَمْ يُسْمَعْ وَإِنَّمَا أَجَازَهُ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِهِ مِنْ أَنَّ مَا وَرَدَ مِنْ اللُّغَةِ مُخَالِفًا لِلْقِيَاسِ يَجُوزُ النُّطْقُ فِيهِ بِمَا يُوَافِقُ الْقِيَاسَ وَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُنْطَقُ إلَّا بِمَا وَرَدَ (قَوْلُهُ: مَعَ قَطْعِ الْهَمْزَةِ) أَيْ غَيْرِ قِيَاسٍ (قَوْلُهُ: نُهِيَ عَنْ التَّبَتُّلِ) أَيْ التَّعَزُّبِ بِلَا مُقْتَضٍ لَهُ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ عَكْسُهُ) قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: قَالَ الْمُطَرِّزِيُّ: وَهَذَا خَطَأٌ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهَا) مِنْ النَّحْوِ اذْهَبِي يَا مُسَخَّمَةُ يَا مُلَطَّمَةُ وَمِنْهُ أَيْضًا مَا لَوْ حَلَفَ شَخْصٌ بِالطَّلَاقِ عَلَى شَيْءٍ فَقَالَ شَخْصٌ آخَرُ وَأَنَا مِنْ دَاخِلِ يَمِينِك فَيَكُونُ كِنَايَةً فِي حَقِّ الثَّانِي (قَوْلُهُ: لَا فِيك) أَيْ فَلَيْسَ كِنَايَةً فَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ إنْ نَوَاهُ (قَوْلُهُ: نَحْوُ قَوْمِي) أَيْ فَلَيْسَ كِنَايَةً إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ فِي أَنَّهُ كِنَايَةٌ (قَوْلُهُ: فَقَالَ ثَلَاثًا) . [فَرْعٌ] لَوْ طَلَّقَ رَجْعِيًّا ثُمَّ قَالَ جَعَلْتهَا ثَلَاثًا فَلَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ وَإِنْ نَوَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ ثَلَاثًا وَقَدْ فَصَلَ بَيْنَهُمَا بِأَكْثَرَ مِنْ سَكْتَةِ التَّنَفُّسِ وَالْعِيِّ لَغَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ أَنَّهُ مَتَى لَمْ يَفْصِلْ فِي ثَلَاثٍ مِمَّا مَرَّ أَثَّرَ مُطْلَقًا، وَمَتَى فَصَلَ بِذَلِكَ وَلَمْ تَنْقَطِعْ نِسْبَتُهُ عَنْهُ عُرْفًا كَانَ كَالْكِنَايَةِ، فَإِنْ نَوَى أَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ الْأَوَّلِ أَوْ بَيَانٍ لَهُ أَثَّرَ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ انْقَطَعَتْ نِسْبَتُهُ عَنْهُ عُرْفًا لَمْ يُؤَثِّرْ مُطْلَقًا كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا ابْتِدَاءً ثَلَاثًا اهـ حَجّ مَفْرِقًا. وَمِنْ ذَلِكَ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ وَهُوَ أَنَّ شَخْصًا قَالَ عَنْ زَوْجَتِهِ بِحُضُورِ شَاهِدٍ هِيَ طَالِقٌ فَقَالَ لَهُ الشَّاهِدُ لَا تَكْفِي طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ ثَلَاثًا ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ بِأَنَّهُ قَالَ أَرَدْت وُقُوعَ الثَّلَاثِ فَتَقَعْنَ لِأَنَّ قَوْلَهُ ثَلَاثًا حَيْثُ كَانَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَمْ تَنْقَطِعْ نِسْبَتُهُ عُرْفًا عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَجُوزُ عَكْسُهُ) نَقَلَ الزِّيَادِيُّ عَنْ الْمُطَرِّزِيُّ أَنَّهُ خَطَأٌ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَكُونُ خَطَأً إلَّا إنْ قُصِدَ بِهِ مَعْنَى الْأَوَّلِ. أَمَّا لَوْ قُدِّرَ لَهُ مَفْعُولٌ كَلَفْظِ نَفْسِك فَلَا خَفَاءَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ خَطَأً فَتَأَمَّلْ

حَيْثُ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ، وَإِنْ نَوَى أَنْتِ بِأَنَّهُ لَا قَرِينَةَ هُنَا لَفْظِيَّةً عَلَى تَقْدِيرِهَا، وَالطَّلَاقُ لَا يَكْفِي فِيهِ مَحْضُ النِّيَّةِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّ وُقُوعَ كَلَامِهِ جَوَابًا لِكَلَامِهَا يُؤَيِّدُ صِحَّةَ نِيَّتِهِ بِهِ مَا ذَكَرَ فَلَمْ تَتَمَحَّضْ النِّيَّةُ لِلْإِيقَاعِ وَكَطَالِقٍ مَا لَوْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا ثُمَّ قَالَ جَعَلْتهَا ثَلَاثًا فَلَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ وَإِنْ نَوَى عَلَى الْأَصَحِّ (وَالْإِعْتَاقُ) أَيْ كُلُّ لَفْظٍ لَهُ صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ (كِنَايَةُ طَلَاقٍ وَعَكْسُهُ) أَيْ كُلُّ لَفْظٍ لِلطَّلَاقِ صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ كِنَايَةٌ ثُمَّ لِدَلَالَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى إزَالَةِ مَا يَمْلِكُ، نَعَمْ أَنَا مِنْك حُرٌّ أَوْ أَعْتَقْت نَفْسِي لِعَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ وَاسْتَبْرِئِي رَحِمَك لِعَبْدٍ لَغْوٌ وَإِنْ نَوَى لِعَدَمِ تَصَوُّرِ مَعْنَاهَا فِيهِ بِخِلَافِ نَظَائِرِهَا هُنَا إذْ عَلَى الزَّوْجِ حَجْرٌ مِنْ جِهَتِهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الزَّوْجِيَّةَ تَشْمَلُهُمَا وَالرِّقَّ يَخْتَصُّ بِالْمَمْلُوكِ. وَبَحَثَ الخبستاني فِي نَحْوِ تَقَنُّعٍ وَتَسَتُّرٍ لِعَبْدٍ أَنَّهُ لَيْسَ بِكِنَايَةٍ لِبُعْدِ مُخَاطَبَتِهِ بِهِ عَادَةً، وَالْأَذْرَعِيُّ فِي نَحْوِ أَنْتِ لِلَّهِ وَيَا مَوْلَايَ عَدَمُ كَوْنِهِ كِنَايَةً هُنَا، وَفِي قَوْلِهِ بَانَتْ مِنِّي أَوْ حُرِّمْت عَلَيَّ كِنَايَةٌ فِي الْإِقْرَارِ بِهِ، وَقَوْلُهُ لِوَلِيِّهَا زَوِّجْهَا إقْرَارٌ بِالطَّلَاقِ وَلَهَا تَزَوَّجِي وَلَهُ زَوِّجْنِيهَا كِنَايَةٌ فِيهِ، وَلَوْ قِيلَ لَهُ يَا زَيْدُ فَقَالَ امْرَأَةُ زَيْدٍ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ زَوْجَتُهُ إلَّا إنْ أَرَادَهَا لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ، وَفِيهَا لَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ فِي السِّكَّةِ طَالِقٌ وَهِيَ فِيهَا أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ، وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِي إنْ غِبْت عَنْهَا سَنَةً فَمَا أَنَا لَهَا بِزَوْجٍ بِأَنَّهُ إقْرَارٌ بِزَوَالِ الزَّوْجِيَّةِ بَعْدَ غَيْبَةِ السَّنَةِ فَلَهَا بَعْدَ مُضِيِّهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSلَفْظِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ) أَيْ وَإِنْ كَرَّرَهُ مِرَارًا (قَوْلُهُ: عَلَى تَقْدِيرِهَا) قَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقِ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِقَوْلِهِ طَالِقٌ حَيْثُ لَمْ يَقَعْ جَوَابًا لِكَلَامٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ، فَلَوْ قَالَتْ لَهُ هَلْ أَنَا طَالِقٌ أَوْ هَلْ هِيَ طَالِقٌ فَقَوْلُهُ طَالِقٌ وَقَعَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ فَلَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَوَّلًا وَثَانِيًا وَثَالِثًا فَتَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَطْ بِقَوْلِهِ الْأَوَّلِ أَنْتِ طَالِقٌ وَيَلْغُو قَوْلُهُ وَثَانِيًا إلَخْ وَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيَحْتَمِلُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ وُقُوعُ الثَّلَاثِ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا أَوَّلًا وَطَلَاقًا ثَانِيًا وَطَلَاقًا ثَالِثًا فَيَقَعُ الثَّلَاثُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ (قَوْلُهُ: تَشْمَلُهُمَا) أَيْ الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ فَصَحَّتْ إضَافَتُهُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَالرِّقَّ يَخْتَصُّ بِالْمَمْلُوكِ) فَلَمْ تَصِحَّ إضَافَةُ التَّخَلُّصِ مِنْهُ لِلسَّيِّدِ (قَوْلُهُ: لِبُعْدِ مُخَاطَبَتِهِ) أَيْ أَمَّا لِأَمَتِهِ فَكِتَابَةُ عِتْقٍ (قَوْلُهُ: كِنَايَةٌ) أَيْ أَنَّهُ كِنَايَةٌ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَقَوْلُهُ: أَيْ الزَّوْجُ، وَقَوْلُهُ لِوَلِيِّهَا: أَيْ الزَّوْجَةِ، وَقَوْلُهُ زَوِّجْهَا: أَيْ خِطَابًا لِزَوْجَتِهِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ كِنَايَةٌ فِيهِ) أَيْ الْإِقْرَارِ بِالطَّلَاقِ ثُمَّ إنْ كَانَ كَاذِبًا وَآخَذْنَاهُ بِهِ ظَاهِرًا وَلَمْ تَحْرُمْ بَاطِنًا وَهَذَا بِخِلَافِ كِنَايَةِ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ إذَا نَوَاهُ حُرِّمَتْ بِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (قَوْلُهُ: لَمْ تَطْلُقْ زَوْجَتُهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَدْخُلُ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا فِي الدَّرْسِ وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا أَغْلَقَ عَلَى زَوْجَتِهِ الْبَابَ ثُمَّ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنْ لَا يَفْتَحَ لَهَا أَحَدٌ وَغَابَ عَنْهَا ثُمَّ رَجَعَ وَفَتَحَ لَهَا هَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ أَوْ لَا وَهُوَ عَدَمُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ) وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ، وَعِبَارَةُ حَجّ تَطْلُقُ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ إقْرَارٌ بِزَوَالِ الزَّوْجِيَّةِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ تَعْرِيفُ الْإِقْرَارِ بِأَنَّهُ إخْبَارٌ بِحَقٍّ سَابِقٍ لِغَيْرِهِ لَمْ يَنْطَبِقْ عَلَى مَا ذَكَرَ لِأَنَّهُ حِينَ الْإِخْبَارِ لَمْ تَكُنْ الْغَيْبَةُ وُجِدَتْ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ إخْبَارًا عَنْ الطَّلَاقِ بَعْدَهَا، فَكَانَ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ حَجّ فِي نَحْوِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَلَسْت لِي بِزَوْجَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ وَلِيُّهَا زَوْجُهَا إقْرَارٌ) كَأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ لَهَا تَزَوَّجَنِي حَيْثُ كَانَ كِنَايَةً فِيهِ أَنَّ الْوَلِيَّ يَمْلِكُ تَزْوِيجَهَا بِنَفْسِهِ بِخِلَافِهَا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: إقْرَارٌ بِالطَّلَاقِ) أَيْ وَبِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ حَجّ (قَوْلُهُ: لَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ) اُنْظُرْ أَيَّ عُمُومٍ هُنَا وَالْعِلْمُ لَا عُمُومَ لَهُ، وَالْعُمُومُ الَّذِي اقْتَضَاهُ إضَافَةُ امْرَأَةٍ إلَى الْعِلْمِ غَيْرُ الْمُرَادِ إذْ هُوَ إنَّمَا يُفِيدُ الْعُمُومَ فِي النِّسْوَةِ، وَلَوْ قَالَ إذْ الْمُخَاطَبُ لَا يَدْخُلُ فِي خِطَابِهِ لَكَانَ وَاضِحًا (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ إقْرَارٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا بِالنَّظَرِ لِلظَّاهِرِ

وَانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا تَزَوُّجُ غَيْرِهِ، وَلَوْ طَلَبَتْ الطَّلَاقَ فَقَالَ اُكْتُبُوا لَهَا ثَلَاثًا فَكِنَايَةٌ عَلَى أَرْجَحِ الْوَجْهَيْنِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي جَعَلْتهَا ثَلَاثًا بِأَنَّ ذَاكَ أَرَادَ فِيهِ جَعْلَ الْوَاقِعِ وَاحِدَةً ثَلَاثًا وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ فَلَمْ يَكُنْ كِنَايَةً مَعَ ذَلِكَ، بِخِلَافِ هَذَا فَإِنَّ سُؤَالَهَا قَرِينَةٌ، وَكَذَا زَوْجَتِي الْحَاضِرَةُ طَالِقٌ وَهِيَ غَائِبَةٌ. (وَلَيْسَ الطَّلَاقُ كِنَايَةَ ظِهَارٍ وَعَكْسُهُ) وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي إفَادَةِ التَّحْرِيمِ لِإِفَادَةِ اسْتِعْمَالِ كُلٍّ فِي مَوْضُوعِهِ فَلَا يَخْرُجُ عَنْهُ لِلْقَاعِدَةِ الْمَشْهُورَةِ أَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَوَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ لَا يَكُونُ صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ، وَسَيَأْتِي فِي أَنْتِ طَالِقٌ كَظَهْرِ أُمِّي أَنَّهُ لَوْ نَوَى بِظَهْرٍ أَيْ طَلَاقًا آخَرَ وَقَعَ لِأَنَّهُ وَقَعَ تَابِعًا فَمَحَلُّ مَا هُنَا فِي لَفْظِ ظِهَارٍ وَقَعَ مُسْتَقِلًّا. (وَلَوْ) (قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (أَنْتِ) أَوْ نَحْوَ يَدِك (عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ حَرَّمْتُك) أَوْ كَالْخَمْرِ أَوْ الْمَيْتَةِ أَوْ الْخِنْزِيرِ (وَنَوَى طَلَاقًا) وَإِنْ تَعَدَّدَ (أَوْ ظِهَارًا حَصَلَ) مَا نَوَاهُ لِاقْتِضَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا التَّحْرِيمَ فَجَازَ أَنْ يُكَنَّى عَنْهُ بِالْحَرَامِ وَلَا يُنَافِي هَذِهِ الْقَاعِدَةَ الْمَذْكُورَةَ لِأَنَّ إيجَابَهُ لِلْكَفَّارَةِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لَيْسَ مِنْ بَابِ الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ، إذْ هُوَ مِنْ قَبِيلِ دَلَالَاتِ الْأَلْفَاظِ، وَمَدْلُولُ اللَّفْظِ تَحْرِيمُهَا وَأَمَّا إيجَابُ الْكَفَّارَةِ فَحُكْمٌ رَتَّبَهُ الشَّارِعُ عَلَيْهِ عِنْدَ قَصْدِ التَّحْرِيمِ أَوْ الْإِطْلَاقِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى التَّحْرِيمِ لَا عِنْدَ قَصْدِ طَلَاقٍ أَوْ ظِهَارٍ إذْ لَا كَفَّارَةَ فِي لَفْظِهِمَا (أَوْ نَوَاهُمَا) أَيْ الطَّلَاقَ وَالظِّهَارَ مَعًا (تَخَيَّرَ وَثَبَتَ مَا اخْتَارَهُ) مِنْهُمَا لَا هُمَا لِتَنَاقُضِهِمَا إذْ الطَّلَاقُ يَرْفَعُ النِّكَاحَ وَالظِّهَارُ يُثْبِتُهُ (وَقِيلَ طَلَاقٌ) لِأَنَّهُ أَقْوَى لِإِزَالَتِهِ الْمِلْكَ (وَقِيلَ ظِهَارٌ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ. أَمَّا لَوْ نَوَاهُمَا مُرَتَّبًا بِنَاءً عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِقَرْنِ النِّيَّةِ بِجُزْءٍ مِنْ لَفْظِ الْكِنَايَةِ فَيَتَخَيَّرُ وَيَثْبُتُ مَا اخْتَارَهُ أَيْضًا مِنْهُمَا عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي، لَكِنَّ الْقِيَاسَ مَا رَجَّحَهُ فِي الْأَنْوَارِ مِنْ أَنَّ الْمَنْوِيَّ أَوَّلًا إنْ كَانَ الظِّهَارُ صَحَّا مَعًا، وَالطَّلَاقُ وَهُوَ بَائِنٌ لَغَا الظِّهَارُ، أَوْ رَجْعِيٌّ وَقَفَ الظِّهَارُ، فَإِنْ رَاجَعَ صَارَ عَائِدًا وَلَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ وَإِلَّا فَلَا، وَهَذَا مَا قَالَهُ ابْنُ الْحَدَّادِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَتَأْيِيدُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا يَقَعُ بِآخِرِ اللَّفْظِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ تَقَدُّمِ الظِّهَارِ وَتَأَخُّرِهِ مَمْنُوعٌ بَلْ يَتَبَيَّنُ بِآخِرِهِ وُقُوعُ الْمَنْوِيَّيْنِ مُرَتَّبَيْنِ كَمَا أَوْقَعَهُمَا وَحِينَئِذٍ فَيَتَعَيَّنُ الثَّانِي (أَوْ) نَوَى (تَحْرِيمَ عَيْنِهَا) أَوْ نَحْوَ فَرْجِهَا أَوْ وَطْئِهَا (لَمْ تُحَرَّمْ) لِمَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ «أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ سَأَلَهُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ فَقَالَ كَذَبْت لَيْسَتْ: أَيْ زَوْجَتُك عَلَيْك بِحَرَامٍ ثُمَّ تَلَا أَوَّلَ سُورَةِ التَّحْرِيمِ» (وَعَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــS [فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ رَجُلٍ تَشَاجَرَ مَعَ زَوْجَتِهِ فَقَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ سَكَتَ سَكْتَةً طَوِيلَةً وَقَالَ لَهَا زَوَّدْتُك أَلْفَ طَلْقَةٍ وَلَمْ يَقْصِدْ طَلَاقًا فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ رَجْعِيٌّ فَقَطْ أَمْ ثَلَاثٌ؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ بِقَوْلِهِ الثَّانِي زَوَّدْتُك إلَخْ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ بِقَوْلِهِ الْأَوَّلِ أَنْتِ طَالِقٌ وَلَهُ مُرَاجَعَتُهَا مَا دَامَتْ الْعِدَّةُ بَاقِيَةً وَلَمْ يَكُنْ سَبَقَهَا طَلْقَتَانِ (قَوْلُهُ: فِي جَعَلْتهَا ثَلَاثًا) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَقَعْ بِهِ شَيْءٌ وَإِنْ نَوَى عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: أَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ) قَضِيَّةُ الِاقْتِصَارِ فِي التَّعْلِيلِ عَلَى مَا ذُكِرَ، وَكَذَا قَوْلُهُ الْآتِي وَسَيَأْتِي فِي أَنْتِ طَالِقٌ إلَخْ أَنَّ كُلًّا مِنْ كِنَايَةِ الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ يَكُونُ كِنَايَةً فِي الْآخَرِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ أَلْفَاظَ كِنَايَةِ الطَّلَاقِ حَيْثُ احْتَمَلَتْهُ احْتَمَلَتْ الظِّهَارَ أَيْضًا، وَكَذَا عَكْسُهُ لِمَا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الْإِشْعَارِ بِالْبُعْدِ عَنْ الْمَرْأَةِ وَالْبُعْدُ يَكُونُ بِكُلٍّ مِنْ الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ. [فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ قَالَ شَخْصٌ: عَلَيَّ السُّخَامُ لَا أَفْعَلُ كَذَا هَلْ هُوَ صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَيْسَ صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً، لِأَنَّ لَفْظَ السُّخَامِ لَا يَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ غَايَتُهُ أَنَّ مَنْ يَذْكُرُهَا يُرِيدُ بِهَا التَّبَاعُدَ عَنْ لَفْظِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: بِقَرْنِ النِّيَّةِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ وَتَأْيِيدُ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ فَيَتَعَيَّنُ الثَّانِي) وَهُوَ مُعْتَمَدٌ، وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ مَا رَجَّحَهُ فِي الْأَنْوَارِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَانْظُرْ مَا الْحُكْمُ فِي الْبَاطِنِ إذَا قُصِدَ بِهِ إنْشَاءَ التَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ: فَكِنَايَةٌ عَلَى أَرْجَحِ الْوَجْهَيْنِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِدَدِ فَلْيُرَاجَعْ

كَفَّارَةُ يَمِينٍ) أَيْ مِثْلُهَا حَالًا وَلَوْ لَمْ يَطَأْهَا كَمَا لَوْ قَالَهُ لِأَمَتِهِ أَخْذًا مِنْ قِصَّةِ مَارِيَةَ النَّازِلِ فِيهَا ذَلِكَ عَلَى الْأَشْهَرِ عِنْدَ أَهْلِ التَّفْسِيرِ، وَرَوَى النَّسَائِيّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتْ لَهُ أَمَةٌ يَطَؤُهَا: أَيْ وَهِيَ مَارِيَةُ أُمُّ وَلَدِهِ إبْرَاهِيمَ، فَلَمْ تَزَلْ بِهِ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ حَتَّى حَرَّمَهَا عَلَى نَفْسِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {لِمَ تُحَرِّمُ} [التحريم: 1] الْآيَةَ» ، وَمَعْنَى {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2] أَيْ أَوْجَبَ عَلَيْكُمْ الْكَفَّارَةَ الَّتِي تَجِبُ فِي الْأَيْمَانِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ كَمَا صَرَّحَا بِهِ أَوَّلَ الظِّهَارِ وَبِهِ يُرَدُّ بَحْثُ الْأَذْرَعِيِّ حُرْمَتُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيذَاءِ وَالْكَذِبِ وَنِزَاعُ ابْنِ الرِّفْعَةِ فِيهَا بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَهُ وَهُوَ لَا يَفْعَلُ الْمَكْرُوهَ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ يَفْعَلُهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ فَلَا يَكُونُ مَكْرُوهًا فِي حَقِّهِ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ، وَفَارَقَ الظِّهَارَ بِأَنَّ مُطْلَقَ التَّحْرِيمِ بِجَامِعِ الزَّوْجِيَّةِ، بِخِلَافِ التَّحْرِيمِ الْمُشَابِهِ لِتَحَرُّمِ الْأُمِّ فَكَانَ كَذِبًا مُعَانِدًا لِلشَّرْعِ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ كَبِيرَةً فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ حَرَامًا وَالْإِيلَاءُ بِأَنَّ الْإِيذَاءَ فِيهِ إثْمٌ، وَمِنْ ثَمَّ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَالرَّفْعُ لِلْحَاكِمِ وَغَيْرِهِمَا، وَلَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ أَنْتُنَّ عَلَيَّ حَرَامٌ بِلَا نِيَّةِ طَلَاقٍ وَلَا ظِهَارٍ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ كَمَا لَوْ كَرَّرَ فِي وَاحِدَةٍ وَأَطْلَقَ أَوْ بِنِيَّةِ التَّأْكِيدِ وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمَجْلِسُ كَالْيَمِينِ (وَكَذَا) عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ (إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ لَفْظَ التَّحْرِيمِ يُصْرَفُ شَرْعًا لِإِيجَابِ الْكَفَّارَةِ (وَالثَّانِي) هُوَ (لَغْوٌ) لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ فِي ذَلِكَ، وَخَرَجَ بِأَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ مَا لَوْ حَذَفَ عَلَيَّ فَيَكُونُ كِنَايَةً فَلَا تَجِبُ بِهِ كَفَّارَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَلَمْ تَزَلْ بِهِ عَائِشَةُ) ظَاهِرُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّ تَحْرِيمَهَا كَانَ بَعْدَ كَلَامِ حَفْصَةَ وَعَائِشَةَ مَعًا، وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: وَذَلِكَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَى حَفْصَةَ فَلَمْ يَجِدْهَا وَكَانَتْ قَدْ خَرَجَتْ إلَى بَيْتِ أَبِيهَا، فَدَعَا أَمَتَهُ مَارِيَةَ إلَيْهِ فَأَتَتْ حَفْصَةُ وَعَرَفَتْ الْحَالَ فَغَضِبَتْ وَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي بَيْتِي وَفِي يَوْمِي وَعَلَى فِرَاشِي؟ فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَسْتَرْضِيهَا: إنِّي أُسِرُّ إلَيْك سِرًّا فَاكْتُمِيهِ، هِيَ عَلَيَّ حَرَامٌ، فَوَرَدَتْ الْآيَاتُ» اهـ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ نِيَّةُ تَحْرِيمِ عَيْنِهَا (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ) أَيْ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ كَانَ) أَيْ الظِّهَارُ (قَوْلُهُ كَالْيَمِينِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِهِ بِاَللَّهِ أَوْ بِالطَّلَاقِ فِي مَجِيءِ هَذَا التَّفْصِيلِ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِأَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ إلَخْ) بَقِيَ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَخْرُجُ بِهِ مَا لَوْ حَذَفَ أَنْتِ وَاقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ عَلَيَّ الْحَرَامُ، وَقُوَّةِ كَلَامِهِ حَيْثُ جَعَلَ صُوَرَ الْكَفَّارَةِ مَنُوطَةً بِالْخِطَابِ بِنَحْوِ أَنْتِ أَوْ نَحْوِ يَدُك أَوْ حَرَّمْتُك تُعْطِي أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ مُوَافِقٌ لِمَا أَفْتَى بِهِ وَالِدُهُ كَالشَّرَفِ الْمُنَاوِيِّ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ لَكِنْ فِي فَتَاوَى الشَّرْحِ أَنَّ عَلَيَّ الْحَرَامُ وَالْحَرَامُ يَلْزَمُنِي كِنَايَةٌ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ حَيْثُ كَانَ لَهُ وَجْهٌ وَتَجِبُ بِالتَّلَفُّظِ اهـ. [مَسْأَلَةٌ] : فِيمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ تَكُونِي طَالِقًا هَلْ تَطْلُقُ أَمْ لَا لِاحْتِمَالِ هَذَا اللَّفْظِ الْحَالَ وَالِاسْتِقْبَالَ، وَهَلْ هُوَ صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ، وَإِذَا قُلْتُمْ بِعَدَمِ وُقُوعِهِ فِي الْحَالِ فَمَتَى يَقَعُ أَبِمُضِيِّ لَحْظَةٍ أَمْ لَا يَقَعُ أَصْلًا لِأَنَّ الْوَقْتَ مُبْهَمٌ؟ وَالْجَوَابُ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ كِنَايَةٌ، فَإِنْ أَرَادَ بِهِ وُقُوعَ الطَّلَاقِ فِي الْحَالِ طَلُقَتْ أَوْ التَّعْلِيقَ احْتَاجَ إلَى ذِكْرِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَهُوَ وَعْدٌ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ، ثُمَّ بَحَثَ بَاحِثٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ: الْكِنَايَةُ مَا احْتَمَلَ الطَّلَاقَ وَغَيْرَهُ، وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ، فَقُلْت بَلْ هُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ إنْشَاءَ الطَّلَاقِ وَالْوَعْدِ، فَقَالَ: إذَا قَصَدَ الِاسْتِقْبَالَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ فَقُلْت لَا لِأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِالتَّعْلِيقِ، وَلَا بُدَّ فِي التَّعْلِيقَاتِ مِنْ ذِكْرِ الْمُعَلَّقِ وَهُوَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ، قَالَ: هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْفِعْلِ وَهُوَ تَكُونِي فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْحَادِثِ وَالزَّمَانِ، قُلْت: دَلَالَتُهُ عَلَيْهِمَا لَيْسَتْ بِالْوَضْعِ وَلَا لَفْظِيَّةً وَلِهَذَا قَالَ النُّحَاةُ إنَّ الْفِعْلَ وُضِعَ لِحَدَثٍ مُقْتَرِنٍ بِزَمَانٍ وَلَمْ يَقُولُوا إنَّهُ وُضِعَ لِلْحَادِثِ وَالزَّمَانِ. وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ جِنِّي فِي الْخَصَائِصِ بِأَنَّ الدَّلَالَاتِ فِي عُرْفِ النُّحَاةِ ثَلَاثٌ: لَفْظِيَّةٌ وَصِنَاعِيَّةٌ وَمَعْنَوِيَّةٌ، فَالْأُولَى كَدَلَالَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: النَّازِلُ فِيهَا) أَيْ فِي مُطْلَقِ الْأَمَةِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: كَمَا لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَخْذًا مِنْ قِصَّةِ مَارِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -

إلَّا بِنِيَّةٍ. (وَإِنْ) (قَالَهُ لِأَمَتِهِ وَنَوَى عِتْقًا ثَبَتَ) قَطْعًا لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ فِيهِ إذْ لَا مَجَالَ لِلطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ فِيهَا، وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْأَمَةَ الْمُحْرِمَةَ وَالصَّائِمَةَ وَالْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ. بِخِلَافِ الْمَجُوسِيَّةِ وَالْوَثَنِيَّةِ وَالْمُرْتَدَّةِ وَالْمُحَرَّمَةِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ فَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا عَلَى أَرْجَحِ الْوَجْهَيْنِ وَمِثْلُهُنَّ الْمُزَوَّجَةُ وَالْمُعْتَدَّةُ (أَوْ) نَوَى (تَحْرِيمَ عَيْنِهَا أَوْ لَا نِيَّةَ) لَهُ (فَكَالزَّوْجَةِ) فِيمَا مَرَّ فَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ. (وَلَوْ) (قَالَ هَذَا الثَّوْبُ أَوْ الطَّعَامُ أَوْ الْعَبْدُ حَرَامٌ عَلَيَّ) أَوْ نَحْوَهُ (فَلَغْوٌ) لَا شَيْءَ فِيهِ لِتَعَذُّرِهِ فِيهِ، بِخِلَافِ الْحَلِيلَةِ لِإِمْكَانِهِ فِيهَا بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ. (وَشَرْطُ) تَأْثِيرِ (نِيَّةِ الْكِنَايَةِ اقْتِرَانُهَا بِكُلِّ اللَّفْظِ) وَهِيَ أَنْتِ بَائِنٌ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ كَجَمَاعَةٍ. وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ مِنْ أَنَّ الصَّوَابَ مَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ أَنَّهُ لَفْظُ الْكِنَايَةِ كَبَائِنٍ دُونَ أَنْتِ لِأَنَّهَا صَرِيحَةٌ فِي الْخِطَاب فَلَا تَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ، يُرَدُّ بِأَنَّ بَائِنٌ لَمَّا لَمْ يَسْتَقِلَّ بِالْإِفَادَةِ كَانَتْ مَعَ أَنْتِ كَاللَّفْظِ الْوَاحِدِ (وَقِيلَ يَكْفِي بِأَوَّلِهِ) اسْتِصْحَابًا لِحُكْمِهَا فِي بَاقِيهِ دُونَ آخِرِهِ لِأَنَّ انْعِطَافَهَا عَلَى مَا مَضَى بَعِيدٌ، وَرَجَّحَهُ كَثِيرُونَ وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّ الْأَوَّلَ سَبْقُ قَلَمٍ، لَكِنَّ الْمُرَجَّحَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا الِاكْتِفَاءُ بِأَوَّلِهِ وَآخِرِهِ: أَيْ يُجْزِئُ مِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. فَالْحَاصِلُ الِاكْتِفَاءُ بِمَا قَبْلَ فَرَاغِ لَفْظِهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَالْأَوْجَهُ مَجِيءُ هَذَا الْخِلَافِ فِي الْكِنَايَةِ الَّتِي لَيْسَتْ لَفْظًا كَالْكِتَابَةِ، وَلَوْ أَتَى بِكِنَايَةٍ ثُمَّ مَضَى قَدْرُ عِدَّتِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ زَعَمَ أَنَّهُ نَوَى بِالْكِنَايَةِ الطَّلَاقَ لَمْ يُقْبَلْ لِرَفْعِهِ الثَّلَاثَ الْمُوجِبَةَ لِلتَّحْلِيلِ اللَّازِمِ لَهُ، وَلَوْ أَنْكَرَ نِيَّتَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَكَذَا وَارِثُهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ نَوَى، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ هِيَ أَوْ وَارِثُهَا أَنَّهُ نَوَى لِأَنَّ الِاطِّلَاعَ عَلَى نِيَّتِهِ مُمْكِنٌ بِالْقَرَائِنِ. (وَإِشَارَةُ نَاطِقٍ بِطَلَاقٍ لَغْوٌ) وَإِنْ نَوَاهُ وَأَفْهَمَ بِهَا كُلَّ أَحَدٍ (وَقِيلَ كِنَايَةٌ) لِحُصُولِ الْإِفْهَامِ بِهَا كَالْكِتَابَةِ، وَرُدَّ بِأَنَّ تَفْهِيمَ النَّاطِقِ إشَارَتَهُ نَادِرَةٌ مَعَ أَنَّهَا غَيْرُ مَوْضُوعَةٍ لَهُ، بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهَا حُرُوفٌ مَوْضُوعَةٌ لِلْإِفْهَامِ كَالْعِبَارَةِ. نَعَمْ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَهَذِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْفِعْلِ عَلَى الْحَدَثِ، وَالثَّانِيَةُ كَدَلَالَتِهِ عَلَى الزَّمَانِ، وَالثَّالِثَةُ كَدَلَالَتِهِ عَلَى الْأَفْعَالِ. وَصَرَّحَ ابْنُ هِشَامٍ الْخَضْرَاوِيِّ أَنَّ دَلَالَةَ الْأَفْعَالِ عَلَى الزَّمَانِ لَيْسَتْ لَفْظِيَّةً بَلْ هِيَ مِنْ بَابِ دَلَالَةِ التَّضَمُّنِ وَالِالْتِزَامِ وَهِيَ لَا يُعْمَلُ بِهَا فِي الطَّلَاقِ وَالْأَقَارِيرِ وَنَحْوِهَا، بَلْ لَا يُعْتَمَدُ فِيهَا إلَّا مَدْلُولُ اللَّفْظِ مِنْ حَيْثُ الْوَضْعُ وَالدَّلَالَةُ اللَّفْظِيَّةُ. [تَنْبِيهٌ] مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ وَعْدٌ. فَإِنْ قِيلَ: لَفْظُ السُّؤَالِ تَكُونِي بِحَذْفِ النُّونِ. قُلْت: لَا فَرْقَ فَإِنَّهُ لُغَةٌ، وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ لَحْنًا فَلَا فَرْقَ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ بَيْنَ الْمُعَرَّبِ وَالْمَلْحُونِ بِمِثْلِ ذَلِكَ، فَإِنْ نَوَى بِذَلِكَ الْأَمْرِ عَلَى حَذْفِ اللَّامِ: أَيْ لِتَكُونِي فَهُوَ إنْشَاءٌ فَتَطْلُقُ فِي الْحَالِ بِلَا شَكٍّ اهـ نَقَلَهُ سم بِهَامِشِ التُّحْفَةِ عَنْ السُّيُوطِيّ. وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ نَوَى بِذَلِكَ الْأَمْرِ إلَخْ صَرَاحَةُ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ مِنْ رِجْلٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ كُونِي طَالِقًا لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَا يُقْصَدُ بِهِ إلَّا الْإِنْشَاءُ فَيَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ حَالًا (قَوْلُهُ: إلَّا بِنِيَّةٍ) أَيْ لِلْيَمِينِ وَمِثْلُ أَنْتِ حَرَامٌ مَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ الْحَرَامُ وَلَمْ يَنْوِ بِهِ طَلَاقًا فَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ، وَفِي فَتَاوَى وَالِدِ الشَّارِحِ مَا يُوَافِقُهُ. (قَوْلُهُ وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْأَمَةَ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: وَفِي وُجُوبِهَا فِي زَوْجَةٍ مُحَرَّمَةٍ أَوْ مُعْتَدَّةٍ عَنْ شُبْهَةٍ أَوْ أَمَةٍ مُعْتَدَّةٍ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَ وَجْهَانِ: أَوْجَهُهُمَا لَا اهـ. فَقَدْ صَرَّحَ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فِي الزَّوْجَةِ الْمُحَرَّمَةِ وَالْأَمَةِ الْمُعْتَدَّةِ عَنْ شُبْهَةٍ وَسَكَتَ عَنْ الْأَمَةِ الْمُحَرَّمَةِ، وَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ هُنَا وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ فِي الْأَمَةِ الْمُحَرَّمَةِ وَسَكَتَ عَنْ الزَّوْجَةِ، فَانْظُرْ هَلْ ذَلِكَ مَقْصُودٌ مِنْهُ أَوْ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ فَتُلْحَقُ الزَّوْجَةُ الْمُحَرَّمَةُ بِهَا وَيَكُونُ الْمُعْتَمَدُ غَيْرَ مَا فِي الْمَنْهَجِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ ثُمَّ زَعَمَ) أَيْ قَالَ (قَوْلُهُ: لَمْ يُقْبَلْ) وَيَنْبَغِي تَدْيِينُهُ لِأَنَّهُ إنْ سَبَقَ مِنْهُ ذَلِكَ فَلَا وُقُوعَ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ قَبْلَ تَطْلِيقِهَا ثَلَاثًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَنْكَرَ نِيَّتَهُ) أَيْ الطَّلَاقَ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ نَوَى) وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ ذَلِكَ فِي الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ نَوَى) أَيْ لَا تَرِثُ مِنْهُ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا (قَوْلُهُ وَإِنْ نَوَاهُ) غَايَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQالنَّازِلِ فِيهَا ذَلِكَ إلَخْ، وَلَعَلَّ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ سَقْطًا مِنْ الْكَتَبَةِ (قَوْلُهُ: دُونَ آخِرِهِ) يَعْنِي مَا عَدَا أَوَّلَهُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ قَالَ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم: فِي هَذَا الِاسْتِدْرَاكِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ الْإِشَارَةَ بِالْعِبَارَةِ وَلَا بِأَعَمَّ

مُشِيرًا إلَى زَوْجَةٍ أُخْرَى طَلُقَتْ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إشَارَةٌ مَحْضَةٌ؛ هَذَا إنْ نَوَاهَا أَوْ أَطْلَقَ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّ اللَّفْظَ ظَاهِرٌ فِي ذَلِكَ مَعَ احْتِمَالِهِ لِغَيْرِهِ احْتِمَالًا قَرِيبًا: أَيْ وَهَذِهِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ، وَخَرَجَ بِالطَّلَاقِ غَيْرُهُ فَقَدْ تَكُونُ إشَارَتُهُ كَعِبَارَتِهِ كَهِيَ بِالْأَمَانِ وَكَذَا الْإِفْتَاءُ وَنَحْوُهُ، فَلَوْ قِيلَ لَهُ أَيَجُوزُ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ مَثَلًا: أَيْ نَعَمْ جَازَ الْعَمَلُ بِهِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ (وَيُعْتَدُّ بِإِشَارَةِ أَخْرَسَ فِي الْعُقُودِ) كَهِبَةٍ وَإِجَارَةٍ وَبَيْعٍ (وَالْحُلُولِ) كَعِتْقٍ وَطَلَاقٍ وَفَسْخٍ وَالْأَقَارِيرِ وَالدَّعَاوَى وَغَيْرِهَا وَإِنْ أَمْكَنَهُ الْكِتَابَةُ لِلضَّرُورَةِ (فَإِنْ فَهِمَ طَلَاقَهُ) وَغَيْرَهُ (بِهَا كُلُّ وَاحِدٍ فَصَرِيحَةٌ وَإِنْ اخْتَصَّ بِفَهْمِهِ فَطِنُونَ) أَيْ أَهْلُ فِطْنَةٍ وَذَكَاءٍ (فَكِنَايَةٌ) كَمَا فِي لَفْظِ النَّاطِقِ وَتُعْرَفُ نِيَّتُهُ فِيمَا إذَا أَتَى بِإِشَارَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ بِإِشَارَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ أُخْرَى وَكَأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا تَعْرِيفَهُ بِهَا مَعَ أَنَّهَا كِنَايَةٌ وَلَا اطِّلَاعَ لَنَا بِهَا عَلَى نِيَّةِ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ، فَقَوْلُ الْمُتَوَلِّي وَيُعْتَبَرُ فِي الْأَخْرَسِ أَنْ يَكْتُبَ مَعَ لَفْظِ الطَّلَاقِ إنِّي قَصَدْت الطَّلَاقَ لَيْسَ بِقَيْدٍ، وَسَيَأْتِي فِي اللِّعَانِ أَنَّهُمْ أَلْحَقُوا بِالْأَخْرَسِ مَنْ اُعْتُقِلَ لِسَانُهُ وَلَمْ يُرْجَ بُرْؤُهُ وَالْقِيَاسُ مَجِيئُهُ هُنَا بَلْ الْأَخْرَسُ يَشْمَلُهُ. (وَلَوْ) (كَتَبَ نَاطِقٌ) أَوْ أَخْرَسُ (طَلَاقًا) (وَلَمْ يَنْوِهِ فَلَغْوٌ) إذْ لَا لَفْظَ وَلَا نِيَّةَ (وَإِنْ نَوَاهُ) وَمِثْلُهُ كُلُّ عَقْدٍ وَحَلٍّ وَغَيْرِهِمَا مَا عَدَا النِّكَاحَ وَلَمْ يَتَلَفَّظْ بِمَا كَتَبَهُ (فَالْأَظْهَرُ وُقُوعُهُ) لِإِفَادَتِهَا حِينَئِذٍ، وَإِنْ تَلَفَّظَ بِهِ وَلَمْ يَنْوِهِ عِنْدَ التَّلَفُّظِ وَلَا الْكِتَابَةِ وَقَالَ إنَّمَا قَصَدْت قِرَاءَةَ الْمَكْتُوبِ فَقَطْ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ (وَإِنْ كَتَبَ إذَا بَلَغَكِ كِتَابِي فَأَنْتِ طَالِقٌ) وَنَوَى الطَّلَاقَ (فَإِنَّمَا تَطْلُقُ بِبُلُوغِهِ) إنْ كَانَ فِيهِ صِيغَةُ الطَّلَاقِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: طَلُقَتْ) أَيْ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ) أَيْ كَالْإِجَارَةِ وَالْإِذْنِ فِي دُخُولِ الدَّارِ (قَوْلُهُ وَالدَّعَاوَى وَغَيْرِهَا) نَعَمْ لَا تَصِحُّ بِهَا شَهَادَتُهُ وَلَا تَبْطُلُ بِهَا صَلَاتُهُ وَلَا يَحْنَثُ بِهَا مَنْ حَلَفَ لَا يَتَكَلَّمُ ثُمَّ خَرِسَ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: لِلضَّرُورَةِ) عِلَّةُ يُعْتَدُّ وَإِنَّمَا لَمْ تُقَدَّمْ الْكِنَايَةُ عَلَى الْإِشَارَةِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ فَلَا مُرَجَّحَ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى (قَوْلُهُ: أَيْ أَهْلُ فِطْنَةٍ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ هُنَا مَا قِيلَ فِي السَّلَمِ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ عَدْلَانِ يَعْرِفَانِ لُغَتَهُمَا غَيْرُهُمَا وَأَنَّهُمَا يُوجَدَانِ غَالِبًا فَيُقَالُ هُنَا يُشْتَرَطُ لِكَوْنِ الْإِشَارَةِ كِنَايَةً أَنْ يُوجَدَ فَطِنُونَ يَفْهَمُونَهَا غَالِبًا فِي أَيْ مَحَلٍّ اتَّفَقَ لِلْأَخْرَسِ فِيهِ تَصَرُّفٌ بِالْإِشَارَةِ، فَلَوْ فَهِمَهَا فَطِنُونَ فِي غَايَةٍ مِنْ الْفِطْنَةِ قَلَّ أَنْ يُوجَدُوا عِنْدَ تَصَرُّفِ الْأَخْرَسِ لَمْ تَكُنْ إشَارَتُهُ كِنَايَةً بَلْ تَكُونُ كَاَلَّتِي لَمْ يَفْهَمْهَا أَحَدٌ، وَيَنْبَغِي أَيْضًا الِاكْتِفَاءُ بِفَطِنٍ وَاحِدٍ فَالْجَمْعُ فِي كَلَامِهِ لَيْسَ بِقَيْدٍ (قَوْلُهُ: تَعْرِيفَهُ بِهَا) أَيْ بِالْكِتَابَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُرْجَ بُرْؤُهُ) وَكَذَا مَنْ رُجِيَ بُرْؤُهُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ قِيَاسًا، وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بِأَنَّهُ إنَّمَا أَلْحَقَ بِهِ ثَمَّ لِاحْتِيَاجِهِ لِلِّعَانِ وَاضْطِرَارِهِ إلَيْهِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا اهـ حَجّ. وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ حَيْثُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِهَذَا أَنَّهُ حَيْثُ رُجِيَ بُرْؤُهُ انْتَظَرَ طَالَ زَمَنُ اعْتِقَالِهِ أَوْ قَصُرَ (قَوْلُهُ: فَلَغْوٌ) أَيْ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ قَرِيبًا، وَلَوْ أَنْكَرَ نِيَّتَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ إنَّمَا قَصَدْت قِرَاءَةً إلَخْ) بِخِلَافِ مَا لَوْ قَصَدَ الْإِنْشَاءَ أَوْ أَطْلَقَ، وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: فَلَوْ تَلَفَّظَ النَّاطِقُ بِمَا كَتَبَهُ وَقَعَ بِهِ الطَّلَاقُ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ قِرَاءَةَ مَا كَتَبَهُ فَيُقْبَلُ ظَاهِرًا فِي الْأَصَحِّ اهـ. فَأَفْهَمَ تَخْصِيصُ الْإِنْشَاءِ بِمَا لَوْ قَصَدَ الْقِرَاءَةَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ إذَا قَصَدَ إنْشَاءَهُ أَوْ أَطْلَقَ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَتَبَ إذَا بَلَغَك إلَخْ) فِي الرَّوْضِ وَإِنْ عَلَّقَ بِبُلُوغِ الطَّلَاقِ فَبَلَغَ مَوْضِعَ الطَّلَاقِ وَقَعَ قَطْعًا وَقِرَاءَةُ بَعْض الْكُتَّابِ إنْ عَلَّقَ بِقِرَاءَتِهِ كَوُصُولِ بَعْضِهِ إنْ عَلَّقَ بِوُصُولِهِ، وَإِنْ عَلَّقَ بِوُصُولِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: أَيْ وَهَذِهِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقُرْبِ هَذَا الِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي هَذَا التَّقْدِيرِ إلَى تَعَسُّفٍ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ فَهْمَ الْمُرَادِ مِنْهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَهْمًا قَرِيبًا الَّذِي فَهِمَهُ الشِّهَابُ سم حَتَّى نَظَرَ فِي كَوْنِ هَذَا قَرِيبًا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مَعَ احْتِمَالِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا أَتَى بِهَذِهِ الْمَعِيَّةِ إشَارَةً لِوَجْهِ الِاحْتِيَاجِ لِلنِّيَّةِ، وَقَصَدَ بِهِ الرَّدَّ عَلَى مَنْ ادَّعَى الصَّرَاحَةَ وَسَكَتَ عَنْ تَوْجِيهِ صُورَةِ الْإِطْلَاقِ الَّتِي بَحَثَهَا

كَهَذِهِ الصِّيغَةِ بِأَنْ أَمْكَنَ قِرَاءَتُهَا وَإِنْ انْمَحَتْ لِأَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ أَصَالَةً، بِخِلَافِ مَا سِوَاهَا مِنْ السَّوَابِقِ وَاللَّوَاحِقِ، فَإِنْ انْمَحَى سَطْرُ الطَّلَاقِ فَلَا وُقُوعَ وَقِيلَ إنْ قَالَ كِتَابِي هَذَا أَوْ الْكِتَابَ لَمْ يَقَعْ أَوْ كِتَابِي وَقَعَ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ، وَنَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ، أَمَّا لَوْ قَالَ إذَا جَاءَك خَطِّي فَأَنْت طَالِقٌ فَذَهَبَ بَعْضُهُ وَبَقِيَ الْبَعْضُ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا بَقِيَ ذِكْرُ الطَّلَاقِ، وَخَرَجَ بِكَتْبِ مَا لَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ فَكَتَبَ وَنَوَى هُوَ فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَمَرَهُ بِالْكِتَابَةِ أَوْ كِنَايَةٍ أُخْرَى وَبِالنِّيَّةِ فَامْتَثَلَ وَنَوَى وَبِقَوْلِهِ فَأَنْتِ طَالِقٌ مَا لَوْ كَتَبَ كِنَايَةً كَأَنْتِ خَلِيَّةٌ فَلَا يَقَعُ وَإِنْ نَوَى إذْ لَا يَكُونُ لِلْكِنَايَةِ كِنَايَةٌ عَلَى مَا حَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الرَّافِعِيِّ، وَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الَّذِي فِيهِ الْجَزْمُ بِالْوُقُوعِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّا إذَا اعْتَبِرْنَا الْكِتَابَةَ قَدَّرْنَا أَنَّهُ تَلَفَّظَ بِالْمَكْتُوبِ (وَإِنْ) (كَتَبَ إذَا قَرَأْت كِتَابِي وَهِيَ قَارِئَةٌ فَقَرَأَتْهُ) أَيْ صِيغَةَ الطَّلَاقِ مِنْهُ نَظِيرُ مَا مَرَّ وَإِنْ لَمْ تَفْهَمْهُ أَوْ طَالَعَتْهُ وَفَهِمَتْ مَا فِيهِ وَإِنْ لَمْ تَتَلَفَّظْ بِشَيْءٍ كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ اتِّفَاقِ عُلَمَائِنَا (طَلُقَتْ) لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ، نَعَمْ لَوْ قَالَ الزَّوْجُ إنَّمَا أَرَدْت الْقِرَاءَةَ بِاللَّفْظِ قُبِلَ قَوْلُهُ فَلَا تَطْلُقُ إلَّا بِهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ إطْلَاقِ قِرَاءَتِهَا إيَّاهُ عَلَى مُطَالَعَتِهَا إيَّاهُ وَإِنْ لَمْ تَتَلَفَّظْ بِهِ وَمِنْ جَوَازِ إجْرَاءِ ذِي الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ الْقُرْآنَ عَلَى قَلْبِهِ وَنَظَرِهِ فِي الْمُصْحَفِ ظَاهِرٌ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ ظَنِّهِ كَوْنِهَا أُمِّيَّةً أَوْ لَا إذْ اللَّفْظُ لَا يَنْصَرِفُ عَنْ حَقِيقَتِهِ إلَّا عِنْدَ التَّعَذُّرِ وَمُجَرَّدُ ظَنِّهِ لَا يَصْرِفُهُ عَنْهَا (وَإِنْ قُرِئَ عَلَيْهَا فَلَا) طَلَاقَ (فِي الْأَصَحِّ) لِعَدَمِ قِرَاءَتِهَا مَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْكِتَابِ ثُمَّ عَلَّقَ بِوُصُولِ الطَّلَاقِ طَلُقَتْ بِوُصُولِ الْكِتَابِ طَلْقَتَيْنِ أَوْ بِوُصُولِ نِصْفِ الْكِتَابِ فَوَصَلَ كُلُّهُ طَلُقَتْ اهـ. وَيَنْبَغِي إذَا عَلَّقَ بِوُصُولِ الْكِتَابِ وَبِوُصُولِ نِصْفِهِ أَنْ تَطْلُقَ طَلْقَتَيْنِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُ سم كَوُصُولِ بَعْضِهِ: أَيْ فَإِنْ قَرَأَتْ مَا فِيهِ صِيغَةُ الطَّلَاقِ طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا، اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِنِصْفِ الْكِتَابِ هَلْ هُوَ نِصْفُ الْوَرَقَةِ الْمَكْتُوبِ فِيهَا أَوْ نِصْفُ الْحُرُوفِ، وَعَلَيْهِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ نِصْفُ عَدَدِهَا وَلَوْ مُلَفَّقَةً مِنْ كَلَامٍ مُخْتَلِفٍ أَوْ نِصْفِ كَلِمَاتِهِ مُنْتَظِمَةً مُتَوَالِيَةً مِنْ الْأَوَّلِ وَمِنْ الْآخِرِ (قَوْلُهُ كَهَذِهِ الصِّيغَةِ) أَيْ قَوْلُهُ وَإِنْ كَتَبَ إذَا إلَخْ (قَوْلُهُ فَإِنْ انْمَحَى إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ إنْ قَالَ) أَيْ وَقَدْ انْمَحَى غَيْرُ سَطْرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ مَا لَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ) أَيْ بِكِتَابَةِ طَلَاقِ زَوْجَتِهِ وَلَوْ بِقَوْلِهِ اُكْتُبْ زَوْجَةَ فُلَانٍ طَالِقٌ (قَوْلُهُ: وَنَوَى هُوَ) أَيْ الْآمِرُ عِنْدَ كِتَابَةِ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: أَوْ كِنَايَةٍ أُخْرَى وَبِالنِّيَّةِ) يُرَادُ أَنَّ هَذَا التَّوْكِيلَ فِي التَّعْلِيقِ وَمَرَّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ أَمْرُهُ بِالْكِتَابَةِ بِطَلَاقٍ مُنَجَّزٍ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ كَوْنُ النِّيَّةِ مِنْ الْآتِي بِالْكِتَابَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي النِّيَّةُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْكِتَابَةُ مِنْ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: فَامْتَثَلَ وَنَوَى) أَيْ فَإِنَّهُ يَقَعُ (قَوْلُهُ: وَبِقَوْلِهِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَخَرَجَ بِ كَتَبَ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الَّذِي فِيهِ) أَيْ الرَّافِعِيُّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الصَّحِيحُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَفَهِمْت مَا فِيهِ) أَيْ لِأَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ قِرَاءَةً عُرْفًا (قَوْلُهُ: قُبِلَ قَوْلُهُ) أَيْ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ ظَاهِرٌ) أَيْ وَهُوَ أَنَّ الْمَقْصُودَ ثَمَّ عَدَمُ تَعْظِيمِ الْقُرْآنِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ بِالْإِجْرَاءِ مِنْ غَيْرِ تَلَفُّظٍ، وَالْمَقْصُودَ هُنَا وُجُودُ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ مِنْ مُجَرَّدِ الْإِعْلَامِ وَقَدْ وُجِدَ (قَوْلُهُ: عَدَمُ الْفَرْقِ) أَيْ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ فَلَا طَلَاقَ) أَيْ وَإِنْ ظَنَّهَا حَالَ التَّعْلِيقِ أُمِّيَّةً ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ كِتَابِي وَقَعَ) أَيْ وَهُوَ صُورَةُ الْمَتْنِ، وَحِينَئِذٍ فَلَكَ أَنْ تَقُولَ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ مَا فِي هَذَا الْقِيلِ بِالنِّسْبَةِ لِصُورَةِ الْمَتْنِ وَبَيْنَ الْمَتْنِ مَعَ مَا أَرْدَفَهُ بِهِ الشَّارِحُ فَمَا وَجْهُ الْمُقَابَلَةِ بِقِيلَ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ بَعْدَ أَنْ عَبَّرَ بِمِثْلِ مَا فِي الْمَتْنِ نَصُّهَا: وَلَوْ انْمَحَى إلَّا مَوْضِعَ الطَّلَاقِ طَلُقَتْ لِوُصُولِ الْمَقْصُودِ وَقِيلَ لَا، وَقِيلَ تَطْلُقُ إنْ قَالَ كِتَابِي كَمَا ذَكَرَ لَا إنْ قَالَ كِتَابِي هَذَا أَوْ الْكِتَابُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِكَتَبَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ كَتَبَ نَاطِقٌ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ قَالَ الزَّوْجُ إلَخْ) هُوَ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ طَالَعَتْهُ وَفَهِمَتْ مَا فِيهِ إلَخْ، وَفِي نُسْخَةٍ تَقْدِيمُ هَذَا

[فصل في تفويض الطلاق إليها]

إمْكَانِهَا، وَإِنَّمَا انْعَزَلَ الْقَاضِي فِي نَظِيرِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِي الْحُكَّامِ أَنْ يُقْرَأَ عَلَيْهِمْ الْمَكَاتِيبُ فَالْقَصْدُ إعْلَامُهُ دُونَ قِرَاءَتِهِ بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا، وَأَيْضًا فَالْعَزْلُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ فَتَعَيَّنَ إرَادَةُ إعْلَامِهِ بِهِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ. وَالثَّانِي تَطْلُقُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ اطِّلَاعُهَا عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ وَقَدْ وُجِدَ (وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَارِئَةً فَقُرِئَ عَلَيْهَا طَلُقَتْ) إنْ عَلِمَ الزَّوْجُ بِأَنَّهَا أُمِّيَّةً لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي حَقِّ الْأُمِّيِّ مَحْمُولَةٌ عَلَى الِاطِّلَاعِ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ وَقَدْ وُجِدَ، بِخِلَافِ مَا إذَا جَهِلَ حَالَهَا فَلَا تَطْلُقُ نَظَرًا إلَى حَقِيقَةِ اللَّفْظِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: مَفْهُومُهُ اشْتِرَاطُ قِرَاءَتِهِ عَلَيْهَا فَلَوْ طَالَعَهُ وَفَهِمَهُ أَوْ قَرَأَهَا خَالِيًا ثُمَّ أَخْبَرَهَا بِذَلِكَ لَمْ تَطْلُقْ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِذَلِكَ إذْ الْغَرَضُ الِاطِّلَاعُ عَلَى مَا فِيهِ، وَبَقِيَ مَا لَوْ عَلَّقَ بِقِرَاءَتِهَا وَكَانَتْ قَارِئَةً وَهُوَ يَعْلَمُ ثُمَّ نَسِيَتْ الْقِرَاءَةَ أَوْ عَمِيَتْ ثُمَّ جَاءَ الْكِتَابُ هَلْ تَطْلُقُ بِقِرَاءَةِ غَيْرِهَا وَلَوْ عَلَّقَهُ بِقِرَاءَتِهَا عَالِمًا بِأَنَّهَا غَيْرُ قَارِئَةٍ ثُمَّ تَعَلَّمَتْ وَوَصَلَ كِتَابُهُ هَلْ تَكْفِي قِرَاءَةُ غَيْرِهَا؟ الظَّاهِرُ الِاكْتِفَاءُ فِي الثَّانِيَةِ نَظَرًا إلَى حَالَةِ التَّعْلِيقِ وَعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ فِي الْأُولَى لِذَلِكَ وَلَا نَقْلَ عِنْدِي فِيهِمَا. فَصْلٌ فِي تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ إلَيْهَا، وَمِثْلُهُ تَفْوِيضُ الْعِتْقِ لِلْقِنِّ (لَهُ تَفْوِيضُ طَلَاقِهَا) أَيْ الْمُكَلَّفَةِ لَا غَيْرِهَا (إلَيْهَا) بِالْإِجْمَاعِ وَاحْتَجُّوا لَهُ أَيْضًا «بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيَّرَ نِسَاءَهُ بَيْنَ الْمُقَامِ مَعَهُ وَبَيْنَ مُفَارَقَتِهِ لَمَّا نَزَلَ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [الأحزاب: 28] » ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَارِئَةً) أَيْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: فَقُرِئَ عَلَيْهَا طَلُقَتْ) لَوْ قُرِئَ عَلَيْهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَهِيَ نَائِمَةٌ أَوْ مُغْمًى عَلَيْهَا أَوْ مَجْنُونَةٌ فَهَلْ يَكْفِي لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ عَلَى صِفَةٍ أَوْ لَا لِعَدَمِ تَأَهُّلِهَا لِسَمَاعِ الْكِتَابِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ مَقْصُودَ الزَّوْجِ اطِّلَاعُهَا عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا جَهِلَ حَالَهَا) أَيْ كَوْنَهَا قَارِئَةً (قَوْلُهُ: فَلَا تَطْلُقُ) أَيْ بِالْقِرَاءَةِ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ فَلَوْ طَالَعَهُ أَيْ الْغَيْرُ (قَوْلُهُ: أَوْ قَرَأَهَا) أَيْ الصِّيغَةَ. وَقَوْلُهُ لَمْ تَطْلُقْ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِذَلِكَ) أَيْ فِي الْوُقُوعِ وَهُوَ مُعْتَمَدُ حَجّ وَنَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الشَّارِحِ عَدَمَ الْوُقُوعِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَعَلَّمَتْ وَوَصَلَ كِتَابُهُ) الْمُتَبَادَرُ مِنْ هَذَا الصَّنِيعِ أَنَّهَا إذَا قَرَأَتْهُ بِنَفْسِهَا طَلُقَتْ مِنْ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ التَّعْلِيقِ قِرَاءَةُ غَيْرِهَا لِلْعِلْمِ بِأُمِّيَّتِهَا وَلَعَلَّ وَجْهَهُ مَا فُهِمَ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ أَنَّ التَّعْلِيقَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ يُرَادُ مِنْهُ مُجَرَّدُ الْإِعْلَامِ لَا خُصُوصُ قِرَاءَةِ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: هَلْ تَكْفِي) أَيْ لَا تَكْفِي قِرَاءَتُهَا (قَوْلُهُ: الِاكْتِفَاءُ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ وَإِنْ قَصَدَ قِرَاءَتَهَا بِنَفْسِهَا فَلَا يُدَيَّنُ (قَوْلُهُ وَعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ فِي الْأُولَى) أَيْ فَلَا تَطْلُقُ. (فَصْلٌ) فِي تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: فِي تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ وُقُوعِ وَاحِدَةٍ أَوْ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ: وَاحْتَجُّوا لَهُ) إنَّمَا عَبَّرَ بِهِ لَمَّا قِيلَ لَيْسَ فِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ بَلْ مُجَرَّدُ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْمُقَامِ وَالْفِرَاقِ، فَمَنْ اخْتَارَتْ الْفِرَاقَ أَنْشَأَ طَلَاقَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالِاسْتِدْرَاكِ عَلَى قَوْلِهِ وَالْأَوْجَهُ إلَخْ وَهِيَ أَنْسَبُ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَفْهُومُهُ) يَعْنِي مَا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَلَا نَقْلَ عِنْدِي فِيهِمَا) هُوَ آخِرُ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ أَنْ يُعْقِبَهُ بِقَوْلِهِ. اهـ. [فَصْلٌ فِي تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ إلَيْهَا] (فَصْلٌ) فِي تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ

إلَى آخِرِهِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِاخْتِيَارِهِنَّ الْفُرْقَةَ أَثَرٌ لَمْ يَكُنْ لِتَخْيِيرِهِنَّ مَعْنًى، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا طَلِّقِينِي فَقَالَتْ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا كَانَ كِنَايَةً إنْ نَوَى التَّفْوِيضَ إلَيْهَا وَهِيَ تَطْلِيقُ نَفْسِهَا طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا، ثُمَّ إنْ نَوَى مَعَ التَّفْوِيضِ إلَيْهَا عَدَدًا وَقَعَ وَإِلَّا فَوَاحِدَةً وَإِنْ ثَلَّثَتْ كَمَا يَأْتِي، وَلَوْ فَوَّضَ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ إلَى رَجُلَيْنِ فَطَلَّقَ أَحَدُهُمَا وَاحِدَةً وَالْآخِرُ ثَلَاثًا فَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ فِي الْمُعْتَمَدِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَقَعُ وَاحِدَةً لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهَا وَاخْتِلَافِهِمَا فِيمَا زَادَ فَيَثْبُتُ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ وَيَسْقُطُ مَا اخْتَلَفَا فِيهِ (وَهُوَ تَمْلِيكٌ) لِلطَّلَاقِ (فِي الْجَدِيدِ) لِأَنَّ تَطْلِيقَهَا نَفْسَهَا مُتَضَمَّنٌ لِلْقَبُولِ (فَيُشْتَرَطُ لِوُقُوعِهِ تَطْلِيقُهَا عَلَى فَوْرٍ) لِأَنَّ التَّمْلِيكَ يَقْتَضِيهِ، فَلَوْ أَخَّرَتْ بِقَدْرِ مَا يَنْقَطِعُ بِهِ الْقَبُولُ عَنْ الْإِيجَابِ ثُمَّ طَلَّقَتْ لَمْ يَقَعْ. نَعَمْ لَوْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ كَيْفَ يَكُونُ تَطْلِيقِي لِنَفْسِي ثُمَّ قَالَتْ طَلَّقْت وَقَعَ لِأَنَّهُ فَصْلٌ يَسِيرٌ قَالَهُ الْقَفَّالُ، وَظَاهِرُهُ اغْتِفَارُ الْفَصْلِ الْيَسِيرِ إذَا كَانَ غَيْرَ أَجْنَبِيٍّ كَمَا مَثَّلَ بِهِ، وَأَنَّ الْفَصْلَ بِالْأَجْنَبِيِّ يَضُرُّ مُطْلَقًا كَسَائِرِ الْعُقُودِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ، وَالْأَوْجَهُ اغْتِفَارُ الْيَسِيرِ وَلَوْ أَجْنَبِيًّا كَالْخُلْعِ، وَفِي الْكِفَايَةِ مَا يُؤَيِّدُهُ، وَمَحَلُّ مَا مَرَّ مَا لَمْ يُعَلِّقْ بِمَتَى شِئْت، فَإِنْ عَلَّقَ بِهَا لَمْ يُشْتَرَطْ فَوْرٌ وَإِنْ اقْتَضَى التَّمْلِيكُ اشْتِرَاطَهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّنْبِيهِ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَالْأَصْفُونِيُّ وَالْحِجَازِيُّ وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَنَقَلَهُ فِي التَّدْرِيبِ عَنْ النَّصِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (وَإِنْ قَالَ) لِمُطَلَّقَةٍ التَّصَرُّفُ لَا لِغَيْرِهَا كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْخُلْعِ (طَلِّقِي نَفْسَك بِأَلْفٍ فَطَلَّقَتْ بَانَتْ وَلَزِمَهَا أَلْفٌ) وَإِنْ لَمْ تَقُلْ بِالْأَلْفِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُ وَيَكُونُ تَمْلِيكًا بِعِوَضٍ كَالْبَيْعِ وَمَا قَبْلَهُ كَالْهِبَةِ (وَفِي قَوْلٍ تَوْكِيلٌ) كَمَا لَوْ فَوَّضَ طَلَاقَهَا الْأَجْنَبِيُّ (فَلَا يُشْتَرَطُ) عَلَى هَذَا الْقَوْلِ (فَوْرٌ) فِي تَطْلِيقِهَا (فِي الْأَصَحِّ) نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ. وَالثَّانِي ـــــــــــــــــــــــــــــSوَمِنْ ثَمَّ قَالَ تَعَالَى فَتَعَالَيْنَ الْآيَةَ (قَوْلُهُ: إلَى آخِرِهِ) إنَّمَا قَالَ إلَخْ وَلَمْ يَقُلْ الْآيَةَ لِكَوْنِ الدَّلِيلِ أَكْثَرَ مِنْ آيَةٍ (قَوْلُهُ: فَقَالَتْ أَنْتَ طَالِقٌ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي فَإِنَّهُ صَرِيحٌ لِأَنَّهَا أَتَتْ بِمَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ طَلِّقِينِي. [فَرْعٌ] فِي سم عَلَى حَجّ: وَكَتَبَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك كَانَ كِنَايَةَ تَقْوِيضٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ انْتَهَى (قَوْلُهُ: كَانَ كِنَايَةً) أَيْ مِنْهُمَا، وَقَوْلُهُ وَهِيَ: أَيْ نَوَتْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ نَوَى مَعَ التَّفْوِيضِ إلَيْهَا عَدَدًا وَقَعَ) ظَاهِرُهُ أَنَّ مَا نَوَاهُ يَقَعُ بِقَوْلِهَا ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَنْوِ أَوْ ذَكَرَتْ دُونَ مَا نَوَاهُ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ فَطَلَّقَ أَحَدُهُمَا وَاحِدَةً) وَيَنْبَغِي أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ فَوَّضَ إلَيْهِمَا فِي الطَّلَاقِ عَلَى أَنْ يُوقِعَاهُ مَعًا فَفَعَلَا ذَلِكَ فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ، أَمَّا لَوْ أَذِنَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي الطَّلَاقِ عَلَى انْفِرَادِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ ثِنْتَانِ لِأَنَّ كُلًّا أَتَى بِمَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ غَايَتُهُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ مِنْ الْمَوْقِعِ لِلثَّلَاثِ يَلْغُو لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِيهِ (قَوْلُهُ: فِي الْمُعْتَمَدِ) اسْمُ كِتَابٍ (قَوْلُهُ: وَيَسْقُطُ مَا اخْتَلَفَا فِيهِ) وَلَا يُشْتَرَطُ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فَوْرٌ مِنْهُمَا لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ التَّفْوِيضَ لِلْأَجْنَبِيِّ تَوْكِيلٌ لَا تَمْلِيكٌ (قَوْلُهُ: ثُمَّ طَلَّقَتْ لَمْ يَقَعْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ جُهِلَتْ الْفَوْرِيَّةُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمَا عَلَّلَ بِهِ مِنْ أَنَّ التَّمْلِيكَ لَا يُؤَخَّرُ (قَوْلُهُ: كَمَا جَزَمَ بِهِ) أَيْ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْفَوْرِيَّةِ فِي مَتَى (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) خِلَافًا لحج. (قَوْلُهُ: لَا لِغَيْرِهَا) أَيْ أَمَّا غَيْرُ مُطْلَقَةِ التَّصَرُّفِ فَيَنْبَغِي أَنَّهَا إذَا فَعَلَتْ تَطْلُقُ رَجْعِيًّا وَيَلْغُو ذِكْرُ الْمَالِ، ثُمَّ رَأَيْته صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ السَّابِقِ أَوَّلَ الْخُلْعِ (قَوْلُهُ: كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُ) قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَلَوْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ قَالَ الْقَاضِي الطَّبَرِيُّ: الَّذِي عِنْدِي أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ اهـ شَرْحُ رَوْضِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَانَ كِنَايَةً) أَيْ مِنْهُ وَمِنْهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ فَوَّضَ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ إلَى رَجُلَيْنِ) أَيْ مَعَ تَفْوِيضِ الْعَدَدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، إذْ لَوْ لَمْ تُفَوِّضْ لَهُمَا الْعَدَدَ فَلَا تَرَدُّدَ فِي أَنَّهُ لَا تَقَعُ إلَّا وَاحِدَةً بِكُلِّ حَالٍ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَحْثٍ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ تَطْلِيقَهَا نَفْسَهَا مُتَضَمِّنٌ لِلْقَبُولِ) هَذَا مُقَدَّمٌ مِنْ تَأْخِيرٍ إذْ هُوَ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ فَيُشْتَرَطُ لِوُقُوعِهِ تَطْلِيقَهَا عَلَى فَوْرٍ كَمَا فِي التُّحْفَةِ وَغَيْرِهَا،

يُشْتَرَطُ لِأَنَّ التَّفْوِيضَ يَتَضَمَّنُ تَمْلِيكَهَا نَفْسَهَا بِلَفْظٍ تَأْتِي بِهِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي جَوَابًا عَاجِلًا، وَلَوْ أَتَى هُنَا بِمَتَى جَازَ التَّأْخِيرُ قَطْعًا (وَفِي اشْتِرَاطِ قَبُولِهَا) عَلَى هَذَا الْقَوْلِ (خِلَافُ الْوَكِيلِ) وَمَرَّ أَنَّ الْأَصَحَّ مِنْهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ مُطْلَقًا بَلْ عَدَمُ الرَّدِّ (وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ لَهُ الرُّجُوعُ) عَنْ التَّفْوِيضِ (قَبْلَ تَطْلِيقِهَا) لِأَنَّ كُلًّا مِنْ التَّمْلِيكِ وَالتَّوْكِيلِ يَجُوزُ لِمُوجِبِهِ الرُّجُوعُ قَبْلَ قَبُولِهِ، وَيَزِيدُ التَّوْكِيلُ بِجَوَازِ ذَلِكَ بَعْدَهُ أَيْضًا، فَلَوْ طَلُقَتْ قَبْلَ عِلْمِهَا بِرُجُوعِهِ لَمْ يَنْفُذْ. (وَلَوْ) (قَالَ إذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَطَلِّقِي) نَفْسَك (لَغَا عَلَى) قَوْلِ (التَّمْلِيكِ) لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ وَيَصِحُّ عَلَى قَوْلِ التَّوْكِيلِ لِمَا مَرَّ فِيهِ أَنَّ التَّعْلِيقَ يُبْطِلُ خُصُوصَهُ لَا عُمُومَ الْإِذْنِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَتَقَدَّمَ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِشَرْطٍ فِي الْأَصَحِّ، وَأَنَّهُ إذَا نَجَّزَهَا وَشَرَطَ لِلتَّصَرُّفِ شَرْطًا جَازَ فَلْيُتَأَمَّلْ الْجَمْعُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا هُنَاكَ فِيهِ إشَارَةٌ لِذَلِكَ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّ مَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ قَوْلِهِمْ هُنَا جَازَ يُعَارِضُهُ قَوْلُهُمْ فِي الْوَكَالَةِ لَا يَجُوزُ، لَكِنْ مُرَادُهُمْ بِ جَازَ هُنَا نَفَذَ فَقَطْ فَلَا يُنَافِي حُرْمَتَهُ، وَبِلَا يَجُوزُ، ثُمَّ إنَّهُ يَأْثَمُ بِهِ بِنَاءً عَلَى حُرْمَةِ تَعَاطِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ فَلَا يُنَافِي صِحَّتَهُ، وَمِنْ ثَمَّ عَبَّرَ بِلَا يَصِحُّ مُرَادُهُ مِنْ حَيْثُ خُصُوصُ الْإِذْنِ وَإِنْ صَحَّ مِنْ حَيْثُ عُمُومُهُ انْتَهَى مَرْدُودٌ، إذْ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ جَوَازُ التَّصَرُّفِ مَعَ الْفَسَادِ. (وَلَوْ قَالَ أَبِينِي نَفْسَك فَقَالَتْ أَبَنْت وَنَوَيَا) أَيْ هُوَ التَّفْوِيضَ بِمَا قَالَهُ وَهِيَ الطَّلَاقَ بِمَا قَالَتْهُ (وَقَعَ) لِأَنَّ الْكِنَايَةَ مَعَ النِّيَّةِ كَالصَّرِيحِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَنْوِيَا أَوْ أَحَدُهُمَا ذَلِكَ (فَلَا) يَقَعُ الطَّلَاقُ لِوُقُوعِ كَلَامِ غَيْرِ النَّاوِي لَغْوًا. (وَلَوْ) (قَالَ طَلِّقِي) نَفْسَك (فَقَالَتْ أَبَنْت) نَفْسِي (وَنَوَتْ أَوْ) قَالَ (أَبِينِي وَنَوَى فَقَالَتْ طَلَّقْت) نَفْسِي (وَقَعَ) كَمَا لَوْ تَبَايَعَا بِلَفْظٍ صَرِيحٍ مِنْ أَحَدِهِمَا وَكِنَايَةٍ مَعَ النِّيَّةِ مِنْ آخَرَ؛ هَذَا إنْ ذَكَرَا النَّفْسَ، فَإِنْ تَرَكَاهَا مَعًا فَوَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا الْوُقُوعُ إذَا نَوَتْ نَفْسَهَا كَمَا قَالَهُ الْبُوشَنْجِيُّ وَالْبَغَوِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ الْجَزْمُ بِهِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ اشْتِرَاطِ تَوَافُقِ لَفْظَيْهِمَا صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً إلَّا إنْ قُيِّدَ بِشَيْءٍ فَيُتَّبَعُ. (وَلَوْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك وَنَوَى ثَلَاثًا فَقَالَتْ طَلَّقْت وَنَوَتْهُنَّ) وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ نِيَّتَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، بَلْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهَا اتِّفَاقًا، وَقَوْلُ الشَّارِحِ عَقِبَ وَنَوَتْهُنَّ بِأَنْ عَلِمَتْ نِيَّتَهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ (فَثَلَاثٌ) لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُ الْعَدَدَ وَقَدْ نَوَيَاهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا أَوْ نَوَاهُ أَحَدُهُمَا (فَوَاحِدَةٌ) تَقَعُ دُونَ مَا زَادَ عَلَيْهَا (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ صَرِيحَ ـــــــــــــــــــــــــــــSاهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُ سم يَقَعُ الطَّلَاقُ: أَيْ رَجْعِيًّا (قَوْلُهُ وَلَوْ أَتَى هُنَا) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ (قَوْلُهُ قَبْلَ تَطْلِيقِهَا) أَيْ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ تَطْلِيقِهَا فَيَصِحُّ الرُّجُوعُ فِي أَثْنَاءِ كَلَامِهَا أَوْ مَعَهُ (قَوْلُهُ: بِجَوَازِ ذَلِكَ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْقَبُولِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ طَلُقَتْ قَبْلَ عِلْمِهَا بِرُجُوعِهِ) أَيْ وَلَكِنَّهُ بَعْدَهُ فِي الْوَاقِعِ وَلَوْ تَنَازَعَا فِي أَنَّ الطَّلَاقَ قَبْلَ الرُّجُوعِ أَوْ بَعْدَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ تَفْصِيلُ الرَّجْعَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَنْفُذْ) أَيْ عَلَى الْقَوْلَيْنِ. (قَوْلُهُ: يُبْطِلُ خُصُوصَهُ) أَيْ التَّوْكِيلُ (قَوْلُهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا) أَيْ الْوَكَالَةَ (قَوْلُهُ: فِيهِ إشَارَةٌ لِذَلِكَ) أَيْ قَوْلُهُ أَنَّ التَّعْلِيقَ يُبْطِلُ خُصُوصَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمَعْنَى هَذَا التَّعْلِيلِ كَمَا قَالَهُ فِي التُّحْفَةِ أَنَّ تَطْلِيقَهَا وَقَعَ جَوَابَ التَّمْلِيكِ فَكَانَ كَقَبُولِهِ وَقَبُولُهُ فَوْرِيٌّ (قَوْلُهُ: بَلْ عَدَمُ الرَّدِّ) يَعْنِي بَلْ الشَّرْطُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ) هُوَ الشِّهَابُ حَجّ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الضَّمَائِرَ فِي قَوْلِهِ جَازَ وَمَا بَعْدَهُ إنَّمَا تَرْجِعُ لِعَقْدِ التَّوْكِيلِ الَّذِي أَتَى بِهِ الْمُوَكِّلُ، وَقُلْنَا بِأَنَّهُ يُفْسِدُ خُصُوصَهُ دُونَ عُمُومِهِ، وَلَا تَعَرُّضَ فِيهِ لِتَصَرُّفِ الْوَكِيلِ

[فصل في بعض شروط صيغة الطلاق والمطلق]

الطَّلَاقِ كِنَايَةٌ فِي الْعَدَدِ فَاحْتَاجَ لِنِيَّتِهِ مِنْهُمَا، نَعَمْ فِيمَا إذَا لَمْ يَنْوِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لَا خِلَافَ وَكَذَا إنْ نَوَتْ هِيَ فَقَطْ وَلَوْ نَوَتْ فِيمَا إذَا نَوَى ثَلَاثًا وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ وَقَعَ مَا نَوَتْهُ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ بَعْضُ الْمَأْذُونِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ وَنَوَى ثَلَاثًا مَا لَوْ تَلَفَّظَ بِهِنَّ فَإِنَّهَا إذَا قَالَتْ طَلَّقْت وَلَمْ تَذْكُرْ عَدَدًا وَلَا نَوَتْهُ وَقَعْنَ (وَلَوْ قَالَ ثَلَاثًا فَوَحَّدَتْ) أَيْ قَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي وَاحِدَةً (أَوْ عَكْسَهُ) أَيْ وَحَّدَ فَثَلَّثَتْ (فَوَاحِدَةٌ) تَقَعُ فِيهِمَا لِدُخُولِهَا فِي الثَّلَاثِ الَّتِي فَوَّضَهَا فِي الْأُولَى وَلِعَدَمِ الْإِذْنِ فِي الزَّائِدِ عَلَيْهَا فِي الثَّانِيَةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ طَلِّقْ زَوْجَتِي؛ وَأَطْلَقَ فَطَلَّقَ الْوَكِيلُ ثَلَاثًا لَمْ يَقَعْ إلَّا وَاحِدَةٌ، وَلَوْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا إنْ شِئْت فَطَلَّقَتْ وَاحِدَةً، أَوْ وَاحِدَةً إنْ شِئْت فَطَلَّقَتْ ثَلَاثًا طَلُقَتْ وَاحِدَةً كَمَا لَوْ لَمْ يَذْكُرْ الْمَشِيئَةَ، وَإِنْ تَقَدَّمَ الْمَشِيئَةُ عَلَى الْعَدَدِ فَقَالَ طَلِّقِي نَفْسَك إنْ شِئْت وَاحِدَةً فَطَلَّقَتْ ثَلَاثًا أَوْ عَكْسُهُ لَغَا، وَشَمِلَ قَوْلُنَا قَدَّمَ الْمَشِيئَةَ عَلَى الْعَدَدِ مَا لَوْ قَدَّمَهَا عَلَى الطَّلَاقِ أَيْضًا، فَقَوْلُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ قَدَّمَهَا عَلَى الطَّلَاقِ أَيْضًا فَقَالَ إنْ شِئْت طَلِّقِي ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً كَانَ كَمَا لَوْ أَخَّرَهَا عَنْ الْعَدَدِ مَرْدُودٌ. (فَصْلٌ) فِي بَعْضِ شُرُوطِ الصِّيغَةِ وَالْمُطَلِّقِ مِنْهَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الصِّيغَةِ عِنْدَ عُرُوضِ صَارِفِهَا لَا مُطْلَقًا لِمَا يَأْتِي فِي الْهَزْلِ وَاللَّعِبِ وَنَحْوِهِمَا صَرِيحَةً كَانَتْ أَوْ كِنَايَةً قَصْدُ لَفْظِهَا مَعَ مَعْنَاهُ بِأَنْ يَقْصِدَ اسْتِعْمَالَهُ فِيهِ وَذَلِكَ مُسْتَلْزِمٌ لِقَصْدِهِمَا فَحِينَئِذٍ إذَا (مَرَّ بِلِسَانِ نَائِمٍ) أَوْ زَائِلِ عَقْلٍ بِسَبَبٍ لَمْ يَعْصِ بِهِ لَا كَالسَّكْرَانِ (طَلَاقٌ لَغَا) وَإِنْ أَجَازَهُ وَأَمْضَاهُ بَعْدَ يَقَظَتِهِ لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُ حَالَةَ تَلَفُّظِهِ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لَا خِلَافَ) أَيْ فِي وُقُوعِ الْوَاحِدَةِ (قَوْلُهُ طَلُقَتْ وَاحِدَةً) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ قَوْلُنَا) أَيْ فِي كَوْنِهِ يَلْغُو عِنْدَ التَّحَالُفِ (قَوْلُهُ: مَرْدُودٌ) لَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَ الرَّدِّ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي الرَّدِّ بِأَنَّ الظَّاهِرَ مَا ذَكَرَهُ ذَلِكَ الْبَعْضُ لِأَنَّهُ حَيْثُ أَخَّرَ الْمَشِيئَةَ عَنْ الطَّلَاقِ وَقَدَّمَهَا عَلَى الْوَاحِدَةِ كَانَ أَصْلُ الطَّلَاقِ مُعَلَّقًا عَلَى مَشِيئَتِهِ الْوَاحِدَةَ وَلَمْ تُوجَدْ، وَإِذَا قَدَّمَ الْمَشِيئَةَ عَلَى الطَّلَاقِ كَانَ الْمُعَلَّقُ طَلَاقَ الْوَاحِدَةِ عَلَى مَشِيئَتِهَا لَهَا، فَإِذَا طَلَّقَتْ الثَّلَاثَ فَقَدْ شَاءَتْ الْوَاحِدَةَ فِي ضِمْنِهَا. (فَصْلٌ) فِي بَعْضِ شُرُوطِ الصِّيغَةِ (قَوْلُهُ: لِقَصْدِهِمَا) أَيْ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى (قَوْلُهُ مَرَّ بِلِسَانِ نَائِمٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ عَصَى بِالنَّوْمِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَتْ الْمَعْصِيَةُ لِأَمْرٍ خَارِجٍ كَأَنْ نَامَ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ اسْتِيقَاظُهُ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، أَمَّا لَوْ اسْتَعْمَلَ مَا يَجْلِبُ النَّوْمَ بِحَيْثُ تَقْضِي الْعَادَةُ بِأَنَّ مِثْلَهُ يُوجِبُ النَّوْمَ فَفِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ يُقَالُ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ اسْتِعْمَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَصْلًا، وَحِينَئِذٍ فَالرَّدُّ عَلَيْهِ بِمَا يَأْتِي غَيْرُ مُلَاقٍ لِكَلَامِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ مِنْ الْوُقُوعِ (قَوْلُهُ: إذَا نَوَتْ نَفْسَهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مِنْ الزَّوْجِ نِيَّةُ نَفْسِهَا بَلْ يَكْفِي أَبِينِي حَيْثُ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ فَقَالَ سَوَاءٌ أَنَوَى هُوَ ذَلِكَ أَيْ نَفْسَهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ قَيَّدَ بِشَيْءٍ) أَيْ مِنْ صَرِيحٍ أَوْ كِنَايَةٍ (قَوْلُهُ:: نَعَمْ فِيمَا إذَا لَمْ يَنْوِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إلَخْ) وَحِينَئِذٍ فَكَانَ اللَّائِقُ أَنْ يَدْخُلَ تَحْتَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا صُورَةُ مَا إذَا لَمْ تَنْوِ هِيَ فَقَطْ كَمَا صَنَعَ الْمُحَقِّقُ الْمَحَلِّيُّ لِكَوْنِهَا مَحَلَّ الْخِلَافِ [فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ صِيغَة الطَّلَاقِ وَالْمُطَلِّقِ] (فَصْلٌ) فِي بَعْضِ شُرُوطِ الصِّيغَةِ وَالْمُطْلَقِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ عُرُوضِ صَارِفِهَا إلَخْ) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يُحْمَلُ قَوْلُهُمْ يُشْتَرَطُ قَصْدُ اللَّفْظِ لِمَعْنَاهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ نِيَّةُ إيقَاعِ الطَّلَاقِ، وَيُنَاسِبُهُ مَا قَدَّمَهُ أَوَّلَ الْبَابِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَقَعُ بِصَرِيحِهِ بِلَا نِيَّةٍ، وَقَدْ أَشَارَ الشِّهَابُ سم هُنَاكَ إلَى أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ أَنَّ مَعْنَى هَذَا الشَّرْطِ أَنْ لَا يَصْرِفَهُ عَنْ مَعْنَاهُ إلَى مَعْنًى آخَرَ، وَعَلَيْهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى هَذَا التَّقْيِيدِ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ إذَا وُجِدَ صَارِفٌ مِمَّا يَأْتِي اُحْتِيجَ حِينَئِذٍ مَعَ هَذَا الْقَصْدِ بِهَذَا الْمَعْنَى إلَى قَصْدِ إيقَاعٍ لِوُجُودِ

وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ حَالَةَ تَلَفُّظِهِ بِهِ كَانَ نَائِمًا أَوْ صَبِيًّا: أَيْ وَأَمْكَنَ وَمِثْلُهُ مَجْنُونٌ عُهِدَ لَهُ جُنُونٌ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، قَالَهُ الرُّويَانِيُّ، وَمُنَازَعَةُ الرَّوْضَةِ لَهُ فِي الْأُولَى ظَاهِرَةٌ إذْ لَا أَمَارَةَ عَلَى النَّوْمِ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى الْأَخِيرَيْنِ عَدَمُ قَبُولِ قَوْلِهِ لَمْ أَقْصِدْ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ ظَاهِرًا لِتَلَفُّظِهِ بِالصَّرِيحِ مَعَ تَيَقُّنٍ وَتَكْلِيفِهِ فَلَمْ يُمْكِنْ رَفْعُهُ هُنَا لَمْ نَتَيَقَّنْ تَكْلِيفَهُ حَالَ تَلَفُّظِهِ فَقُبِلَ فِي دَعْوَاهُ الصِّبَا أَوْ الْجُنُونُ بِقَيْدِهِ، وَلَا يُسْتَغْنَى عَنْ هَذَا بِاشْتِرَاطِهِ التَّكْلِيفَ أَوَّلَ الْبَابِ لِأَنَّ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ كَالشَّرْحِ لِذَلِكَ، عَلَى أَنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْهُ هُنَا عَدَمُ تَأْثِيرِ قَوْلِهِ أَجَزْته وَنَحْوُهُ لِأَنَّ اللَّغْوَ لَا يَنْقَلِبُ بِالْإِجَازَةِ غَيْرَ لَغْوٍ، وَلَا يُسْتَفَادُ هَذَا مِنْ قَوْلِهِ يُشْتَرَطُ لِنُفُوذِهِ التَّكْلِيفُ. (وَلَوْ سَبَقَ لِسَانُهُ بِطَلَاقٍ بِلَا قَصْدٍ) هُوَ تَأْكِيدٌ لِفَهْمِهِ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالسَّبْقِ (لَغَا) كَلَغْوِ الْيَمِينِ وَمِثْلُهُ تَلَفُّظُهُ بِهِ حَاكِيًا أَوْ تَكْرِيرُ الْفَقِيهِ لِلَفْظِهِ فِي تَصْوِيرِهِ وَدَرْسِهِ (وَلَا يَصَدَّقُ ظَاهِرًا) فِي دَعْوَاهُ سَبْقَ لِسَانِهِ أَوْ غَيْرَهُ مِمَّا يَمْنَعُ الطَّلَاقَ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ وَلِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ لِلْغَالِبِ مِنْ حَالِ الْعَاقِلِ (إلَّا بِقَرِينَةٍ) كَمَا يَأْتِي كَدَعْوَاهُ أَنَّ الْحَرْفَ الْتَفَّ عَلَيْهِ بِحَرْفٍ آخَرَ فَيُصَدَّقُ ظَاهِرًا لِظُهُورِ صِدْقِهِ حِينَئِذٍ أَمَّا بَاطِنًا فَيُصَدَّقُ مُطْلَقًا، وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهَا طَلَّقْتُك ثُمَّ قَالَ أَرَدْت أَنْ أَقُولَ طَلَبْتُك وَلَهَا قَبُولُ قَوْلِهِ هُنَا وَفِي نَظَائِرِهِ إنْ ظَنَّتْ صِدْقَهُ بِأَمَارَةٍ وَلِمَنْ ظَنَّ صِدْقَهُ أَيْضًا أَنْ لَا يَشْهَدَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَهُ. (وَلَوْ كَانَ اسْمُهَا طَالِقًا فَقَالَ لَهَا يَا طَالِقُ وَقَصْدَ النِّدَاءَ لَهَا) بِاسْمِهَا (لَمْ تَطْلُقْ) لِلْقَرِينَةِ الظَّاهِرَةِ عَلَى صِدْقِهِ لِأَنَّهُ صَرَفَهُ بِذَلِكَ عَنْ مَعْنَاهُ مَعَ ظُهُورِ الْقَرِينَةِ فِي صِدْقِهِ (وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ) بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا فَلَا تَطْلُقُ (فِي الْأَصَحِّ) حَمْلًا عَلَى النِّدَاءِ لِتَبَادُرِهِ وَغَلَبَتِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ غَيَّرَ اسْمَهَا عِنْدَ النِّدَاءِ: أَيْ بِحَيْثُ هَجَرَ الْأَوَّلَ طَلُقَتْ كَمَا لَوْ قَصَدَ طَلَاقَهَا وَإِنْ لَمْ يُغَيِّرْ وَالثَّانِي تَطْلُقُ احْتِيَاطًا وَلَوْ قَصَدَ الطَّلَاقَ طَلُقَتْ. قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالدَّوَاءِ الْمُزِيلِ لِلْعَقْلِ بِأَنَّ الْعَقْلَ مِنْ الْكُلِّيَّاتِ الَّتِي يَجِبُ حِفْظُهَا فِي سَائِرِ الْمِلَلِ، بِخِلَافِ النَّوْمِ فَإِنَّهُ قَدْ يُطْلَبُ اسْتِعْمَالُ مَا يُحَصِّلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ رَاحَةِ الْبَدَنِ فِي الْجُمْلَةِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ عَدَمِ تَقْيِيدِ النَّوْمِ فِي كَلَامِهِ بِعَدَمِ الْمَعْصِيَةِ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ أَجَازَهُ غَايَةٌ (قَوْلُهُ: عُهِدَ لَهُ جُنُونٌ) أَيْ سَابِقٌ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) أَيْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ قَبُولِ قَوْلِهِ) أَيْ الْمُطَلِّقُ (قَوْلُهُ: وَالْعِتْقُ ظَاهِرًا) أَيْ أَمَّا بَاطِنًا فَيَنْفَعُهُ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ حَيْثُ قَصَدَ عَدَمَ الطَّلَاقِ، أَمَّا لَوْ أَطْلَقَ فَلَا لِأَنَّ الصَّرِيحَ يَقَعُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ الْجُنُونُ بِقَيْدِهِ) أَيْ إمْكَانِ الصِّبَا وَعَهْدِ الْجُنُونِ. (قَوْلُهُ: سَبَقَ لِسَانُهُ أَوْ غَيْرُهُ) دَخَلَ فِيهِ مَا مَرَّ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَلَا قَرِينَةَ ثُمَّ تَدُلُّ عَلَى الصِّبَا وَالْجُنُونِ وَالنَّوْمِ الَّتِي ادَّعَاهَا فَتَأَمَّلْ، إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ عَهْدَ الْجُنُونِ وَإِمْكَانَ الصِّبَا وَالنَّوْمَ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْقَرِينَةِ لِتَقْرِيبِهَا صَدَقَةً فِيمَا قَالَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا بِقَرِينَةٍ) وَمِنْهَا مَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْت حَرَامٌ فَظَنَّ وُقُوعَ الثَّلَاثِ بِهِ فَأَخْبَرَ عَلَى مُقْتَضَى ذَلِكَ الظَّنِّ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ مُجِيبًا لِسَائِلٍ قَالَ لَهُ: أَطَلَّقْت زَوْجَتَك بِأَنَّهُ طَلَّقَ ثَلَاثًا أَوْ أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ قَالَ ظَنَنْت أَنَّ مَا جَرَى بَيْنَنَا طَلَاقٌ فَأَفْتَيْت بِخِلَافِهِ مَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ كَذَا فَأَخْبَرَ بِبُطْلَانِ الْعَقْدِ فَفَعَلَهُ وَبَانَ صِحَّةُ الْعَقْدِ لِأَنَّ بُطْلَانَ الْعَقْدِ أَجْنَبِيٌّ مِنْ الْفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ ذَيْنِك اهـ حَجّ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ أَمَّا بَاطِنًا فَيُصَدَّقُ) أَيْ فَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَاهُ وَلَوْ عَبَّرَ بِ يَنْفَعُهُ كَانَ أَوْلَى، وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا: أَيْ كَانَ هُنَاكَ قَرِينَةٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: أَنْ أَقُولَ طَلَبْتُك) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ قَرِينَةٌ، وَيَحْتَمِلُ خِلَافُهُ فَلَا يُقْبَلُ حَيْثُ لَا قَرِينَةَ وَهُوَ الظَّاهِرُ. (قَوْلُهُ: وَلَهَا قَبُولُ قَوْلِهِ) أَيْ يَجُوزُ لَهَا وَقَوْلُهُ وَلِمَنْ ظَنَّ أَيْ يَجُوزُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَهُ) أَيْ سَبْقَ اللِّسَانِ أَوْ نَحْوَهُ بِقَرِينَةٍ ظَاهِرَةٍ فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ الشَّهَادَةُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَصَدَ الطَّلَاقَ) وَبَقِيَ ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذَا الْأَمْرِ الْعَارِضِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَمْ أَقْصِدْ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ) أَيْ لَمْ أَقْصِدْ لَفْظَهُمَا بَلْ جَرَى عَلَى لِسَانِي مَثَلًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يُسْتَغْنَى عَنْ هَذَا) أَيْ مَا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ:: كَدَعْوَاهُ أَنَّ الْحَرْفَ الْتَفَّ عَلَيْهِ) أَيْ عِنْدَ وُجُودِ الْقَرِينَةِ عَلَى ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي فِي الْمَتْنِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ كَمَا يَأْتِي فِيمَنْ الْتَفَّ بِلِسَانِهِ حَرْفٌ بِآخَرَ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهَا طَلَّقْتُك إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ التَّشْبِيهَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَمَّا بَاطِنًا فَيُصَدَّقُ مُطْلَقًا بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَهُ)

الزَّرْكَشِيُّ: وَضَبْطُ الْمُصَنِّفِ يَا طَالِقْ بِالسُّكُونِ لِيُفِيدَ أَنَّهُ فِي يَا طَالِقُ بِالضَّمِّ لَا يَقَعُ: أَيْ مُطْلَقًا لِأَنَّ بِنَاءَهُ عَلَى الضَّمِّ يُرْشِدُ إلَى إرَادَةِ الْعَلَمِيَّةِ، وَفِي يَا طَالِقًا بِالنَّصْبِ يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ إلَى التَّطْلِيقِ: أَيْ مُطْلَقًا، وَيَنْبَغِي فِي الْحَالَيْنِ أَنْ لَا يَرْجِعَ لِدَعْوَى خِلَافِ ذَلِكَ اهـ. وَرُدَّ بِأَنَّ اللَّحْنَ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فِي الْوُقُوعِ وَعَدَمِهِ كَمَا يَأْتِي، وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى نَحْوِيٍّ قَصَدَ هَذِهِ الدَّقِيقَةَ، وَالْقِنُّ الْمُسَمَّى حُرًّا فِيهِ هَذَا التَّفْصِيلُ. (وَإِنْ) (كَانَ اسْمُهَا طَارِقًا أَوْ طَالِبًا) أَوْ طَالِعًا (فَقَالَ يَا طَالِقُ) (وَقَالَ أَرَدْت النِّدَاءَ) بِاسْمِهَا (فَالْتَفَّ الْحَرْفُ) بِلِسَانِي (صُدِّقَ) ظَاهِرًا لِظُهُورِ الْقَرِينَةِ، فَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ طَلُقَتْ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ وَلَمْ يُعْلَمْ مُرَادُهُ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ عَمَلًا بِظَاهِرِ الصِّيغَةِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ مِثْلَهُ فِي هَذَا كُلُّ مَنْ تَلَفَّظَ بِصِيغَةٍ ظَاهِرَةٍ فِي الْوُقُوعِ لَكِنَّهَا تَقْبَلُ الصَّرْفَ بِالْقَرِينَةِ وَإِنْ وُجِدَتْ الْقَرِينَةُ. (وَلَوْ) (خَاطَبَهَا بِطَلَاقٍ) مُعَلَّقٍ أَوْ مُنَجَّزٍ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ، وَمِثْلُهُ أَمْرُهُ لِمَنْ يُطَلِّقُهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنَّمَا أَثَّرَتْ قَرَائِنُ الْهَزْلِ فِي الْإِقْرَارِ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ الْيَقِينُ وَلِأَنَّهُ إخْبَارٌ يَتَأَثَّرُ بِهَا بِخِلَافِ الطَّلَاقِ (هَازِلًا أَوْ لَاعِبًا) بِأَنْ قَصَدَ اللَّفْظَ دُونَ الْمَعْنَى وَقَعَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِلْإِجْمَاعِ وَلِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ: «ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: الطَّلَاقُ، وَالنِّكَاحُ، وَالرَّجْعَةُ» وَخُصَّتْ لِتَأْكِيدِ أَمْرِ الْأَبْضَاعِ وَإِلَّا فَكُلُّ التَّصَرُّفَاتِ كَذَلِكَ، وَفِي رِوَايَةٍ وَالْعِتْقُ، وَخُصَّ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَيْهِ وَلِكَوْنِ اللَّعِبِ أَعَمُّ مُطْلَقًا مِنْ الْهَزْلِ عُرْفًا إذْ الْهَزْلُ يَخْتَصُّ بِالْكَلَامِ عَطَفَهُ عَلَيْهِ وَإِنْ رَادَفَهُ لُغَةً، كَذَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَجَعَلَ غَيْرُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا لَوْ قَصَدَ النِّدَاءَ وَالطَّلَاقَ فَهَلْ هُوَ مِنْ بَابِ الْمَانِعِ وَالْمُقْتَضِي وَإِذَا اجْتَمَعَا غُلِّبَ الْمَانِعُ وَهُوَ النِّدَاءُ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ أَوْ مِنْ قَبِيلِ الْمُقْتَضِي وَغَيْرِهِ فَيُغَلَّبُ الْمُقْتَضِي فَيَقَعُ الطَّلَاقُ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: طَلُقَتْ) أَيْ سَوَاءٌ هَجَرَ اسْمَهَا أَمْ لَا، وَهَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ كَمَا لَوْ قَصَدَ طَلَاقَهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ كَلَامِهِ) أَيْ الزَّرْكَشِيّ مِنْ عَدَمِ الْوُقُوعِ مَعَ الضَّمِّ وَمِنْ الْوُقُوعِ مَعَ النَّصْبِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ) أَيْ أَرَدْت النِّدَاءَ (قَوْلُهُ: حُكِمَ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ) أَيْ مِنْ وَقْتِ الصِّيغَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ وَفِي هَذَا) أَيْ فِي الْحُكْمِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ مَا لَمْ يَقُلْ أَرَدْت خِلَافَهُ (قَوْلُهُ: كَمَا شَمِلَهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمُعَلَّقِ وَالْمُنَجَّزِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ أَمْرُهُ لِمَنْ يُطَلِّقُهَا) أَيْ لَا لِمَنْ يُعَلِّقُ طَلَاقَهَا لِمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ السَّيِّدُ يُشْتَرَطُ لِنُفُوذِهِ مِنْ قَوْلِهِ أَمَّا وَكِيلُهُ أَوْ الْحَاكِمُ فِي الْمَوْلَى فَلَا يَصْلُحُ مِنْهُمَا تَعْلِيقُهُ (قَوْلُهُ: يَتَأَثَّرُ بِهَا) أَيْ الْقَرَائِنِ (قَوْلُهُ: وَخُصَّتْ) أَيْ الثَّلَاثَةُ، وَقَوْلُهُ كَذَلِكَ: أَيْ هَزْلِهَا وَجِدِّهَا سَوَاءٌ (قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةٍ) يَحْتَمِلُ أَنَّهُ بَدَّلَ الرَّجْعَةَ فَيَكُونُ التَّعْبِيرُ بِالثَّلَاثِ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى الثَّلَاثِ وَعَلَيْهِ فَالتَّقْدِيرُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَالْعِتْقُ كَهَذِهِ الثَّلَاثِ وَقَرَنَ بَيْنَ تِلْكَ الثَّلَاثِ لِتَعَلُّقِهَا بِالْأَبْضَاعِ وَشَبَّهَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْحُرِّيَّةِ بِهَا لِتَأَكُّدِهِ (قَوْلُهُ: إذْ الْهَزْلُ) عِلَّةٌ لِكَوْنِ الْهَزْلِ أَخَصَّ (قَوْلُهُ: يَخْتَصُّ بِالْكَلَامِ) أَيْ وَاللَّعِبِ قَدْ يَكُونُ بِغَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ عَطَفَهُ: أَيْ اللَّعِبَ، وَقَوْلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ فَلَا تَجُوزُ لَهُ الشَّهَادَةُ فَالْمُخَالَفَةُ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ وَلِمَنْ ظَنَّ صِدْقَهُ إلَخْ مِنْ أَنَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ بِنَاءَهُ عَلَى الضَّمِّ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم: يُتَأَمَّلُ هَذَا الْكَلَامُ مَعَ كَوْنِ الْبِنَاءِ عَلَى الضَّمِّ حُكْمَ هَذِهِ الصِّيغَةِ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ الْعِلْمِيَّةَ؛ لِأَنَّهَا نَكِرَةٌ مَقْصُودَةٌ (قَوْلُهُ: وَفِي يَا طَالِقًا بِالنَّصْبِ يَتَعَيَّنُ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ: قَدْ يُقَالُ مُجَرَّدُ يَا طَالِقًا بِالنَّصْبِ لَا يَقْتَضِي التَّطْلِيقَ إذْ لَيْسَ شَبِيهًا بِالْمُضَافِ لِعَدَمِ اتِّصَالِ شَيْءٍ بِهِ فَهُوَ نَكِرَةٌ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ نِدَاءٌ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ مُعَيَّنٌ، فَالزَّوْجَةُ غَيْرُ مُسَمَّاةٍ فِي هَذِهِ الصِّيغَةِ وَلَا مَقْصُودَةٌ بِهَا بِعَيْنِهَا، فَقَدْ يَتَّجِهُ أَنْ يُقَالَ: إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ الزَّوْجَةَ فَلَا وُقُوعَ، وَإِنْ قَصَدَهَا فَكَمَا لَوْ لَمْ يَنْصِبْ، فَقَوْلُهُ فِي الْحَالَيْنِ إلَخْ الْمُتَّجِهُ مَنْعُهُ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِأَنَّ اللَّحْنَ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ أَيْضًا: قَدْ يُقَالُ: إنَّمَا يَكُونُ لَحْنًا إنْ قُصِدَ بِهِ مُعَيَّنٌ، وَإِلَّا فَهُوَ نَكِرَةٌ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ،

بَيْنَهُمَا تَغَايُرًا، فَفَسَّرَ الْهَزْلَ بِأَنْ يَقْصِدَ اللَّفْظَ دُونَ الْمَعْنَى وَاللَّعِبَ بِأَنْ لَا يَقْصِدَ شَيْئًا، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ قَصْدُ اللَّفْظِ لَا بُدَّ مِنْهُ مُطْلَقًا بِالنِّسْبَةِ لِلْوُقُوعِ بَاطِنًا، وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَقَدْ قَصَدَ لَفْظَ الطَّلَاقِ دُونَ مَعْنَاهُ كَمَا فِي حَالِ الْهَزْلِ وَقَعَ وَلَمْ يُدَيَّنْ فِي قَوْلِهِ لَمْ أَقْصِدْ الْمَعْنَى (أَوْ وَهُوَ يَظُنُّهَا أَجْنَبِيَّةً بِأَنْ كَانَتْ فِي ظُلْمَةٍ أَوْ نَكَحَهَا لَهُ وَلِيُّهُ أَوْ وَكِيلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ) أَوْ نَاسِيًا أَنَّ لَهُ زَوْجَةٌ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ النَّصِّ وَأَقَرَّاهُ وَإِنْ بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ تَخْرِيجَهُ عَلَى حِنْثِ النَّاسِي (وَقَعَ) ظَاهِرًا وَبَاطِنًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرُهُ وَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ لِأَنَّهُ خَاطَبَ مَنْ هِيَ مَحَلُ الطَّلَاقِ. وَالْعِبْرَةُ فِي الْعُقُودِ وَنَحْوِهَا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ. نَعَمْ فِي الْكَافِي لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فِي الرُّسْتَاقِ فَذَهَبَتْ إلَى الْبَلَدِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَقِيلَ لَهُ: أَلَكَ فِي الْبَلَدِ زَوْجَةٌ؟ فَقَالَ: إنْ كَانَ لِي فِي الْبَلَدِ زَوْجَةٌ فَهِيَ طَالِقٌ. وَكَانَتْ هِيَ فِي الْبَلَدِ فَعَلَى قَوْلِي حَنِثَ النَّاسِي. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَأَكْثَرُ مَا يُلْمَحُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا صُورَةُ التَّعْلِيقِ. قِيلَ وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى إثْبَاتٍ أَوْ نَفْيٍ مُعْتَمِدًا عَلَى غَلَبَةِ ظَنِّهِ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْأَمْرَ بِخِلَافِهِ اهـ. فَسَقَطَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ مَرْدُودٌ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ إذْ هُوَ قَائِلٌ بِحِنْثِ النَّاسِي إذَا حَلَفَ عَلَى أَمْرٍ مَاضٍ، وَلَوْ كَانَ وَاعِظًا مَثَلًا وَطَلَبَ مِنْ الْحَاضِرِينَ شَيْئًا فَلَمْ يُعْطُوهُ فَقَالَ مُتَضَجِّرًا مِنْهُمْ طَلَّقْتُكُمْ وَفِيهِمْ زَوْجَتُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا: أَيْ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ عَلِمَ بِهَا لَمْ تَطْلُقْ كَمَا بَحَثَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ أَفْتَى بِخِلَافِهِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ مَعْنَى الطَّلَاقِ الشَّرْعِيِّ بَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَيْهِ: أَيْ الْهَزْلِ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ) أَيْ فِيمَا جَعَلَهُ الْغَيْرُ (قَوْلُهُ: لَا بُدَّ مِنْهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْهَزْلُ وَاللَّعِبُ وَغَيْرُهُمَا (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ اللَّفْظِ (قَوْلُهُ حِنْثِ النَّاسِي) أَيْ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ كَذَا فَنَسِيَ الْحَلِفَ فَفَعَلَهُ حَيْثُ قِيلَ فِيهِ بِالْحِنْثِ وَإِنْ كَانَ الرَّاجِحُ عَدَمَ الْحِنْثِ (قَوْلُهُ: وَقَعَ) أَيْ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (قَوْلُهُ: فَعَلَى قَوْلِي إلَخْ) أَيْ وَالرَّاجِحُ مِنْهُمَا عَدَمُ الْوُقُوعِ لَكِنَّ صَاحِبَ الْكَافِي يَقُولُ بِالْحِنْثِ وَقَدْ قَالَ عَلَى قَوْلِي حَنِثَ النَّاسِي فَيَكُونُ قَائِلًا بِالْوُقُوعِ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَالْمُعْتَمَدُ فِي مَسْأَلَةِ الرُّسْتَاقِ أَنَّهُ إنْ قَالَهُ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ دُونَ مُجَرَّدِ التَّعْلِيقِ لَمْ يَقَعْ وَإِلَّا وَقَعَ هَذَا، وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مَا نَصُّهُ: حَتَّى لَوْ قِيلَ هَذِهِ زَوْجَتُك فَقَالَ إنْ كَانَتْ زَوْجَتِي فَهِيَ طَالِقٌ وَتَبَيَّنَ الْحَالُ وَقَعَ الطَّلَاقُ، ثُمَّ قَالَ: وَأَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْوُقُوعُ فِي مَسْأَلَةِ الرُّسْتَاقِ فَلْيُرَاجَعْ، وَالرُّسْتَاقُ اسْمٌ لِلْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ (قَوْلُهُ: فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ مَا نُقِلَ عَنْ الْكَافِي وَبَيْنَ خِطَابِ الْأَجْنَبِيَّةِ بِالطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: صُورَةُ التَّعْلِيقِ) أَيْ فَلَا يَقَعُ فِي مَسْأَلَةِ الْكَافِي لِوُجُودِ التَّعْلِيقِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ فَإِنَّهُ لَا تَعْلِيقَ فِيهَا إلَّا أَنَّ هَذَا لَا يُلَائِمُ قَوْلَ الشَّارِحِ أَوَّلًا مُنَجَّزٌ أَوْ مُعَلَّقٌ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ خَاطَبَهَا إلَخْ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ) أَيْ التَّأْيِيدُ (قَوْلُهُ: مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ) أَيْ فَإِنَّ صَاحِبَ الْكَافِي يَقُولُ بِحِنْثِ النَّاسِي فَمَا ذَكَرَهُ لَا يُعَارِضُ كَلَامَ غَيْرِهِ إذْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ حِنْثِ النَّاسِي (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ) أَيْ صَاحِبُ الْكَافِي (قَوْلُهُ: شَيْئًا) أَيْ دَرَاهِمَ أَوْ غَيْرَهَا (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ مَا لَوْ عَلِمَ بِهَا) أَيْ وَكَانَتْ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ تَضَجَّرَ بِهِمْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ مَا ذُكِرَ لِلتَّضَجُّرِ أَوْ عَدَمِهِ حَيْثُ أَرَادَ بِ طَلَّقْتُكُمْ فَارَقْت مَكَانَكُمْ أَوْ أَطْلَقَ وَحُكْمهَا النَّصْب فَلَمْ حَمَلَ عَلَى الْمُعِين حَتَّى كَانَ لَحِنَّا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَحُكْمُهَا النَّصْبُ فَلِمَ حَمَلَ عَلَى الْمُعَيَّنِ حَتَّى كَانَ لَحْنًا. (قَوْلُهُ: كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمَذْهَبَ الْوُقُوعُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ مَرْدُودٌ) يَعْنِي هَذَا الْقِيلَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ فَهِمَ كَالْبُلْقِينِيِّ عَنْ صَاحِبِ الْكَافِي أَنَّهُ قَائِلٌ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ حَتَّى أَيَّدَهُ بِمَا ذَكَرَهُ، وَصَاحِبُ الْكَافِي إنَّمَا يَقُولُ بِالْوُقُوعِ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ فِي الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ بِالْحِنْثِ فَكَذَا إلَخْ الْمَبْنِيِّ، وَحِينَئِذٍ فَالشَّارِحُ إنَّمَا أَتَى بِكَلَامِهِ بِصُورَةِ الِاسْتِدْرَاكِ لِمَلْحَظِ

مَعْنَاهُ اللُّغَوِيَّ وَقَامَتْ الْقَرِينَةُ عَلَى ذَلِكَ فَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُوقِعُوا عَلَيْهِ شَيْئًا. (وَلَوْ) (لَفَظَ عَجَمِيٌّ بِهِ) أَيْ الطَّلَاقِ (بِالْعَرَبِيَّةِ) مَثَلًا إذْ الْحُكْمُ يَعُمُّ كُلَّ مَنْ تَلَفَّظَ بِهِ بِغَيْرِ لُغَتِهِ (وَلَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ لَمْ يَقَعْ) كَتَلَفُّظِهِ بِكَلِمَةِ كُفْرٍ لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهَا وَيُصَدَّقَ فِي جَهْلِهِ مَعْنَاهُ لِلْقَرِينَةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ مُخَالِطًا لِأَهْلِ تِلْكَ اللُّغَةِ بِحَيْثُ تَقْضِي الْعَادَةُ بِعِلْمِهِ بِهِ لَمْ يُصَدَّقْ ظَاهِرًا وَيَقَعُ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي (وَقِيلَ إنْ نَوَى) بِهِ (مَعْنَاهَا) أَيْ الْعَرَبِيَّةَ عِنْدَ أَهْلِهَا (وَقَعَ) لِقَصْدِهِ لَفْظَ الطَّلَاقِ لِمَعْنَاهُ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَصْدُ مَا لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ. (وَلَا يَقَعُ طَلَاقُ مُكْرَهٍ) بِغَيْرِ حَقٍّ كَمَا لَا يَصِحُّ إسْلَامُهُ لِخَبَرِ «لَا طَلَاقَ فِي إغْلَاقٍ» أَيْ إكْرَاهٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلِأَنَّهُ قَوْلٌ لَوْ صَدَرَ مِنْهُ بِاخْتِيَارِهِ لَحَنِثَ بِهِ، وَصَحَّ إسْلَامُهُ، فَإِذَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ بِبَاطِلٍ لَغَا كَالرِّدَّةِ، وَحِينَئِذٍ فَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ مُعَلَّقًا عَلَى صِفَةٍ وَوُجِدْت بِإِكْرَاهٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لَمْ تَنْحَلَّ بِهَا كَمَا لَمْ يَقَعْ بِهَا أَوْ بِحَقٍّ حَنِثَ وَانْحَلَّتْ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، نَعَمْ تَقَدَّمَ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَوْ تَكَلَّمَ فِيهَا مُكْرَهًا بَطَلَتْ لِنُدْرَةِ الْإِكْرَاهِ فِيهَا، وَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى طَلَاقِ زَوْجَةِ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِذْنِ، وَكَذَا لَوْ نَوَى الْمُكْرَهُ الْإِيقَاعَ لَكِنَّهُ الْآنَ غَيْرُ مُكْرَهٍ، وَمِنْ الْإِكْرَاهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَا لَوْ حَلَفَ لَيَطَأَنَّهَا قَبْلَ نَوْمِهِ فَغَلَبَهُ النَّوْمُ بِحَيْثُ لَمْ يَسْتَطِعْ رَدَّهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَمَكَّنَ مِنْهُ قَبْلَ غَلَبَتِهِ بِوَجْهٍ (فَإِنْ ظَهَرَ قَرِينَةُ اخْتِيَارٍ بِأَنْ) ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لَمْ يَقَعْ) أَيْ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ مَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِبِنْتِ أُخْتِ زَوْجَتِهِ عَلَيْهَا فَأَفْتَى بِأَنَّهُ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ إنَّ آخَرَ قَالَ لَهُ يُخَلِّصُك فِي ذَلِكَ الْخُلْعُ وَخَالَعَ لَهُ زَوْجَتَهُ ثُمَّ تَزَوَّجَ بِبِنْتِ أُخْتِهَا وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ عَالِمًا بِأَنَّ الْخُلْعَ طَلَاقٌ نَفَذَ الْخُلْعُ وَصَحَّ الْعَقْدُ الثَّانِي، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لِلْخُلْعِ مَعْنًى أَصْلًا بَلْ ظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ مُجَوِّزٌ لِلْعَقْدِ الثَّانِي مَعَ كَوْنِ الْأُولَى بَاقِيَةً عَلَى زَوْجِيَّتِهِ لَمْ يَصِحَّ (قَوْلُهُ وَيُصَدَّقُ فِي جَهْلِهِ مَعْنَاهُ) أَيْ وَلَا يَقَعُ بَاطِنًا إنْ كَانَ صَادِقًا، وَقَوْلُهُ وَيَقَعُ: أَيْ ظَاهِرًا. (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ حَقٍّ) مِنْهُ يُؤْخَذُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا، وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا يَعْتَادُ الْحِرَاثَةَ لِشَخْصٍ فَتَشَاجَرَ مَعَهُ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَا يَحْرُثُ لَهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ فَشَكَاهُ لِشَادِّ الْبَلَدِ فَأَكْرَهَهُ عَلَى الْحِرَاثَةِ لَهُ تِلْكَ السَّنَةَ وَهَدَّدَهُ إنْ لَمْ يَحْرُثْ لَهُ بِالضَّرْبِ وَنَحْوِهِ وَهُوَ أَنَّهُ لَا حِنْثَ لِأَنَّ هَذَا إكْرَاهٌ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَا يُشْتَرَطُ تَجْدِيدُ الْإِكْرَاهِ مِنْ الشَّادِّ الْمَذْكُورِ بَلْ يَكْفِي مَا وُجِدَ مِنْهُ أَوَّلًا حَيْثُ أَكْرَهَهُ عَلَى الْفِعْلِ جَمِيعَ السَّنَةِ عَلَى الْعَادَةِ، بَلْ لَوْ قَالَ لَهُ اُحْرُثْ لَهُ جَمِيعَ السِّنِينَ وَكَانَ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَحْرُثُ لَهُ أَصْلًا لَا فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَلَا فِي غَيْرِهَا لَمْ يَحْنَثْ مَا دَامَ الشَّادُّ مُتَوَلِّيًا تِلْكَ الْبَلْدَةِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَحْرُثْ عَاقَبَهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِعَمَلٍ فَحَلَفَ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ فَأُكْرِهَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّ هَذَا إكْرَاهٌ بِحَقٍّ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُ حَجّ: فَإِنْ عُزِلَ، وَتَوَلَّى غَيْرُهُ وَلَمْ يُكْرِهْهُ عَلَى ذَلِكَ حَنِثَ بِالْحَرْثِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَا يَصِحُّ إسْلَامُهُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ حَرْبِيًّا. أَمَّا هُوَ فَيَصِحُّ إسْلَامُهُ مَعَ الْإِكْرَاهِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ) أَيْ الطَّلَاقَ قَوْلٌ: أَيْ وَكُلُّ مَا كَانَ كَذَلِكَ إذَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ لَغَا، وَمِنْ هُنَا ظَهَرَ قَوْلُهُ نَعَمْ تَقَدَّمَ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ بِحَقٍّ حَنِثَ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: زَوْجَةِ نَفْسِهِ) أَيْ الْمُكْرِهُ بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَقَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ نَوَى الْمُكْرَهُ: أَيْ بِفَتْحِ الرَّاءِ (قَوْلُهُ: فَغَلَبَهُ) أَيْ وَلَوْ قَبْلَ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ (قَوْلُهُ: بِوَجْهٍ) أَيْ فَإِنْ تَمَكَّنَ وَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى غَلَبَهُ النَّوْمُ حَنِثَ، وَظَاهِرُ التَّعْبِيرِ بِالتَّمَكُّنِ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ الْحِنْثِ النَّوْمُ لِوُجُودِ مَنْ يَسْتَحِي مِنْ الْوَطْءِ بِحُضُورِهِمْ عَادَةً عِنْدَهُ كَمُحَرَّمَةٍ وَزَوْجَةٍ لَهُ أُخْرَى، وَلَوْ قِيلَ بِعَدَمِ الْحِنْثِ وَجَعَلَ ذَلِكَ عُذْرًا وَيُرَادُ بِالتَّمَكُّنِ التَّمَكُّنُ الْمُعْتَادُ فِي مِثْلِهِ لَمْ يَبْعُدْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخِلَافِ الْمُشْعِرِ بِهِ الْبِنَاءُ الْمَذْكُورُ فِي كَلَامِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ لَفْظِ مَعْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُحَدَّثُ عَنْهُ. وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَرُدَّ بِأَنَّ الْمَجْهُولَ لَا يَصِحُّ قَصْدُهُ (قَوْلُهُ: كَمَا لَا يَصِحُّ إسْلَامُهُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مُقِرًّا بِالْجِزْيَةِ إذْ إكْرَاهُ غَيْرِهِ بِحَقٍّ.

هِيَ بِمَعْنَى كَأَنْ، وَالْمُصَنِّفُ يَسْتَعْمِلُ ذَلِكَ فِي كَلَامِهِ كَثِيرًا (أُكْرِهَ) عَلَى طَلَاقِ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ مُبْهِمًا فَعَيَّنَ أَوْ مُعَيِّنًا فَأَبْهَمَ أَوْ (عَلَى ثَلَاثٍ فَوَحَّدَ أَوْ صَرِيحٍ أَوْ تَعْلِيقٍ فَكَنَى أَوْ نَجَّزَ أَوْ عَلَى) أَنْ يَقُولَ (طَلَّقْت فَسَرَّحَ أَوْ بِالْعُكُوسِ) أَيْ عَلَى وَاحِدَةٍ فَثَلَّثَ أَوْ كِنَايَةٍ فَصَرَّحَ أَوْ تَنْجِيزٍ فَعَلَّقَ أَوْ تَسْرِيحٍ فَطَلَّقَ (وَقَعَ) لِاخْتِيَارِهِ الْمَأْتِيِّ بِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِكْرَاهِ الْحِسِّيِّ وَالشَّرْعِيِّ، فَلَوْ حَلَفَ لِيَطَأَنَّ زَوْجَتَهُ اللَّيْلَةَ فَوَجَدَهَا حَائِضًا أَوْ لَتَصُومَنَّ غَدًا فَحَاضَتْ فِيهِ أَوْ لِيَبِيعَنَّ أَمَتَهُ الْيَوْمَ فَوَجَدَهَا حَامِلًا مِنْهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ زَيْدًا حَقَّهُ فِي هَذَا الشَّهْرِ فَعَجَزَ عَنْهُ كَمَا يَأْتِي بِخِلَافِ مَنْ حَلَفَ لَيَعْصِيَنَّ اللَّهَ وَقْتَ كَذَا فَلَمْ يَعْصِهِ حَيْثُ حَنِثَ بِدَلِيلِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي الظُّهْرَ مَثَلًا فَصَلَّاهُ حَنِثَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ حَيْثُ خَصَّ يَمِينَهُ بِالْمَعْصِيَةِ أَوْ أَتَى بِمَا يَعُمُّهَا قَاصِدًا دُخُولَهَا وَدَلَّتْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ كَمَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ مُفَارَقَةِ الْغَرِيمِ فَإِنَّ ظَاهِرَ الْمُخَاصَمَةِ وَالْمُشَاحَّةِ فِيهَا أَنَّهُ أَرَادَ لَا يُفَارِقُهُ وَإِنْ أَعْسَرَ حَنِثَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَ وَلَا قَرِينَةَ فَيُحْمَلُ عَلَى الْجَائِزِ لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ شَرْعًا وَالسَّابِقُ إلَى الْفَهْمِ. (وَشَرْطُ) حُصُولِ (الْإِكْرَاهِ) (قُدْرَةُ الْمُكْرِهِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ (عَلَى تَحْقِيقِ مَا) أَيَّ أَمْرٍ غَيْرِ مُسْتَحَقٍّ (هَدَّدَ) الْمُكْرَهَ (بِهِ) عَاجِلًا سَوَاءٌ أَكَانَتْ قُدْرَتُهُ عَلَيْهِ (بِوِلَايَةٍ أَوْ تَغَلُّبٍ) أَوْ فَرْطِ هُجُومٍ (وَعَجَزَ الْمُكْرَهُ) بِفَتْحِ الرَّاءِ (عَنْ دَفْعِهِ بِهَرَبٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَالِاسْتِغَاثَةِ (وَظَنَّهُ) بِقَرِينَةٍ عَادَةً مَثَلًا (أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ حَقَّقَهُ) أَيْ فَعَلَ بِهِ مَا خَوَّفَهُ مِنْهُ، إذْ لَا يَتَحَقَّقُ الْعَجْزُ بِدُونِ اجْتِمَاعِ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَخَرَجَ بِ غَيْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: إحْدَى امْرَأَتَيْهِ مُبْهِمًا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى التَّعْيِينِ بِأَنْ قَالَ لَهُ بِأَنْ تُعَيِّنَ إحْدَاهُمَا وَتُطَلِّقَهَا كَانَ إكْرَاهًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَكَنَى) هُوَ بِالتَّخْفِيفِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ قَالَ: الْكِنَايَةُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِشَيْءٍ وَيُرِيدَ غَيْرَهُ، وَقَدْ كَنَيْتُ بِكَذَا عَنْ كَذَا وَكَنَوْتُ أَيْضًا كِنَايَةً فِيهِمَا، ثُمَّ قَالَ: وَكَنَّاهُ أَبَا زَيْدٍ وَبِأَبِي زَيْدٍ تَكْنِيَةً كَمَا تَقُولُ سَمَّاهُ اهـ. فَجَعَلَ التَّكْنِيَةَ بِمَعْنَى وَضَعَ الْكُنْيَةَ وَالْكِنَايَةُ هِيَ التَّكَلُّمُ بِكَلَامٍ يُرِيدُ غَيْرَ مَعْنَاهُ، وَلَعَلَّ هَذَا بِحَسَبِ اللُّغَةِ، وَأَمَّا عِنْدَ أَهْلِ الشَّرْعِ فَهِيَ لَفْظٌ يَحْتَمِلُ الْمُرَادَ وَغَيْرَهُ فَيَحْتَاجُ فِي الِاعْتِدَادِ بِهِ لِنِيَّةِ الْمُرَادِ لِخَفَائِهِ، فَهُوَ نِيَّةُ أَحَدِ مُحْتَمَلَاتِ اللَّفْظِ لَا نِيَّةُ مَعْنًى مُغَايِرٍ لِمَدْلُولِهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ حَلَفَ لَيَطَأَنَّ زَوْجَتَهُ إلَخْ) أَيْ وَيَبَرَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ ذَلِكَ بِإِدْخَالِ الْحَشَفَةِ فَقَطْ مَا لَمْ يُرِدْ بِالْوَطْءِ قَضَاءَ الْوَطَرِ. (قَوْلُهُ: فَوَجَدَهَا حَائِضًا) أَقُولُ: إنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ الْحَيْضَ كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَ حَلِفِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ حَلَفَ وَهِيَ طَاهِرَةٌ ثُمَّ حَاضَتْ، فَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ وَطْئِهَا قَبْلَ الْحَيْضِ وَلَمْ يَفْعَلْ حَنِثَ وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ بِأَنْ طَرَقَهَا الدَّمُ عَقِبَ الْحَلِفِ لَمْ يَحْنَثْ كَمَا مَرَّ فِيمَنْ غَلَبَهُ النَّوْمُ، وَكَمَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ ذَا الطَّعَامِ غَدًا فَتَلِفَ الطَّعَامُ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ، فَإِنَّهُ إنْ تَمَكَّنَ مِنْ الْأَكْلِ وَلَمْ يَأْكُلْ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ: قَوْلُهُ فَوَجَدَهَا حَائِضًا وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ وَجَدَهَا مَرِيضَةً مَرَضًا لَا تُطِيقُ مَعَهُ الْوَطْءَ فَلَا حِنْثَ، وَتُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهَا (قَوْلُهُ حَامِلًا مِنْهُ) أَيْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ تُوجِبُ حُرِّيَّةَ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: فَعَجَزَ عَنْهُ) الْمُتَبَادَرُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى جُمْلَتِهِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى أَكْثَرِهِ وَلَمْ يُوفِهِ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: خَصَّ يَمِينَهُ بِالْمَعْصِيَةِ) كَلَا أُصَلِّي الظُّهْرَ فِي هَذَا الْيَوْمِ، وَقَوْلُهُ أَوْ أَتَى بِمَا يَعُمُّهَا كَلَا أُصَلِّي فِي هَذَا الْيَوْمِ قَاصِدًا بِذَلِكَ دُخُولَ صَلَاةِ الظُّهْرِ فِي مُطْلَقِ الصَّلَاةِ، (وَقَوْلُهُ قَاصِدًا دُخُولَهَا) : أَيْ الْمَعْصِيَةَ، (وَقَوْلُهُ أَنَّهُ أَرَادَ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنَّمَا حَلَفْت لِظَنِّي يَسَارَهُ لَمْ يَحْنَثْ إذَا فَارَقَهُ بِلَا اسْتِيفَاءٍ سِيَّمَا إذَا أَظْهَرَ لِمَا ادَّعَاهُ سَبَبًا كَقَوْلِهِ وَجَدْت مَعَك قَبْلَ هَذَا الْوَقْتِ دَرَاهِمَ أَخَذْتهَا مِنْ جِهَةِ كَذَا فَذَكَرَ الْمَدِينُ أَنَّهُ تَصَرَّفَ فِيهَا وَأَثْبَتَ ذَلِكَ بِطَرِيقِهِ، (وَقَوْلُهُ بِوِلَايَةٍ) وَمِنْهُ الْمِشَدُّ الْمَنْصُوبُ مِنْ جِهَةِ الْمُلْتَزِمِ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ أَيْ بِأَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ الْوَفَاءَ فِي جُزْءٍ مِنْ الشَّهْرِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَدَرَ فَلَمْ يُؤَدِّ ثُمَّ أَعْسَرَ بَعْدُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ، وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُ الشِّهَابِ حَجّ فِي آخِرِ الطَّلَاقِ أَوْ قَالَ مَتَى مَضَى يَوْمُ كَذَا مَثَلًا وَلَمْ أُوفِ فُلَانًا دَيْنَهُ فَأَعْسَرَ لَمْ يَحْنَثْ لَكِنْ بِشَرْطِ الْإِعْسَارِ مِنْ حِينِ التَّعْلِيقِ إلَى مُضِيِّ الْمُدَّةِ اهـ. وَقَوْلُ حَجّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مُسْتَحَقٍّ قَوْلُهُ لِمَنْ لَهُ عَلَيْهِ قَوَدٌ طَلِّقْهَا وَإِلَّا اقْتَصَصْت مِنْك كَمَا مَرَّ وَبِ عَاجِلًا لَأَقْتُلَنَّكَ غَدًا فَيَقَعُ فِيهِمَا، وَإِنْ عَلِمَ مِنْ عَادَتِهِ الْمُطَّرِدَةِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَمْتَثِلْ أَمْرَهُ الْآنَ يَتَحَقَّقُ الْقَتْلُ غَدًا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَوَجْهُهُ أَنَّ بَقَاءَهُ إلَى الْغَدِ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ الْإِلْجَاءُ. (وَيَحْصُلُ) الْإِكْرَاهُ (بِتَخْوِيفٍ) (بِضَرْبٍ شَدِيدٍ) فِيمَنْ يُنَاسِبُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَالصَّفْعَةُ الشَّدِيدَةُ لِذِي مُرُوءَةٍ فِي الْمَلَإِ كَذَلِكَ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الدَّارِمِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْيَسِيرَ فِي حَقِّ ذِي الْمُرُوءَةِ إكْرَاهٌ (أَوْ حَبْسٍ) طَوِيلٍ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا: أَيْ عُرْفًا، وَلِذَا بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ نَظِيرَ مَا قَبْلَهُ أَنَّ الْقَلِيلَ لِذِي الْمُرُوءَةِ إكْرَاهٌ (أَوْ إتْلَافِ مَالٍ) يَتَأَثَّرُ بِهِ، فَقَوْلُ الرَّوْضَةِ إنَّهُ لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ مَحْمُولٌ عَلَى مَالٍ قَلِيلٍ لَا يُبَالِي بِهِ كَتَخْوِيفِ مُوسِرٍ: أَيْ سَخِيٍّ بِأَخْذِ خَمْسَةِ دَنَانِيرَ كَمَا فِي حِلْيَةِ الرُّويَانِيِّ (وَنَحْوِهَا) مِنْ كُلِّ مَا يُؤْثِرُ الْعَاقِلُ الْإِقْدَامَ عَلَى الطَّلَاقِ دُونَهُ كَالِاسْتِخْفَافِ بِوَجِيهٍ بَيْنَ الْمَلَإِ وَكَالتَّهْدِيدِ بِقَتْلِ بَعْضِ مَعْصُومٍ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَإِنْ عَلَا أَوْ سَفَلَ وَكَذَا رَحِمٌ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ، وَيَتَّجِهُ أَيْضًا الْإِلْحَاقُ بِالْقَتْلِ هُنَا نَحْوَ جُرْحٍ وَفُجُورٍ بِهِ بَلْ لَوْ قَالَ لَهُ طَلِّقْ زَوْجَتَك وَإِلَّا فَجَرْت بِهَا حَالًا كَانَ إكْرَاهًا فِيمَا يَظْهَرُ، بِخِلَافِ قَوْلِ آخَرَ لَهُ طَلِّقْ وَإِلَّا قَتَلْت نَفْسِي أَوْ كَفَرْت أَوْ أَبْطَلْت صَوْمِي مَا لَمْ يَكُنْ نَحْوَ فَرْعٍ أَوْ أَصْلٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ إكْرَاهًا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ: أَيْ فِي صُورَةِ الْقَتْلِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَقِيلَ يُشْتَرَطُ قَتْلٌ، وَقِيلَ قَتْلٌ أَوْ قَطْعٌ أَوْ ضَرْبُ مَخُوفٍ) لِإِفْضَائِهِمَا إلَى الْقَتْلِ (وَلَا يُشْتَرَطُ التَّوْرِيَةُ) فِي الصِّيغَةِ كَأَنْ يَنْوِيَ بِ طَلَّقْت الْإِخْبَارَ كَاذِبًا أَوْ إطْلَاقَهَا مِنْ نَحْوِ قَيْدٍ أَوْ يَقُولُ عَقِبَهَا سِرًّا إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَدَعْوَى أَنَّ الْمَشِيئَةَ بِالْقَلْبِ تَنْفَعُ بِلَا تَلَفُّظٍ وَجْهٌ ضَعِيفٌ وَلَا فِي الْمَرْأَةِ (بِأَنْ يَنْوِيَ غَيْرَهَا) لِأَنَّهُ مُجْبَرٌ عَلَى اللَّفْظِ فَهُوَ مِنْهُ كَالْعَدَمِ (وَقِيلَ إنْ تَرَكَهَا بِلَا عُذْرٍ) كَغَبَاوَةٍ أَوْ دَهْشَةٍ (وَقَعَ) لِإِشْعَارِهِ بِالِاخْتِيَارِ، وَمِنْ ثَمَّ لَزِمَتْ الْمُكْرَهَ عَلَى الْكُفْرِ وَلَوْ قَالَ لَهُ اللُّصُوصُ لَا نَتْرُكُك حَتَّى تَحْلِفَ بِالطَّلَاقِ أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِشَرْطِ الْإِعْسَارِ إلَخْ، أَمَّا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ يَقْضِيهِ حَقَّهُ عِنْدَ آخِرِ الشَّهْرِ مَثَلًا وَأَعْسَرَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي عَيَّنَهُ لِلْوَفَاءِ لَكِنْ أَيْسَرَ قَبْلَهُ بَعْدَ الْحَلِفِ وَكَانَ يُمْكِنُهُ ادِّخَارُ مَا أَيْسَرَ بِهِ إلَى الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْحِنْثِ لِأَنَّهُ قَبْلَ الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ لَيْسَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الْوَفَاءِ إذْ لَا يَبَرُّ بِالْأَدَاءِ إلَّا فِي آخِرِ الشَّهْرِ، وَالْبِرُّ لَيْسَ مَحْصُورًا فِيمَا أَيْسَرَ بِهِ قَبْلَ الْآخِرِ فَلَيْسَ فِي إتْلَافِهِ تَفْوِيتٌ لِلْبِرِّ بِاخْتِيَارِهِ، وَلِهَذَا فَارَقَ مَا لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ ذَا الطَّعَامَ غَدًا فَأَتْلَفَهُ قَبْلَ الْغَدِ حَيْثُ قَالُوا فِيهِ بِالْحِنْثِ إذْ الْبِرُّ مَحْصُورٌ فِي ذَلِكَ الطَّعَامِ، وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِعْسَارِ هُنَا مَا مَرَّ فِي الْمُفْلِسِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَا هُنَا أَضْيَقَ فَلَا يُتْرَكُ لَهُ هُنَا جَمِيعُ مَا يُتْرَكُ لَهُ ثَمَّ، وَإِنَّمَا يُتْرَكُ لَهُ الضَّرُورِيُّ لَا الْحَاجِيُّ اهـ قُبَيْلَ بَابِ الرَّجْعَةِ، وَيُكَلَّفُ الْبَيْعَ وَلَوْ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: بِتَخْوِيفٍ) لَوْ خَوَّفَ آخَرُ بِمَا يَحْسِبُهُ مُهْلِكًا فَاحْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ مِنْ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا رَأَوْا سَوَادًا ظَنُّوهُ عَدُوًّا فَصَلَّوْا فَبَانَ خِلَافُهُ. قَالَ فِي الْبَسِيطِ: لَعَلَّ الْأَوْجَهَ عَدَمُ الْوُقُوعِ لِأَنَّهُ سَاقِطُ الِاخْتِيَارِ بِرّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فَالصَّفْعَةُ) أَيْ الضَّرْبَةُ الْوَاحِدَةُ (قَوْلُهُ: لِذِي الْمُرُوءَةِ إكْرَاهٌ) خَرَجَ بِذِي الْمُرُوءَةِ غَيْرُهُ، فَالْقَلِيلُ فِي حَقِّهِ لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ لَهُ فِي الْجُمْلَةِ كَاحْتِيَاجِهِ لِكَسْبٍ يَصْرِفُهُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عِيَالِهِ فَلَا نَظَرَ لَهُ لِأَنَّهُ بِدُونِ الْحَبْسِ قَدْ يَحْصُلُ لَهُ تَرْكُ الْكَسْبِ وَلَا يَتَأَثَّرُ بِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ إتْلَافِ مَالٍ) أَوْ أَخْذِهِ مِنْهُ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا تَفْوِيتٌ عَلَى مَالِكِهِ (قَوْلُهُ: مَالٌ) وَمِنْهُ حَبْسُ دَوَابِّهِ حَبْسًا يُؤَدِّي إلَى التَّلَفِ عَادَةً (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهَا) وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ عَزْلُهُ مِنْ مَنْصِبِهِ حَيْثُ لَمْ يَسْتَحِقَّ وِلَايَتُهُ لِأَنَّ عَزْلَهُ لَيْسَ ظُلْمًا بَلْ مَطْلُوبٌ شَرْعًا، بِخِلَافِ مُتَوَلِّيهِ بِحَقٍّ فَيَنْبَغِي أَنَّ التَّهْدِيدَ بِعَزْلِهِ مِنْهُ كَالتَّهْدِيدِ بِإِتْلَافِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا رَحِمٍ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ الصَّدِيقُ وَالْخَادِمُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا قَتَلْت نَفْسِي) أَيْ وَأَمَّا صُورَةُ الْكُفْرِ فَلَيْسَ إكْرَاهًا لِأَنَّهُ يَكْفُرُ حَالًا بِقَوْلِهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ لَزِمَتْ) أَيْ التَّوْرِيَةُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْكُفْرِ) وَهَلْ يُلْحَقُ بِالْكُفْرِ غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْمَعَاصِي حَتَّى لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الدَّلَالَةِ عَلَى امْرَأَةٍ يَزْنِي بِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَنَحْوُهُ جُرْحٍ) بِالرَّفْعِ أَوْ النَّصْبِ مَعْمُولٌ لِلْإِلْحَاقِ

لَا تُخْبِرَ بِنَا أَحَدًا كَانَ إكْرَاهًا عَلَى الْحَلِفِ فَلَا وُقُوعَ بِالْإِخْبَارِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَهُمْ وَإِنْ عَلِمَ عَدَمَ إطْلَاقِهِ إلَّا بِالْحَلِفِ لِعَدَمِ إكْرَاهِهِ عَلَى الْحَلِفِ. (وَمَنْ أَثِمَ بِمُزِيلِ عَقْلِهِ مِنْ) نَحْوِ (شَرَابٍ أَوْ دَوَاءٍ نَفَذَ طَلَاقُهُ) (وَتَصَرُّفُهُ لَهُ وَعَلَيْهِ قَوْلًا وَفِعْلًا عَلَى الْمَذْهَبِ) كَمَا مَرَّ فِي السَّكْرَانِ بِمَا فِيهِ وَاحْتَاجَ لِهَذَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْعُمُومِ لِبَيَانِ مَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَأْثَمْ بِهِ كَمُكْرَهٍ عَلَى شُرْبِ خَمْرٍ وَجَاهِلٍ بِهَا وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِيهِ لَا فِي جَهْلِ التَّحْرِيمِ إذَا لَمْ يُعْذَرْ فِيمَا يَظْهَرُ، وَكَمُتَنَاوِلِ دَوَاءٍ يُزِيلُ الْعَقْلَ لِلتَّدَاوِي فَلَا يَقَعُ طَلَاقُهُ وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ مَا دَامَ غَيْرُ مُمَيِّزٍ لِمَا يَصْدُرُ مِنْهُ لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُ (وَفِي قَوْلٍ لَا) يَنْفُذُ مِنْهُ ذَلِكَ لِمَا فِي خَبَرِ مَاعِزٍ «أَبِكَ جُنُونٌ؟ فَقَالَ لَا، فَقَالَ أَشَرِبْت الْخَمْرَ؟ فَقَالَ لَا، فَقَامَ رَجُلٌ فَاسْتَنْكَهَهُ فَلَمْ يَجِدْ فِيهِ رِيحَ خَمْرٍ إنَّ الْإِسْكَارَ يُسْقِطُ الْإِقْرَارَ» وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا فِي حُدُودِ اللَّهِ الَّتِي تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ نُفُوذُ تَصَرُّفَاتِهِ حَتَّى إقْرَارِهِ بِالزِّنَا، فَالْأَوْلَى أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْخَبَرِ أَشَرِبْت الْخَمْرَ مُتَعَدِّيًا بَلْ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَوَّزَ أَنَّ ذَلِكَ لِسُكْرٍ بِهِ لَمْ يَتَعَدَّ بِهِ فَسَأَلَهُ عَنْهُ (وَقِيلَ) يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيمَا (عَلَيْهِ) فَقَطْ كَالطَّلَاقِ دُونَ مَالِهِ كَالنِّكَاحِ. (وَلَوْ قَالَ رُبْعُكِ أَوْ بَعْضُك أَوْ جُزْؤُك) الشَّائِعُ أَوْ الْمُعَيَّنُ. قَالَ الْمُتَوَلِّي: حَتَّى لَوْ أَشَارَ لِشَعْرَةٍ مِنْهَا بِالطَّلَاقِ طَلُقَتْ (أَوْ كَبِدُك أَوْ شَعْرُك أَوْ ظُفْرُك) أَوْ سِنُّك أَوْ يَدُك وَلَوْ زَائِدًا (طَالِقٌ وَقَعَ) إجْمَاعًا فِي الْبَعْضِ وَكَالْعِتْقِ فِي الْبَاقِي وَإِنْ فَرَّقَ، نَعَمْ لَوْ انْفَصَلَ نَحْوُ أُذُنِهَا أَوْ شَعْرَةٍ مِنْهَا ثُمَّ أَعَادَتْهُ فَنَبَتَتْ ثُمَّ قَالَ أُذُنُك فَمَثَلًا طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ نَظَرًا إلَى أَنَّ الزَّائِلَ الْعَائِدَ كَاَلَّذِي لَمْ يَعُدْ، وَلِأَنَّ نَحْوَ الْأُذُنِ يَجِبُ قَطْعُهَا كَمَا يَأْتِي فِي الْجِرَاحِ، ثُمَّ الطَّلَاقُ فِي ذَلِكَ يَقَعُ عَلَى الْمَذْكُورِ أَوَّلًا ثُمَّ يَسْرِي لِلْبَاقِي، وَقِيلَ هُوَ مِنْ بَابِ التَّعْبِيرِ بِالْبَعْضِ عَنْ الْكُلِّ، فَفِي إنْ دَخَلْت فَيَمِينُك طَالِقٌ فَقُطِعَتْ ثُمَّ دَخَلَتْ يَقَعُ عَلَى الثَّانِي فَقَطْ (وَكَذَا دَمُك) طَالِقٌ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّ بِهِ قِوَامَ الْبَدَنِ كَالرُّوحِ وَالنَّفْسِ بِسُكُونِ الْفَاءِ بِخِلَافِهِ بِفَتْحِهَا (لَا فَضْلَةَ كَرِيقٍ وَعَرَقٍ) عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّ الْبَدَنَ ظَرْفٌ لَهَا فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حِلٌّ يُتَصَوَّرُ قَطْعُهُ بِالطَّلَاقِ. قِيلَ الدَّمُ مِنْ الْفَضَلَاتِ فَلَمْ يُوجَدْ شَرْطُ الْعَطْفِ بِلَا، وَيُرَدُّ بِمَنْعِ أَنَّهُ فَضْلَةٌ مُطْلَقًا لِمَا مَرَّ فِي تَعْلِيلِهِ، وَلَوْ أَضَافَهُ لِلشَّحْمِ طَلُقَتْ بِخِلَافِ السِّمَنِ عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِبَعْضِ نُسَخِ الشَّرْحِ الْكَبِيرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَوْ إنْسَانٍ يُرِيدُ قَتْلَهُ أَوْ أَخْذَ أَمْوَالِهِ فَأَخْبَرَ كَاذِبًا يَلْزَمُهُ التَّوْرِيَةُ أَمْ لَا، وَيُفَرَّقُ بِغِلَظِ أَمْرِ الْكُفْرِ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ) أَيْ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ مِنْهُمْ. (قَوْلُهُ: مِنْ نَحْوِ شَرَابٍ أَوْ دَوَاءٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَلْقَى مِنْ شَاهِقٍ فَزَالَ عَقْلُهُ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ وَفِيهِ نَظَرٌ بَرَّ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ إنْ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ يُزِيلُ عَقْلَهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِيهِ) أَيْ فِي الْجَهْلِ بِهَا (قَوْلُهُ: لِلتَّدَاوِي) أَيْ وَلَوْ اسْتَعْمَلَهُ ظَانًّا أَنَّهُ يَنْفَعُهُ فَلَا يُشْتَرَطُ لِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ تَحَقُّقُ النَّفْعِ (قَوْلُهُ: فَاسْتَنْكَهَهُ) أَيْ شَمَّ رَائِحَةَ فَمِهِ (قَوْلُهُ: إنَّ الْإِسْكَارَ) بَيَانٌ لِمَا (قَوْلُهُ: الَّتِي تُدْرَأُ) أَيْ تَدْفَعُ (قَوْلُهُ: إذْ الظَّاهِرُ كَلَامُهُمْ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ أَوْ سِنُّك) أَيْ الْمُتَّصِلُ بِهَا فِي الْجَمِيعِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ نَعَمْ لَوْ انْفَصَلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: يَجِبُ قَطْعُهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: ثُمَّ أَعَادَتْهُ فَثَبَتَتْ) هُوَ فِي نُسَخِ الشَّارِحِ بِالنُّونِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ ثَبَتَتْ بِالْمُثَلَّثَةِ وَهِيَ الصَّوَابُ، إذْ النَّابِتَةُ بِالنُّونِ لَا يَجِبُ قَطْعُهَا بَلْ يَحْرُمُ (قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ بِمَنْعِ أَنَّهُ فَضْلَةٌ مُطْلَقًا إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ مَا الْمَانِعُ مِنْ جَعْلِ كَرِيقٍ وَعَرَقٍ وَصْفًا لِفَضْلَةٍ فَيَكُونُ قَيْدًا مُخْرِجًا لِلْفَضْلَةِ الَّتِي لَيْسَتْ كَالرِّيقِ وَالْعَرَقِ مِثْلِ الدَّمِ؟ وَالْمَعْنَى: لَا كَفَضْلَةٍ مُتَّصِفَةٍ بِأَنَّهَا كَرِيقٍ وَعَرَقٍ مِنْ كُلِّ مَا لَيْسَ بِهِ قِوَامُ الْبَدَنِ كَالْبَوْلِ وَنَحْوِهِ فَتَأَمَّلْ وَلَعَلَّ هَذَا أَوْلَى مِمَّا أَجَابَ بِهِ الشَّارِحُ وَمِمَّا أَجَابَ بِهِ الشِّهَابُ سم (قَوْلُهُ: عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) فِي هَذِهِ السَّوَادَةِ مُؤَاخَذَاتٌ: مِنْهَا أَنَّ قَوْلَهُ عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ صِيغَةُ تَبَرٍّ فَلَا يُنَاسِبُهُ التَّبَرُّؤُ مِنْ ضِدِّهِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ سَوَّى إلَخْ مَعَ أَنَّهُ سَيَتَوَجَّهُ هَذَا الَّذِي تَبَرَّأَ مِنْهُ ثَانِيًا. وَمِنْهَا أَنَّ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى مَا اسْتَوْجَهَهُ مِنْ إيجَابِ ضَمَانِهِ فِي الْغَصْبِ لَا يَدُلُّ لَهُ. أَلَا تَرَى أَنَّ الصِّفَةَ تُضْمَنُ بِهِ وَهِيَ مَعْنًى قَطْعًا، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ وَأَنَّ السِّمَنَ الْعَائِدَ

وَإِنْ سَوَّى كَثِيرُونَ بَيْنَهُمَا، وَصَوَّبَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَيَدُلُّ لَهُ إيجَابُ ضَمَانِهِ فِي الْغَصْبِ وَأَنَّ السِّمَنَ الْعَائِدَ غَيْرُ الْأَوَّلِ. وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ وُقُوعِهِ بِهِ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الشَّحْمَ جِرْمٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْحِلُّ وَعَدَمُهُ وَالسِّمَنُ وَمِثْلُهُ سَائِرُ الْمَعَانِي كَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ مَعْنًى لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ذَلِكَ وَهَذَا وَاضِحٌ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْأَوْجَهَ فِي حَيَاتِك عَدَمُ وُقُوعِ شَيْءٍ بِهِ مَا لَمْ يَقْصِدْ الرُّوحَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرَادَ الْمَعْنَى الْقَائِمَ بِالْحَيِّ، وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَبِهَذَا يَتَّضِحُ مَا بَحَثَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ، وَصَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ أَنَّ عَقْلَك طَالِقٌ لَغْوٌ لِأَنَّ الْأَصَحَّ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِينَ وَالْفُقَهَاءِ أَنَّهُ عَرَضٌ وَلَيْسَ بِجَوْهَرٍ (وَكَذَا مَنِيٌّ وَلَبَنٌ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُمَا وَإِنْ كَانَ أَصِلُهُمَا دَمًا فَقَدْ تَهَيَّأَ لِلْخُرُوجِ بِالِاسْتِحَالَةِ كَالْبَوْلِ. وَالثَّانِي الْوُقُوعُ كَالدَّمِ لِأَنَّهُ أَصْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَوْ طَلَّقَ إحْدَى أُنْثَيَيْهَا طَلُقَتْ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ أَحْمَدُ الرَّسُولُ مُعَلِّلًا بِأَنَّ لَهَا أُنْثَيَيْنِ مِنْ دَاخِلِ الْفَرْجِ لَكِنْ لَمْ نَرَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ، وَلَعَلَّ قَوْلَهُمْ عُضْوٌ يَشْمَلُهُ لِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِعَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ (وَلَوْ قَالَ لِمَقْطُوعَةِ يَمِينٍ يَمِينُك طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ) وَإِنْ الْتَصَقَتْ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا ذَكَرُك أَوْ لِحْيَتُك طَالِقٌ، وَالتَّعْبِيرُ عَنْ الْكُلِّ بِالْبَعْضِ إنَّمَا يَتَأَتَّى فِي بَعْضٍ مَوْجُودٍ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْبَاقِي، وَصَوَّرَ الرُّويَانِيُّ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا فَقَدَتْ يَمِينَهَا مِنْ الْكَتِفِ فَيَقْتَضِي وُقُوعَهُ فِي الْمَقْطُوعَةِ مِنْ الْكَفِّ أَوْ الْمِرْفَقِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْيَدَ هَلْ تُطْلَقُ إلَى الْمَنْكِبِ أَوْ لَا. (وَلَوْ قَالَ أَنَا مِنْك طَالِقٌ وَنَوَى تَطْلِيقَهَا) أَيْ إيقَاعَ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا (طَلُقَتْ) لِأَنَّ عَلَيْهِ حَجْرًا مِنْ جِهَتِهَا إذْ لَا يَنْكِحُ مَعَهَا نَحْوَ أُخْتِهَا وَلَا أَرْبَعًا سِوَاهَا مَعَ مَا لَهَا عَلَيْهِ مِنْ الْحُقُوقِ وَالْمُؤَنِ فَصَحَّ إضَافَةُ الطَّلَاقِ إلَيْهِ عَلَى حِلِّ السَّبَبِ الْمُقْتَضِي لِهَذَا الْحَجْرِ مَعَ النِّيَّةِ، وَقَوْلُهُ مِنْك كَالرَّوْضَةِ مِثَالٌ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَمِنْ ثَمَّ حَذَفَهَا الدَّارِمِيُّ ثُمَّ إنْ اتَّحَدَتْ زَوْجَتُهُ فَظَاهِرٌ وَإِلَّا فَمَنْ قَصَدَهَا (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقًا) أَيْ إيقَاعَهُ (فَلَا) يَقَعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ بِإِضَافَتِهِ لِغَيْرِ مَحَلِّهِ خَرَجَ عَنْ صَرَاحَتِهِ فَاشْتَرَطَ قَصْدَ الْإِيقَاعِ لِصَيْرُورَتِهِ كِنَايَةً كَمَا تَقَرَّرَ (وَكَذَا إنْ لَمْ يَنْوِ إضَافَةً إلَيْهَا) وَإِنْ نَوَى أَصْلَ الطَّلَاقِ أَوْ طَلَاقَ نَفْسِهِ خِلَافًا لِجَمْعٍ لَا تَطْلُقُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهَا الْمَحَلُّ دُونَهُ وَاللَّفْظُ مُضَافٌ لَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةٍ صَارِفَةٍ تَجْعَلُ الْإِضَافَةَ لَهُ، وَلَوْ فَوَّضَ إلَيْهَا طَلَاقَهَا فَقَالَتْ لَهُ أَنْتَ طَالِقٌ فَقَدْ مَرَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ حَلَّتْهَا الْحَيَاةُ وَقَعَ الطَّلَاقُ لِامْتِنَاعِ قَطْعِهَا حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: وَصَوَّبَهُ) أَيْ التَّسْوِيَةُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) أَيْ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الشَّحْمِ وَالسِّمَنِ خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: وَهَذَا وَاضِحٌ) أَيْ هَذَا التَّوْجِيهُ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْحِنْثِ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ أَرَادَ) أَيْ فَلَا تَطْلُقُ (قَوْلُهُ: كَالدَّمِ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى الْوُقُوعِ بِالْإِضَافَةِ إلَى الدَّمِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِحْيَتُك طَالِقٌ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ وَمَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهَا لِحْيَةٌ وَإِنْ قَلَّتْ (قَوْلُهُ: هَلْ تَطْلُقُ إلَى الْمَنْكِبِ) وَالرَّاجِحُ أَنَّهَا تَطْلُقُ إلَى الْمَنْكِبِ فَمَتَى بَقِيَ مِنْ مُسَمَّى الْيَدِ جُزْءٌ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِإِضَافَتِهِ لَهُ وَإِنْ قَلَّ (قَوْلُهُ: طَلُقَتْ) وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ وَإِنْ ظَنَّ الزَّوْجُ أَنَّهَا لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ وَقَالَ إنَّمَا ذَكَرْت ذَلِكَ لِظَنِّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْيَمِينُ وَأَنَّهُ لَا انْعِقَادَ، وَيُوَافِقُهُ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ خَاطَبَ زَوْجَتَهُ بِالطَّلَاقِ لِظَنِّهَا أَجْنَبِيَّةً حَيْثُ عَلَّلَ الْوُقُوعَ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ وَنَحْوِهَا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَقَوْلُهُ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ إلَخْ مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ يَشْمَلُهُ: أَيْ قَوْلُ أَحْمَدَ (قَوْلُهُ: فَصَحَّ إضَافَةُ الطَّلَاقِ) عِبَارَةُ حَجّ: فَصَحَّ حَمْلُ إضَافَةِ إلَخْ، وَعَلَيْهِ فَعَلَى عَلَى بَابِهَا صِلَةُ حَمْلٍ وَأَمَّا عَلَى إسْقَاطِ لَفْظِ حَمْلٍ فَيَجُوزُ أَنَّ عَلَى بِمَعْنَى اللَّامِ وَبِهَا عَبَّرَ الْمَحَلِّيُّ (قَوْلُهُ: فَقَدْ مَرَّ) أَيْ وَهُوَ أَنَّهُ كِنَايَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQغَيْرُ الْأَوَّلِ لَا يَدُلُّ؛ لِأَنَّ الْمَعَانِيَ كَذَلِكَ بَلْ الْأَعْرَاضُ كُلُّهَا كَذَلِكَ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ. وَمِنْهَا قَوْلُهُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ وُقُوعِهِ بِهِ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الشَّحْمَ إلَخْ فِيهِ أَنَّ مَا تَضَمَّنَهُ هَذَا الْفَرْقُ مِنْ كَوْنِ السِّمَنِ مَعْنًى يُنَاقِضُ مَا قَدَّمَهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمُؤَاخَذَاتِ الَّتِي لَا تَخْفَى

[فصل في بيان محل الطلاق والولاية عليه]

فِي فَصْلِ التَّفْوِيضِ. وَالثَّانِي تَطْلُقُ لِوُجُودِ نِيَّةِ الطَّلَاقِ وَلَا حَاجَةَ لِلتَّنْصِيصِ عَلَى الْمَحَلِّ نُطْقًا أَوْ نِيَّةً. (وَلَوْ قَالَ أَنَا مِنْك) مَرَّ أَنَّهُ غَيْرُ شَرْطٍ (بَائِنٌ) أَوْ نَحْوَهَا مِنْ الْكِنَايَاتِ (اُشْتُرِطَ نِيَّةَ الطَّلَاقِ) كَسَائِرِ الْكِنَايَاتِ (وَفِي) نِيَّةِ (الْإِضَافَةِ) إلَيْهَا (الْوَجْهَانِ) فِي أَنَا مِنْك طَالِقٌ وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُهَا، وَلَا يُسْتَغْنَى عَنْ هَذِهِ بِمَا قَبْلَهَا لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ الْقَطْعُ بِنِيَّةِ الْإِضَافَةِ هُنَا وَلِأَنَّ الْمَنْوِيَّ هُنَا أَصْلُ الطَّلَاقِ وَالْإِيقَاعِ وَالْإِضَافَةِ، وَثَمَّ الْأَخِيرَانِ فَقَطْ: أَيْ نِيَّةُ إيقَاعِ الطَّلَاقِ الْمَلْفُوظِ وَإِضَافَتُهُ إلَيْهَا، وَقَوْلُ الرَّوْضَةِ إنَّ نِيَّةَ الْإِيقَاعِ تَسْتَلْزِمُ نِيَّةَ أَصْلِ الطَّلَاقِ فَيَسْتَوِيَانِ صَحِيحٌ إذْ اسْتِوَاؤُهُمَا بِهَذَا التَّقْرِيرِ لَا يَمْنَعُ حُسْنَ التَّصْرِيحِ بِمَا عُلِمَ الْمُفِيدُ لِذَلِكَ. (وَلَوْ) (قَالَ أَسْتَبْرِئُ) أَيْ أَنَا (رَحِمِي مِنْك) أَوْ أَنَا مُعْتَدٌّ مِنْك (فَلَغْوٌ) وَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ لِاسْتِحَالَتِهِ فِي حَقِّهِ (وَقِيلَ إنْ نَوَى طَلَاقَهَا وَقَعَ) لِأَنَّ الْمَعْنَى أَسْتَبْرِئُ الرَّحِمَ الَّتِي كَانَتْ لِي مِنْك. [فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَحَلِّ الطَّلَاقِ وَالْوِلَايَةِ عَلَيْهِ] ِ (خِطَابُ الْأَجْنَبِيَّةِ بِطَلَاقٍ وَتَعْلِيقُهُ) بِالرَّفْعِ وَيَصِحُّ جَرُّهُ غَيْرَ أَنَّهُ يُوهِمُ اشْتِرَاطَ الْخِطَابِ فِيهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، عَلَى أَنَّ ذِكْرَ أَصْلِ الْخِطَابِ تَصْوِيرٌ فَقَطْ (بِنِكَاحٍ) كَإِنْ تَزَوَّجْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ (وَغَيْرِهِ) كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ إنْ دَخَلَتْ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَهَا ثُمَّ دَخَلَتْ (لَغْوٌ) إجْمَاعًا فِي الْمُنَجَّزِ، وَلِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «لَا طَلَاقَ إلَّا بَعْدَ نِكَاحٍ» وَحَمْلُهُ عَلَى الْمُنَجَّزِ يَرُدُّهُ خَبَرُ الدَّارَقُطْنِيّ «يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أُمِّي عَرَضَتْ عَلَيَّ قَرَابَةً لَهَا فَقُلْت هِيَ طَالِقٌ إنْ تَزَوَّجْتهَا، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هَلْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مِلْكٌ؟ قُلْت لَا قَالَ لَا بَأْسَ» وَخَبَرُهُ أَيْضًا «سُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ رَجُلٍ قَالَ يَوْمَ أَتَزَوَّجُ فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ، فَقَالَ طَلَّقَ مَا لَا يَمْلِكُ» (وَالْأَصَحُّ صِحَّةُ تَعْلِيقِ الْعَبْدِ ثَالِثَةً كَقَوْلِهِ إنْ عَتَقْتُ) فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا (أَوْ إنْ دَخَلْت فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَيَقَعْنَ) أَيْ الثَّلَاثُ (إذَا عَتَقَ أَوْ دَخَلْت بَعْدَ عِتْقِهِ) لِأَنَّهُ مَلَكَ أَصْلَ الطَّلَاقِ فَاسْتَتْبَعَ وَلِأَنَّ مِلْكَ النِّكَاحِ مُفِيدٌ لِمِلْكِ الثَّلَاثِ بِشَرْطِ الْحُرِّيَّةِ وَقَدْ وُجِدَ. وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَحَلِّ الطَّلَاقِ وَالْوِلَايَةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالْوِلَايَةِ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ غَيْرَ أَنَّهُ) أَيْ أَنَّ جَرَّهُ يُوهِمُ إلَخْ، وَقَوْلُهُمْ يُوهِمُ يُفِيدُ أَنَّ الْحَاصِلَ مُجَرَّدُ إيهَامٍ لَا أَنَّهُ يَخْرُجُ غَيْرُ الْخِطَابِ صَرِيحًا، وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا قَالَهُ سم عَلَى حَجّ مِنْ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِالْخِطَابِ هُنَا الْمَعْنَى الْمُرَادُ فِي قَوْلِهِمْ الْحُكْمُ خِطَابُ اللَّهِ إلَخْ، فَإِنَّ تَسْمِيَةَ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى خِطَابًا لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ اشْتِمَالُهُ عَلَى إرَادَةِ خِطَابٍ بَلْ تَوْجِيهُ الْكَلَامِ نَحْوَ الْغَيْرِ وَتَعْلِيقُهُ بِهِ (قَوْلُهُ: قَرَابَةً) أَيْ ذَاتَ قَرَابَةٍ لَهَا أَوْ هِيَ بِمَعْنَى قَرِيبَةٍ (قَوْلُهُ مِلْكٌ) أَيْ زَوْجِيَّةٌ، وَقَوْلُهُ لَا بَأْسَ: أَيْ بِنِكَاحِهَا (قَوْلُهُ: طَلَّقَ مَا لَا يَمْلِكُ) وَلَوْ حَكَمَ بِصِحَّةِ تَعْلِيقِ ذَلِكَ قَبْلَ وُقُوعِهِ حَاكِمٌ يَرَاهُ نُقِضَ لِأَنَّهُ إفْتَاءٌ لَا حُكْمٌ، إذْ شَرْطُهُ إجْمَاعًا كَمَا قَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ وُقُوعُ دَعْوَى مُلْزِمَةٍ، وَقَبْلَ الْوُقُوعِ لَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ. نَعَمْ نُقِلَ عَنْ بَعْضِ الْحَنَابِلَةِ وَبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ دَعْوَى كَذَلِكَ، فَعَلَيْهِ لَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ بِذَلِكَ إذَا صَدَرَ مِمَّنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَهُوَ الْقَطْعُ بِنِيَّةِ الْإِضَافَةِ هُنَا) اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَفِي الْإِضَافَةِ الْوَجْهَانِ (قَوْلُهُ: إذْ اسْتِوَاؤُهُمَا بِهَذَا التَّقْرِيرِ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ تَعْلِيلًا لِصِحَّةِ مَا فِي الرَّوْضَةِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: فَإِنْ قُلْتَ: صَرَّحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ بِأَنَّ نِيَّةَ الْإِيقَاعِ تَسْتَلْزِمُ نِيَّةَ أَصْلِ الطَّلَاقِ فَاسْتَوَيَا. قُلْتُ: اسْتِوَاؤُهُمَا بِهَذَا التَّقْرِيرِ إلَخْ. (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَحَلِّ الطَّلَاقِ وَالْوِلَايَةِ عَلَيْهِ

تَنْجِيزَهَا فَلَا يَمْلِكُ تَعْلِيقَهَا وَعَلَى هَذَا فَيَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَتَانِ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ بَعْدَ عِتْقِهِ عَدَمَ وُقُوعِ الثَّالِثَةِ عِنْدَ مُقَارَنَةِ الدُّخُولِ لَفْظَ الْعِتْقِ لَكِنَّهُ مُشْكِلٌ بِالْقَوْلِ فِي الْبَيْعِ إنَّهُ بِآخِرِ الصِّيغَةِ يَتَبَيَّنُ مِلْكُهُ مِنْ أَوَّلِهَا، فَقِيَاسُهُ هُنَا أَنَّهُ بِآخِرِ لَفْظِ الْعِتْقِ يَتَبَيَّنُ وُقُوعُهُ مِنْ أَوَّلِهِ، وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ مِلْكَهُ لِلثَّلَاثِ مِنْ أَوَّلِهِ وَهُوَ مُقَارِنٌ لِلدُّخُولِ فِي صُورَتِنَا فَلْتَقَعْ فِيهَا، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الشَّيْخُ فِي غُرَرِهِ فَقَالَ إنْ صَارَ قَبْلَ وُجُودِ شَرْطِهِ أَوْ مَعَهُ عَتِيقًا لَكِنْ مَرَّ ثَمَّ أَنَّ الصِّحَّةَ تُقَارِنُ آخِرَ اللَّفْظِ الْمُتَأَخِّرِ (وَيَلْحَقُ) الطَّلَاقُ (رَجْعِيَّةً) لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَاتِ هُنَا وَفِي الْإِرْثِ وَفِي صِحَّةِ الظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ وَاللِّعَانِ، وَهَذِهِ الْخَمْسَةُ عَنَاهَا الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِقَوْلِهِ: الرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ فِي خَمْسِ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى (لَا مُخْتَلِعَةً) لِانْقِطَاعِ عِصْمَتِهَا بِالْكُلِّيَّةِ فِي تِلْكَ الْخَمْسِ وَغَيْرِهَا، وَخَبَرُ: الْمُخْتَلِعَةُ يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ مَوْضُوعٌ، وَوَقْفُهُ عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ ضَعِيفٌ. (وَلَوْ) (عَلَّقَهُ) أَيْ الطَّلَاقَ الصَّادِقَ بِثَلَاثٍ فَأَقَلَّ (بِدُخُولٍ) مَثَلًا (فَبَانَتْ) قَبْلَ الْوَطْءِ أَوْ بَعْدَهُ بِخُلْعٍ أَوْ فَسْخٍ (ثُمَّ نَكَحَهَا) أَيْ جَدَّدَ عَقْدَهَا (ثُمَّ دَخَلَتْ) (لَمْ يَقَعْ) بِذَلِكَ طَلَاقٌ (إنْ دَخَلَتْ فِي الْبَيْنُونَةِ) بِأَنَّ الْيَمِينَ تَنَاوَلَتْ دُخُولًا وَاحِدًا وَقَدْ وُجِدَ فِي حَالَةٍ لَا يَقَعُ فِيهَا فَانْحَلَّتْ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عَلَّقَ بِكُلَّمَا طَرَقَهَا الْخِلَافُ الْآتِي لِاقْتِضَائِهَا التَّكْرَارَ (وَكَذَا إنْ لَمْ تَدْخُلْ) فِيهَا بَلْ بَعْدَ تَجْدِيدِ النِّكَاحِ فَلَا يَقَعُ أَيْضًا (فِي الْأَظْهَرِ) لِارْتِفَاعِ النِّكَاحِ الْمُعَلَّقِ فِيهِ. وَالثَّانِي يَقَعُ لِقِيَامِ النِّكَاحِ فِي حَالَتَيْ التَّعْلِيقِ وَالصِّفَةِ، وَتَخَلُّلُ الْبَيْنُونَةِ لَا يُؤَثِّرُ لِأَنَّهُ لَيْسَ وَقْتَ الْإِيقَاعِ وَلَا وَقْتَ الْوُقُوعِ (وَفِي) قَوْلٍ (ثَالِثٍ يَقَعُ إنْ بَانَتْ بِدُونِ ثَلَاثٍ) لِأَنَّ الْعَائِدَ فِي النِّكَاحِ الثَّانِي مَا بَقِيَ مِنْ الثَّلَاثِ فَتَعُودُ بِصِفَتِهَا وَهِيَ التَّعْلِيقُ بِالْفِعْلِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا بَانَتْ بِالثَّلَاثِ لِأَنَّ الْعَائِدَ طَلْقَاتٌ جَدِيدَةٌ، هَذَا إنْ عَلَّقَ بِدُخُولٍ مُطْلَقٍ، أَمَّا لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهَا لَا بُدَّ مِنْ دُخُولِهَا الدَّارَ فِي هَذَا الشَّهْرِ أَوْ أَنَّهَا تَقْتَضِيهِ أَوْ تُعْطِيهِ دَيْنَهُ فِي شَهْرِ كَذَا ثُمَّ أَبَانَهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الشَّهْرِ وَبَعْدَ تَمَكُّنِهَا مِنْ الدُّخُولِ أَوْ تَمَكُّنِهِ مِمَّا ذَكَرَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSيَرَى ذَلِكَ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، وَتَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالْمِلْكِ بَاطِلٌ كَذَلِكَ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: فَيَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَتَانِ) اُنْظُرْ مَا فَائِدَةُ الْخِلَافِ عَلَى هَذَا وَفَائِدَتُهُ عَوْدُهَا لَهُ بِلَا مُحَلِّلٍ لِأَنَّ الطَّلْقَتَيْنِ إنَّمَا وَقَعَتَا وَهُوَ حُرٌّ فَلَا يَحْرُمَانِ فِي حَقِّهِ (قَوْلُهُ: لَفْظَ الْعِتْقِ) أَيْ لِلْعَبْدِ (قَوْلُهُ: فَلْتَقَعْ فِيهَا) اُنْظُرْ مَا فَائِدَةُ عَدَمِ وُقُوعِ الثَّالِثَةِ لَوْ قِيلَ بِهِ، فَإِنْ اسْتَوْفَى مَا لِلْأَرِقَّاءِ قَبْلَ الْعِتْقِ فَلَا تَعُودُ لَهُ إلَّا بِمُحَلِّلٍ (قَوْلُهُ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ وَقَوْلُهُ فِي غُرَرِهِ هُوَ شَرْحُ الْبَهْجَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَهُ عَتِيقًا) هُوَ مَحَلُّ الِاسْتِدْلَالِ (قَوْلُهُ: زَوْجَةٌ فِي خَمْسِ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ) أَيْ بِمَعْنَى أَنَّ الْآيَاتِ الْخَمْسَ تُفِيدُ تَعَلُّقَ الْحُكْمِ بِالزَّوْجَةِ، وَصَرَّحُوا بِأَنَّ مِنْهَا الرَّجْعِيَّةَ لَا أَنَّهُ ذَكَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْآيَاتِ الْخَمْسِ أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ لَا فِي اللِّعَانِ وَلَا فِي غَيْرِهِ، وَمِثْلُ هَذِهِ الْخَمْسَةِ غَيْرُهَا مِنْ حُرْمَةِ نِكَاحٍ نَحْوَ أُخْتِهَا فِي عِدَّتِهَا وَوُجُوبِ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى لَهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهَا الشَّافِعِيُّ لِعَدَمِ وُجُودِ مَا يَشْمَلُهَا مِنْ الْآيَاتِ. (قَوْلُهُ: جَدَّدَ عَقَدَهَا) ذِكْرُهُ إيضَاحٌ، وَإِلَّا فَالنِّكَاحُ حَقِيقَةٌ مَجَازٌ فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: الْخِلَافُ الْآتِي) وَهُوَ قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ لَمْ تَدْخُلْ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِدُخُولٍ مُطْلَقٍ) أَيْ أَوْ مُقَيَّدٍ كَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ هَذَا الشَّهْرَ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ تَمَكُّنِهِ مِمَّا ذَكَرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ أَوْ يُعْطِيهِ دَيْنَهُ (قَوْلُهُ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَيْسَ بِقَيْدٍ) كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدُ وَيَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ الْخُلْعِ. وَفِي سم عَلَى حَجّ: فَرْعٌ: اعْلَمْ أَنَّ الْبِرَّ لَا يَخْتَصُّ بِحَالِ النِّكَاحِ، وَأَنَّ الْيَمِينَ تَنْحَلُّ بِوُجُودِ الصِّفَةِ حَالَ الْبَيْنُونَةِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ تَبَعًا لَهُمْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي مَسْأَلَةِ مَا لَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ:: هَذَا إنْ عَلَّقَ بِدُخُولٍ مُطْلَقٍ) قَالَ الشِّهَابُ سم: فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُقَيَّدَ كَإِنْ دَخَلْت فِي هَذَا الشَّهْرِ كَذَلِكَ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ تَصْوِيرِهِ وَالِاحْتِجَاجِ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ.

وَمَضَى الشَّهْرُ وَلَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ كَمَا صَوَّبَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَوَافَقَهُ الْبَاجِيَّ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالشَّيْخُ أَيْضًا خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَيَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ الْخُلْعِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ ذَا الطَّعَامِ غَدًا فَتَلِفَ فِي الْغَدِ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَكْلِهِ أَوْ أَتْلَفَهُ، وَكَمَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهَا تُصَلِّي الْيَوْمَ الظُّهْرَ فَحَاضَتْ فِي وَقْتِهِ بَعْدَ تَمَكُّنِهَا مِنْ فِعْلِهِ وَلَمْ تُصَلِّ، وَكَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَشْرَبَنَّ مَاءَ هَذَا الْكُوزِ فَانْصَبَّ بَعْدَ إمْكَانِ شُرْبِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَلَهُ نَظَائِرُ فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَمَسْأَلَةِ إنْ لَمْ تَخْرُجِي اللَّيْلَةَ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ وَمَسْأَلَةِ مَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ لَمْ تَأْكُلِي هَذِهِ التُّفَّاحَةَ الْيَوْمَ فَأَنْت طَالِقٌ وَقَالَ لِأَمَتِهِ إنْ لَمْ تَأْكُلِي التُّفَّاحَةَ الْأُخْرَى فَأَنْت حُرَّةٌ فَالْتَبَسَتَا فَخَالَعَ وَبَاعَ فِي الْيَوْمِ ثُمَّ جَدَّدَ وَاشْتَرَى حَيْثُ يَتَخَلَّصُ وَنَحْوُهُمَا وَاضِحٌ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْمَسَائِلِ الْأُوَلِ الْفِعْلُ وَهُوَ إثْبَاتٌ جُزْئِيٌّ وَلَهُ جِهَةُ بِرٍّ وَهِيَ فِعْلُهُ وَجِهَةُ حِنْثٍ بِالسَّلْبِ الْكُلِّيِّ الَّذِي هُوَ نَقِيضُهُ، وَالْحِنْثُ يَتَحَقَّقُ بِمُنَاقَضَةِ الْيَمِينِ وَتَفْوِيتِ الْبِرِّ فَإِذَا تَمَكَّنَ مِنْهُ وَلَمْ يَفْعَلْ حَنِثَ لِتَفْوِيتِهِ بِاخْتِيَارِهِ، وَأَمَّا الْمَسَائِلُ الْأُخَرُ فَالْمَقْصُودُ فِيهَا التَّعْلِيقُ عَلَى الْعَدَمِ وَلَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِالْآخِرِ، فَإِذَا صَادَفَهَا الْآخِرُ بَائِنًا لَمْ تَطْلُقْ، وَلَيْسَ هُنَا إلَّا جِهَةُ حِنْثٍ فَقَطْ، فَإِنَّهُ إذَا فَعَلَ لَا نَقُولُ بَرَّ بَلْ لَمْ يَحْنَثْ لِعَدَمِ شَرْطِهِ، وَتَعْلِيلُ الْمُخَالِفِ لِذَلِكَ عَدَمَ الْحِنْثِ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْصُلُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ إلَى آخِرِهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَأَتَّى فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَّقَ بِنَفْيِ فِعْلِ غَيْرِ التَّطْلِيقِ كَالضَّرْبِ فَضَرَبَهَا وَهِيَ مُطَلَّقَةٌ طَلَاقًا وَلَوْ بَائِنًا أَنَّهُ تَنْحَلُّ الْيَمِينُ اهـ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ) أَيْ وَهِيَ الدُّخُولُ أَوْ الْإِعْطَاءُ، وَخَرَجَ مَا إذَا وُجِدَتْ الصِّفَةُ فِي الشَّهْرِ فَلَا حِنْثَ وَالْخُلْعُ نَافِذٌ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُهُ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ: أَيْ حَجّ، وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فِي آخِرِ كَلَامِهِ فِي أَوَّلِ الْخُلْعِ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ (قَوْلُهُ وَيَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ الْخُلْعِ) أَيْ لِتَبَيُّنِ وُقُوعِ الثَّلَاثِ قَبْلَهُ، وَمَحَلُّهُ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ إذَا وَقَعَ الْخُلْعُ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ وُقُوعِ فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، فَإِنْ وَقَعَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ فَيَتَّجِهُ عَدَمُ الْوُقُوعِ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى مَضَى الشَّهْرُ، إذْ لَا جَائِزَ أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ بَعْدَ الْخُلْعِ لِحُصُولِ الْبَيْنُونَةِ بِهِ الْمُنَافِيَةِ لِلْوُقُوعِ، وَلَا أَنْ يَقَعَ قَبْلَهُ لِلُزُومِ الْوُقُوعِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مَعَ أَنَّهُ لَا وُقُوعَ قَبْلَهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ مَسَائِلِ الرَّغِيفِ وَغَيْرِهِ وَمِمَّا نَظَرَ بِهِ الْوُقُوعُ. فَإِنْ قُلْت: قَالُوا فِي مَسْأَلَةِ الرَّغِيفِ إذَا أَتْلَفَهُ قَبْلَ الْغَدِ يَحْنَثُ لِأَنَّهُ فَوَّتَ فَكَذَا هُنَا لِأَنَّهُ فَوَّتَ بِالْخُلْعِ. قُلْت: الْفَرْقُ أَنَّ هُنَاكَ يُمْكِنُ الْوُقُوعُ لِوُجُودِ الزَّوْجِيَّةِ بَعْدَ مُضِيِّ الْإِمْكَانِ مِنْ الْغَدِ، وَلَا كَذَلِكَ هُنَا لِانْتِقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ وَقْتَ التَّمَكُّنِ فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ فِي بَابِ الْأَيْمَانِ قَيَّدَ بِالتَّمَكُّنِ فَقَالَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَسْأَلَةِ الرَّغِيفِ: كَمَا لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَيُسَافِرَن فِي هَذَا الشَّهْرِ ثُمَّ خَالَعَ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْفِعْلِ فَإِنَّهُ يَقَعُ الثَّلَاثُ قَبْلَ الْخُلْعِ لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ اهـ وَعَلَى هَذَا لَوْ حَلَفَ بِالثَّلَاثِ لَا بُدَّ أَنْ يَفْعَلَ كَذَا فِي الشَّهْرِ الْآتِي فَخَالَعَ قَبْلَهُ فَلَا حِنْثَ مُطْلَقًا فَلْيُتَأَمَّلْ جِدًّا وَيَتَعَيَّنُ امْتِنَاعُ اسْتِمْتَاعِهِ بِهَا بِمُجَرَّدِ الْخُلْعِ لِأَنَّ الْخُلْعَ يَقْتَضِي الْحُرْمَةَ وَلَمْ يُعْلَمْ مَا يَدْفَعُهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُ مَا يَدْفَعُهُ، وَلِأَنَّهُ إنْ وُجِدَ الْفِعْلُ بَعْدَ الْخُلْعِ قَبْلَ فَرَاغِ الشَّهْرِ بَرَّ بِهِ وَاسْتَمَرَّ الْخُلْعُ وَالْإِبَانَةُ قَبْلَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ. ثُمَّ مَا نَقَلَهُ عَنْ حَجّ فِي بَابِ الْأَيْمَانِ مِنْ التَّمَكُّنِ هُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ هُنَا وَبَعْدَ تَمَكُّنِهَا مِنْ الدُّخُولِ أَوْ تُمَكِّنْهُ إلَخْ، وَمِثْلُهُ فِي حَجّ فَلَعَلَّ هَذَا الْقَيْدَ سَاقِطٌ مِنْ نُسْخَةِ سم حَتَّى احْتَاجَ لِنَقْلِهِ عَمَّا فِي الْأَيْمَانِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَحْنَثُ) أَيْ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ وَنَحْوَهُمَا) أَيْ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَهُمَا قَوْلُهُ وَمَسْأَلَةُ إنْ لَمْ تَخْرُجِي إلَخْ وَقَوْلُهُ وَمَسْأَلَةُ مَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَهُوَ نَقِيضُهُ) وَهُوَ عَدَمُ أَكْلِهِ (قَوْلُهُ: وَالْحِنْثُ يَتَحَقَّقُ بِمُنَاقَضَةِ الْيَمِينِ) أَيْ يَحْصُلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمَسَائِلُ الْأُخَرُ) هِيَ قَوْلُهُ وَمَسْأَلَةُ إنْ لَمْ تَخْرُجِي إلَخْ، وَالْمَسَائِلُ الْأُوَلُ هِيَ قَوْلُهُ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ ذَا الطَّعَامِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِذَا صَادَفَهَا الْآخِرُ) أَيْ آخِرُ جُزْءٍ مِنْ الْمُدَّةِ الَّتِي اعْتَبَرَهَا فِي التَّعْلِيقِ وَقَوْلُهُ بَائِنًا: أَيْ مِنْ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ خَالَعَهَا ثُمَّ جَدَّدَ نِكَاحَهَا قَبْلَ فَرَاغِ الشَّهْرِ مَثَلًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَمْ تُوجَدْ) قَالَ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ خَرَجَ مَا إذَا وُجِدَتْ الصِّفَةُ فِي الشَّهْرِ فَلَا حِنْثَ وَالْخُلْعُ نَافِذٌ مَرَّ

مَا فِي الْمَسَائِلِ الْأُوَلِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَالتَّنْظِيرُ بِمَسْأَلَةِ الْمَوْتِ فِي أَثْنَاءِ وَقْتِ الصَّلَاةِ لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ، وَقَوْلُهُ إنَّ الْحِنْثَ فِي مَسْأَلَةِ تَلَفِ الطَّعَامِ وَمَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهَا تُصَلِّي الْيَوْمَ الظُّهْرَ إنَّمَا هُوَ لِأَنَّ الْيَأْسَ مِنْ الْبِرِّ حَصَلَ مَمْنُوعٌ، وَإِنَّمَا هُوَ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ التَّعْلِيلِ، وَبِذَلِكَ ظَهَرَ قَوْلُ السُّبْكِيّ إنَّ الصِّيَغَ ثَلَاثٌ: لَا أَفْعَلُ، وَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ، وَلَأَفْعَلَنَّ، وَالْأَوَّلَانِ يَخْلُصُ فِيهِمَا الْخُلْعُ دُونَ الثَّالِثِ، وَلَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَا يَفْعَلُ كَذَا ثُمَّ حَلَفَ بِهِ لَا يُخَالِعُ وَلَا يُوَكِّلُ فِيهِ فَخَالَعَ بَانَتْ، وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِهِ كَمَا أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ إنَّ الشَّرْطَ وَالْجَزَاءَ يَتَقَارَنَانِ فِي الزَّمَنِ لَا يُجْدِي هُنَا لِأَنَّ بَيْنَهُمَا تَرَتُّبًا زَمَانِيًّا، لِأَنَّ وُقُوعَ الثَّلَاثِ يَسْتَدْعِي رَفْعَهَا، وَلَوْ كَانَ لَهُ زَوْجَاتٌ فَحَلَفَ بِالثَّلَاثِ لَا يَفْعَلُ كَذَا وَلَمْ يَنْوِ وَاحِدَةً ثُمَّ قَالَ قَبْلَ فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ عَيَّنْت فُلَانَةَ لِهَذَا الْحَلِفِ تَعَيَّنَتْ وَلَمْ يَصِحَّ رُجُوعُهُ عَنْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ فِي أَثْنَاءِ وَقْتِ الصَّلَاةِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَفْعَلْ الصَّلَاةَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَمَاتَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُهَا لَمْ يَأْثَمْ فَلَمْ يَجْعَلُوا التَّمَكُّنَ مِنْ الْفِعْلِ قَبْلَ الْمَوْتِ مُوجِبًا لِلْإِثْمِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ) أَيْ الْمُخَالِفِ (قَوْلُهُ: لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ التَّعْلِيلِ) أَيْ فَيَقُولُهُ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْمَسَائِلِ الْأُوَلِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَبِذَلِكَ ظَهَرَ) أَيْ بِقَوْلِهِ أَمَّا لَوْ حَلَفَ بِطَلْقَتَيْنِ فَأَكْثَرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلَانِ) أَيْ مِثْلُهُمَا إنْ فَعَلْت كَذَا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ دُونَ الثَّالِثِ) وَمِثْلُهُ النَّفْيُ الْمُشْعِرُ بِالزَّمَانِ كَإِذَا لَمْ أَفْعَلْ كَذَا اهـ حَجّ. أَقُولُ: وَمِثْلُ إذَا كُلُّ أَدَاةِ شَرْطٍ غَيْرُ إنْ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فِي أَوَّلِ الْخُلْعِ أَنَّهُ يُخَلِّصُهُ الْخُلْعُ فِي الصِّيَغِ كُلِّهَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: ثُمَّ حَلَفَ بِهِ) أَيْ بِالطَّلَاقِ ثَانِيًا، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ ابْتِدَاءً أَنَّهُ لَمْ يُخَالِعْ ثُمَّ خَالَعَ لَمْ يَحْنَثْ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّعْلِيلِ فَمَا ذَكَرَهُ تَصْوِيرٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يُوَكِّلُ فِيهِ) أَيْ الْخُلْعِ (قَوْلُهُ: الْمُعَلَّقُ بِهِ) أَيْ بِالْخُلْعِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ وُقُوعَ الثَّلَاثِ) يَسْتَدْعِي تَأَخُّرَ الْخُلْعِ وَوُقُوعَهُ يَسْتَدْعِي رَفْعَهَا اهـ حَجّ. وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ وَقَعَتْ الثَّلَاثُ لَمْ يَصِحَّ الْخُلْعُ لِبَيْنُونَتِهَا بِهِ، وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ الْخُلْعُ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ لِعَدَمِ حُصُولِ الْخُلْعِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ الْوُقُوعُ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ امْتَنَعَ وُقُوعُ الثَّلَاثِ قَطْعًا لِلدَّوْرِ، وَهُوَ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ وُقُوعِهَا عَدَمُ وُقُوعِهَا فَعَدَمُ الْوُقُوعِ لَيْسَ لِانْتِفَاءِ التَّرَتُّبِ بَيْنَ الْجَوَابِ وَالشَّرْطِ بَلْ لِلدَّوْرِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَنْوِ) الْوَاوُ لِلْحَالِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ قَبْلَ فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ) عِبَارَةُ حَجّ هُنَا، وَلَوْ قَبْلَ اهـ. وَهِيَ تُفِيدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي التَّعْيِينِ بَيْنَ كَوْنِهِ قَبْلَ الْفِعْلِ أَوْ بَعْدَهُ وَهُوَ وَاضِحٌ، فَإِنَّ يَمِينَهُ انْعَقَدَتْ مُطْلَقَةً فَلَا فَرْقَ فِي التَّعْيِينِ بَيْنَ كَوْنِهِ قَبْلَ الْفِعْلِ أَوْ بَعْدَهُ، ثُمَّ رَأَيْته صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي آخِرِ بَابِ الطَّلَاقِ حَيْثُ قَالَ: وَمَرَّ أَنَّهُ لَوْ حَنِثَ ذُو زَوْجَاتٍ لَمْ يَنْوِ إحْدَاهُنَّ وَالطَّلَاقُ ثَلَاثٌ عَيَّنَهُ فِي وَاحِدَةٍ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ تَوْزِيعُهُ لِمُنَافَاتِهِ لِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ مِنْ الْبَيْنُونَةِ الْكُبْرَى، وَلَهُ أَنْ يُعَيِّنَهُ فِي مَيْتَةٍ وَبَائِنَةٍ بَعْدَ التَّعْلِيقِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِوَقْتِهِ لَا بِوَقْتِ وُجُودِ الصِّفَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ. ثُمَّ كَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يُعَيِّنَهُ إلَى آخِرِهِ تَقَدَّمَ فِي فَصْلِ شَكَّ فِي طَلَاقِ فُلَانَةَ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ رَأْيُ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ تَعْيِينُهُ فِي مَيْتَةٍ وَمُبَانَةٍ بَعْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ لَا قَبْلَهُ، وَفِيهِ أَيْضًا: فَلَوْ كَانَتْ إحْدَى زَوْجَاتِهِ لَا يَمْلِكُ عَلَيْهَا إلَّا وَاحِدَةٌ فَالْوَجْهُ جَوَازُ تَعَيُّنِهَا لِلطَّلَاقِ الثَّلَاثِ فَتَقَعُ عَلَيْهَا وَاحِدَةٌ وَتَبِينُ بِهَا وَيَلْغُو الْبَاقِي، ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ حَلَفَ بِطَلْقَتَيْنِ كَأَنْ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ طَلْقَتَيْنِ مَا أَفْعَلُ كَذَا وَحَنِثَ وَلَهُ زَوْجَاتٌ يَمْلِكُ عَلَى كُلٍّ طَلْقَتَيْنِ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يُعَيَّنَ إحْدَاهُنَّ بَلْ لَهُ تَوْزِيعُ الطَّلْقَتَيْنِ عَلَى اثْنَتَيْنِ لِأَنَّ يَمِينَهُ فِي ذَاتِهَا لَا تَقْتَضِي الْبَيْنُونَةَ الْكُبْرَى وَإِنْ اتَّفَقَ هَذَا بِحَسَبِ الْوَاقِعِ أَنَّهُ لَوْ أَوْقَعَ طَلْقَتَيْنِ عَلَى وَاحِدَةٍ حَصَلَتْ الْبَيْنُونَةُ الْكُبْرَى تَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ تَعَيَّنَتْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ بَيْنَهُمَا تَرَتُّبًا زَمَانِيًّا) قَالَ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ أَيْضًا: يُتَأَمَّلُ فِيهِ وَفِي دَلِيلِهِ الْمَذْكُورِ.

إلَى تَعْيِينِهِ فِي غَيْرِهَا، وَلَيْسَ لَهُ قَبْلَ الْحِنْثِ وَلَا بَعْدَهُ تَوْزِيعُ الْعَدَدِ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ حَلِفِهِ إفَادَةُ الْبَيْنُونَةِ الْكُبْرَى فَلَمْ يَمْلِكْ رَفْعَهَا بِذَلِكَ. (وَلَوْ) (طَلَّقَ) حُرٌّ (دُونَ ثَلَاثٍ وَرَاجَعَ أَوْ جَدَّدَ وَلَوْ بَعْدَ زَوْجٍ) وَأَصَابَهَا (عَادَتْ بِبَقِيَّةِ الثَّلَاثِ) بِالْإِجْمَاعِ إذْ لَمْ يَكُنْ زَوْجُ وَوِفَاقًا لِقَوْلِ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ إذَا كَانَ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ مِنْهُمْ، وَاسْتَدَلَّ لَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ} [البقرة: 230] الْآيَةَ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ أَنْ تَتَزَوَّجَ آخَرَ وَيَدْخُلَ بِهَا قَبْلَ الثَّالِثَةِ وَأَنْ لَا، فَاقْتَضَى ذَلِكَ عَدَمَ الْفَرْقِ. (وَإِنْ) (ثَلَّثَ) الطَّلَاقَ ثُمَّ جَدَّدَ بَعْدَ زَوْجٍ (عَادَتْ بِثَلَاثٍ) إجْمَاعًا وَغَيْرُ الْحُرِّ فِي الثِّنْتَيْنِ كَهُوَ فِيمَا ذُكِرَ فِي الثَّلَاثِ. (وَلِلْعَبْدِ) أَيْ مَنْ فِيهِ رِقٌّ وَإِنْ قَلَّ (طَلْقَتَانِ فَقَطْ) وَإِنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ حُرَّةً لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِلطَّلَاقِ فَنِيطَ الْحُكْمُ بِهِ، وَلِخَبَرٍ مَرْفُوعٍ لِلدَّارَقُطْنِيِّ «طَلَاقُ الْعَبْدِ ثِنْتَانِ» وَقَدْ يَمْلِكُ الثَّالِثَةَ بِأَنْ يُطَلِّقَ ذِمِّيٌّ ثِنْتَيْنِ ثُمَّ يُحَارَبُ ثُمَّ يُسْتَرَقُّ فَلَهُ رَدُّهَا بِلَا مُحَلِّلٍ اعْتِبَارًا لِكَوْنِهِ حُرًّا حَالَ الطَّلَاقِ، وَلَوْ كَانَ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً فَقَطْ ثُمَّ نَكَحَهَا بَعْدَ الرِّقِّ عَادَتْ لَهُ بِوَاحِدَةٍ فَقَطْ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ عَدَدَ الْعَبِيدِ قَبْلَ رِقِّهِ. (وَلِلْحُرِّ ثَلَاثٌ) وَإِنْ تَزَوَّجَ أَمَةً لِمَا مَرَّ، وَقَدْ صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ قَوْله تَعَالَى {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] أَيْنَ الثَّالِثَةُ؟ فَقَالَ: أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ» (وَيَقَعُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ) وَلَوْ ثَلَاثًا بِالْإِجْمَاعِ إلَّا مَا شَذَّ بِهِ الشَّعْبِيُّ (وَيَتَوَارَثَانِ) أَيْ مَنْ طَلَّقَ مَرِيضًا وَالْمُطَلَّقَةُ (فِي عِدَّةِ) طَلَاقٍ (رَجْعِيٍّ) إجْمَاعًا (لَا بَائِنٍ) لِانْقِطَاعِ الزَّوْجِيَّةِ (وَفِي الْقَدِيمِ) وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ أَيْضًا (تَرِثُهُ) بِشُرُوطٍ لَا حَاجَةَ لَنَا بِالْإِطَالَةِ بِهَا، وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ لِأَنَّ ابْنَ عَوْفٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْكَلْبِيَّةَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَوَرَّثَهَا عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَصُولِحَتْ مِنْ رُبْعِ الثُّمُنِ عَلَى ثَمَانِينَ أَلْفًا قِيلَ دَنَانِيرَ وَقِيلَ دَرَاهِمَ، وَلِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ حِرْمَانَهَا فَعُومِلَ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ كَمَا لَا يَرِثُ الْقَاتِلُ، وَإِذَا قَصَدَ بِهِ الْفِرَارَ عَلَى الْجَدِيدِ كُرِهَ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي نَحْوِ بَيْعِ مَالِ الزَّكَاةِ أَثْنَاءَ الْحَوْلِ فِرَارًا مِنْهَا، وَيَحْتَمِلُ التَّحْرِيمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ لِلثَّلَاثِ فَيَقَعْنَ عَلَيْهِ مِنْهَا خَاصَّةً إذَا فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا فَلَا يُدَيَّنُ، وَهَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ أَطْلَقَ وَقْتَ الْحَلِفِ. أَمَّا لَوْ قَالَ أَرَدْت الْحَلِفَ مِنْ بَعْضِهِنَّ أَوْ أَنَّ الثَّلَاثَ مُوَزَّعَةٌ عَلَيْهِنَّ فَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ قَالَ أَرَدْت بَيْنَكُنَّ أَوْ عَلَيْكُنَّ بَعْضَكُنَّ أَنَّهُ يُدَيَّنُ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ: قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ إلَخْ اُنْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَمَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ فِيمَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ أَنْتُمَا طَالِقَانِ ثَلَاثًا وَقَالَ أَرَدْت تَوْزِيعَ الثَّلَاثِ عَلَيْهِمَا لِيَقَعَ عَلَى كُلٍّ طَلْقَتَانِ حَيْثُ قِيلَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَلَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ أَوْقَعْت عَلَيْكُنَّ أَوْ بَيْنَكُنَّ إلَخْ حَيْثُ وُزِّعَتْ الثَّلَاثُ عَلَيْهِنَّ وَلَوْ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ. وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ قَوْلَهُ لِزَوْجَتَيْهِ أَنْتُمَا وَلِنِسَائِهِ أَوْقَعْت عَلَيْكُنَّ ظَاهِرٌ فِي تَوْزِيعِ الْعَدَدِ عَلَيْهِمَا أَوْ عَلَيْهِنَّ فَكَأَنَّ مَا قَالَهُ مُحْتَمَلًا احْتِمَالًا قَرِيبًا، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الزَّوْجَاتِ وَلَا نِيَّتُهُنَّ فَلَمْ تُقْبَلْ إرَادَتُهُ التَّوْزِيعَ لِمُخَالَفَتِهِ ظَاهِرُ لَفْظِهِ وَصَرِيحُهُ (قَوْلُهُ: تَوْزِيعُ الْعَدَدِ) بِأَنْ يَجْعَلَ الثَّلَاثَ مَثَلًا مُوَزَّعَةً عَلَى الْأَرْبَعِ فَيُطَلِّقُ كَلَا طَلْقَةٍ. (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ) أَيْ إنْ لَمْ تَكُنْ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَقَبْلَ التَّجْدِيدِ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ) أَيْ الزَّوْجُ (قَوْلُهُ: فَلَهُ رَدُّهَا) أَيْ حَالَ الرِّقِّ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ طَلَّقَهَا) أَيْ الذِّمِّيُّ الَّذِي اُسْتُرِقَّ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِلطَّلَاقِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ رُبْعِ الثُّمُنِ) أَيْ لِأَنَّ زَوْجَاتِهِ كُنَّ أَرْبَعًا (قَوْلُهُ: كُرِهَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[فصل في تعدد الطلاق بنية العدد فيه]

(فَصْلٌ) فِي تَعَدُّدِ الطَّلَاقِ بِنِيَّةِ الْعَدَدِ فِيهِ أَوْ ذِكْرِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ (قَالَ طَلَّقْتُك أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ) أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ مِنْ سَائِرِ الصَّرَائِحِ (وَنَوَى عَدَدًا) ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا (وَقَعَ) مَا نَوَاهُ وَلَوْ فِي غَيْرِ مَوْطُوءَةٍ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَمَّا احْتَمَلَهُ بِدَلِيلِ جَوَازِ تَفْسِيرِهِ بِهِ كَانَ كِنَايَةً فِيهِ (وَكَذَا الْكِنَايَةُ) إذَا نَوَى بِهَا عَدَدًا لِخَبَرِ رُكَانَةَ الصَّحِيحِ «أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ ثُمَّ قَالَ مَا أَرَدْت إلَّا وَاحِدَةً، فَحَلَّفَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ وَرَدَّهَا إلَيْهِ» دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ مَا زَادَ عَلَيْهَا وَقَعَ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِاسْتِحْلَافِهِ فَائِدَةٌ، وَنِيَّةُ الْعَدَدِ كَنِيَّةِ أَصْلِ الطَّلَاقِ فِي اقْتِرَانِهَا بِكُلِّ اللَّفْظِ أَوْ بَعْضِهِ عَلَى مَا مَرَّ، وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ عَلَى سَائِرِ مَذَاهِبِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَوَاحِدَةٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبَعًا لِابْنِ الصَّبَّاغِ، فَإِنْ زَادَ ثَلَاثًا اتَّجَهَ أَنْ يُقَالَ إنْ نَوَى بِذَلِكَ مَزِيدَ الْعِنَايَةِ بِالتَّنْجِيزِ وَقَطْعَ الْعَلَائِقِ وَحَسْمَ تَأْوِيلَاتِ الْمَذَاهِبِ فِي رَدِّ الثَّلَاثِ عَنْهَا وَقَعَ الثَّلَاثُ، وَإِنْ نَوَى التَّعْلِيقَ بِأَنْ قَصَدَ إيقَاعَ طَلَاقٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ لَمْ تَطْلُقْ إلَّا إنْ اتَّفَقَتْ الْمَذَاهِبُ الْمُعْتَدُّ بِهَا عَلَى أَنَّهَا مِمَّنْ يَقَعُ عَلَيْهَا الثَّلَاثُ حَالَةَ التَّلَفُّظِ بِهَا، وَإِنْ أَطْلَقَ حُمِلَ عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ مِنْ قَائِلِ ذَلِكَ غَالِبًا كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ أَنْتُمَا طَالِقَانِ ثَلَاثًا أَوْ أَنْت وَضَرَّتُك طَالِقٌ ثَلَاثًا وَنَوَى أَنَّ كُلًّا طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ أَنَّ كُلَّ طَلْقَةٍ تُوَزَّعُ عَلَيْهِمَا طَلُقَتْ كُلٌّ ثَلَاثًا، فَإِنْ أَطْلَقَ اتَّجَهَ وُقُوعُ الثَّلَاثِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ مَا أَوْجَبَ الْبَيْنُونَةَ الْكُبْرَى، ـــــــــــــــــــــــــــــS [فَصْلٌ فِي تَعَدُّدِ الطَّلَاقِ بِنِيَّةِ الْعَدَدِ فِيهِ] فَصْلٌ) فِي تَعَدُّدِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ) أَيْ مِنْ قَصْدِ التَّأْكِيدِ أَوْ الِاسْتِئْنَافِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ طَلْقَةً مَعَهَا طَلْقَةٌ (قَوْلُهُ: وَقَعَ مَا نَوَاهُ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً وَاحِدَةً وَنَوَى ثَلَاثًا فَيَقَعُ مَا نَوَاهُ لِإِمْكَانِ حَمْلِ وَاحِدَةٍ عَلَى أَنَّهَا مُلَفَّقَةٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَجْزَاءٍ مِنْ كُلِّ طَلْقَةٍ فَوَقَعَ الثَّلَاثُ. وَيُوَجَّهُ أَيْضًا بِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى ثَلَاثًا وَقَعَتْ، فَقَوْلُهُ بَعْدُ طَلْقَةً وَاحِدَةً لَوْ قِيلَ بِهِ كَانَ رَفْعًا لِمَا أَوْقَعَهُ وَالْوَاقِعُ لَا يَرْفَعُ، لَكِنَّ التَّوْجِيهَ الْأَوَّلَ أَوْلَى لِمَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ وَنَوَى ثَلَاثًا مِنْ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِيهِ وُقُوعُ الثَّلَاثِ حَمْلًا لِلثِّنْتَيْنِ عَلَى أَنَّهُمَا مُلَفَّقَتَانِ مِنْ أَجْزَاءِ ثَلَاثِ طَلَقَاتٍ وَلَوْ نَظَرَ إلَى الْوُقُوعِ بِمُجَرَّدِ أَنْتِ طَالِقٌ وَقَطَعَ النَّظَرَ عَنْ ثِنْتَيْنِ لَمْ يَكُنْ لِلتَّرَدُّدِ فِي وُقُوعِ الثَّلَاثِ وَجْهٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي غَيْرِ مَوْطُوءَةٍ) وَبِهَذَا فَارَقَ مَا لَوْ نَوَى الِاسْتِثْنَاءَ فَقَطْ حَيْثُ يَلْغُو لِأَنَّهُ قَصَدَ رَفْعَ الطَّلَاقِ ثَمَّ مِنْ غَيْرِ مَا يَدُلُّ عَلَى الرَّفْعِ لَا صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً وَسَيَأْتِي عَنْ سم - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ رُكَانَةَ) كَأَنَّ مَبْنَى الِاسْتِدْلَالِ أَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِهِ طَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ أَنَّهُ طَلَّقَهَا بِصِيغَةِ أَلْبَتَّةَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ أَلْبَتَّةَ) أَيْ طَلَاقًا مَبْتُوتًا (قَوْلُهُ: سَائِرِ) أَيْ جَمِيعِ (قَوْلُهُ: فَوَاحِدَةٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَرَادَ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ عَلَى صِفَةٍ يَقُولُ بِوُقُوعِهِ مَعَهَا جَمِيعُ الْمَذَاهِبِ، وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ فِيمَا لَوْ قَالَ ثَلَاثًا أَنْ يُقَالَ بِمِثْلِهِ هُنَا (قَوْلُهُ: حُمِلَ عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ اتَّجَهَ أَنْ يُقَالَ إنْ نَوَى بِذَلِكَ مَرِيدًا إلَخْ (قَوْلُهُ: اتَّجَهَ وُقُوعُ الثَّلَاثِ) أَيْ خِلَافًا لحج، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَلَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ أَوْقَعْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصْلٌ) فِي تَعَدُّدِ الطَّلَاقِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ رُكَانَةَ الصَّحِيحِ) قَالَ الشِّهَابُ سم: كَأَنَّ مَبْنَى الِاسْتِدْلَالِ أَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِهِ طَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ أَنَّهُ طَلَّقَهَا بِصِيغَةِ الْبَتَّةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ زَادَ ثَلَاثًا اُتُّجِهَ أَنْ يُقَالَ إلَخْ) تَقَدَّمَ هَذَا فِي كَلَامِهِ أَوَائِلَ الْكِتَابِ لَكِنْ بِأَوْجَزَ مِمَّا هُنَا

وَيُحْتَمَلُ وُقُوعُ طَلْقَتَيْنِ عَلَى كُلٍّ، وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِهِمَا عَنْ الْبُوشَنْجِيِّ لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا نِصْفًا وَأَطْلَقَ وَقَعَ طَلْقَتَانِ لِأَنَّ الْمَعْنَى إلَّا نِصْفَهُنَّ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ أَفْهَمَ عَدَمَ إرَادَتِهِ الْبَيْنُونَةَ الْكُبْرَى بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ. (وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً) بِالنَّصْبِ كَمَا بِخَطِّهِ، وَكَذَا لَوْ حَذَفَ طَالِقٌ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَكَلَامُهُمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ (وَنَوَى عَدَدًا فَوَاحِدَةٌ) تَقَعُ فَقَطْ دُونَ الْمَنْوِيِّ لِعَدَمِ احْتِمَالِ اللَّفْظِ لَهُ (وَقِيلَ) يَقَعُ (الْمَنْوِيُّ) كُلُّهُ وَلَوْ مَعَ النَّصْبِ فَالْجَرُّ وَالرَّفْعُ وَالسُّكُونُ أَوْلَى، وَمَعْنَى وَاحِدَةٍ مُتَوَحِّدَةٌ بِالْعَدَدِ الْمَنْوِيِّ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، نَعَمْ إنْ أَرَادَ طَلْقَةً مُلَفَّقَةً مِنْ أَجْزَاءِ ثَلَاثٍ وَقَعْنَ عَلَيْهِمَا (قُلْت: وَلَوْ قَالَ) أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ (أَنْتِ وَاحِدَةٌ) بِالرَّفْعِ أَوْ الْجَرِّ أَوْ السُّكُونِ (وَنَوَى) بَعْدَ نِيَّتِهِ الْإِيقَاعَ فِي أَنْتِ وَاحِدَةٌ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهَا كِنَايَةٌ (عَدَدًا فَالْمَنْوِيُّ) يَقَعُ حَمْلًا لِلتَّوْحِيدِ عَلَى التَّوَحُّدِ وَالتَّفَرُّدِ عَنْ الزَّوْجِ بِالْعَدَدِ الْمَنْوِيِّ (وَقِيلَ) تَقَعُ (وَاحِدَةٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّ اللَّفْظَ الْوَاحِدَ لَا يَحْتَمِلُ الْعَدَدَ، وَلَوْ قَالَ ثِنْتَيْنِ وَنَوَى ثَلَاثًا فَفِي التَّوْشِيحِ يَظْهَرُ مَجِيءُ الْخِلَافِ فِيهِ هَلْ يَقَعُ مَا نَوَاهُ أَوْ ثِنْتَانِ اهـ وَفِيهِ بُعْدٌ لِأَنَّ الْوَاحِدَةَ قَدْ مَرَّ إمْكَانُ تَأْوِيلِهَا بِالتَّوْحِيدِ، وَلَا يَظْهَرُ تَأْوِيلُ الثِّنْتَيْنِ بِمَا يَصْدُقُ بِالثَّلَاثِ نَعَمْ يُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّهُ يَصِحُّ إرَادَةُ الْأَجْزَاءِ فَالْأَصَحُّ مَا فِي التَّوْشِيحِ. وَلَوْ قَالَ يَا مِائَةُ أَوْ أَنْتِ مِائَةُ طَالِقٍ وَقَعَ الثَّلَاثُ لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ اتِّصَافَهَا بِإِيقَاعِ الثَّلَاثِ، بِخِلَافِ أَنْتِ كَمِائَةِ طَالِقٍ لَا يَقَعُ إلَّا وَاحِدَةٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَمْلًا لِلتَّشْبِيهِ عَلَى أَصْلِ الطَّلَاقِ دُونَ الْعَدَدِ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ، وَإِنَّمَا سَوَّوْا بَيْنَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً أَلْفَ مَرَّةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَيْكُنَّ إلَخْ بِأَنَّ مَا هُنَا مِنْ الْكُلِّ التَّفْصِيلِيِّ وَمَا هُنَاكَ مِنْ الْكُلِّ الْمَجْمُوعِيِّ وَفِي سم عَلَى حَجّ: فَرْعٌ فِي الرَّوْضِ فِي آخِرِ الْبَابِ: أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ ثَلَاثًا وَقَالَ أَرَدْت وَاحِدَةً إنْ دَخَلْت ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ اهـ. وَقَالَ فِي شَرْحِهِ: قَالَ فِي الْأَصْلِ: فَإِنْ اُتُّهِمَ حَلَفَ، وَإِنْ قَالَ أَرَدْت أَنَّهَا تَطْلُقُ الْعَدَدَ الْمَذْكُورَ وَقَعَتْ الثَّلَاثُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، وَكَذَا يَقْتَضِيهِ فِيمَا لَوْ أَطْلَقَ، لَكِنَّ الْأَوْجَهَ فِيهِ أَنَّهَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً فَقَطْ لِلشَّكِّ فِي مُوجِبِ الثَّلَاثِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَعِبَارَتُهُ عَلَى الْمَنْهَجِ: فَرْعٌ: قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ إنْ رُحْت دَارَ أَبَوَيْك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَعَ الثَّلَاثُ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ نَظَرًا لِأَوَّلِ كَلَامِهِ، وَلِأَنَّ قَوْلَهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَا يُنَافِيهِ لِجَوَازِ أَنْ يُرَادَ فَأَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ الْمَذْكُورَ وَهُوَ الثَّلَاثُ م ر، ثُمَّ تَارَةً أُخْرَى صَوَّرَهَا م ر بِقَوْلِهِ عَلَيَّ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا اهـ. وَقَوْلُهُ لِجَوَازِ أَنْ يُرَادَ إلَخْ قَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ الْعِصْمَةَ مُحَقَّقَةٌ فَلَا تَزُولُ إلَّا بِيَقِينٍ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ إلَّا وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ أَفْهَمَ إلَخْ) مِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ أَرَدْتُ الثَّلَاثَ مُوَزَّعَةً عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ فَيَقَعُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا ثِنْتَانِ، لِأَنَّ الثَّلَاثَ إذَا قُسِّمَتْ عَلَيْهِمَا خَصَّ كُلًّا طَلْقَةٌ وَنِصْفٌ فَتَكْمُلُ وَهُوَ مَا أَفْهَمَهُ اقْتِصَارُهُ ثَمَّ فِي وُقُوعِ الثَّلَاثِ عَلَى مَا لَوْ قَالَ أَرَدْت أَنَّ كُلَّ طَلْقَةٍ مُوَزَّعَةٌ عَلَيْهِمَا، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَالِاسْتِثْنَاءِ بِأَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ لَمَّا ذَكَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ إرَادَةِ الْبَيْنُونَةِ الْكُبْرَى قُبِلَ مِنْهُ لِوُجُودِ الْقَرِينَةِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ اللَّفْظَ فِيهِ ظَاهِرٌ فِي إرَادَةِ الْبَيْنُونَةِ فَلَمْ يُقْبَلْ مَا يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: يَدُلُّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى حَذْفِ طَالِقٍ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَقَعُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَقَعْنَ عَلَيْهِمَا) أَيْ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ نِيَّتِهِ) أَيْ أَوْ مَعَهُ (قَوْلُهُ: هَلْ يَقَعُ مَا نَوَاهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ وَفِيهِ بُعْدٌ) أَيْ فِي التَّرَدُّدِ بَلْ الْقِيَاسُ الْجَزْمُ بِوُقُوعِ الثِّنْتَيْنِ (قَوْلُهُ: بِالتَّوْحِيدِ) الْأَوْلَى بِالتَّوَحُّدِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ) أَيْ وُقُوعُ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ فَالْأَصَحُّ مَا فِي التَّوْشِيحِ) أَيْ وَهُوَ حَمْلُهُ عَلَى إرَادَةِ الْأَجْزَاءِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهَا بِمَعْنَى أَنَّهُ حَيْثُ نَوَى الثَّلَاثَ يَقَعْنَ لِأَنَّ لَهُ مَحْمَلًا صَحِيحًا يَصِحُّ إرَادَتُهُ فَيُحْمَلُ اللَّفْظُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا سَوَّوْا) أَيْ فِي وُقُوعِ وَاحِدَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: نَعَمْ يُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ إلَخْ) لَا وَجْهَ لِلتَّعْبِيرِ بِالِاسْتِدْرَاكِ هُنَا

وَكَأَلْفِ مَرَّةٍ لِأَنَّ ذِكْرَ الْوَاحِدَةِ يَمْنَعُ لُحُوقَ الْعَدَدِ وَلَمْ نَحْمِلْ مَا هُنَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا التَّوَحُّدُ حَتَّى لَا يُنَافِيهَا مَا بَعْدَهَا، لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمُتَبَادَرِ مِنْ لَفْظِهَا، وَحَمَلْنَا عَلَيْهِ مَا مَرَّ لِاقْتِرَانِ نِيَّةِ الثَّلَاثِ بِهِ الْمُخْرِجَةِ لَهُ عَنْ مَدْلُولِهِ، وَلَوْ قَالَ طَلَاقٌ أَنْتِ يَا دَاهِيَةُ ثَلَاثِينَ وَنَوَى وَاحِدَةً وَقَعَتْ فَقَطْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، إذْ قَوْلُهُ ثَلَاثِينَ مُتَعَلِّقٌ بِدَاهِيَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ سِيَاقِ الْكَلَامِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ تَعَلُّقِهِ بِالْمَصْدَرِ فَقَدْ يُرِيدُ ثَلَاثِينَ أَجْزَاءَ طَلْقَةٍ. وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُقُوعِ مَا زَادَ عَلَيْهَا، وَلَوْ قَالَ عَدَدَ التُّرَابِ فَوَاحِدَةٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ أَيْضًا لِأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ إفْرَادِيٍّ، أَوْ عَدَدَ الرَّمَلِ فَثَلَاثٌ لِأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٍّ، وَقَوْلُ ابْنِ الْعِمَادِ: وَكَذَا التُّرَابُ لِأَنَّهُ سَمِعَ تُرَابَهُ وَلِذَا ذَهَبَ جَمْعٌ إلَى وُقُوعِ الثَّلَاثِ فِيهِ يُرَدُّ بِعَدَمِ اشْتِهَارِ ذَلِكَ فِيهِ، أَوْ عَدَدَ شَعْرِ إبْلِيسَ فَوَاحِدَةٌ عَلَى الْمُخْتَارِ وَلَيْسَ تَعْلِيقًا عَلَى صِفَةٍ فَيُقَالُ شَكَكْنَا فِي وُجُودِهَا بَلْ هُوَ تَنْجِيزُ طَلَاقٍ، وَرَبَطَ الْعَدَدَ بِشَيْءٍ شَكَكْنَا فِيهِ فَنُوقِعُ أَصْلَ الطَّلَاقِ وَنُلْغِي الْعَدَدَ، فَإِنَّ الْوَاحِدَةَ لَيْسَتْ بِعَدَدٍ، وَصَوَّبَ ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ أَوْ بِعَدَدِ ضُرَاطِهِ وَقَعَ ثَلَاثٌ، وَفِي الْكَافِي لَوْ قَالَ بِعَدَدِ سَمَكِ هَذَا الْحَوْضِ وَلَمْ يُعْلَمُ فِيهِ سَمَكٌ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ، كَمَا فِي أَنْتِ طَالِقٌ وَزْنَ دِرْهَمٍ أَوْ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَنْوِ عَدَدًا، وَلَوْ قَالَ بِعَدَدِ شَعْرِ فُلَانٍ وَكَانَ مَاتَ مِنْ مُدَّةٍ وَشَكَّ أَكَانَ لَهُ شَعْرٌ فِي حَيَاتِهِ أَوْ لَا اتَّجَهَ وُقُوعُ ثَلَاثٍ لِاسْتِحَالَةِ خُلُوِّ الْإِنْسَانِ عَادَةً مِنْ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّمَا حَلَلْت حُرِّمْت فَوَاحِدَةٌ، أَوْ عَدَدَ مَا لَاحَ بَارِقٌ أَوْ عَدَدَ مَا مَشَى الْكَلْبُ حَافِيًا أَوْ عَدَدَ مَا حَرَّكَ ذَنَبَهُ وَلَيْسَ هُنَاكَ بَرْقٌ وَلَا كَلْبٌ طَلُقَتْ ثَلَاثًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ أَلْوَانًا مِنْ الطَّلَاقِ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَوَاحِدَةٌ، بِخِلَافِ أَنْوَاعًا أَوْ أَجْنَاسًا مِنْهُ أَوْ أَصْنَافًا كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ سَأَلَتْهُ ثَلَاثًا فَأَجَابَهَا بِالطَّلَاقِ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَوَاحِدَةٌ، وَإِنَّمَا نَزَّلْنَا الْجَوَابَ عَلَى السُّؤَالِ فِي طَلِّقِي نَفْسَك ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: يَمْنَعُ لُحُوقَ الْعَدَدِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ نَوَى الْعَدَدَ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ وَحَمَلْنَا عَلَيْهِ) أَيْ التَّوَحُّدِ، وَقَوْلُهُ مَا مَرَّ أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ وَاحِدَةٌ وَنَوَى عَدَدًا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَنَوَى وَاحِدَةً) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا أَطْلَقَ وَقَعَ عَلَيْهِ الثَّلَاثُ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا طَالِقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ وُقُوعِ وَاحِدَةٍ لِأَنَّهَا الْمُحَقَّقَةُ وَعَوْدُ الْمَشِيئَةِ إلَى ثَلَاثًا أَنْ يَقَعَ هُنَا وَاحِدَةٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لِأَنَّهَا الْمُحَقَّقَةُ فَيُجْعَلُ قَوْلُهُ ثَلَاثِينَ مُتَّصِلًا بِيَا دَاهِيَةُ (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ ظَاهِرُ سِيَاقِ الْكَلَامِ) أَيْ وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا قَدَّمْنَا مِنْ وُقُوعِ وَاحِدَةٍ فِيمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ ثَلَاثًا، لِأَنَّ وَصْلَ ثَلَاثًا بِدَخَلْتِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ التَّقْدِيرَ إنْ دَخَلْت ثَلَاثًا فَعُمِلَ بِظَاهِرِ اللَّفْظِ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُعْلَمْ فِيهِ سَمَكٌ) أَيْ سَوَاءٌ اخْتَبَرَ ذَلِكَ بِالْبَحْثِ عَنْ الْحَوْضِ أَمْ لَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بَحْثٌ وَلَا تَفْتِيشٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُقُوعِ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ. (قَوْلُهُ: كُلَّمَا حَلَلْت حُرِّمْت فَوَاحِدَةٌ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ رَاجَعَهَا هَلْ تَطْلُقُ ثَانِيًا وَثَالِثًا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ نَوَى بِقَوْلِهِ كُلَّمَا حَلَلْت حُرِّمْت الطَّلَاقَ ثُمَّ رَاجَعَ مَرَّتَيْنِ طَلُقَتْ ثَلَاثًا، لِأَنَّهَا مَادَامَتْ فِي الْعِدَّةِ هِيَ مَحِلٌّ لِلطَّلَاقِ وَكُلَّمَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ، فَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْ الطَّلْقَةِ الْأُولَى ثُمَّ نَكَحَهَا نِكَاحًا جَدِيدًا لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ سَابِقٌ عَلَى هَذَا النِّكَاحِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ بَعْدَ أَدَوَاتِ التَّعْلِيقِ الْآتِي فِي فَصْلِ إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي شَهْرِ كَذَا مَا يُؤَيِّدُهُ، وَعِبَارَتُهُ نَصُّهَا: وَلَوْ قَالَ لِمَوْطُوءَةٍ كَمَا عُلِمَ بِالْأَوْلَى مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي فِي كُلَّمَا خِلَافًا لِمَنْ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّمَا حَلَلْت حُرِّمْت وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ إلَّا إنْ أَرَادَ بِتَكْرَارِ الْحُرْمَةِ تَكْرَارَ الطَّلَاقِ فَيَقَعُ مَا نَوَاهُ اهـ (قَوْلُهُ: طَلُقَتْ ثَلَاثًا) أَيْ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَصْنَافًا) أَيْ فَإِنَّهُ يَقَعُ ثَلَاثٌ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ: فَأَجَابَهَا بِالطَّلَاقِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَمْ نَحْمِلْ مَا هُنَا) أَيْ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً أَلْفَ مَرَّةٍ (قَوْلُهُ: كُلَّمَا حَلَلْت حَرُمْت ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَصَدَ بِلَفْظِ حَرُمْت الطَّلَاقَ وَكَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَرَاجَعَ وَفِيهِ وَقْفَةٌ، ثُمَّ رَأَيْتُ حَجّ صَرَّحَ بِالْوُقُوعِ عِنْدَ الْقَصْدِ

ثَلَاثًا فَقَالَتْ طَلَّقْت وَلَا نِيَّةَ لَهَا، وَأَوْقَعَنَا الثَّلَاثَ لِأَنَّ السَّائِلَ فِي تِلْكَ مَالِكٌ لِلطَّلَاقِ بِخِلَافِهِ فِي هَذِهِ، وَلَوْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا ثُمَّ قَالَ جَعَلْتهَا ثَلَاثًا لَمْ يَقَعْ بِهِ شَيْءٌ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ مِلْءَ الدُّنْيَا أَوْ مِثْلَ الْجَبَلِ أَوْ أَعْظَمَ الطَّلَاقِ أَوْ أَكْبَرَهُ بِالْمُوَحَّدَةِ أَوْ أَطْوَلَهُ أَوْ أَعْرَضَهُ أَوْ أَشَدَّهُ أَوْ مِلْءَ السَّمَاءِ أَوْ الْأَرْضِ فَوَاحِدَةٌ، أَوْ أَقَلَّ مِنْ طَلْقَتَيْنِ وَأَكْثَرَ مِنْ طَلْقَةٍ فَثِنْتَانِ كَمَا صَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَلَوْ خَاصَمَتْهُ زَوْجَتُهُ فَأَخَذَ عَصًا بِيَدِهِ وَقَالَ هِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا مُرِيدًا الْعَصَا وَقَعْنَ، وَلَا يُدَيَّنُ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ فِيمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَأَرَادَ مُخَاطَبَةَ أُصْبُعِهِ، لَكِنْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ تَشَاجَرَ مَعَ زَوْجَتِهِ فِي أَمْرٍ فَعَلَهُ فَأَطْلَقَ كَفَّهُ وَقَالَ إنْ كُنْتِ فَعَلْتِهِ فَأَنْتِ طَالِقٌ مُخَاطَبًا كَفَّهُ بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ ظَاهِرًا وَيُدَيَّنُ كَمَا لَوْ قَالَ حَفْصَةُ طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت أَجْنَبِيَّةً اسْمُهَا ذَلِكَ بَلْ الضَّمِيرُ أَعْرَفُ مِنْ الِاسْمِ الْعَلَمِ اهـ. وَجَرَى عَلَى عَدَمِ التَّدْيِينِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي مَسْأَلَةِ مَا لَوْ أَشَارَ بِأُصْبُعِهِ وَقَالَ أَرَدْت الْأُصْبُعَ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الرَّوْضَةِ فِيمَنْ لَهُ زَوْجَتَانِ فَقَالَ مُشِيرًا إلَى إحْدَاهُمَا امْرَأَتِي طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت الْأُخْرَى مِنْ طَلَاقِ الْأُخْرَى وَحْدَهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ هُنَا الطَّلَاقُ عَنْ مَوْضُوعِهِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ. (وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَمَاتَتْ) أَوْ ارْتَدَّتْ أَوْ أَسْلَمَتْ قَبْلَ الْوَطْءِ أَوْ أَمْسَكَ شَخْصٌ فَاهُ (قَبْلَ تَمَامِ طَالِقٍ) أَوْ مَعَهُ (لَمْ يَقَعْ) لِخُرُوجِهَا عَنْ مَحَلِّ الطَّلَاقِ قَبْلَ تَمَامِهِ (أَوْ) مَاتَتْ مَثَلًا (بَعْدَهُ قَبْلَ) ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ بِأَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ طَلَّقْت (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ جَعَلْتهَا) أَيْ الْوَاحِدَةَ (قَوْلُهُ: وَقَعْنَ) يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ مَا قَدَّمَهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا أَنْتِ طَلَاقٌ إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهَا ذِكْرٌ رَجَعَ لِنِيَّتِهِ فِي نَحْوِ أَنْتِ طَالِقٌ وَهِيَ غَائِبَةٌ وَهِيَ طَالِقٌ وَهِيَ حَاضِرَةٌ اهـ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا مَرَّ عَلَى الْبَاطِنِ وَمَا هُنَا عَلَى الظَّاهِرِ، أَوْ أَنَّ الْمُخَاصَمَةَ هُنَا قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الْمَرْأَةِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ، لِأَنَّ اللَّفْظَ لَمَّا لَمْ يَقَعْ جَوَابًا لِشَيْءٍ ضَعُفَتْ فِيهِ إرَادَةُ الزَّوْجَةِ فَرَجَعَ إلَى نِيَّتِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَقَعْنَ، وَفِي نُسْخَةٍ: وَلَا يُدَيَّنُ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ فِيمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَأَرَادَ مُخَاطَبَةَ أُصْبُعِهِ، لَكِنْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ تَشَاجَرَ مَعَ زَوْجَتِهِ فِي أَمْرٍ آخَرَ مَا ذَكَرْنَا عَنْ سم. [فَرْعٌ] قَالَ فِي الْعُبَابِ: فَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مِلْءَ السَّمَوَاتِ أَوْ مِلْءَ الْأَرَضِينَ فَثَلَاثٌ اهـ. وَكَتَبَ سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ فَقَطْ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ، وَمِثْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ مِلْءَ الْبُيُوتِ الثَّلَاثَةِ فَتَقَعُ وَاحِدَةٌ فَقَطْ، كَمَا وُجِدَ بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ خِلَافًا لِمَا فِي الْعُبَابِ مِنْ وُقُوعِ الثَّلَاثِ، وَيُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا مَسْأَلَةُ الْأَنْوَارِ الْمَذْكُورَةُ م ر اهـ. وَفِي حَجّ: وَفِي قَبُولِهِ بَاطِنًا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا. ذَكَرَهُ الْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ: الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ الْقَبُولُ بَاطِنًا، فَقَدْ سُئِلَ عَنْ شَخْصٍ تَشَاجَرَ هُوَ وَزَوْجَتُهُ فِي أَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ قَدْ فَعَلَهُ فَأَطْبَقَ كَفَّهُ وَقَالَ إنْ فَعَلْتِ هَذَا الْأَمْرَ فَأَنْتِ طَالِقٌ مُخَاطِبًا يَدَهُ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ لَا؟ فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ: يَقَعُ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ ظَاهِرًا وَيُدَيَّنُ كَمَا لَوْ قَالَ حَفْصَةُ طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت أَجْنَبِيَّةً اسْمُهَا ذَلِكَ، بَلْ الضَّمِيرُ أَعْرَفُ مِنْ الِاسْمِ الْعَلَمِ اهـ. وَجَرَى عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقِيَاسُ قَوْلِ سم وَيُدَيَّنُ التَّدْيِينُ فِي مَسْأَلَةِ الْعَصَا الْمَذْكُورَةِ وَتَتِمَّةِ النُّسْخَةِ الْمَحْكِيَّةِ، وَجَرَى عَلَى عَدَمِ التَّدْيِينِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِيمَا لَوْ أَشَارَ بِأُصْبُعِهِ وَقَالَ أَرَدْت الْأُصْبُعَ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الرَّوْضَةِ فِيمَنْ لَهُ زَوْجَتَانِ فَقَالَ مُشِيرًا إلَى إحْدَاهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَلَوْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا ثُمَّ قَالَ جَعَلْتهَا ثَلَاثًا) تَقَدَّمَ هَذَا فِي كَلَامِهِ أَوَائِلَ الْبَابِ (قَوْلُهُ: وَقَعْنَ) قَالَ حَجّ: وَفِي قَبُولِهِ بَاطِنًا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا. اهـ. وَفِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ عَنْ الشَّارِحِ أَنَّهُ يُقْبَلُ بَاطِنًا، وَكَذَا نَقَلَهُ سم عَنْ قَضِيَّةِ فَتَاوَى وَالِدِ الشَّارِحِ وَعَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ

قَوْلِهِ (ثَلَاثًا) أَوْ مَعَهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (فَثَلَاثٌ) يَقَعْنَ عَلَيْهِ لِتَضَمُّنِ قَصْدِهِ لَهُنَّ حِينَ تَلَفُّظِهِ بِأَنْتِ طَالِقٌ وَقَصْدُهُنَّ حِينَئِذٍ مَوْقِعٌ لَهُنَّ وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِهِنَّ كَمَا مَرَّ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ نَوَى الثَّلَاثَ عِنْدَ تَلَفُّظِهِ بِأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنَّمَا قَصَدَ تَحْقِيقَ ذَلِكَ بِالتَّلَفُّظِ بِالثَّلَاثِ كَمَا حَقَّقَ ذَلِكَ الْبُوشَنْجِيُّ وَصَحَّحَهُ فِي الْأَنْوَارِ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ الصَّوَابُ الْمَنْقُولُ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَالْقَفَّالِ وَغَيْرِهِمَا، فَإِنْ لَمْ يَنْوِهِنَّ عِنْدَ أَنْتِ طَالِقٌ وَإِنَّمَا قَصَدَ أَنَّهُ إذَا تَمَّ نَوَاهُنَّ عِنْدَ التَّلَفُّظِ بِلَفْظِهِنَّ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ فَقَطْ، وَلَوْ قَصَدَهُنَّ بِمَجْمُوعِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَهُوَ مَحَلُّ الْأَوْجَهِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ كَالْحَسَّانِيِّ، وَالْأَقْوَى وُقُوعُ وَاحِدَةٍ لِأَنَّ الثَّلَاثَ وَالْحَالَةَ هَذِهِ إنَّمَا تَقَعُ بِمَجْمُوعِ اللَّفْظِ وَلَمْ يَتِمَّ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَوْ إنْ لَمْ وَقَالَ قَصَدْت الشَّرْطَ لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا مَا لَمْ يُمْنَعْ الْإِتْمَامُ كَوَضْعِ غَيْرِهِ يَدَهُ عَلَى فِيهِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ ظَاهِرًا بِيَمِينِهِ لِلْقَرِينَةِ (وَقِيلَ) تَقَعُ (وَاحِدَةٌ) لِوُقُوعِ ثَلَاثًا بَعْدَ مَوْتِهَا (وَقِيلَ لَا شَيْءَ) إذْ الْكَلَامُ الْوَاحِدُ لَا يَتَبَعَّضُ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ أَرَادَ إلَى آخِرِهِ مَا لَوْ قَالَهُ عَازِمًا عَلَى الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ ثَلَاثًا بَعْدَ مَوْتِهَا فَوَاحِدَةً وَثَلَاثًا قِيلَ تَمْيِيزٌ، وَرَدَّهُ الْإِمَامُ بِأَنَّهُ جَهْلٌ بِالْعَرَبِيَّةِ وَإِنَّمَا هُوَ صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ: أَيْ طَلَاقًا ثَلَاثًا كَضَرَبْت زَيْدًا شَدِيدًا: أَيْ ضَرْبًا شَدِيدًا، لَكِنْ فِي الرَّدِّ مُبَالَغَةٌ مَعَ كَوْنِهِ صَحِيحًا فِي الْعَرَبِيَّةِ لِأَنَّ فِيهِ تَفْسِيرًا لِلْإِبْهَامِ فِي الْجُمْلَةِ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِهِ فِي شَرْحٍ فَلَوْ قَالَهُنَّ لِغَيْرِهَا كَمَا يَأْتِي. نَعَمْ الثَّانِي أَظْهَرُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَمِثَالِهِ ظَاهِرٌ مِمَّا تَقَرَّرَ. (وَلَوْ) (قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ) أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ طَالِقٌ (وَتَخَلَّلَ فَصْلٌ) بَيْنَهُمَا بِسُكُوتٍ أَوْ كَلَامٍ مِنْهَا أَوْ مِنْهُ بِأَنْ يَكُونَ فَوْقَ سَكْتَةِ تَنَفُّسٍ وَعِيٍّ (فَثَلَاثٌ) يَقَعْنَ وَلَوْ مَعَ قَصْدِ التَّأْكِيدِ لِبُعْدِهِ مَعَ الْفَصْلِ وَلِأَنَّهُ مَعَهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَصَدَهُ دُيِّنَ، نَعَمْ يُقْبَلُ مِنْهُ قَصْدُ التَّأَكُّدِ وَالْإِخْبَارِ فِي مُعَلَّقٍ بِشَيْءٍ وَاحِدٍ كَرَّرَهُ وَلَوْ مَعَ طُولِ الْفَصْلِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSامْرَأَتِي طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت الْأُخْرَى مِنْ طَلَاقِ الْأُخْرَى وَحْدَهَا لِأَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْ الطَّلَاقَ هُنَا عَنْ مَوْضُوعِهِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَهُ) أَيْ ثَلَاثًا (قَوْلُهُ: لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا) وَقِيَاسُهُ أَنَّ مَا يَقَعُ كَثِيرًا عِنْدَ الْمُشَاجَرَةِ مَعَ قَوْلِ الْحَالِفِ عَلَى الطَّلَاقِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ يَقُولُ أَرَدْت أَنْ أَقُولَ لَا أَفْعَلُ كَذَا أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرًا. إلَّا أَنْ يُمْنَعَ مِنْ الْإِتْمَامِ كَوَضْعِ غَيْرِهِ يَدَهُ فِيهِ، أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَلَا وُقُوعَ، ثُمَّ يَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ وَضْعِ الْيَدِ مَا لَوْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ قَوِيَّةٌ عَلَى إرَادَةِ الْحَلِفِ وَأَنَّ إعْرَاضَهُ عَنْهُ لِغَرَضٍ تَعَلَّقَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَمِثَالُهُ) أَيْ وَهُوَ ضَرَبْت شَدِيدًا. وَقَوْلُهُ ظَاهِرٌ وَهُوَ أَنَّ الطَّلَاقَ هُنَا مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْوَاحِدَةِ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا فَالْمُرَادُ مِنْهُ مُبْهَمٌ فَقَصَدَ تَفْسِيرَهُ، بِخِلَافِ مَا مَثَّلَ بِهِ فَإِنَّ الضَّرْبَ فِيهِ اسْمٌ لِلْمَاهِيَّةِ وَلَا تَكَثُّرَ فِيهَا، وَإِنَّمَا التَّكَثُّرُ فِيمَا تُوجَدُ فِيهِ وَهُوَ إنَّمَا يَتَمَيَّزُ بِالصِّفَةِ (قَوْلُهُ: أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ مُسَرَّحَةٌ أَنْتِ مُفَارَقَةٌ فَيَأْتِي فِيهِ مَا ذَكَرَ مِنْ التَّفْصِيلِ وَلَا يَضُرُّ اخْتِلَافُ اللَّفْظِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: أَوْ كَلَامٍ مِنْهَا) الْمُتَّجِهُ أَنَّ كَلَامَهَا لَا يَضُرُّ وَإِنْ كَثُرَ لِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي صِيغَةِ الطَّلَاقِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلُهُ أَوْ كَلَامٍ مِنْهَا: أَيْ حَيْثُ طَالَ الزَّمَنُ فَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرْنَا عَنْ سم (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَصَدَهُ) أَيْ التَّأْكِيدَ (قَوْلُهُ: بِشَيْءٍ وَاحِدٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَهُوَ مَحَلُّ الْأَوْجَهِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ) هَذَا يُنَاقِضُ قَوْلَهُ السَّابِقَ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الصُّورَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْوَى وُقُوعُ وَاحِدَةٍ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ كَالْحَسَّانِيِّ، وَحِينَئِذٍ فَكَانَ الْأَصْوَبُ أَنْ يَقُولَ قَبْلَ هَذَا: وَلَوْ قَصَدَهُنَّ بِمَجْمُوعِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَالْحَسَّانِيِّ فَهُوَ مَحِلّ الْأَوْجُه إلَخْ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي التُّحْفَة، وَيَكُون هَذَا بَدَّلَ قَوْله فَهُوَ مَحِلّ الْأَوْجُه إلَخْ (قَوْله وَقَدْ صَرَّحُوا بِهِ إلَخْ) عِبَارَة التُّحْفَة: ثُمَّ رَأَيْتهمْ صَرَّحُوا بِهِ كَمَا يَأْتِي فِي شَرْحِ: فَلَوْ قَالَهُنَّ إلَخْ، نِعْمَ كُتُب عَلَيْهِ الشِّهَاب سم مَا لَفْظه دَعْوَى التَّصْرِيح مَمْنُوعَة، بَلْ وَهْم كَمَا سَنُبَيِّنُهُ فِيمَا يَأْتِي فَانْظُرْهُ. اهـ. وَسَيَأْتِي مَا بَيْنَهُ فِيمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: بَيْنَهُمَا) يَعْنِي بَيْنَ الْأُولَى وَمَا بَعْدَهَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مِنْهَا أَوْ مِنْهُ) كَذَا فِي التُّحْفَةِ، لَكِنْ قَالَ سم: إنَّ كَلَامَهَا لَا يَضُرُّ، وَفِي نُسْخَةٍ مِنْ الشَّارِحِ

بَلْ لَوْ أَطْلَقَ هُنَا لَمْ يَتَعَدَّدْ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي الْأَيْمَانِ حَيْثُ لَمْ تَتَعَدَّدْ الْكَفَّارَةُ مَعَ قَصْدِ الِاسْتِئْنَافِ بِأَنَّ الطَّلَاقَ مَحْصُورٌ فِي عَدَدٍ فَقَصْدُ الِاسْتِئْنَافِ يَقْتَضِي اسْتِيفَاءَهُ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ وَلِأَنَّهُ تُشْبِهُ الْحُدُودَ الْمُتَّحِدَةَ الْجِنْسِ فَتَتَدَاخَلُ وَلَا كَذَلِكَ الطَّلَاقُ، وَلَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَنْتِ طَالِقٌ بِخِلَافِ الْفَاءِ كَانَ تَعْلِيقًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيُعْتَبَرُ وُجُودُ الصِّفَةِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى إرَادَةَ التَّنْجِيزِ عُمِلَ بِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ فَصْلٌ كَذَلِكَ (فَإِنْ قَصَدَ تَأْكِيدًا) لِلْأُولَى: أَيْ قَبْلَ فَرَاغِهَا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَنَحْوِهِ بِالْأُخْرَيَيْنِ (فَوَاحِدَةٌ) لِأَنَّ التَّأْكِيدَ مَعْهُودٌ لُغَةً وَشَرْعًا (أَوْ اسْتِئْنَافًا فَثَلَاثٌ) لِظُهُورِ اللَّفْظِ فِيهِ مَعَ تَأَكُّدِهِ بِالنِّيَّةِ (وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِي الْأَظْهَرِ) عَمَلًا بِظَاهِرِ اللَّفْظِ وَلِأَنَّ حَمْلَهُ عَلَى فَائِدَةٍ جَدِيدَةٍ أَوْلَى مِنْ التَّأْكِيدِ. وَالثَّانِي لَا يَقَعُ إلَّا وَاحِدَةٌ لِأَنَّ التَّأْكِيدَ مُحْتَمَلٌ فَيُؤْخَذُ بِالْيَقِينِ، وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ اشْتِرَاطَ نِيَّةِ التَّأْكِيدِ مِنْ أَوَّلِ التَّأْسِيسِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي فِي نِيَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ وَهُوَ حَسَنٌ، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ التَّفْصِيلِ يَجْرِي فِي تَكْرِيرِ الْكِنَايَةِ كَ اعْتَدِّي، كَمَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْفُرُوعِ الْمَنْثُورَةِ فِي الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ، وَفِي التَّكْرِيرِ بِمَا زَادَ عَلَى ثَلَاثٍ خِلَافٌ، وَالْأَصَحُّ الْقَبُولُ كَمَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَمَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَيْسَ صَرِيحًا فِي امْتِنَاعِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ، وَإِنَّمَا قَالَ إنَّ الْعَرَبَ لَا تُؤَكِّدُ فَوْقَ ثَلَاثٍ، وَقَدْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَخَيَّلَ أَنَّ الرَّابِعَةَ يَقَعُ بِهَا طَلْقَةٌ لِفَرَاغِ الْعَدَدِ، لِأَنَّهُ إذَا صَحَّ التَّأْكِيدُ بِمَا يَقَعُ لَوْلَا التَّأْكِيدُ فَلَأَنْ يُؤَكِّدَ بِمَا لَا يَقَعُ عِنْدَ عَدَمِ قَصْدِ التَّأْكِيدِ أَوْلَى (وَإِنْ قَصَدَ بِالثَّانِيَةِ تَأْكِيدًا) لِلْأُولَى (وَبِالثَّالِثَةِ اسْتِئْنَافًا أَوْ عَكَسَ) أَيْ قَصَدَ بِالثَّانِيَةِ اسْتِئْنَافًا وَبِالثَّالِثَةِ تَأْكِيدَ الثَّانِيَةِ (فَثِنْتَانِ) عَمَلًا بِقَصْدِهِ (أَوْ) قَصَدَ (بِالثَّالِثَةِ تَأْكِيدَ الْأُولَى) أَوْ بِالثَّانِيَةِ اسْتِئْنَافًا وَأَطْلَقَ الثَّالِثَةَ أَوْ بِالثَّالِثَةِ اسْتِئْنَافًا وَأَطْلَقَ الثَّانِيَةَ (فَثَلَاثٌ) يَقَعْنَ (فِي الْأَصَحِّ) لِتَخَيُّلِ الْفَاصِلِ بَيْنَ الْمُؤَكِّدِ وَالْمُؤَكَّدِ وَالثَّانِي طَلْقَتَانِ وَيُغْتَفَرُ الْفَصْلُ الْيَسِيرُ. (وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ صَحَّ قَصْدُ تَأْكِيدِ الثَّانِي بِالثَّالِثِ) لِتَسَاوِيهِمَا فِي الصِّفَةِ (لَا الْأَوَّلِ بِالثَّانِي) وَلَا بِالثَّالِثِ، فَلَا يَصِحُّ ظَاهِرًا لِاخْتِصَاصِهِ بِوَاوِ الْعَطْفِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلتَّغَايُرِ، أَمَّا بَاطِنًا فَيُدَيَّنُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّهُ مُقْتَضَى النَّصِّ، ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ كَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ مَثَلًا (قَوْلُهُ: لَمْ تَتَعَدَّدْ الْكَفَّارَةُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِحَقِّ آدَمِيٍّ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهَا) أَيْ الْكَفَّارَةُ (قَوْلُهُ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَنْتِ) وَمِثْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ (قَوْلُهُ: عُمِلَ بِهِ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَتَأَخَّرْ الْإِخْبَارُ بِذَلِكَ مُدَّةً عَنْ التَّعْلِيقِ ثُمَّ يَدَّعِي ذَلِكَ لِقَصْدِ إسْقَاطِ نَفَقَةٍ أَوْ كِسْوَةٍ تَجَمَّدَتْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَيُعْتَبَرُ وُجُودُ الصِّفَةِ) وَهِيَ الدُّخُولُ (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي) قَدْ يُمْنَعُ الْأَخْذُ وَيُكْتَفَى بِمُقَارَنَةِ الْقَصْدِ لِلْمُؤَكَّدِ مِنْ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ فِي نَحْوِ الِاسْتِثْنَاءِ رَفْعًا مِمَّا سَبَقَ أَوْ تَغْيِيرًا لَهُ بِنَحْوِ تَعْلِيقِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ سَبْقِ الْقَصْدِ وَإِلَّا لَزِمَ مُقْتَضَاهُ بِمُجَرَّدِ وُجُودِهِ فَلَا يُمْكِنُ رَفْعُهُ وَنَحْوُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّ رَفْعَ التَّأْكِيدِ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِيمَا بَعْدَ الْأَوَّلِ بِصَرْفِهِ عَنْ التَّأْثِيرِ وَالْوُقُوعِ بِهِ إلَى تَقْوِيَةِ غَيْرِهِ فَيَكْفِي مُقَارَنَةُ الْقَصْدِ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: عَلَى فَائِدَةٍ جَدِيدَةٍ) أَيْ مِنْ اللَّفْظِ حَيْثُ أَفَادَ الثَّانِي مَا لَمْ يُفِدْهُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: مِنْ أَوَّلِ التَّأْسِيسِ) وَهُوَ الصِّيغَةُ الْأُولَى (قَوْلُهُ: وَهُوَ حَسَنٌ) فِيهِ مَا ذَكَرْنَا عَنْ سم (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ الْقَبُولُ) أَيْ قَبُولُ قَصْدِ التَّأْكِيدِ فَلَا يَقَعُ بِالرَّابِعَةِ مَثَلًا شَيْءٌ (قَوْلُهُ: تَأْكِيدُ الْأُولَى) يَنْبَغِي التَّدْيِينُ هُنَا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ وَيَأْتِي سم عَلَى حَجّ وَيُوَافِقُهُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ أَمَّا بَاطِنًا فَيُدَيَّنُ إلَخْ (قَوْلُهُ: تَأْكِيدِ الثَّانِي بِالثَّالِثِ) وَهَلْ مِثْلُهُ قَصْدُ مُطْلَقِ التَّأْكِيدِ حَمْلًا لِكَلَامِهِ عَلَى الصُّورَةِ الصَّحِيحَةِ أَوْ لَا لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فَلَا يُصْرَفُ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَذَفَ مِنْهَا كَأَنَّهُ لِمَا قَالَهُ سم (قَوْلُهُ: بَلْ لَوْ أَطْلَقَ هُنَا) أَيْ فِيمَا إذَا طَالَ الْفَصْلُ لَكِنْ سَيَأْتِي لَهُ فِي بَابِ الْإِيلَاءِ أَنَّهُ يَتَعَدَّدُ فِي صُورَةِ الْإِطْلَاقِ إذَا اخْتَلَفَ الْمَجْلِسُ، فَلَعَلَّ مَا هُنَا عِنْدَ اتِّحَادِ الْمَجْلِسِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: أَيْ قَبْلَ فَرَاغِهَا إلَخْ) سَيَأْتِي

فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا فَثَلَاثٌ نَظِيرُ مَا مَرَّ، وَخَرَجَ بِالْعَطْفِ بِالْوَاوِ الْعَطْفُ بِغَيْرِهَا وَحْدَهُ أَوْ مَعَهَا كَثُمَّ وَالْفَاءِ فَلَا يُفِيدُ قَصْدُهُ التَّأْكِيدَ مُطْلَقًا، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا وَكَرَّرَهُ مُتَوَالِيًا أَوْ لَا، فَإِنْ قَصَدَ تَأْكِيدَ الْأُولَى أَوْ أَطْلَقَ فَطَلْقَةٌ أَوْ الِاسْتِئْنَافَ فَكَمَا مَرَّ، وَكَذَا فِي الْيَمِينِ إنْ تَعَلَّقَتْ بِحَقِّ آدَمِيٍّ كَالظِّهَارِ وَالْيَمِينِ الْغَمُوسِ لَا بِاَللَّهِ فَلَا تَتَكَرَّرُ الْكَفَّارَةُ مُطْلَقًا لِبِنَاءِ حَقِّهِ تَعَالَى عَلَى الْمُسَامَحَةِ (وَهَذِهِ الصُّوَرُ فِي مَوْطُوءَةٍ) وَمِثْلُهُ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي مَنْ فِي حُكْمِهَا وَهِيَ مَنْ دَخَلَ فِيهَا مَاؤُهُ الْمُحْتَرَمُ (فَلَوْ قَالَهُنَّ لِغَيْرِهَا فَطَلْقَةٌ بِكُلِّ حَالٍ) تَقَعُ فَقَطْ لِبَيْنُونَتِهَا بِالْأُولَى وَفَارَقَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا تَفْسِيرًا لِمَا أَرَادَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِمُحْتَمَلٍ؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ اهـ سم. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ صِحَّتُهُ حَمْلًا عَلَى الْمَعْنَى الصَّحِيحِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ اللَّفْظَ حَيْثُ احْتَمَلَ عَدَمَ الْوُقُوعِ عُمِلَ بِهِ لِأَصْلِ بَقَاءِ الْقَصْدِ (قَوْلُهُ فَلَا يُفِيدُ قَصْدُهُ التَّأْكِيدَ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ قَصَدَ تَأْكِيدَ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي بِالثَّالِثِ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا. قَالَ سم عَلَى حَجّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُدَيَّنَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا وَكَرَّرَهُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَإِنْ كَرَّرَ فِي مَدْخُولٍ بِهَا أَوْ غَيْرِهَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ يَتَعَدَّدْ إلَّا إنْ نَوَى الِاسْتِئْنَافَ وَلَوْ طَالَ فَصْلٌ وَتَعَدَّدَ مَجْلِسٌ. قَالَ الشَّارِحُ: وَشَمِلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ نَوَى التَّأْكِيدَ أَوْ أَطْلَقَ فَلَا تَعَدُّدَ فِيهِمَا اهـ سم عَلَى حَجّ. وَهَذَا يُفِيدُ قَوْلَ الشَّارِحِ وَلَوْ حَلَفَ إلَخْ وَقَوْلُهُ قُبِلَ نَعَمْ يُقْبَلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَصَدَ تَأْكِيدَ الْأُولَى) وَمِنْ ذَلِكَ يُؤْخَذُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا، وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا رَأَى جَمَاعَةً فَحَلَفَ عَلَيْهِمْ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُمْ يُضَيِّفُونَهُ فَامْتَنَعُوا، فَكَرَّرَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَهُمْ يَمْتَنِعُونَ وَلَمْ يُضَيِّفُوهُ، فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ أَوْ ثَلَاثٌ؟ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ تَأْكِيدَ الْأَوَّلِ أَوْ أَطْلَقَ فَطَلْقَةٌ أَوْ الِاسْتِئْنَافَ فَثَلَاثٌ. لَا يُقَالُ بِمُجَرَّدِ الِامْتِنَاعِ مِنْ الضِّيَافَةِ وَقَعَتْ طَلْقَةٌ فَلَا تَكُونُ الثَّانِيَةُ مُؤَكِّدَةً لَهَا بَلْ هِيَ يَمِينٌ ثَانِيَةٌ فَيَقَعُ الثَّلَاثُ. لِأَنَّا نَقُولُ: الْقَوْلُ بِالْوُقُوعِ قَبْلَ مُفَارَقَتِهِمْ لَهُ مُفَارَقَةً يَقْتَضِي الْعُرْفُ فِيهَا بِأَنَّهُمْ لَمْ يُضَيِّفُوهُ مَمْنُوعٌ، بَلْ لَوْ تَكَرَّرَ امْتِنَاعُهُمْ مِنْهُ فِي الْمَجْلِسِ ثُمَّ أَضَافُوهُ صَدَقَ عَلَيْهِمْ عُرْفًا أَنَّهُمْ لَمْ يَمْتَنِعُوا مِنْ ضِيَافَتِهِ، فَكَانَ مَعْنَى الْيَمِينِ الْأُولَى الْحَلِفُ بِأَنَّهُمْ لَا يُفَارِقُونَهُ حَتَّى يُضَيِّفُوهُ وَكَذَلِكَ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ، فَهَذِهِ فِي الْحَقِيقَةِ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا وَكَرَّرَ إلَخْ فَافْهَمْهُ وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ مِنْ خِلَافِهِ هَذَا. وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ مَحَلَّ الْحِنْثِ بِعَدَمِ ضِيَافَتِهِمْ لَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ حَيْثُ أَرَادَ أَنَّهُمْ يُضَيِّفُونَهُ حَالًا كَمَا قِيلَ بِمِثْلِهِ فِيمَا لَوْ دَخَلَ عَلَى صَدِيقِهِ وَهُوَ يَتَغَدَّى فَقَالَ لَهُ تَغَدَّ مَعِي فَامْتَنَعَ فَقَالَ إنْ لَمْ تَتَغَدَّ مَعِي فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَنَوَى الْحَالَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فِي فَصْلِ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي شَهْرِ كَذَا وَلَوْ عَلَّقَ بِنَفْيِ فِعْلٍ إلَخْ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْوِ الْحَالَ لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِالْيَأْسِ، لَكِنْ فِي كَلَامِهِ ثَمَّ أَنَّهُ قَدْ تَقُومُ قَرِينَةٌ خَارِجِيَّةٌ تَقْتَضِي الْفَوْرَ فَلَا يَبْعُدُ الْعَمَلُ بِهَا، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ إذَا دَلَّتْ الْقَرِينَةُ هُنَا عَلَى إرَادَةِ الضِّيَافَةِ حَالًا حَنِثَ (قَوْلُهُ أَوْ أَطْلَقَ) أَيْ أَوْ قَصَدَ الْإِخْبَارَ (قَوْلُهُ: فَكَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَخَلَّلَ فَصْلٌ فَثَلَاثٌ، نَعَمْ يُقْبَلُ مِنْهُ قَصْدُ التَّأْكِيدِ وَالْإِخْبَارِ فِي مُعَلَّقٍ بِشَيْءٍ وَاحِدٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي الْيَمِينِ) هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِمَا قَبْلَهُ مِنْ عَطْفِ الْأَعَمِّ عَلَى الْأَخَصِّ، إذْ الْأَوَّلُ حَلِفٌ أَيْضًا لِأَنَّهُ يَمْنَعُ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ الدُّخُولِ أَوْ عَطْفٌ مُبَايِنٌ بِالتَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ إنْ تَعَلَّقَتْ بِحَقِّ آدَمِيٍّ إذْ الْأَوَّلُ حَلِفٌ عَلَى صِفَةٍ مَحْضَةٍ لَا تَعَلُّقَ فِيهَا بِحَقٍّ أَصْلًا وَالْكَلَامُ كُلُّهُ فِي الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ لَا بِاَللَّهِ إلَخْ (قَوْلُهُ فَلَا تَتَكَرَّرُ) أَيْ وَلَوْ قَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ (قَوْلُهُ وَهِيَ مَنْ دَخَلَ فِيهَا مَاؤُهُ) أَيْ وَلَوْ فِي الدُّبُرِ (قَوْلُهُ: لِمَا أَرَادَهُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ الطَّلَاقُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَرِيبًا نَقَلَهُ عَنْ بَحْثِ بَعْضِهِمْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا وَكَرَّرَهُ مُتَوَالِيًا إلَخْ) لَعَلَّهُ فِي صُورَةِ الْإِطْلَاقِ عِنْدَ عَدَمِ التَّوَالِي إنْ اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ لِمَا قَدَّمْنَاهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَطَلْقَةٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ فِي الْمَعْنَى بِشَيْءٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: أَوْ الِاسْتِئْنَافُ فَكَمَا مَرَّ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: أَوْ الِاسْتِئْنَافُ فَثَلَاثٌ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا تَفْسِيرًا لِمَا أَرَادَهُ إلَخْ)

بِأَنْتِ طَالِقٌ إذْ لَيْسَ مُغَايِرًا لَهُ بِخِلَافِ الْعَطْفِ وَالتَّكْرَارِ. (وَلَوْ قَالَ لِهَذِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ (إنْ دَخَلْت) الدَّارَ مَثَلًا (فَأَنْت طَالِقٌ وَطَالِقٌ) أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ إنْ دَخَلْت (فَدَخَلَتْ فَثِنْتَانِ) يَقَعَانِ (فِي الْأَصَحِّ) لِوُقُوعِهِمَا مَعًا مُقْتَرِنَتَيْنِ بِالدُّخُولِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ نَطَقَ بِالْفَاءِ أَوْ ثُمَّ أَوْ قُلْنَا بِأَنَّ الْوَاوَ لِلتَّرْتِيبِ لَمْ يَقَعْ إلَّا وَاحِدَةً وَالثَّانِي تَقَعُ وَاحِدَةً كَالْمُنَجَّزِ، وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِ مَوْطُوءَةٍ أَنْتِ طَالِقٌ إحْدَى عَشْرَةَ طَلْقَةً فَثَلَاثٌ أَوْ إحْدَى وَعِشْرِينَ فَوَاحِدَةٌ، لِأَنَّ الْأَوَّلَ مُرَكَّبٌ وَالثَّانِيَ مَعْطُوفٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَاحِدَةً وَعِشْرِينَ، أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً وَإِنْ دَخَلْتهَا فَطَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ فَدَخَلَتْ فَثَلَاثٌ وَلَوْ غَيْرَ مَوْطُوءَةٍ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ فَثَلَاثٌ إدْخَالًا لِلطَّرَفَيْنِ، وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي الْإِقْرَارِ حَيْثُ لَمْ يَدْخُلْ الْأَخِيرُ بِأَنَّ الطَّلَاقَ لَهُ عَدَدٌ مَحْصُورٌ بِخِلَافِ مَا مَرَّ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ مَا بَيْنَ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ فَثَلَاثٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ، أَوْ مَا بَيْنَ الْوَاحِدَةِ وَالثَّلَاثِ فَوَاحِدَةٌ. (وَلَوْ) (قَالَ لِمَوْطُوءَةٍ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً مَعَ) طَلْقَةٍ (أَوْ) طَلْقَةً (مَعَهَا طَلْقَةٌ) وَكَمَعَ فَوْقَ وَتَحْتَ (فَثِنْتَانِ) تَقَعَانِ مَعًا (وَكَذَا غَيْرُ مَوْطُوءَةٍ فِي الْأَصَحِّ) يَقَعُ عَلَيْهَا ثِنْتَانِ مَعًا فِي مَعَ وَمَعَهَا فَقَطْ لَا فِي فَوْقَ وَتَحْتَ وَأَخَوَاتِهِمَا كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ ابْنِ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ تَبَعًا لِلْمُتَوَلِّي خِلَافًا لِشَارِحِهِ وَلِابْنِ الْوَرْدِيِّ فِي بَهْجَتِهِ، لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْمَعِيَّةِ الْمُقَارَنَةُ بِخِلَافِ الْفَوْقِيَّةِ وَالتَّحْتِيَّةِ فَلِلتَّرْتِيبِ. (وَلَوْ) (قَالَ) أَنْتِ طَالِقٌ (طَلْقَةً قَبْلَ طَلْقَةٍ أَوْ) طَلْقَةً (بَعْدَهَا طَلْقَةٌ) (فَثِنْتَانِ) تَقَعَانِ مَعًا (فِي مَوْطُوءَةٍ) الْمُنَجَّزَةِ أَوَّلًا ثُمَّ الْمُضَمَّنَةِ وَيُدَيَّنُ إنْ قَالَ أَرَدْت أَنِّي سَأُطَلِّقُهَا (وَطَلْقَةٌ فِي غَيْرِهَا) لِبَيْنُونَتِهَا بِالْأُولَى (فَلَوْ قَالَ طَلْقَةً بَعْدَ طَلْقَةٍ أَوْ قَبْلَهَا طَلْقَةٌ فَكَذَا) تَقَعُ ثِنْتَانِ فِي مَوْطُوءَةٍ مُرَتِّبًا الْمُضَمَّنَةَ أَوَّلًا ثُمَّ الْمُنَجَّزَةَ وَقِيلَ عَكْسُهُ. وَيَلْغُو قَوْلُهُ قَبْلَهَا كَأَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ يَلْغُو أَمْسِ وَيَقَعُ حَالًا وَوَاحِدَةٌ فِي غَيْرِهَا (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا مَرَّ، نَعَمْ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي قَوْلِهِ أَرَدْت قَبْلَهَا طَلْقَةً مَمْلُوكَةً أَوْ ثَابِتَةً أَوْ أَوْقَعَهَا زَوْجٌ غَيْرِي وَعُرِفَ عَلَى مَا يَأْتِي فِي طَالِقٍ أَمْسِ فَلَا يَقَعُ سِوَى وَاحِدَةٍ فِي مَوْطُوءَةٍ. (وَلَوْ) (قَالَ) أَنْتِ طَالِقٌ (طَلْقَةً فِي طَلْقَةٍ) (وَأَرَادَ مَعَ) طَلْقَةٍ (فَطَلْقَتَانِ) وَلَوْ فِي غَيْرِ مَوْطُوءَةٍ لِصَلَاحِيَةِ اللَّفْظِ لَهُ قَالَ تَعَالَى {ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ} [الأعراف: 38] أَيْ مَعَهُمْ (أَوْ الظَّرْفَ أَوْ الْحِسَابَ أَوْ أَطْلَقَ فَطَلْقَةٌ) فِي الْجَمِيعِ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى اللَّفْظِ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَالْأَقَلُّ فِي الثَّالِثِ (وَلَوْ قَالَ نِصْفَ طَلْقَةٍ فِي طَلْقَةٍ فَطَلْقَةٌ بِكُلِّ حَالٍ) مِنْ هَذِهِ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ لِوُضُوحِ وُقُوعِ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا الطَّلَاقُ ثَلَاثًا حَتَّى يُشْتَرَطَ فِي وُقُوعِ الثَّلَاثِ مَعَ قَوْلِهِ ثَلَاثًا إرَادَتُهَا بِمَا قَبْلَهَا انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: إذْ لَيْسَ) أَيْ التَّفْسِيرُ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْوَاوَ لِلتَّرْتِيبِ) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ دَخَلْتهَا إلَخْ) مِنْ تَمَامِ صِيغَتِهِ الَّتِي تَلَفَّظَ بِهَا (قَوْلُهُ: فَثَلَاثٌ) وَكَانَ الْمَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ لِمُقَابَلَةِ بَيْنَ بِإِلَى (قَوْلُهُ وَأَخَوَاتِهِمَا) أَيْ مِنْ بَقِيَّةِ أَسْمَاءِ الْجِهَاتِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْمَعِيَّةِ الْمُقَارَنَةُ) أَيْ فَلَا يَقَعُ إلَّا وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ: وَيُدَيَّنُ) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ) هَلْ يُشْكِلُ بِقَوْلِهِ السَّابِقِ وَيُدَيَّنُ إنْ قَالَ إلَخْ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِقُرْبِ هَذَا وَفِيهِ مَا فِيهِ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ. [فَرْعٌ] فِي شَرْحِ الْخَطِيبِ لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا طَلْقَةٌ وَقَعَ الثَّلَاثُ لِأَنَّ هَذِهِ الطَّلْقَةَ الَّتِي أَوْقَعَهَا سَبَقَهَا بَعْضُ طَلْقَةٍ وَأَخَّرَ عَنْهَا بَعْضَ طَلْقَةٍ فَتَكْمُلُ الطَّلْقَتَانِ (قَوْلُهُ طَلْقَةً فِي طَلْقَةٍ فَطَلْقَةٌ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ ـــــــــــــــــــــــــــــQعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَفَارَقَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بِأَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِمَا أَرَادَهُ بِأَنْتِ طَالِقٌ فَلَيْسَ مُغَايِرًا لَهُ إلَخْ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ سم مَا لَفْظُهُ: قَوْلُهُ بِأَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِمَا أَرَادَهُ إلَخْ هَذَا هُوَ مَا أَوْرَدَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ السَّابِقِ، ثُمَّ رَأَيْتهمْ صَرَّحُوا بِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فَلَوْ قَالَهُنَّ لِغَيْرِهَا، وَدَعْوَى أَنَّ هَذَا تَصْرِيحٌ بِمَا زَعَمَهُ وَهْمٌ قَطْعًا؛ لِأَنَّ الْمَفْعُولَ الْمُطْلَقَ يَكُونُ لِبَيَانِ الْعَدَدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النُّحَاةُ وَالْبَيَانُ وَالتَّفْسِيرُ وَاحِدٌ، فَالْحُكْمُ بِأَنَّ ثَلَاثًا تَفْسِيرٌ لَا يَدُلُّ فَضْلًا عَنْ أَنَّهُ يُصَرِّحُ عَلَى أَنَّهُ تَمْيِيزٌ، فَمَنْشَأُ التَّوَهُّمِ ذِكْرُ التَّفْسِيرِ الْمَذْكُورِ فِي حَدِّ التَّمْيِيزِ مَعَ الْغَفْلَةِ عَنْ تَقْسِيمِهِمْ الْمَفْعُولَ الْمُطْلَقَ إلَى الْمُبَيِّنِ لِلْعَدَدِ وَالْمُبَيِّنُ هُوَ الْمُفَسِّرُ،

ثِنْتَيْنِ عِنْدَ قَصْدِ الْمَعِيَّةِ، وَفِي حَاشِيَةِ نُسْخَتِهِ بِغَيْرِ خَطِّهِ نِصْفَ طَلْقَةٍ فِي نِصْفِ طَلْقَةٍ تَوَهُّمًا مِنْ كَاتِبِهَا اعْتِرَاضُ مَا بِخَطِّهِ دُونَ مَا كَتَبَهُ وَلَيْسَ كَمَا تَوَهَّمَ، إذْ مَحَلُّ هَذِهِ أَيْضًا مَا لَمْ يَقْصِدْ الْمَعِيَّةَ وَإِلَّا وَقَعَ بِهَا ثِنْتَانِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِشَيْخَيْهِ الْإِسْنَوِيِّ وَالْبُلْقِينِيِّ، لِأَنَّ التَّقْدِيرَ نِصْفُ طَلْقَةٍ مَعَ نِصْفِ طَلْقَةٍ فَهُوَ كَنِصْفِ طَلْقَةٍ وَنِصْفِ طَلْقَةٍ، لَكِنْ رَدَّهُ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ وُقُوعَ ثِنْتَيْنِ بِهَذَا الْمُقَدَّرِ، وَإِنَّمَا وَقَعَ فِي نِصْفِ طَلْقَةٍ وَنِصْفِ طَلْقَةٍ لِتَكَرُّرِ طَلْقَةٍ مَعَ الْعَطْفِ الْمُقْتَضِي لِلتَّغَايُرِ، بِخِلَافِ مَعَ فَإِنَّهَا إنَّمَا تَقْتَضِي الْمُصَاحَبَةَ وَهِيَ صَادِقَةٌ بِمُصَاحَبَةِ نِصْفِ طَلْقَةٍ لِنِصْفِهَا انْتَهَى. وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ أَمَّا عِنْدَ قَصْدِ الْمَعِيَّةِ الَّتِي تُفِيدُ مَا لَا تُفِيدُهُ الظَّرْفِيَّةُ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِقَصْدِهَا فَائِدَةٌ، فَالظَّاهِرُ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ طَلْقَةٍ لِأَنَّ تَكْرِيرَ الطَّلْقَةِ الْمُضَافِ إلَيْهَا كُلٌّ مِنْهُمَا ظَاهِرٌ فِي تَغَايُرِهِمَا، وَقَدْ مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ نِيَّةَ الْمَعِيَّةِ تُفِيدُ مَا لَا يُفِيدُهُ لَفْظُهَا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ مَعَ اسْتِشْكَالِهِ وَالْجَوَابِ عَنْهُ. (وَلَوْ) (قَالَ) أَنْتِ طَالِقٌ (طَلْقَةً فِي طَلْقَتَيْنِ) (وَقَصَدَ مَعِيَّةً فَثَلَاثٌ) يَقَعْنَ وَلَوْ فِي غَيْرِ مَوْطُوءَةٍ لِمَا مَرَّ (أَوْ) قَصَدَ (ظَرْفًا فَوَاحِدَةٌ) لِأَنَّهَا مُقْتَضَاهُ (أَوْ حِسَابًا وَعَرَفَهُ فَثِنْتَانِ) لِأَنَّهَا مُوجِبَةٌ عِنْدَ أَهْلِهِ وَإِنْ جَهِلَهُ وَقَصَدَ مَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِهِ فَطَلْقَةٌ لِبُطْلَانِ قَصْدِ الْمَجْهُولِ، وَقِيلَ ثِنْتَانِ لِأَنَّهَا مُوجِبَةٌ وَقَدْ قَصَدَهُ (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَطَلْقَةٌ) عَرَفَهُ أَوْ جَهِلَهُ إذْ هُوَ الْمُتَيَقَّنُ (وَفِي قَوْلٍ ثِنْتَانِ إنْ عَرَفَ حِسَابًا) لِأَنَّهُ مَدْلُولُهُ وَفِي ثَالِثٍ ثَلَاثٌ لِتَلَفُّظِهِ بِهِنَّ، وَلَوْ قَالَ لَا أَكْتُبُ مَعَ فُلَانٍ فِي شَهَادَةٍ وَلَمْ يَنْوِ عَدَمَ اجْتِمَاعِ خَطَّيْهِمَا فِي وَرَقَةٍ بَرَّ بِأَنْ يَكْتُبَ قَبْلَ رَفِيقِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ الْأَوَّلَ حِينَئِذٍ لَا يُسَمَّى أَنَّهُ كَتَبَ مَعَ الثَّانِي بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَيُقَاسُ بِهِ نَظَائِرُهُ، نَعَمْ يَتَّجِهُ فِيمَا يَكُونُ اسْتِدَامَتُهُ كَابْتِدَائِهِ نَحْوَ لَا أَقْعُدُ مَعَك أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَقَدُّمِ الْحَالِفِ وَتَأَخُّرِهِ. (وَلَوْ) (قَالَ) أَنْتِ طَالِقٌ (بَعْضَ طَلْقَةٍ) أَوْ نِصْفَ أَوْ ثُلُثَيْ طَلْقَةٍ (فَطَلْقَةٌ) إجْمَاعًا إذْ لَا يَتَبَعَّضُ. فَإِيقَاعُ بَعْضِهِ كَكُلِّهِ لِقُوَّتِهِ (أَوْ نِصْفَيْ طَلْقَةٍ فَطَلْقَةٌ) لِأَنَّهَا مَجْمُوعُهُمَا، وَرَجَّحَ الْإِمَامُ فِي نَحْوِ بَعْضِ أَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّعْبِيرِ بِالْبَعْضِ عَنْ الْكُلِّ، وَزَيَّفَ كَوْنَهُ مِنْ بَابِ السِّرَايَةِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنَّ هَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَعِيَّةَ لِمَا يَأْتِي فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ: كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ النِّصْفَيْنِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ رَفِيقِهِ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ تَوَاطُئِهِ مَعَ رَفِيقِهِ عَلَى أَنَّهُ يَكْتُبُ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْعَكْسِ) أَيْ بِأَنْ يَكْتُبَ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: نَحْوَ لَا أَقْعُدُ مَعَك) لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَعُدَّ مُجْتَمَعًا مَعَهُ عُرْفًا بِأَنْ يَجْلِسَا بِمَحَلٍّ يَخْتَصُّ بِهِ أَحَدُهُمَا، أَمَّا لَوْ جَمَعَهُمَا مَسْجِدٌ أَوْ قَهْوَةٌ أَوْ حَمَّامٌ لَمْ يَحْنَثْ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي الْأَيْمَانِ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَى زَيْدٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فِي أَحَدِ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ، نَعَمْ يَنْبَغِي أَنَّهُ إنْ قَصَدَ جُلُوسَهُ مَعَهُ وَلَوْ بِمُجَرَّدِ الْجُلُوسِ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ نَحْوِهِ يَحْنَثُ (قَوْلُهُ: بَعْضَ طَلْقَةٍ) بَقِيَ مَا لَوْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً وَإِنْ فَعَلْت كَذَا فَرُبْعَ طَلْقَةٍ وَإِنْ فَعَلْت كَذَا فَثُلُثُ طَلْقَةٍ فَيَحْتَمِلُ التَّعَدُّدُ نَظَرًا لِلْعَطْفِ وَإِضَافَةٍ الْجُزْءِ إلَى الطَّلْقَةِ وَاخْتِلَافِ التَّعْلِيقَاتِ، وَيَحْتَمِلُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَقَعُ بِالدُّخُولِ وَاحِدَةً فَقَطْ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَكَذَا عَبَّرُوا بِهِ أَيْضًا فِي التَّمْيِيزِ كَمَا قَالَ ابْنُ مَالِكٍ فِي أَلْفِيَّتِهِ: اسْمٌ بِمَعْنَى مِنْ مُبِينٌ إلَخْ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَنْوِ عَدَمَ اجْتِمَاعِ خَطَّيْهِمَا فِي وَرَقَةِ بُرٍّ) يَعْنِي لَمْ يَحْنَثْ. وَاعْلَمْ أَنَّ السُّيُوطِيّ أَفْتَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِنَظِيرِ مَا قَالَهُ وَالِدُ الشَّارِحِ لَكِنْ بِزِيَادَةِ قُيُودٍ، وَرُبَّمَا يُؤْخَذُ بَعْضُهُمَا مِمَّا فِي فَتَاوَى وَالِدِ الشَّارِحِ، وَلَفْظُ فَتَاوِيهِ أَعَنَى السُّيُوطِيّ: مَسْأَلَةٌ: شَاهِدٌ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يَكْتُبُ مَعَ فُلَانٍ فِي وَرَقَةِ رَسْمِ شَهَادَةٍ فَكَتَبَ الْحَالِفُ أَوَّلًا ثُمَّ كَتَبَ الْآخَرُ الْجَوَابَ إنْ لَمْ يَكُنْ أَصْلُ الْوَرَقَةِ مَكْتُوبًا بِخَطِّ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَلَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تَوَاطُؤٌ فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ وَلَا عَلَّمَهُ أَنَّهُ يَكْتُبُ فِيهَا لَمْ يَحْنَثْ وَإِلَّا حَنِثَ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَيُقَاسُ بِهِ نَظَائِرُهُ) لَيْسَ مِنْ نَظَائِرِهِ كَمَا لَا يَخْفَى لَا آكُلُ مَعَ فُلَانٍ مَثَلًا وَيَقَعُ كَثِيرًا لَا أَشْتَغِلُ مَعَ فُلَانٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَرْجِعَ فِي هَذَا لِلْعُرْفِ فَمَا عَدَّهُ الْعُرْفُ مُشْتَغِلًا مَعَهُ يَحْنَثُ بِهِ وَمَا لَا فَلَا، وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ

نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي يَدِك طَالِقٌ فَهُوَ مِنْ بَابِ السِّرَايَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ كُلَّ نِصْفٍ مِنْ طَلْقَةٍ) فَيَقَعُ ثِنْتَانِ عَمَلًا بِقَصْدِهِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ قَوْلَهُ) أَنْتِ طَالِقٌ (نِصْفَ طَلْقَتَيْنِ) وَلَمْ يُرِدْ ذَلِكَ تَقَعُ بِهِ (طَلْقَةٌ) لِأَنَّ ذَلِكَ نِصْفُهُمَا فَحَمْلُ اللَّفْظِ عَلَيْهِ صَحِيحٌ وَحَمْلُهُ عَلَى نِصْفٍ مِنْ كُلٍّ وَيُكَمِّلُ الْقَائِلُ بِهِ الثَّانِيَ بَعِيدٌ، وَيُفَارِقُ مَا لَوْ أَقَرَّ بِنِصْفِ عَبْدَيْنِ حَيْثُ يَكُونُ مُقِرًّا بِنِصْفِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِأَنَّ الشُّيُوعَ هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ الْأَعْيَانِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ عَلَى نِصْفِ دِرْهَمَيْنِ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ بِالِاتِّفَاقِ وَلَمْ يَجْرِ فِيهِ الْخِلَافُ هُنَا (وَثَلَاثَةَ أَنْصَافٍ طَلْقَةٌ) وَلَمْ يُرِدْ ذَلِكَ طَلْقَتَانِ تَكْمِيلًا لِلنِّصْفِ الزَّائِدِ وَحَمْلُهُ عَلَى كُلِّ نِصْفٍ مِنْ طَلْقَةٍ فَيَقَعُ ثَلَاثٌ، أَوْ إلْغَاءُ النِّصْفِ الزَّائِدِ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَشْتَمِلُ عَلَى تِلْكَ الْأَجْزَاءِ فَيَقَعُ طَلْقَةٌ بَعِيدٌ وَإِنَّ اعْتَمَدَ الْبُلْقِينِيُّ الثَّانِيَ (أَوْ نِصْفَ طَلْقَةٍ وَثُلُثَ طَلْقَةٍ طَلْقَتَانِ) لِإِضَافَةِ جُزْءٍ إلَى طَلْقَةٍ وَعَطْفِهِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُقْتَضٍ لِلتَّغَايُرِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ حَذَفَ الْوَاوَ وَقَعَتْ طَلْقَةٌ فَقَطْ لِضَعْفِ اقْتِضَاءِ الْإِضَافَةِ وَحْدَهَا لِلتَّغَايُرِ، وَلِهَذَا وَقَعَ بِطَالِقٍ طَالِقٍ وَاحِدَةٌ وَبِطَالِقٍ وَطَالِقٍ طَلْقَتَانِ، وَلَوْ قَالَ خَمْسَةَ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ أَوْ سَبْعَةَ أَثْلَاثِ طَلْقَةٍ فَثَلَاثٌ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ مَتَى كَرَّرَ لَفْظَ طَلْقَةٍ مَعَ الْعَاطِفِ وَإِنْ لَمْ تَزِدْ الْأَجْزَاءُ عَلَى طَلْقَةٍ كَانَ كُلُّ جُزْءٍ طَلْقَةً، وَإِنْ أَسْقَطَ أَحَدَهُمَا فَطَلْقَةٌ مَا لَمْ تَزِدْ الْأَجْزَاءُ عَلَيْهَا فَيُكَمِّلُ مَا زَادَهُ (وَلَوْ قَالَ نِصْفَ وَثُلُثَ طَلْقَةٍ فَطَلْقَةٌ) لِضَعْفِ اقْتِضَاءِ الْعَطْفِ وَحْدَهُ التَّغَايُرَ، وَمَجْمُوعُ الْجُزْأَيْنِ لَا يَزِيدُ عَلَى طَلْقَةٍ بَلْ عَدَمُ ذِكْرِ طَلْقَةٍ أَثَرَ كُلِّ جُزْءٍ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَجْزَاءُ طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ. (وَلَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ أَوْقَعْت عَلَيْكُنَّ أَوْ بَيْنَكُنَّ طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا وَقَعَ عَلَى كُلٍّ) مِنْهُنَّ (طَلْقَةٌ) لِأَنَّ كُلًّا يُصِيبُهَا عِنْدَ التَّوْزِيعِ وَاحِدَةٌ أَوْ بَعْضُهَا فَتَكْمُلُ (فَإِنْ قَصَدَ تَوْزِيعَ كُلِّ طَلْقَةٍ عَلَيْهِنَّ وَقَعَ) عَلَى كُلٍّ مِنْهُنَّ (فِي ثِنْتَيْنِ ثِنْتَانِ وَفِي ثَلَاثٍ وَأَرْبَعٍ ثَلَاثٌ) عَمَلًا بِقَصْدِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَ لِبُعْدِهِ عَنْ الْفَهْمِ، وَلَوْ قَالَ خَمْسًا أَوْ سِتًّا أَوْ سَبْعًا أَوْ ثَمَانِيًا فَطَلْقَتَانِ مَا لَمْ يُرِدْ التَّوْزِيعَ أَوْ تِسْعًا فَثَلَاثٌ مُطْلَقًا (فَإِنْ قَالَ أَرَدْت بَيْنَكُنَّ) أَوْ عَلَيْكُنَّ (بَعْضَهُنَّ لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ اللَّفْظِ مِنْ اقْتِضَاءِ الشَّرِكَةِ. أَمَّا بَاطِنًا فَيُدَيَّنُ وَالثَّانِي يُقْبَلُ ـــــــــــــــــــــــــــــSطَالِقٌ طَلْقَةً وَكَرَّرَ ذَلِكَ مِرَارًا فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَةً فَقَطْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ اسْتِئْنَافًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَصَحُّ) اُنْظُرْ مَا فَائِدَةُ الْخِلَافِ هُنَا، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ وَهُوَ الْأَصَحُّ مَا نَصُّهُ: وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ فَعَلَى الثَّانِي يَقَعْنَ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّ السِّرَايَةَ فِي الْإِيقَاعِ لَا فِي الرَّفْعِ تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ، وَفِي طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً وَنِصْفًا يَقَعُ ثِنْتَانِ وَيَسْتَحِقُّ ثُلُثَيْ الْأَلْفِ عَلَى الْأَوَّلِ وَنِصْفَهُ عَلَى الثَّانِي وَهُوَ الْأَصَحُّ اعْتِبَارًا بِمَا أَوْقَعَهُ لَا بِمَا سَرَى عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ اهـ (قَوْلُهُ: الْقَائِلُ) نَعَتَ حَمْلَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَسْقَطَ أَحَدَهُمَا) أَيْ أَمَّا لَوْ أَسْقَطَهُمَا وَذَكَرَ الْأَجْزَاءَ الْكَثِيرَةَ مُتَضَايِفَةً فَوَاحِدَةٌ بِكُلِّ حَالٍ لِعَدَمِ بُلُوغِ مَجْمُوعِ الْأَجْزَاءِ طَلْقَةً (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُرِدْ التَّوْزِيعَ) أَيْ تَوْزِيعَ كُلِّ طَلْقَةٍ فَيَقَعُ ثَلَاثٌ (قَوْلُهُ: فَثَلَاثٌ مُطْلَقًا) أَيْ أَرَادَ التَّوْزِيعَ أَوْ لَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَرْفِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مِنْ بَابِ السِّرَايَةِ إلَخْ) هُنَا خَلَلٌ فِي النُّسَخِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ عَقِبَ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُمَا مَجْمُوعُهُمَا نَصُّهَا: وَرَجَّحَ الْإِمَامُ فِي نَحْوِ بَعْضٍ أَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّعْبِيرِ بِالْبَعْضِ عَنْ الْكُلِّ، وَزَيَّفَ كَوْنَهُ مِنْ بَابِ السِّرَايَةِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنَّ هَذَا نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي يَدُك طَالِقٌ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ السِّرَايَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَ طَائِفَةٍ، فَعَلَى الثَّانِي يَقَعْنَ وَهُوَ الْأَصَحُّ،؛ لِأَنَّ السِّرَايَةَ فِي الْإِيقَاعِ لَا فِي الرَّفْعِ تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ، وَفِي طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً وَنِصْفًا يَقَعُ ثِنْتَانِ، وَيَسْتَحِقُّ ثُلُثَيْ الْأَلْفِ الْأَوَّلِ وَنِصْفَهُ عَلَى الثَّانِي، وَهُوَ الْأَصَحُّ اعْتِبَارًا بِمَا أَوْقَعَهُ لَا بِمَا سَرَى عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ انْتَهَتْ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُقْتَضٍ لِلتَّغَايُرِ)

لِاحْتِمَالِ بَيْنَكُنَّ لِمَا أَرَادَهُ بِخِلَافِ عَلَيْكُنَّ فَلَا يُقْبَلُ إرَادَةُ بَعْضِهِنَّ بِهِ جَزْمًا، لَوْ أَوْقَعَ بَيْنَهُنَّ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ أَرَدْت اثْنَتَيْنِ عَلَى هَذِهِ وَقَسَّمْت الْأُخْرَى عَلَى الْبَاقِيَاتِ قُبِلَ، وَعَلَيْهِ لَوْ أَوْقَعَ بَيْنَ أَرْبَعٍ أَرْبَعًا ثُمَّ قَالَ أَرَدْت عَلَى ثِنْتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ دُونَ الْأُخْرَيَيْنِ لَحِقَ الْأُولَيَيْنِ طَلْقَتَانِ طَلْقَتَانِ عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ، وَلَحِقَ الْأُخْرَيَيْنِ طَلْقَةٌ طَلْقَةٌ لِئَلَّا يَتَعَطَّلَ الطَّلَاقُ فِي بَعْضِهِنَّ، وَلَوْ قَالَ أَوْقَعْت بَيْنَكُنَّ سُدُسَ طَلْقَةٍ وَرُبْعَ طَلْقَةٍ وَثُلُثَ طَلْقَةٍ طَلُقْنَ ثَلَاثًا لِأَنَّ تَغَايُرَ الْأَجْزَاءِ وَعَطْفَهَا مُشْعِرٌ بِقِسْمَةِ كُلِّ جُزْءٍ بَيْنَهُنَّ، وَمِثْلُهُ كَمَا رَجَّحَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا لَوْ قَالَ أَوْقَعْت بَيْنَكُنَّ طَلْقَةً وَطَلْقَةً وَطَلْقَةً. (وَلَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ قَالَ لِأُخْرَى أَشْرَكْتُك مَعَهَا أَوْ أَنْتِ كَهِيَ) أَوْ جَعَلْتُك شَرِيكَتَهَا أَوْ مِثْلَهَا (فَإِنْ نَوَى) بِذَلِكَ الطَّلَاقَ الْمُنَجَّزَ (طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا) لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ. أَمَّا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ بِدُخُولِ الدَّارِ مَثَلًا ثُمَّ قَالَ لِأُخْرَى أَشْرَكْتُك مَعَهَا رُوجِعَ، فَإِنْ قَصَدَ أَنَّ الْأُولَى لَا تَطْلُقُ حَتَّى تَدْخُلَ الْأُخْرَى لَمْ يُقْبَلْ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ التَّعْلِيقِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ أَوْ تَعْلِيقَ طَلَاقِ الثَّانِيَةِ بِدُخُولِ الْأُولَى أَوْ بِدُخُولِهَا نَفْسِهَا صَحَّ إلْحَاقًا لِلتَّعْلِيقِ بِالتَّنْجِيزِ (وَكَذَا لَوْ قَالَ آخَرُ ذَلِكَ لِامْرَأَتِهِ) فَإِنْ نَوَى طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ، وَلَوْ طَلَّقَ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ امْرَأَةً ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَشْرَكْتُك مَعَهَا، فَإِنْ نَوَى أَصْلَ الطَّلَاقِ فَوَاحِدَةٌ أَوْ مَعَ الْعَدَدِ فَطَلْقَتَانِ لِأَنَّهُ يَخُصُّهَا وَاحِدَةٌ وَنِصْفٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَتَكْمُلُ، فَإِنْ زَادَ بَعْدُ مَعَهَا فِي هَذَا الطَّلَاقِ لِوَاحِدَةٍ ثُمَّ لِأُخْرَى طَلُقَتْ الثَّانِيَةُ ثِنْتَيْنِ وَالثَّالِثَةُ وَاحِدَةً نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا نَوَى تَشْرِيكَ الثَّانِيَةِ مَعَهَا فِي الْعَدَدِ وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ فِيهَا أَيْضًا، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ عَشْرًا فَقَالَتْ يَكْفِينِي ثَلَاثٌ فَقَالَ الْبَاقِي لِضَرَّتِك لَمْ يَقَعْ عَلَى الضَّرَّةِ شَيْءٌ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الثَّلَاثِ لَغْوٌ كَمَا قَالَاهُ، نَعَمْ إنْ نَوَى طَلَاقَهَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا أَخْذًا مِمَّا قَدَّمْنَاهُ فِي الْكِنَايَةِ كَذَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، وَالْمَذْهَبُ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ إنْ قَالَتْ تَكْفِينِي وَاحِدَةٌ فَقَالَ وَالْبَاقِي لِضَرَائِرِك. طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَالضَّرَائِرُ طَلْقَتَيْنِ إنْ نَوَى، أَوْ قَالَتْ يَكْفِينِي ثَلَاثًا لَغَا مَا أَلْقَاهُ عَلَى الضَّرَائِرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: وَلَحِقَ الْأُخْرَيَيْنِ طَلْقَةٌ طَلْقَةٌ) أَيْ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ أَرَادَ بَيْنَهُنَّ بَعْضَهُنَّ (قَوْلُهُ: أَوْ أَنْتِ كَهِيَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: أَمَّا لَوْ قَالَ أَشْرَكْتُك مَعَهَا فِي الطَّلَاقِ فَتَطْلُقُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ كَذَا صَرَّحَ بِهِ أَبُو الْفَرَجِ الْبَزَّارُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الظِّهَارِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ بِدُخُولِهَا نَفْسِهَا صَحَّ) وَبَقِيَ مَا لَوْ أَطْلَقَ هَلْ يُلْغَى حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ إلْحَاقَ الْأُولَى فِي طَلَاقِهَا بِدُخُولِ الثَّانِيَةِ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى تَعْلِيقِ طَلَاقِ الثَّانِيَةِ بِدُخُولِ الْأُولَى أَوْ عَلَى تَعْلِيقِ طَلَاقِهَا بِدُخُولِهَا نَفْسِهَا، فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّالِثُ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ مِنْ إشْرَاكِهَا مَعَهَا لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْهُ أَشْرَكْتُك مَعَهَا فِي الصِّفَةِ الَّتِي قَامَتْ بِهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَوَى أَصْلَ الطَّلَاقِ) يَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ أَطْلَقَ لِأَنَّهُ الْمُحَقَّقُ وَمَا زَادَ مَشْكُوكٌ فِيهِ (قَوْلُهُ: الطَّلَاقُ لِوَاحِدَةٍ) أَيْ لِامْرَأَةٍ ثَانِيَةٍ بِأَنْ كَانَ مُتَزَوِّجًا ثَلَاثًا فَقَالَ لِلْأُولَى أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ لِلثَّانِيَةِ أَشْرَكْتُك مَعَ فُلَانَةَ فِي هَذَا الطَّلَاقِ ثُمَّ قَالَ لِلثَّالِثَةِ أَشْرَكْتُك مَعَ الثَّانِيَةِ فِي طَلَاقِهَا (قَوْلُهُ: طَلُقَتْ الثَّانِيَةُ ثِنْتَيْنِ) أَيْ لِأَنَّهُ يَخُصُّهَا بِالْإِشْرَاكِ نِصْفُ الثَّلَاثَةِ فَتُكْمَلُ ثِنْتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ) أَيْ بِأَنْ قَصَدَ التَّشْرِيكَ فِي أَصْلِ الطَّلَاقِ أَوْ أَطْلَقَ (قَوْلُهُ: إنْ نَوَى بِهِ طَلَاقَهَا) أَيْ الضَّرَّةَ، وَقَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ إلَخْ مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ طَلْقَتَيْنِ إنْ نَوَى: أَيْ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ وَقَعَ عَلَى كُلٍّ مِنْ الضَّرَائِرِ طَلْقَةٌ لِتَوْزِيعِ الثِّنْتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ عَلَيْهِنَّ وَمَا زَادَ عَلَيْهِمَا لَغْوٌ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الثَّلَاثَةِ لَا يَقَعُ مَا لَمْ يَنْوِ بِهِ الْإِيقَاعَ (قَوْلُهُ: لَغَا مَا أَلْقَاهُ) أَيْ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الطَّلَاقَ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْكِنَايَةِ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ إطْلَاقِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِإِفْرَادِهِ بِالذِّكْرِ فَائِدَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يُنَافِي مَا بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ قَالَتْ يَكْفِينِي ثَلَاثٌ لَغَا) أَيْ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الطَّلَاقَ، أَيْ خِلَافًا لِلْمُتَوَلِّي إذْ لَا عِبْرَةَ بِقَصْدِهِ بِمَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ.

[فصل الاستثناء في الطلاق]

فَصْلٌ فِي الِاسْتِثْنَاءِ (يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ) لِوُقُوعِهِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَكَلَامِ الْعَرَبِ، وَهُوَ الْإِخْرَاجُ بِإِلَّا أَوْ إحْدَى أَخَوَاتِهَا تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا، وَالْأَوَّلُ الْمُتَّصِلُ، وَالثَّانِي الْمُنْقَطِعُ، وَلَا دَخْلَ لَهَا هُنَا بَلْ إطْلَاقُ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَيْهِ مَجَازٌ، وَمِثْلُ الِاسْتِثْنَاءِ بَلْ يُسَمَّى اسْتِثْنَاءً شَرْعِيًّا التَّعْلِيقُ بِالْمَشِيئَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ فَكُلُّ مَا يَأْتِي مِنْ الشُّرُوطِ مَا عَدَا الِاسْتِغْرَاقَ عَامٌّ فِي النَّوْعَيْنِ (بِشَرْطِ اتِّصَالِهِ) بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ عُرْفًا بِحَيْثُ يُعَدُّ كَلَامًا وَاحِدًا، وَاحْتَجَّ لَهُ الْأُصُولِيُّونَ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَلَعَلَّهُمْ لَمْ يَعْتَدُّوا بِخِلَافِ ابْنِ عَبَّاسٍ لِشُذُوذِهِ بِفَرْضِ صِحَّتِهِ عَنْهُ (وَلَا يَضُرُّ) فِي الِاتِّصَالِ (سَكْتَةُ تَنَفُّسٍ وَعِيٍّ) وَنَحْوُهُمَا كَعُرُوضِ عُطَاسٍ أَوْ سُعَالٍ وَالسُّكُوتُ لِلتَّذَكُّرِ كَمَا قَالَاهُ فِي الْأَيْمَانِ وَلَا يُنَافِيهِ اشْتِرَاطُ قَصْدِهِ قَبْلَ الْفَرَاغِ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُهُ إجْمَالًا ثُمَّ يَتَذَكَّرُ الْعَدَدَ الَّذِي يَسْتَثْنِيهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ يَسِيرٌ لَا يُعَدُّ فَاصِلًا عُرْفًا، بِخِلَافِ الْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ قَلَّ لَا مَا لَهُ بِهِ تَعَلُّقٌ وَقَدْ قَلَّ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: لَوْ قَالَ أَنْتَ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا زَانِيَةُ إنْ شَاءَ اللَّهُ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ، وَعُلِمَ بِذَلِكَ مَا صَرَّحُوا بِهِ، وَهُوَ أَنَّ الِاتِّصَالَ هُنَا أَبْلَغُ مِنْهُ بَيْنَ إيجَابِ نَحْوِ الْبَيْعِ وَقَبُولِهِ، وَدَعْوَى أَنَّ مَا تَقَرَّرَ يَقْتَضِي كَوْنَهُ مِثْلَهُ مَمْنُوعٌ بَلْ لَوْ سَكَتَ ثُمَّ عَبَثَ عَبَثًا يَسِيرًا عُرْفًا لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ زَادَ عَلَى نَحْوِ سَكْتَةِ التَّنَفُّسِ بِخِلَافِ هُنَا، لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ بَيْنَ كَلَامِ اثْنَيْنِ مَا لَا يُحْتَمَلُ بَيْنَ كَلَامِ وَاحِدٍ. (قُلْت: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَنْوِيَ الِاسْتِثْنَاءَ) وَأُلْحِقَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ كَأَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ مَوْتِي كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ (قَبْلَ فَرَاغِ الْيَمِينِ فِي الْأَصَحِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ رَافِعٌ لِبَعْضِ مَا سَبَقَ فَاحْتِيجَ قَصْدُهُ لِلرَّفْعِ، بِخِلَافِهِ بَعْدَ فَرَاغِ لَفْظِ الْيَمِينِ إجْمَاعًا عَلَى مَا حَكَاهُ جَمْعٌ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَرَنَتْ بِكُلِّهِ وَلَا خِلَافَ فِيهِ، أَوْ بِأَوَّلِهِ فَقَطْ أَوْ آخِرِهِ فَقَطْ أَوْ أَثْنَائِهِ فَقَطْ فَيَصِحُّ كَمَا شَمِلَ ذَلِكَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا، وَيَتَّجِهُ أَنْ يَأْتِيَ فِي الِاقْتِرَانِ هُنَا بِأَنْتِ مِنْ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً أَوْ إنْ دَخَلْت مَا مَرَّ فِي اقْتِرَانِهَا بِأَنْتِ مِنْ أَنْتِ بَائِنٌ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجْرِ الْخِلَافُ الْمَارُّ فِي نِيَّةِ الْكِنَايَةِ هُنَا لِإِمْكَانِ الْفَرْقِ بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ صَرِيحٌ فِي الرَّفْعِ فَكَفَى فِيهِ أَدْنَى إشْعَارٍ، بِخِلَافِ الْكِنَايَةِ فَإِنَّهَا لِضَعْفِ دَلَالَتِهَا عَلَى الْوُقُوعِ تَحْتَاجُ إلَى مُؤَكِّدٍ أَقْوَى وَهُوَ اقْتِرَانُ النِّيَّةِ بِكُلِّ اللَّفْظِ عَلَى مَا مَرَّ، لَكِنْ مَا نَقَلَاهُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّاهُ فِيمَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَنَّهُ إنْ نَوَى ذَلِكَ أَثْنَاءَ الْكَلِمَةِ فَوَجْهَانِ كَمَا فِي نِيَّةِ الْكِنَايَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ) فِي الِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ تَحْقِيقًا، وَقَوْلُهُ وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ أَوْ تَقْدِيرًا (قَوْلُهُ: وَلَا يَدْخُلُ لَهُ) أَيْ الثَّانِي (قَوْلُهُ: بَلْ يُسَمَّى) أَيْ التَّعْلِيقُ (قَوْلُهُ: وَاحْتَجَّ لَهُ) أَيْ لِصِحَّتِهِ، وَقَوْلُهُ وَلَا يُنَافِيهِ: أَيْ السُّكُوتَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا ذَكَرَ يَسِيرٌ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ طَالَ نَحْوَ السُّعَالِ وَلَوْ قَهْرًا ضَرَّ، وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِلشَّارِحِ: نَعَمْ أَطْلَقُوا أَنَّهُ لَا يَضُرُّ عُرُوضُ سُعَالٍ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِالْخَفِيفِ عُرْفًا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: يَا زَانِيَةُ) اُنْظُرْ وَجْهَ أَنَّ هَذَا بِهِ تَعَلُّقًا إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيَانُ عُذْرِهِ فِي تَطْلِيقِهَا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ وَأُلْحِقَ بِهِ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءَ (قَوْلُهُ: كَأَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ مَوْتِي) أَيْ إذَا نَوَى أَنْ يَأْتِيَ بِذَلِكَ قَبْلَ فَرَاغِ طَالِقٍ (قَوْلُهُ: قَبْلَ فَرَاغِ الْيَمِينِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: إنْ أَخَّرَهُ وَإِلَّا فَقَبْلَ التَّلَفُّظِ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَصْدُهُ بَلْ التَّلَفُّظُ بِهِ، وَلَوْ اشْتَرَطَ أَنْ يَقْصِدَ حَالَ الْإِتْيَانِ بِهِ أَنَّهُ اسْتَثْنَاهُ مِمَّا يَأْتِي لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ وَجِيهٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاق] فَصْلٌ) فِي الِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَرَنَتْ بِكُلِّهِ) هَذِهِ الْمُخَالَفَةُ بِالنَّظَرِ لِمَا تَضَمَّنَتْهُ الْمُخَالَفَةُ قَبْلَهَا مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ الَّتِي هِيَ

يَقْتَضِي مَجِيءَ مَا مَرَّ فِي الْكِنَايَةِ هُنَا، لَكِنَّهُ يُشْكِلُ عَلَى صَنِيعِ الْمِنْهَاجِ حَيْثُ صَرَّحَ ثَمَّ بِاقْتِرَانِ نِيَّتِهَا بِكُلِّ اللَّفْظِ وَهُنَا بِاكْتِفَاءِ مُقَارَنَةِ النِّيَّةِ لِبَعْضِهِ، وَلَا مُخَلِّصَ عَنْ ذَلِكَ إلَّا بِمَا فَرَّقْنَا بِهِ، وَإِنَّمَا أَلْحَقَ مَا ذَكَرَا بِالْكِنَايَةِ لِأَنَّ الرَّفْعَ فِيهِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ مِثْلُهَا بِخِلَافِ مَا هُنَا. (وَيُشْتَرَطُ) أَيْضًا أَنْ يَعْرِفَ مَعْنَاهُ وَلَوْ بِوَجْهٍ، وَأَنْ يَتَلَفَّظَ بِهِ بِحَيْثُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ إنْ اعْتَدَلَ سَمْعُهُ وَلَا عَارِضَ وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ، وَأَنْ لَا يُجْمَعَ مُفَرَّقٌ وَلَا يُفَرَّقَ مُجْتَمِعٌ فِي مُسْتَثْنًى أَوْ مُسْتَثْنًى مِنْهُ أَوْ فِيهِمَا لِأَجْلِ الِاسْتِغْرَاقِ أَوْ عَدَمِهِ وَ (عَدَمُ اسْتِغْرَاقِهِ) فَالْمُسْتَغْرَقُ كَ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ فَيَقَعُ الثَّلَاثُ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَ إلَّا ثُلُثَ إلَّا رُبْعَ إلَّا سُدُسَ إلَّا ثُمُنَ طَلْقَةٍ فَثَلَاثٌ وَإِنْ قَصَدَ الِاسْتِثْنَاءَ بِشَرْطِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَتَبَعَّضُ، إذْ الْمَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ فَلَا يَقَعُ إلَّا ثُلُثَ طَلْقَةٍ فَيَقَعُ إلَّا رُبُعَ طَلْقَةٍ فَلَا يَقَعُ إلَّا سُدُسَ طَلْقَةٍ فَيَقَعُ إلَّا ثُمُنَ طَلْقَةٍ فَلَا يَقَعُ. (وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ وَوَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ) لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ الْمُفَرَّقُ لِأَجْلِ الِاسْتِغْرَاقِ بَلْ يُفْرَدُ كُلٌّ بِحُكْمِهِ كَمَا هُوَ شَأْنُ الْمُتَعَاطِفَاتِ، وَمِنْ ثَمَّ طَلُقَتْ غَيْرُ مَوْطُوءَةٍ فِي طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَاحِدَةً وَفِي طَلْقَتَيْنِ اثْنَتَيْنِ، وَإِذَا لَمْ يُجْمَعْ الْمُفَرَّقُ كَانَ الْمَعْنَى إلَّا ثِنْتَيْنِ لَا يَقَعَانِ فَتَقَعُ وَاحِدَةً فَيَصِيرُ قَوْلُهُ وَاحِدَةٌ مُسْتَغْرِقًا فَيَبْطُلُ وَتَقَعُ وَاحِدَةً (وَقِيلَ ثَلَاثٌ) بِنَاءً عَلَى الْجَمْعِ فَيَكُونُ مُسْتَغْرِقًا فَيَبْطُلُ مِنْ أَصْلِهِ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (ثِنْتَيْنِ وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً) (فَثَلَاثٌ) لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُجْمَعْ لِأَجْلِ عَدَمِ الِاسْتِغْرَاقِ كَانَتْ الْوَاحِدَةُ مُسْتَثْنَاةً مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSاهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُ سم إنْ أَخَّرَهُ: أَيْ الِاسْتِثْنَاءَ عَنْ الصِّيغَةِ (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي مَجِيءَ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِمَا فَرَّقْنَا بِهِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِإِمْكَانِ الْفَرْقِ بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَإِنَّمَا أَلْحَقَ مَا ذَكَرَاهُ: أَيْ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى إنْ دَخَلْت الدَّارَ إلَخْ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّ الرَّفْعَ فِيهِ: أَيْ مَا ذَكَرَاهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّعْلِيقِ الَّذِي سَوَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِاسْتِثْنَاءِ فِيمَا عَدَا الِاسْتِغْرَاقِ مِنْ الشَّرْطِ عَدَمُ الْقَبُولِ ظَاهِرًا فِي نَحْوِ إنْ دَخَلْت أَوْ إنْ شَاءَ زَيْدٌ لِمَا يَأْتِي أَنَّ مَنْ ادَّعَى إرَادَةَ ذَلِكَ دُيِّنَ وَذَلِكَ لِأَنَّ عَدَمَ الْإِسْمَاعِ الْمَذْكُورِ مَعَ الْإِرَادَةِ إذْ الْفَرْضُ وُجُودُهَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ لَا يَنْقُصَ عَنْ مُجَرَّدِ الْإِرَادَةِ إذْ لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ: وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ: أَيْ ظَاهِرًا وَيُدَيَّنُ، وَمِثْلُهُ فِي هَذَا الشَّرْطِ إسْمَاعُ الْغَيْرِ التَّعْلِيقَ بِالْمَشِيئَةِ، بِخِلَافِ التَّعْلِيقِ بِصِفَةٍ أُخْرَى نَحْوَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إسْمَاعُ الْغَيْرِ، حَتَّى لَوْ قَالَ قُلْت إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَأَنْكَرَتْ صَدَقَ بِيَمِينِهِ. قَالَ سم عَلَى حَجّ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّعْلِيقِ بِالصِّفَةِ وَبَيْنَهُ بِالْمَشِيئَةِ وَبَيْنَ الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّ التَّعْلِيقَ بِالصِّفَةِ لَيْسَ رَافِعًا لِلطَّلَاقِ بَلْ مُخَصِّصٌ لَهُ، بِخِلَافِ التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ وَالِاسْتِثْنَاءِ فَإِنَّ مَا ادَّعَاهُ فِيهِمَا رَافِعٌ لِلطَّلَاقِ مِنْ أَصْلِهِ، ثُمَّ مَحَلُّ عَدَمِ قَبُولِ قَوْلِهِ فِي الْمَشِيئَةِ وَالِاسْتِثْنَاءِ إذَا أَنْكَرَتْهُمَا الْمَرْأَةُ وَحَلَفَتْ، بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَى سَمَاعَهَا فَأَنْكَرَتْهُ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ مُجَرَّدَ إنْكَارِ السَّمَاعِ لَا يَسْتَدْعِي عَدَمَ الْقَوْلِ مِنْ أَصْلِهِ وَمِثْلُ مَا قِيلَ فِي الْمَرْأَةِ يَأْتِي فِي الشُّهُودِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَجْمَعَ مُفَرَّقٍ) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقِيلَ ثَلَاثٌ بِنَاءً ـــــــــــــــــــــــــــــQمَفْهُومُ الْمَتْنِ فَهْده الْمُخَالَفَةُ الثَّانِيَةُ هِيَ مَنْطُوقُ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَلَا مُخَلِّصَ عَنْ ذَلِكَ إلَّا بِمَا فَرَّقْنَا بِهِ) قَالَ الشِّهَابُ سم: قَدْ يُقَالُ عَنْهُ مُخَلِّصٌ أَيْضًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنَّمَا أُلْحِقَ إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ، عَلَى أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ قَبْلَ فَرَاغٍ لَيْسَ صَرِيحًا فِي الِاكْتِفَاءِ بِالْمُقَارَنَةِ لِلْبَعْضِ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ قَبْلَ الْفَرَاغِ صَادِقَةٌ بِالْمُقَارَنَةِ لِلْجَمِيعِ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهَا تَصْدُقُ أَيْضًا بِالْبَعْضِ فَيَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ الْمُقَارَنَةَ لِلْجَمِيعِ وَيَكُونُ التَّقْيِيدُ بِقَبْلِ الْفَرَاغِ لِمُجَرَّدِ الِاحْتِرَازِ عَمَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ لَا لِقَصْدِ شُمُولِهِ الْمُقَارَنَةَ لِلْبَعْضِ فَقَطْ، فَقَوْلُهُ وَهُنَا بِاكْتِفَاءٍ: أَيْ وَصَرَّحَ هُنَا بِاكْتِفَاءٍ إلَخْ مَمْنُوعٌ مَنْعًا لَا شُبْهَةَ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ) أَيْ ظَاهِرًا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِلَمْ يُقْبَلْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ تَعَلُّقِ

الْوَاحِدَةِ وَهُوَ مُسْتَغْرِقٌ فَيَبْطُلُ وَتَقَعُ الثَّلَاثُ (وَقِيلَ ثِنْتَانِ) بِنَاءً عَلَى الْجَمْعِ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَمِنْ الْمُسْتَغْرِقِ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ غَيْرَك وَلَا امْرَأَةَ لَهُ سِوَاهَا كَمَا صَرَّحَ السُّبْكِيُّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخَّرَ طَالِقٌ عَنْ غَيْرَ فَلَا يَقَعُ عِنْدَ قَصْدِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَمِثْلُهُ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي سِوَى الَّتِي فِي الْمَقَابِرِ طَالِقٌ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْحَالَيْنِ بَيْنَ نَصْبِ غَيْرَ أَوْ لَا وَلَا بَيْنَ النَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ وَلَا بَيْنَ غَيْرِ وَسِوَى، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَلَا تَطْلُقِي وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا لَا وَاحِدَةَ وَقَصَدَ بِذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءَ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وُقُوعُ طَلْقَتَيْنِ فَقَطْ، وَأَشْعَرَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِصِحَّةِ اسْتِثْنَاءِ الْأَكْثَرِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ وَهُوَ كَذَلِكَ. وَلَا يَرِدُ عَلَى بُطْلَانِ الْمُسْتَغْرِقِ صِحَّةُ نَحْوِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ حَيْثُ رَفَعَتْ الْمَشِيئَةُ جَمِيعَ مَا أَوْقَعَهُ وَهُوَ مَعْنَى الِاسْتِغْرَاقِ لِأَنَّهُ خَرَجَ بِالنَّصِّ فَبَقِيَ غَيْرُهُ عَلَى الْأَصْلِ، وَيَصِحُّ تَقْدِيمُ الْمُسْتَثْنَى عَلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ كَأَنْتِ إلَّا وَاحِدَةً طَالِقٌ ثَلَاثًا. (وَهُوَ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءُ بِنَحْوِ إلَّا (مِنْ نَفْيِ إثْبَاتٍ وَعَكْسِهِ) أَيْ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِيهِمَا، وَسَيَأْتِي فِي الْإِيلَاءِ قَاعِدَةٌ مُهِمَّةٌ فِي نَحْوِ لَا أَطَؤُك سَنَةً إلَّا مَرَّةً وَلَا أَشْكُوهُ إلَّا مِنْ حَاكِمِ الشَّرْعِ وَلَا أَبِيتُ إلَّا لَيْلَةً حَاصِلُهَا عَدَمُ الْوُقُوعِ فَرَاجِعْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ، ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى الْجَمْعِ (قَوْلُهُ: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ غَيْرَك) قَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ عَدَمُ الْقَبُولِ فِيمَا لَوْ أَخَّرَ غَيْرَ سَوَاءٌ أَقَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الصِّفَةِ أَمْ لَا، وَقَضِيَّةُ مَا يَأْتِي فِي الطَّلَاقِ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ خِلَافُهُ، وَفِي حَجّ هُنَا مَا نَصُّهُ بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ: وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ تَرْجِيحُهُ أَنَّهُ يَقَعُ مَا لَمْ يُرِدْ أَنَّ غَيْرَك صِفَةٌ أُخِّرَتْ مِنْ تَقْدِيمٍ وَهُوَ مُرَادُ الْقَفَّالِ بِإِرَادَةِ الشَّرْطِ أَوْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَتِهَا كَأَنْ خَاطَبَتْهُ بِ تَزَوَّجْت عَلَيَّ فَقَالَ كُلٌّ إلَخْ، وَيُوَجَّهُ ذَلِكَ بِأَنَّ ظَاهِرَ اللَّفْظِ الِاسْتِثْنَاءُ فَأَوْقَعْنَا بِهِ قَصْدَ الِاسْتِثْنَاءِ أَوْ أَطْلَقَ لِأَنَّهُ حَيْثُ لَا قَصْدَ لِلصِّفَةِ وَلَا قَرِينَةَ لَمْ يُعَارِضْ ذَلِكَ الظَّاهِرَ شَيْءٌ اهـ (قَوْلُهُ: سِوَاهَا) أَيْ فَيَقَعُ عَلَيْهِ مَا تَلَفَّظَ بِهِ مِنْ وَاحِدَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ امْرَأَةٌ غَيْرُهَا لَمْ تَطْلُقْ الْمُخَاطَبَةُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ وَهُوَ لَا وُقُوعَ بِهِ حَيْثُ لَمْ يَسْتَغْرِقْ (قَوْلُهُ: سِوَى الَّتِي فِي الْمَقَابِرِ) أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَأَشْعَرَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ) أَشَارَ بِهِ إلَى رَدِّ مَا قِيلَ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُخْرَجُ أَكْثَرَ مِنْ الْبَاقِي (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ تَقْدِيمُ الْمُسْتَثْنَى) أَيْ وَفِي اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِيهِ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِ سم قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي فِي الْإِيلَاءِ) لَمْ يَذْكُرْهَا ثَمَّ (قَوْلُهُ: فِي نَحْوِ لَا أَطَؤُك) أَيْ وَتَرَكَ الْوَطْءَ مُطْلَقًا، وَكَذَا الْبَاقِي اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ حَاصِلُهَا عَدَمُ الْوُقُوعِ) أَيْ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْمَنْعِ الْمُقَدَّرِ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَمْنَعُ نَفْسِي مِنْ وَطْئِك سَنَةً إلَّا مَرَّةً فَلَا أَمْنَعُ نَفْسِي مِنْهَا بَلْ أَكُونُ عَلَى الْخِيَارِ، وَهَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ فَلَا تَطْلُقُ) يَنْبَغِي مُرَاجَعَةُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُشْكَلٌ، لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ هَذَا التَّصْوِيرِ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ عَلَى انْتِفَاءِ مَا عَدَا الْعَشَرَةَ عَنْ الْكَيِّسِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ فَقَدْ تَحَقَّقَ هَذَا الِانْتِفَاءُ فَلْيَقَعْ الطَّلَاقُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذِهِ بِمَا نَحْنُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ الْمُسْتَغْرِقِ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ إلَخْ) النُّسَخُ هُنَا مُخْتَلِفَةٌ وَفِي كُلِّهَا خَلَلٌ. وَحَاصِلُ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْعَلَّامَةُ حَجّ أَنَّهُ إنْ قَدِمَ غَيْرُكِ عَلَيَّ طَالِقٌ لَا يَقَعُ إلَّا إنْ قَصَدَ الِاسْتِثْنَاءَ سَوَاءٌ قَصَدَ الصِّفَةَ أَوْ أَطْلَقَ، وَإِنْ أَخَّرَهُ عَنْهُ وَقَعَ إلَّا إنْ قَصَدَ أَنَّهُ صِفَةٌ أُخِّرَتْ مِنْ تَقْدِيمٍ سَوَاءٌ قَصَدَ الِاسْتِثْنَاءَ أَوْ أَطْلَقَ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: سِوَى الَّتِي فِي الْمَقَابِرِ) أَيْ وَهِيَ حَيَّةٌ، وَأَصْلُ ذَلِكَ كَلَامُ الْخُوَارِزْمِيَّ وَعِبَارَتُهُ: خَطَبَ امْرَأَةً فَامْتَنَعَتْ؛ لِأَنَّهُ مُتَزَوِّجٌ، فَوَضَعَ امْرَأَتَهُ فِي الْمَقَابِرِ ثُمَّ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي سِوَى الَّتِي فِي الْمَقَابِرِ طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقُ (قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي فِي الْإِيلَاءِ) تَبِعَ حَجّ فِي هَذِهِ الْإِحَالَةِ وَلَمْ يَتْبَعْهُ فِي ذِكْرِ الْقَاعِدَةِ فِي الْإِيلَاءِ (قَوْلُهُ: حَاصِلُهَا عَدَمُ الْوُقُوعِ) أَيْ بِتَرْكِ

وَمِنْهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْكِيسِ إلَّا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ فَلَا تَطْلُقُ. وَوَقَعَ السُّؤَالُ كَثِيرًا عَمَّنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا إلَّا فِي شَرٍّ ثُمَّ تَخَاصَمَا وَكَلَّمَهُ فِي شَرٍّ هَلْ يَحْنَثُ إذَا كَلَّمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي خَيْرٍ؟ وَاَلَّذِي أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَدَمُ الْحِنْثِ بِكَلَامِهِ فِي الْخَيْرِ بَعْدَ كَلَامِهِ لَهُ فِي الشَّرِّ لِانْحِلَالِ يَمِينِهِ بِكَلَامِهِ الْأَوَّلِ، إذْ لَيْسَ فِيهَا مَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَيَّدَهَا بِكَلَامٍ وَاحِدٍ، وَلِأَنَّ لِهَذِهِ الْيَمِينِ جِهَةُ بِرٍّ وَهِيَ كَلَامُهُ فِي الشَّرِّ وَجِهَةُ حِنْثٍ وَهِيَ كَلَامُهُ فِي غَيْرِهِ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَقْتَضِي النَّفْيَ وَالْإِثْبَاتَ جَمِيعًا، وَإِذَا كَانَ لَهَا جِهَتَانِ وَوُجِدَتْ إحْدَاهُمَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِدَلِيلِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الْيَوْمَ الدَّارَ أَوْ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الرَّغِيفَ، فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ الدَّارَ فِي الْيَوْمِ بَرَّ، وَإِنْ تَرَكَ أَكْلَ الرَّغِيفِ وَإِنْ أَكَلَهُ بَرَّ وَإِنْ دَخَلَ الدَّارَ، وَلَيْسَ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ خَرَجْت لَابِسَةً حَرِيرٍ فَأَنْت طَالِقٌ فَخَرَجَتْ غَيْرَ لَابِسَةٍ لَهُ لَا تَنْحَلُّ حَتَّى يَحْنَثَ بِالْخُرُوجِ ثَانِيًا لَابِسَةً لَهُ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَمْ تَشْتَمِلْ عَلَى جِهَتَيْنِ، وَإِنَّمَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِخُرُوجٍ مُقَيَّدٍ، فَإِذَا وُجِدَ وَقَعَ. (فَلَوْ قَالَ ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ إلَّا طَلْقَةً فَثِنْتَانِ) لِأَنَّ الْمَعْنَى ثَلَاثًا يَقَعْنَ إلَّا ثِنْتَيْنِ لَا تَقَعَانِ إلَّا وَاحِدَةً فَتَقَعُ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ) (فَثِنْتَانِ) لِأَنَّهُ لَمَّا عَقَّبَ الْمُسْتَغْرِقَ بِغَيْرِهِ خَرَجَ عَنْ الِاسْتِغْرَاقِ، نَظَرًا لِلْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ: أَيْ ثَلَاثًا تَقَعُ إلَّا ثَلَاثًا لَا تَقَعُ إلَّا ثِنْتَيْنِ تَقَعَانِ (وَقِيلَ ثَلَاثٌ) لِأَنَّ الْمُسْتَغْرَقَ لَغْوٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَوَقَعَ السُّؤَالُ كَثِيرًا عَمَّنْ حَلَفَ إلَخْ) وَفِي لَا أَفْعَلُهُ إلَّا إنْ جَاءَ وَلَدِي مِنْ سَفَرِهِ فَمَاتَ وَلَدُهُ قَبْلَ مَجِيئِهِ ثُمَّ فَعَلَهُ تَرَدُّدٌ، وَسَيَأْتِي فِي تِلْكَ الْقَاعِدَةِ أَنَّ الثَّابِتَ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ هُوَ نَقِيضُ الْمَلْفُوظِ بِهِ قَبْلَهُ، وَاَلَّذِي قَبْلَهُ هُنَا الِامْتِنَاعُ مُطْلَقًا وَنَقِيضُهُ التَّخْيِيرُ بَعْدَ مَجِيءِ الْوَلَدِ بَيْنَ الْفِعْلِ وَعَدَمِهِ، فَإِذَا انْتَفَى مَجِيئُهُ بَقِيَ الِامْتِنَاعُ عَلَى حَالِهِ، وَقَضِيَّتُهُ حِنْثُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ مُطْلَقًا. وَأَمَّا إفْتَاءُ بَعْضِهِمْ فِي هَذِهِ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ أَعْلَمَ وَلَدَهُ بِالْيَمِينِ وَمَاتَ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْمَجِيءِ لَمْ يَقَعْ وَإِلَّا وَقَعَ فَبَعِيدٌ جِدًّا بَلْ لَا وَجْهَ لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ اهـ حَجّ. وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ فِي شَخْصٍ حَلَفَ لَا يُسَافِرُ إلَّا مَعَ زَيْدٍ فَمَاتَ زَيْدٌ وَآخَرُ حَلَفَ أَنْ لَا يُسَافِرَ إلَّا فِي مَرْكَبِ فُلَانٍ فَانْكَسَرَتْ مَرْكَبُهُ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا فَقَضِيَّتُهُ الْحِنْثُ إذَا سَافَرَ بَعْدَ مَوْتِ زَيْدٍ أَوْ فِي غَيْرِ الْمَرْكَبِ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الرَّغِيفَ) بِأَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا فِي يَمِينٍ وَاحِدَةٍ مَعَ الْعَطْفِ بِأَوْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَرَكَ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ فَإِذَا وُجِدَ وَقَعَ) وَأَمَّا إنْ خَرَجَتْ غَيْرَ لَابِسَةٍ حَرِيرٍ فَخَرَجَتْ لَابِسَةً لَهُ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ الِانْحِلَالُ لِاشْتِمَالِ يَمِينِهِ عَلَى جِهَتَيْنِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ فَلْيُرَاجَعْ مِنْ كِتَابِ الْأَيْمَانِ، وَفِي حَجّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ خَرَجْت بِغَيْرِ إذْنِي فَخَرَجَتْ بِإِذْنِهِ ثُمَّ بِغَيْرِ إذْنِهِ انْحَلَّتْ بِالْخُرُوجِ الْأَوَّلِ فَلَا يَحْنَثُ بِخُرُوجِهَا ثَانِيًا بِغَيْرِ إذْنِهِ اهـ. وَهِيَ تُؤَيِّدُ الِانْحِلَالَ. [فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: تَكُونِي طَالِقًا ثَلَاثًا لَوْلَا أَخْشَى اللَّهَ لَكَسَرْت رَقَبَتَك، هَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ الْوُقُوعِ لِأَنَّ تَكُونِي طَالِقًا لَيْسَتْ صِيغَةَ طَلَاقٍ بَلْ هِيَ إخْبَارٌ بِأَنَّهَا تَكُونُ طَالِقًا فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَالْقَائِلُ ذَلِكَ لَمْ يُرِدْ هَذَا الْمَعْنَى وَإِنَّمَا يُرَادُ بِمِثْلِهِ عِنْدَهُمْ مَعْنَى الْحَلِفِ، وَكَأَنَّهُ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا لَوْلَا أَخْشَى اللَّهَ إلَخْ، فَالْمَعْنَى أَنَّهُ إنَّمَا مَنَعَهُ مِنْ كَسْرِ رَقَبَتِهَا خَشْيَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فَلَا وُقُوعَ. (قَوْلُهُ: إلَّا وَاحِدَةً فَتَقَعُ) أَيْ لِأَنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الْمُسْتَثْنَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: نَظَرًا لِلْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْوَطْءِ أَوْ الشِّكَايَةِ أَوْ الْمَبِيتِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْكِيسِ إلَّا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم: يَنْبَغِي مُرَاجَعَةُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ هَذَا التَّصْوِيرِ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ عَلَى انْتِفَاءِ مَا عَدَا الْعَشَرَةَ عَنْ الْكِيسِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ فَقَدْ تَحَقَّقَ هَذَا الِانْتِفَاءُ فَلْيَقَعْ الطَّلَاقُ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ.

وَمَا بَعْدَهُ (وَقِيلَ طَلْقَةٌ) إلْغَاءٌ لِلْمُسْتَغْرَقِ وَحْدَهُ، أَوْ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ وَوَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ، أَوْ إلَّا وَاحِدَةً وَاثْنَتَيْنِ فَثِنْتَانِ، أَوْ طَلْقَتَيْنِ وَطَلْقَةً إلَّا طَلْقَةً فَثَلَاثٌ، أَوْ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ، وَكَذَا ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ حُرُوفُ الْعَطْفِ كَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً ثُمَّ وَاحِدَةً بَلْ وَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً فَثَلَاثٌ، أَوْ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً فَثَلَاثٌ، أَوْ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ إلَّا اثْنَتَيْنِ فَوَاحِدَةٌ، أَوْ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً ثِنْتَانِ عَلَى الْأَصَحِّ إلْغَاءٌ لِلِاسْتِثْنَاءِ الثَّانِي فَقَطْ لِحُصُولِ الِاسْتِغْرَاقِ بِهِ، وَقِيلَ ثَلَاثٍ أَوْ ثِنْتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ كَمَا اسْتَوْجَهَهُ الشَّيْخُ، وَقِيلَ ثِنْتَانِ أَوْ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً فَوَاحِدَةً فِيمَا يَظْهَرُ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (خَمْسًا إلَّا ثَلَاثًا) (فَثِنْتَانِ) اعْتِبَارًا لِلِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْمَلْفُوظِ لِأَنَّهُ لَفْظٌ فَأُتْبِعَ بِهِ مُوجِبُ اللَّفْظِ (وَقِيلَ ثَلَاثٌ) اعْتِبَارًا لَهُ بِالْمَمْلُوكِ فَيَكُونُ مُسْتَغْرَقًا فَيَبْطُلُ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ) أَوْ إلَّا أَقَلَّ الطَّلَاقِ وَلَا نِيَّةَ لَهُ كَمَا فِي الِاسْتِقْصَاءِ (فَثَلَاثٌ عَلَى الصَّحِيحِ) تَكْمِيلًا لِلنِّصْفِ الْبَاقِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَلَمْ يَعْكِسْ، لِأَنَّ التَّكْمِيلَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْإِيقَاعِ تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ. وَالثَّانِي يَقَعُ ثِنْتَانِ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فَالْقِيَاسُ وُقُوعُ طَلْقَةٍ أَوْ طَلْقَةً وَنِصْفًا إلَّا طَلْقَةً وَنِصْفًا، قَالَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْعَصْرِ: الْقِيَاسُ وُقُوعُ طَلْقَةٍ لِأَنَّا نُكْمِلُ النِّصْفَ فِي طَرَفِ الْإِيقَاعِ فَتَصِيرُ طَلْقَتَيْنِ، ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْهُمَا طَلْقَةً وَنِصْفًا فَبَقِيَ نِصْفُ طَلْقَةٍ، ثُمَّ يَكْمُلُ الْإِيقَاعُ فَبَقِيَ طَلْقَةٌ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَأَوْقَعَ ثِنْتَيْنِ، لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ عِنْدَهُ يَصِيرُ مُسْتَغْرِقًا فَإِنَّهُ أَوْقَعَ طَلْقَةً وَنِصْفًا كَمَّلْنَا ذَلِكَ طَلْقَتَيْنِ ثُمَّ رَفَعَ طَلْقَةً وَنِصْفًا ثُمَّ كَمَّلْنَا ذَلِكَ طَلْقَتَيْنِ فِي الرَّفْعِ فَقَدْ اسْتَثْنَى ثِنْتَيْنِ مِنْ مِثْلِهِمَا وَهُوَ بَاطِلٌ فَوَقَعَ ثِنْتَانِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي لَفْظِهِ صُورَتُهُ صُورَةُ الْمُسْتَغْرِقِ فَقَوَّى فِيهِ جَانِبَ الِاسْتِغْرَاقِ، هَذَا وَالْأَوْجَهُ وُقُوعُ وَاحِدَةٍ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ لَا، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ لَا، بِإِسْكَانِ الْوَاوِ فِيهِمَا لَمْ يَقَعْ بِهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ اسْتِفْهَامٌ لَا إيقَاعٌ فَأَشْبَهَ هَلْ أَنْتِ طَالِقٌ، إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِأَنْتِ طَالِقٌ إنْشَاءَ الطَّلَاقِ فَتَطْلُقُ، وَلَا يُؤَثِّرُ قَوْلُهُ حِينَئِذٍ أَوْ لَا، فَإِنْ شَدَّدَ الْوَاوَ وَهُوَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ طَلُقَتْ، لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ فِي أَوَّلِ الطَّلَاقِ، أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً لَا تَقَعُ عَلَيْك، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ لَا فَوَاحِدَةٌ أَوْ أَنْتِ بَائِنٌ إلَّا بَائِنًا، أَوْ إلَّا طَالِقًا وَنَوَى بِبَائِنٍ الثَّلَاثَ وَقَعَ طَلْقَتَانِ. (وَلَوْ) (قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ) أَوْ إذَا أَوْ مَتَى مَثَلًا (شَاءَ اللَّهُ) أَوْ أَرَادَ أَوْ رَضِيَ أَوْ أَحَبَّ أَوْ اخْتَارَ (أَوْ) أَنْتِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مِنْ نَفْيِ إثْبَاتٍ وَعَكْسِهِ (قَوْلُهُ: فَثَلَاثٌ عَلَى الصَّحِيحِ) أَيْ فَإِنْ نَوَى بِأَقَلِّ الطَّلَاقِ فِي إلَّا أَقَلَّ الطَّلَاقِ وَاحِدَةٌ فَثِنْتَانِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ وُقُوعُ وَاحِدَةٍ) لَكِنْ يُشْكِلُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا يَجْمَعُ الْفَرْقُ فِي الْمُسْتَثْنَى وَلَا فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَلَا فِيهِمَا، وَالِاقْتِصَارُ عَلَى وَاحِدَةٍ يَقْتَضِي الْجَمْعَ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ دُونَ الْمُسْتَثْنَى. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مَحَلَّ امْتِنَاعِ الْجَمْعِ إذَا أَدَّى جَمْعُ الْمُفَرَّقِ إلَى اسْتِغْرَاقٍ وَهَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَمَّا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً وَاحِدَةً وَقَعَ كَمَا أَوْقَعَ وَجُبِرَ الْكَسْرُ عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ التَّكْمِيلِ فِي جَانِبِ الْإِيقَاعِ، وَعِنْدَ الِاسْتِثْنَاءِ صَحَّحَ اسْتِثْنَاءَ الْوَاحِدَةِ وَأَلْغَى اسْتِثْنَاءَ النِّصْفِ فَوَقَعَتْ وَاحِدَةً لِأَنَّهُ فِي الْمَعْنَى اسْتَثْنَى طَلْقَةً مِنْ اثْنَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَهُوَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ طَلُقَتْ) أَيْ وَاحِدَةً (قَوْلُهُ: أَوْ إلَّا طَالِقًا وَنَوَى) أَيْ فِي بَائِنًا أَصْلَ الطَّلَاقِ، فَإِنْ نَوَى عَدَدًا وَاسْتَثْنَى مِنْهُ فَالظَّاهِرُ صِحَّةُ الِاسْتِثْنَاءِ، فَلَوْ قَالَ أَنْت بَائِنٌ وَنَوَى ثَلَاثًا إلَّا بَائِنًا وَنَوَى وَاحِدَةً أَوْ قَالَ إلَّا طَالِقًا وَقَعَ ثِنْتَانِ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى وَاحِدَةً ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ وَوَاحِدَةً إلَخْ) إلَى قَوْلِهِ أَوْ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ لَا مَحَلَّ لَهُ هُنَا، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ فُرُوعِ قَاعِدَةِ الِاسْتِغْرَاقِ وَعَدَمِهِ الْمَارَّةِ، عَلَى أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ الْأُولَى تَقَدَّمَتْ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ) اُنْظُرْ مَفْهُومَ

طَالِقٌ (إنْ) أَوْ إذَا مَثَلًا (لَمْ يَشَأْ اللَّهُ وَقَصَدَ التَّعْلِيقَ) بِالْمَشِيئَةِ قَبْلَ فَرَاغِ الْيَمِينِ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَهُمَا وَأَسْمَعَ نَفْسَهُ كَمَا مَرَّ (لَمْ يَقَعْ) أَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَلِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «مَنْ حَلَفَ ثُمَّ قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَدْ اسْتَثْنَى» وَهُوَ عَامٌّ لِلطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ، وَخَرَجَ بِقَصْدِ التَّعْلِيقِ مَا إذَا سَبَقَ لِسَانُهُ أَوْ قَصَدَ التَّبَرُّكَ، أَوْ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ بِمَشِيئَتِهِ تَعَالَى، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ أَمْ لَا، وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ وَكَوْنُ اللَّفْظِ لِلتَّعْلِيقِ لَا يُنَافِي اشْتِرَاطَ قَصْدِهِ كَمَا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لِلْإِخْرَاجِ فَاشْتَرَطَ فِيهِ ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَإِنْ لَمْ يَشَأْ أَوْ شَاءَ أَوْ لَمْ يَشَأْ أَوْ إنْ شَاءَ أَوْ إنْ لَمْ يَشَأْ فِي كَلَامٍ وَاحِدٍ طَلُقَتْ (وَكَذَا يَمْنَعُ) التَّعْلِيقَ بِالْمَشِيئَةِ (انْعِقَادُ تَعْلِيقٍ) كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ لِعُمُومِ الْخَبَرِ السَّابِقِ وَكَالتَّنْجِيزِ بَلْ أَوْلَى (وَعِتْقٌ) تَنْجِيزًا أَوْ تَعْلِيقًا (وَيَمِينٌ) كَ وَاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ (وَنَذْرٌ) كَعَلَيَّ كَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ (وَكُلُّ تَصَرُّفٍ) غَيْرُ مَا ذُكِرَ مِنْ حَلٍّ وَعَقْدٍ وَإِقْرَارٍ وَنِيَّةِ عِبَادَةٍ، وَلَوْ قَدَّمَ التَّعْلِيقَ عَلَى الْمُعَلَّقَ بِهِ كَانَ كَتَأْخِيرِهِ عَنْهَا كَإِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْتِ طَالِقٌ، وَلَوْ فَتَحَ هَمْزَةَ إنْ أَوْ أَبْدَلَهَا بِ إذْ أَوْ بِمَا كَأَنْتِ طَالِقٌ أَنْ شَاءَ اللَّهُ طَلُقَتْ طَلْقَةً وَاحِدَةً سَوَاءٌ النَّحْوِيُّ فِي الْأَوَّلِ وَغَيْرُهُ. (وَلَوْ قَالَ يَا طَالِقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَعَ الْأَصَحُّ) لِأَنَّ النِّدَاءَ يَقْتَضِي تَحَقُّقَ الِاسْمِ أَوْ الصِّفَةِ حَالَ النِّدَاءِ، وَلَا يُقَالُ فِي الْحَاصِلِ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَإِذْ وَمَا شَاءَ اللَّهُ بِخِلَافِ أَنْتِ كَذَا فَإِنَّهُ قَدْ يُسْتَعْمَلُ لِلْقُرْبِ مِنْ الشَّيْءِ وَتَوَقُّعِ الْحُصُولِ، كَمَا يُقَالُ لِلْقَرِيبِ مِنْ الْوُصُولِ أَنْتَ وَاصِلٌ وَلِلْمَرِيضِ الْمُتَوَقَّعِ شِفَاؤُهُ قَرِيبًا أَنْتَ صَحِيحٌ فَيَنْتَظِمُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي مِثْلِهِ وَفِي يَا طَالِقُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا طَالِقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ يَرْجِعُ الِاسْتِثْنَاءُ لِغَيْرِ النِّدَاءِ فَتَقَعُ وَاحِدَةً. قَالَ الْقَاضِي: وَمَحَلُّ ذَلِكَ كُلِّهِ فِيمَنْ لَيْسَ اسْمُهَا طَالِقًا وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ أَيْ مَا لَمْ يَقْصِدْ الطَّلَاقَ. (أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ فَلَا) يَقَعُ شَيْءٌ (فِي الْأَصَحِّ) إذْ الْمَعْنَى إلَّا أَنْ يَشَاءَ عَدَمَ تَطْلِيقِك وَلَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَى ذَلِكَ نَظِيرُ مَا مَرَّ. وَالثَّانِي يَقَعُ لِأَنَّهُ أَوْقَعَهُ وَجَعَلَ الْمُخَلِّصَ عَنْهُ الْمَشِيئَةَ وَهِيَ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ فَلَا يَحْصُلُ الْخَلَاصُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا أَطْلَقَ، فَإِنْ ذَكَرَ شَيْئًا اُعْتُمِدَ قَوْلُهُ، وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ ثَلَاثٍ (قَوْلُهُ: أَمَّا فِي الْأَوَّلِ إلَخْ) قَالَ حَجّ: وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِاسْتِحَالَةِ الْوُقُوعِ بِخِلَافِ مَشِيئَةِ اللَّهِ، وَلِأَنَّ عَدَمَ الْمَشِيئَةِ غَيْرُ مَعْلُومٍ أَيْضًا اهـ (قَوْلُهُ: وَهُوَ عَامٌّ لِلطَّلَاقِ) أَيْ شَامِلٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ طَلَّقَ) أَيْ فَيَقَعُ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَاشْتَرَطَ فِيهِ ذَلِكَ) أَيْ نِيَّةُ الْإِخْرَاجِ (قَوْلُهُ: فِي كَلَامٍ وَاحِدٍ طَلُقَتْ) أَيْ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَيِّ حَالَةٍ وُجِدَتْ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ النَّحْوِيُّ إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمَتْنِ فِي فَصْلِ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي شَهْرِ كَذَا قُلْت إلَّا فِي غَيْرِ نَحْوِيٍّ فَتَعْلِيقٌ إلَخْ، ثُمَّ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ هُنَا سَوَاءٌ النَّحْوِيُّ فِي الْأَوَّلِ وَغَيْرِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُفَرَّقُ فِي غَيْرِ الْأَوَّلِ بَيْنَهُمَا فَلْيُرَاجَعْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّمَا قُيِّدَ بِالْأَوَّلِ لِأَنَّ تَوَهُّمَ الْفَرْقِ فِيهِ قَرِيبٌ لِاتِّحَادِ حَرْفَيْ الْمَفْتُوحَةِ وَالْمَكْسُورَةِ فَنَصَّ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْأَخِيرَيْنِ فَإِنَّ عَدَمَ تَوَهُّمِ الْفَرْقِ بَعِيدٌ فَلَمْ يَحْتَجْ لِلتَّنْصِيصِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ ذَكَرَ شَيْئًا اُعْتُمِدَ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالشَّيْءِ الَّذِي إذَا ذَكَرَهُ اُعْتُمِدَ قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ فَرْقٌ بَيْنَ تَوْجِيهِي الْأَصَحَّ وَمُقَابِلِهِ فِي أَنَّ الْمَعْنَى إلَّا أَنْ يَشَاءَ عَدَمَ طَلَاقِك، وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْأَصَحَّ يَقُولُ: لَمَّا كَانَ الطَّلَاقُ مُعَلَّقًا عَلَى عَدَمِ الْمَشِيئَةِ وَلَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَيْهَا مَنَعْنَا الْوُقُوعَ لِلشَّكِّ فِيهِ، وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ قَوْلَهُ أَنْتِ طَالِقٌ صَرِيحٌ فِي الْوُقُوعِ، وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ رَفْعٌ لَهُ وَلَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذَا الْقَيْدِ (قَوْلُهُ: أَمَّا فِي الْأَوَّلِ إلَخْ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِلشِّهَابِ حَجّ لَكِنَّهُ أَغْفَلَ الثَّانِيَ، وَالشِّهَابُ الْمَذْكُورُ ذَكَرَهُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِاسْتِحَالَةِ الْوُقُوعِ بِخِلَافِ مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَلِأَنَّ عَدَمَ الْمَشِيئَةِ غَيْرُ مَعْلُومٍ أَيْضًا (قَوْلُهُ: نَظِيرَ مَا مَرَّ) هُوَ إحَالَةٌ عَلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ.

[فصل في الشك في الطلاق]

فِيمَنْ قَالَ لَا أَفْعَلُ كَذَا إلَّا أَنْ يَسْبِقَنِي الْقَضَاءُ وَالْقَدْرُ ثُمَّ فَعَلَهُ وَقَالَ قَصَدْت إخْرَاجَ مَا قُدِّرَ مِنْهُ عَنْ الْيَمِينِ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَثَلَاثًا أَوْ وَثِنْتَيْنِ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَوَاحِدَةٌ لِاخْتِصَاصِ التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ بِالْأَخِيرِ، أَوْ ثَلَاثًا وَوَاحِدَةً إنْ شَاءَ اللَّهُ فَثَلَاثٌ، أَوْ وَاحِدَةً ثَلَاثًا أَوْ ثَلَاثًا ثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ تَطْلُقْ لِعَوْدِ الْمَشِيئَةِ إلَى الْجَمِيعِ لِحَذْفِ الْعَاطِفِ، وَلَوْ قَالَ: حَفْصَةُ طَالِقٌ وَعَمْرَةُ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَمْ يَنْوِ عَوْدَ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى كُلٍّ مِنْ الْمُتَعَاطِفَيْنِ طَلُقَتْ حَفْصَةُ دُونَ عَمْرَةَ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ، وَالْأَوْجَهُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا نَوَى بِالِاسْتِثْنَاءِ عَوْدَهُ لِلْأَخِيرِ فَقَطْ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَصَدَهُمَا أَوْ أَطْلَقَ، وَلَوْ قَالَ حَفْصَةُ وَعَمْرَةُ طَالِقَانِ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ زَيْدٌ فَمَاتَ زَيْدٌ أَوْ جُنَّ قَبْلَ الْمَشِيئَةِ لَمْ تَطْلُقْ، وَإِنْ خَرِسَ فَأَشَارَ طَلُقَتْ، أَوْ عَلَّقَ بِمَشِيئَةِ الْمَلَائِكَةِ لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّ لَهُمْ مَشِيئَةً، وَكَذَا بِمَشِيئَةِ بَهِيمَةٍ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ يَشَأْ زَيْدٌ وَلَمْ تُوجَدْ مَشِيئَتُهُ فِي الْحَيَاةِ وَقَعَ قُبَيْلَ مَوْتِهِ أَوْ جُنُونِهِ الْمُتَّصِلِ بِالْمَوْتِ، فَإِنْ مَاتَ وَشَكَّ فِي مَشِيئَتِهِ لَمْ تَطْلُقْ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ يَشَأْ زَيْدٌ الْيَوْمَ وَلَمْ يَشَأْ فِيهِ وَقَعَ قُبَيْلَ الْغُرُوبِ إذْ الْيَوْمُ هُنَا كَالْعُمْرِ فِيمَا مَرَّ. فَصْلٌ فِي الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ وَهُوَ كَمَا سَيَأْتِي ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: شَكٌّ فِي أَصْلِهِ، وَشَكٌّ فِي عَدَدِهِ، وَشَكٌّ فِي مَحَلِّهِ، كَمَنْ طَلَّقَ مُعَيَّنَةً ثُمَّ نَسِيَهَا (شَكَّ فِي) أَصْلِ (طَلَاقٍ) مُنَجَّزٍ أَوْ مُعَلَّقٍ هَلْ وَقَعَ مِنْهُ أَوْ لَا (فَلَا) يَقَعُ بِالْإِجْمَاعِ (أَوْ فِي عَدَدِهِ) بَعْدَ تَحَقُّقِ أَصْلِ الْوُقُوعِ (فَالْأَقَلُّ) لِأَنَّهُ الْيَقِينُ (وَلَا يَخْفَى الْوَرَعُ) فِي الصُّورَتَيْنِ وَهُوَ الْأَخْذُ بِالْأَسْوَإِ، لِخَبَرِ «دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك» فَلْيُرَاجِعْ فِي الْأَوَّلِ أَوْ يُجَدِّدْ إنْ رَغِبَ وَإِلَّا فَلْيُنَجَّزْ طَلَاقُهَا لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ يَقِينًا وَيَأْخُذَ بِالْأَكْثَرِ فِي الثَّانِي، ـــــــــــــــــــــــــــــSنَعْلَمْ بِهِ فَعَمِلْنَا بِالْأَصْلِ (قَوْلُهُ: الْقَضَاءُ وَالْقَدَرُ) أَيْ إلَّا إنْ قَدَّرَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَيَّ بِكَلَامِهِ لَا أَحْنَثُ (قَوْلُهُ: أَوْ وَاحِدَةً ثَلَاثًا) أَيْ كَرَّرَهَا ثَلَاثًا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ قَصَدَهَا) قَضِيَّةُ تَخْصِيصِ عَدَمِ الْوُقُوعِ بِحَفْصَةَ وَعَمْرَةَ الْوُقُوعُ فِي ثَلَاثًا وَوَاحِدَةً فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ قَطْعًا فَلْيُتَأَمَّلْ الْفَرْقُ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْوَاحِدَةَ وَالثَّلَاثَ لَمَّا تَعَلَّقَتْ بِامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ كَانَ إيقَاعًا لِجُمْلَةِ الْعَدَدِ عَلَيْهَا، فَأَشْبَهَ ذَلِكَ جَمْعَ الْمُفَرَّقِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ، وَهُوَ غَيْرُ مَانِعٍ مِنْ الْوُقُوعِ فَأَلْغَى مَا حَصَلَ بِهِ الِاسْتِغْرَاقُ وَهُوَ الْوَاحِدَةُ فَوَقَعَتْ الثَّلَاثُ، بِخِلَافِ حَفْصَةَ وَعَمْرَةَ فَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا طَلَاقٌ مُسْتَقِلٌّ يُمْكِنُ اعْتِبَارُهُ فَصَحَّ قَصْدُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ أَطْلَقَ) أَيْ فَلَا وُقُوعَ (قَوْلُهُ: حَفْصَةُ وَعَمْرَةُ طَالِقَانِ) أَيْ وَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ شَاءَ أَوْ لَا، فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْوُقُوعِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمَشِيئَةِ (قَوْلُهُ فَأَشَارَ) أَيْ إشَارَةً مُفْهِمَةً (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَهُمْ مَشِيئَةً) أَيْ وَهِيَ غَيْبٌ عَنَّا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ) أَيْ فَلَوْ شَاءَتْ خَرْقًا لِلْعَادَةِ هَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَشَأْ زَيْدٌ الْيَوْمَ) أَيْ عَدَمَ طَلَاقِك. (فَصْلٌ) فِي الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: فِي الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ نَحْوِ الْإِقْرَاعِ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَالْعَبْدِ (قَوْلُهُ فَلْيُرَاجَعْ فِي الْأَوَّلِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ] ِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلِيُنْجِزْ طَلَاقَهَا لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ يَقِينًا) قَالَ الشِّهَابُ سم: ظَاهِرُهُ أَنَّهَا تَحِلُّ لِغَيْرِهِ لَا يَقِينًا بِدُونِ طَلَاقٍ آخَرَ،

فَإِنْ كَانَ الثَّلَاثُ لَمْ يَنْكِحْهَا إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ، فَإِنْ أَرَادَ عَوْدَهَا لَهُ بِالثَّلَاثِ أَوْقَعَهُنَّ عَلَيْهَا، وَفِيهَا إذَا شَكَّ هَلْ طَلَّقَ ثَلَاثًا أَوْ لَمْ يُطَلِّقْ أَصْلًا الْأَوْلَى لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلَاثًا لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ يَقِينًا: أَيْ لِتَعُودَ لَهُ بَعْدَهُ يَقِينًا بِدَوْرٍ جَدِيدٍ. (وَلَوْ) (قَالَ إنْ كَانَ) ذَا الطَّائِرُ (غُرَابًا فَأَنْت طَالِقٌ وَقَالَ آخَرُ إنْ لَمْ يَكُنْهُ) أَيْ ذَا الطَّائِرُ غُرَابًا (فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَجَهِلَ) (لَمْ يَحْكُمْ بِطَلَاقِ أَحَدٍ) مِنْهُمَا لِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَوْ انْفَرَدَ بِمَا قَالَهُ لَمْ يَحْكُمْ بِطَلَاقِهِ لِجَوَازِ كَوْنِهِ غَيْرَ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَتَعْلِيقُ الْآخَرِ لَا يُغَيِّرُ حُكْمَهُ (فَإِنْ قَالَهُمَا رَجُلٌ لِزَوْجَتَيْهِ طَلُقَتْ إحْدَاهُمَا) يَقِينًا إذْ لَا وَاسِطَةَ (وَلَزِمَهُ الْبَحْثُ) عَنْهُ عِنْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ لِنَحْوِ عَلَامَةٍ يَعْرِفُهَا فِيهِ (وَالْبَيَانُ) لِلْمُطَلَّقَةِ مِنْهُمَا، وَيَلْزَمُهُ أَيْضًا اجْتِنَابُهُمَا إلَى بَيَانِ الْحَالِ، فَإِنْ أَيِسَ مِنْهُ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَسَوَاءٌ فِي اجْتِنَابِهَا أَكَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا أَمْ غَيْرَهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْبَيَانِ هُنَا مَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــSهُوَ قَوْلُهُ شَكٌّ فِي أَصْلِ طَلَاقٍ، وَقَوْلُهُ وَيَأْخُذُ بِالْأَكْثَرِ فِي الثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ أَوْ فِي عَدَدٍ (قَوْلُهُ: لِتَعُودَ لَهُ بَعْدَهُ يَقِينًا) أَشَارَ بِهَذَا إلَى تَأْوِيلِ قَوْلِ الْمَحَلِّيِّ وَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَتَحِلُّ لِغَيْرِهِ يَقِينًا، فَإِنَّهُ اعْتَرَضَ بِأَنَّ تَيَقُّنَ الْحِلِّ يَحْصُلُ بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ، وَفِي سم عَلَى حَجّ فَرْعٌ: حَلَفَ وَحَنِثَ ثُمَّ شَكَّ هَلْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِاَللَّهِ؟ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّهُ يَجْتَنِبُ زَوْجَتَهُ إلَى تَبَيُّنِ الْحَالِ وَلَا نَحْكُمُ بِطَلَاقِهَا بِالشَّكِّ اهـ. وَظَاهِرُهُ وُجُوبُ الِاجْتِنَابِ احْتِيَاطًا، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ وَهِيَ مَا لَوْ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا وَلَمْ يَقْصِدْ مُعَيَّنَةً يَجِبُ اجْتِنَابُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِخُصُوصِهَا مَعَ عَدَمِ تَعَيُّنِهَا لِلْحِنْثِ، وَيُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا نَحْكُمُ بِطَلَاقِهَا امْتِنَاعُ تَزْوِيجِهَا، وَلَا يَبْعُدُ وُجُوبُ الِاجْتِهَادِ عَلَيْهِ، وَكَذَا الْمُبَادَرَةُ بِهِ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ الْمَذْكُورَةِ م ر. وَقَدْ يُفَرَّقُ بِتَحَقُّقِ صِدْقِ الْيَمِينِ بِهَا اهـ. وَقَوْلُهُ بِهَا: أَيْ بِالزَّوْجَةِ فِي قَوْلِهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ، وَلَا كَذَلِكَ هُنَا لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ الطَّلَاقُ فَيَجُوزُ لَهُ الْوَطْءُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْعِصْمَةِ، وَلَكِنْ يُؤَيِّدُ مَا أَفْتَى بِهِ الشِّهَابُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ غُرَابًا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَإِلَّا فَعَبْدِي حُرٌّ (قَوْلُهُ لَمْ يُحْكَمْ بِطَلَاقِ أَحَدٍ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُهُمَا الْبَحْثُ عَنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ) أَيْ الْبَحْثُ وَالْبَيَانُ: ـــــــــــــــــــــــــــــQوَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهَا مَحْكُومٌ بِزَوْجِيَّتِهَا ظَاهِرًا أَوْ مَشْكُوكٌ فِي حِلِّهَا لِلْغَيْرِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْقَعَهُنَّ عَلَيْهَا) أَيْ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: الْأَوْلَى لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلَاثًا لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ يَقِينًا) كَذَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ. قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِقِيُّ: وَهَذَا الْكَلَامُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ حِلَّهَا لِغَيْرِهِ بِيَقِينٍ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الثَّلَاثِ، إذْ لَوْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا حَلَّتْ لِلْغَيْرِ بِيَقِينٍ، وَإِنَّمَا التَّعْلِيلُ الصَّحِيحُ أَنْ يُقَالَ أَنْ يَلْتَزِمَ الثَّلَاثَ، حَتَّى لَوْ عَادَ وَتَزَوَّجَهَا مَلَكَ عَلَيْهَا الثَّلَاثَ. اهـ. وَفِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ لِلشِّهَابِ سم بَسْطٌ لِهَذَا بَحْثًا مِنْ غَيْرِ اطِّلَاعٍ عَلَى كَلَامِ الْفَارِقِيِّ (قَوْلُهُ: أَيْ لِتَعُودَ لَهُ بَعْدَهُ يَقِينًا) كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ وَصَوَابُهُ وَلِتَعُودَ إلَخْ بِزِيَادَةِ وَاوٍ قَبْلَ لِتَعُودَ كَمَا فِي التُّحْفَةِ، وَلِشَيْخِنَا كَلَامٌ فِي حَاشِيَتِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ يَنْبَغِي التَّأَمُّلُ فِيهِ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَلِتَعُودَ لَهُ بَعْدَهُ يَقِينًا يَطْرُقُهُ كَلَامُ الْفَارِقِيِّ الْمُتَقَدِّمِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَيِسَ مِنْهُ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ بَحْثٌ وَلَا بَيَانٌ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ فِي اجْتِنَابِهِمَا إلَخْ) أَيْ أَمَّا فِي وُجُوبِ الْبَحْثِ وَالْبَيَانِ فَيَفْتَرِقُ الْحَالُ فَلَا يَجِبَانِ إلَّا فِي الْبَائِنِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي التُّحْفَةِ هُنَا (قَوْلُهُ: أَنَّ هَذَا تَعْيِينٌ لَا بَيَانٌ) هَذَا هُوَ الْمَأْخُوذُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا قَالَ هَذَا؛ لِأَنَّهُ فَهِمَ كَالشِّهَابِ حَجّ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ قَالَهُمَا رَجُلٌ لِزَوْجَتَيْهِ صُورَتُهُ أَنَّهُ قَالَ إنْ كَانَ غُرَابًا فَإِحْدَاكُمَا طَالِقٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْهُ فَإِحْدَاكُمَا طَالِقٌ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ، إذْ هَذَا هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ عَلَيْهِ أَنَّ مَا هُنَا تَعْيِينٌ لَا بَيَانٌ لَكِنْ يُنَافِيهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَزِمَهُ الْبَحْثُ وَالْبَيَانُ، فَالصَّوَابُ أَنَّ صُورَةَ الْمَتْنِ أَنَّهُ خَاطَبَ بِكُلِّ تَعْلِيقٍ مُعَيَّنَةً مِنْ

مَا يَأْتِي لَهُ أَنَّ هَذَا تَعْيِينٌ لَا بَيَانٌ أَنَّ مَحَلَّ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا، وَإِلَّا جَازَ اسْتِعْمَالُ كُلٍّ مِنْ اللَّفْظَيْنِ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَحَلَّيْنِ. (وَلَوْ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا بِعَيْنِهَا) كَأَنْ خَاطَبَهَا بِهِ أَوْ نَوَاهَا عِنْدَ قَوْلِهِ طَالِقٌ (ثُمَّ جَهِلَهَا) بِنَحْوِ نِسْيَانٍ (وَقَفَ) حَتْمًا الْأَمْرُ مِنْ وَطْءٍ وَغَيْرِهِ عَنْهُمَا (حَتَّى يَذَّكَّرَ) بِتَشْدِيدِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ كَمَا ضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ أَيْ يَتَذَكَّرَ لِحُرْمَةِ إحْدَاهُمَا عَلَيْهِ يَقِينًا وَلَا دَخْلَ لِلِاجْتِهَادِ هُنَا (وَلَا يُطَالَبُ بِبَيَانٍ) لِلْمُطَلَّقَةِ (إنْ صَدَّقَتَاهُ فِي الْجَهْلِ) بِهَا لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا، فَإِنْ كَذَّبَتَاهُ وَبَادَرَتْ وَاحِدَةٌ وَادَّعَتْ أَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ طُولِبَ بِيَمِينٍ جَازِمَةٍ أَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْهَا وَلَا يُقْنَعُ مِنْهُ بِ نَسِيت وَإِنْ احْتَمَلَ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَقُضِيَ لَهَا، فَإِنْ قَالَتْ الْأُخْرَى ذَلِكَ فَكَذَلِكَ وَلَوْ ادَّعَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ إحْدَاهُمَا أَنَّهُ يَعْلَمُ الَّتِي عَنَاهَا بِالطَّلَاقِ وَسَأَلَتْ تَحْلِيفَهُ عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ بِذَلِكَ وَلَمْ تَقُلْ إنَّهُ يَعْلَمُ الْمُطَلَّقَةَ فَالْوَجْهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ سَمَاعُ دَعْوَاهَا وَتَحْلِيفُهُ عَلَى ذَلِكَ، لَكِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي الدَّعْوَى عَلَى الزَّوْجَةِ أَنَّهَا تَعْلَمُ سَبْقَ أَحَدِ النِّكَاحَيْنِ. (وَلَوْ) (قَالَ لَهَا وَلِأَجْنَبِيَّةٍ) أَوْ أَمَةٍ (إحْدَاكُمَا طَالِقٌ) (وَقَالَ قَصَدْت الْأَجْنَبِيَّةَ) أَوْ الْأَمَةَ (قُبِلَ) قَوْلُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِتَرَدُّدِ اللَّفْظِ بَيْنَهُمَا فَصَحَّتْ إرَادَتُهُمَا، وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ وَتَطْلُقُ زَوْجَتُهُ لِأَنَّهَا مَحَلُّ الطَّلَاقِ فَلَا يَنْصَرِفُ عَنْهَا إلَى الْأَجْنَبِيَّةِ بِالْقَصْدِ، وَلَا يُشْكِلُ مَا تَقَرَّرَ بِمَا لَوْ أَوْصَى بِطَبْلٍ مِنْ طُبُولِهِ فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ لِلْحَجِيجِ لِأَنَّهُمَا عَلَى حَدٍّ وَاحِدٍ إذْ ذَاكَ حَيْثُ لَا نِيَّةَ لَهُ وَهُنَا عِنْدَ انْتِفَاءِ النِّيَّةِ يَنْصَرِفُ إلَى زَوْجَتِهِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فَتَطْلُقُ زَوْجَتُهُ، نَعَمْ لَوْ كَانَتْ الْأَجْنَبِيَّةُ مُطَلَّقَةً مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يَنْصَرِفْ لِزَوْجَتِهِ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ لِصِدْقِ اللَّفْظِ عَلَيْهِمَا صِدْقًا وَاحِدًا مَعَ بَقَاءِ أَصْلِ الزَّوْجِيَّةِ، وَكَمَا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ وَلِعَبْدٍ لَهُ آخَرَ أَحَدُكُمَا حُرٌّ لَا يَعْتِقُ الْآخَرُ، وَأَمَّا إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ وَرَجُلٍ أَوْ دَابَّةٍ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ قَصَدْت أَحَدَ هَذَيْنِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ، وَلَوْ قَالَ لِأُمِّ زَوْجَتِهِ ابْنَتُك طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت ابْنَتَهَا الَّتِي لَيْسَتْ زَوْجَةً لِي صُدِّقَ، أَوْ نِسَاءُ الْمُسْلِمِينَ طَوَالِقُ وَلَا نِيَّةَ لَهُ لَمْ تَطْلُقْ زَوْجَتُهُ، أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَإِحْدَاكُمَا طَالِقٌ ثُمَّ فَعَلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ وَلَا يَجُوزُ لَهُ قِرْبَانُ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا) أَيْ الْبَيَانُ وَالتَّعْيِينُ (قَوْلُهُ: فِي كُلٍّ مِنْ الْمَحَلَّيْنِ) فِيمَا ذَكَرَهُ: أَيْ مِنْ أَنَّ هَذَا مِنْ التَّعْيِينِ لَا الْبَيَانِ وَقْفَةٌ لِأَنَّ الَّتِي وَقَعَ عَلَيْهَا مُعَيَّنَةٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، فَالْبَحْثُ عَنْهَا وَتَمْيِيزُهَا بَيَانٌ، وَصُورَةُ الْإِبْهَامِ أَنْ يَقَعَ عَلَى وَاحِدَةٍ لَا بِعَيْنِهَا، وَيُفَوَّضُ إلَيْهِ حَصْرُهُ فِي وَاحِدَةٍ بِاخْتِيَارِهِ، وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: عِنْدَ قَوْلِهِ طَالِقٌ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا تَكْفِي النِّيَّةُ عِنْدَ قَوْلِهِ أَنْتِ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي أَنْتِ بَائِنٌ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَالْوَجْهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: قَبْلَ قَوْلِهِ فِي الْأَصَحِّ) بِيَمِينِهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَكَمَا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ) أَيْ أَوْ أَعْتَقَ غَيْرُهُ عَبْدًا لَهُ إلَخْ وَقَوْلُهُ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِصِدْقِ اللَّفْظِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إذَا قَالَ) أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُدَيَّنُ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ كَانَ بِيَدِهِ عَصًا وَقَالَ هِيَ طَالِقٌ خِلَافُهُ فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم أَنَّ قِيَاسَ مَسْأَلَةِ الْعَصَا عَدَمُ الْقَبُولِ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا (قَوْلُهُ: صُدِّقَ) أَيْ وَإِنْ كَانَ ثَمَّ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى إرَادَةِ الزَّوْجَةِ كَأَنْ قَالَ ذَلِكَ بِسَبَبِ مُخَاصَمَتِهَا لَهُ فِي شَأْنِ زَوْجَتِهِ أَوْ جَوَابًا لِقَوْلِهَا طَلِّقْ بِنْتِي، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQزَوْجَتَيْهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَأَتَّى قَوْلُ الشَّارِحِ إنَّ هَذَا تَعْيِينٌ لَا بَيَانٌ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إذْ مَحَلُّ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا إلَخْ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَنَّ مَحَلَّ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِلَفْظِ إنْ بَدَلَ إذْ فَيَكُونُ هُوَ الْمَأْخُوذَ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ أَنَّ هَذَا تَعْيِينٌ لَا بَيَانٌ بَيَانًا لِمَا فِي قَوْلِهِ مَا يَأْتِي لَكِنْ يَمْنَعُ هَذَا أَنْ يَكُونَ مَا هُنَا تَعْيِينٌ لَا بَيَانٌ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْمُصَنِّفُ فِيمَا يَأْتِي فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ) أَيْ سَمَاعَ الدَّعْوَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ لَهَا وَلِأَجْنَبِيَّةٍ إلَخْ) وَجْهُ دُخُولِ هَذَا كَاَلَّذِي بَعْدَهُ فِي التَّرْجَمَةِ أَنَّ فِيهِ شَكًّا بِالنِّسْبَةِ إلَيْنَا (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَتَصَرَّفُ لِلصَّحِيحِ) أَيْ لِلَّفْظِ الصَّحِيحِ بِأَنْ يُنَزَّلَ عَلَى الطَّبْلِ الْحَلَالِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُمَا عَلَى حَدٍّ وَاحِدٍ) هُوَ وَجْهُ

بَعْدَ مَوْتِ إحْدَاهُمَا أَوْ بَيْنُونَتِهَا تَعَيَّنَ الطَّلَاقُ فِي الْبَاقِيَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِحَالَةِ وُجُودِ الصِّفَةِ لَا بِحَالَةِ التَّعْلِيقِ. (وَلَوْ) (قَالَ) ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ سُؤَالِ الطَّلَاقِ (زَيْنَبُ طَالِقٌ) وَهُوَ اسْمُ زَوْجَتِهِ وَاسْمُ أَجْنَبِيَّةٍ (وَقَالَ قَصَدْت أَجْنَبِيَّةً) (فَلَا) يُقْبَلُ (عَلَى الصَّحِيحِ) ظَاهِرًا بَلْ يُدَيَّنُ لِاحْتِمَالِهِ وَإِنْ بَعُدَ إذْ الِاسْمُ الْعَلَمُ لَا اشْتِرَاكَ فِيهِ وَضْعًا وَلَا تَنَاوُلًا، فَالطَّلَاقُ مَعَ ذَلِكَ لَا يَتَبَادَرُ إلَّا إلَى الزَّوْجَةِ، بِخِلَافِ أَحَدٍ فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُهُمَا وَضْعًا تَنَاوُلًا وَاحِدًا فَأَثَّرَتْ نِيَّةُ الْأَجْنَبِيَّةِ حِينَئِذٍ، وَالثَّانِي يُقْبَلُ بِيَمِينِهِ لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لِذَلِكَ كَمَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بَيْنَهُمَا بِمَا مَرَّ، فَلَوْ نَكَحَ امْرَأَةً صَحِيحًا وَأُخْرَى فَاسِدًا وَاسْمُ كُلٍّ مِنْهُمَا زَيْنَبُ وَقَالَ زَيْنَبُ طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت فَاسِدَةَ النِّكَاحِ قُبِلَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْمُقْرِي نَعَمْ يَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ بِفَسَادِ نِكَاحِهَا وَإِلَّا فَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ فَيُدَيَّنُ وَلَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا، وَالْأَوْجَهُ مَجِيءُ مَا بَحَثَهُ هُنَا فَيُقْبَلُ مِنْهُ تَعْيِينُ زَيْنَبَ الَّتِي عُرِفَ لَهَا طَلَاقٌ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَإِنْ اُحْتُمِلَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ هُنَا لِزَوْجَتِهِ أَقْوَى فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ ذَلِكَ، وَيَظْهَرُ عَدَمُ نَفْعِهِ بِتَصْدِيقِ زَوْجَتِهِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ قَالَ زَوْجَتِي فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ طَالِقٌ وَزَوْجَتُهُ زَيْنَبُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ طَلُقَتْ إلْغَاءً لِلْخَطَأِ فِي الِاسْمِ لِقَوْلِهِ زَوْجَتِي الَّذِي هُوَ الْقَوِيُّ لِعَدَمِ الِاشْتِرَاكِ فِيهِ. (وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَقَصَدَ مُعَيَّنَةً) مِنْهُمَا (طَلُقَتْ) لِأَنَّ اللَّفْظَ صَالِحٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ مُعَيَّنَةً بَلْ أَطْلَقَ أَوْ قَصَدَ مُبْهَمَةً أَوْ طَلَاقَهُمَا مَعًا كَمَا يَأْتِي وَصَرَّحَ بِهِ الْعَبَّادِيُّ وَهُوَ مُرَادُ الْإِمَامِ بِقَوْلِهِ لَا يُطَلَّقَانِ (فَإِحْدَاهُمَا) يَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ مَعَ إبْهَامِهَا (وَيَلْزَمُهُ الْبَيَانُ فِي الْحَالِ الْأُولَى وَالتَّعْيِينُ فِي الثَّانِيَةِ) لِتُعْلَمَ الْمُطَلَّقَةُ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَحْكَامُ الْفِرَاقِ (وَتُعْزَلَانِ عَنْهُ إلَى الْبَيَانِ أَوْ التَّعْيِينِ) لِاخْتِلَاطِ الْمُحَرَّمَةِ بِالْمُبَاحَةِ (وَعَلَيْهِ الْبِدَارُ بِهِمَا) أَيْ بِالْبَيَانِ وَالتَّعْيِينِ إنْ طَلَبَتَاهُ أَوْ إحْدَاهُمَا لِرَفْعِهِ حَبْسِهِ عَمَّنْ فَارَقَهَا مِنْهُمَا، فَإِنْ أَخَّرَ بِلَا عُذْرٍ أَثِمَ وَعُزِّرَ إنْ امْتَنَعَ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا، أَمَّا الرَّجْعِيُّ فَلَا يَجِبُ فِيهِ بَيَانٌ وَلَا تَعْيِينٌ مَا بَقِيَتْ الْعِدَّةُ، فَإِنْ انْقَضَتْ لَزِمَهُ فِي الْحَالِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ، وَلَوْ لَمْ تُطَالِبَاهُ فَلَا وَجْهَ لِإِيجَابِهِ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِأَنَّهُ حَقُّهُمَا وَحَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ الِانْعِزَالُ وَقَدْ أَوْجَبْنَاهُ، وَمُدْرَكُهُ مُتَّجِهٌ لَكِنْ كَلَامُهُمْ صَرِيحٌ فِي خِلَافِهِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ بَقَاءَهُمَا عِنْدَهُ قَدْ يَجُرُّ إلَى مَحْذُورٍ لِتَشَوُّفِ نَفْسِ كُلٍّ إلَى الْآخَرِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الصَّدَاقِ فِي تَعْلِيمِ الْمُطَلَّقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَعَلَيْهِ لَوْ اسْتَمْهَلَ أُمْهِلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِيمَا يَظْهَرُ (وَ) عَلَيْهِ (نَفَقَتُهُمَا) وَسَائِرُ مُؤَنِهِمَا (فِي الْحَالِ) فَلَا يُؤَخِّرُ إلَى التَّعْيِينِ أَوْ الْبَيَانِ لِحَبْسِهِمَا عِنْدَهُ حَبْسَ الزَّوْجَاتِ وَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ فِي تَأْخِيرِ ذَلِكَ وَلَا يَسْتَرِدُّ مِنْهُمَا شَيْئًا إذَا بَيَّنَ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ سُؤَالِ طَلَاقٍ إلَخْ (قَوْلُهُ تَعَيَّنَ الطَّلَاقُ فِي الْبَاقِيَةِ) وَلَوْ قَالَ أَرَدْت عِنْدَ قَوْلِي إحْدَاكُمَا طَالِقٌ الَّتِي مَاتَتْ أَوْ بَانَتْ هَلْ يُقْبَلُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْقَبُولُ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ مَجِيءُ مَا بَحَثَهُ) أَيْ الْإِسْنَوِيُّ الْمَارُّ فِي قَوْلِهِ نَعَمْ لَوْ كَانَتْ الْأَجْنَبِيَّةُ مُطَلَّقَةً (قَوْلُهُ: فَيُقْبَلُ مِنْهُ تَعْيِينُ زَيْنَبَ) قِيَاسُ بَحْثِ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّهُ لَا يَنْصَرِفُ لِزَوْجَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ تَعْيِينٌ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ) هُوَ قَوْلُهُ وَقَالَ قَصَدْت الْأَجْنَبِيَّةَ إلَخْ (قَوْلُهُ: زَيْنَبُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ) أَيْ أَوْ بِنْتُ أَحْمَدَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ لِقَوْلِهِ زَوْجَتِي إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ التَّعْيِينُ إنْ طَلَبَتَاهُ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: لَكِنْ كَلَامُهُمْ صَرِيحٌ فِي خِلَافِهِ) أَيْ فَيَجِبُ الْبَيَانُ أَوْ التَّعْيِينُ فِي الْبَائِنِ حَالًا وَفِي الرَّجْعِيِّ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ لَوْ اسْتَمْهَلَ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَمْهَلَ لَمْ يُمْهَلْ فِيمَا لَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَدَمِ الْإِشْكَالِ (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِهِ) عِلَّةٌ لِلتَّدْيِينِ، وَقَوْلُهُ إذْ الِاسْمُ الْعَلَمُ إلَخْ عِلَّةٌ لِمَا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: فَيُقْبَلُ مِنْهُ تَعْيِينُ زَيْنَبَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي بَحْثِ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّهُ يُنَزَّلُ عَلَى الْأَجْنَبِيَّةِ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ، وَلَا يُحْتَاجُ لِدَعْوَى ذَلِكَ مِنْهُ كَمَا يُصَرِّجُ بِهِ قَوْلُهُ ثُمَّ مَعَ بَقَاءِ أَصْلِ الزَّوْجِيَّةِ، وَحِينَئِذٍ فَالتَّفْرِيعُ هُنَا مُخَالِفٌ لِمَا يَقْتَضِهِ بَحْثُ الْإِسْنَوِيِّ

أَوْ عَيَّنَ، وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِي فَلَا إلَخْ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِ ابْنِ النَّقِيبِ لَمْ أَفْهَمْ مَا أَرَادَهُ بِقَوْلِهِ فِي الْحَالِ (وَيَقَعُ الطَّلَاقُ) فِي قَوْلِهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ (بِاللَّفْظِ) جَزْمًا إنْ عَيَّنَ، وَعَلَى الْأَصَحِّ إنْ لَمْ يُعَيِّنْ (وَقِيلَ إنْ لَمْ يُعَيِّنْ) الْمُبْهَمَةَ الْمُطَلَّقَةَ ثُمَّ عَيَّنَهَا (فَعِنْدَ التَّعْيِينِ) يَقَعُ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ قَبْلَهُ لَوَقَعَ لَا فِي مَحَلٍّ وَالطَّلَاقُ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ فَلَا يَقَعُ إلَّا فِي مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ، وَرُدَّ هَذَا بِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهُمَا إلَى التَّعْيِينِ كَمَا مَرَّ، فَلَوْلَا وُقُوعُ الطَّلَاقِ قَبْلَهُ لَمْ يُمْنَعْ مِنْهُمَا، وَتُعْتَبَرُ الْعِدَّةُ مِنْ اللَّفْظِ أَيْضًا إنْ قَصَدَ مُعَيَّنَةً وَإِلَّا فَمِنْ التَّعْيِينِ، وَلَا يَدَّعِ فِي تَأَخُّرِ حُسْبَانِهَا عَنْ وَقْتِ الْحُكْمِ بِالطَّلَاقِ، أَلَا تَرَى أَنَّهَا تَجِبُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بِالْوَطْءِ وَلَا تُحْسَبُ إلَّا مِنْ التَّفْرِيقِ (وَالْوَطْءُ) لِإِحْدَاهُمَا (لَيْسَ بَيَانًا) فِي الْحَالَةِ الْأُولَى أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ الْأُخْرَى (وَلَا تَعْيِينًا) فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ لِغَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ بِالْفِعْلِ فَكَذَا بَيَانُهُ (وَقِيلَ تَعْيِينٌ) وَنُقِلَ عَنْ الْأَكْثَرِينَ كَوَطْءِ الْمَبِيعَةِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ يَكُونُ إجَازَةً وَفَسْخًا، وَرُدَّ بِأَنَّ مِلْكَ النِّكَاحِ لَا يَحْصُلُ بِالْفِعْلِ فَلَا يَتَدَارَكُ بِهِ، بِخِلَافِ مِلْكِ الْيَمِينِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ تَبْقَى الْمُطَالَبَةُ عَلَيْهِ بِالْبَيَانِ وَالتَّعْيِينِ، فَإِنْ بَيَّنَ الطَّلَاقَ فِي الْمَوْطُوءَةِ وَكَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا لَزِمَهُ الْحَدُّ لِاعْتِرَافِهِ بِمُوجِبِهِ وَلَهَا الْمَهْرُ لِحَمْلِهَا بِأَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ بِخِلَافِ الرَّجْعِيَّةِ لَا حَدَّ بِوَطْئِهَا وَإِنْ بَيَّنَ فِي غَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ قُبِلَ، فَإِنْ ادَّعَتْ الْمَوْطُوءَةُ أَنَّهُ نَوَاهَا وَنَكَلَ حَلَفَتْ وَطَلُقَتَا وَلَزِمَهُ لَهَا الْمَهْرُ وَلَا حَدَّ لِلشُّبْهَةِ، وَلَهُ تَعْيِينُ غَيْرُ الْمَوْطُوءَةِ لِلطَّلَاقِ وَعَلَيْهِ مَهْرُهَا كَمَا مَرَّ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ عَدَمُ الْحَدِّ وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا، وَهُوَ كَذَلِكَ لِلِاخْتِلَافِ فِي أَنَّهَا طَلُقَتْ بِاللَّفْظِ أَوْ لَا، وَإِنْ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِحَدِّهِ فِي الْأُولَى وَلَهُ تَعْيِينُهُ لِلْمَوْطُوءَةِ (وَلَوْ قَالَ) فِي الطَّلَاقِ الْمُعَيَّنِ كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ فَبَيَانٌ (مُشِيرًا إلَى وَاحِدَةٍ هَذِهِ الْمُطَلَّقَةُ فَبَيَانٌ) لَهَا أَوْ هَذِهِ الزَّوْجَةُ فَهُوَ بَيَانٌ لِغَيْرِهَا لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ إرَادَتِهِ السَّابِقَةِ (أَوْ) قَالَ مُشِيرًا إلَيْهَا (أَرَدْت هَذِهِ وَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ بَلْ هَذِهِ) أَوْ هَذِهِ مَعَ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ وَأَشَارَ لِوَاحِدَةٍ هَذِهِ وَأَشَارَ لِلْأُخْرَى (حُكِمَ بِطَلَاقِهِمَا) ظَاهِرًا لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِطَلَاقِ الْأُولَى ثُمَّ بِطَلَاقِ الثَّانِيَةِ فَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ دُونَ رُجُوعِهِ وَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ بِطَلَاقِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِحَقٍّ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ، أَمَّا بَاطِنًا فَالْمُطَلَّقَةُ مَنْ نَوَاهَا كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ قَالَ: فَإِنْ نَوَاهُمَا فَالْوَجْهُ أَنَّهُمَا لَا تَطْلُقَانِ إذْ لَا وَجْهَ لِحَمْلِ إحْدَاهُمَا عَلَيْهِمَا جَمِيعًا إذْ نِيَّتُهُ بِإِحْدَاهُمَا لَا يُعْمَلُ بِهَا لِعَدَمِ احْتِمَالِ لَفْظِهِ لِمَا نَوَاهُ فَيَبْقَى عَلَى إبْهَامِهِ حَتَّى يُبَيِّنَ وَيُفَرِّقَ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ فِي هَذِهِ مَعَ هَذِهِ بِأَنَّ ذَاكَ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ فَنَاسَبَ التَّغْلِيظَ عَلَيْهِ وَهَذَا مِنْ حَيْثُ الْبَاطِنُ فَعَمِلْنَا بِقَضِيَّةِ النِّيَّةِ الْمُوَافِقَةِ لِلَّفْظِ دُونَ الْمُخَالِفَةِ لَهُ، وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ هَذِهِ ثُمَّ هَذِهِ أَوْ فَهَذِهِ فَتَطْلُقُ الْأُولَى فَقَطْ لِانْفِصَالِ الثَّانِيَةِ عَنْهَا وَهُوَ مُرَجَّحٌ قَوِيٌّ فَلَمْ يَنْظُرْ مَعَهُ لِتَضَمُّنِ كَلَامِهِ لِلِاعْتِرَافِ ـــــــــــــــــــــــــــــSطَالَبَتَاهُ أَوْ إحْدَاهُمَا، وَيَنْبَغِي إمْهَالُهُ أَيْضًا حَيْثُ أَبْدَى عُذْرًا (قَوْلُهُ: وَلَا تُحْسَبُ إلَّا مِنْ التَّفْرِيقِ) أَيْ إمَّا مِنْ الْقَاضِي أَوْ بِاجْتِنَابِهِ لَهَا بِأَنْ لَمْ يَجْتَمِعْ مَعَهَا كَأَنْ سَافَرَ وَغَابَ مُدَّةَ الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ: لَا حَدَّ بِوَطْئِهَا) أَيْ وَيُعَزَّرُ إنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ وَيَجِبُ لَهَا الْمَهْرُ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ التَّعْيِينِ (قَوْلُهُ: حَتَّى يُبَيَّنَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا لَا يُطَلَّقَانِ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ فَيَبْقَى عَلَى إيهَامِهِ، وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: وَقَوْلُهُ لَا تَطْلُقَانِ: أَيْ بَاطِنًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَهُ تَعْيِينُ غَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ لِلطَّلَاقِ) كَذَا فِي النُّسَخِ، وَالصَّوَابُ إسْقَاطُ لَفْظَةِ غَيْرٍ مِنْ هَذَا وَإِلْحَاقُهَا فِي قَوْلِهِ الْآتِي آخِرَ السَّوَادَةِ وَلَهُ تَعْيِينُهَا فِي الْمَوْطُوءَةِ الَّذِي هُوَ قَسِيمُ هَذَا، فَإِنَّ لَفْظَةَ غَيْرٍ سَاقِطَةٌ مِنْهُ فِي النُّسَخِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَالْوَجْهُ أَنَّهُمَا لَا تَطْلُقَانِ) أَيْ إحْدَاهُمَا مُبْهَمَةٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: حَتَّى يُبَيِّنَ) يَعْنِي حَتَّى يُعَيِّنَ وَلِشَيْخِنَا فِي حَاشِيَتِهِ هُنَا كَلَامٌ يَنْبَغِي تَأَمُّلُهُ فَإِنَّ فِيهِ خَلْطَ حُكْمِ الْبَاطِنِ بِحُكْمِ الظَّاهِرِ

بِهِمَا، أَوْ هَذِهِ بَعْدَ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ قَبْلَهَا هَذِهِ طَلُقَتْ الثَّانِيَةُ فَقَطْ. وَأَمَّا الْمُبْهَمُ فَالْمُطَلَّقَةُ هِيَ الْأُولَى مُطْلَقًا لِأَنَّهُ إنْشَاءٌ وَاخْتِيَارٌ لَا إخْبَارٌ وَلَيْسَ لَهُ اخْتِيَارٌ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ (وَلَوْ مَاتَتَا) أَيْ الزَّوْجَتَانِ (أَوْ إحْدَاهُمَا قَبْلَ بَيَانٍ) لِلْمُعَيَّنَةِ (وَتَعْيِينٍ) لِلْمُبْهَمَةِ وَالطَّلَاقُ بَائِنٌ (بَقِيَتْ مُطَالَبَتُهُ) أَيْ الْمُطَلِّقُ بِالْبَيَانِ أَوْ التَّعْيِينِ فَهُوَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ وَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ فَوْرًا (لِبَيَانِ) حُكْمِ (الْإِرْثِ) وَلَوْ لَمْ يَرِثْ إحْدَاهُمَا بِطَرِيقِ الزَّوْجِيَّةِ وَلِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ إرْثُهُ فِي إحْدَاهُمَا يَقِينًا فَيُوقَفُ مِنْ مَالِ كُلٍّ أَوْ الْمَيِّتَةُ نَصِيبُ زَوْجٍ إنْ تَوَارَثَا، فَإِذَا بَيَّنَ أَوْ عَيَّنَ لَمْ يَرِثْ مِنْ مُطَلَّقَةٍ بَائِنًا بَلْ مِنْ الْأُخْرَى. نَعَمْ إنْ نَازَعَتْهُ وَرَثَتُهَا وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ حَلَفُوا وَلَمْ يَرِثْ مِنْهَا، وَإِنْ حَلَفَ طَالَبُوهُ بِكُلِّ الْمَهْرِ إنْ دَخَلَ بِهَا، وَإِلَّا فَبِنِصْفِهِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُمْ بِزَعْمِهِمْ الْمَذْكُورِ يُنْكِرُونَ اسْتِحْقَاقَ النِّصْفِ (وَلَوْ مَاتَ) الزَّوْجُ قَبْلَ الْبَيَانِ أَوْ التَّعْيِينِ (فَالْأَظْهَرُ قَبُولُ بَيَانِ وَارِثِهِ) إذْ هُوَ إخْبَارٌ يُمْكِنُ وُقُوفُ الْوَارِثِ عَلَيْهِ بِخَبَرٍ أَوْ قَرِينَةٍ (لَا) قَبُولُ (تَعْيِينِهِ) لِأَنَّهُ اخْتِيَارُ شَهْوَةٍ فَلَا دَخْلَ لِلْوَارِثِ فِيهِ وَفِيمَا إذَا كَانَتْ إحْدَاهُمَا كِتَابِيَّةً وَالْأُخْرَى وَالزَّوْجُ مُسْلِمَيْنِ وَأُبْهِمَتْ الْمُطَلَّقَةُ لَا إرْثَ، وَالثَّانِي يَقُومُ مَقَامُهُ فِيهِمَا كَمَا يَخْلُفُهُ فِي حُقُوقِهِ كَرَدٍّ بِعَيْبٍ وَاسْتِلْحَاقِ نَسَبٍ، وَالثَّالِثُ الْمَنْعُ فِيهِمَا لِأَنَّ حُقُوقَ النِّكَاحِ لَا تُورَثُ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ مَاتَتَا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ، أَوْ إحْدَاهُمَا قَبْلَهُ وَالْأُخْرَى بَعْدَهُ، أَوْ لَمْ تَمُتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا أَوْ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى، وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ مِنْ وَرَثَةِ الزَّوْجِ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ فُلَانَةُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا إنْ مَاتَ قَبْلَ الزَّوْجَتَيْنِ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَتَا قَبْلَهُ وَلَوْ مَاتَ بَعْدَهُمَا فَبَيَّنَ الْوَارِثُ وَاحِدَةً فَلِوَرَثَةِ الْأُخْرَى تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الزَّوْجَ طَلَّقَ مُوَرَّثَتَهُمْ. (وَلَوْ) (قَالَ إنْ كَانَ) هَذَا الطَّائِرُ (غُرَابًا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ إلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْهُ (فَعَبْدِي حُرٌّ وَجَهِلَ) حَالُ الطَّائِرِ وَقَعَ أَحَدُهُمَا مُبْهَمًا وَحِينَئِذٍ (مُنِعَ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ اسْتِخْدَامِهِ وَالتَّصَرُّفِ فِيهِ وَمِنْ التَّمَتُّعِ بِهَا (إلَى الْبَيَانِ) لِلْعِلْمِ بِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْ أَحَدِهِمَا وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُمَا إلَى الْبَيَانِ، وَلَا يُؤَجِّرُهُ الْحَاكِمُ، وَإِذَا ـــــــــــــــــــــــــــــSأَمَّا فِي الظَّاهِرِ فَتَطْلُقَانِ (قَوْلُهُ: أَوْ هَذِهِ قَبْلَهَا) أَوْ قَالَ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ اسْتَمَرَّ الْإِبْهَامُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: طَلُقَتْ الثَّانِيَةُ) هِيَ قَوْلُهُ أَوْ هَذِهِ قَبْلَهَا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمُبْهَمُ) قَسِيمُ قَوْلِهِ فِي الطَّلَاقِ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ: وَاخْتِيَارٌ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ، وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ: أَيْ وَالْحَالُ أَوْ هُوَ مُسْتَأْنَفٌ (قَوْلُهُ حُكْمِ الْإِرْثِ) وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يُوقَفُ إرْثُ الزَّوْجِ مِنْ الْمَيِّتَةِ وَإِنْ احْتَمَلَ عَدَمَ إرْثِهَا لِكَوْنِهَا مُطَلَّقَةً ثَلَاثًا أَوْ كَوْنِ إحْدَاهُمَا كِتَابِيَّةً (قَوْلُهُ بِطَرِيقِ الزَّوْجِيَّةِ) لِكَوْنِهَا كِتَابِيَّةً اهـ حَجّ: أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ يُطَالَبُ بِالْبَيَانِ أَوْ التَّعْيِينِ، فَإِنْ بَيَّنَ أَوْ عَيَّنَ فِي الْمُسْلِمَةِ لَمْ يَرِثْ مِنْ الْكِتَابِيَّةِ، أَوْ فِي الْكِتَابِيَّةِ وَرِثَ مِنْ الْمُسْلِمَةِ (قَوْلُهُ: وَأُبْهِمَتْ الْمُطَلَّقَةُ لَا إرْثَ) أَيْ لِلْيَأْسِ مِنْ تَعْيِينِ الْمُطَلَّقَةِ، إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ مَاتَ وَالتَّعْيِينُ لَا يُقْبَلُ مِنْ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ كَلَامُهُ) أَيْ قَوْلُهُ وَالْأَظْهَرُ قَبُولُ بَيَانِ وَارِثِهِ (قَوْلُهُ: وَقَعَ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَا يُؤَجِّرُهُ الْحَاكِمُ) أَيْ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ أُجْرَتِهِ أَيْ وَلَوْ أَرَادَ التَّكَسُّبَ لِنَفْسِهِ فَلِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنْهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الرِّقِّ حَيْثُ يَثْبُتُ مَا يُزِيلُهُ، فَلَوْ اكْتَسَبَ بِإِذْنٍ مِنْ السَّيِّدِ أَوْ بِدُونِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ كَسْبِهِ لِأَنَّهُ إمَّا بَاقٍ عَلَى الرِّقِّ فَكُلُّهُ لِلسَّيِّدِ وَالنَّفَقَةُ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ، وَإِمَّا عَتِيقٌ فَالْمَالُ لَهُ وَنَفَقَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَمَا زَادَ عَلَى قَدْرِ النَّفَقَةِ يُوقَفُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْحَالُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَرِثْ إحْدَاهُمَا بِطَرِيقِ الزَّوْجِيَّةِ) قَالَ الشِّهَابُ سم هَذَا لَا يَتَأَتَّى إذَا مَاتَتْ إحْدَاهُمَا الَّتِي لَا يَرِثُهَا فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ إرْثُهُ إلَخْ) فِي التُّحْفَةِ قَبْلَ هَذَا مَا نَصُّهُ اتِّفَاقًا فِي الْبَيَانِ ثُمَّ عَطَفَ قَوْلَهُ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ إلَخْ، فَلَعَلَّ الْكَتَبَةَ أَسْقَطُوا مِنْ الشَّارِحِ قَوْلَهُ اتِّفَاقًا فِي الْبَيَانِ (قَوْلُهُ: فَيُوقَفُ مِنْ مَالِ كُلٍّ إلَخْ) كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ نَازَعَتْهُ وَرَثَتُهَا إلَخْ)

قَالَ حَنِثْت فِي الطَّلَاقِ طَلُقَتْ ثُمَّ إنْ صَدَّقَهُ فِي ذَلِكَ فَذَاكَ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ وَادَّعَى الْعِتْقَ حَلَفَ السَّيِّدُ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْعَبْدُ وَحُكِمَ بِعِتْقِهِ أَوْ فِي الْعِتْقِ عَتَقَ، ثُمَّ إنْ صَدَّقَتْهُ فَكَمَا مَرَّ وَإِنْ كَذَّبَتْهُ وَنَكَلَ حَلَفَتْ وَحُكِمَ بِطَلَاقِهَا (فَإِنْ مَاتَ لَمْ يُقْبَلْ بَيَانُ الْوَارِثِ عَلَى الْمَذْهَبِ) أَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ حَتَّى يَسْقُطَ إرْثُهَا وَيَرِقَّ الْعَبْدُ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي ذَلِكَ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِيهِ قَوْلًا الطَّلَاقُ الْمُبْهَمُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا بَيَّنَهُ فِي الزَّوْجَةِ فَإِنْ عَكَسَ قُبِلَ قَطْعًا لِإِضْرَارِهِ بِنَفْسِهِ قَالَهُ السَّرَخْسِيُّ وَغَيْرُهُ، وَاسْتَحْسَنَهُ الرَّافِعِيُّ، وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: إنَّهُ مُتَعَيِّنٌ، وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ تَقْيِيدَهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ وَإِلَّا أَقْرَعَ نَظَرًا لِحَقِّ الْعَبْدِ فِي الْعِتْقِ وَالْمَيِّتِ فِي الرِّقِّ لِيُوَفَّى مِنْهُ دَيْنُهُ، وَلَمْ يَنْظُرُوا هُنَا إلَى التُّهْمَةِ فِيمَا ذَكَرَ وَلَا إلَيْهَا فِي بَعْضِ مَا شَمِلَهُ قَوْلُهُ فَالْأَظْهَرُ قَبُولُ بَيَانِ وَارِثِهِ لِأَنَّهَا هُنَا أَظْهَرُ بِاعْتِبَارِ ظُهُورِ نَفْعِهِ فِي كُلٍّ مِنْ الطَّرَفَيْنِ الْمُتَغَايِرَيْنِ، وَأَيْضًا فَهُنَا طَرِيقٌ يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ بِهِ إلَى الْحَقِّ وَهُوَ الْقُرْعَةُ فَمَنَعَ غَيْرَهُ مَعَ التُّهْمَةِ وَلَا كَذَلِكَ ثَمَّ (بَلْ يُقْرَعُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ) رَجَاءَ خُرُوجِ الْقُرْعَةِ لِلْعَبْدِ لِتَأْثِيرِهَا فِي الْعِتْقِ دُونَ الطَّلَاقِ كَمَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فِي السَّرِقَةِ فِي الْمَالِ دُونَ الْقَطْعِ (فَإِنْ قَرَعَ) أَيْ مَنْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لَهُ (عَتَقَ) مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إنْ عَلَّقَ فِي صِحَّتِهِ وَإِلَّا فَمِنْ ثُلُثِهِ، إذْ هُوَ فَائِدَةُ الْقُرْعَةِ، وَتَرِثُ هِيَ مَا لَمْ تُصَدَّقْ عَلَى أَنَّ الْحِنْثَ فِيهَا فَهُوَ بَائِنٌ (أَوْ قَرَعَتْ لَمْ تَطْلُقْ) إذْ لَا مَدْخَلَ لِلْقُرْعَةِ فِي الطَّلَاقِ وَإِنَّمَا دَخَلَتْ فِي الْعِتْقِ لِلنَّصِّ لَكِنَّ الْوَرَعَ أَنْ تَتْرُكَ الْإِرْثَ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَرِقُّ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ كَمَا بِخَطِّهِ لِأَنَّ الْقُرْعَةَ غَيْرُ مُؤَثِّرَةٍ فِيمَا خَرَجَتْ عَلَيْهِ فَفِي غَيْرِهِ أَوْلَى فَيَبْقَى الْإِبْهَامُ كَمَا كَانَ، وَلَا يَتَصَرَّفُ الْوَارِثُ فِيهِ خِلَافًا لِلْعِرَاقِيِّينَ، وَالثَّانِي يَرِقُّ لِأَنَّ الْقُرْعَةَ تَعْمَلُ فِي الرِّقِّ وَالْعِتْقِ، فَكَمَا يَعْتِقُ إذَا خَرَجَتْ عَلَيْهِ يَرِقُّ إذَا خَرَجَتْ عَلَى عَدِيلِهِ، وَرُدَّ بِأَنَّهَا إذَا لَمْ تُؤَثِّرْ فِي عَدِيلِهِ فَلَا تُؤَثِّرُ فِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ صَدَّقَهُ) أَيْ الْعَبْدُ (قَوْلُهُ: وَحُكِمَ بِعِتْقِهِ) أَيْ فَتَطْلُقُ الْمَرْأَةُ بِاعْتِرَافِهِ وَيَعْتِقُ الْعَبْدُ بِحَلِفِهِ (قَوْلُهُ: وَحُكِمَ بِطَلَاقِهَا) أَيْ وَيَعْتِقُ الْعَبْدُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فِيهِ قَوْلَا الطَّلَاقِ) هُمَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ مَاتَ الزَّوْجُ إلَخْ وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَالثَّانِي يَقُومُ مَقَامَهُ إلَخْ، وَضَمُّ الثَّالِثِ إلَيْهِمَا لَا يُخْرِجُ ذَلِكَ عَنْ كَوْنِ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ قَوْلَيْنِ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَاءَ مِنْ جَمْعِهِمَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَكَسَ) أَيْ بِأَنْ بَيَّنَهُ فِي الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ) شَامِلٌ لِمَا إذَا حَدَثَ الدَّيْنُ بَعْدَ الْمَوْتِ كَأَنْ حَفَرَ بِئْرًا عُدْوَانًا فَتَلِفَ بِهَا شَيْءٌ بَعْدَ الْمَوْتِ وَبَعْدَ تَعْيِينِ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَنْظُرُوا هُنَا لِلتُّهْمَةِ) عِبَارَةُ حَجّ: فَإِنْ قُلْت: لَمْ يَنْظُرُوا هُنَا لِلتُّهْمَةِ كَمَا ذُكِرَ وَلَمْ يَنْظُرُوا إلَيْهَا فِي بَعْضِ مَا شَمِلَهُ قَوْلُهُ فَالْأَظْهَرُ قَبُولُ بَيَانِ وَارِثِهِ قُلْت لِأَنَّهَا إلَخْ اهـ. وَهِيَ وَاضِحَةٌ فَإِنَّهُمْ نَظَرُوا إلَى التُّهْمَةِ هُنَا حَيْثُ لَمْ يَقْبَلُوا بَيَانَ الْوَارِثِ وَلَمْ يَنْظُرُوا إلَيْهَا ثَمَّ حَيْثُ قَبِلُوا بَيَانَهُ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لَهُ غَرَضٌ فِي تَبْيِينِهِ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لِكَوْنِهَا مُسْلِمَةً وَالْأُخْرَى كِتَابِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَصَرَّفُ الْوَارِثُ فِيهِ) وَيَنْبَغِي عَدَمُ وُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ دُخُولَهُ فِي مِلْكِهِ وَيَكُونُ فِي بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ عَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ الشِّهَابُ سم: هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ فِي الْبَيَانِ (قَوْلُهُ وَالْمَيِّتُ فِي الرِّقِّ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْقُرْعَةَ تُؤَثِّرُ فِي الرِّقِّ لَكِنْ سَيَأْتِي قَرِيبًا خِلَافُهُ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَنْظُرُوا هُنَا إلَى التُّهْمَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ فَإِنْ قُلْتَ لِمَ نَظَرُوا هُنَا إلَى التُّهْمَةِ فِيمَا ذُكِرَ وَلَمْ يَنْظُرُوا إلَيْهَا فِي بَعْضِ مَا شَمِلَهُ قَوْلُهُ فَالْأَظْهَرُ قَبُولُ بَيَانِ وَارِثِهِ؟ قُلْتُ لِأَنَّهَا هُنَا أَظْهَرُ إلَخْ وَالشَّارِحُ تَصَرَّفَ فِيهِ بِمَا لَا يَصِحُّ وَكَأَنَّ الْمَوْقِعَ لَهُ فِي ذَلِكَ مَا فِي بَعْضِ نُسَخِ التُّحْفَةِ تَحْرِيفًا فَإِنْ قُلْتَ لَمْ يَنْظُرُوا إلَخْ وَلَا يَخْفَى فَسَادُهُ (قَوْلُهُ فَمَنَعَ غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ الطَّرِيقِ.

[فصل في بيان الطلاق السني والبدعي]

«مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» حَدِيثٌ شَرِيفٌ " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الطَّلَاقِ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ (الطَّلَاقُ سُنِّيٌّ) وَهُوَ الْجَائِزُ (وَبِدْعِيٌّ) وَهُوَ الْحَرَامُ فَلَا وَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا عَلَى أَحَدِ الِاصْطِلَاحَيْنِ، وَالْمَشْهُورُ خِلَافُهُ، وَهُوَ انْقِسَامُهُ إلَى سُنِّيٍّ وَبِدْعِيٍّ وَلَا وَلَا، إذْ طَلَاقُ الصَّغِيرَةِ وَالْآيِسَةِ وَالْمُخْتَلِعَةِ وَمَنْ اسْتَبَانَ حَمْلُهَا مِنْهُ وَمَنْ لَمْ يُدْخَلْ بِهَا لَا سُنَّةَ فِيهِ وَلَا بِدْعَةَ (وَيَحْرُمُ الْبِدْعِيُّ) لِإِضْرَارِهَا أَوْ إضْرَارِهِ أَوْ الْوَلَدِ بِهِ كَمَا يَأْتِي (وَهُوَ ضَرْبَانِ) أَحَدُهُمَا (طَلَاقٌ) مُنَجَّزٌ، وَقَوْلُ الشَّيْخِ وَلَوْ فِي طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ، وَهِيَ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ وَهُوَ اسْتِئْنَافُهَا الْعِدَّةَ (فِي حَيْضٍ) أَوْ نِفَاسٍ (مَمْسُوسَةً) أَيْ مَوْطُوءَةً وَلَوْ فِي الدُّبُرِ أَوْ مُسْتَدْخِلَةً مَاءَهُ الْمُحْتَرَمَ وَقَدْ عُلِمَ ذَلِكَ إجْمَاعًا، وَلِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ الْآتِي وَلِتَضَرُّرِهَا بِطُولِ الْعِدَّةِ إذْ بَقِيَّةُ دَمِهَا غَيْرُ مَحْسُوبٍ مِنْهَا، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَحْرُمْ فِي حَيْضِ حَامِلٍ تَعْتَدُّ بِوَضْعِهِ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ حِلَّهُ فِي أَمَةٍ قَالَ لَهَا سَيِّدُهَا إنْ طَلَّقَك الزَّوْجُ الْيَوْمَ فَأَنْت حُرَّةٌ، فَسَأَلَتْ زَوْجَهَا فِيهِ لِأَجْلِ الْعِتْقِ فَطَلَّقَهَا لِأَنَّ دَوَامَ الرِّقِّ أَضَرُّ بِهَا مِنْ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ وَقَدْ لَا يَسْمَحُ بِهِ السَّيِّدُ أَوْ يَمُوتُ بَعْدُ، ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ) فِي بَيَانِ الطَّلَاقِ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ (قَوْلُهُ: السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَلَا وَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا) أَيْ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ (قَوْلُهُ: وَمَنْ اسْتَبَانَ) أَيْ ظَهَرَ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ الْبِدْعِيُّ) وَهُوَ مَا وَقَعَ فِي حَيْضٍ أَوْ نَحْوِهِ وَإِلَّا فَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ لَا يَخْلُو عَنْ مُسَامَحَةٍ إذَا فُسِّرَ الْبِدْعِيُّ بِالْحَرَامِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْمَعْنَى عَلَيْهِ وَيَحْرُمُ الْحَرَامُ (قَوْلُهُ: طَلَاقٌ مُنَجَّزٌ) أَيْ لِغَيْرِ رَجْعِيَّةٍ لِيُقَابِلَ قَوْلَهُ وَقَوْلَ الشَّارِحِ إلَخْ وَلَوْ بِسُؤَالٍ مِنْهَا أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَقِيلَ إنْ سَأَلَتْهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ مُسْتَدْخِلَةً مَاءَهُ) هَلْ وَلَوْ فِي الدُّبُرِ أَخْذًا مِمَّا قَبْلَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ نَعَمْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الرَّوْضِ التَّصْرِيحَ بِمَا قَالَهُ شَيْخُنَا، وَعِبَارَتُهُ: أَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ الْمُحْتَرَمَ وَلَوْ فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ أَوْ الدُّبُرِ (قَوْلُهُ: يُعْتَدُّ بِوَضْعِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا مِنْ شُبْهَةٍ أَوْ مِنْ وَطْءِ زِنًا حُرِّمَ، وَسَيَأْتِي حُكْمُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ وَمِنْهُ أَيْضًا مَا لَوْ نَكَحَ حَامِلًا مِنْ زِنًا إلَخْ (قَوْلُهُ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فَسَأَلَتْ زَوْجَهَا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ الزَّوْجُ بِتَعْلِيقِ السَّيِّدِ فَطَلَّقَهَا لِيَحْصُلَ لَهَا الْعِتْقُ لَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي بَيَانِ الطَّلَاقِ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ] ِّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ عُلِمَ) إنَّمَا قُيِّدَ بِهِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَحْرُمُ وَإِلَّا فَاسْمُ الْبِدْعَةِ مَوْجُودٌ وَلَوْ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

وَشَمَلَ إطْلَاقُهُ مَا لَوْ ابْتَدَأَ طَلَاقَهَا فِي حَالِ حَيْضِهَا وَلَمْ يُكْمِلْهُ حَتَّى طَهُرَتْ فَيَكُونُ بِدْعِيًّا، وَبِهِ صَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ آخِرِ حَيْضِك أَوْ فِي آخِرِهِ فَسُنِّيٌّ فِي الْأَصَحِّ لِاسْتِعْقَابِهِ الشُّرُوعَ فِي الْعِدَّةِ، وَاحْتَرَزْنَا بِالْمُنَجَّزِ عَنْ الْمُعَلَّقِ بِدُخُولِ الدَّارِ مَثَلًا فَلَا يَكُونُ بِدْعِيًّا، لَكِنْ يُنْظَرُ لِوَقْتِ الدُّخُولِ، فَإِنْ وُجِدَ حَالَةَ الطُّهْرِ فَسُنِّيٌّ وَإِلَّا فَبِدْعِيٌّ لَا إثْمَ فِيهِ هُنَا. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ بِاخْتِيَارِهِ أَثِمَ بِإِيقَاعِهِ فِي الْحَيْضِ كَإِنْشَائِهِ الطَّلَاقَ فِيهِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ ظَاهِرٌ لَا شَكَّ فِيهِ وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِمْ مَا يُخَالِفُهُ (وَقِيلَ إنْ سَأَلَتْهُ) أَيْ الطَّلَاقَ فِي الْحَيْضِ (لَمْ يَحْرُمْ) لِرِضَاهَا بِطُولِ الْعِدَّةِ، وَالْأَصَحُّ التَّحْرِيمُ لِأَنَّهَا قَدْ تَسْأَلُهُ كَاذِبَةً كَمَا هُوَ شَأْنُهُنَّ، وَلَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِاخْتِيَارِهَا فَأَتَتْ بِهِ فِي حَالِ الْحَيْضِ مُخْتَارَةً. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ هُوَ كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا بِسُؤَالِهَا: أَيْ فَيَحْرُمُ أَيْ حَيْثُ كَانَ يَعْلَمُ وُجُودَ الصِّفَةِ حَالَ الْبِدْعَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ تَحَقَّقَتْ رَغْبَتُهَا فِيهِ لَمْ يَحْرُمْ كَمَا قَالَ (وَيَجُوزُ) (خُلْعُهَا فِيهِ) أَيْ الْحَيْضِ بِعِوَضٍ لِحَاجَتِهَا إلَى خَلَاصِهَا بِالْمُفَارَقَةِ حَيْثُ افْتَدَتْ بِالْمَالِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] وَيَكُونُ سُنِّيًّا وَلِإِطْلَاقِ إذْنِهِ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ فِي الْخُلْعِ عَلَى مَالٍ مِنْ غَيْرِ اسْتِفْصَالٍ عَنْ حَالِ زَوْجَتِهِ (لَا) خُلْعُ (أَجْنَبِيٍّ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ خُلْعَهُ لَا يَقْتَضِي اضْطِرَارهَا إلَيْهِ، وَالثَّانِي يَجُوزُ وَهُوَ غَيْرُ بِدْعِيٍّ لِأَنَّ بَذْلَ الْمَالِ يُشْعِرُ بِالضَّرُورَةِ، وَلَوْ أَذِنَتْ لَهُ فِي اخْتِلَاعِهَا اتَّجَهَ أَنَّهُ كَاخْتِلَاعِهَا نَفْسَهَا إنْ كَانَ بِمَالِهَا وَإِلَّا فَكَاخْتِلَاعِهِ (وَلَوْ) (قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ) أَوْ فِي أَوْ عِنْدَ مَثَلًا (آخِرِ حَيْضِك) (فَسُنِّيٌّ فِي الْأَصَحِّ) لِاسْتِعْقَابِهِ الشُّرُوعَ فِي الْعِدَّةِ، وَالثَّانِي بِدْعِيٌّ لِمُصَادِفَتِهِ الْحَيْضَ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (مَعَ) وَمِثْلُهَا مَا ذَكَرَ (آخِرِ طُهْرٍ) عَيَّنَهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (لَمْ يَطَأْهَا فِيهِ فَبِدْعِيٌّ عَلَى الْمَذْهَبِ) الْمَنْصُوصِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الرَّاجِحُ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَعْقِبُ الْعِدَّةَ. وَالثَّانِي سُنِّيٌّ لِمُصَادِفَتِهِ الطُّهْرَ. (وَ) ثَانِيهِمَا (طَلَاقٌ فِي طُهْرٍ وَطِئَ فِيهِ) وَلَوْ فِي الدُّبُرِ، وَكَالْوَطْءِ اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ الْمُحْتَرَمِ إنْ عَلِمَهُ نَظِيرَ مَا مَرَّ (مَنْ قَدْ تَحْبَلُ) لِعَدَمِ صِغَرِهَا وَيَأْسِهَا (وَلَمْ يَظْهَرْ حَمْلٌ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَبَرِ ابْنِ عُمَرَ الْآتِي قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَشْتَدُّ نَدَمُهُ إذَا ظَهَرَ حَمْلٌ، إذْ الْإِنْسَانُ قَدْ يَسْمَحُ بِطَلَاقِ الْحَائِلِ لَا الْحَامِلِ، وَقَدْ لَا يَتَيَسَّرُ لَهُ رَدُّهَا فَيَتَضَرَّرُ هُوَ وَالْوَلَدُ. وَمِنْ الْبِدْعِيِّ أَيْضًا طَلَاقُ مَنْ لَهَا عَلَيْهِ قَسَمٌ قَبْلَ وَفَائِهَا أَوْ اسْتِرْضَائِهَا، وَبَحَثَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّ سُؤَالَهَا هُنَا مُبِيحٌ وَوَافَقَهُ الْأَذْرَعِيُّ، قَالَ: بَلْ يَجِبُ الْقَطْعُ بِهِ، وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَجُزْ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهَا قَدْ لَا يَكُونُ لَهَا غَرَضٌ، وَقَوْلُهُ فِيهِ: أَيْ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ ابْتَدَأَ طَلَاقَهَا فِي الطُّهْرِ وَأَكْمَلَهُ فِي الْحَيْضِ كَانَ بِدْعِيًّا لِأَنَّهُ لَا يَسْتَعْقِبُ الشُّرُوعَ فِي الْعِدَّةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ وَقَعَ فِي كَلَامِ الْخَطِيبِ مَا يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: إنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ بِاخْتِيَارِهِ) أَيْ كَأَنْ عَلَّقَ بِفِعْلِهِ ثُمَّ فَعَلَ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَيْ فَيَحْرُمُ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ السَّابِقِ إذَا وُجِدَتْ الصِّفَةُ بِاخْتِيَارِهِ أَثِمَ إلَخْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا هُنَا مُصَوَّرٌ بِمَا لَوْ عَلِمَ وُجُودَ الصِّفَةِ فِي الْحَيْضِ، وَمَا تَقَدَّمَ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ كَمَا يُشْعِرُ بِهَذَا قَوْلُهُ هُنَا: أَيْ حَيْثُ كَانَ يَعْلَمُ إلَخْ، وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِي الطَّرِيقِ الْمُفِيدِ لِعِلْمِهِ بِوُجُودِهَا فِي الْحَيْضِ مَعَ كَوْنِ الْفَرْضِ أَنَّ الصِّفَةَ بِاخْتِيَارِهَا وَهِيَ مُسْتَقْبِلَةٌ، وَقَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ بِالْعِلْمِ هُنَا الظَّنُّ الْقَوِيُّ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ تَحَقَّقَتْ) أَيْ كَأَنْ دَفَعَتْ لَهُ عِوَضًا عَلَى الظَّنِّ أَوْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ قَوِيَّةٌ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ بِمَالِهَا) أَيْ إنْ كَانَ الْإِذْنُ فِي اخْتِلَاعِهَا بِمَالِهَا وَإِنْ اخْتَلَعَ مِنْ مَالِهِ لِأَنَّ إذْنَهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مُحَقِّقٌ لِرَغْبَتِهَا (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا مَا ذَكَرَ) أَيْ فِي أَوْ عِنْدَ (قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَهُ) أَيْ الِاسْتِدْخَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) أَيْ: فَلَا يُسَمَّى بِدْعِيًّا، وَأَمَّا كَوْنُهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الْإِقْدَامُ مَعَ عَدَمِ عِلْمِهِ بِالِانْقِطَاعِ، فَيَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ سُنِّيًّا) أَيْ: عَلَى اصْطِلَاحِ الْمُصَنِّفِ لَا عَلَى الْمَشْهُورِ الْمَارِّ

لِتَضَمُّنِهِ الرِّضَا بِإِسْقَاطِ حَقِّهَا وَلَيْسَ هُنَا تَطْوِيلُ عِدَّةٍ، لَكِنَّ كَلَامَهُمْ يُخَالِفُهُ، وَمِنْهُ أَيْضًا مَا لَوْ نَكَحَ حَامِلًا مِنْ زِنًا وَوَطِئَهَا لِأَنَّهَا لَا تَشْرَعُ فِي الْعِدَّةِ إلَّا بَعْدَ الْوَضْعِ فَفِيهِ تَطْوِيلٌ عَظِيمٌ عَلَيْهَا، كَذَا قَالَاهُ، وَمَحَلُّهُ فِيمَنْ لَمْ تَحِضْ حَامِلًا كَمَا هُوَ الْغَالِبُ، أَمَّا مَنْ تَحِيضُ حَامِلًا فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالْأَقْرَاءِ، كَمَا ذَكَرَاهُ فِي الْعِدَّةِ فَلَا يَحْرُمُ طَلَاقُهَا إذْ لَا تَطْوِيلَ حِينَئِذٍ، فَانْدَفَعَ مَا أَطَالَ بِهِ فِي التَّوْسِيعِ مِنْ الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِمَا ثُمَّ فَرْضُهُمْ ذَلِكَ فِيمَنْ نَكَحَهَا حَامِلًا مِنْ الزِّنَا قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهَا لَوْ زَنَتْ وَهِيَ فِي نِكَاحِهِ فَحَمَلَتْ جَازَ لَهُ طَلَاقُهَا وَإِنْ طَالَتْ عِدَّتُهَا لِعَدَمِ صَبْرِ النَّفْسِ عَلَى عِشْرَتِهَا حِينَئِذٍ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ غَيْرَ أَنَّ كَلَامَهُمْ يُخَالِفُهُ، إذْ الْمَنْظُورُ إلَيْهِ تَضَرُّرُهَا لَا تَضَرُّرُهُ، وَلَوْ وُطِئَتْ زَوْجَتُهُ بِشُبْهَةٍ فَحَمَلَتْ حُرِّمَ طَلَاقُهَا مُطْلَقًا لِتَأَخُّرِ الشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ، وَكَذَا لَوْ لَمْ تَحْمِلْ وَشَرَعَتْ فِي عِدَّةِ الشُّبْهَةِ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَقَدَّمْنَا عِدَّةَ الشُّبْهَةِ عَلَى الْمَرْجُوحِ. (فَلَوْ وَطِئَ حَائِضًا وَطَهُرَتْ فَطَلَّقَهَا) مِنْ غَيْرِ وَطْئِهَا طَاهِرًا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِفَاءِ التَّعْقِيبِ (فَبِدْعِيٌّ فِي الْأَصَحِّ) فَيَحْرُمُ لِاحْتِمَالِ الْعُلُوقِ فِي الْحَيْضِ الْمُؤَدِّي إلَى النَّدَمِ، وَكَوْنِ الْبَقِيَّةِ مِمَّا دَفَعَتْهُ الطَّبِيعَةُ أَوَّلًا، وَتَهَيَّأَ لِلْخُرُوجِ. وَالثَّانِي لَا يَكُونُ بِدْعِيًّا، لِأَنَّ لِبَقِيَّةِ الْحَيْضِ إشْعَارًا بِالْبَرَاءَةِ، وَدُفِعَ بِمَا عُلِّلَ بِهِ الْأَوَّلُ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْبِدْعِيَّ عَلَى الِاصْطِلَاحِ الْمَشْهُورِ أَنْ يُطَلِّقَ حَامِلًا مِنْ زِنًا لَا تَحِيضُ، أَوْ مِنْ شُبْهَةٍ أَوْ يُعَلِّقَ طَلَاقَهَا بِمُضِيِّ بَعْضِ نَحْوِ حَيْضٍ، أَوْ بِآخِرِ طُهْرٍ، أَوْ يُطَلِّقَهَا مَعَ آخِرِهِ أَوْ فِي نَحْوِ حَيْضٍ قَبْلَ آخِرِهِ، أَوْ يُطَلِّقَهَا فِي طُهْرٍ وَطِئَهَا فِيهِ، أَوْ يُعَلِّقَ طَلَاقَهَا بِمُضِيِّ بَعْضِهِ، أَوْ وَطِئَهَا فِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ قَبْلَهُ، أَوْ فِي نَحْوِ حَيْضٍ طَلَّقَ مَعَ آخِرِهِ أَوْ عَلَّقَ بِهِ، وَالسُّنِّيُّ طَلَاقُ مَوْطُوءَةٍ وَنَحْوِهَا تَعْتَدُّ بِأَقْرَاءٍ تَبْتَدِيهَا عَقِبَهُ لِحِيَالِهَا أَوْ حَمْلِهَا مِنْ زِنًا وَهِيَ تَحِيضُ وَطَلَّقَهَا مَعَ آخَرَ نَحْوَ حَيْضٍ، أَوْ فِي طُهْرٍ قَبْلَ آخِرِهِ، أَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِمُضِيِّ بَعْضِهِ، أَوْ بِآخَرَ نَحْوَ حَيْضٍ وَلَمْ يَطَأْهَا فِي طُهْرٍ طَلَّقَهَا فِيهِ، أَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِمُضِيِّ بَعْضِهِ، وَلَا وَطِئَهَا فِي نَحْوِ حَيْضٍ قَبْلَهُ، وَلَا فِي نَحْوِ حَيْضٍ طَلَّقَ مَعَ آخِرِهِ أَوْ عَلَّقَ بِآخِرِهِ. (وَيَحِلُّ) (خُلْعُهَا) أَيْ الْمَوْطُوءَةِ فِي الطُّهْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ لَكِنَّ كَلَامَهُمْ يُخَالِفُهُ) مُعْتَمَدٌ: أَيْ فَالطَّرِيقُ أَنْ يَسْقُطَ حَقُّهَا مِنْ الْقَسَمِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَا تَشْرَعُ فِي الْعِدَّةِ) أَيْ لِأَنَّ الرَّحِمَ مَعْلُومُ الشُّغْلِ فَلَا مَعْنَى لِلشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ مَعَ ذَلِكَ، إذْ لَا دَلَالَةَ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ مَعَ ذَلِكَ عَلَى الْبَرَاءَةِ، وَإِنَّمَا شَرَعَتْ فِيهَا مَعَهُ إذَا حَاضَتْ لِمُعَارِضَةِ الْحَيْضِ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ الدَّلَالَةِ عَلَى الْبَرَاءَةِ لِحَمْلِ الزِّنَا فَلَمْ يُنْظَرْ إلَيْهِ مَعَ وُجُودِ الْحَيْضِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم اهـ. وَمَعَ ذَلِكَ قَدْ يُتَوَقَّفُ فِي عَدَمِ حُسْبَانِ زَمَنِ الْحَمْلِ مِنْ الْعِدَّةِ عِنْدَ عَدَمِ الْحَيْضِ، فَإِنَّ مَاءَ الزِّنَا لَا حُرْمَةَ لَهُ، فَالرَّحِمُ وَإِنْ تَحَقَّقَ شَغْلُهَا فَهُوَ كَالْعَدَمِ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ مَنْ تَحِيضُ وَغَيْرِهَا لَا يَظْهَرُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِتَحَقُّقِ الشُّغْلِ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا التَّوَقُّفُ مَا صَرَّحَ بِهِ سم فِي كِتَابِ الْعِدَدِ عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَالْقُرْءُ الطُّهْرُ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ أَيْ الشَّارِحِ الْمُحْتَوِشُ بِدَمَيْنِ قِيلَ وَلَوْ دَمَيْ نِفَاسٍ اهـ. وَمِنْ صُوَرِهِ أَنْ يُطَلِّقَهَا بَعْدَ الْوِلَادَةِ ثُمَّ بَعْدَ طُهْرِهَا مِنْ النِّفَاسِ تَحْمِلُ مِنْ زِنًا وَتَلِدُ، فَإِنَّ حَمْلَ الزِّنَا لَا أَثَرَ لَهُ وَلَا تَنْقَضِي بِهِ عِدَّةٌ وَلَا يَقْطَعُ الْعِدَّةَ فَلَا إشْكَالَ فِي تَصْوِيرِهِ كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ الطَّلَبَةِ اهـ. فَقَوْلُهُ وَلَا يَقْطَعُ إلَخْ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ فَتَأَمَّلْهُ. ثُمَّ رَأَيْت لِبَعْضِهِمْ أَنَّ مَا هُنَا مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا لَمْ يَسْبِقْ لَهَا حَيْضٌ، أَمَّا مَنْ سَبَقَ لَهَا حَيْضٌ فَلَا يَحْرُمُ طَلَاقُهَا لِأَنَّ مُدَّةَ حَمْلِهَا يَصْدُقُ عَلَيْهَا أَنَّهَا طُهْرٌ مُحْتَوِشٌ بِدَمَيْنِ فَتُحْسَبُ لَهَا قُرْءًا. (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْرُمُ طَلَاقُهَا) وَفِي نُسْخَةٍ فِي طُهْرٍ لَمْ يَطَأْهَا فِيهِ وَمِثْلُهُ فِي حَجّ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ: يُتَأَمَّلُ هَذَا الْقَيْدُ مَعَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهَا مِنْ الْوَطْءِ مَعَ كَوْنِهَا حَامِلًا، وَالطَّلَاقُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ لَا يُوجِبُ تَطْوِيلًا (قَوْلُهُ: غَيْرَ أَنَّ كَلَامَهُمْ يُخَالِفُهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: حُرِّمَ طَلَاقُهَا مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَتْ تَحِيضُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ فِي الْعِدَّةِ) أَيْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ. (قَوْلُهُ: لِحِيَالِهَا) أَيْ عَدَمِ حَمْلِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فِي طُهْرٍ لَمْ يَطَأْ فِيهِ) كَذَا فِي التُّحْفَةِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ سم مَا نَصُّهُ: يُتَأَمَّلُ هَذَا الْقَيْدُ مَعَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهَا مِنْ الْوَطْءِ مَعَ كَوْنِهَا حَامِلًا، وَالطَّلَاقُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ لَا يُوجَبُ. اهـ. وَهَذَا الْقَيْدُ سَاقِطٌ فِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ

نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْحَائِضِ وَقِيلَ يَحْرُمُ لِأَنَّ الْمَنْعَ هُنَا لِرِعَايَةِ الْوَلَدِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ الرِّضَا بِخِلَافِهِ ثَمَّ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْحُرْمَةَ هُنَا لَيْسَتْ لِرِعَايَةِ الْوَلَدِ وَحْدَهَا بَلْ الْعِلَّةُ مُرَكَّبَةٌ مِنْ ذَلِكَ مَعَ نَدَمِهِ وَبِأَخْذِ الْعِوَضِ يَتَأَكَّدُ دَاعِيَةُ الْفِرَاقِ وَيَبْعُدُ احْتِمَالُ النَّدَمِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يُفَرَّقُ هُنَا بَيْنَ خُلْعِ الْأَجْنَبِيِّ وَخُلْعِهَا. (وَ) يَحِلُّ (طَلَاقُ مَنْ ظَهَرَ حَمْلُهَا) لِزَوَالِ النَّدَمِ، وَالْأَوْجَهُ مِنْ تَرَدُّدِ وُقُوعِ طَلَاقِ وَكِيلٍ بِدْعِيًّا لَمْ يَنُصَّ لَهُ مُوَكِّلُهُ عَلَيْهِ كَمَا يَقَعُ مِنْ الْمُوَكِّلِ كَمَا اخْتَارَهُ جَمْعٌ مِنْهُمْ الْبُلْقِينِيُّ. (وَمَنْ) (طَلَّقَ بِدْعِيًّا) وَلَمْ يَسْتَوْفِ عَدَدَ طَلَاقِهَا (سُنَّ لَهُ) مَا بَقِيَ الْحَيْضُ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ وَالطُّهْرُ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ وَالْحَيْضُ الَّذِي بَعْدَهُ دُونَ مَا بَعْدَ ذَلِكَ لِانْتِقَالِهَا إلَى حَالَةٍ يَحِلُّ فِيهَا طَلَاقُهَا كَمَا أَفَادَهُ ابْنُ قَاضِي عَجْلُونٍ (الرَّجْعَةُ) بَلْ يُكْرَهُ تَرْكُهَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْوُجُوبِ يَقُومُ مَقَامَ النَّهْيِ عَنْ التَّرْكِ كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ (ثُمَّ إنْ شَاءَ طَلَّقَ بَعْدَ طُهْرٍ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - طَلَّقَ امْرَأَتَهُ حَائِضًا فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعُمَرَ: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لْيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ، فَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تَطْلُقَ لَهَا النِّسَاءُ» وَأُلْحِقَ بِهِ الطَّلَاقُ فِي الطُّهْرِ وَلَمْ تَجِبْ الرَّجْعَةُ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْأَمْرِ بِالشَّيْءِ لَيْسَ أَمْرًا بِذَلِكَ الشَّيْءِ، وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ فَلْيُرَاجِعْهَا أَمْرٌ لِابْنِ عُمَرَ لِأَنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى أَمْرِ عُمَرَ، فَالْمَعْنَى: فَلْيُرَاجِعْهَا لِأَجْلِ أَمْرِك لِكَوْنِك وَالِدَهُ وَاسْتِفَادَةُ النَّدْبِ مِنْهُ حِينَئِذٍ إنَّمَا هِيَ مِنْ الْقَرِينَةِ، وَإِذَا رَاجَعَ ارْتَفَعَ الْإِثْمُ الْمُتَعَلِّقُ بِحَقِّهَا لِأَنَّ الرَّجْعَةَ قَاطِعَةٌ لِلضَّرَرِ مِنْ أَصْلِهِ فَكَانَتْ بِمَنْزِلَةِ التَّوْبَةِ تَرْفَعُ أَصْلَ الْمَعْصِيَةِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ انْدَفَعَ الْقَوْلُ بِأَنَّ وَقْعَ الرَّجْعَةِ لِلتَّحْرِيمِ كَالتَّوْبَةِ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِهَا، إذْ كَوْنُ الشَّيْءِ بِمَنْزِلَةِ الْوَاجِبِ فِي خُصُوصِيَّةٍ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ لَا يَقْتَضِي وُجُوبُهُ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حُصُولُ الْغَرَضِ بِطَلَاقِهَا عَقِبَ الْحَيْضِ الَّذِي طَلَّقَهَا فِيهِ قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا لِارْتِفَاعِ أَضْرَارِ التَّطْوِيلِ وَالْخَبَرُ أَنَّهُ يُمْسِكُهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ التَّمَتُّعِ بِهَا فِي الطُّهْرِ الْأَوَّلِ ثُمَّ تَطْهُرَ مِنْ الثَّانِي، وَلِئَلَّا يَكُونَ الْقَصْدُ مِنْ الرَّجْعَةِ مُجَرَّدَ الطَّلَاقِ، وَكَمَا نَهَى عَنْ نِكَاحٍ قُصِدَ بِهِ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ الرَّجْعَةُ، لِأَنَّ الْأَوَّلَ لِبَيَانِ حُصُولِ أَصْلِ الِاسْتِحْبَابِ وَالثَّانِي لِبَيَانِ حُصُولِ كَمَالِهِ. (وَلَوْ) (قَالَ لِحَائِضٍ) مَمْسُوسَةٍ أَوْ نُفَسَاءَ (أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ) (وَقَعَ فِي الْحَالِ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ وَإِنْ كَانَتْ فِي ابْتِدَاءِ حَيْضِهَا (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (لَلسُّنَّةِ) (فَحِينَ تَطْهُرُ) أَيْ لَا يَقَعُ إلَّا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لَمْ يَنُصَّ لَهُ مُوَكِّلُهُ) أَيْ ثُمَّ إنْ عَلِمَ بِكَوْنِهِ بِدْعِيًّا أَثِمَ وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ كَرَاهَةَ التَّرْكِ، وَقَوْلُهُ إنَّ الْخِلَافَ: أَيْ حَيْثُ كَانَ قَوِيًّا (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ) دَلِيلٌ لِسَنِّ الرَّجْعَةِ (قَوْلُهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ حَائِضًا) وَاسْمُهَا آمِنَةٌ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ كَذَا بِهَامِشٍ صَحِيحٍ، وَالظَّاهِرُ مِنْ عَدَالَةِ ابْنِ عُمَرَ وَحَالِهِ أَنَّهُ حِينَ طَلَّقَهَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِحَيْضِهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ بَلَغَهُ حُرْمَةُ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ شُرِعَ التَّحْرِيمُ (قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بِهِ) أَيْ بِالطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ فِي سَنِّ الرَّجْعَةِ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ: وَأُلْحِقَ بِهِ: أَيْ بِمَا فِي الْحَدِيثِ وَقَوْلُهُ فِي الطُّهْرِ: أَيْ الَّذِي وَطِئَ فِيهِ (قَوْلُهُ: الْمُتَعَلِّقُ بِحَقِّهَا) أَيْ لَا حَقِّ اللَّهِ (قَوْلُهُ: لِبَيَانِ حُصُولِ كَمَالِهِ) أَيْ فَلَا تَنَافِي. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ فِي ابْتِدَاءٍ) أَخَذَهُ غَايَةً لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ زَمَانِ بَعْضِ الصِّفَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ.) كَذَا فِي التُّحْفَةِ لَكِنْ فِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ بَدَلُ هَذَا مَا نَصُّهُ: وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يُفَرَّقُ هُنَا بَيْنَ خُلْعِ الْأَجْنَبِيِّ وَخُلْعِهَا. اهـ. وَهُوَ ضِدُّ مَا فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ لَكِنْ فِي كَوْنِهِ مَعْلُومًا وَقْفَةٌ إذْ الْمَعْلُومُ مِمَّا قَرَّرَهُ إنَّمَا هُوَ عَدَمُ الْفَرْقِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ:: الْمُتَعَلِّقُ بِحَقِّهَا) أَيْ: أَمَّا الْمُتَعَلِّقُ بِحَقِّهِ تَعَالَى فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِالتَّوْبَةِ (قَوْلُهُ: لِيَتَمَكَّنَ مِنْ التَّمَتُّعِ بِهَا إلَخْ.) هُوَ وَجْهُ أَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا ذُكِرَ، وَكَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَالثَّانِي لِبَيَانِ حُصُولِ كَمَالِهِ (قَوْلُهُ:: وَإِنْ كَانَتْ فِي ابْتِدَاءِ حَيْضِهَا) أَيْ: وَلَا يُقَالُ إنَّهَا لَا تَطْلُقُ إلَّا إذَا مَضَى أَقَلُّ الْحَيْضِ حَتَّى تَتَحَقَّقَ الصِّفَةُ

حِينَ تَطْهُرُ فَيَقَعُ عِنْدَ انْقِطَاعِ دَمِهَا مَا لَمْ يَطَأْ فِيهِ فَحَتَّى تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ وَلَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى الِاغْتِسَالِ لِوُجُودِ الصِّفَةِ قَبْلَهُ. (أَوْ) قَالَ (لِمَنْ) أَيْ لِمَوْطُوءَةٍ (فِي طُهْرٍ لَمْ تُمَسَّ فِيهِ) وَلَا فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ (أَنْتِ طَالِقٌ لَلسُّنَّة) (وَقَعَ فِي الْحَالِ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ، وَمَسُّ أَجْنَبِيٍّ بِشُبْهَةٍ حَمَلَتْ مِنْهُ كَمَسِّهِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ بِدْعِيٌّ (وَإِنْ مُسَّتْ) أَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ فِيهِ (فَ) لَا يَقَعُ إلَّا (حِينَ تَطْهُرُ بَعْدَ حَيْضٍ) لِشُرُوعِهَا حِينَئِذٍ فِي حَالَةِ السُّنَّةِ (أَوْ) قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ (لِلْبِدْعَةِ) فَيَقَعُ (فِي الْحَالِ إنْ مُسَّتْ) أَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ (فِيهِ) أَوْ فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ وَلَمْ يَظْهَرْ حَمْلُهَا لِوُجُودِ الصِّفَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُمَسَّ فِيهِ وَلَا اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا (ف) لَا يَقَعُ إلَّا (حِينَ تَحِيضُ) أَيْ بِمُجَرَّدِ ظُهُورِ دَمِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي، ثُمَّ إنْ انْقَطَعَ قَبْلَ أَقَلِّهِ تَبَيَّنَ عَدَمُ الْوُقُوعِ وَلَك لِدُخُولِهَا فِي زَمَنِ الْبِدْعَةِ نَعَمْ إنْ وَطِئَهَا بَعْدَ التَّعْلِيقِ فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ وَقَعَ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ فَيَلْزَمُهُ النَّزْعُ فَوْرًا وَإِلَّا فَلَا حَدَّ وَلَا مَهْرَ وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا إذْ اسْتِدَامَةُ الْوَطْءِ لَيْسَتْ وَطْئًا هَذَا كُلُّهُ فِيمَنْ لَهَا سُنَّةٌ وَبِدْعَةٌ إذْ اللَّامُ فِيهَا كَكُلِّ مَا يَتَكَرَّرُ وَيَتَعَاقَبُ وَيُنْتَظَرُ لِلتَّأْقِيتِ، أَمَّا مَنْ لَا سُنَّةَ لَهَا وَلَا بِدْعَةَ فَيَقَعُ حَالًا لِأَنَّ اللَّامَ فِيهَا لِلتَّعْلِيلِ وَهُوَ لَا يَقْتَضِي حُصُولُ الْمُعَلَّلِ بِهِ، فَإِنْ صَرَّحَ بِالْوَقْتِ بِأَنْ قَالَ لِوَقْتِ السُّنَّةِ أَوْ لِوَقْتِ الْبِدْعَةِ قَالَ فِي الْبَسِيطِ وَأَقَرَّاهُ إنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَالظَّاهِرُ الْوُقُوعُ فِي الْحَالِ، وَإِنْ أَرَادَ التَّأْقِيتِ بِمُنْتَظَرٍ فَيُحْتَمَلُ قَبُولُهُ. (وَلَوْ) (قَالَ) وَلَا نِيَّةَ لَهُ (أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً حَسَنَةً أَوْ أَحْسَنَ الطَّلَاقِ أَوْ أَجْمَلَهُ) أَوْ أَعْدَلَهُ أَوْ أَكْمَلَهُ أَوْ أَفْضَلُهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (فُكَّ) قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ (لِلسُّنَّةِ) فِيمَا مَرَّ فَلَا يَقَعُ فِي حَالِ بِدْعَةٍ لِأَنَّ الْأَوْلَى بِالْمَدْحِ مَا وَافَقَ الشَّرْعَ، أَمَّا إذَا قَالَ أَرَدْت الْبِدْعَةَ وَنَحْوَ حَسَنَةً لِنَحْوِ سُوءِ خُلُقِهَا فَيُقْبَلُ إنْ كَانَ زَمَنَ بِدْعَةٍ لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ دُونَ زَمَنِ سُنَّةٍ بَلْ يَدِينُ، وَفَارَقَ إلْغَاءُ نِيَّتِهِ الْوُقُوعَ حَالًا فِي قَوْلِهِ لِذَاتِ بِدْعَةٍ طَلَاقًا سُنِّيًّا وَلِذَاتِ سُنَّةٍ طَلَاقًا بِدْعِيًّا بِأَنَّ نِيَّتَهُ هُنَا غَيْرُ مُوَافَقَةٍ لِلَفْظِهِ، وَلَا بِتَأْوِيلٍ بَعِيدٍ: أَيْ لِأَنَّ السُّنِّيَّ وَالْبِدْعِيَّ لَهُمَا حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ فَلَمْ يُمْكِنْ صَرْفُهُمَا عَنْهَا فَلَغَتْ لِضَعْفِهَا، بِخِلَافِ نِيَّتِهِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّمَا مُوَافَقَةٌ لَهُ، إذْ الْبِدْعِيُّ قَدْ يَكُونُ حَسَنًا وَكَامِلًا لِوَصْفٍ آخَرَ كَسُوءِ خُلُقِهَا. (أَوْ) قَالَ لَهَا وَلَا نِيَّةَ لَهُ أَنْتِ طَالِقٌ (طَلْقَةً قَبِيحَةً أَوْ أَقْبَحَ الطَّلَاقِ أَوْ أَفْحَشَهُ) أَوْ أَسْمَجَهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ (فُكَّ) قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ (لِلْبِدْعَةِ) فِيمَا مَرَّ لِأَنَّ الْأَوْلَى بِالذَّمِّ مَا خَالَفَ الشَّرْعَ، أَمَّا لَوْ قَالَ وَهِيَ فِي زَمَنِ سُنَّةٍ أَرَدْت قَبِيحَةً لِنَحْوِ حُسْنِ عِشْرَتِهَا فَيَقَعُ حَالًا لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ فِي زَمَنِ بِدْعَةٍ أَرَدْت أَنَّ طَلَاقَ مِثْلِ هَذِهِ فِي السُّنَّةِ أَقْبَحُ فَقَصَدْت ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا حَدَّ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَنْزِعْ فَلَا حَدَّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ صَرَّحَ بِالْوَقْتِ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِوَقْتِ الْبِدْعَةِ أَوْ السُّنَّةِ الَّذِي يُنْتَظَرُ فِي الْآيِسَةِ فَإِنَّهَا لَيْسَ لَهَا زَمَنُ سُنَّةٍ وَلَا بِدْعَةٍ يُنْتَظَرُ وَأَمَّا حَمْلُهُ عَلَى الْوَقْتِ الَّذِي يَكُونُ الطَّلَاقُ فِيهِ سُنِّيًّا أَوْ بِدْعِيًّا بِالنَّظَرِ إلَى مَا قَبْلَ سِنِّ الْيَأْسِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، إذْ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ امْتِنَاعُ وَقْتٍ صَالِحٍ لِحَمْلِ اللَّفْظِ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ حَقِيقَةَ السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ الْآنَ بَلْ أَرَادَ مَا كَانَ وَقْتًا لَهُمَا قَبْلُ. (قَوْلُهُ طَلَاقًا سُنِّيًّا) أَيْ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ فَلَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ فِي حَالِ الْبِدْعَةِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا سُنِّيًّا الْآنَ مِنْ وُقُوعِهِ حَالًا لِلْإِشَارَةِ إلَى الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُوَافِقَةٍ لِلَفْظِهِ) أَيْ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا. (قَوْلُهُ أَوْ أَسْمَجَهُ) السَّمِجُ الْقَبِيحُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهَذَا فِي مَعْنَى هَذِهِ الْغَايَةِ ظَاهِرٌ مَأْخُوذٌ مِمَّا سَيَأْتِي عَنْ الْمُتَوَلِّي خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَطَأْ فِيهِ) أَيْ: الدَّمِ (قَوْلُهُ:: أَيْ لِمَوْطُوءَةٍ) أَيْ مَدْخُولٍ بِهَا، وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا التَّفْسِيرِ إلَى أَنَّ مَا نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ وَصِفَتُهَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي طُهْرٍ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا) تَقَدَّمَ مَا يُغْنِي عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا حَدَّ) أَيْ وَإِلَّا يَنْزِعْ (قَوْلُهُ: إذْ اسْتِدَامَةُ الْوَطْءِ إلَخْ.) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ؛ لِأَنَّ أَوَّلَهُ مُبَاحٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ صَرَّحَ بِالْوَقْتِ) أَيْ فِيمَنْ لَا سُنَّةَ لَهَا وَلَا بِدْعَةَ (قَوْلُهُ: فَيُحْتَمَلُ قَبُولُهُ) أَيْ: وَيَكُونُ فِي نَحْوِ الْآيِسَةِ مُعَلَّقًا عَلَى مُحَالٍ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ تَوَقُّفُ الشَّيْخِ فِي حَاشِيَتِهِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ فِي زَمَنِ بِدْعَةٍ) صَوَابُهُ فِي زَمَنِ سُنَّةٍ كَمَا فِي التُّحْفَةِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ فِي زَمَنِ سُنَّةٍ صَوَابُهُ فِي زَمَنِ بِدْعَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي نُسْخَةٍ

وُقُوعَهُ حَالَ السُّنَّةِ دِينَ. (أَوْ) قَالَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ لِذَاتِ سُنَّةٍ وَبِدْعَةٍ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً (سُنِّيَّةً بِدْعِيَّةً أَوْ حَسَنَةً قَبِيحَةً) (وَقَعَ فِي الْحَالِ) لِتَضَادِّ الْوَصْفَيْنِ فَأُلْغِيَا وَبَقِيَا أَصْلُ الطَّلَاقِ كَمَا لَوْ قَالَ ذَلِكَ لِمَنْ لَا سُنَّةَ لَهَا وَلَا بِدْعَةَ، أَمَّا لَوْ قَالَ أَرَدْت حُسْنَهَا مِنْ حَيْثُ الْوَقْتِ وَقُبْحَهَا مِنْ حَيْثُ الْعَدَدِ فَيُقْبَلُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا عَنْ السَّرَخْسِيِّ وَأَقَرَّاهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ الْوُقُوعُ فِي الْأُولَى لِأَنَّ ضَرَرَ وُقُوعِ الْعَدَدِ أَكْثَرُ مِنْ فَائِدَةِ تَأْخِيرِ الْوُقُوعِ، وَلَوْ قَالَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ ثَلَاثًا بَعْضُهُنَّ لَلسُّنَّة وَبَعْضُهُنَّ لِلْبِدْعَةِ اقْتَضَى التَّشْطِيرَ فَيَقَعُ ثِنْتَانِ حَالًا وَالثَّالِثَةُ فِي الْحَالَةِ الْأُخْرَى، فَإِنْ أَرَادَ سِوَى ذَلِكَ عُمِلَ بِهِ مَا لَمْ يُرِدْ طَلْقَةً حَالًا وَثِنْتَيْنِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَإِنَّهُ يَدِينُ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ بِرِضَا زَيْدٍ أَوْ بِقُدُومِهِ فَكَقَوْلِهِ إنْ رَضِيَ أَوْ قَدِمَ أَوْ لِمَنْ لَهَا سُنَّةٌ وَبِدْعَةٌ أَنْتِ طَالِقٌ لَا لَلسُّنَّة فَكَقَوْلِهِ لِلْبِدْعَةِ أَوْ لَا لِلْبِدْعَةِ فَكَالسُّنَّةِ، أَوْ لِمَنْ طَلَاقُهَا بِدْعِيٌّ إنْ كُنْت فِي حَالِ سُنَّةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا طَلَاقَ وَلَا تَعْلِيقَ، أَوْ فِي حَالِ الْبِدْعَةِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا سُنِّيًّا الْآنَ أَوْ فِي حَالِ السُّنَّةِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا بِدْعِيًّا الْآنَ وَقَعَ فِي الْحَالِ لِلْإِشَارَةِ إلَى الْوَقْتِ وَيَلْغُو اللَّفْظُ أَوْ لِلسُّنَّةِ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ وَأَنْتِ طَاهِرٌ فَإِنْ قَدِمَ وَهِيَ طَاهِرٌ طَلُقَتْ لِلسُّنَّةِ وَإِلَّا فَلَا تَطْلُقُ لَا فِي الْحَالِ وَلَا إذَا طَهُرَتْ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ خَمْسًا بَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ وَبَعْضُهُنَّ لِلْبِدْعَةِ طَلُقَتْ ثَلَاثًا حَالًا أَخْذًا بِالتَّشْطِيرِ وَالتَّكْمِيلِ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ وَاحِدَةً لِلسُّنَّةِ وَأُخْرَى لِلْبِدْعَةِ وَقَعَتْ فِي الْحَالِ طَلْقَةً وَفِي الْمُسْتَقْبَلِ أُخْرَى أَوْ طَلَّقْتُك طَلَاقًا كَالثَّلْجِ أَوْ كَالنَّارِ وَقَعَ حَالًا وَيَلْغُو التَّشْبِيهُ الْمَذْكُورُ. (وَلَا يَحْرُمُ جَمْعُ الطَّلَقَاتِ) الثَّلَاثِ «لِأَنَّ عُوَيْمِرًا الْعَجْلَانَيَّ لَمَّا لَاعَنَ امْرَأَتَهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يُخْبِرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحُرْمَتِهَا عَلَيْهِ» . رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، فَلَوْ حُرِّمَ لَنَهَاهُ عَنْهُ لِأَنَّهُ أَوْقَعَهُ مُعْتَقِدًا بَقَاءَ الزَّوْجِيَّةِ وَمَعَ اعْتِقَادِهَا يَحْرُمُ الْجَمْعُ عِنْدَ الْمُخَالِفِ وَمَعَ الْحُرْمَةِ يَجِبُ الْإِنْكَارُ عَلَى الْعَالِمِ وَتَعْلِيمُ الْجَاهِلِ وَلَمْ يُوجَدَا فَدَلَّ عَلَى أَنْ لَا حُرْمَةَ، وَقَدْ فَعَلَهُ جَمْعٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَأَفْتَى بِهِ آخَرُونَ، أَمَّا وُقُوعُهُنَّ مُعَلَّقَةً كَانَتْ أَوْ مُنَجَّزَةً فَهُوَ مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ، وَلَا اعْتِبَارَ بِمَا قَالَهُ طَائِفَةٌ مِنْ الشِّيعَةِ وَالظَّاهِرِيَّةِ مِنْ وُقُوعِ وَاحِدَةٍ فَقَطْ، وَإِنْ اخْتَارَهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ لَا يُعْبَأُ بِهِ وَاقْتَدَى بِهِ مَنْ أَضَلَّهُ اللَّهُ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَابْتَدَعَ بَعْضُ أَهْلِ زَمَنِنَا: أَيْ ابْنُ تَيْمِيَّةَ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْعِزُّ بْنُ جَمَاعَةٍ إنَّهُ ضَالٌّ مُضِلٌّ، فَقَالَ إنْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِالطَّلَاقِ عَلَى وَجْهِ الْيَمِينِ لَمْ يَجِبْ بِهِ إلَّا كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَلَمْ يَقُلْ بِذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ الْأُمَّةِ، وَمَعَ عَدَمِ حُرْمَةِ ذَلِكَ فَالْأَوْلَى تَفْرِيقُهَا عَلَى الْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ لِيُمْكِنَ تَدَارُكُ نَدَمِهِ إنْ وَقَعَ بِرَجْعَةٍ أَوْ تَجْدِيدٍ، وَلَوْ أَوْقَعَ أَرْبَعًا لَمْ يَحْرُمْ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ يُخَالِفُهُ وَلَا تَعْزِيرَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ وَإِنْ اعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ، وَوُجِّهَ بِأَنَّ تَعَاطِيَ نَحْوِ عَقْدٍ فَاسِدٍ حَرَامٌ. (وَلَوْ) (قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا) وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ (أَوْ ثَلَاثًا لَلسُّنَّة وَفَسَّرَ) فِي الصُّورَتَيْنِ (بِتَفْرِيقِهَا) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ فَيُقْبَلُ) أَيْ وَيَقَعُ عَلَيْهِ الثَّلَاثُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَأَخَّرَ الْوُقُوعُ فِي الْأُولَى) هِيَ مَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي الْحَيْضِ (قَوْلُهُ: رَضِيَ أَوْ قَدِمَ) أَيْ فَلَا تَطْلُقُ إلَّا بِالرِّضَا وَالْقُدُومِ (قَوْلُهُ: وَيَلْغُو اللَّفْظُ) بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَقُلْ الْآنَ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ وَإِنْ نَوَى الْوُقُوعَ حَالًا لِأَنَّ اللَّفْظَ يُنَافِي النِّيَّةَ فَيُعْمَلُ بِهِ لِأَنَّهُ أَقْوَى انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: طَلُقَتْ لِلسُّنَّةِ) أَيْ فَتَطْلُقُ حَالًا إنْ قَدِمَ فِي طُهْرٍ لَمْ يَطَأْهَا فِيهِ وَلَا فِي نَحْوِ حَيْضٍ قَبْلَهُ وَبَعْدَ حَيْضِهَا وَانْقِطَاعِ الدَّمِ إنْ قَدِمَ فِي طُهْرٍ وَطِئَهَا فِيهَا أَوْ فِي نَحْوِ حَيْضٍ قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ أَمَّا وُقُوعُهُنَّ) أَيْ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَوْقَع أَرْبَعًا لَمْ يَحْرُمْ) أَيْ خِلَافًا لحج، وَقَوْلُهُ وَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَمَا لَوْ قَالَ ذَلِكَ لِمَنْ لَا سُنَّةَ لَهَا وَلَا بِدْعَةَ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ حَمْلِ الْمَتْنِ عَلَى ذَاتِ السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ دُونَ هَذِهِ مَعَ اتِّحَادِهِمَا فِي الْحُكْمِ، وَالشِّهَابُ حَجّ إنَّمَا حَمَلَ الْمَتْنَ عَلَى ذَلِكَ لِنُكْتَةٍ وَهِيَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ يَخْتَلِفُ فِيهَا الْحُكْمُ بِاعْتِبَارِ تَرَتُّبِهِ عَلَى تَعْلِيلَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ، وَعِبَارَتُهُ هُنَا عَقِبَ قَوْلِهِ لِتَضَادِّ الْوَصْفَيْنِ فَأُلْغِيَا وَبَقِيَ أَصْلُ الطَّلَاقِ نَصُّهَا، وَقِيلَ: إنَّ أَحَدَهُمَا وَاقِعٌ لَا مَحَالَةَ، فَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لِمَنْ لَا سُنَّةَ لَهَا وَلَا بِدْعَةَ وَقَعَ عَلَى الْأَوَّلِ حَالًا دُونَ الثَّانِي

الثَّلَاثِ (عَلَى أَقْرَاءٍ) (لَمْ يُقْبَلْ) ظَاهِرًا لِمُخَالَفَتِهِ ظَاهِرَ لَفْظِهِ مِنْ وُقُوعِهِنَّ دَفْعَةً فِي الْأُولَى، وَكَذَا فِي الثَّانِيَةِ إنْ كَانَتْ طَاهِرًا وَإِلَّا فَحِينَ تَطْهُرُ، وَعِنْدَنَا لَا سُنَّةَ فِي التَّفْرِيقِ (إلَّا مِمَّنْ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَ الْجَمْعِ) لِلثَّلَاثِ فِي قُرْءٍ وَاحِدٍ كَالْمَالِكِيِّ فَيُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرًا لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ لَا يَقْصِدُ ارْتِكَابَ مَحْظُورٍ فِي مُعْتَقِدِهِ وَقَدْ عُلِمَ عَوْدُ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى الصُّورَتَيْنِ خِلَافًا لِمَنْ خَصَّهُ بِالثَّانِيَةِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ) أَيْ مَنْ لَا يَعْتَقِدُ ذَلِكَ (يَدِينُ) فِيمَا نَوَاهُ فَيَعْمَلُ بِهِ فِي الْبَاطِنِ إنْ كَانَ صَادِقًا بِأَنْ يُرَاجِعَهَا وَيَطْلُبَهَا، وَلَهَا تَمْكِينُهُ إنْ ظَنَّتْ صِدْقَهُ بِقَرِينَةٍ وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا النُّشُوزُ وَإِلَّا فَلَا، وَيُفَرِّقُ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِتَصْدِيقِهَا كَمَا صَحَّحَهُ صَاحِبُ الْعَيْنِ، وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَغَيْرُهُ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا أَقَرَّتْ لِرَجُلٍ بِالزَّوْجِيَّةِ فَصَدَّقَهَا حَيْثُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَذَّبَهَا الْوَلِيُّ وَالشُّهُودُ لِأَنَّا لَمْ نَعْلَمْ ثَمَّ مَانِعًا يَسْتَنِدُ إلَيْهِ فِي التَّفْرِيقِ، وَهُنَا عَلِمْنَا مَانِعًا ظَاهِرًا أَرَادَا رَفْعَهُ بِتَصَادُقِهِمَا فَلَمْ يُنْظَرْ إلَيْهِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَالتَّدْيِينُ هُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَهُ الطَّلَبُ وَعَلَيْهَا الْهَرَبُ، وَلَوْ اسْتَوَى عِنْدَهَا صِدْقُهُ وَكَذِبُهُ جَازَ لَهَا تَمْكِينُهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَلَا تَتَغَيَّرُ هَذِهِ الْأَحْوَالُ بِحُكْمِ قَاضٍ بِتَفْرِيقٍ وَلَا بِعَدَمِهِ تَعْوِيلًا عَلَى الظَّاهِرِ فَقَطْ لِمَا يَأْتِي أَنَّ مَحَلَّ نُفُوذِ حُكْمِ الْحَاكِمِ بَاطِنًا إذَا وَافَقَ ظَاهِرُ الْأَمْرِ بَاطِنَهُ وَلَهَا مَعَ تَكْذِيبِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا نِكَاحُ مَنْ لَمْ يُصَدِّقْ الزَّوْجَ دُونَ مَنْ صَدَّقَهُ وَلَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ بِالْفُرْقَةِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَدِينُ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَحْتَمِلُ الْمُرَادَ وَالنِّيَّةُ إنَّمَا تَعْمَلُ فِيمَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ. (وَيَدِينُ) أَيْضًا (مَنْ) (قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت إنْ دَخَلَتْ) الدَّارَ (أَوْ إنْ شَاءَ زَيْدٌ) طَلَاقَك لِأَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِهِ لَانْتَظَمَ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ دَعْوَى ذَلِكَ ظَاهِرًا، وَخَرَجَ بِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَا يَدِينُ فِيهِ لِأَنَّهُ يَرْفَعُ حُكْمَ الْيَمِينِ جُمْلَةً فَيُنَافِي لَفْظَهَا مُطْلَقًا وَالنِّيَّةُ لَا تُؤَثِّرُ حِينَئِذٍ، بِخِلَافِ بَقِيَّةِ التَّعْلِيقَاتِ فَإِنَّهَا لَا تَرْفَعُهُ بَلْ تُخَصِّصُهُ بِحَالٍ دُونَ حَالٍ، وَأُلْحِقَ بِالْأَوَّلِ مَا لَوْ قَالَ مَنْ أَوْقَعَ الثَّلَاثَ كُنْت طَلَّقْت قَبْلَ ذَلِكَ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ لِأَنَّهُ يُرِيدُ رَفْعَ الثَّلَاثِ مِنْ أَصْلِهَا. وَمَا لَوْ رَفَعَ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ عَدَدٍ نُصَّ كَأَرْبَعَتِكُنَّ طَوَالِقُ وَأَرَادَ إلَّا فُلَانَةَ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَأَرَادَ إلَّا وَاحِدَةً بِخِلَافِ نِسَائِي، وَبِالثَّانِي نِيَّةُ مِنْ وَثَاقٍ لِأَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSتَعْزِيرَ عَلَيْهِ: أَيْ خِلَافًا لحج أَيْضًا. (قَوْلُهُ وَلَهَا تَمْكِينُهُ إنْ ظَنَّتْ صِدْقَهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا التَّمْكِينُ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ تَرَدُّدَهَا فِي أَمْرِهِ شُبْهَةٌ فِي حَقِّهَا أَسْقَطَتْ عَنْهَا الْوُجُوبَ، لَكِنَّ عِبَارَةَ حَجّ: وَمَعْنَى التَّدْيِينِ أَنْ يُقَالَ لَهَا حُرِّمْتِ عَلَيْهِ ظَاهِرًا وَلَيْسَ لَك مُطَاوَعَتُهُ إلَّا إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّك صِدْقُهُ بِقَرِينَةٍ: أَيْ وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهَا تَمْكِينُهُ اهـ. وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَهَا تَمْكِينُهُ عَلَى أَنَّهُ جَوَازٌ بَعْدَ مَنْعٍ فَيَصْدُقُ بِالْوُجُوبِ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا النُّشُوزُ (قَوْلُهُ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي) وَفِي نُسْخَةِ ابْنِ الرِّفْعَةِ. (قَوْلُهُ وَيَدِينُ) أَيْ سَوَاءٌ قَالَهُ مُتَّصِلًا أَوْ مُنْفَصِلًا عَنْ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا) أَيْ بَقِيَّةَ التَّعْلِيقَاتِ (قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بِالْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ إلَخْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: رَفْعَ الثَّلَاثِ مِنْ أَصْلِهَا) أَيْ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ وَعَدَمُ الْقَبُولِ هُنَا بَاطِنًا فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَبِالثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ التَّعْلِيقَاتِ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQانْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَلَهَا تَمْكِينُهُ) أَيْ: وَيَلْزَمُهَا ذَلِكَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا النُّشُوزُ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهَا الْهَرَبُ) أَيْ إنْ لَمْ تَظُنَّ صِدْقَهُ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: تَعْوِيلًا عَلَى الظَّاهِرِ فَقَطْ) عِلَّةً لِتَفْرِيقِ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ نُفُوذِ حُكْمِ الْحَاكِمِ إلَخْ.) مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِهِ وَلَا تَتَغَيَّرُ هَذِهِ الْأَحْوَالُ إلَخْ. مُؤَخَّرٌ مِنْ تَقْدِيمٍ، فَيَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي إلَخْ. ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةِ تَأْخِيرِ قَوْلِهِ وَالْوَجْهُ إلَخْ. ثُمَّ قَالَ عَقِبَهُ: إنَّ مَحَلَّ نُفُوذِ إلَخْ. فَأَبْدَلَ الْوَاوَ بِلَفْظِ أَنَّ الْمَفْتُوحَةِ الْمُشَدَّدَةِ، فَيَكُونُ بَيَانًا لِمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ بِالْفُرْقَةِ إلَخْ.) غَايَةٌ فِي التَّزَوُّجِ الْمَنْفِيِّ: أَيْ دُونَ مَنْ صَدَّقَهُ: أَيْ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ

تَأْوِيلٌ وَصَرْفٌ لِلَّفْظِ مِنْ مَعْنًى إلَى مَعْنًى فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ رَفْعٌ لِشَيْءٍ بَعْدَ ثُبُوتِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَفْسِيرَهُ بِمَا يَرْفَعُ الطَّلَاقَ مِنْ أَصْلِهِ كَأَرَدْتُ طَلَاقًا لَا يَقَعُ، أَوْ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ إنْ لَمْ يَشَأْ أَوْ إلَّا وَاحِدَةً بَعْدَ ثَلَاثًا أَوْ إلَّا فُلَانَةَ بَعْدَ أَرْبَعَتَكُنَّ لَمْ يُدَنْ، أَوْ مَا يُقَيِّدُهُ أَوْ يَصْرِفُهُ لِمَعْنًى آخَرَ أَوْ يُخَصِّصُهُ كَأَرَدْتُ إنْ دَخَلَتْ أَوْ مِنْ وَثَاقٍ أَوْ إلَّا فُلَانَةَ بَعْدَ كُلِّ امْرَأَةٍ أَوْ نِسَائِي دِينَ، وَإِنَّمَا يَنْفَعُهُ قَصْدُهُ مَا ذَكَرَ بَاطِنًا إنْ كَانَ قَبْلَ فَرَاغِ الْيَمِينِ، فَإِنْ حَدَث بَعْدَهُ لَمْ يَنْفَعْهُ كَمَا مَرَّ فِي الِاسْتِثْنَاءِ، وَلَوْ زَعَمَ أَنَّهُ أَتَى بِهَا وَأَسْمَعَ نَفْسَهُ فَإِنْ صَدَقَتْهُ فَذَاكَ، وَإِلَّا حَلَفَتْ وَطَلُقَتْ كَمَا لَوْ قَالَ عَدْلَانِ حَاضِرَانِ لَمْ يَأْتِ بِهِ لِأَنَّهُ نَفْيٌ مَحْصُورٌ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا وَلَا قَوْلُهُمَا لَمْ نَسْمَعْهُ أَتَى بِهَا بَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ إنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، أَمَّا لَوْ كَذَبَ صَرِيحًا فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ لِلْبَيِّنَةِ، وَلَوْ حَلَفَ مُشِيرًا لِنَفِيسٍ مَا قِيمَةُ هَذَا دِرْهَمٌ وَقَالَ نَوَيْت بَلْ أَكْثَرَ صُدِّقَ ظَاهِرًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُهُ، وَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ بَلْ أَقَلَّ لِأَنَّ النِّيَّةَ أَقْوَى مِنْ الْقَرِينَةِ. (وَلَوْ قَالَ نِسَائِي طَوَالِقُ أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت بَعْضَهُنَّ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا) لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ مِنْ الْعُمُومِ بَلْ يَدِينُ لِاحْتِمَالِهِ (إلَّا لِقَرِينَةٍ بِأَنْ) أَيْ كَأَنْ (خَاصَمَتْهُ) زَوْجَتُهُ (وَقَالَتْ) لَهُ (تَزَوَّجْت) عَلَيَّ (فَقَالَ) فِي إنْكَارِهِ الْمُتَّصِلِ بِكَلَامِهَا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت غَيْرَ الْمُخَاصِمَةِ) لِظُهُورِ صِدْقِهِ حِينَئِذٍ، وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ مُطْلَقًا وَنَقَلَاهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ أَرَادَتْ الْخُرُوجَ لِمَكَانٍ مُعَيَّنٍ فَقَالَ إنْ خَرَجْت اللَّيْلَةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ لِغَيْرِهِ وَقَالَ لَمْ أَقْصِدْ إلَّا مَنْعَهَا مِنْ ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ فَيُقْبَلُ ظَاهِرًا لِلْقَرِينَةِ، وَلَوْ طُلِبَ مِنْهُ جَلَاءُ زَوْجَتِهِ عَلَى رِجَالٍ أَجَانِبَ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهَا لَا تُجْلَى عَلَيْهِ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ ثُمَّ جُلِيَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عَلَى النِّسَاءِ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت بِلَفْظِ غَيْرِي الرِّجَالَ الْأَجَانِبَ قَبْلَ قَوْلِهِ بِيَمِينِهِ وَلَمْ يَقَعْ بِذَلِكَ طَلَاقٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: مِنْ وَثَاقٍ) هَلْ مِثْلُهُ عَلَيَّ وَأَرَادَ مِنْ ذِرَاعِي مَثَلًا أَوْ يُفَرَّقُ فِيهِ نَظَرٌ. وَقَدْ أَجَابَ م ر عَلَى الْبَدِيهَةِ بِأَنَّهُ لَا يَدِينُ فِيهِ كَمَا فِي إرَادَتِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ بِجَامِعِ رَفْعِ الطَّلَاقِ بِالْكُلِّيَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ جِدًّا فَإِنَّهُ قَدْ يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ مِنْ وَثَاقٍ فِيهِ رَفْعُ الطَّلَاقِ بِالْكُلِّيَّةِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ نِسَائِي) وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَرْبَعَتِكُنَّ وَنِسَائِي أَنَّ أَرْبَعَتَكُنَّ لَيْسَ مِنْ الْعَامِّ لِأَنَّ مَدْلُولَهُ لِكُلِّ عَدَدٍ مَحْصُورٍ، وَشَرْطُ الْعَامِّ عَدَمُ الْحَصْرِ بِاعْتِبَارِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ فِي إفْرَادِهِ وَنِسَائِي وَإِنْ كَانَ مَحْصُورًا بِحَسَبِ الْوَاقِعِ لَكِنْ لَا دَلَالَةَ لَهُ بِحَسَبِ اللَّفْظِ عَلَى عَدَدٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ زَعَمَ) أَيْ قَالَ وَقَوْلُهُ إنَّهُ أَتَى بِهَا: أَيْ الْمَشِيئَةِ خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَالَ أَرَدْت بِقَوْلِي إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ أَوْ نَحْوَهُ فَأَنْكَرَتْ فَإِنَّهُ الْمُصَدَّقُ دُونَهَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ عَنْ سم (قَوْلُهُ: وَلَا قَوْلُهُمَا) أَيْ الْعَدْلَيْنِ. (قَوْلُهُ: إلَّا لِقَرِينَةٍ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا مِنْ زَوْجَتِي لَا أَفْعَلُ كَذَا وَكَانَ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ زَوْجَةٍ وَقَالَ أَرَدْت فُلَانَةَ فَيَدِينُ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ تَأْتِي لِلْعَهْدِ فَيُقْبَلُ ظَاهِرًا وَلَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ أَرَدْت) قَضِيَّةَ الْحُكْمِ بِالْوُقُوعِ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ كَأَنْ مَاتَ وَلَمْ تُعْرَفْ لَهُ إرَادَةٌ وَقَضِيَّةُ مَا سَيَأْتِي لَهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي أَوْ الْيَوْمَ فَإِنْ قَالَهُ نَهَارًا فَبِغُرُوبِ شَمْسِهِ إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ شَرْطُ الْحَمْلِ عَلَى الْمَجَازِ فِي التَّعَالِيقِ وَنَحْوِهَا قَصْدُ الْمُتَكَلِّمِ أَوْ قَرِينَةٌ خَارِجِيَّةٌ تُفِيدُ عَدَمَ الْوُقُوعِ لِأَنَّ الْقَرِينَةَ الْمَذْكُورَةَ تَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَيْرِ الْأَجَانِبُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ قُبِلَ قَوْلُهُ) أَيْ ظَاهِرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَتَزَوَّجَهُ وَلَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ بِالْفُرْقَةِ: أَيْ خِلَافًا لِمَنْ ذَهَبَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ إلَخْ.) عِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَالضَّابِطُ أَنَّهُ إنْ فُسِّرَ بِمَا يَرْفَعُ الطَّلَاقَ فَقَالَ: أَرَدْت طَلَاقًا لَا يَقَعُ أَوْ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ بِتَخْصِيصٍ بِعَدَدٍ كَطَلَّقْتُكِ ثَلَاثًا وَأَرَادَ إلَّا وَاحِدَةً أَوْ أَرْبَعَتَكُنَّ وَأَرَادَ إلَّا فُلَانَةَ لَمْ يُدَيَّنْ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ زَعَمَ أَنَّهُ أَتَى بِهَا) يَعْنِي بِالْمَشِيئَةِ: كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا وَنُقِلَ عَنْ الشِّهَابِ سم فِي بَابِ الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّهُ لَوْ زَعَمَ أَنَّهُ أَتَى بِمُخَصِّصٍ مَثَلًا فَأَنْكَرَتْهُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ قَالَ عَدْلَانِ)

[فصل في تعليق الطلاق بالأزمنة ونحوها]

- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلْقَرِينَةِ الْحَالِيَةِ وَهِيَ غَيْرَتُهُ عَلَى زَوْجَتِهِ مِنْ نَظَرِ الْأَجَانِبِ لَهَا، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ بَعْضُهُنَّ بِفَرْضِ الْمَسْأَلَةِ فِيمَنْ لَهُ غَيْرُ الْمُخَاصِمَةِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهَا اتَّجَهَ الْوُقُوعُ عَلَى مَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ إلَّا عَمْرَةَ وَلَا امْرَأَةَ لَهُ سِوَاهَا فَإِنَّهَا تَطْلُقُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَأَقَرَّاهُ، لَكِنَّ ظَاهِرَ إطْلَاقِهِمْ يُخَالِفُهُ لِوُجُودِ الْقَرِينَةِ هُنَا: أَيْ حَيْثُ نَوَاهَا، وَلَوْ قَالَ النِّسَاءُ طَوَالِقُ إلَّا عَمْرَةٍ وَلَا امْرَأَةَ لَهُ سِوَاهَا لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ لَمْ يُضِفْ النِّسَاءَ لِنَفْسِهِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِطَلَاقٍ أَوْ بِالثَّلَاثِ ثُمَّ أَنْكَرَ وَقَالَ لَمْ تَكُنْ إلَّا وَاحِدَةً. فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ عُذْرًا لَمْ يُقْبَلْ وَإِلَّا كَظَنَنْتُ وَكِيلِي طَلَّقَهَا فَبَانَ خِلَافُهُ، أَوْ ظَنَنْت مَا وَقَعَ طَلَاقًا أَوْ الْخُلْعَ ثَلَاثًا فَأَفْتَيْت بِخِلَافِهِ وَصَدَّقْته أَوْ أَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً قُبِلَ. فَصْلٌ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالْأَزْمِنَةِ وَنَحْوِهَا إذَا (قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي شَهْرِ كَذَا أَوْ فِي غُرَّتِهِ أَوْ) فِي (أَوَّلِهِ) أَوْ فِي رَأْسِهِ أَوْ دُخُولِهِ أَوْ مَجِيئِهِ أَوْ ابْتِدَائِهِ أَوْ اسْتِقْبَالِهِ أَوْ أَوَّلِ أَجْزَائِهِ (وَقَعَ بِأَوَّلِ جُزْءٍ) ثَبَتَ فِي مَحَلِّ التَّعْلِيقِ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِكَوْنِهِ (مِنْهُ) أَيْ مَعَهُ وَهُوَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْهُ لِتَحَقُّقِ الِاسْمِ بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ. وَمَحَلُّهُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ إذَا اخْتَلَفَتْ الْمَطَالِعُ وَيَجُوزُ عَدَمُ اعْتِبَارِ ذَلِكَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا مَرَّ أَوَّلَ الصَّوْمِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْبَلَدِ الْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ لَا مِنْهُ إذْ الْحُكْمُ ثَمَّ مَنُوطٌ بِذَاتِهِ دُونَ غَيْرِهَا فَنِيطَ الْحُكْمُ بِمَحَلِّهَا بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّهُ مَنُوطٌ بِحَلِّ الْعِصْمَةِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَقَيِّدٍ بِمَحَلٍّ فَرُوعِيَ مَحَلُّ التَّعْلِيقِ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لَكِنَّ ظَاهِرَ إطْلَاقِهِمْ) مُعْتَمَدٌ. [فَائِدَةٌ] فِي حَجّ مَا نَصُّهُ: أَمَّا الْقَرِينَةُ الْحَالِيَّةُ كَمَا إذَا دَخَلَ عَلَى صَدِيقِهِ وَهُوَ يَتَغَدَّى فَقَالَ إنْ لَمْ تَتَغَدَّ مَعِي فَامْرَأَتِي طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ إلَّا بِالْيَأْسِ وَإِنْ اقْتَضَتْ الْقَرِينَةُ أَنَّهُ يَتَغَدَّى مَعَهُ الْآنَ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَخَالَفَهُ الْبَغَوِيّ فَقَيَّدَهُ بِمَا تَقْتَضِيهِ الْعَادَةُ قِيلَ وَهُوَ أَفْقَهُ اهـ. وَيَأْتِي قُبَيْلَ فَصْلِ التَّعْلِيقِ بِالْحَمْلِ عَنْ الرَّوْضَةِ مَا يُؤَيِّدُهُ، وَعَنْ الْأَصْحَابِ مَا يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ وَأَنَّهُ مُسْتَشْكِلٌ، وَمِمَّا يُرَجِّحُ الثَّانِيَ النَّصُّ فِي مَسْأَلَةِ التَّغَدِّي عَلَى أَنَّ الْحَلِفَ يَتَقَيَّدُ بِالتَّغَدِّي مَعَهُ الْآنَ اهـ. وَقَوْلُ حَجّ مَا يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ هُوَ قَوْلُهُ لَمْ يَقَعْ إلَّا بِالْيَأْسِ. (فَصْلٌ) فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالْأَزْمِنَةِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهَا) أَيْ غَيْرِهَا وَالْمُشَابَهَةُ بَيْنَ الْأَزْمِنَةِ وَمَا ذَكَرَ مَعَهَا فِي مُجَرَّدِ أَنَّ كُلًّا مُسْتَقِلٌّ وَإِلَّا فَلَا مُشَابَهَةَ بَيْنَ الزَّمَانِ وَالطَّلَاقِ فِيمَا لَوْ قَالَ إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْت طَالِقٌ، هَذَا وَلَا تَشْمَلُ عِبَارَتُهُ مَا لَوْ قَالَ وَتَحْتَهُ أَرْبَعٌ إنْ طَلُقَتْ وَاحِدَةٌ إلَخْ، فَإِنَّ الْمُعَلَّقَ فِيهِ الْعِتْقُ لَا الطَّلَاقُ وَلَوْ قَالَ وَمَا يَتْبَعُهُ لَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتِقْبَالِهِ) أَيْ مُسْتَقْبَلِهِ أَيْ مَا يُسْتَقْبَلُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: ثَبَتَ فِي مَحَلِّ التَّعْلِيقِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِهِ لِمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) أَيْ قَوْلِهِ ثَبَتَ فِي مَحَلِّ إلَخْ، وَقَوْلُهُ كَمَا أَفَادَهُ إلَخْ مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ وَيَجُوزُ: أَيْ يُحْتَمَلُ (قَوْلُهُ: عَدَمُ اعْتِبَارِ ذَلِكَ) أَيْ اخْتِلَافُ الْمَطَالِعِ فَلَا يَقَعُ بِثُبُوتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQاُنْظُرْ التَّشْبِيهَ رَاجِعٌ لِمَاذَا، وَهَلْ الصُّورَةُ أَنَّ الْعَدْلَيْنِ شَهِدَا عِنْدَ الْقَاضِي أَوْ أَخْبَرَا فَقَطْ؟ (قَوْلُهُ اتَّجَهَ الْوُقُوعُ) أَيْ فَلَا يُقْبَلُ وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ قَرِينَةٌ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ ظَاهِرَ إطْلَاقِهِمْ يُخَالِفُهُ) يَعْنِي الْمَقِيسَ الَّذِي بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ. [فَصْلٌ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالْأَزْمِنَةِ وَنَحْوِهَا] (قَوْلُهُ: أَيْ مَعَهُ) لَعَلَّهُ تَفْسِيرٌ لِلْبَاءِ فِي بِأَوَّلَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْهُ) يَنْبَغِي زِيَادَةُ لَفْظِ أَوَّلَ أَيْضًا لِأَنَّ أَوَّلَ الْمَذْكُورَ وَصْفٌ لِلَّيْلَةِ قُدِّمَ عَلَيْهَا وَأُضِيفَ إلَيْهَا، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَهُوَ أَوَّلُ جُزْءٍ مِنْ لَيْلَتِهِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: بِذَاتِهِ)

فِي ذَلِكَ الْحَلِّ وَذَلِكَ لِصِدْقِ مَا عَلَّقَ بِهِ حِينَئِذٍ حَتَّى فِي الْأُولَى، إذْ الْمَعْنَى فِيهَا إذَا جَاءَ شَهْرُ كَذَا وَمَجِيئُهُ يَتَحَقَّقُ بِمَجِيءِ أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ كَمَا لَوْ عَلَّقَ بِدُخُولِ دَارٍ يَقَعُ بِحُصُولِهِ فِي أَوَّلِهَا. فَإِنْ أَرَادَ مَا بَعْدَ ذَلِكَ دِينَ. (أَوْ) قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ (فِي نَهَارِهِ) أَيْ شَهْرِ كَذَا (أَوْ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْهُ) (ف) يَقَعُ الطَّلَاقُ (بِفَجْرِ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهُ) لِأَنَّ الْفَجْرَ لُغَةً أَوَّلُ النَّهَارِ وَأَوَّلُ الْيَوْمِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ قُدُومِ عَمْرِو فَقَدِمَ قُبَيْلَ غُرُوبِ شَمْسِهِ بَانَ طَلَاقُهَا مِنْ الْفَجْرِ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْأَصْحَابِ، وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ مَتَى قَدِمَ فَأَنْت طَالِقٌ يَوْمَ خَمِيسٍ قَبْلَ يَوْمِ قُدُومِهِ فَقَدِمَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ بَانَ الْوُقُوعُ مِنْ فَجْرِ الْخَمِيسِ الَّذِي قَبْلَهُ وَتَرَتَّبَتْ أَحْكَامُ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ أَوْ الْبَائِنِ مِنْ حِينَئِذٍ، وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِي بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ، فَعَاشَ فَوْقَ ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ فَيَتَبَيَّنُ وُقُوعُهُ مِنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا إنْ كَانَ بَائِنًا أَوْ لَمْ يُعَاشِرْهَا وَلَا إرْثَ لَهَا، وَأَصْلُ هَذَا قَوْلُهُمْ فِي أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ قُدُومِ زَيْدٍ بِشَهْرٍ يُشْتَرَطُ لِلْوُقُوعِ قُدُومُهُ بَعْدَ مُضِيِّ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ مِنْ أَثْنَاءِ التَّعْلِيقِ فَحِينَئِذٍ تَبَيَّنَ وُقُوعُهُ قَبْلَ شَهْرٍ مِنْ قُدُومِهِ فَتَعْتَدُّ مِنْ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ عَلَّقَ بِزَمَنٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقُدُومِ شَهْرٌ فَاعْتُبِرَ مَعَ الْأَكْثَرِيَّةِ الصَّادِقَةِ بِآخِرِ التَّعْلِيقِ فَأَكْثَرَ لِيَقَعَ فِيهَا الطَّلَاقُ، وَقَوْلُهُمَا بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرٍ مِنْ وَقْتِ التَّعْلِيقِ مُرَادُهُمَا بِوَقْتِ التَّعْلِيقِ آخِرُهُ فَيَتَبَيَّنُ الْوُقُوعُ مَعَ الْآخِرِ لِتَقَارُنِ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ فِي الْوُجُودِ، وَلَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّعْلِيقِ وَيَقَعُ بِثُبُوتِهِ فِيهِ وَإِنْ اتَّحَدَتْ الْمَطَالِعُ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ لِصِدْقِ إلَخْ) أَيْ قَوْلُهُ وَقَعَ بِأَوَّلِ جُزْءٍ وَقَوْلُهُ حَتَّى فِي الْأُولَى هِيَ قَوْلُهُ فِي شَهْرِ كَذَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَرَادَ مَا بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ مَا بَعْدَ الْجُزْءِ الْأَوَّلِ فِيمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي شَهْرِ كَذَا، أَمَّا لَوْ قَالَ ذَلِكَ فِي غَيْرِهِ فَلَا لِعَدَمِ احْتِمَالِ لَفْظِهِ لِغَيْرِ الْأَوَّلِ، وَعِبَارَةُ سم: هُوَ صَادِقٌ بِمَا لَوْ أَرَادَ الْيَوْمَ الْأَخِيرَ أَوْ آخِرَ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ، وَقَدْ قَالَ فِي أَوَّلِهِ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ فِي مِثْلِ هَذَا إذْ لَا وَجْهَ لِلتَّدْيِينِ اهـ سم عَلَى حَجّ أَقُولُ: خَرَجَ بِقَوْلِهِ فِي مِثْلِ هَذَا مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت بِالْأَوَّلِ النِّصْفَ الْأَوَّلَ مِنْ الشَّهْرِ بِمَعْنَى الْوُقُوعِ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ الْخَامِسَ عَشْرَ مَثَلًا فَيَنْبَغِي تَدْيِينُهُ لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لِمَا قَالَهُ. (قَوْلُهُ: فَقَدِمَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ) أَيْ أَوْ يَوْمَ الْخَمِيسِ الَّذِي قَبْلَ يَوْمِ الْخَمِيسِ الَّذِي قَدِمَ فِيهِ (قَوْلُهُ الَّذِي قَبْلَهُ) أَيْ حَيْثُ مَضَى لَهَا لَيْسَ قَبْلَ قُدُومِهِ وَبَعْدَ التَّعْلِيقِ وَإِلَّا وُقُوعٌ (قَوْلُهُ: فَعَاشَ فَوْقَ ذَلِكَ) أَيْ وَلَوْ زَمَنًا طَوِيلًا (قَوْلُهُ: مِنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ) أَيْ وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا بَعْدَ التَّعْلِيقِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ طَرَأَ عَلَيْهِ مَرَضٌ يَقْطَعُ بِمَوْتِهِ عَادَةً فِيهِ عَلَى وَجْهٍ يَتَبَيَّنُ بِهِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْوَطْءِ فَإِنْ تَبَيَّنَ بَعْدَ الْوَطْءِ أَنَّهُ وَقَعَ بَعْدَ الطَّلَاقِ كَانَ شُبْهَةً (قَوْلُهُ: وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا) أَيْ حَيْثُ انْقَضَتْ عِدَّةُ الطَّلَاقِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَإِلَّا فَتَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَتُكْمِلُ عِدَّةَ الطَّلَاقِ إنْ كَانَ بَائِنًا، وَفِي سم عَلَى حَجّ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ عِدَّةَ الْبَائِنِ قَدْ تَنْقَضِي قَبْلَ مُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ، وَكَذَا عِدَّةُ الرَّجْعِيَّةِ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ لَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ عِدَّتِهَا لَكِنَّ عِدَّتَهَا تَنْقَضِي هُنَا قَبْلَ الْمَوْتِ فَلَا يُتَصَوَّرُ انْتِقَالٌ اهـ (قَوْلُهُ: وَأَصْلُ هَذَا) أَيْ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِي إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ أَثْنَاءِ التَّعْلِيقِ) هُوَ صَادِقٌ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الشَّهْرِ بَقِيَّةُ التَّعْلِيقِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يُقَارِنُ التَّعْلِيقَ فَتَتَحَقَّقُ الصِّفَةُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: مُؤَبَّدًا) وَإِنْ كَانَتْ إلَى تَقْتَضِي أَنَّ الطَّلَاقَ مُغَيٌّ بِآخِرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَعْنِي: الصَّائِمَ (قَوْلُهُ: لِصِدْقِ مَا عُلِّقَ بِهِ حِينَئِذٍ) تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ وَهُوَ مُكَرَّرٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَرَادَ مَا بَعْدَ ذَلِكَ) لَعَلَّهُ فِي خُصُوصِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: فَقَدِمَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ) أَيْ: وَكَانَ التَّعْلِيقُ قَبْلَ الْخَمِيسِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا) أَيْ حَيْثُ انْقَضَتْ عِدَّةُ الطَّلَاقِ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَإِلَّا فَتَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَتُكْمِلُ عِدَّةَ الطَّلَاقِ إنْ كَانَ بَائِنًا كَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: فَاعْتُبِرَ) أَيْ الشَّهْرُ

قَالَ إلَى شَهْرٍ وَقَعَ بَعْدَ شَهْرٍ مِنْ يَوْمئِذٍ إلَّا أَنْ يُرِيدَ تَنْجِيزَهُ وَتَوْقِيتَهُ فَيَقَعَ حَالًا، وَمِثْلُهُ إلَى آخَرِ يَوْمٍ مِنْ عُمْرِي طَلُقَتْ بِطُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ مَوْتِهِ إنْ مَاتَ نَهَارًا وَإِلَّا فَبِفَجْرِ الْيَوْمِ السَّابِقِ عَلَى لَيْلَةِ مَوْتِهِ، وَتَقْدِيرُ ذَلِكَ فِي الْيَوْمِ الْأَخِيرِ مِنْ أَيَّامِ عُمْرِي إذْ هُوَ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ إلَى الْمَوْصُوفِ، قَالَ بَعْضُهُمْ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْجَلَالِ الْبُلْقِينِيِّ: وَمَحَلُّ هَذَا إنْ مَاتَ فِي غَيْرِ يَوْمِ التَّعْلِيقِ أَوْ فِي لَيْلَةٍ غَيْرِ اللَّيْلَةِ التَّالِيَةِ لِيَوْمِ التَّعْلِيقِ وَإِلَّا وَقَعَ حَالًا اهـ. وَمُرَادُهُ أَنَّهُ يَتَبَيَّنُ وُقُوعُهُ مِنْ حِينِ تَلَفُّظِهِ، وَلَوْ قَالَ آخِرَ يَوْمٍ لِمَوْتِي أَوْ مِنْ مَوْتِي لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ لِاسْتِحَالَةِ الْإِيقَاعِ وَالْوُقُوعِ بَعْدِ الْمَوْتِ، أَوْ آخِرَ جُزْءٍ مِنْ عُمْرِي أَوْ مِنْ أَجْزَاءِ عُمْرِي وَقَعَ قُبَيْلَ مَوْتِهِ، أَيْ آخِرَ جُزْءٍ يَلِيهِ مَوْتُهُ لِتَصْرِيحِهِمْ فِي أَنْتِ طَالِقٌ آخِرَ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيْضَتِك بِأَنَّهُ سُنِّيٌّ لِاسْتِعْقَابِهِ الشُّرُوعَ فِي الْعِدَّةِ. وَأَجَابَ الرُّويَانِيُّ عَمَّا يُقَالُ كَيْفَ يَقَعُ مَعَ أَنَّ الْوُقُوعَ عَقِبَ آخِرِ جُزْءٍ هُوَ وَقْتُ الْمَوْتِ بِأَنَّ حَالَةَ الْوُقُوعِ هِيَ الْجُزْءُ الْأَخِيرِ لَا عَقِبَهُ لِسَبَقِ لَفْظِ التَّعْلِيقِ هُنَا فَلَا ضَرُورَةَ إلَى التَّعْقِيبِ، بِخِلَافِهِ فِي أَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَقَعُ عَقِبَ اللَّفْظِ لَا مَعَهُ لِاسْتِحَالَتِهِ، وَفِي قَوْلِ الرُّويَانِيُّ بِخِلَافِهِ إلَى آخِرِهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، وَلَوْ قَالَ قَبْلَ أَنْ أَضْرِبَك أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا لَا يُقْطَعُ بِوُجُودِهِ فَضَرَبَهَا بَانَ وُقُوعُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالشَّهْرِ وَأَنَّهَا تَعُودُ بَعْدَهُ إلَى الزَّوْجِيَّةِ. (قَوْلُهُ: فَيَقَعُ حَالًا) أَيْ وَهُوَ مُؤَبَّدٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ) أَيْ قَوْلِهِ إلَى شَهْرٍ، وَفِي حَجّ مَا نَصُّهُ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ آخِرِ شَهْرٍ إلَخْ: وَمِثْلُهُ إلَى آخَرِ يَوْمٍ مِنْ عُمْرِي، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ آخِرَ يَوْمٍ مِنْ عُمْرِي طَلُقَتْ بِطُلُوعِ فَجْرِ يَوْمٍ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، وَهُوَ قَدْ يُفِيدُ عَدَمَ مُغَايَرَةِ حُكْمِ إلَى آخِرِ يَوْمٍ مِنْ عُمْرِي وَحُكْمِ أَنْتِ طَالِقٌ آخِرَ يَوْمٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَتَقْدِيرُ ذَلِكَ) أَيْ تَأْوِيلُهُ بِأَنَّ الْمَعْنَى فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَقَعَ حَالًا) يَشْمَلُ مَا إذَا مَاتَ فِي لَيْلَةِ التَّعْلِيقِ وَفِي الْوُقُوعِ حَالًا نَظَرٌ، إذْ لَمْ يُوجَدْ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّعْلِيقِ وَالطَّلَاقُ لَا يَسْبِقُ اللَّفْظَ، وَقَدْ يُقَالُ هُوَ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ فَيَأْتِي فِيهِ تَفْصِيلُهُ الْآتِي لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فِي الْيَوْمِ الْمَاضِي وَقَدْ يُقَالُ بِخِلَافِهِ لِأَنَّ هَذَا جَاهِلٌ بِمَوْتِهِ فَلَيْسَ قَصْدُهُ إلَّا التَّعْلِيقَ بِمَجِيءِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ عُمُرِهِ وَقَدْ بَانَ بِمَوْتِهِ اسْتِحَالَتُهُ فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَسْبِقُ اللَّفْظَ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: يُتَأَمَّلُ فِيمَا ذَكَرَهُ الْمُحَشِّي، فَإِنَّ مَا دَخَلَ تَحْتَ قَوْلِهِ وَإِلَّا صُورَتَانِ أَنْ يَقُولَهُ نَهَارًا وَيَمُوتَ فِي بَقِيَّةِ الْيَوْمِ أَوْ يَقُولَهُ نَهَارًا وَيَمُوتَ فِي اللَّيْلَةِ التَّالِيَةِ لَهُ، وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا إذَا قُلْنَا يَتَبَيَّنُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ مِنْ وَقْتِ التَّعْلِيقِ. لَا يُقَالُ: إنَّ الطَّلَاقَ سَبَقَ اللَّفْظَ بَلْ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِصِيغَتِهِ لَكِنْ تَأَخَّرَ تَبَيُّنُهُ عَنْ وَقْتِهِ. أَمَّا لَوْ قَالَهُ لَيْلًا وَمَاتَ فِي بَقِيَّةِ اللَّيْلِ فَلَا وُقُوعَ لِعَدَمِ وُجُودِ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ الْيَوْمُ وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ قَالَ لَيْلًا إذَا مَضَى الْيَوْمُ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ لَا وُقُوعَ وَيُحْتَمَلُ تَبَيُّنُ وُقُوعِهِ بِاللَّفْظِ كَمَا لَوْ قَالَ لَيْلًا أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ لِمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: يَلِي ذَلِكَ) بَلْ قَدْ يُقَالُ فِي آخِرِ الْيَوْمِ الَّذِي عَلَّقَ فِيهِ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ آخِرُ يَوْمٍ مِنْ مُطْلَقِ الْأَيَّامِ (قَوْلُهُ: بِعَدَمِ الْوُقُوعِ أَصْلًا) قَالَ حَجّ: لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ عُمُرِي أَوْ مِنْ مَوْتِي، وَمَا تَرَدَّدَ بَيْنَ مَوْقِعٍ وَعَدَمِهِ وَلَا مُرَجِّحَ لِأَحَدِهِمَا مِنْ تَبَادُرٍ وَنَحْوِهِ يَتَعَيَّنُ عَدَمُ الْوُقُوعِ بِهِ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ ثَابِتَةٌ بِيَقِينٍ فَلَا تُرْفَعُ بِمُحْتَمَلٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ) هُوَ حَجّ (قَوْلُهُ: مِمَّا لَا يُقْطَعُ بِوُجُودِهِ) أَيْ بِخِلَافِ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ بِوُجُودِهِ، فَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِي فَقَضِيَّةُ مَا ذَكَرَهُ هُنَا أَنَّهَا تَطْلُقُ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاتِهِ، وَفِي مَتْنِ الرَّوْضِ الْوُقُوعُ حَالًا وَمِثْلُهُ فِي سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَضَرَبَهَا) أَيْ بَعْدَ التَّعْلِيقِ وَلَوْ بِزَمَنٍ طَوِيلٍ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ فَضَرَبَهَا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَضْرِبْهَا عُدِمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَيَقَعُ حَالًا) أَيْ مُؤَبَّدًا أَيْضًا (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ الْوُقُوعَ عَقِبَ آخِرِ جُزْءٍ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ لَفْظِ عَقِبَ كَمَا فِي التُّحْفَةِ عَقِبَ الْيَمِينِ فِيهِ تَغْلِيبٌ

عَقِبَ اللَّفْظِ عَلَى مَا قَالَهُ جَمْعٌ وَرَدَّهُ الشَّيْخُ بِأَنَّ الْمُوَافِقَ لِقَوْلِهِمْ فِي أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ شَهْرٍ بَعْدَهُ رَمَضَانُ وَقَعَ آخِرَ جُزْءٍ مِنْ رَجَبٍ وُقُوعَهُ قُبَيْلَ الضَّرْبِ بِاللَّفْظِ السَّابِقِ وَقَوْلُ الشَّيْخَيْنِ فَحِينَئِذٍ يَقَعُ مُسْتَنِدًا إلَى آخِرِ اللَّفْظِ أَقْرَبُ إلَى الْأَوَّلِ بَلْ ظَاهِرٌ فِيهِ لِقَوْلِهِمَا مُسْتَنِدًا إلَى حَالِ اللَّفْظِ وَلَمْ يَقُولَا إلَى اللَّفْظِ وَعَلَيْهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا قَاسَ عَلَيْهِ بِأَنَّ التَّعْلِيقَ ثَمَّ بِأَزْمِنَةٍ مُتَعَاقِبَةٍ كُلٌّ مِنْهَا مَحْدُودُ الطَّرَفَيْنِ فَيُقَيَّدُ الْوُقُوعُ بِمَا صَدَّقَهُ وَهُنَا بِفِعْلٍ وَلَا زَمَنَ لَهُ مَحْدُودٌ يُمْكِنُ التَّقْيِيدَ بِهِ فَتَعَيَّنَ الْوُقُوعُ مِنْ حِينِ اللَّفْظِ. (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (آخِرَهُ) أَيْ شَهْرِ كَذَا أَوْ انْسِلَاخِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (ف) يَقَعُ (بِآخِرِ جُزْءٍ مِنْ الشَّهْرِ) لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ آخِرُهُ الْحَقِيقِيُّ (وَقِيلَ) يَقَعُ (بِأَوَّلِ النِّصْفِ الْآخِرِ) وَهُوَ أَوَّلُ جُزْءٍ مِنْهُ لَيْلَةَ سَادِسَ عَشْرَةَ إذْ كُلُّهُ آخِرُ الشَّهْرِ، وَرُدَّ بِمَنْعِ ذَلِكَ، وَلَوْ عَلَّقَ بِآخِرِ أَوَّلِ آخِرِهِ طَلُقَتْ أَيْضًا بِآخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ لِأَنَّ آخِرَهُ الْيَوْمُ الْأَخِيرُ وَأَوَّلَهُ طُلُوعُ الْفَجْرِ فَآخِرُ أَوَّلِهِ الْغُرُوبُ وَهُوَ الْجُزْءُ الْأَخِيرُ، كَذَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ ذَكَرَ الشَّيْخُ أَنَّ الْأَوْلَى أَنَّهَا تَطْلُقَ قَبْلَ زَوَالِ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ لِأَنَّهُ آخِرُ أَوَّلِهِ، وَوَقْتُ الْغُرُوبِ إنَّمَا هُوَ آخِرُ الْيَوْمِ لَا آخِرُ أَوَّلِهِ وَإِنْ عَلَّقَهُ بِأَوَّلِ آخِرِهِ طَلُقَتْ بِأَوَّلِ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ مِنْهُ أَوْ عَلَّقَ بِانْتِصَافِ الشَّهْرِ طَلُقَتْ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ الْخَامِسَ عَشْرَ، وَإِنْ نَقَصَ الشَّهْرُ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ عَلَّقَ بِنِصْفِ نِصْفِهِ الْأَوَّلِ طَلُقَتْ بِطُلُوعِ فَجْرِ الثَّامِنِ لِأَنَّ نِصْفَ نِصْفِهِ سَبْعُ لَيَالٍ وَنِصْفٌ وَسَبْعَةُ أَيَّامٍ وَنِصْفٌ وَاللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ فَيُقَابَلُ نِصْفُ اللَّيْلَةِ بِنِصْفِ يَوْمٍ وَتُجْعَلُ ثَمَانُ لَيَالٍ وَسَبْعَةُ أَيَّامٍ نِصْفًا وَسَبْعُ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ نِصْفًا أَوْ عَلَّقَ بِنِصْفِ يَوْمِ كَذَا طَلُقَتْ عِنْدَ زَوَالِهِ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ الْيَوْمُ يُحْسَبُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ شَرْعًا وَنِصْفُهُ الْأَوَّلُ أَطْوَلُ أَوْ عَلَّقَ بِمَا بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ طَلُقَتْ بِالْغُرُوبِ إنْ عَلَّقَ نَهَارًا وَإِلَّا فَبِالْفَجْرِ، إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا عِبَارَةٌ عَنْ مَجْمُوعِ جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ وَجُزْءٍ مِنْ النَّهَارِ، إذْ لَا فَاصِلَ بَيْنَ الزَّمَانَيْنِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ. (وَلَوْ) (قَالَ لَيْلًا إذَا مَضَى يَوْمٌ) فَأَنْت طَالِقٌ (ف) تَطْلُقُ (بِغُرُوبِ شَمْسِ غَدِّهِ) إذْ بِهِ يَتَحَقَّقُ مُضِيُّ يَوْمٍ (أَوْ) قَالَهُ (نَهَارًا) بَعْدَ أَوَّلِهِ (فَفِي مِثْلِ وَقْتِهِ مِنْ غَدِهِ) لِأَنَّ الْيَوْمَ حَقِيقَةٌ فِي جَمِيعِهِ مُتَوَاصِلًا أَوْ مُتَفَرِّقًا، وَلَا يُعَارِضُهُ مَا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ تَفْرِيقُ سَاعَاتِهِ لِأَنَّ النَّذْرَ مُوَسَّعٌ يَجُوزُ إيقَاعُهُ أَيَّ وَقْتٍ شَاءَ، وَالتَّعْلِيقُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْوُقُوعُ لِأَنَّ الْمَعْنَى إنْ ضَرَبْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ الضَّرْبِ وَلَمْ يُوجَدْ الضَّرْبُ فَلَا وُقُوعَ (قَوْلُهُ: عَقِبَ اللَّفْظِ) أَيْ وَيَأْتِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْوَطْءَ الْوَاقِعَ بَعْدَ ذَلِكَ وَطْءُ شُبْهَةٍ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا قَالَهُ جَمْعٌ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ وَلَا زَمَنَ لَهُ) عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا مِمَّا لَا يُقْطَعُ بِوُجُودِهِ ظَاهِرٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ مَا ذَكَرَهُ وَبَيْنَ مَا قَاسَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الشَّهْرَ الَّذِي بَعْدَهُ رَمَضَانُ مِمَّا يُقْطَعُ بِوُجُودِهِ. [فَائِدَةٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَنْ شَخْصٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يَشْتَرِي وَرْدًا فَهَلْ يَحْنَثُ بِشِرَاءِ زِرِّ الْوَرْدِ وَمَعْجُونِ الْوَرْدِ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ الْحِنْثِ بِشِرَائِهِمَا لِأَنَّ الْأَيْمَانَ مَبْنَاهَا عَلَى الْعُرْفِ، وَالْعُرْفُ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِمَا إلَّا مُقَيَّدًا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ آخِرَهُ الْيَوْمُ الْأَخِيرُ) الْأَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ فِي التَّعْلِيلِ إنَّ الْآخِرَ هُوَ الْجُزْءُ الْأَخِيرُ، وَالضَّمِيرُ فِي أَوَّلِهِ رَاجِعٌ لِلْآخِرِ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوَّلَ آخِرِ الْجُزْءِ الْأَخِيرِ وَلَمَّا لَمْ يَتَحَقَّقْ تَغَايُرٌ فِي الْخَارِجِ بَيْنَ آخِرِ الْجُزْءِ الْأَخِيرِ وَأَوَّلِهِ أُوقِعَ بِالْجُزْءِ الْأَخِيرِ لِتَحَقُّقِهِ لِأَنَّهُ إنْ اُعْتُبِرَ لَهُ أَوَّلٌ فَذَلِكَ الْجُزْءُ هُوَ آخِرُ الْأَوَّلِ وَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ لَهُ أَوَّلٌ فَهُوَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ لِعَدَمِ تَعَدُّدِ أَجْزَائِهِ وَفِي شَرْحِ الزُّبَدِ لِلْمَنُوفِيِّ: فَرْعٌ: قَالَ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْعَبَّادِيِّ: لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ تَطْلُقُ وَاحِدَةً، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ آخِرَ النَّهَارِ وَأَوَّلُهُ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ طَلْقَتَيْنِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهَا فِي الْأُولَى إذَا طَلُقَتْ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ أَمْكَنَ سَحْبُ حُكْمِهَا عَلَى آخِرِهِ فَاقْتَصَرَ عَلَى وَاحِدَةٍ لِتَحَقُّقِهَا، بِخِلَافِهِ فِي الثَّانِيَةِ فَإِنَّهَا إذَا طَلُقَتْ فِي آخِرِهِ لَا يُمْكِنُ سَحْبُ حُكْمِهَا عَلَى أَوَّلِهِ فَأَوْقَعْنَا بِهِ طَلْقَةً أُخْرَى اهـ. كَذَا حَكَاهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْخَادِمِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ اهـ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ذَكَرَ الشَّيْخُ) أَيْ فِي غَيْرِ شَرْحِ مَنْهَجِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مَحْمُولٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى أَوَّلِ الْأَزْمِنَةِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ اتِّفَاقًا وَلِأَنَّ الْمَمْنُوعَ مِنْهُ ثَمَّ تَخَلُّلُ زَمَنٍ لَا اعْتِكَافَ فِيهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ دَخَلَ فِيهِ أَثْنَاءَ يَوْمٍ وَاسْتَمَرَّ إلَى نَظِيرِهِ مِنْ الثَّانِي أَجْزَأَهُ كَمَا لَوْ قَالَ أَثْنَاءَهُ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكَفَ يَوْمًا مِنْ هَذَا الْوَقْتِ وَهَذَا نَظِيرُ مَا هُنَا بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا حَصَلَ الشُّرُوعُ فِيهِ عَقِبَ الْيَمِينِ أَمَّا لَوْ قَالَهُ أَوَّلَهُ بِأَنْ فُرِضَ انْطِبَاقُ التَّعْلِيقِ عَلَى أَوَّلِهِ فَتَطْلُقُ بِغُرُوبِ شَمْسِهِ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّ يَوْمٍ طَلْقَةً طَلُقَتْ فِي الْحَالِ طَلْقَةً وَأُخْرَى أَوَّلَ الثَّانِي وَأُخْرَى أَوَّلَ الثَّالِثِ وَلَمْ يُنْتَظَرْ فِيهِمَا مُضِيُّ مَا يَكْمُلُ بِهِ سَاعَاتُ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ هُنَا لَمْ يُعَلِّقْ بِمُضِيِّ الْيَوْمِ حَتَّى يُعْتَبَرَ كَمَالُهُ بَلْ بِالْيَوْمِ الصَّادِقِ بِأَوَّلِهِ وَلِظُهُورِ هَذَا تَعْجَبُ مِنْ اسْتِشْكَالِ ابْنِ الرِّفْعَةِ لَهُ. (أَوْ) قَالَ إذْ مَضَى (الْيَوْمُ) فَأَنْت طَالِقٌ (فَإِنْ قَالَهُ نَهَارًا) أَيْ أَثْنَاءَهُ وَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ لَحْظَةٌ (فَبِغُرُوبِ شَمْسِهِ) لِأَنَّ أَلْ الْعَهْدِيَّةَ تَصْرِفُهُ إلَى الْحَاضِرِ مِنْهُ (وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَقُلْهُ نَهَارًا بَلْ لَيْلًا (لَغَا) فَلَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ إذْ لَا نَهَارَ حَتَّى يُحْمَلَ عَلَى الْمَعْهُودِ وَالْحَمْلُ عَلَى الْجِنْسِ مُتَعَذِّرٌ لِاقْتِضَائِهِ التَّعْلِيقَ بِفَرَاغِ أَيَّامِ الدُّنْيَا. لَا يُقَالُ لِمَا لَا يُحْمَلُ عَلَى الْمَجَازِ لِتَعَذُّرِ الْحَقِيقَةِ لِأَنَّا نَقُولُ شَرْطُ الْحَمْلِ عَلَى الْمَجَازِ فِي التَّعَالِيقِ وَنَحْوِهَا قَصْدُ الْمُتَكَلِّمِ لَهُ أَوْ قَرِينَةٌ خَارِجِيَّةٌ تُفِيدُهُ وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَخَرَجَ بِمُضِيِّ الْيَوْمِ قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ أَوْ الشَّهْرَ أَوْ هَذَا الْيَوْمِ أَوْ الشَّهْرِ أَوْ السَّنَةِ أَوْ شَعْبَانَ أَوْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ شَهْرٍ فَإِنَّهَا تُطْلَقُ حَالًا وَلَوْ لَيْلًا سَوَاءٌ أَنَصَبَ أَمْ لَا لِأَنَّهُ أَوْقَعَهُ وَسَمَّى الزَّمَنَ بِغَيْرِ اسْمِهِ فَلَغَتْ التَّسْمِيَةُ. (وَبِهِ) أَيْ بِمَا ذَكَرَ (يُقَاسُ شَهْرٌ وَسَنَةٌ) وَالشَّهْرُ وَالسَّنَةُ فِي التَّعْرِيفِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْت طَالِقٌ فِي أَفْضَلِ سَاعَاتِ النَّهَارِ مَثَلًا هَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ حَالًا أَوْ بِمُضِيِّ النَّهَارِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ الثَّانِي لِأَنَّ بِفَرَاغِهِ يَتَحَقَّقُ مُضِيُّ الْأَفْضَلِ، وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ لَيْلَةَ الْقَدْرِ وَقَدْ قَالُوا فِيهِ إنَّهُ إنَّمَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِأَوَّلِ اللَّيْلَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ رَمَضَانَ لِأَنَّ بِهَا يَتَحَقَّقُ إدْرَاكُهُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، وَلَوْ حَصَلَ مِنْهُ التَّعْلِيقُ فِي أَثْنَاءِ الْعَشْرِ الْأَخِيرِ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ إلَّا بِمُضِيِّ مِثْلِهِ مِنْ السَّنَةِ الْقَابِلَةِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ دَخَلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِأَنْ فُرِضَ انْطِبَاقُ التَّعْلِيقِ) أَيْ بِأَنْ وُجِدَ أَوَّلُهُ عَقِبَ آخِرِ التَّعْلِيقِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَارَنَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ فَلَا تَطْلُقُ إلَّا بِمُضِيِّ جُزْءٍ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: طَلُقَتْ فِي الْحَالِ إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَ قَالَهُ نَهَارًا وَإِلَّا فَلَا تَطْلُقُ إلَّا بِمَجِيءِ الْغَدِ. (قَوْلُهُ: لَا يُقَالُ لِمَ لَا يُحْمَلُ عَلَى الْمَجَازِ) أَيْ بِأَنْ يُرَادَ بِالْيَوْمِ اللَّيْلَةُ أَوْ مُطْلَقُ الْوَقْتِ فَتَطْلُقُ بِمُضِيِّ اللَّيْلَةِ أَوْ مُضِيِّ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ الْوَقْتُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ التَّعْلِيقُ (قَوْلُهُ: تُفِيدُهُ) أَيْ فَيُحْمَلُ اللَّفْظُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْقَرِينَةُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ رَمَضَانَ) وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ فِي شَهْرِ شَعْبَانَ أَوْ رَمَضَانَ فَلَا تَطْلُقُ إلَّا بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ شَعْبَانَ أَوْ رَمَضَانَ، وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ قَوْلَهُ فِي كَذَا يَقْتَضِي تَقْيِيدَهُ بِكَوْنِ الْوُقُوعِ فِيمَا بَعْدَ الْجَارِّ لِأَنَّ الظَّرْفَ صِفَةٌ أَوْ حَالٌ لِمَا قَبْلَهُ، بِخِلَافِ أَنْتِ طَالِقٌ الشَّهْرَ فَإِنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ مُنَجَّزًا فَوَقَعَ بِالْقَافِ مِنْ طَالِقٍ وَسُمِّيَ الزَّمَانُ بِغَيْرِ اسْمِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ شَهْرٍ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ شَهْرَ شَعْبَانَ لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِدُخُولِ شَهْرِ شَعْبَانَ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي شَهْرِ شَعْبَانَ، وَيُخَالِفُهُ مَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مِنْ قَوْلِهِ أَمَّا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ شَهْرَ رَمَضَانَ أَوْ شَعْبَانَ فَيَقَعُ حَالًا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ حَالًا) يَنْبَغِي أَنَّ هَذَا بِحَسَبِ الظَّاهِرِ، وَأَنَّهُ إنْ أَرَادَ التَّعْلِيقَ بِمَجِيءِ الشَّهْرِ الَّذِي سَمَّاهُ قُبِلَ بَاطِنًا قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِأَنْ فُرِضَ انْطِبَاقُ التَّعْلِيقِ) أَيْ انْطِبَاقُ آخِرِهِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ، بَلْ قَالَ الشِّهَابُ سم: إنَّ الْمُرَادَ أَنْ يُوجَدَ أَوَّلَ الْفَجْرِ عَقِبَ آخِرِ التَّعْلِيقِ، قَالَ بِخِلَافِ مَا إذَا قَارَنَهُ. اهـ. وَمَا قَالَهُ سم سَبَقَهُ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَنْتَظِرْ فِيهِمَا) أَيْ الْيَوْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ: أَيْ بَلْ أَوْقَعْنَا الطَّلَاقَ أَوْ لَهُمَا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ شَهْرٍ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُهُ

وَالتَّنْكِيرِ لَكِنْ لَا يَتَأَتَّى هُنَا إلْغَاءٌ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فَيَقَعُ إذَا قَالَ إذَا مَضَى شَهْرٌ فَأَنْت طَالِقٌ بِمُضِيٍّ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَمِنْ لَيْلَةِ الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ أَوْ يَوْمِهِ بِقَدْرِ مَا سَبَقَ مِنْ التَّعْلِيقِ مِنْ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ فَإِنْ اتَّفَقَ تَعْلِيقُهُ فِي أَوَّلِ الْهِلَالِ وَقَعَ بِمُضِيِّهِ تَامًّا أَوْ نَاقِصًا وَلَعَلَّ الْمُرَادَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إذَا تَمَّ التَّعْلِيقُ أَوْ اسْتَعْقَبَهُ أَوَّلُ النَّهَارِ، أَمَّا لَوْ ابْتَدَأَهُ أَوَّلَ النَّهَارِ فَقَدْ مَضَى جُزْءٌ قَبْلَ تَمَامِهِ فَلَا يَقَعُ بِغُرُوبِ شَمْسِهِ، وَإِذَا قَالَ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ إذَا مَضَتْ سَنَةٌ فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ بِمُضِيِّ أَحَدَ عَشْرَ شَهْرًا بِالْأَهِلَّةِ مَعَ إكْمَالِ الْأَوَّلِ مِنْ الثَّالِثَ عَشْرَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَهَذَا عِنْدَ إرَادَتِهِ الْعَرَبِيَّةِ أَوْ الْإِطْلَاقِ، فَإِنْ ادَّعَى إرَادَةَ الْفَارِسِيَّةِ أَوْ الرُّومِيَّةِ دِينَ. نَعَمْ إنْ كَانَ بِبِلَادِ الرُّومِ أَوْ الْفُرْسِ فَيَنْبَغِي قَبُولُ قَوْلِهِ، وَلَوْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ سَنَةً بَقِيَّتَهَا فَقَدْ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ بِقَوْلِهِ إذَا مَضَتْ السَّنَةُ سَنَةً كَامِلَةً دِينَ، أَوْ إذَا مَضَى الشَّهْرُ أَوْ قَالَ السَّنَةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ بِمُضِيِّ بَقِيَّةِ ذَلِكَ الشَّهْرِ أَوْ السَّنَةِ، أَوْ السَّنَةِ أَوْ قَالَ فِي الْيَوْمِ الْآخِرِ مِنْ شَهْرٍ إذَا مَضَى شَهْرٌ فَأَنْتِ طَالِقُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنْتِ طَالِقٌ فِي شَهْرِ كَذَا أَوْ أَوَّلِهِ وَأَرَادَ مَا بَعْدَ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتَعْقَبَهُ أَوَّلَ النَّهَارِ) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ اعْتِبَارِ اللَّيْلَةِ الْأُولَى وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ فَإِنَّهُ اتَّفَقَ تَعْلِيقُهُ فِي أَوَّلِ الْهِلَالِ وَقَعَ خِلَافُهُ فَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ أَوَّلَ الشَّهْرِ (قَوْلُهُ: بِغُرُوبِ شَمْسِهِ) أَيْ بَلْ يُكْمِلُ مِمَّا يَلِيهِ (قَوْلُهُ: بِبِلَادِ الرُّومِ أَوْ الْفُرْسِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رُومِيًّا وَلَا فَارِسِيًّا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ سَنَةٌ بَقِيَّتَهَا) وَبَقِيَ مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا مَضَتْ السُّنُونَ فَهَلْ تَطْلُقُ بِمُضِيِّ ثَلَاثٍ وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي مِنْ وَقْتِ التَّعْلِيقِ دُونَ سَنَةٍ، أَوْ لَا تَطْلُقُ إلَّا بِمُضِيِّ ثَلَاثِ سِنِينَ مِنْ وَقْتِ حَلِفِهِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الثَّانِي لِأَنَّهُ أَقَلُّ مُسَمَّى الْجَمْعِ وَلَيْسَ ثَمَّ مَعْهُودٌ شَرْعِيٌّ يُحْمَلُ عَلَيْهِ، وَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ لِعَدَمِ تَوَهُّمِ إرَادَتِهِ هُنَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: دِينَ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ هَذَا فِي إذَا مَضَى الْيَوْمُ أَوْ الشَّهْرُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ السَّنَةِ) بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ: فَرْعٌ: سُئِلَ شَيْخُنَا إذَا عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى تَمَامِ سَنَةِ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَأَلْفٍ مَثَلًا مِنْ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِمُضِيِّ ذِي الْحِجَّةِ خِتَامَ تِلْكَ السَّنَةِ أَوْ لَا يَقَعُ إلَّا بِمُضِيِّ الْمُحَرَّمِ وَصَفَرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ مِنْ رَبِيعٍ لِأَنَّهُ أَوَّلُ عَامِ الْهِجْرَةِ فِي الْحَقِيقَةِ؟ فِيهِ تَوَقُّفٌ، وَوَجْهُ التَّوَقُّفِ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ مُحَقَّقَةٌ لَا تُزَالُ إلَّا بِيَقِينٍ، وَلَا يَقِينَ إلَّا بِمُضِيِّ تِلْكَ الْمُدَّةِ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا الْهِجْرَةُ حَقِيقَةً وَهِيَ أَثْنَاءُ رَبِيعٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقَعَ عِنْدَ تَمَامِ الْحِجَّةِ مِنْ السَّنَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا لِأَنَّهُمْ إنَّمَا أَرَّخُوا السَّنَةَ فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ وَلَمْ يُؤَرِّخُوهَا بِرَبِيعٍ حَرَّرَهُ اهـ. كَذَا نُقِلَ بِهَامِشٍ عَنْ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْبَابِلِيِّ. أَقُولُ: وَالثَّانِي هُوَ الْمُتَعَيَّنُ الَّذِي يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدِهِ فِيهِ لِأَنَّ هَذَا صَارَ هُوَ الْمُتَيَقَّنُ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ وَلَا نَظَرَ لِغَيْرِهِ، وَإِطْبَاقُهُمْ فِي التَّارِيخِ عَلَى أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ وَتَصْرِيحُ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّهُ أَوَّلُ السَّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ عَلَى أَنَّهُمْ أَلْغَوْا الْكَسْرَ مِنْ السَّنَةِ الْأُولَى وَجَعَلُوا بَقِيَّتَهَا مِنْهُ، فَصَارَ أَوَّلُ كُلِّ سَنَةٍ بَعْدَ الْأَوَّلِ هُوَ الْمُحَرَّمُ فَأَشْبَهَ الْمَنْقُولَاتِ الشَّرْعِيَّةِ كَالصَّلَاةِ الْمَوْضُوعَةِ شَرْعًا لِلْهَيْئَةِ الْمَخْصُوصَةِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي لَا يَحْنَثُ إلَّا بِذَاتِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لِأَنَّهَا مُسَمَّى الصَّلَاةِ شَرْعًا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَفِي حَاشِيَةِ الزِّيَادِيِّ مَا يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: فَيَقَعُ إذَا قَالَ إذَا مَضَى شَهْرٌ إلَخْ.) هَذِهِ صُورَةُ التَّنْكِيرِ وَسَتَأْتِي صُورَةُ التَّعْرِيفِ بِمَا فِيهَا (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّهُ فِي إذَا مَضَى شَهْرٌ إلَخْ.) كَذَا فِي النُّسَخِ، وَصَوَابُهُ يَوْمٌ بَدَلَ شَهْرٍ، وَهُوَ الَّذِي مَرَّ فِي الْمَتْنِ آنِفًا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ هُنَا مَعَ مَسْأَلَةِ شَهْرٍ فَإِنَّهُ نَقَلَ تَصْوِيرَ مَسْأَلَةِ شَهْرِ الْمُنَكَّرِ بِنَحْوِ مَا فِي الشَّارِحِ هُنَا عَنْ الرَّافِعِيِّ إلَى قَوْلِهِ تَامًّا أَوْ نَاقِصًا، ثُمَّ قَالَ عَقِبَهُ: وَهُوَ يُفْهِمُ أَنَّهُ إذَا اتَّفَقَ قَوْلُهُ: فِي ابْتِدَاءِ شَهْرٍ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِهِ ثُمَّ قَالَ: وَمِثْلُهُ فِي صُورَةِ إذَا مَضَى يَوْمٌ أَنَّهُ إذَا انْطَبَقَ التَّعْلِيقُ عَلَى أَوَّلِ النَّهَارِ طَلُقَتْ بِغُرُوبِ شَمْسِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَلَعَلَّ مُرَادَهُ: أَيْ الرَّافِعِيِّ مَا إذَا تَمَّ التَّعْلِيقُ وَاسْتَعْقَبَهُ أَوَّلُ النَّهَارِ وَإِلَّا فَمَتَى ابْتَدَأَ التَّعْلِيقُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ، فَيَكُونُ قَدْ مَضَى جُزْءٌ مِنْ الْيَوْمِ قَبْلَ تَمَامِ التَّعْلِيقِ، فَيَنْكَسِرُ الْيَوْمُ فَلَا يَقَعُ بِغُرُوبِ شَمْسِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ إذَا مَضَى شَهْرٌ) هَذَا هُوَ صُورَةُ التَّعْرِيفِ فِي الْمَتْنِ فَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ

فَعَلَى مَا سَبَقَ فِي السَّلَمِ أَوْ عَلَّقَ بِمُضِيِّ شُهُورٍ فَبِمُضِيِّ ثَلَاثَةٍ أَوْ الشُّهُورِ فَبِمُضِيِّ مَا بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْقَاضِي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِلْجِيلِيِّ حَيْثُ اعْتَبَرَ مُضِيَّ اثْنَيْ عَشْرَ شَهْرًا، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي مِنْ السَّنَةِ ثَلَاثَةَ شُهُورٍ أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا حَمْلًا لِلتَّعْرِيفِ عَلَى إرَادَةِ الْبَاقِي مِنْهَا، وَنُقِلَ عَنْ الْجِيلِيِّ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ بِمُضِيِّ سَاعَاتٍ طَلُقَتْ بِمُضِيِّ ثَلَاثِ سَاعَاتٍ، أَوْ السَّاعَاتِ فَبِمُضِيِّ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ سَاعَةً لِأَنَّهَا جُمْلَةُ سَاعَاتِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، لَكِنَّ قِيَاسَ مَا مَرَّ الِاكْتِفَاءُ بِمُضِيِّ مَا بَقِيَ مِنْهَا، وَلَوْ قَالَ إذَا مَضَى لَيْلٌ فَأَنْت طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِمُضِيِّ ثَلَاثِ لَيَالٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذْ اللَّيْلُ وَاحِدٌ بِمَعْنَى جَمْعٍ وَوَاحِدُهُ لَيْلَةٌ مِثْلُ تَمْرَةٍ وَتَمْرٍ، وَقَدْ جُمِعَ عَلَى لَيَالٍ فَزَادُوا فِيهَا الْيَاءَ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُقِيمُ بِمَحَلِّ كَذَا شَهْرًا فَأَقَامَهُ مُتَفَرِّقًا حَنِثَ كَمَا يَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ فِي أَوَّلِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ طَلُقَتْ بِأَوَّلِ الْقِعْدَةِ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ أَوَّلُهَا، وَقِيلَ أَوَّلُهَا ابْتِدَاءُ الْمُحَرَّمِ ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ. (أَوْ) (قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ) أَوْ الشَّهْرَ الْمَاضِيَ أَوْ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ (وَقَصَدَ أَنْ يَقَعَ فِي الْحَالِ مُسْتَنِدًا إلَيْهِ) أَيْ أَمْسِ أَوْ نَحْوَهُ (وَقَعَ فِي الْحَالِ) لِأَنَّهُ أَوْقَعَهُ حَالًا وَهُوَ مُمْكِنٌ وَأَسْنَدَهُ لِزَمَنٍ سَابِقٍ وَهُوَ غَيْرُ مُمْكِنٍ فَأُلْغِيَ، وَكَذَا لَوْ قَصَدَ وُقُوعَهُ أَمْسِ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَعَلَى مَا سَبَقَ فِي السَّلْمِ) أَيْ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ نَقَصَ الشَّهْرُ الَّذِي يَلِي يَوْمَ التَّعْلِيقِ طَلُقَتْ بِآخِرِهِ وَإِنْ تَمَّ وَقَعَ فِي مِثْلِ وَقْتِ التَّعْلِيقِ مِنْ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ بِتَكْمِيلِ الْمُنْكَسِرِ (قَوْلُهُ: فَبِمُضِيِّ مَا بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ شَهْرًا أَوْ أَقَلَّ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى شُهُورِ السَّنَةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا التَّعْلِيقُ. (قَوْلُهُ: عَلَى إرَادَةِ الْبَاقِي مِنْهَا) أَيْ وَإِنْ قَلَّ كَيَوْمٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ بَاقِي هَذِهِ الشُّهُورِ وَهِيَ السَّنَةُ الَّتِي هُوَ فِيهَا (قَوْلُهُ: بِمُضِيِّ سَاعَاتٍ) أَيْ مُسْتَوِيَةٍ وَهِيَ الَّتِي مِقْدَارُ الْوَاحِدَةِ مِنْهَا خَمْسَ عَشْرَةَ دَرَجَةً (قَوْلُهُ: فَبِمُضِيِّ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ سَاعَةً) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى جَمْعٍ) يُخَالِفُهُ مَا نُقِلَ عَنْ الزَّمَخْشَرِيّ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا} [الإسراء: 1] مِنْ أَنَّ اللَّيْلَ يَصْدُقُ بِجُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ وَإِنْ قَلَّ وَمِنْ ثَمَّ نَكَّرَهُ فِي الْآيَةِ فَكَأَنَّهُ قِيلَ أَسْرَى بِعَبْدِهِ فِي جُزْءٍ قَلِيلٍ (قَوْلُهُ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ) وَلْيُنْظَرْ فِيمَا لَوْ قَالَ إذَا مَضَى اللَّيْلُ هَلْ يَنْصَرِفُ لِلَّيْلَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا فَيَحْنَثُ بِمُضِيِّ الْبَاقِي مِنْهَا لِأَنَّ لَيْلًا وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى الْجَمْعِ إلَّا أَنَّهُ بِدُخُولِ أَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْجِنْسِ وَيَنْصَرِفُ لِلْمَعْهُودِ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ يُقَالُ قَدْ اُعْتُبِرَ الثَّلَاثُ فِي الْأَيَّامِ وَالنِّسَاءِ فِي لَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ مَعَ دُخُولِ لَامِ الْجِنْسِ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ فَيُعْتَبَرُ هُنَا أَيْضًا الثَّلَاثُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَلَفَ لَا يُقِيمُ إلَخْ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا سَيَأْتِي لَهُ فِي أَوَّلِ فَصْلِ عَلَّقَ بِأَكْلِ رَغِيفٍ إلَخْ، وَعِبَارَتُهُ ثَمَّ أَوْ لَا يُقِيمُ بِكَذَا مُدَّةَ كَذَا لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِإِقَامَةِ كَذَا مُتَوَالِيًا لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ عُرْفًا انْتَهَى وَهُوَ قَرِيبٌ. [فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَنْ شَخْصٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ مَا دُمْت تَتَوَجَّهِينَ إلَى بَيْتِ أَهْلِك فَأَنْت طَالِقٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQخِلَافُ هَذَا الصَّنِيعِ (قَوْلُهُ: فَعَلَى مَا سَبَقَ فِي السَّلَمِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَمَحَلُّهُ أَيْ مَحَلُّ تَكْمِيلِ الشَّهْرِ مِنْ لَيْلَةِ الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ أَوْ يَوْمِهَا السَّابِقِ فِي أَوَّلِ كَلَامِ الشَّارِحِ إنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ وَإِلَّا وَمَضَى بَعْدَهُ شَهْرٌ هِلَالِيٌّ كَفَى نَظِيرُ مَا فِي السَّلَمِ انْتَهَتْ لَكِنَّهُ إنَّمَا يَظْهَرُ إنْ كَانَ الشَّهْرُ الْهِلَالِيُّ نَاقِصًا وَإِلَّا تَلْزَمْ الزِّيَادَةُ عَلَى ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ النَّاقِصُ بِدَلِيلِ تَعْبِيرِهِ يَكْفِي فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: الِاكْتِفَاءُ بِمُضِيِّ مَا بَقِيَ مِنْهَا) وَانْظُرْ هَلْ يُعْتَبَرُ ابْتِدَاؤُهَا مِنْ اللَّيْلِ أَوْ النَّهَارِ (قَوْلُهُ: لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِمُضِيِّ ثَلَاثِ لَيَالٍ) وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيّ فِي قَوْله تَعَالَى {أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا} [الإسراء: 1] إنَّمَا قَالَ لَيْلًا وَلَمْ يَقُلْ لَيْلَةً لِأَنَّهُ يَشْمَلُ الْقَلِيلَ كَالْكَثِيرِ، وَوَجْهُ عَدَمِ الْإِشْكَالِ أَنَّ اللَّيْلَ فِي الْآيَةِ وَقَعَ ظَرْفًا لِلْإِسْرَاءِ فَاقْتَضَتْ عَدَمَ اسْتِغْرَاقِهِ بِالْإِسْرَاءِ وَشَمِلَتْ الْقَلِيلَ مِنْهُ الشَّامِلَ لِبَعْضِ لَيْلَةٍ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّ الطَّلَاقَ فِيهَا مُعَلَّقٌ بِمُضِيِّ اللَّيْلِ وَهُوَ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِمُضِيِّ جَمِيعِهِ (قَوْلُهُ: فَزَادُوا فِيهِ الْيَاءَ) أَيْ فِي آخِرِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ قَصَدَ وُقُوعَهُ أَمْسِ إلَخْ.) اُنْظُرْ هَلْ هَذِهِ الصُّوَرُ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ، وَصَنِيعُ الشَّارِحِ يُفِيدُ أَنَّهُ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ التَّعْلِيلُ

أَوْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ لِنَحْوِ مَوْتٍ أَوْ خَرَسٍ وَلَا إشَارَةَ لَهُ مُفْهِمَةٌ (وَقِيلَ لَغْوٌ) نَظَرًا لِإِسْنَادِهِ لِغَيْرِ مُمْكِنٍ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْإِنَاطَةَ بِالْمُمْكِنِ أَوْلَى أَلَا تَرَى إلَى مَا مَرَّ فِي لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَنَّهُ يُلْغَى قَوْلُهُ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ وَيَلْزَمُهُ الْأَلْفُ (أَوْ قَصَدَ أَنَّهُ طَلَّقَ أَمْسِ وَهِيَ الْآنَ مُعْتَدَّةٌ) عَنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ أَوْ بَائِنٍ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِقَرِينَةِ الْإِضَافَةِ إلَى أَمْسِ، ثَمَّ إنْ صَدَّقْته فَالْعِدَّةُ مِمَّا ذَكَرَ، وَإِنْ كَذَّبَتْهُ أَوْ لَمْ تُصَدِّقْهُ وَلَا كَذَّبَتْهُ فَمِنْ حِينِ الْإِقْرَارِ (أَوْ قَالَ) أَرَدْت أَنِّي (طَلَّقْتهَا فِي نِكَاحٍ آخَرَ) أَيْ غَيْرِ هَذَا النِّكَاحِ فَبَانَتْ مِنِّي ثُمَّ جَدَدْت نِكَاحَهَا أَوْ أَنَّ زَوْجًا آخَرَ طَلَّقَهَا كَذَلِكَ (فَإِنْ عُرِفَ) النِّكَاحُ الْآخَرُ وَالطَّلَاقُ فِيهِ وَلَوْ بِإِقْرَارِهَا (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) فِي إرَادَةِ ذَلِكَ لِلْقَرِينَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ (فَلَا) يُصَدَّقُ وَيَقَعُ حَالًا لِبُعْدِ دَعْوَاهُ وَهَذَا مَا جَزَمَا بِهِ هُنَا وَهُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ الْأَصْحَابِ وَلِلْإِمَامِ احْتِمَالٌ جَرَى عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِنُسَخٍ أَصْلُهَا السَّقِيمَةُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ لِاحْتِمَالِهِ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ تُخْلَقِي طَلُقَتْ حَالًا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ إرَادَةٌ كَمَا قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَإِنْ كَانَتْ لَهُ إرَادَة بِأَنْ قَصَدَ إتْيَانَهُ بِقَوْلِهِ قَبْلَ أَنْ تُخْلَقِي قَبْلَ تَمَامِ لَفْظِ الطَّلَاقِ فَلَا وُقُوعَ بِهِ أَوْ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ. فَإِنْ كَانَ نَهَارًا فَبِالْغُرُوبِ أَوْ لَيْلًا فَبِالْفَجْرِ. (وَأَدَوَاتُ التَّعْلِيقِ) كَثِيرَةٌ مِنْهَا (مَنْ) (كَمَنْ دَخَلَتْ) الدَّارَ مِنْ نِسَائِي فَهِيَ طَالِقٌ (وَإِنْ) كَإِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَكَذَا طَلَّقْتُك بِتَفْصِيلِهِ الْآتِي قَرِيبًا، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي طَلَّقْتُك إنْ دَخَلْت خِلَافًا لِمَنْ ادَّعَى وُقُوعَهُ هُنَا حَالًا وَفِي ـــــــــــــــــــــــــــــSفَتَوَجَّهَتْ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَةً فَقَطْ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ مِثْلِ هَذَا أَنَّهُ يَقُولُ مَتَى ذَهَبْت إلَى بَيْتِ أَهْلِك فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَإِذَا ذَهَبَتْ طَلُقَتْ طَلْقَةً وَاحِدَةً وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ لِعَدَمِ اقْتِضَاءِ مَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِ عَلَى عَدَمِ التَّكْرَارِ. [فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ أَيْضًا عَمَّنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَثَلًا سَنَةً فَهَلْ يَحْنَثُ بِكَلَامِهِ لَهُ عَقِبَ الْحَلِفِ فِي أَيِّ يَوْمٍ كَانَ جُمُعَةً أَوْ غَيْرَهُ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ أَوْ لَا يَحْنَثُ بِكَلَامِهِ فِي غَيْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَتُحْمَلُ السَّنَةُ عَلَى أَنَّهَا مُلَفَّقَةٌ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ خَاصَّةً؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْأَوَّلَ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا إنَّمَا يُرَادُ بِهِ التَّعْمِيمُ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا أُكَلِّمُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَلْ لَا أُكَلِّمُهُ سَنَةً، وَيَحْتَمِلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنْ يُرَادَ لَا أُكَلِّمُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ خَاصَّةً فِي مُدَّةِ سَنَةٍ أَوَّلُهَا وَقْتُ الْحَلِفِ فَلَا يَحْنَثُ بِتَكْلِيمِهِ فِي غَيْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ مِنْ أَيَّامِ السَّنَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا وُقُوعَ بِهِ) هَذَا قَدْ يُشْكِلُ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ بَعْدَ أَنْتِ طَالِقٌ أَرَدْت طَلَاقًا لَا يَقَعُ لَمْ يُدَنْ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ التَّصْرِيحَ بِقَوْلِهِ قَبْلَ أَنْ تُخْلَقِي صَيَّرَهُ طَلَاقًا مُسْتَحِيلًا فَأُلْغِيَ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّ الْحَاصِلَ مِنْهُ مُجَرَّدُ النِّيَّةِ وَهِيَ أَضْعَفُ مِنْ اللَّفْظِ. (قَوْلُهُ: وَأَدَوَاتُ التَّعْلِيقِ) وَفِي الرَّوْضِ وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ لَا دَخَلْت الدَّارَ مِنْ لُغَتُهُ بِهَا أَوْ بِلَا مِثْلُ إنْ كَالْبَغْدَادِيِّينَ طَلُقَتْ بِالدُّخُولِ اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: أَمَّا مَنْ لَيْسَ لُغَتُهُ كَذَلِكَ فَتَطْلُقُ زَوْجَتُهُ اهـ. ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَقَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ لَا أَدْخُلُ الدَّارَ تَعْلِيقٌ قَالَ فِي شَرْحِهِ فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لُغَتُهُ بِلَا مِثْلَ إنْ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ فِي أَنْتِ طَالِقٌ لَا دَخَلْت الدَّارَ، وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْمُضَارِعَ عَلَى أَصْلِ وَضْعِ التَّعْلِيقِ الَّذِي لَا يَكُونُ إلَّا بِمُسْتَقْبَلٍ فَكَانَ ذَلِكَ تَعْلِيقًا مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْمَاضِي اهـ. وَالْمَفْهُومُ مِنْ سِيَاقِهِ أَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِالدُّخُولِ اهـ. سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ الْآتِي قَرِيبًا) لَمْ يَذْكُرْهُ وَذَكَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يُوَافِقُهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَلَا وُقُوعَ بِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ كَالْمُسْتَحِيلِ (قَوْلُهُ: الْآتِي قَرِيبًا) تَبِعَ فِي هَذِهِ الْإِحَالَةِ حَجّ إلَّا أَنَّهُ أَغْفَلَ ذِكْرَ التَّفْصِيلِ فِيمَا يَأْتِي وحج ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي قُلْتُ: إلَّا فِي غَيْرِ نَحْوِي فَتَعْلِيقٌ فِي الْأَصَحِّ وَعِبَارَتُهُ: وَلَوْ قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا طَلَّقْتُك أَوْ طَلَّقْتُك إنْ فَعَلْت كَذَا كَانَ تَعْلِيقًا لَا وَعْدًا فَتَطْلُقُ بِالْيَأْسِ مِنْ التَّطْلِيقِ

الْأُولَى عِنْدَ الدُّخُولِ مُطْلَقًا كَمَا أَفَادَهُ الْبُلْقِينِيُّ (وَإِذَا) وَأَلْحَقَ بِهَا غَيْرُ وَاحِدٍ إلَى كَإِلَى دَخَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ لِاطِّرَادِهَا فِي عُرْفِ أَهْلِ الْيَمَنِ بِمَعْنَاهَا (وَمَتَى وَمَتَى مَا) بِزِيَادَةِ مَا كَمَا مَرَّ وَمَهْمَا وَمَا وَإِذْمَا عَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ وَأَيَّمَا وَأَيْنَ وَأَيْنَمَا وَحَيْثُ وَحَيْثُمَا وَكَيْفَ وَكَيْفَمَا (وَكُلَّمَا وَأَيَّ) كَأَيِّ وَقْتٍ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ (وَلَا تَقْتَضِيَنَّ) هَذِهِ الْأَدَوَاتُ (فَوْرًا) فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (إنْ عُلِّقَ بِإِثْبَاتٍ) أَيْ فِيهِ أَوْ بِمُثْبَتٍ كَالدُّخُولِ فِي إنْ دَخَلْت (فِي غَيْرِ خُلْعٍ) لِأَنَّهَا وُضِعَتْ لَا بِقَيْدِ دَلَالَةٍ عَلَى فَوْرٍ أَوْ تَرَاخٍ، وَدَلَالَةُ بَعْضِهَا عَلَى الْفَوْرِيَّةِ فِي الْخُلْعِ كَمَا مَرَّ فِي إنْ وَإِذَا لَيْسَتْ مِنْ وَضْعِ الصِّيغَةِ بَلْ لِاقْتِضَاءِ الْمُعَاوَضَةِ ذَلِكَ إذْ الْقَبُولُ فِيهَا يَجِبُ أَنْ يَتَّصِلَ بِالْإِيجَابِ وَخَرَجَ بِالْإِثْبَاتِ النَّفْيُ كَمَا يَأْتِي، وَمَا أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ فِي مَتَى خَرَجْت شَكَوْتُك مِنْ تَعَيُّنِ ذَلِكَ فَوْرًا عَقِبَ خُرُوجِهَا لِأَنَّ حَلِفَهُ يَنْحَلُّ إلَى مَتَى خَرَجْت وَلَمْ أَشْكُكْ فَهُوَ تَعْلِيقٌ بِإِثْبَاتٍ وَنَفْيٍ، وَمَتَى لَا تَقْتَضِي الْفَوْرَ فِي الْإِثْبَاتِ وَتَقْتَضِيهِ فِي النَّفْيِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ الْفَوْرِيَّةَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِلَّا فَلَا نُسَلِّمُ انْحِلَالَهُ لِذَلِكَ وَضْعًا وَلَا عُرْفًا، وَإِنَّمَا التَّقْدِيرُ الْمُطَابِقُ مَتَى خَرَجْت دَخَلَ وَقْتُ الشَّكْوَى أَوْ أَوْجَدْتُهَا. وَحِينَئِذٍ فَلَا تَعَرُّضَ فِيهِ لِانْتِهَائِهَا، وَبِفَرْضِ مَا قَالَهُ يَجْرِي ذَلِكَ فِيمَا عَدَا إنْ لِاقْتِضَائِهَا الْفَوْرَ فِي النَّفْيِ، وَعَلَى مَا تَقَرَّرَ فَقَدْ تَقُومُ قَرِينَةٌ خَارِجِيَّةٌ تَقْتَضِي الْفَوْرَ فَلَا يَبْعُدُ الْعَمَلُ بِهَا وَقَدْ سُئِلَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ لَوْلَا دَخَلْت الدَّارَ. فَأَجَابَ بِأَنَّهُ إنْ قَصَدَ امْتِنَاعًا أَوْ تَحْضِيضًا عُمِلَ بِهِ. وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا أَوْ لَمْ يَعْرِفْ قَصْدَهُ لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ حَمْلًا عَلَى أَنَّ لَوْلَا الِامْتِنَاعِيَّةُ لِتَبَادُرِهَا إلَى الْفَهْمِ عُرْفًا وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْعِصْمَةِ فَلَا وُقُوعَ بِالشَّكِّ. وَلِأَنَّ الِامْتِنَاعِيَّةَ يَلِيهَا الْفِعْلُ، فَقَدْ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ فِي تَسْهِيلِهِ: وَقَدْ تَلِي الْفِعْلَ غَيْرَ مُفْهِمَةٍ تَحْضِيضًا انْتَهَى. وَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ فِي الْكَوْكَبِ فَلَا يَلِيهَا إلَّا الْمُبْتَدَأُ عَلَى الْمَعْرُوفِ انْتَهَى. ـــــــــــــــــــــــــــــSحَجّ فِي آخِرِ هَذَا الْفَصْلِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ بِذَلِكَ التَّعْلِيقَ عَلَى مُجَرَّدِ الْفِعْلِ طَلُقَتْ بِمُجَرَّدِ الدُّخُولِ، وَإِنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ عَلَى الْفِعْلِ وَلَمْ يَقْصِدْ فَوْرًا لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِالْيَأْسِ مِنْ التَّطْلِيقِ، وَإِنْ قَصَدَ الْوَعْدَ عَمِلَ بِهِ فَإِنْ طَلَّقَ بَعْدَ الْفِعْلِ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ فِي عُرْفِ أَهْلِ الْيَمَنِ) هَلْ يَخْتَصُّ بِهِمْ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: قَدْ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الِاخْتِصَاصِ مَا تَقَدَّمَ فِي أَنْتِ طَالِقٌ إلَى شَهْرٍ وَنَحْوِهِ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا يَقَعُ بَعْدَ مُضِيِّ الشَّهْرِ عَلَى مَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: انْحِلَالَهُ لِذَلِكَ) أَيْ إلَى الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ (قَوْلُهُ: دَخَلَ وَقْتُ الشَّكْوَى) قَدْ يَخْلُفُ هَذَا مَا سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ فِي أَوَّلِ فَصْلٍ عَلَّقَ بِأَكْلِ رَغِيفٍ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَاءِ كَذَا بَعْدَ شَهْرٍ مَثَلًا، فَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ إذَا اقْتَضَى الْفَوْرَ عَقِبَ الشَّهْرِ أَوْ إنْ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِالْيَأْسِ، وَكَانَ وَجْهُ هَذَا مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِمَا مَرَّ فِي الْأَدَوَاتِ أَنَّ الْإِثْبَاتَ فِيهِ بِمَعْنَى النَّفْيِ، فَمَعْنَى إذَا مَضَى الشَّهْرُ أَعْطَيْتُك إذَا لَمْ أُعْطِكِهِ وَهَذَا لِلْفَوْرِ كَمَا مَرَّ فَكَذَا مَا بِمَعْنَاهُ اهـ (قَوْلُهُ: وَبِفَرْضِ مَا قَالَهُ) أَيْ الشَّيْخُ (قَوْلُهُ: لِاقْتِضَائِهَا) أَيْ لِاقْتِضَاءِ مَا عَدَا إنْ (قَوْلُهُ: فَلَا يَبْعُدُ الْعَمَلُ بِهَا) مُعْتَمَدٌ: أَيْ حَيْثُ نَوَى مُقْتَضَاهَا وَيَصْدُقُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: إنْ قَصَدَ امْتِنَاعًا) أَيْ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ امْتَنَعَ طَلَاقُك لِأَجْلِ دُخُولِك أَوْ تَحْضِيضًا بِمَعْنَى أَنَّهُ حَثَّهَا عَلَى الدُّخُولِ (قَوْلُهُ: الِامْتِنَاعِيَّةُ) خَبَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَإِنْ نَوَى أَنَّهَا تَطْلُقُ بِنَفْسِ الْفِعْلِ وَقَعَ عَقِبَهُ أَوْ أَنَّهُ يُطَلِّقُهَا عَقِبَهُ وَفَعَلَ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَتْ. لَكِنْ يُتَأَمَّلُ قَوْلُهُ: فَتَطْلُقُ بِالْيَأْسِ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي الْخُلْعِ (قَوْلُهُ: وَبِفَرْضِ مَا قَالَهُ يَجْرِي ذَلِكَ إلَخْ.) لَيْسَ الْمُرَادُ التَّرَقِّي فِي الِاعْتِرَاضِ وَإِنْ أَوْهَمَهُ سِيَاقُهُ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ فِي مَتَى يَجْرِي فِي غَيْرِهَا مِنْ الْأَدَوَاتِ الَّتِي تَقْتَضِي الْفَوْرَ فِي النَّفْيِ وَهِيَ مَا عَدَا إنْ (قَوْلُهُ: وَعَلَى مَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: حَمْلًا عَلَى أَنَّ لَوْلَا امْتِنَاعِيَّةٌ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إنْ حُمِلَ عَلَى التَّحْضِيضِ وَقَعَ (قَوْلُهُ؛ وَلِأَنَّ الِامْتِنَاعِيَّةَ إلَخْ.) مُرَادُهُ مِنْ هَذَا الْجَوَابِ عَمَّا يَرِدُ عَلَى جَعْلِهَا هُنَا امْتِنَاعِيَّةً مَعَ أَنَّ الِامْتِنَاعِيَّةَ لَا يَلِيهَا الْفِعْلُ. فَأَجَابَ بِمَا حَاصِلُهُ الْمَنْعُ وَأَنَّهُ قَدْ يَلِيهَا الْفِعْلُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ مَالِكٍ، وَحِينَئِذٍ فَكَانَ اللَّائِقُ أَنْ لَا يَأْتِيَ بِهِ

وَلِأَنَّ التَّحْضِيضِيَّةَ تَخْتَصُّ بِالْمُضَارِعِ أَوْ مَا فِي تَأْوِيلِهِ نَحْوَ {لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ} [النمل: 46] وَنَحْوَ {لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ} [المنافقون: 10] . (لَا) إنْ قَالَ (أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْت) أَوْ إذَا شِئْت فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ الْفَوْرُ فِي الْمَشِيئَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ تَمْلِيكٌ وَهُوَ الْأَصَحُّ، بِخِلَافِ نَحْوِ مَتَى شِئْت وَخَرَجَ بِخِطَابِهَا خِطَابُ غَيْرِهَا فَلَا فَوْرَ فِيهِ، وَفِي إنْ شِئْت وَشَاءَ زَيْدٌ يُعْتَبَرُ فِيهَا لَا فِيهِ (وَلَا) تَقْتَضِيَنَّ (تَكْرَارًا) بَلْ إذَا وُجِدَتْ مَرَّةً انْحَلَّتْ الْيَمِينُ وَلَمْ يُؤَثِّرْ وُجُودُهَا ثَانِيًا لِدَلَالَتِهِنَّ عَلَى مُجَرَّدِ صُدُورِ الْفِعْلِ الَّذِي فِي حَيِّزِهِنَّ وَلَوْ مَعَ تَقْيِيدِهِ بِالْأَبَدِ كَإِنْ خَرَجْت أَبَدًا إلَّا بِإِذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَيَّ وَقْتٍ خَرَجْت (إلَّا كُلَّمَا) فَإِنَّهَا تَقْتَضِيهِ، وَلَوْ قَالَ مَتَى سَكَنْت بِزَوْجَتِي فَاطِمَةَ فِي بَلَدٍ مِنْ الْبِلَادِ وَلَمْ تَكُنْ مَعَهَا زَوْجَتِي أُمُّ الْخَيْرِ كَانَتْ أُمُّ الْخَيْرِ طَالِقًا ثُمَّ سَكَنَ بِهِمَا فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى انْحَلَّتْ يَمِينُهُ لِأَنَّهَا تَعَلَّقَتْ بِسُكْنَى وَاحِدَةٍ إذْ لَيْسَ فِيهَا مَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَيَّدَهَا بِوَاحِدَةٍ، وَلِأَنَّ لِهَذِهِ الْيَمِينِ جِهَةَ بِرٍّ وَهِيَ سُكْنَاهُ بِزَوْجَتِهِ فَاطِمَةَ فِي بَلَدٍ وَمَعَهَا زَوْجَتُهُ أُمُّ الْخَيْرِ وَجِهَةَ حِنْثٍ وَهِيَ سُكْنَاهُ بِفَاطِمَةَ فِي بَلْدَةٍ دُونَ أُمِّ الْخَيْرِ، وَيُفَارِقُ هَذَا مَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ خَرَجْت لَابِسَةً حَرِيرٍ فَأَنْت طَالِقٌ فَخَرَجَتْ غَيْرَ لَابِسَةٍ لَهُ حَيْثُ لَا تَنْحَلُّ حَتَّى يَحْنَثَ بِخُرُوجِهَا ثَانِيًا لَابِسَةً لَهُ بِأَنَّ هَذِهِ الْيَمِينَ لَمْ تَشْتَمِلْ عَلَى جِهَتَيْنِ وَإِنَّمَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِخُرُوجٍ مُقَيَّدٍ فَإِذَا وُجِدَ وَقَعَ الطَّلَاقُ، أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَأَفْتَى أَيْضًا بِانْحِلَالِ يَمِينِ مَنْ حَلَفَ لَا يَخْدُمُ عِنْدَ غَيْرِ زَيْدٍ إلَّا أَنْ تَأْخُذَهُ يَدٌ عَادِيَةٌ فَأَخَذَتْهُ وَاسْتَخْدَمَتْهُ مُدَّةً ثُمَّ أَطْلَقَهُ وَخَدَمَ عِنْدَ غَيْرِهِ بَعْدَ ذَلِكَ مُخْتَارًا. (وَلَوْ) (قَالَ) لِمَوْطُوءَةٍ كَمَا عُلِمَ بِالْأُولَى مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي فِي كُلَّمَا (إذَا طَلَّقْتُك) أَوْ أَوْقَعْت طَلَاقَك مَثَلًا (فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا) بِنَفْسِهِ دُونَ وَكِيلِهِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ بِصَرِيحٍ أَوْ كِنَايَةٍ مَعَ نِيَّةٍ (أَوْ عَلَّقَ) طَلَاقَهَا (بِصِفَةٍ فَوُجِدَتْ فَطَلْقَتَانِ) تَقَعَانِ عَلَيْهَا إنْ مَلَكَهُمَا وَاحِدَةً بِالتَّطْلِيقِ بِالتَّنْجِيزِ أَوْ التَّعْلِيقِ بِصِفَةٍ وُجِدَتْ وَأُخْرَى بِالتَّعْلِيقِ بِهِ إذْ التَّعْلِيقُ مَعَ وُجُودِ الصِّفَةِ تَطْلِيقٌ وَإِيقَاعٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنَّ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ تَلِي الْفِعْلَ غَيْرَ مُفْهِمَةٍ) وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ إفْصَاحٌ فِيمَا إذَا قَصَدَ تَحْضِيضًا بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ مُطْلَقًا أَوْ إنْ لَمْ تَدْخُلْ الدَّارَ، وَقَدْ يَدُلُّ اسْتِدْلَالُهُ بِقَوْلِهِ حَمْلًا أَنَّ لَوْلَا الِامْتِنَاعِيَّةَ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْعِصْمَةِ فَلَا وُقُوعَ إذَا قَصَدَ التَّحْضِيضَ، وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقَعْ عِنْدَ قَصْدِ التَّحْضِيضِ لَمْ يَكُنْ فِي تَفْصِيلِهِ فَائِدَةٌ لِثُبُوتِ عَدَمِ الْوُقُوعِ حِينَئِذٍ سَوَاءٌ أَرَادَ الِامْتِنَاعَ أَوْ التَّحْضِيضَ أَوْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا أَوْ جُهِلَتْ إرَادَتُهُ، لَكِنْ يُحْتَمَلُ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُرَادٍ لَهُ، بَلْ الْمُرَادُ عَدَمُ الْوُقُوعِ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْكَوْكَبِ لِلْإِسْنَوِيِّ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: لَكِنَّ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْكَوْكَبِ مِنْ عَدَمِ الْوُقُوعِ مُطْلَقًا عِنْدَ قَصْدِ التَّحْضِيضِ مِمَّا لَا وَجْهَ لَهُ، فَإِنَّ مَعْنَى التَّحْضِيضِ الْحَثُّ عَلَى الْفِعْلِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَا بُدَّ مِنْ فِعْلِك كَذَا وَذَاكَ يَقْتَضِي الْوُقُوعَ عِنْدَ عَدَمِ الْفِعْلِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ عَدَمُ فِعْلِهَا إلَّا بِالْيَأْسِ إنْ أُطْلِقَ وَيَتَحَقَّقُ بِفَوَاتِ الْوَقْتِ الَّذِي قَصَدَهُ إنْ أَرَادَ وَقْتًا مُعَيَّنًا (قَوْلُهُ: {لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ} [النمل: 46] بِمَعْنَى اسْتَغْفِرُوا اللَّهَ لِأَنَّهَا إذَا دَخَلَتْ عَلَى الْمُضَارِعِ بِقَصْدِ الْحَثِّ عَلَيْهِ كَانَ بِمَعْنَى الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: {لَوْلا أَخَّرْتَنِي} [المنافقون: 10] أَيْ فَإِنَّهُ بِمَعْنَى لَوْلَا تُؤَخِّرُنِي إلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَيَكُونُ الْمَقْصُودُ بِهِ طَلَبَ التَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ) أَيْ التَّعْلِيقَ، (وَقَوْلُهُ فَلَا فَوْرَ فِيهِ) فِي حَجّ، وَمِثْلُهُ: مَا لَوْ قَالَ طَالِقٌ هِيَ إنْ شَاءَتْ لَهُ (قَوْلُهُ يُعْتَبَرُ) أَيْ الْفَوْرُ، وَقَوْلُهُ لَا فِيهِ: أَيْ زَيْدٍ (قَوْلُهُ: بِسُكْنَى وَاحِدَةٍ) صِفَةُ سُكْنَى (قَوْلُهُ: وَاسْتَخْدَمَتْهُ مُدَّةً) أَيْ وَإِنْ قَلَّتْ كَيَوْمٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي صُورَةِ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِخِطَابِهَا إلَخْ.) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَخَرَجَ بِخِطَابِهَا إنْ شَاءَتْ وَخِطَابِ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: بَلْ إذَا وُجِدَتْ مَرَّةً انْحَلَّتْ الْيَمِينُ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ تَكْرَارًا نَصُّهَا: لِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ، بَلْ إذَا وُجِدَ مَرَّةً فَكَانَ الْمُنَاسِبُ تَذْكِيرَ الضَّمِيرِ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي لِيَرْجِعَ إلَى الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ السَّابِقِ فِي كَلَامِهِ آنِفًا (قَوْلُهُ: فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى) لَيْسَ قَوْلُهُ: أُخْرَى قَيْدًا وَلَيْسَ هُوَ فِي جَوَابِ وَالِدِهِ فِي الْفَتَاوَى

وَوُقُوعٌ وَوُجُودُ الصِّفَةِ وَطَلَاقُ الْوَكِيلِ وُقُوعٌ لَا تَطْلِيقٌ وَلَا إيقَاعٌ، وَمُجَرَّدُ التَّعْلِيقِ لَيْسَ بِتَطْلِيقٍ وَلَا إيقَاعٍ وَلَا وُقُوعٍ، فَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى صِفَةٍ أَوَّلًا ثُمَّ قَالَ إذَا طَلَّقْتُك فَأَنْت طَالِقٌ فَوُجِدَتْ الصِّفَةُ لَمْ يَقَعْ الْمُعَلَّقُ بِالتَّطْلِيقِ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ ثُمَّ طَلَّقَ أَوْ عَلَّقَ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ بَعْدَ تَعْلِيقِ طَلَاقِهَا شَيْئًا، وَلَوْ قَالَ لَمْ أُرِدْ بِذَلِكَ التَّعْلِيقَ بَلْ إنَّك تَطْلُقِينَ بِمَا أَوْقَعْته دِينَ أَمَّا غَيْرُ مَوْطُوءَةٍ وَمَوْطُوءَةٌ طَلُقَتْ بِعِوَضٍ وَطَلَاقُ الْوَكِيلِ فَلَا يَقَعُ بِوَاحِدٍ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ لِبَيْنُونَتِهَا فِي الْأَوَّلِيَّيْنِ وَلِعَدَمِ وُجُودِ طَلَاقِهِ فِي الْأَخِيرَةِ فَلَمْ يَقَعْ غَيْرُ طَلَاقِ الْوَكِيلِ وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِالْخُلْعِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ طَلَاقٌ لَا فَسْخٌ. (أَوْ) قَالَ (كُلَّمَا وَقَعَ طَلَاقِي) عَلَيْك فَأَنْت طَالِقٌ (فَطَلَّقَ) هُوَ أَوْ وَكِيلُهُ (فَثَلَاثٌ فِي مَمْسُوسَةٍ) وَلَوْ فِي الدُّبُرِ وَمُسْتَدْخِلَةٍ مَاءَهُ الْمُحْتَرَمَ عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ وَلَا نَظَرَ لِحَالَةِ التَّعْلِيقِ لِاقْتِضَاءِ التَّكْرَارِ فَتَقَعُ ثَانِيَةً بِوُقُوعِ الْأُولَى وَثَالِثَةً بِوُقُوعِ الثَّانِيَةِ فَإِنْ لَمْ يُعَبِّرْ بِوَقَعَ بَلْ بِأَوْقَعْتُ أَوْ بِطَلَّقْتُكِ طَلُقَتْ ثِنْتَيْنِ فَقَطْ لَا ثَالِثَةً لِأَنَّ الثَّانِيَةَ وَقَعَتْ لَا أَنَّهُ أَوْقَعَهَا، (وَفِي غَيْرِهَا) عِنْدَمَا ذَكَرَ (طَلْقَةً) لِأَنَّهَا بَانَتْ بِالْأُولَى. (وَلَوْ) (قَالَ وَتَحْتَهُ) نِسْوَةٌ (أَرْبَعُ إنْ طَلَّقْت وَاحِدَةً) مِنْ نِسَائِي (فَعَبْدٌ) مِنْ عَبِيدِي (حُرٌّ وَإِنْ) طَلَّقْت (ثِنْتَيْنِ فَعَبْدَانِ) حُرَّانِ (وَإِنْ) طَلَّقْت (ثَلَاثًا فَثَلَاثَةٌ) أَحْرَارٌ (وَإِنْ) طَلَّقْت (أَرْبَعًا فَأَرْبَعَةٌ) أَحْرَارٌ (فَطَلَّقَ أَرْبَعًا مَعًا أَوْ مُرَتِّبًا) (عَتَقَ عَشَرَةٌ) وَاحِدٌ بِالْأُولَى وَاثْنَانِ بِالثَّانِيَةِ وَثَلَاثَةٌ بِالثَّالِثَةِ وَأَرْبَعٌ بِالرَّابِعَةِ وَتَعْيِينُ الْمُعْتَقِينَ إلَيْهِ، وَبَحَثَ ابْنُ النَّقِيبِ وُجُوبَ تَمْيِيزِ مَنْ يَعْتِقُ بِالْأُولَى وَمَنْ بَعْدهَا إذَا طَلَّقَ مُرَتِّبًا لِيَتْبَعَهُمْ كَسْبُهُمْ مِنْ حِينِ الْعِتْقِ، وَلَوْ أَبْدَلَ الْوَاوَ بِالْفَاءِ أَوْ ثُمَّ لَمْ يَعْتِقْ فِيمَا إذَا طَلَّقَ مَعًا إلَّا وَاحِدٌ وَمُرَتِّبًا إلَّا ثَلَاثَةٌ وَاحِدٌ بِطَلَاقِ الْأُولَى وَاثْنَانِ بِطَلَاقِ الثَّالِثَةِ لِأَنَّهَا ثَانِيَةُ الْأُولَى وَلَا يَقَعُ شَيْءٌ بِالثَّانِيَةِ لِأَنَّهَا لَمْ يُوجَدْ فِيهَا بَعْدَ الْأُولَى صِفَةُ اثْنَيْنِ وَلَا بِالرَّابِعَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا بَعْدَ الثَّالِثَةِ صِفَةُ الثَّلَاثَةِ وَلَا صِفَةُ الْأَرْبَعَةِ، وَسَائِرُ أَدَوَاتِ التَّعْلِيقِ كَإِنْ فِي ذَلِكَ إلَّا كُلَّمَا كَمَا قَالَ (وَلَوْ عَلَّقَ بِكُلَّمَا) فِي كُلِّ مَرَّةٍ بَلْ أَوْ فِي الْمَرَّتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ النَّقِيبِ وَتَصْوِيرُهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لَمْ يَقَعْ الْمُعَلَّقُ) أَيْ لَكِنَّهُ حَلَفَ فَلَوْ قَالَ إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِك فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ وَقَعَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِالْحَلِفِ. [فَرْعٌ] فِي حَجّ: لَوْ قَالَ لِمَوْطُوءَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّمَا حَلَلْت حَرُمْت وَقَعَتْ وَاحِدَةً، إلَّا إنْ أَرَادَ بِتَكَرُّرِ الْحُرْمَةِ تَكَرُّرَ الطَّلَاقِ فَيَقَعُ مَا نَوَاهُ اهـ. [فَرْعٌ] قَالَ سم عَلَى حَجّ: وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ شَخْصٍ كَانَتْ عِنْدَهُ أُخْتُ زَوْجَتِهِ وَأَرَادَتْ الِانْصِرَافَ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهَا إنْ رَاحَتْ مِنْ عِنْدِهِ مَا خَلَّى أُخْتَهَا عَلَى عِصْمَتِهِ فَرَاحَتْ فَظَهَرَ لِي أَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إنْ تَرَكَ طَلَاقَ أُخْتِهَا عَقِبَ رَوَاحِهَا بِأَنْ مَضَى عَقِبَهُ مَا يَسَعُ الطَّلَاقَ وَلَمْ يُطَلِّقْ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْفَوْرِ، خِلَافًا لِمَنْ بَحَثَ مَعِي أَنَّهُ لَا يَقَعُ إلَّا بِالْيَأْسِ ثُمَّ رَفَعَ السُّؤَالَ لِلشَّمْسِ الرَّمْلِيِّ فَأَفْتَى بِمَا قُلْته، وَذُكِرَ عَنْ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ قَالَ: إنَّ التَّخْلِيَةَ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَعْنَى التَّرْكِ، فَمَعْنَى إنْ خَلَّيْت أَوْ مَا خَلَّيْت إنْ تَرَكْت أَوْ مَا تَرَكْت، ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ قَالَ فِي بَابِ الْأَيْمَانِ: أَوْ لَأُخَلِّيك تَفْعَلُ كَذَا حُمِلَ عَلَى نَفْيِ تَمْكِينِهِ مِنْهُ بِأَنْ يَعْلَمَ بِهِ وَيَقْدِرَ عَلَى مَنْعِهِ مِنْهُ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ. أَقُولُ وَهَلْ يَبَرُّ بِخُرُوجِهَا عَنْ عِصْمَتِهِ بِالطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ حَيْثُ أُطْلِقَتْ حُمِلَتْ عَلَى الْعِصْمَةِ الْكَامِلَةِ الْمُبِيحَةِ لِلْوَطْءِ. (قَوْلُهُ عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ) قَيْدٌ فِي الْمَمْسُوسَةِ والْمُسْتَدْخِلَةِ مَعًا. (قَوْلُهُ: الْمُعْتَقِينَ إلَيْهِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مَنْ يُعَيِّنُهُ صَغِيرًا أَوْ زَمِنًا (قَوْلُهُ: وَسَائِرُ أَدَوَاتِ التَّعْلِيقِ إلَخْ) أَيْ فَمَتَى كَانَ مَعَهَا شَيْءٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ اُشْتُرِطَ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ الْفَوْرُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا ثَانِيَةُ الْأُولَى) كَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ لِوُجُودِ صِفَةِ تَطْلِيقِ ثِنْتَيْنِ بَعْدَ الْأُولَى

بِهَا فِي الْكُلِّ إنَّمَا هُوَ لِجَرَيَانِ الْأَوْجُهِ الْمُقَابِلَةِ لِلصَّحِيحِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا عِتْقُ عِشْرِينَ لَكِنْ يَكْفِي فِيهِ وُجُودُهَا فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا هَذِهِ مَصْدَرِيَّةٌ ظَرْفِيَّةٌ لِأَنَّهَا نَابَتْ بِصِلَتِهَا عَنْ ظَرْفِ زَمَانٍ كَمَا يَنُوبُ عَنْهُ الْمَصْدَرُ الصَّرِيحُ وَالْمَعْنَى كُلَّ وَقْتٍ فَكُلُّ مِنْ كُلَّمَا مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ لِإِضَافَتِهَا إلَى مَا هُوَ قَائِمٌ مَقَامَهُ وَوَجْهُ إفَادَتِهَا لِلتَّكْرَارِ الَّذِي عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ وَالْأُصُولِيُّونَ النَّظَرُ إلَى عُمُومِ مَا لِأَنَّ الظَّرْفِيَّةَ مُرَادٌ بِهَا الْعُمُومُ وَكُلَّ أَكَّدَتْهُ (فَخَمْسَةَ عَشْرَ عَبْدًا) يُعْتَقُونَ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّ صِفَةَ الْوَاحِدَةِ تَكَرَّرَتْ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَرْبَعِ وَاحِدَةٌ فِي نَفْسِهَا وَصِفَةُ الثِّنْتَيْنِ لَمْ تَتَكَرَّرْ إلَّا مَرَّتَيْنِ لِأَنَّ مَا عُدَّ بِاعْتِبَارٍ لَا يُعَدُّ ثَانِيًا بِذَلِكَ الِاعْتِبَارِ فَالثَّانِيَةُ عُدَّتْ ثَانِيَةً بِانْضِمَامِهَا لِلْأُولَى، فَلَا تُعَدُّ الثَّالِثَةُ كَذَلِكَ لِانْضِمَامِهَا لِلثَّانِيَةِ، بِخِلَافِ الرَّابِعَةِ فَإِنَّهَا ثَانِيَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّالِثَةِ وَلَمْ تُعَدَّ قَبْلَ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَثَلَاثَةٌ وَأَرْبَعَةٌ لَمْ تَتَكَرَّرْ، وَبِهَذَا اتَّضَحَ أَنَّ كُلَّمَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهَا إلَّا فِي الْأَوَّلِينَ لِأَنَّهُمَا الْمُكَرِّرَانِ فَقَطْ، فَإِنْ أَتَى بِهَا فِي الْأُوَلِ فَقَطْ أَوْ مَعَ الْأَخِيرِينَ فَثَلَاثَةَ عَشْرَ، أَوْ فِي الثَّانِي وَحْدَهُ أَوْ مَعَهُمَا فَاثْنَا عَشَرَ. وَلَوْ قَالَ إنْ صَلَّيْت رَكْعَةً فَعَبْدٌ حُرٌّ وَهَكَذَا إلَى عَشَرَةٍ عَتَقَ خَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ لِأَنَّهَا مَجْمُوعُ الْآحَادِ مِنْ غَيْرِ تَكْرَارٍ، فَإِنْ أَتَى بِكُلَّمَا عَتَقَ سَبْعَةٌ وَثَمَانُونَ لِأَنَّهُ تَكَرَّرَ مَعَهُ صِفَةُ الْوَاحِدِ تِسْعًا، وَصِفَةُ الثِّنْتَيْنِ أَرْبَعًا فِي الرَّابِعَةِ وَالسَّادِسَةِ وَالثَّامِنَةِ وَالْعَاشِرَةِ وَمَجْمُوعُهَا ثَمَانِيَةٌ، وَصِفَةُ الثَّلَاثَةِ مَرَّتَيْنِ فِي السَّادِسَةِ وَالتَّاسِعَةِ وَمَجْمُوعُهَا سِتَّةٌ، وَصِفَةُ الْأَرْبَعَةِ مَرَّةً فِي الثَّامِنَةِ وَصِفَةُ الْخَمْسَةِ مَرَّةً فِي الْعَاشِرَةِ وَمَا بَعْدَ الْخَمْسَةِ لَا يُمْكِنُ تَكَرُّرُهُ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُشْتَرَطْ كُلَّمَا إلَّا فِي الْخَمْسَةِ الْأُوَلِ وَجُمْلَةُ هَذِهِ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ تَضُمُّ الْخَمْسَةَ وَخَمْسِينَ الْوَاقِعَةَ أَوَّلًا بِلَا تَكْرَارٍ، فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ بِكُلَّمَا إلَى عِشْرِينَ وَصَلَّى عِشْرِينَ عَتَقَ ثَلَثُمِائَةٍ وَتِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ، وَلَا يَخْفَى تَوْجِيهُهُ كَمَا تَقَرَّرَ وَوَرَاءَ مَا ذَكَرَهُ أَوْجُهٌ: أَحَدُهُمَا عَشَرَةٌ، قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ وَغَلَّطَهُ الْأَصْحَابُ. وَالثَّانِي ثَلَاثَةَ عَشْرَةَ. الثَّالِثُ سَبْعَةَ عَشْرَ. وَالرَّابِعُ عِشْرُونَ. (وَلَوْ) (عَلَّقَ) الطَّلَاقَ (بِنَفْيِ فِعْلٍ) (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ إنْ عَلَّقَ بِإِنْ كَإِنْ لَمْ تَدْخُلِي) الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَائِدَةٌ] سُئِلَ ابْنُ الْوَرْدِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَدَوَاتُ التَّعْلِيقِ تَخْفَى عَلَيْنَا هَلْ لَكُمْ ضَابِطٌ لِكَشْفِ غَطَاهَا؟ فَأَجَابَ: كُلَّمَا لِلتَّكْرَارِ وَهِيَ وَمَهْمَا ... إنْ إذَا أَيُّ مَنْ مَتَى مَعْنَاهَا لِلتَّرَاخِي مَعَ الثُّبُوتِ إذَا لَمْ ... يَكُ مَعَهَا إنْ شِئْت أَوْ أَعْطَاهَا أَوْ ضَمَانٌ وَالْكُلُّ فِي جَانِبِ النَّفْيِ ... لِفَوْرِ لَا إنْ فَذَا فِي سِوَاهَا وَقَوْلُ النَّظْمِ مَعَ الثُّبُوتِ: أَيْ كَأَنْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَوْ أَيَّ وَقْتٍ أَوْ غَيْرَهُمَا مِنْ بَقِيَّةِ الْأَدَوَاتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَقَوْلُهُ فِي جَانِبِ النَّفْيِ كَأَنْ قَالَ إذَا لَمْ تَفْعَلِي كَذَا مَثَلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ (قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّ مَا هَذِهِ مَصْدَرِيَّةٌ) قَدْ يُتَوَقَّفُ فِي كَوْنِهَا مَصْدَرِيَّةً، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهَا ظَرْفِيَّةٌ فَقَطْ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى الْوَقْتِ فَهِيَ نَائِبَةٌ عَنْهُ لَا عَنْ الْمَصْدَرِ (قَوْلُهُ: بِصِلَتِهَا) أَيْ مَعَ. (قَوْلُهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ) أَيْ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: وَكُلُّ أَكَّدَتْهُ) أَيْ الْعُمُومَ (قَوْلُهُ: فَلَا تُعَدُّ الثَّالِثَةُ كَذَلِكَ) أَيْ ثَانِيَةً وَقَوْلُهُ إلَّا فِي الْأَوَّلَيْنِ أَيْ التَّعْلِيقَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ (قَوْلُهُ: أَرْبَعًا فِي الرَّابِعَةِ) بَيَانٌ لِمَحَلِّ التَّكْرَارِ (قَوْلُهُ: وَمَجْمُوعُهَا ثَمَانِيَةٌ) أَيْ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ مَا عُدَّ بِاعْتِبَارٍ لَا يُعَدُّ ثَانِيًا بِذَلِكَ الِاعْتِبَارِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِنَفْيِ فِعْلٍ إلَخْ) وَمِثْلُهُ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ بِالْأَوْلَى كَأَنْ قَالَ وَاَللَّهِ إنْ لَمْ تَدْخُلِي ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى كُلُّ وَقْتٍ) هَذَا تَفْسِيرٌ لِكَوْنِهَا ظَرْفِيَّةً فَقَطْ كَمَا لَا يَخْفَى، وَمِنْ ثَمَّ تَوَقَّفَ سم فِي كَوْنِهَا مَصْدَرِيَّةً، وَلَا تَوَقُّفَ لِأَنَّهُ سَكَتَ عَنْ سَبْكِهَا بِالْمَصْدَرِ لِوُضُوحِهِ، فَالْحَلُّ الْمُوفِي بِالْمُرَادِ أَنْ يُقَالَ كُلٌّ وَقَّتَ تَطْلِيقَ امْرَأَةِ عَبْدٍ حُرٍّ وَهَكَذَا فَتَأَمَّلْ

أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ تَدْخُلِي الدَّارَ (وَقَعَ عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ الدُّخُولِ) كَأَنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَيُحْكَمُ بِالْوُقُوعِ قُبَيْلَ الْمَوْتِ: أَيْ إذَا بَقِيَ مَا لَا يَسَعُ الدُّخُولَ وَلَا أَثَرَ هُنَا لِلْجُنُونِ إذْ دُخُولُ الْمَجْنُونِ كَهُوَ مِنْ الْعَاقِلِ، وَلَوْ أَبَانَهَا بَعْدَ تَمَكُّنِهَا مِنْ الدُّخُولِ وَاسْتَمَرَّتْ إلَى الْمَوْتِ وَلَمْ يَتَّفِقْ دُخُولٌ لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ قَبْلَ الْبَيْنُونَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا عَقِبَ ذَلِكَ، وَإِنْ زَعَمَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ غَلَطٌ وَأَنَّ الصَّوَابَ وُقُوعُهُ قَبْلَ الْبَيْنُونَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا عَقِبَ ذَلِكَ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْوَسِيطِ وَأَيَّدَهُ بِالْحِنْثِ بِتَلَفِ مَا حَلَفَ أَنَّهُ يَأْكُلُهُ غَدًا فَتَلِفَ فِيهِ قَبْلَ أَكْلِهِ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْعَوْدَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ مُمْكِنٌ هُنَا فَلَمْ يَفُتْ الْبِرُّ بِاخْتِيَارِهِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ، وَمَحَلُّ اعْتِبَارِ الْيَأْسِ مَا لَمْ يَقُلْ أَرَدْت إنْ دَخَلَتْ الْآنَ أَوْ الْيَوْمَ، فَإِنْ أَرَادَهُ تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِالْوَقْتِ الْمَنْوِيِّ كَمَا صَرَّحَا بِهِ فِي نَظِيرِهِ فِيمَنْ دَخَلَ عَلَى صَدِيقِهِ فَقَالَ لَهُ تَغَدَّ مَعِي فَامْتَنَعَ فَقَالَ إنْ لَمْ تَتَغَدَّ مَعِي فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَنَوَى الْحَالَ (أَوْ) عَلَّقَ (بِغَيْرِهَا) كَإِذَا وَسَائِرِ مَا مَرَّ (فَعِنْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ ذَلِكَ الْفِعْلُ) تَطْلُقُ وَفَارَقَتْ إنْ بِأَنَّهَا لِمُجَرَّدِ الشَّرْطِ مِنْ غَيْرِ إشْعَارٍ لَهَا بِزَمَنٍ بِخِلَافِ الْبَقِيَّةِ كَإِذَا فَإِنَّهَا ظَرْفُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالدَّارَ مَا فَعَلْت بِكَذَا. وَفِي حَجّ: فَرْعٌ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ لَمْ تَتَزَوَّجِي فُلَانًا طَلُقَتْ حَالًا كَمَا يَأْتِي بِمَا فِيهِ، أَوْ إنْ لَمْ تَتَزَوَّجِي فُلَانًا فَأَنْتِ طَالِقٌ أَطْلَقَ جَمْعٌ الْوُقُوعَ وَقَالَ آخَرُونَ فِيهِ دَوْرٌ، فَمَنْ أَلْغَاهُ أَوْقَعَهُ وَمَنْ صَحَّحَهُ لَمْ يُوقِعْهُ. فِي تَخْصِيصِ الدَّوْرِ بِهَذِهِ نَظَرٌ بَلْ يَأْتِي فِي الْأُولَى إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، عَلَى أَنَّ الَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ التَّعْلِيقِ بِمَا يَئُولَ لِلْمُحَالِ الشَّرْعِيِّ لِأَنَّهُ حَثٌّ عَلَى تَزَوُّجِهِ الْمُحَالِ قُبَيْلَ الطَّلَاقِ لَا مِنْ الدَّوْرِ فَيَقَعُ حَالًا نَظِيرَ الْأُولَى فَتَأَمَّلْهُ وَلَوْ حَلَفَ لَيَرْسِمَنَّ عَلَيْهِ لَمْ يَتَوَقَّفْ الْبَرُّ عَلَى طَلَبِ التَّرْسِيمِ عَلَيْهِ مِنْ حَاكِمٍ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ، وَقَالَ غَيْرُهُ: بَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ حَقِيقَةَ التَّرْسِيمِ تَخْتَصُّ بِالْحَاكِمِ، وَأَمَّا التَّرْسِيمُ مِنْ الْمُشْتَكِي فَهُوَ طَلَبُهُ وَلَا يُغْنِي مُجَرَّدُ الشِّكَايَةِ لِلْحَاكِمِ عَنْ تَرْسِيمِهِ وَهُوَ أَنْ يُوَكِّلَ بِهِ مَنْ يُلَازِمُهُ حَتَّى يُؤْمَنَ مِنْ هَرَبِهِ قَبْلَ فَصْلِ الْخُصُومَةِ اهـ. [فَائِدَةٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ أَخَوَيْنِ مَعَهُمَا أَوْلَادٌ وَأَرَادَا إخْتَانَهُمْ فَقَالَ أَحَدُهُمَا نَفْعَلُ ذَلِكَ بِمَوْلِدٍ وَقَالَ الْآخَرُ بِزَفَّةٍ فَامْتَنَعَ الْأَوَّلُ، فَحَلَفَ الثَّانِي بِمَا صُورَتُهُ إنْ لَمْ تُوَافِقْنِي عَلَى مُرَادٌ مَا طَلَعْت لَك أَنَا وَلَا زَوْجَتِي فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَتَرَكَا الْخِتَانَ وَطَلَعَ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى الْحَلِفِ حَيْثُ انْتَفَى الْخِتَانُ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ إنْ خَتَنَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَلَمْ يُوَافِقْهُ لَا يَطْلُعُ لَهُ فَحَيْثُ انْتَفَى الْخِتَانُ لَا يَحْدُثُ بِالطُّلُوعِ فِي السَّنَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَهَذَا نَظِيرُ مَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُعْطِهِ حَقَّهُ لَا يَشُكُّوهُ إلَّا مِنْ حَاكِمِ السِّيَاسَةِ فَتَرَكَ الشَّكْوَى مِنْ أَصْلِهَا لَا حِنْثَ، لِأَنَّ الْمَعْنَى: إنْ لَمْ تُعْطِنِي وَشَكَوْتُك فَلَا أَشْكُوك إلَّا مِنْ حَاكِمِ السِّيَاسَةِ، وَهُوَ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْخِتَانِ فِي يَمِينِهِ لَكِنَّ قَرِينَةَ الْحَالِ تَدُلُّ عَلَيْهِ، أَمَّا لَوْ خَتَنَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَلَمْ يُوَافِقْهُ عَلَى مُرَادِهِ حَنِثَ بِالطُّلُوعِ هُوَ أَوْ زَوْجَتُهُ بَعْدَ الْخِتَانِ دُونَ مَا قَبْلَهُ، لِأَنَّ وَقْتَ الِامْتِنَاعِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لَمْ يَدْخُلْ قَبْلَ الْخِتَانِ، وَبِمِثْلِ هَذَا يُجَابُ عَمَّا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ أَيْضًا وَهُوَ أَنَّ شَخْصًا وَقَفَ عَلَى جَزَّارٍ يَشْتَرِي مِنْهُ لَحْمًا فَأَرَادَ آخَرُ التَّقَدُّمَ عَلَيْهِ فِي الْأَخْذِ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْ الْجَزَّارِ قَبْلَهُ، فَحَلَفَ الْجَزَّارُ أَنَّهُ لَا يَبِيعُهُ لَحْمًا فَتَرَكَ الْأَخْذَ مِنْهُ وَهُوَ عَدَمُ الْحِنْثِ، لِأَنَّ الْمَعْنَى: إنْ أَخَذْت مِنْك فَلَا يَأْخُذُ أَحَدٌ قَبْلِي، وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَا نِيَّةَ لَهُ وَإِلَّا عَمِلَ بِمُقْتَضَاهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَبَانَهَا بَعْدَ) بِأَنْ مَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُهَا فِيهِ الدُّخُولُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَعَمَ) أَيْ قَالَ أَوْ اعْتَقَدَ (قَوْلُهُ: وَنَوَى الْحَالَ) فَإِنَّهُ يَحْنَثُ أَيْ أَوْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَيَّدَهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُؤَيِّدَ الْإِسْنَوِيُّ أَوْ صَاحِبُ الْبَسِيطِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا الْمُؤَيِّدُ أَبُو زُرْعَةَ فِي تَحْرِيرِهِ فَلَعَلَّ الْهَاءَ زَائِدَةٌ مِنْ الْكَتَبَةِ وَأَنَّ أُيِّدَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ الطَّلَاقَ بِنَفْيِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْعَوْدَ) صَوَابُهُ بِأَنَّ الدُّخُولَ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَتْ إنْ بِأَنَّهَا لِمُجَرَّدِ الشَّرْطِ إلَخْ.) يَرِدُ عَلَى هَذَا الْفَرْقِ مَنْ الشَّرْطِيَّةُ

زَمَانٍ كَمَتَى فَتَنَاوَلَتْ الْأَوْقَاتِ كُلِّهَا، فَمَعْنَى إنْ لَمْ تَدْخُلِي إنْ فَاتَك الدُّخُولُ وَفَوَاتُهُ بِالْيَأْسِ، وَمَعْنَى إذَا لَمْ تَدْخُلِي: أَيْ وَقْتَ فَاتَك الدُّخُولُ فَوَقَعَ بِمُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الدُّخُولُ فَتَرَكَتْهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهَا لِإِكْرَاهٍ أَوْ نَحْوِهِ وَيُقْبَلُ ظَاهِرًا قَوْلُهُ أَرَدْت بِإِذَا مَعْنَى إنْ. (وَلَوْ) (قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ) إذَا وَ (أَنْ دَخَلْت أَوْ أَنْ لَمْ تَدْخُلِي) (بِفَتْحِ) هَمْزَةِ (أَنْ وَقَعَ فِي الْحَالِ) دَخَلَتْ أَمْ لَا لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَى التَّعَالِيلِ فَالْمَعْنَى لِلدُّخُولِ أَوْ لِعَدَمِهِ كَمَا مَرَّ فِي لِرِضَا زَيْدٍ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ التَّوْقِيتِ، أَمَّا فِيهِ فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ الشَّرْطِ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ اللَّامَ الَّتِي هِيَ بِمَعْنَاهَا لِلتَّوْقِيتِ كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ جَاءَتْ السَّنَةُ أَوْ لِلْبِدْعَةِ أَوْ لِلسُّنَّةِ فَلَا تَطْلُقُ إلَّا عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ (قُلْت: إلَّا فِي غَيْرِ نَحْوِيٍّ) وَهُوَ مَنْ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ إنْ وَأَنْ (فَتَعْلِيقٌ فِي الْأَصَحِّ) فَلَا تَطْلُقُ إلَّا بِوُجُودِ الصِّفَةِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ قَصْدُ التَّعْلِيقِ، وَلَوْ قَالَ لُغَوِيٌّ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْ طَلَّقْتُك بِالْفَتْحِ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ طَلْقَتَيْنِ إحْدَاهُمَا بِإِقْرَارِهِ وَالْأُخْرَى بِإِيقَاعِهِ فِي الْحَالِ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ لِأَنِّي طَلَّقْتُك، أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إذْ دَخَلْت الدَّارَ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ لِأَنَّ إذْ لِلتَّعْلِيلِ أَيْضًا. فَإِنْ كَانَ الْقَائِلُ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ إذْ وَإِذَا فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ لَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ إنْ وَأَنْ، كَذَا بَحَثَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقًا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ حَتَّى يُطَلِّقَهَا فَتَطْلُقُ حِينَئِذٍ طَلْقَتَيْنِ، إذْ التَّقْدِيرُ إذَا صِرْت مُطَلَّقَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ تَبُنْ بِالْمُنَجَّزِ وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ سِوَاهَا. نَعَمْ إنْ أَرَادَ إيقَاعَ طَلْقَةٍ مَعَ الْمُنَجَّزِ وَقَعَ ثِنْتَانِ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ طَالِقًا، فَإِنْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا فَدَخَلَتْ وَقَعَتْ الْمُعَلَّقَةُ أَوْ دَخَلَتْ غَيْرَ طَالِقٍ لَمْ تَقَعْ الْمُطَلَّقَةُ وَقَوْلُهُ إنْ قَدِمْت طَالِقًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ تَعْلِيقُ طَلْقَتَيْنِ بِقُدُومِهَا مُطَلَّقَةً، فَإِنْ قَدِمَتْ طَالِقًا وَقَعَ طَلْقَتَانِ، وَكَالْقُدُومِ غَيْرُهُ كَالدُّخُولِ، وَإِنْ قَالَ أَنْتِ إنْ كَلَّمْتُك طَالِقًا وَقَالَ بَعْدَهُ نَصَبْت طَالِقًا عَلَى الْحَالِ وَلَمْ أُتِمَّ كَلَامِي قُبِلَ مِنْهُ فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْهُ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ أَيْضًا إلَّا أَنْ يُرِيدَ مَا يُرَادُ عِنْدَ الرَّفْعِ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ إذَا كَلَّمَهَا، وَغَايَتُهُ أَنَّهُ لَحْنٌ، وَلَوْ اعْتَرَضَ شَرْطٌ عَلَى شَرْطٍ كَإِنْ أَكَلْتِ إنْ شَرِبْتِ اُشْتُرِطَ تَقْدِيمُ الْمُتَأَخِّرِ وَتَأْخِيرُ الْمُتَقَدِّمِ فَلَا تَطْلُقُ فِي الْأَصَحِّ إلَّا إنْ قَدَّمَتْ شُرْبَهَا عَلَى أَكْلِهَا، وَأَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ قَالَ: ـــــــــــــــــــــــــــــSإرَادَتِهِ عَلَى مَا مَرَّ فَلَوْ لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِالْيَأْسِ وَهُوَ قُبَيْلَ الْمَوْتِ بِزَمَنٍ لَا يُمْكِنُ الْفِدَاءُ مَعَهُ فِيهِ (قَوْلُهُ: مَعْنَى إنْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ نَحْوِيًّا. (قَوْلُهُ: إذْ دَخَلْتِ الدَّارَ طَلُقَتْ) أَيْ طَلْقَةً وَاحِدَةً (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَهُوَ تَعْلِيقٌ كَمَا قَالَهُ حَجّ، فَإِذَا طَلَّقَهَا وَقَعَتْ وَاحِدَةً وَكَذَا ثَانِيَةً إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ لَا يَقَعُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ تَبِنْ) أَيْ كَأَنْ كَانَ عَلَى عِوَضٍ (قَوْلُهُ: أَوْ دَخَلَتْ غَيْرَ طَالِقٍ) أَيْ أَوْ طَالِقًا طَلَاقًا بَائِنًا. قَالَ حَجّ: وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَخْرُجْ مِنْ هَذِهِ الْبَلَدِ بَرَّ بِوُصُولِهِ لِمَا يَجُوزُ الْقَصْرُ فِيهِ وَإِنْ رَجَعَ، نَعَمْ قَالَ الْقَاضِي فِي إنْ لَمْ أَخْرُجْ مِنْ مَرْوَ الرُّوذِ لَا بُدَّ مِنْ خُرُوجِهِ مِنْ جَمِيعِ الْقُرَى الْمُضَافَةِ إلَيْهَا اهـ. وَكَأَنَّهُ لِأَنَّ مَرْوَ الرُّوذِ اسْمٌ لِلْجَمِيعِ اهـ (قَوْلُهُ: وَقَعَ طَلْقَتَانِ) أَيْ بِالْقُدُومِ بَعْدَ طَلَاقِهَا فَتَطْلُقُ ثَلَاثًا (قَوْلُهُ: فَيَقَعُ الطَّلَاقُ) أَيْ وَاحِدَةً (قَوْلُهُ: اُشْتُرِطَ تَقْدِيمُ الْمُتَأَخِّرِ) هَذَا إنْ تَقَدَّمَ الْجَزَاءُ عَلَى الشَّرْطَيْنِ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْهُمَا، فَإِنْ تَوَسَّطَ بَيْنَهُمَا كَأَنْ أَكَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَرِبْت رُوجِعَ كَمَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ فِي الْإِيلَاءِ قَالَ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ ثَمَّ وَلَوْ قَالَ عَنْ ظِهَارِي إنْ ظَاهَرْت إلَخْ، وَإِنْ تَوَسَّطَ بَيْنَهُمَا كَمَا هُنَا رُوجِعَ، فَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الثَّانِي تَعَلَّقَ بِالْأَوَّلِ لَمْ يَعْتِقْ الْعَبْدُ إنْ تَقَدَّمَ الْوَطْءُ، أَوْ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الْأَوَّلُ تَعَلَّقَ بِالثَّانِي عِتْقٌ اهـ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ اللَّفْظَ الْمَذْكُورَ) وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّوْجِيهِ أَنَّ مَا ذَكَرَ عِنْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا دَخَلْت الدَّارَ إلَخْ) مُكَرَّرٌ مَعَ مَا مَرَّ فِي حَلِّ الْمَتْنِ بَلْ فِيهِ نَوْعُ مُخَالَفَةٍ لِمَا مَرَّ.

[فصل في أنواع من تعليق الطلاق بالحمل والولادة والحيض]

لَا عَلَيَّ الطَّلَاقُ مَا تَدْخُلِينَ هَذِهِ الدَّارَ فَدَخَلَتْهَا بِالْوُقُوعِ لِأَنَّ اللَّفْظَ الْمَذْكُورَ يُسْتَعْمَلُ فِي الْعُرْفِ لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ، فَلَا النَّافِيَةُ دَاخِلَةٌ فِي التَّقْدِيرِ عَلَى فِعْلٍ يُفَسِّرُهُ الْفِعْلُ الْمَذْكُورُ فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا تَدْخُلِينَ هَذِهِ الدَّارَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ مَا تَدْخُلِينَهَا. (فَصْلٌ) فِي أَنْوَاعٍ مِنْ التَّعْلِيقِ بِالْحَمْلِ وَالْوِلَادَةِ وَالْحَيْضِ وَغَيْرِهَا إذَا (عَلَّقَ) الطَّلَاقَ (بِحَمْلٍ) كَأَنْ قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا فَأَنْت طَالِقٌ (فَإِنْ كَانَ بِهَا حَمْلٌ ظَاهِرٌ) بِأَنْ ادَّعَتْهُ وَصَدَّقَهَا أَوْ شَهِدَ بِهِ رَجُلَانِ فَلَا تَكْفِي شَهَادَةُ النِّسْوَةِ بِهِ، كَمَا لَوْ عَلَّقَ بِوِلَادَتِهَا فَشَهِدْنَ بِهَا لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ ثَبَتَ النَّسَبُ وَالْإِرْثُ لِأَنَّهُ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الْوِلَادَةِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ، نَعَمْ قِيَاسُ مَا مَرَّ أَنَّ أَوَّلَ الصَّوْمِ أَنَّهُنَّ لَوْ شَهِدْنَ بِذَلِكَ وَحُكِمَ بِهِ ثُمَّ عُلِّقَ بِهِ وَقَعَ الطَّلَاقُ، ثُمَّ الْأَصَحُّ عِنْدَهُمَا أَنَّهُ إذَا وُجِدَ ذَلِكَ (وَقَعَ) فِي الْحَالِ بِوُجُودِ الشَّرْطِ إذْ الْحَمْلُ يُعَامَلُ مُعَامَلَةَ الْمَعْلُومِ، وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ مِنْ أَنَّ الْأَكْثَرِينَ عَلَى انْتِظَارِ الْوَضْعِ لِأَنَّ الْحَمْلَ وَإِنْ عُلِمَ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ رُدَّ بِأَنَّ لِلظَّنِّ الْمُؤَكَّدِ حُكْمَ الْيَقِينِ فِي أَكْثَرِ الْأَبْوَابِ، وَكَوْنُ الْعِصْمَةِ ثَابِتَةً بِيَقِينٍ غَيْر مُؤَثِّرٍ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَثِيرًا مَا يُزِيلُونَهَا بِالظَّنِّ الَّذِي أَقَامَهُ الشَّارِعُ مَقَامَ الْيَقِينِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ بِالْحَيْضِ وَقَعَ بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الدَّمِ كَمَا يَأْتِي حَتَّى لَوْ مَاتَتْ قَبْلَ مُضِيِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أُجْرِيَتْ عَلَيْهَا أَحْكَامُ الطَّلَاقِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَإِنْ اُحْتُمِلَ كَوْنُهُ دَمَ فَسَادٍ. (وَإِلَّا) بِأَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْإِطْلَاقِ فَإِنْ قَصَدَ أَنَّهَا لَا يَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ إنْ دَخَلَتْ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ شَيْءٌ بِدُخُولِهَا وَيُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ ظَاهِرًا لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لِمَا ذَكَرَهُ. . (فَصْلٌ) فِي أَنْوَاعٍ مِنْ التَّعْلِيقِ بِالْحَمْلِ وَالْوِلَادَةِ (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهَا) كَالتَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ وَبِفِعْلِهِ أَوْ فِعْلِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا) . [فَرْعٌ] لَوْ عَلَّقَ بِالْحَمْلِ وَكَانَتْ حَامِلًا بِغَيْرِ آدَمِيٍّ فَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْوَجْهُ الْوُقُوعُ لِأَنَّ الْحَمْلَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَشْمَلُ غَيْرَ الْآدَمِيِّ اهـ سم. وَيَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ فِي مَعْرِفَةِ أَصْلِ الْحَمْلِ وَمِقْدَارِهِ، فَإِنْ وَلَدَتْ لِأَقَلِّ مَا هُوَ مُعْتَادٌ عِنْدَهُمْ طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: فَلَا تَكْفِي شَهَادَةُ النِّسْوَةِ) أَيْ وَلَوْ أَرْبَعًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ ثُبُوتَ النَّسَبِ وَالْإِرْثِ (قَوْلُهُ: لَوْ شَهِدْنَ بِذَلِكَ) أَيْ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: وَقَعَ فِي الْحَالِ) أَيْ ظَاهِرًا، فَلَوْ تَحَقَّقَتْ انْتِفَاءَ الْحَمْلِ بِأَنْ مَضَى أَرْبَعُ سِنِينَ مِنْ التَّعْلِيقِ وَلَمْ تَلِدْ تَبَيَّنَ عَدَمُ وُقُوعِهِ كَمَا لَوْ عَلَّقَ بِالْحَيْضِ فَرَأَتْ الدَّمَ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ، وَإِذَا انْقَطَعَ قَبْلَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ تَبَيَّنَ عَدَمُ وُقُوعِهِ، وَعَلَى هَذَا فَلَوْ ادَّعَتْ الْإِجْهَاضَ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَرْبَعِ هَلْ تُقْبَلُ وَيُحْكَمُ اسْتِمْرَارُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ لِأَنَّهُ وَقَعَ ظَاهِرًا مَعَ احْتِمَالِ مَا ادَّعَتْهُ أَوْ لَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ إجْهَاضِهَا وَالْعِصْمَةُ مُحَقَّقَةٌ، وَإِنَّمَا كُنَّا أَوْقَعْنَا الطَّلَاقَ نَظَرًا لِلظَّاهِرِ. فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِمَا سَبَقَ مِنْ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ لِلظَّنِّ الْمُؤَكَّدِ) أَيْ بِأَنْ اسْتَنَدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصَلِّ فِي أَنْوَاع مِنْ تَعْلِيق الطَّلَاق بالحمل وَالْوِلَادَة والحيض] فَصْلٌ) فِي أَنْوَاعٍ مِنْ التَّعْلِيقِ بِالْحَمْلِ وَالْوِلَادَةِ وَالْحَيْضِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الْوِلَادَةِ) أَيْ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَذْكُورَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْأَصَحُّ عِنْدَهُمَا إلَخْ.) يَلْزَمُ مِنْ الدُّخُولِ بِهَذَا عَلَى الْمَتْنِ ضَيَاعُ جَوَابِ الشَّرْطِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ إذَا وُجِدَ ذَلِكَ) أَيْ التَّصْدِيقُ أَوْ شَهَادَةُ الرَّجُلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَ) أَيْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي بَعْدَهُ

لَمْ يَظْهَرْ حَمْلٌ حَلَّ لَهُ الْوَطْءُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحَمْلِ، نَعَمْ يُسَنُّ تَرْكُهُ إلَى اسْتِبْرَائِهَا بِقُرْءٍ احْتِيَاطًا (فَإِنْ وَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ التَّعْلِيقِ) أَيْ مِنْ آخِرِهِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ قُدُومِ زَيْدٍ بِشَهْرٍ (بِأَنَّ وُقُوعَهُ) لِتَحَقُّقِ وُجُودِ الْحَمْلِ حِينَ التَّعْلِيقِ لِاسْتِحَالَةِ حُدُوثِهِ لِمَا مَرَّ أَنَّ أَقَلَّهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ، وَمُنَازَعَةُ ابْنِ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ السِّتَّةَ مُعْتَبَرَةٌ لِحَيَاتِهِ لَا لِكَمَالِهِ لِأَنَّ الرُّوحَ تُنْفَخُ فِيهِ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ كَمَا فِي الْخَبَرِ مَرْدُودَةٌ بِأَنَّ لَفْظَ الْخَبَرِ «ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ الْمَلَكَ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ» وَثُمَّ تَقْتَضِي تَرَاخِيَ النَّفْخِ عَنْ الْأَرْبَعَةِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ مُدَّةٍ لَهُ، فَأُنِيطَ بِمَا اسْتَنْبَطَهُ الْفُقَهَاءُ مِنْ الْقُرْآنِ أَنَّ أَقَلَّ مُدَّةَ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ (أَوْ) وَلَدَتْهُ (لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ) مِنْ التَّعْلِيقِ وُطِئَتْ أَوَّلًا (أَوْ بَيْنَهُمَا) يَعْنِي السِّتَّةَ وَالْأَرْبَعَ سِنِينَ (وَوُطِئَتْ) بَعْدَ التَّعْلِيقِ أَوْ مَعَهُ مِنْ زَوْجٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَأَمْكَنَ حُدُوثُهُ بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الْوَطْءِ بِأَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَضْعِهِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ (فَلَا) طَلَاقَ فِيهِمَا لِلْعِلْمِ بِعَدَمِهِ عِنْدَ التَّعْلِيقِ فِي الْأُولَى وَلِجَوَازِ حُدُوثِهِ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ الْوَطْءِ مَعَ بَقَاءِ أَصْلِ الْعِصْمَةِ. (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تُوطَأْ بَعْدَ التَّعْلِيقِ أَوْ وُطِئَتْ وَوَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَطْءِ (فَالْأَصَحُّ وُقُوعُهُ) لِتَبَيُّنِ الْحَمْلِ ظَاهِرًا وَلِهَذَا ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ، وَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِالْوُقُوعِ بَاطِنًا إذَا عُرِفَ أَنَّهُ لَمْ يَطَأْهَا بَعْدَ الْحَلِفِ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ التَّعْلِيقَ عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ مِنْهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ عَلَى مُطْلَقِهِ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، وَعُلِمَ مِمَّا قَرَرْنَاهُ أَنَّ السِّتَّةَ مُلْحَقَةٌ بِمَا فَوْقَهَا وَالْأَرْبَعَ بِمَا دُونَهَا كَمَا مَرَّ فِي الْوَصَايَا. وَالثَّانِي لَا يَقَعُ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِ الْحَمْلِ بَعْدَ التَّعْلِيقِ بِاسْتِدْخَالِ مَنِيِّهِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ، وَلَوْ وَطِئَهَا وَبَانَتْ حَامِلًا فَهُوَ شُبْهَةٌ يَجِبُ بِهِ الْمَهْرُ لَا الْحَدُّ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا وَهُوَ قَبْلَ التَّعْلِيقِ كَافٍ، فَإِنْ قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ إنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلًا فَأَنْت طَالِقٌ وَهِيَ ـــــــــــــــــــــــــــــSإلَى شَيْءٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَخْ) . (فَرْعٌ) هَلْ تَشْمَلُ الْوِلَادَةُ خُرُوجَ الْوَلَدِ مِنْ غَيْرِ الطَّرِيقِ الْمُعْتَادِ لِخُرُوجِهِ كَمَا لَوْ شُقَّ فَخَرَجَ الْوَلَدُ مِنْ الشَّقِّ أَوْ خَرَجَ الْوَلَدُ مِنْ فَمِهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَتَّجِهُ الشُّمُولُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْوِلَادَةِ انْفِصَالُ الْوَلَدِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم. وَلَوْ قِيلَ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ لِانْصِرَافِ الْوِلَادَةِ لُغَةً وَعُرْفًا لِخُرُوجِ الْوَلَدِ مِنْ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ لَمْ يَبْعُدْ (قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ آخِرِهِ) وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ هُنَا آخِرُ أَوْقَاتِ إمْكَانِ اجْتِمَاعِهِ بِهَا لِأَنَّ التَّعْلِيقَ لَيْسَ عَلَى الْحَمْلِ مِنْهُ بَلْ عَلَيْهِ مُطْلَقًا فَلَمْ يُعْتَبَرْ مَا قَبْلَ الْآخِرِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ أَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ فِيمَا قَبْلَ فَرَاغِ التَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ وَعُلِمَ مِمَّا قَرَرْنَاهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ أَيْ السِّتَّةَ وَالْأَرْبَعَ سِنِينَ (قَوْلُهُ: يَجِبُ بِهِ الْمَهْرُ لَا الْحَدُّ) وَكَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ قِيلَ فِيهِ بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ ظَاهِرًا مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْوَطْءُ وَإِذَا تَبَيَّنَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بَعْدُ فَهُوَ وَطْءُ شُبْهَةٍ يَجِبُ لَهُ الْمَهْرُ لَا الْحَدُّ، وَكَذَا لَوْ حُرِّمَ الْوَطْءُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمُنَازَعَةُ ابْنِ الرِّفْعَةِ إلَخْ.) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَنَازَعَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيمَا إذَا وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مَعَ قِيَامِ الْوَطْءِ وَقَالَ: إنَّ كَمَالَ الْوَلَدِ وَنَفْخَ الرُّوحِ فِيهِ يَكُونُ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَمَا شَهِدَ بِهِ الْخَبَرُ فَإِذَا أَتَتْ لِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ مَثَلًا احْتَمَلَ الْعُلُوقُ بِهِ بَعْدَ التَّعْلِيقِ. قَالَ: وَالسِّتَّةُ أَشْهُرٍ مُعْتَبَرَةٌ لِحَيَاةِ الْوَلَدِ غَالِبًا (قَوْلُهُ: مَرْدُودَةٌ بِأَنَّ لَفْظَ الْخَبَرِ إلَخْ.) وَأَجَابَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَلَدِ فِي قَوْلِهِمْ أَوْ وَلَدَتْهُ الْوَلَدَ التَّامَّ (قَوْلُهُ: أَيْ: السِّتَّةَ وَالْأَرْبَعَ سِنِينَ) الْمُنَاسِبُ لِطَرِيقَتِهِ الْآتِيَةِ مِنْ إلْحَاقِ الْأَرْبَعِ سِنِينَ بِمَا دُونَهَا أَنْ يَبْقَى الْمَتْنُ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ مَرْجِعِ الضَّمِيرِ بِأَنْ يَقُولَ: أَيْ السِّتَّةَ وَالْأَكْثَرَ مِنْ الْأَرْبَعِ وَقَدْ تَبِعَ فِي هَذَا الْحَلِّ الشِّهَابَ حَجّ لَكِنَّ ذَاكَ إنَّمَا عَدَلَ إلَيْهِ عَنْ ظَاهِرِ الْمَتْنِ لِيَتَمَشَّى عَلَى طَرِيقَتِهِ مِنْ إلْحَاقِ الْأَرْبَعِ بِمَا فَوْقَهَا كَمَا نَبَّهَ هُوَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ إلَخْ.) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الَّذِي عُلِمَ مِنْ تَقْرِيرِهِ إنَّمَا هُوَ إلْحَاقُ الْأَرْبَعِ بِمَا فَوْقَهَا لَا بِمَا دُونَهَا (قَوْلُهُ: مَنِيِّهِ) يَعْنِي: الزَّوْجِ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا ذَكَرَهُ قَرِيبًا وَكَانَ الْأَوْضَحُ تَنْكِيرَ الْمَنِيِّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا) الْمُنَاسِبُ فِي الْغَايَةِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا إنْ كَانَ غَايَةً لِكَوْنِ الْوَطْءِ شُبْهَةً لَا تُوجِبُ الْحَدَّ، فَإِنْ كَانَ غَايَةً لِلْمَهْرِ فَقَطْ فَالْمُنَاسِبُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَبْلَ التَّعْلِيقِ كَافٍ) كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُمَهِّدَ قَبْلَهُ بِذِكْرِ نُدِبَ

مِمَّنْ تَحْمِلُ حَرُمَ وَطْؤُهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ، وَهُوَ مُوجِبٌ لِلطَّلَاقِ ظَاهِرًا فَتُحْسَبُ الْحَيْضَةُ أَوْ الشَّهْرُ مِنْ الْعِدَّةِ لَا أَنَّ اسْتِبْرَائِهَا قَبْلَ التَّعْلِيقِ، فَإِنْ وَلَدَتْ وَلَوْ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ فَالْحُكْمُ فِي تَبَيُّنِ الطَّلَاقِ وَعَدَمِهِ بِعَكْسِ مَا سَبَقَ، فَلَوْ وَطِئَهَا وَبَانَتْ مُطَلَّقَةً مِنْهُ لَزِمَهُ الْمَهْرُ لَا الْحَدُّ، فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ آيِسَةً طَلُقَتْ حَالًا، وَلَوْ قَالَ إنْ أَحْبَلْتك فَأَنْت طَالِقٌ فَالتَّعْلِيقُ بِمَا يَحْدُثُ مِنْ الْحَمْلِ فَكُلَّمَا وَطِئَهَا وَجَبَ اسْتِبْرَاؤُهَا، وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ بِعَدَمِ وُجُوبِهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْوَطْءَ هُنَا سَبَبٌ ظَاهِرٌ فِي حُصُولِ الصِّفَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ، أَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَحْبَلِي فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَيْأَسَ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ. (وَإِنْ) (قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا بِذَكَرٍ) أَوْ إنْ كَانَ فِي بَطْنِك ذَكَرٌ (فَطَلْقَةً) بِالنَّصْبِ أَيْ فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً (أَوْ أُنْثَى فَطَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْهُمَا) مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا وَكَانَ مَا بَيْنَهُمَا دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ (وَقَعَ ثَلَاثٌ) لِتَحَقُّقِ الصِّفَتَيْنِ، فَإِنْ وَلَدَتْ أَحَدَهُمَا وَقَعَ الْمُعَلَّقُ بِهِ، أَوْ خُنْثَى وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ حَالًا وَوَقَفَتْ الثَّانِيَةُ إلَى تَبَيُّنِ حَالِهِ وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ بِالْوِلَادَةِ لِأَنَّهَا طَلُقَتْ بِاللَّفْظِ، بِخِلَافِهِ فِيمَا يَأْتِي فِي إنْ وَلَدْت أَوْ أُنْثَى وَخُنْثَى فَثِنْتَانِ وَتُوقَفُ الثَّالِثَةُ لِتَبَيُّنِ حَالِ الْخُنْثَى، وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِالْوِلَادَةِ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ مِنْ حِينِ اللَّفْظِ كَمَا مَرَّ، وَشَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ حَالَ الْحَلِفِ عَلَقَةً أَوْ مُضْغَةً لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَجْرَى عَلَيْهِ حُكْمَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فِي قَوْله تَعَالَى {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} [النساء: 11] مَعَ أَنَّ الْيَمِينَ ـــــــــــــــــــــــــــــSلِلتَّرَدُّدِ فِي الْوُقُوعِ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا فَأَنْت طَالِقٌ إذَا وَطِئَ ثُمَّ تَبَيَّنَ الْوُقُوعُ يَجِبُ الْمَهْرُ لَا الْحَدُّ لِلشُّبْهَةِ، وَقَوْلُهُ وَهُوَ: أَيْ الِاسْتِبْرَاءُ (قَوْلُهُ حُرِّمَ وَطْؤُهَا) أَيْ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ التَّعْلِيقِ) أَيْ فَلَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ بِقُرْءٍ (قَوْلُهُ: بِعَكْسِ مَا سَبَقَ) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ وَلَدَتْ لِدُونِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الْمَهْرُ لَا الْحَدُّ) أَيْ وَلَكِنَّهُ يُعَزَّرُ إنْ وَطِئَ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ (قَوْلُهُ: بِعَدَمِ وُجُوبِهِ) أَيْ الِاسْتِبْرَاءِ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ) أَيْ مَا لَمْ يُرِدْ الْفَوْرَ كَسَنَةٍ أَوْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَتِهِ وَإِلَّا فَيَقَعُ عِنْدَ فَوَاتِ مَا أَرَادَهُ أَوْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَلَدَتْ أَحَدَهُمَا) [فَرْعٌ] قَالَ الشَّارِحُ فِي الْوَصِيَّةِ: لَوْ قَالَ إنْ كَانَ حَمْلُك ذَكَرًا أَوْ قَالَ إنْ كَانَ حَمْلُك أُنْثَى فَوَلَدَتْ ذَكَرَيْنِ فَأَكْثَرَ أَوْ أُنْثَيَيْنِ فَأَكْثَرَ قُسِّمَ بَيْنَهُمَا أَوْ بَيْنَهُمْ أَوْ بَيْنَهُنَّ بِالسَّوِيَّةِ، وَفِي إنْ كَانَ حَمْلُهَا ابْنًا أَوْ بِنْتًا فَلَهُ كَذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا شَيْءٌ وَفَارَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى بِأَنَّهُمَا اسْمَا جِنْسٍ يَقَعَانِ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، بِخِلَافِ الِابْنِ وَالْبِنْتِ اهـ: أَيْ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا خَاصٌّ بِالْوَاحِدِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ حَمْلُك أَوْ مَا فِي بَطْنِك ابْنًا أَوْ بِنْتًا فَأَتَتْ بِابْنَيْنِ أَوْ بِنْتَيْنِ لَمْ تَطْلُقْ، وَمِنْ هَذَا يَتَخَرَّجُ الْجَوَابُ عَنْ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا أَتَتْ زَوْجَتُهُ فِي بُطُونٍ مُتَعَدِّدَةٍ بِإِنَاثٍ فَقَالَ لَهَا إنْ وَلَدَتْ بِنْتًا فَأَنْت طَالِقٌ فَوَلَدَتْ بِنْتَيْنِ هُوَ أَنَّهُ لَا وُقُوعَ لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ مُسَمَّى الْبِنْتِ وَاحِدَةٌ لَا أَكْثَرُ (قَوْلُهُ: لِتَبَيُّنِ حَالِ الْخُنْثَى) أَيْ فَإِنْ بَانَ ذَكَرًا وَقَعَتْ الثَّالِثَةُ حَالًا أَوْ أُنْثَى لَمْ يَزِدْ عَلَى الطَّلْقَتَيْنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَصْدُقْ أَنَّهَا حَامِلٌ بِذَكَرٍ وَصَدَقَ بِأُنْثَى وَإِنْ تَعَدَّدَتْ (قَوْلُهُ وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِالْوِلَادَةِ) أَيْ بِوِلَادَةِ أُنْثَى وَخُنْثَى (قَوْلُهُ: أَوْ مُضْغَةً) أَيْ أَوْ نُطْفَةً عَلَى مَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ الْآتِي وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ كَانَ ذَكَرًا إلَخْ، وَقَدْ يُفْهَمُ أَنَّهَا لَوْ أَلْقَتْ مُضْغَةً أَوْ عَلَقَةً حَالًا وَصِيغَتُهُ مَا ذَكَرَ وُقُوعُ طَلْقَةٍ لِأَنَّهَا الْمُحَقَّقُ لِعَدَمِ خُلُوِّهِ عَمَّا ذَكَرَ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُرَاجَعْ، فَلَوْ لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَهُمَا فِي تَعْلِيقِهِ كَأَنْ قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا بِذَكَرٍ فَأَنْت طَالِقٌ فَأَلْقَتْ عَلَقَةً أَوْ مُضْغَةً لَمْ يُعْلَمْ هَلْ هِيَ أَصْلُ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ لِلشَّكِّ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالِاسْتِبْرَاءُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُوجَبٌ إلَخْ.) الضَّمِيرُ فِيهِ لِلِاسْتِبْرَاءِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ وَطِئَهَا وَبَانَتْ مُطَلَّقَةً مِنْهُ لَزِمَهُ الْمَهْرُ لَا الْحَدُّ) شَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ كَانَ الْوَطْءُ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ مَعَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْحُكْمُ بِعَدَمِ الْحَدِّ فِيمَا إذَا كَانَ الْوَطْءُ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ مَعَ الْحُكْمِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ حِينَئِذٍ لَا يَخْلُو عَنْ إشْكَالٍ (قَوْلُهُ: حَتَّى تَيْأَسَ) اُنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ تَبْلُغُ سِنَّ الْيَأْسِ أَوْ الْمُرَادُ يَحْصُلُ الْيَأْسُ بِنَحْوِ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَجْرَى عَلَيْهِ إلَخْ.) أَيْ لِأَنَّ الْآيَةَ شَمَلَتْ مَا إذَا

لَا تَنْزِلُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْأَيْمَانِ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى مِنْ حِينِ وُقُوعِ النُّطْفَةِ فِي الرَّحِمِ وَبِالتَّخْطِيطِ ظَهَرَ ذَلِكَ وَأَوْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَفِيمَا بَعْدُ بِمَعْنَى الْوَاوِ (أَوْ) قَالَ (إنْ كَانَ حَمْلُك) أَوْ مَا فِي بَطْنِك (ذَكَرًا فَطَلْقَةً) أَيْ فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً (أَوْ أُنْثَى فَطَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْهُمَا) (لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ) لِأَنَّ قَضِيَّةَ اللَّفْظِ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ الْحَمْلِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَلَوْ أَتَتْ بِذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ، فَالْأَشْبَهُ فِي الرَّافِعِيِّ الْوُقُوعُ فَيَقَعُ بِالذَّكَرَيْنِ طَلْقَةً وَبِالْأُنْثَيَيْنِ ثِنْتَيْنِ أَوْ خُنْثَى وَذَكَرٍ وُقِفَ الْحَالُ، فَإِنْ تَبَيَّنَ كَوْنُ الْخُنْثَى ذَكَرًا فَوَاحِدَةً أَوْ أُنْثَى لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ أَوْ خُنْثَى وَأُنْثَى وُقِفَ أَيْضًا، فَإِنْ بَانَ الْخُنْثَى أُنْثَى فَطَلْقَتَيْنِ أَوْ ذَكَرًا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ. (أَوْ) قَالَ (إنْ وَلَدْت فَأَنْت طَالِقٌ) طَلُقَتْ بِانْفِصَالِ مَا تَمَّ تَصْوِيرُهُ، وَلَوْ مَيِّتًا وَسَقْطًا، فَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ تَمَامِ خُرُوجِهِ لَمْ تَطْلُقْ، وَإِذَا كَانَ التَّعْلِيقُ بِالْوِلَادَةِ (فَوَلَدَتْ اثْنَيْنِ مُرَتَّبًا طَلُقَتْ بِالْأَوَّلِ) مِنْهُمَا لِوُجُودِ الصِّفَةِ (وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالثَّانِي) إنْ لَحِقَ الزَّوْجُ وَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ حَمْلِ الْأَوَّلِ بِأَنْ كَانَ بَيْنَ وَضْعِهِمَا دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَمْ مِنْ حَمْلِ آخَرَ بِأَنْ وَطِئَهَا بَعْدَ وِلَادَتِهَا الْأَوَّلَ وَأَتَتْ بِالثَّانِي لِأَرْبَعِ سِنِينَ وَخَرَجَ بِمُرَتَّبًا مَا لَوْ وَلَدَتْهُمَا مَعًا فَإِنَّهَا وَإِنْ طَلُقَتْ وَاحِدَةً لَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِهِمَا وَلَا بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، بَلْ تَشْرَعُ فِي الْعِدَّةِ مِنْ وَضْعِهِمْ. (وَإِنْ) (قَالَ كُلَّمَا وَلَدْتِ) وَلَدًا فَأَنْت طَالِقٌ (فَوَلَدَتْ ثَلَاثَةً مِنْ حَمْلٍ) مُرَتَّبًا (وَقَعَ بِالْأَوَّلَيْنِ طَلْقَتَانِ) لِاقْتِضَاءِ كُلَّمَا التَّكْرَارَ (وَانْقَضَتْ) عِدَّتُهَا (بِالثَّالِثِ) لِتَبَيُّنِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ (وَلَا تَقَعُ بِهِ ثَالِثَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ) إذْ بِهِ يَتِمُّ انْفِصَالُ الْحَمْلِ الَّذِي تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ فَلَا يُقَارِنُهُ طَلَاقٌ، وَلِهَذَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ مَوْتِي لَمْ يَقَعُ بِمَوْتِهِ لِأَنَّهُ وَقْتُ انْتِهَاءِ النِّكَاحِ، أَوْ قَالَ لِغَيْرِ مَوْطُوءَةٍ إذَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَطَلَّقَ لَمْ تَقَعْ أُخْرَى لِمُصَادِفَتِهَا الْبَيْنُونَةَ. وَالثَّانِي تَقَعُ بِهِ طَلْقَةٌ ثَالِثَةٌ وَتَعْتَدُّ بَعْدَهُ بِالْأَقْرَاءِ، فَإِنْ وَلَدَتْهُمْ مَعًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا إنْ نَوَى وَلَدًا وَإِلَّا فَوَاحِدَةً كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ، وَتَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ فَإِنْ وَلَدَتْ أَرْبَعًا مُرَتَّبًا وَقَعَ ثَلَاثٌ بِوِلَادَةِ ثَلَاثٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى) جَزَمَ بِهِ حَجّ مُعَلِّلًا لَهُ بِأَنَّ التَّخْطِيطَ يُظْهِرُ مَا كَانَ كَامِنًا (قَوْلُهُ: أَوْ ذَكَرًا) بَقِيَ مَا لَوْ وَلَدَتْ خُنْثَى فَقَطْ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ أَنْ تَقَعَ طَلْقَةً وَتُوقَفَ الْأُخْرَى. (قَوْلُهُ وَسَقْطًا) قَدْ يُشْكِلُ الْوُقُوعُ بِالسَّقْطِ لِقَوْلِهِمْ فِي الْجَنَائِزِ السَّقْطُ هُوَ النَّازِلُ قَبْلَ تَمَامِ أَشْهُرِهِ وَالْوَلَدُ بِخِلَافِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَاكَ تَفْسِيرٌ لَهُ بِحَسَبِ أَصْلِ اللُّغَةِ وَمَا هُنَا بَنَوْهُ عَلَى الْعُرْفِ (قَوْلُهُ: أَمْ مِنْ حَمْلٍ آخَرَ) أَيْ وَإِنَّمَا قُلْنَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِتَقْدِيرِ كَوْنِ الْحَمْلِ مِنْ وَطْءٍ آخَرَ لِأَنَّهُ بِالْوِلَادَةِ الْأُولَى وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ، ثُمَّ إنْ وَطِئَ عَالِمًا بِالطَّلَاقِ فَحَرَامٌ وَإِلَّا فَلَا، وَعَلَى كُلٍّ فَوَطْؤُهُ شُبْهَةٌ تَجِبُ فِيهَا الْعِدَّةُ وَتَلِيهَا عِدَّةُ الطَّلَاقِ وَهُمَا لِشَخْصٍ وَاحِدٍ فَيَتَدَاخَلَانِ وَحَيْثُ تَدَاخَلَتَا انْقَضَتَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ كُلَّمَا وَلَدْتِ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: أَوْ كُلَّمَا وَلَدْتِ وَلَدًا فَوَلَدَتْ فِي بَطْنٍ ثَلَاثَةً مَعًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا اهـ وَقَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِوَلَدٍ أَنَّهُ عِنْدَ حَذْفِهِ لَا تَطْلُقُ ثَلَاثًا إذَا وَلَدَتْ ثَلَاثَةً مَعًا لِأَنَّهُ وِلَادَةٌ وَاحِدَةٌ، وَقَوْلُهُ مُرَتَّبًا فِي تَجْرِيدِ الْمُزَجَّدِ: إذَا قَالَ كُلَّمَا وَلَدَتْ وَلَدًا فَأَنْت طَالِقٌ فَوَلَدَتْ ثَلَاثَةً مُتَعَاقِبِينَ وَكَانَ بَيْنَ الْوَلَدِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ فَالثَّالِثُ حَمْلٌ حَادِثٌ لَا يَلْحَقُهُ وَتَكُونُ الْعِدَّةُ قَدْ انْقَضَتْ بِالْحَمْلِ الثَّانِي اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ فَتَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ مِنْ حَمْلٍ احْتِرَازًا ـــــــــــــــــــــــــــــQمَاتَ وَالْحَمْلُ كَذَلِكَ وَانْظُرْ حُكْمَ النُّطْفَةِ (قَوْلُهُ: وَسِقْطًا) لَا يُشْكِلُ هَذَا بِمَا مَرَّ فِي الْجَنَائِزِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى وَلَدًا إلَّا بَعْدَ تَمَامِ أَشْهُرِهِ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ، إذْ لَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ اسْمِ الْوِلَادَةِ وَاسْمِ الْوَلَدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَلَدًا) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إنْ نَوَى وَلَدًا إلَخْ.) لَا يَتَأَتَّى مَعَ تَصْوِيرِهِ الْمَتْنَ بِمَا إذَا قَالَ وَلَدًا، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ هُنَا: أَمَّا لَوْ وَلَدَتْهُمْ مَعًا، فَيَقَعُ الثَّلَاثُ وَتَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ هُنَا وَلَدًا وَلَا نَوَاهُ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا وَقَعَتْ

وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالرَّابِعِ، أَوْ وَلَدَتْ اثْنَيْنِ وَقَعَتْ طَلْقَةٌ وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالثَّانِي وَلَا تَقَعُ بِهِ ثَانِيَةٌ لِمَا مَرَّ. (وَلَوْ) (قَالَ لِأَرْبَعٍ) حَوَامِلَ مِنْهُ (كُلَّمَا وَلَدَتْ وَاحِدَةٌ) مِنْكُنَّ فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ (فَوَلَدْنَ مَعًا) (طَلُقْنَ) أَيْ وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ (ثَلَاثًا ثَلَاثًا) لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثَ صَوَاحِبَ فَتَقَعُ بِوِلَادَةِ كُلٍّ عَلَى مَنْ عَدَاهَا طَلْقَةً طَلْقَةً لَا عَلَى نَفْسِهَا شَيْءٌ وَيَعْتَدِدْنَ جَمِيعًا بِالْأَقْرَاءِ، وَصَوَاحِبُ جَمْعُ صَاحِبَةٍ كَضَارِبَةٍ وَضَوَارِبَ، وَتُجْمَعُ أَيْضًا صَاحِبَةٌ عَلَى صَاحِبَاتٍ وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ، وَتَكْرِيرُ الْمُصَنِّفِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا لِرَفْعِ احْتِمَالِ إرَادَةِ طَلَاقِ الْمَجْمُوعِ ثَلَاثًا، وَيُعْتَبَرُ انْفِصَالُ جَمِيعِ الْوَلَدِ وَلَوْ سَقْطًا كَمَا مَرَّ، فَإِنْ أَسْقَطَتْ مَا لَمْ يَبِنْ فِيهِ خَلْقُ آدَمِيٍّ تَامًّا لَمْ تَطْلُقْ. قَالَ الشَّيْخُ: قِيلَ وَتَعْلِيقُهُمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِكُلَّمَا مِثَالٌ فَإِنْ وَغَيْرُهَا مِنْ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ كَذَلِكَ، وَهُوَ مَرْدُودٌ بِمَنْعِهِ لِأَنَّ غَيْرَ كُلَّمَا مِنْ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ لَا يَقْتَضِي تَكْرَارًا فَلَا يَقَعُ فِي التَّعْلِيقِ بِهِ طَلَاقٌ بَعْدَ وُقُوعِ الْأَوَّلِ، أَمَّا مَنْ أَلْحَقَ بِكُلَّمَا أَيَّتَكُنَّ فِي الْحُكْمِ فَمَمْنُوعٌ لِأَنَّهَا وَإِنْ أَفَادَتْ الْعُمُومَ لَكِنْ لَا تُفِيدُ تَكْرَارًا (أَوْ) وَلَدْنَ (مُرَتَّبًا) بِحَيْثُ لَا تَنْقَضِي عِدَّةُ وَاحِدَةٍ بِأَقْرَائِهَا قَبْلَ وِلَادَةِ الْأُخْرَى (طَلُقَتْ الرَّابِعَةُ ثَلَاثًا) بِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْ صَوَاحِبِهَا الثَّلَاثِ طَلْقَةً إنْ بَقِيَتْ عِدَّتُهَا وَانْقَضَتْ بِوِلَادَتِهَا. (وَكَذَا الْأُولَى) طَلُقَتْ ثَلَاثًا بِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْ صَوَاحِبِهَا الثَّلَاثَةِ طَلْقَةً (إنْ بَقِيَتْ عِدَّتُهَا) عِنْدَ وِلَادَةِ الرَّابِعَةِ وَتَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ، وَلَا تَسْتَأْنِفُ عِدَّةَ الطَّلْقَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ بَلْ تَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنْ عِدَّتِهَا (وَ) طَلُقَتْ (الثَّانِيَةُ طَلْقَةً) بِوِلَادَةِ الْأُولَى (وَالثَّالِثَةُ طَلْقَتَيْنِ) بِوِلَادَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ (وَانْقَضَتْ عِدَّتُهُمَا بِوِلَادَتِهِمَا) فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِمَا طَلَاقٌ بِوِلَادَةِ مَنْ بَعْدَهُمَا وَمَحَلُّ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَتَأَخَّرْ وَضْعُ ثَانِي تَوْأَمَيْهِمَا إلَى وِلَادَةِ الرَّابِعَةِ وَإِلَّا طَلُقَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا ثَلَاثًا ثَلَاثًا (وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ الْأُولَى) أَصْلًا (وَتَطْلُقُ الْبَاقِيَاتُ طَلْقَةً طَلْقَةً) بِوِلَادَةِ الْأُولَى لِأَنَّهُنَّ صَوَاحِبُهَا عِنْدَ وِلَادَتِهَا لِاشْتِرَاكِ الْجَمِيعِ فِي الزَّوْجِيَّةِ حِينَئِذٍ وَبِطَلَاقِهِنَّ انْقَضَتْ الصُّحْبَةُ بَيْنَ الْجَمِيعِ فَلَا تُؤَثِّرُ وِلَادَتُهُنَّ فِي حَقِّ الْأُولَى وَلَا وِلَادَةُ بَعْضِهِنَّ فِي حَقِّ بَعْضِ الْأُوَلِ وَرُدَّ بِأَنَّ الصُّحْبَةَ لَا تَفِي بِالطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ لِبَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ بِطَلَاقِ نِسَائِهِ دَخَلَتْ فِيهِ الرَّجْعِيَّةُ (وَإِنْ وَلَدَتْ ثِنْتَانِ مَعًا ثُمَّ) وَلَدَتْ (ثِنْتَانِ مَعًا طَلُقَتْ الْأُولَيَانِ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (ثَلَاثًا ثَلَاثًا) طَلْقَةٌ بِوِلَادَةِ مَنْ وَلَدَ مَعَهَا وَطَلْقَتَانِ بِوِلَادَةِ الْأُخْرَيَيْنِ وَلَا يَقَعُ عَلَى الْأُخْرَيَيْنِ بِوِلَادَتِهِمَا شَيْءٌ. (وَقِيلَ) طَلُقَتْ كُلٌّ مِنْهَا (طَلْقَةً) فَقَطْ بِوِلَادَةِ رَفِيقَتِهَا وَانْتَفَتْ الصُّحْبَةُ مِنْ حِينَئِذٍ (وَالْأُخْرَيَانِ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ) فَتَطْلُقُ كُلٌّ مِنْهُمَا طَلْقَتَيْنِ بِوِلَادَةِ الْأُولَيَيْنِ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِمَا بِوِلَادَةِ الْأُخْرَى شَيْءٌ وَتَنْقَضِي عِدَّتُهُمَا بِوِلَادَتِهِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSعَنْ مِثْلِ هَذَا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ إذْ بِهِ يَتِمُّ الْفِصَالُ إلَخْ. (قَوْلُهُ حَوَامِلَ مِنْهُ) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِوِلَادَتِهَا وَإِلَّا فَالْحُكْمُ مِنْ حَيْثُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ لَا يَتَقَيَّدُ (قَوْلُهُ: تَامًّا) أَيْ الْخَلْقُ (قَوْلُهُ: قَالَ الشَّيْخُ إلَخْ) أَيْ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَنْهَجِ هُنَا، وَإِلَّا فَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ أَنَّ هَذَا لِلْوَلِيِّ الْعِرَاقِيِّ، وَأَنَّ الشَّيْخَ رَدَّهُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَاحِدَةٌ فَقَطْ (قَوْلُهُ: حَوَامِلَ مِنْهُ) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي وَانْقَضَتْ عِدَّتُهُمَا بِوِلَادَتِهِمَا (قَوْلُهُ: عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ) فِيهِ حَزَازَةٌ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا (قَوْلُهُ: لَا عَلَى نَفْسِهَا شَيْءٌ) الْأَوْلَى حَذْفُ لَفْظِ شَيْءٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَسْقَطَتْ) أَيْ: الْحَوَامِلُ (قَوْلُهُ: بَعْدَ وُقُوعِ الْأَوَّلِ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ مَعَ أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الْمَعِيَّةِ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَنْ أُلْحِقَ بِكُلَّمَا إلَخْ) فِي التَّعْبِيرِ بِأَمَّا هُنَا مَعَ دُخُولِ مَا بَعْدَهَا فِيمَا قَبْلَهَا قَلَاقَةٌ وَإِيهَامٌ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا تَنْقَضِي عِدَّةٌ وَاحِدَةٌ بِأَقْرَائِهَا إلَخْ) لَا مَعْنَى لَهُ هُنَا مَعَ فَرْضِهِ الْمَسْأَلَةَ فِيمَا إذَا كُنَّ حَوَامِلَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَلَا تُؤَثِّرُ وِلَادَتُهُنَّ إلَخْ.) عِبَارَةُ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ: فَلَا تُؤَثِّرُ وِلَادَتُهُنَّ فِي حَقِّ الْأُولَى وَوِلَادَةُ بَعْضِهِنَّ فِي حَقِّ بَعْضِهِنَّ (قَوْلُهُ: أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا) فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَلَا يَقَعُ عَلَى الْأُخْرَيَيْنِ بِوِلَادَتِهِمَا) أَيْ أَنْفُسِهِمَا شَيْءٌ لَا مَوْقِعَ لَهُ هُنَا مَعَ أَنَّهُ سَيَذْكُرُهُ أَيْضًا فِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِمَا بِوِلَادَةِ الْأُخْرَى شَيْءٌ) يَعْنِي: وَلَا يَقَعُ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِوِلَادَةِ مَنْ مَعَهَا شَيْءٌ

وَلَوْ وَلَدَتْ ثَلَاثٌ مَعًا ثُمَّ الرَّابِعَةُ طَلُقَ كُلٌّ مِنْهُنَّ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَإِنْ وَلَدَتْ وَاحِدَةٌ ثُمَّ ثَلَاثٌ مَعًا طَلُقَتْ الْأُولَى ثَلَاثًا وَكُلٌّ مِنْ الْبَاقِيَاتِ طَلْقَةً فَقَطْ، وَإِنْ وَلَدَتْ ثِنْتَانِ مُرَتَّبًا ثُمَّ ثِنْتَانِ مَعًا طَلُقَتْ الْأُولَى ثَلَاثًا وَالثَّانِيَةُ طَلْقَةً وَالْأُخْرَيَانِ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ، وَإِنْ وَلَدَتْ ثِنْتَانِ مَعًا ثُمَّ ثِنْتَانِ مُرَتَّبًا طَلُقَ كُلٌّ مِنْ الْأُولَيَيْنِ وَالرَّابِعَةُ ثَلَاثًا وَالثَّالِثَةُ طَلْقَتَيْنِ، وَإِنْ وَلَدَتْ وَاحِدَةٌ ثُمَّ ثِنْتَانِ مَعًا ثُمَّ وَاحِدَةٌ طَلُقَ كُلٌّ مِنْ الْأُولَى وَالرَّابِعَةِ ثَلَاثًا وَكُلٌّ مِنْ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ طَلْقَةً وَتَبِينُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِوِلَادَتِهَا، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْحَاصِلَ ثَمَانِ صُوَرٍ لِأَنَّ الْأَرْبَعَ إمَّا أَنْ يَتَعَاقَبْنَ فِي الْوِلَادَةِ أَوْ تَلِدَ ثَلَاثٌ مَعًا ثُمَّ وَاحِدَةٌ أَوْ تَلِدَ الْأَرْبَعُ مَعًا أَوْ ثِنْتَانِ مَعًا ثُمَّ ثِنْتَانِ مَعًا أَوْ وَاحِدَةٌ ثُمَّ ثَلَاثٌ مَعًا أَوْ وَاحِدَةٌ ثُمَّ ثِنْتَانِ مَعًا ثُمَّ وَاحِدَةٌ أَوْ ثِنْتَانِ مَعًا ثُمَّ ثِنْتَانِ مُتَعَاقِبَتَانِ أَوْ عَكْسُهُ وَأَنَّ ضَابِطَهَا أَنَّ كُلًّا تَطْلُقُ ثَلَاثًا إلَّا مَنْ وَضَعَتْ عَقِبَ وَاحِدَةٍ فَقَطْ فَتَطْلُقُ وَاحِدَةً أَوْ عَقِبَ اثْنَتَيْنِ فَقَطْ فَتَطْلُقُ طَلْقَتَيْنِ، وَأَخْصَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ طَلُقَتْ كُلٌّ بِعَدَدِ مَنْ سَبَقَهَا وَمَنْ لَمْ تُسْبَقْ ثَلَاثًا. وَلَوْ قَالَ إنْ حِضْت فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ بِأَوَّلِ الْحَيْضِ الْمُقْبِلِ، فَلَوْ عَلَّقَ حَالَ حَيْضِهَا لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَشْرَعَ فِي الْحَيْضِ، فَإِنْ انْقَطَعَ الدَّمُ قَبْلَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ تَبَيَّنَ عَدَمُ وُقُوعِهِ أَوْ إنْ حِضْت حَيْضَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ فَبِتَمَامِ حَيْضَةٍ مُقْبِلَةٍ لِأَنَّهُ قَضِيَّةُ اللَّفْظِ. (وَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا فِي حَيْضِهَا) وَإِنْ خَالَفَتْ عَادَتَهَا (إذَا عَلَّقَهَا) أَيْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا (بِهِ) وَقَالَتْ حِضْت وَكَذَّبَهَا الزَّوْجُ لِأَنَّهَا أَعْرَفُ بِهِ مِنْهُ، لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228] وَإِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ وَإِنْ شُوهِدَ الدَّمُ تَتَعَذَّرُ: أَيْ تَتَعَسَّرُ لِاحْتِمَالِهِ الِاسْتِحَاضَةَ. وَمِثْلُهُ كُلُّ مَا لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهَا كَحُبِّهَا وَبُغْضِهَا وَنِيَّتِهَا، وَإِنَّمَا حَلَّفَ لِتُهْمَتِهَا فِي إرَادَةِ تَخَلُّصِهَا مِنْ النِّكَاحِ، أَمَّا إذَا صَدَّقَهَا زَوْجُهَا فَلَا تَحْلِيفَ (لَا فِي وِلَادَتِهَا) إذَا عَلَّقَ بِهَا طَلَاقَهَا فَادَّعَتْهَا وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ. وَقَالَ هَذَا الْوَلَدُ مُسْتَعَارٌ مَثَلًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لَامِكَانِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهَا. وَالثَّانِي تُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا لِعُمُومِ الْآيَةِ فَإِنَّهَا تَتَنَاوَلُ الْحَبَلَ وَالْحَيْضَ وَمَحَلَّ الْخِلَافِ بِالنِّسْبَةِ لِلطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ بِهِ، أَمَّا فِي لُحُوقِ الْوَلَدِ بِهِ فَلَا تُصَدَّقُ قَطْعًا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَصْدِيقِهِ أَوْ شَهَادَةِ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ أَوْ عَدْلَيْنِ ذَكَرَيْنِ (وَلَا تُصَدَّقُ فِيهِ فِي تَعْلِيقٍ وَغَيْرِهَا) كَأَنْ حِضْت فَضَرَّتُك طَالِقٌ فَادَّعَتْهُ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ إذْ لَا طَرِيقَ إلَى تَصْدِيقِهَا بِلَا يَمِينٍ وَلَوْ حَلَّفْنَاهَا لَكَانَ التَّحْلِيفُ لِغَيْرِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالْخُصُومَةِ وَالْحُكْمُ لِلْإِنْسَانِ بِيَمِينِ غَيْرِهِ مُمْتَنِعٌ فَيُصَدَّقُ الزَّوْجُ بِيَمِينِهِ عَلَى الْأَصْلِ فِي تَصْدِيقِ الْمُنْكِرِ. (وَلَوْ) عَلَّقَ طَلَاقَ كُلٍّ مِنْ زَوْجَتَيْهِ بِحَيْضِهِمَا مَعًا كَأَنْ (قَالَ) لَهُمَا (إنْ حِضْتُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ فَزَعَمَتَاهُ) أَيْ الْحَيْضَ وَصَدَّقَهُمَا الزَّوْجُ فِيهِ طَلُقَتَا لِوُجُودِ الصِّفَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا بِاعْتِرَافِهِ (وَإِنْ كَذَّبَهُمَا) فِيمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَتَبِعَهُ هُنَا عَلَى مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ (قَوْلُهُ: وَكُلٌّ مِنْ الْبَاقِيَاتِ طَلْقَةً فَقَطْ) أَيْ بِوِلَادَةِ الْأُولَى وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِنَّ طَلَاقٌ بِوِلَادَتِهِنَّ لِانْقِضَاءِ عِدَّتِهِنَّ بِالْوِلَادَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ خَالَفَتْ عَادَتَهَا) أَقُولُ: مَا لَمْ تَكُنْ آيِسَةً، فَإِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ لَمْ تُصَدَّقْ لِأَنَّ مَا كَانَ مِنْ خَوَارِقِ الْعَادَاتِ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ إلَّا إذَا تَحَقَّقَ وُجُودُهُ، وَهِيَ هُنَا ادَّعَتْ مَا هُوَ مُسْتَحِيلٌ عَادَةً فَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ سم عَلَى مَنْهَجٍ. [فَرْعٌ] لَوْ ادَّعَتْ الْحَيْضَ وَلَكِنْ فِي زَمَنِ الْيَأْسِ فَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُهَا لِقَوْلِهِمْ إنَّهَا لَوْ حَاضَتْ رَجَعَتْ الْعِدَّةُ مِنْ الْأَشْهُرِ إلَى الْأَقْرَاءِ بِرّ اهـ (قَوْلُهُ: لِعُمُومِ الْآيَةِ) أَيْ قَوْله تَعَالَى {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ} [البقرة: 228] الْآيَةَ (قَوْلُهُ: ذَكَرَيْنِ) أَيْ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَا تُصَدَّقُ فِيهِ) أَيْ الْحَيْضِ، وَقَوْلُهُ فِي تَعْلِيقٍ: أَيْ تَعْلِيقِ طَلَاقِ غَيْرِهَا عَلَى حَيْضِهَا (قَوْلُهُ: فَيُصَدَّقُ الزَّوْجُ) وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ إنْ ادَّعَتْ عِلْمَهُ بِهِ لَا عَلَى الْبَتِّ بِنَاءً عَلَى الْقَاعِدَةِ فِيمَنْ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: فَزَعَمَتَاهُ) أَيْ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ طُرُوءُ الْحَيْضِ بَعْدَ التَّعْلِيقِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَلَوْ قَالَتَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَمَّا فِي لُحُوقِ الْوَلَدِ بِهِ إلَخْ.) لَا يَخْفَى أَنَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ يُنْكِرُ وِلَادَتَهَا لَهُ فَلَا يُقَالُ إنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ

زَعَمَتَاهُ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَلَا يَقَعُ) الطَّلَاقُ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحَيْضِ وَبَقَاءُ النِّكَاحِ، نَعَمْ إنْ أَقَامَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِحَيْضِهَا وَقَعَ صَرَّحَ بِهِ فِي الشَّامِلِ، وَتَوَقَّفَ فِيهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِنَّ، وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِوِلَادَتِهَا فَشَهِدَ النِّسْوَةُ بِهَا لَمْ يَقَعْ، وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ: إنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِشَهَادَتِهِنَّ الْحَيْضُ، وَإِذَا ثَبَتَ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ مَمْنُوعٌ، إذْ لَوْ صَحَّ مَا ذَكَرَهُ لَوَقَعَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ عَلَى الْوِلَادَةِ عِنْدَ ثُبُوتِهَا بِشَهَادَتِهِنَّ (وَإِنْ كَذَّبَ وَاحِدَةً) مِنْهُمَا (طَلُقَتْ) أَيْ الْمُكَذَّبَةُ (فَقَطْ) إنْ حَلَفَتْ أَنَّهَا حَاضَتْ لِوُجُودِ الشَّرْطَيْنِ فِي حَقِّهَا لِثُبُوتِ حَيْضِهَا بِيَمِينِهَا وَحَيْضِ ضَرَّتِهَا بِتَصْدِيقِ الزَّوْجِ لَهَا، وَلَا تَطْلُقُ الْمُصَدَّقَةُ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ حَيْضُ ضَرَّتِهَا بِيَمِينِهَا فِي حَقِّهَا لِأَنَّ الْيَمِينَ لَمْ تُؤَثِّرْ فِي حَقِّ غَيْرِ الْحَالِفِ فَلَمْ تَطْلُقْ، وَتَطْلُقُ الْمُكَذَّبَةُ فَقَطْ بِلَا يَمِينٍ فِي قَوْلِهِ مَنْ حَاضَتْ مِنْكُمَا فَصَاحِبَتُهَا طَالِقٌ وَادَّعَيَاهُ وَصَدَّقَ إحْدَاهُمَا وَكَذَّبَ الْأُخْرَى لِثُبُوتِ حَيْضِ الْمُصَدَّقَةِ بِتَصْدِيقِ الزَّوْجِ. وَلَوْ قَالَتَا فَوْرًا حِضْنَا اُعْتُبِرَ حَيْضٌ مُسْتَأْنَفٌ وَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِدْعَائِهِ زَمَنًا، وَاسْتِعْمَالُ الزَّعْمِ فِي الْقَوْلِ الصَّحِيحِ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْأَكْثَرِ إنَّهُ يُسْتَعْمَلُ فِيمَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّتِهِ أَوْ أُقِيمَ عَلَى خِلَافِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} [التغابن: 7] وَلَوْ قَالَ إنْ حِضْتُمَا حَيْضَةً أَوْ وَلَدْتُمَا وَلَدًا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ لَغَتْ لَفْظَةُ الْحَيْضَةِ أَوْ الْوَلَدِ، فَإِنْ قَالَ إنْ وَلَدْتُمَا وَلَدًا وَاحِدًا أَوْ حِضْتُمَا حَيْضَةً وَاحِدَةً فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ فَتَعْلِيقٌ بِمُحَالٍ فَلَا تَطْلُقَانِ بِوِلَادَتِهِمَا، وَاسْتَشْكَلَ فِي الْمُهِمَّاتِ ذَلِكَ بِأَنَّا إنْ نَظَرْنَا إلَى تَقْيِيدِهِ بِالْحَيْضَةِ وَتَعَذُّرِ اشْتِرَاكِهِمَا فِيهَا لَزِمَ عَدَمُ الْوُقُوعِ أَوْ إلَى الْمَعْنَى وَهُوَ تَمَامُ حَيْضَةٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ لَزِمَ تَوَقُّفُ الْوُقُوعِ إلَى تَمَامِهَا فَالْخُرُوجُ عَنْ هَذَيْنِ مُشْكِلٌ، ثُمَّ مَا ذَكَرَ فِي الْوَلَدِ مِنْ أَنَّ لَفْظَ وَاحِدًا تَعْلِيقٌ بِمُحَالٍ يَجْرِي بِعَيْنِهِ فِي الْحَيْضَةِ لِأَنَّهَا لِلْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ كَقَوْلِهِ وَلَدًا وَاحِدًا اهـ. وَأَجَابَ الشَّيْخُ بِأَنَّ وَلَدًا وَاحِدًا نَصٌّ فِي الْوِحْدَةِ فَأَلْغَى الْكَلَامَ كُلَّهُ وَحَيْضَةً ظَاهِرٌ فِيهَا فَأُلْغِيَتْ وَحْدَهَا وَبِإِلْغَائِهَا سَقَطَ اعْتِبَارُ تَمَامِ الْحَيْضَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSفَوْرًا إلَخْ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) أَيْ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ حَيْضَهُمَا لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ وَالْيَمِينُ فِيهِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لَا عَلَى الْبَتِّ (قَوْلُهُ: وَتَوَقَّفَ فِيهِ) وَجْهُ التَّوَقُّفِ ظَاهِرٌ بَلْ يُؤْخَذُ اعْتِمَادُهُ مِنْ تَضْعِيفِهِ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: إذْ لَوْ صَحَّ مَا ذَكَرَهُ) أَيْ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ: لَغَتْ لَفْظَةُ الْحَيْضِ) أَيْ وَطَلُقَتَا بِحَيْضِهِمَا أَوْ وِلَادَتِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَبِنْ ذَلِكَ حَيْضَةً مِنْهُمَا وَلَا وَلَدًا (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَا ذُكِرَ فِي الْوَلَدِ) لَا يُقَالُ: هُوَ سَوَّى بَيْنَهُمَا أَوَّلًا فِي قَوْلِهِ فَتَعْلِيقٌ بِمُحَالٍ فَلَا يُطَلَّقَانِ. لِأَنَّا نَقُولُ: الْمُرَادُ مِمَّا ذَكَرَهُ الِاسْتِدْلَال عَلَى مَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِمُحَالٍ فِيهِمَا لِأَنَّ الْحَيْضَةَ الْوَاحِدَةَ لَيْسَتْ مَذْكُورَةً فِي كَلَامِهِمْ بَلْ هِيَ بَحْثٌ لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ فَاسْتَدَلَّ عَلَى أَنَّ التَّعْلِيقَ فِيهَا تَعْلِيقٌ بِمُحَالٍ بِمَا ذَكَرُوهُ فِي الْوَلَدِ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ بِأَنَّ وَلَدًا وَاحِدًا) أَيْ وَكَذَا حَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ وَحَيْضَةً) أَيْ بِدُونِ وَاحِدَةٍ ظَاهِرٌ فِيهَا لِأَنَّ التَّاءَ لِلْمَرَّةِ وَتُحْتَمَلُ لِإِرَادَةِ الْمَاهِيَّةِ. فَمَا فَرَّقَ بِهِ الشَّيْخُ إنَّمَا هُوَ بَيْنَ قَوْلِهِ وَلَدًا وَاحِدًا وَبَيْنَ قَوْلِهِ حَيْضَةً مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِالْوَحِدَةِ، وَمِثْلُهُ يَجْرِي ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ أَقَامَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً إلَخْ.) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: نَعَمْ إنْ أَقَامَتْ كُلٌّ بَيِّنَةً بِحَيْضِهَا وَقَعَ عَلَى مَا فِي الشَّامِلِ، وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ الْبَيِّنَةِ فِيهِ عَلَى رَجُلَيْنِ دُونَ النِّسْوَةِ إذْ لَا يَثْبُتُ بِهِنَّ الطَّلَاقُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ مَا مَرَّ آنِفًا فِي الْحَمْلِ وَالْوِلَادَةِ وَمِنْ ثَمَّ تَوَقَّفَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي إطْلَاقِ الشَّامِلِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ سَقْطًا أَوْ خَلَلًا (قَوْلُهُ: بِيَمِينِهَا فِي حَقِّهَا) الضَّمِيرُ فِي بِيَمِينِهَا لِلضَّرَّةِ وَفِي حَقِّهَا لِلْمُصَدَّقَةِ (قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ حَيْضٌ مُسْتَأْنَفٌ إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ مِنْ الصُّعُوبَةِ وَعَدَمِ إفْهَامِ الْمُرَادِ (قَوْلُهُ: مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْأَكْثَرِ إلَخْ.) قَالَ فِي التُّحْفَةِ: وَبِالتَّوَقُّفِ عَلَى تَصْدِيقِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ اسْتَعْمَلَ الزَّعْمَ فِي حَقِيقَتِهِ وَهُوَ مَا لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ دَلِيلٌ وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ لِتَصْدِيقِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ حِضْتُمَا حَيْضَةً وَاحِدَةً) لَيْسَتْ هَذِهِ فِي الرَّوْضِ الَّذِي تَبِعَهُ الشَّارِحُ مَعَ شَرْحِهِ هُنَا فِي عِبَارَتِهِمَا، وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا الشَّارِحُ بِطَرِيقِ الْمُقَايَسَةِ وَكَانَ يَنْبَغِي

وَلَوْ قَالَ لِثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ إنْ حِضْتُنَّ فَأَنْتُنَّ طَوَالِقُ وَادَّعَيْنَهُ فَصَدَّقَهُنَّ إلَّا وَاحِدَةً فَحَلَفَتْ طَلُقَتْ وَحْدَهَا، وَإِنْ كَذَّبَ ثِنْتَيْنِ وَحَلَّفَ فَلَا طَلَاقَ كَتَكْذِيبِ الْجَمِيعِ، وَإِنْ صَدَّقَ الْكُلَّ طَلُقْنَ، وَإِنْ قَالَ لِأَرْبَعٍ كُلَّمَا حَاضَتْ وَاحِدَةٌ مِنْكُنَّ فَأَنْتُنَّ طَوَالِقُ فَحَاضَتْ ثَلَاثٌ مِنْهُنَّ طَلُقَ الْأَرْبَعُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَإِنْ قُلْنَ حِضْنَ فَكَذَّبَهُنَّ وَحَلَفْنَ طَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةً وَاحِدَةً، أَوْ صَدَّقَ وَاحِدَةً فَقَطْ طَلُقَتْ طَلْقَةً بِقَوْلِهَا، وَالْمُكَذَّبَاتُ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ، أَوْ صَدَّقَ ثِنْتَيْنِ طَلُقَتَا طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ وَالْمُكَذَّبَاتُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، أَوْ صَدَّقَ ثَلَاثًا طَلُقَ الْجَمِيعُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَإِنْ قَالَ كُلَّمَا حَاضَتْ وَاحِدَةٌ مِنْكُنَّ فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ فَادَّعَيْنَهُ وَصَدَّقَهُنَّ طَلُقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَإِنْ كَذَّبَهُنَّ لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ، وَإِنْ صَدَّقَ وَاحِدَةً طَلُقَتْ الْبَاقِيَاتُ طَلْقَةً طَلْقَةً دُونَهَا، وَإِنْ صَدَّقَ ثِنْتَيْنِ طَلُقَتَا طَلْقَةً طَلْقَةً وَالْمُكَذِّبَتَانِ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ، وَإِنْ صَدَّقَ ثَلَاثًا طَلُقْنَ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ وَالْمُكَذَّبَةُ ثَلَاثًا، وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِرُؤْيَةِ الدَّمِ حُمِلَ عَلَى دَمِ الْحَيْضِ فَيَكْفِي الْعِلْمُ بِهِ كَالْهِلَالِ، فَإِنْ فُسِّرَ بِغَيْرِ دَمِ الْحَيْضِ وَكَانَ يَتَعَجَّلُ قَبْلَ حَيْضِهَا قُبِلَ ظَاهِرًا وَإِنْ كَانَ يَتَأَخَّرُ عَنْهُ فَلَا، أَوْ قَالَ لِحَائِضٍ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فِي كُلِّ حَيْضٍ طَلْقَةً طَلُقَتْ طَلْقَةً وَاحِدَةً فِي الْحَالِ وَالثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ مَعَ صِفَتِهِمَا، وَفِي التَّعْلِيقِ بِنِصْفِ حَيْضَةٍ تَطْلُقُ بِمُضِيِّ نِصْفِ أَيَّامِ الْعَادَةِ. (وَلَوْ قَالَ إنْ أَوْ إذَا أَوْ مَتَى طَلَّقْتُك فَأَنْت طَالِقٌ قَبْله ثَلَاثًا فَطَلَّقَهَا وَقَعَ الْمُنَجَّزُ فَقَطْ) لَا الْمُعَلَّقُ، إذْ لَوْ وَقَعَ لَمَنَعَ وُقُوعَ الْمُنَجَّزِ وَإِذَا لَمْ يَقَعْ لَمْ يَقَعْ الْمُعَلَّقُ لِبُطْلَانِ شَرْطِهِ، وَقَدْ يَتَخَلَّفُ الْجَزَاءُ عَنْ الشَّرْطِ بِأَسْبَابٍ. نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي أَخٍ أَقَرَّ بِابْنٍ لِمَيِّتٍ يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَلَا يَرِثُ وَلِأَنَّ الطَّلَاقَ تَصَرُّفٌ شَرْعِيٌّ لَا يُمْكِنُ سَدُّهُ، وَنَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ أَكْثَرِ النَّقْلَةِ مِنْهُمْ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ (وَقِيلَ ثَلَاثٌ) وَاخْتَارَهُ أَئِمَّةٌ كَثِيرُونَ مُتَقَدِّمُونَ الْمُنَجَّزَةُ وَطَلْقَتَانِ مِنْ الثَّلَاثِ الْمُعَلَّقَةِ، إذْ بِوُقُوعِ الْمُنَجَّزَةِ وُجِدَ شَرْطُ وُقُوعِ الثَّلَاثِ وَالطَّلَاقُ لَا يَزِيدُ عَلَيْهِنَّ فَيَقَعُ مِنْ الْمُعَلَّقِ تَمَامُهُنَّ وَيَلْغُو قَوْلُهُ قَبْلَهُ لِحُصُولِ الِاسْتِحَالَةِ بِهِ، وَقَدْ مَرَّ مَا يُؤَيِّدُ هَذَا تَأْيِيدًا وَاضِحًا فِي أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ مُسْتَنِدًا إلَيْهِ حَيْثُ إنَّهُ اشْتَمَلَ عَلَى مُمْكِنٍ وَمُسْتَحِيلٍ فَأَلْغَيْنَا الْمُسْتَحِيلَ وَأَخَذْنَا بِالْمُمْكِنِ، وَلِقُوَّتِهِ نُقِلَ عَنْ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَرَجَعَ إلَيْهِ السُّبْكِيُّ آخِرَ أَمْرِهِ بَعْدَ أَنْ صَنَّفَ تَصْنِيفَيْنِ فِي نُصْرَةِ الدَّوْرِ الْآتِي (وَقِيلَ لَا شَيْءَ) يَقَعُ مِنْ الْمُنَجَّزِ وَلَا الْمُعَلَّقِ لِلدَّوْرِ وَنُقِلَ عَنْ النَّصِّ وَالْأَكْثَرِينَ، وَاشْتُهِرَتْ الْمَسْأَلَةُ بِابْنِ سُرَيْجٍ لِأَنَّهُ الَّذِي أَظْهَرَهَا لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْهَا لِتَصْرِيحِهِ فِي كِتَابِ الزِّيَادَاتِ بِوُقُوعِ الْمُنَجَّزِ، وَيُؤَيِّدُ رُجُوعَهُ تَخْطِئَةُ الْمَاوَرْدِيِّ مَنْ نُقِلَ عَنْهُ عَدَمُ وُقُوعِ شَيْءٍ وَقَدْ نَسَبَ الْقَائِلَ بِالدَّوْرِ إلَى مُخَالَفَةِ الْإِجْمَاعِ وَإِلَى أَنَّ الْقَوْلَ بِهِ زَلَّةُ عَالِمٍ وَزَلَّاتُ الْعُلَمَاءِ لَا يَجُوزُ تَقْلِيدُهُمْ فِيهَا وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِيمَا لَوْ قَالَ وَلَدًا وَاحِدًا وَقَوْلُهُ وَلَدًا بِلَا تَقْيِيدٍ (قَوْلُهُ: طَلُقَتْ وَحْدَهَا) طَلْقَةً إنْ عَلَّقَ بِهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ يَتَأَخَّرُ عَنْهُ فَلَا) أَيْ وَيَدِينُ (قَوْلُهُ: بِمُضِيِّ نِصْفِ أَيَّامِ الْعَادَةِ) وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ بِنِصْفِ نِصْفِ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ عَادَتُهَا خَمْسَةَ عَشْرَ يَوْمًا بِلَيَالِيِهَا وَانْطَبَقَ ابْتِدَاءُ حَيْضِهَا عَلَى أَوَّلِ اللَّيْلِ أَنَّ انْتِصَافَهُ بِمُضِيِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ وَاللَّيْلَةِ الثَّامِنَةِ: أَيْ فَتَطْلُقُ لِفَجْرِ الثَّامِنِ، أَوْ عَلَى أَوَّلِ النَّهَارِ فَبِسَبْعِ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ: أَيْ فَتَطْلُقُ بِغُرُوبِ شَمْسِ الثَّامِنِ أَوْ ابْتِدَائِهَا فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ اُعْتُبِرَ نِصْفُ الْخَمْسَةَ عَشْرَ مُلَفَّقًا عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ الْحِسَابُ. (قَوْلُهُ مِنْهُمْ ابْنُ سُرَيْجٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQإسْقَاطُهَا، وَاسْتِشْكَالُ الْمُهِمَّاتِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا لَوْ قَالَ إنْ حِضْتُمَا حَيْضَةً مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قُلْنَ حِضْنَ) كَذَا فِي النُّسَخِ بِلَا أَلِفٍ فِي نُونِ حِضْنَ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الصَّوَابَ إلْحَاقُهَا لِأَنَّهُ ضَمِيرُ الْمُتَكَلِّمِ وَمَعَهُ غَيْرُهُ وَلَيْسَ ضَمِيرَ الْغَائِبَاتِ، عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ قَالَتْ حِضْتُ أَنَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَذَّبَهُنَّ) أَيْ وَلَمْ يَحْلِفْنَ (قَوْلُهُ: وَنَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَنَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ أَكْثَرِ النَّقَلَةِ وَأَطْبَقَ عَلَيْهِ عُلَمَاءُ بَغْدَادَ فِي زَمَنِ الْغَزَالِيِّ مِنْهُمْ ابْنُ سُرَيْجٍ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُ رُجُوعَهُ تَخْطِئَةُ الْمَاوَرْدِيِّ إلَخْ.) أَيْ لِأَنَّهُ إذَا رَجَعَ فَالنَّاقِلُ عَنْهُ مُخْطِئٌ

الْبُلْقِينِيُّ كَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِنَقْضِ الْحُكْمِ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ، وَلَوْ حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ مُقَلِّدٌ لِلشَّافِعِيِّ لَمْ يَبْلُغْ دَرَجَةَ الِاجْتِهَادِ فَحُكْمُهُ كَالْعَدَمِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ السُّبْكِيّ: الْحُكْمُ بِخِلَافِ الصَّحِيحِ فِي الْمَذْهَبِ مُنْدَرِجٌ فِي الْحُكْمِ بِخِلَافِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ. قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَمَعَ اخْتِيَارِنَا لَهُ لَا وَجْهَ لِتَعْلِيمِهِ لِلْعَوَامِّ. وَقَالَ غَيْرُهُ: الْوَجْهُ تَعْلِيمُهُ لَهُمْ لِأَنَّ الطَّلَاقَ صَارَ فِي أَلْسِنَتِهِمْ كَالطَّبْعِ لَا يُمْكِنُ الِانْفِكَاكُ عَنْهُ، فَكَوْنُهُمْ عَلَى قَوْلِ عَالِمٍ أَوْلَى مِنْ الْحَرَامِ الصِّرْفِ، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ التَّقْلِيدُ فِي عَدَمِ الْوُقُوعِ فُسُوقٌ، وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ أَخْطَأَ مَنْ لَمْ يُوقِعْ الطَّلَاقَ خَطَأً فَاحِشًا وَابْنُ الصَّلَاحِ وَدِدْت لَوْ مُحِيَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ، وَابْنُ سُرَيْجٍ بَرِيءٌ مِمَّا يُنْسَبُ إلَيْهِ فِيهَا. وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ الْمُطَّلِعِينَ: لَمْ يُوجَدْ مَنْ يُقْتَدَى بِقَوْلِهِ فِي صِحَّةِ الدَّوْرِ بَعْدَ السِّتِّمِائَةِ إلَّا السُّبْكِيُّ ثُمَّ رَجَعَ وَالْإِسْنَوِيُّ، وَقَوْلُهُ إنَّهُ قَوْلُ الْأَكْثَرِ مَنْقُوضٌ بِأَنَّ الْأَكْثَرَ عَلَى خِلَافِهِ وَقَدْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ خَرَقَ الْقَائِلُ بِهِ الْإِجْمَاعَ. (وَلَوْ) (قَالَ إنْ ظَاهَرْتُ مِنْكِ أَوْ آلَيْتُ أَوْ لَاعَنْتُ أَوْ فَسَخْتُ) النِّكَاحَ (بِعَيْبِك) مَثَلًا (فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ وُجِدَ الْمُعَلَّقُ بِهِ) مِنْ الظِّهَارِ وَمَا بَعْدَهُ (فَفِي صِحَّتِهِ) أَيْ الْمُعَلَّقِ بِهِ مِنْ الظِّهَارِ وَمَا بَعْدَهُ (الْخِلَافُ) السَّابِقُ، فَإِنْ الْغَيْنَا الدَّوْرَ صَحَّ جَمِيعُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا، فَعَلَى الثَّالِثِ يَلْغُوَانِ جَمِيعًا وَلَا يَأْتِي الثَّانِي هُنَا. (وَلَوْ) (قَالَ إنْ وَطِئْتُكِ) وَطْئًا (مُبَاحًا فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ ثَلَاثًا (ثُمَّ وَطِئَ) وَلَوْ فِي نَحْوِ حَيْضٍ، إذْ الْمُرَادُ الْمُبَاحُ لِذَاتِهِ فَلَا يُنَافِيهِ الْحُرْمَةُ الْعَارِضَةُ فَخَرَجَ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ فَلَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ الْوَطْءُ الْمُبَاحُ لِذَاتِهِ، وَفَارَقَ مَا يَأْتِي بِأَنَّ عَدَمَ الْوُقُوعِ هُنَا لِعَدَمِ الصِّفَةِ وَفِيمَا يَأْتِي لِلدَّوْرِ (لَمْ يَقَعْ قَطْعًا) لِلدَّوْرِ إذْ لَوْ وَقَعَ لَخَرَجَ الْوَطْءُ عَنْ كَوْنِهِ مُبَاحًا وَلَمْ يَقَعْ وَلَمْ يَأْتِ هُنَا ذَلِكَ الْخِلَافُ لِأَنَّ مَحَلَّهُ إذَا انْسَدَّ بِتَصْحِيحِ الدَّوْرِ بَابُ الطَّلَاقِ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الشَّرْعِيَّةِ وَذَلِكَ غَيْرُ مَوْجُودٍ هُنَا. وَلَوْ قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا إنْ طَلَّقْتُك طَلْقَةً رَجْعِيَّةً فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهَا طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَطَلَّقَهَا رَجْعِيَّةً فَدَوْرٌ فَتَقَعُ الْوَاحِدَةُ عَلَى الْمُخْتَارِ، فَإِنْ اخْتَلَعَهَا أَوْ كَانَتْ غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا وَقَعَ الْمُنَجَّزُ وَلَا دَوْرَ لِأَنَّ الصِّفَةَ لَمْ تُوجَدْ. وَإِنْ قَالَ إنْ طَلَّقْتُك رَجْعِيًّا فَأَنْت طَالِقٌ مَعَهُ ثَلَاثًا فَدَوْرٌ وَيَقَعُ مَا نَجَّزَ عَلَى الْمُخْتَارِ، أَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ مَتَى دَخَلْت الدَّارَ وَأَنْت زَوْجَتِي فَعَبْدِي حُرٌّ قَبْلَهُ وَمَتَى دَخَلَهَا وَهُوَ عَبْدِي فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا فَدَخَلَا فَدَوْرٌ، وَلَا يَأْتِي فِي هَذِهِ الْقَوْلِ بِبُطْلَانِ الدَّوْرِ إذْ لَيْسَ فِيهِ سَدُّ بَابِ التَّصَرُّفِ، وَإِنْ تَرَتَّبَ دُخُولًا وَقَعَ عَلَى الْمَسْبُوقِ فَقَطْ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ قَبْلَهُ فِي الطَّرَفَيْنِ وَدَخَلَا مَعًا عَتَقَ وَطَلُقَتْ، وَإِنْ تَرَتَّبَا فَكَمَا سَبَقَ آنِفًا فِي نَظِيرَتِهَا، وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ مَتَى أَعْتَقْتِ أَنْتِ أَمَتِي وَأَنْت زَوْجَتِي فَهِيَ حُرَّةٌ ثُمَّ قَالَ لَهَا مَتَى أَعْتَقْتِهَا فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَ إعْتَاقِك إيَّاهَا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ أَعْتَقَتْهَا الْمَرْأَةُ قَبْلَ ثَلَاثٍ عَتَقَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــSهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ رَجَعَ إلَى وُقُوعِ الْمُنَجَّزِ (قَوْلُهُ: فِي الْحُكْمِ بِخِلَافِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إلَخْ) هَلْ مِنْ ذَلِكَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ حَجّ وَالشَّارِحِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ كَالسُّبْكِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ وَالْبُلْقِينِيِّ وَمَا الْمُرَادُ بِالصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، فَإِنَّا نَرَى النَّوَوِيَّ مَثَلًا اخْتَلَفَ كَلَامُهُ فَجَرَى فِي الرَّوْضَةِ عَلَى شَيْءٍ وَجَرَى فِي الْمِنْهَاجِ عَلَى شَيْءٍ، وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي الرَّاجِحِ مِنْهُمَا، فَمِنْهُمْ مَنْ جَرَى عَلَى تَرْجِيحِ مَا فِي الْمِنْهَاجِ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَرَى عَلَى تَرْجِيحِ مَا فِي الرَّوْضَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لَا وَجْهَ لِتَعْلِيمِهِ لِلْعَوَامِّ) أَيْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي نَحْوِ حَيْضٍ) وَبَقِيَ مَا لَوْ قَالَ لَهَا إنْ وَطِئْتُك وَطْئًا مُحَرَّمًا فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ وَطِئَهَا فِي الْحَيْضِ هَلْ تَطْلُقُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ مَا يَأْتِي) الْمُرَادُ أَنَّهُ إنْ وَطِئَ فِي الدُّبُرِ لَا تَطْلُقُ لِعَدَمِ وُجُودِ الْوَطْءِ الْمُبَاحِ لِذَاتِهِ، وَإِنْ وَطِئَ فِي غَيْرِهِ فَكَذَلِكَ لَكِنْ لِلدَّوْرِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُهَا طَلَاقٌ مُطْلَقًا وَإِنْ اخْتَلَفَتْ جِهَةُ عَدَمِ الْوُقُوعِ (قَوْلُهُ: فَدَخَلَا) أَيْ مَعًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ تَرَتَّبَا (قَوْلُهُ: فَدَوْرٌ) أَيْ فَلَا وُقُوعَ وَلَا عِتْقَ (قَوْلُهُ: وَقَعَ عَلَى الْمَسْبُوقِ) أَيْ أَمْرُ التَّعْلِيقِ وَهُوَ الطَّلَاقُ أَوْ الْعِتْقُ (قَوْلُهُ فَكَمَا سَبَقَ آنِفًا فِي نَظِيرَتِهَا) هِيَ قَوْلُهُ أَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ ثَلَاثٍ) أَيْ قَبْلَ مُضِيِّهَا، وَقَوْلُهُ عَتَقَتْ: أَيْ وَلَا طَلَاقَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَخَرَجَ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ) أَيْ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ أَفْرَادِ مَسْأَلَتِنَا الَّتِي انْتَفَى الْوُقُوعُ فِيهَا لِلدَّوْرِ وَإِنْ وَافَقَهَا فِي الْحُكْمِ لَكِنْ فِي هَذَا السِّيَاقِ صُعُوبَةٌ لَا تَخْفَى (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَعْتَقَتْهَا الْمَرْأَةُ قَبْلَ ثَلَاثٍ) أَيْ بِأَنْ وَكَّلَهَا، وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ هَذَا التَّعْلِيقِ

وَلَمْ تَطْلُقْ أَوْ بَعْدَهَا لَمْ يَقَعَا. (وَلَوْ) (عَلَّقَهُ) أَيْ الطَّلَاقَ (بِمَشِيئَتِهَا خِطَابًا) كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَوْ إذَا شِئْت أَوْ إنْ شِئْت فَأَنْت طَالِقٌ (اُشْتُرِطَتْ مَشِيئَتُهَا) وَهِيَ مُكَلَّفَةٌ أَوْ سَكْرَانَةٌ بِاللَّفْظِ مُنَجَّزَةٍ لَا مُعَلَّقَةً وَلَا مُؤَقَّتَةً أَوْ بِإِشَارَةٍ مِنْ خَرْسَاءَ وَلَوْ بَعْدَ التَّعْلِيقِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَعَيُّنُ لَفْظِ شِئْت، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ نَحْوَ أَرَدْت وَإِنْ رَادَفَهُ إلَّا أَنَّ الْمَدَارَ فِي التَّعَالِيقِ عَلَى اعْتِبَارِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ دُونَ مُرَادِفِهِ فِي الْحُكْمِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْبُوشَنْجِيُّ فِي إتْيَانِهَا بِشِئْت بَدَلَ أَرَدْت فِي جَوَابِ إنْ أَرَدْت لَا يَقَعُ وَمُخَالَفَةُ الْأَنْوَارِ لَهُ فِيهَا نَظَرٌ (عَلَى فَوْرٍ) بِهَا وَهُوَ مَجْلِسُ التَّوَاجُبِ فِي الْعُقُودِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْخُلْعِ لِأَنَّهُ اسْتِدْعَاءٌ لِجَوَابِهَا الْمُنَزَّلِ مَنْزِلَةَ الْقَبُولِ وَلِأَنَّهُ فِي مَعْنَى تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ إلَيْهَا وَهُوَ تَمْلِيكٌ كَمَا مَرَّ، نَعَمْ لَوْ قَالَ مَتَى أَوْ أَيَّ وَقْتٍ مَثَلًا شِئْت لَمْ يَشْتَرِطْ (أَوْ غَيْبَةٍ) كَزَوْجَتِي طَالِقٌ إنْ شَاءَتْ وَإِنْ كَانَتْ حَاضِرَةً سَامِعَةً (أَوْ بِمَشِيئَةِ أَجْنَبِيٍّ) كَإِنْ شِئْت فَزَوْجَتِي طَالِقٌ (فَلَا) يُشْتَرَطُ فَوْرٌ لِجَوَابِهَا (فِي الْأَصَحِّ) لِبُعْدِ التَّمْلِيكِ فِي الْأَوَّلِ مَعَ عَدَمِ الْخِطَابِ وَلِعَدَمِ التَّمْلِيكِ فِي الثَّانِي، وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ نَظَرًا إلَى تَضَمُّنِ التَّمْلِيكِ فِي الْأُولَى وَإِلَى الْخِطَابِ فِي الثَّانِيَةِ، نَعَمْ إنْ قَالَ إنْ شَاءَ زَيْدٌ لَمْ يُشْتَرَطْ فَوْرٌ جَزْمًا، وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ لَوْ انْفَرَدَ (وَلَوْ) (قَالَ الْمُعَلَّقُ بِمَشِيئَتِهِ) مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ (شِئْت) وَلَوْ سَكْرَانَ أَوْ (كَارِهًا) لِلطَّلَاقِ (بِقَلْبِهِ) (وَقَعَ) الطَّلَاقُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِأَنَّ الْقَصْدَ اللَّفْظُ الدَّالُ لَا فِي بَاطِنِ الْأَمْرِ لِخَفَائِهِ (وَقِيلَ لَا يَقَعُ بَاطِنًا) كَمَا لَوْ عَلَّقَ بِحَيْضِهَا فَأَخْبَرَتْهُ كَاذِبَةً، وَرُدَّ بِأَنَّ التَّعْلِيقَ هُنَا عَلَى اللَّفْظِ وَقَدْ وُجِدَ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ وُجِدَتْ الْإِرَادَةُ دُونَ اللَّفْظِ لَمْ يَقَعْ إلَّا إنْ قَالَ شِئْت بِقَلْبِك. قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَلَا يَجِيءُ هَذَا الْخِلَافُ فِي نَحْوِ بَيْعٍ بِلَا رِضًا وَلَا إكْرَاهٍ بَلْ يُقْطَعُ بِعَدَمِ حِلِّهِ بَاطِنًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29] وَحَمَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَلَى نَحْوِ بَيْعٍ لِنَحْوِ حَيَاءٍ أَوْ رَهْبَةٍ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ رَغْبَةٍ فِي جَاهِهِ، وَلَوْ عَلَّقَ بِمَحَبَّتِهَا لَهُ أَوْ رِضَاهَا عَنْهُ فَقَالَتْ ذَلِكَ كَارِهَةً بِقَلْبِهَا لَمْ تَطْلُقْ كَمَا بَحَثَهُ فِي الْأَنْوَارِ: أَيْ بَاطِنًا. (وَلَا يَقَعُ) الطَّلَاقُ (بِمَشِيئَةِ صَبِيٍّ وَصَبِيَّةٍ) لِإِلْغَاءِ عِبَارَتِهِمَا فِي التَّصَرُّفَاتِ كَالْمَجْنُونِ (وَقِيلَ يَقَعُ ب) مَشِيئَةِ (مُمَيِّزٍ) لِأَنَّ لَهَا مِنْهُ دَخْلًا فِي اخْتِيَارِهِ لِأَبَوَيْهِ، وَرُدَّ بِظُهُورِ الْفَرْقِ إذْ مَا هُنَا تَمْلِيكٌ أَوْ شِبْهُهُ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إنْ لَمْ يَقُلْ إنْ قُلْت شِئْت وَإِلَّا وَقَعَ بِمَشِيئَتِهِ لِأَنَّهُ بِتَعْلِيقِهِ بِالْقَوْلِ صَرَفَ لَفْظَ الْمَشِيئَةِ عَنْ مُقْتَضَاهُ مِنْ كَوْنِهِ تَصَرُّفًا يَقْتَضِي الْمِلْكَ أَوْ شِبْهَهُ هَذَا هُوَ الَّذِي يَتَّجِهُ فِي التَّعْلِيلِ (وَلَا رُجُوعَ لَهُ قَبْلَ الْمَشِيئَةِ) ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ وَهُوَ مَجْلِسُ التَّوَاجُبِ) أَيْ بِأَنْ لَا يَتَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ وَلَا سُكُوتٌ طَوِيلٌ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ التَّعْبِيرِ فِي الْعُقُودِ أَنَّ الْفَوْرَ هُنَا مُعْتَبَرٌ بِمَا فِي الْبَيْعِ فَيَكُونُ السُّكُوتُ الْمُضِرُّ هُنَا بِقَدْرِ السُّكُوتِ الْمُضِرِّ ثَمَّ، لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ فَصْلِ الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّ مَا هُنَا أَضْيَقُ مِنْ الْعُقُودِ، وَعِبَارَتُهُ ثَمَّ: وَعُلِمَ بِذَلِكَ مَا صَرَّحُوا بِهِ وَهُوَ أَنَّ الِاتِّصَالَ هُنَا أَبْلَغُ مِنْهُ بَيْنَ إيجَابِ نَحْوِ الْبَيْعِ وَقَبُولِهِ، وَدَعْوَى أَنَّ مَا تَقَرَّرَ يَقْتَضِي كَوْنَهُ مِثْلَهُ مَمْنُوعٌ، بَلْ لَوْ سَكَتَ ثُمَّ عَبَثًا يَسِيرًا عُرْفًا لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ زَادَ عَلَى سَكْتَةٍ نَحْوَ التَّنَفُّسِ، بِخِلَافِهِ هُنَا لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ بَيْنَ كَلَامِ اثْنَيْنِ مَا لَا يَحْتَمِلُ بَيْنَ كَلَامِ وَاحِدٍ اهـ. وَلَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ أَنَّ السُّكُوتَ الْيَسِيرَ لَا يَضُرُّ لِأَنَّ هَذَا بَيْنَ كَلَامِهِ وَكَلَامِهَا فَهُوَ بَيْنَ كَلَامِ اثْنَيْنِ وَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ وَاحِدٍ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فِي كَلَامِ شَخْصٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: لَمْ يُشْتَرَطْ) أَيْ فَوْرًا (قَوْلُهُ لَوْ انْفَرَدَ) وَهُوَ الْفَوْرِيَّةُ فِيهَا دُونَهُ (قَوْلُهُ أَيْ بَاطِنًا) أَيْ وَعَلَيْهِ لَوْ عَلِمَ بِطَرِيقٍ مَا أَنَّهَا قَالَتْهُ كَارِهَةً لَهُ بِقَلْبِهَا حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا لِعَدِّ الطَّلَاقِ. (قَوْلُهُ: بِمَشِيئَةِ صَبِيٍّ) وَالْعِبْرَةُ بِحَالِ التَّعْلِيقِ، حَتَّى لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِالْمَشِيئَةِ وَكَانَتْ الصِّيغَةُ صَرِيحَةً فِي التَّرَاخِي ـــــــــــــــــــــــــــــQلَيْسَ فِيهِ تَفْوِيضُ الْعِتْقِ لَهَا كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَطْلُقْ) أَيْ لِعَدَمِ وُجُودِ صِفَةِ طَلَاقِهَا الَّتِي هِيَ مُضِيُّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بَعْدَ التَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَكْرَانَ) الْوَاوُ فِيهِ لِلْحَالِ لِيَتَأَتَّى الْخِلَافُ فِي الْكَارِهِ الَّذِي صَارَ مَعْطُوفًا عَلَى هَذَا، وَقَضِيَّةُ سِيَاقِهِ حِينَئِذٍ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِي السَّكْرَانِ أَيْضًا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ رَغْبَةً فِي جَاهِهِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا كَرِهَ لِمَحَبَّتِهِ لِلْمَبِيعِ وَإِنَّمَا بَاعَهُ

نَظَرًا إلَى أَنَّهُ تَعْلِيقٌ ظَاهِرًا وَإِنْ تَضَمَّنَ تَمْلِيكًا كَمَا لَا يَرْجِعُ فِي التَّعْلِيقِ بِالْإِعْطَاءِ قَبْلَهُ وَإِنْ كَانَ مُعَاوَضَةً. (وَلَوْ) (قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ طَلْقَةً فَشَاءَ) زَيْدٌ (طَلْقَةً) فَأَكْثَرَ (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ أَخْرَجَ مَشِيئَةَ زَيْدٍ وَاحِدَةً عَنْ أَحْوَالِ وُقُوعِ الطَّلْقَاتِ فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ كَمَا لَوْ قَالَ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ زَيْدٌ الدَّارَ فَإِنْ لَمْ يَشَأْ شَيْئًا وَقَعَ الثَّلَاثُ (وَقِيلَ تَقَعُ طَلْقَةً) إذْ التَّقْدِيرُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ وَاحِدَةً فَتَقَعَ فَالْإِخْرَاجُ مِنْ وُقُوعِ الثَّلَاثِ دُونَ وَصْلِ الطَّلَاقِ وَتُقْبَلُ ظَاهِرًا إرَادَتُهُ لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا لَوْ قَالَ أَرَدْت بِالِاسْتِثْنَاءِ عَدَمَ وُقُوعِ طَلْقَةٍ إذَا شَاءَهَا فَيَقَعُ طَلْقَتَانِ، وَيَأْتِي قَرِيبًا حُكْمُ مَا لَوْ مَاتَ وَشُكَّ فِي نَحْوِ مَشِيئَتِهِ، وَلَوْ عَلَّقَ بِمَشِيئَةِ الْمَلَائِكَةِ أَوْ بَهِيمَةٍ لَمْ تَطْلُقْ، أَوْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ طَلَّقْتُكُمَا إنْ شِئْتُمَا فَشَاءَتْ إحْدَاهُمَا لَمْ تَطْلُقْ، أَوْ شَاءَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا طَلَاقَ نَفْسِهَا دُونَ ضَرَّتِهَا فَفِي وُقُوعِهِ وَجْهَانِ: أَوْجُهُهُمَا لَا؛ لِأَنَّ مَشِيئَةَ طَلَاقِهَا عِلَّةٌ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا وَعَلَى ضَرَّتِهَا، وَقَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ شِئْت أَمْ أَبَيْت طَلَاقٌ مُنَجَّزٌ أَوْ شِئْت أَوْ أَبَيْت تَعْلِيقٌ بِأَحَدِهِمَا أَوْ كَيْف شِئْت أَوْ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ شِئْت طَلُقَتْ شَاءَتْ أَمْ لَا عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِصَاحِبِ الْأَنْوَارِ، لَكِنَّ كَلَامَ الرَّوْضَةِ فِي أَوَاخِرِ الْعِتْقِ يَقْتَضِي عَدَمَ الْوُقُوعِ مَا لَمْ تَشَأْ فِي الْمَجْلِسِ الطَّلَاقَ أَوْ عَدَمَهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَسَيَأْتِي ثَمَّ تَصْحِيحُهُ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَمُقَابِلُهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ شِئْت فَشَاءَتْ أَقَلَّ لَمْ تَطْلُقْ أَوْ وَاحِدَةً إنْ شِئْت فَشَاءَتْ ثَلَاثًا أَوْ ثِنْتَيْنِ فَوَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبُوك مَثَلًا فَشَاءَ وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ فَلَا مَا لَمْ يُرِدْ، إلَّا أَنْ يَشَاءَ وُقُوعَ وَاحِدَةٍ فَتَقَعَ أَوْ وَاحِدَةً إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبُوك ثَلَاثًا فَشَاءَهَا فَلَا، أَوْ شَاءَ دُونَهَا أَوْ لَمْ يَشَأْ فَوَاحِدَةً، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ لَوْلَا أَبُوك أَوْ لَوْلَا دَيْنُك لَمْ تَطْلُقْ كَلَوْلَا أَبُوك لَطَلَّقْتُك وَصَدَقَ فِي خَبَرِهِ، فَإِنْ كَذَبَ فِيهِ طَلُقَتْ بَاطِنًا وَإِنْ أَقَرَّ بِكَذِبِهِ فَظَاهِرًا، هَذَا كُلُّهُ إنْ تَعَارَفُوهُ يَمِينًا بَيْنَهُمْ وَإِلَّا طَلُقَتْ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِفُلَانٍ أَوْ يُرِيدَ أَوْ يَشَاءَ أَوْ يَرَى غَيْرَ ذَلِكَ وَلَمْ يَبْدُ لَهُ طَلُقَتْ قُبَيْلَ نَحْوِ مَوْتِهِ، أَوْ إلَّا أَنْ أَشَاءَ أَوْ يَبْدُوَ لِي وَلَمْ يَقْصِدْ التَّعْلِيقَ قَبْلَ فَرَاغِ لَفْظِ الطَّلَاقِ طَلُقَتْ حَالًا. (وَلَوْ) (عَلَّقَ) الزَّوْجُ الطَّلَاقَ (بِفِعْلِهِ) كَدُخُولِهِ الدَّارَ (فَفَعَلَ نَاسِيًا لِلتَّعْلِيقِ أَوْ مُكْرَهًا) ـــــــــــــــــــــــــــــSوَكَانَ الْمُعَلَّقُ بِمَشِيئَتِهِ غَيْرَ مُكَلَّفٍ وَشَاءَ بَعْدَ تَكْلِيفِهِ لَمْ يَقَعْ اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ. (قَوْلُهُ أَوْ بَهِيمَةٍ لَمْ تَطْلُقْ) أَيْ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ وَيَنْبَغِي عَدَمُ الْوُقُوعِ لَوْ نَطَقَتْ الْبَهِيمَةُ بِالْمَشِيئَةِ بِالْفِعْلِ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ مِنْ إلْغَاءِ عِبَارَتِهِمَا (قَوْلُهُ: قُبَيْلَ نَحْوِ مَوْتِهِ) أَيْ كَجُنُونِهِ الْمُتَّصِلِ بِالْمَوْتِ. (قَوْلُهُ: كَدُخُولِهِ الدَّارَ) أَيْ وَقَدْ قَصَدَ حَثَّ نَفْسِهِ أَوْ مَنْعَهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا أَطْلَقَ أَوْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ بِمُجَرَّدِ صُورَةِ الْفِعْلِ فَإِنَّهُ يَقَعُ مُطْلَقًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ ابْنِ رَزِينٍ اهـ حَجّ. وَنَقَلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِضَرُورَةِ نَحْوِ فَقْرٍ أَوْ دَيْنٍ، فَيَحِلُّ بَاطِنًا قَطْعًا كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ بِحَقٍّ كَمَا هُوَ تَتِمَّةُ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: وَقَعَ الثَّلَاثُ) أَيْ: قُبَيْلَ نَحْوِ الْمَوْتِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي آخِرَ السِّوَادَةِ وَصَرَّحَ بِهِ هُنَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: فَتَعَلَّقَ بِأَحَدِهِمَا) أَيْ فَلَا تَطْلُقُ إلَّا إنْ شَاءَتْ أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ: كَلَوْلَا أَبُوك لَطَلَّقْتُك) مَعْطُوفٌ عَلَى لَوْلَا أَبُوك فَهُوَ مِنْ مَدْخُولِ أَنْتِ طَالِقٌ: أَيْ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَلَوْلَا أَبُوك لَطَلَّقْتُك، وَوَجْهُ عَدَمِ الْوُقُوعِ حِينَئِذٍ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ لَوْلَا حُرْمَةُ أَبِيهَا لَطَلَّقَهَا، وَأَكَّدَ هَذَا الْخَبَرَ بِالْحَلِفِ بِطَلَاقِهَا، وَمِنْ ثَمَّ قَيَّدَهُ الشَّارِحُ بِمَا إذَا صَدَقَ فِي خَبَرِهِ، وَقَدْ عُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ فِيمَا يَأْتِي هَذَا إنْ تَعَارَفُوهُ: أَيْ أَنْتِ طَالِقٌ فِي مِثْلِ هَذَا التَّرْكِيبِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَلَا أَبُوك وَنَحْوُهُ كَلَوْلَا اللَّهُ وَلَوْلَا دِينُك لَمْ تَطْلُقْ إذْ الْمَعْنَى لَوْلَاهُ لَطَلَّقْتُك، وَكَذَا لَا تَطْلُقُ لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ لَوْلَا أَبُوك لَطَلَّقْتُك لِأَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ لَوْلَا حُرْمَةُ أَبِيهَا لَطَلَّقَهَا، وَأَكَّدَ هَذَا الْخَبَرَ بِالْحَلِفِ بِطَلَاقِهَا كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَوْلَا أَبُوك لَطَلَّقْتُك، هَذَا إنْ تَعَارَفُوهُ يَمِينًا بَيْنَهُمْ، فَإِنْ لَمْ يَتَعَارَفُوهُ يَمِينًا طَلُقَتْ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ بَعْدُ، وَمَحَلُّ عَدَمِ الطَّلَاقِ إذَا صَدَقَ فِي خَبَرِهِ فَإِنْ كَذَبَ فِيهِ طَلُقَتْ بَاطِنًا وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ،

عَلَيْهِ أَوْ جَاهِلًا بِأَنَّهُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ كَمَا يَأْتِي فِي التَّعْلِيقِ بِفِعْلِ الْغَيْرِ أَنْ يُخْبِرَ مَنْ حَلَفَ زَوْجُهَا أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِهِ بِأَنَّهُ أَذِنَ لَهَا وَإِنْ بَانَ كَذِبُهُ. قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَمَا لَوْ خَرَجَتْ نَاسِيَةً فَظَنَّتْ انْحِلَالَ الْيَمِينِ وَأَنَّهَا لَا تَتَنَاوَلُ سِوَى الْمَرَّةِ الْأُولَى فَخَرَجَتْ ثَانِيًا، وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَا قَالَهُ وَلَدُهُ الْجَلَالُ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ كَذَا فَأُخْبِرَ بِمَوْتِ زَوْجَتِهِ فَأَكَلَهُ فَبَانَ كَذِبُهُ حَنِثَ لِتَقْصِيرِهِ، وَلَوْ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ مُعْتَمِدًا عَلَى إفْتَاءِ مُفْتٍ بِعَدَمِ حِنْثِهِ بِهِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُ لَمْ يَحْنَثْ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلْإِفْتَاءِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذْ الْمَدَارُ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ وَعَدَمِهَا لَا عَلَى الْأَهْلِيَّةِ، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ حِنْثُ رَافِضِيٍّ حَلَفَ أَنَّ عَلِيًّا أَفْضَلُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَمُعْتَزِلِيٍّ حَلَفَ أَنَّ الشَّرَّ مِنْ الْعَبْدِ لِأَنَّ هَذَيْنِ مِنْ الْعَقَائِدِ الْمَطْلُوبِ فِيهَا الْقَطْعُ فَلَمْ يُعْذَرْ الْمُخْطِئُ فِيهَا مَعَ إجْمَاعِ مَنْ يُعْتَدُّ بِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى خَطَئِهِ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا (لَمْ تَطْلُقْ فِي الْأَظْهَرِ) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «إنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» أَيْ لَا يُؤَاخِذُهُمْ بِأَحْكَامِ هَذِهِ إلَّا مَا دَلَّ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ كَضَمَانِ قِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ. وَأَفْتَى جَمْعٌ مِنْ أَئِمَّتِنَا بِمُقَابِلِهِ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: إنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، وَمِنْ ثَمَّ تَوَقَّفَ جَمْعٌ مِنْ قُدَمَاءِ الْأَصْحَابِ عَنْ الْإِفْتَاءِ فِي ذَلِكَ وَتَبِعَهُمْ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، وَلَا فَرْقَ عَلَى الْأَوَّلِ بَيْنَ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ وَبِالطَّلَاقِ، وَلَا بَيْنَ أَنْ يَنْسَى فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَيَفْعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ أَوْ يَنْسَى فَيَحْلِفَ عَلَى مَا لَمْ يَفْعَلْهُ أَنَّهُ فَعَلَهُ، أَوْ بِالْعَكْسِ كَأَنْ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ شَيْءٍ وَقَعَ جَاهِلًا بِهِ أَوْ نَاسِيًا لَهُ. وَالْحَاصِلُ مِنْ كَلَامٍ طَوِيلٍ فِي كَلَامِهِمَا ظَاهِرُهُ التَّنَافِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى الشَّيْءِ الْفُلَانِيِّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَوْ كَانَ أَوْ سَيَكُونُ، أَوْ إنْ لَمْ أَكُنْ فَعَلْت أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَ أَوْ فِي الدَّارِ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ كَذَلِكَ أَوْ اعْتِقَادًا لِجَهْلِهِ بِهِ أَوْ نِسْيَانِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ عَلَى خِلَافِ مَا ظَنَّهُ أَوْ اعْتَقَدَهُ، فَإِنْ قَصَدَ بِحَلِفِهِ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي ظَنِّهِ أَوْ اعْتِقَادِهِ أَوْ فِيمَا انْتَهَى إلَيْهِ عِلْمُهُ: أَيْ لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَهُ فَلَا حِنْثَ، لِأَنَّهُ إنَّمَا رَبَطَ حَلِفَهُ بِظَنِّهِ أَوْ اعْتِقَادِهِ وَهُوَ صَادِقٌ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا فَكَذَلِكَ حَمْلًا لِلَّفْظِ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَهِيَ إدْرَاكُ وُقُوعِ النِّسْبَةِ بِحَسَبِ مَا فِي ذِهْنِهِ لَا بِحَسَبِ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَلِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ. وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْحِنْثِ مُفَرَّعٌ عَلَى رَأْيِهِمْ وَهُوَ حِنْثُ النَّاسِي مُطْلَقًا، وَقَدْ صَرَّحَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا بِعَدَمِ حِنْثِ الْجَاهِلِ وَالنَّاسِي فِي مَوَاضِعَ، وَمَحَلُّ عَدَمِ الْحِنْثِ فِيمَا مَرَّ مَا لَمْ يَقُلْ لَا أَفْعَلُهُ عَامِدًا وَلَا غَيْرُ وَإِلَّا بِأَنْ عَلَّقَ بِفِعْلِهِ وَإِنْ نَسِيَ أَوْ أُكْرِهَ أَوْ قَالَ لَا أَفْعَلُهُ لَا عَامِدًا أَوْ لَا غَيْرَ عَامِدٍ حَنِثَ مُطْلَقًا اتِّفَاقًا، وَأُلْحِقَ بِهِ مَا لَوْ قَالَ لَا أَفْعَلُهُ بِطَرِيقٍ مِنْ الطُّرُقِ. (أَوْ) عَلَّقَ (بِفِعْلِ غَيْرِهِ) مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (مِمَّنْ يُبَالَى بِتَعْلِيقِهِ) بِأَنْ تَقْضِيَ الْعَادَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــSسم عَنْ الشَّارِحِ أَنَّ الْإِطْلَاقَ فِي فِعْلِ نَفْسِهِ كَهُوَ فِي فِعْلِ غَيْرِهِ، وَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَقَصْدِ الْمَنْعِ أَوْ الْحَثِّ (قَوْلُهُ: أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِهِ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهَا لَا تُعْطِي شَيْئًا مِنْ أَمْتِعَةِ بَيْتِهَا إلَّا بِإِذْنِهِ فَأَتَى إلَيْهَا مَنْ طَلَبَ مِنْهَا قَائِلًا إنَّ زَوْجَك أَذِنَ لَك فِي الْإِعْطَاءِ وَبَانَ كَذِبُهُ، وَمِنْهُ أَيْضًا مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ فِيمَنْ حَلَفَ عَلَى زَوْجَتِهِ أَنَّهَا لَا تَذْهَبُ إلَى بَيْتِ أَبِيهَا فَذَهَبَتْ فِي غَيْبَتِهِ، فَلَمَّا حَضَرَ سَأَلَهَا وَقَالَ لَهَا أَمَا تَعْلَمِينَ أَنِّي حَلَفْت أَنَّك لَا تَذْهَبِينَ إلَى بَيْتِ أَبِيك؟ فَقَالَتْ نَعَمْ، لَكِنْ قَدْ قِيلَ لِي إنَّك فَدَيْت يَمِينَك فَلَا وُقُوعَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلْإِفْتَاءِ) وَمِثْلُهُ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ قَوْلِ غَيْرِ الْحَالِفِ لَهُ بَعْدَ حَلِفِهِ إلَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُخْبَرُ بِأَنَّ مَشِيئَةَ غَيْرِهِ تَنْفَعُهُ فَيَفْعَلُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ اعْتِمَادًا عَلَى خَبَرِ الْمُخْبِرِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ لَمْ يُخْبِرْهُ أَحَدٌ لَكِنَّهُ ظَنَّهُ مُعْتَمِدًا عَلَى مَا اُشْتُهِرَ بَيْنَ النَّاسِ مِنْ أَنَّ مَشِيئَةَ غَيْرِهِ تَنْفَعُهُ، فَذَلِكَ الِاشْتِهَارُ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْإِخْبَارِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُقَالُ يَنْبَغِي الْوُقُوعُ لِأَنَّهُ جَاهِلٌ بِالْحُكْمِ وَهُوَ لَا يَمْنَعُ الْوُقُوعَ، وَيَدُلُّ لِهَذَا قَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدُ وَالْحَاصِلُ مِنْ كَلَامٍ طَوِيلٍ فِي كَلَامِهِمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ) أَيْ بِأَنْ أَطْلَقَ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ بِكَذِبِهِ فَظَاهِرٌ أَيْضًا انْتَهَتْ. وَبِهَا تَعْلَمُ مُرَادَ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ كَمَا يَأْتِي إلَخْ.) أَيْ: مِنْ الْجَهْلِ (قَوْلُهُ: وَلَا بَيْنَ أَنْ يَنْسَى فِي الْمُسْتَقْبَلِ) أَيْ الَّذِي هُوَ صُورَةُ الْمَتْنِ

وَالْمُرُوءَةُ بِأَنَّهُ لَا يُخَالِفُهُ وَيَبَرُّ قَسَمَهُ لِنَحْوِ حَيَاءٍ أَوْ صَدَاقَةٍ أَوْ حُسْنِ خُلُقٍ. قَالَ فِي التَّوْشِيحِ: فَلَوْ نَزَلَ بِهِ عَظِيمُ قَرْيَةٍ فَحَلَفَ أَنْ لَا يَرْتَحِلَ حَتَّى يُضَيِّفَهُ فَهُوَ مِثَالٌ لِمَا ذَكَرَ (وَعَلِمَ) ذَلِكَ الْغَيْرُ بِتَعْلِيقِهِ يَعْنِي وَقَصَدَ إعْلَامَهُ بِهِ (فَكَذَلِكَ) لَا يَحْنَثُ بِفِعْلِهِ نَاسِيًا لِلتَّعْلِيقِ أَوْ الْمُعَلَّقِ بِهِ أَوْ مُكْرَهًا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ الْحَالِفُ حَثَّهُ أَوْ مَنْعَهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ يُبَالِي بِتَعْلِيقِهِ كَالسُّلْطَانِ وَالْحَجِيجِ أَوْ كَانَ يُبَالِي وَلَمْ يَعْلَمْ وَتَمَكَّنَ مِنْ إعْلَامِهِ وَلَمْ يُعْلِمْهُ كَمَا شَمَلَهُ كَلَامُهُمْ (فَيَقَعُ قَطْعًا) وَلَوْ نَاسِيًا لِأَنَّ الْحَلِفَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حِينَئِذٍ غَرَضُ حَثٍّ وَلَا مَنْعٍ لِأَنَّهُ مَنُوطٌ بِوُجُودِ صُورَةِ الْفِعْلِ، نَعَمْ لَوْ عَلَّقَ بِقُدُومِ زَيْدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَهُوَ مِثَالٌ لِمَا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ التَّعْلِيقِ عَلَى فِعْلِ مَنْ يُبَالِي فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي (قَوْلُهُ أَوْ مُكْرَهًا) أَيْ وَلَمْ يَكُنْ الْحَالِفُ هُوَ الْمُكْرِهُ لَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ. قَالَ حَجّ: وَمِنْ الْإِكْرَاهِ أَنْ يُعَلِّقَ بِانْتِقَالِ زَوْجَتِهِ مِنْ بَيْتِ أَبِيهَا فَيَحْكُمَ الْقَاضِي عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهَا بِهِ وَإِنْ كَانَ هَذَا الْمُدَّعِي كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَلَيْسَ مِنْ تَفْوِيتِ الْبَرِّ بِالِاخْتِيَارِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَيْسَ إلَيْهِ. وَيُقَاسَ بِذَلِكَ نَظَائِرُهُ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ: يُوَافِقُ ذَلِكَ مَا أَفْتَى بِهِ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فَإِنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ عَلَّقَ أَنَّهُ مَتَى نَقَلَ زَوْجَتَهُ مِنْ سَكَنِ أَبَوَيْهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا وَرِضَا أَبَوَيْهَا وَأَبْرَأْته مِنْ قِسْطٍ مِنْ أَقْسَاطِ صَدَاقِهَا عَلَيْهِ كَانَتْ طَالِقَةً طَلْقَةً تَمْلِكُ بِهَا نَفْسَهَا فَهَلْ لَهُ حِيلَةٌ فِي نَقْلِهَا وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ؟ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ يَحْكُمُ عَلَيْهَا الْحَاكِمُ بِانْتِقَالِهَا مَعَ زَوْجِهَا فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ طَلَاقٌ اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَخْلُصُ بِذَلِكَ وَإِنْ تَسَبَّبَ فِي ذَلِكَ بِالرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ وَالدَّعْوَى. وَفِي فَتَاوَى شَيْخِنَا الْمَذْكُورِ فِي بَابِ الْأَيْمَانِ مَا نَصُّهُ: سُئِلَ عَنْ شَخْصٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا يُسَافِرُ إلَى مِصْرَ فِي هَذِهِ السَّفِينَةِ، فَجَاءَ رَيِّسٌ السَّفِينَةِ وَاسْتَأْجَرَهُ لِلْعَمَلِ فِيهَا إجَارَةَ عَيْنٍ ثُمَّ ذَهَبَ إلَى الْقَاضِي وَأَرْسَلَ خَلْفَهُ وَادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ لِيُسَافِرَ مَعَهُ إلَى مِصْرَ وَأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ إجَارَةَ عَيْنٍ لِلْعَمَلِ فِي سَفِينَتِهِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ مِنْ السَّفَرِ مَعَهُ، فَأَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ بِالسَّفَرِ مَعَهُ وَحَكَمَ بِالسَّفَرِ فِي السَّفِينَةِ لِتَوْفِيَةِ مَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَيْهِ فَسَافَرَ فِيهَا فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَقَعُ لِتَفْوِيتِهِ الْبَرَّ بِاخْتِيَارِهِ وَلَا يَكُونُ إلْزَامُ السَّفَرِ مَعَهُ مَانِعًا مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ، إذْ لَيْسَ مِنْ صُوَرِ الْإِكْرَاهِ فِي شَيْءٍ، كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيتُ عِنْدَ زَوْجَتِهِ فَاسْتَأْجَرَتْهُ لِلْإِينَاسِ بِهِ وَحَكَمَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ بِالْمَبِيتِ عِنْدَهَا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِمَا ذُكِرَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنِّي إفْتَاءٌ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَاحْذَرْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْعَهُ) أَيْ أَوْ أَطْلَقَ عَلَى مَا نَقَلَهُ سم عَلَى حَجّ عَنْ الشَّارِحِ، وَعَلَيْهِ فَيُحْمَلُ قَوْلُهُ هُنَا وَإِلَّا عَلَى مَا لَوْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ فَقَطْ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا تَشَاجَرَ مَعَ أُمِّ زَوْجَتِهِ وَبِنْتِهَا فِي مَنْزِلِهَا فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهَا لَا تَأْتِي إلَيْهِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَلَمْ تَشْعُرْ الزَّوْجَةُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ إنَّهَا أَتَتْ إلَى مَنْزِلِ زَوْجِهَا هَلْ تَطْلُقُ الزَّوْجَةُ أَمْ لَا وَهُوَ عَدَمُ الْحِنْثِ وَعَدَمُ انْحِلَالِ الْيَمِينِ فَمَتَى عَادَتْ إلَى مَنْزِلِ وَالِدَتِهَا ثُمَّ رَجَعَتْ إلَى مَنْزِلِ زَوْجِهَا بَعْدِ الْعِلْمِ بِالْحَلِفِ وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ (قَوْلُهُ: وَتَمَكَّنَ مِنْ إعْلَامِهِ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ لَمْ تَبُسِّي لِي بَسِيسَةً فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا وَمَضَتْ اللَّيْلَةُ وَلَمْ تَفْعَلْ، وَالْحَالُ أَنَّهَا سَاكِنَةٌ مَعَهُ فِي مَحَلِّهِ وَهُوَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ عَدَمِ عِلْمِهَا وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ إعْلَامِهَا فَحَيْثُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: يَعْنِي: وَقَصَدَ إعْلَامَهُ) أَيْ زِيَادَةً عَلَى عِلْمِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي لَهُ فِي الْمَفْهُومِ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِهِ تَأْوِيلَ مَعْنَى الْعِلْمِ فِي الْمَتْنِ، فَمُرَادُ الْمَتْنِ بِكَوْنِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ عَلِمَ أَنَّ الْحَالِفَ قَصَدَ إعْلَامَهُ وَسَوَاءٌ عَلِمَ أَمْ لَمْ يَعْلَمْ وَإِنْ لَمْ يُنَاسِبْ مَا يَأْتِي لَهُ فِي الْمَفْهُومِ وَيُعَبِّرُ عَنْ قَصْدِ إعْلَامِهِ بِقَصْدِ مَنْعِهِ مِنْ الْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعْلَمْ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِ الْمَتْنِ عَلِمَ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ أَنَّ الْوُقُوعَ فِي هَذِهِ أَيْضًا مَقْطُوعٌ بِهِ وَهُوَ خِلَافُ الْوَاقِعِ بَلْ فِيهَا خِلَافٌ، وَالْأَصَحُّ مِنْهُ عَدَمُ الْوُقُوعِ، بَلْ قَالَ حَجّ: إنَّهُ الْمَنْقُولُ الْمُعْتَمَدُ وَمِنْ ثُمَّ قَالَ: أَعْنِي حَجّ: أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ غَيْرُ مُرَادَةٍ لِلْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ إعْلَامِهِ) الْمُنَاسِبُ فِي الْغَايَةِ وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إعْلَامِهِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْحَلِفَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حِينَئِذٍ غَرَضُ حَثٍّ إلَخْ.) لَا يُنَاسِبُ الصُّورَةَ الْأَخِيرَةَ

[فصل في الإشارة إلى العدد وأنواع من التعليق]

وَهُوَ عَاقِلٌ فَجُنَّ ثُمَّ قَدِمَ لَمْ يَقَعْ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الطَّبَرِيِّ، وَلَا يَرُدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ عَدَمُ الْوُقُوعِ فِي نَحْوِ طِفْلٍ أَوْ بَهِيمَةٍ أَوْ مَجْنُونٍ عَلَّقَ بِفِعْلِهِمْ فَأُكْرِهُوا عَلَيْهِ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمَّا أَلْغَى فِعْلَ هَؤُلَاءِ وَانْضَمَّ إلَيْهِ الْإِكْرَاهُ صَارَ كَلَا فِعْلٍ بِخِلَافِ فِعْلِ غَيْرِهِمْ، وَحُكْمُ الْيَمِينِ فِيمَا ذُكِرَ كَالطَّلَاقِ، وَلَا تَنْحَلُّ بِفِعْلِ الْجَاهِلِ وَالنَّاسِي وَالْمُكْرَهِ. (فَصْلٌ) فِي الْإِشَارَةِ إلَى الْعَدَدِ وَأَنْوَاعٍ مِنْ التَّعْلِيقِ (قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ وَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ) (لَمْ يَقَعْ عَدَدٌ) أَكْثَرَ مِنْ وَحِدَةٍ (إلَّا بِنِيَّةٍ) لَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ طَالِقٌ وَلَا تَكْفِي الْإِشَارَةُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَتَعَدَّدُ إلَّا بِلَفْظٍ أَوْ نِيَّةٍ وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ وُجِدَ لَفْظٌ أَثَّرَتْ الْإِشَارَةُ كَمَا قَالَ (فَإِنْ قَالَ مَعَ ذَلِكَ) الْقَوْلِ الْمُقْتَرِنِ بِالْإِشَارَةِ (هَكَذَا) طَلُقَتْ (فِي أُصْبُعَيْنِ طَلْقَتَيْنِ وَفِي ثَلَاثٍ ثَلَاثًا) وَلَا يُقْبَلُ فِي إرَادَةِ وَاحِدَةٍ بَلْ يَدِينُ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ بِالْأَصَابِعِ مَعَ قَوْلِ ذَلِكَ فِي الْعَدَدِ بِمَنْزِلَةِ النِّيَّةِ كَمَا فِي خَبَرِ «الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا» إلَى آخِرِهِ هَذَا إنْ أَشَارَ إشَارَةً مُفْهِمَةً لِلثِّنْتَيْنِ أَوْ الثَّلَاثِ لِاعْتِيَادِهَا فِي مُطْلَقِ الْكَلَامِ فَاحْتَاجَتْ لِقَرِينَةٍ تُخَصِّصُهَا بِأَنَّهَا لِلطَّلَاقِ، وَخَرَجَ بِمَعَ ذَلِكَ أَنْتِ هَكَذَا فَلَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ وَإِنْ نَوَاهُ إذْ لَا إشْعَارَ لِلَّفْظِ بِطَلَاقٍ وَبِهِ فَارَقَ أَنْتِ ثَلَاثًا (فَإِنْ قَالَ أَرَدْت بِالْإِشَارَةِ) فِي صُورَةِ الثَّلَاثِ (الْمَقْبُوضَتَيْنِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) إذْ اللَّفْظُ مُحْتَمِلٌ لَهُ فَيَقَعُ. ـــــــــــــــــــــــــــــSلَمْ يُعْلِمْهَا مَعَ ذَلِكَ حُمِلَتْ الصِّيغَةُ مِنْهُ عَلَى التَّعْلِيقِ الْمُجَرَّدِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: إنْ مَضَتْ اللَّيْلَةُ بِلَا فِعْلٍ مِنْهَا فَهِيَ طَالِقٌ وَقَدْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ. وَفِي حَجّ: فَرْعٌ: لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَنْسَى فَنَسِيَ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْسَ بَلْ نُسِّيَ كَمَا فِي الْحَدِيثِ اهـ (قَوْلُهُ: وَهُوَ عَاقِلٌ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ عَاقِلٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ فِعْلِ غَيْرِهِمْ) أَيْ غَيْرِ الْمَذْكُورِينَ مِنْ هَؤُلَاءِ فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْحِنْثِ بِفِعْلِهِمْ بَيْنَ الْمُكْرَهِ وَغَيْرِهِ حَيْثُ لَمْ يُبَالُوا بِالتَّعْلِيقِ. . (فَصْلٌ) فِي الْإِشَارَةِ إلَى الْعَدَدِ وَأَنْوَاعٍ مِنْ التَّعْلِيقِ. (قَوْلُهُ: وَأَنْوَاعٍ مِنْ التَّعْلِيقِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ قِيلَ لَهُ أَطَلَّقْت زَوْجَتَك إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْنِ) يَنْبَغِي وَلَوْ لِرِجْلِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: بَلْ يَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الْأُصْبُعَيْنِ غَيْرُهُمَا مِمَّا دَلَّ عَلَى عَدَدٍ كَعُودَيْنِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ قَوْلِهِ طَالِقٌ) يَتَّجِهُ الِاكْتِفَاءُ بِهَا عِنْدَ قَوْلِهِ أَنْتِ بِنَاءً عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِمُقَارَنَةِ نِيَّةِ الْكِنَايَةِ لَهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: بِمَنْزِلَةِ النِّيَّةِ كَمَا فِي خَبَرِ إلَخْ) عِبَارَةُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ وَوَجْهُهُ أَنَّ اللَّفْظَ مَعَ الْإِشَارَةِ يَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ مَعَ الْعَدَدِ كَمَا فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ وَخَنَّسَ إبْهَامَهُ فِي الثَّالِثَةِ وَأَرَادَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ» اهـ (قَوْلُهُ: فَاحْتَاجَتْ لِقَرِينَةٍ) أَيْ كَالنَّظَرِ لِلْأَصَابِعِ أَوْ تَحْرِيكِهَا أَوْ تَرْدِيدِهَا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ أَنْتِ ثَلَاثًا) أَيْ فَإِنَّهُ كِنَايَةٌ فَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ وَأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ قُبَيْلَ الْفَصْلِ: وَلَوْ قِيلَ لَهُ قُلْ هِيَ طَالِقٌ فَقَالَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ أَرَدْت إلَخْ) فِي الرَّوْضِ فَإِنْ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِخِلَافِ فِعْلِ غَيْرِهِمْ) أَيْ مِمَّنْ لَا يُبَالِي. [فَصْلٌ فِي الْإِشَارَة إلَى الْعَدَد وَأَنْوَاع مِنْ التَّعْلِيقِ] (فَصْلٌ) فِي الْإِشَارَةِ إلَى الْعَدَدِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ قَوْلِهِ طَالِقٌ) تَقَدَّمَ لَهُ فِي فَصْلٍ فِي تَعَدُّدِ الطَّلَاقِ بِنِيَّةِ الْعَدَدِ فِيهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قَالَ طَلَّقْتُك أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى عَدَدًا وَقَعَ، وَكَذَا الْكِتَابَةُ مَا نَصُّهُ: وَنِيَّةُ الْعَدَدِ كَنِيَّةِ أَصْلِ الطَّلَاقِ فِي اقْتِرَانِهَا بِكُلِّ اللَّفْظِ أَوْ بَعْضِهِ عَلَى مَا مَرَّ. اهـ. وَمُرَادُهُ الَّذِي مَرَّ فِي الْكِنَايَةِ وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ فِيهَا أَنَّهُ تَكْفِي النِّيَّةُ عِنْدَ أَيِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ أَنْتِ بَائِنٌ مَثَلًا فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ:؛ لِاعْتِيَادِهَا) تَعْلِيلٌ لِاشْتِرَاطِ الْإِفْهَامِ فِي الْإِشَارَةِ، فَالضَّمِيرُ فِي اعْتِيَادِهَا رَاجِعٌ إلَى مُطْلَقِ

ثِنْتَانِ فَقَطْ، فَإِنْ عَكَسَ فَأَشَارَ بِاثْنَتَيْنِ وَقَالَ أَرَدْت بِهَا الثَّلَاثَ الْمَقْبُوضَةَ صُدِّقَ بِالْأُولَى لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَوْ كَانَتْ الْإِشَارَةُ بِيَدِهِ مَجْمُوعَةً وَلَمْ يَنْوِ عَدَدًا وَقَعَ وَاحِدَةً كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ، أَوْ قَالَ أَنْتِ الثَّلَاثُ وَنَوَى الطَّلَاقَ لَمْ يَقَعْ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت بِهِ الْأُصْبُعَ لَا الزَّوْجَةَ لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا. (وَلَوْ) (قَالَ عَبْدٌ) لِزَوْجَتِهِ (إذَا مَاتَ سَيِّدِي فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ وَقَالَ سَيِّدُهُ) لَهُ (إذَا مِتّ فَأَنْت حُرٌّ) (فَعَتَقَ بِهِ) أَيْ بِمَوْتِ السَّيِّدِ بِأَنْ خَرَجَ مِنْ ثُلُثِهِ أَوْ أَجَازَ الْوَارِثُ أَوْ قَالَ إذَا جَاءَ الْغَدُ فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ وَقَالَ سَيِّدُهُ إذَا جَاءَ الْغَدُ فَأَنْت حُرٌّ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تَحْرُمُ) عَلَيْهِ الْحُرْمَةَ الْكُبْرَى (بَلْ لَهُ الرَّجْعَةُ) فِي الْعِدَّةِ (وَتَجْدِيدٌ) بَعْدَهَا وَلَوْ (قَبْلَ زَوْجٍ) لِأَنَّ الطَّلْقَتَيْنِ وَالْعِتْقَ وَقَعَا مَعًا بِالْمَوْتِ أَوْ بِمَجِيءِ الْغَدِ فَغَلَبَ حُكْمُ الْحُرِّيَّةِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لَهَا، وَكَمَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِمُدَبَّرِهِ وَمُسْتَوْلَدَتِهِ مَعَ أَنَّ اسْتِحْقَاقَهَا يُقَارِنُ الْحُرِّيَّةَ فَجُعِلَ كَالْمُتَقَدِّمِ عَلَيْهَا. أَمَّا عِتْقُ بَعْضِهِ فَيَقَعُ مَعَهُ ثِنْتَانِ وَتَحْتَاجُ إلَى مُحَلِّلٍ لِأَنَّ الْمُبَعَّضَ فِي الْعَدَدِ كَالْقَنِّ، وَخَرَجَ بِإِذَا مَاتَ سَيِّدُهُ مَا لَوْ عَلَّقَهُمَا بِآخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاةِ سَيِّدِهِ فَيَحْتَاجُ لِمُحَلِّلٍ لِوُقُوعِهِمَا فِي الرِّقِّ. وَالثَّانِي تَبِينُ بِالطَّلْقَتَيْنِ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِمَا فَغُلِّبَ جَانِبُ التَّحْرِيمِ. وَلَوْ عَلَّقَ زَوْجُ الْأَمَةِ طَلَاقَهَا وَهِيَ غَيْرُ مُدَبَّرَةٍ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا وَهُوَ وَارِثُهُ فَمَاتَ السَّيِّدُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَلَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ كَانَتْ مُكَاتَبَةً، أَوْ كَانَ عَلَى السَّيِّدِ دَيْنٌ لِأَنَّهَا بِمَوْتِهِ تَنْتَقِلُ إلَيْهِ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا فَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ فَلَا يُصَادِفُ الطَّلَاقُ مَحَلًّا. أَمَّا الْمُدَبَّرَةُ فَتَطْلُقُ إنْ عَتَقَتْ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا وَلَوْ بِإِجَازَةِ الْوَارِثِ الْعِتْقَ. (وَلَوْ نَادَى إحْدَى زَوْجَتَيْهِ فَأَجَابَتْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSلِإِحْدَاهُمَا أَيْ فَلَا يُصَدَّقُ فِي إرَادَتِهِ إحْدَى الْمَقْبُوضَتَيْنِ، وَانْظُرْ إذَا أَشَارَ بِأَرْبَعٍ وَقَالَ أَرَدْت الْمَقْبُوضَةَ وَلَا يَبْعُدُ الْقَبُولُ اهـ سم عَلَى حَجّ هَذَا وَقَدْ يُقَالُ قَبُولُ قَوْلِهِ أَرَدْت الْمَقْبُوضَتَيْنِ مُشْكِلٌ مَعَ كَوْنِ الْفَرْضِ أَنَّ مَحَلَّ اعْتِبَارِ قَوْلِهِ هَكَذَا إذَا انْضَمَّتْ إلَيْهِ قَرِينَةٌ تُفْهِمُ الْمُرَادَ بِالْإِشَارَةِ وَمُقْتَضَى انْضِمَامِهَا أَنَّهُ لَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِهِ أَرَدْت غَيْرَ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْقَرِينَةُ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْقَرِينَةَ مِنْ حَيْثُ هِيَ دَلَالَتِهَا ضَعِيفَةٌ فَقَالَ مِنْهُ مَا ذُكِرَ مَعَ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ: وَنَوَى الطَّلَاقَ لَمْ يَقَعْ) قَدْ يُقَالُ مَا الْمَانِعُ مِنْ كَوْنِهِ كِنَايَةً فَإِنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِالْمَصْدَرِ فَقَالَ أَنْت طَلَاقٌ كَانَ كِنَايَةً كَمَا مَرَّ فِي الْمَانِعِ مِنْ اعْتِبَارِ إرَادَتِهِ حَيْثُ نَوَاهُ كَمَا فِي صُورَةِ النَّصْبِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ ثَلَاثًا عُهِدَ اسْتِعْمَالُهَا صِفَةَ الطَّلَاقِ، بِخِلَافِ الثَّلَاثِ لَمْ يُعْهَدْ اسْتِعْمَالُهَا لِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ بِنَحْوِ أَنْتِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ حَتَّى لَوْ ذَكَرَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ صَرِيحَ طَلَاقٍ. (قَوْلُهُ: فَجُعِلَ كَالْمُتَقَدِّمِ) أَيْ فَجُعِلَ الِاسْتِحْقَاقُ كَالْمُتَقَدِّمِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ حَيْثُ جُعِلَ سَابِقًا عَلَى الْحُرِّيَّةِ مَنَعَ مِنْ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لَهُمَا لِلُّزُومِ اسْتِحْقَاقِهِمَا مَعَ الرِّقِّ، فَكَانَ الْأَوْلَى فِي التَّعْبِيرِ أَنْ يَقُولَ فَجُعِلَتْ: أَيْ الْحُرِّيَّةُ مُتَقَدِّمَةٌ عَلَيْهِ: أَيْ الِاسْتِحْقَاقِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: يُقَارِنُ الْعِتْقَ فَجُعِلَ كَالْمُتَقَدِّمِ عَلَيْهِ: أَيْ فَجُعِلَ الْعِتْقُ كَالْمُتَقَدِّمِ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهَا: أَيْ الْحُرِّيَّةِ (قَوْلُهُ: أَمَّا عِتْقُ بَعْضِهِ) قَسِيمٌ لِمَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ فَعَتَقَ بِهِ مِنْ أَنَّ الْعِتْقَ لِكُلِّهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الزَّوْجُ وَارِثُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: انْفَسَخَ النِّكَاحُ) وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ أَعْتَقَهَا بَعْدَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى مَحَلٍّ لِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا) أَيْ كُلُّهَا إنْ كَانَ حَائِزًا أَوْ بَعْضُهَا إنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَا بِإِجَازَةِ الْوَارِثِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِإِجَازَةِ الْوَارِثِ بِأَنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ لَا بِأَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِشَارَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا بَاطِنًا) فِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ عَنْ الشِّهَابِ سم أَنَّ وَالِدَ الشَّارِحِ يُخَالِفُ فِي هَذَا فِي فَتَاوِيهِ (قَوْلُهُ: فَجُعِلَ كَالْمُتَقَدِّمِ عَلَيْهَا) صَوَابُهُ فَجُعِلَتْ كَالْمُتَقَدِّمَةِ عَلَيْهِ

الْأُخْرَى فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَهُوَ يَظُنُّهَا الْمُنَادَاةَ لَمْ تَطْلُقْ الْمُنَادَاةُ) لِعَدَمِ مُخَاطَبَتِهَا حَقِيقَةً (وَتَطْلُقُ الْمُجِيبَةُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهَا الْمُخَاطَبَةُ بِهِ حَقِيقَةً وَلَا اعْتِبَارَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ. وَالثَّانِي لَا لِانْتِفَاءِ قَصْدِهَا، وَخَرَجَ بِيَظُنُّهَا الْمُنَادَاةَ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ عِلْمُهُ أَوْ ظَنُّهُ أَنَّ الْمُجِيبَةَ غَيْرُ الْمُنَادَاةِ، فَإِنْ قَصَدَهَا طَلُقَتْ فَقَطْ أَوْ الْمُنَادَاةَ طَلُقَتَا، فَإِنْ قَالَ لَمْ أَقْصِدْ الْمُجِيبَةَ دِينَ. (وَلَوْ) (عَلَّقَ) طَلَاقَهَا (بِأَكْلِ رُمَّانَةٍ وَعَلَّقَ بِنِصْفٍ) كَإِنْ أَكَلْتِ رُمَّانَةً فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ أَكَلْت نِصْفَ رُمَّانَةٍ فَأَنْت طَالِقٌ (فَأَكَلَتْ رُمَّانَةً فَطَلْقَتَانِ) لِوُجُودِ الصِّفَتَيْنِ، فَإِنْ عَلَّقَ بِكُلَّمَا فَثَلَاثٌ لِأَنَّهَا أَكَلَتْ رُمَّانَةً مَرَّةً وَنِصْفًا مَرَّتَيْنِ، وَلَوْ قَالَ رُمَّانَةً فَأَكَلَتْ نِصْفَيْ رُمَّانَتَيْنِ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ لِأَنَّهُمَا لَا يُسَمَّيَانِ رُمَّانَةً، وَكَوْنُ النَّكِرَةِ إذَا أُعِيدَتْ غَيْرًا لَيْسَ بِمُطَّرِدٍ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ عَلَى أَنَّ الْمُغَلَّبَ هُنَا الْعُرْفُ الْأَشْهُرُ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَكَلَتْ أَلْفَ حَبَّةٍ مَثَلًا مِنْ أَلْفِ رُمَّانَةٍ وَإِنْ زَادَ ذَلِكَ عَلَى عَدَدِ رُمَّانَةٍ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَكَلْتِ هَذَا الرَّغِيفَ وَأَنْت طَالِقٌ إنْ أَكَلْتِ نِصْفَهُ وَأَنْت طَالِقٌ إنْ أَكَلْتِ رُبُعَهُ فَأَكَلَتْ الرَّغِيفَ طَلُقَتْ ثَلَاثًا أَوْ إنْ كَلَّمْتِ رَجُلًا فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ كَلَّمْتِ زَيْدًا فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ كَلَّمْتِ فَقِيهًا فَأَنْت طَالِقٌ فَكَلَّمَتْ زَيْدًا وَكَانَ فَقِيهًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا. أَوْ إنْ لَمْ أُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ زَوَالِ الشَّمْسِ الْيَوْمَ فَأَنْت طَالِقٌ فَصَلَّاهُمَا قَبْلَ الزَّوَالِ وَقَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ زَالَتْ الشَّمْسُ وَقَعَ الطَّلَاقُ. (وَالْحَلِفُ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ بِخَطِّهِ، وَيَجُوزُ سُكُونُهَا لُغَةً الْقَسَمُ، وَهُوَ (بِالطَّلَاقِ) أَوْ غَيْرِهِ (مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَثٌّ) عَلَى فِعْلٍ (أَوْ مَنْعٌ) مِنْهُ لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ تَحْقِيقُ خَبَرٍ) ذَكَرَهُ الْحَالِفُ أَوْ غَيْرُهُ لِيُصَدَّقَ فِيهِ لِأَنَّ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ فَرْعُ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَالْحَلِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى مُشْتَمِلٌ عَلَى ذَلِكَ (فَإِذَا) (قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (إنْ) أَوْ إذَا (حَلَفْت بِطَلَاقٍ مِنْك فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ إنْ لَمْ تَخْرُجِي) مِثَالٌ لِلْأَوَّلِ (أَوْ إنْ خَرَجْت) مِثَالٌ لِلثَّانِي (أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَمْرُ كَمَا قُلْت) مِثَالٌ لِلثَّالِثِ (فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَعَ الْمُعَلَّقُ بِالْحَلِفِ) فِي الْحَالِ لِأَنَّهُ حَلِفٌ (وَيَقَعُ الْآخَرُ إنْ) كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا وَ (وُجِدَتْ صِفَتُهُ) وَبَقِيَتْ عِدَّتُهَا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِظُهُورِهِ (وَلَوْ) (قَالَ) بَعْدَ تَعْلِيقِهِ بِالْحَلِفِ (إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ أَوْ جَاءَ الْحُجَّاجُ فَأَنْت طَالِقٌ) وَلَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمَا تَنَازُعٌ فِي ذَلِكَ (لَمْ يَقَعْ الْمُعَلَّقُ بِالْحَلِفِ) لِخُلُوِّهِ عَنْ أَقْسَامِهِ الثَّلَاثَةِ بَلْ هُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــSخَرَجَتْ مِنْهُ. (قَوْلُهُ وَهُوَ يَظُنُّهَا) أَيْ وَالْحَالُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَصَدَهَا) أَيْ الْمُجِيبَةَ (قَوْلُهُ: أَوْ الْمُنَادَاةَ) أَيْ مَعَ الْمُجِيبَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدُ فَإِنْ قَالَ لَمْ أَقْصِدْ الْمُجِيبَةَ (قَوْلُهُ طَلُقَتْ) أَيْ ظَاهِرًا لِقَوْلِهِ بَعْدُ فَإِنْ قَالَ لَمْ أَقْصِدْ الْمُجِيبَةَ دِينَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ لَمْ أَقْصِدْ) وَلَا يُشْكِلُ هَذَا بِمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ ظَنَّ الْمُجِيبَةَ هِيَ الْمُنَادَاةَ حَيْثُ طَلُقَتْ الْمُجِيبَةُ وَحْدَهَا لِأَنَّهُ ثَمَّ لَمْ يَقْصِدْ الْمُنَادَاةَ بِالطَّلَاقِ بَلْ أَطْلَقَ فَحُمِلَ عَلَى الْمُجِيبَةِ لِأَنَّهَا الْمُخَاطَبَةُ. (قَوْلُهُ فَإِنْ عَلَّقَ بِكُلَّمَا) أَيْ فِي التَّعْلِيقَيْنِ أَوْ فِي الثَّانِي فَقَطْ لِأَنَّ التَّكْرَارَ إنَّمَا هُوَ فِيهِ، وَمَا عَبَّرَ بِهِ الشَّارِحُ الْمَحَلِّيُّ مِنْ قَوْلِهِ فِي التَّعْلِيقَيْنِ مِثَالٌ لَا قَيْدٌ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ اهـ سم عَلَى حَجّ وَقَوْلُهُ فَثَلَاثٌ: أَيْ أَوْ أَكْثَرُ (قَوْلُهُ: وَكَوْنُ النَّكِرَةِ) جَوَابُ سُؤَالٍ يَرُدُّ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَوْ عَلَّقَ بِأَكْلِ رُمَّانَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَكَانَ فَقِيهًا) أَيْ فِي عُرْفِهِمْ فَيَدْخُلُ فِيهِ فَقِيهُ الْبَلَدِ مَثَلًا وَإِنْ كَانَ عَامِّيًّا (قَوْلُهُ وَقَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ زَالَتْ الشَّمْسُ) أَيْ أَوْ قَارَنَ الزَّوَالُ السَّلَامَ بِحَيْثُ لَمْ تَتَقَدَّمْ الْمِيمُ عَلَى الزَّوَالِ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الزَّوَالِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَتِمُّ بِدُونِ السَّلَامِ. (قَوْلُهُ مِثَالٌ لِلثَّالِثِ) تَحْقِيقُ خَبَرٍ (قَوْلُهُ: وَيَقَعُ الْآخَرُ) فِيهِ نَظَرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّالِثِ فَإِنَّهُ حَلَفَ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ وَلَا يَقَعُ فِيهِ الطَّلَاقُ بِتَبَيُّنِ خِلَافِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْمَرْجُوحِ فَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ بِالْمَعْنَى. وَقَدْ يُقَالُ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَوْ أَرَادَ إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَمْرُ كَمَا قُلْت فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: عَنْ أَقْسَامِهِ الثَّلَاثَةِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَكَوْنُ النَّكِرَةِ إذَا أُعِيدَتْ إلَخْ.) جَوَابٌ عَنْ إشْكَالٍ فِي الْمَتْنِ لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ مَا لَوْ أَكَلَتْ نِصْفَيْ رُمَّانَتَيْنِ وَلَوْ أَعْقَبَهُ بِهِ لَكَانَ وَاضِحًا عَلَى أَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْهُ بِالْأَوْلَى فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) مُرَادُهُ بِهِ مَا يَشْمَلُ غَيْرَ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ مِنْ عِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِ لِيَتَأَتَّى التَّعْلِيلُ

تَعْلِيقٌ مَحْضٌ بِصِفَةٍ فَيَقَعُ بِمَا إنْ وُجِدَتْ وَإِلَّا فَلَا، وَتَعْبِيرُهُ بِالْجَمْعِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ وَاحِدٌ أَوْ انْقَطَعَ لِعُذْرٍ لَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ. وَاسْتَبْعَدَهُ بَعْضُهُمْ وَاسْتَظْهَرَ أَنَّ الْمُرَادَ الْجِنْسُ، وَهَلْ يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ لِلْأَكْثَرِ أَوْ لِمَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْجَمْعِ أَوْ إلَى جَمِيعِ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ مِمَّنْ يُرِيدُ الرُّجُوعَ؟ احْتِمَالَاتٌ: أَقْرَبُهَا ثَانِيهَا، وَلَوْ قَالَ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَأَنْت طَالِقٌ وَقَصَدَ مَنْعَهُ وَهُوَ مِمَّنْ يُبَالَى بِحَلِفِهِ حَالَةَ الْحَلِفِ فِيمَا يَظْهَرُ فَحَلِفٌ، أَوْ التَّعْلِيقَ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا أَوْ كَانَ بِفِعْلِ مَنْ لَمْ يُبَالِ كَالسُّلْطَانِ فَتَعْلِيقٌ، وَلَوْ تَنَازَعَا فِي طُلُوعِ الشَّمْسِ فَقَالَتْ لَمْ تَطْلُعْ فَقَالَ إنْ لَمْ تَطْلُعْ فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ حَالًا لِأَنَّ غَرَضَهُ التَّحْقِيقُ فَهُوَ حَلِفٌ، أَوْ قَالَ لِمَوْطُوءَةٍ إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِك فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ أَعَادَهُ أَرْبَعًا وَقَعَ بِالثَّانِيَةِ طَلْقَةً وَتَنْحَلُّ الْأُولَى وَبِالثَّالِثَةِ طَلْقَةً ثَانِيَةً بِحُكْمِ الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ وَتَنْحَلُّ وَيَقَعُ بِالرَّابِعَةِ طَلْقَةً ثَالِثَةً بِحُكْمِ الْيَمِينِ الثَّالِثَةِ وَتَنْحَلُّ. (وَلَوْ) (قِيلَ لَهُ اسْتِخْبَارًا أَطْلَقْتهَا) أَيْ زَوْجَتَك (فَقَالَ نَعَمْ) أَوْ مُرَادِفَهَا كَجَيْرٍ أَوْ أَجَلٍ وَإِي بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ بَلَى هُنَا كَذَلِكَ لِمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا لُغَوِيٌّ لَا شَرْعِيٌّ (فَإِقْرَارٌ بِهِ) لِأَنَّهُ صَرِيحٌ إقْرَارٌ، فَإِنْ كَذَبَ فَهِيَ زَوْجَتُهُ بَاطِنًا (فَإِنْ قَالَ أَرَدْت) طَلَاقًا (مَاضِيًا وَرَاجَعْت فِيهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِاحْتِمَالِ مَا يَدَّعِيهِ، وَخَرَجَ بِرَاجَعْتُ جَدَّدْت، وَحُكْمُهُ مَا مَرَّ فِي أَنْتِ طَالِقٌ وَفَسَّرَهُ بِذَلِكَ (فَإِنْ قِيلَ) لَهُ (ذَلِكَ الْتِمَاسًا) أَيْ طَلَبًا مِنْهُ (لَا إنْشَاءً) لِإِيقَاعِ طَلَاقٍ، وَمِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لَوْ قِيلَ لَهُ وَقَدْ تَنَازَعَا فِي فِعْلِهِ لِشَيْءٍ الطَّلَاقُ يَلْزَمُك مَا فَعَلْت كَذَا (فَقَالَ نَعَمْ) أَوْ نَحْوَهَا (فَصَرِيحٌ) فِي الْإِيقَاعِ حَالًا (وَقِيلَ كِنَايَةً) لِأَنَّ نَعَمْ لَيْسَتْ مِنْ صَرَائِحِ الطَّلَاقِ. وَيُرَدُّ بِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ لَيْسَتْ صَرِيحَةً فِيهِ لَكِنَّهَا حَاكِيَةٌ لِمَا قَبْلَهَا اللَّازِمُ مِنْهُ إفَادَتُهَا فِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ، إذْ الْمَعْنَى نَعَمْ طَلَّقْتهَا وَلِصَرَاحَتِهَا فِي الْحِكَايَةِ تَنَزَّلَتْ عَلَى قَصْدِ السَّائِلِ فَكَانَتْ صَرِيحَةً فِي الْإِقْرَارِ تَارَةً وَفِي الْإِنْشَاءِ أُخْرَى تَبَعًا لِقَصْدِهِ، وَبِهَذَا يَتَّضِحُ قَوْلُ الْقَاضِي وَقَطَعَ بِهِ الْبَغَوِيّ، وَاقْتَضَى كَلَامُ الرَّوْضَةِ تَرْجِيحَهُ، وَمِنْ ثَمَّ جَزَمَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ مُخْتَصِرَيْهَا، وَلَوْ قِيلَ لَهُ إنْ فَعَلْت كَذَا فَزَوْجَتُك طَالِقٌ فَقَالَ نَعَمْ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا، وَبِهِ أَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَا اسْتِخْبَارٌ وَلَا إنْشَاءٌ حَتَّى يَنْزِلَ عَلَيْهِ بَلْ تَعْلِيقٌ، وَنَعَمْ لَا تُؤَدِّي مَعْنَاهُ فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْبَغَوِيّ مَرَّةً أُخْرَى ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ حَثٍّ أَوْ مَنْعٍ أَوْ تَحْقِيقِ خَبَرٍ (قَوْلُهُ: فَيَقَعُ بِهَا إنْ وُجِدَتْ) أَيْ وَلَوْ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ الْمُعْتَادِ كَأَنْ تَأَخَّرَ الْحَاجُّ عَنْ الْعَادَةِ فِي مَجِيئِهِ (قَوْلُهُ أَقْرَبُهَا ثَانِيهَا) وَعَلَيْهِ فَهُوَ الْمُرَادُ قُدُومُهُمْ لِلْبَرَكَةِ مَثَلًا أَوْ لَا بُدَّ مِنْ دُخُولِهِمْ الْبَلَدَ حَتَّى يَقَعَ، وَلَوْ كَانَ الْمُعَلِّقُ مِنْ قَرْيَةِ قُرَى مِصْرِ هَلْ يُشْتَرَطُ قُدُومُ الْحُجَّاجِ لِبَلَدِهِ أَوْ يَكْفِي وُصُولُهُمْ إلَى مِصْرَ أَوْ يَكْفِي الْحَالُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي فَلَا بُدَّ مِنْ دُخُولِهِمْ إلَى الْبَلَدِ فِي الْأُولَى وَإِلَى قَرِينِهِ فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ فَحَلَفَ) أَيْ فَيَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِالْحَلِفِ (قَوْلُهُ: طَلُقَتْ حَالًا) لِأَنَّهُ عَلَّقَ بِمُسْتَحِيلٍ وَهُوَ مُقْتَضَى الْوُقُوعِ حَالًا فَيَقَعُ الطَّلَاقُ لِتَحَقُّقِ الْحَلِفِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ: أَيْ مَا لَمْ يُرِدْ بِالطُّلُوعِ ظُهُورَهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ وَاحْتُمِلَ عَدَمُهُ لِكَوْنِهِ زَمَنَ غَيْمٍ، وَإِلَّا فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ حَيْثُ كَانَ مُرَادُهُ إنْ فَاتَ طُلُوعُهَا فِي ظَنِّي فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَعَادَهُ) أَيْ إنْ حَلَفْت إلَخْ. [فَرْعٌ] وَمِمَّا يُغْفَلُ عَنْهُ أَنْ يَحْلِفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُ ثُمَّ يُخَاطِبُهُ بِنَحْوِ اذْهَبْ مُتَّصِلًا بِالْحَلِفِ فَيَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ لِأَنَّ ذَلِكَ خِطَابٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَدِينَ فِيمَا لَوْ قَالَ أَرَدْت بَعْدَ هَذَا الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ حَاضِرٌ عِنْدِي فِيهِ. (قَوْلُهُ: أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَلَى وَنَعَمْ (قَوْلُهُ: وَفَسَّرَهُ بِذَلِكَ) أَيْ فَلَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ وَمِنْ الِالْتِمَاسِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ شَيْئًا) أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَمِثْلُهُ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ أَنَّهُ يُقَالُ لِلزَّوْجِ بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْهَا أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَأَبْرَأْت مِنْ كَذَا فَهِيَ طَالِقٌ فَيَقُولُ نَعَمْ مِنْ غَيْرِ التَّلَفُّظِ بِتَعْلِيقٍ (قَوْلُهُ: لَا تُؤَدِّي مَعْنَاهُ) أَيْ التَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ: فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْبَغَوِيّ إلَخْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: طَلُقَتْ حَالًا لِأَنَّ غَرَضَهُ التَّحْقِيقُ) هُوَ مِنْ أَمْثِلَةِ الْمَتْنِ.

يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِيمَنْ قَالَ لَهُ أَطَلَّقْتَ زَوْجَتَك فَقَالَ نَعَمْ، وَكَأَنَّ ابْنَ رَزِينٍ اغْتَرَّ بِكَلَامِ هَذَا فَأَفْتَى بِالْوُقُوعِ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ وَإِنْ سَبَقَهُ إلَيْهِ الْمُتَوَلِّي وَتَبِعَهُ فِيهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ لَوْ جَهِلَ حَالَ السُّؤَالِ هُنَا حُمِلَ عَلَى الِاسْتِخْبَارِ وَخَرَجَ بِنَعَمْ مَا لَوْ أَشَارَ بِنَحْوِ رَأْسِهِ فَإِنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِهِ مِنْ نَاطِقٍ فِيمَا يَظْهَرُ لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْفَصْلِ وَمَا لَوْ قَالَ طَلَّقْت فَهَلْ يَكُونُ كِنَايَةً أَوْ صَرِيحًا؟ قِيلَ بِالْأَوَّلِ وَالثَّانِي أَصَحُّ وَمَا لَوْ قَالَ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَغْوٌ أَيْضًا لِاحْتِمَالِ سَبْقِ تَعْلِيقٍ أَوْ وَعْدٍ يَئُولُ إلَيْهِ أَوْ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ الْأَمْرَ عَلَى مَا تَقُولُ فَكَذَلِكَ عَلَى مَا نَقَلَاهُ وَأَقَرَّاهُ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يَعْلَمَ وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ هَذَا الْعِلْمُ وَلَوْ أَوْقَعَ مَا لَا يُوقِعُ شَيْئًا أَوْ لَا يُوقِعُ إلَّا وَاحِدَةً كَأَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ فَظَنَّهُ ثَلَاثًا فَأَقَرَّ بِهَا بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ الظَّنِّ قُبِلَ مِنْهُ دَعْوَى ذَلِكَ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِيمَا لَوْ عَلَّقَهَا بِفِعْلٍ لَا يَقَعُ بِهِ مَعَ الْجَهْلِ أَوْ النِّسْيَانِ فَأَقَرَّ بِهَا ظَانًّا وُقُوعَهَا وَفِيمَا لَوْ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَظَنَّ نَاسِيًا فَظَنَّ الْوُقُوعَ فَفَعَلَهُ عَامِدًا فَلَا يَقَعُ بِهِ لِظَنِّهِ زَوَالَ التَّعْلِيقِ مَعَ شَهَادَةِ قَرِينَةِ النِّسْيَانِ لَهُ بِصِدْقِهِ فِي هَذَا الظَّنِّ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ جَاهِلٍ بِالْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ مَعَ عِلْمِهِ بِبَقَاءِ الْيَمِينِ كَمَا مَرَّ وإنَّمَا لَمْ يُقْبَلْ مَنْ قَالَ أَنْتِ بَائِنٌ ثُمَّ أَوْقَعَ الثَّلَاثَ بَعْدَ زَمَنٍ تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ ثُمَّ قَالَ نَوَيْت بِالْكِنَايَةِ الطَّلَاقَ فَهِيَ بَائِنٌ حَالَةَ إيقَاعِ الثَّلَاثِ لِأَنَّهُ هُنَا مُتَّهَمٌ بِرَفْعِهِ الثَّلَاثَ الْمُوَجِّه لِلتَّحْلِيلِ اللَّازِمِ لَهُ، وَلَوْ قِيلَ لَهُ قُلْ هِيَ طَالِقٌ فَقَالَ ثَلَاثًا فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ إنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ وَأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مُقَدَّرٍ، وَهُوَ هِيَ طَالِقٌ وَقَعْنَ وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ، وَلَوْ قَالَ لِمَنْ فِي عِصْمَتِهِ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا يَوْمَ كَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــSكَذَا إلَى الْفَصْلِ شَرْحُ م ر وَلِلْبَغَوِيِّ وَمَنْ أَخَذَ بِقَوْلِهِ أَنْ يَقُولَ إنَّ قَوْلَهُ إنْ فَعَلْت كَذَا فَزَوْجَتُك طَالِقٌ الْتِمَاسٌ لِلتَّعْلِيقِ بَلْ لَا يَحْتَمِلُ إلَّا الْتِمَاسَ التَّعْلِيقِ، إذْ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَقْصِدَ بِهِ فِي هَذَا الْمَقَامِ الْإِخْبَارَ إذْ لَا مَعْنَى لَهُ وَلَا يُسَوَّغُ فَهُوَ عَلَى تَقْدِيرِ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ. فَوُقُوعُ نَعَمْ فِي جَوَابِهِ يَجْعَلُ مَعْنَاهَا وَتَقْدِيرَهَا: نَعَمْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَزَوْجَتِي طَالِقٌ عَلَى طَرِيقَةِ مَا تَقَدَّمَ فِي تَوْجِيهِ وُقُوعِهَا فِي جَوَابِ الْتِمَاسِ غَيْرِ التَّعْلِيقِ، وَلَعَمْرِي إنَّهُ وَجِيهٌ ظَاهِرٌ لِلْمُتَأَمِّلِ فَالْمُبَالَغَةُ عَلَيْهِ بِمَا أَطَالَ بِهِ، وَنِسْبَةُ ابْنِ رَزِينٍ ذَلِكَ الْإِمَامَ إلَى الِاغْتِرَارِ بِكَلَامِ الْبَغَوِيّ الَّذِي هُوَ عُمْدَةُ الشَّيْخَيْنِ مَعَ مُوَافَقَةِ الْمُتَوَلِّي مِنْ مَشَاهِيرِ الْأَصْحَابِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا فَتَدَبَّرْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ) هُمَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَصَرِيحٌ، وَقِيلَ كِنَايَةٌ (قَوْلُهُ: حُمِلَ عَلَى الِاسْتِخْبَارِ) أَيْ فَيَكُونُ جَوَابُهُ إقْرَارًا وَيَدِينُ. [فَرْعٌ] لَوْ قَصَدَ السَّائِلُ بِقَوْلِهِ أَطَلَّقْت زَوْجَتَك الْإِنْشَاءَ فَظَنَّهُ الزَّوْجُ مُسْتَخْبِرًا أَوْ بِالْعَكْسِ فَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ ظَنِّ الزَّوْجِ وَقَبُولُ دَعْوَاهُ ظَنَّ ذَلِكَ م ر. (فَرْعٌ) عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى تَأَبُّرِ الْبُسْتَانِ فَهَلْ يَكْفِي تَأَبُّرُ بَعْضِهِ كَمَا يَكْفِي فِي دُخُولِ ثَمَرِهِ فِي الْبَيْعِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ تَأَبُّرِ الْجَمِيعِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَيَتَّجِهُ الثَّانِي. [فَرْعٌ] عَلَّقَ شَافِعِيٌّ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى صَلَاةٍ فَصَلَّتْ صَلَاةً تَصِحُّ عِنْدَهَا دُونَ الزَّوْجِ فَالْمُتَّجَهُ الْوُقُوعُ لِصِحَّتِهَا بِالنِّسْبَةِ لَهَا حَتَّى فِي اعْتِقَادِ الزَّوْجِ اهـ سم عَلَى حَجّ. [فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّنْ قِيلَ لَهُ طَلِّقْ زَوْجَتَك بِصِيغَةِ الْأَمْرِ فَقَالَ نَعَمْ، وَبَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَهُمْ أَفْتَى بِعَدَمِ الْوُقُوعِ مُحْتَجًّا بِأَنَّ نَعَمْ هُنَا وَعْدٌ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ تَقَدُّمُ الطَّلَبِ يَجْعَلُ التَّقْدِيرَ نَعَمْ طَلَّقْتهَا بِمَعْنَى الْإِنْشَاءِ فَالْوُقُوعُ مُحْتَمَلٌ قَرِيبٌ جِدًّا اهـ سم أَيْضًا. وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَفِي الْإِنْشَاءِ أُخْرَى (قَوْلُهُ قِيلَ بِالْأَوَّلِ) اسْتَوْجَهَهُ حَجّ قَالَ سم: وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: كَأَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُوقِعُ شَيْئًا إنْ لَمْ يَنْوِ وَيُوقِعُ وَاحِدَةً إنْ نَوَى فَهُوَ مِثَالٌ لَهُمَا، وَقَوْلُهُ قُبِلَ مِنْهُ أَيْ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يُقْبَلْ) أَيْ ظَاهِرًا وَيَدِينُ (قَوْلُهُ: فَقَالَ ثَلَاثًا) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَالَ الثَّلَاثُ أَوْ هِيَ الثَّلَاثُ فَلَا طَلَاقَ وَإِنْ نَوَاهُ عَلَى مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ قَالَ أَنْتِ الثَّلَاثُ وَنَوَى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[فصل في أنواع أخرى من التعليق]

فَبَانَ أَنَّهَا ذَلِكَ الْيَوْمِ بَائِنٌ مِنْهُ وَقَعَ عَلَيْهِ الثَّلَاثُ وَحُكِمَ بِغَلَطِهِ فِي التَّارِيخِ. ذَكَرَهُ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ. (عَلَّقَ) بِمُسْتَحِيلٍ عَقْلًا كَإِنْ أَحْيَيْت مَيِّتًا أَيْ أَوْجَدْت الرُّوحَ فِيهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، أَوْ شَرْعًا كَإِنْ نُسِخَ صَوْمُ رَمَضَانَ، أَوْ عَادَةً كَإِنْ صَعِدْت السَّمَاءَ لَمْ يَقَعْ فِي الْحَالِ شَيْءٌ، فَالْيَمِينُ مُنْعَقِدَةٌ فَيَحْنَثُ بِهَا الْمُعَلَّقُ عَلَى الْحَلِفِ، أَوْ بِنَحْوِ دُخُولِهِ فَحُمِلَ سَاكِتًا قَادِرًا عَلَى الِامْتِنَاعِ وَأُدْخِلَ لَمْ يَحْنَثْ، وَكَذَا إذَا عَلَّقَ بِجِمَاعِهِ فَعَلَتْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَحَرَّك وَلَا أَثَرَ لِاسْتِدَامَتِهِمَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ كَالِابْتِدَاءِ كَمَا يَأْتِي أَوْ بِإِعْطَاءِ كَذَا بَعْدَ شَهْرٍ مَثَلًا، فَإِنْ كَانَ بِلَفْظٍ إذَا اقْتَضَى الْفَوْرَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالطَّلَاقَ لَمْ يَقَعْ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَقَعَ عَلَيْهِ الثَّلَاثُ أَيْ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ: فَبَانَ أَنَّهَا ذَلِكَ الْيَوْمَ بَائِنٌ) أَيْ لِكَوْنِهِ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ جَدَّدَ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ أَوْ لَمْ يَكُنْ تَزَوَّجَهَا إذْ ذَاكَ. . . [فَصْلٌ فِي أَنْوَاعٍ أُخْرَى مِنْ التَّعْلِيقِ] (فَصْلٌ) فِي أَنْوَاعٍ أُخْرَى مِنْ التَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ فَيَحْنَثُ) أَيْ حَالًا (قَوْلُهُ: الْمُعَلِّقُ عَلَى الْحَلِفِ) أَيْ حَيْثُ قَصَدَ مَنْعَهَا مِنْ الصُّعُودِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَحِيلًا لِمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ قَالَ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَأَنْت طَالِقٌ وَلَمْ يَقْصِدْ مَنْعَهُ مِنْ الْقُدُومِ لَا يَكُونُ حَلِفًا، فَكَذَا لَوْ لَمْ يَقْصِدْ مَنْعَهَا لَا يَكُونُ حَلِفًا فَلَا يَحْنَثُ بِهِ مَنْ عَلَّقَ عَلَى الْحَلِفِ (قَوْلُهُ: فَحُمِلَ سَاكِتًا) أَيْ وَإِنَّمَا لَمْ يَحْنَثْ بِذَلِكَ لِعَدَمِ نِسْبَةِ الْفِعْلِ لِلْحَالِفِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ فَرَكِبَ دَابَّةً دَخَلَتْ بِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِنِسْبَةِ الْفِعْلِ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ زِمَامُهَا بِيَدِ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْعُرْفَ يَنْسُبُ هَذَا الْفِعْلَ لَهُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الدَّابَّةِ الْمَجْنُونُ (قَوْلُهُ: قَادِرًا عَلَى الِامْتِنَاعِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ أَنْ يَحْمِلَهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِحَمْلِهِ وَدُخُولِهِ وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ حَيْثُ بَنَاهُ عَلَى الْأَمْرِ السَّابِقِ لِأَنَّهُ وَكِيلُهُ وَفِعْلُ وَكِيلِهِ كَفِعْلِهِ، وَلَيْسَ مِنْ الْأَمْرِ مَا لَوْ قَالَ الْحَالِفُ عِنْدَ غَيْرِهِ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ فَحَمَلَهُ غَيْرُهُ وَدَخَلَ بِهِ لَمْ يَحْنَثْ فَفَهِمَ السَّامِعُ الْحُكْمَ مِنْهُ فَحَمَلَهُ وَدَخَلَ بِهِ فَلَا حِنْثَ (قَوْلُهُ: وَأُدْخِلَ لَمْ يَحْنَثْ) أَيْ وَلَا يَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِذَلِكَ لِأَنَّ فِعْلَ الْمُكْرَهِ كَلَا فِعْلٍ وَلَا يَحْنَثُ بِالِاسْتِدَامَةِ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الدُّخُولِ لَيْسَتْ دُخُولًا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَحَرَّكْ) أَيْ حِينَ عَلَتْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِعُلُوِّهَا عَلَيْهِ وَلَا بِالِاسْتِدَامَةِ لِانْتِفَاءِ الْجِمَاعِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا حِنْثَ. (قَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لِاسْتِدَامَتِهِمَا) أَيْ الدُّخُولِ وَالْجِمَاعِ وَإِنْ تَحَرَّكَ بَعْدَ ذَلِكَ وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ حَتَّى يَنْزِعَ لِمَا عُلِّلَ بِهِ مِنْ أَنَّ الِاسْتِدَامَةَ لَا تُسَمَّى جِمَاعًا، فَإِنْ نَزَعَ وَعَادَ حَنِثَ بِالْعَوْدِ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ جِمَاعٍ، وَيُصَرِّحُ بِأَنَّ الْعَوْدَ ابْتِدَاءُ جِمَاعٍ مَا سَيَأْتِي فِي الْإِيلَاءِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ وَطِئَ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا حَدَّ بِالِاسْتِدَامَةِ وَإِنْ كَانَ بَائِنًا، لَكِنَّهُ لَوْ نَزَعَ ثُمَّ عَادَ عَالِمًا عَامِدًا وَكَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا لَزِمَهُ الْحَدُّ وَالْمَهْرُ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا لَزِمَهُ الْمَهْرُ دُونَ الْحَدِّ (قَوْلُهُ: اقْتَضَى الْفَوْرَ) هَذَا قَدْ يُوَافِقُهُ مَا مَرَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصْلٌ) فِي أَنْوَاعٍ أُخْرَى مِنْ التَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ: عُلِّقَ بِمُسْتَحِيلٍ) أَيْ: إثْبَاتًا كَمَا فِي هَذِهِ الْأَمْثِلَةِ، بِخِلَافِ النَّفْيِ كَإِنْ لَمْ تَفْعَلِي فَإِنَّ حُكْمَهُ الْوُقُوعُ حَالًا كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ قَرِيبًا فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالصُّورَتَانِ فِيمَنْ لَمْ يَقْصِدْ تَعْرِيفًا، لَكِنَّهُ فِيمَا إذَا عُلِّقَ بِإِذَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهَا إنْ هُنَا لِوُقُوعِ الْيَأْسِ حَالًا فَلْيُرَاجَعْ. ثُمَّ رَأَيْتُ الشِّهَابَ سم صَرَّحَ فِيمَا سَيَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ أَكَلَا تَمْرًا إلَخْ. حَيْثُ قَالَ عَقِبَ قَوْلِ التُّحْفَةِ هُنَاكَ فَهُوَ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ مَا نَصُّهُ: أَيْ فِي النَّفْيِ، فَيَقَعُ فِي الْحَالِ. اهـ. وَالصُّورَةُ هُنَاكَ أَنَّ التَّعْلِيقَ بِإِنْ (قَوْلُهُ: أَيْ أَوْجَدْت الرُّوحَ فِيهِ مَعَ مَوْتِهِ) أَيْ فَيَصِيرُ مَيِّتًا حَيًّا حَتَّى يَكُونَ مِنْ الْمُحَالِ عَقْلًا

عَقِبَ الشَّهْرِ أَوْ إنْ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِالْيَأْسِ وَكَانَ وَجْهُ هَذَا مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِمَا مَرَّ فِي الْأَدَوَاتِ أَنَّ الْإِثْبَاتَ فِيهِ بِمَعْنَى النَّفْيِ فَمَعْنَى إذَا مَضَى الشَّهْرُ أَعْطَيْتُك كَذَا إذَا لَمْ أُعْطِكَهُ عِنْدَ مُضِيِّهِ وَهَذَا لِلْفَوْرِ كَمَا مَرَّ، فَكَذَا مَا بِمَعْنَاهُ أَوْ لَا يُقِيمُ بِكَذَا مُدَّةَ كَذَا لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِإِقَامَةِ كَذَا مُتَوَالِيًا لِأَنَّهُ الْمُتَبَادِرُ عُرْفًا. أَوْ (بِأَكْلِ رَغِيفٍ أَوْ رُمَّانَةٍ) كَإِنْ أَكَلْتُ هَذَا الرَّغِيفَ أَوْ هَذِهِ الرُّمَّانَةَ أَوْ رَغِيفًا أَوْ رُمَّانَةً (فَبَقِيَ) بَعْدَ أَكْلِهَا لِلْمُعَلَّقِ بِهِ (لُبَابَةٌ) لَا يَدُقُّ مُدْرَكُهَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ كَلَامُ الْمُحَرَّرِ بِأَنْ تُسَمَّى قِطْعَةَ خُبْزٍ (أَوْ حَبَّةً لَمْ يَقَعْ) لِأَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ الْكُلَّ فِي حَقِيقَةٍ، أَمَّا مَا يَدُقُّ مُدْرَكَهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ وَقْعٌ فَلَا أَثَرَ لَهُ فِي بِرٍّ وَلَا حِنْثٍ نَظَرًا لِلْعُرْفِ الْمُطَّرِدِ وَأُجْرِيَ تَفْصِيلٌ لِلُّبَابَةِ فِيمَا إذَا بَقِيَ بَعْضُ حَبَّةٍ فِي الثَّانِيَةِ، وَلَوْ قَالَ لَهَا إنْ أَكَلْتِ أَكْثَرَ مِنْ رَغِيفٍ فَأَنْت طَالِقٌ حَنِثَ بِأَكْلِهَا رَغِيفًا وَأُدْمًا، أَوْ إنْ أَكَلْتِ الْيَوْمَ إلَّا رَغِيفًا فَأَنْت طَالِقٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ مِنْ الْفَوْرِ فِيمَا لَوْ قَالَ مَتَى خَرَجَتْ شَكَوْتُك، وَقَدْ تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ رَدُّهُ وَاعْتِمَادُ عَدَمِ اقْتِضَاءِ ذَلِكَ لِلْفَوْرِ فَلْيُتَأَمَّلْ مَعَ هَذَا وَلْيُفَرَّقْ، إلَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا وُجِدَتْ قَرِينَةٌ تَقْتَضِي الْفَوْرَ أَوْ نَوَاهُ فَيُوَافِقُ مَا مَرَّ لَهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْنَثْ) أَيْ وَلَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِذَلِكَ لِأَنَّ فِعْلَ الْمُكْرَهِ كَلَا فِعْلٍ، وَلَا يَحْنَثُ بِالِاسْتِدَامَةِ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الدُّخُولِ لَيْسَتْ دُخُولًا (قَوْلُهُ: مُتَوَالِيًا) وَتَقَدَّمَ فِي فَصْلِ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي شَهْرِ كَذَا إلَخْ خِلَافُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَعِبَارَتُهُ ثَمَّ: وَلَوْ حَلَفَ لَا يُقِيمُ بِمَحَلِّ كَذَا شَهْرًا فَأَقَامَهُ مُتَفَرِّقًا حَنِثَ كَمَا يَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ، وَعِبَارَتُهُ فِي الْأَيْمَانِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يُقِيمُ بِمَحَلٍّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَأَطْلَقَ فَأَقَامَ يَوْمَيْنِ ثُمَّ سَافَرَ ثُمَّ عَادَ وَأَقَامَ بِهِ يَوْمًا حَنِثَ كَمَا هُوَ الْأَوْجَهُ اهـ. وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا تَقَدَّمَ لَا لِمَا هُنَا. (قَوْلُهُ: أَوْ رُمَّانَةً) وَهَلْ يَتَنَاوَلُ الرُّمَّانَةَ الْمُعَلَّقَ بِأَكْلِهَا جِلْدُهَا كَمَا لَوْ عَلَّقَ بِأَكْلِ الْقَصَبِ فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ قِشْرَهُ الَّذِي يُمَصُّ مَعَهُ حَتَّى لَوْ مَصَّهُ وَلَمْ يَبْلَعْهُ لَمْ يَحْنَثْ أَوْ يُفَرَّقُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَمَال م ر إلَى الْفَرْقِ وَقَالَ لَا يَتَنَاوَلُ التَّمْرُ الْمُعَلَّقُ بِأَكْلِهِ نَوَاهُ وَلَا أَقْمَاعَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ فَلَا يَتَنَاوَلُ الرُّمَّانَةَ جِلْدَهَا، وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ أَنْ تَأْكُلَ هَذَا الرَّغِيفَ فَتَرَكَتْ بَعْضَهُ لِكَوْنِهِ مُحْرَقًا لَا يُعْتَادُ أَكْلُهُ الْحِنْثُ لِإِطْلَاقِ الرَّغِيفِ عَلَى الْجَمِيعِ فَلْيُرَاجَعْ، وَقَدْ يُقَالُ بِعَدَمِ الْحِنْثِ لِأَنَّ مَا أُحْرِقَ لَا يُقْصَدُ بِالْحَلِفِ عَلَى أَكْلِهِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِتَرْكِ أَقْمَاعِ التَّمْرِ، وَقَوْلُ سم: حَتَّى لَوْ مَصَّهُ إلَخْ قِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَمُصُّ الْقَصَبَ فَشَرِبَ مَاءَهُ الْخَامَ عَدَمُ الْحِنْثِ لِأَنَّهُ لَا يَمُصُّ عُرْفًا وَإِنَّمَا شَرِبَهُ. [فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَيَأْكُلَنَّ ذَا الطَّعَامَ غَدًا ثُمَّ إنَّهُ قَتَلَ نَفْسَهُ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ هَلْ يَحْنَثُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَتْلَفَ الطَّعَامَ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ الْحِنْثِ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ زَمَنَهُ، فَإِنَّهُ لَوْ قِيلَ يَحْنَثُ لَكَانَ حِنْثُهُ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ عَلَى الْمُرَجَّحِ وَهُوَ بَعْدَ مَجِيءِ الْغَدِ غَيْرُ مَوْجُودٍ، فَلَوْ قِيلَ بِحِنْثِهِ لَزِمَ مِنْهُ أَنْ يَحْنَثَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَا نَظِيرَ لَهُ فِي كَلَامِهِمْ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الْأَيْمَانِ فِي فَصْلِ الْمَسَائِلِ الْمَنْثُورَةِ مَا يُخَالِفُهُ، وَعِبَارَتُهُ ثَمَّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ لَيَأْكُلَنَّ ذَا الطَّعَامَ غَدًا فَمَاتَ قَبْلَهُ: أَيْ الْغَدِ لَا بِقَتْلِهِ نَفْسَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ زَمَنَ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ، وَإِنْ مَاتَ فِي الْغَدِ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَكْلِهِ حَنِثَ لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ حِينَئِذٍ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ قَتْلُهُ لِنَفْسِهِ قَبْلَ الْغَدِ مُقْتَضِيًا لِحِنْثِهِ لِأَنَّهُ مُفَوِّتٌ لِذَلِكَ أَيْضًا اهـ وَكَتَبَ عَلَيْهِ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُفَوِّتٌ لِذَلِكَ أَيْضًا هَذَا بِمُجَرَّدِهِ لَا يَقْتَضِي الْحِنْثَ لِمَا قَدَّمَهُ فِيمَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْغَدِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ زَمَنَ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ، وَحَيْثُ لَمْ يَبْلُغْهُمَا فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا حِنْثَ وَإِنْ قَتَلَ نَفْسَهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بَعْضُ حَبَّةٍ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ الرُّمَّانَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَنَّ الْإِثْبَاتَ فِيهِ بِمَعْنَى النَّفْيِ إلَخْ.) هَذَا لَا يُلَاقِي رَدَّهُ عَلَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي إفْتَائِهِ فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَدَوَاتِ التَّعْلِيقِ فَرَاجِعْهُ.

فَأَكَلَتْ رَغِيفًا ثُمَّ فَاكِهَةً حَنِثَ، أَوْ إنْ لَبِسْت قَمِيصَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ بِلُبْسِهِمَا وَلَوْ مُتَوَالِيَيْنِ، أَوْ قَالَ لَهَا نِصْفَ اللَّيْلِ مَثَلًا إنْ بِتُّ عِنْدَك فَأَنْت طَالِقٌ فَبَاتَ عِنْدَهَا بَقِيَّةَ اللَّيْلِ حَنِثَ لِلْقَرِينَةِ وَإِنْ اقْتَضَى الْمَبِيتُ أَكْثَرَ اللَّيْلِ، أَوْ إنْ نِمْتُ عَلَى ثَوْبٍ لَك فَأَنْت طَالِقٌ فَتَوَسَّدَ مِخَدَّتَهَا لَمْ يَحْنَثْ كَمَا لَوْ وَضَعَ يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ، أَوْ إنْ قَتَلْت زَيْدًا غَدًا فَأَنْت طَالِقٌ فَضَرَبَهُ الْيَوْمَ فَمَاتَ مِنْهُ غَدًا لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ الْقَتْلَ هُوَ الْفِعْلُ الْمُفَوِّتُ لِلرُّوحِ وَلَمْ يُوجَدْ، أَوْ قَالَ لَهَا إنْ كَانَ عِنْدَكِ نَارٌ فَأَنْت طَالِقٌ حَنِثَ بِوُجُودِ السِّرَاجِ عِنْدَهَا، أَوْ إنْ جُعْتِ يَوْمًا فِي بَيْتِي فَأَنْت طَالِقٌ فَجَاعَتْ يَوْمًا بِصَوْمٍ لَمْ تَطْلُقْ بِخِلَافِ مَا لَوْ جَاعَتْ يَوْمًا بِلَا صَوْمٍ، أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ وَجْهُك أَحْسَنَ مِنْ الْقَمَرِ فَأَنْت طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ كَانَتْ زِنْجِيَّةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين: 4] نَعَمْ إنْ أَرَادَ بِالْحُسْنِ الْجَمَالَ وَكَانَتْ قَبِيحَةَ الشَّكْلِ حَنِثَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَكُونِي أَضْوَأَ مِنْ الْقَمَرِ حَنِثَ، وَلَوْ قَالَ لَهَا إنْ قَصَدْتُك بِالْجِمَاعِ فَأَنْت طَالِقٌ فَقَصَدَتْهُ هِيَ فَجَامَعَهَا لَمْ يَحْنَثْ، فَإِنْ قَالَ لَهَا إنْ قَصَدْت جِمَاعَك فَأَنْت طَالِقٌ فَقَصَدَتْهُ فَجَامَعَهَا حَنِثَ. (وَلَوْ) (أَكَلَا) أَيْ الزَّوْجَانِ (تَمْرًا وَخَلَطَا نَوَاهُمَا فَقَالَ) لَهَا (إنْ لَمْ تُمَيِّزِي نَوَاك) مِنْ نَوَايَ (فَأَنْت طَالِقٌ) (فَجَعَلَتْ كُلَّ نَوَاةٍ وَحْدَهَا لَمْ يَقَعْ) لِحُصُولِ التَّمْيِيزِ بِذَلِكَ لُغَةً لَا عُرْفًا (إلَّا أَنْ يَقْصِدَ تَعْيِينًا) لِنَوَاهُ مِنْ نَوَاهَا فَلَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ فَيَقَعُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ. وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ التَّعْلِيقِ بِمُسْتَحِيلٍ عَادَةً لِتَعَذُّرِهِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ التَّمْيِيزُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: ثُمَّ فَاكِهَةً) أَيْ مَثَلًا فَمَا لَا يُسَمَّى فَاكِهَةً يَحْنَثُ بِهِ أَيْضًا، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ الْحِنْثِ حَيْثُ كَانَ مَا تَنَاوَلَتْهُ مِمَّا يُؤْكَلُ عَادَةً وَلَوْ بِغَيْرِ بَلَدِ الْحَالِفِ، أَمَّا غَيْرُهُ كَسَحَاقَةِ خَزَفٍ فَلَا يَحْنَثُ بِهِ لِأَنَّ الْأَكْلَ إذَا أُطْلِقَ انْصَرَفَ عُرْفًا لِمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَنَاوُلِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا حُمِلَ عَلَى لَحْمِ الْمُذَكَّاةِ حَتَّى لَوْ أَكَلَ مَيْتَةً لَمْ يَحْنَثْ، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا فَأَكَلَ سَمَكًا لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى لَحْمًا طَرِيًّا لِانْتِفَاءِ فَهْمِهِ عُرْفًا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ مِنْ اللَّحْمِ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلَهُ ثُمَّ فَاكِهَةً لَمْ يَحْنَثْ قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَوْ اقْتَصَرَتْ عَلَى كُلِّ الْفَاكِهَةِ لَمْ تَحْنَثْ وَإِنْ جُعِلَتْ إلَّا فِي كَلَامِهِ بِمَعْنَى غَيْرٍ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ اقْتَضَى الْحِنْثُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ إنْ أَكَلْت زَائِدًا عَلَى رَغِيفٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُتَوَالِيَيْنِ) أَيْ مُتَفَرِّقَيْنِ (قَوْلُهُ أَوْ قَالَ لَهَا نِصْفَ اللَّيْلِ) وَكَنِصْفِ اللَّيْلِ مَا لَوْ بَقِيَ مِنْهُ دُونَ النِّصْفِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ مَثَلًا فَلَا يَتَقَيَّدُ الْمَبِيتُ بِمُكْثِ الْمُعْظَمِ عِنْدَهَا لِوُجُودِ الْقَرِينَةِ (قَوْلُهُ: فَتَوَسَّدَ مِخَدَّتَهَا) أَيْ فَإِنْ حَلَفَ لَا يَنَامُ عَلَى مِخَدَّةٍ لَهَا فَيَنْبَغِي الْحِنْثُ بِتَوَسُّدِهَا لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ عُرْفًا مِنْ النَّوْمِ عَلَى الْمِخَدَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُوجَدْ) أَيْ فِي الْغَدِ (قَوْلُهُ: فَجَاعَتْ يَوْمًا) أَيْ جُوعًا مُؤَثِّرًا عُرْفًا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ جَاعَتْ إلَخْ) شَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ تَرَكَتْ الْأَكْلَ قَصْدًا مَعَ وُجُودِ مَا يُؤْكَلُ بِبَيْتِهَا مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ، وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ إذْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ إنْ تَرَكْتُك يَوْمًا بِلَا طَعَامٍ يُشْبِعُك (قَوْلُهُ: وَكَانَتْ قَبِيحَةَ الشَّكْلِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ حَسَنَةَ الشَّكْلِ لَمْ يَحْنَثْ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَجْمَلَ مِنْ الْقَمَرِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَكُونِي أَضْوَأَ مِنْ الْقَمَرِ حَنِثَ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَكُنْ أَضْوَأَ مِنْ الْقَمَرِ، وَلَكِنْ نُقِلَ عَنْ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ لَا أَعْرِفُ جَوَابَهُمْ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَقَصَدَتْهُ هِيَ) أَيْ وَلَوْ بِتَعْرِيضٍ مِنْهُ لَهَا (قَوْلُهُ: فَجَامَعَهَا لَمْ يَحْنَثْ) أَيْ وَلَمْ تَنْحَلَّ الْيَمِينُ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ أَنَّهُ جَعَلَ مُتَعَلِّقَ الْقَصْدِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى ذَاتَهَا وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ بَلْ وُجِدَ مِنْهَا وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ نَفْسَ الْجِمَاعِ وَقَدْ وُجِدَ بَعْدَ قَصْدِهَا لَهُ. (قَوْلُهُ لُغَةً لَا عُرْفًا) أَيْ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي الطَّلَاقِ اللُّغَةُ، بِخِلَافِ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى مَا لَمْ يَشْتَهِرْ عُرْفٌ بِخِلَافِهَا (قَوْلُهُ: إنْ أَمْكَنَ التَّمْيِيزُ) أَيْ فِيمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ مُتَوَالِيَيْنِ) كَأَنَّ الْمُرَادَ وَلَوْ مُتَفَرِّقَيْنِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ.) ظَاهِرُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّ كَلَامَ الْأَذْرَعِيِّ مُقَابِلٌ لِلْوُقُوعِ وَأَنَّ حَاصِلَهُ عَدَمُ الْوُقُوعِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ حَاصِلُ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ يَرْجِعُ إلَى مَا اسْتَوْجَهَهُ

عَادَةً فَمَيَّزَتْ لَمْ يَقَعْ وَإِلَّا وَقَعَ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ عَادَةً، فَهُوَ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ. (وَلَوْ) (كَانَ بِفَمِهَا تَمْرَةٌ) مَثَلًا (فَعَلَّقَ) طَلَاقَهَا (بِبَلْعِهَا ثُمَّ بِرَمْيِهَا ثُمَّ بِإِمْسَاكِهَا) (فَبَادَرَتْ مَعَ فَرَاغِهِ بِأَكْلِ بَعْضٍ) وَإِنْ اقْتَصَرَتْ عَلَيْهِ (وَرَمْيِ بَعْضٍ) وَإِنْ اقْتَصَرَتْ عَلَيْهِ (لَمْ يَقَعْ) لِأَنَّ أَكْلَ الْبَعْضِ وَرَمْيَ الْبَعْضِ مُغَايِرٌ لِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ الْحِنْثُ بِأَكْلِ جَمِيعِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَأَنَّ الِابْتِلَاعَ أَكْلٌ مُطْلَقًا وَهُوَ مَا ذَكَرَاهُ فِي الْأَيْمَانِ، وَاَلَّذِي جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي هُنَا تَبَعًا لِأَصْلِهِ عَدَمُ الْحِنْثِ لِصِدْقِ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ ابْتَلَعَ وَلَمْ يَأْكُلْ وَالْمُعْتَمَدُ فِي كُلِّ بَابٍ مَا فِيهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الطَّلَاقَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ وَالْبَلْعُ لَا يُسَمَّى أَكْلًا، وَمَبْنَى الْأَيْمَانِ عَلَى الْعُرْفِ وَهُوَ فِيهِ يُسَمَّى أَكْلًا، وَخَرَجَ بِبَادَرَتْ مَا لَوْ أَمْسَكْتهَا لَحْظَةً فَتَطْلُقُ وَمِنْ ثَمَّ اُشْتُرِطَ تَأَخُّرُ يَمِينِ الْإِمْسَاكِ فَيَحْنَثُ إنْ تَوَسَّطَتْ أَوْ تَقَدَّمَتْ، وَمَعَ تَأَخُّرِهَا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَطْفِ بِالْوَاوِ وَثُمَّ فَذِكْرُهَا تَصْوِيرٌ، وَلَوْ كَانَتْ عَلَى سُلَّمٍ فَعَلَّقَ طَلَاقَهَا بِصُعُودِهَا وَبِنُزُولِهَا ثُمَّ بِمُكْثِهَا فَوَثَبَتْ أَوْ انْتَقَلَتْ إلَى سُلَّمٍ آخَرَ أَوْ أَضْجَعَ السُّلَّمَ وَهِيَ عَلَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ وَتَقُومُ مِنْ مَحَلِّهَا أَوْ حُمِلَتْ وَصَعِدَ الْحَامِلُ بِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSلَوْ قَصَدَ التَّعْيِينَ، وَقَوْلُهُ لَمْ يَقَعْ، ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَذَّبَهَا الزَّوْجُ وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ: أَيْ لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَقَعَ) فَإِنْ قُلْت: مَتَى يَقَعُ؟ قُلْت: الْقِيَاسُ عِنْدَ الْيَأْسِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ فَهُوَ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ) أَيْ فَيَقَعُ حَالًا. (قَوْلُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ) قَالَ حَجّ: أَيْ حَيْثُ لَمْ يَزُلْ بِالْمَضْغِ اسْمُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَإِلَّا لَمْ يَحْنَثْ لِعَدَمِ بَلْعِ مَا حَلَفَ عَلَى بَلْعِهِ وَهُوَ التَّمْرُ (قَوْلُهُ: وَالْبَلْعُ لَا يُسَمَّى أَكْلًا) أَيْ وَعَكْسُهُ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ حَجّ (قَوْلُهُ: إنْ تَوَسَّطَتْ) أَيْ يَمِينُ الْإِمْسَاكِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّارِحُ بَعْدُ عَلَى أَنَّ الشَّارِحَ كَابْنِ حَجَرٍ لَمْ يَنْقُلَا كَلَامَ الْأَذْرَعِيِّ عَلَى وَجْهِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ سَوْقِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْوُقُوعُ إذَا قَصَدَ الْحَالِفُ تَعْيِينًا كَمَا فِي الشَّارِحِ قَالَ عَقِبَهُ مَا نَصُّهُ: وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، فَيَحْصُلُ الْخَلَاصُ بِكَذَا إلَّا إذَا قَصَدَ التَّعْيِينَ: أَيْ فَلَا يَتَخَلَّصُ بِذَلِكَ كَمَا قَالَاهُ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ وَغَيْرِهِمَا، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ تَصْرِيحٌ بِالْوُقُوعِ بَلْ إنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمُخَلِّصٍ، ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ تَعَذَّرَ كُلُّهُ جُمْلَةً كَانَ مِنْ صُوَرِ التَّعْلِيقِ بِالْمُسْتَحِيلِ عَادَةً. اهـ. فَهُوَ كَمَا تَرَى إنَّمَا جَعَلَهُ مِنْ التَّعْلِيقِ بِالْمُسْتَحِيلِ فِيمَا إذَا تَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ الَّذِي هُوَ الصُّورَةُ الْأَخِيرَةُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ الْآتِي خِلَافُ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: فَمُيِّزَتْ لَمْ يَقَعْ) يَعْنِي: بَرَّ، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا: أَيْ وَإِنْ لَمْ تُمَيَّزْ وَقَعَ: أَيْ بِالْيَأْسِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ رَأَيْتُ الشِّهَابَ سم قَالَ: إنَّهُ الْقِيَاسُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهُوَ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ) أَيْ فِي النَّفْيِ، فَيَقَعُ حَالًا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ سم (قَوْلُهُ: وَإِنْ اقْتَصَرْت عَلَيْهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ) لَا يَتَأَتَّى مَعَ تَصْوِيرِ الْمَتْنِ بِأَكْلِ الْبَعْضِ مَعَ رَمْيِ الْبَعْضِ، فَلَوْ سَاقَ الْمَتْنَ بِرُمَّتِهِ ثُمَّ قَالَ وَكَذَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا أَوْ نَبَّهَ عَلَى أَنَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ لَكَانَ وَاضِحًا (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الِابْتِلَاعَ أَكْلٌ مُطْلَقًا) قَدْ يُنَازَعُ فِي كَوْنِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي هَذَا، وَيَدَّعِي أَنَّ الَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُ إنَّمَا هُوَ أَنَّ الْأَكْلَ ابْتِلَاعٌ مُطْلَقًا، فَإِذَا حَلَفَ لَا يَبْتَلِعُ فَأَكَلَ حَنِثَ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ فِي الْمَتْنِ إنَّمَا هُوَ بِالِابْتِلَاعِ، وَاقْتَضَى قَوْلُهُ: بِأَكْلِ بَعْضٍ أَنَّهَا لَوْ أَكَلَتْ الْجَمِيعَ حَنِثَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا ذَكَرَاهُ فِي الْأَيْمَانِ) أَنَّ أَيْ الِابْتِلَاعَ أَكْلٌ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَضِيَّةُ الْمَتْنِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ: أَنَّ الطَّلَاقَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ) أَيْ إنْ اضْطَرَبَ الْعُرْفُ فَإِنْ اطَّرَدَ فَهُوَ الْمَبْنِيُّ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ كَمَا سَيَأْتِي قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَلَوْ خَاطَبَتْهُ زَوْجَتُهُ بِمَكْرُوهٍ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَيْمَانَ لَا تُبْنَى عَلَى الْعُرْفِ إلَّا إذَا اطَّرَدَ، وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُقَالُ فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْبَابَيْنِ؟ فَإِنْ قُلْتُ: إنَّ مَا هُنَا بِالنِّسْبَةِ لِلصِّفَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا وَمَا يَأْتِي بِالنِّسْبَةِ لِأَصْلِ التَّعْلِيقِ كَمَا قَدْ يَدُلُّ عَلَيْهِ سِيَاقُهُ فِيمَا يَأْتِي فَلَا يُفِيدُ إطْلَاقَ مَا هُنَا بِالْقَيْدِ الْآتِي فَالْفَرْقُ حِينَئِذٍ بَيْنَ الْبَابَيْنِ وَاضِحٌ. قُلْتُ يُعَكَّرُ عَلَى هَذَا مَا سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ غَسْلِ الثِّيَابِ وَمَا بَعْدَهَا فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: فَذِكْرُهَا تَصْوِيرٌ) هَذَا إنَّمَا يَأْتِي لَوْ كَانَتْ ثُمَّ الْمَذْكُورَةُ فِي

أَوْ نَزَلَ بِهَا بِغَيْرِ أَمْرِهَا فَوْرًا فِي الْجَمِيعِ لَمْ تَطْلُقْ. أَمَّا لَوْ احْتَمَلَتْ بِأَمْرِهَا فَيَحْنَثُ، نَعَمْ إنْ حَمَلَهَا بِلَا صُعُودٍ وَنُزُولٍ أَنْ يَكُونَ وَاقِفًا عَلَى الْأَرْضِ أَوْ نَحْوِهَا فَلَا أَثَرَ لَهَا. (وَلَوْ) (اتَّهَمَهَا) أَيْ زَوْجَتَهُ (بِسَرِقَةٍ فَقَالَ) لَهَا (إنْ لَمْ تَصْدُقِينِي) فِي أَمْرِ هَذِهِ السَّرِقَةِ (فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ) كَلَامَيْنِ أَحَدُهُمَا (سَرَقْتُ) وَالْآخَرَ (مَا سَرَقْتُ) (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهَا صَادِقَةٌ فِي أَحَدِهِمَا، فَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ تُعْلِمِينِي بِالصِّدْقِ لَمْ يَتَخَلَّصْ بِذَلِكَ (وَلَوْ) (قَالَ) لَهَا (إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي) صَادِقَةً (بِعَدَدِ حَبِّ هَذِهِ الرُّمَّانَةِ قَبْلَ كَسْرِهَا) فَأَنْت طَالِقٌ (فَالْخَلَاصُ) مِنْ الْيَمِينِ (أَنْ تَذْكُرَ) لَهُ (عَدَدًا يُعْلَمُ أَنَّهَا) أَيْ الرُّمَّانَةَ (لَا تَنْقُصُ عَنْهُ) عَادَةً كَمِائَةٍ (ثُمَّ تَزِيدُ وَاحِدًا حَتَّى تَبْلُغَ مَا تَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَزِيدُ عَلَيْهِ) عَادَةً لِيَدْخُلَ عَدَدُهَا فِي جُمْلَةِ مَا أَخْبَرَ بِهِ بِعَيْنِهِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْخَبَرِ صِدْقٌ فَلَوْ قَالَ إنْ أَخْبَرْتنِي بِقُدُومِ زَيْدٍ فَأَخْبَرَتْهُ بِهِ كَاذِبَةً طَلُقَتْ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: لِأَنَّ مَا وَقَعَ مَعْدُودًا أَوْ مَفْعُولًا كَرَمْيِ حَجَرٍ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْإِخْبَارِ بِالْوَاقِعِ بِخِلَافِ مُحْتَمِلِ الْوُقُوعِ وَعَدَمِهِ كَالْقُدُومِ يَكْفِي فِيهِ مُطْلَقُ الْإِخْبَارِ، وَلِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ الْإِخْبَارِ بِالْعَدَدِ التَّلَفُّظُ بِذِكْرِ الْعَدَدِ الَّذِي فِيهِ الرُّمَّانَةُ وَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ (وَالصُّورَتَانِ) فِي السَّرِقَةِ وَالرُّمَّانَةِ (فِيمَنْ لَمْ يَقْصِدْ تَعْرِيفًا) أَيْ تَعْيِينًا، فَإِنْ قَصَدَهُ لَمْ يَتَخَلَّصْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَوْ وَضَعَ شَيْئًا وَسَهَا عَنْهُ ثُمَّ قَالَ لَهَا وَلَا عِلْمَ لَهَا بِهِ إذَا لَمْ تُعْطِنِيهِ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ تَذَكَّرَ مَوْضِعَهُ فَرَآهُ فِيهِ لَمْ تَطْلُقْ، بَلْ لَا تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ لِأَنَّهُ بَانَ أَنَّهُ حَلَفَ عَلَى مُسْتَحِيلٍ هُوَ إعْطَاؤُهُ مَا لَمْ تَأْخُذْهُ وَلَمْ تَعْلَمْ مَحَلَّهُ فَهُوَ كَلَا أَصْعَدُ السَّمَاءَ بِجَامِعِ أَنَّهُ فِي هَذِهِ مَنَعَ نَفْسَهُ مِمَّا لَمْ يُمْكِنْهُ فِعْلُهُ وَهُنَا حَثٌّ عَلَى مَا لَا يُمْكِنُ فِعْلُهُ انْتَهَى وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ. أَمَّا قَوْلُهُ بَلْ لَا تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ فَمَمْنُوعٌ بَلْ هِيَ مُنْعَقِدَةٌ. وَأَمَّا قِيَاسُهُ بِلَا أَصْعَدَ السَّمَاءَ فَمَمْنُوعٌ بَلْ نَظِيرُ ذَلِكَ إذَا لَمْ تَصْعَدِي ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَوْ نَزَلَ) أَيْ الْحَامِلُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ حَمَلَهَا) أَيْ بِأَمْرِهَا (قَوْلُهُ: فَلَا أَثَرَ لَهَا) أَيْ لِهَذِهِ الْخَصْلَةِ: أَيْ فَلَا حِنْثَ وَإِنْ أَمَرَتْهُ لِعَدَمِ صُعُودِهَا وَنُزُولِهَا وَيَكُونُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ انْتَقَلَتْ إلَى سُلَّمٍ آخَرَ حَيْثُ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ نَزَلَتْ عَنْ الْآخَرِ بَعْدُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ تُعْلِمِينِي بِالصِّدْقِ) أَيْ وَأَرَادَ ذَلِكَ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: صَادِقَةً) لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا الْقَيْدِ مَعَ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ، بَلْ هُوَ مُضِرٌّ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ لَوْ أَسْقَطَ صَادِقَةً بَرَّ بِإِخْبَارِهَا مُطْلَقًا وَهُوَ خِلَافُ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ كَمِائَةٍ) أَيْ أَمَّا لَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَعُدِّي هَذِهِ الرُّمَّانَةَ فَلَا بُدَّ أَنْ تَبْتَدِئَ مِنْ الْوَاحِدِ ثُمَّ تَزِيدَ وَاحِدًا وَاحِدًا إلَخْ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي جَوْزِ الشَّجَرَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا وَقَعَ مَعْدُودًا) أَيْ كَحَبِّ الرُّمَّانَةِ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ تُعْطِنِيهِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَالَ إنْ لَمْ تُعْطِنِيهِ فَلَا يَحْنَثُ بِذَلِكَ وَكَأَنَّ نُسْخَةَ حَجّ الَّتِي وَقَعَتْ لسم فِيهَا التَّعْبِيرُ بِإِنْ لَمْ إلَخْ، وَمِنْ ثَمَّ كَتَبَ عَلَيْهِ مَا نَصُّهُ: قَدْ يُقَالُ هَذَا تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ، وَقَاعِدَتُهُ الْوُقُوعُ فِي الْحَالِ، وَيَتَّجِهُ أَنْ يُقَالَ إنْ قَصَدَ الْإِعْطَاءَ فِي الْحَالِ مَعَ اتِّصَافِهَا بِعَدَمِ عِلْمِهَا بِهِ فَهُوَ كَإِنْ لَمْ تَصْعَدِي السَّمَاءَ فَيَقَعُ فِي الْحَالِ وَإِلَّا فَهُوَ كَإِنْ لَمْ تَدْخُلِي الدَّارَ لِإِمْكَانِ إعْطَائِهَا بِغَيْرِ عِلْمِهَا فَلَا يَقَعُ إلَّا بِالْيَأْسِ بِشَرْطِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِمَا ذَكَرَهُ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ سَهْوٌ، وَفِي سم عَلَى حَجّ: فَرْعٌ: قَالَ فِي الرَّوْضِ: لَوْ أَخَذَتْ لَهُ دِينَارًا فَقَالَ إنْ لَمْ تُعْطِنِي الدِّينَارَ فَأَنْت طَالِقٌ وَقَدْ أَنْفَقَتْهُ لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِالْيَأْسِ مِنْ إعْطَائِهِ بِالْمَوْتِ، فَإِنْ تَلِفَ: أَيْ الدِّينَارُ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الرَّدِّ فَمُكْرَهَةٌ انْتَهَى: أَيْ بِلَا تَطْلُقُ أَوْ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ طَلُقَتْ اهـ. وَقَدْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَتْنِ مِنْ كَلَامِ الْمُعَلِّقِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَا يَقُولُهُ الْمُعَلِّقُ مَسْكُوتٌ عَنْهُ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: صَادِقَةً) يَجِبُ حَذْفُهُ لِيَتَأَتَّى قَوْلُهُ: الْآتِي وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْخَبَرِ صِدْقٌ إلَخْ. الْمَعْلُومُ مِنْهُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُصَوَّرَةٌ فِيمَا إذَا لَمْ يُقَيَّدْ فِي تَعْلِيقِهِ الْخَبَرَ بِالصِّدْقِ، إذْ لَوْ كَانَتْ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ قَيْدٌ بِكَوْنِهَا صَادِقَةً تَقَيَّدَ الْحُكْمُ بِذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ

السَّمَاءَ وَحُكْمُهُ الْحِنْثُ حَالًا، وَنَظِيرُهُ هُنَا الْحِنْثُ بِالْيَأْسِ وَهُوَ حَاصِلٌ فِي هَذَا التَّصْوِيرِ بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ يُمْكِنُهَا فِيهِ وَلَمْ تُعْطِهِ، أَمَّا الْبِشَارَةُ فَمُخْتَصَّةٌ بِالْخَبَرِ الْأَوَّلِ الصِّدْقِ السَّارِّ قَبْلَ الشُّعُورِ فَإِذَا قَالَ لِنِسَائِهِ مَنْ بَشَّرَتْنِي مِنْكُنَّ فَهِيَ طَالِقٌ فَأَخْبَرَتْهُ وَاحِدَةٌ بِذَلِكَ ثَانِيًا بَعْدَ إخْبَارِ غَيْرِهَا أَوْ كَانَ غَيْرَ سَارٍّ بِأَنْ كَانَ بِسُوءٍ أَوْ وَهِيَ كَاذِبَةٌ أَوْ بِهِ مِنْ غَيْرِهِنَّ لَمْ تُطْلَقْ لِعَدَمِ وُجُودِ الصِّفَةِ. نَعَمْ مَحَلُّ اعْتِبَارِ كَوْنِهِ سَارًّا إذَا أَطْلَقَ كَقَوْلِهِ مَنْ بَشَّرَتْنِي بِخَبَرٍ أَوْ أَمْرٍ عَنْ زَيْدٍ، فَإِنْ قَيَّدَ كَقَوْلِهِ مَنْ بَشَّرَتْنِي بِقُدُومِ زَيْدٍ فَهِيَ طَالِقٌ اكْتَفَى بِصِدْقِ الْخَبَرِ وَإِنْ كَانَ كَارِهًا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ لَمْ تَعُدِّي جَوْزَ هَذِهِ الشَّجَرَةِ الْيَوْمَ فَأَنْت طَالِقٌ وَجَبَ أَنْ تَبْدَأَ مِنْ الْوَاحِدِ وَتَزِيدَ حَتَّى تَنْتَهِيَ إلَى الْعِلْمِ بِمَا ذَكَرَ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَبْدَأْ بِالْوَاحِدِ لَمْ تَعُدَّ جَوْزَهَا، وَقِيلَ يَتَخَلَّصُ مِنْ الْحِنْثِ بِأَنْ تَفْعَلَ مَا ذَكَرَ آنِفًا أَوْ سَقَطَ حَجَرٌ مِنْ عُلُوٍّ فَقَالَ إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي بِمَنْ رَمَاهُ حَالًا فَأَنْت طَالِقٌ وَلَمْ يُرِدْ تَعْيِينًا فَقَالَتْ مَخْلُوقٌ لَا آدَمِيٌّ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهَا صَادِقَةٌ بِالْإِخْبَارِ وَلَمْ يَتَخَلَّصْ مِنْ الْحِنْثِ بِقَوْلِهَا رَمَاهُ آدَمِيٌّ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ رَمَاهُ كَلْبٌ أَوْ رِيحٌ أَوْ نَحْوُهُمَا لِوُجُودِ سَبَبِ الْحِنْثِ وَشَكَكْنَا فِي الْمَانِعِ، وَشُبِّهَ بِمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ الْيَوْمَ فَمَضَى الْيَوْمُ وَلَمْ تَعْرِفْ مَشِيئَتَهُ، أَوْ قَالَ لَهَا إنْ لَمْ أَقُلْ كَمَا تَقُولِينَ فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ لَهُ أَنْتَ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَخَلَاصُهُ مِنْ الْحِنْثِ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا مِنْ وَثَاقٍ أَوْ أَنْتِ قُلْت أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا أَوْ هِيَ فِي مَاءٍ جَارٍ بِالْخُرُوجِ مِنْهُ، وَبِاللَّبْثِ بِأَنْ قَالَ لَهَا إنْ خَرَجْت مِنْهُ فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ شِئْت فِيهِ فَأَنْت طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ خَرَجَتْ أَوْ لَبِثَتْ لِأَنَّهُ بِجَرَيَانِهِ يُفَارِقُهَا. فَإِنْ قَالَ لَهَا ذَلِكَ وَهِيَ فِي مَاءٍ رَاكِدٍ فَخَلَاصُهُ مِنْ الْحِنْثِ أَنْ تَحْمِلَ مِنْهُ فَوْرًا أَوْ إنْ أَرَقْتِ مَاءَ هَذَا الْكُوزِ فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ شَرِبْتِهِ أَوْ غَيْرُك فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ إنْ تَرَكْته فَأَنْت طَالِقٌ، قَبِلَتْ بِهِ خِرْقَةً وَضَعَتْهَا فِيهِ أَوْ بَلَّتْهَا بِبَعْضِهِ أَوْ شَرِبَتْ هِيَ أَوْ غَيْرُهَا بَعْضَهُ لَمْ تَطْلُقْ، أَوْ إنْ خَالَفْت أَمْرِي فَأَنْت طَالِقٌ فَخَالَفَتْ نَهْيَهُ كَلَا تَقُومِي فَقَامَتْ لَمْ تَطْلُقْ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ لِأَنَّهَا خَالَفَتْ نَهْيَهُ دُونَ أَمْرِهِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِلْعُرْفِ ـــــــــــــــــــــــــــــSيُتَوَقَّفُ فِي قَوْلِهِ لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِالْيَأْسِ مِنْ إعْطَائِهِ بِالْمَوْتِ مَعَ قَوْلِهِ وَقَدْ أَنْفَقَتْهُ فَإِنَّ الْيَأْسَ مِنْ رَدِّهِ حَاصِلٌ فِي الْحَالِ لِأَنَّهُ بَعْدَ إنْفَاقِهِ لَا يُمْكِنُ إعْطَاؤُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنْفَاقُهُ عِبَارَةٌ عَنْ التَّصَرُّفِ بِشِرَائِهَا بِهِ شَيْئًا وَبَعْدَ الشِّرَاءِ يُمْكِنُ عَوْدُهُ لَهَا بِهِبَةٍ أَوْ شِرَاءِ شَيْءٍ مِنْهَا بِهِ مِمَّنْ أَخَذَهُ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَنَظِيرُهُ هُنَا الْحِنْثُ بِالْيَأْسِ) هُوَ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مُحَاوَرَةٌ وَحَلَفَ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ وَإِلَّا فَلَا حِنْثَ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ) وَذَلِكَ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ إذَا لَمْ إلَخْ إنْ مَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْإِعْطَاءُ وَلَمْ تُعْطِ، وَبِفَوَاتِ اللَّحْظَةِ أَيِسَتْ مِنْ الْإِعْطَاءِ فِي الزَّمَنِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ يَأْتِي مِثْلُهُ فِيمَا لَوْ دَفَعَ لِزَوْجَتِهِ شَيْئًا وَضَاعَ مِنْهَا أَوْ سَهَتْ عَنْ مَحَلِّهِ ثُمَّ طَلَبَهُ مِنْهَا فَلَمْ تُعْطِهِ فَقَالَ إذَا لَمْ تَأْتِينِي بِهِ فَأَنْت طَالِقٌ وَهُوَ الْحِنْثُ بَعْدَ مُضِيِّ لَحْظَةٍ حَيْثُ كَانَ التَّعْلِيقُ بِإِذَا، وَأَمَّا إذَا كَانَ بِإِنْ فَبِالْيَأْسِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْبِشَارَةُ) مُحْتَرَزُ الْإِخْبَارِ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: مَا ذُكِرَ آنِفًا) أَيْ فِي الرُّمَّانَةِ (قَوْلُهُ: لِوُجُودِ سَبَبِ الْحِنْثِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ سَقَطَ مِنْ جِدَارٍ اُحْتُمِلَ سُقُوطُهُ مِنْهُ لِتَهَدُّمِهِ لَا بِفِعْلِ أَحَدٍ يَحْنَثُ لِأَنَّهَا لَمْ تُبَيِّنْ سَبَبَ سُقُوطِهِ وَطَرِيقُهَا أَنْ يَقُولَ رَمَاهُ مَخْلُوقٌ أَوْ تَهَدَّمَ الْجِدَارُ (قَوْلُهُ: وَشُبِّهَ) أَيْ فِي الْحِنْثِ (قَوْلُهُ: إنْ شَاءَ اللَّهُ) لَا حَاجَةَ إلَى التَّقْيِيدِ بِالْمَشِيئَةِ فِي هَذِهِ لِأَنَّهُ حَاكٍ لِقَوْلِهَا (قَوْلُهُ أَوْ إنْ أَرَقْت) أَيْ صَبَبْته (قَوْلُهُ: أَوْ بَلَّتْهَا بِبَعْضِهِ) أَيْ أَوْ صَبَّتْ بَعْضَهُ (قَوْلُهُ: فَقَامَتْ لَمْ تَطْلُقْ) مُعْتَمَدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا يُنَافِيهِ إلَخْ. مَعْنًى (قَوْلُهُ: وَحُكْمُهُ الْحِنْثُ حَالًا) أَيْ وَإِنْ عُلِّقَ بِإِنْ كَمَا عُلِّقَ بِإِنْ كَمَا قَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِهِنَّ) الْأَصْوَبُ حَذْفُهُ لِيَشْمَلَ مَا إذَا عَلِمَ بِرُؤْيَتِهِ لَهُ مَثَلًا، وَلِمَا يَلْزَمُ عَلَى ذِكْرِهِ مِنْ التَّكْرَارِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَصِيرُ مُحْتَرَزَ الْخَبَرِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ أَنْ تَبْدَأَ مِنْ الْوَاحِدِ) قَالَ الْإِمَامُ: وَاكْتَفَوْا بِذِكْرِ اللِّسَانِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَلَمْ يَعْتَبِرُوا لِلْعَدِّ الْفِعْلَ،

أَوْ إنْ خَالَفْت نَهْيِي فَأَنْت طَالِقٌ فَخَالَفَتْ أَمْرَهُ كَقُوَّمِي فَرَقَدَتْ طَلُقَتْ كَمَا جَزَمَ بِهِ أَيْضًا لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ: وَهَذَا فَاسِدٌ إذَا لَيْسَ الْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيًا عَنْ ضِدِّهِ فِيمَا نَخْتَارُهُ. وَإِنْ كَانَ: أَيْ نَهْيًا عُمِلَ ضِدُّهُ فَالْيَمِينُ لَا تُبْنَى عَلَيْهِ بَلْ عَلَى اللُّغَةِ وَالْعُرْفِ. قَالَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلُوا مُخَالَفَتَهَا نَهْيَهُ مُخَالَفَةً لِأَمْرِهِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ، لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ بِالْأَمْرِ الْإِيقَاعُ وَبِمُخَالَفَتِهَا نَهْيَهُ حَصَلَ الْإِيقَاعُ لَا تَرْكُهُ، وَالْمَطْلُوبُ بِالنَّهْيِ الْكَفُّ: أَيْ الِانْتِهَاءُ وَبِمُخَالَفَتِهَا أَمْرَهُ مَا لَمْ تَنْكَفَّ وَلَمْ تَنْتَهِ لِإِتْيَانِهَا بِضِدِّ مَطْلُوبِهِ وَالْعُرْفُ شَاهِدٌ لِذَلِكَ. (وَلَوْ) (قَالَ لِثَلَاثٍ مِنْ زَوْجَاتِهِ مَنْ لَمْ تُخْبِرْنِي بِعَدَدِ رَكَعَاتِ فَرَائِضِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ) فَهِيَ طَالِقٌ (فَقَالَتْ وَاحِدَةٌ) مِنْهُنَّ عَدَدُ رَكَعَاتِ فَرَائِضُهَا (سَبْعَ عَشْرَةَ) أَيْ غَالِبًا (وَ) قَالَتْ (أُخْرَى) أَيْ ثَانِيَةٌ مِنْهُنَّ (خَمْسَ عَشْرَةَ أَيْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ) قَالَتْ (ثَالِثَةٌ) مِنْهُنَّ (إحْدَى عَشْرَةَ أَيْ لِمُسَافِرٍ) (لَمْ يَقَعْ) عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ طَلَاقٌ لِصِدْقِ الْكُلِّ، نَعَمْ إنْ قَصَدَ تَعْيِينًا لَمْ يَتَخَلَّصْ بِذَلِكَ وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ خَرَجْت إلَّا بِإِذْنِي فَأَنْت طَالِقٌ فَأَذِنَ لَهَا وَهِيَ لَا تَعْلَمُ، أَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً فَخَرَجَتْ لَمْ تَطْلُقْ إذَا لَمْ تَخْرُجْ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَلَوْ أَخْرَجَهَا هُوَ لَمْ يَكُنْ إذْنًا كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي، وَإِنْ أَذِنَ لَهَا فِي الْخُرُوجِ مَرَّةً فَخَرَجَتْ لَمْ يَقَعْ وَانْحَلَّتْ لِأَنَّ إنْ لَا تَكْرَارَ فِيهَا فَأَشْبَهَ إنْ خَرَجْت مَرَّةً بِدُونِ إذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَيُفَارِقُ إنْ خَرَجْت لَابِسَةً ثَوْبَ حَرِيرٍ فَأَنْت طَالِقٌ فَخَرَجَتْ غَيْرَ لَابِسَةٍ لَهُ ثُمَّ خَرَجَتْ لَابِسَةً حَيْثُ طَلُقَتْ بِعَدَمِ انْحِلَالِ الْيَمِينِ لِانْتِفَاءِ الصِّفَةِ فَيَحْنَثُ فِي الثَّانِي بِخِلَافِ هَذِهِ، وَلَوْ أَذِنَ ثُمَّ رَجَعَ فَخَرَجَتْ بَعْدَ الْمَنْعِ لَمْ يَحْنَثْ لِحُصُولِ الْإِذْنِ، وَإِنْ عَلَّقَ بِكُلَّمَا خَرَجْت إلَّا بِإِذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَيُّ مَرَّةٍ خَرَجَتْ بِلَا إذْنٍ طَلُقَتْ لِاقْتِضَائِهَا التَّكْرَارَ كَمَا مَرَّ، وَخَلَاصُهُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ لَهَا أَذِنْت لَك أَنْ تَخْرُجِي مَتَى شِئْت أَوْ كُلَّمَا شِئْت أَوْ إنْ خَرَجْت إلَى غَيْرِ الْحَمَّامِ فَخَرَجَتْ إلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَرَقَدَتْ طَلُقَتْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ بِالْأَمْرِ إلَخْ) وَقَدْ نَظَمَ بَعْضُهُمْ هَذَا الْحُكْمَ مُسْتَشْكِلًا لَهُ فَقَالَ: وَأَنْتِ إنْ خَالَفْت نَهْيِي تَطْلُقِي ... فَخَالَفَتْ أَمْرًا طَلَاقُهَا انْتَفَى وَعَكْسُ هَذِي لَا وَهَذَا النَّقْلُ ... فَأَيُّ فَرْقٍ أَوْضَحَا يَا فَضْلُ وَنَاظِمُهُ الشَّيْخُ عِيسَى الشَّهَاوِيُّ. (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً) أَيْ أَوْ أَذِنَ لَهَا وَكَانَتْ صَغِيرَةً إلَخْ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ تَخْرُجْ بِغَيْرِ إذْنِهِ) أَيْ وَيَنْبَغِي لَهُ إذَا أَذِنَ فِي غَيْبَتِهَا أَنْ يُشْهِدَ عَلَى ذَلِكَ، لِأَنَّهَا لَوْ خَرَجَتْ بَعْدُ وَادَّعَى أَنَّهُ أَذِنَ لَهَا فَأَنْكَرَتْ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (قَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ إذْنًا) أَيْ فَيَحْنَثُ (قَوْلُهُ: فَيَحْنَثُ فِي الثَّانِي) أَيْ إنْ خَرَجَتْ لَابِسَةً ثَوْبًا إلَخْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ هَذِهِ) أَيْ إنْ خَرَجْت إلَّا بِإِذْنِي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَذِنَ ثُمَّ رَجَعَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مُتَّصِلًا بِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ عَدَمُ الْإِذْنِ لَمْ يُوجَدْ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِاقْتِضَائِهَا التَّكْرَارَ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ مَتَى خَرَجْت بِغَيْرِ إذْنِي فَأَنْت طَالِقٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَسْت أَرَى الْأَمْرَ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَرَى الْوَاحِدَ بَعْدَ الْوَاحِدِ وَيَضْبِطَ فَيُقَامَ مَقَامَ الْفِعْلِ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ) هَذَا إنَّمَا ذَكَرُوهُ فِي الْأَمْرِ النَّفْسِيِّ قَالَ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ: أَمَّا اللَّفْظِيُّ فَلَيْسَ عَيْنَ النَّهْيِ قَطْعًا وَلَا يَتَضَمَّنُهُ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: فَالْيَمِينُ لَا تُبْنَى عَلَيْهِ) اُنْظُرْ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ (قَوْلُهُ: حَصَلَ الْإِيقَاعُ) هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ لَوْ وَقَعَ مِنْ الْمُعَلِّقِ بَعْدَ تَعْلِيقِهِ أَمْرٌ فِي الْخَارِجِ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ نَهَى عَنْهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ:؛ لِإِتْيَانِهَا بِضِدِّ مَطْلُوبِهِ) هَذَا إنَّمَا يَتَّضِحُ إذَا أُحْدِثَتْ فِعْلًا، بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَدَامَتْ الْحَالَةُ الَّتِي هِيَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ قَصَدَ تَعْيِينًا) يَعْنِي: مُعَيَّنًا مِنْهَا (قَوْلُهُ: مَتَى شِئْت) فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، لِأَنَّ مَتَى وَإِنْ كَانَتْ لِعُمُومِ الْأَزْمِنَةِ فَلَا تُفِيدُ تَكْرَارًا لِأَنَّ مَعْنَاهَا إنَّ إذْنِي لَك لَا يَتَقَيَّدُ بِوَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ، إلَّا أَنَّهَا لَا تَتَنَاوَلُ إلَّا إذْنًا وَاحِدًا وَهَذَا لَا يَكْفِي هُنَا. بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ إذْنٍ لِخُرُوجِهَا

ثُمَّ عَدَلَتْ لِغَيْرِهِ لَمْ تَطْلُقْ أَوْ لَهُمَا طَلُقَتْ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ هُنَا. وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: الْمَعْرُوفُ الْمَنْصُوصُ خِلَافُهُ. وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْأَيْمَانِ: الصَّوَابُ الْجَزْمُ بِهِ. وَقَالَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنَّ عِبَارَةَ الرَّوْضَةِ فِي الْأَيْمَانِ إنْ خَرَجَتْ لِغَيْرِ عِيَادَةٍ انْتَهَى. فَالْأَصَحُّ وُقُوعُ الطَّلَاقِ هُنَا وَعَدَمُ الْحِنْثِ فِي تِلْكَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ إلَيَّ فِي مَسْأَلَتِنَا لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ الْمَكَانِيَّةِ: أَيْ إنْ انْتَهَى خُرُوجُك لِغَيْرِ الْحَمَّامِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَدْ انْتَهَى لِغَيْرِهَا وَاللَّامُ فِي تِلْكَ لِلتَّعْلِيلِ: أَيْ إنْ كَانَ خُرُوجُك لِأَجْلِ غَيْرِ الْعِيَادَةِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَخُرُوجُهَا لِأَجْلِهِمَا مَعًا لَيْسَ خُرُوجًا لِغَيْرِ الْعِيَادَةِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ مِنْ الْبَلَدِ إلَّا مَعَ امْرَأَتِهِ فَخَرَجَا لَكِنَّهُ تَقَدَّمَ عَلَيْهَا بِخُطُوَاتٍ أَوْ حَلَفَ لَا يَضْرِبُهَا إلَّا بِمُوجِبٍ فَضَرَبَهَا بِخَشَبَةٍ لِشَتْمِهَا لَهُ لَمْ تَطْلُقْ لِلْعُرْفِ فِي الْأُولَى وَلِضَرْبِهِ لَهَا بِمُوجِبٍ فِي الثَّانِيَةِ، إذْ الْمُرَادُ فِيهَا بِالْمُوجِبِ مَا تَسْتَحِقُّ الضَّرْبَ عَلَيْهِ تَأْدِيبًا، أَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ مَالِ زَيْدٍ وَقَدَّمَ لَهُ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ ضِيَافَةً لَمْ يَحْنَثُ لِأَنَّهُ أَكَلَ مِلْكَ نَفْسِهِ، أَوْ لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ مَا دَامَ فِيهَا فَانْتَقَلَ مِنْهَا وَعَادَ إلَيْهَا ثُمَّ دَخَلَهَا الْحَالِفُ وَهُوَ فِيهَا لَمْ يَحْنَثْ لِانْقِطَاعِ الدَّيْمُومَةِ بِالِانْتِقَالِ مِنْهَا. نَعَمْ إنْ أَرَادَ كَوْنَهُ فِيهَا اتَّجَهَ الْحِنْثُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ. (وَلَوْ) (قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَى حِينٍ أَوْ زَمَانٍ) أَوْ حُقْبٍ بِسُكُونِ الْقَافِ أَوْ عَصْرٍ (أَوْ بَعْدَ حِينٍ) أَوْ نَحْوِهِ (طَلُقَتْ بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْ هَذِهِ يَقَعُ عَلَى الْقَصِيرِ وَالطَّوِيلِ وَإِلَى بِمَعْنَى بَعْدُ وَفَارَقَ قَوْلَهُمْ فِي الْإِيمَانِ لَأَقْضِيَنَّ حَقَّك إلَى حِينٍ لَمْ يَحْنَثْ بِلَحْظَةٍ فَأَكْثَرَ بَلْ قُبَيْلَ الْمَوْتِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ تَعْلِيقٌ فَيُعَلَّقُ بِأَوَّلِ مَا يُسَمَّى ـــــــــــــــــــــــــــــSفَتَنْحَلُّ يَمِينُهُ بِإِذْنِهِ لَهَا مَرَّةً لِعَدَمِ اقْتِضَاءِ مَتَى التَّكْرَارَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَدَلَتْ لِغَيْرِهِ لَمْ تَطْلُقْ) عَلَى الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ فَالْأَصَحُّ وُقُوعُ الطَّلَاقِ هُنَا اعْتِمَادُ خِلَافِ هَذَا، لَكِنَّ قَوْلَهُ وَقَالَ الْوَالِدُ الْجَمْعُ إلَخْ إقْرَارُ كُلِّ مَوْضِعٍ عَلَى مَا فِيهِ وَأَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا لَوْ خَرَجَتْ لِلْحَمَّامِ وَغَيْرِهِ حَيْثُ قِيلَ بِالْوُقُوعِ فِيهِ وَبَيْنَ مَا لَوْ خَرَجَتْ لِلْعِيَادَةِ وَغَيْرِهَا حَيْثُ قِيلَ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ. (قَوْلُهُ: الْمَنْصُوصُ خِلَافُهُ) أَيْ فَلَا طَلَاقَ فِيمَا لَوْ خَرَجَتْ لَهُمَا (قَوْلُهُ: فَالْأَصَحُّ وُقُوعُ الطَّلَاقِ هُنَا) أَيْ فِي قَوْلِهِ أَوْ لَهُمَا طَلُقَتْ (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ الْحِنْثِ فِي تِلْكَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ إنْ خَرَجَتْ لِغَيْرِ عِيَادَةٍ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ إلَى وَاللَّامِ (قَوْلُهُ: لِشَتْمِهَا لَهُ) وَأَمَّا لَوْ تَرَكَتْ مَا اُعْتِيدَ لِلنِّسَاءِ فِعْلُهُ مِمَّا لَا يَجِبُ عَلَيْهِنَّ شَرْعًا كَأَنْ تَرَكَتْ الطَّبْخَ وَالْعَجْنَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا اُعْتِيدَ لَهُنَّ فِعْلُهُ فَضَرَبَهَا عَلَى تَرْكِ ذَلِكَ فَهَلْ يَحْنَثُ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ سَبَبًا شَرْعِيًّا أَوْ لَا لِأَنَّهُ سَبَبٌ عُرْفِيٌّ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: لَمْ تَطْلُقْ) أَيْ وَتَنْحَلُّ يَمِينُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ مَالِ زَيْدٍ) أَيْ أَوْ عَيْشِهِ أَوْ خُبْزِهِ أَوْ طَعَامِهِ وَالْكَلَامُ كُلُّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَكَلَ مِلْكَ نَفْسِهِ) وَقَضِيَّةُ مَا فِي الْغَصْبِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَحْدَثَ فِيهِ مَا يَسْرِي إلَى التَّلَفِ مَلَكَهُ عَدَمُ الْحِنْثِ مِنْ الْأَكْلِ مِنْ مَالِهِ مُطْلَقًا وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَإِنْ قَصَدَ إبْعَادَ نَفْسِهِ عَمَّا يُضَافُ لِزَيْدٍ فَلَا كَلَامَ فِي الْحِنْثِ (قَوْلُهُ: فَانْتَقِلْ مِنْهَا) الْمُتَبَادَرُ مِنْ الِانْتِقَالِ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا عَلَى قَصْدِ السُّكْنَى بِغَيْرِهَا وَلَوْ لَحْظَةً لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ عُرْفًا أَنَّهُ انْتَقَلَ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ خَرَجَ لِشِرَاءِ مَصْلَحَةٍ مَثَلًا وَعَادَ لَمْ يَبَرَّ لِحَالِفٍ، وَالْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ مَا دَامَ فِيهَا خِلَافُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمَفْهُومَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ دَوَامُ السُّكْنَى وَهُوَ يَزُولُ بِالِانْتِقَالِ إلَى غَيْرِهَا وَإِنَّ قَلَّ زَمَنُهُ كَلَحْظَةٍ. (قَوْلُهُ: طَلُقَتْ بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّانِي وَهَذَا لَا يُفِيدُهُ إلَّا مَا يُفِيدُ التَّكْرَارَ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَدَلْت لِغَيْرِهِ) لَعَلَّهُ بَعْدَ انْتِهَائِهَا إلَيْهِ لِيُنَاسِبَ الْفَرْقَ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَقَدْ انْتَهَى لِغَيْرِهَا) اُنْظُرْ مَا صُورَةُ انْتِهَاءِ الْخُرُوجِ إلَى الْحَمَّامِ وَغَيْرِهَا وَإِذَا انْتَهَى إلَى الْحَمَّامِ ثُمَّ مِنْهَا إلَى غَيْرِهَا هَلْ يُقَالُ انْتَهَى الْخُرُوجُ إلَى الْحَمَّامِ وَغَيْرِهَا؟ وَقَدْ أَجَابَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنَّ هُنَاكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ غَيْرَ الْحَمَّامِ فَقَطْ وَهُنَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا وَيُصَدَّقُ حِينَئِذٍ عَلَى الْخُرُوجِ لَهُمَا أَنَّهُ خُرُوجٌ لِغَيْرِ الْحَمَّامِ لِأَنَّ الْخُرُوجَ لَهُمَا خُرُوجٌ لِغَيْرِ الْحَمَّامِ (قَوْلُهُ: ضِيَافَةً) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى مَا وُجِدَتْ فِيهِ الْعِلَّةُ، فَيَشْمَلُ نَحْوَ الْإِبَاحَةِ

حِينًا إذْ الْمَدَارُ فِي التَّعَالِيقِ عَلَى مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ لَفْظُهَا، وَلَأَقْضِيَنَّ وَعْدٌ، وَهُوَ لَا يَخْتَصُّ بِزَمَنٍ فَنُظِرَ فِيهِ لِلْيَأْسِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَصُومُ زَمَانًا حَنِثَ بِشُرُوعِهِ فِي الصَّوْمِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَصُومُ أَوْ لَيَصُومَنَّ أَزْمِنَةً كَفَاهُ صَوْمُ يَوْمٍ لِاشْتِمَالِهِ عَلَيْهَا، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الِاكْتِفَاءُ بِصَوْمِ ثَلَاثِ لَحَظَاتٍ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ، أَوْ لَيَصُومَنَّ الْأَيَّامَ كَفَاهُ ثَلَاثَةٌ مِنْهَا، أَوْ إنْ كَانَ اللَّهُ يُعَذِّبُ الْمُوَحِّدِينَ فَأَنْت طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ إلَّا أَنْ تُرِيدَ إنْ كَانَ يُعَذِّبُ أَحَدًا مِنْهُمْ، وَلَوْ اتَّهَمَتْهُ زَوْجَتُهُ بِاللِّوَاطِ فَحَلَفَ لَا يَأْتِي حَرَامًا حَنِثَ بِكُلِّ مُحَرَّمٍ، أَوْ إنْ خَرَجْت مِنْ الدَّارِ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ وَلَا تَخْرُجِينَ مِنْ الصِّفَةِ أَيْضًا لَغَا الْأَخِيرُ لِأَنَّهُ كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ لَيْسَ فِيهِ صِيغَةُ تَعْلِيقٍ وَلَا عَطْفٍ، فَلَوْ خَرَجَتْ مِنْ الصِّفَةِ لَمْ تَطْلُقْ، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ بَدَلَ الْأَخِيرِ عَقِبَ مَا قَبْلَهُ وَمِنْ الصِّفَةِ أَيْضًا طَلُقَتْ وَهُوَ ظَاهِرٌ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ فِي مَكَّةَ أَوْ الظِّلِّ أَوْ الْبَحْرِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُنْتَظَرُ طَلُقَتْ حَالًا مَا لَمْ يَقْصِدْ تَعْلِيقًا. (وَلَوْ) (عَلَّقَ) الطَّلَاقَ (بِرُؤْيَةِ زَيْدٍ) مَثَلًا (أَوْ لَمْسِهِ) وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَسَّهُ هُنَا كَلَمْسِهِ وَإِنْ افْتَرَقَا فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ وَلِاضْطِرَادِ الْعُرْفِ هُنَا بِاتِّحَادِهِمَا (أَوْ قَذْفِهِ تَنَاوَلَهُ حَيًّا) نَائِمًا أَوْ مُسْتَيْقِظًا (وَمَيِّتًا) فَيَحْنَثُ بِرُؤْيَةِ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ مُتَّصِلٍ بِهِ غَيْرَ نَحْوِ شَعْرِهِ نَظِيرُ مَا يَأْتِي لَا مَعَ إكْرَاهٍ عَلَيْهَا وَلَوْ فِي مَاءٍ صَافٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ زُجَاجٍ شَفَّافٍ دُونَ خَيَالِهِ فِي نَحْوِ مِرْآةٍ، نَعَمْ لَوْ عَلَّقَ بِرُؤْيَتِهَا وَجْهَهَا فَرَأَتْهُ فِي الْمِرْآةِ حَنِثَ إذْ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ شَخْصٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِآخَرَ فَحَلَفَ لَهُ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ يُعْطِيهِ كُلَّ جُمُعَةٌ مِنْهُ كَذَا، فَفَوَّتَ جُمُعَةً مِنْ غَيْرِ إعْطَاءٍ ثُمَّ دَفَعَ مَا يَخُصُّهَا فِي الْجُمُعَةِ التَّالِيَةِ لَهَا هَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ فِيهِ بِالْحِنْثِ لِأَنَّ كُلَّ جُمُعَةٍ ظَرْفٌ وَبِفَرَاغِهَا تَحَقَّقَ عَدَمُ الْإِعْطَاءِ فِيهَا وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَلَوْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُؤَخِّرُ ذَلِكَ مُدَّةً طَوِيلَةً بَلْ لَوْ أَرَادَ الْأَعَمَّ مِنْ الْإِعْطَاءِ فِيهَا أَوْ فِيمَا يَقْرُبُ مِنْهَا عُرْفًا بِحَيْثُ لَا يُعَدُّ مُؤَخِّرًا لَمْ يَحْنَثْ وَيُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ: حَنِثَ بِشُرُوعِهِ) أَيْ وَلَوْ فِي رَمَضَانَ (قَوْلُهُ: لِاشْتِمَالِهِ عَلَيْهَا) أَيْ الْأَزْمِنَةِ (قَوْلُهُ: الِاكْتِفَاءُ بِصَوْمِ ثَلَاثِ لَحَظَاتٍ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ حَلَفَ لَيَصُومَنَّ زَمَانًا كَفَاهُ لَحْظَةٌ (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: حَنِثَ بِكُلِّ مُحَرَّمٍ) أَيْ مَا لَمْ تَدُلُّ قَرِينَةٌ عَلَى خُصُوصِ اللِّوَاطِ وَيَقُولُ قَصَدَتْهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ) مِنْ تَتِمَّةِ الصِّيغَةِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ فِيهِ صِيغَةُ تَعْلِيقٍ) فَرْضُ الْكَلَامِ فِيمَا لَوْ كَانَتْ الْجُمْلَةُ الْأُولَى مُشْتَمِلَةً عَلَى تَعْلِيقٍ صَرِيحٍ وَهَلْ مِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَا تَخْرُجِينَ مِنْ الْبَيْتِ وَلَا تَخْرُجِينَ مِنْ الصِّفَةِ فَلَا يَحْنَثُ بِخُرُوجِهَا مِنْ الصِّفَةِ لِكَوْنِ كُلٍّ كَلَامًا مُسْتَقِلًّا أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَمُقْتَضَى مَا عَلَّلَ بِهِ أَنَّهُ مِثْلُهُ، وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ بِجَعْلِ وَلَا تَخْرُجِينَ مِنْ الصِّفَةِ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ لَا تَخْرُجِينَ مِنْ الْبَيْتِ فَيَحْنَثُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فَلَوْ قَالَ أَرَدْت بِالثَّانِي الِاسْتِئْنَافَ قُبِلَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّهُ كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَقِبَ مَا قَبْلَهُ) أَيْ وَهُوَ طَالِقٌ. (قَوْلُهُ وَمَيِّتًا) أَمَّا فِي الرُّؤْيَةِ وَاللَّمْسِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا فِي الْقَذْفِ فَلِأَنَّ قَذْفَ الْمَيِّتِ كَقَذْفِ الْحَيِّ فِي الْإِثْمِ وَالْحُكْمِ اهـ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. أَقُولُ: بَلْ قَذْفُ الْمَيِّتِ أَشَدُّ مِنْ قَذْفِ الْحَيِّ لِأَنَّ الْحَيَّ يُمْكِنُ الِاسْتِحْلَالُ مِنْهُ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: نَظِيرُ مَا يَأْتِي) أَيْ فِي اللَّمْسِ (قَوْلُهُ: لَا مَعَ إكْرَاهِ عَلَيْهَا) أَيْ الرُّؤْيَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي مَاءٍ) غَايَةٌ فِي التَّنَاوُلِ فَيَحْنَث بِكُلِّ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَّقَ بِرُؤْيَتِهَا وَجْهَهَا) أَيْ جُمْلَتَهُ لَا بَعْضَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَأَنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْأَكْلِ مِنْ مَالِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ (قَوْلُهُ: حَنِثَ بِكُلِّ مُحَرَّمٍ) لَعَلَّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ بِخِلَافِ مَا إذَا نَوَى اللِّوَاطَ بَلْ الْقِيَاسُ قَبُولُهُ مِنْهُ ظَاهِرًا لِلْقَرِينَةِ فَلْيُرَاجَعْ: وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ إلَخْ.) وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ سَوَاءٌ أَتَى بِهِ مُتَّصِلًا أَمْ مُنْفَصِلًا وَسَوَاءٌ أَنَوَى الْإِتْيَانَ بِهِ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْ التَّعْلِيقِ الْأَوَّلِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: طَلُقَتْ حَالًا) أَيْ: وَالصُّورَةُ أَنَّهُ قَصَدَ الْإِتْيَانَ بِهِ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْ الْأَوَّلِ كَمَا هُوَ الْقِيَاسُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي مَاءٍ صَافٍ) غَايَةٌ

لَا يُمْكِنُهَا رُؤْيَتُهُ إلَّا كَذَلِكَ، صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ بِرُؤْيَتِهَا وَجْهَهَا وَبِلَمْسِ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ لَا مَعَ إكْرَاهٍ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ لَا نَحْوِ شَعْرٍ وَظُفْرٍ وَسِنٍّ سَوَاءٌ الرَّائِي وَالْمَرْئِيُّ وَاللَّامِسُ وَالْمَلْمُوسُ الْعَاقِلُ وَغَيْرُهُ، وَلَوْ لَمَسَهُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ لَمْ يُؤَثِّرْ وَإِنَّمَا اسْتَوَيَا فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ لِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى لَمْسِ شَيْءٍ مِنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَيُشْتَرَطُ مَعَ رُؤْيَةِ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ صِدْقُ رُؤْيَةِ كُلِّهِ عُرْفًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ كَوَّةٍ مَثَلًا فَرَأَتْهَا فَلَا حِنْثَ. وَلَوْ قَالَ لِعَمْيَاءَ إنْ رَأَيْت فَهُوَ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ حَمْلًا لِرَأَى عَلَى الْمُتَبَادِرِ مِنْهَا، أَوْ عَلَّقَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ أَوْ الْقَمَرِ حُمِلَ عَلَى الْعِلْمِ بِهِ وَلَوْ بِرُؤْيَةِ غَيْرِهَا أَوْ بِتَمَامِ الْعَدَدِ فَتَطْلُقُ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْعُرْفَ يَحْمِلُ ذَلِكَ عَلَى الْعِلْمِ، بِخِلَافِ رُؤْيَةِ زَيْدٍ مَثَلًا فَقَدْ يَكُونُ الْغَرَضُ زَجْرُهَا عَنْ رُؤْيَتِهِ، وَعَلَى اعْتِبَارِ الْعِلْمِ يُشْتَرَطُ الثُّبُوتُ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ تَصْدِيقُ الزَّوْجِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ، وَلَوْ أَخْبَرَهُ بِهِ صَبِيٌّ أَوْ عَبْدٌ أَوْ امْرَأَةٌ أَوْ فَاسِقٌ فَصَدَّقَهُ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ مُؤَاخَذَتُهُ، وَلَوْ قَالَ أَرَدْت بِالرُّؤْيَةِ الْمُعَايَنَةَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ. نَعَمْ إنْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِرُؤْيَةِ عَمْيَاءَ لَمْ يُصَدَّقْ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ لَكِنْ يَدِينُ، وَإِذَا قَبِلْنَا التَّفْسِيرَ فِي الْهِلَالِ بِالْمُعَايَنَةِ وَمُضِيِّ ثَلَاثِ لَيَالٍ وَلَمْ يَرَ فِيهَا مِنْ أَوَّلِ شَهْرٍ تَسْتَقْبِلُهُ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى بَعْدَهَا هِلَالًا، أَمَّا التَّعْلِيقُ بِرُؤْيَةِ الْقَمَرِ مَعَ تَفْسِيرِهِ بِمُعَايَنَتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُشَاهَدَتِهِ بَعْدَ ثَلَاثٍ لِأَنَّهُ قَبْلَهَا لَا يُسَمَّى قَمَرًا، كَذَا أَفْتَى بِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ قَالَ إنْ رَأَيْتِ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَنْت طَالِقٍ فَرَأَتْهُ فِي الْمَنَامِ وَأَرَادَ ذَلِكَ طَلُقَتْ، فَإِنْ نَازَعَهَا فِيهَا صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا إذْ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ إلَّا مِنْهَا، وَإِنْ أَرَادَ رُؤْيَتَهُ لَا فِي مَنَامٍ أَوْ أَطْلَقَ اتَّجَهَ عَدَمُ الْوُقُوعِ حَمْلًا لَهَا عَلَى الْحَقِيقَةِ (بِخِلَافِ ضَرْبِهِ) فَإِنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ سِوَى الْحَيِّ إذْ الْغَرَضُ مِنْهُ الْإِيلَامُ وَمِنْ ثَمَّ صَحَّحَا هُنَا اشْتِرَاطَ كَوْنِهِ مُؤْلِمًا، لَكِنْ خَالَفَاهُ فِي الْأَيْمَانِ وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ إذْ الْمَدَارُ عَلَى مَا مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ، وَسَيَأْتِي ثَمَّ أَنَّ مِنْهُ مَا لَوْ حَذَفَهَا بِشَيْءٍ فَأَصَابَهَا، وَجَمَعَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى اشْتِرَاطِهِ بِالْقُوَّةِ، وَالثَّانِي عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ بِالْفِعْلِ. وَلَوْ عَلَّقَ بِتَقْبِيلِ زَوْجَتِهِ اخْتَصَّ بِالْحَيَّةِ بِخِلَافِ أُمِّهِ، لِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ الشَّهْوَةُ وَهُنَا الْكَرَامَةُ، أَوْ عَلَّقَ بِتَكْلِيمِهَا زَيْدًا فَكَلَّمَتْهُ وَهُوَ مَجْنُونٌ أَوْ سَكْرَانُ سُكْرًا يَسْمَعُ مَعَهُ وَيَتَكَلَّمُ، وَكَذَا إنْ كَلَّمَتْهُ وَهِيَ سَكْرَى لَا السُّكْرَ الطَّافِحَ طَلُقَتْ لِوُجُودِ الصِّفَةِ مِمَّنْ يُكَلِّمُ غَيْرَهُ وَيُكَلِّمُ هُوَ عَادَةً، فَإِنْ كَلَّمَتْهُ فِي نَوْمٍ أَوْ إغْمَاءٍ مِنْهُ أَوْ مِنْهَا أَوْ وَهِيَ مَجْنُونَةٌ أَوْ بِهَمْسٍ وَهُوَ خَفْضُ الصَّوْتِ بِالْكَلَامِ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُهُ الْمُخَاطَبَ أَوْ نَادَتْهُ مِنْ مَكَان لَا يَسْمَعُ مِنْهُ وَإِنْ فَهِمَهُ بِقَرِينَةٍ أَوْ حَمَلَتْهُ إلَيْهِ رِيحٌ وَسَمِعَ لَمْ تَطْلُقْ إذْ لَا يُسَمَّى كَلَامًا عَادَةً نَعَمْ إنْ عَلَّقَ بِتَكْلِيمِهَا وَهِيَ مَجْنُونَةٌ طَلُقَتْ بِذَلِكَ، ـــــــــــــــــــــــــــــSالَّذِي يُمْكِنُ رُؤْيَتُهُ بِغَيْرِ الْمِرْآةِ كَجَانِبَيْ الْمَنْحَرِ وَبَعْضِ الشَّفَتَيْنِ (قَوْلُهُ: بِرُؤْيَتِهِ وَجْهَهُ) أَيْ وَجْهَ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ) أَيْ فَلَا تَطْلُقُ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمُسْتَحِيلِ فِي الْإِثْبَاتِ يَقْتَضِي عَدَمَ الْوُقُوعِ بِخِلَافِهِ فِي النَّفْيِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِتَمَامِ الْعَدَدِ) أَيْ لِلشَّهْرِ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) أَيْ فَلَا يَحْنَثُ بِإِعْلَامِهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهِ بِنَفْسِهِ، وَلَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ كَوْنِهِ يُسَمَّى هِلَالًا إنْ عَلَّقَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ أَوْ قَمَرًا إنْ عَلَّقَ بِرُؤْيَةِ الْقَمَرِ وَيُسَمَّى هِلَالًا إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَبَعْدَهَا يُسَمَّى قَمَرًا (قَوْلُهُ: حَمْلًا لَهَا عَلَى الْحَقِيقَةِ) وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ لِلتَّطَوُّعِ بِرُؤْيَتِهَا لَهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ مُحَقَّقَةٌ فَلَا تَزُولُ إلَّا بِيَقِينٍ (قَوْلُهُ: لَا يَتَنَاوَلُ سِوَى الْحَيِّ) أَيْ وَلَوْ نَبِيًّا وَشَهِيدًا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ أُمِّهِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُهَا حَيَّةً ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْمُثْبَتِ (قَوْلُهُ: وَبِلَمْسِ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ) اُنْظُرْ لِمَ لَمْ يُقَيِّدْهُ هُنَا بِالْمُتَّصِلِ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِرُؤْيَةِ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ (قَوْلُهُ: الْعَاقِلُ وَغَيْرُهُ) هَذَا هُوَ مَحَطُّ التَّسْوِيَةِ، وَلَوْ زَادَ لَفْظَ فِي عَقِبَ قَوْلِهِ سَوَاءٌ لَكَانَ وَاضِحًا (قَوْلُهُ: فَهُوَ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ) مَحَلُّهُ فِيمَا إذَا عُلِّقَ بِغَيْرِ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَالْقَمَرِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: مِنْ أَوَّلِ شَهْرٍ تَسْتَقْبِلُهُ) أَيْ لِأَنَّهُ الْعُرْفُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ أُمِّهِ) أَيْ فِيمَا إذَا عُلِّقَ بِتَقْبِيلِهَا فَلَا يَخْتَصُّ بِهَا حَيَّةً

قَالَهُ الْقَاضِي، وَإِنْ كَلَّمَتْهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُ لَكِنْ انْتَفَى ذَلِكَ لِذُهُولٍ مِنْهُ أَوْ شُغْلٍ أَوْ لَغَطٍ وَلَوْ كَانَ لَا يُفِيدُ مَعَهُ الْإِصْغَاءُ طَلُقَتْ لِأَنَّهَا كَلَّمَتْهُ وَانْتِفَاءُ السَّمَاعِ لِعَارِضٍ وَإِنْ كَانَ أَصَمًّا فَكَلَّمَتْهُ فَلَمْ يَسْمَعْ لِصَمَمٍ بِحَيْثُ لَوْ لَمْ يَكُنْ أَصَمًّا لِسَمْعٍ لَمْ تَطْلُقْ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَصَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي تَصْحِيحِهِ، وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الْوُقُوعَ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ وَنَقَلَهُ الْمُتَوَلِّي ثَمَّ عَنْ النَّصِّ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْ وَلَوْ مَعَ رَفْعِ الصَّوْتِ، وَالثَّانِي عَلَى مَنْ يَسْمَعُ مَعَ رَفْعِهِ وَلَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت نَائِمًا أَوْ غَائِبًا عَنْ الْبَلَدِ مَثَلًا فَأَنْت طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ، كَمَا لَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت مَيِّتًا أَوْ حِمَارًا أَوْ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْت طَالِقٌ فَكَلَّمَتْ نَحْوَ حَائِطٍ وَهُوَ يَسْمَعُ لَمْ تَطْلُقْ أَوْ إنْ كَلَّمْت رَجُلًا فَكَلَّمَتْ أَبَاهَا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ مَحَارِمِهَا أَوْ زَوْجِهَا طَلُقَتْ لِوُجُودِ الصِّفَةِ. فَإِنْ قَالَ قَصَدْتُ مَنْعَهَا مِنْ مُكَالَمَةِ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ قُبِلَ مِنْهُ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ، أَوْ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا وَعَمْرًا فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ بِتَكْلِيمِ أَحَدِهِمَا وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ فَلَا يَقَعُ بِتَكْلِيمِ الْآخَرِ شَيْءٌ، أَوْ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا وَعَمْرًا لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِكَلَامِهِمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا، أَوْ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا ثُمَّ عَمْرًا أَوْ زَيْدًا فَعَمْرًا اُشْتُرِطَ تَكْلِيمُ زَيْدٍ قَبْلَ عَمْرٍو مُتَرَاخِيًا عَنْهُ فِي الْأُولَى وَعَقِبَ كَلَامِ زَيْدٍ فِي الثَّانِيَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَصْحَابَ إلَّا الْإِمَامَ وَالْغَزَالِيَّ يَمِيلُونَ فِي التَّعْلِيقِ إلَى تَقْدِيمِ الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ عَلَى الْعُرْفِ الْغَالِبِ، إذْ الْعُرْفُ لَا يَكَادُ يَنْضَبِطُ هَذَا إنْ اضْطَرَبَ، فَإِنْ اطَّرَدَ عُمِلَ بِهِ لِقُوَّةِ دَلَالَتِهِ حِينَئِذٍ، وَعَلَى النَّاظِرِ التَّأَمُّلُ وَالِاجْتِهَادُ فِيمَا يُسْتَفْتَى فِيهِ. (وَلَوْ) (خَاطَبَتْهُ) زَوْجَتُهُ (بِمَكْرُوهٍ كَيَا سَفِيهُ أَوْ يَا خَسِيسُ) أَوْ يَا حُقْرَةُ (فَقَالَ إنْ كُنْت كَذَلِكَ) أَيْ سَفِيهًا أَوْ خَسِيسًا (فَأَنْت طَالِقٌ) (إنْ أَرَادَ مُكَافَأَتَهَا بِإِسْمَاعِ مَا تَكْرَهُ) مِنْ الطَّلَاقِ لِكَوْنِهَا أَغَاظَتْهُ بِالشَّتْمِ (طَلُقَتْ) حَالًا (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَفَهٌ) وَلَا خِسَّةٌ وَلَا حُقْرَةٌ إذْ الْمَعْنَى إنْ كُنْت كَذَلِكَ فِي زَعْمِك فَأَنْتِ طَالِقٌ (أَوْ) أَرَادَ (التَّعْلِيقَ اُعْتُبِرَتْ الصِّفَةُ) كَسَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ (وَكَذَا إنْ لَمْ يَقْصِدْ) مُكَافَأَةً وَلَا تَعْلِيقًا (فِي الْأَصَحِّ) مُرَاعَاةً لِقَضِيَّةِ لَفْظِهِ إذْ الْمَرْعِيُّ فِي التَّعْلِيقَاتِ الْوَضْعُ اللُّغَوِيُّ كَمَا مَرَّ وَالثَّانِي لَا تُعْتَبَرُ الصِّفَةُ حَمْلًا عَلَى الْمُكَافَأَةِ اعْتِبَارًا بِالْعُرْفِ، وَأَخَذَ بَعْضُهُمْ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ التَّعْلِيقَ بِغَسْلِ الثِّيَابِ لَا يَحْصُلُ الْبَرُّ فِيهِ إلَّا بِغُسْلِهَا بَعْدَ اسْتِحْقَاقِهَا الْغَسْلَ مِنْ الْوَسَخِ لِأَنَّهُ الْعُرْفُ فِي ذَلِكَ، وَكَالْوَسَخِ النَّجَاسَةُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَتَرَدَّدَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ فِي التَّعْلِيقِ بِأَنَّ بِنْتَه لَا تَجِيئُهُ فَجَاءَتْ لِبَابِهِ فَلَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَوْ مَيِّتَةً (قَوْلُهُ: حَمْلُ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ لَمْ تَطْلُقْ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ غَالِبًا) أَيْ حَالَ النَّوْمِ وَالْغَيْبَةِ (قَوْلُهُ قُبِلَ مِنْهُ) أَيْ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ اطَّرَدَ عُمِلَ بِهِ) وَمَحَلُّ الْعَمَلِ بِهِمَا حَيْثُ لَمْ يُعَارِضْهُمَا وَضْعٌ شَرْعِيٌّ وَإِلَّا قُدِّمَ، فَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي لَمْ يَحْنَثْ بِالدُّعَاءِ وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهَا لُغَةً لِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ شَرْعًا لِلْهَيْئَةِ الْمَخْصُوصَةِ، وَفِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ ثُمَّ هُوَ: أَيْ اللَّفْظُ مَحْمُولٌ عَلَى عُرْفِ الْمُخَاطِبِ: أَيْ بِكَسْرِ الطَّاءِ، فَفِي الشَّرْعِ الشَّرْعِيُّ لِأَنَّهُ عُرْفُهُ ثُمَّ الْعُرْفِيُّ الْعَامُّ ثُمَّ اللُّغَوِيُّ اهـ. وَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرَ اهـ سم عَلَى حَجّ. . (قَوْلُهُ: بَعْدَ اسْتِحْقَاقِهَا الْغُسْلَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: هَذَا إنْ اضْطَرَبَ فَإِنْ اطَّرَدَ عُمِلَ بِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْإِمَامَ وَالْغَزَالِيَّ يَمِيلَانِ إلَى الْعُرْفِ وَإِنْ اضْطَرَبَ وَفِيهِ مَا وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْأَصْحَابَ إنَّمَا يَمِيلُونَ إلَى الْعُرْفِ عِنْدَ اضْطِرَادِهِ إذَا كَانَ قَوِيًّا كَمَا سَيَأْتِي عَنْ الشِّهَابِ حَجّ وَأَمَّا الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ، فَيَمِيلَانِ إلَيْهِ حَيْثُ اضْطَرَدَ وَإِنْ لَمْ يَقْوَ (قَوْلُهُ: وَعَلَى النَّاظِرِ التَّأَمُّلُ) أَيْ فِي اضْطِرَادِ الْعُرْفِ وَاضْطِرَابِهِ (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ بَعْضُهُمْ مِمَّا تَقَرَّرَ إلَخْ.) صَرِيحٌ هَذَا أَنَّ هَذَا الْبَعْضَ إنَّمَا أُخِذَ مِنْ مَأْخَذِ الضَّعِيفِ لِأَنَّهُ الَّذِي عُوِّلَ عَلَى الْعُرْفِ، فَيَكُونُ الْأَخْذُ ضَعِيفًا وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي التُّحْفَةِ وَعِبَارَتُهَا عَقِبَ الْمَتْنِ نَصُّهَا؛ إذْ الْمُرْعَى فِي التَّعْلِيقَاتِ الْوَضْعُ اللُّغَوِيُّ لَا الْعُرْفِيُّ إلَّا إذَا قَوِيَ وَاطَّرَدَ لِمَا يَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ، وَكَأَنَّ بَعْضَهُمْ أَخَذَ مِنْ هَذَا أَنَّ التَّعْلِيقَ بِغَسْلِ الثِّيَابِ إلَخْ.

تَجْتَمِعْ بِهِ ثُمَّ مَالَ إلَى عَدَمِ الْحِنْثِ حَيْثُ لَا نِيَّةَ لِأَنَّهَا لَمْ تَجِئْ بِالْفِعْلِ إلَّا لِبَابِهِ وَمَجِيئُهَا إلَيْهِ بِالْقَصْدِ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ قَالَ: وَالْوَرَعُ الْحِنْثُ لِأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ جَاءَتْ وَلَمْ تَجْتَمِعْ بِهِ. قَالَ: وَمَدْلُولُ لَا يَعْمَلُ عِنْدَهُ لُغَةً: عَمِلَهُ بِحُضُورِهِ، وَعُرْفًا: أَنْ يَكُونَ أَجِيرًا لَهُ، فَإِنْ أَرَادَ أَحَدَهُمَا فَذَاكَ، وَإِلَّا بَنَى عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمُغَلَّبَ اللُّغَةُ أَوْ الْعُرْفُ عِنْدَ تَعَارُضِهِمَا وَيَتَّجِهُ مِنْ تَغْلِيبِ الْعُرْفِ إذَا قَوِيَ وَاطَّرَدَ تَغْلِيبُهُ هُنَا لِاطِّرَادِهِ، قَالُوا وَالْخِيَاطَةُ اسْمٌ لِمَجْمُوعِ غَرْزِ الْإِبْرَةِ وَجَذْبِهَا بِمَحَلٍّ وَاحِدٍ، فَلَوْ جَذَبَهَا ثُمَّ غَرَزَهَا فِي مَحَلٍّ آخَرَ لَمْ تَكُنْ خِيَاطَةً، وَلَوْ عَلَّقَ بِنُزُولِهَا عَنْ حَضَانَةِ وَلَدِهَا نُزُولًا شَرْعِيًّا لَمْ يَحْنَثْ بِنُزُولِهَا لِأَنَّهُ بِإِعْرَاضِهَا وَإِسْقَاطِهَا يَسْتَحِقُّهَا شَرْعًا لَا بِنُزُولِهَا مَعَ أَنَّ حَقَّهَا لَا يَسْقُطُ بِذَلِكَ إذْ لَهَا الْعَوْدُ لِأَخْذِهِ قَهْرًا عَلَيْهِ (وَالسَّفَهُ) كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (مُنَافِي إطْلَاقِ التَّصَرُّفِ) وَهُوَ مَا يُوجِبُ الْحَجْرَ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِهِ، وَنَازَعَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ الْعُرْفَ عَمّ بِأَنَّهُ بَذَاءَةُ اللِّسَانِ وَنُطْقُهُ بِمَا يُسْتَحْيَا مِنْهُ سِيَّمَا إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ خَاطَبَهَا بِبَذَاءَةٍ فَقَالَتْ يَا سَفِيهُ مُشِيرَةً لِمَا صَدَرَ مِنْهُ، وَالْأَوْجَهُ الرُّجُوعُ إلَى ذَلِكَ إنْ ادَّعَى إرَادَتَهُ وَكَانَ هُنَاكَ قَرِينَةٌ، فَإِنْ كَانَ عَامِّيًّا عُمِلَ بِدَعْوَاهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَرِينَةً (وَالْخَسِيسُ قِيلَ) أَيْ قَالَ الْعَبَّادِيُّ: هُوَ (مَنْ بَاعَ دِينَهُ بِدُنْيَاهُ) بِأَنْ تَرَكَهُ بِاشْتِغَالِهِ بِهَا قَالَ وَأَخَسُّ الْأَخِسَّاءِ مَنْ بَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ تَفَقُّهًا مِنْ نَفْسِهِ نَظَرًا لِلْعُرْفِ. (وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ) فِي مَعْنَاهُ (هُوَ مَنْ يَتَعَاطَى غَيْرَ لَائِقٍ بِهِ بُخْلًا) بِمَا يَلِيقُ بِهِ بِخِلَافِ مَنْ يَتَعَاطَاهُ تَوَاضُعًا أَوْ زُهْدًا أَوْ طَرْحًا لِلتَّكْلِيفِ وَالْحُقْرَةُ عُرْفًا ذَاتًا ضَئِيلُ الشَّكْلِ فَاحِشُ الْقِصَرِ وَوَضْعًا الْفَقِيرُ الْفَاسِقُ قَالَهُ الْعِرَاقِيُّ ثُمَّ قَالَ: وَبَلَغَنِي أَنَّ النِّسَاءَ لَا يُرِدْنَ بِهِ إلَّا قَلِيلَ النَّفَقَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فِي عُرْفِ الْحَالِفِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَالَ إلَى عَدَمِ الْحِنْثِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ مِنْ أَنَّ شَخْصًا تَشَاجَرَ مَعَ زَوْجَتِهِ فَحَلَفَ عَلَيْهَا بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهَا لَا تَذْهَبُ إلَى أَهْلِهَا إلَّا إنْ جَاءَهَا بِأَحَدِهِمْ، فَتَوَجَّهَ إلَى أَهْلِهَا وَأَتَى بِوَالِدَتِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا قَاعِدَةٌ فِي مَنْزِلِهِ فَرَآهَا فِي الطَّرِيقِ وَرَدَّهَا إلَى مَنْزِلِهِ وَهُوَ عَدَمُ الْحِنْثِ لِأَنَّهَا لَمْ تَصِلْ إلَى أَهْلِهَا، وَمِثْلُ رَدِّهَا إلَى مَنْزِلِهِ مَا لَوْ أَمَرَ وَالِدَتَهَا أَنْ تَذْهَبَ إلَى أَهْلِهَا وَذَهَبَتْ بِهَا أَوْ لَمْ يَأْمُرْهَا (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ أَجِيرًا لَهُ) وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَحْنَثُ بِمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ مُجَرَّدِ التَّوَافُقِ عَلَى كَوْنِهِ يَحْرُثُ عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْجَارٍ صَحِيحٍ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِئْجَارِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ أَجِيرًا لَهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ الْعُرْفُ الْعَامُّ الْمُطَّرِدُ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا لَوْ قَالَ لَا أُؤَجِّرُ أَوْ لَا أَبِيعُ حَيْثُ لَا يَحْنَثُ بِالْفَاسِدِ مِنْهُمَا لِأَنَّ مَدْلُولَ اللَّفْظِ ثَمَّ الْعَقْدُ الصَّحِيحِ شَرْعًا وَمَا هُنَا لَيْسَ لَهُ مَدْلُولٌ شَرْعِيٌّ فَحُمِلَ عَلَى الْمُتَعَارَفِ (قَوْلُهُ: وَاطَّرَدَ تَغْلِيبُهُ) أَيْ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا إذَا عَمِلَ أَجِيرًا عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ) مَقُولُ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ: أَيْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي تَعْرِيفِهِ إنَّهُ مِنْ إلَخْ فَلَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى فِعْلِ حَرَامٍ وَلَا عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ (قَوْلُهُ: فَاحِشُ الْقِصَرِ) أَيْ فَإِنْ عَيَّنَ أَحَدَهُمَا فِي يَمِينِهِ كَأَنْ قَالَ فُلَانٌ حُقْرَةٌ ذَاتًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَا بِنُزُولِهَا) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِإِعْرَاضِهَا فَالْحَاصِلُ أَنَّ النُّزُولَ الشَّرْعِيَّ لَا يُتَصَوَّرُ غَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّهُ بِإِعْرَاضِهَا يَسْتَحِقُّهَا هُوَ شَرْعًا لِئَلَّا يَضِيعَ الطِّفْلُ مَعَ عَدَمِ سُقُوطِ حَقِّهَا حَتَّى لَوْ عَادَتْ أَخَذَتْهُ قَهْرًا قَالَ الشِّهَابُ حَجّ عَقِبَ هَذَا مَا نَصُّهُ وَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ نُزُولًا شَرْعِيًّا فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ نَظَرًا لِلْوَضْعِ الشَّرْعِيِّ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ أَوْ يَنْظُرُ إلَى اللُّغَةِ وَالْعُرْفِ الْمُقْتَضِيَيْنِ لِتَسْمِيَةِ قَوْلِهَا نَزَلَتْ نُزُولًا لِلنَّظَرِ فِيهِ مَجَالٌ، وَكَذَا حَيْثُ تَنَافَى الْوَضْعُ الشَّرْعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِفَاسِدٍ نَحْوِ صَلَاةِ تَقْدِيمِ الشَّرْعِيِّ مُطْلَقًا، فَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي تَقْدِيمِ اللُّغَوِيِّ أَوْ الْعُرْفِيِّ إنَّمَا هُوَ فِيمَا لَيْسَ لِلشَّارِعِ فِيهِ عُرْفٌ. اهـ. وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي عَقِبَهُ مِنْ أَنَّ السَّفَهَ عَدَمُ إطْلَاقِ التَّصَرُّفِ، وَسَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ فِي الْأَيْمَانِ التَّصْرِيحُ بِتَقْدِيمِ عُرْفِ الشَّرْعِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُقَدَّمٌ مِنْ تَأْخِيرٍ فَمَحَلُّهُ بَعْدَ الْمَتْنِ عَقِبَ قَوْلِهِ: وَهُوَ إذْ الَّذِي بَعْدَ هُوَ عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَنَصُّهَا: وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ السَّفَهُ عَلَى مَا يُوجِبُ الْحَجْرَ (قَوْلُهُ: عُمِلَ بِدَعْوَاهُ) أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ إرَادَةِ

وَلَا عِبْرَةَ بِعُرْفِهِنَّ تَقْدِيمًا لِلْعُرْفِ الْعَامِّ عَلَيْهِ، وَالْبَخِيلُ مَنْ لَا يُؤَدِّي الزَّكَاةَ وَلَا يَقْرِي الضَّيْفَ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى إحْدَاهُمَا لَمْ يَكُنْ بَخِيلًا وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْعُرْفَ يَقْتَضِي الثَّانِيَ فَقَطْ، وَرُدَّ بِمَنْعِ ذَلِكَ، وَالْكَلَامُ فِي غَيْرِ عُرْفِ الشَّرْعِ أَمَّا فِيهِ فَهُوَ مَنْ يَمْنَعُ مَالًا لَزِمَهُ بَذْلُهُ، وَالْقَوَّادُ مَنْ يَجْمَعُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ جَمْعًا حَرَامًا وَإِنْ كُنَّ غَيْرَ أَهْلِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَكَذَا مَنْ يَجْمَعُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُرْدِ، وَالْقَرْطَبَانُ: مَنْ يَسْكُتُ عَنْ الزَّانِي بِامْرَأَتِهِ، وَفِي مَعْنَاهُ مَحَارِمُهُ وَنَحْوُهُنَّ. وَالدَّيُّوثُ: مَنْ لَا يَمْنَعُ الدَّاخِلَ عَلَى زَوْجَتِهِ مِنْ الدُّخُولِ وَمَحَارِمِهِ، وَإِمَاؤُهُ كَالزَّوْجَةِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَلِيلُ الْحَمِيَّةِ مَنْ لَا يَغَارُ عَلَى أَهْلِهِ وَمَحَارِمِهِ وَنَحْوِهِنَّ، وَالْقَلَّاشُ: الذَّوَّاقُ لِلطَّعَامِ كَأَنْ يَرَى أَنَّهُ يُرِيدُ الشِّرَاءَ وَلَا يَشْتَرِي، وَلَوْ قَالَ مَنْ قِيلَ لَهُ يَا زَوْجَ الْقَحْبَةِ إنْ كَانَتْ كَذَا فَهِيَ طَالِقٌ طَلُقَتْ إنْ قَصَدَ التَّخَلُّصَ مِنْ عَارِهَا كَقَصْدِهِ الْمُكَافَأَةَ وَإِلَّا اُعْتُبِرَتْ الصِّفَةُ، وَالْقَحْبَةُ هِيَ الْبَغِيُّ، وَالْجَهْوَذُورِيّ: مَنْ قَامَ بِهِ الذِّلَّةُ وَالْخَسَاسَةُ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي، وَقِيلَ مَنْ قَامَ بِهِ صُفْرَةُ الْوَجْهِ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْحِجَازِيُّ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ عَلَّقَ مُسْلِمٌ طَلَاقَهُ بِهِ لَمْ يَقَعْ لِأَنَّهُ لَا يُوصَفُ بِهَا، فَإِنْ قَصَدَ الْمُكَافَأَةَ بِهَا طَلُقَتْ حَالًا، وَالْكَوْسَجُ: مَنْ قَلَّ شَعْرُ وَجْهِهِ وَعُدِمَ شَعْرُ عَارِضِيهِ، وَالْأَحْمَقُ مَنْ يَفْعَلُ الشَّيْءَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ مَعَ عِلْمه بِقُبْحِهِ، وَالْغَوْغَاءُ: مَنْ يُخَالِطُ الْأَرَاذِلَ وَيُخَاصِمُ النَّاسَ بِلَا حَاجَةٍ، وَالسِّفْلَةُ: مَنْ يَعْتَادُ دَنِيءَ الْأَفْعَالِ إلَّا نَادِرًا. فَإِنْ وَصَفَتْ زَوْجَهَا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهَا إنْ كُنْت كَذَلِكَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِنْ قَصَدَ مُكَافَأَتَهَا طَلُقَتْ حَالًا وَإِلَّا اُعْتُبِرَ وُجُودُ الصِّفَةِ، أَوْ قَالَتْ لَهُ كَمْ تُحَرِّكُ لِحْيَتَك فَقَدْ رَأَيْت مِثْلَهَا كَثِيرًا فَقَالَ إنْ كُنْت رَأَيْت مِثْلَهَا كَثِيرًا فَأَنْت طَالِقٌ فَهَذِهِ كِنَايَةٌ عَنْ الرُّجُولِيَّةِ أَوْ الْفُتُوَّةِ أَوْ نَحْوِهَا، فَإِنْ قَصَدَ بِهَا الْمُغَايَظَةَ وَالْمُكَافَأَةَ أَوْ الرُّجُولِيَّةَ وَالْفُتُوَّةَ طَلُقَتْ أَوْ الْمُشَاكَلَةَ فِي الصُّورَةِ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا فَلَا إلَّا إنْ كَانَتْ رَأَتْ مِثْلَهَا كَثِيرًا، ـــــــــــــــــــــــــــــSأَوْ صِفَةً عَمِلَ بِهِ، وَإِنْ أَطْلَقَ حَنِثَ إنْ كَانَ حَقَّرَهُ بِأَحَدِ الْوَصْفَيْنِ لِصِدْقِ الْحُقْرَةِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا، فَلَوْ قَالَ أَرَدْت أَحَدَهُمَا وَعَيَّنَهُ فَيَنْبَغِي قَبُولُهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَلَا عِبْرَةَ بِعُرْفِهِنَّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يَقْرِي الضَّيْفَ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: وَقَرَى الضَّيْفَ يَقْرِيهِ قِرًى بِالْكَسْرِ وَقَرَاءً بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ أَحْسَنَ إلَيْهِ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلَهُ وَلَا يَقْرِي الضَّيْفَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادُهُ هُنَا بِالضَّيْفِ خُصُوصَ الْقَادِمِ مِنْ السَّفَرِ بَلْ مَنْ يَطْرَأُ عَلَيْهِ، وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِإِكْرَامِهِ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِمَنْعِ ذَلِكَ) أَيْ فَيَحْنَثُ بِأَحَدِهِمَا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَنْهَجِ حَيْثُ عَبَّرَ بِأَوْ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ بَذْلُهُ) أَيْ فَيَدْخُلُ الدَّيْنُ (قَوْلُهُ مَنْ لَا يَمْنَعُ الدَّاخِلَ عَلَى زَوْجَتِهِ) أَيْ وَلَوْ لِغَيْرِ الزِّنَا وَمِنْهُ الْخُدَّامُ، وَقَوْلُهُ مِنْ الدُّخُولِ: أَيْ عَلَى وَجْهٍ يُشْعِرُ بِعَدَمِ الْمُرُوءَةِ مِنْ الزَّوْجِ. أَمَّا مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ دُخُولِ الْخَادِمِ أَوْ نَحْوِهِ لِأَخْذِ مَصْلَحَةٍ مِنْ غَيْرِ مُخَالَطَةٍ لِلْمَرْأَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُقْتَضِيًا لِتَسْمِيَةِ الزَّوْجِ بِمَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا اُعْتُبِرَتْ الصِّفَةُ) وَهَلْ يَكْفِي فِيهَا الشُّيُوعُ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعٍ كَالزِّنَا أَوْ يَكْفِي اثْنَانِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَخِيرُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَثْبُتُ بِرَجُلَيْنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يُوصَفُ بِهَا) أَيْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لِأَنَّهُ لَا ذُلَّ مَعَ الْإِسْلَامِ، وَمُقْتَضَى تَعْوِيلِهِمْ عَلَى الْعُرْفِ أَنَّ الْمُحْتَاجَ الضَّعِيفَ إذَا تَرَكَ دِينَهُ بِدُنْيَاهُ يَكُونُ كَذَلِكَ فَيَقْتَضِي الْحِنْثُ (قَوْلُهُ: وَعَدِمَ) مِنْ بَابِ طَرِبَ اهـ مُخْتَارٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQخَاصَّةً لِهَذَا الْمَعْنَى وَإِلَّا حُمِلَ عَلَى الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ (قَوْلُهُ: أَمَّا فِيهِ فَهُوَ مَنْ يَمْنَعُ إلَخْ.) نَازَعَ الشِّهَابُ حَجّ فِي كَوْنِ هَذَا مَعْنَاهُ شَرْعًا وَأَنْكَرَ أَنَّ لَهُ مَعْنَى فِي الشَّرْعِ (قَوْلُهُ: أَوْ الرُّجُولِيَّةِ وَالْفُتُوَّةِ) أَيْ بِأَنْ قَصَدَ بِمَا قَالَهُ إظْهَارَ الشَّهَامَةِ وَالْفُتُوَّةِ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ قَصْدِ تَعْلِيقٍ وَإِنْ فَهِمَ عَنْهُ الشَّارِحُ كَشَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ أَرَادَ التَّعْلِيقَ فَرَتَّبَا عَلَيْهِ مَا سَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ وَهَذَا مَعْنَى غَيْرِ قَصْدِ الْمُغَايَظَةِ وَالْمُكَافَأَةِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ تَوَقَّفَ الْوُقُوعُ عَلَى وُجُودِ الصِّفَةِ وَهِيَ الصُّورَةُ الَّتِي ادَّعَى الشَّارِحُ كَشَيْخِ الْإِسْلَامِ دُخُولَهَا فِي عِبَارَةِ أَصْلِهِ، فَإِنْ سَلِمَ فَهِيَ مَسْأَلَةٌ أَغْفَلَهَا ابْنُ الْمُقْرِي مِنْ

كَذَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي، وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ بَدَلَ الرُّجُولِيَّةِ وَالْفُتُوَّةِ أَنَّهُ كَالْمُشَاكَلَةِ حَيْثُ قَالَ: فَإِنْ حَمَلَ اللَّفْظَ عَلَى الْمُكَافَأَةِ طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا، وَوَجْهُهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْأَوَّلُ أَنَّ رُؤْيَتَهَا مِثْلَهَا فِي الرُّجُولِيَّةِ وَالْفُتُوَّةِ وُجِدَتْ وَلَا بُدَّ، بِخِلَافِ الْمُمَاثَلَةِ فِي الشَّكْلِ وَالصُّورَةِ وَعَدَدِ الشَّعَرَاتِ فَإِنَّهَا قَدْ لَا تَكُونُ وُجِدَتْ، وَلَوْ قَالَتْ لَهُ أَنَا أَسْتَنْكِفُ مِنْك، فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ تَسْتَنْكِفُ مِنِّي فَهِيَ طَالِقٌ فَظَاهِرُهُ الْمُكَافَأَةُ فَتَطْلُقُ حَالًا إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّعْلِيقَ، وَلَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا أَنْتَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَقَالَ لَهَا إنْ كُنْت مِنْ أَهْلِهَا فَأَنْت طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ظَاهِرًا، فَإِنْ مَاتَ مُرْتَدًّا بَانَ وُقُوعُهُ، فَلَوْ كَانَ كَافِرًا طَلُقَتْ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ظَاهِرًا، فَإِنْ أَسْلَمَ بَانَ عَدَمُهُ وَإِنْ قَصَدَ فِي الصُّورَتَيْنِ الْمُكَافَأَةَ طَلُقَتْ حَالًا وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ فَعَلْت مَعْصِيَةً أَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ بِتَرْكِ الطَّاعَةِ كَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ لِأَنَّهُ تَرْكٌ وَلَيْسَ بِفِعْلٍ، وَلَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ ظَانًّا أَنَّهَا أَمَتُهُ فَقَالَ إنْ لَمْ تَكُونِي أَحْلَى مِنْ زَوْجَتِي فَهِيَ طَالِقٌ طَلُقَتْ لِوُجُودِ الصِّفَةِ لِأَنَّهَا هِيَ الْحُرَّةُ فَلَا تَكُونُ أَحْلَى مِنْ نَفْسِهَا كَمَا مَال إلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، أَوْ إنْ وَطِئْت أَمَتِي بِغَيْرِ إذْنِك فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ لَهُ طَأْهَا فِي عَيْنِهَا فَلَيْسَ بِإِذْنٍ. نَعَمْ إنْ دَلَّ الْحَالُ عَلَى الْإِذْنِ فِي الْوَطْءِ كَانَ إذْنًا وَقَوْلُهَا فِي عَيْنِهَا تَوَسُّعًا فِي الْإِذْنِ لَا تَخْصِيصًا. قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الْبَيْتَ وَوَجَدْت فِيهِ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِك وَلَمْ أُكَسِّرْهُ عَلَى رَأْسِك فَأَنْت طَالِقٌ، فَوَجَدَ فِي الْبَيْتِ هَاوُنًا طَلُقَتْ حَالًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: بَانَ وُقُوعُهُ) أَيْ مِنْ وَقْتِ التَّعْلِيقِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQعِبَارَةِ أَصْلِهِ وَزَادَ بَدَلَهَا الصُّورَةَ الْأُولَى، وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ كَلَامِ ابْنِ الْمُقْرِي وَبَيْنَ كَلَامٍ أَصْلُهُ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ كُلًّا فِي كَلَامِهِ صُورَةٌ لَيْسَتْ فِي كَلَامِ الْآخَرِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَإِلَّا فَابْنُ الْمُقْرِي لَا يَسَعُهُ الْقَوْلُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ حَالًا إذَا قَصَدَ التَّعْلِيقَ وَمَا أَجَابَ بِهِ عَنْهُ فِي الشَّرْحِ فِيهِ تَوَقُّفٌ لَا يَخْفَى، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِيِّ فَرْعٌ: لَوْ تَخَاصَمَ الزَّوْجَانِ فَقَالَ أَبُوهَا لِلزَّوْجِ كَمْ تُحَرِّكُ لِحْيَتَك فَقَدْ رَأَيْت مِثْلَهَا كَثِيرًا، فَقَالَ إنْ كُنْت رَأَيْت مِثْلَ هَذِهِ اللِّحْيَةِ كَثِيرًا فَابْنَتُك طَالِقٌ، فَهَذَا كِنَايَةٌ عَنْ الرُّجُولِيَّةِ وَالْفُتُوَّةِ وَنَحْوِهِمَا، فَإِنْ حُمِلَ اللَّفْظُ عَلَى الْمُكَافَأَةِ طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَتْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا: أَيْ بِأَنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ أَوْ أَطْلَقَ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ التَّعْلِيقِ عَلَى الرُّجُولِيَّةِ وَالْفُتُوَّةِ فَلَيْسَتْ مُرَادَةً لِلْأَصْلِ أَصْلًا وَإِنْ ادَّعَاهُ الشَّارِحُ كَشَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ ابْنَ الْمُقْرِي لَمْ يَغْفُلْ مِنْ أَصْلِهِ شَيْئًا وَإِنَّمَا زَادَ عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ بِفِعْلٍ) أَيْ فِي الْعُرْفِ وَلَا فِي اللُّغَةِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَ الْأُصُولِيِّينَ: لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ (قَوْلُهُ: فَوَجَدَ فِي الْبَيْتِ هَاوُنًا طَلُقَتْ حَالًا) أَيْ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ فِي النَّفْيِ، وَالْهَاوُنُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَضَمِّهَا وَيُقَالُ هَاوُونَ بِوَاوَيْنِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ

[كتاب الرجعة]

كِتَابُ الرَّجْعَةِ هِيَ بِفَتْحِ الرَّاءِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا عِنْدَ الْجَوْهَرِيِّ، وَالْكَسْرُ أَكْثَرُ عِنْدَ الْأَزْهَرِيِّ. لُغَةً: الْمَرَّةُ مِنْ الرُّجُوعِ، وَشَرْعًا: رَدُّ الْمَرْأَةِ إلَى النِّكَاحِ مِنْ طَلَاقٍ غَيْرِ بَائِنٍ فِي الْعِدَّةِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ. وَالْأَصْلُ فِيهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ. وَأَرْكَانُهَا: مَحَلٌّ وَصِيغَةٌ وَمُرْتَجِعٌ (شَرْطُ الْمُرْتَجِعِ أَهْلِيَّةُ النِّكَاحِ) لِأَنَّهَا كَإِنْشَائِهِ فَلَا تَصِحُّ مِنْ مُكْرَهٍ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ وَمُرْتَدٍّ لِأَنَّ مَقْصُودَهَا الْحِلُّ وَالرِّدَّةُ تُنَافِيهِ (بِنَفْسِهِ) فَلَا تَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ لِنَقْصِهِمَا، وَتَصِحُّ مِنْ سَفِيهٍ وَمُفْلِسٍ وَسَكْرَانَ وَعَبْدٍ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ وَلِيٌّ وَسَيِّدٌ تَغْلِيبًا لِكَوْنِهَا اسْتِدَامَةً وَذِكْرُ الصَّبِيِّ وَقَعَ فِي الدَّقَائِقِ، وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُ طَلَاقٍ عَلَيْهِ. وَيُجَابُ بِحَمْلِهِ عَلَى فَسْخٍ صَدَرَ عَلَيْهِ وَقُلْنَا إنَّهُ طَلَاقٌ أَوْ عَلَى مَا لَوْ حَكَمَ حَنْبَلِيٌّ بِصِحَّةِ طَلَاقِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الشَّيْءِ إمْكَانُهُ فَالِاسْتِشْكَالُ غَفْلَةٌ عَنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا صَحَّتْ رَجْعَةُ مُحْرِمٍ وَمُطَلِّقِ أَمَةٍ مَعَهُ حُرَّةٌ لِأَنَّ كُلًّا أَهْلٌ لِلنِّكَاحِ بِنَفْسِهِ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنَّمَا مَنَعَ مَانِعٌ عَرَضَ لَهُ، وَلَمْ يَصِحَّ كَمَا يَأْتِي رَجْعَةُ مُطَلِّقِ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ مُبْهِمًا، وَمِثْلُهُ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ مَا لَوْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً ثُمَّ نَسِيَهَا مَعَ أَهْلِيَّتِهِ لِلنِّكَاحِ لِوُجُودِ مَانِعٍ لِذَلِكَ هُوَ الْإِبْهَامُ، وَلَوْ شَكَّ فِي طَلَاقٍ فَرَاجَعَ احْتِيَاطًا ثُمَّ بَانَ وُقُوعُهُ أَجْزَأَتْهُ تِلْكَ الرَّجْعَةُ اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَمَا يَأْتِي ـــــــــــــــــــــــــــــSكِتَابُ الرَّجْعَةِ (قَوْلُهُ: وَالْكَسْرُ أَكْثَرُ) أَيْ فِي الِاسْتِعْمَالِ وَإِلَّا فَالْقِيَاسُ الْفَتْحُ لِأَنَّهَا اسْمٌ لِلْمَرَّةِ، وَهِيَ بِالْفَتْحِ. وَأَمَّا الَّتِي بِالْكَسْرِ فَاسْمٌ لِلْهَيْئَةِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ) أَيْ وَمِنْهُ أَنْ لَا يَسْتَوْفِيَ عَدَدَ طَلَاقِهَا وَأَنْ تَكُونَ مُعَيَّنَةً مَحَلًّا لِحِلٍّ، بِخِلَافِ الْمُبْهَمَةِ وَالْمُرْتَدَّةِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ مِنْ مُكْرَهٍ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ) أَيْ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ، وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا طَلَاقَ فِي إغْلَاقٍ» أَيْ إكْرَاهٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ: وَمُرْتَدٍّ) أَيْ وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدُ (قَوْلُهُ: وَسَكْرَانَ) أَيْ مُعْتَدٍ. وَأَمَّا غَيْرُهُ فَأَقْوَالُهُ كُلُّهَا لَاغِيَةٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ وَلِيٌّ) أَيْ فِي السَّفِيهِ، وَقَوْلُهُ وَسَيِّدٌ أَيْ فِي الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: وَقُلْنَا إنَّهُ طَلَاقٌ) عَلَى الْمَرْجُوحِ (قَوْلُهُ: بِصِحَّةِ طَلَاقِهِ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَانْظُرْ إذَا طَلَّقَ الصَّبِيُّ وَحَكَمَ الْحَنْبَلِيُّ بِصِحَّةِ طَلَاقِهِ، هَلْ لِوَلِيِّهِ الرَّجْعَةُ حَيْثُ يُزَوِّجُهُ كَمَا هُوَ قِيَاسُ الْمَجْنُونِ اهـ؟ أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ الرَّجْعَةَ قِيَاسًا عَلَى ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ وَإِنْ كَانَ بَائِنًا عِنْدَ الْحَنْبَلِيِّ، لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالصِّحَّةِ لَا يَسْتَلْزِمُ التَّعَدِّيَ إلَى مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا، فَإِنْ كَانَ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ وَبِمُوجَبِهِ، وَكَانَ مِنْ مُوجَبِهِ عِنْدَهُ امْتِنَاعُ الرَّجْعَةِ وَأَنَّ حُكْمَهُ بِالْمُوجِبِ يَتَنَاوَلُهَا احْتَاجَ فِي رَدِّهَا إلَى عَقْدٍ جَدِيدٍ. (قَوْلُهُ: إمْكَانُهُ) أَيْ فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ مُسْتَحِيلًا كَقَوْلِك هَذَا الْمَيِّتُ لَا يَتَكَلَّمُ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا مَنَعَ مَانِعٌ) وَهُوَ الْإِحْرَامُ وَوُجُودُ الْحُرَّةِ تَحْتَهُ (قَوْلُهُ: اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ) وَإِنَّمَا لَمْ يَكْتَفِ بِالْوُضُوءِ فِيمَنْ شَكَّ ثُمَّ بَانَ حَدَثُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ جَازِمًا بِالنِّيَّةِ وَالْعِبَادَاتُ يُعْتَبَرُ لِصِحَّتِهَا مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مَعَ ظَنِّ الْمُكَلَّفِ لِئَلَّا ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الرَّجْعَةِ] [أَرْكَانُ الرَّجْعَةِ] ِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ كُلًّا أَهْلٌ لِلنِّكَاحِ بِنَفْسِهِ فِي الْجُمْلَةِ) يُعَكَّرُ عَلَيْهِ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُكْرَهِ، فَلَوْ عُلِّلَ بِتَغْلِيبِ الِاسْتِدَامَةِ كَمَا

[حصول الرجعة بالصريح والكناية]

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَوْ عَتَقَتْ الرَّجْعِيَّةُ تَحْتَ عَبْدٍ كَانَ لَهُ الرَّجْعَةُ قَبْلَ اخْتِيَارِهَا. (وَلَوْ) (طَلَّقَ) الزَّوْجُ (فَجُنَّ) (فَلِلْوَلِيِّ الرَّجْعَةُ عَلَى الصَّحِيحِ حَيْثُ لَهُ ابْتِدَاءُ النِّكَاحِ) بِأَنْ احْتَاجَهُ كَمَا مَرَّ لِأَنَّ الْأَصَحَّ صِحَّةُ التَّوْكِيلِ فِي الرَّجْعَةِ وَاعْتُرِضَتْ حِكَايَتُهُ لِلْخِلَافِ بِأَنَّ هَذَا بَحْثٌ لَلرَّافِعِيِّ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ مَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ. (وَتَحْصُلُ) الرَّجْعَةُ بِالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ وَلَوْ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهَا، فَمِنْ الصَّرِيحِ أَنْ يَأْتِيَ (بِرَاجَعْتُكِ وَرَجَعْتُك وَارْتَجَعْتُك) أَيْ بِوَاحِدٍ مِنْهَا لِشُيُوعِهَا وَوُرُودِهَا وَكَذَا مَا اُشْتُقَّ مِنْهَا كَأَنْتِ مُرَاجَعَةٌ أَوْ مُرْتَجَعَةٌ كَمَا فِي التَّتِمَّةِ، وَلَا تُشْتَرَطُ إضَافَتُهَا إلَيْهِ بِنَحْوِ إلَيَّ أَوْ إلَى نِكَاحِي لَكِنَّهُ مَنْدُوبٌ بَلْ إلَيْهَا كَفُلَانَةَ أَوْ لِضَمِيرِهَا كَمَا ذَكَرَهُ أَوْ بِالْإِشَارَةِ كَهَذِهِ فَمُجَرَّدُ رَاجَعْتُ لَغْوٌ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ الرَّدَّ وَالْإِمْسَاكَ) وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُمَا (صَرِيحَانِ) لِوُرُودِهِمَا فِي الْقُرْآنِ، وَالْأَوَّلُ فِي السُّنَّةِ أَيْضًا، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ أَشْهَرَ مِنْ الْإِمْسَاكِ، بَلْ صَوَّبَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ كِنَايَةٌ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ (وَأَنَّ التَّزْوِيجَ وَالنِّكَاحَ كِنَايَتَانِ) لِعَدَمِ شُهْرَتِهِمَا فِي الرَّجْعَةِ سَوَاءٌ أَتَى بِأَحَدِهِمَا وَحْدَهُ كَتَزَوَّجْتُكِ أَوْ مَعَ قَبُولٍ بِصُورَةِ الْعَقْدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ (وَلِيَقُلْ رَدَدْتُهَا إلَيَّ أَوْ إلَى نِكَاحِي) حَتَّى يَكُونَ صَرِيحًا لِأَنَّ الرَّدَّ وَحْدَهُ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ إلَى الْفَهْمِ ضِدُّ الْقَبُولِ، فَقَدْ يُفْهَمُ مِنْهُ الرَّدُّ إلَى أَهْلِهَا بِسَبَبِ الْفِرَاقِ، فَاشْتُرِطَ ذَلِكَ فِي صَرَاحَتِهِ خِلَافًا لِجَمْعٍ لِيَنْتَفِيَ ذَلِكَ الِاحْتِمَالُ، وَبِهِ فَارَقَ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ رَجَعْتَك مَثَلًا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ أَنَّ الْإِمْسَاكَ كَذَلِكَ، لَكِنْ جَزَمَ الْبَغَوِيّ كَمَا نَقَلَاهُ بَعْدُ عَنْهُ وَأَقَرَّاهُ بِنَدْبِ ذَلِكَ فِيهِ. (وَالْجَدِيدُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ) لِصِحَّةِ الرَّجْعَةِ (الْإِشْهَادُ) عَلَيْهَا بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهَا فِي حُكْمِ الِاسْتِدَامَةِ، وَمِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَكُونَ مُتَرَدِّدًا فِي النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: كَانَ لَهُ الرَّجْعَةُ) أَيْ وَلَا يَسْقُطُ خِيَارُهَا بِتَأْخِيرِ الْفَسْخِ لِعُذْرِهَا فِي أَنَّهَا إنَّمَا أُخِّرَتْ رَجَاءَ الْبَيْنُونَةَ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ اخْتِيَارِهَا) أَيْ الْفَسْخَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصَحَّ صِحَّةُ التَّوْكِيلِ فِي الرَّجْعَةِ) أَيْ وَالْخِلَافُ فِي صِحَّتِهَا مِنْ الْوَلِيِّ مَبْنِيٌّ عَلَى صِحَّةِ التَّوْكِيلِ فِيهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ، وَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يُصَرِّحَ بِهِ أَيْضًا [حُصُولُ الرَّجْعَةُ بِالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ] (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهَا) تَقَدَّمَ لَهُ فِي الطَّلَاقِ أَنَّ تَرْجَمَةَ الْفِرَاقِ وَالسَّرَاحِ كِنَايَةٌ لِبُعْدِهِمَا عَنْ الِاسْتِعْمَالِ، وَقَضِيَّةُ مَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ قَوْلِهِ وَتَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ وَلَوْ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ إلَخْ أَنَّ تَرْجَمَةَ الرَّدِّ وَالْإِمْسَاكِ مِنْ الصَّرِيحِ، فَانْظُرْ هَلْ يُشْكِلُ جَعْلُ ذَلِكَ مِنْ الصَّرِيحِ هُنَا عَلَى مَا قَدَّمَهُ فِي الطَّلَاقِ مِنْ أَنَّ تَرْجَمَةَ الْفِرَاقِ وَالسَّرَاحِ مِنْ الْكِنَايَاتِ لِبُعْدِهِمَا عَنْ الِاسْتِعْمَالِ (قَوْلُهُ: وَلَا تُشْتَرَطُ إضَافَتُهَا إلَيْهِ) أَيْ فِي رَاجَعْتُك إلَخْ وَفِيمَا اُشْتُقَّ مِنْهَا (قَوْلُهُ: بَلْ إلَيْهَا) أَيْ بَلْ تُشْتَرَطُ الْإِضَافَةُ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: فَمُجَرَّدُ رَاجَعْت لَغْوٌ) يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ وَقَعَ جَوَابًا لِقَوْلِ شَخْصٍ لَهُ رَاجَعْت امْرَأَتَك الْتِمَاسًا كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي طَلَّقْت جَوَابًا لِمُلْتَمِسِ الطَّلَاقِ مِنْهُ، وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ سم عَلَى حَجّ مَا يُصَرِّحُ بِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ صَوَّبَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْإِمْسَاكَ كَذَلِكَ) أَيْ مِثْلَ رَدَّدْتهَا (قَوْلُهُ: لَكِنْ جَزَمَ الْبَغَوِيّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: بِنَدْبِ ذَلِكَ) أَيْ قَوْلِهِ إلَيَّ، وَقَوْلُهُ فِيهِ أَيْ فِي الْإِمْسَاكِ. (قَوْلُهُ: لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الرَّجْعَةِ الْإِشْهَادُ) ع قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فَفِي الْكِنَايَةِ يُشْهِدُ عَلَى اللَّفْظِ وَيَبْقَى النِّزَاعُ فِي النِّيَّةِ كَمَا تَقُولُ يُشْهِدُ عَلَى النِّكَاحِ وَلَا تُشْتَرَطُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْمَرْأَةِ مَعَ أَنَّهَا عِمَادُ النِّكَاحِ وَقَوْلُهُ وَيَبْقَى النِّزَاعُ هَلْ الْمُصَدَّقُ الزَّوْجُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: الْقِيَاسُ ذَلِكَ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهَا وَلَوْ بَعْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي شَرْحِ الرَّوْضِ لَكَانَ وَاضِحًا (قَوْلُهُ: بِالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ إلَخْ.) هَذَا الصَّنِيعُ لَا يَنْسَجِمُ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فَتَصِحُّ بِكِنَايَةٍ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُمَا) صَرِيحُ هَذَا الْعَطْفِ أَنَّ الْمَتْنَ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ كَوْنِ الْمَصْدَرَيْنِ مِنْ الصَّرِيحِ وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَعِبَارَتُهُ مَعَ الْمَتْنِ صَرِيحٌ وَهُوَ رَدَدْتُك إلَيَّ وَرَجَعْتُك وَارْتَجَعْتُك وَرَاجَعْتُك وَأَمْسَكْتُك إلَى، أَنْ قَالَ: وَفِي مَعْنَاهَا سَائِرُ مَا اُشْتُقَّ مِنْ مَصَادِرِهَا كَأَنْتِ مُرَاجَعَةٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بَلْ صَوَّبَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ) أَيْ الْإِمْسَاكَ (قَوْلُهُ: لِيَنْتَفِيَ ذَلِكَ) مُتَعَلِّقٌ بِاشْتُرِطَ

[حكم تعليق الرجعة]

ثَمَّ لَمْ يَحْتَجْ لِوَلِيٍّ وَلَا لِرِضَاهَا بَلْ يُنْدَبُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} [البقرة: 234] أَيْ قَارَبْنَ بُلُوغَهُ {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] وَصَرَفَهُ عَنْ الْوُجُوبِ إجْمَاعُهُمْ عَلَى عَدَمِهِ عِنْدَ الطَّلَاقِ فَكَذَا الْإِمْسَاكُ، وَالْقَدِيمُ الِاشْتِرَاطُ لَا لِكَوْنِهَا بِمَنْزِلَةِ ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ بَلْ لِظَاهِرِ الْآيَةِ. وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِحَمْلِ ذَلِكَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282] لِلْأَمْنِ مِنْ الْجُحُودِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ الْإِشْهَادُ عَلَى النِّكَاحِ لِإِثْبَاتِ الْفِرَاشِ وَهُوَ ثَابِتٌ هُنَا، فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ اُسْتُحِبَّ الْإِشْهَادُ عِنْدَ إقْرَارِهَا بِالرَّجْعَةِ خَوْفَ جُحُودِهَا، فَإِنَّ إقْرَارَهَا بِهَا فِي الْعِدَّةِ مَقْبُولٌ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْإِنْشَاءِ (فَتَصِحُّ بِكِنَايَةٍ) مَعَ النِّيَّةِ كَاخْتَرْتُ رَجْعَتَكِ لِأَنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِهَا كَالطَّلَاقِ، وَزَعَمَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْمَذْهَبَ عَدَمُ صِحَّتِهَا بِهَا مُطْلَقًا. (وَلَا تُقْبَلُ تَعْلِيقًا) كَرَاجَعْتُكِ إنْ شِئْت وَلَوْ بِفَتْحِ أَنْ مِنْ غَيْرِ نَحْوِيٍّ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا اسْتِدَامَةٌ كَاخْتِيَارِ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةِ وَلَا تَوْقِيتًا كَرَاجَعْتُكِ شَهْرًا، وَاسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِهِ عَدَمُ صِحَّةِ رَجْعَةٍ مُبْهَمَةٍ كَمَا لَوْ طَلَّقَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ ثُمَّ قَالَ رَاجَعْت الْمُطَلَّقَةَ لِأَنَّ مَا لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ لَا يَقْبَلُ الْإِبْهَامَ. (وَلَا تَحْصُلُ بِفِعْلٍ كَوَطْءٍ) وَمُقَدِّمَاتِهِ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ رَجْعَتَهَا، إذْ ابْتِدَاءُ النِّكَاحِ لَا يَحْصُلُ بِالْفِعْلِ وَلَا تَحْصُلُ أَيْضًا بِإِنْكَارِ الزَّوْجِ طَلَاقَهَا، وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ إشَارَةُ الْأَخْرَسِ الْمُفْهِمَةُ وَالْكِتَابَةُ فَإِنَّهَا تَحْصُلُ بِهِمَا مَعَ كَوْنِهِمَا فِعْلًا لِأَنَّهُمَا مُلْحَقَانِ بِالْقَوْلِ فِي كَوْنِهِمَا كِنَايَتَيْنِ أَوْ الْأُولَى صَرِيحَةٌ، وَتَحْصُلُ بِوَطْءٍ أَوْ تَمَتُّعِ كَافِرٍ اعْتَقَدُوهُ رَجْعَةً ـــــــــــــــــــــــــــــSانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ: بَلْ يُنْدَبُ) أَيْ الْإِشْهَادُ (قَوْلُهُ: إجْمَاعُهُمْ عَلَى عَدَمِهِ) أَيْ وُجُوبِ الْإِشْهَادِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ صِحَّتِهَا بِهَا) أَيْ الْكِنَايَةِ، وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا: أَيْ نَوَى أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَلَا تَوْقِيتًا) شَمِلَ مَا لَوْ قَالَ رَاجَعْتُك بَقِيَّةَ عُمْرِك فَلَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ وَقَدْ يُقَالُ بِصِحَّتِهَا لِأَنَّ قَوْلَهُ ذَلِكَ أَنَّهُ رَاجَعَهَا بَقِيَّةَ حَيَاتِهَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ رَاجَعْت الْمُطَلَّقَةَ) قَدْ يَخْرُجُ هَذَا التَّصْوِيرُ مَا لَوْ رَاجَعَ إحْدَاهُمَا بِعَيْنِهَا أَوْ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِعَيْنِهَا ثُمَّ عَيَّنَهَا فِي صُورَةِ الْإِبْهَامِ أَوْ تَذَّكَّرَهَا فِي صُورَةِ النِّسْيَانِ فَتَجْزِيءُ الرَّجْعَةُ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ شَكَّ إلَخْ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: وَتَحْصُلُ بِوَطْءٍ) هُوَ كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَيْ فَلَوْ وَطِئَ الْحَنَفِيُّ الرَّجْعِيَّةَ ثُمَّ عَمِلَ شَافِعِيًّا فَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ الرَّجْعَةُ أَوْ التَّجْدِيدُ، وَكَذَا لَوْ قَلَّدَ الشَّافِعِيُّ الْحَنَفِيَّ فِي نِكَاحِ زَوْجَتِهِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ تَقْلِيدِهِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ تَجْدِيدُ النِّكَاحِ عَلَى قَاعِدَةِ مَذْهَبِهِ أَوْ لَا قِيَاسًا عَلَى الْعِبَادَةِ الَّتِي فَعَلَهَا قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْعِبَادَةَ انْقَضَتْ عَلَى الصِّحَّةِ وَلَمْ يَبْقَ أَثَرُهَا فِي الْخَارِجِ وَالزَّوْجَةُ مَوْجُودَةٌ، وَالْأَثَرُ وَهُوَ الْوَطْءُ بَاقٍ لِأَنَّهُ مُسْتَنِدٌ لِلْعَقْدِ الْمُتَقَدِّمِ وَقَدْ رَجَعَ عَنْهُ، فَإِنْ قُلْت: الْقِيَاسُ عَدَمُ التَّجْدِيدِ قِيَاسًا غَيْرِ الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ قُلْت: يُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِالتَّسَامُحِ فِي أَنْكِحَةِ الْكُفَّارِ مَا لَمْ يُتَسَامَحْ فِي أَنْكِحَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَيْضًا أَنْكِحَةُ الْكُفَّارِ مَحْكُومٌ بِصِحَّتِهَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ حَرَّرَهُ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ إنْ رَجَعَ عَنْ تَقْلِيدِ الْحَنَفِيِّ مَثَلًا إلَى غَيْرِهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّجْدِيدُ وَلَا الرَّجْعَةُ إلَّا إنْ رَجَعَ فِي خُصُوصِ هَذِهِ الْجُزْئِيَّةِ بِأَنْ صَرَّحَ بِالرُّجُوعِ فِيهَا أَوْ نَوَاهُ بِقَلْبِهِ. أَمَّا لَوْ لَمْ يُصَرِّحْ بِمَا ذَكَرَ بِأَنْ قَلَّدَ نَحْوَ الشَّافِعِيِّ فِي الْعِبَادَاتِ وَغَيْرِهَا وَلَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِ هَذِهِ الْجُزْئِيَّةُ فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ بِالْعَقْدِ الْمُتَقَدِّمِ لِوُقُوعِهِ صَحِيحًا فِي مُعْتَقَدِهِ، لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ الْعُمُومِ بُطْلَانُ الْخُصُوصِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي مَا نَقَلَهُ حَجّ فِي فَتَاوِيهِ الصُّغْرَى مِمَّا نَصُّهُ: السَّابِعَةُ أَنْ يَعْمَلَ بِتَقْلِيدِهِ الْأَوَّلِ وَيَسْتَمِرَّ عَلَى آثَارِهِ ثُمَّ تُرِيدَ غَيْرَ إمَامِهِ مَعَ بَقَاءِ تِلْكَ الْآثَارِ كَحَنَفِيٍّ أَخَذَ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ عَمَلًا بِمَذْهَبِهِ ثُمَّ تَسْتَحِقَّ عَلَيْهِ فَيُرِيدَ الْعَمَلَ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فَلَا يَجُوزُ لِتَحَقُّقِ خَطَئِهِ اهـ لِحَمْلِهِ عَلَى مَا قُلْنَاهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: عِنْدَ إقْرَارِهَا بِالرَّجْعَةِ خَوْفَ جُحُودِهَا فَإِنَّ إقْرَارَهَا) كَذَا فِي النُّسَخِ بِتَأْنِيثِ الضَّمَائِرِ الثَّلَاثَةِ، وَصَوَابُهُ بِتَذْكِيرِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ فَتَصِحُّ بِكِنَايَةٍ) تَفْرِيعٌ عَلَى مَا عُلِمَ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْإِشْهَادِ [حُكْم تَعْلِيق الرَّجْعَة] (قَوْلُهُ: وَاسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِهِ) أَيْ بِوَاسِطَةِ الْقَاعِدَةِ الْآتِيَةِ

وَتَرَافَعُوا إلَيْنَا أَوْ أَسْلَمُوا فَنُقِرُّهُمْ عَلَيْهِ كَمَا نُقِرُّهُمْ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ بَلْ أَوْلَى. (وَتَخْتَصُّ الرَّجْعَةُ بِمَوْطُوءَةٍ) وَلَوْ فِي الدُّبُرِ وَمِثْلُهَا مُسْتَدْخِلَةُ مَائِهِ الْمُحْتَرَمِ عَلَى الْأَصَحِّ إذْ لَا عِدَّةَ عَلَى غَيْرِهَا، وَالرَّجْعَةُ شَرْطُهَا الْعِدَّةُ (طَلُقَتْ) بِخِلَافِ الْمَفْسُوخِ نِكَاحُهَا لِأَنَّهَا إنَّمَا أُنِيطَتْ فِي الْقُرْآنِ بِالطَّلَاقِ، وَلِأَنَّ الْفَسْخَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَلَا يَلِيقُ بِهِ ثُبُوتُ الرَّجْعَةِ، وَالطَّلَاقُ الْمُقَرُّ بِهِ أَوْ الثَّابِتُ بِالْبَيِّنَةِ يُحْمَلُ عَلَى الرَّجْعِيِّ مَا لَمْ يُعْلَمْ خِلَافُهُ (بِلَا عِوَضٍ) بِخِلَافِ الْمُطَلَّقَةِ بِعِوَضٍ لِأَنَّهَا مَلَكَتْ نَفْسَهَا بِمَا بَذَلَتْهُ (لَمْ يَسْتَوْفِ عَدَدَ طَلَاقِهَا) فَإِنْ اسْتَوْفَى لَمْ تَحِلَّ إلَّا بِمُحَلِّلٍ (بَاقِيَةً فِي الْعِدَّةِ) فَتَمْتَنِعُ بَعْدَهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232] فَلَوْ ثَبَتَتْ الرَّجْعَةُ بَعْدَ الْعِدَّةِ لَمَا أُبِيحَ النِّكَاحُ، وَالْمُرَادُ عِدَّةُ الطَّلَاقِ فَلَوْ وَطِئَهَا فِيهَا لَمْ يُرَاجِعْ إلَّا فِيمَا بَقِيَ مِنْهَا كَمَا يَذْكُرُهُ وَيَلْحَقُ بِهَا مَا قَبْلَهَا: فَلَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ فَحَمَلَتْ ثُمَّ طَلَّقَهَا حَلَّتْ لَهُ الرَّجْعَةُ فِي عِدَّةِ الْحَمْلِ السَّابِقَةِ عَلَى عِدَّةِ الطَّلَاقِ كَمَا رَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَسَيَأْتِي حُكْمُ مَا إذَا عَاشَرَهَا فِي عِدَّةِ طَلَاقِهَا الرَّجْعِيِّ. وَأَنَّهُ لَا رَجْعَةَ لَهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا الْأَصْلِيَّةِ وَإِنْ لَحِقَهَا الطَّلَاقُ (مَحَلٌّ لِحِلٍّ) أَيْ قَابِلَةٌ لَأَنْ تَحِلَّ لِلْمُرَاجِعِ، وَهَذَا لِكَوْنِهِ أَعَمَّ يُغْنِي عَنْ لَمْ يَسْتَوْفِ عَدَدَ طَلَاقِهَا فَذِكْرُهُ إيضَاحٌ (لَا) مُطَلَّقَةٌ أَسْلَمَتْ فَرَاجَعَهَا فِي كُفْرِهِ وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدُ وَلَا (مُرْتَدَّةٌ) أَسْلَمَتْ بَعْدُ لِأَنَّ مَقْصُودَ الرَّجْعَةُ الْحِلُّ وَالرِّدَّةُ تُنَافِيهِ وَصَحَّتْ رَجْعَةُ الْمُحْرِمَةِ لِإِفَادَتِهَا نَوْعًا مِنْ الْحِلِّ كَالنَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ. (وَإِذَا) (ادَّعَتْ انْقِضَاءَ عِدَّةِ أَشْهُرٍ) لِكَوْنِهَا آيِسَةً أَوْ لَمْ تَحِضْ أَصْلًا (وَأَنْكَرَ) (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِرُجُوعِ اخْتِلَافِهِمَا إلَى وَقْتِ الطَّلَاقِ وَهُوَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي أَصْلِهِ فَكَذَا فِي وَقْتِهِ إذْ مَنْ قُبِلَ فِي شَيْءٍ قُبِلَ فِي صِفَتِهِ وَإِنَّمَا صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا فِي الْعَكْسِ كَطَلَّقْتُكِ فِي رَمَضَانَ فَقَالَتْ بَلْ فِي شَوَّالٍ لِتَغْلِيظِهَا عَلَى نَفْسِهَا بِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا، نَعَمْ تُقْبَلُ هِيَ بِالنِّسْبَةِ لِبَقَاءِ النَّفَقَةِ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الشَّامِلِ وَالْكَافِي وَحَكَاهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ نَصِّ الْإِمْلَاءِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSأَوَّلًا مِنْ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ مَذْهَبِهِ فِي خُصُوصِ مَا قَلَّدَهُ فِيهِ وَأَرَادَ أَنْ يَسْتَمِرَّ عَلَى الْعَمَلِ بِالْآثَارِ، أَمَّا لَوْ رَجَعَ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ مُلَاحَظَةِ خُصُوصِ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ لَمْ يَمْتَنِعْ الْعَمَلُ بِهَا لَأَنْ لَوْ قُلْنَا إنَّهُ لَمْ يَلْزَمْ رُجُوعُهُ عَنْ مَذْهَبِهِ إلَى غَيْرِهِ اعْتِقَادَ خَطَئِهِ فِي جَمِيعِ الْجُزْئِيَّاتِ لَزِمَ بُطْلَانُ التَّقْلِيدِ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ أَرَادَ التَّقْلِيدَ فِيهَا مِنْ مَذْهَبٍ مُخَالِفٍ لِمَنْ أَرَادَ تَقْلِيدَهُ. وَقَوْلُهُ كَحَنَفِيٍّ أَخَذَ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ عَمَلًا بِمَذْهَبِهِ ثُمَّ تَسْتَحِقَّ عَلَيْهِ إلَخْ صُورَتُهَا أَنْ يَأْخُذَ دَارًا بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ ثُمَّ يَشْتَرِيَ دَارًا أُخْرَى فَيُرِيدُ جَارُهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ فَيَمْتَنِعُ مِنْ تَمْكِينِهِ تَقْلِيدًا لِلشَّافِعِيِّ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى الدَّارِ الْأُولَى. (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي الدُّبْرِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَزُلْ بَكَارَتُهَا بِأَنْ كَانَتْ غَوْرَاءَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا يَنْقُصُ عَنْ الْوَطْءِ فِي الدُّبْرِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: طَلُقَتْ) أَيْ وَلَوْ بِتَطْلِيقِ الْقَاضِي عَلَى الْمَوْلَى وَيَكْفِي فِي تَخْلِيصِهَا مِنْهُ أَصْلُ الطَّلَاقِ فَلَا يُقَالُ مَا فَائِدَةُ طَلَاقِ الْقَاضِي حَيْثُ جَازَتْ الرَّجْعَةُ مِنْ الْمَوْلَى (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْفَسْخَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ) قَدْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ طَلَاقَ الْقَاضِي عَلَى الْمَوْلَى شُرِعَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ مِنْ الرَّجْعَةِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ أَصْلَ الطَّلَاقِ لَيْسَ مَشْرُوعًا لِذَلِكَ فَلَا يَضُرُّ أَنَّ بَعْضَ جُزْئِيَّاتِهِ شُرِعَ لَهُ بِخِلَافِ الْفَسْخِ (قَوْلُهُ: بِلَا عِوَضٍ) أَيْ وَإِنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً تَمْلِكِينَ بِهَا نَفْسَك (قَوْلُهُ: فَتَمْتَنِعُ بَعْدَهَا) أَيْ وَكَذَا مَعَهَا ثُمَّ رَأَيْته فِي حَجّ (قَوْلُهُ: {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ} [البقرة: 232] أَيْ تَمْنَعُوهُنَّ (قَوْلُهُ: وَيُلْحَقُ بِهَا) أَيْ بِعِدَّةِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ فِي عِدَّةِ الْحَمْلِ السَّابِقَةِ) أَيْ وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ التَّمَتُّعُ بِهَا مَا دَامَتْ حَامِلًا، فَلَوْ لَمْ يُرَاجِعْ حَتَّى وَضَعَتْ وَرَاجَعَ صَحَّتْ الرَّجْعَةُ أَيْضًا لِوُقُوعِهَا فِي عِدَّتِهِ. (قَوْلُهُ إذْ مَنْ قُبِلَ فِي شَيْءٍ) أَيْ إذْ مَنْ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي شَيْءٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ تُقْبَلُ إلَخْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِمَا بَذَلَتْهُ) الْأُولَى بِمَا أَخَذَهُ لِيَشْمَلَ خُلْعَ الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ: فِي عِدَّةِ الْحَمْلِ السَّابِقَةِ إلَخْ.) لَوْ قَالَ الْمَتْنُ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا لَشَمِلَ هَذِهِ الصُّورَةَ (قَوْلُهُ: نَعَمْ تَقْبَلُ هِيَ إلَخْ.) هَذَا اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا فُهِمَ مِنْ التَّعْلِيلِ بِالتَّغْلِيظِ مِنْ أَنَّهَا لَا تَقْبَلُ إلَّا

وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الطَّلَاقِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي يَدَّعِيهِ وَدَوَامُ اسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ، وَيُقْبَلُ هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِنَحْوِ حِلِّ أُخْتِهَا، وَلَوْ مَاتَ فَقَالَتْ انْقَضَتْ فِي حَيَاتِهِ لَزِمَهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ وَلَا تَرِثُهُ، وَقَيَّدَهُ الْقَفَّالُ بِالرَّجْعِيِّ، وَأَخَذَ مِنْهُ الْأَذْرَعِيُّ قَبُولَهَا فِي الْبَائِنِ، وَلَوْ مَاتَتْ فَقَالَ وَارِثُهَا انْقَضَتْ وَأَنْكَرَ الْمُطَلِّقُ لِيَرِثَهَا اتَّجَهَ تَصْدِيقُ الْمُطَلِّقِ فِي الْأَشْهُرِ، وَالْوَارِثِ فِيمَا عَدَاهَا كَمَا فِي الْحَيَاةِ، وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِتَصْدِيقِهِ وَالْقَوْلِ بِعَدَمِهِ (أَوْ وَضْعِ حَمْلٍ لِمُدَّةِ إمْكَانٍ وَهِيَ مِمَّنْ تَحِيضُ لَا آيِسَةٌ) وَصَغِيرَةٌ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَحَذَفَهَا لِعَدَمِ تَأَتِّي اخْتِلَافٍ مَعَهَا (فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُهَا بِيَمِينٍ) مِنْهَا بِالنِّسْبَةِ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ دُونَ نَحْوِ نَسَبٍ وَاسْتِيلَادٍ لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ عَلَى مَا فِي رَحِمِهَا، وَلِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَدْ تَتَعَسَّرُ أَوْ تَتَعَذَّرُ عَلَى الْوِلَادَةِ، وَالثَّانِي لَا، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّهَا مُدَّعِيَةٌ، وَالْغَالِبُ أَنَّ الْقَوَابِلَ قَدْ يَشْهَدْنَ بِالْوِلَادَةِ، وَلَا بُدَّ مِنْ انْفِصَالِ جَمِيعِ الْحَمْلِ حَتَّى لَوْ خَرَجَ بَعْضُهُ فَرَاجَعَهَا صَحَّتْ الرَّجْعَةُ، وَلَوْ وَلَدَتْ ثُمَّ رَاجَعَهَا ثُمَّ وَلَدَتْ آخَرَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ صَحَّتْ وَإِلَّا فَلَا، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فَسَيَأْتِي، وَأَمَّا الْآيِسَةُ وَالصَّغِيرَةُ فَإِنَّهُمَا لَا يَحْبَلَانِ، وَكَذَا مِنْ لَمْ تَحِضْ، وَلَا يُنَافِيهِ إمْكَانُ حَبَلِهَا لِأَنَّهُ نَادِرٌ. (وَلَوْ) (ادَّعَتْ وِلَادَةَ وَلَدٍ تَامٍّ) فِي الصُّورَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ (فَإِمْكَانُهُ) أَيْ أَقَلُّهُ (سِتَّةُ ـــــــــــــــــــــــــــــSاسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ وَإِنَّمَا صُدِّقَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ) أَيْ بَدَلُ قَوْلِهِ لِتَغْلِيظِهَا عَلَى نَفْسِهَا (قَوْلُهُ: وَيُقْبَلُ) هُوَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ نَعَمْ تُقْبَلُ هِيَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَقَالَتْ) أَيْ الرَّجْعِيَّةُ (قَوْلُهُ وقَيَّدَهُ الْقَفَّالُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ مِنْهُ) لَعَلَّ هَذَا الْأَخْذَ مُتَعَيِّنٌ لِأَنَّا وَإِنْ تَحَقَّقْنَا بَقَاءَ الْعِدَّةِ فِي الْبَائِنِ لَا تَنْتَقِلُ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَاتَتْ) أَيْ الرَّجْعِيَّةُ (قَوْلُهُ: وَالْوَارِثُ) أَيْ حَيْثُ ادَّعَاهُ فِي زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فِيمَا عَدَاهَا) أَيْ مِنْ الْحَمْلِ وَالْأَقْرَاءِ (قَوْلُهُ: بِتَصْدِيقِهِ) أَيْ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ: وَصَغِيرَةٌ) أَيْ لَمْ تَبْلُغْ زَمَنًا يُمْكِنُ فِيهِ الْحَمْلُ، أَمَّا مَنْ بَلَغَتْ وَلَمْ تَحِضْ فَهِيَ كَالصَّغِيرَةِ وَلَيْسَتْ صَغِيرَةً كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَحَذَفَهَا) أَيْ الصَّغِيرَةَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ عَلَى مَا فِي رَحِمِهَا) تَعْلِيلٌ لِتَصْدِيقِهَا بِالنِّسْبَةِ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَلَمْ يُعَلِّلْ عَدَمَ قَبُولِ قَوْلِهَا فِي النَّسَبِ وَالِاسْتِيلَادِ مَعَ أَنَّ الْعِلَّةَ جَارِيَةٌ فِيهِمَا فَكَانَ الْقِيَاسُ الْقَبُولَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَ النَّسَبُ وَالْوِلَادَةُ مُتَعَلِّقَيْنِ بِالْغَيْرِ وَأَمْكَنَتْ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوِلَادَةِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا فِيهِمَا، بِخِلَافِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لِتَعَلُّقِهَا بِهَا فَصُدِّقَتْ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ انْفِصَالِ جَمِيعِ الْحَمْلِ) هَلْ يَكْفِي فِي صِحَّةِ الرَّجْعَةِ بَقَاءُ الشَّعْرِ وَحْدَهُ، أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ كَوْنِهِ بَقِيَ مُعَلَّقًا بِهِ فَتَصِحُّ الرَّجْعَةُ وَكَوْنِهِ انْفَصَلَ عَنْهُ فَلَا تَصِحُّ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ صُدِّقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَنْفَصِلْ بِتَمَامِهِ لِشَغْلِ الرَّحِمِ بِشَيْءٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ لِمُدَّةِ إمْكَانٍ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُمَا لَا يَحْبَلَانِ) أَيْ فَلَا يُصَدَّقَانِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ فِي الْأَمَةِ مَا لَمْ تُضِفْهُ إلَى وَقْتٍ يَتَأَتَّى حَمْلُهَا فِيهِ كَأَنْ ادَّعَتْ أَنَّهَا حَامِلٌ قَبْلَ سِنِّ الْيَأْسِ بِزَمَنٍ يُمْكِنُ إضَافَةُ الْحَمْلِ الَّذِي ادَّعَتْ وَضْعَهُ فِيهِ. (قَوْلُهُ: فِي الصُّورَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ) صَرَّحَ بِهِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنْ يُرَادَ بِالتَّامِّ تَامَّ الْخِلْقَةِ، وَأَنَّهُ لَوْ نَقَصَ بَعْضُ أَعْضَائِهِ كَانَ حُكْمُهُ مُخَالِفًا ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيمَا فِيهِ تَغْلِيظٌ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ مِنْهُ الْأَذْرَعِيُّ قَبُولَهَا فِي الْبَائِنِ) وَجْهُ الْأَخْذِ أَنَّ قَوْلَهُمْ لَزِمَهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ هُوَ فَرْعُ عَدَمِ قَبُولِهَا فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَقَدْ قَيَّدَهُ الْقَفَّالُ بِالرَّجْعِيَّةِ فَاقْتَضَى الْقَبُولَ فِي الْبَائِنِ، وَلَعَلَّ الصُّورَةَ أَنَّهَا ادَّعَتْ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُفَصِّلَ أَنَّهَا بِالْأَقْرَاءِ أَوْ بِالْأَشْهُرِ أَوْ بِالْحَمْلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ، أَمَّا إذَا عَيَّنَتْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، فَيَجْرِي فِيهِ حُكْمُهُ الْمُقَرَّرُ فِي كَلَامِهِمْ وَيُحْتَمَلُ قَبُولُهَا مُطْلَقًا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ انْفِصَالِ جَمِيعِ الْحَمْلِ) إلَى آخِرِ السِّوَادَةِ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا نَحْنُ فِيهِ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِيمَا تُصَدَّقُ فِيهِ وَمَا لَا تُصَدَّقُ فِيهِ لَا فِيمَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ (قَوْلُهُ: فَسَيَأْتِي) أَيْ فِي الْمَتْنِ الْآتِي عَلَى الْأَثَرِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْآيِسَةُ وَالصَّغِيرَةُ إلَخْ.) كَانَ الْأَخْصَرُ مِنْ هَذَا وَالْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ عَقِبَ الْمَتْنِ لَا آيِسَةٌ وَقَوْلُهُ: وَعَقِبَهُ وَصَغِيرَةٌ مَا نَصُّهُ: إذْ لَا تَحْبَلَانِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فِي الصُّورَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ) مُتَعَلِّقٌ بِالتَّامِّ:

أَشْهُرٍ) عَدَدِيَّةٍ لَا هِلَالِيَّةٍ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ (وَلَحْظَتَانِ) وَاحِدَةٌ لِلْوَطْءِ أَوْ نَحْوِهِ وَوَاحِدَةٌ لِلْوَضْعِ وَكَذَا فِي كُلِّ مَا يَأْتِي (مِنْ وَقْتِ) إمْكَانِ اجْتِمَاعِ الزَّوْجَيْنِ بَعْدَ (النِّكَاحِ) لِأَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ بِالْإِمْكَانِ وَكَانَ أَقَلُّهُ ذَلِكَ كَمَا اسْتَنْبَطَهُ الْعُلَمَاءُ اتِّبَاعًا لِعَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15] مَعَ قَوْلِهِ {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [لقمان: 14] (أَوْ) وِلَادَةَ (سَقْطٍ مُصَوَّرٍ فَمِائَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا) عَبَّرُوا بِهَا دُونَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ هُنَا بِالْعَدَدِ لَا الْأَهِلَّةِ (وَلَحْظَتَانِ) مِمَّا ذَكَرَ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَةً، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ الْمَلَكَ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ» قُدِّمَ عَلَى خَبَرِ مُسْلِمٍ الَّذِي فِيهِ «إذَا مَرَّ بِالنُّطْفَةِ ثِنْتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَةً بَعَثَ اللَّهُ إلَيْهَا مَلَكًا فَصَوَّرَهَا» لِأَنَّهُ أَصَحُّ، وَجَمَعَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ بِأَنَّ جَمْعَهُ فِي الْأَرْبَعِينَ الثَّانِيَةِ لِلتَّصْوِيرِ وَبَعْدَ الْأَرْبَعِينَ الثَّالِثَةِ لِنَفْخِ الرُّوحِ فَقَطْ. قِيلَ وَهُوَ حَسَنٌ لَكِنْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ عَدَمُ الدَّلَالَةِ فِي الْخَبَرِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ ابْتِدَاءَ التَّصْوِيرِ مِنْ أَوَائِلِ الْأَرْبَعِينَ الثَّانِيَةِ ثُمَّ يَسْتَمِرُّ ظُهُورُهُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ إلَى تَمَامِ الثَّالِثَةِ فَيُرْسَلُ الْمَلَكُ لِتَمَامِهِ، وَلِلنَّفْخِ أَوْ الْأَمْرُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ، وَأَخَذُوا بِالْأَكْثَرِ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ، وَحِينَئِذٍ فَالدَّلَالَةُ فِي الْخَبَرِ بَاقِيَةٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ هَذَيْنِ الْجَوَابَيْنِ وَقَدْ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْوَلَدَ يَتَصَوَّرُ فِي ثَمَانِينَ، وَحُمِلَ عَلَى مَبَادِئِ التَّصْوِيرِ، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ لِأَنَّ الثَّمَانِينَ مَبَادِئُ ظُهُورِهِ وَتَشَكُّلِهِ، وَالْأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ تَمَامُ كَمَالِهِ، وَابْتِدَاءُ الْأَرْبَعِينَ الثَّانِيَةِ مَبَادِئُ تَخْطِيطِهِ الْخَفِيِّ (أَوْ) وِلَادَةَ (مُضْغَةٍ بِلَا صُورَةٍ) ظَاهِرَةٍ (فَثَمَانُونَ يَوْمًا وَلَحْظَتَانِ) مِمَّا ذَكَرَ لِلْخَبَرِ الْأَوَّلِ، وَتُشْتَرَطُ هُنَا شَهَادَةُ الْقَوَابِلِ أَنَّهَا أَصْلُ آدَمِيٍّ وَإِلَّا لَمْ تَنْقَضِ بِهَا. . (أَوْ) ادَّعَتْ (انْقِضَاءَ أَقْرَاءٍ فَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً وَطَلُقَتْ فِي طُهْرٍ فَأَقَلُّ الْإِمْكَانِ) (اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَلَحْظَتَانِ) بِأَنْ تَطْلُقَ قُبَيْلَ آخِرِ طُهْرِهَا فَهَذَا قُرْءٌ، ثُمَّ تَحِيضَ الْأَقَلَّ ثُمَّ تَطْهُرَ الْأَقَلَّ فَهَذَا قُرْءٌ ثَانٍ، ثُمَّ تَحِيضُ وَتَطْهُرُ كَذَلِكَ فَهَذَا ثَالِثٌ، ثُمَّ تَطْعُنُ فِي الْحَيْضِ لِتَيَقُّنِ الِانْقِضَاءِ فَلَيْسَتْ هَذِهِ اللَّحْظَةُ مِنْ الْعِدَّةِ فَلَا تَصِحُّ فِيهَا الرَّجْعَةُ وَكَذَا فِي كُلِّ مَا يَأْتِي، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمُبْتَدَأَةِ أَمَّا هِيَ إذَا طَلُقَتْ ثُمَّ ابْتَدَأَهَا الدَّمُ فَلَا تُحْسَبُ لِأَنَّ الْقُرْءَ الطُّهْرُ الْمُحْتَوِشُ بِدَمَيْنِ فَأَقَلُّ الْإِمْكَانِ فِي حَقِّهَا ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ لِأَنَّهُ يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ قَدْرُ أَقَلِّ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ الْأَوَّلَيْنِ وَتَسْقُطُ اللَّحْظَةُ الْأُولَى. (أَوْ) طَلُقَتْ (فِي حَيْضٍ) أَوْ فِي نِفَاسٍ (فَسَبْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ) بِأَنْ تَطْلُقَ آخِرَ حَيْضِهَا أَوْ نِفَاسِهَا ثُمَّ تَطْهُرَ وَتَحِيضَ أَقَلَّهُمَا ثُمَّ تَطْهُرَ وَتَحِيضَ كَذَلِكَ ثُمَّ تَطْهُرَ الْأَقَلَّ ثُمَّ تَطْعُنَ فِي الْحَيْضِ كَمَا مَرَّ، وَلَا تَحْتَاجُ هُنَا لِلَّحْظَةِ الْأُولَى لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْعِدَّةِ. (أَوْ) كَانَتْ (أَمَةً) أَيْ فِيهَا رِقٌّ وَإِنْ قَلَّ (وَطَلُقَتْ فِي طُهْرٍ) وَهِيَ مُعْتَادَةٌ (فَسِتَّةَ) أَيْ فَأَقَلُّ إمْكَانِ انْقِضَاءِ أَقْرَائِهَا سِتَّةَ (عَشَرَ يَوْمًا وَلَحْظَتَانِ) بِأَنْ تَطْلُقَ قُبَيْلَ آخِرِ طُهْرِهَا فَهَذَا قُرْءٌ ثُمَّ تَحِيضَ وَتَطْهُرَ أَقَلَّهُ فَهَذَا ثَانٍ ثُمَّ تَطْعُنَ كَمَا مَرَّ فِي غَيْرِ مُبْتَدَأَةٍ أَمَّا مُبْتَدَأَةٌ فَأَقَلُّهُ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا ثُمَّ لَحْظَةٌ لِمَا مَرَّ (أَوْ) طَلُقَتْ (فِي حَيْضٍ) أَوْ نِفَاسٍ (فَأَحَدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSلِمَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِهِ) كَاسْتِدْخَالِ الْمَنِيِّ (قَوْلُهُ شَهَادَةُ الْقَوَابِلِ) أَيْ أَرْبَعٌ مِنْهُنَّ عَلَى مَا يُفْهَمُ إطْلَاقُهُ كَابْنِ حَجَرٍ، لَكِنَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ فِي الْعَدَدِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَنْقَضِي بِمُضْغَةٍ فِيهَا صُورَةُ آدَمِيٍّ إلَخْ: فَإِذَا اكْتَفَى بِالْإِخْبَارِ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَاطِنِ فَيَكْتَفِي بِقَابِلَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لِمَنْ غَابَ زَوْجُهَا فَأَخْبَرَهَا عَدْلٌ بِمَوْتِهِ أَنْ تَتَزَوَّجَ بَاطِنًا اهـ. وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا هُنَا مِنْ اشْتِرَاطِ الْأَرْبَعِ عَلَى الظَّاهِرِ كَمَا لَوْ وَقَعَ ذَلِكَ عِنْدَ حَاكِمٍ دُونَ الْبَاطِنِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَطْعُنُ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَةِ الصَّحَاحِ (قَوْلُهُ: وَتَسْقُطُ اللَّحْظَةُ) أَيْ لِجَوَازِ أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ مَعَ آخِرِ الطُّهْرِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَطْلُقَ آخِرَ حَيْضِهَا) أَيْ بِفَرْضِ أَنَّهَا طَلُقَتْ آخِرَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَطْلُقَ) فِيهِ مَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ: أَوْ طَلُقَتْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ أَنَّ الْمُرَادَ تَمَامُهُ فِي الصُّورَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ وَإِنْ كَانَ نَاقِصَ الْأَعْضَاءِ (قَوْلُهُ: إمْكَانِ اجْتِمَاعِ الزَّوْجَيْنِ) أَيْ احْتِمَالُهُ بِالْفِعْلِ عَادَةً خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ) أَيْ عَنْ ابْنِ الْأُسْتَاذِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْعِدَّةِ) أَيْ وَكَذَلِكَ اللَّحْظَةُ الْأَخِيرَةُ

[لو وطئ الزوج رجعيته]

وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ) بِأَنْ تَطْلُقَ آخِرَ حَيْضِهَا أَوْ نِفَاسِهَا ثُمَّ تَطْهُرَ وَتَحِيضَ الْأَقَلَّ، ثُمَّ تَطْهُرَ الْأَقَلَّ، ثُمَّ تَطْعُنَ فِي الْحَيْضِ، فَلَوْ لَمْ تَعْلَمْ هَلْ طَلُقَتْ فِي طُهْرٍ أَوْ حَيْضٍ حُمِلَ عَلَى الْحَيْضِ كَمَا صَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ لِأَنَّهُ الْأَحْوَطُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْعِدَّةِ. (وَتُصَدَّقُ) الْمَرْأَةُ حُرَّةً أَوْ أَمَةً فِي حَيْضِهَا إنْ أَمْكَنَ وَفِي عَدَمِهِ لِتَجِبَ نَفَقَتُهَا وَسُكْنَاهَا وَإِنْ تَمَادَتْ لِسِنِّ الْيَأْسِ (إنْ لَمْ تُخَالِفْ) فِيمَا ادَّعَتْهُ (عَادَةً) لَهَا (دَائِرَةً) وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَكَذَا إنْ خَالَفَتْهَا) (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْعَادَةَ قَدْ تَتَغَيَّرُ وَتَحْلِفُ إنْ كَذَّبَهَا، فَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفَ وَرَاجَعَهَا، وَأَطَالَ جَمْعٌ فِي الِانْتِصَارِ لِمُقَابِلِ الْأَصَحِّ نَقْلًا وَتَوْجِيهًا، وَنَقْلًا عَنْ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّاهُ أَنَّهَا لَوْ قَالَتْ انْقَضَتْ عِدَّتِي وَجَبَ سُؤَالُهَا عَنْ كَيْفِيَّةِ طُهْرِهَا وَحَيْضِهَا وَتَحْلِيفُهَا عِنْدَ التُّهْمَةِ لِكَثْرَةِ دَمِ الْفَسَادِ، وَلَوْ ادَّعَتْ لِدُونِ الْإِمْكَانِ رُدَّتْ ثُمَّ تُصَدَّقُ عِنْدَ الْإِمْكَانِ وَإِنْ اسْتَمَرَّتْ دَعْوَاهَا الْأُولَى. (وَلَوْ) (وَطِئَ) الزَّوْجُ (رَجْعِيَّتَهُ) بِهَاءِ الضَّمِيرِ بِخَطِّهِ بِشُبْهَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَلَمْ تَكُنْ حَامِلًا (وَاسْتَأْنَفَتْ الْأَقْرَاءَ) أَوْ غَيْرَهَا بِأَنْ حَمَلَتْ مِنْ وَطْئِهِ وَآثَرَ الْأَقْرَاءَ لِغَلَبَتِهَا وَلِأَنَّهُ سَيَذْكُرُ حُكْمَ الْحَمْلِ فِي الْعَدَدِ (مِنْ وَقْتِ) الْفَرَاغِ مِنْ (الْوَطْءِ) كَمَا هُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهَا (رَاجَعَ فِيمَا كَانَ بَقِيَ) فَإِنْ وَطِئَ بَعْدَ قُرْءٍ أَوْ شَهْرٍ فَلَهُ الرَّجْعَةُ فِي قُرْأَيْنِ أَوْ شَهْرَيْنِ دُونَ مَا زَادَ، وَلَوْ حَمَلَتْ مِنْ وَطْئِهِ دَخَلَ فِيهِ مَا بَقِيَ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ وَانْقَضَتْ بِالْوَضْعِ عِدَّتُهَا وَلَهُ الرَّجْعَةُ إلَيْهِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ فِي الْعِدَّةِ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ، عَلَى أَنَّهُ لَا اسْتِئْنَافَ هُنَا فَهِيَ خَارِجَةٌ بِقَوْلِهِ وَاسْتَأْنَفَتْ، أَمَّا وَطْءُ الْحَامِلِ مِنْهُ فَلَا اسْتِئْنَافَ عَلَيْهَا، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِفَرَاغِهِ مِنْ الْوَطْءِ هُنَا تَمَامُ النَّزْعِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي مُقَارَنَةِ ابْتِدَاءِ النَّزْعِ طُلُوعَ الْفَجْرِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ بِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى مَظِنَّةِ الْعُلُوقِ، وَمَا دَامَ مِنْ الْحَشَفَةِ شَيْءٌ فِي الْفَرْجِ الْمَظِنَّةُ بَاقِيَةٌ فَاشْتُرِطَ تَمَامُ نَزْعِهَا، وَثَمَّ عَلَى مَا يُسَمَّى جِمَاعًا وَحَالَةُ النَّزْعِ لَا تُسَمَّاهُ. (وَيَحْرُمُ) (الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا) أَيْ الرَّجْعِيَّةِ وَلَوْ بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ لِأَنَّ النِّكَاحَ يُبِيحُهُ فَيُحَرِّمُهُ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ ضِدُّهُ، وَتَسْمِيَتُهُ بَعْلًا فِي الْآيَةِ لَا يَسْتَلْزِمُهُ لِأَنَّ نَحْوَ الْمُظَاهِرِ وَزَوْجِ الْحَائِضِ وَالْمُعْتَدَّةِ عَنْ شُبْهَةٍ بَعْلٌ وَلَا تَحِلُّ لَهُ. (فَإِنْ وَطِئَ فَلَا حَدَّ) وَإِنْ اعْتَقَدَ حُرْمَتَهُ خُرُوجًا مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الْأَمَةُ، وَقَوْلُهُ بِأَنْ تَطْلُقَ آخِرَ حَيْضِهَا فِيهِ مَا قَدَّمْنَاهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: حُمِلَ عَلَى الْحَيْضِ) أَيْ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً وَإِنْ أَوْهَمَ سِيَاقُهُ اخْتِصَاصَهُ بِالْأَمَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَمَادَتْ) أَيْ امْتَدَّتْ (قَوْلُهُ رُدَّتْ) أَيْ الدَّعْوَى أَيْ وَلَا تُعَزَّرُ لِاحْتِمَالِ شُبْهَةٍ لَهَا فِيمَا ادَّعَتْهُ. (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهَا) وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ مَعَ الْعِلْمِ حَرَامٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَطِئَ بَعْدَ قُرْءٍ) أَيْ فِي ذَاتِ الْأَقْرَاءِ (قَوْلُهُ: أَوْ شَهْرٍ) أَيْ فِي ذَاتِ الشُّهُورِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ الرَّجْعَةُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْوَطْءِ (قَوْلُهُ لَا يَسْتَلْزِمُهُ) أَيْ حِلُّ الِاسْتِمْتَاعِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَطِئَ فَلَا حَدَّ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَطْءُ صَغِيرَةً لَا كَبِيرَةً، وَقَوْلُهُ وَلَا يُعَزَّرُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمَهُ (قَوْلُهُ: وَنَقَلَا عَنْ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّاهُ أَنَّهَا لَوْ قَالَتْ انْقَضَتْ عِدَّتِي إلَخْ.) عِبَارَةُ الْمَاوَرْدِيِّ فِي حَاوِيهِ: إذَا ادَّعَتْ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا بِالْأَقْرَاءِ، وَذَكَرَتْ عَادَتَهَا حَيْضًا وَطُهْرًا سُئِلَتْ هَلْ طَلُقَتْ حَائِضًا أَوْ طَاهِرًا، فَإِنْ ذَكَرَتْ أَحَدَهُمَا سُئِلَتْ هَلْ وَقَعَ فِي أَوَّلِهِ أَمْ آخِرِهِ، فَإِنْ ذَكَرَتْ شَيْئًا عُمِلَ بِهِ وَيَظْهَرُ مَا يُوجِبُهُ حِسَابُ الْعَارِفِينَ فِي ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ عَلَى مَا ذَكَرَتْهُ مِنْ حَيْضٍ وَطُهْرٍ وَأَوَّلِ كُلٍّ مِنْهَا وَآخِرِهِ، فَإِنْ وَافَقَ مَا ذَكَرَتْهُ مِنْ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ مَا أَوْجَبَهُ الْحِسَابُ مِنْ عَادَتَيْ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ صُدِّقَتْ بِلَا يَمِينٍ، إلَّا إنْ كَذَّبَهَا الزَّوْجُ فِي قَدْرِ عَادَتِهَا فِي الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ، فَيَذْكُرُ أَكْثَرَ مِمَّا ذَكَرَتْهُ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا فَلَهُ إحْلَافُهَا لِجَوَازِ كَذِبِهَا، وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْ مَا ذَكَرَتْهُ مِنْ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ مَا أَوْجَبَهُ حِسَابُ الْعَارِفِينَ لَمْ تُصَدَّقْ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ انْتَهَتْ [لَوْ وَطِئَ الزَّوْجُ رَجْعِيَّتَهُ] (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَكُنْ حَامِلًا) هَلَّا أَخَّرَ هَذَا عَنْ كَلَامِ الْمَتْنِ بِأَنْ يَقُولَ وَاسْتَأْنَفَتْ الْأَقْرَاءَ أَوْ غَيْرَهَا إلَخْ. بِأَنْ لَمْ تَكُنْ حَامِلًا لِأَنَّهُ تَصْوِيرٌ لَهُ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ: بِأَنْ حَمَلَتْ مِنْ وَطْئِهِ إلَخْ.) الصَّوَابُ حَذْفُهُ وَإِبْدَالُهُ بِالْأَشْهُرِ كَمَا صَنَعَ حَجّ لِمَا سَيَذْكُرُهُ قَرِيبًا مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ حَمَلَتْ مِنْ وَطْئِهِ إلَخْ.

[حكم الاستمتاع بالرجعية]

خِلَافِ الْقَائِلِ بِإِبَاحَتِهِ وَحُصُولِ الرَّجْعَةِ بِهِ (وَلَا يُعَزَّرُ) عَلَى الْوَطْءِ وَغَيْرِهِ مِنْ مُقَدِّمَاتِهِ (إلَّا مُعْتَقِدٌ تَحْرِيمَهُ) بِخِلَافِ مُعْتَقِدٍ حِلَّهُ وَجَاهِلٍ تَحْرِيمَهُ لِإِقْدَامِهِ عَلَى مَا يَرَاهُ مَعْصِيَةً، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ: لَا يُنْكَرُ إلَّا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ سَهْوٌ، بَلْ يُنْكَرُ أَيْضًا مَا اعْتَقَدَ الْفَاعِلُ تَحْرِيمَهُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ. نَعَمْ قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثِيَّةٍ أُخْرَى وَهُوَ تَصْرِيحُهُمْ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الْحَاكِمِ لَا الْخَصْمِ، فَحِينَئِذٍ لَا يُعَزَّرُ الشَّافِعِيُّ فِيهِ وَإِنْ اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ لِأَنَّ الْحَنَفِيَّ يَعْتَقِدُ حِلَّهُ وَالشَّافِعِيُّ يُعَزِّرُ الْحَنَفِيَّ إذَا رُفِعَ لَهُ وَإِنْ اعْتَقَدَ حِلَّهُ عَمَلًا بِالْقَاعِدَةِ فَكَيْفَ مَعَ ذَلِكَ يَصِحُّ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلْيُقَيَّدْ بِمَا لَوْ رُفِعَ لِمُعْتَقِدٍ تَحْرِيمَهُ أَيْضًا (وَيَجِبُ) لَهَا بِوَطْئِهِ (مَهْرُ مِثْلٍ إنْ لَمْ يُرَاجِعْ) لِلشُّبْهَةِ وَلَا يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الْوَطْءِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ قُبَيْلَ التَّشْطِيرِ لِاتِّحَادِ الشُّبْهَةِ (وَكَذَا) يَجِبُ لَهَا (إنْ رَاجَعَ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّ الرَّجْعَةَ لَا تَرْفَعُ أَثَرَ الطَّلَاقِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي لَا يَجِبُ فِي قَوْلٍ مُخَرَّجٍ مِنْ نَصِّهِ فِيمَا لَوْ ارْتَدَّتْ بَعْدَ الدُّخُولِ فَوَطِئَهَا الزَّوْجُ ثُمَّ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ مَهْرٌ، وَخُرِّجَ قَوْلٌ فِي وُجُوبِهِ مِنْ النَّصِّ فِي وَطْءِ الرَّجْعِيَّةِ وَالرَّاجِحُ تَقْرِيرُ النَّصَّيْنِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْإِسْلَامَ يَرْفَعُ أَثَرَ التَّخَلُّفِ. لَا يُقَالُ: الرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ فَإِيجَابُ مَهْرٍ ثَانٍ يَسْتَلْزِمُ إيجَابَ عَقْدِ النِّكَاحِ لِمَهْرَيْنِ وَأَنَّهُ مُحَالٌ. لِأَنَّا نَقُولُ: لَيْسَتْ زَوْجَةً مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِتَزَلْزُلِ الْعَقْدِ بِالطَّلَاقِ فَكَانَ مُوجِبُهُ الشُّبْهَةَ لَا الْعَقْدَ. (وَيَصِحُّ إيلَاءٌ وَظِهَارٌ وَطَلَاقٌ) وَلَوْ بِمَالٍ، فَلَوْ قَالَ وَلَهُ مُطَلَّقَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَغَيْرُ مُطَلَّقَةٍ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ طَلُقَتْ الرَّجْعِيَّةُ. وَكَذَا لَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ فِي عِصْمَتِي أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِهِمْ أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ فِي لُحُوقِ الطَّلَاقِ لَهَا (وَلِعَانٌ وَيَتَوَارَثَانِ) أَيْ الزَّوْجُ وَالرَّجْعِيَّةُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَغَيْرِهِ) أَيْ كَالْفِطْرِ، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى الْغَيْرِ بَعْدَ نَفْيِ التَّعْزِيرِ فِي الْوَطْءِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنْ يُقَالَ لَمْ يُعَزَّرْ عَلَى الْوَطْءِ لِأَنَّهُ قِيلَ إنَّهُ رَجْعَةٌ بِخِلَافِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مُعْتَقِدٍ حِلَّهُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ رُفِعَ لِمُعْتَقِدٍ تَحْرِيمَهُ وَيُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ الْعِبْرَةُ بِعَقِيدَةِ الْحَاكِمِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَتْ الْعُقُوبَاتُ تُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ جُعِلَ اعْتِقَادُ حِلِّهِ شُبْهَةً مَانِعَةً مِنْ التَّعْزِيرِ ثُمَّ رَأَيْتُ قَوْلَهُ الْآتِيَ فَحِينَئِذٍ الْحَنَفِيُّ لَا يُعَزِّرُ الشَّافِعِيَّ إلَخْ، لَكِنَّ قَوْلَهُ فَلْيُقَيِّدْ بِمَا لَوْ رُفِعَ لِمُعْتَقِدٍ تَحْرِيمَهُ أَيْضًا يُفِيدُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْوَاطِئِ وَالْحَاكِمِ يَعْتَقِدُ التَّحْرِيمَ فَلَا يُفِيدُ مَقْصُودَهُ مِنْ أَنَّ الْحَنَفِيَّ يُعَزِّرُهُ الشَّافِعِيُّ لِأَنَّ الْحَنَفِيَّ لَا يَعْتَقِدُ حُرْمَتَهُ، وَمِنْ ثَمَّ أَطَالَ سم عَلَى حَجّ فِي مَنْعِ كَوْنِ الشَّافِعِيِّ يُعَزِّرُ الْحَنَفِيَّ بِمَا يَنْبَغِي الْوُقُوفُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: فَالْوَجْهُ الْأَخْذُ بِمَا أَفَادَتْهُ عِبَارَتُهُمْ هُنَا مِنْ أَنَّ مُعْتَقِدَ الْحِلِّ كَالْحَنَفِيِّ لَا يُعَزَّرُ فَلْيُحَرَّرْ اهـ. وَنَقَلَ عَنْ التَّعَقُّبَاتِ لِابْنِ الْعِمَادِ التَّصْرِيحَ بِمَا قَالَهُ سم، وَفَرَّقَ بَيْنَ حَدِّ الْحَنَفِيِّ إذَا شَرِبَ النَّبِيذَ وَبَيْنَ عَدَمِ تَعْزِيرِهِ عَلَى وَطْءِ الْمُطَلَّقَةِ رَجْعِيًّا بِأَنَّ الْوَطْءَ عِنْدَهُ رَجْعَةٌ فَلَا يُعَزَّرُ عَلَيْهِ كَمَا أَنَّهُ إذَا نَكَحَ بِلَا وَلِيٍّ وَرُفِعَ لِلشَّافِعِيِّ لَا يَحُدُّهُ وَلَا يُعَزِّرُهُ (قَوْلُهُ: وَجَاهِلٍ) أَيْ وَفَاعِلٍ جَاهِلٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ تَصْرِيحُهُمْ) لَمْ يَقُلْ وَهِيَ مُرَاعَاةٌ لِلْخَبَرِ وَهُوَ قَوْلُهُ تَصْرِيحُهُمْ وَكَذَا كُلُّ مَوْضِعٍ وَقَعَ فِيهِ الضَّمِيرُ بَيْنَ مُؤَنَّثٍ وَمُذَكَّرٍ الْأَوْلَى فِيهِ مُرَاعَاةُ الْخَبَرِ (قَوْلُهُ: فَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ قُلْنَا بِالْقَاعِدَةِ (قَوْلُهُ: الْحَنَفِيُّ لَا يُعَزَّرُ) هَذَا فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ، وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ تَعْزِيرُ مَنْ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ مِنْ أَتْبَاعِ أَبِي حَنِيفَةَ أَوْ مَالِكٍ، وَتَعْزِيرُ حَنَفِيٍّ صَلَّى بِوُضُوءٍ لَا نِيَّةَ فِيهِ أَوْ وَقَدْ مَسَّ فَرْجَهُ، وَمَالِكِيٌّ تَوَضَّأَ بِمَاءٍ قَلِيلٍ وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ لَمْ تُغَيِّرْهُ أَوْ بِمُسْتَعْمَلٍ؛ أَوْ تَرَكَ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ لَا سَبِيلَ إلَيْهِ وَمَا أَظُنُّ أَحَدًا يَقُولُهُ. وَأَمَّا الْقَاعِدَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا فَعَلَى تَسْلِيمِ أَنَّ الْأَصْحَابَ صَرَّحُوا بِهَا فَيَتَعَيَّنُ فَرْضُهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَأَمْثَالِهِ، وَبِالْجُمْلَةِ فَالْوَجْهُ الْأَخْذُ بِمَا أَفَادَتْهُ عِبَارَتُهُمْ هُنَا مِنْ أَنَّ مُعْتَقِدَ الْحِلِّ كَالْحَنَفِيِّ لَا يُعَزَّرُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَلْيُقَيَّدْ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: طَلُقَتْ الرَّجْعِيَّةُ) أَيْ كَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ لَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ فِي عِصْمَتِي إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهَا إنْ فَعَلَتْ كَذَا لَا يُبْقِيهَا لَهُ عَلَى عِصْمَتِهِ لَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [حُكْمُ الِاسْتِمْتَاعِ بِالرَّجْعِيَّةِ] قَوْلُهُ: وَالشَّافِعِيُّ يُعَزِّرُ الْحَنَفِيَّ إذَا رُفِعَ لَهُ) هَذَا مُشْكِلٌ مَعَ قَوْلِهِمْ لَا يُعَزِّرُ إلَّا مُعْتَقِدَ التَّحْرِيمِ

كَمَا قَدَّمَهُ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ كَمَا مَرَّ عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ حُكْمُ الظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ إلَّا بَعْدَ الرَّجْعَةِ. (وَإِذَا) (ادَّعَى وَالْعِدَّةُ مُنْقَضِيَةٌ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ (رَجْعَةً فِيهَا فَأَنْكَرَتْ) (فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الِانْقِضَاءِ كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ وَقَالَ رَاجَعْتُكِ يَوْمَ الْخَمِيسِ) مَثَلًا (فَقَالَتْ بَلْ السَّبْتِ) مَثَلًا (صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا) أَنَّهَا لَا تَعْلَمُ أَنَّهُ رَاجَعَهَا فِيهِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى وَقْتِ الِانْقِضَاءِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الرَّجْعَةِ قَبْلَهُ (أَوْ) اتَّفَقَا (عَلَى وَقْتِ الرَّجْعَةِ كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ وَقَالَتْ انْقَضَتْ الْخَمِيسَ وَقَالَ بَلْ) انْقَضَتْ (السَّبْتَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) أَنَّهَا مَا انْقَضَتْ يَوْمَ الْخَمِيسِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى وَقْتِ الرَّجْعَةِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ قَبْلَهُ (وَإِنْ تَنَازَعَا فِي السَّبْقِ بِلَا اتِّفَاقٍ) عَلَى أَحَدِ ذَيْنِك (فَالْأَصَحُّ تَرْجِيحُ سَبْقِ الدَّعْوَى) لِاسْتِقْرَارِ الْحُكْمِ بِقَبُولِ السَّابِقِ (فَإِنْ) (ادَّعَتْ الِانْقِضَاءَ) أَوَّلًا (ثُمَّ ادَّعَى رَجْعَةً قَبْلَهُ) (صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا) أَنَّ عِدَّتَهَا انْقَضَتْ قَبْلَ الرَّجْعَةِ لِأَنَّهَا لَمَّا سَبَقَتْ بِادِّعَائِهِ وَجَبَ تَصْدِيقُهَا لِقَبُولِ قَوْلِهَا فِيهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ فَوَقَعَ قَوْلُهُ لَغْوًا (أَوْ ادَّعَاهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَقَالَتْ) بَلْ رَاجَعْتَنِي (بَعْدَهُ) أَيْ انْقِضَائِهَا (صُدِّقَ) أَنَّهُ رَاجَعَهَا قَبْلَ انْقِضَائِهَا لِأَنَّهُ لَمَّا سَبَقَ بِادِّعَائِهَا وَجَبَ تَصْدِيقُهُ لِأَنَّهُ يَمْلِكُهَا فَصَحَّتْ ظَاهِرًا فَوَقَعَ قَوْلُهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَغْوًا، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ عُلِمَ التَّرْتِيبُ دُونَ السَّابِقِ مِنْهُمَا فَيَحْلِفُ هُوَ أَيْضًا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْعِدَّةِ. وَالثَّانِي قَوْلُ الزَّوْجِ اسْتِبْقَاءً لِلنِّكَاحِ. وَالثَّالِثُ قَوْلُهَا لِأَنَّهُ لَا يُطَلَّعُ عَلَيْهِ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا. وَالرَّابِعُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا فَيُقَدَّمُ قَوْلُ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ، ثُمَّ مَا ذَكَرَ مِنْ إطْلَاقِ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ فِيمَا إذَا سَبَقَ هُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ ذَكَرَ فِي الْكَبِيرِ عَنْ الْقَفَّالِ وَالْبَغَوِيِّ وَالْمُتَوَلِّي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ تَرَاخِي كَلَامِهَا عَنْهُ فَإِنْ اتَّصَلَ بِهِ فَهِيَ الْمُصَدَّقَةُ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ قَوْلِيَّةٌ فَقَوْلُهُ رَاجَعْتُك كَإِنْشَائِهَا حَالًا وَانْقِضَاءُ الْعِدَّةِ لَيْسَ بِقَوْلِيٍّ فَقَوْلُهَا انْقَضَتْ عِدَّتِي إخْبَارٌ عَمَّا تَقَدَّمَ فَكَأَنَّ قَوْلَهُ رَاجَعْتُك صَادَفَ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ فَلَا يَصِحُّ، وَهَلْ الْمُرَادُ سَبْقُ الدَّعْوَى عِنْدَ حَاكِمٍ أَوْ لَا؟ قَالَ ابْنُ عُجَيْلٍ: نَعَمْ. وَقَالَ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ: يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يُرِيدُونَهُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ الظَّاهِرُ: وَتَبِعَهُمْ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ وَغَيْرُهُ، هَذَا. ـــــــــــــــــــــــــــــSيُخَلِّصْهُ الطَّلَاقُ الرَّجْعِيُّ لِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ بِهِ مِنْ عِصْمَتِهِ فَلْيُرَاجَعْ. وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ حَمْلًا لِلْعِصْمَةِ عَلَى الْعِصْمَةِ الْكَامِلَةِ، وَقَدْ اخْتَلَّتْ بِالطَّلَاقِ الْمَذْكُورِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ عَلَى عِصْمَتِي عَلَى ذِمَّتِي فَلْيُرَاجَعْ، وَفِي حَجّ هُنَا مَا يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَا لَمْ يَقُلْ أَرَدْتُ الْعِصْمَةَ الْحَقِيقِيَّةَ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَحَدِ ذَيْنِك) أَيْ وَقْتَ الِانْقِضَاءِ وَوَقَعَتْ الرَّجْعَةُ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ) أَيْ فِي تَصْدِيقِهِ (قَوْلُهُ مَا لَوْ عُلِمَ التَّرْتِيبُ) أَيْ بَيْنَ الْمُدَّعِيَيْنِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَنَّهُمْ لَا يُرِيدُونَهُ) أَيْ الْحَاكِمَ وَقَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ حَاكِمٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِنَصِّ الْقُرْآنِ) عِبَارَةُ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ: وَالْغَرَضُ مِنْ جَمْعِهِمْ الْخَمْسَ هُنَا الْإِشَارَةُ إلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ فِي خَمْسِ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى: أَيْ آيَاتِ الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ الْمَذْكُورَةِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: فَيَحْلِفُ هُوَ أَيْضًا) قَدْ يَتَوَقَّفُ فِي تَصْوِيرِ حَلِفِهِ مَعَ عَدَمِ عِلْمِهِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَإِنْ اعْتَرَفَا بِتَرَتُّبِهِمَا وَأَشْكَلَ السَّابِقُ قُضِيَ لَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْعِدَّةِ وَوِلَايَةُ الرَّجْعَةِ انْتَهَتْ، وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ: وَلَوْ قَالَا نَعْلَمُ تَرَتُّبَ الْأَمْرَيْنِ وَلَا نَعْلَمُ السَّابِقَ فَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْعِدَّةِ وَوِلَايَةُ الرَّجْعَةِ انْتَهَتْ. وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُمَا لَوْ قَالَا لَا نَعْلَمُ سَبْقًا وَلَا مَعِيَّةً فَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْعِدَّةِ وَوِلَايَةُ الرَّجْعَةِ. وَفِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ: مَا لَوْ عَلِمَ التَّرْتِيبَ: أَيْ بَيْنَ الْمُدَّعِيَيْنِ. اهـ. وَلَعَلَّهُ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ وَإِلَّا فَهُوَ لَا يُوَافِقُ مَا مَرَّ عَنْ الرَّوْضِ وَالْعُبَابِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي قَوْلُ الزَّوْجِ) هُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ: أَيْ تَرْجِيحُ قَوْلِ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ يَظْهَرُ إلَخْ.) أَشَارَ وَالِدُ الشَّارِحِ فِي حَوَاشِي

كُلُّهُ إنْ لَمْ تَنْكِحْ، وَإِلَّا فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِالرَّجْعَةِ قَبْلَ الِانْقِضَاءِ فَهِيَ زَوْجَتُهُ، وَإِنْ وَطِئَهَا الثَّانِي وَلَهَا عَلَيْهِ بِوَطْئِهِ مَهْرُ مِثْلٍ وَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا فَلَهُ تَحْلِيفُهَا وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ إقْرَارَهَا لَهُ عَلَى الثَّانِي، وَلَهُ الدَّعْوَى عَلَى الزَّوْجِ أَيْضًا لِأَنَّهَا فِي حِبَالَتِهِ وَفِرَاشِهِ عَلَى مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ قَطْعِ الْمَحَامِلِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي هُنَا، لَكِنْ نَقَلَ فِيهَا مُقَابِلَهُ عَنْ تَصْحِيحِ الْإِمَامِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي يَدِهِ مِنْ حَيْثُ هِيَ زَوْجَةٌ وَلَوْ أَمَةً، وَيُنَاسِبُهُ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ زَوَّجَهَا وَلِيَّانِ مِنْ اثْنَيْنِ وَادَّعَى أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَرِ سَبْقَ نِكَاحِهِ. قَالَ الشَّيْخُ: وَيُجَابُ بِأَنَّهُمَا مُتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ زَوْجَةً لِلْأَوَّلِ بِخِلَافِهِمَا ثَمَّ، وَلَوْ أَقَرَّتْ أَوْ نَكَلَتْ فَحَلَفَ غَرِمَتْ لَهُ مَهْرَ الْمِثْلِ لِأَنَّهَا أَحَالَتْ بِإِذْنِهَا فِي نِكَاحِ الثَّانِي، أَوْ بِتَمْكِينِهَا لَهُ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَحَقِّهِ، أَوْ ادَّعَى عَلَى مُزَوَّجَةٍ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فَقَالَتْ كُنْت زَوْجَتَك فَطَلَّقْتَنِي جُعِلَتْ زَوْجَةً لَهُ لِإِقْرَارِهَا إنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا اتِّفَاقُهُمَا فِي الْأُولَى عَلَى الطَّلَاقِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الرَّجْعَةِ بِخِلَافِهِ هُنَا. نَعَمْ إنْ أَقَرَّتْ أَوَّلًا بِالنِّكَاحِ لِلثَّانِي أَوْ أَذِنَتْ فِيهِ لَمْ تُنْزَعْ مِنْهُ كَمَا لَوْ نُكِحَتْ رَجُلًا بِإِذْنِهَا ثُمَّ أَقَرَّتْ بِرَضَاعٍ مُحَرِّمٍ بَيْنَهُمَا لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهَا، وَكَمَا لَوْ بَاعَ شَيْئًا ثُمَّ أَقَرَّ بِأَنَّهُ كَانَ مِلْكَ فُلَانٍ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ، ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ، وَقَيَّدَهُ الْبُلْقِينِيُّ فَقَالَ: يَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْمَرْأَةُ أَقَرَّتْ بِالنِّكَاحِ لِمَنْ هِيَ تَحْتَ يَدِهِ وَلَا يَثْبُتُ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ، فَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا لَمْ تُنْزَعْ مِنْهُ جَزْمًا (قُلْت: فَإِنْ) (ادَّعَيَا مَعًا) بِأَنْ قَالَتْ انْقَضَتْ عِدَّتِي مَعَ قَوْلِهِ رَاجَعْتُك (صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّ الِانْقِضَاءَ مِمَّا يَعْسُرُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الرَّجْعَةِ، وَلَوْ قَالَا لَا نَعْلَمُ سَبْقًا وَلَا مَعِيَّةً فَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْعِدَّةِ وَوِلَايَةُ الرَّجْعَةِ وَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ قَوْلُهُمْ لَوْ وَلَدَتْ وَطَلَّقَهَا، وَاخْتَلَفَا فِي السَّابِقِ أَنَّهُمَا إنْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ أَحَدِهِمَا فَالْعَكْسُ مِمَّا مَرَّ، فَإِذَا اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الْوِلَادَةِ صُدِّقَ أَوْ الطَّلَاقِ صُدِّقَتْ وَذَلِكَ لِاتِّحَادِ الْحُكْمَيْنِ بِالْعَمَلِ بِالْأَصْلِ فِيهِمَا وَإِنْ كَانَ الْمُصَدَّقُ فِي أَحَدِهِمَا غَيْرَهُ فِي الْآخَرِ، وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا حَلَفَ الزَّوْجُ لِاتِّفَاقِهِمَا هُنَا عَلَى انْحِلَالِ الْعِصْمَةِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَثَمَّ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَيْهِ قَبْلَ الْوِلَادَةِ فَقَوِيَ جَانِبُ الزَّوْجِ. (وَمَتَى) (ادَّعَاهَا) أَيْ الرَّجْعَةَ (وَالْعِدَّةُ بَاقِيَةٌ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ أَيْضًا بِاتِّفَاقِهِمَا وَأَنْكَرَتْ (صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى إنْشَائِهَا وَمَنْ مَلَكَهُ مَلَكَ الْإِقْرَارَ، وَهَلْ دَعْوَاهُ إنْشَاءٌ لَهَا أَوْ إقْرَارٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْغَيْرُ مِنْ آحَادِ النَّاسِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَنْكِحْ) أَيْ تَتَزَوَّجْ بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَهَا عَلَيْهِ) أَيْ الثَّانِي، وَقَوْلُهُ وَلَهُ الدَّعْوَى إلَخْ مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ وَفِرَاشِهِ عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: نَقَلَ فِيهَا) أَيْ الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ: غَرِمَتْ لَهُ) أَيْ لِلْأَوَّلِ قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَأْذَنْ بِأَنْ زُوِّجَتْ بِالْإِجْبَارِ وَلَمْ تُمَكِّنْ لَا تَغْرَمُ شَيْئًا اهـ سم عَلَى حَجّ. وَصُورَةُ كَوْنِهَا تُزَوَّجُ بِالْإِجْبَارِ مَعَ كَوْنِهَا مُطَلَّقَةً طَلَاقًا رَجْعِيًّا أَنْ تَسْتَدْخِلَ مَاءَهُ الْمُحْتَرَمَ أَوْ يَطَأَهَا فِي الدُّبْرِ أَوْ فِي الْقُبُلِ وَلَمْ تَزُلْ بَكَارَتُهَا (قَوْلُهُ لَمْ تُنْزَعْ مِنْهُ) أَيْ الثَّانِي (قَوْلُهُ: لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهَا) أَيْ بِالرَّضَاعِ (قَوْلُهُ: يُقْبَلُ إقْرَارُهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لَهُ وَطَرِيقُهُ إذَا أَرَادَ التَّخَلُّصَ أَنْ يَفْسَخَ (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ الْبُلْقِينِيُّ) وَفِي نُسْخَةٍ: وَأَشَارَ إلَيْهِ الْقَاضِي وَكَذَا الْبُلْقِينِيُّ فَقَالَ: يَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ إلَخْ، وَهَذِهِ أَوْضَحُ مِمَّا فِي الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْإِقْرَارُ أَوْ الْإِذْنُ فِي النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِذَا ادَّعَى وَالْعِدَّةُ بَاقِيَةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِذَا اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الْوِلَادَةِ) كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ وَقَالَ طَلَّقْت السَّبْتَ فَالْعِدَّةُ بَاقِيَةٌ وَلِي الرَّجْعَةُ فَقَالَتْ بَلْ طَلَّقْت الْخَمِيسَ، وَقَوْلُهُ أَوْ الطَّلَاقِ: أَيْ كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ وَقَالَ الْوِلَادَةُ الْخَمِيسَ وَقَالَتْ السَّبْتَ، اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ) تَوْجِيهٌ لِعَدَمِ الْمُنَافَاةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْمُصَدَّقُ فِي أَحَدِهِمَا) أَيْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالسَّابِقَةِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِذَا ادَّعَى إلَخْ. (قَوْلُهُ وَمَنْ مَلَكَهُ) أَيْ الْإِنْشَاءَ ـــــــــــــــــــــــــــــQشَرْحِ الرَّوْضِ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَثْبُتُ ذَلِكَ) أَيْ إقْرَارُهَا (قَوْلُهُ: بِاتِّفَاقِهِمَا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَاقِيَةٌ (قَوْلُهُ: وَهَلْ دَعْوَاهُ إنْشَاءٌ لَهَا) هَذَا لَا يَتَأَتَّى مَعَ قَوْلِهِ بِيَمِينِهِ عَقِبَ الْمَتْنِ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْيَمِينِ إلَّا إنْ جَعَلْنَاهُ إقْرَارًا

بِهَا؟ وَجْهَانِ، رَجَّحَ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ الْأَوَّلَ وَالْأَذْرَعِيُّ الثَّانِيَ. وَقَالَ الْإِمَامُ: لَا وَجْهَ لِكَوْنِهِ إنْشَاءً وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ، وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ إيمَاءٌ لِتَرْجِيحِ الثَّانِي، أَمَّا بَعْدَ الْعِدَّةِ وَقَدْ أَنْكَرَتْهَا مِنْ أَصْلِهَا فَهِيَ الْمُصَدَّقَةُ إجْمَاعًا، وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِ تَصْدِيقُهُ بِلَا يَمِينٍ، وَفَصَّلَ الْمَاوَرْدِيُّ فَقَالَ: إنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ قَبْلَ الرَّجْعَةِ حَقٌّ لَهَا فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ كَمَا لَوْ كَانَ وَطِئَهَا قَبْلَ إقْرَارِهِ بِالرَّجْعَةِ فَطَالَبَتْهُ بِالْمَهْرِ فَأَنْكَرَ وُجُوبَهُ وَادَّعَى الرَّجْعَةَ قَبْلَهُ حَلَفَ. (وَمَتَى) (أَنْكَرَتْهَا وَصُدِّقَتْ ثُمَّ اعْتَرَفَتْ) بِهَا قَبْلَ أَنْ تُنْكَحَ (قُبِلَ اعْتِرَافُهَا) لِأَنَّهَا جَحَدَتْ حَقًّا لَهُ ثُمَّ اعْتَرَفَتْ بِهِ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ حَقُّ الزَّوْجِ، وَفَارَقَ مَا لَوْ ادَّعَتْ أَنَّهَا بِنْتُ زَيْدٍ أَوْ أُخْتُهُ مِنْ رَضَاعٍ ثُمَّ رَجَعَتْ وَكَذَّبَتْ نَفْسَهَا لَا يُقْبَلُ مِنْهَا بِادِّعَائِهَا هُنَا تَأْبِيدَ الْحُرْمَةِ فَكَانَ أَقْوَى وَبِأَنَّ الرَّضَاعَ يَتَعَلَّقُ بِهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تُقِرُّ بِهِ إلَّا عَنْ ثَبْتٍ وَتَحَقُّقٍ، بِخِلَافِ الرَّجْعَةِ فَإِنَّهَا قَدْ لَا تَشْعُرُ بِهَا ثُمَّ تَشْعُرُ، وَبِأَنَّ النَّفْيَ قَدْ يُسْتَصْحَبُ بِهِ الْعَدَمُ الْأَصْلِيُّ، بِخِلَافِ الْإِثْبَاتِ لَا يَصْدُرُ إلَّا عَنْ تَثَبُّتٍ وَبَصِيرَةٍ غَالِبًا فَامْتَنَعَ الرُّجُوعُ عَنْهُ كَسَائِرِ الْأَقَارِيرِ. قَالَهُ الْإِمَامُ، وَبَنَى عَلَيْهِ أَنَّهَا لَوْ ادَّعَتْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فَأَنْكَرَ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَحَلَفَتْ ثُمَّ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا لَمْ يُقْبَلْ وَإِنْ أَمْكَنَ لِاسْتِنَادِ قَوْلِهَا الْأَوَّلِ إلَى إثْبَاتٍ وَلِتَأَكُّدِ الْأَمْرِ بِالدَّعْوَى عِنْدَ الْحَاكِمِ. (وَإِذَا) (طَلَّقَ) الزَّوْجُ (دُونَ ثَلَاثٍ وَقَالَ وَطِئْتُ) زَوْجَتِي قَبْلَ الطَّلَاقِ (فَلِيَ الرَّجْعَةُ وَأَنْكَرَتْ) وَطْأَهُ (صُدِّقَتْ بِيَمِينٍ) أَنَّهُ مَا وَطِئَهَا وَلَا رَجْعَةَ لَهُ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا سُكْنَى لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوَطْءِ، وَإِنَّمَا قُبِلَ دَعْوَى عِنِّينٍ وَمُولٍ لَهُ لِثُبُوتِ النِّكَاحِ وَهِيَ تُرِيدُ إزَالَتَهُ بِدَعْوَاهَا وَالْأَصْلُ عَدَمُ مُزِيلِهِ، وَهُنَا قَدْ تَحَقَّقَ الطَّلَاقُ وَهُوَ يَدَّعِي مُثْبِتَ الرَّجْعَةِ قَبْلَ الطَّلَاقِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَلَيْسَ لَهُ نِكَاحُ أُخْتِهَا وَلَا أَرْبَعٍ سِوَاهَا مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ (وَهُوَ مُقِرٌّ لَهَا بِالْمَهْرِ فَإِنْ قَبَضَتْهُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ) لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِاسْتِحْقَاقِهَا لِجَمِيعِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَكُنْ قَبَضَتْهُ (فَلَا تُطَالِبُهُ إلَّا بِنِصْفٍ لِإِقْرَارِهَا أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ غَيْرَهُ) ، فَلَوْ أَخَذَتْهُ ثُمَّ أَقَرَّتْ بِوَطْئِهِ لَمْ تَأْخُذْ النِّصْفَ الْآخَرَ إلَّا بِإِقْرَارٍ ثَانٍ مِنْهُ، هَذَا فِي صَدَاقِ دَيْنٍ، أَمَّا عَيْنٌ امْتَنَعَ مِنْ قَبُولِ نِصْفِهَا فَيَلْزَمُ بِقَبُولِهِ أَوْ إبْرَائِهَا مِنْهُ: أَيْ تَمْلِيكِهِ لَهَا بِطَرِيقِهِ بِأَنْ يَتَلَطَّفَ بِهِ الْحَاكِمُ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْوِكَالَةِ، فَإِنْ صَمَّمَ اتَّجَهَ أَنَّ الْقَاضِيَ يُقَسِّمُهَا فَيُعْطِيهَا نِصْفَهَا وَيُوقِفُ النِّصْفَ الْآخَرَ تَحْتَ يَدِهِ إلَى الصُّلْحِ أَوَالْبَيَان، وَلَوْ كَانَتْ الْمُطَلَّقَةُ رَجْعِيًّا أَمَةً وَاخْتَلَفَا فِي الرَّجْعَةِ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا حَيْثُ صُدِّقَتْ لَوْ كَانَتْ حُرَّةً، وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِ سَيِّدِهَا عَلَى الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصِ، وَلَوْ قَالَ أَخْبَرَتْنِي مُطَلَّقَتِي بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَرَاجَعْتُهَا مُكَذِّبًا لَهَا أَوْ لَا مُصَدِّقًا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ) أَيْ فَيَكُونُ إقْرَارًا وَيَنْبَغِي عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ كَاذِبًا لَمْ تَحِلَّ لَهُ بَاطِنًا (قَوْلُهُ: وَفَصَّلَ الْمَاوَرْدِيُّ) الْمُعْتَمَدُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّقْيِيدِ بِيَمِينِهِ. (قَوْلُهُ: وَمَتَى أَنْكَرَتْهَا) أَيْ وَلَوْ عِنْدَ حَاكِمٍ. [فَرْعٌ] قَالَ الْأُشْمُونِيُّ فِي بَسْطِ الْأَنْوَارِ: لَوْ أَخْبَرَتْ الْمُطَلَّقَةُ بِأَنَّ عِدَّتَهَا لَمْ تَنْقَضِ ثُمَّ أَكَذَبَتْ نَفْسَهَا وَادَّعَتْ الِانْقِضَاءَ وَالْمُدَّةُ مُحْتَمِلَةٌ زُوِّجَتْ فِي الْحَالِ (قَوْلُهُ: لَا يُقْبَلُ مِنْهَا بِادِّعَائِهَا هُنَا) فِي قَوْلِهِ بِنْتُ زَيْدٍ أَوْ أُخْتُهُ (قَوْلُهُ: إلَّا عَنْ ثَبْتٍ) أَيْ دَلِيلٍ وَقَوْلُهُ وَتَحَقُّقٍ عَطْفٌ مُغَايِرٌ (قَوْلُهُ: وَبَنَى عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى قَوْلِهِ وَبِأَنَّ النَّفْيُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلِتَأَكُّدِ الْأَمْرِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ التَّنَازُعُ فِي الرَّجْعَةِ عِنْدَ حَاكِمٍ وَصُدِّقَتْ فِي إنْكَارِهَا لَا يُقْبَلُ تَصْدِيقُهَا بَعْدُ، وَهُوَ خِلَافُ مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَتَى أَنْكَرَتْهَا وَصُدِّقَتْ إلَخْ، وَعَلَيْهِ فَالتَّعْلِيلُ بِالنَّفْيِ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَمُولٍ لَهُ) أَيْ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: امْتَنَعَ مِنْ قَبُولِ نِصْفِهَا) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَا أَسْتَحِقُّ فِيهَا شَيْئًا لِكَوْنِ الطَّلَاقِ بَعْدَ الْوَطْءِ وَقَالَتْ هِيَ بَلْ لَك النِّصْفُ لِكَوْنِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْوَطْءِ فَالْعَيْنُ مُشْتَرَكَةٌ وَامْتَنَعَ مِنْ قَبُولِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: صُدِّقَتْ لَوْ كَانَتْ حُرَّةً) ـــــــــــــــــــــــــــــQكَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَبَعْدَ جَزْمِهِ بِمَا يُفِيدُ أَنَّهُ إقْرَارٌ لَا يَنْسَجِمُ قَوْلُهُ: وَهَلْ دَعْوَاهُ إلَخْ. كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِ تَصْدِيقُهُ إلَخْ.) أَيْ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَالتَّفْصِيلِ الَّذِي بَعْدَهُ كَمَا عُلِمَ مِنْ تَقْيِيدِهِ الْمَتْنَ بِقَوْلِهِ بِيَمِينِهِ.

[كتاب الإيلاء]

وَلَا مُكَذِّبًا لَهَا ثُمَّ اعْتَرَفَتْ بِالْكَذِبِ بِأَنْ قَالَتْ لَمْ تَكُنْ انْقَضَتْ صَحَّتْ الرَّجْعَةُ، أَوْ سَأَلَ الرَّجْعِيَّةَ الزَّوْجُ أَوْ نَائِبُهُ عَنْ انْقِضَائِهَا لَزِمَهَا إخْبَارُهُ كَمَا فِي الِاسْتِقْصَاءِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ لَوْ سَأَلَهَا فِي أَوْجَهِ الْقَوْلَيْنِ. . كِتَابُ الْإِيلَاءِ مَصْدَرُ آلَى: أَيْ حَلَفَ، وَهُوَ لُغَةً: الْحَلِفُ بِدَلِيلِ قِرَاءَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ لِلَّذِينَ يُقْسِمُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ قَالَ الشَّاعِرُ: وَأَكْذَبُ مَا يَكُونُ أَبُو الْمُثَنَّى ... إذَا آلَى يَمِينًا بِالطَّلَاقِ وَكَانَ طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَغَيَّرَ الشَّارِعُ حُكْمَهُ، وَخَصَّهُ بِقَوْلِهِ (هُوَ حَلِفُ زَوْجٍ يَصِحُّ طَلَاقُهُ) بِاَللَّهِ أَوْ صِفَةٍ لَهُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ أَوْ بِمَا أُلْحِقَ بِذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي (لَيَمْتَنِعَنَّ مِنْ وَطْئِهَا) أَيْ الزَّوْجَةَ وَلَوْ رَجْعِيَّةً وَمُتَحَيِّرَةً لِاحْتِمَالِ الشِّفَاءِ، وَلَا تُضْرَبُ الْمُدَّةُ إلَّا بَعْدَ الشِّفَاءِ، وَمُحْرِمَةً لِاحْتِمَالِ التَّحَلُّلِ بِحَصْرٍ وَغَيْرِهِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ عَنْهُ فِي الْأُولَى أَنْ لَا تُضْرَبَ الْمُدَّةُ إلَّا بَعْدَ التَّحَلُّلِ وَالتَّكْفِيرِ، وَصَغِيرَةً بِشَرْطِهَا الْآتِي سَوَاءٌ قَالَ فِي الْفَرْجِ أَمْ أَطْلَقَ، وَسَوَاءٌ أَقَيَّدَ بِالْوَطْءِ الْحَلَالِ أَمْ سَكَتَ عَنْ ذَلِكَ (مُطْلَقًا) بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِمُدَّةٍ وَكَذَا إنْ قَالَ أَبَدًا أَوْ حَتَّى أَمُوتَ أَنَا أَوْ زَيْدٌ أَوْ تَمُوتِي، وَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ كَأَنْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الِانْقِضَاءِ وَاخْتَلَفَا فِي الرَّجْعَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: صَحَّتْ الرَّجْعَةُ) وَلَا يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهَا لَوْ ادَّعَتْ الطَّلَاقَ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ فَحَلَفَتْ هِيَ ثُمَّ أَكَذَبَتْ نَفْسَهَا حَيْثُ لَا يُقْبَلُ لِأَنَّهُ بِحَلِفِهَا ثَمَّ ثَبَتَ الطَّلَاقُ وَهِيَ تُرِيدُ رَفْعَهُ، وَمَا هُنَا الْحَاصِلُ مِنْهَا مُجَرَّدُ دَعْوَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَلَمْ يُصَدِّقْهَا فِيهِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ، فَرُجُوعُهَا عَنْ دَعْوَى الِانْقِضَاءِ وَاعْتِرَافُهَا بَعْدَ الِانْقِضَاءِ لَمْ يُغَيِّرْ الْحُكْمَ الَّذِي تُثْبِتُهُ بِقَوْلِ الزَّوْجِ لَمْ يَنْقَضِ (قَوْلُهُ لَزِمَهَا إخْبَارُهُ) أَيْ لِيَعْرِفَ بِذَلِكَ مَا لَهُ مِنْ جَوَازِ الرُّخْصَةِ وَمَا عَلَيْهِ مِنْ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَالسُّكْنَى وَغَيْرِ ذَلِكَ. [كِتَابُ الْإِيلَاءِ] [أَرْكَانٍ الْإِيلَاءَ] كِتَابُ الْإِيلَاءِ (قَوْلُهُ: قِرَاءَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ) قَدْ يُشْعِرُ بِأَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ لَمْ يُصَرِّحُوا بِأَنَّ مَعْنَاهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ مُرَادًا، فَفِي الْمُخْتَارِ آلَى يُولِي إيلَاءً: حَلَفَ (قَوْلُهُ مِنْ نِسَائِهِمْ) وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ (قَوْلُهُ: تَرَبُّصُ) مُبْتَدَأٌ حُذِفَ خَبَرُهُ: أَيْ لَهُمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَأَكْذَبُ مَا يَكُونُ) أَيْ أَكْذَبُ أَحْوَالِهِ إذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَا أُلْحِقَ بِذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي) أَيْ مِنْ كُلِّ مَا يَدُلُّ الْتِزَامُهُ عَلَى امْتِنَاعِهِ مِنْ الْوَطْءِ خَوْفًا مِنْ لُزُومِ مَا الْتَزَمَهُ بِالْوَطْءِ (قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ الشِّفَاءِ) أَيْ وَبَعْدَ الرَّجْعَةِ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهَا لَا تُضْرَبُ الْمُدَّةُ إلَّا بَعْدَ الشِّفَاءِ، وَقَوْلُهُ عَنْهُ: أَيْ الزَّرْكَشِيَّ، وَقَوْلُهُ فِي الْأُولَى هِيَ قَوْلُهُ وَمُتَحَيِّرَةً إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ التَّحَلُّلِ) أَيْ فِي الْمُحْرِمَةِ وَالتَّكْفِيرِ: أَيْ فِي الْمُظَاهَرِ مِنْهَا، وَقَدْ يُقَالُ الْمَانِعُ فِي الظِّهَارِ مِنْ جَانِبِهِ، وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ التَّكْفِيرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَوْرِيًّا فَيُغْلَظُ عَلَيْهِ بِضَرْبِ الْمُدَّةِ مِنْ الْحَلِفِ لِعَدَمِ تَكْفِيرِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQكِتَابُ الْإِيلَاءِ (قَوْلُهُ: وَخَصَّهُ بِقَوْلِهِ) كَانَ الْأَصْوَبُ أَنْ يَقُولَ وَخَصَّهُ بِمَا تَضَمَّنَتْهُ قَوْلُهُ: (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ) يَعْنِي: فِي الْمُتَحَيِّرَةِ وَالْمُحَرَّمَةِ لِيَتَأَتَّى لَهُ قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ مَا مَرَّ عَنْهُ فِي الْأُولَى (قَوْلُهُ: وَالتَّكْفِيرُ) يَعْنِي: فِي الْمُظَاهَرِ مِنْهَا وَكَأَنَّهُ تَوَهَّمَ

يَرِدُ ذَلِكَ عَلَى الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ لِاسْتِبْعَادِهِ نَزَلَ مَنْزِلَةَ الزَّائِدِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ، وَلَوْ قَالَ لَا أَطَأُ ثُمَّ قَالَ أَرَدْتُ شَهْرًا مَثَلًا دُيِّنَ (أَوْ فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) وَلَوْ بِلَحْظَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: 226] الْآيَةَ، وَإِنَّمَا عُدِّيَ فِيهَا بِمِنْ، وَهُوَ إنَّمَا يُعَدَّى بِعَلَى لِأَنَّهُ ضُمِّنَ مَعْنَى الْبُعْدِ كَأَنَّهُ قِيلَ يُؤْلُونَ مُبْعِدِينَ أَنْفُسَهُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ، وَقِيلَ مِنْ لِلسَّبَبِيَّةِ: أَيْ يَحْلِفُونَ بِسَبَبِ نِسَائِهِمْ وَقِيلَ بِمَعْنَى عَلَى أَوْ فِي عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ فِيهِمَا: أَيْ عَلَى تَرْكِ وَطْءٍ أَوْ فِي تَرْكِ وَطْءِ نِسَائِهِمْ، وَقِيلَ مِنْ زَائِدَةٌ، وَالتَّقْدِيرُ يُؤْلُونَ أَيْ يَعْتَزِلُونَ نِسَاءَهُمْ، أَوْ إنَّ آلَى يَتَعَدَّى بِعَلَى، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ نَقْلًا عَنْ غَيْرِهِ: إنَّهُ يُقَالُ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ وَعَلَى امْرَأَتِهِ. وَفَائِدَةُ كَوْنِهِ مُولِيًا فِي زِيَادَةٍ لِلَحْظَةٍ مَعَ تَعَذُّرِ الطَّلَبِ فِيهَا لِانْحِلَالِ الْإِيلَاءِ بِمُضِيِّهَا إثْمُهُ إثْمُ الْمُولِي بِإِيذَائِهَا وَإِيَاسِهَا مِنْ الْوَطْءِ تِلْكَ الْمُدَّةَ فَخَرَجَ بِالزَّوْجِ حَلِفُ أَجْنَبِيٍّ وَسَيِّدِ فَيَمِينٌ مَحْضَةٌ كَمَا يَأْتِي، وَبِيَصِحُّ طَلَاقُهُ الشَّامِلُ لِلسَّكْرَانِ وَالْمَرِيضِ بِشَرْطِهِ الْآتِي وَالْعَبْدِ وَالْكَافِرِ وَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْمُكْرَهِ، وبِلَيَمْتَنِعَنَّ الَّذِي لَا يُقَالُ عَادَةً إلَّا فِيمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ الْعَاجِزُ عَنْ الْوَطْءِ بِنَحْوِ جَبٍّ أَوْ شَلَلٍ أَوْ رَتْقٍ أَوْ قَرْنٍ أَوْ صِغَرٍ فِيهَا بِقَيْدِهِ الْآتِي فَلَا إيلَاءَ لِانْتِفَاءِ الْإِيذَاءِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ انْدَفَعَ إيرَادُ هَذَا عَلَى كَلَامِهِ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ لِدُخُولِ هَذَا فِيهِ عَلَى أَنَّهُ سَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ وَبِوَطْئِهَا خَلْفَهُ عَلَى تَرْكِ التَّمَتُّعِ بِغَيْرِهِ وَبَقِيَ الْفَرْجُ إلَى آخِرِهِ حَلِفُهُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ وَطْئِهَا فِي الدُّبُرِ أَوْ الْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ أَوْ الْإِحْرَامِ فَهُوَ مَحْضُ يَمِينٍ، فَإِنْ قَالَ لَا أُجَامِعُك إلَّا فِي نَحْوِ الْحَيْضِ أَوْ نَهَارِ رَمَضَانَ أَوْ الْمَسْجِدِ فَوَجْهَانِ، أَرْجَحُهُمَا لَا، وَبِهِ جَزَمَ السَّرَخْسِيُّ وَالرَّافِعِيُّ فِي الصَّغِيرِ فِي صُورَتَيْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَمِثْلُهُمَا الْبَقِيَّةُ وَبِفَوْقِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ الْأَرْبَعَةُ فَأَقَلُّ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَصْبِرُ عَنْ الزَّوْجِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ يَفْنَى صَبْرُهَا أَوْ يَقِلُّ، وَلَوْ حَلَفَ زَوْجُ الْمَشْرِقِيَّةِ بِالْمَغْرِبِ لَا يَطَؤُهَا لَمْ يَكُنْ مُولِيًا كَالْإِيلَاءِ مِنْ صَغِيرَةٍ. وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: يَكُونُ مُولِيًا لِاحْتِمَالِ الْوُصُولِ عَلَى خِلَافِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَهُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِاسْتِبْعَادِهِ) أَيْ فِي النُّفُوسِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَحْظَةٍ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: قَوْلُهُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ: أَيْ بِزَمَنٍ يَتَأَتَّى فِيهِ الْمُطَالَبَةُ وَالرَّفْعُ إلَى الْحَاكِمِ اهـ. لَكِنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي: وَفَائِدَةُ كَوْنِهِ مُولِيًا زِيَادَةُ اللَّحْظَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: إثْمُهُ إثْمُ الْمُولِي) وَهُوَ كَبِيرَةٌ عَلَى مَا فِي الزَّوَاجِرِ. قَالَ سم عَلَى حَجّ: عُدَّ فِي الزَّوَاجِرِ الْإِيلَاءُ مِنْ الْكَبَائِرِ، ثُمَّ قَالَ: وَعَدِّي لِهَذَا مِنْ الْكَبَائِرِ غَيْرُ بَعِيدٍ وَإِنْ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ اهـ. لَكِنْ نَقَلَ عَنْ الشَّارِحِ أَنَّهُ صَغِيرَةٌ وَهُوَ أَقْرَبُ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مَحْضُ) وَفِي نُسْخَةٍ بِأَنْ قَيَّدَ نَفْيَ وَطْئِهَا بِحَالَةِ حَيْضِهَا فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ فَهُوَ مَحْضُ إلَخْ، وَمُرَادُهُ بِمَا مَرَّ قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ أَقَيَّدَ بِالْوَطْءِ الْحَلَالِ أَمْ سَكَتَ عَنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مَحْضُ يَمِينٍ) أَيْ وَلَيْسَ إيلَاءً فَلَيْسَ لَهَا مُطَالَبَتُهُ بِالْوَطْءِ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَمَتَى وَطِئَ حَنِثَ وَلَزِمَهُ مَا الْتَزَمَهُ (قَوْلُهُ: أَرْجَحُهُمَا لَا) أَيْ لَا يَكُونُ مُولِيًا خِلَافًا لحج، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إذَا وَطِئَ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرَ حَصَلَ بِهِ الْفَيْئَةُ وَإِنْ حَرُمَ وَطْؤُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهُ قَدَّمَهَا أَيْضًا عَنْ الزَّرْكَشِيّ أَوْ أَنَّهُ ذَكَرَهَا وَأَسْقَطَهَا النُّسَّاخُ (قَوْلُهُ: دِينَ) أَيْ إنْ كَانَ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ} [البقرة: 226] إلَخْ.) لَا يَخْفَى أَنَّ الَّذِي فِي الْآيَةِ إنَّمَا هُوَ حُكْمُ الْإِيلَاءِ بَعْدَ وُقُوعِهِ وَلَيْسَ فِيهَا تَعَرُّضٌ لِحَقِيقَةِ الْإِيلَاءِ الَّتِي الْكَلَامُ فِيهَا وَاَلَّذِي فِي كَلَامِ غَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ ذِكْرُ الْآيَةِ اسْتِدْلَالًا عَامًّا لِلْبَابِ وَعِبَارَةُ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ كَغَيْرِهِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِلسَّبَبِيَّةِ) مَجِيءٌ مِنْ لِلسَّبَبِيَّةِ غَرِيبٌ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِهَا التَّعْلِيلَ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى قَدْ لَا يَظْهَرُ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فِي تَرْكِ وَطْءِ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى الظَّرْفِيَّةِ هُنَا عَلَى أَنَّ هَذَا لَا يُلَائِمُ قَوْلَهُ قَبْلَهُ وَهُوَ إنَّمَا يُعَدَّى بِعَلَى (قَوْلُهُ: أَيْ يَعْتَزِلُونَ) أَيْ: عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ مِنْ إطْلَاقِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ التَّفْسِيرَ بِيَعْتَزِلُونَ يَصْدُقُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ حَلَفَ (قَوْلُهُ: مِنْ امْرَأَتِهِ وَعَلَى امْرَأَتِهِ) هَذَا إنَّمَا يَتِمُّ إنْ كَانَ قَوْلُهُ: مِنْ امْرَأَتِهِ بِمَعْنَى عَلَى وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّ مَعْنَى الْأَوَّلِ حَلِفُهُ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ نَهَارِ رَمَضَانَ) لَعَلَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَمَضَانَ دُونَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ (قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ حَلَفَ إلَخْ.) كَذَا فِي حَوَاشِي وَالِدِهِ، لَكِنْ فِي نُسْخَةٍ

الْعَادَةِ وَلَا تُضْرَبُ الْمُدَّةُ إلَّا بَعْدَ الِاجْتِمَاعِ، وَلَوْ آلَى مُرْتَدٌّ أَوْ مُسْلِمٌ مِنْ مُرْتَدَّةٍ فَعِنْدِي تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ، فَإِنْ جَمَعَهُمَا الْإِسْلَامُ فِي الْعِدَّةِ وَكَانَ قَدْ بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ مُولٍ وَإِلَّا فَلَا وَالْأَرْبَعَةُ هِلَالِيَّةٌ، فَلَوْ حَلَفَ لَا يَطَؤُهَا مِائَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا حُكِمَ بِكَوْنِهِ مُولِيًا حَالًا إذْ الْغَالِبُ عَدَمُ كَمَالِ الْأَرْبَعَةِ فَكُلُّ شَهْرٍ نَقَصَ تَحَقَّقْنَا أَنَّهُ مُولٍ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ لَهُ سِتَّةَ أَرْكَانٍ: مَحْلُوفٌ بِهِ، وَعَلَيْهِ، وَمُدَّةٌ، وَصِيغَةٌ، وَزَوْجَانِ وَأَنَّ كُلًّا لَهُ شُرُوطٌ لَا بُدَّ مِنْهَا. (وَالْجَدِيدُ أَنَّهُ) أَيْ الْإِيلَاءُ (لَا يَخْتَصُّ بِالْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ بَلْ لَوْ) (عَلَّقَ بِهِ) أَيْ الْوَطْءَ (طَلَاقًا أَوْ عِتْقًا أَوْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَلَاةٌ أَوْ صَوْمٌ أَوْ حَجٌّ أَوْ عِتْقٌ) (كَانَ مُولِيًا) لِأَنَّهُ يَمْنَعُ نَفْسَهُ مِنْ الْوَطْءِ بِمَا عَلَّقَهُ بِهِ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ أَوْ الْتِزَامِ الْقُرْبَةِ كَمَا يَمْنَعُ نَفْسَهُ بِالْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَلِكَوْنِهِ يَمِينًا لُغَةً فَشَمِلَتْهُ الْآيَةُ، وَالْقَدِيمُ اخْتِصَاصُهُ بِالْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ لِأَنَّهُ الْمَعْهُودُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ الَّذِينَ كَانَ عِنْدَهُمْ طَلَاقًا، وَكَالْحَلِفِ الظِّهَارُ كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظُهْرِ أُمِّي سَنَةً فَإِنَّهُ إيلَاءٌ كَمَا يَأْتِي، أَمَّا إذَا انْحَلَّ قَبْلَهَا كَإِنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ تَصُمْ هَذَا الشَّهْرِ أَوْ شَهْرِ كَذَا وَكَانَ يَنْقَضِي قَبْلَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْيَمِينِ فَلَا إيلَاءَ، وَلَوْ كَانَ بِهِ أَوْ بِهَا مَا يَمْنَعُ الْوَطْءَ كَمَرَضٍ فَقَالَ إنْ وَطِئْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَلَاةٌ أَوْ صَوْمٌ أَوْ نَحْوُهُمَا، قَاصِدًا بِهِ نَذْرَ الْمُجَازَاةِ لَا الِامْتِنَاعَ مِنْ الْوَطْءِ، فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا وَلَا آثِمًا وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ كَسَائِرِ نُذُورِ الْمُجَازَاةِ وَإِنْ أَبَى ذَلِكَ إطْلَاقُ الْكِتَابِ وَغَيْرِهِ. (وَلَوْ) (حَلَفَ أَجْنَبِيٌّ) لِأَجْنَبِيَّةٍ أَوْ سَيِّدٌ لَأَمَتِهِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْوَطْءِ كَوَاللَّهِ لَا أَطَؤُك (فَيَمِينٌ مَحْضَةٌ) أَيْ لَا إيلَاءَ فِيهَا فَيَلْزَمُهُ قَبْلَ النِّكَاحِ أَوْ بَعْدَهُ كَفَّارَةٌ بِوَطْئِهَا (فَإِنْ نَكَحَهَا فَلَا إيلَاءَ) نَحْكُمُ عَلَيْهِ بِهِ فَلَا تُضْرَبُ الْمُدَّةُ وَإِنْ بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ عَيْنُهَا فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَتَأَذَّتْ لِانْتِفَاءِ الْإِضْرَارِ حِينَ الْحَلِفِ لِاخْتِصَاصِهِ بِالزَّوْجِ بِنَصِّ {مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: 226] . (وَلَوْ) (آلَى مِنْ رَتْقَاءَ أَوْ قَرْنَاءَ أَوْ آلَى مَجْبُوبٌ) لَمْ يَبْقَ لَهُ قَدْرُ الْحَشَفَةِ وَمِثْلُهُ أَشَلُّ كَمَا مَرَّ (لَمْ يَصِحَّ) هَذَا الْإِيلَاءُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) إذْ لَا إيذَاءَ مِنْهُ حِينَئِذٍ، بِخِلَافِ الْخَصِيِّ وَالْعَاجِزِ بِمَرَضٍ أَوْ عُنَّةٍ وَالْعَاجِزَةِ لِنَحْوِ مَرَضٍ أَوْ صِغَرٍ يُمْكِنُ الْوَطْءُ مَعَهُ فِي الْمُدَّةِ الْمُقَدَّرَةِ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْهَا أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِأَنَّ الْوَطْءَ مَرْجُوٌّ، وَمَنْ طَرَأَ نَحْوُ جَبِّهِ بَعْدَ الْإِيلَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: كَانَ مُولِيًا) مُعْتَمَدٌ، وَفِي نُسْخَةٍ: لَمْ يَكُنْ مُولِيًا كَالْإِيلَاءِ مِنْ صَغِيرَةٍ، وَمَا فِي الْأَصْلِ هُوَ الْأَقْرَبُ لِمَا يَأْتِي فِي الصَّغِيرَةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا بَقِيَ بَعْدَ إطَاقَتِهَا الْوَطْءَ مَا يَزِيدُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَانَ مُولِيًا (قَوْلُهُ إذْ الْغَالِبُ عَدَمُ نَقْصِهَا) وَفِي نُسْخَةٍ عَدَمُ كَمَالِ الْأَرْبَعَةِ فَكُلُّ شَهْرٍ نَقَصَ تَحَقَّقْنَا أَنَّهُ مُولٍ اهـ. وَهَذِهِ هِيَ الصَّوَابُ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ جَاءَتْ الْأَرْبَعَةُ كَوَامِلَ عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ تَبَيَّنَ عَدَمُ صِحَّةِ الْإِيلَاءِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ مُولٍ) أَيْ لِزِيَادَتِهِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ. (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا انْحَلَّ) مُحْتَرَزُ مَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ. (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ قَبْلَ النِّكَاحِ) أَيْ وَيَكُونُ بِزِنًا أَوْ شُبْهَةٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَحَهَا فَلَا إيلَاءَ) أَيْ أَوْ أَعْتَقَهَا السَّيِّدُ وَتَزَوَّجَ بِهَا، وَيُمْكِنُ دُخُولُ هَذِهِ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ نَكَحَهَا إلَخْ. (قَوْلُهُ إذْ لَا إيذَاءَ مِنْهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ بِزَوَالِ الرَّتْقِ وَالْقَرْنِ لِعَدَمِ قَصْدِ الْإِيذَاءِ وَقْتَ الْحَلِفِ لِأَنَّ زَوَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ: وَلَوْ حَلَفَ زَوْجُ الْمَشْرِقِيَّةِ بِالْمَغْرِبِ لَا يَطَؤُهَا لَمْ يَكُنْ مُولِيًا كَالْإِيلَاءِ مِنْ صَغِيرَةٍ. وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: يَكُونُ مُولِيًا لِاحْتِمَالِ إلَخْ. وَلَعَلَّ هَذَا رَجَعَ إلَيْهِ الشَّارِحُ آخِرًا بَعْدَ مَا تَبِعَ حَوَاشِيَ وَالِدِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا تُضْرَبُ الْمُدَّةُ إلَّا بَعْدَ الِاجْتِمَاعِ) لَعَلَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ عَيَّنَ مُدَّةً أَوْ أَنَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْوُصُولُ إلَيْهَا أَصْلًا فِي الْعَادَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: إذْ الْغَالِبُ عَدَمُ نَقْصِهَا) كَذَا فِي نُسَخٍ، وَالصَّوَابُ مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ عَدَمُ كَمَالِ الْأَرْبَعَةِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ كُلًّا لَهُ شُرُوطٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ السَّابِقِ وَاللَّاحِقِ (قَوْله وَلِكَوْنِهِ يَمِينًا إلَخْ.) هُوَ تَعْلِيلٌ ثَانٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَبَى ذَلِكَ إطْلَاقُ الْكِتَابِ) فِيهِ بَحْثٌ، إذْ هَذِهِ خَارِجَةٌ بِقَوْلِهِ فِي التَّعْرِيفِ لَيَمْتَنِعَنَّ

وَمَرَّ صِحَّةُ الْإِيلَاءِ مِنْ الرَّجْعِيَّةِ وَإِنْ حَرُمَ وَطْؤُهَا لِإِمْكَانِهِ بِرَجْعَتِهَا. (وَلَوْ) (قَالَ وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَإِذَا مَضَتْ فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَهَكَذَا) مَرَّتَيْنِ أَوْ (مِرَارًا) مُتَّصِلَةً (فَلَيْسَ بِمُولٍ فِي الْأَصَحِّ) لِانْحِلَالِ كُلٍّ بِمُضِيِّ الْأَرْبَعِ فَتَعَذَّرَ الْمُطَالَبَةُ. نَعَمْ يَأْثَمُ إثْمَ مُطْلَقِ الْإِيذَاءِ دُونَ خُصُوصِ إثْمِ الْإِيلَاءِ. وَالثَّانِي هُوَ مُولٍ لِتَحَقُّقِ الضَّرَرِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فَوَاَللَّهِ مَا لَوْ حَذَفَهُ بِأَنْ قَالَ فَلَا وَطِئْتُك فَهُوَ إيلَاءٌ قَطْعًا لِأَنَّهَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ اشْتَمَلَتْ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَبِمُتَّصِلَةٍ مَا لَوْ فَصَلَ كُلًّا عَنْ الْأُخْرَى: أَيْ بِأَنْ تَكَلَّمَ بِأَجْنَبِيٍّ وَإِنْ قَلَّ أَوْ سَكَتَ أَكْثَرَ مِنْ سَكْتَةِ تَنَفُّسٍ وَعِيٍّ فَلَيْسَ إيلَاءً قَطْعًا. (وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك خَمْسَةَ أَشْهُرٍ فَإِذَا مَضَتْ فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك سَنَةً) بِالنُّونِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا وَبِالْفَوْقِيَّةِ: أَيْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، وَبِهِ عَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ. قِيلَ وَهُوَ الْأَوْلَى اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ الْأَوَّلُ أَوْلَى لِمَا فِي الثَّانِي مِنْ الْإِبْهَامِ الَّذِي خَلَا عَنْهُ أَصْلُهُ بِذِكْرِهِ الْمُضَافَ إلَيْهِ (فَإِيلَآنٌ لِكُلٍّ) مِنْهُمَا (حُكْمُهُ) فَتُطَالِبُهُ بِمُوجَبِ الْأُولَى فِي الْخَامِسِ لَا فِيمَا بَعْدَهُ لِانْحِلَالِهَا بِمُضِيِّهِ وَانْعِقَادِ مُدَّةِ الثَّانِيَةِ فَيُطَالَبُ بِذَلِكَ بَعْدَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فَإِذَا مَضَتْ مَا لَوْ أَسْقَطَهُ كَأَنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُك خَمْسَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُك سَنَةً، فَإِنَّهُمَا يَتَدَاخَلَانِ لِتَدَاخُلِ مُدَّتَيْهِمَا وَانْحَلَّتَا بِوَطْءٍ وَاحِدٍ، وَبِقَوْلِهِ فَوَاَللَّهِ مَا لَوْ حَذَفَهُ فَيَكُونُ إيلَاءً وَاحِدًا. (وَلَوْ) (قَيَّدَ) يَمِينَهُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْوَطْءِ (بِمُسْتَبْعَدِ الْحُصُولِ فِي) الْأَشْهُرِ (الْأَرْبَعَةِ) عَادَةً (كَنُزُولِ عِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَوْ خُرُوجِ الدَّجَّالِ أَوْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ (فَمُولٍ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ تَأَخُّرُهُ عَنْ الْأَرْبَعَةِ فَتَتَضَرَّرُ هِيَ بِقَطْعِ الرَّجَاءِ وَعُلِمَ بِهِ أَنَّ مُحَقَّقَ الِامْتِنَاعِ كَطُلُوعِ السَّمَاءِ كَذَلِكَ بِالْأَوْلَى. أَمَّا لَوْ قَيَّدَهَا بِنُزُولِهِ بَعْدَ خُرُوجِ الدَّجَّالِ فَلَا يَكُونُ إيلَاءً، وَمَحَلُّهُ كَمَا بَحَثَهُ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ إنْ كَانَ ثَانِي أَيَّامِهِ أَوْ أَوَّلَهَا وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ مَعَ بَاقِي أَيَّامِهِ الْأَرْبَعِينَ مَا يُكَمِّلُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ بِاعْتِبَارِ الْأَيَّامِ الْمَعْهُودَةِ، إذْ يَوْمُهُ الْأَوَّلُ كَسَنَةٍ حَقِيقَةً، وَالثَّانِي كَشَهْرٍ، وَالثَّالِثُ كَجُمُعَةٍ كَذَلِكَ وَبَقِيَّتُهَا كَأَيَّامِنَا كَمَا صَحَّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ أَمْرِهِ بِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا يَكْفِي فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ وَبِأَنَّهُمْ يُقَدِّرُونَ لَهُ، وَقِيسَ بِهِ الثَّانِي وَالثَّالِثُ وَبِالصَّلَاةِ غَيْرُهَا فَيُقَدَّرُ فِيهَا أَقْدَارُ الْعِبَادَاتِ وَالْآجَالِ وَغَيْرِهِمَا كَمَا مَرَّ أَوَائِلَ الصَّلَاةِ (وَإِنْ ظَنَّ حُصُولَهُ) أَيْ الْمُقَيَّدَ بِهِ (قَبْلَهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــSالرَّتْقِ وَالْقَرْنِ غَيْرُ مُحَقَّقٍ، بِخِلَافِ الصِّغَرِ فَإِنَّ زَوَالَهُ مُحَقَّقُ الْحُصُولِ (قَوْلُهُ: لِإِمْكَانِهِ بِرَجْعَتِهَا) أَيْ وَتُحْسَبُ الْمُدَّةُ مِنْهَا كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ إيلَاءً) أَيْ حَيْثُ قَصَدَ التَّأْكِيدَ أَوْ أَطْلَقَ أَوْ الِاسْتِئْنَافَ وَمَا يَأْتِي لَهُ قُبَيْلَ الظِّهَارِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ كَرَّرَ يَمِينَ الْإِيلَاءِ إلَخْ مَحَلُّهُ فِيمَا إذَا تَكَرَّرَتْ الْأَيْمَانُ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ مُدَّةٌ غَيْرُ الْمُدَّةِ الْأُولَى فَهِيَ أَيْمَانٌ مُتَعَدِّدَةٌ مُطْلَقًا وَلَكِنَّهُ لَيْسَ بِإِيلَاءٍ لِعَدَمِ زِيَادَةِ كُلِّ مُدَّةٍ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ (قَوْلُهُ: وَالثَّالِثُ كَجُمُعَةٍ كَذَلِكَ) أَيْ حَقِيقَةً ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مَرَّتَيْنِ) لَا مَوْقِعَ لَهُ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَهَكَذَا (قَوْلُهُ: وَبِمُتَّصِلَةٍ إلَخْ.) هَذَا دَلِيلٌ لِكَوْنِهِ قَيَّدَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ مِرَارًا بِقَوْلِهِ مُتَّصِلَةَ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِهَا سَاقِطًا فَلَعَلَّهُ مِنْ الْكَتَبَةِ (قَوْلُهُ: قِيلَ: وَهُوَ الْأَوْلَى) أَيْ فِي كِتَابِنَا بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: بِذِكْرِ الْمُضَافِ إلَيْهِ) لَعَلَّهُ قَالَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ (قَوْلُهُ: أَوْ خُرُوجِ الدَّجَّالِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ قَبْلَ خُرُوجِ الدَّجَّالِ، وَهُوَ الَّذِي يَنْسَجِمُ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي أَمَّا لَوْ قَيَّدَهَا بِنُزُولِهِ بَعْدَ خُرُوجِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ كَمَا بَحَثَهُ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ إنْ كَانَ ثَانِي أَيَّامِهِ إلَخْ.) هَذَا مَبْنِيٌّ كَمَا تَرَى عَلَى أَنَّ نُزُولَ سَيِّدِنَا عِيسَى إنَّمَا يَكُونُ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الدَّجَّالِ وَانْظُرْ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ أَوْ أَنَّ نُزُولَهُ مُتَوَقَّعٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَقْتُلُهُ إلَّا فِي الْيَوْمِ الْأَخِيرِ وَعَلَيْهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِلتَّقْيِيدِ يُرَاجَعُ (قَوْلُهُ: مَعَ أَمْرِهِ بِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا يَكْفِي فِيهِ صَلَاةٌ) فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ تَسَامُحٌ لَا يَخْفَى إذْ لَا أَمْرَ هُنَا.

أَيْ الْأَرْبَعَةَ كَمَجِيءِ الْمَطَرِ فِي الشِّتَاءِ (فَلَا) يَكُونُ إيلَاءً بَلْ يَمِينٌ مَحْضَةٌ وَمُحَقَّقَةٌ كَجَفَافِ الثَّوْبِ أَوَّلًا فَلِذَا حَذَفَهُ وَإِنْ كَانَ فِي أَصْلِهِ (وَكَذَا لَوْ شَكَّ) فِي حُصُولِ الْمُقَيَّدِ بِهِ قَبْلَ الْأَرْبَعَةِ أَوْ بَعْدَهَا كَمَرَضِهِ أَوْ مَرَضِ زَيْدٍ أَوْ قُدُومِهِ مِنْ مُحْتَمَلِ الْوُصُولِ مِنْهُ قَبْلَ الْأَرْبَعَةِ فَلَا يَكُونُ إيلَاءً (فِي الْأَصَحِّ) حَالًا وَلَا بَعْدَ مُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ قَبْلَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ بِهِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ قَصْدِهِ الْإِيذَاءَ أَوَّلًا، وَالثَّانِي هُوَ مُولٍ حَيْثُ تَأَخَّرَ الْمُقَيَّدُ بِهِ عَنْ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَلَهَا مُطَالَبَتُهُ لِحُصُولِ الضَّرَرِ لَهَا بِذَلِكَ. أَمَّا لَوْ لَمْ يُحْتَمَلْ وُصُولُهُ مِنْهُ لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ بِحَيْثُ لَا تُقْطَعُ فِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ مُولٍ. نَعَمْ إنْ ادَّعَى ظَنَّ قُرْبِهَا حَلَفَ وَلَمْ يَكُنْ مُولِيًا بَلْ حَالِفًا. (وَلَفْظُهُ) الْمُفِيدُ لَهُ وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ بِهِ (صَرِيحٌ وَكِنَايَةٌ) وَمِنْهَا الْكِتَابَةُ كَغَيْرِهِ (فَمِنْ صَرِيحِهِ تَغْيِيبُ) حَشَفَةٍ أَوْ (ذَكَرٍ) أَيْ حَشَفَةٍ إذْ هِيَ الْمُرَادُ مِنْهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرَادَ جَمِيعَهُ لِحُصُولِ مَقْصُودِهَا بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ مَعَ عَدَمِ الْحِنْثِ (بِفَرْجٍ) أَيْ فِيهِ (وَوَطْءٌ وَجِمَاعٌ) وَنَيْكٌ أَيْ مَادَّةُ ن ى ك وَكَذَا الْبَقِيَّةُ (وَافْتِضَاضُ بِكْرٍ) أَيْ إزَالَةُ بَكَارَتِهَا، نَعَمْ لَوْ قَالَ أَرَدْت بِالْجِمَاعِ الِاجْتِمَاعَ وَبِالْوَطْءِ الدَّوْسَ بِالْقَدَمِ وَبِالِافْتِضَاضِ غَيْرَ الْوَطْءِ دُيِّنَ، وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَقُلْ بِذَكَرِي وَإِلَّا لَمْ يُدَيَّنْ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا مُطْلَقًا كَالنَّيْكِ، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ يُدَيَّنُ أَيْضًا فِيمَا لَوْ أَرَادَ بِالْفَرْجِ الدُّبُرَ لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لَهُ هَذَا إنْ لَمْ تَكُنْ غَوْرَاءَ، أَمَّا هِيَ إذَا عَلِمَ حَالَهَا قَبْلَ الْحَلِفِ فَالْحَلِفُ عَلَى عَدَمِ افْتِضَاضِهَا غَيْرُ إيلَاءٍ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِحُصُولِ مَقْصُودِهَا بِالْوَطْءِ مَعَ بَقَاءِ الْبَكَارَةِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْفَيْئَةُ فِي حَقِّ الْبِكْرِ تُخَالِفُهَا فِي حَقِّ الثَّيِّبِ كَمَا يُفْهِمُهُ إيرَادُ الْقَاضِي وَالنَّصُّ اهـ. وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْفَيْئَةِ مِنْ زَوَالِ بَكَارَةِ الْبِكْرِ وَلَوْ غَوْرَاءَ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي التَّحْلِيلِ وَإِنْ أَمْكَنَ الْفَرْقُ، وَمِنْ ثَمَّ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِاشْتِرَاطِ انْتِشَارِ الذَّكَرِ فِيهَا كَالتَّحْلِيلِ (وَالْجَدِيدُ أَنَّ مُلَامَسَةً وَمُبَاضَعَةً وَمُبَاشَرَةً وَإِتْيَانًا وَغَشَيَانًا وَقِرْبَانًا وَنَحْوَهَا) كَإِفْضَاءٍ وَمَسٍّ (كِنَايَاتٌ) لِاسْتِعْمَالِهَا فِي غَيْرِ الْوَطْءِ أَيْضًا مَعَ عَدَمِ اشْتِهَارِهَا فِيهِ حَتَّى الْمَسُّ وَإِنْ تَكَرَّرَ فِي الْقُرْآنِ بِمَعْنَى الْوَطْءِ، وَالْقَدِيمُ أَنَّهَا صَرَائِحُ لِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهَا فِيهِ شَرْعًا وَعُرْفًا، وَلَوْ قَالَ لَا أُجَامِعُك إلَّا جِمَاعَ سُوءٍ وَأَرَادَ الْجِمَاعَ فِي الدُّبُرِ أَوْ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ أَوْ بِدُونِ الْحَشَفَةِ كَانَ مُولِيًا، وَإِنْ أَرَادَ الْجِمَاعَ الضَّعِيفَ أَوْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ مُولِيًا، أَوْ وَاَللَّهِ لَا أَغْتَسِلُ عَنْك وَأَرَادَ تَرْكَ الْغُسْلِ دُونَ الْجِمَاعِ أَوْ ذَكَرَ أَمْرًا مُحْتَمَلًا كَأَنْ لَا يَمْكُثَ بَعْدَ الْوَطْءِ حَتَّى يُنْزِلَ وَاعْتَقَدَ أَنَّ الْوَطْءَ بِلَا إنْزَالٍ لَا يُوجِبُ الْغُسْلَ أَوْ أَرَادَ أَنِّي أُجَامِعُهَا بَعْدَ جِمَاعِ غَيْرِهَا قُبِلَ وَلَمْ يَكُنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَمُحَقَّقَةٌ) أَيْ الْحُصُولُ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مُولٍ) لَا يُقَالُ هَذَا عَيْنُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ لِأَنَّا نَقُولُ ذَاكَ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ كَانَ الزَّوْجُ بِالْمَشْرِقِ وَهِيَ بِالْمَغْرِبِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ وَلَا تُضْرَبُ الْمُدَّةُ إلَّا بَعْدَ الِاجْتِمَاعِ وَمَا هُنَا مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا كَانَ مَعَهَا فِي مَحَلِّ الْحَلِفِ فَحَلَفَ لَا يَطَؤُهَا حَتَّى يَقْدَمَ زَيْدٌ مِنْ مَحَلَّةِ كَذَا. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرَادَ جَمِيعَهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَطْلَقَ كَانَ مُولِيًا حَمْلًا لِلذَّكَرِ عَلَى الْحَشَفَةِ وَهُوَ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ قَبْلُ أَيْ حَشَفَةٍ إذْ هِيَ الْمُرَادُ مِنْهُ وَأَنَّهُ إذَا قَالَ أَرَدْت جَمِيعَ الذَّكَرِ قُبِلَ مِنْهُ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ: أَيْ مَادَّةُ) أَيْ مَا تَرَكَّبَ مِنْهَا سَوَاءٌ كَانَ مَاضِيًا أَوْ مُضَارِعًا أَوْ غَيْرَهُمَا (قَوْلُهُ أَمَّا هِيَ) أَيْ الْغَوْرَاءُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَيْ فَيَكُونُ مُولِيًا إذْ لَا تَحْصُلُ الْفَيْئَةُ إلَّا بِزَوَالِ الْبَكَارَةِ (قَوْلُهُ: وَقِرْبَانًا) بِكَسْرِ الْقَافِ، وَيَجُوزُ ضَمُّهَا (قَوْلُهُ: انْتِشَارِ الذَّكَرِ فِيهَا) أَيْ الْفَيْئَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا جِمَاعَ سُوءٍ) أَيْ يَسُوءُ الْمَرْأَةَ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ مَقْصُودُهَا مِنْ مُدَّةِ الْجِمَاعِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِدُونِ الْحَشَفَةِ كَانَ مُولِيًا) هَذَا قَدْ يُشْكِلُ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَا أُجَامِعُك إلَّا فِي نَحْوِ الْحَيْضِ أَوْ نَهَارِ رَمَضَانَ أَوْ الْمَسْجِدِ لَا يَكُونُ مُولِيًا، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ مَعَ إرَادَةِ الْجِمَاعِ فِي الدُّبْرِ بِمَا ذَكَرَ أَوْ نَحْوِهِ حَلَفَ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْجِمَاعِ فِي الْقُبُلِ مُطْلَقًا، وَفِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُجَامِعُ إلَّا فِي حَيْضٍ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ الْجِمَاعِ فِي غَيْرِ الْحَيْضِ وَلَمْ يَحْلِفْ عَلَى عَدَمِ الْجِمَاعِ فِي الْحَيْضِ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ فُرِضَ وَطْؤُهُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ أَوْ نَحْوِ الْحَيْضِ لَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ لِيَمِينِهِ وَيَحْصُلُ بِهِ مَقْصُودُ الْمَرْأَةِ وَإِنْ أَثِمَ لِخَارِجٍ وَكَانَ مُولِيًا فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَرَادَ الْجِمَاعَ الضَّعِيفَ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ غَيْرَ شَدِيدٍ فِي الْخُرُوجِ وَالدُّخُولِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مُولِيًا، أَوْ وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُ فَرْجَك أَوْ نِصْفَك الْأَسْفَلَ فَمُولٍ، بِخِلَافِ بَاقِي الْأَعْضَاءِ كَلَا أُجَامِعُ يَدَك أَوْ رِجْلَك أَوْ نِصْفَك الْأَعْلَى أَوْ بَعْضَك أَوْ نِصْفَك لَمْ يَكُنْ مُولِيًا مَا لَمْ يُرِدْ بِالْبَعْضِ الْفَرْجَ وَبِالنِّصْفِ النِّصْفَ الْأَسْفَلَ، أَوْ وَاَللَّهِ لَأَبْعُدَنَّ أَوْ لَأَغِيبَنَّ عَنْك أَوْ لَأَغِيظَنَّكِ أَوْ لَأُطِيلَنَّ تَرْكِي لِجِمَاعِك أَوْ لَأَسُوأَنَّكِ فِيهِ كَانَ صَرِيحًا فِي الْجِمَاعِ كِنَايَةً عَنْ الْمُدَّةِ، أَوْ وَاَللَّهِ لَا يَجْتَمِعُ رَأْسَانَا عَلَى وِسَادَةٍ أَوْ تَحْتَ سَقْفٍ كَانَ كِنَايَةً إذْ لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ الْجِمَاعِ اجْتِمَاعُ رَأْسَيْهِمَا عَلَى وِسَادَةٍ أَوْ تَحْتَ سَقْفٍ. (وَلَوْ) (قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ فَزَالَ مِلْكُهُ) بِبَيْعٍ لَازِمٍ مِنْ جِهَتِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ (عَنْهُ زَالَ الْإِيلَاءُ) وَإِنْ عَادَ لِمِلْكِهِ لِعَدَمِ تَرَتُّبِ شَيْءٍ عَلَى وَطْئِهِ. (وَلَوْ) (قَالَ) إنْ وَطِئْتُك (فَعَبْدِي حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي وَكَانَ) ظَاهَرَ وَعَادَ (فَمُولٍ) لِأَنَّهُ قَدْ لَزِمَهُ الْعِتْقُ عَنْهُ فَتَعْجِيلُهُ وَرَبْطُهُ بِمُعَيَّنٍ زِيَادَةٌ الْتَزَمَهَا بِالْوَطْءِ عَلَى مُوجَبِ الظِّهَارِ وَإِنْ وَقَعَ عَنْهُ لَوْ وَطِئَ فِي الْمُدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا فَكَانَ كَالْتِزَامِ أَصْلِ الْعِتْقِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ ظَاهَرَ (فَلَا ظِهَارَ وَلَا إيلَاءَ بَاطِنًا) لِكَذِبِهِ (وَيُحْكَمُ بِهِمَا ظَاهِرًا) لِإِقْرَارِهِ بِالظِّهَارِ فَيُحْكَمُ بِإِيلَائِهِ وَبِوُقُوعِ الْعِتْقِ عَنْ الظِّهَارِ. (وَلَوْ) (قَالَ) إنْ وَطِئْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ (عَنْ ظِهَارِي إنْ ظَاهَرْتُ) (فَلَيْسَ بِمُولٍ حَتَّى يُظَاهِرَ) لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بِالْوَطْءِ شَيْءٌ قَبْلَ الظِّهَارِ لِتَعَلُّقِ الْعِتْقِ بِهِ مَعَ الْوَطْءِ، فَإِذَا ظَاهَرَ صَارَ مُولِيًا وَحِينَئِذٍ يَعْتِقُ بِالْوَطْءِ فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ وَبَعْدَهَا لِوُجُوبِ الْمُعَلَّقِ بِهِ لَكِنْ لَا عَنْ الظِّهَارِ اتِّفَاقًا لِسَبْقِ لَفْظِ التَّعْلِيقِ لَهُ، وَالْعِتْقُ إنَّمَا يَقَعُ عَنْهُ بِلَفْظٍ يُوجَدُ بَعْدَهُ، وَبَحَثَ الرَّافِعِيُّ فِيهِ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُرَاجَعَ وَيُعْمَلَ بِمُقْتَضَى إرَادَتِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ فِي الطَّلَاقِ لَوْ عَلَّقَهُ بِشَرْطَيْنِ بِلَا عَطْفٍ، فَإِنْ قَدَّمَ الْجَزَاءَ عَلَيْهِمَا أَوْ أَخَّرَهُ عَنْهُمَا اُعْتُبِرَ فِي حُصُولِ الْمُعَلَّقِ وُجُودُ الشَّرْطِ الثَّانِي قَبْلَ الْأَوَّلِ، وَإِنْ تَوَسَّطَ بَيْنَهُمَا كَمَا هُنَا رُوجِعَ، فَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الثَّانِي تَعَلَّقَ بِالْأَوَّلِ لَمْ يَعْتِقْ الْعَبْدُ إنْ تَقَدَّمَ الْوَطْءُ، أَوْ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الْأَوَّلُ تَعَلَّقَ بِالثَّانِي عَتَقَ اهـ. وَأَلْحَقَ السُّبْكِيُّ بِتَقَدُّمِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ فِيمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ مُقَارَنَتَهُ لَهُ، وَسَكَتَ الرَّافِعِيُّ عَمَّا لَوْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ أَوْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: كِنَايَةً عَنْ الْمُدَّةِ) أَيْ فَإِنْ قَصَدَ بِذَلِكَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَأَقَلَّ لَمْ يَكُنْ إيلَاءً وَإِنْ أَرَادَ فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَانَ إيلَاءً وَإِنْ أَطْلَقَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إيلَاءً أَيْضًا لِأَنَّهُ حَيْثُ كَانَ صَرِيحًا فِي الْجِمَاعِ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ وَاَللَّهِ لَا أَطَأُ وَهُوَ لَوْ قَالَ ذَلِكَ كَانَ مُولِيًا هَذَا وَيَنْبَغِي النَّظَرُ فِي كَوْنِ ذَلِكَ كِنَايَةً بَعْدَ كَوْنِهِ صَرِيحًا فِي الْجِمَاعِ مَعَ قَوْلِهِمْ فِي وَاَللَّهِ لَا أَطَأُ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى التَّأْبِيدِ. (قَوْلُهُ فَزَالَ مِلْكُهُ بِبَيْعٍ) أَيْ لِجَمِيعِهِ، وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ خِلَافُ ذَلِكَ فَاحْذَرْهُ (قَوْلُهُ: لَازِمٍ مِنْ جِهَتِهِ) أَيْ الْبَائِع بِأَنْ بَاعَهُ بَتًّا أَوْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي. (قَوْلُهُ: فَإِذَا ظَاهَرَ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي (قَوْلُهُ لَكِنْ لَاعَنْ) أَيْ فَيَكُونُ مَجَّانًا وَكَفَّارَةُ الظِّهَارِ بَاقِيَةٌ (قَوْلُهُ: لَفْظِ التَّعْلِيقِ لَهُ) أَيْ الظِّهَارِ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الرَّافِعِيُّ فِيهِ) أَيْ فِي حُصُولِ الْعِتْقِ بِالْوَطْءِ لَا عَنْ الظِّهَارِ (قَوْلُهُ قَبْلَ الْأَوَّلِ) وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ صَاحِبُ مَتْنِ الْبَهْجَةِ فَقَالَ: وَطَالِقٌ إنْ كُلِّمَتْ إنْ دَخَلَتْ ... إنْ أَوَّلًا بَعْدَ أَخِيرٍ فَعَلَتْ (قَوْلُهُ: إذَا حَصَلَ الثَّانِي) أَيْ الظِّهَارُ، وَقَوْلُهُ تَعَلَّقَ: أَيْ الْجُزْءُ، وَقَوْلُهُ بِالْأَوَّلِ: أَيْ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: تَعَلَّقَ بِالثَّانِي) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مَا لَمْ يُرِدْ بِالْبَعْضِ الْفَرْجَ) يَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ مَا إذَا أَطْلَقَ لِحُصُولِ الْحِنْثِ بِالْفَرْجِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَكَذَا يُقَالُ فِي النِّصْفِ إذْ هُوَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَصْدُقُ بِكُلِّ نِصْفٍ (قَوْلُهُ: أَوْ لَأَسُوأَنَّك فِيهِ) اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ الْمَارِّ وَلَوْ قَالَ لَا أُجَامِعُك إلَّا جِمَاعَ سُوءٍ (قَوْلُهُ: عَلَى مُوجَبِ الظِّهَارِ) مُتَعَلِّقٌ بِزِيَادَةٍ

وَالْأَوْجَهُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ أَنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا إنْ وَطِئَ ثُمَّ ظَاهَرَ عَلَى قِيَاسِ مَا فَسَّرَ بِهِ قَوْله تَعَالَى {قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ} [الجمعة: 6] الْآيَةَ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْأَوَّلَ شَرْطُ الْجُمْلَةِ الثَّانِي وَجَزَاؤُهُ، وَيُعْتَبَرُ عَنْ الْأَصْحَابِ بِأَنَّ كَلَامَهُمْ فِي الْإِيلَاءِ الْمَقْصُودُ مِنْهُ مَا يَصِيرُ بِهِ مُولِيًا وَمَا لَا يَصِيرُ، وَأَمَّا تَحْقِيقُ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْعِتْقُ فَإِنَّمَا جَاءَ بِطَرِيقِ الْعَرْضِ وَالْمَقْصُودُ غَيْرُهُ فَيُؤْخَذُ تَحْقِيقُهُ مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي الطَّلَاقِ، وَيَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْإِيلَاءِ، فَحَيْثُ اقْتَضَى التَّعْلِيقُ تَقْدِيمَ الظِّهَارِ وَتَعْلِيقَ الْعِتْقِ بَعْدَهُ بِالْوَطْءِ كَانَ إيلَاءً وَإِلَّا فَلَا، وَذَلِكَ الِاقْتِضَاءُ قَدْ يَكُونُ بِنِيَّةِ الْمُولِي وَقَدْ يَكُونُ بِقَرِينَةٍ فِي كَلَامِهِ وَقَدْ يَكُونُ بِمُجَرَّدِ دَلَالَةٍ لَفْظِيَّةٍ. (أَوْ) قَالَ (إنْ وَطِئْتُك فَضَرَّتُك طَالِقٌ) (فَمُولٍ) لِأَنَّ طَلَاقَ الضَّرَّةِ الْوَاقِعَ بِوَطْءِ الْمُخَاطَبَةِ يَضُرُّهُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمِثْلُهُ إنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ طَلَاقُ ضَرَّتِك أَوْ طَلَاقُك بِنَاءً عَلَى مَا جَرَيَا عَلَيْهِ فِي النَّذْرِ أَنَّ فِيهِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ لَكِنَّهُمَا جَرَيَا هُنَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ بِهِ شَيْءٌ فَحِينَئِذٍ لَا إيلَاءَ اهـ (فَإِنْ وَطِئَ) فِي الْمُدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا (طَلُقَتْ الضَّرَّةُ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ (وَزَالَ الْإِيلَاءُ) إذْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِوَطْئِهَا بَعْدُ وَلَوْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَأَنْت طَالِقٌ فَلَهُ وَطْؤُهَا وَعَلَيْهِ النَّزْعُ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ فِي الْفَرْجِ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ حِينَئِذٍ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ لِأَنَّهُ يَقَعُ فِي النِّكَاحِ وَالنَّزْعُ بَعْدَ الطَّلَاقِ تَرْكٌ لِلْوَطْءِ، وَهُوَ غَيْرُ مُحَرَّمٍ لِكَوْنِهِ وَاحِدًا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وُجُوبُ النَّزْعِ عَيْنًا وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا، فَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا فَالْوَاجِبُ النَّزْعُ أَوْ الرَّجْعَةُ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ إنْ وَطِئَ بَعْدَ الظِّهَارِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ بَعْدَهُ بِالْوَطْءِ (قَوْلُهُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ) كَتَبَ بِهَامِشِهِ بِإِزَائِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ بِرّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ إنْ وَطِئَ ثُمَّ ظَاهَرَ لَمْ أَفْهَمْ مَعْنَاهُ، إذْ كَيْفَ يُقَالُ إنَّ الْإِيلَاءَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْوَطْءِ ثُمَّ الظِّهَارِ وَلَعَلَّهُ انْتَقَلَ نَظَرُهُ مِنْ الْعِتْقِ إلَى الْإِيلَاءِ اهـ. وَكَأَنَّ وَجْهَ تَوَقُّفِهِ فِيهِ إنَّ مُقْتَضَى قِيَاسِ مَا ذُكِرَ بِالْآيَةِ اعْتِبَارُ تَقَدُّمِ الْوَطْءِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا مَعْنَى لِلْإِيلَاءِ لِأَنَّهُ إذَا حَصَلَ الْوَطْءُ لَمْ يَبْقَ مَحْلُوفًا عَلَيْهِ وَإِذَا حَصَلَ الظِّهَارُ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَيُعْتَذَرُ عَنْ الْأَصْحَابِ) أَيْ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهُ إذَا ظَاهَرَ مُولِيًا وَحِينَئِذٍ يَعْتِقُ بِالْوَطْءِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِ دَلَالَةٍ لَفْظِيَّةٍ) أَيْ وَمَا هُنَا مِنْ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمِثْلُهُ) مُعْتَمَدُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مَفْهُومٌ مِنْ تَقْدِيمِ الشَّارِحِ لَهُ عَلَى عَادَتِهِ (قَوْلُهُ إنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ طَلَاقُ) قَضِيَّةُ مَا ذَكَرَ هُنَا أَنَّهُ إذَا وَطِئَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ، بَلْ الْوَاجِبُ إمَّا كَفَّارَةُ يَمِينٍ عَلَى مَا فِي النَّذْرِ أَوْ عَدَمُ وُجُوبِ شَيْءٍ عَلَى مَا هُنَا، وَبَقِيَ احْتِمَالٌ ثَالِثٌ وَهُوَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بِتَقْدِيرِ الْوَطْءِ لِأَنَّ مَضْمُونَ كَلَامِهِ تَعْلِيقُ طَلَاقِ ضَرَّتِهَا أَوْ طَلَاقِهَا عَلَى وَطْئِهَا فَهَلَّا قِيلَ بِهِ، لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ طَلَّقْتُك وَأَنْتِ مُطَلَّقَةٌ وَيَا طَالِقُ عَلَيَّ الطَّلَاقُ صَرِيحٌ، قَالَ وَكَذَا الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي إذَا خَلَا عَنْ تَعْلِيقٍ كَمَا رَجَعَ إلَيْهِ: أَيْ الْوَالِدُ آخِرًا فِي فَتَاوِيهِ اهـ. وَمَفْهُومُهُ أَنَّ التَّنْجِيزَ يُخَالِفُ حُكْمَ التَّعْلِيقِ فِيمَا ذَكَرَ، وَعَلَيْهِ فَعَدَمُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ هُنَا لِاشْتِمَالِهِ عَلَى التَّعْلِيقِ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى وَجْهِ الْفَرْقِ بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَالتَّنْجِيزِ، وَقَدْ يُقَالُ: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ صِيغَةَ الِالْتِزَامِ لَا تَقْتَضِي وُقُوعًا بِذَاتِهَا، وَلَكِنَّهُ لُوحِظَ فِي التَّنْجِيزِ إخْرَاجُهَا عَنْ صُورَةِ الِالْتِزَامِ وَحَمْلُهَا عَلَى الْإِيقَاعِ دُونَ الِالْتِزَامِ لِقَرِينَةِ أَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ كَثِيرًا لِلْإِيقَاعِ، وَالْتِزَامُهُ لِمَا لَمْ يُعْهَدْ اسْتِعْمَالُهُ فِي مَعْنَى الْإِيقَاعِ بَقِيَ عَلَى أَصْلِهِ فَأُلْغِيَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْإِيقَاعِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ) أَيْ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ) هُوَ قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ النَّزْعُ بِتَغْيِيبِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ الرَّجْعَةُ) قَدْ يُقَالُ اسْتِعْمَالُ الرَّجْعَةِ قَبْلَ النَّزْعِ اسْتِدَامَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ أَنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا إنْ وَطِئَ ثُمَّ ظَاهَرَ) لَعَلَّ صَوَابَ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ يُعْتَقُ إنْ وَطِئَ ثُمَّ ظَاهَرَ، وَإِلَّا فَمَا مَعْنَى الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مُولٍ بَعْدُ وَقَوْلُ الشَّرْطَيْنِ الْوَطْءُ وَالظِّهَارُ الْمُوجَبَيْنِ لِحُصُولِ الْعِتْقِ عَقِبَ آخِرِهِمَا، ثُمَّ رَأَيْت الشَّيْخَ عَمِيرَةَ سَبَقَ إلَى هَذَا.

فَلَوْ اسْتَدَامَ الْوَطْءَ وَلَوْ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِإِبَاحَةِ الْوَطْءِ ابْتِدَاءً، وَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ أَيْضًا لِأَنَّ وَطْأَهُ وَقَعَ فِي النِّكَاحِ وَإِنْ نَزَعَ ثُمَّ أَوْلَجَ، فَإِنْ كَانَ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِطَلَاقٍ بَائِنٍ نُظِرَ، فَإِنْ جَهِلَا التَّحْرِيمَ فَوَطْءُ شُبْهَةٍ كَمَا لَوْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً فَلَهَا الْمَهْرُ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا وَإِنْ عَلِمَاهُ فَزِنًا، وَإِنْ أَكْرَهَهَا عَلَى الْوَطْءِ أَوْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ دُونَهَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ وَالْمَهْرُ وَلَا حَدَّ عَلَيْهَا، أَوْ هِيَ دُونَهُ وَقَدَرَتْ عَلَى الدَّفْعِ فَعَلَيْهَا الْحَدُّ وَلَا مَهْرَ لَهَا. (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُكُنَّ فَلَيْسَ بِمُولٍ فِي الْحَالِ) لِأَنَّهُ يَحْنَثُ إلَّا بِوَطْءِ الْجَمِيعِ، إذْ الْمَعْنَى لَا أَطَأُ جَمِيعَكُنَّ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ هَؤُلَاءِ وَفَارَقَتْ مَا بَعْدَهَا بِأَنَّ هَذِهِ مِنْ بَابِ سَلْبِ الْعُمُومِ وَتِلْكَ مِنْ بَابِ عُمُومِ السَّلْبِ كَمَا يَأْتِي (فَإِنْ جَامَعَ ثَلَاثًا) مِنْهُنَّ وَلَوْ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ أَوْ فِي الدُّبُرِ لِأَنَّ الْيَمِينَ تَشْمَلُ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ (فَمُولٍ مِنْ الرَّابِعَةِ) لِحِنْثِهِ حِينَئِذٍ بِوَطْئِهَا (فَلَوْ مَاتَ بَعْضُهُنَّ قَبْلَ وَطْءٍ زَالَ الْإِيلَاءُ) لِتَحَقُّقِ امْتِنَاعِ الْحِنْثِ، إذْ الْوَطْءُ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى مَا فِي الْحَيَاةِ. أَمَّا بَعْدَ وَطْئِهَا وَقَبْلَ وَطْءِ الْأُخْرَيَاتِ فَلَا يَزُولُ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ أَنَّهُ مُولٍ مِنْ الْأَرْبَعِ فِي الْحَالِ لِأَنَّهُ بِوَطْءِ وَاحِدَةٍ يَقْرُبُ مِنْ الْحِنْثِ الْمَحْذُورِ وَالْقُرْبُ مِنْ الْمَحْذُورِ مَحْذُورٌ. (وَلَوْ) (قَالَ) لَهُنَّ وَاَللَّهِ (لَا أُجَامِعُ) وَاحِدَةً مِنْكُنَّ وَلَمْ يُرِدْ وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً أَوْ مُبْهَمَةً بِأَنْ أَرَادَ الْكُلَّ أَوْ أَطْلَقَ كَانَ مُولِيًا مِنْ كُلٍّ مِنْهُنَّ حَمْلًا لَهُ عَلَى عُمُومِ السَّلْبِ، فَإِنَّ النَّكِرَةَ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ لِلْعُمُومِ فَيَحْنَثُ بِوَطْءِ وَاحِدَةٍ وَيَرْتَفِعُ الْإِيلَاءُ. أَمَّا إذَا أَرَادَ وَاحِدَةً بِالنِّيَّةِ فَيَخْتَصُّ بِهَا أَوْ لَا أُجَامِعُ (كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ) (فَمُولٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ) مِنْهُنَّ عَلَى حِدَتِهَا لِعُمُومِ السَّلْبِ لِوَطْئِهِنَّ، بِخِلَافِ لَا أَطَؤُكُنَّ فَإِنَّهُ لِسَلْبِ الْعُمُومِ: أَيْ لَا يَعُمُّ وَطْءٌ لَكُنَّ، فَإِذَا وَطِئَ وَاحِدَةً حَنِثَ وَزَالَ الْإِيلَاءُ فِي حَقِّ الْبَاقِيَاتِ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ تَصْحِيحِ الْأَكْثَرِينَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقَالَ الْإِمَامُ: لَا يَزُولُ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الْحُكْمِ بِتَخْصِيصِ كُلٍّ بِالْإِيلَاءِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَعْنَى، وَلِذَا بَحَثَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ تَخْصِيصَ كُلٍّ بِالْإِيلَاءِ لَمْ يَنْحَلَّ وَإِلَّا كَانَ كَلَا أُجَامِعُكُنَّ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِوَطْءِ جَمِيعِهِنَّ. وَأَجَابَ عَنْهُ الْبُلْقِينِيُّ بِمَا لَا يَدْفَعُهُ، وَمِنْ ثَمَّ أَيَّدَهُ غَيْرُهُ بِقَوْلِ الْمُحَقِّقِينَ تَأَخُّرُ الْمُسَوَّرِ بِكُلٍّ عَنْ النَّفْيِ يُفِيدُ سَلْبَ الْعُمُومِ لَا عُمُومَ السَّلْبِ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَتْ تَسْوِيَةُ الْأَصْحَابِ بَيْنَ صُورَةِ الْكِتَابِ وَلَا أَطَأُ وَاحِدَةً مُشْكِلَةٌ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ مَا قَالَهُ الْمُحَقِّقُونَ أَكْثَرِيٌّ لَا كُلِّيٌّ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان: 18] وَقَدْ يُوَجَّهُ تَصْحِيحُ الْأَكْثَرِينَ ـــــــــــــــــــــــــــــSلِلْوَطْءِ إلَى تَمَامِ الصِّيغَةِ وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ، فَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ مِنْ وُجُوبِ النَّزْعِ عَيْنًا، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ وَالرَّجْعِيِّ ظَاهِرٌ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ لِقِصَرِ زَمَنِهِ لَمْ يُعَدَّ اسْتِدَامَةً فِي الطَّلَاقِ. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ هَؤُلَاءِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِتَكْلِيمِ الْجَمِيعِ، وَالْكَلَامُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَلَوْ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُ وَاحِدًا مِنْهُمْ حَنِثَ بِتَكْلِيمِ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى انْفِرَادِهِ (قَوْلُهُ أَوْ فِي الدُّبْرِ إلَخْ) يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا فَأَكَلَ لَحْمَ مَيْتَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ لِانْصِرَافِ اللَّحْمِ إلَى الْحَلَالِ فَقِيَاسُهُ هُنَا أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالْوَطْءِ فِي الدُّبْرِ حَمْلًا لِلْوَطْءِ عَلَى الْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ إذْ هُوَ الْجَائِزُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: عَدَمُ الْحِنْثِ بِأَكْلِ الْمَيْتَةِ لَيْسَ لِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ حَرَامًا بَلْ لِعَدَمِ إرَادَتِهِ فِي الْعُرْفِ، بِخِلَافِ الْوَطْءِ فَإِنَّهُ صَادِقٌ بِالْأَعَمِّ مِنْ الْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ وَالدُّبْرِ عُرْفًا فَحُمِلَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَالْقُرْبُ مِنْ الْمَحْذُورِ مَحْذُورٌ) هَذَا مَمْنُوعٌ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْقُرْبِ مِنْ الْحَرَامِ وُقُوعُهُ فِيهِ، نَعَمْ الْأَوْلَى تَرْكُهُ خَوْفًا مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ مَنْ حَامَ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ. (قَوْلُهُ فَيَخْتَصُّ بِهَا) ظَاهِرُهُ قَبُولُهُ ظَاهِرًا وَقِيَاسُ مَا مَرَّ أَنَّهُ يُدَيَّنُ (قَوْلُهُ: فَإِذَا وَطِئَ وَاحِدَةً) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ فَمُولٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: وَلِذَا) أَيْ لِمَا قَالَهُ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ أَيَّدَهُ) أَيْ كَلَامَ الْإِمَامِ، وَقَوْلُهُ غَيْرُهُ: أَيْ غَيْرَ الْبُلْقِينِيِّ (قَوْلُهُ: بَيْنَ صُورَةِ الْكِتَابِ) أَيْ لَا أُجَامِعُ كُلَّ وَاحِدَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: تَصْحِيحِ الْأَكْثَرِينَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَجَابَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ بَحْثِ الرَّافِعِيِّ وَقَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ أَيَّدَهُ أَيْ بَحْثَ الرَّافِعِيِّ كَمَا تُصَرِّحُ بِهِ عِبَارَةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ

بِأَنَّهُمْ إنَّمَا حَكَمُوا بِإِيلَائِهِ مِنْ كُلِّهِنَّ ابْتِدَاءً فَقَطْ، لِأَنَّ اللَّفْظَ ظَاهِرٌ فِيهِ سَوَاءٌ أَقُلْنَا إنَّ عُمُومَهُ بَدَلِيٌّ أَوْ شُمُولِيٌّ وَأَمَّا إذَا وَطِئَ إحْدَاهُنَّ فَلَا يُحْكَمُ بِالْعُمُومِ الشُّمُولِيِّ حِينَئِذٍ حَتَّى تَتَعَدَّدَ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّهُ يُعَارِضُهُ أَصْلُ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ مِنْهَا بِوَطْءٍ مَنْ بَعْدَ الْأُولَى، وَيُسَاعِدُ هَذَا الْأَصْلَ تَرَدُّدُ اللَّفْظِ بَيْنَ الْعُمُومِ الْبَدَلِيِّ وَالشُّمُولِيِّ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فِي الشُّمُولِيِّ فَلَمْ تَجِبْ كَفَّارَةٌ أُخْرَى بِالشَّكِّ، وَيَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِهَا ارْتِفَاعُ الْإِيلَاءِ، وَلَا نَظَرَ لِنِيَّةِ الْكُلِّ فِي الْأُولَى وَلَا لَفْظِ كُلٍّ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ حُكْمٌ رَتَّبَهُ الشَّارِعُ فَلَمْ تَتَعَدَّدْ إلَّا بِمَا يَقْتَضِي تَعَدُّدَ الْحِنْثِ نَصًّا وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ هُنَا. (وَلَوْ) (قَالَ) وَاَللَّهِ (لَا أُجَامِعُك) سَنَةً أَوْ (إلَى سَنَةٍ) وَأَرَادَ سَنَةً كَامِلَةً أَوْ أَطْلَقَ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ (إلَّا مَرَّةً) وَأَطْلَقَ (فَلَيْسَ بِمُولٍ فِي الْحَالِ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ لَا حِنْثَ بِوَطْئِهِ مَرَّةً لِاسْتِثْنَائِهَا أَوْ السَّنَةَ فَإِنْ بَقِيَ مِنْهَا عِنْدَ الْحَلِفِ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ فَإِيلَاءٌ وَإِلَّا فَلَا (فَإِنْ وَطِئَ وَبَقِيَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ السَّنَةِ (أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَمُولٍ) مِنْ يَوْمِئِذٍ لِحِنْثِهِ بِهِ فَحِينَئِذٍ يَمْتَنِعُ مِنْهُ، أَوْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَأَقَلُّ فَحَالِفٌ فَقَطْ وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا حَتَّى مَضَتْ السَّنَةُ انْحَلَّ الْإِيلَاءُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَلَا نَظَرَ لِاقْتِضَاءِ اللَّفْظِ وَطْأَهُ مَرَّةً لِأَنَّ الْقَصْدَ مَنْعُ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا لَا إيجَادُهَا. وَالثَّانِي هُوَ مُولٍ فِي الْحَالِ لِأَنَّهُ بِالْوَطْءِ مَرَّةً يَقْرُبُ مِنْ الْحِنْثِ، وَعَلَيْهِ فَلَا مُطَالَبَةَ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ، فَإِنْ وَطِئَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِأَنَّ الْوَطْأَةَ الْوَاحِدَةَ مُسْتَثْنَاةٌ، وَتُضْرَبُ الْمُدَّةُ ثَانِيًا إنْ بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ، وَلَوْ قَالَ السَّنَةَ بِالتَّعْرِيفِ اقْتَضَى الْحَاضِرَةَ، فَإِنْ بَقِيَ مِنْهَا فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ وَطْئِهِ الْعَدَدُ الَّذِي اسْتَثْنَاهُ كَانَ مُولِيًا وَإِلَّا فَلَا، أَوْ قَالَ لَا أَصَبْتُك إنْ شِئْت وَأَرَادَ مَشِيئَتَهَا الْجِمَاعَ أَوْ الْإِيلَادَ فَقَالَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ مِنْ التَّسْوِيَةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: إنَّ عُمُومَهُ بَدَلِيٌّ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ امْتِنَاعُهُ صَادِقًا بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بَدَلَ الْأُخْرَى بِأَنْ يُحْمَلُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ وَطْءِ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَمْ شُمُولِيٌّ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ لَا أَطَأُ هَذِهِ وَلَا هَذِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إذَا وَطِئَ) مِنْ تَتِمَّةِ التَّوْجِيهِ. (قَوْلُهُ: إلَّا مَرَّةً وَأَطْلَقَ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَصَدَ أَنَّهُ يَطَؤُهَا مَرَّةً لَا أَكْثَرَ، فَإِذَا مَضَتْ السَّنَةُ وَلَمْ يَطَأْ حَنِثَ لِعَدَمِ وُجُودِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ. [فَرْعٌ] قَالَ سم عَلَى حَجّ: وَقَدْ سُئِلَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ عَمَّا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِيمَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ عَلَى صَدِيقِهِ أَنَّهُ لَا يَبِيتُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ عِنْدَ أَحَدٍ إلَّا عِنْدَهُ فَمَضَتْ الْجُمُعَةُ وَلَمْ يَبِتْ عِنْدَهُ: أَيْ وَلَا عِنْدَ غَيْرِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَلَوْ بَاتَ عِنْدَ غَيْرِهِ حَنِثَ لِأَنَّ الْمَبِيتَ عِنْدَ غَيْرِهِ هُوَ الْمَمْنُوعُ مِنْهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مِنْهُ بِعَدَمِ الْحِنْثِ كَمَا نَقَلَهُ عِنْدَ الْعِرَاقِيِّ فَأَجَابَ بِأَنَّ مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ مُعْتَمَدٌ، وَهُوَ حِينَئِذٍ نَظِيرُ مَا ذَكَرَ هُنَا عَنْ الْبُلْقِينِيِّ فِي مَسْأَلَةٍ الشَّكْوَى، لِأَنَّ التَّقْدِيرَ لَا يَبِيتُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ عِنْدَ أَحَدٍ إلَّا عِنْدَهُ، فَالْغَرَضُ وَالْقَصْدُ نَفْيُ الْمَبِيتِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ عِنْدَ غَيْرِهِ لَا إيجَادُ الْمَبِيتِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ عِنْدَهُ. فَإِنْ قُلْت: أَحَدٍ فِي قَوْلِكُمْ لَا أَبِيتُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ عِنْدَ أَحَدٍ شَامِلٌ لِنَفْسِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَحَدٌ، فَإِذَا بَاتَ فِي بَيْتِ نَفْسِهِ فَقَدْ بَاتَ عِنْدَ أَحَدٍ غَيْرِ الْحَالِفِ فَيَنْبَغِي الْحِنْثُ. قُلْت: قَضِيَّةُ مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَأَقَرَّهُ الْعِرَاقِيُّ وَبَيَّنَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ أَنَّ ذَلِكَ مُعْتَمَدٌ أَنَّهُ لَا الْتِفَاتَ إلَى ذَلِكَ الشُّمُولِ، وَكَأَنَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُرَادُ فِي الْعُرْفِ الْعَامِّ بِأَحَدٍ فِي مِثْلِ ذَلِكَ إلَّا غَيْرُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، هَذَا هُوَ مُقْتَضَى مَا قَالَهُ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ: أَوْ السَّنَةِ) كَذَا فِي نُسْخَةٍ وَالْأَوْلَى إسْقَاطُهَا لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ السَّنَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ الثَّانِي ـــــــــــــــــــــــــــــQوَبَيَّنَ فِي الشَّرْحِ الْمَذْكُورِ صُورَةَ جَوَابِ الْبُلْقِينِيِّ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ السَّنَةَ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ سَنَةً (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَقِيَ مِنْهَا عِنْدَ الْحَلِفِ إلَخْ.) لَعَلَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ لَا أُجَامِعُ السَّنَةَ وَلَمْ يَأْتِ بِاسْتِثْنَاءٍ وَإِنْ أَبَى السِّيَاقُ هَذَا وَإِلَّا فَسَيَأْتِي قَرِيبًا مَسْأَلَةُ مَا إذَا اسْتَثْنَى.

[فصل في أحكام الإيلاء من ضرب مدة وما يتفرع عليها]

شِئْتُ فَوْرًا صَارَ مُولِيًا لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَإِلَّا فَلَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ مَتَى شِئْت أَوْ نَحْوَهَا فَلَا تُشْتَرَطُ الْفَوْرِيَّةُ، وَإِنْ أَرَادَ إنْ شِئْت أَنْ لَا أُجَامِعُك فَلَا إيلَاءَ إذْ مَعْنَاهُ لَا أُجَامِعُك إلَّا بِرِضَاك وَلَا يَلْزَمُهُ بِوَطْئِهَا بِرِضَاهَا شَيْءٌ. وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ الْمَشِيئَةَ حَمْلًا لَهَا عَلَى مَشِيئَتِهِ عَدَمِ الْجِمَاعِ لِأَنَّهُ السَّابِقُ إلَى الْفَهْمِ، أَوْ وَاَللَّهِ لَا أَصَبْتُك إلَّا أَنْ تَشَائِي أَوْ مَا لَمْ تَشَائِي وَأَرَادَ التَّعْلِيقَ لِلْإِيلَاءِ أَوْ الِاسْتِثْنَاءَ عَنْهُ فَمُولٍ لِأَنَّهُ حَلَفَ وَعَلَّقَ رَفْعَ الْيَمِينِ بِالْمَشِيئَةِ، وَإِنْ شَاءَتْ الْإِصَابَةَ فَوْرًا انْحَلَّ الْإِيلَاءُ وَإِلَّا فَلَا، أَوْ وَاَللَّهِ لَا أَصَبْتُك حَتَّى يَشَاءَ فُلَانٌ فَإِنْ شَاءَ الْإِصَابَةَ وَلَوْ مُتَرَاخِيًا انْحَلَّتْ يَمِينُهُ، وَإِنْ لَمْ يَشَأْهَا صَارَ مُولِيًا بِمَوْتِهِ قَبْلَ الْمَشِيئَةِ لِلْيَأْسِ مِنْهَا لَا بِمُضِيِّ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ لِعَدَمِ الْيَأْسِ مِنْ الْمَشِيئَةِ، أَوْ إنْ وَطِئْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ قَبْلَهُ بِشَهْرٍ وَمَضَى شَهْرٌ صَارَ مُولِيًا إذْ لَوْ جَامَعَهَا قَبْلَ مُضِيِّهِ لَمْ يَحْصُلْ الْعِتْقُ لِتَعَذُّرِ تَقَدُّمِهِ عَلَى اللَّفْظِ وَيَنْحَلُّ الْإِيلَاءُ بِذَلِكَ الْوَطْءِ، فَإِنْ وَطِئَ بَعْدَ شَهْرٍ فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ أَوْ بَعْدَهَا وَقَدْ بَاعَ الْعَبْدَ قَبْلَهُ بِشَهْرٍ انْحَلَّ الْإِيلَاءُ لِعَدَمِ لُزُومِ شَيْءٍ بِالْوَطْءِ حِينَئِذٍ لِتَقَدُّمِ الْبَيْعِ عَلَى وَقْتِ الْعِتْقِ أَوْ مُقَارَنَتِهِ لَهُ، وَإِنْ بَاعَهُ قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَ بِدُونِ شَهْرٍ مِنْ الْبَيْعِ تَبَيَّنَ عِتْقُهُ قَبْلَ الْوَطْءِ بِشَهْرٍ فَيَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ بَيْعِهِ، وَفِي مَعْنَى بَيْعِهِ كُلُّ مَا يُزِيلُ الْمِلْكَ مِنْ هِبَةٍ أَوْ مَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِمَا. . (فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْإِيلَاءِ مِنْ ضَرْبِ مُدَّةٍ وَمَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهَا (يُمْهَلُ) وُجُوبًا الْمُولِي مِنْ غَيْرِ مُطَالَبَةٍ (أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) رِفْقًا بِهِ وَلِلْآيَةِ وَلَوْ قِنًّا أَوْ قِنَّةً لِأَنَّ الْمُدَّةَ شُرِعَتْ لِأَمْرِ جِبِلِّيٍّ هُوَ قِلَّةُ صَبْرِهَا، فَلَمْ يَخْتَلِفْ بِرِقٍّ وَحُرِّيَّةٍ كَمُدَّةِ عُنَّةٍ وَحَيْضٍ وَتُحْسَبُ الْمُدَّةُ (مِنْ) حِينِ (الْإِيلَاءِ) لِأَنَّهُ مُولٍ مِنْ وَقْتَئِذٍ وَلَوْ (بِلَا قَاضٍ) لِثُبُوتِهَا بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ، وَبِهِ فَارَقَتْ نَحْوَ مُدَّةِ الْعُنَّةِ، نَعَمْ فِي إنْ جَامَعْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ قَبْلَ جِمَاعِي بِشَهْرٍ لَا تُحْسَبُ الْمُدَّةُ مِنْ الْإِيلَاءِ بَلْ بَعْدَ مُضِيِّ الشَّهْرِ لِأَنَّهُ لَوْ وَطِئَ قَبْلَهُ لَمْ يَعْتِقْ (وَ) تُحْسَبُ (فِي رَجْعِيَّةٍ) وَمُرْتَدَّةٍ حَالَ الْإِيلَاءِ (مِنْ الرَّجْعَةِ) أَوْ زَوَالِ الرِّدَّةِ كَزَوَالِ الصِّغَرِ أَوْ الْمَرَضِ كَمَا يَأْتِي لَا مِنْ الْيَمِينِ لِأَنَّ بِذَلِكَ يَحِلُّ الْوَطْءُ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَيُمْكِنُ فِي الْأَخِيرَيْنِ، أَمَّا لَوْ آلَى ثُمَّ طَلَّقَ رَجْعِيًّا انْقَطَعَتْ الْمُدَّةُ لِحُرْمَةِ وَطْئِهَا وَتُسْتَأْنَفُ مِنْ الرَّجْعَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: انْحَلَّ الْإِيلَاءُ وَإِلَّا فَلَا) دَخَلَ فِيهِ مَا لَوْ شَاءَتْ الْإِصَابَةَ بَعْدَ مُدَّةٍ فَلَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ، وَانْظُرْ وَجْهَهُ وَأَيَّ فَرْقٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ حَتَّى يَشَاءَ فُلَانٌ إلَخْ. (فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْإِيلَاءِ (قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ فِي الْأَخِيرَيْنِ) أَيْ الصِّغَرِ أَوْ الْمَرَضِ (قَوْلُهُ فِي صُورَةِ صِحَّةِ الْإِيلَاءِ مَعَهُمَا السَّابِقَةِ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْإِيلَاءِ مِنْ ضَرْبِ مُدَّةٍ وَمَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهَا] فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْإِيلَاءِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ مُطَالَبَةٍ) يَحْتَمِلُ أَنَّهُ بَيَانٌ لِلْإِمْهَالِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِلَفْظِ الْمُطَالَبَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَيْدًا لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهَا لَا تُضْرَبُ إلَّا بِطَلَبِهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ جَعَلَ هَذَا مَسْأَلَةً مُسْتَقِلَّةً بَعْدَ مَسْأَلَةِ الرَّجْعَةِ، وَهُوَ الْأَلْيَقُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَخْذُهُ مَفْهُومَ الْمَتْنِ، وَإِلَّا يَتَوَجَّهْ عَلَيْهِ كَلَامُ الشِّهَابِ الْآتِي (قَوْلُهُ: فَتَنْقَطِعُ الْمُدَّةُ أَوْ تَبْطُلُ) قَالَ الشِّهَابُ سم: أَيْ تَنْقَطِعُ إنْ حَدَثَ ذَلِكَ فِيهَا وَتَبْطُلُ إنْ حَدَثَ ذَلِكَ بَعْدَهَا، ثُمَّ قَالَ:

وَلَا تُحْسَبُ فِي عِدَّةِ الشُّبْهَةِ، بَلْ تُسْتَأْنَفُ إذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ إنْ بَقِيَ مِنْ مُدَّةِ الْيَمِينِ فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِأَنَّ الْإِضْرَارَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالِامْتِنَاعِ الْمُتَوَالِي أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فِي نِكَاحٍ سَلِيمٍ. (وَلَوْ) (ارْتَدَّ أَحَدُهُمَا) قَبْلَ دُخُولٍ انْفَسَخَ النِّكَاحُ كَمَا مَرَّ أَوْ (بَعْدَ دُخُولٍ فِي الْمُدَّةِ) أَوْ بَعْدَهَا (انْقَطَعَتْ) لِحُرْمَةِ وَطْئِهَا حِينَئِذٍ (فَإِذَا) (أَسْلَمَ) الْمُرْتَدُّ مِنْهُمَا فِي الْعِدَّةِ (اُسْتُؤْنِفَتْ) الْمُدَّةُ لِمَا ذُكِرَ الْمَعْلُومُ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْوَطْءِ مُطْلَقًا أَوْ بَقِيَ مِنْ مُدَّةِ الْيَمِينِ مَا يَزِيدُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِلِاسْتِئْنَافِ. (وَمَا مَنَعَ الْوَطْءَ وَلَمْ يُخِلَّ بِنِكَاحٍ إنْ وُجِدَ فِيهِ) أَيْ الزَّوْجِ (لَمْ يَمْنَعْ الْمُدَّةَ) شَرْعِيًّا كَانَ الْمَانِعُ (كَصَوْمٍ وَإِحْرَامٍ) أَمْ حِسِّيًّا كَحَبْسٍ (وَمَرَضٍ وَجُنُونٍ) لِأَنَّهَا مُمْكِنَةٌ وَالْمَانِعُ مِنْهُ مَعَ أَنَّهُ الْمُقَصِّرُ بِالْإِيلَاءِ (أَوْ) وُجِدَ (فِيهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (وَهُوَ حِسِّيٌّ كَصِغَرٍ وَمَرَضٍ) يَمْنَعُ مِنْ إيلَاجِ الْحَشَفَةِ (مَنَعَ) الْمُدَّةَ فَلَا يُبْتَدَأُ بِهَا حَتَّى يَزُولَ. (وَإِنْ) (حَدَثَ) نَحْوُ مَرَضِهَا الْمَانِعِ مِنْ ذَلِكَ أَوْ نُشُوزِهَا وَكَذَا مَانِعُهَا الشَّرْعِيُّ غَيْرَ نَحْوِ حَيْضٍ كَتَلَبُّسِهَا بِفَرْضٍ كَصَوْمٍ (فِي) أَثْنَاءِ (الْمُدَّةِ) (قَطَعَهَا) لِأَنَّهُ لَمْ يَمْتَنِعْ مِنْ الْوَطْءِ لِأَجْلِ الْيَمِينِ بَلْ لِتَعَذُّرِهِ (فَإِذَا زَالَ) وَقَدْ بَقِيَ فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْيَمِينِ (اُسْتُؤْنِفَتْ) الْمُدَّةُ لِمَا مَرَّ (وَقِيلَ تُبْنَى) لِبَقَاءِ النِّكَاحِ هُنَا وَخَرَجَ بِفِي الْمُدَّةِ طُرُوُّ ذَلِكَ بَعْدَهَا فَلَا يَمْنَعُهَا بَلْ يُطَالَبُ بِالْفَيْئَةِ بَعْدَ زَوَالِهَا لِوُجُودِ الْمَضَارَّةِ فِي الْمُدَّةِ عَلَى التَّوَالِي مَعَ بَقَاءِ النِّكَاحِ عَلَى سَلَامَتِهِ وَبِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ هُنَا وَمَا مَرَّ فِي الرِّدَّةِ وَالرَّجْعَةِ (أَوْ) وُجِدَ فِيهَا وَهُوَ (شَرْعِيٌّ كَحَيْضٍ) أَوْ نِفَاسٍ كَمَا قَالَاهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (وَصَوْمِ نَفْلٍ فَلَا) يَمْنَعُ الْمُدَّةَ وَلَا يَقْطَعُهَا لَوْ حَدَثَ فِيهَا لِأَنَّ الْحَيْضَ لَا يَخْلُو عَنْهُ الشَّهْرُ غَالِبًا، فَلَوْ مَنَعَ لَامْتَنَعَ ضَرْبُ الْمُدَّةِ غَالِبًا وَأُلْحِقَ بِهِ النِّفَاسُ طَرْدًا لِلْبَابِ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِهِ وَمُشَارِكٌ لَهُ فِي أَكْثَرِ أَحْكَامِهِ وَلِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ وَطْئِهَا مَعَ نَحْوِ صَوْمِ النَّفْلِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَنْظُرُوا هُنَا لِكَوْنِهِ يَهَابُ مَعَهُ الْوَطْءَ، وَمِنْ ثَمَّ حَرَّمُوا عَلَيْهَا صَوْمَ نَحْوِ النَّفْلِ مَعَ حُضُورِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، لِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى التَّمَكُّنِ وَعَدَمِهِ فَلَمْ يَنْظُرُوا لِكَوْنِهِ يَهَابُ الْإِقْدَامَ بِخِلَافِهِ ثَمَّ. (وَيَمْنَعُ) الْمُدَّةَ وَيَقْطَعُهَا صَوْمٌ أَوْ اعْتِكَافٌ (فَرْضٌ) وَإِحْرَامٌ يَمْتَنِعُ تَحْلِيلُهَا مِنْهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْوَطْءِ مَعَهُ. وَالثَّانِي لَا لِتَمَكُّنِهِ مِنْهُ لَيْلًا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ الصَّوْمَ الْمُوَسَّعَ زَمَنُهُ مِنْ نَحْوِ قَضَاءٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ يَمْنَعُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَإِنْ اسْتَظْهَرَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ الْمُتَرَاخِيَ كَصَوْمِ النَّفْلِ وَالِاعْتِكَافِ الْوَاجِبِ وَالْإِحْرَامِ وَلَوْ بِنَفْلٍ كَصَوْمِ الْفَرْضِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ خِلَافًا لِتَخْصِيصِ الْجُرْجَانِيِّ الْإِحْرَامَ بِالْفَرْضِ. (فَإِنْ وَطِئَ فِي الْمُدَّةِ انْحَلَّتْ) الْيَمِينُ وَفَاتَ الْإِيلَاءُ وَلَزِمَتْهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي الْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَلَا يُطَالَبُ بَعْدَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَطَأْ فِيهَا (فَلَهَا) دُونَ وَلِيِّهَا وَسَيِّدِهَا بَلْ يُوقَفُ حَتَّى تَكْمُلَ بِبُلُوغٍ أَوْ عَقْلٍ (مُطَالَبَتُهُ) بَعْدَهَا وَإِنْ كَانَ حَلِفُهُ بِالطَّلَاقِ (بِأَنْ يَفِئَ) أَيْ يَرْجِعَ إلَى الْوَطْءِ الَّذِي امْتَنَعَ مِنْهُ بِالْإِيلَاءِ مِنْ فَاءَ إذَا رَجَعَ (أَوْ يُطَلِّقَ) إنْ لَمْ يَفِ لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِأَنْ ذَكَرَ مُدَّةً يُحْتَمَلُ فِيهَا الْوَطْءُ. (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهَا) كَانَ يَنْبَغِي لَهُ حَيْثُ زَادَ هَذَا أَنْ يَزِيدَ قَوْلَهُ أَوْ بَطَلَتْ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ انْقَطَعَتْ وَلَعَلَّهُ أَدْخَلَ الْبُطْلَانَ فِي الِانْقِطَاعِ تَغْلِيبًا (قَوْلُهُ: لِمَا ذُكِرَ) الْمُتَبَادَرُ أَنَّهُ قَوْلُهُ: لِحُرْمَةِ وَطْئِهَا حِينَئِذٍ، وَلَيْسَ مُرَادًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ لِأَنَّ الْإِيذَاءَ إنَّمَا يَحْصُلُ إلَخْ. كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ يَمْتَنِعُ تَحْلِيلُهَا) أَيْ بِأَنْ كَانَ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا وَأَحْرَمَتْ بِإِذْنِ الزَّوْجِ. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَفِ) الْقِيَاسُ رَسْمُهُ بِالْيَاءِ ثُمَّ رَأَيْته فِي نُسْخَةٍ كَذَلِكَ وَعَلَى عَدَمِ ثُبُوتِ الْيَاءِ فَيُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ بِأَنَّهُ سُكِّنَ أَوَّلًا قَبْلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَكِنَّ هَذَا ظَاهِرٌ فِي صُورَةِ الطَّلَاقِ، وَاسْتُشْهِدَ فِي ذَلِكَ بِعِبَارَةِ الرَّوْضِ، ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا فِي صُورَةِ الْوَطْءِ فَغَيْرُ ظَاهِرٍ فِي حُدُوثِهِ بَعْدَ الْمُدَّةِ، فَقَدْ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَعْدَ ذِكْرِ الرَّوْضِ أُمُورًا مِنْهَا عِدَّةُ الشُّبْهَةِ. نَعَمْ إنْ طَرَأَ شَيْءٌ مِنْهَا بَعْدَ الْمُدَّةِ وَقَبْلَ الْمُطَالَبَةِ ثُمَّ زَالَتْ فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِلَا اسْتِئْنَافِ مُدَّةٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ زَوَالِهَا) كَانَ الظَّاهِرُ زَوَالَهُ (قَوْلُهُ: وَالِاعْتِكَافُ الْوَاجِبُ وَالْإِحْرَامُ إلَخْ)

أَنَّهَا تُرَدِّدُ الطَّلَبَ بَيْنَ الْفَيْئَةِ وَالطَّلَاقِ وَهُوَ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا فِي مَوْضِعٍ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَإِنْ صَوَّبَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا لِظَاهِرِ النَّصِّ أَنَّهَا تُطَالِبُهُ بِالْفَيْئَةِ، فَإِنْ لَمْ يَفِئْ طَالَبَتْهُ بِالطَّلَاقِ، وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ فِي مَنْهَجِهِ لِأَنَّ نَفْسَهُ قَدْ لَا تَسْمَحُ بِالْوَطْءِ وَلِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الطَّلَاقِ إلَّا بَعْدَ الِامْتِنَاعِ مِنْ الْوَطْءِ وَالْيَمِينُ بِالطَّلَاقِ لَا تَمْنَعُ حِلَّ الْإِيلَاجِ لَكِنْ يَجِبُ النَّزْعُ حَالًا (وَلَوْ تَرَكَتْ حَقَّهَا) بِسُكُوتِهَا عَنْ مُطَالَبَةِ زَوْجِهَا أَوْ بِإِسْقَاطِ الْمُطَالَبَةِ عَنْهُ (فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بَعْدَهُ) مَا لَمْ تَنْتَهِ مُدَّةُ الْيَمِينِ لِتَجَدُّدِ الضَّرَرِ هُنَا كَالْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ بِخِلَافِهِ فِي الْعُنَّةِ وَالْعَيْبِ وَالْإِعْسَارِ بِالْمَهْرِ لِأَنَّهُ خَصْلَةٌ وَاحِدَةٌ. (وَتَحْصُلُ الْفَيْئَةُ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا (بِتَغْيِيبِ حَشَفَةٍ) أَوْ قَدْرِهَا مِنْ فَاقِدِهَا (بِقُبُلٍ) مَعَ زَوَالِ بَكَارَةِ بِكْرٍ كَمَا مَرَّ وَلَوْ غَوْرَاءَ وَإِنْ حَرُمَ الْوَطْءُ بِفِعْلِهَا فَقَطْ وَإِنْ لَمْ تَنْحَلَّ بِهِ الْيَمِينُ لِأَنَّهُ لَمْ يَطَأْ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْوَطْءِ لَمْ يَحْصُلْ إلَّا بِمَا ذَكَرَ بِخِلَافِهِ فِي دُبُرٍ فَلَا تَحْصُلْ بِهِ فَيْئَةٌ لَكِنْ تَنْحَلُّ بِهِ الْيَمِينُ وَتَسْقُطُ الْمُطَالَبَةُ لِحِنْثِهِ بِهِ، فَإِنْ أُرِيدَ عَدَمُ حُصُولِ الْفَيْئَةِ بِهِ مَعَ بَقَاءِ الْإِيلَاءِ تَعَيَّنَ تَصْوِيرُهُ بِمَا إذَا حَلَفَ لَا يَطَؤُهَا فِي قُبُلِهَا وَبِمَا إذَا حَلَفَ وَلَمْ يُقَيِّدْ لَكِنَّهُ فَعَلَهُ نَاسِيًا لِلْيَمِينِ أَوْ مُكْرَهًا فَلَا تَنْحَلُّ بِهِ. (وَلَا مُطَالَبَةَ) بِفَيْئَةٍ وَلَا طَلَاقٍ (إنْ كَانَ بِهَا مَانِعُ وَطْءٍ كَحَيْضٍ) وَنِفَاسٍ وَإِحْرَامٍ وَصَوْمِ فَرْضٍ أَوْ اعْتِكَافِهِ (وَمَرَضٍ) لَا يُمْكِنُ مَعَهُ الْوَطْءُ لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ إنَّمَا تَكُونُ بِمُسْتَحَقٍّ وَهِيَ لَا تَسْتَحِقُّ الْوَطْءَ لِتَعَذُّرِهِ مِنْ جِهَتِهَا، وَمَا تَعَجَّبَ مِنْهُ فِي الْوَسِيطِ مِنْ مَنْعِ الْحَيْضِ لِلطَّلَبِ مَعَ عَدَمِ قَطْعِهِ الْمُدَّةَ رُدَّ بِأَنَّ مَنْعَهُ لِحُرْمَةِ الْوَطْءِ مَعَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَعَدَمُ قَطْعِهِ لِلْمَصْلَحَةِ وَإِلَّا لَمْ تُحْسَبْ مُدَّةٌ غَالِبًا كَمَا مَرَّ، وَقَوْلُهُمْ إنَّ طَلَاقَ الْمُولِي فِي الْحَيْضِ غَيْرُ بِدْعِيٍّ لَا يُشْكِلُ بِعَدَمِ مُطَالَبَتِهِ بِهِ إذْ هُوَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا طُولِبَ زَمَنَ الطُّهْرِ بِالْفَيْئَةِ فَتَرَكَ مَعَ تَمَكُّنِهِ ثُمَّ حَاضَتْ فَتُطَالِبُ بِالطَّلَاقِ حِينَئِذٍ. (وَإِنْ) (كَانَ فِيهِ مَانِعٌ طَبِيعِيٌّ كَمَرَضٍ) يَضُرُّ مَعَهُ الْوَطْءُ وَلَوْ بِنَحْوِ بُطْءِ بُرْءٍ (طُولِبَ) بِالْفَيْئَةِ بِلِسَانِهِ (بِأَنْ يَقُولَ إذَا قَدَرْتُ فِئْتُ) لِأَنَّهُ يَنْدَفِعُ بِهِ إيذَاؤُهُ لَهَا بِالْحَلِفِ بِلِسَانِهِ وَيَزِيدُ نَدْبًا وَنَدِمْتُ عَلَى مَا فَعَلْتُ، ثُمَّ إذَا لَمْ يَفِئْ طَالَبَتْهُ بِالطَّلَاقِ (أَوْ شَرْعِيٌّ كَإِحْرَامٍ) لَمْ يَقْرُبْ تَحَلُّلُهُ مِنْهُ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ، وَصَوْمِ فَرْضٍ وَلَمْ يُسْتَمْهَلْ إلَى اللَّيْلِ، وَظِهَارٍ وَلَمْ يُسْتَمْهَلْ إلَى الْكَفَّارَةِ بِغَيْرِ الصَّوْمِ (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُطَالَبُ بِطَلَاقٍ) عَيْنًا لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ وَلَا يُطَالَبُ بِالْفَيْئَةِ لِحُرْمَةِ الْوَطْءِ وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا تَمْكِينُهُ، وَالطَّرِيقُ ـــــــــــــــــــــــــــــSدُخُولِ الْجَازِمِ تَخْفِيفًا ثُمَّ حُذِفَتْ الْيَاءُ الْمَدِّيَّةُ قَبْلَهُ وَصَارَ يَفِيءُ بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ أُبْدِلَتْ يَاءً لِسُكُونِهَا بَعْدَ كَسْرَةِ ثُمَّ أُدْخِلَ الْجَازِمُ وَنَزَلَتْ الْيَاءُ الْعَارِضَةُ مَنْزِلَةَ الْأَصْلِيَّةِ فَحُذِفَتْ لِلْجَازِمِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَوْرَاءَ) أَيْ حَيْثُ كَانَ ذَكَرُهُ يَصِلُ إلَى مَحَلِّ الْبَكَارَةِ وَإِلَّا فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ كَمَا لَوْ كَانَ مَجْبُوبًا قَبْلَ الْحَلِفِ فَلَا يُطَالَبُ بِإِزَالَتِهَا (قَوْلُهُ: وَتَسْقُطُ الْمُطَالَبَةُ لِحِنْثِهِ بِهِ) أَيْ وَتَكُونُ فَائِدَتُهُ الْإِثْمُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ تَصْوِيرُهُ إلَخْ) [فَرْعٌ] فِي سم عَلَى حَجّ: وَمِنْ صُوَرِ الْإِيلَاءِ لَا أَطَؤُك إلَّا فِي الدُّبْرِ، فَإِنْ وَطِئَ فِي الدُّبْرِ فَإِنْ زَالَ الْإِيلَاءُ بِذَلِكَ فَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ الْوَطْءَ فِي الدُّبْرِ غَيْرُ مَحْلُوفٍ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَزُلْ فَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ نَظِيرُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْحَاشِيَةِ قُبَيْلَ الْفَصْلِ فِي نَحْوِ لَا تَخْرُجِي إلَّا بِإِذْنِي وَلَا أُكْمِلُهُ إلَّا فِي شَرٍّ فَإِنَّ قِيَاسَ مَا تَقَدَّمَ فِي ذَلِكَ انْحِلَالُ الْيَمِينِ فَيُزِيلُ الْإِيلَاءَ إلَّا أَنْ يَخْتَارَ الثَّانِيَ. وَيُجَابُ بِأَنَّ بَقَاءَ الْإِيلَاءِ هُنَا لِمُدْرَكٍ يَخُصُّ هَذَا وَهُوَ بَقَاءُ الْمُضَارَّةِ الَّتِي هِيَ سَبَبٌ فِي حُكْمِ الْإِيلَاءِ فَلْتُرَاجَعْ الْمَسْأَلَةُ وَلْتُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ لَا يُشْكِلُ بِعَدَمِ مُطَالَبَتِهِ بِهِ) أَيْ بِالْوَطْءِ (قَوْلُهُ كَمَرَضٍ) أَيْ أَوْ جَبٍّ أَوْ كَانَتْ آلَتُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ مَا حَلَّ بِهِ الْمَتْنُ، مَعَ أَنَّ فِي ذَلِكَ زِيَادَةَ قَيْدٍ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي الْإِحْرَامِ إذَا امْتَنَعَ تَحْلِيلُهَا مِنْهُ: أَيْ بِأَنْ كَانَ بِإِذْنِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أُرِيدَ عَدَمُ حُصُولِ الْفَيْئَةِ بِهِ) يَعْنِي: فَإِنْ أُرِيدَ تَصْوِيرُ تَقَدُّمِ الْفَيْئَةِ مَعَ بَقَاءِ الْإِيلَاءِ فَلْيُصَوَّرْ

الثَّانِي أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِالطَّلَاقِ بِخُصُوصِهِ، وَلَكِنْ يُقَالُ لَهُ إنْ فِئْتُ عَصَيْت وَأَفْسَدْت عِبَادَتَك وَإِنْ طَلَّقْتَ ذَهَبَتْ زَوْجَتُك وَإِنْ لَمْ تُطَلِّقْ طَلَّقْنَا عَلَيْك، كَمَنْ غَصَبَ دَجَاجَةً وَلُؤْلُؤَةً فَابْتَلَعَتْهَا يُقَالُ لَهُ إنْ ذَبَحْتَهَا غَرِمْتَهَا وَإِلَّا غَرِمْتَ اللُّؤْلُؤَةَ، وَرُدَّ بِأَنَّ الِابْتِلَاعَ الْمَانِعَ لَيْسَ مِنْهُ وَهُنَا الْمَانِعُ مِنْ الزَّوْجِ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ زَالَ الضَّرَرُ بَعْدَ فَيْئَةِ اللِّسَانِ طُولِبَ بِالْوَطْءِ. أَمَّا إذَا قَرُبَ التَّحَلُّلُ أَوْ اُسْتُمْهِلَ فِي الصَّوْمِ إلَى اللَّيْلِ أَوْ فِي الْكَفَّارَةِ إلَى الْعِتْقِ أَوْ الْإِطْعَامِ فَإِنَّهُ يُمْهَلُ وَقَدَّرَ الْبَغَوِيّ الْأَخِيرَ بِيَوْمٍ وَنِصْفٍ وَقَدَّرَهُ غَيْرُهُ بِثَلَاثَةٍ وَهُوَ الْأَقْرَبُ. (فَإِنْ) (عَصَى بِوَطْءٍ) فِي الْقُبُلِ أَوْ الدُّبُرِ وَقَدْ أَطْلَقَ الِامْتِنَاعَ مِنْ الْوَطْءِ (سَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ) وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ وَتَأْثَمُ بِتَمْكِينِهِ قَطْعًا إنْ عَمَّهُمَا الْمَانِعُ كَطَلَاقٍ رَجْعِيٍّ أَوْ خَصَّهَا كَحَيْضٍ، وَكَذَا إنْ خَصَّهُ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ (وَإِنْ أَبَى) عِنْدَ تَرَافُعِهِمَا إلَى الْحَاكِمِ فَلَا يَكْفِي ثُبُوتُ إبَائِهِ مَعَ غَيْبَتِهِ عَنْ مَجْلِسِهِ إلَّا عِنْدَ تَعَذُّرِ إحْضَارِهِ لِتَوَارِيهِ أَوْ تَعَزُّرِهِ (الْفَيْئَةَ وَالطَّلَاقَ فَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْقَاضِيَ يُطَلِّقُ عَلَيْهِ) بِسُؤَالِهَا (طَلْقَةً) وَاحِدَةً وَإِنْ بَانَتْ بِهَا نِيَابَةً عَنْهُ إذْ لَا سَبِيلَ إلَى دَوَامِ ضَرَرِهَا وَلَا إجْبَارِهِ عَلَى الْفَيْئَةِ لِعَدَمِ دُخُولِهَا تَحْتَ الْإِجْبَارِ، وَالطَّلَاقُ يَقْبَلُ النِّيَابَةَ فَنَابَ فِيهِ عَنْهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ الِامْتِنَاعِ كَمَا يُزَوِّجُ عَنْ الْعَاضِلِ وَيَسْتَوْفِي الْحَقَّ مِنْ الْمُمَاطِلِ بِأَنْ يَقُولَ أَوْقَعْتُ عَلَيْهَا طَلْقَةً أَوْ طَلَّقْتُهَا عَنْهُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ عَنْهُ فَلَوْ حَذَفَ عَنْهُ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ كَمَا قَالَهُ الدَّارِمِيُّ فِي الِاسْتِذْكَارِ وَخَرَجَ بِطَلْقَةٍ مَا زَادَ عَلَيْهَا فَلَا يَقَعُ، كَمَا لَوْ بَانَ أَنَّهُ فَاءَ أَوْ طَلَّقَ فَإِنْ طَلَّقَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ نَفَذَ تَطْلِيقُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَنَفَذَ تَطْلِيقُ الزَّوْجِ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِطَلَاقِ الْقَاضِي كَمَا صَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ، فَلَوْ طَلَّقَا مَعًا وَقَعَ الطَّلَاقَانِ لِإِمْكَانِ تَصْحِيحِهِمَا، بِخِلَافِ بَيْعِ غَائِبٍ بَانَتْ مُقَارَنَتُهُ لِبَيْعِ الْحَاكِمِ عَنْهُ لِتَعَذُّرِ تَصْحِيحِهِمَا فَقُدِّمَ الْأَقْوَى، فَإِنْ طَلَّقَ مَعَ الْفَيْئَةِ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ لِأَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ. وَالثَّانِي لَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْآيَةِ مُضَافٌ إلَيْهِ بَلْ يَحْبِسُهُ أَوْ يُعَزِّرُهُ لِيَفِيءَ أَوْ يُطَلِّقَ (وَ) الْأَظْهَرُ (أَنَّهُ لَا يُمْهَلُ) لِلْفَيْئَةِ بِالْفِعْلِ فِيمَا إذَا اُسْتُمْهِلَ لَهَا (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) لِزِيَادَةِ إضْرَارِهَا. أَمَّا الْفَيْئَةُ بِاللِّسَانِ فَلَا يُمْهَلُ قَطْعًا كَالزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثِ. وَأَمَّا مَا دُونَهَا فَيُمْهَلُ لَهُ لَكِنْ يُقَدَّرُ مَا يَنْتَهِي فِيهِ مَانِعُهُ كَوَقْتِ الْفِطْرِ لِلصَّائِمِ وَالشِّبَعِ لِلْجَائِعِ وَالْخِفَّةِ لِلْمُبْتَلَى وَقُدِّرَ بِيَوْمٍ فَأَقَلَّ. وَالثَّانِي يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِقُرْبِهَا وَقَدْ يَنْشَطُ فِيهَا لِلْوَطْءِ. (وَ) الْأَظْهَرُ (أَنَّهُ إذَا) (وَطِئَ بَعْدَ مُطَالَبَةٍ) أَوْ قَبْلَهَا بِالْأَوْلَى (لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ) إنْ كَانَ حَلِفُهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى لِحِنْثِهِ، وَالْمَغْفِرَةُ وَالرَّحْمَةُ فِي الْآيَةِ لِمَا عَصَى بِهِ مِنْ الْإِيلَاءِ فَلَا يَنْفِيَانِ الْكَفَّارَةَ الْمُسْتَقِرَّ وُجُوبُهَا فِي كُلِّ حِنْثٍ. وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَرُدَّ بِمَا مَرَّ، أَمَّا إذَا حَلَفَ بِالْتِزَامِ مَا يَلْزَمُ فَإِنْ كَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا تُزِيلُ بَكَارَتَهَا لِكَوْنِهَا غَوْرَاءَ (قَوْلُهُ: إنْ ذَبَحْتَهَا غَرِمْتَهَا) أَيْ مَا بَيْنَ قِيمَتِهَا مَذْبُوحَةً وَحَيَّةً (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا قَرُبَ التَّحَلُّلُ) وَيَظْهَرُ ضَبْطُهُ بِمَا يَأْتِي عَنْ غَيْرِ الْبَغَوِيّ اهـ حَجّ: أَيْ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ لِتَوَارِيهِ أَوْ لِتَعَزُّرِهِ) هَلَّا زَادُوا أَوْ لِغَيْبَةٍ تُسَوِّغُ الْحُكْمَ عَلَى الْغَائِبِ اهـ سم عَلَى حَجّ. قَدْ يُقَالُ: إنَّمَا لَمْ يَزِيدُوهُ لِعُذْرِهِ فِي غَيْبَتِهِ فَلَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ، بِخِلَافِ كُلٍّ مِنْ الْمُتَوَارِي وَالْمُتَعَزِّرِ فَإِنَّهُ مُقَصِّرٌ بِتَوَارِيهِ أَوْ تَعَزُّرِهِ فَغُلِّظَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: يُطَلَّقُ عَلَيْهِ بِسُؤَالِهَا طَلْقَةً) أَيْ وَتَقَعُ رَجْعِيَّةً (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَانَتْ بِهَا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ لَهَا مِنْ عَدَدِ الطَّلَاقِ غَيْرُهَا (قَوْلُهُ فَلَوْ حَذَفَ عَنْهُ) ظَاهِرٌ وَإِنْ نَوَى عَنْهُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ طَلَّقَهَا) أَيْ الْقَاضِي. (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا حَلَفَ بِالْتِزَامِ مَا يَلْزَمُ) بَلْ وَكَذَا بِغَيْرِ مَا يَلْزَمُ ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَخْ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ) يَعْنِي: إذَا كَانَ بِهِ مَانِعٌ طَبِيعِيٌّ (قَوْلُهُ: مَا زَادَ عَلَيْهَا فَلَا يَقَعُ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الَّذِي لَا يَقَعُ هُوَ الزَّائِدُ فَقَطْ، وَأَصْرَحُ مِنْهُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الرَّوْضِ: لَمْ يَقَعْ الزَّائِدُ. اهـ. فَالتَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِ كَمَا لَوْ بَانَ أَنَّهُ فَاءَ أَوْ طَلَّقَ غَيْرُ تَامٍّ إذْ لَا وُقُوعَ فِي الْمُشَبَّهِ بِهِ أَصْلًا (قَوْلُهُ: وَنَفَذَ تَطْلِيقُ الزَّوْجِ أَيْضًا) أُخِذَ مِنْهُ أَنَّ طَلَاقَ الْقَاضِي يَقَعُ رَجْعِيًّا، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ رَاجَعَهَا عَادَ حُكْمُ الْإِيلَاءِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفِي

[كتاب الظهار]

بِقُرْبَةٍ تَخَيَّرَ بَيْنَ مَا الْتَزَمَهُ وَكَفَّارَةِ يَمِينٍ أَوْ بِتَعْلِيقٍ بِنَحْوِ طَلَاقٍ وَقَعَ بِوُجُودِ الصِّفَةِ، وَلَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي الْإِيلَاءِ أَوْ فِي انْقِضَاءِ مُدَّتِهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ، أَوْ اعْتَرَفَتْ بِالْوَطْءِ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَأَنْكَرَهُ سَقَطَ حَقُّهَا مِنْ الطَّلَبِ عَمَلًا بِاعْتِرَافِهَا وَلَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهَا عَنْهُ لِاعْتِرَافِهَا بِوُصُولِهَا لِحَقِّهَا، وَلَوْ كَرَّرَ يَمِينَ الْإِيلَاءِ وَأَرَادَ تَأْكِيدًا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ كَنَظِيرِهِ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ وَلَوْ مَعَ طُولِ الْفَصْلِ وَتَعَدُّدِ الْمَجْلِسِ وَيُفَارِقُ تَنْجِيزَ الطَّلَاقِ بِأَنَّهُ إنْشَاءٌ وَإِيقَاعٌ، وَالْإِيلَاءُ وَالتَّعْلِيقُ مُتَعَلِّقَانِ بِأَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ فَالتَّأْكِيدُ بِهِمَا أَلْيَقُ، أَوْ أَرَادَ الِاسْتِئْنَافَ تَعَدَّدَتْ الْأَيْمَانُ، وَإِنْ أَطْلَقَ بِأَنْ لَمْ يُرِدْ تَأْكِيدًا وَلَا اسْتِئْنَافًا فَوَاحِدَةٌ إنْ اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ حَمْلًا عَلَى التَّأْكِيدِ وَإِلَّا تَعَدَّدَتْ لِبُعْدِ التَّأْكِيدِ مَعَ اخْتِلَافِ الْمَجْلِسِ وَنَظِيرُهُمَا جَارٍ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ، وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ حَلَفَ يَمِينًا سَنَةً وَيَمِينًا سَنَتَيْنِ مَثَلًا وَعِنْدَ الْحُكْمِ بِتَعَدُّدِ الْيَمِينِ يَكْفِيهِ لِانْحِلَالِهَا وَطْءٌ وَاحِدٌ وَيَتَخَلَّصُ بِالطَّلَاقِ عَنْ الْأَيْمَانِ كُلِّهَا وَتَكْفِيهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. كِتَابُ الظِّهَارِ مَأْخُوذٌ مِنْ الظَّهْرِ، وَسُمِّيَ بِهِ لِتَشْبِيهِ الزَّوْجَةِ بِظَهْرِ نَحْوِ الْأُمِّ، وَخُصَّ بِهِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الرُّكُوبِ وَالْمَرْأَةُ مَرْكُوبُ الزَّوْجِ وَمِنْ ثَمَّ سُمِّيَ الْمَرْكُوبُ ظَهْرًا وَكَانَ طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ بَلْ قِيلَ وَأَوَّلِ الْإِسْلَامِ، وَقِيلَ لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ لِتَبْقَى مُعَلَّقَةً لَا ذَاتَ زَوْجٍ وَلَا خَلِيَّةً تَنْكِحُ غَيْرَهُ فَنَقَلَ الشَّرْعُ حُكْمَهُ إلَى تَحْرِيمِهَا بَعْدَ الْعَوْدِ وَلُزُومِ الْكَفَّارَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى مَا مَرَّ لَهُ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ طَلَاقُك إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ بِقُرْبَةٍ) أَيْ غَيْرِ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ طَلَاقٍ) وَمِنْهُ الْعِتْقُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَرَّرَ يَمِينَ الْإِيلَاءِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ يَمِينُهُ بِالطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: لِبُعْدِ التَّأْكِيدِ) أَيْ لِبُعْدِ الْحَمْلِ عَلَى التَّأْكِيدِ مَعَ اخْتِلَافِ الْمَجْلِسِ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي قَصْدِ التَّأْكِيدِ مَعَ طُولِ الْفَصْلِ وَاخْتِلَافِ الْمَجْلِسِ (قَوْلُهُ وَعِنْدَ الْحُكْمِ بِتَعَدُّدِ الْيَمِينِ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ الِانْحِلَالِ عِنْدَ التَّعَدُّدِ، وَأَيُّ فَرْقٍ حِينَئِذٍ بَيْنَ التَّعَدُّدِ وَعَدَمِهِ، وَلَعَلَّهُ أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ التَّعَدُّدِ تَكْفِيهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَعِنْدَ التَّعَدُّدِ تَجِبُ كَفَّارَاتٌ بِعَدَدِ الْأَيْمَانِ بِالْوَطْأَةِ الْوَاحِدَةِ وَلَا يَجِبُ شَيْءٌ بِمَا زَادَ عَلَيْهَا. كِتَابُ الظِّهَارِ (قَوْلُهُ: وَكَانَ طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ) أَيْ وَهَلْ كَانَ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا فِيهِ نَظَرٌ. أَقُولُ: وَالْقِصَّةُ الَّتِي هِيَ سَبَبٌ فِي نُزُولِ قَوْله تَعَالَى {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ} [المجادلة: 1] إلَخْ قَدْ تَقْتَضِي أَنَّهُ كَانَ طَلَاقًا لَا حِلَّ بَعْدَهُ لَا بِرَجْعَةٍ وَلَا بِعَقْدٍ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَمَّا جَاءَتْ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَظْهَرَتْ ضَرُورَتَهَا بِأَنَّ مَعَهَا مِنْ زَوْجِهَا أَوْلَادًا صِغَارًا إنْ ضَمَّتْهُمْ إلَى نَفْسِهَا جَاعُوا وَإِنْ رَدَّتْهُمْ إلَى أَبِيهِمْ ضَاعُوا، لِأَنَّهُ كَانَ قَدْ عَمِيَ وَكَبِرَ وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَنْ يَقُومُ بِأَمْرِهِمْ وَجَاءَ زَوْجُهَا إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يُقَادُ فَلَمْ يُرْشِدْهُمْ إلَى مَا يَكُونُ سَبَبًا فِي عَوْدِهَا إلَى زَوْجِهَا بَلْ قَالَ لَهَا حُرِّمْت عَلَيْهِ، فَلَوْ كَانَ رَجْعِيًّا لَأَرْشَدَهُ إلَى الرَّجْعَةِ، أَوْ بَائِنًا تَحِلُّ لَهُ بِعَقْدٍ لَأَمَرَهُ بِتَجْدِيدِ نِكَاحِهِ فَتَوَقُّفُهُ وَانْتِظَارُهُ لِلْوَحْيِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ طَلَاقًا لَا حِلَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQرَجْعِيَّةٍ مِنْ الرَّجْعَةِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: وَأَنْكَرَهُ) أَيْ أَوْ لَمْ يُنْكِرْهُ. [كِتَابُ الظِّهَارِ] [أَرْكَانُ الظِّهَارَ] كِتَابُ الظِّهَارِ (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ ظَهْرِ الْأُمِّ) فِي نُسْخَةِ التُّحْفَةِ بِظَهْرِ نَحْوِ الْأُمِّ وَهِيَ الْأَصْوَبُ (قَوْلُهُ: وَخُصَّ بِهِ) لَعَلَّ الضَّمِيرَ

[صريح الظهار]

وَهُوَ حَرَامٌ، بَلْ كَبِيرَةٌ لِأَنَّ فِيهِ إقْدَامًا عَلَى إحَالَةِ حُكْمِ اللَّهِ وَتَبْدِيلِهِ وَهَذَا أَخْطُرُ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الْكَبَائِرِ، إذْ قَضِيَّتُهُ الْكُفْرُ لَوْلَا خُلُوُّ الِاعْتِقَادِ عَنْ ذَلِكَ وَاحْتِمَالُ التَّشْبِيهِ لِذَلِكَ وَغَيْرِهِ وَمِنْ ثَمَّ سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى {مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} [المجادلة: 2] فِي الْآيَةِ أَوَّلَ الْمُجَادَلَةِ النَّازِلَةِ فِي «أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ لَمَّا ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ فَاشْتَكَتْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهَا حُرِّمْت عَلَيْهِ وَكَرَّرَهُ» . وَأَرْكَانُهُ مُظَاهِرٌ وَمُظَاهَرٌ مِنْهَا وَمُشَبَّهٌ بِهِ وَصِيغَةٌ (وَيَصِحُّ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ مُكَلَّفٍ) مُخْتَارٍ دُونَ أَجْنَبِيٍّ وَإِنْ نَكَحَ بَعْدُ وَسَيِّدٍ وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمُكْرَهٍ لِمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ، نَعَمْ لَوْ عَلَّقَهُ بِصِفَةٍ فَوُجِدَتْ وَهُوَ مَجْنُونٌ مَثَلًا حَصَلَ (وَلَوْ) هُوَ (ذِمِّيٍّ) وَحَرْبِيٍّ لِعُمُومِ الْآيَةِ، وَكَوْنُهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْكَفَّارَةِ مَمْنُوعٌ بِإِطْلَاقِهِ إذْ فِيهَا شَائِبَةُ الْغَرَامَاتِ وَيُتَصَوَّرُ عِتْقُهُ بِنَحْوِ إرْثٍ لِمُسْلِمٍ (أَوْ خَصِيٍّ) وَنَحْوِ مَمْسُوحٍ وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ إيلَاؤُهُ كَمِنْ الرَّتْقَاءِ لِأَنَّ الْجِمَاعَ مَقْصُودٌ ثَمَّ لَا هُنَا وَعَبْدٍ وَإِنْ لَمْ يُتَصَوَّرْ مِنْهُ الْعِتْقُ لِإِمْكَانِ تَكْفِيرِهِ بِالصَّوْمِ. (وَظِهَارُ سَكْرَانَ) تَعَدَّى بِسُكْرِهِ (كَطَلَاقِهِ) فَيَصِحُّ مِنْهُ وَإِنْ صَارَ كَالزِّقِّ. [صَرِيحُ الظِّهَارِ] (وَصَرِيحُهُ) أَيْ الظِّهَارِ (أَنْ يَقُولَ) أَوْ يُشِيرَ الْأَخْرَسُ الَّذِي يَفْهَمُ إشَارَتَهُ كُلُّ أَحَدٍ (لِزَوْجَتِهِ) وَلَوْ رَجْعِيَّةً قِنَّةً غَيْرَ مُكَلَّفَةٍ لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهَا (أَنْتِ عَلَيَّ أَوْ مِنِّي أَوْ) لِي أَوْ إلَيَّ أَوْ (مَعِي أَوْ عِنْدِي كَظَهْرِ أُمِّي) لِأَنَّ عَلَيَّ وَأُلْحِقَ بِهَا مَا ذَكَرَ الْمَعْهُودُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ (وَكَذَا أَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّهِ صَرِيحٌ عَلَى الصَّحِيحِ) كَمَا أَنَّ أَنْتِ طَالِقٌ صَرِيحٌ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ مِنِّي لِتُبَادِرْهُ بِالذِّهْنِ. وَالثَّانِي أَنَّهُ كِنَايَةٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ أَنْتِ عَلَى غَيْرِي كَظَهْرِ أُمِّهِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ قَالَ أَرَدْت بِهِ غَيْرِي لَمْ يُقْبَلْ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَجَزَمَ بِهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ قَبُولَ هَذِهِ الْإِرَادَةِ بَاطِنًا (وَقَوْلُهُ) لَهَا (جِسْمُك أَوْ بَدَنُك) وَجُمْلَتُك (أَوْ نَفْسُك) أَوْ ذَاتُك (كَبَدَنِ أُمِّي أَوْ جِسْمِهَا أَوْ جُمْلَتِهَا) أَوْ ذَاتِهَا (صَرِيحٌ) لِتَضَمُّنِهِ لِلظَّهْرِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الصِّلَةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ التَّصْرِيحِ بِالصِّلَةِ لَيْسَ بِظِهَارٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ. (وَالْأَظْهَرُ) الْجَدِيدُ (أَنَّ) (قَوْلَهُ) لَهَا أَنْتِ (كَيَدِهَا أَوْ بَطْنِهَا أَوْ صَدْرِهَا) وَنَحْوِهَا مِنْ كُلِّ عُضْوٍ لَا يُذْكَرْ لِلْكَرَامَةِ (ظِهَارٌ) لِأَنَّهُ عُضْوٌ يَحْرُمُ التَّلَذُّذُ بِهِ فَكَانَ كَالظَّهْرِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSبَعْدَهُ لَا بِرَجْعَةٍ وَلَا بِعَقْدٍ (قَوْلُهُ: بَلْ كَبِيرَةٌ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لَوْلَا خُلُوُّ الِاعْتِقَادِ عَنْ ذَلِكَ) أَيْ إحَالَةِ حُكْمِ اللَّهِ (قَوْلُهُ: لَمَّا ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ) خَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ عَلَى اخْتِلَافٍ فِي اسْمِهَا وَنَسَبِهَا كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: حَصَلَ) أَيْ الظِّهَارُ أَمَّا الْعَوْدُ فَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِإِمْسَاكِهَا بَعْدَ الْإِفَاقَةِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ إرْثٍ) أَيْ أَوْ بِنَحْوِ بَيْعٍ ضِمْنِيٍّ أَوْ هِبَةٍ ضِمْنِيَّةٍ (قَوْلُهُ: كَمِنْ الرَّتْقَاءِ) أَيْ كَمَا لَا يَصِحُّ إيلَاؤُهُ مِنْ الرَّتْقَاءِ فَهُوَ مِثَالٌ لِلْمَنْفِيِّ. (قَوْلُهُ الْمَعْهُودُ) أَيْ هُوَ الْمَعْهُودُ فَهُوَ بِالرَّفْعِ خَبَرُ أَنَّ (قَوْلُهُ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَوْ نَفْسُك) أَيْ بِسُكُونِ الْفَاءِ، أَمَّا بِفَتْحِهَا فَلَا يَكُونُ بِهِ مُظَاهِرًا لِأَنَّ النَّفَسَ لَيْسَ جُزْءًا مِنْهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الصِّلَةَ) هِيَ عَلَيَّ. (قَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ الْجَدِيدُ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْقَدِيمَ بِخِلَافِهِ وَلَا يَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ لِجَوَازِ أَنَّ فِيهِ خِلَافًا عَلَى الْجَدِيدِ فَعَبَّرَ بِالْأَظْهَرِ نَظَرًا لَهُ (قَوْلُهُ أَنْتِ كَيَدِهَا) شَمَلَ الْمُتَّصِلَ وَالْمُنْفَصِلَ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ فَهُوَ مِنْ بَابِ التَّعْبِيرِ بِالْبَعْضِ عَنْ الْكُلِّ لَا مِنْ بَابِ السِّرَايَةِ، وَعِبَارَةُ ع: قَوْلُهُ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ إلَخْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَمْ يَتَعَرَّضُوا هُنَا لِكَوْنِ ذَلِكَ بِطَرِيقِ التَّعْبِيرِ بِالْبَعْضِ عَنْ الْكُلِّ أَوْ السِّرَايَةِ، وَقَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ مَجِيئُهُ اهـ. وَوَدَدْتُ لَوْ كَانَ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ الْآتِي وَقَوْلُهُ رَأْسُك أَوْ ظَهْرُك أَوْ يَدُك اهـ. أَقُولُ: وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُ مَا اقْتَضَاهُ التَّشْبِيهُ عَلَى مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَأَنَّ الرَّاجِحَ فِيهِ أَنَّهُ مِنْ بَابِ السِّرَايَةِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ لِمَقْطُوعَةِ يَمِينٍ يَمِينُك عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لَمْ يَكُنْ مُظَاهِرًا (قَوْلُهُ: لَا يُذْكَرُ لِلْكَرَامَةِ) أَيْ وَهُوَ مِنْ الْأَعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي خُصَّ يَرْجِعُ لِلَفْظِ تَشْبِيهٍ وَفِي بِهِ لِلظَّهْرِ، وَلَفْظُ بِهِ لَيْسَ فِي عِبَارَةِ التُّحْفَةِ وَلَا غَيْرِهَا فَالْأَوْلَى حَذْفُهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَجْنُونٌ مَثَلًا) الْأَوْلَى حَذْفُ مَثَلًا (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ إرْثِهِ لِمُسْلِمٍ) لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا التَّكَلُّفِ وَهُوَ إنَّمَا احْتَاجُوا إلَيْهِ لِتَصْوِيرِ دُخُولِ الْمُسْلِمِ فِي مِلْكِ الْكَافِرِ ابْتِدَاءً، فَيَكْفِي فِي التَّصْوِيرِ هُنَا أَنْ يَقُولَ بِأَنْ يُسْلِمَ عِنْدَهُ [ظِهَارُ السَّكْرَانَ] (قَوْلُهُ: كَظَهْرِ أُمِّهِ) لَعَلَّهُ كَظَهْرِ

وَالثَّانِي أَنَّهُ لَيْسَ بِظِهَارٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى صُورَةِ الظِّهَارِ الْمَعْهُودَةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ (وَكَذَا) قَوْلُهُ أَنْتِ عَلَيَّ (كَعَيْنِهَا) أَوْ رَأْسِهَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَحْتَمِلُ الْكَرَامَةَ كَأَنْتِ كَأُمِّي أَوْ رُوحِهَا أَوْ وَجْهِهَا ظِهَارٌ (إنْ قَصَدَ) بِهِ (ظِهَارًا) لِأَنَّهُ نَوَى مَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ (وَإِنْ قَصَدَ كَرَامَةً فَلَا) يَكُونُ ظِهَارًا لِذَلِكَ (وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِي الْأَصَحِّ) لِاحْتِمَالِهِ الْكَرَامَةَ وَغَلَبَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحُرْمَةِ وَالْكَفَّارَةِ. وَالثَّانِي يُحْمَلُ عَلَى الظِّهَارِ، وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ لِأَنَّ اللَّفْظَ صَرِيحٌ فِي التَّشْبِيهِ بِبَعْضِ أَجْزَاءِ الْأُمِّ. (وَقَوْلُهُ) لَهَا (رَأْسُك أَوْ ظَهْرُك أَوْ يَدُك) أَوْ رِجْلُك أَوْ بَدَنُك أَوْ جِلْدُك أَوْ شَعْرُك أَوْ فَرْجُك أَوْ نَحْوُهَا مِنْ الْأَعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ (عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي) (ظِهَارٌ فِي الْأَظْهَرِ) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَلَيَّ كَمَا مَرَّ، أَمَّا الْبَاطِنَةُ كَالْكَبِدِ وَالْقَلْبِ فَلَا يَكُونُ ذِكْرُهَا ظِهَارًا فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهَا لَا يُمْكِنُ التَّمَتُّعُ بِهَا حَتَّى تُوصَفَ بِالْحُرْمَةِ وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي عُضْوِ الْمَحْرَمِ أَيْضًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَالثَّانِي لَيْسَ بِظِهَارٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى صُورَةِ الظِّهَارِ الْمَعْهُودَةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. (وَالتَّشْبِيهُ بِالْجَدَّةِ) مِنْ الْجِهَتَيْنِ وَإِنْ بَعُدَتْ (ظِهَارٌ) لِأَنَّهَا تُسَمَّى أُمًّا (وَالْمَذْهَبُ طَرْدُهُ) أَيْ هَذَا الْحُكْمُ (فِي كُلِّ مَحْرَمٍ) شَبَّهَ بِهَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رِضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ (لَمْ يَطْرَأْ) عَلَى الْمُظَاهِرِ (تَحْرِيمُهَا) كَأُخْتِهِ نَسَبًا وَمُرْضِعَةِ أُمِّهِ أَوْ أَبِيهِ وَزَوْجَتِهِ الَّتِي نَكَحَهَا قَبْلَ وِلَادَتِهِ وَأُمِّهَا بِجَامِعِ التَّحْرِيمِ الْمُؤَبَّدِ ابْتِدَاءً، وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِوُرُودِ النَّصِّ فِي الْأُمِّ (لَا مُرْضِعَةٍ) لَهُ (وَزَوْجَةِ ابْنٍ) لَهُ لِأَنَّهُمَا لَمَّا حَلَّتَا لَهُ فِي وَقْتٍ اُحْتُمِلَ إرَادَتُهُ وَأَمَّا ابْنَةُ مُرْضِعَتِهِ فَإِنْ وُلِدَتْ بَعْدَ ارْتِضَاعِهِ فَهِيَ لَمْ تَحِلَّ فِي حَالَةٍ مِنْ الْحَالَاتِ بِخِلَافِ الْمَوْلُودَةِ قَبْلَهُ، وَكَالْمَوْلُودَةِ بَعْدَهُ الْمَوْلُودَةُ مَعَهُ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ. (وَلَوْ) (شَبَّهَ) زَوْجَتَهُ (بِأَجْنَبِيَّةٍ وَمُطَلَّقَةٍ وَأُخْتِ زَوْجَةٍ وَبِأَبٍ) مَثَلًا (وَمُلَاعَنَةٍ) (فَلَغْوٌ) أَمَّا غَيْرُ الْأَخِيرَيْنِ فَلِمَا مَرَّ، وَأَمَّا الْأَبُ فَلَيْسَ مَحَلًّا لِلِاسْتِمْتَاعِ وَتَأْبِيدُ حُرْمَةِ الْمُلَاعَنَةِ لِقَطِيعَتِهَا لَا لِوَصْلَتِهَا عَكْسُ الْمَحْرَمِ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ مِثْلُهَا مَجُوسِيَّةً وَمُرْتَدَّةً، وَكَذَا أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ - لِأَنَّ حُرْمَتَهُنَّ لِشَرَفِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَمَا حُرِّمَتْ أُمِّي فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ كِنَايَةُ ظِهَارٍ أَوْ طَلَاقٍ، فَإِنْ نَوَى أَنَّهَا كَظَهْرِ أَوْ نَحْوِ بَطْنِ أُمِّهِ فِي التَّحْرِيمِ فَمُظَاهِرٌ وَإِلَّا فَلَا. (وَيَصِحُّ) تَوْقِيتُهُ كَأَنْتِ كَظَهْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي عُضْوِ الْمَحْرَمِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَكُونُ ظِهَارًا لِذَلِكَ) أَيْ لِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ نَوَى إلَخْ. (قَوْلُهُ فَلَا يَكُون ذِكْرُهَا ظِهَارًا) أَيْ لَا صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ، وَنَقَلَ فِي الدَّرْسِ عَنْ م ر أَنَّهُ يَكُونُ كِنَايَةً وَتَوَقَّفْنَا فِيهِ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الظِّهَارَ لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّمَتُّعِ بِهِ فَلَا يَكُونُ كِنَايَةً لِأَنَّهَا مِمَّا يَحْتَمِلُ الْمُرَادَ وَغَيْرَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ التَّعْبِيرَ بِالْجُزْءِ عَنْ الْكُلِّ وَإِلَّا كَانَ ظِهَارًا، وَعِبَارَةُ الْخَطِيبِ هُنَا: تَنْبِيهٌ: تَخْصِيصُ الْمُصَنِّفِ لِأَمْثِلَةٍ بِالْأَعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ مِنْ الْأُمِّ قَدْ يُفْهِمُ إخْرَاجَ الْأَعْضَاءِ الْبَاطِنَةِ كَالْكَبِدِ وَالْقَلْبِ، وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الرَّوْنَقِ وَاللُّبَابِ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا اعْتَمَدَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهَا مِثْلُ الظَّاهِرَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ الْبَعْضَ اهـ. وَهَذِهِ الْأَوْجُهُ ضَعِيفَةٌ: أَيْ وَلَا يَتَأَتَّى فِي هَذَا التَّفْصِيلُ السَّابِقُ فِي الرُّوحِ، وَاسْتَشْكَلَهُ حَجّ حَيْثُ قَالَ: فَإِنْ قُلْت: يُنَافِيهِ مَا مَرَّ فِي الرُّوحِ مِنْ التَّفْصِيلِ مَعَ أَنَّهَا كَالْعُضْوِ الْبَاطِنِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهَا جِسْمٌ سَارَ فِي الْبَدَنِ كَسَرَيَانِ مَاءِ الْوَرْدِ. قُلْت لَا يُنَافِيهِ لِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى الْعُرْفِ وَالرُّوحُ تُذْكَرُ فِيهِ تَارَةً لِلْكَرَامَةِ وَتَارَةً لِغَيْرِهَا فَوَجَبَ التَّفْصِيلُ السَّابِقُ فِيهَا بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ الْبَاطِنَةِ. (قَوْلُهُ وَزَوْجَتِهِ) أَيْ الْأَبِ، وَقَوْلُهُ لَا مُرْضِعَةٍ لَهُ: أَيْ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وُلِدَتْ بَعْدَ ارْتِضَاعِهِ) أَيْ لِلرَّضْعَةِ الْخَامِسَةِ (قَوْلُهُ: الْمَوْلُودَةُ مَعَهُ) أَيْ الرَّضَاعِ (قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ) أَيْ فِي غَيْرِ شَرْحِ مَنْهَجِهِ. (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ مِثْلُهَا) أَيْ الْمُلَاعَنَةُ (قَوْلُهُ: فَمُظَاهِرٌ) أَيْ أَوْ مُطَلِّقٌ إنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ ـــــــــــــــــــــــــــــQأُمِّي (قَوْلُهُ: وَأُمِّهَا) الصَّوَابُ حَذْفُهُ لِأَنَّ أُمَّ زَّوْجَةِ أَبِيهِ لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَيَجُوزُ عَلَى بُعْدٍ أَنَّ الضَّمِيرَ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى مُرْضِعَةِ أُمِّهِ أَوْ أَبِيهِ (قَوْلُهُ: فَلِمَا مَرَّ) لَعَلَّهُ يُرِيدُ بِهِ قَوْلَهُ الْمَارَّ بِجَامِعِ التَّحْرِيمِ الْمُؤَبَّدِ: أَيْ لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ

[توقيت الظهار]

أُمِّي يَوْمًا أَوْ سَنَةً كَمَا يَأْتِي وَ (تَعْلِيقُهُ) لِأَنَّهُ لِاقْتِضَائِهِ التَّحْرِيمَ كَالطَّلَاقِ وَالْكَفَّارَةُ كَالْيَمِينِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ (كَقَوْلِهِ) إنْ دَخَلْت فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَدَخَلَتْ وَلَوْ فِي حَالِ جُنُونِهِ أَوْ نِسْيَانِهِ لَكِنْ لَا عَوْدَ حَتَّى يُمْسِكَهَا عَقِبَ إفَاقَتِهِ أَوْ تَذَكُّرِهِ وَعِلْمِهِ بِوُجُودِ الصِّفَةِ قَدْرَ إمْكَانِ طَلَاقِهَا وَلَمْ يُطَلِّقْهَا، وَكَقَوْلِهِ إنْ لَمْ أَدْخُلْهَا فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ مَاتَ، وَفِي هَذِهِ يُتَصَوَّرُ الظِّهَارُ لَا الْعَوْدُ لِأَنَّهُ بِمَوْتِهِ يَتَبَيَّنُ الظِّهَارُ قُبَيْلَهُ وَحِينَئِذٍ يَسْتَحِيلُ الْعَوْدُ وَكَقَوْلِهِ (إنْ ظَاهَرْتُ مِنْ زَوْجَتِي الْأُخْرَى فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَظَاهَرَ) مِنْهَا (صَارَ مُظَاهِرًا مِنْهُمَا) عَمَلًا بِمُقْتَضَى التَّعْلِيقِ وَالتَّنْجِيزِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ انْعِقَادُ الظِّهَارِ وَإِنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ بِفِعْلِهِ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا وَهُوَ مِمَّنْ يُبَالَى بِتَعْلِيقِهِ، وَبِهِ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَعَلَّلَهُ بِوُجُودِ الشَّرْطِ، لَكِنَّ قِيَاسَ تَشْبِيهِهِ بِالطَّلَاقِ أَنْ يُعْطَى حُكْمَهُ فِيمَا مَرَّ فِيهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَكَلَامُهُمْ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ، وَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُتَوَلِّي عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ إعْلَامَهُ. (وَلَوْ) (قَالَ إنْ ظَاهَرْتُ مِنْ فُلَانَةَ) وَلَمْ يُقَيِّدْ بِشَيْءٍ فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي (وَفُلَانَةُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا (أَجْنَبِيَّةٌ فَخَاطَبَهَا بِظِهَارٍ) (لَمْ يَصِرْ مُظَاهِرًا مِنْ زَوْجَتِهِ) لِعَدَمِ صِحَّتِهِ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ اللَّفْظَ) أَيْ التَّعْلِيقَ عَلَى مُجَرَّدِ تَلَفُّظِهِ بِذَلِكَ فَيَصِيرَ مُظَاهِرًا مِنْ زَوْجَتِهِ لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (فَلَوْ نَكَحَهَا) أَيْ الْأَجْنَبِيَّةَ (وَظَاهَرَ مِنْهَا) بَعْدَ نِكَاحِهِ لَهَا وَلَمْ يَحْتَجْ لِهَذَا لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ دَالٌ عَلَيْهِ (صَارَ مُظَاهِرًا) مِنْ تِلْكَ لِوُجُودِ الصِّفَةِ حِينَئِذٍ (وَلَوْ قَالَ) إنْ ظَاهَرْتُ (مِنْ فُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ فَكَذَلِكَ) يَكُونُ مُظَاهِرًا مِنْ تِلْكَ إنْ نَكَحَ هَذِهِ ثُمَّ ظَاهَرَ مِنْهَا وَإِلَّا فَلَا مَا لَمْ يُرِدْ اللَّفْظَ، وَذِكْرُ الْأَجْنَبِيَّةِ لِلتَّعْرِيفِ لَا لِلشَّرْطِ إذْ وَصْفُ الْمَعْرِفَةِ لَا يُفِيدُ تَخْصِيصًا بَلْ تَوْضِيحًا أَوْ نَحْوَهُ (وَقِيلَ) بَلْ ذِكْرُهَا لِلشَّرْطِ وَالتَّخْصِيصِ فَحِينَئِذٍ (لَا يَصِيرُ مُظَاهِرًا) مِنْ تِلْكَ (وَإِنْ نَكَحَهَا) أَيْ الْأَجْنَبِيَّةَ (وَظَاهَرَ مِنْهَا) لِخُرُوجِهَا عَنْ كَوْنِهَا أَجْنَبِيَّةً، وَيُوَافِقُهُ عَدَمُ الْحِنْثِ فِي نَحْوِ لَا أُكَلِّمُ ذَا الصَّبِيَّ وَكَلَّمَهُ شَيْخًا، لَكِنْ فَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ حَمْلَهُ هُنَا عَلَى الشَّرْطِ يُصَيِّرُهُ تَعْلِيقًا بِمُحَالٍ، وَيَبْعُدُ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَيْهِ مَعَ احْتِمَالِهِ لِغَيْرِهِ بِخِلَافِهِ فِي الْيَمِينِ. (وَلَوْ) (قَالَ إنْ ظَاهَرْتُ مِنْهَا وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ) فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي (فَلَغْوٌ) فَلَا شَيْءَ فِيهِ مُطْلَقًا إلَّا إنْ أَرَادَ بِهِ اللَّفْظَ وَظَاهَرَ مِنْهَا وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ إتْيَانَهُ بِالْجُمْلَةِ الْحَالِيَّةِ نَصٌّ فِي الشَّرْطِيَّةِ فَكَانَ تَعْلِيقًا بِمُسْتَحِيلٍ كَإِنْ بِعْتُ الْخَمْرَ فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَلَمْ يَقْصِدْ مُجَرَّدَ صُورَةِ الْبَيْعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ ثُمَّ بَاعَهَا. (وَلَوْ) (قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ كَظَهْرِ أُمِّي وَلَمْ يَنْوِ بِهِ) شَيْئًا (أَوْ نَوَى) بِجَمِيعِهِ (الطَّلَاقَ أَوْ الظِّهَارَ أَوْ هُمَا) (أَوْ) نَوَى (الظِّهَارَ بِأَنْتِ طَالِقٌ وَ) نَوَى (الطَّلَاقَ بِكَظَهْرِ أُمِّي) أَوْ نَوَى بِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ الطَّلَاقَ أَوْ نَوَاهُمَا أَوْ غَيْرَهُمَا بِأَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى بِكَظَهْرِ أُمِّي طَلَاقًا أَوْ أَطْلَقَ هَذَا وَنَوَى بِالْأَوَّلِ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ أَوْ أَطْلَقَ الْأَوَّلَ وَنَوَى بِالثَّانِي شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ غَيْرَ الظِّهَارِ، أَوْ نَوَى بِهِمَا أَوْ بِكُلٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَكُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ الطَّلَاقُ وَالْيَمِينُ (قَوْلُهُ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ) قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: تَأَمَّلْ تَصْوِيرَ تَعْلِيقِ الْيَمِينِ مِنْ ذَلِكَ الْإِيلَاءِ لِأَنَّهُ يَمِينٌ وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ اهـ (قَوْلُهُ لَا الْعَوْدُ) أَيْ فَلَا كَفَّارَةَ (قَوْلُهُ: قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ) مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ كَقَوْلِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ إلَخْ، وَلَوْ قَدَّمَهُ عَقِبَهُ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: أَنْ يُعْطَى حُكْمَهُ فِيمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا إنْ فَعَلَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا وَهُوَ مِمَّنْ يُبَالَى بِتَعْلِيقِهِ. (قَوْلُهُ فَخَاطَبَهَا) أَيْ الْأَجْنَبِيَّةَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَحْتَجْ لِهَذَا) أَيْ لِقَوْلِهِ بَعْدَ نِكَاحِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ فَخَاطَبَهَا بِظِهَارٍ (قَوْلُهُ: بَلْ تَوْضِيحًا أَوْ نَحْوَهُ) أَيْ كَبَيَانِ الْمَاهِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِلَّا يَنْوِي الظِّهَارَ فَلَا يَكُونُ ظِهَارًا، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إنْ نَوَى الطَّلَاقَ فَهُوَ طَلَاقٌ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَوْنِهِ كِنَايَةً فِيهِ فَلْيُرَاجَعْ [تَوْقِيتُ الظِّهَارِ] (قَوْلُهُ: وَالْكَفَّارَةُ كَالْيَمِينِ) بِنِصْفِ الْكَفَّارَةِ

مِنْهُمَا أَوْ بِالثَّانِي غَيْرَهُمَا أَوْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا (طَلُقَتْ) لِإِتْيَانِهِ بِصَرِيحِ لَفْظِ الطَّلَاقِ وَهُوَ لَا يَقْبَلُ الصَّرْفَ (وَلَا ظِهَارَ) أَمَّا عِنْدَ بَيْنُونَتِهَا فَظَاهِرٌ وَأَمَّا عِنْدَ عَدَمِهَا فَلِأَنَّ لَفْظَ الظِّهَارِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَذْكُرْ قَبْلَهُ أَنْتِ، وَفَصَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا بِطَالِقٍ وَقَعَ تَابِعًا غَيْرَ مُسْتَقِلٍّ وَلَمْ يَنْوِهِ بِلَفْظِهِ، وَلَفْظُهُ لَا يَصْلُحُ لِلطَّلَاقِ كَعَكْسِهِ كَمَا مَرَّ. نَعَمْ مَحَلُّ عَدَمِ وُقُوعِ طَلْقَةٍ ثَانِيَةٍ بِهِ إذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَهِيَ رَجْعِيَّةٌ مَا إذَا نَوَى ذَلِكَ الطَّلَاقَ الَّذِي أَوْقَعَهُ أَوْ أَطْلَقَ، أَمَّا إذَا نَوَى بِهِ طَلَاقًا آخَرَ غَيْرَ الْأَوَّلِ وَقَعَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ، وَحُمِلَ كَلَامُهُمْ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ بِهِ وَرَدَّهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَأَجَابَ عَنْ بَحْثِ الرَّافِعِيِّ بِأَنَّهُ إذَا نَوَى بِكَظَهْرِ أُمِّي الطَّلَاقَ قُدِّرَتْ كَلِمَةُ الْخِطَابِ مَعَهُ وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي وَحِينَئِذٍ يَكُونُ صَرِيحًا فِي الظِّهَارِ وَقَدْ اسْتَعْمَلَهُ فِي غَيْرِ مَوْضُوعِهِ فَلَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ (أَوْ) نَوَى (الطَّلَاقَ بِأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا) أَوْ بِهِ الظِّهَارَ أَوْ غَيْرَهُ (وَ) نَوَى (الظِّهَارَ) وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الطَّلَاقِ (بِالْبَاقِي) أَوْ نَوَى بِكُلٍّ مِنْهُمَا الظِّهَارَ وَلَوْ مَعَ الطَّلَاقِ (طَلُقَتْ) لِوُجُودِ لَفْظِهِ الصَّرِيحِ. (وَحَصَلَ الظِّهَارُ إنْ كَانَ طَلَاقَ رَجْعَةٍ) لِصِحَّتِهِ مِنْ الرَّجْعِيَّةِ مَعَ صَلَاحِيَّةِ كَظَهْرِ أُمِّي لَأَنْ يَكُونَ كِنَايَةً فِيهِ بِتَقْدِيرِ أَنْتِ قَبْلَهُ لِوُجُودِ قَصْدِهِ بِهِ، وَكَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي، أَمَّا إذَا كَانَ بَائِنًا فَلَا ظِهَارَ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ مِنْ الْبَائِنِ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي طَالِقٌ وَأَرَادَ الظِّهَارَ وَالطَّلَاقَ حَصَلَا وَلَا عَوْدَ وَإِنْ أَطْلَقَ فَمُظَاهِرٌ، وَفِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَجْهَانِ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي عَكْسِهِ تَرْشِيحُ عَدَمِ وُقُوعِهِ فِي هَذِهِ وَسُئِلَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ هَذَا الشَّهْرَ وَالثَّانِيَ وَالثَّالِثَ مِثْلُ لَبَنِ أُمِّي. فَأَجَابَ بِأَنَّهُ إنْ نَوَى بِأَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ طَلَاقًا وَإِنْ تَعَدَّدَ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا أَوْ ظِهَارًا حَصَلَ مَا نَوَاهُ فِيهِمَا لِأَنَّ التَّحْرِيمَ يَنْشَأُ عَنْ الطَّلَاقِ وَعَنْ الظِّهَارِ بَعْدَ الْعَوْدِ فَصَحَّتْ الْكِنَايَةُ بِهِ عَنْهُمَا مِنْ بَابِ إطْلَاقِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ، أَوْ نَوَاهُمَا مَعًا أَوْ مُرَتِّبًا تَخَيَّرَ وَثَبَتَ مَا اخْتَارَهُ مِنْهُمَا، وَلَا يَثْبُتَانِ جَمِيعًا لِاسْتِحَالَةِ تَوَجُّهِ الْقَصْدِ إلَى الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ، إذْ الطَّلَاقُ يُزِيلُ النِّكَاحَ وَالظِّهَارُ يَسْتَدْعِي بَقَاءَهُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ مِثْلُ لَبَنِ أُمِّي فَلَغْوٌ لَا اعْتِبَارَ بِهِ لِصَيْرُورَةِ الْكَلَامِ الْمَذْكُورِ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ وَفَصَلَ بَيْنَهُ) أَيْ ظَهْرِ أُمِّي وَقَوْلُهُ وَبَيْنَهَا أَيْ أَنْتِ (قَوْلُهُ: وُقُوعِ طَلْقَةِ ثَانِيَةٍ بِهِ) أَيْ بِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: وَهِيَ رَجْعِيَّةٌ) أَيْ حَيْثُ نَوَى إلَخْ (قَوْلُهُ: وَرَدَّهُ الْوَالِدُ) قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: وَفِي هَذَا الرَّدِّ نَظَرٌ لِأَنَّ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ فِيمَا إذَا خَرَجَ عَنْ الصَّرَاحَةِ فَصَارَ غَايَةً، وَكَلَامُ الرَّادِّ فِيمَا إذَا بَقِيَ عَلَى صَرَاحَتِهِ فَلَمْ يَتَلَاقَيَا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَلَا عَوْدَ) أَيْ فَلَا كَفَّارَةَ (قَوْلُهُ: وَفِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ) أَيْ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي عَكْسِهِ) هُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ كَظَهْرِ أُمِّي (قَوْلُهُ: حَصَلَ مَا نَوَاهُ فِيهِمَا) أَيْ الظِّهَارِ وَالطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: فَصَحَّتْ الْكِنَايَةُ بِهِ) أَيْ التَّحْرِيمِ، وَقَوْلُهُ عَنْهُمَا: أَيْ فَإِنْ أَطْلَقَ بِأَنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَلَا وُقُوعَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَعَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَجَابَ عَنْ بَحْثِ الرَّافِعِيِّ) لَمْ يَتَقَدَّمْ لِلرَّافِعِيِّ ذِكْرٌ فِي كَلَامِهِ، لَكِنَّ هَذَا الَّذِي نَقَلَهُ عَنْ الشَّيْخِ نَقَلَهُ الشَّيْخُ عَنْ بَحْثِ الرَّافِعِيِّ بِلَفْظِ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إذَا خَرَجَ كَظَهْرِ أُمِّي عَنْ الصَّرَاحَةِ وَقَدْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقُ يَقَعُ بِهِ طَلْقَةٌ أُخْرَى إنْ كَانَتْ الْأُولَى رَجْعِيَّةً. اهـ. وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بَعْدِ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِ نَصُّهَا: وَهُوَ صَحِيحٌ إنْ نَوَى بِهِ طَلَاقًا غَيْرَ الَّذِي أَوْقَعَهُ وَكَلَامُهُمْ فِيمَا إذَا لَمْ يَنْوِ بِهِ ذَلِكَ فَلَا مُنَافَاةَ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ يَكُونُ صَرِيحًا فِي الظِّهَارِ) يُقَالُ عَلَيْهِ، فَيَلْزَمُ أَنْ يَقَعَ بِهِ الظِّهَارُ أَيْضًا وَلَمْ يَقُولُوا بِهِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُنَاقِضُهُ مَا سَيَأْتِي فِي تَعْلِيلِ الْمَتْنِ الْآتِي عَلَى الْأَثَرِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ اسْتَعْمَلَهُ فِي غَيْرِ مَوْضُوعِهِ) الصَّوَابُ حَذْفُ لَفْظَةِ غَيْرِ وَلَيْسَتْ فِي حَوَاشِي وَالِدِهِ الَّتِي نَقَلَ مِنْهَا (قَوْلُهُ: بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا) تَعْمِيمٌ فِي الطَّلَاقِ لَا بِقَيْدِ النِّيَّةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ مُرَتَّبًا) قَدْ يُقَالُ هَلَّا وَقَعَ مَا قَصَدَهُ أَوَّلًا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِوُقُوعِهِ فِي مَحَلِّهِ وَلَغَا الثَّانِي

[فصل فيما يترتب على الظهار من حرمة وطء ولزوم كفارة وغير ذلك]

بِهِ مُتَنَاقِضًا لِمُنَافَاتِهِ لِقَوْلِهِ أَنْتِ حَرَامٌ إذْ لَبَنُ أُمِّهِ حَلَالٌ لَهُ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إنْ نَوَى بِهِ الظِّهَارَ فِي الْقِسْمَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ لَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ إلَّا إنْ وَطِئَهَا قَبْلَ تَمَامِ الشَّهْرِ الثَّالِثِ فَيَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ لِصَيْرُورَتِهِ عَائِدًا حِينَئِذٍ، وَإِنْ نَوَى تَحْرِيمَ عَيْنِهَا أَوْ فَرْجِهَا أَوْ نَحْوِهَا أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ إنْ لَمْ تَكُنْ مُعْتَدَّةً أَوْ نَحْوَهَا (فَصْلٌ) فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الظِّهَارِ مِنْ حُرْمَةِ نَحْوِ وَطْءٍ وَلُزُومِ كَفَّارَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ يَجِبُ (عَلَى الْمُظَاهِرِ كَفَّارَةٌ إذَا عَادَ) لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ فَمُوجِبُهَا الْأَمْرَانِ: أَعْنِي الْعَوْدَ وَالظِّهَارَ كَمَا هُوَ قِيَاسُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ الْوَجْهَ الثَّانِيَ أَنَّ مُوجِبَهَا الظِّهَارُ فَقَطْ وَالْعَوْدُ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِيهِ، وَقَدْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِهَا بِأَنَّهَا عَلَى التَّرَاخِي مَا لَمْ يَطَأْ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَإِنْ جَزَمَ فِي بَابِ الصَّوْمِ بِأَنَّهَا عَلَى الْفَوْرِ وَنَقَلَهُ فِي بَابِ الْحَجِّ عَنْ الْقَفَّالِ وَلَا يُشْكِلُ الْقَوْلُ بِالتَّرَاخِي بِأَنْ سَبَبَهَا مَعْصِيَةٌ، وَقِيَاسُهُ أَنْ تَكُونَ عَلَى الْفَوْرِ لِأَنَّهُمْ اكْتَفَوْا بِتَحْرِيمِ الْوَطْءِ عَلَيْهِ حَتَّى يُكَفِّرَ عَنْ إيجَابِهَا عَلَى الْفَوْرِ وَبِأَنَّ الْعَوْدَ لَمَّا كَانَ شَرْطًا فِي إيجَابِهَا وَهُوَ مُبَاحٌ كَانَتْ عَلَى التَّرَاخِي (وَهُوَ) أَيْ الْعَوْدُ فِي غَيْرِ مُؤَقَّتٍ وَفِي غَيْرِ رَجْعِيَّةٍ لِمَا يَأْتِي فِيهِمَا (أَنْ يُمْسِكَهَا) عَلَى الزَّوْجِيَّةِ وَلَوْ جَهْلًا وَنَحْوَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (بَعْدَ) فَرَاغِ (ظِهَارِهِ) وَلَوْ مُكَرَّرًا لِلتَّأْكِيدِ وَبَعْدَ عِلْمِهِ بِوُجُودِ الصِّفَةِ فِي الْمُعَلَّقِ وَإِنْ نَسِيَ أَوْ جُنَّ عِنْدَ وُجُودِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSكَفَّارَةُ يَمِينٍ عَلَى مَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: إنْ نَوَى بِهِ الظِّهَارَ فِي الْقِسْمَيْنِ) هُمَا قَوْلُهُ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ إنْ نَوَى إلَخْ وَقَوْلُهُ أَوْ نَوَاهُمَا مَعًا أَوْ مُرَتِّبًا إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَهَا) أَيْ بِأَنْ كَانَ بِهَا مَرَضٌ يَمْنَعُ الْوَطْءَ. (فَصْلٌ) فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الظِّهَارِ (قَوْلُهُ أَنَّ مُوجِبَهَا) بَدَلٌ مِنْ الْوَجْهِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: الظِّهَارُ فَقَطْ) وَقِيلَ مُوجِبُهَا الْعَوْدُ شَرْحُ مَنْهَجِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَطَأْ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ وَطِئَ وَجَبَتْ عَلَى الْفَوْرِ (قَوْلُهُ: لَمَّا كَانَ شَرْطًا) أَيْ لَمَّا كَانَ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ سَوَاءٌ قُلْنَا وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ بِالظِّهَارِ وَالْعَوْدِ أَوْ بِالْعَوْدِ وَحْدَهُ أَوْ بِالظِّهَارِ، وَالْعَوْدُ شَرْطٌ وَهُوَ جَائِزٌ كَانَتْ عَلَى التَّرَاخِي، وَأَمَّا كَفَّارَةُ الْوِقَاعِ وَقَتْلِ الْعَمْدِ وَالْيَمِينِ الْغَمُوسِ فَهِيَ عَلَى الْفَوْرِ لِأَنَّ أَسْبَابَهَا مَعْصِيَةٌ (قَوْلُهُ عِنْدَ وُجُودِهَا) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إنْ نَوَى بِهِ إلَخْ.) الْأَصْوَبُ أَنْ يَقُولَ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ حَيْثُ قُلْنَا إنَّهُ ظِهَارٌ فِي الْقِسْمَيْنِ: أَيْ بِأَنْ نَوَاهُ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ أَوْ اخْتَارَهُ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: فِي الْقِسْمَيْنِ) يَعْنِي: الْمَذْكُورَيْنِ فِي قَوْلِهِ إنْ نَوَى بِأَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ إلَخْ. وَفِي قَوْلِهِ أَوْ نَوَاهُمَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَهَا) أَيْ كَأَنْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً بِإِذْنِهِ. [فَصْلٌ فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الظِّهَارِ مِنْ حُرْمَةِ وَطْءٍ وَلُزُومِ كَفَّارَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ] (فَصْلٌ) فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الظِّهَارِ (قَوْلُهُ: فَمُوجَبُهَا الْأَمْرَانِ إلَخْ.) صَرِيحُ هَذَا التَّفْرِيعِ أَنَّ هَذَا مُفَادُ الْمَتْنِ وَيُنَافِيهِ قَوْلُهُ: بَعْدُ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ الْوَجْهَ الثَّانِيَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ الْعَوْدَ) الْأَصْوَبُ وَلِأَنَّ الْعَوْدَ (قَوْلُهُ: لَمَّا كَانَ شَرْطًا) لَا يُنَاسِبُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ مُوجِبَهَا الْأَمْرَانِ، وَإِنَّمَا يُنَاسِبُهُ أَنْ يَقُولَ لَمَّا كَانَ أَحَدُ سَبَبَيْهَا مَعَ أَنَّهُ أَتَمَّ فِي الْجَوَابِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَسِيَ أَوْ جُنَّ عِنْدَ وُجُودِهَا) يَعْنِي: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عِلْمِهِ بِوُجُودِ الصِّفَةِ فِي الْمُعَلَّقِ فِي الْحُكْمِ بِالْعَوْدِ وَلَا يَضُرُّ فِي الْحُكْمِ بِالْعَوْدِ حِينَئِذٍ كَوْنُهُ

كَمَا مَرَّ، وَكَأَنَّهُمْ إنَّمَا لَمْ يَنْظُرُوا لِإِمْكَانِ الطَّلَاقِ بَدَلَ التَّأْكِيدِ لِمَصْلَحَةِ تَقْوِيَةِ الْحُكْمِ فَكَانَ غَيْرَ أَجْنَبِيٍّ عَنْ الصِّيغَةِ (زَمَنَ إمْكَانِ فُرْقَةٍ) لِأَنَّ تَشْبِيهَهَا بِالْمَحْرَمِ يَقْتَضِي فِرَاقَهَا فَبِعَدَمِ فِعْلِهِ صَارَ عَائِدًا فِيمَا قَالَ إذْ الْعَوْدُ لِلْقَوْلِ نَحْوُ قَالَ قَوْلًا ثُمَّ عَادَ فِيهِ وَعَادَ لَهُ مُخَالَفَتُهُ وَنَقْضُهُ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ عَادَ فُلَانٌ فِي هِبَتِهِ، وَقَالَ فِي الْقَدِيمِ مَرَّةً كَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ هُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ لِأَنَّ ثُمَّ فِي الْآيَةِ لِلتَّرَاخِي وَمَرَّةً كَأَبِي حَنِيفَةَ هُوَ الْوَطْءُ. لَنَا الْآيَةُ لَمَّا نَزَلَتْ وَأَمَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُظَاهِرَ بِالْكَفَّارَةِ لَمْ يَسْأَلْهُ هَلْ وَطِئَ أَوْ عَزَمَ عَلَى الْوَطْءِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ ذَلِكَ، وَالْوَقَائِعُ الْقَوْلِيَّةُ كَهَذِهِ يَعُمُّهَا الِاحْتِمَالُ فَإِنَّهَا نَاصَّةٌ عَلَى وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الْوَطْءِ فَيَكُونُ الْعَوْدُ سَابِقًا عَلَيْهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مُرَادَهُمْ إمْكَانُ الْفُرْقَةِ شَرْعًا فَلَا عَوْدَ فِي نَحْوِ حَائِضٍ إلَّا بِالْإِمْسَاكِ بَعْدَ انْقِطَاعِ دَمِهَا، وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ أَنَّ الْإِكْرَاهَ الشَّرْعِيَّ كَالْحِسِّيِّ. (فَلَوْ) (اتَّصَلَ بِهِ) أَيْ لَفْظِ الظِّهَارِ (فُرْقَةٌ بِمَوْتٍ) لِأَحَدِهِمَا (أَوْ فَسْخٌ) مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ انْفِسَاخٌ بِنَحْوِ رِدَّةٍ قَبْلَ الْوَطْءِ (أَوْ طَلَاقُ بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٌّ وَلَمْ يُرَاجِعْ أَوْ جُنَّ) أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ عَقِبَ اللَّفْظِ (فَلَا عَوْدَ) لِلْفُرْقَةِ أَوْ تَعَذُّرِهَا فَلَا كَفَّارَةَ. وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يُمْسِكْهَا بَعْدَ الْإِفَاقَةِ، وَصَوَّرَ فِي الْوَسِيطِ الطَّلَاقَ بِأَنْ يَقُولَ أَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي أَنْتِ طَالِقٌ، وَمُنَازَعَةُ ابْنِ الرِّفْعَةِ فِيهِ بِإِمْكَانِ حَذْفِ أَنْتِ فَلْيَكُنْ عَائِدًا بِهِ لِأَنَّ زَمَنَ طَالِقٍ أَقَلُّ مِنْ زَمَنِ أَنْتِ طَالِقٌ مَرْدُودَةٌ بِنَظِيرِ مَا مَرَّ فِي تَعْلِيلِ اغْتِفَارِهِمْ تَكْرِيرَ لَفْظِ الظِّهَارِ لِلتَّأْكِيدِ، بَلْ هَذَا أَوْلَى بِالِاغْتِفَارِ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ أَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي طَالِقٌ فِيهِ رِكَّةٌ وَقَلَاقَةٌ، بِخِلَافِ عَدَمِ التَّكْرِيرِ، وَيَأْتِي عَدَمُ تَأْثِيرِ تَطْوِيلِ كَلِمَاتِ اللِّعَانِ وَأَنَّهُمْ قَاسُوهُ عَلَى مَا لَوْ قَالَ عَقِبَ ظِهَارِهِ أَنْتِ يَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ وَأَطَالَ فِي اسْمِهَا وَنَسَبِهَا طَالِقٌ لَمْ يَكُنْ عَائِدًا، وَبِهِ كَقَوْلِهِمْ لَوْ قَالَ لَهَا عَقِبَ الظِّهَارِ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَلْفٍ فَلَمْ تَقْبَلْ فَقَالَ عَقِبَهُ أَنْتِ طَالِقٌ بِلَا عِوَضٍ لَمْ يَكُنْ عَائِدًا وَكَذَا يَا زَانِيَةُ أَنْتِ طَالِقٌ يَتَّضِحُ رَدُّ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ (وَكَذَا لَوْ) كَانَ قِنًّا أَوْ كَانَتْ قِنَّةً فَعَقِبَ الظِّهَارِ مَلَكَتْهُ أَوْ (مَلَكَهَا) اخْتِيَارًا بِقَبُولِ نَحْوِ وَصِيَّةٍ أَوْ شِرَاءٍ مِنْ غَيْرِ سَوْمٍ وَتَقْرِيرِ ثَمَنٍ لِعَدَمِ إمْسَاكِهِ لَهَا عَلَى النِّكَاحِ وَلَا يُؤَثِّرُ إرْثُهَا قَطْعًا وَيُؤَثِّرُ قَبُولُ هِبَتِهَا لِتَوَقُّفِهَا عَلَى الْقَبْضِ وَلَوْ تَقْدِيرًا بِأَنْ كَانَتْ بِيَدِهِ (أَوْ لَاعَنَهَا) عَقِبَ الظِّهَارِ يَضُرُّ (فِي الْأَصَحِّ) لِاشْتِغَالِهِ بِمُوجِبِ الْفِرَاقِ وَإِنْ طَالَتْ كَلِمَاتُ اللِّعَانِ لِمَا مَرَّ، وَقِيلَ هُوَ عَائِدٌ فِي الْأُولَى لِأَنَّهُ نَقَلَهَا مِنْ حِلٍّ إلَى حِلٍّ وَذَلِكَ إمْسَاكٌ لَهَا، وَقِيلَ هُوَ عَائِدٌ فِي الثَّانِيَةِ لِتَطْوِيلِهِ بِكَلِمَاتِ اللِّعَانِ مَعَ إمْكَانِ الْفُرْقَةِ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ (بِشَرْطِ سَبْقِ الْقَذْفِ) وَالرَّفْعِ لِلْقَاضِي (ظِهَارَهُ فِي الْأَصَحِّ) لِمَا فِي تَأْخِيرِ ذَلِكَ عَنْ الظِّهَارِ مِنْ زِيَادَةِ التَّطْوِيلِ. وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ مَا ذُكِرَ حَتَّى لَوْ اتَّصَلَ مَعَ كَلِمَاتِ اللِّعَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالصِّفَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) الَّذِي مَرَّ أَنَّ الصِّفَةَ إذَا وُجِدَتْ مَعَ جُنُونٍ أَوْ نِسْيَانٍ حَصَلَ الظِّهَارُ وَلَا يَصِيرُ عَائِدًا إلَّا بِالْإِمْسَاكِ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ أَوْ التَّذَكُّرِ فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ عَائِدًا إلَّا بِالْإِمْسَاكِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ تَكْرِيرَ لَفْظِ الظِّهَارِ) أَيْ وَهُوَ أَنَّهُمْ لَمْ يَنْظُرُوا لِإِمْكَانِ الطَّلَاقِ لِتَقْوِيَةِ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ عَدَمِ التَّكْرِيرِ) أَيْ فِي أَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي كَظَهْرِ أُمِّي بِدُونِ تَكْرِيرِ أَنْتِ لَا رِكَّةَ فِيهِ وَلَا قَلَاقَةَ، وَمَعَ ذَلِكَ اغْتَفَرُوا تَكْرِيرَ أَنْتِ لِلتَّأْكِيدِ، فَاغْتِفَارُ تَأْكِيدِ أَنْتِ لِلتَّخَلُّصِ مِمَّا فِيهِ رِكَّةٌ وَقَلَاقَةٌ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَلَا يُؤَثِّرُ) أَيْ فِي كَوْنِهِ غَيْرَ عَائِدٍ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ إرْثُهَا: أَيْ الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: يَضُرُّ) أَيْ فَيَمْنَعُ مِنْ الْعَوْدِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِاشْتِغَالِهِ بِمُوجِبِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ فِي الْأُولَى هِيَ ـــــــــــــــــــــــــــــQعِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ نَاسِيًا أَوْ مَجْنُونًا (قَوْلُهُ: لِمَصْلَحَةِ تَقْوِيَةِ الْحُكْمِ إلَخْ.) لَوْ قَالَ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مِنْ تَوَابِعِ الْكَلَامِ إلَخْ. أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: يَعُمُّهَا الِاحْتِمَالُ) لَعَلَّ صَوَابَهُ تَعُمُّ عِنْدَ عَدَمِ الِاسْتِفْصَالِ: أَيْ كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَإِلَّا فَوَقَائِعُ الْأَحْوَالِ إذَا طَرَقَهَا الِاحْتِمَالُ كَسَاهَا ثَوْبَ الْإِجْمَالِ وَسَقَطَ بِهَا الِاسْتِدْلَال كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّ مُرَادَهُمْ إلَخْ.) هَذَا بَحْثٌ لِابْنِ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُمْ قَاسُوهُ إلَخْ.) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْقِيَاسَ مَذْكُورٌ فِيمَا يَأْتِي وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَقَاسُوهُ (قَوْلُهُ: وَتَقْرِيرِ ثَمَنِ) عَطْفٌ عَلَى سَوْمٍ

[الوطء قبل التكفير في الظهار]

بِالظِّهَارِ لَمْ يَكُنْ عَائِدًا لِاشْتِغَالِهِ بِأَسْبَابِ الْفِرَاقِ. (وَلَوْ) (رَاجَعَ) مَنْ ظَاهَرَ مِنْهَا رَجْعِيَّةً أَوْ مَنْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا عَقِبَ الظِّهَارِ (أَوْ ارْتَدَّ مُتَّصِلًا) بِالظِّهَارِ وَهِيَ مَوْطُوءَةٌ (ثُمَّ أَسْلَمَ) (فَالْمَذْهَبُ) بَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى عَوْدِ أَحْكَامِ الظِّهَارِ (أَنَّهُ عَائِدٌ بِالرَّجْعَةِ) وَإِنْ طَلَّقَهَا عَقِبَهَا (لَا الْإِسْلَامِ بَلْ) إنَّمَا يَعُودُ بِإِمْسَاكِهَا (بَعْدَهُ) زَمَنًا يَسَعُ الْفُرْقَةَ، وَالْفَرْقُ أَنَّ مَقْصُودَ الرَّجْعَةِ اسْتِبَاحَةُ الْوَطْءِ خَاصَّةً وَمَقْصُودُ الْإِسْلَامِ الْعَوْدُ لِلدِّينِ الْحَقِّ وَالِاسْتِبَاحَةُ أَمْرٌ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ. (وَلَا تَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ بَعْدَ الْعَوْدِ بِفُرْقَةٍ) لِاسْتِقْرَارِهَا بِالْإِمْسَاكِ قَبْلَهَا. [الْوَطْءُ قَبْلَ التَّكْفِيرِ فِي الظِّهَارَ] (وَيَحْرُمُ قَبْلَ التَّكْفِيرِ) بِعِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَطْءٌ) لِلنَّصِّ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ الْإِطْعَامِ وَبِالْقِيَاسِ فِيهِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخَبَرِ الْحَسَنِ لِلْمُظَاهِرِ «لَا تَقْرَبْهَا حَتَّى تُكَفِّرَ» يَشْمَلُهُ وَلِزِيَادَةِ التَّغْلِيظِ عَلَيْهِ. نَعَمْ الظِّهَارُ الْمُؤَقَّتُ إذَا انْقَضَتْ مُدَّتُهُ وَلَمْ يَطَأْ لَا يُحَرِّمُ الْوَطْءَ لِارْتِفَاعِهِ بِانْقِضَائِهَا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ وَطِئَ فِيهَا لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ وَحَرُمَ عَلَيْهِ الْوَطْءُ حَتَّى تَنْقَضِيَ أَوْ يُكَفِّرَ. وَاعْتِرَاضُ الْبُلْقِينِيِّ حِلَّهُ بَعْدَ مُضِيِّ الْعِدَّةِ وَقَبْلَ التَّكْفِيرِ بِأَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ظِهَارٍ مُؤَقَّتٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ وَغَيْرُهُ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الَّذِي فِي الْأَحَادِيثِ نُزُولُهَا فِي غَيْرِ الْمُؤَقَّتِ (وَكَذَا) يَحْرُمُ (لَمْسٌ وَنَحْوُهُ) مِنْ كُلِّ مُبَاشَرَةٍ لَا نَظَرٌ (بِشَهْوَةٍ فِي الْأَظْهَرِ) لِإِفْضَائِهِ لِلْوَطْءِ (قُلْت: الْأَظْهَرُ الْجَوَازُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لَيْسَتْ لِمَعْنًى يُخِلُّ بِالنِّكَاحِ فَأَشْبَهَ الْحَيْضَ وَمِنْ ثَمَّ حَرُمَ فِيمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مَا مَرَّ فِي الْحَائِضِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لِمَ لَا يُفَرَّقَ بَيْنَ مَنْ تُحَرِّكُ الْقُبْلَةُ وَنَحْوُهَا شَهْوَتَهُ وَغَيْرِهِ كَمَا سَبَقَ فِي الصَّوْمِ، وَيَنْبَغِي الْجَزْمُ بِالتَّحْرِيمِ إذَا عَلِمَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ لَوْ اسْتَمْتَعَ لِوَطْءِ لِشَبَقِهِ وَرِقَّةِ تَقْوَاهُ. (وَيَصِحُّ الظِّهَارُ الْمُؤَقَّتُ) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ مَنْ ظَاهَرَ مُؤَقَّتًا ثُمَّ وَطِئَ فِي الْمُدَّةِ بِالتَّكْفِيرِ» وَإِذَا صَحَّحْنَاهُ كَانَ (مُؤَقَّتًا) كَمَا الْتَزَمَهُ وَتَغْلِيبًا لِشَبَهِ الْقَسَمِ (وَفِي قَوْلٍ) بَلْ يَكُونُ (مُؤَبَّدًا) تَغْلِيظًا عَلَيْهِ وَتَغْلِيبًا لِشَبَهِ الطَّلَاقِ (وَفِي قَوْلٍ) هُوَ (لَغْوٌ) مِنْ أَصْلِهِ وَإِنْ أَثِمَ بِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا وَقَّتَهُ كَانَ كَالتَّشْبِيهِ بِمَنْ لَا تَحْرُمُ تَأْبِيدًا، وَيَرُدُّهُ الْخَبَرُ الْمَذْكُورُ وَإِنَّمَا غَلَّبُوا شَائِبَةَ الْقَسَمِ هُنَا دُونَ الطَّلَاقِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَعَكَسُوا ذَلِكَ فِيمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ قَالَ لِأُخْرَى أَشْرَكْتُك مَعَهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّ صِيغَةَ الظِّهَارِ أَقْرَبُ إلَى صِيغَةِ الطَّلَاقِ مِنْ حَيْثُ إفَادَةُ التَّحْرِيمِ فَأُلْحِقْت بِهَا فِي قَبُولِهَا التَّشْرِيكَ فِيهَا. وَأَمَّا حُكْمُ الظِّهَارِ مِنْ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فَهُوَ مُشَابِهٌ لِلْيَمِينِ دُونَ الطَّلَاقِ فَأُلْحِقَ الْمُؤَقَّتُ عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّتِهِ بِالْيَمِينِ فِي حُكْمِهِ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهِ مِنْ التَّأْقِيتِ كَالْيَمِينِ دُونَ التَّأْبِيدِ كَالطَّلَاقِ (فَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ صِحَّتِهِ مُؤَقَّتًا. (الْأَصَحُّ) بِالرَّفْعِ (أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ مَلَكَهَا، وَقَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ هِيَ قَوْلُهُ لَاعَنَهَا. (قَوْلُهُ رَجْعِيَّةً) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهَا رَجْعِيَّةً (قَوْلُهُ بِإِمْسَاكِهَا بَعْدَهُ) أَيْ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ قَبْلَ التَّكْفِيرِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ عَجَزَ وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَنَقَلَ بِالدَّرْسِ عَنْ الْخَطِيبِ عَلَى شَرْحِ أَبِي شُجَاعٍ مَا يُوَافِقُهُ، ثُمَّ رَأَيْت التَّصْرِيحَ بِهِ أَيْضًا فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِهِ فِي آخِرِ الْكَفَّارَةِ، وَعِبَارَتُهُ: فَصْلٌ إذَا عَجَزَ مَنْ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ عَنْ جَمِيعِ الْخِصَالِ بَقِيَتْ: أَيْ الْكَفَّارَةُ فِي ذِمَّتِهِ إلَى أَنْ يَقْدِرَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا كَمَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ فَلَا يَطَأُ حَتَّى يُكَفِّرَ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ اهـ. وَهَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَإِنْ خَافَ الْعَنَتَ أَمْ لَا، فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْجَوَازُ لَكِنْ يَجِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا يَدْفَعُ بِهِ خُصُوصَ الْعَنَتِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَلَعَلَّهُ إنَّمَا لَمْ يَسْتَدِلَّ بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ نَصًّا فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: حَتَّى تَنْقَضِيَ) أَيْ الْمُدَّةُ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهَا إذَا انْقَضَتْ وَلَمْ يُكَفِّرْ لَمْ يَحْرُمْ الْوَطْءُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ، وَعِبَارَتُهُ: فَإِذَا انْقَضَتْ وَلَمْ يُكَفِّرْ حَلَّ الْوَطْءُ لِارْتِفَاعِ الظِّهَارِ وَبَقِيَتْ الْكَفَّارَةُ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَوْ لَمْ يَطَأْ أَصْلًا حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ فَلَا شَيْءَ اهـ (قَوْلُهُ مَا مَرَّ فِي الْحَائِضِ) أَيْ مَا مَرَّ تَحْرِيمُهُ فِي الْحَيْضِ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي الْجَزْمُ بِالتَّحْرِيمِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لِشَبَقِهِ) أَيْ لِقُوَّةِ شَبَقِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ وَطِئَ فِيهَا لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ وَحَرُمَ عَلَيْهِ الْوَطْءُ) أَيْ ثَانِيًا كَمَا يَأْتِي

عَوْدَهُ) أَيْ الْعَوْدَ فِيهِ (لَا يَحْصُلُ بِإِمْسَاكٍ) لِزَوْجَةٍ ظَاهَرَ مِنْهَا مُؤَقَّتًا (بَلْ) يَحْصُلُ (بِوَطْءٍ) مُشْتَمِلٍ عَلَى تَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرِهَا مِنْ فَاقِدِهَا (فِي الْمُدَّةِ) لِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ وَلِأَنَّ الْحِلَّ مُنْتَظَرٌ بَعْدَهَا، فَالْإِمْسَاكُ يُحْتَمَلُ كَوْنُهُ لِانْتِظَارِهِ أَوْ لِلْوَطْءِ فِيهَا فَلَمْ يَتَحَقَّقْ الْإِمْسَاكُ لِأَجْلِ الْوَطْءِ إلَّا بِالْوَطْءِ فِيهَا فَكَانَ هُوَ الْمُحَصِّلُ لَلْعَوْدِ، وَالثَّانِي أَنَّ الْعَوْدَ فِيهِ كَالْعَوْدِ فِي الظِّهَارِ الْمُطْلَقِ إلْحَاقًا لِأَحَدِ نَوْعَيْ الظِّهَارِ بِالْآخَرِ، فَعُلِمَ أَنَّ الْوَطْءَ نَفْسَهُ عَوْدٌ عَلَى الْأَصَحِّ. أَمَّا الْوَطْءُ بَعْدَهَا فَلَا عَوْدَ بِهِ لِارْتِفَاعِهِ بِهَا كَمَا مَرَّ فَعُلِمَ تَمْيِيزُهُ بِتَوَقُّفِ الْعَوْدِ فِيهِ عَلَى الْوَطْءِ وَبِحِلِّهِ أَوَّلًا وَبِحُرْمَتِهِ كَالْمُبَاشَرَةِ بَعْدُ إلَى التَّكْفِيرِ أَوْ مُضِيِّ الْمُدَّةِ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي خَمْسَةَ أَشْهُرٍ كَانَ ظِهَارًا مُؤَقَّتًا وَمُولِيًا لِامْتِنَاعِهِ مِنْ وَطْئِهَا أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِأَنَّهُ مَتَى وَطِئَ فِي الْمُدَّةِ لَزِمَهُ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ لِحُصُولِ الْعَوْدِ بِهِ، وَهَلْ تَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ أُخْرَى أَوْ لَا؟ جَزَمَ الْأَوَّلَ صَاحِبَا التَّعْلِيقَةِ وَالْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُمَا، وَبِالثَّانِي الْبَارِزِيُّ، وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَحَمَلَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلَ عَلَى مَا لَوْ انْضَمَّ إلَيْهِ حَلِفٌ كَوَاللَّهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي سَنَةً، وَالثَّانِي عَلَى خُلُوِّهِ عَنْ ذَلِكَ، أَمَّا لَوْ قَيَّدَ ظِهَارَهُ بِمَكَانٍ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ كَالظِّهَارِ الْمُؤَقَّتِ فَلَا يَكُونُ عَائِدًا فِي ذَلِكَ الظِّهَارِ إلَّا بِوَطْئِهِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ لَكِنَّهُ مَتَى وَطِئَهَا فِيهِ لَمْ يَحْرُمْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَكَانِ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِمْ إنَّهُ مَتَى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ لَمْ يَحْرُمْ فِي الْمُؤَقَّتِ بِزَمَانٍ كَذَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ فِي الشِّقِّ الْأَخِيرِ (وَيَجِبُ النَّزْعُ بِمَغِيبِ الْحَشَفَةِ) أَيْ عِنْدَهُ كَمَا فِي إنْ وَطِئْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ. (وَلَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ أَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَمُظَاهِرٌ مِنْهُنَّ) تَغْلِيبًا لِشَبَهِ الطَّلَاقِ (فَإِنْ أَمْسَكَهُنَّ) زَمَنًا يَسَعُ طَلَاقَهُنَّ فَعَائِدٌ مِنْهُنَّ وَحِينَئِذٍ (فَأَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ) وَتَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ لِوُجُودِ الظِّهَارِ وَالْعَوْدِ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَإِنْ أَمْسَكَ بَعْضَهُنَّ فَقَطْ فَعَائِدٌ فِيهِ دُونَ غَيْرِهِ (وَفِي الْقَدِيمِ) عَلَيْهِ (كَفَّارَةٌ) وَاحِدَةٌ فَقَطْ لِاتِّحَادِ لَفْظِهِ وَتَغْلِيبًا لِشَبَهِ الْيَمِينِ (وَلَوْ ظَاهَرَ مِنْهُنَّ) ظِهَارًا مُطْلَقًا (بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ مُتَوَالِيَةٍ فَعَائِدٌ مِنْ الثَّلَاثِ الْأُوَلِ) لِعَوْدِهِ فِي كُلٍّ بِظِهَارِ مَا بَعْدَهَا فَإِنْ فَارَقَ الرَّابِعَةَ عَقِبَ ظِهَارِهِ لَزِمَهُ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ وَإِلَّا فَأَرْبَعٌ، وَمَا زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُ احْتَرَزَ بِمُتَوَالِيَةٍ عَمَّا إذَا انْفَصَلَتْ الْمَرَّاتُ وَقَصَدَ بِكُلِّ مَرَّةٍ ظِهَارًا أَوْ أَطْلَقَ فَكُلُّ مَرَّةٍ ظِهَارٌ مُسْتَقِلٌّ لَهُ كَفَّارَةٌ مَحَلُّ نَظَرٍ، إذْ الْمُتَوَالِيَةُ كَذَلِكَ كَمَا تَقَرَّرَ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ ذِكْرَ التَّوَالِي لِمُجَرَّدِ التَّصْوِيرِ وَيُعْلَمُ بِهِ غَيْرُهُ بِالْأَوْلَى، وَقَوْلُهُ وَقَصَدَ إلَخْ يُوهِمُ صِحَّةَ قَصْدِ التَّأْكِيدِ هُنَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (وَلَوْ كَرَّرَ) لَفْظَ ظِهَارٍ مُطْلَقٍ (فِي امْرَأَةٍ مُتَّصِلًا) كُلُّ لَفْظٍ بِمَا بَعْدَهُ (وَقَصَدَ تَأْكِيدًا) (فَظِهَارٌ وَاحِدٌ) كَالطَّلَاقِ فَتَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ إنْ أَمْسَكَهَا عَقِبَ آخِرِ مَرَّةٍ، أَمَّا مَعَ تَفَاصُلِهَا بِفَوْقِ سَكْتَةِ تَنَفُّسٍ وَعِيٍّ فَلَا يُفِيدُ قَصْدَ التَّأْكِيدِ، وَلَوْ قَصَدَ بِالْبَعْضِ تَأْكِيدًا وَبِالْبَعْضِ اسْتِئْنَافًا أُعْطِيَ كُلٌّ حُكْمَهُ (أَوْ) قَصَدَ (اسْتِئْنَافًا) وَلَوْ فِي إنْ دَخَلْت فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَكَرَّرَهُ (فَالْأَظْهَرُ التَّعَدُّدُ) كَالطَّلَاقِ لَا الْيَمِينِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْمُرَجَّحَ فِي الظِّهَارِ شَبَهُ الطَّلَاقِ فِي نَحْوِ الصِّيغَةِ وَإِنْ أَطْلَقَ فَكَالْأَوَّلِ، وَفَارَقَ الطَّلَاقَ بِأَنَّهُ مَحْصُورٌ مَمْلُوكٌ فَالظَّاهِرُ اسْتِئْنَافُهُ بِخِلَافِ الظِّهَارِ، وَالثَّانِي لَا يَتَعَدَّدُ كَتَكَرُّرِ الْيَمِينِ عَلَى شَيْءٍ مَرَّاتٍ (وَ) الْأَظْهَرُ (أَنَّهُ بِالْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ عَائِدٌ فِي) الظِّهَارِ (الْأَوَّلِ) لِلْإِمْسَاكِ زَمَنَهَا. وَالثَّانِي لَا لِأَنَّ الظِّهَارَ بِهَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَمَا لَمْ يَفْرُغْ مِنْ الْجِنْسِ لَا يَكُونُ عَائِدًا، أَمَّا الْمُؤَقَّتُ فَلَا تَعَدُّدَ فِيهِ مُطْلَقًا لِعَدَمِ الْعَوْدِ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ فَكَانَ) أَيْ الْوَطْءُ (قَوْلُهُ: كَالْمُبَاشَرَةِ بَعْدَ) أَيْ بَعْدَ الْوَطْأَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: كَانَ ظِهَارًا مُؤَقَّتًا) أَيْ مُظَاهِرًا ظِهَارًا مُؤَقَّتًا إلَخْ (قَوْلُهُ: كَذَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ) أَيْ فِي غَيْرِ شَرْحِ مَنْهَجِهِ. (قَوْلُهُ فَعَائِدٌ فِيهِ) أَيْ الْبَعْضِ. (قَوْلُهُ: لِإِمْسَاكِهِ زَمَنَهَا) أَيْ مَرَّةً ثَانِيَةً (قَوْلُهُ فَلَا تَعَدُّدَ فِيهِ مُطْلَقًا) أَيْ قَصَدَ اسْتِئْنَافًا أَمْ لَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[الظهار المؤقت]

قَبْلَ الْوَطْءِ فَهُوَ كَتَكْرِيرِ يَمِينٍ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَتَمَكَّنَ مِنْ التَّزَوُّجِ لَمْ يَصِرْ مُظَاهِرًا إلَّا بِالْيَأْسِ مِنْهُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا، وَلَا يَكُونُ عَائِدًا لِوُقُوعِ الظِّهَارِ قُبَيْلَ الْمَوْتِ فَانْتَفَى الْإِمْسَاكُ، فَإِنْ قَالَ إذَا لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي صَارَ مُظَاهِرًا بِتَمَكُّنِهِ مِنْ التَّزَوُّجِ عَقِبَ التَّعْلِيقِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَوْتِ أَحَدِهِمَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ إنْ وَإِذَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ وَلَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك (وَكَفَّرَ قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يُجْزِهِ) لِتَقَدُّمِهِ عَلَى السَّبَبَيْنِ مَعًا أَوْ عَلَّقَ الظِّهَارَ بِصِفَةٍ وَكَفَّرَ قَبْلَ وُجُودِهَا أَوْ عَلَّقَ عِتْقَ كَفَّارَتِهِ بِوُجُودِ الصِّفَةِ لَمْ يُجْزِهِ، وَإِنْ مَلَكَ مَنْ ظَاهَرَ مِنْهَا وَأَعْتَقَهَا عَنْ ظِهَارِهِ صَحَّ، أَوْ ظَاهَرَ أَوْ آلَى مِنْ زَوْجَتِهِ الْأَمَةِ فَقَالَ لِسَيِّدِهَا وَلَوْ قَبْلَ الْعَوْدِ أَعْتِقْهَا عَنْ ظِهَارِي أَوْ إيلَائِي فَفَعَلَ عَتَقَتْ عَنْهُ وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ لِأَنَّ إعْتَاقَهَا يَتَضَمَّنُ تَمْلِيكَهَا لَهُ. . كِتَابُ الْكَفَّارَةِ مِنْ الْكُفْرِ وَهُوَ السَّتْرُ لِسَتْرِهِ الذَّنْبَ بِمَحْوِهِ أَوْ تَخْفِيفِ إثْمِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا زَوَاجِرُ كَالْحُدُودِ وَالتَّعَازِيرِ أَوْ جَوَابِرُ لِلْخَلَلِ، وَرَجَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الثَّانِيَ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ لِافْتِقَارِهَا لِلنِّيَّةِ كَمَا قَالَ (يُشْتَرَطُ نِيَّتُهَا) بِأَنْ يَنْوِيَ الْإِعْتَاقَ مَثَلًا عَنْهَا لَا الْوَاجِبَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ غَيْرَهَا لِشُمُولِهِ النَّذْرَ، نَعَمْ إنْ نَوَى أَدَاءً الْوَاجِبِ بِالظِّهَارِ مَثَلًا كَفَى وَذَلِكَ لِأَنَّهَا لِلتَّطْهِيرِ كَالزَّكَاةِ. نَعَمْ هِيَ فِي حَقِّ كَافِرٍ كَفَّرَ بِالْإِعْتَاقِ لِلتَّمْيِيزِ كَمَا فِي قَضَاءِ الدُّيُونِ لَا الصَّوْمِ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ وَلَيْسَ لَهُ الِانْتِقَالُ عَنْهُ لِلْإِطْعَامِ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ بِالْإِسْلَامِ فَإِنْ عَجَزَ انْتَقَلَ وَنَوَى لِلتَّمْيِيزِ أَيْضًا، وَيُتَصَوَّرُ مِلْكُهُ لِلْمُسْلِمِ بِنَحْوِ إرْثٍ أَوْ إسْلَامِ قِنِّهِ أَوْ يَقُولُ لِمُسْلِمِ أَعْتِقْ قِنَّك عَنْ كَفَّارَتِي فَيُجِيبُ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لِتَقَدُّمِهِ عَلَى السَّبَبَيْنِ) وَهُمَا الْيَمِينُ وَالدُّخُولُ لِأَنَّ الْيَمِينَ مُعَلَّقَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَّقَ عِتْقَ كَفَّارَتِهِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ قَبْلُ كَفَّرَ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ إذَا عَلَّقَ الظِّهَارَ عَلَى صِفَةٍ كَأَنْ قَالَ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ كَفَّرَ قَبْلَ مَجِيءِ الصِّفَةِ أَوْ عَلَّقَ عِتْقَ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ لَمْ يَقَعْ كُلٌّ مِنْ الْعِتْقِ الْمُنَجَّزِ وَالتَّعْلِيقِ عَنْ الْكَفَّارَةِ. كِتَابُ الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ: بِمَحْوِهِ) أَيْ إنْ قُلْنَا إنَّهَا جَوَابِرُ وَقَوْلُهُ أَوْ تَخْفِيفِهِ أَيِّ إنْ قُلْنَا إنَّهَا زَوَاجِرُ إلَخْ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا زَوَاجِرُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا زَوَاجِرُ تَمْحُو الذَّنْبَ أَوْ تُخَفِّفُهُ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ عَلَى هَذَا يَسْتَوِي الْقَوْلَانِ، وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا زَوَاجِرُ يَكُونُ الْغَرَضُ مِنْهَا مَنْعَ الْمُكَلَّفِ مِنْ الْوُقُوعِ فِي الْمَعْصِيَةِ، فَإِذَا اتَّفَقَ أَنَّهُ فَعَلَ الْمَعْصِيَةَ ثُمَّ كَفَّرَ لَا يَحْصُلُ بِهَا تَخْفِيفٌ لِلْإِثْمِ وَلَا مَحْوٌ، وَتَكُونُ حِكْمَةُ تَسْمِيَتِهَا كَفَّارَةً عَلَى هَذَا سَتْرُ الْمُكَلَّفِ مِنْ ارْتِكَابِ الذَّنْبِ لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ إذَا فَعَلَ شَيْئًا مِنْ مُوجِبَاتِ الْكَفَّارَةِ لَزِمَتْهُ تَبَاعَدَ عَنْهُ فَلَا يَظْهَرُ عَلَيْهِ ذَنْبٌ يُفْتَضَحُ بِهِ لِعَدَمِ تَعَاطِيهِ إيَّاهُ (قَوْلُهُ أَوْ جَوَابِرُ) قَسِيمُ قَوْلِهِ زَوَاجِرُ (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الثَّانِيَ) أَيْ قَوْلَهُ جَوَابِرُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، قَالَ حَجّ: وَعَلَى الْأَوَّلِ الْمَمْحُوُّ هُوَ حَقُّ اللَّهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ حَقُّهُ، وَأَمَّا بِالنَّظَرِ لِنَحْوِ الْفِسْقِ بِمُوجِبِهَا فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّوْبَةِ نَظِيرَ نَحْوِ الْحَدِّ اهـ (قَوْلُهُ لِشُمُولِهِ) أَيْ الْوَاجِبِ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ لِأَنَّهَا) أَيْ الْكَفَّارَةَ (قَوْلُهُ: نَعَمْ هِيَ) أَيْ النِّيَّةُ وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ أَيْ الْكَافِرِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَجَزَ) أَيْ عَنْ الصَّوْمِ فِي حَالِ كُفْرِهِ لِهَرَمٍ (قَوْلُهُ: انْتَقَلَ) أَيْ لِلْإِطْعَامِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الظِّهَارُ الْمُؤَقَّتُ] قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك إلَخْ.) كَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُهُ عَمَّا بَعْدَهُ لِيَكُونَ اسْتِطْرَادًا لِبَيَانِ نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ الْمَقْصُودَةِ هُنَا كَمَا صَنَعَ فِي الرَّوْضِ. [كِتَابُ الْكَفَّارَةِ] ِ (قَوْلُهُ: لَا الصَّوْمِ) اُنْظُرْ هَذَا اللَّفْظَ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْمَعْطُوفِ غَيْرُهُ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ

[خصال كفارة الظهار]

مُظَاهِرٌ مُوسِرٌ مُنِعَ مِنْ الْوَطْءِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى مِلْكِهِ بِأَنْ يُسْلِمَ فَيَشْتَرِيَهُ، وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ نِيَّتُهَا عَدَمَ وُجُوبِ التَّعَرُّضِ لِلْفَرْضِيَّةِ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا فَرْضًا، وَعَدَمُ وُجُوبِ مُقَارَنَتِهَا لِنَحْوِ الْعِتْقِ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ النَّصِّ وَصَوَّبَهُ وَوَجَّهَهُ بِجَوَازِ النِّيَابَةِ فِيهِ فَاحْتِيجَ لِتَقْدِيمِ النِّيَّةِ كَمَا فِي الزَّكَاةِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ، لَكِنْ رَجَّحَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّهُمَا سَوَاءٌ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَعَلَيْهِ فَتُقْرَنُ بِنَحْوِ عَزْلِ الْمَالِ كَالزَّكَاةِ وَيَكْفِي قَرْنُهَا بِالتَّعْلِيقِ عَلَيْهِمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَوْ عَلِمَ وُجُوبَ عِتْقٍ عَلَيْهِ وَشَكَّ أَهُوَ عَنْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةِ ظِهَارٍ أَوْ قَتْلٍ أَجْزَأَهُ نِيَّةُ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ لِلضَّرُورَةِ (لَا تَعْيِينُهَا) عَنْ ظِهَارٍ مَثَلًا لِأَنَّهَا فِي مُعْظَمِ خِصَالِهَا نَازِعَةٌ إلَى الْغَرَامَاتِ فَاكْتُفِيَ فِيهَا بِأَصْلِ النِّيَّةِ، فَلَوْ أَعْتَقَ مَنْ عَلَيْهِ كَفَّارَتَا قَتْلٍ وَظِهَارٍ رَقَبَتَيْنِ بِنِيَّةِ كَفَّارَةٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ أَجْزَأَ عَنْهُمَا أَوْ رَقَبَةً كَذَلِكَ أَجْزَأَتْ عَنْ إحْدَاهُمَا مُبْهَمَةً، وَلَهُ صَرْفُهُ إلَى إحْدَاهُمَا وَيَتَعَيَّنُ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ صَرْفِهِ إلَّا الْأُخْرَى، كَمَا لَوْ أَدَّى مَنْ عَلَيْهِ دُيُونٌ بَعْضَهَا مُبْهِمًا فَإِنْ لَهُ تَعْيِينَ بَعْضِهَا لِلْأَدَاءِ، نَعَمْ لَوْ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ غَلَطًا لَمْ يُجْزِئْهُ، وَإِنَّمَا صَحَّ فِي نَظِيرِهِ فِي الْحَدَثِ لِأَنَّهُ نَوَى رَفْعَ الْمَانِعِ الشَّامِلِ لِمَا عَلَيْهِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا. (وَخِصَالُ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ) ثَلَاثٌ (عِتْقُ رَقَبَةٍ) فَصَوْمٌ فَإِطْعَامٌ كَمَا يُفِيدُ سِيَاقُهُ الْآتِي، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ مِثْلَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSمُظَاهِرٌ مُوسِرٌ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَعْسَرَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الصَّوْمِ بِالْإِسْلَامِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْوَطْءُ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ مُوسِرٌ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ عَجَزَ عَنْ الْكَفَّارَةِ بِأَنْوَاعِهَا جَازَ لَهُ الْوَطْءُ، وَعَلَيْهِ فَمَحَلُّ حُرْمَةِ الْوَطْءِ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ حَيْثُ كَانَ الْمُظَاهِرُ مُوسِرًا، أَمَّا الْعَاجِزُ فَيَجُوزُ لَهُ وَتَبْقَى الْكَفَّارَةُ فِي ذِمَّتِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُظَاهِرُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ سم عَلَى مَنْهَجٍ حَيْثُ قَالَ قَوْلُهُ وَالْإِطْعَامُ: أَيْ كَمَا فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ. فَإِنْ قُلْت: هَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِيَ قَرِيبًا وَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ إلَى الْإِطْعَامِ قُلْنَا: لَا مُنَافَاةَ لِأَنَّ هَذَا يُصَوَّرُ بِمَا إذَا عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ التَّعْلِيقُ إلَخْ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ آخِرَ الْبَابِ مَا نَصُّهُ: فَصْلٌ: إذَا عَجَزَ مَنْ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ عَنْ جَمِيعِ الْخِصَالِ بَقِيَتْ: أَيْ الْكَفَّارَةُ فِي ذِمَّتِهِ إلَى أَنْ يَقْدِرَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا كَمَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ فَلَا يَطَأُ حَتَّى يُكَفِّرَ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ اهـ. وَهُوَ شَامِلٌ لِلْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ (قَوْلُهُ: وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ إلَخْ) قَدْ يُنْظَرُ فِيهِ بِأَنَّ الْمُحْرِمَ لَوْ قَتَلَ قَمْلَةً مِنْ لِحْيَتِهِ سُنَّ لَهُ التَّصَدُّقُ بِلُقْمَةٍ وَظَاهِرٌ أَنَّهَا كَفَّارَةٌ، وَلَوْ تَعَرَّضَ لِصَيْدٍ مُحْرِمًا أَوْ بِالْحَرَمِ وَشَكَّ أَنَّهُ مِمَّا يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهُ فَدَاهُ نَدْبًا فَقَدْ تَكُونُ الْكَفَّارَةُ مَنْدُوبَةً اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْكَفَّارَةَ بِأَحَدِ هَذِهِ الْخِصَالِ الَّتِي هِيَ مُرَادَةٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لَا تَكُونُ إلَّا فَرْضًا. (قَوْلُهُ: أَنَّهُمَا سَوَاءٌ) أَيْ الْكَفَّارَةُ وَالصَّلَاةُ لَهُ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ) هُوَ مَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي قَرْنُهَا) أَيْ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: بِالتَّعْلِيقِ عَلَيْهِمَا) أَيْ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: لِلضَّرُورَةِ) أَيْ وَلَوْ عَلِمَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: نَازِعَةٌ) أَيْ مَائِلَةٌ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ لَهُ تَعْيِينَ بَعْضِهَا) أَيْ وَإِنْ كَانَ مَا عَيَّنَهُ مُؤَجَّلًا أَوْ مَا أَدَّاهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ مَا هُوَ الْمَدْفُوعُ لَهُ، وَلَكِنْ فِي هَذِهِ لَا يَمْلِكُهُ الدَّائِنُ إلَّا بِالرِّضَا، هَذَا لَوْ أَسْقَطَ بَعْضَهَا وَقَالَ تَعْيِينَهُ لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ لَمْ يُجْزِئْهُ) وَظَاهِرُهُ حُصُولُ الْعِتْقِ مَجَّانًا وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ. ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى مَنْهَجٍ صَرَّحَ بِهِ وَعِبَارَتُهُ: قَوْلُهُ لَمْ يُجْزِهِ ع قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: سَبَقَ فِي الْخِصَالِ فِي تَعْيِينِ الْإِمَامِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ تَلْغُوَ نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ وَيَبْقَى أَصْلُ الصَّلَاةِ مُنْفَرِدًا، وَقِيَاسُهُ هُنَا أَنْ تَلْغُوَ الْإِضَافَةُ وَتَقَعَ غَيْرَ وَاجِبَةٍ، وَقُرِئَ بِالدَّرْسِ بِهَامِشِ نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ لَمْ يُجْزِهِ: أَيْ وَلَا يَعْتِقُ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ اسْتِنْبَاطِ الزَّرْكَشِيّ لَهُ مِنْ الْمَرْجُوحِ فِي الْخَطَأِ فِي تَعْيِينِ الْإِمَامِ تَرْجِيحُ مَا نَقَلَ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ. لَكِنْ يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ مَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَ رَقِيقِهِ الْكَافِرِ عَنْ كَفَّارَتِهِ عَلَى إسْلَامِهِ فَأَسْلَمَ مِنْ أَنَّهُ يَعْتِقُ إذَا أَسْلَمَ لَا عَنْ الْكَفَّارَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُجْزِئُ عَنْهَا) خَرَجَ بِهِ عِتْقُ التَّطَوُّعِ، وَمَا لَوْ نَذَرَ إعْتَاقَ عَبْدٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ فَيَصِحُّ وَلَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَعَدَمُ وُجُوبِ مُقَارَنَتِهَا إلَخْ.) لَعَلَّ وَجْهَ إفَادَةِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِهَذَا مِنْ حَيْثُ إطْلَاقُهُ وَعَدَمُ تَقْيِيدِهِ (قَوْلُهُ: فَاحْتِيجَ لِتَقْدِيمِ النِّيَّةِ) يَعْنِي: فَاحْتَجْنَا لِلْحُكْمِ بِجَوَازِ التَّقْدِيمِ [خِصَالُ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ] (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ مِثْلَهَا إلَخْ.) اُنْظُرْ مَا وَجْهُهُ

فِي الْخِصَالِ الثَّلَاثِ كَفَّارَةُ وِقَاعِ رَمَضَانَ، وَفِي الْأُولَيَيْنِ كَفَّارَةُ الْقَتْلِ، وَفِي الْأُولَى كَفَّارَةٌ مُخَيَّرَةٌ أَرَادَ الْعِتْقَ عَنْهَا وَإِنَّمَا يُجْزِئُ عَنْهَا عِتْقُ رَقَبَةٍ (مُؤْمِنَةٍ) وَلَوْ بِتَبَعِيَّةٍ لِأَصْلٍ أَوْ دَارٍ أَوْ سَابٍ حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ فِي آيَةِ الظِّهَارِ عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي آيَةِ الْقَتْلِ بِجَامِعِ حُرْمَةِ السَّبَبِ (بِلَا عَيْبٍ يُخِلُّ بِالْعَمَلِ وَالْكَسْبِ) إخْلَالًا بَيِّنًا، إذْ الْقَصْدُ تَكْمِيلُ حَالِهِ لِيَتَفَرَّغَ لِوَظَائِفِ الْأَحْرَارِ، وَذَلِكَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى اسْتِقْلَالِهِ بِكِفَايَةِ نَفْسِهِ، وَالْكَسْبُ مِنْ عَطْفِ الرَّدِيفِ وَلِهَذَا حَذَفَهُ فِي الرَّوْضَةِ، أَوْ الْأَعَمِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، أَوْ الْمُغَايِرِ بِأَنْ يُرَادَ بِالْمُخِلِّ بِالْعَمَلِ مَا يُنْقِصُ الذَّاتَ وَبِالْمُخِلِّ بِالْكَسْبِ مَا يُنْقِصُ نَحْوَ الْعَقْلِ (فَيَجْزِي صَغِيرٌ) وَلَوْ عَقِبَ وِلَادَتِهِ لِرَجَاءِ كِبَرِهِ كَبُرْءِ الْمَرَضِ بِخِلَافِ الْهَرَمِ، وَيُسَنُّ بَالِغٌ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ إيجَابِهِ. وَفَارَقَ الْغُرَّةَ بِأَنَّهَا عِوَضٌ وَحَقُّ آدَمِيٍّ فَاحْتِيطَ لَهَا عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهَا الْخِيَارُ إذْ غُرَّةُ الشَّيْءِ خِيَارُهُ، وَالصَّغِيرُ لَيْسَ مِنْهُ (وَأَقْرَعُ) لَا نَبَاتَ بِرَأْسِهِ لِدَاءٍ (وَأَعْرُجُ يُمْكِنُهُ) مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (تِبَاعُ مَشْيٍ) لِقِلَّةِ تَأْثِيرِهِمَا فِي الْعَمَلِ بِخِلَافِ مَا لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ وَحُكِيَ عَنْ خَطِّهِ حَذْفُ الْوَاوِ لِيُفِيدَ إجْزَاءَ أَحَدِهِمَا بِالْأَوْلَى (وَأَعْوَرُ) لِذَلِكَ، نَعَمْ إنْ ضَعُفَ نَظَرُ سَلِيمَتِهِ وَأَخَلَّ بِالْعَمَلِ إخْلَالًا بَيِّنًا لَمْ يُجْزِهِ (وَأَصَمُّ) وَأَخْرَسُ يَفْهَمُ إشَارَةَ غَيْرِهِ وَغَيْرُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَانَ أَعْمَى أَوْ زَمِنًا (قَوْلُهُ: عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) أَيْ فَلَا تُجْزَى الْكَافِرَةُ، وَيَنْبَغِي أَخْذًا مِمَّا ذَكَرَ فِي الْمَرِيضِ إذَا شُفِيَ، مِنْ الْإِجْزَاءِ أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ كَافِرًا فَتَبَيَّنَ إسْلَامَهُ الْإِجْزَاءُ، وَمِثْلُهُ أَيْضًا مَا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَ مُوَرِّثِهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيْتًا (قَوْلُهُ لِأَصْلٍ أَوْ دَارٍ) يَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ نَطَقَ بِالْكُفْرِ بَعْدَ بُلُوغِهِ تَبَعِيَّةً تَبَيَّنَ عَدَمُ إجْزَائِهِ لِبَقَائِهِ عَلَى كُفْرِهِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَوْ نَطَقَ بِالْكُفْرِ فِيهِمَا بَعْدَ بُلُوغِهِ يَصِيرُ مُرْتَدًّا، فَيُجْزِئُ لِأَنَّهُ كَانَ وَقْتَ إعْتَاقِهِ مُسْلِمًا (قَوْلُهُ: بِجَامِعِ حُرْمَةِ السَّبَبِ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ وَإِلَّا فَقَتْلُ الْخَطَأِ الَّذِي وَرَدَتْ فِيهِ الْآيَةُ لَا إثْمَ فِيهِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: بِجَامِعِ عَدَمِ الْإِذْنِ فِي السَّبَبِ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى اسْتِقْلَالِهِ) اُنْظُرْ لَوْ أَعْتَقَ أَحَدَ الْمُلْتَصِقَيْنِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ فَهَلْ يَصِحُّ أَوْ لَا لِأَنَّهُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى الِاسْتِقْلَالِ لِأَنَّ الْمُلْتَصِقَ بِهِ قَدْ لَا يُطَاوِعُهُ عَلَى ذَلِكَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى الْكَسْبِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ أَعْتَقَهُمَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ: أَيْ لِأَنَّ الْكَسْبَ قَدْ يَحْصُلُ بِلَا عَمَلٍ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ. (قَوْلُهُ: فَيُجْزِئُ صَغِيرٌ) أَيْ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ مِنْ الْعَيْبِ. قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: فَإِنْ بَانَ خِلَافُهُ نَقَضَ الْحُكْمُ: أَيْ بِأَنْ يُقَالَ تَبَيَّنَ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ وَلَوْ مَاتَ صَغِيرًا أَجْزَأَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ وَالْغَالِبَ سَلَامَةُ الْأَعْضَاءِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْهَرِمِ) أَيْ كَمَا يَأْتِي لَلْمُصَنِّفِ أَيْ فَلَا يُجْزِئُ لَا هُنَا وَلَا فِي الْغُرَّةِ وَإِنْ وَقَعَ لِلشَّارِحِ ثَمَّ مَا يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ إيجَابِهِ) أَيْ الْقَائِلِ بِإِيجَابِهِ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ الْغُرَّةَ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُجْزِ فِيهَا الصَّغِيرُ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهَا) أَيْ الْغُرَّةِ (قَوْلُهُ: وَأَعْوَرُ لِذَلِكَ) أَيْ لِقَوْلِهِ لِقِلَّةِ تَأْثِيرِهِمَا فِي الْعَمَلِ. (فَرْعٌ) قَالَ م ر: يُجْزِئُ مَنْ يُبْصِرُ نَهَارًا وَلَا يُبْصِرُ لَيْلًا اكْتِفَاءً بِإِبْصَارِهِ فِي وَقْتِ الْعَمَلِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ عَمَلُهُ لَيْلًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَشْتَرِطُوا لِإِجْزَاءِ الْعَتِيقِ عَدَمَ الْإِخْلَالِ بِنَوْعٍ بِعَيْنِهِ وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ خِلَافَهُ، لَكِنَّ قِيَاسَ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي فِي الْمَجْنُونِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُتَيَسِّرًا لَيْلًا أَجْزَأَ أَنَّ مَنْ أَبْصَرَ لَيْلًا وَتَيَسَّرَ عَمَلُهُ فِيهِ أَجْزَأَ. (قَوْلُهُ: وَأَصَمُّ وَأَخْرَسُ) أَيْ فَلَوْ اجْتَمَعَ الصَّمَمُ وَالْخَرَسُ هَلْ يَكْفِي أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِجَامِعِ حُرْمَةِ السَّبَبِ) هَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي الْقَتْلِ الْخَطَأِ الَّذِي وَرَدَتْ الْآيَةُ فِيهِ وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: بِجَامِعِ عَدَمِ الْإِذْنِ فِي السَّبَبِ

إشَارَتَهُ بِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَمَنْ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا اكْتَفَى بِتَلَازُمِهِمَا غَالِبًا، وَيُشْتَرَطُ فِيمَنْ وُلِدَ أَخْرَسَ إسْلَامُهُ تَبَعًا أَوْ بِإِشَارَتِهِ الْمُفْهِمَةِ وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ خِلَافًا لِمَنْ اشْتَرَطَ صَلَاتَهُ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ (وَأَخْشَمُ) أَيْ فَاقِدُ الشَّمِّ (وَفَاقِدُ أَنْفِهِ وَأُذُنَيْهِ وَأَصَابِعِ رِجْلَيْهِ) جَمِيعًا وَأَسْنَانِهِ وَمَجْبُوبٌ وَعِنِّينٌ وَقَرْنَاءُ وَرَتْقَاءُ وَمَجْذُومٌ وَأَبْرَصُ وَضَعِيفُ بَطْشٍ وَمَنْ لَا يُحْسِنُ صَنْعَةً وَفَاسِقٌ وَوَلَدُ زِنًا وَأَحْمَقُ، وَهُوَ مَنْ يَضَعُ الشَّيْءَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ مَعَ عِلْمِهِ بِقُبْحِهِ (لَا زَمِنٌ) وَجَنِينٌ وَإِنْ انْفَصَلَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْإِعْتَاقِ لِأَنَّهُ وَإِنْ أُعْطِيَ حُكْمَ الْمَعْلُومِ لَا يُعْطَى حُكْمَ الْحَيِّ لِمَا يَأْتِي فِي الْغُرَّةِ (وَلَا فَاقِدُ رِجْلٍ) أَوْ يَدٍ أَوْ أَشَلُّ أَحَدِهِمَا لِإِضْرَارِ ذَلِكَ بِعَمَلِهِ إضْرَارًا بَيِّنًا (أَوْ) فَاقِدُ (خِنْصَرٍ وَبِنْصِرٍ مِنْ يَدٍ) لِذَلِكَ، بِخِلَافِ فَقْدِ أَحَدِهِمَا أَوْ فَقْدِهِمَا مِنْ يَدَيْنِ (أَوْ) فَاقِدُ (أُنْمُلَتَيْنِ مِنْ غَيْرِهِمَا) وَهُوَ الْإِبْهَامُ أَوْ السَّبَّابَةُ أَوْ الْوُسْطَى، وَخَصَّهُمَا لِأَنَّ فَقْدَهُمَا مِنْ خِنْصَرٍ أَوْ بِنْصِرٍ لَا يَضُرُّ كَمَا عُلِمَ بِالْأَوْلَى مِمَّا قَبْلَهُ. فَعُلِمَ مُسَاوَاةُ عِبَارَتِهِ لِقَوْلِ أَصْلِهِ، وَفَقْدُ أُنْمُلَتَيْنِ مِنْ أُصْبُعٍ كَفَقْدِهَا خِلَافًا لِمَنْ اعْتَرَضَهُ، لَا يُقَالُ أَصْلُهُ يُفْهِمُ ضَرَرَ فَقْدِهِمَا مِنْ كُلٍّ مِنْ الْخِنْصَرِ وَالْبِنْصِرِ مَعًا، وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ لَا تُفْهِمُ ذَلِكَ بَلْ خِلَافَهُ لِأَنَّا نَمْنَعُ ذَلِكَ بَلْ تُفْهِمُهُ لِأَنَّهُ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْأُنْمُلَتَيْنِ فِي تِلْكَ الثَّلَاثَةِ كَالْأُصْبُعِ فَقِيَاسُهُ أَنَّهُمَا فِيهِمَا كَالْأُصْبُعِ أَيْضًا (قُلْت: أَوْ أُنْمُلَةِ إبْهَامٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِتَعَطُّلِ مَنْفَعَتِهَا حِينَئِذٍ، بِخِلَافِ أُنْمُلَةٍ مِنْ غَيْرِهَا وَلَوْ الْعُلْيَا مِنْ أَصَابِعِهِ، نَعَمْ الْأَوْجَهُ أَنَّ غَيْرَ الْإِبْهَامِ لَوْ فُقِدَ أُنْمُلَتُهُ الْعُلْيَا ضَرَّ قَطْعُ أُنْمُلَةٍ مِنْهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْإِبْهَامِ (وَلَا هَرِمٌ عَاجِزٌ) عَنْ الْكَسْبِ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ، وَيَجُوزُ كَوْنُهُ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا كَانَ يُحْسِنُ مَعَ الْهَرَمِ صَنْعَةً تَكْفِيهِ فَيُجْزِئُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَدَرَ نَحْوُ الْأَعْمَى عَلَى صَنْعَةٍ تَكْفِيهِ أَجْزَأَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ (وَلَا مَنْ أَكْثَرُ وَقْتِهِ مَجْنُونٌ) فِيهِ تَجَوُّزٌ بِالْإِخْبَارِ بِمَجْنُونٍ عَنْ أَكْثَرِ وَقْتِهِ وَالْأَصْلُ وَلَا مَنْ هُوَ فِي أَكْثَرِ وَقْتِهِ مَجْنُونٌ وَذَلِكَ لِمَا مَرَّ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ أَكْثَرَ وَقْتِهِ كَذَلِكَ بِأَنْ قَلَّ زَمَنُ جُنُونِهِ عَنْ زَمَنِ إفَاقَتِهِ أَوْ اسْتَوَيَا: أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْأَوَّلُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُخِلُّ بِالْعَمَلِ، ثُمَّ رَأَيْته صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَمَجْذُومٌ) أَيْ بِجُذَامٍ لَمْ يُخِلَّ بِالْعَمَلِ (قَوْلُهُ: لَا زَمِنٌ) أَيْ لَا مُبْتَلًى بِآفَةٍ تَمْنَعُهُ مِنْ الْعَمَلِ. وَفِي الْمُخْتَارِ: وَالزَّمَانَةُ آفَةُ الْحَيَوَانَاتِ، وَرَجُلٌ زَمِنٌ: أَيْ مُبْتَلًى بَيِّنُ الزَّمَانَةِ، وَقَدْ زَمِنَ مِنْ بَابِ سَلِمَ، وَعَلَيْهِ فَالزَّمَانَةُ تَشْمَلُ نَحْوَ الْعَرَجِ الشَّدِيدِ (قَوْلُهُ: وَجَنِينٌ) قَالَ الْقَفَّالُ: وَلَوْ انْفَصَلَ بَعْضُهُ لِأَنَّهُ لَا يَتَّصِفُ بِالسَّلَامَةِ إلَّا بَعْدَ كَمَالِ الِانْفِصَالِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ فَقْدِ أَحَدِهِمَا) أَوْ فَقْدِهِمَا مِنْ يَدَيْنِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ فَاقِدُ أُنْمُلَتَيْنِ مِنْ غَيْرِهِمَا) عِبَارَةُ حَجّ: مِنْ خِنْصَرٍ أَوْ بِنْصِرٍ لَا يَضُرُّ كَمَا عُلِمَ إلَخْ اهـ. وَهِيَ ظَاهِرَةٌ لِأَنَّ مُفَادَهَا أَنَّهُ خَصَّ الْأُنْمُلَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْخِنْصَرِ وَالْبِنْصِرِ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ فَقْدَهُمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَخَصَّهُمَا) أَيْ الْإِبْهَامَ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ فَقْدَهُمَا) أَيْ الْأُنْمُلَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَوْ الْعُلْيَا مِنْ أَصَابِعِهِ) أَيْ الْجَمِيعَ مَا عَدَا الْإِبْهَامَ. (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ كَوْنُهُ لِلِاحْتِرَازِ) حَمَلَهُ عَلَى ظَاهِرٍ بَلْ مُتَعَيِّنٍ لِأَنَّ الْهَرَمَ بِمُجَرَّدِهِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْعَجْزَ، فَفِي الْمُخْتَارِ الْهَرَمُ كِبَرُ السِّنِّ. وَقَدْ هَرِمَ مِنْ بَابِ طَرِبِ اهـ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ مُجَرَّدَ كِبَرِ السِّنِّ لَا يَسْتَلْزِمُ الْعَجْزَ وَإِنْ كَانَ غَالِبًا (قَوْلُهُ وَذَلِكَ لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ إضْرَارِهِ بِالْعَمَلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ فَقْدَهُمَا مُضِرٌّ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: لِأَنَّ فَقْدَهُمَا مِنْ خِنْصَرٍ أَوْ بِنْصِرٍ لَا يَضُرُّ كَمَا عُلِمَ إلَخْ. وَهِيَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ الْأَوْجَهُ أَنَّ غَيْرَ الْإِبْهَامِ إلَخْ.) لَا حَاجَةَ إلَى بَحْثِ هَذَا إذْ الْفَقْدُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِقَطْعٍ أَوْ خِلْقِيًّا، وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ لِهَذَا فِيمَا يَأْتِي فِي الْجِرَاحِ فِيمَا لَوْ جَنَى عَلَى أُصْبُعٍ غَيْرِ الْإِبْهَامِ فَقَطَعَ مِنْهَا أُنْمُلَةً وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا إلَّا أُنْمُلَتَانِ، ثُمَّ رَأَيْتُ الشِّهَابَ سم سَبَقَ إلَى بَعْضِ هَذَا.

الْجُنُونُ وَالْإِفَاقَةُ فِي النَّهَارِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ لِأَنَّ غَالِبَ الْكَسْبِ إنَّمَا يَتَيَسَّرُ نَهَارًا. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُتَيَسِّرًا لَيْلًا أَجْزَأَ، وَأَنَّ مَنْ يُبْصِرُ وَقْتًا دُونَ وَقْتٍ كَالْمَجْنُونِ فِي تَفْصِيلِهِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ، وَبَقَاءُ نَحْوِ خَبَلٍ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ يَمْنَعُ الْعَمَلَ فِي حُكْمِ الْجُنُونِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَلِ النِّكَاحَ مَنْ اسْتَوَى زَمَنُ جُنُونِهِ وَإِفَاقَتِهِ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ لِطُولِ نَظَرٍ وَاخْتِبَارٍ لَيَعْرِفَ الْأَكْفَاءَ، وَلَا يَتِمُّ لَهُ ذَلِكَ مَعَ التَّسَاوِي، وَاحْتُرِزَ بِالْجُنُونِ عَنْ الْإِغْمَاءِ لِأَنَّ زَوَالَهُ مَرْجُوٌّ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ لَكِنْ تَوَقَّفَ غَيْرُهُ فِيمَا لَوْ اطَّرَدَتْ الْعَادَةُ بِتَكَرُّرِهِ فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ (وَ) لَا (مَرِيضٌ لَا يُرْجَى) عِنْدَ الْعِتْقِ بُرْءُ مَرَضِهِ كَفَالِجٍ وَسُلٍّ وَلَا مَنْ قُدِّمَ لِلْقَتْلِ، بِخِلَافِ مَنْ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ فِي الْمُحَارَبَةِ: أَيْ قَبْلَ الرَّفْعِ لِلْإِمَامِ، أَمَّا إذَا رُجِيَ بُرْؤُهُ فَيُجْزِئُ وَإِنْ اتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لِهُجُومِ عِلَّةٍ، بَلْ لَوْ تَحَقَّقَ مَوْتُهُ بِذَلِكَ الْمَرَضِ أَجْزَأَ فِي الْأَصَحِّ. (فَإِنْ) (بَرِئَ) مَنْ يُرْجَى بُرْؤُهُ بَعْدَ إعْتَاقِهِ (بَانَ الْإِجْزَاءُ فِي الْأَصَحِّ) لِخَطَأِ الظَّنِّ، وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا مَرَّ قُبَيْلَ فَصْلِ تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَى الْفَوْرِ عَنْ وَالِدِ الرُّويَانِيِّ لِأَنَّهُ ظَنَّ ثُمَّ أَخْلَفَ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النِّصَابِ ثَمَّ وَالْأَصْلُ: أَيْ الْغَالِبُ هُنَا الْبُرْءُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَعْتَقَ أَعْمَى فَأَبْصَرَ لِتَحَقُّقِ يَأْسِ إبْصَارِهِ فَكَأَنَّ عَوْدَهُ نِعْمَةٌ جَدِيدَةٌ مَحْضَةٌ وَالثَّانِي لَا، لِاخْتِلَالِ النِّيَّةِ وَقْتَ الْعِتْقِ كَمَا لَوْ حَجَّ عَنْ غَيْرِ الْمَعْضُوبِ ثُمَّ بَانَ كَوْنُهُ مَعْضُوبًا فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَرَجَّحَ جَمْعٌ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ، وَرُدَّ بِمَنْعِ تَأْثِيرِ ذَلِكَ فِي النِّيَّةِ لِأَنَّهُ جَازِمٌ بِالْإِعْتَاقِ، وَإِنَّمَا هُوَ مُتَرَدِّدٌ فِي اسْتِمْرَارِ مَرَضِهِ فَيَحْتَاجُ إلَى إعْتَاقٍ ثَانٍ أَوْ لَا فَلَا، وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْجَزْمِ بِالنِّيَّةِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ فِي الْأَعْمَى تَبَيَّنَ عَدَمُ مُنَافَاتِهِ لِقَوْلِهِمْ لَوْ ذَهَبَ بَصَرُهُ بِجِنَايَةٍ فَأَخَذَ دِيَتَهُ ثُمَّ عَادَ اُسْتُرِدَّتْ لِأَنَّ الْعَمَى الْمُحَقَّقَ لَا يَزُولُ، وَوَجْهُ نَفْيِ الْمُنَافَاةِ أَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى مَا يُنَافِي الْجَزْمَ بِالنِّيَّةِ، وَالْعَمَى يُنَافِيهِ نَظَرًا لِحَقِيقَتِهِ الْمُتَبَادِرَةِ مِنْ حُصُولِ صُورَتِهِ فَلَمْ يُجْزِ الْأَعْمَى مُطْلَقًا، وَثَمَّ عَلَى مَا يُمْكِنُ عَادَةً عَوْدُهُ وَبِالزَّوَالِ بَانَ أَنَّهُ غَيْرُ أَعْمَى، فَوَجَبَ الِاسْتِرْدَادُ. (وَلَا يُجْزِئُ) (شِرَاءُ) أَوْ تَمَلُّكُ (قَرِيبٍ) أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ (بِنِيَّةِ كَفَّارَةٍ) لِأَنَّ عِتْقَهُ مُسْتَحَقٌّ لَا بِجِهَةِ الْكَفَّارَةِ فَهُوَ كَدَفْعِ نَفَقَتِهِ الْوَاجِبَةِ إلَيْهِ بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ (وَلَا) عِتْقٌ فَهُوَ الْمَعْطُوفُ عَلَى الشِّرَاءِ، وَحُذِفَ إقَامَةً لِلْمُضَافِ إلَيْهِ مَقَامَ الْمُضَافِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَلِ النِّكَاحَ) الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا تُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ لِمَا ذَكَرَهُ ثَمَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ زُوِّجَ فِي زَمَنِ الْإِفَاقَةِ صَحَّ وَإِنْ قَلَّتْ جِدًّا كَيَوْمٍ فِي سَنَةٍ (قَوْلُهُ فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ) وَالْقِيَاسُ عَدَمُ إجْزَائِهِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الرَّفْعِ لِلْإِمَامِ) أَيْ فَلَوْ رُفِعَ لَهُ وَقُتِلَ فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَتَبَيَّنُ عَدَمُ إجْزَائِهِ لِتَبَيُّنِ مَوْتِهِ بِالسَّبَبِ السَّابِقِ عَلَى الْإِعْتَاقِ. (قَوْلُهُ فَأَبْصَرَ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ (قَوْلُهُ: الْمُتَبَادِرَةِ مِنْ حُصُولِ صُورَتِهِ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَوْ أَبْصَرَ وَتَبَيَّنَ أَنَّ مَا كَانَ بِعَيْنَيْهِ غِشَاوَةٌ وَأَنَّهُ لَيْسَ بِأَعْمَى لَمْ يَجُزْ لِفَسَادِ النِّيَّةِ، وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَرِيضِ الَّذِي لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ حَيْثُ أَجْزَأَ إذَا بَرِئَ أَنَّ الْمَرَضَ لَيْسَ فِيهِ صُورَةٌ ظَاهِرَةٌ تُنَافِي الْإِجْزَاءَ فَضَعُفَ تَأْثِيرُهُ فِي النِّيَّةِ وَلَا كَذَلِكَ الْأَعْمَى، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ زَوَالُ الْجُنُونِ وَالزَّمَانَةِ فَلَا يَكْفِي عَنْ الْكَفَّارَةِ أَخْذًا مِنْ الْفَرْقِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْعَمَى الْمُحَقَّقُ أَيِسَ مَعَهُ مِنْ عَوْدِ الْبَصَرِ، بِخِلَافِ الْجُنُونِ وَالزَّمَانِ الْمُحَقَّقَيْنِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُمْكِنُ زَوَالُهُ بَلْ عُهِدَ وَشُوهِدَ وُقُوعُهُ كَثِيرًا (قَوْلُهُ: فَلَمْ يُجْزِ الْأَعْمَى مُطْلَقًا) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا مَنْ قُدِّمَ لِلْقَتْلِ) أَيْ وَقُتِلَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَكَأَنَّ عَوْدَهُ نِعْمَةٌ جَدِيدَةٌ) هُوَ بِتَشْدِيدِ النُّونِ مِنْ فَكَأَنَّ لِيُوَافِقَ مَا سَيَأْتِي قَرِيبًا آخِرَ السِّوَادَةِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ جَازِمٌ بِالْإِعْتَاقِ) قَالَ الشِّهَابُ سم: فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ النِّيَّةَ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ قَصْدِ الْإِعْتَاقِ بَلْ الْإِعْتَاقُ عَنْ الْكَفَّارَةِ، وَهُوَ مُتَرَدِّدٌ فِيهِ قَطْعًا فَانْظُرْ بَعْدَ ذَلِكَ مَا بَنَاهُ عَلَى هَذَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَوَجْهُ عَدَمِ الْمُنَافَاةِ إلَخْ.) قَالَ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ: قَدْ يُقَالُ هَذَا لَا يَدْفَعُ الْمُنَافَاةَ الْمُورَدَةَ هُنَا، وَهِيَ دَلَالَةُ مَا هُنَا عَلَى زَوَالِ الْعَمَى الْمُحَقَّقِ وَمَا هُنَاكَ عَلَى عَدَمِ زَوَالِهِ فَتَأَمَّلْهُ. اهـ.

لَا هُمَا عَلَى قَرِيبٍ لِفَسَادِ الْمَعْنَى الْمُرَادِ، وَيَجُوزُ رَفْعُهُمَا عَطْفًا عَلَى " شِرَاءُ " وَلَا إشْكَالَ فِيهِ، وَتَوَقُّفُ صِحَّةِ الْمَعْنَى عَلَى تَقْدِيرِ عِتْقٍ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ (أُمِّ وَلَدٍ وَ) لَا (ذِي كِتَابَةٍ صَحِيحَةٍ) قَبْلَ تَعْجِيزِهِ وَمَشْرُوطٌ عِتْقُهُ فِي شِرَائِهِ لِذَلِكَ. (وَيُجْزِئُ) ذُو كِتَابَةٍ فَاسِدَةٍ وَ (مُدَبَّرٌ وَمُعَلَّقٌ) عِتْقُهُ (بِصِفَةٍ) غَيْرِ التَّدْبِيرِ لِصِحَّةِ تَصَرُّفِهِ فِيهِ هَذَا إنْ نَجَّزَ عِتْقَهُ عَنْهَا أَوْ عَلَّقَهُ بِصِفَةٍ تَسْبِقُ الْأُولَى، بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقَهُ بِالْأُولَى كَمَا قَالَ (فَلَوْ أَرَادَ) بَعْدَ التَّعْلِيقِ بِصِفَةٍ (جَعَلَ الْعِتْقَ الْمُعَلَّقَ كَفَّارَةً) كَأَنْ قَالَ إنْ دَخَلْتَ هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ، ثُمَّ قَالَ ثَانِيًا إنْ دَخَلْتَهَا فَأَنْت حُرٌّ عَنْ كَفَّارَتِي عَتَقَ بِالدُّخُولِ (وَلَمْ يُجْزِ) عِتْقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ لِاسْتِحْقَاقِهِ الْعِتْقَ بِالتَّعْلِيقِ الْأَوَّلِ (وَلَهُ تَعْلِيقُ عِتْقٍ) مُجْزِئٍ حَالَ التَّعْلِيقِ عَنْ (الْكَفَّارَةِ بِصِفَةٍ) كَإِنْ دَخَلْتَ فَأَنْت حُرٌّ عَنْ كَفَّارَتِي فَإِذَا دَخَلَ عَتَقَ عَنْهَا إذْ لَا مَانِعَ، أَمَّا غَيْرُ الْمُجْزِئِ كَكَافِرٍ عَلَّقَ عِتْقَهُ عَنْهَا بِإِسْلَامِهِ فَيَعْتِقُ إذَا أَسْلَمَ لَا عَنْهَا، وَلَوْ عَلَّقَ عِتْقَ رَقِيقِهِ الْمُجْزِئَ عَنْ الْكَفَّارَةِ بِصِفَةٍ ثُمَّ كَاتَبَهُ فَوُجِدَتْ الصِّفَةُ أَجْزَأَهُ إنْ كَانَ وُجُودُهَا بِغَيْرِ اخْتِيَارِ الْمُعَلِّقِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ لِأَنَّ الْأَصَحَّ اعْتِبَارُهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ حِينَئِذٍ نَظَرًا لِوَقْتِ التَّعْلِيقِ وَيُجْزِئُ مَرْهُونٌ وَجَانٍ إنْ نَفَذْنَا عِتْقَهُمَا بِأَنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا، وَآبِقٌ وَمَغْصُوبٌ وَلَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى انْتِزَاعِهِ مِنْ غَاصِبِهِ إنْ عُلِمَتْ حَيَاتُهُمَا وَلَوْ بَعْدَ الْإِعْتَاقِ وَإِلَّا لَمْ يُجْزِ إِعْتَاقُهُمَا وَيُعْلَمُ مِنْهُ عَدَمُ إجْزَاءِ مَنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ: أَيْ لَا لِخَوْفِ الطَّرِيقِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ لِأَنَّ الْوُجُوبَ مُتَيَقَّنٌ وَالْمُسْقِطُ مَشْكُوكٌ فِيهِ، بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ تَجِبُ احْتِيَاطًا، وَتُجْزِئُ حَامِلٌ وَإِنْ اسْتَثْنَى ـــــــــــــــــــــــــــــSأَبْصَرَ بَعْدُ أَمْ لَا،. (قَوْلُهُ لَا هُمَا) أَيْ أُمِّ الْوَلَدِ وَذِي الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ رَفْعُهُمَا) لَعَلَّ وَجْهَ مُغَايَرَةِ هَذَا لِقَوْلِهِ أَوَّلًا فَهُوَ الْمَعْطُوفُ عَلَى الشِّرَاءِ إلَخْ أَنْ يُقْرَأَ " أُمَّ وَلَدٍ " بِالْجَرِّ فَيَكُونُ مِمَّا حُذِفَ فِيهِ الْمُضَافُ وَبَقِيَ الْمُضَافُ إلَيْهِ عَلَى جَرِّهِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ وَلَا ذِي كِتَابَةٍ، لَكِنَّ قَوْلَهُ إقَامَةً لِلْمُضَافِ إلَيْهِ مَقَامَ الْمُضَافِ ظَاهِرٌ فِي قِرَاءَةِ " أُمُّ وَلَدٍ " بِالرَّفْعِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ فِي قَوْلِهِ وَلَا ذِي كِتَابَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَا إشْكَالَ فِيهِ) أَيْ لِأَنَّ حَذْفَ الْمُضَافِ وَإِقَامَةَ الْمُضَافِ إلَيْهِ مَقَامَهُ كَثِيرٌ شَائِعٌ (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ لِقَوْلِهِ لِأَنَّ عِتْقَهُ مُسْتَحَقٌّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: حَالَ التَّعْلِيقِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ سَلِيمًا حَالَ التَّعْلِيقِ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ عَيْبٌ بَعْدَ التَّعْلِيقِ وَقَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ أَجْزَأَ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا لَوْ أَعْتَقَ مَرِيضًا يُرْجَى بُرْؤُهُ ثُمَّ مَاتَ بِذَلِكَ الْمَرَضِ وَإِنْ اُحْتُمِلَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَلَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ: لَا عَنْهَا) أَيْ بَلْ مَجَّانًا (قَوْلُهُ: فَوُجِدَتْ الصِّفَةُ) أَيْ قَبْلَ أَدَاءِ النُّجُومِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصَحَّ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّوْجِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي وُجُودِ الصِّفَةِ فِي الْمَرَضِ لِأَنَّهُ الَّذِي يُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ الَّذِي هُوَ بِاخْتِيَارِهِ وَغَيْرِهِ وَإِطْلَاقُهُ يَقْتَضِي خِلَافَهُ (قَوْلُهُ: إنْ نَفَذْنَا عِتْقَهُمَا) أَيْ وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: إنْ عُلِمَتْ حَيَاتُهُمَا) أَيْ الْآبِقِ وَالْمَغْصُوبِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ الْإِعْتَاقِ) أَيْ وَلَا يَضُرُّ التَّرَدُّدُ فِي النِّيَّةِ لِمَا مَرَّ فِي عَدَمِ إجْزَاءِ عِتْقِ الْأَعْمَى وَفِي إجْزَاءِ الْمَرِيضِ الَّذِي لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ إذَا بَرِئَ (قَوْلُهُ: وَيُعْلَمُ مِنْهُ عَدَمُ إجْزَاءِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ اسْتِمْرَارُ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ وَإِنْ تَبَيَّنَتْ حَيَاتُهُ وَقَوِيَ قِيَاسُ عَدَمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: لَا هُمَا) أَيْ أُمُّ الْوَلَدِ وَذُو الْكِتَابَةِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ إسْقَاطُ لَفْظِ هُمَا وَإِفْرَادُ ضَمِيرِ رَفْعِهِمَا، وَهُوَ فَاسِدٌ لِإِفَادَتِهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي لَفْظِ عِتْقٍ وَهُوَ لَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ رَفْعُهُمَا) أَيْ فِي حَدِّ ذَاتِهِ لَا فِي خُصُوصِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذْ يُنَافِيهِ ذِي، وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ رَفْعِهِمَا عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَيُنَافِيهِ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ إقَامَةً لِلْمُضَافِ إلَيْهِ مَقَامَ الْمُضَافِ إذْ مَعْنَاهُ إقَامَتُهُ مَقَامَهُ فِي الْإِعْرَابِ كَمَا لَا يَخْفَى. قَالَ الشِّهَابُ سم: فَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ مَجْرُورَانِ وَأَنَّ الْمَعْطُوفَ مُقَدَّرٌ وَهُوَ لَفْظُ عِتْقِ الْمُضَافِ فَفِيهِ أَنَّ هَذَا مَعَ كَوْنِهِ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ إقَامَةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ مَقَامَ الْمُضَافِ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ شَرْطُ جَرِّ الْمُضَافِ إلَيْهِ بَعْدَ حَذْفِ الْمُضَافِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مَحَلِّهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصَحَّ اعْتِبَارُهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى كَلَامٍ سَاقِطٍ مِنْ النُّسَخِ لَا بُدَّ مِنْهُ وَإِلَّا فَالْكَلَامُ مُخْتَلٌّ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ: وَإِنْ عَلَّقَ عِتْقَهُ عَنْهَا بِالدُّخُولِ مَثَلًا ثُمَّ كَاتَبَهُ فَدَخَلَ فَهَلْ يُجْزِئُ عَنْهَا اعْتِبَارًا بِوَقْتِ التَّعْلِيقِ أَوَّلًا لِأَنَّهُ مُسْتَحَقُّ الْعِتْقِ عَنْ الْكِتَابَةِ وَقْتَ حُصُولِهِ فِيهِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ تُوجَدُ فِي الصِّحَّةِ وَقَدْ تُوجَدُ فِي الْمَرَضِ فَوُجِدَتْ فِي الْمَرَضِ هَلْ يُعْتَبَرُ الْعِتْقُ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ. نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْمُتَوَلِّي، وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الْإِجْزَاءِ إنْ

حَمْلَهَا وَيَتْبَعُهَا فِي الْعِتْقِ، وَيَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي صُورَتِهِ وَيَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ وَلَا يُجْزِئُ مُوصًى بِمَنْفَعَتِهِ وَلَا مُسْتَأْجَرٌ. (وَ) لَهُ (إعْتَاقُ عَبْدَيْهِ عَنْ كَفَّارَتَيْهِ) كَكَفَّارَةِ قَتْلٍ وَكَفَّارَةِ ظِهَارٍ وَإِنْ صَرَّحَ بِالتَّشْقِيصِ بِأَنْ قَالَ أَعْتَقْت (عَنْ كُلٍّ) مِنْهُمَا (نِصْفَ ذَا) الْعَبْدِ (وَنِصْفَ ذَا) الْعَبْدِ الْآخَرِ لِتَخْلِيصِ رَقَبَةِ كُلٍّ عَنْ الرِّقِّ وَيَقَعُ الْعِتْقُ مُوَزَّعًا كَمَا ذَكَرَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَنَسَبَهُ فِي الشَّامِلِ لِلْجُمْهُورِ فَإِذَا ظَهَرَ أَحَدُهُمَا مَعِيبًا أَوْ مُسْتَحَقًّا، لَمْ يَحُزْ مِنْهُمَا. (وَلَوْ) (أَعْتَقَ مُعْسِرٌ نِصْفَيْنِ) لَهُ مِنْ عَبْدَيْنِ (عَنْ كَفَّارَةٍ) (فَالْأَصَحُّ الْإِجْزَاءُ إنْ كَانَ بَاقِيهِمَا) أَوْ بَاقِي أَحَدِهِمَا كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ (حُرًّا) لِحُصُولِ الِاسْتِقْلَالِ وَلَوْ فِي أَحَدِهِمَا، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بَاقِيهِمَا لِغَيْرِهِ وَهُوَ مُعْسِرٌ لِعَدَمِ السِّرَايَةِ عَلَيْهِ فَلَمْ يَحْصُلْ مَقْصُودُ الْعِتْقِ مِنْ التَّخَلُّصِ مِنْ الرِّقِّ، أَمَّا الْمُوسِرُ وَلَوْ بِبَاقِي أَحَدِهِمَا فَيُجْزِئُ مَعَ النِّيَّةِ عَنْهَا لِلسِّرَايَةِ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ مُطْلَقًا كَمَا لَا يُجْزِئُ شِقْصَانِ فِي الْأُضْحِيَّةَ. وَالثَّالِثُ الْإِجْزَاءُ مُطْلَقًا تَنْزِيلًا لِلْأَشْقَاصِ مَنْزِلَةَ الْأَشْخَاصِ. (وَلَوْ) (أَعْتَقَ) قِنًّا عَنْ كَفَّارَتِهِ (بِعِوَضٍ) عَلَى الْقِنِّ أَوْ أَجْنَبِيٍّ كَأَعْتَقْتُكَ عَنْهَا بِأَلْفٍ عَلَيْك وَكَأَعْتِقْهُ عَنْهَا بِأَلْفٍ عَلَيَّ (لَمْ يُجْزِ عَنْ كَفَّارَتِهِ) لِانْتِفَاءِ تَجَرُّدِ الْعِتْقِ عَنْهَا وَمِنْ ثَمَّ اسْتَحَقَّ الْعِوَضَ عَلَى الْمُلْتَمِسِ، وَلَمَّا ذَكَرُوا حُكْمَ الْإِعْتَاقِ عَنْ الْكَفَّارَةِ بِعِوَضٍ اسْتَطْرَدُوا ذِكْرَ حُكْمِهِ فِي غَيْرِهَا وَتَبِعَهُمْ كَأَصْلِهِ، فَقَالَ (وَالْإِعْتَاقُ بِمَالٍ كَطَلَاقٍ بِهِ) فَيَكُونُ مُعَاوَضَةً فِيهَا شَوْبُ تَعْلِيقٍ مِنْ الْمَالِكِ وَشَوْبُ جَعَالَةٍ مِنْ الْمُلْتَمِسِ وَيَجِبُ الْجَوَابُ فَوْرًا وَإِلَّا عَتَقَ عَلَى الْمَالِكِ مَجَّانًا. (فَلَوْ) (قَالَ) لِغَيْرِهِ (أَعْتِقْ أُمَّ وَلَدِك عَلَى أَلْفٍ) وَلَمْ يَقُلْ ـــــــــــــــــــــــــــــSإجْزَاءِ الْأَعْمَى إذَا أَبْصَرَ، وَقِيَاسُ الْإِجْزَاءِ فِي الْمَغْصُوبِ وَالْآبِقِ وَالْمَرِيضِ الَّذِي لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ إذَا بَرِئَ خِلَافُهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَعَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ لِخَوْفِ الطَّرِيقِ أَوْ غَيْرِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ لِخَوْفِ الطَّرِيقِ يُجْزِئُ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ مَوْتُهُ، وَمَنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ لِغَيْرِ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ حَيَاتُهُ (قَوْلُهُ: لَا لِخَوْفِ الطَّرِيقِ) أَفْهَمَ أَنْ مَنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ لِخَوْفِ الطَّرِيقِ يُجْزِئُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ تَبَيَّنَتْ حَيَاتُهُ حَالَ الْعِتْقِ وَإِلَّا فَقِيَاسُ الْمَغْصُوبِ وَالْآبِقِ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ (قَوْلُهُ: وَيَتْبَعُهَا فِي الْعِتْقِ) أَيْ وَلَا يَكُونُ عَنْ الْكَفَّارَةِ حَتَّى لَوْ انْفَصَلَ مَيِّتًا اُعْتُدَّ بِعِتْقِ الْأُمِّ عَنْ الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا مُسْتَأْجَرٌ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَصُرَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ أَوْ مَا بَقِيَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَفِيهِ بُعْدٌ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ فِيمَنْ تَقَطَّعَ جُنُونُهُ وَغَلَبَتْ إفَاقَتُهُ حَيْثُ يُجْزِئُ إعْتَاقُهُ مَجْنُونًا اكْتِفَاءً بِحُصُولِ الْإِفَاقَةِ بَعْدُ، وَكَذَا مَرِيضٌ يُرْجَى بُرْؤُهُ حَيْثُ نَفَذَ إعْتَاقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ مَعَ عَدَمِ تَأَتِّي الْعَمَلَ مِنْهُ حَالَ الْمَرَضِ. (قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرَهُ) أَيْ الْمُعْتِقَ. (قَوْلُهُ: فَإِذَا ظَهَرَ أَحَدُهُمَا مَعِيبًا) اُنْظُرْ لَوْ أَعْتَقَ آخَرَ مُوَزِّعًا بَدَلًا عَمَّنْ ظَهَرَ مَعِيبًا اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَيَنْبَغِي عَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ عِتْقَ الْأَوَّلِ وَقَعَ مُوَزَّعًا عَلَى الْكَفَّارَتَيْنِ فَيَنْفُذُ مَجَّانًا فَلَا يُجْزِئُ وَلَا يُعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ بَعْدُ (قَوْلُهُ: لَمْ يُجْزِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا) أَيْ وَيَعْتِقَانِ مَجَّانًا. (قَوْلُهُ: لَمْ يُجْزِ عَنْ كَفَّارَةِ) أَيْ وَيَعْتِقُ عَنْ الْمُلْتَمِسِ، وَفِي سم عَلَى حَجّ: قَالَ فِي الْعُبَابِ: فَرْعٌ لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَ هَذَا مِنْ كَفَّارَتِي ثُمَّ تَعَيَّبَ أَوْ مَاتَ لَزِمَهُ إعْتَاقُ سَلِيمٍ وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّبْ وَأَعْتَقَ عَنْهَا غَيْرَهُ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ إعْتَاقِ الْمُعَيَّنِ فَالظَّاهِرُ بَرَاءَتُهُ، وَهَلْ يَلْزَمُهُ إعْتَاقُ الْمُعَيَّنِ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ اهـ. وَقَوْلُهُ فَهَلْ يَلْزَمُهُ إلَخْ هَلْ هُوَ رَاجِعٌ لِلشِّقَّيْنِ أَوْ إلَى الثَّانِي اهـ. أَقُولُ: الظَّاهِرُ رُجُوعُهُ لِلشِّقَّيْنِ وَيَنْبَغِي وُجُوبُ الْإِعْتَاقِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِالنَّذْرِ وَتَبَرَّعَ بِإِعْتَاقِ غَيْرِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُلْتَمِسِ) أَيِّ مِنْ الْعَبْدِ وَالْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ الْجَوَابُ فَوْرًا وَإِلَّا عَتَقَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQوُجِدَتْ الصِّفَةُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ الْمُعَلَّقِ لِأَنَّ الْأَصَحَّ اعْتِبَارُهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ حِينَئِذٍ نَظَرًا لِوَقْتِ التَّعْلِيقِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَيَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ) اُنْظُرْ مَا مَرْجِعُ الضَّمِيرِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَيَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي صُورَتِهِ كَمَا لَوْ اسْتَثْنَى عُضْوًا مِنْ الرَّقِيقِ، وَإِذَا لَمْ يَمْنَعْ الِاسْتِثْنَاءَ نُفُوذُ الْعِتْقِ لَمْ يَمْنَعْ سُقُوطَ الْفَرْضِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرَهُ) أَيْ الْمُعَلِّقُ أَيْ، فَيَقَعُ عَلَى طِبْقِ مَا ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: وَكَأَعْتِقْهُ عَنْهَا) أَيْ عَنْ كَفَّارَتِك.

عَنِّي سَوَاءٌ أَقَالَ عَنْك أَمْ أَطْلَقَ (فَأَعْتَقَهَا) فَوْرًا (نَفَذَ) عِتْقُهُ (وَلَزِمَهُ) أَيْ الْمُلْتَمِسَ (الْعِوَضُ) لِأَنَّهُ افْتِدَاءٌ مِنْ جِهَتِهِ كَاخْتِلَاعِ الْأَجْنَبِيِّ. أَمَّا إذَا قَالَ عَنِّي فَأَعْتَقَهَا عَنْهُ فَتَعْتِقُ وَلَا عِوَضَ لِاسْتِحَالَتِهِ، بِخِلَافِ طَلِّقْ زَوْجَتَك عَنِّي لِأَنَّهُ لَا يُتَخَيَّلُ فِيهِ انْتِقَالُ شَيْءٍ إلَيْهِ (وَكَذَا لَوْ) (قَالَ أَعْتِقْ عَبْدَك عَلَى كَذَا) وَلَمْ يَقُلْ عَنِّي، سَوَاءٌ أَقَالَ عَنْك أَوْ أَطْلَقَ (فَأَعْتَقَ) فَوْرًا فَيَنْفُذُ الْعِتْقُ جَزْمًا وَيَسْتَحِقُّ الْمَالِكُ الْأَلْفَ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ مِنْهُ افْتِدَاءٌ كَأُمِّ الْوَلَدِ، وَأَشْعَرَ تَعْبِيرُهُ بِعَلَى عَدَمَ اشْتِرَاطِ الْمَالِيَّةِ فِي الْعِوَضِ، فَلَوْ قَالَ عَلَى خَمْرٍ أَوْ نَحْوِهِ نَفَذَ وَلَزِمَهُ قِيمَةُ الْعَبْدِ، وَلَوْ ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ بَعْدَ عِتْقِهِ لَمْ يَبْطُلْ بَلْ يَرْجِعُ الْمُسْتَدْعِي الْعِتْقَ بِأَرْشِهِ فَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ يَمْنَعُ إجْزَاءَهُ فِي الْكَفَّارَةِ لَمْ تَسْقُطْ بِهِ وَالثَّانِي لَا يَسْتَحِقُّ إذْ لَا افْتِدَاءَ فِي ذَلِكَ لِإِمْكَانِ نَقْلِ الْمِلْكِ فِي الْعَبْدِ بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ. (وَإِنْ) (قَالَ أَعْتِقْهُ عَنِّي عَلَى كَذَا) كَأَلْفٍ أَوْ زِقِّ خَمْرٍ (فَفَعَلَ) فَوْرًا (عَتَقَ عَنْ الطَّالِبِ) وَأَجْزَأَهُ عَنْ كَفَّارَةٍ عَلَيْهِ نَوَاهَا بِهِ لِتَضَمُّنِ مَا ذَكَرَ لِلْبَيْعِ لِتَوَقُّفِ الْعِتْقِ عَنْهُ عَلَى مِلْكِهِ لَهُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ بِعْنِيهِ بِكَذَا وَأَعْتِقْهُ عَنِّي فَقَالَ بِعْتُك وَأَعْتَقْتُهُ عَنْك (وَعَلَيْهِ الْعِوَضُ) الْمُسَمَّى إنْ مَلَكَهُ وَإِلَّا فَقِيمَةُ الْعَبْدِ كَالْخُلْعِ، فَإِنْ قَالَ مَجَّانًا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، فَإِنْ سَكَتَا عَنْ الْعِوَضِ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ إنْ صَرَّحَ بِعَنْ كَفَّارَتِي أَوْ عَنِّي وَكَانَ عَلَيْهِ عِتْقٌ وَلَمْ يَقْصِدْ الْمُعْتِقُ الْعِتْقَ عَنْ نَفْسِهِ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ اقْضِ دَيْنِي وَإِلَّا فَلَا، نَعَمْ لَوْ قَالَ ذَلِكَ لِمَالِكِ بَعْضِهِ عَتَقَ عَنْهُ بِالْعِوَضِ وَلَا يُجْزِئُهُ عَنْهَا لِأَنَّهُ بِمِلْكِهِ لَهُ اسْتَحَقَّ الْعِتْقَ بِالْقَرَابَةِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ) أَيْ الطَّالِبَ (يَمْلِكُهُ) أَيْ الْقِنَّ الْمَطْلُوبَ إعْتَاقُهُ (عَقِبَ لَفْظِ الْإِعْتَاقِ) الْوَاقِعِ بَعْدَ الِاسْتِدْعَاءِ لِأَنَّهُ النَّاقِلُ لِلْمِلْكِ (ثُمَّ) عَقِبَ ذَلِكَ (يَعْتِقُ عَلَيْهِ) لِتَأَخُّرِ الْعِتْقِ عَنْ الْمِلْكِ فَيَقَعَانِ فِي زَمَنَيْنِ لَطِيفَيْنِ مُتَّصِلَيْنِ بِلَفْظِ الْإِعْتَاقِ بِنَاءً عَلَى تَرَتُّبِ الشَّرْطِ عَلَى الْمَشْرُوطِ، وَالثَّانِي يَحْصُلُ الْمِلْكُ وَالْعِتْقُ مَعًا بَعْدَ تَمَامِ اللَّفْظِ بِنَاءً عَلَى مُقَارَنَةِ الشَّرْطِ لِلشُّرُوطِ: وَلَا فَرْقَ فِي نُفُوذِ الْعِتْقِ بِالْعِوَضِ بَيْنَ كَوْنِ الرَّقِيقِ مُسْتَأْجَرًا أَوْ مَغْصُوبًا لَا يَقْدِرُ عَلَى انْتِزَاعِهِ لِأَنَّ الْبَيْعَ فِي ذَلِكَ ضِمْنِيٌّ، وَيُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ وَإِنْ لَمْ يُجِبْ عَلَى الْفَوْرِ عَتَقَ عَلَى الْمَالِكِ مَجَّانًا، وَهُوَ شَامِلٌ لِنَحْوِ أَعْتِقْ عَبْدَك عَلَى أَلْفٍ فَأَجَابَهُ لَا عَلَى الْفَوْرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلِنَحْوِ أَعْتَقْتُ عَبْدِي عَلَى أَلْفٍ عَلَيْكِ فَلَمْ يُجِبْهُ عَلَى الْفَوْرِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: الْقِيَاسُ فِي الثَّانِيَةِ عَدَمُ الْإِعْتَاقِ لِأَنَّ الْمَانِعَ لَيْسَ مِنْ جِهَةِ الْمَالِكِ فَلَمْ يُعْتَدَّ بِمَا فَعَلَهُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ عِتْقَهَا عَنْ الْمُلْتَمِسِ (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا قَالَ) أَيْ الْمُلْتَمِسُ (قَوْلُهُ: فَأَعْتَقَهَا) أَيْ أُمَّ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ: لِاسْتِحَالَتِهِ) أَيْ عِتْقِهَا عَنْ الْمُلْتَمِسِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ طَلِّقْ زَوْجَتَك) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ (قَوْلُهُ: وَلَزِمَهُ قِيمَةُ الْعَبْدِ) لُزُومُ الْقِيمَةِ هُنَا يُشْكِلُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْخُلْعِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ فِيمَا لَوْ قَالَ لِلزَّوْجِ خَالِعْ زَوْجَتَك عَلَى زِقِّ خَمْرٍ فِي ذِمَّتِي حَيْثُ قَالُوا ثَمَّ يَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَلَا مَالَ فَكَانَ الْقِيَاسُ هُنَا أَنْ يَعْتِقَ وَلَا قِيمَةَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لَمْ تَسْقُطْ بِهِ) وَنَفَذَ الْعِتْقُ عَنْ الْمُسْتَدْعِي مَجَّانًا. (قَوْلُهُ: لِتَضَمُّنِ مَا ذَكَرَ لِلْبَيْعِ) هَذَا لَا يَتَأَتَّى فِيمَا لَوْ قَالَ أَعْتِقْهُ عَلَى زِقِّ خَمْرٍ بَلْ يَقْتَضِي عَدَمَ الْإِجْزَاءِ فِيهِ لِفَسَادِ الْبَيْعِ بِفَسَادِ الثَّمَنِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إنْ مَلَكَهُ) أَيْ الْعِوَضَ بِأَنْ كَانَ مَالَهُ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ مَغْصُوبًا أَوْ خَمْرًا فَقِيمَةُ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ قَالَ ذَلِكَ) أَيْ أَعْتِقْهُ عَنِّي (قَوْلُهُ لِمَالِكِ بَعْضِهِ) أَيْ مِنْ أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يُجْزِئُهُ عَنْهَا) أَيْ الْكَفَّارَةَ (قَوْلُهُ: عَقِبَ لَفْظِ الْإِعْتَاقِ) هَذَا يُعَارِضُهُ مَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَيْعِ مِنْ أَنَّ الصِّيغَةَ مُقَدَّرَةٌ، فَإِذَا قَالَ الطَّالِبُ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِكَذَا فَأَجَابَهُ بِقَوْلِهِ أَعْتَقْتُهُ عَنْك كَانَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي بِعْنِي عَبْدَك بِكَذَا وَأَعْتِقْهُ عَنِّي وَأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ بِعْتُكَهُ وَأَعْتَقْته عَنْك وَهَذَا يَقْتَضِي حُصُولَ الْمِلْكِ عَقِبَ بِعْتُكَهُ أَوْ مُقَارِنًا لَهُ وَكِلَاهُمَا يَقْتَضِي تَقَدُّمَ الْمِلْكِ عَلَى الْعِتْقِ لَا تَأَخُّرَهُ (قَوْلُهُ بَيْنَ كَوْنِ الرَّقِيقِ مُسْتَأْجَرًا) يُتَأَمَّلُ ذِكْرُهُ، فَإِنَّ الْإِجَارَةَ عَلَى الْأَصَحِّ لَيْسَتْ مَانِعَةً مِنْ صِحَّةِ الْبَيْعِ الْغَيْرِ الضِّمْنِيِّ، وَلَعَلَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الْمُسْتَقِلِّ، فَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ أَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا كُلَّ مِسْكِينٍ مُدًّا مِنْ حِنْطَةٍ عَنْ كَفَّارَتِي وَنَوَاهَا بِقَلْبِهِ فَفَعَلَ أَجْزَأَهُ فِي الْأَصَحِّ، وَلَا يَخْتَصُّ بِالْمَجْلِسِ، وَالْكِسْوَةُ كَالْإِطْعَامِ قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ. (وَمَنْ) لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ مُرَتَّبَةٌ وَقَدْ (مَلَكَ عَبْدًا) أَيْ قِنًّا (أَوْ ثَمَنَهُ) أَيْ مَا يُسَاوِيهِ مِنْ نَقْدٍ أَوْ عَرْضٍ (فَاضِلًا) كُلٌّ مِنْهُمَا (عَنْ كِفَايَةِ نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ) الَّذِينَ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُمْ (نَفَقَةً وَكِسْوَةً وَسُكْنَى وَأَثَاثًا لَا بُدَّ مِنْهُ) (لَزِمَهُ الْعِتْقُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [المجادلة: 4] وَهَذَا وَاجِدٌ وَيَأْتِي فِي نَحْوِ آلَةِ مُحْتَرِفٍ وَخَيْلِ جُنْدِيٍّ، وَكُتُبِ فَقِيهٍ مَا مَرَّ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ أَمَّا إذَا لَمْ يَفْضُلْ الْقِنُّ أَوْ ثَمَنُهُ عَمَّا ذَكَرَ لِاحْتِيَاجِهِ لِمَنْصِبٍ يَأْبَى خِدْمَتَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ ضَخَامَتِهِ كَذَلِكَ بِحَيْثُ يَحْصُلُ لَهُ بِعِتْقِهِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً وَلَا اعْتِبَارَ بِفَوَاتِ رَفَاهِيَةٍ أَوْ لِمَرَضٍ بِهِ أَوْ بِمُمَوِّنِهِ فَلَا عِتْقَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فَاقِدُهُ كَمَنْ وَجَدَ مَاءً وَهُوَ يَحْتَاجُهُ لِعَطَشٍ. وَالسَّفِيهُ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي بَابِهِ، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ ذَلِكَ فَاضِلًا عَنْ كِفَايَةِ الْعُمْرِ الْغَالِبِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَمَا وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ مِنْ اعْتِبَارِ سَنَةٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَرْجُوحِ الْمَارِّ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ، فَقَدْ صَرَّحَ فِيهَا بِأَنَّ مَنْ يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ فَقِيرٌ يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ، وَبِأَنَّ مَنْ لَهُ رَأْسُ مَالٍ لَوْ بِيعَ صَارَ مِسْكِينًا يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ. كَمَا قَالَ (وَلَا يَجِبُ) (بَيْعُ ضَيْعَةٍ) أَيْ أَرْضٍ (وَرَأْسُ مَالٍ لَا يَفْضُلُ دَخْلُهُمَا) وَهُوَ عِلَّةُ الْأُولَى وَرِبْحُ الثَّانِي، وَمِثْلُ ذَلِكَ الْمَاشِيَةُ وَنَحْوُهَا (عَنْ كِفَايَتِهِ) بِحَيْثُ لَوْ بَاعَهُمَا صَارَ مِسْكِينًا لِأَنَّ الْمَسْكَنَةَ أَقْوَى مِنْ مُفَارَقَةِ الْمَأْلُوفِ، أَمَّا مَا فَضَلَ أَوْ بَعْضُهُ فَيُبَاعُ الْفَاضِلُ قَطْعًا (وَلَا) بَيْعُ (مَسْكَنٍ وَعَبْدٍ) أَيْ قِنٍّ (نَفِيسَيْنِ) بِأَنْ يَجِدَ بِثَمَنِ الْمَسْكَنِ مَسْكَنًا يَكْفِيهِ وَقِنًّا يَعْتِقُهُ وَبِثَمَنِ الْقِنِّ قِنًّا يَخْدُمُهُ وَقِنًّا يَعْتِقُهُ (أَلِفَهُمَا فِي الْأَصَحِّ) لِمَشَقَّةِ مُفَارَقَةِ الْمَأْلُوفِ وَالثَّانِي يَجِبُ بَيْعُهُمَا لِتَحْصِيلِ عَبْدٍ يَعْتِقُهُ وَلَا الْتِفَاتَ إلَى مُفَارَقَةِ الْمَأْلُوفِ فِي ذَلِكَ. نَعَمْ إنْ اتَّسَعَ الْمَسْكَنُ الْمَأْلُوفُ بِحَيْثُ يَكْفِيهِ بَعْضُهُ وَبَاقِيهِ يُحَصِّلُ بِهِ رَقَبَةً لَزِمَهُ تَحْصِيلُهَا لِأَنَّهُ لَا يُفَارِقُهُ أَمَّا لَوْ لَمْ يَأْلَفْهُمَا فَيَلْزَمُهُ بَيْعُهُمَا وَتَحْصِيلُ قِنٍّ يَعْتِقُهُ قَطْعًا وَاحْتِيَاجُهُ الْأَمَةَ لِلْوَطْءِ كَهُوَ لِلْخِدْمَةِ، وَيُفَارِقُ مَا هُنَا مَا مَرَّ فِي الْحَجِّ مِنْ لُزُومِ بَيْعِ الْمَأْلُوفِ بِأَنَّ الْحَجَّ لَا بَدَلَ لَهُ وَالْإِعْتَاقَ بَدَلٌ، وَمَا مَرَّ فِي الْمُفْلِسِ مِنْ عَدَمِ تَبْقِيَةِ خَادِمٍ وَمَسْكَنٍ لَهُ بِأَنَّ لِلْكَفَّارَةِ بَدَلًا كَمَا مَرَّ وَبِأَنَّ حُقُوقَهُ تَعَالَى مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَامَحَةِ، بِخِلَافِ حَقِّ الْآدَمِيِّ، وَمَنْ لَهُ أُجْرَةٌ تَزِيدُ عَلَى قَدْرِ كِفَايَتِهِ لَا يَلْزَمُهُ التَّأْخِيرُ لِجَمْعِ الزِّيَادَةِ لِتَحْصِيلِ الْعِتْقِ فَلَهُ الصَّوْمُ وَإِنْ أَمْكَنَهُ جَمْعُ الزِّيَادَةِ فِي نَحْوِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَإِنْ اجْتَمَعَتْ قَبْلَ الصَّوْمِ وَجَبَ الْعِتْقُ اعْتِبَارًا. ـــــــــــــــــــــــــــــSفَائِدَتَهُ الْإِشَارَةُ إلَى صِحَّةِ إعْتَاقِهِ وَإِنْ قُلْنَا بِبُطْلَانِ بَيْعِهِ (قَوْلُهُ أَجْزَأَهُ فِي الْأَصَحِّ) أَيْ وَلَزِمَهُ الْمُسَمَّى إنْ ذَكَرَهُ وَإِلَّا فَبَدَلُ الْأَمْدَادِ كَمَا لَوْ قَالَ اقْضِ دِينِي فَفَعَلَ (قَوْلُهُ: وَلَا يَخْتَصُّ بِالْمَجْلِسِ) أَيْ الْإِطْعَامُ هَذَا قَدْ يُشْكِلُ بِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ إعْتَاقِهِ عَنْ الطَّالِبِ فِيمَا لَوْ قَالَ أَعْتِقْ عَبْدَك عَلَى كَذَا فَلَمْ يُجِبْهُ فَوْرًا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْإِطْعَامَ يُشْبِهُ الْإِبَاحَةَ فَاغْتُفِرَ فِيهِ عَدَمُ الْفَوْرِ وَالْإِعْتَاقُ عَنْ الْغَيْرِ يَسْتَدْعِي حُصُولَ الْوَلَاءِ لَهُ فَاعْتُبِرَتْ فِيهِ شُرُوطُ الْبَيْعِ لِيُمْكِنَ الْمِلْكُ فِيهِ (قَوْلُهُ وَالْكِسْوَةُ كَالْإِطْعَامِ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ فِي أَوَّلِ الْبَيْعِ مِنْ أَنَّ الْبَيْعَ الضِّمْنِيَّ لَا يَأْتِي فِي غَيْرِ الْإِعْتَاقِ، وَعِبَارَتُهُ ثَمَّ: وَهَلْ يَأْتِي: أَيْ الْبَيْعُ الضِّمْنِيُّ فِي غَيْرِ الْعِتْقِ كَتَصَدَّقْ بِدَارِك عَنِّي عَلَى أَلْفٍ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا قُرْبَةٌ، أَوْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ تَشَوُّفَ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ أَكْثَرُ فَلَا يُقَاسُ غَيْرُهُ بِهِ؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَمَيْلُ كَلَامِهِمْ إلَى الثَّانِي أَكْثَرُ اهـ. وَقَدْ يُجَابُ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْإِطْعَامَ كَالْإِبَاحَةِ. (قَوْلُهُ وَعِيَالِهِ إلَخْ) وَخَرَجَ بِهِمْ مَنْ يُمَوِّنُهُمْ بِإِخْوَتِهِ وَوَلَدِهِ الْكَبِيرِ فَلَا يُشْتَرَطُ الْفَضْلُ عَنْهُمْ (قَوْلُهُ: وَأَثَاثًا) الْأَثَاثُ مَتَاعُ الْبَيْتِ الْوَاحِدَةُ أَثَاثَةٌ، وَقِيلَ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ (قَوْلُهُ: لَا بُدَّ مِنْهُ) أَيْ وَعَنْ دَيْنِهِ وَلَوْ مُؤَجَّلًا (قَوْلُهُ: أَوْ ضَخَامَتِهِ) أَيْ عَظَمَتِهِ (قَوْلُهُ أَوْ بِمُمَوِّنِهِ) أَيْ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْمُعْتِقَ،. (وَقَوْلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَا فَضَلَ أَوْ بَعْضُهُ فَيُبَاعُ الْفَاضِلُ قَطْعًا) أَيْ إذَا كَانَ يَفِي بِرَقَبَتِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي

[اعتبار اليسار بوقت الأداء لكفارة الظهار]

بِوَقْتِ الْأَدَاءِ كَمَا سَيَأْتِي. (وَلَا) يَجِبُ (شِرَاءُ) الرَّقَبَةِ (بِغَبْنٍ) أَيْ زِيَادَةٍ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهَا، وَإِنْ قُلْت نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي شِرَاءِ الْمَاءِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِتَكَرُّرِ ذَاكَ مَرْدُودٌ، وَعَلَى الْأَوَّلِ كَمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ لَا يَجُوزُ الْعُدُولُ لِلصَّوْمِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّبْرُ إلَى الْوُجُودِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ، وَكَذَا لَوْ غَابَ مَالُهُ وَلَوْ فَوْقَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَيُكَلَّفُ الصَّبْرَ إلَى وُصُولِهِ أَيْضًا، وَلَا نَظَرَ إلَى تَضَرُّرِهِمَا بِفَوَاتِ التَّمَتُّعِ مُدَّةَ الصَّبْرِ لِأَنَّهُ الَّذِي وَرَّطَ نَفْسَهُ فِيهِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا مَرَّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ دَمِ التَّمَتُّعِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ أَنَّ لَهُ الْعُدُولَ لِلصَّوْمِ وَإِنْ أَيْسَرَ بِبَلَدِهِ بِأَنَّ ذَاكَ وَقَعَ تَابِعًا لِمَا هُوَ مُكَلَّفٌ بِهِ فَلَمْ يَتَمَحَّضْ مِنْهُ تَوْرِيطُ نَفْسِهِ فِيهِ، بِخِلَافِ هَذَا فَغُلِّظَ فِيهِ أَكْثَرُ، وَمَا فِي الْكَافِي مِنْ عَدَمِ لُزُومِ شِرَاءِ أَمَةٍ بَارِعَةٍ فِي الْحُسْنِ تُبَاعُ بِالْوَزْنِ لِخُرُوجِهَا عَنْ أَبْنَاءِ الزَّمَانِ مَحَلُّ وَقْفَةٍ لِأَنَّهَا حَيْثُ بِيعَتْ بِثَمَنِ مِثْلِهَا فَاضِلًا عَمَّا ذَكَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ فِي تَرْكِهَا، وَقَدْ ذَكَرَ الْأَذْرَعِيُّ فِي نَحْوِ الْمِحَفَّةِ فِي الْحَجِّ نَظِيرَهُ وَهُوَ مَرْدُودٌ. (وَأَظْهَرُ الْأَقْوَالِ) (اعْتِبَارُ الْيَسَارِ) الَّذِي يَلْزَمُ مِنْهُ الْإِعْتَاقُ (بِوَقْتِ الْأَدَاءِ) لِلْكَفَّارَةِ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ لَهَا بَدَلٌ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا كَوُضُوءٍ وَتَيَمُّمٍ وَقِيَامِ صَلَاةٍ وَقُعُودِهَا فَاعْتُبِرَ وَقْتُ أَدَائِهَا. وَالثَّانِي بِوَقْتِ الْوُجُوبِ تَغْلِيبًا لِشَائِبَةِ الْعُقُوبَةِ كَمَا لَوْ زَنَى قِنٌّ ثُمَّ عَتَقَ فَإِنَّهُ يُحَدُّ حَدَّ الْقَنِّ. وَالثَّالِثُ بِأَيِّ وَقْتٍ كَانَ مِنْ وَقْتَيْ الْأَدَاءِ وَالْوُجُوبِ. وَالرَّابِعُ الْأَغْلَظُ مِنْهُمَا وَأَعْرَضَ عَمَّا بَيْنَهُمَا. (فَإِنْ) (عَجَزَ) الْمُظَاهِرُ مَثَلًا (عَنْ عِتْقٍ) بِأَنْ لَمْ يَجِدْ الرَّقَبَةَ وَقْتَ الْأَدَاءِ وَلَا مَا يَصْرِفُهُ فِيهَا فَاضِلًا عَمَّا ذَكَرَ أَوْ وَجَدَهَا لَكِنَّهُ قَتَلَهَا مَثَلًا كَمَا رَجَّحَهُ الرُّويَانِيُّ، أَوْ كَانَ عَبْدًا إذْ لَا يُكَفِّرُ بِغَيْرِ الصَّوْمِ لِانْتِفَاءِ مِلْكِهِ وَلِسَيِّدِهِ تَحْلِيلُهُ إنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهِ كَمَا فِي الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ (صَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ) لِلْآيَةِ، فَإِنْ تَكَلَّفَ الْعِتْقَ أَجْزَأَهُ، وَلَوْ بَانَ بَعْدَ صَوْمِهِمَا أَنَّ لَهُ مَالًا وَرِثَهُ وَلَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِهِ لَمْ يُعْتَدَّ بِصَوْمِهِ فِيمَا يَظْهَرُ اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَيَعْتَبِرَانِ (بِالْهِلَالِ) وَإِنْ نَقَصَا لِأَنَّهُ الْمُعْتَبَرُ شَرْعًا، وَلَا بُدَّ مِنْ تَبْيِيتِ النِّيَّةِ كُلَّ لَيْلَةٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الصَّوْمِ وَأَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ وَاقِعَةً بَعْدَ فَقْدِ الرَّقَبَةِ لَا قَبْلَهَا وَأَنْ تَكُونَ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا يُفَارِقُهُ) أَيْ الْمَسْكَنَ. (قَوْلُهُ فَيُكَلَّفُ الصَّبْرَ إلَى وُصُولِهِ) وَقِيَاسُ ذَلِكَ انْتِظَارُ حُلُولِ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ وَإِنْ طَالَتْ مُدَّتُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا نَظَرَ إلَى تَضَرُّرِهِمَا) أَيْ مَنْ وَجَدَ الْعَبْدَ بِزِيَادَةٍ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ وَمَنْ غَابَ مَالُهُ وَلَوْ فَوْقَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُفَرَّقُ) وَيُفَرَّقُ أَيْضًا بَيْنَ مَا هُنَا وَعَدَمِ لُزُومِ جَمْعِ الْأُجْرَةِ الْمَارِّ بِأَنَّهُ هُنَا مَالِكٌ لِثَمَنِ الْعَبْدِ فَكَأَنَّهُ فِي مِلْكِهِ وَإِنْ امْتَنَعَ تَحْصِيلُهُ حَالًا لِغَيْبَتِهِ وَمَا مَرَّ فَاقِدٌ لِثَمَنِهِ وَجَمْعُ الْأُجْرَةِ تَحْصِيلٌ لِسَبَبِ الْوُجُوبِ فَلَمْ يُكَلَّفْهُ (قَوْلُهُ: مَحَلُّ وَقْفَةٍ) مُعْتَمَدٌ، وَقَدْ يُؤَيِّدُ كَلَامَ الْكَافِي مَا فِي التَّيَمُّمِ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ الْمَاءَ يُبَاعُ بِثَمَنٍ كَثِيرٍ كَأَنْ بَلَغَتْ الشَّرْبَةُ دَنَانِيرَ لَا يُكَلَّفُ شِرَاءَهُ وَإِنْ كَانَ ثَمَنُ مِثْلِهِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا ذَكَرَ فِي التَّيَمُّمِ حَالَةُ ضَرُورَةٍ لِلنَّاسِ اقْتَضَتْ بَذْلَ الْمَالِ الْكَثِيرِ فِي الشَّرْبَةِ الْوَاحِدَةِ إنْقَاذًا لِلرُّوحِ مِنْ الْهَلَاكِ وَلَيْسَ لِمَعْنًى قَائِمٍ بِالْمَالِ، بِخِلَافِ ارْتِفَاعِ ثَمَنِ الْأَمَةِ هُنَا فَإِنَّهُ لِوَصْفٍ قَائِمٍ بِهَا فَلَا يُعَدُّ بَذْلُ الزِّيَادَةِ فِي ثَمَنِهَا غَبْنًا. (قَوْلُهُ بِوَقْتِ الْأَدَاءِ) يُؤْخَذُ مِنْ اعْتِبَارِ وَقْتِ الْأَدَاءِ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِمَا قَبْلَهُ حَتَّى لَوْ كَانَ فِي ابْتِدَاءِ أَمْرِهِ خَامِلًا لَا يَحْتَاجُ لِخَادِمٍ ثُمَّ صَارَ مِنْ ذَوِي الْهَيْئَاتِ اُعْتُبِرَ حَالُهُ وَقْتَ الْأَدَاءِ، وَلَا نَظَرَ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلُ، وَقِيَاسُ مَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ يُكَلَّفُ النُّزُولَ عَنْ الْوَظَائِفِ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِيَدِهِ وَظَائِفُ يَزِيدُ مَا يُحَصِّلُ مِنْهَا عَلَى مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِنَفَقَتِهِ أَنَّهُ يُكَلَّفُ النُّزُولَ عَنْ الزَّائِدِ لِتَحْصِيلِ الْكَفَّارَةِ. (قَوْلُهُ وَقْتَ الْأَدَاءِ) أَيْ فِي مَحَلِّ إرَادَةِ الْأَدَاءِ وَمَا قَرُبَ مِنْهُ بِحَيْثُ لَا تَحْصُلُ مَشَقَّةٌ فِي تَحْصِيلِهَا لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ قَتَلَهَا مَثَلًا) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَلَا نَظَرَ إلَى تَضَرُّرِهِمَا) أَيْ مَنْ وَجَدَ الْعَبْدَ بِغَبْنٍ وَمَنْ غَابَ مَالُهُ [اعْتِبَارُ الْيَسَارِ بِوَقْتِ الْأَدَاءِ لِكَفَّارَةِ الظِّهَارِ] (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي بِوَقْتِ الْوُجُوبِ إلَى آخِرِ الْأَقْوَالِ) عِبَارَةُ الْجَلَالِ: وَالثَّالِثُ بِأَيِّ وَقْتٍ كَانَ مِنْ وَقْتَيْ الْوُجُوبِ وَالْأَدَاءِ وَالرَّابِعُ بِأَيِّ وَقْتٍ كَانَ مِنْ وَقْتِ الْوُجُوبِ إلَى وَقْتِ الْأَدَاءِ انْتَهَتْ. وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ سِيَاقُ الثَّانِي كَالثَّالِثِ فِي عِبَارَةِ الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَكَلَّفَ الْعِتْقَ إلَخْ.) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي الْعَبْدِ فَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ هُنَا

مُلْتَبِسَةً (بِنِيَّةِ كَفَّارَةٍ) وَلَوْ لَمْ يُعَيِّنْ جِهَتَهَا فَلَوْ صَامَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ بِنِيَّتِهَا وَعَلَيْهِ كَفَّارَتَا وِقَاعٍ وَظِهَارٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ أَجْزَأَتْهُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَجْعَلْ الْأَوَّلَ عَنْ وَاحِدَةٍ وَالثَّانِيَ عَنْ أُخْرَى وَهَكَذَا لِانْتِفَاءِ التَّتَابُعِ، وَبِهِ فَارَقَ نَظِيرَهُ السَّابِقَ فِي الْعَبْدَيْنِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَطْلَبِ. (وَلَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ تَتَابُعٍ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ شَرْطٌ وَهُوَ لَا تَجِبُ نِيَّتُهُ كَالِاسْتِقْبَالِ فِي الصَّلَاةِ وَاسْتُفِيدَ مِنْ مُتَتَابِعَيْنِ مَا بِأَصْلِهِ أَنَّهُ لَوْ ابْتَدَأَهُمَا عَالِمًا طُرُوُّ مَا يَقْطَعُهُ كَيَوْمِ النَّحْرِ: أَيْ أَوْ جَاهِلًا فِيمَا يَظْهَرُ لَمْ يَعْتَدَّ بِمَا أَتَى بِهِ، وَلَكِنْ يَقَعُ فِي صُورَةِ الْجَهْلِ نَفْلًا لَا الْعِلْمِ الَّذِي ذَكَرُوهُ لِأَنَّ نِيَّتَهُ لِصَوْمِ الْكَفَّارَةِ مَعَ عِلْمِهِ بِطُرُوِّ مُبْطِلِهِ تَلَاعُبٌ فَهُوَ كَالْإِحْرَامِ بِالظُّهْرِ قَبْلَ وَقْتِهَا مَعَ الْعِلْمِ بِذَلِكَ. وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ كُلَّ لَيْلَةٍ لِيَكُونَ مُتَعَرِّضًا لِخَاصَّةِ هَذَا الصَّوْمِ، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ مَا اقْتَضَاهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ مِنْ وُجُوبِ نِيَّةِ صَوْمِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى مَنْ أَخْبَرَهُ مَعْصُومٌ بِمَوْتِهِ أَثْنَاءَهُ لِأَنَّ الْمَوْتَ غَيْرُ رَافِعٍ لِلتَّكْلِيفِ قَبْلَهُ فَالنِّيَّةُ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ جَازِمَةٌ. (فَإِنْ بَدَأَ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ حَسَبَ الشَّهْرَ بَعْدَهُ بِالْهِلَالِ) لِتَمَامِهِ (وَأَتَمَّ الْأَوَّلَ مِنْ الثَّالِثِ ثَلَاثِينَ) لِتَعَذُّرِ اعْتِبَارِ الْهِلَالِ فِيهِ بِتَلْفِيقِهِ مِنْ شَهْرَيْنِ. (وَيَزُولُ التَّتَابُعُ بِفَوَاتِ يَوْمٍ) مِنْ الشَّهْرَيْنِ وَلَوْ أَخَّرَهُمَا (بِلَا عُذْرٍ) كَأَنْ نَسِيَ النِّيَّةَ لِنِسْبَتِهِ إلَى نَوْعِ تَقْصِيرٍ وَيَنْقَلِبُ مَا مَضَى نَفْلًا وَإِنْ أَفْسَدَهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ (وَكَذَا) بِعُذْرٍ يُمْكِنُ مَعَهُ الصَّوْمُ كَسَفَرٍ مُبِيحٍ لِلْفِطْرِ وَخَوْفِ مُرْضِعٍ وَحَامِلٍ وَ (مَرَضٌ فِي الْجَدِيدِ) لِإِمْكَانِ الصَّوْمِ مَعَ ذَلِكَ فِي الْجُمْلَةِ فَهُوَ كَفِطْرِ مَنْ أَجْهَدَهُ الصَّوْمُ، وَالْقَدِيمُ لَا يُقْطَعُ التَّتَابُعَ لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى أَصْلِ وُجُوبِ رَمَضَانَ وَهُوَ يَسْقُطُ بِالْمَرَضِ (لَا) بِفَوَاتِ يَوْمٍ فَأَكْثَرَ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ إذْ كَلَامُهُ يُفِيدُ أَنَّ غَيْرَ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ مِثْلُهَا فِيمَا ذَكَرَ، ـــــــــــــــــــــــــــــSأَوْ بَاعَهَا وَأَتْلَفَ ثَمَنَهَا (قَوْلُهُ: لَمْ يُعْتَدَّ بِصَوْمِهِ) أَيْ وَيَقَعُ لَهُ نَفْلًا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَجْعَلْ الْأَوَّلَ) أَيْ الشَّهْرَ الْأَوَّلَ أَوْ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ إلَخْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَمَا يَقْطَعُهُ كَيَوْمٍ) أَيْ أَوْ صَوْمِ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الصَّوْمِ حَيْثُ عَلِمَ طُرُوُّ مَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ إلَخْ (قَوْلُهُ بِمَوْتِهِ) أَيْ أَوْ بِطُرُوِّ نَحْوِ الْحَيْضِ. (قَوْلُهُ: بِفَوَاتِ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرَيْنِ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ مَاتَ الْمُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ وَبَقِيَ عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ هَلْ يَبْنِي وَارِثُهُ عَلَيْهِ أَوْ يَسْتَأْنِفُ. وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ الثَّانِي لِانْتِفَاءِ التَّتَابُعِ، وَعَلَيْهِ فَيُخْرِجُ مِنْ تَرِكَتِهِ جَمِيعَ الْكَفَّارَةِ لِبُطْلَانِ مَا مَضَى مِنْ صَوْمِهِ وَعَجْزِهِ عَنْ الصَّوْمِ بِمَوْتِهِ، وَلَا يَجُوزُ لِوَارِثِهِ الْبِنَاءُ عَلَى مَا مَضَى (قَوْلُهُ: وَكَذَا بِعُذْرٍ) أَفْهَمَ أَنْ مَا لَا يُمْكِنُ مَعَهُ الصَّوْمُ كَالْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ جَمِيعَ النَّهَارِ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: إذْ كَلَامُهُ يُفِيدُ أَنَّ غَيْرَ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ مِثْلُهَا فِيمَا ذَكَرَ) ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا التَّتَابُعُ إذَا صَامَتْ عَنْ غَيْرِهَا، وَيُوَافِقُهُ مَا نَقَلَهُ سم فِي شَرْحِ الْغَايَةِ حَيْثُ قَالَ: قَالَ بَعْضُهُمْ وَمَحَلُّهُ: أَيْ صَوْمِ جَمَاعَةٍ عَنْ شَخْصٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فِي صَوْمٍ لَمْ يَجِبْ فِيهِ التَّتَابُعُ اهـ. وَهُوَ مُحْتَمَلٌ اهـ وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي الصِّيَامِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ صَامَ أَجْنَبِيٌّ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ صَحَّ نَصُّهَا: وَسَوَاءٌ فِي جَوَازِ فِعْلِ الصَّوْمِ أَكَانَ قَدْ وَجَبَ فِيهِ التَّتَابُعُ أَمْ لَا، لِأَنَّ التَّتَابُعَ إنَّمَا وَجَبَ فِي حَقِّ الْمَيِّتِ لِمَعْنًى لَا يُوجَبُ فِي حَقِّ الْقَرِيبِ، وَلِأَنَّهُ الْتَزَمَ صِفَةً زَائِدَةً عَلَى أَصْلِ الصَّوْمِ فَسَقَطَتْ بِمَوْتِهِ اهـ. وَفِي سم عَلَى حَجّ عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ مِثْلُهُ، وَعَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَوْتَ غَيْرُ رَافِعٍ لِلتَّكْلِيفِ) اُنْظُرْ هَلْ مِثْلُهُ مَا لَوْ أَخْبَرَهُ مَعْصُومٌ بِمَوْتِهِ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرَيْنِ، وَالْأَقْرَبُ الْفَرْقُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِي يَوْمِ رَمَضَانَ إشْغَالُهُ بِالصَّوْمِ احْتِرَامًا لِلْوَقْتِ. وَأَمَّا هُنَا فَلَا فَائِدَةَ لِصَوْمِهِ لِتَيَقُّنِهِ عَدَمَ حُصُولِ التَّكْفِيرِ بِذَلِكَ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَعْدِلُ إلَى الْإِطْعَامِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: إنْ أَفْسَدَهُ بِعُذْرٍ إلَخْ.) فِي نُسْخَةٍ وَإِنْ أَفْسَدَهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَحَاصِلُهَا أَنَّهُ يَنْقَلِبُ نَفْلًا سَوَاءٌ أَفْسَدَ بِعُذْرٍ أَمْ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَلْيُرَاجَعْ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: بِعُذْرٍ يُمْكِنُ مَعَهُ الصَّوْمُ) بِمَعْنَى يَصِحُّ مَعَهُ الصَّوْمُ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي حَتَّى لَا يَرِدَ الْمَرَضُ

وَيُتَصَوَّرُ أَيْضًا فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ بِأَنْ تَصُومَ امْرَأَةٌ عَنْ مُظَاهِرٍ مَيِّتٍ قَرِيبٍ لَهَا أَوْ بِإِذْنِ قَرِيبِهِ أَوْ بِوَصِيَّتِهِ (بِحَيْضٍ) مِمَّنْ لَمْ تَعْتَدْ انْقِطَاعَهُ شَهْرَيْنِ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْهُ شَهْرٌ غَالِبًا، وَتَكْلِيفُهَا الصَّبْرَ لِسِنِّ الْيَأْسِ خَطَرٌ. أَمَّا إذَا اعْتَادَتْ ذَلِكَ فَشَرَعَتْ فِي وَقْتٍ يَتَخَلَّلُهُ الْحَيْضُ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ، نَعَمْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ إلْحَاقُهُمْ النِّفَاسَ بِالْحَيْضِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْعَادَةَ فِي مَجِيءِ الْحَيْضِ أَضْبَطُ مِنْهَا فِي مَجِيءِ النِّفَاسِ (وَكَذَا) (جُنُونٌ) فَاتَ بِهِ يَوْمٌ فَأَكْثَرُ لَا يَضُرُّ فِي التَّتَابُعِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) إذْ لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِيهِ وَيَأْتِي فِي الْجُنُونِ الْمُتَقَطِّعِ، مَا مَرَّ عَنْ الذَّخَائِرِ وَالْإِغْمَاءُ الْمُسْتَغْرِقُ كَالْجُنُونِ، وَلَوْ صَامَ رَمَضَانَ بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ أَوْ بِنِيَّتِهِمَا بَطَلَ صَوْمُهُ وَيَأْثَمُ بِقَطْعِ صَوْمِ الشَّهْرَيْنِ لِيَسْتَأْنِفْ إذْ هُمَا كَصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ وَطِئَ الْمُظَاهِرُ فِيهِمَا لَيْلًا عَصَى وَلَمْ يَسْتَأْنِفْ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِيهِ قَوْلَا الْمَرَضِ. (فَإِنْ) (عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ) أَوْ تَتَابُعِهِ (بِهَرَمٍ أَوْ مَرَضٍ) عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ عَلَى مَا قِيلَ (قَالَ الْأَكْثَرُونَ لَا يُرْجَى زَوَالُهُ) وَقَالَ الْأَقَلُّونَ كَالْإِمَامِ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ يُعْتَبَرُ دَوَامُهُ فِي ظَنِّهِ مُدَّةَ شَهْرَيْنِ بِالْعَادَةِ الْغَالِبَةِ فِي مِثْلِهِ أَوْ بِقَوْلِ الْأَطِبَّاءِ، وَالْأَوْجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِقَوْلِ عَدْلٍ مِنْهُمْ (أَوْ لَحِقَهُ بِالصَّوْمِ) أَوْ تَتَابُعِهِ (مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ) أَيْ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً وَلَوْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيُؤَيِّدُهُ تَمْثِيلُهُمْ لَهَا بِالشَّبَقِ. نَعَمْ غَلَبَةُ الْجُوعِ لَيْسَتْ عُذْرًا عَنْ ابْتِدَاءِ عَقْدِهِ حِينَئِذٍ فَيَلْزَمُهُ الشُّرُوعُ فِي الصَّوْمِ، فَإِذَا عَجَزَ عَنْهُ أَفْطَرَ وَانْتَقَلَ لِلْإِطْعَامِ، بِخِلَافِ الشَّبَقِ لِوُجُودِهِ عِنْدَ الشُّرُوعِ إذْ هُوَ شِدَّةُ الْغُلْمَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ عُذْرًا فِي صَوْمِ رَمَضَانَ لِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لَهُ، وَلَوْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الصَّوْمِ فِي الشِّتَاءِ وَنَحْوِهِ دُونَ الصَّيْفِ فَلَهُ الْعُدُولُ إلَى الْإِطْعَامِ لِعَجْزِهِ الْآنَ عَنْ الصَّوْمِ، كَمَا لَوْ عَجَزَ عَنْ الْإِعْتَاقِ الْآنَ وَعَرَفَ أَنَّهُ لَوْ صَبَرَ قَدَرَ عَلَيْهِ جَازَ لَهُ الْعُدُولُ إلَى الصَّوْمِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ (أَوْ خَافَ زِيَادَةَ مَرَضٍ كَفَّرَ) فِي غَيْرِ الْقَتْلِ كَمَا يَأْتِي (بِإِطْعَامِ) أَيْ تَمْلِيكٍ وَآثَرَ الْأَوَّلَ لِأَنَّهُ لَفْظُ الْقُرْآنِ فَحَسْبُ إذْ لَا يُجْزِئُ حَقِيقَةُ إطْعَامٍ. وَقِيَاسُ الزَّكَاةِ الِاكْتِفَاءُ بِالدَّفْعِ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ لَفْظُ تَمْلِيكٍ، وَاقْتِضَاءُ الرَّوْضَةِ اشْتِرَاطَهُ اسْتَبْعَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ، عَلَى أَنَّهَا لَا تَقْتَضِي ذَلِكَ لِأَنَّهَا مَفْرُوضَةٌ فِي صُورَةٍ خَاصَّةٍ كَمَا يُعْرَفُ بِتَأَمُّلِهَا (سِتِّينَ مِسْكِينًا) لِلْآيَةِ لَا أَقَلَّ حَتَّى لَوْ دَفَعَ لِوَاحِدٍ سِتِّينَ مُدًّا فِي سِتِّينَ يَوْمًا لَمْ يُجْزِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ جَمَعَ السِّتِّينَ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَيُمْكِنُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ هُنَا وَيُتَصَوَّرُ إلَخْ مُجَرَّدُ تَأَتِّي صَوْمِهَا عَنْ الظِّهَارِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِصِفَةِ التَّتَابُعِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُشْكِلُ) أَيْ مَعَ اعْتِيَادِ انْقِطَاعِهِ شَهْرَيْنِ فَأَكْثَرَ بَلْ مَعَ لُزُومِ انْقِطَاعِهِ مَا ذَكَرَ: أَيْ شَهْرَيْنِ فَأَكْثَرَ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَقَوْلُهُ بِالْحَيْضِ: أَيْ فِي أَنْ لَا يَنْقَطِعَ: أَيْ فَكَيْفَ اُغْتُفِرَ مَعَ اعْتِيَادِ انْقِطَاعِهِ مَا ذَكَرَ وَلَمْ يُغْتَفَرْ الْحَيْضُ عِنْدَ اعْتِيَادِ انْقِطَاعِهِ مَا ذَكَرَ اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: أَضْبَطُ مِنْهَا فِي مَجِيءِ النِّفَاسِ) أَيْ فَلَهَا الشُّرُوعُ فِي الصَّوْمِ قَبْلَ وَضْعِ الْحَمْلِ وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهَا طُرُوُّ النِّفَاسِ قَبْلَ فَرَاغِ مُدَّةِ الصَّوْمِ، وَظَاهِرُ مَا ذَكَرَ الْإِجْزَاءُ وَإِنْ أَخَّرَتْ ابْتِدَاءَ الصَّوْمِ عَنْ أَوَّلِ الْحَمْلِ مَعَ إمْكَانِ فِعْلِهَا فِيهِ، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّهَا لَوْ شَرَعَتْ فِي أَوَّلِ الْمُدَّةِ لَا تَأْمَنُ حُصُولَ إجْهَاضٍ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا جُنُونٌ) وَلَوْ أَمَرَهُمْ الْإِمَامُ بِالصَّوْمِ لِلِاسْتِسْقَاءِ فَصَادَفَ ذَلِكَ صَوْمًا عَنْ كَفَّارَةٍ مُتَتَابِعَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصُومَ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَيَحْصُلَ بِهِ الْمَقْصُودُ مِنْ شُغْلِ الْأَيَّامِ بِالصَّوْمِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَإِنْ قُلْنَا يَجِبُ بِأَمْرِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ) اُنْظُرْ فِي أَيِّ مَحَلٍّ مَرَّ، وَعِبَارَةُ حَجّ: نَعَمْ إنْ انْقَطَعَ جَاءَ فِيهِ تَفْصِيلُ الْحَيْضِ. (قَوْلُهُ: عَنْ ابْتِدَاءِ عَقْدِهِ) أَيْ الصَّوْمِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ عُذْرًا) أَيْ الشَّبَقُ (قَوْلُهُ: فَحَسْبُ) أَيْ فَقَطْ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ لَفْظُ تَمْلِيكٍ مُعْتَمَدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِأَنَّ الْعَادَةَ فِي مَجِيءِ الْحَيْضِ أَضْبَطُ) وَقَدْ يُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّ النِّفَاسَ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ قَطْعُ التَّتَابُعِ وَإِنْ شَرَعَتْ فِيهِ بَعْدَ تَمَامِ الْحَمْلِ لِاحْتِمَالِ وِلَادَتِهَا لَيْلًا وَنِفَاسُهَا لَحْظَةٌ فِيهِ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ عَنْ الذَّخَائِرِ) اُنْظُرْ فِي أَيِّ مَحَلٍّ مَرَّ (قَوْلُهُ: وَالْإِغْمَاءُ الْمُسْتَغْرِقُ) أَيْ لِجَمِيعِ النَّهَارِ إذْ غَيْرُهُ بِأَنْ أَفَاقَ فِي النَّهَارِ وَلَوْ لَحْظَةً لَا يُبْطِلُ الصَّوْمَ كَمَا مَرَّ

وَوَضَعَ الطَّعَامَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَقَالَ مَلَّكْتُكُمْ هَذَا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِالسَّوِيَّةِ فَقَبِلُوهُ وَلَهُمْ فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ بِالتَّفَاوُتِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ خُذُوهُ وَنَوَى الْكَفَّارَةَ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُجْزِئُهُ إنْ أَخَذُوهُ بِالسَّوِيَّةِ وَإِلَّا لَمْ يُجْزِ إلَّا مَنْ أَخَذَ مُدًّا لَا دُونَهُ. وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذِهِ وَتِلْكَ بِأَنَّ الْمُمَلِّكَ ثَمَّ الْقَبُولُ الْوَاقِعُ بِالتَّسَاوِي قَبْلَ الْأَخْذِ وَهُنَا لَا مُمَلِّكَ إلَّا الْأَخْذُ فَاشْتُرِطَ التَّسَاوِي فِيهِ (أَوْ فَقِيرًا) لِأَنَّهُ أَسْوَأُ حَالًا أَوْ الْبَعْضُ فُقَرَاءُ وَالْبَعْضُ مَسَاكِينُ، وَلَا أَثَرَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى صَوْمٍ أَوْ عِتْقٍ بَعْدَ الْإِطْعَامِ وَلَوْ لِمُدَّةٍ كَمَا لَوْ شَرَعَ فِي صَوْمِ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرَيْنِ فَقَدَرَ عَلَى الْعِتْقِ (لَا كَافِرًا) وَلَا مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ وَلَا مَكْفِيًّا بِنَفَقَةِ غَيْرِهِ وَلَا قِنًّا وَلَوْ لِلْغَيْرِ إلَّا بِإِذْنِهِ وَهُوَ مُسْتَحِقٌّ لِأَنَّ الدَّفْعَ لَهُ حَقِيقَةٌ (وَلَا هَاشِمِيًّا وَمُطَّلِبِيًّا) وَنَحْوَهُمْ كَالزَّكَاةِ بِجَامِعِ التَّطْهِيرِ (سِتِّينَ مُدًّا) لِكُلِّ وَاحِدٍ مُدٌّ لِأَنَّهُ صَحَّ فِي رِوَايَةٍ وَصَحَّ فِي أُخْرَى سِتُّونَ صَاعًا، وَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ الصَّادِقِ بِالنَّدْبِ لِتَعَذُّرِ النَّسْخِ فَتَعَيَّنَ الْجَمْعُ بِمَا ذُكِرَ، وَإِنَّمَا يُجْزِئُ الْإِخْرَاجُ هُنَا (مِمَّا) أَيْ مِنْ طَعَامٍ (يَكُونُ فِطْرَةً) بِأَنْ يَكُونَ مِنْ غَالِبِ قُوتِ مَحَلِّ الْمُكَفِّرِ فِي غَالِبِ السَّنَةِ كَالْأَقِطِ وَلَوْ لِلْبَلَدِيِّ فَلَا يُجْزِئُ نَحْوُ دَقِيقٍ مِمَّا مَرَّ، نَعَمْ اللَّبَنُ يُجْزِئُ ثَمَّ لَا هُنَا عَلَى مَا وَقَعَ لَلْمُصَنِّفِ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ لَكِنَّ الصَّحِيحَ إجْزَاؤُهُ هُنَا أَيْضًا، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُكَفِّرِ هُنَا الْمُخَاطَبُ بِالْكَفَّارَةِ لَا مَأْذُونُهُ أَوْ وَلِيُّهُ لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ، ثُمَّ إنَّ الْعِبْرَةَ بِبَلَدِ الْمُؤَدَّى عَنْهُ لَا الْمُؤَدِّي فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْجَمِيعِ اسْتَقَرَّتْ فِي ذِمَّتِهِ، فَإِذَا قَدَرَ عَلَى خَصْلَةٍ فَعَلَهَا كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ فِي الصَّوْمِ، وَلَا أَثَرَ لِلْقُدْرَةِ عَلَى بَعْضِ عِتْقٍ أَوْ صَوْمٍ، بِخِلَافِ بَعْضِ الطَّعَامِ وَلَوْ بَعْضَ مُدٍّ إذْ لَا بَدَلَ لَهُ فَيُخْرِجُهُ، ثُمَّ الْبَاقِي فِي ذِمَّتِهِ إلَى يَسَارِهِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ، وَلَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ وَلَمْ يَقْدِرْ إلَّا عَلَى رَقَبَةٍ أَعْتَقَهَا عَنْ إحْدَاهُمَا وَصَامَ عَنْ الْأُخْرَى إنْ قَدَرَ وَإِلَّا أَطْعَمَ. . ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذِهِ) هِيَ قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ خُذُوهُ وَقَوْلُهُ وَتِلْكَ هِيَ قَوْلُهُ وَقَالَ مَلَّكْتُكُمْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِمُدٍّ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلْقُدْرَةِ عَلَى الصَّوْمِ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ بَقِيَّةِ الْأَمْدَادِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِإِذْنِهِ) أَيْ الْغَيْرِ، وَقَوْلُهُ وَهُوَ: أَيْ الْغَيْرُ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الصَّحِيحَ إجْزَاؤُهُ هُنَا أَيْضًا) أَيْ حَيْثُ يَحْصُلُ مِنْهُ سِتُّونَ مُدًّا مِنْ الْأَقِطِ كَمَا فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ (قَوْلُهُ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْجَمِيعِ إلَخْ) وَيَحْصُلُ الْعَجْزُ عَنْ الْإِطْعَامِ بِعَدَمِ مَا يَفْضُلُ عَنْ كِفَايَةِ الْعُمْرِ الْغَالِبِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْإِعْتَاقِ اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ. (فَرْعٌ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَنْ دَفْعِ الْكَفَّارَةِ لِلْجِنِّ هَلْ يُجْزِئُهُ ذَلِكَ أَوْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ إجْزَاءِ دَفْعِهَا لَهُمْ، بَلْ قَدْ يُقَالُ أَيْضًا مِثْلُ الْكَفَّارَةِ النَّذْرُ وَالزَّكَاةُ أَخْذًا مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الزَّكَاةِ «صَدَقَةٌ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» إذَا الظَّاهِرُ مِنْهُ فُقَرَاءُ بَنِي آدَمَ وَإِنْ احْتَمَلَ فُقَرَاءَ الْمُسْلِمِينَ الصَّادِقَ بِالْجِنِّ، وَقَدْ يُؤَيِّدُ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ أَنَّهُ جُعِلَ لِمُؤْمِنِهِمْ طَعَامٌ خَاصٌّ وَهُوَ الْعَظْمُ وَلَمْ يُجْعَلْ لَهُمْ شَيْءٌ مِمَّا يَتَنَاوَلُهُ الْآدَمِيُّونَ، عَلَى أَنَّا لَا نُمَيِّزُ بَيْنَ فُقَرَائِهِمْ وَأَغْنِيَائِهِمْ حَتَّى يُعْلَمَ الْمُسْتَحِقُّ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَا نَظَرَ لِإِمْكَانِ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ لِبَعْضِ الْخَوَاصِّ لِأَنَّا لَا نُعَوِّلُ عَلَى الْأُمُورِ النَّادِرَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْبَاقِي فِي ذِمَّتِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَدَرَ عَنْ الْإِعْتَاقِ أَوْ الصَّوْمِ بَعْدَ إخْرَاجِ الْمُدِّ أَوْ بَعْضِهِ لَا يَنْتَقِلُ لِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ الْعِتْقِ أَوْ الصَّوْمِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ وَلَا أَثَرَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى صَوْمٍ أَوْ عِتْقٍ إلَخْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ النَّسْخِ إلَخْ.) يَعْنِي: لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ لِأَنَّهُ حَيْثُ أَمْكَنَ الْجَمْعُ لَا يُصَارُ إلَى النَّسْخِ فَتَأَمَّلْ.

[كتاب اللعان]

كِتَابُ اللِّعَانِ هُوَ لُغَةً مَصْدَرٌ أَوْ جَمْعُ لَعْنٍ: الْإِبْعَادُ، وَشَرْعًا: كَلِمَاتٌ جُعِلَتْ حُجَّةً لِلْمُضْطَرِّ لِقَذْفِ مَنْ لَطَّخَ فِرَاشَهُ وَأَلْحَقَ بِهِ الْعَارَ، أَوْ لِنَفْيِ وَلَدٍ عَنْهُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى إبْعَادِ الْكَاذِبِ مِنْهُمَا عَنْ الرَّحْمَةِ وَإِبْعَادِ كُلٍّ عَنْ الْآخَرِ، وَجُعِلَتْ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي مَعَ أَنَّهَا أَيْمَانٌ عَلَى الْأَصَحِّ رُخْصَةً لِعُسْرِ الْبَيِّنَةِ بِزِنَاهَا وَصِيَانَةً لِلْأَنْسَابِ عَنْ الِاخْتِلَاطِ، وَلَمْ يَخْتَرْ لَفْظَ الْغَضَبِ الْمَذْكُورِ مَعَهُ فِي الْآيَةِ لِأَنَّهُ الْمُقَدَّمُ فِيهَا، وَلِأَنَّهُ قَدْ يَنْفَرِدُ لِعَانُهُ عَنْ لِعَانِهَا وَلَا عَكْسَ. وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ أَوَائِلُ سُورَةِ النُّورِ مَعَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِيهِ، وَلِكَوْنِهِ حُجَّةً ضَرُورِيَّةً لِدَفْعِ الْحَدِّ أَوْ لِنَفْيِ الْوَلَدِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ تُوُقِّفَ عَلَى أَنَّهُ (يَسْبِقُهُ قَذْفٌ) بِمُعْجَمَةٍ أَوْ نَفْيُ وَلَدٍ لِأَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَهُ بَعْدَ الْقَذْفِ، وَهَذَا أَعْنِيَ الْقَذْفَ مِنْ حَيْثُ هُوَ لُغَةً الرَّمْيُ، وَشَرْعًا: الرَّمْيُ بِالزِّنَا تَعْيِيرًا، وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي التَّرْجَمَةِ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لَا مَقْصُودٌ كَمَا تَقَرَّرَ (وَصَرِيحُهُ بِالزِّنَا كَقَوْلِهِ) فِي مَعْرِضِ التَّعْيِيرِ (لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ) أَوْ خُنْثَى (زَنَيْتَ) بِفَتْحِ التَّاءِ فِي الْكُلِّ (أَوْ زَنَيْتِ) بِكَسْرِهَا فِي الْكُلِّ (أَوْ) قَوْلِهِ لِأَحَدِهِمَا (يَا زَانِي أَوْ يَا زَانِيَةُ) لِتَكَرُّرِ ذَلِكَ وَشُهْرَتِهِ وَاللَّحْنُ بِتَذْكِيرِ الْمُؤَنَّثِ وَعَكْسُهُ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فِيهِ، بِخِلَافِ مَا لَا يُفْهَمُ مِنْهُ تَعْيِيرٌ وَلَا يُقْصَدُ بِهِ بِأَنْ قُطِعَ بِكَذِبِهِ كَقَوْلِهِ لِابْنَةِ سَنَةٍ مَثَلًا زَنَيْت ـــــــــــــــــــــــــــــSكِتَابُ اللَّعَّانِ (قَوْلُهُ: جُعِلَتْ حُجَّةً) أَيْ بِمَعْنَى سَبَبًا دَافِعًا لِلْحَدِّ عَنْ الْمُضْطَرِّ (قَوْلُهُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ) أَيْ تِلْكَ الْكَلِمَاتُ (قَوْلُهُ: وَصِيَانَةً) عَطْفٌ مُغَايِرٌ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَخْتَرْ) أَيْ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: أَوَائِلُ سُورَةِ النُّورِ) اخْتَلَفَتْ الْعُلَمَاءُ فِي نُزُولِ آيَةِ اللِّعَانِ هَلْ بِسَبَبِ عُوَيْمِرٍ الْعَجْلَانِيُّ أَمْ بِسَبَبِ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ بِسَبَبِ عُوَيْمِرٍ وَاسْتَدَلَّ «بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعُوَيْمِرٍ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيك وَفِي صَاحِبَتِك قُرْآنًا» وَقَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ: سَبَبُ نُزُولِهَا قِصَّةُ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ مُسْلِمٍ. قُلْت: وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِمَا جَمِيعًا، فَلَعَلَّهُمَا سَأَلَا فِي وَقْتَيْنِ مُتَقَارِبَيْنِ فَنَزَلَتْ الْآيَةُ فِيهِمَا، وَلَوْ سَبَقَ هِلَالٌ بِاللِّعَانِ فَيَصْدُقُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي ذَا وَذَاكَ وَأَنَّ هِلَالًا أَوَّلُ مَنْ لَاعَنَ. قَالُوا: وَكَانَتْ قَضِيَّتُهُ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ تِسْعٍ مِنْ الْهِجْرَةِ، وَمِمَّا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ ابْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ اهـ شَرْحُ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ. وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: وَسَبَبُ نُزُولِهَا «أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ زَوْجَتَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» إلَى آخِرَ مَا ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: وَاللَّحْنُ بِتَذْكِيرِ الْمُؤَنَّثِ وَعَكْسُهُ) قَدْ يَمْنَعُ كَوْنَهُ لَحْنًا بِتَأْوِيلِ الرَّجُلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ اللِّعَانِ] ِ (قَوْلُهُ: الْإِبْعَادِ) هُوَ بِالْجَرِّ بَدَلٌ مِنْ لَعْنٍ أَوْ بِالرَّفْعِ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ: أَيْ وَهُوَ أَيْ اللَّعْنُ الْإِبْعَادُ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَاللِّعَانُ لُغَةً مَصْدَرُ لَاعَنَ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ جَمْعًا لِلَّعْنِ وَهُوَ الطَّرْدُ وَالْإِبْعَادُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: لِلْمُضْطَرِّ لِقَذْفِ مَنْ لَطَّخَ إلَخْ.) هَذَا يَخْرُجُ عَنْهُ لِعَانُ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: فِي مَعْرِضِ التَّعْبِيرِ) يَخْرُجُ عَنْهُ مَا لَوْ شَهِدَ بِهِ وَلَمْ يَتِمَّ النِّصَابُ (قَوْلُهُ: لِأَحَدِهِمَا) أَيْ الْأَحَدِ الدَّائِرِ الصَّادِقِ بِهَا إذَا قَالَتْ لَهُ يَا زَانِيَةُ وَبِهِ إذَا قَالَ لَهَا يَا زَانِي، وَكَانَ يَنْبَغِي حَيْثُ زَادَ

فَلَا يَكُونُ قَذْفًا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. نَعَمْ يُعَزَّرُ لِلْإِيذَاءِ. وَلَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِالزِّنَا مَعَ تَمَامِ النِّصَابِ لَمْ يَكُنْ قَذْفًا، وَكَذَا لَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدٌ بِحَقٍّ فَقَالَ خَصْمِي يَعْلَمُ زِنَا شَاهِدِهِ فَحَلَّفَهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ وَمِثْلُهُ أَخْبَرَنِي بِأَنَّهُ زَانٍ أَوْ شَهِدَ بِجَرْحِهِ فَاسْتَفْسَرَهُ الْحَاكِمُ فَأَخْبَرَهُ بِزِنَاهُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ أَوْ قَالَ لَهُ اقْذِفْنِي فَقَذَفَهُ إذْ إذْنُهُ فِيهِ يَرْفَعُ حَدَّهُ دُونَ إثْمِهِ. نَعَمْ لَوْ ظَنَّهُ مُبِيحًا وَعُذِرَ بِجَهْلِهِ اتَّجَهَ عَدَمُ إثْمِهِ وَتَعْزِيرِهِ. (وَالرَّمْيُ بِإِيلَاجِ حَشَفَةٍ) أَوْ قَدْرِهَا مِنْ فَاقِدِهَا (فِي فَرْجٍ) أَوْ بِمَا رُكِّبَ مِنْ النُّونِ وَالْيَاءِ وَالْكَافِ (مَعَ وَصْفِهِ بِتَحْرِيمٍ) سَوَاءٌ أَقَالَهُ لِرَجُلٍ أَمْ غَيْرِهِ كَأَوْلَجْتَ فِي فَرْجٍ مُحَرَّمٍ أَوْ أُولِجَ فِي فَرْجِك مَعَ ذِكْرِ التَّحْرِيمِ أَوْ عَلَوْت عَلَى رَجُلٍ فَدَخَلَ فِي ذَكَرِهِ فِي فَرْجِك (أَوْ) الرَّمْيُ بِإِيلَاجِهَا فِي (دُبُرٍ) لِذَكَرٍ أَوْ خُنْثَى وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ تَحْرِيمًا (صَرِيحَانِ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا صَرِيحٌ لِعَدَمِ قَبُولِهِ تَأْوِيلًا، وَاحْتِيجَ لِوَصْفِ الْأَوَّلِ بِالتَّحْرِيمِ: أَيْ لِذَاتِهِ احْتِرَازًا مِنْ تَحْرِيمِ نَحْوِ حَائِضٍ فَيُصَدَّقُ فِي إرَادَتِهِ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ إيلَاجَ الْحَشَفَةِ فِي الْفَرْجِ قَدْ يَحِلُّ وَقَدْ لَا يَحِلُّ، بِخِلَافِهَا فِي الدُّبُرِ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ بِحَالٍ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ احْتِيَاجِ نَحْوِ زِنًا وَلِوَاطٍ لِوَصْفِهِ بِتَحْرِيمٍ وَلَا اخْتِيَارٍ، وَلَا عَدَمِ شُبْهَةٍ لِأَنَّ مَوْضُوعَهُ يُفْهِمُ ذَلِكَ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِي زَنَيْت بِك وَفِي الْوَطْءِ، بِخِلَافِ نَحْوِ إيلَاجِ الْحَشَفَةِ فِي الْفَرْجِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الثَّلَاثَةِ، أَمَّا الرَّمْيُ بِإِيلَاجِهَا فِي دُبُرِ امْرَأَةٍ خَلِيَّةٍ فَهِيَ كَالذَّكَرِ، أَوْ مُزَوَّجَةٍ فَيَنْبَغِي اشْتِرَاطُ وَصْفِهِ بِنَحْوِ اللِّيَاطَةِ لِيَخْرُجَ وَطْءُ الزَّوْجِ فِيهِ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الرَّمْيَ بِهِ غَيْرُ قَذْفٍ بَلْ فِيهِ التَّعْزِيرُ لِعَدَمِ تَسْمِيَتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِالنَّسَمَةِ وَالْمَرْأَةِ بِالشَّخْصِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُعَزَّرُ لِلْإِيذَاءِ) أَيْ لِأَهْلِهَا وَإِلَّا فَهِيَ لَا تَتَأَذَّى بِمَا ذَكَرَ، هَذَا وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ مِثْلَ هَذَا يُسَمَّى تَعْزِيرَ تَكْذِيبٍ فَقَدْ يُقَالُ إنَّ التَّعْزِيرَ فِيهِ لِلْكَذِبِ لَا لِلْإِيذَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَهِدَ) أَيْ شَخْصٌ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى آخَرَ (قَوْلُهُ: مَعَ تَمَامِ النِّصَابِ) أَيْ ثَلَاثَةً (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ قَذْفًا) أَيْ وَلَا تَعْزِيرَ فِيهِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ نِصَابٌ: أَيْ أَوْ دُونُهُ فِي حَقٍّ فَجَرَحَ الشَّاهِدَ بِالزِّنَا لِتُرَدَّ شَهَادَتُهُ، وَلَوْ طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي إثْبَاتَ زِنَاهُ لِتُرَدَّ شَهَادَتُهُ فَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ فَقَطْ (قَوْلَهُ قُبِلَا أَوْ شَهِدَ) أَيْ شَخْصٌ (قَوْلُهُ أَوْ قَالَ لَهُ اقْذِفْنِي) أَيْ وَلَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ إرَادَةِ الْإِذْنِ كَأَنْ أَرَادَ الْقَاتِلُ تَهْدِيدَ الْمُقَاتِلِ تَهْدِيدَ الْمَقُولِ لَهُ يَعْنِي أَنَّهُ إنْ قَذَفَهُ قَابَلَهُ عَلَى فِعْلِهِ (قَوْلُهُ: حَدَّهُ دُونَ إثْمِهِ) أَيْ فَيُعَزَّرُ. [فَرْعٌ] قَالَ لِاثْنَيْنِ زَنَى أَحَدُكُمَا أَوْ لِثَلَاثَةٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ قَاذِفٌ لِوَاحِدٍ، وَلِكُلٍّ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَرَادَهُ عَلَى قِيَاسِ مَا لَوْ قَالَ لِأَحَدِ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ عَلَيَّ أَلْفٌ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ أَنْ يَدَّعِيَ وَيَفْصِلَ الْخُصُومَةَ اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ، نَعَمْ لَوْ ادَّعَى اثْنَانِ وَحَلَفَ لَهُمَا انْحَصَرَ الْحَقُّ لِلثَّالِثِ فَيُحَدُّ لَهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ عَلَى أَحَدِ احْتِمَالَيْنِ قَدَّمْته أَوَائِلَ الْإِقْرَارِ فِي مَسْأَلَتِهِ الَّتِي قَاسَ عَلَيْهَا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ لَا يَحِلُّ بِخِلَافِهَا) أَيْ الْإِيلَاجُ وَأَنَّثَ ضَمِيرَهُ لِاكْتِسَابِهِ التَّأْنِيثَ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الرَّمْيُ بِإِيلَاجِهَا) أَيْ الْحَشَفَةَ (قَوْلُهُ فَهِيَ كَالذَّكَرِ) صَرِيحٌ (قَوْلُهُ: وَصْفِهِ بِنَحْوِ اللِّيَاطَةِ) أَيْ فَلَوْ أَطْلَقَ لَا يَكُونُ قَذْفًا، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ الْآتِي فِي الذَّكَرِ وَالْأَوْجَهُ قَبُولُ قَوْلِهِ بِيَمِينِهِ إلَخْ أَنَّهُ عِنْدَ خِطَابِ الرَّجُلِ بِذَلِكَ يَكُونُ قَذْفًا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ خِطَابِ الْمَرْأَةِ وَالذَّكَرِ بِأَنَّهُ يَنْدُرُ تَمْكِينُ الْمَرْأَةِ لِغَيْرِ الزَّوْجِ مِنْ الْوَطْءِ فِي دُبُرِهَا فَلَمْ يُحْمَلْ اللَّفْظُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، بِخِلَافِ الرَّجُلِ فَإِنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخُنْثَى أَنْ يَقُولَ لِأَحَدِهِمْ (قَوْلُهُ: فَلَا يَكُونُ قَذْفًا) أَيْ فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِهِ: أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُقْطَعْ بِكَذِبِهِ: أَيْ بِأَنْ كَانَ يَتَأَتَّى وَطْؤُهَا فَإِنَّهُ قَذْفٌ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُهُ كَمَا يَأْتِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إلَّا التَّعْزِيرُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِالزِّنَا مَعَ تَمَامِ النِّصَابِ لَمْ يَكُنْ قَذْفًا) أَيْ مُوجَبًا لِلْحَدِّ وَإِلَّا فَلَا خَفَاءَ أَنَّ بَعْضَ مَا عُطِفَ عَلَى هَذَا مِمَّا يَأْتِي قَذْفٌ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِحَقٍّ) مُتَعَلِّقٌ بِشَهِدَ (قَوْلُهُ: اتَّجَهَ عَدَمُ إثْمِهِ وَتَعْزِيرِهِ) هُوَ بِجَرِّ تَعْزِيرٍ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ مَعَ وَصْفِهِ بِتَحْرِيمٍ) أَيْ وَاخْتِيَارٍ وَعَدَمِ شُبْهَةٍ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِي زَنَيْت بِكْ وَيَا لُوطِيُّ) تَبِعَ فِي هَذَا حَجّ، لَكِنَّ وَجْهَ التَّأْيِيدِ لِذَلِكَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ يَخْتَارُ أَنْ يَا لُوطِيُّ صَرِيحٌ، وَأَمَّا الشَّارِحُ فَاَلَّذِي سَيَأْتِي لَهُ اخْتِيَارٌ أَنَّهُ كِنَايَةٌ فَلَا تَأْيِيدَ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الرَّمْيُ إلَخْ.) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ لِذَكَرٍ أَوْ خُنْثَى عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ دُبُرِ

زِنًا وَلِيَاطَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ مَنْ قَالَ لَا فَرْقَ فِي قَوْلِهِ أَوْ دُبُرٍ بَيْنَ أَنْ يُخَاطِبَ بِهِ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً كَأَوْلَجْتَ فِي دُبُرٍ أَوْ أُولِجَ فِي دُبُرِك، وَالْأَوْجَهُ قَبُولُ قَوْلِهِ بِيَمِينِهِ أَرَدْت بِإِيلَاجِهِ فِي الدُّبُرِ إيلَاجَهُ فِي دُبُرِ زَوْجَتِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ فَيُعَزَّرُ، وَأَنَّ يَا لُوطِيُّ كِنَايَةٌ لِاحْتِمَالِ إرَادَةِ كَوْنِهِ عَلَى دِينِ قَوْمِ لُوطٍ، بِخِلَافِ يَا لَائِطُ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ وَيَا بُغَا كِنَايَةٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ، وَكَذَا يَا مُخَنَّثُ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَيَا قَحْبَةُ صَرِيحٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ، وَمِثْلُهُ يَا عَاهِرُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَيَا عِلْقُ كِنَايَةٌ لَكِنَّهُ يُعَزَّرُ إنْ لَمْ يُرِدْ الْقَذْفَ كَمَا أَفْتَى بِهِ أَيْضًا وَلَيْسَ التَّعْرِيضُ قَذْفًا، وَبِأَنَّهُ لَوْ قَالَتْ فُلَانٌ رَاوَدَنِي عَنْ نَفْسِي أَوْ نَزَلَ إلَى بَيْتِي وَكَذَّبَهَا عُزِّرَتْ لِإِيذَائِهَا لَهُ بِذَلِكَ. (وَزَنَأْت) بِالْهَمْزِ وَكَذَا بِأَلِفٍ بِلَا هَمْزٍ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ (فِي الْجَبَلِ كِنَايَةٌ) لِأَنَّ الزِّنَاءَ فِي الْجَبَلِ وَنَحْوِهِ هُوَ الصُّعُودُ، وَأَمَّا زَنَأْت بِالْهَمْزِ فِي الْبَيْتِ فَصَرِيحٌ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ بِمَعْنَى الصُّعُودِ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ دَرَجٌ يُصْعَدُ ـــــــــــــــــــــــــــــSيُعْهَدُ ذَلِكَ لِلْفَسَقَةِ مِنْهُمْ كَثِيرًا فَحُمِلَ لَفْظُهُمْ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَيْهِ، وَاحْتِيجَ فِي صَرْفِ لَفْظِ الْقَاذِفِ عَنْ ذَلِكَ إلَى يَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْهُ بَلْ أَرَادَ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ يَا لُوطِيُّ كِنَايَةٌ) خِلَافًا حَجّ (قَوْلُهُ: وَكَذَا يَا مُخَنَّثُ) أَيْ فَإِنَّهُ كِنَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَيَا قَحْبَةُ) لِامْرَأَةٍ (قَوْلُهُ صَرِيحٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ) أَيْ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهَا تَفْعَلُ فِعْلَ الْقِحَابِ مِنْ كَشْفِ الْوَجْهِ وَنَحْوِ الِاخْتِلَاطِ بِالرِّجَالِ هَلْ يُقْبَلُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْقَبُولُ لِوُقُوعِ مِثْلِ ذَلِكَ كَثِيرًا، وَعَلَيْهِ فَهُوَ صَرِيحٌ يَقْبَلَ الصَّرْفَ وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ: قَالَ ر م: مَا يُقَالُ بَيْنَ الْجَهَلَةِ مِنْ قَوْلِهِمْ (بَلَّاعُ زُبٍّ) يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ صَرِيحًا فِي الرَّمْيِ بِالزِّنَا لِاحْتِمَالِ الْبَلْعِ مِنْ الْفَمِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ يَا عَاهِرُ) أَيْ لِلْأُنْثَى شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ، وَفِي الْمِصْبَاحِ: عَهِرَ عَهَرًا مِنْ بَابِ تَعِبَ: فَجَرَ فَهُوَ عَاهِرٌ، وَعَهَرَ عُهُورًا مِنْ بَابِ قَعَدَ لُغَةً، وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ» أَيْ إنَّمَا يَثْبُتُ الْوَلَدُ لِصَاحِبِ الْفِرَاشِ وَهُوَ الزَّوْجُ، وَفِيهِ أَيْضًا فَجَرَ الْعَبْدُ فُجُورًا مِنْ بَابِ قَعَدَ: فَسَقَ وَزَنَى اهـ. وَعَلَيْهِ فَالْعَاهِرُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَيُمَيَّزُ بَيْنَهُمَا بِالْهَاءِ لِلْأُنْثَى وَعَدَمِهَا لِلرَّجُلِ، وَعَلَيْهِ فَحَقُّهُ أَنْ يَكُونَ صَرِيحًا فِيهِمَا، أَوْ كِنَايَةً فِيهِمَا بِأَنْ يُرَادَ بِالْعَاهِرِ الْفَاجِرُ لَا بِقَيْدِ الزِّنَا، مَعَ أَنَّ تَخْصِيصَ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ لَهُ بِالْأُنْثَى يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ صَرِيحًا فِي حَقِّ الرَّجُلِ (قَوْلُهُ: وَيَا عِلْقُ كِنَايَةٌ) وَمِثْلُهُ يَا مَأْبُونُ وَطِنْجِيرُ وَكَخُنٍّ وَسُوسٍ رَمْلِيٍّ اهـ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَمِثْلُهُ مَخْثَانِيٌّ (قَوْلُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ أَيْضًا) لَكِنْ قَدْ يَرِدُ عَلَى وُجُوبِ التَّعْزِيرِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ أَنَّهُ يَشْمَلُ مَا لَوْ أَطْلَقَ وَهُوَ مُشْكِلٌ، فَإِنَّ الْعِلْقَ لُغَةً، الشَّيْءُ النَّفِيسُ، وَاللَّفْظُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يُحْمَلُ عَلَى مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ، وَمِنْ ثَمَّ لَمَّا قَالَ الشَّاطِبِيُّ فِي عَقِيلَتِهِ فِي مَقَامِ الثَّنَاءِ عَلَى الْقُرْآنِ عِلْقٌ عَلَاقَتُهُ أَوْلَى الْعَلَائِقِ إلَخْ قَالَ الْإِمَامُ السَّخَاوِيُّ فِي شَرْحِهِ مَا حَاصِلُهُ: فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ وَصَفَ الْقُرْآنَ بِمَا ذَكَرَ مَعَ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ مُسْتَهْجَنٌ عِنْدَ الْعَامَّةِ بَلْ صَارَ عِبَارَةً عَنْ الْأَمْرِ الْمُسْتَقْبَحِ قُلْت: مَا عَلَى الْعُلَمَاءِ مِنْ اصْطِلَاحَاتِ السُّفَهَاءِ اهـ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَمَّا صَارَ مُسْتَعْمَلًا عِنْدَ السُّفَهَاءِ فِي الْمَعْنَى الْقَبِيحِ صَارَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ السَّبَّ، فَهُوَ وَإِنْ لَمْ يَقْتَضِ حَدَّ الْقَذْفِ لِعَدَمِ صَرَاحَتِهِ فِيهِ اقْتَضَى التَّعْزِيرَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيذَاءِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ التَّعْرِيصُ) بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ قَذْفًا: أَيْ لَا صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً، وَيَنْبَغِي أَنَّ فِيهِ التَّعْزِيرَ لِلْإِيذَاءِ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ سُكُوتِ الشَّارِحِ عَنْهُ فِيمَا يَأْتِي مَعَ ذِكْرِهِ فِي الْكِنَايَةِ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: عُزِّرَتْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي مَقَامِ خُصُومَةٍ كَأَنْ ادَّعَتْ عَلَيْهِ بِنَحْوِ ذَلِكَ لِتَطْلُبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يُعَزِّرَهُ وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا زَنَأْت بِالْهَمْزِ فِي الْبَيْتِ) بَقِيَ مَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِأَنْ قَالَ زَنَأْت فِي الْجَبَلِ فِي الْبَيْتِ هَلْ يَكُونُ صَرِيحًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ يَا عَاهِرُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) قَالَ أَعْنِي الْوَالِدَ: فَإِنْ قَالَ الرَّجُلُ لَمْ أَعْلَمْ كَوْنَهُ قَذْفًا وَلَمْ أُنَوِّهْ بِهِ قُبِلَ قَوْلُهُ لِخَفَائِهِ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ. اهـ.

إلَيْهِ فِيهَا فَوَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - صَرَاحَتُهُ أَيْضًا (وَكَذَا زَنَأْت) بِالْهَمْزِ (فَقَطْ) أَيْ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ جَبَلٍ وَلَا غَيْرِهِ كِنَايَةٌ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ ظَاهِرَهُ الصُّعُودُ. وَالثَّانِي أَنَّهُ صَرِيحٌ وَالْيَاءُ قَدْ تُبْدَلُ هَمْزَةً. وَالثَّالِثُ إنْ أَحْسَنَ الْعَرَبِيَّةَ فَكِنَايَةٌ وَإِلَّا فَصَرِيحٌ (وَزَنَيْت) بِالْيَاءِ (فِي الْجَبَلِ صَرِيحٌ فِي الْأَصَحِّ) لِظُهُورِهِ فِيهِ وَذِكْرُ الْجَبَلِ لِبَيَانِ مَحَلِّهِ فَلَا يَصْرِفُهُ عَنْ ظَاهِرِهِ وَإِنَابَةُ الْيَاءِ عَنْ الْهَمْزَةِ خِلَافُ الْأَصْلِ. وَالثَّانِي أَنَّهُ كِنَايَةٌ. وَالثَّالِثُ إنْ أَحْسَنَ الْعَرَبِيَّةَ فَصَرِيحٌ مِنْهُ وَإِلَّا فَكِنَايَةٌ، وَلَوْ قَالَ يَا زَانِيَةُ فِي الْجَبَلِ فَكِنَايَةٌ كَمَا قَالَاهُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَمَا مَرَّ بِأَنَّ النِّدَاءَ يُسْتَعْمَلُ لِذَلِكَ كَثِيرًا فِي الصُّعُودِ، بِخِلَافِ زَنَيْت فِيهِ بِالْيَاءِ. (وَقَوْلُهُ) لِلرَّجُلِ (يَا فَاجِرُ يَا فَاسِقُ) يَا خَبِيثُ (وَلَهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (يَا خَبِيثَةُ) يَا فَاجِرَةُ يَا فَاسِقَةُ (وَأَنْت تُحِبِّينَ الْخَلْوَةَ) أَوْ الظُّلْمَةَ (وَلِقُرَشِيٍّ) أَوْ عَرَبِيٍّ (يَا نَبَطِيُّ) وَعَكْسَهُ. وَالْأَنْبَاطُ: قَوْمٌ يَنْزِلُونَ الْبَطَائِحَ بَيْنَ الْعِرَاقَيْنِ، سُمُّوا بِذَلِكَ لِاسْتِنْبَاطِهِمْ: أَيْ إخْرَاجِهِمْ الْمَاءَ مِنْ الْأَرْضِ (وَلِزَوْجَتِهِ لَمْ أَجِدْك عَذْرَاءَ) بِالْمُعْجَمَةِ: أَيْ بِكْرًا، وَلِأَجْنَبِيَّةٍ لَمْ يَجِدْك زَوْجُك، أَوْ لَمْ أَجِدْك عَذْرَاءَ، وَلَمْ يَتَقَدَّمْ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا افْتِضَاضٌ مُبَاحٌ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَلِإِحْدَاهُمَا وَجَدْت مَعَك رَجُلًا أَوْ لَا تَرُدِّينَ يَدَ لَامِسٍ (كِنَايَةٌ) لِاحْتِمَالِهَا الْقَذْفَ وَغَيْرَهُ وَهُوَ فِي نَحْوِ يَا نَبَطِيُّ لِأُمِّ الْمُخَاطَبِ حَيْثُ نَسَبَهُ لِغَيْرِ مَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِمْ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ لَا يُشْبِهُهُمْ فِي السَّيْرِ وَالْأَخْلَاقِ، أَمَّا إذَا تَقَدَّمَ لَهَا ذَلِكَ فَلَيْسَ كِنَايَةً. (فَإِنْ) (أَنْكَرَ) مُتَكَلِّمٌ بِكِنَايَةٍ فِي هَذَا الْبَابِ (إرَادَةَ قَذْفٍ) (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّهُ أُعْرَفُ بِمُرَادِهِ فَيَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ إرَادَتِهِ الْقَذْفَ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، قَالَ: وَلَا يَحْلِفُ أَنَّهُ مَا قَذَفَهُ وَيُعَزَّرُ لِلْإِيذَاءِ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ سَبًّا وَلَا ذَمًّا لِأَنَّ لَفْظَهُ يُوهِمُ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْحَلِفُ كَاذِبًا دَفْعًا لِلْحَدِّ، لَكِنْ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ جَوَازَ التَّوْرِيَةِ حَيْثُ كَانَ صَادِقًا فِي قَذْفِهِ بِأَنْ عَلِمَ زِنَاهَا وَإِنْ حَلَّفَهُ الْحَاكِمُ، قَالَ: بَلْ يَقْرُبُ إيجَابُهَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُحَدُّ وَتَبْطُلُ عَدَالَتُهُ وَرِوَايَتُهُ وَمَا تَحْمِلُهُ مِنْ الشَّهَادَاتِ، وَالْأَوْجَهُ لُزُومُ الْحَدِّ بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ مَعَ النِّيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِإِرَادَتِهِ بِذَلِكَ الْقَذْفَ. (وَقَوْلُهُ) لِآخَرَ (يَا ابْنَ الْحَلَالِ وَأَمَّا أَنَا فَلَسْت بِزَانٍ وَنَحْوَهُ) كَأُمِّي لَيْسَتْ بِزَانِيَةٍ وَأَنَا لَسْت بِلَائِطٍ (تَعْرِيضٌ لَيْسَ بِقَذْفٍ وَإِنْ نَوَاهُ) لِأَنَّ اللَّفْظَ إذَا لَمْ يُشْعِرْ بِالْمَنْوِيِّ لَمْ تُؤَثِّرْ فِيهِ النِّيَّةُ، وَفَهْمُ ذَلِكَ مِنْهُ هُنَا إنَّمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSأَوْ كِنَايَةً؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي حَمْلًا لِقَوْلِهِ فِي الْبَيْتِ عَلَى أَنَّهُ حَالٌ (قَوْلُهُ: صَرَاحَتُهُ) أَيْ وَمَعَ صَرَاحَتِهِ هُوَ يَقْبَلُ الصَّرْفَ، فَلَوْ قَالَ أَرَدْت صَعِدْت فِي الْبَيْتِ قُبِلَ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا لَوْ قَالَ فِي الْوَطْءِ فِي الدُّبْرِ أَرَدْت وَطْأَهُ فِي دُبُرِ حَلِيلَتِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا صَرَّحُوا فِيهِ بِقَبُولِ الصَّرْفِ مِنْ الصَّرَائِحِ بَلْ هَذَا أَوْلَى لِمَا قِيلَ إنَّهُ كِنَايَةٌ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ زَنَيْت فِيهِ) أَيْ الْجَبَلَ (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا تَقَدَّمَ لَهَا ذَلِكَ) أَيْ الِافْتِضَاضَ. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ كِنَايَةً) أَيْ فَلَا حَدَّ وَلَا تَعْزِيرَ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ السَّابِقِ مُبَاحٌ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الِافْتِضَاضُ غَيْرَ مُبَاحٍ كَانَ كِنَايَةً، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الِافْتِضَاضَ الْمُحَرَّمَ يَصْدُقُ بِالزِّنَا فَحَيْثُ نَوَاهُ بِهِ عُمِلَ بِنِيَّتِهِ. (قَوْلُهُ: وَيُعَزَّرُ لِلْإِيذَاءِ) أَيْ فِي الْكِنَايَاتِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْحَلِفُ كَاذِبًا دَفْعًا لِلْحَدِّ) أَمَّا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى إقْرَارِهِ عُقُوبَةٌ أَوْ نَحْوُهُمَا زِيَادَةً عَلَى الْحَدِّ أَوْ بَدَلِهِ فَلَا يَجِبُ الْإِقْرَارُ بَلْ يَجُوزُ الْحَلِفُ وَالتَّوْرِيَةُ وَإِنْ حَلَّفَهُ الْحَاكِمُ، وَلَا يَبْعُدُ وُجُوبُ ذَلِكَ حَيْثُ عَلِمَ أَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ قَتْلٌ أَوْ نَحْوُهُ لِمَنْ زَنَى بِهَا وَهِيَ مَعْذُورَةٌ أَوْ لَيْسَ حَدًّا زِنَاهَا لِلْقَتْلِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ كُتِبَ سِجِلُّهُ وَأَخَذَهُ نَحْوُ الْمُقَدِّمِ مَثَلًا مِنْ أَعْوَانِ الظَّلَمَةِ فَيَجُوزُ لَهُ الْحَلِفُ كَاذِبًا وَالتَّوْرِيَةُ وَلَوْ عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ حَيْثُ وَرَّى لَا كَفَّارَةَ وَأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ حَنِثَ مَا لَمْ يَكُنْ الْحَامِلُ لَهُ عَلَى الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ أَمْرُ الْحَاكِمِ وَوَرَّى فِيهِ فَلَا حِنْثَ (قَوْلُهُ بَلْ يَقْرُبُ إيجَابُهَا) أَيْ التَّوْرِيَةَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ مَعَ النِّيَّةِ) أَيْ نِيَّةِ الْقَذْفِ. (قَوْلُهُ لَيْسَ بِقَدْفٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُعَزَّرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ لُزُومُ الْحَدِّ بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ مَعَ النِّيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ إلَخْ.) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِهَذَا، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُحَدُّ حَيْثُ

هُوَ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ وَهِيَ مُلْغَاةٌ لِاحْتِمَالِهَا وَتَعَارُضِهَا، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُلْحِقُوا التَّعْرِيضَ بِالْخِطْبَةِ بِصَرِيحِهَا وَإِنْ تَوَفَّرَتْ الْقَرَائِنُ عَلَى ذَلِكَ، وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ جَمْعٌ مِنْ أَنَّهُ كِنَايَةٌ مَرْدُودٌ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ الْفَرْقُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ وَهُوَ أَنَّ كُلَّ لَفْظٍ يُقْصَدُ بِهِ الْقَذْفُ إنْ لَمْ يَحْتَمِلْ غَيْرَهُ فَصَرِيحٌ، وَإِلَّا فَإِنْ فُهِمَ مِنْ وَضْعِهِ احْتِمَالُ الْقَذْفِ فَكِنَايَةٌ وَإِلَّا فَتَعْرِيضٌ، وَلَيْسَ الرَّمْيُ بِإِتْيَانِ الْبَهَائِمِ قَذْفًا وَالنِّسْبَةُ إلَى غَيْرِ الزِّنَا مِنْ الْكَبَائِرِ وَغَيْرِهَا مِمَّا فِيهِ إيذَاءٌ كَقَوْلِهِ لَهَا زَنَيْت بِفُلَانَةَ أَوْ أَصَابَتْك فُلَانَةُ يَقْتَضِي التَّعْزِيرَ لِلْإِيذَاءِ لَا الْحَدَّ لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ. (وَقَوْلُهُ) لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ زَوْجَةٍ أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ وَقَوْلُهَا لِرَجُلٍ زَوْجٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ (زَنَيْت بِك) وَلَمْ يُعْهَدْ بَيْنَهُمَا زَوْجِيَّةٌ مُسْتَمِرَّةٌ مِنْ حِينِ صِغَرِهَا إلَى حِينِ قَوْلِهِ ذَلِكَ (إقْرَارٌ بِزِنًا) عَلَى نَفْسِهِ لِإِسْنَادِهِ الْفِعْلَ لَهُ، وَمَحَلُّهُ إنْ قَالَ أَرَدْت الزِّنَا الشَّرْعِيَّ لِمَا يَأْتِي مِنْ كَوْنِ الْأَصَحِّ اشْتِرَاطَ التَّفْصِيلِ فِي الْإِقْرَارِ (وَقَذْفٌ) لِلْمَقُولِ لَهُ لِقَوْلِهِ بِك، وَقَوْلُ الْإِمَامِ بِعَدَمِهِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْمُخَاطَبِ نَائِمًا أَوْ مُكْرَهًا مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ لَفْظِهِ مُشَارَكَتُهُ فِي الزِّنَا وَهُوَ يَنْفِي ذَلِكَ الِاحْتِمَالَ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا أَيَّدَ بِهِ الرَّافِعِيُّ الْبَحْثَ بَعْدَ أَنْ قَوَّاهُ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّ زَنَيْت مَعَ فُلَانٍ قَذْفٌ لَهَا دُونَهُ بِأَنَّ الْبَاءَ فِي بِك تَقْتَضِي الْآلِيَّةَ الْمُشْعِرَةَ بِأَنَّ لِمَدْخُولِهَا تَأْثِيرًا مَعَ الْفَاعِلِ فِي إيجَادِ الْفِعْلِ كَكَتَبْتُ بِالْقَلَمِ، بِخِلَافِ الْمَعِيَّةِ فَإِنَّهَا تَقْتَضِي مُجَرَّدَ الْمُصَاحَبَةِ وَهِيَ لَا تُشْعِرُ بِذَلِكَ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَجَابَ بِهِ الْغَزَالِيُّ عَنْ الْبَحْثِ، وَتَبِعَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ إطْلَاقَ هَذَا اللَّفْظِ يَحْصُلُ بِهِ الْإِيذَاءُ التَّامُّ لِتُبَادِرْ الْفَهْمِ مِنْهُ إلَى صُدُورِهِ عَنْ طَوَاعِيَةٍ وَإِنْ احْتَمَلَ غَيْرَهُ، وَلِذَا حُدَّ بِلَفْظِ الزِّنَا مَعَ احْتِمَالِهِ زِنَا نَحْوِ الْعَيْنِ. (وَلَوْ) (قَالَ لِزَوْجَتِهِ يَا زَانِيَةُ) أَوْ أَنْتِ زَانِيَةٌ (فَقَالَتْ) فِي جَوَابِهِ (زَنَيْت بِك أَوْ أَنْتِ أَزَنَى مِنِّي) (فَقَاذِفٌ) لِصَرَاحَةِ لَفْظِهِ فِيهِ (وَكِنَايَةٌ) لِاحْتِمَالِ قَوْلِهَا الْأَوَّلِ لَمْ أَفْعَلْ كَمَا تَفْعَلُ وَهَذَا مُسْتَعْمَلٌ فِي الْعُرْفِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُرِيدَ إثْبَاتَ زِنَاهَا فَتَكُونُ مُقِرَّةً بِهِ وَقَاذِفَةً لَهُ فَيَسْقُطُ حَدُّ الْقَذْفِ بِإِقْرَارِهَا وَيُعَزَّرُ. وَالثَّانِي مَا وَطِئَنِي غَيْرُك وَوَطْؤُك مُبَاحٌ، فَإِنْ كُنْت زَانِيَةً فَأَنْتَ أَزَنَى مِنِّي لِأَنِّي مُمَكِّنَةٌ: وَأَنْتَ فَاعِلٌ، وَلِكَوْنِ هَذَا الْمَعْنَى مُحْتَمَلًا مِنْهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إقْرَارًا مِنْهَا بِالزِّنَا وَإِنْ اسْتَشْكَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُرِيدَ إثْبَاتَ الزِّنَا فَتَكُونَ قَاذِفَةً فَقَطْ. وَالْمَعْنَى: أَنْتَ زَانٍ وَزِنَاك أَكْثَرُ مِمَّا نَسَبَتْنِي إلَيْهِ، وَتُصَدَّقُ فِي إرَادَةِ شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ بِيَمِينِهَا (فَلَوْ قَالَتْ) فِي جَوَابِهِ وَكَذَا ابْتِدَاءٌ (زَنَيْت بِك وَأَنْتَ أَزَنَى مِنِّي فَمُقِرَّةٌ) ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: عُلِمَ الْفَرْقُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ) أَيْ صَرِيحٍ وَكِنَايَةٍ وَتَعْرِيضٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَتَعْرِيضٌ) كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ، وَفِي جَعْلِهِ قَصْدَ الْقَذْفِ بِهِ مُقَسَّمًا لِلثَّلَاثَةِ إيهَامٌ اشْتَرَطَ ذَلِكَ فِي الصَّرِيحِ وَأَنَّ الْكِنَايَةَ يُفْهَمُ مِنْ وَضْعِهَا الْقَذْفُ دَائِمًا وَأَنَّهَا وَالتَّعْرِيضُ يُقْصَدُ بِهِمَا ذَلِكَ دَائِمًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي الْكُلِّ فَالْأَحْسَنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ مَا لَمْ يَحْتَمِلْ غَيْرَ مَا وُضِعَ لَهُ مِنْ الْقَذْفِ وَحْدَهُ صَرِيحٌ، وَمَا احْتَمَلَ وَضْعًا الْقَذْفَ وَغَيْرَهُ كِنَايَةٌ، وَمَا اُسْتُعْمِلَ فِي غَيْرِ مَوْضُوعٍ لَهُ مِنْ الْقَذْفِ بِالْكُلِّيَّةِ وَإِنَّمَا يُفْهَمُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ بِالْقَرَائِنِ تَعْرِيضٌ اهـ حَجّ وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ حَيْثُ حُمِلَ قَوْلُ الْمَنْهَجِ وَاللَّفْظِ الَّذِي يُقْصَدُ لَهُ الْقَذْفُ عَلَى الْقَصْدِ بِالْفِعْلِ، فَإِنْ حَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْأَلْفَاظُ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا الْقَذْفُ كَانَ مُسَاوِيًا لِمَا قَالَهُ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الرَّمْيُ بِإِتْيَانِ الْبَهَائِمِ قَذْفًا) أَيْ وَلَكِنْ يُعَزَّرُ بِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْهَازِلِيِّ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ لِمَنْ قَالَ أَرَدْت الزِّنَا الشَّرْعِيَّ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ الْإِطْلَاقُ (قَوْلُهُ وَقَوْلُ الْإِمَامِ بِعَدَمِهِ) أَيْ عَدَمِ الْعُرْفِ (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ) أَيْ بَيْنَ قَوْلِهِ زَنَيْت بِك (قَوْلُهُ: الْبَحْثَ) أَيْ بَحْثَ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ قَوْلَهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ (قَوْلُهُ: عَنْ الْبَحْثِ) أَيْ بَحْثَ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ قَوْلِهَا الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ زَنَيْت بِك (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي) هُوَ قَوْلُهَا أَوْ أَنْتَ أَزَنَى مِنِّي أَيْ وَلِاحْتِمَالِ قَوْلِهَا الثَّانِي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَكَذَا ابْتِدَاءُ زَنَيْتُ بِك) لَمْ يَذْكُرْ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ فِي هَذِهِ لَفْظَ قَوْلِهِ بِك وَهِيَ ظَاهِرَةٌ، وَأَمَّا عَلَى مَا ذَكَرَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَلَفَّظَ بِالْكِنَايَةِ وَاعْتَرَفَ بِإِرَادَةِ الْمَعْنَى الَّذِي هُوَ قَذْفٌ وَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِأَنَّهُ قَصَدَ بِذَلِكَ الْقَذْفَ بِمَعْنَى التَّعْيِيرِ فَتَأَمَّلْ

عَلَى نَفْسِهَا بِالزِّنَا (وَقَاذِفَةٌ) لَهُ كَمَا هُوَ صَرِيحُ لَفْظِهَا وَيَسْقُطُ بِإِقْرَارِهَا حَدُّ الْقَذْفِ عَنْهُ، وَيُقَاسُ بِذَلِكَ قَوْلُهَا لِزَوْجِهَا يَا زَانِي فَقَالَ زَنَيْت بِك أَوْ أَنْتِ أَزَنَى مِنِّي فَهِيَ قَاذِفَةٌ صَرِيحًا وَهُوَ كَانَ أَوْ زَنَيْت وَأَنْتِ أَزَنَى مِنِّي فَمُقِرٌّ وَقَاذِفٌ، وَيَجْرِي نَحْوُ ذَلِكَ فِي أَجْنَبِيٍّ وَأَجْنَبِيَّةٍ فَتَكُونُ كَالزَّوْجَةِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْمُقْرِي إنَّهُ الْقِيَاسُ، وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ ابْتِدَاءً أَنْت أَزَنَى مِنِّي أَوْ مِنْ فُلَانٍ لَمْ يَكُنْ قَاذِفًا إلَّا بِالْإِرَادَةِ وَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ بِهِ لِأَنَّ النَّاسَ فِي تَشَاتُمِهِمْ لَا يَتَقَيَّدُونَ بِالْوَضْعِ الْأَصْلِيِّ عَلَى أَنَّ أَفْعَلَ قَدْ يَجِيئُ لِغَيْرِ الِاشْتِرَاكِ، وَلَا فَرْقَ فِيمَا تَقَرَّرَ بَيْنَ عِلْمِ الْمُخَاطِبِ حَالَةَ قَوْلِهِ ذَلِكَ أَنَّ الْمُخَاطَبَ زَوْجٌ أَوْ غَيْرُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ خِلَافًا لِلْجُوَيْنِيِّ، وَلَوْ قَالَتْ لَهُ ابْتِدَاءً فُلَانٌ زَانٍ وَأَنْت أَزَنَى مِنْهُ أَوْ فِي النَّاسِ زُنَاةٌ وَأَنْت أَزَنَى مِنْهُمْ فَصَرِيحٌ لَا إنْ قَالَتْ النَّاسُ زُنَاةٌ أَوْ أَهْلُ مِصْرَ مَثَلًا زُنَاةٌ وَأَنْت أَزَنَى مِنْهُمْ لَمْ يَكُنْ قَذْفًا لِتَحَقُّقِ كَذِبِهَا إلَّا إنْ نَوَتْ مَنْ زَنَى مِنْهُمْ فَيَكُونُ قَذْفًا. (وَقَوْلُهُ) لِغَيْرِهِ وَهُوَ وَاضِحٌ (زَنَى فَرْجُك أَوْ ذَكَرُك) أَوْ دُبُرُك وَلِخُنْثَى زَنَى ذَكَرُك وَفَرْجُك، بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ كِنَايَةٌ (قَذْفٌ) لِذِكْرِهِ آلَةَ الْوَطْءِ أَوْ مَحَلَّهُ وَكَذَا زَنَيْت فِي قُبُلِك لِامْرَأَةٍ لَا رَجُلٍ فَإِنَّهُ كِنَايَةٌ لِأَنَّ زِنَاهُ بِقُبُلِهِ لَا فِيهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا زَنَيْت بِقُبُلِك كَانَ كِنَايَةً، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ زِنَاهَا قَدْ يَكُونُ بِقُبُلِهَا بِأَنْ تَكُونَ هِيَ الْفَاعِلَةُ لِطُلُوعِهَا عَلَيْهِ. (وَالْمَذْهَبُ أَنَّ) (قَوْلَهُ) زَنَى (يَدُك أَوْ عَيْنُك) أَوْ رِجْلُك (وَلِوَلَدِهِ) أَيْ كُلِّ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ وِلَادَةٌ وَإِنْ سَفَلَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (لَسْت مِنِّي أَوْ لَسْت ابْنِي) (كِنَايَةٌ) لِاحْتِمَالِهِ وَفِي الْخَبَرِ الصَّحِيحِ إطْلَاقُ الزِّنَا عَنْ نَظَرِ الْعَيْنِ وَنَحْوِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَالَ زَنَتْ يَدِي لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا بِالزِّنَا قَطْعًا، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْقَطْعِ وَحِكَايَةِ الْخِلَافِ فِي زَنَتْ يَدُك صِحَّةُ قَوْلِ الْقَمُولِيِّ لَوْ قَالَ زَنَى بَدَنُك فَصَرِيحٌ أَوْ زَنَى بَدَنِي لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا بِالزِّنَا اهـ. وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ يُحْتَاطُ لِحَدِّ الزِّنَا لِكَوْنِهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى مَا لَا يُحْتَاطُ لِحَدِّ الْقَذْفِ لِكَوْنِهِ حَقَّ آدَمِيٍّ وَمِنْ ثَمَّ سَقَطَ بِالرُّجُوعِ ذَاكَ فَانْدَفَعَ تَنْظِيرُ مَنْ نَظَرَ فِي كَلَامِ الْقَمُولِيِّ، وَقِيلَ فِيهَا وَجْهَانِ أَوْ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ صَرِيحٌ إلْحَاقًا بِالْفَرْجِ (وَ) أَنَّ قَوْلَهُ (لِوَلَدِ غَيْرِهِ لَسْت ابْنَ فُلَانٍ) (صَرِيحٌ) فِي قَذْفِ أُمِّهِ وَفَارَقَ الْأَبَ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى زَجْرِ وَلَدِهِ وَتَأْدِيبِهِ بِنَحْوِ ذَلِكَ فَقَرُبَ احْتِمَالُ كَلَامِهِ لَهُ، بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ وَكَأَنَّ وَجْهَ جَعْلِهِمْ لَهُ صَرِيحًا فِي ـــــــــــــــــــــــــــــSالشَّارِحُ مِنْ إثْبَاتِهَا فَقَدْ يُشْكِلُ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ حَيْثُ عَلَّلَ كَوْنَ الْأَوَّلِ كِنَايَةً بِقَوْلِهِ لِاحْتِمَالِ قَوْلِهَا زَنَيْت بِك أَنَّهَا لَمْ تَفْعَلْ كَمَا أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ مَعَ أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ مَوْجُودَةٌ فِي هَذِهِ أَيْضًا، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ حَذْفَ بِك وَهِيَ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ: قَدْ يَجِيئُ لِغَيْرِ الِاشْتِرَاكِ) أَيْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى حِكَايَةً لِقَوْلِ يُوسُفَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِإِخْوَتِهِ {أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا} [يوسف: 77] . (قَوْلُهُ: وَكَذَا زَنَيْت فِي قُبُلِك لِامْرَأَةٍ) وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ زَنَيْت فِي دُبُرِك كَانَ قَذْفًا، وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ زَنَيْت بِدُبُرِك كَانَ كِنَايَةً إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ كَانَ كِنَايَةً) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ: أَيْ فَيَكُونَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَجْرِي نَحْوُ ذَلِكَ فِي أَجْنَبِيٍّ وَأَجْنَبِيَّةٍ فَتَكُونُ كَالزَّوْجَةِ وَجْهُهُ) فِي أَنْتِ أَزْنَى مِنِّي فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ احْتِمَالُ أَنْتِ أَهْدَى لِلزِّنَا مِنِّي كَمَا وَجَّهَهُ بِهِ حَجّ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْجُوَيْنِيِّ) عِبَارَةُ الْجُوَيْنِيِّ إذَا قَذَفَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهَا حِينَ قَذَفَهَا لِكَوْنِهَا مُنْتَقِبَةً بِخِمَارٍ أَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي ظُلْمَةٍ ثُمَّ بَانَ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَذْفٍ وَلَا لِعَانٍ، إلَى أَنْ قَالَ: وَإِنَّمَا فَصَلْنَا بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَسَائِرِ مَسَائِلِ الْقَذْفِ لِأَنَّهُ إذَا عُرِفَ مَنْ يَقْذِفُ فَظَاهِرُ الْقَذْفِ أَنَّهُ إخْبَارٌ، فَإِذَا عَجَزَ عَنْ تَصْدِيقِ ذَلِكَ الْخَبَرِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ أَوْ اللِّعَانُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يَعْرِفُ الْمَقْذُوفَةَ فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُخْبِرَ عَنْ أَحْوَالِهَا وَارْتِكَابِهَا الزِّنَا إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ كُلُّ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ وِلَادَةٌ) لَعَلَّهُ مِنْ خُصُوصِ جِهَةِ الْأُبُوَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا بِالزِّنَا قَطْعًا) أَيْ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يَكُونُ بِالْكِنَايَاتِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ: فِيهَا وَجْهَانِ) يَعْنِي:

قَذْفِ أُمِّهِ مَعَ احْتِمَالِ لَفْظِهِ لِكَوْنِهِ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةِ نُدْرَةُ وَطْءِ الشُّبْهَة فَلَمْ يُحْمَلْ اللَّفْظُ عَلَيْهِ بَلْ عَلَى مَا يَتَبَادَرُ مِنْهُ وَهُوَ كَوْنُهُ مِنْ زِنًا، وَبِهَذَا يَقْرُبُ مِمَّا أَفْهَمُهُ إطْلَاقُهُمْ أَنَّهُ لَوْ فَسَّرَ كَلَامَهُ بِذَلِكَ لَا يُقْبَلُ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ لَسْت ابْنَ فُلَانٍ قَوْلُهُ لِقُرَشِيٍّ مَثَلًا لَسْت مِنْ قُرَيْشٍ فَإِنَّهُ كِنَايَةٌ كَمَا قَالَاهُ وَإِنْ نُوزِعَا فِيهِ (إلَّا) إذَا قَالَ ذَلِكَ (لِمَنْفِيٍّ) نَسَبُهُ (بِلِعَانٍ) فِي حَالِ انْتِفَائِهِ فَلَا يَكُونُ صَرِيحًا فِي قَذْفِ أُمِّهِ لِاحْتِمَالِ إرَادَتِهِ لَسْت ابْنَ الْمُلَاعِنِ شَرْعًا بَلْ هُوَ كِنَايَةٌ فَيُسْتَفْسَرُ، فَإِنْ أَرَادَ الْقَذْفَ حُدَّ وَإِلَّا حَلَفَ وَعُزِّرَ لِلْإِيذَاءِ، أَمَّا إذَا قَالَهُ بَعْدَ اسْتِلْحَاقِهِ فَيَكُونُ صَرِيحًا فِي قَذْفِهَا مَا لَمْ يَدَّعِ أَنَّهُ أَرَادَ لَمْ يَكُنْ ابْنَهُ حَالَ النَّفْيِ وَيَحْلِفُ عَلَيْهِ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ أَنَّهُ يُعَزَّرُ. (وَيُحَدُّ قَاذِفُ مُحْصَنٍ) لِآيَةِ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: 4] (وَيُعَزَّرُ غَيْرُهُ) أَيْ قَاذِفُ غَيْرِ الْمُحْصَنِ لِلْإِيذَاءِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الزَّوْجُ وَغَيْرُهُ مَا لَمْ يَدْفَعْهُ الزَّوْجُ بِلِعَانِهِ كَمَا يَأْتِي (وَالْمُحْصَنُ مُكَلَّفٌ) أَيْ بَالِغٌ عَاقِلٌ وَمِثْلُهُ السَّكْرَانُ (حُرٌّ مُسْلِمٌ عَفِيفٌ عَنْ وَطْءٍ يُحَدُّ بِهِ) وَعَنْ وَطْءِ دُبُرِ حَلِيلَتِهِ وَإِنْ لَمْ يُحَدَّ بِهِ لِأَنَّ الْإِحْصَانَ الْمَشْرُوطَ فِي الْآيَةِ الْكَمَالُ وَأَضْدَادُ مَا ذُكِرَ نَقْصٌ، وَجُعِلَ الْكَافِرُ مُحْصَنًا فِي حَدِّ الزِّنَا لِأَنَّهُ إهَانَةٌ لَهُ، وَلَا يُرَدُّ قَذْفُ مُرْتَدٍّ وَمَجْنُونٍ وَقِنٍّ بِزِنًا أَضَافَهُ إلَى حَالِ إسْلَامِهِ أَوْ إفَاقَتِهِ أَوْ حُرِّيَّتِهِ بِأَنْ أَسْلَمَ ثُمَّ اخْتَارَ الْإِمَامُ رِقَّهُ لِأَنَّ سَبَبَ حَدِّهِ إضَافَتُهُ إلَى حَالَةِ الْكَمَالِ. (وَتَبْطُلُ) (الْعِفَّةُ) الْمُعْتَبَرَةُ فِي الْإِحْصَانِ (بِوَطْءٍ مُحَرَّمٍ) بِنَسَبٍ أَوْ رِضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ (مَمْلُوكَةٍ) لَهُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) إذَا عَلِمَ التَّحْرِيمَ لِدَلَالَتِهِ عَلَى قِلَّةِ مُبَالَاتِهِ وَإِنْ لَمْ يُحَدَّ بِهِ لِأَنَّهُ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ، وَقِيلَ لَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ عَلَى الثَّانِي لِعَدَمِ الْتِحَاقِهِ بِالزِّنَا (لَا) بِوَطْءِ (زَوْجَةٍ) أَوْ أَمَةٍ (فِي عِدَّةِ شُبْهَةٍ) أَوْ فِي نَحْوِ إحْرَامٍ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لِعَارِضٍ يَزُولُ (وَ) لَا بِوَطْءِ (أَمَةِ وَلَدِهِ) وَلَا بِوَطْءِ (مَنْكُوحَتِهِ) أَيْ الْوَاطِئِ (بِلَا وَلِيٍّ) أَوْ بِلَا شُهُودٍ وَإِنْ لَمْ يُقَلِّدْ الْقَائِلَ بِحِلِّهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِقُوَّةِ الشُّبْهَةِ فِيهِمَا. وَمُقَابِلُهُ تَبْطُلُ الْعِفَّةُ بِذَلِكَ لِحُرْمَةِ الْوَطْءِ فِيهِ، وَاسْتِثْنَاءُ الْأَذْرَعِيِّ بَحْثَا مَوْطُوءَةِ الِابْنِ وَمُسْتَوْلَدَتِهِ لِحُرْمَتِهِمَا عَلَى أَبِيهِ أَبَدًا مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ كَلَامِهِمْ. (وَلَوْ) (زَنَى مَقْذُوفٌ) قَبْلَ حَدِّ قَاذِفِهِ وَلَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ بَلْ وَلَوْ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْحَدِّ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ (سَقَطَ الْحَدُّ) عَنْ قَاذِفِهِ وَلَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ الزِّنَا لِأَنَّ زِنَاهُ هَذَا يَدُلُّ عَلَى سَبْقِ مِثْلِهِ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ الْإِلَهِيَّةِ بِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يُهْتَكُ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ كَمَا قَالَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَرِعَايَتُهَا هُنَا لَا يَلْحَقُ بِهَا مَا لَوْ حُكِمَ بِشَهَادَتِهِ ثُمَّ زَنَى فَوْرًا ـــــــــــــــــــــــــــــSفَرْقًا لَهَا. (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَرَدْت أَنَّهُ لَا يُشْبِهُهُ خُلُقًا أَوْ خَلْقًا عَدَمُ قَبُولِ ذَلِكَ مِنْهُ، وَالْقِيَاسُ قَبُولُهُ لِأَنَّ الصَّرِيحَ يَقْبَلُ الصَّرْفَ وَلِأَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ كَثِيرًا (قَوْلُهُ: لَسْت مِنْ قُرَيْشٍ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ لِشَخْصٍ مَشْهُورٍ بِالنَّسَبِ إلَى طَائِفَةٍ لَسْت مِنْهَا وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ أَيْضًا لَسْت مِنْ فُلَانٍ فَيَكُونُ كِنَايَةً (قَوْلُهُ: وَيَحْلِفُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى دَعْوَاهُ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ مَا مَرَّ أَنَّهُ يُعَزَّرُ) مُعْتَمَدٌ زَادَ حَجّ ثُمَّ رَأَيْتهمْ صَرَّحُوا بِهِ. (قَوْلُهُ وَالْمُحْصَنُ) أَيْ هُنَا لَا فِي بَابِ الرَّجْمِ (قَوْلُهُ: عَنْ وَطْءٍ يُحَدُّ بِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّ مَنْ يَأْتِي الْبَهَائِمَ مُحْصَنٌ لِأَنَّهُ لَا يُحَدُّ بِهِ بَلْ يُعَزَّرُ فَقَطْ فَيُحَدُّ قَاذِفُهُ لِإِحْصَانِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَسْلَمَ) أَيْ قَبْلَ ضَرْبِ الرِّقِّ (قَوْلُهُ: إلَى حَالَةِ الْكَمَالِ) أَيْ وَذَلِكَ فِيمَا لَوْ كَانَ كَافِرًا وَأَسْلَمَ ثُمَّ أُرِّقَ كَانَ مُسْلِمًا حُرًّا فَقَذْفُهُ لَهُ حَالَةَ الْكَمَالِ. (قَوْلُهُ مَمْلُوكَةٍ) وَبِوَطْءِ دُبُرِ حَلِيلَةٍ لَهُ غَايَةٌ اهـ مَنْهَجٌ (قَوْلُهُ: لِدَلَالَتِهِ عَلَى قِلَّةِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ عَلَيْهِ إتْيَانُ الْبَهَائِمِ بَطَلَتْ عِفَّتُهُ، ثُمَّ رَأَيْته فِي سم عَلَى الْبَهْجَةِ (قَوْلُهُ: مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ كَلَامِهِمْ) أَيْ فَلَا يَزُولُ إحْصَانُهُ بِوَطْئِهِمَا. (قَوْلُهُ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ فِي الزِّنَا وَغَيْرِهِ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَرِعَايَتُهَا) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي مَسْأَلَةِ الْأَعْضَاءِ، وَسَكَتَ عَنْ مُقَابِلِ مَا بَعْدَهَا، وَتَكَفَّلَ بِهِ غَيْرُهُ كَالْجَلَالِ، وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ إيهَامٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُقَلِّدْ) لَعَلَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ وَإِلَّا فَالْمُقَابِلُ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَقُولَ بِسُقُوطِ الْعِفَّةِ فِيمَا إذَا قَلَّدَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ الزِّنَا) يَعْنِي: سَقَطَ حَدُّ مَنْ قَذَفَهُ قَبْلَ ذَلِكَ الزِّنَا وَلَا حَدَّ عَلَى مَنْ قَذَفَهُ بَعْدَ هَذَا الزِّنَا.

حَيْثُ لَمْ يُنْقَضْ الْحُكْمُ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّ زِنَاهُ يَدُلُّ عَلَى سَبْقِ مِثْلِهِ مِنْهُ قَبْلَ الْحُكْمِ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بِأَنَّ الْحَدَّ يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ بِخِلَافِ الْحُكْمِ (أَوْ ارْتَدَّ فَلَا) يَسْقُطُ الْحَدُّ لِأَنَّ الرِّدَّةَ لَا تُشْعِرُ بِسَبْقِ مِثْلِهَا وَلِأَنَّهَا عَقِيدَةٌ وَهِيَ تَظْهَرُ غَالِبًا. (وَمَنْ زَنَى) أَوْ فَعَلَ مَا يُبْطِلُ عِفَّتَهُ كَوَطْءِ حَلِيلَتِهِ فِي دُبُرِهَا (مَرَّةً) وَهُوَ مُكَلَّفٌ (ثُمَّ) تَابَ وَ (صَلُحَ) حَالُهُ حَتَّى صَارَ أَتْقَى النَّاسِ (لَمْ يَعُدْ مُحْصَنًا) أَبَدًا لِأَنَّ الْعِرْضَ إذَا انْثَلَمَ لَا تَنْسَدُّ ثُلْمَتُهُ فَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّ التَّائِبَ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ، وَلَوْ قَذَفَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ لَزِمَهُ إعْلَامُ الْمَقْذُوفِ لِيَسْتَوْفِيَهُ إنْ شَاءَ وَفَارَقَ إقْرَارَهُ عِنْدَهُ بِمَالٍ لِلْغَيْرِ لِأَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ اسْتِيفَاؤُهُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْحَدِّ، وَمَحَلُّ لُزُومِ الْإِعْلَامِ لِلْقَاضِي: أَيْ عَيْنًا مَا إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَنْ يَقْبَلُ إخْبَارَهُ بِهِ وَإِلَّا كَانَ فَرْضَ كِفَايَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (وَحَدُّ الْقَذْفِ) وَتَعْزِيرُهُ إذَا لَمْ يَعْفُ عَنْهُ الْمُوَرِّثُ (يُورَثُ) وَلَوْ لِلْإِمَامِ عَمَّنْ لَا وَارِثَ لَهُ خَاصٌّ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ. (وَيَسْقُطُ) حَدُّهُ وَتَعْزِيرُهُ (بِعَفْوٍ) عَنْ كُلِّهِ، فَلَوْ عَفَا عَنْ بَعْضِ الْحَدِّ لَمْ يَسْقُطْ شَيْءٌ مِنْهُ، وَلَا يُخَالِفُ سُقُوطُ التَّعْزِيرِ بِالْعَفْوِ مَا فِي بَابِهِ أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ لِأَنَّ السَّاقِطَ حَقُّ الْآدَمِيِّ وَاَلَّذِي يَسْتَوْفِيهِ الْإِمَامُ حَقُّهُ تَعَالَى لِلْمَصْلَحَةِ وَيَسْتَوْفِي سَيِّدُ مَقْذُوفٍ مَاتَ تَعْزِيرَهُ وَإِنْ لَمْ يَرِثْهُ، وَلَوْ عَفَا وَارِثُ الْمَقْذُوفِ عَلَى مَالٍ سَقَطَ وَلَمْ يَجِبْ الْمَالُ كَمَا فِي فَتَاوَى الْحَنَّاطِيِّ، وَفِيهَا لَوْ اغْتَابَ شَخْصًا لَمْ يُؤَثِّرْ تَحْلِيلُ وَرَثَتِهِ، وَلَوْ قَذَفَ شَخْصًا بِزِنًا يَعْلَمُهُ الْمَقْذُوفُ لَمْ يَجِبْ الْحَدُّ، أَوْ قَذَفَهُ فَعَفَا ثُمَّ قَذَفَهُ لَمْ يُحَدَّ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ بَلْ يُعَزَّرُ. (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ) إذَا مَاتَ الْمَقْذُوفُ الْحُرُّ (يَرِثُهُ كُلُّ الْوَرَثَةِ) حَتَّى الزَّوْجَيْنِ كَالْقِصَاصِ، نَعَمْ قَذْفُ الْمَيِّتِ لَا يَرِثُهُ الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ عَلَى أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ لِانْقِطَاعِ الْوَصْلَةِ بَيْنَهُمَا، وَلَا يُنَافِيهِ تَصْرِيحُهُمْ بِبَقَاءِ آثَارِ النِّكَاحِ بَعْدَ الْمَيِّتِ لِضَعْفِهَا عَنْ شُمُولِ سَرَائِرِ مَا كَانَ قَبْلَهُ، وَمِثْلُ الْحَدِّ فِيمَا تَقَرَّرَ التَّعْزِيرُ. وَالثَّانِي يَرِثُهُ غَيْرُ الزَّوْجَيْنِ. وَالثَّالِثُ رِجَالُ الْعَصَبَةِ فَقَطْ. وَالرَّابِعُ رِجَالُ الْعَصَبَةِ غَيْرُ الْبَنِينَ كَالتَّزْوِيجِ، وَلَوْ قَذَفَهُ أَوْ قَذَفَ مُوَرِّثَهُ كَانَ لَهُ تَحْلِيفُهُ فِي الْأُولَى عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَزْنِ، وَفِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ زِنَا مُوَرِّثِهِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُقِرُّ فَيَسْقُطُ الْحَدُّ. قَالَ الْأَكْثَرُونَ: وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِالزِّنَا وَالتَّحْلِيفِ إلَّا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَيُضَمُّ إلَيْهَا ثَانِيَةً وَهِيَ مَا لَوْ وَقَفَ دَارِهِ مَثَلًا عَلَى وَلَدَيْهِ، عَلَى أَنَّ مَنْ زَنَى مِنْهُمَا سَقَطَ حَقُّهُ وَعَادَ نَصِيبُهُ إلَى أَخِيهِ، فَادَّعَى أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ أَنَّهُ زَنَى لِيَعُودَ نَصِيبُهُ إلَيْهِ سُمِعَتْ، فَإِنْ أَنْكَرَ وَنَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي ـــــــــــــــــــــــــــــSالْعَادَةِ الْإِلَهِيَّةِ. (قَوْلُهُ لَمْ يَعُدْ مُحْصَنًا) أَيْ فَيُعَزَّرُ قَاذِفُهُ فَقَطْ لِلْإِيذَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ) أَيْ لِأَنَّ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلْعُقُوبَاتِ الْأُخْرَوِيَّةِ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ) أَيْ الْحَاكِمَ (قَوْلُهُ: إنْ شَاءَ) أَيْ الْمَقْذُوفُ (قَوْلُهُ: بِمَالٍ لِلْغَيْرِ) أَيْ حَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُعْلِمَهُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَا يَتَوَقَّفُ اسْتِيفَاؤُهُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقَاضِي. (قَوْلُهُ لَمْ يَسْقُطْ) وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الرُّجُوعَ إلَيْهِ بَعْدَ عَفْوِهِ مُكِّنَ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَفَا وَارِثُ الْمَقْذُوفِ) أَيْ أَوْ الْمَقْذُوفُ نَفْسُهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ الْحَدُّ) أَيْ بَلْ لَا يَجُوزُ لَهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ اسْتِيفَاؤُهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَذَفَهُ لَمْ يُحَدَّ) وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ عَفْوَهُ عَنْهُ أَوَّلًا رِضًا مِنْهُ بِاعْتِرَافِهِ بِنِسْبَتِهِ لِلزِّنَا فَنَزَلَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَعْفُوِّ عَنْهُ بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ بِالزِّنَا فِي حَقِّهِ وَهُوَ مُقْتَضٍ لِسُقُوطِ الْحَصَانَةِ، ثُمَّ رَأَيْت مَا سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ أَصَرَّ صَادَفَ بَيْنُونَةً مِنْ التَّوْجِيهِ بِأَنَّ الْعَفْوَ بِمَثَابَةِ اسْتِيفَاءِ الْحَدِّ: أَيْ وَهُوَ لَوْ اسْتَوْفَى الْحَدَّ مِنْهُ ثُمَّ قَذَفَهُ عُزِّرَ. (قَوْلُهُ يَرِثُهُ كُلُّ الْوَرَثَةِ) أَيْ فَلَوْ حُدَّ لِطَلَبِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ الْحَدَّ الْكَامِلَ سَقَطَ وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ طَلَبُهُ (قَوْلُهُ: لِانْقِطَاعِ الْوَصْلَةِ) أَيْ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا فَلَا يَخْتَلِفُ الْحَالُ فِي إرْثِهِ بَيْنَ كَوْنِ الْقَذْفِ فِي الْحَيَاةِ أَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ لِبَقَاءِ سَبَبِ الْإِرْثِ فِي حَقِّهِ مِنْ الْقَرَابَةِ أَوْ الْوَلَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ تَصْرِيحُهُمْ) خِلَافًا لِمَا نَظَرَ بِهِ حَجّ (قَوْلُهُ: كَانَ لَهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ قَذَفَ شَخْصًا بِزِنًا يَعْلَمُهُ الْمَقْذُوفُ إلَخْ.) لَمْ يَظْهَرْ لِي الْمُرَادُ مِنْ هَذَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِالزِّنَا وَالتَّحْلِيفِ) فِي الْعِبَارَةِ تَسَمُّحٌ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى وَلَا يُسَوَّغُ التَّحْلِيفُ

[فصل في بيان حكم قذف الزوج ونفي الولد]

الْمَرْدُودَةَ. وَقُضِيَ لَهُ بِنَصِيبِ النَّاكِلِ وَلَا يُحَدُّ النَّاكِلُ بِذَلِكَ. (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَوْ) (عَفَا بَعْضُهُمْ) عَنْ حَقِّهِ مِمَّا وَرِثَهُ مِنْ الْحَدِّ (فَلِلْبَاقِي) مِنْهُمْ وَإِنْ قَلَّ نَصِيبُهُ (كُلُّهُ) أَيْ اسْتِيفَاءُ جَمِيعِهِ، كَمَا أَنَّ لِأَحَدِهِمْ طَلَبُ اسْتِيفَائِهِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ غَيْرُهُ أَوْ غَابَ لِأَنَّهُ لِدَفْعِ الْعَارِ اللَّازِمِ لِلْوَاحِدِ كَالْجَمْعِ مَعَ كَوْنِهِ لَا بَدَلَ لَهُ وَبِهِ فَارَقَ الْقِصَاصَ، فَإِنَّ ثُبُوتَ بَدَلِهِ يَمْنَعُ مِنْ التَّفْوِيتِ فِيهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ نَحْوِ الْغِيبَةِ فَإِنَّهُ لَا يُورَثُ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَكْفِ تَحْلِيلُ الْوَارِثِ مِنْهُ بِأَنَّ مَلْحَظَ مَا هُنَا الْعَارُ وَهُوَ يَشْمَلُ الْوَارِثَ أَيْضًا فَكَانَ لَهُ فِيهِ دَخْلٌ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْغِيبَةِ فَإِنَّهُ مَحْضُ إيذَاءٍ يَخْتَصُّ بِالْمَيِّتِ فَلَمْ يَتَعَدَّ أَثَرُهُ لِلْوَارِثِ. وَالثَّانِي يَسْقُطُ جَمِيعُهُ كَالْقَوْدِ. وَالثَّالِثُ يَسْقُطُ نَصِيبُ الْعَافِي وَيَبْقَى الْبَاقِي لِأَنَّهُ يَقْبَلُ التَّقْسِيطَ بِخِلَافِ الْقِصَاصِ وَعَلَى هَذَا يَسْقُطُ السَّوْطُ الَّذِي فِيهِ الشَّرِكَةُ. (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ قَذْفِ الزَّوْجِ وَنَفْيِ الْوَلَدِ جَوَازًا وَوُجُوبًا (لَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (قَذْفُ زَوْجَةٍ) لَهُ (عَلِمَ زِنَاهَا) بِأَنْ رَآهَا وَهِيَ فِي نِكَاحِهِ، وَالْأَوْلَى لَهُ تَطْلِيقُهَا سَتْرًا عَلَيْهَا مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى فِرَاقِهِ لَهَا مَفْسَدَةٌ لَهَا أَوْ لَهُ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ (أَوْ ظَنَّهُ ظَنًّا مُؤَكَّدًا) لِاحْتِيَاجِهِ حِينَئِذٍ لِلِانْتِقَامِ مِنْهَا لِتَلْطِيخِهَا فِرَاشَهُ وَالْبَيِّنَةُ قَدْ لَا تُسَاعِدُهُ (كَشِيَاعِ زِنَاهَا بِزَيْدٍ مَعَ قَرِينَةٍ بِأَنْ) بِمَعْنَى كَأَنْ (رَآهُمَا فِي خَلْوَةٍ) وَكَأَنْ شَاعَ زِنَاهَا مُطْلَقًا ثُمَّ رَأَى رَجُلًا خَارِجًا مِنْ عِنْدِهَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي وَقْتِ الرِّيبَةِ، أَوْ رَآهَا خَارِجَةً مِنْ عِنْدِ رَجُلٍ: أَيْ وَثَمَّ رِيبَةٌ أَيْضًا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتَفِيَ فِيهَا بِأَدْنَى رِيبَةٍ بِخِلَافِهِ، فَإِنَّهُ قَدْ يَدْخُلُ لِنَحْوِ سَرِقَةٍ أَوْ إرَادَةِ إكْرَاهٍ أَوْ إلْحَاقِ عَارٍ وَكَانَ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ رِوَايَةً أَوْ مَنْ اعْتَقَدَ صِدْقَهُ عَنْ مُعَايَنَةٍ بِزِنَاهَا وَلَيْسَ عَدُوًّا لَهَا وَلَا لَهُ وَلَا لِلزَّانِي، وَلَا بُدَّ فِيمَا يَظْهَرُ أَنْ يُبَيِّنَ كَيْفِيَّةَ الزِّنَا إذَا كَانَ مِمَّنْ يُشْتَبَهُ عَلَيْهِ الْحَالُ لِأَنَّهُ قَدْ يَظُنُّ مَا لَيْسَ بِزِنًا زِنًا، وَكَأَنْ أَقَرَّتْ لَهُ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهَا، أَمَّا مُجَرَّدُ الشُّيُوعِ فَلَا يَجُوزُ اعْتِمَادُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْشَأُ عَنْ خَبَرِ عَدُوٍّ أَوْ طَامِعٍ بِسُوءٍ لَمْ يَظْفَرْ بِهِ، وَكَذَا مُجَرَّدُ الْقَرِينَةِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا لِنَحْوِ سَرِقَةٍ أَوْ إكْرَاهٍ. (وَلَوْ أَتَتْ) أَوْ حَمَلَتْ (بِوَلَدٍ عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ) أَوْ ظَنَّهُ ظَنًّا مُؤَكَّدًا ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الْقَاذِفِ وَقَوْلُهُ تَحْلِيفُهُ أَيْ الْمَقْذُوفِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يُورَثُ) لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الْغِيبَةِ فِي حَيَاةِ الْمُغْتَابِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ. (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ قَذْفِ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ) أَيْ فَالْأَوْلَى الْإِمْسَاكُ وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَى فِرَاقِهَا نَحْوُ مَرَضٍ لَهُ، بَلْ قَدْ يَجِبُ إذَا تَحَقَّقَ أَنَّهُ إذَا فَارَقَهَا زَنَى بِهَا الْغَيْرُ وَأَنَّهَا مَا دَامَتْ عِنْدَهُ تُصَانُ عَنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: كَشِيَاعِ زِنَاهَا) بِكَسْرِ الشِّينِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَةِ الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِوَاحِدٍ بِعَيْنِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْ اعْتَقَدَ صِدْقَهُ) أَيْ وَلَوْ فَاسِقًا ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: الَّذِي فِيهِ الشَّرِكَةُ) يَعْنِي: السَّوْطَ الَّذِي فِيهِ الشَّرِكَةُ كَمَا إذَا وَرِثَهُ ثَلَاثَةٌ. [فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ قَذْفِ الزَّوْجِ وَنَفْيِ الْوَلَدِ] (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ قَذْفِ الزَّوْجِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِاحْتِيَاجِهِ حِينَئِذٍ لِلِانْتِقَامِ مِنْهَا إلَخْ.) عِبَارَةُ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ وَإِنَّمَا جَازَ حِينَئِذٍ الْقَذْفُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهِ اللِّعَانُ الَّذِي يَتَخَلَّصُ بِهِ مِنْهَا لِاحْتِيَاجِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَكَأَنْ شَاعَ زِنَاهَا إلَخْ.) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَشِيَاعِ زِنَاهَا لَا عَلَى قَوْلِهِ كَأَنْ رَآهُمَا فِي خَلْوَةٍ فَهُوَ بِمُجَرَّدِهِ يُؤَكِّدُ الظَّنَّ كَكُلِّ وَاحِدٍ مِمَّا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا لِنَحْوِ سَرِقَةٍ أَوْ إكْرَاهٍ) هَذَا تَعْلِيلٌ لِمَا فِي الْمَتْنِ خَاصَّةً لَا لِمَا بَعْدَهُ أَيْضًا كَمَا لَا يَخْفَى

وَأَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ ظَاهِرًا لِمَا يَأْتِي (لَزِمَهُ نَفْيُهُ) وَإِلَّا لَكَانَ بِسُكُوتِهِ مُسْتَلْحِقًا لِمَنْ لَيْسَ مِنْهُ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ كَمَا يَحْرُمُ نَفْيُ مَنْ هُوَ مِنْهُ لِمَا يَأْتِي، وَلِعَظِيمِ التَّغْلِيظِ عَلَى فَاعِلِ ذَلِكَ وَقَبِيحِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِمَا مِنْ الْمَفَاسِدِ كَانَا مِنْ الْقَبَائِحِ الْكَبَائِرِ، بَلْ أُطْلِقَ عَلَيْهِمَا الْكُفْرُ فِي الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ وَإِنْ أُوِّلَ بِالْمُسْتَحِلِّ أَوْ بِأَنَّهُمَا سَبَبٌ لَهُ أَوْ بِكُفْرِ النِّعْمَةِ، ثُمَّ إنْ عَلِمَ زِنَاهَا أَوْ ظَنَّهُ ظَنًّا مُؤَكَّدًا قَذَفَهَا وَلَاعَنَ لِنَفْيِهِ وُجُوبًا فِيهِمَا، وَإِلَّا اقْتَصَرَ عَلَى النَّفْيِ بِاللِّعَانِ لِجَوَازِ كَوْنِهِ مِنْ شُبْهَةٍ أَوْ زَوْجٍ سَابِقٍ وَشَمِلَ كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ مَا لَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ وَلَكِنَّهُ خِفْيَةٌ بِحَيْثُ لَا يَلْحَقُ بِهِ فِي الْحُكْمِ، لَكِنَّ الْأَوْجَهَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: الْأَوْلَى لَهُ السَّتْرُ: أَيْ وَكَلَامُهُمْ إنَّمَا هُوَ حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَى عَدَمِ النَّفْيِ لُحُوقُهُ بِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُمْ الْمَذْكُورُ (وَإِنَّمَا يَعْلَمُ) أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ (إذَا لَمْ يَطَأْ) وَلَا اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ الْمُحْتَرَمَ أَصْلًا (أَوْ) وَطِئَ أَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ الْمُحْتَرَمَ وَلَكِنْ (وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَطْءِ) وَلَوْ لِأَكْثَرَ مِنْهَا مِنْ الْعَقْدِ (أَوْ فَوْقَ أَرْبَعِ سِنِينَ) مِنْ الْوَطْءِ لِلْعِلْمِ حِينَئِذٍ بِأَنَّهُ مِنْ مَاءِ غَيْرِهِ، وَلَوْ عَلِمَ زِنَاهَا لَزِمَهُ قَذْفُهَا وَنَفْيُهُ، وَصَرَّحَ جَمْعٌ بِأَنَّ نَحْوَ رُؤْيَتِهِ مَعَهَا فِي خَلْوَةٍ فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ مَعَ شُيُوعِ زِنَاهَا بِهِ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ أَيْضًا. وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي عَنْ الرَّوْضَةِ (فَلَوْ وَلَدَتْهُ لِمَا بَيْنَهُمَا) أَيْ دُونَ السِّتَّةِ وَفَوْقَ الْأَرْبَعَةِ مِنْ الْوَطْءِ (وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا بِحَيْضَةٍ) بَعْدَ وَطْئِهِ أَوْ اسْتَبْرَأَهَا بِهَا وَكَانَ بَيْنَ الْوِلَادَةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ (حُرِّمَ النَّفْيُ) لِلْوَلَدِ لِأَنَّهُ لَاحِقٌ بِفِرَاشِهِ، وَلَا عِبْرَةَ بِرِيبَةٍ يَجِدُهَا فِي نَفْسِهِ، وَفِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرِهِمَا «أَيُّمَا رَجُلٍ جَحَدَ وَلَدَهُ وَهُوَ يَنْظُرُ إلَيْهِ احْتَجَبَ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفَضَحَهُ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ» (وَإِنْ وَلَدَتْهُ فَوْقَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ) بِحَيْضَةٍ أَيْ مِنْ ابْتِدَاءِ الْحَيْضِ كَمَا ذَكَرَهُ جَمْعٌ لِأَنَّهُ الدَّالُ عَلَى الْبَرَاءَةِ (حَلَّ النَّفْيُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ أَمَارَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ، نَعَمْ يُسَنُّ لَهُ عَدَمُهُ لِأَنَّ الْحَامِلَ قَدْ تَحِيضُ وَمَحَلُّهُ إنْ كَانَ هُنَاكَ تُهْمَةُ زِنًا وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ قَطْعًا، وَصُحِّحَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ إنْ رَأَى بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ قَرِينَةً بِزِنَاهَا مِمَّا مَرَّ لَزِمَهُ نَفْيُهُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ حِينَئِذٍ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ، وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْكِتَابِ عَلَى ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ تَبِعَ فِيهِ الرَّافِعِيَّ، وَصُحِّحَ فِي الرَّوْضَةِ اعْتِبَارُهَا مِنْ حِينِ الزِّنَا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ لِأَنَّهُ مُسْتَنِدُ اللِّعَانِ، فَعَلَيْهِ إذَا وَلَدَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لِمَا يَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِهِ: وَفِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرِهِمَا «أَيُّمَا رَجُلٍ جَحَدَ وَلَدَهُ وَهُوَ يَنْظُرُ» إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقَبِيحِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِمَا) مِنْ اسْتِلْحَاقٍ وَنَفْيٍ وَلَيْسَ مِنْ النَّفْيِ الْمُحَرَّمِ بَلْ وَلَا مِنْ النَّفْيِ مُطْلَقًا مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ الْعَامَّةِ أَنَّ الْإِنْسَانَ مِنْهُمْ يَكْتُبُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَلَدِهِ حُجَّةً أَوْ يُرِيدُ كِتَابَتَهَا بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ وَلَا عَلَاقَةَ لَهُ بِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذِهِ الْحُجَّةِ أَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ مُطِيعًا لِأَبِيهِ فَلَا يُنْسَبُ لِأَبِيهِ مِنْ أَفْعَالِهِ شَيْءٌ فَلَا يُطَالَبُ بِشَيْءٍ لَزِمَ الْوَلَدَ مِنْ دَيْنٍ أَوْ إتْلَافٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ دَعْوَى وَيَحْتَاجُ إلَى جَوَابٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أُوِّلَ) أَيْ الْكُفْرُ (قَوْلُهُ: وَلَكِنَّهُ خِفْيَةٌ) أَيْ بِأَنْ لَمْ تَشْتَهِرْ وِلَادَتُهَا وَأَمْكَنَ تَرْبِيَتُهُ عَلَى أَنَّهُ لَقِيطٌ مَثَلًا (قَوْلُهُ: يَلْزَمُهُ ذَلِكَ) أَيْ الْقَذْفُ وَالنَّفْيُ (قَوْلُهُ وَهُوَ يَنْظُرُ إلَيْهِ) أَيْ يُعْرَفُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَصُحِّحَ فِي الرَّوْضَةِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْكِتَابِ) قَدْ يُمْنَعُ مِنْ الْحَمْلِ الْمَذْكُورِ أَنَّ هَذَا مُقَابِلُ الْأَصَحِّ الَّذِي جَرَى الْمَتْنُ عَلَى خِلَافِهِ هَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الْمَحَلِّيُّ وَعِبَارَتُهُ: وَالْوَجْهُ الثَّانِي ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ ظَاهِرًا) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ شَرْعًا كَوْنُهُ مِنْهُ كَأَنْ أَتَتْ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَإِنَّهُ مَنْفِيٌّ عَنْهُ شَرْعًا فَلَا يَلْزَمُهُ النَّفْيُ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ قَذْفُهَا) قَالَ الشِّهَابُ سم: وَنَفْيُهُ صَادِقٌ مَعَ إمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْهُ أَيْضًا، وَعَلَيْهِ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَ احْتِمَالُ كَوْنِهِ مِنْ الزِّنَا أَقْوَى أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ عَلِمَ زِنَاهَا إلَخْ. فَلْيُرَاجَعْ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْكِتَابِ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ بِأَنْ يُقَالَ الْحَلُّ فِيهِ صَادِقٌ بِاللُّزُومِ، وَقَدْ مَرَّ تَقْيِيدُهُ بِمِثْلِ مَا قُيِّدَ بِهِ

[فصل في كيفية اللعان وشروطه وثمراته]

لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلِأَكْثَرَ مِنْ دُونِهَا مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ تَبَيَّنَّا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ الزِّنَا فَيَصِيرُ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ فَلَا يَجُوزُ النَّفْيُ رِعَايَةً لِلْفِرَاشِ. وَوَجَّهَ الْبُلْقِينِيُّ الْمَتْنَ بِمَنْعِ تَيَقُّنِ ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ سَبْقِ زِنَاهَا بِهَا خِفْيَةً قَبْلَ الزِّنَا الَّذِي رَآهُ (وَلَوْ وَطِئَ وَعَزَلَ حُرِّمَ) النَّفْيُ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُهُ وَلَا يَشْعُرُ بِهِ، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ احْتِمَالٌ لِلْغَزَالِيِّ أَنَّهُ يَجُوزُ لِأَنَّهُ إذَا احْتَاطَ فِيهِ كَانَ كَمَنْ لَمْ يَطَأْ وَلِأَنَّهُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ وَلَوْ كَانَ يَطَأُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ وُصُولُ الْمَاءِ إلَيْهِ لَمْ يَلْحَقْهُ أَوْ فِي الدُّبُرِ فَالْأَرْجَحُ مِنْ تَنَاقُضٍ لَهُمَا عَدَمُ اللُّحُوقِ أَيْضًا وَلَيْسَ مِنْ الظَّنِّ عِلْمُهُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ عَقِيمٌ فِيمَا يَظْهَرُ وَإِنْ ذَهَبَ الرُّويَانِيُّ إلَى لُزُومِ نَفْيِهِ بِاللِّعَانِ بَعْدَ قَذْفِهَا وَذَلِكَ لِأَنَّا نَجِدُ كَثِيرِينَ يَكَادُ أَنْ يَجْزِمَ بِعُقُمِهِمْ ثُمَّ يُحْبِلُونَ (وَلَوْ عَلِمَ زِنَاهَا وَاحْتَمَلَ كَوْنَ الْوَلَدِ مِنْهُ وَمِنْ الزِّنَا) عَلَى السَّوَاءِ بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ وَطْئِهِ وَمِنْ الزِّنَا وَلَا اسْتِبْرَاءَ (حُرِّمَ النَّفْيُ) لِتَقَاوُمِ الِاحْتِمَالَيْنِ وَالْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَمَا نُصَّ عَلَيْهِ مِنْ الْحِلِّ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ احْتِمَالُهُ أَغْلَبَ لَوُجُودِ قَرِينَةٍ تُؤَكِّدُ ظَنَّ وُقُوعِهِ (وَكَذَا) يَحْرُمُ (الْقَذْفُ وَاللِّعَانُ عَلَى الصَّحِيحِ) إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِمَا لِلُحُوقِ الْوَلَدِ بِهِ وَالْفِرَاقُ مُمْكِنٌ بِالطَّلَاقِ وَلِأَنَّهُ يَتَضَرَّرُ بِإِثْبَاتِ زِنَاهَا لِانْطِلَاقِ الْأَلْسِنَةِ فِيهِ، وَقِيلَ يَحِلَّانِ انْتِقَامًا مِنْهَا وَصَوَّبَهُ جَمْعٌ وَرُدَّ بِمَا تَقَرَّرَ إذْ كَيْفَ يُحْتَمَلُ ذَلِكَ الضَّرَرُ لِمُجَرَّدِ غَرَضِ انْتِقَامٍ، وَكَالزِّنَا فِيمَا ذُكِرَ وَطْءُ الشُّبْهَةِ، وَلَوْ أَتَتْ امْرَأَةً بِوَلَدٍ أَبْيَضَ وَأَبَوَاهُ أَسْوَدَانِ أَوْ عَكْسِهِ امْتَنَعَ نَفْيُهُ بِذَلِكَ وَلَوْ أَشْبَهَ مَنْ تُتَّهَمُ أُمُّهُ بِهِ أَوْ انْضَمَّ إلَى ذَلِكَ قَرِينَةُ الزِّنَا لِأَنَّ الْعِرْقَ نَزَّاعُ كَمَا وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ. فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ اللِّعَانِ وَشُرُوطِهِ وَثَمَرَاتِهِ (اللِّعَانُ: قَوْلُهُ) أَيْ الزَّوْجِ (أَرْبَعَ مَرَّاتٍ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْت بِهِ) زَوْجَتِي (هَذِهِ) إنْ حَضَرَتْ (مِنْ الزِّنَا) إنْ قَذَفَهَا بِالزِّنَا، وَإِلَّا قَالَ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ مِنْ إصَابَةِ غَيْرِي لَهَا عَلَى فِرَاشِي وَأَنَّ الْوَلَدَ مِنْهُ لَا مِنِّي وَلَا تُلَاعِنُ ـــــــــــــــــــــــــــــSإنْ رَأَى بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ قَرِينَةَ الزِّنَا الْمُبِيحَةَ لِلْقَذْفِ أَوْ تَيَقَّنَهُ جَازَ النَّفْيُ، بَلْ وَجَبَ لِحُصُولِ الظَّنِّ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَرَ شَيْئًا لَمْ يَجُزْ. وَرُجِّحَ الثَّانِي فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَالْأَوَّلُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالْمُحَرَّرِ وَلَيْسَ فِي الْكَبِيرِ تَرْجِيحٌ (قَوْلُهُ: وَعَزَلَ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعَزْلَ مَكْرُوهٌ فَقَطْ (قَوْلُهُ: عَدَمُ اللُّحُوقِ) أَيْ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَوْطُوءَةِ زَوْجَةً أَوْ أَمَةً (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَجِدُ كَثِيرِينَ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَهُ مَعْصُومٌ بِأَنَّهُ عَقِيمٌ وَجَبَ النَّفْيُ، بَلْ يَنْبَغِي وُجُوبُ النَّفْيِ أَيْضًا فِيمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ عَقِيمًا وَأَخْبَرَهُ مَعْصُومٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعِرْقَ نَزَّاعٌ) أَيْ مَيَّالٌ (قَوْلُهُ: نَزَعَهُ عِرْقٌ) لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ نَزَعَهُ عِرْقٌ بِهَاءِ الضَّمِيرِ فَفِي النِّهَايَةِ «إنَّمَا هُوَ عِرْقٌ نَزَعَهُ» يُقَالُ نَزَعَ إلَيْهِ فِي الشَّبَهِ إذَا أَشْبَهَهُ، وَقَالَ فِي مُقَدِّمَةِ الْفَتْحِ نَزَعَ الْوَلَدُ إلَى أَبِيهِ: أَيْ جَذَبَهُ وَهُوَ كِنَايَةٌ فِي الشَّبَهِ وَفِيهِ نَزْعَةُ عِرْقٍ. (فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ اللِّعَانِ وَشُرُوطِهِ (قَوْلُهُ: وَثَمَرَاتِهِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَشِدَّةِ التَّغْلِيظِ الْآتِي إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَرَّرُ بِإِثْبَاتِ زِنَاهَا) لَعَلَّ الضَّمِيرَ فِي يَتَضَرَّرُ لِلْوَلَدِ وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ حَلُّ الْقَذْفِ وَاللِّعَانُ عِنْدَ عِلْمِ الزِّنَا أَوْ غَلَبَةِ الظَّنِّ بِهِ مُطْلَقًا. [فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ اللِّعَانِ وَشُرُوطِهِ وَثَمَرَاتِهِ] (فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ اللِّعَانِ

هِيَ هُنَا إذْ لَا حَدَّ عَلَيْهَا بِلِعَانِهِ وَلَوْ ثَبَتَ قَذْفٌ أَنْكَرَهُ قَالَ فِيمَا ثَبَتَ مِنْ قَذْفِي إيَّاهَا بِالزِّنَا وَذَلِكَ لِلْآيَاتِ أَوَائِلِ سُورَةِ النُّورِ وَكُرِّرَتْ لِتَأَكُّدِ الْأَمْرِ وَلِأَنَّهَا مِنْهُ مَنْزِلَةُ أَرْبَعِ شُهُودٍ لِيُقَامَ عَلَيْهَا بِهَا الْحَدُّ، وَلِذَا سُمِّيَتْ شَهَادَاتٌ. وَأَمَّا الْخَامِسَةُ فَهِيَ مُؤَكِّدَةٌ لِمُفَادِهَا، نَعَمْ الْمُغَلِّبُ فِي تِلْكَ الْكَلِمَاتِ مُشَابَهَتُهَا لِلْأَيْمَانِ كَمَا يَأْتِي (فَإِنْ غَابَتْ) عَنْ الْمَجْلِسِ أَوْ الْبَلَدِ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ (سَمَّاهَا وَرَفَعَ نَسَبَهَا) أَوْ ذَكَرَ وَصْفَهَا (بِمَا يُمَيِّزُهَا) عَنْ غَيْرِهَا دَفْعًا لِلِاشْتِبَاهِ وَيَكْفِي قَوْلُهُ زَوْجَتِي إذَا عَرَفَهَا الْحَاكِمُ وَلَمْ يَكُنْ تَحْتَهُ غَيْرُهَا (وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ) عَدَلَ عَنْ عَلَيَّ وَكُنْتُ تَفَاؤُلًا (فِيمَا رَمَاهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا وَإِنْ كَانَ وَلَدٌ يَنْفِيهِ؛ ذَكَرَهُ فِي) كُلٍّ مِنْ (الْكَلِمَاتِ) الْخَمْسِ كُلِّهَا لِيَنْتَفِيَ عَنْهُ (فَقَالَ وَأَنَّ الْوَلَدَ الَّذِي وَلَدَتْهُ) إنْ غَابَ (أَوْ هَذَا الْوَلَدُ) إنْ حَضَرَ (مِنْ) زَوْجٍ أَوْ شُبْهَةٍ أَوْ (زِنًا لَيْسَ مِنِّي) وَذِكْرُ لَيْسَ مِنِّي تَأْكِيدٌ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ حَمْلًا لِلزِّنَا عَلَى حَقِيقَتِهِ وَإِنْ ذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ إلَى أَنَّهُ شَرْطٌ وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ وَطْءَ الشُّبْهَةِ زِنًا، وَلَا يَكْفِي الِاقْتِصَارُ عَلَى لَيْسَ مِنِّي لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ لَا يُشْبِهُهُ خَلْقًا أَوْ خُلُقًا (وَتَقُولُ هِيَ) بَعْدَهُ لِوُجُوبِ تَأَخُّرِ لِعَانِهَا كَمَا سَيَأْتِي (أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنَّهُ لِمَنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ) وَتُشِيرُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: مُشَابَهَتُهَا لِلْأَيْمَانِ) أَيْ فَأُعْطِيَتْ حُكْمَهَا فِيمَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ أَنَّهَا أَيْمَانٌ عَلَى الْأَصَحِّ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهَا كَذَلِكَ حُكْمًا فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا لَيْسَتْ أَيْمَانًا فِي الْأَصْلِ وَلَكِنَّهَا تُشْبِهُهَا (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَذَبَ لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهَا لَا تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِهَا لِأَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَاحِدٌ وَالْمَقْصُودَ مِنْ تَكْرِيرِهَا مَحْضُ التَّأْكِيدِ لَا غَيْرُ اهـ حَجّ. قَالَ سم: وَمُقَابِلُ هَذَا الْأَوْجَهِ أَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ مَا قَالَهُ حَجّ (قَوْلُهُ: حَتَّى إذَا عَرَفَهَا الْحَاكِمُ) أَيْ وَعَرَفَ أَنَّهَا تَحْتَهُ الْآنَ (قَوْلُهُ: وَالْخَامِسَةَ) عَطْفٌ عَلَى أَرْبَعٍ فَهُوَ بِالنَّصْبِ وَيَجُوزُ رَفْعُهُ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ اللِّعَانُ (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ لَا يُشْبِهُهُ) فَإِنْ قُلْت: الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ وَعَلَيْهِ فَنِيَّتُهُ ذَلِكَ لَا تَنْفَعُهُ. قُلْت: لَعَلَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِهَا عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ بِالنَّظَرِ لِلُزُومِ الْكَفَّارَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ ثَبَتَ قَذْفٌ أَنْكَرَهُ قَالَ فِيمَا ثَبَتَ مِنْ قَذْفِي إيَّاهَا بِالزِّنَا) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا ثَبَتَ إلَخْ. فَلَا يَكْفِيهِ فِي دَفْعِ الْحَدِّ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِي إنْكَارِي مَا ثَبَتَ عَلَيَّ مِنْ رَمْيِي إيَّاهَا بِالزِّنَا خِلَافًا لِمَا فِي الْعُبَابِ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ: لَوْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ أَنَّ زَوْجَهَا قَذَفَهَا وَلَمْ يَعْتَرِفْ بِهِ بِأَنْ سَكَتَ، أَوْ قَالَ فِي الْجَوَابِ لَا يَلْزَمُنِي الْحَدُّ، فَأَقَامَتْ بَيِّنَةً بِقَذْفِهِ لَهَا لَاعَنَ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَنْكَرَ الْقَذْفَ وَقَالَ مَا رَمَيْتُك لِاحْتِمَالِ التَّأْوِيلِ بِأَنَّ الصِّدْقَ لَيْسَ بِرَمْيٍ أَوْ بِأَنَّ مَا رَمَيْتُك بِهِ لَيْسَ بِقَذْفٍ بَاطِلٌ بَلْ هُوَ صِدْقٌ فَالسُّكُوتُ، وَقَوْلُهُ: لَا يَلْزَمُنِي الْحَدُّ، وَإِنْكَارُهُ الْقَذْفَ مَعَ التَّأْوِيلِ أَوْ احْتِمَالِهِ لَهُ لَيْسَ إنْكَارًا لِلْقَذْفِ وَلَا تَكْذِيبًا لِلْبَيِّنَةِ فِي الْحَقِيقَةِ وَلِأَنَّ قَوْلَهُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يُنْكِرْ وَيَقُولُ فِي لِعَانِهِ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا أَثْبَتَتْ عَلَيَّ مِنْ رَمْيِي إيَّاهَا بِالزِّنَا انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: تَفَاؤُلًا) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَعَدَلَ عَنْهَا أَدَبًا فِي الْكَلَامِ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ فَقَالَ وَأَنَّ الْوَلَدَ الَّذِي وَلَدَتْهُ إلَخْ.) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَأْتِي بِهَذَا اللَّفْظِ حَتَّى فِي الْخَامِسَةِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَأْتِي فِي الْخَامِسَةِ بِمَا يُنَاسِبُ كَأَنْ يَقُولَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَاهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا وَفِي أَنَّ الْوَلَدَ مِنْ زِنًا لَيْسَ مِنْهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ وَطْءَ الشُّبْهَةِ زِنًا) أَيْ فَقَدْ يَكُونُ هُوَ الْوَاطِئَ لَهَا بِالشُّبْهَةِ وَيَعْتَقِدُ أَنَّ وَطْأَهُ زِنًا لَا يُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ إنَّمَا اُحْتِيجَ لِذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْوَاقِعُ أَنَّ الْوَلَدَ مِنْ شُبْهَةِ غَيْرِهِ فَلَا يَكُونُ صَادِقًا فِي شَهَادَتِهِ بِأَنَّهُ مِنْ الزِّنَا فَاحْتِيجَ إلَى ذَلِكَ لِيَشْمَلَ مَا ذَكَرَ وَنَحْوَهُ لِيَكُونَ صَادِقًا، وَإِنْ لَزِمَ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى ذِكْرِ الزِّنَا كَوْنُهُ لَيْسَ مِنْهُ فَتَأَمَّلْ

[شروط صحة اللعان]

إلَيْهِ إنْ حَضَرَ وَإِلَّا مَيَّزَتْهُ كَمَا مَرَّ فِي نَظِيرِهِ (مِنْ الزِّنَا) إنْ رَمَاهَا بِهِ وَلَا تَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي لِعَانِهَا حُكْمٌ (وَالْخَامِسَةُ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا) عَدَلَ عَنْ عَلَيَّ لِمَا مَرَّ وَذِكْرُهُ رَمَاهَا ثُمَّ رَمَانِي هُنَا تَفَنُّنٌ لَا غَيْرُ (إنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ فِيهِ) أَيْ فِيمَا رَمَانِي فِيهِ مِنْ الزِّنَا وَخُصَّ الْغَضَبُ بِهَا لِأَنَّ جَرِيمَةَ زِنَاهَا أَقْبَحُ مِنْ جَرِيمَةِ قَذْفِهِ، وَالْغَضَبُ وَهُوَ الِانْتِقَامُ بِالْعَذَابِ أَغْلَظُ مِنْ اللَّعْنِ الَّذِي هُوَ الْبُعْدُ عَنْ الرَّحْمَةِ (وَلَوْ بَدَّلَ لَفْظَ شَهَادَةٍ بِحَلِفٍ) مَرَّ فِي الْخُطْبَةِ حُكْمُ إدْخَالِ الْبَاءِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ (وَنَحْوِهِ) كَأُقْسِمُ أَوْ أَحْلِفُ بِاَللَّهِ (أَوْ) لَفْظُ (غَضَبَ بِلَعْنٍ وَعَكْسِهِ) بِأَنْ ذَكَرَ لَفْظَ الْغَضَبِ وَهِيَ لَفْظُ اللَّعْنِ (أَوْ ذُكِرَا) أَيْ اللَّعْنَ وَالْغَضَبَ (قَبْلَ تَمَامِ الشَّهَادَاتِ لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْمُرَاعَى هُنَا اللَّفْظُ وَنَظْمُ الْقُرْآنِ. وَالثَّانِي يَصِحُّ نَظَرًا لِلْمَعْنَى. وَالثَّالِثُ لَا يُبَدَّلُ الْغَضَبُ بِاللَّعْنِ وَيَجُوزُ الْعَكْسُ (وَيُشْتَرَطُ فِيهِ) أَيْ فِي صِحَّةِ اللِّعَانِ (أَمْرُ الْقَاضِي) أَوْ نَائِبِهِ أَوْ الْمُحَكَّمِ بِشَرْطِهِ أَوْ السَّيِّدِ فِي مُلَاعَنَتِهِ بَيْنَ رَقِيقِيهِ، وَلَوْ كَانَ اللِّعَانُ لِنَفْيِ الْوَلَدِ خَاصَّةً لَمْ يَجُزْ التَّحْكِيمُ لِأَنَّ لِلْوَلَدِ حَقًّا فِي النَّسَبِ فَلَمْ يَسْقُطْ بِرِضَاهُمَا (وَيُلَقِّنُ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ لِيُنَاسِبَ مَا قَبْلَهُ الشَّامِلَ لِمَنْ ذُكِرَ، وَدَعْوَى تَعَيُّنِ بِنَائِهِ لِلْمَفْعُولِ لِيَشْمَلَ الْقَاضِيَ وَغَيْرَهُ مِمَّنْ ذُكِرَ مَمْنُوعَةٌ وَعَطْفُهُ عَلَى الْأَمْرِ يَقْتَضِي أَنَّهُمَا مُتَغَايِرَانِ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ الْأَمْرُ هُوَ التَّلْقِينُ وَلِذَا اقْتَصَرَ فِي الرَّوْضَةِ عَلَيْهِ (كَلِمَاتِهِ) لِكُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ أَحَدِ أُولَئِكَ فَيَقُولُ لَهُ قُلْ كَذَا وَكَذَا إلَى آخِرِهِ، فَمَا أَتَى بِهِ قَبْلَ التَّلْقِينِ لَغْوٌ إذْ الْيَمِينُ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهَا قَبْلَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ وَإِلَّا مَيَّزَتْهُ) وَمِنْهُ أَنْ تَقُولَ زَوْجِي إنْ عَرَفَهُ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّ جَرِيمَةَ زِنَاهَا) أَيْ الَّذِي لَاعَنَتْ لِإِسْقَاطِ حَدِّهِ وَيُقَالُ مِثْلُهُ فِي قَذْفِهِ (قَوْلُهُ: بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ) أَيْ لِيَشْمَلَ كُلًّا مِنْ الزَّوْجِ وَالْمَرْأَةِ وَتَجُوزُ قِرَاءَتُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَيُرَادُ بِهِ الْمَلَاعِنُ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً قَوْلُهُ (وَالْغَضَبُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ) هَلْ مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يُعِدْهُ فِي مَوْضِعِهِ أَوْ لَا يَصِحُّ اللِّعَانُ مُطْلَقًا فَيَحْتَاجُ إلَى اسْتِئْنَافِ الْكَلِمَاتِ بِتَمَامِهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ الثَّانِي وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ ذِكْرَ اللَّعْنِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ كَلِمَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ وَالْفَصْلُ بِهَا مُبْطِلٌ لِلِّعَانِ (قَوْلُهُ: لِنَفْيِ الْوَلَدِ خَاصَّةً) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لِنَفْيِ الْحَدِّ أَوْ لِنَفْيِ الْحَدِّ وَالْوَلَدِ (قَوْلُهُ لِيُنَاسِبَ مَا قَبْلَهُ) هُوَ قَوْلُهُ " أَمْرُ " وَقَوْلُهُ لِمَنْ ذُكِرَ أَيْ مِنْ نَائِبِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: مِنْ أَحَدِ أُولَئِكَ) أَيْ الْقَاضِي أَوْ نَائِبِهِ أَوْ الْمُحَكَّمِ (قَوْلُهُ: فَيَقُولُ لَهُ قُلْ كَذَا وَكَذَا) أَيْ وَلَوْ إجْمَالًا كَأَنْ يَقُولَ لَهُ قُلْ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ كَذَا إلَخْ فِيمَا يَظْهَرُ فَلْيُرَاجَعْ. ثُمَّ رَأَيْتُ فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ قَوْلُهُ لِكَلِمَاتِهِ ثُمَّ إنَّ التَّلْقِينَ يُعْتَبَرُ فِي سَائِرِ الْكَلِمَاتِ وَلَا يَكْفِي فِي أَوَّلِهَا فَقَطْ بِرّ، وَقَالَ فِي قَوْلِهِ قَبْلَ هَذِهِ قَالَ م ر وَالْمُرَادُ بِتَلْقِينِهِ كَلِمَاتِهِ أَمْرُهُ بِهَا لَا أَنَّهُ يَنْطَلِقُ بِهَا الْقَاضِي قَبْلَهُ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ فِي كُتُبِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ إجْمَالًا كَأَنْ يَقُولُ لَهُ ائْتِ بِكَلِمَاتِ اللِّعَانِ (قَوْلُهُ: مُعْتَدٍّ بِهَا) أَيْ فِي حُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ اللِّعَانِ هُنَا وَفَصْلُ الْخُصُومَةِ فِي غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: تَفَنُّنٌ) لَك أَنْ تَقُولَ بَلْ هُوَ ضَرُورِيٌّ فِي عِبَارَتِهِ إذْ لَا يَصِحُّ قَوْلُهَا هُنَا أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَاهَا بِهِ وَلَا قَوْلُهُ: هُنَاكَ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ. ثُمَّ رَأَيْت فِي حَوَاشِي سم مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ: تَفَنُّنٌ لَا غَيْرُ: أَيْ إذْ لَوْ عَبَّرَ هُنَا أَيْضًا بَرَمَاهَا صَحَّ. اهـ. وَفِيهِ تَأَمُّلٌ لِأَنَّهُ، وَإِنْ صَحَّ فِي حَدِّ ذَاتِهِ إلَّا أَنَّهُ يُخِلُّ بِالْمَعْنَى الْمُرَادِ، إذْ لَا يَكُونُ حِينَئِذٍ مِنْ مَقُولِ الْقَوْلِ وَيَنْحَلُّ الْمَعْنَى إلَى أَنَّهَا تَقُولُ فِي شَأْنِ مَا رَمَاهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ، فَيَكُونُ مَقُولُ قَوْلِهَا أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ فَقَطْ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فَتَأَمَّلْ [شُرُوطُ صِحَّةِ اللِّعَانِ] (قَوْلُهُ: بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ لِيُنَاسِبَ مَا قَبْلَهُ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِمَا قَبْلَهُ، وَصَرِيحُ قَوْلِهِ الشَّامِلِ إلَخْ. أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْقَاضِي، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِمَا قَبْلَهُ أَمْرُ الْقَاضِي إذْ يَأْتِي أَنَّ الْأَمْرَ هُوَ التَّلْقِينُ، وَحِينَئِذٍ فَفِي قَوْلِهِ الشَّامِلِ إلَخْ. تَسَمُّحٌ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ وَدَعْوَى تَعَيُّنِ بِنَائِهِ لِلْمَفْعُولِ إلَخْ. أَنَّهُ يَجُوزُ بِنَاؤُهُ لِلْمَفْعُولِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ عَلَى أَنَّهُ يُوجَدُ فِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ بَدَلَ قَوْلِهِ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَهِيَ لَا تُلَائِمُ قَوْلَهُ لِيُنَاسِبَ مَا قَبْلَهُ إلَخْ. كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: لِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ الْمُتَلَاعِنَيْنِ، وَقَوْلُهُ: مِنْ أَحَدِ

اسْتِخْلَافِهِ وَالشَّهَادَةُ لَا تُؤَدَّى إلَّا بِإِذْنِهِ، وَيُشْتَرَطُ مُوَالَاةُ الْكَلِمَاتِ الْخَمْسِ فَيُؤَثِّرُ الْفَصْلُ الطَّوِيلُ وَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُهَا هُنَا، بِمَا مَرَّ فِي الْفَاتِحَةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَضُرَّ الْفَصْلُ هُنَا بِمَا هُوَ مِنْ مَصَالِحِ اللِّعَانِ وَلَا يَثْبُتُ شَيْءُ مِنْ أَحْكَامِ اللِّعَانِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِهَا وَلَا يُشْتَرَطُ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ لِعَانِهِ وَلِعَانِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ (وَأَنْ يَتَأَخَّرَ لِعَانُهَا عَنْ لِعَانِهِ) لِأَنَّ لِعَانَهَا لِدَرْءِ الْحَدِّ عَنْهَا وَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ قَبْلَ لِعَانِهِ (وَيُلَاعِنُ) مَنْ اُعْتُقِلَ لِسَانُهُ بَعْدَ الْقَذْفِ وَلَمْ يُرْجَ بُرْؤُهُ أَوْ رُجِيَ وَمَضَتْ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَمْ يَنْطَلِقْ وَ (أَخْرَسُ) مِنْهُمَا وَيَقْذِفُ (بِإِشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ) أَوْ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ، وَلِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهِ شَائِبَةُ الْيَمِينِ لَا الشَّهَادَةِ، وَبِفَرْضِ تَغْلِيبِهَا هُوَ مُضْطَرٌّ إلَيْهَا هُنَا لَا ثَمَّ لِأَنَّ النَّاطِقِينَ يَقُومُونَ بِهَا، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ نُقِلَ عَنْ النَّصِّ أَنَّهَا لَا تُلَاعِنُ بِهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مُضْطَرَّةٍ إلَيْهَا، وَيُؤْخَذُ مِنْ عِلَّتِهِ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ قَبْلَ لِعَانِ الزَّوْجِ لَا بَعْدَهُ لِاضْطِرَارِهَا حِينَئِذٍ إلَى دَرْءِ الْحَدِّ عَنْهَا فَيُكْرَهُ الْإِشَارَةُ أَوْ الْكِتَابَةُ خَمْسًا أَوْ يُشِيرُ لِلْبَعْضِ وَيَكْتُبُ الْبَعْضَ، أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ وَلَا كِتَابَةٌ فَلَا يَصِحَّ مِنْهُ لِتَعَذُّرِ مَعْرِفَةِ مُرَادِهِ (وَيَصِحُّ) اللِّعَانُ وَالْقَذْفُ ـــــــــــــــــــــــــــــSمُنْعَقِدَةً فِي نَفْسِهَا مُلْزِمَةً لِلْكَفَّارَةِ إنْ كَانَ الْحَالِفُ كَاذِبًا (قَوْلُهُ: قَبْلَ اسْتِحْلَافِهِ وَالشَّهَادَةُ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ ذَكَرَ شَيْئًا قَبْلَ أَمْرِ الْقَاضِي أَوْ ذَكَرَهُ عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي يُسَمَّى شَهَادَةً لَكِنَّهَا غَيْرُ مُعْتَدٍ بِهَا، وَوَجْهُ اقْتِضَائِهِ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ وَالشَّهَادَةُ لَا تَكُونُ إلَّا بِإِذْنِهِ، وَيَنْبَنِي عَلَى هَذَا جَوَابُ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ مِنْ أَنَّ إنْسَانًا نُسِبَ إلَيْهِ فِعْلُ شَيْءٍ فَقَالَ إنْ شَهِدَ عَلَيَّ أَحَدٌ بِهَذَا فَزَوْجَتِي طَالِقٌ ثَلَاثًا فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ جَمَاعَةً عِنْدَ مُلْتَزَمِ النَّاحِيَةِ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْإِخْبَارُ عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي يُسَمَّى شَهَادَةً كَمَا يُسَمَّى إخْبَارًا حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا يَحْنَثُ هُنَا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَيُؤْثِرُ الْفَصْلَ الطَّوِيلَ) وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَأَيْمَانِ الْقَسَامَةِ حَيْثُ اكْتَفَى بِهَا وَلَوْ مُتَفَرِّقَةً أَنَّهُ لَمَّا اعْتَبَرُوا هُنَا لَفْظَ اللَّعْنِ بَعْدَ جُمْلَةِ الْأَرْبَعِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ جَعَلُوهَا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ، وَالْوَاحِدُ لَا تُفَرَّقُ أَجْزَاؤُهُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ الْمُؤَلَّفَةِ مِنْ رَكَعَاتٍ، وَلَمَّا اعْتَبَرُوا تَمَامَهَا التَّشَهُّدَ وَالسَّلَامَ بَطَلَتْ بِمَا يُنَافِيهَا فِي أَيِّ جُزْءٍ اتَّفَقَ (قَوْلُهُ: بِمَا مَرَّ فِي الْفَاتِحَةِ) أَيْ فَيَضُرُّ السُّكُوتُ وَالْعَمَلُ الطَّوِيلُ وَالْيَسِيرُ الَّذِي قُصِدَ بِهِ قَطْعُ اللِّعَانِ وَذِكْرٌ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِمَصْلَحَةِ اللِّعَانِ وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلُهُ بِمَا مَرَّ فِي الْفَاتِحَةِ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُوَالِ الْكَلِمَاتِ لِجَهْلِهِ بِذَلِكَ أَوْ نِسْيَانِهِ عَدَمَ الضَّرَرِ (قَوْلُهُ: وَلَا تُشْتَرَطُ الْمُوَالَاةُ) هَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ عُمُومِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ غَابَتْ سَمَّاهَا فَإِنَّهُ شَامِلٌ لِغَيْبَتِهَا عَنْ الْبَلَدِ وَمِنْ لَازِمِهَا عَدَمُ الْمُوَالَاةِ بَيْنَ لِعَانَيْهِمَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُرْجَ بُرْؤُهُ) يَنْبَغِي أَنْ يَكْتَفِيَ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ طَبِيبٍ عَدْلٍ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ ذَلِكَ وَالْوَاحِدُ الْعَدْلُ يَحْصُلُ بِهِ مَا ذُكِرَ، وَكَتَبَ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَوْلُهُ لَمْ يُرْجَ بُرْؤُهُ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُرْجَ قَبْلَ مُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا رُجِيَ وَمَضَتْ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَمْ يَنْطِقْ لَاعَنَ بِالْإِشَارَةِ (قَوْلُهُ: مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الزَّوْجَيْنِ (قَوْلُهُ الْمُغَلَّبَ فِيهَا) أَيْ فِي كَلِمَاتِ اللِّعَانِ (قَوْلُهُ شَائِبَةُ الْيَمِينِ) وَهِيَ تَنْعَقِدُ بِالْإِشَارَةِ (قَوْلُهُ لَا تُلَاعِنُ بِهَا) أَيْ بِالْإِشَارَةِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ عِلَّتِهِ) هِيَ قَوْلُهُ لِأَنَّهَا غَيْرُ إلَخْ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ شَرْطَ لِعَانِهَا سَبْقُ لِعَانِهِ اهـ سم: أَيْ فَالْأَوْلَى أَنْ يُبَدَّلَ قَوْلُهُ: إنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ قَبْلَ لِعَانِ الزَّوْجِ، بِقَوْلِهِ: إنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إنْ لَاعَنَ لِنَفْيِ الْوَلَدِ، فَإِنْ لَاعَنَ لِدَفْعِ الْحَدِّ عَنْهُ لَاعَنَتْ بِالْإِشَارَةِ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ مُضْطَرَّةٌ إلَيْهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ) أَيْ فَيَتَعَذَّرُ ذَلِكَ أَبَدًا مَا دَامَ كَذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQأُولَئِكَ يُقْرَأُ بِفَتْحِ الْمِيمِ مِنْ مَنْ إنْ كَانَ يُلَقَّنُ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ وَيَكُونُ مَنْ هُوَ الْفَاعِلُ وَأَحَدُ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ: أَيْ يُلَقَّنُ كَلِمَاتُ اللِّعَانِ لِلْمُتَلَاعِنَيْنِ مَنْ هُوَ أَحَدُ أُولَئِكَ مِنْ الْقَاضِي وَمَنْ أُلْحِقَ بِهِ، وَإِنْ بُنِيَ يُلَقَّنُ لِلْمَفْعُولِ كَانَ مِنْ بِكَسْرِ الْمِيمِ حَرْفَ جَرٍّ مُتَعَلِّقًا بِيُلَقَّنُ، ثُمَّ إنْ كَانَ نَائِبَ فَاعِلِ يُلَقَّنُ ضَمِيرَ الْمُلَاعِنِ لَمْ يَتَأَتَّ قَوْله لِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ نَائِبُ الْفَاعِلِ كَلِمَاتِهِ تَأْتِي فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَيَقْذِفُ) مَعْطُوفٌ عَلَى يُلَاعِنُ فَهُمَا مُتَنَازِعَانِ فِي بِإِشَارَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَخْرَسِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: قَبْلَ لِعَانِ الزَّوْجِ) اُنْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ اشْتِرَاطِ تَأَخُّرِ لِعَانِهَا

(بِالْعَجَمِيَّةِ) أَيْ مَا عَدَا الْعَرَبِيَّةَ مِنْ اللُّغَاتِ إنْ رَاعَى تَرْجَمَةَ اللَّعْنِ وَالْغَضَبِ وَإِنْ عَرَفَ الْعَرَبِيَّةَ كَالْيَمِينِ وَالشَّهَادَةِ (وَفِيمَنْ عَرَفَ الْعَرَبِيَّةَ وَجْهٌ) أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِعَانُهُ بِغَيْرِهَا لِأَنَّهَا الْوَارِدَةُ وَانْتَصَرَ لَهُ جَمْعٌ وَيُسَنُّ حُضُورُ أَرْبَعَةٍ يَعْرِفُونَ تِلْكَ اللُّغَةَ وَيَجِبُ مُتَرْجِمَانِ لِقَاضٍ جَهِلَهَا (وَيَغْلُظُ) وَلَوْ فِي كَافِرٍ فِيمَا يَظْهَرُ (بِزَمَانٍ وَهُوَ بَعْدَ) فِعْلِ (عَصْرِ) أَيْ يَوْمٍ كَانَ إنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ التَّأْخِيرُ لِلْجُمُعَةِ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْفَاجِرَةَ حِينَئِذٍ أَعْظَمُ عُقُوبَةً كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ، فَإِنْ تَيَسَّرَ التَّأْخِيرُ فَبَعْدَ عَصْرِ (جُمُعَةٍ) لِأَنَّ يَوْمَهَا أَشْرَفُ الْأُسْبُوعِ وَسَاعَةُ الْإِجَابَةِ فِيهَا بَعْدَ عَصْرِهَا كَمَا فِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ وَإِنْ كَانَ الْأَشْهَرُ أَنَّهَا فِيمَا بَيْنَ جُلُوسِ الْخَطِيبِ وَفَرَاغِ الصَّلَاةِ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْجُمُعَةِ، وَمُقَابِلِهِ أَحَدٌ وَأَرْبَعُونَ قَوْلًا، وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمْ بِعَصْرِ الْجُمُعَةِ الْأَوْقَاتَ الشَّرِيفَةَ كَشَهْرَيْ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ وَيَوْمَيْ الْعِيدِ وَعَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ (وَمَكَانٍ وَهُوَ أَشْرَفُ بَلَدِهِ) أَيْ اللِّعَانَ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَأْثِيرًا فِي الزَّجْرِ عَنْ الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ، وَعِبَارَتُهُ مُسَاوِيَةٌ لِعِبَارَةِ أَصْلِهِ أَشْرَفُ مَوَاضِعِ الْبَلَدِ (فَبِمَكَّةَ) يَكُونُ اللِّعَانُ (بَيْنَ الرُّكْنِ) الَّذِي فِيهِ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ (وَالْمَقَامِ) أَيْ مَقَامِ سَيِّدِنَا إبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْحَطِيمِ لِحَطْمِ الذُّنُوبِ فِيهِ وَلَمْ يَكُنْ بِالْحَجَرِ مَعَ أَنَّهُ أَفْضَلُ لِكَوْنِهِ مِنْ الْبَيْتِ صَوْنًا لَهُ عَنْ ذَلِكَ وَإِنْ حَلَّفَ فِيهِ عُمَرُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (و) فِي (الْمَدِينَةِ) يَكُونُ (عِنْدَ الْمِنْبَرِ) مِمَّا يَلِي الْقَبْرَ الْمُكَرَّمَ عَلَى الْحَالِّ بِهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ لِأَنَّهُ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَلِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «لَا يَحْلِفُ عِنْدَ هَذَا الْمِنْبَرِ عَبْدٌ وَلَا أَمَةٌ يَمِينًا آثِمَةً وَلَوْ عَلَى سِوَاكٍ رَطْبٍ إلَّا وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ» وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ؟ «مَنْ حَلَفَ عَلَى مِنْبَرِي هَذَا يَمِينًا آثِمَةً تَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» وَصُحِّحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ صُعُودُهُ، وَتُحْمَلُ عِبَارَةُ الْكِتَابِ عَلَيْهِ بِأَنْ يَجْعَلَ عِنْدَ بِمَعْنَى عَلَى (وَ) فِي (بَيْتِ الْمَقْدِسِ) يَكُونُ (عِنْدَ الصَّخْرَةِ) لِأَنَّهَا قِبْلَةُ الْأَنْبِيَاءِ، وَفِي خَبَرٍ أَنَّهَا مِنْ الْجَنَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) لَعَلَّ الْبَحْثَ بِالنِّسْبَةِ لِمَجْمُوعِ التَّغْلِيظَاتِ وَإِلَّا فَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ فِي الْمَتْنِ بِأَنَّ الَّذِي يُلَاعِنُ فِي بَيْعَةٍ وَكَنِيسَةٍ أَوْ أَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلزَّمَنِ خَاصَّةً (قَوْلُهُ: فَعَلَ وَهُوَ بَعْدَ فِعْلِ عَصْرِ) لَعَلَّ التَّقْيِيدَ بِهِ نَظَرًا لِلْغَالِبِ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا فَإِنْ أَخَّرُوا إلَى آخِرِ الْوَقْتِ لَاعَنَ فِي أَوَّلِهِ (قَوْلُهُ: فِيمَا بَيْنَ جُلُوسِ الْخَطِيبِ) أَيْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْخُطْبَةِ لَا الْجُلُوسِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمْ) أَيْ فَيَكْتَفِي فِي التَّغْلِيظِ بِوُجُودِ اللِّعَانِ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَوْمَ جُمُعَةٍ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الْإِلْحَاقِ، وَلَوْ قِيلَ إذَا وَقَعَ اللِّعَانُ فِي رَجَبٍ أَوْ رَمَضَانَ كَأَنَّ تَحَرِّيَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِيهِمَا آكَدُ مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا (قَوْلُهُ: بَيْنَ الرُّكْنِ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْبَيْنِيَّةِ هُنَا الْبَيْنِيَّةُ الْعُرْفِيَّةُ بِأَنْ يُحَاذِي جُزْءٌ مِنْ الْحَالِفِ جُزْءًا مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ مَا قَرُبَ مِنْهُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: لِحَطْمِ الذُّنُوبِ) أَيْ إذْهَابِهَا فِيهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَّفَ فِيهِ عُمَرُ) لَعَلَّهُ رَأَى أَنَّ فِيهِ تَخْوِيفًا لِلْحَالِفِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ «وَلَوْ عَلَى سِوَاكٍ رَطْبٍ» ) إنَّمَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ أَقَلُّ قِيمَةً مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: «إلَّا وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ» ) أَيْ وُجُوبَ تَطْهِيرٍ، لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْتَقِدْ حِلَّ ذَلِكَ لَمْ يَكْفُرْ وَالْخُلُودُ إنَّمَا يَكُونُ لِلْكَافِرِ (قَوْلُهُ: وَصُحِّحَ فِي الرَّوْضَةِ صُعُودُهُ) أَيْ الْمِنْبَرَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَإِنْ لَمْ يَصْعَدَا وَقَفَا عَلَى يَسَارِ الْمِنْبَرِ مِنْ جِهَةِ الْمِحْرَابِ فِي الْمَدِينَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ الْبِلَادِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَقَوْلُهُ عَلَى يَسَارِ الْمِنْبَرِ: أَيْ عَلَى يَسَارِ مُسْتَقْبِلِ الْمِنْبَرِ، وَإِلَّا فَجِهَةُ الْمِحْرَابِ يَمِينُ الْمِنْبَرِ لَا يَسَارُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ فِي كَافِرٍ فِيمَا يَظْهَرُ) أَيْ وِفَاقًا لِلْبَنْدَنِيجِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ وَخِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ فِي قَوْلِهِمْ إنَّهُ يُغَلَّظُ عَلَى الْكُفَّارِ فِي وَقْتِ أَشْرَفِ صَلَوَاتِهِمْ وَأَعْظَمِ أَوْقَاتِهِمْ فِي اعْتِقَادِهِمْ، لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا يَأْتِي عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا بَيْتُ نَارِ وَثَنِيٍّ مِنْ قَوْلِهِ وَيُعْتَبَرُ الزَّمَنُ بِمَا يَعْتَقِدُونَ تَعْظِيمَهُ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ خَاصًّا بِمَنْ لَا يَتَدَيَّنُ فَيُطْلَبُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بَعْضُهُمْ بِعَصْرِ الْجُمُعَةِ الْأَوْقَاتَ الشَّرِيفَةَ) أَيْ فِي أَنَّهُ يُؤَخَّرُ إلَيْهَا إنْ تَيَسَّرَ (قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ) صَدْرُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ مَنْ حَلَفَ عَلَى مِنْبَرِي إلَخْ.

وَمَحَلُّ التَّغْلِيظِ بِالْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ لِمَنْ هُوَ بِهَا، أَمَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا فَلَا يَجُوزُ نَقْلُهُ إلَيْهَا: أَيْ قَهْرًا كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ (وَ) فِي (غَيْرِهَا) أَيْ الْأَمَاكِنِ الثَّلَاثَةِ يَكُونُ (عِنْدَ مِنْبَرِ الْجَامِعِ) أَيْ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَشْرَفُهُ: أَيْ بِاعْتِبَارِ أَنَّ مَحَلَّهُ الْوَعْظُ وَالِانْزِجَارُ وَرُبَّمَا أَدَّى صُعُودُهُ إلَى تَذَكُّرِهِ وَإِعْرَاضِهِ، وَزَعْمُ أَنَّ صُعُودَهُ غَيْرُ لَائِقٍ بِهَا مَمْنُوعٌ لَا سِيَّمَا مَعَ رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ وَإِنْ ضَعَّفَهَا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَاعَنَ بَيْنَ الْعَجْلَانِيِّ وَامْرَأَتِهِ عَلَيْهِ» (وَ) تُلَاعِنُ (حَائِضٌ) وَنُفَسَاءُ مُسْلِمَةٌ وَمُسْلِمٌ بِهِ جَنَابَةٌ وَلَمْ يُمْهَلْ لِلْغُسْلِ أَوْ نَجِسٌ يُلَوِّثُ الْمَسْجِدَ (بِبَابِ الْمَسْجِدِ) بَعْدَ خُرُوجِ الْقَاضِي مَثَلًا إلَيْهِ لِحُرْمَةِ مُكْثِ هَؤُلَاءِ، فَإِنْ رَأَى تَأْخِيرَهُ إلَى زَوَالِ الْمَانِعِ فَلَا بَأْسَ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ، أَمَّا ذِمِّيَّةٌ حَائِضٌ أَوْ نُفَسَاءُ أَمِنَ تَلْوِيثَهُمَا الْمَسْجِدَ وَذِمِّيٌّ جُنُبٌ فَيَجُوزُ تَمْكِينُهُمَا مِنْ الْمُلَاعَنَةِ فِيهِ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ (وَ) يُلَاعِنُ (ذِمِّيٌّ) أَيْ كِتَابِيٌّ وَلَوْ مُعَاهَدًا أَوْ مُسْتَأْمَنًا (فِي بِيعَةٍ) لِلنَّصَارَى (وَكَنِيسَةٍ) لِلْيَهُودِ لِأَنَّهُمْ يُعَظِّمُونَهَا كَتَعْظِيمِنَا لِمَسَاجِدِنَا (وَكَذَا بَيْتُ نَارٍ مَجُوسِيٍّ فِي الْأَصَحِّ) لِذَلِكَ فَيَحْضُرُهُ الْحَاكِمُ رِعَايَةً لِاعْتِقَادِهِمْ لِشُبْهَةِ الْكِتَابِ. وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حُرْمَةٌ وَشَرَفٌ فَيُلَاعَنُ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ نَحْوَ الْقَاضِي وَالْجَمْعِ الْآتِي يَحْضُرُ بِمَحَالِّهِمْ تِلْكَ إلَّا مَا بِهِ صُوَرٌ مُعَظَّمَةُ لِحُرْمَةِ دُخُولِهِ مُطْلَقًا كَغَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِمْ وَتُلَاعِنُ كَافِرَةٌ تَحْتَ مُسْلِمٍ فِيمَا ذُكِرَ لَا فِي الْمَسْجِدِ مَا لَمْ يَرْضَ بِهِ (لَا بَيْتُ أَصْنَامِ وَثَنِيٍّ) دَخَلَ دَارنَا بِأَمَانٍ أَوْ هُدْنَةٍ وَتَرَافَعُوا إلَيْنَا فَلَا يُلَاعِنُ فِيهِ بَلْ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ إذْ لَا أَصْلَ لَهُ فِي الْحُرْمَةِ، وَاعْتِقَادُهُمْ لِوُضُوحِ فَسَادِهِ غَيْرُ مَرْعِيٍّ وَلِأَنَّ دُخُولَهُ مَعْصِيَةٌ وَلَوْ بِإِذْنِهِمْ، وَلَا تَغْلِيظَ فِيمَنْ لَا يَتَدَيَّنُ بِدِينٍ كَدَهْرِيٍّ وَزِنْدِيقٍ بَلْ يَحْلِفُ ـــــــــــــــــــــــــــــSإذْ كُلُّ شَيْءٍ اسْتَقْبَلْته كَانَ الْمُقَابِلُ لِيَمِينِك يَسَارَهُ وَمُقَابِلُ يَسَارِك يَمِينَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ قَهْرًا) أَيْ وَأَمَّا بِاخْتِيَارِهِ فَلَا يُمْتَنَعُ، وَمُؤْنَةُ السَّفَرِ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ عَلَيْهِ وَمُؤْنَةُ الْمَرْأَةِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: أَيْ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مَحَلُّ الْوَعْظِ) أَيْ لَا بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ أَشْرَفَ بِقَاعِ الْمَسْجِدِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ جُزْءًا مِنْ الْمَسْجِدِ، وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: قَوْلُهُ عَلَى الْمِنْبَرِ إلَخْ لَا لِكَوْنِهِ أَشْرَفَ بِقَاعِ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ لَائِقٍ بِهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: الْعَجْلَانِيُّ) بِالْفَتْحِ وَالسُّكُونِ إلَى بَنِي الْعَجْلَانِ بَطْنٌ مِنْ الْأَنْصَارِ اهـ لب لِلسُّيُوطِيِّ. وَلَمْ يُبَيِّنْ صِفَةَ مُلَاعَنَةِ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ مَعَ امْرَأَتِهِ مَعَ أَنَّ مُلَاعَنَتَهُ أَسْبَقُ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ مُسْلِمٍ فَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ: فَلَا بَأْسَ) أَيْ لَا حُرْمَةَ وَلَا كَرَاهَةَ (قَوْلُهُ مِنْ الْمُلَاعَنَةِ فِيهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ فِي بِيعَةٍ) بِكَسْرِ الْبَاءِ (قَوْلُهُ: إلَّا مَا بِهِ صُورَةٌ مُعَظَّمَةٌ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ وَإِنْ أَذِنُوا فِي دُخُولِهِ وَهُوَ الْآتِي بِلَا إذْنِهِمْ أَيْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُمْ مُسْتَحَقًّا لَهُمْ وُجِدَتْ صُورَةٌ أَوْ لَمْ تُوجَدْ (قَوْلُهُ: بِلَا إذْنِهِمْ) أَيْ أَمَّا بِهِ فَيَجُوزُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي جَوَازِ الدُّخُولِ بِإِذْنِهِمْ وُجُودُ حَاجَتِنَا لِلدُّخُولِ وَلَا وُجُودُ حَاجَتِهِمْ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ يَكْتَفِي فِي جَوَازِ الدُّخُولِ بِإِذْنِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَمَا يَكْتَفِي بِإِذْنِ وَاحِدٍ مِنَّا فِي دُخُولِهِمْ مَسَاجِدَنَا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَرْضَ بِهِ) أَيْ الزَّوْجُ (قَوْلُهُ: فَلَا يُلَاعِنُ فِيهِ) أَيْ لَا يَجُوزُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَلِأَنَّ دُخُولَهُ مَعْصِيَةٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: أَيْ لَا يُسَنُّ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ حَيْثُ كَانَ فِيهِ صُورَةٌ مُحَرَّمَةٌ (قَوْلُهُ: كَدَهْرِيٍّ) عِبَارَةُ مُخْتَارِ الصَّحَاحِ: وَالدُّهْرِيُّ بِالضَّمِّ: الْمُسِنُّ وَبِالْفَتْحِ الْمُلْحِدُ. قَالَ ثَعْلَبُ كِلَاهُمَا مَنْسُوبٌ إلَى الدَّهْرِ وَهُمْ رُبَّمَا غَيَّرُوا فِي النَّسَبِ اهـ. وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: وَالدَّهْرِيُّ بِضَمِّ الدَّالِ كَمَا ضَبَطَهُ ابْنُ قَاسِمٍ وَبِفَتْحِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمَحَلُّ التَّغْلِيظِ بِالْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ إلَخْ.) فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ ذِكْرُ التَّغْلِيظِ بِالْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ حَتَّى يُقَيَّدَ بِهَذَا، فَلَعَلَّ مُرَادَهُ مَحَلُّ التَّغْلِيظِ بِمَا فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ: أَيْ مِنْ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِلنَّصَارَى) اللَّامُ فِيهِ بِمَعْنَى فِي وَكَذَا فِي لِلْيَهُودِ وَلَيْسَتْ لِلِاخْتِصَاصِ، وَإِلَّا أَفَادَ أَنَّ الذِّمِّيَّ مُطْلَقًا يُلَاعِنُ فِي كُلٍّ مِنْ الْبِيعَةِ وَالْكَنِيسَةِ فَيُلَاعِنُ النَّصَارَى فِيهِمَا وَكَذَا الْيَهُودُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: إلَّا مَا بِهِ صُوَرٌ) هَذَا لَيْسَ جُمْلَةَ مَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ (قَوْلُهُ: بِلَا إذْنِهِمْ) هَلْ مِنْهُ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ الدُّخُولِ لِلْمُلَاعَنَةِ فَلَا يَدْخُلُ إلَّا بِإِذْنِهِمْ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ وَامْتَنَعُوا، فَأَيُّ مَحَلٍّ يُلَاعِنُونَ

إنْ لَزِمَتْهُ يَمِينٌ بِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَهُ وَرَزَقَهُ وَيُعْتَبَرُ الزَّمَنُ بِمَا يَعْتَقِدُونَ تَعْظِيمَهُ (وَ) حُضُورُ جَمْعٍ مِنْ الْأَعْيَانِ وَالصُّلَحَاءِ لِلِاتِّبَاعِ وَلِأَنَّ فِيهِ رَدْعًا لِلْكَاذِبِ (وَأَقَلُّهُ أَرْبَعَةٌ) لِثُبُوتِ الزِّنَا بِهِمْ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَمِنْ هُنَا يَظْهَرُ لَك اعْتِبَارُ كَوْنِهِمْ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُعْلَمُ مِنْهُ اعْتِبَارُ مَعْرِفَتِهِمْ لُغَةَ الْمُتَلَاعِنِينَ (وَالتَّغْلِيظَاتُ سُنَّةٌ لَا فَرْضٌ عَلَى الْمَذْهَبِ) كَمَا فِي سَائِرِ الْأَيْمَانِ (وَيُسَنُّ لِقَاضٍ) وَلَوْ بِنَائِبِهِ (وَعْظُهُمَا) بِالتَّخْوِيفِ مِنْ عِقَابِ اللَّهِ لِلِاتِّبَاعِ وَيَقْرَأُ عَلَيْهِمَا {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ} [آل عمران: 77] الْآيَةَ وَخَبَرُ «وَحِسَابُكُمَا عَلَى اللَّهِ، اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ فَهَلْ مِنْ تَائِبٍ» (وَيُبَالِغُ) فِي التَّخْوِيفِ (عِنْدَ الْخَامِسَةِ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى فِيهِ عِنْدَ الْخَامِسَةِ وَقَالَ إنَّهَا مُوجِبَةٌ» وَيُسَنُّ فِعْلُ ذَلِكَ بِهَا وَيَأْتِي وَاضِعُ الْيَدِ عَلَى الْفَمِ مِنْ وَرَائِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ (وَأَنْ يَتَلَاعَنَا قَائِمَيْنِ) لِلِاتِّبَاعِ، وَلِأَنَّ الْقِيَامَ أَبْلَغُ فِي الزَّجْرِ وَيَقْعُدُ كُلٌّ وَقْتَ لِعَانِ الْآخَرِ (وَشَرْطُهُ) أَيْ اللِّعَانِ لِيَصِحَّ مَا تَضْمَنَّهُ قَوْلُهُ (زَوْجٌ) وَلَوْ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ أَوْ الصُّورَةِ لِيَدْخُلَ مَا يَأْتِي فِي الْبَائِنِ وَنَحْوِ الْمَنْكُوحَةِ فَاسِدًا فَلَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ وَلِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ حُجَّةٌ ضَرُورِيَّةٌ (يَصِحُّ طَلَاقُهُ) كَسَكْرَانَ وَذِمِّيٍّ وَفَاسِقٍ تَغْلِيبًا لِشُبْهَةِ الْيَمِينِ دُونَ مُكْرَهٍ وَغَيْرِ مُكَلَّفٍ وَلَا لِعَانَ فِي قَذْفِهِ وَإِنْ كَمُلَ بَعْدَهُ وَيُعَزَّرُ عَلَيْهِ (وَلَوْ) (ارْتَدَّ) الزَّوْجُ (بَعْدَ وَطْءٍ) أَوْ اسْتِدْخَالٍ (فَقَذَفَ وَأَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ) (لَاعَنَ) لِدَوَامِ النِّكَاحِ (وَلَوْ لَاعَنَ) فِي الرِّدَّةِ (ثُمَّ أَسْلَمَ فِيهَا) أَيْ الْعِدَّةِ (صَحَّ) لِتَبَيُّنِ وُقُوعِهِ فِي صُلْبِ النِّكَاحِ (أَوْ أَصَرَّ) مُرْتَدًّا إلَى انْقِضَائِهَا (صَادَفَ) اللِّعَانُ (بَيْنُونَةً) لِتَبَيُّنِ انْقِطَاعِ النِّكَاحِ بِالرِّدَّةِ، فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ نَفَاهُ بِلِعَانِهِ نَفَذَ وَإِلَّا بَانَ فَسَادُهُ وَحُدَّ لِلْقَذْفِ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ فَقَذَفَ وُقُوعَهُ فِي الرِّدَّةِ فَلَوْ قَذَفَ قَبْلَهَا صَحَّ وَإِنْ أَصَرَّ كَمَا يَصِحُّ عَنْ إبَّانِهَا بَعْدَ قَذْفِهَا، وَلَوْ امْتَنَعَ أَحَدُهُمَا مِنْ اللِّعَانِ ثُمَّ طَلَبَهُ مُكِّنَ، وَلَوْ قَذَفَ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ لَاعَنَ لَهُنَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَيَكُونُ اللِّعَانُ عَلَى تَرْتِيبِ قَذْفِهِنَّ، فَلَوْ أَتَى بِلِعَانٍ وَاحِدٍ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ إلَّا فِي حَقِّ مَنْ سَمَّاهَا أَوَّلًا، فَإِنْ لَمْ يُسَمِّ بَلْ أَشَارَ إلَيْهِنَّ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُنَّ، وَإِنْ رَضِينَ بِلِعَانٍ وَاحِدٍ كَمَا لَوْ رَضِيَ الْمُدَّعُونَ بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ أَوْ قَذْفِهِنَّ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ لَاعَنَ لَهُنَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ أَيْضًا، ثُمَّ إنْ رَضِينَ بِتَقْدِيمِ وَاحِدَةٍ فَذَاكَ وَإِلَّا أَقْرَعَ نَدْبًا بَيْنَهُنَّ، فَإِنْ بَدَأَ الْحَاكِمُ بِلِعَانِ وَاحِدَةٍ بِلَا قُرْعَةٍ أَجْزَأَ وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَقْصِدْ تَفْضِيلَ بَعْضِهِنَّ. وَلَا يَتَكَرَّرُ الْحَدُّ بِتَكْرِيرِ الْقَذْفِ، وَإِنْ صَرَّحَ فِيهِ بِزِنًا آخَرَ لِاتِّحَادِ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَمَا ضَبَطَهُ ابْنُ شُهْبَةَ وَهُوَ الْمُعَطِّلُ اهـ. وَظَاهِرُهَا أَنَّ فِيهِ اللُّغَتَيْنِ وَلَيْسَ مُرَادًا (قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ الزَّمَنُ بِمَا يَعْتَقِدُونَ تَعْظِيمَهُ) قَدْ يُنَافِي هَذَا مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَيَغْلُظُ وَلَوْ فِي كَافِرٍ فِيمَا يَظْهَرُ بِزَمَانٍ إلَخْ فَإِنَّ قَضِيَّتَهُ التَّغْلِيظُ عَلَى الْكَافِرِ بِكَوْنِهِ بَعْدَ الْعَصْرِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَعْيَانِ وَالصُّلَحَاءِ) أَيْ وَلَوْ كَانَا ذِمِّيِّينَ (قَوْلُهُ: وَيُعْلَمُ مِنْهُ اعْتِبَارُ إلَخْ) لَيْسَ هَذَا تَكْرَارًا مَعَ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَيُسَنُّ حُضُورُ أَرْبَعَةٍ يَعْرِفُونَ تِلْكَ اللُّغَةَ لِأَنَّ الْفَرْضَ مِمَّا هُنَا بَيَانُ وَجْهِ اشْتِرَاطِ كَوْنِهِمْ يَعْرِفُونَ تِلْكَ اللُّغَةَ فِي أَدَاءِ السُّنَّةِ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ فِعْلُ ذَلِكَ بِهَا) وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْفَاعِلُ لِذَلِكَ فِي الْمَرْأَةِ مَحْرَمًا لَهَا أَوْ أُنْثَى، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ أَحَدٌ مِنْهُمَا فَالْأَقْرَبُ عَدَمُ اسْتِحْبَابِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَيَقْعُدُ كُلٌّ) أَيْ نَدْبًا (قَوْلُهُ: وَنَحْوِ الْمَنْكُوحَةِ فَاسِدًا) وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ يَصِحُّ طَلَاقُهُ أَيْ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ زَوْجًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: لِشُبْهَةِ الْيَمِينِ) أَيْ مُشَابَهَةِ الْيَمِينِ دُونَ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا لِعَانَ فِي قَذْفِهِ) أَيْ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتِدْخَالٍ) أَيْ وَلَوْ فِي الدُّبُرِ وَيَكُونُ لِعَانُهُ لِلْعِلْمِ بِالزِّنَا أَوْ ظَنِّهِ لَا لِنَفْيِ لِلْوَلَدِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ (قَوْلُهُ: نَفَذَ) أَيْ اللِّعَانُ (قَوْلُهُ: عَلَى تَرْتِيبِ قَذْفِهِنَّ) أَيْ نَدْبًا حَتَّى لَوْ ابْتَدَأَ بِالْأَخِيرَةِ بِتَلْقِينِ الْقَاضِي اعْتَدَّ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي حَقِّ مَنْ سَمَّاهَا أَوَّلًا) أَيْ وَابْتَدَأَ بِهَا فِي الْأَيْمَانِ الْخَمْسِ، وَقَدْ يُقَالُ الْقِيَاسُ الْبُطْلَانُ حَتَّى فِي حَقِّ الْأُولَى لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالثَّلَاثِ الْبَاقِيَةِ فَاصِلٌ بَيْنَ كَلِمَاتِ اللِّعَانِ، وَسَيَأْتِي أَنَّ الْفَصْلَ بِالْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQيُرَاجَعُ (قَوْلُهُ: وَيُعَزَّرُ عَلَيْهِ) أَيْ إنْ كَانَ مُمَيَّزًا (قَوْلُهُ: نَفَذَ) أَيْ اللِّعَانُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى النَّفْيِ، فَيَنْتَفِي النَّسَبُ وَيَسْقُطُ الْحَدُّ

الْمَقْذُوفِ وَالْحَدُّ الْوَاحِدُ يُظْهِرُ الْكَذِبَ وَيَدْفَعُ الْعَارَ فَلَا يَقَعُ فِي النُّفُوسِ تَصْدِيقُهُ وَيَكْفِي الزَّوْجَ فِي ذَلِكَ لِعَانٌ وَاحِدٌ يَذْكُرُ فِيهِ الزِّنْيَاتِ كُلِّهَا، وَكَذَا الزُّنَاةِ إنْ سَمَّاهُمْ فِي الْقَذْفِ بِأَنْ يَقُولَ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْت بِهِ فُلَانَةَ مِنْ الزِّنَا بِفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَيَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ بِذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُمْ فِي لِعَانِهِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ حَدُّ قَذْفِهِمْ لَكِنَّ لَهُ إعَادَةَ اللِّعَانِ وَيَذْكُرُهُمْ لِإِسْقَاطِهِ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْ وَلَا بَيِّنَةَ حُدَّ لِقَذْفِهَا وَلِلرَّجُلِ مُطَالَبَتُهُ بِالْحَدِّ وَلَهُ دَفْعُهُ بِاللِّعَانِ، وَلَوْ ابْتَدَأَ الرَّجُلُ فَطَالَبَهُ بِحَدِّ قَذْفِهِ فَلَهُ اللِّعَانُ لِإِسْقَاطِهِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ حَقَّهُ ثَبَتَ أَصْلًا لَا تَبَعًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَإِنْ عَفَا أَحَدُهُمْ طَالَبَ الْآخَرُ بِحَقِّهِ، وَلَوْ قَذَفَ امْرَأَةً عِنْدَ الْحَاكِمِ لَزِمَهُ إعْلَامُ الْمَقْذُوفِ لِلْمُطَالَبَةِ بِحَقِّهِ إنْ أَرَادَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ عِنْدَهُ بِمَالٍ لَا يَلْزَمُهُ إعْلَامُهُ لِأَنَّ اسْتِيفَاءَ الْحَدِّ يَتَعَلَّقُ بِهِ فَأَعْلَمَهُ لِاسْتِيفَائِهِ إنْ أَرَادَهُ بِخِلَافِ الْمَالِ كَمَا مَرَّ، وَمَنْ قَذَفَ شَخْصًا فَحُدَّ ثُمَّ قَذَفَهُ ثَانِيًا عُزِّرَ لِظُهُورِ كَذِبِهِ بِالْحَدِّ الْأَوَّلِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ لَوْ قَذَفَهُ فَعَفَا عَنْهُ ثُمَّ قَذَفَهُ ثَانِيًا أَنَّهُ يُعَزَّرُ لِأَنَّ الْعَفْوَ بِمَثَابَةِ اسْتِيفَاءِ الْحَدِّ وَالزَّوْجَةُ كَغَيْرِهَا فِي ذَلِكَ إنْ وَقَعَ الْقَذْفَانِ فِي حَالِ الزَّوْجِيَّةِ فَإِنْ قَذَفَ أَجْنَبِيَّةً ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ قَذَفَهَا بِالزِّنَا الْأَوَّلِ وَجَبَ حَدٌّ وَاحِدٌ وَلَا لِعَانَ لِأَنَّهُ قَذَفَهَا بِالْأَوَّلِ وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ، وَإِنْ أَقَامَ بِأَحَدِ الزَّنْيَيْنِ بَيِّنَةً سَقَطَ الْحَدَّانِ، فَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا وَبَدَأَتْ بِطَلَبِ حَدِّ قَذْفِ الزِّنَا الْأَوَّلِ حُدَّ لَهُ ثُمَّ الثَّانِي إنْ لَمْ يُلَاعِنْ وَإِلَّا سَقَطَ عَنْهُ حَدٌّ وَإِنْ بَدَأَتْ بِالثَّانِي فَلَاعَنَ لَمْ يَسْقُطْ الْحَدُّ الْأَوَّلُ وَسَقَطَ الثَّانِي، وَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْ حُدَّ لِقَذْفِ الثَّانِي ثُمَّ لِلْأَوَّلِ بَعْدَ طَلَبِهَا بِحَدِّهِ وَإِنْ طَالَبَتْهُ بِالْحَدَّيْنِ مَعًا فَكَابْتِدَائِهَا بِالْأَوَّلِ أَوْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ أَبَانَهَا بِلَا لِعَانٍ ثُمَّ قَذَفَهَا بِزِنًا آخَرَ، فَإِنْ حُدَّ لِلْأَوَّلِ قَبْلَ الْقَذْفِ عُزِّرَ لِلثَّانِي، كَمَا لَوْ قَذَفَ أَجْنَبِيَّةً فَحُدَّ ثُمَّ قَذَفَهَا ثَانِيًا هَذَا إنْ لَمْ يُضِفْ الزِّنَا إلَى حَالِ الْبَيْنُونَةِ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ لِئَلَّا يُشْكِلَ بِمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ قَذَفَ أَجْنَبِيَّةً ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ قَذَفَهَا بِزِنًا آخَرَ مِنْ أَنَّ الْحَدَّ مُتَعَدِّدٌ فَإِنْ لَمْ تَطْلُبْ حَدَّ الْقَذْفِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمُضِرٌّ وَإِنْ قَلَّ (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي الزَّوْجَ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ بِتَكَرُّرِ الْقَذْفِ (قَوْلُهُ وَلِلرَّجُلِ) أَيْ الَّذِي رَمَاهَا بِالزِّنَا بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَذَفَ امْرَأَةً) تَقَدَّمَ هَذَا الْحُكْمُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ زَنَى مَرَّةً لَمْ يَعُدْ مُحْصَنًا إلَخْ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ قَذَفَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ) أَيْ الْحَاكِمَ، وَقَوْلُهُ فَأَعْلَمَهُ: أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: فَعَفَا عَنْهُ) وَلَيْسَ مِنْ الْعَفْوِ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ الْمُخَاصَمَةِ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَالْقَذْفِ فَيَتَّفِقُ لِلْمَقْذُوفِ تَرْكُ الْخُصُومَةِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْعَفْوِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ، إذْ مُجَرَّدُ الْإِعْرَاضِ لَا يُسْقِطُ حَقَّهُ بَلْ هُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ مُطَالَبَتِهِ وَإِثْبَاتِ الْحَقِّ عَلَيْهِ مَتَى شَاءَ، وَلَا سِيَّمَا إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَ الْخُصُومَةَ لِعَجْزِهِ أَوْ خَوْفًا مِنْ الْحَاكِمِ أَوْ نَحْوِهِ، وَسَيَأْتِي مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ عَفَتْ عَنْ الْحَدِّ إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ مَا دَامَ السُّكُوتُ أَوْ الْجُنُونُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالزَّوْجَةُ كَغَيْرِهَا فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي أَنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الْقَذْفِ، وَأَنَّهُ لَوْ قَذَفَهَا ثُمَّ حُدَّ ثُمَّ قَذَفَ ثَانِيًا لَمْ يُحَدَّ لَهُ وَأَنَّهَا لَوْ عَفَتْ ثُمَّ قَذَفَهَا لَمْ يَجِبْ لَهَا عَلَيْهِ حَدٌّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَامَ بِأَحَدِ الزَّنْيَيْنِ) هَذَا لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ ثُمَّ قَذَفَهَا بِالزِّنَا الْأَوَّلِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ سَقْطًا مِثْلَ أَنْ يُقَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ لِأَنَّهُ قَذَفَهَا بِالْأَوَّلِ وَإِنْ قَذَفَهَا بَعْدَ الزَّوْجِيَّةِ بِزِنًا آخَرَ تَعَدَّدَ الْحَدُّ لِاخْتِلَافِ مُوجِبِ الْقَذْفَيْنِ لِأَنَّ الثَّانِيَ يَسْقُطُ بِاللِّعَانِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنْ أَقَامَ بِأَحَدِ الزَّنْيَيْنِ إلَخْ، وَنَقَلَ سم عَلَى حَجّ مِثْلَ مَا ذَكَرْنَاهُ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُلَاعِنْ) هَذَا يُشْكِلُ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQكَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْ وَلَا بِبَيِّنَةٍ) أَيْ بِالزِّنَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَذَفَهَا بِالزِّنَا الْأَوَّلِ وَجَبَ حَدٌّ وَاحِدٌ) أَيْ، وَإِنْ قَذَفَهَا بِغَيْرِهِ وَجَبَ حَدَّانِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَامَ بِأَحَدِ الزِّنَاءَيْنِ بَيِّنَةً إلَخْ. فَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا ذَكَرْته أَسْقَطَهُ الْكَتَبَةُ مِنْ الشَّرْحِ بَعْدَ إثْبَاتِهِ بِدَلِيلِ إحَالَتِهِ عَلَيْهِ فِيمَا يَأْتِي، وَاعْلَمْ أَنَّهُ إنَّمَا تَعَدَّدَ الْحَدُّ هُنَا لِاخْتِلَافِ مُوجَبِ الْقَذْفَيْنِ، إذْ الثَّانِي يَسْقُطُ بِاللِّعَانِ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَصَارَ الْحَدَّانِ مُخْتَلِفَيْنِ وَلَا تَدَاخُلَ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ

الْأَوَّلِ حَتَّى قَذَفَهَا فَإِنْ لَاعَنَ لِلْأَوَّلِ عُزِّرَ لِلثَّانِي كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَصَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْ لَهُ حُدَّ حَدَّيْنِ إنْ أَضَافَ الزِّنَا إلَى حَالَةِ الْبَيْنُونَةِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ (وَيَتَعَلَّقُ بِلِعَانِهِ) أَيْ الزَّوْجِ وَإِنْ كَذَبَ (فُرْقَةٌ) أَيْ فُرْقَةُ انْفِسَاخٍ (وَحُرْمَةٌ) ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (مُؤَبَّدَةٌ) فَلَا تَحِلُّ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِنِكَاحٍ وَلَا مِلْكِ يَمِينٍ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «لَا سَبِيلَ لَك عَلَيْهَا» وَفِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ «الْمُتَلَاعِنَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا» وَكَانَ هَذَا هُوَ مُسْتَنَدُ الْوَالِدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَنَّهَا لَا تَعُودُ إلَيْهِ وَلَا فِي الْجَنَّةِ (وَإِنْ) (أَكْذَبَ) الْمُلَاعِنُ (نَفْسَهُ) فَلَا يُفِيدُهُ عَوْدَ حِلٍّ لِأَنَّهُ حَقُّهُ بَلْ عَوْدَ حَدٍّ وَنَسَبٍ لِأَنَّهُمَا حَقٌّ عَلَيْهِ وَتَجْوِيزُ رَفْعِ نَفْسِهِ: أَيْ إكْذَابِهِ نَفْسَهُ بَعِيدٌ، لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِالْإِكْذَابِ نِسْبَةُ الْكَذِبِ إلَيْهِ ظَاهِرًا لِيَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَحْكَامُهُ وَذَلِكَ لَا يَظْهَرُ إسْنَادُهُ لِلنَّفْسِ، وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ هَذَا نَظِيرَ مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا الْمُجَوَّزِ فِيهِ الْأَمْرَانِ لِأَنَّ التَّحْدِيثَ يَصِحُّ نِسْبَةُ إيقَاعِهِ إلَى إنْسَانٍ وَإِلَى نَفْسِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (وَسُقُوطُ الْحَدِّ) أَوْ التَّعْزِيرِ الْوَاجِبِ لَهَا عَلَيْهِ وَالْفِسْقِ (عَنْهُ) بِسَبَبِ قَذْفِهَا لِلْآيَةِ وَكَذَا قَذْفُ الزَّانِي إنْ سَمَّاهُ فِي لِعَانِهِ (وَوُجُوبُ حَدِّ زِنَاهَا) الْمُضَافِ لِحَالَةِ النِّكَاحِ إنْ لَمْ تُلْتَعَنْ وَلَوْ ذِمِّيَّةً وَإِنْ لَمْ تَرْضَ بِحُكْمِنَا لِأَنَّهُمْ بَعْدَ التَّرَافُعِ إلَيْنَا لَا يُعْتَبَرُ رِضَاهُمْ أَمَّا الَّذِي قَبْلَ النِّكَاحِ فَسَيَأْتِي (وَانْتِفَاءُ نَسَبٍ نَفَاهُ بِلِعَانِهِ) أَيْ فِيهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ بِذَلِكَ وَسُقُوطِ حَضَانَتِهَا فِي حَقِّهِ فَقَطْ إنْ لَمْ تُلْتَعَنْ أَوْ الْتَعَنَتْ وَقَذْفَهَا بِذَلِكَ الزِّنَا أَوْ أَطْلَقَ لِأَنَّ اللِّعَانَ فِي حَقِّهِ كَالْبَيِّنَةِ وَحَلَّ نَحْوُ أُخْتِهَا وَالتَّشْطِيرُ قَبْلَ الْوَطْءِ (وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى نَفْيِ) وَلَدٍ (مُمْكِنٍ) كَوْنُهُ (مِنْهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ) لُحُوقُهُ بِهِ (بِأَنْ وَلَدَتْهُ) وَهُوَ غَيْرُ تَامٍّ لِدُونِ مَا مَرَّ فِي الرَّجْعِيَّةِ أَوْ وَهُوَ تَامٌّ (لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ) فَأَقَلَّ (مِنْ الْعَقْدِ) لِانْتِفَاءِ لَحْظَتَيْ الْوَطْءِ وَالْوَضْعِ (أَوْ) لِأَكْثَرَ (وَ) لَكِنْ (طَلَّقَ فِي مَجْلِسِهِ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْحَدَّ لَا يَتَكَرَّرُ بِتَكْرِيرِ الْقَذْفِ إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ هَذَا بِمَا إذَا قَذَفَهَا بَعْدَ الزَّوْجِيَّةِ بِغَيْرِ الزِّنَا الْأَوَّلِ، وَيَخُصُّ مَا تَقَدَّمَ بِمَا لَوْ تَكَرَّرَ الْقَذْفُ لِغَيْرِ الزَّوْجَةِ أَوْ لَهَا بِزِنْيَاتٍ بَعْدَ الزَّوْجِيَّةِ أَوْ قَبْلَهَا، وَمَعَ ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ أَبَانَهَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: مُؤَبَّدَةٌ) أَيْ حَتَّى فِي لِعَانِ الْمُبَانَةِ وَالْأَجْنَبِيَّةِ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ حَيْثُ جَازَ لِعَانُهَا بِأَنْ كَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ يَنْفِيهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَلَا مِلْكَ يَمِينٍ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهُ نَظَرُهَا فِي هَذِهِ كَالْمَحْرَمِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَكْذَبَ) غَايَةً (قَوْلُهُ: هَذَا نَظِيرُ مَا حَدَّثْت بِهِ) أَيْ الْمَذْكُورَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ (قَوْلُهُ: الْمُجَوَّزُ فِيهِ الْأَمْرَانِ) وَقَدْ رَوَى الْحَدِيثَ بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ اهـ مُنَاوِيٌّ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ عَلَى الْجَامِعِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تُلْتَعَنْ) أَيْ تُلَاعَنْ، فَإِنْ لَاعَنَتْ سَقَطَ عَنْهَا (قَوْلُهُ: لِدُونِ مَا مَمَرَّ) أَيْ وَهُوَ فِي الْمُصَوَّرِ لِدُونِ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ وَفِي الْمُضْغَةِ دُونَ ثَمَانِينَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَلَا تَحِلُّ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِنِكَاحٍ) يَعْنِي: لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا وَلَا وَطْؤُهَا بِنِكَاحٍ، وَقَوْلُهُ: وَلَا مِلْكُ يَمِينٍ: أَيْ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ، وَإِنْ جَازَ لَهُ تَمَلُّكُهَا (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ، وَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ) إنَّمَا ذَكَرَ هَذَا هُنَا وَلَمْ يُؤَخِّرْهُ عَنْ قَوْلِهِ وَسُقُوطِ الْحَدِّ إلَخْ. لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ إكْذَابَ النَّفْسِ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي سُقُوطِ الْحَدِّ وَمَا بَعْدَهُ، وَقَدْ نَبَّهَ الشَّارِحُ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فَلَا يُفِيدُهُ ذَلِكَ عَوْدُ حَلٍّ لِأَنَّهُ حَقُّهُ بَلْ عَوْدُ حَدٍّ وَنَسَبٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِالْإِكْذَابِ نِسْبَةُ الْكَذِبِ إلَيْهِ ظَاهِرًا) أَيْ وَذَلِكَ إنَّمَا يُعَبَّرُ عَنْهُ بِأَكْذَبَ نَفْسَهُ يَجْعَلُ نَفْسَهُ مَنْصُوبًا وَأَمَّا رَفْعُهُ، وَإِنْ صَحَّ فِي نَفْسِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُؤَدِّي هَذَا الْمَعْنَى إذْ لَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِنَا أَكْذَبْته نَفْسَهُ إلَّا أَنَّ نَفْسَهُ تُنَازِعُهُ فِيمَا ادَّعَاهُ، وَهَذَا غَيْرُ مُرَادٍ هُنَا كَمَا لَا يَخْفَى، وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ لِهَذَا تَبَعًا لحج بِقَوْلِهِ وَذَلِكَ لَا يَظْهَرُ إسْنَادُهُ لِلنَّفْسِ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا فِي حَوَاشِي حَجّ لِلشِّهَابِ سم مِمَّا حَاصِلُهُ أَنَّهُ كَمَا يَصِحُّ نِسْبَةُ الْإِكْذَابِ إلَيْهِ يَصِحُّ إسْنَادُهُ لِنَفْسِهِ بِمَعْنَى ذَاتِهِ إذْ هُمَا عِبَارَةٌ عَنْ شَيْءٍ وَاحِدٍ وَالتَّغَايُرُ بَيْنَهُمَا أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ فَكَيْفَ يَسْلَمُ ظُهُورُ النَّصْبِ دُونَ الرَّفْعِ، وَوَجْهُ الِانْدِفَاعِ مَا قَدَّمْته مِنْ أَنَّهُ، وَإِنْ صَحَّ كُلٌّ مِنْهُمَا

الْعَقْدِ (أَوْ) نَكَحَ صَغِيرًا أَوْ مَمْسُوحًا أَوْ (وَهُوَ بِالْمَشْرِقِ وَهِيَ بِالْمَغْرِبِ) وَلَمْ يَمْضِ زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ اجْتِمَاعُهُمَا (لَمْ يَلْحَقْهُ) لِاسْتِحَالَةِ كَوْنِهِ مِنْهُ فَلَمْ يَحْتَجْ فِي انْتِفَائِهِ عَنْهُ إلَى لِعَانٍ (وَلَهُ نَفْيُهُ) أَيْ الْمُمْكِنَ لُحُوقُهُ بِهِ وَاسْتِلْحَاقُهُ (مَيِّتًا) لِبَقَاءِ نَسَبِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَتَسْقُطُ مُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ عَنْ النَّافِي وَيَرِثُهُ الْمُسْتَلْحِقُ، وَلَا يَصِحُّ نَفْيُ مَنْ اسْتَلْحَقَهُ وَلَا يَنْتَفِي عَنْهُ مَنْ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ وَأَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ إلَّا بِاللِّعَانِ، وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِ الْأُمِّ حَمَلْتُ بِهِ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ اسْتِدْخَالِ مَنِيِّ غَيْرِ الزَّوْجِ وَإِنْ صَدَّقَهَا الزَّوْجُ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْوَلَدِ، وَالشَّارِعُ أَنَاطَ لُحُوقَهُ بِالْفِرَاشِ حَتَّى يُوجَدَ اللِّعَانُ بِشُرُوطِهِ (وَالنَّفْيُ عَلَى الْفَوْرِ فِي الْجَدِيدِ) لِأَنَّهُ شُرِعَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَأَشْبَهَ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ وَالْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ فَيَأْتِي الْحَاكِمَ وَيُعْلِمُهُ بِانْتِفَائِهِ عَنْهُ، وَيُعَذَّرُ فِي الْجَهْلِ بِالنَّفْيِ أَوْ الْفَوْرِيَّةِ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِيهِ إنْ كَانَ مِمَّنْ يُخْفَى عَلَيْهِ عَادَةً وَلَوْ مَعَ مُخَالَطَتِهِ لِلْعُلَمَاءِ وَخَرَجَ بِالنَّفْيِ اللِّعَانُ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ فَوْرٌ، وَفِي الْقَدِيمِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا يَجُوزُ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَالثَّانِي لَهُ النَّفْيُ مَتَى شَاءَ وَلَا يَسْقُطُ إلَّا بِإِسْقَاطِهِ (وَيُعَذَّرُ) فِي تَأْخِيرِ النَّفْيِ (لِعُذْرٍ) مِمَّا مَرَّ فِي أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ، نَعَمْ يَلْزَمُهُ إرْسَالُ مَنْ يُعْلِمُ الْحَاكِمَ فَإِنْ عَجَزَ فَالْإِشْهَادُ وَإِلَّا بَطَلَ حَقُّهُ كَغَائِبٍ أَخَّرَ السَّيْرَ لِغَيْرِ عُذْرٍ أَوْ تَأَخَّرَ لِعُذْرٍ وَلَمْ يُشْهِدْ، وَالتَّعْبِيرُ بِأَعْذَارِ الْجُمُعَةِ هُوَ مَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَمُقْتَضَى تَشْبِيهِهِمْ لِمَا هُنَا بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالشُّفْعَةِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَعْذَارُهُمَا وَهُوَ مُتَّجَهُ إنْ كَانَتْ أَضْيَقَ، لَكِنَّنَا وَجَدْنَا مِنْ أَعْذَارِهِمَا إرَادَةَ دُخُولِ الْحَمَّامِ وَلَوْ لِلتَّنْظِيفِ كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُمْ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ عُذْرًا لِلْجُمُعَةِ، وَمِنْ أَعْذَارِهَا أَكْلُ كَرِيهٍ وَيَبْعُدُ كَوْنُهُ عُذْرًا هُنَا، وَلَا يُنَافِي هَذَا كَوْنَهُ عُذْرًا فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ كَمَا يَأْتِي لِأَنَّ الْوَجْهَ اعْتِبَارُ الْأَضْيَقِ مِنْ تِلْكَ الْأَعْذَارِ (وَلَهُ نَفْيُ حَمْلٍ) فَقَدْ صَحَّ أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ لَاعَنَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَوْ وَهُوَ بِالْمَشْرِقِ وَهِيَ بِالْمَغْرِبِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ وَلِيًّا يُقْطَعُ بِإِمْكَانِ وُصُولِهِ إلَيْهَا لِأَنَّا لَا نُعَوِّلُ عَلَى الْأُمُورِ الْخَارِقَةِ لِلْعَادَةِ نَعَمْ إنْ وَصَلَ إلَيْهَا وَدَخَلَ بِهَا حُرِّمَ عَلَيْهِ بَاطِنًا النَّفْيُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَمْضِ زَمَنٌ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا مَضَى ذَلِكَ لَحِقَهُ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ لِأَحَدِهِمَا سَفَرٌ إلَى الْآخَرِ (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتِدْخَالِ مَنِيِّ غَيْرِ الزَّوْجِ) أَيْ أَوْ مِنْ زِنًا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّ إضْرَارَ الْوَلَدِ بِكَوْنِهِ وَلَدَ زِنًى أَقْوَى مِنْهُ بِكَوْنِهِ مِنْ شُبْهَةٍ أَوْ اسْتِدْخَالِ مَنِيٍّ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَلْزَمُهُ إرْسَالُ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ احْتَاجَ الرَّسُولُ إلَى أُجْرَةٍ فَيَدْفَعُهَا حَيْثُ كَانَتْ أُجْرَةَ مِثْلِ الذَّهَابِ (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى تَشْبِيهِهِمْ) أَيْ الْأَصْحَابِ وَقَوْلُهُ إنَّ الْمُعْتَبَرَ أَعْذَارُهُمَا: أَيْ الْعَيْبُ وَالشُّفْعَةُ، وَقَوْلُهُ إنْ كَانَتْ أَضْيَقَ: أَيْ مِنْ أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ عُذْرًا لِلْجُمُعَةِ) وَلَيْسَ مِنْ الْأَعْذَارِ الْخَوْفُ مِنْ الْحُكَّامِ عَلَى أَخْذِ مَالٍ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّهُمْ لَا يَفْعَلُونَ إلَّا بِأَخْذِهِ لِأَنَّ التَّرْكَ لِأَجْلِ ذَلِكَ عَزْمٌ عَلَى عَدَمِ اللِّعَانِ، لِأَنَّهُ إذَا أَرَادَهُ بَعْدَ ذَلِكَ طُلِبَ مِنْهُ ذَلِكَ الْمَالُ، وَانْتِظَارُ قَاضٍ خَيْرٌ مِنْ الْمُتَوَلِّي بِحَيْثُ لَا يَأْخُذُ مَالًا أَصْلًا أَوْ دُونَ الْأَوَّلِ، مُجَرَّدُ تَوَهُّمٍ لَا نَظَرَ إلَيْهِ أَمَّا لَوْ خَافَ مِنْ إعْلَامِهِ جَوْرًا يَحْمِلُهُ عَلَى أَخْذِ مَالِهِ أَوْ قَدْرٍ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِأَخْذِ مِثْلِهِ فَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ عُذْرٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي هَذَا كَوْنَهُ) أَيْ أَكْلَ الْكَرِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَّا أَنَّ مَعْنَى أَكْذَبَ نَفْسَهُ غَيْرُ مَعْنَى أَكْذَبْته نَفْسَهُ كَمَا يَشْهَدُ بِذَلِكَ الِاسْتِعْمَالُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَمْضِ زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ اجْتِمَاعُهُمَا) يَعْنِي: لَمْ يَمْضِ زَمَنٌ يَحْتَمِلُ اجْتِمَاعَهُمَا فِيهِ بِالْفِعْلِ بِأَنْ قُطِعَ بِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهَا فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ كَأَنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ لَمْ يُفَارِقْ بَلَدَهُ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ وَهِيَ كَذَلِكَ، وَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ إرْسَالِ مَائِهِ إلَيْهَا كَمَا نَقَلَهُ سم عَنْ الشَّارِحِ خِلَافًا لحج، وَإِلَّا فَقَدْ يُقَالُ إنَّ ذَلِكَ مُمْكِنٌ دَائِمًا، فَلَوْ نَظَرْنَا إلَيْهِ لَمْ يَكُنْ اللُّحُوقُ فِيمَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا بِالْمَشْرِقِ وَالْآخَرُ بِالْمَغْرِبِ مُتَعَذِّرًا أَبَدًا كَمَا لَا يَخْفَى، وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ الْإِمْكَانِ فِي قَوْلِهِ وَلَمْ يَمْضِ زَمَنٌ يُمْكِنُ إلَخْ. مُجَرَّدُ مُضِيِّ الْمُدَّةِ تَسَعُ الِاجْتِمَاعَ، وَإِنْ قُطِعَ بِعَدَمِ الِاجْتِمَاعِ إذْ ذَاكَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ لَا مَذْهَبُنَا، وَبِهَذَا تَعْلَمُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: فَيَأْتِي الْحَاكِمُ وَيُعَلِّمُهُ إلَخْ.) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالنَّفْيِ الْمُشْتَرَطِ فِيهِ الْفَوْرُ إعْلَامُ الْحَاكِمِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ النَّفْيَ

[فصل في المقصود الأصلي من اللعان]

مِنْ الْحَمْلِ (وَ) لَهُ (انْتِظَارُ وَضْعِهِ) لِيَعْلَم كَوْنَهُ وَلَدًا لِأَنَّ مَا يُظَنُّ حَمْلًا قَدْ يَكُونُ نَحْوَ رِبْحٍ لَا لِرَجَاءِ مَوْتِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ لِيَكْفِيَ اللِّعَانُ فَلَا يُعْذَرُ بِهِ بَلْ يَلْحَقُهُ لِتَقْصِيرِهِ (وَمَنْ أَخَّرَ) النَّفْيَ (وَقَالَ جَهِلْتُ الْوِلَادَةَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) إنْ أَمْكَنَ عَادَةً كَأَنْ (كَانَ غَائِبًا) لِأَنَّ الظَّاهِرَ يَشْهَدُ لَهُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اسْتَفَاضَتْ وِلَادَتُهَا لَمْ يَصْدُقْ (وَكَذَا) يَصْدُقُ مُدَّعِي الْجَهْلِ بِهَا (الْحَاضِرُ) إنْ ادَّعَى ذَلِكَ (فِي مُدَّةٍ يُمْكِنُ جَهْلُهُ) بِهِ (فِيهَا) عَادَةً كَأَنْ بَعُدَ مَحَلُّهُ عَنْهَا وَلَمْ يَسْتَفِضْ عِنْدَهُ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ حِينَئِذٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا انْتَفَى ذَلِكَ لِأَنَّ جَهْلَهُ بِهِ إذًا خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَلَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ رِوَايَةً لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ قَوْلُهُ لَمْ أُصَدِّقْهُ وَإِلَّا قُبِلَ بِيَمِينِهِ (وَلَوْ قِيلَ لَهُ) وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ لِلْحَاكِمِ أَوْ وَقَدْ سَقَطَ عَنْهُ التَّوَجُّهُ إلَيْهِ لِعُذْرِهِ بِهِ (مُتِّعْتَ بِوَلَدِك أَوْ جَعَلَهُ اللَّهُ لَك وَلَدًا صَالِحًا فَقَالَ آمِينَ أَوْ نَعَمْ) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ آخَرُ يُشْتَبَهُ بِهِ وَيَدَّعِي إرَادَتَهُ (تَعَذَّرَ نَفْيُهُ) وَلَحِقَهُ لَتَضَمُّنِ ذَلِكَ مِنْهُ رِضَاهُ بِهِ (وَإِنْ قَالَ) فِي أَحَدِ الْحَالَيْنِ السَّابِقِينَ (جَزَاك اللَّهُ خَيْرًا أَوْ بَارَكَ عَلَيْك فَلَا) يَتَعَزَّرُ النَّفْيُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ قَصَدَ مُجَرَّدَ مُقَابَلَةِ الدُّعَاءِ (وَلَهُ اللِّعَانُ) لِدَفْعِ حَدٍّ أَوْ نَفْيِ وَلَدٍ (مَعَ إمْكَانِهِ) إقَامَةَ (بَيِّنَةٍ بِزِنَاهَا) لِأَنَّ كُلًّا حُجَّةٌ تَامَّةٌ، وَظَاهِرُ الْآيَةِ الْمُشْتَرَطُ لِتَعَذُّرِ الْبَيِّنَةِ صُدَّ عَنْهُ الْإِجْمَاعُ، وَلَعَلَّ نَاقِلَهُ لَمْ يَعْتَدَّ بِالْخِلَافِ فِيهِ لِشُذُوذِهِ، عَلَى أَنَّ شَرْطَ حُجِّيَّةِ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ أَنْ لَا يَكُونَ الْقَيْدُ خَرَجَ عَلَى سَبَبٍ، وَسَبَبُ الْآيَةِ كَانَ الزَّوْجُ فِيهِ فَاقِدًا لِلْبَيِّنَةِ (وَلَهَا) اللِّعَانُ بَلْ يَلْزَمُهَا إنْ صَدَقَتْ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَصَوَّبُوهُ (لِدَفْعِ حَدِّ الزِّنَا) الْمُتَوَجِّهِ عَلَيْهَا بِلِعَانِهِ لَا بِالْبَيِّنَةِ لِأَنَّهُ حُجَّةٌ ضَعِيفَةٌ فَلَا يُقَاوِمُهَا وَلَا فَائِدَةَ لِلِعَانِهَا غَيْرُ هَذَا (فَصْلٌ) فِي الْمَقْصُودِ الْأَصْلِيِّ مِنْ اللِّعَانِ وَهُوَ نَفْيُ النَّسَبِ كَمَا قَالَ (لَهُ اللِّعَانُ لِنَفْيِ وَلَدٍ) بَلْ يَلْزَمُهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ كَمَا مَرَّ بِتَفْصِيلِهِ (وَإِنْ عَفَتْ عَنْ الْحَدِّ وَزَالَ النِّكَاحُ) بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِزِنَاهَا لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ بَلْ هِيَ آكَدُ مِنْ حَاجَتِهِ لِدَفْعِ الْحَدِّ (وَ) لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: بَلْ يَلْزَمُهَا إنْ صَدَقَتْ) سَكَتَ عَنْ مِثْلِ هَذَا فِي جَانِبِ الزَّوْجِ لِأَنَّ اللَّازِمَ لَهُ بَعْدَ اللِّعَانِ حَدُّ الْقَذْفِ، وَكَوْنُهُ قَذَفَ غَيْرَهُ لَا يَلْحَقُهُ بِهِ عَارٌ كَالزِّنَا وَإِنَّمَا حَدٌّ لِمَا ارْتَكَبَهُ مِنْ أَذِيَّةِ غَيْرِهِ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِي فِي الْفَصْلِ الْآتِي: وَلَهُ اللِّعَانُ بَلْ يَلْزَمُهُ إنْ صُدِّقَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِدَفْعِ حَدِّ الْقَذْفِ إلَخْ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: غَيْرُ هَذَا) أَيْ قَوْلُهُ لِدَفْعِ حَدِّ الزِّنَا (فَصْلٌ) فِي الْمَقْصُودِ الْأَصْلِيِّ مِنْ اللِّعَانِ (قَوْلُهُ: فِي الْمَقْصُودِ الْأَصْلِيِّ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَامْتِنَاعِ اللِّعَانِ فِيمَا لَوْ عَفَتْ عَنْ الْحَدِّ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالَّذِي تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِاللِّعَانِ. (قَوْلُهُ: بَلْ يَلْزَمُهَا إنْ صُدِّقَتْ) ظَاهِرُ هَذَا الصَّنِيعِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا اللِّعَانُ، وَإِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً فَتَقُولُ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ إلَخْ. وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا كَمَا لَا يَخْفَى، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ قَوْلَهُ يَلْزَمُهَا تَفْسِيرٌ لِلْمُرَادِ بِالْجَوَازِ الَّذِي أَفَادَهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَهَا، فَيَكُونُ قَوْلُهُ: إنْ صُدِّقَتْ تَقْيِيدًا لِلْمَتْنِ نَفْسِهِ بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَلْيُرَاجَعْ [فَصْلٌ فِي الْمَقْصُودِ الْأَصْلِيِّ مِنْ اللِّعَانِ] (فَصْلٌ) فِي الْمَقْصُودِ الْأَصْلِيِّ مِنْ اللِّعَانِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ نَفْيُ النَّسَبِ) لَك أَنْ تُنَازِعَ فِي كَوْنِ هَذَا هُوَ الْمَقْصُودِ الْأَصْلِيِّ مِنْهُ، عَلَى أَنَّ الْفَصْلَ مَقْصُودٌ لِلِعَانِ الزَّوْجِ سَوَاءٌ كَانَ لِنَفْيِ وَلَدٍ أَوْ حَدٍّ (قَوْلُهُ: بَلْ يَلْزَمُهُ إذْ عُلِمَ) فِيهِ مَا مَرَّ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: إذَا عُلِمَ) أَيْ أَوْ ظُنَّ ظَنًّا مُؤَكَّدًا

اللِّعَانُ بَلْ يَلْزَمُهُ إنْ صَدَقَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (لِدَفْعِ حَدِّ الْقَذْفِ) إنْ طَلَبَتْهُ هِيَ أَوْ الزَّانِي (وَإِنْ زَالَ النِّكَاحُ وَلَا وَلَدٌ) إظْهَارًا لِصِدْقِهِ وَمُبَالَغَةً فِي الِانْتِقَامِ مِنْهَا (وَ) لِدَفْعِ (تَعْزِيرِهِ) لِكَوْنِهَا ذِمِّيَّةً مَثَلًا وَقَدْ طَلَبَتْهُ (إلَّا تَعْزِيرَ تَأْدِيبٍ) لِصِدْقِهِ ظَاهِرًا كَقَذْفِ مَنْ ثَبَتَ زِنَاهَا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ أَوْ لِعَانِهِ مَعَ امْتِنَاعِهِ مِنْهُ لِأَنَّ اللِّعَانَ لِإِظْهَارِ الصِّدْقِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَلَا مَعْنَى لَهُ (أَوْ لِكَذِبٍ) ضَرُورِيٍّ (كَقَذْفِ طِفْلَةٍ لَا تُوطَأُ) أَيْ لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهَا فَلَا لِعَانَ لِإِسْقَاطِهِ، وَإِنْ بَلَغَتْ وَطَالَبَتْهُ لِلْعِلْمِ بِكَذِبِهِ فَلَمْ يُلْحِقْ بِهَا عَارًا بَلْ يُعَزَّرُ تَأْدِيبًا عَلَى الْكَذِبِ لِئَلَّا يَعُودَ لِلْإِيذَاءِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ زَنَى بِك مَمْسُوحٌ أَوْ ابْنُ شَهْرٍ مَثَلًا، أَوْ لِرَتْقَاءَ أَوْ قُرَنَاءَ زَنَيْت فَيُعَزَّرُ لِلْإِيذَاءِ وَلَا يُلَاعِنُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ عِنْدَ التَّصْرِيحِ بِالْفَرْجِ، فَإِنْ أُطْلِقَ اتَّجَهَ السُّؤَالُ عِنْدَ دَعْوَاهَا عَنْ إرَادَتِهِ إذْ وَطْؤُهَا فِي الدُّبُرِ مُمْكِنٌ فَيَلْحَقُ الْعَارُ بِهَا وَيَتَرَتَّبُ عَلَى جَوَابِهِ حُكْمُهُ، وَتَعْزِيرُ التَّأْدِيبِ يَسْتَوْفِيهِ الْقَاضِي لِلطِّفْلَةِ، بِخِلَافِ الْكَبِيرَةِ لَا بُدَّ مِنْ طَلَبِهَا، وَمَا عَدَا هَذَيْنِ: أَعْنِي مَا عَلِمَ صِدْقَهُ أَوْ كَذِبَهُ يُقَالُ لَهُ تَعْزِيرُ التَّكْذِيبِ لِمَا فِيهِ مِنْ إظْهَارِ كَذِبِهِ بِقِيَامِ الْعُقُوبَةِ عَلَيْهِ وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَلَا يُسْتَوْفَى إلَّا بِطَلَبِ الْمَقْذُوفِ. (وَلَوْ عَفَتْ عَنْ الْحَدِّ) أَوْ التَّعْزِيرِ (أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِزِنَاهَا) أَوْ إقْرَارِهَا بِهِ (أَوْ صَدَّقَتْهُ) فِيهِ (وَلَا وَلَدَ) وَلَا حَمْلَ يَنْفِيهِ (أَوْ سَكَتَتْ عَنْ طَلَبِ الْحَدِّ) بِلَا عَفْوٍ (أَوْ جُنَّتْ بَعْدَ قَذْفِهِ) وَلَا وَلَدَ وَلَا حَمْلَ أَيْضًا (فَلَا لِعَانَ) فِي الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ مَا دَامَ السُّكُوتُ أَوْ الْجُنُونُ فِي الْأَخِيرَيْنِ (فِي الْأَصَحِّ) إذْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فِي الْكُلِّ سِيَّمَا الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ لِثُبُوتِ قَوْلِهِ بِحُجَّةٍ أَقْوَى مِنْ اللِّعَانِ، أَمَّا مَعَ وَلَدٍ أَوْ حَمْلٍ يَنْفِيهِ فَيُلَاعَنُ جَزْمًا، وَإِذَا لَزِمَهُ حَدٌّ بِقَذْفِ مَجْنُونَةٍ بِزِنًا أَضَافَهُ لِحَالِ إفَاقَتِهَا أَوْ تَعْزِيرٌ بِقَذْفِ صَغِيرَةٍ انْتَظَرَ طَلَبَهُمَا بَعْدَ كَمَالِهِمَا، وَلَا تُحَدُّ مَجْنُونَةٌ بِلِعَانِهِ حَتَّى تُفِيقَ وَتَمْتَنِعَ عَنْ اللِّعَانِ، وَالثَّانِي لَهُ اللِّعَانُ فِي ذَلِكَ لِغَرَضِ الْفُرْقَةِ الْمُؤَبَّدَةِ وَالِانْتِقَامِ مِنْهَا بِإِيجَابِ حَدِّ الزِّنَا عَلَيْهَا (وَلَوْ أَبَانَهَا) بِوَاحِدَةٍ أَوْ أَكْثَرَ (أَوْ مَاتَتْ ثُمَّ قَذَفَهَا) فَإِنْ قَذَفَهَا (بِزِنًا مُطْلَقٍ أَوْ مُضَافٍ إلَى مَا) أَيْ زَمَنٍ (بَعْدَ النِّكَاحِ لَاعَنَ) لِلنَّفْيِ (إنْ كَانَ) هُنَاكَ (وَلَدٌ) أَوْ حَمْلٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (يَلْحَقُهُ) ظَاهِرٌ وَأَرَادَ نَفْيَهُ فِي لِعَانِهِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ حِينَئِذٍ كَمَا فِي صُلْبِ النِّكَاحِ، وَحِينَئِذٍ فَيَسْقُطُ عَنْهُ حَدُّ قَذْفِهِ لَهَا وَيَلْزَمُهَا بِهِ حَدُّ الزِّنَا إنْ أَضَافَهُ لِلنِّكَاحِ وَلَمْ تُلَاعَنْ هِيَ كَالزَّوْجَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا انْتَفَى الْوَلَدُ عَنْهُ فَيُحَدُّ وَلَا لِعَانَ. (فَإِنْ أَضَافَ الزِّنَا) الَّذِي رَمَاهَا بِهِ (إلَى مَا) أَيْ زَمَنِ (قَبْلَ نِكَاحِهِ) أَوْ بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا (فَلَا لِعَانَ) جَائِزٌ (إنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ) وَيُحَدُّ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ لِقَذْفِهَا حِينَئِذٍ كَالْأَجْنَبِيَّةِ (وَكَذَا) لَا لِعَانَ (إنْ كَانَ) وَلَدٌ (فِي الْأَصَحِّ) لِتَقْصِيرِهِ فِي الْإِسْنَادِ لِمَا قَبْلَ النِّكَاحِ، وَرُجِّحَ فِي الصَّغِيرِ مُقَابِلُهُ وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ لِكَوْنِ الْأَكْثَرِينَ عَلَيْهِ وَقَدْ يُعْتَقَدُ أَنَّ الْوَلَدَ مِنْ ذَلِكَ الزِّنَا (لَكِنْ لَهُ) بَلْ عَلَيْهِ إنْ عَلِمَ زِنَاهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فِي الْوَلَدِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِكَذِبٍ ضَرُورِيٍّ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ تَأْدِيبٌ فَهُوَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ ظَاهِرَ الْمَتْنِ مِنْ أَنَّ هَذَا تَعْزِيرُ تَأْدِيبٍ غَيْرُ مُرَادٍ، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ مَا يُصَرِّحُ بِأَنَّهُ قِسْمٌ مِنْ تَعْزِيرِ التَّكْذِيبِ فَالْأَوْلَى عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ لِصِدْقِهِ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ يَسْتَوْفِيه الْقَاضِي) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ وَلِيٍّ لَمْ يُطْلَبْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَا يُسْتَوْفَى) أَيْ تَعْزِيرُ التَّكْذِيبِ (قَوْلُهُ: بِمَا لَمْ يُضِفْهُ) أَيْ بِزِنًا (قَوْلُهُ: إنْ أَضَافَهُ لِلنِّكَاحِ) أَيْ أَمَّا لَوْ أُطْلِقَ فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا حَتَّى تَحْتَاجَ إلَى إسْقَاطِهِ (قَوْلُهُ: لِمَا قَبْلَ النِّكَاحِ) أَيْ أَوْ الْبَيْنُونَةِ (قَوْلُهُ فِي الصَّغِيرِ) أَيْ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: بَلْ يَلْزَمُهُ إنْ صُدِّقَ) فِيهِ مَا مَرَّ أَيْضًا (قَوْلُهُ: إظْهَارًا لِصِدْقِهِ) أَيْ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ دَفْعُ عَارِ الْحَدِّ وَالْفِسْقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَمُبَالَغَةٌ فِي الِانْتِقَامِ مِنْهَا فَلَا يَظْهَرُ لَهُ دَخْلٌ فِي اللُّزُومِ (قَوْلُهُ:؛ لِئَلَّا يَعُودَ لِلْإِيذَاءِ) أَيْ لِمَا مِنْ شَأْنِهِ الْإِيذَاءُ، وَإِلَّا فَلَا إيذَاءَ فِي الْقَذْفِ الْمَذْكُورِ، أَوْ الْمُرَادُ مَا يَحْصُلُ مِنْهُ الْإِيذَاءُ عِنْدَ الْكَمَالِ، أَوْ الْمُرَادُ مُطْلَقُ الْإِيذَاءِ: أَيْ حَتَّى لَا يَعُودَ لِإِيذَاءِ أَحَدٍ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ تَعْزِيرٌ بِقَذْفِ صَغِيرَةٍ) أَيْ يُمْكِنُ وَطْؤُهَا بِقَرِينَةِ مَا قَدَّمَهُ إذْ الَّتِي لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهَا يَسْتَوْفِي لَهَا الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: بَلْ عَلَيْهِ إنْ عُلِمَ زِنَاهَا) أَيْ بَعْدَ النِّكَاحِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

أَوْ ظَنَّهُ كَمَا عَلِمَ مِمَّا مَرَّ (إنْشَاءُ قَذْفٍ) مُطْلَقٍ أَوْ مُضَافٍ لِمَا بَعْدَ النِّكَاحِ (وَيُلَاعِنُ) حِينَئِذٍ لِنَفْيِ السَّبَبِ لِلضَّرُورَةِ، فَإِنْ أَبَى حُدَّ (وَلَا يَصِحُّ نَفْيُ أَحَدِ تَوْأَمَيْنِ) وَإِنْ تَرَتَّبَا وِلَادَةً مَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ وِلَادَتِهِمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ لِأَنَّ اللَّهَ أَجْرَى عَادَتَهُ بِعَدَمِ اجْتِمَاعِ وَلَدٍ فِي الرَّحِمِ مِنْ مَاءِ رَجُلٍ وَوَلَدٍ مِنْ مَاءِ آخَرَ إذْ الرَّحِمُ إذَا اشْتَمَلَ عَلَى مَنِيٍّ فِيهِ قُوَّةُ الْإِحْبَالِ انْسَدَّ فَمُهُ عَلَيْهِ صَوْنًا لَهُ مِنْ نَحْوِ هَوَاءٍ فَلَا يَقْبَلُ مَنِيًّا آخَرَ فَلَمْ يَتَبَعَّضَا لُحُوقًا وَعَدَمَهُ، فَإِنْ نَفَى أَحَدَهُمَا وَاسْتَلْحَقَ الْآخَرَ أَوْ سَكَتَ عَنْ نَفْيِهِ أَوْ نَفَاهُمَا ثُمَّ اسْتَلْحَقَ أَحَدَهُمَا لَحِقَاهُ، وَغَلَّبُوا الِاسْتِلْحَاقَ عَلَى النَّفْيِ لِقُوَّتِهِ بِصِحَّتِهِ بَعْدَ النَّفْيِ دُونَ النَّفْيِ بَعْدَهُ احْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ مَا أَمْكَنَ، وَمِنْ ثَمَّ لَحِقَهُ وَلَدٌ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ بِغَيْرِ اسْتِلْحَاقٍ، وَلَمْ يَنْتَفِ عَنْهُ عِنْدَ إمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْ غَيْرِهِ إلَّا بِالنَّفْيِ، أَمَّا إذَا كَانَ بَيْنَ رَضِعِيهِمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ عَلَى مَا مَرَّ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالْحَمْلِ فَهُمَا حَمْلَانِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ فَيَصِحُّ نَفْيُ أَحَدِهِمَا فَقَطْ، وَسَيَأْتِي أَنَّ وَلَدَ أَمَتِهِ لَا يَنْتَفِي بِاللِّعَانِ بَلْ بِدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ، وَلَوْ مَلَكَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ وَطِئَهَا وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ وَاحْتُمِلَ كَوْنُهُ مِنْ النِّكَاحِ فَقَطْ فَلَهُ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ، أَوْ اُحْتُمِلَ كَوْنُهُ مِنْ الْمَلِكِ فَقَطْ لَمْ يَنْفِهِ بِهِ لِأَنَّ لَهُ طَرِيقًا غَيْرَهُ كَمَا لَوْ اُحْتُمِلَ كَوْنُهُ مِنْهُمَا، وَيْحُكُمْ بِأُمِّيَّةِ الْوَلَدِ حَيْثُ لَحِقَ بِهِ، فَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ قَذَفْتُكِ فِي النِّكَاحِ فَلِيَ اللِّعَانُ وَادَّعَتْ هِيَ صُدُورَهُ قَبْلَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا بَعْدَ الْفُرْقَةِ وَقَالَ قَذَفَتْكِ قَبْلَهَا فَقَالَتْ بَعْدَهَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ أَيْضًا مَا لَمْ تُنْكِرْ أَصْلَ النِّكَاحِ فَتُصَدَّقْ بِيَمِينِهَا، أَوْ قَالَ قَذَفْتُكِ وَأَنْتَ صَغِيرَةٌ فَقَالَتْ بَلْ بَالِغَةٌ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ احْتَمَلَ صُدُورُهُ فِي صِغَرِهَا أَوْ قَالَ قَذَفْتُكِ وَأَنَا نَائِمٌ فَأَنْكَرَتْ نَوْمَهُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ لِبُعْدِهِ، أَوْ وَأَنْتِ مَجْنُونَةٌ أَوْ رَقِيقَةٌ أَوْ كَافِرَةٌ وَنَازَعَتْهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ عَهِدَ ذَلِكَ لَهَا وَإِلَّا صُدِّقَتْ، أَوْ وَأَنَا صَبِيٌّ صُدِّقَ إنْ احْتَمَلَ نَظِيرُ مَا مَرَّ، أَوْ وَأَنَا مَجْنُونٌ صُدِّقَ إنْ عَهِدَ لَهُ وَلَيْسَ لِغَيْرِ صَاحِبِ الْفِرَاشِ اسْتِلْحَاقُ مَوْلُودٍ عَلَى فِرَاشٍ صَحِيحٍ وَإِنْ نَفَاهُ عَنْهُ بِاللِّعَانِ لِبَقَاءِ حَقِّ الِاسْتِلْحَاقِ، فَإِنْ لَمْ يَصِحَّ الْفِرَاشُ كَوَلَدِ مَوْطُوءَةٍ بِشُبْهَةٍ فَلِكُلِّ أَحَدٍ اسْتِلْحَاقُهُ وَلَوْ نَفَى الذِّمِّيُّ وَلَدًا ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يَتْبَعْهُ فِي الْإِسْلَامِ، فَلَوْ مَاتَ الْوَلَدُ وَقُسِّمَ مِيرَاثُهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ الْكُفَّارِ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ لَحِقَهُ فِي نَسَبِهِ وَإِسْلَامِهِ وَوَرِثَهُ وَانْتُقِضَتْ الْقِسْمَةُ وَلَوْ قَتَلَ الْمَلَاعِنُ مَنْ نَفَاهُ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ لَحِقَهُ وَسَقَطَ عَنْهُ الْقِصَاصُ، وَالِاعْتِبَارُ فِي الْحَدِّ وَالتَّعْزِيرِ بِحَالَةِ الْقَذْفِ فَلَا يَتَغَيَّرَانِ بِطُرُوِّ إسْلَامٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ رِقٍّ فِي الْقَاذِفِ أَوْ الْمَقْذُوفِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَإِنْ أَبَى) أَيْ إنْشَاءَ الْقَذْفِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَقْبَلُ مَنِيًّا آخَرَ) أَيْ وَمَجِيءُ الْوَلَدَيْنِ إنَّمَا هُوَ مِنْ كَثْرَةِ الْمَاءِ، فَالتَّوْأَمَانِ مِنْ مَاءِ رَجُلٍ وَاحِدٍ فِي حَمْلٍ وَاحِدٍ شَرْحٌ الرَّوْضِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَاحْتُمِلَ كَوْنُهُ مِنْ النِّكَاحِ فَقَطْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْمِلْكِ أَوْ لِسِتَّةٍ فَأَكْثَرَ مِنْ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ نَفْيُهُ) أَيْ حَيْثُ عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ اُحْتُمِلَ كَوْنُهُ مِنْ الْمِلْكِ فَقَطْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ النِّكَاحِ وَلِسِتَّةٍ فَأَكْثَرَ مِنْ الْمِلْكِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَهُ طَرِيقًا غَيْرَهُ) وَهُوَ الْحَلِفُ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) أَيْ فَيُعَزَّرُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: كَوَلَدِ مَوْطُوءَةٍ بِشُبْهَةٍ) وَمِنْ الشُّبْهَةِ النِّكَاحُ الْفَاسِدُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَيُلَاعِنُ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَنْتَفِي بِهَذَا اللِّعَانِ مَا ثَبَتَ عَلَيْهِ مِنْ الْحَدِّ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تُنْكِرْ أَصْلَ النِّكَاحِ) فِي اسْتِثْنَاءِ هَذَا مِمَّا لَوْ اخْتَلَفَا بَعْدَ الْفُرْقَةِ الْمُؤْذَنِ بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى تَقَدُّمِ نِكَاحٍ مُسَامَحَةٌ لَا تَخْفَى.

[كتاب العدد وهو ضربان]

[كِتَابُ الْعِدَدِ وَهُوَ ضَرْبَانِ] [الضَّرْبَ الْأَوَّلُ مُتَعَلِّقٌ بِفُرْقَةِ زَوْجٍ حَيٍّ بِطَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ] كِتَابُ الْعِدَدِ جَمْعُ عِدَّةٍ مِنْ الْعِدَدِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى أَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ غَالِبًا، وَهِيَ شَرْعًا: مُدَّةٌ تَتَرَبَّصُ فِيهَا الْمَرْأَةُ لِمَعْرِفَةِ بَرَاءَةِ رَحِمِهَا مِنْ الْحَمْلِ أَوْ لِلتَّعَبُّدِ، وَهُوَ اصْطِلَاحًا: مَا لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ عِبَادَةً كَانَ أَوْ غَيْرَهَا، فَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ لَا يُقَالُ فِيهَا تَعَبُّدٌ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْعِبَادَاتِ الْمَحْضَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ أَوْ لِتَفَجُّعِهَا عَلَى زَوْجٍ مَاتَ، وَأُخِّرَتْ إلَى هُنَا لِتَرَتُّبِهَا غَالِبًا عَلَى الطَّلَاقِ وَاللِّعَانِ، وَأُلْحِقَ الْإِيلَاءُ وَالظِّهَارُ بِالطَّلَاقِ لِأَنَّهُمَا كَانَا طَلَاقًا وَلِلطَّلَاقِ تَعَلُّقٌ بِهِمَا وَالْأَصْلُ فِيهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ وَهِيَ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ مَعْلُومَةٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ. وَقَوْلُهُمْ لَا يَكْفُرُ جَاحِدُهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ ضَرُورِيَّةٍ يَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى بَعْضِ تَفَاصِيلِهَا، وَشُرِعَتْ أَصَالَةً صَوْنًا لِلنَّسَبِ عَنْ الِاخْتِلَاطِ وَكُرِّرَتْ الْأَقْرَاءُ الْمُلْحَقُ بِهَا الْأَشْهُرِ مَعَ حُصُولِ الْبَرَاءَةِ بِوَاحِدٍ اسْتِظْهَارًا، وَاكْتَفَى بِهَا مَعَ أَنَّهَا لَا تُفِيدُ يَقِينَ الْبَرَاءَةِ لِأَنَّ الْحَامِلَ تَحِيضُ لِكَوْنِهِ نَادِرًا (عِدَّةُ النِّكَاحِ ضَرْبَانِ الْأَوَّلُ مُتَعَلِّقٌ بِفُرْقَةِ) زَوْجٍ (حَيٍّ بِطَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ) بِنَحْوِ عَيْبٍ أَوْ انْفِسَاخٍ بِنَحْوِ لِعَانٍ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الطَّلَاقِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ، وَخَرَجَ بِالنِّكَاحِ الزِّنَا فَلَا عِدَّةَ فِيهِ اتِّفَاقًا، وَوَطْءُ الشُّبْهَةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَى ضَرْبَيْنِ إذْ لَا يَكُونُ إلَّا فُرْقَةَ حَيٍّ وَهُوَ مَا لَا يُوصَفُ بِحِلٍّ وَلَا حُرْمَةٍ وَإِنْ أَوْجَبَ الْحَدَّ عَلَى الْمَوْطُوءَةِ كَوَطْءِ مَجْنُونٍ أَوْ مُرَاهِقٍ كَامِلَةً وَلَوْ زِنًا مِنْهَا فَتَلْزَمُهَا الْعِدَّةُ لِاحْتِرَامِ الْمَاءِ، وَفِي مَعْنَى الطَّلَاقِ ـــــــــــــــــــــــــــــSكِتَابُ الْعُدَدِ (قَوْلُهُ: غَالِبًا) وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ أَنْ يَكُونَ بِوَضْعِ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: عِبَادَةً كَانَ) أَيْ كَصَلَاةٍ، وَقَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهَا كَعِدَّةٍ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهَا (قَوْلُهُ: لَا يُقَالُ فِيهَا) أَيْ الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ وَلِلطَّلَاقِ تَعَلُّقٌ بِهِمَا) أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ فِي الْإِيلَاءِ وَلَمْ يُطَالِبْ طُولِبَ بِالْوَطْءِ أَوْ الطَّلَاقِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ طَلَّقَ عَلَيْهِ الْقَاضِي عَلَى مَا مَرَّ، وَإِذَا ظَاهَرَ ثُمَّ طَلَّقَ فَوْرًا لَمْ يَكُنْ عَائِدًا وَلَا كَفَّارَةً (قَوْلُهُ: اسْتِظْهَارًا) أَيْ طَلَبًا لِظُهُورِ مَا شُرِعَتْ لِأَجْلِهِ وَهُوَ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ (قَوْلُهُ: وَاكْتَفَى بِهَا) أَيْ الْأَقْرَاءِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْحَامِلَ) تَعْلِيلٌ لِلنَّفْيِ (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ) أَيْ حَيْضُ الْحَامِلِ (قَوْلُهُ: عِدَّةُ النِّكَاحِ) أَيْ الصَّحِيحَ اهـ حَجّ وَأَمَّا الْفَاسِدُ فَإِنْ لَمْ يَقَعْ فِيهِ وَطْءٌ فَلَا شَيْء فِيهِ، وَإِنْ وَقَعَ فَهُوَ وَطْءُ شُبْهَةٍ وَهُوَ لَيْسَ ضَرْبَيْنِ بَلْ لَيْسَ فِيهِ إلَّا مَا فِي فُرْقَةِ الْحَيِّ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا لَا يُوصَفُ بِحَلٍّ) وَفِي نُسْخَةٍ: وَهُوَ كُلُّ مَا لَمْ يُوجِبْ عَلَى الْوَاطِئِ حَدًّا وَإِنْ أَوْجَبَهُ عَلَى الْمَوْطُوءَةِ كَوَطْءِ مَجْنُونٍ إلَخْ، وَهَذَا الْحَدُّ أَوْلَى لِأَنَّهُ يَرِدُ عَلَى الْأَوَّلِ وَطْءٌ نَحْوُ الْمُشْتَرَكَةِ وَالْمُكَاتَبَةِ وَأَمَةِ وَلَدِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ شُبْهَةٌ أُخْرَى مَعَ الْحُرْمَةِ، لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ وَطْءُ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى الزِّنَا فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ وَمَعَ ذَلِكَ تَجِبُ الْعِدَّةُ بِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ. لَكِنْ فِي حَجّ بَعْدَ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ مُرَاهِقٍ أَوْ مُكْرَهٍ كَامِلَةً اهـ. وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي وُجُوبِ الْعِدَّةِ بِوَطْءِ الْمُكْرَهِ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِاحْتِرَامِ الْمَاءِ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQكِتَابُ الْعِدَدِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ اصْطِلَاحًا مَا لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ) قَالَ الشِّهَابُ سم: لَعَلَّ فِي حَدِّهِ مُسَامَحَةٌ. اهـ. أَيْ لِأَنَّ الَّذِي لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ فِي عِبَارَتِهِمْ هُوَ الْمُتَعَبَّدُ بِهِ لَا نَفْسُ التَّعَبُّدِ (قَوْلُهُ: فَلَا عِدَّةَ فِيهِ) هَذَا لَيْسَ مِنْ جُمْلَةِ مَا أَفْهَمَهُ الْمَتْنُ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَهُوَ كُلُّ مَا لَمْ يُوجِبْ عَلَى الْوَاطِئِ حَدًّا إلَخْ.) يَرِدُ عَلَيْهِ الْمُكْرَهُ عَلَى الزِّنَا الْآتِي، وَبِمِثْلِ هَذَا عَبَّرَ حَجّ، لَكِنَّ ذَاكَ يَخْتَارُ أَنَّ الْمُكْرَهَ كَالْمَجْنُونِ وَالْمُرَاهِقِ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ بَدَلَ هَذَا مَا نَصُّهُ: وَهُوَ مَا لَا يُوصَفُ بِحِلٍّ وَلَا

وَنَحْوِهِ مَا لَوْ مُسِخَ الزَّوْجُ حَيَوَانًا. (وَإِنَّمَا تَجِبُ بَعْدَ وَطْءٍ) بِذَكَرٍ مُتَّصِلٍ وَإِنْ كَانَ زَائِدًا وَهُوَ عَلَى سُنَنٍ الْأَصْلِيِّ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ الِاحْتِيَاطُ لِاحْتِمَالِ الْإِحْبَالِ مِنْهُ كَاسْتِدْخَالِ الْمَنِيِّ وَلَوْ فِي دُبُرٍ مِنْ نَحْوِ صَبِيٍّ تَهَيَّأَ لِلْوَطْءِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْغَزَالِيُّ وَخَصِيٍّ وَإِنْ كَانَ الذَّكَرُ أَشَلَّ خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ، أَوْ تَيَقَّنَ بَرَاءَةِ رَحِمِهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ كَأَنْ عَلَّقَهُ بِهَا، أَمَّا قَبْلَهُ فَلَا عِدَّةَ لِلْآيَةِ كَزَوْجَةِ مَجْبُوبٍ لَمْ تَسْتَدْخِلْ مَنِيَّهُ وَمَمْسُوحٍ مُطْلَقًا إذْ لَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ (أَوْ) بَعْدَ (اسْتِدْخَالِ مَنِيِّهِ) أَيْ الزَّوْجِ الْمُحْتَرَمِ وَقْتَ إنْزَالِهِ وَلَا أَثَرَ لِوَقْتِ اسْتِدْخَالِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ نَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ اعْتِبَارَ حَالَةِ الْإِنْزَالِ وَالِاسْتِدْخَالِ فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ اسْتَنْجَى بِحَجَرٍ فَأَمْنَى ثُمَّ اسْتَدْخَلَتْهُ أَجْنَبِيَّةٌ عَالِمَةٌ بِالْحَالِ أَوْ أَنْزَلَ فِي زَوْجَتِهِ فَسَاحَقَتْ بِنْتَه مَثَلًا فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لَحِقَهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الزِّنَا بِامْرَأَةٍ فَحَمَلَتْ مِنْهُ لَمْ يَلْحَقْهُ الْوَلَدُ لِأَنَّا لَا نَعْرِفُ كَوْنَهُ مِنْهُ، وَالشَّرْعُ مَنَعَ نَسَبَهُ مِنْهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي وَسِيطِهِ وَلِأَنَّهُ وَطْءٌ مُحَرَّمٌ، وَيُفَارِقُ وَطْءَ الشُّبْهَةِ بِأَنَّ ثُبُوتَ النَّسَبِ فِيهِ إنَّمَا جَاءَ مِنْ جِهَةِ ظَنِّ الْوَاطِئِ وَلَا ظَنَّ هَهُنَا، وَوَطْءُ الْأَبِ جَارِيَةَ ابْنِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ شُبْهَةَ الْمَلِكِ فِيهَا قَامَتْ مَقَامَ الظَّنِّ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي مِنْ لُحُوقِهِ بِهِ ضَعِيفٌ، وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَنِيَّ الْمَجْبُوبِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِلْعُلُوقِ مِنْ مُجَرَّدِ إيلَاجٍ قَطَعَ فِيهِ بِعَدَمِ الْإِنْزَالِ، وَقَوْلُ الْأَطِبَّاءِ الْهَوَاءُ يُفْسِدُهُ فَلَا يَتَأَتَّى مِنْهُ وَلَدٌ ظَنُّ لَا يُنَافِي الْإِمْكَانَ، عَلَى أَنَّهُ لَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي الْمَجْنُونِ حَقِيقَةً وَفِي الْمُرَاهِقِ حُكْمًا لِكَوْنِهِ مَظِنَّةَ الْإِنْزَالِ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ مُسِخَ الزَّوْجُ حَيَوَانًا) أَيْ فَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ عَلَى سُنَنِ الْأَصْلِيِّ) أَيْ بِخِلَافِ الزَّائِدِ الَّذِي لَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا تَجِبُ الْعِدَّةُ بِالْوَطْءِ بِهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ قُوَّةٌ (قَوْلُهُ: تَهَيَّأَ لِلْوَطْءِ) وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَوْطُوءَةِ أَيْضًا تَهَيُّؤُهَا لِلْوَطْءِ اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ وَسْم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ م ر، وَقَالَ: إنَّ م ر عَبَّرَ عَمَّنْ لَمْ يَتَهَيَّأْ مِنْهُمَا بِابْنِ سَنَةٍ وَنَحْوِهَا، وَقَضِيَّةُ تَخْصِيصِ الشَّارِحِ بِالصَّبِيِّ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ فِي الصَّبِيَّةِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَرَادَ بِالصَّبِيِّ مَا يَشْمَلُ الصَّبِيَّةَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: كَأَنْ عَلَّقَهُ بِهَا) أَيْ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ (قَوْلُهُ: أَمَّا قَبْلَهُ) أَيْ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: لَمْ تَسْتَدْخِلْ مَنِيَّهُ) أَيْ عَلِمَ ذَلِكَ، أَمَّا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ عَدَمَ اسْتِدْخَالِهِ كَأَنْ سَاحَقَهَا وَنَزَلَ مَنِيُّهُ وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ دَخَلَ فَرْجَهَا أَوْ لَا فَتَجِبُ بِهِ الْعِدَّةُ وَيَلْحَقُ بِهِ النَّسَبُ وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالْحَمْلِ الْحَاصِلِ مِنْهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي لِلشَّارِحِ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ الْآتِي مِنْ قَوْلِهِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ كَوْنُهُ مِنْهُ كَصَبِيٍّ لَمْ يَبْلُغْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَمْسُوحٍ) أَيْ وَكَزَوْجَةٍ مَمْسُوحٍ إلَخْ، وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا: أَيْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ أَوْ لَا، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ سَاحَقَهَا حَتَّى نَزَلَ مَاؤُهُ فِي فَرْجِهَا (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ كَوْنِهِ مُحْتَرَمًا وَقْتَ الْإِنْزَالِ، وَقَدْ يُقَالُ فِي الْأَخْذِ مِنْ ذَلِكَ نَظَرٌ لِأَنَّ مَنْ يَقُولُ بِلُحُوقِ النَّسَبِ يَجْعَلُ ذَلِكَ الْمَنِيَّ مُحْتَرَمًا لِعَدَمِ إيجَابِ الْوَطْءِ الْمُحَصِّلِ لَهُ الْحَدُّ (قَوْلُهُ فَحَمَلَتْ مِنْهُ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ وَطْؤُهَا مِنْ زَوْجٍ أَوْ شُبْهَةٍ وَيُمْكِنُ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ لَمْ يَلْحَقْهُ الْوَلَدُ) أَيْ وَلَا عِدَّةَ سم عَنْ م ر عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَيُفَارِقُ وَطْءَ الشُّبْهَةِ) أَيْ حَيْثُ لَحِقَ بِهِ النَّسَبُ وَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ (قَوْلُهُ: وَوَطْءُ الْأَبِ جَارِيَةَ ابْنِهِ) أَيْ أَوْ وَطْءُ الشَّخْصِ أَمَتَهُ الْمُشْتَرَكَةَ أَوْ الْمُكَاتَبَةَ أَوْ الْمُبَعَّضَةَ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي مِنْ لُحُوقِهِ) أَيْ الْوَلَدِ، وَقَوْلُهُ ضَعِيفٌ: أَيْ وَمَعَ ضَعْفِهِ هُوَ مُقْتَضَى تَعْرِيفِ الشُّبْهَةِ بِأَنَّهَا كُلُّ وَطْءٍ لَا حَدَّ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْأَطِبَّاءِ) رَاجِعٌ لِاسْتِدْخَالِ الْمَنِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQحُرْمَةٍ، وَإِنْ أَوْجَبَ الْحَدَّ عَلَى الْمَوْطُوءَةِ. اهـ. وَالْأُولَى أَوْلَى، وَإِنْ أَوْرَدَ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: بِذِكْرٍ مُتَّصِلٍ، وَإِنْ كَانَ زَائِدًا) وَفِي نُسْخَةٍ بِذِكْرٍ مُتَّصِلٍ أَصْلِيٍّ أَوْ زَائِدٍ عَلَى مَا ادَّعَاهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ الِاحْتِيَاطُ لِاحْتِمَالِ الْإِحْبَالِ مِنْهُ كَاسْتِدْخَالِ الْمَنِيِّ وَلَوْ فِي دُبُرٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أُكْرِهَ إلَخْ.) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ الْأَخْذِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّا لَا نَعْرِفُ كَوْنَهُ مِنْهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ عُلِمَ كَوْنُهُ مِنْهُ يَلْحَقُهُ وَيُنَافِيهِ قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الثَّانِي، عَلَى أَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ مَا الْكَلَامُ فِيهِ مِنْ الِاسْتِدْخَالِ (قَوْلُهُ: وَوَطْءَ الْأَبِ) هُوَ بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى وَطْءِ الشُّبْهَةِ

قِيلَ بِأَنَّهُ مَتَى حَمَلَتْ مِنْهُ تَبَيَّنَّا عَدَمَ تَأْثِيرِ الْهَوَاءِ فِيهِ لَمْ يَبْعُدْ وَمِنْ ثَمَّ لَحِقَ بِهِ النَّسَبُ أَيْضًا، أَمَّا غَيْرُ الْمُحْتَرَمِ عِنْدَ إنْزَالِهِ بِأَنْ أَنْزَلَهُ مِنْ زِنًا فَاسْتَدْخَلَتْهُ زَوْجَتُهُ فَلَا عِدَّةَ وَلَا نَسَبَ يَلْحَقُ بِهِ. وَلَوْ اسْتَمْنَى بِيَدٍ مَنْ يَرَى حُرْمَتَهُ فَالْأَقْرَبُ عَدَمُ احْتِرَامِهِ، وَتَجِبُ عِدَّةُ الْفِرَاقِ بَعْدَ الْوَطْءِ (وَإِنْ تَيَقَّنَ بَرَاءَةَ الرَّحِمِ) لِكَوْنِهِ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِهَا فَوُجِدَتْ أَوْ لِكَوْنِ الْوَاطِئِ صَغِيرًا أَوْ الْمَوْطُوءَةِ صَغِيرَةً لِعُمُومِ مَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى {مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: 237] وَتَعْوِيلًا عَلَى الْإِيلَاجِ لِظُهُورِهِ دُونَ الْمَنِيِّ الْمُسَبِّبِ عَنْهُ الْعُلُوقُ لِخَفَائِهِ فَأَعْرَضَ الشَّرْعُ عَنْهُ وَاكْتَفَى بِسَبَبِهِ وَهُوَ الْوَطْءُ أَوْ دُخُولُ الْمَنِيِّ، كَمَا أَعْرَضَ عَنْ الْمَشَقَّةِ فِي السَّفَرِ وَاكْتَفَى بِهِ لِأَنَّهُ مَظِنَّتُهَا (لَا بِخَلْوَةٍ) مُجَرَّدَةٍ عَنْ وَطْءٍ وَاسْتِدْخَالِ مَنِيٍّ مُحْتَرَمٍ وَمَرَّ بَيَانُهَا فِي الصَّدَاقِ فَلَا عِدَّةَ فِيهَا (فِي الْجَدِيدِ) لِمَفْهُومِ الْآيَةِ، وَمَا جَاءَ عَنْ عَلِيٍّ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مِنْ وُجُوبِهَا مُنْقَطِعٌ وَالْقَدِيمُ تُقَامُ مَقَامَ الْوَطْءِ (وَعِدَّةُ حُرَّةٍ ذَاتِ أَقْرَاءٍ) وَإِنْ اخْتَلَفَتْ وَتَطَاوَلَ مَا بَيْنَهَا (ثَلَاثَةٌ) أَيْ مِنْ الْأَقْرَاءِ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا مِنْ زِنًا إذْ حَمْلُ الزِّنَا لَا حُرْمَةَ لَهُ، وَلَوْ جَهِلَ حَالَ الْحَمْلِ وَلَمْ يُمْكِنْ لُحُوقُهُ بِالزَّوْجِ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ زِنًا كَمَا نَقَلَاهُ وَأَقَرَّاهُ: أَيْ مِنْ حَيْثُ صِحَّةُ نِكَاحِهَا مَعَهُ وَجَوَازُ وَطْءِ الزَّوْجِ لَهَا، أَمَّا مِنْ حَيْثُ عَدَمُ عُقُوبَتِهَا بِسَبَبِهِ فَيُحْمَلُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لَمْ يَبْعُدْ) لَكِنْ هَذَا لَا يَرُدُّ عَلَى الْأَطِبَّاءِ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْتَرِفُونَ بِأَنَّ الْوَلَدَ مِنْهُ بَلْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِهِ كَزِنًا أَوْ شُبْهَةٍ (قَوْلُهُ: مِنْ يَرَى حُرْمَتَهُ) كَالشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: فَالْأَقْرَبُ عَدَمُ احْتِرَامِهِ) أَيْ فَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ بِهِ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِخَوْفِ الزِّنَا وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَفِي سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ إلَخْ، وَيُفَارِقُ اسْتِنْزَالُهُ بِالِاسْتِمْتَاعِ بِنَحْوِ الْحَائِضِ بِأَنَّهَا مَحَلُّ الِاسْتِمْتَاعِ وَتَحْرِيمُ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا عَارِضٌ، بِخِلَافِ الِاسْتِنْزَالِ بِالْيَدِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ فِي نَفْسِهِ كَالزِّنَا، وَلَا يُنَافِي كَوْنُهُ حَرَامًا فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ قَدْ يَحِلُّ، إذَا اُضْطُرَّ لَهُ بِحَيْثُ لَوْلَاهُ وَقَعَ فِي الزِّنَا لِأَنَّ الْحِلَّ حِينَئِذٍ بِتَسْلِيمِهِ عَارِضٌ م ر اهـ (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِمَا) أَيْ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ (قَوْلُهُ: فَوُجِدَتْ) أَيْ بِأَنْ حَاضَتْ بَعْدَ التَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِكَوْنِ الْوَاطِئِ صَغِيرًا) أَيْ يُمْكِنُ وَطْؤُهُ (قَوْلُهُ: وَالْمَوْطُوءَةِ صَغِيرَةً) أَيْ يُمْكِنُ وَطْؤُهَا (قَوْلُهُ: لَا بِخَلْوَةٍ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ اخْتَلَى بِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا فَادَّعَتْ أَنَّهُ لَمْ يَطَأْ لِتَتَزَوَّجَ حَالًا صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ مُنْكِرَ الْجِمَاعِ هُوَ الْمُصَدَّقُ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَإِنْ ادَّعَى الزَّوْجُ الْوَطْءَ، وَلَوْ ادَّعَى هُوَ عَدَمَ الْوَطْءِ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَيْهِ بِطَلَاقِهِ إلَّا نِصْفُ الْمَهْرِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَيَنْبَغِي فِي هَذِهِ وُجُوبُ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا لِاعْتِرَافِهَا بِالْوَطْءِ، وَتَقَدَّمَ قُبَيْلَ الْإِيلَاءِ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ قَالَ: وَإِذَا طَلَّقَ الزَّوْجُ دُونَ ثَلَاثٍ وَقَالَ وَطِئْتُ فَلِي الرَّجْعَةَ وَأَنْكَرَتْ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا أَنَّهُ مَا وَطِئَهَا (قَوْلُهُ: وَعِدَّةُ حُرَّةٍ) مُسْتَأْنَفٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا) أَيْ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُمْكِنْ لُحُوقُهُ بِالزَّوْجِ) أَيْ بِأَنْ وُلِدَ لِأَكْثَر مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَقْتِ إمْكَانِ وَطْءِ الزَّوْجِ لَهَا كَأَنْ كَانَ مُسَافِرًا بِمَحَلٍّ بَعِيدٍ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَ لُحُوقُهُ بِهِ بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ نِكَاحِ الثَّانِي وَدُونَ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ طَلَاقِ الْأَوَّلِ حُكِمَ بِلُحُوقِهِ لِلْأَوَّلِ وَبِبُطْلَانِ نِكَاحِ الثَّانِي، وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَلَوْ نَكَحَتْ بَعْدَ الْعِدَّةِ فَوَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَكَأَنَّهَا لَمْ تُنْكَحْ (قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ حَيْثُ صِحَّةُ نِكَاحِهَا) صَرِيحٌ فِي أَنَّ حَمْلَ الزِّنَا لَا يَقْطَعُ الْعِدَّةَ، وَقَدْ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا مَرَّ فِي فَصْلٌ: الطَّلَاقُ سُنِّيٌّ وَبِدْعِيٌّ مِنْ قَوْلِهِ وَمِنْهُ أَيْضًا مَا لَوْ نَكَحَ حَامِلًا مِنْ زِنًا وَطِئَهَا لِأَنَّهَا لَا تَشْرَعُ فِي الْعِدَّةِ إلَّا بَعْدَ الْوَضْعِ فَفِيهِ تَطْوِيلٌ عَظِيمٌ عَلَيْهَا كَذَا قَالَاهُ، وَمَحَلُّهُ فِيمَنْ لَمْ تَحِضْ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ، أَمَّا مَنْ تَحِيضُ حَامِلًا فَنَقْضِي عِدَّتَهَا بِالْأَقْرَاءِ كَمَا ذَكَرَاهُ فِي الْعِدَّةِ فَلَا يَحْرُمُ طَلَاقُهَا فِي طُهْرٍ لَمْ يَطَأْهَا فِيهِ إذْ لَا تَطْوِيلَ حِينَئِذٍ، فَانْدَفَعَ مَا أَطَالَ بِهِ فِي التَّوْشِيحِ مِنْ الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِمَا اهـ. وَقَدَّمْنَا ثَمَّ أَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُ مَا تَقَدَّمَ عَلَى حَمْلٍ مِنْ زِنًا مَا لَمْ يَسْبِقْهُ حَيْضٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِمَفْهُومِ الْآيَةِ) الظَّاهِرُ لِمَنْطُوقِهَا كَمَا لَا يَخْفَى

عَلَى أَنَّهُ مِنْ شُبْهَةٍ، فَإِنْ أَتَتْ بِهِ لِلْإِمْكَانِ مِنْهُ لَحِقَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَمْ يَنْتِفْ عَنْهُ إلَّا بِلِعَانٍ، وَلَوْ أَقَرَّتْ بِأَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ ثُمَّ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا وَزَعَمَتْ أَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ لَمْ يُقْبَلْ لِأَنَّ قَوْلَهَا الْأَوَّلَ يَتَضَمَّنُ أَنَّ عِدَّتَهَا لَا تَنْقَضِي بِالْأَشْهُرِ فَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهَا فِيهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَتْ لَا أَحِيضُ زَمَنَ الرَّضَاعِ ثُمَّ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا وَقَالَتْ أَحِيضُ زَمَنَهُ فَيُقْبَلُ كَمَا أَفْتَى بِجَمِيعِ ذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ الثَّانِيَ مُتَضَمَّنٌ لَدَعْوَاهَا الْحَيْضَ فِي زَمَنِ إمْكَانِهِ وَهِيَ مَقْبُولَةٌ فِيهِ وَإِنْ خَالَفَتْ عَادَتَهَا، وَلَوْ الْتَحَقَتْ حُرَّةٌ ذِمِّيَّةٌ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ اُسْتُرِقَّتْ كَمَّلْت عِدَّةَ حُرَّةٍ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ (وَالْقُرْءُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِهِ وَهُوَ أَكْثَرُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الطُّهْرِ وَالْحَيْضِ كَمَا حُكِيَ عَنْ إجْمَاعِ اللُّغَوِيِّينَ لَكِنَّ الْمُرَادَ هُنَا (الطُّهْرُ) الْمُحْتَوِشُ بِدَمَيْنِ كَمَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - إذْ الْقُرْءُ الْجَمْعُ وَهُوَ فِي زَمَنِ الطُّهْرِ أَظْهَرُ (فَإِنْ طَلُقَتْ طَاهِرًا) وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الطُّهْرِ لَحْظَةٌ (انْقَضَتْ بِالطَّعْنِ فِي حَيْضَةٍ ثَالِثَةٍ) لِإِطْلَاقِ الْقُرْءِ عَلَى أَقَلِّ لَحْظَةِ مِنْ الطُّهْرِ وَإِنْ وَطِئَ فِيهِ وَلِأَنَّ إطْلَاقَ الثَّلَاثَةِ عَلَى اثْنَيْنِ وَبَعْضِ الثَّالِثِ شَائِعٌ كَمَا فِي {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] . أَمَّا إذَا لَمْ يَبْقَ مِنْهُ ذَلِكَ كَأَنْتِ طَالِقٌ آخِرَ طُهْرِكِ فَلَا بُدَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْرَاءَ كَوَامِلَ (أَوْ) طَلُقَتْ (حَائِضًا) وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ زَمَنِ الْحَيْضِ شَيْءٌ فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالطَّعْنِ (فِي) حَيْضَةٍ (رَابِعَةٍ) إذْ مَا بَقِيَ مِنْ الْحَيْضِ لَا يُحْسَبُ قُرْءًا قَطْعًا لِأَنَّ الطُّهْرَ الْأَخِيرَ إنَّمَا يَتَبَيَّنُ كَمَالُهُ بِالشُّرُوعِ فِيمَا يَعْقُبهُ وَهُوَ الْحَيْضَةُ الرَّابِعَةُ (وَفِي قَوْلٍ يُشْتَرَطُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ) بَعْدَ الطَّعْنِ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فِي الْأُولَى وَفِي الرَّابِعَةِ فِي الثَّانِيَةِ إذْ لَا يَتَحَقَّقُ كَوْنُهُ دَمَ حَيْضٍ بِدُونِ ذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا فَهُمَا لَيْسَا مِنْ الْعِدَّةِ كَزَمَنِ الطَّعْنِ عَلَى الْأَوَّلِ بَلْ يَتَبَيَّنُ بِهِمَا كَمَالُهَا فَلَا تَصِحُّ فِيهِمَا رَجْعَةٌ وَيَنْكِحُ نَحْوَ أُخْتِهَا وَقِيلَ مِنْهَا وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ حُكْمِ الطَّلَاقِ فِي النِّفَاسِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْحَيْضِ عَدَمُ حُسْبَانِهِ مِنْ الْعِدَّةِ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَيْضًا فِي الْحَالِ الثَّانِي فِي اجْتِمَاعِ عِدَّتَيْنِ (وَهَلْ يُحْسَبُ) زَمَنُ (طُهْرِ مَنْ لَمْ تَحِضْ) أَصْلًا (قُرْءًا) أَوْ لَا يُحْسَبُ (قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقُرْءَ) هَلْ هُوَ (انْتِقَالٌ مِنْ طُهْرٍ إلَى حَيْضٍ) فَيُحْسَبُ (أَمْ) الْأَفْصَحُ أَوْ (طُهْرٍ مُحْتَوَشٍ) بِفَتْحِ الْوَاوِ (بِدَمَيْنِ) حَيْضَتَيْنِ أَوْ نِفَاسَيْنِ أَوْ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ فَلَا يُحْسَبُ. (وَالثَّانِي) مِنْ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ (أَظْهَرُ) فَيَكُونُ الْأَظْهَرُ فِي الْمَبْنِيِّ عَدَمَ حُسْبَانِهِ قُرْءًا، فَإِذَا حَاضَتْ بَعْدَهُ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا إلَّا بِالطَّعْنِ فِي الرَّابِعَةِ كَمَنْ طَلُقَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ شُبْهَةٍ) أَيْ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَزَعَمَتْ) أَيْ ادَّعَتْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ خَالَفَتْ عَادَتَهَا) يَعْنِي أَنَّ قَوْلَهَا أَنَا لَا أَحِيضُ فِي زَمَنِ الرَّضَاعِ بَنَتْهُ عَلَى عَادَتْهَا السَّابِقَةِ، وَدَعْوَاهَا الْآنَ أَنَّهَا تَحِيضُ لَيْسَ مُتَضَمِّنًا لِنَفْيِهَا الْحَيْضَ فِي زَمَنِ الرَّضَاعِ السَّابِقِ لِجَوَازِ تَغَيُّرِ عَادَتِهَا فَتَكُونُ صَادِقَةً فِي كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ، بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهَا لَوْ أَقَرَّتْ بِكَوْنِهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ ثُمَّ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا مُنَافٍ لَدَعْوَاهَا الْأُولَى، لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهَا أَنَا مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ أَنَّهُ سَبَقَ لَهَا حَيْضٌ، وَقَوْلُهَا أَنَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ لَهَا حَيْضٌ وَهُمَا مُتَنَافِيَانِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ الْتَحَقَتْ) أَيْ وَهِيَ مُطَلَّقَةٌ (قَوْلُهُ ثُمَّ اسْتَرَقَتْ) أَيْ قَبْلَ تَمَامِ عِدَّتِهَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ فِي زَمَنِ الطُّهْرِ أَظْهَرُ) أَيْ فَرَجَحَ الْقَوْلُ بِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْحَيْضُ (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا لَمْ يَبْقَ مِنْهُ ذَلِكَ) أَيْ لَحْظَةً (قَوْلُهُ وَقِيلَ مِنْهَا) أَيْ الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: عَدَمُ حُسْبَانِهِ مِنْ الْعِدَّةِ) أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ أَقْرَاءٍ بَعْدَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَرَّتْ بِأَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ إلَخْ.) هَلْ مِثْلُهُ مَا لَوْ أَقَرَّتْ بِأَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ ثُمَّ أَكْذَبَتْ نَفْسَهَا، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الْآتِي فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ عَقِبَ هَذِهِ أَنَّهَا تُقْبَلُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْمُرَادَ هُنَا) أَيْ فِي هَذَا الْبَابِ بِنَاءً عَلَى الْأَظْهَرِ الْآتِي حَتَّى يَتَأَتَّى قَوْلُهُ: الْمُحْتَوِشُ، وَكَانَ الْأَوْلَى إسْقَاطَ لَفْظِ الْمُحْتَوِشِ لِيَتَأَتَّى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ فِي زَمَنِ الطُّهْرِ أَظْهَرُ) وَسَيَأْتِي وَجْهُهُ فِي الشَّرْحِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ انْتِقَالٌ مِنْ طُهْرٍ إلَخْ.) فِيهِ

فِي الْحَيْضِ، وَذَلِكَ لِمَا مَرَّ أَنَّ فِي الْقُرْءِ الْجَمْعَ وَالدَّمُ زَمَنُ الطُّهْرِ يَنْجَمِعُ فِي الرَّحِمِ وَزَمَنُ الْحَيْضِ يَنْجَمِعُ بَعْضُهُ وَيَسْتَرْسِلُ بَعْضُهُ إلَى أَنْ يَنْدَفِعَ الْكُلُّ وَهُنَا لَا جَمْعَ وَلَا ضَمَّ، وَلَا يُنَافِي مَا رُجِّحَ هُنَا تَرْجِيحُهُمْ وُقُوعَ الطَّلَاقِ حَالًا فِيمَا لَوْ قَالَ لِمَنْ لَمْ تَحِضْ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي كُلِّ قُرْءٍ طَلْقَةٌ لِأَنَّ الْقُرْءَ اسْمٌ لِلطُّهْرِ فَوَقَعَ الطَّلَاقُ لِصِدْقِ الِاسْمِ وَأَمَّا الِاحْتِوَاشُ هُنَا فَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لِيَغْلِبَ ظَنُّ الْبَرَاءَةِ (وَعِدَّةُ) حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ (مُسْتَحَاضَةٍ) غَيْرِ مُتَحَيِّرَةٍ (بِأَقْرَائِهَا الْمَرْدُودَةِ) هِيَ (إلَيْهَا) حَيْضًا وَطُهْرًا فَتُرَدُّ مُعْتَادَةٌ لِعَادَتِهَا فِيهِمَا وَمُمَيِّزَةٌ لِتَمْيِيزِهَا كَذَلِكَ وَمُبْتَدَأَةٌ لِيَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فِي الْحَيْضِ وَتِسْعٍ وَعِشْرِينَ فِي الطُّهْرِ. فَعِدَّتُهَا تِسْعُونَ يَوْمًا مِنْ ابْتِدَاءِ دَمِهَا إنْ كَانَتْ حُرَّةً لِاشْتِمَالِ كُلِّ شَهْرٍ عَلَى حَيْضٍ وَطُهْرٍ غَالِبًا (وَ) عِدَّةُ حُرَّةٍ (مُتَحَيِّرَةٍ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ) هِلَالِيَّةٍ، نَعَمْ إنْ وَقَعَ الْفِرَاقُ أَثْنَاءَ شَهْرٍ فَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا عُدَّ قُرْءًا لِاشْتِمَالِهِ عَلَى طُهْرٍ لَا مَحَالَةَ فَتُعْتَدُّ بَعْدَهُ بِهِلَالَيْنِ وَإِلَّا أُلْغِيَ وَاعْتُدَّتْ مِنْ انْقِضَائِهِ بِثَلَاثَةِ أَهِلَّةٍ، وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي هَذَا الْأَكْثَرِ أَنْ يَكُونَ يَوْمًا وَلَيْلَةً فَأَكْثَرَ (فِي الْحَالِ) لِاشْتِمَالِ كُلِّ شَهْرٍ عَلَى مَا ذُكِرَ، وَصَبْرُهَا لِسِنِّ الْيَأْسِ مَشَقَّةٌ عَظِيمَةٌ وَبِهِ فَارَقَ الِاحْتِيَاطَ فِي الْعِبَادَةِ إذْ لَا تَعْظُمُ مَشَقَّتُهُ (وَقِيلَ) عِدَّتُهَا بِالنِّسْبَةِ لِحِلِّهَا لِلْأَزْوَاجِ لَا لِرَجْعَةٍ وَسُكْنَى ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ (بَعْدَ الْيَأْسِ) لِأَنَّهَا قَبْلَهُ مُتَوَقِّعَةٌ لِلْحَيْضِ الْمُتَيَقَّنِ، هَذَا كُلُّهُ إنْ لَمْ تَحْفَظْ قَدْرَ دَوْرِهَا، وَإِلَّا اُعْتُدَّتْ بِثَلَاثَةٍ مِنْهَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْحَيْضِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ أَمْ أَقَلَّ، وَكَذَا لَوْ شَكَّتْ فِي قَدْرِ أَدْوَارِهَا، وَلَكِنْ قَالَتْ أَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تُجَاوِزُ سِتَّةً مَثَلًا أَخَذَتْ بِالْأَكْثَرِ وَتَجْعَلُ السِّتَّةَ دَوْرَهَا ذَكَرَهُ الدَّارِمِيُّ وَوَافَقَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ فِي بَابِ الْحَيْضِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْأَشْهُرَ لَيْسَتْ مُتَأَصِّلَةً فِي حَقِّ الْمُتَحَيِّرَةِ، وَلَكِنْ يَحْسُبُ كُلُّ شَهْرٍ فِي حَقِّهَا قُرْءًا، بِخِلَافِ مَنْ لَمْ تَحِضْ وَالْآيِسَةِ حَيْثُ يُكْمِلَانِ الْمُنْكَسِرَ كَمَا سَيَأْتِي أَمَّا مَنْ فِيهَا رِقٌّ فَقَالَ الْبَارِزِيُّ تُعْتَدُّ بِشَهْرٍ وَنِصْفٍ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: هَذَا قَدْ يَتَخَرَّجُ عَلَى أَنَّ الْأَشْهُرَ أَصْلٌ فِي حَقِّهَا وَلَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ، فَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهَا إذَا طَلُقَتْ أَوَّلَ الشَّهْرِ اُعْتُدَّتْ بِشَهْرَيْنِ أَوْ وَقَدْ بَقِيَ أَكْثَرُهُ فَبِبَاقِيهِ. وَالثَّانِي أَوْ دُونَ أَكْثَرِهِ فَبِشَهْرَيْنِ بَعْدَ تِلْكَ الْبَقِيَّةِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمَجْنُونَةَ الَّتِي تَرَى الدَّمَ لَا تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ بَلْ بِالْأَقْرَاءِ كَالْعَاقِلَةِ، وَقَدْ أَطْلَقُوا الْكَلَامَ عَلَى الْمُتَحَيِّرَةِ بِأَنَّ الْمَجْنُونَةَ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ كَالصَّغِيرَةِ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ لَكِنْ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى حَالَةِ انْبِهَامِ زَمَنِ حَيْضِهَا وَعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ إذْ غَايَتُهَا أَنْ تَكُونَ حِينَئِذٍ كَالْمُتَحَيِّرَةِ. أَمَّا إذَا عُرِفَ حَيْضُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ) هُوَ قَوْلُهُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى طُهْرٍ وَلَمْ يَذْكُرْ حَجّ هَذَا الْأَخْذَ وَفِي أَخْذِ ذَلِكَ مِنْ التَّعْلِيلِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ لَوْ زَادَ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَحْظَةً عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ بَعْضَ ذَلِكَ طُهْرٌ إذْ لَوْ فُرِضَ فِيهِ حَيْضٌ فَغَايَتُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَمَا زَادَ عَلَيْهَا طُهْرٌ وَخُصُوصُ كَوْنِ الْحَيْضِ يَوْمًا وَلَيْلَةً بِتَقْدِيرِهِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الطُّهْرُ الْمُصَاحِبُ لَهُ هَذِهِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الطُّهْرُ لَا يَتِمُّ إلَّا بِمُضِيِّ زَمَنٍ مِنْ الشَّهْرِ الَّذِي يَلِيهِ (قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لَيْسَتْ مُتَأَصِّلَةً فِي حَقِّ الْمُتَحَيِّرَةِ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ طَلُقَتْ وَقَدْ بَقِيَ دُونَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَلْغَتْ مَا بَقِيَ مِنْ الشَّهْرِ وَاعْتَدَّتْ بَعْدَهُ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِي الْأَمَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ وَقَدْ بَقِيَ أَكْثَرُهُ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَيْلَةً فَأَكْثَرَ عَلَى مَا مَرَّ لَهُ فِي قَوْلِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ فِي هَذَا الْأَكْثَرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي) أَيْ وَالشَّهْرُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَيْ مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَطْلَقُوا الْكَلَامَ) أَيْ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمُتَحَيِّرَةِ أَنَّ الْمَجْنُونَةَ إلَخْ فَالْبَاءُ زَائِدَةٌ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمَجْنُونَةَ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُتَحَيِّرَةً (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا عُرِفَ حَيْضُهَا) أَيْ الْمَجْنُونَةِ زَمَنَ الْجُنُونِ: أَيْ بِأَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَسَمُّحٌ وَالْمُرَادُ طُهْرٌ تَنْتَقِلُ مِنْهُ إلَى حَيْضٍ كَمَا بَيَّنَهُ الْجَلَالُ (قَوْلُهُ: فَعِدَّتُهَا تِسْعُونَ يَوْمًا) لَعَلَّ الصُّورَةَ أَنَّ الدَّمَ لَمْ يَبْتَدِئْهَا إلَّا بَعْدَ الطَّلَاقِ، وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ قُصُورٌ، إذْ لَوْ كَانَتْ الصُّورَةُ أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ أَشْكَلَ فِيمَا إذَا طَلُقَتْ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ كَانَ الدَّمُ عَلَيْهَا مِنْ أَوَّلِهِ فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ مُطَلَّقَةٌ فِي طُهْرٍ احْتَوَشَهُ دَمَانِ، وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ حُسْبَانُ مَا بَقِيَ مِنْهُ بِقُرْءٍ، ثُمَّ رَأَيْت

فَتُعْتَدُّ بِهِ (وَ) عِدَّةَ أَمَةٍ حَتَّى (أُمِّ وَلَدٍ وَمُكَاتَبَةٍ وَمَنْ فِيهَا رِقٌّ) وَإِنْ قَلَّ (بِقُرْأَيْنِ) لِأَنَّ الْقِنَّ عَلَى نِصْفِ مَا لِلْحُرِّ وَكَمُلَ الْقُرْءُ لِتَعَذُّرِ تَنْصِيفِهِ كَالطَّلَاقِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ الْأُمُورِ الْجِبِلِّيَّةِ الَّتِي تَتَسَاوَيَانِ فِيهَا لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْقُرْءِ هُنَا لِزِيَادَةِ الِاحْتِيَاطِ وَالِاسْتِظْهَارِ وَهِيَ مَطْلُوبَةٌ فِي الْحُرَّةِ أَكْثَرَ فَخُصَّتْ بِثَلَاثَةٍ، نَعَمْ لَوْ تَزَوَّجَ لَقِيطَةً ثُمَّ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ ثُمَّ طَلَّقَهَا اعْتَدَّتْ عِدَّةَ حُرَّةٍ لِحَقِّهِ أَوْ مَاتَ عَنْهَا اعْتَدَّتْ عِدَّةَ أَمَةٍ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى (وَإِنْ) (عَتَقَتْ) أَمَةٌ بِسَائِرِ أَحْوَالِهَا (فِي عَدَّةِ رَجْعَةٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ بِلَفْظِ الْمَصْدَرِ (كَمَّلَتْ عِدَّةَ حُرَّةٍ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ فَكَأَنَّهَا عَتَقَتْ قَبْلَ الطَّلَاقِ، وَالثَّانِي تُتِمُّ عِدَّةَ أَمَةٍ نَظَرًا لِوَقْتِ الْوُجُوبِ (أَوْ) عَتَقَتْ فِي عِدَّةِ (بَيْنُونَةٍ) أَوْ وَفَاةٍ (فَأَمَةٌ) أَيْ فَلْتُكْمِلْ عِدَّةَ أَمَةٍ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ الْبَائِنَ وَمَنْ فِي حُكْمِهَا كَالْأَجْنَبِيَّةِ. وَالثَّانِي تُتِمُّ عِدَّةَ حُرَّةٍ اعْتِبَارًا بِوُجُودِ الْعِدَّةِ الْكَامِلَةِ قَبْلَ تَمَامِ النَّاقِصَةِ. أَمَّا لَوْ عَتَقَتْ مَعَ الْعِدَّةِ كَأَنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا وَعِتْقَهَا بِشَيْءٍ وَاحِدٍ فَتَعْتَدُّ بِعِدَّةِ حُرَّةٍ قَطْعًا، وَالْعِبْرَةُ فِي كَوْنِهَا حُرَّةً أَوْ أَمَةً بِظَنِّ الْوَاطِئِ لَا بِمَا فِي الْوَاقِعِ حَتَّى لَوْ وَطِئَ أَمَةَ غَيْرِهِ ظَانًّا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْحُرَّةُ اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ أَوْ حُرَّةً ظَانًّا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْأَمَةُ أَوْ أَمَتَهُ فَكَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الْمَنْقُولِ وَهُوَ الْوَجْهُ. وَقَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: الْمَشْهُورُ الْقَطْعُ بِهِ وَإِنْ جَرَى بَعْضُهُمْ عَلَى خِلَافِهِ، وَلَوْ وَطِئَ أَمَتَهُ يَظُنُّ أَنَّهُ يَزْنِي بِهَا اعْتَدَّتْ بِقُرْءٍ لِحَقِّهِ وَلَا أَثَرَ لَظَنِّهِ هُنَا لِفَسَادِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُحَدَّ كَمَا يَأْتِي لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمَفْسَدَةِ بَلْ وَلَا يُعَاقَبُ فِي الْآخِرَةِ عِقَابَ الزَّانِي بَلْ دُونَهُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ، نَعَمْ يَفْسُقُ بِذَلِكَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَكَذَا كُلُّ فِعْلٍ أَقْدَمَ عَلَيْهِ ظَانًّا أَنَّهُ مَعْصِيَةٌ فَإِذَا هُوَ غَيْرُهَا: أَيْ وَهُوَ مِمَّا يَفْسُقُ بِهِ لَوْ ارْتَكَبَهُ حَقِيقَةً (وَ) عِدَّةُ (حُرَّةٍ لَمْ تَحِضْ) ـــــــــــــــــــــــــــــSاُطُّلِعَ عَلَى حَيْضِهَا فِي زَمَنِهِ وَعُرِفَ بِأَنَّهُ حَيْضٌ بِعَلَامَاتِ تَظْهَرُ لِمَنْ رَآهُ (قَوْلُهُ: تَتَسَاوَيَانِ) أَيْ الْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ (قَوْلُهُ فَخُصَّتْ) أَيْ الْحُرَّةُ وَقَوْلُهُ لَحِقَهُ أَيْ الزَّوْجَ (قَوْلُهُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ) إنَّمَا ضَبَطَهَا بِذَلِكَ إشَارَةً إلَى أَنَّ هَذِهِ النُّسْخَةَ أَوْضَحُ مِنْ الَّتِي وُجِدَ فِيهَا رَجْعِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَمَنْ فِي حُكْمِهَا) أَيْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ (قَوْلُهُ أَوْ أَمَتُهُ فَكَذَلِكَ) أَيْ فَتَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ إلَّا أَنَّ هَذَا لَا يَتَفَرَّعُ عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِظَنِّ الْوَاطِئِ فَكَانَ الْأَوْلَى جَعْلَهُ مُسْتَأْنِفًا كَأَنْ يَقُولُ لَكِنْ لَوْ وَطِئَ حُرَّةً ظَانًّا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْأَمَةُ إلَخْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْحُرِّيَّةِ إمَّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَوْ بِظَنِّ الْوَاطِئِ، وَفِي سم عَلَى حَجّ: فَرْعٌ: وَطِئَ أَمَةً لِغَيْرِهِ يَظُنُّهَا أَمَتَهُ اعْتَدَّتْ بِقُرْءٍ وَاحِدٍ رَوْضٌ اهـ وَقَوْلُ ابْنِ قَاسِمٍ اعْتَدَّتْ أَيْ اسْتَبْرَأَتْ بِقُرْءٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: اعْتَدَّتْ بِقُرْءٍ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُهُ فَإِنَّهَا أَمَتُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَمَزْنِيٌّ بِهَا بِحَسَبِ الظَّاهِرِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَقْتَضِي وُجُوبَ عِدَّةٍ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِذَلِكَ لِحَقِّهِ إذَا كَانَتْ مُزَوَّجَةً فَيَحْرُمُ عَلَى زَوْجِهَا وَطْؤُهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ تَزْوِيجُهَا إذَا كَانَتْ خَلِيَّةً قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ أَيْضًا، وَانْظُرْ أَيْضًا مَا وَجْهُ التَّقْيِيدِ بِالْقُرْءِ مَعَ أَنَّ عِدَّةَ الْأَمَةِ قُرْآنِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَرَادَ بِالْعِدَّةِ هُنَا الِاسْتِبْرَاءَ (قَوْلُهُ: عِقَابُ الزَّانِي) أَيْ لِأَنَّهَا أَمَتُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَإِنْ أَثِمَ بِالْأَقْرَاءِ (قَوْلُهُ وَكَذَا كُلُّ فِعْلٍ) أَيْ يَفْسُقُ بِهِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا هُوَ غَيْرُهَا) هَذَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا لَوْ زَوَّجَ أَمَةَ مُوَرِّثِهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا فَإِنَّهُ صَحِيحٌ مَعَ أَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الْعَقْدِ حَرَامٌ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَهُوَ يَقْتَضِي الْفَسَادَ، وَتَعَاطِي الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ كَبِيرَةٌ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَفْسُقُ بِهِ فَلَا يَصِحُّ إنْ قُلْنَا تَزْوِيجَهُ بِالْوِلَايَةِ عَلَى الْمَرْجُوحِ وَمَا لَوْ زَوَّجَ مُوَلِّيَتَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالشِّهَابَ سم اسْتَوْجَهَ حُسْبَانَهُ بِقُرْءٍ قَالَ: إلَّا أَنْ يَمْنَعَ مِنْهُ نَقْلٌ (قَوْلُهُ: وَالْعِبْرَةُ فِي كَوْنِهَا حُرَّةً أَوْ أَمَةً) سَيَأْتِي أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِظَنِّهِ فِي كَوْنِهَا أَمَةً، فَالصَّوَابُ إسْقَاطُ قَوْلِهِ أَوْ أَمَةً، وَهُوَ تَابَعَ فِيهِ حَجّ، لَكِنَّ ذَاكَ يَذْهَبُ إلَى أَنَّ الظَّنَّ يُؤَثِّرُ فِيهَا (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ لَإِغْنَاءِ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي: وَهُوَ الْوَجْهُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: اعْتَدَّتْ بِقُرْءٍ) أَيْ لِزَوْجٍ مَثَلًا سَابِقٍ أَوْ لَاحِقٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلَحِقَهُ) يَعْنِي: الْوَلَدُ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي التُّحْفَةِ، وَلَعَلَّ الْكَتَبَةَ

لِصِغَرِهَا أَوْ لِعِلَّةٍ أَوْ حِيلَةٍ مَنَعَتْهَا رُؤْيَةَ الدَّمِ أَصْلًا أَوْ وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ دَمًا (أَوْ يَئِسَتْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ) بِالْأَهِلَّةِ لِلْآيَةِ، هَذَا إنْ انْطَبَقَ الْفِرَاقُ عَلَى أَوَّلِ الشَّهْرِ بِتَعْلِيقٍ أَوْ غَيْرِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4] أَيْ فَعِدَّتُهُنَّ كَذَلِكَ، فَحُذِفَ الْمُبْتَدَأُ وَالْخَبَرُ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ، وَمَرَّ فِي السَّلَمِ أَنَّهُ لَوْ عَقَدَ فِي الْيَوْمِ الْأَخِيرِ مِنْ الشَّهْرِ كَصَفَرٍ وَأَجَّلَ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مَثَلًا فَنَقَصَ الرَّبِيعَانِ وَجُمَادَى أَوْ جُمَادَى فَقَطْ حَلَّ الْأَجَلُ بِمُضِيِّهَا وَلَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى تَكْمِيلِ الْعَدَدِ بِشَيْءٍ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ، وَمِثْلُهُ يَجِيءُ هُنَا (فَإِنْ طَلُقَتْ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ فَبَعْدَهُ هِلَالَانِ وَتُكْمِلُ) الْأَوَّلَ (الْمُنْكَسِرَ) وَإِنْ نَقَصَ (ثَلَاثِينَ) يَوْمًا مِنْ الرَّابِعِ وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْمُتَحَيِّرَةِ بِأَنَّ التَّكْمِيلَ ثَمَّ لَا يُحَصِّلُ الْغَرَضَ وَهُوَ تَيَقُّنُ الطُّهْرَ بِخِلَافِهِ هُنَا لِأَنَّ الْأَشْهُرَ مُتَأَصِّلَةٌ فِي حَقِّ هَذِهِ (فَإِنْ حَاضَتْ فِيهَا) أَيْ أَثْنَاءَ الْأَشْهُرِ (وَجَبَتْ الْأَقْرَاءُ) إجْمَاعًا لِأَنَّهَا الْأَصْلُ وَلَمْ يُتِمَّ الْبَدَلَ وَلَا يَحْسِبُ مَا مَضَى لِلْأُولَى بِأَقْسَامِهَا قُرْءًا كَمَا مَرَّ وَخَرَجَ بِفِيهَا بَعْدَهَا فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْحَيْضُ (وَ) عِدَّةُ (أَمَةٍ) يَعْنِي مَنْ فِيهَا رِقٌّ لَمْ تَحِضْ أَوْ يَئِسَتْ (بِشَهْرٍ وَنِصْفٍ) لِإِمْكَانِ التَّبْعِيضِ هُنَا بِخِلَافِ الْقُرْءِ إذْ لَا يَظْهَرُ نِصْفُهُ إلَّا بِظُهُورِ كُلِّهِ فَوَجَبَ انْتِظَارُ عَدَمِ الدَّمِ (وَفِي قَوْلٍ) عِدَّتُهَا (شَهْرَانِ) لِأَنَّهُمَا بَدَلُ الْقُرْأَيْنِ (وَ) فِي (قَوْلٍ) عِدَّتُهَا (ثَلَاثَةٌ) مِنْ الْأَشْهُرِ وَرَجَّحَهُ جَمْعٌ لِعُمُومِ الْآيَةِ (وَمَنْ) (انْقَطَعَ دَمُهَا) (لِعِلَّةٍ) تُعْرَفُ (كَرَضَاعٍ وَمَرَضٍ) وَإِنْ لَمْ يُرْجَ بُرْؤُهُ كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُمْ خِلَافًا لِمَا اعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ (تَصْبِرُ حَتَّى تَحِيضَ) فَتَعْتَدَّ بِالْأَقْرَاءِ (أَوْ) حَتَّى (تَيْأَسَ فَ) تَعْتَدَّ (بِالْأَشْهُرِ) وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ وَطَالَ ضَرَرُهَا بِالِانْتِظَارِ لِأَنَّ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَكَمَ بِذَلِكَ فِي الْمُرْضِعِ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، بَلْ قَالَ الْجُوَيْنِيُّ: هُوَ كَالْإِجْمَاعِ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - ـــــــــــــــــــــــــــــSبَعْدَ إذْنِهَا ظَانًّا أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ كَأَنْ زَوَّجَ أُخْتَهُ ظَانًّا حَيَاةَ وَالِدِهِ فَبَانَ خِلَافُهُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُمْنَعَ أَنَّ تَعَاطِيَهُ ذَلِكَ كَبِيرَةٌ فَلَا يَفْسُقُ بِهِ، عَلَى أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي تَعَاطِي الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ أَنَّهُ لَيْسَ كَبِيرَةً خِلَافًا لحج، لَكِنْ هَذَا لَا يُرَدُّ لِأَنَّ الْقَائِلَ بِفِسْقِهِ إنَّمَا هُوَ لِإِقْدَامِهِ بِالتَّصَرُّفِ فِيمَا يَعْتَقِدُهُ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ دَمًا) أَيْ قَبْلَ الْحَمْلِ اهـ سم عَلَى حَجّ وَإِطْلَاقُ الشَّارِحِ يَشْمَلُ مَا بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَفِي ع مَا يُوَافِقُ إطْلَاقَ الشَّارِحِ وَعِبَارَتَهُ: قَوْلُهُ لَمْ تَحِضْ هُوَ شَامِلٌ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ نَقْلًا عَنْ الرَّوْضَةِ لِمَنْ وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ نِفَاسًا وَلَا حَيْضًا سَابِقًا فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ حَيْثُ طَلُقَتْ بَعْدَ الْوِلَادَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَشْهُرَ مُتَأَصِّلَةٌ) أَيْ أَصِيلَةٌ لَا يَدُلُّ عَنْ شَيْءٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يُحْسَبُ مَا مَضَى لِلْأُولَى) أَيْ مَنْ لَمْ تَحِضْ (قَوْلُهُ: فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْحَيْضُ) بِالنِّسْبَةِ لِلْأُولَى بِأَقْسَامِهَا بِخِلَافِ الْآيِسَةِ كَمَا يَأْتِي اهـ حَجّ وَقَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي أَيْ فِي قَوْلِهِ فَعَلَى الْجَدِيدِ إلَخْ (قَوْلُهُ: يَعْنِي مَنْ فِيهَا رِقٌّ) أَيْ وَإِنْ قَلَّ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا اعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ) لَعَلَّهُ يَقُولُ إنَّ عِدَّتَهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ إلْحَاقًا لَهَا بِالْآيِسَةِ (قَوْلُهُ: فَتَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ) اُنْظُرْ عَلَيْهِ هَلْ يَمْتَدُّ زَمَنُ الرَّجْعَةِ إلَى الْيَأْسِ أَمْ يَنْقَضِي ـــــــــــــــــــــــــــــQأَسْقَطَتْهُ مِنْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: أَوْ وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ دَمًا) اُنْظُرْ هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ، وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى تَحِضْ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهَا إذَا حَاضَتْ وَوَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ دَمًا تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ لِأَنَّ أَوْ يُقَدَّرُ بَعْدَهَا نَقِيضُ مَا قَبْلَهَا، وَيَقْتَضِي أَيْضًا أَنَّ الْحُكْمَ فِيمَا إذَا رَأَتْ دَمَ النِّفَاسِ يُخَالِفُ مَا إذَا لَمْ تَرَهُ، وَفِي الْقُوتِ مَا نَصُّهُ: فَرْعٌ: لَوْ وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ حَيْضًا قَطُّ وَلَا نِفَاسًا فَفِي عِدَّتِهَا وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا بِالْأَشْهُرِ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْكِتَابِ وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ، إلَى أَنْ قَالَ: وَالثَّانِي أَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ، وَصَحَّحَهُ الْفَارِقِيُّ فَعَلَى هَذَا هِيَ كَمَنْ انْقَطَعَ دَمُهَا بِلَا سَبَبٍ ظَاهِرٍ. اهـ. فَالشَّارِحُ مِمَّنْ يَخْتَارُ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ لَكِنْ يَبْقَى الْكَلَامُ فِي صِحَّةِ الْعَطْفِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَا يُحْسَبُ مَا مَضَى لِلْأُولَى بِأَقْسَامِهَا) أَيْ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ لِوُجُودِ الِاحْتِوَاشِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا وَالْأُولَى مَنْ لَمْ تَحِضْ وَالثَّانِيَةُ مَنْ أَيِسَتْ (قَوْلُهُ: فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْحَيْضُ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُولَى بِأَقْسَامِهَا بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ كَمَا يَأْتِي كَذَا فِي التُّحْفَةِ فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَهُ وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ الْكَتَبَةِ (قَوْلُهُ: فَوَجَبَ انْتِظَارُ عَدَمِ الدَّمِ) لَعَلَّ عَدَمِ مُحَرَّفٌ عَنْ عَوْدِ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: بَلْ قَالَ الْجُوَيْنِيُّ إلَخْ.)

(أَوْ) انْقَطَعَ (لَا لِعِلَّةٍ) تُعْرَفُ (فَكَذَا) تَصْبِرُ لِسِنِّ الْيَأْسِ إنْ لَمْ تَحِضْ (فِي الْجَدِيدِ) لِأَنَّهَا لِرَجَائِهَا الْعَوْدَ كَالْأُولَى وَلِهَذِهِ وَلِمَنْ لَمْ تَحِضْ أَصْلًا وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ خَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً بِاسْتِعْجَالِ الْحَيْضِ بِدَوَاءٍ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ اسْتِعْجَالٌ لِلتَّكْلِيفِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ كَمَا لَا يَخْفَى (وَفِي الْقَدِيمِ) وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ (تَتَرَبَّصُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ) ثُمَّ تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ لِتَعْرِفَ بَرَاءَةَ الرَّحِمِ إذْ هِيَ غَالِبُ مُدَّةِ الْحَمْلِ (وَفِي قَوْلٍ) قَدِيمٍ أَيْضًا تَتَرَبَّصُ (أَرْبَعَ سِنِينَ) لِأَنَّهَا أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ فَتَتَيَقَّنُ بَرَاءَةَ الرَّحِمِ، ثُمَّ إنْ لَمْ يَظْهَرْ حَمْلٌ (تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ) كَمَا تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ الْمُعَلَّقُ طَلَاقُهَا بِالْوِلَادَةِ مَعَ تَيَقُّنِ بَرَاءَةِ رَحِمِهَا (فَعَلَى الْجَدِيدِ لَوْ حَاضَتْ بَعْدَ الْيَأْسِ فِي الْأَشْهُرِ) الثَّلَاثَةِ (وَجَبَتْ الْأَقْرَاءُ) لِأَنَّهَا الْأَصْلُ وَلَمْ يُتِمَّ الْبَدَلُ وَيَحْسِبُ مَا مَضَى قُرْءًا قَطْعًا لِاحْتِوَاشِهِ بِدَمَيْنِ (أَوْ) حَاضَتْ (بَعْدَهَا) أَيْ الْأَشْهُرِ الثَّلَاثَةِ (فَأَقْوَالٌ أَظْهَرُهَا إنْ نَكَحَتْ) زَوْجًا آخَرَ (فَلَا شَيْءَ) عَلَيْهَا لِأَنَّ عِدَّتَهَا انْقَضَتْ ظَاهِرًا وَلَا رِيبَةَ مَعَ تَعَلُّقِ حَقِّ الزَّوْجِ بِهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَنْكِحْ غَيْرَهُ (فَالْأَقْرَاءُ) وَاجِبَةٌ فِي عِدَّتِهَا لِتَبَيُّنِ عَدَمِ يَأْسِهَا وَأَنَّهَا مِمَّنْ يَحِضْنَ مَعَ عَدَمِ تَعَلُّقِ حَقٍّ بِهَا. وَالثَّانِي تَنْتَقِلُ إلَى الْأَقْرَاءِ مُطْلَقًا لِمَا ذُكِرَ. وَالثَّالِثُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ظَاهِرًا. وَلَوْ حَاضَتْ الْآيِسَةُ الْمُنْتَقِلَةُ إلَى الْحَيْضِ قُرْءًا أَوْ قُرْأَيْنِ ثُمَّ انْقَطَعَ الدَّمُ اسْتَأْنَفَتْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، قَالَ ابْنُ الْمُقْرِي: كَذَاتِ أَقْرَاءٍ أَيِسَتْ قَبْلَ تَمَامِهَا، وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ الْمَنْقُولَ خِلَافُهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي أَوَائِلِ الْبَابِ الثَّانِي. وَأَجَابَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهُ إنَّمَا اعْتَدَّ هُنَاكَ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ كَنَظِيرِهِ السَّابِقِ فِي الْمُتَحَيِّرَةِ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ اهـ عَمِيرَةُ وَهَلْ مِثْلُ الرَّجْعَةِ النَّفَقَةُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ النَّفَقَةَ تَابِعَةٌ لِلْعِدَّةِ وَقُلْنَا بِبَقَائِهَا، وَطَرِيقُهُ فِي الْخَلَاصِ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُطَلِّقَهَا بَقِيَّةَ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ وَلِمَنْ لَمْ تَحِضْ أَصْلًا) أَفْهَمَ تَخْصِيصُ جَوَازِ الِاسْتِعْجَالِ بِهَاتَيْنِ حُرْمَةَ اسْتِعْجَالِ الْحَيْضِ عَلَى غَيْرِهِمَا كَمَنْ تَحِيضُ كُلَّ شَهْرَيْنِ مَثَلًا فَأَرَادَتْ اسْتِعْجَالَ الْحَيْضِ بِدَوَاءٍ لِتَنْقَضِي عِدَّتُهَا فِيمَا دُونَ الْأَقْرَاءِ الْمُعْتَادَةِ فَلْيُرَاجَعْ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَمْنُوعٌ) لَعَلَّ الْمُرَادَ عِنْدَ هَذَا الْقَائِلِ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَى وَلِيِّهَا تَمْكِينُهَا مِنْهُ وَإِلَّا فَغَيْرُ الْمُكَلَّفِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ خِطَابٌ (قَوْلُهُ: إذْ هِيَ) أَيْ التِّسْعَةُ أَشْهُرٍ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي تَنْتَقِلُ إلَى الْأَقْرَاءِ مُطْلَقًا) أَيْ نُكِحَتْ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الْمُقْرِي) أَيْ فِي مَتْنِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: فِي أَوَائِلِ الْبَابِ) أَيْ مِنْ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: إنَّمَا اعْتَدَّ هُنَاكَ) أَيْ فِي أَوَائِلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQاُنْظُرْ هَذَا الْإِضْرَابَ مَعَ أَنَّهُ لَا يَتِمُّ الدَّلِيلُ إلَّا بِمَضْمُونِهِ، إذْ قَوْلُ الصَّحَابِيِّ لَيْسَ حُجَّةً عِنْدَنَا إلَّا إنْ سَكَتَ عَلَيْهِ الْبَاقُونَ بِشَرْطِهِ، فَيَكُونُ إجْمَاعًا سُكُوتِيًّا (قَوْلُهُ: وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ اسْتِعْجَالٌ لِلتَّكْلِيفِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَزَعَمَ أَنَّ اسْتِعْجَالَ التَّكْلِيفِ مَمْنُوعٌ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ: الْمُعَلَّقُ طَلَاقُهَا) هُوَ بِرَفْعِ الْمُعَلَّقِ نَائِبُ الْفَاعِلِ (قَوْلُهُ: أَوْ قُرْأَيْنِ) أَيْ فِيمَا إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهَا حَيْضٌ أَصْلًا، وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يُحْسَبُ لَهَا مَا مَضَى قُرْءٌ، وَعَلَيْهِ فَقَدْ تَمَّتْ الْعِدَّةُ بِهَذَيْنِ الْقُرْأَيْنِ فَلَا تَحْتَاجُ إلَى ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ هُنَا بِالْقُرْءِ الْحَيْضُ عَلَى خِلَافِ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فِي الْبَابِ الثَّانِي) أَيْ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْمُقْرِي وَهُوَ قَوْلُهُ:، وَإِنْ نَكَحَتْ: أَيْ فَاسِدًا بَعْدَ قُرْأَيْنِ وَوُطِئَتْ وَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا إلَى مُضِيِّ سِنِّ الْيَأْسِ أَتَمَّتْ الْأُولَى: أَيْ عِدَّةَ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ بِشَهْرٍ وَاعْتَدَّتْ لِلشُّبْهَةِ: أَيْ لِلنِّكَاحِ الْفَاسِدِ (قَوْلُهُ: وَأَجَابَ الْوَالِدُ إلَخْ.) وَقَدْ يُجَابُ أَيْضًا بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ بِأَنَّ الصُّورَةَ هُنَا أَنَّهُ تَبَيَّنَ بِبُلُوغِهَا سِنَّ الْيَأْسِ وَانْقِطَاعِ حَيْضِهَا قَبْلَ فَرَاغِ الْعِدَّةِ أَنَّمَا لَيْسَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ، بِخِلَافِهَا ثُمَّ فَإِنَّ الصُّورَةَ أَنَّهَا حَاضَتْ بَعْدَ الْقُرْأَيْنِ، وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْ حُسْبَانِ الْأَقْرَاءِ مَانِعٌ خَارِجِيٌّ هُوَ قِيَامُ النِّكَاحِ أَوْ الشُّبْهَةِ، بَلْ قَدْ يُقَالُ: إنَّ هَذَا أَوْلَى مِنْ جَوَابِ وَلَدِ الشَّارِحِ، إذْ قَوْلُهُ: فِيهِ لِصُدُورِ عَقْدِ النِّكَاحِ بَعْدَهُ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَوْ أَيِسَتْ عَقِبَ النِّكَاحِ وَلَمْ يَحْصُلْ لَهَا قُرْءٌ ثَالِثٌ أَنَّهَا تُكْمِلُ بِشَهْرٍ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْ.

[فصل في العدة بوضع الحمل]

بِمَا وَجَدَ مِنْ الْأَقْرَاءِ لِصُدُورِ عَقْدِ النِّكَاحِ بَعْدَهُ وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا، وَالنِّكَاحُ مُقْتَضٍ لِلِاعْتِدَادِ بِمَا تَقَدَّمَهُ مِنْ الْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ (وَالْمُعْتَبَرُ) فِي الْيَأْسِ عَلَى الْجَدِيدِ (يَأْسُ عَشِيرَتِهَا) أَيْ نِسَاءِ أَقَارِبِهَا مِنْ الْأَبَوَيْنِ الْأَقْرَبِ إلَيْهَا فَالْأَقْرَبِ لِتَقَارُبِهِنَّ طَبْعًا وَخَلْقًا، وَبِهِ اعْتِبَارُ نِسَاءِ الْعَصَبَةِ فِي مَهْرِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ لِشَرَفِ النَّسَبِ وَخِسَّتِهِ وَيُعْتَبَرُ أَقَلَّهُنَّ عَادَةً وَقِيلَ أَكْثَرُهُنَّ وَرَجَّحَهُ فِي الْمَطْلَبِ، وَمَنْ لَا قَرِيبَةَ لَهَا تُعْتَبَرُ بِمَا فِي قَوْلِهِ (وَفِي قَوْلٍ) يَأْسِ (كُلِّ النِّسَاءِ) فِي كُلِّ الْأَزْمِنَةِ بِاعْتِبَارِ مَا يَبْلُغُنَا خَبَرُهُ وَيُعْرَفُ (قُلْت: ذَا الْقَوْلِ أَظْهَرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِبِنَاءِ الْعِدَّةِ عَلَى الِاحْتِيَاطِ وَطَلَبِ الْيَقِينِ وَحَدَّدُوهُ بِاعْتِبَارِ مَا بَلَغَهُمْ بِاثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ سَنَةً، وَفِيهِ أَقْوَالٌ أُخَرُ أَقْصَاهَا خَمْسٌ وَثَمَانُونَ وَأَدْنَاهَا خَمْسُونَ، وَتَفْصِيلُ طُرُوُّ الْحَيْضِ الْمَذْكُورِ يَجْرِي نَظِيرُهُ فِي الْأَمَةِ أَيْضًا، وَلَوْ رَأَتْ بَعْدَ سِنِّ الْيَأْسِ دَمًا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا صَارَ أَعْلَى سِنِّ الْيَأْسِ زَمَنَ انْقِطَاعِهِ الَّذِي لَا عَوْدَ بَعْدَهُ وَيُعْتَبَرُ بَعْدَ ذَلِكَ بِهَا غَيْرُهَا كَمَا قَالُوهُ لِأَنَّ الِاسْتِقْرَاءَ هُنَا غَيْرُ تَامٍّ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الْحَيْضِ فِي أَقَلِّهِ وَأَكْثَرِهِ فَإِنَّهُ تَامٌّ، وَلَوْ ادَّعَتْ بُلُوغَهَا سِنَّ الْيَأْسِ لِتَعْتَدَّ بِالْأَشْهُرِ صُدِّقَتْ فِي ذَلِكَ وَلَا تُطَالَبُ بِبَيِّنَةٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْإِنْسَانِ فِي بُلُوغِهِ بِالسِّنِّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِتَيَسُّرِهَا: أَيْ غَالِبًا لِأَنَّ مَا هُنَا مُتَرَتِّبٌ عَلَى سَبْقِ حَيْضٍ وَانْقِطَاعِهِ وَدَعْوَى السِّنِّ وَقَعَ تَبَعًا وَكَلَامُهُمْ فِي دَعْوَاهُ اسْتِقْلَالًا (فَصْلٌ) فِي الْعِدَّةِ بِوَضْعِ الْحَمْلِ (عِدَّةُ الْحَامِلِ) حُرَّةً أَوْ أَمَةً عَنْ فِرَاقِ حَيٍّ بِطَلَاقٍ رَجْعِيٍّ أَوْ بَائِنٍ أَوْ مَيِّتٍ (بِوَضْعِهِ) أَيْ الْحَمْلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] فَهُوَ مُخَصِّصٌ لِآيَةِ {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] وَلِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ مِنْ الْعِدَّةِ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ وَهِيَ حَاصِلَةٌ بِالْوَضْعِ (بِشَرْطِ نِسْبَتِهِ إلَى ذِي الْعِدَّةِ) مِنْ زَوْجٍ أَوْ وَاطِئٍ بِشُبْهَةٍ (وَلَوْ احْتِمَالًا كَمَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ) وَهُوَ حَمْلٌ لِأَنَّ نَفْيَهُ عَنْهُ غَيْرُ قَطْعِيٍّ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اسْتَلْحَقَهُ لَحِقَهُ، أَمَّا ـــــــــــــــــــــــــــــSالْبَابِ: يَعْنِي أَنَّ الْمَنْقُولَ فِي ذَاتِ الْأَقْرَاءِ إذَا أَيِسَتْ الْبِنَاءُ عَلَى مَا مَضَى مِنْ أَقْرَائِهَا مَحَلُّهُ إذَا تَعَلَّقَ بِهَا نِكَاحٌ وَلَوْ فَاسِدًا وَإِلَّا فَتَسْتَأْنِفُ فَمَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِهِمْ كَذَاتِ أَقْرَاءٍ أَيِسَتْ فِيمَنْ لَمْ تُنْكَحْ وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ مِنْ أَنَّ الْمَنْقُولَ خِلَافُهُ لَا يَرِدُ لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِيمَنْ نُكِحَتْ (قَوْلُهُ: وَحَدَّدُوهُ بِاعْتِبَارِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَتَفْصِيلُ طُرُوُّ الْحَيْضِ) أَيْ بَعْدَ سِنِّ الْيَأْسِ (قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ بَعْدَ ذَلِكَ بِهَا غَيْرُهَا) أَيْ مِنْ مُعَاصِرِيهَا وَمَنْ بَعْدَهُمْ (قَوْلُهُ: صُدِّقَتْ فِي ذَلِكَ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ حَيْثُ لَمْ تَقُمْ عَلَيْهَا بَيِّنَةٌ بِخِلَافِ مَا قَالَتْهُ (قَوْلُهُ: وَانْقِطَاعُهُ) أَيْ وَذَلِكَ لَا يُعْلَمْ إلَّا مِنْهَا وَهُوَ الْمَقْصُودُ بِالدَّعْوَى وَالسِّنِّ وَقَعَ تَبَعًا فَقُبِلَ قَوْلُهَا فِيهِ. (فَصْلٌ) فِي الْعِدَّةِ بِوَضْعِ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ بِوَضْعِ الْحَمْلِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِمَّا لَوْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ ثُمَّ نُكِحَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِوَضْعِهِ) أَيْ وَلَوْ عَلَى غَيْرِ صُورَةِ الْآدَمِيِّ كَمَا يَأْتِي عَنْ سم. [فَرْعٌ] قَالَ سم عَلَى حَجّ: يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ فِي وَضْعِ مَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ كِبَرِ بَطْنِهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رِيحٌ م ر، وَلَوْ مَاتَ الْحَمْلُ فِي بَطْنِهَا وَتَعَذَّرَ خُرُوجُهُ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا وَلَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا اهـ. وَكَالنَّفَقَةِ السُّكْنَى ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي الْعِدَّةِ بِوَضْعِ الْحَمْلِ] ِ (قَوْلُهُ: بِطَلَاقٍ رَجْعِيٍّ أَوْ بَائِنٍ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِيَشْمَلَ الْفَسْخَ وَالِانْفِسَاخَ، عَلَى أَنَّ قَصْرَهُ عَلَى هَذَا لَا يُلَاقَى قَوْلُهُ:

إذَا لَمْ يَكُنْ كَوْنُهُ مِنْهُ كَصَبِيٍّ لَمْ يَبْلُغْ تِسْعَ سِنِينَ وَمَمْسُوحٍ ذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ مُطْلَقًا أَوْ ذَكَرُهُ فَقَطْ وَلَمْ يُمْكِنْ أَنْ تَسْتَدْخِلَ مَنِيَّهُ وَإِلَّا لَحِقَهُ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الِاسْتِدْخَالُ، وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ يُحْمَلُ بَحْثُ الْبُلْقِينِيِّ اللُّحُوقَ، وَغَيْرُهُ عَدَمَهُ، وَمَوْلُودٍ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْعَقْدِ فَلَا تَنْقَضِيَ بِهِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ: فَإِذَا لَاعَنَ الْحَامِلَ وَنَفَى الْحَمْلَ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِوَضْعِهِ، أَيْ لِفُرْقَةِ الْحَيَاةِ لِأَنَّ الْمُلَاعَنَةَ لَا تَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ (وَ) بِشَرْطِ (انْفِصَالِ كُلِّهِ) فَلَا أَثَرَ لِخُرُوجِ بَعْضِهِ وَاحْتَاجَ لِهَذَا مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا بِوَضْعِهِ الَّذِي هُوَ صَرِيحٌ فِي وَضْعِ كُلِّهِ لِاحْتِمَالِهِ لِلشَّرْطِيَّةِ وَمُجَرَّدِ التَّصْوِيرِ، وَزَعْمُ أَنَّهُ لَا يُقَالُ وَضَعَتْ إلَّا إذَا انْفَصَلَ كُلُّهُ مَرْدُودٌ (حَتَّى ثَانِي تَوْأَمَيْنِ) لِأَنَّهُمَا حَمْلٌ وَاحِدٌ كَمَا مَرَّ (وَمَتَى تَخَلَّلَ دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَتَوْأَمَانِ) أَوْ سِتَّةً فَلَا بَلْ هُمَا حَمْلَانِ، فَإِلْحَاقُ الْغَزَالِيِّ السِّتَّةَ بِمَا دُونَهَا نَسَبَهُ فِيهِ الرَّافِعِيُّ إلَى خَلَلٍ فِي ذَلِكَ وَلِمُدَّعٍ ادِّعَاءُ نَفْيِ الْخَلَلِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ لَحْظَةٍ لِلْوَطْءِ أَوْ الِاسْتِدْخَالِ عَقِبَ وَضْعِ الْأَوَّلِ حَتَّى يَكُونَ مِنْهُ هَذَا الْحَمْلُ الثَّانِي وَذَلِكَ يَسْتَدْعِي سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَلَحْظَةً، فَحَيْثُ انْتَفَتْ اللَّحْظَةُ لَزِمَ نَقْصُ السِّتَّةِ، وَيَلْزَمُ مِنْ نَقْصِهَا لُحُوقُ الثَّانِي بِذِي الْعِدَّةِ وَتَوَقُّفُ انْقِضَائِهَا عَلَيْهِ. لَا يُقَالُ: يُمْكِنُ مُقَارَنَةُ الْوَطْءِ أَوْ الِاسْتِدْخَالِ لِلْوَضْعِ فَلَا يَحْتَاجُ لِتَقْدِيرِ تِلْكَ اللَّحْظَةِ. لِأَنَّا نَقُولُ: هُوَ فِي غَايَةِ النُّدُورِ مَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ انْتِفَاءُ الثَّانِي عَنْ ذِي الْعِدَّةِ مَعَ إمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْهُ الْمَصْحُوبَ بِالْغَالِبِ كَمَا عُلِمَ، فَامْتَنَعَ نَفْيُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ وَمَمْسُوحٌ ذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ مُطْلَقًا) أَيْ أَمْكَنَ اسْتِدْخَالُهَا مَنِيَّهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُمْكِنْ أَنْ تَسْتَدْخِلَ مَنِيَّهُ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ مَا إذَا لَمْ تَعْتَرِفْ بِاسْتِدْخَالِ الْمَنِيِّ بِأَنْ سَاحَقَهَا فَنَزَلَ مَنِيُّهُ بِفَرْجِهَا (قَوْلُهُ فَلَا تَنْقَضِي بِهِ) وَلَا يُشْتَرَطُ لِاعْتِبَارِ الْعِدَّةِ بِالْأَشْهُرِ وَضْعُ الْحَمْلِ بَلْ تَنْقَضِي الْعِدَّةُ مَعَ وُجُودِهِ حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ زِنًا، وَلَا حَدَّ عَلَيْهَا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ زِنَاهَا (قَوْلُهُ: أَيْ لِفُرْقَةِ الْحَيَاةِ) لَيْسَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ هُنَا مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ حَتَّى يَحْتَاجَ لِلتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ التَّعْرِيضَ بِمَا سَيَأْتِي عَنْهُ فِي فَصْلِ عِدَّةِ حُرَّةٍ إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ احْتِمَالًا لِمَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ (قَوْلُهُ: وَانْفِصَالِ كُلِّهِ) لَوْ انْفَصَلَ كُلُّهُ إلَّا شَعْرًا انْفَصَلَ عَنْهُ وَبَقِيَ فِي الْجَوْفِ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الشَّعْرُ مُتَّصِلًا وَقَدْ انْفَصَلَ كُلُّهُ مَا عَدَا ذَلِكَ الشَّعْرَ، وَكَالشَّعَرِ فِيمَا ذُكِرَ الظُّفْرُ كَذَا أَفْتَى بِذَلِكَ م ر، وَلَوْ كَانَ الْحَمْلُ غَيْرَ آدَمِيٍّ فَالظَّاهِرُ انْقِضَاؤُهَا بِوَضْعِهِ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُ سم غَيْرَ آدَمِيٍّ: أَيْ بِأَنْ كَانَ مِنْ زَوْجِهَا وَخُلِقَ عَلَى غَيْرِ صُورَةِ الْآدَمِيِّ وَلَوْ وَطِئَهَا غَيْرُ آدَمِيٍّ وَاحْتُمِلَ كَوْنُ الْحَمْلِ مِنْهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِوَضْعِهِ لِأَنَّ الشَّرْطَ نِسْبَتُهُ إلَى ذِي الْعِدَّةِ وَلَوْ احْتِمَالًا وَهُوَ مَوْجُودٌ هُنَا (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِهِ لِلشَّرْطِيَّةِ) أَيْ لَأَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى بِشَرْطِ انْفِصَالِ كُلِّهِ، وَقَوْلُهُ وَمُجَرَّدِ التَّصْوِيرِ يُرِيدُ أَنَّ ذِكْرَ الْكُلِّ صُورَةٌ مِمَّا يَصْدُقُ عَلَيْهِ الْوَضْعُ (قَوْلُهُ: حَتَّى ثَانِي تَوْأَمَيْنِ) اعْلَمْ أَنَّ التُّومَ بِلَا هَمْزٍ اسْمٌ لِمَجْمُوعِ الْوَلَدَيْنِ فَأَكْثَرَ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ مِنْ جَمِيعِ الْحَيَوَانِ، وَبِهَمْزٍ كَرَجُلٍ تَوْأَمٍ وَامْرَأَةٍ تَوْأَمَةٍ مُفْرَدًا وَتَثْنِيَتُهُ تَوْأَمَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْآتِي مِنْ زَوْجٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الشَّارِحِ إلَخْ.) اُنْظُرْ وَجْهَ تَخْصِيصِ التَّقْيِيدِ الْآتِي بِكَلَامِ الشَّارِحِ مَعَ أَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ مُسَاوٍ لِكَلَامِهِ نَفْسِهِ، بَلْ كَلَامُهُ هُوَ أَحْوَجُ إلَى هَذَا التَّقْيِيدِ لِتَصْرِيحِهِ أَوَّلًا بِشُمُولِ الْمَتْنِ لِلْمَيِّتِ، عَلَى أَنَّ الشَّارِحَ الْجَلَالَ لَمْ يَزِدْ عَلَى تَصْوِيرِ الْمَتْنِ فَكَانَ اللَّائِقُ جَعْلَ التَّقْيِيدِ لِلْمَتْنِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَزَعَمَ أَنَّهُ لَا يُقَالُ إلَخْ.) قَالَ الشِّهَابُ سم: اُنْظُرْ مَوْقِعَهُ مِمَّا قَبْلَهُ مَعَ قَوْلِهِ الصَّرِيحِ إلَخْ. ثُمَّ قَالَ: وَيُجَابُ بِأَنَّ مَوْقِعَهُ التَّنْبِيهُ عَلَى وُقُوعِ هَذَا الزَّعْمِ وَأَنَّهُ مَرْدُودٌ اهـ. وَفِيهِ مَا فِيهِ، إذْ كَيْفَ يُسَوَّغُ لَهُ رَدُّهُ مَعَ جَزْمِهِ بِهِ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: غَلَّطَهُ فِيهِ الرَّافِعِيُّ) قَدْ شَنَّعَ الشِّهَابُ سم عَلَى الشِّهَابِ حَجّ فِي نِسْبَتِهِ التَّغْلِيطَ لِلرَّافِعِيِّ، مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِتَغْلِيطٍ، وَإِنَّمَا قَالَ إنَّ فِيهِ خَلَلًا، وَالشِّهَابُ حَجّ لَمْ يَنْفَرِدْ بِنِسْبَةِ التَّغْلِيطِ لِلرَّافِعِيِّ بَلْ سَبَقَهُ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَلِمُدَّعٍ ادِّعَاءَ نَفْيِ الْغَلَطِ) وَعِبَارَة حَجّ: وَلِقَائِلِ أَنْ يَقُول وَكُلّ مِنْ الْعِبَارَتَيْنِ يُوهَم عَدَم السَّبْق إلَى هَذَا الْجَوَاب وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ لِابْنِ الرِّفْعَة مَعَ مَزِيد بَسَطَ

عَنْهُ مُرَاعَاةً لِذَلِكَ الْأَمْرِ النَّادِرِ لِلِاحْتِيَاطِ لِلنَّسَبِ وَالِاكْتِفَاءِ فِيهِ بِمُجَرَّدِ الْإِمْكَانِ، وَحِينَئِذٍ يَلْحَقُ الثَّانِي بِذِي الْعِدَّةِ لِأَنَّهُ يَكْتَفِي فِي الْإِلْحَاقِ بِمُجَرَّدِ الْإِمْكَانِ وَيَلْزَمُ مِنْ لُحُوقُهُ بِهِ تَوَقُّفُ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ عَلَى وَضْعِهِ، وَفِي بَعْضِ الشُّرُوحِ هُنَا مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ (وَتَنْقَضِي) الْعِدَّةُ (بِمَيِّتٍ) لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ، وَلَوْ مَاتَ فِي بَطْنِهَا وَاسْتَمَرَّ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ لَمْ تَنْقَضِ إلَّا بِوَضْعِهِ لِعُمُومِ الْآيَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا مُبَالَاةَ بِتَضَرُّرِهَا بِذَلِكَ (لَا عَلَقَةَ) لِأَنَّهَا تُسَمَّى دَمًا لَا حَمْلًا وَلَا يُعْلَمُ أَنَّهَا أَصْلٌ آدَمِيٌّ (وَ) تَنْقَضِي (بِمُضْغَةٍ فِيهَا صُورَةُ آدَمِيٍّ خِفْيَةً) عَلَى غَيْرِ الْقَوَابِلِ (أَخْبَرَ بِهَا) بِطَرِيقِ الْجَزْمِ أَهْلُ الْخِبْرَةِ وَمِنْهُمْ (الْقَوَابِلُ) لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تُسَمَّى حَمْلًا وَعَبِّرُوا بِأَخْبَرَ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ شَهَادَةٍ إلَّا إذَا وُجِدَتْ دَعْوَى عِنْدَ قَاضٍ أَوْ مُحَكَّمٍ وَإِذَا اكْتَفَى بِالْإِخْبَارِ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَاطِنِ فَلْيَكْتَفِ بِقَابِلَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لِمَنْ غَابَ زَوْجُهَا فَأَخْبَرَهَا عَدْلٌ بِمَوْتِهِ أَنْ تَتَزَوَّجَ بَاطِنًا (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) فِيهَا (صُورَةٌ) خِفْيَةً (وَ) لَكِنْ (قُلْنَ) أَيْ الْقَوَابِلُ مَثَلًا لَا مَعَ تَرَدُّدٍ (هِيَ أَصْلٌ آدَمِيٌّ) وَلَوْ بَقِيَتْ تَخَلَّقَتْ (انْقَضَتْ) الْعِدَّةُ بِوَضْعِهَا أَيْضًا (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِتَيَقُّنِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ بِهَا كَالدَّمِ بَلْ أَوْلَى، وَإِنَّمَا لَمْ يَعْتَدَّ بِهَا فِي الْغُرَّةِ وَأُمِّيَّةِ الْوَلَدِ لِأَنَّ مَدَارَهُمَا عَلَى مَا يُسَمَّى وَلَدًا، وَتُسَمَّى هَذِهِ مَسْأَلَةَ النُّصُوصِ لِأَنَّهُ نَصَّ هُنَا عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِهَا وَعَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْغُرَّةِ فِيهَا وَعَدَمِ الِاسْتِيلَادِ، وَالْفَرْقُ مَا مَرَّ (وَلَوْ) (ظَهَرَ فِي عِدَّةِ أَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ) أَوْ بَعْدَهَا كَمَا قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ (حَمْلٌ لِلزَّوْجِ اعْتَدَّتْ بِوَضْعِهِ) لِأَنَّهُ أَقْوَى ـــــــــــــــــــــــــــــSكَمَا فِي الْمَتْنِ، فَاعْتِرَاضُهُ بِأَنَّهُ لَا تَثْنِيَةَ لَهُ وَهْمٌ لِمَا عَلِمْت مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ التُّومِ بِلَا هَمْزٍ وَالتَّوْأَمِ بِالْهَمْزِ، وَأَنَّ تَثْنِيَةَ الْمَتْنِ إنَّمَا هِيَ لِلْمَهْمُوزِ لَا غَيْرُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: لَمْ تَنْقَضِ إلَّا بِوَضْعِهِ) أَيْ وَلَوْ خَافَتْ الزِّنَا: قَالَ سم: وَلَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا اهـ. وَفِي سم عَلَى حَجّ: وَلَوْ اسْتَمَرَّ فِي بَطْنِهَا مُدَّةً طَوِيلَةً وَتَضَرَّرَتْ بِعَدَمِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَكَذَا لَوْ اسْتَمَرَّ حَيًّا فِي بَطْنِهَا وَزَادَ عَلَى أَرْبَعِ سِنِينَ حَيْثُ ثَبَتَ وُجُودُهُ وَلَمْ يُحْتَمَلُ وَضْعٌ وَلَا وَطْءٌ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُمْ أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَرْبَعُ سِنِينَ لِأَنَّهُ فِي مَجْهُولِ الْبَقَاءِ زِيَادَةٌ عَلَى الْأَرْبَعَةِ حَتَّى لَا يَلْحَقَ نَحْوُ الْمُطَلِّقِ إذَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ، وَكَلَامُنَا فِي مَعْلُومِ الْبَقَاءِ زِيَادَةٌ عَلَى الْأَرْبَعِ هَذَا هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ وَهُوَ حَقٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ ثَبَتَ وُجُودُهُ كَمَا فَرَضَهُ، لَكِنْ يَبْقَى الْكَلَامُ فِي الثُّبُوتِ بِمَاذَا فَإِنَّهُ حَيْثُ عَلِمَ أَنَّ أَكْثَرَ الْحَمْلِ أَرْبَعُ سِنِينَ وَزَادَتْ الْمُدَّةُ عَلَيْهَا كَانَ الظَّاهِرُ مِنْ ذَلِكَ انْتِفَاءَ الْحَمْلِ، وَأَنَّ مَا تَجِدُهُ فِي بَطْنِهَا مِنْ الْحَرَكَةِ مَثَلًا لَيْسَ مُقْتَضِيًا لِكَوْنِهِ حَمْلًا. نَعَمْ إنْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِقَوْلٍ مَعْصُومٍ كَعِيسَى وَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ (قَوْلُهُ: فَلْيَكْتَفِ بِقَابِلَةٍ) أَيْ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: أَنْ تَتَزَوَّجَ بَاطِنًا) يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَحَلَّ الِاكْتِفَاءِ بِالْقَابِلَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَاطِنِ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِظَاهِرِ الْحَالِ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِأَرْبَعٍ مِنْ النِّسَاءِ أَوْ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ صَرَّحَ بِالْأَرْبَعِ بِالنِّسْبَةِ لِلظَّاهِرِ. (قَوْلُهُ: بِدَلَالَتِهِ) أَيْ بِسَبَبِ دَلَالَتِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِنْ بَانَ أَنْ لَا حَمْلَ) أَيْ خِلَافًا لحج، وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ حَجّ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ. [فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ] مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَنْكِحَ مَنْ شَاءَ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، وَعِبَارَةُ مَتْنِ الْخَصَائِصِ الصُّغْرَى فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مَا نَصُّهُ: فَلَوْ رَغِبَ فِي نِكَاحِ امْرَأَةٍ خَلِيَّةٍ لَزِمَهَا الْإِجَابَةُ وَأُجْبِرَتْ وَحُرِّمَ عَلَى غَيْرِهِ خِطْبَتُهَا بِمُجَرَّدِ الرَّغْبَةِ، أَوْ زَوْجَةٍ وَجَبَ عَلَى زَوْجِهَا طَلَاقُهَا لِيَنْكِحَهَا. قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ: وَلَهُ حِينَئِذٍ نِكَاحُهَا مِنْ غَيْرِ انْقِضَاءِ عِدَّةٍ، وَكَانَ لَهُ أَنْ يَخْطُبَ عَلَى خِطْبَةِ غَيْرِهِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ وَأَطَالَ فِيهِ اهـ الْمُرَادُ مِنْهُ. ثُمَّ رَأَيْت فِي خَصَائِصِ الْخَيْضَرِيِّ مَا نَصُّهُ: هَلْ كَانَ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْمُعْتَدَّةِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا الْجَوَازُ حَكَاهُ الْبَغَوِيّ وَالرَّافِعِيُّ. قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ: هَذَا الْوَجْهُ حَكَاهُ الْبَغَوِيّ وَهُوَ غَلَطٌ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَغَلَّطُوا مَنْ ذَكَرَهُ " بَلْ الصَّوَابُ الْقَطْعُ بِامْتِنَاعِ نِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ غَيْرِهِ اهـ. وَالدَّلِيلُ عَلَى الْمَنْعِ أَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ فِعْلُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا نُقِلَ عَنْهُ غَيْرُهُ، فَفِي حَدِيثِ صَفِيَّةَ السَّابِقِ أَنَّهُ سَلَّمَهَا إلَى أُمِّ سَلِيمٍ، وَفِيهِ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ تَعْتَدُّ فِي بَيْتِهَا. وَفِي الصَّحِيحِ أَيْضًا أَنَّهَا لَمَّا بَلَغَتْ سَدَدَ الصَّهْبَاءِ حَلَّتْ فَبَنَى بِهَا فَبَطَلَ هَذَا الْوَجْهُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ وَالْعِدَّةُ وَالِاسْتِبْرَاءُ وُضِعَا فِي الشَّرْعِ لِدَفْعِ اخْتِلَاطِ الْأَنْسَابِ، وَإِذَا كَانَ فِعْلُ ذَلِكَ فِي الْمَسْبِيَّةِ مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْحَرْبِ فَكَيْفَ بِمَنْ عَلَيْهَا عِدَّةٌ لِزَوْجٍ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ؟ يَطَّرِدُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْمُسْتَبْرَأَةِ. وَوَقَعَ فِي خُلَاصَةِ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَنْ وَجَبَ عَلَى زَوْجِهَا طَلَاقُهَا إذَا رَغِبَ فِيهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ غَيْرِ انْقِضَاءِ عِدَّةٍ، وَهَذَا قَرِيبٌ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْوَجْهِ فِي نِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ وَجَزْمُهُ بِذَلِكَ عَجِيبٌ وَأَنَّى لَهُ بِذَلِكَ لَا جُرْمَ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْمُلَقِّنِ عَنْهُ: وَهُوَ غَلَطٌ مُنْكَرٌ وَدِدْت مَحْوَهُ مِنْهُ وَتَبِعَ فِيهِ صَاحِبَ مُخْتَصَرِ الْجُوَيْنِيِّ، وَمُنْشَؤُهُ مِنْ تَضْعِيفِ كَلَامٍ أَتَى بِهِ الْمَزْنِيُّ اهـ. وَقَوْلُهُ وَجَبَ عَلَى زَوْجِهَا طَلَاقُهَا. قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ بَلْ طَلَاقُ زَيْدٍ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ اتِّفَاقِيٌّ بِإِلْقَاءِ اللَّهِ فِي قَلْبِهِ لَا اضْطِرَارِيٌّ بِحُكْمِ الْوُجُوبِ، وَزَوَّجَهَا اللَّهُ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَلَّتْ لَهُ بِلَا لَفْظٍ (قَوْلُهُ: فَيَلْحَقُهُ) أَيْ الْوَاطِئَ بِالشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ وَقَفَتْ الرَّجْعَةُ) أَيْ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ قُرْبَانُهَا وَغَيْرُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مُرَاعَاةً لِذَلِكَ) هُوَ مَعْمُولٌ لِنَفْيِهِ 1 - وَفِي حَجّ: فَرْعٌ: اخْتَلَفُوا فِي التَّسَبُّبِ لِإِسْقَاطِ مَا لَمْ يَصِلْ لَحَدِّ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ، وَهُوَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا، وَاَلَّذِي يُتَّجَه وِفَاقًا لِابْنِ الْعِمَادِ وَغَيْرِهِ الْحُرْمَةُ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ جَوَازُ الْعَزْلِ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَنِيَّ حَالَ نُزُولِهِ مَحْضُ جَمَادٍ لَمْ يَتَهَيَّأْ لِلْحَيَاةِ بِوَجْهِ، بِخِلَافِهِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِهِ فِي الرَّحِمِ وَأَخْذِهِ فِي مَبَادِئِ التَّخَلُّقِ، وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِالْأَمَارَاتِ. وَفِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ يَكُونُ بَعْدَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً» أَيْ ابْتِدَاؤُهُ كَمَا مَرَّ فِي الرَّجْعَةِ، وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ مَا يَقْطَعُ الْحَبَلَ مِنْ أَصْلِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ كَثِيرُونَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ. وَقَوْلُ حَجّ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ إلَخْ لَكِنْ فِي شَرْحِ م ر فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ خِلَافُهُ، وَقَوْلُهُ وَأَخْذِهِ فِي مَبَادِئ التَّخَلُّقِ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ قَبْلَ ذَلِكَ وَعُمُومُ كَلَامِهِ الْأَوَّلَ يُخَالِفُهُ، وَقَوْلُهُ مِنْ أَصْلِهِ: أَيْ أَمَّا مَا يُبْطِلُ الْحَمْلَ مُدَّةً وَلَا يَقْطَعُهُ مِنْ أَصْلِهِ فَلَا يَحْرُمُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ كَانَ لِعُذْرٍ كَتَرْبِيَةِ وَلَدٍ لَمْ يُكْرَهْ

بِدَلَالَتِهِ عَلَى الْبَرَاءَةِ قَطْعًا بِخِلَافِهِمَا (وَلَوْ) (ارْتَابَتْ) أَيْ شَكَّتْ فِي أَنَّهَا حَامِلٌ لِوُجُودِ ثِقْلٍ أَوْ حَرَكَةِ (فِيهَا) أَيْ الْعِدَّةِ بِأَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ (لَمْ تَنْكِحْ) آخَرَ بَعْدَ الْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ (حَتَّى تَزُولَ الرِّيبَةُ) بِأَمَارَةٍ قَوِيَّةٍ عَلَى عَدَمِ الْحَمْلِ، وَيَرْجِعُ فِيهَا لِلْقَوَابِلِ، إذْ الْعِدَّةُ لَزِمَتْهَا بِيَقِينٍ فَلَا تَخْرُجُ مِنْهَا إلَّا بِيَقِينٍ، فَإِنْ نَكَحَتْ مُرْتَابَةً فَبَاطِلٌ وَإِنْ بَانَ أَنَّ لَا حَمْلَ، وَفَارَقَ نَظَائِرَهُ بِأَنَّهُ يُحْتَاطُ لِلشَّكِّ فِي حَلِّ الْمَنْكُوحَةِ لِكَوْنِهَا الْمَقْصُودَةَ بِالذَّاتِ مَا لَا يُحْتَاطُ فِي غَيْرِهَا، وَسَيَأْتِي فِي زَوْجَةِ الْمَفْقُودِ مَا يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا (أَوْ) ارْتَابَتْ (بَعْدَهَا) أَيْ الْعِدَّةِ (وَبَعْدَ نِكَاحٍ) لِآخَرَ (اسْتَمَرَّ) النِّكَاحُ لِوُقُوعِهِ صَحِيحًا ظَاهِرًا فَلَا يَبْطُلُ إلَّا بِيَقِينٍ (إلَّا أَنْ تَلِدَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ) إمْكَانِ عُلُوقٍ بَعْدَ (عَقْدِهِ) فَلَا يَسْتَمِرُّ لِتَحَقُّقِ الْمُبْطِلِ حِينَئِذٍ فَيُحْكَمُ بِبُطْلَانِهِ، وَبِأَنَّ الْوَلَدَ لِلْأَوَّلِ إنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ. أَمَّا إذَا وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَالْوَلَدُ لِلثَّانِي لِأَنَّ فِرَاشَهُ نَاجِزٌ وَنِكَاحَهُ قَدْ صَحَّ ظَاهِرًا فَلَمْ يُنْظَرْ لِإِمْكَانِهِ مِنْ الْأَوَّلِ لِئَلَّا يَبْطُلَ مَا صَحَّ بِمُجَرَّدِ الِاحْتِمَالِ، وَكَالثَّانِي وَطْءُ الشُّبْهَةِ بَعْدَ الْعِدَّةِ فَيَلْحَقُهُ الْوَلَدُ إنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ وَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْ الْأَوَّلِ لِانْقِطَاعِ النِّكَاحِ وَالْعِدَّةِ عَنْهُ ظَاهِرًا (أَوْ) ارْتَابَتْ (بَعْدَهَا) أَيْ الْعِدَّةِ (قَبْلَ نِكَاحٍ فَلْتَصْبِرْ) نَدْبًا وَإِلَّا كُرِهَ. وَقِيلَ وُجُوبًا (لِتَزُولَ الرِّيبَةُ) احْتِيَاطًا (فَإِنْ نَكَحَتْ) وَلَمْ تَصْبِرْ لِذَلِكَ (فَالْمَذْهَبُ عَدَمُ إبْطَالِهِ) أَيْ النِّكَاحِ (فِي الْحَالِ) لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ الْمُبْطِلَ (فَإِنْ عَلِمَ مُقْتَضِيَهُ) أَيْ الْبُطْلَانِ بِأَنْ وَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِمَّا مَرَّ (أَبْطَلْنَاهُ) أَيْ حَكَمْنَا بِبُطْلَانِهِ لِتَبَيُّنِ فَسَادِهِ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ رَاجَعَهَا وَقْتَ الرِّيبَةِ وَقَفَتْ الرَّجْعَةُ، فَإِنْ بَانَ حَمْلٌ صَحَّتْ وَإِلَّا فَلَا. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي ـــــــــــــــــــــــــــــS. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْضًا وَإِلَّا كُرِهَ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ يُحْتَاطُ لِلشَّكِّ إلَخْ.) الْأَوْلَى طَرْحُ لَفْظِ الشَّكِّ، وَإِنْ جَازَ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ فِيهِ لِلتَّعْلِيلِ أَوْ بِمَعْنَى عِنْدَ

فِي إبْطَالِهِ قَوْلَانِ لِلتَّرَدُّدِ فِي انْتِفَاءِ الْمَانِعِ، وَإِنْ عُلِمَ انْتِفَاؤُهُ لَمْ نُبْطِلْهُ وَلَحِقَ الْوَلَدُ بِالثَّانِي (وَلَوْ) (أَبَانَهَا) أَيْ زَوْجَتَهُ بِخُلْعٍ أَوْ ثَلَاثٍ وَلَمْ يَنْفِ الْحَمْلَ (فَوَلَدَتْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ) فَأَقَلَّ وَلَمْ تَتَزَوَّجْ بِغَيْرِهِ وَلَمْ يُمْكِنْ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْ الثَّانِي (لَحِقَهُ) وَبَانَ وُجُوبُ نَفَقَتِهَا وَسُكْنَاهَا وَإِنْ أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لِقِيَامِ الْإِمْكَانِ، إذْ أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَرْبَعُ سِنِينَ بِالِاسْتِقْرَاءِ وَابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِنْ وَقْتِ إمْكَانِ الْوَطْءِ قَبْلَ الْفِرَاقِ، فَإِطْلَاقُهُمْ الْحَمْلَ أَنَّهُ مِنْ الطَّلَاقِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَارَنَهُ الْوَطْءُ بِتَنْجِيزٍ أَوْ تَعْلِيقٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَرْبَعَ مَتَى حُسِبَ مِنْهَا لَحْظَةُ الْوَضْعِ أَوْ لَحْظَةُ الْوَطْءِ كَانَ لَهَا حُكْمُ مَا دُونَهَا، وَمَتَى زَادَ عَلَيْهَا كَانَ لَهَا حُكْمُ مَا فَوْقَهَا، وَلَمْ يَنْظُرُوا هُنَا لِغَلَبَةِ الْفَسَادِ عَلَى النِّسَاءِ لِأَنَّ الْفِرَاشَ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَلَمْ يَتَحَقَّقْ انْقِطَاعُهُ مَعَ الِاحْتِيَاطِ لِلْأَنْسَابِ بِالِاكْتِفَاءِ فِيهَا بِالْإِمْكَانِ (أَوْ) وَلَدَتْ (لِأَكْثَرَ) مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِمَّا ذُكِرَ (فَلَا) يَلْحَقُهُ لِعَدَمِ الْإِمْكَانِ، وَذُكِرَتْ تَتْمِيمًا لِلتَّقْسِيمِ فَلَا تَكْرَارَ فِي تَقَدُّمِهَا فِي اللِّعَانِ (وَلَوْ) (طَلَّقَ) هَا (رَجْعِيًّا) فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِأَرْبَعِ سِنِينَ لَحِقَهُ وَبَانَ وُجُوبُ نَفَقَتِهَا وَسُكْنَاهَا أَوْ لِأَكْثَرَ (وَحُسِبَتْ الْمُدَّةُ مِنْ الطَّلَاقِ) وَحُذِفَ هَذَا مِنْ الْبَائِنِ لِعِلْمِهِ مِمَّا هُنَا بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ إذَا حُسِبَ مِنْ الطَّلَاقِ مَعَ أَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَةِ فَالْبَائِنُ أَوْلَى، وَمِنْ ثَمَّ وَقَعَ خِلَافٌ فِي الرَّجْعِيَّةِ كَمَا قَالَ (وَفِي قَوْلٍ) ابْتِدَاؤُهَا (مِنْ انْصِرَامِ الْعِدَّةِ) لِأَنَّهَا كَالْمَنْكُوحَةِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ فِي عِبَارَتِهِ انْدَفَعَ مَا اعْتَرَضَ بِهِ عَلَيْهَا وَأَنَّهَا مِنْ مَحَاسِنِ عِبَارَتِهِ الْبَلِيغَةِ لِمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنْ الْحَذْفِ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي عَلَيْهِ، وَمِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ، وَأَنَّ هَاتَيْنِ الدَّلَالَتَيْنِ مِنْ دَلَالَةِ الْفَحْوَى الَّتِي هِيَ مِنْ أَقْوَى الدَّلَالَاتِ، وَفِي الرَّجْعِيَّةِ وَجْهٌ أَنَّهُ يَلْحَقُهُ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ مُدَّةٍ، وَيُؤْخَذُ رَدُّهُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْمُدَّةُ بِأَلْ الْعَهْدِيَّةِ الْمُصَرِّحَةِ بِأَنَّ الْأَرْبَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَبَانَ وُجُوبُ نَفَقَتِهَا وَسُكْنَاهَا) فِي التُّحْفَةِ عَقِبَ هَذَا مَا نَصُّهُ: أَوْ لِأَكْثَرَ فَلَا، وَحَذَفَ هَذَا لِعِلْمِهِ مِمَّا قَبْلَهُ بِالْأَوْلَى، لِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الْبَائِنِ فَفِي الرَّجْعِيَّةِ الَّتِي هِيَ زَوْجَةٌ فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ أَوْلَى اهـ. وَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَهُ لِيَتَّضِحَ قَوْلُهُ الْآتِي: وَبِمَا تَقَرَّرَ فِي عِبَارَتِهِ انْدَفَعَ مَا اعْتَرَضَ بِهِ عَلَيْهَا إلَخْ، نَعَمْ قَالَ الشِّهَابُ سم: إنَّ قَوْلَهُ لِعِلْمِهِ مِمَّا قَبْلَهُ بِالْأَوْلَى غَيْرُ ظَاهِرٍ فِي قَوْلِهِ أَوْ لِأَكْثَرَ فَلَا اهـ. فَلَعَلَّ الشَّارِحَ حَذَفَ قَوْلَهُ أَوْ لِأَكْثَرَ إلَخْ لِذَلِكَ لَكِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ أَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا يَأْتِي وَبِمَا تَقَرَّرَ إلَخْ غَيْرُ ظَاهِرِ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ حُسِبَتْ الْمُدَّةُ مِنْ الطَّلَاقِ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ عَقِبَهُ مَا نَصُّهُ: إنْ قَارَنَهُ الْوَطْءُ وَإِلَّا فَمِنْ إمْكَانِ الْوَطْءِ قَبْلَهُ وَحَذَفَ هَذَا مِنْ الْبَائِنِ وَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَهُ كَمَا ذَكَرَ نَظِيرَهُ فِيمَا مَرَّ فِي الْبَائِنِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهَا مِنْ مَحَاسِنِ عِبَارَتِهِ) لَعَلَّ الْوَاوَ فِيهِ لِلْحَالِ أَوْ اسْتِئْنَافِيَّةٌ فَتَكُونُ هَمْزَةَ إنَّهَا مَكْسُورَةً فِيهَا وَإِلَّا فَلَمْ يَتَقَدَّمْ مَا يَصِحُّ عَطْفُ هَذَا عَلَيْهِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَبِمَا قَرَّرَتْهُ فِي عِبَارَتِهِ يُعْلَمُ زَيْفُ مَا اُعْتُرِضَ بِهِ عَلَيْهَا وَأَنَّهَا إلَخْ (قَوْلُهُ وَفِي الرَّجْعِيَّةِ وَجْهُ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: فَإِنْ قُلْت فِي الرَّجْعِيَّةِ وَجْهٌ أَنَّهُ يَلْحَقُهُ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ مُدَّةٍ فَمِنْ أَيْنَ يُؤْخَذُ رَدُّ هَذَا؟ قُلْت: مِنْ قَوْلِهِ الْمُدَّةُ بِأَلْ الْعَهْدِيَّةِ الْمُصَرِّحَةِ بِأَنَّ الْأَرْبَعَ تُعْتَبَرُ فِيهَا أَيْضًا اهـ. وَغَرَضُهُ مِمَّا ذَكَرَهُ دَفْعُ مَا يُقَالُ إنَّ الْمَتْنَ أُطْلِقَ فِي الْمُدَّةِ فَلَمْ يُقَدِّرْهَا مَعَ أَنَّ ذَلِكَ وَجْهَ ضَعِيفٌ. قَالَ الشِّهَابُ سم: قَدْ يُقَالُ إنَّ رَدَّ الْوَجْهِ يُؤْخَذُ مِنْ ذِكْرِ الْمُدَّةِ فَقَطْ إذْ لَا مُدَّةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ رَدُّهُ) هُوَ وَصْفٌ لِوَجْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهَا) أَيْ وَعَلِمَ أَنَّهَا (قَوْلُهُ: وَأَنَّ هَاتَيْنِ الدَّلَالَتَيْنِ) أَيْ قَوْلُهُ: لِمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ إلَخْ. وَقَوْلُهُ: وَمِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مِنْ دَلَالَةِ الْفَحْوَى) أَيْ مِنْ دَلَالَةِ مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ، وَهُوَ

تُعْتَبَرُ فِيهِ أَيْضًا (وَلَوْ) (نَكَحَتْ بَعْدَ الْعِدَّةِ) آخَرَ أَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ (فَوَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) مِنْ إمْكَانِ الْعُلُوقِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَمِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ (فَكَأَنَّهَا لَمْ تُنْكَحْ) وَلَمْ تُوطَأْ، أَوْ يَكُونُ الْوَلَدُ لِلْأَوَّلِ إنْ كَانَ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ مِنْ طَلَاقِهِ أَوْ إمْكَانِ وَطْئِهِ نَظِيرُ مَا مَرَّ لِانْحِصَارِ الْإِمْكَانِ فِيهِ (وَإِنْ كَانَ) وَضْعُ الْوَلَدِ (لِسِتَّةٍ) مِنْ الْأَشْهُرِ مِمَّا ذُكِرَ (فَالْوَلَدُ لِلثَّانِي) لِقِيَامِ فِرَاشِهِ وَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْ الْأَوَّلِ (وَلَوْ) (نَكَحَتْ) آخَرَ (فِي الْعِدَّةِ) نِكَاحًا (فَاسِدًا) وَهُوَ جَاهِلٌ بِالْعِدَّةِ أَوْ بِالتَّحْرِيمِ وَعُذِرَ لِنَحْوِ بُعْدِهِ عَنْ الْعُلَمَاءِ وَإِلَّا فَهُوَ زَانٍ لَا نَظَرَ إلَيْهِ مُطْلَقًا، وَكَالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ فِي تَفْصِيلِهِ الْآتِي وَطْءُ الشُّبْهَةِ (فَوَلَدَتْ لِلْإِمْكَانِ مِنْ الْأَوَّلِ) وَحْدَهُ بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ مِمَّا مَرَّ وَلِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي (لَحِقَهُ وَانْقَضَتْ) عِدَّتُهُ (بِوَضْعِهِ ثُمَّ تَعْتَدُّ) ثَانِيًا (لِلثَّانِي) لِأَنَّ وَطْأَهُ شُبْهَةٌ (أَوْ) وَلَدَتْ (لِلْإِمْكَانِ مِنْ الثَّانِي) وَحْدَهُ بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ إمْكَانِ الْعُلُوقِ قَبْلَ الْفِرَاقِ الْأَوَّلِ وَلِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي (لَحِقَهُ) وَإِنْ كَانَ طَلَاقُ الْأَوَّلِ رَجْعِيًّا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ وَإِنْ اعْتَمَدَ الْبُلْقِينِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ أَنَّهُ إذَا كَانَ طَلَاقُهُ رَجْعِيًّا يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ (أَوْ) أَتَتْ بِهِ لِلْإِمْكَانِ (مِنْهُمَا) بِأَنْ كَانَ لِأَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ الْأَوَّلِ وَلِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ الثَّانِي (عُرِضَ عَلَى قَائِفٍ، فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِأَحَدِهِمَا فَكَالْإِمْكَانِ مِنْهُ فَقَطْ) وَقَدْ عُلِمَ حُكْمُهُ أَوْ بِهِمَا أَوْ تَوَقَّفَ أَوْ فَقَدَ انْتَظَرَ بُلُوغَ الْوَلَدِ وَانْتِسَابَهُ بِنَفْسِهِ. أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ مِنْ أَحَدِهِمَا كَأَنْ وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةٍ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي وَفَوْقَ أَرْبَعٍ مِنْ نَحْوِ طَلَاقِ الْأَوَّلِ فَهُوَ مَنْفِيٌّ عَنْهُمَا، وَقَدْ بَانَ أَنَّ الثَّانِيَ نَكَحَهَا حَامِلًا، وَهَلْ يُحْكَمُ بِفَسَادِ النِّكَاحِ حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ لَا؟ حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ الزِّنَا وَقَدْ جَرَى النِّكَاحُ فِي الظَّاهِرِ عَلَى الصِّحَّةِ الْأَقْرَبُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ الثَّانِي، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمَطْلَبِ وَفِيهِ الْجَمْعُ الْمَارُّ، وَخَرَجَ بِالْفَاسِدِ نِكَاحُ الْكُفَّارِ إذَا اعْتَقَدُوا صِحَّتَهُ، فَإِذَا أَمْكَنَ مِنْهُمَا فَهُوَ لِلثَّانِي بِلَا قَائِفٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ الْمَسْكُوتُ عَنْهُ مُوَافِقًا لِلْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: أَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ) أَيْ بَعْدَ الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَمْكَنَ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: لِنَحْوِ بُعْدِهِ) أَفْهَمَ أَنَّ عَامَّةَ أَهْلِ مِصْرَ الَّذِينَ هُمْ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ لَا يُعْذَرُونَ فِي دَعْوَاهُمْ الْجَهْلَ بِالْمُفْسِدِ فَيَكُونُونَ زُنَاةً، وَمِنْهُ اعْتِقَادُهُمْ أَنَّ الْعِدَّةَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَطْءُ الشُّبْهَةِ) أَيْ فِي الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) غَايَةً (قَوْلُهُ: وَإِنْ اعْتَمَدَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَانْتِسَابُهُ بِنَفْسِهِ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَنْتَسِبْ بَعْدَ الْبُلُوغِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ لِجَوَازِ أَنَّهُ لَمْ يَمِلْ طَبْعُهُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: حَامِلًا إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ بِكْرٌ وُجِدَتْ حَامِلًا وَكَشَفَ عَلَيْهَا الْقَوَابِلُ فَرَأَيْنَهَا بِكْرًا هَلْ يَجُوزُ لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا بِالْإِجْبَارِ مَعَ كَوْنِهَا حَامِلًا أَمْ لَا؟ وَهُوَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِوَلِيِّهَا تَزْوِيجُهَا بِالْإِجْبَارِ وَهِيَ حَامِلٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّ شَخْصًا حَكَّ ذَكَرَهُ عَلَى فَرْجِهَا فَأَمْنَى وَدَخَلَ مَنِيُّهُ فِي فَرْجِهَا فَحَمَلَتْ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ زَوَالِ الْبَكَارَةِ فَهُوَ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ فَيَصِحُّ نِكَاحُهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَعَ وُجُودِ الْحَمْلِ، وَاحْتِمَالُ كَوْنِهَا زَنَتْ وَأَنَّ الْبَكَارَةَ عَادَتْ وَالْتَحَمَتْ فِيهِ إسَاءَةُ ظَنٍّ بِهَا فَعَمِلْنَا بِالظَّاهِرِ مِنْ أَنَّهَا بِكْرٌ مُجْبَرَةٌ وَأَنَّ لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا بِالْإِجْبَارِ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ الْجَمْعُ الْمَارُّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَعِدَّةُ حُرَّةٍ إلَخْ وَلَوْ جَهِلَ حَالَ الْحَمْلِ وَلَمْ يُمْكِنْ لُحُوقُهُ إلَخْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ الْجَمْعُ الْمَارُّ) أَيْ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَعِدَّةُ حُرَّةٍ إلَخْ.

[فصل في تداخل العدتين]

فَصْلٌ فِي تَدَاخُلِ الْعِدَّتَيْنِ إذَا (لَزِمَهَا عِدَّتَا شَخْصٍ مِنْ جِنْسٍ) وَاحِدٍ (بِأَنْ) هُوَ بِمَعْنَى كَأَنْ (طَلَّقَ ثُمَّ وَطِئَ) رَجْعِيَّةً أَوْ بَائِنًا (فِي عِدَّةِ) غَيْرِ حَمْلٍ مِنْ (أَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ) وَلَمْ تَحْبَلْ مِنْ وَطْئِهِ (جَاهِلًا) بِأَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ أَوْ بِتَحْرِيمِ وَطْءِ الْمُعْتَدَّةِ وَعُذِرَ لِنَحْوِ بُعْدِهِ عَنْ الْعُلَمَاءِ (أَوْ عَالِمًا) بِذَلِكَ (فِي رَجْعِيَّةٍ) لَا بَائِنٍ لِأَنَّهُ زَانٍ (تَدَاخَلَتَا) أَيْ عِدَّةُ الطَّلَاقِ وَالْوَطْءِ (فَتَبْتَدِئُ عِدَّةً) بِأَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ (مِنْ) فَرَاغِ (الْوَطْءِ وَتَدْخُلُ فِيهَا بَقِيَّةُ عِدَّةِ الطَّلَاقِ) وَهَذِهِ الْبَقِيَّةُ وَاقِعَةٌ عَنْ الْجِهَتَيْنِ فَلَهُ الرَّجْعَةُ فِي الرَّجْعِيِّ فِيهَا دُونَ مَا بَعْدَهَا (فَإِنْ) كَانَتَا مِنْ جِنْسَيْنِ كَأَنْ (كَانَتْ إحْدَاهُمَا حَمْلًا وَالْأُخْرَى أَقْرَاءً) كَأَنْ حَبِلَتْ مِنْ وَطْئِهِ فِي الْعِدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ أَوْ طَلَّقَهَا حَامِلًا ثُمَّ وَطِئَهَا قَبْلَ الْوَضْعِ وَهِيَ مِمَّنْ تَحِيضُ حَامِلًا (تَدَاخَلَتَا فِي الْأَصَحِّ) أَيْ دَخَلَتْ الْأَقْرَاءُ فِي الْحَمْلِ (فَتَنْقَضِيَانِ بِوَضْعِهِ) وَيَكُونُ وَاقِعًا عَنْهُمَا سَوَاءٌ أَرَأَتْ الدَّمَ مَعَ الْحَمْلِ أَمْ لَا وَإِنْ لَمْ تُتِمَّ الْأَقْرَاءَ قَبْلَ الْوَضْعِ لِأَنَّ الْأَقْرَاءَ إنَّمَا يَعْتَدُّ بِهَا إذَا كَانَتْ مَظِنَّةَ الدَّلَالَةِ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ، وَقَدْ انْتَفَى هُنَا لِلْعِلْمِ بِاشْتِغَالِ الرَّحِمِ، وَمَا قَيَّدَ بِهِ الْبَارِزِيُّ وَغَيْرُهُ وَتَبِعَهُمْ الشَّارِحُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ مَا تَقَرَّرَ عِنْدَ انْتِفَاءِ رُؤْيَةِ الدَّمِ أَوْ رُؤْيَتِهِ وَتَمَّتْ الْأَقْرَاءُ عَلَى الْوَضْعِ وَإِلَّا فَتَنْقَضِي مَعَ الْحَمْلِ الْعِدَّةُ الْأُخْرَى بِالْأَقْرَاءِ مَنَعَهُ النَّشَائِيُّ وَابْنُ النَّقِيبِ وَالْبُلْقِينِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ، قَالُوا: وَكَأَنَّهُمْ اغْتَرُّوا بِظَاهِرِ كَلَامِ الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلَيْ التَّدَاخُلِ وَعَدَمِهِ، وَالْحَقُّ أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى الضَّعِيفِ، وَهُوَ عَدَمُ التَّدَاخُلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْغَزَالِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَصَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَالْبَيَانِ وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ مَا فَهِمَهُ ابْنُ الْمُقْرِي حَيْثُ أَطْلَقَ هُنَا وَصَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ، وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَتَعْلِيلُهُ فِي الْكَبِيرِ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ مَعَ الْحَمْلِ بِأَنَّ الْحُكْمَ بَعْدَ التَّدَاخُلِ لَيْسَ إلَّا لِرِعَايَةِ صُورَةِ الْعِدَّتَيْنِ تَعَبُّدًا وَقَدْ حَصَلَتْ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ (وَ) مِنْ ثَمَّ جَازَ لَهُ أَنَّهُ (يُرَاجِعُ قَبْلَهُ) فِي الرَّجْعِيِّ وَإِنْ كَانَ الْحَمْلُ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــS (فَصْلٌ) فِي تَدَاخُلِ الْعِدَّتَيْنِ (قَوْلُهُ فِي تَدَاخُلِ الْعِدَّتَيْنِ) أَيْ وَفِيمَا يَتْبَعُهُ مِنْ نَحْوِ عَدَمِ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ زَمَنَ وَطْءِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: أَوْ عَالِمًا) أَيْ أَوْ جَاهِلًا لَمْ يُعْذَرْ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ قَبْلُ وَعُذِرَ لِنَحْوِ بُعْدِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الرَّجْعَةُ فِي الرَّجْعِيِّ) أَيْ فِي بَقِيَّةِ عِدَّةِ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مِمَّنْ تَحِيضُ) قَضِيَّتُهُ الِاعْتِدَادُ بِالْحَيْضِ مَعَ الْحَمْلِ لَكِنَّهُ حُكِمَ بِدُخُولِهِ فِي الْحَمْلِ اسْتِغْنَاءً بِهِ، وَفِيهِ أَنَّ الْحَيْضَ إنَّمَا يُؤَثِّرُ مَعَ الْحَمْلِ إذَا كَانَ الْحَمْلُ مِنْ زِنًا، فَالْمُرَادُ بِالدُّخُولِ عَدَمُ النَّظَرِ لِلْأَقْرَاءِ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهَا مَعَ الْحَمْلِ لَا أَنَّ وُجُوبَهَا مُسْتَمِرٌّ وَقَدْ اسْتَغْنَى عَنْهُ بِالْحَمْلِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي، فَالْمُرَادُ أَنَّهَا لَا تَسْتَأْنِفُ عِدَّةً بِالْأَقْرَاءِ بَعْدَ وَضْعِ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ مَنَعَهُ النَّشَائِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ وَالنَّشَائِيُّ بِفَتْحِ النُّونِ إلَى النَّشَاءِ الْمَعْرُوفِ اهـ أَنْسَابُ السُّيُوطِيّ. وَفِي الْمُخْتَارِ: وَالنَّشَاءُ هُوَ النَّشَاسْتَجُ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ حُذِفَ شَطْرُهُ تَخْفِيفًا كَمَا قَالُوا لِلْمَنَازِلِ مَنَى اهـ. وَفِي الْمِصْبَاحِ: وَالنَّشَاءُ مَا يُعْمَلُ مِنْ الْحِنْطَةِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَمِمَّا يُوجَدُ مَمْدُودًا وَالْعَامَّةُ تَقْصُرُهُ النَّشَاءُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي تَدَاخُلِ الْعِدَّتَيْنِ] فَصْلٌ) فِي تَدَاخُلِ عِدَّتَيْ امْرَأَةٍ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مِمَّنْ تَحِيضُ حَامِلًا) عِبَارَةُ الْجَلَالِ: وَهِيَ تَرَى الدَّمَ مَعَ الْحَمْلِ، وَقُلْنَا بِالرَّاجِحِ إنَّهُ حَيْضٌ انْتَهَتْ. وَكَأَنَّهُ قَيَّدَ بِهِ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ، وَإِلَّا فَسَيَأْتِي قَوْلُ الشَّارِحِ: سَوَاءٌ أَرَأَتْ الدَّمَ مَعَ الْحَمْلِ أَمْ لَا، وَإِنْ كَانَ ذَكَرَهُ لَا يُنَاسِبُ مَا ذَكَرَهُ هُنَا، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِهِ مَنْ لَا يُرَاعِي الْخِلَافَ كَشَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَتَبِعَهُمْ الشَّارِحُ) فِيهِ وَقْفَةٌ تُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَتَنْقَضِي مَعَ الْحَمْلِ إلَخْ.) فِي الْعِبَارَةِ قَلَاقَةٌ لَا تَخْفَى، وَالْمُرَادُ، وَإِلَّا فَلَا تَنْقَضِي عِدَّةُ غَيْرِ

الْوَطْءِ الَّذِي فِي الْعِدَّةِ (وَقِيلَ إنْ كَانَ الْحَمْلُ مِنْ الْوَطْءِ فَلَا) يُرَاجِعُ لِوُقُوعِهِ عَنْهُ فَقَطْ وَيَرُدُّهُ مَا تَقَرَّرَ (أَوْ) لَزِمَهَا عِدَّتَانِ (لِشَخْصَيْنِ بِأَنْ) أَيْ كَأَنْ (كَانَتْ فِي عِدَّةِ زَوْجٍ أَوْ) وَطْءِ (شُبْهَةٍ فَوُطِئَتْ) مِنْ آخَرَ (بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ كَانَتْ زَوْجَةً مُعْتَدَّةً عَنْ شُبْهَةٍ فَطَلُقَتْ) (فَلَا) تَدَاخَلَ لِتَعَدُّدِ الْمُسْتَحَقِّ بَلْ تَعْتَدُّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عِدَّةً كَامِلَةً كَمَا جَاءَ عَنْ الْبَيْهَقِيّ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَلَمْ يُعْلَمْ لَهُمَا مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ. وَمَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ لَمْ يَثْبُتْ. نَعَمْ إنْ كَانَا حَرْبِيَّيْنِ فَأَسْلَمَتْ مَعَ الثَّانِي أَوْ أُمِّنَا فَتَرَافَعَا إلَيْنَا لَغَتْ بَقِيَّةُ عِدَّةِ الْأَوَّلِ عَلَى الْأَصَحِّ وَتَكْفِيهَا عِدَّةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ حِينِ وَطْءِ الثَّانِي لِضَعْفِ حَقِّ الْحَرْبِيِّ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ (فَإِنْ كَانَ) أَيْ وُجِدَ (حَمْلٌ) مِنْ أَحَدِهِمَا (قُدِّمَتْ عِدَّتُهُ) وَإِنْ تَأَخَّرَ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ لِأَنَّهَا لَا تَقْبَلُ التَّأْخِيرَ فَفِيمَا إذَا كَانَ مِنْ الْمُطَلَّقِ ثُمَّ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ تَنْقَضِي عِدَّةُ الطَّلَاقِ بِوَضْعِهِ ثُمَّ بَعْدَ زَمَنِ النِّفَاسِ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ لِلشُّبْهَةِ وَلَهُ الرَّجْعَةُ قَبْلَ الْوَضْعِ لَا وَقْتَ وَطْءِ الشُّبْهَةِ بِعَقْدٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّاهُ: أَيْ لَا فِي حَالِ إبْقَاءِ فِرَاشِ وَاطِئِهَا بِأَنْ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا وَكَذَا فِيمَا يَأْتِي وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّ نِيَّةَ عَدَمِ الْعَوْدِ إلَيْهَا كَالتَّفْرِيقِ وَذَلِكَ لِأَنَّهَا بِهِ صَارَتْ فِرَاشًا لِلْوَاطِئِ فَخَرَجَتْ عَنْ عِدَّةِ الْمُطَلِّقِ وَاسْتِشْكَالُ الْبُلْقِينِيِّ بِأَنَّ هَذَا لَا يَزِيدَ عَلَى مَا يَأْتِي أَنَّ حَمْلَ وَطْءِ الشُّبْهَةِ لَا يَمْنَعُ الرَّجْعَةَ مَمْنُوعٌ بَلْ يَزِيدُ عَلَيْهِ. إذْ مُجَرَّدُ وُجُودِ الْحَمْلِ أَثَرٌ عَنْ وُجُودِ الِاسْتِفْرَاشِ. وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُؤَثِّرَ أَقْوَى فَلَمْ يَلْزَمْ مِنْ مَنْعِهِ الرَّجْعَةَ مَنْعُ أَثَرِهِ لَهَا لِضَعْفِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ، وَفِي عَكْسِ ذَلِكَ تَنْقَضِي عِدَّةُ الشُّبْهَةِ بِوَضْعِهِ ثُمَّ تَعْتَدُّ أَوْ تُكْمِلُ لِلطَّلَاقِ، وَلَهُ الرَّجْعَةُ قَبْلَ وَضْعٍ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ كَمَا صَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَابْنُ الْمُقْرِي وَبَعْدَهُ لَا تَجْدِيدَ قَبْلَ وَضْعٍ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ. وَفَارَقَ الرَّجْعَةَ بِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ نِكَاحٍ فَلَمْ يَصِحَّ فِي عِدَّةِ الْغَيْرِ وَهِيَ شَبِيهَةٌ بِاسْتِدَامَةِ النِّكَاحِ فَاحْتُمِلَ وُقُوعُهَا فِي عِدَّةِ الْغَيْرِ، وَلَوْ اشْتَبَهَ الْحَمْلُ فَلَمْ يَدْرِ أَمِنَ الزَّوْجِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِثْلُ سَلَامٍ، وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ مَقْصُورٌ فَإِنَّهُ قَالَ لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ، فَإِنْ صَحَّ أَنَّ الْعَرَبَ تَكَلَّمُوا بِهِ فَحَمْلُهُ عَلَى الْمَقْصُورِ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَا زِيَادَةَ فِيهِ اهـ (قَوْلُهُ وَيَرُدُّهُ مَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَيَكُونُ وَاقِعًا عَنْهُمَا (قَوْلُهُ: مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ) أَيْ هِيَ وَالثَّانِي (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ كَانَا حَرْبِيَّيْنِ) أَيْ صَاحِبُ الْعِدَّتَيْنِ حَرْبِيَّيْنِ كَأَنْ زُوِّجَتْ بِحَرْبِيٍّ ثُمَّ وَطِئَهَا آخَرُ بِصُورَةِ النِّكَاحِ فِي عِدَّةِ الْأَوَّلِ. وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْعِدَّتَيْنِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ إحْدَاهُمَا حَامِلًا أَمْ لَا. وَفِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: فَإِنْ حَمَلَتْ مِنْ الْأَوَّلِ لَا مِنْ الثَّانِي لَمْ تَكْفِهَا عِدَّةٌ وَاحِدَةٌ فَنَعْتَدَّ لِلثَّانِي بَعْدَ الْوَضْعِ، بِخِلَافِ مَا إذَا حَبِلَتْ مِنْ الثَّانِي فَيَكْفِيهَا وَضْعُ الْحَمْلِ اهـ. وَقَدْ يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ لَغَتْ بَقِيَّةُ عِدَّةِ الْأَوَّلِ إلَخْ، فَإِنَّهُ حَيْثُ كَانَ حَمْلًا وَقُلْنَا بِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهَا وَجَبَ أَنْ تَعْتَدَّ عِدَّةً كَامِلَةً لِلثَّانِي وَلَا يَتَأَتَّى إلَّا بَعْدَ وَضْعِ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: لَا وَقْتَ وَطْءِ الشُّبْهَةِ) لَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ فِي أَنَّ الرَّجْعَةَ قَبْلَ وَطْءِ الشُّبْهَةِ أَوْ وَقْتِهِ فَادَّعَى الزَّوْجُ الْأَوَّلَ لِتَصِحَّ الرَّجْعَةُ وَالزَّوْجَةُ الثَّانِيَ لِتَبْطُلَ فَهَلْ يُصَدَّقُ الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ تَصْدِيقُ الزَّوْجِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَقِّهِ (قَوْلُهُ: أَيْ لَا فِي حَالِ بَقَاءِ فِرَاشٍ) أَيْ كَأَنْ نَكَحَهَا فَاسِدًا وَاسْتَمَرَّ مَعَهَا مُدَّةً قَبْلَ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا لَيْسَ الْمُرَادُ خُصُوصَ زَمَنِ الْوَطْءِ، وَكَالتَّفْرِيقِ مَا لَوْ عَلِمَ بِالْحَالِ وَعَزَمَ عَلَى التَّرْكِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ أَنَّ نِيَّتَهُ) أَيْ الْوَاطِئِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ قَوْلُهُ لَا وَقْتِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُؤَثِّرَ) أَيْ الْوَطْءَ، وَقَوْلُهُ أَقْوَى: أَيْ مِنْ الْأَثَرِ وَهُوَ الْحَمْلُ (قَوْلُهُ: وَفِي عَكْسِ ذَلِكَ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ الْحَمْلُ مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ الرَّجْعَةُ) فِي صُورَةِ الْعَكْسِ (قَوْلُهُ: وَبَعْدَهُ) أَيْ الْوَضْعِ (قَوْلُهُ لَا تَجْدِيدَ) أَيْ لِلرَّجْعَةِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ وَضْعٍ) أَيْ أَمَّا بَعْدَهُ فَيُجَدَّدُ وَلَوْ فِي زَمَنِ النِّفَاسِ لِانْقِضَاءِ عِدَّةِ الشُّبْهَةِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ) أَيْ التَّجْدِيدَ (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ الرَّجْعَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَمْلِ إلَّا بِالْأَقْرَاءِ وَتَنْقَضِي عِدَّةُ الْحَمْلِ بِوَضْعِهِ (قَوْلُهُ: وَبَعْدَهُ لَا تَجْدِيدَ) أَيْ إلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهِ (قَوْلُهُ: فَاحْتَمَلَ وُقُوعَهَا فِي عِدَّةِ الْغَيْرِ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ لَهُ التَّجْدِيدَ بَعْدَ الْوَضْعِ فِي زَمَنِ النِّكَاحِ مَعَ أَنَّهُ فِي غَيْرِ

أَمْ مِنْ الشُّبْهَةِ جُدِّدَ النِّكَاحُ مَرَّتَيْنِ قَبْلَ وَضْعِ مَرَّةٍ وَبَعْدَهُ أُخْرَى لِيُصَادِفَ التَّجْدِيدُ عِدَّتَهُ يَقِينًا فَلَا يَكْفِي تَجْدِيدُهُ مَرَّةً لِاحْتِمَالِ وُقُوعِهِ فِي عِدَّةِ غَيْرِهِ، فَإِنْ بَانَ بِإِلْحَاقِ الْقَائِفِ وُقُوعُهُ فِي عِدَّتِهِ كَفَى، وَلِلْحَامِلِ الْمُشْتَبَهِ حَمْلُهَا نَفَقَةُ مُدَّةِ الْحَمْلِ عَلَى زَوْجِهَا إنْ أَلْحَقَ الْقَائِفُ الْوَلَدَ بِهِ مَا لَمْ تَصِرْ فِرَاشًا لِغَيْرِهِ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ فَتَسْقُطْ نَفَقَتُهَا إلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا لِنُشُوزِهَا وَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا قَبْلَ اللُّحُوقِ إذْ لَا وُجُوبَ لِلشَّكِّ، فَإِنْ لَمْ يَلْحَقْهُ بِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ فَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ وَلَا لِلرَّجْعِيَّةِ مُدَّةَ كَوْنِهَا فِرَاشًا لِلْوَاطِئِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَمْلٌ (فَإِنْ سَبَقَ الطَّلَاقُ) وَطْأَهَا بِشُبْهَةٍ (أَتَمَّتْ عِدَّتَهُ) لِتَقَدُّمِهَا وَقُوَّتِهَا لِاسْتِنَادِهَا لِعَقْدٍ جَائِزٍ (ثُمَّ) عَقِبَ عِدَّةِ الطَّلَاقِ (اسْتَأْنَفَتْ) الْعِدَّةَ (الْأُخْرَى) الَّتِي لِلشُّبْهَةِ (وَلَهُ الرَّجْعَةُ فِي عِدَّتِهِ) إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَتَجْدِيدٌ إنْ كَانَ بَائِنًا لِأَنَّهَا فِي عِدَّةِ طَلَاقِهِ لَا وَقْتِ الشُّبْهَةِ نَظِيرُ مَا مَرَّ (فَإِذَا رَاجَعَ) فِيهَا أَوْ جُدِّدَ (انْقَطَعَتْ) عِدَّتُهُ (وَشَرَعَتْ) حِينَئِذٍ (فِي عِدَّةِ الشُّبْهَةِ) عَقِبَ الرَّجْعَةِ حَيْثُ لَا حَمْلَ مِنْهُ وَإِلَّا فَعَقِبَ النِّفَاسِ، وَلَهُ التَّمَتُّعُ بِهَا قَبْلَ شُرُوعِهَا فِيهَا بِأَنْ تَسْتَأْنِفَهَا إنْ سَبَقَهَا الطَّلَاقُ وَتُتِمَّهَا إنْ سَبَقَتْهُ (وَ) مَا دَامَتْ فِي عِدَّتِهَا (لَا يَسْتَمْتِعُ بِهَا) الزَّوْجُ بِوَطْءٍ جَزْمًا وَبِغَيْرِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ لِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ عَنْ غَيْرِهِ حَمْلًا كَانَتْ أَوْ غَيْرَهُ (حَتَّى تَقْضِيَهَا) بِوَضْعٍ أَوْ غَيْرِهِ لِاخْتِلَالِ النِّكَاحِ بِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهَا، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ حُرْمَةُ نَظَرِهِ إلَيْهَا وَلَوْ بِلَا شَهْوَةٍ وَالْخَلْوَةِ بِهَا (وَإِنْ سَبَقَتْ الشُّبْهَةُ) الطَّلَاقَ (قُدِّمَتْ عِدَّةُ الطَّلَاقِ) لِقُوَّتِهَا كَمَا مَرَّ (وَقِيلَ) تَقَدَّمَ عِدَّةُ (الشُّبْهَةِ) لِسَبْقِهَا، وَفِي وَطْءٍ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ وَوَطْءٍ بِشُبْهَةٍ أُخْرَى، وَلَا حَمْلَ يُقَدَّمُ الْأَسْبَقُ مِنْ التَّفْرِيقِ بِالنِّسْبَةِ لِلنِّكَاحِ وَالْوَطْءِ بِالنِّسْبَةِ لِلشُّبْهَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ جَدَّدَ النِّكَاحَ مَرَّتَيْنِ) أَيْ حَيْثُ أَرَادَ التَّجْدِيدَ فِي الْعِدَّةِ وَإِلَّا فَلَهُ الصَّبْرُ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّتَيْنِ، وَهُوَ أَوْلَى لِانْتِفَاءِ الشَّكِّ حَالَ الْعَقْدِ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ اللُّحُوقِ) أَيْ فَطَرِيقُهَا أَنْ تَقْتَرِضَ وَتُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهَا أَوْ مِنْ مَالِهَا أَوْ غَيْرِهِ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: مُدَّةَ كَوْنِهَا فِرَاشًا) وَهُوَ مُدَّةُ عَدَمِ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا وَعَدَمِ الْعَزْمِ عَلَى عَدَمِ الرُّجُوعِ لَهَا (قَوْلُهُ: نَظِيرُ مَا مَرَّ) وَالْمُرَادُ بِهِ مَا دَامَ الْفِرَاشُ قَائِمًا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ قَبْلَ شُرُوعِهَا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَإِنْ لَزِمَ زَوْجَتَهُ الْحَامِلَ عِدَّةُ شُبْهَةٍ أَوْ مُطَلَّقَتَهُ فَرَاجَعَهَا وَالْحَمْلُ لَهُ فَلَهُ وَطْؤُهَا مَا لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ: أَمَّا إذَا كَانَ الْحَمْلُ لِلْوَاطِئِ فَيَحْرُمُ عَلَى الزَّوْجِ وَطْؤُهَا حَتَّى تَضَعَ اَ هـ. وَأَمَّا غَيْرُ الْوَطْءِ فَيُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَا يَسْتَمْتِعُ بِهَا إلَخْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ حُرْمَةِ التَّمَتُّعِ، وَقَوْلُهُ حُرْمَةُ نَظَرِهِ هَذَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ لَهُ قُبَيْلَ الْخِطْبَةِ مِنْ جَوَازِ النَّظَرِ لِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مِنْ الْمُعْتَدَّةِ عَنْ شُبْهَةٍ، وَعِبَارَتُهُ: وَخَرَجَ بِاَلَّتِي تَحِلُّ زَوْجَتُهُ الْمُعْتَدَّةُ عَنْ شُبْهَةٍ وَنَحْوُ أَمَةٍ مَجُوسِيَّةٍ فَلَا يَحِلُّ لَهُ إلَّا نَظَرُ مَا عَدَا مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا اهـ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْغَرَضَ مِمَّا ذَكَرَهُ هُنَا مُجَرَّدُ بَيَانِ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ اعْتِمَادُهُ فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُتَأَمَّلْ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُمْنَعُ أَخْذُ ذَلِكَ مِنْ الْمَتْنِ لِأَنَّ النَّظَرَ بِلَا شَهْوَةٍ لَا يُعَدُّ تَمَتُّعًا وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي مِنْهُ رَاجِعٌ لِلْمَتْنِ، أَمَّا إنْ جُعِلَ رَاجِعًا لِقَوْلِ الشَّارِحِ لِاخْتِلَالِ النِّكَاحِ إلَخْ لَمْ يُبْعَدْ الْأَخْذُ (قَوْلُهُ: قُدِّمَتْ عِدَّةُ الطَّلَاقِ) أَيْ ثُمَّ بَعْدَ انْقِضَائِهَا تُبْنَى عَلَى مَا مَضَى مِنْ عِدَّةِ الشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ: وَوَطْءٍ بِشُبْهَةٍ أُخْرَى) مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْوَطْءَ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ شُبْهَةٌ (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِلنِّكَاحِ) يَعْنِي أَنَّهُ إنْ كَانَ وَطْءُ الشُّبْهَةِ سَابِقًا عَلَى النِّكَاحِ قُدِّمَتْ عِدَّتُهُ وَإِنْ كَانَ التَّفْرِيقُ بِالنِّسْبَةِ لِلنِّكَاحِ الْفَاسِدِ سَابِقًا عَلَى الْوَطْءِ قُدِّمَتْ عِدَّتُهُ، فَالسَّابِقُ مِنْ التَّفْرِيقِ وَالْوَطْءِ عِدَّتُهُ مُقَدَّمَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQعِدَّتِهِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمَحْذُورَ كَوْنُهَا فِي عِدَّةِ الْغَيْرِ وَقَدْ انْتَفَى ذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَسْتَأْنِفَهَا إلَخْ.) هُوَ تَصْوِيرٌ لِلْمَتْنِ.

[فصل في حكم معاشرة المفارق للمعتدة]

(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ مُعَاشَرَةِ الْمُفَارِقِ لِلْمُعْتَدَّةِ (عَاشَرَهَا) أَيْ الْمُفَارَقَةَ بِطَلَاقٍ أَوْ فَسْخِ مُعَاشَرَةٍ (ك) مُعَاشَرَةِ (زَوْجٍ) لِزَوْجَتِهِ بِأَنْ كَانَ يَخْتَلِي بِهَا وَيَتَمَكَّنَ مِنْهَا وَلَوْ فِي بَعْضِ الزَّمَنِ (بِلَا وَطْءٍ) أَوْ مَعَهُ، وَالتَّقْيِيدُ بِعَدَمِهِ إنَّمَا هُوَ لِجَرَيَانِ الْأَوْجُهِ الْآتِيَةِ كَمَا يُفْهِمُهُ عِلَلُهَا (فِي عِدَّةِ أَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ فَأَوْجُهٌ) ثَلَاثَةٌ: أَوَّلُهَا تَنْقَضِي مُطْلَقًا، ثَانِيهَا لَا مُطْلَقًا، ثَالِثُهَا وَهُوَ (أَصَحُّهَا إنْ كَانَتْ بَائِنًا انْقَضَتْ) عِدَّتُهَا مَعَ ذَلِكَ لِانْتِفَاءِ شُبْهَةِ فِرَاشِهِ. وَمِنْ ثَمَّ لَوْ وُجِدَتْ بِأَنْ جَهِلَ ذَلِكَ وَعُذِرَ لَمْ تَنْقَضِ كَالرَّجْعِيَّةِ فِي قَوْلِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَكُنْ بَائِنًا (فَلَا) تَنْقَضِي، لَكِنْ إذَا زَالَتْ الْمُعَاشَرَةُ أَتَمَّتْ عَلَى مَا مَضَى وَذَلِكَ لِشُبْهَةِ الْفِرَاشِ، كَمَا لَوْ نَكَحَهَا جَاهِلًا فِي الْعِدَّةِ لَا يُحْسَبُ زَمَنُ اسْتِفْرَاشِهِ عَنْهَا بَلْ تَنْقَطِعُ مِنْ حِينِ الْخَلْوَةِ وَلَا يَبْطُلُ بِهَا مَا مَضَى فَتَبْنِي عَلَيْهِ إذَا زَالَتْ وَلَا تُحْسَبُ الْأَوْقَاتُ الْمُتَخَلَّلَةُ بَيْنَ الْخَلَوَاتِ (وَ) فِي هَذِهِ (لَا رَجْعَةَ) لَهُ عَلَيْهَا (بَعْدَ) مُضِيِّ (الْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ) وَإِنْ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا (قُلْت: وَيَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ) احْتِيَاطًا فِيهِمَا وَتَغْلِيظًا عَلَيْهِ لِتَقْصِيرِهِ وَهَذَا هُوَ الْمُفْتَى بِهِ، وَحِينَئِذٍ فَهِيَ كَالْبَائِنِ بَعْدَ مُضِيِّ عِدَّتِهَا الْأَصْلِيَّةِ إلَّا فِي لُحُوقِ الطَّلَاقِ خَاصَّةً فَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا، وَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــS (فَصْلٌ) فِي حُكْمِ مُعَاشَرَةِ الْمُفَارِقِ لِلْمُعْتَدَّةِ (قَوْلُهُ: فِي حُكْمِ مُعَاشَرَةِ الْمُفَارِقِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَحُكْمِ لُحُوقِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَهُ) وَمَعْلُومٌ حُرْمَةُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: كَمَا يُفْهِمُهُ عِلَلُهَا) أَيْ الْمَذْكُورَةُ فِي كَلَامِهِمْ وَإِلَّا فَالشَّارِحُ لَمْ يَذْكُرْ هُنَا مِنْهَا شَيْئًا (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ وُجِدَتْ) أَيْ الشُّبْهَةُ (قَوْلُهُ: أَتَمَّتْ عَلَى مَا مَضَى) أَيْ عَلَى مَا مَضَى مِنْ عِدَّتِهَا قَبْلَ الْمُعَاشَرَةِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ نَكَحَهَا) أَيْ الزَّوْجُ (قَوْلُهُ: بَلْ يَنْقَطِعُ) أَيْ الْفِرَاشُ أَوْ الْعِدَّةُ وَالثَّانِي أَوْلَى (قَوْلُهُ: مِنْ حِينِ الْخَلْوَةِ) الْمُنَاسِبُ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ نَكَحَ مُعْتَدَّةً يَظُنُّ إلَخْ الْوَطْءَ اهـ. إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ هُنَا لَمَّا كَانَ مِنْ الزَّوْجِ وَتَقَدَّمَ فِرَاشُهُ اكْتَفَى فِي حَقِّهِ بِالْخَلْوَةِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ: وَفِي هَذِهِ) أَيْ صُورَةِ مُعَاشَرَةِ الرَّجْعِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُهَا) أَيْ الرَّجْعِيَّةُ (قَوْلُهُ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ) أَيْ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا، وَيَلْزَمُهَا بَعْدَ ذَلِكَ التَّفْرِيقِ عِدَّةٌ كَامِلَةٌ سَوَاءٌ اتَّصَلَتْ الْمُعَاشَرَةُ بِالْفُرْقَةِ الْأُولَى أَوْ لَمْ تَتَّصِلْ، وَيَدْخُلُ فِيهَا بَقِيَّةُ عِدَّةِ طَلَاقٍ قَبْلَهُ مِنْ الْفُرْقَةِ الْأُولَى أَوْ بَعْدَهَا إنْ وَجَدَ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ فِيهَا كَمَا قَبْلَهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا سُكْنَى لَهَا فِيهَا وَأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ نَحْوُ أُخْتِهَا بَعْدَ التَّفْرِيقِ فَرَاجِعْ ذَلِكَ اهـ قَلْيُوبِيٌّ. وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ خِلَافُهُ، وَتَبِعَهُ عَلَى التَّعْبِيرِ بِهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ فَهِيَ) أَيْ الرَّجْعِيَّةُ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي لُحُوقِ الطَّلَاقِ خَاصَّةً) فِيهِ مُسَامَحَةٌ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا السُّكْنَى وَلَا يُحَدُّ بِوَطْئِهَا، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ: قَوْلُهُ إلَّا ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي حُكْمِ مُعَاشَرَةِ الْمُفَارِقِ لِلْمُعْتَدَّةِ] ِ (قَوْلُهُ: فِي حُكْمِ مُعَاشَرَةِ الْمُفَارِقِ) إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي التَّرْجَمَةِ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي تَتَعَلَّقُ بِمُعَاشَرَتِهِ الْأَحْكَامُ الْآتِيَةُ، بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِمُعَاشَرَتِهِ حُكْمٌ (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ يَخْتَلِي بِهَا إلَخْ.) عِبَارَةُ بَعْضِهِمْ بِالْمُوَاكَلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي بَعْضِ الزَّمَنِ) صَادِقٌ بِمَا إذَا قَلَّ الزَّمَنُ جِدًّا وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَأَنَّهُ إنَّمَا احْتَرَزَ بِهِ عَنْ اشْتِرَاطِ دَوَامِ الْمُعَاشَرَةِ فِي كُلِّ الْأَزْمِنَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَهُ) يَتَعَيَّنُ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَائِنِ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ شُبْهَةٌ، وَإِلَّا فَسَيَأْتِي أَنَّ الْوَطْءَ بِشُبْهَةٍ يَقْطَعُ عِدَّةَ الْبَائِنِ. وَكَانَ الْأَصْوَبُ أَنْ يَبْقَى الْمَتْنُ عَلَى ظَاهِرِهِ، فَإِنَّ التَّقْيِيدَ بِعَدَمِ الْوَطْءِ لِتَأَتِّي الْأَحْكَامِ الْآتِيَةِ لَا لِتَأَتِّي الْأَوْجُهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ وُجِدَتْ إلَخْ.) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَطْءٌ، لَكِنَّ عِبَارَةَ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: نَعَمْ إنْ عَاشَرَهَا بِوَطْءِ شُبْهَةٍ فَكَالرَّجْعِيَّةِ انْتَهَتْ وَهِيَ الَّتِي تُلَائِمُ مَا يَأْتِي فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: خَاصَّةً) يُرَدُّ عَلَيْهِ عَدَمُ حَدِّهِ بِوَطْئِهَا

يَصِحُّ مِنْهَا إيلَاءٌ وَلَا ظِهَارٌ وَلَا لِعَانٌ وَلَا نَفَقَةٌ، وَلَا كِسْوَةَ لَهَا، وَتَجِبُ لَهَا السُّكْنَى، وَلَا يُحَدُّ بِوَطْئِهَا كَمَا مَرَّ، وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِي النَّفَقَةِ، وَأَفْتَى بِجَمِيعِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَلَوْ عَاشَرَهَا أَجْنَبِيٌّ) فِيهَا بِلَا وَطْءٍ كَمُعَاشَرَةِ الزَّوْجِ (انْقَضَتْ) الْعِدَّةُ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِعَدَمِ الشُّبْهَةِ. أَمَّا إذَا عَاشَرَهَا بِشُبْهَةٍ كَكَوْنِهِ سَيِّدَهَا كَانَ كَمُعَاشَرَةِ الرَّجْعِيَّةِ. وَأَمَّا مُعَاشَرَتُهَا بِوَطْءٍ، فَإِنْ كَانَ زِنًا لَمْ تُؤَثِّرْ أَوْ بِشُبْهَةٍ فَهُوَ كَمَا فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَلَوْ نَكَحَ مُعْتَدَّةً إلَى آخِرِهِ، وَخَرَجَ بِأَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ عِدَّةَ الْحَمْلِ فَتَنْقَضِي بِوَضْعِهِ مُطْلَقًا لِتَعَذُّرِ قَطْعِهَا (وَلَوْ نَكَحَ مُعْتَدَّةً) لِغَيْرِهِ (بِظَنِّ الصِّحَّةِ وَوَطِئَ انْقَطَعَتْ) عِدَّتُهَا لِغَيْرِهِ (مِنْ حِينِ وَطْءٍ) لِحُصُولِ الْفِرَاشِ بِوَطْئِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَطَأْ وَإِنْ عَاشَرَهَا لِانْتِفَاءِ الْفِرَاشِ، إذْ مُجَرَّدُ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ لَا حُرْمَةَ لَهُ (وَفِي قَوْلٍ أَوْ وَجْهٍ) وَهُوَ الْأَثْبَتُ، وَمِنْ ثَمَّ جُزِمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ يَنْقَطِعُ (مِنْ) حِينَ (الْعَقْدِ) لِإِعْرَاضِهَا بِهِ عَنْ الْأُولَى (وَلَوْ) (رَاجَعَ حَائِلًا ثُمَّ طَلَّقَ) هَا (اسْتَأْنَفَتْ) الْعِدَّةَ وَإِنْ لَمْ يَطَأْ بَعْدَ الرَّجْعَةِ لِعَوْدِهَا بِهَا لِلنِّكَاحِ الَّذِي وُطِئَتْ فِيهِ (وَفِي الْقَدِيمِ) وَحُكِيَ جَدِيدًا (تَبْنِي إنْ لَمْ يَطَأْ) هَا بَعْدَ الرَّجْعَةِ، وَخَرَجَ بِرَاجِعٍ ثُمَّ طَلَّقَ طَلَاقَهُ الرَّجْعِيَّةَ فِي عِدَّتِهَا فَإِنَّهَا تَبْنِي عَلَى الْعِدَّةِ الْأُولَى (أَوْ) رَاجَعَ (حَامِلًا) ثُمَّ طَلَّقَهَا (فَبِالْوَضْعِ) تَنْقَضِي عِدَّتُهَا وَإِنْ وَطِئَ بَعْدَ الرَّجْعَةِ لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ (فَلَوْ وَضَعَتْ) بَعْدَ الرَّجْعَةِ (ثُمَّ طَلَّقَ اسْتَأْنَفَتْ) عِدَّةً وَإِنْ لَمْ يَطَأْ بَعْدَ الرَّجْعَةِ لِمَا مَرَّ أَنَّهَا بِهَا عَادَتْ لِمَا وُطِئَتْ فِيهِ (وَقِيلَ إنْ لَمْ يَطَأْهَا بَعْدَ الْوَضْعِ) وَلَا قَبْلَهُ (فَلَا عِدَّةَ وَلَوْ) (خَالَعَ مَوْطُوءَةً ثُمَّ نَكَحَهَا) فِي الْعِدَّةِ (ثُمَّ وَطِئَ ثُمَّ طَلَّقَ) (اسْتَأْنَفَتْ) عِدَّةً لِأَجْلِ الْوَطْءِ (وَدَخَلَ فِيهَا الْبَقِيَّةُ) مِنْ الْعِدَّةِ الْأُولَى لَوْ فُرِضَ بَقِيَّةٌ مِنْهَا، وَإِلَّا فَهِيَ قَدْ ارْتَفَعَتْ مِنْ أَصْلِهَا بِالنِّكَاحِ وَالْوَطْءِ بَعْدَهُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ لَمْ يُوجَدْ وَطْءٌ بَنَتْ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ الْأُولَى وَكَمَّلَتْهَا وَلَا عِدَّةَ لِهَذَا الطَّلَاقِ لِأَنَّهُ قَبْلَ الْوَطْءِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي لُحُوقِ الطَّلَاقِ خَاصَّةً: أَيْ فَيَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ (قَوْلُهُ: وَلَا نَفَقَةَ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهَا بَائِنٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَنَّهَا لَا يَجُوزُ رَجْعَتُهَا. قَالَ يَعْنِي الْبُلْقِينِيَّ: وَلَا يَصِحُّ خُلْعُهَا لِبَذْلِهَا الْعِوَضَ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ. قَالَ: وَلَيْسَ لَنَا امْرَأَةٌ يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ وَلَا يَصِحُّ خُلْعُهَا إلَّا هَذِهِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ اهـ. قَالَ النَّاشِرِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ إذَا خَالَعَهَا وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَلَا يَلْزَمُ الْعِوَضُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ زِنًا) أَيْ وَذَلِكَ بِأَنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَعَلِمَ بِهِ الزَّوْجُ، وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: وَلَوْ وَطِئَ الزَّوْجُ مَعَ الْمُعَاشَرَةِ الْبَائِنَ عَالِمًا انْقَضَتْ لِأَنَّهُ وَطْءُ زِنًا لَا حُرْمَةَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَكَحَ مُعْتَدَّةً) عَنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٍّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَثْبَتُ) أَيْ كَوْنُهُ وَجْهًا (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تَبْنِي) أَيْ فَيَكْتَفِي بِمَا بَقِيَ وَإِنْ قَلَّ كَقُرْءٍ عَنْ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي (قَوْلُهُ: مِنْ الْعِدَّةِ الْأُولَى) وَهِيَ عِدَّةُ الْخُلْعِ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ لَمْ يُوجَدْ وَطْءُ بِنْتٍ) أَيْ فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْوَطْءِ وَعَدَمِهِ صُدِّقَ مُنْكِرُهُ عَلَى الْقَاعِدَةِ فِي أَنَّ مُنْكِرَ الْوَطْءِ يُصَدَّقُ إلَّا فِيمَا اسْتَثْنَى ـــــــــــــــــــــــــــــQالْآتِي مَعَ أَنَّهُ فِي عَبَّارَةِ وَالِدِهِ مُسْتَثْنًى مَعَ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: بِلَا وَطْءٍ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: بِغَيْرِ شُبْهَةٍ وَلَا وَطْءٍ انْتَهَتْ وَهِيَ الَّتِي تُنَاسِبُ قَوْلَهُ الْآتِي أَمَّا إذَا عَاشَرَهَا بِشُبْهَةٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَاشَرَهَا إلَخْ.) اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ الْمَارِّ أَمَّا إذَا عَاشَرَهَا بِشُبْهَةٍ كَكَوْنِهِ سَيِّدَهَا، وَانْظُرْ مَا دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ ثُمَّ، وَلَعَلَّ الْكَافَ اسْتِقْصَائِيَّةٌ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَمُعَاشَرَةُ سَيِّدِ الْأَمَةِ وَأَجْنَبِيٍّ لِمُعْتَدَّةٍ وَطِئَهَا بِالشُّبْهَةِ يَمْنَعُ احْتِسَابَ الْعِدَّةِ انْتَهَتْ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: أَمَّا غَيْرُ الْمُفَارِقِ، فَإِنْ كَانَ سَيِّدًا فَهُوَ فِي أَمَتِهِ كَالْمُفَارِقِ فِي الرَّجْعِيَّةِ أَوْ غَيْرِهِ فَكَالْمُفَارِقِ فِي الْبَائِنِ انْتَهَتْ. وَهُمَا صَرِيحَتَانِ فِي أَنَّ الْكَافَ اسْتِقْصَائِيَّةٌ.

[فصل في الضرب الثاني وهو عدة الوفاة]

(فَصْلٌ) فِي الضَّرْبِ الثَّانِي مِنْ الضَّرْبَيْنِ السَّابِقَيْنِ أَوَّلَ الْبَابِ وَهُوَ عِدَّةُ الْوَفَاةِ، وَاكْتَفَى عَنْ التَّصْرِيحِ بِهِ وَبِوُجُوبِهِ بِالِاشْتِهَارِ وَالْوُضُوحِ وَفِي الْمَفْقُودِ وَفِي الْإِحْدَادِ (عِدَّةُ حُرَّةِ حَائِلٍ) أَوْ حَامِلٍ بِحَمْلٍ غَيْرِ لَاحِقٍ بِذِي الْعِدَّةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (لِوَفَاةٍ) لِزَوْجٍ (وَإِنْ لَمْ تُوطَأْ) لِصِغَرٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَتْ ذَاتَ أَقْرَاءٍ (أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا) لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ إلَّا فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ، نَظَرًا إلَى أَنَّ عَشْرًا إنَّمَا تَكُونُ لِلْمُؤَنَّثِ وَهُوَ اللَّيَالِي لَا غَيْرُ. وَرُدَّ بِأَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ فِيهِمَا وَحَذْفُ التَّاءِ إنَّمَا هُوَ لِتَغْلِيبٍ اللَّيَالِي: أَيْ لِسَبْقِهَا وَلِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَا التَّفَجُّعُ، وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْأَرْبَعَةَ بِهَا يَتَحَرَّكُ الْحَمْلُ وَيُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ وَذَلِكَ يَسْتَدْعِي ظُهُورَ حَمْلٍ إنْ كَانَ وَزِيدَتْ الْعَشَرَةُ اسْتِظْهَارًا وَلِأَنَّ النِّسَاءَ لَا يَصْبِرْنَ عَنْ الزَّوْجِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَجُعِلَتْ مُدَّةَ تَفَجُّعِهِنَّ، وَتُعْتَبَرُ الْأَرْبَعَةُ بِالْأَهِلَّةِ مَا لَمْ يَمُتْ أَثْنَاءَ شَهْرٍ وَقَدْ بَقِيَ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامِ فَحِينَئِذٍ ثَلَاثَةٌ بِالْأَهِلَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ) فِي الضَّرْبِ الثَّانِي مِنْ الضَّرْبَيْنِ السَّابِقِينَ (قَوْلُهُ: غَيْرِ لَاحِقٍ بِذِي الْعِدَّةِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مِنْ زِنًا أَوْ شُبْهَةٍ، فَالْأَوَّلُ تَنْقَضِي مَعَهُ الْعِدَّةُ وَالثَّانِي تُؤَخَّرُ مَعَهُ عِدَّةُ الْوَفَاةِ عَنْ عِدَّةِ الشُّبْهَةِ فَتَشْرَعُ فِيهَا بَعْدَ وَضْعِ الْحَمْلِ. [فَرْعٌ] مُسِخَ الزَّوْجُ حَجَرًا اعْتَدَّتْ زَوْجَتُهُ عِدَّةَ الْوَفَاةِ أَوْ حَيَوَانًا اعْتَدَّتْ عِدَّةَ الطَّلَاقِ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا: أَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ صَارَ جَمَادًا فَالْتَحَقَ بِالْأَمْوَاتِ، وَفِي الثَّانِي بِبَقَاءِ الْحَيَاةِ فِيهِ كَانَ بِصِفَةِ الْمُطَلِّقِ حَيْثُ صَارَ بِصِفَةٍ لَا تَحِلُّ لَهُ فِيهَا الْمَرْأَةُ فَكَانَ إلْحَاقُهُ بِالْمُطَلِّقِ أَوْلَى (قَوْلُهُ: لِوَفَاةِ الزَّوْجِ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ مَوْتًا حَقِيقِيًّا وَالزَّوْجُ حَيٌّ ثُمَّ حَيِيَتْ هَلْ تَتَزَوَّجُ بِغَيْرِهِ حَالًا لِأَنَّهَا بِالْمَوْتِ سَقَطَتْ عَنْهَا سَائِرُ الْأَحْكَامِ وَهَذِهِ حَيَاةٌ جَدِيدَةٌ أَمْ لَا فَلَا تَتَزَوَّجُ بِغَيْرِهِ مَا دَامَ حَيًّا حَتَّى يَمُوتَ أَوْ يُطَلِّقَهَا وَتَعْتَدَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ فِي الْأَوَّلِ وَالطَّلَاقِ فِي الثَّانِي؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ عَوْدِهَا لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ وَبَيْنَ تَزَوُّجِهَا بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لِصِغَرٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُتَهَيِّئَةً لِلْوَطْءِ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِأَنَّهُ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ الرَّدِّ لَا يُصْلَحُ دَلِيلًا عَلَى وُجُوبِ الْيَوْمِ الْعَاشِرِ وَإِنْ كَفَى فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ لَمْ يُوجِبْهُ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَإِنَّمَا وَجَبَ الْعَاشِرُ لِكَذَا، وَلَعَلَّ الْمُوجِبَ لِلْعَاشِرِ الِاحْتِيَاطُ وَإِلَّا فَالْآيَةُ مُحْتَمِلَةٌ عَلَى مَا وُجِّهَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْقَصْدَ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِلْكِتَابِ (قَوْلُهُ: أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي الضَّرْبِ الثَّانِي وَهُوَ عِدَّةُ الْوَفَاةِ] فَصْلٌ) فِي الضَّرْبِ الثَّانِي إلَخْ. (قَوْلُهُ: نَظَرًا إلَى أَنَّ عَشْرًا إلَخْ.) هُوَ تَعْلِيلٌ لِلْقَوْلِ بِعَدَمِ اعْتِبَارِ الْيَوْمِ الْعَاشِرِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ الْمَفْهُومَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ لَا لِعَدَمِ الْإِجْمَاعِ عَلَى الْيَوْمِ الْعَاشِرِ، وَإِنْ أَوْهَمَهُ سِيَاقُهُ. وَتَحْرِيرُ الْعِبَارَةَ إلَّا فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ فَقَدْ قِيلَ: بِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ نَظَرًا إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَحَذْفُ التَّاءِ إنَّمَا هُوَ لِتَغْلِيبِ إلَخْ.) قَدْ يُقَالُ مَا الدَّاعِي إلَى هَذَا مَعَ أَنَّ عَشْرًا يُسْتَعْمَلُ فِيهِمَا إلَى أَنْ يُقَالَ هُوَ، وَإِنْ اُسْتُعْمِلَ فِيهِمَا إلَّا أَنَّ اسْتِعْمَالَهُ فِي الْأَيَّامِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ:؛ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَا التَّفَجُّعُ) هُوَ عِلَّةٌ أُخْرَى لِلْمَتْنِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لَكِنْ لَا مِنْ حَيْثُ أَصْلُ ثُبُوتِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَلَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا بَلْ مِنْ حَيْثُ اسْتِوَاءُ الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا فِيهَا (قَوْلُهُ: وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ) قَدْ يُقَالُ إنَّ ذَلِكَ

وَتُكْمِلُ مِنْ الرَّابِعِ مَا يُكْمِلُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَوْ جَهِلَتْ الْأَهِلَّةَ حَسِبَتْهَا كَامِلَةً (وَ) عِدَّةُ (أَمَةٍ) حَائِلٍ أَوْ حَامِلٍ بِمَنْ لَا يَلْحَقُهُ: أَيْ مَنْ فِيهَا رِقٌّ قَلَّ أَوْ كَثُرَ بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ (نِصْفُهَا) وَهُوَ شَهْرَانِ فِي هَذَا الْبَابِ بِقَيْدِهِ السَّابِقِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا عَلَى النِّصْفِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَشْهُرِ، وَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ قِيَاسَ مَا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ لَزِمَتْهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرٌ: صَحِيحٌ، إذْ صُورَتُهُ أَنْ يَطَأَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ ظَانًّا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْحُرَّةُ وَيَسْتَمِرُّ ظَنَّهُ إلَى مَوْتِهِ فَتَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ عِدَّةَ حُرَّةٍ إذْ الظَّنُّ كَمَا نَقَلَهَا مِنْ الْأَقَلِّ إلَى الْأَكْثَرِ فِي الْحَيَاةِ فَكَذَا فِي الْمَوْتِ، وَبِذَلِكَ سَقَطَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ يُرَدُّ بِأَنَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْوَطْءِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهَا الظَّنُّ عِنْدَهُ وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ (وَإِنْ مَاتَ عَنْ رَجْعِيَّةٍ انْتَقَلَتْ إلَى) عِدَّةِ (وَفَاةٍ) وَسَقَطَتْ بَقِيَّةُ عِدَّةِ الطَّلَاقِ فَتُحِدُّ وَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا (أَوْ) عَنْ (بَائِنٍ فَلَا) تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ بَلْ تُكْمِلُ عِدَّةَ الطَّلَاقِ (وَ) عِدَّةُ (حَامِلٍ) لِوَفَاةٍ (بِوَضْعِهِ) لِلْآيَةِ (بِشَرْطِهِ السَّابِقِ) وَهُوَ انْفِصَالُ كُلِّهِ وَنِسْبَتُهُ إلَى صَاحِبِ الْعِدَّةِ وَلَوْ احْتِمَالًا كَمَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ، كَذَا قَالَهُ الشَّارِحُ. وَصُورَتُهُ أَنَّهُ لَاعَنَهَا لِنَفْيِ حَمْلِهَا ثُمَّ طَلَّقَ زَوْجَةً لَهُ أُخْرَى ثُمَّ اشْتَبَهَتْ الْمُطَلَّقَةُ الْحَامِلُ بِالْمُلَاعَنَةِ الْحَامِلِ أَيْضًا أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ تَنْظِيرًا (فَلَوْ مَاتَ صَبِيٌّ عَنْ حَامِلٍ فَبِالْأَشْهُرِ) عِدَّتُهَا لَا بِالْوَضْعِ لِلْقَطْعِ بِانْتِفَاءِ الْحَمْلِ عَنْهُ (وَكَذَا مَمْسُوحٌ) ذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ فَعِدَّتُهَا بِالْأَشْهُرِ لَا بِالْحَمْلِ (إذْ لَا يَلْحَقُهُ) الْوَلَدُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِتَعَذُّرِ إنْزَالِهِ لِفَقْدِ أُنْثَيَيْهِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ لِمِثْلِهِ وِلَادَةٌ. وَقَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ وَغَيْرُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ وَأَمَّا لَوْ بَقِيَ مِنْهُ عَشَرَةٌ فَقَطْ فَتَعْتَدُّ بِأَرْبَعَةِ أَهِلَّةٍ بَعْدَهَا وَلَوْ نَوَاقِصَ (قَوْلُهُ بِقَيْدِهِ السَّابِقِ) هُوَ قَوْلُهُ مَا لَمْ يَمُتْ أَثْنَاءَ شَهْرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَعَشْرٌ صَحِيحٌ) خِلَافًا لحج حَيْثُ قَالَ وَيُرَدُّ: أَيْ بَحْثُ الزَّرْكَشِيّ بِأَنَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْوَطْءِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهَا الظَّنُّ عِنْدَهُ، وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ اهـ. وَمَا قَالَهُ حَجّ الْأَقْرَبُ لِمَا عَلَّلَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَيَسْتَمِرُّ ظَنُّهُ إلَخْ) فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُبْعِضَةَ كَالْقِنَّةِ وَأَنَّ الْأَمَةَ لَوْ عَتَقَتْ مَعَ مَوْتِهِ اعْتَدَّتْ كَالْحُرَّةِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَحُكْمُ الْمُبْعِضَةِ عُلِمَ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ: أَيْ مَنْ فِيهَا رِقٌّ قَلَّ أَوْ كَثُرَ (قَوْلُهُ: وَمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَطِئَ أَمَةً يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ (قَوْلُهُ: فَتُحِدُّ) هُوَ بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ مِنْ أَحَدَّ وَبِفَتْحِ التَّاءِ مَعَ كَسْرِ الْحَاءِ وَضَمِّهَا مِنْ حَدَّ (قَوْلُهُ بَلْ تُكْمِلُ عِدَّةَ الطَّلَاقِ) وَلَهَا النَّفَقَةُ إنْ كَانَتْ حَامِلًا اهـ سم (قَوْلُهُ: وَصُورَتُهُ) أَيْ الْمَنْفِيِّ بِلِعَانٍ (قَوْلُهُ: أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ تَنْظِيرًا) أَيْ نَظِيرَ مَا قِيلَ فِي الْمُفَارَقَةِ فِي الْحَيَاةِ (قَوْلُهُ: لِلْقَطْعِ بِانْتِفَاءِ الْحَمْلِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ لَا يُمْكِنُ إحْبَالُهُ وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ فِي قَوْلِهِ هَذَا إنْ لَمْ يُولَدْ إلَخْ فَإِنَّهُ قَيْدٌ فِي الصَّبِيِّ لَا الْمَمْسُوحِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَلْحَقُهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ نَزَلَ مِنْهُ مَاءٌ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حُكْمُ الْمَنِيِّ فِي نَحْوِ ـــــــــــــــــــــــــــــQيُنَافِي كَوْنَهَا لِلتَّفَجُّعِ الْمُسْتَوِي فِيهِ الْمَدْخُولُ بِهَا وَغَيْرُهَا. (قَوْلُهُ: وَتَكْمُلُ مِنْ الرَّابِعِ) مِنْ فِيهِ ابْتِدَائِيَّةٌ (قَوْلُهُ: فِي هَذَا الْبَابِ) اُنْظُرْ مَا الدَّاعِي إلَيْهِ هُنَا وَلَيْسَ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: إذْ صُورَتُهُ أَنْ يَطَأَ زَوْجَتَهُ إلَخْ.) هَذِهِ الصُّورَةُ هِيَ مَحَلُّ النِّزَاعِ فَلَيْسَتْ تَعْلِيلًا لِلصِّحَّةِ، وَإِنَّمَا تَعْلِيلُ الصِّحَّةِ قَوْلُهُ: بَعْدُ إذْ الظَّنُّ كَمَا نَقَلَهَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَبِذَلِكَ سَقَطَ الْقَوْلُ إلَخْ.) قَالَ سم: هَذَا عَجِيبٌ مَعَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ: يَعْنِي: حَجّ الَّذِي قَصَدَ الشَّارِحُ الرَّدَّ عَلَيْهِ مِنْ الْفَرْقِ بِأَنَّ عِدَّةَ الْحَيَاةِ لَمَّا تَوَقَّفَتْ عَنْ الْوَطْءِ اخْتَلَفَتْ بِاخْتِلَافِ الظَّنِّ فِيهِ، بِخِلَافِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَخْتَلِفْ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَبِهِ يُفَرَّقُ) هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ الْكَلَامِ الْمَرْدُودِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ تَنْظِيرًا) أَيْ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَلَوْ احْتِمَالًا نَظِيرُ الْمَنْفِيِّ بِلِعَانٍ فَإِنَّهُ يُنْسَبُ إلَى النَّافِي احْتِمَالًا لَكِنْ يُنْظَرُ مَا صُورَةُ الْمَنْسُوبِ لِلْمَيِّتِ فِي مَسْأَلَتِنَا احْتِمَالًا (قَوْلُ الْمَتْنِ فَلَوْ مَاتَ صَبِيٌّ) أَيْ دُونَ تِسْعِ سِنِينَ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِ الْحَجْرِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي التُّحْفَةِ هُنَا (قَوْلُهُ: لِفَقْدِ أُنْثَيَيْهِ) سَيَأْتِي

بِاللُّحُوقِ لِأَنَّ مَعْدِنَ الْمَاءِ الصُّلْبِ وَهُوَ يَنْفُذُ مِنْ ثُقْبَةٍ إلَى الظَّاهِرِ وَهُمَا بَاقِيَانِ، وَيَحْكِي ذَلِكَ قَوْلًا لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَتَنْقَضِي بِوَضْعِهِ هَذَا إنْ لَمْ يُولَدْ لِمِثْلِهِ (وَيَلْحَقُ) الْوَلَدُ (مَجْبُوبًا بَقِيَ أُنْثَيَاهُ) لِبَقَاءِ أَوْعِيَةِ الْمَنِيِّ حَيْثُ أَمْكَنَ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ (فَتَعْتَدُّ) زَوْجَتُهُ (بِهِ) أَيْ بِوَضْعِهِ لِوَفَاتِهِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا لِطَلَاقِهِ: أَيْ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ حَامِلًا وَلَمْ تَسْتَدْخِلْ مَاءَهُ الْمُحْتَرَمَ (وَكَذَا مَسْلُولٌ) خُصْيَتَاهُ (بَقِيَ ذَكَرَهُ) فَيَلْحَقُهُ الْوَلَدُ وَتَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ بِوَضْعِهِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُ قَدْ يُبَالِغُ فِي الْإِيلَاجِ فَيُنْزِلُ مَاءً رَقِيقًا، وَقِيلَ لَا يَلْحَقُهُ لِأَنَّهُ لَا مَاءَ لَهُ وَدُفِعَ بِمَا مَرَّ، وَقَوْلُهُمْ الْخُصْيَةُ الْيُمْنَى لِلْمَاءِ وَالْيُسْرَى لِلشَّعْرِ لَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَقَدْ وُجِدَ مَنْ لَهُ الْيُسْرَى وَلَهُ مَاءٌ كَثِيرٌ وَشَعْرٌ كَذَلِكَ (وَلَوْ) (طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ) كَإِحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَنَوَى مُعَيَّنَةً مِنْهُمَا أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا (وَمَاتَ قَبْلَ بَيَانٍ) لِلْمُعَيَّنَةِ (أَوْ تَعْيِينٍ) لِلْمُبْهَمَةِ (فَإِنْ كَانَ لَمْ يَطَأْ) وَاحِدَةً مِنْهُمَا أَوْ وَطِئَ وَاحِدَةً فَقَطْ وَهِيَ ذَاتُ أَشْهُرٍ مُطْلَقًا أَوْ ذَاتُ أَقْرَاءٍ فِي رَجْعِيٍّ كَمَا سَيَذْكُرُهُ (اعْتَدَّتَا لِوَفَاةٍ) احْتِيَاطًا، إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا يُحْتَمَلُ كَوْنُهَا مُفَارِقَةً بِطَلَاقٍ فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ عَلَى غَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ أَوْ مَوْتٍ فَتَجِبُ عِدَّتُهُ (وَكَذَا إنْ وَطِئَ) كُلًّا مِنْهُمَا (وَهُمَا ذَوَاتَا أَشْهُرٍ) وَالطَّلَاقُ بَائِنٌ أَوْ رَجْعِيُّ (أَوْ) ذَوَاتَا (أَقْرَاءٍ وَالطَّلَاقُ رَجْعِيٌّ) فَتَعْتَدُّ كُلٌّ مِنْهُمَا عِدَّةَ الْوَفَاةِ وَإِنْ اُحْتُمِلَ خِلَافُهَا لِأَنَّهَا الْأَحْوَطُ هُنَا أَيْضًا عَلَى أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ تَنْتَقِلُ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ كَمَا مَرَّ (فَإِنْ كَانَ) الطَّلَاقُ فِي ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ (بَائِنًا) وَقَدْ وَطِئَهُمَا أَوْ إحْدَاهُمَا (اعْتَدَّتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ) مِنْهُمَا فِي الْأُولَى وَالْمَوْطُوءَةُ مِنْهُمَا فِي الثَّانِيَةِ (بِالْأَكْثَرِ مِنْ عِدَّةِ وَفَاةٍ وَثَلَاثَةٍ مِنْ أَقْرَائِهَا) لِوُجُوبِ إحْدَاهُمَا عَلَيْهَا يَقِينًا وَقَدْ اشْتَبَهَ فَوَجَبَ الْأَحْوَطُ، وَهُوَ الْأَكْثَرُ كَمَنْ لَزِمَهُ إحْدَى صَلَاتَيْنِ وَشَكَّ فِي عَيْنِهَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِمَا، وَتَعْتَدُّ غَيْرُ الْمَوْطُوءَةِ فِي الثَّانِيَةِ لِوَفَاةٍ (وَعِدَّةُ الْوَفَاةِ) ابْتِدَاؤُهَا (مِنْ) حِينِ (الْمَوْتِ وَالْأَقْرَاءُ) ابْتِدَاؤُهَا (مِنْ) حِينِ (الطَّلَاقِ) وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّ عِدَّةَ الْمُبْهَمَةِ مِنْ حِينِ التَّعْيِينِ لِأَنَّهُ لَمَّا أُيِسَ مِنْهُ لِمَوْتِهِ اُعْتُبِرَ السَّبَبُ الَّذِي هُوَ الطَّلَاقُ، وَلَوْ مَضَى قُرْءَانِ مَثَلًا قَبْلَ الْمَوْتِ اعْتَدَّتْ بِالْأَكْثَرِ مِنْ الْقُرْءِ الثَّالِثِ وَعِدَّةِ الْوَفَاةِ (وَمَنْ) (غَابَ) لِسَفَرٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَانْقَطَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْغُسْلِ وَإِلَّا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ لِإِمْكَانِ الِاسْتِدْخَالِ حِينَئِذٍ، وَقَدْ يُقَالُ: قَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ لِتَعَذُّرِ إنْزَالِهِ أَنَّهُ لَوْ عُلِمَ إنْزَالٌ وَجَبَ الْغُسْلُ وَلَحِقَ الْوَلَدُ إذَا اُحْتُمِلَ الِاسْتِدْخَالُ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ كُلًّا مِنْ قَوْلِهِ لِتَعَذُّرِ إنْزَالِهِ وَقَوْلِهِ وَلِأَنَّهُ لَمْ إلَخْ عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَالْحُكْمُ يَبْقَى بِبَقَاءِ عِلَّتِهِ فَلَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ لِفَسَادِ مَنِيِّهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ لِوُجُودِ الْمَنِيِّ وَإِنْ لَمْ يَنْعَقِدْ مِنْهُ الْوَلَدُ (قَوْلُهُ: وَدُفِعَ بِمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يُبَالِغُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَقَدْ وُجِدَ) هَذَا يَقْتَضِي قُوَّةُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْإِصْطَخْرِيُّ مِنْ لُحُوقِ الْوَلَدِ لِلْمَمْسُوحِ لِبَقَاءِ مَعْدِنِ الْمَنِيِّ (قَوْلُهُ: وَشَعْرٌ كَذَلِكَ) ذِكْرُهُ فِي هَذِهِ لَا يُصْلَحُ أَنْ يَكُونَ مِنْ مَحَلِّ الرَّدِّ لِوُجُودِ مَادَّةِ الشَّعْرِ عِنْدَ الْقَائِلِ بِهِ، وَكَانَ الْأَظْهَرُ فِي الرَّدِّ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَهُ مَاءٌ كَثِيرٌ: وَمَنْ لَهُ الْيُمْنَى فَقَطْ وَلَهُ شَعْرٌ كَثِيرٌ (قَوْلُهُ: وَهِيَ ذَاتُ أَشْهُرٍ مُطْلَقًا) أَيْ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا (قَوْلُهُ: ابْتِدَاؤُهَا) هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَعِدَّةُ الْوَفَاةِ مُبْتَدَأَةُ حُذِفَ خَبَرُهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ الْأَصْلُ وَابْتِدَاءُ عِدَّةِ الْوَفَاةِ إلَخْ حُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ فَأُعْطِيَ حُكْمُهُ، وَيَجُوزُ جَرُّهُ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ حَذْفِ الْمُضَافِ وَإِبْقَاءِ عَمَلِهِ (قَوْلُهُ: اعْتَدَّتْ بِالْأَكْثَرِ إلَخْ) وَلَوْ مَضَى جَمِيعُ الْأَقْرَاءِ قَبْلَ الْوَفَاةِ اعْتَدَّتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ عِدَّةَ الْوَفَاةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْمَسْلُولِ أَنْ يَلْحَقَهُ الْوَلَدُ مَعَ فَقْدِ أُنْثَيَيْهِ فَلَعَلَّ الْعِلَّةَ مُرَكَّبَةٌ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ وَاَلَّذِي بَعْدَهُ إنْ سَلِمَ أَنَّ الْمَسْلُولَ عَهْدٌ لِمِثْلِهِ وِلَادَةً (قَوْلُهُ: هَذَا إنْ لَمْ يُولَدْ لِمِثْلِهِ) هَذَا رَاجِعٌ إلَى الصَّبِيِّ فَقَطْ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ أَنَّ الْمَمْسُوحَ لَمْ يُعْهَدْ لَهُ وِلَادَةٌ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُبَالِغُ إلَخْ.) قَدْ يُقَالُ: إنَّ هَذَا يَتَأَتَّى فِي الْمَمْسُوحِ بِالْمُسَاحَقَةِ إذْ الذَّكَرُ لَا أَثَرَ لَهُ فِي الْمَاءِ، وَإِنَّمَا هُوَ طَرِيقٌ كَالثُّقْبَةِ

خَبَرُهُ) (لَيْسَ لِزَوْجَتِهِ نِكَاحٌ حَتَّى يَتَيَقَّنَ) أَيْ يُظَنَّ بِحُجَّةٍ كَاسْتِفَاضَةٍ وَحُكْمٍ بِمَوْتِهِ (مَوْتُهُ أَوْ طَلَاقُهُ) أَوْ نَحْوُهُمَا كَرِدَّتِهِ قَبْلَ الْوَطْءِ أَوْ بَعْدَهُ بِشَرْطِهِ ثُمَّ تَعْتَدُّ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ وَالنِّكَاحِ مَعَ ثُبُوتِهِ بِيَقِينٍ فَلَمْ يَزُلْ إلَّا بِهِ أَوْ بِمَا أُلْحِقَ بِهِ، وَلِأَنَّ مَالَهُ لَمْ يُورَثْ، وَأُمَّ وَلَدِهِ لَا تُعْتَقْ فَكَذَا زَوْجَتُهُ. نَعَمْ لَوْ أَخْبَرَهَا عَدْلٌ وَلَوْ عَدْلَ رِوَايَةٍ بِأَحَدِهِمَا حَلَّ لَهَا بَاطِنًا أَنْ تَنْكِحَ غَيْرَهُ قَالَهُ الْقَفَّالُ. وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ ظَاهِرًا، وَيُقَاسُ بِذَلِكَ فَقْدُ الزَّوْجَةِ بِالنِّسْبَةِ لِنِكَاحِ نَحْوِ أُخْتِهَا أَوْ خَامِسَةٍ إذَا لَمْ يُرِدْ طَلَاقَهَا (وَفِي الْقَدِيمِ: تَتَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ) مِنْ ضَرْبِ الْقَاضِي فَلَا يَعْتَدُّ بِمَا مَضَى قَبْلَهُ، وَقِيلَ مِنْ حِينِ فَقْدِهِ (ثُمَّ تَعْتَدُّ لِوَفَاةِ وَتُنْكَحُ) بَعْدَهَا اتِّبَاعًا لِقَضَاءِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِذَلِكَ وَاعْتُبِرَتْ الْأَرْبَعُ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ (فَلَوْ حَكَمَ بِالْقَدِيمِ قَاضٍ نُقِضَ) حُكْمُهُ (عَلَى الْجَدِيدِ فِي الْأَصَحِّ) لِمُخَالَفَتِهِ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ مَيِّتًا فِي النِّكَاحِ دُونَ قِسْمَةِ الْمَالِ الَّذِي هُوَ دُونَ النِّكَاحِ فِي طَلَبِ الِاحْتِيَاطِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ بِمَا ذُكِرَ لِاخْتِلَافِ الْمُجْتَهِدِينَ وَلِأَنَّ الْمَالَ لَا ضَرَرَ عَلَى الْوَارِثِ بِتَأْخِيرِ قِسْمَتِهِ، وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا لِأَنَّ وُجُودَهُ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ تَحْصِيلِ غَيْرِهِ بِكَسْبٍ أَوْ اقْتِرَاضٍ مَثَلًا فَيُمْكِنُ دَفْعُ ضَرَرِهِ، بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ فَإِنَّهَا لَا تَقْدِرُ عَلَى دَفْعِ ضَرَرِ فَقْدِ الزَّوْجِ بِوَجْهٍ فَجَازَ فِيهَا ذَلِكَ دَفْعًا لِعِظَمِ الضَّرَرِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ وَمَا صَحَّحَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ نُفُوذِ الْقَضَاءِ بِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا كَسَائِرِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ النَّقْضِ، أَمَّا عَلَى النَّقْضِ فَلَا يَنْفُذُ مُطْلَقًا لِقَوْلِ السُّبْكِيّ وَغَيْرِهِ بِمَنْعِ التَّقْلِيدِ فِيمَا يَنْقُضُ (وَلَوْ نَكَحَتْ بَعْدَ التَّرَبُّصِ وَالْعِدَّةِ) هُوَ تَصْوِيرٌ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِي الصِّحَّةِ عَلَى نِكَاحِهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ (فَبَانَ) الزَّوْجُ (مَيِّتًا) قَبْلَ نِكَاحِهَا بِمِقْدَارِ الْعِدَّةِ (صَحَّ) النِّكَاحُ (عَلَى الْجَدِيدِ) أَيْضًا (فِي الْأَصَحِّ) اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا مَرَّ فِي الْمُرْتَابَةِ مَعَ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا شَكًّا فِي حِلِّ الْمَنْكُوحَةِ لِأَنَّ الشَّكَّ ثَمَّ لِسَبَبٍ ظَاهِرٍ فَكَانَ أَقْوَى، أَمَّا إذَا بَانَ حَيًّا فَهِيَ لَهُ وَإِنْ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ وَحَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ لَكِنْ لَا يَتَمَتَّعُ بِهَا حَتَّى تَعْتَدَّ لِلثَّانِي لِأَنَّ وَطْأَهُ بِشُبْهَةٍ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِفَقْدِ الْعِلْمِ بِالصِّحَّةِ حَالَ الْعَقْدِ (وَيَجِبُ الْإِحْدَادُ عَلَى مُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ) بِأَيِّ وَصْفٍ كَانَتْ لِلْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخَرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSلِأَنَّ كُلًّا يُحْتَمَلُ أَنَّهَا مُتَوَفًّى عَنْهَا وَأَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ مُنْقَضِيَةُ الْعِدَّةِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ) أَيْ وَهُوَ عَدَمُ إصْرَارِهِ عَلَى الرِّدَّةِ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَزُلْ إلَّا بِهِ) أَيْ الْيَقِينِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَا أُلْحِقَ بِهِ) أَيْ وَهُوَ الظَّنُّ الْقَوِيُّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ أَخْبَرَهَا عَدْلٌ) يَنْبَغِي أَوْ فَاسِقٌ اعْتَقَدَتْ صِدْقَهُ أَوْ بَلَغَ الْمُخْبِرُ عَدَدَ التَّوَاتُرِ وَلَوْ مِنْ صِبْيَانٍ وَكُفَّارٍ لِأَنَّ خَبَرَهُمْ يُفِيدُ الْيَقِينَ (قَوْلُهُ: فَلَوْ حَكَمَ بِالْقَدِيمِ) أَيْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِمَا يُوَافِقُ الْقَدِيمَ عِنْدَنَا نُقِضَ إلَخْ خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ رَفَعَتْ أَمَرَهَا لِقَاضٍ فَفَسَخَتْ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ فَسْخُهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (قَوْلُهُ وَقَاضٍ) أَيْ غَيْرُ شَافِعِيٍّ (قَوْلُهُ: أَمَّا عَلَى النَّقْضِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فِيمَا يُنْقَضُ) أَيْ فِيمَا يُنْقَضُ فِيهِ قَضَاءُ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ فِي الْمُرْتَابَةِ) أَيْ مِنْ أَنَّهَا لَوْ نُكِحَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُ الْمَتْنِ فَلَوْ حَكَمَ بِالْقَدِيمِ قَاضٍ) أَيْ مُخَالِفٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَيُرْشِدُ إلَى ذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ لِاخْتِلَافِ الْمُجْتَهِدِينَ، وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ مُسْتَنِدًا انْقِضَاءَ مُجَرَّدِ الْقَدِيمِ وَالْقَاضِي شَافِعِيٌّ لَمْ يَصِحَّ الْقَضَاءُ إذْ لَا يَصِحُّ الْقَضَاءُ بِالضَّعِيفِ (قَوْلُهُ: وَمَا صَحَّحَهُ الْإِسْنَوِيُّ هُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ) وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ يَنْفُذُ ظَاهِرًا فَقَطْ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ إذَا عَادَ الزَّوْجُ بَعْدَ الْحُكْمِ وَكَانَتْ قَدْ تَزَوَّجَتْ فَإِنْ قُلْنَا يَنْفُذُ ظَاهِرًا فَقَطْ فَهِيَ لِلْأَوَّلِ، وَإِنْ قُلْنَا يَنْفُذُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فَهِيَ لِلثَّانِي لِبُطْلَانِ نِكَاحِ الْأَوَّلِ بِالْحُكْمِ. وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ مِنْ الْقَدِيمِ وَمِنْ تَفَارِيعِهِ وَكَأَنَّ الشَّارِحَ فَهِمَ أَنَّهُمَا مِنْ الْجَدِيدِ فَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَا تَرَاهُ إذْ لَوْ فَهِمَ أَنَّهُمَا مِنْ الْقَدِيمِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى قَوْلِهِ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ بَعْدَ النَّقْصِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِقَوْلِ السُّبْكِيّ وَغَيْرِهِ يَمْتَنِعُ التَّقْلِيدُ إلَخْ.) قَالَ الشِّهَابُ سم: فِيهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْقَضَاءُ بِهِ بِالتَّقْلِيدِ بَلْ قَدْ يَكُونُ بِالِاجْتِهَادِ

[كيفية الإحداد على الميت]

وَعَشْرًا» أَيْ فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهَا الْإِحْدَادُ عَلَيْهِ هَذِهِ الْمُدَّةَ: أَيْ يَجِبُ لِأَنَّ مَا جَازَ بَعْدَ امْتِنَاعِهِ وَجَبَ غَالِبًا وَلِلْإِجْمَاعِ عَلَى إرَادَتِهِ إلَّا مَا نُقِلَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَذِكْرُ الْإِيمَانِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ أَوْ لِأَنَّهُ أَبْعَثُ عَلَى الِامْتِثَالِ وَإِلَّا فَمَنْ لَهَا أَمَانٌ يَلْزَمُهَا ذَلِكَ أَيْضًا، وَيَلْزَمُ الْوَلِيَّ أَمْرَ مُوَلِّيَتِهِ بِهِ. وَعَدَلَ عَنْ قَوْلِ غَيْرِهِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لِيَشْمَلَ حَامِلًا مِنْ شُبْهَةٍ حَالَةَ الْمَوْتِ فَلَا يَلْزَمُهَا إحْدَادٌ حَالَةَ الْحَمْلِ الْوَاقِعِ عَنْ الشُّبْهَةِ بَلْ بَعْدَ وَضْعِهِ، وَلَوْ أَحَبْلهَا بِشُبْهَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ مَاتَ اعْتَدَّتْ بِالْوَضْعِ عَنْهُمَا فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ. وَلَا يَرِدُ ذَلِكَ عَلَى الْكِتَابِ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى مَا بَقِيَ أَنَّهُ عِدَّةُ وَفَاةٍ فَلَزِمَهَا الْإِحْدَادُ فِيهَا وَإِنْ شَارَكَتْهَا الشُّبْهَةُ (لَا) عَلَى (رَجْعِيَّةٍ) لِبَقَاءِ مُعْظَمِ أَحْكَامِ النِّكَاحِ لَهَا وَعَلَيْهَا، بَلْ قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: الْأَوْلَى لَهَا التَّزَيُّنُ بِمَا يَدْعُوهُ إلَى رَجْعَتِهَا، لَكِنَّ الْمَنْقُولَ عَنْ الشَّافِعِيِّ سَنُّ الْإِحْدَادِ لَهَا فَمَحَلُّ الْأَوَّلِ بِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ حَيْثُ رَجَتْ عَوْدَهُ بِالتَّزَيُّنِ أَوْ مُشَبَّهِهِ وَلَمْ يُتَوَهَّمْ أَنَّهُ لِفَرَحِهَا بِطَلَاقِهِ (وَيُسْتَحَبُّ) الْإِحْدَادُ (لِبَائِنٍ) بِخُلْعٍ أَوْ ثَلَاثٍ لِئَلَّا تُفْضِيَ زِينَتُهَا لِفَسَادِهَا (وَفِي قَوْلٍ يَجِبُ) عَلَيْهَا كَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهَا مَجْفُوَّةٌ بِالْفِرَاقِ فَلَمْ يُنَاسِبْ حَالُهَا وُجُوبَهُ بِخِلَافِ تِلْكَ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ قَضِيَّةَ الْخَبَرِ تَحْرِيمُهُ عَلَيْهَا وَلَمْ يَقُولُوا بِهِ رُدَّ بِأَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ قَضِيَّتَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ جَعْلِ الْمُقْسِمِ الْإِحْدَادَ عَلَى الْمَيِّتِ [كَيْفِيَّةُ الْإِحْدَادِ عَلَى الْمَيِّتِ] (وَهُوَ) أَيْ الْإِحْدَادُ مِنْ أَحَدَّ، وَيُقَالُ فِيهِ الْحِدَادُ مِنْ حَدَّ لُغَةً: الْمَنْعُ. وَاصْطِلَاحًا (تَرْكُ لُبْسِ مَصْبُوغٍ) بِمَا يُقْصَدُ (لِزِينَةٍ وَإِنْ خَشُنَ) لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْهُ كَالِاكْتِحَالِ وَالتَّطَيُّبِ وَالِاخْتِضَابِ وَالتَّحَلِّي، وَذَكَرَ الْمُعَصْفَرَ وَالْمَصْبُوغَ بِالْمَغْرَةِ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ فِي رِوَايَةٍ مِنْ بَابِ ذِكْرِ بَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ عَلَى أَنَّهُ لِبَيَانِ أَنَّ الصَّبْغَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لِزِينَةٍ (وَقِيلَ يَحِلُّ) لُبْسُ (مَا صُبِغَ غَزْلُهُ ثُمَّ نُسِجَ) لِلْإِذْنِ فِي ثَوْبِ الْعَصْبِ فِي رِوَايَةٍ وَهُوَ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ بِالْمُهْمَلَتَيْنِ نَوْعٌ مِنْ الْبُرُودِ يُصْبَغُ غَزْلُهُ ثُمَّ يُنْسَجُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ نَهَى عَنْهُ فِي رِوَايَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَعَ الرِّيبَةِ ثُمَّ بَانَ أَنْ لَا حَمْلَ وَأَنَّ النِّكَاحَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ كَانَ النِّكَاحُ بَاطِلًا (قَوْلُهُ: إلَّا مَا نُقِلَ) أَيْ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَمَنْ لَهَا أَمَانٌ) أَيْ وَلَوْ كَانَ زَوْجُهَا كَافِرًا م ر بَلْ يَلْزَمُ مَنْ لَا أَمَانَ لَهَا لُزُومُ عِقَابٍ فِي الْآخِرَةِ بِنَاءً عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ تَكْلِيفِ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَزَوَّجَهَا) أَيْ حَامِلًا (قَوْلُهُ: اعْتَدَّتْ بِالْوَضْعِ عَنْهُمَا) ثُمَّ قَوْلُهُ وَإِنْ شَارَكَتْهَا الشُّبْهَةُ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ سُقُوطِ عِدَّةِ الشُّبْهَةِ بِالتَّزَوُّجِ بِالْكُلِّيَّةِ وَإِنْ كَانَتْ لِلْمُتَزَوِّجِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا إلَّا أَنَّهَا لَمْ تَحْمِلْ مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ اعْتَدَّتْ بِالْأَشْهُرِ عَنْ الْوَفَاةِ وَدَخَلَ فِيهَا عِدَّةُ وَطْءِ الشُّبْهَةِ لِأَنَّهُمَا لِشَخْصٍ وَاحِدٍ وَإِنْ حَمَلَتْ مِنْ وَطْءِ التَّزَوُّجِ اعْتَدَّتْ عَنْ الْوَفَاةِ بِوَضْعِهِ وَدَخَلَ فِيهَا عِدَّةُ الشُّبْهَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَذِكْرُ الْمُعَصْفَرِ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مِنْ بَابِ ذِكْرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ) وَهُوَ لِلنَّهْيِ عَنْ الْمَصْبُوغِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [وُجُوبُ الْإِحْدَادِ عَلَى مُعْتَدَّةِ الْوَفَاة] (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَمَنْ لَهَا أَمَانٌ يَلْزَمُهَا ذَلِكَ) بِمَعْنَى أَنَّا نُلْزِمُهَا بِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ يَلْزَمُ غَيْرَ مَنْ لَهَا أَمَانٌ أَيْضًا لَكِنَّ لُزُومَ عِقَابٍ فِي الْآخِرَةِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ مُخَاطَبَةِ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ (قَوْلُهُ: لِشُمُولِهِ) أَيْ قَوْلَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهَا إحْدَادٌ إلَخْ.) هَذَا التَّفْرِيعُ عَلَى مَا فُهِمَ مِنْ عُدُولِ الْمُصَنِّفِ [اسْتِحْبَابُ الْإِحْدَادُ لِلْبَائِنِ] (قَوْلُهُ: بِمَا يُقْصَدُ) إنَّمَا قَدَّرَ هَذَا فِي الْمَتْنِ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ إنَّمَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهَا لُبْسُ الْمَصْبُوغِ بِقَصْدِ الزِّينَةِ لَا مَا صُبِغَ لَا بِقَصْدِ الزِّينَةِ، وَإِنْ كَانَ الصَّبْغُ فِي نَفْسِهِ زِينَةً، فَأَشَارَ بِهَذَا التَّقْدِيرِ إلَى امْتِنَاعِ جَمِيعِ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُقْصَدَ لِلزِّينَةِ، وَإِنْ لَمْ يُقْصَدْ بِصَبْغٍ خُصُوصُهُ زِينَةٌ، وَهَذَا التَّقْدِيرُ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ: كَالِاكْتِحَالِ إلَخْ.) أَيْ كَمَا نَهَى عَنْ الِاكْتِحَالِ إلَخْ. وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ مَا هُنَا مَقِيسٌ عَلَى الِاكْتِحَالِ وَمَا بَعْدَهُ،، وَإِنَّمَا ذَكَرَ هَذَا هُنَا مَعَ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا سَيَأْتِي عِنْدَ ذِكْرِ الِاكْتِحَالِ وَمَا بَعْدَهُ، لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ فِي نَفْسِ الْحَدِيثِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى النَّهْيِ عَمَّا هُنَا (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ الْمُعَصْفَرَ وَالْمَصْبُوغَ بِالْمَغْرَةِ) أَيْ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ لِبَيَانِ أَنَّ الصَّبْغَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لِزِينَةٍ) يَعْنِي: أَنَّهُ أُشِيرَ بِذِكْرِ هَذَيْنِ فِي الْحَدِيثِ إلَى أَنَّ الصَّبْغَ الْمُمْتَنِعَ

أُخْرَى فَتَعَارَضَتَا، وَالْمَعْنَى يُرَجِّحُ عَدَمَ الْفَرْقِ بَلْ هَذَا أَبْلَغُ فِي الزِّينَةِ لِأَنَّهُ لَا يُصْبَغُ أَوَّلًا إلَّا رَفِيعُ الثِّيَابِ (وَيُبَاحُ غَيْرُ مَصْبُوغٍ) لَمْ يَحْدُثْ فِيهِ زِينَةٌ كَنَقْشٍ (مِنْ قُطْنٍ وَصُوفٍ وَكَتَّانٍ) عَلَى اخْتِلَافِ أَلْوَانِهَا الْخِلْقِيَّةِ وَإِنْ نَعُمَتْ (وَكَذَا إبْرَيْسَمَ) لَمْ يُصْبَغْ وَلَمْ يَحْدُثْ فِيهِ ذَلِكَ أَيْ حَرِيرٌ (فِي الْأَصَحِّ) لِعَدَمِ حُدُوثِ زِينَةٍ فِيهِ وَإِنْ صُقِلَ وَبُرِقَ. وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ أَنَّهُ لَا يُقْصَدُ لِزِينَةِ النِّسَاءِ، وَبِذَلِكَ يُرَدُّ مَا أَطَالَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ نَحْوِ الْأَحْمَرِ وَالْأَصْفَرِ الْخِلْقِيِّ يَرْبُو لِصَفَاءِ ثِقَلِهِ وَشِدَّةِ بِرِيقِهِ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ الْمَصْبُوغِ. وَالثَّانِي يَحْرُمُ لِأَنَّ لُبْسَهُ تَزْيِينٌ فَعَلَى هَذَا لَا تَلْبَسُ الْعَتَّابِيَّ الَّذِي أَكْثَرُهُ حَرِيرٌ وَيُبَاحُ الْخَزُّ قَطْعًا لِاسْتِتَارِ الْإِبْرَيْسَمِ فِيهِ بِالصُّوفِ الَّذِي هُوَ سَدَاهُ (وَ) يُبَاحُ (مَصْبُوغٌ لَا يُقْصَدُ لِزِينَةٍ) أَصْلًا بَلْ لِنَحْوِ احْتِمَالِ وَسَخٍ أَوْ مُصِيبَةٍ كَأَسْوَدَ وَمَا يَقْرُبُ مِنْهُ كَالْأَخْضَرِ الْمُشَبَّعِ وَالْكُحْلِيِّ وَمَا يَقْرُبُ مِنْهُ كَالْأَزْرَقِ الْمُشَبَّعِ. وَلَا يَرِدُ عَلَى كَلَامِهِ مَصْبُوغٌ تَرَدَّدَ بَيْنَ الزِّينَةِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّ فِيهِ تَفْصِيلًا، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَوْنُهُ بَرَّاقًا حُرِّمَ، وَعِبَارَتُهُ الْأُولَى قَدْ تَشْمَلُهُ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ حِينَئِذٍ أَنْ يُقْصَدَ لِلزِّينَةِ وَإِلَّا فَلَا، وَعِبَارَتُهُ هَذِهِ شَامِلَةٌ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِهِ حِينَئِذٍ زِينَةٌ (وَيَحْرُمُ) طِرَازٌ رُكِّبَ عَلَى ثَوْبٍ لَا مَنْسُوجَ مَعَهُ مَا لَمْ يَكْثُرُ: أَيْ بِأَنْ عُدَّ الثَّوْبُ مَعَهُ ثَوْبَ زِينَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ وَ (حُلِيُّ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ) وَلَوْ نَحْوَ خَاتَمٍ وَقُرْطٍ لِلنَّهْيِ عَنْهُ، وَمِنْهُ مَا مَوَّهَ بِأَحَدِهِمَا إنْ سُتِرَ بِحَيْثُ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِتَأَمُّلٍ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ فِي الْأَوَانِي بِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى مُجَرَّدِ الزِّينَةِ وَثَمَّ عَلَى الْعَيْنِ مَعَ الْخُيَلَاءِ، وَكَذَا نَحْوُ نُحَاسٍ وَوَدَعٍ وَعَاجٍ وَذَبْلٍ وَدُمْلَجٍ إنْ كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ يَتَحَلَّوْنَ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSمُطْلَقًا الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ لِلنَّهْيِ إلَخْ، وَذِكْرُ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْعَامِّ بِحُكْمِهِ لَا يُخَصِّصُهُ (قَوْلُهُ: لَا يُقْصَدُ لِزِينَةِ النِّسَاءِ) أَيْ وَلَا نَظَرَ لِلتَّزَيُّنِ بِهِ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ (قَوْلُهُ: فَعَلَى هَذَا) أَيْ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَيُبَاحُ الْخَزُّ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الْخَزُّ اسْمُ دَابَّةٍ ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى الثَّوْبِ الْمُتَّخَذِ مِنْ وَبَرِهَا وَالْجَمْعُ خُزُوزٌ مِثْلُ فُلُوسٌ (قَوْلُهُ: الَّذِي هُوَ سَدَاهُ) هُوَ صِفَةٌ لِلْإِبْرَيْسَمِ فَلَا يُقَالُ الَّذِي يَظْهَرُ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ هُوَ اللُّحْمَةُ لَا السَّدَى (قَوْلُهُ: وَعِبَارَتُهُ الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ وَيُبَاحُ غَيْرُ مَصْبُوغٍ (قَوْلُهُ: وَقُرْطٌ) اسْمٌ لِمَا يُلْبَسُ فِي شَحْمَةِ الْأُذُنِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْحَلَقُ لَا بِقَيْدٍ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ حُرْمَةِ ذَلِكَ مَا لَمْ تَتَضَرَّرْ بِتَرْكِهِ، فَإِنْ تَضَرَّرَتْ ضَرَرًا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً جَازَ لَهَا اللُّبْسُ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الْكُحْلِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الضَّرَرِ مِنْ إبَاحَتِهِ لِلتَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُشَبَّهِهِ) أَيْ بِأَنْ حَصَلَ لَهُ شِدَّةُ صِقَالَةٍ مَثَلًا بِأَنْ صَارَ يُظَنُّ فِضَّةً أَوْ ذَهَبًا (قَوْلُهُ: وَذَبْلٍ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ الذَّبْلُ بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ شَيْءٌ كَالْعَاجِ وَهُوَ ظَهْرُ السُّلَحْفَاةِ يُتَّخَذُ مِنْهُ السِّوَارُ اهـ. ذَكَرَهُ فِي فَصْلِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ. وَفِي الْمِصْبَاحِ: الذَّبْلُ وِزَانُ فَلْسٍ شَيْءٌ كَالْعَاجِ، وَقِيلَ هُوَ ظَهْرُ السُّلَحْفَاةِ الْبَحْرِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَدُمْلُجٍ) بِضَمِّ الدَّالِ ـــــــــــــــــــــــــــــQإنَّمَا هُوَ الْمَقْصُودُ لِلزِّينَةِ لَا كُلُّ صَبْغٍ مِنْ بَابِ بَيَانِ الشَّيْءِ بِذِكْرِ بَعْضِ أَفْرَادِهِ (قَوْلُهُ: وَيُبَاحُ الْخَزُّ قَطْعًا) لَا خَفَاءَ أَنَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَزِّ هُنَا نَفْسُ الثَّوْبِ الَّذِي سُدَاهُ صُوفٌ وَلُحْمَتُهُ إبْرَيْسَمٌ إذَا كَانَ الْإِبْرَيْسَمُ مُسْتَتِرًا بِالصُّوفِ، فَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ فِي حَاشِيَتِهِ عَنْ الْمُخْتَارِ مِنْ أَنَّ الْخَزَّ اسْمٌ لِحَيَوَانٍ ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى وَبَرِهِ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ أَصْلِ اللُّغَةِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُفَسَّرَ بِهِ الْخَزُّ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ) عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ نَقْلًا عَنْ الْحَاوِي لِلْمَاوَرْدِيِّ: وَلَوْ تَحَلَّتْ بِرَصَاصٍ أَوْ نُحَاسٍ، فَإِنْ كَانَ مُوِّهَ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ مُشَابِهًا لَهُمَا بِحَيْثُ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِتَأَمُّلٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَلَكِنَّهَا مِنْ قَوْمٍ يَتَزَيَّنُونَ بِمِثْلِ ذَلِكَ فَحَرَامٌ، وَإِلَّا فَحَلَالٌ انْتَهَتْ. وَعَلَيْهِ، فَيَتَعَيَّنُ قِرَاءَةُ مُشَبَّهُهُ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى مَا مُوِّهَ، وَالضَّمِيرُ فِيهِ لِأَحَدِهِمَا، وَالتَّقْدِيرُ وَمِنْهُ مَا مُوِّهَ بِأَحَدِهِمَا وَمِنْهُ مُشَبَّهُ أَحَدِهِمَا، وَقَوْلُهُ: إنْ سَتَرَهُ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ كَمَا تَرَى، فَكَأَنَّ الشَّارِحَ قَيَّدَ بِهِ الْمُمَوَّهَ بِأَحَدِهِمَا لَكِنْ كَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ مُشَبَّهُهُ مَعَ بَيَانِ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ بِأَنْ يَقُولَ: أَيْ إنْ سَتَرَهُ، وَقَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِتَأَمُّلٍ قَدْ عَرَفْت أَنَّهُ قَيْدٌ فِي مُشَبَّهِ أَحَدِهِمَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَذَبَلَ) هُوَ بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ

نَعَمْ يَحِلُّ لُبْسُهُ لَيْلًا مَعَ الْكَرَاهَةِ إلَّا لِحَاجَةٍ كَإِحْرَازِهِ، وَفَارَقَ حُرْمَةَ اللُّبْسِ وَالتَّطَيُّبِ لَيْلًا بِأَنَّهُمَا يُحَرِّكَانِ الشَّهْوَةَ غَالِبًا وَلَا كَذَلِكَ الْحُلِيُّ (وَكَذَا) يَحْرُمُ (لُؤْلُؤٌ) وَنَحْوُهُ مِنْ الْجَوَاهِرِ الَّتِي يُتَحَلَّى بِهَا وَمِنْهَا الْعَقِيقُ (فِي الْأَصَحِّ) لِظُهُورِ الزِّينَةِ فِيهَا، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ تَرَدُّدٌ لِلْإِمَامِ جَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ وَجْهًا لِأَنَّهُ مُبَاحٌ لِلرَّجُلِ (وَ) يَحْرُمُ لِغَيْرِ حَاجَتِهِ كَمَا يَأْتِي (طِيبٌ) ابْتِدَاءً وَاسْتِدَامَةً، فَإِذَا طَرَأَتْ الْعِدَّةُ عَلَيْهِ لَزِمَهَا إزَالَتُهُ لِلنَّهْيِ عَنْهُ (فِي بَدَنٍ) نَعَمْ رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهَا أَنْ تَتْبَعَ لِنَحْوِ حَيْضٍ قَلِيلَ قِسْطٍ وَأَظْفَارٍ نَوْعَيْنِ مِنْ الْبَخُورِ، وَأَلْحَقَ الْإِسْنَوِيُّ بِهَا فِي ذَلِكَ الْمُحْرِمَةَ وَخَالَفَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الْأَوْجَهُ (وَثَوْبٍ وَطَعَامٍ وَ) فِي (كُحْلٍ) وَالضَّابِطُ أَنَّ كُلَّ مَا حُرِّمَ عَلَى الْمُحْرِمِ مِنْ الطِّيبِ وَالدَّهْنِ لِنَحْوِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ حُرِّمَ هُنَا لَكِنْ لَا فِدْيَةَ لِعَدَمِ النَّصِّ، وَلَيْسَ لِلْقِيَاسِ مَدْخَلٌ هُنَا وَكُلُّ مَا حَلَّ لَهُ ثَمَّ حَلَّ هُنَا (و) يَحْرُمُ (اكْتِحَالٌ بِإِثْمِدٍ) وَلَوْ غَيْرَ مُطَيِّبٍ وَإِنْ كَانَتْ سَوْدَاءَ لِلنَّهْيِ عَنْهُ وَهُوَ الْأَسْوَدُ، وَمِثْلُهُ نَصًّا الْأَصْفَرُ وَهُوَ الصَّبْرُ بِفَتْحٍ أَوْ كَسْرٍ فَسُكُونٍ وَلَوْ عَلَى بَيْضَاءَ لَا الْأَبْيَضَ كَالتُّوتْيَا إذْ لَا زِينَةَ فِيهِ (إلَّا لِحَاجَةٍ كَرَمَدٍ) فَتَجْعَلُهُ لَيْلًا وَتَمْسَحُهُ نَهَارًا إلَّا إنْ أَضَرَّهَا مَسْحُهُ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ وَهِيَ حَادَّةٌ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ جَعَلَتْ عَلَى عَيْنِهَا صَبْرًا فَقَالَ: مَا هَذَا يَا أُمَّ سَلَمَةَ؟ فَقَالَتْ: هُوَ صَبْرٌ لَا طِيبَ فِيهِ، فَقَالَ: إنَّهُ يَشُبُّ الْوَجْهَ أَيْ يُوقِدُهُ وَيُحَسِّنُهُ فَلَا تَجْعَلِيهِ إلَّا بِاللَّيْلِ وَامْسَحِيهِ بِالنَّهَارِ» وَقَدْ حَمَلُوهُ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مُحْتَاجَةً إلَيْهِ لَيْلًا فَأَذِنَ لَهَا فِيهِ لَيْلًا بَيَانًا لِجَوَازِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ مَعَ أَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ. وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَقَدْ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا أَفَتَكْحُلُهَا؟ فَقَالَ لَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ لَا» فَحُمِلَ عَلَى أَنَّهُ نَهْيُ تَنْزِيهٍ أَوْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَتَحَقَّقْ الْخَوْفَ عَلَى عَيْنِهَا أَوْ أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهَا الْبُرْءُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَاللَّامِ وَبِفَتْحِ اللَّامِ أَيْضًا كَمَا فِي الْقَامُوسِ فَإِنَّهُ قَالَ دُمْلُجٌ كَجُنْدُبٍ فِي لُغَتَيْهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَحِلُّ لُبْسُهُ لَيْلًا) يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ اللَّيْلِ مَا لَوْ عَرَضَ لَهَا اجْتِمَاعٌ فِيهِ بِالنِّسَاءِ لِوَلِيمَةٍ أَوْ نَحْوِهَا فَيَحْرُمُ (قَوْلُهُ إلَّا لِحَاجَةٍ) أَيْ فَلَا يُكْرَهُ (قَوْلُهُ: وَطِيبٌ) أَيْ بِأَنْ تَسْتَعْمِلَهُ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ حِرْفَتُهَا عَمَلَ الطِّيبِ فَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: لَزِمَهَا إزَالَتُهُ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ نَظِيرِهِ فِي الْمُحْرِمِ بِأَنَّهُ ثَمَّ مِنْ سُنَنِ الْإِحْرَامِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا، وَبِأَنَّهُ يُشَدَّدُ عَلَيْهَا هُنَا أَكْثَرَ بِدَلِيلِ حُرْمَةِ نَحْوِ الْحِنَّاءِ وَالْمُعَصْفَرِ عَلَيْهَا هُنَا لَا ثَمَّ (قَوْلُهُ قِسْطٍ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَضَمِّهَا وَهُوَ الْأَكْثَرُ اهـ مِصْبَاحٌ وَهُوَ الْأَوْجَهُ أَيْ فَلَيْسَ لِلْمُحْرِمَةِ أَنْ تَتْبَعَ حَيْضَهَا شَيْئًا مِنْهُمَا خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: وَاكْتِحَالٌ) هَلْ يَشْمَلُ الْعَمْيَاءَ الْبَاقِيَةَ الْحَدَقَةِ وَلَا يَبْعُدُ الشُّمُولُ لِأَنَّهُ مُزَيِّنٌ فِي الْعَيْنِ الْمَفْتُوحَةِ وَإِنْ فُقِدَ بَصَرُهَا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ كَسْرٍ فَسُكُونٍ) وَبِفَتْحٍ فَكَسْرٍ اهـ حَجّ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمَحَلِّيُّ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ أَضَرَّهَا مَسْحُهُ) الْأَوْلَى أَضَرَّ بِهَا إلَخْ لِمَا قَدَّمَهُ فِي الطَّرِيقِ النَّافِذِ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا يَتَعَدَّى بِحَرْفِ الْجَرِّ (قَوْلُهُ: فَقَالَ مَا هَذَا يَا أُمَّ سَلَمَةَ) تَمَسَّكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَنَحْوِهِ مَنْ قَالَ بِجَوَازِ نَظَرِ الْوَجْهِ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ حَيْثُ لَا شَهْوَةَ وَلَا خَوْفَ فِتْنَةٍ. وَأُجِيبَ بِجَوَازِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَقْصِدْ الرُّؤْيَةَ بَلْ وَقَعَتْ اتِّفَاقًا أَوْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ لِعِصْمَتِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ (قَوْلُهُ يَشُبُّ) بَابُهُ رَدَّ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْله وَقَدْ حَمَلُوهُ) قَالَ حَجّ: وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ فِي سَنَدِهِ مَجْهُولًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: نَعَمْ يَحِلُّ لُبْسُهُ لَيْلًا) يَعْنِي: جَمِيعَ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ حُرْمَةَ اللُّبْسِ) أَيْ لُبْسَ الثِّيَابِ (قَوْلُهُ: بِفَتْحٍ أَوْ كَسْرٍ فَسُكُونٍ) وَكَذَا بِفَتْحٍ وَكَسْرٍ كَمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ يُوقِدُهُ وَيُحَسِّنُهُ) هُوَ عَطْفُ تَفْسِيرٍ كَمَا لَا يَخْفَى، وَالْمُرَادُ مِنْ تَحْسِينِ الْوَجْهِ بِوَضْعِ الصَّبْرِ فِي الْعَيْنِ أَنَّهُ يُحَسِّنُ الْعَيْنَ، فَيَظْهَرُ بِذَلِكَ رَوْنَقٌ فِي الْوَجْهِ، وَإِلَّا فَمَا فِي الْعَيْنِ لَا يَصِلُ مِنْهُ شَيْءٌ إلَى الْوَجْهِ يُوجِبُ حُسْنَهُ فِي نَفْسِهِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَحَقَّقْ الْخَوْفُ عَلَى عَيْنِهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهَا الِاكْتِحَالُ إلَّا عِنْدَ التَّحَقُّقِ لِلضَّرَرِ، وَانْظُرْ بِمَ

بِدُونِهِ، لَكِنْ فِي رِوَايَةٍ زَادَهَا عَبْدُ الْحَقِّ " قَالَتْ: إنِّي أَخْشَى أَنْ تَنْفَقِئَ عَيْنُهَا بِدُونِهِ قَالَ لَا وَإِنْ انْفَقَأَتْ " وَأَجَابَ الشَّيْخُ عَنْهَا بِأَنَّ الْمُرَادَ وَإِنْ انْفَقَأَتْ عَيْنُهَا فِي زَعْمِك لِأَنِّي أَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَنْفَقِئُ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهَا لَوْ احْتَاجَتْ لَهُ نَهَارًا جَازَ فِيهِ، وَالدَّهْنُ لِلْحَاجَةِ كَالِاكْتِحَالِ لِلرَّمَدِ، وَالْأَوْجَهُ ضَبْطُ الْحَاجَةِ هُنَا بِخَشْيَةِ مُبِيحِ تَيَمُّمٍ، وَحَيْثُ زَالَتْ وَجَبَ مَسْحُهُ أَوْ غَسْلُهُ فَوْرًا كَالْمُحْرِمِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَ) يَحْرُمُ (إسْفِيذَاجٌ) بِذَالِ مُعْجَمَةٍ (وَدُمَامٌ) بِضَمِّ الدَّالِ وَكَسْرِهَا وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْحُمْرَةِ فَإِنَّ الْوَجْهَ يَبْرُقُ وَيَرْبُو بِالْأَوَّلِ وَيَتَزَيَّنُ مَعَ الثَّانِي، وَيَحْرُمُ الْإِثْمِدُ فِي الْحَاجِبِ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ، وَأَلْحَقَ بِهِ الطَّبَرِيُّ كُلَّ مَا يَتَزَيَّنُ بِهِ كَالشَّفَةِ وَاللِّثَةِ وَالْخَدَّيْنِ وَالذَّقَنِ فَيَحْرُمُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ (وَ) يَحْرُمُ (خِضَابُ حِنَّاءٍ وَنَحْوِهِ) لِخَبَرِ «وَلَا تَخْتَضِبُ بِحِنَّاءٍ» وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ الْبَدَنِ كَالْوَجْهِ وَالْيَدِ وَالرِّجْلِ، وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ مَا يَظْهَرُ عِنْدَ الْمِهْنَةِ وَشَعْرُ الرَّأْسِ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا مَا يَكُونُ تَحْتَ الثِّيَابِ كَالرِّجْلَيْنِ، فَانْدَفَعَ بِهِ مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ هُنَا، أَمَّا مَا تَحْتَ الثِّيَابِ فَلَا، وَالْغَالِيَةُ وَإِنْ ذَهَبَ رِيحُهَا كَالْخِضَابِ، وَيَحْرُمُ تَصْفِيفُ شَعْرِ الطُّرَّةِ وَتَجْعِيدُ شَعْرِ الْأَصْدَاغِ وَتَطْرِيفُ أَصَابِعِهَا وَنَقْشُ وَجْهِهَا. (وَيَحِلُّ تَجْمِيلُ فِرَاشٍ وَأَثَاثٍ) بِمُثَلَّثَتَيْنِ وَهُوَ مَتَاعُ الْبَيْتِ بِأَنْ تُزَيِّنَ بَيْتَهَا بِأَنْوَاعِ الْمَلَابِسِ وَالْأَوَانِي وَنَحْوِهَا لِأَنَّ الْإِحْدَادَ فِي الْبَدَنِ لَا فِي الْفُرُشِ وَنَحْوِهِ، وَأَمَّا الْغِطَاءُ فَالْأَشْبَهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ كَالثِّيَابِ لِأَنَّهُ لِبَاسٌ: أَيْ وَلَوْ لَيْلًا كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ (وَ) يَحِلُّ لَهَا (تَنْظِيفٌ بِغَسْلِ رَأْسٍ وَقَلْمِ) ظُفْرٍ وَإِزَالَةِ نَحْوِ شَعْرِ عَانَةٍ (وَإِزَالَةِ وَسَخٍ) وَلَوْ ظَاهِرًا بِسِدْرٍ أَوْ نَحْوِهِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الزِّينَةِ: أَيْ الدَّاعِيَةِ إلَى الْجِمَاعِ فَلَا يُنَافِي إطْلَاقَ اسْمِهَا عَلَى ذَلِكَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، أَمَّا إزَالَةُ شَعْرٍ يَتَضَمَّنُ زِينَةً كَأَخْذِ مَا حَوْلَ الْحَاجِبِينَ وَأَعْلَى الْجَبْهَةِ فَتُمْنَعُ مِنْهُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، بَلْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِامْتِنَاعِ ذَلِكَ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُحِدَّةِ، وَمَرَّ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ سَنُّ إزَالَةِ شَعْرِ اللِّحْيَةِ أَوْ شَارِبٍ نَبَتَ لِلْمَرْأَةِ (قُلْت: وَيَحِلُّ) لَهَا (امْتِشَاطٌ) بِلَا تَرْجِيلٍ بِدَهْنٍ، وَيَجُوزُ بِنَحْوِ سِدْرٍ، وَالنَّهْيُ الْوَارِدُ عَنْ الِامْتِشَاطِ مَحْمُولٌ عَلَى تَمَشُّطٍ بِطِيبٍ وَنَحْوِهِ (وَ) يَحِلُّ لَهَا (حَمَّامٌ) بِنَاءً عَلَى جَوَازِ دُخُولِهَا لَهُ بِلَا ضَرُورَةٍ (إنْ لَمْ يَكُنْ) فِيهِ (خُرُوجٌ مُحَرَّمٌ) فَإِنْ كَانَ حُرِّمَ (وَلَوْ) (تَرَكَتْ) الْمُحِدَّةُ الْمُكَلَّفَةُ (الْإِحْدَادَ) الْوَاجِبَ عَلَيْهَا كُلَّ الْمُدَّةِ أَوْ بَعْضَهَا (عَصَتْ) إنْ عَلِمَتْ حُرْمَةَ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي، وَغَيْرُ الْمُكَلَّفَةِ وَلِيُّهَا قَائِمٌ مَقَامَهَا (وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ) مَعَ الْعِصْيَانِ (كَمَا لَوْ فَارَقَتْ) الْمُعْتَدَّةُ (الْمَسْكَنَ) الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهَا مُلَازَمَتُهُ بِلَا عُذْرٍ، فَإِنَّهَا تَعْصِي وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا (وَلَوْ بَلَغَتْهَا الْوَفَاةُ) أَيْ مَوْتُ زَوْجِهَا وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ طَلَاقُهَا (بَعْدَ الْمُدَّةِ) لِلْعِدَّةِ (كَانَتْ مُنْقَضِيَةً) فَلَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ مِنْهَا لِأَنَّ الصَّغِيرَةَ تَعْتَدُّ مَعَ عَدَمِ قَصْدِهَا (وَلَهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ مُزَوَّجَةً أَوْ غَيْرَهَا (إحْدَادٌ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: جَازَ فِيهِ) لَعَلَّهُ لَمْ يَحْمِلْ الْمَتْنَ عَلَى مَا يَشْمَلُهُ ابْتِدَاءً نَظَرًا لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ فَإِنَّهُمْ قَيَّدُوهُ بِاللَّيْلِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ ضَبْطُ الْحَاجَةِ هُنَا إلَخْ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُعَوِّلَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ إخْبَارُ طَبِيبٍ عَدْلٍ (قَوْلُهُ: وَالْغَالِيَةُ) هِيَ عَنْبَرٌ وَمِسْكٌ وَكَافُورٌ (قَوْلُهُ: كَالثِّيَابِ) أَيْ فَيَحْرُمُ (قَوْلُهُ: بَلْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُحِدَّةِ) أَيْ إلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) أَيْ مِمَّا يَتَزَيَّنُ بِهِ لَا كَزَيْتٍ وَسَمْنٍ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ دُخُولِهَا) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: خُرُوجٌ مُحَرَّمٌ) أَيْ بِأَنْ كَانَ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، فَإِنْ كَانَ لِضَرُورَةٍ جَازَ (قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَتْ حُرْمَةَ ذَلِكَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ بَعُدَ عَهْدُهَا بِالْإِسْلَامِ وَنَشَأَتْ بَيْنَ أَظْهَرِ الْعُلَمَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَحْصُلُ التَّحَقُّقُ، بَلْ هَذَا الْجَوَابُ قَدْ لَا يَصِحُّ إذْ كَيْفَ يَمْنَعُهَا مِمَّا تَتَحَقَّقُ الضَّرَرُ بِعَدَمِهِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِهِ لَهُ، وَلَوْ أَجَابَ بِأَنَّهُ كَانَ يَعْلَمُ عَدَمَ الضَّرَرِ كَانَ وَاضِحًا (قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بِهِ) أَيْ بِالْحَاجِبِ وَقَوْلُهُ: كُلُّ مَا يَتَزَيَّنُ بِهِ هُوَ بِبِنَاءٍ يَتَزَيَّنُ لِلْفَاعِلِ (قَوْلُهُ: ظُفْرٍ) كَانَ يَنْبَغِي قَبْلَهُ لَامٌ كَمَا فَعَلَ غَيْرُهُ حَتَّى لَا يَضِيعَ تَنْوِينُ قَلَمٌ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ بِنَحْوِ سِدْرٍ)

[فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقها]

غَيْرِ زَوْجٍ) مِنْ الْمَوْتَى (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) فَأَقَلَّ (وَتَحْرُمُ الزِّيَادَةُ) عَلَيْهَا بِقَصْدِ الْإِحْدَادِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَلَوْ تَرَكَتْ ذَلِكَ بِلَا قَصْدٍ لَمْ تَأْثَمْ لِلْخَبَرَيْنِ السَّابِقِينَ، وَلِأَنَّ فِي تَعَاطِيهِ عَدَمَ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ، وَالْأَلْيَقُ بِهَا التَّقَنُّعُ بِجِلْبَابِ الصَّبْرِ، وَإِنَّمَا رُخِّصَ لِلْمُعْتَدَّةِ فِي عِدَّتِهَا لِحَبْسِهَا عَلَى الْمَقْصُودِ مِنْ الْعِدَّةِ وَلِغَيْرِهَا فِي الثَّلَاثِ لِأَنَّ النُّفُوسَ لَا تَسْتَطِيعُ فِيهَا الصَّبْرَ وَلِذَلِكَ سُنَّ فِيهَا التَّعْزِيَةُ وَتَنْكَسِرُ بَعْدَهَا أَعْلَامُ الْحُزْنِ، وَالْأَشْبَهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ إشَارَةِ الْقَاضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِغَيْرِ الزَّوْجِ الْقَرِيبُ فَيَمْتَنِعُ عَلَى الْأَجْنَبِيَّةِ الْإِحْدَادُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ مُطْلَقًا وَلَوْ سَاعَةً، وَأَلْحَقَ الْغَزِّيِّ بَحْثًا بِالْقَرِيبِ الصَّدِيقَ وَالْعَالِمَ وَالصَّالِحَ وَالسَّيِّدَ وَالْمَمْلُوكَ وَالصِّهْرِ، كَمَا أَلْحَقُوا مَنْ ذُكِرَ بِهِ فِي أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ. وَضَابِطُهُ أَنَّ مَنْ حَزِنَتْ لِمَوْتِهِ فَلَهَا الْإِحْدَادُ عَلَيْهِ ثَلَاثَةً وَمَنْ لَا فَلَا، وَيُمْكِنُ حَمْلُ إطْلَاقِ الْحَدِيثِ وَالْأَصْحَابِ عَلَى هَذَا، وَظَاهِرٌ أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ مَنَعَهَا مِمَّا يَنْقُصُ بِهِ تَمَتُّعُهُ حُرِّمَ عَلَيْهَا فِعْلُهُ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ امْتِنَاعَ الْإِحْدَادِ عَلَى الرَّجُلِ ثَلَاثَةً عَلَى قَرِيبِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَقَوْلُ الْإِمَامِ إنَّ التَّحَزُّنَ فِي الْمُدَّةِ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِالنِّسَاءِ مَمْنُوعٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّهُ شُرِعَ لِلنِّسَاءِ لِنَقْصِ عَقْلِهِنَّ الْمُقْتَضِي عَدَمَ الصَّبْرِ مَعَ أَنَّ الشَّارِعَ أَوْجَبَ الْإِحْدَادَ عَلَى النِّسَاءِ دُونَ الرِّجَالِ. (فَصْلٌ) فِي سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ وَمُلَازَمَتِهَا مَسْكَنَ فِرَاقِهَا (تَجِبُ سُكْنَى لِمُعْتَدَّةِ طَلَاقٍ) حَائِلٍ أَوْ حَامِلٍ (وَلَوْ بَائِنٍ) بِجَرِّهِ كَمَا بِخَطِّهِ عَطْفًا عَلَى الْمَجْرُورِ وَنَصْبُهُ أَوْلَى: أَيْ وَلَوْ كَانَتْ بَائِنًا، وَيَجُوزُ رَفْعُهُ بِتَقْدِيرِ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ: أَيْ وَلَوْ هِيَ بَائِنٌ وَيَسْتَمِرُّ وُجُوبُهَا إلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} [الطلاق: 6] وقَوْله تَعَالَى {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} [الطلاق: 1] أَيْ بُيُوتِ أَزْوَاجِهِنَّ وَأَضَافَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَلَوْ تَرَكَتْ ذَلِكَ) أَيْ تَرَكَتْ التَّزَيُّنَ وَكَانَتْ عَلَى صُورَةِ الْمُحَدَّةِ لَمْ تَأْثَمْ لِعَدَمِ قَصْدِهِ (قَوْلُهُ: التَّقَنُّعُ بِجِلْبَابِ الصَّبْرِ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: الْجِلْبَابُ الْمِلْحَفَةُ اهـ. وَعَلَيْهِ فَهُوَ اسْتِعَارَةٌ بِالْكِنَايَةِ وَاسْتِعَارَةٌ تَخْيِيلِيَّةٌ فَتُشَبِّهُ الصَّبْرَ بِإِنْسَانٍ مُسْتَتِرٍ بِمَا يَمْنَعُ رُؤْيَتَهُ اسْتِعَارَةٌ بِالْكِنَايَةِ وَإِثْبَاتُ الْجِلْبَابِ لَهُ اسْتِعَارَةٌ تَخْيِيلِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا رُخِّصَ لِلْمُعْتَدَّةِ) قَدْ يُمْنَعُ تَسْمِيَةُ مَا ذُكِرَ رُخْصَةً لِأَنَّ الرُّخْصَةَ الْحُكْمُ الْمُتَغَيِّرُ إلَيْهِ السَّهْلُ لِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ لِلْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ، وَالْإِحْدَادُ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ وَاجِبٌ فَلَمْ تَنْتَقِلْ لِسَهْلٍ بَلْ لِصَعْبٍ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَلَمْ يَجْرِ ذَلِكَ فِي الْمُعْتَدَّةِ لِحَثِّهَا إلَخْ اهـ وَهِيَ أَوْضَحُ (قَوْلُهُ وَلَوْ سَاعَةً) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ رِيبَةً وَخَالَفَ حَجّ فِيمَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ: حُرِّمَ عَلَيْهَا فِعْلُهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ لَهَا الْإِحْدَادُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ) اُنْظُرْ هَلْ ذَلِكَ كَبِيرَةٌ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَا وَعِيدَ عَلَى فِعْلِهِ، وَمُجَرَّدُ النَّهْي إنَّمَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ لَا كَوْنَ الْفِعْلِ كَبِيرَةً مُوجِبَةً لِلْفِسْقِ، وَفِي الزَّوَاجِرِ إنَّهُ كَبِيرَةٌ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ. (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ (قَوْلُهُ: وَمُلَازَمَتُهَا إلَخْ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَخُرُوجِهَا لِقَضَاءِ حَاجَةٍ (قَوْلُهُ: عَطْفًا عَلَى الْمَجْرُورِ) هُوَ قَوْلُهُ طَلَاقٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQاُنْظُرْ مَا مَعْنَاهُ هُنَا وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى السِّدْرِ وَنَحْوِهِ فِي إزَالَةِ الْوَسَخِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ تَرَكَتْ ذَلِكَ) يَعْنِي: التَّزَيُّنَ (قَوْلُهُ: لِلْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِشَرْحِ الرَّوْضِ لَكِنَّ ذَاكَ قَدَّمَ خَبَرَيْنِ فَصَحَّتْ إحَالَتُهُ عَلَيْهِمَا بِخِلَافِ الشَّارِحِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ لِمَفْهُومِ الْخَبَرِ السَّابِقِ انْتَهَتْ. يَعْنِي: خَبَرَ: لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: مَنْ حَزِنَتْ لِمَوْتِهِ) أَيْ مِمَّنْ شَأْنُهَا أَنْ تَحْزَنَ لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. [فَصْلٌ فِي سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ وَمُلَازَمَتِهَا مَسْكَنَ فِرَاقِهَا] (فَصْلٌ) فِي سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ

إلَيْهِنَّ لِلسُّكْنَى إذْ لَوْ كَانَتْ إضَافَةَ مِلْكٍ لَمْ تَخْتَصَّ بِالْمُطَلَّقَاتِ، وَلَوْ أَسْقَطَتْ مُؤْنَةَ الْمَسْكَنِ عَنْ الزَّوْجِ لَمْ تَسْقُطْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ لِوُجُوبِهَا يَوْمًا بِيَوْمٍ وَإِسْقَاطُ مَا لَمْ يَجِبْ لَاغٍ، وَأَفْهَمَ تَقْيِيدُهُ بِالْمُعْتَدَّةِ عَنْ طَلَاقٍ عَدَمَهَا لِمُعْتَدَّةٍ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ وَلَوْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ وَلِأُمِّ وَلَدٍ عَتَقَتْ وَهُوَ كَذَلِكَ (إلَّا نَاشِزَةً) سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ طَلَاقِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَمْ فِي أَثْنَاءِ الْعِدَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي فَإِنَّهَا لَا سُكْنَى لَهَا فِي الْعِدَّةِ، فَإِنْ عَادَتْ إلَى الطَّاعَةِ عَادَ حَقُّ السُّكْنَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي، وَفِي مُدَّةِ النُّشُوزِ يَرْجِعُ عَلَيْهَا مُسْتَحِقُّ الْمَسْكَنِ بِأُجْرَتِهِ. وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِلْكَ الزَّوْجِ رَجَعَ هُوَ عَلَيْهَا بِذَلِكَ وَإِلَّا صَغِيرَةً لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ بِأَنْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ الْمُحْتَرَمَ فَلَا سُكْنَى لَهَا كَالنَّفَقَةِ وَإِلَّا أَمَةً لَمْ تُسَلَّمْ لَيْلًا وَنَهَارًا وَإِلَّا مَنْ وَجَبَتْ الْعِدَّةُ بِقَوْلِهَا بِأَنْ طَلُقَتْ ثُمَّ أَقَرَّتْ بِالْإِصَابَةِ وَأَنْكَرَهَا الزَّوْجُ فَلَا نَفَقَةَ وَلَا سُكْنَى لَهَا وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ (وَ) تَجِبُ سُكْنَى (لِمُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ) أَيْضًا حَيْثُ وُجِدَتْ تَرِكَةٌ وَتَقَدَّمَ عَلَى الدُّيُونِ الْمُرْسَلَةِ فِي الذِّمَّةِ (فِي الْأَظْهَرِ) " لِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فُرَيْعَةَ " بِضَمِّ الْفَاءِ " بِنْتَ مَالِكٍ أُخْتَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ لَمَّا قُتِلَ زَوْجُهَا أَنْ تَمْكُثَ فِي بَيْتِهَا حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ، فَاعْتَدَّتْ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا " صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ. وَالثَّانِي لَا سُكْنَى لَهَا كَمَا لَا نَفَقَةَ لَهَا. وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ السُّكْنَى لِصِيَانَةِ مَائِهِ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ بَعْدَ الْوَفَاةِ كَالْحَيَاةِ وَالنَّفَقَةُ لِسَلْطَنَتِهِ عَلَيْهَا وَقَدْ انْقَطَعَتْ وَبِأَنَّ النَّفَقَةَ حَقُّهَا فَسَقَطَتْ إلَى الْمِيرَاثِ وَالسُّكْنَى حَقٌّ لَهُ تَعَالَى فَلَمْ تَسْقُطْ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا حَكَاهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْأَصْحَابِ مَا لَمْ يُطَلِّقْهَا قَبْلَ الْوَفَاةِ رَجْعِيًّا، وَإِلَّا لَمْ تَسْقُطْ قَطْعًا لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لِوُجُوبِهَا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهَا تَسْقُطُ عَنْهُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْإِسْقَاطُ مِنْهَا لِوُجُوبِ سُكْنَاهُ بِطُلُوعِ فَجْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلِأُمِّ وَلَدٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِمُعْتَدَّةٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهَا مُلَازَمَةُ الْمَسْكَنِ الَّذِي فُورِقَتْ فِيهِ اهـ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ، وَقَوْلُهُ يَجِبُ عَلَيْهَا: أَيْ الْمُعْتَدَّةِ لِشُبْهَةٍ اهـ حَجّ. قَالَ: وَأَمَّا الْوُجُوبُ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ فَفِيهِ نَظَرٌ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مَا يُصَرِّحُ بِوُجُوبِ الْمُلَازَمَةِ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ عَنْ شُبْهَةٍ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قُلْت وَلَهَا الْخُرُوجُ إلَخْ حَيْثُ قَالَ وَشُبْهَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَادَ حَقُّ السُّكْنَى) أَيْ مِنْ وَقْتِ الْعَوْدِ (قَوْلُهُ: رَجَعَ هُوَ عَلَيْهَا بِذَلِكَ) وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ تُعَدَّ بِسُكْنَاهَا غَاصِبَةً، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَرَكَهَا الزَّوْجُ سَاكِنَةً وَلَمْ يُطَالِبْهَا بِخُرُوجٍ وَلَا غَيْرِهِ فَإِنَّهُ الْمُفَوِّتُ لِحَقِّهِ اخْتِيَارًا فَلَا أُجْرَةَ لَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَلَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ مُسْتَحَقَّةً لِلسُّكْنَى بِرِضَا الزَّوْجِ اُسْتُصْحِبَ ذَلِكَ، وَلِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى الْأَزْوَاجِ أَنَّهُمْ لَا يُخْرِجُونَ الْمَرْأَةَ مِنْ الْبَيْتِ بِسَبَبِ النُّشُوزِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا صَغِيرَةً إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ هُنَا مُوَافِقٌ لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ أَوَّلَ الْعِدَدِ حَيْثُ قَيَّدَ وُجُوبَ الْعِدَّةِ بِوَطْءِ الصَّغِيرِ بِتَهَيُّئِهِ لِلْوَطْءِ وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فِي الصَّغِيرَةِ، فَاقْتَضَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَهَيُّئِهَا لِلْوَطْءِ وَعَدَمِهِ، لَكِنَّ تَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وسم نَقْلًا عَنْ الشَّارِحِ خِلَافُهُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَا يَلْزَمُ مِنْ التَّهَيُّؤِ لِلْوَطْءِ إطَاقَتُهُ فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ التَّصْوِيرُ بِقَوْلِهِ بِأَنْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ إلَخْ إنَّمَا هُوَ لِكَوْنِ الْكَلَامِ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ، وَإِلَّا فَوُجُوبُ الْعِدَّةِ قَدْ يُوجَدُ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا (قَوْلُهُ: وَلِمُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَإِنْ مَاتَ زَوْجُ الْمُعْتَدَّةِ فَقَالَتْ انْقَضَتْ عِدَّتِي فِي حَيَاتِهِ لَمْ تَسْقُطْ الْعِدَّةُ عَنْهَا وَلَمْ تَرِثْ: أَيْ لِإِقْرَارِهَا. قَالَ فِي شَرْحِهِ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا قَيَّدَهُ الْقَفَّالُ بِالرَّجْعِيَّةِ، فَلَوْ كَانَتْ بَائِنًا سَقَطَتْ عِدَّتُهَا فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ التَّقْيِيدِ بِذَلِكَ. قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا فَادَّعَتْ أَنَّهُ كَانَ رَجْعِيًّا وَأَنَّهَا تَرِثُ فَالْأَشْبَهُ تَصْدِيقُهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ أَحْكَامِ الزَّوْجِيَّةِ وَعَدَمُ الْإِبَانَة اِ هـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ تَسْقُطْ قَطْعًا) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَمْ تَخْتَصَّ بِالْمُطَلَّقَاتِ) فِيهِ أَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يُخْرِجَ زَوْجَتَهُ مِنْ مِلْكِهَا لِمَحَلِّ طَاعَتِهِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِلْكَ الزَّوْجِ) يَعْنِي: لَوْ كَانَ مُسْتَحَقًّا لَهُ

بِالطَّلَاقِ فَلَمْ تَسْقُطْ بِالْمَوْتِ، لَكِنْ حَكَى الْجُرْجَانِيُّ طَرْدَ الْقَوْلَيْنِ فِيهَا وَيُوَافِقُهُ إطْلَاقُ الْكِتَابِ هُنَا (وَ) يَجِبُ لِمُعْتَدَّةٍ (فَسْخٌ) بِعَيْبٍ أَوْ رِدَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ أَوْ رِضَاعٍ أَيْضًا (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ عَنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ بِفُرْقَةِ فِي الْحَيَاةِ فَأَشْبَهَتْ الْمُطَلَّقَةَ تَحْصِينًا لِلْمَاءِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي عَلَى قَوْلَيْنِ كَالْمُعْتَدَّةِ عَنْ وَفَاةٍ، وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ اسْتِثْنَاءِ النَّاشِزَةِ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَالْفَسْخِ لِلْعِلْمِ مِمَّا ذَكَرَهُ فِي الطَّلَاقِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْحُكْمِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي فِيمَنْ مَاتَ عَنْهَا نَاشِزًا، وَتَجِبُ السُّكْنَى لِلْمُلَاعَنَةِ كَمَا نُقِلَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَغَوِيّ الْقَطْعُ بِهِ، وَلَوْ طَلَبَ الزَّوْجُ إسْكَانَ مُعْتَدَّةٍ لَمْ تَجِبْ سُكْنَاهَا لَزِمَتْهَا الْإِجَابَةُ حِفْظًا لِمَائِهِ وَيَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي صَوْنِ مَاءِ وَارِثِهِ بَلْ غَيْرُ الْوَارِثِ فِي ذَلِكَ كَالْوَارِثِ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ: أَيْ حَيْثُ لَا رِيبَةَ، وَيُفَارِقُ عَدَمَ لُزُومِ إجَابَةِ أَجْنَبِيٍّ بِوَفَاءِ دَيْنِ مَيِّتٍ أَوْ مُفْلِسٍ بِخِلَافِ الْوَارِثِ بِأَنَّ مُلَازَمَةَ الْمُعْتَدَّةِ لِلسُّكْنَى حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى لَا بَدَلٌ لَهُ فَلَزِمَ الْقَبُولُ لِئَلَّا يَتَعَطَّلَ وَبِأَنَّ حِفْظَ الْأَنْسَابِ مِنْ مُهِمَّاتِ الْأُمُورِ الْمَطْلُوبَةِ بِخِلَافِ الدَّيْنِ وَبِأَنَّهُ إنَّمَا يُرَدُّ لَوْ كَانَ التَّبَرُّعُ عَلَيْهَا وَهُوَ إنَّمَا تَوَجَّهَ عَلَى الْمَيِّتِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مُتَبَرِّعٌ سُنَّ لِلْإِمَامِ إسْكَانُهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ حَيْثُ لَا تَرِكَةَ لَا سِيَّمَا عِنْدَ اتِّهَامِهَا بِرِيبَةٍ، وَإِنْ لَمْ يُسْكِنْهَا أَحَدٌ سَكَنَتْ حَيْثُ شَاءَتْ (وَ) إنَّمَا (تُسَكَّنُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ كَمَا بِخَطِّهِ: أَيْ الْمُعْتَدَّةَ حَيْثُ وَجَبَ سُكْنَاهَا (فِي مَسْكَنٍ) مُسْتَحَقٍّ لِلزَّوْجِ لَائِقٍ بِهَا (كَانَتْ فِيهِ عِنْدَ الْفُرْقَةِ) بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ لِلْآيَةِ وَحَدِيثِ فُرَيْعَةَ الْمَارَّيْنِ (وَلَيْسَ لِزَوْجٍ وَغَيْرِهِ إخْرَاجُهَا وَلَا لَهَا خُرُوجٌ) مِنْهُ وَإِنْ رَضِيَ بِهِ الزَّوْجُ حَيْثُ لَا عُذْرَ كَمَا يَأْتِي لِأَنَّ فِي الْعِدَّةِ حَقًّا لَهُ تَعَالَى وَهُوَ لَا يَسْقُطُ بِالتَّرَاضِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ} [الطلاق: 1] وَشَمِلَ كَلَامُهُ الرَّجْعِيَّةَ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي النِّهَايَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ السُّكْنَى، وَأَمَّا النَّفَقَةُ فَتَسْقُطُ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ مَاتَ عَنْ رَجْعِيَّةٍ إلَخْ اهـ. وَعَلَيْهِ فَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَلَعَلَّهُ أَنَّ السُّكْنَى لَمَّا كَانَتْ رَاجِعَةً لِحِفْظِ مَائِهِ كَانَتْ مَنْفَعَتُهَا عَائِدَةً فَاحْتِيطَ فِيهَا مَا لَمْ يُحْتَطْ بِمِثْلِهِ فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ (قَوْلُهُ: فَلَمْ تَسْقُطْ بِالْمَوْتِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ وَفَسْخٌ) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الِانْفِسَاخَ (قَوْلُهُ: لَمْ تَجِبْ) كَأَنْ كَانَتْ نَاشِزَةً (قَوْلُهُ: وَيَقُومُ وَارِثُهُ) وَهَلْ طَلَبُ ذَلِكَ مِنْهُمَا مُبَاحٌ أَوْ مَسْنُونٌ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: سَكَنَتْ حَيْثُ شَاءَتْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُتَحَرَّى الْأَقْرَبَ مِنْ الْمَسْكَنِ الَّذِي فُورِقَتْ فِيهِ مَا أَمْكَنَ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تُسَكَّنُ) وَلَوْ مَضَتْ الْعِدَّةُ أَوْ بَعْضُهَا وَلَمْ تُطَالِبْ بِالسُّكْنَى لَمْ تَصِرْ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ، بِخِلَافِ النَّفَقَةِ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ اهـ حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ: قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَكَذَا فِي صُلْبِ النِّكَاحِ اهـ أَيْ وَمِثْلُ الْمُعْتَدَّةِ لِوَفَاةٍ إذَا مَضَتْ الْعِدَّةُ أَوْ بَعْضُهَا وَلَمْ تُطَالِبْ بِالسُّكْنَى فِي أَنَّهَا لَا تَصِيرُ دَيْنًا لِلْمَنْكُوحَةِ إذَا فَاتَ السُّكْنَى فِي حَالَةِ النِّكَاحِ وَلَمْ تُطَالِبْ بِهَا (قَوْلُهُ: كَانَتْ فِيهِ عِنْدَ الْفُرْقَةِ) أَيْ وَتُقَدَّمُ سُكْنَاهَا عَلَى مُؤْنَةِ التَّجْهِيزِ لِأَنَّهُ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ الدُّيُونِ الْمُرْسَلَةِ فِي الذِّمَّةِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ هَذَا إذَا كَانَ مِلْكَهُ أَوْ يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهُ مُدَّةَ عِدَّتِهَا بِإِجَارَةٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ إذَا خَلَّفَهَا فِي بَيْتٍ مُعَارٍ أَوْ مُؤَجَّرٍ وَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ أَنَّهَا تَقَدُّمُ بِأُجْرَةِ الْمَسْكَنِ عَلَى مُؤَنٍ التَّجْهِيزِ أَيْضًا، وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّهَا تُقَدَّمُ بِأُجْرَةٍ يَوْمَ الْمَوْتِ فَقَطْ لِأَنَّ مَا بَعْدَهُ لَا يَجِبُ إلَّا بِدُخُولِهِ فَلَمْ يُزَاحِمْ مُؤَنَ التَّجْهِيزِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ فِي النِّهَايَةِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَيَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ) هُوَ فِي مَسْأَلَةِ مُعْتَدَّةِ الْوَفَاةِ إذَا لَمْ تَكُنْ تَرِكَةً كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ كَالرَّوْضَةِ هُوَ، وَإِنْ صَحَّ تَنْزِيلُهُ عَلَى مَسْأَلَةِ طَلَبِ الزَّوْجِ الْإِسْكَانَ الْمَذْكُورَةَ قُبَيْلَ هَذَا إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي فِيهَا كَلَامُ الرُّويَانِيِّ كَالْمَاوَرْدِيِّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ إنَّمَا تَوَجَّهَ عَنْ الْمَيِّتِ) هَذَا لَا يَصِحُّ جَوَابًا عَنْ الِاسْتِشْكَالِ بِوَفَاءِ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَسْأَلَةِ وَفَاءِ الدَّيْنِ فِيمَا ذُكِرَ كَمَا لَا يَخْفَى، وَإِنَّمَا هُوَ جَوَابٌ عَنْ إشْكَالٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّهُ كَيْفَ يَلْزَمُهَا إجَابَةُ الْأَجْنَبِيِّ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْمِنَّةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: سَكَنَتْ حَيْثُ شَاءَتْ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَلْزَمُهَا مُلَازَمَةُ مَا سَكَنَتْ فِيهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ كَلَامَهُ)

وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّهُ أَوْلَى لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ، وَالْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ، وَالزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الصَّوَابُ، وَلِأَنَّهُ يُمْتَنَعُ عَلَى الْمُطَلِّقِ الْخَلْوَةُ بِهَا فَضْلًا عَنْ الِاسْتِمْتَاعِ فَلَيْسَتْ كَالزَّوْجَةِ، لَكِنْ فِي حَاوِي الْمَاوَرْدِيِّ وَالْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ كُتُبِ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّ لَهُ أَنْ يُسْكِنَهَا حَيْثُ شَاءَ، وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي نُكَتِهِ (قُلْت: وَلَهَا الْخُرُوجُ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ) وَشُبْهَةٍ وَنِكَاحٍ فَاسِدٍ (وَكَذَا بَائِنٌ) وَمَفْسُوخٌ نِكَاحُهَا، وَضَابِطُهُ كُلُّ مُعْتَدَّةٍ لَمْ تَجِبْ نَفَقَتُهَا وَفَقَدَتْ مَنْ يَتَعَاطَى حَاجَتَهَا لَهَا الْخُرُوجُ (فِي النَّهَارِ لِشِرَاءِ طَعَامٍ وَ) بَيْعٍ أَوْ شِرَاءِ (غَزْلٍ وَنَحْوِهِ) كَكَتَّانٍ وَقُطْنٍ لِحَاجَتِهَا لِذَلِكَ لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «طَلُقَتْ خَالَتِي سَلْمَى فَأَرَادَتْ أَنْ تَجُذَّ نَخْلَهَا فَزَجَرَهَا رَجُلٌ أَنْ تَخْرُجَ، فَأَتَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: جُذِّي عَسَى أَنْ تَصَدَّقِي أَوْ تَفْعَلِي مَعْرُوفًا» قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَنَخْلُ الْأَنْصَارِ قَرِيبٌ مِنْ مَنَازِلِهِمْ وَالْجُذَاذُ لَا يَكُونُ إلَّا نَهَارًا، وَرُدَّ ذَلِكَ فِي الْبَائِنِ، وَيُقَاسُ بِهَا الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَالْوَاوُ فِي كَلَامِهِ بِمَعْنَى أَوْ (وَكَذَا) لَهَا الْخُرُوجُ (لَيْلًا إلَى دَارِ جَارَةٍ لِغَزْلٍ وَحَدِيثِ وَنَحْوِهِمَا) لِلتَّأَنُّسِ (بِشَرْطِ أَنْ تَرْجِعَ وَتَبِيتَ فِي بَيْتِهَا) لِمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى «أَنَّ رِجَالًا اُسْتُشْهِدُوا بِأُحُدٍ، فَقَالَتْ نِسَاؤُهُمْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا نَسْتَوْحِشُ فِي بُيُوتِنَا فَنَبِيتُ عِنْدَ إحْدَانَا، فَأَذِنَ لَهُنَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَتَحَدَّثْنَ عِنْدَ إحْدَاهُنَّ، فَإِذَا كَانَ وَقْتُ النَّوْمِ تَأْوِي كُلُّ وَاحِدَةٍ إلَى بَيْتِهَا» أَمَّا الرَّجْعِيَّةُ فَلَا تَخْرُجُ لِمَا ذُكِرَ إلَّا بِإِذْنِهِ لِأَنَّهَا مَكْفِيَّةٌ بِالنَّفَقَةِ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا لِوُجُوبِ نَفَقَتِهَا فَلَا تَخْرُجُ إلَّا لِضَرُورَةٍ أَوْ بِإِذْنِهِ، وَكَذَا لِبَقِيَّةِ حَوَائِجِهَا كَشِرَاءِ قُطْنٍ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ، وَلَوْ كَانَ لِلْبَائِنِ مَنْ يَقْضِي حَوَائِجَهَا لَمْ تَخْرُجْ إلَّا لِضَرُورَةٍ، وَيَجُوزُ الْخُرُوجُ لَيْلًا لِمَنْ احْتَاجَتْ إلَيْهِ وَلَمْ يُمْكِنْهَا نَهَارًا، وَالْأَشْبَهُ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ شُهْبَةَ فِي الرُّجُوعِ إلَى مَحَلِّهَا الْعَادَةُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ شَرْطَ الْخُرُوجِ مُطْلَقًا أَمْنُهَا، وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَارِ هُنَا الْمُلَاصِقُ أَوْ مُلَاصِقُهُ وَنَحْوُهُ لَا مَا مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ (وَتَنْتَقِلُ مِنْ الْمَسْكَنِ لِخَوْفٍ مِنْ هَدْمٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSمُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي حَاوِي الْمَاوَرْدِيِّ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: قَالَ طَلُقَتْ خَالَتِي) أَيْ ثَلَاثًا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ قَوْلِ حَجّ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَذِنَ لِمُطَلَّقَةٍ ثَلَاثًا أَنْ تَخْرُجَ لِجَذَاذِ نَخْلِهَا» وَيُوَافِقُهُ ظَاهِرُ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي وَرَدَ ذَلِكَ فِي الْبَائِنِ (قَوْلُهُ: أَنْ تُجَذَّ) بَابُهُ رَدَّ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: لِغَزْلٍ وَحَدِيثٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ عِنْدَهَا مَنْ يُحَدِّثُهَا وَتَأْنِسُ بِهِ، لَكِنْ قَالَ حَجّ: بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ عِنْدَهَا مَنْ يُحَدِّثُهَا وَيُؤْنِسُهَا عَلَى الْأَوْجَهِ (قَوْلُهُ: وَتَبِيتُ فِي بَيْتِهَا) أَيْ وَإِنْ كَانَ لَهَا صِنَاعَةٌ تَقْتَضِي خُرُوجَهَا بِاللَّيْلِ كَالْمُسَمَّاةِ بَيْنَ الْعَامَّةِ بِالْعَالِمَةِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ تَحْتَجْ إلَى الْخُرُوجِ فِي تَحْصِيلِ نَفَقَتِهَا وَإِلَّا جَازَ لَهَا الْخُرُوجُ (قَوْلُهُ: فَنَبِيتُ) أَيْ أَفَنَبِيتُ (قَوْلُهُ: تَأْوِي) أَيْ تَرْجِعُ (قَوْلُهُ: فَلَا تَخْرُجُ لِمَا ذُكِرَ إلَّا بِإِذْنِهِ) هُوَ ظَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْحَاوِي أَنَّهُ يُسْكِنُهَا حَيْثُ شَاءَتْ، أَمَّا عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُسْكِنُهَا فِي غَيْرِ الْمَسْكَنِ الَّذِي فُورِقَتْ فِيهِ فَيُشْكِلُ لِأَنَّ مُلَازَمَةَ الْمَسْكَنِ حَقُّ اللَّهِ فَلَا يَسْقُطُ بِإِذْنِهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: تَسَامَحُوا فِيهِ لِعَدَمِ الْمُفَارَقَةِ لِلْمَسْكَنِ بِالْمَرَّةِ فَتُعَدُّ مُلَازِمَةً لَهُ عُرْفًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مَكْفِيَّةٌ) قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّهَا لَوْ احْتَاجَتْ لِلْخُرُوجِ لِغَيْرِ النَّفَقَةِ كَشِرَاءِ قُطْنٍ وَبَيْعِ غَزْلٍ وَتَأَنُّسِهَا بِجَارَتِهَا لَيْلًا جَازَ لَهَا الْخُرُوجُ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: الْعَادَةُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQيَعْنِي: فِي مَسْأَلَةِ الْإِخْرَاجِ فَقَطْ كَمَا هُوَ صَرِيحُ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ أَوْلَى لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ) فِيهِ مُسَامَحَةٌ، إذْ الْمَفْهُومُ مِنْ إطْلَاقِ الْآيَةِ إنَّمَا هُوَ أَصْلُ الْمُسَاوَاةِ فِي الْحُكْمِ لَا الْأَوْلَوِيَّةِ (قَوْلُهُ: لِحَاجَتِهَا لِذَلِكَ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ قَيْدٌ فِي الْمَتْنِ فَاللَّامُ بِمَعْنَى عِنْدَ وَلَيْسَ عِلَّةً بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمْ يُعْطَفْ عَلَيْهِ الْخَبَرُ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: فَلَا تُخَرَّجُ إلَّا بِإِذْنِهِ) أَيْ أَوْ لِضَرُورَةٍ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا) أَيْ وَهِيَ بَائِنٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لِبَقِيَّةِ حَوَائِجِهَا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِتَحْصِيلِ النَّفَقَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَقْلًا عَنْ السُّبْكِيّ (قَوْلُهُ: لَمْ تُخَرَّجْ إلَّا لِضَرُورَةٍ) أَيْ أَوْ بِإِذْنِهِ كَمَا مَرَّ

أَوْ غَرَقٍ) عَلَى نَفْسِهَا، أَوْ مَالِهَا وَإِنْ قَلَّ أَوْ اخْتِصَاصِهَا فِيمَا يَظْهَرُ (أَوْ عَلَى نَفْسِهَا) مِنْ فُسَّاقٍ لِجِوَارِهَا، فَقَدْ أَرْخَصَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فِي الِانْتِقَالِ حَيْثُ كَانَتْ فِي مَكَان مُخِيفٍ كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (أَوْ تَأَذَّتْ بِالْجِيرَانِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ (أَوْ) تَأَذَّوْا (هُمْ بِهَا أَذًى شَدِيدًا) لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ، وَقَدْ فَسَّرَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ قَوْله تَعَالَى {إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: 1] بِالْبَذَاءَةِ عَلَى الْأَحْمَاءِ أَوْ غَيْرِهِمْ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ كَانَتْ تَبْذُو عَلَى أَحْمَائِهَا فَنَقَلَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى بَيْتِ أُمِّ مَكْتُومٍ» . وَمَا فِي الرَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ سَبْقُ قَلَمٍ، وَحَيْثُ نُقِلَتْ سَكَنَتْ فِي أَقْرَبِ الْأَمَاكِنِ إلَى الْأَوَّلِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْجُمْهُورِ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ أَنَّ الزَّوْجَ يُحْصِنُهَا حَيْثُ رَضِيَ لَا حَيْثُ شَاءَتْ، وَأَفْهَمَ تَقْيِيدُ الْأَذَى بِالشَّدِيدِ عَدَمَ اعْتِبَارِ الْقَلِيلِ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ لَا يَخْلُو مِنْهُ أَحَدٌ، وَمِنْ الْجِيرَانِ الْأَحْمَاءُ وَهُمْ أَقَارِبُ الزَّوْجِ. نَعَمْ إنْ اشْتَدَّ أَذَاهَا بِهِمْ أَوْ عَكْسُهُ وَكَانَتْ الدَّارُ ضَيِّقَةً نَقَلَهُمْ الزَّوْجُ عَنْهَا كَمَا لَوْ كَانَ الْمَسْكَنُ لَهَا، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ بِدَارِ أَبَوَيْهَا وَبَذَتْ عَلَيْهِمْ نُقِلُوا دُونَهَا لِأَنَّهَا أَحَقُّ بِدَارِ أَبَوَيْهَا كَمَا قَالَاهُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْأَوْلَى نَقْلُهُمْ دُونَهَا، وَخَرَجَ بِالْجِيرَانِ مَا لَوْ طَلُقَتْ بِبَيْتِ أَبَوَيْهَا وَتَأَذَّتْ بِهِمْ أَوْ هُمْ بِهَا فَلَا نَقْلَ إذْ الْوَحْشَةُ لَا تَطُولُ بَيْنَهُمْ، وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا إذَا كَانَ تَأَذِّيهمْ مِنْ أَمْرٍ لَمْ تَتَعَدَّ هِيَ بِهِ وَإِلَّا أُجْبِرَتْ هِيَ عَلَى تَرْكِهِ وَلَمْ يَحِلَّ لَهَا الِانْتِقَالُ حِينَئِذٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا يَخْتَصُّ الْخُرُوجُ بِمَا ذُكِرَ بَلْ لَوْ لَزِمَهَا حَدٌّ أَوْ يَمِينٌ فِي دَعْوَى خَرَجَتْ لَهُ إنْ كَانَتْ بَرْزَةً، فَإِنْ كَانَتْ مُخَدَّرَةً حُدَّتْ وَحَلَفَتْ فِي مَسْكَنِهَا بِأَنْ يَحْضُرَ الْحَاكِمُ لَهَا أَوْ يَبْعَثَ نَائِبَهُ إلَيْهَا أَوْ لَزِمَهَا الْعِدَّةُ بِدَارِ الْحَرْبِ هَاجَرَتْ مِنْهَا لِدَارِ الْإِسْلَامِ مَا لَمْ تَأْمَنْ عَلَى نَفْسِهَا أَوْ غَيْرِهَا مِمَّا مَرَّ فَلَا تُهَاجِرُ حَتَّى تَعْتَدَّ، أَوْ زَنَتْ الْمُعْتَدَّةُ وَهِيَ بِكْرٌ غُرِّبَتْ وَلَا يُؤَخَّرُ تَغْرِيبُهَا إلَى انْقِضَائِهَا، وَلَا تُعَذَّرُ فِي الْخُرُوجِ لِتِجَارَةٍ وَزِيَارَةٍ وَتَعْجِيلِ حَجَّةِ إسْلَامٍ وَنَحْوِهَا مِنْ الْأَغْرَاضِ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَنْبَغِي الْغَالِبَةُ، حَتَّى لَوْ اُعْتِيدَ الْحَدِيثُ جَمِيعَ اللَّيْلِ فَيَنْبَغِي الِامْتِنَاعُ لِأَنَّهُ نَادِرٌ فِي الْعَادَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ مَالِهَا) وَمِثْلُ مَالِهَا مَالُ غَيْرِهَا اهـ حَجّ. وَيُمْكِنُ دُخُولُهُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ مَالِهَا بِجَعْلِ الْإِضَافَةِ لِمُجَرَّدِ أَنَّ لَهَا يَدًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ اخْتِصَاصِهَا) كَذَلِكَ اهـ حَجّ. قَالَ سم عَلَيْهِ: قَوْلُهُ كَذَلِكَ إطْلَاقُ الْقِلَّةِ هُنَا فِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَا وَجْهَ لِجَوَازِ الْخُرُوجِ لِلْخَوْفِ عَلَى كَفٍّ مِنْ سِرْجِينٍ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَرْجِعَ قَوْلُهُ كَذَلِكَ لِقَوْلِهِ أَيْضًا وَإِنْ قَلَّ فَتَأَمَّلْ اهـ. وَلَعَلَّ هَذَا حِكْمَةُ إسْقَاطِ الشَّارِحِ لِهَذَا التَّشْبِيهِ (قَوْلُهُ: إلَى بَيْتِ أُمِّ مَكْتُومٍ) عِبَارَةُ حَجّ: ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ. ثُمَّ رَأَيْته فِي بَعْضِ النُّسَخِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَبَذَتْ عَلَيْهِمْ) أَيْ الْأَحْمَاءِ، وَقَوْلُهُ نُقِلُوا دُونَهَا أَيْ الْأَحْمَاءِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فَلَا نَقْلَ) أَيْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ بَرْزَةً) أَيْ كَثِيرَةَ الْخُرُوجِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَحْضُرَ الْحَاكِمُ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: هَاجَرَتْ مِنْهَا لِدَارِ الْإِسْلَامِ) قِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَعَذَّرَ سُكْنَاهَا فِي مَحَلِّ الطَّلَاقِ وَجَبَتْ فِي أَقْرَبِ مَحَلٍّ إلَيْهِ أَنْ تَسْكُنَ هُنَا فِي أَقْرَبِ مَحَلٍّ يَلِي بِلَادَ الْحَرْبِ مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ حَيْثُ أَمِنَتْ فِيهِ، بَلْ يَنْبَغِي أَنَّهَا لَوْ أَمِنَتْ فِي مَحَلٍّ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ غَيْرَ مَحَلِّ الطَّلَاقِ وَجَبَ اعْتِدَادُهَا فِيهِ (قَوْلُهُ وَتَعْجِيلُ حَجَّةِ إسْلَامٍ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ نَذَرَتْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: يُحْصِنُهَا حَيْثُ رَضِيَ) لَعَلَّهُ مَعَ اعْتِبَارِ الْقُرْبِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَكَانَتْ الدَّارُ ضَيِّقَةً) اُنْظُرْ مَا حُكْمُ مَفْهُومِهِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ وَاسِعَةً، فَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ أَنَّهَا تَنْتَقِلُ هِيَ فَلَا يَظْهَرُ لَهُ مَعْنَى، وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ أَنَّهَا لَا تَنْتَقِلُ هِيَ وَلَا هُمْ فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَمِنْ الْجِيرَانِ الْأَحِمَّاءِ (قَوْلُهُ: وَبَذَّتْ عَلَيْهِمْ) أَيْ الْأَحِمَّاءِ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْأَوْلَى نَقْلُهُمْ دُونَهَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ عَقِبَ هَذَا: وَإِلَّا فَإِذَا لَمْ تَكُنْ السُّكْنَى مُسْتَحَقَّةً لَهَا فَالْخِيَرَةُ فِي النَّقْلِ إلَى الْأَبَوَيْنِ أَوْ الْمَالِكِ مِنْهُمَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إلَخْ.) قَدْ يُقَالُ: يُنَافِي هَذَا الْحَمْلَ مَا فُسِّرَتْ بِهِ الْآيَةُ السَّابِقَةُ مِمَّا مَرَّ وَكَذَا مَا مَرَّ فِي الْخَبَرِ

الْمُعَدَّةِ مِنْ الزِّيَادَاتِ دُونَ الْمُهِمَّاتِ (وَلَوْ) (انْتَقَلَتْ إلَى مَسْكَنٍ) فِي الْبَلَدِ (بِإِذْنِ الزَّوْجِ فَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ) فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ بِطَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ أَوْ مَوْتٍ (قَبْلَ وُصُولِهَا إلَيْهِ) أَيْ الْمَسْكَنِ (اعْتَدَّتْ فِيهِ) لَا فِي الْأَوَّلِ (عَلَى النَّصِّ) فِي الْأُمِّ لِأَنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِالْمَقَامِ فِيهِ مَمْنُوعَةٌ مِنْ الْأَوَّلِ، وَقِيلَ تَعْتَدُّ فِي الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ لَمْ تَحْصُلْ فِي الثَّانِي، وَقِيلَ تَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا، أَمَّا إذَا وَجَبَتْ الْعِدَّةُ بَعْدَ وُصُولِهَا فَتَعْتَدُّ فِيهِ جَزْمًا وَالْعِبْرَةُ فِي النَّقْلَةِ بِبَدَنِهَا وَإِنْ لَمْ تَنْقُلْ الْأَمْتِعَةَ وَالْخَدَمَ وَغَيْرَهُمَا مِنْ الْأَوَّلِ حَتَّى لَوْ عَادَتْ لِنَقْلِ مَتَاعِهَا أَوْ خَدَمِهَا فَطَلَّقَهَا فِيهِ اعْتَدَّتْ فِي الثَّانِي (أَوْ) انْتَقَلَتْ مِنْ الْأَوَّلِ (بِغَيْرِ إذْنٍ) مِنْ الزَّوْجِ فَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ وَلَوْ بَعْدَ وُصُولِهَا إلَى الثَّانِي وَلَمْ يَأْذَنْ لَهَا فِي الْمَقَامِ فِيهِ (فَفِي الْأَوَّلِ) يَلْزَمُهَا الِاعْتِدَادُ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ الْعِدَّةُ إلَّا بَعْدَ وُصُولِهَا لِلثَّانِي لِعِصْيَانِهَا بِذَلِكَ، نَعَمْ إنْ أَذِنَ لَهَا بَعْدَ الْوُصُولِ إلَيْهِ فِي الْمَقَامِ فِيهِ كَانَ كَالنَّقْلَةِ بِإِذْنِهِ (وَكَذَا) تَعْتَدُّ أَيْضًا فِي الْأَوَّلِ (لَوْ أَذِنَ) لَهَا فِي الِانْتِقَالِ مِنْهُ (ثُمَّ وَجَبَتْ) عَلَيْهَا (قَبْلَ الْخُرُوجِ) مِنْهُ وَإِنْ بَعَثَتْ أَمْتِعَتَهَا وَخَدَمَهَا إلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ الْمَنْزِلُ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ الْعِدَّةُ (وَلَوْ أَذِنَ) لَهَا (فِي الِانْتِقَالِ إلَى بَلَدٍ فَكَمَسْكَنٍ) فِيمَا ذُكِرَ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ مُرَتَّبٌ عَلَى مُجَرَّدِ الْخُرُوجِ مِنْ الْبَلَدِ وَالْمُتَّجَهُ اعْتِبَارُ مَوْضِعِ التَّرَخُّصِ (أَوْ) أَذِنَ لَهَا فِي (سَفَرِ حَجٍّ) أَوْ عِمَارَةٍ (أَوْ تِجَارَةٍ) أَوْ اسْتِحْلَالِ مَظْلِمَةٍ أَوْ نَحْوِهَا (ثُمَّ وَجَبَتْ) عَلَيْهَا الْعِدَّةُ (فِي) أَثْنَاءِ (الطَّرِيقِ) (فَلَهَا الرُّجُوعُ) إلَى الْأَوَّلِ (وَالْمُضِيُّ) فِي السَّفَرِ لِأَنَّ فِي قَطْعِهَا عَنْ السَّفَرِ مَشَقَّةً لَا سِيَّمَا إذَا بَعُدَتْ عَنْ الْبَلَدِ وَخَافَتْ الِانْقِطَاعَ عَنْ الرُّفْقَةِ، وَالْأَفْضَلُ لَهَا الرُّجُوعُ لِتَعْتَدَّ فِي مَنْزِلِهَا كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَأَقَرَّاهُ وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ فِي سَيْرِهَا، وَخَرَجَ بِالطَّرِيقِ مَا لَوْ وَجَبَتْ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَنْزِلِ فَلَا تَخْرُجُ قَطْعًا، وَمَا لَوْ وَجَبَتْ فِيهِ وَلَمْ تُفَارِقْ عُمْرَانَ الْبَلَدِ فَيَجِبُ الْعَوْدُ فِي الْأَصَحِّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ إذْ لَمْ تُشْرِعْ فِي السَّفَرِ (فَإِنْ مَضَتْ) لِمَقْصِدِهَا وَبَلَغَتْهُ (أَقَامَتْ) فِيهِ (لِقَضَاءِ حَاجَتِهَا) مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَمَلًا بِحَسَبِ الْحَاجَةِ وَإِنْ زَادَتْ إقَامَتُهَا عَلَى مُدَّةِ الْمُسَافِرِينَ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ، وَأَفْهَمَ أَنَّهَا لَوْ انْقَضَتْ قَبْلَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ امْتَنَعَ عَلَيْهَا اسْتِكْمَالُهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ وَبِهِ قُطِعَ فِي الْمُحَرَّرِ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الشَّرْحَيْنِ خِلَافَهُ (ثُمَّ) بَعْدَ قَضَاءِ حَاجَتِهَا (يَجِبُ الرُّجُوعُ) حَالًا (لِتَعْتَدَّ الْبَقِيَّةَ) مِنْهَا (فِي الْمَسْكَنِ) الَّذِي فَارَقَتْهُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي ذَلِكَ. فَإِنْ لَمْ تَمْضِ اعْتَدَّتْ الْبَقِيَّةَ فِي مَسْكَنِهَا، وَسَوَاءٌ فِي وُجُوبِ رُجُوعِهَا أَدْرَكَتْ شَيْئًا مِنْهَا فِيهِ أَمْ كَانَتْ تَنْقَضِي فِي الرُّجُوعِ كَمَا فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ لِعَدَمِ إذْنِهِ فِي إقَامَتِهَا وَعَوْدُهَا مَأْذُونٌ فِيهِ مِنْ جِهَتِهِ، أَمَّا سَفَرُهَا لِنُزْهَةٍ أَوْ زِيَارَةٍ، أَوْ سَافَرَ بِهَا الزَّوْجُ لِحَاجَتِهِ فَلَا تَزِيدُ عَلَى مُدَّةِ إقَامَةِ الْمُسَافِرِينَ ثُمَّ تَعُودُ، فَإِنْ قَدَّرَ لَهَا مُدَّةً فِي نَقْلِهِ أَوْ سَفَرِ حَاجَةٍ أَوْ فِي غَيْرِهِ كَاعْتِكَافٍ اسْتَوْفَتْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي وَقْتِ مُعَيَّنٍ أَوْ أَخْبَرَهَا طَبِيبٌ عَدْلٌ بِأَنَّهَا إنْ أَخَّرَتْ عَضَبَتْ فَتَخْرُجُ لِذَلِكَ حِينَئِذٍ، بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ خُرُوجِهَا لِلْحَاجَةِ الْمَارَّةِ، لَكِنْ فِي سم عَلَى حَجّ: تَنْبِيهٌ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلْيَنْظُرْ فِيمَا لَوْ قَالَ أَهْلُ الطِّبِّ إنَّهَا إنْ لَمْ تَحُجَّ فِي هَذَا الْوَقْتِ عَضَبَتْ هَلْ تُقَدِّمُ الْحَجَّ تَقْدِيمًا لِحَقِّ الرَّبِّ الْمَحْضِ وَفِيمَا لَوْ كَانَتْ نَذَرَتْ قَبْلَ التَّزَوُّجِ أَوْ بَعْدَهُ أَنْ تَحُجَّ عَامَ كَذَا فَحَصَلَ الْفَوْتُ فِيهِ بِطَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ (قَوْلُهُ: وَجَبَتْ الْعِدَّةُ بَعْدَ وُصُولِهَا) أَيْ إلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ: مَظْلِمَةٍ) بِكَسْرِ اللَّامِ اسْمٌ لِلظُّلْمِ، أَمَّا بِالْفَتْحِ فَاسْمٌ لِمَا ظُلِمَ بِهِ اهـ مُخْتَارٌ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ وَجَبَتْ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ وَالْمُتَّجَهُ اعْتِبَارُ مَوْضِعِ التَّرَخُّصِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الشَّرْحَيْنِ خِلَافَهُ) أَيْ وَهُوَ أَنَّهَا تُكْمِلُهَا (قَوْلُهُ: وَعَوْدُهَا) أَيْ بَلْ وَفِيهِ قُرْبٌ مِنْ الْمَحَلِّ الَّذِي كَانَ حَقُّهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِيهِ (قَوْلُهُ فَلَا تَزِيدُ عَلَى مُدَّةِ إقَامَةِ الْمُسَافِرِينَ) وَهِيَ أَرْبَعَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ لَهَا الرُّجُوعُ) هَذَا شَامِلٌ كَمَا تَرَى لِمَا إذَا كَانَ السَّفَرُ لِاسْتِحْلَالٍ أَوْ لِحَجٍّ وَلَوْ مَضِيقًا وَفِي جَوَازِ الرُّجُوعِ حِينَئِذٍ فَضْلًا عَنْ أَفْضَلِيَّتِهِ مَعَ عَدَمِ الْمَانِعِ مِنْ الْمُضِيِّ نَظَرٌ لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ وَجَبَتْ فِيهِ إلَخْ.) كَانَ الْمُرَادُ

وَعَادَتْ لِتَمَامِ الْعِدَّةِ وَإِنْ انْقَضَتْ فِي الطَّرِيقِ كَمَا مَرَّ وَتَعْصِي بِالتَّأْخِيرِ بِغَيْرِ عُذْرٍ كَخَوْفٍ فِي الطَّرِيقِ وَعَدَمِ رُفْقَةٍ، وَلَوْ جَهِلَ أَمْرَ سَفَرِهَا بِأَنْ أَذِنَ لَهَا وَلَمْ يَذْكُرْ حَاجَةً وَلَا نُزْهَةً وَلَا إقَامَةً وَلَا رُجُوعًا حُمِلَ عَلَى سَفَرِ النُّقْلَةِ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَوْ أَحْرَمَتْ بِحَجٍّ أَوْ قِرَانٍ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ وَخَافَتْ فَوْتَهُ لِضِيقِ الْوَقْتِ خَرَجَتْ وُجُوبًا وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ لِتَقَدُّمِ الْإِحْرَامِ، وَإِنْ أَمِنَتْ الْفَوَاتَ لَسَعَةِ الْوَقْتِ جَازَ لَهَا الْخُرُوجُ لِذَلِكَ لِمَا فِي تَعْيِينِ التَّأْخِيرِ مِنْ مُصَابَرَةِ الْإِحْرَامِ، وَإِنْ أَذِنَ لَهَا فِيهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا قَبْلَهُ وَقَبْلَ خُرُوجِهَا مِنْ الْبَلَدِ بَطَلَ الْإِذْنُ فَلَا تُسَافِرُ، فَإِنْ أَحْرَمَتْ لَمْ تَخْرُجْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَإِنْ فَاتَ الْحَجُّ، فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَتَمَّتْ نُسُكَهَا إنْ بَقِيَ وَقْتُهُ وَإِلَّا تَحَلَّلَتْ بِأَعْمَالِ عُمْرَةٍ وَلَزِمَهَا الْقَضَاءُ وَدَمُ الْفَوَاتِ (وَلَوْ) (خَرَجَتْ إلَى غَيْرِ الدَّارِ الْمَأْلُوفَةِ) لَهَا لِلسُّكْنَى فِيهَا (فَطَلَّقَ وَقَالَ مَا أَذِنْت لَك) فِي الْخُرُوجِ وَادَّعَتْ هِيَ بِإِذْنِهِ فِيهِ (صُدِّقَ) هُوَ وَكَذَا وَارِثُهُ (بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ فَيَجِبُ عَلَيْهَا الرُّجُوعُ حَالًا إلَى الْمَأْلُوفَةِ، فَإِنْ وَافَقَهَا عَلَى الْإِذْنِ فِي الْخُرُوجِ لَمْ يَجِبْ الرُّجُوعُ حَالًا، وَاخْتِلَافُهُمَا فِي إذْنِهِ فِي الْخُرُوجِ لِغَيْرِ الْبَلَدِ الْمَأْلُوفَةِ كَالدَّارِ (وَلَوْ قَالَتْ نَقَلْتَنِي) أَيْ أَذِنْت لِي فِي النَّقْلَةِ إلَى مَحَلِّ كَذَا فَالْعِدَّةُ فِيهِ (فَقَالَ) لَهَا (بَلْ أَذِنْت) لَك فِي الْخُرُوجِ إلَيْهِ (لِحَاجَةِ) عَيْنِهَا فَتَلْزَمُك الْعِدَّةُ فِي الْأَوَّلِ (صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِقَصْدِهِ وَإِرَادَتِهِ وَلِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي أَصْلِ الْإِذْنِ، فَكَذَا فِي صِفَتِهِ وَمُقَابِلُهُ تَصْدِيقُهَا بِيَمِينِهَا لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهَا بِكَوْنِهَا فِي الثَّانِي وَلِأَنَّهَا تَدَّعِي سَفَرًا وَاحِدًا وَهُوَ يَدَّعِي سَفَرَيْنِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الثَّانِي، وَهُمَا قَوْلَانِ مَحْكِيَّانِ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَتْ هِيَ وَوَارِثُ الزَّوْجِ فِي كَيْفِيَّةِ الْإِذْنِ، وَالْمَذْهَبُ تَصْدِيقُهَا بِيَمِينِهَا لِأَنَّ كَوْنَهَا فِي الْمَنْزِلِ الثَّانِي يَشْهَدُ بِصِدْقِهَا وَرُجِّحَ جَانِبُهَا عَلَى جَانِبِ الْوَارِثِ دُونَ الزَّوْجِ لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِهِمَا وَالْوَارِثُ أَجْنَبِيٌّ عَنْهَا وَلِأَنَّهَا أَعْرَفُ بِمَا جَرَى مِنْ الْوَارِثِ (وَمَنْزِلُ بَدَوِيَّةٍ) بِفَتْحِ الدَّالِ نِسْبَةً لِسُكَّانِ الْبَادِيَةِ وَهُوَ مِنْ شَاذِّ النَّسَبِ كَمَا قَالَهُ سِيبَوَيْهِ (وَبَيْتُهَا مِنْ) نَحْوِ (شَعْرٍ) كَصُوفٍ (كَمَنْزِلِ حَضَرِيَّةٍ) فِي لُزُومِ مُلَازَمَتِهِ فِي الْعِدَّةِ، وَلَوْ ارْتَحَلَ فِي أَثْنَائِهَا كُلُّ الْحَيِّ ارْتَحَلَتْ مَعَهُمْ لِلضَّرُورَةِ أَوْ بَعْضُهُمْ وَفِي الْمُقِيمِينَ قُوَّةٌ وَمَنْعَةٌ امْتَنَعَ ارْتِحَالُهَا وَإِنْ ارْتَحَلَ أَهْلُهَا وَفِي الْبَاقِينَ قُوَّةٌ وَمَنَعَةٌ خُيِّرَتْ بَيْنَ الْإِقَامَةِ وَالِارْتِحَالِ لِأَنَّ مُفَارَقَةَ الْأَهْلِ عُسْرَةٌ مُوحِشَةٌ، وَهَذَا مِمَّا تُخَالِفُ فِيهِ الْبَدْوِيَّةُ الْحَضَرِيَّةَ فَإِنَّ أَهْلَهَا لَوْ ارْتَحَلُوا لَمْ تَرْتَحِلْ مَعَهُمْ مَعَ أَنَّ التَّعْلِيلَ يَقْتَضِي عَدَمَ الْفَرْقِ، وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ: مَحَلُّ التَّخْيِيرِ فِي الْمُتَوَفَّى ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيَّامٍ غَيْرَ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ (قَوْلُهُ حُمِلَ عَلَى سَفَرِ النُّقْلَةِ) أَيْ فَتَعْتَدُّ فِيمَا سَافَرَتْ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَذِنَ لَهَا فِيهِ) أَيْ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ: فَلَا تُسَافِرُ) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهَا ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ الرُّجُوعُ حَالًا) أَيْ بَلْ تُقِيمُ لِتَمَامِ قَضَاءِ مَا خَرَجَتْ إلَيْهِ إنْ خَرَجَتْ لِحَاجَةٍ، ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ عَبْدِ الْحَقِّ صَرَّحَ بِذَلِكَ، وَبَقِيَ مَا لَوْ خَرَجَتْ لَا لِحَاجَةٍ كَالْخُرُوجِ لِلنُّزْهَةِ هَلْ يَجِبُ الْعَوْدُ حَالًا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَا سَفَرٌ لَهُ مُدَّةٌ تُعْتَبَرُ (قَوْلُهُ: كَالدَّارِ) أَيْ فَيُصَدَّقُ هُوَ أَوْ وَارِثُهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَدَّعِي سَفَرَيْنِ) أَيْ ذَهَابَهَا وَعَوْدَهَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ مِنْ شَاذِّ النَّسَبِ) أَيْ إذْ الْقِيَاسُ بَادِيَةٌ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ (قَوْلُهُ: وَمَنَعَةٌ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى " قُوَّةٌ وَمَنَعَةٌ " بِفَتْحَتَيْنِ وَقَدْ تُسْكَنُ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ أَهْلَهَا) أَيْ الْحَضَرِيَّةِ وَقَوْلُهُ لَوْ ارْتَحَلُوا لَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ لَوْ ارْتَحَلُوا أَنَّهُ ارْتَحَلَ بَعْضُهُمْ وَفِي الْبَاقِينَ قُوَّةٌ، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي جَوَازُ الِارْتِحَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهَا إذَا وَجَبَتْ فِي الطَّرِيقِ وَلَمْ تُفَارِقْ الْعُمْرَانَ تَعْتَدُّ فِي الْمَنْزِلِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لِمَا فِي تَعْيِينِ التَّأْخِيرِ مِنْ مَشَقَّةِ مُصَابَرَةِ الْإِحْرَامِ) هَذَا لَا يَظْهَرُ فِي الْحَجِّ وَالْقِرَانِ اللَّذَيْنِ الْكَلَامُ فِيهِمَا كَمَا لَا يَخْفَى، وَهُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِشَرْحِ الرَّوْضِ، لَكِنْ ذَاكَ جَعَلَ أَصْلَ الْمَسْأَلَةِ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ أَوْ غَيْرِهِ فَصَحَّ لَهُ ذَلِكَ، وَانْظُرْ لِمَ قَيَّدَ الشَّارِحُ بِالْحَجِّ أَوْ الْقِرَانِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَسْتَدْعِي سَفَرَيْنِ) يَعْنِي: الذَّهَابَ وَالْإِيَابَ (قَوْلُهُ: نِسْبَةً لِسُكَّانِ الْبَادِيَةِ) عِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ: نِسْبَةً لِسَاكِنِ الْبَادِيَةِ

عَنْهَا زَوْجُهَا وَالْبَائِنِ بِالطَّلَاقِ، أَمَّا الرَّجْعِيَّةُ فَلِمُطَلِّقِهَا طَلَبُ إقَامَتِهَا إذَا كَانَ فِي الْمُقِيمِينَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الْأُمِّ، وَفِيهِ تَوَقُّفٌ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الرَّجْعَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يُسْكِنَ الرَّجْعِيَّةَ حَيْثُ شَاءَ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا كَغَيْرِهَا كَمَا مَرَّ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا، وَلَهَا فِي حَالَةِ ارْتِحَالِهَا مَعَهُمْ الْإِقَامَةُ مُتَخَلِّفَةً دُونَهُمْ فِي نَحْوِ قَرْيَةٍ فِي الطَّرِيقِ لِتَعْتَدَّ فَإِنَّهُ أَلْيَقُ بِحَالِ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ سَيْرِهَا، وَإِنْ هَرَبَ أَهْلُهَا خَوْفًا مِنْ عَدُوٍّ وَأَمِنَتْ امْتَنَعَ عَلَيْهَا الْهَرَبُ لَعَوْدِهِمْ بَعْدَ أَمْنِهِمْ وَمُقْتَضَى إلْحَاقِ الْبَدْوِيَّةِ بِالْحَضَرِيَّةِ مَجِيءُ مَا مَرَّ فِيهَا مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهَا فِي الِانْتِقَالِ مِنْ بَيْتٍ فِي الْحِلَّةِ إلَى آخَرَ مِنْهَا فَخَرَجَتْ مِنْهُ وَلَمْ تَصِلْ إلَى الْآخَرِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا الْمُضِيُّ أَوْ الرُّجُوعُ، أَوْ أَذِنَ لَهَا فِي الِانْتِقَالِ مِنْ تِلْكَ الْحِلَّةِ إلَى حِلَّةٍ أُخْرَى فَوُجِدَ سَبَبُ الْعِدَّةِ مِنْ مَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ بَيْنَ الْحِلَّتَيْنِ أَوْ بَعْدَ خُرُوجِهَا مِنْ مَنْزِلِهِ وَقَبْلَ مُفَارَقَةِ حِلَّتِهَا فَهَلْ تَمْضِي أَوْ تَرْجِعُ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ فِي الْحَضَرِيَّةِ، وَسَكَتَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ، وَلَوْ طَلَّقَهَا مَلَّاحُ سَفِينَةٍ أَوْ مَاتَ وَكَانَ مَسْكَنُهَا السَّفِينَةَ اعْتَدَّتْ فِيهَا إنْ انْفَرَدَتْ عَنْ مُطَلِّقِهَا بِمَسْكَنٍ بِمَرَافِقِهِ فِيهَا لِاتِّسَاعِهَا مَعَ اشْتِمَالِهَا عَلَى بُيُوتٍ مُتَمَيِّزَةِ الْمَرَافِقِ لِأَنَّ ذَلِكَ كَبَيْتٍ مِنْ خَانٍ وَإِنْ لَمْ تَنْفَرِدْ بِذَلِكَ، فَإِنْ صَحِبَهَا مَحْرَمٌ لَهَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُومَ بِتَسْيِيرِ السَّفِينَةِ أَخْرَجَ الزَّوْجَ مِنْهَا وَاعْتَدَّتْ هِيَ فِيهَا. وَإِنْ لَمْ تَجِدْ مَحْرَمًا مُتَّصِفًا بِذَلِكَ خَرَجَتْ إلَى أَقْرَبِ الْقُرَى إلَى الشَّطِّ وَاعْتَدَّتْ فِيهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ خُرُوجُهَا تَسَتَّرَتْ وَتَنَحَّتْ عَنْهُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ (وَإِذَا) (كَانَ الْمَسْكَنُ) مِلْكًا (لَهُ وَيَلِيقُ بِهَا) بِأَنْ يَسْكُنَ مِثْلُهَا فِي مِثْلِهِ (تَعَيَّنَ) اسْتَدَامَتْهَا فِيهِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ إخْرَاجُهَا مِنْهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ مِمَّا مَرَّ، نَعَمْ لَوْ رَهْنَهُ عَلَى دَيْنٍ قَبْلَ ذَلِكَ ثُمَّ حَلَّ الدَّيْنُ بَعْدَ طَلَاقِهَا وَتَعَيَّنَ بَيْعُهُ فِي وَفَائِهِ جَازَ وَنُقِلَتْ إنْ لَمْ يَرْضَ الْمُشْتَرِي بِإِقَامَتِهَا فِيهِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَأَمَّا غَيْرُ اللَّائِقِ بِهَا فَلَا يُكَلِّفُهُ كَالزَّوْجَةِ خِلَافًا لِمَنْ فَرَّقَ، وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إشَارَةٌ إلَى اعْتِبَارِ اللَّائِقِ بِهَا فِي الْمَسْكَنِ لَا بِهِ كَمَا فِي حَالِ الزَّوْجِيَّةِ، وَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ يُرَاعِي حَالَ الزَّوْجَةِ لَا حَالَ الزَّوْجِ مُعْتَرَضٌ فَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَا أَعْرِفُ التَّفْرِقَةَ لِغَيْرِهِ (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ) مَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا حَيْثُ كَانَتْ بِأَقْرَاءٍ أَوْ حَمْلٍ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مُسْتَحَقَّةٌ وَآخِرُ الْمُدَّةِ غَيْرُ مَعْلُومٍ (إلَّا فِي عِدَّةِ ذَاتِ أَشْهُرٍ فَكَمُسْتَأْجَرٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ فَيَصِحُّ فِي الْأَظْهَرِ. (وَقِيلَ) بَيْعُ مَسْكَنِهَا (بَاطِلٌ) أَيْ قَطْعًا، وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَمْلِكُ الْمَنْفَعَةَ وَالْمُعْتَدَّةَ لَا تَمْلِكُهَا فَيَصِيرُ كَأَنَّ الْمُطَلِّقَ بَاعَهُ وَاسْتَثْنَى مَنْفَعَتَهُ لِنَفْسِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَذَلِكَ بَاطِلٌ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ الْمُعْتَدَّةُ هِيَ الْمُسْتَأْجَرَةُ وَإِلَّا صَحَّ جَزْمًا (أَوْ) كَانَ (مُسْتَعَارًا ـــــــــــــــــــــــــــــSلَهَا إذَا ارْتَحَلَ الْجَمِيعُ (قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا كَغَيْرِهَا) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَهَا) أَيْ الْبَدْوِيَّةِ (قَوْلُهُ السَّابِقُ فِي الْحَضَرِيَّةِ) وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَقَارُبِ الْحِلَلِ جِدًّا أَوْ تَبَاعُدُهَا وَأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى وُصُولِهَا إلَى حَدٍّ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ لَوْ قَصَدَتْ مَسَافَةَ الْقَصْرِ (قَوْلُهُ: أَخْرَجَ الزَّوْجَ) أَيْ وَهَلْ تَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ عَلَى تَسْيِيرِ السَّفِينَةِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: كَالزَّوْجَةِ) أَيْ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ لَا أَعْرِفُ التَّفْرِقَةَ) أَيْ بَيْنَ حَالِ الزَّوْجِيَّةِ وَغَيْرِهَا فِي اعْتِبَارِ حَالِهَا. (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ فِي الْأَظْهَرِ) أَيْ لِأَنَّ الْمُدَّةَ مَعْلُومَةٌ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ حَاضَتْ بَعْدَ الْبَيْعِ هَلْ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ لِصَيْرُورَتِهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ أَوْ لَا، وَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي: ثُمَّ رَأَيْت حَجّ صَرَّحَ بِذَلِكَ وَعِبَارَتُهُ: ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إذَا كَانَ فِي الْمُقِيمِينَ) الضَّمِيرُ فِي كَانَ لِلزَّوْجِ (قَوْلُهُ: مِلْكًا) إنَّمَا قَيَّدَ الْمَتْنَ بِهِ لِأَنَّهُ فَرْضُ كَلَامِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِيهِ، وَإِلَّا فَالْمُرَادُ كَوْنُهُ مُسْتَحَقًّا لَهُ، وَمِنْ ثَمَّ عَبَّرَ بِهِ فِي التُّحْفَةِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ الْمُرَادُ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الظَّاهِرِ مِنْ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا) عِبَارَةُ الْقُوتِ بِأُجْرَةِ الْمَثَلِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ الْمُعْتَدَّةُ إلَخْ.) اُنْظُرْ مَا مَعْنَاهُ هُنَا وَالْكَلَامُ فِي صِحَّةِ بَيْعِهِ وَعَدَمِهَا مَعَ تَعَلُّقِ حَقِّ الْمُعْتَدَّةِ بِهِ كَالْمُسْتَأْجَرِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا صَحَّ جَزْمًا) أَيْ وَلَا يَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ

لَزِمَتْهَا) الْعِدَّةُ (فِيهِ) لِأَنَّ السُّكْنَى ثَابِتَةٌ فِي الْمُسْتَعَارِ كَالْمَمْلُوكِ فَشَمِلَتْهَا الْآيَةُ، وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ نَقْلُهَا لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ تَعَالَى بِذَلِكَ (فَإِنْ رَجَعَ الْمُعِيرُ) فِيهِ (وَلَمْ يَرْضَ بِأُجْرَةٍ) لِمِثْلِ مَسْكَنِهَا بِأَنْ طَلَبَ أَكْثَرَ مِنْهَا أَوْ امْتَنَعَ مِنْ إجَارَتِهِ (نُقِلَتْ) إلَى أَقْرَبِ مَا يُوجَدُ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ امْتِنَاعَ النَّقْلِ مَعَ رِضَاهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَيُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى بَذْلِهَا كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّاهُ وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ فِيمَا لَوْ قَدَرَ عَلَى مَسْكَنٍ مَجَّانًا بِعَارِيَّةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا، وَخُرُوجُ الْمُعِيرِ عَنْ أَهْلِيَّةِ التَّبَرُّعِ بِجُنُونٍ وَسَفَهٍ أَوْ زَوَالِ اسْتِحْقَاقٍ كَرُجُوعِهِ. قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ كَوْنِ الْإِعَارَةِ قَبْلَ وُجُوبِ الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا، فَإِنْ كَانَ بَعْدَهَا وَعَلِمَ بِالْحَالِ لَزِمَتْ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا تَلْزَمُ فِي نَحْوِ دَفْنِ مَيِّتٍ. وَفَرَّقَ الرُّويَانِيُّ بَيْنَ لُزُومِهَا فِي نَحْوِ الْإِعَارَةِ لِلْبِنَاءِ وَعَدَمِهَا هُنَا بِأَنَّهُ لَا مَشَقَّةَ وَلَا ضَرُورَةَ فِي انْتِقَالِهَا هُنَا لَوْ رَجَعَ بِخِلَافِ نَحْوِ الْهَدْمِ ثَمَّ فَيُقَالُ بِمِثْلِهِ هُنَا. وَالْحَاصِلُ حِينَئِذٍ جَوَازُ رُجُوعِ الْمُعِيرِ الْمُعْتَدَّةَ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا تَكُونُ لَازِمَةً مِنْ جِهَةِ الْمُسْتَعِيرِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ، فَدَعْوَى تَصْرِيحِهِمْ بِمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ خَلْطٌ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُعِيرَ الرَّاجِعَ لَوْ رَضِيَ بِسُكْنَاهَا إعَارَةً بَعْدَ انْتِقَالِهَا لِمُعَارٍ أَوْ مُسْتَأْجِرٍ لَمْ يَلْزَمْهَا الْعَوْدُ لِلْأَوَّلِ لِأَنَّهَا غَيْرُ آمِنَةٍ مِنْ رُجُوعِهِ بَعْدُ (وَكَذَا مُسْتَأْجَرٌ انْقَضَتْ مُدَّتُهُ) فَلْتَنْتَقِلْ مِنْهُ حَيْثُ لَمْ يَرْضَ مَالِكُهُ بِتَجْدِيدِ إجَارَةٍ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا رَضِيَ بِذَلِكَ فَلَا تَنْتَقِلُ، وَفِي مَعْنَى الْمُسْتَأْجَرِ الْمُوصَى لَهُ بِالسُّكْنَى مُدَّةً وَانْقَضَتْ (أَوْ) لَزِمَتْهَا الْعِدَّةُ وَهِيَ بِمَسْكَنٍ مُسْتَحَقٍّ (لَهَا اسْتَمَرَّتْ) فِيهِ وُجُوبًا إنْ تَطَلَّبَ النَّقْلَةَ لِغَيْرِهِ وَإِلَّا فَجَوَازًا (وَ) إذَا اخْتَارَتْ الْإِقَامَةَ فِيهِ (طَلَبَتْ الْأُجْرَةَ) مِنْهُ أَوْ مِنْ تَرِكَتِهِ إنْ شَاءَتْ لِأَنَّ السُّكْنَى عَلَيْهِ، فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةً قَبْلَ طَلَبِهَا سَقَطَتْ كَمَا لَوْ سَكَنَ مَعَهَا فِي مَنْزِلِهَا بِإِذْنِهَا وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ عَلَى النَّصِّ، وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ. وَوَجَّهَهُ بِأَنَّ الْإِذْنَ الْمُطْلَقَ عَنْ ذِكْرِ الْعِوَضِ يَنْزِلُ عَلَى الْإِعَارَةِ وَالْإِبَاحَةِ: ـــــــــــــــــــــــــــــSفَإِنْ حَاضَتْ فِي أَثْنَائِهَا وَانْتَقَلَتْ إلَى الْأَقْرَاءِ لَمْ تَنْفَسِخْ فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: بِأَنْ طَلَبَ أَكْثَرَ مِنْهَا) أَيْ وَإِنْ قَلَّ (قَوْلُهُ بِعَارِيَّةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ) وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ وَجَدَ الزَّوْجُ مُتَبَرِّعَةً بِإِرْضَاعِ وَلَدِهِ وَطَلَبَتْ الْأُمُّ أُجْرَةً حَيْثُ أُجِيبَ الزَّوْجُ بِأَنَّ الْمَدَارَ فِي الرَّضَاعِ عَلَى الْقِيَامِ بِأَمْرِ الْوَلَدِ وَقَدْ حَصَلَ مِنْ غَيْرِ أُمِّهِ، وَالْمَدَارُ هُنَا عَلَى صِيَانَةِ مَاءِ الزَّوْجِ مَعَ مُرَاعَاةِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْأُمِّ بِمُلَازَمَةِ الْمَسْكَنِ (قَوْلُهُ: أَوْ زَوَالِ اسْتِحْقَاقٍ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ الْمَسْكَنُ يَسْتَحِقُّهُ الزَّوْجُ لِكَوْنِهِ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ أَوْ مَشْرُوطًا لِنَحْوِ الْإِمَامِ وَكَانَ إمَامًا (قَوْلُهُ وَالْحَاصِلُ حِينَئِذٍ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ قَبْلُ أَوْ بَعْدُ. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ سَكَنَ مَعَهَا فِي مَنْزِلِهَا) أَيْ وَحْدَهَا فَإِنَّهُ لَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ، وَمِثْلُ مَنْزِلِهَا مَنْزِلُ أَهْلِهَا بِإِذْنِهِمْ، وَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَذْكُورُ هُنَا، وَإِلَّا فَفِيهِ أَصْلُ الْخِلَافِ فِي بَيْعِ الْمُسْتَأْجَرِ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمَطْلَبِ إلَخْ.) عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ: قَطَعُوا بِجَوَازِ الرُّجُوعِ فِي الْعَارِيَّةِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ كَوْنِ الْعَارِيَّةِ قَبْلَ الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا، وَعَلِمَ الْمُعِيرُ بِالْحَالِ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إذَا أَعَارَ بَعْدَ وُجُوبِ الْعِدَّةِ وَعِلْمُهُ بِالْحَالِ أَنَّهَا تَلْزَمُ لِمَا فِي الرُّجُوعِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي مُلَازَمَةِ الْمَسْكَنِ كَمَا تَلْزَمُ الْعَارِيَّةُ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ وَغَيْرِهِ وَالْإِعَارَةِ لِلرَّهْنِ، وَتَعَرَّضَ فِي الْبَحْرِ لِذَلِكَ فَقَالَ: إنْ قِيلَ: الْعَارِيَّةُ تَلْزَمُ إذَا أَعَارَ لِلْبِنَاءِ أَوْ لِوَضْعِ الْجُذُوعِ فَهَلَّا قِيلَ: كَذَلِكَ. وَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا مَشَقَّةَ وَلَا ضَرَرَ فِي انْتِقَالِ الْمُعْتَدَّةِ وَفِي نَقْلِ الْبِنَاءِ وَالْجُذُوعِ إفْسَادٌ وَهَدْمٌ وَضَرَرٌ. اهـ. انْتَهَتْ عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ؟ وَبِهَا تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ الْمُؤَاخَذَاتِ، فَإِنَّهُ نُقِلَ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ الْجَزْمُ بِلُزُومِ الْعَارِيَّةِ مَعَ أَنَّ الَّذِي فِي كَلَامِهِ مُجَرَّدَ تَجْوِيزٍ، وَأَوْهَمَ أَنَّ كَلَامَ الرُّويَانِيِّ مَبْنِيٌّ عَلَى صَحِيحٍ مَعَ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِلُزُومِ الْعَارِيَّةِ لِلْبِنَاءِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: فَيُقَالُ بِمِثْلِهِ هُنَا) أَيْ فَيُقَالُ بِمِثْلِ مَا فَرَّقَ بِهِ الرُّويَانِيُّ بَيْنَ مَا هُنَا وَالْإِعَارَةِ لِلْبِنَاءِ وَنَحْوِهِ فِي قِيَاسِ ابْنِ الرِّفْعَةِ مَا هُنَا عَلَى الْإِعَارَةِ لِدَفْنِ الْمَيِّتِ وَالرَّهْنِ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ

أَيْ مَعَ كَوْنِهِ تَابِعًا لَهَا فِي السُّكْنَى، وَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ كَوْنِهَا مُطْلَقَةَ التَّصَرُّفِ، وَمِنْ ثَمَّ بَحَثَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّ مَحَلَّهُ إنْ لَمْ تَتَمَيَّزْ أَمْتِعَتُهُ بِمَحَلٍّ مِنْهَا وَإِلَّا لَزِمَتْهُ أُجْرَتُهُ فَلَمْ تُصَرِّحْ لَهُ بِالْإِبَاحَةِ، لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ (فَإِنْ) (كَانَ مَسْكَنُ النِّكَاحِ نَفِيسًا) لَا يَلِيقُ بِهَا (فَلَهُ النَّقْلُ) لَهَا مِنْهُ (إلَى) مَسْكَنٍ آخَرَ (لَائِقٍ بِهَا) لِأَنَّ ذَلِكَ النَّفِيسَ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ وَيَتَحَرَّى أَقْرَبَ صَالِحٍ إلَيْهِ وُجُوبًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ قِيَاسُ نَقْلِ الزَّكَاةِ وَتَقْلِيلًا لِزَمَنِ الْخُرُوجِ مَا أَمْكَنَ وَإِنْ ذَهَبَ الْغَزَالِيُّ إلَى النَّدْبِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْحَقُّ (أَوْ) كَانَ (خَسِيسًا) غَيْرَ لَائِقٍ بِهَا (فَلَهَا الِامْتِنَاعُ) لِأَنَّهُ دُونَ حَقِّهَا (وَلَيْسَ لَهُ مُسَاكَنَتُهَا وَمُدَاخَلَتُهَا) أَيْ دُخُولُ مَحَلٍّ هِيَ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى جِهَةِ الْمُسَاكَنَةِ مَعَ انْتِفَاءِ نَحْوِ الْمَحْرَمِ الْآتِي فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَوْ أَعْمَى وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَرَضِيَتْ لِأَنَّ ذَلِكَ يَجُرُّ لِلْخَلْوَةِ الْمُحَرَّمَةِ بِهَا، وَالْكَلَامُ هُنَا حَيْثُ لَمْ يَزِدْ مَسْكَنُهَا عَلَى سُكْنَى مِثْلِهَا لِمَا سَيُذْكَرُ فِي الدَّارِ وَالْحُجْرَةِ وَالْعُلُوِّ وَالسُّفْلِ (فَإِنْ كَانَ فِي الدَّارِ) الَّتِي لَيْسَ فِيهَا سِوَى مَسْكَنٍ وَاحِدٍ (مَحْرَمٌ لَهَا) بَصِيرٌ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ (مُمَيِّزٌ) بِأَنْ كَانَ يَحْتَشِمُ وَيَمْنَعُ وُجُودُهُ وُقُوعَ خَلْوَةٍ بِهَا بِاعْتِبَارِ الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَبِهِ يَجْمَعُ بَيْنَ مَا أَوْهَمَتْهُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ كَالرَّوْضَةِ مِنْ التَّنَاقُضِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى مَظِنَّةِ عَدَمِ الْخَلْوَةِ وَلَا تَحْصُلُ إلَّا حِينَئِذٍ (ذَكَرٌ) أَوْ أُنْثَى، وَحَذْفُهُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ بِالْأَوْلَى (أَوْ) مَحْرَمٌ (لَهُ) مُمَيِّزٌ بَصِيرٌ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ (أُنْثَى أَوْ زَوْجَةٌ أُخْرَى) كَذَلِكَ (أَوْ أَمَةٌ) أَوْ امْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ كَذَلِكَ وَكُلٌّ مِنْهُنَّ ثِقَةٌ يَحْتَشِمُهَا بِحَيْثُ يَمْنَعُ وُجُودُهَا وُقُوعَ فَاحِشَةٍ بِحَضْرَتِهَا وَكَالْأَجْنَبِيَّةِ مَمْسُوحٌ أَوْ عَبْدُهَا بِشَرْطِ التَّمْيِيزِ وَالْبَصَرِ وَالْعَدَالَةِ. وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْأَعْمَى الْفَطِنَ مُلْحَقٌ بِالْبَصِيرِ حَيْثُ أَدَّتْ فِطْنَتُهُ لِمَنْعِ وُقُوعِ رِيبَةٍ بَلْ هُوَ أَقْوَى مِنْ الْمُمَيِّزِ السَّابِقِ (جَازَ) مَعَ كَرَاهَةِ كُلٍّ مِنْ مُسَاكَنَتِهَا إنْ وَسِعَتْهُمَا الدَّارُ وَإِلَّا وَجَبَ انْتِقَالُهَا وَمُدَاخَلَتِهَا إنْ كَانَتْ ثِقَةً لِلْأَمْنِ مِنْ الْمَحْذُورِ حِينَئِذٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا انْتَفَى شَرْطٌ مِمَّا ذُكِرَ، وَإِنَّمَا حَلَّتْ خَلْوَةُ رَجُلٍ بِامْرَأَتَيْنِ ثِقَتَيْنِ يَحْتَشِمُهُمَا، بِخِلَافِ عَكْسِهِ لِمَا فِي وُقُوعِ فَاحِشَةٍ مِنْ امْرَأَةٍ بِحُضُورِ مِثْلِهَا مِنْ الْبُعْدِ لِأَنَّهَا تَحْتَشِمُهَا وَلَا كَذَلِكَ الرَّجُلُ مَعَ مِثْلِهِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ امْتِنَاعُ خَلْوَةِ رَجُلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَكْفِي السُّكُوتُ مِنْهَا وَلَا مِنْهُمْ فَتَلْزَمُهُمْ الْأُجْرَةُ حِينَئِذٍ كَمَا لَوْ نَزَلَ سَفِينَةً وَسَيَّرَهَا مَالِكُهَا وَهُوَ سَاكِتٌ فَتَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمَرْكَبِ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ، وَبِهِ صَرَّحَ الدَّمِيرِيِّ فِي مَنْظُومَتِهِ حَيْثُ قَالَ: أَمَّا إذَا أَقَامَ وَهِيَ سَاكِتَهْ ... فَأُجْرَةُ النِّصْفِ عَلَيْهِ ثَابِتَهْ فِي مَوْضِعٍ شَارَكَ فِيهِ المالكة ... وَأُجْرَةُ الْعَارِي عَلَى الْمُشَارَكَة كَحُجْرَةٍ مِفْتَاحُهَا بِهِ انْفَرِدْ ... فَفِيهِ أُجْرَةٌ عَلَيْهِ لَا تُرَدْ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ) تَمَيَّزَتْ أَمْتِعَتُهُ أَمْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ فِي الدَّارِ) يُشْعِرُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ وَأَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ إلَيْهَا لِيَمْنَعَ مِنْ خَلْوَتِهَا بِالزَّوْجِ لَمْ يَجِبْ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِيهَا وَامْتَنَعَ مِنْ دَوَامِ السُّكْنَى إلَّا بِأُجْرَةٍ لَهُ عَلَى مُكْثِهِ لِيَمْنَعَ الْخَلْوَةَ لَمْ يَجِبْ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْأَعْمَى الْفَطِنَ إلَخْ) قَدْ يُتَوَقَّفُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ يُؤْخَذُ امْتِنَاعٌ) عِبَارَةُ حَجّ: وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا تَحِلُّ خَلْوَةٌ إلَخْ، وَبِهِ يَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَا أَمْرَدَ بِمِثْلِهِ نَظَرَ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا فِي حَوَاشِي الْفِقْهِ لسم (قَوْلُهُ: أَيْ مَعَ كَوْنِهِ تَابِعًا إلَخْ.) هَذَا لَيْسَ قَيْدًا فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْأُجْرَةِ وَكَأَنَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ، وَإِلَّا فَمَتَى وُجِدَ الْإِذْنُ فَلَا أُجْرَةَ مُطْلَقًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمَهُ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: بَيَّنَ مَا أَوْهَمَتْهُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ كَالرَّوْضَةِ مِنْ التَّنَاقُضِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ بَيَّنَ مَا أَوْهَمَتْهُ عِبَارَةُ الْمَتْنِ وَالرَّوْضَةِ إلَخْ. أَيْ فَالتَّنَاقُضُ الْمُتَوَهَّمُ وَاقِعٌ بَيْنَ عِبَارَةِ الْمَتْنِ وَبَيْنَ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ، وَإِلَّا فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِمُجَرَّدِهِ لَا يُوهِمُ تَنَاقُضًا، فَالصَّوَابُ إبْدَالُ

بِمُرْدٍ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نَظَرُهُمْ بَلْ وَلَا أَمْرَدَ بِمِثْلِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيَمْتَنِعُ خَلْوَةُ رَجُلٍ بِغَيْرِ ثِقَاتٍ وَإِنْ كَثُرْنَ (وَلَوْ كَانَ فِي الدَّارِ حُجْرَةٌ) وَهِيَ كُلِّ بِنَاءٍ مُحَوَّطٍ أَوْ نَحْوِهَا كَطَبَقَةٍ (فَسَكَنَهَا أَحَدُهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (وَ) سَكَنَ (الْآخَرُ) الْحُجْرَةَ (الْأُخْرَى) مِنْ الدَّارِ (فَإِنْ اتَّحَدَتْ الْمَرَافِقُ) لَهَا وَهِيَ مَا يَرْتَفِقُ بِهِ فِيهَا (كَمَطْبَخٍ وَمُسْتَرَاحٍ) وَمَصَبِّ مَاءٍ وَمَرْقَى سَطْحٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ (اُشْتُرِطَ مَحْرَمٌ) أَوْ نَحْوُهُ مِمَّنْ ذُكِرَ. وَخَرَجَ بِفَرْضِهِ الْكَلَامُ فِي حُجْرَتَيْنِ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ إلَّا الْبَيْتُ وَصُفَّةٌ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسَاكِنَهَا وَلَوْ مَعَ مَحْرَمٍ لِأَنَّهَا لَا تَتَمَيَّزُ مِنْ الْمَسْكَنِ بِمَوْضِعِ نَعَمْ إنْ بُنِيَ بَيْنَهُمَا حَائِلُ وَبَقِيَ لَهَا مَا يَلِيقُ بِهَا سُكْنَى جَازَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَتَّحِدْ الْمَرَافِقُ بَلْ اخْتَصَّتْ كُلٌّ مِنْ الْحُجْرَتَيْنِ بِمَرَافِقَ (فَلَا) يُشْتَرَطُ نَحْوُ مَحْرَمٍ إذْ لَا خَلْوَةَ (وَ) لَكِنْ (يَنْبَغِي) أَنْ يُشْتَرَطَ كَمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا عَنْ الْبَغَوِيّ (أَنْ يُغْلَقَ) قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْمَاوَرْدِيُّ: وَيُسَمَّرُ (مَا بَيْنَهُمَا مِنْ بَابٍ) وَأَوْلَى مِنْ إغْلَاقِهِ سَدُّهُ وَ (أَنْ لَا يَكُونَ مَمَرُّ إحْدَاهُمَا) يَمُرُّ بِهِ (عَلَى الْأُخْرَى) حَذَرًا مِنْ وُقُوعِ خَلْوَةٍ (وَسُفْلٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ بِخَطِّهِ وَيَجُوزُ كَسْرِهِ (وَعُلُوٍّ) بِضَمِّ أَوَّله بِخَطِّهِ، وَيَجُوزُ فَتْحُهُ وَكَسْرُهُ (كَدَارٍ وَحُجْرَةٍ) فِيمَا ذُكِرَ فِيهِمَا وَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ فِي الْعُلُوِّ حَتَّى لَا يُمْكِنَهُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهَا قَالَهُ فِي التَّجْرِيدِ. بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ هُوَ بِالْمَدِّ لُغَةً طَلَبُ الْبَرَاءَةِ. وَشَرْعًا تَرَبُّصٌ بِمَنْ فِيهَا رِقٌّ مُدَّةً عِنْدَ وُجُودِ سَبَبٍ مِمَّا يَأْتِي لِلْعِلْمِ بِبَرَاءَةِ رَحِمِهَا أَوْ لِلتَّعَبُّدِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِتَقْدِيرِهِ بِأَقَلِّ مَا يَدُلُّ عَلَى الْبَرَاءَةِ، كَمَا سُمِّيَ مَا مَرَّ بِالْعِدَّةِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الْعَدَدِ وَلِتَشَارُكِهِمَا فِي أَصْلِ الْبَرَاءَةِ ذُيِّلَتْ بِهِ. وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا يَأْتِي مِنْ الْأَخْبَارِ وَغَيْرِهِ (يَجِبُ) الِاسْتِبْرَاءُ لِحِلِّ التَّمَتُّعِ أَوْ التَّزْوِيجِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا ـــــــــــــــــــــــــــــSالشَّارِحُ لِلْمَعْنَى لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ عِبَارَةٌ عَنْ عَدَمِ الْحِلِّ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا تَحِلُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِمُرْدٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَثُرُوا جِدًّا (قَوْلُهُ وَإِنْ كَثُرْنَ) وَفِي التَّوَسُّطِ عَنْ الْقَفَّالِ لَوْ دَخَلَتْ امْرَأَةٌ الْمَسْجِدَ عَلَى رَجُلٍ لَمْ يَكُنْ خَلْوَةً لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ كُلُّ أَحَدٍ اهـ حَجّ. وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ ذَلِكَ فِي مَسْجِدٍ مَطْرُوقٍ لَا يَنْقَطِعُ طَارِقُوهُ عَادَةً، وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الطَّرِيقُ أَوْ غَيْرُهُ الْمَطْرُوقُ كَذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَيْسَ مَطْرُوقًا كَذَلِكَ اهـ حَجّ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمَدَارَ فِي الْخَلْوَةِ عَلَى اجْتِمَاعٍ لَا تُؤْمَنُ مَعَهُ الرِّيبَةُ عَادَةً، بِخِلَافِ مَا لَوْ قُطِعَ بِانْتِفَائِهَا فِي الْعَادَةِ فَلَا يُعَدُّ خَلْوَةً (قَوْلُهُ: يَمُرُّ بِهِ) أَيْ بِسَبَبِهِ (قَوْلُهُ: وَعُلُوٌّ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: وَعُلُوُّ الدَّارِ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا ضِدُّ سُفْلِهَا بِضَمِّ السِّينِ وَكَسْرِهَا اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْمِصْبَاحِ، وَعِبَارَةُ الْقَامُوسِ: وَعُلُوُّ الشَّيْءِ مُثَلَّثُهُ اهـ. بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ (قَوْلُهُ: بِمَنْ فِيهَا رِقٌّ) أَيْ وَلَوْ فِيمَا مَضَى لِيَشْمَلَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهَا الِاسْتِبْرَاءُ بِسَبَبِ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ أَوْ لِلتَّعَبُّدِ) لَا يَبْعُدُ أَنْ يُعَدَّ مِنْهُ مَا لَوْ أَخْبَرَ الصَّادِقُ بِخُلُوِّهَا مِنْ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: ذُيِّلَتْ) أَيْ أُتْبِعَتْ (قَوْلُهُ: لِحِلِّ التَّمَتُّعِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ وُجُوبُ الِاسْتِبْرَاءِ عَلَى زَوَالِ الْمِلْكِ وَلَا حُدُوثِهِ بَلْ قَدْ يَجِبُ لِغَيْرِهِمَا كَمَا لَوْ ارْتَدَّتْ ثُمَّ أَسْلَمَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْكَافِ وَاوًا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: بِمُرْدٍ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نَظَرُهُمْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نَظَرُهُمْ لَوْ فَرَضُوا إنَاثًا لِيَخْرُجَ الصِّغَارُ وَالْمَحَارِمُ،، وَإِلَّا فَالْمُرَادُ لَا يَحْرُمُ نَظَرُهُمْ عَلَى الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِاخْتِيَارِ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ فِي النِّكَاحِ، وَلَا يُقَالُ يَحْرُمُ نَظَرُهُمْ بِشَهْوَةٍ، لِأَنَّا نَقُولُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلرَّدِّ بِذَلِكَ.

[باب الاستبراء]

سَيَذْكُرُهُ (بِسَبَبَيْنِ) بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ فِيهِ، فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ وُجُوبُهُ بِغَيْرِهِمَا كَمَنْ وَطِئَ أَمَةَ غَيْرِهِ ظَانًّا أَنَّهَا أَمَتُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهَا قُرْءٌ وَاحِدٌ لِأَنَّهَا فِي نَفْسِهَا مَمْلُوكَةٌ وَالشُّبْهَةُ شُبْهَةٌ مِلْكِ الْيَمِينِ (أَحَدُهُمَا مِلْكُ أَمَةٍ) أَيْ حُدُوثُهُ وَهُوَ بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ أَيْضًا وَإِلَّا فَالْمَدَارُ عَلَى حُدُوثِ حِلِّ التَّمَتُّعِ مِمَّا يَحِلُّ بِالْمِلْكِ فَلَا يُرَدُّ مَا يَأْتِي فِي شِرَاءِ زَوْجَتِهِ، كَمَا أَنَّ التَّعْبِيرَ فِي الثَّانِي بِزَوَالِ الْفِرَاشِ كَذَلِكَ، وَإِلَّا فَالْمَدَارُ عَلَى طَلَبِ التَّزْوِيجِ، وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ مَا سَيَأْتِي فِي نَحْوِ الْمُكَاتَبَةِ وَالْمُرْتَدَّةِ وَتَزْوِيجِ مَوْطُوءَتِهِ (بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ هِبَةٍ) مَعَ قَبْضٍ (أَوْ سَبْيٍ) بِشَرْطِهِ مِنْ الْقِسْمَةِ أَوْ اخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَذْكُرُهُ فِي السِّيَرِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ (أَوْ رَدٍّ بِعَيْبٍ أَوْ تَحَالُفٍ أَوْ إقَالَةٍ) وَلَوْ قَبْلَ قَبْضٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مُمَلِّكٍ كَقَبُولِ وَصِيَّةٍ وَرُجُوعِ مُقْرِضٍ وَبَائِعِ مُفْلِسٍ وَوَالِدٍ فِي هِبَتِهِ لِفَرْعِهِ وَكَذَا أَمَةُ قِرَاضٍ انْفَسَخَ وَاسْتَقَلَّ الْمَالِكُ بِهَا وَأَمَةُ تِجَارَةٍ أَخْرَجَ الْمَالِكُ زَكَاتَهَا، وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ إنَّ الْمُسْتَحَقَّ شَرِيكٌ بِالْوَاجِبِ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ فِي غَيْرِ الْجِنْسِ لِتَجَدُّدِ الْمِلْكِ وَالْحَلِّ فِيهِمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي جَارِيَةِ الْقِرَاضِ وَكَلَامُهُمْ يَقْتَضِيهِ. وَأَمَّا فِي زَكَاةِ التِّجَارَةِ فَلَا وَجْهَ لَهُ عِنْدَ التَّأَمُّلِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ (وَسَوَاءٌ) فِي وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ حِلِّ التَّمَتُّعِ (بِكْرٌ) وَآيِسَةٌ (وَمَنْ اسْتَبْرَأَهَا الْبَائِعُ قَبْلَ الْبَيْعِ وَمُنْتَقِلَةٌ مِنْ صَبِيٍّ وَامْرَأَةٍ وَغَيْرِهَا) لِعُمُومِ خَبَرِ سَبَايَا أَوْطَاسٍ «أَلَا لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: ظَانًّا أَنَّهَا أَمَتُهُ) وَخَرَجَ مَا لَوْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ أَوْ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ فَتَعْتَدُّ بِقُرْأَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ) وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ حَكَمَ بِوُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ فِي مُكَاتَبَةٍ عَجَزَتْ وَمُرْتَدَّةٍ أَسْلَمَتْ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ فِيهِمَا الْمِلْكُ بَلْ حِلُّ الِاسْتِمْتَاعِ وَبِوُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ فِي مَوْطُوءَتِهِ الَّتِي أُرِيدَ تَزْوِيجُهَا مَعَ أَنَّهَا عِنْدَ إرَادَةِ التَّزْوِيجِ لَمْ يَزُلْ فِرَاشُهُ عَنْهَا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ مِنْ الْقِسْمَةِ) وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: أَوْ اخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ) عَلَى الْمَرْجُوحِ (قَوْلُهُ: وَرُجُوعِ مُقْرِضٍ) أَيْ وَصُورَةُ إقْرَاضِهَا أَنْ يَكُونَ حَرَامًا عَلَى الْمُقْرِضِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَأَمَةُ تِجَارَةٍ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ وَكَذَا أَمَةُ قِرَاضٍ (قَوْلُهُ: وَالْحِلُّ فِيهِمَا) أَيْ أَمَةُ التِّجَارَةِ وَأَمَةُ الْقِرَاضِ هُوَ ظَاهِرٌ فِي أَمَةِ الْقِرَاضِ إذَا ظَهَرَ رِبْحٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَمْلِكُ بِالظُّهُورِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَظْهَرْ رِبْحٌ فَالْعَامِلُ لَا شَيْءَ لَهُ وَالْمَالُ عَلَى مِلْكِ الْمَالِكِ فَلَمْ يَنْتَقِلْ عَنْ مِلْكِهِ حَتَّى يُقَالَ تَجَدَّدَ لَهُ مِلْكٌ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: تَجَدَّدَ الْمِلْكُ وَالْحِلُّ فِي مَجْمُوعِهِمَا فِي الْجُمْلَةِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي كُلِّ فَرْدٍ (قَوْلُهُ: فَلَا وَجْهَ لَهُ) أَيْ لِمَا قَالَهُ فِيهَا مِنْ وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: عِنْدَ التَّأَمُّلِ) أَيْ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ فِيهَا لَيْسَتْ حَقِيقَةً بِدَلِيلِ جَوَازِ الْإِخْرَاجِ مِنْ غَيْرِهَا اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ: أَيْ وَبِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إعْطَاءُ جُزْءٍ مِنْهَا لِلْمُسْتَحِقَّيْنِ بَلْ الْوَاجِبُ إخْرَاجُ قَدْرِ الزَّكَاةِ مِنْ قِيمَتِهَا (قَوْلُهُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ) أَيْ فِي غَيْرِ شَرْحِ مَنْهَجِهِ (قَوْلُهُ وَغَيْرُهَا) أَيْ كَصَغِيرَةٍ وَآيِسَةٍ اهـ مَنْهَجٌ. وَظَاهِرُهُ كَالشَّارِحِ وحج وَإِنْ لَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ تَعَبُّدِيٌّ (قَوْلُهُ: لِعُمُومِ خَبَرِ سَبَايَا أَوْطَاسَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مَوْضِعٌ اهـ مُخْتَارٌ. وَمِثْلُهُ فِي الْمِصْبَاحِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ] قَوْلُهُ: مِمَّا يُخِلُّ بِالْمِلْكِ) لَعَلَّ مِنْ فِيهِ تَعْلِيلِيَّةٌ: أَيْ حُدُوثُ حِلِّ التَّمَتُّعِ بَعْدَ حُرْمَتِهِ لِأَجْلِ حُصُولِ مَا يُخِلُّ بِالْمِلْكِ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ إنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بِدَلِيلِ مَا سَيَأْتِي فِيمَا لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ فَطَلُقَتْ قَبْلَ الْوَطْءِ وَفِي نَحْوِ الْمُرْتَدَّةِ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ أَنَّ الْعِلَّةَ الصَّحِيحَةَ حُدُوثُ حِلِّ التَّمَتُّعِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَلَا يَرِدُ مَا يَأْتِي فِي شِرَاءِ زَوْجَتِهِ) أَيْ إذْ هُوَ خَارِجٌ بِهَذَا التَّأْوِيلِ لِعَدَمِ حُدُوثِ حِلِّ التَّمَتُّعِ كَمَا دَخَلَ بِهِ مَا يَأْتِي فِي الْمُكَاتَبَةِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ: وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الشِّقَّيْنِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْأَمْثِلَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْقِسْمَةِ أَوْ اخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ) أَيْ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَلَا وَجْهَ لَهُ عِنْدَ التَّأَمُّلِ) أَيْ لِأَنَّ تَعَلُّقَ حَقِّ الْأَصْنَافِ فِي زَكَاةِ التِّجَارَةِ لَا يَمْنَعُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: فِيمَا ذُكِرَ حِلُّ التَّمَتُّعِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ فِيمَا ذُكِرَ بِالنِّسْبَةِ لِحِلِّ التَّمَتُّعِ (قَوْلُهُ: لِعُمُومِ خَبَرِ «سَبَايَا أَوْطَاسٍ: أَلَا لَا تُوطَأُ حَامِلٌ» إلَخْ.)

وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً» وَقِيسَ بِالْمَسْبِيَّةِ غَيْرُهَا الشَّامِلُ لِلْبِكْرِ وَالْمُسْتَبْرَأَةِ وَغَيْرِهِمَا بِجَامِعِ حُدُوثِ الْمِلْكِ، إذْ تَرْكُ الِاسْتِفْصَالِ فِي وَقَائِعِ الْأَحْوَالِ مَعَ قِيَامِ الِاحْتِمَالِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ فِي الْمَقَالِ، وَبِمَنْ تَحِيضُ مَنْ لَا تَحِيضُ فِي اعْتِبَارِ قَدْرِ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ وَهُوَ شَهْرٌ (وَيَجِبُ) الِاسْتِبْرَاءُ (فِي) أَمَتِهِ إذَا زَوَّجَهَا فَطَلُقَتْ قَبْلَ الْوَطْءِ وَفِي (مُكَاتَبَتِهِ) كِتَابَةً صَحِيحَةً وَأَمَتِهَا إذَا انْفَسَخَتْ كِتَابَتُهَا بِسَبَبٍ مِمَّا يَأْتِي فِي بَابِهَا كَأَنْ (عَجَزَتْ) وَأَمَةُ مُكَاتَبٍ كَذَلِكَ عَجَزَ لِعَوْدِ حِلِّ الِاسْتِمْتَاعِ فِيهَا كَالْمُزَوَّجَةِ وَحُدُوثِهِ فِي الْأَمَةِ بِقِسْمَيْهَا وَمِنْ ثَمَّ لَمْ تُؤَثِّرْ الْفَاسِدَةُ (وَكَذَا مُرْتَدَّةٌ) أَسْلَمَتْ أَوْ سَيِّدُ مُرْتَدٍّ فَيَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ عَلَيْهَا وَعَلَى أَمَتِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِعَوْدِ حِلِّ الِاسْتِمْتَاعِ أَيْضًا. وَالثَّانِي لَا يَجِبُ لِأَنَّ الرِّدَّةَ لَا تُنَافِي الْمِلْكَ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ. وَلَوْ أَسْلَمَ فِي جَارِيَةٍ وَقَبَضَهَا فَوَجَدَهَا بِغَيْرِ الصِّفَةِ الْمَشْرُوطِ وُجُودُهَا لَمْ يَلْزَمْ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ بِالرَّدِّ لِعَدَمِ زَوَالِ مِلْكِهِ وَمَا وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ لُزُومِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى زَوَالِهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ (لَا) فِي (مَنْ) أَيْ أَمَةٍ لَهُ حَدَثَ لَهَا مَا حَرَّمَهَا عَلَيْهِ مِنْ صَوْمٍ وَنَحْوِهِ لِإِذْنِهِ فِيهِ ثَمَّ (حَلَّتْ مِنْ صَوْمٍ وَاعْتِكَافٍ وَإِحْرَامٍ) وَنَحْوِ حَيْضٍ وَرَهْنٍ لِأَنَّ حُرْمَتَهَا بِذَلِكَ لَا تُخِلُّ بِالْمِلْكِ بِخِلَافِ نَحْوِ الْكِتَابَةِ (وَفِي الْإِحْرَامِ وَجْهٌ) أَنَّهُ كَالرِّدَّةِ لِتَأَكُّدِ التَّحْرِيمِ فِيهِ، وَيُرَدُّ بِوُضُوحِ الْفَرْقِ. أَمَّا لَوْ اشْتَرَى نَحْوَ مُحْرِمَةٍ أَوْ صَائِمَةٍ أَوْ مُعْتَكِفَةٍ وَاجِبًا بِإِذْنِ سَيِّدِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِبْرَائِهَا، وَهَلْ يَكْفِي مَا وَقَعَ فِي زَمَنِ الْعِبَادَاتِ أَمْ يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا بَعْدَ زَوَالِ مَانِعِهَا؟ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْعِرَاقِيِّينَ الْأَوَّلُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَيُتَصَوَّرُ الِاسْتِبْرَاءُ فِي الصَّوْمِ وَالِاعْتِكَافِ بِالْحَامِلِ وَذَاتِ الْأَشْهُرِ (وَلَوْ) (اشْتَرَى) حُرٌّ (زَوْجَتَهُ) الْأَمَةَ فَانْفَسَخَ نِكَاحُهَا (اُسْتُحِبَّ) الِاسْتِبْرَاءُ لِيَتَمَيَّزَ وَلَدُ الْمِلْكِ الْمُنْعَقِدِ حُرًّا عَنْ وَلَدِ النِّكَاحِ الْمُنْعَقِدِ قِنًّا ثُمَّ يُعْتَقُ فَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالتَّهْذِيبِ: أَيْ فَهُوَ مَصْرُوفٌ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَ خِلَافَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ الصَّرْفُ مَا لَمْ يَرِدْ مِنْهُمْ سَمَاعٌ بِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ: مَعَ قِيَامٍ) أَيْ وُجُودٍ (قَوْلُهُ: وَأَمَةِ مُكَاتَبٍ) أَيْ مُكَاتَبٍ كِتَابَةً صَحِيحَةً (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَمْ تُؤَثِّرْ الْفَاسِدَةُ) هُوَ ظَاهِرٌ فِي الْمُكَاتَبَةِ نَفْسِهَا. أَمَّا أَمَتُهَا وَأَمَةُ الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً فَاسِدَةً فَالْقِيَاسُ وُجُوبُ الِاسْتِبْرَاءِ لِحُدُوثِ مِلْكِ السَّيِّدِ لَهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ أَسْلَمَ فِي جَارِيَةٍ وَقَبَضَهَا) وَمِثْلُ السَّلَمِ مَا لَوْ قَبَضَهَا الْمُشْتَرِي فِي الذِّمَّةِ فَوَجَدَهَا بِغَيْرِ الصِّفَةِ وَرَدَّهَا (قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ بِوُضُوحِ الْفَرْقِ) أَيْ وَهُوَ اخْتِلَالُ الْمِلْكِ بِالرِّدَّةِ دُونَ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ اشْتَرَى) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ السَّابِقِ: أَيْ أَمَةً لَهُ حَدَثَ لَهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِبْرَائِهَا) بَعْدَ زَوَالِ مَانِعِهَا اهـ حَجّ وَعَلَيْهِ فَذِكْرُهَا مُحْتَاجٌ إلَيْهِ لِأَنَّ سَبَبَ الِاسْتِبْرَاءِ حِينَئِذٍ زَوَالُ الْمَانِعِ لَا مُجَرَّدُ حُدُوثِ الْمِلْكِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ وَهَلْ يَكْفِي مَا وَقَعَ فِي زَمَنٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ وَهَلْ يَكْفِي مَا وَقَعَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) وَعَلَيْهِ فَالِاسْتِبْرَاءُ إنَّمَا هُوَ لِحُصُولِ الْمِلْكِ لَا لِزَوَالِ الصَّوْمِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: زَوْجَتُهُ) قَالَ فِي الْعُبَابِ: الْمَدْخُولُ بِهَا اهـ. قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَهَا وَقَدْ وَطِئَهَا وَهِيَ زَوْجَةٌ اعْتَدَّتْ بِقُرْأَيْنِ: أَيْ قَبْلَ أَنْ يُزَوِّجَهَا اهـ سم عَلَى حَجّ. وَلَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ تَنْزِيلُ زَوَالِ الزَّوْجِيَّةِ بِالْمِلْكِ مَنْزِلَةَ زَوَالِهَا بِالطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: فَانْفَسَخَ) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ اشْتَرَاهَا بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا ثُمَّ فُسِخَ عَقْدُ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ سَبَبُ الِاسْتِبْرَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ إذْ الْعِبْرَةُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَقِيسَ بِالْمَسْبِيَّةِ غَيْرُهَا إذْ لَا حَاجَةَ لِقِيَاسٍ مَعَ النَّصِّ الَّذِي مِنْهُ الْعُمُومُ كَمَا لَا يَخْفَى فَالصَّوَابُ حَذْفُهُ (قَوْلُهُ: إذْ تَرْكُ الِاسْتِفْصَالِ إلَخْ.) هُوَ عِلَّةٌ لِلْعُمُومِ لَا لِلْقِيَاسِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَكَانَ الْأَصْوَبُ تَعْلِيلَهُ بِمَا عَلَّلْته بِهِ فِيمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِي إذْ الْعِبْرَةُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ، إذْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ الَّتِي عَلَّلَ بِهَا مَعْنَاهَا أَنَّ تَرْكَ الِاسْتِفْصَالِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ، لَكِنْ فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ وَفِي غَيْرِهَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مَحَلِّهِ، فَمَعْنَى الْعُمُومِ عَلَيْهَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ أَنَّ عَدَمَ اسْتِفْصَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَسْبِيَّاتِ مِنْ كَوْنِهِنَّ أَبْكَارًا أَوْ ثَيِّبَاتٍ مَثَلًا يَقْتَضِي عَدَمَ التَّقْيِيدِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، لَكِنْ فِي خُصُوصِ الْمَسْبِيَّاتِ فَلَا يَكُونُ فِيهِ دَلِيلٌ لِغَيْرِ الْمَسْبِيَّاتِ.

يُكَافِئُ حُرَّةً أَصْلِيَّةً وَلَا تَصِيرُ بِهِ أَمَةً مُسْتَوْلَدَةً (وَقِيلَ يَجِبُ) لِتَجَدُّدِ الْمِلْكِ. وَرُدَّ بِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِيهِ لِأَنَّ الْعِلَّةَ الصَّحِيحَةَ فِيهِ حُدُوثُ حِلِّ التَّمَتُّعِ وَلَمْ يُوجَدْ هُنَا وَمِنْ ثَمَّ لَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْقِنَّةَ رَجْعِيًّا ثُمَّ اشْتَرَاهَا فِي الْعِدَّةِ وَجَبَ لِحُدُوثِ حِلِّ التَّمَتُّعِ، وَمَرَّ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا زَمَنَ الْخِيَارِ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيَطَأُ بِالْمِلْكِ أَمْ بِالزَّوْجِيَّةِ، وَخَرَجَ بِالْحُرِّ الْمُكَاتَبُ إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ، فَفِي الْكِفَايَةِ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وَطْؤُهَا بِالْمِلْكِ لِضَعْفِ مِلْكِهِ وَمِنْ ثَمَّ امْتَنَعَ تَسَرِّيهِ وَلَوْ بِإِذْنِ السَّيِّدِ (وَلَوْ) (مَلَكَ) أَمَةً (مُزَوَّجَةً أَوْ مُعْتَدَّةً) لِغَيْرِهِ بِنِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةٍ وَعَلِمَ بِذَلِكَ أَوْ جَهِلَهُ وَأَجَازَ (لَمْ يَجِبْ) اسْتِبْرَاؤُهَا حَالًا لِاشْتِغَالِهَا بِحَقِّ الْغَيْرِ (فَإِنْ زَالَا) أَيْ الزَّوْجِيَّةُ وَالْعِدَّةُ الْمَفْهُومَانِ مِمَّا ذُكِرَ وَلِذَا ثَنَّى الضَّمِيرَ وَإِنْ عَطَفَ بِأَوْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ اتِّحَادِ الرَّاجِعِ لِلْمَعْطُوفِ بِهَا اتِّحَادُ الرَّاجِعِ لِمَا فُهِمَ مِنْ الْمَعْطُوفِ بِهَا وَذَلِكَ بِأَنْ طَلُقَتْ قَبْلَ وَطْءٍ أَوْ بِعِدَّةٍ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ أَوْ انْقَضَتْ عِدَّةُ الشُّبْهَةِ (وَجَبَ) الِاسْتِبْرَاءُ (فِي الْأَظْهَرِ) لِحُدُوثِ الْحِلِّ، وَاكْتِفَاءُ الثَّانِي بِعِدَّةِ الْغَيْرِ مُنْتَقَضٌ بِمُطَلَّقَةٍ قَبْلَ وَطْءٍ وَمِنْ ثَمَّ خُصَّ جَمِيعُ الْقَوْلَيْنِ بِالْمَوْطُوءَةِ، وَلَوْ مَلَكَ مُعْتَدَّةً مِنْهُ وَجَبَ قَطْعًا إذْ لَا شَيْءَ يَكْفِي عَنْهُ هُنَا. وَيُسْتَحَبُّ لِمَالِكِ الْأَمَةِ الْمَوْطُوءَةِ قَبْلَ بَيْعِهَا اسْتِبْرَاؤُهَا لِيَكُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ، وَلَوْ وَطِئَ أَمَةً شَرِيكَانِ فِي طُهْرٍ أَوْ حَيْضٍ ثُمَّ بَاعَاهَا أَوْ أَرَادَا تَزْوِيجَهَا أَوْ وَطِئَ اثْنَانِ أَمَةَ رَجُلٍ ظَنَّهَا كُلٌّ أَمَتِهِ وَأَرَادَ الرَّجُلُ تَزْوِيجَهَا وَجَبَ اسْتِبْرَاءَانِ كَالْعِدَّتَيْنِ مِنْ شَخْصَيْنِ، وَلَوْ بَاعَ أَمَةً لَمْ يُقِرَّ بِوَطْئِهَا فَظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ وَادَّعَاهُ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ، وَفِي ثُبُوتِ نَسَبِهِ مِنْ الْبَائِعِ خِلَافٌ الْأَصَحُّ مِنْهُ عَدَمُهُ، فَإِنْ كَانَ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا وَبَاعَهَا بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ مِنْهُ لَحِقَهُ وَبَطَلَ الْبَيْعُ، وَإِلَّا فَالْوَلَدُ مَمْلُوكٌ لِلْمُشْتَرِي إلَّا إنْ وَطِئَهَا وَأَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَلْحَقُهُ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا الْبَائِعُ فَالْوَلَدُ لَهُ إنْ أَمْكَنَ إلَّا إنْ وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي وَأَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُمَا فَيَعْرِضُ عَلَى الْقَائِفِ (الثَّانِي زَوَالُ فِرَاشٍ) لَهُ (عَنْ أَمَةٍ مَوْطُوءَةٍ) غَيْرِ مُسْتَوْلَدَةٍ (أَوْ مُسْتَوْلَدَةٍ بِعِتْقٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ وَجَبَ) أَيْ الِاسْتِبْرَاءُ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ أَنَّهُ يُمْتَنَعُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا) أَيْ زَوْجَتُهُ الْقِنَّةُ (قَوْلُهُ: زَمَنَ الْخِيَارِ) أَيْ لَهُمَا عَلَى مَا يُفِيدُهُ التَّعْلِيلُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَيْضًا فِي كَلَامِهِ فِي خِيَارِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ لَيْسَ لَهُ وَطْؤُهَا بِالْمِلْكِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَنْكِحُهَا بِالزَّوْجِيَّةِ وَلَيْسَ مُرَادًا لِاخْتِلَالِ النِّكَاحِ بِمِلْكِهِ لَهَا فَلَا يَطَأُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا مُطْلَقًا، وَطَرِيقُهُ إنْ أَرَادَ التَّمَتُّعَ بِالْوَطْءِ أَنْ يَتَزَوَّجَ غَيْرَ أَمَتِهِ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً (قَوْلُهُ: مِنْ اتِّحَادِ الرَّاجِعِ) أَيْ أَفْرَادَهُ (قَوْلُهُ إذْ لَا شَيْءَ يَكْفِي عَنْهُ) وَذَلِكَ لِأَنَّ عِدَّتَهُ انْقَطَعَتْ بِالشِّرَاءِ كَمَا لَوْ جَدَّدَ نِكَاحَ مَوْطُوءَتِهِ فِي الْعِدَّةِ وَحَيْثُ انْقَطَعَتْ وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ لِعَدَمِ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ (قَوْلُهُ: لِيَكُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الِاسْتِحْبَابَ خَاصٌّ بِمَنْ تَحْبَلُ دُونَ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ وَطِئَ أَمَةً شَرِيكَانِ) مَثَلًا (قَوْلُهُ: ظَنَّهَا كُلٌّ أَمَتَهُ) أَيْ أَمَّا لَوْ ظَنَّهَا كُلٌّ زَوْجَتَهُ وَجَبَ عَلَيْهَا عِدَّتَانِ، أَوْ أَحَدُهُمَا زَوْجَتَهُ وَالْآخَرُ أَمَتَهُ فَعِدَّةٌ وَاسْتِبْرَاءٌ (قَوْلُهُ: وَأَرَادَ الرَّجُلُ تَزْوِيجَهَا) أَيْ أَوْ التَّمَتُّعَ بِهَا (قَوْلُهُ: وَجَبَ اسْتِبْرَاءَانِ) أَيْ عَلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَادَّعَاهُ) أَيْ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يَعُمُّهُ) أَيْ لِلْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ بَيْعِهَا وَوَطِئَهَا الْمُشْتَرِي لَحِقَهُ الْوَلَدُ (قَوْلُهُ: فَالْوَلَدُ لَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ: أَمَّا عِتْقُهُ) أَيْ السَّيِّدِ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً ـــــــــــــــــــــــــــــQفَالْحَاصِلُ أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ بِعُمُومِ الْخَبَرِ وَيُعَلِّلُهُ بِمَا ذَكَرْته فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا) كَأَنَّهُ إنَّمَا سَاقَ هَذَا هُنَا لِلْإِشَارَةِ إلَى مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا هُنَا مِنْ التَّنَافِي، لِأَنَّ قِيَاسَهُ هُنَا وُجُوبُ الِاسْتِبْرَاءِ وَلِهَذَا بَنَى بَعْضُهُمْ مَا هُنَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وَطْؤُهَا بِالْمِلْكِ) أَيْ فَإِنْ عَتَقَ وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ لِحُدُوثِ حِلِّ التَّمَتُّعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُرَاجَعْ.

مُعَلَّقٍ أَوْ مُنَجَّزٍ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ (أَوْ مَوْتِ السَّيِّدِ) عَنْهَا كَزَوَالِ فِرَاشِ الْحُرَّةِ الْمَوْطُوءَةِ فَيَجِبُ قُرْءٌ أَوْ شَهْرٌ كَمَا صَحَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مِنْ غَيْرِ مُخَالِفٍ لَهُ. أَمَّا عِتْقُهُ قَبْلَ وَطْءٍ فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا قَطْعًا (وَلَوْ) (مَضَتْ مُدَّةُ اسْتِبْرَاءٍ عَلَى مُسْتَوْلَدَةٍ) غَيْرِ مُزَوَّجَةٍ وَلَا مُعْتَدَّةٍ (ثُمَّ أَعْتَقَهَا) سَيِّدُهَا (أَوْ مَاتَ) (وَجَبَ عَلَيْهَا) الِاسْتِبْرَاءُ (فِي الْأَصَحِّ) كَمَا تَلْزَمُ الْعِدَّةُ مِنْ زَوَالِ نِكَاحِهَا وَإِنْ مَضَى أَمْثَالُهَا قَبْلَ زَوَالِهِ. وَالثَّانِي لَا يَجِبُ لِحُصُولِ الْبَرَاءَةِ (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَلَوْ) (اسْتَبْرَأَ) السَّيِّدُ (أَمَةً مَوْطُوءَةً) لَهُ غَيْرَ مُسْتَوْلَدَةٍ (فَأَعْتَقَهَا) (لَمْ يَجِبْ) إعَادَةُ الِاسْتِبْرَاءِ (وَتَتَزَوَّجُ فِي الْحَالِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُسْتَوْلَدَةِ ظَاهِرٌ (إذْ لَا تُشْبِهُ) هَذِهِ (مَنْكُوحَةً بِخِلَافِ تِلْكَ لِثُبُوتِ حَقِّ الْحُرِّيَّةِ لَهَا) فَكَانَ فِرَاشُهَا أَشْبَهَ بِفِرَاشِ الْحُرَّةِ الْمَنْكُوحَةِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) . (وَيَحْرُمُ) وَلَا يَنْعَقِدُ (تَزْوِيجُ أَمَةٍ مَوْطُوءَةٍ) أَيْ وَطِئَهَا مَالِكُهَا (وَمُسْتَوْلَدَةٍ قَبْلَ) مُضِيِّ (اسْتِبْرَاءٍ) بِمَا يَأْتِي لِئَلَّا يَخْتَلِطَ الْمَاءَانِ، وَإِنَّمَا صَحَّ بَيْعُهَا قَبْلَهُ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الشِّرَاءِ مِلْكُ الْعَيْنِ وَالْوَطْءُ قَدْ يَقَعُ وَقَدْ لَا، بِخِلَافِ مَا لَا يُقْصَدُ بِهِ سِوَى الْوَطْءِ. أَمَّا مَنْ لَمْ يَطَأْهَا مَالِكُهَا فَإِنْ لَمْ تُوطَأْ زَوَّجَهَا مَنْ شَاءَ وَإِنْ وَطِئَهَا غَيْرُهُ زَوَّجَهَا لِلْوَاطِئِ، وَكَذَا لِغَيْرِهِ إنْ كَانَ الْمَاءُ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ أَوْ مَضَتْ مُدَّةُ الِاسْتِبْرَاءِ مِنْهُ (وَلَوْ) (أَعْتَقَ مُسْتَوْلَدَتَهُ) يَعْنِي مَوْطُوءَتَهُ (فَلَهُ نِكَاحُهَا بِلَا اسْتِبْرَاءٍ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا يَجُوزُ نِكَاحُهُ لِلْمُعْتَدَّةِ مِنْهُ لِانْتِفَاءِ الِاخْتِلَاطِ هُنَا وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اشْتَرَى أَمَةً فَزَوَّجَهَا لِبَائِعِهَا الَّذِي لَمْ يَطَأْهَا غَيْرُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ اسْتِبْرَاءٌ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهَا فَأَرَادَ بَائِعُهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَخَرَجَ بِمَوْطُوءَتِهِ وَمِثْلِهَا مَنْ لَمْ تُوطَأْ أَوْ وُطِئَتْ مِنْ زِنًا أَوْ اسْتَبْرَأَهَا مَنْ انْتَقَلَتْ مِنْهُ إلَيْهِ مِنْ وَطْئِهَا غَيْرَهُ وَطْئًا غَيْرَ مُحَرَّمٍ فَلَا يَحِلُّ لَهُ تَزَوُّجُهَا قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا وَإِنْ أَعْتَقَهَا (وَلَوْ) (أَعْتَقَهَا أَوْ مَاتَ) عَنْ مُسْتَوْلَدَةٍ أَوْ مُدَبَّرَةٍ عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ (وَهِيَ مُزَوَّجَةٌ) أَوْ مُعْتَدَّةٌ عَنْ زَوْجٍ فِيهِمَا (فَلَا اسْتِبْرَاءَ) عَلَيْهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ فِرَاشٍ لِلسَّيِّدِ، وَلِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ لِحِلِّ مَا مَرَّ وَهِيَ مَشْغُولَةٌ بِحَقِّ الزَّوْجِ بِخِلَافِهَا فِي عِدَّةِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ لِأَنَّهَا لَمْ تَصِرْ بِهِ فِرَاشًا لِغَيْرِ السَّيِّدِ، وَلَوْ مَاتَ سَيِّدُ مُسْتَوْلَدَةٍ مُزَوَّجَةٍ ثُمَّ مَاتَ زَوْجُهَا أَوْ مَاتَا مَعًا اعْتَدَّتْ كَالْحُرَّةِ وَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا، وَإِنْ تَقَدَّمَ مَوْتُ الزَّوْجِ مَوْتَ سَيِّدِهَا اعْتَدَّتْ عِدَّةَ أَمَةٍ وَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا إنْ مَاتَ السَّيِّدُ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ، فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ فَرَاغِ الْعِدَّةِ لَزِمَهَا الِاسْتِبْرَاءُ، وَإِنْ تَقَدَّمَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ مَوْتًا وَأُشْكِلَ الْمُتَقَدِّمُ مِنْهُمَا أَوْ لَمْ يُعْلَمْ هَلْ مَاتَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا اعْتَدَّتْ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ مِنْ مَوْتِ آخِرِهِمَا مَوْتًا، ثُمَّ إنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَ الْمَوْتَيْنِ شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا، وَإِنْ تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرُ أَوْ جُهِلَ قَدْرُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: قَبْلَ وَطْءٍ) أَيْ لَا مِنْهُ وَلَا مِمَّنْ انْتَقَلَتْ مِنْهُ لِلْبَائِعِ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهَا الِاسْتِبْرَاءُ إنْ لَمْ يَكُنْ وُجِدَ قَبْلَ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا قَطْعًا) أَيْ فَتَتَزَوَّجُ حَالًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَبْرَأَ) أَيْ بِأَنْ مَضَتْ مُدَّةُ الِاسْتِبْرَاءِ بَعْدَ وَطْئِهِ وَلَوْ اتِّفَاقًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَقْصِدُ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا إلَخْ) أَيْ وَهُوَ مَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إذْ لَا تُشْبِهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا صَحَّ بَيْعُهَا قَبْلَهُ) أَيْ الِاسْتِبْرَاءِ، وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ مَوْطُوءَةً أَوْ غَيْرَهَا (قَوْلُهُ: سِوَى الْوَطْءِ) أَيْ وَهُوَ التَّزَوُّجُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تُوطَأْ) أَيْ أَصْلًا، وَقَوْلُهُ زَوَّجَهَا مَنْ شَاءَ أَيْ حَالًا (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْمَاءُ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ) أَيْ مِنْ زِنًا (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي وَقَوْلُهُ اسْتَبْرَأَ أَيْ قَبْلَ التَّزْوِيجِ (قَوْلُهُ: فَأَرَادَ بَائِعُهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا) مَفْهُومُهُ وُجُوبُ الِاسْتِبْرَاءِ إذَا أَعْتَقَهَا عَقِبَ الشِّرَاءِ وَأَرَادَ تَزْوِيجَهَا لِغَيْرِ الْبَائِعِ، وَمُقْتَضَى إطْلَاقِ قَوْلِهِ السَّابِقِ أَمَّا عِتْقُهُ قَبْلَ وَطْءٍ فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا قَطْعًا خِلَافُهُ فَلِيُحْمَلْ مَا هُنَاكَ عَلَى مَا هُنَا (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِمَوْطُوءَتِهِ) أَيْ الْمُعْتِقَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَحِلُّ لَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا) أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إنْ سَبَقَ مَوْتُ السَّيِّدِ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ مِنْ الزَّوْجِ وَهِيَ الْأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَالْعَشَرَةُ الَّتِي اعْتَدَّتْ بِهَا، وَإِنْ سَبَقَ مَوْتُ الزَّوْجِ وَمَاتَ الثَّانِي قَبْلَ مُضِيِّ شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ وَفُرِضَ أَنَّهُ السَّيِّدُ فَقَدْ مَاتَ قَبْلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: مِنْ مَوْتِ آخِرِهِمَا مَوْتًا) يَعْنِي: فِي الصُّورَةِ الْأُولَى كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ إنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ إلَخْ.

[الاستبراء في حق ذات الأقراء]

فَإِنْ كَانَتْ تَحِيضُ لَزِمَهَا حَيْضَةٌ إنْ لَمْ تَحِضْ فِي الْعِدَّةِ لِاحْتِمَالِ مَوْتِ السَّيِّدِ آخِرًا وَلِهَذَا لَا تَرِثُ مِنْ الزَّوْجِ وَلَهَا تَحْلِيفُ الْوَرَثَةِ أَنَّهُمْ مَا عَلِمُوا حُرِّيَّتَهَا عِنْدَ الْمَوْتِ (وَهُوَ) أَيْ الِاسْتِبْرَاءُ فِي حَقِّ ذَاتِ الْأَقْرَاءِ يَحْصُلُ (بِقُرْءٍ وَهُوَ) هُنَا (حَيْضَةٌ كَامِلَةٌ فِي الْجَدِيدِ) لِلْخَبَرِ الْمَارِّ، وَلَا غَيْرِ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً فَلَا يَكْفِي بَقِيَّتُهَا الَّتِي وُجِدَ السَّبَبُ فِيهَا كَالشِّرَاءِ فِي أَثْنَائِهَا، فَأَقَلُّ مُدَّةِ إمْكَانِ الِاسْتِبْرَاءِ إذَا جَرَى سَبَبُهُ فِي الطُّهْرِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَلَحْظَتَانِ وَفِي الْحَيْضِ سِتَّةَ عَشْرَ يَوْمًا وَلَحْظَتَانِ، وَفِي الْقَدِيمِ وَحَكَى عَنْ الْإِمْلَاءِ أَيْضًا وَهُوَ مِنْ الْجَدِيدِ أَنَّهُ الطُّهْرُ كَمَا فِي الْعِدَّةِ. وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْعِدَّةَ يَتَكَرَّرُ فِيهَا الْقُرْءُ كَمَا مَرَّ الدَّالُّ تَخَلُّلُ الْحَيْضِ مِنْهَا عَلَى الْبَرَاءَةِ وَهُنَا لَا تَتَكَرَّرُ فَتَعَيَّنَ الْحَيْضُ الْكَامِلُ الدَّالُّ عَلَيْهَا (وَذَاتُ أَشْهُرٍ) كَصَغِيرَةٍ وَآيِسَةٍ وَمُتَحَيِّرَةٍ (بِشَهْرٍ) لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو فِي حَقِّ غَيْرِهَا عَنْ حَيْضٍ وَطُهْرٍ غَالِبًا (وَفِي قَوْلٍ بِثَلَاثَةٍ) مِنْ الْأَشْهُرِ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ لَا تُعْرَفُ بِدُونِهَا (وَحَامِلٌ مَسْبِيَّةٌ أَوْ زَالَ عَنْهَا فِرَاشُ سَيِّدٍ بِوَضْعِهِ) أَيْ الْحَمْلَ كَالْعِدَّةِ (وَإِنْ) (مُلِكَتْ بِشِرَاءٍ) وَهِيَ حَامِلٌ مِنْ زَوْجٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ (فَقَدْ سَبَقَ أَنْ لَا اسْتِبْرَاءَ فِي الْحَالِ) وَأَنَّهُ يَجِبُ بَعْدَ زَوَالِ النِّكَاحِ أَوْ الْعِدَّةِ فَلَا يَكُونُ هُنَا بِالْوَضْعِ (قُلْت: يَحْصُلُ) الِاسْتِبْرَاءُ فِي حَقِّ ذَاتِ الْأَقْرَاءِ (بِوَضْعِ حَمْلِ زِنًا) لَا تَحِيضُ مَعَهُ وَإِنْ حَدَثَ الْحَمْلُ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَقَبْلَ مُضِيِّ مُحَصِّلِ اسْتِبْرَاءٍ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ جَمْعٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ (فِي الْأَصَحِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ وَلِلْبَرَاءَةِ. وَالثَّانِي لَا يَحْصُلُ الِاسْتِبْرَاءُ بِهِ كَمَا لَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ. وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِاخْتِصَاصِ الْعِدَّةِ بِالتَّأْكِيدِ بِدَلِيلِ اشْتِرَاطِ التَّكَرُّرِ فِيهَا دُونَ الِاسْتِبْرَاءِ وَلِأَنَّهَا حَقُّ الزَّوْجِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يَكْتَفِ بِوَضْعِ حَمْلِ غَيْرِهِ، بِخِلَافِ الِاسْتِبْرَاءِ فَإِنَّ الْحَقَّ فِيهِ لَهُ تَعَالَى. أَمَّا ذَاتُ أَشْهُرٍ فَيَحْصُلُ بِشَهْرٍ مَعَ حَمْلِ الزِّنَا لِأَنَّهُ كَالْعَدَمِ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ قِيَاسًا عَلَى مَا جَزَمُوا بِهِ فِي الْعَدَدِ (وَلَوْ) (مَضَى زَمَنُ اسْتِبْرَاءٍ) عَلَى أَمَةٍ (بَعْدَ الْمِلْكِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ) (حُسِبَ) زَمَنُهُ (إنْ مَلَكَهَا بِإِرْثٍ) لِقُوَّةِ الْمِلْكِ بِهِ وَلِذَا صَحَّ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ (وَكَذَا شِرَاءٌ) وَنَحْوُهُ مِنْ الْمُعَاوَضَاتِ (فِي الْأَصَحِّ) حَيْثُ لَا خِيَارَ لِتَمَامِ الْمِلْكِ بِهِ وَلُزُومِهِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُحْسَبْ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِضَعْفِ الْمِلْكِ. وَالثَّانِي لَا يُحْسَبُ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ (لَا هِبَةً) فَلَا يُحْسَبُ قَبْلَ الْقَبْضِ لِتَوَقُّفِ الْمِلْكِ فِيهَا عَلَيْهِ كَمَا قَدَّمَهُ فَلَا مُبَالَاةَ بِإِبْهَامِ عِبَارَتِهِ هُنَا حُصُولُهُ قَبْلَهُ، وَمِثْلُهَا غَنِيمَةٌ لَمْ تُقْبَضْ: أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ فِيهَا لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْقِسْمَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَيُحْسَبُ فِي الْوَصِيَّةِ بَعْدَ قَبُولِهَا وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ لِلْمِلْكِ الْكَامِلِ فِيهَا بِالْقَبُولِ (وَلَوْ) (اشْتَرَى) أَمَةً (مَجُوسِيَّةً) أَوْ نَحْوَ وَثَنِيَّةٍ أَوْ مُرْتَدَّةً (فَحَاضَتْ) مَثَلًا (ثَمَّ) بَعْدَ فَرَاغِ الْحَيْضِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ، وَمِثْلُهُ الشَّهْرُ فِي ذَاتِ الْأَشْهُرِ، وَكَذَا الْوَضْعُ كَمَا صَرَّحَا بِهِ (أَسْلَمَتْ لَمْ يَكْفِ) حَيْضُهَا أَوْ نَحْوُهُ فِي الِاسْتِبْرَاءِ لِعَدَمِ اسْتِعْقَابِهِ الْحِلَّ، وَمِنْ ثَمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSانْقِضَاءِ عِدَّةِ الزَّوْجِ وَهُوَ مُقْتَضٍ لِعَدَمِ وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ (قَوْلُهُ: أَمَّا ذَاتُ أَشْهُرٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ تَحِيضُ مَعَ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: فَيَحْصُلُ بِشَهْرٍ مَعَ حَمْلِ الزِّنَا) أَيْ وَذَلِكَ بِأَنْ لَمْ يَسْبِقْ لَهَا حَيْضٌ وَوُطِئَتْ مِنْ زِنًا فَحَمَلَتْ مِنْهُ وَتُصَدَّقُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فِي عَدَمِ تَقَدُّمِ حَيْضٍ لَهَا عَلَى الْحَمْلِ بِلَا يَمِينٍ، لِأَنَّهَا لَوْ نَكَلَتْ لَا يَحْلِفُ الْخَصْمُ عَلَى سَبْقِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَا خِيَارَ) أَيْ لِأَحَدٍ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي (قَوْلُهَا وَمِثْلُهَا غَنِيمَةٌ لَمْ تُقْبَضْ) مِثْلُهُ فِي حَجّ وَلَعَلَّهُ لَمْ تُقْسَمْ لِقَوْلِهِ بَعْدُ: أَيْ بِنَاءً إلَخْ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْقِسْمَةَ لِلْغَنِيمَةِ لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا بِالْقَبْضِ (قَوْلُهُ: وَيُحْسَبُ) أَيْ الِاسْتِبْرَاءُ (قَوْلُهُ: بَعْدَ قَبُولِهَا) أَيْ فَلَوْ مَضَتْ مُدَّةُ الِاسْتِبْرَاءِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الْقَبُولِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا وَإِنْ تَبَيَّنَ بِالْقَبُولِ أَنَّ الْمِلْكَ حَصَلَ مِنْ الْمَوْتِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الِاسْتِبْرَاءُ فِي حَقِّ ذَاتِ الْأَقْرَاءِ] (قَوْلُهُ:؛ وَلِهَذَا صَحَّ بَيْعُهُ) يَعْنِي: الْمَوْرُوثَ (قَوْلُهُ: لَمْ تُقْبَضْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ لَمْ تُقْسَمْ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْقَبْضَ فِيهَا يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الْقِسْمَةِ: أَيْ حُكْمًا بِدَلِيلِ صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ فِي نَصِيبِهِ قَبْلَ اسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ، وَلَعَلَّ هَذَا أَوْلَى مِمَّا

[الاستمتاع بالمستبرأة قبل مضي الاستبراء]

لَوْ اسْتَبْرَأَ عَبْدٌ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَمَةً وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ قَبْلَ سُقُوطِهِ فَلَا يَحِلُّ لِسَيِّدِهِ وَطْؤُهَا حِينَئِذٍ، قَالَ الْمَحَامِلِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ: وَضَابِطُ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ اسْتِبْرَاءٍ لَا تَتَعَلَّقُ بِهِ اسْتِبَاحَةُ الْوَطْءِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ اهـ. نَعَمْ يُعْتَدُّ بِاسْتِبْرَاءِ الْمَرْهُونَةِ قَبْلَ الِانْفِكَاكِ كَمَا يَمِيلُ إلَيْهِ كَلَامُهُمَا وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا قَبْلَهَا بِقُوَّةِ التَّعَلُّقِ فِيهَا إذْ يَحِلُّ وَطْؤُهَا بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ فَهِيَ مَحَلٌّ لِلِاسْتِمْتَاعِ، بِخِلَافِ غَيْرِهَا حَتَّى مُسْتَبْرَأَةِ الْمَأْذُونِ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْحَجْرِ وَهُوَ لَا يُعْتَدُّ بِإِذْنِهِ، وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا لِلْأَذْرَعِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ هُنَا. لَا يُقَالُ: هِيَ تُبَاحُ لَهُ بِإِذْنِ الْعَبْدِ وَالْغُرَمَاءِ فَسَاوَتْ الْمَرْهُونَةَ. لِأَنَّا نَقُولُ: الْإِذْنُ هُنَا أَنْدَرُ لِاخْتِلَافِ جِهَةِ تَعَلُّقِ الْعَبْدِ وَالْغُرَمَاءِ بِخِلَافِهِ فِي الْمَرْهُونَةِ وَفَارَقَتْ أَمَةُ الْمَرْهُونِ أَمَةَ مُشْتَرٍ حُجِرَ عَلَيْهِ بِفَلْسٍ فَإِنَّهُ يُعْتَدُّ بِاسْتِبْرَائِهَا قَبْلَ زَوَالِ الْحَجْرِ بِضَعْفِ التَّعَلُّقِ فِي هَذِهِ لِكَوْنِهِ يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ أَيْضًا، بِخِلَافِ تِلْكَ لِانْحِصَارِ تَعَلُّقِ الْغُرَمَاءِ بِمَا فِي يَدِ الْمَأْذُونِ لَا غَيْرُ (وَيَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ) وَلَوْ نَحْوَ نَظَرٍ بِشَهْوَةٍ وَمَسٍّ (بِالْمُسْتَبْرَأَةِ) أَيْ قَبْلَ مُضِيِّ مَا بِهِ الِاسْتِبْرَاءُ لِأَدَائِهِ إلَى الْوَطْءِ الْمُحَرَّمِ وَلِاحْتِمَالِ أَنَّهَا حَامِلٌ بِحُرٍّ فَلَا يَصِحُّ نَحْوُ بَيْعِهَا نَعَمْ الْخَلْوَةُ جَائِزَةٌ بِهَا، وَلَا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا لِتَفْوِيضِ الشَّرْعِ أَمْرَ الِاسْتِبْرَاءِ إلَى أَمَانَتِهِ، وَبِهِ فَارَقَ وُجُوبَ الْحَيْلُولَةِ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ الْمُعْتَدَّةِ عَنْ شُبْهَةٍ كَذَا أَطْلَقُوهُ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ فِيمَا لَوْ كَانَ السَّيِّدُ مَشْهُورًا بِالزِّنَا وَعَدَمِ الْمَسْكَةِ وَهِيَ جَمِيلَةٌ (إلَّا مَسْبِيَّةٌ فَيَحِلُّ غَيْرُ وَطْءٍ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَحْرُمْ مِنْهَا غَيْرُهُ مَعَ غَلَبَةِ امْتِدَادِ الْأَعْيُنِ وَالْأَيْدِي إلَى مَسِّ الْإِمَاءِ سِيَّمَا الْحِسَانُ، وَلِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَبَّلَ أَمَةً وَقَعَتْ فِي سَهْمِهِ لَمَّا نَظَرَ عُنُقَهَا كَإِبْرِيقِ الْفِضَّةِ فَلَمْ يَتَمَالَكْ الصَّبْرَ عَنْ تَقْبِيلِهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَهُ وَلَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ عَلَيْهِ كَمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَفَارَقَتْ غَيْرَهَا بِتَيَقُّنِ مِلْكِهَا وَلَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لَمْ يَعْتَدَّ بِهِ) أَيْ الِاسْتِبْرَاءِ، وَقَوْلُهُ قَبْلَ سُقُوطِهِ: أَيْ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: لَا تَتَعَلَّقُ بِهِ) أَيْ لَا تَعْقُبُهُ اسْتِبَاحَةُ الْوَطْءِ وَلَا تَتَسَبَّبُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَعْتَدُّ بِاسْتِبْرَاءِ الْمَرْهُونَةِ) أَيْ كَأَنْ اشْتَرَاهَا أَوْ وَرِثَهَا أَوْ قَبِلَ الْوَصِيَّةَ بِهَا ثُمَّ رَهَنَهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ فَحَاضَتْ أَوْ مَضَى الشَّهْرُ أَوْ وَضَعَتْ قَبْلَ انْفِكَاكِ الرَّهْنِ فَيَعْتَدُّ بِمَا حَصَلَ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ فِي زَمَنِهِ (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا) أَيْ الْمَرْهُونَةِ، وَقَوْلُهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهَا أَيْ الْمَجُوسِيَّةِ (قَوْلُهُ: لَا يُقَالُ هِيَ) أَيْ مُشْتَرَاةَ الْمَأْذُونِ، وَقَوْلُهُ تُبَاحُ لَهُ: أَيْ لِلسَّيِّدِ (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ أَيْضًا) أَيْ مَعَ الْمَالِ [الِاسْتِمْتَاعُ بِالْمُسْتَبْرَأَةِ قَبْلَ مُضِيِّ الِاسْتِبْرَاءُ] (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ) وَهَلْ هُوَ كَبِيرَةٌ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ. [فَرْعٌ] يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ امْتِنَاعِ الْوَطْءِ مَا لَمْ يَخَفْ الزِّنَا فَإِنْ خَافَهُ جَازَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: مَشْهُورًا بِالزِّنَا) أَيْ فَيُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا (قَوْلُهُ: وَقَعَتْ فِي سَهْمِهِ) أَيْ مِنْ سَبَايَا أَوْطَاسٍ شَرْحُ مَنْهَجٍ، وَعِبَارَةُ الْخَطِيبِ: مِنْ سَبَايَا جَلُولَاءَ اهـ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ جَلُولَاءَ كَانُوا مُعَاوِنِينَ لِهَوَازِنَ لِكَوْنِهِمْ كَانُوا مِنْ حُلَفَائِهِمْ وَصَادَفَ أَنَّ وَاحِدَةً مِنْ نِسَائِهِمْ سُبِيَتْ، وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ حَرْبَ جَلُولَاءَ كَانَ بَعْدَ وَفَاتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِمُدَّةٍ لِأَنَّ ذَاكَ عِبَارَةٌ عَنْ الْحَرْبِ الْمَنْسُوبِ لَهُمْ لِكَوْنِهِمْ الْمُحَرِّكِينَ لَهُ وَالْمُتَعَاطِينَ لِأَسْبَابِهِ، وَهَذَا إنَّمَا كَانَ لِهَوَازِنَ وَإِنْ اتَّفَقَ مُوَافَقَةُ بَعْضٍ مِنْ جَلُولَاءَ لَهُمْ مُعَاوَنَةً فَلَمْ يُنْسَبْ إلَيْهِمْ بَلْ لِهَوَازِنَ (قَوْلُهُ كَإِبْرِيقِ الْفِضَّةِ) أَيْ كَسَيْفٍ مِنْ فِضَّةٍ فَإِنَّ الْإِبْرِيقَ لُغَةً السَّيْفُ، وَلَعَلَّ الْحِكْمَةَ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ قَصَدَ إغَاظَةَ الْمُشْرِكِينَ بِمَا فَعَلَهُ حَيْثُ يَبْلُغُهُمْ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهَا مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ، وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ: وَسَبَقَ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْمِلْكُ فِي الْغَنِيمَةِ (قَوْلُهُ: وَمَسَّ) اُنْظُرْ هَلْ وَلَوْ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ

حَامِلًا فَلَمْ يَجْرِ فِيهَا الِاحْتِمَالُ السَّابِقُ وَحَرُمَ وَطْؤُهَا صِيَانَةً لِمَائِهِ أَنْ يَخْتَلِطَ بِمَاءِ حَرْبِيٍّ لَا لِحُرْمَتِهِ وَلَمْ يَنْظُرُوا لِاحْتِمَالِ ظُهُورِ كَوْنِهَا أُمَّ وَلَدٍ لِمُسْلِمٍ فَلَمْ يَمْلِكْهَا سَابِيهَا لِنُدْرَتِهِ، وَأَخَذَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَا لَا يُمْكِنُ حَمْلُهَا الْمَانِعُ لِمِلْكِهَا لِصَيْرُورَتِهَا بِهِ أُمَّ وَلَدٍ كَصَبِيَّةٍ وَحَامِلٍ مِنْ زِنًا وَآيِسَةٍ وَمُسْتَبْرَأَةٍ مُزَوَّجَةٍ فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا تَكُونُ كَالْمَسْبِيَّةِ فِي حِلِّ تَمَتُّعِهِ بِهَا بِمَا سِوَى الْوَطْءِ، لَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ (وَقِيلَ لَا) يَحِلُّ التَّمَتُّعُ بِالْمَسْبِيَّةِ أَيْضًا وَانْتَصَرَ لَهُ جَمْعٌ، وَلَوْ وَطِئَ السَّيِّدُ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ لَمْ يَنْقَطِعْ وَإِنْ أَثِمَ بِهِ، فَإِنْ حَمَلَتْ مِنْهُ قَبْلَ الْحَيْضِ بَقِيَ تَحْرِيمُهَا إلَى وَضْعِهَا أَوْ فِي أَثْنَائِهِ حَلَّتْ بِانْقِطَاعِهِ لِتَمَامِهِ، قَالَ الْإِمَامُ: هَذَا إنْ مَضَى قَبْلَ وَطْئِهِ أَقَلُّ الْحَيْضِ، وَإِلَّا فَلَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَضَعَ كَمَا لَوْ أَحْبَلَهَا قَبْلَ الْحَيْضِ اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَتَعْلِيلُهُمْ يَقْتَضِيهِ (وَإِذَا) (قَالَتْ) مُسْتَبْرَأَةٌ (حِضْت) (صَدَقَتْ) لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا بِلَا يَمِينٍ، لِأَنَّهَا لَوْ نَكَلَتْ لَمْ يَقْدِرْ السَّيِّدُ عَلَى الْحَلِفِ عَلَى عَدَمِ الْحَيْضِ، وَإِذَا صَدَّقْنَاهَا أَوْ ظُنَّ كَذِبُهَا فَهَلْ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ ادَّعَتْ التَّحْلِيلَ وَظَنَّ كَذِبَهَا بَلْ أَوْلَى أَوْ لَا، وَيُفَرَّقُ الْمُتَّجَهُ الثَّانِي (وَلَوْ) (مَنَعَتْ السَّيِّدَ) مَنْ تَمَتُّعٍ بِهَا (فَقَالَ) أَنْتِ حَلَالٌ لِي لِأَنَّك (أَخْبَرْتِينِي بِتَمَامِ الِاسْتِبْرَاءِ) (صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ وَأُبِيحَتْ لَهُ ظَاهِرًا لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ مُفَوَّضٌ لِأَمَانَتِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ يَلْزَمُهَا الِامْتِنَاعُ عَنْهُ مَا أَمْكَنَ مَا دَامَتْ تَتَحَقَّقُ بَقَاءَ شَيْءٍ مِنْ زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ، أَمَّا لَوْ قَالَ لَهَا حِضْت فَأَنْكَرَتْ صُدِّقَتْ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْإِمَامُ، وَلَوْ وَرِثَ أَمَةً فَادَّعَتْ حُرْمَتَهَا عَلَيْهِ بِوَطْءِ مُورِثِهِ فَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ (وَلَا تَصِيرُ أَمَةٌ فِرَاشًا) لِسَيِّدِهَا (إلَّا بِوَطْءٍ) مِنْهُ فِي قُبُلِهَا أَوْ دُخُولِ مَائِهِ الْمُحْتَرَمِ فِيهِ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْمَجْبُوبَ يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ إنْ ثَبَتَ دُخُولُ مَائِهِ الْمُحْتَرَمِ فِيهِ وَإِلَّا فَلَا، وَبِذَلِكَ يُجْمَعُ بَيْنَ الْقَوْلِ بِاللُّحُوقِ وَعَدَمِهِ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ مُجَرَّدُ مِلْكِهِ لَهَا فَلَا يَلْحَقُهُ بِهِ وَلَدٌ إجْمَاعًا وَإِنْ خَلَا بِهَا وَأَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَقْصُودُهُ الْوَطْءَ بِخِلَافِ النِّكَاحِ كَمَا مَرَّ، أَمَّا الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ فَلَا لُحُوقَ بِهِ كَمَا مَرَّ اعْتِمَادُهُ مِنْ تَنَاقُضٍ لَهُمَا، وَقَوْلُ الْإِمَامِ إنَّ الْقَوْلَ بِاللُّحُوقِ ضَعِيفٌ لَا أَصْلَ لَهُ صَرِيحٌ فِي رَدِّ الْجَمْعِ بِحَمْلِ اللُّحُوقِ عَلَى الْحُرَّةِ وَعَدَمِهِ عَلَى الْأَمَةِ، وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْوَطْءَ يُصَيِّرُهَا فِرَاشًا (فَإِذَا) (وَلَدَتْ لِلْإِمْكَانِ مِنْ وَطْئِهِ) أَوْ اسْتِدْخَالِ مَنِيِّهِ وَلَدًا (لَحِقَهُ) وَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِهِ بِأَنْ سَكَتَ عَنْ اسْتِلْحَاقِهِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلْحَقَ الْوَلَدَ بِزَمْعَةَ بِمُجَرَّدِ الْفِرَاشِ: ـــــــــــــــــــــــــــــSبَنَاتِ عُظَمَائِهِمْ (قَوْلُهُ: لَا لِحُرْمَتِهِ) أَيْ مَاءِ الْحَرْبِيِّ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يَنْقَطِعْ) أَيْ لَمْ يَحْتَجْ لِاسْتِبْرَاءٍ ثَانٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَمَلَتْ مِنْهُ) أَيْ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي أَثْنَائِهِ) أَيْ الْحَيْضِ وَمَعَ ذَلِكَ الْوَلَدُ حُرٌّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا وَيُفَرَّقُ) أَيْ بِأَنَّ السَّبَبَ الْمُحَصِّلَ لِلتَّحْلِيلِ وَجَبَ وَهُوَ تَزَوُّجُهَا بِالثَّانِي وَلَيْسَ هُنَا عَلَامَةٌ عَلَى حُصُولِ الْحَيْضِ الَّذِي ادَّعَتْهُ فَضَعُفَتْ دَعْوَاهَا (قَوْلُهُ الْمُتَّجَهُ الثَّانِي) وَفِي نُسْخَةٍ: الْمُتَّجَهُ الْأَوَّلُ، وَالْأَقْرَبُ مَا فِي الْأَصْلِ، وَرَأَيْت سم نَقَلَهُ عَنْ الشَّارِحِ فِي حَوَاشِي حَجّ (قَوْلُهُ: وَمَعَ ذَلِكَ يَلْزَمُهَا الِامْتِنَاعُ) أَيْ وَلَوْ بِقَتْلِهِ لِأَنَّهُ كَالصَّائِلِ (قَوْلُهُ: الْمُحْتَرَمِ فِيهِ) أَيْ الْقُبُلِ، وَقَوْلُهُ وَبِهِ: أَيْ بِدُخُولِ مَائِهِ الْمُحْتَرَمِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْوَطْءُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْمَوْطُوءَةُ حُرَّةً أَمْ أَمَةً (قَوْلُهُ بِحَمْلِ اللُّحُوقِ) أَيْ بِالْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَلَمْ يَجْرِ فِيهَا الِاحْتِمَالُ السَّابِقُ) يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَجْرِي فِي غَيْرِ الْمَوْرُوثَةِ وَنَحْوِهَا أَيْضًا (قَوْلُهُ: الْمَانِعُ) وَصْفٌ لِحَمْلِهَا (قَوْلُهُ: فَكَذَّبَهَا) فِي نُسْخَةٍ بَدَلَ هَذَا وَظَنَّ كَذِبَهَا (قَوْلُهُ: الْمُتَّجَهُ الثَّانِي) فِي نُسْخَةٍ الْمُتَّجَهُ الْأَوَّلُ. اهـ. وَمَا فِي الْأَصْلِ هُوَ مَا نَقَلَهُ الشِّهَابُ سم عَنْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: صَرِيحٌ فِي رَدِّ الْجَمْعِ إلَخْ.) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ الصَّرَاحَةِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهَا أَنَّ الْجَمْعَ إنَّمَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ لَهُ أَصْلٌ فِي الْمَذْهَبِ، فَمَا لَا أَصْلَ لَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْجَمْعِ

أَيْ بَعْدَ عِلْمِهِ الْوَطْءَ بِوَحْيٍ أَوْ إخْبَارٍ لِمَا مَرَّ مِنْ الْإِجْمَاعِ (وَإِنْ أَقَرَّ بِوَطْءٍ وَنَفَى الْوَلَدَ وَادَّعَى اسْتِبْرَاءً) بِحَيْضَةٍ مَثَلًا بَعْدَ الْوَطْءِ وَقَبْلَ الْوَضْعِ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ وَافَقَتْهُ الْأَمَةُ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَجْلِ حَقِّ الْوَلَدِ (لَمْ يَلْحَقْهُ) الْوَلَدُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّ عُمَرَ وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَابْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - نَفَوْا أَوْلَادَ إمَاءٍ لَهُمْ بِذَلِكَ، وَلِأَنَّ الْوَطْءَ سَبَبٌ ظَاهِرٌ وَالِاسْتِبْرَاءُ كَذَلِكَ فَتَعَارَضَا وَبَقِيَ أَصْلُ الْإِمْكَانِ وَهُوَ لَا يُكْتَفَى بِهِ هُنَا بِخِلَافِ النِّكَاحِ كَمَا مَرَّ، وَفِي قَوْلٍ يَلْحَقُهُ تَخْرِيجًا مِنْ نَصِّهِ فِيمَا لَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَمَضَتْ ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَلْحَقُهُ. وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ فِرَاشَ النِّكَاحِ أَقْوَى مِنْ فِرَاشِ التَّسَرِّي إذْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْإِقْرَارِ بِالْوَطْءِ أَوْ بَيِّنَةٍ عَلَيْهِ، وَقَدْ عَارَضَ الْوَطْءَ هُنَا الِاسْتِبْرَاءُ كَمَا تَقَرَّرَ فَلَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ لُحُوقٌ، أَمَّا لَوْ أَتَتْ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ فَيَلْحَقُهُ وَيَلْغُو الِاسْتِبْرَاءُ، وَوَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ هُنَا أَنَّ لَهُ نَفْيَهُ بِاللِّعَانِ. وَرُدَّ بِأَنَّهُ سَهْوٌ لِمَا فِيهِ فِي بَابِهِ وَفِي الْعَزِيزِ هُنَا، وَجَمْعُ الْكِتَابِ بَيْنَ نَفْيِ الْوَلَدِ وَدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ تَصْوِيرٌ أَوْ قَيْدٌ لِلْخِلَافِ فَفِي الرَّوْضَةِ، لَهُ نَفْيُهُ بِالْيَمِينِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الِاسْتِبْرَاءَ، فَإِنْ نَكَلَ فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا تَوَقُّفُ اللُّحُوقِ عَلَى يَمِينِهَا فَإِنْ نَكَلَتْ فَيَمِينُ الْوَلَدِ بَعْدَ بُلُوغِهِ. وَثَانِيهِمَا وَهُوَ الْأَصَحُّ لُحُوقُ الْوَلَدِ بِنُكُولِهِ. وَقَضِيَّةُ عِبَارَتِهِ أَنَّ اقْتِصَارَهُ عَلَى دَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ كَافٍ فِي نَفْيِهِ عَنْهُ إذَا حَلَفَ عَلَيْهِ (فَإِنْ أَنْكَرَتْ الِاسْتِبْرَاءَ) وَقَدْ ادَّعَتْ عَلَيْهِ أُمِّيَّةَ الْوَلَدِ (حَلَفَ) وَيَكْفِي فِي حَلِفِهِ (أَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ مِنْهُ) وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلِاسْتِبْرَاءِ كَمَا فِي نَفْيِ وَلَدِ الْحُرَّةِ وَإِذَا حَلَفَ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ فَهَلْ يَقُولُ اسْتَبْرَأْتُهَا قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وِلَادَتِهَا هَذَا الْوَلَدَ أَوْ يَقُولُ وَلَدَتْهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ اسْتِبْرَائِي؟ فِيهِ وَجْهَانِ: الْأَوْجَهُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَافٍ فِي حَلِفِهِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ (وَقِيلَ يَجِبُ تَعَرُّضُهُ لِلِاسْتِبْرَاءِ) لِيُثْبِتَ بِذَلِكَ دَعْوَاهُ (وَلَوْ ادَّعَتْ اسْتِيلَادًا فَأَنْكَرَ أَصْلَ الْوَطْءِ وَهُنَاكَ وَلَدٌ لَمْ) يَلْحَقْهُ لِعَدَمِ ثُبُوتِ الْفِرَاشِ وَلَمْ (يَحْلِفْ) هُوَ (عَلَى الصَّحِيحِ) إذْ لَا وِلَايَةَ لَهَا عَلَى الْوَلَدِ حَتَّى تَنُوبَ عَنْهُ فِي الدَّعْوَى وَلَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ إقْرَارٌ بِمَا يَقْتَضِي اللُّحُوقَ. وَالثَّانِي يَحْلِفُ أَنَّهُ مَا وَطِئَهَا لِأَنَّهُ لَوْ اعْتَرَفَ ثَبَتَ النَّسَبُ، فَإِذَا أَنْكَرَ حَلَفَ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ وَلَدٌ فَلَا يَحْلِفُ جَزْمًا كَمَا قَالَاهُ، لَكِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: يَنْبَغِي حَلِفُهُ جَزْمًا إذَا عُرِضَتْ عَلَى الْبَيْعِ لِأَنَّ دَعْوَاهَا حِينَئِذٍ تَنْصَرِفُ إلَى حُرِّيَّتِهَا لَا إلَى وَلَدِهَا، وَيُرَدُّ بِمَنْعِ قَوْلِهِ لَا إلَى آخِرِهِ بَلْ الِانْصِرَافُ يَتَمَحَّضُ لَهُ إذْ لَا سَبَبَ لِلْحُرِّيَّةِ غَيْرُهُ، وَأَيْضًا هُوَ حَاضِرٌ وَالْحُرِّيَّةُ مُنْتَظِرَةٌ وَالِانْصِرَافُ لِلْحَاضِرِ أَقْوَى فَيَتَعَيَّنُ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ صِحَّةَ دَعْوَى الْأَمَةِ الِاسْتِيلَادَ وَهُوَ كَذَلِكَ (وَلَوْ) (قَالَ) مَنْ أَتَتْ مَوْطُوءَتُهُ بِوَلَدٍ (وَطِئْت) هَا (وَعَزَلْت) عَنْهَا (لَحِقَهُ) الْوَلَدُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُ مِنْ غَيْرِ إحْسَاسٍ بِهِ وَلِأَنَّ أَحْكَامَ الْوَطْءِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْإِنْزَالُ. وَالثَّانِي لَا يَلْحَقُهُ كَدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ بِذَلِكَ) أَيْ بِالْحَلِفِ مَعَ الِاسْتِبْرَاءِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا بُدَّ فِيهِ) أَيْ فِرَاشِ التَّسَرِّي (قَوْلُهُ: فَفِي الرَّوْضَةِ) بَيَانٌ لِمَنْشَإِ السَّهْوِ وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ أَنَّ جَمْعَ الْكِتَابِ بَيْنَ نَفْيٍ إلَخْ تَصْوِيرٌ (قَوْلُهُ وَإِذَا حَلَفَ) أَيْ إذَا قُلْنَا بِالرُّجُوعِ أَنَّهُ يَجِبُ تَعَرُّضُهُ لِلِاسْتِبْرَاءِ أَوْ تَبَرَّعَ بِالتَّعَرُّضِ لِلِاسْتِبْرَاءِ أَوْ إنْ قُلْنَا لَا يَجِبُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْحَقْهُ) أَيْ وَإِنْ أَشْبَهَهُ بَلْ وَإِنْ أَلْحَقَهُ بِهِ الْقَائِفُ لِانْتِفَاءِ سَبَبِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْلِفُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ ثُمَّ بَعْدَ دَعْوَاهَا تَطْلُبُ مِنْهُ جَوَابَ مَنْعِهِ بِطَرِيقِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ) ، وَإِنْ وَافَقَتْهُ الْأَمَةُ: يَعْنِي: وَلَا بُدَّ مِنْ حَلِفِهِ، وَإِنْ وَافَقَتْهُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ.) لَعَلَّهُ رَاجِعٌ إلَى مَنْطُوقِ الْمَتْنِ: أَيْ إذَا كَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ بِدَلِيلِ قَوْلِ الشَّارِحِ بَعْدُ وَأَيْضًا هُوَ حَاضِرٌ إلَخْ. فَلْيُرَاجَعْ كَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ.

[كتاب الرضاع]

كِتَابُ الرَّضَاعِ هُوَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِهِ وَقَدْ تُبْدَلُ ضَادُهُ تَاءً، لُغَةً: اسْمٌ لِمَصِّ الثَّدْيِ وَشُرْبِ لَبَنِهِ، وَشَرْعًا اسْمٌ لِحُصُولِ لَبَنِ امْرَأَةٍ أَوْ مَا حَصَلَ مِنْهُ فِي جَوْفِ طِفْلٍ بِشُرُوطٍ تَأْتِي، وَهِيَ مَعَ مَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهَا الْمَقْصُودُ بِالْبَابِ، وَأَمَّا مُطْلَقُ التَّحْرِيمِ بِهِ فَقَدْ مَرَّ فِي بَابِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ. وَالْأَصْلُ فِيهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ، وَسَبَبُ تَحْرِيمِهِ أَنَّ اللَّبَنَ جُزْءُ الْمُرْضِعَةِ وَقَدْ صَارَ مِنْ أَجْزَاءِ الرَّضِيعِ فَأَشْبَهَ مَنِيَّهَا فِي النَّسَبِ، وَلِقُصُورِهِ عَنْهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ مِنْ أَحْكَامِهِ سِوَى الْمَحْرَمِيَّةِ دُونَ نَحْوِ إرْثٍ وَعِتْقٍ وَسُقُوطِ قَوَدٍ وَرَدِّ شَهَادَةٍ، وَفِي وَجْهٍ ذَكَرَهُ هُنَا مَعَ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ الْأَنْسَبُ بِهِ ذِكْرُهُ عَقِبَ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ غُمُوضٌ. وَقَدْ يُقَالُ فِيهِ إنَّ الرَّضَاعَ وَالْعِدَّةَ بَيْنَهُمَا تَشَابُهٌ فِي تَحْرِيمِ النِّكَاحِ فَجُعِلَ عَقِبَهَا لَا عَقِبَ تِلْكَ لِأَنَّ ذَاكَ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ إلَّا الذَّوَاتُ الْمُحَرَّمَةُ، الْأَنْسَبُ بِمَحَلِّهِ مِنْ ذِكْرِ شُرُوطِ التَّحْرِيمِ، وَأَرْكَانُهُ رَضِيعٌ وَلَبَنٌ وَمُرْضِعٌ (إنَّمَا يَثْبُتُ) الرَّضَاعُ الْمُحَرِّمُ (بِلَبَنِ امْرَأَةٍ) لَا رَجُلٍ لِأَنَّ لَبَنَهُ لَا يَصْلُحُ لِلْغِذَاءِ، نَعَمْ يُكْرَهُ لَهُ وَلِفَرْعِهِ نِكَاحُ مَنْ ارْتَضَعَتْ مِنْهُ لِلْخِلَافِ فِيهِ وَلَا خُنْثَى مَا لَمْ يَبِنْ أُنْثَى، وَلَا بَهِيمَةٍ فِيمَا لَوْ ارْتَضَعَ مِنْهَا ذَكَرٌ وَأُنْثَى لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِغِذَاءِ الْوَلَدِ صَلَاحِيَّةَ لَبَنِ الْآدَمِيَّةِ وَلِأَنَّ الْأُخُوَّةَ لَا تَثْبُتُ بِدُونِ الْأُمُومَةِ أَوْ الْأُبُوَّةِ وَإِنْ أَمْكَنَ ثُبُوتُ الْأُمُومَةِ دُونَ الْأُبُوَّةِ وَعَكْسُهُ كَمَا يَأْتِي آدَمِيَّةٌ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَلَا يَثْبُتُ بِلَبَنِ جِنِّيَّةٍ لِأَنَّهُ تِلْوَ النَّسَبِ لِخَبَرِ «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» وَاَللَّهُ قَطَعَ النَّسَبَ بَيْنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قِيلَ إنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSكِتَابُ الرَّضَاعِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: وَالرَّضَاعَةُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا، وَقَدْ رَضِعَ الصَّبِيُّ أُمَّهُ بِكَسْرِ الضَّاد يَرْضَعُهَا بِفَتْحِهَا رَضَاعًا. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَتَقُولُ أَهْلُ نَجْدٍ رَضَعَ يَرْضِعُ بِفَتْحِ الضَّادِ فِي الْمَاضِي وَكَسْرِهَا فِي الْمُضَارِعِ رَضَعًا كَضَرَبَ يَضْرِبُ ضَرْبًا، وَأَرْضَعَتْهُ امْرَأَةٌ وَامْرَأَةٌ مُرْضِعٌ: أَيْ لَهَا وَلَدٌ تُرْضِعُهُ، فَإِنْ وَصَفْتهَا بِإِرْضَاعِهِ قُلْت مُرْضِعَةٌ اهـ. وَفِي الْمُخْتَارِ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذُكِرَ: وَارْتَضَعَتْ الْعَنْزُ: أَيْ شَرِبَتْ لَبَنَ نَفْسِهَا اهـ. وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُقَالُ ارْتَضَعَ الصَّبِيُّ إذَا شَرِبَ لَبَنَ أُمِّهِ أَوْ غَيْرِهَا، وَإِنَّمَا يُقَالُ رَضِعَ بِكَسْرِ الضَّادِ وَفَتْحِهَا عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ تُبْدَلُ ضَادُهُ) ظَاهِرُهُ عَلَى اللُّغَتَيْنِ، وَعِبَارَةُ الْخَطِيبِ: وَإِثْبَاتُ التَّاءِ مَعَهُمَا (قَوْلُهُ: وَشُرْبُ لَبَنِهِ) عَطْفٌ مُغَايِرٌ (قَوْلُهُ: أَوْ مَا حَصَلَ مِنْهُ) كَالزُّبْدِ وَالْجُبْنِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ الشُّرُوطُ (قَوْلُهُ: وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ) أَيْ عَلَى أَصْلِ التَّحْرِيمِ بِهِ وَإِلَّا فَفِي تَفَاصِيلِهِ خِلَافٌ بَيْنَهُمْ (قَوْلُهُ: فَأَشْبَهَ مَنِيَّهَا) أَيْ وَلَمَّا كَانَ حُصُولُهُ بِسَبَبِ الْوَلَدِ الْمُنْعَقِدِ مِنْ مَنِيِّهَا وَمَنِيِّ الْفَحْلِ سَرَى إلَى الْفَحْلِ وَأُصُولِهِ وَحَوَاشِيهِ كَمَا يَأْتِي وَنَزَلَ مَنْزِلَةَ مَنِيِّهِ فِي النَّسَبِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَلِقُصُورِهِ) أَيْ اللَّبَنِ، وَقَوْلُهُ عَنْهُ: أَيْ الْمَنِيِّ (قَوْلُهُ: دُونَ نَحْوِ إرْثٍ) أَيْ كَالْحُدُودِ وَعَدَمِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ وَعَدَمِ حَبْسِ الْوَالِدِ لِدَيْنِ وَلَدِهِ (قَوْلُهُ غُمُوضٌ) أَيْ خَفَاءٌ (قَوْلُهُ: وَلِفَرْعِهِ) أَيْ وَلِأُصُولِهِ وَحَوَاشِيهِ عَلَى قِيَاسِ مَا يَأْتِي مِنْ انْتِشَارِ الْحُرْمَةِ إلَى أُصُولٍ وَفُرُوعٍ وَحَوَاشِي الْمُرْضِعَةِ وَذِي اللَّبَنِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَمْكَنَ ثُبُوتُ الْأُمُومَةِ) أَيْ كَمَا لَوْ أَرْضَعَتْ الْبِكْرُ طِفْلًا (قَوْلُهُ: وَعَكْسُهُ كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ خَمْسُ مُسْتَوْلَدَاتٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ تِلْوَ النَّسَبِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الرَّضَاعِ]

الْأَصَحَّ حُرْمَةُ تَنَاكُحِهِمَا. أَمَّا عَلَى مَا عَلَيْهِ جَمْعٌ مِنْ حِلِّهِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ فَيَحْرُمُ (حَيَّةٍ) حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً لَا مَنْ حَرَكَتُهَا حَرَكَةُ مَذْبُوحٍ وَلَا مَيِّتَةٍ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ، كَمَا لَا تَثْبُتُ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ بِوَطْئِهَا وَلِأَنَّهُ مُنْفَصِلٌ مِنْ جُثَّةٍ مُنْفَكَّةٍ عَنْ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ كَالْبَهِيمَةِ، وَبِهِ انْدَفَعَ قَوْلُهُمْ اللَّبَنُ لَا يَمُوتُ فَلَا عِبْرَةَ بِظَرْفِهِ كَلَبَنِ حَيَّةٍ فِي سِقَاءٍ نَجَسٍ، نَعَمْ يُكْرَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِقُوَّةِ الْخِلَافِ فِيهِ (بَلَغَتْ تِسْعَ سِنِينَ) قَمَرِيَّةً تَقْرِيبًا بِالْمَعْنَى السَّابِقِ فِي الْحَيْضِ وَلَوْ بِكْرًا خَلِيَّةً دُونَ مَنْ لَمْ تَبْلُغْ ذَلِكَ لِأَنَّهَا لَا تَحْتَمِلُ الْوِلَادَةَ وَاللَّبَنُ الْمُحَرِّمُ فَرْعُهَا (وَلَوْ حَلَبَتْ لَبَنَهَا) الْمُحَرِّمَ وَهُوَ الْخَامِسَةُ أَوْ خَمْسُ دَفَعَاتٍ أَوْ حَلَبَهُ غَيْرُهَا أَوْ نَزَلَ مِنْهَا بِلَا حَلْبٍ (فَأَوْجَرَهُ) طِفْلٌ مَرَّةً فِي الْأُولَى أَوْ خَمْسَ مَرَّاتٍ فِي الثَّانِيَةِ (بَعْدَ مَوْتِهَا حَرَّمَ) بِالتَّشْدِيدِ هُنَا وَفِيمَا بَعْدُ (فِي الْأَصَحِّ) لِانْفِصَالِهِ مِنْهَا وَهِيَ غَيْرُ مُنْفَكَّةٍ عَنْ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ. وَالثَّانِي لَا يُحَرِّمُ لِبُعْدِ إثْبَاتِ الْأُمُومَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ لِانْفِصَالِهِ مِنْهَا وَهُوَ حَلَالٌ مُحْتَرَمٌ: أَيْ لِأَنَّهُ يَصِحُّ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَى الْإِرْضَاعِ بِهِ وَإِنْ كَانَ تَابِعًا لِفِعْلِهَا بِخِلَافِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَإِلَّا فَلَبَنُ الْمَيْتَةِ طَاهِرٌ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ النَّجَاسَةِ (وَلَوْ) (جُبِّنَ أَوْ نُزِعَ مِنْهُ زُبْدٌ) وَأُطْعِمَ الطِّفْلُ ذَلِكَ الْجُبْنَ أَوْ الزُّبْدَ أَوْ سَقَاهُ الْمَنْزُوعَ مِنْهُ الزُّبْدُ (حَرَّمَ) لِحُصُولِ التَّغَذِّي (وَلَوْ) (خُلِطَ) اللَّبَنُ (بِمَائِعٍ) أَوْ جَامِدٍ (حَرَّمَ إنْ غَلَبَ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ الْمَائِعَ بِأَنْ ظَهَرَ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ وَإِنْ شَرِبَ الْبَعْضَ لِأَنَّهُ الْمُؤَثِّرُ حِينَئِذٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ تَابِعٌ (قَوْلُهُ فَيَحْرُمُ) وَعَلَيْهِ فَتَعْبِيرُ الشَّافِعِيِّ بِالْآدَمِيَّةِ لَمْ يُرِدْ بِهِ الِاحْتِرَازَ عَنْ الْجِنِّيَّةِ لِنُدْرَةِ الِارْتِضَاعِ مِنْهَا (قَوْلُهُ: لَا مِنْ حَرَكَتِهَا حَرَكَةَ مَذْبُوحٍ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ كحج أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي وُصُولِهَا إلَى ذَلِكَ الْحَدِّ بَيْنَ كَوْنِهِ بِجِنَايَةٍ أَوْ بِدُونِهَا وَالْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْجِنَايَاتِ مِنْ أَنَّ مَنْ وَصَلَ إلَى تِلْكَ الْحَالَةِ بِلَا جِنَايَةٍ حُكْمُهُ حُكْمُ الصَّحِيحِ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِالْأَوَّلِ فَلْيُرَاجَعْ. لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ رَضِيعٌ حَيٌّ مِنْ قَوْلِهِ لِانْتِفَاءِ طَبَقَتِي أَنَّ الْمُدْرِكَ هُنَا غَيْرُهُ ثَمَّ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَالَيْنِ فِي عَدَمِ ثُبُوتِ الرَّضَاعِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ مُنْفَصِلٌ مِنْ جُثَّةٍ) لَوْ قَالَ لِأَنَّ الْمُنْفَصِلَ بَعْدَ مَوْتِهَا لَا يُقْصَدُ بِهِ الْغِذَاءُ وَلَا يَصْلُحُ صَلَاحِيَةَ لَبَنِ الْحَيَّةِ لَكَانَ مُوَافِقًا لِمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ السَّابِقِ بِأَنَّ لَبَنَ غَيْرِ الْآدَمِيَّةِ مِنْ الرَّجُلِ وَغَيْرِهِ لَا يَصْلُحُ لِغِذَاءِ الْوَلَدِ صَلَاحِيَّةَ لَبَنِ الْآدَمِيَّةِ (قَوْلُهُ مُنْفَكَّةٍ عَنْ الْحِلِّ) أَيْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا إبَاحَةُ شَيْءٍ لَهَا وَلَا تَحْرِيمُ شَيْءٍ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ هِيَ مُحْتَرَمَةً فِي نَفْسِهَا بِحَيْثُ يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهَا بِمَا يَحْرُمُ بِهِ التَّعَرُّضُ لِلْحَيَّةِ، وَلَا تَرِدُ الصَّغِيرَةُ لِأَنَّهَا تُمْنَعُ مِنْ فِعْلِ الْمُحَرَّمِ كَمَا تُمْنَعُ الْبَالِغَةُ وَيُؤْذَنُ لَهَا فِي فِعْلِ غَيْرِهِ فَهِيَ شَبِيهَةٌ بِالْمُكَلَّفَةِ بَلْ تُؤْمَرُ وُجُوبًا بِالْعِبَادَاتِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ بَابِهِ (قَوْلُهُ نَعَمْ يُكْرَهُ) أَيْ نِكَاحُ مَنْ تَحْرُمُ مُنَاكَحَتُهَا بِتَقْدِيرِ الرَّضَاعِ مِنْهَا حَيَّةً. [فَرْعٌ] لَوْ خَرَجَ اللَّبَنُ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ فَهَلْ يُؤَثِّرُ مُطْلَقًا أَوْ فِيهِ نَحْوُ تَفْصِيلِ الْغُسْلِ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ ذَلِكَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَعَلَّ الْقِيَاسَ الثَّانِيَ، وَكَذَا لَوْ خَرَجَ مِنْ ثَدْيٍ زَائِدٍ فَهَلْ يُؤَثِّرُ مُطْلَقًا أَوْ يُفْصَلُ فِيهِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: الْقِيَاسُ الثَّانِي أَيْضًا إنْ قُلْنَا الْخَارِجُ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ لَا يَحْرُمُ. وَأَمَّا إذَا قُلْنَا بِالتَّحْرِيمِ وَهُوَ الْقِيَاسُ حَيْثُ خَرَجَ مُسْتَحْكِمًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ فَلَا وَجْهَ لِلتَّرَدُّدِ هُنَا، إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ وَقَوْلُ سم أَوْ فِيهِ نَحْوُ تَفْصِيلِ الْغُسْلِ: أَيْ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ خَرَجَ مُسْتَحْكَمًا بِأَنْ لَمْ يَحِلَّ خُرُوجُهُ عَلَى مَرَضٍ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا، وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ انْخَرَقَ ثَدْيُهَا وَخَرَجَ مِنْهُ اللَّبَنُ فَلَا يُقَالُ فِيهِ هَذَا التَّفْصِيلُ، بَلْ يُقَالُ الْأَقْرَبُ التَّحْرِيمُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ انْكَسَرَ صُلْبُهُ فَخَرَجَ مَنِيُّهُ حَيْثُ قَالُوا بِوُجُوبِ الْغُسْلِ فِيهِ، وَمِثْلُهُ فِي التَّحْرِيمِ مَا لَوْ اُسْتُؤْصِلَ ثَدْيُهَا وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ وَخَرَجَ اللَّبَنُ مِنْ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ: بِالْمَعْنَى السَّابِقِ) وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ نَقْصُهَا عَنْ التِّسْعِ بِمَا لَا يَسَعُ حَيْضًا وَطُهْرًا (قَوْلُهُ: أَوْ الزُّبْدُ) أَيْ أَوْ السَّمْنُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى، وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: وَشَرْطٌ فِي اللَّبَنِ وُصُولُهُ أَوْ وُصُولُ مَا حَصَلَ مِنْهُ مِنْ جُبْنٍ أَوْ غَيْرِهِ جَوْفًا، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: قَوْلُهُ أَوْ غَيْرُهُ يَشْمَلُ السَّمْنَ وَهُوَ مُتَّجَهٌ (قَوْلُهُ: أَوْ سَقَاهُ الْمَنْزُوعُ مِنْهُ) خَرَجَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَيْ لِأَنَّهُ يَصِحُّ إلَخْ.) هُوَ خَبَرُ قَوْلِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَرِبَ الْبَعْضَ) هَلَّا قَيَّدَ الْبَعْضَ بِمَا يَأْتِي مِنْهُ

(فَإِنْ غُلِبَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ بِأَنْ زَالَ طَعْمُهُ وَلَوْنُهُ وَرِيحُهُ حِسًّا وَتَقْدِيرًا بِالْأَشَدِّ، وَالْحَالُ أَنَّهُ يَأْتِي مِنْهُ خَمْسُ دَفَعَاتٍ كَمَا نَقَلَاهُ وَأَقَرَّاهُ، وَحَكَى عَنْ النَّصِّ خِلَافَهُ. قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ الْفِطْرَةَ وَحْدَهَا مُؤَثِّرَةٌ إذَا وَصَلَ إلَيْهِ فِي خَمْسِ دَفَعَاتٍ مَا وَقَعَتْ فِيهِ، وَجُعِلَ أَنَّ اخْتِلَاطَ اللَّبَنِ بِغَيْرِهِ لَيْسَ كَانْفِرَادِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي انْفِصَالِهِ عَدَدٌ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ (وَشَرِبَ) الرَّضِيعُ (الْكُلَّ) عَلَى خَمْسِ رَضَعَاتٍ أَوْ كَانَ هُوَ الْخَامِسَةَ (قِيلَ أَوْ الْبَعْضَ حَرَّمَ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ اللَّبَنَ فِي شُرْبِ الْكُلِّ وَصَلَ لِجَوْفِهِ يَقِينًا فَحَصَلَ التَّغَذِّي الْمَقْصُودُ، وَبِهِ فَارَقَ عَدَمَ تَأْثِيرِ نَجَاسَةٍ اُسْتُهْلِكَتْ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ لِانْتِفَاءِ اسْتِقْذَارِهَا حِينَئِذٍ وَعَدَمِ حَدٍّ بِخَمْرٍ اُسْتُهْلِكَتْ فِي غَيْرِهَا لِانْتِفَاءِ الشِّدَّةِ الْمُطْرِبَةِ وَعَدَمِ فِدْيَةٍ بِطَعَامٍ فِيهِ طِيبٌ اُسْتُهْلِكَ لِزَوَالِ التَّطَيُّبِ. وَالثَّانِي لَا يُحَرِّمُ لِأَنَّ الْمَغْلُوبَ الْمُسْتَهْلَكَ كَالْمَعْدُومِ، وَشُرْبُ الْبَعْضِ لَا يُحَرِّمُ فِي الْأَصَحِّ لِانْتِفَاءِ تَحَقُّقِ وُصُولِ اللَّبَنِ مِنْهُ إلَى الْجَوْفِ، فَإِنْ تَحَقَّقَ كَأَنْ بَقِيَ مِنْ الْمَخْلُوطِ أَقَلُّ مِنْ قَدْرِ اللَّبَنِ حَرَّمَ جَزْمًا، وَلَوْ زَايَلَتْ اللَّبَنَ الْمُخَالِطَ لِغَيْرِهِ أَوْصَافُهُ اُعْتُبِرَ بِمَا لَهُ لَوْنٌ قَوِيٌّ يَسْتَوْلِي عَلَى الْخَلِيطِ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ، وَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَنْزُوعُ مِنْهُ الْجُبْنُ فَلَا يَحْرُمُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ دُسُومَةٌ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ انْسَلَخَ عَنْهُ اسْمُ اللَّبَنِ وَصِفَاتُهُ (قَوْلُهُ بِأَنْ ظَهَرَ لَوْنُهُ) يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِظُهُورِ اللَّوْنِ مَا يَشْمَلُ الْحِسِّيَّ وَالتَّقْدِيرِيَّ كَمَا فِي الْمِيَاهِ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ الْآتِي حِسًّا وَتَقْدِيرًا بِالْأَشَدِّ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا وَلَوْ زَايَدَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْمُؤَثِّرُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ غَلَبَ (قَوْلُهُ: خَمْسُ دَفَعَاتٍ) أَيْ وَانْفَصَلَ فِي خَمْسِ دَفَعَاتٍ وَشَرِبَهُ فِي خَمْسِ دَفَعَاتٍ (قَوْلُهُ مَا وَقَعَتْ فِيهِ) قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: وَيَرُدُّهُ مَا سَيَأْتِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ انْفِصَالُهُ فِي مَرَّةٍ وَوُصُولُهُ فِي خَمْسٍ لَمْ يُؤَثِّرْ اهـ: أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا يَأْتِي، لَكِنْ يَجُوزُ أَنَّ هَذَا الْبَعْضَ بَنَاهُ عَلَى مُقَابِلِهِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَفِي قَوْلِ خَمْسٍ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ " وَجَعَلَ " أَنَّ اخْتِلَاطَ اللَّبَنِ إلَخْ يَمْنَعُ مَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ الزِّيَادِيُّ فِي الرَّدِّ (قَوْلُهُ: خَمْسِ رَضَعَاتٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ جَلَبَ مِنْهَا فِي دَفْعَةٍ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الْمَتْنِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ انْفَصَلَ فِي مَرَّةٍ وَشَرِبَهُ فِي خَمْسِ دَفَعَاتٍ يُعَدُّ رَضْعَةً أَنَّهُ يُعْتَبَرُ لِتَعَدُّدِهِ هُنَا انْفِصَالُهُ فِي خَمْسٍ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُخْتَلِطِ بِغَيْرِهِ التَّعَدُّدُ فِي الِانْفِصَالِ فَلْيُرَاجَعْ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: هُوَ فِي غَايَةِ التَّعَسُّفِ، وَالصَّوَابُ خِلَافُ ذَلِكَ وَاسْتِوَاءُ الْمَسْأَلَتَيْنِ اهـ. وَيُوَافِقُ قَوْلُ سم قَوْلَ الشَّارِحِ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ هُوَ) أَيْ الْمَخْلُوطُ (قَوْلُهُ: أَقَلُّ مِنْ قَدْرِ اللَّبَنِ) قَدْ يُقَالُ بَقَاءُ الْأَقَلِّ لَا يَقْتَضِي تَحَقُّقَ الْوُصُولِ فِي خَمْسِ دَفَعَاتٍ لِاحْتِمَالِ خُلُوِّ بَعْضِ الْخَمْسِ عَنْهُ لِانْحِصَارِهِ فِي غَيْرِهَا مِمَّا شَرِبَ أَوْ مِمَّا بَقِيَ أَيْضًا، إلَّا أَنْ يَخُصَّ هَذَا بِمَا إذَا كَانَ الْمَشْرُوبُ هُوَ الْخَامِسَةُ فَقَطْ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِيمَا لَوْ شَرِبَ جَمِيعَ الْمَخْلُوطِ بِهِ فِي خَمْسِ دَفَعَاتٍ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ بَعْضُهَا خَالِيًا مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ زَايَلَتْ اللَّبَنَ) أَيْ فَارَقَتْ اللَّبَنَ هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ وَتَقْدِيرًا بِالْأَشَدِّ، لَكِنَّهُ ذَكَرَهُ لِلْإِيضَاحِ وَلِلتَّصْرِيحِ بِأَنَّ اللَّوْنَ الْوَاقِعَ فِي كَلَامِهِمْ لَيْسَ قَيْدًا ثُمَّ اعْتِبَارُ مَا ذُكِرَ تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQخَمْسُ دَفَعَاتٍ كَمَا صَنَعَ فِيمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَالْحَالُ أَنَّهُ يَأْتِي مِنْهُ خَمْسُ دَفَعَاتٍ) أَيْ أَوْ كَانَ هُوَ الْخَامِسَةَ نَظِيرُ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ فِي شُرْبِ الْكُلِّ إلَخْ.) قَدْ يُقَالُ إنَّ وُصُولَ اللَّبَنِ بِمُجَرَّدِهِ لَيْسَ كَافِيًا فِي التَّحْرِيمِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ وُصُولِ خُصُوصِ اللَّبَنِ فِي خَمْسِ دَفَعَاتٍ. فَإِنْ قِيلَ: إنَّ اللَّبَنَ بِاخْتِلَاطِهِ صَارَ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَائِعِ جَزْءًا مِنْهُ، قُلْنَا: فَكَانَتْ تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ بِشُرْبِ الْبَعْضِ إذَا شَرِبَهُ فِي خَمْسِ دَفَعَاتٍ: أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّ اللَّبَنَ يَتَأَتَّى مِنْهُ فِي نَفْسِهِ خَمْسُ دَفَعَاتٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَحَقَّقَ) فِيهِ مَا قَدَّمْته (قَوْلُهُ: كَأَنْ بَقِيَ مِنْ الْمَخْلُوطِ أَقَلُّ إلَخْ.) لَا خَفَاءَ أَنَّ التَّحَقُّقَ يَحْصُلُ

أَقْوَى مَا يُنَاسِبُ لَوْنَ اللَّبَنِ أَوْ طَعْمَهُ أَوْ رِيحَهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ أَوَّلَ الطَّهَارَةِ فِي التَّغَيُّرِ التَّقْدِيرِيِّ بِالْأَشَدِّ فَاقْتِصَارُهُمْ هُنَا عَلَى اللَّوْنِ كَأَنَّهُ مِثَالٌ، وَلَبَنُ امْرَأَتَيْنِ اخْتَلَطَ يُثْبِتُ أُمُومَتَهُمَا وَفِي الْمَغْلُوبِ مِنْهُمَا التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ فَتَثْبُتُ الْأُمُومَةُ لِغَالِبَةِ اللَّبَنِ وَكَذَا الْمَغْلُوبَةُ بِشَرْطِهِ السَّابِقِ (وَيَحْرُمُ إيجَارٌ) وَهُوَ صَبُّ اللَّبَنِ فِي الْحَلْقِ قَهْرًا لِحُصُولِ التَّغَذِّي بِهِ، وَمِنْ ثَمَّ اُشْتُرِطَ وُصُولُهُ لِلْمَعِدَةِ وَلَوْ مِنْ جَائِفَةٍ لَا مَسَامَّ، فَلَوْ تَقَيَّأَهُ قَبْلَ وُصُولِهَا يَقِينًا لَمْ يُحَرِّمْ (وَكَذَا إسْعَاطٌ) بِأَنْ صُبَّ اللَّبَنُ مِنْ الْأَنْفِ حَتَّى وَصَلَ لِلدِّمَاغِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِذَلِكَ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِيهِ قَوْلَانِ كَالْحُقْنَةِ (لَا حُقْنَةً فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهَا لِإِسْهَالِ مَا انْعَقَدَ فِي الْأَمْعَاءِ فَلَمْ يَكُنْ فِيهَا تَغَذٍّ، وَمِثْلُهَا صَبُّهُ فِي نَحْوِ أُذُنٍ أَوْ قُبُلٍ. وَالثَّانِي يَحْرُمُ كَمَا يَحْصُلُ بِهَا الْفِطْرُ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ مَنُوطٌ بِمَا يَصِلُ إلَى جَوْفٍ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعِدَةً وَلَا دِمَاغًا بِخِلَافِهِ هُنَا، وَلِهَذَا لَمْ يُحَرِّمْ تَقْطِيرٌ فِي أُذُنٍ أَوْ جِرَاحَةٍ إذَا لَمْ يَصِلْ إلَى مَعِدَةٍ (وَشَرْطُهُ) أَيْ الرَّضَاعِ الْمُحَرِّمِ: أَيْ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فِيهِ فَلَا يُنَافِي عَدَّهُ فِيمَا مَرَّ رُكْنًا (رَضِيعٌ حَيٌّ) حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً فَلَا أَثَرَ لِوُصُولِهِ لِجَوْفِ مَنْ حَرَكَتُهُ حَرَكَةَ مَذْبُوحٍ وَمَيِّتٍ اتِّفَاقًا لِانْتِفَاءِ التَّغَذِّي (لَمْ يَبْلُغْ) فِي ابْتِدَاءِ الْخَامِسَةِ (سَنَتَيْنِ) بِالْأَهِلَّةِ مَا لَمْ يَنْكَسِرْ أَوَّلُ شَهْرٍ فَيُتَمِّمُ ثَلَاثِينَ مِنْ الشَّهْرِ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ، فَإِنْ بَلَغَهَا لَمْ يُحَرِّمْ وَيَحْسِبَانِ مِنْ تَمَامِ انْفِصَالِهِ لَا مِنْ أَثْنَائِهِ، وَإِنْ رَضَعَ وَطَالَ زَمَنُ الِانْفِصَالِ، وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ فَلَا تَحْرِيمَ لِخَبَرِ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيِّ «لَا رَضَاعَ إلَّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ» وَخَبَرِ «لَا رَضَاعَ إلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ وَكَانَ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ» وَخَبَرِ مُسْلِمٍ فِي سَالِمٍ الَّذِي أَرْضَعَتْهُ زَوْجَةُ مَوْلَاهُ أَبِي حُذَيْفَةَ وَهُوَ رَجُلٌ لِيَحِلَّ لَهُ نَظَرُهَا بِإِذْنِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَمَّا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ فَلَا لِأَنَّ الْغَالِبَ يَحْرُمُ قَطْعًا وَالْمَغْلُوبُ فِي الْأَظْهَرِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْمَغْلُوبِ مِنْهُمَا) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْمَغْلُوبِ هُنَا فَإِنَّ الْمَعْنَى الْمُعْتَبَرَ فِي اخْتِلَاطِ اللَّبَنِ بِغَيْرِهِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَلَبَةِ ظُهُورُ أَوْصَافِ اللَّبَنِ لَا يَأْتِي هُنَا، وَقَدْ يُقَالُ: يُفْرَضُ أَحَدُ اللَّبَنَيْنِ مِنْ نَوْعٍ مُخَالِفٍ لِلْآخَرِ فِي أَشَدِّ الصِّفَاتِ، فَإِنْ غَلَبَتْ أَوْصَافُهُ الْمُقَدَّرَةُ عَلَى أَوْصَافِ اللَّبَنِ الْآخَرِ بِحَيْثُ إنَّهَا أَزَالَتْهَا كَانَ الْآخَرُ مَغْلُوبًا وَإِلَّا فَلَا أَخْذًا مِمَّا ذَكَرُوهُ فِيمَا لَوْ اخْتَلَطَ اللَّبَنُ بِمَائِعٍ مُوَافِقٍ لِلَّبَنِ فِي جَمِيعِ صِفَاتِهِ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ السَّابِقِ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي أَقَلَّ مِنْ لَبَنِهَا وَشَرِبَ الْكُلَّ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهَا) أَيْ الْحُقْنَةِ (قَوْلُهُ: فِي نَحْوِ أُذُنٍ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَصِلْ مِنْهَا إلَى الْمَعِدَةِ أَوْ الدِّمَاغِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِأَنَّهُ) أَيْ الْفِطْرُ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَصِلْ إلَى مَعِدَةٍ) أَيْ أَوْ دِمَاغٍ قِيَاسًا عَلَى الْمَعِدَةِ (قَوْلُهُ: حَرَكَةَ مَذْبُوحٍ) فِيهِ مَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ اتِّفَاقًا) أَيْ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَانْظُرْ مَا فَائِدَةُ التَّعَرُّضِ لِهَذِهِ وَنَفْيِ تَأْثِيرِهِ فَإِنَّ التَّحْرِيمَ إنَّمَا يَتَعَدَّى مِنْ الرَّضِيعِ إلَى فُرُوعِهِ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ عَمَّنْ ذُكِرَ، وَأَمَّا أُصُولُهُ وَحَوَاشِيهِ فَلَا يَتَعَدَّى التَّحْرِيمُ إلَيْهِمْ. نَعَمْ تَظْهَرُ فَائِدَةُ ذَلِكَ فِي التَّعَالِيقِ كَمَا لَوْ قَالَ زَوْجُهَا إنْ كَانَ هَذَا ابْنِي مِنْ الرَّضَاعِ فَأَنْت طَالِقٌ، أَوْ يُقَالُ أَيْضًا تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِيمَا لَوْ مَاتَ الرَّضِيعُ عَنْ زَوْجَةِ رَضِيعِهِ أَيْضًا ثُمَّ أَوْجَرَ اللَّبَنَ بَعْدَ الْمَوْتِ. فَإِنْ قُلْنَا بِتَأْثِيرِ الرَّضَاعِ بَعْدَ الْمَوْتِ حَرُمَ عَلَى صَاحِبِ اللَّبَنِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِزَوْجَةِ الرَّضِيعِ لِصَيْرُورَتِهَا زَوْجَةَ ابْنِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَلَغَهَا) أَيْ فِي ابْتِدَاءِ الْخَامِسَةِ اهـ حَجّ. وَبِهِ يَتَّضِحُ قَوْلُهُ الْآتِي أَوْ فِي أَثْنَائِهَا (قَوْلُهُ إلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ) أَيْ دَخَلَ فِيهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَقَايَأَهُ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى الْمَعِدَةِ، فَالْمُرَادُ بِفَتْقِ الْأَمْعَاءِ وُصُولُهُ لِلْمَعِدَةِ (قَوْله وَخَبَرُ مُسْلِمٍ فِي سَالِمٍ) قَدْ تُشْكِلُ قَضِيَّةُ سَالِمٍ بِأَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ الْمُجَوِّزَةَ لِلنَّظَرِ إنَّمَا تَحْصُلُ بِتَمَامِ الْخَامِسَةِ فَهِيَ قَبْلَهَا أَجْنَبِيَّةٌ يَحْرُمُ نَظَرُهَا وَمَسُّهَا فَكَيْفَ جَازَ لِسَالِمٍ الِارْتِضَاعُ مِنْهَا الْمُسْتَلْزِمُ عَادَةً لِلْمَسِّ وَالنَّظَرِ قَبْلَ تَمَامِ الْخَامِسَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِنْ بَقِيَ مِنْ الْمَخْلُوطِ قَدْرُ اللَّبَنِ، فَأَكْثَرُ لِأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْضُهُ مِنْ اللَّبَنِ وَبَعْضُهُ مِنْ الْخَلِيطِ قَطْعًا فَهَذَا الْبَعْضُ مِنْ الْخَلِيطِ بَدَلُ جُزْءٍ ذَهَبَ مِنْ اللَّبَنِ قَطْعًا بَلْ الذَّاهِبُ هُوَ الْجُزْءُ الْأَعْظَمُ، إذْ الصُّورَةُ أَنَّ اللَّبَنَ مَغْلُوبٌ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا مَرَّ أَوَّلَ الطَّهَارَةِ) قَدْ يُقَالُ لَمْ يَمُرَّ أَوَّلُ الطَّهَارَةِ اعْتِبَارُ مَا يُنَاسِبُ النَّجَاسَةَ بَلْ الَّذِي مَرَّ اعْتِبَارُهُ إنَّمَا هُوَ أَشَدُّ

[شروط الرضاع المحرم]

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاصٌّ بِهِ أَوْ مَنْسُوخٌ كَمَا مَالَ إلَيْهِ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَوْ فِي أَثْنَائِهَا حَرَّمَ (وَخَمْسُ رَضَعَاتٍ) أَوْ أَكَلَاتٍ مِنْ نَحْوِ خُبْزٍ عُجِنَ بِهِ أَوْ الْبَعْضُ مِنْ هَذَا وَالْبَعْضُ مِنْ هَذَا، لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - بِذَلِكَ، وَالْقِرَاءَةُ الشَّاذَّةُ يُحْتَجُّ بِهَا فِي الْأَحْكَامِ كَخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ الْخَمْسُ مُؤَثِّرَةً دُونَ مَا قَبْلَهَا لِأَنَّ الْحَوَاسَّ الَّتِي هِيَ سَبَبُ الْإِدْرَاكِ كَذَلِكَ، وَقُدِّمَ مَفْهُومُ خَبَرِ الْخَمْسِ عَلَى مَفْهُومِ خَبَرِ مُسْلِمٍ أَيْضًا «لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ» لِاعْتِضَادِهِ بِالْأَصْلِ وَهُوَ عَدَمُ التَّحْرِيمِ. لَا يُقَالُ: هَذَا احْتِجَاجٌ بِمَفْهُومِ الْعَدَدِ وَهُوَ غَيْرُ حُجَّةٍ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ. لِأَنَّا نَقُولُ: مَحَلُّ الْخِلَافِ فِيهِ حَيْثُ لَا قَرِينَةَ عَلَى اعْتِبَارِهِ وَهُنَا قَرِينَةٌ عَلَيْهِ وَهُوَ ذِكْرُ نَسْخِ الْعَشْرِ بِالْخَمْسِ وَإِلَّا لَمْ يَبْقَ لِذِكْرِهَا فَائِدَةٌ (وَضَبَطَهُنَّ بِالْعُرْفِ) إذْ لَمْ يَرِدْ لَهُنَّ ضَبْطٌ لُغَةً وَلَا شَرْعًا، وَمُرَادُهُ بِمَا وَرَدَ فِي خَبَرِ «إنَّ الرَّضَاعَ مَا أَنْبَتَ اللَّحْمَ وَانْتَشَرَ فِي الْعَظْمِ» مَا شَأْنُهُ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُمْ: لَوْ طَارَتْ قَطْرَةٌ إلَى فِيهِ فَنَزَلَتْ جَوْفَهُ أَوْ أَسْعَطَهُ قَطْرَةً عُدَّ رَضْعَةً، صَحِيحٌ إذْ لَا يُعَدُّ فِي تَسْمِيَةِ الْعُرْفِ ذَلِكَ رَضْعَةً بِاعْتِبَارِ الْأَقَلِّ (فَلَوْ) (قَطَعَ) الرَّضِيعُ الرَّضَاعَ (إعْرَاضًا) عَنْ الثَّدْيِ أَوْ قَطَعَتْهُ عَلَيْهِ الْمُرْضِعَةُ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ فِيهِمَا وَلَوْ فَوْرًا (تَعَدَّدَ) الرَّضَاعُ وَلَوْ لَمْ يَصِلْ لِجَوْفِهِ مِنْهُ إلَّا قَطْرَةٌ كُلَّ مَرَّةٍ (أَوْ) قَطَعَهُ (لِلَّهْوِ) أَوْ نَحْوِ تَنَفُّسٍ أَوْ ازْدِرَادِ مَا اجْتَمَعَ مِنْهُ فِي فَمِهِ أَوْ قَطَعَتْهُ الْمُرْضِعَةُ لِشُغْلٍ خَفِيفٍ (وَعَادَ فِي الْحَالِ أَوْ تَحَوَّلَ) أَوْ حَوَّلَتْهُ (مِنْ ثَدْيٍ إلَى ثَدْيٍ) آخَرَ لَهَا أَوْ نَامَ خَفِيفًا (فَلَا) تَعَدُّدَ عَمَلًا بِالْعُرْفِ فِي كُلِّ ذَلِكَ بَقِيَ الثَّدْيُ فِي فَمِهِ أَمْ لَا، أَمَّا إذَا تَحَوَّلَ أَوْ حُوِّلَ لِثَدْيِ غَيْرِهَا فَيَتَعَدَّدُ، وَأَمَّا إذَا نَامَ أَوْ الْتَهَى طَوِيلًا، فَإِنْ بَقِيَ الثَّدْيُ بِفَمِهِ لَمْ يَتَعَدَّدْ وَإِلَّا تَعَدَّدَ (وَلَوْ) (حَلَبَ مِنْهَا دَفْعَةً وَأَوْجَرَهُ خَمْسًا أَوْ عَكْسَهُ) أَيْ حَلَبَ خَمْسًا وَأَوْجَرَهُ دَفْعَةً (فَرَضْعَةٌ) اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الِانْفِصَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــSارْتَضَعَ مِنْهَا مَعَ الِاحْتِرَازِ عَنْ الْمَسِّ وَالنَّظَرِ بِحَضْرَةِ مَنْ تَزُولُ الْخَلْوَةُ بِحُضُورِهِ، أَوْ تَكُونُ قَدْ حَلَبَتْ خَمْسَ مَرَّاتٍ فِي إنَاءٍ وَشَرِبَهَا مِنْهُ، أَوْ جُوِّزَ لَهُ وَلَهَا النَّظَرُ وَالْمَسُّ إلَى تَمَامِ الرَّضَاعِ خُصُوصِيَّةً لَهُمَا كَمَا خُصَّا بِتَأْثِيرِ هَذَا الرَّضَاعِ اهـ سم عَلَى حَجّ. [فَرْعٌ] قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَلَوْ حَكَمَ قَاضٍ بِثُبُوتِ الرَّضَاعِ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ نُقِضَ حُكْمُهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ حَكَمَ بِتَحْرِيمٍ بِأَقَلَّ مِنْ الْخَمْسِ فَلَا نَقْضَ اهـ. وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ عَدَمَ التَّحْرِيمِ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ ثَبَتَ بِالنَّصِّ بِخِلَافِهِ بِمَا دُونَ الْخَمْسِ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي أَثْنَائِهَا حَرُمَ) أَيْ لِأَنَّ مَا وَصَلَ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ يُعَدُّ رَضْعَةً (قَوْلُهُ: وَخَمْسُ رَضَعَاتٍ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَلَا أَثَرَ لِدُونِ خَمْسِ رَضَعَاتٍ إلَّا إنْ حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: فَلَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَالْقِرَاءَةُ الشَّاذَّةُ) لَمْ يَتَقَدَّمْ ذِكْرُ الْقِرَاءَةِ هُنَا فَلْيُنْظَرْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ بِهَا مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ بِذَلِكَ فَإِنَّ عَائِشَةَ رَوَتْ: كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ فَنُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ، لَكِنْ مِثْلُ هَذَا لَا يُسَمَّى قِرَاءَةً شَاذَّةً (قَوْلُهُ: أَوْ نَامَ خَفِيفًا) أَيْ نَوْمًا خَفِيفًا (قَوْلُهُ: فَيَتَعَدَّدُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ عَادَ إلَى الْأَوَّلِ حَالًا، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ تَحَوُّلَهُ لِلثَّانِي يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ قَطْعًا لِلرَّضَاعِ مِنْ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَإِلَّا تَعَدَّدَ) قَالَ حَجّ: وَيُعْتَبَرُ التَّعَدُّدُ فِي أَكْلِ نَحْوِ الْجُبْنِ بِنَظِيرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا يُخَالِفُ الْمَاءَ فِي صِفَاتِهِ سَوَاءٌ أَنَاسَبَ النَّجَاسَةَ أَمْ لَا بِدَلِيلِ تَمْثِيلِهِمْ بِلَوْنِ الْحِبْرِ مَثَلًا فَلْيُرَاجَعْ [شُرُوطُ الرَّضَاعِ الْمُحَرِّمِ] (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ «عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: قَالَتْ: كَانَ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ فَنُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ» . اهـ. أَيْ فَالْقِرَاءَةُ الدَّالَّةُ عَلَى الْخَمْسِ قِرَاءَةٌ شَاذَّةٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ كَابْنِ حَجَرٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْخَبَرِ، وَإِنْ كَانَ فِي كَلَامِ غَيْرِهِمَا كَشَرْحِ الرَّوْضِ مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْقِرَاءَةَ الدَّالَّةَ عَلَيْهَا مَنْسُوخَةٌ أَيْضًا حَيْثُ احْتَاجَ إلَى تَأْوِيلِ قَوْلِ عَائِشَةَ «فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ» بِأَنَّ الْمُرَادَ يُتْلَى حُكْمُهُنَّ أَوْ يَقْرَؤُهُنَّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّسْخُ (قَوْلُهُ: أَوْ قَطَعَتْهُ عَلَيْهِ الْمُرْضِعَةُ)

مِنْ الثَّدْيِ فِي الْأُولَى وَوُصُولِهِ لِلْجَوْفِ فِي الثَّانِيَةِ (وَفِي قَوْلٍ خَمْسٌ) فِيهِمَا تَنْزِيلًا فِي الْأُولَى لِلْإِنَاءِ مَنْزِلَةَ الثَّدْيِ وَنَظَرًا فِي الثَّانِيَةِ لِحَالَةِ انْفِصَالِهِ مِنْ الثَّدْيِ، وَقَوْلُهُ مِنْهَا قَيْدٌ لِلْخِلَافِ، فَلَوْ حَلَبَ مِنْ خَمْسٍ فِي إنَاءٍ وَأَوْجَرَهُ طِفْلٌ دَفْعَةً أَوْ خَمْسًا حُسِبَ مِنْ كُلٍّ رَضْعَةً (وَلَوْ) (شَكَّ هَلْ) رَضَعَ (خَمْسًا أَمْ) الْأَفْصَحُ أَوْ عَلَى مَا مَرَّ (أَقَلَّ أَوْ هَلْ رَضَعَ فِي حَوْلَيْنِ أَمْ بَعْدُ) (فَلَا تَحْرِيمَ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، وَلَا يَخْفَى الْوَرَعُ حَيْثُ وَقَعَ الشَّكُّ لِلْكَرَاهَةِ حِينَئِذٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ حَيْثُ وُجِدَ خِلَافٌ يُعْتَدُّ بِهِ فِي التَّحْرِيمِ وُجِدَتْ الْكَرَاهَةُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا هُنَا أَغْلَظُ لِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ هُنَا لِنَفْيِ الرِّيبَةِ فِي الْأَبْضَاعِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَزِيدِ احْتِيَاطٍ، فَفِي الْمَحَارِمِ الْمُخْتَصَّةِ بِاحْتِيَاطٍ أَوْلَى (وَفِي) الصُّورَةِ (الثَّانِيَةِ قَوْلٌ أَوْجَهُ) بِالتَّحْرِيمِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَوْلَيْنِ (وَ) بِالرَّضَاعِ الْمُسْتَوْفِي لِلشُّرُوطِ (تَصِيرُ الْمُرْضِعَةُ أُمَّهُ) أَيْ الرَّضِيعَ (وَاَلَّذِي مِنْهُ اللَّبَنُ أَبَاهُ) (وَتَسْرِي الْحُرْمَةُ) مِنْ الرَّضِيعِ (إلَى أَوْلَادِهِ) نَسَبًا أَوْ رَضَاعًا وَإِنْ سَفَلُوا لِلْخَبَرِ الْمَارِّ «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» وَخَرَجَ بِأَوْلَادِهِ أُصُولُهُ وَحَوَاشِيهِ فَلَا تَسْرِي الْحُرْمَةُ مِنْهُ إلَيْهِمَا فَلَهُمْ نِكَاحُ الْمُرْضِعَةِ وَبَنَاتِهَا وَلِذِي اللَّبَنِ نِكَاحُ أُمِّ الطِّفْلِ وَأُخْتِهِ، وَإِنَّمَا سَرَتْ الْحُرْمَةُ مِنْهُ إلَى أُصُولِ الْمُرْضِعَةِ وَذِي اللَّبَنِ وَفُرُوعِهِمَا وَحَوَاشِيهِمَا نَسَبًا أَوْ رَضَاعًا كَمَا سَيَذْكُرُهُ لِأَنَّ لَبَنَ الْمُرْضِعَةِ كَالْجُزْءِ مِنْ أُصُولِهَا فَيَسْرِي التَّحْرِيمُ بِهِ إلَيْهِمْ مَعَ الْحَوَاشِي، بِخِلَافِهِ فِي أُصُولِ الرَّضِيعِ وَحَوَاشِيهِ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ الْحُرْمَةَ تَسْرِي مِنْ الْمُرْضِعَةِ وَالْفَحْلِ إلَى أُصُولِهِمَا وَفُرُوعِهِمَا وَحَوَاشِيهِمَا، وَمِنْ الرَّضِيعِ إلَى فُرُوعِهِ دُونَ أُصُولِهِ وَحَوَاشِيهِ، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ رُجُوعِ ضَمِيرِ أَوْلَادِهِ إلَى الرَّضِيعِ أَوْلَى مِنْ جَعْلِ الشَّارِحِ ذَلِكَ رَاجِعًا لِذِي اللَّبَنِ، وَلَا يَقْدَحُ فِي صِحَّتِهِ ذِكْرُ الْمُصَنِّفِ لَهُ بَعْدُ، وَادَّعَى ابْنُ قَاسِمٍ أَنَّهُ سَهْوٌ (وَلَوْ كَانَ) (لِرَجُلٍ خَمْسٌ مُسْتَوْلَدَاتٌ أَوْ) لَهُ (أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَأُمُّ وَلَدٍ) وَلَبَنُهُنَّ لَهُ (فَرَضَعَ طِفْلٌ مِنْ كُلٍّ رَضْعَةً) (صَارَ ابْنَةَ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ لَبَنَ الْكُلِّ مِنْهُ، وَلَا يَصِرْنَ أُمَّهَاتِ رَضَاعٍ (فَيَحْرُمْنَ) عَلَيْهِ (لِأَنَّهُنَّ مَوْطُوءَاتُ أَبِيهِ) لَا لِأُمُومَتِهِنَّ، وَالثَّانِي لَا يَصِيرُ ابْنَهُ لِأَنَّ الْأُبُوَّةَ تَابِعَةٌ لِلْأُمُومَةِ وَلَمْ تَحْصُلْ (وَلَوْ كَانَ بَدَلَ الْمُسْتَوْلَدَاتِ بَنَاتٌ أَوْ أَخَوَاتٌ) لَهُ أَوْ أُمٌّ وَأُخْتٌ وَبِنْتٌ وَجَدَّةٌ وَزَوْجَةٌ فَرَضَعَ مِنْ كُلٍّ رَضْعَةً (فَلَا حُرْمَةَ) لَهُنَّ (فِي الْأَصَحِّ) وَإِلَّا لَصَارَ جَدًّا لِأُمٍّ أَوْ خَالًا مَعَ عَدَمِ أُمُومَةٍ وَهُوَ مُحَالٌ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ لِأَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ الْأُبُوَّةِ وَالْأُمُومَةِ لِثُبُوتِ الْأُبُوَّةِ فَقَطْ فِيمَا ذَكَرَهُ وَالْأُمُومَةُ فَقَطْ فِيمَا إذَا أَرْضَعَتْ خَلِيَّةٌ أَوْ مُرْضِعٌ مِنْ زِنًا. وَالثَّانِي تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ تَنْزِيلًا لِلْبَنَاتِ أَوْ الْأَخَوَاتِ مَنْزِلَةَ الْوَاحِدَةِ أَيْ مَنْزِلَةَ مَا لَوْ كَانَ لَهُ بِنْتٌ أَوْ أُخْتٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا تَقَرَّرَ فِي اللَّبَنِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ هُنَا عَقِبَ ذَلِكَ يُعْتَبَرُ مَا نَحْنُ فِيهِ بِمَرَّاتِ الْأَكْلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَكَّ) الْمُرَادُ بِالشَّكِّ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ فَشَمِلَ مَا لَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ حُصُولُ ذَلِكَ لِشِدَّةِ الِاخْتِلَاطِ كَالنِّسَاءِ الْمُجْتَمِعَةِ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِإِرْضَاعِ كُلٍّ مِنْهُنَّ أَوْلَادَ غَيْرِهَا وَعَلِمَتْ كُلٌّ مِنْهُنَّ الْإِرْضَاعَ، لَكِنْ لَمْ تَتَحَقَّقْ خَمْسًا فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا فِي زَمَانِنَا (قَوْلُهُ إلَى أَوْلَادِهِ) أَيْ الرَّضِيعُ (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ جَعْلِ الشَّارِحِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لَيْسَتْ خَاصَّةً بِأَوْلَادِ ذِي اللَّبَنِ، بَلْ كَمَا تَسْرِي إلَيْهِمْ تَسْرِي إلَى أُصُولِهِ وَحَوَاشِيهِ (قَوْلُهُ: رَاجِعًا) أَيْ لِقَوْلِهِ بَعْدَ أَوْلَادِهِ فَهُمْ إخْوَةُ الرَّضِيعِ وَأَخَوَاتُهُ (قَوْلُهُ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَأَمَّا الْمُرْضِعَةُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا أَرْضَعَتْ خَلِيَّةٌ) مُرَادُهُ بِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ إعْرَاضًا بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: حُسِبَ مِنْ كُلِّ رَضْعَةٍ) أَيْ جَزْمًا، وَلَعَلَّهُ سَاقِطٌ مِنْ النَّسْخِ مِنْ النُّسَّاخِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَبَنَ الْمُرْضِعَةِ إلَخْ.) سَكَتَ عَنْ ذِي اللَّبَنِ (قَوْلُهُ: كَالْجُزْءِ مِنْ أُصُولِهَا) سَكَتَ عَنْ فُرُوعِهَا كَفُرُوعِ ذِي اللَّبَنِ لِأَنَّ الْفُرُوعَ لَا يَفْتَرِقُ فِيهِمْ الْحَالُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يَقْدَحُ فِي صِحَّتِهِ) أَيْ رُجُوعِهِ لِذِي اللَّبَنِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ سَهْوٌ) أَيْ رُجُوعُهُ لِذِي اللَّبَنِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَصَارَ جِدًّا إلَخْ.) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ

أَرْضَعَتْ الطِّفْلَ خَمْسَ رَضَعَاتٍ، وَلَوْ كَانَ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَأَمَةٌ مَوْطُوءَاتٍ فَأَرْضَعْنَ طِفْلَةً بِلَبَنِ غَيْرِهِ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ، وَمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ التَّحْرِيمِ تَفْرِيعًا عَلَى ثُبُوتِ الْأُبُوَّةِ صَوَابُهُ الْأُمُومَةُ وَهُوَ ضَعِيفٌ (وَآبَاءُ الْمُرْضِعَةِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَجْدَادٌ لِلرَّضِيعِ) وَفُرُوعُهُ، فَإِذَا كَانَ أُنْثَى حَرُمَ عَلَيْهِمْ نِكَاحُهُ (وَأُمَّهَاتُهَا) مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ (جَدَّاتُهُ) فَإِذَا كَانَ ذَكَرًا حَرُمَ عَلَيْهِنَّ نِكَاحُهُ (وَأَوْلَادُهَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ إخْوَتُهُ وَأَخَوَاتُهُ وَإِخْوَتُهَا وَأَخَوَاتُهَا) مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ (أَخْوَالُهُ وَخَالَاتُهُ وَأَبُو ذِي اللَّبَنِ جَدُّهُ وَأَخُوهُ عَمُّهُ وَكَذَا الْبَاقِي) فَأُمَّهَاتُهُ جَدَّاتُ الرَّضِيعِ وَأَوْلَادُهُ إخْوَةٌ لِلرَّضِيعِ وَأَخَوَاتُهُ (وَاللَّبَنُ لِمَنْ نُسِبَ إلَيْهِ وَلَدٌ نَزَلَ بِهِ) أَيْ بِسَبَبِهِ (بِنِكَاحٍ) فِيهِ دُخُولٌ أَوْ اسْتِدْخَالُ مَاءٍ مُحْتَرَمٍ أَوْ بِمِلْكِ يَمِينٍ فِيهِ ذَلِكَ أَيْضًا كَمَا أَفَادَهُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْلَدَةِ (أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ) لِثُبُوتِ النَّسَبِ بِذَلِكَ وَالرَّضَاعُ تِلْوُهُ (لَا زِنًا) لِأَنَّهُ لَا حُرْمَةَ لَهُ، نَعَمْ يُكْرَهُ لَهُ نِكَاحُ مَنْ ارْتَضَعَتْ مِنْ لَبَنِهِ. أَمَّا حَيْثُ لَا دُخُولَ بِأَنْ لَحِقَهُ وَلَدٌ بِمُجَرَّدِ الْإِمْكَانِ فَلَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ بَيْنَ الرَّضِيعِ وَأَبِي الْوَلَدِ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاصِّ، وَادَّعَى الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ، لَكِنْ قَالَ غَيْرُهُ: إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْجُمْهُورِ يُخَالِفُهُ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ نَزَلَ بِهِ مَا نَزَلَ قَبْلَ حَمْلِهَا مِنْهُ وَلَوْ بَعْدَ وَطْئِهَا فَلَا يُنْسَبُ إلَيْهِ وَلَا تَثْبُتُ أُبُوَّتُهُ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ (وَلَوْ) (نَفَاهُ) أَيْ الزَّوْجُ الْوَلَدَ النَّازِلَ بِهِ اللَّبَنُ (بِلِعَانٍ) (انْتَفَى اللَّبَنُ عَنْهُ) لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ تَابِعٌ لِلنَّسَبِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اسْتَلْحَقَهُ بَعْدُ لَحِقَهُ الرَّضِيعُ (وَلَوْ) (وُطِئَتْ مَنْكُوحَةٌ بِشُبْهَةٍ أَوْ وَطِئَ اثْنَانِ) امْرَأَةً (بِشُبْهَةٍ فَوَلَدَتْ) بَعْدَ وَطْئِهَا وَلَدًا (فَاللَّبَنُ) النَّازِلُ بِهِ (لِمَنْ لَحِقَهُ الْوَلَدُ) مِنْهُمَا (بِقَائِفٍ) لِإِمْكَانِهِ مِنْهُمَا (أَوْ غَيْرِهِ) كَانْحِصَارِ الْإِمْكَانِ فِيهِ وَكَانْتِسَابِ الْوَلَدِ أَوْ فُرُوعِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَيْهِ بَعْدَ كَمَالِهِ لِفَقْدِ الْقَائِفِ أَوْ غَيْرِهِ، وَيَجِبُ ذَلِكَ وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ حِفْظًا لِلنَّسَبِ مِنْ الضَّيَاعِ، وَلَوْ انْتَسَبَ بَعْضُ فُرُوعِهِ لِوَاحِدٍ وَبَعْضُهُمْ لِآخَرَ دَامَ الْإِشْكَالُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (وَلَا تَنْقَطِعُ نِسْبَةُ اللَّبَنِ) لِزَوْجٍ نَزَلَ بِسَبَبِ عُلُوقِ زَوْجَتِهِ مِنْهُ (عَنْ زَوْجٍ مَاتَ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَنْ لَمْ يَسْبِقْ لَهَا حَمْلٌ، أَمَّا مَنْ سَبَقَ لَهَا حَمْلٌ مِنْ غَيْرِ زِنًا فَاللَّبَنُ لِصَاحِبِهِ وَإِنْ بَانَتْ مِنْهُ وَطَالَ الزَّمَنُ أَوْ لَمْ يَكُنْ حَلِيلًا بِأَنْ وَطِئَ بِشُبْهَةٍ (قَوْلُهُ: وَالرَّضَاعُ تِلْوُهُ) أَيْ تَابِعٌ لَهُ (قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ) أَيْ فَيَثْبُتُ التَّحْرِيمُ بَيْنَهُمَا. وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ فِي الظَّاهِرِ أَمَّا بَاطِنًا فَحَيْثُ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَطَأْهَا وَلَا اسْتَدْخَلَتْ مَنِيَّهُ فَلَا وَجْهَ لِلتَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ: مَا نَزَلَ قَبْلَ حَمْلِهَا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ بَعْدَ الْحَمْلِ يُنْسَبُ لَهُ وَلَوْ لَمْ تَلِدْ. وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهَا لَوْ نَكَحَتْ بَعْدَ زَوْجٍ وِلَادَتُهَا مِنْهُ لَا يُنْسَبُ اللَّبَنُ لِلثَّانِي إلَّا إذَا وَلَدَتْ مِنْهُ وَأَنَّهُ قَبْلَ الْوِلَادَةِ لِلْأَوَّلِ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ فِيمَا يَأْتِي لَمَّا نُسِبَ اللَّبَنُ لِلْأَوَّلِ قَوِيَ جَانِبُهُ فَنُسِبَ إلَيْهِ حَتَّى يُوجَدَ قَاطِعٌ قَوِيٌّ وَهُوَ الْوِلَادَةُ وَهُنَا لَمَّا لَمْ تَتَقَدَّمْ نِسْبَةُ اللَّبَنِ إلَى أَحَدٍ اكْتَفَى بِمُجَرَّدِ الْإِمْكَانِ فَنُسِبَ لِصَاحِبِ الْحَمْلِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ التَّصْرِيحَ بِالْمَفْهُومِ الْمَذْكُورِ وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ وَلَمْ يُجِبْ فَلْيُرَاجَعْ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الْخَطِيبِ أَيْضًا مَا نَصُّهُ: تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ ثَارَ لِلْمَرْأَةِ لَبَنٌ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا الزَّوْجُ أَوْ بَعْدَ الْإِصَابَةِ وَلَمْ تَحْبَلْ؛ ثُبُوتُ حُرْمَةِ الرَّضَاعِ فِي حَقِّهَا دُونَ الزَّوْجِ، وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِيمَا قَبْلَ الْإِصَابَةِ وَقَالَ فِيمَا بَعْدَ الْإِصَابَةِ وَقَبْلَ الْحَمْلِ الْمَذْهَبُ ثُبُوتُهَا فِي حَقِّهَا دُونَهُ اهـ. وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَمَفْهُومُ مَا فِيهِمَا أَنَّهُ يَحْرُمُ بَعْدَ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ وَطْئِهَا) أَيْ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ ذَلِكَ) أَيْ الِانْتِسَابُ (قَوْلُهُ وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ) أَيْ حَيْثُ مَالَ طَبْعُهُ لِأَحَدِهِمَا بِالْجِبِلَّةِ وَكَانَ قَدْ عَرَفَهُمَا قَبْلَ الْبُلُوغِ وَعِنْدَ اسْتِقَامَةِ طَبْعٍ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي بَابِ اللَّقِيطِ وَإِلَّا فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الِانْتِسَابِ، وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ التَّشَهِّي (قَوْلُهُ: دَامَ الْإِشْكَالُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ) أَيْ فَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مَا نَزَلَ قَبْلَ حَمْلِهَا) اُنْظُرْ مَفْهُومَهُ، وَفِي الرَّوْضِ: وَإِنْ نَزَلَ لِبِكْرٍ لَبَنٌ وَتَزَوَّجَتْ وَحَبِلَتْ فَاللَّبَنُ لَهَا لَا لِلثَّانِي: يَعْنِي: الزَّوْجَ مَا لَمْ تَلِدْ. اهـ.

[فصل في حكم الرضاع الطارئ على النكاح تحريما وغرما]

أَوْ طَلَّقَ وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ) فَكُلُّ مَنْ ارْتَضَعَ مِنْ لَبَنِهَا قَبْلَ وِلَادَتِهَا صَارَ ابْنًا لَهُ (أَوْ انْقَطَعَ) اللَّبَنُ (وَعَادَ) وَلَوْ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ لِعَدَمِ حُدُوثِ مَا يَقْطَعُ نِسْبَتَهُ عَنْ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْكَلَامَ مَفْرُوضٌ فِيمَنْ لَمْ تَنْكِحْ غَيْرَهُ وَلَا وُطِئَتْ بِمِلْكٍ أَوْ شُبْهَةٍ (فَإِنْ نَكَحَتْ آخَرَ) أَوْ وُطِئَتْ بِطَرِيقٍ مِمَّا مَرَّ (وَوَلَدَتْ مِنْهُ فَاللَّبَنُ بَعْدَ) تَمَامِ (الْوِلَادَةِ) بِأَنْ تَمَّ انْفِصَالُ الْوَلَدِ (لَهُ) أَيْ لِلثَّانِي (وَقَبْلَهَا) أَوْ مَعَهَا (لِلْأَوَّلِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ ظُهُورِ لَبَنِ حَمْلِ الثَّانِي، وَكَذَا إنْ دَخَلَ) وَقْتُهُ وَزَادَ بِسَبَبِ الْحَمْلِ لِأَنَّهُ لَيْسَ غِذَاءً لِلْحَمْلِ فَلَمْ يَصْلُحْ قَاطِعًا لَهُ عَنْ وَلَدِ الْأَوَّلِ، وَيُقَالُ أَقَلُّ مُدَّةٍ يَحْدُثُ فِيهَا لِلْحَامِلِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا (وَفِي قَوْلٍ) هُوَ فِيمَا بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ ذَلِكَ (لِلثَّانِي) إنْ انْقَطَعَ مُدَّةً طَوِيلَةً ثُمَّ عَادَ إلْحَاقًا لِلْحَمْلِ بِالْوِلَادَةِ (وَفِي قَوْلٍ) هُوَ (لَهُمَا) لِتَعَارُضِ تَرْجِيحِهِمَا. أَمَّا مَا حَدَثَ بِوَلَدِ الزِّنَا فَالْأَوْجَهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمَا انْقِطَاعُ نِسْبَةِ اللَّبَنِ لِلْأَوَّلِ بِهِ وَإِحَالَتُهُ عَلَى وَلَدِ الزِّنَا، وَضَعَّفَ الزَّرْكَشِيُّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ الِانْقِطَاعِ مُسْتَدِلًّا بِأَنَّهَا إذَا أَرْضَعَتْ بِلَبَنِ الزِّنَا طِفْلًا صَارَ أَخًا لِوَلَدِ الزِّنَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنْ لَا دَلِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ أُخُوَّةَ الْأُمِّ ثَبَتَتْ لِوَلَدِ الزِّنَا لِثُبُوتِ نَسَبِهِ مِنْ الْأُمِّ فَكَذَا الرَّضَاعُ، وَإِذَا اسْتَحَالَ ثُبُوتُ قَرَابَةِ الْأَبِ لَهُ تَعَيَّنَ بَقَاءُ نِسْبَةِ اللَّبَنِ إلَى الْأَوَّلِ إذْ لَمْ يَحْدُثْ مَا يُوجِبُ قَطْعَهُ عَنْهُ. (فَصْلٌ) فِي حُكْمِ الرَّضَاعِ الطَّارِئِ عَلَى النِّكَاحِ تَحْرِيمًا وَغُرْمًا (تَحْتَهُ) زَوْجَةٌ (صَغِيرَةٌ فَأَرْضَعَتْهَا) إرْضَاعًا مُحَرِّمًا مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِنْتُهَا كَأَنْ أَرْضَعَتْهَا (أُمُّهُ أَوْ أُخْتُهُ) أَوْ زَوْجَةُ أَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ أَوْ أَخِيهِ بِلَبَنِهِمْ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ (أَوْ زَوْجَةٌ أُخْرَى) لَهُ مَوْطُوءَةٌ (انْفَسَخَ نِكَاحُهُ) مِنْ الصَّغِيرَةِ لِأَنَّهَا صَارَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ أَبَدًا، وَكَذَا مِنْ الْكَبِيرَةِ فِي الْأَخِيرَةِ لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ زَوْجَتِهِ، وَخَرَجَ بِالْمَوْطُوءَةِ غَيْرُهَا فَتَحْرُمُ الْمُرْضِعَةُ فَقَطْ إنْ كَانَ الْإِرْضَاعُ بِغَيْرِ لَبَنِهِ كَمَا يَأْتِي (وَلِصَغِيرَةٍ) عَلَيْهِ (نِصْفُ مَهْرِهَا) الْمُسَمَّى إنْ صَحَّ وَإِلَّا فَنِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا لِأَنَّهَا فُرْقَةٌ قَبْلَ الْوَطْءِ لَا بِسَبَبِهَا (وَلَهُ) إنْ كَانَ حُرًّا وَإِلَّا فَلِسَيِّدِهِ وَإِنْ كَانَ الْفَوَاتُ إنَّمَا هُوَ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSمَاتُوا وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَلَدٌ انْتَسَبَ الرَّضِيعُ إنْ شَاءَ وَقَبْلَ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ لَهُ بَيْتُ أَحَدِهِمَا وَنَحْوِهَا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: بِطَرِيقٍ مِمَّا مَرَّ) أَيْ كَالشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ: وَوَلَدَتْ) هَلْ يَشْمَلُ الْعَلَقَةَ وَالْمُضْغَةَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَقَدْ يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ بِأَنْ تَمَّ انْفِصَالُ الْوَلَدِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ لَا يُسَمَّى وَلَدًا فَلْيُرَاجَعْ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا فِي الْعَدَدِ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِوَضْعِ الْمُضْغَةِ بِأَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ وَهُوَ يَتَحَقَّقُ بِوَضْعِهَا فَاكْتَفَى بِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا (قَوْلُهُ: لِلْحَامِلِ) أَيْ بِسَبَبِ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَإِحَالَتُهُ عَلَى وَلَدِ الزِّنَا) وَتَسْتَمِرُّ الْإِحَالَةُ الْمَذْكُورَةُ إلَى حُدُوثِ وَلَدٍ مِنْ غَيْرِ زِنًا، وَكَمَا انْقَطَعَتْ نِسْبَتُهُ عَنْ الْأَوَّلِ لَا تَثْبُتُ لِلزَّانِي لِعَدَمِ احْتِرَامِ مَائِهِ، فَلَوْ رَضِعَ مِنْهُ طِفْلٌ ثَبَتَتْ لَهُ الْأُمُومَةُ دُونَ الْأُبُوَّةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ التَّضْعِيفُ وَمَعَ ذَلِكَ الْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ. (فَصْلٌ) فِي حُكْمِ الرَّضَاعِ الطَّارِئِ عَلَى النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: تَحْتَهُ) يَنْبَغِي لَهُ تَقْدِيرُ الشَّرْطِ عَلَى عَادَتِهِ فِي مِثْلِهِ كَأَنْ يَقُولَ إذَا كَانَ تَحْتَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْإِرْضَاعُ بِغَيْرِ لَبَنِهِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ بِلَبَنِهِ حَرُمَتْ لِكَوْنِهَا صَارَتْ بِنْتَه، وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُ إرْضَاعِهَا بِلَبَنِهِ مَعَ كَوْنِهَا غَيْرَ مَوْطُوءَةٍ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي حُكْمِ الرَّضَاعِ الطَّارِئِ عَلَى النِّكَاحِ تَحْرِيمًا وَغُرْمًا] (فَصْلٌ) فِي حُكْمِ الرَّضَاعِ الطَّارِئِ عَلَى النِّكَاحِ

الزَّوْجِ (عَلَى الْمُرْضِعَةِ) الْمُخْتَارَةِ إنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهَا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَمْ تَكُنْ مَمْلُوكَةً لَهُ أَوْ كَانَتْ مُكَاتَبَةً (نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ) وَإِنْ لَزِمَهَا الْإِرْضَاعُ لِتَعَيُّنِهَا لِأَنَّ غَرَامَةَ الْمُتْلِفِ لَا تَتَأَثَّرُ بِذَلِكَ، وَلَزِمَهَا النِّصْفُ اعْتِبَارًا لِمَا يَجِبُ لَهُ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ: أَيْ فِي الْجُمْلَةِ، فَلَا يُنَافِي أَنَّ نِصْفَ الْمَهْرِ اللَّازِمِ قَدْ يَزِيدُ عَلَى نِصْفِ الْمُسَمَّى، أَمَّا الْمُكْرَهَةُ لَهُ فَيَلْزَمُهَا ذَلِكَ لَكِنْ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا طَرِيقًا فِيهِ لَا بِطَرِيقِ الِاسْتِقْرَارِ، إذْ الْقَرَارُ عَلَى مُكْرِهِهَا، وَلَوْ حَلَبَتْ لَبَنَهَا ثُمَّ أَمَرَتْ أَجْنَبِيًّا بِسَقْيِهِ لَهَا كَانَ طَرِيقًا وَالْقَرَارُ عَلَيْهَا كَمَا فِي الْمُعْتَمَدِ، وَنَظَرَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ إذَا كَانَ الْمَأْمُورُ مُمَيِّزًا لَا يَرَى تَحَتُّمَ طَاعَتِهَا: أَيْ وَالْمُتَّجَهُ فِي الْمُمَيِّزِ أَنَّ الْغُرْمَ عَلَيْهِ فَقَطْ وَفِيمَنْ يَرَى تَحَتُّمَ الطَّاعَةِ أَنَّهُ عَلَيْهَا فَقَطْ (وَفِي قَوْلٍ) لَهُ عَلَيْهَا (كُلُّهُ) أَيْ مَهْرُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ قِيمَةُ الْبُضْعِ الَّذِي فَوَّتَتْهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَارَقَتْ شُهُودَ طَلَاقٍ رَجَعُوا فَإِنَّهُمْ يَغْرَمُونَ الْكُلَّ بِأَنَّهُمْ أَحَالُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَقِّهِ الْبَاقِي بِزَعْمِهِ فَكَانُوا كَغَاصِبٍ حَالَ بَيْنَ الْمَالِكِ وَحَقِّهِ. وَأَمَّا الْفُرْقَةُ هُنَا فَحَقِيقِيَّةٌ بِمَنْزِلَةِ التَّلَفِ فَلَمْ تَغْرَمْ الْمُرْضِعَةُ سِوَى مَا أَتْلَفَتْهُ وَهُوَ مَا غَرِمَهُ فَقَطْ، وَلَوْ نَكَحَ عَبْدٌ أَمَةً صَغِيرَةً بِتَفْوِيضِ سَيِّدِهَا فَأَرْضَعَتْهَا أُمُّهُ مَثَلًا فَلَهَا الْمُتْعَةُ فِي كَسْبِهِ، وَلَا يُطَالِبُ سَيِّدُهُ الْمُرْضِعَةَ إلَّا بِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَإِنَّمَا صَوَّرُوا ذَلِكَ بِالْأَمَةِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ فِي الْحُرَّةِ لِانْتِفَاءِ الْكَفَاءَةِ (وَلَوْ) دَبَّتْ صَغِيرَةٌ وَ (رَضَعَتْ) رَضَاعًا مُحَرِّمًا (مِنْ) كَبِيرَةٍ (نَائِمَةٍ) أَوْ مُسْتَيْقِظَةٍ سَاكِتَةٍ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَجَعْلُهُ كَالْأَصْحَابِ التَّمْكِينَ مِنْ الْإِرْضَاعِ إرْضَاعًا إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّحْرِيمِ لَا الْغُرْمِ، وَإِنَّمَا عُدَّ سُكُوتُ الْمُحْرِمِ عَلَى الْحَلْقِ كَفِعْلِهِ لِأَنَّ الشَّعْرَ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ يَلْزَمُهُ دَفْعُ مُتْلِفَاتِهِ، وَلَا كَذَلِكَ هُنَا (فَلَا غُرْمَ) عَلَيْهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَصْنَعْ شَيْئًا (وَلَا مَهْرَ لِلْمُرْتَضِعَةِ) لِأَنَّ الِانْفِسَاخَ بِفِعْلِهَا وَهُوَ مُسْقِطٌ لَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلَهُ فِي مَالِهَا مَهْرُ مِثْلِ الْكَبِيرَةِ الْمُنْفَسِخِ نِكَاحُهَا أَوْ نِصْفُهُ لِأَنَّهَا أَتْلَفَتْ عَلَيْهِ بُضْعَهَا وَضَمَانُ الْإِتْلَافِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَمْيِيزٍ، وَلَوْ حَمَلَتْ الرِّيحُ اللَّبَنَ مِنْ الْكَبِيرَةِ إلَى جَوْفِ الصَّغِيرَةِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لِعَدَمِ صُنْعِهِمَا، وَلَوْ دَبَّتْ الصَّغِيرَةُ فَارْتَضَعَتْ مِنْ أُمِّ الزَّوْجِ أَرْبَعًا ثُمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِأَنْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ الْمُحْتَرَمَ فَإِنَّ الْوَلَدَ الْمُنْعَقِدَ مِنْهُ يَلْحَقُهُ وَيَصِيرُ اللَّبَنُ لَهُ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهَا) أَيْ فَلَوْ اخْتَلَفَا فِيهِ صَدَقَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَتْ مُكَاتَبَةً) أَيْ لَهُ (قَوْلُهُ: نِصْفُ مَهْرِ مِثْلٍ) أَيْ وَإِنْ وَجَبَ لِلصَّغِيرَةِ عَلَيْهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى (قَوْلُهُ لَا تَتَأَثَّرُ بِذَلِكَ) أَيْ بِاللُّزُومِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمُعْتَمَدِ) أَيْ لِلْبَنْدَنِيجِيِّ (قَوْلُهُ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ مُسْتَأْجَرَةً لِلْإِرْضَاعِ، إذْ غَايَتُهُ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ عَدَمُ إرْضَاعِ الطِّفْلِ، وَهُوَ يَفُوتُ الْأُجْرَةُ وَلَيْسَ الْإِرْضَاعُ وَاجِبًا عَلَيْهَا عَيْنًا عَلَى أَنَّ مَا شَرِبَتْهُ الصَّغِيرَةُ لَيْسَ مُتَعَيِّنًا لِإِرْضَاعِ مَنْ اُسْتُؤْجِرَتْ لِإِرْضَاعِهِ، وَلَا يُشْكِلُ هَذَا بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ لَزِمَهَا الْإِرْضَاعُ غَرِمَتْ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ ضَمَانَ الْمُتْلِفَاتِ لَا يَتَأَثَّرُ بِالْوُجُوبِ عَلَى الْمُتْلِفِ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَعَلَ مَنَاطَ الْفَرْقِ كَوْنَ الشَّعْرِ فِي يَدِهِ أَمَانَةً وَلَا كَذَلِكَ اللَّبَنُ (قَوْلُهُ وَلَهُ فِي مَالِهَا) أَيْ الصَّغِيرَةَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ بَقِيَ فِي ذِمَّتِهَا (قَوْلُهُ: مَهْرُ مِثْلِ الْكَبِيرَةِ) أَيْ حَيْثُ كَانَتْ زَوْجَةً، وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ ارْتَضَعَتْ مِنْ أُمِّهِ أَوْ أُخْتِهِ أَوْ نَحْوِهِمَا فَلَا شَيْءَ فِيهِ لِلْكَبِيرَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَارْتَضَعَتْ مِنْ أُمِّ الزَّوْجِ) أَيْ مَثَلًا، وَالضَّابِطُ كَمَا مَرَّ أَنَّ الْعِبْرَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ مُكَاتَبَةً) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَمْ تَكُنْ مَمْلُوكَةً لَهُ: أَيْ أَوْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً لَهُ لَكِنَّهَا مُكَاتَبَةٌ: أَيْ لَهُ، وَفِي نُسْخَةٍ مُكَاتَبَتَهُ بِالْإِضَافَةِ لِضَمِيرِهِ (قَوْلُهُ: وَيُبَيِّنُ حَقَّهُ الْبَاقِيَ بِزَعْمِهِ) هَلَّا قَالَ بِزَعْمِهِمْ إذْ هُوَ أَقْوَى فِي الْفَرْقِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ:؛ لِانْتِفَاءِ الْكَفَاءَةِ) لَيْسَ هَذَا التَّعْلِيلُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ هَذَا الْفَرْعُ مَعَ إمْكَانِ تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ بِكَوْنِ الزَّوْجِ حُرًّا فَتُوجَدُ الْكَفَاءَةُ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الدَّاعِيَ لِهَذَا التَّصْوِيرِ إنَّمَا هُوَ عَدَمُ تَصْوِيرِ التَّفْوِيضِ فِي الْحُرَّةِ الصَّغِيرَةِ لِانْتِفَاءِ الْكَفَاءَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِلتَّحْرِيمِ) فِيهِ أَنَّ التَّحْرِيمَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى التَّمْكِينِ (قَوْلُهُ: إلَى جَوْفِ الصَّغِيرَةِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ خَرَجَ بِجَوْفِهَا مَا لَوْ حَمَلَتْهُ الرِّيحُ إلَى فَمِهَا فَابْتَلَعَتْهُ لِوُجُودِ الصُّنْعِ مِنْهَا فَلْيُرَاجَعْ.

أَرْضَعَتْهَا أُمُّ الزَّوْجِ الْخَامِسَةَ أَوْ عَكْسُهُ اخْتَصَّ التَّغْرِيمُ بِالْخَامِسَةِ (وَلَوْ) (كَانَ تَحْتَهُ) زَوْجَتَانِ (كَبِيرَةٌ وَصَغِيرَةٌ فَأَرْضَعَتْ أُمُّ الْكَبِيرَةِ الصَّغِيرَةَ) (انْفَسَخَتْ الصَّغِيرَةُ) لِأَنَّهَا صَارَتْ أُخْتَ الْكَبِيرَةِ (وَكَذَا الْكَبِيرَةُ فِي الْأَظْهَرِ) لِذَلِكَ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَرْضَعَتْهُمَا مَعًا. وَالثَّانِي يَخْتَصُّ الِانْفِسَاخُ بِالصَّغِيرَةِ لِأَنَّ الْجَمْعَ حَصَلَ بِإِرْضَاعِهَا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ نَكَحَ أُخْتًا عَلَى أُخْتٍ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ هَذِهِ لَمْ تَجْتَمِعْ مَعَ الْأُولَى أَصْلًا لِوُقُوعِ عَقْدِهَا فَاسِدًا مِنْ أَصْلِهِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِي بُطْلَانِ الْأُولَى، بِخِلَافِ الْكَبِيرَةِ هُنَا لِأَنَّهَا اجْتَمَعَتْ مَعَ الصَّغِيرَةِ فَبَطَلَتْ لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ (وَلَهُ نِكَاحُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا) مِنْ غَيْرِ جَمْعٍ لِأَنَّهُمَا أُخْتَانِ (وَحُكْمُ مَهْرِ الصَّغِيرَةِ) عَلَيْهِ (وَتَغْرِيمُهُ) أَيْ الزَّوْجِ (الْمُرْضِعَةَ مَا سَبَقَ) أَوَّلُ الْفَصْلِ (وَكَذَا الْكَبِيرَةُ إنْ لَمْ تَكُنْ مَوْطُوءَةً) حُكْمُهَا مَا سَبَقَ فِي الصَّغِيرَةِ فَلَهَا عَلَيْهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى الصَّحِيحِ وَإِلَّا فَنِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَهُ عَلَى أُمِّهَا الْمُرْضِعَةِ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ (فَإِنْ كَانَتْ مَوْطُوءَةً فَلَهُ عَلَى) الْأُمِّ (الْمُرْضِعَةِ) بِشُرُوطِهَا الْمَارَّةِ (مَهْرُ مِثْلٍ فِي الْأَظْهَرِ) كَمَا لَزِمَهُ لِبِنْتِهَا جَمِيعُ الْمُسَمَّى إنْ صَحَّ وَإِلَّا فَجَمِيعُ مَهْرِ الْمِثْلِ. وَالثَّانِي لَا غُرْمَ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْبُضْعَ بَعْدَ الدُّخُولِ لَا يَتَقَوَّمُ عَلَى الزَّوْجِ، وَيَرُدُّهُ مَا يَأْتِي أَنَّهُمْ لَوْ شَهِدُوا بِطَلَاقٍ بَعْدَ وَطْءٍ ثُمَّ رَجَعُوا غَرِمُوا مَهْرَ الْمِثْلِ. أَمَّا لَوْ كَانَتْ الْكَبِيرَةُ الْمَوْطُوءَةُ هِيَ الْمُفْسِدَةُ لِنِكَاحِهَا بِإِرْضَاعِهَا الصَّغِيرَةَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا بِمَهْرِهَا لِئَلَّا يَخْلُوَ نِكَاحُهَا مَعَ الْوَطْءِ عَنْ مَهْرٍ، وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَلَوْ أَرْضَعَتْ بِنْتُ الْكَبِيرَةِ الصَّغِيرَةَ حَرُمَتْ الْكَبِيرَةُ أَبَدًا) لِأَنَّهَا جَدَّةُ زَوْجَتِهِ (وَكَذَا الصَّغِيرَةُ) فَتَحْرُمُ أَبَدًا (إنْ كَانَتْ الْكَبِيرَةُ مَوْطُوءَةً) لِأَنَّهَا رَبِيبَتُهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ تَكُنْ مَوْطُوءَةً لِأَنَّ بِنْتَ الزَّوْجَةِ لَا تَحْرُمُ إلَّا بِالدُّخُولِ (وَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ فَطَلَّقَهَا فَأَرْضَعَتْهَا امْرَأَةٌ صَارَتْ أُمَّ امْرَأَتِهِ) فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ أَبَدًا إلْحَاقًا لِلطَّارِئِ بِالْمُقَارِنِ كَمَا هُوَ شَأْنُ التَّحْرِيمِ الْمُؤَبَّدِ (وَلَوْ نَكَحَتْ مُطَلَّقَتُهُ صَغِيرًا وَأَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِهِ حَرُمَتْ عَلَى الْمُطَلِّقِ وَالصَّغِيرِ أَبَدًا) لِأَنَّهَا زَوْجَةُ ابْنِ الْمُطَلِّقِ وَأُمُّ الصَّغِيرِ وَزَوْجَةُ أَبِيهِ (وَلَوْ زَوَّجَ أُمَّ وَلَدِهِ عَبْدَهُ الصَّغِيرَ) بِنَاءً عَلَى الْمَرْجُوحِ أَنَّهُ يُزَوِّجُهُ إجْبَارًا أَوْ حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ يَرَاهُ (فَأَرْضَعَتْهُ لَبَنَ السَّيِّدِ حَرُمَتْ عَلَيْهِ) لِأَنَّهَا أُمُّهُ وَمَوْطُوءَةُ أَبِيهِ (وَعَلَى السَّيِّدِ) لِأَنَّهَا زَوْجَةُ ابْنِهِ، وَخَرَجَ بِلَبَنِهِ لَبَنُ غَيْرِهِ، فَإِنَّ النِّكَاحَ وَإِنْ انْفَسَخَ لِكَوْنِهَا أُمَّهُ لَا تَحْرُمُ عَلَى السَّيِّدِ لِانْتِفَاءِ سَبَبِ التَّحْرِيمِ عَلَيْهِ الْمَذْكُورِ (وَلَوْ) (أَرْضَعَتْ مَوْطُوءَتُهُ الْأَمَةُ) زَوْجَةً (صَغِيرَةً تَحْتَهُ بِلَبَنِهِ أَوْ لَبَنِ غَيْرِهِ) مِنْ زَوْجٍ أَوْ شُبْهَةٍ (حَرُمَتَا) أَيْ الْمَوْطُوءَةُ وَالصَّغِيرَةُ (عَلَيْهِ) أَبَدًا لِأَنَّ الْأَمَةَ أُمٌّ وَزَوْجَتُهُ وَالصَّغِيرَةُ بِنْتُهُ إنْ أَرْضَعَتْ لَبَنَهُ وَإِلَّا فَبِنْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِمَنْ تَحْرُمُ بِنْتُهَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: اخْتَصَّ التَّغْرِيمُ بِالْخَامِسَةِ) أَيْ بِالرَّضْعَةِ الْخَامِسَةِ، فَالْغُرْمُ عَلَى الْكَبِيرَةِ فِي الْأُولَى وَالصَّغِيرَةِ فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ لِأَنَّهَا صَارَتْ أُخْتَ الصَّغِيرَةِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ نِكَاحُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا) أَيْ بِعَقْدٍ جَدِيدٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَتَعُودُ لَهُ بِالثَّلَاثِ إنْ لَمْ يَكُنْ سَبَقَ مِنْهُ طَلَاقٌ أَوْ بِمَا بَقِيَ مِنْهَا إنْ سَبَقَ ذَلِكَ لِأَنَّ الِانْفِسَاخَ لَا يُنْقِصُ الْعَدَدَ (قَوْلُهُ: بِشُرُوطِهَا الْمَارَّةِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ الْمُخْتَارَةُ إنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهَا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَمْ تَكُنْ مَمْلُوكَةً لَهُ أَوْ مُكَاتَبَةً لَهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا بِمَهْرِهَا) أَيْ مَهْرِ نَفْسِهَا (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَخْلُوَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ خُلُوٌّ إذَا نَقَصَ مَهْرُ الْمِثْلِ عَنْ الْمُسَمَّى عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ الْخُلُوُّ الطَّارِئُ لِعَارِضٍ لَا يُنَافِي الْخُصُوصِيَّةَ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ سَمَّى لَهَا مَهْرًا ثُمَّ أَبْرَأَتْهُ مِنْهُ صَحَّ مَعَ خُلُوِّ النِّكَاحِ حِينَئِذٍ مِنْ الْمَهْرِ (قَوْلُهُ: فَطَلَّقَهَا) أَيْ وَلَوْ بَائِنًا (قَوْلُهُ: فَأَرْضَعَتْهَا امْرَأَةٌ) أَيْ أَجْنَبِيَّةٌ (قَوْلُهُ: فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ) أَيْ الْكَبِيرَةُ. وَأَمَّا الصَّغِيرَةُ فَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى حِلِّهَا إنْ لَمْ تَكُنْ الْكَبِيرَةُ مَوْطُوءَةَ الْمُطَلِّقِ (قَوْلُهُ: إلْحَاقًا لِلطَّارِئِ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْإِرْضَاعِ فِي حَالَةِ الزَّوْجِيَّةِ بَلْ يَكْفِي لِوُجُودِهِ كَوْنُهُ يَصْدُقُ عَلَى الْمُرْتَضِعَةِ اسْمُ الزَّوْجَةِ وَلَوْ فِيمَا مَضَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَكَحَتْ مُطَلَّقَتُهُ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ (قَوْلُهُ: بِلَبَنِهِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ أَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِ غَيْرِهِ فَلَا تَحْرُمُ عَلَى الْمُطَلِّقِ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ بِذَلِكَ أَبًا لِلصَّغِيرِ وَلَكِنَّهَا تَحْرُمُ عَلَى الصَّغِيرِ لِكَوْنِهَا صَارَتْ أُمَّهُ (قَوْلُهُ: حَرُمَتْ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: مَوْطُوءَتُهُ الْأَمَةُ) أَيْ بِمِلْكٍ أَوْ نِكَاحٍ، ثُمَّ إنْ كَانَ بِمِلْكٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهَا لِأَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[فصل في الإقرار والشهادة بالرضاع والاختلاف فيه]

مَوْطُوءَتِهِ (وَلَوْ) (كَانَ تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ وَكَبِيرَةٌ فَأَرْضَعَتْهَا) أَيْ الْكَبِيرَةُ الصَّغِيرَةَ (انْفَسَخَتَا) لِأَنَّهَا بِنْتُهَا فَامْتَنَعَ جَمْعُهُمَا، وَتَقَدَّمَتْ هَذِهِ أَوَّلَ الْفَصْلِ لِبَيَانِ الْغُرْمِ، وَسِيقَتْ هُنَا لِبَيَانِ التَّحْرِيمِ (وَحَرُمَتْ الْكَبِيرَةُ أَبَدًا) لِأَنَّهَا أُمُّ زَوْجَتِهِ (وَكَذَا الصَّغِيرَةُ إنْ كَانَ الْإِرْضَاعُ بِلَبَنِهِ) لِأَنَّهَا بِنْتُهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ بِلَبَنِ غَيْرِهِ (فَرَبِيبَةٌ) فَلَا تَحْرُمُ إلَّا إنْ دَخَلَ بِالْكَبِيرَةِ (وَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ كَبِيرَةٌ وَثَلَاثُ صِغَارٍ فَأَرْضَعَتْهُنَّ حَرُمَتْ) عَلَيْهِ (أَبَدًا) لِأَنَّهَا أُمُّ زَوْجَاتِهِ (وَكَذَا الصَّغَائِرُ إنْ أَرْضَعَتْهُنَّ بِلَبَنِهِ أَوْ لَبَنِ غَيْرِهِ) مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا (وَهِيَ) فِي الْإِرْضَاعِ بِلَبَنِ غَيْرِهِ (مَوْطُوءَةٌ) لِأَنَّهُنَّ بَنَاتُهُ أَوْ بَنَاتُ مَوْطُوءَتِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَكُنْ مَوْطُوءَةً وَاللَّبَنُ لِغَيْرِهِ (فَإِنْ أَرْضَعَتْهُنَّ مَعًا) وَيُتَصَوَّرُ (بِإِيجَارِهِنَّ) الرَّضْعَةَ (الْخَامِسَةَ) فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ أَوْ بِأَنْ وَضَعَتْ ثَدْيَيْهَا فِي اثْنَتَيْنِ وَأَوْجَرَتْ الثَّالِثَةَ مِنْ لَبَنِهَا الْمَحْلُوبِ (انْفَسَخْنَ) لِاجْتِمَاعِهِنَّ مَعَ أُمِّهِنَّ وَلِصَيْرُورَتِهِنَّ أَخَوَاتٍ (وَلَا يَحْرُمْنَ مُؤَبَّدًا) حَيْثُ لَمْ يَطَأْ أُمَّهُنَّ فَيَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ كُلٍّ مِنْ غَيْرِ جَمْعٍ فِي نِكَاحٍ (أَوْ) أَرْضَعَتْهُنَّ (مُرَتَّبًا لَمْ يَحْرُمْنَ) كَمَا ذُكِرَ (وَتَنْفَسِخُ الْأُولَى) بِإِرْضَاعِهَا لِاجْتِمَاعِهَا مَعَ الْأُمِّ فِي النِّكَاحِ، وَلَا تَنْفَسِخُ الثَّانِيَةُ بِمُجَرَّدِ إرْضَاعِهَا إذْ لَا مُوجِبَ لَهُ (وَالثَّالِثَةُ) بِإِرْضَاعِهَا لِاجْتِمَاعِهَا مَعَ أُخْتِهَا الثَّانِيَةِ فِي النِّكَاحِ (وَتَنْفَسِخُ الثَّانِيَةُ بِإِرْضَاعِ الثَّالِثَةِ) لِصَيْرُورَتِهِمَا أُخْتَيْنِ مَعًا فَأَشْبَهَ مَا إذَا أَرْضَعَتْهُمَا مَعًا (وَفِي قَوْلٍ لَا يَنْفَسِخُ) أَيْ نِكَاحُ الثَّانِيَةِ بَلْ يَخْتَصُّ الِانْفِسَاخُ بِنِكَاحِ الثَّالِثَةِ لِأَنَّ الْجَمْعَ ثَمَّ بِإِرْضَاعِهَا فَاخْتَصَّ الْفَسَادُ بِهَا كَمَا لَوْ نَكَحَ أُخْتًا عَلَى أُخْتٍ تَبْطُلُ الثَّانِيَةُ فَقَطْ، وَيَرُدُّهُ مَا مَرَّ مِنْ الْفَرْقِ، وَلَوْ أَرْضَعَتْ ثِنْتَيْنِ مَعًا ثُمَّ الثَّالِثَةَ انْفَسَخَ مَنْ عَدَاهَا لِوُقُوعِ إرْضَاعِهَا بَعْدَ انْدِفَاعِ نِكَاحِ أُمِّهَا وَأُخْتَيْهَا أَوْ وَاحِدَةٍ ثُمَّ ثِنْتَيْنِ مَعًا انْفَسَخَ نِكَاحُ الْكُلِّ لِاجْتِمَاعِ الْأُمِّ وَالْبِنْتِ وَصَيْرُورَةِ الْأُخْرَيَيْنِ أُخْتَيْنِ مَعًا (وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ فِيمَنْ تَحْتَهُ صَغِيرَتَانِ أَرْضَعَتْهُمَا أَجْنَبِيَّةٌ) وَلَوْ بَعْدَ طَلَاقِهِمَا الرَّجْعِيِّ (مُرَتَّبًا أَيَنْفَسِخَانِ) وَهُوَ الْأَظْهَرُ لِمَا مَرَّ وَيَحْرُمَانِ مُؤَبَّدًا (أَمْ الثَّانِيَةُ) فَقَطْ، فَإِنْ أَرْضَعَتْهُمَا مَعًا انْفَسَخَتَا قَطْعًا لِأَنَّهُمَا صَارَتَا أُخْتَيْنِ مَعًا، وَالْمُرْضِعَةُ تَحْرُمُ مُؤَبَّدًا قَطْعًا لِأَنَّهَا أُمُّ زَوْجَتِهِ. (فَصْلٌ) فِي الْإِقْرَارِ وَالشَّهَادَةِ بِالرَّضَاعِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهِ إذَا (قَالَ) رَجُلٌ (هِنْدٌ) بِالصَّرْفِ وَتَرْكِهِ (بِنْتِي أَوْ أُخْتِي بِرَضَاعٍ) (أَوْ) (قَالَتْ) امْرَأَةٌ (هُوَ أَخِي) أَوْ ابْنِي مِنْ رَضَاعٍ وَأَمْكَنَ ذَلِكَ حِسًّا أَوْ شَرْعًا كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ آخِرَ الْإِقْرَارِ (حَرُمَ تَنَاكُحُهُمَا) أَبَدًا مُؤَاخَذَةً لِلْمُقِرِّ بِإِقْرَارِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالسَّيِّدَ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ بِنِكَاحٍ فَيَنْبَغِي تَعَلُّقُ مَا يَجِبُ لِلصَّغِيرَةِ عَلَيْهِ بِرَقَبَتِهَا لِأَنَّهُ بَدَلُ الْمُتْلِفِ، وَهُوَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالرَّقَبَةِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ وَالْحَالُ، وَقَوْلُهُ مَوْطُوءَةٌ: أَيْ لِلزَّوْجِ، وَقَوْلُهُ وَاللَّبَنُ: أَيْ وَالْحَالُ (قَوْلُهُ فِي اثْنَتَيْنِ) أَيْ فِي فَمِ اثْنَتَيْنِ (قَوْلُهُ: كَمَا ذُكِرَ) أَيْ مُؤَبَّدًا (قَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِ إرْضَاعِهَا) أَيْ إرْضَاعُ الْكَبِيرَةِ لِلثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: وَيَرُدُّهُ مَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ هَذِهِ لَا تَجْتَمِعُ مَعَ الْأُولَى أَصْلًا (قَوْلُهُ: انْفَسَخَ مَنْ عَدَاهَا) أَيْ الثَّالِثَةُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ طَلَاقِهَا الرَّجْعِيِّ) وَيُتَصَوَّرُ بِأَنْ دَخَلَ مَنِيُّهُ فِي فَرْجَيْهِمَا، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ الْعِدَّةِ عَلَى الصَّغِيرَةِ أَنْ تَكُونَ مُتَهَيِّئَةً لِلْوَطْءِ حَالَ الطَّلَاقِ، وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ فِي أَوَّلِ الْعِدَدِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ، وَتَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الصَّغِيرَةُ مُتَهَيِّئَةً لِلْوَطْءِ قَابِلَةً لَهُ. [فَصْلٌ فِي الْإِقْرَارِ وَالشَّهَادَةِ بِالرَّضَاعِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهِ] (فَصْلٌ) فِي الْإِقْرَارِ وَالشَّهَادَةِ بِالرَّضَاعِ (قَوْلُهُ: وَالشَّهَادَةُ بِالرَّضَاعِ) قَدَّمَهَا عَلَى الِاخْتِلَافِ مَعَ أَنَّهَا مُؤَخَّرَةٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ أَخْصَرُ إذْ لَوْ أَخَّرَهَا لَاحْتَاجَ إلَى ذِكْرِ بَعْضِهَا كَأَنْ يَقُولَ وَالشَّهَادَةُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَأَمْكَنَ ذَلِكَ حِسًّا) أَيْ بِأَنْ مَنَعَ مِنْ الِاجْتِمَاعِ بِهَا أَوْ بِمَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصْلٌ فِي الْإِقْرَارِ وَالشَّهَادَةِ بِالرَّضَاعِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهِ

ظَاهِرًا وَبَاطِنًا إنْ صَدَّقَهُ الْآخَرُ وَإِلَّا فَظَاهِرًا فَقَطْ، وَلَوْ رَجَعَ الْمُقِرُّ لَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ، وَشَمَلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ لَمْ يَذْكُرْ الشُّرُوطَ كَالشَّاهِدِ بِالْإِقْرَارِ بِهِ لِأَنَّ الْمُقِرَّ يَحْتَاطُ لِنَفْسِهِ فَلَا يُقِرُّ إلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ سَوَاءً الْفَقِيهُ وَغَيْرُهُ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ، وَيَتَّجِهُ عَدَمُ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ عَلَى غَيْرِ الْمُقِرِّ مِنْ نَحْوِ أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ مَا لَمْ يُصَدِّقْهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ أَوَّلَ مُحَرَّمَاتِ النِّكَاحِ فِيمَنْ اسْتَلْحَقَ زَوْجَةَ ابْنِهِ بَلْ أَوْلَى وَحِينَئِذٍ يَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ ثُمَّ أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ أَوْ أَخَذَ بِهِ مُطْلَقًا فَلَا تَحِلُّ لَهُ بَعْدُ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ ثُبُوتِ الْمَحْرَمِيَّةِ بِذَلِكَ (وَلَوْ) (قَالَ زَوْجَانِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ صُورَةِ الْحَالِ (بَيْنَنَا رَضَاعٌ مُحَرِّمٌ) (فُرِّقَ بَيْنَهُمَا) عَمَلًا بِقَوْلِهِمَا وَإِنْ قَضَتْ الْعَادَةُ بِجَهْلِهِمَا بِشُرُوطِ الرَّضَاعِ الْمُحَرِّمِ كَمَا شَمَلَهُ إطْلَاقُهُمْ، لِأَنَّهُ قَدْ يُسْتَنَدُ فِي قَوْلِهِ ذَلِكَ إلَى عَارِفٍ أَخْبَرَهُ بِهِ (وَسَقَطَ الْمُسَمَّى) لِتَبَيُّنِ فَسَادِ النِّكَاحِ (وَوَجَبَ مَهْرُ مِثْلٍ إنْ وَطِئَهَا) لِلشُّبْهَةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ مَكَّنَتْهُ عَالِمَةً مُخْتَارَةً لَمْ يَجِبْ لَهَا شَيْءٌ لِأَنَّهَا بَغِيٌّ (وَإِنْ) (ادَّعَى) الزَّوْجُ (رَضَاعًا) مُحَرِّمًا (فَأَنْكَرَتْ) الزَّوْجَةُ (انْفَسَخَ) بِإِقْرَارِهِ (وَلَهَا الْمُسَمَّى) إنْ صَحَّ النِّكَاحُ وَإِلَّا فَمَهْرُ الْمِثْلِ (إنْ وَطِئَ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَطَأْ (فَنِصْفُهُ) لِأَنَّ الْفُرْقَةَ مِنْهُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSتَحْرُمُ عَلَيْهِ بِسَبَبِ إرْضَاعِهَا مَانِعٌ حِسِّيٌّ، أَوْ شَرْعًا بِأَنْ أَمْكَنَ الِاجْتِمَاعُ لَكِنْ كَانَ الْمُقِرُّ فِي سِنٍّ لَا يُمْكِنُ فِيهِ الِارْتِضَاعُ الْمُحَرَّمُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَقْبَلْ رُجُوعَهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ ذَكَرَ لِرُجُوعِهِ وَجْهًا مُحْتَمَلًا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ عَدَمَ قَبُولِهِ فِي ظَاهِرِ الْحَالِ، أَمَّا بَاطِنًا فَالْمَدَارُ عَلَى عِلْمِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُقِرُّ إلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالتَّحْقِيقِ هُنَا مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ لِمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ قَضَتْ الْعَادَةُ بِجَهْلِهِمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُتَّجَهُ عَدَمُ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ عَلَى غَيْرِ الْمُقِرِّ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْمُقِرُّ بِرَضَاعِهَا فِي نِكَاحِ الْأَصْلِ أَوْ الْفَرْعِ كَأَنْ أَقَرَّ بِبِنْتِيَّةِ زَوْجَةِ أَبِيهِ مِنْ الرَّضَاعِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ كَأَنْ قَالَ فُلَانَةُ بِنْتِي مِنْ الرَّضَاعِ وَلَيْسَتْ زَوْجَةَ أَصْلِهِ وَلَا فَرْعِهِ فَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا نِكَاحُهَا بَعْدَهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَحِينَئِذٍ يَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ إلَخْ اهـ سم عَلَى حَجّ بِالْمَعْنَى، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ ثُبُوتِ إلَخْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ، وَهُوَ وَاضِحٌ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الرَّضَاعَ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، وَغَايَةُ قَوْلِهِ هِنْدٌ بِنْتِي أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الشَّهَادَةِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ بِثُبُوتِ الْمَحْرَمِيَّةِ وَهِيَ لَا تَثْبُتُ بِوَاحِدٍ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا لَوْ اسْتَلْحَقَ أَبُوهُ مَجْهُولَةَ النَّسَبِ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ حَيْثُ قُلْنَا ثَمَّ بِعَدَمِ الِانْفِسَاخِ، وَأَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا امْتَنَعَ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا بِأَنْ نَسَبَهَا بِاسْتِلْحَاقِ أَبِيهِ لَهَا ثَبَتَ، وَكَانَ قِيَاسُهُ وُجُوبَ الْفُرْقَةِ بَيْنَهُمَا بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ لَكِنَّا مَنَعْنَاهُ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ قَبْلَ الِاسْتِلْحَاقِ ظَاهِرًا وَالشَّكُّ فِي مُسْقِطِهِ بَعْدُ، فَإِذَا طَلَّقَهَا امْتَنَعَ نِكَاحُهَا لِلشَّكِّ فِي حِلِّهَا حِينَئِذٍ، بَلْ الْحُكْمُ بِعَدَمِ الْحِلِّ حَيْثُ قُلْنَا بِثُبُوتِ النَّسَبِ وَأَنَّ الرَّضَاعَ هُنَا لَمْ يَثْبُتْ فَلَا فَرْقَ هُنَا بَيْنَ حَالِ الزَّوْجِيَّةِ وَعَدَمِهَا (قَوْلُهُ: ثَمَّ أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَ) أَيْ نَحْوَ أَحَدِ أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَحِلُّ لَهُ بَعْدُ) وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ إذَا اسْتَلْحَقَ زَوْجَةَ ابْنِهِ ثَبَتَ نَسَبُهَا مِنْهُ حَقِيقَةً حَتَّى أَنَّهَا تَرِثُهُ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ مَنْعِهَا ثَمَّ مِثْلُهُ هُنَا (قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ الْإِقْرَارُ بِالرَّضَاعِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا نَقْضَ لِلشَّكِّ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ زَوْجَانِ) خَرَجَ بِهِ إقْرَارُ أَبِي الزَّوْجِ أَوْ أُمِّ أَحَدِهِمَا بِذَلِكَ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ (قَوْلُهُ: رَضَاعٌ مُحَرَّمٌ) وَكَذَا مَعَ إسْقَاطِ مُحَرَّمٍ عَلَى مَا قَالَ حَجّ أَنَّهُ الَّذِي يُتَّجَهُ مِنْ خِلَافٍ لِلْمُتَأَخِّرِينَ: أَيْ لِأَنَّ الرَّضَاعَ إذَا أُطْلِقَ انْصَرَفَ لِلْمُحَرَّمِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَضَتْ الْعَادَةُ بِجَهْلِهِمَا) وَمِنْهُ مَا لَوْ قَرُبَ عَهْدُ الْمُقِرِّ بِالْإِسْلَامِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: عَالِمَةً مُخْتَارَةً) أَيْ وَكَانَتْ بَالِغَةً وَإِنْ لَمْ تَكُنْ رَشِيدَةً (قَوْلُهُ: وَلَهَا الْمُسَمَّى إنْ صَحَّ النِّكَاحُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَالشَّاهِدِ بِالْإِقْرَارِ) أَيْ بِخِلَافِ الشَّاهِدِ بِنَفْسِ الرَّضَاعِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَ) أَيْ أَصْلَ الْمُقِرِّ أَوْ فَرْعَهُ: أَيْ فَالصُّورَةُ أَنَّهَا فِي عِصْمَةِ الْأَصْلِ أَوْ الْفَرْعِ، وَقَوْلُهُ: مُطْلَقًا: أَيْ سَوَاءٌ صُدِّقَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ ثُبُوتِ الْمَحْرَمِيَّةِ بِذَلِكَ) أَيْ بِالْإِقْرَارِ بِالرَّضَاعِ: أَيْ فَلَا يَجُوزُ لَهُ نَحْوُ نَظَرِهَا وَالْخَلْوَةِ بِهَا، وَمَا أَخَذَهُ الشَّيْخُ مِنْ هَذَا مِمَّا أَطَالَ بِهِ فِي حَاشِيَتِهِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ كَمَا يُعْلَمُ بِتَأَمُّلِهِ إذْ الْحُرْمَةُ غَيْرُ الْمَحْرَمِيَّةِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الْقَائِلَ

عَلَيْهَا فِيهِ، نَعَمْ لَهُ تَحْلِيفُهَا قَبْلَ وَطْءٍ وَكَذَا بَعْدَهُ إنْ زَادَ الْمُسَمَّى عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، فَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفَ وَلَزِمَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ بَعْدَ الْوَطْءِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَبْلَهُ. هَذَا إنْ لَمْ تَكُنْ مُفَوِّضَةً رَشِيدَةً، أَمَّا هِيَ فَلَا شَيْءَ لَهَا سِوَى الْمُتْعَةِ كَمَا حُكِيَ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ (وَإِنْ) (ادَّعَتْهُ) أَيْ الزَّوْجَةُ الرَّضَاعَ الْمُحَرِّمَ (فَأَنْكَرَ) أَيْ الزَّوْجُ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ زُوِّجَتْ) مِنْهُ (بِرِضَاهَا) بِأَنْ عَيَّنَتْهُ فِي إذْنِهَا لِتَضَمُّنِهِ إقْرَارَهَا بِحِلِّهَا لَهُ فَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهَا نَقِيضُهُ، وَتَسْتَمِرُّ الزَّوْجِيَّةُ ظَاهِرًا بَعْدَ حَلِفِ الزَّوْجِ عَلَى نَفْيِ الرَّضَاعِ، وَعَلَيْهَا مَنْعُ نَفْسِهَا مِنْهُ مَا أَمْكَنَ إنْ كَانَتْ صَادِقَةً، وَتَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ النَّفَقَةَ مَعَ إقْرَارِهَا بِفَسَادِ النِّكَاحِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ عِنْدَهُ وَهُوَ مُسْتَمْتِعٌ بِهَا وَالنَّفَقَةُ تَجِبُ فِي مُقَابَلَةِ ذَلِكَ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ صِحَّةُ مَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ طَلَبَ زَوْجَتَهُ لِمَحَلِّ طَاعَتِهِ فَامْتَنَعَتْ مِنْ النُّقْلَةِ مَعَهُ ثُمَّ إنَّهُ اسْتَمَرَّ يَسْتَمْتِعُ بِهَا فِي الْمَحَلِّ الَّذِي امْتَنَعَتْ فِيهِ مِنْ اسْتِحْقَاقِ نَفَقَتِهَا كَمَا سَيَأْتِي (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تُزَوَّجْ بِرِضَاهَا بَلْ إجْبَارًا أَوْ أَذِنَتْ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ زَوْجٍ (فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُهَا بِيَمِينِهَا) مَا لَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ وَطْئِهَا مُخْتَارَةً لِاحْتِمَالِ مَا تَدَّعِيهِ وَلَمْ يَسْبِقْ مِنْهَا مُنَافِيهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ ذَكَرَتْهُ قَبْلَ النِّكَاحِ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ تَمْكِينَهَا فِي نَحْوِ ظُلْمَةٍ مَانِعَةٍ مِنْ الْعِلْمِ بِهِ كَلَا تَمْكِينٍ. وَالثَّانِي يَصْدُقُ الزَّوْجُ بِيَمِينِهِ لِاسْتِدَامَةِ النِّكَاحِ الْجَارِي عَلَى الصِّحَّةِ ظَاهِرًا (وَلَهَا مَهْرُ مِثْلٍ إنْ وَطِئَ) وَلَمْ تَكُنْ عَالِمَةً مُخْتَارَةً حِينَئِذٍ لَا الْمُسَمَّى لِإِقْرَارِهَا بِنَفْيِ اسْتِحْقَاقِهَا نَعَمْ إنْ كَانَتْ قَبَضَتْهُ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ لِزَعْمِهِ أَنَّهُ لَهَا وَالْوَرَعُ تَطْلِيقُ مُدَّعِيَتِهِ لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ يَقِينًا بِفَرْضِ كَذِبِهَا وَدَعْوَاهَا الْمُصَاهَرَةَ كَكُنْتُ زَوْجَةَ أَبِيك مَثَلًا كَدَعْوَى الرَّضَاعِ، وَلَوْ أَقَرَّتْ أَمَةٌ بِأُخُوَّةِ الرَّضَاعِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَيِّدِهَا لَمْ يُقْبَلْ عَلَى سَيِّدِهَا فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ وَلَوْ قَبْلَ التَّمْكِينِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِابْنِ الْمُقْرِي وَصَاحِبِ الْأَنْوَارِ (وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ) لَهَا عَمَلًا بِقَوْلِهَا فِيمَا لَا تَسْتَحِقُّهُ (وَيَحْلِفُ مُنْكِرُ رَضَاعٍ) مِنْهُمَا (عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ) بِهِ لِأَنَّهُ يَنْفِي فِعْلَ الْغَيْرِ وَفِعْلُهُ فِي الِارْتِضَاعِ لَغْوٌ لِصِغَرِهِ، نَعَمْ الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ تَكُونُ عَلَى الْبَتِّ لِأَنَّهَا مُثْبِتَةٌ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ (وَ) يَحْلِفُ (مُدَّعِيهِ عَلَى بَتٍّ) لِأَنَّهُ يُثْبِتُ فِعْلَ الْغَيْرِ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ أَيْضًا، وَقَوْلُ الشَّارِحِ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً مُصَوَّرٌ فِي الرَّجُلِ بِمَا لَوْ ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ رَضَاعًا مُحَرِّمًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ فُلَانَةَ وَأَقَامَ بَيِّنَةً وَحَلَفَ مَعَهَا يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ فَتَكُونُ مِنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَسْقَطَ حَجّ لَفْظَ النِّكَاحِ وَهُوَ الصَّوَابُ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ صِحَّةِ النِّكَاحِ صِحَّةُ الْمُسَمَّى كَمَا لَوْ عَقَدَ بِخَمْرٍ، فَإِنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ لِفَسَادِ الْمُسَمَّى (قَوْلُهُ: هَذَا إنْ لَمْ تَكُنْ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْإِشَارَةَ إلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَنِصْفُهُ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهَا مَنْعُ نَفْسِهَا) أَيْ وَإِنْ أَدَّى ذَلِكَ إلَى قَتْلِهِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ وَطْئِهَا) أَيْ بَعْدَ بُلُوغِهَا وَلَوْ سَفِيهَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: كَدَعْوَى الرَّضَاعِ) أَيْ فَيَصْدُقُ فِي إنْكَارِهِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الشَّارِحِ رَجُلًا كَانَ) أَيْ الْحَالِفُ (قَوْلُهُ: بِمَا لَوْ ادَّعَى) أَيْ الْوَلِيُّ مَثَلًا (قَوْلُهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ) أَيْ الْغَائِبِ (قَوْلُهُ: وَحَلَفَ مَعَهَا) أَيْ الْبَيِّنَةِ، وَقَوْلُهُ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: هَذَا إنْ لَمْ تَكُنْ مُفَوَّضَةً رَشِيدَةً إلَخْ.) هُوَ قَيْدٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ، وَإِلَّا فَنِصْفُهُ، لَكِنْ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُعَبِّرَ بِقَوْلِهِ فَإِنْ كَانَتْ مُفَوَّضَةً رَشِيدَةً فَلَا شَيْءَ لَهَا إلَخْ. لِيَكُونَ مَفْهُومُ الْمَتْنِ لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا كَانَ مُسَمًّى، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدْ لَاحَظَهُ مِمَّا أَدْخَلَهُ فِي خِلَالِ الْمَتْنِ مِنْ قَوْلِهِ، وَإِلَّا فَمَهْرُ الْمَثَلِ وَمَعَ ذَلِكَ فَفِيهِ مَا فِيهِ فَتَأَمُّلٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا هِيَ فَلَا شَيْءَ لَهَا) أَيْ وَأَمَّا الْمُفَوَّضَةُ غَيْرُ الرَّشِيدَةِ بِأَنْ فَوَّضَ لَهَا وَلِيُّهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بَعْدَ الْوَطْءِ وَنِصْفُهُ قَبْلَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِوَلِيِّهَا أَنْ يُفَوِّضَ لَهَا، كَذَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا، وَلَعَلَّهُ ضَعِيفٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ أَوَائِلَ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: وَالْوَرَعُ إلَى آخِرِ الْمَسَائِلِ) كَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ (قَوْلُهُ:؛ عَمَلًا بِقَوْلِهَا فِيمَا لَا تَسْتَحِقُّهُ) عَلَّلَ فِي التُّحْفَةِ بِقَوْلِهِ لِتَبَيُّنِ فَسَادِهِ (قَوْلُهُ: مُصَوَّرٌ فِي الرَّجُلِ إلَخْ.) أَيْ، وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّ الزَّوْجَ إنْ ادَّعَاهُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ بِلَا يَمِينٍ (قَوْلُهُ: وَحَلَفَ مَعَهَا يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ) إنْ كَانَتْ الصُّورَةُ أَنَّهُ ادَّعَى حِسْبَةً فَالْمُدَّعِي حِسْبَةً لَا يَحْلِفُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الزِّيَادِيُّ،

[بما يثبت الرضاع]

عَلَى الْبَتِّ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ نَكَلَ الْمُنْكِرُ أَوْ الْمُدَّعِي عَنْ الْيَمِينِ إلَخْ مُصَوَّرٌ بِمَا لَوْ ادَّعَتْ مُزَوَّجَةٌ بِالْإِجْبَارِ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهَا مُنَافٍ رَضَاعًا مُحَرِّمًا فَهِيَ مُدَّعِيَةٌ وَيُقْبَلُ قَوْلُهَا، فَلَوْ نَكَلَتْ وَرَدَّتْ الْيَمِينَ عَلَى الزَّوْجِ حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُمْ يَحْلِفُ مُنْكِرُهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ إذْ مَحَلُّهُ فِي الْيَمِينِ الْأَصْلِيَّةِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ ادَّعَتْ الرَّضَاعَ فَشَكَّ الزَّوْجُ فَلَمْ يَقَعْ فِي نَفْسِهِ صِدْقُهَا وَلَا كَذِبُهَا حَلَفَ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ، وَمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ وَجْهٌ ضَعِيفٌ (وَيَثْبُتُ) الرَّضَاعُ (بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ) وَإِنْ تَعَمَّدَ النَّظَرَ لِثَدْيَيْهَا لِغَيْرِ الشَّهَادَةِ وَتَكَرَّرَ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ صَغِيرٌ لَا يَضُرُّهُ إدْمَانُهَا حَيْثُ غَلَبَتْ طَاعَاتُهُ مَعَاصِيَهُ (أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَيْنِ وَبِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ) لِاطِّلَاعِهِنَّ عَلَيْهِ غَالِبًا كَالْوِلَادَةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ النِّزَاعُ فِي الشُّرْبِ مِنْ ظَرْفٍ لَمْ يَقْبَلْنَ لِأَنَّ الرِّجَالَ يَطَّلِعُونَ عَلَيْهِ، نَعَمْ يَقْبَلْنَ فِي أَنَّ مَا فِي الظَّرْفِ لَبَنُ فُلَانَةَ لِأَنَّ الرِّجَالَ لَا يَطَّلِعُونَ عَلَى الْحَلْبِ غَالِبًا (وَالْإِقْرَارُ بِهِ شَرْطُهُ) أَيْ شَرْطُ ثُبُوتِهِ (رَجُلَانِ) لِاطِّلَاعِ الرِّجَالِ عَلَيْهِ غَالِبًا، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ تَفْصِيلُ الْمُقِرِّ وَلَوْ عَامِّيًّا لِأَنَّ الْمُقِرَّ يَحْتَاطُ لِنَفْسِهِ فَلَا يُقِرُّ إلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ، وَبِهِ فَارَقَ مَا يَأْتِي فِي الشَّاهِدِ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الْمَسْأَلَةَ هُنَا تَتْمِيمًا لِمَا يَثْبُتُ بِهِ الرَّضَاعُ فَلَا يُنَافِي ذِكْرَهَا فِي الشَّهَادَاتِ مَعَ أَنَّهُ مَحَلُّهَا (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُرْضِعَةِ) مَعَ غَيْرِهَا (إنْ لَمْ تَطْلُبْ أُجْرَةً) عَلَيْهِ وَإِلَّا لَمْ تُقْبَلْ لِاتِّهَامِهَا حِينَئِذٍ (وَلَا ذَكَرَتْ فِعْلَهَا) بِأَنْ قَالَتْ بَيْنَهُمَا رَضَاعٌ مُحَرِّمٌ وَذَكَرَتْ شُرُوطَهُ (وَكَذَا) تُقْبَلُ (إنْ ذَكَرَتْهُ فَقَالَتْ أَرْضَعْته) أَوْ أَرْضَعْتهَا وَذَكَرَتْ شُرُوطَهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ مَعَ كَوْنِ فِعْلِهَا غَيْرَ مَقْصُودٍ بِالْإِثْبَاتِ إذْ الْعِبْرَةُ بِوُصُولِ اللَّبَنِ لِجَوْفِهِ، وَلَا نَظَرَ إلَى إثْبَاتِ الْمَحْرَمِيَّةِ لِأَنَّهُ غَرَضٌ تَافِهٌ لَا يُقْصَدُ كَمَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِعِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ وَإِنْ اسْتَفَادَ بِهَا الشَّاهِدُ حِلَّ الْمَنْكُوحَةِ بِخِلَافِ شَهَادَةِ الْمَرْأَةِ بِوِلَادَتِهَا لِظُهُورِ التُّهْمَةِ بِجَرِّهَا لِنَفْسِهَا حَقَّ النَّفَقَةِ وَالْإِرْثِ وَسُقُوطِ الْقَوَدِ. وَالثَّانِي لَا تُقْبَلُ لِذِكْرِهَا فِعْلَ نَفْسِهَا قِيَاسًا عَلَى شَهَادَتِهَا بِوِلَايَتِهَا وَرُدَّ بِمَا مَرَّ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَكْفِي) قَوْلُ الشَّاهِدِ بِالرَّضَاعِ (بَيْنَهُمَا رَضَاعٌ مُحَرِّمٌ) (بَلْ يَجِبُ ذِكْرُ وَقْتٍ وَعَدَدٍ) كَخَمْسِ رَضَعَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ فِي الْحَيَاةِ بَعْدَ التِّسْعِ وَقَبْلَ الْحَوْلَيْنِ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْبَتِّ. قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذُكِرَ: وَفِي هَذَا الْجَوَابِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ حِسْبَةً لَا تُطْلَبُ مِنْهُ يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ) أَيْ الشَّارِحِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ نِعْمَ الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ إلَخْ (قَوْلُهُ حَلَفَ) أَيْ عَلَى الْبَتِّ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَمَا فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ، لَكِنْ يُتَأَمَّلُ وَجْهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ الْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ مَعَ أَنَّهُ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ، وَقِيَاسُهُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، وَقَدْ يُقَالُ قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَهُ بَلْ يَكُونَ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ إذَا حَلَفَ مُنْكِرُ الرَّضَاعِ هَلْ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ أَوْ عَلَى الْبَتِّ فَإِنْ قُلْنَا يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ حَلَفَ كَذَلِكَ إذَا شَكَّ فِي أَنَّ بَيْنَهُمَا رَضَاعًا أَمْ لَا، وَإِنْ قُلْنَا يَحْلِفُ مُنْكِرُ الرَّضَاعِ عَلَى الْبَتِّ فَفِيمَا لَوْ شَكَّ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا يَحْلِفُ كَذَلِكَ إنْ حَلَفَ، وَالْآخَرُ لَا يَحْلِفُ لِأَنَّهُ لَا يَسُوغُ لَهُ الْحَلِفُ عَلَى الْبَتِّ مَعَ عَدَمِ وُجُودِ سَبَبٍ يَبْنِي عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ) أَيْ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ النِّسَاءِ فَلَا يُشْتَرَطُ لِقَبُولِ شَهَادَتِهِمْ فَقْدُ النِّسَاءِ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ لِقَبُولِ الرَّجُلَيْنِ وَالْمَرْأَتَيْنِ مَنْ يَقْبَلُونَ فِيهِ فَقْدَ الثَّانِي مِنْ الرَّجُلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَامِّيًّا) أَيْ أَوْ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَطْلُبْ أُجْرَةً) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهَا طَلَبٌ أَصْلًا أَوْ سَبَقَ طَلَبُهَا وَأَخَذَتْهَا وَلَوْ تَبَرُّعًا مِنْ الْمُعْطِي (قَوْلُهُ: بِوِلَادَتِهَا) أَيْ بِوِلَادَةِ نَفْسِهَا (قَوْلُهُ: بَعْدَ التِّسْعِ) أَيْ السَّابِقَةِ وَهِيَ التَّقْرِيبِيَّةُ فَ " الـ " فِيهِ لِلْعَهْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَلْ فِي سَمَاعِ دَعْوَى الْحِسْبَةِ هُنَا وَقْفَةٌ ظَاهِرَةٌ لِأَنَّ شَرْطَهَا الْحَاجَةُ، وَمَا دَامَ الزَّوْجُ غَائِبًا لَا حَاجَةَ،، وَإِنْ كَانَ وَكِيلًا عَنْ الْمَرْأَةِ فَالْوَكِيلُ لَا يَحْلِفُ أَيْضًا، وَكَذَا إنْ كَانَ وَلِيًّا خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ فَانْظُرْ مَا صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَكَلَ الْمُنْكِرُ أَوْ الْمُدَّعِي عَنْ الْيَمِينِ) تَتِمَّتُهُ وَرُدَّتْ عَلَى الْآخَرِ حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ [بِمَا يَثْبُتُ الرَّضَاعُ] (قَوْلُهُ: فَلَا يُنَافِي ذِكْرَهَا فِي الشَّهَادَاتِ)

[شهادة المرضعة في الرضاع]

فِي ذَلِكَ (وَوُصُولُ اللَّبَنِ جَوْفَهُ) فِي كُلِّ رَضْعَةٍ كَمَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْإِيلَاجِ فِي شَهَادَةِ الزِّنَا. وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهُ لَا يُشَاهَدُ، نَعَمْ إنْ كَانَ الشَّاهِدُ فَقِيهًا يُوثَقُ بِمَعْرِفَتِهِ وَفِقْهِهِ مُوَافِقًا لِلْقَاضِي الْمُقَلِّدِ فِي شُرُوطِ التَّحْرِيمِ وَحَقِيقَةِ الرَّضْعَةِ اكْتَفَى مِنْهُ بِالْإِطْلَاقِ عَلَى مَا يَأْتِي بِمَا فِيهِ فِي الشَّهَادَاتِ (وَيُعْرَفُ ذَلِكَ) أَيْ وُصُولُهُ لِلْجَوْفِ وَإِنْ لَمْ يُشَاهَدْ (بِمُشَاهَدَةِ حَلَبٍ) بِفَتْحِ لَامِهِ كَمَا بِخَطِّهِ وَهُوَ اللَّبَنُ الْمَحْلُوبُ أَوْ بِسُكُونِهَا كَمَا قَالَهُ غَيْرُهُ، وَدَعْوَى أَنَّهُ الْمُتَّجَهُ مَحَلُّ نَظَرٍ لِلْعِلْمِ بِالْمُرَادِ مِنْ قَوْلِهِ عَقِبَهُ وَإِيجَارٌ وَازْدِرَادٌ أَوْ قَرَائِنُ كَالْتِقَامِ ثَدْيٍ وَمَصِّهِ وَحَرَكَةِ حَلْقِهِ بِتَجَرُّعٍ وَازْدِرَادٍ (بَعْدَ عِلْمِهِ أَنَّهَا لَبُونٌ) أَيْ أَنَّ فِي ثَدْيِهَا حَالَةَ الْإِرْضَاعِ أَوْ قُبَيْلَهُ لَبَنًا، لِأَنَّ مُشَاهَدَةَ هَذِهِ قَدْ تُقَيِّدُ الْيَقِينَ أَوْ الظَّنَّ الْقَوِيَّ، وَلَا يَذْكُرُهَا فِي الشَّهَادَةِ بَلْ يَجْزِمُ بِهَا اعْتِمَادًا عَلَيْهَا، أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا ذَاتُ لَبَنٍ حِينَئِذٍ فَلَا تَحِلُّ لَهُ الشَّهَادَةُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ اللَّبَنِ، وَلَوْ شَهِدَ الشَّاهِدُ بِالرَّضَاعِ وَمَاتَ قَبْلَ تَفْصِيلِ شَهَادَتِهِ تَوَقَّفَ الْقَاضِي وُجُوبًا فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ وَقَالَ الشَّيْخُ إنَّهُ الْأَقْرَبُ. وَيُسَنُّ إعْطَاءُ الْمُرْضِعَةِ شَيْئًا عِنْدَ الْفِصَالِ وَالْأَوْلَى عِنْدَ أَوَانِهِ، فَإِنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً اُسْتُحِبَّ لِلرَّضِيعِ بَعْدَ كَمَالِهِ إعْتَاقُهَا لِصَيْرُورَتِهَا أُمًّا لَهُ وَلَنْ يَجْزِيَ وَلَدٌ وَالِدَهُ إلَّا بِإِعْتَاقِهِ كَمَا وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: مُوَافِقًا لِلْقَاضِي الْمُقَلِّدِ) أَيْ بِخِلَافِ الْمُجْتَهِدِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا يَأْتِي) أَيْ وَالرَّاجِحُ مِنْهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ فَيُقَالُ هُنَا بِمِثْلِهِ، وَفِي سم عَلَى حَجّ مَا يُفِيدُهُ حَيْثُ قَالَ: وَفِي شَرْحِ مَرَّ مِثْلُهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وَيَحْسُنُ الِاكْتِفَاءُ فِي الشَّهَادَةِ بِالرَّضَاعِ بِإِطْلَاقِ الْفَقِيهِ الْمَوْثُوقِ بِمَعْرِفَتِهِ الْمُوَافِقِ مَذْهَبَ الْقَاضِي بِخِلَافِ الْمُخَالِفِ لَهُ، نَعَمْ إنْ اخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ فِي الْوَاقِعَةِ فِي الْمَذْهَبِ وَجَبَ التَّفْصِيلُ فِي الْمُوَافِقِ وَالْمُخَالِفِ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي قَوْلِهِ عَلَى مَا يَأْتِي بِمَا فِيهِ فِي الشَّهَادَاتِ وَظَاهِرُهُ اعْتِمَادُ الِاكْتِفَاءِ بِالْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِسُكُونِهَا) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَعَ السُّكُونِ اللَّبَنُ أَيْضًا، لَكِنْ فِي الْمُخْتَارِ أَنَّ اللَّبَنَ يُطْلَقُ عَلَيْهِ الْحَلَبُ بِالْفَتْحِ وَلَمْ يُذْكَرْ فِيهِ السُّكُونُ وَأَنَّهُ مَصْدَرٌ بِالْفَتْحِ وَالسُّكُونِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَبِيلَهُ لَبَنًا) أَيْ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَذْكُرُهَا) أَيْ الْحَلَبُ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ إعْطَاءُ الْمُرْضِعَةِ) أَيْ وَلَوْ أُمًّا (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْفِصَالِ) أَيْ فَطْمَهُ (قَوْلُهُ: وَلَنْ يَجْزِيَ) أَيْ وَقَدْ قَالَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQحَقُّ الْعِبَارَةِ: فَلَا يَتَكَرَّرُ مَعَ مَا فِي الشَّهَادَاتِ [شَهَادَةُ الْمُرْضِعَةِ فِي الرَّضَاع] (قَوْلُهُ: وَهُوَ اللَّبَنُ الْمَحْلُوبُ) أَيْ الْمُرَادُ بِهِ هُنَا ذَلِكَ، وَإِلَّا فَهُوَ بِالْفَتْحِ لِلْمَصْدَرِ أَيْضًا كَالسُّكُونِ لَكِنْ مَنَعَ مِنْ إرَادَتِهِ مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ لِلْعِلْمِ بِالْمُرَادِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِسُكُونِهَا) يَعْنِي: مَصْدَرًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، إذْ هُوَ بِالسُّكُونِ لَيْسَ إلَّا الْمَصْدَرُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَئِمَّةُ اللُّغَةِ.

[كتاب النفقات وما يذكر معها]

كِتَابُ النَّفَقَاتِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا وَأُخِّرَتْ إلَى هُنَا لِوُجُوبِهَا فِي النِّكَاحِ وَبَعْدَهُ وَجُمِعَتْ لِتَعَدُّدِ أَسْبَابِهَا الْآتِيَةِ النِّكَاحِ وَالْقَرَابَةِ وَالْمِلْكِ، وَأُورِدَ عَلَيْهَا أَسْبَابٌ أُخَرُ، وَلَا تُرَدُّ لِأَنَّ بَعْضَهَا خَاصٌّ وَبَعْضَهَا ضَعِيفٌ مِنْ الْإِنْفَاقِ وَهُوَ الْإِخْرَاجُ، وَلَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا فِي الْخَيْرِ كَمَا مَرَّ. وَالْأَصْلُ فِيهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ، وَبَدَأَ بِنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ لِأَنَّهَا أَقْوَى لِكَوْنِهَا فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ مِنْ التَّمَتُّعِ وَلَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ فَقَالَ (عَلَى مُوسِرٍ) حُرٍّ كُلُّهُ (لِزَوْجَتِهِ) وَلَوْ أَمَةً كَافِرَةً وَمَرِيضَةً (كُلَّ يَوْمٍ) بِلَيْلَتِهِ الْمُتَأَخِّرَةِ عَنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْفَسْخِ بِالْإِعْسَارِ، وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ مِنْ طُلُوعِ فَجْرِهِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي عَنْ الْإِسْنَوِيِّ فِيمَا لَوْ حَصَلَ التَّمْكِينُ عِنْدَ الْغُرُوبِ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا قِسْطُ مَا بَقِيَ مِنْ غُرُوبِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ إلَى الْفَجْرِ دُونَ مَا مَضَى مِنْ الْفَجْرِ إلَى الْغُرُوبِ ثُمَّ تَسْتَقِرُّ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْفَجْرِ دَائِمًا، وَمَا يَأْتِي عَنْ الْبُلْقِينِيِّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقِسْطُ مُطْلَقًا مَرْدُودٌ وَإِنْ كَانَ فِي كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ مَا قَدْ يُوَافِقُهُ (مُدَّا طَعَامٍ وَ) عَلَى (مُعْسِرٍ) وَمِنْهُ كَسُوبٌ وَإِنْ قَدَرَ زَمَنَ كَسْبِهِ عَلَى مَالٍ وَاسِعٍ وَمُكَاتَبٍ وَإِنْ أَيْسَرَ لِضَعْفِ مِلْكِهِ وَمُبَعَّضٍ لِنَقْصِهِ، وَإِنَّمَا جَعَلُوهُ مُوسِرًا فِي الْكَفَّارَةِ بِالنِّسْبَةِ لِوُجُوبِ الْإِطْعَامِ لِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى التَّغْلِيظِ: أَيْ وَلِأَنَّ النَّظَرَ لِلْإِعْسَارِ فِيهَا يُسْقِطُهَا مِنْ أَصْلِهَا وَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــSكِتَابُ النَّفَقَاتِ (قَوْلُهُ: وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا) كَالْفَسْخِ بِالْإِعْسَارِ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَبَعْدَهُ) كَأَنْ طَلُقَتْ وَهِيَ حَامِلٌ أَوْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي بَابِ الْحَجْرِ (قَوْلُهُ حُرٌّ كُلُّهُ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ وَيَجُوزُ جَرُّ حُرٍّ نَعْتًا لِمُوسِرٍ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ الْمُعْسِرِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَالٍ وَاسِعٍ) أَيْ وَهُوَ مُعْسِرٌ فِي الْوَقْتِ الَّذِي لَا مَالَ بِيَدِهِ فِيهِ وَإِنْ كَانَ لَوْ اكْتَسَبَ حَصَلَ مَالًا كَثِيرًا وَمُوسِرٌ حَيْثُ اكْتَسَبَ وَصَارَ بِيَدِهِ مَالٌ وَقْتَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَفِي سم مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ وَمِنْهُ كَسُوبٌ: أَيْ قَادِرٌ عَلَى الْمَالِ بِالْكَسْبِ، فَإِنْ حَصَلَ مَالًا مِنْهُ نُظِرَ فِيهِ بِاعْتِبَارِ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمِسْكِينُ الزَّكَاةِ مُعْسِرٌ إلَخْ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مُعْسِرًا وَقَدْ يَكُونُ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا جَعَلُوهُ) أَيْ الْمُبَعَّضَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَبْنَاهَا) أَيْ الْكَفَّارَةَ (قَوْلُهُ: يُسْقِطُهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ النَّفَقَاتِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا] كِتَابُ النَّفَقَاتِ (قَوْلُهُ: أَسْبَابٌ أُخَرُ) كَالْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَّةِ الْمَنْذُورَيْنِ وَالْعَبْدِ الْمَوْقُوفِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ بَعْضَهَا خَاصٌّ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى الْخُصُوصِ (قَوْلُهُ: وَبَعْضُهَا ضَعِيفٌ) أَيْ كَالْعَبْدِ الْمَوْقُوفِ (قَوْلُهُ: يُسْقِطُهَا مِنْ أَصْلِهَا) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمَالُ وَيَرْجِعُ إلَى الصَّوْمِ فَهُوَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ أَنَّهُ فِي كَفَّارَةِ نَحْوِ الظِّهَارِ يُقَالُ عَلَيْهِ إنَّ الْإِعْسَارَ فِيهَا لَا يُسْقِطُ الْإِطْعَامَ الَّذِي هُوَ آخِرُ الْمَرَاتِبِ بَلْ يَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا مَرَّ. وَاعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ سِيَاقِ الشَّارِحِ أَنَّ قَوْلَهُ وَلِأَنَّ النَّظَرَ لِلْإِعْسَارِ إلَخْ. تَعْلِيلٌ ثَانٍ، وَقَدْ يُقَالُ عَلَيْهِ أَيْ مَحْذُورٌ يَتَرَتَّبُ عَلَى إسْقَاطِهَا مِنْ أَصْلِهَا بِالْمَعْنَى الْمَارِّ، وَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَكُونَ النَّظَرُ الْمَذْكُورُ مِنْ تَتِمَّةِ التَّعْلِيلِ الَّذِي قَبْلَهُ إذْ سُقُوطُهَا مِنْ أَصْلِهَا يُنَافِي التَّغْلِيظَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَإِنْ كَانَ

كَذَلِكَ هُنَا، وَفِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ احْتِيَاطًا لَهُ لِشِدَّةِ لُصُوقِهِ بِهِ وَصِلَةً لِرَحِمِهِ، عَلَى أَنَّهُ لَوْ قِيلَ الْيَسَارُ وَالْإِعْسَارُ يَتَفَاوَتُ فِي أَبْوَابِ الْفِقْهِ لِاخْتِلَافِ مَدَارِكِهَا لَمْ يَبْعُدْ (مُدٌّ وَمُتَوَسِّطُ مُدٍّ وَنِصْفٌ) وَلَوْ لِرَفِيعَةٍ. أَمَّا أَصْلُ التَّفَاوُتِ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: 7] وَأَمَّا ذَلِكَ التَّقْدِيرُ فَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْكَفَّارَةِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مَالٌ. وَجَبَ بِالشَّرْعِ وَيَسْتَقِرُّ فِي الذِّمَّةِ، وَأَكْثَرُ مَا وَجَبَ فِيهَا لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّانِ كَفَّارَةً نَحْوَ الْحَلْقِ فِي النُّسُكِ، وَأَقَلُّ مَا وَجَبَ لَهُ مُدٌّ فِي كَفَّارَةِ نَحْوِ الْيَمِينِ وَالظِّهَارِ وَهُوَ يُكْتَفَى بِهِ الزَّهِيدُ وَيَنْتَفِعُ بِالرَّغِيبِ فَلَزِمَ الْمُوسِرَ الْأَكْثَرُ وَالْمُعْسِرَ الْأَقَلُّ وَالْمُتَوَسِّطَ مَا بَيْنَهُمَا وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ شَرَفُ الْمَرْأَةِ وَضِدُّهُ لِأَنَّهَا لَا تُعَيَّرُ بِذَلِكَ وَلَا الْكِفَايَةُ كَنَفَقَةِ الْقَرِيبِ لِأَنَّهَا تَجِبُ لِلْمَرِيضَةِ وَالشَّبْعَانَةِ وَمَا اقْتَضَاهُ ظَاهِرُ خَبَرِ هِنْدٍ «خُذِي مَا يَكْفِيك وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ» مِنْ تَقْدِيرِهَا بِالْكِفَايَةِ الَّذِي ذَهَبَ إلَى اخْتِيَارِهِ جَمْعٌ مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلُ وَأَطَالُوا الْقَوْلَ فِيهِ. يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَمْ يُقَدِّرْهَا فِيهِ بِالْكِفَايَةِ فَقَطْ بَلْ بِهَا بِحَسَبِ الْمَعْرُوفِ، وَحِينَئِذٍ فَمَا ذَكَرُوهُ هُوَ الْمَعْرُوفُ الْمُسْتَقِرُّ فِي الْعُقُولِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، وَلَوْ فَتَحَ لِلنِّسَاءِ بَابَ الْكِفَايَةِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ لَوَقَعَ التَّنَازُعُ لَا إلَى غَايَةٍ فَتَعَيَّنَ ذَلِكَ التَّقْدِيرُ اللَّائِقُ بِالْعُرْفِ فَاتَّضَحَ كَلَامُهُمْ، وَانْدَفَعَ قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ لَا أَعْرِفُ لِإِمَامِنَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سَلَفًا فِي التَّقْدِيرِ بِالْأَمْدَادِ، وَلَوْلَا الْأَدَبُ لَقُلْت الصَّوَابُ أَنَّهَا بِالْمَعْرُوفِ تَأَسِّيًا وَاتِّبَاعًا، وَمِمَّا يَرُدُّ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّهَا فِي مُقَابِلِهِ وَهِيَ تَقْتَضِي التَّقْدِيرَ فَتَعَيَّنَ. وَأَمَّا تَعَيُّنُ الْحَبِّ فَلِأَنَّهَا أَخَذَتْ شَبَهًا مِنْ الْكَفَّارَةِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي مُقَابِلٍ وَإِنْ تَفَاوَتُوا فِي الْقَدْرِ، لِأَنَّا وَجَدْنَا ذَوِي النُّسُكِ مُتَفَاوِتِينَ فِيهِ، فَأَلْحَقْنَا مَا هُنَا بِذَلِكَ فِي أَصْلِ التَّقْدِيرِ، وَإِذَا ثَبَتَ أَصْلُهُ تَعَيَّنَ اسْتِنْبَاطُ مَعْنًى يُوجِبُ التَّفَاوُتَ وَهُوَ مَا تَقَرَّرَ (وَالْمُدُّ) الْأَصْلُ فِي اعْتِبَارِهِ الْكَيْلُ وَإِنَّمَا ذَكَرُوا الْوَزْنَ اسْتِظْهَارًا أَوْ إذَا وَافَقَ الْكَيْلَ كَمَا مَرَّ ثُمَّ الْوَزْنَ اخْتَلَفُوا فِيهِ (مِائَةٌ وَثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ دِرْهَمًا وَثُلُثُ دِرْهَمٍ) بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الرَّافِعِيِّ فِي رِطْلِ بَغْدَادَ (قُلْت: الْأَصَحُّ مِائَةٌ وَأَحَدٌ وَسَبْعُونَ) دِرْهَمًا (وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ السَّابِقِ فِيهِ (وَمِسْكِينُ الزَّكَاةِ) الْمَارُّ ضَابِطُهُ فِي بَابِ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ هُوَ (مُعْسِرٌ) وَفَقِيرُهَا بِالْأَوْلَى، وَدَعْوَى أَنَّ عِبَارَتَهُ مَقْلُوبَةٌ وَصَوَابُهَا وَالْمُعْسِرُ هُوَ مِسْكِينُ الزَّكَاةِ مَرْدُودَةٌ. وَمِمَّا ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ قَدْ يُسْقِطُهَا وَإِلَّا فَالْإِعْسَارُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ يَنْتَقِلُ مَعَهُ لِلصَّوْمِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ لَوْ قِيلَ إلَخْ) هَذَا الِاسْتِدْرَاكُ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْفَرْقِ الَّذِي ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: يَتَفَاوَتُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: لَمْ يَبْعُدْ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يُسْتَغْنَى عَمَّا ذَكَرَهُ مِنْ التَّوْجِيهِ لِأَنَّهُ أَشَارَ بِهِ إلَى الْحِكْمَةِ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ أَحْوَالِ الْمُبَعَّضِ يَسَارًا وَإِعْسَارًا بِاخْتِلَافِ هَذِهِ الْأَبْوَابِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِرَفِيعَةٍ) أَيْ رَفِيعَةُ النَّسَبِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَكْتَفِي بِهِ الزَّهِيدُ) أَيْ قَلِيلُ الْأَكْلِ (قَوْلُهُ: لَا أَعْرِفُ لِإِمَامِنَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سَلَفًا) لَمْ يَظْهَرْ مِمَّا ذَكَرَهُ رَدٌّ لِمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَإِنَّهُ إنَّمَا قَالَ لَا أَعْرِفُ لِإِمَامِنَا سَلَفًا وَلَمْ يَقُلْ لَا أَعْرِفُ لَهُ وَجْهًا فَلَا يَتِمُّ الرَّدُّ عَلَيْهِ إلَّا إذَا نَقَلَ عَمَّنْ تَقَدَّمَ عَلَى إمَامِنَا مَا يُوَافِقُ مَا قَالَهُ وَهُوَ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَنَّهَا فِي مُقَابِلِهِ) أَيْ الشَّيْءِ وَهُوَ التَّمَتُّعُ (قَوْلُهُ الْمَارُّ ضَابِطُهُ) أَيْ بِأَنَّهُ الَّذِي لَهُ مَالٌ أَوْ كَسْبٌ يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ كِفَايَتِهِ وَلَا يَكْفِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذَا هُوَ الْمُرَادُ فَكَانَ يَنْبَغِي إسْقَاطُ لَفْظِ لِأَنَّ بِأَنْ يَقُولَ وَالنَّظَرُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَفِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ) أَيْ، وَإِنَّمَا جَعَلُوهُ مُوسِرًا فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَيَسْتَقِرُّ فِي الذِّمَّةِ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ إذْ هَذَا لَيْسَ إلَّا فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ. (قَوْلُهُ: وَانْدَفَعَ قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ لَا أَعْرِفُ لِإِمَامِنَا إلَخْ.) أَيْ انْدَفَعَ بِالنَّظَرِ إلَى آخِرِ الْكَلَامِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: وَلَوْلَا الْأَدَبُ لَقُلْت إلَخْ. وَأَمَّا أَوَّلُ الْكَلَامِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: لَا أَعْرِفُ لِإِمَامِنَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سَلَفًا بِالتَّقْدِيرِ بِالْأَمْدَادِ فَالشَّارِحُ مُسَلِّمُهُ لَهُ كَمَا لَا يَخْفَى فَانْدَفَعَ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَتَفَاوَتُوا فِي الْقَدْرِ إلَخْ.) اُنْظُرْ هَلْ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ: أَمَّا أَصْلُ التَّفَاوُتِ إلَخْ. وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا ذَلِكَ التَّقْدِيرُ إلَخْ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّا وَجَدْنَا ذَوِي النُّسُكِ مُتَفَاوِتِينَ) لَا يَخْفَى أَنَّ دُونَ النُّسُكِ لَا يَتَفَاوَتُونَ فِي الْقَدْرِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْمُعْسِرِ هُوَ الْوَاجِبُ عَلَى الْمُوسِرِ، وَإِنَّمَا التَّفَاوُتُ بِاعْتِبَارِ الْمُوجِبِ بِالنَّظَرِ لِكُلِّ شَخْصٍ عَلَى حِدَتِهِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّا رَاعَيْنَا حَالَ الشَّخْصِ، فَأَوْجَبْنَا عَلَى الْمُوسِرِ مَا لَمْ نُوجِبْهُ عَلَى الْمُعْسِرِ مَعَ اتِّحَادِ الْمُوجِبِ فَلَا جَامِعَ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا تَقَرَّرَ فِي ذَوِي النُّسُكِ. (قَوْلُهُ: وَدَعْوَى أَنَّ عِبَارَتَهُ مَقْلُوبَةٌ إلَخْ.) قَدْ يُقَالُ: إنَّ هَذِهِ الدَّعْوَةَ هِيَ الَّتِي تَنْبَغِي

يُبْطِلُ حَصْرَهُ مَا مَرَّ أَنَّ ذَا الْكَسْبِ الْوَاسِعِ مُعْسِرٌ هُنَا وَلَيْسَ مِسْكِينَ زَكَاةٍ فَتَعَيَّنَ مَا عَبَّرَ بِهِ لِئَلَّا يَرِدَ عَلَيْهِ ذَلِكَ (وَمَنْ فَوْقَهُ) فِي التَّوَسُّعِ بِأَنْ كَانَ لَهُ مَا يَكْفِيهِ مِنْ الْمَالِ لَا الْكَسْبِ (إنْ كَانَ لَوْ كُلِّفَ مُدَّيْنِ) كُلَّ يَوْمٍ لِزَوْجَتِهِ (رَجَعَ مِسْكِينًا فَمُتَوَسِّطٌ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَرْجِعْ مِسْكِينًا لَوْ كُلِّفَ ذَلِكَ (فَمُوسِرٌ) وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِالرُّخْصِ وَالْغَلَاءِ، زَادَ فِي الْمَطْلَبِ: وَقِلَّةُ الْعِيَالِ وَكَثْرَتُهَا، حَتَّى إنَّ الشَّخْصَ الْوَاحِدَ قَدْ يَلْزَمُهُ لِزَوْجَتِهِ نَفَقَةُ مُوسِرٍ وَلَا يَلْزَمُهُ لَوْ تَعَدَّدَتْ إلَّا نَفَقَةُ مُتَوَسِّطٍ أَوْ مُعْسِرٍ، وَلَوْ ادَّعَتْ يَسَارَ زَوْجِهَا وَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ لَمْ يُعْهَدْ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا فَلَا، فَإِنْ ادَّعَى تَلَفَهُ فَفِيهِ تَفْصِيلُ الْوَدِيعَةِ (وَالْوَاجِبُ غَالِبُ قُوتِ الْبَلَدِ) أَيْ مَحَلُّ الزَّوْجَةِ مِنْ بُرٍّ أَوْ غَيْرِهِ كَأَقِطٍ كَالْفِطْرَةِ وَإِنْ لَمْ يَلْقَ بِهَا وَلَا أَلْفَتْهُ إذْ لَهَا إبْدَالُهُ. (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (فَإِنْ اخْتَلَفَ) غَالِبُ قُوتِ مَحَلِّهَا أَوْ أَصْلُ قُوتِهِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ غَالِبٌ (وَجَبَ لَائِقٌ بِهِ) أَيْ بِيَسَارِهِ أَوْ ضِدِّهِ، وَلَا عِبْرَةَ بِمَا يَتَنَاوَلُهُ تَوَسُّعًا أَوْ بُخْلًا مَثَلًا (وَيُعْتَبَرُ الْيَسَارُ وَغَيْرُهُ) مِنْ التَّوَسُّطِ وَالْإِعْسَارِ (طُلُوعُ الْفَجْرِ) إنْ كَانَتْ مُمْكِنَةً حِينَئِذٍ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِاحْتِيَاجِهَا لِطَحْنِهِ وَعَجْنِهِ وَخَبْزِهِ، وَيَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ عَقِبَ طُلُوعِهِ إنْ قَدَرَ بِلَا مَشَقَّةٍ لَكِنَّهُ لَا يُخَاصَمُ، فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ فَلَهُ التَّأْخِيرُ عَلَى الْعَادَةِ، أَمَّا الْمُمْكِنَةُ بَعْدَهُ فَيُعْتَبَرُ حَالُهُ عَقِبَ التَّمْكِينِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الزَّوْجِ (تَمْلِيكُهَا) يَعْنِي أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهَا إنْ كَانَتْ كَامِلَةً وَإِلَّا فَلِوَلِيِّهَا وَسَيِّدِ غَيْرِ الْمُكَاتَبَةِ وَلَوْ مَعَ سُكُوتِ الدَّافِعِ وَالْأَخْذِ بَلْ الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهَا كَافٍ (حَبًّا) سَلِيمًا إنْ كَانَ وَاجِبُهُ كَالْكَفَّارَةِ وَلِأَنَّهُ أَكْمَلُ فِي النَّفْعِ فَتَتَصَرَّفُ فِيهِ كَيْفَ شَاءَتْ (وَكَذَا) عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ وَإِنْ اعْتَادَتْ فِعْلَ ذَلِكَ بِنَفْسِهَا (طَحْنُهُ) وَعَجْنُهُ (وَخَبْزُهُ فِي الْأَصَحِّ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهَا. وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ كَالْكَفَّارَاتِ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّهَا فِي حَبْسِهِ حَتَّى لَوْ بَاعَتْهُ أَوْ أَكَلَتْهُ حَبًّا اسْتَحَقَّتْ مُؤَنَ ذَلِكَ فِي أَوْجَهِ احْتِمَالَيْنِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ بِطُلُوعِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ مُعْسِرٌ هُنَا) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ اكْتِسَابِهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ: كُلَّ يَوْمٍ لِزَوْجَتِهِ) قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهُ مَالٌ يُقَسَّطُ عَلَى بَقِيَّةِ غَالِبِ الْعُمْرِ فَإِنْ كَانَ لَوْ كُلِّفَ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْهُ مُدَّيْنِ رَجَعَ مُعْسِرًا كَانَ مُتَوَسِّطًا وَإِلَّا فَلَا وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ الظَّاهِرُ مَا قَالَهُ سم عَلَى حَجّ مِنْ قَوْلِهِ قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ: تَنْبِيهٌ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يَبْقَى الْكَلَامُ فِي الْإِنْفَاقِ الَّذِي لَوْ كُلِّفَ بِهِ لَوَصَلَ إلَى حَدِّ الْمِسْكَيْنِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ النَّوَوِيِّ وَصَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ أَنَّهُ الْإِنْفَاقُ فِي الْوَقْتِ الْحَاضِرِ مُعْتَبِرًا يَوْمًا بِيَوْمٍ إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بِهِ فَلْيُرَاجَعْ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الشَّخْصَ قَدْ يَكُونُ فِي يَوْمٍ مُوسِرًا وَفِي آخَرَ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: وَقِلَّةُ الْعِيَالِ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ مِنْ زَوْجَةٍ وَخَادِمِهَا وَأُمِّ وَلَدٍ وَمَا كَانَ ضَرُورِيًّا لَهُ كَخَادِمِهِ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَيْهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي مِنْ أَنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ يُشْتَرَطُ فِيهَا الْفَضْلُ عَمَّنْ ذُكِرَ. (قَوْلُهُ: غَالِبُ قُوتِ الْبَلَدِ) أَيْ وَقْتَ الْوُجُوبِ إنْ قَدَرَ بِلَا مَشَقَّةٍ وَحِينَئِذٍ يَأْثَمُ بِعَدَمِ الْأَدَاءِ مَعَ الْمُطَالَبَةِ مَرَّ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ لَا يُخَاصِمُ) أَيْ فَلَيْسَ لَهَا الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَإِنْ جَازَ لِلْقَاضِي أَمْرُهُ بِالدَّفْعِ إذَا طَلَبَتْ مِنْ بَابِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنْ يَدْفَعَ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: بِأَنْ يُسَلِّمَهُ لَهَا بِقَصْدِ أَدَاءِ مَا لَزِمَهُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ إلَى لَفْظٍ اهـ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ اعْتِبَارُ الْقَصْدِ فِيهَا وَتَقَدَّمَ بَسْطُهُ فِي بَابِ الضَّمَانِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلُهُ يَعْنِي أَنْ يَدْفَعَ إلَخْ كَأَنَّهُ يُشِيرُ بِهِ إلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِي بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ مِنْ النَّفَقَةِ (قَوْلُهُ: طَحَنَهُ) أَيْ إنْ أَرَادَتْهُ مِنْهُ وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ لَهَا أُجْرَةُ ذَلِكَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ حَتَّى لَوْ بَاعَتْهُ أَوْ أَكَلَتْهُ حَيًّا اسْتَحَقَّتْ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَتَّى لَا يَلْزَمَ خُلُوُّ الْمَتْنِ عَنْ بَيَانِ الْمُعْسِرِ وَعَدَمُ تَمَامِ الضَّابِطِ الَّذِي هُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِلَا شَكٍّ، وَأَمَّا الْكُسُوبُ الَّذِي أَوْرَدَهُ فَهُوَ وَارِدٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِكُلِّ تَقْدِيرٍ وَلِهَذَا احْتَاجَ هُوَ إلَى اسْتِثْنَائِهِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ فَوْقَهُ مَا قَرَّرَهُ (قَوْلُهُ:؛ لِاحْتِيَاجِهَا لِطَحْنِهِ إلَخْ.) هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ عِلَّةً لِلُزُومِ الْأَدَاءِ عَقِبَ الْفَجْرِ الَّذِي ذَكَرَ هُوَ بَعْدُ لَا لِاعْتِبَارِ الْيَسَارِ

الْفَجْرِ تَلْزَمُهُ تِلْكَ الْمُؤَنُ فَلَمْ تَسْقُطْ بِمَا فَعَلَتْهُ، وَكَذَا عَلَيْهِ مُؤْنَةُ اللَّحْمِ وَمَا يُطْبَخُ بِهِ أَيْ وَإِنْ أَكَلَتْهُ نِيئًا أَخْذًا مِمَّا ذُكِرَ (وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا بَدَلَ الْحَبِّ) مَثَلًا مِنْ نَحْوِ دَقِيقٍ أَوْ قِيمَةٍ بِأَنْ طَلَبَتْهُ هِيَ أَوْ بَذَلَهُ هُوَ فَذَكَرَ الطَّلَبَ فِيهِ لِلتَّغْلِيبِ أَوْ لِكَوْنِ بَذْلِهِ مُتَضَمِّنًا لِطَلَبِهِ مِنْهَا قَبُولَ مَا بَذَلَهُ (لَمْ يُجْبَرْ الْمُمْتَنِعُ) لِأَنَّهُ اعْتِيَاضٌ وَشَرْطُهُ التَّرَاضِي (فَإِنْ اعْتَاضَتْ) عَنْ وَاجِبِهَا فِي الْيَوْمِ نَقْدًا أَوْ عَرَضًا مِنْ الزَّوْجِ لَا غَيْرَهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي وَإِنْ اعْتَرَضَهُ الشَّارِحُ بِالْجَوَازِ مِنْ غَيْرِهِ أَيْضًا بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ (جَازَ فِي الْأَصَحِّ) كَالْقَرْضِ بِجَامِعِ اسْتِقْرَارِ كُلٍّ فِي الذِّمَّةِ لِمُعَيَّنٍ، فَخَرَجَ بِالِاسْتِقْرَارِ الْمُسْلَمُ فِيهِ وَالنَّفَقَةُ الْمُسْتَقْبِلَةُ كَمَا جَزَمَا بِهِ، وَنَقَلَهُ غَيْرُهُمَا عَنْ الْأَصْحَابِ لِأَنَّهَا مُعَرَّضَةٌ لِلسُّقُوطِ (إلَّا خُبْزًا وَدَقِيقًا) وَنَحْوَهُمَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَعَوَّضَهُ عَنْ الْحَبِّ الْمُوَافِقِ لَهُ جِنْسًا (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُ رِبًا، وَنَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ مُقَابِلَهُ عَنْ كَثِيرِينَ، ثُمَّ حَمَلَ الْأَوَّلَ عَلَى مَا إذَا وَقَعَ اعْتِيَاضٌ بِعَقْدٍ. وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا كَانَ مُجَرَّدَ اسْتِيفَاءٍ. قَالَ: وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا وَالْمُعْتَمَدُ الْإِطْلَاقُ وَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ (وَلَوْ أَكَلَتْ) مُخْتَارَةً عِنْدَهُ (مَعَهُ عَلَى الْعَادَةِ) أَوْ وَحْدَهَا أَوْ أَضَافَهَا شَخْصٌ إكْرَامًا لَهُ (سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا) إنْ أَكَلَتْ قَدْرَ الْكِفَايَةِ وَإِلَّا رَجَعَتْ بِالتَّفَاوُتِ كَمَا رَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ الْعِمَادِ، قَالَ: وَتَصْدُقُ هِيَ فِي قَدْرِ مَا أَكَلَتْهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ قَبْضِهَا مَا نَفَتْهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِإِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَيْهِ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَعْدَهُ وَلَمْ يَنْقُلْ خِلَافَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّ لَهُنَّ الرُّجُوعَ وَلَمْ يَقْضِ ذَلِكَ مِنْ تَرِكَةِ مَنْ مَاتَ. وَالثَّانِي لَا تَسْقُطُ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّ الْوَاجِبَ وَتَطَوَّعَ بِغَيْرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: مُؤْنَةُ اللَّحْمِ) وَقِيَاسُ وُجُوبِ أُجْرَةِ الْخُبْزِ وُجُوبُ أُجْرَةِ الطَّبْخِ وَقَدْ تَصْدُقُ الْمُؤْنَةُ بِهِ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ عَنْ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَمَا يُطْبَخُ بِهِ) أَيْ مِنْ قُلْقَاسٍ وَنَحْوِهِ مِنْ الْحَطَبِ الَّذِي يُوقَدُ بِهِ وَالتَّوَابِلُ الَّتِي يُصْلَحُ بِهَا عَلَى الْعَادَةِ (قَوْلُهُ مِنْ نَحْوِ دَقِيقٍ) يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْحَبِّ الْوَاجِبِ لِمَا يَأْتِي مِنْ عَدَمِ جَوَازِ اعْتِيَاضِ الدَّقِيقِ عَنْ الْحَبِّ حَيْثُ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ سَوَاءٌ كَانَ بِعَقْدٍ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ اعْتَاضَتْ عَنْ وَاجِبِهَا) أَيْ يَوْمُ الِاعْتِيَاضِ، أَمَّا الِاعْتِيَاضُ عَنْ النَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ فَيَجُوزُ مِنْ الزَّوْجِ وَغَيْرِهِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اعْتَرَضَهُ الشَّارِحُ) أَيْ لِكَلَامِ ابْنِ الْمُقْرِي (قَوْلُهُ: وَنَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ مُقَابِلَهُ) أَيْ وَهُوَ الْجَوَازُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَحَلِّيُّ (قَوْلُهُ: قَالَ وَهُوَ الْمُخْتَارُ) أَيْ الْفَرْقُ بَيْنَ كَوْنِهِ بِعَقْدٍ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَكَلَتْ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ أَطْلَقَتْهُ قَبْلَ قَبْضِهَا لَهُ فَلَا يَسْقُطُ وَتَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْهُ وَلَوْ سَفِيهَةً، أَمَّا لَوْ أَتْلَفَتْهُ بَعْدَ قَبْضِهِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ فَلَا رُجُوعَ لَهَا بِشَيْءٍ وَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا (قَوْلُهُ إكْرَامًا لَهُ) أَيْ وَحْدَهُ، فَإِنْ كَانَ لَهُمَا فَيَنْبَغِي سُقُوطُ النِّصْفِ أَوْ لَهَا لَمْ يَسْقُطْ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا رَجَعَتْ بِالتَّفَاوُتِ) أَيْ وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِعَادَتِهَا فِي الْأَكْلِ بَقِيَّةَ الْأَيَّامِ. [فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ هَلْ يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ إعْلَامُ زَوْجَتِهِ بِأَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهَا خِدْمَتُهُ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الطَّبْخِ وَالْكَنْسِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُنَّ أَمْ لَا؟ وَأَجَبْنَا عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ الْأَوَّلُ لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَعْلَمْ بِعَدَمِ وُجُوبِ ذَلِكَ ظَنَّتْ أَنَّهُ وَاجِبٌ وَأَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ نَفَقَةً وَلَا كِسْوَةً إنْ لَمْ تَفْعَلْهُ فَصَارَتْ كَأَنَّهَا مُكْرَهَةٌ عَلَى الْفِعْلِ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ فَعَلَتْهُ وَلَمْ يُعْلِمْهَا فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهَا أُجْرَةٌ عَلَى الْفِعْلِ لِتَقْصِيرِهَا بِعَدَمِ الْبَحْثِ وَالسُّؤَالِ عَنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُبَيِّنْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQوَغَيْرِهِ طُلُوعُ الْفَجْرِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَعَلَّلَ الْجَلَالُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ الْوَقْتُ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ التَّسْلِيمُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا عَلَيْهِ مُؤْنَةُ اللَّحْمِ) أَيْ مِنْ الْأَفْعَالِ كَالْإِيقَادِ تَحْتَ الْقِدْرِ وَوَضْعِ الْقِدْرِ وَغَسْلِ اللَّحْمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ، وَقَوْلُهُ: أَيْ وَمَا يَطْبُخُ بِهِ، أَيْ مِنْ الْأَعْيَانِ كَالْأَرُزِّ وَالتَّوَابِلِ وَالْأَدْهَانِ وَالْوُقُودِ (قَوْلُهُ: يُؤَيِّدُهُ) أَيْ كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: عِنْدَهُ) يَعْنِي: مِنْ طَعَامِهِ كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ يَأْكُلُ مِنْ عِنْدِ فُلَانٍ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَضَافَهَا شَخْصٌ) مَعْطُوفٌ عَلَى عِنْدَهُ

(قُلْت إلَّا أَنْ تَكُونَ) قِنَّةً أَوْ (غَيْرَ رَشِيدَةٍ) لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ وَقَدْ حَجَرَ عَلَيْهَا بِأَنْ اسْتَمَرَّ سَفَهُهَا الْمُقَارِنُ لِلْبُلُوغِ أَوْ طَرَأَ وَحَجَرَ عَلَيْهَا وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ لِإِذْنِ الْوَلِيِّ (وَلَمْ يَأْذَنْ) سَيِّدُهَا الْمُطْلَقُ التَّصَرُّفَ وَإِلَّا فَوَلِيُّهُ أَوْ (وَلِيُّهَا) فِي أَكْلِهَا مَعَهُ فَلَا تَسْقُطُ قَطْعًا لِتَبَرُّعِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إنْ كَانَ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ جَعْلَهُ عِوَضًا عَنْ نَفَقَتِهَا وَإِلَّا فَلِوَلِيِّهِ ذَلِكَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمِثْلُ نَفَقَتِهَا فِيمَا ذُكِرَ كِسْوَتُهَا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَاسْتِشْكَالُ ذَلِكَ بِإِطْبَاقِ السَّلَفِ السَّابِقِ إذْ لَا اسْتِفْصَالَ فِيهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ كَالْوَقَائِعِ الْفِعْلِيَّةِ وَهِيَ تَسْقُطُ بِالِاحْتِمَالَاتِ، فَانْدَفَعَ أَخْذُ الْبُلْقِينِيِّ مِنْ قَضِيَّتِهِ سُقُوطَهَا بِأَكْلِهِ مَعَهُ مُطْلَقًا، وَاكْتَفَى بِإِذْنِ الْوَلِيِّ مَعَ أَنَّ قَبْضَ غَيْرِ الْمُكَلَّفَةِ لَغْوٌ لِأَنَّ الزَّوْجَ بِإِذْنِهِ يَصِيرُ كَالْوَكِيلِ فِي إنْفَاقِهِ عَلَيْهَا، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ كَانَ لَهَا حَظٌّ فِيهِ وَإِلَّا لَمْ يَعْتَدَّ بِإِذْنِهِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ مُقَدَّرٌ لَهَا. وَلَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فَقَالَتْ قَدْ قَصَدْت التَّبَرُّعَ فَقَالَ بَلْ قَصَدْت كَوْنَهُ عَنْ النَّفَقَةِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ كَمَا لَوْ دَفَعَ لَهَا شَيْئًا ثُمَّ ادَّعَى كَوْنَهُ عَنْ الْمَهْرِ وَادَّعَتْ هِيَ الْهَدِيَّةَ (وَيَجِبُ) لَهَا (أُدْمُ غَالِبِ الْبَلَدِ) أَيْ مَحَلِّ الزَّوْجَةِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْقُوتِ، وَمِنْ ثَمَّ يَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ فِي اخْتِلَافِ الْغَالِبِ وَلَمْ يُعْتَبَرْ مَا يَتَنَاوَلُهُ الزَّوْجُ (كَزَيْتٍ) بَدَأَ بِهِ لِخَبَرِ أَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِمَا «كُلُوا الزَّيْتَ وَادَّهِنُوا بِهِ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ» وَفِي رِوَايَةٍ لِلْحَاكِمِ «فَإِنَّهُ طَيِّبٌ مُبَارَكٌ» (وَسَمْنٍ وَجُبْنٍ وَتَمْرٍ) لِأَنَّهُ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ الْمَأْمُورِ بِهَا لِأَنَّ الطَّعَامَ لَا يَنْسَاغُ غَالِبًا إلَّا بِهِ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْقُوتُ نَحْوَ لَحْمٍ أَوْ لَبَنٍ اكْتَفَى بِهِ فِي حَقِّ مَنْ يَعْتَادُ اقْتِيَاتَهُ وَحْدَهُ، وَيَجِبُ لَهَا أَيْضًا مَاءٌ تَشْرَبُهُ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ آلَاتُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ، لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ الظَّرْفُ وَجَبَ الْمَظْرُوفُ، وَأَمَّا قَدْرُهُ فَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالدَّمِيرِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ الْكِفَايَةُ، قَالَا: وَيَكُونُ إمْتَاعًا لَا تَمْلِيكًا حَتَّى لَوْ مَضَتْ عَلَيْهِ مُدَّةٌ وَلَمْ تَشْرَبْهُ لَمْ تَمْلِكْهُ، وَإِذَا شَرِبَ غَالِبُ أَهْلِ الْبَلَدِ مَاءً مِلْحًا وَخَوَاصُّهَا عَذْبًا وَجَبَ مَا يَلِيقُ بِالزَّوْجِ اهـ لَكِنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ تَمْلِيكٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (وَيَخْتَلِفُ) الْأُدْمُ (بِالْفُصُولِ) الْأَرْبَعَةِ فَيَجِبُ فِي كُلِّ فَصْلٍ مَا يَعْتَادُ النَّاسُ فِيهِ حَتَّى الْفَوَاكِهُ فَتَكْفِي عَنْ الْأُدْمِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا. نَعَمْ يُتَّجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ الرُّجُوعُ فِيهِ لِلْعُرْفِ وَأَنَّهُ يَجِبُ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSبَيَانٌ لِعَدَمِ نَقْلِ خِلَافِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلِوَلِيِّهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ رَشِيدَةً أَوْ سَفِيهَةً (قَوْلُهُ: فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: وَيَكُونُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ لَمْ يَأْذَنْ، وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ عَلَيْهَا إنْ كَانَ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ رُجُوعِهِ عَلَى الْوَلِيِّ أَيْضًا إذْ غَايَةُ مَا يُتَخَيَّلُ مِنْهُ مُجَرَّدُ التَّغْرِيرِ وَهُوَ لَا يُوجِبُ شَيْئًا اهـ. وَقَوْلُهُ لَا رُجُوعَ عَلَيْهَا قَدْ يُقَالُ الْقِيَاسُ الرُّجُوعُ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ مَجَّانًا وَإِنَّمَا دَفَعَ لِيَسْقُطَ عَنْهُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ فَاسِدَةٌ، وَالْمَقْبُوضُ بِهَا مَضْمُونٌ عَلَى مَنْ وَقَعَ الْعِوَضُ فِي يَدِهِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَفْرِضَ كَلَامَهُ فِيمَا لَوْ كَانَ الزَّوْجُ عَالِمًا بِفَسَادِ إذْنِ الْوَلِيِّ، أَوْ يُقَالُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مِنْهَا مُعَاقَدَةٌ وَالشَّرْطُ إنَّمَا هُوَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَلِيِّ أُلْغِيَ فِعْلُهَا وَعُدَّ دَفْعُهُ لَهَا تَبَرُّعًا لِتَقْصِيرِهِ (قَوْلُهُ: نَحْوَ لَحْمٍ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ لَهَا مُؤْنَةُ نَحْوِ طَبْخِ اللَّحْمِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ لَبَنٌ) أَيْ وَيَنْبَغِي أَنْ تُعْطَى قَدْرًا يَتَحَصَّلُ مِنْهُ مُدَّانِ مَثَلًا مِنْ الْأَقِطِ كَمَا قِيلَ بِمِثْلِهِ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ إذَا كَانُوا يَقْتَاتُونَ اللَّبَنَ أَنَّ الْوَاجِبَ مِنْ اللَّبَنِ مَا يَتَحَصَّلُ مِنْهُ صَاعٌ مِنْ الْأَقِطِ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ) أَيْ الْمَاءُ (قَوْلُهُ: لَا تَمْلِيكًا) وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَأْكُولِ تَفَاهَتُهُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ تَمْلِيكٌ) أَيْ الْمَاءُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُمَلِّكَهَا مَا يَكْفِيهَا غَالِبًا (قَوْلُهُ: فَتَكْفِي عَنْ الْأُدُمِ) أَيْ إنْ اُعْتِيدَ الِاكْتِفَاءُ بِهَا عَنْ الْأُدُمِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُتَّجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ الرُّجُوعُ فِيهِ لِلْعُرْفِ) . ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ) أَيْ الرَّشِيدَانِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: بَلْ قَصَدْت كَوْنَهُ عَنْ النَّفَقَةِ) اُنْظُرْ هَلْ قَصَدَ كَوْنَهُ عَنْ النَّفَقَةِ مُعْتَبَرٌ فِي سُقُوطِهَا عَنْهُ، وَظَاهِرُ مَا مَرَّ أَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ هُنَا فَقَالَ لَمْ أَقْصِدْ التَّبَرُّعَ لِيَشْمَلَ حَالَةَ الْإِطْلَاقِ فَلْيُرَاجَعْ.

الْأُدْمِ مَا يَلِيقُ بِالْقُوتِ، بِخِلَافِ نَحْوِ خَلٍّ لِمَنْ قُوتُهَا التَّمْرُ وَجُبْنٍ لِمَنْ قُوتُهَا الْأَقِطُ (وَيُقَدِّرُهُ) كَاللَّحْمِ الْآتِي (قَاضٍ بِاجْتِهَادِهِ) عِنْدَ تَنَازُعِهِمَا إذْ لَا تَوْقِيتَ فِيهِ (وَيُفَاوِتُ) فِيهِ قَدْرًا وَجِنْسًا (بَيْنَ مُوسِرٍ وَغَيْرِهِ) فَيَفْرِضُ مَا يَلِيقُ بِحَالِهِ وَبِالْمُدِّ أَوْ الْمُدَّيْنِ أَوْ الْمُدِّ وَالنِّصْفِ وَتَقْدِيرُ الشَّافِعِيِّ بِمَكِيلَةِ سَمْنٍ أَوْ زَيْتٍ حَمَلُوهُ عَلَى التَّقْرِيبِ وَهِيَ أُوقِيَّةٌ، وَقَدَّرَهَا بَعْضُهُمْ بِأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا لَا بِوَزْنِ بَغْدَادَ لِأَنَّهَا لَا تُغْنِي عَنْهَا شَيْئًا، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى الدُّهْنِ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ الْأُدْمِ وَأَخَفُّهُ مُؤْنَةً، وَلَوْ تَبَرَّمَتْ بِجِنْسٍ مِنْ الْأُدْمِ الْوَاجِبِ لَهَا لَمْ يُبْدَلْ لِرَشِيدَةٍ إذْ لَهَا إبْدَالُهُ بِغَيْرِهِ وَصَرْفِهِ لِلْقُوتِ وَعَكْسِهِ، وَقِيلَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ إبْدَالِ الْأَشْرَفِ بِالْأَخَسِّ وَيَتَعَيَّنُ اعْتِمَادُهُ إنْ أَفْضَى إلَى نَقْصِ تَمَتُّعٍ بِهَا كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي آخِرَ الْفَصْلِ، وَيُعْلَمُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ لَهُ مَنْعَهَا مِنْ تَرْكِ التَّأَدُّمِ بِالْأَوْلَى، أَمَّا غَيْرُ رَشِيدَةٍ لَيْسَ لَهَا مَنْ يَقُومُ بِإِبْدَالِهِ فَيُبْدِلُهُ الزَّوْجُ لَهَا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ أَيْضًا وُجُوبُ سِرَاجٍ لَهَا أَوَّلَ اللَّيْلِ فِي مَحَلٍّ جَرَتْ الْعَادَةُ بِاسْتِعْمَالِهِ فِيهِ وَلَهَا إبْدَالُهُ بِغَيْرِهِ (وَ) يَجِبُ لَهَا (لَحْمٌ) يُقَدِّرُهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ تَنَازُعِهِمَا بِاجْتِهَادِهِ مُعْتَبِرًا فِي قَدْرِهِ وَجِنْسِهِ وَزَمَنِهِ (مَا يَلِيقُ بِيَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ) وَتَوَسُّطِهِ (كَعَادَةِ الْبَلَدِ) أَيْ مَحَلُّ الزَّوْجَةِ فِي أَكْلِهِ وَنَوْعِهِ وَقَدْرِهِ وَزَمَنِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ بِشَيْءٍ إذْ لَا تَوْقِيفَ فِيهِ. وَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ مِنْ تَقْدِيرِهِ بِرِطْلٍ: أَيْ بَغْدَادِيٍّ عَلَى مُعْسِرٍ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ: أَيْ وَيَوْمُ الْجُمُعَةِ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِالتَّوْسِيعِ جَرَى عَلَى عَادَةِ أَهْلِ مِصْرَ قَدِيمًا لِعِزَّةِ اللَّحْمِ عِنْدَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَمِنْ ثَمَّ تُعْتَبَرُ عَادَةُ أَهْلِ الْقُرَى مِنْ عَدَمِ ـــــــــــــــــــــــــــــS [تَنْبِيهٌ] يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ نَحْوَ الْقَهْوَةِ إذَا اُعْتِيدَتْ وَنَحْوَ مَا تَطْلُبُهُ الْمَرْأَةُ عِنْدَ مَا يُسَمَّى بِالْوَحَمِ مِنْ نَحْوِ مَا يُسَمَّى بِالْمُلُوحَةِ إذَا اُعْتِيدَ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ حَيْثُ وَجَبَتْ الْفَاكِهَةُ وَالْقَهْوَةُ وَنَحْوُ مَا يُطْلَبُ عِنْدَ الْوَحَمِ يَكُون عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ، فَلَوْ فَوَّتَهُ اسْتَقَرَّ لَهَا وَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِهِ، وَلَوْ اعْتَادَتْ نَحْوَ اللَّبَنِ وَالْبُرْشِ بِحَيْثُ يُخْشَى بِتَرْكِهِ مَحْذُورٌ مِنْ تَلَفِ نَفْسٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يَلْزَمْ الزَّوْجَ لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ التَّدَاوِي فَلْيُتَأَمَّلْ مَرَّ. [تَنْبِيهٌ] يُؤْخَذُ مِنْ قَاعِدَةِ الْبَابِ وَإِنَاطَتُهُ بِالْعَادَةِ وُجُوبُ مَا يُعْتَادُ مِنْ الْكَعْكِ فِي عِيدِ الْفِطْرِ وَاللَّحْمِ فِي الْأَضْحَى، لَكِنْ لَا يَجِبُ عَمَلُ الْكَعْكِ عِنْدَهَا بِأَنْ يُحْضِرَ إلَيْهَا مُؤْنَةً مِنْ الدَّقِيقِ وَغَيْرِهِ لِيُعْمَلَ عِنْدَهَا إلَّا إنْ اُعْتِيدَ ذَلِكَ لِمِثْلِهِ فَيَجِبُ، فَإِنْ لَمْ يُعْتَدْ ذَلِكَ لِمِثْلِهِ بَلْ اُعْتِيدَ لِمِثْلِهِ تَحْصِيلُهُ لَهَا بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ فَيَكْفِي تَحْصِيلُهُ لَهَا بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَا يَجِبُ الذَّبْحُ عِنْدَهَا حَيْثُ لَمْ يُعْتَدْ ذَلِكَ لِمِثْلِهِ، بَلْ يَكْفِي أَنْ يَأْتِيَ لَهَا بِلَحْمٍ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى الْعَادَةِ، حَتَّى لَوْ كَانَ لَهُ زَوْجَتَانِ فَعَمِلَ الْكَعْكَ عِنْدَ إحْدَاهُمَا لَهَا وَذَبَحَ عِنْدَهَا وَاشْتَرَى لِلْأُخْرَى كَعْكًا أَوْ لَحْمًا كَانَ جَائِزًا بِحَسَبِ الْعَادَةِ مَرَّ اهـ سم عَلَى حَجّ وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْكَعْكِ وَلَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ وُجُوبُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي مِصْرِنَا مِنْ عَمَلِ الْكِشْكِ فِي الْيَوْمِ الْمُسَمَّى بِأَرْبِعَاءِ أَيُّوبَ وَعَمَلِ الْبَيْضِ فِي الْخَمِيسِ الَّذِي يَلِيهِ وَالطَّحِينَةِ بِالسُّكْرِ فِي السَّبْتِ الَّذِي يَلِيهِ وَالْبُنْدُقِ الَّذِي يُؤْخَذُ فِي رَأْسِ السَّنَةِ لِمَا ذُكِرَ مِنْ الْعَادَةِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ أُوقِيَّةٌ) أَيْ بِالْحِجَازِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَقَدَّرَهَا بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَا تُغْنِي) أَيْ لَا تَنْفَعُ، وَقَوْلُهُ عَنْهَا: أَيْ الْمَرْأَةِ، وَقَوْلُهُ شَيْئًا: أَيْ حَاجَةً (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى الدُّهْنِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ كَزَيْتٍ إلَخْ لِأَنَّهَا مِنْ الْأَدْهَانِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَبَرَّمَتْ) أَيْ تَضَجَّرَتْ (قَوْلُهُ: جَرَتْ الْعَادَةُ بِاسْتِعْمَالِهِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِعَدَمِ اسْتِعْمَالِهِ أَصْلًا كَمَنْ تَنَامُ صَيْفًا بِنَحْوِ سَطْحٍ، وَقَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِأَوَّلِ اللَّيْلِ أَنَّهُ لَوْ جَرَتْ عَادَةٌ بِالسِّرَاجِ جَمِيعَ اللَّيْلِ لَا يَجِبُ. وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ عَدَمِ وُجُوبِهِ بِأَنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ إذْ هِيَ إطْفَاؤُهُ قَبْلَ النَّوْمِ لِلْأَمْرِ بِهِ، وَقَدْ يُقَالُ الْأَقْرَبُ وُجُوبُهُ عَمَلًا بِالْعَادَةِ وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا كَوُجُوبِ الْحَمَّامِ لِمَنْ اعْتَادَتْهُ مَعَ كَرَاهَةِ دُخُولِهِ لِلنِّسَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَهَا إبْدَالُهُ) أَيْ السِّرَاجِ، وَقَوْلُهُ بِغَيْرِهِ: أَيْ بِأَنْ تَصْرِفَهُ لِغَيْرِ السِّرَاجِ اهـ حَجّ. وَظَاهِرُهُ وَإِنْ أَضَرَّ بِهِ تُرِكَ السِّرَاجُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: بِأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا) أَيْ وَهِيَ وَزْنُ الْحِجَازِ (قَوْلُهُ: لَا بِوَزْنِ بَغْدَادَ) وَهُوَ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا تَقْرِيبًا (قَوْلُهُ: فِي أَكْلِهِ)

تَنَاوُلِهِمْ لَهُ إلَّا نَادِرًا وَعَادَةُ أَهْلِ الْمُدُنِ رُخْصًا وَغَلَاءً، وَقَرَّبَهُ الْبَغَوِيّ بِقَوْلِهِ عَلَى مُوسِرٍ كُلَّ يَوْمٍ رِطْلٌ وَمُتَوَسِّطٍ كُلَّ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَمُعْسِرٍ كُلَّ أُسْبُوعٍ، وَقَوْلُ طَائِفَةٍ لَا يُزَادُ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ النَّصِّ لِأَنَّ فِيهِ كِفَايَةً لِمَنْ قَنَعَ مَرْدُودٌ، وَبَحَثَ الشَّيْخَانِ عَدَمَ وُجُوبِ أُدْمِ يَوْمِ اللَّحْمِ وَلَهُمَا احْتِمَالٌ بِوُجُوبِهِ عَلَى الْمُوسِرِ إذَا أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ اللَّحْمَ لِيَكُونَ أَحَدُهُمَا غَدَاءً وَالْآخَرُ عَشَاءً، وَاعْتَمَدَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلَ، وَالْأَقْرَبُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ كَافِيًا لِلْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ (وَلَوْ كَانَتْ تَأْكُلُ الْخُبْزَ وَحْدَهُ وَجَبَ الْأُدْمُ) وَلَمْ يَنْظُرْ لِعَادَتِهَا لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ (وَكُسْوَةٌ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى أُدْمٍ أَوْ عَلَى جُمْلَةِ مَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ: أَيْ وَعَلَى زَوْجٍ بِأَقْسَامِهِ الثَّلَاثَةِ كِسْوَةٌ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233] وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَدَّهَا مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ وَلِأَنَّ الْبَدَنَ لَا يَقُومُ بِدُونِهَا كَالْقُوتِ، وَمِنْ ثَمَّ مَعَ كَوْنِ اسْتِمْتَاعِهِ بِجَمِيعِ الْبَدَنِ لَمْ يَكْفِ فِيهَا مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ بِالْإِجْمَاعِ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ بِحَيْثُ (تَكْفِيهَا) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ بِحَسَبِ بَدَنِهَا وَلَوْ أَمَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ حَيْثُ وَجَبَتْ نَفَقَتُهَا، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ اعْتِبَارِ عَادَةِ أَهْلِ بَلَدٍ بِقَصْرِهَا كَثِيَابِ الرِّجَالِ، وَأَنَّهَا لَوْ طَلَبَتْ تَطْوِيلَهَا ذِرَاعًا كَمَا فِي خَبَرِ أُمِّ سَلَمَةَ وَابْتِدَاؤُهُ مِنْ نِصْفِ سَاقِهَا أُجِيبَتْ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ سِتْرِهَا الَّذِي حَثَّ الشَّارِعُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى تَقْدِيرِهَا، بِخِلَافِ النَّفَقَةِ لِمُشَاهَدَةِ كِفَايَةِ الْبَدَنِ الْمَانِعَةِ مِنْ وُقُوعِ تَنَازُعٍ فِيهَا، وَيَخْتَلِفُ عَدَدُهَا بِاخْتِلَافِ مَحَلِّ الزَّوْجَةِ حَرًّا وَبَرْدًا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اعْتَادُوا لِلنَّوْمِ ثَوْبًا وَجَبَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَجَوْدَتُهَا وَضِدُّهَا بِيَسَارِهِ وَضِدِّهِ. (فَيَجِبُ قَمِيصٌ وَسَرَاوِيلُ) أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ بِالنِّسْبَةِ لِعَادَةِ مَحَلِّهَا (وَخِمَارٌ) لِرَأْسِهَا أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَذَلِكَ، وَيَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْخِمَارِ وَالْمِقْنَعَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ وَيُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ حَيْثُ اُحْتِيجَ إلَيْهِمَا أَوْ اقْتَضَتْهُ الْعَادَةُ (وَمِكْعَبٍ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ أَوْ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ أَوْ نَحْوِهِ يُدَاسُ فِيهِ، وَيُلْحَقُ بِهِ الْقَبْقَابُ عِنْدَ اعْتِيَادِهِ إلَّا أَنْ لَا يُعْتَادَ كَأَهْلِ الْقُرَى ـــــــــــــــــــــــــــــSوَيُوَجَّهَ بِأَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ بِالسِّرَاجِ وَقَدْ رَضِيَتْ بِهِ فَإِنْ أَرَادَهُ لِنَفْسِهِ هَيَّأَهُ (قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلَ) هُوَ قَوْلُهُ وَبَحَثَ الشَّيْخَانِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَجَبَ الْأُدُمُ) وَمِثْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عَكْسِهِ بِأَنْ كَانَتْ تَأْكُلُ الْأُدُمَ وَحْدَهُ فَيَجِبُ الْخُبْزُ: أَيْ بِأَنْ يَدْفَعَ لَهَا الْحَبَّ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ قُوتُهُمْ الْغَالِبُ اللَّحْمَ وَالْأَقِطَ مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ غَيْرُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ مَا هُنَا قُوتُهُ الْحَبُّ وَهُوَ يَحْتَاجُ لِلْأُدُمِ فَوَجَبَا، وَكَذَا يُقَالُ فِي عَكْسِهِ الَّذِي ذُكِرَ بِأَنْ يُقَالَ هُوَ فِيمَنْ قُوتُهُ الْأُدُمُ وَهُوَ يَحْتَاجُ لِلْخُبْزِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَكِسْوَةٌ) يُؤْخَذُ مِنْ ضَبْطِ الْكِسْوَةِ وَالْفِرَاشِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهَا الْمِنْدِيلُ الْمُعْتَادُ لِلْفِرَاشِ وَأَنَّهُ إنْ أَرَادَهُ حَصَّلَهُ لِنَفْسِهِ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا تَحْصِيلُهُ (قَوْلُهُ: وَكَسْرِهِ) أَيْ وَهُوَ أَفْصَحُ اهـ شَرْحُ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ. وَمِنْ ثَمَّ قُدِّمَ الْكَسْرُ فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى) أَيْ لِقُرْبِ الْعَامِلِ، وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ بِالرَّفْعِ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ تَكْفِيهَا) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي كِفَايَتِهَا بِأَوَّلِ فَجْرِ الْفَصْلِ، فَلَوْ كَانَتْ هَزِيلَةً عِنْدَهُ وَجَبَ مَا يَكْفِيهَا وَإِنْ سَمِنَتْ فِي بَاقِيهِ مَرَّ. [فَرْعٌ] لَوْ اعْتَادُوا الْعُرْيَ وَجَبَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَهَلْ تَجِبُ بَقِيَّةُ الْكِسْوَةِ أَوْ لَا كَمَا فِي الْأَرِقَّاءِ إذَا اعْتَادُوا الْعُرْيَ أَوْ يَجِبُ سَتْرُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَقَطْ كَمَا سَيَأْتِي؟ الْمُتَّجَهُ وُجُوبُ الْبَقِيَّةِ هُنَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ كِسْوَةَ الزَّوْجَةِ تَمْلِيكٌ وَمُعَاوَضَةٌ وَإِنْ لَمْ تَلْبَسْهَا وَلَمْ تَحْتَجْ إلَيْهَا وَكِسْوَةُ الرَّقِيقِ إمْتَاعٌ مَرَّ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يُعْتَادَ) أَيْ الْمِكْعَبُ وَنَحْوُهُ (قَوْلُهُ: كَأَهْلِ الْقُرَى) أَيْ مَا لَمْ تَكُنْ مِنْ قَوْمٍ يَعْتَادُونَهُ فِي الْقُرَى كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَعَلَّ الْمُرَادَ فِي كَيْفِيَّتِهِ مِنْ كَوْنِهِ مَطْبُوخًا أَوْ مَشْوِيًّا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَقَرَّبَهُ الْبَغَوِيّ إلَخْ.) اعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الْبَغَوِيّ الْمَذْكُورِ إنَّمَا هُوَ تَقْرِيبٌ لِحَالَةِ الرُّخْصِ خَاصًّا كَمَا أَفْصَحَ بِهِ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ. ثُمَّ قَالَ: وَفِي وَقْتِ الْغَلَاءِ فِي أَيَّامٍ مَرَّةً عَلَى مَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ. اهـ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ لَا يُعْتَادَ كَأَهْلِ الْقُرَى) عِبَارَةُ الْمَاوَرْدِيِّ: وَلَوْ جَرَتْ عَادَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْقُرَى أَنْ

كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَهَذَا فِي كُلٍّ مِنْ فَصْلِ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (وَيَزِيدُ فِي الشِّتَاءِ) عَلَى ذَلِكَ فِي الْمَحَلِّ الْبَارِدِ (جُبَّةً) مَحْشُوَّةً أَوْ نَحْوَهَا فَأَكْثَرَ بِحَسَبِ حَاجَتِهَا أَوْ جِنْسِهَا: أَيْ الْكِسْوَةُ (قُطْنٍ) لِأَنَّهُ لِبَاسُ أَهْلِ الدِّينِ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ تَرَفُّهٌ وَرُعُونَةٌ، فَعَلَى مُوسِرٍ لَيِّنَةٌ وَمُعْسِرٍ خَشِنَةٌ وَمُتَوَسِّطٌ مُتَوَسِّطَةٌ (فَإِنْ جَرَتْ عَادَةُ الْبَلَدِ) أَيْ الْمَحَلِّ الَّتِي هِيَ فِيهِ (لِمِثْلِهِ) مَعَ مِثْلِهَا فَكُلٌّ مِنْهُمَا مُعْتَبَرٌ هُنَا (بِكَتَّانٍ أَوْ حَرِيرٍ وَجَبَ) مُفَاوِتًا فِي مَرَاتِبِ ذَلِكَ الْجِنْسِ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَضِدَّيْهِ كَمَا تَقَرَّرَ (فِي الْأَصَحِّ) عَمَلًا بِالْعَادَةِ الْمُحْكَمَةِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ، وَالثَّانِي لَا يَجِبُ ذَلِكَ وَيُقْتَصَرُ عَلَى الْقُطْنِ، وَأَطَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي الِانْتِصَارِ لَهُ وَزَعَمَ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَلَوْ اُعْتِيدَ بِمَحَلِّ لُبْسِ نَوْعٍ وَاحِدٍ وَلَوْ أُدْمًا كَفَى، أَوْ لُبْسِ ثِيَابٍ رَفِيعَةٍ لَا تَسْتُرُ الْبَشَرَةَ أُعْطِيت مِنْ صَفِيقٍ يُقَارِبُهَا، وَيَجِبُ تَوَابِعُ ذَلِكَ مِنْ نَحْوِ تِكَّةِ سَرَاوِيلَ وَكُوفِيَّةٍ وَزِرٍّ نَحْوَ قَمِيصٍ أَوْ جُبَّةٍ أَوْ طَاقِيَّةٍ لِلرَّأْسِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ أُجْرَةَ الْخَيَّاطِ وَخَيْطَهُ عَلَيْهِ دُونَهَا نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي نَحْوِ الطَّحْنِ. (وَيَجِبُ مَا تَقْعُدُ عَلَيْهِ) وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ حَالِ الزَّوْجِ (كَزِلِّيَّةِ) عَلَى مُتَوَسِّطٍ صَيْفًا وَشِتَاءً، وَهِيَ بِكَسْرِ الزَّايِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ مِضْرَبٌ صَغِيرٌ، وَقِيلَ بِسَاطٌ كَذَلِكَ وَكَطَنْفَسَةٍ بِسَاطٌ صَغِيرٌ ثَخِينٌ لَهُ وَبَرَةٌ كَبِيرَةٌ، وَقِيلَ كِسَاءٌ فِي الشِّتَاءِ وَنَطْعٌ فِي الصَّيْفِ عَلَى مُوسِرٍ، قَالَا: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَا بَعْدَ بَسْطِ زِلِّيَّةِ وَحَصِيرٍ فَإِنَّهُمَا لَا يُبْسَطَانِ وَحْدَهُمَا (أَوْ لِبْدٌ) شِتَاءً (أَوْ حَصِيرٌ) صَيْفًا عَلَى فَقِيرٍ لِاقْتِضَاءِ الْعُرْفِ ذَلِكَ (وَكَذَا) عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ مَعَ التَّفَاوُتِ بَيْنَهُمْ نَظِيرُ مَا تَقَرَّرَ فِي الْفِرَاشِ لِلنَّهَارِ (فِرَاشٌ لِلنَّوْمِ) غَيْرُ فِرَاشِ النَّهَارِ (فِي الْأَصَحِّ) لِذَلِكَ فَيَجِبُ مُضَرِيَّةٌ لَيِّنَةٌ أَوْ قَطِيفَةٌ وَهِيَ دِثَارٌ مُخْمَلٌ وَقَوْلُ الْبَيَانِ بِاخْتِصَاصِ ذَلِكَ بِزَوْجَةِ الْمُوسِرِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا فَيَكْفِيهَا فِرَاشُ النَّهَارِ مَرْدُودٌ إذْ هُوَ وَجْهٌ ثَالِثٌ. وَالثَّانِي لَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَتَنَامُ عَلَى مَا تَفْرِشُهُ نَهَارًا، وَاعْتَرَضَ صَنِيعَهُمَا هَذَا بِأَنَّ الْمَوْجُودَ فِي كُتُبِ الطَّرِيقَيْنِ عَكْسُهُ مِنْ حِكَايَةِ الْخِلَافِ فِيمَا قَبْلَ كَذَا وَالْجَزْمُ فِيمَا بَعْدَهَا (وَمِخَدَّةٌ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ (وَ) يَجِبُ لَهَا مَعَ ذَلِكَ (لِحَافٌ) أَوْ كِسَاءٌ (فِي الشِّتَاءِ) يَعْنِي وَقْتَ الْبَرْدِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ شِتَاءً، وَمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ وُجُوبِهِ فِي الشِّتَاءِ مُطْلَقًا، وَالتَّقْيِيدُ بِالْمَحَلِّ الْبَارِدِ فِي غَيْرِهِ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ، أَمَّا فِي غَيْرِ وَقْتِ الْبَرْدِ وَلَوْ فِي وَقْتِ الشِّتَاءِ فِي الْبِلَادِ الْحَارَّةِ فَيَجِبُ لَهَا رِدَاءٌ أَوْ نَحْوُهُ إنْ كَانُوا مِمَّنْ يَعْتَادُونَ غِطَاءً غَيْرَ لِبَاسِهِمْ أَوْ يَنَامُونَ عَرَايَا كَمَا هُوَ السُّنَّةُ، وَلَا يَجِبُ تَجْدِيدُ هَذَا كُلِّهِ كَالْجُبَّةِ إلَّا وَقْتَ تَجْدِيدِهِ عَادَةً (وَ) يَجِبُ لَهَا أَيْضًا (آلَةُ تَنْظِيفٍ) لِبَدَنِهَا وَثِيَابِهَا وَيَرْجِعُ فِي قَدْرِ ذَلِكَ وَوَقْتِهِ لِلْعَادَةِ (كَمُشْطٍ) قَالَ الْقَفَّالُ: وَخِلَالٌ، وَيُعْلَمُ مِنْهُ وُجُوبُ السِّوَاكِ بِالْأَوْلَى (وَدُهْنٌ) كَزَيْتٍ وَلَوْ مُطَيَّبًا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَلَوْ لِجَمِيعِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: جُبَّةً) مِثْلُ غُرْفَةٍ اهـ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ: فَكُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (قَوْلُهُ: مُعْتَبَرٌ هُنَا) أَيْ فِي الْكِسْوَةِ دُونَ الْحَبِّ وَالْأُدُمِ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ بِمَا يَلِيقُ بِالزَّوْجِ (قَوْلُهُ مُفَاوِتًا) أَيْ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أُدْمًا) أَيْ جِلْدًا (قَوْلُهُ مِنْ صَفِيقٍ يُقَارِبُهَا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ جَرَتْ عَادَةُ بَلَدِهَا بِتَوْسِعَةِ ثِيَابِهِمْ إلَى حَدٍّ تَظْهَرُ مَعَهُ الْعَوْرَةُ أُعْطِيت مِنْهُ مَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ مَعَ مُقَارَبَتِهِ لِمَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُمْ (قَوْلُهُ: مِنْ نَحْوِ تِكَّةٍ) بِكَسْرِ التَّاءِ (قَوْلُهُ: وَخَيْطُهُ عَلَيْهِ) أَيْ وَإِنْ فَعَلَتْهُ بِنَفْسِهَا (قَوْلُهُ: وَكَطَنْفَسَةٍ) بِفَتْحِ الطَّاءِ وَكَسْرِهَا اهـ مُخْتَارٌ. وَفِي الْخَطِيبِ هِيَ بِكَسْرِ الطَّاءِ وَالْفَاءِ وَبِفَتْحِهِمَا وَضَمِّهِمَا وَبِكَسْرِ الطَّاءِ وَفَتْحِ الْفَاءِ بِسَاطٌ صَغِيرٌ إلَخْ، وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ لِلشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَنِطْعٍ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا شَرْحُ مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فِرَاشٌ لِلنَّوْمِ) وَيُعْتَبَرُ فِيهِ مَا يَعْتَادُ لِمِثْلِهَا (قَوْلُهُ: مُخْمَلٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْخَاءِ وَفَتْحِ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ مُخَفَّفَةً اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ أَخْمَلَهُ إذَا جَعَلَ لَهُ خُمْلًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا تَفْرِشُهُ) بِالضَّمِّ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ الطَّرِيقَيْنِ) أَيْ الْمَرَاوِزَةِ وَالْعِرَاقِيِّينَ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يَلْبَسْنَ فِي أَرْجُلِهِنَّ شَيْئًا فِي الْبُيُوتِ لَمْ يَجِبْ لِأَرْجُلِهِنَّ شَيْءٌ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: أَوْ طَاقِيَّةٍ لِلرَّأْسِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَمِيصٍ: أَيْ وَزِرِّ طَاقِيَّةٍ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يُقَالُ لَهُ زِنَاقٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ بِسَاطٌ كَذَلِكَ) أَيْ صَغِيرٌ

الْبَدَنِ (وَمَا يُغْسَلُ بِهِ الرَّأْسُ) عَادَةً مِنْ سِدْرٍ أَوْ نَحْوِهِ (وَمَرْتَكٌ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِهِ (وَنَحْوُهُ) كَإِسْفِيذَاجٍ وَتُوتْيَا وَرَاسَخَتٍ (لِدَفْعِ صُنَانٍ) إنْ لَمْ يَنْدَفِعْ بِنَحْوِ رَمَادٍ لِتَأَذِّيهَا بِبَقَائِهِ، وَيُشْبِهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وُجُوبَ نَحْوِ الْمَرْتَكِ لِلشَّرِيفَةِ وَإِنْ قَامَ التُّرَابُ مَقَامَهُ إذَا لَمْ تَعْتَدَّهُ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ أَيْضًا عَدَمُ وُجُوبِ آلَةِ تَنْظِيفٍ لِبَائِنٍ حَامِلٍ وَإِنْ أَوْجَبْنَا نَفَقَتَهَا كَالرَّجْعِيَّةِ، نَعَمْ يَجِبُ لَهَا مَا يُزِيلُ شُعْثَهَا فَقَطْ وَوُجُوبُهُ لِمَنْ غَابَ عَنْهَا (لَا كُحْلٌ وَخِضَابٌ وَمَا يَزِينُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ غَيْرَ مَا ذُكِرَ كَطِيبٍ وَعِطْرٍ لِأَنَّهُ لِزِيَادَةِ التَّلَذُّذِ فَهُوَ حَقُّهُ، فَإِنْ أَرَادَهُ هَيَّأَهُ وَلَزِمَهَا اسْتِعْمَالُهُ، وَنَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَعَنَ الْمَرْأَةَ السَّلْتَاءَ» أَيْ الَّتِي لَا تَخْتَضِبُ، " وَالْمَرْهَاءَ " أَيْ الَّتِي لَا تَكْتَحِلُ مِنْ الْمَرَهِ بِفَتْحَتَيْنِ: أَيْ الْبَيَاضُ، ثُمَّ حَمَلَهُ عَلَى مَنْ فَعَلَتْ ذَلِكَ لِيُكْرِهَهَا وَيُفَارِقَهَا. وَفِي رِوَايَةٍ ذَكَرَهَا غَيْرُهُ «إنِّي لَأَبْغَضُ الْمَرْأَةَ السَّلْتَاءَ وَالْمَرْهَاءَ» وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي الْمُزَوَّجَةِ. أَمَّا الْخَلِيَّةُ فَقَدْ مَرَّ الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي الْإِحْرَامِ وَشُرُوطِ الصَّلَاةِ (وَدَوَاءُ مَرَضٍ وَأُجْرَةُ طَبِيبٍ وَحَاجِمٍ) وَفَاصِدٍ وَخَاتِنٍ لِأَنَّهَا لِحِفْظِ الْأَصْلِ (وَلَهَا طَعَامُ أَيَّامِ الْمَرَضِ وَأُدْمُهَا) وَكِسْوَتُهَا وَآلَةُ تَنَظُّفِهَا وَتَصَرُّفُهُ لِلدَّوَاءِ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ لَهُ (وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ أُجْرَةِ حَمَّامٍ) لِمَنْ اعْتَادَتْهُ: أَيْ وَلَا رِيبَةَ فِيهِ بِوَجْهٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَحِينَئِذٍ تَدْخُلُهُ كُلَّ أُسْبُوعٍ أَوْ شَهْرٍ مَثَلًا مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ (بِحَسَبِ الْعَادَةِ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَمَنْ اقْتَصَرَ عَلَى مَرَّةٍ فِي الشَّهْرِ فَهُوَ لِلتَّمْثِيلِ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ دُخُولِهِ وَإِنْ كُرِهَ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ حَرُمَ دُخُولُهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ حَادِثَةٍ مُسْتَدِلًّا بِأَخْبَارٍ صَحِيحَةٍ مُصَرِّحَةٍ بِمَنْعِهِ، وَأَطَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي الِانْتِصَارِ لَهُ. وَالثَّانِي لَا تَجِبُ إلَّا إنْ اشْتَدَّ الْبَرْدُ وَعَسُرَ الْغُسْلُ فِي غَيْرِ الْحَمَّامِ، وَلَوْ كَانَتْ مِنْ وُجُوهِ النَّاسِ بِحَيْثُ اقْتَضَتْ عَادَةُ مِثْلِهَا إخْلَاءَ الْحَمَّامِ لَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ إخْلَاؤُهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَأَفْتَى فِيمَنْ يَأْتِي أَهْلَهُ فِي الْبَرْدِ وَيَمْتَنِعُ مِنْ بَذْلِ أُجْرَةِ الْحَمَّامِ وَلَا يُمْكِنُهَا الْغُسْلُ فِي الْبَيْتِ لِخَوْفِ نَحْوِ هَلَاكٍ بِعَدَمِ جَوَازِ امْتِنَاعِهَا مِنْهُ، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ مَتَى وَطِئَهَا لَيْلًا لَمْ تَغْتَسِلْ قَبْلَ الصُّبْحِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: بِنَحْوِ رَمَادٍ) أَيْ وَلَوْ مِنْ سِرْجِينٍ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ التَّضَمُّخِ بِالنَّجَاسَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ مَحَلُّهُ إذَا تَضَمَّخَ بِهَا عَبَثًا (قَوْلُهُ: وَوُجُوبُهُ) أَيْ مَا يُزِيلُ الشَّعَثَ (قَوْلُهُ: لِمَنْ غَابَ عَنْهَا) يُتَأَمَّلُ وَجْهُهُ فِيمَنْ غَابَ عَنْهَا، فَإِنَّ التَّنَظُّفَ إنَّمَا يُطْلَبُ لِلزَّوْجِ وَالْقِيَاسُ الِاكْتِفَاءُ فِيهَا بِمَا يُزِيلُ شَعَثَهَا، هَذَا إنْ رَجَعَ ضَمِيرُ وُجُوبِهِ لِمَا يَحْصُلُ بِهِ التَّنَظُّفُ، فَإِنْ رَجَعَ لِمَا يُزِيلُ الشَّعَثَ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَلَا إشْكَالَ (قَوْلُهُ: وَمَا يَزِينُ) وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْوَرْدِ وَنَحْوِهِ فِي الْأَصْدَاغِ وَنَحْوِهَا لِلنِّسَاءِ فَلَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ، لَكِنْ إذَا أَحْضَرَهُ لَهَا وَجَبَ عَلَيْهَا اسْتِعْمَالُهُ إذَا طَلَبَ تَزَيُّنَهَا بِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَرَادَهُ هَيَّأَهُ) قَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِ اسْتِعْمَالِهِ مِنْهَا صَرِيحًا بَلْ يَكْفِي فِي اللُّزُومِ الْقَرِينَةُ (قَوْلُهُ: الَّتِي لَا تَخْتَضِبُ) أَيْ بِالْحِنَّاءِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ حَمَلَهُ) أَيْ الْمَاوَرْدِيُّ (قَوْلُهُ: وَدَوَاءُ مَرَضٍ) عَطْفٌ عَلَى كُحْلٍ: يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِحِفْظِ الْأَصْلِ) وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمَرْأَةُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ لِمَا يُزِيلُ مَا يُصِيبُهَا مِنْ الْوَجَعِ الْحَاصِلِ فِي بَاطِنِهَا وَنَحْوِهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ الدَّوَاءِ، وَكَذَا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ عَمَلِ الْعَصِيدَةِ وَاللُّبَابَةِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُنَّ لِمَنْ يَجْتَمِعُ عِنْدَهَا مِنْ النِّسَاءِ فَلَا يَجِبُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ النَّفَقَةِ بَلْ وَلَا مِمَّا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمَرْأَةُ أَصْلًا وَلَا نَظَرَ لِتَأَذِّيهَا بِتَرْكِهِ، فَإِنْ أَرَادَتْهُ فَعَلَتْ مِنْ عِنْدِهَا نَفْسَهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ كُرِهَ) أَيْ لِلنِّسَاءِ، وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى دُخُولِهَا رُؤْيَةُ عَوْرَةِ غَيْرِهَا أَوْ عَكْسُهُ وَإِلَّا حَرُمَ، وَعَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَأْمُرَهَا حِينَئِذٍ بِتَرْكِهِ كَبَقِيَّةِ الْمُحَرَّمَاتِ، فَإِنْ أَبَتْ إلَّا الدُّخُولَ لَمْ يَمْنَعْهَا وَيَأْمُرُهَا بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَالْغَضِّ عَنْ رُؤْيَةِ عَوْرَةِ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى) أَيْ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ: بِعَدَمِ جَوَازِ امْتِنَاعِهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَالرَّجْعِيَّةِ) أَيْ حَيْثُ لَا يَجِبُ لَهَا آلَةُ تَنْظِيفٍ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَوُجُوبُهُ) هُوَ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى عَدَمُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ مِنْ وُجُوهِ النَّاسِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ فَقِيرٍ فَلْيُرَاجَعْ

وَتَفُوتُهَا لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَيَأْمُرُهَا بِالْغُسْلِ وَقْتَ الصَّلَاةِ، وَفِي فَتَاوَى الْأَحْنَفِ نَحْوُهُ (وَثَمَنُ مَاءِ غُسْلِ) مَا تَسَبَّبَ عَنْهُ لِنَحْوِ مُلَاعَبَةٍ أَوْ (جِمَاعٍ) مِنْهُ (وَنِفَاسٍ) مِنْهُ يَعْنِي وِلَادَةً وَلَوْ بِلَا بَلَلٍ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَيْهِ مِنْ قِبَلِهِ، وَبِهِ يُعْلَمُ عَدَمُ لُزُومِ مَاءٍ لَلسُّنَّةِ بَلْ الْوُجُوبُ خَاصٌّ بِالْفَرْضِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَيُتَّجَهُ أَنَّ الْوَاجِبَ بِالْأَصَالَةِ الْمَاءُ لَا ثَمَنُهُ (لَا حَيْضٌ وَاحْتِلَامٌ فِي الْأَصَحِّ) وَأُلْحِقَ بِهِ اسْتِدْخَالُهَا لِذَكَرِهِ وَهُوَ نَائِمٌ أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ كَمَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُمْ لِانْتِفَاءِ صُنْعِهِ كَغُسْلِ زِنَاهَا وَلَوْ مُكْرَهَةً وَوِلَادَتِهَا مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ فَمَاءُ هَذِهِ عَلَيْهَا دُونَ الْوَاطِئِ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْعِلَّةَ مُرَكَّبَةٌ مِنْ كَوْنِهِ زَوْجًا وَبِفِعْلِهِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي الْأَوَّلِ يُنْظَرُ إلَى وُجُوبِ التَّمْكِينِ عَلَيْهَا، وَفِي الثَّانِي يُنْظَرُ إلَى حَاجَتِهَا، وَفَارَقَ الزَّوْجُ غَيْرَهُ بِأَنَّهُ لَهُ أَحْكَامٌ تَخُصُّهُ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ، وَيَلْزَمُهُ أَيْضًا مَاءُ وُضُوءٍ وَجَبَ بِتَسَبُّبِهِ فِيهِ كَلَمْسِهِ وَإِنْ شَارَكَتْهُ فِيهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَمَاءُ غُسْلِ مَا تَنَجَّسَ مِنْ بَدَنِهَا أَوْ ثِيَابِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِتَسَبُّبِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ كَمَاءِ نَظَافَتِهَا بَلْ أَوْلَى (وَلَهَا) عَلَيْهِ أَيْضًا (آلَاتُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَطَبْخٍ كَقِدْرٍ وَقَصْعَةٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَمِغْرَفَةٍ (وَكُوزٍ وَجَرَّةٍ وَنَحْوِهَا) كَإِجَّانَةٍ تَغْسِلُ ثِيَابَهَا فِيهَا، إذْ الْمَعِيشَةُ لَا تَتِمُّ بِدُونِ ذَلِكَ، وَمِثْلُهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ إبْرِيقُ الْوُضُوءِ وَالسِّرَاجُ وَمَنَارَتُهُ إنْ اُعْتِيدَتْ وَيَرْجِعُ فِي جِنْسِ ذَلِكَ لِلْعَادَةِ لِبِنَاءِ الْبَابِ عَلَيْهَا كَالنُّحَاسِ لِلشَّرِيفَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْخَزَفِ لِغَيْرِهَا وَيُفَاوِتُ فِيهِ الْمُوسِرُ وَضِدَّيْهِ نَظِيرُ مَا مَرَّ (وَ) لَهَا أَيْضًا عَلَيْهِ (مَسْكَنٌ) تَأْمَنُ فِيهِ لَوْ خَرَجَ عَنْهَا عَلَى نَفْسِهَا وَمَالِهَا وَإِنْ قَلَّ لِلْحَاجَةِ بَلْ الضَّرُورَةُ إلَيْهِ وَكَالْمُعْتَدَّةِ بَلْ أَوْلَى (يَلِيقُ بِهَا) عَادَةً لِعَدَمِ مِلْكِهَا إبْدَالَهُ إذْ هُوَ إمْتَاعٌ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ لِأَنَّهَا تَمْلِكُهُمَا أَوْ إبْدَالِهِمَا فَاعْتُبِرَا بِهِ لَا بِهَا، وَلَوْ سَكَنَ مَعَهَا فِي مَنْزِلِهَا بِإِذْنِهَا أَوْ لِامْتِنَاعِهَا مِنْ النُّقْلَةِ مَعَهُ أَوْ فِي مَنْزِلٍ نَحْوَ أَبِيهَا بِإِذْنِهِ أَوْ مَنَعَهُ مِنْ النُّقْلَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ أُجْرَةٌ إذْ الْإِذْنُ الْعَارِي عَنْ ذِكْرٍ عِوَضُ مَنْزِلٍ عَلَى الْإِعَارَةِ وَالْإِبَاحَةِ بِخِلَافِهِ مَعَ السُّكُوتِ كَمَا مَرَّ مَعَ زِيَادَةٍ قُبَيْلَ الِاسْتِبْرَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَعَلَيْهِ فَتُطَالِبُهُ بَعْدَ التَّمْكِينِ بِمَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ وَلَوْ بِالرَّفْعِ لِقَاضٍ (قَوْلُهُ: وَتَفُوتُهَا) أَيْ الصَّلَاةُ (قَوْلُهُ: وَيَأْمُرُهَا) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ وَنِفَاسٍ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ انْقَطَعَ دَمُ النِّفَاسِ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ غَالِبِهِ أَوْ أَكْثَرِهِ فَأَخَذَتْ مِنْهُ أُجْرَةَ الْحَمَّامِ وَاغْتَسَلَتْ ثُمَّ عَادَ عَلَيْهَا الدَّمُ بَعْدَ ذَلِكَ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ إبْدَالُ الْأُجْرَةِ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ مِنْ بَقَايَا الْأَوَّلِ وَعُذْرُهَا فِي ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ: لَا يَجِبُ إبْدَالُهُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ دَفَعَ لَهَا مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الْكِسْوَةِ وَنَحْوِهَا وَتَلِفَ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنٍ يُجَدَّدُ فِيهِ عَادَةً حَيْثُ لَا يُبَدَّلُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ نَائِمٌ) أَيْ وَلَوْ اسْتَيْقَظَ وَنَزَعَ ثُمَّ أَعَادَ لِحُصُولِ الْجَنَابَةِ بِفِعْلِهَا أَوَّلًا (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ الزَّوْجَ غَيْرُهُ) أَيْ مِنْ الزَّانِي وَالْوَاطِئِ بِشُبْهَةٍ حَيْثُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا شَيْءٌ (قَوْلُهُ: أَوْ ثِيَابُهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ تَهَاوَنَتْ فِي سَبَبِ ذَلِكَ وَتَكَرَّرَ مِنْهَا وَخَالَفَتْ عَادَةَ أَمْثَالِهَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا مَانِعَ مِنْهُ. وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ كَثُرَ الْوَسَخُ فِي بَدَنِهَا لِكَثْرَةِ نَحْوِ عَرَقِهَا مُخَالِفًا لِلْعَادَةِ لِأَنَّ إزَالَتَهُ مِنْ التَّنْظِيفِ وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَمِغْرَفَةٌ) وَالْمِغْرَفَةُ بِالْكَسْرِ مَا يُغْرَفُ بِهِ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: إبْرِيقُ الْوُضُوءِ) أَيْ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ مِنْ الْمُصَلِّينَ (قَوْلُهُ: لِبِنَاءِ الْبَابِ عَلَيْهَا) أَيْ عَادَةً (قَوْلُهُ: عَلَى نَفْسِهَا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ لَهَا بِمُؤْنِسَةٍ حَيْثُ أَمِنَتْ عَلَى نَفْسِهَا، فَلَوْ لَمْ تَأْمَنْ أَبْدَلَ لَهَا الْمَسْكَنَ بِمَا تَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهَا فِيهِ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ فِيهِ الْغَلَطُ كَثِيرًا (قَوْلُهُ: وَمَالُهَا) أَيْ أَوْ اخْتِصَاصُهَا (قَوْلُهُ: فَاعْتُبِرَا بِهِ) أَيْ بِمِثْلِهَا عَلَى مَا مَرَّ فِي الْكِسْوَةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ مَعَ السُّكُوتِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَكَنَ مَعَهَا مَعَ سُكُوتِهَا إنْ كَانَ الْمَسْكَنُ لَهَا وَسُكُوتُ أَبِيهَا إنْ كَانَ الْمَسْكَنُ لَهُ فَتَلْزَمُ الْأُجْرَةُ فِيمَا ذُكِرَ، لَكِنْ هَذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ فِيمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِلسُّنَّةِ) أَيْ سُنَّةِ الْغُسْلِ كَالْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ، أَمَّا مَاءُ الْغُسْلِ الْمَسْنُونِ فَمَعْلُومٌ عَدَمُ وُجُوبِهِ مِمَّا يَأْتِي بِالْأُولَى (قَوْلُهُ: فَاعْتَبِرُوا بِهِ لَا بِهَا) هُوَ مُسَلَّمٌ فِي النَّفَقَةِ لَا فِي الْكِسْوَةِ لِمَا مَرَّ فِيهَا

(وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مِلْكَهُ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِغَيْرِهِ كَمُعَارٍ وَمُسْتَأْجَرٍ وَلَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ (وَعَلَيْهِ لِمَنْ لَا يَلِيقُ بِهَا خِدْمَةُ نَفْسِهَا بِأَنْ كَانَتْ حُرَّةً وَمِثْلُهَا يُخْدَمُ عَادَةً فِي بَيْتِ أَبِيهَا) مَثَلًا، بِخِلَافِ مَنْ لَا تُخْدَمُ فِيهِ وَإِنْ حَصَلَ لَهَا شَرَفٌ مِنْ زَوْجٍ أَوْ غَيْرِهِ يُعْتَادُ لِأَجْلِهِ إخْدَامُهَا لِأَنَّ الْأُمُورَ الطَّارِئَةَ لَا تُعْتَبَرُ (إخْدَامُهَا) وَلَوْ بَدْوِيَّةً لِأَنَّهُ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ وَبَائِنًا حَامِلًا لِوُجُوبِ نَفَقَتِهَا، وَحَيْثُ وَجَبَ فَوَاحِدَةٌ لَا أَكْثَرُ مُطْلَقًا مَا لَمْ تَمْرَضْ وَتَحْتَجْ فَيَجِبْ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَلَهُ مَنْعُ مَنْ لَا تُخْدَمُ مِنْ إدْخَالِ وَاحِدَةٍ وَمَنْ تُخْدَمُ وَلَيْسَتْ مَرِيضَةً مِنْ إدْخَالِ مَا زَادَ عَلَى وَاحِدَةٍ دَارِهِ سَوَاءٌ أُكَنَّ مِلْكَهَا أَمْ بِأُجْرَةٍ وَالزَّوْجَةُ مُطْلَقًا مِنْ زِيَارَةِ أَبَوَيْهَا وَإِنْ اُحْتُضِرَا وَشُهُودِ جِنَازَتِهِمَا وَمَنْعِهِمَا مِنْ دُخُولِهِمَا لَهَا كَوَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ، وَتَعْيِينُ الْخَادِمِ ابْتِدَاءً إلَيْهِ فَلَهُ إخْدَامُهَا (بِحُرَّةٍ) وَلَوْ مُتَبَرِّعَةً، وَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ: لَهَا الِامْتِنَاعُ لِلْمِنَّةِ، يُرَدُّ بِأَنَّ الْمِنَّةَ عَلَيْهِ لَا عَلَيْهَا لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهَا تَبَرَّعَتْ عَلَيْهِ لَا عَلَيْهَا (أَوْ أَمَةٍ لَهُ أَوْ مُسْتَأْجَرَةٍ أَوْ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى مَنْ صَحِبَتْهَا مِنْ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ لِخِدْمَةٍ) إنْ رَضِيَ بِهَا أَوْ صَبِيٍّ غَيْرِ مُرَاهِقٍ أَوْ مَحْرَمٍ لَهَا أَوْ مَمْسُوحٍ أَوْ عَبْدِهَا أَوْ مَمْلُوكَةٍ لَهُ أَوْ لَهَا لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِجَمِيعِ ذَلِكَ لَا ذِمِّيَّةٍ لِمُسْلِمَةٍ وَلَا عَكْسِهِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَا كَبِيرٍ وَلَوْ شَيْخَاهُمَا كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي كَالْإِسْنَوِيِّ، وَلَهَا الِامْتِنَاعُ إذَا أَخَدَمَهَا أَحَدَ أُصُولِهَا كَمَا لَوْ أَرَادَ أَنْ يَتَوَلَّى خِدْمَتَهَا بِنَفْسِهِ لِأَنَّهَا تَسْتَحِي مِنْهُ غَالِبًا أَوْ تَتَعَيَّرُ بِهِ، وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ أَنْ تَتَوَلَّى خِدْمَةَ نَفْسِهَا لِيَتَوَفَّرَ لَهَا مُؤْنَةُ الْخَادِمِ لِأَنَّهَا تَصِيرُ بِذَلِكَ مُبْتَذَلَةً، وَلَوْ قَالَ أَنَا أَخْدُمُك لِتَسْقُطَ عَنِّي مُؤْنَةُ الْخَادِمِ لَمْ تُجْبَرْ هِيَ، وَلَوْ فِيمَا لَا تَسْتَحِي مِنْهُ كَغَسْلِ ثَوْبٍ وَاسْتِقَاءِ مَاءٍ وَطَبْخٍ لِأَنَّهَا تُعَيَّرُ بِهِ وَتَسْتَحِي مِنْهُ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ مَا لَا تَسْتَحِي مِنْهُ قَطْعًا تَبِعَ فِيهِ الْقَفَّالَ، وَهُوَ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ، وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا ابْتِدَاءً مَا إذَا أَخَدَمَهَا مَنْ أَلِفَتْهَا أَوْ حَمَلَتْ مَأْلُوفَةً مَعَهَا فَلَيْسَ لَهُ إبْدَالُهَا مِنْ غَيْرِ رِيبَةٍ أَوْ خِيَانَةٍ وَيُصَدَّقُ هُوَ بِيَمِينِهِ فِي ذَلِكَ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَسَبَقَ فِي الْإِجَارَةِ. وَيَأْتِي آخِرَ الْأَيْمَانِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ اخْتِلَافُ الْخِدْمَةِ بِاخْتِلَافِ الْأَبْوَابِ لِإِنَاطَةِ كُلٍّ بِعُرْفٍ يَخُصُّهُ (وَسَوَاءٌ فِي هَذَا) أَيْ وُجُوبُ الْإِخْدَامِ بِشَرْطِهِ (مُوسِرٌ وَمُعْسِرٌ وَعَبْدٌ) كَسَائِرِ الْمُؤَنِ، وَمَا اخْتَارَهُ كَثِيرٌ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِهِ عَلَى الْمُعْسِرِ مُسْتَدِلًّا بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُوجِبْ لِفَاطِمَةَ عَلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - خَادِمًا لِإِعْسَارِهِ مَرْدُودٌ بِعَدَمِ ثُبُوتِ تَنَازُعِهِمَا فِيهِ فَلَمْ يُوجِبْهُ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ عَدَمِ إيجَابِهِ مِنْ غَيْرِ تَنَازُعٍ فَلِمَا طُبِعَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْمُسَامَحَةِ بِحُقُوقِهِ وَحُقُوقِ أَهْلِهِ عَلَى أَنَّهَا وَاقِعَةُ حَالٍ مُحْتَمِلَةٌ فَلَا دَلِيلَ فِيهَا (فَإِنْ أَخَدَمَهَا بِحُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ بِأُجْرَةٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهَا) أَيْ الْأُجْرَةَ (أَوْ بِأَمَتِهِ أَنْفَقَ عَلَيْهَا بِالْمِلْكِ أَوْ بِمَنْ صَحِبَتْهَا) وَلَوْ أَمَتَهَا (لَزِمَهُ نَفَقَتُهَا) لَا تَكْرَارَ فِيهِ مَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــSنَقَلَهُ قُبَيْلَ الِاسْتِبْرَاءِ، وَإِنَّمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا سَكَنَ بِالْإِذْنِ لَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ ثَمَّ مَفْهُومَهُ فَالْمُرَادُ بِمَا مَرَّ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا (قَوْلُهُ: وَلَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ) أَيْ لَا يَثْبُتُ بَدَلُ الْمَسْكَنِ وَهُوَ الْأُجْرَةُ إذَا لَمْ يَسْكُنْهَا مُدَّةً لِأَنَّهُ إمْتَاعٌ (قَوْلُهُ: فَوَاحِدَةٌ) أَيْ فَالْوَاجِبُ وَاحِدَةٌ، وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا شَرِيفَةً أَوْ غَيْرَهَا، وَقَوْلُهُ لَهُ: أَيْ لِلزَّوْجِ (قَوْلُهُ: وَمَنَعَهُمَا مِنْ دُخُولِهِمَا لَهَا) أَيْ وَإِنْ اُحْتُضِرَتْ حَيْثُ كَانَ عِنْدَهَا مَنْ يَقُومُ بِتَمْرِيضِهَا (قَوْلُهُ: كَوَلَدِهَا) أَوْ وَلَوْ صَغِيرًا (قَوْلُهُ: أَوْ أَمَةٌ لَهُ) يُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ مِنْ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى شِرَاءِ أَمَةٍ وَلَا عَلَى اسْتِئْجَارِ حُرَّةٍ بِعَيْنِهَا (قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهَذَا فِي الْخِدْمَةِ الْبَاطِنَةِ أَمَّا الظَّاهِرَةُ فَتَتَوَلَّاهَا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ مِنْ الْأَحْرَارِ وَالْمَمَالِيكِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: أَنْ يَتَوَلَّى خِدْمَتَهَا بِنَفْسِهِ) أَيْ وَلَوْ نَحْوَ طَبْخٍ اهـ حَجّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مِنْ زَوْجٍ) شَمِلَ زَوْجًا غَيْرَهُ سَابِقًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَمْلُوكَةٌ لَهُ أَوْ لَهَا) مُكَرَّرٌ مَعَ مَا مَرَّ فِي الْمَتْنِ، إذْ هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِحُرَّةٍ لَا عَلَى قَوْلِهِ مِنْ حُرَّةٍ كَمَا لَا يَخْفَى فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ أَنَا أَخْدُمُك إلَخْ.) تَقَدَّمَ قَرِيبًا مَا يُغْنِي عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِيمَا لَا تَسْتَحِي مِنْهُ) أَيْ فِي الْعَادَةِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِي وَتَسْتَحْيِي مِنْهُ

قَوْلِهِ أَوَّلًا أَوْ بِالْإِنْفَاقِ إلَى آخِرِهِ، لِأَنَّ ذَلِكَ لِبَيَانِ أَقْسَامِ وَاجِبِ الْإِخْدَامِ وَهَذَا لِبَيَانِ أَنَّهُ إذَا اخْتَارَ أَحَدٌ تِلْكَ الْأَقْسَامَ مَا الَّذِي يَلْزَمُهُ. فَقَوْلُهُ بَعْضُهُمْ إنَّهُ مُكَرَّرٌ اسْتِرْوَاحٌ، وَتَمْلِكُ نَفَقَةَ مَمْلُوكِهَا الْخَادِمِ لَهَا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى لَا نَفَقَةَ الْحُرَّةِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ بَلْ تَمْلِكُهَا الْخَادِمَةُ كَمَا تَمْلِكُ الزَّوْجَةُ نَفَقَةَ نَفْسِهَا لَكِنْ لِلزَّوْجَةِ الْمُطَالَبَةُ بِهَا لَا مُطَالَبَتُهُ بِنَفَقَةِ مَمْلُوكَتِهِ وَلَا مُسْتَأْجَرَةٍ (وَجِنْسُ طَعَامِهَا) أَيْ الَّتِي صَحِبَتْهَا (جِنْسُ طَعَامِ الزَّوْجَةِ) لَكِنْ يَكُونُ أَدْوَنَ مِنْهُ نَوْعًا لِأَنَّهُ الْمَعْرُوفُ (وَهُوَ) مِنْ جِهَةِ الْمِقْدَارِ (مُدٌّ عَلَى مُعْسِرٍ) إذْ النَّفْسُ لَا تَقُومُ بِدُونِهِ غَالِبًا (وَكَذَا مُتَوَسِّطٌ) عَلَيْهِ مُدٌّ (فِي الصَّحِيحِ) كَالْمُعْسِرِ وَكَأَنَّ وَجْهَ إلْحَاقِهِمْ لَهُ بِهِ هُنَا لَا فِي الزَّوْجِيَّةِ أَنَّ مَدَارَ نَفَقَةِ الْخَادِمِ عَلَى سَدِّ الضَّرُورَةِ لَا الْمُوَاسَاةِ، الْمُتَوَسِّطُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا فَسَاوَى الْمُعْسِرَ بِخِلَافِ الْمُوسِرِ، وَالثَّانِي عَلَيْهِ مُدٌّ وَثُلُثٌ كَالْمُوسِرِ، وَالثَّالِثُ مُدٌّ وَسُدُسٌ لِيَحْصُلَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْمَرَاتِبِ فِي الْخَادِمَةِ كَالْمَخْدُومَةِ (وَمُوسِرٌ مُدٌّ وَثُلُثٌ) وَوَجْهُهُ أَنَّ نَفَقَةَ الْخَادِمَةِ عَلَى الْمُتَوَسِّطِ ثُلُثَا نَفَقَةِ الْمَخْدُومَةِ عَلَيْهِ فَجُعِلَ الْمُوسِرُ كَذَلِكَ إذْ الْمُدُّ وَالثُّلُثُ ثُلُثَا الْمُدَّيْنِ (وَلَهَا) أَيْ الَّتِي صَحِبَتْهَا (كِسْوَةٌ تَلِيقُ بِحَالِهَا) فَتَكُونُ دُونَ كِسْوَةِ الْمَخْدُومَةِ جِنْسًا وَنَوْعًا كَقَمِيصٍ وَنَحْوَ مُكْعِبٍ وَجُبَّةٍ شِتَاءً كَالْعَادَةِ، وَكَذَا مِقْنَعَةٌ وَمِلْحَفَةٌ وَخُفٌّ لِحُرَّةٍ وَأَمَةٍ شِتَاءً وَصَيْفًا، وَنَحْوُ قُبَعٍ لِذَكَرٍ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ وُجُوبُ الْخُفِّ وَالرِّدَاءِ لِلْمَخْدُومَةِ أَيْضًا فَإِنَّهَا تَحْتَاجُ إلَى الْخُرُوجِ إلَى حَمَّامٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الضَّرُورَاتِ وَإِنْ كَانَ نَادِرًا، وَبِعَدَمِ الْوُجُوبِ لِلْمَخْدُومَةِ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْإِزَارِ الَّذِي يَسْتُرُهَا مِنْ فَرْقِهَا إلَى قَدِمَهَا، وَإِنْ أَطْلَقَ فِي الرَّوْضَةِ عَدَمَ وُجُوبِ الْخُفِّ لِلْمَخْدُومَةِ، وَمَا تَجْلِسُ عَلَيْهِ كَحَصِيرٍ صَيْفًا وَقِطْعَةِ لِبَدٍ شِتَاءً وَمِخَدَّةٍ كَمَا صَحَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ، وَمَا تَتَغَطَّى بِهِ لَيْلًا شِتَاءً كَكِسَاءٍ، وَلَوْ احْتَاجَتْ فِي الْبِلَادِ الْبَارِدَةِ إلَى حَطَبٍ أَوْ فَحْمٍ وَاعْتَادَتْهُ وَجَبَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، فَإِنْ اعْتَادَتْ عِوَضًا عَنْ ذَلِكَ زِبْلَ نَحْوِ إبِلٍ أَوْ بَقَرٍ لَمْ يَجِبْ غَيْرُهُ (وَكَذَا) لَهَا (أُدْمٌ عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّ الْعَيْشَ لَا يَتِمُّ بِدُونِهِ كَجِنْسِ أُدْمِ الْمَخْدُومَةِ وَدُونِهِ نَوْعًا وَقَدْرُهُ بِحَسَبِ الطَّعَامِ، وَأَوْجَهُ الْوَجْهَيْنِ وُجُوبُ اللَّحْمِ لَهُ حَيْثُ جَرَتْ عَادَةُ الْبَلَدِ بِهِ. وَالثَّانِي لَا يَجِبُ وَيَكْتَفِي بِمَا فَضَلَ مِنْ أُدْمِ الْمَخْدُومَةِ (لَا آلَةُ تَنَظُّفٍ) فَلَا تَجِبُ لَهَا لِأَنَّ اللَّائِقَ بِحَالِهَا عَدَمُهُ لِئَلَّا تَمْتَدَّ إلَيْهَا الْأَعْيُنُ (فَإِنْ كَثُرَ وَسَخٌ وَتَأَذَّتْ) الْأُنْثَى وَنَصَّ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا الْأَغْلَبُ وَإِلَّا فَالذَّكَرُ كَذَلِكَ (بِقُمَّلٍ وَجَبَ أَنْ تَرِفَّهُ) بِأَنْ تُعْطَى مَا يُزِيلُ ذَلِكَ (وَمَنْ تَخْدُمُ نَفْسَهَا فِي الْعَادَةِ إنْ احْتَاجَتْ إلَى خِدْمَةٍ لِمَرَضٍ أَوْ زَمَانَةٍ وَجَبَ إخْدَامُهَا) وَلَوْ أَمَةً بِوَاحِدَةٍ فَأَكْثَرَ كَمَا مَرَّ لِلضَّرُورَةِ (وَلَا إخْدَامَ لِرَقِيقَةٍ) أَيْ مَنْ فِيهَا رِقٌّ وَإِنْ قَلَّ فِي زَمَنِ صِحَّتِهَا وَلَوْ جَمِيلَةً لِأَنَّهُ لَا يَلِيقُ بِهَا (وَفِي الْجَمِيلَةِ وَجْهٌ) لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِهِ وَقَدْ يُمْنَعُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُطَّرِدٍ وَإِنْ وُجِدَ فَهُوَ لِعُرُوضِ سَبَبِ مَحَبَّةٍ وَنَحْوِهَا فَلَمْ يُنْظَرْ إلَيْهِ (وَيَجِبُ فِي الْمَسْكَنِ امْتِنَاعٌ) لِأَنَّهُ لِمُجَرَّدِ الِانْتِفَاعِ فَأَشْبَهَ الْخَادِمَ الْمَعْلُومَ مِمَّا قَدَّمَهُ أَنَّهُ كَذَلِكَ، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ) مُرَادُهُ الْمَحَلِّيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ اسْتِرْوَاحٍ) أَيْ كَلَامٌ لَا مَعْنَى لَهُ (قَوْلُهُ: مُدٌّ عَلَى مُعْسِرٍ) اُنْظُرْ مَا الْحِكْمَةُ فِي تَقْدِيمِ الْمُصَنِّفِ هُنَا الْأَقَلَّ عَكْسَ مَا قَدَّمَهُ فِي الزَّوْجَةِ، وَلَعَلَّ الْحِكْمَةَ قَصْدُ الْمُعَادَلَةِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ نَظِيرُ الِاحْتِبَاكِ الَّذِي هُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ تَرْكِيبَيْنِ يُحْذَفُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا نَظِيرَ مَا أَثْبَتَهُ فِي الْآخَرِ (قَوْلُهُ: وَالرِّدَاءُ) اسْمٌ لِلْإِزَارِ الْمَعْرُوفِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ احْتَاجَتْ) أَيْ الْخَادِمَةُ وَمِثْلُهَا الزَّوْجَةُ بِالْأَوْلَى، وَلَعَلَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ بِنَاءً عَلَى الْغَالِبِ مِنْ عَدَمِ احْتِيَاجِهَا لَهُ اسْتِغْنَاءً بِاللِّبَاسِ الْمَطْلُوبِ لَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْمُتَوَسِّطُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا) اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ أَنَّ مَدَارَ نَفَقَةِ الْخَادِمِ إلَخْ. الصَّرِيحُ فِي أَنَّ وَاجِبَهَا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمُوَاسَاةِ، نَعَمْ يُرَدُّ الْمُوسِرُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ احْتَاجَتْ فِي الْبِلَادِ الْبَارِدَةِ إلَى حَطَبٍ إلَخْ.) هَذَا فِي الرَّوْضِ إنَّمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الزَّوْجَةِ دُونَ الْخَادِمَةِ عَكْسُ مَا فِي الشَّرْحِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ فِي الْمَسْكَنِ) يَعْنِي: أَنَّ حُكْمَ الْمَسْكَنِ الْإِمْتَاعُ

وَذَكَرَ ابْنُ الصَّلَاحِ أَنَّ لَهُ نَقْلَ زَوْجَتِهِ مِنْ حَضَرٍ لِبَادِيَةٍ وَإِنْ خَشِنَ عَيْشُهَا لِأَنَّ نَفَقَتَهَا مُقَدَّرَةٌ: أَيْ لَا تَزِيدُ وَلَا تَنْقُصُ. وَأَمَّا خُشُونَةُ عَيْشِ الْبَادِيَةِ فَهِيَ بِسَبِيلٍ مِنْ الْخُرُوجِ عَنْهَا بِالْإِبْدَالِ كَمَا مَرَّ، قَالَ: وَلَيْسَ لَهُ سَدُّ طَاقِ مَسْكَنِهَا عَلَيْهَا، وَلَهُ إغْلَاقُ الْبَابِ عَلَيْهَا عِنْدَ خَوْفِ لُحُوقِ ضَرَرٍ لَهُ مِنْ فَتْحِهِ، وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ نَحْوِ غَزْلٍ وَخِيَاطَةٍ فِي مَنْزِلِهِ اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ آخِرًا يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ زَمَنِ الِاسْتِمْتَاعِ الَّذِي يُرِيدُهُ، أَوْ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَعَذَّرْ بِهِ، وَفِي سَدِّ الطَّاقَاتِ مَحْمُولٌ عَلَى طَاقَاتٍ لَا رِيبَةَ فِي فَتْحِهَا وَإِلَّا فَلَهُ السَّدُّ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَخْذًا مِنْ إفْتَاءِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِوُجُوبِهِ فِي طَاقَاتٍ تَرَى الْأَجَانِبَ مِنْهَا: أَيْ وَعُلِمَ مِنْهَا تَعَمُّدُ رُؤْيَتِهِمْ (وَ) (فِي) مَا يُسْتَهْلَكُ (كَطَعَامٍ) لَهَا أَوْ لِخَادِمِهَا الْمَمْلُوكَةِ لَهَا (تَمْلِيكٌ لِلْحُرَّةِ) وَلِسَيِّدِ الْأَمَةِ بِمُجَرَّدِ الدَّفْعِ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ كَمَا فِي الْكَفَّارَةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَ) يَنْبَنِي عَلَى كَوْنِهِ تَمْلِيكًا أَنَّ الْحُرَّةَ وَسَيِّدَ الْأَمَةِ كُلٌّ مِنْهُمَا (يَتَصَرَّفُ فِيهِ) بِمَا شَاءَ مِنْ بَيْعٍ وَغَيْرِهِ، وَلِأَجْلِ هَذَا مَعَ غَرَضِ التَّقْسِيمِ وَطَّأَ لَهُ بِمَا قَبْلَهُ وَإِنْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ سَابِقًا تَمْلِيكُهَا حَبًّا (فَلَوْ قَتَرَتْ) أَيْ ضَيَّقَتْ عَلَى نَفْسِهَا فِي طَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ وَمِثْلُهَا فِي هَذَا سَيِّدُ الْأَمَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (بِمَا يَضُرُّهَا) وَلَوْ بِأَنْ يُنَفِّرَهُ عَنْهَا أَوْ بِمَا يَضُرُّ خَادِمَهَا (مَنَعَهَا) لِحَقِّ التَّمَتُّعِ (وَمَا دَامَ نَفْعُهُ كَكِسْوَةٍ) وَمِنْهَا الْفِرَاشُ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ (وَظُرُوفِ طَعَامٍ) لَهَا وَمِنْهُ الْمَاءُ كَمَا مَرَّ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي تِلْكَ الظُّرُوفِ أَنْ تَكُونَ لَائِقَةً بِهَا (وَمُشْطٍ) وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ آلَاتِ التَّنْظِيفِ (تَمْلِيكٌ) كَالطَّعَامِ بِجَامِعِ الِاسْتِهْلَاكِ وَاسْتِقْلَالِهَا بِأَخْذِهِ فَيُشْتَرَطُ كَوْنُهَا مِلْكَهُ وَتَتَصَرَّفُ فِيهَا بِمَا شَاءَتْ إلَّا أَنْ تَقْتُرَ وَلَهَا مَنْعُهُ مِنْ اسْتِعْمَالِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: تَمْلِيكٌ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: فَلَا تَسْقُطُ بِمُسْتَأْجَرٍ وَمُسْتَعَارٍ، فَلَوْ لَبِسَتْ الْمُسْتَعَارَ وَتَلِفَ: أَيْ بِغَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ فَضَمَانُهُ يَلْزَمُ الزَّوْجَ لِأَنَّهُ الْمُسْتَعِيرُ وَهِيَ نَائِبَةٌ عَنْهُ فِي الِاسْتِعْمَالِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ عَلَيْهَا فِي الْمُسْتَأْجَرِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَعْطَاهَا ذَلِكَ عَنْ كِسْوَتِهَا اهـ سم عَلَى حَجّ وَالْكَلَامُ حَيْثُ كَانَتْ رَشِيدَةً وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهَا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِيمَا لَوْ أَكَلَتْ غَيْرُ الرَّشِيدَةِ مَعَهُ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ. [فَرْعٌ] قَالَ حَجّ: وَفِي الْكَافِي لَوْ اشْتَرَى حُلِيًّا وَدِيبَاجًا لِزَوْجَتِهِ وَزَيَّنَهَا بِذَلِكَ لَا يَصِيرُ مِلْكًا لَهَا بِذَلِكَ، وَلَوْ اخْتَلَفَتْ هِيَ وَالزَّوْجُ فِي الْإِهْدَاءِ وَالْعَارِيَّةِ صُدِّقَ، وَمِثْلُهُ وَارِثُهُ كَمَا يُعْلَمُ بِمَا مَرَّ آخِرَ الْعَارِيَّةِ وَالْقِرَاضِ، وَفِي الْكَافِي أَيْضًا: لَوْ جَهَّزَ بِنْتَه بِجِهَازٍ لَمْ تَمْلِكْهُ إلَّا بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ أَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهَا، وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ مَا يُعْطِيهِ الزَّوْجُ صِلْحَةً أَوْ صَبَاحِيَّةً كَمَا اُعْتِيدَ بِبَعْضِ الْبِلَادِ لَا تَمْلِكُهُ إلَّا بِلَفْظٍ أَوْ قَصْدِ إهْدَاءٍ وَإِفْتَاءُ غَيْرِ وَاحِدٍ بِأَنَّهُ لَوْ أَعْطَاهَا مَصْرُوفًا لِلْعُرْسِ وَدَفْعًا وَصَبَاحِيَّةً فَنَشَزَتْ اسْتَرَدَّ الْجَمِيعَ غَيْرُ صَحِيحٍ، إذْ التَّقْيِيدُ بِالنُّشُوزِ لَا يَتَأَتَّى فِي الصَّبَاحِيَّةِ لِمَا قَرَرْته فِيهَا كَالْمَصْلَحَةِ، لِأَنَّهُ إنْ تَلَفَّظَ بِالْإِهْدَاءِ أَوْ قَصَدَهُ مَلَكَتْهُ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الزَّوْجِيَّةِ وَإِلَّا فَهُوَ مِلْكُهُ. وَأَمَّا مَصْرُوفُ الْعُرْسِ فَلَيْسَ بِوَاجِبٍ، فَإِذَا صَرَفَتْهُ بِإِذْنِهِ ضَاعَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الدَّافِعُ: أَيْ الْمَهْرُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ اسْتَرَدَّهُ وَإِلَّا فَلَا لِتَقَرُّرِهِ بِهِ فَلَا يُسْتَرَدُّ بِالنُّشُوزِ (قَوْلُهُ: وَلَهَا مَنْعُهُ مِنْ اسْتِعْمَالِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ فَلَوْ خَالَفَ وَاسْتَعْمَلَ بِنَفْسِهِ لَزِمَتْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا مُقَدَّرَةٌ إلَخْ.) فِيهِ أَنَّهُ يَعْتَبِرُ جِنْسَهَا، وَقَدْ يَكُونُ الْوَاجِبُ لَهَا فِي الْبَادِيَةِ إذَا أَبْدَلْته لَا يَكْفِيهَا كَمَا إذَا كَانَ قُوتُ الْبَادِيَةِ ذُرَةً وَهِيَ مُعْتَادَةٌ لِلْبُرِّ فَقَدْ يَكُونُ مُدُّ الذُّرَةِ لَا يُسَاوِي نِصْفَ مُدِّ بُرٍّ (قَوْلُهُ: كُلٌّ مِنْهُمَا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ بِهَذَا التَّقْدِيرِ يُقْرَأُ يُتَصَرَّفُ فِي الْمَتْنِ بِالْيَاءِ أَوَّلَهُ بَعْدَ أَنْ كَانَ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقٍ (قَوْلُهُ: عَلَى نَفْسِهَا) يَنْبَغِي أَوْ عَلَى خَادِمِهَا لِيُنَزَّلَ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي تِلْكَ الظُّرُوفِ أَنْ تَكُونَ لَائِقَةً بِهَا) اُنْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ التَّعْلِيلِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَسْكَنٌ يَلِيقُ بِهَا (قَوْلُهُ: بِجَامِعِ الِاسْتِهْلَاكِ) فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ هَذَا مَعَ أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِيمَا يَدُومُ نَفْعُهُ الْمُقَابِلُ لِمَا يُسْتَهْلَكُ فِي الْمَتْنِ؟ قُلْت: مَعْنَى الِاسْتِهْلَاكِ هُنَا أَنَّ مَا تَعَاطَاهُ إنَّمَا هُوَ لِاسْتِهْلَاكِهِ، وَإِنْ انْتَفَعَتْ بِهِ مُدَّةً

كَكُلِّ مَا يَكُونُ تَمْلِيكًا (وَقِيلَ إمْتَاعٌ) فَيَكْفِي نَحْوُ مُسْتَأْجَرٍ وَمُسْتَعَارٍ، وَلَا تَتَصَرَّفُ هِيَ بِغَيْرِ مَا أَذِنَ لَهَا كَالْمَسْكَنِ وَالْخَادِمِ، وَالْفَرْقُ مَا مَرَّ أَنَّهَا لَا تَسْتَقِلُّ بِهَذَيْنِ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْكِسْوَةِ، وَاخْتِيرَ هَذَا فِي نَحْوِ فُرُشٍ وَلِحَافٍ، وَظَاهِرٌ أَنَّهَا عَلَى الْأَوَّلِ تَمْلِكُهُ بِمُجَرَّدِ الدَّفْعِ وَالْأَخْذِ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ، لَكِنْ مَعَ قَصْدِهِ بِذَلِكَ دَفْعُهُ عَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ زَائِدًا عَلَى مَا يَجِبُ لَهَا، لَكِنْ فِي الصِّفَةِ دُونَ الْوَاجِبِ فَيَقَعُ عَنْ الْوَاجِبِ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ لِأَنَّ الصِّفَةَ الزَّائِدَةَ وَقَعَتْ تَابِعَةً فَلَمْ يَحْتَجْ لِلَّفْظِ، بِخِلَافِ الزَّائِدِ فِي الْجِنْسِ فَلَا تَمْلِكُهُ بِدُونِ لَفْظٍ لِأَنَّهُ قَدْ يُعَيِّرُهَا قَاصِدًا تَجَمُّلَهَا بِهِ ثُمَّ يَسْتَرْجِعُهُ مِنْهَا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَصَدَ بِهِ الْهَدِيَّةَ مَلَكَتْهُ بِمُجَرَّدِ الْقَبْضِ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا بَعْثٌ وَلَا إكْرَامٌ وَتَعْبِيرُهُمْ بِهِمَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ (وَ) حِينَئِذٍ فَسُكُوتُهَا الْوَاجِبَةُ بَاقِيَةٌ فِي ذِمَّتِهِ (تُعْطَى الْكِسْوَةَ أَوَّلَ شِتَاءٍ) لِتَكُونَ عَنْ فَصْلِهِ وَفَصْلِ الرَّبِيعِ بَعْدَهُ (وَصَيْفٍ) لِيَكُونَ عَنْهُ وَعَنْ الْخَرِيفِ، هَذَا إنْ وَافَقَ وُجُوبُهَا أَوَّلَ فَصْلِ الشِّتَاءِ وَإِلَّا أُعْطِيت وَقْتَ وُجُوبِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSالْأُجْرَةُ وَأَرْشُ مَا نَقَصَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ فِي الرَّشِيدَةِ، وَأَمَّا غَيْرُهَا مِنْ سَفِيهَةٍ وَصَغِيرَةٍ فَيَحْرُمُ عَلَى وَلِيِّهَا تَمْكِينُ الزَّوْجِ مِنْ التَّمَتُّعِ بِأَمْتِعَتِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيعِ عَلَيْهَا. وَأَمَّا مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ طَبْخِهَا مَا يَأْتِي بِهِ الزَّوْجُ فِي الْآلَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهَا وَأَكْلُ الطَّعَامِ فِيهَا وَتَقْدِيمُهَا لِلزَّوْجِ أَوْ لِمَنْ يَحْضُرُ عِنْدَهُ فَلَا أُجْرَةَ لَهَا عَلَيْهِ فِي مُقَابَلَةِ ذَلِكَ لِإِتْلَافِهَا الْمَنْفَعَةَ بِنَفْسِهَا، وَلَوْ أَذِنَ لَهَا فِي ذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ اغْسِلْ ثَوْبِي وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ أُجْرَةً بَلْ هُوَ أَوْلَى لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِهِ كَثِيرًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَقَلَّ بِأَخْذِ ذَلِكَ بِلَا إذْنٍ مِنْهَا فَتَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ لِاسْتِعْمَالِهِ مِلْكَ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ، وَمِثْلُ ذَلِكَ يُقَالُ فِي الْفِرَاشِ الْمُتَعَلَّقِ بِهَا (قَوْلُهُ: وَلَا تَتَصَرَّفُ) أَيْ عَلَى هَذَا الثَّانِي (قَوْلُهُ: عَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا وَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهَا بِلَا قَصْدٍ لَا يُعْتَدُّ بِهِ، لَكِنْ فِي حَجّ مَا نَصُّهُ أَنَّهُ يَقَعُ عَنْ الْوَاجِبِ بِمُجَرَّدِ إعْطَائِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ صَارِفٍ عَنْهُ. قَالَ سم عَلَيْهِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَكْفِي عَدَمُ الصَّارِفِ وَلَا يُشْتَرَطُ قَصْدُ الْأَدَاءِ عَمَّا لَزِمَهُ وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خِلَافَهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّارِحِ هُنَا اعْتِمَادُ مَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الزَّائِدِ فِي الْجِنْسِ) أَيْ كَأَنْ كَانَ الْوَاجِبُ لَهَا فِي اللِّبَاسِ الْكَتَّانَ فَدَفَعَ لَهَا حَرِيرًا فَلَا تَمْلِكُهُ إلَّا إذَا قَصَدَ التَّعْوِيضَ عَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيُعْطِي الْكِسْوَةَ إلَخْ) هَلْ هِيَ كَالنَّفَقَةِ فَلَا تُخَاصِمُ فِيهَا قَبْلَ تَمَامِ الْفَصْلِ كَمَا لَا تُخَاصِمُ فِي النَّفَقَةِ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ أَوْ الْمُخَاصِمَةِ مِنْ أَوَّلِ الْفَصْلِ أَوْ يُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى الدَّفْعِ حِينَئِذٍ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الضَّرَرَ بِتَأْخِيرِ الْكِسْوَةِ إلَى آخِرِ الْفَصْلِ أَشَدُّ مِنْ الضَّرَرِ بِتَأْخِيرِ النَّفَقَةِ إلَى آخِرِ الْيَوْمِ فِيهِ نَظَرٌ، الْمُتَّجَهُ الثَّانِي أَوْرَدْت ذَلِكَ عَلَى مَرَّ فَوَافَقَ عَلَى مَا اسْتَوْجَهَتْهُ فَلْيُرَاجَعْ. قَالَ الدَّمِيرِيِّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا التَّقْدِيرَ فِي غَالِبِ الْبِلَادِ الَّتِي تَبْقَى فِيهَا الْكِسْوَةُ هَذِهِ الْمُدَّةَ، فَلَوْ كَانُوا فِي بِلَادٍ لَا تَبْقَى فِيهَا هَذِهِ الْمُدَّةَ لِفَرْطِ الْحَرَارَةِ أَوْ لِرَدَاءَةِ ثِيَابِهَا وَقِلَّةِ عَادَتِهَا اتَّبَعَتْ عَادَتَهُمْ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانُوا يَعْتَادُونَ مَا يَبْقَى سَنَةً مَثَلًا كَالْأَكْسِيَةِ الْوَثِيقَةِ وَالْجُلُودِ كَأَهْلِ السَّرَاةِ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ، فَالْأَشْبَهُ اعْتِبَارُ عَادَتِهِمْ، وَيُفْهَمُ مِنْ اعْتِبَارِ الْعَادَةِ أَنَّهُمْ لَوْ اعْتَادُوا التَّجْدِيدَ كُلَّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مَثَلًا فَدَفَعَ لَهَا مِنْ ذَلِكَ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُمْ فَلَمْ يَبْلَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وُجُوبُ تَجْدِيدِهِ عَلَى الْعَادَةِ لِأَنَّهَا مَلَكَتْ مَا أَخَذَتْهُ عَنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ دُونَ مَا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا أُعْطِيت وَقْتَ وُجُوبِهَا) قَضِيَّةُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهَا تُعْطَى سِتَّةَ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْوُجُوبِ حَتَّى لَوْ مَكَّنَتْ فِي أَثْنَاءِ فَصْلٍ كَانَ وَقْتُ التَّمْكِينِ ابْتِدَاءَ الْفَصْلِ فِي حَقِّهَا فَتُعْطَى كِسْوَةَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ابْتِدَاؤُهَا مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ بِخِلَافِ نَحْوِ الْمَسْكَنِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكِسْوَةَ وَنَحْوَهَا مِمَّا تُسْتَهْلَكُ بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْته وَلِهَذَا الْتَحَقَ بِالطَّعَامِ وَنَحْوِهِ عَلَى الصَّحِيحِ بِجَامِعِ الِاسْتِهْلَاكِ: أَيْ فِي الْجُمْلَةِ، وَلَمَّا كَانَ يَدُومُ نَفْعُهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُسْتَهْلَكُ حَالًا جَرَى فِيهِ الْخِلَافُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَنَّهَا لَا تَسْتَقِلُّ بِهَذَيْنِ) بِمَعْنَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ يَكُونُ مُشْتَرَكًا فِي الِانْتِفَاعِ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ مَعَ قَصْدِهِ بِذَلِكَ دَفَعَهُ عَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ) خَرَجَ بِذَلِكَ مَا إذَا أُطْلِقَ فِي دَفْعِهِ (قَوْلُهُ: هَذَا إنْ وَافَقَ وُجُوبَهَا إلَخْ.) وَعَلَيْهِ فَلَا خُصُوصِيَّةَ

ثُمَّ جَدَّدَتْ بَعْدَ كُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ ذَلِكَ، نَعَمْ مَا يَبْقَى سَنَةً فَأَكْثَرَ كَفُرُشِ وَبُسُطٍ وَجُبَّةٍ يُعْتَبَرُ فِي تَجْدِيدِهَا الْعَادَةُ الْغَالِبَةُ كَمَا مَرَّ (فَإِنْ تَلِفَتْ) الْكِسْوَةُ (فِيهِ) أَيْ أَثْنَاءِ الْفَصْلِ (بِلَا تَقْصِيرٍ لَمْ تُبَدَّلْ إنْ قُلْنَا تَمْلِيكٌ) كَنَفَقَةٍ تَلِفَتْ فِي يَدِهَا وَبِلَا تَقْصِيرٍ: أَيْ مِنْهَا، فَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّهَا لَوْ بَلِيَتْ أَثْنَاءَ الْفَصْلِ لِسَخَافَتِهَا أَبْدَلَهَا لِتَقْصِيرِهِ (فَإِنْ) نَشَزَتْ أَثْنَاءَ الْفَصْلِ، سَقَطَتْ كِسْوَتُهُ كَمَا يَأْتِي، فَإِنْ عَادَتْ لِلطَّاعَةِ اتَّجَهَ عَوْدُهَا مِنْ أَوَّلِ الْفَصْلِ الْمُسْتَقْبَلِ وَلَا يُحْسَبُ مَا بَقِيَ مِنْ ذَلِكَ الْفَصْلِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ يَوْمِ النُّشُوزِ وَإِنْ (مَاتَتْ) أَوْ مَاتَ (فِيهِ) فِي أَثْنَائِهِ (لَمْ تَرُدَّ) إنْ قُلْنَا تَمْلِيكٌ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ لَمْ تَرُدَّ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ بَعْدَ قَبْضِهَا، فَإِنْ وَقَعَ مَوْتٌ أَوْ فِرَاقٌ قَبْلَ قَبْضِهَا وَجَبَ لَهَا مِنْ قِيمَةِ الْكِسْوَةِ مَا يُقَابِلُ زَمَنَ الْعِصْمَةِ عَلَى مَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَنُقِلَ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ وُجُوبُهَا كُلِّهَا وَإِنْ مَاتَتْ أَوَّلَ الْفَصْلِ، وَسَبَقَهُ إلَى نَحْوِهِ الرُّويَانِيُّ وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ كَالْأَذْرَعِيِّ وَالْبُلْقِينِيِّ وَأَطَالَ فِي الِانْتِصَارِ لَهُ قَالَ: وَلَا يُهَوَّلُ عَلَيْهِ بِأَنَّهَا كَيْفَ تَجِبُ كُلُّهَا بَعْدَ مُضِيِّ لَحْظَةٍ مِنْ الْفَصْلِ لِأَنَّ ذَلِكَ جُعِلَ وَقْتًا لِلْإِيجَابِ فَلَمْ يَفْتَرِقْ الْحَالُ بَيْنَ قَلِيلِ الزَّمَانِ وَطَوِيلِهِ: أَيْ وَمِنْ ثَمَّ مَلَكَتْهَا بِالْقَبْضِ وَجَازَ لَهَا التَّصَرُّفُ فِيهَا، بَلْ لَوْ أَعْطَاهَا نَفَقَةً وَكِسْوَةً مُسْتَقْبَلَةً جَازَ وَمَلَكَتْ بِالْقَبْضِ وَجَازَ لَهَا التَّصَرُّفُ فِيهَا كَتَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَيَسْتَرِدُّ إنْ حَصَلَ مَانِعٌ، وَلَا يُنَافِي مَا ذُكِرَ مِنْ الْقِيَاسِ عَلَى تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ قَوْلُهُمْ مَا وَجَبَ بِسَبَبَيْنِ امْتَنَعَ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِمَا مَعَ أَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْهُ امْتِنَاعُ مَا زَادَ عَلَى يَوْمٍ أَوْ فَصْلٍ لِعَدَمِ وُجُودِ شَيْءٍ مِنْ سَبَبِهِ لِأَنَّ النِّكَاحَ سَبَبٌ أَوَّلُ فَجَازَ حِينَئِذٍ التَّعْجِيلُ مُطْلَقًا (وَلَوْ لَمْ يَكْسُ) هَا أَوْ يُنْفِقْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَهَذَا مُشْكِلٌ فَإِنَّ الْمُنَاسِبَ لِلشِّتَاءِ غَيْرُ الْمُنَاسِبِ لِلصَّيْفِ، وَالْفَصْلُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ قَدْ يَكُونُ مُلَفَّقًا مِنْ شِتَاءٍ وَصَيْفٍ. هَذَا: وَقَالَ سم عَلَى حَجّ: عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: فَلَوْ عَقَدَ عَلَيْهَا فِي أَثْنَاءِ أَحَدِهِمَا فَحُكْمُهُ يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي نَظِيرِهِ مِنْ النَّفَقَةِ أَوَّلَ الْبَابِ الْآتِي اهـ. وَأَشَارَ بِمَا يَأْتِي إلَى مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفُ عَلَى مُوسِرٍ لِزَوْجَتِهِ كُلَّ يَوْمٍ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ فِيمَا لَوْ حَصَلَ التَّمْكِينُ عِنْدَ الْغُرُوبِ، لَكِنَّ حَاصِلَ الَّذِي تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجِبُ الْقِسْطُ فَلْيُنْظَرْ مَا الْمُرَادُ بِالْقِسْطِ اهـ. أَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَعْتَبِرَ قِيمَةَ مَا يَدْفَعُ إلَيْهَا عَنْ جَمِيعِ الْفَصْلِ فَيُقَسِّطَ عَلَيْهِ ثُمَّ يَنْظُرَ لِمَا مَضَى قَبْلَ التَّمْكِينِ وَيَجِبُ قِسْطُ مَا بَقِيَ مِنْ الْقِيمَةِ فَيَشْتَرِي بِهِ لَهَا مِنْ جِنْسِ الْكِسْوَةِ مَا يُسَاوِيهِ وَالْخِيرَةُ لَهَا فِي تَعْيِينِهِ (قَوْلُهُ: كَفُرُشٍ) أَيْ وَأَثَاثٍ (قَوْلُهُ يُعْتَبَرُ فِي تَجْدِيدِهَا الْعَادَةُ) يُؤْخَذُ مِنْ وُجُوبِ تَجْدِيدِهَا عَلَى الزَّوْجِ عَلَى الْعَادَةِ وُجُوبُ إصْلَاحِهَا الْمُعْتَادِ كَالْمُسَمَّى بِالتَّنْجِيدِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَمِثْلُ ذَلِكَ إصْلَاحُ مَا أَعَدَّهُ لَهَا مِنْ الْآلَةِ كَتَبْيِيضِ النُّحَاسِ (قَوْلُهُ: الْعَادَةُ الْغَالِبَةُ) أَيْ فَإِنْ تَلِفَتْ قَبْلَ الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ فِيهَا لَمْ يَجِبْ التَّجْدِيدُ (قَوْلُهُ بِلَا تَقْصِيرٍ إلَخْ) لَيْسَ قَيْدًا لِمَا بَعْدَهُ بَلْ عَدَمُ الْإِبْدَالِ مَعَ التَّقْصِيرِ أَوْلَى بَلْ لِمُقَابِلِهِ وَهُوَ الْإِمْتَاعُ، أَمَّا مِنْهُ فَهُوَ قَيْدٌ لِمَا بَعْدَهُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّهَا لَوْ إلَخْ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: سَقَطَتْ كِسْوَتُهُ) وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ دَفَعَهَا لَهَا قَبْلَ النُّشُوزِ اسْتَرَدَّهَا لِسُقُوطِهَا عَنْهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَوْ ادَّعَى النُّشُوزَ لَسَقَطَ ذَلِكَ عَنْهُ لَمْ يُقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ أَوَاخِرَ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ وَمِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ وَادَّعَى سُقُوطَهُ بِنُشُوزِهَا فَأَنْكَرَتْ صُدِّقَتْ (قَوْلُهُ: وَلَا يُهَوَّلُ عَلَيْهِ) فِي الْمُخْتَارِ التَّهْوِيلُ التَّقْرِيعُ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَوَّلِ الشِّتَاءِ وَلَا لِأَوَّلِ الصَّيْفِ بَلْ الْمَدَارُ حِينَئِذٍ عَلَى وَقْتِ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ يَوْمِ النُّشُوزِ) أَيْ وَسَيَأْتِي أَنَّهَا لَوْ نَشَزَتْ لَحْظَةً مِنْ الْيَوْمِ سَقَطَتْ نَفَقَتُهُ مَعَ لَيْلَتِهِ، وَأَمَّا تَعْلِيلُ الشِّهَابِ حَجّ بِهَذَا مَا اخْتَارَهُ مِنْ حُسْبَانِ الْفَصْلِ بِأَوَّلِ عَوْدِهَا حَتَّى لَا يُؤَثِّرُ النُّشُوزُ إلَّا فِيمَا مَضَى فَلَيْسَ بِظَاهِرٍ كَمَا لَا يَخْفَى.

[فصل في موجب المؤن ومسقطاتها]

(مُدَّةً) مَعَ تَمْكِينِهَا فِيهَا (فَدَيْنٌ) عَنْ جَمِيعِ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ لَهَا عَلَيْهِ إنْ قُلْنَا تَمْلِيكٌ لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْ ذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ، أَمَّا الْإِخْدَامُ فِي حَالَةِ وُجُوبِهِ لَوْ مَضَتْ مُدَّةٌ وَلَمْ يَأْتِ لَهَا فِيهِ بِمَنْ يَقُومُ بِهِ فَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا بِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (فَصْلٌ) فِي مُوجِبِ الْمُؤَنِ وَمُسْقِطَاتِهَا (الْجَدِيدُ أَنَّهَا) أَيْ الْمُؤَنُ السَّابِقَةُ مِنْ نَحْوِ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ (تَجِبُ) يَوْمًا بِيَوْمٍ وَفَصْلًا بِفَصْلٍ أَوْ كُلَّ وَقْتٍ اُعْتِيدَ فِيهِ التَّجْدِيدُ أَوْ دَائِمًا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَسْكَنِ وَالْخَدَمِ عَلَى مَا مَرَّ (بِالتَّمْكِينِ) التَّامِّ وَمِنْهُ أَنْ تَقُولَ مُكَلَّفَةٌ أَوْ سَكْرَانَةُ أَوْ وَلِيُّ غَيْرِهِمَا مَتَى دَفَعْت الْمَهْرَ الْحَالَّ سَلَّمْت، وَيَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ بِهِ أَوْ بِأَنَّهَا فِي غَيْبَتِهِ بَاذِلَةٌ لِلطَّاعَةِ مُلَازِمَةٌ لِلْمَسْكَنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَخَرَجَ بِالتَّامِّ مَا لَوْ مَكَّنَتْهُ لَيْلًا فَقَطْ مَثَلًا أَوْ فِي دَارٍ مَخْصُوصَةٍ مَثَلًا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا، وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ لَوْ حَصَلَ التَّمْكِينُ وَقْتَ الْغُرُوبِ فَالْقِيَاسُ وُجُوبُهَا بِالْغُرُوبِ. قَالَ الشَّيْخُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ وُجُوبُهَا بِالْقِسْطِ، فَلَوْ حَصَلَ ذَلِكَ وَقْتَ الظُّهْرِ فَيَنْبَغِي وُجُوبُهَا كَذَلِكَ مِنْ حِينَئِذٍ، وَخَالَفَ الْبُلْقِينِيُّ فَرَجَّحَ عَدَمَ وُجُوبِ الْقِسْطِ مُطْلَقًا. وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِسْطِ تَوْزِيعُهَا عَلَى اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَتُحْسَبُ حِصَّةُ مَا مَكَّنَتْهُ مِنْ ذَلِكَ وَتُعْطَاهَا لَا عَلَى الْيَوْمِ فَقَطْ وَلَا عَلَى وَقْتِ الْغِذَاءِ وَالْعَشَاءِ، بَلْ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ فَالْقِيَاسُ وُجُوبُهَا بِالْغُرُوبِ صَرِيحٌ فِيهِ، إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ وُجُوبُهَا بِهِ بِالْقِسْطِ لَا مُطْلَقًا كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلُهُمْ تَسْقُطُ نَفَقَةُ الْيَوْمِ بِلَيْلَتِهِ بِنُشُوزِ لَحْظَةٍ وَلَا تُوَزَّعُ عَلَى زَمَانَيْ الطَّاعَةِ وَالنُّشُوزِ لِأَنَّهَا لَا تَتَجَزَّأُ، وَمِنْ ثَمَّ سَلَّمَتْ دَفْعَةً فَلَمْ تُفَرِّقْ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالْمُرَادُ مِنْهُ هُنَا أَنَّهُ لَا يَبْلُغُ فِي التَّشْنِيعِ بِالِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إنْ قُلْنَا تَمْلِيكٌ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْإِخْدَامُ) وَمِثْلُهُ الْإِسْكَانُ. (فَصْلٌ) فِي مُوجِبِ الْمُؤَنِ وَمُسْقِطَاتِهَا (قَوْلُهُ: وَمُسْقِطَاتِهَا) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَالرُّجُوعِ بِمَا أَنْفَقَهُ بِظَنِّ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ التَّمْكِينِ (قَوْلُهُ: أَنْ تَقُولَ مُكَلَّفَةٌ) أَيْ وَلَوْ سَفِيهَةً (قَوْلُهُ أَوْ وَلِيُّ غَيْرِهِمَا) قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ غَيْرَ مَحْجُورَةٍ لَا يُعْتَدُّ بِفَرْضِ وَلِيِّهَا وَإِنْ زُوِّجَتْ بِالْإِجْبَارِ فَلَا يَجِبُ بِفَرْضِهِ نَفَقَةٌ وَلَا غَيْرُهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ اكْتِفَاءً بِمَا عَلَيْهِ عُرْفُ النَّاسِ مِنْ أَنَّ الْمَرْأَةَ سِيَّمَا الْبِكْرُ إنَّمَا يَتَكَلَّمُ فِي شَأْنِ زَوَاجِهَا أَوْلِيَاؤُهَا (قَوْلُهُ: مَتَى دَفَعْتَ الْمَهْرَ الْحَالُّ) خَرَجَ بِهِ مَا اُعْتِيدَ دَفْعُهُ مِنْ الزَّوْجِ لِإِصْلَاحِ شَأْنِ الْمَرْأَةِ كَحَمَّامٍ وَتَنْجِيدٍ وَنَقْشٍ فَلَا يَكُونُ عَدَمُ تَسْلِيمِ الزَّوْجِ ذَلِكَ عُذْرًا لِلْمَرْأَةِ، بَلْ امْتِنَاعُهَا لِأَجْلِهِ مَانِعٌ مِنْ التَّمْكِينِ فَلَا تَسْتَحِقُّ نَفَقَةً وَلَا غَيْرَهَا، وَمَا اُعْتِيدَ دَفْعُهُ أَيْضًا لِأَهْلِ الزَّوْجَةِ فَلَا يَكُونُ الِامْتِنَاعُ لِأَجْلِهِ عُذْرًا فِي التَّمْكِينِ (قَوْلُهُ أَوْ بِأَنَّهَا فِي غَيْبَتِهِ إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ إذَا لَمْ يَسْبِقْ تَمْكِينٌ مِنْهَا أَوْ سَبَقَ نُشُوزٌ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي عَدَمِ النُّشُوزِ مِنْ غَيْبَتِهِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ الْآتِي، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ وَادَّعَى سُقُوطَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِ ذَلِكَ) أَيْ كَإِرْسَالِ الْقَاضِي لَهُ فِي غَيْبَتِهِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَوْ فِي دَارٍ مَخْصُوصَةٍ) أَيْ وَلَمْ يَتَمَتَّعْ بِهَا فِيهِ أَوْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي سَلَّمَتْ فِي تِلْكَ الدَّارِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي مُوجِبِ الْمُؤَنِ وَمُسْقِطَاتِهَا] (فَصْلٌ) فِي مُوجَبِ الْمُؤَنِ وَمُسْقِطَاتِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ بِأَنَّهَا فِي غَيْبَتِهِ بَاذِلَةُ الطَّاعَةِ) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهَا تَقَدَّمَ مِنْهَا نُشُوزٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَوْ فِي دَارٍ مَخْصُوصَةٍ مَثَلًا) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَمْتِعْ بِهَا فِيهَا كَمَا صَوَّرَهُ الشَّيْخُ فِي حَاشِيَتِهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الشَّارِحِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلِحَاجَتِهَا تَسْقُطُ فِي الْأَظْهَرِ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ هَذَا لَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ عَنْ إفْتَاءِ وَالِدِ الشَّارِحِ أَوَاخِرَ الْبَابِ السَّابِقِ

غَدْوَةً وَعَشِيَّةً لِإِمْكَانِ الْفَرْقِ بِأَنَّهُ تَخَلَّلَ هُنَا مُسْقِطٌ فَلَمْ يُمْكِنْ التَّوْزِيعُ مَعَهُ لِتَعَدِّيهَا بِهِ غَالِبًا، بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ فَوَجَبَ تَوْزِيعُهَا عَلَى زَمَنِ التَّمْكِينِ وَعَدَمِهِ إذْ لَا تَعَدِّيَ هُنَا أَصْلًا، وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهَا لَوْ مَنَعَتْهُ مِنْ التَّمْكِينِ بِلَا عُذْرٍ ثُمَّ سَلَّمَتْهُ أَثْنَاءَ الْيَوْمِ مَثَلًا لَمْ تُوَزَّعْ، وَسَيَأْتِي عَنْ الْأَذْرَعِيِّ مَا يُؤَيِّدُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَمُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي الْفَسْخِ بِالْإِعْسَارِ أَنَّ لَيْلَةَ الْيَوْمِ فِي النَّفَقَاتِ هِيَ الَّتِي بَعْدَهُ كَمَا مَرَّ، وَسَبَبُهُ أَنَّ عَشَاءَ النَّاسِ قَدْ يَكُونُ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَقَدْ يَكُونُ قَبْلَهُ فَلْتَكُنْ لَيَالِي النَّفَقَةِ تَابِعَةً لِأَيَّامِهَا (إلَّا الْعَقْدَ) لِأَنَّهُ لَا يُوجِبُ مَجْهُولًا، وَالْقَدِيمُ تَجِبُ بِالْعَقْدِ كَالْمَهْرِ بِدَلِيلِ اسْتِحْقَاقِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَإِلَّا وَجَبَتْ كَمَا لَوْ سَافَرَتْ مَعَهُ بِلَا إذْنٍ مِنْهُ وَلَكِنَّهُ تَمَتَّعَ بِهَا فِي السَّفَرِ لِأَنَّ تَمَامَهُ فِي الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ رِضًا مِنْهُ بِإِقَامَتِهَا فِيهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلِحَاجَتِهَا تَسْقُطُ مُؤْنَتُهَا إلَخْ وَلَوْ امْتَنَعَتْ مِنْ النُّقْلَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِتَعَدِّيهَا بِهِ غَالِبًا) أَيْ وَلَا نَظَرَ إلَى كَوْنِهَا قَدْ لَا تَكُونُ مُتَعَدِّيَةً بِالنُّشُوزِ كَالْمَجْنُونَةِ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهَا لَوْ مَنَعَتْهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ لَمْ تُوَزَّعْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا مَرَّ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّهُ ثَمَّ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهَا نُشُوزٌ وَلَا مَا يُشْبِهُهُ كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا هُنَا فَامْتِنَاعُهَا مِنْ التَّمْكِينِ فِي مَعْنَى النُّشُوزِ وَهُوَ مُسْقِطٌ لِنَفَقَةِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ. [فَائِدَةٌ] سُئِلَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ عَنْ امْرَأَةٍ غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَتَرَكَ مَعَهَا أَوْلَادًا صِغَارًا وَلَمْ يَتْرُكْ عِنْدَهَا نَفَقَةً وَلَا أَقَامَ لَهَا مُنْفِقًا وَضَاعَتْ مَصْلَحَتُهَا وَمَصْلَحَةُ أَوْلَادِهَا وَحَضَرَتْ إلَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ وَأَنْهَتْ لَهُ ذَلِكَ وَشَكَتْ وَتَضَرَّرَتْ وَطَلَبَتْ مِنْهُ أَنْ يَفْرِضَ لَهُ وَلِأَوْلَادِهَا عَلَى زَوْجِهَا نَفَقَةً فَفَرَضَ لَهُمْ عَنْ نَفَقَتِهِمْ نَقْدًا مُعَيَّنًا فِي كُلِّ يَوْمٍ وَأَذِنَ لَهَا فِي إنْفَاقِ ذَلِكَ عَلَيْهَا وَعَلَى أَوْلَادِهَا أَوْ فِي الِاسْتِدَانَةِ عَلَيْهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْأَخْذِ مِنْ مَالِهِ وَالرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَقَبِلَتْ ذَلِكَ مِنْهُ فَهَلْ التَّقْدِيرُ وَالْفَرْضُ صَحِيحٌ. وَإِذَا قَدَّرَ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ نَظِيرَ كِسْوَتِهَا عَلَيْهِ حِينَ الْعَقْدِ نَقْدًا كَمَا يَكْتُبُ فِي وَثَائِقِ الْأَنْكِحَةِ وَمَضَتْ عَلَى ذَلِكَ مُدَّةٌ وَطَالَبَتْهُ بِمَا قَدَّرَ لَهَا عَنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَادَّعَتْ عَلَيْهِ بِهِ عِنْدَ حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ وَاعْتَرَفَ بِهِ وَأَلْزَمَهُ بِهِ فَهَلْ إلْزَامُهُ صَحِيحٌ أَمْ لَا، وَهَلْ إذَا مَاتَ الزَّوْجُ وَتَرَكَ زَوْجَتَهُ وَلَمْ يُقَدِّرْ لَهَا كِسْوَةً وَأَثْبَتَتْ وَسَأَلَتْ الْحَاكِمَ الشَّافِعِيَّ أَنْ يُقَدِّرَ لَهَا عَنْ كِسْوَتِهَا الْمَاضِيَةِ الَّتِي حَلَفَتْ عَلَى اسْتِحْقَاقِهَا نَقْدًا وَأَجَابَهَا لِذَلِكَ وَقَدَّرَهُ لَهَا كَمَا تَفْعَلُهُ الْقُضَاةُ الْآنَ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ أَوْ لَا، وَهَلْ مَا تَفْعَلُهُ الْقُضَاةُ مِنْ الْفَرْضِ لِلزَّوْجَةِ وَالْأَوْلَادِ عَنْ النَّفَقَةِ أَوْ الْكِسْوَةِ عِنْدَ الْغَيْبَةِ أَوْ الْحُضُورِ نَقْدًا صَحِيحٌ أَوْ لَا؟ فَأَجَابَ تَقْدِيرُ الْحَاكِمِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ صَحِيحٌ إذْ الْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهِ وَالْمَصْلَحَةُ تَقْتَضِيهِ فَلَهُ فِعْلُهُ وَيُثَابُ عَلَيْهِ بَلْ قَدْ يَجِبُ عَلَيْهِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي بَعْضِ ذَلِكَ إذْ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْ النَّفَقَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمَا فِي الشَّرْحِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بِفَرْضِ قَاضٍ يُنَافِي مَا قَالَهُ وَالِدُهُ. وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ: إذَا تَرَاضَيَا أَنْ يُقَرِّرَ الْقَاضِي لَهُمَا دَرَاهِمَ عَنْ الْكِسْوَةِ مَثَلًا جَازَ، فَإِذَا حَكَمَ بِشَيْءٍ لَزِمَ مَا دَامَ رِضَاهُمَا بِذَلِكَ حَتَّى إذَا مَضَى زَمَنٌ اسْتَقَرَّ وَاجِبُهُ بِمُقْتَضَى التَّقْرِيرِ فَيَلْزَمُ بِدَفْعِهِ، فَإِذَا رَجَعَا أَوْ أَحَدُهُمَا عَنْ التَّقْرِيرِ ارْتَفَعَ حُكْمُهُ مِنْ حِينِ الرُّجُوعِ لَا فِيمَا مَضَى أَيْضًا قَالَهُ مَرَّ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ وَأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنَّهَا إذَا قَبَضَتْ لَزِمَ وَإِلَّا فَلَا وَأَنَّ الْحُكْمَ بِذَلِكَ لَيْسَ حُكْمًا حَقِيقَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: إنَّ لَيْلَةَ الْيَوْمِ فِي النَّفَقَاتِ هِيَ الَّتِي بَعْدَهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: كَالْمَهْرِ) وَمَعَ وُجُوبِهِ بِالْعَقْدِ لَا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ إلَّا بِالتَّمْكِينِ فَلَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ لَا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ حَتَّى تُطِيقَهُ، وَمَعْنَى وُجُوبِهِ بِالْعَقْدِ حِينَئِذٍ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ التَّمْكِينِ اسْتَقَرَّ الْمَهْرُ أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ اسْتَقَرَّ النِّصْفُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ:؛ إذْ لَا تَعَدِّيَ هُنَا أَصْلًا) أَيْ فَصُورَةُ مَسْأَلَةِ الْإِسْنَوِيِّ فِي ابْتِدَاءِ التَّمْكِينِ (قَوْلُهُ: وَالْقَدِيمُ تَجِبُ بِالْعَقْدِ) أَيْ وَتَسْتَقِرُّ بِالتَّمْكِينِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجَلَالُ ثُمَّ قَالَ عَقِبَهُ: فَإِنْ امْتَنَعَتْ سَقَطَتْ. اهـ. وَلَعَلَّ مَا ذَكَرَهُ الْجَلَالُ أَسْقَطَتْهُ

لِلْمَرِيضَةِ وَالرَّتْقَاءِ فَإِنْ امْتَنَعَتْ سَقَطَتْ (فَإِنْ اخْتَلَفَا فِيهِ) أَيْ التَّمْكِينِ بِأَنْ ادَّعَتْهُ وَأَنْكَرَهُ (صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ وَادَّعَى سُقُوطَهُ بِنُشُوزِهَا فَأَنْكَرَتْ صَدَقَتْ لِأَنَّ الْأَصْلَ حِينَئِذٍ بَقَاؤُهُ (فَإِنْ لَمْ تَعْرِضْ) نَفْسَهَا (عَلَيْهِ مُدَّةً فَلَا نَفَقَةَ) لَهَا (فِيهَا) أَيْ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهَا وَلَمْ تَعْلَمْ بِالْعَقْدِ كَأَنْ زُوِّجَتْ بِالْإِجْبَارِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِعَدَمِ التَّمْكِينِ. (وَإِنْ عَرَضَتْ) نَفْسَهَا عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُكَلَّفًا وَإِلَّا فَعَلَى وَلِيِّهِ بِأَنْ أَرْسَلَتْ لَهُ غَيْرُ الْمَحْجُورَةِ أَوْ وَلِيُّ الْمَحْجُورَةِ إنِّي مُمَكَّنَةٌ أَوْ مُمَكَّنٌ (وَجَبَتْ) النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَنَحْوُهَا (مِنْ بُلُوغِ الْخَبَرِ) لَهُ لِأَنَّهُ الْمُقَصِّرُ حِينَئِذٍ (فَإِنْ) (غَابَ) الزَّوْجُ عَنْ بَلَدِهَا ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ تَمْكِينِهَا ثُمَّ نُشُوزِهَا كَمَا يَأْتِي ثُمَّ أَرَادَتْ عَرْضَ نَفْسِهَا لِتَجِبَ لَهَا مُؤْنَتُهَا رَفَعَتْ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ فَأَظْهَرَتْ لَهُ التَّسْلِيمَ، وَحِينَئِذٍ (كَتَبَ الْحَاكِمُ) وُجُوبًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (لِحَاكِمِ بَلَدِهِ) إنْ عَرَفَ (لِيُعْلِمَهُ) بِالْحَالِ (فَيَجِيءَ) لَهَا (أَوْ يُوَكِّلَ) مَنْ يَتَسَلَّمُهَا وَيَحْمِلُهَا إلَيْهِ، وَتَجِبُ مُؤْنَتُهَا مِنْ وُصُولِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ) ذَلِكَ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ (وَمَضَى) بَعْدَ أَنْ بَلَغَهُ ذَلِكَ (زَمَنُ) إمْكَانِ (وُصُولِهِ) إلَيْهَا (فَرَضَهَا الْقَاضِي) فِي مَالِهِ مِنْ حِينِ إمْكَانِ وُصُولِهِ وَجُعِلَ كَالْمُتَسَلِّمِ لَهَا لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْهُ، أَمَّا لَوْ لَمْ يَعْرِفْ فَلْيَكْتُبْ لِحُكَّامِ الْبِلَادِ الَّتِي تَرِدُهَا الْقَوَافِلُ عَادَةً مِنْ تِلْكَ الْبَلْدَةِ لِيَطْلُبَ وَيُنَادِيَ بِاسْمِهِ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فَرَضَ الْحَاكِمُ نَفَقَتَهَا الْوَاجِبَةَ عَلَى الْمُعْسِرِ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ بِخِلَافِهِ فِي مَالِهِ الْحَاضِرِ، وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَفْرِضَ دَرَاهِمَ وَيَأْخُذَ مِنْهَا كَفِيلًا بِمَا تَأْخُذُهُ مِنْهُ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ اسْتِحْقَاقِهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ اتَّجَهَ اقْتِرَاضُهُ عَلَيْهِ أَوْ إذْنُهُ لَهَا فِي الِاقْتِرَاضِ. أَمَّا إذَا مَنَعَهُ مِنْ السَّيْرِ أَوْ التَّوْكِيلِ عُذْرٌ فَلَا يُفْرَضُ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِانْتِفَاءِ تَقْصِيرِهِ، وَرَجَّحَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ قَوْلَ الْإِمَامِ يَكْتَفِي بِعِلْمِهِ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْحَاكِمِ وَلَوْ بِإِخْبَارِ مَنْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ (وَالْمُعْتَبَرُ فِي مَجْنُونَةٍ وَمُرَاهِقَةٍ) قِيلَ الْأَحْسَنُ وَمُعْصِرٍ لِأَنَّ الْمُرَاهِقَةَ وَصْفٌ مُخْتَصٌّ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ وَادَّعَى سُقُوطَهُ) أَيْ الْوَاجِبُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تُعْرَضُ نَفْسُهَا) عِبَارَةُ حَجّ: فَإِنْ لَمْ تُعْرَض عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهَا أَوْ وَلِيِّهَا وَعَلَيْهِ فَتُعْرَضُ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ خِلَافُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ وَهِيَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَرْسَلَتْ لَهُ غَيْرَ الْمَحْجُورَةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَعْتَدُّ بِفَرْضِ السَّفِيهَةِ، وَقَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ فِيمَا مَرَّ بِالْمُكَلَّفَةِ خِلَافُهُ، وَعَبَّرَ بِالْمُكَلَّفَةِ فِي الْمَنْهَجِ أَيْضًا، وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِالْمَحْجُورَةِ هُنَا مَنْ حُجِرَ عَلَيْهَا بِصِبًا أَوْ جُنُونٍ وَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي: وَالْمُعْتَبَرُ فِي مَجْنُونَةٍ وَمُرَاهَقَةٍ عَرْضُ وَلِيٍّ (قَوْلُهُ: أَوْ مُمْكِنٌ) أَيْ لَك مِنْهَا (قَوْلُهُ: مِنْ بُلُوغِ الْخَبَرِ لَهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَمْضِ زَمَنٌ يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَيْهَا، وَسَيَأْتِي فِي الْغَائِبِ اعْتِبَارُ الْوُصُولِ إلَيْهَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فَيَجِيءَ لَهَا) بِالنَّصْبِ عُطِفَ عَلَى لِيَعْلَمَهُ، وَيَجُوزُ رَفْعُهُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ (قَوْلُهُ: وَتَجِبُ مُؤْنَتُهَا مِنْ وُصُولِهِ) أَيْ إلَى الْمَرْأَةِ نَفْسِهَا وَلَا تَجِبُ بِوُصُولِهِ إلَى السُّوَرِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ بِطَرِيقٍ مِنْ الطُّرُقِ كَإِخْبَارِ أَهْلِ الْقَوَافِلِ عَنْ حَالِهِ (قَوْلُهُ: وَيَأْخُذُ مِنْهَا) أَيْ وَيَجُوزُ أَنْ إلَخْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ فَهُوَ بِالرَّفْعِ (قَوْلُهُ: أَوْ إذْنُهُ لَهَا فِي الِاقْتِرَاضِ) وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الشَّيْخِ فِي مَنْهَجِهِ: فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فَرَضَهَا الْقَاضِي وَأَخَذَ مِنْهَا كَفِيلًا إلَخْ، ثُمَّ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَيَأْخُذُ أَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْهَا كَفِيلًا قَبْلَ أَنْ يَصْرِفَ إلَيْهَا وَيُشْكِلُ بِأَنَّهُ ضَمَانُ مَا لَمْ يَجِبْ. فَإِنْ قُلْت: هُوَ مِنْ ضَمَانِ الدَّرْكِ الْمُتَقَدِّمِ. قُلْت: لَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ ضَمَانَ الدَّرْكِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ قَبْضِ الْمُقَابِلِ وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ هَذَا مُسْتَثْنًى (قَوْلُهُ: يَكْتَفِي الْحَاكِمُ) أَيْ فِي الْعُذْرِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ قِيلَ الْأَحْسَنُ) أَيْ قَالَ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ: فَلَا يُفْرَضُ عَلَيْهِ شَيْءٌ) أَيْ فَلَوْ فَرَضَ الْقَاضِي لِظَنِّ عَدَمِ الْعُذْرِ فَبَانَ خِلَافُهُ لَمْ يَصِحَّ فَرْضُهُ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى ـــــــــــــــــــــــــــــQالْكَتَبَةُ مِنْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَادَّعَى سُقُوطَهَا) يَعْنِي: الْمُؤَنَ (قَوْلُهُ: أَوْ وَلِيَّ الْمَحْجُورَةِ) أَيْ بِصِبًا أَوْ جُنُونٍ إذْ تَمْكِينُ السَّفِيهَةِ مُعْتَبَرٌ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَفْرِضَ لَهَا دَرَاهِمَ) هُوَ فِيمَا إذَا لَمْ يَعْرِفْ مَحَلَّهُ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: قَوْلُ الْإِمَامِ يَكْتَفِي الْحَاكِمُ) أَيْ فِي أَنَّهُ مَنَعَهُ مِنْ السِّيَرِ مَانِعٌ

بِالْغُلَامِ يُقَالُ غُلَامٌ مُرَاهِقٌ وَجَارِيَةٌ مُعْصِرٌ (عَرْضُ وَلِيٍّ) لَهَا لَا هِيَ لِأَنَّهُ الْمُخَاطَبُ بِذَلِكَ، نَعَمْ لَوْ تَسَلَّمَ الْمُعْصِرَ بَعْدَ عَرْضِهَا نَفْسَهَا وَصَارَ بِهَا فِي مَنْزِلِهِ لَزِمَتْهُ مُؤْنَتُهَا، وَيُتَّجَهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ نَقْلَهَا لِمَنْزِلِهِ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ الشَّرْطُ التَّسْلِيمُ التَّامُّ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ عَرْضَهَا نَفْسَهَا عَلَيْهِ غَيْرُ شَرْطٍ أَيْضًا بَلْ مَتَى تَسَلَّمَهَا وَلَوْ كُرْهًا عَلَيْهَا وَعَلَى وَلِيِّهَا لَزِمَهُ مُؤْنَتُهُ، وَكَذَا تَجِبُ بِتَسْلِيمِ الْبَالِغَةِ نَفْسَهَا لِزَوْجٍ مُرَاهِقٍ فَتَسَلَّمَهَا هُوَ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ وَلِيُّهُ لِأَنَّ لَهُ يَدًا عَلَيْهَا بِخِلَافِ نَحْوِ مَبِيعٍ لَهُ (وَتَسْقُطُ) الْمُؤَنُ كُلُّهَا (بِنُشُوزٍ) مِنْهَا بِالْإِجْمَاعِ أَيْ خُرُوجٍ عَنْ طَاعَةِ زَوْجِهَا وَإِنْ لَمْ تَأْثَمْ كَصَغِيرَةٍ وَمَجْنُونَةٍ وَمُكْرَهَةٍ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى رَدِّهَا لِلطَّاعَةِ فَتَرَكَ إلْحَاقًا لِذَلِكَ بِالْجِنَايَةِ وَإِطْلَاقِ دَعْوَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالسُّقُوطِ مَنْعُ الْوُجُوبِ دُونَ حَقِيقَتِهِ إذْ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الْوُجُوبِ مَمْنُوعَةً بَلْ الْمُرَادُ بِهِ حَقِيقَتُهُ، إذْ لَوْ نَشَزَتْ أَثْنَاءَ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَتَهُ سَقَطَتْ نَفَقَتُهُ الْوَاجِبَةُ بِفَجْرِهِ، أَوْ أَثْنَاءِ فَصْلٍ سَقَطَتْ كِسْوَتُهُ الْوَاجِبَةُ بِأَوَّلِهِ، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ سُقُوطُهَا لِمَا بَعْدَ يَوْمٍ وَفَصْلُ النُّشُوزِ بِالْأَوْلَى، وَلَوْ جَهِلَ سُقُوطَهَا بِالنُّشُوزِ فَأَنْفَقَ رَجَعَ عَلَيْهَا إنْ كَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ قِيَاسُ نَظَائِرِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ مَنْ نَكَحَ أَوْ اشْتَرَى فَاسِدًا وَإِنْ جَهِلَ ذَلِكَ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْتَمْتِعْ بِهَا لِأَنَّهُ شَرَعَ فِي عَقْدِهِمَا عَلَى أَنْ يَضْمَنَ ذَلِكَ بِوَضْعِ الْيَدِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا، وَيَحْصُلُ (وَلَوْ) بِحَبْسِهَا ظُلْمًا أَوْ حَقًّا وَإِنْ كَانَ الْحَابِسُ هُوَ الزَّوْجُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ ابْنِ الْمُقْرِي وَاعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ بِالْأَوْلَى سُقُوطُهَا بِحَبْسِهَا لَهُ وَلَوْ بِحَقٍّ لِلْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، أَوْ بِاعْتِدَادِهَا بِوَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ بِغَضَبِهَا أَوْ (بِمَنْعِ) الزَّوْجَةِ الزَّوْجَ مِنْ نَحْوِ (لَمْسٍ) أَوْ نَظَرٍ بِتَغْطِيَةِ وَجْهِهَا، أَوْ تَوْلِيَتِهَا عَنْهُ وَإِنْ مَكَّنَتْهُ مِنْ الْجِمَاعِ (بِلَا عُذْرٍ) لِأَنَّهُ حَقُّهُ كَالْوَطْءِ بِخِلَافِهِ بِعُذْرٍ كَأَنْ يَكُونَ بِفَرْجِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSالْعُذْرَ وَأَنْكَرَتْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ يُقْبَلُ مِنْهُ لِسُهُولَةِ إقَامَتِهَا (قَوْلُهُ: عَرْضُ وَلِيٍّ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي السَّفِيهَةِ بِعَرْضِهَا دُونَ وَلِيِّهَا لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ الشَّارِحِ الْمَارِّ بِأَنْ أَرْسَلَتْ لَهُ غَيْرَ الْمَحْجُورَةِ أَوْ وَلِيَّ الْمَحْجُورَةِ خِلَافَهُ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَيُفْهِمُهُ تَعْبِيرُ الشَّيْخِ فِي مَنْهَجِهِ بِالْمُكَلَّفَةِ دُونَ الرَّشِيدَةِ فَإِنَّ السَّفِيهَةَ مُكَلَّفَةٌ (قَوْلُهُ: بَلْ مَتَى تَسَلَّمَهَا) وَعَلَى هَذَا فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَوْ تَسَلَّمَ الْمَجْنُونَةَ بِنَفْسِهِ كَفَى فِي وُجُوبِ نَفَقَتِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ كُرْهًا عَلَيْهَا) وَالْقِيَاسُ أَنَّ الْبَالِغَةَ كَالْمُعْصِرِ فِي ذَلِكَ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ لَوْ تَمَتَّعَ بِالنَّاشِزِ لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا تَجِبُ تَسْلِيمُ الْبَالِغَةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمُرَاهِقَةَ لَوْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا لِلْمُرَاهِقِ تَسَلُّمُهَا لَا يَعْتَدُّ بِهِ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ لِأَنَّ لَهُ يَدًا عَلَيْهَا خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: فَتَسَلَّمَهَا هُوَ) قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ (قَوْلُهُ: وَمُكْرَهَةٍ) وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ الْمَرْأَةِ يَأْخُذُونَهَا مُكْرِهِينَ لَهَا مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا وَإِنْ كَانَ قَصْدُهُمْ بِذَلِكَ إصْلَاحَ شَأْنِهَا كَمَنْعِهِمْ لِلزَّوْجِ مِنْ التَّقْصِيرِ فِي حَقِّهَا بِمَنْعِ النَّفَقَةِ أَوْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: بَلْ الْمُرَادُ بِهِ حَقِيقَتُهُ) أَيْ وَمَجَازُهُ فَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْأَعَمِّ فَبِالنِّسْبَةِ لِيَوْمِ النُّشُوزِ وَفَصْلِهِ حَقِيقَةٌ وَلِمَا بَعْدَهُمَا مَجَازٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ جَهِلَ سُقُوطَهَا) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ جَهِلَ نُشُوزَهَا فَأَنْفَقَ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ الْحَالُ بَعْدُ (قَوْلُهُ: وَيَحْصُلُ) أَيْ النُّشُوزُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْحَابِسُ هُوَ الزَّوْجُ) عُمُومُ قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ الْحَابِسُ هُوَ الزَّوْجُ إلَخْ شَامِلٌ لِمَا لَوْ حَبَسَهَا ظُلْمًا، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ الْمُفَوِّتُ لِحَقِّهِ تَعَدِّيًا، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ بَعْدَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ قَالَ: إلَّا إنْ كَانَتْ مُعْسِرَةً وَعُلِمَ عَلَى الْأَوْجَهِ، وَهُوَ يُفِيدُ رُجُوعَهُ لِقَوْلِهِ أَوْ حَقًّا فَقَطْ (قَوْلُهُ: أَوْ بِغَضَبِهَا) وَمِنْهُ مَا يَقَعُ كَثِيرًا فِي زَمَانِنَا مِنْ أَنَّ أَهْلَ الْمَرْأَةِ إذَا عُرِضَ لَهُمْ أَمْرٌ مِنْ الزَّوْجِ أَخَذُوهَا قَهْرًا عَلَيْهَا فَلَا تَسْتَحِقُّ نَفَقَةً مَا دَامَتْ عِنْدَهُمْ (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَنْعِ الزَّوْجِ) قَالَ الْإِمَامُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ امْتِنَاعَ دَلَالٍ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: بِلَا عُذْرٍ) وَلَيْسَ مِنْ الْعُذْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بَلْ الشَّرْطُ التَّسْلِيمُ التَّامُّ) لَعَلَّ الْمُرَادَ التَّسْلِيمُ مِنْهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ سُقُوطُهَا) يَعْنِي: عَدَمَ وُجُوبِهَا إذْ هُوَ الْمُتَعَيَّنُ هُنَا كَمَا لَا يَخْفَى، فَقَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ حَقِيقَتُهُ لِأَنَّهُ أَيْ مَعَ مَجَازِهِ (قَوْلُهُ: شَرَعَ فِي عَقْدِهِمَا عَلَى أَنْ يَضْمَنَ إلَخْ.) فِيهِ وَقْفَةٌ لَا تَخْفَى (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْحَابِسُ هُوَ الزَّوْجُ) هُوَ غَايَةٌ فِي قَوْلِهِ أَوْ حَقًّا فَقَطْ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِغَضَبِهَا)

جِرَاحَةٌ وَعَلِمَتْ أَنَّهُ مَتَى لَمَسَهَا وَاقَعَهَا (وَعَبَالَةُ زَوْجٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ: أَيْ كِبَرُ ذَكَرِهِ بِحَيْثُ لَا تَحْتَمِلُهُ (أَوْ مَرَضٍ) بِهَا (يَضُرُّ مَعَهُ الْوَطْءُ) أَوْ نَحْوِ حَيْضٍ (عُذْرٌ) فِي عَدَمِ تَمْكِينِهَا مِنْ الْوَطْءِ فَتَسْتَحِقُّ الْمُؤَنَ وَتَثْبُتُ عَبَالَتُهُ بِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ، فَإِنْ لَمْ تُمْكِنْ مَعْرِفَتُهَا إلَّا بِنَظَرِهِنَّ إلَيْهِمَا مَكْشُوفَيْ الْفَرْجَيْنِ حَالَ انْتِشَارِ عُضْوِهِ جَازَ لِيَشْهَدْنَ، وَلَيْسَ لَهَا امْتِنَاعٌ مِنْ زِفَافٍ لِعَبَالَةٍ بِخِلَافِ الْمَرَضِ لِتَوَقُّعِ شِفَائِهِ (وَالْخُرُوجُ مِنْ بَيْتِهِ) أَيْ مِنْ مَحَلٍّ رَضِيَ بِإِقَامَتِهَا بِهِ وَلَوْ بَيْتَهَا أَوْ بَيْتَ أَبِيهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَوْ لِعِيَادَةٍ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا بِتَفْصِيلِهِ الْآتِي (بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ وَلَا ظَنِّ رِضَاهُ عِصْيَانٌ وَ (نُشُوزٌ) إذْ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ فِي مُقَابَلَةِ الْمُؤَنِ، وَأَخَذَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ أَنَّ لَهَا اعْتِمَادَ الْعُرْفِ الدَّالِ عَلَى رِضَا أَمْثَالِهِ بِمِثْلِ الْخُرُوجِ الَّذِي تُرِيدُهُ، نَعَمْ لَوْ عَلِمَ مُخَالَفَتَهُ لِأَمْثَالِهِ فِي ذَلِكَ فَلَا (إلَّا أَنْ يَشْرُفَ) الْبَيْتُ أَوْ بَعْضُهُ الَّذِي يَخْشَى مِنْهُ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ (عَلَى انْهِدَامٍ) وَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ قَبُولِ قَوْلِهَا خَشِيت انْهِدَامَهُ مَعَ نَفْيِ الْقَرِينَةِ أَوْ تَخَافُ عَلَى نَفْسِهَا أَوْ مَالِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ فَاسِقٍ أَوْ سَارِقٍ، وَيُتَّجَهُ أَنَّ الِاخْتِصَاصَ الَّذِي لَهُ وَقْعٌ كَذَلِكَ، أَوْ تَحْتَاجُ إلَى الْخُرُوجِ لِقَاضٍ تَطْلُبُ عِنْدَهُ حَقَّهَا أَوْ لِتَعَلُّمٍ أَوْ اسْتِفْتَاءٍ إنْ لَمْ يُغْنِهَا الزَّوْجُ الثِّقَةُ: أَيْ أَوْ نَحْوُ مَحْرَمِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَوْ يُخْرِجُهَا مُعِيرُ الْمَنْزِلَ أَوْ مُتَعَدٍّ ظُلْمًا أَوْ يُهَدِّدُهَا بِضَرْبٍ فَتَمْتَنِعُ فَتَخْرُجُ خَوْفًا مِنْهُ إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا، فَخُرُوجُهَا حِينَئِذٍ لَيْسَ بِنُشُوزٍ لِعُذْرِهَا فَتَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ مَا لَمْ يَطْلُبْهَا لِمَنْزِلٍ لَائِقٍ فَتَمْتَنِعُ، وَالْأَوْجَهُ تَصْدِيقُهَا بِيَمِينِهَا فِي عُذْرٍ ادَّعَتْهُ إنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهَا كَالْخَوْفِ مِمَّا ذُكِرَ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِهِ، وَلَا يُشْكِلُ مَا تَقَرَّرَ هُنَا مِنْ إخْرَاجِ الْمُتَعَدِّي لَهَا بِحَبْسِهَا ظُلْمًا لِإِمْكَانِ الْفَرْقِ بِأَنَّ نَحْوَ الْحَبْسِ مَانِعٌ عُرْفًا، بِخِلَافِ مُجَرَّدِ إخْرَاجِهَا مِنْ مَنْزِلِهَا. وَمِنْ النُّشُوزِ أَيْضًا امْتِنَاعُهَا مِنْ السَّفَرِ مَعَهُ وَلَوْ لِغَيْرِ نُقْلَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لَكِنْ بِشَرْطِ أَمْنِ الطَّرِيقِ وَالْمَقْصِدِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ السَّفَرُ فِي الْبَحْرِ الْمِلْحِ مَا لَمْ يَغْلِبْ فِيهِ السَّلَامَةُ وَلَمْ يَخْشَ مِنْ رُكُوبِهِ مَحْذُورَ تَيَمُّمٍ أَوْ يَشُقَّ مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً، وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَاعْتَمَدَهُ غَيْرُهُ يُحْمَلُ إطْلَاقُ جَمْعٍ مِنْهُمْ الْقَفَّالُ وَابْنُ الصَّلَاحِ الْمَنْعَ، وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الْأَنْوَارِ وَكَذَا الْإِسْنَوِيُّ بَلْ زَادَ أَنَّهُ يَحْرُمُ إرْكَابُهَا وَلَوْ بَالِغَةً (وَسَفَرُهَا بِإِذْنِهِ مَعَهُ) وَلَوْ لِحَاجَتِهَا أَوْ حَاجَةِ أَجْنَبِيٍّ (أَوْ) بِإِذْنِهِ وَحْدَهَا (لِحَاجَتِهِ) وَلَوْ مَعَ حَاجَةِ غَيْرِهِ عَلَى مَا يَأْتِي (لَا يُسْقِطُ) مُؤَنَهَا لِتَمْكِينِهَا وَهُوَ الْمُفَوِّتُ لِحَقِّهِ فِي الثَّانِيَةِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بِإِذْنِهِ سَفَرَهَا مَعَهُ بِدُونِهِ لَكِنْ صَحَّحَا ـــــــــــــــــــــــــــــSكَثْرَةُ جِمَاعِهِ وَتَكَرُّرُهُ أَوْ بُطْءُ إنْزَالِهِ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مِنْهُ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً (قَوْلُهُ: وَتَثْبُتُ عَبَالَتُهُ) وَسَكَتَ عَنْ بَيَانِ مَا يَثْبُتُ بِهِ الْمَرَضُ، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ مِنْ الْأَطِبَّاءِ لِأَنَّهُ مِمَّا تَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا (قَوْلُهُ: وَلَا ظُنَّ رِضَاهُ عِصْيَانٌ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا سَيَأْتِي لَهُ مِنْ أَنَّ خُرُوجَهَا لِلنُّسُكِ وَإِنْ كَانَ نُشُوزًا لَا تَعْصِي بِهِ لِحَصْرِ أَمْرِ النُّسُكِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَالُهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ وَإِنْ قَلَّ أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِهِ هُنَا وَتَقْيِيدُهُ الِاخْتِصَاصَ بِمَالِهِ وَقَعَ وَلَوْ اُعْتُبِرَ فِي الْمَالِ كَوْنُهُ لَيْسَ تَافِهًا جِدًّا لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا (قَوْلُهُ: أَوْ لِتَعْلَمَ) أَيْ لِلْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ لَا الدُّنْيَوِيَّةِ (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتِفْتَاءً) أَيْ لِأَمْرٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ بِخُصُوصِهِ وَأَرَادَتْ السُّؤَالَ عَنْهُ أَوْ تَعَلُّمَهُ. أَمَّا إذَا أَرَادَتْ الْحُضُورَ لِمَجْلِسِ عِلْمٍ لِتَسْتَفِيدَ أَحْكَامًا تَنْتَفِعُ بِهَا مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَيْهَا حَالًا، أَوْ لِحُضُورٍ لِسَمَاعِ الْوَعْظِ فَلَا يَكُونُ عُذْرًا (قَوْلُهُ أَوْ يُهَدِّدُهَا) أَيْ الزَّوْجُ (قَوْلُهُ: كَالْخَوْفِ) أَيْ وَكَإِخْبَارِهَا بِأَنَّهُ يَلْحَقُهَا ضَرَرٌ بِوَطْئِهِ لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً (قَوْلُهُ: لَمْ تَغْلِبْ فِيهِ السَّلَامَةُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَوْ يَشُقُّ) أَيْ السَّفَرُ، وَقَوْلُهُ لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً: أَيْ لِمِثْلِهَا (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَحْرُمُ إرْكَابُهَا) أَيْ الْبَحْرَ، وَقَوْلُهُ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ مُعْتَمَدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQاُنْظُرْ مَا مَوْقِعُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ يُهَدِّدُهَا) أَيْ الزَّوْجُ

وُجُوبَهَا هُنَا أَيْضًا لِأَنَّهَا تَحْتَ حُكْمِهِ وَإِنْ أَثِمَتْ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ مَحَلَّهُ إنْ لَمْ يَمْنَعْهَا وَإِلَّا فَنَاشِزَةٌ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ التَّحْقِيقُ، لَكِنَّهُ قَالَ: إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهَا، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ لَا قَيْدٌ لِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ قُدْرَتِهِ عَلَى رَدِّهَا لِلطَّاعَةِ وَأَنْ لَا (وَ) سَفَرُهَا (لِحَاجَتِهَا) أَوْ حَاجَةِ أَجْنَبِيٍّ بِإِذْنِهِ لَا مَعَهُ (يُسْقِطُ) مُؤَنَهَا (فِي الْأَظْهَرِ) لِانْتِفَاءِ التَّمْكِينِ. أَمَّا بِإِذْنِهِ لِحَاجَتِهِمَا فَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ فِي إنْ خَرَجْت لِغَيْرِ الْحَمَّامِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ لَهُ وَلِغَيْرِهِ لَمْ تَطْلُقْ عَدَمُ السُّقُوطِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ اعْتَمَدَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ مُقَابِلَهُ وَنُسِبَ لِنَصِّ الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ، وَالثَّانِي تَجِبُ لِأَنَّهَا سَافَرَتْ بِإِذْنِهِ فَأَشْبَهَ سَفَرَهَا فِي حَاجَتِهِ، وَلَوْ امْتَنَعَتْ مِنْ النُّقْلَةِ مَعَهُ لَمْ تَجِبْ مُؤَنُهَا إلَّا إنْ كَانَ يَتَمَتَّعُ بِهَا فِي زَمَنِ الِامْتِنَاعِ فَتَجِبُ وَيَصِيرُ تَمَتُّعُهُ بِهَا عَفْوًا عَنْ النُّقْلَةِ حِينَئِذٍ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهَا عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَأَقَرُّوهُ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَمَا مَرَّ فِي مُسَافِرَةٍ مَعَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ مِنْ وُجُوبِ نَفَقَتِهِ بِتَمْكِينِهَا وَإِنْ أَثِمَتْ بِعِصْيَانِهِ صَرِيحٌ فِيهِ، وَقَضِيَّتُهُ جَرَيَانُ ذَلِكَ فِي سَائِرِ صُوَرِ النُّشُوزِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهَا لَا تَجِبُ إلَّا زَمَنَ التَّمَتُّعِ دُونَ غَيْرِهِ، نَعَمْ يَكْفِي فِي وُجُوبِ نَفَقَةِ الْيَوْمِ تَمَتُّعُ لَحْظَةٍ مِنْهُ وَكَذَا اللَّيْلُ (وَلَوْ نَشَزَتْ) كَأَنْ خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهِ أَوْ مَنَعَتْهُ مِنْ تَمَتُّعٍ مُبَاحٍ (فَغَابَ فَأَطَاعَتْ) فِي غَيْبَتِهِ بِنَحْوِ عَوْدِهَا لِبَيْتِهِ (لَمْ تَجِبْ) مُؤَنُهَا مَا دَامَ غَائِبًا (فِي الْأَصَحِّ) لِخُرُوجِهَا عَنْ قَبْضَتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ تَسْلِيمٍ وَتَسَلُّمٍ وَلَا يَحْصُلَانِ مَعَ الْغَيْبَةِ، وَبِهِ فَارَقَ نُشُوزَهَا بِالرِّدَّةِ فَإِنَّهُ يَزُولُ بِإِسْلَامِهَا مُطْلَقًا لِزَوَالِ الْمُسْقِطِ، وَأَخَذَ مِنْهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهَا لَوْ نَشَزَتْ فِي الْمَنْزِلِ وَلَمْ تَخْرُجْ مِنْهُ كَأَنْ مَنَعَتْهُ نَفْسَهَا وَغَابَ عَنْهَا ثُمَّ عَادَتْ لِلطَّاعَةِ عَادَتْ نَفَقَتُهَا مِنْ غَيْرِ قَاضٍ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ، قَالَ: وَحَاصِلُ ذَلِكَ الْفَرْقُ بَيْنَ النُّشُوزِ الْجَلِيِّ وَالنُّشُوزِ الْخَفِيِّ اهـ. وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مُرَادَهُ بِعَوْدِهَا لِلطَّاعَةِ إرْسَالُ إعْلَامِهِ بِذَلِكَ: بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي النُّشُوزِ الْجَلِيِّ، وَإِنَّمَا قُلْنَا بِذَلِكَ لِأَنَّ عَوْدَهَا لِلطَّاعَةِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ بَعِيدٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَالْأَقْرَبُ كَمَا هُوَ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي نَظَائِرِهِ أَنَّ إشْهَادَهَا عِنْدَ غَيْبَتِهِ كَإِعْلَامِهِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ تَجِبُ لِعَوْدِهَا إلَى الطَّاعَةِ فَإِنَّ الِاسْتِحْقَاقَ زَالَ بِخُرُوجِهَا عَنْ الطَّاعَةِ فَإِذَا زَالَ الْعَارِضُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَنَاشِزَةٌ) أَيْ مَا لَمْ يَتَمَتَّعْ بِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ حَاجَةِ أَجْنَبِيٍّ بِإِذْنِهِ) أَيْ الزَّوْجُ: أَيْ وَبِغَيْرِ سُؤَالٍ مِنْ الزَّوْجِ وَإِلَّا فَلَا، فَإِنَّ سُؤَالَهُ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ سَفَرِهَا لِحَاجَتِهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا بِإِذْنِهِ لِحَاجَتِهِمَا) أَيْ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ، وَقَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ إلَخْ مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ نَعَمْ يَكْفِي إلَخْ مُعْتَمَدٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا اللَّيْلُ) هَلْ ذَلِكَ جَارٍ فِي السَّفَرِ بِلَا إذْنٍ وَغَيْرِهِ أَمْ مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ السَّفَرِ، وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ تَمَتُّعُهُ بِهَا فِي السَّفَرِ لَحْظَةً كَافٍ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ حَتَّى يُوجَدَ مِنْهَا مُسْقِطٌ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ عَدَمَ مَنْعِهِ لَهَا مِنْ مُصَاحَبَتِهِ بَعْدَ التَّمَتُّعِ رِضًا مِنْهُ بِالسَّفَرِ مَعَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَزُولُ بِإِسْلَامِهَا) أَيْ حَيْثُ أَعْلَمَتْهُ بِهِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَالْأَوْجَهُ أَيْ مُرَادُهُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا: أَيْ سَوَاءٌ جُدِّدَ تَسْلِيمٌ وَتَسَلُّمٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: عَادَتْ نَفَقَتُهَا) أَيْ حَيْثُ أَعْلَمَتْهُ وَيَنْبَغِي عَدَمُ تَصْدِيقِهَا فِي ذَلِكَ لَوْ اخْتَلَفَا فِيهِ (قَوْلُهُ: النُّشُوزِ الْجَلِيِّ) أَيْ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: إنَّ إشْهَادَهَا عِنْدَ غَيْبَتِهِ) زَادَ حَجّ وَعَدَمِ حَاكِمٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الْإِشْهَادُ مَظِنَّةً لِبُلُوغِ الْخَبَرِ بِحَيْثُ يَبْعُدُ عَدَمُ وُصُولِ الْخَبَرِ إلَيْهِ بَعْدَ الْإِشْهَادِ، وَإِلَّا فَوُجُوبُ النَّفَقَةِ مَعَ عَدَمِ عِلْمِهِ بِعَوْدِهَا فِيهِ شَيْءٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ مَنَعَتْهُ مِنْ تَمَتُّعٍ مُبَاحٍ) الْأَصْوَبُ عَدَمُ ذِكْرِهِ هُنَا وَسَيَأْتِي قَرِيبًا مَا يُخَالِفُهُ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ عَوْدِهَا إلَخْ.) أَيْ فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ:؛ لِزَوَالِ الْمُسْقِطِ) أَيْ مَعَ كَوْنِهَا فِي قَبْضَتِهِ لِيُفَارِقَ نَظِيرَهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ) مِنْ جُمْلَةِ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ قَبْلَهُ لَفْظُ قَالَ (قَوْلُهُ: عِنْدَ غَيْبَتِهِ) أَيْ وَعَدَمُ الْحَاكِمِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ، وَهَذَا هُوَ قِيَاسُ النَّظَائِرِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَأْتِي فِي النُّشُوزِ الْجَلِيِّ أَيْضًا وَقِيَاسُ النَّظَائِرِ أَيْضًا أَنَّ الْإِشْهَادَ

عَادَ الِاسْتِحْقَاقُ (وَطَرِيقُهَا) فِي عَوْدِ الِاسْتِحْقَاقِ (أَنْ يَكْتُبَ الْحَاكِمُ كَمَا سَبَقَ) فِي ابْتِدَاءِ التَّسْلِيمِ، فَإِذَا عَلِمَ وَعَادَ أَوْ أَرْسَلَ مَنْ يَتَسَلَّمُهَا أَوْ تَرَكَ ذَلِكَ لِغَيْرِ عُذْرِهَا عَادَ الِاسْتِحْقَاقُ، وَلَوْ الْتَمَسَتْ زَوْجَةُ غَائِبٍ مِنْ الْحَاكِمِ أَنْ يَفْرِضَ لَهَا فَرْضًا عَلَيْهِ اعْتَبَرَ ثُبُوتَ النِّكَاحِ وَإِقَامَتَهَا فِي مَسْكَنِهِ وَحَلِفَهَا عَلَى اسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ وَأَنَّهَا لَمْ تَقْبِضْ مِنْهُ نَفَقَةً مُسْتَقْبَلَةً فَحِينَئِذٍ يَفْرِضُ لَهَا عَلَيْهِ نَفَقَةَ مُعْسِرٍ حَيْثُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ غَيْرُهُ، وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ بِالْبَلَدِ تُرِيدُ الْأَخْذَ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ لِلْفَرْضِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: يُحْتَمَلُ ظُهُورُ مَالٍ لَهُ تَأْخُذُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِرَفْعٍ لَهُ (وَلَوْ خَرَجَتْ) لَا عَلَى وَجْهِ النُّشُوزِ (فِي غَيْبَتِهِ) عَنْ الْبَلَدِ بِلَا إذْنِهِ (لِزِيَارَةٍ) لِقَرِيبٍ لَا أَجْنَبِيٍّ أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ فِيمَا يَظْهَرُ (وَنَحْوِهَا) كَعِيَادَةٍ لِمَنْ ذُكِرَ بِشَرْطِ عَدَمِ رِيبَةٍ فِي ذَلِكَ بِوَجْهٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (لَمْ تَسْقُطْ) مُؤَنُهَا بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ نُشُوزًا، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَمْنَعْهَا مِنْ الْخُرُوجِ قَبْلَ سَفَرِهِ أَوْ يُرْسِلْ لَهَا بِالْمَنْعِ (وَالْأَظْهَرُ أَنْ لَا نَفَقَةَ) وَلَا مُؤْنَةَ (لِصَغِيرَةٍ) لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ وَإِنْ سَلَّمَتْ لَهُ لِأَنَّ تَعَذُّرَ وَطْئِهَا لِمَعْنًى قَائِمٍ بِهَا فَلَيْسَتْ أَهْلًا لِلتَّمَتُّعِ. وَالثَّانِي لَهَا النَّفَقَةُ لِأَنَّهَا حُبِسَتْ عِنْدَهُ وَفَوَاتُ الِاسْتِمْتَاعِ بِسَبَبٍ هِيَ فِيهِ مَعْذُورَةٌ كَالْمَرِيضَةِ وَالرَّتْقَاءِ وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِمَا مَرَّ فِي التَّعْلِيلِ (وَ) الْأَظْهَرُ (أَنَّهَا تَجِبُ لِكَبِيرَةٍ) أَيْ لِمَنْ يُمْكِنُ وَطْؤُهَا وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (عَلَى صَغِيرٍ) لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهُ إذَا عَرَضَتْ عَلَى وَلِيِّهِ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ جِهَتِهِ، وَالثَّانِي لَا تَجِبُ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَمْتِعُ بِهَا بِسَبَبٍ هُوَ مَعْذُورٌ فِيهِ فَلَا يَلْزَمُهُ غُرْمٌ (وَإِحْرَامُهَا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ) أَوْ مُطْلَقًا (بِلَا إذْنٍ نُشُوزٌ إنْ لَمْ يَمْلِكْ تَحْلِيلَهَا) عَلَى قَوْلٍ فِي الْفَرْضِ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْهَا وَمَعَ كَوْنِهِ نُشُوزًا لَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا فِعْلُهُ لِخَطَرِ أَمْرِ النُّسُكِ، وَبِهِ فَارَقَ مَا يَأْتِي فِي الصَّوْمِ (وَإِنْ مَلَكَ) تَحْلِيلَهَا بِأَنْ أَحْرَمَتْ وَلَوْ بِفَرْضٍ عَلَى الْأَصَحِّ (فَلَا) يَكُونُ إحْرَامُهَا نُشُوزًا فَتَسْتَحِقُّ الْمُؤَنَ لِكَوْنِهَا فِي قَبْضَتِهِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى تَحْلِيلِهَا وَتَمَتُّعِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSخُصُوصًا إذَا أَمْكَنَهَا الْإِعْلَامُ وَلَمْ تُعْلِمْهُ (قَوْلُهُ: فَحِينَئِذٍ يُفْرَضُ لَهَا) أَيْ وَلَوْ كَانَ مَا يَفْرِضُهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ لِلْفَرْضِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ تَقْتَرِضْ عَلَيْهِ وَلَا أَذِنَ لَهَا فِي الِاقْتِرَاضِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُقَالَ) لَهُ فَائِدَةٌ هِيَ مَنْعُ الْمُخَالِفِ مِنْ الْحُكْمِ بِسُقُوطِهَا بِمُضِيِّ الزَّمَانِ أَيْضًا اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: يُحْتَمَلُ ظُهُورُ مَالٍ) وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْتَرِضُ عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَالٌ أَوْ يَأْذَنُ لَهَا فِي الِاقْتِرَاضِ (قَوْلُهُ: فِي غَيْبَتِهِ عَنْ الْبَلَدِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ غَيْبَتِهِ عَنْ الْبَلَدِ خُرُوجُهَا مَعَ حُضُورِهِ حَيْثُ اقْتَضَى الْعُرْفُ رِضَاهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ عَلَى مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ أَيْضًا، وَأَخَذَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ إلَخْ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ جَرَتْ عَادَتُهُ بِأَنَّهُ إذَا خَرَجَ لَا يَرْجِعُ إلَّا آخِرَ النَّهَارِ مَثَلًا فَلَهَا الْخُرُوجُ لِلْعِيَادَةِ وَنَحْوِهَا إذَا كَانَتْ تَرْجِعُ إلَى بَيْتِهَا قَبْلَ عَوْدِهِ وَعَلِمَتْ مِنْهُ الرِّضَا بِذَلِكَ (قَوْلُهُ لِقَرِيبٍ لَا أَجْنَبِيٍّ) أَيْ حَيْثُ كَانَ هُنَاكَ رِيبَةٌ أَوْ لَمْ يَدُلَّ الْعُرْفُ عَلَى رِضَاهُ بِذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَهَا الْخُرُوجُ كَمَا شَمِلَهُ قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ وَأَخَذَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ كَلَامٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ يُرْسِلُ لَهَا بِالْمَنْعِ) أَيْ أَوْ تَدُلُّ الْقَرِينَةُ عَلَى عَدَمِ رِضَاهُ بِخُرُوجِهَا فِي غَيْبَتِهِ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَلَا مُؤْنَةَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ تَعَذُّرِ الْإِعْلَامِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَطَرِيقُهَا فِي عَوْدِ الِاسْتِحْقَاقِ) أَيْ طَرِيقُهَا ذَلِكَ فَقَطْ بِالنِّسْبَةِ لِلنُّشُوزِ الْجَلِيِّ وَهُوَ طَرِيقُهَا أَيْضًا مَعَ إرْسَالِهَا تَعْلَمُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلنُّشُوزِ الْخَفِيِّ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ الْتَمَسَتْ زَوْجَةُ غَائِبٍ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نُشُوزٌ فَهِيَ مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ لِلْفَرْضِ) قَدْ سَبَقَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ عُرِضَتْ وَجَبَتْ بَعْدَ بُلُوغِ الْخَبَرِ إلَخْ. أَنَّ الشَّارِحَ جَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ مَا إذَا نَشَزَتْ ثُمَّ عَادَتْ لِلطَّاعَةِ فِي غَيْبَتِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ مَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ الْفَرْضِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْتَرِضُ عَلَيْهِ أَوْ يَأْذَنُ لَهَا فِي الِاقْتِرَاضِ فَانْظُرْهُ مَعَ مَا هُنَا، وَهَلْ يَكُونُ الِاقْتِرَاضُ مِنْ غَيْرِ فَرْضٍ، وَلَعَلَّ مَا هُنَا فِيمَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ مَعْلُومَ الْمَحَلِّ لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: عَنْ الْبَلَدِ)

بِهَا، فَإِذَا تَرَكَهُ فَقَدْ فَوَّتَ عَلَى نَفْسِهِ. وَلَا يُشْكِلُ هَذَا بِمَا يَأْتِي فِي الصَّوْمِ أَنَّهُ يَهَابُ إفْسَادَ الْعِبَادَةِ لِأَنَّهُ يَتَكَرَّرُ، فَلَوْ أَمَرْنَاهُ بِالْإِفْسَادِ لَتَكَرَّرَ مِنْهُ وَفِي ذَلِكَ مَا يُهِيبُ مِنْهُ ذَلِكَ، بِخِلَافِ الْإِحْرَامِ فَإِنَّهُ نَادِرٌ فَلَا تَقْوَى مَهَابَتُهُ (حَتَّى تَخْرُجَ فَمُسَافِرَةٌ لِحَاجَتِهَا) فَإِنْ كَانَ مَعَهَا اسْتَحَقَّهَا وَإِلَّا فَلَا، نَعَمْ مَنْ أَفْسَدَ حَجَّهَا بِجِمَاعٍ وَكَانَ بِإِذْنِهِ يَلْزَمُهَا الْإِحْرَامُ بِقَضَائِهِ فَوْرًا وَالْخُرُوجُ لَهُ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ، وَحِينَئِذٍ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهَا بَلْ وَالْخُرُوجُ مَعَهَا، وَلَا يَرُدُّ مَا مَرَّ مِنْ مَنْعِ خُرُوجِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ لِأَنَّ إذْنَهُ السَّابِقَ اسْتَتْبَعَ الْإِذْنَ فِي هَذَا (أَوْ) أَحْرَمَتْ (بِإِذْنٍ) مِنْهُ (فَفِي الْأَصَحِّ لَهَا نَفَقَةٌ مَا لَمْ تَخْرُجْ) لِأَنَّهَا فِي قَبْضَتِهِ وَفَوَاتُ التَّمَتُّعِ نَشَأَ مِنْ إذْنِهِ فَإِنْ خَرَجَتْ فَكَمَا تَقَرَّرَ، وَالثَّانِي لَا تَجِبُ لِفَوَاتِ الِاسْتِمْتَاعِ، وَرُدَّ بِمَا تَقَرَّرَ، وَلَوْ أَجَّرَتْ عَيْنَهَا قَبْلَ النِّكَاحِ لَمْ يَتَخَيَّرْ وَيُقَدَّمُ حَقُّ الْمُسْتَأْجِرِ لَكِنْ لَا مُؤْنَةَ لَهَا مُدَّةَ ذَلِكَ (وَيَمْنَعُهَا) إنْ شَاءَ (صَوْمَ) أَوْ نَحْوَ صَلَاةِ أَوْ اعْتِكَافِ (نَفْلٍ) ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً وَلَوْ قَبْلَ الْغُرُوبِ لِأَنَّ حَقَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ يُرِدْ تَمَتُّعَهُ بِهَا فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ قَدْ تَطْرَأُ لَهُ إرَادَتُهُ فَيَجِدُهَا صَائِمَةً فَيَتَضَرَّرُ. (فَإِنْ أَبَتْ) وَصَامَتْ أَوْ أَتَمَّتْ غَيْرَ نَحْوِ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ أَوْ صَلَّتْ غَيْرَ رَاتِبَةٍ (فَنَاشِزَةٌ فِي الْأَظْهَرِ) فَتَسْقُطُ مُؤَنُ جَمِيعِ مُدَّةِ صَوْمِهَا لِامْتِنَاعِهَا مِمَّا وَجَبَ عَلَيْهَا مِنْ التَّمْكِينِ، وَلَا نَظَرَ إلَى تَمَكُّنِهِ مِنْ وَطْئِهَا وَلَوْ مَعَ الصَّوْمِ لِأَنَّهُ قَدْ يَهَابُ إفْسَادَ الْعِبَادَةِ، وَمِنْ ثَمَّ حَرَّمَ صَوْمَهَا نَفْلًا أَوْ فَرْضًا مُوَسَّعًا وَهُوَ حَاضِرٌ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ عَلِمَ رِضَاهُ، وَظَاهِرُ امْتِنَاعِهِ مُطْلَقًا إنْ أَضَرَّهَا أَوْ وَلَدَهَا الَّذِي تُرْضِعُهُ، وَأَخَذَ الْعِرَاقِيُّ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهَا لَوْ اشْتَغَلَتْ فِي بَيْتِهِ بِعَمَلٍ وَلَمْ يَمْنَعْهُ الْحَيَاءُ مِنْ تَبْطِيلِهَا كَخِيَاطَةٍ بَقِيَتْ نَفَقَتُهَا وَإِنْ أَمَرَهَا بِتَرْكِهِ فَامْتَنَعَتْ إذْ لَا مَانِعَ مِنْ تَمَتُّعِهِ: أَيْ وَقْتَ أَرَادَ بِخِلَافِ تَعْلِيمِ صِغَارٍ لِأَنَّهَا تَسْتَحِي عَادَةً مِنْ أَخْذِهَا مِنْ بَيْنَهُنَّ وَقَضَاءِ وَطَرِهِ مِنْهَا، فَإِذَا لَمْ تَنْتَهِ بِنَهْيِهِ كَانَتْ نَاشِزَةً، أَمَّا عَرَفَةُ وَعَاشُورَاءُ فَلَهَا فِعْلُهُمَا بِلَا إذْنٍ مِنْهُ كَرَوَاتِبِ الصَّلَاةِ وَيُلْحَقُ بِهِمَا تَاسُوعَاءُ، بِخِلَافِ نَحْوِ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ وَبِهِ يَخُصُّ الْخَبَرُ الْحَسَنُ «لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ يَوْمًا سِوَى شَهْرِ رَمَضَانَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إلَّا بِإِذْنِهِ» وَلَوْ نَكَحَهَا صَائِمَةً تَطَوُّعًا لَمْ يُجْبِرْهَا عَلَى الْفِطْرِ، وَفِي سُقُوطِ نَفَقَتِهَا بِهِ وَقَدْ زُفَّتْ إلَيْهِ: وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُهُ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْمُرَاهِقَةَ الْحَاضِرَةَ كَالْبَالِغِ لَوْ أَرَادَتْ صَوْمَ رَمَضَانَ لِأَنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِصَوْمِهِ مَضْرُوبَةٌ عَلَى تَرْكِهِ، وَالْأَوْجَهُ تَقْيِيدُ الْمَنْعِ بِمَنْ يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ فَلَا مَنْعَ لِمُتَلَبِّسٍ بِصَوْمٍ. أَوْ اعْتِكَافٍ وَاجِبَيْنِ، أَوْ كَانَ مُحْرِمًا أَوْ مَرِيضًا مُدْنِفًا لَا يُمْكِنُهُ الْوِقَاعُ أَوْ مَمْسُوحًا أَوْ عِنِّينًا أَوْ كَانَتْ قَرْنَاءَ أَوْ رَتْقَاءَ ـــــــــــــــــــــــــــــSشَمِلَ ذَلِكَ الْمَهْرَ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهُ قَبْلَ إطَاقَةِ الْوَطْءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَخَيَّرْ) أَيْ الزَّوْجُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا مُؤْنَةَ لَهَا مُدَّةَ ذَلِكَ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَتَمَتَّعْ بِهَا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي النَّاشِزَةِ وَإِلَّا وَجَبَتْ نَفَقَتُهَا مُدَّةَ التَّمَتُّعِ وَأَنَّهُ يَجِبُ نَفَقَةُ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ بِالتَّمَتُّعِ فِي لَحْظَةٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ أَوْ أَتَمَّتْ غَيْرَ نَحْوِ عَرَفَةَ) مِنْ نَحْوِ تَاسُوعَاءَ لَا الْخَمِيسِ وَالِاثْنَيْنِ وَأَيَّامِ الْبِيضِ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: غَيْرَ رَاتِبَةٍ) أَيْ وَلَوْ غَيْرَ مُؤَكَّدَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ فَرْضًا مُوَسَّعًا) أَيْ وَإِنْ كَانَ لَهَا غَرَضٌ فِي التَّقْدِيمِ كَقَصْرِ النَّهَارِ، وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا: أَيْ مُوَسَّعًا أَوْ مُضَيَّقًا (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ الْعِرَاقِيُّ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ) أَيْ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَهَابُ إفْسَادَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَمَرَهَا بِتَرْكِهِ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ أَمْرُهُ التَّرْكَ لِغَرَضٍ آخَرَ غَيْرِ التَّمَتُّعِ كَرِيبَةٍ تَحْصُلُ لَهُ مِمَّنْ لَهُ الْخِيَاطَةُ مَثَلًا كَتَرَدُّدِهِ عَلَى بَابِ بَيْتِهِ لِطَلَبِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ الْخِيَاطَةِ وَنَحْوِهَا. (قَوْلُهُ: فَلَهَا فِعْلُهُمَا) أَيْ إلَّا فِي أَيَّامِ الزِّفَافِ فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ صَوْمِهَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَحْوِ الِاثْنَيْنِ) وَمِنْهُ سِتَّةُ شَوَّالٍ وَإِنْ نَذَرَتْهَا بَعْدَ النِّكَاحِ بِلَا إذْنٍ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ) أَيْ حَاضِرٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَكَحَهَا) أَيْ عَقَدَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: أَصَحُّهُمَا عَدَمُهُ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: الْحَاضِرَةَ) أَيْ الْمُقِيمَةُ لَا الْمُسَافِرَةُ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَوْ مَرِيضًا مُدْنِفًا) أَيْ ثَقِيلًا مَرَضُهُ. قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: وَقَدْ دَنِفَ ـــــــــــــــــــــــــــــQمُتَعَلِّقٌ بِغَيْبَتِهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَمَرْنَاهُ) يَعْنِي: لَوْ جَوَّزْنَا لَهَا الصَّوْمَ وَجَعَلْنَا الْإِفْسَادَ عَلَيْهِ إذَا أَرَادَ، وَإِلَّا فَلَا أَمْرَ هُنَا كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَصَامَتْ) أَيْ أَوْ أَتَمَّتْ الصَّوْمَ

أَوْ مُتَحَيِّرَةً كَالْغَائِبِ وَأَوْلَى لِأَنَّ الْغَائِبَ قَدْ يَقْدُمُ نَهَارًا فَيَطَأُ، وَلَوْ كَانَا مُسَافِرَيْنِ سَفَرًا مُرَخِّصًا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ كَانَ مُخَرَّجًا عَلَى فِعْلِ الْمَكْتُوبَةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَوْلَى لِمَا فِي التَّأْخِيرِ مِنْ الْخَطَرِ عَلَى أَوْجَهِ احْتِمَالَاتٍ فِي ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْفِطْرُ أَفْضَلَ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ قَضَاءَهُ لَا يَتَضَيَّقُ) لِكَوْنِ الْإِفْطَارِ بِعُذْرٍ مَعَ اتِّسَاعِ الزَّمَنِ، وَقَدْ تَشْمَلُ عِبَارَتُهُ قَضَاءَ الصَّلَاةِ فَيَفْصِلُ فِيهِ بَيْنَ التَّضْيِيقِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ (كَنَفْلٍ فَيَمْنَعُهَا) مِنْهُ قَبْلَ شُرُوعِهَا فِيهِ وَبَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ لِأَنَّهُ مُتَرَاخٍ وَحَقُّهُ فَوْرِيٌّ، بِخِلَافِ مَا تَضِيقُ بِهِ لِلتَّعَدِّي بِإِفْطَارِهِ أَوْ لِضِيقِ زَمَنِهِ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ شَعْبَانَ إلَّا مَا يَسَعُهُ فَلَا يَمْنَعُهَا مِنْهُ وَنَفَقَتُهَا وَاجِبَةٌ. وَالثَّانِي أَنَّهُ لَيْسَ كَالنَّفْلِ فَلَا يَمْنَعُهَا مِنْهُ، وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ مَنْذُورِ صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ مُطْلَقٍ وَلَوْ قَبْلَ النِّكَاحِ وَبِإِذْنِهِ لِأَنَّهُ مُوَسَّعٌ. نَعَمْ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الِاعْتِكَافِ مِنْ أَنَّهَا لَوْ نَذَرَتْ اعْتِكَافًا مُتَتَابِعًا بِغَيْرِ إذْنِهِ وَدَخَلَتْ فِيهِ بِإِذْنِهِ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا اسْتِثْنَاؤُهُ هُنَا، وَكَذَا يَمْنَعُهَا مِنْ مَنْذُورٍ مُعَيَّنٍ نَذَرَتْهُ بَعْدَ النِّكَاحِ بِلَا إذْنٍ مِنْهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَذَرَتْهُ قَبْلَ النِّكَاحِ أَوْ بَعْدَهُ بِإِذْنِهِ وَمِنْ صَوْمِ الْكَفَّارَةِ إنْ لَمْ تَعْصِ بِسَبَبِهِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَا مَنْعَ مِنْ تَعْجِيلِ مَكْتُوبَةٍ أَوَّلَ وَقْتٍ) لِحِيَازَةِ فَضِيلَتِهِ وَأَخَذَ مِنْهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ جَوَازَ الْمَنْعِ إذَا كَانَ التَّأْخِيرُ أَفْضَلَ كَنَحْوِ إبْرَادٍ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ لَهُ الْمَنْعَ مِنْ تَطْوِيلٍ زَائِدٍ بَلْ تَقْتَصِرُ عَلَى أَكْمَلِ السُّنَنِ وَالْآدَابِ، وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْإِحْرَامِ بِطُولِ مُدَّتِهِ. وَالثَّانِي لَهُ الْمَنْعُ لِاتِّسَاعِ وَقْتِ الْمَكْتُوبَةِ وَحَقُّهُ عَلَى الْفَوْرِ (وَ) لَا مِنْ (سُنَنٍ رَاتِبَةٍ) وَلَوْ أَوَّلَ وَقْتِهَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ لِتَأَكُّدِهَا مَعَ قِلَّةِ زَمَنِهَا وَيَمْنَعُهَا مِنْ تَطْوِيلِهَا بِأَنْ زَادَتْ عَلَى أَدْنَى الْكَمَالِ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُمْ رَاعَوْا فَضِيلَةَ: أَوَّلِ الْوَقْتِ فَلَمْ تَبْعُدْ رِعَايَةُ هَذَا أَيْضًا، وَيُحْتَمَلُ الْمَنْعُ مِنْ زِيَادَةٍ عَلَى أَقَلِّ مُجْزِئٍ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْمَسَائِلِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا بِعَقِيدَتِهِ لَا بِعَقِيدَتِهَا (وَتَجِبُ) بِالْإِجْمَاعِ (لِرَجْعِيَّةٍ) حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ وَلَوْ حَائِلًا (الْمُؤَنُ) الْمَارُّ وُجُوبُهَا لِلزَّوْجَةِ لِبَقَاءِ حَبْسِ الزَّوْجِ وَسَلْطَنَتِهِ، نَعَمْ لَوْ قَالَ طَلَّقْت بَعْدَ الْوِلَادَةِ فَلِي الرَّجْعَةُ وَقَالَتْ بَلْ قَبْلَهَا فَلَا رَجْعَةَ لَك صُدِّقَ بِيَمِينِهِ هُنَا فِي بَقَاءِ الْعِدَّةِ وَثُبُوتِ الرَّجْعَةِ وَلَا مُؤَنَ لَهَا لِأَنَّهَا تُنْكِرُ اسْتِحْقَاقَهَا، وَأُخِذَ مِنْهُ أَنَّهَا لَا تَجِبُ لَهَا وَإِنْ رَاجَعَهَا، وَكَذَا لَوْ ادَّعَتْ طَلَاقًا بَائِنًا فَأَنْكَرَهُ فَلَا مُؤَنَ لَهَا، كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَجَعَلَهُ أَصْلًا مَقِيسًا ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَرِيضُ مِنْ بَابِ طَرِبَ: أَيْ ثَقُلَ، وَأَدْنَفَ مِثْلُهُ، وَأَدْنَفَهُ الْمَرَضُ يَتَعَدَّى وَيَلْزَمُ فَهُوَ مُدْنِفٌ وَمُدْنَفٌ اهـ: أَيْ بِصِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ وَاسْمِ الْفَاعِلِ (قَوْلُهُ: فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ) أَيْ فَلَا يَمْنَعُهَا الصَّوْمُ (قَوْلُهُ: بَيْنَ التَّضْيِيقِ) أَيْ بِأَنْ فَاتَ بِلَا عُذْرٍ (قَوْلُهُ: وَبِإِذْنِهِ) أَيْ أَوْ بَعْدَ النِّكَاحِ بِإِذْنِهِ لِأَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ اسْتِثْنَاؤُهُ) أَيْ فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهَا مِنْهُ حَيْثُ دَخَلَتْ فِيهِ بِإِذْنِهِ وَمِثْلُ الِاعْتِكَافِ سَائِرُ الْعِبَادَاتِ إذَا نَذَرَتْهَا بِلَا إذْنٍ مِنْهُ وَشَرَعَتْ فِيهَا بِإِذْنِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا يَمْنَعُهَا) أَيْ دَائِمًا وَيَكُونُ بَاقِيًا فِي ذِمَّتِهَا إلَى أَنْ تَمُوتَ فَيَقْضِي مِنْ تَرِكَتِهَا أَوْ يَتَيَسَّرُ لَهَا فِعْلُهُ بِنَحْوِ غَيْبَتِهِ كَإِذْنِهِ لَهَا بَعْدُ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَعْصِ بِسَبَبِهِ) أَيْ كَأَنْ حَلَفَتْ عَلَى أَمْرٍ مَاضٍ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَهِيَ عَالِمَةٌ وُقُوعَهُ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ مَا مَرَّ) أَيْ عَدَمُ الْمَنْعِ مِنْ تَعْجِيلِ الْمَكْتُوبَةِ (قَوْلُهُ وَلَا مِنْ سُنَنٍ رَاتِبَةٍ) أَيْ وَلَا فَرْقَ فِي السُّنَنِ بَيْنَ الْمُؤَكَّدَةِ وَغَيْرِهَا أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِهِمْ بَلْ يَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهَا صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ وَصَلَاةُ الضُّحَى وَالْخُسُوفِ وَالْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ، وَأَنَّ مِثْلَهَا الْأَذْكَارُ الْمَطْلُوبَةُ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ مِنْ التَّسْبِيحِ وَتَكْبِيرِ الْعِيدَيْنِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يُسْتَحَبُّ فِعْلُهُ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ (قَوْلُهُ وَيَمْنَعُهَا مِنْ تَطْوِيلِهَا) وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ الرَّاتِبَةِ وَالْفَرْضِ حَيْثُ اُغْتُفِرَ فِيهِ أَكْمَلُ السُّنَنِ وَالْآدَابِ بِعِظَمِ شَأْنِ الْفَرْضِ فُرُوعِي فِيهِ زِيَادَةُ الْفَضِيلَةِ (قَوْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَسَلْطَنَتُهُ) عَطْفُ سَبَبٍ عَلَى مُسَبَّبٍ (قَوْلُهُ: أَنَّهَا لَا تَجِبُ لَهَا) أَيْ دَائِمًا مَا لَمْ تُصَدِّقْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَنَحْوِ إبْرَادٍ) اُنْظُرْ هَلْ يُسَنُّ الْإِبْرَادُ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ مَعَ أَنَّ صَلَاتَهَا فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ (قَوْلُهُ: لَا تَجِبُ لَهَا، وَإِنْ رَاجَعَهَا) هَلْ، وَإِنْ اسْتَمْتَعَ بِهَا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ بِأَنَّهُ فِيمَا إذَا كَانَا مُتَّفِقَيْنِ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ، وَهَلْ عَدَمُ الْوُجُوبِ

عَلَيْهِ، وَيُتَّجَهُ أَنَّ مَحَلَّهُ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ مَا لَمْ تُصَدِّقْهُ (إلَّا مُؤْنَةُ تَنَظُّفٍ) لِانْتِفَاءِ مُوجِبِهَا مِنْ غَرَضِ التَّمَتُّعِ (فَلَوْ) (ظَنَّتْ) الرَّجْعِيَّةُ (حَامِلًا فَأَنْفَقَ) عَلَيْهَا (فَبَانَتْ حَائِلًا) (اسْتَرْجَعَ) مِنْهَا (مَا دَفَعَ) هـ لَهَا (بَعْدَ عِدَّتِهَا) لَتَبَيَّنَ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ بَعْدَهَا وَتَصْدُقُ فِي قَدْرِ أَقْرَائِهَا وَإِنْ خَالَفَتْ عَادَتَهَا وَتَحْلِفُ إنْ كَذَّبَهَا، فَإِنْ لَمْ تَذْكُرْ شَيْئًا وَعَرَفَ لَهَا عَادَةً مُتَّفِقَةً عُمِلَ بِهَا أَوْ مُخْتَلِفَةً فَالْأَقَلُّ وَإِلَّا فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، وَلَوْ وَقَعَ عَلَيْهِ طَلَاقٌ بَاطِنًا وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَأَنْفَقَ مُدَّةً ثُمَّ عَلِمَ لَمْ يَرْجِعْ بِمَا أَنْفَقَهُ فِيمَا يَظْهَرُ كَالْمَنْكُوحَةِ فَاسِدًا بِجَامِعِ أَنَّهَا فِيهِمَا مَحْبُوسَةٌ عِنْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَمْتِعْ بِهَا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَمَحَلُّ رُجُوعِ مَنْ أَنْفَقَ ظَانًّا وُجُوبَهُ حَيْثُ لَا حَبْسَ مِنْهُ (وَالْحَائِلُ الْبَائِنُ بِخُلْعٍ) أَوْ فَسْخٍ أَوْ انْفِسَاخٍ بِمُقَارَنٍ أَوْ عَارِضٍ عَلَى الرَّاجِحِ (أَوْ ثَلَاثٍ لَا نَفَقَةَ) لَهَا (وَلَا كِسْوَةَ) لَهَا قَطْعًا لِلْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَلِانْتِفَاءِ سَلْطَنَتِهِ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا وَجَبَتْ لَهَا السُّكْنَى لِأَنَّهَا لِتَحْصِينِ الْمَاءِ الَّذِي لَا يَفْتَرِقُ بِوُجُودِ الزَّوْجِيَّةِ وَانْتِفَائِهَا (وَيَجِبَانِ) كَالْخَادِمِ وَالْأُدُمِ (لِحَامِلٍ) بَائِنٍ لِآيَةٍ {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ} [الطلاق: 6] فَهُوَ كَالْمُسْتَمْتِعِ بِرَحِمِهَا لِاشْتِغَالِهِ بِمَائِهِ، نَعَمْ الْبَائِنُ بِفَسْخٍ أَوْ انْفِسَاخٍ بِمُقَارِنٍ لِلْعَقْدِ كَعَيْبٍ أَوْ غُرُورٍ لَا نَفَقَةَ لَهَا مُطْلَقًا كَمَا قَالَاهُ فِي الْخِيَارِ لِأَنَّهُ رَفْعٌ لِلْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ وَالْوُجُوبُ إنَّمَا هُوَ (لَهَا) لَكِنْ بِسَبَبِ الْحَمْلِ لِأَنَّهَا تَلْزَمُ الْمُعْسِرَ وَتَتَقَدَّرُ وَتَسْقُطُ بِالنُّشُوزِ كَامْتِنَاعِهَا مِنْ السُّكْنَى فِي لَائِقٍ بِهَا عَيَّنَهُ لَهَا وَخُرُوجُهَا مِنْهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، وَلَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَلَا بِمَوْتِهِ فِي أَثْنَائِهِ عَلَى الرَّاجِحِ إذْ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ وَالْقَوْلُ فِي تَأَخُّرِ الْوِلَادَةِ قَوْلُ مُدَّعِيهِ (وَفِي قَوْلٍ لِلْحَمْلِ) لِتَوَقُّفِ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ (فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا تَجِبُ لِحَامِلٍ مِنْ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ) إذْ لَا نَفَقَةَ لَهَا حَالَةَ الزَّوْجِيَّةِ فَبَعْدَهَا أَوْلَى (قُلْت) (وَلَا نَفَقَةَ) وَلَا مُؤْنَةَ (لِمُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ) وَمِنْهَا مَوْتُ زَوْجِهَا وَهِيَ فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ (وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِصِحَّةِ الْخَبَرِ بِذَلِكَ (وَنَفَقَةُ الْعِدَّةِ) وَمُؤْنَتُهَا كَمُؤْنَةِ زَوْجَةٍ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ فِيهَا فَهِيَ (مُقَدَّرَةٌ كَزَمَنِ النِّكَاحِ) لِأَنَّهَا مِنْ لَوَاحِقِهِ (وَقِيلَ تَجِبُ الْكِفَايَةُ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لِلْحَمْلِ (وَلَا يَجِبُ دَفْعُهَا) لَهَا (قَبْلَ ظُهُورِ حَمْلٍ) سَوَاءٌ أَجَعَلْنَاهَا لَهَا أَمْ لَهُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ سَبَبِ الْوُجُوبِ، نَعَمْ اعْتِرَافُ رَبِّ الْعِدَّةِ بِوُجُودِهِ كَظُهُورِهِ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ (فَإِذَا ظَهَرَ) الْحَمْلُ وَلَوْ بِقَوْلِ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ (وَجَبَ) دَفْعُهَا لِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَلَا مُؤَنَ) قَدْ تَقَدَّمَ لَهُ مَا يُصَرِّحُ بِاسْتِحْقَاقِهَا النَّفَقَةَ فِيمَا ذُكِرَ لِحَبْسِهَا عِنْدَهُ حَبْسُ الزَّوْجَاتِ حَيْثُ قَبِلْنَا قَوْلَهُ بِيَمِينِهِ فَلَعَلَّ مَا هُنَا مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ لَمْ يَحْبِسْهَا وَلَا تَمَتَّعَ بِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَقَعَ عَلَيْهِ) عُمُومُهُ يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَ سَبَبُ الْوُقُوعِ مِنْ جِهَتِهَا كَأَنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ فَفَعَلَتْهُ وَلَمْ تُعْلِمْهُ بِهِ، وَفِي عَدَمِ الرُّجُوعِ عَلَيْهَا بِمَا أَنْفَقَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِتَدْلِيسِهَا (قَوْلُهُ: وَالْأُدْمُ) مِثَالٌ لِأَنَّ النَّفَقَةَ إذَا أُطْلِقَتْ أُرِيدَ بِهَا الْمُؤَنُ (قَوْلُهُ: أَوْ انْفِسَاخٌ بِمُقَارَنٍ) يَتَأَمَّلُ صُورَةُ الِانْفِسَاخِ بِمُقَارَنِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: وَفِي قَوْلٍ لِلْحَمْلِ) وَعَلَى هَذَا لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ أَيْضًا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي فَصْلِ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ بِقَوْلِهِ وَكَذَا نَفَقَةُ الْحَمْلِ وَإِنْ جُعِلَتْ لَهُ لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ لِأَنَّ الْحَامِلَ إلَخْ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَسْقُطُ بِوَفَاتِهَا وَبِقَوْلِهِ الْآتِي هُنَا وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا لِلْحَمْلِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَتَجِبُ بِوُجُوبِ نَفَقَةِ فَرْعِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا) أَيْ وَإِنْ كَانَ لِلْحَمْلِ حَدٌّ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لَهَا لَا لَهُ وَهِيَ قَدْ بَانَتْ بِالْوَفَاةِ، وَالْقَرِيبُ تَسْقُطُ مُؤْنَتُهُ بِهَا (قَوْلُهُ: لِصِحَّةِ الْخَبَرِ) وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ لِلْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا نَفَقَةٌ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ اهـ شَرْحُ مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: كَظُهُورِهِ مُؤَاخَذَةً) ـــــــــــــــــــــــــــــQلَهَا، وَإِنْ كَانَتْ مَحْبُوسَةً عِنْدَهُ، وَالظَّاهِرُ الْوُجُوبُ حِينَئِذٍ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي قَرِيبًا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ انْفِسَاخٍ بِمُقَارِنٍ) يُتَأَمَّلُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ رَفْعٌ لِلْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ) تَوَقَّفَ فِيهِ سم (قَوْلُهُ: وَلَا بِمَوْتِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْوَلَدِ أَيْ مَاتَ فِي بَطْنِهَا

[فصل في حكم الإعسار بمؤن الزوجة]

مَضَى مِنْ وَقْتِ الْعُلُوقِ فَتَأْخُذُهُ وَلِمَا بَقِيَ (يَوْمًا بِيَوْمٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6] (وَقِيلَ) إنَّمَا يَجِبُ دَفْعُ ذَلِكَ (حَتَّى تَضَعَ) لِلشَّكِّ فِيهِ. وَرُدَّ بِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ وَلَوْ قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ (وَلَا تَسْقُطُ) مُؤَنُ الْعِدَّةِ (بِمُضِيِّ الزَّمَانِ) (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا لِلْحَمْلِ إذْ هِيَ الْمُنْتَفِعَةُ بِهَا، وَقِيلَ إنْ قُلْنَا إنَّهَا لَهَا لَمْ تَسْقُطْ أَوْ لِلْحَمْلِ سَقَطَتْ لِأَنَّهَا نَفَقَةُ قَرِيبٍ. (فَصْلٌ) فِي حُكْمِ الْإِعْسَارِ بِمُؤَنِ الزَّوْجَةِ إذَا (أَعْسَرَ) الزَّوْجُ (بِهَا) أَيْ النَّفَقَةِ (فَإِنْ صَبَرَتْ) زَوْجَتُهُ وَلَمْ تَمْنَعْهُ تَمَتُّعًا مُبَاحًا (صَارَتْ) كَسَائِرِ الْمُؤَنِ مَا سِوَى الْمَسْكَنِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ إمْتَاعٌ (دَيْنًا عَلَيْهِ) وَإِنْ لَمْ يَفْرِضْهَا حَاكِمٌ لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَصْبِرْ ابْتِدَاءً أَوْ انْتِهَاءً بِأَنْ صَبَرَتْ ثُمَّ عَنَّ لَهَا الْفَسْخُ كَمَا سَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ (فَلَهَا الْفَسْخُ) بِالطَّرِيقِ الْآتِي (عَلَى الْأَظْهَرِ) لِخَبَرِ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيِّ فِي الرَّجُلِ لَا يَجِدُ شَيْئًا يُنْفِقُ عَلَى امْرَأَتِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَقَضَى بِهِ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ. وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ: إنَّهُ مِنْ السُّنَّةِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْفَسْخِ بِنَحْوِ الْعُنَّةِ، وَلَا فَسْخَ لَهَا بِعَجْزِهِ عَنْ نَفَقَةٍ مَاضِيَةٍ أَوْ عَنْ نَفَقَةِ خَادِمٍ، نَعَمْ تَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ، وَذَكَرَ الْأَذْرَعِيُّ بَحْثًا مَنْ تُخْدَمُ لِنَحْوِ مَرَضٍ فَإِنَّهَا فِي ذَلِكَ كَالْقَرِيبِ. وَالثَّانِي لَا فَسْخَ لَهَا لِعُمُومِ {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] وَقِيَاسًا عَلَى الْإِعْسَارِ بِالصَّدَاقِ بَعْدَ الدُّخُولِ (وَالْأَصَحُّ أَنْ لَا فَسْخَ بِمَنْعِ مُوسِرٍ) أَوْ مُتَوَسِّطٍ كَمَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُ الْآتِي وَإِنَّمَا إلَى آخِرِهِ (حَضَرَ أَوْ غَابَ) لِانْتِفَاءِ الْإِعْسَارِ الْمُثْبِتِ لِلْفَسْخِ وَهِيَ مُتَمَكِّنَةٌ مِنْ خَلَاصِ حَقِّهَا فِي الْحَاضِرِ بِالْحَاكِمِ بِأَنْ يَلْزَمَهُ بِالْحَبْسِ وَغَيْرِهِ، وَفِي الْغَائِبِ يَبْعَثُ الْحَاكِمُ إلَى بَلَدِهِ. وَالثَّانِي نَعَمْ لِحُصُولِ الضَّرَرِ بِالْإِعْسَارِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَنْ تَعَذَّرَ تَحْصِيلُهَا مِنْهُ لِغَيْبَتِهِ وَإِنْ طَالَتْ وَانْقَطَعَ خَبَرُهُ، فَقَدْ صَرَّحَ فِي الْأُمِّ بِأَنَّهُ لَا فَسْخَ مَا دَامَ مُوسِرًا وَإِنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ وَتَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ النَّفَقَةِ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ وَمَعَ ذَلِكَ إذَا تَبَيَّنَ عَدَمُهُ اسْتَرَدَّ لِأَنَّهُ أَدَّى عَلَى ظَنٍّ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ، وَبَقِيَ مَا لَوْ ادَّعَتْ سُقُوطَ الْحَمْلِ هَلْ تَصْدُقُ هِيَ أَوْ الزَّوْجُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ عُمِلَ بِهَا، وَإِلَّا صَدَقَ الزَّوْجُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: فَتَأْخُذُهُ) أَيْ دَفْعَةً. [فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْإِعْسَارِ بِمُؤَنِ الزَّوْجَةِ] (فَصْلٌ) فِي حُكْمِ الْإِعْسَارِ بِمُؤَنِ الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: بِمُؤَنِ الزَّوْجَةِ) أَرَادَ بِهَا مَا يَشْمَلُ الْمَهْرَ وَكَتَبَ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ: قَوْلُهُ بِمُؤَنِ الزَّوْجَةِ: أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَالْخُرُوجِ لِتَحْصِيلِ النَّفَقَةِ مُدَّةَ الْإِمْهَالِ (قَوْلُهُ: مَا سِوَى الْمَسْكَنِ) أَيْ وَالْخَادِمِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَلَهَا الْفَسْخُ) وَبَحَثَ مَرَّ الْفَسْخَ بِالْعَجْزِ عَمَلًا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ الْفُرُشِ بِأَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَى عَدَمِهِ الْجُلُوسُ وَالنَّوْمُ عَلَى الْبَلَاطِ وَالرُّخَامِ الْمُضِرِّ، وَمِنْ الْأَوَانِي كَاَلَّذِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ نَحْوُ الشُّرْبِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: إنَّهُ مِنْ السُّنَّةِ) أَيْ مِنْ الطَّرِيقَةِ الْمَأْخُوذَةِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا أَنَّ ذَلِكَ مَنْدُوبٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ (قَوْلُهُ نَعَمْ تَثْبُتُ) أَيْ نَفَقَةُ الْخَادِمِ وَمَحَلُّهُ حَيْثُ كَانَ ثَمَّ خَادِمٌ وَصَبَرَ بِهَا أَوْ اقْتَرَضَتْ لَهُ، أَمَّا لَوْ مَضَتْ مُدَّةٌ مِنْ غَيْرِ اسْتِخْدَامٍ فَلَا شَيْءَ لَهَا لِمَا مَرَّ أَنَّ الْخَادِمَ إمْتَاعٌ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا فِي ذَلِكَ كَالْقَرِيبِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ مُطْلَقًا مَا لَمْ يَفْرِضْهَا الْقَاضِي وَيَأْذَنُ لَهَا فِي اقْتِرَاضِهَا وَتَقْتَرِضُهَا وَأَنَّ نَفَقَةَ خَادِمَةِ مَنْ تُخْدَمُ فِي بَيْتِ أَبِيهَا لَا تَسْقُطُ مُطْلَقًا، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ إنَّهَا إمْتَاعٌ أَنَّ نَفَقَةَ الْخَادِمِ مُطْلَقًا إنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (فَصْلٌ) فِي حُكْمِ الْإِعْسَارِ بِمُؤَنِ الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: مَا سِوَى الْمَسْكَنِ) أَيْ وَالْخَادِمِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ الْأَذْرَعِيُّ بَحْثًا إلَخْ.) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ

مَالِهِ: أَيْ وَلَمْ يُعْلَمْ غَيْبَةُ مَالِهِ فِي مَرْحَلَتَيْنِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي " وَالْمَذْهَبُ نَقْلٌ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ اخْتَارَ كَثِيرُونَ الْفَسْخَ وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ، وَلَا فَسْخَ بِغَيْبَةِ مَنْ جُهِلَ حَالُهُ يَسَارًا وَإِعْسَارًا بَلْ لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ غَابَ مُعْسِرًا لَمْ تُفْسَخْ مَا لَمْ تَشْهَدْ بِإِعْسَارِهِ الْآنَ وَإِنْ عَلِمَ اسْتِنَادَهَا لِلِاسْتِصْحَابِ (وَلَوْ حَضَرَ وَغَابَ مَالُهُ) وَلَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهَا بِنَحْوِ اسْتِدَانَةٍ (فَإِنْ كَانَ) مَالُهُ (بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ) فَأَكْثَرَ مِنْ مَحَلِّهِ (فَلَهَا الْفَسْخُ) وَلَا تُكَلَّفُ الْإِمْهَالَ لِلضَّرَرِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُعْسِرِ الْآتِي أَنَّ هَذَا مِنْ شَأْنِهِ الْقُدْرَةُ لِتَيَسُّرِ اقْتِرَاضِهِ بِخِلَافِ الْمُعْسِرِ، وَمِنْ ثَمَّ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أُحْضِرُهُ وَأَمْكَنَهُ فِي مُدَّةِ الْإِمْهَالِ الْآتِيَةِ أُمْهِلَ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ عَلَى دُونِهَا (فَلَا) فَسْخَ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ (وَيُؤْمَرُ بِالْإِحْضَارِ) عَاجِلًا وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ تَعَذَّرَ إحْضَارُهُ هُنَا لِلْخَوْفِ لَمْ تُفْسَخْ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِنُدْرَةِ ذَلِكَ (وَلَوْ) (تَبَرَّعَ رَجُلٌ) لَيْسَ أَصْلًا وَلَا سَيِّدًا لِلزَّوْجِ (بِهَا) عَنْهُ وَسَلَّمَهَا لَهَا (لَمْ يَلْزَمْهَا الْقَبُولُ) بَلْ لَهَا الْفَسْخُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمِنَّةِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ سَلَّمَهَا الْمُتَبَرِّعُ لَهُ وَهُوَ سَلَّمَهَا لَهَا لَزِمَهَا الْقَبُولُ لِانْتِفَاءِ الْمِنَّةِ، أَمَّا لَوْ كَانَ الْمُتَبَرِّعُ أَبَا الزَّوْجِ أَوْ جَدًّا لَهُ وَهُوَ فِي وِلَايَتِهِ لَزِمَهَا الْقَبُولُ لِدُخُولِهَا فِي مِلْكِ الزَّوْجِ تَقْدِيرًا، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ مِثْلَهُ وَلَدُ الزَّوْجِ وَسَيِّدُهُ، قَالَ: وَلَا شَكَّ فِيهِ إذَا أَعْسَرَ الْأَبُ وَتَبَرَّعَ وَلَدُهُ الَّذِي يَلْزَمُهُ إعْفَافُهُ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ أَيْضًا فِي الْأَوْجَهِ، وَفِيمَا بَحَثَهُ فِي الْوَلَدِ الَّذِي لَا يَلْزَمُهُ الْإِعْفَافُ نَظَرٌ ظَاهِرٌ. قِيلَ: وَكَذَا فِي السَّيِّدِ لِانْتِفَاءِ عِلَّتِهِمْ الَّتِي نَظَرُوا إلَيْهَا مِنْ مِلْكِ الزَّوْجِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُوَجَّهَ مَا قَالَهُ فِي السَّيِّدِ بِأَنَّ عَلَقَتَهُ بِقِنِّهِ أَتَمُّ مِنْ عَلَقَةِ الْوَالِدِ بِوَلَدِهِ (وَقُدْرَتُهُ عَلَى الْكَسْبِ) الْحَلَالِ اللَّائِقِ، وَمِثْلُ الْكَسْبِ غَيْرُهُ إذَا أَرَادَ تَحَمُّلَ الْمَشَقَّةِ بِمُبَاشَرَتِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (كَالْمَالِ) ـــــــــــــــــــــــــــــSقُدِّرَتْ وَاقْتَرَضَتْهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: فِي مَرْحَلَتَيْنِ) أَيْ عَنْ الْبَلْدَةِ الَّتِي هُوَ مُقِيمٌ بِهَا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَشْهَدْ بِإِعْسَارِهِ الْآنَ) أَيْ فَلَهَا الْفَسْخُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَ اسْتِنَادَهَا) أَيْ مَنْ شَهِدَتْ الْآنَ: يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْبَلُ الْبَيِّنَةَ بِإِعْسَارِهِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا إنَّمَا شَهِدَتْ مُعْتَمِدَةً عَلَى الِاسْتِصْحَابِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ حُصُولِ شَيْءٍ لَهُ وَكَمَا يَقْبَلُهَا الْقَاضِي مَعَ ذَلِكَ، لِلْبَيِّنَةِ الْإِقْدَامُ عَلَى الشَّهَادَةِ اعْتِمَادًا عَلَى الظَّنِّ الْمُسْتَنِدِ لِلِاسْتِصْحَابِ (قَوْلُهُ: فَلَهَا الْفَسْخُ) أَيْ حَالًا (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ بَحَثَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ أُمْهِلَ أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ عَاجِلًا) أَيْ فَإِنْ أَبَى فُسِخَتْ (قَوْلُهُ: لَمْ تَفْسَخْ) مُعْتَمَدٌ وَإِنْ طَالَ زَمَنُ الْخَوْفِ لِأَنَّهُ مُوسِرٌ، وَقَدْ يُقَالُ هُوَ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ الِاقْتِرَاضِ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ: لِنُدْرَةِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَمْ يُفْسَخْ، وَقَوْلُهُ ذَلِكَ: أَيْ التَّعَذُّرُ (قَوْلُهُ: الْمُتَبَرِّعُ لَهُ) أَيْ لِأَجَلِهِ وَهُوَ الزَّوْجُ (قَوْلُهُ: إنَّ مِثْلَهُ) أَيْ مِثْلَ أَبِي الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: نَظَرٌ ظَاهِرٌ) أَيْ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْقَبُولُ وَلَهَا الْفَسْخُ كَمَا لَوْ تَبَرَّعَ عَنْ الزَّوْجِ أَصْلُهُ الَّذِي لَيْسَ هُوَ فِي وِلَايَتِهِ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إدْخَالِ الْمَالِ فِي مِلْكِهِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُ الْكَسْبِ) أَيْ اللَّائِقِ، وَقَوْلُهُ غَيْرُهُ وَمِنْهُ السُّؤَالُ لِلْغَيْرِ حَيْثُ كَانَ لَائِقًا بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَحْثًا إلَّا مَنْ تَخْدُمُ لِنَحْوِ مَرَضٍ فَإِنَّهَا فِي ذَلِكَ كَالْقَرِيبِ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ تَخْدُمُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ وَلَمْ يَعْلَمْ غَيْبَةَ مَالِهِ) أَيْ وَلَمْ يَكُنْ مَالُهُ مَعَهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَا فَسْخَ بِغَيْبَةِ مَنْ جُهِلَ حَالُهُ) أَيْ وَاحْتَمَلَ أَنَّ مَالَهُ مَعَهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَوْ حَضَرَ وَغَابَ مَالُهُ) أَيْ أَوْ غَابَ وَلَمْ يَكُنْ مَالُهُ مَعَهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ، وَفَرَّقَ الْبَغَوِيّ بَيْنَ غَيْبَتِهِ مُوسِرًا وَغَيْبَةِ مَالِهِ بِأَنَّهُ إذَا غَابَ مَالُهُ فَالْعَجْزُ مِنْ جِهَتِهِ، وَإِذَا غَابَ هُوَ مُوسِرًا فَقُدْرَتُهُ حَاصِلَةٌ وَالتَّعَذُّرُ مِنْ جِهَتِهَا (قَوْلُهُ: لَمْ تُفْسَخْ) وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ عِبَارَةُ التُّحْفَةِ لَمْ تُفْسَخْ وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِنُدْرَةِ ذَلِكَ انْتَهَتْ وَهِيَ الصَّوَابُ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَلَا سَيِّدًا) كَانَ الْأَوْلَى عَدَمَ ذِكْرِهِ هُنَا كَمَا فِي التُّحْفَةِ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي فِي بَحْثِ الْأَذْرَعِيِّ، أَوْ أَنَّهُ كَانَ يَذْكُرُ مَعَهُ الْوَلَدَ الَّذِي يَلْزَمُهُ الْإِعْفَافُ (قَوْلُهُ: وَتَبَرَّعَ وَلَدُهُ) فِي التَّعْبِيرِ بِالتَّبَرُّعِ هُنَا تَسَمُّحٌ، بَلْ لَا وَجْهَ لِبَحْثِهِ لِأَنَّ نَصَّ الْمَذْهَبِ كَمَا مَرَّ أَنَّ عَلَيْهِ كِفَايَةَ أَصْلِهِ وَزَوْجَتِهِ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْلَى) مِنْ تَمَامِ الْقِيلِ لِيُنَاسِبَ التَّعْبِيرَ بِقِيلِ وَالْقَائِلُ هُوَ الشِّهَابُ حَجّ، وَعِبَارَتُهُ بَدَلٌ فَالْأَوْلَى إلَخْ. إلَّا أَنْ يُوَجَّهَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْكَسْبِ غَيْرُهُ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ عَقِبَ قَوْلِهِ اللَّائِقِ نَصُّهَا:

لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تَنْتَفِي بِهِ، فَلَوْ كَانَ يَكْتَسِبُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَا يَفِي بِثَلَاثَةٍ ثُمَّ يَبْطُلُ ثَلَاثَةٌ ثُمَّ يَكْتَسِبُ مَا بَقِيَ بِهَا فَلَا فَسْخَ لِعَدَمِ مَشَقَّةِ الِاسْتِدَانَةِ حِينَئِذٍ فَصَارَ كَالْمُوسِرِ، وَمِثْلُهُ نَحْوُ نَسَّاجٍ يَنْسِجُ فِي الْأُسْبُوعِ ثَوْبًا أُجْرَتُهُ تَفِي بِنَفَقَةِ الْأُسْبُوعِ وَمَنْ تُجْمَعُ لَهُ أُجْرَةُ الْأُسْبُوعِ فِي يَوْمٍ مِنْهُ وَهِيَ تَفِي بِنَفَقَةِ جَمِيعِهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّا نُصَبِّرُهَا أُسْبُوعًا بِلَا نَفَقَةٍ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهُ فِي حُكْمِ وَاجِدِ نَفَقَتِهَا وَيُنْفِقُ مِمَّا اسْتَدَانَهُ لِإِمْكَانِ الْوَفَاءِ، وَيُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّا مَعَ كَوْنِنَا نُمَكِّنُهَا مِنْ مُطَالَبَتِهِ وَنَأْمُرُهُ بِالِاسْتِدَانَةِ وَالْإِنْفَاقِ لَا نَفْسَخُ عَلَيْهِ لَوْ امْتَنَعَ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُوسِرِ الْمُمْتَنِعِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ امْتِنَاعُ الْقَادِرِ عَلَى الْكَسْبِ عَنْهُ كَامْتِنَاعِ الْمُوسِرِ فَلَا فَسْخَ بِهِ وَلَا أَثَرَ لِعَجْزِهِ إنْ رُجِيَ بُرْؤُهُ قَبْلَ مُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَخَرَجَ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ فَلَا لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ فَلَهَا الْفَسْخُ، وَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ الْكَسْبُ بِنَحْوِ بَيْعِ خَمْرٍ كَالْعَدَمِ وَبِنَحْوِ صَنْعَةِ آلَةِ لَهْوٍ مُحَرَّمَةٍ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَلَا فَسْخَ لِزَوْجَتِهِ، وَكَذَا مَا يُعْطَاهُ مُنَجِّمٌ وَكَاهِنٌ لِأَنَّهُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ فَهُوَ كَالْهِبَةِ مَرْدُودٌ، إذْ الْوَجْهُ أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لِصَانِعِ مُحَرَّمٍ لِإِطْبَاقِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لِآنِيَةِ نَقْدٍ وَنَحْوِهَا، وَمَا يُعْطَاهُ نَحْوُ الْمُنَجِّمِ إنَّمَا يُعْطَاهُ أُجْرَةً لَا هِبَةً فَلَا وَجْهَ لِكَلَامِهِمَا (وَإِنَّمَا تُفْسَخُ بِعَجْزِهِ عَنْ نَفَقَةِ مُعْسِرٍ) إذْ الضَّرَرُ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ حِينَئِذٍ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ لَوْ حَلَفَ لَا يَتَغَذَّى أَوْ لَا يَتَعَشَّى حَنِثَ بِأَكْلِهِ زِيَادَةً عَلَى نِصْفِ عَادَتِهِ، لِأَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى الْعُرْفِ وَهُوَ يَصْدُقُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَنَّهُ تَغَدَّى أَوْ تَعَشَّى، وَهَا هُنَا عَلَى مَا تَقُومُ بِهِ الْبِنْيَةُ وَهِيَ لَا تَقُومُ بِدُونِ مُدٍّ، وَلَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا نِصْفَ مُدٍّ غَدَاءً وَنِصْفَهُ عَشَاءً فَلَا فَسْخَ (وَالْإِعْسَارُ بِالْكِسْوَةِ) أَوْ بِبَعْضِهَا الضَّرُورِيِّ كَقَمِيصٍ وَخِمَارٍ وَجُبَّةٍ شِتَاءً، بِخِلَافِ نَحْوِ سَرَاوِيلَ وَمِخَدَّةٍ وَفُرُشٍ وَأَوَانٍ (كَهُوَ بِالنَّفَقَةِ) بِجَامِعِ أَنَّ الْبَدَنَ لَا يَبْقَى بِدُونِهِمَا (وَكَذَا) الْإِعْسَارُ (بِالْأُدُمِ وَالْمَسْكَنِ) ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ وَمَنْ تُجْمَعُ لَهُ أُجْرَةُ الْأُسْبُوعِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْأُسْبُوعَ هُوَ الْغَايَةُ فِي الْإِمْهَالِ، فَمَنْ لَهُ غَلَّاتٌ تُسْتَحَقُّ آخِرَ كُلِّ شَهْرٍ لَا تُمْهَلُ إلَى حُصُولِهَا حَيْثُ كَانَتْ الْمُدَّةُ تَزِيدُ عَلَى أُسْبُوعٍ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى النَّفَقَةِ أَضْعَافًا لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِتَرْكِ الِاقْتِرَاضِ كَمَا لَوْ غَابَ مَالُهُ، بَلْ كَانَ الْقِيَاسُ أَنَّهَا لَا تُمْهَلُ إلَى مَا زَادَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ الَّتِي هِيَ مُدَّةُ إمْهَالِ الشَّرْعِ، لَكِنْ مُقْتَضَى قَوْلِهِ وَيُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَعَ كَوْنِنَا نُمَكِّنُهَا مِنْ مُطَالَبَتِهِ إلَخْ خِلَافُهُ لِأَنَّا حَيْثُ أَلْحَقَتَاهُ بِالْمُوسِرِ امْتَنَعَ عَلَيْهَا الْفَسْخُ وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ الَّتِي يُعْتَادُ حُصُولُ غَلَّتِهِ فِيهَا، وَقَدْ يُنْظَرُ فِيهِ بِإِمْكَانِ الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْمُوسِرِ، فَإِنَّ الْمُوسِرَ يُمْكِنُ اسْتِخْلَاصُ نَفَقَتِهَا مِنْهُ بِالْحَبْسِ وَنَحْوِهِ، وَهَذَا قَدْ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهَا الْوُصُولُ إلَى حَقِّهَا فَتَتَضَرَّرُ فَهُوَ بِمَنْ غَابَ مَالُهُ أَشْبَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِيهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْتَدِنْ كَانَ لَهَا الْفَسْخُ لِتَضَرُّرِهَا بِالصَّبْرِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَوْ امْتَنَعَ) أَيْ مِنْ الِاقْتِرَاضِ (قَوْلُهُ: فَلَا فَسْخَ بِهِ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَيَجْبُرُهُ الْحَاكِمُ عَلَى الِاكْتِسَابِ فَإِنْ لَمْ يُفِدْ الْإِجْبَارُ فِيهِ فَيَنْبَغِي أَنْ تُفْسَخَ صَبِيحَةَ الرَّابِعِ لِتَضَرُّرِهَا بِالصَّبْرِ (قَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لِعَجْزِهِ) أَيْ بِمَرَضٍ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْحَلَالِ) اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ مَا يَخْرُجُ بِاللَّائِقِ، وَفِي حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ السَّابِقِ اللَّائِقِ، وَكَذَا غَيْرُهُ إذَا أَرَادَ تَحَمُّلَ الْمَشَقَّةِ بِمُبَاشَرَتِهِ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. وَقَدْ يُوَافِقُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ وَمِثْلُ الْكَسْبِ غَيْرُهُ بِأَنْ يُرَادَ بِالْكَسْبِ فِي كَلَامِهِ الْكَسْبُ السَّابِقُ وَهُوَ الْحَلَالُ اللَّائِقُ، لَكِنَّهُ لَمَّا أَخْرَجَ بِالْحَلَالِ الْحَرَامَ دَلَّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ غَيْرُ الْكَسْبِ اللَّائِقِ (قَوْلُهُ: وَمَا يُعْطَاهُ نَحْوُ الْمُنَجِّمِ) وَمِنْ نَحْوِ الْمُنَجِّمِ مَا يُعْطَاهُ الطَّبِيبُ الَّذِي لَا يُشَخِّصُ الْمَرَضَ وَلَا يُحْسِنُ الطِّبَّ وَلَكِنْ يُطَالِعُ كُتُبَ الطِّبِّ وَيَأْخُذُ مِنْهَا مَا يَصِفُهُ لِلْمَرِيضِ فَإِنَّ مَا يَأْخُذُهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ لِأَنَّ مَا يُعْطَاهُ أُجْرَةٌ عَلَى ظَنِّ الْمَعْرِفَةِ وَهُوَ عَارٍ مِنْهَا، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَيْضًا وَصْفُ الدَّوَاءِ حَيْثُ كَانَ مُسْتَنِدُهُ مُجَرَّدَ ذَلِكَ اهـ فَتَاوَى حَجّ الْحَدِيثِيَّةِ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: حَنِثَ بِأَكْلِهِ) يَقِينًا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ زِيَادَةً عَلَى نِصْفِ عَادَتِهِ) وَلَوْ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهُ فِي الْأَكْلِ زَمَانًا أَوْ مَكَانًا اُعْتُبِرَ فِي كُلِّ زَمَانٍ أَوْ مَكَان مَا هُوَ عَادَتُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا نِصْفَ مُدٍّ غَدَاءً) أَيْ نِصْفُ مُدٍّ يَدْفَعُهُ وَقْتَ الْغَدَاءِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَمِخَدَّةٍ وَفُرُشٍ) أَيْ لَا تَتَضَرَّرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَكَذَا غَيْرُهُ انْتَهَتْ: أَيْ غَيْرُ اللَّائِقِ، وَالشَّارِحُ تَصَرَّفَ فِي عِبَارَتِهِ بِمَا لَا يَصِحُّ، وَلَوْ أَبْدَلَ لَفْظَ الْكَسْبِ بِاللَّائِقِ لَصَحَّ

[الإعسار بالكسوة أو ببعضها]

كَهُوَ بِالتَّفَقُّهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِتَعَذُّرِ الصَّبْرِ عَلَى دَوَامِ فَقْدِهِمَا (قُلْت: الْأَصَحُّ الْمَنْعُ فِي الْأُدْمِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ تَابِعٌ مَعَ سُهُولَةِ قِيَامِ الْبَدَنِ بِدُونِهِ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْمَسْكَنِ وَإِمْكَانِهِ بِنَحْوِ مَسْجِدٍ كَإِمْكَانِ تَحْصِيلِ الْقُوتِ بِالسُّؤَالِ (وَفِي) (إعْسَارِهِ بِالْمَهْرِ) الْوَاجِبِ (أَقْوَالٌ: أَظْهَرُهَا تُفْسَخُ) إنْ لَمْ تَقْبِضْ مِنْهُ شَيْئًا (قَبْلَ وَطْءٍ) لِلْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِ الْعِوَضِ مَعَ بَقَاءِ الْمُعَوَّضِ بِحَالِهِ وَخِيَارُهَا حِينَئِذٍ عَقِبَ الرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ وَالْإِمْهَالِ الْآتِي فَوْرِيٌّ فَيَسْقُطُ بِتَأْخِيرِهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ كَجَهْلٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (لَا بَعْدَهُ) لِتَلَفِ الْمُعَوَّضِ بِهِ وَصَيْرُورَةِ الْعِوَضِ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ، نَعَمْ يُتَّجَهُ عَدَمُ تَأْثِيرِ تَسْلِيمِ وَلِيِّهَا مِنْ غَيْرِ مَصْلَحَةٍ فَلَهَا حَبْسُ نَفْسِهَا بِمُجَرَّدِ بُلُوغِهَا فَلَهَا الْفَسْخُ حِينَئِذٍ وَلَوْ بَعْدَ الْوَطْءِ لِأَنَّ وُجُودَهُ هُنَا كَعَدَمِهِ، أَمَّا إذَا قَبَضَتْ بَعْضَهُ فَلَا فَسْخَ لَهَا عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَفَارَقَ جَوَازَ الْفَسْخِ بِالْفَلْسِ بَعْدَ قَبْضِ بَعْضِ الثَّمَنِ بِإِمْكَانِ التَّشْرِيكِ فِيهِ دُونَ الْبُضْعِ، لَكِنْ قَالَ الْبَارِزِيُّ كَالْجَوْرِيِّ بِجَوَازِ الْفَسْخِ لَهَا هُنَا أَيْضًا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ الْوَجْهُ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَالثَّانِي يَثْبُتُ الْفَسْخُ فِي الْحَالَيْنِ. وَالثَّالِثُ لَا فِيهِمَا (وَلَا فَسْخَ) بِإِعْسَارٍ بِمَهْرٍ أَوْ نَحْوِ نَفَقَةٍ (حَتَّى) تَرْفَعَ الْأَمْرَ لِلْقَاضِي أَوْ الْمُحَكِّمِ بِشَرْطِهِ وَ (يَثْبُتُ) بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ (عِنْدَ قَاضٍ) أَوْ مُحَكِّمٍ (إعْسَارُهُ فَيَفْسَخُهُ) بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ (أَوْ يَأْذَنُ لَهَا فِيهِ) لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ كَالْعُنَّةِ فَلَا يَنْفُذُ مِنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا، وَعِدَّتُهَا تُحْسَبُ مِنْ وَقْتِ الْفَسْخِ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ قَاضِيًا وَلَا مُحَكِّمًا بِمَحَلِّهَا أَوْ عَجَزَتْ عَنْ الرَّفْعِ إلَيْهِ كَأَنْ قَالَ لَهَا لَا أَفْسَخُ حَتَّى تُعْطِيَنِي مَالًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اسْتَقَلَّتْ بِالْفَسْخِ لِلضَّرُورَةِ وَيَنْفُذُ ظَاهِرًا وَكَذَا بَاطِنًا لِبِنَاءِ الْفَسْخِ عَلَى أَصْلٍ صَحِيحٍ فَاسْتَلْزَمَ النُّفُوذَ بَاطِنًا، وَقَدْ جَزَمَ بِذَلِكَ جَمْعٌ (ثُمَّ) بَعْدَ تَحَقُّقِ الْإِعْسَارِ (فِي قَوْلٍ يُنَجَّزُ الْفَسْخُ) لِتَحَقُّقِ سَبَبِهِ (وَالْأَظْهَرُ إمْهَالُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ ذَلِكَ لِأَنَّهَا مُدَّةٌ قَرِيبَةٌ تُتَوَقَّعُ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِتَرْكِهَا أَوْ أَنْ يُمْكِنَهَا الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ بِدُونِهَا فَلَا يُنَافِي مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ سم نَقْلًا عَنْ مَرَّ (قَوْلُهُ: كَإِمْكَانِ تَحْصِيلِ الْقُوتِ بِالسُّؤَالِ) أَيْ فَلَا يُعْتَبَرُ كَمَا تُفْهِمُهُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ فَلَهَا الْفَسْخُ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيمَا إذَا قَدَرَ عَلَى الْكَسْبِ بِالسُّؤَالِ فَإِنَّهُ لَا مِنَّةَ عَلَيْهَا فِيمَا يَصْرِفُهُ عَلَيْهَا مِمَّا يَتَحَصَّلُ لَهُ بِالسُّؤَالِ وَهُوَ يَمْلِكُ مَا قَبَضَهُ بِهِ فَلَيْسَ كَاَلَّذِي يَأْخُذُهُ الْمُنَجِّمُ وَالْمُحْتَرِفُ بِآلَةِ لَهْوٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا لَا تُفْسَخُ بِقُدْرَتِهِ عَلَى السُّكْنَى بِنَحْوِ الْمَسْجِدِ كَالْبَيْتِ الْمُعَدِّ لِلْخَطِيبِ أَوْ الْإِمَامِ فِي الْمَسْجِدِ وَلَيْسَ دَاخِلًا فِي وَقْفِيَّتِهِ لِأَنَّهُ لَا مِنَّةَ عَلَيْهَا فِي السُّكْنَى بِذَلِكَ وَلَا حُرْمَةَ حِينَئِذٍ فَيَتَّجِهُ تَشْبِيهُهُ بِالْقُدْرَةِ عَلَى السُّؤَالِ، وَهَذَا الِاحْتِمَالُ أَقْرَبُ مِنْ الْأَوَّلِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يُكَلَّفُ السُّؤَالَ بَلْ إنْ سَأَلَ وَأَحْضَرَ لَهَا مَا تُنْفِقُهُ امْتَنَعَ عَلَيْهَا الْفَسْخُ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ عَقِبَ الرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ) أَيْ أَمَّا الرَّفْعُ نَفْسُهُ فَلَيْسَ فَوْرِيًّا، فَلَوْ أَخَّرَتْ مُدَّةً ثُمَّ أَرَادَتْهُ مُكِّنَتْ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ لَا قَبْلَهَا: أَيْ الْمُطَالَبَةُ لِأَنَّهَا تُؤَخِّرُهَا لِتَوَقُّعِ يَسَارٍ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ بَعْدَ الرَّفْعِ سَاغَ لَهَا الْفَسْخُ فَتَأْخِيرُهَا رِضًا بِالْإِعْسَارِ، وَقَبْلَ الرَّفْعِ لَمْ تَسْتَحِقَّ الْفَسْخَ الْآنَ لِعَدَمِ الرَّفْعِ الْمُقْتَضِي لِإِذْنِ الْقَاضِي لِاسْتِحْقَاقِهَا لِلْفَسْخِ (قَوْلُهُ لَكِنْ قَالَ الْبَارِزِيُّ كَالْجَوْرِيِّ) قَالَ مَرَّ: وَالضَّابِطُ كُلُّ مَا جَازَ لَهَا الْحَبْسُ لِأَجْلِهِ فَسَخَتْ بِالْإِعْسَارِ بِهِ اهـ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهَا لَا تُفْسَخُ بِالْمُؤَجَّلِ إذَا حَلَّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ أَوْ الْمُحْكَمَ بِشَرْطِهِ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ مُجْتَهِدًا وَلَوْ مَعَ وُجُودِ قَاضٍ أَوْ مُقَلِّدٍ أَوْ لَيْسَ فِي الْبَلَدِ قَاضِي ضَرُورَةً (قَوْلُهُ: قَبْلَ ذَلِكَ) أَيْ قَبْلَ إذْنِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: حَتَّى تُعْطِيَنِي مَالًا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ مِنْ أَنَّ شَرْطَ جَوَازِ الْعُدُولِ عَنْ الْقَاضِي لِلْحُكْمِ غَيْرِ الْمُجْتَهِدِ حَيْثُ طَلَبَ الْقَاضِي مَا لَا أَنْ يَكُونَ لَهُ وَقْعُ جَرَيَانِ مِثْلِهِ هُنَا (قَوْلُهُ وَقَدْ جَزَمَ بِذَلِكَ جَمْعٌ) مُعْتَمَدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْإِعْسَارُ بِالْكِسْوَةِ أَوْ بِبَعْضِهَا] (قَوْلُهُ: مَعَ سُهُولَةِ قِيَامِ الْبَدَنِ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ التَّنَاوُلُ بِلَا أُدْمٍ صَعْبًا فِي نَفْسِهِ حَيْثُ قَامَ الْبَدَنُ بِدُونِهِ، فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ أَنَّ الْقُوتَ لَا يَنْسَاغُ بِدُونِهِ، وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ سم [إعْسَارُ الزَّوْجِ بِالْمَهْرِ الْوَاجِبِ] (قَوْلُهُ: الْوَاجِبِ) أَيْ الْوَاجِبِ دَفْعُهُ بِأَنْ كَانَ حَالًّا (قَوْلُهُ: إمْهَالُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ)

فِيهَا الْقُدْرَةُ بِفَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ. وَقِيلَ يُمْهَلُ يَوْمًا وَاحِدًا (وَلَهَا الْفَسْخُ صَبِيحَةَ الرَّابِعِ) بِنَفَقَتِهِ بِلَا مُهْلَةٍ لِتَحَقُّقِ الْإِعْسَارِ (إلَّا أَنْ يُسَلِّمَ نَفَقَتَهُ) أَيْ الرَّابِعُ فَلَا تُفْسَخُ بِمَا مَضَى لِصَيْرُورَتِهِ دَيْنًا، وَلَيْسَ لَهَا أَخْذُ نَفَقَةِ يَوْمٍ قَدَرَ عَلَى نَفَقَتِهِ عَنْ يَوْمٍ قَبْلَهُ عَجَزَ فِيهِ عَنْهَا، فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ فَاحْتِمَالَانِ أَرْجَحُهُمَا نَعَمْ عِنْدَ تَمَامِ الثَّلَاثِ بِالتَّلْفِيقِ، وَلَوْ أَعْسَرَ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ نَفَقَةَ الرَّابِعِ بِنَفَقَةِ الْخَامِسِ بَنَتْ عَلَى الْمُدَّةِ وَلَمْ تَسْتَأْنِفْهَا، وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ بِنَفَقَةِ الْخَامِسِ أَنَّهُ لَوْ أَعْسَرَ بِنَفَقَةِ السَّادِسِ اسْتَأْنَفَتْهَا وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ إنْ تَخَلَّلَتْ ثَلَاثَةً وَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ أَوْ أَقَلَّ فَلَا، وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ حِينَئِذٍ (وَلَوْ مَضَى يَوْمَانِ بِلَا نَفَقَةٍ وَأَنْفَقَ الثَّالِثَ وَعَجَزَ الرَّابِعَ بَنَتْ) عَلَى الْيَوْمَيْنِ لِأَنَّهَا تَتَضَرَّرُ بِالِاسْتِئْنَافِ فَتَصْبِرُ يَوْمًا آخَرَ ثُمَّ تَفْسَخُ فِيمَا يَلِيهِ (وَفِي قَوْلٍ تَسْتَأْنِفُ) الثَّلَاثَةَ لِزَوَالِ الْعَجْزِ الْأَوَّلِ، وَرَدَّهُ الْإِمَامُ بِأَنَّهُ قَدْ يَتَّخِذُ ذَلِكَ عَادَةً فَيُؤَدِّي إلَى عِظَمِ ضَرَرِهَا (وَلَهَا) وَإِنْ كَانَتْ غَنِيَّةً (الْخُرُوجُ زَمَنَ الْمُهْلَةِ) نَهَارًا (لِتَحْصِيلِ النَّفَقَةِ) بِنَحْوِ كَسْبٍ وَإِنْ أَمْكَنَهَا ذَلِكَ بِبَيْتِهَا أَوْ سُؤَالٍ، وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا لِأَنَّ حَبْسَهُ لَهَا إنَّمَا هُوَ فِي مُقَابَلَةِ إنْفَاقِهِ عَلَيْهَا، وَالْأَوْجَهُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِعَدَمِ الرِّيبَةِ وَإِلَّا مَنَعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ أَوْ خَرَجَ مَعَهَا (وَعَلَيْهَا الرُّجُوعُ) لِبَيْتِهِ (لَيْلًا) لِأَنَّهُ وَقْتُ الْإِيوَاءِ دُونَ الْعَمَلِ، وَلَهَا مَنْعُهُ مِنْ التَّمَتُّعِ بِهَا كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَرَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ، وَحَمَلَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلَ عَلَى النَّهَارِ: أَيْ وَقْتِ التَّحْصِيلِ، وَالثَّانِي عَلَى اللَّيْلِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْحَاوِي وَتَبِعَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ سُقُوطِ نَفَقَتِهَا مَعَ مَنْعِهَا لَهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ زَمَنَ التَّحْصِيلِ. فَإِنْ مَنَعَتْهُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مُدَّةِ التَّحْصِيلِ سَقَطَتْ زَمَنَ الْمَنْعِ، وَلَوْ حَضَرَ مَنْ فُسِخَ نِكَاحُهُ عَلَيْهِ وَادَّعَى أَنَّ لَهُ مَالًا بِالْبَلَدِ خَفَى عَلَى بَيِّنَةِ الْإِعْسَارِ لَمْ يَكْفِهِ حَتَّى تَشْهَدَ لَهُ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ وَأَنَّهَا تَعْلَمُهُ وَتَقْدِرُ عَلَيْهِ فَحِينَئِذٍ يَبْطُلُ الْفَسْخُ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ. وَقَوْلُهُ وَأَنَّهَا تَعْلَمُهُ وَتَقْدِرُ عَلَيْهِ فِي كَوْنِهِ شَرْطًا نَظَرٌ ظَاهِرٌ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا فَسْخَ بِمَنْعِ مُوسِرٍ حَضَرَ أَوْ غَابَ، وَلَا اعْتِبَارَ بِعَرَضٍ أَوْ عَقَارٍ لَا يَتَيَسَّرُ بَيْعُهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمَا (وَلَوْ) (رَضِيَتْ بِإِعْسَارِهِ) بِالنَّفَقَةِ أَبَدًا (أَوْ نَكَحَتْهُ عَالِمَةً بِإِعْسَارِهِ) بِذَلِكَ (فَلَهَا الْفَسْخُ بَعْدَهُ) لِتَجَدُّدِ الضَّرَرِ كُلَّ يَوْمٍ، وَرِضَاهَا بِذَلِكَ وَعْدٌ، نَعَمْ تَسْقُطُ بِهِ الْمُطَالَبَةُ بِنَفَقَةِ يَوْمِهِ وَيُمْهَلُ بَعْدَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِأَنَّهُ يُبْطِلُ مَا مَضَى مِنْ الْمُهْمَلَةِ (وَلَوْ) (رَضِيَتْ بِإِعْسَارِهِ بِالْمَهْرِ) أَوْ نَكَحَتْهُ عَالِمَةً بِهِ (فَلَا) تُفْسَخُ بَعْدَهُ لِانْتِفَاءِ تَجَدُّدِ الضَّرَرِ، وَكَرِضَاهَا بِهِ إمْسَاكُهَا عَنْ الْمُحَاكَمَةِ بَعْدَ مُطَالَبَتِهَا بِالْمَهْرِ لَا قَبْلَهَا لِأَنَّهَا تُؤَخِّرُهَا لِتَوَقُّعِ يَسَارٍ (وَلَا فَسْخَ لِوَلِيِّ) امْرَأَةٍ حَتَّى (صَغِيرَةٍ وَمَجْنُونَةٍ بِإِعْسَارٍ بِمَهْرٍ وَنَفَقَةٍ) لِأَنَّ الْخِيَارَ مَنُوطٌ بِالشَّهْوَةِ فَلَا يُفَوَّضُ لِغَيْرِ مُسْتَحِقِّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلَمْ يَسْتَأْنِفْهَا) أَيْ فَتُفْسَخُ حَالًا (قَوْلُهُ: وَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا مَنَعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ) أَيْ فَإِنْ أَرَادَتْهُ صَحِبَتْ مَعَهَا مَنْ يَدْفَعُ الرِّيبَةَ عَنْهَا وَعَلَيْهَا أُجْرَتُهُ: أَيْ مِنْ صُحْبَتِهِ إنْ لَمْ يَخْرُجْ إلَّا بِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ خَرَجَ مَعَهَا) أَيْ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَحَمَلَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: سَقَطَتْ زَمَنَ الْمَنْعِ) أَيْ فَتَسْقُطُ نَفَقَةُ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ بِمَنْعِهَا لَهُ مِنْ التَّمَتُّعِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْعَمَلِ وَإِنْ قَلَّ زَمَنُ الْمَنْعِ كَلَحْظَةٍ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهَا تَعْلَمُهُ) أَيْ الزَّوْجَةُ (قَوْلُهُ: أَوْ عَقَارٍ لَا يَتَيَسَّرُ بَيْعُهُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ لَا يَتَيَسَّرُ بَيْعُهُ بَعْدَ مُدَّةٍ قَرِيبَةٍ فَيَكُونُ كَالْمَالِ الْغَائِبِ فَوْقَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ (قَوْلُهُ: بِنَفَقَةِ يَوْمِهِ) أَيْ يَوْمِ الرِّضَا (قَوْلُهُ وَلَوْ رَضِيَتْ بِإِعْسَارِهِ بِالْمَهْرِ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الرَّشِيدَةِ فَلَا أَثَرَ لِرِضَا غَيْرِهَا بِهِ. لَا يُقَالُ: يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ يَسَارُ الزَّوْجِ بِحَالِ الصَّدَاقِ. لِأَنَّا نَقُولُ: ذَاكَ فِيمَنْ زُوِّجَتْ بِالْإِجْبَارِ خَاصَّةً. أَمَّا مَنْ زُوِّجَتْ بِإِذْنِهَا فَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي صِحَّةِ نِكَاحِهَا وَلَوْ سَفِيهَةً عَلَى أَنَّهُ قَدْ تَزَوَّجَ بِالْإِجْبَارِ لِمُوسِرٍ وَقْتَ الْعَقْدِ ثُمَّ يَتْلَفُ مَا بِيَدِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَجْرِي هَذَا فِي الْغَائِبِ كَمَا نَقَلَهُ الشِّهَابُ سم عَنْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ؛ لِجَوَازِ الْعَجْزِ الْأَوَّلِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ؛ لِزَوَالٍ، وَلَعَلَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ مُحَرَّفَةٌ عَنْهَا مِنْ الْكَتَبَةِ (قَوْلُهُ: فَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ تَخَلَّلَ أَقَلُّ فَحَاصِلُهُ اعْتِمَادُ الْأَوَّلِ

فَنَفَقَتُهُمَا فِي مَالِهِمَا إنْ كَانَ، وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهَا قَبْلَ النِّكَاحِ وَإِنْ كَانَتْ دَيْنًا عَلَى الزَّوْجِ، وَالسَّفِيهَةُ الْبَالِغَةُ كَالرَّشِيدَةِ هُنَا (وَلَوْ أَعْسَرَ زَوْجُ أَمَةٍ) لَمْ يَلْزَمْ سَيِّدَهَا إعْتَاقُهُ (بِالنَّفَقَةِ) أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا مَرَّ الْفَسْخُ بِهِ (فَلَهَا الْفَسْخُ) وَإِنْ رَضِيَ السَّيِّدُ لِأَنَّ حَقَّ قَبْضِهَا لَهَا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ سَلَّمَهَا لَهَا مِنْ مَالِهِ لَمْ تُجْبَرْ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، لَكِنْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى إجْبَارِهَا: أَيْ لِأَنَّهُ لَا مِنَّةَ عَلَيْهَا فِيهِ، وَخَرَجَ بِالنَّفَقَةِ الْمَهْرُ فَالْفَسْخُ بِهِ لَهُ لِأَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ لِقَبْضِهِ، نَعَمْ الْمُبَعَّضَةُ لَا بُدَّ فِي الْفَسْخِ فِيهَا مِنْ مُوَافَقَتِهَا هِيَ وَمَالِكُ الْبَعْضِ لَهَا. قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ: أَيْ بِأَنْ يَفْسَخَا مَعًا أَوْ يُوَكِّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ الْمَارِّ. أَمَّا إذَا قُلْنَا بِأَنَّهَا تُفْسَخُ بِبَعْضِ الْمَهْرِ اتَّجَهَ اسْتِقْلَالُهَا بِهِ (فَإِنْ رَضِيَتْ فَلَا فَسْخَ لِلسَّيِّدِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَلَقَّى النَّفَقَةَ عَنْهَا لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ. وَالثَّانِي لَهُ الْفَسْخُ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهَا لَهُ وَضَرَرُ فَوَاتِهَا عَائِدٌ إلَيْهِ، وَرُدَّ بِمَا مَرَّ (وَلَهُ أَنْ يُلْجِئَهَا) أَيْ الْمُكَلَّفَةَ إذْ لَا يَنْفُذُ مِنْ غَيْرِهَا (إلَيْهِ) أَيْ الْفَسْخَ (بِأَنْ لَا يُنْفِقَ عَلَيْهَا) وَلَا يُمَوِّنَهَا (وَيَقُولَ) لَهَا (افْسَخِي أَوْ جُوعِي) دَفْعًا لِلضَّرَرِ، وَالْأَوْجَهُ فِي الْمُكَاتَبَةِ أَنَّهَا كَالْقِنَّةِ فِيمَا ذُكِرَ إلَّا فِي إلْجَاءِ سَيِّدِهَا لَهَا، وَلَوْ أَعْسَرَ سَيِّدُ مُسْتَوْلَدَةٍ عَنْ نَفَقَتِهَا أُجْبِرَ عَلَى تَخْلِيَتِهَا لِلْكَسْبِ لِتُنْفِقَ مِنْهُ أَوْ عَلَى إيجَارِهَا، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى عِتْقِهَا أَوْ تَزْوِيجِهَا وَلَا بَيْعِهَا مِنْ نَفْسِهَا، فَإِنْ عَجَزَتْ عَنْ الْكَسْبِ أَنْفَقَ عَلَيْهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. قَالَ الْقَمُولِيُّ: وَلَوْ غَابَ مَوْلَاهَا وَلَمْ يُعْلَمْ لَهُ مَالٌ وَلَا لَهَا كَسْبٌ وَلَا كَانَ بَيْتَ مَالٍ فَالرُّجُوعُ إلَى وَجْهِ أَبِي زَيْدٍ بِالتَّزْوِيجِ أَوْلَى لِلْمَصْلَحَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُمَا) سَكَتَ عَنْ الْبَالِغَةِ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ أَنَّهَا كَالصَّغِيرَةِ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُ نَفَقَتِهَا لِيُلْجِئَهَا إلَى الْفَسْخِ، وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَمَةِ حَيْثُ كَانَ لِسَيِّدِهَا إلْجَاؤُهَا إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ لَهَا اصْبِرِي أَوْ جُوعِي بِأَنَّ نَفَقَةَ الْحُرَّةِ سَبَبُهَا الْقَرَابَةُ وَلَا يُمْكِنُهُ إسْقَاطُهَا عِنْدَ الْعَجْزِ بِخِلَافِ الْأَمَةِ فَإِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى إزَالَةِ وُجُوبِهَا عَنْهُ بِأَنْ يَبِيعَهَا أَوْ يُؤَجِّرَهَا فَكَانَ وُجُوبُهَا عَلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ دُونَ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ وَإِنْ كَانَتْ نَفَقَةُ الْقَرِيبِ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ الْآتِيَ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَجِبُ لِمَالِكٍ كِفَايَتُهُ إلَخْ: فَلَوْ تَزَوَّجَتْ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا بِالْعَقْدِ وَإِنْ أَعْسَرَ زَوْجُهَا إلَى فَسْخِهَا وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهَا حَيْثُ تَمَكَّنَتْ مِنْ الْفَسْخِ وَلَمْ تَفْسَخْ لَا يَلْزَمُ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ مُؤْنَتُهَا قَبْلَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: قَبْلَ النِّكَاحِ) وَمِنْهُ بَيْتُ الْمَالِ ثُمَّ مَيَاسِيرُ الْمُسْلِمِينَ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ مُنْفِقٌ (قَوْلُهُ: كَالرَّشِيدَةِ هُنَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا إذَا رَضِيَتْ بِإِعْسَارِهِ بِالْمَهْرِ امْتَنَعَ الْفَسْخُ، وَهُوَ مُنَافٍ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِرِضَا غَيْرِ الرَّشِيدَةِ فَلْيُرَاجَعْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ هُنَا كَالرَّشِيدَةِ فِي أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ وَلَا تُكَلَّفُ الصَّبْرَ إلَى الرُّشْدِ وَهُوَ لَا يُنَافِي أَنَّ رِضَاهَا بِإِعْسَارِهِ لَا أَثَرَ لَهُ فَيَلْغَى وَتُمَكَّنُ مِنْ الْفَسْخِ حَالًا، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهَ قَوْلَهُ كَالرَّشِيدَةِ: أَيْ فَلَهَا الْفَسْخُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمُ سَيِّدَهَا إعْفَافُهُ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فَرْعًا لِلزَّوْجِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ نَصَّ فِي إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لَا بُدَّ فِي الْفَسْخِ فِيهَا) أَيْ فِي صُورَةِ الْمَهْرِ (قَوْلُهُ: مُفَرَّعٌ عَلَى كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ) أَيْ فِيمَا لَوْ قَبَضَتْ الْحُرَّةُ بَعْضَ الصَّدَاقِ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا قُلْنَا إلَخْ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ بِأَنَّهَا: أَيْ الْمُبَعَّضَةُ تُفْسَخُ إلَخْ (قَوْلُهُ: اتَّجَهَ اسْتِقْلَالُهَا) أَيْ الْمُبَعَّضَةُ وَكَذَا لِسَيِّدِهَا الِاسْتِقْلَالُ بِهِ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الزِّيَادِيَّ صَرَّحَ بِهِ (قَوْلُهُ: إنَّهَا كَالْقِنَّةِ) أَيْ فِي عَدَمِ فَسْخِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي إلْجَاءِ سَيِّدِهَا) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ مُكَاتَبَتِهِ إلَّا أَنْ يُصَوِّرَ ذَلِكَ بِمَا لَوْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ عَنْ نَفَقَةِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: أُجْبِرَ عَلَى تَخْلِيَتِهَا لِلْكَسْبِ) لَوْ فَضَلَ مِنْ كَسْبِهَا عَلَى مُؤْنَتِهَا شَيْءٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَمْتَنِعَ عَلَيْهَا التَّصَرُّفُ فِيهِ لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ لِلسَّيِّدِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ فِي مُؤْنَةِ الْمَمْلُوكِ الْآتِي (قَوْلُهُ: مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ أَوْ مَنَعَ مُتَوَلِّيهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُجْبَرَ عَلَى تَزْوِيجِهَا لِلضَّرُورَةِ، لَكِنَّ مُقْتَضَى إطْلَاقِ قَوْلِهِ أَوْ تَزْوِيجُهَا خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: بِالتَّزْوِيجِ) وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْحَاكِمَ يُزَوِّجُهَا لِأَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: فَالرُّجُوعُ إلَى وَجْهِ أَبِي زَيْدٍ بِالتَّزْوِيجِ) وَانْظُرْ مَنْ يُزَوِّجُهَا وَالصُّورَةُ أَنَّ السَّيِّدَ غَائِبٌ وَاَلَّذِي فِي الدَّمِيرِيِّ أَنَّ وَجْهَ أَبِي زَيْدٍ إنَّمَا هُوَ فِي الْحَاضِرِ الْعَاجِزِ عَنْ النَّفَقَةِ فَلْيُرَاجَعْ. .

[فصل في مؤن الأقارب]

وَعَدَمِ الضَّرَرِ. (فَصْلٌ) فِي مُؤَنِ الْأَقَارِبِ (يَلْزَمُهُ) أَيْ الْفَرْعُ الْحُرُّ أَوْ الْمُبَعَّضُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (نَفَقَةُ) أَيْ مُؤْنَةُ حَتَّى نَحْوُ دَوَاءٍ وَأُجْرَةِ طَبِيبٍ (الْوَالِدِ) الْمَعْصُومِ الْحُرِّ وَقِنِّهِ الْمُحْتَاجِ لَهُ وَزَوْجَتِهِ إنْ وَجَبَ إعْفَافُهُ أَوْ الْمُبَعَّضِ بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِهِ الْحُرِّ لَا الْمُكَاتَبِ (وَإِنْ عَلَا) وَلَوْ أُنْثَى غَيْرَ وَارِثَةٍ إجْمَاعًا، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15] وَلِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «إنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ وَوَلَدُهُ مِنْ كَسْبِهِ» (وَ) يَلْزَمُ الْأَصْلَ الْحُرَّ أَوْ الْمُبَعَّضَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى مُؤْنَةُ (الْوَلَدِ) الْمَعْصُومِ الْحُرِّ أَوْ الْمُبَعَّضِ كَذَلِكَ (وَإِنْ سَفَلَ) وَلَوْ أُنْثَى كَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ} [البقرة: 233] الْآيَةَ، وَمَعْنَى {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233] الَّذِي أَخَذَ مِنْهُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وُجُوبَ نَفَقَةِ الْمَحَارِمِ: أَيْ فِي عَدَمِ الْمُضَارَّةِ كَمَا قَيَّدَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْقُرْآنِ مِنْ غَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6] فَإِذَا لَزِمَهُ أُجْرَةُ الرَّضَاعِ فَكِفَايَتُهُ أَلْزَمُ، وَمِنْ ثَمَّ أَجْمَعُوا عَلَى ذَلِكَ فِي طِفْلٍ لَا مَالَ لَهُ وَأُلْحِقَ بِهِ بَالِغٌ عَاجِزٌ كَذَلِكَ لِخَبَرِ هِنْدَ «خُذِي مَا يَكْفِيك وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ» (وَإِنْ اخْتَلَفَ دِينُهُمَا) بِشَرْطِ عِصْمَةِ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ لَا نَحْوَ مُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ جَمْعٌ؛ إذْ لَا حُرْمَةَ لَهُمَا؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِقَتْلِهِمَا وَذَلِكَ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ وَكَالْعِتْقِ وَرَدِّ الشَّهَادَةِ، بِخِلَافِ الْإِرْثِ فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُنَاصَرَةِ وَهِيَ مَفْقُودَةٌ حِينَئِذٍ، وَإِنَّمَا تَجِبُ (بِشَرْطِ يَسَارِ الْمُنْفِقِ) ؛ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ وَنَفَقَةُ الزَّوْجِ مُعَاوَضَةٌ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي إعْسَارِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْفَلَسِ حَيْثُ لَمْ يُكَذِّبْهُ ظَاهِرُ حَالِهِ وَإِلَّا طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهُ بِهِ (بِفَاضِلٍ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ) مِنْ زَوْجَتِهِ وَخَادِمِهَا وَأُمِّ وَلَدِهِ كَمَا أَلْحَقَهُمَا بِهَا الْأَذْرَعِيُّ بَحْثًا وَعَنْ سَائِرِ مُؤَنِهِمْ، وَخَصَّ الْفَوْتَ؛ لِأَنَّهُ أَهَمُّ لَا عَنْ دَيْنِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ فِي بَابِ الْفِلْسُ وَذَلِكَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «ابْدَأْ بِنَفْسِك فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِك، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِك شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِك» وَبِعُمُومِهِ يَتَقَوَّى مَا مَرَّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ يُسْتَنْبَطُ مِنْ النَّصِّ مَعْنًى يُخَصِّصُهُ (فِي يَوْمِهِ) وَلَيْلَتِهِ الَّتِي تَلِيهِ غَدَاءً وَعَشَاءً، وَلَوْ لَمْ يَكْفِهِ الْفَاضِلُ لَمْ يَجِبْ غَيْرُهُ (وَيُبَاعُ فِيهَا مَا يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ) ـــــــــــــــــــــــــــــSالْفَرْضَ غَيْبَةُ سَيِّدِهَا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ الضَّرَرِ) وَلَعَلَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا هُنَا، ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْتَ مَالٍ فَعَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْقِنِّ الْآتِي فِي مُؤْنَةِ الرَّقِيقِ لِإِمْكَانِ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ هُنَا بِالتَّزْوِيجِ وَلَا كَذَلِكَ الْقِنُّ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَتَزَوَّجُ بِهَا فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ النَّفَقَةُ عَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ. (فَصْلٌ) فِي مُؤَنِ الْأَقَارِبِ (قَوْلُهُ إنْ وَجَبَ إعْفَافُهُ) أَيْ بِأَنْ احْتَاجَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَوَلَدُهُ مِنْ كَسْبِهِ) أَيْ الْأَبِ، وَهُوَ مِنْ تَتِمَّةِ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْمُبَعَّضَ كَذَلِكَ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِهِ الْحُرِّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أُنْثَى كَذَلِكَ) أَيْ غَيْرُ وَارِثَةٍ (قَوْلُهُ: لَا نَحْوُ مُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ) وَمِثْلُهُمَا عَلَى الرَّاجِحِ نَحْوُ الزَّانِي الْمُحْصَنِ، لَكِنْ قَالَ حَجّ فِيهِ أَنَّ الْأَقْرَبَ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ لِعَجْزِهِ عَنْ عِصْمَةِ نَفْسِهِ بِخِلَافِهِمَا، وَمُقْتَضَى مَا عَلَّلَ بِهِ أَنَّ مِثْلَهُ قَاطِعُ الطَّرِيقِ بَعْدَ بُلُوغِ خَبَرِهِ لِلْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ اخْتِلَافُ دِينِهِمَا (قَوْلُهُ: تَشْهَد لَهُ بِهِ) أَيْ الْإِعْسَارِ (قَوْلُهُ: فَلِأَهْلِك) أَيْ لِزَوْجَتِك (قَوْلُهُ: مَعْنًى يُخَصِّصُهُ) أَيْ كَأَنْ يُقَالَ إنَّمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي مُؤَنِ الْأَقَارِبِ] ِ (قَوْلُهُ: أَيْ فِي عَدَمِ الْمُضَارَّةِ) هُوَ خَبَرٌ وَمَعْنًى (قَوْلُهُ: وَقَوْلِهِ) هُوَ بِالْجَرِّ (قَوْلُهُ: لَا نَحْوُ مُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ) اُنْظُرْ مَا مُرَادُهُ بِالنَّحْوِ، وَقَدْ تَرَدَّدَ الشِّهَابُ حَجّ فِي الزَّانِي الْمُحْصَنِ، وَاسْتَوْجَهَ وُجُوبَ إنْفَاقِهِ، وَفَرَّقَ بِأَنَّهُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى

مِنْ عَقَارٍ وَغَيْرِهِ كَمَسْكَنٍ وَخَادِمٍ وَمَرْكُوبٍ وَإِنْ احْتَاجَهُمَا لِتَقَدُّمِهَا عَلَى وَفَائِهِ، فَيُبَاعُ فِيهَا مَا يُبَاعُ فِيهِ بِالْأَوْلَى فَسَقَطَ مَا قِيلَ كَيْفَ يُبَاعُ مَسْكَنُهُ لِاكْتِرَاءِ مَسْكَنٍ لِأَصْلِهِ وَيَبْقَى هُوَ بِلَا مَسْكَنٍ مَعَ خَبَرِ «ابْدَأْ بِنَفْسِك» عَلَى أَنَّ الْخَبَرَ إنَّمَا يَأْتِي فِيمَا إذَا لَمْ يَبْقَ مَعَهُ بَعْدَ بَيْعِ مَسْكَنِهِ إلَّا مَا يَكْفِي أُجْرَةَ مَسْكَنِهِ أَوْ مَسْكَنِ وَالِدِهِ، وَحِينَئِذٍ الْمُقَدَّمُ مَسْكَنُهُ فَذِكْرُ الْخَبَرِ تَأْكِيدًا لِلْإِشْكَالِ وَهَمٌ، وَكَيْفِيَّةُ بَيْعِ الْعَقَارِ لَهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي نَفَقَةِ الْعَبْدِ، وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَصَوَّبَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَأَلْحَقَ غَيْرَ الْعَقَارِ بِهِ فِي ذَلِكَ مِمَّا يَشُقُّ بَيْعُهُ شَيْئًا فَشَيْئًا أَنَّهُ يُسْتَدَانُ لَهَا إلَى اجْتِمَاعِ مَا يَسْهُلُ بَيْعُهُ فَيُبَاعُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْعُ الْجُزْءِ، وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَشْتَرِي إلَّا الْكُلَّ بِيعَ الْكُلُّ. أَمَّا مَا لَا يُبَاعُ فِيهِ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِ الْفَلَسِ فَلَا يُبَاعُ فِيهَا بَلْ يُتْرَكُ لَهُ وَلِمُمَوَّنِهِ (وَيَلْزَمُ كَسُوبًا كَسْبُهَا) أَيْ الْمُؤَنِ، وَلَوْ لِحَلِيلَةِ الْأَصْلِ كَالْأُدُمِ وَالسُّكْنَى وَالْإِخْدَامِ حَيْثُ وَجَبَ (فِي الْأَصَحِّ) إنْ حَلَّ وَلَاقَ بِهِ وَإِنْ لَمْ تَجْرِ بِهِ عَادَتُهُ؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ بِالْكَسْبِ كَهِيَ بِالْمَالِ فِي تَحْرِيمِ الزَّكَاةِ وَغَيْرِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْهُ لِوَفَاءِ دَيْنٍ لَمْ يَعْصِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي وَهَذِهِ فَوْرِيَّةٌ وَلِقِلَّةِ هَذِهِ وَانْضِبَاطِهَا بِخِلَافِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ صَارَتْ دَيْنًا بِفَرْضِ قَاضٍ لَمْ يَلْزَمْهُ الِاكْتِسَابُ لَهَا، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ سُؤَالُ زَكَاةٍ وَلَا قَبُولُ هِبَةٍ. فَإِنْ فَعَلَ وَفَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ عَمَّا مَرَّ أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْهُ. وَالثَّانِي لَا كَمَا لَا يَلْزَمُهُ الْكَسْبُ لِوَفَاءِ دَيْنِهِ وَرُدَّ بِمَا مَرَّ، وَمَحَلُّ وُجُوبِ ذَلِكَ فِي حَلِيلَةِ الْأَصْلِ بِقَدْرِ نَفَقَةِ الْمُعْسِرِينَ فَلَا يُكَلَّفُ فَوْقَهَا، وَإِنْ قَدَرَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ خِلَافَهُ (وَلَا تَجِبُ) الْمُؤَنُ (لِمَالِكِ كِفَايَتِهِ وَلَا) لِشَخْصٍ (مُكْتَسِبِهَا) لِاسْتِعْمَالِهِ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى كَسْبٍ، وَلَمْ يَكْتَسِبْ كُلِّفَهُ إنْ كَانَ حَلَالًا لَائِقًا بِهِ، وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ قَدَرَتْ الْأُمُّ أَوْ الْبِنْتُ عَلَى النِّكَاحِ لَمْ تَسْقُطْ مُؤْنَتُهَا كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَفَارَقَ الْقُدْرَةَ عَلَى الْكَسْبِ بِأَنَّ حَبْسَ النِّكَاحِ لَا أَمَدَ لَهُ بِخِلَافِ سَائِرِ أَنْوَاعِ الِاكْتِسَابِ، فَلَوْ تَزَوَّجَتْ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا بِالْعَقْدِ، وَإِنْ أَعْسَرَ زَوْجُهَا إلَى فَسْخِهَا لِئَلَّا يَجْمَعَ نَفَقَتَيْنِ كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا عَلَى الزَّوْجِ إنَّمَا تَجِبُ بِالتَّمْكِينِ كَمَا مَرَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَجَبَتْ عَلَى الْأَقَارِبِ لِكَوْنِهِمْ كَالْجُزْءِ مِنْهُ وَهَذَا خَاصٌّ بِالْأَصْلِ وَالْفَرْعِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ الْكَسْبُ (قَوْلُهُ: وَلِقِلَّةِ هَذِهِ) أَيْ الْمُؤْنَةِ وَانْضِبَاطِهَا: أَيْ إذْ هِيَ مُقَدَّرَةٌ مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ بِخِلَافِهِ: أَيْ بِخِلَافِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ لَا انْضِبَاطَ لَهُ مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ، وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ حَالِ الْمَدْيُونِ، فَقَدْ يَكُونُ قَلِيلًا بِالنِّسْبَةِ لِشَخْصٍ كَثِيرًا بِالنِّسْبَةِ لِآخَرَ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَطْرَأُ مَا يَقْتَضِي تَجَدُّدَ الدُّيُونِ فِي كُلِّ يَوْمٍ كَعُرُوضِ إتْلَافٍ مِنْهُ لِمَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ بِخِلَافِهِ: أَيْ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ سُؤَالٌ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ دُفِعَتْ لَهُ الزَّكَاةُ بِلَا سُؤَالٍ وَجَبَ قَبُولُهَا، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ وُجُوبِ قَبُولِ الْهِبَةِ بِوُجُودِ الْمِنَّةِ لِلْوَاهِبِ، بِخِلَافِ الْمُزَكِّي فَإِنَّهُ لَا مِنَّةَ لَهُ عَلَى الْفَقِيرِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا دَفَعَ لَهُ مَا أَوْجَبَهُ الشَّرْعُ عَلَيْهِ فَأَشْبَهَ الدُّيُونَ، وَلَا يَرِدُ عَدَمُ وُجُوبِ قَبُولِهَا بَلْ عَدَمُ جَوَازِهِ لِنَفَقَةِ الْأَقَارِبِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِيمَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ مُرُوءَةً وَمَا هُنَا بِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ: كُلِّفَهُ) أَيْ حَيْثُ كَانَ فَرْعًا بِخِلَافِ الْأَصْلِ لِيُوَافِقَ مَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: لَا أَمَدَ لَهُ) أَيْ فَفِيهِ إضْرَارٌ بِهِمَا مَعَ أَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ لَهُمَا غَرَضٌ فِيهِ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ بِحُقُوقِ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ تَزَوَّجَتْ سَقَطَتْ) هُوَ وَاضِحٌ إنْ كَانَ الزَّوْجُ حَاضِرًا، فَلَوْ كَانَ غَائِبًا فَقَدْ سَلَفَ أَنَّ الْوُجُوبَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِرْسَالِ لِيَحْضُرَ فَتَجِبُ مِنْ وَقْتِ حُضُورِهِ، وَالْمُتَّجِهُ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْمُدَّةِ عَلَى مَنْ كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ النِّكَاحِ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ قَوْلُهُمْ: لِئَلَّا يَجْمَعَ بَيْنَ نَفَقَتَيْنِ وَكَمَا فِي الصَّغِيرَةِ وَالْمَجْنُونَةِ إذَا أَعْسَرَ زَوْجُهَا بِهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQزَوَالِ مَانِعِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ فَرْقِهِ أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ كَالْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ فَلَعَلَّهُ مُرَادُ الشَّارِحِ بِالنَّحْوِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اعْتَادَهَا) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ، وَإِنْ احْتَاجَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ فِي نُسْخَةٍ مِنْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَكَيْفِيَّةُ بَيْعِ الْعَقَارِ إلَخْ.) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَكَيْفِيَّةُ بَيْعِ الْعَقَارِ لَهَا كَمَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ نَفَقَةِ الْعَبْدِ وَصَوَّبَهُ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ.

فَكَانَ الْقِيَاسُ اعْتِبَارَهُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا بِقُدْرَتِهَا عَلَيْهِ مُفَوِّتَةٌ لِحَقِّهَا، وَعَلَيْهِ فَمَحَلُّهُ فِي مُكَلَّفَةٍ فَغَيْرُهَا لَا بُدَّ مِنْ التَّمْكِينِ وَإِلَّا لَمْ تَسْقُطْ عَنْ الْأَبِ فِيمَا يَظْهَرُ. (وَتَجِبُ لِفَقِيرٍ غَيْرِ مُكْتَسِبٍ إنْ كَانَ زَمِنًا) أَوْ أَعْمَى أَوْ مَرِيضًا (أَوْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا) لِعَجْزِهِ عَنْ كِفَايَةِ نَفْسِهِ. وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَطَاقَ صَغِيرٌ الْكَسْبَ، أَوْ تَعَلَّمَهُ وَلَاقَ بِهِ جَازَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَحْمِلَهُ عَلَيْهِ وَيُنْفِقَ مِنْهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ امْتَنَعَ أَوْ هَرَبَ لَزِمَ الْوَلِيَّ إنْفَاقُهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَدَرَ عَلَى الْكَسْبِ، وَلَمْ يَفْعَلْهُ وَلَمْ يَكُنْ كَمَا ذُكِرَ (فَأَقْوَالٌ أَحْسَنُهَا تَجِبُ) لِلْأَصْلِ وَالْفَرْعِ وَلَا يُكَلَّفَانِ الْكَسْبَ لِحُرْمَتِهِمَا. وَثَانِيهِمَا لَا تَجِبُ؛ لِأَنَّهُ غَنِيٌّ (وَالثَّالِثُ) تَجِبُ (لِأَصْلٍ) وَلَا يُكَلَّفُ كَسْبًا (لَا فَرْعٍ) بَلْ يُكَلَّفُ الْكَسْبَ (قُلْت: الثَّالِثُ أَظْهَرُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِتَأَكُّدِ حُرْمَةِ الْأَصْلِ؛ وَلِأَنَّ تَكْلِيفَهُ الْكَسْبَ مَعَ كِبَرِ سِنِّهِ لَيْسَ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ الْمَأْمُورِ بِهَا، وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَشْتَغِلْ بِمَالِ وَلَدِهِ وَمَصَالِحِهِ وَإِلَّا وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ جَزْمًا (وَهِيَ) أَيْ نَفَقَةُ الْقَرِيبِ (الْكِفَايَةُ) لِخَبَرِ «خُذِي مِنْ مَالِهِ مَا يَكْفِيك وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ» فَيَجِبُ إعْطَاؤُهُ كِسْوَةً وَسُكْنَى تَلِيقُ بِحَالِهِ وَقُوتًا وَأُدُمًا يَلِيقُ بِسِنِّهِ كَمُؤْنَةِ الرَّضَاعِ حَوْلَيْنِ، وَتُعْتَبَرُ رَغْبَتُهُ وَزَهَادَتُهُ بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ مَعَهُ مِنْ التَّرَدُّدِ عَلَى الْعَادَةِ وَيَدْفَعُ عَنْهُ أَلَمَ الْجُوعِ لِإِتْمَامِ الشِّبَعِ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ: أَيْ الْمُبَالَغَةِ فِيهِ، وَأَمَّا إشْبَاعُهُ فَوَاجِبٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ، وَأَنْ يَخْدُمَهُ وَيُدَاوِيَهُ إنْ احْتَاجَ، وَأَنْ يُبْدِلَ مَا تَلِفَ بِيَدِهِ وَكَذَا إنْ أَتْلَفَهُ، لَكِنَّهُ يَضْمَنُهُ بَعْدَ يَسَارِهِ إنْ كَانَ رَشِيدًا كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَا نَظَرَ لِمَشَقَّةِ تَكْرَارِ الْإِبْدَالِ بِتَكَرُّرِ الْإِتْلَافِ لِتَقْصِيرِهِ بِالدَّفْعِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ إنْفَاقِهِ مِنْ غَيْرِ تَسْلِيمٍ، وَمَا يُضْطَرُّ إلَى تَسْلِيمِهِ كَالْكِسْوَةِ مُتَمَكِّنٌ مِنْ تَوْكِيلِ رَقِيبٍ بِهِ يَمْنَعُهُ مِنْ إتْلَافِهَا (وَتَسْقُطُ) مُؤَنُ الْقَرِيبِ الَّتِي لَمْ يَأْذَنْ الْمُنْفِقُ لِأَحَدٍ فِي صَرْفِهَا عَنْهُ لِقَرِيبِهِ (بِفَوَاتِهَا) بِمُضِيِّ الزَّمَنِ وَإِنْ تَعَدَّى الْمُنْفِقُ بِالْمَنْعِ؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ لِدَفْعِ الْحَاجَةِ النَّاجِزَةِ مُوَاسَاةً وَقَدْ زَالَتْ بِخِلَافِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ نَعَمْ لَوْ نَفَاهُ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ رَجَعَتْ أُمُّهُ: أَيْ مَثَلًا عَلَيْهِ بِهَا؛ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِنَفْيِهِ الَّذِي تَبَيَّنَ بُطْلَانُهُ بِرُجُوعِهِ عَنْهُ فَعُوقِبَ إيجَابُ مَا فَوَّتَهُ بِهِ فَلِذَا خَرَجَتْ هَذِهِ عَنْ نَظَائِرِهَا، وَكَذَا نَفَقَةُ الْحَمْلِ، وَإِنْ جُعِلَتْ لَهُ لَا تَسْقُطُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إلَخْ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: بِقُدْرَتِهَا عَلَيْهِ) أَيْ التَّمْكِينِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَعْمَى) يَجُوزُ أَنَّ الْأَعْمَى وَمَا بَعْدَهُ مِنْ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ فَفِي الْمُخْتَارِ الزَّمَانَةُ آفَةٌ فِي الْحَيَوَانَاتِ وَرَجُلٌ زَمِنٌ أَيْ مُبْتَلًى بَيِّنُ الزَّمَانَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَجْنُونًا) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ لَهُ كَسْبٌ يَلِيقُ بِهِ لَكِنَّهُ كَانَ مُشْتَغِلًا بِالْعِلْمِ، وَالْكَسْبُ يَمْنَعُهُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ قِيَاسًا عَلَى الزَّكَاةِ اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ: أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَسْتَفِيدَ مِنْ الِاشْتِغَالِ فَائِدَةً يُعْتَدُّ بِهَا عُرْفًا بَيْنَ الْمُشْتَغِلِينَ. وَوَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ حَفِظَ الْقُرْآنَ ثُمَّ نَسِيَهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَكَانَ الِاشْتِغَالُ بِحِفْظِهِ يَمْنَعُهُ مِنْ الْكَسْبِ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ كَاشْتِغَالِهِ بِالْعِلْمِ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ فِيهِ: إنْ تَعَيَّنَ ذَلِكَ طَرِيقًا بِأَنْ لَمْ تَتَيَسَّرْ الْقِرَاءَةُ فِي غَيْرِ أَوْقَاتِ الْكَسْبِ كَانَ الِاشْتِغَالُ بِالْعِلْمِ وَإِلَّا فَلَا فَلْيُرَاجَعْ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلَهُ أَوْ مَجْنُونًا: أَيْ أَوْ سَلِيمًا مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ لَا يُحْسِنُ كَسْبًا وَلَا يَقْدِرُ عَلَى تَعَلُّمِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُكَلَّفُ كَسْبًا) أَيْ وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَشْتَغِلْ) أَيْ الْأَصْلُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ جَزْمًا) أَيْ؛ لِأَنَّهَا تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ أُجْرَتِهِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَخْدُمَهُ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلَ الْفَصْلِ حَتَّى نَحْوِ دَوَاءٍ وَأُجْرَةِ طَبِيبٍ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُبْدِلَ مَا تَلِفَ) وَلَوْ ادَّعَى تَلَفَ مَا دَفَعَهُ لَهُ فَهَلْ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْ لِلتَّلَفِ سَبَبًا ظَاهِرًا تَسْهُلُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَتَسْقُطُ) أَيْ الْكِفَايَةُ (قَوْلُهُ: الَّتِي لَمْ يَأْذَنْ الْمُنْفِقُ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ أَذِنَ لِغَيْرِهِ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ وَأَنْفَقَ صَارَتْ قَرْضًا عَلَى الْآذِنِ، وَإِنْ لَمْ يُنْفِقْ سَقَطَتْ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ هَذَا الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ الْمُرَادُ (قَوْلُهُ: أَيْ مَثَلًا) أَيْ فَمِثْلُ أُمِّهِ غَيْرُهَا وَلَوْ مِنْ الْآحَادِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ جُعِلَتْ لَهُ إلَخْ) مَرْجُوحٌ وَقَوْلُهُ لِمَا ذُكِرَ: ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَخْدُمَهُ وَيُدَاوِيَهُ) تَقَدَّمَ هَذَا (قَوْلُهُ: الَّتِي لَمْ يَأْذَنْ الْمُنْفِقُ لِأَحَدٍ إلَخْ.) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا أَذِنَ لَهُ أَيْ وَأَنْفَقَ

بِمُضِيِّ الزَّمَانِ؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ لَمَّا كَانَتْ هِيَ الْمُنْتَفِعَةَ بِهَا اُلْتُحِقَتْ بِنَفَقَتِهَا (وَلَا تَصِيرُ دَيْنًا) لِمَا ذُكِرَ (إلَّا بِفَرْضِ قَاضٍ) بِالْفَاءِ (أَوْ إذْنِهِ) وَلَوْ لِلْمُمَوِّنِ إنْ تَأَهَّلَ (فِي اقْتِرَاضٍ) وَإِنْ تَأَخَّرَ الِاقْتِرَاضُ عَنْ الْإِذْنِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ السُّبْكِيُّ وَبَحَثَ أَنَّهَا لَا تَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بَعْدَ الِاقْتِرَاضِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي، وَزَعَمَ أَنَّ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَصِيرُ عَلَيْهِ اسْتِثْنَاءً لَفْظِيًّا لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِ الْمُسْتَقْرِضِ، فَالْوَاجِبُ قَضَاءُ دَيْنِهِ لَا النَّفَقَةُ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ هُوَ عَلَيْهِ اسْتِثْنَاءٌ حَقِيقِيٌّ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ صَارَ كَأَنَّهُ نَائِبُهُ، فَالدَّيْنُ إنَّمَا هُوَ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنَّمَا تَصِيرُ دَيْنًا بِأَحَدِ هَذَيْنِ إنْ كَانَ (لِغَيْبَةٍ) لِلْمُنْفِقِ (أَوْ مَنْعٍ) صَدَرَ مِنْهُ فَحِينَئِذٍ تَصِيرُ دَيْنًا لِتَأَكُّدِهَا بِذَلِكَ، وَمَا ذَكَرَهُ كَالرَّافِعِيِّ مِنْ صَيْرُورَتِهَا دَيْنًا بِذَلِكَ هُوَ الْمَذْهَبُ، وَقَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ: إنَّهُ مَرْدُودٌ نَقْلًا وَمَعْنًى مَرْدُودٌ كَمَا أَوْضَحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ، لَكِنْ صُورَتُهُ أَنْ يُقَدِّرَهَا الْحَاكِمُ وَيَأْذَنَ لِشَخْصٍ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى الطِّفْلِ، فَإِذَا أَنْفَقَهُ صَارَ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْغَالِبِ أَوْ الْمُمْتَنِعِ وَهِيَ غَيْرُ مَسْأَلَةِ الِاقْتِرَاضِ، وَأَمَّا إذَا قَالَ الْحَاكِمُ: قَدَّرْت لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَلَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا لَمْ تَصِرْ دَيْنًا بِذَلِكَ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ لَهُمَا. نَعَمْ قَدْ يُقَالُ: لَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ مَعَ قَوْلِهِمَا أَوْ إذْنِهِ فِي اقْتِرَاضٍ لِغَيْبَةٍ أَوْ مَنْعٍ. وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ هَذَا إذْنٌ فِي الْإِقْرَاضِ لَا فِي الِاقْتِرَاضِ فَسَقَطَ قَوْلُ مَنْ وَهَمَ هُنَا، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ صَيْرُورَتُهَا دَيْنًا بِإِقْرَاضِ الْقَاضِي أَوْ نَائِبِهِ بِالْأَوْلَى لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ احْتِيَاجُ الْفَرْعِ وَغِنَى الْأَصْلِ، وَلِلْقَرِيبِ أَخْذُ نَفَقَتِهِ مِنْ مَالِ قَرِيبِهِ عِنْدَ امْتِنَاعِهِ إنْ لَمْ يَجِدْ جِنْسَهَا، وَلَهُ الِاسْتِقْرَاضُ إنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ مَالًا وَعَجَزَ عَنْ الْحَاكِمِ وَيَرْجِعُ إنْ أَشْهَدَ وَقَصَدَ الرُّجُوعَ، وَإِلَّا فَلَا، وَالْأَوْجَهُ جَرَيَانُ ذَلِكَ فِي كُلِّ مُنْفِقٍ، وَلِلْأَبِ وَإِنْ عَلَا أَخْذُ النَّفَقَةِ مِنْ مَالِ فَرْعِهِ الصَّغِيرِ أَوْ الْمَجْنُونِ بِحُكْمِ الْوِلَايَةِ، وَلَيْسَ لِلْأُمِّ أَخْذُهَا مِنْ مَالِهِ حَيْثُ وَجَبَتْ لَهَا إلَّا بِالْحَاكِمِ كَفَرْعٍ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى أَصْلِهِ الْمَجْنُونِ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِمَا (وَعَلَيْهَا) أَيْ الْأُمِّ مِنْ مَالِ فَرْعِهِ (إرْضَاعُ وَلَدِهَا اللِّبَأِ) بِالْهَمْزِ وَالْقَصْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فِي قَوْلِهِ: لِأَنَّهَا وَجَبَتْ لِدَفْعِ الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ الِاقْتِرَاضِ) أَيْ الْفِعْلِ (قَوْلُهُ: بِأَحَدِ هَذَيْنِ) أَيْ اقْتِرَاضِ الْقَاضِي أَوْ إذْنِهِ، وَقَوْلُهُ بِذَلِكَ: أَيْ أَحَدِ هَذَيْنِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَجِدْ جِنْسَهَا) يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا وُجِدَ جِنْسُ مَا يَجِبُ لَهُ كَالْخُبْزِ اسْتَقَلَّ بِأَخْذِهِ وَإِنْ وَجَدَ الْحَاكِمُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْأُمِّ وَالْفَرْعِ الْآتِيَيْنِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَجِدْ مَالًا وَعَجَزَ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ وَلِلْقَرِيبِ إلَخْ وَقَوْلِهِ: وَلَهُ الِاسْتِقْرَاضُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلْأُمِّ) يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ قَبْلُ: وَلِلْقَرِيبِ أَخْذُ نَفَقَتِهِ مِنْ مَالِ قَرِيبِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُمْ الْقَرِيبُ حَيْثُ كَانَتْ لَهُ وِلَايَةٌ، لَكِنْ يَخْرُجُ عَنْ هَذَا الْفَرْعُ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِالْأَخْذِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ وِلَايَتِهِمَا) أَيْ الْأُمِّ، وَالْفَرْعِ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْأُمَّ لَوْ كَانَتْ وَصِيَّةً عَلَى ابْنِهَا لَمْ تَحْتَجْ إلَى إذْنِ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهَا إرْضَاعُ وَلَدِهَا اللِّبَأِ) فَلَوْ امْتَنَعَتْ مِنْ إرْضَاعِهِ وَمَاتَ، فَاَلَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ عَدَمُ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهَا فِعْلٌ يُحَالُ عَلَيْهِ سَبَبُ الْهَلَاكِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أُمْسِكَ عَنْ الْمُضْطَرِّ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّهُ لَوْ ذَبَحَ الشَّاةَ فَمَاتَ وَلَدُهَا بِسَبَبِ ذَلِكَ ضَمِنَهُ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ فِي الْوَلَدِ صُنْعًا وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ أَتْلَفَ اللَّبَنَ الْمُتَعَيَّنَ لِغِذَائِهِ، وَأُمُّ الطِّفْلِ هُنَا، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهَا إتْلَافٌ لَكِنَّ امْتِنَاعَهَا مِنْ سَقْيِ مَا وَجَبَ عَلَيْهَا مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْإِتْلَافِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: ذَبْحُ الشَّاةِ لَيْسَ سَبَبًا لِإِهْلَاكِ وَلَدِهَا؛ لِأَنَّهُ عُهِدَ كَثِيرًا تَرْبِيَةُ أَوْلَادِ الْحَيَوَانَاتِ بِالسَّقْيِ مِنْ غَيْرِ أُمَّهَاتِهَا، وَعَدَمُ سَقْيِ اللِّبَأِ مُوجِبٌ لِلْهَلَاكِ غَالِبًا فَهُوَ أَوْلَى بِالضَّمَانِ، وَقَدْ يُقَالُ: بَلْ الْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ قَدْ لَا يُوجَدُ بَعْدَ ذَبْحِ الْأُمِّ مَا يُرَبَّى بِهِ الْوَلَدُ أَصْلًا فَهُوَ إتْلَافٌ مُحَقَّقٌ أَوْ كَالْمُحَقَّقِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQكَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ أَنَّهَا لَا تَصِيرُ دَيْنًا) لَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى الْغَايَةِ بَلْ هُوَ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ تَقْيِيدًا لِلْمَتْنِ (قَوْلُهُ: فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى الطِّفْلِ) أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ إلَخْ.) رَاجِعٌ لِأَصْلِ الْمَتْنِ فَكَانَ يَنْبَغِي إسْقَاطُ

وَهُوَ مَا يَنْزِلُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَيُرْجَعُ فِي مُدَّتِهِ لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقِيلَ تَتَقَدَّرُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَقِيلَ بِسَبْعَةٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ لَا تَعِيشُ بِدُونِهِ غَالِبًا وَمَعَ ذَلِكَ لَهَا طَلَبُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ كَمَا يَجِبُ إطْعَامُ الْمُضْطَرِّ بِالْبَذْلِ (ثُمَّ بَعْدَهُ) أَيْ إرْضَاعِهِ اللِّبَأَ (إنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا هِيَ أَوْ أَجْنَبِيَّةٌ وَجَبَ إرْضَاعُهُ) عَلَى مَنْ وُجِدَتْ إبْقَاءً لَهُ وَلَهَا طَلَبُ الْأُجْرَةِ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ (وَإِنْ وُجِدَتَا لَمْ تُجْبَرْ الْأُمُّ) خَلِيَّةً كَانَتْ أَوْ فِي نِكَاحِ أَبِيهِ وَإِنْ لَاقَ بِهَا إرْضَاعُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: 6] (فَإِنْ رَغِبَتْ) فِي إرْضَاعِهِ وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ (وَهِيَ مَنْكُوحَةُ أَبِيهِ) أَيْ الطِّفْلِ (فَلَهُ مَنْعُهَا فِي الْأَصَحِّ) لِيَكْمُلَ تَمَتُّعُهُ بِهَا (قُلْت: الْأَصَحُّ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا وَصَحَّحَهُ الْأَكْثَرُونَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ؛ لِأَنَّ فِيهِ إضْرَارًا بِالْوَلَدِ لِمَزِيدِ شَفَقَتِهَا بِهِ وَصَلَاحِ لَبَنِهَا لَهُ فَاغْتُفِرَ لِأَجْلِ ذَلِكَ نَقْصُ تَمَتُّعِهِ بِهَا إنْ فُرِضَ؛ لِأَنَّ فَوَاتَ كَمَالِهِ لَا يُشَوِّشُ أَصْلَ الْعِشْرَةِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، عَلَى أَنَّ غَالِبَ النَّاسِ يُؤْثِرُ فَقْدَهُ تَقْدِيمًا لِمَصْلَحَةِ وَلَدِهِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ النَّادِرُ فِي ذَلِكَ، وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ هَذَا التَّصْحِيحُ غَيْرُ مُلَاقٍ لَهُ فَلْيُحْذَرْ. أَمَّا غَيْرُ مَنْكُوحَةٍ بِأَنْ كَانَتْ خَلِيَّةً فَإِنْ تَبَرَّعَتْ مُكِّنَتْ مِنْهُ قَطْعًا، وَإِلَّا فَكَمَا فِي قَوْلِهِ (فَإِنْ) (اتَّفَقَا) عَلَى أَنَّ الْأُمَّ تُرْضِعُهُ (وَطَلَبَتْ أُجْرَةَ مِثْلٍ) لَهُ وَقُلْنَا: إنَّ لِلزَّوْجِ اسْتِئْجَارَ زَوْجَتِهِ لِإِرْضَاعِ وَلَدِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِتَضَمُّنِهِ رِضَاهُ بِتَرْكِ التَّمَتُّعِ وَفُرِضَ الْكَلَامُ فِي الزَّوْجَةِ لِلْإِشَارَةِ إلَى هَذَا الْخِلَافِ فِي اسْتِئْجَارِهَا، وَإِلَّا فَحُكْمُ الْخَلِيَّةِ كَذَلِكَ، فَانْدَفَعَ قَوْلُ ابْنِ شُهْبَةَ وَمَنْ تَبِعَهُ: تَخْصِيصُ الزَّوْجَةِ مَعَ ذِكْرِ أَصْلِهِ لِغَيْرِهَا أَيْضًا لَا وَجْهَ لَهُ (أُجِيبَتْ) وَكَانَتْ أَحَقَّ بِهِ لِوُفُورِ شَفَقَتِهَا، ثُمَّ إنْ لَمْ يُنْقِصُ إرْضَاعُهَا تَمَتُّعَهُ اسْتَحَقَّتْ النَّفَقَةَ أَيْضًا وَإِلَّا فَلَا كَمَا لَوْ سَافَرَتْ لِحَاجَتِهَا بِإِذْنِهِ، كَذَا قَالَاهُ، وَاعْتَرَضَهُمَا الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ ذَاكَ حَيْثُ لَمْ يَصْحَبْهَا فِي سَفَرِهَا، وَإِلَّا فَلَهَا النَّفَقَةُ، وَهُوَ هُنَا مُصَاحِبُهَا فَلْتَسْتَحِقَّهَا، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الرَّضَاعِ أَنْ يُشَوِّشَ التَّمَتُّعَ غَالِبًا، فَإِنْ وُجِدَ ذَلِكَ بِحَيْثُ فَاتَ بِهِ كَمَالُ التَّمْكِينِ سَقَطَتْ، وَإِلَّا فَلَا فَلَمْ يَنْظُرُوا هُنَا لِلْمُصَاحَبَةِ، وَمِنْ هَذَا الْفَرْقِ يُؤْخَذُ مَا أَفْتَيْت بِهِ مِنْ أَنَّ الزَّوْجَةَ لَوْ خَرَجَتْ فِي الْبَلْدَةِ بِإِذْنِهِ لِصِنَاعَةٍ لَهَا لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا، بِخِلَافِ سَفَرِهَا بِإِذْنِهِ لِحَاجَتِهَا لِتَمَكُّنِهِ عَادَةً مِنْ اسْتِرْجَاعِهَا دُونَ الْمُسَافَرَةِ، وَلَا يُخَالِفُهُ مَا فِي كَلَامِهِمَا فِي الْعَدَدِ مِنْ أَنَّهَا لَوْ خَرَجَتْ لِإِرْضَاعٍ بِإِذْنِهِ فِي الْبَلْدَةِ سَقَطَتْ. وَخَرَجَ بِطَلَبَتْ مَا لَوْ أَرْضَعَتْهُ سَاكِتَةً، فَلَا أُجْرَةَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا مُتَبَرِّعَةٌ (أَوْ) طَلَبَتْ (فَوْقَهَا) أَيْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ (فَلَا) تَلْزَمُهُ الْإِجَابَةُ لِتَضَرُّرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِخِلَافِ عَدَمِ سَقْيِ اللِّبَأِ فَإِنَّ عَدَمَهُ لَيْسَ مُحَقِّقًا لِمَوْتِ الْوَلَدِ وَلَا كَالْمُحَقِّقِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ غَالِبًا مَعَ أَنَّهُ شُوهِدَ كَثِيرٌ مِنْ النِّسَاءِ يَمُتْنَ عَقِبَ وِلَادَتِهِنَّ وَيُرْضِعُ الْوَلَدَ غَيْرُ أُمِّهِ وَيَعِيشُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يَنْزِلُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ) أَيْ عَقِبَهَا (قَوْلُهُ: يُؤْثِرُ فَقْدَهُ) أَيْ التَّمَتُّعَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وُجِدَ ذَلِكَ بِحَيْثُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يُخَالِفُهُ مَا فِي كَلَامِهِمَا) وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْإِرْضَاعِ مُصَوَّرَةٌ بِمَا لَوْ أَجَّرَتْ نَفْسَهَا لِلْإِرْضَاعِ بِإِذْنِهِ وَخَرَجَتْ فَإِنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ عَوْدِهَا لِاسْتِحْقَاقِ مَنْفَعَتِهَا لِلْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ: فَلَا أُجْرَةَ لَهَا) أَيْ وَإِنْ كَانَ سُكُوتُهَا لِجَهْلِهَا بِجَوَازِ طَلَبِ الْأُجْرَةِ وَيَنْبَغِي وُجُوبُ إعْلَامِهَا بِاسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ كَمَا قِيلَ بِمِثْلِهِ فِي وُجُوبِ الْإِعْلَامِ بِالْمُتْعَةِ، وَقِيَاسُهُ: وُجُوبُ الْإِعْلَامِ بِكُلِّ مَا لَا تَعْلَمُ بِحُكْمِهِ الْمَرْأَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَكِنْ، ثُمَّ اُنْظُرْ لِمَ نَصَّ عَلَى ثُبُوتِ احْتِيَاجِ الْفَرْعِ وَغِنَى الْأَصْلِ دُونَ عَكْسِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْوِلَادَةِ) أَيْ عَقِبَهَا (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَتْ خَلِيَّةً) أَيْ أَمَّا إذَا كَانَتْ مَنْكُوحَةً لِلْغَيْرِ فَلَهُ الْمَنْعُ لِأَنَّ لَهُ مَنْعَ وَلَدِهِ مِنْ دُخُولِ دَارِ الزَّوْجِ إنْ رَضِيَ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَحُكْمُ الْخَلِيَّةِ كَذَلِكَ) أَيْ كَمَا قَدَّمَهُ قُبَيْلَ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: لِغَيْرِهَا) أَيْ الْخَلِيَّةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ لَمْ يَنْقُصْ إرْضَاعُهَا تُمَتِّعُهُ إلَخْ.) ظَاهِرُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ لَا يَتَأَتَّى فِيمَا لَوْ لَمْ تَأْخُذْ أُجْرَةً وَأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ حِينَئِذٍ النَّفَقَةَ مُطْلَقًا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَمِنْ هَذَا الْفَرْقِ يُؤْخَذُ إلَخْ.) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ الْأَخْذِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُخَالِفُهُ مَا فِي كَلَامِهِمَا إلَخْ.) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ عَدَمِ الْمُخَالَفَةِ

(وَكَذَا) لَا تَلْزَمُهُ الْإِجَابَةُ هُنَا إلَّا فِي الْحَضَانَةِ الثَّابِتَةِ لِلْأُمِّ كَمَا بَحَثَهُ الْعِرَاقِيُّ (إنْ) رَضِيَتْ الْأُمُّ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ أَوْ بِأَقَلَّ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَ (تَبَرَّعَتْ) بِهِ (أَجْنَبِيَّةٌ) صَالِحَةٌ لَا يَحْصُلُ لِلْوَلَدِ ضَرَرٌ بِهَا (أَوْ رَضِيَتْ بِأَقَلَّ) مِمَّا طَلَبَتْهُ الْأُمُّ (فِي الْأَظْهَرِ) لِإِضْرَارِهِ بِبَذْلِ مَا طَلَبَتْهُ حِينَئِذٍ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [البقرة: 233] وَالثَّانِي تُجَابُ الْأُمُّ لِوُفُورِ شَفَقَتِهَا، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا اسْتَمْرَى الْوَلَدُ لَبَنَ الْأَجْنَبِيَّةِ وَإِلَّا أُجِيبَتْ الْأُمُّ إلَى إرْضَاعِهِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ قَطْعًا كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لِمَا فِي الْعُدُولِ عَنْهَا مِنْ الْإِضْرَارِ بِالرَّضِيعِ وَفِي وَلَدٍ حُرٍّ وَزَوْجَةٍ حُرَّةٍ أَمَّا وَلَدٌ رَقِيقٌ وَأُمٌّ حُرَّةٌ فَلِلزَّوْجِ مَنْعُهَا كَمَا لَوْ كَانَ الْوَلَدُ مِنْ غَيْرِهِ، فَلَوْ كَانَتْ رَقِيقَةً وَالْوَلَدُ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا فَيُحْتَمَلُ إجَابَةُ مَنْ وَافَقَهُ السَّيِّدُ مِنْهُمَا وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ، وَعَلَى الْأَظْهَرِ لَوْ ادَّعَى الْأَبُ وُجُودَ مُتَبَرِّعَةٍ أَوْ رَاضِيَةٍ بِأَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَأَنْكَرَتْ الْأُمُّ صُدِّقَ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهَا تَدَّعِي عَلَيْهِ أُجْرَةً، وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا وَلِأَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ وَتَجِبُ الْأُجْرَةُ فِي مَالِ الطِّفْلِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ (وَمَنْ اسْتَوَى فَرْعَاهُ) قُرْبًا أَوْ بُعْدًا أَوْ إرْثًا أَوْ عَدَمَهُ أَوْ ذُكُورَةً أَوْ أُنُوثَةً (أَنْفَقَا) عَلَيْهِ بِالسَّوِيَّةِ وَإِنْ تَفَاوَتَا يَسَارًا أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَنِيًّا بِمَالٍ، وَالْآخَرُ بِكَسْبٍ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْمُوجِبِ وَهُوَ الْقَرَابَةُ، فَإِنْ غَابَ أَحَدُهُمَا دَفَعَ الْحَاكِمُ حِصَّتَهُ مِنْ مَالِهِ وَإِلَّا اقْتَرَضَ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ أَمَرَ الْآخَرَ بِالْإِنْفَاقِ وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ لُزُومِ تَعَرُّضِهِ فِي أَمْرِهِ إلَى نِيَّةِ الرُّجُوعِ بَلْ يَكُونُ مُجَرَّدُ أَمْرِهِ كَافِيًا حَيْثُ لَمْ يَنْوِ الْبَاذِلُ التَّبَرُّعَ فَذِكْرُ الرُّجُوعِ فِي كَلَامِ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ تَصْوِيرٌ. وَمَحَلُّ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إذَا كَانَ الْمَأْمُورُ أَهْلًا لِذَلِكَ مُؤْتَمَنًا، وَإِلَّا اقْتَرَضَ الْحَاكِمُ مِنْهُ وَأَمَرَ عَدْلًا بِالصَّرْفِ إلَى الْمُحْتَاجِ يَوْمًا فَيَوْمًا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَسْتَوِيَا فِي ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَقْرَبَ وَالْآخَرُ وَارِثًا (فَالْأَصَحُّ أَقْرَبُهُمَا) هُوَ الَّذِي يُنْفِقُهُ وَلَوْ أُنْثَى غَيْرَ وَارِثَةٍ؛ لِأَنَّ الْقَرَابَةَ هِيَ الْمُوجِبَةُ كَمَا تَقَرَّرَ فَكَانَتْ الْأَقْرَبِيَّةُ أَوْلَى بِالِاعْتِبَارِ مِنْ الْإِرْثِ (فَإِنْ اسْتَوَى) قُرْبُهُمَا كَبِنْتِ ابْنٍ وَابْنِ بِنْتٍ (فَ) الِاعْتِبَارُ (بِالْإِرْثِ فِي الْأَصَحِّ) لِقُوَّتِهِ حِينَئِذٍ (وَ) الْوَجْهُ (الثَّانِي) الْمُقَابِلُ لِلْأَصَحِّ أَوَّلًا أَنَّ الِاعْتِبَارَ (بِالْإِرْثِ) فَيُنْفِقُهُ الْوَارِثُ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَقْرَبَ (ثُمَّ الْقُرْبِ) إنْ اسْتَوَيَا إرْثًا (وَالْوَارِثَانِ) الْمُسْتَوِيَانِ قُرْبًا الْوَاجِبُ عَلَيْهِمَا الْمُؤَنُ كَابْنٍ وَبِنْتٍ هَلْ (يَسْتَوِيَانِ) فِيهِ (أَمْ تُوَزَّعُ) الْمُؤَنُ عَلَيْهِمَا (بِحَسَبِهِ) أَيْ الْإِرْثِ (وَجْهَانِ) لَمْ يُرَجِّحَا شَيْئًا مِنْهُمَا، وَجَزَمَ بِالثَّانِي فِي الْأَنْوَارِ وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَلَكِنَّهَا تُبَاشِرُهُ لِلزَّوْجِ عَلَى عَادَةِ النِّسَاءِ كَالطَّبْخِ وَغَسْلِ الثِّيَابِ وَنَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ: أَجْنَبِيَّةٌ صَالِحَةٌ) أَيْ بِأَنْ لَمْ تَكُنْ فَاسِقَةً وَلَمْ يَحْصُلُ لِلْوَلَدِ ضَرَرٌ بِتَرْبِيَتِهَا لَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ رَضِيَتْ بِأَقَلَّ) أَيْ مِمَّا لَا يُتَغَابَنُ بِهِ عَادَةً (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا اسْتَمْرَى) أَيْ بِأَنْ كَانَ لَا يُؤْذِيهِ وَيَحْصُلُ لَهُ بِهِ نُمُوٌّ كَنُمُوِّهِ بِلَبَنِ أُمِّهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا وَلَدٌ رَقِيقٌ) أَيْ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِأَوْلَادِ أَمَتِهِ ثُمَّ مَاتَ وَأَعْتَقَهَا الْوَارِثُ (قَوْلُهُ: فَيَحْتَمِلُ إجَابَةَ مَنْ وَافَقَهُ السَّيِّدُ مِنْهُمَا) أَيْ الزَّوْجِ وَالْأُمِّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ) أَيْ عَلَى الِاقْتِرَاضِ، وَقَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ الْقُدْرَةِ أَنَّهُ لَوْ قَدَرَ عَلَى الِاقْتِرَاضِ لَيْسَ لَهُ أَمْرُ الْحَاضِرِ بِالْإِنْفَاقِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ خَالَفَ وَأَمَرَهُ فَأَنْفَقَ فَالظَّاهِرُ الرُّجُوعُ لِلْقَرِينَةِ الظَّاهِرَةِ فِي عَدَمِ التَّبَرُّعِ وَلِكَوْنِهِ إنَّمَا أَنْفَقَ بِإِلْزَامِ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَقْرَبَ) كَابْنِ الْبِنْتِ (قَوْلُهُ: وَالْآخَرُ وَارِثًا) كَابْنِ ابْنِ الِابْنِ وَقَوْلُهُ أَمْ تُوَزَّعُ الْمُؤَنُ مُعْتَمَدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إلَّا فِي الْحَضَانَةِ الثَّابِتَةِ لِلْأُمِّ) صَرِيحُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّهُ لَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا إذَا طَلَبَتْ عَلَيْهَا أُجْرَةَ الْمِثْلِ، وَإِنْ تَبَرَّعَتْ بِهَا أَجْنَبِيَّةٌ أَوْ رَضِيَتْ بِدُونِهَا، وَأَنَّهَا لَا تَسْقُطُ إلَّا إذَا طَلَبَتْ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمَثَلِ، وَأَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ الْإِرْضَاعِ وَالْحَضَانَةِ فَقَدْ يُنْزَعُ مِنْهَا الْوَلَدُ لِأَجْلِ الْإِرْضَاعِ وَيُعَادُ إلَيْهَا لِلْحَضَانَةِ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ فِي الْبَابِ الْآتِي مَا يُخَالِفُهُ، وَالشِّهَابُ حَجّ لَمَّا ذَكَرَ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ هُنَا خَتَمَهُ بِقَوْلِهِ عَلَى مَا بَحَثَهُ أَبُو زُرْعَةَ فَتَبَرَّأَ مِنْهُ، ثُمَّ جَزَمَ فِيمَا يَأْتِي بِخِلَافِهِ فَلَمْ يَقَعْ فِي كَلَامِهِ مُخَالَفَةٌ بِخِلَافِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ) أَيْ عَلَى الِاقْتِرَاضِ

الْمُعْتَمَدُ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ فِيمَنْ لَهُ أَبَوَانِ وَقُلْنَا إنَّ مُؤْنَتَهُ عَلَيْهِمَا: أَيْ وَلَكِنَّ الْمُرَجَّحَ خِلَافُهُ كَمَا سَيَأْتِي، وَإِنْ مَنَعَ الزَّرْكَشِيُّ مَا رَجَّحْنَاهُ وَاعْتَمَدَ الْأَوَّلَ وَنُقِلَ تَصْحِيحُهُ عَنْ جَمْعٍ وَرَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي وَغَيْرُهُ (وَمَنْ لَهُ أَبَوَانِ) أَيْ أَبٌ وَإِنْ عَلَا وَأُمٌّ (فَ) نَفَقَتُهُ (عَلَى الْأَبِ) وَلَوْ بَالِغًا اسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ فِي صِغَرِهِ وَلِعُمُومِ خَبَرِ هِنْدٍ (وَقِيلَ) هِيَ (عَلَيْهِمَا لِبَالِغٍ) عَاقِلٍ لِاسْتِوَائِهِمَا فِيهِ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ لِتَمَيُّزِ الْأَبِ بِالْوِلَايَةِ عَلَيْهِمَا (أَوْ) اجْتَمَعَ (أَجْدَادٌ وَجَدَّاتٌ) لِعَاجِزٍ (إنْ أَدْلَى بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ فَالْأَقْرَبُ) هُوَ الَّذِي يُنْفِقُهُ لِإِدْلَاءِ الْأَبْعَدِ بِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُدْلِ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ فَالِاعْتِبَارُ (بِالْقُرْبِ) فَيُنْفِقُهُ الْأَقْرَبُ مِنْهُمْ (وَقِيلَ) الِاعْتِبَارُ بِوَصْفِ (الْإِرْثِ) كَمَا مَرَّ فِي الْفُرُوعِ (وَقِيلَ) الِاعْتِبَارُ (بِوِلَايَةِ الْمَالِ) أَيْ بِالْجِهَةِ الَّتِي تُفِيدُهَا، وَإِنْ وُجِدَ مَانِعُهَا كَالْفِسْقِ؛ لِأَنَّهَا تُشْعِرُ بِتَفْوِيضِ التَّرْبِيَةِ إلَيْهِ فَفِي كَلَامِهِ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ (وَمَنْ لَهُ أَصْلٌ وَفَرْعٌ) وَهُوَ عَاجِزٌ (فَفِي الْأَصَحِّ) أَنَّ مُؤْنَتَهُ (عَلَى الْفَرْعِ، وَإِنْ بَعُدَ) كَأَبٍ وَابْنِ ابْنٍ؛ لِأَنَّ عُصُوبَتَهُ أَقْوَى وَهُوَ أَوْلَى بِالْقِيَامِ بِشَأْنِ أَبِيهِ لِعِظَمِ حُرْمَتِهِ وَالثَّانِي أَنَّهَا عَلَى الْأَصْلِ اسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ فِي الصِّغَرِ. وَالثَّالِثُ أَنَّهَا عَلَيْهِمَا لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْبَعْضِيَّةِ (أَوْ) لَهُ (مُحْتَاجُونَ) مِنْ أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ زَوْجَةٍ وَضَاقَ مَوْجُودُهُ عَنْ الْكُلِّ (يُقَدِّمُ) نَفْسَهُ ثُمَّ (زَوْجَتَهُ) ؛ لِأَنَّهَا آكَدُ؛ إذْ نَفَقَتُهَا لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ (ثُمَّ) بَعْدَ الزَّوْجَةِ يُقَدِّمُ (الْأَقْرَبَ) فَالْأَقْرَبَ نَعَمْ يُقَدِّمُ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ أَوْ الْمَجْنُونَ عَلَى الْأُمِّ وَهِيَ عَلَى الْأَبِ كَالْجَدَّةِ عَلَى الْجَدِّ وَهُوَ أَعْنِي الْأَبَ عَلَى الْوَلَدِ الْكَبِيرِ الْعَاقِلِ، لَكِنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّ الْأَبَ الْمَجْنُونَ مُسْتَوٍ مَعَ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ أَوْ الْمَجْنُونِ، وَيُقَدِّمُ مَنْ اخْتَصَّ مِنْ أَحَدِ مُسْتَوِيَيْنِ قُرْبًا بِمَرَضٍ أَوْ ضَعْفٍ كَمَا تُقَدَّمُ بِنْتُ ابْنٍ عَلَى ابْنِ بِنْتٍ لِضَعْفِهَا وَإِرْثِهَا، وَأَبُو أَبٍ عَلَى أَبِي أُمٍّ لِإِرْثِهِ وَجَدٌّ أَوْ ابْنٌ زَمِنٌ عَلَى أَبٍ أَوْ ابْنٍ غَيْرِ زَمِنٍ، وَتُقَدَّمُ الْعَصَبَةُ مِنْ جَدَّيْنِ وَإِنْ بَعُدَ، وَجَدَّةٍ لَهَا وِلَادَتَانِ عَلَى جَدَّةٍ لَهَا وِلَادَةٌ فَقَطْ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ التَّقْدِيمِ هُنَا بِنَحْوِ عِلْمٍ وَصَلَاحٍ وَلَوْ اسْتَوَى جَمْعٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وُزِّعَ مَا يَجِدُهُ عَلَيْهِمْ إنْ سَدَّ مَسَدًا مِنْ كُلٍّ، وَإِلَّا أَقْرَعَ (وَقِيلَ) يُقَدَّمُ (الْوَارِثُ وَقِيلَ) يُقَدَّمُ (الْوَلِيُّ) نَظِيرَ مَا مَرَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلَكِنَّ الْمُرَجَّحَ) أَيْ هُنَاكَ وَقَوْلُهُ خِلَافُهُ: أَيْ خِلَافُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ عَلَيْهِمَا وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى الْأَبِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَالِغًا) أَيْ عَاجِزًا عَنْ الْكَسْبِ أَوْ لِزَمَانَةٍ (قَوْلُهُ: إذْ نَفَقَتُهَا لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ) وَمَرَّ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مِثْلَهَا خَادِمُهَا وَأُمُّ وَلَدِهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: مَعَ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ أَوْ الْمَجْنُونِ) أَيْ فَتُوَزَّعُ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: أَوْ ضَعْفٍ) عَطْفُ بَيَانٍ وَقَوْلُهُ مِنْ كُلِّ مُتَعَلِّقٍ بِسَدٍّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: فَفِي كَلَامِهِ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ) أَيْ وَالتَّقْدِيرُ بِجِهَةِ وِلَايَةِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَبٍ) أَيْ فِي الْأُولَى (قَوْلُهُ: أَوْ ابْنٍ) أَيْ فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ جَدَّيْنِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ يَنْتَسِبُ إلَى جَدَّيْنِ مِنْ أَجْدَادِهِ: أَيْ يُقَدَّمُ عَلَى مَنْ يَنْتَسِبُ إلَى جَدٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَعُدَ) أَيْ الْغَاصِبُ.

[فصل في الحضانة]

فَصْلٌ فِي الْحَضَانَةِ وَتَنْتَهِي فِي الصَّغِيرِ بِالْبُلُوغِ، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ بِالتَّمْيِيزِ وَمَا بَعْدَهُ إلَى الْبُلُوغِ كَفَالَةٌ وَالْخُلْفُ لَفْظِيٌّ فِيمَا يَظْهَرُ، نَعَمْ يَأْتِي أَنَّ مَا بَعْدَ التَّمْيِيزِ يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ فِي التَّخْيِيرِ وَتَوَابِعِهِ (الْحَضَانَةُ) بِفَتْحِ الْحَاءِ، لُغَةً: مِنْ الْحِضْنِ بِكَسْرِهَا وَهُوَ الْجَنْبُ لِضَمِّ الْحَاضِنَةِ الطِّفْلَ إلَيْهِ. وَشَرْعًا (حِفْظُ مَنْ لَا يَسْتَقِلُّ) بِأُمُورِهِ كَكَبِيرٍ مَجْنُونٍ (وَتَرْبِيَتُهُ) بِمَا يُصْلِحُهُ وَيَقِيهِ عَمَّا يَضُرُّهُ، وَقَدْ مَرَّ تَفْصِيلُهُ فِي الْإِجَارَةِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْإِمَامُ هِيَ مُرَاقَبَتُهُ عَلَى اللَّحَظَاتِ (وَالْإِنَاثُ أَلْيَقُ بِهَا) ؛ لِأَنَّهُنَّ أَصْبَرُ عَلَيْهَا وَلِوُفُورِ شَفَقَتِهِنَّ، وَمُؤْنَتُهَا عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ وَمِنْ ثَمَّ ذُكِرَتْ هُنَا، وَيَأْتِي هُنَا فِي إنْفَاقِ الْحَاضِنَةِ مَعَ الْإِشْهَادِ وَقَصْدِ الرُّجُوعِ مَا مَرَّ آنِفًا، وَيَكْفِي كَمَا قَالَهُ بَعْضُ شُرَّاحِ التَّنْبِيهِ قَوْلُ الْحَاكِمِ أَرْضِعِيهِ وَاحْضُنِيهِ وَلَك عَلَى الْأَبِ الرُّجُوعُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَأْجِرْهَا، فَإِنْ احْتَاجَ الْوَلَدُ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى لِخِدْمَةٍ فَعَلَى الْوَالِدِ إخْدَامُهُ بِلَائِقٍ بِهِ عُرْفًا، وَلَا يَلْزَمُ الْأُمَّ خِدْمَتُهُ كَمَا يَأْتِي وَإِنْ وَجَبَتْ لَهَا أُجْرَةُ الْحَضَانَةِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهَا الْحِفْظُ وَالنَّظَرُ فِي الْمَصَالِحِ، وَهَذَا غَيْرُ مُبَاشَرَةِ الْخِدْمَةِ، (وَأَوْلَاهُنَّ) عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي حُرٍّ (أُمٌّ) لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ وَالْحَاكِمِ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ «أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً وَإِنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي وَزَعَمَ أَنَّهُ يَنْزِعُهُ مِنِّي، فَقَالَ: أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي» نَعَمْ تُقَدَّمُ عَلَيْهَا كَكُلِّ الْأَقَارِبِ زَوْجَةُ مَحْضُونٍ يَتَأَتَّى وَطْؤُهُ لَهَا، وَزَوْجُ مَحْضُونَةٍ تُطِيقُ الْوَطْءَ؛ إذْ غَيْرُهَا لَا يُسَلَّمُ إلَيْهِ، وَلَا حَقَّ لِمُحَرَّمِ رَضَاعٍ وَلَا لِمُعْتَقٍ أَمَّا الرَّقِيقُ فَحَضَانَتُهُ لِسَيِّدِهِ فَإِنْ كَانَ مُبَعَّضًا فَهِيَ بَيْنَ ـــــــــــــــــــــــــــــS (فَصْلٌ) فِي الْحَضَانَةِ (قَوْلُهُ: فِي الْحَضَانَةِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُهَا كَعَدَمِ تَسْلِيمِ الْمُشْتَهَاةِ لِابْنِ عَمِّهَا عَلَى مَا يَأْتِي وَكَكَوْنِهِ مَعَ الْمُتَخَلِّفِ عَنْ السَّفَرِ مِنْ أَبَوَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ الْحَضَانَةُ لِمَزِيدِ السَّفَرِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْجَنْبُ) هُوَ أَحَدُ مَعَانِيهِ لُغَةً وَمِنْ ثَمَّ قَالَ حَجّ: تَنْبِيهٌ: هَذَا مَا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ وَاَلَّذِي فِي الْقَامُوسِ الْحِضْنُ بِالْكَسْرِ مَا دُونَ الْإِبِطِ إلَى الْكَشْحِ أَوْ الصَّدْرِ وَالْعَضُدَانِ وَمَا بَيْنَهُمَا أَوْ جَانِبُ الشَّيْءِ وَنَاحِيَتُهُ، ثُمَّ قَالَ: وَحَضَنَ الصَّبِيَّ حَضْنًا وَحِضَانَةً بِالْكَسْرِ جَعَلَهُ فِي حِضْنِهِ أَوْ رَبَّاهُ كَاحْتَضَنَهُ اهـ. وَقَوْلُهُ حَضْنًا: أَيْ بِفَتْحِ الْحَاءِ عَلَى مَا هُوَ الْقِيَاسُ فِي مَصْدَرِ الثُّلَاثِيِّ الْمُتَعَدِّي (قَوْلُهُ: وَاحْضُنِيهِ) بِضَمِّ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ حَضَنَ كَنَصَرَ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: وَلَك عَلَى الْأَبِ الرُّجُوعُ) أَيْ بِمَا يُقَابِلُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَسْتَأْجِرْهَا) أَيْ وَتَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: وَالنَّظَرُ فِي الْمَصَالِحِ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْمَصَالِحِ الَّتِي تَجِبُ عَلَيْهَا مَعَ عَدَمِ وُجُوبِ خِدْمَتِهَا لَهُ؟ (قَوْلُهُ: وَأَوْلَاهُنَّ) أَيْ أَحَقُّهُنَّ بِمَعْنَى الْمُسْتَحِقِّ مِنْهُنَّ أُمٌّ فَلَا يُقَدَّمُ غَيْرُهَا عَلَيْهَا إلَّا بِإِعْرَاضِهَا وَتَرْكِهَا لِلْحَضَانَةِ فَيُسَلَّمُ لِغَيْرِهَا مَا دَامَتْ مُمْتَنِعَةً كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: حِوَاءً) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْحِوَاءُ كَكِتَابٍ وَالْمُحَوَّى كَمُعَلَّى جَمَاعَةُ الْبُيُوتِ الْمُتَدَانِيَةِ (قَوْلُهُ: وَزَوْجٌ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُزَفَّ لَهُ فَيَثْبُتُ حَقُّهُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا مِمَّنْ لَهُ حَضَانَتُهَا قَهْرًا عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا حَقَّ لِمَحْرَمِ رَضَاعٍ) أَيْ أَوْ مَحْرَمِ مُصَاهَرَةٍ كَزَوْجَةِ الْأَبِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الرَّقِيقُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي الْحَضَانَةِ] (فَصْلٌ) فِي الْحَضَانَةِ (قَوْلُهُ: فِي إنْفَاقِ الْحَاضِنَةِ) اُنْظُرْ الْمَصْدَرُ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ أَوْ مَفْعُولِهِ، وَعَلَى كُلٍّ فَلَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ مُلَاءَمَتِهِ لِقَوْلِهِ بَعْدُ وَيَكْفِي قَوْلُ بَعْضِ شُرَّاحِ التَّنْبِيهِ إلَخْ. فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَا حَقَّ لِمَحْرَمِ رَضَاعٍ) أَيْ وَلَا لِمَحْرَمِ مُصَاهَرَةٍ

قَرِيبِهِ وَمَالِكِ بَعْضِهِ بِحَسَبِ الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الْمُهَايَأَةِ أَوْ عَلَى اسْتِئْجَارِ حَاضِنَةٍ أَوْ رَضِيَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ فَذَاكَ، وَإِنْ تَمَانَعَا اسْتَأْجَرَ الْحَاكِمُ مَنْ يَحْضُنُهُ وَأَلْزَمَهُمَا الْأُجْرَةَ (ثُمَّ أُمَّهَاتٌ) لَهَا (يُدْلِينَ بِإِنَاثٍ) لِمُشَارَكَتِهِنَّ الْأُمَّ إرْثًا وَوِلَادَةً (يُقَدَّمُ أَقْرَبُهُنَّ) فَأَقْرَبُهُنَّ لِوُفُورِ شَفَقَتِهِ، نَعَمْ يُقَدَّمُ عَلَيْهِنَّ بِنْتُ الْمَحْضُونِ كَمَا يَأْتِي بِمَا فِيهِ (وَالْجَدِيدُ) أَنَّهُ (يُقَدَّمُ بَعْدَهُنَّ أُمُّ أَبٍ) وَإِنْ عَلَا كَذَلِكَ، وَقُدِّمْنَ عَلَيْهَا لِتَحَقُّقِ وِلَادَتِهِنَّ وَمِنْ ثَمَّ كُنَّ أَقْوَى مِيرَاثًا؛ إذْ يُسْقِطُهُنَّ الْأَبُ بِخِلَافِ أُمَّهَاتِهِ (ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا الْمُدْلِيَاتُ بِإِنَاثٍ) تُقَدَّمُ الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى كَذَلِكَ أَيْضًا (ثُمَّ أُمُّ أَبِي أَبٍ كَذَلِكَ ثُمَّ أُمُّ أَبِي جَدٍّ كَذَلِكَ) أَيْ ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا الْمُدْلِيَاتُ بِإِنَاثٍ تُقَدَّمُ الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى (وَالْقَدِيمُ) أَنَّهُ (يُقَدَّمُ الْأَخَوَاتُ وَالْخَالَاتُ عَلَيْهِنَّ) أَيْ أُمَّهَاتِ الْأَبِ وَالْجَدِّ الْمَذْكُورَاتِ؛ لِأَنَّ الْأَخَوَاتِ أَشْفَقُ لِاجْتِمَاعِهِنَّ مَعَهُ فِي الصُّلْبِ وَالْبَطْنِ وَلِأَنَّ الْخَالَةَ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَأَجَابَ الْجَدِيدُ بِأَنَّ أُولَئِكَ أَقْوَى قَرَابَةً، وَمِنْ ثَمَّ عَتَقْنَ عَلَى الْفَرْعِ بِخِلَافِ هَؤُلَاءِ (وَتُقَدَّمُ) جَزْمًا (أُخْتٌ) مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ (عَلَى خَالَةٍ) لِقُرْبِهَا (وَخَالَةٌ عَلَى بِنْتِ أَخٍ وَبِنْتِ أُخْتٍ) ؛ لِأَنَّهَا تُدْلِي بِالْأُمِّ بِخِلَافِ مَنْ يَأْتِي (وَ) تُقَدَّمُ (بِنْتُ أَخٍ وَ) بِنْتُ (أُخْتٍ عَلَى عَمَّةٍ) ؛ لِأَنَّ جِهَةَ الْأُخُوَّةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى جِهَةِ الْعُمُومَةِ وَمِنْ ثَمَّ قُدِّمَ ابْنُ الْأَخِ فِي الْإِرْثِ عَلَى عَمٍّ وَتُقَدَّمُ بِنْتُ أُخْتٍ عَلَى بِنْتِ أَخٍ كَبِنْتِ أُنْثَى كُلُّ مَرْتَبَةٍ عَلَى بِنْتِ ذَكَرِهَا إنْ اسْتَوَتْ مَرْتَبَتُهُمَا، وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِالْمَرْتَبَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ (وَ) تُقَدَّمُ (أُخْتٌ) أَوْ خَالَةٌ أَوْ عَمَّةٌ (مِنْ أَبَوَيْنِ عَلَى أُخْتٍ) أَوْ خَالَةٍ أَوْ عَمَّةٍ (مِنْ أَحَدِهِمَا) لِقُوَّةِ قَرَابَتِهَا (وَالْأَصَحُّ تَقَدُّمُ أُخْتٍ مِنْ أَبٍ عَلَى أُخْتٍ مِنْ أُمٍّ) لِقُوَّةِ إرْثِهَا بِالْفَرْضِ تَارَةً وَبِالْعُصُوبَةِ أُخْرَى. وَالثَّانِي عَكْسُهُ؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَ الْأُخْتِ لِلْأَبِ عَلَى الْأُخْتِ لِلْأُمِّ كَانَ لِقُوَّتِهَا فِي الْإِرْثِ وَلَا إرْثَ هُنَا (وَخَالَةٌ وَعَمَّةٌ لِأَبٍ) وَإِنْ عَلَا (عَلَيْهِمَا لِأُمٍّ) لِقُوَّةِ جِهَةِ الْأُبُوَّةِ. وَالثَّانِي عَكْسُهُ لِلْإِدْلَاءِ بِالْأُمِّ. (وَ) الْأَصَحُّ (سُقُوطُ كُلِّ جَدَّةٍ لَا تَرِثُ) وَهِيَ مَنْ تُدْلِي بِذَكَرٍ بَيْنَ أُنْثَيَيْنِ كَأُمِّ أَبِي الْأُمِّ لِإِدْلَائِهَا بِمَنْ لَا حَقَّ لَهُ هُنَا فَهِيَ بِالْأَجَانِبِ أَشْبَهُ. وَالثَّانِي لَا تَسْقُطُ لِوِلَادَتِهَا لَكِنَّهَا تَتَأَخَّرُ عَنْ جَمِيعِ الْمَذْكُورَاتِ لِضَعْفِهَا. وَقَوْلُهُمَا وَمِثْلُهَا كُلُّ مَحْرَمٍ يُدْلِي بِذَكَرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSمُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فِي حُرٍّ (قَوْلُهُ: وَمَالِكُ بَعْضِهِ) أَيْ وَكَالْمُبَعَّضِ فِيمَا ذُكِرَ الْمُشْتَرَكُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَمَانَعَا اسْتَأْجَرَ) أَيْ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُهَايِئَ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ رِضَاهُمَا، وَقَوْلُهُ: مَنْ يَحْضُنُهُ بَابُهُ نَصَرَ (قَوْلُهُ: وَأَلْزَمَهُمَا الْأُجْرَةَ) هُوَ ظَاهِرٌ فِي السَّيِّدِ وَوَلَدِ الْمُبَعَّضِ، أَمَّا غَيْرُهُ مِنْ الْأَقَارِبِ فَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ بَلْ يَلْزَمُ بِأُجْرَتِهِ مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ (قَوْلُهُ: لِوُفُورِ شَفَقَتِهِ) أَيْ الْأَقْرَبِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُقَدَّمُ عَلَيْهِنَّ) أَيْ أُمَّهَاتِ الْأُمِّ (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي بِمَا فِيهِ) لَمْ يَذْكُرْ هَذَا بَعْدُ وَلَكِنْ فِي حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ، وَقِيلَ تُقَدَّمُ عَلَيْهِ الْخَالَةُ، وَالْأُخْتُ مِنْ الْأُمِّ مَا نَصُّهُ: فَرْعٌ: فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ مَا لَفْظُهُ لِبِنْتِ الْمَجْنُونِ حَضَانَتُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبَوَانِ ذَكَرَهُ ابْنُ كَجٍّ اهـ إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بِهِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: وَتُقَدَّمُ أُخْتٌ) أَيْ لِلرَّضِيعِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا) أَيْ جَدَّةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: نَعَمْ تُقَدَّمُ عَلَيْهِنَّ بِنْتُ الْمَحْضُونِ كَمَا يَأْتِي بِمَا فِيهِ) تَبِعَ فِي هَذَا حَجّ لَكِنَّ ذَاكَ تَكَلَّمَ عَلَى الْبِنْتِ فِيمَا يَأْتِي بِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلَا كَذَلِكَ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْأَصْوَبَ حَذْفُهُ لِأَنَّهُ عَيْنُ الْمَتْنِ الْآتِي عَلَى الْأَثَرِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُسْقِطُهُنَّ الْأَبُ بِخِلَافِ أُمَّهَاتِهِ) لَا يُقَالُ: إنَّمَا أَسْقَطَهُنَّ لِأَنَّهُ وَاسِطَةٌ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ الْمَيِّتِ وَنَظِيرُهُ الْأُمُّ بِالنِّسْبَةِ لِأُمَّهَاتِهَا لِأَنَّا نَقُولُ: خَلَفَنَا أَمْرٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ وَاسِطَةَ هَؤُلَاءِ لَا تُسْقِطُ أُولَئِكَ بِخِلَافِ أُولَئِكَ فَكَانَتْ قَرَابَةُ هَؤُلَاءِ أَقْوَى (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَنْ يَأْتِي) عِبَارَةُ الْجَلَالِ بِخِلَافِهِمَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَقْدِيمَ الْأُخْتِ لِلْأَبِ إلَخْ.) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْأُخْتَ لِلْأَبِ تُقَدَّمُ عَلَى الْأُخْتِ لِلْأُمِّ فِي الْإِرْثِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَعَلَّلَ الشَّارِحُ الْجَلَالُ بِقَوْلِهِ لِإِدْلَائِهَا بِالْأُمِّ انْتَهَى عَلَى أَنَّ مَا عَلَّلَ بِهِ الشَّارِحُ هُنَا لَا يُفِيدُ قَدِيمَ الَّتِي لِلْأُمِّ فِي هَذَا الْبَابِ، لِأَنَّ غَايَةَ مَا أَفَادَهُ أَنَّ الَّتِي لِلْأَبِ لَا تُقَدَّمُ عَلَيْهَا، وَأَمَّا كَوْنُهَا تُقَدَّمُ عَلَى الَّتِي لِلْأَبِ

لَا يَرِثُ كَبِنْتِ ابْنِ الْبِنْتِ وَبِنْتِ الْعَمِّ لِلْأُمِّ صَحِيحٌ، وَزَعَمَ أَنَّهُ ذُهُولٌ؛ لِأَنَّ كَوْنَ بِنْتِ الْعَمِّ مَحْرَمًا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ مِثَالٌ لِلْمُدْلِيَةِ بِمَنْ لَا يَرِثُ لَا بِقَيْدِ الْمَحْرَمِيَّةِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ لِوُضُوحِهِ فَلَا ذُهُولَ فِيهِ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَبِنْتِ الْعَمِّ لِلْأُمِّ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَحْرَمٍ؛ لِأَنَّهَا مَعْطُوفَةٌ عَلَى بِنْتِ ابْنِ الْبِنْتِ (دُونَ أُنْثَى قَرِيبَةٍ غَيْرِ مَحْرَمٍ) لَمْ تُدْلِ بِذَكَرٍ غَيْرِ وَارِثٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (كَبِنْتِ خَالَةٍ) وَبِنْتِ عَمَّةٍ أَوْ عَمٍّ لِغَيْرِ أُمٍّ فَلَا تَسْقُطُ عَلَى الْأَصَحِّ أَمَّا غَيْرُ قَرِيبَةٍ كَمُعْتَقَةٍ وَقَرِيبَةٍ أَدْلَتْ بِذَكَرٍ غَيْرِ وَارِثٍ أَوْ بِوَارِثٍ أَوْ بِأُنْثَى، وَالْمَحْضُونَ ذَكَرٌ يُشْتَهَى فَلَا حَضَانَةَ لَهَا، وَعَدَّ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ الْحَاضِنَاتِ بِنْتَ الْخَالِ، وَرَدَّ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْإِسْنَوِيُّ لَهُ بَلْ زَادَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِيهَا سَبْقُ قَلَمٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ لِإِدْلَائِهَا بِذَكَرٍ غَيْرِ وَارِثٍ، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ مَنْ كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لَا حَضَانَةَ لَهُ، بِخِلَافِ بِنْتِ الْخَالَةِ وَالْعَمَّةِ، فَإِنَّهَا تُدْلِي بِأُنْثَى وَبِخِلَافِ بِنْتِ الْعَمِّ أَيْ الْعَصَبَةِ فَإِنَّهَا تُدْلِي بِذَكَرٍ وَارِثٍ مَرْدُودٍ، فَقَدْ أَجَابَ عَنْهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ فِي الْجَدَّةِ السَّاقِطَةِ الْحَضَانَةَ ثَابِتَةٌ لِأَقْوِيَاءَ فِي النَّسَبِ فَانْتَقَلَتْ عَنْهَا الْحَضَانَةُ. وَأَمَّا بِنْتُ الْخَالِ فَقَدْ تَرَاخَى النَّسَبُ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهَا عَدَمُ إدْلَائِهَا بِوَارِثٍ (وَتَثْبُتُ) الْحَضَانَةُ (لِكُلِّ ذَكَرٍ مَحْرَمٍ وَارِثٍ) كَأَبٍ وَإِنْ عَلَا وَأَخٍ أَوْ عَمٍّ لِوُفُورِ شَفَقَتِهِ (عَلَى تَرْتِيبِ الْإِرْثِ) كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ، نَعَمْ يُقَدَّمُ هُنَا جَدٌّ عَلَى أَخٍ وَأَخٌ لِأَبٍ عَلَى أَخٍ لِأُمٍّ كَمَا فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ (وَكَذَا) وَارِثٌ قَرِيبٌ كَمَا أَفَادَهُ السِّيَاقُ، فَلَا يُرَدُّ الْمُعْتَقُ (غَيْرُ مَحْرَمٍ كَابْنِ عَمٍّ) وَابْنِ عَمِّ أَبٍ أَوْ جَدٍّ بِتَرْتِيبِ الْإِرْثِ هُنَا أَيْضًا (عَلَى الصَّحِيحِ) لِقُوَّةِ قَرَابَتِهِ لِإِرْثٍ. وَالثَّانِي لَا لِفَقْدِ الْمَحْرَمِيَّةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا تَرِثُ (قَوْلُهُ: مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ) وَيَجُوزُ رَفْعُهُ عَطْفًا عَلَى كُلٍّ (قَوْلُهُ: وَالْمَحْضُونُ ذَكَرٌ يَشْتَهِي) لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِهِ مَا يُخَرِّجُ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: فَلَا حَضَانَةَ لَهَا) وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا لَوْ كَانَ الْمَحْضُونُ أُنْثَى تُشْتَهَى وَالْحَاضِنُ ذَكَرًا حَيْثُ سُلِّمَتْ لَهُ إنْ كَانَ مَعَهُ نَحْوُ بِنْتِهِ أَنَّ الذَّكَرَ لَا يَسْتَغْنِي عَنْ الِاسْتِنَابَةِ، بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ وَلِهَذَا إذَا نُكِحَتْ بَطَلَ حَقُّهَا بِخِلَافِ الذَّكَرِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ) أَيْ النَّوَوِيُّ، وَقَوْلُهُ فِيهَا: أَيْ فِي بِنْتِ الْخَالِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ فِي الْجَدَّةِ) أَيْ بِأَنَّهُ فِي إلَخْ وَالْحَضَانَةُ ثَابِتَةٌ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ لِأَقْوِيَاءَ صِلَةٌ ثَابِتَةٌ (قَوْلُهُ ثَابِتَةٌ لِأَقْوِيَاءَ) أَيْ لِطَائِفَةٍ لَهُمْ قُوَّةٌ فِي النَّسَبِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ تَرَاخَى النَّسَبُ) لَكِنْ هَذَا الْفَرْقُ قَدْ يَرِدُ عَلَيْهِ بِنْتُ الْعَمِّ لِلْأُمِّ، وَنَحْوُ بِنْتِ ابْنِ الْبِنْتِ فِي دَرَجَتِهَا بِنْتُ ابْنِ الِابْنِ، وَبِنْتُ الْعَمِّ لِلْأُمِّ فِي دَرَجَتِهَا بِنْتُ الْعَمِّ الشَّقِيقِ أَوْ لِلْأَبِ وَهُمْ أَقْوِيَاءُ فِي النَّسَبِ (قَوْلُهُ: وَأَخٍ لِأَبٍ عَلَى أَخٍ لِأُمٍّ) فِيهِ مُسَامَحَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَخِ مِنْ الْأُمِّ فَإِنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ أَصْلًا وَتَعْبِيرُهُ بِالتَّقْدِيمِ يُشْعِرُ بِخِلَافِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQفَأَمْرٌ آخَرُ (قَوْلُهُ: غَيْرُ صَحِيحٍ) لَعَلَّهُ سَقَطَ هُنَا لَفْظُ غَيْرُ صَحِيحٍ أَيْضًا تَوَهُّمًا مِنْ بَعْضِ الْكَتَبَةِ أَنَّهَا مُكَرَّرَةٌ، وَلَا بُدَّ مِنْهَا لِأَنَّ لَفْظَ زَعْمُ مُبْتَدَأٌ يَحْتَاجُ إلَى خَبَرٍ وَأَنَّ تَحْتَاجُ إلَى خَبَرٍ أَيْضًا فَلْتُرَاجَعْ نُسْخَةٌ صَحِيحَةٌ (قَوْلُهُ: مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَحْرَمٍ) صَوَابُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى كُلُّ ثُمَّ إنَّ فِي عِلْمِ مَا ذَكَرَهُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مِمَّا قَرَّرَهُ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى لِأَنَّ حَاصِلَ مَا ذَكَرَهُ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّ الْمِثَالَ الْمَذْكُورَ مِنْ مَدْخُولِ الضَّابِطِ لَكِنْ بِإِسْقَاطِ قَيْدِ الْمَحْرَمِيَّةِ، وَهُوَ مُغَايِرٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ إذْ حَاصِلُهُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى أَصْلِ الضَّابِطِ فَهُوَ جَوَابٌ آخَرُ، عَلَى أَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ الْجَلَالِ هُوَ عَيْنُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ هُنَا (قَوْلُهُ: بِأَنَّ فِي الْجَدَّةِ السَّاقِطَةِ الْحَضَانَةَ ثَابِتَةٌ إلَخْ.) تُرَاجَعُ لَهُ نُسْخَةٌ صَحِيحَةٌ، وَكَانَ حَاصِلُ الْمَقْصُودِ مِنْهُ مَا فِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ عَنْهُ أَنَّهُ إنَّمَا يُرَاعَى الْإِدْلَاءُ بِمَنْ لَا حَقَّ لَهُ عِنْدَ قُوَّةِ النَّسَبِ أَمَّا عِنْدَ تَرَاخِيهِ فَلَا انْتَهَى. وَفِيهِ مَا فِيهِ، وَعِبَارَةُ وَالِدِهِ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَصُّهَا: وَإِنَّمَا سَقَطَتْ حَضَانَةُ أُمِّ أَبِي الْأُمِّ وَنَحْوِهَا كَبِنْتِ عَمٍّ لِأُمٍّ وَبِنْتِ ابْنِ بِنْتٍ لِضَعْفِهَا بِإِدْلَائِهَا بِذِكْرِ غَيْرِ وَارِثٍ وَقُوَّةِ مَنْ يَلِيهَا إذْ هُوَ

وَفِي تَمْثِيلِهِ بِابْنِ الْعَمِّ إشَارَةٌ إلَى اعْتِبَارِ الْقَرَابَةِ فِي الْحَاضِنِ فَانْدَفَعَ الْقَوْلُ بِأَنَّ كَلَامَهُ يَشْمَلُ الْمُعْتَقَ فَإِنَّهُ وَارِثٌ غَيْرُ مَحْرَمٍ مَعَ أَنَّهُ لَا حَضَانَةَ لَهُ (وَلَا تُسَلَّمُ إلَيْهِ) أَيْ غَيْرِ الْمَحْرَمِ (مُشْتَهَاةٌ) ؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نَظَرُهَا وَالْخَلْوَةُ بِهَا (بَلْ) تُسَلَّمُ (إلَى) امْرَأَةٍ (ثِقَةٍ) لَا إلَيْهِ لَكِنَّهُ هُوَ الَّذِي (يُعَيِّنُهَا) وَلَوْ بِأُجْرَةِ مَالِهِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فِي ذَلِكَ وَلَهُ تَعْيِينُ نَحْوِ ابْنَتِهِ، وَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُ كَوْنِهَا ثِقَةً كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ؛ لِأَنَّا نُشَاهِدُ كَثِيرًا مِنْ غَيْرِ الثِّقَةِ جَرَّهَا الْفَسَادُ لِمَحْرَمِهَا فَابْنَةُ عَمِّهَا بِالْأَوْلَى، فَالرَّدُّ عَلَيْهِ بِأَنَّ غَيْرَتَهَا عَلَى قَرِيبَتِهَا تُغْنِي عَنْ كَوْنِهَا ثِقَةً مَرْدُودٌ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ خَلْوَةُ رَجُلٍ بِامْرَأَتَيْنِ إلَّا إنْ كَانَتَا ثِقَتَيْنِ يَحْتَشِمُهُمَا، وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ جَمْعٍ مِنْ تَسْلِيمِهَا لِابْنَتِهِ تَوَقَّفَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ، ثُمَّ رَجَّحَ قَوْلَ الشَّامِلِ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا تُسَلَّمُ لِلْبِنْتِ، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنْ يُحْمَلَ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا انْفَرَدَتْ عَنْهُ لِكَوْنِهِ مُسَافِرًا وَابْنَتَهُ مَعَهُ لَا فِي رَحْلِهِ وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ تَضْعِيفَ تَسْلِيمِ الذَّكَرِ لَهُ مُطْلَقًا، وَلَوْ مُشْتَهًى وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَصَوَّبَ الزَّرْكَشِيُّ عَدَمَ تَسْلِيمِ الْمُشْتَهَى لَهُ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى عَدَمِ رِيبَةٍ وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ (فَإِنْ فُقِدَ) فِي الذَّكَرِ (الْإِرْثُ وَالْمَحْرَمِيَّةُ) كَابْنِ خَالٍ أَوْ خَالَةٍ أَوْ عَمَّةٍ (أَوْ) فُقِدَ (الْإِرْثُ) دُونَ الْمَحْرَمِيَّةِ كَأَبِي أُمٍّ وَخَالٍ وَابْنِ أُخْتٍ وَابْنِ أَخٍ لِأُمٍّ أَوْ الْقَرَابَةِ دُونَ الْإِرْثِ كَمُعْتَقٍ (فَلَا) حَضَانَةَ لَهُمْ (فِي الْأَصَحِّ) لِضَعْفِ قَرَابَتِهِمْ بِانْتِفَاءِ الْإِرْثِ وَالْوِلَايَةِ وَالْعَقْلِ وَلِانْتِفَائِهَا فِي الْأَخِيرَةِ. وَالثَّانِي لَهُ الْحَضَانَةُ لِشَفَقَتِهِ بِالْقَرَابَةِ (وَإِنْ اجْتَمَعَ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ فَالْأُمُّ) مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْكُلِّ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ وَلِزِيَادَتِهَا عَلَى الْأَبِ بِالْوِلَادَةِ الْمُحَقَّقَةِ وَالْأُنُوثَةِ اللَّائِقَةِ بِالْحَضَانَةِ (ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــSفَائِدَةٌ] لَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ مَحْضُونًا فَالْحَضَانَةُ لِحَاضِنِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ الْقِيَامُ بِحُقُوقِ الزَّوْجَةِ فَيَلِي أَمْرَهَا مَنْ يَتَصَرَّفُ عَنْهُ تَوْفِيَةً لِحَقِّهَا مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُ كَوْنِهَا) أَيْ نَحْوِ ابْنَتِهِ (قَوْلُهُ: فَالرَّدُّ عَلَيْهِ بِأَنَّ غَيْرَتَهَا) الْغَيْرَةُ بِالْفَتْحِ مَصْدَرُ قَوْلِك غَارَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ يَغَارُ غَيْرًا وَغَيْرَةً وَغَارًّا (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ كَانَتَا ثِقَتَيْنِ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا زَوْجَةً لَهُ (قَوْلُهُ: فَلَا حَضَانَةَ لَهُمْ) أَيْ إنْ كَانَ ثَمَّ مَنْ لَهُ حَضَانَةٌ سُلِّمَ لَهُ، وَإِلَّا فَيُعَيِّنُ الْقَاضِي مَنْ يَقُومُ بِهَا (قَوْلُهُ: وَلِانْتِفَائِهَا) أَيْ الْقَرَابَةِ (قَوْلُهُ: بِالْوِلَادَةِ الْمُحَقِّقَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ مِنْهَا وَلَوْ مِنْ زِنًا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَبُ أَوْ نَحْوُهُ، بِخِلَافِ بِنْتِ الْخَالِ فَإِنَّ حَضَانَتَهَا عِنْدَ ضَعْفِ مَنْ بَعْدَهَا بِتَرَاخِي النَّسَبِ، وَقَدْ جُبِرَ ضَعْفُهَا بِإِدْلَائِهَا بِأُمِّ الْأُمِّ، وَإِنْ كَانَ بِوَاسِطَةٍ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَفِي تَمْثِيلِهِ بِابْنِ الْعَمِّ إلَخْ.) هُوَ جَوَابٌ ثَانٍ عَمَّا وَرَدَ عَلَى عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ، وَلَوْ ذَكَرَهُ مَعَ الْجَوَابِ الْأَوَّلِ كَانَ أَوْلَى، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْأَوْلَى الْجَوَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ كَابْنِ عَمٍّ وَصْفٌ مُخَصِّصٌ لِقَوْلِهِ غَيْرُ مَحْرَمٍ لَا مِثَالَ: أَيْ غَيْرُ مَحْرَمٍ هُوَ كَابْنِ عَمٍّ مِنْ كُلِّ قَرِيبٍ فَخَرَجَ الْمُعْتِقُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَا إلَيْهِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ إذْ لَا مَوْقِعَ لَهُ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا تُسَلَّمُ إلَيْهِ مُشْتَهَاةٌ (قَوْلُهُ: وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ جَمْعٍ إلَخْ.) فِي هَذَا الْكَلَامِ خَلَلٌ لَا يَخْفَى، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ غَيْرِ وَاحِدٍ أَنَّهَا تُسَلَّمُ لِمَنْ لَهُ بِنْتٌ تَوَقَّفَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ، ثُمَّ رُجِّحَ قَوْلُ الشَّامِلِ وَغَيْرُهُ أَنَّهَا تُسَلَّمُ لِلْبِنْتِ كَمَا تَقَرَّرَ. اهـ. وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ زِيَادَةُ لَفْظِ عَدَمُ قَبْلَ قَوْلِهِ تُسَلَّمُ وَهِيَ قَدْ تُوَافِقُ كَلَامَ التُّحْفَةِ لَكِنَّ الْجَمْعَ الْآتِيَ لَا يُلَائِمُهَا، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ زِيَادَةُ لَا قَبْلَ قَوْلِهِ تُسَلَّمُ لَكِنَّهُ غَيْرُ مَا فِي الشَّامِلِ كَمَا عَرَفْت فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ إلَخْ.) قَدْ عَرَفْت مَا فِيهِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ، لَكِنَّ عِبَارَةَ الرَّوْضِ وَابْنِ الْعَمِّ وَنَحْوِهِ يَتَسَلَّمُ الصَّغِيرَةَ لَا مَنْ تُشْتَهَى بَلْ يُعَيِّنُ لَهَا ثِقَةً، فَإِنْ كَانَتْ لَهُ بِنْتٌ سُلِّمَتْ إلَيْهَا بِإِذْنِهِ انْتَهَتْ. قَالَ شَارِحُهُ: قَوْلُهُ: إلَيْهَا بِإِذْنِهِ أَخَذَهُ مِنْ الْإِسْنَوِيِّ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ: سُلِّمَتْ إلَيْهِ: أَيْ جُعِلَتْ عِنْدَهُ مَعَ بِنْتِهِ، وَهُوَ حَسَنٌ لَا يُعْدَلُ عَنْهُ. نَعَمْ إنْ كَانَ مُسَافِرًا وَبِنْتُهُ مَعَهُ لَا فِي رَحْلِهِ سُلِّمَتْ إلَيْهَا لَا لَهُ كَمَا لَوْ كَانَ فِي الْحَضَرِ وَلَمْ تَكُنْ بِنْتُهُ فِي بَيْتِهِ، وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ كَلَامَيْ الْأَصْلِ وَالْمِنْهَاجِ، وَأَصْلُهُ حَيْثُ قَالُوا فِي مَوْضِعٍ تُسَلَّمُ إلَيْهِ وَفِي آخَرَ تُسَلَّمُ إلَيْهَا، وَبِهَذَا تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ الْخَلَلِ (قَوْلُهُ: كَمُعْتِقٍ) لَيْسَ هُوَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ تَعْلِيلِ الثَّانِي خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيه صَنِيعُ

الْمُدْلِيَاتُ بِإِنَاثٍ وَإِنْ عَلَوْنَ؛ لِأَنَّهُنَّ فِي مَعْنَاهَا (ثُمَّ الْأَبُ) ؛ لِأَنَّهُ أَشْفَقُ مِمَّنْ يَأْتِي ثُمَّ أُمَّهَاتُهُ، وَإِنْ عَلَوْنَ (وَقِيلَ تُقَدَّمُ عَلَيْهِ الْخَالَةُ وَالْأُخْتُ مِنْ الْأُمِّ) أَوْ الْأَبِ أَوْ هُمَا لِإِدْلَائِهِمَا بِالْأُمِّ كَأُمَّهَاتِهَا وَرُدَّ بِضَعْفِ هَذَا الْإِدْلَاءِ (وَيُقَدَّمُ الْأَصْلُ) الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَإِنْ عَلَا (عَلَى الْحَاشِيَةِ) مِنْ النَّسَبِ كَأُخْتٍ وَعَمَّةٍ لِقُوَّةِ الْأُصُولِ (فَإِنْ فُقِدَ) الْأَصْلُ مُطْلَقًا وَثَمَّ حَوَاشٍ (فَالْأَصَحُّ) أَنَّهُ يُقَدَّمُ مِنْهُمْ (الْأَقْرَبُ) فَالْأَقْرَبُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى كَالْإِرْثِ، وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا مَرَّ مِنْ تَقْدِيمِ الْخَالَةِ عَلَى أَبْنَةِ أَخٍ أَوْ أُخْتٍ؛ لِأَنَّ الْخَالَةَ تُدْلِي بِالْأُمِّ الْمُقَدَّمَةِ عَلَى الْكُلِّ فَكَانَتْ أَقْرَبَ هُنَا مِمَّنْ نُدْلِي بِالْمُؤَخَّرِ عَنْ كَثِيرِينَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهِمْ أَقْرَبُ كَأَنْ اسْتَوَى جَمْعٌ فِي الْقُرْبِ كَأَخٍ وَأُخْتٍ (فَالْأُنْثَى) مُقَدَّمَةٌ؛ لِأَنَّهَا أَبْصَرُ وَأَصْبَرُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمُسْتَوِينَ قُرْبًا أُنْثَى كَأَخَوَيْنِ أَوْ أُخْتَيْنِ. (فَيُقْرَعُ) بَيْنَهُمَا قَطَعَا لِلنِّزَاعِ، وَالْخُنْثَى هُنَا كَالذَّكَرِ مَا لَمْ يَدَّعِ الْأُنُوثَةَ وَيَحْلِفْ (وَلَا حَضَانَةَ) عَلَى حُرٍّ أَوْ رَقِيقٍ ابْتِدَاءً وَلَا دَوَامًا (لِرَقِيقٍ) أَيْ لِمَنْ فِيهِ رِقٌّ وَإِنْ قَلَّ لِنَقْصِهِ، وَإِنْ أَذِنَ سَيِّدُهُ؛ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ وَهِيَ عَلَى الْقِنِّ لِسَيِّدِهِ، لَكِنْ لَيْسَ لَهُ نَزْعُهُ مِنْ أَحَدِ أَبَوَيْهِ الْحُرِّ قَبْلَ التَّمْيِيزِ، وَقَدْ تَثْبُتُ لِأُمِّ قِنَّةٍ فِيمَا لَوْ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدٍ كَافِرٍ فَلَهَا حَضَانَةُ وَلَدِهَا التَّابِعِ لَهَا فِي الْإِسْلَامِ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ لِفَرَاغِهَا؛ إذْ يَمْتَنِعُ عَلَى السَّيِّدَةِ قُرْبَانُهَا مَعَ وُفُورِ شَفَقَتِهَا وَمَعَ تَزَوُّجِهَا لَا حَقَّ لِلْأَبِ لِكُفْرِهِ (وَمَجْنُونٍ) وَلَوْ مُتَقَطِّعًا مَا لَمْ يَقِلَّ كَيَوْمٍ فِي سَنَةٍ لِنَقْصِهِ، وَيُتَّجَهُ ثُبُوتُ الْحَضَانَةِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لِوَلِيِّهِ وَلَمْ أَرَ لَهُمْ كَلَامًا فِي الْإِغْمَاءِ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْحَاكِمَ يَسْتَنِيبُ عَنْهُ زَمَنَ إغْمَائِهِ وَلَوْ قِيلَ بِمَجِيءِ مَا مَرَّ فِي وَلِيِّ النِّكَاحِ لَمْ يَبْعُدْ (وَفَاسِقٍ) ؛ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ، نَعَمْ يَكْفِي مَسْتُورُهَا كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ وَلَا يُكَلَّفُ إثْبَاتَ الْعَدَالَةِ: أَيْ حَيْثُ وَقَعَ النِّزَاعُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ، فَإِنْ وَقَعَ قَبْلَهُ احْتَاجَ الْمُدَّعِي إلَى إثْبَاتِهَا وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ إفْتَاءُ الْمُصَنِّفِ وَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَةٌ بِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ إلَّا مَعَ بَيَانِ السَّبَبِ كَالْجُرْحِ (وَكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ) لِذَلِكَ بِخِلَافِ الْعَكْسِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ يَلِي الْكَافِرَ. وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ ثُبُوتَهَا لِلْكَافِرِ عَلَى الْكَافِرِ وَهُوَ كَذَلِكَ (وَنَاكِحَةِ غَيْرِ أَبِي الطِّفْلِ) وَإِنْ رَضِيَ زَوْجُهَا وَلَمْ يَدْخُلْ ـــــــــــــــــــــــــــــSلِنِسْبَتِهِ إلَيْهَا شَرْعًا (قَوْلُهُ: وَقِيلَ تُقَدَّمُ عَلَيْهِ) أَيْ الْأَبِ (قَوْلُهُ كَأُمَّهَاتِهَا) أَيْ الْأُمِّ (قَوْلُهُ: مِنْ النَّسَبِ) مِثَالٌ لِلْحَاشِيَةِ (قَوْلُهُ: وَأَصْبَرُ) عَطْفٌ مُغَايِرٌ (قَوْلُهُ: أُنْثَى) أَيْ مَعَ ذَكَرٍ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَدَّعِ الْأُنُوثَةَ) أَيْ بِظُهُورِ عَلَامَةٍ لَهُ خَفِيَتْ عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَيَحْلِفُ) أَيْ فَيُقَدَّمُ عَلَى الذَّكَرِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَيْسَ لَهُ) أَيْ السَّيِّدِ، وَقَوْلُهُ: نَزْعُهُ هَذَا شَامِلٌ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْأُمِّ حَيْثُ قَالَ: تَلْخِيصُ الْقَوْلِ فِيهِ أَنَّ الْوَلَدَ الرَّقِيقَ حَضَانَتُهُ لِسَيِّدِهِ إلَّا إذَا كَانَ قَبْلَ السَّبْعِ وَأُمُّهُ حُرَّةٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ مِنْ أَحَدِ أَبَوَيْهِ الْحُرِّ) وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الْأُمِّ بِإِنْ تُعْتَقَ بَعْدَ وِلَادَتِهِ أَوْ أَوْصَى بِأَوْلَادِهَا ثُمَّ عَتَقَتْ فَهِيَ حُرَّةٌ، وَالْأَبُ رَقِيقٌ كَالْوَلَدِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قِيلَ بِمَجِيءِ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ إنْ دَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ انْتَقَلَتْ الْوِلَايَةُ لِلْأَبِ وَإِلَّا اُنْتُظِرَتْ الْإِفَاقَةُ ثُمَّ رَأَيْته فِي حَجّ (قَوْلُهُ: وَنَاكِحَةُ غَيْرِ أَبِي الطِّفْلِ) أَيْ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّارِحِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْأَبُ أَوْ هُمَا لِإِدْلَائِهِمَا بِالْأُمِّ) هُوَ لَا يَتَأَتَّى فِي الْأُخْتِ لِلْأَبِ، فَالصَّوَابُ إسْقَاطُهَا مِنْ الشَّارِحِ إذْ هَذَا الْقِيلُ لَا يَجْرِي فِيهَا، وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ الْجَلَالِ عَقِبَ الْمَتْنِ نَصُّهَا؛ لِإِدْلَائِهِمَا بِالْأُمِّ بِخِلَافِ الْأُخْتِ لِلْأَبِ لِإِدْلَائِهَا بِهِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمُسْتَوِينَ قُرْبًا أُنْثَى) أَيْ مُنْفَرِدَةٌ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَهِيَ عَلَى الْقِنِّ لِسَيِّدِهِ) كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ (قَوْلُهُ: لِأُمٍّ قِنَّةٍ) فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ نَقْلًا عَنْ صَاحِبِهَا أَنَّهُ بِالْإِضَافَةِ، وَانْظُرْ مَا وَجْهُهُ مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا لَوْ أَسْلَمْت إلَخْ. قَدْ يُعَيَّنُ أَنَّ لِأُمٍّ بِالتَّنْوِينِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَمَعَ تَزَوَّجَهَا لَا حَقَّ لِلْأَبِ) وَيُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ وَيَأْتِي أَنَّهَا تَنْتَقِلُ لِمَنْ بَعْدَ الْأَبَوَيْنِ ثُمَّ الْقَاضِي الْأَمِينِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قِيلَ بِمَجِيءِ مَا مَرَّ إلَخْ.) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَيَظْهَرُ أَنَّ الْقَاضِيَ يُنِيبُ عَنْهُ مَنْ يَحْضُنُهُ لِقُرْبِ زَوَالِهِ غَالِبًا، وَيُحْتَمَلُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَ أَنْ يُعْتَادَ قُرْبُ زَوَالِهِ فَالْحُكْمُ

بِهَا لِلْخَبَرِ الْمَارِّ «أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي» وَإِذَا سَقَطَ حَقُّ الْأُمِّ بِذَلِكَ انْتَقَلَ لِأُمِّهَا مَا لَمْ يَرْضَ الزَّوْجُ وَالْأَبُ بِبَقَائِهِ مَعَ الْأُمِّ، وَإِنْ نَازَعَ الْأَذْرَعِيُّ فِي ذَلِكَ، أَمَّا نَاكِحَةُ أَبِي الطِّفْلِ، وَإِنْ عَلَا فَحَضَانَتُهَا بَاقِيَةٌ، أَمَّا الْأَبُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْجَدُّ فَلِأَنَّهُ وَلِيٌّ تَامُّ الشَّفَقَةِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ تَزَوُّجَهَا بِأَبِي الْأُمِّ يُبْطِلُ حَقَّهَا وَهُوَ كَذَلِكَ، وَتَنَاقَضَ فِيهِ كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ، وَقَدْ لَا تَسْقُطُ بِالتَّزَوُّجِ لِكَوْنِ الِاسْتِحْقَاقِ بِالْإِجَارَةِ بِأَنْ خَالَعَ زَوْجَتَهُ بِأَلْفٍ وَحَضَانَةُ الصَّغِيرِ سَنَةٌ فَلَا يُؤَثِّرُ تَزَوُّجُهَا فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ عَقْدٌ لَازِمٌ (إلَّا) إنْ تَزَوَّجَتْ مَنْ لَهُ حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ أَيْ فِي الْجُمْلَةِ، وَرَضِيَ بِهِ كَأَنْ تَزَوَّجَتْ (عَمَّهُ وَابْنَ عَمِّهِ وَابْنَ أَخِيهِ) أَوْ أُخْتِهِ لِأُمِّهِ أَخَاهُ لِأَبِيهِ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ أَصْحَابُ حَقٍّ فِي الْحَضَانَةِ، وَالشُّفْعَةُ تَحْمِلُهُمْ عَلَى رِعَايَةِ الطِّفْلِ فَيَتَعَاوَنَانِ عَلَى كَفَالَتِهِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ، وَمِنْ ثَمَّ اُشْتُرِطَ أَنْ يَنْضَمَّ رِضَاهُ رِضَا الْأَبِ بِخِلَافِ مَنْ لَهُ حَقٌّ يَكْفِي رِضَاهُ وَحْدَهُ. وَالثَّانِي يَبْطُلُ حَقُّهَا لِاشْتِغَالِهَا بِالزَّوْجِ، وَلَا حَقَّ لَهُ فِي الْحَضَانَةِ الْآنَ فَأَشْبَهَ الْأَجْنَبِيَّ، وَيُتَصَوَّرُ نِكَاحُ ابْنِ الْأَخِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُسْتَحِقُّ غَيْرَ الْأُمِّ وَأُمَّهَاتِهَا كَأَنْ تَتَزَوَّجَ أُخْتُ الطِّفْلِ لِأُمِّهِ بِابْنِ أَخِيهِ لِأَبِيهِ فَإِنَّهَا تُقَدَّمُ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ لِأَبِيهِ فِي الْأَصَحِّ. (وَإِنْ) (كَانَ) الْمَحْضُونُ (رَضِيعًا) (اُشْتُرِطَ) فِي اسْتِحْقَاقِ نَحْوِ أُمِّهِ لِلْحَضَانَةِ إذَا كَانَتْ ذَاتَ لَبَنٍ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (أَنْ تُرْضِعَهُ عَلَى الصَّحِيحِ) لِعُسْرِ اسْتِئْجَارِ مُرْضِعَةٍ تَتْرُكُ مَنْزِلَهَا وَتَنْتَقِلُ إلَى مَنْزِلِ الْحَاضِنَةِ مَعَ الِاغْتِنَاءِ عَنْ ذَلِكَ بِلَبَنِ الْحَاضِنَةِ الَّذِي هُوَ أَمْرَأُ مِنْ غَيْرِهِ لِمَزِيدِ شَفَقَتِهَا، فَإِنْ امْتَنَعَتْ سَقَطَ حَقُّهَا، وَلَهَا إنْ أَرْضَعَتْهُ أُجْرَةُ الرَّضَاعِ وَالْحَضَانَةِ، وَحِينَئِذٍ يَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ فِيمَنْ رَضِيَتْ بِدُونِ مَا رَضِيَتْ بِهِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا لَبَنٌ فَتَسْتَحِقُّ جَزْمًا، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ لَا وَعَلَى الْأَبِ اسْتِئْجَارُ مَنْ تُرْضِعُهُ، عِنْدَهَا وَرُدَّ بِمَا مَرَّ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا سَلَامَةُ الْحَاضِنَةِ مِنْ أَلَمٍ مُشْغِلٍ كَفَالِجٍ أَوْ مُؤَثِّرٍ فِي عُسْرِ الْحَرَكَةِ فِي حَقِّ مَنْ يُبَاشِرُهَا بِنَفْسِهِ دُونَ مَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ، وَيُبَاشِرُهُ غَيْرُهُ. قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، وَمَنْ عَمِيَ عِنْدَ جَمْعٍ وَخَالَفَهُمْ آخَرُونَ، وَالْأَوْجَهُ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الرَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ آخَرُونَ أَنَّهَا إنْ احْتَاجَتْ لِلْمُبَاشَرَةِ وَلَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأُمِّ وَقَوْلُهُ غَيْرِ أَبِي الطِّفْلِ: أَيْ وَإِنْ عَلَا كَمَا فِي زَوْجَةِ الْجَدِّ أَبِي الْأَبِ. وَصُورَتُهُ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَهُ بِنْتَ زَوْجَتِهِ مِنْ غَيْرِهِ فَتَلِدُ مِنْهُ، وَيَمُوتُ أَبُو الطِّفْلِ وَأُمُّهُ فَتَحْضُنُهُ زَوْجَةُ جَدِّهِ بِرّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْجَدُّ فَلِأَنَّهُ إلَخْ) وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْجَدُّ إحْدَى أُخْتَيْنِ وَابْنُهُ الْأُخْرَى، أَوْ يَتَزَوَّجَ الْجَدُّ امْرَأَةً وَابْنُهُ بِنْتَهَا، فَيَأْتِيَ لِلِابْنِ وَلَدٌ مِنْ إحْدَى الْأُخْتَيْنِ، أَوْ بِنْتِ زَوْجَةِ أَبِيهِ ثُمَّ تَنْتَقِلَ حَضَانَةُ الْوَلَدِ لِزَوْجَةِ أَبِي الِابْنِ وَهِيَ الْخَالَةُ فِي الْأُولَى وَأُمُّ الْأُمِّ فِي الثَّانِيَةِ فَمَنْ لَهَا الْحَضَانَةُ حِينَئِذٍ نَاكِحَةٌ لِجَدِّ الطِّفْلِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَصْوِيرُهُ أَيْضًا فِيمَا نَقَلَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ ب ر (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ تَزَوُّجَهَا) أَيْ الْحَاضِنَةِ وَقَوْلُهُ بِأَبِي الْأُمِّ أَيْ كَأَنْ تَكُونَ عَمَّةَ الْمَحْضُونِ وَتَزَوَّجَتْ بِأَبِي أُمِّهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ خَالَعَ زَوْجَتَهُ بِأَلْفٍ) هُوَ لِلتَّمْثِيلِ وَإِلَّا فَلَوْ خَالَعَهَا عَلَى حَضَانَةِ الصَّغِيرِ سَنَةً كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَابْنِ أَخِيهِ) صُورَتُهَا أَنْ تُزَوَّجَ أُخْتُ الطِّفْلِ لِأُمِّهِ مِنْ ابْنِ أَخِيهِ لِأَبِيهِ فَإِنَّ الْأُخْتَ لِلْأُمِّ لَا يَسْقُطُ حَقُّهَا ع اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الشَّارِحِ وَيُتَصَوَّرُ نِكَاحُ ابْنِ الْأَخِ إلَخْ (قَوْلُهُ: هُوَ أَمْرَأُ) أَيْ أَوْفَقُ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَذَلِكَ، وَإِلَّا فَتَنْتَقِلُ لِمَنْ بَعْدَهُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: أَمَّا نَاكِحَةُ أَبِي الطِّفْلِ) أَيْ كَخَالَةِ الطِّفْلِ إذَا نَكَحَتْ أَبَاهُ أَوْ جَدَّهُ (قَوْلُهُ: بِأَلْفٍ) وَكَذَا لَوْ خَالَعَهَا عَلَى الْحَضَانَةِ فَقَطْ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ تَزَوَّجَتْ) لَا يَخْفَى مَا فِي الدُّخُولِ بِهَذَا عَلَى الْمَتْنِ مَعَ الْعَطْفِ فِيهِ بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ: أَوْ أُخْتُهُ لِأُمِّهِ أَخَاهُ لِأَبِيهِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ مِنْ أَنَّهَا تُقَدَّمُ عَلَيْهِ وَلَعَلَّ الشَّارِحَ مِمَّنْ يَخْتَارُهُ (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ يَأْتِي هُنَا) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَضَانَةِ إذْ مَسْأَلَةُ الرَّضَاعِ تَقَدَّمَتْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَلَا تَحْتَاجُ لِلتَّنْبِيهِ عَلَيْهَا هُنَا، وَحِينَئِذٍ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهَا إذَا لَمْ تَرْضَ إلَّا بِأُجْرَةٍ وَهُنَاكَ مُتَبَرِّعَةٌ أَوْ إلَّا بِأُجْرَةِ الْمَثَلِ وَهُنَاكَ مَنْ يَرْضَى بِأَقَلَّ تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ قُبَيْلَ الْفَصْلِ وَقَدْ قَدَّمْنَا مَا فِيهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ

تَجِدْ مَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ عَنْهَا أَثَّرَ وَإِلَّا فَلَا سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْكَبِيرُ وَالصَّغِيرُ، وَمَنْ تَغْفُلُ كَمَا فِي الشَّافِي لِلْجُرْجَانِيِّ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ حَسَنٌ مُتَعَيَّنٌ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ، وَمِنْ سَفَهٍ إنْ صَحِبَهُ حَجْرٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَمِنْ جُذَامٍ وَبَرَصٍ إنْ خَالَطَهُ لِمَا يُخْشَى عَلَيْهِ مِنْ الْعَدْوَى لِخَبَرِ «لَا يُورِدُ ذُو عَاهَةٍ عَلَى مُصِحٍّ» وَمَعْنَى لَا عَدْوَى: غَيْرُ مُؤْثَرَةٍ بِذَاتِهَا وَإِنَّمَا يَخْلُقُ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ عِنْدَ الْمُخَالَطَةِ كَثِيرًا (فَإِنْ كَمُلَتْ نَاقِصَةٌ) كَأَنْ عَتَقَتْ أَوْ أَفَاقَتْ أَوْ أَسْلَمَتْ أَوْ رَشَدَتْ (أَوْ طَلُقَتْ مَنْكُوحَةٌ) وَلَوْ رَجْعِيًّا (حَضَنَتْ) حَالًا، وَإِنْ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا إنْ رَضِيَ الْمُطَلِّقُ ذُو الْمَنْزِلِ بِدُخُولِ الْوَلَدِ لَهُ وَذَلِكَ لِزَوَالِ الْمَانِعِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَسْقَطَتْ الْحَاضِنَةُ حَقَّهَا انْتَقَلَتْ لِمَنْ يَلِيهَا فَإِذَا رَجَعَتْ عَادَ حَقُّهَا (وَإِنْ) (غَابَتْ الْأُمُّ أَوْ امْتَنَعَتْ فَ) الْحَضَانَةُ (لِلْجَدَّةِ) أُمِّ الْأُمِّ (عَلَى الصَّحِيحِ) كَمَا لَوْ مَاتَتْ أَوْ جُنَّتْ، وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ إجْبَارِ الْأُمِّ، وَمَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَلْزَمْهَا نَفَقَتُهُ، وَإِلَّا أُجْبِرَتْ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَمِثْلُهَا كُلُّ أَصْلٍ يَلْزَمُهُ الْإِنْفَاقُ، وَالثَّانِي تَكُونُ الْوِلَايَةُ لِلسُّلْطَانِ كَمَا لَوْ غَابَ الْوَلِيُّ فِي النِّكَاحِ أَوْ عَضَلَ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْقَرِيبَ أَشْفَقُ وَأَكْثَرُ فَرَاغًا مِنْ السُّلْطَانِ مَعَ طُولِ أَمَدِهَا وَلَوْ قَامَ بِكُلٍّ مِنْ الْأَقَارِبِ مَانِعٌ مِنْ الْحَضَانَةِ رُجِعَ فِي أَمْرِهَا لِلْقَاضِي الْأَمِينِ فَيَضَعُهُ عِنْدَ الْأَصْلَحِ مِنْهُنَّ أَوْ مِنْ غَيْرِهِنَّ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ فِي قَوْلِهِ: لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي أَنَّ أَزْوَاجَهُنَّ إذَا لَمْ يَمْنَعُوهُنَّ يَكُنْ بَاقِيَاتٍ عَلَى حَقِّهِنَّ، فَإِنْ أَذِنَ زَوْجُ وَاحِدَةٍ فَقَطْ فَهِيَ الْأَحَقُّ وَإِنْ بَعُدَتْ أَوْ زَوْجُ ثِنْتَيْنِ قُدِّمَتْ قُرْبَاهُمَا (هَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ مُمَيِّزٍ وَالْمُمَيِّزُ) الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَمَرَّ ضَابِطُهُ (إنْ) (افْتَرَقَ أَبَوَاهُ) مِنْ النِّكَاحِ، وَهُمَا أَهْلٌ لِلْحَضَانَةِ مُقِيمَانِ فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنْ فَضَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِدَيْنٍ أَوْ مَالٍ أَوْ مَحَبَّةٍ (كَانَ عِنْدَ مَنْ اخْتَارَهُ مِنْهُمَا) إنْ ظَهَرَ لِلْحَاكِمِ أَنَّهُ عَارِفٌ بِأَسْبَابِ الِاخْتِيَارِ لِلْخَبَرِ الْحَسَنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيَّرَ غُلَامًا بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ» ، وَإِنَّمَا يُدْعَى بِالْغُلَامِ الْمُمَيِّزِ وَمِثْلُهُ الْغُلَامَةُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ تَخْيِيرُ الْوَلَدِ، وَإِنْ أَسْقَطَ أَحَدُهُمَا حَقَّهُ قَلَّ التَّخْيِيرُ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ، فَلَوْ امْتَنَعَ الْمُخْتَارُ مِنْ كَفَالَتِهِ كَفَلَهُ الْآخَرُ، فَإِنْ رَجَعَ الْمُمْتَنِعُ مِنْهَا أُعِيدَ التَّخْيِيرُ وَإِنْ امْتَنَعَا وَبَعْدَهُمَا مُسْتَحِقَّانِ لَهَا كَجَدٍّ وَجَدَّةٍ خُيِّرَ بَيْنَهُمَا وَإِلَّا أُجْبِرَ عَلَيْهَا مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْكَفَالَةِ (فَإِنْ كَانَ فِي أَحَدِهِمَا) مَانِعٌ وَمِنْهُ (جُنُونٌ أَوْ كُفْرٌ أَوْ رِقٌّ أَوْ فِسْقٌ أَوْ نَكَحَتْ) مَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْحَضَانَةِ (فَالْحَقُّ لِلْآخَرِ) لِانْحِصَارِ الْأَمْرِ فِيهِ (وَيُخَيَّرُ) ـــــــــــــــــــــــــــــSوَقَوْلُهُ فَيَسْتَحِقُّ جَزْمًا أَيْ فِي مُقَابَلَةِ الْحَضَانَةِ (قَوْلُهُ: أَثَّرَ) أَيْ الْعَمَى، وَقَوْلُهُ لِخَبَرِ لَا يُورَدُ أَنْ يُكْرَهَ ذَلِكَ فَهُوَ نَهْيُ تَنْزِيهٍ (قَوْلُهُ: عَادَ حَقُّهَا) أَيْ وَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا أُجْبِرَتْ) أَيْ الْأُمُّ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ ضَابِطُهُ) وَهُوَ مَنْ يَأْكُلُ وَحْدَهُ وَيَشْرَبُ وَحْدَهُ إلَى آخِرِ مَا هُنَاكَ، وَظَاهِرُ إنَاطَةِ الْحُكْمِ بِالتَّمْيِيزِ أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى بُلُوغِهِ سَبْعَ سِنِينَ، وَأَنَّهُ إذَا جَاوَزَهَا بِلَا تَمْيِيزٍ بَقِيَ عِنْدَ أُمِّهِ، وَالثَّانِي ظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي كَوْنِهِ لَا يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ السَّبْعِ وَإِنْ مَيَّزَ أَنَّهُ لَا يُخَيَّرُ حَيْثُ لَمْ يَبْلُغْهَا، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ عَدَمَ الْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْمَشَقَّةِ فَخُفِّفَ عَنْهُ حَيْثُ لَمْ يَبْلُغْ السَّبْعَ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ الْمَدَارَ فِيهِ عَلَى مَعْرِفَةِ مَا فِيهِ صَلَاحُ نَفْسِهِ وَعَدَمُهُ فَيُقَيَّدُ بِالتَّمْيِيزِ، وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ السَّبْعَ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُدْعَى بِالْغُلَامِ الْمُمَيِّزِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْغُلَامُ الِابْنُ الصَّغِيرُ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: وَسَمِعْت الْعَرَبَ تَقُولُ لِلْمَوْلُودِ حِينَ يُولَدُ ذَكَرًا غُلَامٌ، وَسَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ لِلْكَهْلِ غُلَامٌ، وَهُوَ فَاشٍ فِي كَلَامِهِمْ فَلَمْ يُخَصَّصْ الْغُلَامُ بِالْمُمَيِّزِ (قَوْلُهُ: كَفَلَهُ) أَيْ جَازَ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا هُنَا لِتَأَخُّرِهِ وَلِذِكْرِهِ فِي بَابِهِ (قَوْلُهُ: ذُو عَاهَةٍ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ مُضَافٍ فِي الْحَدِيثِ الْكَرِيمِ إذْ الْمَوْرِدُ لَيْسَ صَاحِبَ الْعَاهَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ صَاحِبُ ذَاتِ الْعَاهَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ النِّكَاحِ) قَالَ سم: وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ مَا إذَا اخْتَلَفَ مَحَلُّهُمَا وَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَأْتِي لِلْآخَرِ أَوْ يَأْتِي أَحْيَانًا لَا يَتَأَتَّى فِيهَا الْقِيَامُ بِمَصَالِحِ الْمَحْضُونِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ امْتَنَعَ الْمُخْتَارُ) هُوَ اسْمُ مَفْعُولٍ

الْمُمَيِّزُ الَّذِي لَا أَبَ لَهُ (بَيْنَ أُمٍّ) وَإِنْ عَلَتْ (وَجَدٍّ) وَإِنْ عَلَا عِنْدَ فَقْدِ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْهُ أَوْ قِيَامِ مَانِعٍ بِهِ لِوُجُودِ الْوِلَادَةِ فِي الْكُلِّ (وَكَذَا) الْحَوَاشِي فَهُمْ كَالْجَدِّ وَمِنْهُمْ (أَخٌ أَوْ عَمٌّ) أَوْ ابْنُهُ إلَّا ابْنَ عَمٍّ فِي مُشْتَهَاةٍ، وَلَا نَحْوِ ابْنَةٍ ثِقَةٍ لَهُ تُسَلَّمُ إلَيْهَا فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَحَدِهِمْ، وَالْأُمُّ فِي الْأَصَحِّ كَالْأَبِ بِجَامِعِ الْعُصُوبَةِ، «وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيَّرَ ابْنَ سَبْعٍ أَوْ ثَمَانٍ بَيْنَ أُمِّهِ وَعَمِّهِ» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ (أَوْ أَبٍ مَعَ أُخْتٍ) شَقِيقَةٍ أَوْ لِأُمٍّ (أَوْ خَالَةٍ) حَيْثُ لَا أُمَّ فَيُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَائِمٌ مَقَامَ الْأُمِّ، وَالثَّانِي يُقَدَّمُ فِي الْأُولَيَيْنِ الْأُمُّ وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ الْأَبُ، فَإِنْ فُقِدَ الْأَبُ أَيْضًا خُيِّرَ بَيْنَ الْأُخْتِ أَوْ الْخَالَةِ وَبَقِيَّةِ الْعَصَبَةِ كَمَا هُوَ الْأَقْرَبُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْأُخْتِ بَيْنَ الَّتِي لِلْأَبِ وَغَيْرِهَا، لَكِنَّ الْمَاوَرْدِيَّ قَيَّدَهَا بِاَلَّتِي لِغَيْرِ الْأَبِ لِإِدْلَائِهَا بِالْأُمِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَمِثْلُ الْأُخْتِ لِلْأَبِ الْعَمَّةُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ جَرَيَانِ التَّخْيِيرِ بَيْنَ ذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ كَأَخَوَيْنِ أَوْ أُخْتَيْنِ، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْأُنْثَيَيْنِ عَنْ فَتْوَى الْبَغَوِيّ، وَنَقَلَ عَنْ ابْنِ الْقَطَّانِ وَعَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ غَيْرِهِ جَرَيَانَهُ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ الْأَوْجَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا خُيِّرَ بَيْنَ غَيْرِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ فَبَيْنَ الْمُتَسَاوِيَيْنِ أَوْلَى (فَإِنْ) (اخْتَارَ) الْمُمَيِّزُ (أَحَدَهُمَا) أَيْ الْأَبَوَيْنِ أَوْ مَنْ أُلْحِقَ بِهِمَا كَمَا مَرَّ (ثُمَّ) اخْتَارَ (الْآخَرَ) (حُوِّلَ إلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَظْهَرُ الْأَمْرُ عَلَى خِلَافِ مَا ظَنَّهُ أَوْ يَتَغَيَّرُ حَالُ مَنْ اخْتَارَهُ أَوَّلًا نَعَمْ إنْ ظُنَّ أَنَّ سَبَبَهُ قِلَّةُ عَقْلِهِ. فَعِنْدَ الْأُمِّ وَإِنْ بَلَغَ كَمَا قَبْلَ التَّمْيِيزِ (فَإِنْ اخْتَارَ الْأَبَ ذَكَرٌ لَمْ يَمْنَعْهُ زِيَارَةَ أُمِّهِ) أَيْ لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَدَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ، وَتَكْلِيفُهَا الْخُرُوجَ لِزِيَارَتِهِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِلْعُقُوقِ وَقَطْعِ الرَّحِمِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْهَا بِالْخُرُوجِ (وَيَمْنَعُ أُنْثَى) وَمِثْلُهَا هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي الْخُنْثَى مِنْ زِيَارَةِ أُمِّهَا لِتَأْلَفَ الصِّيَانَةَ وَعَدَمَ الْبُرُوزِ، وَالْأُمُّ أَوْلَى مِنْهَا بِالْخُرُوجِ لِزِيَارَتِهَا لِسِنِّهَا وَخِبْرَتِهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ عَدَمُ الْفَرْقِ فِي الْأُمِّ بَيْنَ الْمُخَدَّرَةِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ الْفَرْقِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهَا أَنَّهُ لَوْ مَكَّنَهَا مِنْ زِيَارَتِهَا لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ، نَعَمْ لَا يَمْنَعُهَا مِنْ عِيَادَتِهَا لِمَرَضٍ لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا، وَيَتَّجِهُ أَنَّ مَحَلَّ تَمْكِينِهَا مِنْ الْخُرُوجِ عِنْدَ انْتِفَاءِ رِيبَةٍ قَوِيَّةٍ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ (وَلَا يَمْنَعُهَا) أَيْ الْأَبُ الْأُمَّ (دُخُولًا عَلَيْهِمَا) أَيْ الِابْنِ وَالْبِنْتِ إلَى بَيْتِهِ (زَائِرَةً) حَيْثُ لَا خَلْوَةَ بِهَا مُحَرَّمَةٌ وَلَا رِيبَةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِي عَكْسِهِ دَفْعًا لِلْعُقُوقِ لَكِنْ لَا تُطِيلُ الْمُكْثَ (وَالزِّيَارَةُ مَرَّةً فِي أَيَّامٍ) عَلَى الْعَادَةِ لَا فِي كُلِّ يَوْمٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَنْزِلُهَا قَرِيبًا فَلَا بَأْسَ بِدُخُولِهَا كُلَّ يَوْمٍ. قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَنَصَبَ مَرَّةً عَلَى الْمَصْدَرِ وَعِنْدَ الْفَارِسِيِّ عَلَى الظَّرْفِ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: وَلَا نَحْوَ ابْنَةِ ثِقَةٍ) أَيْ وَالْحَالُ (قَوْلُهُ: وَيَمْنَعُ أُنْثَى) أَيْ نَدْبًا لِمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ) جَرَى عَلَيْهِ حَجّ حَيْثُ قَالَ: وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّ الْأُمَّ إذَا طَلَبَتْهَا أَرْسَلَتْ إلَيْهَا مَحْمُولٌ عَلَى مَعْذُورَةٍ فِي عَدَمِ الْخُرُوجِ لِلْبِنْتِ لِنَحْوِ تَخَدُّرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ مَنْعِ نَحْوِ زَوْجٍ اهـ. وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ تَعَرُّضٌ لِمَا لَوْ كَانَ امْتِنَاعُهَا لِمَرَضٍ أَوْ مَنْعِ نَحْوِ الزَّوْجِ لَهَا (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ بَلْ الظَّاهِرُ حُرْمَةُ تَمْكِينِهِ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَلَا بَأْسَ بِدُخُولِهَا) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَلَا نَحْوُ ابْنَةٍ ثِقَةٍ لَهُ) وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَجِدُ ثِقَةً يُسَلِّمُهَا إلَيْهِ كَمَا قَالَهُ حَجّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ كَمَا قَيَّدَ هُوَ بِهِ الْمَتْنَ فِيمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: جَرَيَانُهُ بَيْنَهُمَا) يَجُوزُ رُجُوعُ الضَّمِيرِ لِأَقْرَبِ مَذْكُورٍ وَهُوَ الْأُنْثَيَانِ: أَيْ وَيُقَاسُ بِهِمَا الذَّكَرَانِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَيَجُوزُ رُجُوعُهُ لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ: أَيْ الذَّكَرَيْنِ أَوْ الْأُنْثَيَيْنِ (قَوْلُهُ: وَتَكْلِيفُهَا) هُوَ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَيُتَّجَهُ أَنَّ مَحَلَّ تَمْكِينِهَا مِنْ الْخُرُوجِ) أَيْ لِلْعِبَادَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ، وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ لِأَنَّ الْخُرُوجَ الْمَذْكُورَ هُوَ الَّذِي يَلْزَمُهُ تَمْكِينُهَا مِنْهُ كَمَا عُلِمَ مِنْ السِّيَاقِ وَبِهِ تُصَرِّحُ عِبَارَةُ التُّحْفَةِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ يَأْتِي فِيمَا إذَا جَازَ لَهُ خُرُوجُهَا مِنْ غَيْرِ لُزُومٍ بِالْأُولَى (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مَنْزِلُهَا قَرِيبًا) حَاصِلُ هَذَا مَعَ مَا قَبْلَهُ أَنَّ مَنْزِلَهَا إنْ كَانَ قَرِيبًا فَجَاءَتْ كُلَّ يَوْمٍ لَزِمَهُ تَمْكِينُهَا مِنْ الدُّخُولِ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا فَجَاءَتْ كُلَّ يَوْمٍ فَلَهُ مَنْعُهَا، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ،

فَإِنْ مَرِضَا فَالْأُمُّ أَوْلَى بِتَمْرِيضِهَا؛ لِأَنَّهَا أَهْدَى إلَيْهِ وَأَصْبَرُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِهَا (فَإِنْ رَضِيَ بِهِ فِي بَيْتِهِ) بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ (فَذَاكَ وَإِلَّا فَفِي بَيْتِهَا) يَكُونُ التَّمْرِيضُ وَيَعُودُهُمَا، وَيَجِبُ الِاحْتِرَازُ مِنْ الْخَلْوَةِ بِهَا فِي الْحَالَيْنِ، وَلَا يَمْنَعُ الْأُمَّ مِنْ حُضُورِ تَجْهِيزِهَا فِي بَيْتِهِ إذَا مَاتَا، وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ زِيَارَةِ قَبْرِهِمَا إذَا دُفِنَا فِي مِلْكِهِ، وَالْحُكْمُ فِي الْعَكْسِ كَذَلِكَ، وَلَوْ تَنَازَعَا فِي دَفْنِ مَنْ مَاتَ مِنْهُمَا فِي تُرْبَةِ أَحَدِهِمَا أُجِيبَ الْأَبُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَإِنْ مَرِضَتْ الْأُمُّ لَزِمَ الْأَبَ تَمْكِينُ الْأُنْثَى مِنْ تَمْرِيضِهَا إنْ أَحْسَنَتْ ذَلِكَ، بِخِلَافِ الذَّكَرِ لَا يَلْزَمُهُ تَمْكِينُهُ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ أَحْسَنَهُ (وَإِنْ اخْتَارَهَا) أَيْ الْأُمَّ (ذَكَرٌ فَعِنْدَهَا) يَكُونُ (لَيْلًا وَعِنْدَ الْأَبِ) وَإِنْ عَلَا وَمِثْلُهُ وَصِيٌّ وَقَيِّمٌ يَكُونُ (نَهَارًا) وَهُوَ كَاللَّيْلِ لِلْغَالِبِ، فَفِي نَحْوِ الْأَبَوَيْنِ يَنْعَكِسُ الْحُكْمُ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْقَسْمِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ (يُؤَدِّبُهُ) وُجُوبًا بِتَعْلِيمِهِ طَهَارَةَ النَّفْسِ مِنْ كُلِّ رَذِيلَةٍ، وَتَحْلِيَتَهَا بِكُلِّ مَحْمُودٍ (وَيُسَلِّمُهُ) وُجُوبًا (لِمَكْتَبٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالتَّاءِ وَيَجُوزُ كَسْرُ التَّاءِ وَهُوَ اسْمٌ لِمَحَلِّ التَّعْلِيمِ، وَسَمَّاهُ الشَّافِعِيُّ بِالْكُتَّابِ كَمَا هُوَ عَلَى الْأَلْسِنَةِ، وَلَمْ يُبَالِ أَنَّهُ جَمْعُ كَاتِبٍ (وَحِرْفَةٍ) يَتَعَلَّمُ مِنْ الْأَوَّلِ الْكِتَابَةَ وَمِنْ الثَّانِي الْحِرْفَةَ عَلَى مَا يَلِيقُ بِحَالِ الْوَلَدِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَبٍ شَرِيفٍ تَعْلِيمُ وَلَدِهِ صَنْعَةً تُزْرِيهِ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ رِعَايَةَ حَظِّهِ وَلَا يَكِلُهُ إلَى أُمِّهِ لِعَجْزِ النِّسَاءِ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ، وَأُجْرَةُ ذَلِكَ فِي مَالِ الْوَلَدِ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِي سَاكِنٍ بِبَلَدٍ وَمُطَلَّقَتُهُ بِقَرْيَةٍ وَلَهُ مِنْهَا وَلَدٌ مُقِيمٌ عِنْدَهَا فِي مَكْتَبٍ بِأَنَّهُ إنْ سَقَطَ حَظُّ الْوَلَدِ بِإِقَامَتِهِ عِنْدَهَا فَالْحَضَانَةُ لِلْأَبِ رِعَايَةً لِمَصْلَحَتِهِ، وَإِنْ أَضَرَّ ذَلِكَ بِأُمِّهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى مَا لَوْ كَانَ فِي إقَامَتِهِ عِنْدَهَا رِيبَةٌ قَوِيَّةٌ (أَوْ) اخْتَارَتْهَا (أُنْثَى) أَوْ خُنْثَى كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ وَمَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ (فَعِنْدَهَا لَيْلًا وَنَهَارًا) لِاسْتِوَائِهِمَا فِي حَقِّهَا؛ إذْ الْأَلْيَقُ تَسَتُّرُهَا مَا أَمْكَنَ (وَيَزُورُهَا الْأَبُ عَلَى الْعَادَةِ) كَمَا مَرَّ، وَمُقْتَضَى ذَلِكَ مَنْعُهُ مِنْ زِيَارَتِهَا لَيْلًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ لِمَا فِيهِ مِنْ الرِّيبَةِ وَالتُّهْمَةِ، وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ اشْتِرَاطِهِمْ فِي دُخُولِهِ عَلَى الْأُمِّ وُجُودَ مَانِعِ خَلْوَةٍ مِنْ نَحْوِ مَحْرَمٍ أَوْ امْرَأَةٍ، وَظَاهِرٌ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بِمَسْكَنِ زَوْجٍ لَهَا امْتَنَعَ دُخُولُهُ إلَّا بِإِذْنٍ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ أَخْرَجَتْهَا إلَيْهِ لِيَرَاهَا وَيَتَفَقَّدَ حَالَهَا وَيُلَاحِظَهَا بِالْقِيَامِ بِمَصَالِحِهَا، وَلَهَا بَعْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَلَا يَمْنَعُهَا مِنْ ذَلِكَ مَا لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ رِيبَةٌ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ قَرِيبَةِ الْمَنْزِلِ أَوْ بَعِيدَتِهِ فَإِنَّ الْمَشَقَّةَ فِي حَقِّ الْبَعِيدَةِ إنَّمَا هِيَ عَلَى الْأُمِّ فَإِذَا تَحَمَّلَتْهَا وَأَتَتْ فِي كُلِّ يَوْمٍ لَمْ يَحْصُلْ لِلْبِنْتِ بِذَلِكَ مَشَقَّةٌ فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْقَرِيبَةِ وَالْبَعِيدَةِ (قَوْلُهُ: الْمَذْكُورَيْنِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلَا رِيبَةَ (قَوْلُهُ: فِي تُرْبَةِ أَحَدِهِمَا) أَيْ التُّرْبَةِ الَّتِي اعْتَادَ أَحَدُهُمَا فِيهَا الدَّفْنَ وَلَوْ مُسَبَّلَةً (قَوْلُهُ: أُجِيبَ الْأَبُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ نَقْلٌ مُحَرَّمٌ كَأَنْ مَاتَ عِنْدَ أُمِّهِ، وَالْأَبُ فِي غَيْرِ بَلَدِهَا، وَقَوْلُهُ لِمَكْتَبٍ: أَيْ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يَلِيقُ بِحَالِ الطِّفْلِ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ كَسْرُ التَّاءِ) أَيْ مَعَ فَتْحِ الْمِيمِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ أَخْرَجَتْهَا) وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ عَلَيْهَا تَمْكِينُهُ مِنْ دُخُولِ الْمَنْزِلِ إذَا كَانَتْ مُسْتَحِقَّةً لِمَنْفَعَتِهِ وَلَا زَوْجَ لَهَا، بَلْ إنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ وَالْمَشَقَّةُ فِي ذَلِكَ إنَّمَا هِيَ عَلَيْهَا لَا عَلَيْهِ وَلَعَلَّ كَلَامَ الْمَاوَرْدِيِّ مَفْرُوضٌ فِي غَيْرِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَنْعِ، وَإِلَّا فَلَا يَظْهَرُ لَهُ وَجْهٌ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ وَجْهَهُ النَّظَرُ إلَى الْعُرْفِ، فَإِنَّ الْعُرْفَ أَنَّ قَرِيبَ الْمَنْزِلِ كَالْجَارِ يَتَرَدَّدُ كَثِيرًا بِخِلَافِ بَعِيدِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَاللَّيْلِ لِلْغَالِبِ فَفِي نَحْوِ الْأَبَوَيْنِ يَنْعَكِسُ الْحُكْمُ) هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَ يُعَلِّمُهُ تِلْكَ الْحِرْفَةَ، وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لَهُ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ لَا يُلَائِمُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَيُسَلِّمُهُ لِمَكْتَبٍ وَحِرْفَةٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَالْقِسْمِ ظَاهِرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وُجُوبًا) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَكْتَبِ وَالْحِرْفَةِ وَأَنَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ لَا يُقَابِلُ بَلْ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَكْتَبِ فَقَطْ لِتَعَيُّنِهِ لِأَجْلِ تَعَلُّمِ نَحْوِ الْفَاتِحَةِ لِتَصْحِيحِ الصَّلَاةِ، لِأَنَّا نَقُولُ: قَدْ بَيَّنَ فِيمَا يَأْتِي أَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الْمَكْتَبِ تَعَلُّمُ الْكِتَابَةِ فَتَعَيَّنَ مَا قُلْنَاهُ، وَأَمَّا تَعَلُّمُ نَحْوِ الْفَاتِحَةِ فَهُوَ مُتَيَسِّرٌ بِغَيْرِ الْمَكْتَبِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ اشْتِرَاطِهِمْ إلَخْ.) فِي عِلْمِهِ مِنْهُ

بُلُوغِهَا الِانْفِرَادُ عَنْ أَبَوَيْهَا مَا لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ رِيبَةٌ فَلِوَلِيِّ نِكَاحِهَا مَنْعُهَا مِنْ الِانْفِرَادِ بَلْ يَضُمُّهَا إلَيْهِ إنْ كَانَ مَحْرَمًا، وَإِلَّا فَإِلَى مَنْ يَأْتَمِنُهَا بِمَوْضِعٍ لَائِقٍ وَيُلَاحِظُهَا، وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْوَرْدِيِّ فِي بَهْجَتِهِ فِي أَمْرَدَ ثَبَتَتْ رِيبَةٌ فِي انْفِرَادِهِ أَنَّ لِوَلِيِّهِ مَنْعَهُ مِنْهُ كَمَا ذُكِرَ (وَإِنْ اخْتَارَهُمَا أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا لِانْتِفَاءِ الْمُرَجِّحِ (وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ) وَاحِدًا مِنْهُمَا (فَالْأُمُّ أَوْلَى) ؛ لِأَنَّهَا أَشْفَقُ وَاسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ (وَقِيلَ يُقْرَعُ) بَيْنَهُمَا؛ إذْ لَا أَوْلَوِيَّةَ حِينَئِذٍ وَيُرَدُّ بِمَنْعِ ذَلِكَ (وَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا سَفَرَ حَاجَةٍ) غَيْرِ نُقْلَةٍ (كَانَ الْوَلَدُ الْمُمَيِّزُ وَغَيْرُهُ مَعَ الْمُقِيمِ حَتَّى يَعُودَ) الْمُسَافِرُ لِخَطَرِ السَّفَرِ سَوَاءٌ أَكَانَ طَوِيلًا أَمْ قَصِيرًا فَإِنْ أَرَادَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا وَاخْتَلَفَا مَقْصِدًا وَطَرِيقًا كَانَ عِنْدَ الْأُمِّ، وَإِنْ كَانَ سَفَرُهَا أَطْوَلَ وَمَقْصِدُهَا أَبْعَدَ (أَوْ) أَرَادَ أَحَدُهُمَا (سَفَرَ نُقْلَةٍ فَالْأَبُ أَوْلَى) بِهِ إنْ تَوَفَّرَتْ فِيهِ شُرُوطُ الْحَضَانَةِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُسَافِرَ احْتِيَاطًا لِحِفْظِ النَّسَبِ وَلِمَصْلَحَةِ نَحْوِ التَّعْلِيمِ وَالصِّيَانَةِ وَسُهُولَةِ الْإِنْفَاقِ، نَعَمْ إنْ صَحِبَتْهُ الْأُمُّ وَإِنْ اخْتَلَفَ مَقْصِدُهُمَا أَوْ لَمْ تَصْحَبْهُ وَاتَّحَدَ مَقْصِدُهُمَا دَامَ حَقُّهَا كَمَا لَوْ عَادَ لِمَحَلِّهَا، وَمَعْلُومٌ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ مَقْصِدُهُمَا وَصَحِبَتْهُ أَنَّهَا تَسْتَحِقُّهَا مُدَّةَ صُحْبَتِهِ لَا غَيْرُ وَإِنَّمَا يَجُوزُ سَفَرُهُ بِهِ (بِشَرْطِ أَمْنِ طَرِيقِهِ وَالْبَلَدِ) أَيْ الْمَحَلِّ (الْمَقْصُودِ) إلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مَخُوفًا امْتَنَعَ السَّفَرُ بِهِ وَأُقِرَّ عِنْدَ الْمُقِيمِ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَصْلُحْ الْمَحَلُّ الْمُنْتَقَلُ إلَيْهِ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، أَوْ كَانَ وَقْتَ شِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَتَضَرَّرَ بِذَلِكَ كَمَا قَيَّدَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَيَجُوزُ لَهُ سُلُوكُ الْبَحْرِ بِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْحَجْرِ، وَلَيْسَ خَوْفُ الطَّاعُونِ مَانِعًا وَإِنْ وُجِدَتْ قَرَائِنُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُهُ وَالْقَرَائِنُ يَكْثُرُ تَخَلُّفُهَا، بِخِلَافِ تَحَقُّقِهِ لِحُرْمَةِ الدُّخُولِ إلَى مَحَلِّهِ وَالْخُرُوجِ مِنْهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ مَاسَّةٍ (قِيلَ وَ) شَرْطُ كَوْنِ السَّفَرِ بِقَدْرِ (مَسَافَةِ قَصْرٍ) ؛ لِأَنَّ الِانْتِقَالَ لِمَا دُونَهَا كَالْإِقَامَةِ بِمَحَلَّةٍ أُخْرَى مِنْ بَلَدٍ مُتَّسَعٍ لِسُهُولَةِ مُرَاعَاةِ الْوَلَدِ وَنُسِبَ لِلْأَكْثَرِينَ، وَرُدَّ بِمَنْعِ سُهُولَةِ رِعَايَةِ مَصَالِحِهِ حِينَئِذٍ وَلَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSشَاءَتْ أَذِنَتْ لَهُ فِي الدُّخُولِ حَيْثُ لَا رِيبَةَ وَلَا خَلْوَةَ، وَإِنْ شَاءَتْ أَخْرَجَتْهَا لَهُ، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ وُجُوبِ التَّمْكِينِ عَلَى الْأَبِ مِنْ الدُّخُولِ إلَى مَنْزِلِهِ حَيْثُ اخْتَارَتْهُ الْأُنْثَى وَبَيْنَ هَذَا يَتَيَسَّرُ مُفَارَقَةُ الْأَبِ لِلْمَنْزِلِ عِنْدَ دُخُولِ الْأُمِّ بِلَا مَشَقَّةٍ، بِخِلَافِ الْأُمِّ فَإِنَّهُ قَدْ يَشُقُّ عَلَيْهَا مُفَارَقَةُ الْمَنْزِلِ عِنْدَ دُخُولِهِ فَرُبَّمَا جَرَّ ذَلِكَ إلَى نَحْوِ الْخَلْوَةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ) أَيْ الِانْفِرَادُ (قَوْلُهُ: فِي أَمْرَدَ) أَيْ بَالِغٍ (قَوْلُهُ: أَمْ قَصِيرًا) أَيْ بِحَيْثُ يَحْتَاجُ الْمَحْضُونُ فِي مُدَّتِهِ إلَى مَنْ يَتَعَهَّدُهُ (قَوْلُهُ: وَمَقْصِدُهَا أَبْعَدُ) وَمِنْهُ مَا لَوْ سَافَرَ أَحَدُهُمَا إلَى نَحْوِ مَكَّةَ، وَالْآخَرُ إلَى قَرْيَةٍ هِيَ مَنْشَؤُهُ، لَكِنْ جَرَتْ عَادَتُهُ بِأَنَّهُ يُقِيمُ فِيهَا مُدَّةً لِتَنْجِيزِ مَصَالِحِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى الْبَلَدِ الَّتِي كَانَ بِهَا الْمَحْضُونُ فَيَكُونُ مَعَ الْأُمِّ حَيْثُ وُجِدَتْ فِيهَا الشُّرُوطُ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ خَوْفُ الطَّاعُونِ مَانِعًا) أَيْ مِنْ السَّفَرِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَالْخُرُوجِ مِنْهُ) أَيْ إذَا كَانَ وَاقِعًا فِي أَمْثَالِهِ، وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي فَصْلٍ إذَا ظَنَنَّا الْمَرَضَ مَخُوفًا بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا الرُّبْعَ مَا نَصُّهُ: وَيَلْحَقُ بِالْمَخُوفِ أَشْيَاءُ كَالْوَبَاءِ وَالطَّاعُونِ: أَيْ زَمَنَهُمَا فَتَصَرُّفُ النَّاسِ كُلِّهِمْ فِيهِ مَحْسُوبٌ مِنْ الثُّلُثِ لَكِنْ قَيَّدَهُ فِي الْكَافِي بِمَا إذَا وَقَعَ فِي أَمْثَالِهِ، وَهُوَ حَسَنٌ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَهَلْ يُقَيِّدُهُ بِهِ إطْلَاقُهُمْ حُرْمَةَ دُخُولِ بَلَدِ الطَّاعُونِ أَوْ الْوَبَاءِ وَالْخُرُوجِ مِنْهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ أَوْ يُفَرَّقُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَعَدَمُ الْفَرْقِ أَقْرَبُ وَعُمُومُ النَّهْيِ يَشْمَلُ التَّحْرِيمَ: أَيْ فَيُقَيَّدُ بِمَا إذَا وَقَعَ فِي أَمْثَالِهِ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ. قَوْلَهُ وَالْخُرُوجِ مِنْهُ: أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ الْفِرَارِ مِنْ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ حَاجَةٍ مَاسَّةٍ) أَيْ قَوِيَّةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQنَظَرٌ لَا يَخْفَى بَلْ اشْتِرَاطُهُمْ الْمَذْكُورَ يَرُدُّ هَذَا الْأَخْذَ كَمَا أَفَادَهُ الشِّهَابُ حَجّ وَعِبَارَتُهُ: وَأُخِذَ مِنْ اعْتِبَارِ الْعَادَةِ الْمَنْعُ لَيْلًا لِمَا فِيهِ مِنْ الرِّيبَةِ وَيَرُدُّهُ اشْتِرَاطُهُمْ إلَخْ. وَلَعَلَّ الشَّارِحَ اغْتَرَّ بِمَا فِي بَعْضِ نُسَخِ حَجّ مِنْ تَحْرِيفِ يُرَدُّ بِيُؤَيِّدُهُ نَعَمْ كَتَبَ الشِّهَابُ سم عَلَى عِبَارَةِ الشِّهَابِ حَجّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ: وَيَرُدُّهُ اشْتِرَاطُهُمْ إلَخْ. قَدْ يُقَالُ هَذَا الِاشْتِرَاطُ لَا يُنَافِي أَنَّهُ قَدْ يَحْصُلُ رِيبَةٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَثْبُتْ) يَعْنِي: تُوجَدُ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي وَفِي نُسْخَةٍ تَتَبَيَّنُ (قَوْلُهُ: فَلِوَلِيِّ نِكَاحِهَا مَنْعُهَا)

نَازَعَتْهُ فِي قَصْدِ النُّقْلَةِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَأَمْسَكَتْهُ (وَمَحَارِمُ الْعَصَبَةِ) كَأَخٍ أَوْ عَمٍّ (فِي هَذَا) أَيْ سَفَرِ النُّقْلَةِ (كَالْأَبِ) فَيُقَدَّمُونَ عَلَى الْأُمِّ احْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ، بِخِلَافِ مَحْرَمٍ لَا عُصُوبَةَ لَهُ كَأَبِي أُمٍّ وَخَالٍ وَأَخٍ لِأُمٍّ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ فِي الرَّوْضَةِ: إنَّ الْأَقْرَبَ كَالْأَخِ لَوْ أَرَادَ النُّقْلَةَ وَهُنَاكَ أَبْعَدُ كَالْعَمِّ كَانَ أَوْلَى (وَكَذَا ابْنُ عَمٍّ لِذَكَرٍ) فَيَأْخُذُهُ عِنْدَ إرَادَتِهِ النُّقْلَةَ لِمَا مَرَّ (وَلَا يُعْطَى أُنْثَى) مُشْتَهَاةً حَذَرًا مِنْ الْخَلْوَةِ الْمُحَرَّمَةِ لِانْتِفَاءِ الْمَحْرَمِيَّةِ بَيْنَهُمَا (فَإِنْ رَافَقَتْهُ بِنْتُهُ) أَوْ نَحْوُهَا الْمُكَلَّفَةُ الثِّقَةُ (سَلَّمَ) الْمَحْضُونَ الَّذِي هُوَ الْأُنْثَى (إلَيْهَا) لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ حِينَئِذٍ. (فَصْلٌ) فِي مُؤْنَةِ الْمَمَالِيكِ وَتَوَابِعِهَا إذْ لِلنَّفَقَةِ ثَلَاثَةُ أَسْبَابٍ: الزَّوْجِيَّةُ، وَالْبَعْضِيَّةُ، وَمِلْكُ الْيَمِينِ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْأَوَّلَيْنِ شَرَعَ فِي الثَّالِثِ فَقَالَ (عَلَيْهِ) (كِفَايَةُ رَقِيقِهِ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى (نَفَقَةً وَكِسْوَةً) وَسَائِرَ مُؤْنَاتِهِ حَتَّى مَاءَ طَهَارَتِهِ وَلَوْ سَفَرًا وَتُرَابَ تَيَمُّمِهِ إنْ احْتَاجَهُ (وَإِنْ كَانَ أَعْمَى زَمِنًا وَمُدَبَّرًا وَمُسْتَوْلَدَةً) وَآبِقًا وَصَغِيرًا وَمَرْهُونًا وَمُسْتَأْجَرًا وَمُوصًى بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا وَمُعَارًا وَكَسُوبًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ} [النحل: 76] وَلِخَبَرِ «لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ وَلَا يُكَلَّفُ مِنْ الْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُ» وَخَبَرِ «كَفَى بِالْمَرْءِ إثْمًا أَنْ يَحْبِسَ عَنْ مَمْلُوكِهِ قُوتَهُ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ وَقِيسَ بِمَا فِيهِمَا مَعْنَاهُمَا، وَلِأَنَّ السَّيِّدَ يَمْلِكُ كَسْبَهُ وَتَصَرُّفَهُ فِيهِ فَتَلْزَمُهُ كِفَايَتُهُ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: كِفَايَةُ رَقِيقِهِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ كِفَايَتُهُ فِي نَفْسِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْمُتَوَلِّي إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: كَانَ أَوْلَى) أَيْ الْأَبْعَدُ وَقَوْلُهُ: أَوْ نَحْوُهَا وَمِنْهُ الزَّوْجَةُ. (فَصْلٌ) فِي مُؤْنَةِ الْمَمَالِيكِ وَتَوَابِعِهَا (قَوْلُهُ: وَآبِقًا) وَمِنْ صُورَةِ تَمَكُّنِ الْآبِقِ مِنْ النَّفَقَةِ حَالَ إبَاقِهِ أَنْ يَجِدَ هُنَاكَ وَكِيلًا مُطْلَقًا لِلسَّيِّدِ تَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُصَوَّرَ أَيْضًا بِمَا لَوْ رَفَعَ أَمْرَهُ لِقَاضِي بَلَدِ الْإِبَاقِ وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَقْتَرِضَ عَلَى سَيِّدِهِ، لَكِنْ يَبْقَى الْكَلَامُ هَلْ يُجِيبُهُ إلَى ذَلِكَ حَيْثُ عَلِمَ إبَاقَهُ أَوْ لَا لِيَحْمِلَهُ عَلَى الْعَوْدِ إلَى سَيِّدِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَأْمُرُهُ بِالْعَوْدِ إلَى سَيِّدِهِ، فَإِنْ أَجَابَ إلَى ذَلِكَ وَكَّلَ بِهِ مَنْ يَصْرِفُ عَلَيْهِ مَا يُوَصِّلُهُ إلَى سَيِّدِهِ قَرْضًا، وَقَدْ يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَوْ غَابَ الرَّشِيدُ عَنْ مَالِهِ غَيْبَةً طَوِيلَةً وَلَا نَائِبَ لَهُ إلَخْ. [فَرْعٌ] حَصَلَ لَهُ مَاءُ الطَّهَارَةِ فَأَتْلَفَهُ لَزِمَهُ تَحْصِيلُهُ لَهُ ثَانِيًا وَهَكَذَا، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ يَأْثَمُ بِتَعَمُّدِ إتْلَافِهِ، وَلَهُ تَأْدِيبُهُ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا لَزِمَهُ تَعَدُّدُ التَّحْصِيلِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ مِنْ أَنَّهَا تُبَدَّلُ وَإِنْ أَتْلَفَهَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ إبْدَالُهَا إنْ أَتْلَفَهَا الْقِنُّ وَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ: وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ: لَوْ أَتْلَفَ الرَّقِيقُ طَعَامَهُ الْمَدْفُوعَ لَهُ لَزِمَهُ إبْدَالُهُ وَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ عَمْدًا، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ لَهُ تَأْدِيبَهُ عَلَى ذَلِكَ م ر اهـ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ، وَإِنْ رَضِيَ أَقْرَبُ مِنْهُ بِبَقَائِهَا فِي مَحَلِّهَا كَمَا بَحَثَهُ الشِّهَابُ حَجّ (قَوْلُهُ: إنَّ الْأَقْرَبَ) يَعْنِي: مِنْ الْحَوَاشِي بِدَلِيلِ قَوْلِهِ كَالْأَخِ وَبِدَلِيلِ مَا مَرَّ فِي الْأَبِ. (قَوْلُهُ: كَانَ أَوْلَى) عِبَارَةُ الرَّوْضِ: فَرْعٌ: لِلْأَبِ نَقْلُهُ عَنْ الْأُمِّ، وَإِنْ أَقَامَ الْجَدَّ وَلِلْجَدِّ، وَإِنْ أَقَامَ الْأَخَ لَا لِلْأَخِ مَعَ إقَامَةِ الْعَمِّ وَابْنِ الْأَخِ انْتَهَتْ، وَبِهَا تَعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ الشَّارِحِ كَانَ: أَيْ الْعَمُّ أَوْلَى إذْ الْأَوْلَى بِهِ حِينَئِذٍ الْأُمُّ لِإِقَامَةِ الْعَمِّ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَاوَرْدِيَّ خَالَفَ الْمُتَوَلِّيَ فِي هَذَا وَقَالَ: إنَّ الْأَقْرَبَ الْمُنْتَقِلَ أَوْلَى، قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي مِنْ مُفْرَدَاتِهِ الَّتِي هِيَ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهَا (قَوْلُهُ: مُشْتَهَاةً) قَضِيَّتُهُ تَسْلِيمُ غَيْرِ الْمُشْتَهَاةِ لَهُ وَهُوَ مُشْكِلٌ فِيمَا إذَا كَانَ مَقْصِدُهُ بَعِيدًا وَتَبْلُغُ مَعَهُ حَدَّ الشَّهْوَةِ.

[فصل في مؤنة المماليك وتوابعها]

وَإِنْ زَادَتْ عَلَى كِفَايَةِ مِثْلِهِ فَتُرَاعَى رَغْبَتُهُ وَزَهَادَتُهُ كَمَا فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ حَتَّى يَجِبَ عَلَى السَّيِّدِ أُجْرَةُ الطَّبِيبِ وَثَمَنُ الْأَدْوِيَةِ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ اكْتِفَاءً فِي حَقِّ نَفْسِهِ بِدَاعِيَةِ الطَّبْعِ بَلْ الرَّقِيقُ أَوْلَى بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَرِيبَ قَدْ يَتَكَلَّفُ تَحْصِيلَهُ وَشَمِلَ كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ مُسْتَحِقَّ الْقَتْلِ لِحِرَابَةٍ أَوْ رِدَّةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا؛ إذْ لَا تَسْقُطُ كِفَايَتُهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ بِتَجْوِيعِهِ تَعْذِيبٌ يَمْنَعُ مِنْهُ خَبَرُ مُسْلِمٍ «وَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ» وَلِأَنَّ السَّيِّدَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ مَنْعِ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ إمَّا بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ وَإِمَّا بِقَتْلِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ قَتْلِهِ بِطَرِيقِهِ الشَّرْعِيِّ، وَبِهَذَا فَارَقَ عَدَمَ وُجُوبِ كِفَايَةِ قَرِيبِهِ إذَا كَانَ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ، وَيُسْتَثْنَى الْمُكَاتَبُ وَلَوْ فَاسِدَ الْكِتَابَةِ فَلَا تَجِبُ كِفَايَتُهُ عَلَى سَيِّدِهِ لِاسْتِقْلَالِهِ بِالْكَسْبِ وَلِهَذَا تَلْزَمُهُ كِفَايَةُ أَرِقَّائِهِ. نَعَمْ إنْ احْتَاجَ لَزِمَتْهُ كِفَايَتُهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْكِتَابَةِ، وَكَذَا لَوْ عَجَّزَ نَفْسَهُ وَلَمْ يَفْسَخْ سَيِّدُهُ كِتَابَتَهُ فَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ عَزِيزَةُ النَّقْلِ، وَيَلْزَمُهُ فِطْرَةُ الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً فَاسِدَةً لِعَدَمِ تَكَرُّرِهَا كُلَّ يَوْمٍ وَكَذَا تُسْتَثْنَى الْأَمَةُ الْمُزَوَّجَةُ حَيْثُ أَوْجَبْنَا نَفَقَتَهَا عَلَى زَوْجِهَا، وَنَفَقَةً وَكِسْوَةً مَنْصُوبَانِ عَلَى التَّمْيِيزِ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي كِفَايَتِهِ عُرْفُ الْبَلَدِ بِالنِّسْبَةِ لِأَرِقَّائِهِمْ (مِنْ غَالِبِ قُوتِ رَقِيقِ الْبَلَدِ وَأُدُمِهِمْ وَكِسْوَتِهِمْ) مِنْ حِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ وَزَيْتٍ وَسَمْنٍ وَكَتَّانٍ وَقُطْنٍ وَصُوفٍ وَغَيْرِهَا، وَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاةِ حَالِ السَّيِّدِ أَيْضًا فِي يَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ فَيَجِبُ مَا يَلِيقُ بِحَالِهِ مِنْ رَفِيعِ الْجِنْسِ الْغَالِبِ وَخَسِيسِهِ لِخَبَرِ الشَّافِعِيِّ «لِلْمَمْلُوكِ نَفَقَتُهُ وَكِسْوَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ» قَالَ: وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَنَا الْمَعْرُوفُ لِمِثْلِهِ بِبَلَدِهِ، وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ يَأْكُلُ وَيَلْبَسُ دُونَ الْمُعْتَادِ غَالِبًا بُخْلًا أَوْ رِيَاضَةً لَزِمَهُ لِرَقِيقِهِ رِعَايَةُ الْغَالِبِ، وَلَوْ تَنَعَّمَ بِمَا هُوَ فَوْقَ اللَّائِقِ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مِثْلَهُ وَلَا يَلْزَمُهُ (وَلَا يَكْفِي سَتْرُ الْعَوْرَةِ) وَإِنْ لَمْ يَتَأَذَّ بِحَرٍّ وَلَا بَرْدٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ تَحْقِيرًا لَهُ. قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَهَذَا بِبِلَادِنَا إخْرَاجًا لِبِلَادِ السُّودَانِ وَنَحْوِهَا كَمَا فِي الْمَطْلَبِ، وَهَذَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُمْ مِنْ الْغَالِبِ، فَلَوْ كَانُوا لَا يَسْتَتِرُونَ أَصْلًا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَإِنْ زَادَتْ عَلَى كِفَايَةِ مِثْلِهِ) قَالَ حَجّ: وَالْوَاجِبُ أَوَّلَ الشِّبَعِ وَالرَّيِّ نَظِيرُ مَا يَأْتِي: أَيْ فِي عَلْفِ الدَّوَابِّ وَسَقْيِهَا، وَقَضِيَّةُ إحَالَةِ الشَّارِحِ مَا هُنَا عَلَى نَفَقَةِ الْقَرِيبِ أَنَّ الْوَاجِبَ الشِّبَعُ الْمُعْتَادُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالشِّبَعِ الَّذِي قَدَّمَهُ فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ أَوَّلُهُ لَا تَمَامُهُ فَلَا يُخَالِفُ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ) أَيْ وَإِنْ أَخْبَرَهُ طَبِيبٌ عَدْلٌ بِحُصُولِ الشِّفَاءِ لَوْ تَنَاوَلَهُ، وَيَنْبَغِي وُجُوبُهُ إذَا أَخْبَرَهُ مَعْصُومٌ بِهَلَاكِهِ لَوْ تَرَكَ الدَّوَاءَ (قَوْلُهُ: لِحِرَابَةٍ) أَيْ قَطْعِ طَرِيقٍ (قَوْلُهُ: بِطَرِيقِهِ الشَّرْعِيِّ) وَهُوَ الْقَتْلُ بِالسَّيْفِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ احْتَاجَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الْكِتَابَةُ صَحِيحَةً وَيُفِيدُهُ قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ عَجَّزَ نَفْسَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَفَقَتُهَا عَلَى زَوْجِهَا) أَيْ بِأَنْ سُلِّمَتْ لَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا (قَوْلُهُ: مِنْ غَالِبِ قُوتِ رَقِيقِ الْبَلَدِ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ طَعَامِ الْمُتَوَسِّطِينَ لَا الْمُتَرَفِّهِينَ وَلَا الْمُقَتِّرِينَ قَالَ: وَعَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ طَعَامَهُ مَخْبُوزًا وَأُدُمَهُ مَصْنُوعًا بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ، وَكَانَ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ لَا يَتَفَرَّغُ لِإِصْلَاحِهِ اهـ حَجّ. أَقُولُ: وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ الْحَبَّ وَمُؤْنَتَهُ وَمَكَّنَهُ مِنْ إصْلَاحِهِ بِاسْتِئْجَارٍ وَنَحْوِهِ فَالْوَجْهُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاةِ حَالِ السَّيِّدِ إلَخْ) أَيْ وَلَا بُدَّ أَيْضًا مِنْ مُرَاعَاةِ حَالِ الْعَبْدِ جَمَالًا وَعَدَمَهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ قَالَ وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَنَا إلَخْ، وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا يَأْتِي عَنْ الشَّارِحِ مِنْ أَنَّهُ يُكْرَهُ تَفْضِيلُ النَّفِيسِ مِنْ الْعَبِيدِ؛ لِأَنَّهُ قَيَّدَهُ ثَمَّ بِأَنْ تَكُونَ نَفَاسَتُهُ لِذَاتِهِ وَمَا هُنَا فِيمَا لَوْ كَانَتْ النَّفَاسَةُ لِسَبَبِ النَّوْعِ أَوْ الصِّنْفِ كَالرُّومِيِّ مَعَ الزَّنْجِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي مُؤْنَةِ الْمَمَالِيكِ وَتَوَابِعِهَا] [أَسْبَابُ النَّفَقَةِ ثَلَاثَةُ] (فَصْلٌ) فِي مُؤْنَةِ الْمَمَالِيكِ وَتَوَابِعِهَا (قَوْلُهُ: بَلْ الرَّقِيقُ أَوْلَى بِذَلِكَ) أَيْ مِنْ الْقَرِيبِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا تَسْقُطُ كِفَايَتُهُ بِذَلِكَ) يُشْبِهُ تَعْلِيلَ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: بِطَرِيقِهِ الشَّرْعِيِّ) أَيْ إذَا اسْتَحَقَّ الْقَتْلَ أَوْ الْمُرَادَ بِالسَّيْفِ لَا بِنَحْوِ التَّجْوِيعِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَبَرُ فِي كِفَايَتِهِ إلَخْ.) إنْ كَانَ الْمُرَادُ اعْتِبَارُ الْكِفَايَةِ بِأَرِقَّاءِ الْبَلَدِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْعِبَارَةِ خَالَفَ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ كِفَايَتُهُ فِي نَفْسِهِ إلَخْ. وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالنِّسْبَةِ لِلْجِنْسِ فِي الطَّعَامِ فَلَا حَاجَةَ لَهُ مَعَ مَا فِي الْمَتْنِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: اُسْتُحِبَّ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مِثْلَهُ)

وَجَبَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ الْوَاجِبَ سَتْرُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ (وَيُسَنُّ أَنْ يُنَاوِلَهُ مِمَّا يَتَنَعَّمُ بِهِ مِنْ طَعَامٍ وَأُدُمٍ وَكِسْوَةٍ) لِخَبَرِ «إنَّمَا هُمْ إخْوَانُكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِنْ طَعَامِهِ وَلْيُلْبِسْهُ مِنْ لِبَاسِهِ» . قَالَ الرَّافِعِيُّ: حَمَلَهُ الشَّافِعِيُّ عَلَى النَّدْبِ أَوْ عَلَى الْخِطَابِ لِقَوْمٍ مَطَاعِمُهُمْ وَمَلَابِسُهُمْ مُتَقَارِبَةٌ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ جَوَابُ سَائِلٍ عَلِمَ فَأَجَابَهُ بِمَا اقْتَضَاهُ الْحَالُ. نَعَمْ يُتَّجَهُ فِي أَمْرَدَ جَمِيلٍ يُخْشَى مِنْ تَنَعُّمِهِ بِنَحْوِ مَلْبُوسِهِ لُحُوقُ رِيبَةٍ مِنْ سُوءِ ظَنٍّ بِهِ وَوُقُوعٍ فِي عِرْضِهِ عَدَمُ اسْتِحْبَابِهِ حِينَئِذٍ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُجْلِسَهُ السَّيِّدُ مَعَهُ لِلْأَكْلِ: أَيْ حَيْثُ لَا رِيبَةَ تَلْحَقُهُ فِيمَا يَظْهَرُ لِيَتَنَاوَلَ الْقَدْرَ الَّذِي يَشْتَهِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَوْ امْتَنَعَ هُوَ مِنْ جُلُوسِهِ مَعَهُ تَوْقِيرًا لَهُ فَلْيَرُغْ لَهُ فِي الدَّسَمِ لُقْمَةً كَبِيرَةً تَسُدُّ مَسَدًّا لَا صَغِيرَةً تُهَيِّجُ الشَّهْوَةَ وَلَا تَقْضِي النَّهْمَةَ أَوْ لُقْمَتَيْنِ ثُمَّ يُنَاوِلُهُ ذَلِكَ، وَهَذَا لِمَنْ وَلِيَ الطَّبْخَ آكَدُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا أَتَى أَحَدَهُمْ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ، فَإِنْ لَمْ يُجْلِسْهُ مَعَهُ فَلْيُنَاوِلْهُ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ أَوْ أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَيْنِ فَإِنَّهُ وَلِيَ حَرَّهُ وَعِلَاجَهُ» ، وَالْمَعْنَى فِيهِ تَشَوُّفُ النَّفْسِ لِمَا تُشَاهِدُهُ، وَهَذَا يَقْطَعُ شَهْوَتَهَا، وَالْأَمْرُ فِي الْخَبَرِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ نَدْبًا لِلتَّوَاضُعِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، وَنَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ نَصًّا حَاصِلُهُ الْوُجُوبُ. ثُمَّ قَالَ: فَظَهَرَ أَنَّ الرَّاجِحَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الْوُجُوبُ عَلَى خِلَافِ مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ، وَرَدَّهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ النَّصَّ لَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ بَلْ عَلَى مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ، وَلَوْ أَعْطَى السَّيِّدُ رَقِيقَهُ طَعَامَهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ تَبْدِيلُهُ. بِمَا يَقْتَضِي تَأْخِيرَ الْأَكْلِ إلَّا لِمَصْلَحَةِ الرَّقِيقِ، وَلَوْ فَضَّلَ نَفِيسَ رَقِيقِهِ لِذَاتِهِ عَلَى خَسِيسِهِ كُرِهَ فِي الْعَبِيدِ، وَسُنَّ فِي الْإِمَاءِ (وَتَسْقُطُ) كِفَايَةُ الْقِنِّ (بِمُضِيِّ الزَّمَانِ) كَنَفَقَةِ الْقَرِيبِ فَلَا تَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بِفَرْضِ قَاضٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَقَدْ قَالَ الرُّويَانِيُّ: لَوْ قَالَ الْحَاكِمُ لِعَبْدِ رَجُلٍ غَائِبٍ اسْتَدِنْ وَأَنْفِقْ عَلَى نَفْسِك جَازَ وَكَانَ دَيْنًا عَلَى سَيِّدِهِ (وَيَبِيعُ الْقَاضِي فِيهَا مَالَهُ) إنْ امْتَنَعَ مِنْهَا أَوْ غَابَ كَمَا فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ، وَتَحْرِيرُهُ أَنَّ الْحَاكِمَ يُؤَجِّرُ جُزْءًا مِنْ مَالِهِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ أَوْ جَمِيعَهُ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ أَوْ تَعَذَّرَ إيجَارُ الْجُزْءِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَجَبَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: سَتْرُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ) أَيْ وَلَوْ أُنْثَى، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يُرِدْ إخْرَاجَهَا بِحَيْثُ تَرَاهَا الْأَجَانِبُ وَإِلَّا وَجَبَ سَتْرُ جَمِيعِ بَدَنِهَا (قَوْلُهُ: عَدَمُ اسْتِحْبَابِهِ حِينَئِذٍ) أَيْ بَلْ تَنْبَغِي الْكَرَاهَةُ (قَوْلُهُ: وَلَا تَقْضِي النَّهْمَةَ) بِفَتْحِ النُّونِ: أَيْ الْحَاجَةَ وَالشَّهْوَةَ كَمَا فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ: أَوْ أُكْلَةً) اسْمٌ لِلْمَأْكُولِ، وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ. أَمَّا الْأُكْلَةُ فَبِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَهِيَ اللُّقْمَةُ (قَوْلُهُ: وَنَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) ضَعِيفٌ، وَقَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَيْ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: تَأْخِيرَ الْأَكْلِ) أَيْ مِنْ طَعَامٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: إلَّا لِمَصْلَحَةٍ لِلرَّقِيقِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا تُرَاعَى مَصْلَحَةُ السَّيِّدِ فِي ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ إبْدَالُهُ إلَى تَأْخِيرٍ فَاحِشٍ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ حَاجَةٌ حَاقَّةٌ كَأَنْ حَصَلَ لِلسَّيِّدِ ضَيْفٌ يَشُقُّ عَلَى السَّيِّدِ عَدَمُ إطْعَامِهِ فَأَرَادَ أَنْ يُقَدِّمَ لَهُ مَا دَفَعَهُ لِلْعَبْدِ ثُمَّ يَأْتِيَ بِبَدَلِهِ لِلْعَبْدِ بَعْدَ زَمَنٍ لَا يَتَضَرَّرُ فِيهِ الْعَبْدُ بِالتَّأْخِيرِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِفَرْضِ قَاضٍ أَوْ نَحْوِهِ) وَقِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ أَنَّهَا إنَّمَا تَصِيرُ دَيْنًا عَلَى السَّيِّدِ إذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ كَمَا يَشْمَلُهُ الْمَتْنُ الْآتِي عَلَى الْأَثَرِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى الْخِطَابِ لِقَوْمٍ إلَخْ.) يَلْزَمُ عَلَيْهِ وَعَلَى مَا بَعْدَهُ أَنْ لَا دَلِيلَ فِيهِ لِلْمُدَّعِي، وَعِبَارَةُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحَيْ الرَّوْضِ وَالْمَنْهَجِ: وَلَوْ تَنَعَّمَ بِمَا هُوَ فَوْقَ اللَّائِقِ بِهِ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مِثْلَهُ وَلَا يَلْزَمُهُ بَلْ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْغَالِبِ، وَقَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ. " فَلَمْ يَسُقْ " الْحَدِيثَ مَسَاقَ الدَّلِيلِ، بَلْ إنَّمَا سَاقَهُ لِيُبَيِّنَ عَدَمَ مُعَارَضَتِهِ لِلْمُدَّعِي بِوَاسِطَةِ حَمْلِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: النَّهِمَةَ) هُوَ بِفَتْحِ النُّونِ: أَيْ الشَّهْوَةَ وَالْحَاجَةَ (قَوْلُهُ: أَحَدَكُمْ) هُوَ بِالنَّصْبِ مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ (قَوْلُهُ: أَوْ أَكْلَةً) هِيَ اللُّقْمَةُ كَمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَحِينَئِذٍ فَلَعَلَّ أَوْ لِلشَّكِّ مِنْ الرَّاوِي (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ لَهُ) أَيْ السَّيِّدِ

فَإِنْ تَعَذَّرَ إيجَارُهُ بَاعَ جُزْءًا مِنْهُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ أَوْ كُلَّهُ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ أَوْ تَعَذَّرَ بَيْعُ الْجُزْءِ، هَذَا فِي غَيْرِ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ. أَمَّا هُوَ فَيَتَعَيَّنُ فِعْلُ الْأَحَظِّ لَهُ مِنْ بَيْعِ الْقِنِّ أَوْ إجَارَتِهِ أَوْ بَيْعِ مَالٍ آخَرَ أَوْ الِاقْتِرَاضِ عَلَى مُغَلِّهِ (فَإِنْ فُقِدَ الْمَالُ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لِمَالِكِهِ مَالٌ وَلَوْ بِبَلَدِ الْقَاضِي فَقَطْ فِيمَا يَظْهَرُ لِانْتِفَاءِ سَلْطَنَتِهِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَالْمَالِكُ حَاضِرٌ مُمْتَنِعٌ مِنْ إنْفَاقِهِ وَتَعَذَّرَتْ إجَارَتُهُ (أَمَرَهُ) الْقَاضِي بِإِيجَارِهِ: أَيْ إنْ وَفَّى بِمُؤْنَتِهِ فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ (بِبَيْعِهِ أَوْ إعْتَاقِهِ) دَفْعًا لِلضَّرَرِ، وَالْقَصْدُ إزَالَةُ مِلْكِهِ عَنْهُ، فَإِنْ امْتَنَعَ أَجَّرَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ أَوْ بَاعَهُ كَمَا مَرَّ، وَيَسْتَدِينُ عَلَيْهِ إلَى اجْتِمَاعِ قَدْرٍ صَالِحٍ عَلَيْهِ فَيُبَاعُ حِينَئِذٍ مَا بَقِيَ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَتَيَسَّرْ بَيْعُهُ شَيْئًا فَشَيْئًا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ كَالْعَقَارِ، فَإِنْ تَيَسَّرَ ذَلِكَ كَالْحُبُوبِ وَالْمَائِعَاتِ تَعَيَّنَ: أَيْ بِلَا اسْتِدَانَةٍ اهـ. وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِهِمْ، فَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْعُهُ، وَإِجَارَتُهُ فَنَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ فُقِدَ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَحَاوِيجِهِمْ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَتُدْفَعُ كِفَايَةُ الرَّقِيقِ لِمَالِكِهِ؛ لِأَنَّ الْكِفَايَةَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمَعْنِيُّ بِأَنَّهُ مِنْ مَحَاوِيجِ الْمُسْلِمِينَ لَا الرَّقِيقِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ الْمُسْلِمِينَ مَجَّانًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ السَّيِّدُ فَقِيرًا أَوْ مُحْتَاجًا إلَى خِدْمَتِهِ الضَّرُورِيَّةِ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَرْضًا اهـ. قَالَ الْقَمُولِيُّ: مَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ وَنِصْفُهُ رَقِيقٌ يَجِبُ نِصْفُ نَفَقَتِهِ عَلَى سَيِّدِهِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ بِهِ فَيَجِبُ نِصْفُ نَفَقَتِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ: نَفَقَةُ الْمُبَعَّضِ: أَيْ الْمَعْجُوزِ عَنْ نَفَقَةٍ فِي بَيْتِ الْمَال إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ هِيَ فِي نَوْبَتِهِ اهـ. وَهَذَا فِي غَيْرِ أُمِّ الْوَلَدِ. أَمَّا هِيَ فَلَا تُبَاعُ قَطْعًا وَلَا يُجْبَرُ عَلَى إعْتَاقِهَا فِي الْأَصَحِّ بَلْ تُؤَجَّرُ أَوْ تُزَوَّجُ، ـــــــــــــــــــــــــــــSأَذِنَ لَهُ الْقَاضِي فِي الِاقْتِرَاضِ وَاقْتَرَضَ، أَوْ أَمَرَ الْقَاضِي مَنْ يُنْفِقُ عَلَى الرَّقِيقِ وَيَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَهُ وَفَعَلَ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَحْجُورٍ) هَذِهِ التَّفْرِقَةُ يُخَالِفُهَا مَا مَرَّ لَهُ أَنَّ الْقَاضِيَ وَنَحْوَهُ إنَّمَا يَفْعَلُ الْأَصْلَحَ. وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ نَقْلًا عَنْ حَجّ نَصُّهَا: وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا مِنْ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ يَنْبَغِي حَمْلُهُ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ عَلَى مَا إذَا اسْتَوَتْ مَصْلَحَتُهُمَا فِي نَظَرِهِ، وَإِلَّا وَجَبَ فِعْلُ الْأَصْلَحِ مِنْهُمَا، فَقَوْلُ جَمْعٍ يَجِبُ الْإِيجَارُ أَوَّلًا يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ أَصْلَحَ اهـ. وَهِيَ الْأَظْهَرُ الْمُوَافِقَةُ لِنَظَائِرِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ الِاقْتِرَاضِ) أَيْ اقْتِرَاضِ الْقَاضِي مِنْ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى مُغَلِّ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِبَلَدِ الْقَاضِي) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْقَاضِي وَأَمْكَنَ إحْضَارُهُ عَنْ قُرْبٍ لَا يُنْتَظَرُ وَيُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْ الْعَبْدِ، وَلَوْ قِيلَ: إنَّ الْقَاضِيَ يَقْتَرِضُ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يُحْضِرَ مَالَهُ إذَا رَأَى ذَلِكَ مَصْلَحَةً لَمْ يَبْعُدْ (قَوْلُهُ: فَنَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ) قَرْضًا اهـ حَجّ: أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ السَّيِّدُ فَقِيرًا مُحْتَاجًا إلَى خِدْمَتِهِ الضَّرُورِيَّةِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ الْآتِي فَيَكُونُ تَبَرُّعًا لَا قَرْضًا، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُحْتَاجًا) الْأَوْلَى إسْقَاطُ أَوْ (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ نِصْفُ نَفَقَتِهِ) مُعْتَمَدٌ : (قَوْلُهُ: الْمَعْجُوزِ عَنْ نَفَقَتِهِ) أَيْ كُلِّهَا (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: بَلْ تُؤَجَّرُ) أَيْ وُجُوبًا، وَقَوْلُهُ: أَوْ تُزَوَّجُ تَقَدَّمَ قُبَيْلَ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ أَنَّ السَّيِّدَ لَا يُجْبَرُ عَلَى تَزْوِيجِهَا وَلَا عَلَى بَيْعِهَا مِنْ نَفْسِهَا، وَإِنَّمَا يُجْبَرُ عَلَى تَخْلِيَتِهَا لِلْكَسْبِ أَوْ إيجَارِهَا، فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ فَنَفَقَتُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ أَمْكَنَ تَزْوِيجُهَا، وَمَا هُنَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ التَّزْوِيجَ يُقَدَّمُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ مَا هُنَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَتَعَذَّرَتْ إجَارَتُهُ) لَا وَجْهَ لَهُ هُنَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ فَلَعَلَّ الصَّوَابَ حَذْفُهُ (قَوْلُهُ: وَيَسْتَدِينُ عَلَيْهِ إلَخْ.) وُضِعَ هَذَا كَكَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ وَغَيْرِهِ الْآتِي هُنَا فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، وَإِنَّمَا مَحَلُّهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَبِيعُ الْقَاضِي فِيهَا مَالَهُ كَمَا صَنَعَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَلَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ ثُمَّ أَيْضًا لِأَنَّهُ قَدَّمَ مَا يُغْنِي عَنْهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْعُهُ) أَيْ الرَّقِيقِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْقَمُولِيُّ مَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ وَنِصْفُهُ رَقِيقٌ يَجِبُ نِصْفُ نَفَقَتِهِ إلَخْ.) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ أَكَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ أَمْ لَا

فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ نَفَقَتُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ (وَيُجْبِرُ) السَّيِّدُ إنْ شَاءَ (أَمَتَهُ) وَلَوْ أُمَّ وَلَدٍ (عَلَى إرْضَاعِ وَلَدِهَا) أَيْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْهُ أَمْ مَمْلُوكًا لَهُ مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا أَوْ حُرًّا؛ لِأَنَّ لَبَنَهَا وَمَنَافِعَهَا لَهُ، بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ فَإِنَّ الزَّوْجَ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ مِنْهَا، وَلَوْ طَلَبَتْ إرْضَاعَهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَفْرِيقًا بَيْنَ الْوَالِدَةِ وَوَلَدِهَا إلَّا عِنْدَ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ، وَوَضْعُ الْوَلَدِ عِنْدَ غَيْرِهَا إلَى فَرَاغِ اسْتِمْتَاعِهِ، وَإِلَّا إذَا كَانَ الْوَلَدُ حُرًّا مِنْ غَيْرِهِ أَوْ مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ إرْضَاعِهِ غَيْرِ اللِّبَأِ الَّذِي لَا يَعِيشُ إلَّا بِهِ وَيَسْتَرْضِعُهَا غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ إرْضَاعَهُ عَلَى وَالِدِهِ أَوْ مَالِكِهِ، نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَأَقَرُّوهُ، وَلَهُ طَلَبُ أُجْرَةِ الرَّضَاعِ مِنْ أَبِي وَلَدِهَا الْحُرِّ وَمِنْ سَيِّدِ وَلَدِهَا الرَّقِيقِ، وَلَا يَلْزَمُهُ التَّبَرُّعُ بِهِ كَمَا لَا يَلْزَمُ الْحُرَّةَ التَّبَرُّعُ بِهِ، فَإِنْ تَبَرَّعَ بِهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ تَرْضَ بِهِ (وَكَذَا غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ وَلَدِهَا (إنْ فَضَلَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ رَيِّهِ إمَّا لِغَزَارَةِ لَبَنِهَا أَوْ لِقِلَّةِ شُرْبِهِ أَوْ لِاغْتِنَائِهِ بِغَيْرِ اللَّبَنِ فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ أَوْ مَوْتِهِ لِمَا مَرَّ كَمَا لَهُ تَكْلِيفُهَا غَيْرَهُ مِنْ سَائِرِ الْأَعْمَالِ الَّتِي تُطِيقُهَا. أَمَّا إذَا لَمْ يَفْضُلْ عَنْ رَيِّهِ فَلَا يُجْبِرُهَا عَلَى إرْضَاعِ غَيْرِهِ، وَلَوْ بِأُجْرَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} [البقرة: 233] وَلِأَنَّ طَعَامَهُ اللَّبَنُ فَلَا يُنْقَصُ عَنْهُ كَالْقُوتِ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ هَذَا إذَا كَانَ وَلَدُهَا حُرًّا مِنْ السَّيِّدِ أَوْ مَمْلُوكًا لَهُ وَإِلَّا فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ إرْضَاعِهِ وَيَسْتَرْضِعَهَا غَيْرَهُ (وَ) عَلَى (فَطْمِهِ قَبْلَ حَوْلَيْنِ إنْ لَمْ يَضُرَّهُ) بِأَنْ اجْتَزَأَ بِغَيْرِ اللَّبَنِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ التَّمَتُّعَ بِهَا وَلَا ضَرَرَ عَلَى الْوَلَدِ فِي ذَلِكَ (وَ) عَلَى (إرْضَاعِهِ بَعْدَهُمَا إنْ لَمْ يَضُرَّهَا) وَلَا ضَرَّهُ الْإِرْضَاعُ، وَاقْتُصِرَ فِي كُلٍّ مِنْ الْقِسْمَيْنِ عَلَى الْأَغْلَبِ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا زِدْنَاهُ سَوَاءٌ أَكَفَاهُ غَيْرُ اللَّبَنِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ لَبَنَهَا وَمَنَافِعَهَا لَهُ كَمَا مَرَّ وَلَيْسَ لَهَا اسْتِقْلَالٌ بِإِرْضَاعٍ وَلَا فِطَامٍ؛ إذْ لَا حَقَّ لَهَا فِي التَّرْبِيَةِ (وَلِلْحُرَّةِ حَقٌّ فِي التَّرْبِيَةِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ الْأَبَوَيْنِ الْحُرَّيْنِ، وَيُتَّجَهُ إلْحَاقُ غَيْرِهِمَا مِمَّنْ لَهُ الْحَضَانَةُ عِنْدَ فَقْدِهِمَا بِهِمَا فِي ذَلِكَ (فَطْمُهُ قَبْلَ حَوْلَيْنِ) مِنْ غَيْرِ رِضَا الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُمَا تَمَامُ مُدَّةِ الرَّضَاعِ، فَإِنْ تَنَازَعَا أُجِيبَ الدَّاعِي إلَى إكْمَالِ الْحَوْلَيْنِ، إلَّا إذَا كَانَ الْفِطَامُ قَبْلَهُمَا أَصْلَحَ لِلْوَلَدِ فَيُجَابُ طَالِبُهُ كَفَطْمِهِ عِنْدَ حَمْلِ الْأُمِّ أَوْ مَرَضِهَا وَلَمْ يُوجَدْ غَيْرُهَا. وَكَلَامُهُمْ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَلَهُمَا) ذَلِكَ (إنْ لَمْ يَضُرَّهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ} [البقرة: 233] أَيْ لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ أَنَّ ذَلِكَ يَضُرُّ الْوَلَدَ أَوْ لَا {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} [البقرة: 233] (وَلِأَحَدِهِمَا) فَطْمُهُ (بَعْدَ حَوْلَيْنِ) مِنْ غَيْرِ رِضَا الْآخَرِ إنْ لَمْ يَضُرَّهُ بِأَنْ اجْتَزَأَ بِالطَّعَامِ وَكَانَ فِي فَصْلٍ مُعْتَدِلٍ لِمَا مَرَّ (وَلَهُمَا الزِّيَادَةُ) عَلَى الْحَوْلَيْنِ لِمَا مَرَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَرَادَ السَّيِّدُ تَزْوِيجَهَا، وَمَا تَقَدَّمَ مَحْمُولٌ عَلَى خِلَافِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْكَلَامَ ثَمَّ فِيمَنْ حَضَرَ مَوْلَاهَا. أَمَّا مَنْ غَابَ عَنْهَا مَوْلَاهَا، وَلَمْ يُعْلَمْ لَهُ مَالٌ وَلَا لَهَا كَسْبٌ فَتُزَوَّجُ، وَحَيْثُ فُرِضَ ذَلِكَ كَانَ التَّزْوِيجُ بِغَيْرِ رِضَا السَّيِّدِ وَمَعْرِفَتِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ) أَيْ الْإِجَارَةُ وَالتَّزْوِيجُ (قَوْلُهُ: وَيُجْبَرُ) بِضَمِّ الْيَاءِ مِنْ أَجْبَرَ (قَوْلُهُ وَوَضْعُ الْوَلَدِ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ حَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْوَلَدِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَمْلُوكًا) أَيْ كَأَنْ أَوْصَى بِهِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ إرْضَاعِهِ غَيْرَ اللِّبَأِ) أَيْ أَمَّا هُوَ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ إرْضَاعِهِ لَكِنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ مَجَّانًا خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ شَرْحُ الرَّوْضِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ التَّبَرُّعُ بِهِ) أَيْ الْإِرْضَاعِ (قَوْلُهُ: وَلَا ضَرَرَ) مِنْ جُمْلَةِ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ وَاقْتُصِرَ فِي كُلٍّ) قَدْ يَتَقَابَلُ الضَّرَرَانِ إنْ كَانَ فَطْمُهُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ يَضُرُّهُ وَإِرْضَاعُهُ حِينَئِذٍ يَضُرُّهَا فَحَرِّرْ حُكْمَهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ حُكْمَهُ أَنَّ الْأَبَ يَجِبُ عَلَيْهِ إرْضَاعُهُ لِغَيْرِهَا إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ عَلَى الْأُمِّ بَلْ يُفْطَمُ، وَإِنْ لَحِقَهُ الضَّرَرُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا زِدْنَاهُ) أَيْ فِي إرْضَاعِهِ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَا ضَرَّهُ الْإِرْضَاعُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهَا اسْتِقْلَالٌ بِإِرْضَاعٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْهُ أَمْ مَمْلُوكًا لَهُ إلَخْ.) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَوْ مِنْ غَيْرِهِ بِزِنًا أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَضُرَّهُ) أَيْ أَوْ يَضُرَّهُمَا كَمَا فِي التُّحْفَةِ، وَلَعَلَّ الْكَتَبَةَ أَسْقَطَتْهُ مِنْ الشَّارِحِ بَعْدَ إتْيَانِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَاقْتَصَرَ فِي كُلٍّ مِنْ الْقِسْمَيْنِ إلَخْ.

حَيْثُ لَا ضَرَرَ، لَكِنْ أَفْتَى الْحَنَّاطِيُّ بِأَنَّهُ يُسَنُّ عَدَمُهَا إلَّا لِحَاجَةٍ (وَلَا يُكَلِّفُ رَقِيقَهُ) عَمَلًا عَلَى الدَّوَامِ (إلَّا عَمَلًا يُطِيقُهُ) عَلَى الدَّوَامِ فَيَجُوزُ لَهُ تَكْلِيفُهُ إيَّاهُ وَيَتْبَعُ فِي تَكْلِيفِهِ مَا يُطِيقُهُ الْعَادَةَ كَإِرَاحَتِهِ فِي وَقْتِ الْقَيْلُولَةِ وَالِاسْتِمْتَاعِ، وَفِي الْعَمَلِ طَرَفَيْ النَّهَارِ وَإِرَاحَتِهِ مِنْ الْعَمَلِ إمَّا فِي اللَّيْلِ إنْ اسْتَعْمَلَهُ نَهَارًا أَوْ فِي النَّهَارِ إنْ اسْتَعْمَلَهُ لَيْلًا، وَإِنْ اعْتَادُوا خِدْمَةَ الْأَرِقَّاءِ نَهَارًا مَعَ طَرَفَيْ اللَّيْلِ اُتُّبِعَتْ عَادَتُهُمْ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكَلِّفَهُ عَمَلًا عَلَى الدَّوَامِ لَا يُطِيقُهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ الْمَارِّ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكَلِّفَهُ عَمَلًا عَلَى الدَّوَامِ يَقْدِرُ عَلَيْهِ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ ثُمَّ يَعْجَزُ عَنْهُ، فَعُلِمَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكَلِّفَهُ الْأَعْمَالَ الشَّاقَّةَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، وَلَوْ كَلَّفَ رَقِيقَهُ مَا لَا يُطِيقُهُ أَوْ حَمَلَ أَمَتَهُ عَلَى الْفَسَادِ أُجْبِرَ عَلَى بَيْعِ كُلٍّ مِنْهُمَا إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا فِي خَلَاصِهِ كَمَا قَيَّدَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَيَجِبُ عَلَى الرَّقِيقِ بَذْلُ جَهْدِهِ فِي الْعَمَلِ، وَتَرْكُ الْكَسَلِ فِيهِ. (وَتَجُوزُ) (مُخَارَجَتُهُ) أَيْ الْقِنِّ (بِشَرْطِ رِضَاهُمَا) فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا إجْبَارُ الْآخَرِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَاعْتُبِرَ فِيهِ التَّرَاضِي كَغَيْرِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَوْنِهَا عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ اعْتِبَارُ الصِّيغَةِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَأَنَّ صَرِيحَهَا خَارَجْتُك وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُ وَأَنَّ كِنَايَتَهَا بَاذَلْتُك عَلَى كَسْبِك بِكَذَا وَنَحْوِهِ (وَهِيَ خَرَاجٌ) مَعْلُومٌ (يُؤَدِّيهِ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ أُسْبُوعٍ) أَوْ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ مِمَّا يَكْسِبُهُ حَسْبَمَا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَى أَبَا طَيْبَةَ صَاعَيْنِ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ وَأَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يُخَفِّفُوا عَنْهُ خَرَاجَهُ» ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ " أَنَّهُ كَانَ لِلزُّبَيْرِ أَلْفُ مَمْلُوكٍ يُؤَدُّونَ الْخَرَاجَ لَا يُدْخِلُ بَيْتَهُ مِنْ خَرَاجِهِمْ شَيْئًا بَلْ يَتَصَدَّقُ بِجَمِيعِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ بَلَغَتْ تَرِكَتُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ أَلْفٍ وَمِائَتَيْ أَلْفٍ " رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ. وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ لَهُ كَسْبٌ مُبَاحٌ دَائِمٌ يَفِي بِالْخَرَاجِ فَاضِلًا عَنْ نَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ إنْ جَعَلَهُمَا فِيهِ، فَإِنْ زَادَ كَسْبُهُ عَلَى ذَلِكَ فَالزِّيَادَةُ بِرٌّ وَتَوْسِيعٌ مِنْ سَيِّدِهِ لَهُ، وَأَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ لِنَفْسِهِ لَوْ كَانَ حُرًّا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَلَوْ خَارَجَهُ عَلَى مَا لَا يَحْتَمِلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ، وَقَوْلُهُ وَلَا فِطَامٍ: أَيْ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ أَوْ بَعْدَهُمَا (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا ضَرَرَ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا يُوهِمُهُ الْكَلَامُ السَّابِقُ مِنْ اسْتِوَاءِ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ يُسَنُّ عَدَمُهَا) أَيْ الزِّيَادَةِ اقْتِصَارًا عَلَى مَا وَرَدَ (قَوْلُهُ: فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ) أَيْ حَيْثُ لَا يَضُرُّ بِأَنْ يُخْشَى مِنْهُ مَحْذُورُ تَيَمُّمٍ فِيمَا يَظْهَرُ وَيُحْتَمَلُ الضَّبْطُ بِمَا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً، وَإِنْ لَمْ يُخْشَ مِنْهُ ذَلِكَ الْمَحْذُورُ اهـ حَجّ. وَلَعَلَّ الِاحْتِمَالَ أَقْرَبُ، وَبَقِيَ مَا لَوْ رَغِبَ الْعَبْدُ فِي الْأَعْمَالِ الشَّاقَّةِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ مَنْعُهُ مِنْهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي أَدْخَلَ الضَّرَرَ عَلَى نَفْسِهِ، وَيُحْتَمَلُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي إلَى ضَرَرٍ يَجُرُّ إلَى إتْلَافِهِ أَوْ مَرَضِهِ الشَّدِيدِ، وَفِي ذَلِكَ تَفْوِيتُ مَالِيَّةٍ عَلَى السَّيِّدِ بِتَمْكِينِهِ فَيُنْسَبُ إلَيْهِ فَيَنْزِلُ مَنْزِلَةَ مَا لَوْ بَاشَرَ إتْلَافَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ حَمَلَ أَمَتَهُ عَلَى الْفَسَادِ) أَيْ فَلَوْ تَنَازَعَا فِي ذَلِكَ صُدِّقَ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ) كَالْكِتَابَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا تَلْزَمُ مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: حَسْبَمَا يَتَّفِقَانِ) وَقَعَ مِثْلُ هَذَا التَّرْكِيبِ فِي كَلَامِ الْبَيْضَاوِيِّ حَيْثُ قَالَ: ثُمَّ بَيَّنَ لِلنَّاسِ مَا نَزَّلَ إلَيْهِمْ حَسْبَمَا عَنَّ لَهُمْ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ خُسْرو مَا نَصُّهُ: فِي قَوْلِهِ حَسْبَمَا: أَيْ قَدْرَ مَا مُتَعَلِّقٌ بِبَيَّنَ وَنَزَّلَ يُقَالُ لِيَكُونَ عَمَلُك بِحَسَبِ ذَلِكَ: أَيْ بِقَدْرِهِ وَقَدْ تُسَكَّنُ السِّينُ فِي الضَّرُورَةِ وَمِثْلُهُ فِي السَّيِّدِ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ بِفَتْحِ السِّينِ وَأَنَّ السُّكُونَ ضَرُورَةٌ (قَوْلُهُ: وَأَعْطَى أَبَا طَيْبَةَ) أَيْ لَمَّا حَجَمَهُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَمِائَتَيْ أَلْفٍ) أَيْ مِنْ الدَّرَاهِمِ الْفِضَّةِ (قَوْلُهُ: وَتَوْسِيعٌ مِنْ سَيِّدِهِ) أَيْ فَلَوْ أَرَادَ سَيِّدُهُ أَخْذَهُ مِنْهُ هَلْ يَجُوزُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَتْبَعُ فِي تَكْلِيفِهِ مَا يُطِيقُهُ الْعَادَةَ إلَخْ.) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَيَتْبَعُ الْعَادَةَ فِي الْقَيْلُولَةِ وَالْعَمَلِ طَرَفَيْ النَّهَارِ وَيُرِيحُهُ مِنْ الْعَمَلِ إمَّا اللَّيْلَ أَوْ النَّهَارَ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ صَرِيحَهَا خَارَجْتُك إلَخْ.) اُنْظُرْ وَجْهَ أَخْذِ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَهِيَ خَرَاجٌ إلَخْ.) فِيهِ اسْتِخْدَامٌ (قَوْلُهُ: رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ مَا مَرَّ فِي صَدْرِ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ: بِرٌّ وَتَوْسِيعٌ) أَيْ، فَيَجُوزُ لِلرَّقِيقِ التَّصَرُّفُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَمْلِكُهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ لِلسَّيِّدِ مَنْعَهُ مِنْهُ وَهُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ

لَمْ يَجُزْ وَيُلْزِمُهُ الْحَاكِمُ بِعَدَمِ مُعَارَضَتِهِ، فَقَدْ رَوَى الشَّافِعِيُّ بِسَنَدِهِ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ: لَا تُكَلِّفُوا الصَّغِيرَ الْكَسْبَ فَيَسْرِقَ، وَلَا الْأَمَةَ غَيْرَ ذَاتِ الصَّنْعَةِ فَتَكْتَسِبَ بِفَرْجِهَا، وَكَذَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَوَقَعَ فِي النِّهَايَةِ عَزْوُهُ إلَى عُمَرَ، وَيُجْبَرُ النَّقْصُ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ بِالزِّيَادَةِ فِي بَعْضِهَا، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ مُؤْنَتَهُ تَجِبُ حَيْثُ شُرِطَتْ مِنْ كَسْبِهِ أَوْ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ، وَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ لِلْوَلِيِّ مُخَارَجَةَ قِنِّ مَحْجُورِهِ مَصْلَحَةً مَحَلُّ نَظَرٍ؛ لِأَنَّ فِيهَا تَبَرُّعًا وَإِنْ كَانَتْ بِأَضْعَافِ قِيمَتِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ. نَعَمْ لَوْ انْحَصَرَ صَلَاحُهُ فِيهَا وَتَعَذَّرَ بَيْعُهُ نَظِيرَ مَا مَرَّ آخِرَ الْحَجْرِ مِنْ بَيْعِ مَالِهِ بِدُونِ ثَمَنِ مِثْلِهِ جَازَ لِلضَّرُورَةِ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الْمَمْلُوكُ لِمَالِكِهِ: رَبِّي بَلْ يَقُولُ سَيِّدِي وَمَوْلَايَ، وَأَنْ يَقُولَ السَّيِّدُ عَبْدِي وَأَمَتِي بَلْ يَقُولُ: غُلَامِي وَجَارِيَتِي أَوْ فَتَاتِي وَفَتَايَ، وَلَا كَرَاهَةَ فِي إضَافَةِ رَبٍّ إلَى غَيْرِ الْمُكَلَّفِ كَرَبِّ الدَّارِ وَرَبِّ الْغَنَمِ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ لِلْفَاسِقِ أَوْ لِلْمُتَّهَمِ فِي دِينِهِ يَا سَيِّدِي (وَعَلَيْهِ) أَيْ مَالِكِ دَوَابَّ لَمْ يُرِدْ بَيْعَهَا وَلَا ذَبْحَ مَا يَحِلُّ مِنْهَا (عَلْفُ) بِالسُّكُونِ كَمَا بِخَطِّهِ وَهُوَ الْفِعْلُ وَبِفَتْحِهَا وَهُوَ الْمَعْلُوفُ إنْ لَمْ تَأْلَفْ السَّوْمَ (دَوَابِّهِ) الْمُحْتَرَمَةِ وَإِنْ وَصَلَتْ إلَى حَدِّ الزَّمَانَةِ الْمَانِعَةِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِوَجْهٍ (وَسَقْيُهَا) وَيَقُومُ مَقَامَهُمَا تَخْلِيَتُهَا لِتَرْعَى وَتَرِدَ الْمَاءَ إنْ أَلِفَتْ ذَلِكَ وَاكْتَفَتْ بِهِ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «دَخَلَتْ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا، لَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَلَا هِيَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ» بِفَتْحِ الْخَاءِ وَكَسْرِهَا: أَيْ هَوَامِّهَا، وَالْوَاجِبُ عَلْفُهَا وَسَقْيُهَا حَتَّى تَصِلَ لِأَوَّلِ الشِّبَعِ وَالرَّيِّ دُونَ غَايَتِهِمَا، وَيَجُوزُ غَصْبُ الْعَلْفِ لَهَا وَغَصْبُ الْخَيْطِ لِجِرَاحَتِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSلِكَوْنِهِ لَا مِلْكَ لَهُ أَوْ لَا لِالْتِزَامِهِ جَعْلَهُ لِلْعَبْدِ بِعَقْدِ مُعَاوَضَةٍ الَّذِي يَظْهَرُ الْأَوَّلُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ فَالزِّيَادَةُ بِرٌّ وَتَوْسِيعٌ، ثُمَّ رَأَيْت الْعِرَاقِيَّ صَرَّحَ بِذَلِكَ، وَقَالَ حَجّ: وَيَتَصَرَّفُ فِيهَا كَالْحُرِّ (قَوْلُهُ: مَصْلَحَةً) أَيْ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً (قَوْلُهُ: نَظِيرَ مَا مَرَّ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ بِحَيْثُ لَوْ خَارَجَهُ اكْتَسَبَ ذَلِكَ الْقَدْرَ، وَإِلَّا لَمْ يُمْكِنْ اكْتِسَابُهُ إيَّاهُ، وَهَذِهِ مَصْلَحَةٌ يَجُوزُ اعْتِبَارُهَا، وَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ بَيْعُهُ بَلْ قَدْ تَكُونُ أَصْلَحَ مِنْ بَيْعِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: عَلْفُ) لَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ عَلْفُهَا فَخَلَّاهَا لِلرَّعْيِ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهَا لَا تَعُودُ إلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْرُمَ ذَلِكَ وَأَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ تَسْيِيبِ السَّوَائِبِ الْمُحَرَّمِ؛ لِأَنَّ هَذَا لِضَرُورَةٍ، وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَا لَوْ مَلَكَ حَيَوَانًا بِاصْطِيَادٍ وَعَلِمَ أَنَّ لَهُ أَوْلَادًا يَتَضَرَّرُونَ بِفَقْدِهِ، فَالْوَجْهُ جَوَازُ تَخْلِيَتِهِ لِيَذْهَبَ لِأَوْلَادِهِ وَلَا يَكُونُ مِنْ بَابِ التَّسْيِيبِ، وَفِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ لَهُ. نَعَمْ يَبْقَى الْكَلَامُ فِيمَا لَوْ خَلَّاهَا لِلرَّعْيِ، وَعَلِمَ أَنَّهَا لَا تَعُودُ بِنَفْسِهَا، لَكِنْ يُمْكِنُهُ أَنْ يَتْبَعَهَا فِي الْمَرَاعِي وَيَرْجِعَ بِهَا هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَقَدْ يُتَّجَهُ الْوُجُوبُ حَيْثُ لَا مَشَقَّةَ دُونَ مَا إذَا كَانَ مَشَقَّةً فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا) وَالْكَسْرُ أَكْثَرُ: قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: الْخِشَاشُ بِالْكَسْرِ: الْحَشَرَاتُ وَقَدْ تُفْتَحُ (قَوْلُهُ: حَتَّى تَصِلَ لِأَوَّلِ الشِّبَعِ) قَدْ تَقَدَّمَ فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ لِلشَّارِحِ مَا نَصُّهُ: ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَا تُكَلِّفُوا الصَّغِيرَ) أَيْ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ لِيَتِمَّ الدَّلِيلُ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَقُولَ السَّيِّدُ عَبْدِي وَأَمَتِي) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْعَبْدِيَّةَ الْحَقِيقِيَّةَ لَا تَكُونُ إلَّا لَهُ تَعَالَى وَالْأَمَةُ فِي الْأُنْثَى بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ فِي الذَّكَرِ (قَوْلُهُ: إلَى غَيْرِ مُكَلَّفٍ) أَمَّا الْمُكَلَّفُ: يَعْنِي: مَنْ شَأْنُهُ التَّكْلِيفُ، وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا فَيُكْرَهُ إضَافَةُ رَبٍّ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُرِدْ بَيْعَهَا إلَخْ.) يَعْنِي: أَمَّا إذَا أُرِيدَ ذَلِكَ حَالًا بِأَنْ كَانَ شَارِعًا فِي الْبَيْعِ فِي الْأُولَى وَمُتَعَاطِيًا لِأَسْبَابِ الذَّبْحِ فِي الثَّانِيَةِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَلَفُ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْبَيْعُ وَالذَّبْحُ حَتَّى يَعْلِفَ (قَوْلُهُ: وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ) هَذَا لَا يَتِمُّ بِهِ الدَّلِيلُ إلَّا إنْ كَانَتْ الْهِرَّةُ مَمْلُوكَةً لِلْمَرْأَةِ أَوْ مُخْتَصَّةً بِهَا (قَوْلُهُ: دَخَلَتْ امْرَأَةٌ النَّارَ) لَعَلَّ الْمُرَادَ اسْتَوْجَبَتْ النَّارَ أَوْ مِنْ بَابِ التَّعْبِيرِ بِالْمَاضِي عَنْ الْمُسْتَقْبَلِ لِتَحَقُّقِ وُقُوعِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَجِبُ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ غَصْبُ الْعَلَفِ وَغَصْبُ الْخَيْطِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: كَمَا يَجُوزُ سَقْيُهَا الْمَاءَ إلَخْ.

بِبَدَلِهِمَا إنْ تَعَيَّنَا، وَلَمْ يُبَاعَا كَمَا يَجُوزُ سَقْيُهَا الْمَاءَ، وَالْعُدُولُ إلَى التَّيَمُّمِ، بَلْ يَجِبُ كُلٌّ مِنْهُمَا حَيْثُ لَمْ يَخْفَ مُبِيحُ تَيَمُّمٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَعَلَى مُقْتَنِي الْكَلْبِ الْمُبَاحِ إفْتَاؤُهُ أَنْ يُطْعِمَهُ أَوْ يُرْسِلَهُ: أَيْ لِيَأْكُلَ لَا كَسَوَائِبِ الْجَاهِلِيَّةِ، أَوْ يَدْفَعَهُ لِمَنْ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ حَبْسُهُ لِيَهْلَكَ جُوعًا، وَلَا يَجُوزُ حَبْسُ الْكَلْبِ الْعَقُورِ لِيَهْلَكَ جُوعًا بَلْ يَحْسُنُ قَتْلُهُ بِحَسَبِ مَا يُمْكِنُهُ، وَيَحْرُمُ تَكْلِيفُهَا عَلَى الدَّوَامِ مَا لَا تُطِيقُ الدَّوَامَ عَلَيْهِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ ضَرْبُهَا إلَّا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَخَرَجَ بِالْمُحْتَرَمَةِ غَيْرُهَا كَالْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: هَلْ يَجُوزُ الْحَرْثُ عَلَى الْحُمُرِ؟ الظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَضُرَّهَا جَازَ، وَإِلَّا فَلَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُلْبِسَ الْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ مَا يَقِيهَا مِنْ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ الشَّدِيدَيْنِ إذَا كَانَ ذَلِكَ يَضُرُّهَا ضَرَرًا بَيِّنًا اعْتِبَارًا بِكِسْوَةِ الرَّقِيقِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ وَفِي كُتُبِ الْحَنَابِلَةِ وَهُوَ جَارٍ عَلَى الْقَوَاعِدِ أَنَّهُ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِالْحَيَوَانِ فِي غَيْرِ مَا خُلِقَ لَهُ كَالْبَقَرِ لِلرُّكُوبِ أَوْ الْحَمْلِ وَالْإِبِلِ وَالْحَمِيرِ لِلْحَرْثِ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً إذْ أَرَادَ أَنْ يَرْكَبَهَا فَقَالَتْ إنَّا لَمْ نُخْلَقْ لِذَلِكَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. الْمُرَادُ أَنَّهُ مُعْظَمُ مَنَافِعِهَا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ مَنْعُ غَيْرِ ذَلِكَ (فَإِنْ) (امْتَنَعَ) مِنْ الْقِيَامِ بِكِفَايَةِ دَابَّتِهِ الْمُحْتَرَمَةِ (أُجْبِرَ فِي الْمَأْكُولِ عَلَى بَيْعٍ) أَوْ إجَارَةٍ (أَوْ عَلْفٍ أَوْ ذَبْحٍ. وَفِي غَيْرِهِ عَلَى بَيْعٍ) أَوْ إجَارَةٍ (أَوْ عَلْفٍ) صَوْنًا لَهَا عَنْ التَّلَفِ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَ الْحَاكِمُ مَا يَرَاهُ مِنْهُ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَا مَرَّ فِي الرَّقِيقِ يَأْتِي هُنَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ بَاعَهَا الْحَاكِمُ أَوْ جُزْءًا مِنْهَا أَوْ أَجَّرَهَا عَلَيْهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ فَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ كِفَايَتُهَا، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ كَنَظِيرِهِ فِي الرَّقِيقِ وَيَأْتِي مَا مَرَّ هُنَاكَ، وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ حَيَوَانٌ يُؤْكَلُ وَآخَرُ لَا يُؤْكَلُ وَلَمْ يَجِدْ إلَّا نَفَقَةَ أَحَدِهِمَا وَتَعَذَّرَ بَيْعُهُمَا فَهَلْ يُقَدِّمُ نَفَقَةَ مَا لَا يُؤْكَلُ وَيَذْبَحُ الْمَأْكُولَ أَمْ يُسَوِّي بَيْنَهُمَا؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، قَالَ: فَإِنْ كَانَ الْمَأْكُولُ يُسَاوِي أَلْفًا، وَغَيْرُهُ يُسَاوِي دِرْهَمًا فَفِيهِ نَظَرٌ وَاحْتِمَالٌ اهـ. وَالرَّاجِحُ تَقْدِيمُ غَيْرِ الْمَأْكُولِ فِي الْحَالَيْنِ (وَلَا) (يَحْلُبُ) مِنْ لَبَنِهَا (مَا يَضُرُّ وَلَدَهَا) أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ غِذَاؤُهُ كَمَا فِي وَلَدِ الْأَمَةِ، بَلْ قَالَ الْأَصْحَابُ لَوْ كَانَ لَبَنُهَا دُونَ غِذَاءِ وَلَدِهَا وَجَبَ عَلَيْهِ تَكْمِيلُ غِذَائِهِ مِنْ غَيْرِهَا، وَإِنَّمَا يَحْلُبُ الْفَاضِلَ عَنْ رَيِّهِ. قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَالْمُرَادُ أَنْ يَتْرُكَ لَهُ مَا يُقِيمُهُ حَتَّى لَا يَمُوتَ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي الِاكْتِفَاءِ بِهَذَا، ـــــــــــــــــــــــــــــSوَيُعْتَبَرُ رَغْبَتُهُ وَزَهَادَتُهُ بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ مَعَهُ مِنْ التَّرَدُّدِ عَلَى الْعَادَةِ وَيَدْفَعُ عَنْهُ أَلَمَ الْجُوعِ لِإِتْمَامِ الشِّبَعِ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ: أَيْ الْمُبَالَغَةِ فِيهِ، وَأَمَّا إشْبَاعُهُ فَوَاجِبٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ، وَمِثْلُهُ ثَمَّ فِي حَجّ، وَأَحَالَ حَجّ مَا هُنَا وَنَفَقَةَ الرَّقِيقِ بَعْدَ التَّعْبِيرِ فِيهِمَا بِأَوَّلِ الشِّبَعِ عَلَى مَا مَرَّ فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ، فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِأَوَّلِ الشِّبَعِ هُنَا الشِّبَعَ عُرْفًا لَا الْمُبَالَغَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ: بِبَدَلِهِمَا) أَيْ وَقْتَ الْأَخْذِ لَا بِأَقْصَى الْقِيَمِ وَلَا بِقِيمَةِ وَقْتِ التَّلَفِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَجِبُ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ سَقْيِهَا، وَالتَّيَمُّمِ أَوْ هُوَ وَالْغَصْبُ، وَالثَّانِي هُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَحِلُّ لَهُ ضَرْبُهَا إلَّا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ) وَمِثْلُهُ النَّخْسُ حَيْثُ اُعْتِيدَ لِمِثْلِهِ فَيَجُوزُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَقَوْلُهُ وَالْبِغَالَ: أَيْ وَنَحْوَهَا حَيْثُ لَمْ يَنْدَفِعْ الضَّرَرُ إلَّا بِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ بَاعَهَا) قَضِيَّةُ مَا ذَكَرَهُ هُنَا وَفِي نَفَقَةِ الرَّقِيقِ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ شَيْئًا مِنْهُمَا إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمَا، وَتَقَدَّمَ لحج فِي نَفَقَةِ الرَّقِيقِ أَنَّ الْحَاكِمَ يُرَاعِي مَا هُوَ الْأَصْلَحُ مِنْ بَيْعِ الرَّقِيقِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَمْوَالِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي مَا مَرَّ هُنَاكَ) أَيْ مِنْ كَوْنِهِ قَرْضًا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ تَقْدِيمُ غَيْرِ الْمَأْكُولِ) أَيْ بِأَنْ يَذْبَحَ لَهُ الْمَأْكُولَ (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْلُبُ) بِضَمِّ اللَّامِ كَمَا يَأْتِي عَنْ الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ فِي الِاكْتِفَاءِ: ـــــــــــــــــــــــــــــQفَهُوَ حُكْمٌ مَفْرُوغٌ مِنْهُ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ، وَإِنَّمَا أُتِيَ بِهِ هُنَا لِيَقِيسَ عَلَيْهِ الْمَسْأَلَتَيْنِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِالْكَافِ، وَلَيْسَ الْغَرَضُ إثْبَاتَ حُكْمِهِ هُنَا وَهَذَا ظَاهِرٌ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ تَكْلِيفُهَا) يَعْنِي: الدَّوَابَّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ بَاعَهَا الْحَاكِمُ إلَخْ.) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ عَلَفِهَا، وَإِرْسَالِهَا وَلَا مَالَ لَهُ آخَرُ أُجْبِرَ عَلَى إزَالَةِ مِلْكِهِ أَوْ ذَبْحِ الْمَأْكُولَةِ أَوْ الْإِيجَارِ صَوْنًا لَهَا عَنْ التَّلَفِ، فَإِنْ أَبَى فَعَلَى الْحَاكِمِ الْأَصَحُّ مِنْ ذَلِكَ انْتَهَتْ. وَبِهَا يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْ إجْبَارَهُ الْمُقَدَّمَ عَلَى فِعْلِ الْحَاكِمِ وَلَمْ يُقَيَّدْ فِعْلُ الْحَاكِمِ بِالْأَصْلَحِ

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا التَّوَقُّفُ هُوَ الصَّوَابُ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَعْدَ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ: وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَقَدْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ: بِإِلْحَاقِهِ بِوَلَدِ الْأَمَةِ فِي ذَلِكَ، وَاسْتَثْنَى مَا إذَا عَدَلَ بِهِ إلَى غَيْرِ لَبَنِ أُمِّهِ وَاسْتَمْرَأَهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ سَقْيُهُ مَا يَحْيَا بِهِ، فَإِنْ أَبَاهُ وَلَمْ يَقْبَلْهُ كَانَ أَحَقَّ بِلَبَنِ أُمِّهِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْلُبَ مَا يَضُرُّهَا لِقِلَّةِ الْعَلْفِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ تَرْكُ الْحَلْبِ إنْ ضَرَّهَا وَإِلَّا كُرِهَ لِلْإِضَاعَةِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَسْتَقْصِيَ الْحَالِبُ فِي الْحَلْبِ بَلْ يَتْرُكَ فِي الضَّرْعِ شَيْئًا، وَأَنْ يَقُصَّ أَظْفَارَهُ لِئَلَّا يُؤْذِيَهَا، وَيَحْرُمُ جَزُّ الصُّوفِ مِنْ أَصْلِ الظَّهْرِ وَنَحْوِهِ، وَكَذَا حَلْقُهُ لِمَا فِيهِمَا مِنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ. قَالَ الْجُوَيْنِيُّ: وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي حَرْمَلَةٍ عَلَى الْكَرَاهَةِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ لِلتَّعْلِيلِ الْمَارِّ، وَيَجِبُ عَلَى مَالِكِ النَّحْلِ أَنْ يُبْقِيَ لَهُ مِنْ الْعَسَلِ فِي الْكُوَّارَةِ قَدْرَ حَاجَتِهَا إنْ لَمْ يَكْفِهَا غَيْرُهُ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي الشِّتَاءِ وَتَعَذَّرَ خُرُوجُهَا كَانَ الْمُبْقَى أَكْثَرَ، فَإِنْ قَامَ شَيْءٌ مَقَامَ الْعَسَلِ فِي غِذَائِهَا لَمْ يَتَعَيَّنْ الْعَسَلُ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَقَدْ قِيلَ يَشْوِي دَجَاجَةً وَيُعَلِّقُهَا بِبَابِ الْكُوَّارَةِ فَتَأْكُلُ مِنْهَا، وَيَجِبُ عَلَى مَالِكِ دُودِ الْقَزِّ: إمَّا تَحْصِيلُ وَرَقِ الْتَوَتْ وَلَوْ بِشِرَائِهِ، وَإِمَّا تَخْلِيَتُهُ لِأَكْلِهِ إنْ وُجِدَ لِئَلَّا يَهْلَكَ بِغَيْرِ فَائِدَةٍ، وَيَجُوزُ تَشْمِيسُهُ عِنْدَ حُصُولِ نَوْلِهِ وَإِنْ هَلَكَ بِهِ كَمَا يَجُوزُ ذَبْحُ الْحَيَوَانِ (وَمَا لَا رُوحَ لَهُ كَقَنَاةٍ وَدَارٍ لَا تَجِبُ عِمَارَتُهَا) عَلَى مَالِكِهَا، وَعَلَّلَهُ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّ ذَلِكَ تَنْمِيَةٌ لِلْمَالِ، وَلَا يَجِبُ تَنْمِيَتُهُ بِخِلَافِ الْبَهَائِمِ يُجْبَرُ عَلَى عَلْفِهَا؛ لِأَنَّ فِي تَرْكِهِ إضْرَارًا بِهَا، وَفَرَّقَ غَيْرُهُ بِحُرْمَةِ الرُّوحِ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُهُمْ الْمَذْكُورُ. قَالَ فِي الِاسْتِقْصَاءِ: وَلِهَذَا يَأْثَمُ بِمَنْعِهِ فَضْلَ الْمَاءِ عَنْ الْحَيَوَانِ، وَلَا يَأْثَمُ بِمَنْعِهِ عَنْ الزَّرْعِ، وَنَقَلَ الشَّيْخَانِ عَنْ الْمُتَوَلِّي كَرَاهَةَ تَرْكِهَا حَتَّى تَخْرَبَ، وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ تَرْكُ سَقْيِ الزَّرْعِ وَالْأَشْجَارِ عِنْدَ الْإِمْكَانِ لِمَا فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ تَحْرِيمِ إضَاعَتِهِ لَكِنَّهُمَا صَرَّحَا فِي مَوَاضِعَ بِتَحْرِيمِهَا كَإِلْقَاءِ الْمَتَاعِ فِي الْبَحْرِ بِلَا خِلَافٍ، فَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ بِتَحْرِيمِهَا إنْ كَانَ سَبَبُهَا أَعْمَالًا كَإِلْقَاءِ الْمَتَاعِ فِي الْبَحْرِ وَبِعَدَمِ تَحْرِيمِهَا إنْ كَانَ سَبَبُهَا تَرْكَ أَعْمَالٍ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَشُقُّ، وَمِنْهُ تَرْكُ سَقْيِ الْأَشْجَارِ الْمَرْهُونَةِ بِتَوَافُقِ الْعَاقِدَيْنِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ اهـ وَعُلِمَ مِنْ تَعْلِيلِ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّ الِاعْتِرَاضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ مُجَرَّدَ تِلْكَ الْأَعْمَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ وَيُقَالُ: يَجِبُ أَنْ يَتْرُكَ لَهُ مَا يُنَمِّيهِ نُمُوَّ أَمْثَالِهِ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْلُبَ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: حَلَبَ يَحْلُبُ بِالضَّمِّ حَلَبًا بِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِهَا (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُؤْذِيَهَا) أَيْ فَلَوْ عَلِمَ لُحُوقَ ضَرَرٍ لَهَا وَجَبَ قَصُّهَا (قَوْلُهُ: مِنْ أَصْلِ الظَّهْرِ) أَيْ مِنْ الْجِلْدِ الَّذِي يُلَاقِي الظَّهْرَ بِحَيْثُ لَا يَتْرُكُ عَلَيْهِ شَيْئًا (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ) قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ زِيَادَةً عَلَى مَا ذُكِرَ: وَقَدْ يُحْمَلُ عَلَى مَا لَا تَعْذِيبَ فِيهِ اهـ حَجّ اهـ (قَوْلُهُ: وَدَارٍ لَا تَجِبُ عِمَارَتُهَا) رَاعَى فِي تَأْنِيثِ الضَّمِيرِ مَعْنَى مَا (قَوْلُهُ: حَتَّى تَخْرَبَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ. قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: خَرِبَ الْمَوْضِعُ بِالْكَسْرِ خَرَابًا فَهُوَ خَرِبٌ اهـ (قَوْلُهُ: كَإِلْقَاءِ الْمَتَاعِ فِي الْبَحْرِ) أَيْ بِلَا غَرَضٍ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى رَاكِبِ السَّفِينَةِ إذَا أَشْرَفَتْ عَلَى الْغَرَقِ إلْقَاءُ مَا لَا رُوحَ فِيهِ لِمَا فِيهِ رُوحٌ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ إنْ كَانَ سَبَبُهَا أَعْمَالًا كَإِلْقَاءِ إلَخْ) هَلْ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ اغْتَرَفَ مِنْ الْبَحْرِ بِإِنَائِهِ ثُمَّ أَلْقَى مَا اغْتَرَفَهُ فِي الْبَحْرِ فَإِنَّهُ مَلَكَهُ تَنَازَعَ فِيهِ الْفُضَلَاءُ، وَيُتَّجَهُ وِفَاقًا لِشَيْخِنَا طب عَدَمُ التَّحْرِيمِ هُنَا؛ لِأَنَّ مَا يُغْتَرَفُ مِنْ نَحْوِ الْبَحْرِ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَكُونَ حَقِيرًا وَمِنْ جِنْسِ الْحَقِيرِ غَالِبًا. وَمِمَّا وُضِعَ عَلَى الْإِبَاحَةِ وَالِاشْتِرَاكِ وَمِمَّا لَا يَحْصُلُ بِإِلْقَائِهِ ضَرَرٌ بِوَجْهٍ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُ ذَلِكَ إلْقَاءَ الْحَطَبِ مِنْ الْمُحْتَطِبِ، وَكَذَلِكَ الْحَشِيشُ. وَأَقُولُ: بَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَسَكَتَ عَنْ الذَّبْحِ (قَوْلُهُ: لِقِلَّةِ الْعَلَفِ) اُنْظُرْ مَا مَوْقِعُهُ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَقُصَّ أَظْفَارَهُ إلَخْ.) نُقِلَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُ إذَا تَفَاحَشَ طُولُ الْأَظْفَارِ وَكَانَ يُؤْذِيهَا لَا يَجُوزُ حَلْبُهَا مَا لَمْ يَقُصَّ مَا يُؤْذِيهَا (قَوْلُهُ: وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُهُمْ الْمَذْكُورُ)

لَا تَكْفِي بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهَا بِالشَّاقَّةِ لِيُحْتَرَزَ مِنْ نَحْوِ رَبْطِ الدَّرَاهِمِ فِي الْكُمِّ وَوَضْعِ الْمَالِ فِي الْحِرْزِ سَاقِطٌ. قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ فِي مَسْأَلَةِ تَرْكِ سَقْيِ الْأَشْجَارِ صُورَتُهَا: أَنْ يَكُونَ لَهَا ثَمَرَةٌ تَفِي بِمُؤْنَةِ سَقْيِهَا وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ قَطْعًا. قَالَ: وَلَوْ أَرَادَ بِتَرْكِ السَّقْيِ تَجْفِيفَ الْأَشْجَارِ لِأَجْلِ قَطْعِهَا لِلْبِنَاءِ وَالْوَقُودِ فَلَا كَرَاهَةَ أَيْضًا اهـ. وَهَذَا فِي مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ، أَمَّا الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ فَعَلَى وَلِيِّهِ عِمَارَةُ عَقَارِهِ وَحِفْظُ شَجَرِهِ وَزَرْعِهِ بِالسَّقْيِ وَغَيْرِهِ وَفِي الطَّلْقِ. أَمَّا الْوَقْفُ فَيَجِبُ عَلَى نَاظِرِهِ عِمَارَتُهُ حِفْظًا لَهُ عَلَى مُسْتَحِقِّهِ عِنْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْهَا: إمَّا مِنْ رِيعِهِ أَوْ مِنْ جِهَةِ شُرُوطِهَا الْوَاقِفُ وَفِيمَا إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ، فَأَمَّا لَوْ أَجَّرَ عَقَارَهُ ثُمَّ اخْتَلَّ فَعَلَيْهِ عِمَارَتُهُ إنْ أَرَادَ بَقَاءَ الْإِجَارَةِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ تَخَيَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَوْ غَابَ الرَّشِيدُ عَنْ مَالِهِ غَيْبَةً طَوِيلَةً وَلَا نَائِبَ لَهُ هَلْ يَلْزَمُ الْحَاكِمَ أَنْ يَنْصِبَ مَنْ يَعْمُرُ عَقَارَهُ وَيَسْقِي زَرْعَهُ وَثَمَرَهُ مِنْ مَالِهِ الظَّاهِرِ؟ نَعَمْ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ حِفْظَ مَالِ الْغُيَّبِ كَالْمَحْجُورِينَ، وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ مَدْيُونٌ وَتَرَكَ زَرْعًا وَغَيْرَهُ وَتَعَلَّقَتْ بِهِ دُيُونٌ مُسْتَغْرِقَةٌ وَتَعَذَّرَ بَيْعُهُ فِي الْحَالِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَسْعَى فِي حِفْظِهِ بِالسَّقْيِ وَغَيْرِهِ إلَى أَنْ يُبَاعَ فِي دُيُونِهِ حَيْثُ لَا وَارِثَ خَاصٌّ يَقُومُ بِذَلِكَ وَلَمْ يَحْضُرْنِي فِي هَذَا نَقْلٌ خَاصٌّ اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَالزِّيَادَةُ فِي الْعِمَارَةِ عَلَى الْحَاجَةِ خِلَافُ الْأُولَى، وَرُبَّمَا قِيلَ بِكَرَاهَتِهَا. وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّ الرَّجُلَ لَيُؤْجَرُ فِي نَفَقَتِهِ كُلِّهَا إلَّا فِي هَذَا التُّرَابِ» وَفِي أَبِي دَاوُد «كُلُّ مَا أَنْفَقَهُ ابْنُ آدَمَ فِي التُّرَابِ فَهُوَ عَلَيْهِ وَبَالٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَّا مَا إلَّا مَا» أَيْ إلَّا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ: أَيْ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِالْإِنْفَاقِ فِي الْبِنَاءِ بِهِ مَقْصِدًا صَالِحًا كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، وَلَا تُكْرَهُ عِمَارَةٌ لِحَاجَةٍ، وَإِنْ طَالَتْ، وَالْأَخْبَارُ الدَّالَّةُ عَلَى مَنْعِ مَا زَادَ عَلَى سَبْعَةِ أَذْرُعٍ، وَأَنَّ فِيهِ الْوَعِيدَ الشَّدِيدَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ فَعَلَ لِلْخُيَلَاءِ وَالتَّفَاخُرِ عَلَى النَّاسِ. وَيُكْرَهُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى وَلَدِهِ أَوْ مَالِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSيُتَّجَهُ جَوَازُ إلْقَاءِ مَا اغْتَرَفَهُ مِنْ الْبَحْرِ عَلَى التُّرَابِ أَيْضًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَوَضْعُ الْمَالِ فِي الْحِرْزِ سَاقِطٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ قَدْ يَشُقُّ يُفِيدُ حُرْمَةَ التَّرْكِ إذَا لَمْ تَكُنْ فِيهِ مَشَقَّةٌ كَضَمِّ الْكُمِّ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ، قَدْ يُفْهِمُ التَّحْرِيمَ فِيمَا لَا مَشَقَّةَ فِيهِ بِوَجْهٍ كَمَا فِي تَرْكِ تَنَاوُلِ دِينَارٍ عَلَى طَرَفِ ثَوْبِهِ أَوْ بِالْقُرْبِ مِنْهُ أَوْ ضَمِّ كُمِّهِ عَلَيْهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ جِدًّا فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت م ر أَفَادَهُ اهـ (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ أَنَّ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَسْعَى فِي حِفْظِهِ) وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ قَدْرَ أُجْرَةِ مِثْلِ عَمَلِهِ فِيهِ وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ شَيْءٌ لِنَحْوِ ذَلِكَ، وَقَدْ يَشْمَلُهُ قَوْلُهُمْ: لِلْوَلِيِّ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ أُجْرَةَ مِثْلِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ أَبًا وَلَا جَدًّا وَلَهُمَا أَخْذُ الْأَقَلِّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَكِفَايَتِهِمَا (قَوْلُهُ: إلَّا مَا) تَأْكِيدٌ لِلْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: مَقْصِدًا صَالِحًا) أَيْ وَمِنْهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِغَلَّتِهِ بِصَرْفِهَا فِي وُجُوهِ الْقُرَبِ أَوْ عَلَى عِيَالِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا تُكْرَهُ عِمَارَةٌ لِحَاجَةٍ، وَإِنْ طَالَتْ) أَيْ بَلْ قَدْ تَجِبُ الْعِمَارَةُ إنْ تَرَتَّبَ عَلَى تَرْكِهَا مَفْسَدَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: سَاقِطٌ) كَأَنَّهُ لِأَنَّ الْإِسْنَوِيَّ أَشَارَ بِتَعْلِيلِهِ بِأَنَّهَا قَدْ تَشُقُّ إلَى أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْحُرْمَةِ بِتَرْكِ الْأَعْمَالِ عِنْدَ الْمَشَقَّةِ فِيهَا، فَإِيرَادُ ذَلِكَ عَلَى كَلَامِهِ مَعَ إشَارَتِهِ إلَيْهِ سَاقِطٌ، لَكِنْ قَدْ يَتَوَقَّفُ فِي ذَلِكَ مَعَ تَعْبِيرِهِ بِقَدْ الْمُفِيدَةِ لِعَدَمِ الْحُرْمَةِ مُطْلَقًا مَعَ أَنَّ الْمَشَقَّةَ قَدْ تُوجَدُ وَقَدْ لَا تُوجَدُ (قَوْلُهُ: فِي مَسْأَلَةِ تَرْكِ سَقْيِ الْأَشْجَارِ) اُنْظُرْ هَلْ مِثْلُهَا تَرْكُ الدَّارِ وَالزَّرْعِ، وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ (قَوْلُهُ: مُسْتَغْرِقَةٌ) اُنْظُرْ مَفْهُومُهُ وَكَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ حَيْثُ لَا وَارِثَ لَهُ خَاصٌّ (قَوْلُهُ: قَالَ إنَّ الرَّجُلَ لَيُؤَجَّرُ فِي نَفَقَتِهِ كُلِّهَا) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ لَا يَتِمُّ بِهِ الدَّلِيلُ إلَّا بِحَمْلِهِ عَلَى مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ) بَيَانٌ لِلْمُرَادِ مِنْ مَا فِي الْخَبَرِ وَقَوْلُهُ: أَيْ مَا لَمْ يَقْصِدْ إلَخْ. تَخْصِيصٌ لِعُمُومِ مَا (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى وَلَدِهِ إلَخْ.) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالدُّعَاءِ الدُّعَاءُ بِنَحْوِ الْمَوْتِ وَأَنَّ مَحَلَّ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ كَالتَّأْدِيبِ وَنَحْوِهِ، وَإِلَّا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ بِلَا حَاجَةٍ لَا يَجُوزُ عَلَى الْوَلَدِ وَالْخَادِمِ، فَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ أَنَّ قَضِيَّةَ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّ الظَّالِمَ إذَا دَعَا عَلَى الْمَظْلُومِ وَوَافَقَ سَاعَةَ الْإِجَابَةِ اُسْتُجِيبَ لَهُ إلَخْ. مَحَلُّ تَوَقُّفٍ.

[كتاب الجراح]

أَوْ خَدَمِهِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ فِي آخِرِ كِتَابِهِ وَأَبِي دَاوُد عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَلَا تَدْعُوَا عَلَى أَوْلَادِكُمْ وَلَا تَدْعُوا عَلَى خَدَمِكُمْ وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ لَا تُوَافِقُوا مِنْ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءً فَيَسْتَجِيبُ لَهُ» وَأَمَّا خَبَرُ «إنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ دُعَاءَ حَبِيبٍ عَلَى حَبِيبِهِ» فَضَعِيفٌ. كِتَابُ الْجِرَاحِ هُوَ بِكَسْرِ الْجِيمِ جَمْعُ جِرَاحَةٍ غَلَبَتْ؛ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ طُرُقِ الزُّهُوقِ، وَالْجِنَايَةُ أَعَمُّ مِنْهَا؛ وَلِذَا آثَرَهَا غَيْرُهُ لِشُمُولِهَا الْقَتْلَ بِسُمٍّ أَوْ مُثْقَلٍ أَوْ سِحْرٍ، وَجَمَعَهَا لِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا الْآتِيَةِ. وَالْقَتْلُ ظُلْمًا أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ بَعْدَ الْكُفْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِنَحْوِ اطِّلَاعِ الْفَسَقَةِ عَلَى حَرِيمِهِ مَثَلًا، وَقَوْلُهُ مَحْمُولٌ: أَيْ مَا فِيهَا (قَوْلُهُ: وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ) كَرَّرَ لَفْظَ لَا إشَارَةً إلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَاطِفَاتِ مُسْتَقِلٌّ بِالنَّهْيِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ النَّهْيَ عَنْ الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: لَا تُوَافِقُوا إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّ الظَّالِمَ إذَا دَعَا عَلَى الْمَظْلُومِ، وَوَافَقَ سَاعَةَ الْإِجَابَةِ اُسْتُجِيبَ لَهُ فَيُصَابُ الْمَظْلُومُ بِمَا دَعَا بِهِ عَلَيْهِ الظَّالِمُ وَإِنْ كَانَ الظَّالِمُ آثِمًا بِالدُّعَاءِ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ. كِتَابُ الْجِرَاحِ (قَوْلُهُ: جَمْعُ جِرَاحَةٍ) بِالْكَسْرِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: غَلَبَتْ) أَيْ عَلَى الْجِنَايَةِ بِغَيْرِهَا. وَقَالَ قح: لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْجِرَاحُ مَجَازًا عَنْ الْجِنَايَةِ الَّتِي هِيَ وَصْفُ الْجِرَاحِ الْأَعَمِّ، وَالْقَرِينَةُ عَلَيْهِ مَا فِي كَلَامِهِ مِمَّا بَيَّنَّاهُ فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى، وَهَذَا غَيْرُ التَّغْلِيبِ وَإِنْ كَانَ هُوَ أَيْضًا مَجَازًا فَتَأَمَّلْهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ عَلَى التَّغْلِيبِ يَكُونُ الْمُرَادُ الْجِرَاحَ وَغَيْرَهُ، لَكِنْ غَلَبَ الْجِرَاحُ فَعَبَّرَ بِلَفْظِهِ عَنْ الْجَمِيعِ، وَعَلَى غَيْرِهِ يَكُونُ الْمُرَادُ بِالْجِرَاحِ مُطْلَقَ الْجِنَايَةِ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى التَّغْلِيبِ وَأَنَّ الْمُرَادَ أَعَمُّ سِيَاقُهُ لِقَوْلِهِ الْآتِي جَارِحٍ أَوْ مُثْقَلٍ، وَقَوْلُهُ وَمِنْهُ الضَّرْبُ بِسَوْطٍ أَوْ عَصًا، وَالتَّغْلِيبُ مِنْ قَبِيلِ الْمَجَازِ، وَآثَرَهُ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: لِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا) أَيْ بِاخْتِلَافِ أَفْرَادِهَا ع (قَوْلُهُ: وَالْقَتْلُ ظُلْمًا) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْقَتْلُ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْمَقْتُولُ مُعَاهَدًا أَوْ مُؤَمَّنًا، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّ أَفْرَادَهُ مُتَفَاوِتَةٌ فَقَتْلُ الْمُسْلِمِ أَعْظَمُ إثْمًا مِنْ قَتْلِ الْكَافِرِ، وَقَتْلُ الذِّمِّيِّ أَعْظَمُ مِنْ قَتْلِ الْمُعَاهَدِ وَالْمُؤَمَّنِ، وَقَدْ يَشْهَدُ لِأَصْلِ التَّفَاوُتِ قَوْلُهُ لَقَتْلُ مُؤْمِنٍ أَعْظَمُ إلَخْ. أَمَّا الظُّلْمُ مِنْ حَيْثُ الِافْتِيَاتُ عَلَى الْإِمَامِ كَقَتْلِ الزَّانِي الْمُحْصَنِ وَتَارِكِ الصَّلَاةِ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ لَهُ بِهَا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ كَبِيرَةً فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ أَكْبَرَ الْكَبَائِرِ. [فَائِدَةٌ] الْقَتْلُ عَلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ: وَاجِبٌ، وَحَرَامٌ، وَمَكْرُوهٌ، وَمَنْدُوبٌ، وَمُبَاحٌ. فَالْأَوَّلُ قَتْلُ الْمُرْتَدِّ إذَا لَمْ يَتُبْ وَالْحَرْبِيِّ إذَا لَمْ يُسْلِمْ أَوْ يُعْطِي الْجِزْيَةَ. وَالثَّانِي: قَتْلُ الْمَعْصُومِ بِغَيْرِ حَقٍّ. وَالثَّالِثُ قَتْلُ الْغَازِي قَرِيبَهُ الْكَافِرَ إذَا لَمْ يَسُبَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أَيْ فَإِنْ سَبَّهُمَا لَمْ يُكْرَهْ وَيَكُونُ قَتْلُهُ كَقَتْلِ غَيْرِهِ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ. وَالرَّابِعُ قَتْلُهُ إذَا سَبَّ أَحَدَهُمَا. وَالْخَامِسُ قَتْلُ الْإِمَامِ الْأَسِيرَ فَإِنَّهُ مُخَيَّرٌ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي. وَأَمَّا قَتْلُ الْخَطَأِ فَلَا يُوصَفُ بِحَرَامٍ وَلَا حَلَالٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ فِيمَا أَخْطَأَ فِيهِ فَهُوَ كَفِعْلِ الْمَجْنُونِ وَالْبَهِيمَةِ انْتَهَى شَرْحُ الْخَطِيبِ. قُلْت: لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُرَاجَعَ مَا ذَكَرَهُ فِي قَتْلِ الْإِمَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْجِرَاحِ] ِ (قَوْلُهُ: لِشُمُولِهَا) لَكِنَّهَا تَشْمَلُ غَيْرَ الْمُرَادِ هُنَا كَلَطْمَةِ خَفِيفَةٍ وَكَالْجِنَايَةِ عَلَى نَحْوِ الْمَالِ، فَمَا آثَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَوْلَى

وَمُوجِبٌ لِاسْتِحْقَاقِ الْعُقُوبَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَا يَتَحَتَّمُ دُخُولُهُ فِي النَّارِ وَلَا يَخْلُدُ، وَأَمْرُهُ إلَى اللَّهِ إنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَتَقَبَّلَ تَوْبَتَهُ. وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} [البقرة: 178] وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ، قِيلَ وَمَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الشِّرْكُ بِاَللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ» وَخَبَرِ «سُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ، قَالَ: أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا، وَهُوَ خَلَقَكَ، قِيلَ ثُمَّ أَيُّ قَالَ: أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَك» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَخَبَرِ «لَقَتْلُ مُؤْمِنٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ زَوَالِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَبِالْقَوَدِ أَوْ الْعَفْوِ أَوْ أَخْذِ الدِّيَةِ لَا تَبْقَى مُطَالَبَةٌ أُخْرَوِيَّةٌ، وَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْأَسِيرَ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَقْتُلُ بِالْمَصْلَحَةِ، وَحَيْثُ اقْتَضَتْ الْمَصْلَحَةُ قَتْلَهُ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ قَتْلُهُ وَاجِبًا إنْ تَرَتَّبَ عَلَى عَدَمِهِ مَفْسَدَةٌ، وَمَنْدُوبًا إنْ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ يَتَرَجَّحُ عَلَى التَّرْكِ بَلْ يُحْتَمَلُ الْوُجُوبُ مُطْلَقًا حَيْثُ ظَهَرَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي قَتْلِهِ (قَوْلُهُ: وَمُوجِبٌ) أَيْ مُحَقِّقٌ وَمُثْبِتٌ لِاسْتِحْقَاقِ الْعُقُوبَةِ؛ إذْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَعَالَى شَيْءٌ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ اسْتِحْقَاقِ الْعُقُوبَةِ حُصُولُهَا، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ وَلَا يَتَحَتَّمُ إلَخْ (قَوْلُهُ: دُخُولُهُ) أَيْ الْقَاتِلِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَخْلُدُ) وَلَا يُنَافِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} [النساء: 93] الْآيَةَ لِحَمْلِ الْخُلُودِ فِيهَا عَلَى طُولِ الْمُدَّةِ وَعَبَّرَ بِهِ زَجْرًا وَتَنْفِيرًا، أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ اسْتَحَلَّهُ (قَوْلُهُ: وَتَقَبَّلَ تَوْبَتَهُ) أَشَارَ بِهِ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ يَقُولُ: إنَّهُ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَيَسْقُطُ بِهَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى. أَمَّا حَقُّ الْآدَمِيِّ فَلَا عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ) مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْآيَةَ سِيقَتْ لِلِاسْتِدْلَالِ عَلَى أَصْلِ الْجِنَايَةِ. وَأَمَّا تَفَاصِيلُهَا وَأَحْكَامُهَا فَلَهَا أَدِلَّةٌ خَاصَّةٌ تَأْتِي (قَوْلُهُ: الْمُوبِقَاتِ) أَيْ الْمُهْلِكَاتِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِالْحَقِّ) رَاجِعٌ لِقَتْلِ النَّفْسِ دُونَ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: «وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ» ) أَيْ مِنْ غَيْرِ مُقْتَضٍ لَهُ كَزِيَادَةِ الْعَدُوِّ عَلَى ضَعْفِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ خَلَقَكَ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ خَلَقَك (قَوْلُهُ: أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَك) لَيْسَ بِقَيْدٍ، أَوْ يُقَالُ قَيَّدَ بِهِ إشَارَةً إلَى أَنَّ قَتْلَهُ لِمَا ذُكِرَ أَعْظَمُ إثْمًا مِنْ قَتْلِ غَيْرِهِ، ثُمَّ قَضِيَّةُ عَطْفِهِ بِثُمَّ يَقْتَضِي أَنَّ قَتْلَ الْوَلَدِ لِمَا ذُكِرَ أَعْظَمُ إثْمًا مِنْ غَيْرِ الشِّرْكِ مِنْ بَقِيَّةِ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَقَدْ يُقَالُ: أَرَادَ بِالشِّرْكِ هُنَا مُطْلَقَ الْكُفْرِ، وَعَبَّرَ بِهِ لِكَوْنِهِ الْأَغْلَبَ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَكَّةَ وَمَا حَوْلَهَا (قَوْلُهُ: «مِنْ زَوَالِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» ) الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْمُبَالَغَةُ فِي التَّنْفِيرِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْعَفْوِ) شَامِلٌ لِلْعَفْوِ عَلَى الدِّيَةِ قح، وَبِهِ صَرَّحَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: أَوْ أَخْذِ الدِّيَةِ) أَيْ فِي قَتْلٍ لَا يُوجِبُ الْقَوَدَ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ عُفِيَ عَنْ الْقِصَاصِ مَجَّانًا أَوْ عَلَى الدِّيَةِ سَقَطَ الطَّلَبُ عَنْ الْقَاتِلِ فِي الْآخِرَةِ، وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ الْوَارِثُ مِنْهُ الدِّيَةَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لَا تَبْقَى مُطَالَبَةٌ أُخْرَوِيَّةٌ) ظَاهِرُهُ لَا لِلْوَارِثِ وَلَا لِلْمَقْتُولِ. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْقَاتِلَ يَتَعَلَّقُ بِهِ ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ: حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَحَقٌّ لِلْمَقْتُولِ، وَحَقٌّ لِلْوَلِيِّ، فَإِذَا أَسْلَمَ الْقَاتِلُ نَفْسَهُ طَوْعًا وَاخْتِيَارًا إلَى الْوَلِيِّ نَدَمًا عَلَى مَا فَعَلَ خَوْفًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَتَوْبَةً نَصُوحًا سَقَطَ حَقُّ اللَّهِ بِالتَّوْبَةِ، وَحَقُّ الْأَوْلِيَاءِ بِالِاسْتِيفَاءِ أَوْ الصُّلْحِ وَالْعَفْوِ، وَبَقِيَ حَقُّ الْمَقْتُولِ يُعَوِّضُهُ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ عَبْدِهِ التَّائِبِ وَيُصْلِحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ اهـ. وَهُوَ لَا يُنَافِي قَوْلَهُ لَا تَبْقَى مُطَالَبَةٌ أُخْرَوِيَّةٌ لِجَوَازِ حَمْلِهِ عَلَى أَنَّ عَدَمَ الْمُطَالَبَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَنَّ التَّرْجَمَةَ لِشَيْءٍ ثُمَّ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ غَيْرُ مَعِيبٍ (قَوْلُهُ: كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ إلَى آخِرِ الْأَخْبَارِ الَّتِي سَاقَهَا) فِيهِ أَنَّ غَايَةَ مَا فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ أَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَتْلَ مِنْ الْكَبَائِرِ وَمِنْ ثَمَّ سَاقَهَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَقِبَ قَوْلِ الْمَتْنِ الْقَتْلُ ظُلْمًا أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ بَعْدَ الْكُفْرِ فَلَيْسَتْ أَصْلًا لِمَا عُقِدَ لَهُ الْبَابُ مِنْ أَحْكَامِ الْجِرَاحِ وَغَيْرِهِ، إنَّمَا جَعَلَ الْأَصْلَ فِي الْبَابِ نَحْوَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ» إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَا تَبْقَى مُطَالَبَةٌ أُخْرَوِيَّةٌ) أَيْ مِنْ جِهَةِ

[أنواع الجراح عمد وخطأ وشبه عمد]

الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ مِنْ بَقَائِهَا مَحْمُولٌ عَلَى حَقِّهِ تَعَالَى؛ إذْ لَا يُسْقِطُهُ إلَّا تَوْبَةٌ صَحِيحَةٌ، وَمُجَرَّدُ التَّمْكِينِ مِنْ الْقَوَدِ لَا يُفِيدُ إلَّا إنْ انْضَمَّ إلَيْهِ نَدَمٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْصِيَةُ وَعَزَمَ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ، وَالْقَتْلُ لَا يُقْطَعُ لِأَجَلٍ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ (الْفِعْلُ) كَالْجِنْسِ، وَلِذَا أَخْبَرَ عَنْهُ بِثَلَاثَةٍ (الْمُزْهِقُ) كَالْفَصْلِ لَكِنَّهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يَأْتِي لَهُ تَقْسِيمٌ غَيْرُهُ كَذَلِكَ أَيْضًا (ثَلَاثَةٌ) لِمَفْهُومِ الْخَبَرِ الصَّحِيحِ «أَلَا إنَّ فِي قَتِيلِ عَمْدِ الْخَطَأِ قَتِيلِ السَّوْطِ وَالْعَصَا مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ مِنْهَا أَرْبَعُونَ خَلِفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا» وَصَحَّ أَيْضًا «أَلَا إنَّ دِيَةَ الْخَطَأِ شِبْهِ الْعَمْدِ مَا كَانَ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا فِيهِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ» (عَمْدٌ وَخَطَأٌ وَشِبْهُ عَمْدٍ) أَخَّرَهُ عَنْهُمَا لِأَخْذِهِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا شَبَهًا وَسَيَأْتِي حَدُّ كُلٍّ (وَلَا قِصَاصَ إلَّا فِي الْعَمْدِ) الْآتِي إجْمَاعًا بِخِلَافِ الْخَطَأِ لِآيَةِ {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً} [النساء: 92] وَشِبْهِ الْعَمْدِ لِلْخَبَرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ (وَهُوَ قَصْدُ الْفِعْلِ وَ) عَيْنِ (الشَّخْصِ) يَعْنِي الْإِنْسَانَ، إذْ لَوْ قَصَدَ شَخْصًا يَظُنُّهُ شَجَرَةً فَبَانَ إنْسَانًا كَانَ خَطَأً كَمَا يَأْتِي (بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا) فَقَتْلُهُ هَذَا حَدٌّ لِلْعَمْدِ مِنْ حَيْثُ هُوَ، فَإِنْ أُرِيدَ تَقْيِيدُ إيجَابِهِ لِلْقَوَدِ زِيدَ فِيهِ ظُلْمًا مِنْ حَيْثُ الْإِتْلَافُ لِإِخْرَاجِ الْقَتْلِ بِحَقٍّ أَوْ شُبْهَةٍ كَمَنْ أَمَرَهُ حَاكِمٌ بِقَتْلٍ بَانَ خَطَؤُهُ فِي سَبَبِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ كَتَبَيُّنِ رِقِّ شَاهِدٍ بِهِ، وَكَمَنْ رَمَى لِمُهْدَرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSلِتَعْوِيضِ اللَّهِ إيَّاهُ (قَوْلُهُ: مِنْ بَقَائِهَا) أَيْ الْمُطَالَبَةِ الْأُخْرَوِيَّةِ (قَوْلُهُ: لَا يُفِيدُ) أَيْ فِي التَّوْبَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ) أَيْ لِمِثْلِهِ (قَوْلُهُ: الْفِعْلُ كَالْجِنْسِ) وَفِي نُسْخَةٍ لِلْجِنْسِ: أَيْ وَلَامُ الْفِعْلِ لِلْجِنْسِ، ثُمَّ الْمُرَادُ أَقْسَامُ الْفِعْلِ ثَلَاثَةٌ، وَإِلَّا فَالْجِنْسُ حَقِيقَةٌ وَاحِدَةٌ لَا تَعَدُّدَ فِيهَا وَلَا تَكْثُرُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَأْتِي لَهُ) أَيْ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: تَقْسِيمٌ) وَحِينَئِذٍ فَالِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ فِي التَّقْيِيدِ بِالْمُزْهَقِ قح، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ الَّذِي ثَبَتَ فِيهِ الْقِصَاصُ وَالدِّيَةُ الْآتِيَةُ، أَمَّا غَيْرُهُ فَقَدْ لَا يَجِبُ فِيهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ (قَوْلُهُ: قَتِيلِ السَّوْطِ) هُوَ بِالْجَرِّ بَدَلٌ مِمَّا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ فَفِي الْمُخْتَارِ الْخَلِفُ بِوَزْنِ الْكَتِفِ الْمَخَاضُ وَهِيَ الْحَوَامِلُ مِنْ النُّوقِ الْوَاحِدَةُ خِلْفَةٌ بِوَزْنِ نِكْرَةٍ (قَوْلُهُ: «أَلَا إنَّ دِيَةَ الْخَطَأِ» ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَلَا إنَّ فِي قَتِيلِ عَمْدِ الْخَطَأِ إلَخْ (قَوْلُهُ فِيهِ) حَالٌ مِنْ مِائَةٍ لِتَقْدِيمِهَا عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: فِيهِ مِائَةٌ) خَبَرُ إنَّ (قَوْلُهُ: وَشِبْهُ عَمْدٍ) أَيْ وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ كَالْعَمْدِ (قَوْلُهُ: لِأَخْذِهِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا شَبَهًا) وَهُوَ مِنْ الْعَمْدِ قَصْدُ الْفِعْلِ وَالشَّخْصِ وَمِنْ الْخَطَأِ كَوْنُهُ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا (قَوْلُهُ: وَشِبْهِ الْعَمْدِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِخِلَافِ الْخَطَأِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِلْخَبَرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ) هُمَا: «أَلَا إنَّ فِي قَتِيلِ عَمْدِ الْخَطَأِ» إلَخْ، وَالثَّانِي: «أَلَا إنَّ دِيَةَ الْخَطَأِ شِبْهِ الْعَمْدِ» إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَهُوَ: أَيْ الْعَمْدُ (قَوْلُهُ: يَعْنِي الْإِنْسَانَ إلَخْ) أَيْ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ إنْسَانًا وَإِلَّا لَمْ يُخْرِجْ صُورَةَ النَّخْلَةِ قح، وَمُرَادُهُ بِالْإِنْسَانِ الْبَشَرُ فَيَخْرُجُ الْجِنُّ فَلَا ضَمَانَ فِيهِمْ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عَنْ الشَّارِعِ فِيهِمْ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ قح (قَوْلُهُ: فَقَتَلَهُ) إنَّمَا زَادَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَصْدِهِ إصَابَةُ السَّهْمِ لَهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إصَابَتِهِ قَتْلُهُ، فَلَا يَتِمُّ قَوْلُهُ فِيهِ الْقِصَاصُ (قَوْلُهُ: هَذَا حَدٌّ لِلْعَمْدِ) قَدْ يُلْتَزَمُ أَنَّهُ حَدٌّ لِلْعَمْدِ الْمُوجِبِ لِلْقَوَدِ، وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ تَرَكَ قَيْدَيْنِ مَفْهُومَيْنِ مِنْ الْمَبَاحِثِ الْآتِيَةِ، وَهُوَ مِنْ الْحَذْفِ لِقَرِينَةٍ اهـ قح (قَوْلُهُ: زِيدَ فِيهِ) أَيْ الْحَدِّ (قَوْلُهُ: شَاهِدٍ بِهِ) أَيْ وَاحِدًا كَانَ أَوْ مُتَعَدِّدًا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْآدَمِيِّ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ وَنَبَّهَ عَلَيْهِ سم (قَوْلُهُ: لَا يُفِيدُ) أَيْ فِي حَقِّ اللَّهِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ، لَكِنَّ هَذَا لَا يَحْتَاجُ لِلنَّصِّ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْقَوَدَ بِنَفْسِهِ لَا يُفِيدُ كَمَا قَدَّمَهُ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِمُجَرَّدِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ عَمْدٌ وَخَطَأٌ وَشِبْهُ عَمْدٍ. أَمَّا بِالنَّظَرِ لِمَا عُرِفَ بِهِ مِنْ الْعَمْدِ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَلَهُ مَفْهُومٌ، إذْ الْقَطْعُ مَثَلًا لَا يُعْتَبَرُ مِنْهُ كَوْنُهُ مِمَّا يَقْتُلُ غَالِبًا إذْ لَا قَتْلَ فِيهِ (قَوْلُهُ: لِمَفْهُومِ الْخَبَرِ) اُنْظُرْهُ مَعَ أَنَّ أَحَدَ الثَّلَاثَةِ هُوَ مَنْطُوقُ الْخَبَرِ، عَلَى أَنَّ مَفْهُومَهُ لَا يَدُلُّ عَلَى خُصُوصِ شَيْءٍ، وَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هُنَاكَ شَيْئًا آخَرَ يُخَالِفُ مَنْطُوقَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فِيهِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ) اُنْظُرْ مَا مَوْقِعُ لَفْظِ فِيهِ فِي الْخَبَرِ [أَنْوَاعُ الْجِرَاحِ عَمْدٌ وَخَطَأٌ وَشِبْهُ عَمْدٍ] (قَوْلُهُ: يَعْنِي: الْإِنْسَانَ) أَيْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ إنْسَانًا (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ الْإِتْلَافُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ أَصْلُ الْإِتْلَافِ

أَوْ غَيْرِ مُكَافِئٍ فَعُصِمَ أَوْ كَافَأَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ، وَكَوَكِيلِ قَتْلٍ فَبَانَ انْعِزَالُهُ أَوْ عَفْوُ مُوَكِّلِهِ، وَإِيرَادُ هَذِهِ الصُّوَرِ غَفْلَةٌ عَمَّا قَرَّرْنَاهُ، وَالظُّلْمِ لَا مِنْ حَيْثُ الْإِتْلَافُ كَأَنْ اسْتَحَقَّ حَزَّ رَقَبَتِهِ فَقَدَّهُ نِصْفَيْنِ، وَأُورِدَ عَلَى قَوْلِهِ غَالِبًا مَا لَوْ قَطَعَ أُنْمُلَةَ شَخْصٍ فَمَاتَ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْقِصَاصُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْآلَةُ لَا الْفِعْلُ فَلَا إيرَادَ، وَقَوْلُهُ: غَالِبًا إنْ رَجَعَ لِلْآلَةِ لَمْ يُرِدْ غَرْزُ الْإِبْرَةِ الْمُوجِبُ لِلْقَوَدِ؛ لِأَنَّهُ سَيَذْكُرُهُ عَلَى أَنَّهُ بِقَيْدِ كَوْنِهِ فِي مَقْتَلٍ أَوْ مَعَ دَوَامِ الْأَلَمِ يَقْتُلُ غَالِبًا أَوْ لِلْفِعْلِ لَمْ يُرِدْ قَطْعُ أُنْمُلَةٍ سَرَتْ لِلنَّفْسِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ السِّرَايَةِ يَقْتُلُ غَالِبًا فَانْدَفَعَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا وَلَوْ أَشَارَ الْإِنْسَانُ بِسِكِّينٍ تَخْوِيفًا لَهُ فَسَقَطَتْ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ اُتُّجِهَ كَوْنُهُ غَيْرَ عَمْدٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ عَيْنَهُ بِالْآلَةِ قَطْعًا، وَإِنْ مَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إلَى أَنَّهُ عَمْدٌ يُوجِبُ الْقَوَدَ (جَارِحٌ) بَدَلٌ مِنْ مَا الْوَاقِعَةِ عَلَى أَعَمَّ مِنْهُ، وَمِنْ الْمُثْقَلِ الْآتِي كَتَجْوِيعٍ وَسِحْرٍ وَخِصَاءٍ؛ لِأَنَّهُمَا الْأَغْلَبُ مَعَ الرَّدِّ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِالثَّانِي فِي قَوْلِهِ: لَوْ قَتَلَهُ بِعَمُودِ حَدِيدٍ قُتِلَ (أَوْ مُثْقَلٍ) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِرَضِّ رَأْسِ يَهُودِيٍّ بَيْنَ حَجَرَيْنِ رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ كَذَلِكَ» وَرِعَايَةُ الْمُمَاثَلَةِ وَعَدَمُ إيجَابِهِ شَيْئًا ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِ مُكَافِئٍ) فِي خُرُوجِهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ قَتْلَهُ ظُلْمٌ مِنْ حَيْثُ الْإِتْلَافُ، وَكَذَا مَسْأَلَةُ الْوَكِيلِ إنْ أُرِيدَ، وَلَوْ فِي الْوَاقِعِ انْتَهَى قح. وَقَدْ يُمْنَعُ إيرَادُ الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ لَهُ شُبْهَةً فِي الْقَتْلِ أَيَّ شُبْهَةٍ (قَوْلُهُ: وَإِيرَادُ هَذِهِ) فَإِنْ قُلْت: لَا يَصِحُّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ قَوْلِهِ: وَهُوَ قَصْدُ الْفِعْلِ إلَخْ عَقِبَ قَوْلِهِ: وَلَا قِصَاصَ إلَّا فِي الْعَمْدِ هُوَ تَفْسِيرُ الْعَمْدِ الْمُوجِبِ لِلْقِصَاصِ فَالْإِيرَادُ صَحِيحٌ. قُلْت: قَوْلُهُ وَلَا قِصَاصَ إلَّا فِي عَمْدٍ لَا يَقْتَضِي وُجُوبَ الْقِصَاصِ فِي كُلِّ عَمْدٍ فَلَا يُنَافِي اعْتِبَارَ أُمُورٍ أُخْرَى بِاعْتِبَارِ الْقِصَاصِ، نَعَمْ الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الْإِيرَادُ بِاعْتِبَارِ الْمُتَبَادِرِ فَلَا غَفْلَةَ انْتَهَى قح (قَوْلُهُ: عَمَّا قَرَّرْنَاهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ: هَذَا حَدٌّ لِلْعَمْدِ مِنْ حَيْثُ هُوَ (قَوْلُهُ: وَالظُّلْمِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِإِخْرَاجِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ) أَيْ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا (قَوْلُهُ: فَلَا إيرَادَ) أُورِدَ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ مَا لَوْ غَرَزَ إبْرَةً بِمَقْتَلٍ أَوْ غَيْرِهِ فَتَأَلَّمَ حَتَّى مَاتَ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْآلَةُ مِنْ حَيْثُ الْمَحَلُّ، لَكِنْ فِيهِ نَظَرٌ بِالنِّسْبَةِ لِقَطْعِ الْأُنْمُلَةِ فَإِنَّهُ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا وَإِنْ رُوعِيَ الْمَحَلُّ، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ قَطْعَ الْأُنْمُلَةِ مَعَ السِّرَايَةِ يَقْتُلُ غَالِبًا (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ غَالِبًا إنْ رَجَعَ لِلْآلَةِ لَمْ يُرِدْ غَرْزَ الْإِبْرَةِ الْمُوجِبَ لِلْقَوَدِ؛ لِأَنَّهُ سَيَذْكُرُهُ عَلَى أَنَّهُ بِقَيْدِ كَوْنِهِ فِي مَقْتَلٍ أَوْ مَعَ دَوَامِ الْأَلَمِ يَقْتُل غَالِبًا، أَوْ لِلْفِعْلِ لَمْ يُرِدْ قَطْعَ أُنْمُلَةٍ سَرَتْ لِلنَّفْسِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ السِّرَايَةِ يَقْتُلُ غَالِبًا فَانْدَفَعَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا، وَلَوْ أَشَارَ إلَخْ) ، هَكَذَا فِي نُسْخَةٍ وَهِيَ أَظْهَرُ مِمَّا فِي الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ) أَيْ وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّهُ حَيْثُ أَشَارَ كَانَ قَاصِدًا عَيْنَهُ بِالْإِشَارَةِ، نَعَمْ خُصُوصُ الْإِشَارَةِ الَّتِي وُجِدَتْ مِنْهُ لَا تَبْطُلُ غَالِبًا وَسُقُوطُ السِّكِّينِ مِنْ يَدِهِ لَمْ يَقْصِدْهُ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى هَذَا بِأَنْ يُقَالَ: لَمْ يَقْصِدْ عَيْنَهُ بِسُقُوطِ الْآلَةِ (قَوْلُهُ: كَوْنُهُ غَيْرَ عَمْدٍ) أَيْ وَيَكُونُ شِبْهَ عَمْدٍ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ الْفِعْلَ وَهُوَ التَّخْوِيفُ الَّذِي لَا يَقْتُلُ غَالِبًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ عَيْنَهُ (قَوْلُهُ: بَدَلٌ مِنْ مَا) أَيْ بَدَلُ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا) أَيْ الْجَارِحَ وَالْمُثْقَلَ (قَوْلُهُ: بِالثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ أَوْ مُثْقَلٍ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ أُنْثَى وَإِنْ لَمْ تَكُنْ رَقِيقَةً (قَوْلُهُ: وَعَدَمِ إيجَابِهِ) أَيْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـــــــــــــــــــــــــــــQبِأَنْ كَانَ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ إتْلَافًا أَصْلًا، فَخَرَجَ مَا إذَا كَانَ الظُّلْمُ مِنْ حَيْثُ كَيْفِيَّةُ الْإِتْلَافِ (قَوْلُهُ: غَفْلَةٌ عَمَّا قَرَّرْنَاهُ) يَعْنِي: بِقَوْلِهِ فَقَتَلَهُ هَذَا حُدَّ لِلْعَمْدِ مِنْ حَيْثُ هُوَ إلَخْ. لَكِنَّ فِي هَذَا وَقْفَةٌ إذْ صَرِيحُ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْمَتْنِ أَنَّ الْمُرَادَ الْعَمْدُ الْمُوجِبُ لِلْقِصَاصِ كَمَا لَا يَخْفَى. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا قِصَاصَ إلَّا فِي الْعَمْدِ أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا فِي الْعَمْدِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ إيجَابُ كُلِّ عَمْدٍ لِلْقِصَاصِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُ مُكَافِئٍ) قَالَ الشِّهَابُ سم: فِي خُرُوجِهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ قَتْلَهُ ظُلْمٌ مِنْ حَيْثُ الْإِتْلَافُ، قَالَ: وَكَذَا مَسْأَلَةُ الْوَكِيلِ إنْ أُرِيدَ وَلَوْ فِي الْوَاقِعِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ: غَالِبًا إنْ رَجَعَ لِلْآلَةِ إلَخْ.) هُنَا اخْتِلَافٌ فِي النُّسَخِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ مَعَ السِّرَايَةِ يَقْتُلُ غَالِبًا) نَازَعَ فِيهِ سم بِأَنَّ السِّرَايَةَ خَارِجَةٌ عَنْ

فِيهَا يَرِدُ إنْ زَعَمَ أَنَّهُ قَتَلَهُ لِنَقْضِ الْعَهْدِ وَدَخَلَ فِي قَوْلِنَا: عَيْنِ الشَّخْصِ رَمْيُهُ لِجَمْعٍ بِقَصْدِ إصَابَةِ أَيِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، بِخِلَافِهِ بِقَصْدِ إصَابَةِ وَاحِدٍ وَاحِدٍ فَرْقًا بَيْنَ الْعَامِّ وَالْمُطْلَقِ؛ إذْ الْحُكْمُ فِي الْأَوَّلِ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ مُطَابَقَةً فَكُلٌّ مِنْهُمْ مَقْصُودٌ جُمْلَةً أَوْ تَفْصِيلًا، وَفِي الثَّانِي عَلَى الْمَاهِيَّةِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ ذَلِكَ. (فَإِنْ فُقِدَ) قَصْدُهُمَا أَوْ (قُصِدَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْفِعْلِ وَعَيْنِ الْإِنْسَانِ (بِأَنْ) تُسْتَعْمَلُ غَالِبًا لِحَصْرِ مَا قَبْلَهَا فِيمَا بَعْدَهَا وَكَثِيرًا مَا تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى كَأَنْ كَمَا هُنَا (وَقَعَ عَلَيْهِ) أَيْ الشَّخْصِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْإِنْسَانُ كَمَا مَرَّ (فَمَاتَ) وَهَذَا مِثَالٌ لِلْمَحْذُوفِ أَوْ الْمَذْكُورِ عَلَى مَا يَأْتِي (أَوْ) (رَمَى شَجَرَةً) مَثَلًا أَوْ آدَمِيًّا آخَرَ (فَأَصَابَهُ) أَيْ غَيْرَ مَنْ قَصَدَهُ فَمَاتَ أَوْ رَمَى شَخْصًا ظَنَّهُ شَجَرَةً فَبَانَ إنْسَانًا وَمَاتَ (فَخَطَأٌ) هُوَ مِثَالٌ لِفَقْدِ قَصْدِ الشَّخْصِ دُونَ الْفِعْلِ، وَيَصِحُّ جَعْلُ الْأَوَّلِ مِنْ هَذَا أَيْضًا عَلَى بُعْدٍ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْوُقُوعَ لَمَّا كَانَ مَنْسُوبًا لِلْوَاقِعِ صَدَقَ عَلَيْهِ الْفِعْلُ الْمُقَسَّمُ لِلثَّلَاثَةِ وَأَنَّهُ قَصَدَهُ وَعَكْسُهُ مُحَالٌ، وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: وَظَاهِرٌ أَنَّ فَقْدَ قَصْدِ الْفِعْلِ يَلْزَمُهُ فَقَدُ قَصْدِ الشَّخْصِ، وَأَنَّ الْوُقُوعَ مَنْسُوبٌ لِلْوَاقِعِ فَيَصْدُقُ عَلَيْهِ الْفِعْلُ الْمُقَسَّمُ، وَتَصْوِيرُهُ بِضَرْبَةٍ بِظَهْرِ سَيْفٍ فَأَخْطَأَ لِحَدِّهِ فَهُوَ لَمْ يَقْصِدْ الْفِعْلَ بِالْحَدِّ رُدَّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِعْلِ الْجِنْسُ وَهُوَ مَوْجُودٌ هُنَا، ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: فِيهَا) أَيْ الْجَارِيَةِ (قَوْلُهُ: بِقَصْدِ إصَابَةِ أَيِّ وَاحِدٍ) أَيْ فَيَكُونُ شِبْهَ عَمْدٍ، وَقَوْلُهُ: فَرْقًا إلَخْ الْفَرْقُ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ قَوِيٍّ فَلْيَتَأَمَّلْ الْمُتَأَمِّلُ قح لَعَلَّ وَجْهَ التَّأَمُّلِ أَنَّ قَصْدَ وَاحِدٍ لَا بِعَيْنِهِ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ، وَهُوَ يَتَحَقَّقُ فِي ضِمْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا وَكَانَ عَامًّا بِهَذَا الْمَعْنَى فَلَا يَتِمُّ قَوْلُهُ: فَرْقًا إلَخْ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا قَصَدَ وَاحِدًا مِنْ غَيْرِ مُلَاحَظَةِ التَّعْمِيمِ فِيهِ كَانَ عِبَارَةً عَنْ الْمَاهِيَّةِ فَقَطْ فَلَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا مِنْ الْأَفْرَادِ، وَإِنْ كَانَ وُجُودُ الْمَاهِيَّةِ إذَا تَحَقَّقَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي وَاحِدٍ إلَّا أَنَّ الْقَصْدَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ، وَفَرَّقَ بَيْنَ كَوْنِ الشَّيْءِ حَاصِلًا وَكَوْنِهِ مَقْصُودًا، وَانْظُرْ هَلْ مِثْلُ ذَلِكَ إذَا لَقِيتُ أَيَّ عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِي فَهُوَ حُرٌّ أَوْ إذَا لَقِيت عَبْدًا مِنْ عَبِيدِي فَعَبْدِي حُرٌّ وَلَقِيَ الْكُلَّ فَهَلْ يُعْتَقُ الْجَمِيعُ فِي الْأُولَى، وَوَاحِدٌ مِنْهُمْ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ لَا حَرَّرَهُ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُعْتَقُ الْجَمِيعُ فِي الْأُولَى وَعَبْدٌ لَا بِعَيْنِهِ فِي الثَّانِيَةِ، وَالتَّعْيِينُ فِيهِ لَهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْعُمُومَ فِي الْأُولَى صَرِيحٌ، وَفِي الثَّانِيَةِ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ عِتْقُ عَبْدٍ، وَالْإِضَافَةُ فِيهَا لَا يَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ لِلْعُمُومِ بَلْ قَدْ تَكُونُ لِغَيْرِهِ مِنْ الْجِنْسِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: إذْ الْحُكْمُ فِي الْأَوَّلِ) أَيْ الْعَامِّ، وَقَوْلُهُ وَفِي الثَّانِي: أَيْ الْمُطْلَقِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) الْإِشَارَةُ لِقَوْلِهِ بِأَنْ وَقَعَ (قَوْلُهُ: لِلْمَحْذُوفِ) أَيْ وَهُوَ قَصْدُهُمَا (قَوْلُهُ: أَوْ الْمَذْكُورِ) وَهُوَ قَصْدُ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: أَوْ رَمَى شَخْصًا) ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا الْمِثَالَ لِمَا فُقِدَ فِيهِ قَصْدُ أَحَدِهِمَا، وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَصَدَ كُلًّا مِنْ الْفِعْلِ وَالشَّخْصِ غَايَتُهُ أَنَّهُ ظَنَّهُ بِصِفَةٍ فَبَانَ خِلَافُهَا، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَرَادَ بِالْعَيْنِ الشَّخْصَ مَعَ الْوَصْفِ وَبِتَبَدُّلِ الصِّفَةِ تَبَدُّلُ الْعَيْنِ حَيْثُ جُعِلَتْ الصِّفَةُ جُزْءًا مِنْ مُسَمَّاهَا قح بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: هُوَ مِثَالٌ) أَيْ قَوْلُهُ أَوْ رَمَى شَجَرَةً إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ جَعْلُ الْأَوَّلِ) أَيْ بِأَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ لَمَّا كَانَ إلَى وَأَنَّهُ قَصَدَهُ فِيهِ تَأَمُّلٌ فَتَأَمَّلْهُ قح، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوُقُوعَ وَإِنْ فُرِضَ نِسْبَتُهُ إلَيْهِ لَا يَسْتَلْزِمُ كَوْنُ الْوُقُوعِ فِعْلًا مَقْصُودًا لِلْوَاقِعِ (قَوْلُهُ: وَعَكْسُهُ) أَيْ وَهُوَ قَصْدُ الشَّخْصِ دُونَ الْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَتَصْوِيرُهُ) أَيْ تَصْوِيرُ قَوْلِهِ وَعَكْسُهُ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِعْلِ الْجِنْسُ) أَيْ لَا خُصُوصُ الْفِعْلِ الْوَاقِعِ مِنْهُ حَتَّى يَتَقَيَّدَ بِأَنَّ الضَّرْبَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْفِعْلِ وَالْمَوْصُوفُ بِغَلَبَةِ الْقَتْلِ إنَّمَا هُوَ الْفِعْلُ وَبِأَنَّ الْفِعْلَ مَعَ السِّرَايَةِ لَا يُقَالُ فِيهِ يَقْتُلُ غَالِبًا، إذْ مَعَ وُجُودِ السِّرَايَةِ يَسْتَحِيلُ تَخَلُّفُ الْقَتْلِ بَلْ هُوَ مَعَهَا قَاتِلٌ، وَلَا بُدَّ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْمُنَازَعَةَ تَتَأَتَّى فِي الْجَوَابِ عَنْ الْإِشْكَالِ الْأَوَّلِ بِالنِّسْبَةِ لِأَحَدِ شِقَّيْهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ بِقَصْدِ إصَابَةِ وَاحِدٍ) أَيْ فَهُوَ شِبْهُ عَمْدٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ قَصَدَهُمَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا مِثَالٌ لِلْمَحْذُوفِ) أَيْ الَّذِي قَدَّرَهُ بِقَوْلِهِ قَصَدَهُمَا وَلَك أَنْ تَقُولَ إنَّ الْمَتْنَ يَشْمَلُهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَإِنْ فُقِدَ قَصْدُ أَحَدِهِمَا يَصْدُقُ مَعَ فَقْدِ قَصْدِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ قَصَدَهُ) فِيهِ تَأَمُّلٌ كَمَا قَالَهُ سم (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ عَيْنَهُ) يَعْنِي: مُعَيَّنًا لِيُطَابِقَ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَكَثْرَةُ الثِّيَابِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ وَبِخِلَافِهَا أَيْ مُطْلَقِ الضَّرْبَةِ مَعَ كَثْرَةِ الثِّيَابِ، وَإِلَّا فَمَفْهُومُهُمَا مُشْكِلٌ سم (قَوْلُهُ: وَتَصْوِيرُهُ) أَيْ الْعَكْسِ

وَبِمَا لَوْ هَدَّدَهُ ظَالِمٌ، وَمَاتَ بِهِ فَاَلَّذِي قَصَدَ بِهِ الْكَلَامَ وَهُوَ غَيْرُ الْفِعْلِ الْوَاقِعِ بِهِ رُدَّ أَيْضًا بِأَنَّ مِثْلَ هَذَا الْكَلَامِ قَدْ يَهْلَكُ عَادَةً وَسَيَأْتِي مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ مِنْ الْخَطَأِ أَنْ يَتَعَمَّدَ رَمْيَ مُهْدَرٍ فَيُعْصَمَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ تَنْزِيلًا لِطُرُوِّ الْعِصْمَةِ مَنْزِلَةَ طُرُوُّ إصَابَةِ مَنْ لَمْ يَقْصِدْهُ. (وَإِنْ) (قَصَدَهُمَا) أَيْ الْفِعْلَ وَالشَّخْصَ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ عَيْنَهُ بَلْ وَإِنْ ظَنَّ كَوْنَهُ غَيْرَ إنْسَانٍ (بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا) (فَشِبْهُ عَمْدٍ) وَيُسَمَّى خَطَأَ عَمْدٍ وَعَمْدَ خَطَأٍ وَخَطَأَ شِبْهِ عَمْدٍ سَوَاءٌ أَقَتَلَ كَثِيرًا أَمْ نَادِرًا كَضَرْبَةٍ يُمْكِنُ عَادَةً إحَالَةُ الْهَلَاكِ عَلَيْهَا بِخِلَافِهَا بِنَحْوِ قَلَمٍ أَوْ مَعَ خِفَّتِهَا جِدًّا فَهَدَرٌ (وَمِنْهُ الضَّرْبُ بِسَوْطٍ أَوْ عَصًا) خَفِيفَيْنِ بِلَا تَوَالٍ وَلَمْ يَكُنْ بِمَقْتَلٍ، وَلَمْ يَكُنْ بَدَنُ الْمَضْرُوبِ نِضْوًا وَلَمْ يَقْتَرِنْ بِنَحْوِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ صِغَرٍ وَإِلَّا فَعَمْدٌ كَمَا لَوْ خَنَقَهُ فَضَعُفَ وَتَأَلَّمَ حَتَّى مَاتَ لَصَدَقَ حَدُّهُ عَلَيْهِ، وَكَالتَّوَالِي مَا لَوْ فَرَّقَ وَبَقِيَ أَلَمُ كُلٍّ لِمَا بَعْدَهُ. نَعَمْ لَوْ كَانَ أَوَّلُهُ مُبَاحًا فَلَا قَوَدَ لِاخْتِلَاطِ شِبْهِ الْعَمْدِ بِهِ، وَلَا يَرِدُ عَلَى طَرْدِهِ التَّعْزِيرُ وَنَحْوُهُ فَإِنَّهُ إنَّمَا جُعِلَ خَطَأً مَعَ صِدْقِ الْحَدِّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ تَجْوِيزَ الْإِقْدَامِ لَهُ أَلْغَى قَصْدَهُ، وَلَا عَلَى عَكْسِهِ قَوْلُ شَاهِدَيْنِ رَجَعَا، وَقَالَا لَمْ نَعْلَمْ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِقَوْلِنَا: فَإِنَّهُ إنَّمَا جُعِلَ شِبْهَ عَمْدٍ مَعَ قَصْدِ الْفِعْلِ وَالشَّخْصِ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا؛ لِأَنَّ خَفَاءَ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا مَعَ عُذْرِهِمَا بِهِ صَيَّرَهُ غَيْرَ قَاتِلٍ غَالِبًا، وَإِذَا تَقَرَّرَتْ الْحُدُودُ الثَّلَاثَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِخُصُوصِ الْحَدِّ لَمْ يَقْصِدْهُ (قَوْلُهُ: وَبِمَا لَوْ هَدَّدَهُ) أَيْ فَهُوَ الْفِعْلُ هُنَا وَهُوَ مَقْصُودُ قح (قَوْلُهُ: فَاَلَّذِي قَصَدَ) أَيْ الظَّالِمَ (قَوْلُهُ: بِهِ الْكَلَامُ) أَيْ هُوَ الْكَلَامُ (قَوْلُهُ: غَيْرُ الْفِعْلِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ هُنَا إلَّا الْكَلَامُ الْمُهَدَّدُ بِهِ وَالتَّأَثُّرُ بِهِ لَيْسَ فِعْلًا فَمَا هُوَ الْفِعْلُ الَّذِي الْكَلَامُ غَيْرُهُ قح. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: وَهُوَ غَيْرُ الْفِعْلِ الْوَاقِعِ بِهِ أَنَّ الْكَلَامَ الَّذِي صَدَرَ مِنْ الْمُهَدِّدِ غَيْرُ الْفِعْلِ الْمُهْلِكِ الَّذِي يَقَعُ مِنْ الْجَانِي كَالضَّرْبِ بِالسَّيْفِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْمُهَدِّدَ صَدَرَ مِنْهُ فِعْلٌ تَعَلَّقَ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ غَيْرُ الْكَلَامِ، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ هَذِهِ صُورَةٌ قَصَدَ فِيهَا الشَّخْصَ وَلَمْ يَقْصِدْ فِيهَا فِعْلًا أَصْلًا، وَمِنْ ثَمَّ رُدَّ بِأَنَّ مِثْلَ هَذَا الْكَلَامِ قَدْ يَقْتُلُ فَالْفِعْلُ وَالشَّخْصُ فِيهَا مَقْصُودَانِ (قَوْلُهُ: قَدْ يُهْلِكُ عَادَةً) عِبَارَةُ الرَّوْضِ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ التَّهْدِيدَ إذَا نَشَأَ مِنْهُ الْمَوْتُ لَا يَضْمَنُ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي بَابِ مُوجِبَاتِ الدِّيَةِ، قَالَ شَارِحُهُ: لِأَنَّهُ لَا يُفْضِي إلَى الْمَوْتِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ رَدًّا عَلَى مَنْ جَعَلَهُ تَصْوِيرًا لِمَا انْتَفَى فِيهِ قَصْدُ الْفِعْلِ دُونَ الشَّخْصِ، وَلَا يَلْزَمُ اعْتِمَادُ مَا يَقْتَضِيهِ مِنْ الْحُكْمِ الْمُخَالِفِ لِمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: مَنْزِلَةَ طُرُوُّ إلَخْ) يُغْنِي عَنْ ذَلِكَ أَنْ يُرَادَ بِالشَّخْصِ فِي تَعْرِيفِ الْعَمْدِ الْإِنْسَانُ الْمَعْصُومُ بِقَرِينَةِ مَا سَيُعْلَمُ، وَالتَّقْدِيرُ حِينَئِذٍ قَصْدُ الْإِنْسَانِ الْمَعْصُومِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ إنْسَانٌ مَعْصُومٌ قح (قَوْلُهُ: بِمَا لَا يَقْتُلُ) وَكَذَا لَوْ قَتَلَ غَالِبًا حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ عَيْنَهُ عَلَى مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِهِ بِقَصْدِ إصَابَةِ وَاحِدٍ فَرْقًا بَيْنَ الْعَامِّ وَالْمُطْلَقِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ خِفَّتِهَا) أَيْ أَوْ ثِقَلِهَا مَعَ كَثْرَةِ الثِّيَابِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ شِبْهِ الْعَمْدِ (قَوْلُهُ: نِضْوًا) أَيْ نَحِيفًا (قَوْلُهُ: وَكَالتَّوَالِي) أَيْ فِي كَوْنِهِ عَمْدًا (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَانَ أَوَّلُهُ) أَيْ الضَّرْبِ (قَوْلُهُ: لِاخْتِلَاطِ شِبْهِ الْعَمْدِ بِهِ) هَلْ يُوجِبُ هَذَا نِصْفَ دِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي شَرْحٍ، وَإِلَّا فَلَا فِي الْأَظْهَرِ، وَقَوْلُهُ فَلَا قَوَدَ قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ الْآتِي: وَعَلِمَ الْحَابِسِ الْحَالَ فَعَمْدٌ؛ لِأَنَّ أَوَّلَ الضَّرْبِ الَّذِي أُبِيحَ لَهُ نَظِيرُ مَا سَبَقَ مِنْ الْجُوعِ وَالْعَطَشِ وَهُوَ هُنَا عَالِمٌ؛ لِأَنَّهُ ضَارِبٌ انْتَهَى قح، وَقَوْلُهُ هَلْ يُوجِبُ، أَقُولُ: الْقِيَاسُ الْوُجُوبُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ) وَجْهُ الْوُرُودِ أَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ قَصْدُ الشَّخْصِ وَالْفِعْلِ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا مَعَ أَنَّهُ خَطَأٌ (قَوْلُهُ: صَيَّرَهُ) هَذَا مَمْنُوعٌ مَنْعًا وَاضِحًا، وَلَوْ قَالَ صَيَّرَهُ فِي حُكْمِ غَيْرِ الْقَاتِلِ غَالِبًا كَانَ لَهُ نَوْعُ قُرْبٍ قح، وَالضَّمِيرُ فِي صَيَّرَهُ رَاجِعٌ لِلْفِعْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: رُدَّ أَيْضًا بِأَنَّ مِثْلَ هَذَا الْكَلَامِ إلَخْ.) كَانَ الْمُنَاسِبُ فِي الرَّدِّ أَنْ يَقُولَ رُدَّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِعْلِ مَا يَشْمَلُ الْكَلَامَ وَمِثْلُ هَذَا الْكَلَامِ قَدْ يَقْتُلُ غَالِبًا. (قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ بِالْعَمْدِ

(فَلَوْ) (غَرَزَ إبْرَةً) بِبَدَنِ نَحْوِ هَرِمٍ أَوْ نِضْوٍ أَوْ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ وَهِيَ مَسْمُومَةٌ: أَيْ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا أَخْذًا مِنْ اشْتِرَاطِهِمْ ذَلِكَ فِي سَقْيِهِ لَهُ، وَيَحْتَمِلُ الْفَرْقَ؛ لِأَنَّ غَوْصَهَا مَعَ السُّمِّ يُؤَثِّرُ مَا لَا يُؤَثِّرُهُ الشُّرْبُ، وَلَوْ بِغَيْرِ مَقْتَلٍ أَوْ (بِمَقْتَلٍ) بِفَتْحِ التَّاءِ كَدِمَاغٍ وَعَيْنٍ وَحَلْقٍ وَخَاصِرَةٍ وَإِحْلِيلٍ وَمَثَانَةٍ وَعِجَانٍ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْخُصْيَةِ وَالدُّبُرِ (فَعَمْدٌ) وَإِنْ انْتَفَى عَنْ ذَلِكَ أَلَمٌ وَوَرَمٌ لِصِدْقِ حَدِّهِ عَلَيْهِ نَظَرًا لِخَطَرِ الْمَحَلِّ وَشِدَّةِ تَأَثُّرِهِ (وَكَذَا) يَكُونُ عَمْدًا غَرْزُهَا (بِغَيْرِهِ) كَأَلْيَةٍ وَوَرِكٍ (إنْ تَوَرَّمَ) لَيْسَ بِقَيْدٍ كَمَا صَرَّحَ هُوَ بِهِ (وَتَأَلَّمَ) تَأَلُّمًا شَدِيدًا دَامَ بِهِ (حَتَّى مَاتَ) لِذَلِكَ. (فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرٌ) بِأَنْ لَمْ يَشْتَدَّ الْأَلَمُ أَوْ اشْتَدَّ ثُمَّ زَالَ (وَمَاتَ فِي الْحَالِ) أَوْ بَعْدَ زَمَنٍ يَسِيرٍ عُرْفًا فِيمَا يَظْهَرُ (فَشِبْهُ عَمْدٍ) كَالضَّرْبِ بِسَوْطٍ خَفِيفٍ (وَقِيلَ عَمْدٌ) كَجُرْحٍ صَغِيرٍ، وَرُدَّ بِظُهُورِ الْفَرْقِ (وَقِيلَ لَا شَيْءَ) مِنْ قِصَاصٍ وَلَا دِيَةٍ إحَالَةً لِلْمَوْتِ عَلَى سَبَبٍ آخَرَ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ تَحَكُّمٌ؛ إذْ لَيْسَ مَا لَا وُجُودَ لَهُ أَوْلَى مِمَّا لَهُ وُجُودٌ، وَإِنْ خَفَّ (وَلَوْ غَرَزَهَا فِيمَا لَا يُؤْلِمُ كَجِلْدَةِ عَقِبٍ) فَمَاتَ (فَلَا شَيْءَ بِحَالٍ) ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ عَقِبَهُ مُوَافَقَةُ قَدَرٍ، وَخَرَجَ بِمَا لَا يُؤْلِمُ مَا لَوْ بَالَغَ فِي إدْخَالِهَا فَإِنَّهُ عَمْدٌ وَإِبَانَةُ فِلْقَةِ لَحْمٍ خَفِيفَةٍ وَسَقْيُ سُمٍّ يَقْتُلُ كَثِيرًا لَا غَالِبًا كَغَرْزِهَا بِغَيْرِ مَقْتَلٍ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ أَنَّ مَا يَقْتُلُ نَادِرًا كَذَلِكَ (وَلَوْ) مَنَعَهُ سَدَّ مَحَلِّ الْفَصْدِ أَوْ دَخَّنَ عَلَيْهِ فَمَاتَ أَوْ (حَبَسَهُ) كَأَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابًا (وَمَنَعَهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ) أَوْ أَحَدَهُمَا (وَالطَّلَبَ) لِذَلِكَ أَوْ عَرَّاهُ (حَتَّى مَاتَ) جُوعًا أَوْ عَطَشًا أَوْ بَرْدًا أَوْ مَنَعَهُ الِاسْتِظْلَالَ فِي الْحَرِّ. (فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ) مِنْ ابْتِدَاءِ مَنْعِهِ أَوْ إعْرَائِهِ (يَمُوتُ مِثْلُهُ فِيهَا غَالِبًا جُوعًا أَوْ عَطَشًا) أَوْ بَرْدًا، وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ حَالِ الْمَحْبُوسِ وَالزَّمَنِ قُوَّةً وَحَرًّا وَضِدَّهُمَا، وَحَدَّ الْأَطِبَّاءُ الْجُوعَ الْمُهْلِكَ غَالِبًا بِاثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَاعَةً مُتَّصِلَةً، وَاعْتِرَاضُ الرُّويَانِيِّ لَهُمْ بِمُوَاصَلَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالصَّادِرِ مِنْهُمَا وَهُوَ الشَّهَادَةُ (قَوْلُهُ: نَحْوِ هَرِمٍ) أَيْ كَمَرِيضٍ (قَوْلُهُ: أَوْ كَبِيرٍ وَهِيَ مَسْمُومَةٌ) قَيْدٌ فِي الْكَبِيرِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: اشْتِرَاطِهِمْ ذَلِكَ) الْإِشَارَةُ رَاجِعَةٌ لِقَوْلِهِ: بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ غَوْصَهَا) عِلَّةٌ لِلْفَرْقِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ انْتَفَى عَنْ ذَلِكَ أَلَمٌ وَوَرَمٌ) ظَاهِرُ الرُّجُوعِ إلَى جَمِيعِ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ بِبَدَنِ نَحْوِ هَرِمٍ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ، وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا لَوْ غَرَزَهَا فِي جِلْدَةِ عَقِبٍ مِنْ الْهَرِمِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ لِصِدْقِ حَدِّهِ عَلَيْهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: يَسِيرٍ عُرْفًا) أَيْ بِخِلَافِ الْكَثِيرِ انْتَهَى قح: أَيْ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ (قَوْلُهُ: كَجُرْحٍ صَغِيرٍ) أَيْ بِمَحَلٍّ تَغْلِبُ فِيهِ السِّرَايَةُ وَبِهَذَا اتَّضَحَ قَوْلُهُ: وَرُدَّ إلَخْ؛ لِأَنَّ مَوْتَهُ بِالْجِرَاحَةِ الْمَذْكُورَةِ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى أَنَّهُ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَلَا دِيَةٍ) أَيْ وَلَا كَفَّارَةٍ أَيْضًا (قَوْلُهُ: مَا لَا وُجُودَ لَهُ أَوْلَى) قَدْ يُقَالُ: ذَلِكَ السَّبَبُ يَحْتَمِلُ الْوُجُودَ، وَالْإِحَالَةُ عَلَيْهِ مُوَافِقَةٌ لِأَصْلِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ، وَهَذَا السَّبَبُ الْمَوْجُودُ لَمْ يُعْلَمْ تَأْثِيرُهُ فَلَا تَحَكُّمَ قح (قَوْلُهُ: وَإِبَانَةُ فِلْقَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَضَمِّهَا مَعَ إسْكَانِ اللَّامِ فِيهِمَا قح (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ مَقْتَلٍ) أَيْ فَإِنْ تَأَثَّرَ وَتَأَلَّمَ حَتَّى مَاتَ فَعَمْدٌ وَإِلَّا فَشِبْهُهُ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ غَرْزِ الْإِبْرَةِ بِغَيْرِ مَقْتَلٍ فَإِنَّهُ فِي حَدِّ ذَاتِهِ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا، لَكِنْ إنْ تَأَلَّمَ حَتَّى مَاتَ فَعَمْدٌ، وَإِلَّا فَشِبْهُهُ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَنَّ مَا يَقْتُلُ نَادِرًا كَذَلِكَ) أَيْ فِيهِ التَّفْصِيلُ (قَوْلُهُ: أَوْ عَرَّاهُ) أَيْ وَمَنَعَهُ الطَّلَبَ لِمَا يَتَدَفَّأُ بِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ إعْرَائِهِ) الْمُنَاسِبُ لِمَا قَبْلَهُ أَنْ يَقُولَ: أَوْ تَعْرِيَتِهِ لَكِنَّهُ قَصَدَ التَّنْبِيهَ عَلَى جَوَازِ اللُّغَتَيْنِ، وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: وَعَرِيَ مِنْ ثِيَابِهِ بِالْكَسْرِ عُرْيًا بِالضَّمِّ فَهُوَ عَارٍ وَعُرْيَانٌ، وَالْمَرْأَةُ عُرْيَانَةُ، وَمَا كَانَ عَلَى فُعْلَانَ فَمُؤَنَّثُهُ بِالْهَاءِ وَأَعْرَاهُ وَعَرَّاهُ تَعْرِيَةً (قَوْلُهُ: أَوْ بَرْدًا) أَيْ أَوْ ضِيقَ نَفَسٍ مَثَلًا مِنْ الدُّخَانِ أَوْ نَزْفِ الدَّمِ مِنْ مَنْعِ السَّدِّ (قَوْلُهُ: بِاثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَاعَةً) قح ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَهِيَ مَسْمُومَةٌ) قَيْدٌ فِي الْكَبِيرِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: بِسَبَبٍ آخَرَ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ عَلَى سَبَبٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: أَوْ بَرْدًا) يَنْبَغِي أَوْ حَرًّا (قَوْلُهُ: بِاثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَاعَةً) أَيْ فَلَكِيَّةٍ فَهِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا

ابْنِ الزُّبَيْرِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مُنْذُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ أَمْرٌ نَادِرٌ وَمِنْ حَيِّزِ الْكَرَامَةِ، عَلَى أَنَّ التَّدْرِيجَ فِي التَّقْلِيلِ يُؤَدِّي لِصَبْرٍ نَحْوِ ذَلِكَ كَثِيرًا، وَيُتَّجَهُ عَدَمُ اعْتِبَارِ ذَلِكَ وَلَوْ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ اعْتَادَ ذَلِكَ التَّقْلِيلَ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي ذَلِكَ بِمَا مِنْ شَأْنِهِ الْقَتْلُ غَالِبًا، وَلَا يُنَافِيهِ اعْتِبَارُ نَحْوِ نِضْوٍ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ كُلَّ نِضْوٍ كَذَلِكَ، وَلَيْسَ كُلُّ مُعْتَادٍ لِلتَّقْلِيلِ يَصْبِرُ عَلَى جُوعِ مَا يَقْتُلُ غَالِبًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (فَعَمْدٌ) إحَالَةً لِلْهَلَاكِ عَلَى هَذَا السَّبَبِ الظَّاهِرِ وَخَرَجَ بِحَبْسِهِ مَا لَوْ أَخَذَ بِمَفَازَةٍ قُوتَهُ أَوْ لُبْسَهُ أَوْ مَاءَهُ وَإِنْ عَلِمَ هَلَاكَهُ بِهِ وَبِمَنْعِهِ مَا لَوْ امْتَنَعَ مِنْ تَنَاوُلِ مَا عِنْدَهُ وَعَلِمَ بِهِ خَوْفًا أَوْ حُزْنًا أَوْ مِنْ طَعَامٍ خَوْفَ عَطَشٍ أَوْ مِنْ طَلَبِ ذَلِكَ: أَيْ وَقَدْ جَوَّزَ إجَابَتَهُ لِذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ فَلَا قَوَدَ بَلْ وَلَا ضَمَانَ حَيْثُ كَانَ حُرًّا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ صُنْعًا فِي الْأَوَّلِ، وَهُوَ الْقَاتِلُ لِنَفْسِهِ فِي الْبَقِيَّةِ. قَالَ الْفُورَانِيُّ: وَكَذَا لَوْ أَمْكَنَهُ الْهَرَبُ بِلَا مُخَاطَرَةٍ فَتَرَكَهُ، أَمَّا الرَّقِيقُ فَيَضْمَنُهُ بِالْيَدِ، وَأَخَذَ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ قَوْلِهِمْ: لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ صُنْعًا بِأَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّهُ لَوْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ بَيْتًا هُوَ جَالِسٌ فِيهِ حَتَّى مَاتَ جُوعًا لَمْ يَضْمَنْهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ فِي أَخْذِ الطَّعَامِ مِنْهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ أَخْذِ شَيْءٍ بِخِلَافِهِ فِي الْحَبْسِ بَلْ هِيَ دَاخِلَةٌ فِي كَلَامِهِمْ، وَقَوْلُهُ هَذَا فِي مَفَازَةٍ يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ مِنْهَا، أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ لِطُولِهَا أَوْ لِزَمَانَتِهِ وَلَا طَارِقَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَالْمُتَّجَهُ وُجُوبُ الْقَوَدِ كَالْمَحْبُوسِ مَرْدُودٌ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَمْضِ تِلْكَ الْمُدَّةُ وَمَاتَ وَهُوَ بِالْجُوعِ مَثَلًا لَا بِنَحْوِ هَدْمٍ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ جُوعٌ وَعَطَشٌ) أَيْ أَوْ عَطَشٌ (سَابِقٌ) عَلَى حَبْسِهِ (فَشِبْهُ عَمْدٍ) وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ السَّابِقِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ مُدَّةٍ يُمْكِنُ عَادَةً إحَالَةُ الْهَلَاكِ عَلَيْهَا فَإِيهَامُ عُمُومٍ، وَإِلَّا هُنَا غَيْرُ مُرَادٍ (وَإِنْ كَانَ) بِهِ (بَعْضُ جُوعٍ وَعَطَشٍ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ كَمَا مَرَّ سَابِقًا (وَعَلِمَ الْحَابِسُ الْحَالَ فَعَمْدٌ) لِشُمُولِ حَدِّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا الْمُرَادُ بِالسَّاعَةِ هُنَا انْتَهَى. أَقُولُ: الْمُرَادُ بِهَا الْفَلَكِيَّةُ، وَجُمْلَةُ ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا (قَوْلُهُ: ابْنِ الزُّبَيْرِ) وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا) عِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلَّ نِضْوٍ كَذَلِكَ) أَيْ يَتَأَثَّرُ بِغَرْزِ الْإِبْرَةِ (قَوْلُهُ: فَعَمْدٌ) وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ مَنَعَهُ الْبَوْلَ فَمَاتَ هَلْ يَكُونُ عَمْدًا مُوجِبًا لِلْقَوَدِ كَمَا لَوْ حَبَسَهُ وَمَنَعَهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ وَالطَّلَبَ أَوْ لَا كَمَا لَوْ أَخَذَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ بِمَفَازَةٍ فَمَاتَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ صُنْعًا؟ أَقُولُ: الظَّاهِرُ فِي هَذِهِ التَّفْصِيلُ كَأَنْ يُقَالَ: إنْ رَبَطَ ذَكَرَهُ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ الْبَوْلُ وَمَضَتْ عَلَيْهِ مُدَّةٌ يَمُوتُ مِثْلُهُ فِيهَا غَالِبًا فَهُوَ كَمَا لَوْ حَبَسَهُ وَمَنَعَهُ الطَّعَامَ أَوْ الشَّرَابَ وَالطَّلَبَ، وَإِنْ لَمْ يَرْبِطْهُ بَلْ مَنَعَهُ بِالتَّهْدِيدِ مَثَلًا كَأَنْ رَاقَبَهُ وَقَالَ: إنْ بُلْت قَتَلْتُك فَهُوَ كَمَا لَوْ أَخَذَ طَعَامَهُ فِي مَفَازَةٍ فَمَاتَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ صُنْعًا، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ الْعَمْدِ أَيْضًا مَا لَوْ أَخَذَ مِنْ الْعَوَامّ جِرَابَهُ مَثَلًا مِمَّا يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ فِي الْعَوْمِ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ عِلْمِهِ بِأَنْ يَعْرِفَ الْعَوْمَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ طَالَتْ الْمَفَازَةُ، وَكَانَ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ يَمُوتُ مِثْلُهُ فِيهَا لَمْ يَضْمَنْهُ، لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي هَذِهِ: الْمُتَّجَهُ الضَّمَانُ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ وَقَوْلُهُ هَذَا فِي مَفَازَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ مَا لَوْ امْتَنَعَ مِنْ تَنَاوُلِ مَا عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ أَمْكَنَهُ الْهَرَبُ) أَيْ لَا ضَمَانَ (قَوْلُهُ: أَمَّا الرَّقِيقُ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ حَيْثُ كَانَ حُرًّا (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: مَمْنُوعٌ) لَكِنْ قَدْ يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ مَا أَفْهَمَهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوَّلًا وَالطَّلَبُ لِذَلِكَ مِنْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ الطَّلَبِ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بَلْ هِيَ دَاخِلَةٌ فِي كَلَامِهِمْ) أَيْ فَيَضْمَنُ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ) أَيْ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ مَرْدُودٌ) أَيْ فَلَا قَوَدَ، وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ قُطِعَ عَلَى أَهْلِ قَلْعَةٍ مَاءٌ جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِالشُّرْبِ مِنْهُ دُونَ غَيْرِهِ فَمَاتُوا عَطَشًا أَنَّهُ لَا قِصَاصَ؛ لِأَنَّهُمْ بِسَبِيلٍ مِنْ الشُّرْبِ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَوْ بِمَشَقَّةٍ، فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ الْمَانِعِ لِلْمَاءِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْمَوْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَيْسَ كُلٌّ مُعْتَادٌ لِلتَّقْلِيلِ إلَخْ.) قَالَ الشِّهَابُ سم: الْجُوعُ الْمُعْتَادُ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ قَوْلِهِمْ إلَخْ.) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ السَّابِقِ إلَخْ.) اُنْظُرْ مَا وَجْهُهُ

[وجوب القصاص بالسبب]

السَّابِقِ لَهُ؛ إذْ الْفَرْضُ أَنَّ مَجْمُوعَ الْمُدَّتَيْنِ بَلَغَ الْمُدَّةَ الْقَاتِلَةَ وَأَنَّهُ مَاتَ بِذَلِكَ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ الْحَالَ (فَلَا) يَكُونُ عَمْدًا (فِي الْأَظْهَرِ) لِانْتِفَاءِ قَصْدِ إهْلَاكِهِ وَلَمْ يَأْتِ بِمُهْلِكٍ بَلْ شَبَهِهِ فَيَجِبُ نِصْفُ دِيَتِهِ لِحُصُولِ الْهَلَاكِ بِالْأَمْرَيْنِ. وَالثَّانِي هُوَ عَمْدٌ فَيَجِبُ الْقَوَدُ لِحُصُولِ الْهَلَاكِ بِهِ كَمَا لَوْ ضَرَبَ الْمَرِيضَ ضَرْبًا يُهْلِكُهُ دُونَ الصَّحِيحِ، وَهُوَ جَاهِلٌ مَرَضَهُ، وَرُدَّ بِأَنَّ الضَّرْبَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْمَرَضِ فَيُمْكِنُ إحَالَةُ الْهَلَاكِ عَلَيْهِ وَالْجُوعُ مِنْ جِنْسِ الْجُوعِ، وَالْقَدْرُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ مِنْهُ نِصْفُهُ لَا يُمْكِنُ إحَالَةُ الْهَلَاكِ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ ضَعُفَ مِنْ الْجُوعِ فَضَرَبَهُ ضَرْبًا يَقْتُلُ مِثْلُهُ وَجَبَ الْقِصَاصُ (وَيَجِبُ الْقِصَاصُ بِالسَّبَبِ) كَالْمُبَاشَرَةِ، وَهِيَ مَا أَثَّرَ فِي التَّلَفِ وَحَصَّلَهُ وَالْأَوَّلُ مَا أَثَّرَ فِيهِ فَقَطْ، وَمِنْهُ مَنْعُ نَحْوِ الطَّعَامِ السَّابِقِ، وَالشَّرْطُ مَا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ وَلَا يُحَصِّلُهُ بَلْ يَحْصُلُ التَّلَفُ عِنْدَهُ بِغَيْرِهِ وَيُتَوَقَّفُ تَأْثِيرُ ذَلِكَ الْغَيْرِ عَلَيْهِ كَالْحَفْرِ مَعَ التَّرَدِّي فَإِنَّ الْمُفَوِّتَ هُوَ التَّخَطِّي جِهَةَ الْحُفْرَةِ، وَالْمُحَصَّلُ هُوَ التَّرَدِّي فِيهَا الْمُتَوَقِّفُ عَلَى الْحَفْرِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَجِبْ بِهِ قَوَدٌ مُطْلَقًا، وَسَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ السَّبَبَ قَدْ يَغْلِبُهَا وَعَكْسُهُ وَأَنَّهُمَا قَدْ يَعْتَدِلَانِ، ثُمَّ السَّبَبُ إمَّا حِسِّيٌّ كَالْإِكْرَاهِ، وَإِمَّا عُرْفِيٌّ كَتَقْدِيمِ الطَّعَامِ الْمَسْمُومِ إلَى الضَّيْفِ وَإِمَّا شَرْعِيٌّ كَشَهَادَةِ الزُّورِ (فَلَوْ) (شَهِدَا) عَلَى آخَرَ (بِقِصَاصٍ) أَيْ مُوجِبِهِ فِي نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ أَوْ بِرِدَّةٍ أَوْ سَرِقَةٍ (فَقُتِلَ) أَوْ قُطِعَ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ بِشَهَادَتِهِمَا (ثُمَّ رَجَعَا) عَنْهَا، وَمِثْلُهُمَا الْمُزَكِّيَانِ وَالْقَاضِي (وَقَالَا تَعَمَّدْنَا) الْكَذِبَ فِيهَا وَعَلِمْنَا أَنَّهُ يُقْتَلُ بِهَا أَوْ قَالَ كُلٌّ تَعَمَّدْت الْكَذِبَ أَوْ زَادَ وَلَا أَعْلَمُ حَالَ صَاحِبِي (لَزِمَهُمَا الْقِصَاصُ) فَإِنْ عُفِيَ عَنْهُ فَدِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ لِتَسَبُّبِهِمَا إلَى إهْلَاكِهِ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا، وَمُوجِبُهُ مُرَكَّبٌ مِنْ الرُّجُوعِ وَالتَّعَمُّدِ مَعَ الْعِلْمِ لَا الْكَذِبِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ تَيَقَّنَّا كَذِبَهُمَا بِأَنْ شَاهَدْنَا الْمَشْهُودَ بِقَتْلِهِ حَيًّا فَلَا قِصَاصَ لِجَوَازِ عَدَمِ تَعَمُّدِهِمَا، وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا تَعَمَّدْت أَنَا وَصَاحِبِي وَقَالَ الْآخَرُ أَخْطَأْت أَوْ أَخْطَأْنَا أَوْ تَعَمَّدْت وَأَخْطَأَ صَاحِبِي قُتِلَ الْأَوَّلُ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ الْمُقِرُّ بِمُوجِبِ الْقَوَدِ وَحْدَهُ، فَإِنْ قَالَا لَمْ نَعْلَمْ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِقَوْلِنَا قُبِلَا إنْ أَمْكَنَ صِدْقُهُمَا لِقُرْبِ عَهْدِهِمَا بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشْئِهِمَا بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: أَوْ قَالَا لَمْ نَعْلَمْ قَبُولَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَيَجِبُ نِصْفُ دِيَتِهِ) أَيْ دِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ جَاهِلٌ مَرَضَهُ) أَيْ فَيَضْمَنُهُ ضَمَانَ عَمْدٍ (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ الْمُبَاشَرَةُ (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ) أَيْ السَّبَبُ (قَوْلُهُ: مَا أَثَّرَ فِيهِ فَقَطْ) أَيْ بِأَنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ بِوَاسِطَةٍ، وَلَمْ يُحَصِّلْهُ بِذَاتِهِ، وَعِبَارَةُ قح: وَإِنْ أَثَّرَ فِي حُصُولِ مَا يُؤَثِّرُ فِي الزُّهُوقِ فَالسَّبَبُ اهـ: أَيْ كَالْحَبْسِ فَإِنَّهُ يُؤَثِّرُ حُصُولَ الْأَلَمِ الَّذِي يُوجِبُ زُهُوقَ الرُّوحِ (قَوْلُهُ: أَنَّ السَّبَبَ قَدْ يَغْلِبُهَا) أَيْ الْمُبَاشَرَةَ (قَوْلُهُ: وَمُوجِبُهُ) أَيْ الْقَوَدِ (قَوْلُهُ: لَا الْكَذِبِ) أَيْ لَيْسَ مُوجِبُهُ الْكَذِبَ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ تَيَقَّنَّا كَذِبَهُمَا إلَخْ) يُتَأَمَّلُ مَوْقِعُ هَذَا الْكَلَامِ فَإِنَّهُ تَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ شَرْطَ وُجُوبِ الْقِصَاصِ الرُّجُوعُ مَعَ الِاعْتِرَافِ بِتَعَمُّدِ الْكَذِبِ وَبِالْعِلْمِ بِأَنَّهُ يُقْتَلُ بِشَهَادَتِهِمَا، فَإِنْ تَحَقَّقَ هَذَا الشَّرْطُ وَجَبَ الْقِصَاصُ، وَلَا أَثَرَ لِلْمُشَاهَدَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ لَمْ يَجِبْ، وَإِنْ انْتَفَتْ الْمُشَاهَدَةُ الْمَذْكُورَةُ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمَا إذَا لَمْ يَعْتَرِفَا بِالتَّعَمُّدِ وَشَاهَدْنَا الْمَشْهُودَ بِقَتْلِهِ حَيًّا لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ لِاحْتِمَالِ الْغَلَطِ وَعَدَمِ التَّعَمُّدِ، وَلَا يَخْفَى عَدَمُ مُسَاعِدَةِ الْعِبَارَةِ عَلَيْهِ قح (قَوْلُهُ: فَلَا قِصَاصَ) وَعَلَى الْقَاتِلِ دِيَةُ عَمْدٍ فِي مَالِهِ كَمَا يَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ أَلْقَاهُ فِي مَاءٍ مُغْرِقٍ فَالْتَقَمَهُ حُوتٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: قُتِلَ الْأَوَّلُ) أَيْ مَنْ قَالَ تَعَمَّدْت أَنَا وَصَاحِبِي ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بَلْ شَبَهَهُ) مَعْطُوفٌ عَلَى عَمْدًا فِي قَوْلِهِ فَلَا يَكُونُ عَمْدًا (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِأَنَّ الضَّرْبَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْمَرَضِ إلَخْ.) فِيهِ مَا فِيهِ كَمَا قَالَ الشِّهَابُ سم، إذْ الْمَلْحَظُ كَوْنُ الْهَلَاكِ حَصَلَ بِالْمُجَوِّعِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ حَصَلَ بِهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ صَحِيحًا فِي مَسْأَلَةِ الْمَرَضِ لَمْ يَقْتُلْهُ ذَلِكَ الضَّرْبُ، وَأَمَّا كَوْنُهُ مِنْ الْجِنْسِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَهُوَ أَمْرٌ طَرْدِيٌّ لَا دَخْلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَالْقَدْرُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ مِنْهُ نِصْفُهُ) يُتَأَمَّلُ [وُجُوبُ الْقِصَاصُ بِالسَّبَبِ] (قَوْلُهُ: يَغْلِبُهَا) أَيْ الْمُبَاشَرَةَ (قَوْلُهُ: لَا الْكَذِبِ) أَيْ وَحْدَهُ

شَهَادَتِنَا لِوُجُودِ أَمْرٍ فِينَا يَقْتَضِي رَدَّهَا، وَالْحَاكِمُ قَصَّرَ فِي اخْتِبَارِنَا فَتَجِبُ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ فِي مَالِهِمْ إنْ لَمْ تُصَدِّقْهُمْ الْعَاقِلَةُ (إلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ الْوَلِيُّ بِعِلْمِهِ) عِنْدَ الْقَتْلِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (بِكَذِبِهِمَا) فِي شَهَادَتِهِمَا فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِمَا، بَلْ هُوَ أَوْ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ لِانْقِطَاعِ تَسَبُّبِهِمَا. وَإِلْجَائِهِمَا بِعِلْمِهِ فَصَارَا شَرْطًا كَالْمُمْسِكِ مَعَ الْقَاتِلِ، وَاعْتِرَافُهُ بِعِلْمِهِ بَعْدَ الْقَتْلِ لَا أَثَرَ لَهُ فَيُقْتَلَانِ، وَاعْتِرَافُ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ بِكَذِبِهِمَا حِينَ الْحُكْمِ أَوْ الْقَتْلِ مُوجِبٌ لِقَتْلِهِ أَيْضًا رَجَعَا أَمْ لَا، وَمَحَلُّ ذَلِكَ كُلِّهِ مَا لَمْ يَعْتَرِفْ وَارِثُ الْقَاتِلِ بِأَنَّ قَتْلَهُ حَقٌّ، وَلَوْ رَجَعَ الْوَلِيُّ وَالشُّهُودُ فَسَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ وَخَرَجَ بِالشَّاهِدِ الرَّاوِي كَمَا لَوْ أَشْكَلَتْ قَضِيَّةٌ عَلَى حَاكِمٍ، فَرَوَى لَهُ فِيهَا خَبَرًا فَقَتَلَ بِهِ الْحَاكِمُ آخَرَ ثُمَّ رَجَعَ الرَّاوِي وَقَالَ تَعَمَّدْت الْكَذِبَ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا قُبَيْلَ الدِّيَاتِ عَنْ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ فِي فَتَاوِيهِ، وَقِيَاسُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مَا لَوْ اسْتَفْتَى الْقَاضِي شَخْصًا فَأَفْتَاهُ بِالْقَتْلِ ثُمَّ رَجَعَ (وَلَوْ) (ضَيَّفَ بِمَسْمُومٍ) يَعْلَمُ كَوْنَهُ يَقْتُلُ غَالِبًا (صَبِيًّا) غَيْرَ مُمَيِّزٍ كَمَا قَيَّدَ بِهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ النَّصِّ (أَوْ مَجْنُونًا) أَوْ أَعْجَمِيًّا يَرَى طَاعَةَ أَمْرِهِ فَأَكَلَهُ (فَمَاتَ) مِنْهُ (وَجَبَ الْقِصَاصُ) ؛ لِأَنَّهُ أَلْجَأَهُ إلَى ذَلِكَ سَوَاءٌ قَالَ لَهُ هُوَ مَسْمُومٌ أَمْ لَا، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ هُوَ مَسْمُومٌ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ الْمُضَيِّفُ لِوَلِيِّهِمَا عِنْدَ مُطَالَبَتِهِ لِلْقِصَاصِ هُوَ مَسْمُومٌ فَيَجِبُ الْقِصَاصُ عِنْدَ قَوْلِهِ هُوَ مَسْمُومٌ بِالْأَوْلَى، عَلَى أَنَّ جَمْعًا مِنْ أَئِمَّةِ الْعَرَبِيَّةِ قَرَّرُوا أَنَّ الْغَايَةَ تَكُونُ مَعْطُوفَةً عَلَى نَقِيضِ مَا بَعْدَهَا، فَتَقْدِيرُ كَلَامِهِ يَجِبُ الْقِصَاصُ سَوَاءٌ قَالَ هُوَ مَسْمُومٌ أَمْ لَمْ يَقُلْ، أَمَّا الْمُمَيِّزُ فَكَالْبَالِغِ وَكَذَا مَجْنُونٌ لَهُ تَمْيِيزٌ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ (أَوْ بَالِغًا عَاقِلًا وَلَمْ يَعْلَمْ حَالَ الطَّعَامِ) فَأَكَلَهُ فَمَاتَ (فَدِيَةٌ) شِبْهِ الْعَمْدِ لِتَنَاوُلِهِ لَهُ بِاخْتِيَارِهِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ تَغْرِيرُهُ (وَفِي قَوْلٍ قِصَاصٌ) لِتَغْرِيرِهِ كَالْإِكْرَاهِ. وَرُدَّ بِأَنَّ فِي الْإِكْرَاهِ إلْجَاءً دُونَ هَذَا، وَلَا دَلِيلَ فِي قَتْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: فِي مَالِهِمْ) أَيْ الشُّهُودِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تُصْدِقْهُمْ) أَيْ فَإِنْ صَدَقَتْهُمْ فَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ (قَوْلُهُ: وَاعْتِرَافُهُ) أَيْ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْقَتْلِ) صِلَةُ عِلْمِهِ، وَالْمُرَادُ الْقَتْلُ لِلْجَانِي (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَعْتَرِفْ وَارِثُ الْقَاتِلِ) أَيْ الْقَاتِلُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ الَّذِي قَتَلْنَاهُ بِشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا قِصَاصَ) أَيْ وَلَا دِيَةَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلرِّوَايَةِ، وَكَذَا الْقَاضِي لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَ أَهْلًا لِلْأَخْذِ مِنْ الْحَدِيثِ بِأَنْ كَانَ مُجْتَهِدًا، وَإِلَّا اُقْتُصَّ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ إلَخْ) أَيْ فِي عَدَمِ وُجُوبِ شَيْءٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَأَفْتَاهُ بِالْقَتْلِ) أَيْ، وَلَوْ قَالَ تَعَمَّدْت الْكَذِبَ وَعَلِمْتُ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِإِفْتَائِي (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَجَعَ) أَيْ الْمُفْتِي (قَوْلُهُ: أَوْ مَجْنُونًا) أَيْ وَلَيْسَ لَهُ تَمْيِيزٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَلْجَأَهُ إلَى ذَلِكَ) أَيْ؛ لِأَنَّ الضَّيْفَ بِحَسَبِ الْعَادَةِ يَأْكُلُ مِمَّا قُدِّمَ لَهُ وَهُوَ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُمَيِّزٍ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ حَالَةِ الْأَكْلِ وَعَدَمِهَا فَكَانَ التَّقْدِيمُ لَهُ إلْجَاءً عَادِيًّا (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الشَّارِحِ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ كَأَنَّ مُرَادَهُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْغَايَةِ جَعْلَهَا أَوْلَى بِالْحُكْمِ مِمَّا قَبْلَهَا بَلْ الْمُرَادُ بِهَا مُجَرَّدُ التَّعْمِيمِ، وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ هَذَا التَّقْدِيرِ لَا يَرْفَعُ السُّؤَالَ فَإِنَّ مَنْ جَعَلَهُ غَايَةً قَدَّرَ ذَلِكَ لَكِنَّهُ اعْتَبَرَ كَوْنَ الْغَايَةِ أَوْلَى بِالْحُكْمِ وَهُوَ مَحَلُّ الْمُنَاقَشَةِ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يُؤَثِّرْ تَغْرِيرُهُ) أَيْ لَمْ يُؤَثِّرْ إهْلَاكُهُ حَتَّى يَجِبَ الْقِصَاصُ فَاكْتُفِيَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِعِلْمِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِانْقِطَاعٍ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْقَتْلِ) مُتَعَلِّقٌ بِعِلْمِهِ (قَوْلُهُ: مَعْطُوفَةٌ عَلَى نَقِيضِ مَا بَعْدَهَا) أَيْ وَاَلَّذِي بَعْدَهَا لَمْ يَقُلْ هُوَ مَسْمُومٌ فَنَقِيضُهُ قَالَ هُوَ مَسْمُومٌ فَصَارَ التَّقْدِيرُ قَالَ هُوَ مَسْمُومٌ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ هُوَ مَسْمُومٌ وَهُوَ مُرَادِفٌ لِقَوْلِهِ سَوَاءٌ أَقَالَ إلَخْ. وَغَرَضُ الشَّارِحِ مِنْ هَذَا التَّقْدِيرِ أَنَّ الْمُنَاسِبَ فِي الْغَايَةِ أَنْ يَقُولَ، وَإِنْ قَالَ هُوَ مَسْمُومٌ لِأَنَّ الْخِطَابَ مَعَ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ: أَيْ فَهَذَا الْقَوْلُ لَا يُفِيدُ فِي دَفْعِ الْقِصَاصِ فِي غَيْرِ الْمُمَيِّزِ إفَادَتَهُ فِي الْبَالِغِ الْعَاقِلِ الْآتِي

لِلْيَهُودِيَّةِ الَّتِي سَمَّتْهُ بِخَيْبَرَ لَمَّا مَاتَ بِشْرٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُضَيِّفْهُمْ بَلْ أَرْسَلَتْ بِهِ إلَيْهِمْ، وَبِفَرْضِ التَّضْيِيفِ فَالرَّسُولُ فِعْلُهُ قَطَعَ فِعْلَهَا كَالْمُمْسِكِ مَعَ الْقَاتِلِ، وَبِفَرْضِ أَنَّهُ لَمْ يَقْطَعْهُ فَعَدَمُ رِعَايَةِ الْمُمَاثَلَةِ هُنَا بِخِلَافِهَا مَعَ الْيَهُودِيِّ السَّابِقِ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ قَتَلَهَا لِنَقْضِهَا الْعَهْدَ بِذَلِكَ عَلَى مَا يَأْتِي آخِرَ الْجِزْيَةِ لَا لِلْقَوَدِ، وَتَأْخِيرُهُ لِمَوْتِ بِشْرٍ بَعْدَ الْعَفْوِ لِتَحَقُّقِ عِظَمِ الْجِنَايَةِ الَّتِي لَا يَلِيقُ بِهَا الْعَفْوُ حِينَئِذٍ لَا لِيَقْتُلَهَا إذَا مَاتَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا وَاقِعَةُ حَالٍ فِعْلِيَّةٌ مُحْتَمَلَةٌ فَلَا دَلِيلَ فِيهَا (وَفِي قَوْلٍ: لَا شَيْءَ) تَغْلِيبًا لِلْمُبَاشَرَةِ وَرُدَّ بِأَنَّ مَحَلَّ تَغْلِيبِهَا حَيْثُ اضْمَحَلَّ السَّبَبُ مَعَهَا كَالْمُمْسِكِ مَعَ الْقَاتِلِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا أَمَّا إذَا عَلِمَ فَهَدَرٌ لِإِهْلَاكِهِ نَفْسَهُ (وَلَوْ) (دَسَّ سُمًّا) بِتَثْلِيثِ أَوَّلِهِ (فِي طَعَامِ شَخْصٍ) مُمَيِّزٍ أَوْ بَالِغٍ عَلَى مَا مَرَّ (الْغَالِبُ أَكْلُهُ مِنْهُ فَأَكَلَهُ جَاهِلًا) بِالْحَالِ (فَعَلَى الْأَقْوَالِ) فَعَلَيْهِ دِيَةُ شِبْهِ عَمْدٍ عَلَى الْأَظْهَرِ لِمَا مَرَّ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: فِي طَعَامِ شَخْصٍ مَا لَوْ دَسَّهُ فِي طَعَامِ نَفْسِهِ فَأَكَلَ مِنْهُ آخَرُ عَادَتُهُ الدُّخُولُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ هَدَرًا، وَزَادَ عَلَى أَصْلِهِ الْغَالِبَ أَكْلُهُ تَبَعًا لِلشَّرْحَيْنِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا الْأَكْثَرُونَ لِأَجْلِ جَرَيَانِ الْخِلَافِ لِيَأْتِيَ الْقَوْلُ بِوُجُوبِ الْقِصَاصِ وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ مُطْلَقًا كَمَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ وَقَعَ لِكَثِيرٍ مِنْ الشُّرَّاحِ أَنَّهُ اُحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا لَوْ كَانَ أَكْلُهُ مِنْهُ نَادِرًا فَيَكُونُ هَدَرًا، وَلَوْ قَالَ لِعَاقِلٍ: كُلْ هَذَا الطَّعَامَ وَفِيهِ سُمٌّ فَأَكَلَهُ، وَمَاتَ لَمْ يَجِبْ قِصَاصٌ وَلَا دِيَةٌ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، وَلَوْ أُكْرِهَ آخَرُ عَلَى شُرْبِهِ وَهُوَ جَاهِلٌ كَوْنَهُ سُمًّا فَشَرِبَهُ وَمَاتَ وَجَبَ الْقِصَاصُ، بِخِلَافِ الْعَالِمِ بِذَلِكَ فَإِنْ ادَّعَى الْقَاتِلُ جَهْلَهُ بِكَوْنِهِ سُمًّا وَكَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ صُدِّقَ وَإِلَّا فَلَا كَمَا قَالَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي التَّأْثِيرِ بِضَعْفِ تَأْثِيرِهِ بِالدِّيَةِ (قَوْلُهُ: لِلْيَهُودِيَّةِ) أَيْ لَا دَلِيلَ فِي قَتْلِهِ الْمَذْكُورِ عَلَى وُجُوبِ الْقِصَاصِ (قَوْلُهُ: الَّتِي سَمَّتْهُ) أَيْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: وَلَا دَلِيلَ (قَوْلُهُ: فَالرَّسُولُ) أَيْ الَّذِي أَرْسَلَتْهُ بِالشَّاةِ (قَوْلُهُ: قَرِينَةٌ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَقْتُلْهَا بِمِثْلِ السُّمِّ الَّذِي قَتَلَتْ بِهِ فَسَيَأْتِي لَهُ أَنَّ لَهُ قَتْلَهُ بِمِثْلِ السُّمِّ الَّذِي قَتَلَ بِهِ مَا لَمْ يَكُنْ مُهَرِّيًا يَمْنَعُ الْغَسْلَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا هُنَا لَمْ يَكُنْ مُهَرِّيًا وَمِنْ ثَمَّ تَأَخَّرَ مَوْتُ بِشْرٍ مُدَّةً عَنْ أَكْلِ السُّمِّ (قَوْلُهُ: لِنَقْضِهَا الْعَهْدَ) أَيْ لَا لِكَوْنِهَا ضَيَّفَتْ بِالْمَسْمُومِ (قَوْلُهُ: وَتَأْخِيرُهُ) أَيْ تَأْخِيرُ قَتْلِهَا (قَوْلُهُ: فَلَا دَلِيلَ فِيهَا) ؛ لِأَنَّ مِنْ قَوَاعِدِ إمَامِنَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ وَقَائِعَ الْأَحْوَالِ إذَا تَطَرَّقَ إلَيْهَا الِاحْتِمَالُ كَسَاهَا ثَوْبَ الْإِجْمَالِ وَسَقَطَ بِهَا الِاسْتِدْلَال (قَوْلُهُ: سُمًّا بِتَثْلِيثِ أَوَّلِهِ) لَكِنْ الْأَفْصَحُ الْفَتْحُ وَيَلِيهِ الضَّمُّ وَأَرْدَؤُهَا الْكَسْرُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبُرْهَانُ الْحَلِيمِيُّ فِي حَوَاشِي الشِّفَاءِ (قَوْلُهُ: مُمَيِّزٍ) اُنْظُرْ لَوْ كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ، ثُمَّ رَأَيْت فِي قح لَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ هَلْ هُوَ وُجُوبُ الْقِصَاصِ كَمَا لَوْ ضَيَّفَهُ انْتَهَى. وَمَفْهُومُ الشَّارِحِ وُجُوبُ الْقِصَاصِ (قَوْلُهُ: فَأَكَلَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيمٍ لَهُ مِنْ صَاحِبِ الطَّعَامِ، وَمِنْ التَّقْدِيمِ، وَضْعُ السُّفْرَةِ بِنَفْسِهِ عَلَى وَجْهٍ تَقْضِي الْعَادَةُ فِيهِ بِأَنَّهُ أَذِنَ فِي الْأَكْلِ لِتَغْرِيرِهِ بِهِ عُرْفًا، أَمَّا لَوْ وَضَعَهَا غَيْرُهُ كَخَادِمِهِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْوَاضِعِ دُونَ الْمَالِكِ، وَلَوْ بِأَمْرِهِ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ تَقْدِيمَ الرَّسُولِ قَطَعَ فِعْلَ الْيَهُودِيَّةِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ نَدَرَ أَكْلَهُ أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ سُمٌّ) مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الْقَائِلِ (قَوْلُهُ: وَلَا دِيَةَ) أَيْ وَلَا كَفَّارَةَ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الشَّارِبُ (قَوْلُهُ: وَجَبَ الْقِصَاصُ) أَيْ عَلَى الْمُكْرِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْعَالِمِ) أَيْ الشَّارِبِ الْعَالِمِ (قَوْلُهُ: صَدَقَ) أَيْ وَعَلَيْهِ دِيَةُ عَمْدٍ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ الْفِعْلَ وَالشَّخْصَ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ عَلَيْهِ دِيَةَ خَطَأٍ، ثُمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ سَوَاءٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَجْلِ جَرَيَانِ الْخِلَافِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَزَادَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ لِعَاقِلٍ كُلْ هَذَا الطَّعَامَ وَفِيهِ سُمٌّ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَلَوْ قَالَ لِعَاقِلٍ كُلْ هَذَا الطَّعَامَ فَفِيهِ سُمٌّ لَا يَقْتُلُ، فَأَكَلَهُ إلَخْ. فَقَوْلُهُ: لَا يَقْتُلُ سَاقِطٌ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ، وَلَا بُدَّ مِنْهُ، وَعُلِمَ مِنْ الْفَاءِ فِي عِبَارَةِ الرَّوْضِ أَنَّ قَوْلَهُ وَفِيهِ سُمٌّ مِنْ مَقُولِ الْقَوْلِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ ادَّعَى الْقَاتِلُ) يَعْنِي: الْمُكْرِهُ بِكَسْرِ الرَّاءِ

الْمُتَوَلِّي، أَوْ بِكَوْنِهِ قَاتِلًا وَجَبَ الْقِصَاصُ حَيْثُ كَانَ الْآكِلُ غَيْرَ مُمَيِّزٍ، وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ مَا أَوْجَرَهُ مِنْ السُّمِّ يَقْتُلُ غَالِبًا، وَادَّعَى عَدَمَهُ وَجَبَ الْقَوَدُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَلَوْ أَوْجَرَ شَخْصًا سُمًّا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَشِبْهُ عَمْدٍ أَوْ يَقْتُلُ مِثْلُهُ غَالِبًا فَالْقَوَدُ، وَكَذَا إكْرَاهُ جَاهِلٍ عَلَيْهِ لَا عَالِمٍ، وَكَلَامُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا (وَلَوْ تَرَكَ الْمَجْرُوحُ عِلَاجَ جُرْحٍ مُهْلِكٍ فَمَاتَ وَجَبَ الْقِصَاصُ) ؛ لِأَنَّ الْبُرْءَ غَيْرُ مَوْثُوقٍ بِهِ وَإِنْ عَالَجَ. وَمِنْ ثَمَّ لَوْ تَرَكَ عَصَبَ الْفَصْدِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي النَّفْسِ؛ لِأَنَّهُ الْقَاتِلُ لِنَفْسِهِ، وَسَيَأْتِي قُبَيْلَ الْخِتَانِ حُكْمُ تَوَلُّدِ الْهَلَاكِ مِنْ فِعْلِ الطَّبِيبِ (وَلَوْ) (أَلْقَاهُ) أَيْ الْمُمَيِّزُ الْقَادِرُ عَلَى الْحَرَكَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (فِي مَاءٍ) جَارٍ أَوْ رَاكِدٍ وَمَنْ اقْتَصَرَ عَلَى الثَّانِي أَرَادَ بِهِ التَّمْثِيلَ (لَا يُعَدُّ مُغْرِقًا) بِسُكُونِ غَيْنِهِ (كَمُنْبَسِطٍ) يُمْكِنُهُ الْخَلَاصُ مِنْهُ عَادَةً (فَمَكَثَ فِيهِ مُضْطَجِعًا) مَثَلًا مُخْتَارًا لِذَلِكَ (حَتَّى هَلَكَ فَهَدَرٌ) لَا ضَمَانَ فِيهِ وَلَا كَفَّارَةَ؛ لِأَنَّهُ الْمُهْلِكُ لِنَفْسِهِ وَمِنْ ثَمَّ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ فِي تَرِكَتِهِ، أَمَّا إذَا لَمْ يُقَصِّرْ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ أَلْقَاهُ مَكْتُوفًا مَثَلًا فَعَمْدٌ (أَوْ) فِي مَاءٍ (مُغْرِقٍ) لِمِثْلِهِ (لَا يَخْلُصُ مِنْهُ) عَادَةً كَلُجَّةٍ وَقْتَ هَيَجَانِهَا فَعَمْدٌ مُطْلَقًا أَوْ (إلَّا بِسِبَاحَةٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ أَيْ عَوْمٍ (فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْهَا أَوْ كَانَ) مَعَ إحْسَانِهَا (مَكْتُوفًا أَوْ زَمِنًا) أَوْ ضَعِيفًا فَهَلَكَ (فَعَمْدٌ) لِصِدْقِ حَدِّهِ حِينَئِذٍ عَلَيْهِ (وَإِنْ مُنِعَ مِنْهَا) وَهُوَ يُحْسِنُهَا (عَارِضٌ) بَعْدَ الْإِلْقَاءِ (كَرِيحٍ وَمَوْجٍ) فَمَاتَ (فَشِبْهُ عَمْدٍ) أَوْ قَبْلَهُ فَعَمْدٌ؛ لِأَنَّ إلْقَاءَهُ فِيهِ مَعَ عَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ مُهْلِكٌ غَالِبًا (وَإِنْ أَمْكَنَهُ فَتَرَكَهَا) خَوْفًا أَوْ عِنَادًا (فَلَا دِيَةَ) وَلَا كَفَّارَةَ (فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُهْلِكُ لِنَفْسِهِ، إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الدَّهْشَةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ وَالثَّانِي يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَمْنَعُهُ مِنْ السِّبَاحَةِ دَهْشَةٌ وَعَارِضٌ بَاطِنٌ (أَوْ) أَلْقَاهُ (فِي نَارٍ يُمْكِنُ الْخَلَاصُ) مِنْهَا (فَمَكَثَ) (فَفِي) وُجُوبِ (الدِّيَةِ الْقَوْلَانِ) أَظْهَرُهُمَا لَا (وَلَا قِصَاصَ فِي الصُّورَتَيْنِ) الْمَاءِ وَالنَّارِ (وَفِي النَّارِ) وَكَذَا الْمَاءُ، وَمِنْ ثَمَّ اسْتَوَيَا فِي جَمِيعِ التَّفَاصِيلِ الْمَذْكُورَةِ (وَجْهٌ) بِوُجُوبِهِ كَمَا لَوْ أَمْكَنَهُ دَوَاءُ جُرْحِهِ، وَيُرَدُّ بِظُهُورِ الْفَرْقِ بِالْوُثُوقِ ـــــــــــــــــــــــــــــSرَأَيْت ابْنَ عَبْدِ الْحَقِّ اقْتَصَرَ عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَادَّعَى) أَيْ الْمُؤَجِّرُ (قَوْلُهُ: وَجَبَ الْقَوَدُ) عَمَلًا بِالْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) أَيْ فِي أَنَّهُ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَعَلَيْهِ دِيَةُ شِبْهِ عَمْدٍ (قَوْلُهُ: فَشِبْهُ عَمْدٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمُؤَجِّرُ صَبِيًّا (قَوْلُهُ: فَالْقَوَدُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمُؤَجِّرُ بَالِغًا عَاقِلًا (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ يُوجِبُ الْقَوَدَ عَلَى الْمُكْرِهِ (قَوْلُهُ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ: لَا عَالِمٍ (قَوْلُهُ: فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي النَّفْسِ) أَيْ وَعَلَيْهِ ضَمَانُ الْجُرْحِ (قَوْلُهُ: بِسُكُونِ غَيْنِهِ) لَعَلَّهُ فِي ضَبْطِ الْمُصَنِّفِ كَذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا يَتَعَيَّنُ السُّكُونُ بَلْ يَجُوزُ الْفَتْحُ مَعَ التَّشْدِيدِ، فَفِي الْمُخْتَارِ أَغْرَقَهُ غَيْرُهُ فَهُوَ مُغَرَّقٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ ظَنَّ الْمُلْقَى مِنْهُ أَنَّهُ يُحْسِنُهَا، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ عِلْمٌ بِصِفَةِ الْفِعْلِ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ اشْتِرَاطِ عِلْمِ الْمُصَنِّفِ بِكَوْنِ السُّمِّ يَقْتُلُ غَالِبًا أَنَّهُ لَوْ ظَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ قِصَاصٌ بَلْ تَجِبُ فِيهِ دِيَةُ خَطَأٍ نَظِيرُ مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ. [فَرْعٌ] لَوْ أَمَرَ صَغِيرًا يَسْتَقِي لَهُ مَاءً فَوَقَعَ فِي الْمَاءِ وَمَاتَ فَإِنْ كَانَ مُمَيِّزًا يُسْتَعْمَلُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ هَدَرٌ وَإِلَّا ضَمِنَهُ عَاقِلَةُ الْآمِرِ، وَلَوْ قَرَصَ مَنْ يَحْمِلُ: أَيْ مِنْ إنْسَانٍ أَوْ دَابَّةٍ رَجُلًا فَتَحَرَّكَ وَسَقَطَ الْمَحْمُولُ فَكَإِكْرَاهِهِ عَلَى الرَّمْيِ انْتَهَى وَالِدُ الشَّارِحِ عَلَى شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْإِلْقَاءِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَزِمَتْهُ) أَيْ لَزِمَتْ مَنْ أَمْكَنَهُ التَّخَلُّصَ فَتَرَكَهُ الْكَفَّارَةُ لِقَتْلِهِ نَفْسَهُ (قَوْلُهُ: وَعَارَضَ بَاطِنٌ) أَيْ خَفِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ أَلْقَاهُ فِي نَارٍ) . [فَرْعٌ] أَوْقَدَتْ امْرَأَةٌ نَارًا وَتَرَكَتْ وَلَدَهَا عِنْدَهَا الصَّغِيرَ وَذَهَبَتْ فَقَرُبَ مِنْ النَّارِ وَاحْتَرَقَ بِهَا، فَإِنْ تَرَكَتْهُ بِمَوْضِعٍ تُعَدُّ مُقَصِّرَةً بِتَرْكِهِ فِيهِ ضَمِنَتْهُ وَإِلَّا فَلَا، هَكَذَا قَالَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْيَمَنِ، وَهُوَ حَسَنٌ م ر انْتَهَى قح، وَالضَّمَانُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ الْآكِلُ غَيْرَ مُمَيِّزٍ) يُحَرَّرُ وَيُرَاجَعُ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ: الْأَكْلُ الْمُنَاسِبُ الشَّارِبُ أَوْ الْمُتَنَاوِلُ

هُنَا لَا ثَمَّ، أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الْخَلَاصُ لِعِظَمِهَا أَوْ نَحْوِ زَمَانَةٍ فَيَجِبُ الْقَوَدُ، وَلَوْ قَالَ الْمُلْقِي: كَانَ يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ فَأَنْكَرَ الْوَارِثُ صُدِّقَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ وَالْمَاءُ وَالنَّارُ مِثَالٌ، وَلَوْ أَلْقَاهُ مَكْتُوفًا أَوْ بِهِ مَانِعٌ مِنْ الْحَرَكَةِ بِالسَّاحِلِ فَزَادَ الْمَاءُ وَأَغْرَقَهُ، فَإِنْ كَانَ بِمَحَلٍّ تُعْلَمُ زِيَادَتُهُ فِيهِ غَالِبًا فَعَمْدٌ أَوْ نَادِرًا فَشِبْهُهُ أَوْ لَا يُتَوَقَّعُ زِيَادَةٌ فِيهِ فَاتَّفَقَ سَيْلٌ نَادِرٌ فَخَطَأٌ (وَلَوْ) (أَمْسَكَهُ) شَخْصٌ (فَقَتَلَهُ آخَرُ أَوْ حَفَرَ بِئْرًا) وَلَوْ عُدْوَانًا (فَرَدَاهُ فِيهَا آخَرُ) وَالتَّرْدِيَةُ تَقْتُلُ غَالِبًا (أَوْ) (أَلْقَاهُ مِنْ شَاهِقٍ) أَيْ مَكَان عَالٍ (فَتَلَقَّاهُ آخَرُ) بِسَيْفٍ (فَقَدَّهُ) بِهِ نِصْفَيْنِ مَثَلًا (فَالْقِصَاصُ عَلَى الْقَاتِلِ وَالْمُرْدِي وَالْقَادِّ) الْأَهْلِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْمُمْسِكِ وَالْحَافِرِ وَالْمُلْقِي لِخَبَرٍ فِي الْمُمْسِكِ صَوَّبَ الْبَيْهَقِيُّ إرْسَالَهُ وَصَحَّحَ ابْنُ الْقَطَّانِ إسْنَادَهُ وَلِقَطْعِ فِعْلِهِ إثْرَ فِعْلِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ لَمْ يُتَصَوَّرُ قَوَدٌ عَلَى الْحَافِرِ لَكِنْ عَلَيْهِمْ الْإِثْمُ وَالتَّعْزِيرُ بَلْ وَالضَّمَانُ فِي الْقِنِّ عَلَى الْمُمْسِكِ، وَقَرَارُهُ عَلَى الْقَاتِلِ. أَمَّا غَيْرُ الْأَهْلِ كَمَجْنُونٍ أَوْ سَبُعٍ ضَارٍ فَلَا أَثَرَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ كَالْآلَةِ، وَالْقَوَدُ عَلَى الْأَوَّلِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، كَمَا لَوْ أَلْقَاهُ بِبِئْرٍ أَسْفَلُهَا ضَارٍ مِنْ سَبُعٍ أَوْ حَيَّةٍ أَوْ مَجْنُونٍ، وَإِنَّمَا رُفِعَ عَنْهُ الضَّمَانُ الْحَرْبِيُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ آلَةً لِغَيْرِهِ مُطْلَقًا، بِخِلَافِ أُولَئِكَ فَإِنَّهُمْ مَعَ الضَّرَاوَةِ يَكُونُونَ آلَةً لَا مَعَ عَدَمِهَا، وَلَا يَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ تَقْدِيمُ صَبِيٍّ لِهَدَفٍ فَأَصَابَهُ سَهْمُ رَامٍ حَيْثُ يَجِبُ الْقَوَدُ عَلَى الْمُقَدِّمِ دُونَ الرَّامِي؛ لِأَنَّا نَمْنَعُ ذَلِكَ، بَلْ إنْ كَانَ التَّقْدِيمُ قَبْلَ الرَّمْيِ وَعَلِمَهُ الرَّامِي فَهُوَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الرَّامِي فَقَطْ أَوْ بَعْدَهُ فَهُوَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمُقَدِّمَ حِينَئِذٍ هُوَ الْمُبَاشِرُ لِلْقَتْلِ (وَلَوْ) (أَلْقَاهُ فِي مَاءٍ مُغْرِقٍ) لَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ مِنْهُ فَقَدَّهُ مُلْتَزِمُ قَتْلٍ فَقَطْ لِقَطْعِهِ إثْرَ الْإِلْقَاءِ أَوْ حَرْبِيٌّ فَلَا قَوَدَ عَلَى الْمُلْقِي لِمَا مَرَّ آنِفًا أَوْ (فَالْتَقَمَهُ حُوتٌ) قَبْلَ وُصُولِهِ لِلْمَاءِ أَوْ بَعْدَهُ، سَوَاءٌ أَعَلِمَ ضَرَاوَتَهُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ إذَا الْتَقَمَ فَإِنَّمَا يَلْتَقِمُ بِطَبْعِهِ فَلَا يَكُونُ إلَّا ضَارِيًا كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُمْ (وَجَبَ الْقِصَاصُ فِي الْأَظْهَرِ) وَإِنْ جَهِلَهُ؛ لِأَنَّ الْإِلْقَاءَ حِينَئِذٍ يَغْلِبُ فِيهِ الْهَلَاكُ فَلَا نَظَرَ لِلْمُهْلِكِ كَمَا لَوْ أَلْقَاهُ بِبِئْرٍ فِيهَا نَصْلٌ مَنْصُوبٌ لَا يَعْلَمُ بِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ دَفَعَهُ دَفْعًا خَفِيفًا فَوَقَعَ عَلَى سِكِّينٍ لَا يَعْلَمُهَا فَعَلَيْهِ دِيَةُ شِبْهِ عَمْدٍ. وَالثَّانِي وَهُوَ مِنْ تَخْرِيجِ الرَّبِيعِ مِنْ صُورَةِ الْإِلْقَاءِ مِنْ شَاهِقٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِدِيَةِ الْعَمْدِ (قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ النَّارِ، وَقَوْلُهُ لَا ثَمَّ: أَيْ فِي مُدَاوَاةِ الْجُرْحِ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ) أَيْ الْوَارِثُ بِيَمِينِهِ عَلَى الْعَادَةِ أَنَّهُمْ حَيْثُ أَطْلَقُوا التَّصْدِيقَ، وَلَمْ يَقُولُوا مَعَهُ بِلَا يَمِينٍ كَانَ مَحْمُولًا عَلَى التَّصْدِيقِ بِالْيَمِينِ وَيَكْفِيهِ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ عَلَى عَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى التَّخَلُّصِ لَا عَلَى أَنَّ الْمُلْقِيَ قَتَلَهُ وَإِنْ لَزِمَ مِنْ دَعْوَاهُ عَدَمُ الْمَقْدِرَةِ (قَوْلُهُ: وَالتَّرْدِيَةُ) أَيْ وَالْحَالُ (قَوْلُهُ: أَيْ مَكَان عَالٍ) تَفْسِيرٌ مُرَادٌ، وَإِلَّا فَالشَّاهِقُ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ الْجَبَلُ الْمُرْتَفِعُ: أَيْ وَالْإِلْقَاءُ مِنْهُ يَقْتُلُ غَالِبًا (قَوْلُهُ: كَمَجْنُونٍ) حَالٌ مِنْ غَيْرِ الْأَهْلِ فَيَخْرُجُ بِهِ الْحَرْبِيُّ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَالْقَوَدُ عَلَى الْأَوَّلِ) لَعَلَّهُ فِي غَيْرِ الْحَافِرِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يُتَصَوَّرْ قَوَدٌ عَلَى الْحَافِرِ، وَقَوْلُهُ: ضَارٍ أَيْ كُلٌّ مِنْ الْمَجْنُونِ وَالسَّبُعِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي ضَارٍ مِنْ سَبُعٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ حَيَّةٍ أَوْ مَجْنُونٍ) أَيْ فَإِنَّ الْقِصَاصَ عَلَى الْمُلْقِي (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا رُفِعَ عَنْهُ) أَيْ الْمُمْسِكِ، وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: يَكُونُونَ آلَةً) أَيْ فَيَضْمَنُ الْمَجْنُونُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ضَارِيًا وَيُهْدَرُ الْمَقْتُولُ عِنْدَ قَتْلِ الْحَيَّةِ أَوْ السَّبُعِ لَهُ فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْمُمْسِكِ، وَلَا دِيَةَ وَلَا كَفَّارَةَ (قَوْلُهُ: فَقَدَّهُ) أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: مُلْتَزِمٌ) أَيْ لِلْأَحْكَامِ (قَوْلُهُ: فَلَا قَوَدَ عَلَى الْمُلْقِي) أَيْ وَلَا عَلَى الْحَرْبِيِّ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَهِلَهُ) أَيْ الْمُلْقِي (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ أَلْقَاهُ) أَيْ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ ابْنُ الْقَطَّانِ إسْنَادَهُ) أَيْ صَحَّحَ أَنَّهُ مُسْنَدٌ لَا مُرْسَلٌ (قَوْلُهُ: لَكِنْ عَلَيْهِمْ الْإِثْمُ وَالتَّعْزِيرُ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي الْحَافِرِ عَلَى الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: وَالْقَوَدُ عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ فِي غَيْرِ الْحَافِرِ كَمَا لَا يَخْفَى

تَجِبُ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّ الْهَلَاكَ مِنْ غَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي قُصِدَ فَانْتَهَضَ شُبْهَةً فِي نَفْيِ الْقِصَاصِ، وَلَوْ اُقْتُصَّ مِنْ الْمُلْقِي فَقَذَفَ الْحُوتُ مَنْ ابْتَلَعَهُ سَالِمًا وَجَبَتْ دِيَةُ الْمَقْتُولِ عَلَى الْمُقْتَصِّ دِيَةُ عَمْدٍ فِي مَالِهِ، وَلَا قِصَاصَ لِلشُّبْهَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَمَا لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِمُوجِبِ قَوَدٍ فَقُتِلَ ثُمَّ بَانَ الْمَشْهُودُ بِقَتْلِهِ حَيًّا بِجَامِعِ أَنَّهُ فِي كُلٍّ قَتْلٌ بِحُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ ثُمَّ بَانَ خِلَافُهَا (أَوْ غَيْرَ مُغْرَقٍ) فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْخَلَاصُ مِنْهُ وَلَوْ بِسِبَاحَةٍ فَالْتَقَمَهُ (فَلَا) قَوَدَ بَلْ دِيَةُ شِبْهِ عَمْدٍ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ بِهِ حُوتًا يَلْتَقِمُ وَإِلَّا فَالْقَوَدُ كَمَا لَوْ أَلْقَمَهُ إيَّاهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْوَسِيطِ (وَلَوْ) (أَكْرَهَهُ عَلَى) قَطْعٍ أَوْ (قَتْلٍ) لِشَخْصٍ بِغَيْرِ حَقٍّ كَاقْتُلْ هَذَا وَإِلَّا قَتَلْتُك فَقَتَلَهُ (فَعَلَيْهِ) أَيْ الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ وَلَوْ إمَامًا أَوْ مُتَغَلِّبًا، وَمِنْهُ آمِرٌ خِيفَ مِنْ سَطْوَتِهِ لِاعْتِيَادِهِ فِعْلَ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِكْرَاهُ لَوْ خُولِفَ فَأَمْرُهُ كَالْإِكْرَاهِ (الْقِصَاصُ) وَإِنْ كَانَ الْمُكْرَهُ نَحْوَ مُخْطِئٍ، وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّ الْمُكْرِهَ مُتَسَبِّبٌ وَالْمُكْرَهَ مُبَاشِرٌ، وَلَا إلَى أَنَّ شَرِيكَ الْمُخْطِئِ لَا قَوَدَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَعَهُ كَالْآلَةِ، إذْ الْإِكْرَاهُ يُوَلِّدُ دَاعِيَةَ الْقَتْلِ فِي الْمُكْرَهِ فَيَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ وَيَقْصِدُ بِهِ الْإِهْلَاكَ غَالِبًا، وَلَا يَحْصُلُ الْإِكْرَاهُ هُنَا إلَّا بِضَرْبٍ شَدِيدٍ فَمَا فَوْقَهُ لَهُ إلَّا لِنَحْوِ وَلَدِهِ، وَكَذَا عَلَى الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ أَعْجَمِيًّا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ آمِرِهِ أَوْ مَأْمُورِ الْإِمَامِ أَوْ زَعِيمِ بُغَاةٍ لَمْ يَعْلَمْ ظُلْمَهُ بِأَمْرِهِ بِالْقَتْلِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِإِيثَارِهِ نَفْسَهُ بِالْبَقَاءِ وَإِنْ كَانَ كَالْآلَةِ فَهُوَ كَمُضْطَرٍّ قَتَلَ غَيْرَهُ لِيَأْكُلَهُ وَلِعَدَمِ تَقْصِيرِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ لِخَبَرِ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» وَلِأَنَّهُ آلَةٌ لِلْمُكْرِهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ ضَرَبَهُ بِهِ، وَقِيلَ لَا قِصَاصَ عَلَى الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ؛ لِأَنَّهُ مُتَسَبِّبٌ، بَلْ عَلَى الْمُكْرَهِ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي قَصَدَ) وَهُوَ الْإِغْرَاقُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَانَ الْمَشْهُودُ بِقَتْلِهِ حَيًّا) أَيْ فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَى الشَّاهِدِ وَعَلَى الْمُقْتَصِّ دِيَةُ عَمْدٍ فِي مَالِهِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ بِهِ حُوتًا) أَيْ فَلَوْ ادَّعَى الْوَلِيُّ عِلْمَ الْمُلْقِي بِالْحُوتِ وَأَنْكَرَهُ صُدِّقَ الْمُلْقِي بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعِلْمِ وَعَدَمُ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: فَأَمْرُهُ كَالْإِكْرَاهِ) نَعَمْ لَا أَثَرَ لِأَمْرِ إمَامِ وَزَعِيمِ بُغَاةٍ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ الْمَأْمُورُ ظُلْمَهُ بِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ، وَإِنْ بَانَ ظُلْمُهُ انْتَهَى، كَذَا فِي نُسْخَةٍ، وَلَعَلَّ صُورَتَهَا أَنَّ الْقَاتِلَ لَمْ يَخْشَ سَطْوَةَ الْآمِرِ لِئَلَّا يُخَالِفَ مَا قَدَّمَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا بِضَرْبٍ شَدِيدٍ) أَيْ بِحَيْثُ يُخَافُ مِنْهُ الْهَلَاكُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ سم عَلَى مَنْهَجٍ ثُمَّ الْإِكْرَاهُ هُنَا إنَّمَا يَحْصُلُ بِالتَّهْدِيدِ بِالْقَتْلِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يُخْشَى مِنْهُ الْهَلَاكُ، وَيُوَافِقُ ذَلِكَ مَا نَقَلَهُ الدَّمِيرِيِّ عَنْ الرَّافِعِيِّ عَنْ الْمُعْتَبَرِينَ أَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالتَّخْوِيفِ بِالْقَتْلِ أَوْ بِمَا يُخَافُ مِنْهُ التَّلَفُ كَالْقَطْعِ وَالْجُرْحِ وَالضَّرْبِ الشَّدِيدِ، بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَإِنَّ الْإِكْرَاهَ فِيهِ لَا يَنْحَصِرُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْأَظْهَرِ (قَوْلُهُ: فَمَا فَوْقَهُ) أَيْ كَالْقَتْلِ وَالْقَطْعِ (قَوْلُهُ: أَوْ زَعِيمِ) أَيْ مَأْمُورِ (قَوْلُهُ: وَلِعَدَمِ تَقْصِيرِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إلَخْ) وَلَا خِلَافَ فِي إثْمِهِ كَالْمُكْرِهِ عَلَى الزِّنَا وَإِنْ سَقَطَ الْحَدُّ عَنْهُ؛ لِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ وَيُبَاحُ بِهِ بَقِيَّةُ الْمَعَاصِي. قَالَ حَجّ: وَبِالْأَوَّلَيْنِ يُخَصُّ عُمُومُ «وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ وَلَا خِلَافَ إلَخْ، وَالْكَلَامُ فِي الْقَتْلِ الْمُحَرَّمِ لِذَاتِهِ، وَأَمَّا الْمُحَرَّمُ لِغَيْرِهِ كَقَتْلِ صِبْيَانِ الْكُفَّارِ وَنِسَائِهِمْ فَيُبَاحُ بِالْإِكْرَاهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ انْتَهَى شَرْحُ الرَّوْضِ. وَقَوْلُهُ: وَيُبَاحُ بِهِ بَقِيَّةُ الْمَعَاصِي دَخَلَ فِيهَا الْقَذْفُ، وَالْإِبَاحَةُ لَا تُنَافِي الْوُجُوبَ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، فَفِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَيُبَاحُ بَلْ يَجِبُ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي وَسِيطِهِ، وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الِاتِّفَاقَ عَلَى إتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ وَصَيْدِ الْحَرَمِ وَيَضْمَنُهُمَا: أَيْ كُلٌّ مِنْ الْمُكْرِهِ وَالْمُكْرَهِ الْمَالَ وَالصَّيْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إلَّا بِضَرْبٍ شَدِيدٍ) أَيْ يُؤَدِّي إلَى الْقَتْلِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ حَوَاشِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ فَلْتُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ مَأْمُورِ الْإِمَامِ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْإِمَامِ هُنَا الْمُتَوَلِّينَ عَلَى الرِّقَابِ وَالْأَمْوَالِ الْمُمَزِّقِينَ لَهُمْ كَالسِّبَاعِ وَالْمُنْتَهَبِينَ لِأَمْوَالِهِمْ كَأَهْلِ الْحَرْبِ إذَا ظَفِرُوا بِالْمُسْلِمِينَ، بَلْ الْمُرَادُ بِهِ الْعَادِلُ الَّذِي لَا يُعْرَفُ مِنْهُ الظُّلْمُ وَالْقَتْلُ بِغَيْرِ حَقٍّ (قَوْلُهُ: وَلِعَدَمِ تَقْصِيرِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) أَيْ، فَيَخْرُجُ الصَّائِلُ

بِفَتْحِهَا فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ، وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُكْرَهُ عَلَيْهِ غَيْرَ نَبِيٍّ، فَإِنْ كَانَ نَبِيًّا وَجَبَ عَلَى الْمُكْرَهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ الْقِصَاصُ قَطْعًا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ فِي الْمُضْطَرِّ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا إذَا ظَنَّ أَنَّ الْإِكْرَاهَ يُبِيحُهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِمَا نُقِلَ عَنْ الْبَغَوِيّ مِنْ عَدَمِ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ (فَإِنْ وَجَبَتْ الدِّيَةُ) لِنَحْوِ خَطَأٍ أَوْ عَدَمِ مُكَافَأَةٍ أَوْ عَفْوٍ، وَهِيَ عَلَى غَيْرِ الْمُخْطِئِ مُغَلَّظَةٌ فِي مَالِهِ وَعَلَيْهِ مُخَفَّفَةٌ عَلَى عَاقِلَتِهِ (وُزِّعَتْ عَلَيْهِمَا) بِالسَّوِيَّةِ كَالشَّرِيكَيْنِ فِي الْقَتْلِ، نَعَمْ إنْ كَانَ الْمَأْمُورُ غَيْرَ مُمَيِّزٍ أَوْ أَعْجَمِيًّا اُخْتُصَّتْ بِالْآمِرِ، وَإِنْ كَانَ الْمَأْمُورُ قِنَّهُ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ شَيْءٌ بَلْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَلَوْ كَانَ مُعْسِرًا؛ لِأَنَّهُ آلَةٌ مَحْضَةٌ (فَإِنْ كَافَأَهُ أَحَدُهُمَا فَقَطْ) كَأَنْ أَكْرَهَ حُرٌّ قِنًّا أَوْ عَكْسَهُ عَلَى قَتْلِ قِنٍّ (فَالْقِصَاصُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُكَافِئِ مِنْهُمَا، وَهُوَ الْمَأْمُورُ فِي الْأَوَّلِ وَالْآمِرُ فِي الثَّانِي، وَلِلْوَلِيِّ تَخْصِيصُ أَحَدِ الْمُتَكَافِئَيْنِ بِالْقَتْلِ وَأَخْذُ حِصَّتِهِ مِنْ الدِّيَةِ مِنْ الْآخَرِ (وَلَوْ) (أَكْرَه بَالِغٌ) عَاقِلٌ مُكَافِئٌ (مُرَاهِقًا) أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ عَكْسَهُ عَلَى قَتْلٍ فَفَعَلَهُ (فَعَلَى الْبَالِغِ) الْمَذْكُورِ (الْقِصَاصُ إنْ قُلْنَا عَمْدُ الصَّبِيِّ) وَالْمَجْنُونِ (عَمْدٌ وَهُوَ الْأَظْهَرُ) إنْ كَانَ لَهُمَا فَهْمٌ، فَإِنْ قُلْنَا خَطَأٌ فَلَا قِصَاصَ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ مُخْطِئٌ، أَمَّا الصَّبِيُّ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ بِحَالٍ لِانْتِفَاءِ تَكْلِيفِهِ (وَلَوْ) (أُكْرِهَ عَلَى رَمْيِ شَاخِصٍ عَلِمَ الْمُكْرِهُ) بِالْكَسْرِ (أَنَّهُ رَجُلٌ وَظَنَّهُ الْمُكْرَهُ) بِالْفَتْحِ (صَيْدًا فَرَمَاهُ) فَمَاتَ (فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ الْقِصَاصِ عَلَى الْمُكْرِهِ) بِالْكَسْرِ؛ لِأَنَّ خَطَأَهُ نَتِيجَةُ إكْرَاهِهِ فَجُعِلَ مَعَهُ كَالْآلَةِ؛ إذْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ ارْتِكَابُ حُرْمَةٍ وَلَا قَصْدُ فِعْلٍ مُمْتَنِعٍ يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ كَالْآلَةِ لَهُ. وَالثَّانِي لَا قِصَاصَ عَلَى الْمُكْرَهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ مُخْطِئٌ، وَرُدَّ بِمَا مَرَّ مِنْ التَّعْلِيلِ، وَيَجِبُ عَلَى مَنْ ظَنَّ السَّيِّدَ مَثَلًا نِصْفُ دِيَةٍ مُخَفَّفَةٍ عَلَى عَاقِلَتِهِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالْقَرَارُ عَلَى الْمُكْرِهِ الْآمِرِ، وَيُفَرَّقُ بِتَغْلِيظِ أَمْرِ الْقَتْلِ وَالزَّجْرِ عَنْهُ بِتَضْمِينِ كُلٍّ مِنْهُمَا قَرَارًا انْتَهَى. وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْإِبَاحَةِ الَّتِي لَا تُنَافِي الْوُجُوبَ فَإِنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِهَا التَّخْيِيرُ أَشْكَلَ فَإِنَّهُ يُنَافِي الْوُجُوبَ بَدَاهَةً فَتَأَمَّلْ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهَا أَنَّ الْفِعْلَ لَيْسَ مُحَرَّمًا فَلَا يُنَافِي كَوْنَهُ وَاجِبًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ نَبِيًّا) وَلَا يَلْحَقُ بِهِ الْعَالِمُ وَالْوَلِيُّ وَالْإِمَامُ الْعَادِلُ (قَوْلُهُ: قَطْعًا) أَيْ لِحُرْمَةِ النَّبِيِّ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ وَلِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى غَيْرِهِ فِدَاؤُهُ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ) أَيْ فِي الْمُضْطَرِّ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا نُقِلَ عَنْ الْبَغَوِيّ) وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ عَلَى مَا إذَا أَمْكَنَ خَفَاءُ ذَلِكَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْمَأْمُورُ قِنَّهُ) وَالْحَالُ أَنَّهُ غَيْرُ مُمَيِّزٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ عَكْسَهُ) أَيْ كَأَنْ أَكْرَهَ قِنٌّ حُرًّا، وَقَوْلُهُ عَلَى قَتْلِ قِنٍّ مُتَعَلِّقٌ بِالصُّورَتَيْنِ فَيُقْتَلُ الْقِنُّ فِيهِمَا آمِرًا كَانَ أَوْ مَأْمُورًا (قَوْلُهُ: أَمَّا الصَّبِيُّ فَلَا قِصَاصَ) أَيْ وَعَلَيْهِ نِصْفُ دِيَةِ عَمْدٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ خَطَأَهُ) أَيْ الْمُكْرَهِ (قَوْلُهُ: نَتِيجَةُ) جَوَابٌ عَنْ تَمَسَّكَ بِهِ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّهُ شَرِيكٌ مُخْطِئٌ، وَهُوَ لَا يُقْتَلُ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ خَطَأَهُ لَمَّا نَشَأَ مِنْ إكْرَاهِ الْمُتَعَمِّدِ أُلْغِيَ بِالنَّظَرِ لِلْمُكْرَهِ وَاعْتُبِرَ كَوْنُهُ آلَةً لَهُ. (تَنْبِيهٌ) لَا يُبِيحُ الْإِكْرَاهُ الْقَتْلَ الْمُحَرَّمَ لِذَاتِهِ، بِخِلَافِ الْمُحَرَّمِ لِفَوَاتِ الْمَالِيَّةِ كَنِسَاءِ الْحَرْبِيِّينَ وَذَرَارِيِّهِمْ فَإِنَّهُ يُبَاحُ بِالْإِكْرَاهِ، وَكَذَا لَا يُبِيحُ الزِّنَا وَاللِّوَاطَ، وَيَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا دَفْعُ الْمُكْرِهِ بِمَا أَمْكَنَهُ، وَيُبَاحُ بِهِ شُرْبُ الْخَمْرِ وَالْإِفْطَارُ فِي رَمَضَانَ وَالْخُرُوجُ مِنْ صَلَاةِ الْفَرْضِ، وَيُبَاحُ بِهِ الْإِتْيَانُ بِمَا هُوَ كُفْرٌ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا مَعَ طُمَأْنِينَةِ الْقَلْبِ بِالْإِيمَانِ، وَعَلَى هَذَا فَأَوْجُهٌ أَصَحُّهَا الْأَفْضَلُ أَنْ يَثْبُتَ وَلَا يَنْطِقَ بِهَا. وَالثَّانِي الْأَفْضَلُ مُقَابِلُهُ صِيَانَةً لِنَفْسِهِ. وَالثَّالِثُ إنْ كَانَ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْمُقْتَدَى بِهِمْ فَالْأَفْضَلُ الثُّبُوتُ وَالرَّابِعُ إنْ كَانَ يُتَوَقَّعُ مِنْهُ الْإِنْكَاءُ وَالْقِيَامُ بِأَحْكَامِ الشَّرْعِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَهِيَ عَلَى غَيْرِ الْمُخْطِئِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَهِيَ عَلَى الْمُتَعَمِّدِ مُغَلَّظَةٌ فِي مَالِهِ وَعَلَى غَيْرِهِ مُخَفَّفَةٌ عَلَى عَاقِلَتِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَعَلَّقْ بِرَقَبَتِهِ شَيْءٌ) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ غَيْرُ مُمَيِّزٍ وَالْقِصَاصُ عَلَى السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: أَوْ صَبِيًّا) كَأَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ لَهُمَا فَهْمٌ) مِثْلُهُ فِي التُّحْفَةِ، وَهُوَ سَاقِطٌ فِي أَكْثَرِ نُسَخِ الشَّارِحِ وَكَأَنَّهُ قَيْدٌ لِكَوْنِ عَمْدِهِ عَمْدًا

الْأَنْوَارِ تَوْجِيهُهُ وَاسْتَوْجَهَهُ الشَّيْخُ وَإِنْ جَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي بِخِلَافِهِ (أَوْ) أُكْرِهَ (عَلَى رَمْيِ صَيْدٍ) فِي ظَنِّهِمَا (فَأَصَابَ رَجُلًا فَمَاتَ) (فَلَا قِصَاصَ عَلَى أَحَدٍ) مِنْهُمَا لِخَطَئِهِمَا فَعَلَى عَاقِلَتِهِمَا الدِّيَةُ بِالسَّوِيَّةِ (أَوْ) أُكْرِهَ (عَلَى صُعُودِ شَجَرَةٍ) أَوْ نُزُولِ بِئْرٍ (فَزَلَقَ وَمَاتَ) (فَشِبْهُ عَمْدٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْصِدُ بِهِ الْقَتْلَ غَالِبًا، وَقَضِيَّتُهُ وُجُوبُ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّهْذِيبِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَإِنْ حَكَى ابْنُ الْقَطَّانِ فِي فُرُوعِهِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا فِي مَالِهِ (وَقِيلَ) هُوَ (عَمْدٌ) وَأَصْلُهُ رَأْيٌ لِلْغَزَالِيِّ، وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ الْقِصَاصُ لِتَسَبُّبِهِ فِي قَتْلِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ رَمَاهُ بِسَهْمٍ، وَمَحَلُّ هَذَا الْقَوْلِ إذَا كَانَتْ الشَّجَرَةُ مِمَّا يُزْلَقُ عَلَى مِثْلِهَا غَالِبًا كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي نُكَتِ الْوَسِيطِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِمَّا يُزْلَقُ عَلَى مِثْلِهَا غَالِبًا لَمْ يَأْتِ الْقَوْلُ الْمَذْكُورُ، وَحِينَئِذٍ فَالتَّقْيِيدُ ذَلِكَ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ أَكْثَرُ الشُّرَّاحِ أَنَّهُ قَيْدٌ لِشِبْهِ الْعَمْدِ فَيَكُونُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ خَطَأٍ فَافْهَمْ هَذَا الْمَقَامَ (أَوْ) أَكْرَهَ مُمَيِّزًا وَلَوْ أَعْجَمِيًّا (عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ) كَاقْتُلْ نَفْسَك وَإِلَّا قَتَلْتُك فَقَتَلَهَا (فَلَا قِصَاصَ فِي الْأَظْهَرِ) لِانْتِفَاءِ كَوْنِهِ إكْرَاهًا حَقِيقَةً لِاتِّحَادِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَالْمَخُوفِ بِهِ فَكَأَنَّهُ اخْتَارَ الْقَتْلَ. وَالثَّانِي يَجِبُ كَمَا لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى قَتْلِ غَيْرِهِ، وَيَجِبُ عَلَى الْأَوَّلِ عَلَى الْأَمْرِ نِصْفُ الدِّيَةِ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِأَصْلِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُكْرِهَ شَرِيكٌ وَإِنْ سَقَطَ عَنْهُ الْقِصَاصُ لِلشُّبْهَةِ بِسَبَبِ مُبَاشَرَةِ الْمُكْرَهِ قَتْلَ نَفْسِهِ. نَعَمْ لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ بِمَا يَتَضَمَّنُ تَعْذِيبًا شَدِيدًا كَإِحْرَاقٍ أَوْ تَمْثِيلٍ إنْ لَمْ يَقْتُلْ نَفْسَهُ كَانَ إكْرَاهًا كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الزَّازُ وَمَالَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ، أَمَّا غَيْرُ الْمُمَيِّزِ فَعَلَى مُكْرِهِهِ الْقَوَدُ لِانْتِفَاءِ اخْتِيَارِهِ، وَبِهِ فَارَقَ الْأَعْجَمِيَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ وُجُوبُ الِامْتِثَالِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، وَأَمَّا غَيْرُ النَّفْسِ كَاقْطَعْ يَدَك وَإِلَّا قَتَلْتُك فَهُوَ إكْرَاهٌ؛ لِأَنَّ قَطْعَهَا تُرْجَى مَعَهُ الْحَيَاةُ (وَلَوْ) (قَالَ) حُرٌّ لِحُرٍّ أَوْ قِنٍّ اُقْتُلْنِي أَوْ (اُقْتُلْنِي وَإِلَّا قَتَلْتُك فَقَتَلَهُ) الْمَقُولُ لَهُ (فَالْمَذْهَبُ) أَنَّهُ (لَا قِصَاصَ) عَلَيْهِ لِلْإِذْنِ لَهُ فِي الْقَتْلِ وَإِنْ فَسَقَ بِامْتِثَالِهِ، وَالْقَوَدُ يَثْبُتُ لِلْمُوَرَّثِ ابْتِدَاءً كَالدِّيَةِ وَلِهَذَا أُخْرِجَتْ مِنْهَا دُيُونُهُ وَوَصَايَاهُ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي ذَاتُ قَوْلَيْنِ: ثَانِيهِمَا يَجِبُ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ لَا يُبَاحُ بِالْإِذْنِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَذِنَ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَالْأَفْضَلُ أَنْ يَنْطِقَ بِهَا لِمَصْلَحَةِ بَقَائِهِ وَإِلَّا فَالْأَفْضَلُ الثَّبَاتُ، وَيُبَاحُ بِهِ إتْلَافُ مَالِ الْغَيْرِ. وَقَالَ فِي الْوَسِيطِ: بَلْ يَجِبُ وَتَبِعَهُ الْحَاوِي الصَّغِيرُ فَجَزَمَ بِالْوُجُوبِ وَالْمُكْرَهُ عَلَى شَهَادَةِ الزُّورِ، قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ: يَنْبَغِي أَنْ يُنْتَظَرَ فِيمَا تَقْتَضِيهِ فَإِنْ اقْتَضَتْ قَتْلًا أُلْحِقَتْ بِهِ اهـ دَمِيرِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ أُكْرِهَ) مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ مِنْ حَالِ الْمُكْرَهِ أَنَّهُ لَا يُحَقِّقُ مَا هُدِّدَ بِهِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ إكْرَاهًا، وَعَلَيْهِ فَلَوْ قُيِّدَ الْمُكْرَهُ بِالْفَتْحِ وَعَلِمَ مِنْ حَالِ الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ أَنَّهُ لَا يُرِيدُ قَتْلَ نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ مُجَرَّدَ التَّهَكُّمِ وَالِاسْتِهْزَاءِ بِالْمُكْرَهِ لَمْ يَكُنْ إذْنًا كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ فَيُقْتَلُ الْمُكْرِهُ (قَوْلُهُ: نِصْفُ الدِّيَةِ) أَيْ دِيَةِ عَمْدٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُكْرَهَ شَرِيكٌ إلَخْ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ قَطْعَهَا تُرْجَى مَعَهُ الْحَيَاةُ) بَقِيَ مَا لَوْ قَالَ: اُقْتُلْ نَفْسَك وَإِلَّا قَطَعْت يَدَك، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي ضَابِطِ الْإِكْرَاهِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْمُكْرَهِ بِهِ أَنْ يَتَوَلَّدَ مِنْهُ الْهَلَاكُ عَادَةً عَلَى أَنَّ الْمَخُوفَ بِهِ هُنَا دُونَ الْمَأْمُورِ بِهِ، وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِ الشَّارِحِ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ (قَوْلُهُ: فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ) أَيْ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَبَقِيَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ الْحَاكِمَ يَكْسِرُ شَخْصًا أَوْ يُكَلِّبُهُ مَثَلًا، ثُمَّ إنَّهُ يَطْلُبُ مِنْ الْمُتَفَرِّجِينَ عَلَيْهِ قَتْلَهُ لِلتَّهْوِينِ عَلَيْهِ، فَهَلْ إذَا أَجَابَهُ إنْسَانٌ وَهَوَّنَ عَلَيْهِ بِإِزْهَاقِ رُوحِهِ يَأْثَمُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَخْفِيفًا عَلَيْهِ بِإِسْرَاعِ الْإِزْهَاقِ وَعَدَمِ تَطْوِيلِ الْأَلَمِ عَلَى أَنَّ مَوْتَهُ بَعْدَ مَقْطُوعٍ بِهِ عَادَةً (قَوْلُهُ: بِالْإِذْنِ) هَذَا مِنْ تَمَامِ التَّعْلِيلِ، وَالْمُرَادُ بِهِ دَفْعُ مَا قَدْ يَتَمَسَّكُ بِهِ الثَّانِي مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَصْلُهُ رَأْيٌ لِلْغَزَالِيِّ) عِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ: وَهُوَ قَوْلُ الْغَزَالِيِّ (قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ الْحَالَةِ) يَعْنِي: إذَا لَمْ يَزْلَقْ عَلَى مِثْلِهَا غَالِبًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا قَتَلْتُك) لَيْسَ بِقَيْدٍ

لَهُ فِي الزِّنَا بِأَمَتِهِ (وَالْأَظْهَرُ) أَنَّهُ (لَا دِيَةَ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُوَرِّثَ أَسْقَطَهَا أَيْضًا بِإِذْنِهِ، نَعَمْ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ وَالْإِذْنُ فِي الْقَطْعِ يُهْدِرُهُ وَسِرَايَتُهُ كَمَا يَأْتِي. وَالثَّانِي تَجِبُ وَلَا يُؤَثِّرُ إذْنُهُ وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِي النَّفْسِ، فَلَوْ قَالَ لَهُ اقْطَعْ يَدِي فَقَطَعَهَا، وَلَمْ يَمُتْ فَلَا دِيَةَ وَلَا قَوَدَ جَزْمًا، وَمَحَلُّهُ أَيْضًا عِنْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ دَفْعِهِ بِغَيْرِ الْقَتْلِ فَإِنْ قَتَلَهُ دَفْعًا انْتَفَى الضَّمَانُ جَزْمًا، وَلَوْ قَالَ: اقْذِفْنِي، وَإِلَّا قَتَلْتُك فَقَذَفَهُ فَلَا حَدَّ كَمَا صَوَّبَهُ فِي الرَّوْضَةِ، فَإِنْ كَانَ الْآذِنُ عَبْدًا لَمْ يَسْقُطْ الضَّمَانُ، وَهَلْ يَجِبُ الْقِصَاصُ إذَا كَانَ الْمَأْذُونُ لَهُ عَبْدًا وَجْهَانِ أَظْهَرُهُمَا عَدَمُهُ، وَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى إكْرَاهِ غَيْرِهِ عَلَى أَنْ يَقْتُلَ رَابِعًا فَفَعَلَا اُقْتُصَّ مِنْ الثَّلَاثَةِ (وَلَوْ) (قَالَ: اُقْتُلْ زَيْدًا أَوْ عَمْرًا) وَإِلَّا قَتَلَك (فَلَيْسَ بِإِكْرَاهٍ) فَيُقْتَلُ الْمَأْمُورُ بِمَنْ قَتَلَهُ مِنْهُمَا لِاخْتِيَارِهِ لَهُ، وَعَلَى الْآمِرِ الْإِثْمُ فَقَطْ، وَلَوْ أَنَهَشَهُ نَحْوَ حَيَّةٍ أَوْ عَقْرَبٍ يَقْتُلُ غَالِبًا، أَوْ حَثَّ غَيْرَ مُمَيِّزٍ كَأَعْجَمِيٍّ يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ آمِرِهِ عَلَى قَتْلِ آخَرَ، أَوْ نَفْسِهِ فِي غَيْرِ الْأَعْجَمِيِّ، أَوْ أَلْقَى عَلَيْهِ سَبُعًا ضَارِيًا يَقْتُلُ غَالِبًا، أَوْ عَكْسَهُ فِي مَضِيقٍ لَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ مِنْهُ أَوْ أَغْرَاهُ بِهِ فِيهِ قُتِلَ بِهِ لِصِدْقِ حَدِّ الْعَمْدِ عَلَيْهِ، أَوْ حَيَّةً فَلَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهَا تَنْفِرُ بِطَبْعِهَا مِنْ الْآدَمِيِّ حَتَّى فِي الْمَضِيقِ، بِخِلَافِ السَّبُعِ فَإِنَّهُ يَثِبُ عَلَيْهِ فِيهِ دُونَ الْمُتَّسَعِ. نَعَمْ إنْ كَانَ السَّبُعُ الْمُغْرَى فِي الْمُتَّسَعِ ضَارِيًا شَدِيدًا الْعَدْوَ وَلَا يَتَأَتَّى الْهَرَبُ مِنْهُ وَجَبَ الْقَوَدُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَوْ رَبَطَ بِبَابِهِ أَوْ دِهْلِيزِهِ نَحْوَ كَلْبٍ عَقُورٍ وَدَعَا ضَيْفًا فَافْتَرَسَهُ فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ يَفْتَرِسُ بِاخْتِيَارِهِ، وَبِهِ فَارَقَ مَا لَوْ غَطَّى بِئْرًا بِمَمَرِّ غَيْرِ مُمَيِّزٍ بِخُصُوصِهِ وَدَعَاهُ لِمَحَلٍّ الْغَالِبُ أَنَّهُ يَمُرُّ عَلَيْهَا فَأَتَاهُ فَوَقَعَ فِيهَا وَمَاتَ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ تَغْرِيرٌ وَإِلْجَاءٌ يُفْضِي إلَى الْهَلَاكِ فِي شَخْصٍ مُعَيَّنٍ فَأَشْبَهَ الْإِكْرَاهَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ غَطَّاهَا لِيَقَعَ بِهَا مَنْ يَمُرُّ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ لِانْتِفَاءِ تَحَقُّقِ الْعَمْدِيَّةِ مَعَ عَدَمِ التَّعْيِينِ كَمَا مَرَّ. أَمَّا الْمُمَيِّزُ فَفِيهِ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSلِلْوَارِثِ وَالْمَقْتُولُ أَذِنَ فِي إسْقَاطِ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ (قَوْلُهُ: لَا دِيَةَ عَلَيْهِ) أَيْ الْقَاتِلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ) حُرٌّ أَوْ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا قَتَلْتُكَ) وَكَذَا إنْ لَمْ يَقُلْ وَإِلَّا قَتَلْتُك (قَوْلُهُ: بَلْ الْقَوَدُ) أَيْ بَلْ يَسْقُطُ الْقَوَدُ (قَوْلُهُ: فَقَطْ) أَيْ وَتَجِبُ عَلَى نَفْسِهِ قِيمَتُهُ وَفِيمَا دُونَهَا أَرْشُهُ (قَوْلُهُ: فَلَا مُطْلَقًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ شَدِيدَةَ الضَّرَاوَةِ، لَكِنْ قَدْ يُشْكِلُ بِمَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ أَلْقَاهُ فِي بِئْرٍ بِهَا ضَارٍ مِنْ سَبُعٍ أَوْ حَيَّةٍ أَوْ مَجْنُونٍ حَيْثُ اُعْتُبِرَ فِي الْحَيَّةِ وَصْفُ الضَّرَاوَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَبَطَ بِبَابِهِ أَوْ دِهْلِيزِهِ نَحْوَ كَلْبٍ عَقُورٍ) وَمِثْلٌ بَلْ أَوْلَى مَا اُعْتِيدَ مِنْ تَرْبِيَةِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ (قَوْلُهُ: فَلَا ضَمَانَ) أَيْ لَا بِقِصَاصٍ وَلَا دِيَةٍ وَلَا كَفَّارَةٍ لَكِنْ التَّعْبِيرُ بِنَفْيِ الضَّمَانِ قَدْ يُشْعِرُ بِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: بِمَمَرِّ غَيْرِ مُمَيِّزٍ) أَيْ بِخُصُوصِ ذَلِكَ الْغَيْرِ، وَالْمُرَادُ أَنْ لَا يَكُونَ لِغَيْرِ الْمُمَيِّزِ الْمَدْعُوِّ مَمَرٌّ غَيْرُهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَقْتُلُ) لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلضَّمَانِ بِالْمَالِ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُمَيِّزُ فَفِيهِ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ دَعَاهُ، وَالْغَالِبُ مُرُورُهُ عَلَيْهَا، وَقَدْ غَطَّاهَا، وَكَتَغْطِيَتِهَا عَدَمُ تَغْطِيَتِهَا لَكِنْ لَمْ يَرَهَا الْمَدْعُوُّ لِعَمًى أَوْ ظُلْمَةٍ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ. وَيَنْبَغِي أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْغَالِبِ فِي كَلَامِهِ لَيْسَ بِقَيْدٍ؛ لِأَنَّ شِبْهَ الْعَمْدِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ بَلْ النَّادِرُ فِيهِ كَالْغَالِبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ الْآذِنُ عَبْدًا) أَيْ فِي الْقَتْلِ وَالْقَطْعِ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ الْمَأْذُونُ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَفْسِهِ) أَيْ نَفْسِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ، وَقَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْأَعْجَمِيِّ: أَيْ أَمَّا هُوَ فَلَا يُقْتَلُ بِهِ إذْ هُوَ لَا يَجُوزُ وُجُوبُ الطَّاعَةِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَوْ حَيَّةً) أَيْ أَوْ أَلْقَى عَلَيْهِ حَيَّةً (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ تَجِبُ دِيَةٌ وَانْظُرْ أَيَّ دِيَةٍ هِيَ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُمَيِّزُ) أَيْ بَدَلُ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ.

[فصل في اجتماع مباشرتين]

(فَصْلٌ) فِي اجْتِمَاعِ مُبَاشَرَتَيْنِ إذَا (وُجِدَ مِنْ شَخْصَيْنِ مَعًا) أَيْ حَالَ كَوْنِهِمَا مُقْتَرِنَيْنِ فِي زَمَنِ الْجِنَايَةِ بِأَنْ تَقَارَنَا فِي الْإِصَابَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. وَمَحَلُّ قَوْلِ ابْنِ مَالِكٍ مُخَالِفًا لِثَعْلَبٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَى الِاتِّحَادِ فِي الْوَقْتِ كَجَمِيعًا عِنْدَ انْتِفَاءِ الْقَرِينَةِ (فِعْلَانِ مُزْهِقَانِ) لِلرُّوحِ (مُذَفِّفَانِ) بِالْمُهْمَلَةِ وَالْمُعْجَمَةِ أَيْ مُسْرِعَانِ لِلْقَتْلِ (كَحَزٍّ) لِلرَّقَبَةِ (وَقَدٍّ) لِلْجُثَّةِ (أَوْ لَا) أَيْ غَيْرُ مُذَفِّفَيْنِ (كَقَطْعِ عُضْوَيْنِ) أَوْ جُرْحَيْنِ أَوْ جُرْحٍ مِنْ وَاحِدٍ وَمِائَةٍ مَثَلًا مِنْ آخَرَ فَمَاتَ مِنْهُمَا (فَقَاتِلَانِ) يَجِبُ عَلَيْهِمَا الْقِصَاصُ؛ إذْ رُبَّ جُرْحٍ لَهُ نِكَايَةٌ فِي الْبَاطِنِ أَكْثَرُ مِنْ جُرُوحٍ، فَإِنْ ذَفَّفَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ فَهُوَ الْقَاتِلُ فَلَا يُقْتَلُ الْآخَرُ، وَإِنْ شَكَكْنَا فِي تَذْفِيفِ جُرْحِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، وَالْقَوَدُ لَا يَجِبُ بِالشَّكِّ مَعَ سُقُوطِهِ بِالشُّبْهَةِ، وَبِهِ فَارَقَ نَظِيرَ ذَلِكَ الْآتِي فِي الصَّيْدِ فَإِنَّ النِّصْفَ يُوقَفُ، فَإِنْ بَانَ أَوْ اصْطَلَحَا وَإِلَّا قُسِّمَ عَلَيْهِمَا، وَالْأَوْجَهُ وُجُوبُ أَرْشِ الْجُرْحِ عَلَى مُقَارِنِ الْمُذَفِّفِ (وَإِنْ أَنْهَاهُ رَجُلٌ) أَيْ أَوْصَلَهُ جَانٍّ (إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ) فِيهِ (إبْصَارٌ وَنُطْقٌ وَحَرَكَةُ اخْتِيَارٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــS (فَصْلٌ) فِي اجْتِمَاعِ مُبَاشَرَتَيْنِ (قَوْلُهُ: فِي اجْتِمَاعِ مُبَاشَرَتَيْنِ) أَيْ: وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ قَتَلَ مَرِيضًا فِي النَّزْعِ إلَخْ (قَوْلُهُ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْقَرِينَةِ) وَالْقَرِينَةُ هُنَا قَوْلُهُ بَعْدُ: وَإِنْ أَنْهَاهُ إلَخْ الْمُفِيدُ لِلتَّرْتِيبِ الدَّالِ عَلَى أَنَّ مَا قَبْلَهُ عِنْدَ الِاتِّحَادِ فِي الزَّمَانِ (قَوْلُهُ: مُزْهِقَانِ) صِفَةُ فِعْلَانِ، وَقَوْلُهُ مُذَفِّفَانِ صِفَةٌ أُخْرَى، وَقَوْلُهُ: أَوْ لَا عَطْفٌ عَلَيْهِ: أَيْ أَوْ غَيْرُ مُذَفِّفَيْنِ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الصِّفَةِ. وَبَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَهُمْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ كَوْنُ مُذَفِّفَانِ صِفَةَ فِعْلَانِ؛ لِأَنَّهُ قَسَّمَ الْفِعْلَيْنِ إلَى الْمُذَفِّفَيْنِ وَغَيْرِ الْمُذَفِّفَيْنِ، وَأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ كَوْنُهُ خَبَرَ مَحْذُوفٍ: أَيْ وَهُمَا مُذَفِّفَانِ أَوْ لَا اهـ وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا خَطَأٌ لَا سَنَدَ لَهُ نَقْلًا وَلَا عَقْلًا إذْ لَا مَانِعَ مِنْ وَصْفِ الشَّيْءِ بِصِفَتَيْنِ مُتَبَايِنَتَيْنِ فَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَقَدٍّ لِلْجُثَّةِ أَوْ لَا) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: يُشْتَرَطُ فِي هَذَا الشِّقِّ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ لَوْ انْفَرَدَ لَقَتَلَ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ إذَا انْفَرَدَ أَمْكَنَ أَنْ يَقْتُلَ، وَلَوْ بِالسِّرَايَةِ، وَيَدُلُّ لَهُ التَّمْثِيلُ بِقَطْعِ الْعُضْوَيْنِ فَإِنَّ كُلًّا عَلَى انْفِرَادِهِ لَا يُعَدُّ قَاتِلًا إلَّا أَنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي إلَى الْقَتْلِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ قَطْعَ الْأُنْمُلَةِ مَعَ السِّرَايَةِ مِنْ الْعَمْدِ الْمُوجِبِ لِلْقِصَاصِ (قَوْلُهُ: أَوْ جُرْحٍ مِنْ وَاحِدٍ) أَيْ أَوْ عُضْوٍ مِنْ وَاحِدٍ وَأَعْضَاءٍ كَثِيرَةٍ مِنْ آخَرَ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: يَجِبُ عَلَيْهِمَا الْقِصَاصُ) أَيْ فَإِنْ آلَ الْأَمْرُ إلَى الدِّيَةِ وُزِّعَتْ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ لَا الْجِرَاحَاتِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَكَكْنَا فِي تَذْفِيفِ جُرْحِهِ) أَيْ الْآخَرِ اهـ سم عَلَى حَجٍّ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ) قَضِيَّتُهُ ضَمَانُهُ بِالْمَالِ أَوْ قِصَاصِ الْجُرْحِ إنْ أَوْجَبَ الْجُرْحُ قِصَاصًا كَالْمُوضِحَةِ إنْ كَانَا مُتَرَتِّبَيْنِ، فَإِنْ تَقَارَنَا لَمْ يَجِبْ قِصَاصُ الْجُرْحِ كَمَا يَأْتِي عَنْ حَجّ (قَوْلُهُ: عَدَمُهُ) أَيْ التَّذْفِيفِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ) أَيْ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَانَ أَوْ اصْطَلَحَا) أَيْ فَذَاكَ (قَوْلُهُ: وُجُوبُ أَرْشِ الْجُرْحِ) أَيْ لَا قِصَاصِهِ حَجّ (قَوْلُهُ: إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ) عِبَارَةُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ: لَوْ شَرِبَ سُمًّا انْتَهَى بِهِ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْجَرِيحِ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ. ثُمَّ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ عَدَمَ الضَّمَانِ عَلَى الثَّانِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي فِعْلِ الْأَوَّلِ بَيْنَ كَوْنِهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ، بَلْ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ كَوْنِهِ مَضْمُونًا أَوْ غَيْرَ مَضْمُونٍ كَمَا لَوْ أَنْهَاهُ سَبُعٌ إلَى تِلْكَ الْحَرَكَةِ فَقَتَلَهُ آخَرُ وَيُشْعِرُ بِهِ مَا ذَكَرَهُ عَمِيرَةُ فِيمَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي اجْتِمَاعِ مُبَاشَرَتَيْنِ] (فَصْلٌ) فِي اجْتِمَاعِ مُبَاشَرَتَيْنِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ انْتِفَاءِ الْقَرِينَةِ) أَيْ وَالْقَرِينَةُ هُنَا قَوْلُهُ: فَإِنْ أَنْهَاهُ رَجُلٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ: جَانٍ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ

وَهِيَ الْمُسْتَقِرَّةُ الَّتِي يَبْقَى مَعَهَا الْإِدْرَاكُ وَيُقْطَعُ بِمَوْتِهِ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ أَيَّامٍ. وَذَلِكَ كَافٍ فِي إيجَابِ الْقِصَاصِ لَا الْمُسْتَمِرَّةُ وَهِيَ الَّتِي لَوْ تُرِكَ مَعَهَا عَاشَ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الْأَوْلَى فِي التَّعْبِيرِ اخْتِيَارِيَّاتٌ إنَّمَا يُتَّجَهُ إنْ عُلِمَ تَنْوِينُ الْأَوَّلَيْنِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا حَمَلْنَاهُ عَلَى عَدَمِ تَنْوِينِهِمَا تَقْدِيرًا لِلْإِضَافَةِ فِيهِمَا (ثُمَّ جَنَى آخَرُ فَالْأَوَّلُ قَاتِلٌ) ؛ لِأَنَّهُ صَيَّرَهُ إلَى حَالَةِ الْمَوْتِ وَمِنْ ثَمَّ أُعْطِيَ حُكْمَ الْأَمْوَاتِ مُطْلَقًا (وَيُعَزَّرُ الثَّانِي) لِهَتْكِهِ حُرْمَةَ مَيِّتٍ وَخَرَجَ بِقَيْدِ الِاخْتِيَارِ مَا لَوْ قُطِعَ نِصْفَيْنِ وَبَقِيَتْ أَحْشَاؤُهُ بِأَعْلَاهُ فَإِنَّهُ وَإِنْ تَكَلَّمَ بِمُنْتَظِمٍ كَطَلَبِ مَاءٍ لَيْسَ عَنْ رَوِيَّةٍ، فَإِنْ لَمْ تَبِنْ حِشْوَتُهُ عَنْ مَحَلِّهَا الْأَصْلِيِّ مِنْ الْجَوْفِ فَحَيَاتُهُ مُسْتَقِرَّةٌ وَيُرْجَعُ فِيمَنْ شَكَّ فِي وُصُولِهِ إلَيْهَا إلَى عَدْلَيْنِ خَبِيرَيْنِ (وَإِنْ جَنَى الثَّانِي قَبْلَ الْإِنْهَاءِ إلَيْهَا، فَإِنْ ذَفَّفَ كَحَزٍّ بَعْدَ جَرْحٍ فَالثَّانِي قَاتِلٌ) لِقَطْعِهِ إثْرَ الْأَوَّلِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ قَاتِلٌ بَعْدَ نَحْوِ يَوْمٍ (وَعَلَى الْأَوَّلِ قِصَاصُ الْعُضْوِ أَوْ مَالٌ بِحَسَبِ الْحَالِ) مِنْ عَمْدٍ وَضِدِّهِ، وَلَا نَظَرَ لِسَرَيَانِ الْجُرْحِ لِاسْتِقْرَارِ الْحَيَاةِ عِنْدَهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُذَفِّفْ الثَّانِي أَيْضًا وَمَاتَ بِهِمَا كَأَنْ قَطَعَ وَاحِدٌ مِنْ الْكُوعِ وَآخَرُ مِنْ الْمِرْفَقِ أَوْ أَجَافَاهُ (فَقَاتِلَانِ) لِوُجُودِ السِّرَايَةِ مِنْهُمَا وَهَذَا غَيْرُ قَوْلِهِ السَّابِقِ أَوَّلًا إلَخْ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي الْمَعِيَّةِ وَهَذَا فِي التَّرْتِيبِ (وَلَوْ قَتَلَ مَرِيضًا فِي النَّزْعِ) ـــــــــــــــــــــــــــــSشَرِبَ سُمًّا انْتَهَى بِهِ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ (قَوْلُهُ: الَّتِي يَبْقَى مَعَهَا الْإِدْرَاكُ) وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ مِثْلَهُ مَنْ شُكَّ فِي مَوْتِهِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: إنَّمَا يُتَّجَهُ إنْ عُلِمَ) أَيْ مِنْ خَطِّ الْمُصَنِّفِ أَوْ الرِّوَايَةِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: تَنْوِينُ الْأَوَّلَيْنِ) هُمَا إبْصَارٌ وَنُطْقٌ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ أُعْطِيَ حُكْمَ الْأَمْوَاتِ) قَضِيَّتُهُ جَوَازُ تَجْهِيزِهِ وَدَفْنِهِ حِينَئِذٍ وَفِيهِ بُعْدٌ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ تَزَوُّجُ زَوْجَتِهِ حِينَئِذٍ إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا كَأَنْ وَلَدَتْ عَقِبَ صَيْرُورَتِهِ إلَى هَذِهِ الْحَالَةِ وَأَنَّهُ لَا يَرِثُ مَنْ مَاتَ عَقِبَ هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَا يَمْلِكُ صَيْدًا دَخَلَ فِي يَدِهِ عَقِبَهَا، وَلَا مَانِعَ مِنْ الْتِزَامِ ذَلِكَ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُ سم: وَأَنَّهُ لَا يَرِثُ، أَقُولُ: وَلَا بُعْدَ أَيْضًا عَلَى قِيَاسِ ذَلِكَ أَنَّهُ تُقْسَمُ تَرِكَتُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ: وَيُعَزَّرُ الثَّانِي) أَيْ فَقَطْ (قَوْلُهُ: لِهَتْكِهِ حُرْمَةَ مَيِّتٍ) الْأَفْصَحُ فِي مِثْلِهِ التَّخْفِيفُ بِخِلَافِ الْحَيِّ، فَإِنَّ الْأَفْصَحَ فِيهِ التَّشْدِيدُ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30] الْآيَةَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تَبِنْ حِشْوَتُهُ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: وَحِشْوَةُ الْبَطْنِ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَضَمِّهَا أَمْعَاءُ الْبَطْنِ (قَوْلُهُ: إلَى عَدْلَيْنِ خَبِيرَيْنِ) فَلَوْ لَمْ يُوجَدَا أَوْ وُجِدَا وَتَحَيَّرَا فَهَلْ نَقُولُ بِالضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: تَجِبُ دِيَةُ عَمْدٍ دُونَ الْقِصَاصِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ: كَحَزٍّ بَعْدَ جَرْحٍ) هُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ؛ لِأَنَّهُ مِثَالٌ لِلْفِعْلِ، وَهُوَ مَصْدَرٌ. أَمَّا الْأَثَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَيْدًا (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْمُسْتَقِرَّةُ) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ إلَى الْمَنْفِيِّ وَالْمَعْنَى وَالْحَيَاةُ الَّتِي يَبْقَى مَعَهَا مَا ذُكِرَ هِيَ الْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ، وَسَيَأْتِي فِي الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ، الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ وَالْحَيَاةِ الْمُسْتَمِرَّةِ وَحَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ بِمَا هُوَ أَوْضَحُ مِمَّا هُنَا (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ كَافٍ) يَحْتَمِلُ أَنَّ الْإِشَارَةَ لِحَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ السِّيَاقِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا لِلْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِقَيْدِ الِاخْتِيَارِ) الْمُنَاسِبُ وَدَخَلَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تَبِنْ حَشْوَتُهُ عَنْ مَحَلِّهَا) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْمُحْتَرَزَ بِالنَّظَرِ لِلظَّاهِرِ هُوَ عَيْنُ مَا اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّارِحَ خَلَطَ هُنَا فِي هَذِهِ السِّوَادَةِ مَسْأَلَةً بِمَسْأَلَةٍ أُخْرَى. وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَثَّلَ لِمَنْ فَقَدَ الْإِدْرَاكَ الِاخْتِيَارِيَّ بِمَنْ قُدَّ نِصْفَيْنِ وَتُرِكَتْ أَحْشَاؤُهُ فِي النِّصْفِ الْأَعْلَى فَإِنَّهُ، وَإِنْ صَدَرَ مِنْهُ كَلَامٌ أَوْ حَرَكَةٌ فَهُمَا اضْطِرَارِيَّانِ، وَهُوَ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَخَرَجَ بِقَيْدِ الِاخْتِيَارِ إلَى قَوْلِهِ لَيْسَ عَنْ رَوِيَّةٍ. وَأَمَّا الشِّهَابُ حَجّ فَإِنَّهُ مَثَّلَ لَهُ بِمَنْ قُدَّ بَطْنُهُ: أَيْ شُقَّ وَخَرَجَ بَعْضُ أَحْشَائِهِ، ثُمَّ قَالَ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَقِيَتْ أَحْشَاؤُهُ كُلُّهَا مَحَلَّهَا فَإِنَّهُ فِي حُكْمِ الْأَحْيَاءِ لِأَنَّهُ قَدْ يَعِيشُ مَعَ ذَلِكَ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ، وَهُوَ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ تَبِنْ حَشْوَتُهُ إلَخْ. وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ هَذَا مُحْتَرَزُ مَا صَوَّرَ بِهِ حَجّ لَا مُحْتَرَزُ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ الَّذِي صَدَرَ بِهِ الشَّارِحُ، عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ فَحَيَاتُهُ مُسْتَقِرَّةٌ الَّذِي عَدَلَ إلَيْهِ عَلَى كَلَامِ حَجّ غَيْرُ صَحِيحٍ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمِ كَمَا عُلِمَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ) أَيْ الْأَوَّلُ.

[فصل في شروط القود]

وَهُوَ الْوُصُولُ لِآخِرِ رَمَقٍ (وَعَيْشُهُ عَيْشُ مَذْبُوحٍ وَجَبَ) بِقَتْلِهِ (الْقِصَاصُ) وَيُوَرَّثُ مِنْ قَرِيبِهِ الَّذِي مَاتَ وَهُوَ بِتِلْكَ الْحَالَةِ لِاحْتِمَالِ اسْتِمْرَارِ حَيَاتِهِ مَعَ انْتِفَاءِ سَبَبٍ يُحَالُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الْجِنَايَةِ لِوُجُودِ السَّبَبِ، وَبِهِ يُجْمَعُ بَيْنَ كَلَامَيْهِمَا. أَمَّا الْأَقْوَالُ كَإِسْلَامٍ وَرِدَّةٍ وَتَصَرُّفٍ فَهُمَا فِيهَا سَوَاءٌ فِي عَدَمِ صِحَّتِهِمَا مِنْهُمَا، وَلَوْ انْدَمَلَتْ جِرَاحَتُهُ، وَاسْتَمَرَّ مَحْمُومًا حَتَّى هَلَكَ فَإِنْ قَالَ طَبِيبَانِ عَدْلَانِ إنَّهَا مِنْ الْجُرْحِ وَجَبَ الْقَوَدُ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ. (فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الْقَوَدِ وَوَطَّأَ لَهَا بِمَسَائِلَ يُسْتَفَادُ مِنْهَا بَعْضُ شُرُوطٍ أُخْرَى كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ، إذَا (قَتَلَ) مُسْلِمٌ (مُسْلِمًا ظَنَّ كُفْرَهُ) يَعْنِي حِرَابَتَهُ أَوْ شَكَّ فِيهَا: أَيْ هَلْ هُوَ حَرْبِيٌّ أَوْ ذِمِّيٌّ فَذِكْرُهُ الظَّنَّ تَصْوِيرٌ، أَوْ أَرَادَ بِهِ مُطْلَقَ التَّرَدُّدِ أَوْ الْإِشَارَةَ لِخِلَافٍ كَأَنْ كَانَ عَلَيْهِ زِيُّ الْكُفَّارِ أَوْ رَآهُ يُعَظِّمُ آلِهَتَهُمْ (بِدَارِ الْحَرْبِ) وَإِثْبَاتُ إسْلَامِهِ مَعَ هَذَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ التَّزَيِّيَ بِزِيِّهِمْ غَيْرُ رِدَّةٍ مُطْلَقًا، وَكَذَا تَعْظِيمُ آلِهَتِهِمْ فِي دَارِ الْحَرْبِ لِاحْتِمَالِ إكْرَاهٍ أَوْ نَحْوِهِ. وَأَمَّا جَعْلُ الرَّافِعِيِّ الْأَوَّلَ رِدَّةً مَعَ ذِكْرِهِ لَهُ هُنَا كَذَلِكَ فَلَعَلَّهُ جَرَى عَلَى مَقَالَةِ غَيْرِهِ أَوْ عَلَى قَصْدِ مُجَرَّدِ التَّصْوِيرِ أَوْ مَحَلُّ كَلَامِهِ فِي غَيْرِ دَارِ الْحَرْبِ لِمَا تَقَرَّرَ فِي الثَّانِي بَلْ أَوْلَى (فَلَا قِصَاصَ) لِوُضُوحِ الْعُذْرِ (وَكَذَا لَا دِيَةَ فِي الْأَظْهَرِ) وَإِنْ لَمْ يَعْهَدْ حِرَابَتَهُ؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حُرْمَةَ نَفْسِهِ وَثُبُوتُهَا مَعَ الشُّبْهَةِ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، نَعَمْ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ جَزْمًا؛ لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ فِي الْبَاطِنِ وَلَمْ تَصْدُرْ مِنْهُ جِنَايَةٌ تَقْتَضِي إهْدَارَهُ مُطْلَقًا. وَالثَّانِي تَجِب الدِّيَةُ لِثُبُوتِهَا مَعَ الشُّبْهَةِ وَخَرَجَ بِظَنِّ حِرَابَتِهِ الصَّادِقُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْحَاصِلُ بِالْجَرْحِ فَهُوَ جُرْحٌ بِالضَّمِّ، وَفِي الْمِصْبَاحِ جَرَحَهُ جَرْحًا مِنْ بَابِ نَفَعَ وَالْجُرْحُ بِالضَّمِّ الِاسْمُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ النَّزْعُ (قَوْلُهُ: وَتَصَرُّفٍ فَهُمَا) أَيْ الْمَرِيضُ وَمَنْ عَيْشُهُ عَيْشُ مَذْبُوحٍ بِجِنَايَةٍ. (فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الْقَوَدِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَرَادَ بِهِ) أَيْ الظَّنِّ (قَوْلُهُ: أَوْ الْإِشَارَةَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ، وَعِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ فِي هَذَا الْمَقَامِ: وَهَذَا أَيْ عَدَمُ الْقِصَاصِ عَلَى مَنْ ظُنَّ حِرَابَتِهِ مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ، إلَى أَنْ قَالَ: وَاحْتُرِزَ عَمَّا إذَا لَمْ يَظُنَّهُ فَإِنْ عَرَفَ مَكَانَهُ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَ، فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِخِلَافٍ لَا فِي الظَّنِّ وَلَا فِي عَدَمِهِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ كَانَ عَلَيْهِ زِيُّ الْكُفَّارِ) أَيْ الْحَرْبِيِّينَ (قَوْلُهُ: بِدَارِ الْحَرْبِ) خَرَجَ بِهِ دَارُنَا فَتَكُونُ رِدَّةً (قَوْلُهُ: وَإِثْبَاتُ إسْلَامِهِ مَعَ هَذَيْنِ) أَيْ التَّزَيِّيِ وَالتَّعْظِيمِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ رِدَّةٍ مُطْلَقًا) بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: هُنَا كَذَلِكَ) أَيْ سَبَبًا لِظَنِّ حِرَابَتِهِ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَحَلِّ كَلَامِهِ) أَيْ ثَمَّ فِي غَيْرِ دَارِ الْحَرْبِ إلَخْ، وَمَا هُنَا مُصَوَّرٌ بِدَارِ الْحَرْبِ فَلَا تَنَاقُضَ، وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا فِي نَفْسِهِ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ: وَعَلَى كَلَامِهِ فِي غَيْرِ دَارِ الْحَرْبِ أَنَّ التَّزَيِّيَ بِزِيِّهِمْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ رِدَّةٌ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ. وَالْجَوَابُ بِهِ لَعَلَّهُ عَلَى التَّنَزُّلِ، وَتَقْدِيرُ أَنَّهُ رَدَّ فَهُوَ مَخْصُوصٌ بِدَارِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: وَثُبُوتُهَا) أَيْ الدِّيَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْقَوَدِ] (فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الْقَوَدِ (قَوْلُهُ: أَوْ ذِمِّيٌّ) اُنْظُرْ لِمَ صَوَّرَ بِهِ مَعَ أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ شَكَّ فِي أَنَّهُ حَرْبِيٌّ أَوْ مُسْلِمٌ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَوْ أَرَادَ بِهِ مُطْلَقَ التَّرَدُّدِ) شَمِلَ الْوَهْمَ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ: أَوْ مَحَلُّ كَلَامِهِ) يُوجَدُ فِي نُسَخِ الشَّارِحِ إذْ بَدَلُ لَفْظِ أَوْ وَلَيْسَ بِصَوَابٍ (قَوْلُهُ: لِمَا تَقَرَّرَ فِي الثَّانِي) أَيْ مِنْ احْتِمَالِ الْإِكْرَاهِ

بِعَهْدِهَا وَعَدَمِهِ كَمَا تَقَرَّرَ مَا لَوْ انْتَفَى ظَنُّهَا وَعَهْدُهَا، فَإِنْ عَهِدَ أَوْ ظَنَّ إسْلَامَهُ وَلَوْ بِدَارِهِمْ أَوْ شَكَّ فِيهِ وَكَانَ بِدَارِنَا لَزِمَهُ الْقَوَدُ لِتَقْصِيرِهِ أَوْ بِدَارِهِمْ أَوْ بِصَفِّهِمْ فَهَدَرٌ لِمَا مَرَّ، وَشَرْطُ الْقَوَدِ بَلْ الضَّمَانِ عِلْمُ مَحَلِّ الْمُسْلِمِ وَمَعْرِفَةُ عَيْنِهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ أَوْ قَصَدَ كَافِرًا فَأَصَابَهُ أَوْ شَخْصًا فَكَانَ هُوَ فَهَدَرٌ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ فِي دَارِهِمْ مُسْلِمًا كَمَا لَوْ قَتَلَهُ فِي بَيَاتٍ أَوْ إغَارَةٍ وَلَمْ يَظُنَّ إسْلَامَهُ لِعُذْرِهِ فِي الْكُلِّ، وَبِقَوْلِنَا مُسْلِمٌ ذِمِّيٌّ لَمْ يَسْتَعِنْ بِهِ الْمُسْلِمُونَ فَيُقْتَلُ بِهِ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَذَكَرَ أَنَّ فِي نَصِّ الشَّافِعِيِّ مَا يَشْهَدُ لَهُ (أَوْ) قَتَلَ مَنْ ظَنَّ حِرَابَتَهُ وَلَمْ يَعْهَدْهَا (بِدَارِ الْإِسْلَامِ) وَلَمْ يَكُنْ فِي صَفِّ الْحَرْبِيِّينَ وَلَمْ يَرَهُ يُعَظِّمُ آلِهَتَهُمْ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَجَبَا) أَيْ الْقَوَدُ وَالدِّيَةُ عَلَى الْبَدَلِ كَمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ مَنْ بِدَارِنَا الْعِصْمَةِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى زِيِّهِمْ (وَفِي الْقِصَاصِ قَوْلٌ) أَنَّهُ لَا يَجِبُ بَلْ الدِّيَةُ وَمَحَلُّهُ حَيْثُ عَهِدَهُ حَرْبِيًّا فَإِنْ ظَنَّهُ حَرْبِيًّا قُتِلَ قَطْعًا بِخِلَافِ مَنْ بِدَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّهُ يَكْفِي ظَنُّ كَوْنِهِ حَرْبِيًّا وَإِنْ لَمْ يَعْهَدْهُ نَظَرًا لِلدَّارِ. أَمَّا مُجَرَّدُ ظَنِّ الْكُفْرِ فَيَجِبُ مَعَهُ الْقَوَدُ مُطْلَقًا (أَوْ) قَتَلَ (مَنْ عَهِدَهُ) أَوْ ظَنَّهُ (مُرْتَدًّا أَوْ ذِمِّيًّا) يَعْنِي كَافِرًا غَيْرَ حَرْبِيٍّ وَلَوْ بِدَارِهِمْ (أَوْ عَبْدًا أَوْ ظَنَّهُ قَاتِلَ أَبِيهِ فَبَانَ خِلَافَهُ) أَيْ أَنَّهُ أَسْلَمَ أَوْ عَتَقَ أَوْ لَمْ يَقْتُلْ أَبَاهُ (فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ الْقِصَاصِ) عَلَيْهِ لِوُجُودِ مُقْتَضِيهِ وَعَدُّهُ أَوْ ظَنُّهُ لَا يُبِيحُ لَهُ ضَرْبًا وَلَا قَتْلًا، وَلَوْ فِي الْمُرْتَدِّ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ لِلْإِمَامِ، وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْحَرْبِيِّ بِأَنَّهُ يُخَلَّى بِالْمُهَادَنَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: أَوْ شَكَّ فِيهِ وَكَانَ بِدَارِنَا) أَيْ وَلَيْسَ بِصِفَتِهِمْ لِمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِوُضُوحِ الْعُذْرِ (قَوْلُهُ: وَشَرْطُ الْقَوَدِ) الْمُتَبَادِرِ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ رَاجِعٌ لِمَا لَوْ عَهِدَ إسْلَامَهُ أَوْ ظَنَّهُ مُطْلَقًا أَوْ شَكَّ فِيهِ بِدَارِنَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ هِيَ الَّتِي اُعْتُبِرَ فِيهَا وُجُوبُ الْقِصَاصِ، وَأَنَّهُ لَوْ شَكَّ فِيهِ وَهُوَ بِدَارِهِمْ فَهَدَرٌ مُطْلَقًا عَرَفَ مَكَانَهُ أَوْ لَا، وَكَلَامُ الْمَنْهَجِ قَدْ يَقْتَضِي خِلَافَهُ فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُتَأَمَّلْ. وَفِي الدَّمِيرِيِّ مَا يُوَافِقُ الْمَنْهَجَ وَعِبَارَتُهُ: وَاحْتُرِزَ عَمَّا إذَا لَمْ يَظُنَّهُ فَإِنْ عَرَفَ مَكَانَهُ فَكَمَا لَوْ قَتَلَهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ إلَخْ فَلَعَلَّ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ فِي دَارِهِمْ مُسْلِمًا) قَضِيَّتُهُ: وَإِنْ عَرَفَ أَنَّهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَقَدْ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ قَبْلُ عَلِمَ مَحَلَّ الْمُسْلِمِ وَمَعْرِفَةَ عَيْنِهِ فَلَعَلَّ مَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَبِقَوْلِنَا مُسْلِمٌ) أَيْ فِي قَوْلِهِ إذَا قَتَلَ مُسْلِمٌ مُسْلِمًا إلَخْ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَسْتَعِنْ بِهِ الْمُسْلِمُونَ) أَقُولُ: إنَّهُ لَوْ اسْتَعَانَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ لَمْ يُقْتَلْ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَعِينُ بِهِ غَيْرَ الْإِمَامِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ اسْتِعَانَةَ الْمُسْلِمِ بِهِ تَحْمِلُهُ عَلَى قَتْلِ الْحَرْبِيِّ خُصُوصًا إذَا ظَنَّ أَنَّ جَوَازَ الِاسْتِعَانَةِ بِهِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَتَلَ مَنْ ظَنَّ) أَيْ مُسْلِمًا ظَنَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى الْبَدَلِ) وَقَدْ يُقَالُ وَجَبَ الْقِصَاصُ إنْ وُجِدَتْ الْمُكَافَأَةُ أَوْ الدِّيَةُ إنْ لَمْ تُوجَدْ الْمُكَافَأَةُ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) أَيْ مَحَلُّ قَوْلِهِ وَفِي الْقِصَاصِ إلَخْ (قَوْلُهُ: حَيْثُ عَهِدَهُ) التَّقْيِيدُ بِمَا ذُكِرَ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ أَوَّلًا وَلَمْ يَعْهَدْهَا (قَوْلُهُ: أَمَّا مُجَرَّدُ) مُحْتَرَزِ قَوْلِهِ ظَنَّ حِرَابَتَهُ كَأَنْ كَانَ عَلَيْهِ زِيٌّ إلَخْ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: ظَنِّ الْكُفْرِ) أَيْ لَا بِخُصُوصِ الْحِرَابَةِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ بِدَارِهِمْ أَوْ بِدَارِنَا (قَوْلُهُ: لِوُجُودِ مُقْتَضِيهِ) أَيْ، وَهُوَ الْمُكَافَأَةُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ قَتْلَهُ لِلْإِمَامِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ عَهِدَهُ الْإِمَامُ مُرْتَدًّا فَقَتَلَهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ قِصَاصٌ، وَصَرَّحَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ. وَاسْتَشْكَلَ بِوُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى مَنْ ظَنَّهُ قَاتِلَ أَبِيهِ فَأَخْلَفَ بِأَنَّ الظَّنَّ مُجَوِّزٌ لِلْقَتْلِ كَمَا أَنَّ الرِّدَّةَ مُجَوِّزَةٌ لِلْقَتْلِ مِنْ الْإِمَامِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْإِمَامَ يَجُوزُ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى الْقَتْلِ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ مِنْ أَحَدٍ، وَالْمُسْتَحِقُّ لَا يَجُوزُ لَهُ الْإِقْدَامُ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ. قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ: وَالْأَوْجَهُ الْمَنْعُ فَلْيُحَرَّرْ اهـ. أَقُولُ: وَكَأَنَّ مُرَادَهُ مَنْعُ مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيّ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى الْإِمَامِ فَيَكُونُ الْأَوْجَهُ وُجُوبَ الْقِصَاصِ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْحَرْبِيِّ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: لَعَلَّ مُرَادَهُ بِالنِّسْبَةِ لِدَارِهِمْ؛ لِأَنَّ عَدَمَ وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي عَهْدِهِ حَرْبِيًّا إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِدَارِهِمْ أَمَّا بِدَارِنَا فَسَنَذْكُرُهُ آنِفًا، لَكِنْ قَدْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْحَرْبِيِّ) أَيْ إذَا كَانَ فِي دَارِهِمْ

[شروط وجوب القصاص]

وَالْمُرْتَدُّ لَا يُخَلَّى فَتَخْلِيَتُهُ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ رِدَّتِهِ، أَمَّا لَوْ عَهِدَهُ حَرْبِيًّا فَقَتَلَهُ بِدَارِنَا فَلَا قَوَدَ لِاسْتِصْحَابِ كُفْرِهِ الْمُتَيَقَّنِ فَهُوَ كَمَا قَتَلَهُ بِدَارِنَا فِي صَفِّهِمْ، وَفِيمَا عَدَا الْأُولَى قَوْلٌ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ طَرْدٌ فِي الْأُولَى، وَفِيمَا عَدَا الْأَخِيرَةَ طَرِيقٌ قَاطِعٌ بِالْوُجُوبِ بَحَثَ الرَّافِعِيُّ مَجِيئَهُ فِي الْأَخِيرَةِ، وَلَوْ قَتَلَ مُسْلِمًا تَتَرَّسَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ بِدَارِهِمْ لَزِمَتْهُ دِيَتُهُ إنْ عَلِمَ إسْلَامَهُ وَإِلَّا فَلَا (وَلَوْ) (ضَرَبَ) مَنْ لَمْ يُبَحْ لَهُ الضَّرْبُ (مَرِيضًا جَهِلَ مَرَضَهُ ضَرْبًا يَقْتُلُ الْمَرِيضَ) دُونَ الصَّحِيحِ غَالِبًا (وَجَبَ الْقِصَاصُ) لِتَقْصِيرِهِ؛ إذْ جَهْلُهُ لَا يُبِيحُ ضَرْبَهُ، فَإِنْ عَفَا عَنْ الدِّيَةِ وَجَبَ جَمِيعُهَا عَلَى الضَّارِبِ، وَإِنْ فُرِضَ أَنَّ لِلْمَرَضِ دَخْلًا فِي الْقَتْلِ (وَقِيلَ لَا) يَجِبُ؛ لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ لَيْسَ بِمُهْلِكٍ عِنْدَهُ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِظَنِّهِ مَعَ تَحْرِيمِ الضَّرْبِ عَلَيْهِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَلْزَمْ نَحْوَ مُؤَدِّبٍ ظَنَّ أَنَّهُ صَحِيحٌ وَطَبِيبٍ سَقَاهُ دَوَاءً عَلَى مَا يَأْتِي لِظَنِّهِ أَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ إلَّا دِيَتُهُ: أَيْ دِيَةُ شِبْهِ عَمْدٍ كَمَا لَا يَخْفَى، وَلَوْ عَلِمَ مَرَضَهُ أَوْ كَانَ ضَرْبُهُ يَقْتُلُ الصَّحِيحَ أَيْضًا وَجَبَ الْقَوَدُ قَطْعًا. وَلَمَّا ذَكَرَ شُرُوطَ الْقَتْلِ ذَكَرَ شُرُوطَ الْقَتِيلِ فَقَالَ (وَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ) بَلْ وَالضَّمَانِ مِنْ أَصْلِهِ عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ (فِي الْقَتِيلِ إسْلَامٌ) لِخَبَرِ «فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا» (أَوْ أَمَانٌ) بِحَقْنِ دَمِهِ بِعَقْدِ ذِمَّةٍ أَوْ عَهْدٍ، أَوْ أَمَانٌ مُجَرَّدٌ وَلَوْ مِنْ الْآحَادِ، أَوْ ضَرْبُ رِقٍّ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بِهِ مَالًا لَنَا، نَعَمْ لَا ضَمَانَ عَلَى مَقْتُولٍ لِصِيَالٍ أَوْ قَطْعِ طَرِيقٍ وَيُعْتَبَرُ لِلْقَوَدِ عِصْمَةُ الْمَقْتُولِ: أَيْ حَقْنُ دَمِهِ مِنْ أَوَّلِ أَجْزَاءِ الْجِنَايَةِ كَالرَّمْيِ إلَى الزُّهُوقِ كَمَا يَأْتِي (فَيُهْدَرُ) بِالنِّسْبَةِ لِكُلِّ أَحَدٍ الصَّائِلُ إذَا تَعَيَّنَ قَتْلُهُ طَرِيقًا لِدَفْعِهِ وَ (الْحَرْبِيُّ) وَلَوْ نَحْوَ امْرَأَةٍ وَصَبِيٍّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5] (وَالْمُرْتَدُّ) فِي حَقِّ مَعْصُومٍ لِخَبَرِ «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» وَيُفَارِقُ الْحَرْبِيَّ بِأَنَّهُ مُلْتَزِمٌ فَعُصِمَ عَلَى مِثْلِهِ وَلَا كَذَلِكَ الْحَرْبِيُّ (وَمَنْ عَلَيْهِ قِصَاصٌ كَغَيْرِهِ) فِي الْعِصْمَةِ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ فَيُقْتَلُ قَاتِلُهُ وَقَاطِعُ الطَّرِيقِ الْمُتَحَتِّمُ قَتْلُهُ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ وَنَحْوُهُمَا مُهْدَرُونَ إلَّا عَلَى مِثْلِهِمْ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَالزَّانِي الْمُحْصَنُ إنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSيُشْكِلُ الْفَرْقُ حِينَئِذٍ، وَلَكِنْ جَرَى شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ كَغَيْرِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا قَوَدَ وَعَدَمُ الْقَوَدِ صَرِيحُ الرَّوْضِ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَلَا قَوَدَ) أَيْ وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ فَلَا تَلْزَمُهُ الدِّيَةُ وَتَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَصِيرُ بِهِ) أَيْ ضَرْبِ الرِّقِّ (قَوْلُهُ: لَا ضَمَانَ عَلَى مَقْتُولٍ) أَيْ عَلَى قَاتِلِ مَقْتُولٍ، وَإِلَّا فَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَقْتُولَ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ عَبَّرَ بِاللَّامِ بَدَلَ عَلَى لَكَانَ أَظْهَرَ (قَوْلُهُ: لِكُلِّ أَحَدٍ) عُمُومُهُ شَامِلٌ لِلذِّمِّيِّ وَالْمُعَاهَدِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَحْوَ امْرَأَةٍ وَصَبِيٍّ) إنَّمَا أَخْذُهُمَا غَايَةٌ لِحُرْمَةِ قَتْلِهِمَا (قَوْلُهُ: فِي حَقٍّ مَعْصُومٍ) أَيْ أَمَّا فِي حَقِّ غَيْرِهِ الْمَعْصُومِ فَلَا يُهْدَرُ فَيُقْتَلُ بِمُرْتَدٍّ مِثْلِهِ، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ الزَّانِيَ الْمُحْصَنَ وَتَارِكَ الصَّلَاةِ وَقَاطِعَ الطَّرِيقِ الْمُتَحَتِّمَ قَتْلُهُ إذَا قَتَلَ وَاحِدًا مِنْهُمْ الْمُرْتَدُّ يُقْتَلُ بِهِ، وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ لِمَا يَأْتِي أَنَّ الْمُسْلِمَ وَلَوْ مُهْدَرًا لَا يُقْتَلُ بِالْكَافِرِ (قَوْلُهُ: وَيُفَارِقُ) أَيْ الْمُرْتَدُّ (قَوْلُهُ: الْحَرْبِيُّ) أَيْ حَيْثُ هَدَرٌ وَلَوْ عَلَى غَيْرِ مَعْصُومٍ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ) أَيْ: الْمُرْتَدَّ (قَوْلُهُ: عَلَى مِثْلِهِ) أَيْ مُرْتَدٍّ مِثْلِهِ (قَوْلُهُ: وَتَارِكَ الصَّلَاةِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَيُعْصَمُ تَارِكُ الصَّلَاةِ بِالْجُنُونِ وَالسُّكْرِ: أَيْ فَلَا يُقْتَلُ حَالَهُمَا لَا الْمُرْتَدُّ: أَيْ فَيُقْتَلُ حَالَ جُنُونِهِ وَسُكْرِهِ اهـ. وَفِي بَابِ الصَّلَاةِ كَلَامٌ فِي ذَلِكَ عَنْ النَّوَوِيِّ وَغَيْرِهِ تَنْبَغِي مُرَاجَعَتُهُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: إلَّا عَلَى مِثْلِهِمْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْقَاطِعَ غَيْرُ مُهْدَرٍ عَلَى التَّارِكِ وَبِالْعَكْسِ، إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْمُمَاثَلَةَ فِي الْإِهْدَارِ كَمَا سَيَأْتِي اهـ سم عَلَى حَجّ، وَقَوْلُهُ كَمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ [شُرُوطُ وُجُوبِ الْقِصَاصِ] قَوْلُهُ: إلَّا بِحَقِّهَا) لَا دَخْلَ لَهُ فِي الدَّلِيلِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: بِحَقْنِ دَمِهِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْأَمَانُ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ الشَّامِلِ لِنَحْوِ الْجِزْيَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ أَيْضًا بِقَوْلِهِ بِعَقْدِ ذِمَّةٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَمَانٍ مُجَرَّدٍ) أَيْ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ الْمُقَابِلِ لِلْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا ضَمَانَ إلَخْ.) اُنْظُرْ هَذَا الِاسْتِدْرَاكَ عَلَى مَاذَا (قَوْلُهُ: فِي حَقٍّ مَعْصُومٍ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: إلَّا عَلَى مِثْلِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ) اُنْظُرْ وَجْهَ الْإِشَارَةِ

قَتَلَهُ ذِمِّيٌّ) وَالْمُرَادُ بِهِ غَيْرُ الْحَرْبِيِّ أَوْ مُرْتَدٌّ (قُتِلَ) بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَسَلُّطَ لَهُ عَلَى الْمُسْلِمِ، وَأَخَذَ مِنْهُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ الزَّانِيَ الذِّمِّيَّ الْمُحْصَنَ إذَا قَتَلَهُ ذِمِّيٌّ وَلَوْ مَجُوسِيًّا لَيْسَ زَانِيًا مُحْصَنًا وَلَا وَجَبَ قَتْلُهُ بِنَحْوِ قَطْعِ طَرِيقٍ لَا يُقْتَلُ بِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ قَتْلِ الْمُسْلِمِ الْمَعْصُومِ بِهِ حَيْثُ قَصَدَ اسْتِيفَاءَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ بِقَتْلِهِ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَصَدَ عَدَمَ ذَلِكَ لِصَرْفِهِ فِعْلَهُ عَنْ الْوَاجِبِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُؤْخَذَ بِإِطْلَاقِهِمْ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ دَمَهُ لَمَّا كَانَ هَدَرًا لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ الصَّارِفُ (أَوْ مُسْلِمٌ) لَيْسَ زَانِيًا مُحْصَنًا (فَلَا) يُقْتَلُ بِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِإِهْدَارِهِ لَكِنْ يُعْذَرُ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَثْبَتَ زِنَاهُ بِالْبَيِّنَةِ أَمْ بِالْإِقْرَارِ، خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ لِلْمُصَنِّفِ، وَسَوَاءٌ أَقَتَلَهُ قَبْلَ رُجُوعِهِ عَنْ إقْرَارِهِ أَوْ رُجُوعِ الشُّهُودِ عَنْ شَهَادَتِهِمْ أَمْ بَعْدَهُ، وَشَمِلَ مَا لَوْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ بَعْدَ الْجُرْحِ ثُمَّ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ وَلَوْ رَآهُ يَزْنِي وَعَلِمَ إحْصَانَهُ فَقَتَلَهُ لَمْ يُقْتَلْ بِهِ قَطْعًا. وَالثَّانِي قَالَ اسْتِيفَاءُ الْحَدِّ لِلْإِمَامِ دُونَ الْآحَادِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا قَتَلَهُ قَبْلَ أَمْرِ الْإِمَامِ بِقَتْلِهِ، وَإِلَّا فَلَا قِصَاصَ قَطْعًا، وَخَرَجَ بِقَوْلِي: لَيْسَ زَانِيًا مُحْصَنًا الزَّانِي الْمُحْصَنُ فَيُقْتَلُ بِهِ مَا لَمْ يَأْمُرْهُ الْإِمَامُ بِقَتْلِهِ، وَالْأَوْجَهُ إلْحَاقُ كُلِّ مُهْدَرٍ كَتَارِكِ صَلَاةٍ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ بِشَرْطِهِ بِالزَّانِي الْمُحْصَنِ. فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُهْدَرَ مَعْصُومٌ عَلَى مِثْلِهِ فِي الْإِهْدَارِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي سَبَبِهِ وَيَدُ السَّارِقِ مُهْدَرَةٌ إلَّا عَلَى مِثْلِهِ سَوَاءٌ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ وَغَيْرُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ شُرُوطَ الْقَاتِلِ فَقَالَ (وَفِي الْقَاتِلِ) شُرُوطُ مِنْهَا التَّكْلِيفُ وَمُحَصِّلُهُ (بُلُوغٌ وَعَقْلٌ) فَلَا يُقْتَلُ صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ حَالَ الْقَتْلِ وَإِنْ تَقَطَّعَ جُنُونُهُ لِخَبَرِ «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ» وَلِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمَا (وَالْمَذْهَبُ وُجُوبُهُ عَلَى السَّكْرَانِ) وَكُلِّ مَنْ تَعَدَّى بِإِزَالَةِ عَقْلِهِ فَلَا نَظَرَ لِاسْتِتَارِ عَقْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ، أَمَّا غَيْرُ التَّعَدِّي كَأَنْ أُكْرِهَ عَلَى شُرْبِ مُسْكِرٍ أَوْ شُرْبِ مَا ظَنَّهُ دَوَاءً أَوْ مَاءً فَإِذَا هُوَ مُسْكِرٌ فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ لِعُذْرِهِ، وَفِي قَوْلٍ لَا وُجُوبَ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSسَيَأْتِي: أَيْ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُهْدَرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الذِّمِّيَّ (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ مِنْهُ الْبُلْقِينِيُّ) قَدْ يُشْكِلُ الْأَخْذُ بِأَنَّ الذِّمِّيَّ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْوَاجِبِ عَلَى الذِّمِّيِّ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الذِّمِّيَّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقٌّ لَكِنَّ الزَّانِيَ دُونَهُ فَقُتِلَ بِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُقْتَلْ الْمُسْلِمُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا تَسَلُّطَ لَهُ عَلَى الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ: الْمَعْصُومِ بِهِ) أَيْ بِالْمُسْلِمِ الزَّانِي الْمُحْصَنِ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُؤْخَذَ إلَخْ) هَذَا الصَّنِيعُ يَقْتَضِي اعْتِمَادَ الْأَوَّلِ، وَلَكِنَّ الِاحْتِمَالَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: وَيُؤْخَذُ (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُقْتَلُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَآهُ يَزْنِي) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ عَلِمَ ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَقَتَلَهُ وَادَّعَى أَنِّي إنَّمَا قَتَلْته لِأَنِّي رَأَيْته يَزْنِي، وَهُوَ مُحْصَنٌ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ذَلِكَ بَلْ يُقْتَصُّ مِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَيُقْتَلُ) أَيْ لِلْمُكَافَأَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي سَبَبِهِ) كَزِنًا وَتَرْكِ صَلَاةٍ أَوْ قَطْعِ طَرِيقٍ (قَوْلُهُ: وَمُحَصِّلُهُ) بِتَشْدِيدِ الصَّادِ الْمَكْسُورَةِ وَحَقِيقَتُهُ إلْزَامُ مَا فِيهِ كُلْفَةٌ وَقِيلَ طَلَبُ مَا فِيهِ كُلْفَةٌ (قَوْلُهُ: فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ) وَيُصَدَّقُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ الْأَخْذِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ عَقِبَ التَّعْلِيلِ الْمَارِّ: وَلَا حَقَّ لَهُمَا فِي الْوَاجِبِ عَلَيْهِ انْتَهَتْ، وَهَذَا الَّذِي حَذَفَهُ الشَّارِحُ هُوَ مَحَلُّ الْأَخْذِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: أَمْ بَعْدَهُ) أَيْ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي صِحَّةِ الرُّجُوعِ لَكِنَّ هَذَا إنَّمَا هُوَ فِي رُجُوعِهِ عَنْ الْإِقْرَارِ كَمَا نَقَلَهُ الشِّهَابُ سم فِي حَوَاشِيهِ عَلَى شَرْحِ الْمَنْهَجِ عَنْ الشَّارِحِ فَلْيُرَاجَعْ الْحُكْمُ فِي رُجُوعِ الشُّهُودِ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ مَا لَوْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ إلَخْ.) اُنْظُرْ مَا الْحَاجَةُ إلَى هَذَا (قَوْلُهُ: لَمْ يُقْتَلْ بِهِ قَطْعًا) يَعْنِي: لَمْ يَسْتَحِقَّ الْقَتْلَ بَاطِنًا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَالْحَاصِلُ إلَخْ.) يُرَدُّ عَلَيْهِ مَا إذَا كَانَ الْقَتِيلُ مُرْتَدًّا وَالْقَاتِلُ مُسْلِمًا زَانِيًا مُحْصَنًا أَوْ نَحْوَهُ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُقْتَلُ بِالْكَافِرِ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ مَا لَمْ يَمْنَعْ مَانِعٌ لَكِنْ يَبْعُدُ ذَلِكَ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ حَاصِلُ مَا تَقَدَّمَ قَبْلَهُ وَهُوَ بَعِيدٌ أَيْضًا مَعَ جَعْلِهِ ضَابِطًا

[شروط القاتل]

كَالْمَجْنُونِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ فِي تَصَرُّفِهِ (وَلَوْ) (قَالَ كُنْت يَوْمَ الْقَتْلِ) أَيْ وَقْتَهُ (صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا) (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ أَمْكَنَ الصِّبَا) فِيهِ (وَعُهِدَ الْجُنُونُ) قَبْلَهُ وَلَوْ مُتَقَطِّعًا لِأَصْلِ بَقَائِهِمَا حِينَئِذٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا انْتَفَى الْإِمْكَانُ وَالْعَهْدُ وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى زَوَالِ عَقْلِهِ وَادَّعَى الْجُنُونَ وَالْوَلِيُّ السُّكْرَ صُدِّقَ الْقَاتِلُ بِيَمِينِهِ (وَلَوْ قَالَ أَنَا صَبِيٌّ) الْآنَ وَأَمْكَنَ (فَلَا قِصَاصَ وَلَا يَحْلِفُ) عَلَى صِبَاهُ كَمَا سَيَأْتِي أَيْضًا فِي دَعْوَى الدَّمِ وَالْقَسَامَةِ؛ لِأَنَّ تَحْلِيفَهُ يُثْبِتُ صِبَاهُ، وَلَوْ ثَبَتَ لَبَطَلَتْ يَمِينُهُ فَفِي تَحْلِيفِهِ إبْطَالٌ لِحَلِفِهِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ تَحْلِيفَ كَافِرٍ أَنْبَتَ وَأُرِيدَ قَتْلُهُ وَادَّعَى اسْتِعْجَالَ ذَلِكَ بِدَوَاءٍ وَإِنْ تَضَمَّنَ حَلِفُهُ إثْبَاتَ صِبَاهُ لِوُجُودِ أَمَارَةِ الْبُلُوغِ فَلَمْ يُتْرَكْ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ وُجُوبُ تَحْلِيفِهِ لَوْ أَنْبَتَ هُنَا، وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْإِنْبَاتَ مُقْتَضٍ لِلْقَتْلِ ثَمَّ لَا هُنَا كَمَا مَرَّ فِي الْحَجْرِ (وَ) مِنْهَا عَدَمُ الْحِرَابَةِ فَحِينَئِذٍ (لَا قِصَاصَ عَلَى) (حَرْبِيٍّ) إذَا قُتِلَ حَالَ حِرَابَتِهِ وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَهُ أَوْ عُقِدَتْ لَهُ ذِمَّةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] وَلِمَا تَوَاتَرَ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالصَّحَابَةِ بَعْدَهُ مِنْ عَدَمِ الْإِقَادَةِ مِمَّنْ أَسْلَمَ كَوَحْشِيٍّ قَاتِلِ حَمْزَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - (وَيَجِبُ) الْقَوَدُ (عَلَى الْمَعْصُومِ) بِجِزْيَةٍ أَوْ أَمَانٍ أَوْ هُدْنَةٍ لِالْتِزَامِهِ أَحْكَامَنَا، وَلَوْ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ (وَالْمُرْتَدِّ) وَإِنْ كَانَ مُهْدَرًا لِذَلِكَ، وَسَيَأْتِي حُكْمُ مَا لَوْ ارْتَدَّتْ طَائِفَةٌ لَهُمْ قُوَّةٌ وَأَتْلَفُوا نَفْسًا أَوْ مَالًا فِي كِتَابِ الرِّدَّةِ (وَ) مِنْهَا (مُكَافَأَةٌ) بِالْهَمْزَةِ: أَيْ مُسَاوَاةٌ مِنْ الْمَقْتُولِ لِقَاتِلِهِ حَالَ الْجِنَايَةِ بِأَنْ لَا يَفْضُلَ قَتِيلَهُ حِينَئِذٍ بِإِسْلَامٍ أَوْ أَمَانٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ كَامِلَةٍ أَوْ أَصَالَةٍ أَوْ سِيَادَةٍ، وَزَادَ الْبُلْقِينِيُّ عَلَى ذَلِكَ خَصْلَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا الذِّمَّةُ مَعَ الرِّدَّةِ فَلَا يُقْتَلُ ذِمِّيٌّ بِمُرْتَدٍّ. وَالثَّانِيَةُ السَّلَامَةُ مَعَ الْإِسْلَامِ مِنْ إبَاحَةِ الدَّمِ لِحَقِّهِ تَعَالَى (فَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ) وَلَوْ مُهْدَرًا بِنَحْوِ زِنًا (بِذِمِّيٍّ) يَعْنِي بِغَيْرِهِ لِيَشْمَلَ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ فَإِنَّهُ، وَإِنْ كَانَ كَالْمُسْلِمِ فِي الْآخِرَةِ لَيْسَ كَهُوَ فِي الدُّنْيَا، لِخَبَرِ «أَلَا لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» وَتَخْصِيصُهُ بِغَيْرِ الذِّمِّيِّ لَا دَلِيلَ لَهُ، وَقَوْلُهُ عَقِبَهُ «وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدٍ» : أَيْ لَا يُقْتَلُ بِحَرْبِيٍّ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الْمَفْهُومِ، وَلِأَنَّهُ لَا يُقْطَعُ مِنْهُ بِهِ فِي الطَّرَفِ فَالنَّفْسُ أَوْلَى، وَلِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِالْمُسْتَأْمَنِ إجْمَاعًا، وَالْمُعْتَبَرُ فِي رَقِيقَيْنِ تَسَاوِيهِمَا إسْلَامًا وَضِدَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي ذَلِكَ وَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى كَذِبِهِ لِلشُّبْهَةِ فَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ عَنْهُ وَتَجِبُ الدِّيَةُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ كُنْت يَوْمَ الْقَتْلِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَتَانِ بِجُنُونِهِ وَعَقْلِهِ تَعَارَضَتَا اهـ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ ذَلِكَ إذَا قَامَتَا بِصِبَاهُ وَبُلُوغِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ ثُمَّ إنْ عُهِدَ الْجُنُونُ وَأَمْكَنَ الصِّبَا صُدِّقَ الْجَانِي وَإِلَّا فَالْوَلِيُّ كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ (قَوْلُهُ: وَعُهِدَ الْجُنُونُ) وَلَوْ مَرَّةً (قَوْلُهُ: وَلَوْ اتَّفَقَا) أَيْ الْجَانِي وَمُسْتَحِقُّ الدَّمِ (قَوْلُهُ: وَادَّعَى) أَيْ الْقَاتِلُ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ الْقَاتِلُ بِيَمِينِهِ) أَيْ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ إنْ عُهِدَ جُنُونُهُ وَيَجِبُ الدِّيَةُ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ) أَيْ قَوْلُهُ لِوُجُودِ (قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْإِنْبَاتَ مُقْتَضٍ لِلْقَتْلِ ثَمَّ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ أَمَارَةُ الْبُلُوغِ فِي الْكَافِرِ دُونَ الْمُسْلِمِ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَالْمُرَادُ أَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا نَبَتَتْ عَانَتُهُ وَشُكَّ فِي بُلُوغِهِ لَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ فَلَا يُقْتَلُ وَلَا يَثْبُتُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الْبَالِغِينَ، بِخِلَافِ الْكَافِرِ فَإِنَّهُ إذَا نَبَتَتْ عَانَتُهُ وَشُكَّ فِي بُلُوغِهِ قُتِلَ اكْتِفَاءً بِنَبَاتِ الْعَانَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ عَدَمِ الْإِقَادَةِ) يُقَالُ أَقَادَ الْقَاتِلَ بِالْقَتِيلِ قَتَلَهُ بِهِ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَأَتْلَفُوا نَفْسًا) أَيْ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ اهـ زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: مِنْ إبَاحَةِ الدَّمِ) مُتَعَلِّقٌ بِالسَّلَامَةِ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ) زَادَ حَجّ الْبُخَارِيَّ (قَوْلُهُ: وَتَخْصِيصُهُ) أَيْ الْكَافِرِ فِي الْخَبَرِ (قَوْلُهُ: اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الْمَفْهُومِ) أَيْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ «لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّ غَيْرَ الْمُسْلِمِ وَهُوَ الْكَافِرُ يُقْتَلُ بِالْكَافِرِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لَا يُقْطَعُ) أَيْ مُسْلِمٌ، وَقَوْلُهُ بِهِ أَيْ الذِّمِّيِّ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ يُقْتَلُ) أَيْ الْمُسْلِمُ لَا يُقْتَلُ بِالْمُسْتَأْمَنِ: أَيْ وَذُو الْعَهْدِ يُقْتَلُ بِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [شُرُوطُ الْقَاتِلِ] قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى إلَخْ.) دَلِيلٌ لِلْإِسْلَامِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: أَوْ أَمَانٍ) أَيْ فَلَا يُقْتَلُ نَحْوُ ذِمِّيٍّ بِمُرْتَدٍّ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: إحْدَاهُمَا الذِّمَّةُ مَعَ الرِّدَّةِ) قَدْ يُقَالُ هَذِهِ دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِهِ أَوْ أَمَانٍ

دُونَ السَّيِّدِ (وَيُقْتَلُ ذِمِّيٌّ) وَذُو أَمَانٍ (بِهِ) أَيْ الْمُسْلِمِ (وَبِذِمِّيٍّ) وَذِي أَمَانٍ (وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَّتُهُمَا) كَيَهُودِيٍّ وَنَصْرَانِيٍّ وَمُعَاهَدٍ وَمُؤَمَّنٍ؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ (فَلَوْ أَسْلَمَ الْقَاتِلُ لَمْ يَسْقُطْ الْقِصَاصُ) لِتَسَاوِيهِمَا حَالَةَ الْجِنَايَةِ إذْ الْعِبْرَةُ فِي الْعُقُوبَاتِ بِحَالِهَا، أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّقِيقَ لَوْ زَنَى أَوْ قَذَفَ ثُمَّ عَتَقَ لَمْ يُحَدَّ إلَّا حَدَّ الْقِنِّ (وَلَوْ) (جَرَحَ ذِمِّيٌّ) أَوْ ذُو أَمَانٍ (ذِمِّيًّا) أَوْ ذَا أَمَانٍ (وَأَسْلَمَ الْجَارِحُ ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ) عَلَى كُفْرِهِ (فَكَذَا) لَا يَسْقُطُ الْقِصَاصُ فِي الطَّرَفِ قَطْعًا، وَلَا فِي النَّفْسِ (فِي الْأَصَحِّ) لِلتَّكَافُؤِ حَالَ الْجُرْحِ الْمُفْضِي لِلْهَلَاكِ وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى الْمُكَافَأَةِ وَقْتَ الزُّهُوقِ (وَفِي الصُّورَتَيْنِ إنَّمَا يَقْتَصُّ الْإِمَامُ بِطَلَبِ الْوَارِثِ) وَلَا يُفَوِّضُهُ إلَيْهِ حَذَرًا مِنْ تَسْلِيطِ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَسْلَمَ فَوَّضَهُ لَهُ (وَالْأَظْهَرُ قَتْلُ مُرْتَدٍّ) وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ جِنَايَتِهِ (بِذِمِّيٍّ) وَذِي أَمَانٍ لِتَسَاوِيهِمَا فِي الْكُفْرِ حَالَةَ الْجِنَايَةِ فَكَانَا كَالذِّمِّيَّيْنِ، وَلِأَنَّ الْمُرْتَدَّ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الذِّمِّيِّ لِإِهْدَارِ دَمِهِ وَعَدَمِ حِلِّ ذَبِيحَتِهِ وَعَدَمِ تَقْرِيرِهِ بِالْجِزْيَةِ، فَأَوْلَى أَنْ يُقْتَلَ بِالذِّمِّيِّ الثَّابِتِ لَهُ ذَلِكَ، وَالثَّانِي لَا لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ. وَرُدَّ بِأَنَّ بَقَاءَهَا يَقْتَضِي التَّغْلِيظَ عَلَيْهِ، وَامْتِنَاعُ بَيْعِهَا أَوْ تَزْوِيجِهَا لِكَافِرٍ مِنْ جُمْلَةِ التَّغْلِيظِ عَلَيْهِ؛ إذْ لَوْ صَحَّحْنَاهُ لِلْكَافِرِ فَوَّتَ عَلَيْنَا مُطَالَبَتَهُ بِالْإِسْلَامِ بِإِرْسَالِهِ لِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ بِإِغْرَائِهِ عَلَى بَقَائِهِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ بَاطِنًا (وَبِمُرْتَدٍّ) لِمَا مَرَّ، وَيُقَدَّمُ قَتْلُهُ قَوَدًا عَلَى قَتْلِهِ بِالرِّدَّةِ حَتَّى لَوْ عُفِيَ عَنْهُ عَلَى مَالٍ قُتِلَ بِهَا وَأُخِذَ مِنْ تَرِكَتِهِ، نَعَمْ عِصْمَةُ الْمُرْتَدِّ عَلَى مِثْلِهِ إنَّمَا هِيَ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَوَدِ خَاصَّةً فَلَوْ عُفِيَ عَنْهُ فَلَا دِيَةَ، وَالثَّانِي لَا إذْ الْمَقْتُولُ مُبَاحُ الدَّمِ (لَا ذِمِّيٍّ) فَلَا يُقْتَلُ (بِمُرْتَدٍّ) ؛ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ مِنْهُ بِتَقْرِيرِهِ بِالْجِزْيَةِ (وَلَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِمَنْ فِيهِ رِقٌّ) ـــــــــــــــــــــــــــــSفَلَوْ كَانَ عَطْفُهُ عَلَيْهِ يَقْتَضِي الْمُشَارَكَةَ بَيْنَهُمَا لَوَجَبَ قَتْلُ الْمُسْلِمِ بِالْمُسْتَأْمَنِ كَمَا قُتِلَ الْمُعَاهَدُ بِهِ مَعَ أَنَّ الْمُخَالِفَ لَا يَقُولُ بِهِ (قَوْلُهُ: بِحَالِهَا) أَيْ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي يُنْظَرُ) وَعَلَى الْأَوَّلِ تُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِمْ يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْقَوَدِ الْمُكَافَأَةُ مِنْ أَوَّلِ الْفِعْلِ إلَى الزُّهُوقِ وَسَيَأْتِي لَنَا مَا فِيهِ مِنْ أَوَّلِ الْفَصْلِ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَسْلَمَ إلَخْ) فِيهِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَامْتِنَاعُ بَيْعِهَا) أَيْ الْأَمَةِ الْمُرْتَدَّةِ أَوْ الْعَبْدِ الْمُرْتَدِّ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ مُكَافَأَتِهِ لَهُ حَالَ الْجِنَايَةِ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمُرْتَدَّ يُقْتَلُ بِالذِّمِّيِّ وَإِنْ أَسْلَمَ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِالْمُرْتَدِّ هُنَا أَيْضًا، وَإِنْ أَسْلَمَ الْجَارِحُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ مُكَافَأَتُهُ لَهُ حَالَ الْجِنَايَةِ، أَمَّا عَلَى الْعِلَّةِ النَّافِيَةِ مِنْ أَنَّ الْمُرْتَدَّ أَسْوَأُ حَالًا فَلَا (قَوْلُهُ: وَأُخِذَ مِنْ تَرِكَتِهِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْمَقْتُولُ غَيْرَ مُرْتَدٍّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ نَعَمْ عِصْمَةُ الْمُرْتَدِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا دِيَةَ) أَيْ؛ لِأَنَّ دَمَهُ مُهْدَرٌ لَا قِيمَةَ لَهُ، وَالْقَوَدُ مِنْهُ إنَّمَا هُوَ لِلتَّشَفِّي فَلَا يُشْكِلُ عَدَمُ وُجُوبِ الْمَالِ مَعَ قَتْلِهِ قِصَاصًا، وَخَرَجَ بِالْمُرْتَدِّ الزَّانِي الْمُحْصَنُ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ وَقَاطِعُ الطَّرِيقِ إذَا قَتَلَهُمْ غَيْرُ مَعْصُومٍ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِمْ وَيُقَدَّمُ قَتْلُهُ حَدًّا عَلَى قَتْلِهِ قِصَاصًا، وَلَوْ عُفِيَ عَنْ الْقِصَاصِ عَلَى الدِّيَةِ وَجَبَتْ كَمَا أَفْهَمَهُ التَّقْيِيدُ بِالْعَفْوِ عَنْ الْمُرْتَدِّ. [فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ تَصَوَّرَ وَلِيٌّ فِي غَيْرِ صُورَةِ آدَمِيٍّ وَقَتَلَهُ شَخْصٌ وَعَمَّا لَوْ قَتَلَ الْجِنِّيَّ شَخْصٌ هَلْ يُقْتَلُ بِهِ أَوْ لَا؟ وَالْجَوَابُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي الْأَوَّلِ أَنْ يُقَالَ: إنْ عَلِمَ الْقَاتِلُ حِينَ الْقَتْلِ أَنَّ الْمَقْتُولَ وَلِيٌّ تَصَوَّرَ فِي غَيْرِ صُورَةِ الْآدَمِيِّ قُتِلَ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا قَوَدَ، لَكِنْ تَجِبُ الدِّيَةُ كَمَا لَوْ قَتَلَ إنْسَانًا يَظُنُّهُ صَيْدًا. وَأَمَّا الثَّانِي فَقَضِيَّةُ اعْتِبَارِ الْمُكَافَأَةِ بِمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ أَنْ لَا يَفْضُلَ الْقَاتِلُ قَتِيلَهُ بِإِيمَانٍ أَوْ أَمَانٍ إلَخْ أَنَّ الْقَاتِلَ إنْ عَلِمَ حِينَ الْقَتْلِ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمُعَاهَدٍ وَمُؤَمَّنٍ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُمَا إذْ لَا دَخْلَ لِلْعَهْدِ وَالْأَمَانِ فِي اخْتِلَافِ الْمِلَّةِ (قَوْله لِأَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ) أَيْ شَرْعًا فَلَا يُنَافِي قَوْلَ الْمَتْنِ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَّتُهُمَا لِأَنَّهُ بِحَسَبِ مَا عِنْدَهُمْ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِاخْتِلَافِ مِلَّتِهِمَا بِحَسَبِ الْأَصْلِ وَيَكُونُ الْكُفْرُ كُلُّهُ مِلَّةً وَاحِدَةً: أَيْ مِنْ حَيْثُ أَنَّ النَّسْخَ يَشْمَلُ الْجَمِيعَ (قَوْلُهُ: وَيُقَدَّمُ قَتْلُهُ قَوَدًا إلَخْ.) أَيْ فِيمَا إذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ قَوَدٌ أَيْ لِغَيْرِ مِثْلِهِ

وَإِنْ قَلَّ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ لِانْتِفَاءِ الْمُكَافَأَةِ وَلِخَبَرِ «لَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ» وَلِلْإِجْمَاعِ عَلَى عَدَمِ قَطْعِ طَرَفِهِ بِطَرَفِهِ، وَأَمَّا خَبَرُ «مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ، وَمَنْ جَدَعَ أَنْفَهُ جَدَعْنَاهُ، وَمَنْ خَصَاهُ خَصَيْنَاهُ» فَغَيْرُ ثَابِتٍ أَوْ مَنْسُوخٌ لِخَبَرِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَزَّرَ مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ وَلَمْ يَقْتُلْهُ» أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَتَلَهُ بَعْدَ عِتْقِهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ مَنْعُ سَبْقِ الرِّقِّ لَهُ فِيهِ، وَلَا قِصَاصَ فِي قَتْلِ مَنْ جَهِلَ إسْلَامَهُ أَوْ حُرِّيَّتَهُ وَالْقَاتِلُ مُسْلِمٌ أَوْ حُرٌّ لِلشُّبْهَةِ، وَيُفَارِقُ وُجُوبَ الْقِصَاصِ فِيمَا لَوْ قَتَلَ مُسْلِمٌ حُرٌّ لَقِيطًا فِي صِغَرِهِ بِأَنَّ مَا هُنَا فِي قَتْلِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ وَمَا هُنَاكَ فِي قَتْلِهِ بِدَارِنَا بِقَرِينَةِ تَعْلِيلِهِمْ وُجُوبَ الْقِصَاصِ فِيهِ بِأَنَّ الدَّارَ دَارُ حُرِّيَّةٍ وَإِسْلَامٍ، وَفَرَّقَ الْقَمُولِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ مَا هُنَا مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ يَدَّعِي الْكَفَاءَةَ وَإِلَّا فَهِيَ مَسْأَلَةُ اللَّقِيطِ (وَيُقْتَلُ قِنٌّ وَمُدَبَّرٌ وَمُكَاتَبٌ وَأُمُّ وَلَدٍ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ) لِتَكَافُئِهِمْ بِتَسَاوِيهِمْ فِي الْمَمْلُوكِيَّةِ، وَقُرْبُ بَعْضِهِمْ لِلْحُرِّيَّةِ غَيْرُ مُفِيدٍ لِمَوْتِهِ قِنًّا، نَعَمْ لَا يُقْتَلُ مُكَاتَبٌ بِقِنِّهِ، وَإِنْ سَاوَاهُ رِقًّا أَوْ كَانَ أَصْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِتَمَيُّزِهِ عَلَيْهِ بِسِيَادَتِهِ وَالْفَضَائِلُ لَا يُقَابَلُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ (وَلَوْ) (قَتَلَ عَبْدٌ عَبْدًا ثُمَّ عَتَقَ الْقَاتِلُ) (أَوْ) جَرَحَ عَبْدٌ عَبْدًا ثُمَّ (عَتَقَ) الْجَارِحُ (بَيْنَ الْجُرْحِ وَالْمَوْتِ) (فَكَحُدُوثِ الْإِسْلَامِ) لِلْقَاتِلِ وَالْجَارِحِ فَلَا يَسْقُطُ الْقَوَدُ فِي الْأَصَحِّ لِمَا مَرَّ (وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ لَوْ قَتَلَ مِثْلَهُ لَا قِصَاصَ) عَلَيْهِ زَادَتْ حُرِّيَّةُ الْقَاتِلِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِجُزْءِ الْحُرِّيَّةِ جُزْءُ الْحُرِّيَّةِ وَبِجُزْءِ الرِّقِّ جُزْءُ الرِّقِّ؛ إذْ الْحُرِّيَّةُ شَائِعَةٌ فِيهِمَا بَلْ يُقْتَلُ جَمِيعُهُ بِجَمِيعِهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ حَقِيقَةَ الْقِصَاصِ فَعُدِلَ عَنْهُ عِنْدَ تَعَذُّرِهِ لِبَدَلِهِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْمَالِ حَيْثُ يَجِبُ عِنْدَ التَّسَاوِي رُبْعُ الدِّيَةِ وَرُبْعُ الْقِيمَةِ فِي مَالِهِ وَيَتَعَلَّقُ الرُّبْعَانِ الْبَاقِيَانِ بِرَقَبَتِهِ، وَلَا نَقُولُ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ وَنِصْفُ الْقِيمَةِ فِي رَقَبَتِهِ، وَيُعْلَمُ مِمَّا تَقَرَّرَ صِحَّةُ مَا أَفْتَى بِهِ الْعِرَاقِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ مَنْ نِصْفُهُ قِنٌّ لَوْ قَطَعَ يَدَ نَفْسِهِ لَزِمَهُ لِسَيِّدِهِ ثَمَنُ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ يَدَهُ مَضْمُونَةٌ بِرُبْعِ الدِّيَةِ، وَرُبْعُ الْقِيمَةِ يُسْقِطُ رُبْعَ الدِّيَةِ الْمُقَابِلِ لِلْحُرِّيَّةِ، إذْ لَا يَجِبُ لِلشَّخْصِ عَلَى نَفْسِهِ شَيْءٌ وَرُبْعُ الْقِيمَةِ الْمُقَابِلُ لِلرِّقِّ كَأَنَّهُ جَنَى عَلَيْهِ حُرٌّ وَعَبْدٌ لِلسَّيِّدِ يَسْقُطُ مَا يُقَابِلُ عَبْدَ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ مَالٌ وَيَبْقَى مَا يُقَابِلُ فِعْلَ الْحُرِّ وَهُوَ ثُمُنُ الْقِيمَةِ فَيَأْخُذُهُ مِنْ مَالِهِ الْآنَ أَوْ حَتَّى يُوسِرَ (وَقِيلَ: إنْ لَمْ تَزِدْ حُرِّيَّةُ الْقَاتِلِ) بِأَنْ سَاوَتْ أَوْ نَقَصَتْ (وَجَبَ) الْقَوَدُ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ الْحَصْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا قَتَلَهُ جِنِّيٌّ قُتِلَ بِهِ، وَإِلَّا وَجَبَتْ الدِّيَةُ كَمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ قَتَلَ وَلِيًّا تَصَوَّرَ فِي غَيْرِ صُورَةِ الْآدَمِيِّ، لَكِنْ نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ أَنَّ الْآدَمِيَّ لَا يُقْتَلُ بِالْجِنِّيِّ مُطْلَقًا. أَقُولُ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ؛ لِأَنَّا لَمْ نَعْرِفْ أَحْكَامَ الْجِنِّ وَلَا خُوطِبْنَا بِهَا، قَالَ: وَهَذِهِ الشُّرُوطُ إنَّمَا هِيَ لِلْمُكَافَأَةِ بَيْنَ الْآدَمِيِّينَ لَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَمَنْ جَدَعَ) هُوَ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ أَنَّهُ) أَيْ لِأَجْلِ خَبَرِ أَنَّهُ وَفِي نُسْخَةٍ بِخَبَرِ وَهِيَ أَظْهَرُ (قَوْلُهُ: «عَزَّرَ مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ» ) وَفِي نُسْخَةٍ عَزَّرَ أَيْ لَمْ يَلُمْهُ (قَوْلُهُ: وَلَا قِصَاصَ فِي قَتْلِ) أَيْ بِدَارِ الْحَرْبِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) فِيهِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: عِنْدَ التَّسَاوِي) أَيْ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ (قَوْلُهُ: يَسْقُطُ رُبْعُ الدِّيَةِ) أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ رُبْعَ الدِّيَةِ الْمُقَابِلَ لِلْحُرِّيَّةِ جَنَى عَلَيْهِ الْجُزْءُ الْحُرُّ، وَالْجُزْءُ الرَّقِيقُ؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ شَائِعَةٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْقُطَ ثَمَنُ الدِّيَةِ الْمُقَابِلُ لِفِعْلِ الْجُزْءِ الْحُرِّ وَيَتَعَلَّقُ الثَّمَنُ الْآخَرُ الْمُقَابِلُ لِفِعْلِ الْجُزْءِ الرَّقِيقِ بِرَقَبَةِ الْجُزْءِ الرَّقِيقِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ رُبْعُ الدِّيَةِ فِي مُقَابَلَةِ جُزْءِ الْحُرِّيَّةِ وَكَانَ لَوْ وَجَبَ لَهُ شَيْءٌ لَوَجَبَ لِلْجُزْءِ الْحُرِّ أَسْقَطْنَاهُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ شَيْءٌ بَلْ فِعْلُهُ هَدَرٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَرُبْعُ الْقِيمَةِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمَا هُنَاكَ فِي قَتْلِهِ بِدَارِنَا) أَيْ وَهُوَ حِينَئِذٍ مَحْكُومٌ بِإِسْلَامِهِ وَحُرِّيَّتِهِ شَرْعًا وَلَيْسَ مَجْهُولًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهِيَ مَسْأَلَةُ اللَّقِيطِ) عِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ كَمَسْأَلَةِ اللَّقِيطِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ يَجِبُ عِنْدَ التَّسَاوِي إلَخْ.) هَذَا بَيَانُ الْكَيْفِيَّةِ عِنْدَ الرُّجُوعِ إلَى الْبَلَدِ فِي مَسْأَلَتِنَا لَا بَيَانُ لِلنَّظِيرِ، فَلَوْ قَالَ، فَيَجِبُ عِنْدَ التَّسَاوِي إلَخْ. لَكَانَ ظَاهِرًا وَمُرَادُهُ بِالنَّظِيرِ كَمَا لَوْ بَاعَ شِقْصًا وَسَيْفًا بِقِنٍّ وَثَوْبٍ مَثَلًا وَاسْتَوَوْا قِيمَةً لَا نَجْعَلُ الشِّقْصَ أَوْ السَّيْفَ مُقَابِلًا لِلْقِنِّ أَوْ الثَّوْبِ بَلْ الْمُقَابِلُ لِكُلِّ النِّصْفِ مِنْ كُلٍّ (قَوْلُهُ: عَلَى قَوْلِ الْحَصْرِ)

لَا الْإِشَاعَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْضًا وَذَلِكَ لِلْمُسَاوَاةِ فِي الْأُولَى وَلِزِيَادَةِ فَضْلِ الْمَقْتُولِ فِي الثَّانِيَةِ، وَهُوَ لَا يُؤَثِّرُ؛ لِأَنَّ الْمَفْضُولَ يُقْتَلُ بِالْفَاضِلِ: أَيْ مُطْلَقًا، وَلَا عَكْسَ إنْ انْحَصَرَ الْفَضْلُ فِيمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ هَذِهِ أَوْصَافٌ طَرْدِيَّةٌ لَمْ يُعَوِّلْ الشَّارِعُ عَلَيْهَا. لَا يُقَالُ: الْخِلَافُ هُنَا قَوِيٌّ فَلَا يَحْسُنُ التَّعْبِيرُ بِقِيلِ لِمَا مَرَّ فِي الْخِطْبَةِ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ بَيَانَ مَرْتَبَةِ الْخِلَافِ فِي قِيلَ، وَقَوْلُهُ: ثَمَّ فَهُوَ وَجْهٌ ضَعِيفٌ: أَيْ فِي الْحُكْمِ لَا الْمُدْرَكِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ (وَلَا قِصَاصَ بَيْنَ عَبْدٍ) أَيْ قِنٍّ (مُسْلِمٍ وَحُرٍّ ذِمِّيٍّ) أَيْ كَافِرٍ بِأَنْ قَتَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُقْتَلُ بِالْكَافِرِ وَلَا الْحُرُّ بِالْقِنِّ، وَفَضِيلَةُ كُلٍّ لَا تَجْبُرُ نَقِيصَتَهُ لِئَلَّا يَلْزَمَ مُقَابَلَةُ الْفَضِيلَةِ بِالنَّقِيصَةِ نَظِيرَ مَا تَقَرَّرَ آنِفًا (وَلَا) قِصَاصَ (بِقَتْلِ وَلَدٍ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى لِلْقَاتِلِ الذَّكَرِ أَوْ الْأُنْثَى (وَإِنْ سَفَلَ) لِخَبَرِ «لَا يُقَادُ لِلِابْنِ مِنْ أَبِيهِ» وَفِي رِوَايَةٍ «لَا يُقَادُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ» وَلِأَنَّهُ كَانَ سَبَبًا فِي وُجُودِهِ فَلَا يَكُونُ هُوَ سَبَبًا فِي عَدَمِهِ، فَلَوْ حَكَمَ بِقَتْلِهِ بِهِ حَاكِمٌ نُقِضَ إلَّا إنْ أَضْجَعَ الْأَصْلُ فَرْعَهُ وَذَبَحَهُ وَحَكَمَ بِالْقَوَدِ حَاكِمٌ فَلَا نَقْضَ، وَلَوْ قَتَلَ وَلَدَهُ الْمَنْفِيَّ لَمْ يُقْتَلْ بِهِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ وَإِنْ عُزِيَ ذَلِكَ إلَى مُقْتَضَى مَا وَقَعَ فِي نُسَخِ الرَّوْضَةِ السَّقِيمَةِ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ مَا دَامَ مُصِرًّا عَلَى النَّفْيِ، وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي الْقَطْعِ بِسَرِقَتِهِ مَالَهُ وَفِي حَدِّهِ بِقَذْفِهِ وَفِي قَبُولِ شَهَادَتِهِ لَهُ (وَلَا قِصَاصَ) يَثْبُتُ (لَهُ) أَيْ الْفَرْعِ عَلَى أَصْلِهِ كَأَنْ قَتَلَ عَتِيقَهُ أَوْ زَوْجَةَ نَفْسِهِ وَلَهُ مِنْهَا وَلَدٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُقْتَلْ بِقَتْلِهِ فَأَوْلَى أَنْ لَا يُقْتَلَ بِمَنْ لَهُ فِيهِ حَقٌّ. وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْجَانِيَ أَوْ فَرْعَهُ مَتَى مَلَكَ جُزْءًا مِنْ الْقَوَدِ سَقَطَ، وَمَا اقْتَضَاهُ سِيَاقُهُ مِنْ عَدَمِ مُكَافَأَةِ الْوَلَدِ وَالِدَهُ ظَاهِرٌ لِتَمْيِيزِهِ عَلَيْهِ بِفَضِيلَةِ الْأَصَالَةِ، وَإِنْ زَعَمَ الْغَزَالِيُّ مُكَافَأَتَهُ لَهُ كَعَمِّهِ وَأَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِخَبَرِ «الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ» إذْ يُرَدُّ بِانْتِفَاءِ الْأَصَالَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَمِّهِ وَلِأَنَّ الْمُكَافَأَةَ فِي الْخَبَرِ غَيْرُهَا هُنَا وَإِلَّا لَزِمَ أَنَّ الْإِسْلَامَ لَا يُعْتَبَرُ مَعَهُ مُكَافَأَةٌ بِوَصْفٍ مِمَّا مَرَّ (وَيُقْتَلُ بِوَالِدِيهِ) بِكَسْرِ الدَّالِ مَعَ الْمُكَافَأَةِ بِالْإِجْمَاعِ، فَبَقِيَّةُ الْمَحَارِمِ بِالْأَوْلَى إذْ لَا تَمَيُّزَ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ، نَعَمْ لَوْ اشْتَرَى مُكَاتَبٌ أَبَاهُ ثُمَّ قَتَلَهُ لَمْ يُقْتَلْ بِهِ كَمَا مَرَّ لِشُبْهَةِ السَّيِّدِيَّةِ (وَلَوْ) (تَدَاعَيَا مَجْهُولًا) نَسَبُهُ (فَقَتَلَهُ أَحَدُهُمَا) (فَإِنْ أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ) بِالْقَاتِلِ فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ لِمَا مَرَّ أَوْ أَلْحَقَهُ (بِالْآخَرِ) الَّذِي لَمْ يَقْتُلْ (اقْتَصَّ) هُوَ لِثُبُوتِ أُبُوَّتِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُلْحِقْهُ بِهِ (فَلَا) يَقْتَصُّ هُوَ بَلْ غَيْرُهُ إنْ أُلْحِقَ بِهِ وَادَّعَاهُ وَإِلَّا وُقِفَ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ بِنَاءَهُ لِلْفَاعِلِ الْمُفْهِمِ مَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSهَلَّا قِيلَ وَرُبْعُ الدِّيَةِ كَأَنْ جَنَى عَلَيْهِ حُرٌّ وَعَبْدٌ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ شَائِعَةٌ فَيَسْقُطُ مَا يُقَابِلُ الْحُرِّيَّةَ؛ لِأَنَّ الْحُرَّ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ شَيْءٌ وَيَبْقَى مَا يُقَابِلُ الرِّقَّ مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَةِ الْجُزْءِ الرَّقِيقِ لِلْجُزْءِ الْحُرِّ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَهَذِهِ الْحَاشِيَةُ عَيْنُ الْحَاشِيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ (قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ بِأَنْ لَا يَفْضُلَ قَتِيلُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا يَكُونُ هُوَ سَبَبًا فِي عَدَمِهِ) قَدْ يُقَالُ لَوْ اقْتَصَّ بِقَتْلِ الْوَلَدِ لَمْ يَكُنْ سَبَبًا فِي عَدَمِهِ بَلْ السَّبَبُ جِنَايَتُهُ: أَعْنِي الْوَالِدَ. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَوْلَا تَعَلُّقُ الْجِنَايَةِ لَمَا قُتِلَ بِهِ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ فَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهِ سَبَبًا فِي الْجُمْلَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ) عِبَارَةَ الرُّويَانِيِّ: الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِهِ وَإِنْ أَصَرَّ اهـ. وَقَدْ يُفِيدُهُ عَدَمُ تَعَقُّبِ الشَّارِحِ لِلْأَوَّلِ بِتَنْبِيهِهِ عَلَى رُجْحَانِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَمَا اقْتَضَاهُ سِيَاقُهُ) أَيْ حَيْثُ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي فَرَّعَ عَدَمَ الْقِصَاصِ فِيهَا عَلَى الْمُكَافَأَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: غَيْرُهَا هُنَا) أَيْ إذْ الْمُرَادُ بِهَا فِي الْخَبَرِ الْمُسَاوَاةُ حَيْثُ لَا مَانِعَ مِنْ الْمَوَانِعِ الْمُعْتَبَرَةِ فَيُؤْخَذُ الشَّرِيفُ بِالْوَضِيعِ، وَالنَّسِيبُ بِالدَّنِيءِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِخَبَرِ «لَا يُقَادُ لِلِابْنِ مِنْ أَبِيهِ» (قَوْلُهُ: وَإِلَّا وُقِفَ) أَيْ إنْ رُجِيَ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ (قَوْلُهُ: أَيْ قِنٍّ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ عَقِبَ الْمَتْنِ نَصُّهَا: وَالْمُرَادُ مُطْلَقُ الْقِنِّ وَالْكَافِرِ

[لا قصاص بقتل الولد]

لِلْمَفْعُولِ لِإِيهَامِهِ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ أَصْلًا حَيْثُ لَمْ يُلْحِقْهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَرُجُوعُ الْمُسْتَلْحِقِ عَنْ الِاسْتِلْحَاقِ غَيْرُ مَقْبُولٍ، وَلَوْ اسْتَلْحَقَاهُ فَلَا قَوَدَ أَوْ لَمْ يُلْحِقْهُ بِأَحَدٍ فَلَا قَوَدَ حَالًّا؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا أَبُوهُ وَقَدْ اشْتَبَهَ الْأَمْرُ، وَلَوْ قَتَلَاهُ ثُمَّ رَجَعَ أَحَدُهُمَا وَقَدْ تَعَذَّرَ الْإِلْحَاقُ وَالِانْتِسَابُ قُتِلَ بِهِ أَوْ أُلْحِقَ بِأَحَدِهِمَا قُتِلَ الْآخَرُ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكُ الْأَبِ، وَلَوْ لَحِقَ الْقَاتِلُ بِقَائِفٍ أَوْ انْتِسَابٍ مِنْهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ فَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ ابْنُهُ قُتِلَ الْأَوَّلُ بِهِ إذْ الْبَيِّنَةُ أَقْوَى مِنْهُمَا، وَلَوْ كَانَ الْفِرَاشُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا لَمْ يَكْفِ رُجُوعُ أَحَدِهِمَا فِي لُحُوقِهِ بِالْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْفِرَاشَ لَا يَرْتَفِعُ بِالرُّجُوعِ (وَلَوْ) (قَتَلَ أَحَدُ أَخَوَيْنِ) شَقِيقَيْنِ حَائِزَيْنِ (الْأَبَ وَ) قَتَلَ (الْآخَرُ الْأُمَّ مَعًا) وَلَوْ احْتِمَالًا بِأَنْ لَمْ يُتَيَقَّنْ سَبْقٌ وَالْمَعِيَّةُ وَالتَّرْتِيبُ بِزَهُوقِ الرُّوحِ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ صَارَ فِي حَيِّزِ الْأَمْوَاتِ بِأَنْ أَبَانَ حِشْوَتَهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يَجْعَلُ صَاحِبَهُ فِي ذَلِكَ الْحَيِّزِ كَانَ كَالزُّهُوقِ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ (فَلِكُلٍّ قِصَاصٌ) عَلَى الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَ مُوَرِّثَهُ مَعَ امْتِنَاعِ التَّوَارُثِ بَيْنَهُمَا وَمِنْ ثَمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSإلْحَاقُهُ بِأَحَدِهِمَا وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ فِيهِ الدِّيَةُ، وَتَكُونُ لِوَرَثَتِهِ إنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ خَاصٌّ أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ إنْ لَمْ يَكُنْ (قَوْلُهُ: لِإِيهَامِهِ) عَبَّرَ بِهِ لِإِمْكَانِ تَصْحِيحِهِ بِأَنْ يُقَالَ إنَّ الْفَاعِلَ الْمَحْذُوفَ هُوَ الْآخَرُ (قَوْلُهُ: وَرُجُوعُ الْمُسْتَلْحِقِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ وَاحِدًا، فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَلْحِقُ اثْنَيْنِ، فَإِنْ كَانَ رُجُوعٌ مِنْهُمَا لَمْ يُقْبَلْ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا قُبِلَ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ اسْتَلْحَقَاهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَلْحَقَاهُ) أَيْ ثُمَّ رَجَعَا فَلَا قَوَدَ، وَالْمُرَادُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا ادَّعَى ثُبُوتَ نَسَبِهِ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: فَلَا قَوَدَ حَالًّا) وَكَذَا لَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا، وَلَمْ يُلْحِقْهُ بِثَالِثٍ لَا قَوَدَ حَالًّا لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالْمُسْتَحِقِّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَجَعَ أَحَدُهُمَا) أَيْ عَنْ الِاسْتِلْحَاقِ (قَوْلُهُ: قُتِلَ بِهِ) وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ بِرُجُوعِهِ انْتَفَى نَسَبُهُ عَنْهُ وَثَبَتَ مِنْ الْآخَرِ وَبِذَلِكَ يَتَبَيَّنُ أَنَّ الْقَاتِلَ لَيْسَ أَبَاهُ (قَوْلُهُ: أَوْ أُلْحِقَ بِأَحَدِهِمَا) عَطْفٌ عَلَى رَجَعَ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ قَتَلَا ثُمَّ رَجَعَ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَقْوَى مِنْهُمَا) أَيْ الْقَائِفِ وَالِانْتِسَابِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكْفِ رُجُوعُ أَحَدِهِمَا) بِخِلَافِ مَا إذَا وُجِدَ مُجَرَّدُ الدَّعْوَى اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لَا يَرْتَفِعُ بِالرُّجُوعِ) عِبَارَةُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ بِالْجُحُودِ وَهِيَ أَعَمُّ لِشُمُولِهَا مَا لَوْ أَتَتْ أَمَتُهُ الْمُسْتَفْرَشَةُ بِوَلَدٍ فَأَنْكَرَ كَوْنَهُ ابْنَهُ (قَوْلُهُ: أَحَدُ أَخَوَيْنِ شَقِيقَيْنِ) شَرْطٌ لِصِحَّةِ قَوْلِهِ: فَلِكُلٍّ قِصَاصٌ إلَخْ الظَّاهِرُ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِالْقِصَاصِ (قَوْلُهُ: حَائِزَيْنِ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: وَأَمَّا اشْتِرَاطُ الْحِيَازَةِ فَلَا وَجْهَ لَهُ فِيمَا يَظْهَرُ لِي. أَقُولُ: لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ قَوْلَهُ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا قِصَاصٌ عَلَى الْآخَرِ ظَاهِرٌ فِي جَوَازِ انْفِرَادِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْقِصَاصِ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ حَيْثُ كَانَا حَائِزَيْنِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُتَيَقَّنْ سَبْقٌ) أَيْ، وَلَا مَعِيَّةٌ (قَوْلُهُ: مَعَ امْتِنَاعِ التَّوَارُثِ) بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ فِي الْفَرَائِضِ أَنَّ الْقَاتِلَ بِحَقٍّ لَا يَرِثُ وَهُوَ الرَّاجِحُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [لَا قِصَاصَ بِقَتْلِ الْوَلَدٍ] (قَوْلُهُ: وَرُجُوعُ الْمُسْتَلْحِقِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُ مُسْتَلْحِقِيهِ لِئَلَّا يَبْطُلَ حَقُّهُ لِأَنَّهُ صَارَ ابْنًا لِأَحَدِهِمَا بِدَعْوَاهُمَا انْتَهَتْ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: فَإِنْ رَجَعَا لَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُمَا انْتَهَتْ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّارِحَ قَرَأَ قَوْلَ حَجّ مُسْتَلْحِقِيهِ بِلَا يَاءٍ فَعَبَّرَ عَنْهُ بِمَا ذُكِرَ، وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ وَرُجُوعِ الْمُسْتَلْحِقِ: أَيْ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ إبْقَائِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَلْحَقَاهُ) أَيْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا الْقَائِفُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوْ لَمْ يَلْحَقْهُ بِأَحَدٍ إلَخْ. وَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ إذْ هُوَ عَيْنُ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَوْ تَدَاعَيَا مَجْهُولًا، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ: فَلَا قَوَدَ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِإِغْنَاءِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ فَلَا قَوَدَ حَالًا بَلْ لَا يَصِحُّ بِإِطْلَاقِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ تَعَذَّرَ الْإِلْحَاقُ وَالِانْتِسَابُ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ هَذَا التَّقْيِيدِ مَعَ أَنَّهُ بِرُجُوعِ أَحَدِهِمَا يَلْحَقُ الْآخَرَ (قَوْلُهُ: شَقِيقَيْنِ) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَتَأَتَّى فِيهِ إطْلَاقُ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْقِصَاصَ عَلَى الْآخَرِ، وَلِأَجْلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَكَذَا إنْ قُتِلَا مُرَتَّبًا كَمَا لَا يَخْفَى، وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: بَيْنَهُمَا) أَيْ الْأَبَوَيْنِ لِمَوْتِهِمَا مَعًا وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ. أَيْ بِخِلَافِ

يُفَرَّقُ هُنَا بَيْنَ بَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ وَعَدَمِهَا، فَإِنْ عَفَا أَحَدُهُمَا فَلِلْمَعْفُوِّ عَنْهُ قَتْلُ الْعَافِي (وَيُقَدَّمُ) أَحَدُهُمَا لِلْقِصَاصِ عِنْدَ التَّنَازُعِ (بِقُرْعَةٍ) لِاسْتِوَائِهِمَا فِي وَقْتِ الِاسْتِلْحَاقِ، فَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ أُجِيبَ الطَّالِبُ وَلَا قُرْعَةَ، وَيُسْتَغْنَى عَنْ الْقُرْعَةِ أَيْضًا فِيمَا لَوْ قَطَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ مَقْتُولِهِ عُضْوًا وَمَاتَا مَعًا بِالسِّرَايَةِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا طَلَبُ قَطْعِ عُضْوِ الْآخَرِ حَالَةَ قَطْعِ عُضْوِهِ، ثُمَّ إذَا مَاتَ الْأَخَوَانِ بِالسِّرَايَةِ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا وَقَعَ قِصَاصًا، وَفِيمَا إذَا قَتَلَاهُمَا مَعًا فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَقْتُلَهُمَا مَعًا؛ لِأَنَّهُ حَدٌّ وَإِنْ غَلَبَ فِيهِ مَعْنَى الْقِصَاصِ لَكِنَّهُ لَا يُتَوَقَّفُ عَلَى الطَّلَبِ ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ. وَيَجُوزُ لَهُمَا التَّوْكِيلُ قَبْلَ الْقُرْعَةِ فَيُقْرَعُ بَيْنَ الْوَكِيلَيْنِ، وَبِقَتْلِ أَحَدِهِمَا يَنْعَزِلُ وَكِيلُهُ لِانْعِزَالِ الْوَكِيلِ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْأَوْجَهُ أَنَّهُمَا لَوْ قَتَلَاهُمَا مَعًا لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ لِتَبَيُّنِ انْعِزَالِ كُلٍّ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ، فَعَلَى كُلٍّ مِنْ الْوَكِيلَيْنِ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ اقْتَصَّ بَعْدَ عَفْوِ مُوَكِّلِهِ أَوْ عَزْلِهِ لَهُ (فَإِنْ اقْتَصَّ بِهَا) أَيْ الْقُرْعَةِ (أَوْ مُبَادِرًا) قَبْلَهَا (فَلِوَارِثِ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ قَتْلُ الْمُقْتَصِّ إنْ لَمْ نُوَرِّثْ قَاتِلًا بِحَقٍّ) وَهُوَ الْأَصَحُّ لِبَقَاءِ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَنْتَقِلْ لَهُ مِنْهُ شَيْءٌ (وَكَذَا إنْ قَتَلَا مُرَتَّبًا) وَعُلِمَ عَيْنُ السَّابِقِ (وَلَا زَوْجِيَّةَ) بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْقَوَدُ عَلَى الْآخَرِ وَيُبْدَأُ بِالْقَاتِلِ الْأَوَّلِ، وَمَا أَوْهَمَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْإِقْرَاعِ هُنَا أَيْضًا غَيْرُ مُرَادٍ إلَّا فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ فَلِلْإِمَامِ قَتْلُهُمَا مَعًا نَظِيرَ مَا مَرَّ، وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْآخَرَ إنَّمَا يُقْتَلُ بَعْدَهُ وَبِقَتْلِهِ تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ، وَلَا يُنَافِيهِ أَنَّهُ لَوْ بَادَرَ وَكِيلُهُ وَقَتَلَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لِمُطْلَقِ الْإِذْنِ وَلَا يَلْزَمُهُ مِنْهُ صِحَّةُ الْوَكَالَةِ فَانْدَفَعَ مَا لِلرُّويَانِيِّ هُنَا (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا زَوْجِيَّةٌ (فَعَلَى الثَّانِي فَقَطْ) الْقِصَاصُ دُونَ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ وَرِثَ بَعْضَ مَنْ مَالُهُ عَلَيْهِ قَوَدٌ، فَفِيمَا إذَا قَتَلَ وَاحِدٌ أَبَاهُ ثُمَّ الْآخَرُ الْأُمَّ لَا قَوَدَ عَلَى قَاتِلِ الْأَبِ؛ لِأَنَّ قَوَدَهُ ثَبَتَ لِأُمِّهِ وَأَخِيهِ فَإِذَا قَتَلَهُمَا الْآخَرُ انْتَقَلَ مَا كَانَ لَهَا لِقَاتِلِ الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَرِثُهَا وَهُوَ ثُمُنُ دِيَةٍ فَسَقَطَ عَنْهُ الْكُلُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ، وَعَلَيْهِ فِي مَالِهِ لِوَرَثَةِ أَخِيهِ سَبْعَةُ أَثْمَانِ الدِّيَةِ، أَوْ وَاحِدٌ أُمَّهُ ثُمَّ الْآخَرُ أَبَاهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقَتَلَ الْآخَرُ الْأُمَّ مَعًا (قَوْلُهُ: فَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْقَتْلَ (قَوْلُهُ: أُجِيبَ الطَّالِبُ) أَيْ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى قُرْعَةٍ (قَوْلُهُ: فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْوَلَدَيْنِ (قَوْلُهُ: حَالَةَ قَطْعِ عُضْوِهِ) أَيْ الْمَقْطُوعِ الثَّانِي مِنْ الْأَخَوَيْنِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إذَا مَاتَ الْأَخَوَانِ) وَهُمَا الْوَلَدَانِ (قَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا قَتَلَاهُمَا) أَيْ قَتَلَ الْوَلَدَانِ الْأَبَ وَالْأُمَّ (قَوْلُهُ: فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ) أَيْ مِنْ الْوَالِدَيْنِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ لَهُمَا) أَيْ لِلْوَلَدَيْنِ (قَوْلُهُ: يَنْعَزِلُ وَكِيلُهُ) أَيْ الْمَقْتُولِ (قَوْلُهُ: لَوْ قَتَلَاهُمَا) أَيْ الْوَكِيلَانِ الْوَالِدَيْنِ (قَوْلُهُ: انْعِزَالُ كُلٍّ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ) ؛ لِأَنَّ شَرْطَ دَوَامِ اسْتِحْقَاقِ الْمُوَكِّلِ قَتْلُ مَا وُكِّلَ فِيهِ أَنْ يَبْقَى عِنْدَ قَتْلِهِ حَيًّا وَهُوَ مَفْقُودٌ فِي ذَلِكَ شَرْحُ الرَّوْضِ. وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ: كُلٌّ مِنْهُمَا حَالَ الْإِقْدَامِ كَانَ لَهُ الْفِعْلُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ، وَمَوْتُ مُوَكِّلِهِ إنَّمَا حَصَلَ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْوَكِيلِ مِنْ الثَّانِي، وَإِنَّمَا وَقَعَ قِصَاصًا فِي الْقَتْلِ؛ لِأَنَّ قَطْعَ كُلٍّ مِنْهُمَا انْتَهَى فِي حَيَاةِ الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَزْلِهِ) أَيْ مُوَكِّلِهِ لَهُ أَيْ، وَلَمْ يَعْلَمْ (قَوْلُهُ: وَلَا زَوْجِيَّةَ) أَيْ زَوْجِيَّةَ مَعَهَا إرْثٌ بِأَنْ لَمْ تَكُنْ زَوْجِيَّةً مُطْلَقًا أَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا إرْثٌ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: مِنْ الْإِقْرَاعِ هُنَا) أَيْ فِيمَا لَوْ قَتَلَا مُرَتَّبًا وَلَا زَوْجِيَّةَ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ) أَيْ فَلَيْسَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْقَوَدُ مِنْ الْآخَرِ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ: وَكَذَا إنْ قَتَلَا مُرَتَّبًا (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ الْأَوَّلِ) أَيْ الْقَاتِلِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: إنَّمَا يُقْتَلُ بَعْدَهُ) أَيْ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ وَبِقَتْلِهِ: أَيْ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ لَوْ بَادَرَ وَكِيلُهُ: أَيْ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ وَقَتَلَهُ: أَيْ الْآخَرُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ وَكِيلَ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ) أَيْ عَدَمَ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا زَوْجِيَّةٌ) أَيْ وَارِثٌ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْبُلْقِينِيِّ الْآتِي ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ التَّرْتِيبِ وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَعَدَمِهَا) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا قَتَلَاهُمَا مَعًا) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِيمَا لَوْ قُطِعَ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ)

يُقْتَلُ قَاتِلُ الْأَبِ فَقَطْ لِمَا ذُكِرَ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَمَحَلُّهُ حَيْثُ لَا مَانِعَ كَالدَّوْرِ، حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ بِأُمِّهِمَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ ثُمَّ وُجِدَ الْقَتْلُ الْمَذْكُورُ مِنْ الْوَلَدَيْنِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا قِصَاصٌ عَلَى الْآخَرِ مَعَ وُجُودِ الزَّوْجِيَّةِ، وَعَلَى هَذَا فَفِي صُورَةِ الدَّوْرِ لَوْ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ أَوَّلًا لَمْ يَمْتَنِعْ الزَّوْجُ مِنْ إرْثِهَا، فَإِنْ كَانَ هُوَ الْمَقْتُولَ أَوَّلًا فَلِكُلٍّ قِصَاصٌ عَلَى الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْمَقْتُولَةَ أَوَّلًا فَالْقِصَاصُ عَلَى الثَّانِي، قَالَ: فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ مِنْ النَّفَائِسِ اهـ. وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ مِنْ عَدَمِ الدَّوْرِ فِي تَصْوِيرِهِ رُدَّ بِأَنَّهُ وَكَّلَ الْأَمْرَ فِي تَمَامِ التَّصْوِيرِ عَلَى الشُّهْرَةِ، فَقَدْ مَرَّ فِي أَوَّلِ الْفَرَائِضِ أَنَّ مِمَّا يَمْنَعُ الْإِرْثَ بِالزَّوْجِيَّةِ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجَةِ مَا لَوْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَتَزَوَّجَ بِهَا لِلدَّوْرِ فَلْيُحْمَلْ كَلَامُهُ هَذَا عَلَى أَنَّ الَّتِي تَزَوَّجَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ هِيَ أَمَتُهُ الَّتِي أَعْتَقَهَا فِي الْمَرَضِ ثُمَّ طَالَ بِهِ حَتَّى أَوْلَدَهَا وَلَدَيْنِ فَعَاشَا إلَى بُلُوغِهِمَا ثُمَّ قَتَلَاهُمَا، وَحِينَئِذٍ فَالْحُكْمُ الَّذِي ذَكَرَهُ ظَاهِرٌ، أَمَّا مَعَ عِلْمِ السَّبْقِ وَجَهْلِ عَيْنِ السَّابِقِ فَالْأَقْرَبُ الْوَقْفُ إلَى تَبَيُّنِ الْحَالِ؛ إذْ الْحُكْمُ عَلَى أَحَدِهِمَا حِينَئِذٍ بِقَوَدٍ أَوْ عَدَمِهِ تَحَكُّمٌ، هَذَا إنْ رُجِيَ وَإِلَّا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا طَرِيقَ سِوَى الصُّلْحِ، وَلَوْ قَتَلَ ثَانِيَ أَرْبَعَةِ إخْوَةٍ أَكْبَرَهُمْ ثُمَّ الثَّالِثُ أَصْغَرَهُمْ وَلَمْ يَخْلُفْ الْقَتِيلَانِ غَيْرَ الْقَاتِلَيْنِ فَلِلثَّانِي أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ الثَّالِثِ، وَيَسْقُطُ الْقَوَدُ عَنْهُ لِمَا وَرِثَهُ مِنْ قِصَاصِ نَفْسِهِ (وَيُقْتَلُ الْجَمْعُ بِوَاحِدٍ) وَإِنْ تَفَاضَلَتْ الْجِرَاحَاتُ فِي الْعَدَدِ وَالْفُحْشِ وَالْأَرْشِ حَيْثُ كَانَ لَهَا دَخْلٌ فِي الزُّهُوقِ سَوَاءٌ أَقَتَلُوهُ بِمُحَدَّدٍ أَمْ بِمُثْقَلٍ كَأَنْ أَلْقَوْهُ مِنْ شَاهِقٍ أَوْ فِي بَحْرٍ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ عُقُوبَةٌ يَجِبُ لِلْوَاحِدِ عَلَى الْوَاحِدِ فَيَجِبُ لَهُ عَلَى الْجَمَاعَةِ كَحَدِّ الْقَذْفِ وَلِأَنَّهُ شُرِعَ لِحَقْنِ الدِّمَاءِ، فَلَوْ لَمْ يَجِبْ عِنْدَ الِاشْتِرَاكِ لَاُتُّخِذَ ذَرِيعَةً إلَى سَفْكِهَا. وَرَوَى مَالِكٌ أَنَّ عُمَرَ قَتَلَ نَفَرًا خَمْسَةً أَوْ سَبْعَةً بِرَجُلٍ قَتَلُوهُ غِيلَةً: أَيْ حِيلَةً، وَقَالَ: لَوْ تَمَالَأَ: أَيْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُمْ بِهِ جَمِيعًا، وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ ذَلِكَ مَعَ شُهْرَتِهِ فَصَارَ إجْمَاعًا، أَمَّا مَنْ لَيْسَ لِجُرْحِهِ أَوْ ضَرْبِهِ دَخْلٌ فِي الزُّهُوقِ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ فَلَا يُعْتَبَرُ (وَلِلْوَلِيِّ الْعَفْوُ عَنْ بَعْضِهِمْ عَلَى حِصَّتِهِ مِنْ الدِّيَةِ بِاعْتِبَارِ) ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: يُقْتَلُ قَاتِلُ الْأَبِ) وَيَلْزَمُ هَذَا الْمُسْتَحِقَّ لِأَخِيهِ الْمَذْكُورِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ: لِمَا ذُكِرَ) هُوَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) أَيْ مَحَلُّ قَتْلِ الثَّانِي فَقَطْ حَيْثُ كَانَتْ زَوْجِيَّةً (قَوْلُهُ: مِنْ الْوَلَدَيْنِ) أَيْ بَعْدَ أَنْ حَبِلَتْ بِهِمَا وَكَبِرَا فِي حَيَاةِ أَبَوَيْهِمَا كَمَا يَأْتِي تَصْوِيرُهُ (قَوْلُهُ فَفِي صُورَةِ الدَّوْرِ) وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلِهِ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ بِأُمِّهِمَا (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ) أَيْ الْبُلْقِينِيَّ (قَوْلُهُ: الَّتِي أَعْتَقَهَا فِي الْمَرَضِ) وَلَعَلَّ تَصْوِيرَ الشَّيْخِ لِتَخْرُجَ الْمُسْتَوْلِدَةُ فِي الصِّحَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَتَأَتَّى قَتْلُ قَاتِلِهَا مَنْ الْوَلَدَيْنِ لِبَقَاءِ رِقِّهَا حَالَ الْقَتْلِ (قَوْلُهُ: فَالْحُكْمُ الَّذِي ذَكَرَهُ ظَاهِرٌ) أَيْ مِنْ الدَّوْرِ وَجْهُهُ أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، وَمَاتَ لَوْ قُلْنَا بِتَوْرِيثِهَا لَكَانَ الْإِعْتَاقُ تَبَرُّعًا فِي الْمَرَضِ لِوَارِثٍ وَهُوَ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ وَهِيَ مُتَعَذِّرَةٌ مِنْهَا؛ إذْ لَا يُتَمَكَّنُ مِنْ الْإِجَازَةِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا، فَلَوْ قُلْنَا بِتَوْرِيثِهَا لَامْتَنَعَ عِتْقُهَا وَامْتِنَاعُهُ يُؤَدِّي إلَى عَدَمِ تَوْرِيثِهَا فَيَلْزَمُ مِنْ تَوْرِيثِهَا عَدَمُ تَوْرِيثِهَا (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا طَرِيقَ سِوَى الصُّلْحِ) أَيْ بِمَالٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا أَوْ مَجَّانًا وَعَلَيْهِ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الصُّلْحِ عَلَى إنْكَارٍ (قَوْلُهُ: يَسْقُطُ الْقَوَدُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الثَّانِي (قَوْلُهُ: لِمَا وَرِثَهُ) أَيْ عَنْ أَخِيهِ الْأَصْغَرِ. وَمِنْ جُمْلَتِهِ نِصْفُ قَوَدِ نَفْسِهِ الَّذِي كَانَ لِأَخِيهِ الْأَصْغَرِ عَلَيْهِ بِقَتْلِ الْأَكْبَرِ (قَوْلُهُ: أَهْلُ صَنْعَاءَ) ع: خَصَّ أَهْلَ صَنْعَاءَ؛ لِأَنَّ الْقَاتِلِينَ مِنْهَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَنْ لَيْسَ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ حَيْثُ كَانَ لَهَا دَخْلٌ فِي الزُّهُوقِ (قَوْلُهُ: أَهْلُ الْخِبْرَةِ) أَيْ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: فَلَا يُعْتَبَرُ) أَيْ فَلَا يُقْتَلُ مَنْ لَا دَخْلَ لِجِرَاحَتِهِ فِي الزُّهُوقِ، وَعَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQاسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ وَيُبْدَأُ بِالْقَاتِلِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) يَعْنِي: فِي صُورَةِ مَا إذَا قَتَلَ أَحَدُهُمَا أَبَاهُ ثُمَّ الْآخَرُ الْأُمَّ (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا فَفِي صُورَةِ الدَّوْرِ) أَيْ مِنْ أَصْلِهَا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى قَتَلَ، لَكِنَّ قَوْلَهُ وَعَلَى هَذَا لَا مَعْنَى لَهُ هُنَا، عَلَى أَنَّ الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ وَعَلَى هَذَا إلَى قَوْلِهِ مِنْ إرْثِهِ لِعَدَمِ مَوْقِعِهِ هُنَا وَلَيْسَ هُوَ فِي عِبَارَةِ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ طَالَ بِهِ إلَخْ.)

[قتل الجماعة بالواحد]

عَدَدِ (الرُّءُوسِ) دُونَ الْجِرَاحَاتِ فِي صُورَتِهَا لِعَدَمِ انْضِبَاطِ نِكَايَاتِهَا وَبِاعْتِبَارِ عَدَدِ الضَّرَبَاتِ فِي صُورَتِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ ادَّعَى بِأَنَّ الصَّوَابَ فِيهَا الْقَطْعُ بِاعْتِبَارِ الرُّءُوسِ كَالْجِرَاحَاتِ، وَيُفَارِقُ الضَّرَبَاتُ الْجِرَاحَاتِ بِأَنَّ تِلْكَ تُلَاقِي ظَاهِرَ الْبَدَنِ فَلَا يَعْظُمُ التَّفَاوُتُ فِيهَا بِخِلَافِ هَذِهِ، وَلَوْ ضَرَبَهُ أَحَدُهُمَا ضَرْبًا يَقْتُلُ ثُمَّ ضَرَبَهُ الْآخَرُ سَوْطَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً حَالَةَ أَلَمِهِ مِنْ ضَرْبِ الْأَوَّلِ عَالِمًا بِضَرْبِهِ اُقْتُصَّ مِنْهُمَا أَوْ جَاهِلًا بِهِ فَلَا، فَعَلَى الْأَوَّلِ حِصَّةُ ضَرْبِهِ مِنْ دِيَةِ الْعَمْدِ، وَعَلَى الثَّانِي كَذَلِكَ مِنْ دِيَةِ شُبْهَةِ بِاعْتِبَارِ الضَّرَبَاتِ كَمَا مَرَّ، وَإِنْ ضَرَبَهُ بِالْعَكْسِ كَأَنْ ضَرَبَهُ أَحَدُهُمَا ثَلَاثَةً مَثَلًا ثُمَّ الْآخَرُ ضَرْبًا يَقْتُلُ كَخَمْسِينَ سَوْطًا حَالَ الْأَلَمِ وَلَا تَوَاطُؤَ فَلَا قَوَدَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، بَلْ يَجِبُ عَلَى الْأَوَّلِ حِصَّةُ ضَرْبِهِ مِنْ دِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ، وَعَلَى الثَّانِي حِصَّةُ ضَرْبِهِ مِنْ دِيَةِ الْعَمْدِ بِاعْتِبَارِ الضَّرَبَاتِ كَمَا مَرَّ، وَإِنَّمَا قُتِلَ مَنْ ضَرَبَ مَرِيضًا جَهِلَ مَرَضَهُ لِانْتِفَاءِ سَبَبٍ آخَرَ ثَمَّ يُحَالُ الْقَتْلُ عَلَيْهِ (وَلَا يُقْتَلُ) مُتَعَمِّدٌ وَهُوَ (شَرِيكٌ مُخْطِئٌ) وَلَوْ حُكْمًا كَغَيْرِ الْمُكَلَّفِ الَّذِي لَا تَمْيِيزَ لَهُ كَمَا يَأْتِي (وَ) شَرِيكُ (شِبْهِ عَمْدٍ) لِحُصُولِ الزُّهُوقِ بِفِعْلَيْنِ أَحَدُهُمَا يُوجِبُهُ وَالْآخَرُ يَنْفِيهِ فَغَلَبَ الثَّانِي لِلشُّبْهَةِ فِي فِعْلِ الْمُتَعَمِّدِ وَعَلَى الْأَوَّلِ نِصْفُ دِيَةِ الْعَمْدِ وَعَاقِلَةُ الثَّانِي نِصْفُ دِيَةِ الْخَطَأِ أَوْ شِبْهِ الْعَمْدِ (وَيُقْتَلُ) (شَرِيكُ الْأَبِ) فِي قَتْلِ فَرْعِهِ (وَعَبْدٌ شَارَكَ حُرًّا فِي عَبْدٍ) وَحُرٌّ شَارَكَ حُرًّا فِي جَرْحِ عَبْدٍ فَعَتَقَ وَكَانَ فِعْلُ الْمُشَارِكِ بَعْدَ عِتْقِهِ ثُمَّ مَاتَ بِسَرَايَتِهِمَا (وَذِمِّيٌّ شَارَكَ مُسْلِمًا فِي ذِمِّيٍّ وَكَذَا شَرِيكٌ حَرْبِيٌّ) فِي قَتْلِ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ (وَ) قَاطِعٌ يَدًا مَثَلًا هُوَ شَرِيكُ (قَاطِعٍ) أُخْرَى (قِصَاصًا أَوْ حَدًّا) فَسَرَى الْقَطْعَانِ إلَيْهِ تَقَدَّمَ الْهَدَرُ أَوْ تَأَخَّرَ (وَ) جَارِحٌ لِمَنْ جَرَحَ نَفْسَهُ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ وَكَجَرْحِهِ لِنَفْسِهِ أَمْرُهُ مَنْ لَا يُمَيِّزُ بِجَرْحِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: إنَّهُ آلَةٌ مَحْضَةٌ لِأَمْرِهِ فَهُوَ (شَرِيكُ النَّفْسِ) فِي قَتْلِهَا (وَ) جَارِحٌ (دَافَعَ الصَّائِلَ) عَلَى مُحْتَرَمٍ (فِي الْأَظْهَرِ) لِحُصُولِ ـــــــــــــــــــــــــــــSضَمَانُ الْجَرْحِ إنْ اقْتَضَى الْحَالُ الضَّمَانَ، وَالتَّعْزِيرُ إنْ اقْتَضَاهُ الْحَالُ (قَوْلُهُ: فِي صُورَتِهَا) الْأُولَى (قَوْلُهُ: أَوْ جَاهِلًا بِهِ فَلَا) أَيْ فَلَا قِصَاصَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، أَمَّا الثَّانِي فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ شَرِيكُ شِبْهِ الْعَمْدِ (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ الضَّرَبَاتِ) بِأَنْ يُضْبَطَ ضَرْبُ كُلٍّ عَلَى انْفِرَادِهِ ثُمَّ يُنْسَبَ إلَى مَجْمُوعِ ضَرْبِهِمَا، وَيَجِبُ عَلَيْهِ بِقِسْطِهِ مِنْ الدِّيَةِ بِصِفَةِ فِعْلِهِ عَمْدًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ مُرَاعًى فِيهِ عَدَدُ الضَّرَبَاتِ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ سَبَبٍ آخَرَ) أَيْ وَهُنَا ضَرْبُ كُلٍّ سَبَبٌ يُحَالُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ (قَوْلُهُ: وَلَا يُقْتَلُ مُتَعَمِّدٌ وَهُوَ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ شَرِيكٌ إلَخْ، وَقَوْلُهُ مُخْطِئٌ: أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُخْطِئُ آلَةً لِلْمُتَعَمِّدِ كَمَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى رَمْيِ شَاخِصٍ عَلِمَهُ الْمُكْرِهُ بِالْكَسْرِ آدَمِيًّا وَظَنَّهُ الْمُكْرَهُ صَيْدًا فَإِنَّ الْقِصَاصَ عَلَى الْمُكْرَهِ مَعَ كَوْنِهِ شَرِيكَ مُخْطِئٍ، وَكَمَا لَوْ كَانَ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ مَأْمُورَ الْمُكَلِّفِ أَوْ أَعْجَمِيًّا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ الْآمِرِ (قَوْلُهُ: تَقَدَّمَ الْهَدَرُ) أَيْ الْفِعْلُ الْهَدَرُ (قَوْلُهُ وَجَارِحٌ) أَيْ وَيُقْتَلُ جَارِحٌ لِشَخْصٍ جَرَحَ نَفْسَهُ سَوَاءٌ كَانَ جَرَحَهُ لِنَفْسِهِ قَبْلَ قَتْلِ الْأَوَّلِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَجَارِحٌ) أَيْ وَيُقْتَلُ شَرِيكُ جَارِحٍ دَافِعٍ إلَخْ بِجَرِّ دَافِعٍ عَلَى أَنَّهُ صِفَةُ جَارِحٍ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQيُرَاجَعُ مَفْهُومُهُ [قَتْلُ الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ] (قَوْلُهُ: فِي صُورَتِهَا) فِي الْمَوْضِعَيْنِ تَبِعَ فِيهِ الشِّهَابَ حَجّ، وَكَذَا قَوْلُهُ: السَّابِقُ أَوْ ضَرَبَهُ، وَكُلُّ ذَلِكَ مُرَتَّبٌ فِي كَلَامِ الشِّهَابِ الْمَذْكُورِ عَلَى شَيْءٍ مَهَّدَهُ لَمْ يَذْكُرْهُ الشَّارِحُ، وَعِبَارَتُهُ عَقِبَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَيُقْتَلُ الْجَمْعُ بِوَاحِدٍ نَصُّهَا: كَأَنْ جَرَحُوهُ جِرَاحَاتٍ لَهَا دَخْلٌ فِي الزُّهُوقِ، وَإِنْ فَحُشَ بَعْضُهَا أَوْ تَفَاوَتُوا فِي عَدَدِهَا، وَإِنْ لَمْ يَتَوَاطَئُوا أَوْ ضَرَبُوهُ ضَرَبَاتٍ وَكُلٌّ قَاتِلَةٌ لَوْ انْفَرَدَتْ أَوْ غَيْرُ قَاتِلَةٍ وَتَوَاطَئُوا كَمَا سَيَذْكُرُهُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الصَّوَابَ) لَا حَاجَةَ لِلْبَاءِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا قُتِلَ مَنْ ضَرَبَ مَرِيضًا إلَخْ.) هَذَا إنَّمَا يَرِدُ عَلَى صُورَةِ الْجَهْلِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَهِيَ قَوْلُهُ: أَوْ جَاهِلًا بِهِ فَعَلَى الْأَوَّلِ إلَخْ. وَمِنْ ثَمَّ أَخَّرَهَا فِي التُّحْفَةِ لِيَتَّضِحَ الْإِيرَادُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَفِي قَتْلِ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ) أَيْ وَالْمُشَارِكُ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ فِي صُورَةِ الْمُسْلِمِ أَوْ ذِمِّيٌّ فِي صُورَةِ الذِّمِّيِّ (قَوْلُهُ: فَهُوَ) أَيْ الْجَارِحُ (قَوْلُهُ: وَشَرِيكُ النَّفْسِ) لَعَلَّهُ إذَا كَانَ جُرْحُهُ لِنَفْسِهِ يَقْتُلُ غَالِبًا وَكَانَ مُتَعَمِّدًا فِيهِ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ السُّمِّ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَجَارِحٍ دَافَعَ الصَّائِلَ)

الزُّهُوقِ بِفِعْلَيْنِ عَمْدًا، وَامْتِنَاعُ الْقِصَاصِ عَنْ أَحَدِهِمَا لِمَعْنًى آخَرَ خَارِجٍ عَنْ الْفِعْلِ لَا يَقْتَضِي سُقُوطَهُ عَنْ الْآخَرِ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ. وَالثَّانِي تَجِبُ نِصْفُ الدِّيَةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ مَنْ لَا يَضْمَنُ أَخَفُّ حَالًا مِنْ الْمُخْطِئِ فَأَوْلَى بِعَدَمِ الْقَوَدِ عَلَى شَرِيكِهِ. وَرُدَّ بِأَنَّ فِعْلَ الشَّرِيكِ فِيمَا بَعْدُ كَذَا مُهْدَرٌ بِالْكُلِّيَّةِ لَا يَقْتَضِي شُبْهَةً فِي فِعْلِ الْآخَرِ أَصْلًا فَلَا يَكُونُ مُسَاوِيًا لِشَرِيكِ الْمُخْطِئِ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ أَوْلَى مِنْهُ، وَيُقْتَلُ شَرِيكُ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ وَمَجْنُونٍ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ وَشَرِيكُ السَّبُعِ وَالْحَيَّةِ الْقَاتِلَيْنِ غَالِبًا مَعَ وُجُودِ الْمُكَافَأَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى سَقَطَ الْقَوَدُ مِنْ أَحَدِهِمَا لِشُبْهَةٍ فِي فِعْلِهِ سَقَطَ عَنْ شَرِيكِهِ أَوْ لِصِفَةٍ قَائِمَةٍ بِذَاتِهِ وَجَبَ عَلَى شَرِيكِهِ (وَلَوْ) (جَرَحَهُ جُرْحَيْنِ عَمْدًا وَخَطَأً) أَوْ وَشِبْهَ عَمْدٍ (وَمَاتَ بِهِمَا) (أَوْ جَرَحَ) جُرْحًا مَضْمُونًا وَآخَرَ غَيْرَ مَضْمُونٍ كَأَنْ جَرَحَ (حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا ثُمَّ أَسْلَمَ) الْمَجْرُوحُ (وَجَرَحَهُ ثَانِيًا فَمَاتَ) بِهِمَا (لَمْ يُقْتَلْ) تَغْلِيبًا لِمُسْقِطِ الْقَوَدِ فَفِي الْأُولَى عَلَيْهِ مَعَ قَوَدِ الْجُرْحِ الْأَوَّلِ إنْ أَوْجَبَهُ نِصْفُ دِيَةٍ مُغَلَّظَةٍ وَنِصْفُ دِيَةٍ مُخَفَّفَةٍ، وَفِيمَا بَعْدَهَا عَلَيْهِ مُوجَبُ الْجُرْحِ الْوَاقِعِ فِي حَالِ الْعِصْمَةِ مِنْ قَوَدٍ أَوْ دِيَةٍ مُغَلَّظَةٍ وَتَعَدُّدُ الْجَارِحِ فِيمَا ذُكِرَ كَذَلِكَ إلَّا إنْ قَطَعَ الْمُتَعَمِّدُ طَرَفَهُ فَقَطْ (وَلَوْ) (دَاوَى جُرْحَهُ بِسُمٍّ مُذَفِّفٍ) أَيْ قَاتِلٍ سَرِيعًا (فَلَا قِصَاصَ) وَلَا دِيَةَ (عَلَى جَارِحِهِ) فِي النَّفْسِ إذْ هُوَ قَاتِلُ نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَالَ السُّمِّ بَلْ فِي الْجُرْحِ إنْ أَوْجَبَهُ وَإِلَّا فَالْمَالُ (وَإِنْ لَمْ يَقْتُلْ) السُّمُّ الَّذِي دَاوَاهُ بِهِ (غَالِبًا) أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَإِنْ قَتَلَ غَالِبًا (فَشِبْهُ عَمْدٍ) فَعَلَهُ فَلَا قَوَدَ عَلَى جَارِحِهِ فِي النَّفْسِ أَيْضًا بَلْ عَلَيْهِ نِصْفُ دِيَةٍ مُغَلَّظَةٍ مَعَ مَا أَوْجَبَهُ الْجُرْحُ (وَإِنْ قَتَلَ) السُّمُّ (غَالِبًا وَعَلِمَ فَشَرِيكُ جَارِحِ نَفْسِهِ) فَيَلْزَمُهُ الْقَوَدُ فِي الْأَظْهَرِ (وَقِيلَ) هُوَ (شَرِيكُ مُخْطِئٍ) فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَقْصِدُ قَتْلَ نَفْسِهِ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ: دَاوَى جُرْحَهُ عَمَّا لَوْ دَاوَاهُ غَيْرُ الْجَارِحِ، فَإِنْ كَانَ بِمُوحٍ وَعَلِمَهُ قَتَلَ الثَّانِيَ أَوْ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا وَعَلِمَ وَمَاتَ بِهِمَا قَتْلًا وَإِلَّا فَدِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ، وَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَحَّلَ إنْسَانٌ عَيْنَ مَرِيضٍ فَذَهَبَتْ بِمُدَاوَاتِهِ فَالضَّمَانُ عَلَى عَاقِلَتِهِ فَبَيْتِ ـــــــــــــــــــــــــــــSدَافِعٍ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِأَنَّ فِعْلَ الشَّرِيكِ) أَيْ الَّذِي لَمْ يَضْمَنْ (قَوْلُهُ: الْقَاتِلَيْنِ غَالِبًا) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَقَعَا عَلَى الْمَقْتُولِ بِلَا قَصْدٍ فَإِنْ كَانَ فِعْلُهُمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا أَوْ وَقَعَا بِلَا قَصْدٍ فَلَا قِصَاصَ عَلَى شَرِيكِهِمَا (قَوْلُهُ لِشُبْهَةٍ فِي فِعْلِهِ) بِأَنْ كَانَ فِعْلُهُ خَطَأً وَلَوْ حُكْمًا أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ (قَوْلُهُ: أَوْ لِصِفَةٍ قَائِمَةٍ) كَالصِّبَا وَدَفْعِ الصَّائِلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ جَرَحَهُ جُرْحَيْنِ عَمْدًا) تَقَدَّمَ الْعَمْدُ أَوْ تَأَخَّرَ (قَوْلُهُ: نِصْفُ دِيَةٍ مُغَلَّظَةٍ) فِي شِبْهِ الْعَمْدِ (قَوْلُهُ: وَنِصْفُ دِيَةٍ) أَيْ فِي الْخَطَأِ (قَوْلُهُ: وَفِيمَا بَعْدَهَا) هُوَ قَوْلُهُ مَضْمُونًا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَيُقْطَعُ طَرَفُهُ فَقَطْ) أَيْ: وَعَلَى الثَّانِي ضَمَانُ فِعْلِهِ مِنْ خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ) غَايَةً، وَقَوْلُهُ: إنْ أَوْجَبَهُ أَيْ أَوْجَبَ جُرْحَهُ الْقِصَاصَ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَعْلَمْ) وَخَالَفَتْ هَذِهِ مَا قَبْلَهَا بِأَنَّ تِلْكَ فِي الْمُذَفِّفِ الَّذِي يَقْتُلُ سَرِيعًا وَهَذِهِ فِي غَيْرِهِ وَإِنْ قَتَلَ غَالِبًا (قَوْلُهُ: غَيْرُ الْجَارِحِ) أَيْ وَلَوْ بِإِذْنِهِ حَيْثُ لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ الدَّوَاءَ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ بِمُوحٍ) بِمُوَحَّدَةٍ، وَآخِرُهُ حَاءٌ مُهْمَلَةٌ أَيْ قَاتِلٌ سَرِيعًا (قَوْلُهُ: لَوْ كَحَلَ) هُوَ بِالتَّخْفِيفِ ـــــــــــــــــــــــــــــQهُوَ بِتَنْوِينِ جَارِحٍ الْمَجْرُورِ بِإِضَافَةِ شَرِيكٍ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا قَدَّرَهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى شَرِيكٍ دَافَعَ الصَّائِلِ فِي الدَّفْعِ، فَالصُّورَةُ أَنَّ دَافِعَ الصَّائِلِ جَرَحَهُ لِلدَّفْعِ ثُمَّ بَعْدَ الدَّفْعِ جَرَحَهُ آخَرُ فَمَاتَ بِهِمَا (قَوْلُهُ: إنْ أَوْجَبَهُ، وَإِلَّا فَالْمَالُ) هَذَا بِالنَّظَرِ لِمَا فِي الْمَتْنِ خَاصَّةً مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا زَادَهُ بِقَوْلِهِ وَلَا دِيَةَ، أَمَّا مَعَ النَّظَرِ إلَيْهِ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى قَوْلِهِ إنْ أَوْجَبَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَمَّا لَوْ دَاوَاهُ آخَرُ. غَيْرُ الْجَارِحِ) لَفْظٌ آخَرُ سَاقِطٌ فِي أَكْثَرِ نُسَخِ الشَّارِحِ مَعَ أَنَّهُ هُوَ الْمُحْتَرَزُ فِي الْحَقِيقَةِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: غَيْرُ الْجَارِحِ فَهُوَ زِيَادَةٌ عَنْ الْمُحْتَرَزِ تَقْيِيدٌ لَهُ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: أَيْ غَيْرُ الْجَارِحِ وَانْظُرْ حُكْمَ مَا لَوْ كَانَ الْمُدَاوِي هُوَ الْجَارِحُ (قَوْلُهُ: بِمُوَحٍّ) هُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ الْمُهْمَلَةِ: أَيْ مُسْرِعٍ لِلْمَوْتِ (قَوْلُهُ: وَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَخْ.) ظَاهِرُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّ إفْتَاءَ ابْنِ الصَّلَاحِ فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا قَبْلَهُ وَلَيْسَ

الْمَالِ فَعَلَيْهِ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ إذْنِهِ لَهُ فِي مُدَاوَاتِهِ بِهَذَا الدَّوَاءِ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ كَمَا لَوْ قَطَعَ سِلْعَةَ مُكَلَّفٍ بِإِذْنِهِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ مَتَى لَمْ يَنُصَّ الْمَرِيضُ عَلَى دَوَاءٍ مُعَيَّنٍ فَعَلَى عَاقِلَةِ الطَّبِيبِ الضَّمَانُ ثُمَّ بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ هُوَ وَإِنْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ كَانَ هَدَرًا، وَمِنْ الدَّوَاءِ خِيَاطَةُ جُرْحِهِ غَيْرَ أَنَّهُ إنْ خَاطَ فِي لَحْمٍ حَيٍّ وَهُوَ يَقْتُلُ غَالِبًا فَالْقَوَدُ، وَإِنْ آلَ الْحَالُ لِلْمَالِ فَنِصْفُ دِيَةٍ، وَإِنْ خَاطَهُ وَلِيٌّ لِلْمَصْلَحَةِ فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ كَمَا رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَلَا عَلَى الْجَارِحِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا وَالْكَيُّ كَالْخِيَاطَةِ (وَلَوْ) (ضَرَبُوهُ بِسِيَاطٍ فَقَتَلُوهُ وَضَرَبَ كُلُّ وَاحِدٍ غَيْرَ قَاتِلٍ) لَوْ انْفَرَدَ (فَفِي الْقِصَاصِ عَلَيْهِمْ أَوْجُهٌ أَصَحُّهَا يَجِبُ إنْ تَوَاطَئُوا) أَيْ تَوَافَقُوا عَلَى ضَرْبِهِ وَكَانَ ضَرْبُ كُلٍّ مِنْهُمْ لَهُ دَخْلٌ فِي الزُّهُوقِ وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ فِي الْجِرَاحَاتِ وَالضَّرَبَاتِ الْمُهْلِكِ كُلٌّ مِنْهَا لَوْ انْفَرَدَ؛ لِأَنَّهَا قَاتِلَةٌ فِي نَفْسِهَا وَيُقْصَدُ بِهَا الْإِهْلَاكُ مُطْلَقًا وَالضَّرْبُ الْخَفِيفُ لَا يَظْهَرُ فِيهِ قَصْدُ الْإِهْلَاكِ إلَّا بِالْمُوَالَاةِ مِنْ وَاحِدٍ، وَالتَّوَاطُؤِ مِنْ جَمْعٍ، وَلَوْ آلَى الْأَمْرُ إلَى الدِّيَةِ وُزِّعَتْ عَلَى عَدَدِ الضَّرَبَاتِ وَبِحَسَبِ الرُّءُوسِ فِي الْجِرَاحَاتِ. وَالثَّانِي لَا قِصَاصَ. وَالثَّالِثُ عَلَى الْجَمِيعِ لِئَلَّا يُتَّخَذَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى الْقَتْلِ، أَمَّا لَوْ كَانَ ضَرْبُ كُلٍّ قَاتِلًا لَوْ انْفَرَدَ وَجَبَ عَلَيْهِمْ الْقَوَدُ جَزْمًا (وَمَنْ قَتَلَ جَمْعًا مُرَتَّبًا) وَالْعِبْرَةُ فِي التَّرْتِيبِ وَالْمَعِيَّةِ بِالزُّهُوقِ كَمَا مَرَّ (قُتِلَ بِأَوَّلِهِمْ) لِسَبْقِ حَقِّهِ (أَوْ مَعًا) بِأَنْ مَاتُوا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ أَوْ جُهِلَتْ الْمَعِيَّةُ وَالتَّرْتِيبُ فَالْمُرَادُ الْمَعِيَّةُ وَلَوْ احْتِمَالًا كَأَنْ هَدَمَ عَلَيْهِمْ جِدَارًا وَتَنَازَعُوا فِيمَنْ يُقَدَّمُ بِقَتْلِهِ وَلَوْ بَعْدَ تَرَاضِيهِمْ بِتَقْدِيمِ أَحَدِهِمْ (فَبِالْقُرْعَةِ) يُقَدَّمُ حَتْمًا قَطْعًا لِلنِّزَاعِ (وَلِلْبَاقِينَ) فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا (الدِّيَاتُ) ؛ لِأَنَّهَا جِنَايَاتٌ لَوْ كَانَتْ خَطَأً لَمْ تَتَدَاخَلْ فَفِي التَّعَمُّدِ أَوْلَى (قُلْت فَلَوْ قَتَلَهُ) مِنْهُمْ (غَيْرُ الْأَوَّلِ) فِي الْأُولَى وَغَيْرُ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ فِي الثَّانِيَةِ (عَصَى) وَعُزِّرَ لِتَفْوِيتِهِ حَقَّ غَيْرِهِ (وَقَعَ قِصَاصًا) ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ (وَلِلْأَوَّلِ) وَمَنْ بَعْدَهُ (دِيَةٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِيَأْسِهِ مِنْ الْقَوَدِ وَالْمُرَادُ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَتْ دِيَةُ الْقَاتِلِ وَالْمَقْتُولِ دِيَةُ الْمَقْتُولِ لَا الْقَاتِلِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ فِي بَابِ الْعَفْوِ عَنْ الْقَوَدِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَلَوْ قَتَلَهُ أَوْلِيَاءُ الْقَتْلَى جَمِيعًا وَقَعَ الْقَتْلُ عَنْهُمْ مُوَزَّعًا عَلَيْهِمْ فَيَرْجِعُ كُلٌّ مِنْهُمْ إلَى مَا يَقْتَضِيهِ التَّوْزِيعُ مِنْ الدِّيَةِ، فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً حَصَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ ثُلُثُ حَقِّهِ وَلَهُ ثُلُثَا الدِّيَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: خِيَاطَةُ جُرْحِهِ) أَيْ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي خِيَاطَتِهِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ فَهَدَرٌ وَإِلَّا فَعَلَى عَاقِلَتِهِ (قَوْلُهُ: فَالْقَوَدُ) أَيْ عَلَى مَنْ خَاطَ حَيْثُ عَلِمَ بِحَالِ الْجُرْحِ وَتَعَمَّدَ (قَوْلُهُ: فَنِصْفٌ دِيَةٍ) أَيْ عَلَى مَنْ خَاطَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ خَاطَهُ) أَيْ بِنَفْسِهِ أَوْ مَأْذُونِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ) أَيْ التَّوَاطُؤُ (قَوْلُهُ: وُزِّعَتْ عَلَى عَدَدِ الضَّرَبَاتِ) أَيْ حَيْثُ اتَّفَقُوا عَلَى ذَلِكَ أَيْ، فَإِنْ اتَّفَقُوا عَلَى أَصْلِ الضَّرْبِ، وَاخْتَلَفُوا فِي عَدَدِهِ أُخِذَ مِنْ كُلٍّ الْمُتَيَقَّنُ وَوُقِفَ الْأَمْرُ فِيمَا بَقِيَ إلَى الصُّلْحِ (قَوْلُهُ: لَوْ انْفَرَدَتْ وَجَبَ) أَيْ فَإِنْ آلَ الْأَمْرُ إلَى الدِّيَةِ وُزِّعَتْ دِيَةُ عَمْدٍ عَلَى عَدَدِ الضَّرَبَاتِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: عَلَيْهِمْ الْقَوَدُ جَزْمًا) أَيْ تَوَاطَئُوا أَوْ لَا؛ لِأَنَّ فِعْلَ كُلِّ وَاحِدٍ قَاتِلٌ (قَوْلُهُ: فِي الثَّانِيَةِ) هِيَ قَوْلُهُ أَوْ مَعًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQكَذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ فَائِدَةٌ مُجَرَّدَةٌ يُؤْخَذُ مِنْهَا تَقْيِيدٌ لِمَا مَرَّ كَمَا لَا يَخْفَى، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَمِنْ الدَّوَاءِ خِيَاطَةُ جُرْحِهِ) أَيْ بِأَنْ خَاطَ جُرْحَ نَفْسِهِ الَّذِي جَرَحَهُ لَهُ الْغَيْرُ (قَوْلُهُ: فَالْقَوَدُ) أَيْ عَلَى جَارِحِهِ (قَوْلُهُ الْمُهْلِكِ كُلٌّ مِنْهَا) وَصْفٌ لِلضَّرَبَاتِ الْخَاصَّةِ (قَوْلُهُ وَمَنْ بَعْدَهُ) كَانَ يَنْبَغِي بِالنَّظَرِ لِمَا قَدَّمَهُ أَنْ يَقُولَ عَقِبَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلِلْأَوَّلِ وَلِمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ وَغَيْرِهِمَا.

[فصل في تغير حال المجروح بحرية أو عصمة أو إهدار أو بمقدار للمضمون به]

(فَصْلٌ) فِي تَغَيُّرِ حَالِ الْمَجْرُوحِ بِحُرِّيَّةٍ أَوْ عِصْمَةٍ أَوْ إهْدَارٍ أَوْ بِمِقْدَارٍ لِلْمَضْمُونِ بِهِ وَقَاعِدَةُ ذَلِكَ الْمَبْنِيُّ عَلَيْهَا أَكْثَرُ الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ أَنَّ كُلَّ جُرْحٍ وَقَعَ أَوَّلُهُ غَيْرَ مَضْمُونٍ لَا يَنْقَلِبُ مَضْمُونًا بِتَغَيُّرِ الْحَالِ فِي الِانْتِهَاءِ، وَمَا ضُمِنَ فِيهِمَا يُعْتَبَرُ قَدْرُ الضَّمَانِ فِيهِ بِالِانْتِهَاءِ، وَأَمَّا الْقَوَدُ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْعِصْمَةُ وَالْمُكَافَأَةُ مِنْ أَوَّلِ الْفِعْلِ إلَى الزَّهُوقِ. إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا (جَرَحَ) إنْسَانٌ (حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا أَوْ عَبْدَ نَفْسِهِ فَأَسْلَمَ) الْكَافِرُ أَوْ أُمِّنَ الْحَرْبِيُّ (وَعَتَقَ) الْعَبْدُ بَعْدَ الْجُرْحِ (ثُمَّ مَاتَ) أَحَدُهُمْ (بِالْجُرْحِ) (فَلَا ضَمَانَ) فِيهِ بِقَوَدٍ وَلَا دِيَةٍ اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْجِنَايَةِ، وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ قَاتِلَ الْمُرْتَدِّ قَدْ يُقْتَلُ بِهِ، وَمِمَّا يَأْتِي أَنَّ عَلَى قَاتِلِ عَبْدِهِ كَفَّارَةً دُونَ قَاتِلِ أَحَدِ الْأَوَّلَيْنِ لِإِهْدَارِهِ عِنْدَ اسْتِقْرَارِ الْجِنَايَةِ (وَقِيلَ تَجِبُ دِيَةٌ) لِحُرٍّ مُسْلِمٍ مُخَفَّفَةٍ عَلَى الْعَاقِلَةِ اعْتِبَارًا بِالِانْتِهَاءِ (وَلَوْ رَمَاهُمَا) أَيْ الْحَرْبِيَّ وَالْمُرْتَدَّ وَجُعِلَا قِسْمًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَحَدُهُمَا وَالْعَبْدُ (فَأَسْلَمَ) أَحَدُ الْأَوَّلَيْنِ (وَعَتَقَ) الثَّالِثُ قَبْلَ إصَابَةِ السَّهْمِ لَهُ ثُمَّ مَاتَا بِهَا (فَلَا قِصَاصَ) لِانْتِفَاءِ الْعِصْمَةِ وَالْمُكَافَأَةِ أَوَّلَ أَجْزَاءِ الْجِنَايَةِ وَلِكَوْنِ الْأَوَّلَيْنِ مُهْدَرَيْنِ وَالثَّالِثِ مَعْصُومًا حَسُنَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ) فِي تَغَيُّرِ حَالِ الْمَجْرُوحِ (قَوْلُهُ: فِي تَغَيُّرِ حَالِ الْمَجْرُوحِ) أَيْ أَوْ الْجَارِحِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ جَرَحَ حَرْبِيٌّ مَعْصُومًا وَالْأَوْلَى فِي تَغَيُّرِ حَالِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْمَجْرُوحَ لَا يَشْمَلُ مَا لَوْ رَمَى إلَى حَرْبِيٍّ مَثَلًا فَأَسْلَمَ قَبْلَ وُصُولِ السَّهْمِ لَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ بِمِقْدَارٍ) صِلَةُ تَغَيُّرٍ (قَوْلُهُ: أَوَّلُهُ غَيْرَ مَضْمُونٍ) لَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا لَوْ رَمَى إلَى حَرْبِيٍّ فَأَسْلَمَ قَبْلَ وُصُولِ السَّهْمِ حَيْثُ ضَمِنَ بِالْمَالِ كَمَا يَأْتِي مَعَ أَنَّ أَوَّلَ الْفِعْلِ غَيْرُ مَضْمُونٍ. لِأَنَّا نَقُولُ أَوَّلُ الْجُرْحِ فِي هَذِهِ مَضْمُونٌ، وَأَمَّا ابْتِدَاءُ الْفِعْلِ الَّذِي لَا ضَمَانَ فِيهِ فَلَيْسَ بِجُرْحٍ وَهُوَ إنَّمَا عَبَّرَ بِالْجُرْحِ، وَسَوَاءٌ كَانَ عَدَمُ الضَّمَانِ لِنَقْصٍ فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ جَرَحَ حَرْبِيًّا إلَخْ أَوْ فِي الْجَانِي كَمَا لَوْ جَنَى حَرْبِيٌّ عَلَى مُسْلِمٍ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: إلَى الزَّهُوقِ) يَرِدُ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ جَرَحَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيًّا أَوْ عَبْدٌ عَبْدًا ثُمَّ أَسْلَمَ الْجَارِحُ أَوْ عَتَقَ وَمَاتَ الْمَجْرُوحُ عَلَى رِقِّهِ أَوْ كُفْرِهِ وَجَبَ الْقِصَاصُ لِوُجُودِ الْمُكَافَأَةِ حَالَ الْجِنَايَةِ كَمَا تَقَدَّمَ التَّعْلِيلُ بِهِ فِي كَلَامِهِ، فَلَوْ عَبَّرَ هُنَا بِقَوْلِهِ: مِنْ أَوَّلِ الْفِعْلِ إلَى انْتِهَائِهِ لَوَافَقَ مَا مَرَّ. وَيُمْكِنُ رَدُّ مَا هُنَا إلَى مَا سَبَقَ بِأَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ أَنَّ الْعِصْمَةَ تُشْتَرَطُ إلَى الزَّهُوقِ، وَأَنَّ الْمُكَافَأَةَ تُعْتَبَرُ حَالَ الْجِنَايَةِ، فَقَوْلُهُ إلَى الزَّهُوقِ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَجْمُوعِ لَا بِكُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ: وَالْمُرْتَدُّ فِي حَقِّ مَعْصُومٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَنَّ قَاتِلَ الْمُرْتَدِّ إلَخْ) وَلَا تَرُدُّ وَاحِدَةٌ مِنْ الصُّورَتَيْنِ عَلَى الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا عَبَّرَ بِنَفْيِ الضَّمَانِ وَالْمُتَبَادَرُ مِنْهُ الضَّمَانُ أَوْ الْقِصَاصُ، وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ عُفِيَ عَنْهُ عَلَى مَالٍ وَجَبَ، وَالْمُرْتَدُّ لَا يَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْ الْقِصَاصِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ بِمَالٍ (قَوْلُهُ: قَدْ يُقْتَلُ بِهِ) أَيْ إذَا كَانَ مُرْتَدًّا مِثْلَهُ لِوُجُودِ الْمُكَافَأَةِ (قَوْلُهُ: الْأَوَّلَيْنِ) أَيْ الْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ (قَوْلُهُ: لِإِهْدَارِهِ) أَيْ الْأَحَدِ (قَوْلُهُ: الْحَرْبِيَّ وَالْمُرْتَدَّ) ع: ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي تَغَيُّرِ حَالِ الْمَجْرُوحِ بِحُرِّيَّةٍ أَوْ عِصْمَةٍ أَوْ إهْدَارٍ أَوْ بِمِقْدَارٍ لِلْمَضْمُونِ بِهِ] فَصْلٌ) فِي تَغَيُّرِ حَالِ الْمَجْرُوحِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِمِقْدَارٍ لِلْمَضْمُونِ بِهِ) دَخَلَ فِيهِ التَّغْيِيرُ بِالْحُرِّيَّةِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: لَا يَنْقَلِبُ مَضْمُونًا) وَكَذَا عَكْسُهُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَلَوْ ارْتَدَّ الْمَجْرُوحُ وَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ إلَخْ. فَيُزَادُ فِي الْقَاعِدَةِ، وَكُلُّ جُرْحٍ وَقَعَ مَضْمُونًا لَا يَنْقَلِبُ غَيْرَ مَضْمُونٍ (قَوْلُهُ: فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْعِصْمَةُ وَالْمُكَافَأَةُ مِنْ أَوَّلِ الْفِعْلِ إلَى الزُّهُوقِ) يَرِدُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ جَرَحَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيًّا، فَأَسْلَمَ الْجَارِحُ ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ فَكَذَا: أَيْ لَا يَسْقُطُ الْقَوَدُ

تَثْنِيَةُ الضَّمِيرِ، وَإِنْ كَانَ الْعَطْفُ بِأَوْ؛ لِأَنَّهُمَا ضِدَّانِ كَمَا فِي {فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} [النساء: 135] (وَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ دِيَةِ مُسْلِمٍ مُخَفَّفَةٍ عَلَى الْعَاقِلَةِ) اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْإِصَابَةِ؛ لِأَنَّهَا حَالَةُ اتِّصَالِ الْجِنَايَةِ وَالرَّمْيُ كَالْمُقَدِّمَةِ الَّتِي يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى الْجِنَايَةِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا قَوَدَ بِذَلِكَ لِانْتِفَاءِ الْمُكَافَأَةِ أَوَّلَ أَجْزَاءِ الْجِنَايَةِ، وَقِيلَ يَجِبُ فِي الْمُرْتَدِّ دُونَ الْحَرْبِيِّ، وَلَوْ جَرَحَ حَرْبِيٌّ مَعْصُومًا ثُمَّ عُصِمَ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَإِنْ عُصِمَ بَعْدَ الرَّمْيِ وَقَبْلَ الْإِصَابَةِ ضَمِنَهُ بِالْمَالِ لَا الْقَوَدِ (وَلَوْ) (ارْتَدَّ الْمَجْرُوحُ وَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ) مُرْتَدًّا (فَالنَّفْسُ) بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْجَارِحِ الْمُرْتَدِّ (هَدَرٌ) لَا شَيْءَ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَتَلَهُ حِينَئِذٍ مُبَاشَرَةً لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ فَالسِّرَايَةُ أَوْلَى (وَيَجِبُ قِصَاصُ الْجُرْحِ) الَّذِي فِيهِ قِصَاصٌ كَالْمُوضِحَةِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِاسْتِقْرَارِهِ فَلَمْ يَتَغَيَّرْ بِمَا حَدَثَ بَعْدُ، وَالثَّانِي لَا؛ إذْ الطَّرَفُ تَبَعٌ لِلنَّفْسِ حَيْثُ صَارَتْ الْجِنَايَةُ قَتْلًا فَإِذَا لَمْ يَجِبْ قِصَاصُ النَّفْسِ لَمْ يَجِبْ فِي الطَّرَفِ، ثُمَّ هَذَا الْقِصَاصُ (يَسْتَوْفِيهِ قَرِيبُهُ) أَيْ وَارِثُهُ لَوْلَا الرِّدَّةُ وَلَوْ مُعْتَقًا (الْمُسْلِمُ) الْكَامِلُ وَإِلَّا فَبَعْدَ كَمَالِهِ؛ لِأَنَّهُ شُرِعَ لِلتَّشَفِّي وَهُوَ لَهُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْإِمَامَ يَسْتَوْفِيهِ عِنْدَ فَقْدِ مَنْ ذُكِرَ (وَقِيلَ) لَا يَسْتَوْفِيهِ إلَّا (الْإِمَامُ) إذْ لَا وَارِثَ لِلْمُرْتَدِّ (فَإِنْ اقْتَضَى الْجُرْحُ مَالًا) لَا قَوَدًا كَجَائِفَةٍ (وَجَبَ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ أَرْشِهِ وَدِيَةٍ) لِلنَّفْسِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ، فَلَوْ كَانَ الْجُرْحُ قَطْعَ يَدٍ وَجَبَ نِصْفُ دِيَةٍ أَوْ يَدَيْهِ فَدِيَةٌ وَيَكُونُ الْوَاجِبُ فَيْئًا لَا شَيْءَ مِنْهُ لِلْوَارِثِ الْمَذْكُورِ (وَقِيلَ) الْوَاجِبُ (أَرْشُهُ) أَيْ الْجُرْحِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَإِنْ زَادَ عَلَى دِيَةِ نَفْسٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَنْدَرِجُ فِي نَفْسٍ تُضْمَنُ (وَقِيلَ هَدَرٌ) لَا شَيْءَ فِيهِ إذْ الْجُرْحُ مَتَى سَرَى تَبِعَ النَّفْسَ (وَلَوْ) (ارْتَدَّ) الْمَجْرُوحُ (ثُمَّ أَسْلَمَ فَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ) (فَلَا قِصَاصَ) لِتَخَلُّلِ الْمُهْدَرِ فَصَارَ شُبْهَةً دَارِئَةً لِلْقَوَدِ (وَقِيلَ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَوْ كَانَ الرَّامِي الْإِمَامَ لِقَتْلِ الرِّدَّةِ فَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ الضَّمَانِ، كَذَا حَاوَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ غَايَةَ أَمْرِهِ أَنْ يَكُونَ كَالْحَرْبِيِّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: {فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} [النساء: 135] أَيْ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ. وَأُجِيبَ عَنْ الْآيَةِ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ هَذَا الْبَابِ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ فِيهَا إنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ يَكُنْ فَقِيرًا فَالضَّمِيرُ فِي بِهِمَا رَاجِعٌ لِمَعْمُولِ الْمُتَعَاطِفَيْنِ لَا لَهُمَا (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَجِبُ) أَيْ الْقِصَاصُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ جَرَحَ حَرْبِيٌّ) هَذِهِ لَا تَدْخُلُ فِي تَغَيُّرِ حَالِ الْمَجْرُوحِ؛ إذْ الْمُتَغَيِّرُ هُنَا حَالُ الْجَارِحِ لَكِنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِهِ كُلُّ جُرْحٍ أَوَّلُهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ عُصِمَ) أَيْ الْحَرْبِيُّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عُصِمَ) هَذِهِ لَمْ تَشْمَلْهَا الْقَاعِدَةُ السَّابِقَةُ وَكَذَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ ارْتَدَّ الْمَجْرُوحُ إلَخْ لَمْ تَشْمَلْهُ الْقَاعِدَةُ، وَلَا يُرَدُّ عَلَى الشَّارِحِ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ قَبْلُ: الْمَبْنِيُّ عَلَيْهَا أَكْثَرُ الْمَسَائِلِ إلَخْ. وَقَاعِدَةُ هَذِهِ أَنْ يُقَالَ: كُلُّ جُرْحٍ أَوَّلُهُ مَضْمُونٌ وَآخِرُهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ فَالنَّفْسُ هَدَرٌ وَيَجِبُ قِصَاصُ الْجُرْحِ، وَفِيمَا قَبْلَهَا كُلُّ فِعْلٍ غَيْرُ مَضْمُونٍ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ الْجُرْحِ إلَى الزَّهُوقِ مَضْمُونٌ تَجِبُ فِيهِ دِيَةُ مُسْلِمٍ مُخَفَّفَةٌ (قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ) أَيْ بِدِيَةِ مُسْلِمٍ مُخَفَّفَةٍ عَلَى الْعَاقِلَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُعْتَقًا) نَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَرِيبِ الْوَارِثُ وَلَوْ أَجْنَبِيًّا فَيَشْمَلُ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ شُرِعَ لِلتَّشَفِّي) أَيْ وَلَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يَثْبُتَ لَهُ الْقِصَاصُ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ الْمَالُ كَالْقَتِيلِ الَّذِي عَلَيْهِ دُيُونٌ، وَفِي هَذَا التَّعْلِيلِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَيُرِيدُ بِالتَّعْلِيلِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: كَالْقَتِيلِ إلَخْ، وَوَجْهُ التَّشْبِيهِ أَنَّ وَارِثَ الْمَدْيُونِ يَقْتَصُّ مِنْ قَاتِلِهِ وَإِذَا آلَ الْأَمْرُ إلَى الدِّيَةِ أَخَذَهَا الدَّائِنُ، وَجْهُ النَّظَرِ أَنَّ الْمَالَ يُقَدَّرُ دُخُولُهُ فِي مِلْكِ الْقَتِيلِ ثُمَّ يَنْتَقِلُ لِرَبِّ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ لَهُ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ عَفَا وَارِثُهُ عَنْ قِصَاصِ الْجُرْحِ عَلَى مَالٍ صَحَّ وَكَانَ الْمَالُ الْوَاجِبُ فَيْئًا فِيمَا يَظْهَرُ وَتَرَدَّدَ فِيهِ سم عَلَى مَنْهَجٍ، ثُمَّ رَأَيْتُ فِي الْخَطِيبِ عَلَى هَذَا الْكِتَابِ مَا قُلْته (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ) ع: إيضَاحُهُ أَنَّ وُجُوبَ الدِّيَةِ إذَا كَانَتْ أَقَلَّ مُسَاوٍ لِنَظِيرِهِ مِنْ الْمُسْلِمِ، وَأَمَّا إيجَابُ الْأَرْشِ إذَا كَانَ أَقَلَّ فَلِأَنَّهُ وَجَبَ بِالْجِنَايَةِ أَرْشٌ، وَالرِّدَّةُ مَنَعَتْ مِنْ وُجُوبِ شَيْءٍ بَعْدَهَا، وَلَا تُسْقِطُ مَا وَجَبَ قَبْلَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْأَصَحِّ فَهَذَا لَا يُكَافِئُهُ إلَى الزُّهُوقِ (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ إلَخْ.) هَذَا لَا حَاجَة إلَيْهِ بَعْد تَصْرِيحِ الْمَتْنِ بِهِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اقْتَضَى الْجُرْحُ مَالًا) أَيْ وَلَوْ بِالْعَفْوِ أَوْ كَانَ خَطَأً مَثَلًا حَتَّى يَتَأَتَّى قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي فَلَوْ كَانَ

إنْ قَصُرَتْ الرِّدَّةُ) أَيْ زَمَنُهَا بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ لِلسِّرَايَةِ أَثَرٌ فِيهِ (وَجَبَ) الْقَوَدُ لِانْتِفَاءِ تَأْثِيرِ السِّرَايَةِ فِيهِ (وَتَجِبُ) عَلَى الْأَوَّلِ (الدِّيَةُ) كَامِلَةً مُغَلَّظَةً حَالَّةً فِي مَالِهِ لِوُقُوعِ الْجُرْحِ وَالْمَوْتِ حَالَ الْعِصْمَةِ (وَفِي قَوْلٍ نِصْفُهَا) تَوْزِيعًا عَلَى الْعِصْمَةِ وَالْإِهْدَارِ، وَقَدْ أَفْتَيْتُ فِيمَا لَوْ جَرَحَ مُسْلِمٌ مُسْلِمًا ثُمَّ ارْتَدَّا مَعًا وَأَسْلَمَا مَعًا ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ بِالسِّرَايَةِ بِلُزُومِ الْقَوَدِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْمُكَافَأَةُ مِنْ ابْتِدَاءِ الْفِعْلِ إلَى الْفَوَاتِ، وَهُمَا مُتَكَافِئَانِ كَذَلِكَ (وَلَوْ) (جَرَحَ مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا فَأَسْلَمَ) بَعْدَ الْإِصَابَةِ (أَوْ حُرٌّ عَبْدًا فَعَتَقَ) بَعْدَهَا (وَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ) (فَلَا قِصَاصَ) لِانْتِفَاءِ الْمُكَافَأَةِ حَالَ الْجِنَايَةِ (وَتَجِبُ دِيَةُ مُسْلِمٍ) أَوْ حُرٍّ حَالَّةً مُغَلَّظَةً فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ أَوَّلًا وَانْتِهَاءً، فَاعْتُبِرَ الِانْتِهَاءُ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ الْمُعْتَبَرُ فِي قَدْرِ الْمَضْمُونِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ بَدَلُ التَّالِفِ فَيُنْظَرُ فِيهِ لِحَالَةِ التَّلَفِ. وَيُفَارِقُ التَّغْلِيظُ هُنَا نَفْيَهُ فِيمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ هُنَا تَعَمَّدَ رَمْيَ مَعْصُومٍ وَثَمَّ تَعَمَّدَ رَمْيَ مُهْدَرٍ فَطَرَأَتْ عِصْمَتُهُ فَنَزَّلُوا طُرُوَّهَا مَنْزِلَةَ طُرُوُّ إصَابَةِ مَنْ لَمْ يَقْصِدْهُ (وَهِيَ) فِي الْأَخِيرَةِ (لِسَيِّدِ الْعَبْدِ) سَاوَتْ قِيمَتَهُ أَمْ نَقَصَتْ عَنْهَا لِاسْتِحْقَاقِهِ لَهَا بِالْجِنَايَةِ الْوَاقِعَةِ فِي مِلْكِهِ، وَلَا يَتَعَيَّنُ حَقُّهُ فِيهَا بَلْ لِلْجَانِي الْعُدُولُ لِقِيمَتِهَا، وَإِنْ كَانَتْ الدِّيَةُ مَوْجُودَةً فَإِذَا سَلَّمَ الدَّرَاهِمَ أُجْبِرَ السَّيِّدُ عَلَى قَبُولِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ إلَّا بِالدِّيَةِ (فَإِنْ زَادَتْ) أَيْ الدِّيَةُ (عَلَى قِيمَتِهِ فَالزِّيَادَةُ لِوَرَثَتِهِ) لِوُجُوبِهَا بِسَبَبِ الْحُرِّيَّةِ وَتَعَيَّنَ حَقُّهُمْ فِي الْإِبِلِ (وَ) مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْجُرْحِ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ هُوَ، فَحِينَئِذٍ (لَوْ) (قَطَعَ) الْحُرُّ (يَدَ عَبْدٍ) أَوْ فَقَأَ عَيْنَهُ (فَعَتَقَ ثُمَّ مَاتَ بِسِرَايَةٍ) وَأَوْجَبْنَا كَمَالَ الدِّيَةِ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ (فَلِلسَّيِّدِ الْأَقَلُّ مِنْ الدِّيَةِ الْوَاجِبَةِ) فِي نَفْسِهِ (وَنِصْفُ قِيمَتِهِ) الَّذِي هُوَ أَرْشُ الْجُرْحِ الْوَاقِعِ فِي مِلْكِهِ لَوْ انْدَمَلَ، وَالسِّرَايَةُ لَمْ تَحْصُلْ فِي الرِّقِّ فَلَمْ يَتَعَيَّنْ بِهَا حَقٌّ لَهُ، فَإِنْ كَانَ الْأَقَلُّ الدِّيَةَ فَلَا وَاجِبَ غَيْرُهَا أَوْ أَرْشَ الْجُرْحِ فَلَا حَقَّ لِلسَّيِّدِ فِي غَيْرِهِ، وَالزَّائِدُ لِلْوَرَثَةِ، وَذِكْرُهُ النِّصْفَ لِفَرْضِهِ أَنَّ الْمَقْطُوعَ يَدٌ وَإِلَّا فَكُلٌّ مِثَالٌ (وَفِي قَوْلٍ) الْوَاجِبُ لِلسَّيِّدِ (الْأَقَلُّ مِنْ الدِّيَةِ وَقِيمَتُهُ) كُلُّهَا؛ لِأَنَّا نَظَرْنَا لِلسِّرَايَةِ فِي دِيَةِ النَّفْسِ فَلْنَنْظُرْ إلَيْهَا فِي حَقِّ السَّيِّدِ حَتَّى يُقَدَّرَ مَوْتُهُ قِنًّا (وَلَوْ) (قَطَعَ) الْحُرُّ (يَدَهُ فَعَتَقَ فَجَرَحَهُ آخَرَانِ) كَأَنْ قَطَعَ أَحَدُهُمَا يَدَهُ الْأُخْرَى، وَالْآخَرُ رِجْلَهُ (وَمَاتَ بِسِرَايَتِهِمْ فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْأَوَّلِ) وَ (إنْ كَانَ حُرًّا) لِعَدَمِ الْمُكَافَأَةِ حَالَ الْجِنَايَةِ (وَيَجِبُ عَلَى الْآخَرَيْنِ) قِصَاصُ النَّفْسِ وَالطَّرَفِ؛ لِأَنَّهُمَا كُفُؤَانِ، وَمَتَى وَجَبَتْ الدِّيَةُ كَانَتْ أَثْلَاثًا؛ لِأَنَّ جِنَايَاتِهِمْ صَارَتْ بِالسِّرَايَةِ النَّاشِئَةِ عَنْهُمْ نَفْسًا، وَلَا حَقَّ لِلسَّيِّدِ فِيمَا عَلَى الْآخَرَيْنِ بَلْ فِيمَا عَلَى الْأَوَّلِ؛ إذْ هُوَ الْجَانِي عَلَى مِلْكِهِ فَلَهُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ ثُلُثِ الدِّيَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَمَا لَوْ قَتَلَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ نَفْسَهُ، وَقَوْلُهُ وَيَكُونُ الْوَاجِبُ فَيْئًا ع: وَلَا يَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لِكَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَتَجِبُ عَلَى الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَلَا قِصَاصَ (قَوْلُهُ: وَهُمَا مُتَكَافِئَانِ) أَيْ وَلَا يَضُرُّ تَخَلُّلُ الرِّدَّةِ وَهِيَ مُزِيلَةٌ لِلْعِصْمَةِ الْمُعْتَبَرَةِ مِنْ أَوَّلِ الْفِعْلِ إلَى الزَّهُوقِ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ مَعْصُومٌ عَلَى مِثْلِهِ (قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَوْ رَمَاهُمَا فَأَسْلَمَ وَعَتَقَ فَلَا قِصَاصَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَهَا) أَيْ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ: وَتَعَيَّنَ حَقُّهُمْ فِي الْإِبِلِ) هُوَ بِصِيغَةِ الْمَاضِي عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَالزِّيَادَةُ لِوَرَثَتِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ حَقَّ السَّيِّدِ لَا يَتَعَيَّنُ فِي الْإِبِلِ، وَحَقُّ الْوَرَثَةِ يَتَعَيَّنُ فِيهَا حَتَّى لَوْ دَفَعَ إلَيْهِمْ الدَّرَاهِمَ لَمْ يَجِبْ قَبُولُهَا (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ) أَيْ مَحَلُّ كَوْنِ الدِّيَةِ لِلسَّيِّدِ إنْ سَاوَتْ قِيمَتَهُ أَوْ نَقَصَتْ (قَوْلُهُ: نَفْسًا) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْجُرْحُ قَطْعَ يَدٍ (قَوْلُهُ: وَهُمَا مُتَكَافِئَانِ) أَيْ وَالْمَقْتُولُ مَعْصُومٌ عَلَيْهِ مِنْ ابْتِدَاءِ الْفِعْلِ إلَى الِانْتِهَاءِ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا اُعْتُرِضَ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ شَرْطَ الْقَوَدِ أَنْ لَا يَتَخَلَّلَ مُهْدِرٌ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِاشْتِرَاطِ الْعِصْمَةِ عِصْمَتُهُ عَلَى الْقَاتِلِ لَا عِصْمَتُهُ فِي نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَتَعَيَّنَ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَيَتَعَيَّنُ (قَوْلُهُ: الْحُرُّ) الْمُنَاسِبُ إنْسَانٌ كَمَا صَنَعَ فِي التُّحْفَةِ لِيَنْسَجِمَ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي إنْ كَانَ حُرًّا.

[فصل فيما يعتبر في قود الأطراف والجراحات والمعاني مع ما يأتي]

وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ فِي مِلْكِهِ وَهُوَ نِصْفُ الْقِيمَةِ، وَلَوْ عَادَ الْأَوَّلُ، وَجَرَحَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ فَلِلسَّيِّدِ الْأَقَلُّ مِنْ سُدُسِ الدِّيَةِ وَنِصْفُ الْقِيمَةِ. (فَصْلٌ) فِيمَا يُعْتَبَرُ فِي قَوَدِ الْأَطْرَافِ وَالْجِرَاحَاتِ وَالْمَعَانِي مَعَ مَا يَأْتِي (يُشْتَرَطُ لِقِصَاصِ الطَّرَفِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ (وَالْجُرْحِ) وَالْمَعَانِي (مَا شُرِطَ لِلنَّفْسِ) مِمَّا مَرَّ مُفَصَّلًا، وَلَا يَرِدُ الضَّرْبُ بِعَصًا خَفِيفَةٍ لِأَنَّهُ يُحَصِّلُهُ غَالِبًا لَا فِي النَّفْسِ إذْ عَمْدُ كُلٍّ بِحَسَبِهِ فَهُمَا مُسْتَوِيَانِ فِي حَدِّهِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مُحَصِّلِهِ، عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عِنْدَ عَدَمِ سِرَايَةِ الْإِيضَاحِ، وَإِلَّا وَجَبَ الْقَوَدُ فِي النَّفْسِ لِكَوْنِهِ حِينَئِذٍ يَقْتُلُ غَالِبًا، وَاسْتِثْنَاءُ الْبُلْقِينِيِّ مِنْ كَلَامِهِ مَا لَوْ جَنَى مُكَاتَبٌ عَلَى عَبْدِهِ فِي الطَّرَفِ فَلَهُ الْقَوَدُ مِنْهُ مَعَ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِهِ مُخَالِفٌ لِصَرِيحِ كَلَامِهِمْ وَإِنْ أَمْكَنَ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّهُ فِي حَيَاتِهِ يَتَشَفَّى بِالْقَوَدِ مِنْ سَيِّدِهِ، بِخِلَافِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِانْتِفَاءِ تَشَفِّيهِ؛ إذْ لَا وَارِثَ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ جِنَايَةَ نَفْسٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَادَ الْأَوَّلُ) مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ: وَمَتَى وَجَبَتْ الدِّيَةُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلِلسَّيِّدِ الْأَقَلُّ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ جُرِحَ جِرَاحَتَيْنِ إحْدَاهُمَا فِي الرِّقِّ وَالْأُخْرَى فِي الْحُرِّيَّةِ، وَالدِّيَةُ تُوَزَّعُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ نِصْفُهُ فِي مُقَابَلَةِ جِرَاحَةِ الرِّقِّ وَالْآخَرُ فِي مُقَابَلَةِ جِرَاحَةِ الْحُرِّيَّةِ، وَالسَّيِّدُ إنَّمَا يَجِبُ لَهُ بَدَلُ مَا وَقَعَ فِي الرِّقِّ وَهُوَ نِصْفُ الثُّلُثِ. [فَصْلٌ فِيمَا يُعْتَبَرُ فِي قَوَدِ الْأَطْرَافِ وَالْجِرَاحَاتِ وَالْمَعَانِي مَعَ مَا يَأْتِي] (فَصْلٌ) فِيمَا يُعْتَبَرُ فِي قَوَدِ الْأَطْرَافِ (قَوْلُهُ: فِي قَوَدِ الْأَطْرَافِ) أَيْ وُجُودًا وَعَدَمًا لِيَشْمَلَ نَحْوَ قَوْلِهِ وَلَا قِصَاصَ فِي كَسْرِ الْعِظَامِ (قَوْلُهُ: بِعَصًا خَفِيفَةٍ) خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ عَمْدٌ فِي نَحْوِ الْإِيضَاحِ اهـ حَجّ، وَهِيَ أَوْضَحُ مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُحَصِّلُهُ) أَيْ الْإِيضَاحَ (قَوْلُهُ: لَا فِي النَّفْسِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ نَحْوِ الْإِيضَاحِ (قَوْلُهُ: إذْ عَمْدُ كُلٍّ بِحَسَبِهِ) أَيْ مِنْ نَحْوِ الْإِيضَاحِ وَالنَّفْسِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ) قَدْ يُقَالُ هَذَا لَا يَنْفَعُ فِي دَفْعِ الْإِيرَادِ؛ لِأَنَّ حَاصِلَهُ أَنَّهُ لَوْ ضَرَبَهُ بِعَصًا خَفِيفَةٍ وَأَوْضَحَهُ كَانَ هَذَا الْإِيضَاحُ عَمْدًا مُوجِبًا لِلْقَوَدِ، وَلَوْ ضَرَبَهُ بِعَصًا خَفِيفَةٍ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ الضَّرْبِ كَانَ شِبْهَ عَمْدٍ، وَهَذَا لَا يَنْدَفِعُ بِأَنَّ السِّرَايَةَ مِنْ الْإِيضَاحِ بِذَلِكَ الضَّرْبِ يُوجِبُ الْقَوَدَ فِي النَّفْسِ فَتَأَمَّلْهُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: عِنْدَ عَدَمِ سِرَايَةِ الْإِيضَاحِ) يَعْنِي أَنَّ كَلَامَ الْمُورِدِ حَيْثُ لَمْ يَسْرِ الْإِيضَاحُ فَإِنَّهُ يَكُونُ عَمْدًا فِي الْإِيضَاحِ، وَإِذَا وَقَعَ مِثْلُهُ بِلَا إيضَاحٍ وَمَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مِنْهُ يَكُونُ شِبْهَ عَمْدٍ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ حَدَّ الْعَمْدِ الْمُوجِبِ لِلْقَوَدِ فِي النَّفْسِ قَصْدُ الْفِعْلِ وَالشَّخْصِ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا، وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي الضَّرْبِ، وَحَدُّ الْعَمْدِ الْمُوجِبُ لِلْإِيضَاحِ قَصْدُ الْفِعْلِ وَالشَّخْصِ بِمَا يُوضِحُ غَالِبًا وَهُوَ حَاصِلٌ بِالضَّرْبِ، وَالْكَلَامُ حَيْثُ لَا سِرَايَةَ أَمَّا مَعَهَا فَيَجِبُ الْقَوَدُ فِي النَّفْسِ؛ لِأَنَّ الْجِرَاحَةَ الْخَفِيفَةَ مَعَ السِّرَايَةِ تَقْتُلُ غَالِبًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَجَبَ الْقَوَدُ) أَيْ وَلَا إيرَادَ (قَوْلُهُ عَلَى عَبْدِهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: لِصَرِيحِ كَلَامِهِمْ) أَيْ فَلَا يُقْطَعُ كَمَا لَا يُقْتَلُ لَكِنَّهُ إذَا قَطَعَ يَدَهُ ضَمِنَهُ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: تَوْجِيهُهُ) أَيْ بِتَقْدِيرِ تَسْلِيمِ أَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصْلٌ) فِيمَا يُعْتَبَرُ فِي قَوَدِ الْأَطْرَافِ (قَوْلُهُ: مَعَ مَا يَأْتِي) يَعْنِي: وَفِيمَا يَأْتِي، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ الضَّرْبُ بِعَصًا خَفِيفَةٍ إلَخْ.) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَا يَرِدُ الضَّرْبُ بِعَصًا خَفِيفَةٍ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ عَمْدٌ فِي نَحْوِ الْإِيضَاحِ لِأَنَّهُ يُحَصِّلُهُ غَالِبًا لَا فِي النَّفْسِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَمْدَ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ انْتَهَتْ. وَلَعَلَّ بَعْضَهَا سَقَطَ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ إلَخْ.)

فَيُرَدُّ بِأَنَّ السَّيِّدِيَّةَ مَانِعَةٌ مِنْ ذَلِكَ التَّشَفِّي (وَلَوْ وَضَعُوا) أَوْ بَعْضُهُمْ فَإِسْنَادُهُ إلَى جَمِيعِهِمْ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ (سَيْفًا) مَثَلًا (عَلَى يَدِهِ وَتَحَامَلُوا) كُلُّهُمْ (عَلَيْهِ دُفْعَةً) بِالضَّمِّ وَفِي الْقَامُوسِ هِيَ بِالْفَتْحِ الْمَرَّةُ وَبِالضَّمِّ الدُّفْعَةُ مِنْ الْمَطَرِ وَمَا انْصَبَّ مِنْ سِقَاءٍ أَوْ إنَاءٍ مَرَّةً، وَبِهِ عُلِمَ صِحَّةُ كُلٍّ مِنْ الْفَتْحِ وَالضَّمِّ هُنَا (فَأَبَانُوهَا) وَلَوْ بِالْقُوَّةِ كَمَا يَأْتِي (قُطِعُوا) كَمَا لَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى قَتْلِ نَفْسٍ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ فِي قَطْعِ السَّرِقَةِ أَنْ يَخُصَّ كُلًّا مِنْ الْمُشْتَرِكِينَ نِصَابٌ؛ لِأَنَّ التَّوْزِيعَ مُمْكِنٌ ثَمَّ لَا هُنَا عَلَى أَنَّ حَقَّ اللَّهِ يُتَسَامَحُ فِيهِ أَكْثَرُ، فَإِنْ لَمْ يَتَحَامَلُوا بِأَنْ تَمَيَّزَ فِعْلُ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ كَأَنْ قَطَعَ وَاحِدٌ مِنْ جَانِبٍ وَآخَرُ مِنْ جَانِبٍ حَتَّى الْتَقَتْ الْحَدِيدَتَانِ أَوْ جَذَبَ أَحَدُهُمَا الْمِنْشَارَ ثُمَّ الْآخَرُ فَلَا قَوَدَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَلْ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا حُكُومَةٌ تَلِيقُ بِجِنَايَتِهِ وَبَحَثَا بُلُوغَ مَجْمُوعِ الْحُكُومَتَيْنِ دِيَةَ الْيَدِ (وَشِجَاجُ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ جَمْعُ شَجَّةٍ بِالْفَتْحِ (الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ عَشْرٌ) بِاسْتِقْرَاءٍ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ وَجُرْحُ غَيْرِهِمَا لَا يُسَمَّى شَجَّةً، فَدَعْوَى أَنَّ الْإِضَافَةَ إلَيْهِمَا مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ؛ لِأَنَّ الرَّأْسَ وَالْوَجْهَ لَيْسَا عَيْنَ الشَّجَّةِ بَلْ هُمَا شَرْطَانِ فِي تَسْمِيَتِهَا شَجَّةً فَالْأَقْرَبُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَا هُنَا مُطْلَقَ الْجُرْحِ وَأَنَّ الْإِضَافَةَ لِلتَّخْصِيصِ، وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَ فِي الشَّجَّةِ حَيْثُ أُطْلِقَتْ بِخِلَافِ مَا لَوْ أُضِيفَتْ كَمَا هُنَا عَلَى أَنَّ جَمَاعَةً أَطْلَقُوهَا عَلَى سَائِرِ جُرُوحِ الْبَدَنِ، أَوَّلُهَا طَبْعًا وَوَضْعًا ـــــــــــــــــــــــــــــSيُقْطَعُ فِيهِ وَلَا يُقْتَلُ بِهِ غَيْرَ أَنَّ مَا وُجِّهَ بِهِ لَا يَمْنَعُ مِنْ وُجُوبِ الِاسْتِثْنَاءِ لَوْ قِيلَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ عُلِمَ صِحَّةُ كُلٍّ مِنْ الْفَتْحِ وَالضَّمِّ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ الضَّمِّ فَإِنَّهُ لَيْسَ هُنَا مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ إذْ لَيْسَ ثَمَّ شَيْءٌ مَصْبُوبٌ يُسَمَّى بِالدُّفْعَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: شَبَّهَ السَّيْفَ الْوَاقِعَ فِي مَحَلِّ الْقَطْعِ بِالشَّيْءِ الْمَصْبُوبِ مِنْ سِقَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِالْقُوَّةِ) أَيْ كَأَنْ صَارَتْ مُعَلَّقَةً بِجِلْدَةٍ (قَوْلُهُ: يَلِيقُ بِجِنَايَتِهِ) أَيْ إنْ عُرِفَتْ، وَإِلَّا فَيَحْتَاطُ الْقَاضِي فِي فَرْضِهِ بِحَيْثُ لَا يَحْصُلُ ظُلْمٌ لِأَحَدِهِمَا وَلَا نَقْصَ لِمَجْمُوعِ الْحُكُومَتَيْنِ عَنْ الدِّيَةِ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لِلْقَاضِي شَيْءٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُمَا فِي الْحُكُومَةِ (قَوْلُهُ: دِيَةَ الْيَدِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: غَيْرُ صَحِيحَةٍ) كَذَا فِي حَجّ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِصِحَّتِهَا مَعَ تَسَامُحٍ؛ لِأَنَّ الشَّجَّةَ هِيَ جِرَاحُ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ فَكَأَنَّهُ قِيلَ وَجِرَاحُ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ الْمُضَافَةُ إلَيْهِمَا، فَلَمَّا اشْتَمَلَ الْمُضَافُ وَهُوَ الشِّجَاجُ بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهُ إلَى الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ كَانَ مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ حُكْمًا (قَوْلُهُ: فَالْأَقْرَبُ) أَيْ فِي تَوْجِيهِ الْمَتْنِ لِمَا يُقَالُ لَا مَعْنَى لِإِضَافَةِ الشِّجَاجِ لِلرَّأْسِ إذْ لَا يَكُونُ إلَّا فِيهِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ: أَيْ فِي الشَّجَّةِ) أَيْ مِنْ أَنَّهَا لَا تُطْلَقُ إلَّا عَلَى جُرْحِ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ جَمَاعَةً أَطْلَقُوهَا) أَيْ عَلَى سَائِرِ جُرُوحِ الْبَدَنِ: أَيْ وَعَلَيْهِ فَالْإِضَافَةُ لِلتَّخْصِيصِ بِلَا تَأْوِيلٍ (قَوْلُهُ: طَبْعًا وَوَضْعًا) قَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِنَحْوِ الْهَاشِمَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ مِنْ كُلِّ مَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَطْعِ جِلْدٍ فَإِنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ الشِّهَابُ سم: هَذَا لَا يَنْفَعُ فِي الْإِيرَادِ، ثُمَّ بَيَّنَ وَجْهَ عَدَمِ نَفْعِهِ وَقَدْ يُقَالُ وَكَذَا الْجَوَابُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: بِالضَّمِّ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ عَقِبَهُ كَذَا قَالَهُ شَارِحٌ. اهـ. فَقَوْلُهُ: وَفِي الْقَامُوسِ إلَخْ. الْمُرَادُ بِهِ الرِّدَّةُ عَلَى الشَّارِحِ الْمَذْكُورِ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ هُنَا ذِكْرُهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَمَيَّزَ) أَيْ فِي نَفْسِهِ بِأَنْ انْفَصَلَ عَنْ فِعْلِ الْآخَرِ، وَإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ لَنَا الْأَثَرُ فِي الْخَارِجِ (قَوْلُهُ: تَلِيقُ بِجِنَايَتِهِ) أَيْ إنْ عُلِمَتْ (قَوْلُهُ: فَدَعْوَى أَنَّ الْإِضَافَةَ إلَخْ.) هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ: وَجُرْحُ غَيْرِهِمَا لَا يُسَمَّى شَجَّةً: أَيْ فَلَا يُسَمَّى شَجَّةً إلَّا جُرْحُهُمَا فَالْإِضَافَةُ حِينَئِذٍ مِنْ إضَافَةِ الِاسْمِ إلَى الْمُسَمَّى لَا مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ فَدَعْوَى إلَخْ. وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: فَالْإِضَافَةُ إلَيْهِمَا مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ كَذَا قِيلَ إلَخْ. فَالْمُفَرَّعُ فِيهَا هُوَ الْمَرْدُودُ فِي تَفْرِيعِ الشَّارِحِ وَالتَّفْرِيعُ فِيهَا ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي الشَّجَّةِ إلَخْ.) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ، فَكَأَنَّ مَوْرِدًا أَوْرَدَ عَلَيْهِ مَا سَبَقَ ذِكْرُهُ فِي الشَّجَّةِ فَقَالَ: وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي الشَّجَّةِ حَيْثُ أُطْلِقَتْ فَلَا وُرُودَ (قَوْلُهُ: طَبْعًا وَوَضْعًا) يَرِدُ عَلَيْهِ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْهَشْمِ وَالتَّنْقِيلِ يَحْصُلُ بِغَيْرِ شَيْءٍ يَثْقُلُ

(حَارِصَةٌ) بِمُهْمَلَاتٍ (وَهِيَ مَا تَشُقُّ الْجِلْدَ قَلِيلًا) نَحْوُ الْخَدْشِ وَيُسَمَّى الْحَرْصَةَ وَالْحَرِيصَةَ وَالْقَاشِرَةَ (وَدَامِيَةٌ) بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ (تُدْمِيهِ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ الشَّقَّ بِغَيْرِ سَيَلَانِ دَمٍ وَإِلَّا فَدَامِعَةٌ بِمُهْمَلَةٍ وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ تَبْلُغُ الشِّجَاجُ إحْدَى عَشْرَةَ (وَبَاضِعَةٌ) مِنْ الْبَضْعِ وَهُوَ الْقَطْعُ (تَقْطَعُ اللَّحْمَ) بَعْدَ الْجِلْدِ: أَيْ تَشُقُّهُ شَقًّا خَفِيفًا مِنْ بَضَعَ قَطَعَ (وَمُتَلَاحِمَةٌ تَغُوصُ فِيهِ) أَيْ اللَّحْمِ وَلَا تَبْلُغُ الْجِلْدَةَ بَعْدَهُ سُمِّيَتْ بِمَا يَئُولُ إلَيْهِ مِنْ التَّلَاحُمِ تَفَاؤُلًا (وَسِمْحَاقٌ) بِكَسْرِ سِينِهِ (تَبْلُغُ الْجِلْدَةَ الَّتِي بَيْنَ اللَّحْمِ وَالْعَظْمِ) وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ بِالسِّمْحَاقِ حَقِيقَةً مِنْ سَمَاحِقِ الْبَطْنِ وَهِيَ الشَّحْمُ الرَّقِيقُ (وَمُوضِحَةٌ) وَلَوْ بِغَرْزِ إبْرَةٍ (تُوضِحُ الْعَظْمَ) بَعْدَ خَرْقِ تِلْكَ الْجِلْدَةِ: أَيْ تَكْشِفُهُ (وَهَاشِمَةٌ تُهَشِّمُهُ) أَيْ تُكَسِّرُهُ وَإِنْ لَمْ تُوضِحْهُ (وَمُنَقِّلَةٌ) بِتَشْدِيدِ الْقَافِ مَعَ كَسْرِهَا أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا (تَنْقُلُهُ) مِنْ مَحَلِّهِ لِغَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ تُوضِحْهُ وَتُهَشِّمْهُ (وَمَأْمُومَةٌ تَبْلُغُ خَرِيطَةَ الدِّمَاغِ) الْمُحِيطَةَ بِهِ، وَهِيَ أُمُّ الرَّأْسِ (وَدَامِغَةٌ) بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ (تَخْرِقُهَا) أَيْ خَرِيطَةَ الدِّمَاغِ وَتَصِلُهُ، وَهِيَ مُذَفِّفَةٌ عَلَى رَأْيٍ وَتُتَصَوَّرُ كُلُّهَا فِي الْجَبْهَةِ وَمَا سِوَى الْأَخِيرَيْنِ فِي الْخَدِّ وَقَصَبَةِ الْأَنْفِ وَاللَّحْيِ الْأَسْفَلِ بَلْ وَسَائِرِ الْبَدَنِ عَلَى مَا يَأْتِي (وَيَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الْمُوضِحَةِ فَقَطْ) لِضَبْطِهَا وَتَيَسُّرِ اسْتِيفَاءِ مِثْلِهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا (وَقِيلَ) يَجِبُ فِيهَا (وَفِيمَا قَبْلَهَا) لِإِمْكَانِ مَعْرِفَةِ نِسْبَتِهَا مِنْ الْمُوضِحَةِ. وَرُدَّ بِأَنَّ هَذَا الْإِمْكَانَ لَا يَكْفِي مِثْلُهُ لِلْقِصَاصِ بَلْ لِتَوْجِيهِ الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْقِسْطِ مِنْ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ بِنِسْبَتِهِ إلَيْهَا (سِوَى الْحَارِصَةِ) كَمَا زَادَهُ عَلَى أَصْلِهِ فَلَا قَوَدَ فِيهَا جَزْمًا؛ إذْ لَمْ يَفُتْ بِهَا شَيْءٌ لَهُ وَقْعٌ (وَلَوْ) (أَوْضَحَ فِي بَاقِي الْبَدَنِ) كَسَاعِدٍ وَصَدْرٍ (أَوْ قَطَعَ بَعْضَ مَارِنٍ) وَهُوَ مَا لَانَ مِنْ الْأَنْفِ (أَوْ) بَعْضَ (أُذُنٍ) أَوْ شَفَةٍ أَوْ إطَارِهَا وَهُوَ الْمُحِيطُ بِهَا، وَمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ عَدَمِ الْقَوَدِ فِيهِ تَحْرِيفٌ وَإِنَّمَا هُوَ إطَارُ السَّهِ: أَيْ الدُّبُرِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي لَا نِهَايَةَ لَهُ. قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: وَكُلٌّ صَحِيحٌ؛ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا أَوْ لِسَانٍ أَوْ حَشَفَةٍ (وَلَمْ يُبِنْهُ) بِأَنْ صَارَ مُعَلَّقًا بِجِلْدَةٍ وَالتَّقْيِيدُ بِذَلِكَ لِجَرَيَانِ الْخِلَافِ (وَجَبَ الْقِصَاصُ فِي الْأَصَحِّ) لِتَيَسُّرِ ضَبْطِ كُلٍّ مَعَ بُطْلَانِ فَائِدَةِ الْعُضْوِ، وَإِنْ لَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْحَارِصَةِ وَلَا مَا بَعْدَهَا، وَالتَّرَتُّبُ الطَّبِيعِيُّ ضَابِطُهُ أَنْ يَتَوَقَّفَ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ وَلَا يَكُونُ الْأَوَّلُ عِلَّةً لَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ (قَوْلُهُ: حَارِصَةٌ) ع: سُمِّيَتْ حَارِصَةً مِنْ حَرَصَ الْقَصَّارُ الثَّوْبَ إذَا شَقَّهُ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: تُدْمِيهِ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ. أَيْ مَعَ سُكُونِ الدَّالِ وَكَسْرِ الْمِيمِ مُخَفَّفَةً وَبِفَتْحِ الدَّالِ وَكَسْرِ الْمِيمِ مُشَدَّدَةً. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: دَمِيَ كَرَضِيَ دِمًى وَأَدْمَيْته وَدَمَّيْتُهُ (قَوْلُهُ: تَقْطَعُ اللَّحْمَ بَعْدَ الْجِلْدِ) اُنْظُرْ هَلْ هُوَ قَيْدٌ لِلْبَاضِعَةِ حَتَّى يَخْرُجَ قَطْعُ اللَّحْمِ بَعْدَ قَطْعِ الْغَيْرِ لِلْجِلْدَةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَيُمْكِنُ جَعْلُهُ حَالًا مِنْ اللَّحْمِ وَلَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِ (تَقْطَعُ) فَيَكُونُ فِعْلُ الثَّانِي بَاضِعَةً وَإِنْ لَمْ يَقْطَعْ شَيْئًا مِنْ الْجِلْدِ، وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ مُسَمَّاهَا حَتَّى لَوْ قَطَعَ وَاحِدٌ الْجِلْدَ بِتَمَامِهِ، وَآخَرُ اللَّحْمَ لَا يَكُونُ عَلَى الثَّانِي أَرْشُ بَاضِعَةٍ بَلْ مَا يَلِيقُ بِجِنَايَتِهِ وَتَكُونُ الْبَاضِعَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: وَمُتَلَاحِمَةٌ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ اللَّاحِمَةُ: أَيْ الْقَاطِعَةُ لِلَّحْمِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَالْجَوَابُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ سُمِّيَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِالسِّمْحَاقِ) أَيْ فِي لُغَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَمَّا أَهْلُ الْمَدِينَةِ فَيُسَمُّونَهَا الْمِلْطَى وَالْمِلْطَاةَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا) وَلَعَلَّ الْمَعْنَى عَلَى الْفَتْحِ مُنَقَّلٌ بِهَا بِالتَّشْدِيدِ فَحَذَفَ الْجَارَّ وَاتَّصَلَ الضَّمِيرُ (قَوْلُهُ: الْمُحِيطُ بِهَا) أَيْ بِأَعْلَى الشَّفَةِ، فَفِي الْقَامُوسِ الْإِطَارُ كَكِتَابٍ: الْحَلْقَةُ مِنْ النَّاسِ وَقُضْبَانُ الْكَرْمِ تَلْتَوِي لِلتَّعْرِيشِ وَمَا يَفْصِلُ بَيْنَ الشَّفَةِ وَبَيْنَ شُعَيْرَاتِ الشَّارِبِ اهـ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَكُلٌّ صَحِيحٌ) يُتَأَمَّلُ مَا ذَكَرَ مِنْ صِحَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَعَ أَنَّ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ نَفْيٌ لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ وَمَا هُنَا يُثْبِتُهُ، نَعَمْ كُلٌّ صَحِيحٌ إذَا فُسِّرَ الْإِطَارُ بِإِطَارِ السَّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بَلْ وَسَائِرُ الْبَدَنِ إلَخْ.) أَيْ فِي الصُّورَةِ، وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ تَخْتَصُّ بِالرَّأْسِ وَالْوَجْهِ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَكُلٌّ صَحِيحٌ)

يُبِنْهُ، وَفِيمَا إذَا اقْتَصَّ فِي الْمُعَلَّقِ بِجِلْدَةٍ يَقْطَعُ مِنْ الْجَانِي إلَيْهَا ثُمَّ يَسْأَلُ أَهْلَ الْخِبْرَةِ فِي الْأَصْلَحِ مِنْ إبْقَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَيُقَدَّرُ مَا سِوَى الْمُوضِحَةِ بِالْجُزْئِيَّةِ كَثُلُثٍ وَرُبُعٍ؛ لِأَنَّ الْقَوَدَ وَجَبَ فِيهَا بِالْمُمَاثَلَةِ بِالْجُمْلَةِ فَامْتَنَعَتْ الْمِسَاحَةُ فِيهَا لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى أَخْذِ عُضْوٍ بِبَعْضِ آخَرَ، وَهُوَ مَحْذُورٌ وَلَا كَذَلِكَ فِي الْمُوضِحَةِ فَقُدِّرَتْ بِالْمِسَاحَةِ أَمَّا إذَا أَبَانَهُ فَيَجِبُ الْقَوَدُ جَزْمًا. وَالثَّانِي لَا يَجِبُ كَمَا لَا يَجِبُ فِيهِ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ (وَيَجِبُ) الْقِصَاصُ (فِي الْقَطْعِ مِنْ مَفْصِلٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الصَّادِ هُوَ مَوْضِعُ اتِّصَالِ عُضْوٍ بِعُضْوٍ عَلَى مُنْقَطَعِ عَظْمَيْنِ بِرِبَاطَاتٍ وَاصِلَةٍ بَيْنَهُمَا مَعَ تَدَاخُلٍ كَمَرْفِقٍ وَرُكْبَةٍ أَوْ تَوَاصُلٍ كَأَنْمُلَةٍ وَكُوعٍ (حَتَّى فِي أَصْلِ فَخِذٍ) وَهُوَ مَا فَوْقَ الْوَرِكِ (وَمَنْكِبٍ) وَهُوَ مَجْمَعُ مَا بَيْنَ الْعَضُدِ وَالْكَتِفِ (إنْ أَمْكَنَ) الْقَطْعُ (بِلَا) حُصُولِ (إجَافَةٍ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ إلَّا بِهَا (فَلَا) قَوَدَ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّ الْجَوَائِفَ لَا تَنْضَبِطُ، نَعَمْ إنْ مَاتَ بِالْقَطْعِ قُطِعَ الْجَانِي وَإِنْ حَصَلَتْ الْإِجَافَةُ. وَالثَّانِي نَعَمْ حَيْثُ أَجَافَ الْجَانِي وَقَالَ أَهْلُ النَّظَرِ يُمْكِنُ أَنْ يُجَافَ مِثْلُ ذَلِكَ (وَيَجِبُ فِي فَقْءِ عَيْنٍ) أَيْ تَعْوِيرِهَا بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ (وَقَطْعِ أُذُنٍ وَجَفْنٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ (وَمَارِنٍ وَشَفَةٍ وَلِسَانٍ وَذَكَرٍ وَأُنْثَيَيْنِ) أَيْ بَيْضَتَيْنِ بِقَطْعِ جِلْدَتَيْهِمَا؛ لِأَنَّ لَهَا نِهَايَاتٍ مَضْبُوطَةً فَأُلْحِقَتْ بِالْمَفَاصِلِ، بِخِلَافِ قَطْعِ الْبَيْضَتَيْنِ دُونَ جِلْدَتَيْهِمَا بِأَنْ سَلَّهُمَا مِنْهُ مَعَ بَقَائِهِ فَلَا قَوَدَ فِيهِمَا لِتَعَذُّرِ الِانْضِبَاطِ حِينَئِذٍ، وَيَجِبُ أَيْضًا فِي إشْلَالِ ذَكَرٍ وَأُنْثَيَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا إنْ أَخْبَرَ عَدْلَانِ بِسَلَامَةِ الْأُخْرَى مَعَ ذَلِكَ وَكَذَا دَقُّهُمَا إنْ أَمْكَنَتْ الْمُمَاثَلَةُ كَمَا نَقَلَا عَنْ التَّهْذِيبِ ثُمَّ بَحَثَا أَنَّهُ كَكَسْرِ الْعِظَامِ، وَتَفْسِيرُ الشَّارِحِ الْبَيْضَتَيْنِ فِي مَوْضِعَيْنِ بِجِلْدَتَيْهِمَا ثُمَّ بِالْبَيْضَتَيْنِ بِاعْتِبَارِ اللُّغَةِ كَمَا هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ أَئِمَّتِهَا كَصَاحِبَيْ الصِّحَاحِ وَالْقَامُوسِ، فَقَدْ قَالَ الْأَوَّلُ فِيهَا: الْأُنْثَيَانِ الْخُصْيَتَانِ، وَقَالَ فِيهَا أَيْضًا: قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَأُرِيدَ أَنَّهُ لَا نِهَايَةَ لَهُ وَفُسِّرَ الْإِطَارُ بِإِطَارِ الشَّفَةِ وَأَنَّهُ لَهُ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: إلَيْهَا) أَيْ إلَى مِثْلِهَا (قَوْلُهُ: أَهْلُ الْخِبْرَةِ) لَوْ قِيلَ بِأَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ يَقْطَعُ إلَى الْجِلْدَةِ فَقَطْ وَيَصِيرُ الْأَمْرُ مَنُوطًا بِالْجَانِي فَيَفْعَلُ مَا ظَهَرَتْ لَهُ فِيهِ الْمَصْلَحَةُ بِسُؤَالٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَبْعُدْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: قَدْ يَخْتَارُ مَا لَا مَصْلَحَةَ لَهُ فِيهِ بَلْ مَا فِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ فَيَمْنَعُهُ الْحَاكِمُ مِنْ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ وَيَفْعَلُ بِهِ مَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً لَهُ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَخْ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَارِنُ الْجَانِي مَثَلًا قَدْرَ بَعْضِ مَارِنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَيُؤَدِّي إلَى أَخْذِ مَارِنِ الْجَانِي بِبَعْضِ مَارِنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَوْ اُعْتُبِرَ بِالْمِسَاحَةِ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا أَبَانَهُ) هَذَا إيضَاحٌ وَإِلَّا فَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ وَالتَّقْيِيدُ بِذَلِكَ لِجَرَيَانِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الصَّادِ) أَمَّا بِعَكْسِ ذَلِكَ فَاللِّسَانُ، وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ وِزَانُ مِقْوَدٍ اللِّسَانُ: وَإِنَّمَا كُسِرَتْ الْمِيمُ عَلَى التَّشْبِيهِ بِاسْمِ الْآلَةِ (قَوْلُهُ: وَشَفَةٍ) أَيْ سَوَاءٌ الْعُلْيَا وَالسُّفْلَى وَحَدُّ الْعُلْيَا طُولًا مَوْضِعُ الِارْتِتَاقِ مِمَّا يَلِي الْأَنْفَ وَالسُّفْلَى طُولًا مَوْضِعُ الِارْتِتَاقِ مِمَّا يَلِي الذَّقَنَ، وَفِي الْعَرْضِ الشِّدْقَيْنِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَقَوْلُهُ الِارْتِتَاقُ: أَيْ الِالْتِئَامُ. قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: الرَّتْقُ ضِدُّ الْفَتْقِ، وَقَدْ رَتَقَ انْفَتَقَ مِنْ بَابِ نَصَرَ فَارْتَتَقَ أَيْ الْتَأَمَ اهـ (قَوْلُهُ: بِقَطْعِ جِلْدَتَيْهِمَا) الْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ سَلَّ الْبَيْضَتَيْنِ وَحْدَهُمَا لَا قِصَاصَ فِيهِ، وَأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْعِبَارَةِ قَطْعُ الْبَيْضَتَيْنِ، وَلَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ أَنَّ قَطْعَ الْجِلْدَتَيْنِ يَسْتَلْزِمُ بُطْلَانَ مَنْفَعَةِ الْأُنْثَيَيْنِ اقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ فِي الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ الْبَيْضَتَيْنِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَطَعَ الْجِلْدَتَيْنِ فَقَطْ وَاسْتَمَرَّتْ الْبَيْضَتَانِ لَمْ تَجِبْ الدِّيَةُ وَإِنَّمَا تَجِبُ حُكُومَةٌ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ) أَيْ قِصَاصٌ (قَوْلُهُ: إنْ أَمْكَنَتْ الْمُمَاثَلَةُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: كَكَسْرِ) أَيْ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ (قَوْلُهُ: الْبَيْضَتَيْنِ) عِبَارَةُ حَجّ: الْخُصْيَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ فِيهَا) أَيْ الصَّحَاحُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ فَلَا قَوَدَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَهُوَ مُقَابِلٌ لِمَا ارْتَضَاهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: مَا سِوَى الْمُوضِحَةِ) أَيْ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا فَوْقَ الرُّكْبَةِ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِلْمُضَافِ إلَيْهِ وَهُوَ الْفَخِذُ وَفِي نُسَخِ مَا فَوْقَ الْوَرِكِ فَهُوَ تَفْسِيرٌ لِلْمُضَافِ وَهُوَ أَصْلٌ كَمَا لَا يَخْفَى فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَتَفْسِيرُ الشَّارِحِ الْبَيْضَتَيْنِ) كَذَا فِي النُّسَخِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ. فَإِنَّ

أَبُو عَمْرٍو الْخُصْيَتَانِ الْبَيْضَتَانِ وَالْخُصْيَتَانِ الْجِلْدَتَانِ اللَّتَانِ فِيهِمَا الْبَيْضَتَانِ انْتَهَى. وَقَالَ الثَّانِي فِيهِ: وَالْأُنْثَيَانِ الْبَيْضَتَانِ، وَقَالَ فِيهِ أَيْضًا: سَلَّ خُصْيَتَهُ فَهُوَ خَصِيٌّ وَمَخْصِيٌّ انْتَهَى. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْجِلْدَةَ لَا تُسَلُّ وَإِنَّمَا تُسَلُّ الْبَيْضَةُ، لَكِنْ نَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ ابْنِ السِّكِّيتِ أَنَّ الْأُنْثَيَيْنِ الْبَيْضَتَانِ، وَلَمَّا أَنْ كَانَ قَطْعُ جِلْدَتَيْهِمَا يَسْتَلْزِمُ غَالِبًا بُطْلَانَ مَنْفَعَةِ الْبَيْضَتَيْنِ اقْتَصَرَ الشَّارِحُ عَلَى التَّفْسِيرِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ فِي الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ الْبَيْضَتَيْنِ، فَالْقَوْلُ بِأَنَّ فِي جِلْدَتَيْهِمَا دِيَةً وَفِيهِمَا دِيَةً أُخْرَى أَوْ أَنَّ الْمَضْمُونَ بِهَا إنَّمَا هُوَ الْجِلْدَتَانِ غَيْرُ صَحِيحٍ (وَكَذَا أَلْيَانِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَهُمَا اللَّحْمَانِ النَّاتِئَانِ بَيْنَ الظَّهْرِ وَالْفَخِذِ (وَشُفْرَانِ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَهُمَا جُرْفَا الْفَرْجِ الْمُحِيطَانِ بِهِ إحَاطَةَ الشَّفَتَيْنِ بِالْفَمِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ لَهَا نِهَايَاتٍ مَضْبُوطَةً. وَالثَّانِي لَا لِعَدَمِ إمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ إلَّا بِقَطْعِ غَيْرِهِ (وَلَا قِصَاصَ فِي كَسْرِ الْعِظَامِ) لِعَدَمِ الْوُثُوقِ بِالْمُمَاثَلَةِ فِيهِ إلَّا سِنًّا أَمْكَنَ فِيهَا بِأَنْ تُنْشَرَ بِمِنْشَارٍ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ فَفِي كَسْرِهَا الْقَوَدُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ (وَلَهُ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِقَطْعِ بَعْضِ سَاعِدِهِ أَوْ فَخِذِهِ سَوَاءٌ أَسَبَقَ الْقَطْعَ كَسْرٌ أَمْ لَا، كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُهُ هُنَا مَعَ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ كَسَرَ عَضُدَهُ وَأَبَانَهُ إلَى آخِرِهِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى مَا هُنَا بِزِيَادَةٍ فَكَرَّرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهَا وَلِلتَّفْرِيعِ الْآتِي عَلَيْهِ الدَّافِعِ لِمَا اُعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِهِ هُنَا أَنَّ قَضِيَّتَهُ هُنَا لَوْ قَطَعَ مِنْ عَضُدِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ الْكُوعِ (قَطْعُ أَقْرَبِ مَفْصِلٍ إلَى مَوْضِعِ الْكَسْرِ) وَإِنْ تَعَدَّدَ ذَلِكَ الْمَفْصِلُ لِيَسْتَوْفِيَ بَعْضَ حَقِّهِ (وَحُكُومَةُ الْبَاقِي) لِعَدَمِ أَخْذِ عِوَضٍ عَنْهُ (وَلَوْ أَوْضَحَهُ وَهُشِّمَ أَوْضَحَ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ لِإِمْكَانِ الْقَوَدِ فِي الْمُوضِحَةِ (وَأَخَذَ خَمْسَةَ أَبْعِرَةٍ) أَرْشَ الْهَشْمِ (وَلَوْ أُوضِحَ وَنَقَّلَ أَوْضَحَ) لِمَا مَرَّ (وَلَهُ عَشَرَةُ أَبْعِرَةٍ) أَرْشَ التَّنْقِيلِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْهَشْمِ غَالِبًا وَلَوْ أُوضِحَ وَأُمَّ أَوْضَحَ وَأَخَذَ مَا بَيْنَ الْمُوضِحَةِ وَالْمَأْمُومَةِ وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ بَعِيرًا وَثُلُثٌ؛ لِأَنَّ فِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثَ الدِّيَةِ كَمَا سَيَأْتِي (وَلَوْ قَطَعَهُ مِنْ الْكُوعِ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَيُسَمَّى كَاعًا، وَهُوَ مَا يَلِي الْإِبْهَامَ مِنْ الْمَفْصِلِ، وَمَا بَيْنَ الْخِنْصِرِ كُرْسُوعٌ وَمَا يَلِي إبْهَامَ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: بِضَمِّ أَوَّلِهِ) أَيْ أَمَّا بِالْفَتْحِ فَهُدْبُ الْعَيْنِ نَعَمْ حَكَى الْفَتْحَ هُنَا أَيْضًا شَيْخُنَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: إلَّا سِنًّا) هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ السِّنَّ مِنْ الْعَظْمِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ فِيهِ ثَانِيهِمَا أَنَّهُ مِنْ الْعَصَبِ؛ لِأَنَّهُ يَلِينُ بِوَضْعِهِ فِي الْخَلِّ (قَوْلُهُ: بِقَطْعِ بَعْضِ سَاعِدِهِ) هُوَ مِنْ الْإِنْسَانِ مَا بَيْنَ الْمَرْفِقِ إلَى الْكَفِّ وَهُوَ مُذَكَّرٌ سُمِّيَ سَاعِدًا لِأَنَّهُ يُسَاعِدُ الْكَفَّ فِي بَطْشِهَا وَعَمَلِهَا اهـ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ: لَهَا) أَيْ لِلزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ: الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْهَشْمِ غَالِبًا) أَشَارَ بِهِ إلَى دَفْعِ مَا يَرُدُّ عَلَى قَوْلِهِ: وَلَهُ عَشَرَةُ أَبْعِرَةٍ أَرْشُ التَّنْقِيلِ مِنْ أَنَّ أَرْشَ الْمُنَقِّلَةِ خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ فَقَطْ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ أَرْشَ الْمُنَقِّلَةِ إنَّمَا كَانَ عَشَرَةً لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الْهَشْمِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ لِلُزُومِهِ لِلْمُنَقِّلَةِ غَالِبًا (قَوْلُهُ: مِنْ الْمَفْصِلِ) بَيَانٌ لِمَا وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمُسَمَّى بِالْكُوعِ هُوَ جُزْءُ الْمَفْصِلِ الَّذِي يَقْرُبُ مِنْ الْإِبْهَامِ، وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: وَهُوَ الْعَظْمُ الَّذِي يَلِي الْإِبْهَامَ اهـ. وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ، وَسَيَأْتِي عَنْ تَثْقِيفِ اللِّسَانِ أَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالَّذِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ الْجَلَالِ إنَّمَا هُوَ تَفْسِيرُ الْأُنْثَيَيْنِ الْوَاقِعُ هُنَا فِي الْمَتْنِ بِجِلْدَتِي الْبَيْضَتَيْنِ، وَفَسَّرَ الْخُصْيَتَيْنِ فِي الْبَابِ الْآتِي أَيْضًا بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالْخُصْيَتَانِ الْجِلْدَتَانِ) كَذَا فِي النُّسَخِ بِتَاءٍ فَوْقِيَّةٍ، وَلَعَلَّ صَوَابَهُ وَالْخُصْيَانُ بِغَيْرِ تَاءٍ لِأَنَّهُ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ الْجَلَالِ، فَالْخُصْيَتَانِ بِالتَّاءِ هُمَا الْبَيْضَتَانِ كَمَا ذَكَرَهُ قَبْلُ فَلْيُرَاجَعْ الصِّحَاحُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ نَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ ابْنِ السِّكِّيتِ إلَخْ.) هُوَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْقَامُوسِ وَمِنْ ثَمَّ سَوَّاهُ بِهِ فِي التُّحْفَةِ فَكَانَ يَنْبَغِي عَدَمُ الِاسْتِدْرَاكِ (قَوْلُهُ: بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَمْكَنَ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَسَبَقَ الْقَطْعَ كَسْرٌ) : أَيْ مِنْ الْجَانِي وَقَوْلُهُ: أَمْ لَا: أَيْ بِأَنْ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ كَسْرٌ بِأَنْ سَبَقَ مِنْ غَيْرِهِ، وَالْغَرَضُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَا فِي الْمَتْنِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ أَعَمُّ مِمَّا سَيَأْتِي فِيهِ الْخَاصُّ بِمَا إذَا وَقَعَ مِنْهُ كَسْرٌ فَانْتَفَى التَّكْرَارُ الْمَحْضُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَعَدَّدَ ذَلِكَ الْمَفْصِلُ) يُتَأَمَّلُ مَعْنَى هَذِهِ الْغَايَةِ (قَوْلُهُ: غَالِبًا) أَيْ وَالصُّورَةُ هُنَا مِنْ هَذَا الْغَالِبِ (قَوْلُهُ: مَا يَلِي الْإِبْهَامَ) أَيْ الْعَظْمُ الَّذِي يَلِي الْإِبْهَامَ مِنْ جِهَةِ مَفْصِلِهِ،

الرِّجْلِ مِنْ الْعَظْمِ هُوَ الْبُوعُ وَأَمَّا الْبَاعُ فَهُوَ مَدُّ الْيَدِ يَمِينًا وَشِمَالًا (فَلَيْسَ لَهُ الْتِقَاطُ أَصَابِعِهِ) وَلَا أُنْمُلَةٍ مِنْهَا لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْقَطْعِ مِنْ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ (فَإِنْ فَعَلَهُ عُزِّرَ) لِعُدُولِهِ عَنْ حَقِّهِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ (وَلَا غُرْمَ) عَلَيْهِ لِاسْتِحْقَاقِهِ إتْلَافَ الْجُمْلَةِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ قَطْعَ الْكَفِّ بَعْدَهُ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ حَقِّهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ قَطْعِهِ مَنْ قُطِعَ مِنْ نِصْفِ سَاعِدِهِ فَلَقَطَ أَصَابِعَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِلُ بِالتَّمْكِينِ لِتَمَامِ حَقِّهِ لِبَقَاءِ فَضْلَةٍ مِنْ السَّاعِدِ لَمْ يَأْخُذْ فِي مُقَابَلَتِهَا شَيْئًا فَلَمْ يَتِمَّ لَهُ التَّشَفِّي الْمَقْصُودُ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَلَوْ عُفِيَ عَنْ الْكَفِّ لِلْحُكُومَةِ لَمْ يَجِبْ لِاسْتِيفَائِهِ الْأَصَابِعَ الْمُقَابِلَةَ لِلدِّيَةِ الدَّاخِلِ فِيهَا الْكَفُّ كَمَا لَا يُجَابُ مَنْ قَطَعَ يَدَيْ الْجَانِي إلَى دِيَةِ نَفْسِهِ لِاسْتِيفَائِهِ مُقَابِلَهَا. وَالثَّانِي لَا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ مَا يُقَابِلُ الدِّيَةَ وَزَادَ أَلَمًا (وَلَوْ) (كَسَرَ عَضُدَهُ وَأَبَانَهُ) أَيْ الْمَكْسُورَ مَعَ مَا بَعْدَهُ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ بِأَنْ كَانَ مُعَلَّقًا بِجِلْدَةٍ فَقَطْ (قَطَعَ) إنْ شَاءَ (مِنْ الْمَرْفِقِ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مَفْصِلٍ لِلْمَكْسُورِ (وَلَهُ حُكُومَةُ الْبَاقِي) نَظِيرُ مَا مَرَّ (فَلَوْ طَلَبَ الْكُوعَ مُكِّنَ) مِنْهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِمُسَامَحَتِهِ مَعَ عَجْزِهِ عَنْ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ وَلَهُ حُكُومَةُ السَّاعِدِ مَعَ الْبَاقِي مِنْ الْعَضُدِ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِعُدُولِهِ عَمَّا هُوَ أَقْرَبُ إلَى مَحَلِّ الْجِنَايَةِ (وَلَوْ) (أَوْضَحَهُ فَذَهَبَ ضَوْءُهُ) مَعَ بَقَاءِ حَدَقَتِهِ (أَوْضَحَهُ فَإِنْ ذَهَبَ الضَّوْءُ) فَذَاكَ (وَإِلَّا أَذْهَبَهُ بِأَخَفِّ مُمْكِنٍ كَتَقْرِيبِ حَدِيدَةٍ مُحْمَاةٍ مِنْ حَدَقَتِهِ) أَوْ وَضْعِ كَافُورٍ فِيهَا. وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: يُمْكِنُ إذْهَابُ الضَّوْءِ مَعَ بَقَاءِ الْحَدَقَةِ، وَإِلَّا وَجَبَ الْأَرْشُ (وَلَوْ لَطَمَهُ لَطْمَةً تُذْهِبُ ضَوْأَهُ غَالِبًا فَذَهَبَ لَطَمَهُ مِثْلَهَا) لِإِمْكَانِ الْمُمَاثَلَةِ (فَإِنْ لَمْ يُذْهِبْ أَذْهَبَ) بِالْمُعَالَجَةِ كَمَا ذَكَرَ. وَمَحَلُّهُ فِي اللَّطْمَةِ فِيمَا إذَا ذَهَبَ بِهَا مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ضَوْءُ إحْدَى الْعَيْنَيْنِ أَنْ لَا يُذْهِبَ بِهَا مِنْ الْجَانِي ضَوْءَ عَيْنَيْهِ أَوْ إحْدَاهُمَا مُخَالِفَةً لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهَا أَوْ مُبْهَمَةً، وَإِلَّا تَعَيَّنَتْ الْمُعَالَجَةُ فَإِنْ تَعَذَّرَتْ فَالْأَرْشُ (وَالسَّمْعُ كَالْبَصَرِ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِيهِ بِالسِّرَايَةِ) ؛ لِأَنَّ لَهُ مَحَلًّا مَضْبُوطًا (وَكَذَا الْبَطْشُ) وَلَمْ يَذْكُرُوا مَعَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSطَرَفُ الزَّنْدِ فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ هُوَ الْبُوعُ) وَقَالَ صَاحِبُ تَثْقِيفِ اللِّسَانِ الْكُوعُ رَأْسُ الزَّنْدِ مِمَّا يَلِي الْإِبْهَامَ وَالْبُوعُ مَا بَيْنَ طَرَفَيْ يَدَيْ الْإِنْسَانِ إذَا مَدَّهُمَا يَمِينًا وَشِمَالًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: مِنْ قَطْعِهِ) أَيْ الْكَفِّ وَالتَّذْكِيرُ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالتَّأْنِيثُ هُوَ الْكَثِيرُ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مِنْ قَطْعِهَا (قَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ هَلْ يَصِحُّ الْعَفْوُ مَجَّانًا وَيَلْغُو قَوْلُهُ عَلَى الْحُكُومَةِ أَوْ يَلْغُو الْعَفْوُ وَيُمَكَّنُ مِنْ الْقَوَدِ لِقَطْعِ الْكَفِّ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: إلَى دِيَةِ نَفْسِهِ) أَيْ الْجَانِي وَقَوْلُهُ: مُقَابِلُهَا أَيْ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَسَرَ عَضُدَهُ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْعَضُدُ مَا بَيْنَ الْمَرْفِقِ إلَى الْكَتِفِ وَفِيهَا خَمْسُ لُغَاتٍ وِزَانُ رَجُلٍ وَبِضَمَّتَيْنِ فِي لُغَةِ الْحِجَازِ وَقَرَأَ بِهَا الْحَسَنُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا} [الكهف: 51] وَمِثَالُ كَبِدٍ فِي لُغَةِ بَنِي أَسَدٍ وَمِثَالُ فَلْسٍ فِي لُغَةِ بَنِي تَمِيمٍ وَبَكْرٍ وَالْخَامِسَةُ مِثَالُ قُفْلٍ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ أَهْلُ تِهَامَةَ يُؤَنِّثُونَ الْعَضُدَ وَبَنُو تَمِيمٍ يُذَكِّرُونَ، وَالْجَمْعُ أَعْضُدٌ وَأَعْضَادٌ مِثْلُ أَفْلُسٍ وَأَقْفَالٍ (قَوْلُهُ: مِنْ حَدَقَتِهِ) هِيَ السَّوَادُ الْأَعْظَمُ الَّذِي فِي الْعَيْنِ وَالْأَصْغَرُ النَّاظِرُ وَالْمُقْلَةُ شَحْمُ الْعَيْنِ الَّذِي يَجْمَعُ السَّوَادَ وَالْبَيَاضَ ذَكَرَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَقَوْلُهُ الْأَصْغَرُ هُوَ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ. وَفِي الْقَامُوسِ: النَّاظِرُ الْعَيْنُ أَوْ النُّقْطَةُ السَّوْدَاءُ فِي الْعَيْنِ أَوْ الْبَصَرُ نَفْسُهُ (قَوْلُهُ: أَهْلُ الْخِبْرَةِ) أَيْ اثْنَانِ مِنْهُمْ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ فَلَا يُكْتَفَى فِيهَا بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، وَعِبَارَةُ حَجّ مَحَلُّهُ فِي الْإِيضَاحِ وَاللَّطْمُ الْآتِي وَالْمُعَالَجَةُ فِيهِمَا إنْ أُمِنَ بِقَوْلِ خَبِيرَيْنِ إذْهَابُ حَدَقَتِهِ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَذْهَبَ) أَيْ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا الْبَطْشُ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: هُوَ يَزُولُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَاحْتُرِزَ بِهَذَا عَمَّا يَلِيهِ مِنْ جَانِبِهِ الَّذِي هُوَ أَصْلُ السَّبَّابَةِ، وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: وَهُوَ الْعَظْمُ الَّذِي فِي مَفْصِلِ الْكَفِّ مِمَّا يَلِي الْإِبْهَامَ انْتَهَتْ، وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَجَبَ الْأَرْشُ) أَيْ نِصْفُ الدِّيَةِ

[باب في كيفية القصاص]

اللَّمْسَ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ زَوَالُهُ بِزَوَالِهِ، فَإِنْ فُرِضَ زَوَالُهُ مَعَ بَقَاءِ الْبَطْشِ لَمْ يَجِبْ فِيهِ سِوَى حُكُومَةٍ، وَلَا قَوَدَ (وَالذَّوْقُ وَالشَّمُّ) وَالْكَلَامُ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِيهَا بِالسِّرَايَةِ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ لَهَا مَحَالَّ مَضْبُوطَةً وَلِأَهْلِ الْخِبْرَةِ طُرُقٌ فِي إبْطَالِهَا، وَالثَّانِي يَقُولُ لَا يُمْكِنُ الْقِصَاصُ فِيهَا (وَلَوْ) (قَطَعَ أُصْبُعًا فَتَأَكَّلَ غَيْرُهَا) مِنْ بَقِيَّةِ الْأَصَابِعِ (فَلَا قِصَاصَ فِي الْمُتَأَكِّلِ) بِالسِّرَايَةِ وَفَارَقَ إذْهَابُ الْمَعَانِي مِنْ بَصَرٍ وَنَحْوِهِ بِأَنَّ ذَاكَ لَا يُبَاشَرُ بِالْجِنَايَةِ، بِخِلَافِ الْأُصْبُعِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْأَجْسَامِ فَيُقْصَدُ بِمَحَلِّ الْبَصَرِ مَثَلًا نَفْسُهُ وَلَا يُقْصَدُ بِالْأُصْبُعِ مَثَلًا غَيْرُهَا، فَلَوْ اقْتَصَّ بِالْأُصْبُعِ فَسَرَى لِغَيْرِهَا لَمْ تَقَعْ السِّرَايَةُ قِصَاصًا بَلْ تَجِبُ عَلَى الْجَانِي لِلْأَصَابِعِ الْأَرْبَعَةِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ الدِّيَةِ، وَفَارَقَ مَا هُنَا وُجُوبَ الْقَوَدِ فِيمَا لَوْ ضَرَبَ يَدَهُ فَتَوَرَّمَتْ ثُمَّ سَقَطَتْ بَعْدَ أَيَّامٍ بِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى جَمِيعِ الْيَدِ قَصْدًا فَانْتَفَتْ السِّرَايَةُ. بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقِصَاصِ مِنْ قَصَّ قَطَعَ أَوْ اقْتَصَّ تَبِعَ لِاتِّبَاعِ الْمُسْتَحِقِّ الْجَانِيَ إلَى الِاسْتِيفَاءِ مِنْهُ (وَمُسْتَوْفِيهِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهِ) وَالْعَفْوِ عَنْهُ، وَلَا مَحْذُورَ فِي الزِّيَادَةِ عَمَّا فِي التَّرْجَمَةِ كَمَا وَقَعَ لِلْبُخَارِيِّ كَثِيرًا، بِخِلَافِ عَكْسِهِ وَتَقْدِيمِهِ الْمُسْتَوْفَى فِي التَّرْجَمَةِ عَلَى مَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ الْأَنْسَبُ بِالْكَيْفِيَّةِ وَتَأْخِيرِهِ عَنْهُ فِي الْكَلَامِ عَلَيْهِ لِطُولِهِ، وَقَدْ جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِتَقْدِيمِ مَا يَقِلُّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ لِيُحْفَظَ (لَا تُقْطَعُ) أَيْ لَا تُؤْخَذُ لِيَشْمَلَ الْمَعَانِيَ أَيْضًا فَكَلَامُهُ عَلَى الْغَالِبِ (يَسَارٌ بِيَمِينٍ) سَوَاءٌ الْأَعْضَاءُ وَالْمَعَانِي لِاخْتِلَافِهِمَا مَحَلًّا وَمَنْفَعَةً فَلَمْ تُوجَدْ الْمُسَاوَاةُ الْمَقْصُودَةُ مِنْ الْقِصَاصِ (وَلَا شَفَةٌ سُفْلَى بِعُلْيَا) وَلَا جَفْنٌ أَسْفَلُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالذَّوْقُ بِهَا عَلَى الْفَمِ وَالشَّمُّ بِهَا عَلَى الرَّأْسِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْغَالِبَ زَوَالُهُ) أَيْ اللَّمْسِ بِزَوَالِهِ أَيْ الْبَطْشِ (قَوْلُهُ: فِي إبْطَالِهَا) أَيْ فَإِنْ لَمْ يُوجَدُوا فَالْخِبْرَةُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بَيْنَ الِانْتِظَارِ وَالْعَفْوِ عَلَى الدِّيَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا قِصَاصَ فِي الْمُتَأَكِّلِ) ع: وَلَكِنْ تَجِبُ دِيَتُهُ عَلَى الْجَانِي حَالَّةً فِي مَالِهِ لِأَنَّهَا سِرَايَةُ جِنَايَةِ عَمْدٍ وَإِنْ جُعِلَتْ خَطَأً فِي سُقُوطِ الْقِصَاصِ، وَقِيلَ عَلَى الْعَاقِلَةِ؛ لِأَنَّا قَدَّرْنَاهَا فِي حُكْمِ الْخَطَأِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقِصَاصِ) (قَوْلُهُ: مِنْ قَصَّ) وَالْأَخْذُ مِنْ الْأَوَّلِ أَنْسَبُ لِكَوْنِهِ مَعَ اشْتِمَالِهِ عَلَى جَمِيعِ الْحُرُوف مُجَرَّدًا، وَالثَّانِي مَزِيدٌ فِيهِ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْمُجَرَّدِ (قَوْلُهُ: وَلَا مَحْذُورَ فِي الزِّيَادَةِ) أَيْ بَلْ قَالَ السَّيِّدُ عِيسَى الصَّفَوِيُّ فِيمَا كَتَبَهُ عَلَى حَاشِيَةِ السَّيِّدِ الْجُرْجَانِيِّ: مَا كَانَ مِنْ التَّوَابِعِ لَا يُعَدُّ زِيَادَةً، وَعِبَارَتُهُ: وَلَيْسَ مُرَادُهُمْ بِكَوْنِ الْبَابِ فِي كَذَا الْحَصْرَ بَلْ إنَّهُ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ أَوْ الْمُعْظَمِ، فَلَوْ ذَكَرَ غَيْرَهُ نَادِرًا وَاسْتِطْرَادًا لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَ ذِكْرَهُ فِي التَّرْجَمَةِ اعْتِمَادًا عَلَى تَوَجُّهِ الذِّهْنِ إلَيْهِ إمَّا بِطَرِيقِ الْمُقَايَسَةِ أَوْ اللُّزُومِ (قَوْلُهُ: لَا تُؤْخَذُ) أَيْ لَا يَجُوزُ وَلَوْ بِالرِّضَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: عَلَى الْغَالِبِ) الْأَوْلَى أَوْ عَلَى الْغَالِبِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ أَنَّهُ عَبَّرَ بِالْقَطْعِ لِكَوْنِهِ الْغَالِبَ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ لِأَنَّ الْقُيُودَ إذَا كَانَتْ لِلْغَالِبِ لَا مَفْهُومَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَلَوْ اُقْتُصَّ فِي الْأُصْبُعِ فَسَرَى إلَخْ.) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: فَلَوْ قَطَعَ أُصْبُعًا فَسَرَتْ لِلْبَقِيَّةِ فَقُطِعَتْ أُصْبُعُهُ فَسَرَتْ كَذَلِكَ لَزِمَهُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ دِيَةِ الْعَمْدِ لِأَنَّهَا سِرَايَةُ جِنَايَةِ عَمْدٍ (قَوْلُهُ: لَمْ تَقَعْ السِّرَايَةُ قِصَاصًا) الْأَوْلَى حَذْفُهُ. [بَابٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِصَاصِ] (بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقِصَاصِ) (قَوْلُهُ: فَكَلَامُهُ عَلَى الْغَالِبِ) هَذَا التَّفْرِيعُ فِيهِ حَزَازَةٌ بَعْدَ تَفْسِيرِهِ الْمَتْنَ بِمَا ذَكَرْنَا، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ عَقِبَ الْمَتْنِ

بِأَعْلَى (وَعَكْسُهُ) لِذَلِكَ وَلَوْ بِالرِّضَا فَفِي الْمَأْخُوذِ بَدَلًا دِيَتُهُ وَيَسْقُطُ الْقَوَدُ فِي الْأَوَّلِ لِتَضَمُّنِ الرِّضَا الْعَفْوَ عَنْهُ (وَلَا أُنْمُلَةٌ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الْمِيمِ فِي الْأَفْصَحِ (بِأُخْرَى) وَلَا أُصْبُعٌ بِأُخْرَى كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَلَا أَصْلِيٌّ بِزَائِدٍ مُطْلَقًا (وَلَا زَائِدٌ) بِأَصْلِيٍّ، أَوْ (بِزَائِدٍ) دُونَهُ مُطْلَقًا أَوْ مِثْلِهَا وَلَكِنَّهُ (فِي مَحَلٍّ آخَرَ) غَيْرِ مَحَلِّ ذَلِكَ الزَّائِدِ لِذَلِكَ أَيْضًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ سَاوَى الزَّائِدُ الزَّائِدَ أَوْ الْأَصْلِيَّ وَكَانَ بِمَحَلِّهِ لِلْمُسَاوَاةِ حِينَئِذٍ، وَلَا يُؤْخَذُ حَادِثٌ بَعْدَ الْجِنَايَةِ بِمَوْجُودٍ، فَلَوْ قَلَعَ سِنًّا لَيْسَ لَهُ مِثْلُهَا ثُمَّ نَبَتَ لَهُ مِثْلُهَا لَمْ تُقْلَعْ (وَلَا يَضُرُّ) فِي الْقَوَدِ بَعْدَ مَا ذُكِرَ (تَفَاوُتُ كِبَرٍ) وَصِغَرٍ (وَطُولٍ) وَقِصَرٍ (وَقُوَّةٍ) وَضَعْفِ (بَطْشٍ) وَنَحْوِهَا (فِي أَصْلِيٍّ) لِإِطْلَاقِ النُّصُوصِ وَلِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ فِي ذَلِكَ لَا تَكَادُ تَتَّفِقُ بِاعْتِبَارِهَا تُؤَدِّي إلَى بُطْلَانِ الْقِصَاصِ وَكَمَا يُقَادُ مِنْ الْعَالِمِ بِالْجَاهِلِ وَالْكَبِيرِ بِالصَّغِيرِ وَالشَّرِيفِ بِالْوَضِيعِ. نَعَمْ لَوْ قَطَعَ مُسْتَوِي الْيَدَيْنِ يَدًا أَقْصَرَ مِنْ أُخْتِهَا لَمْ تُقْطَعْ يَدُهُ بِهَا لِنَقْصِهَا بِالنِّسْبَةِ لِأُخْتِهَا وَإِنْ كَانَتْ كَامِلَةً فِي نَفْسِهَا؛ وَلِهَذَا وَجَبَتْ فِيهَا دِيَةٌ نَاقِصَةٌ حُكُومَةً. وَمَحَلُّ ذَلِكَ عِنْدَ تَفَاوُتِهَا خِلْقَةً أَوْ بِآفَةٍ، فَإِنْ نَشَأَ نَقْصُهَا عَنْ جِنَايَةٍ امْتَنَعَ أَخْذُ الْكَامِلَةِ وَوَجَبَ نَقْصُ الدِّيَةِ كَمَا حَكَيَاهُ عَنْ الْإِمَامِ وَإِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّ الْإِمَامَ حَكَى عَنْ الْأَصْحَابِ عَدَمَ الْفَرْقِ، وَإِنَّهُ الصَّوَابُ (وَكَذَا زَائِدٌ) كَأُصْبُعٍ وَسِنٍّ فَلَا يَضُرُّ فِيهِ التَّفَاوُتُ أَيْضًا (فِي الْأَصَحِّ) وَكَوْنُ الْقَوَدِ فِي الْأَصْلِيِّ بِالنَّصِّ، وَفِي الزَّائِدِ بِالِاجْتِهَادِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ التَّسَاوِي فِي الْأَوَّلِ، وَاعْتُبِرَ فِي الثَّانِي غَيْرُ مُؤَثِّرٍ لِتَسَاوِي النَّصِّ وَالِاجْتِهَادِ فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِمَا وَالثَّانِي فِي الزَّائِدِ قَالَ: إنْ كَانَ كِبَرُهُ فِي الْجَانِي لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ أَوْ فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ اُقْتُصَّ وَأَخَذَ حُكُومَةً قَدْرَ النُّقْصَانِ (وَيُعْتَبَرُ) (قَدْرُ الْمُوضِحَةِ) فِي قِصَاصِهَا بِالْمِسَاحَةِ (طُولًا وَعَرْضًا) فَيُقَاسُ مِثْلُهَا مِنْ رَأْسِ الشَّاجِّ وَيُخَطُّ عَلَيْهِ بِنَحْوِ حُمْرَةٍ أَوْ سَوَادٍ وَيُوضَحُ بِنَحْوِ مُوسَى لَا بِنَحْوِ سَيْفٍ أَوْ حَجَرٍ وَإِنْ أُوضِحَ بِهِ لِتَعَذُّرِ أَمْنِ الْحَيْفِ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَهَا فَسَاوَى الْأَخْذَ (قَوْلُهُ دِيَتُهُ) أَطْلَقَ فِيهِ فَشَمِلَ مَا لَوْ أَخَذَ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْجَانِي وَمَا لَوْ كَانَ بِإِذْنِهِ وَلَمْ يَقُلْ قِصَاصًا أَوْ قَالَ: وَهُوَ يُخَالِفُ مَا يَأْتِي مِنْ التَّفْصِيلِ فِيمَا لَوْ قَطَعَ صَحِيحَةً بِشَلَّاءَ، وَعَلَيْهِ فَلْيُنْظَرْ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَتِلْكَ، وَلَعَلَّهُ أَطْلَقَ هُنَا اعْتِمَادًا عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي فَلْيُحَرَّرْ وَعَلَيْهِ فَتَصَوُّرُ الْمَسْأَلَةِ هُنَا بِمَا لَوْ قَالَ خُذْهُ قَوَدًا فَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي الْمَقْطُوعِ وَيَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْ الْقَوَدِ لِتَضَمُّنِهِ الْعَفْوَ عَنْهُ، وَيَسْتَحِقُّ دِيَةَ عُضْوِهِ لِفَسَادِ الْعِوَضِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْفُ مَجَّانًا بَلْ عَلَى عِوَضٍ فَاسِدٍ فَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ بِالْعَفْوِ وَيَجِبُ بَدَلُهُ لِفَسَادِ الْعِوَضِ كَمَا لَوْ عَفَا عَنْ الْقَوَدِ عَلَى نَحْوِ خَمْرٍ (قَوْلُهُ: أُنْمُلَةٌ) فِيهَا تِسْعُ لُغَاتٍ تَثْلِيثُ أَوَّلِهَا مَعَ تَثْلِيثِ الْمِيمِ فِي كُلٍّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَقَدْ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ مَعَ لُغَاتِ الْأُصْبُعِ الْعَشَرَةِ فِي بَيْتٍ فَقَالَ: وَهَمْزُ أُنْمُلَةٍ ثَلِّثْ وَثَالِثَهُ ... وَالتِّسْعُ فِي أُصْبُعٍ وَاخْتِمْ بِأُصْبُوعِ اهـ مُنَاوِيٌّ عَلَى آدَابِ الْأَكْلِ لِابْنِ الْعِمَادِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِزَائِدٍ دُونَهُ مُطْلَقًا) قَدْ يُخَالِفُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الزَّائِدَ يُقْطَعُ بِالزَّائِدِ وَإِنْ تَفَاوَتَا كِبَرًا وَطُولًا وَقُوَّةَ بَطْشٍ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالزِّيَادَةِ هُنَا الْمُتَمَيِّزَةُ كَاشْتِمَالِ زَائِدَةِ الْجَانِي عَلَى ثَلَاثِ أَنَامِلَ وَزَائِدَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَلَى ثِنْتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَمَحَلُّ عَدَمِ ضَرَرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَيُخَطُّ) ـــــــــــــــــــــــــــــQنَصُّهَا: عَبَّرَ بِهِ لِلْغَالِبِ، وَالْمُرَادُ لَا تُؤْخَذُ لِيَشْمَلَ الْمَعَانِيَ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَفِي الْمَأْخُوذِ بَدَلًا دِيَتُهُ) لَعَلَّهُ إذَا قَالَ لَهُ خُذْهَا قِصَاصًا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فِي الْأَوَّلِ) أَيْ عُضْوُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: دُونَهُ) قَيْدٌ فِي الْأَصْلِيِّ وَالزَّائِدِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ) يَعْنِي: مَا فِي الْمَتْنِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَمَحَلُّ عَدَمِ ضَرَرِ ذَلِكَ

مِنْهُ وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ بِالْجُزْئِيَّةِ؛ لِأَنَّ الرَّأْسَيْنِ مَثَلًا قَدْ يَخْتَلِفَانِ صِغَرًا وَكِبَرًا فَيَكُونُ جُزْءُ أَحَدِهِمَا قَدْرَ جَمِيعِ الْآخَرِ فَيَقَعُ الْحَيْفُ، بِخِلَافِ الْأَطْرَافِ؛ لِأَنَّ الْقَوَدَ وَجَبَ فِيهَا بِالْمُمَاثَلَةِ بِالْجُمْلَةِ، فَلَوْ اعْتَبَرْنَاهَا بِالْمِسَاحَةِ أَدَّى إلَى أَخْذِ عُضْوٍ بِبَعْضِ آخَرَ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ (وَلَا يَضُرُّ) هُنَا (تَفَاوُتُ) نَحْوِ شَعْرٍ وَ (غِلَظِ لَحْمٍ وَجِلْدٍ) نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي تَفَاوُتِ نَحْوِ الطُّولِ وَقُوَّةِ الْبَطْشِ، وَلَوْ كَانَ بِرَأْسِ الشَّاجِّ شَعْرٌ دُونَ الْمَشْجُوجِ، فَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ نَصِّ الْأُمِّ عَدَمُ الْقَوَدِ لِمَا فِيهِ مِنْ إتْلَافِ شَعْرٍ لَمْ يُتْلِفْهُ الْجَانِي، وَظَاهِرُ نَصِّ الْمُخْتَصَرِ وُجُوبُهُ، عُزِيَ لِلْمَاوَرْدِيِّ، وَحَمَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْأَوَّلَ عَلَى فَسَادِ مَنْبِتِ الْمَشْجُوجِ، وَالثَّانِيَ عَلَى مَا لَوْ حَلَقَ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَضِيَّةُ نَصِّ الْأُمِّ أَنَّ الشَّعْرَ الْكَثِيفَ تَجِبُ إزَالَتُهُ لِيَسْهُلَ الِاسْتِيفَاءُ وَيَبْعُدَ عَنْ الْغَلَطِ، قَالَ: وَالتَّوْجِيهُ يُشْعِرُ بِأَنَّهَا لَا تَجِبُ إذَا كَانَ الْوَاجِبُ اسْتِيعَابَ الرَّأْسِ (وَلَوْ أَوْضَحَ كُلَّ رَأْسِهِ، وَرَأْسُ الشَّاجِّ أَصْغَرُ اسْتَوْعَبْنَاهُ) إيضَاحًا وَلَا نَكْتَفِي بِهِ وَإِنَّمَا كَفَتْ نَحْوُ يَدٍ قَصِيرَةٍ عَنْ طَوِيلَةٍ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْمَرْعِيَّ ثَمَّ الِاسْمُ وَهُنَا الْمِسَاحَةُ وَلِذَا قُطِعَتْ الْكَبِيرَةُ بِالصَّغِيرَةِ وَلَمْ تُؤْخَذْ رَأْسٌ أَكْبَرُ بِأَصْغَرَ جِرْمًا (وَلَا نُتَمِّمُهُ مِنْ) خَارِجِ الرَّأْسِ نَحْوِ (الْوَجْهِ وَالْقَفَا) لِخُرُوجِهِ عَنْ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ (بَلْ نَأْخُذُ قِسْطَ الْبَاقِي مِنْ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ لَوْ وُزِّعَ عَلَى جَمِيعِهَا) فَإِنْ بَقِيَ نِصْفٌ مَثَلًا أَخَذَ نِصْفَ أَرْشِهَا (وَإِنْ كَانَ رَأْسُ الشَّاجِّ أَكْبَرَ أَخَذَ) مِنْهُ (قَدْرَ رَأْسِ الْمَشْجُوجِ فَقَطْ) لِحُصُولِ الْمُمَاثَلَةِ (وَالصَّحِيحُ أَنَّ الِاخْتِيَارَ فِي مَوْضِعِهِ) أَيْ الْمَأْخُوذِ (إلَى الْجَانِي) ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ رَأْسِهِ مَحَلُّ الْجِنَايَةِ، وَهُوَ حَقٌّ عَلَيْهِ فَلَهُ أَدَاؤُهُ مِنْ أَيِّ مَحَلٍّ شَاءَ كَالدَّيْنِ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالصَّحِيحِ إلَى فَسَادِ مُقَابِلِهِ أَنَّ الْخِيَرَةَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَإِنْ انْتَصَرَ لَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ وَادَّعَوْا أَنَّهُ الصَّوَابُ نَقْلًا وَمَعْنًى، وَعَلَيْهِ يُمْنَعُ مِنْ أَخْذِ بَعْضِ الْمُقَدَّمِ وَبَعْضِ الْمُؤَخَّرِ لِئَلَّا يَأْخُذَ مُوضِحَتَيْنِ بِوَاحِدَةٍ (وَلَوْ) (أَوْضَحَ نَاصِيَةً وَنَاصِيَتُهُ) أَيْ الْجَانِي (أَصْغَرُ) تَعَيَّنَتْ النَّاصِيَةُ لِلْإِيضَاحِ وَ (تَمَّمَ) عَلَيْهَا (مِنْ بَاقِي الرَّأْسِ) مِنْ أَيِّ مَحَلٍّ شَاءَ؛ لِأَنَّ الرَّأْسَ كُلَّهُ مَحَلٌّ لِلْإِيضَاحِ فَهُوَ عُضْوٌ وَاحِدٌ (وَلَوْ) (زَادَ الْمُقْتَصُّ) مَعَ رِضَا الْجَانِي بِتَمْكِينِهِ أَوْ وَكَّلَ الْمُسْتَحِقُّ فَزَادَ وَكِيلُهُ أَوْ بَادَرَ وَفَعَلَ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لَا يُمَكَّنُ مِنْ اسْتِيفَاءِ الطَّرَفِ وَنَحْوِهِ بِنَفْسِهِ (فِي مُوضِحَةٍ عَلَى حَقِّهِ) عَمْدًا (لَزِمَهُ) بَعْدَ انْدِمَالِ مُوضِحَتِهِ (قِصَاصُ الزِّيَادَةِ) لِتَعَدِّيهِ (فَإِنْ كَانَ) الزَّائِدُ بِاضْطِرَابِ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ فَهَدَرٌ أَوْ بِاضْطِرَابِهِمَا فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ عَلَيْهِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSوُجُوبًا إنْ خِيفَ اللَّبْسُ وَإِلَّا كَانَ مَنْدُوبًا (قَوْلُهُ: مِنْهُ) أَيْ مِنْ أَجْلِهِ (قَوْلُهُ: وَحَمَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ) مُعْتَمَدٌ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ نَقْلًا عَلَى الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: تَجِبُ إزَالَتُهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: اسْتِيعَابَ الرَّأْسِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِبْ اسْتِيعَابُ الرَّأْسِ وَجَبَتْ إزَالَتُهُ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: الْمَأْخُوذِ إلَى الْجَانِي) هَلْ لَهُ تَفْرِيقُهَا فِي مَوْضِعَيْنِ بِغَيْرِ رِضَا الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: الَّذِي يَظْهَرُ لَا؛ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ حِينَئِذٍ مُوضِحَتَانِ لَا وَاحِدَةٌ وَالْقِصَاصُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُمَاثَلَةِ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافَهُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ؛ لِأَنَّ الْجَانِيَ رَضِيَ بِالضَّرَرِ لِنَفْسِهِ، وَقَدْ يَدُلُّ لِذَلِكَ فَرْضُ الشَّارِحِ الْمَنْعَ عَلَى مُقَابِلِ الصَّحِيحِ حَيْثُ قَالَ وَعَلَيْهِ: أَيْ الثَّانِي يُمْنَعُ مِنْ أَخْذِ بَعْضٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ الْجَانِي (قَوْلُهُ: مِنْ أَيِّ مَحَلٍّ شَاءَ) أَيْ الْجَانِي ظَاهِرُهُ وَإِنْ انْفَصَلَ عَنْ النَّاصِيَةِ لَكِنْ يَلْزَمُ حِينَئِذٍ أَخْذُ مُوضِحَتَيْنِ فِي وَاحِدَةٍ وَلَكِنْ لَا مَانِعَ بِرِضَا الْجَانِي انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَزَادَ وَكِيلُهُ) هَذِهِ لَا تَتَأَتَّى مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي لَزِمَهُ بَعْدَ انْدِمَالِ مُوضِحَتِهِ قِصَاصُ الزِّيَادَةِ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُقْتَصَّ هُوَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ نَفْسُهُ لَا وَكِيلُهُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: التَّقْدِيرُ لَزِمَهُ قِصَاصُ الزِّيَادَةِ؛ إذْ الْمُقْتَصُّ هُوَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الِاخْتِيَارَ فِي مَوْضِعِهِ إلَخْ.) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ اسْتَوْعَبَ رَأْسَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَرَأْسُهُ هُوَ أَكْبَرُ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَيِّ مَحَلٍّ شَاءَ) يَعْنِي: الْجَانِيَ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ، وَإِلَيْهِ يُشِيرُ كَلَامُ الْعُبَابِ (قَوْلُهُ: فَزَادَ وَكِيلُهُ) اُنْظُرْ قِصَاصَ الزِّيَادَةِ حِينَئِذٍ يَكُونُ عَلَى مَنْ

فَيُهْدَرُ النِّصْفُ الْمُقَابِلُ لِفِعْلِ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ، فَلَوْ قَالَ الْمُقْتَصُّ تَوَلَّدَتْ بِاضْطِرَابِك فَأَنْكَرَ صُدِّقَ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ كَمَا رَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَوْ (خَطَأً) كَأَنْ اضْطَرَبَتْ يَدُهُ أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ (أَوْ) عَمْدًا وَلَكِنَّهُ (عُفِيَ عَلَى مَالٍ وَجَبَ) لَهُ (أَرْشٌ كَامِلٌ) لِمُخَالَفَةِ حُكْمِهِ حُكْمَ الْأَصْلِ (وَقِيلَ قِسْطٌ) مِنْهُ بَعْدَ تَوْزِيعِ الْأَرْشِ عَلَيْهِمَا لِاتِّحَادِ الْجَارِحِ وَالْجِرَاحَةِ، وَرُدَّ بِمَنْعِ اتِّحَادِ الْجِرَاحَةِ مَعَ أَنَّ بَعْضَهَا حَقٌّ (وَلَوْ) (أَوْضَحَهُ جَمْعٌ) بِأَنْ تَحَامَلُوا عَلَى آلَةٍ وَجَرُّوهَا مَعًا (أُوضِحَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْهُمْ (مِثْلُهَا) أَيْ مِثْلُ مُوضِحَتِهِ لَا قِسْطُهُ مِنْهَا فَقَطْ؛ إذْ مَا مِنْ جُزْءٍ إلَّا وَكُلٌّ مِنْهُمْ جَانٍ عَلَيْهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اشْتَرَكُوا فِي قَطْعِ عُضْوٍ، فَلَوْ آلَ الْأَمْرُ لِلدِّيَةِ وَجَبَ عَلَى كُلٍّ أَرْشٌ كَامِلٌ، كَمَا رَجَّحَهُ الْإِمَامُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَصَرَّحَا بِهِ فِي بَابِ الدِّيَاتِ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ وَالْمَاوَرْدِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُمَا (وَقِيلَ) يُوضَحُ (قِسْطُهُ) مِنْ الْمُوضِحَةِ لِإِمْكَانِ التَّجَزُّؤِ بِخِلَافِ الْقَتْلِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا نَظَرَ لِإِمْكَانِهِ مَعَ وُجُودِ مُوضِحَةٍ كَامِلَةٍ مِنْ كُلٍّ (وَلَا تُقْطَعُ صَحِيحَةٌ) مِنْ نَحْوِ يَدٍ (بِشَلَّاءَ) بِالْمَدِّ؛ لِأَنَّهَا أَعْلَى مِنْهَا كَمَا لَا تُؤْخَذُ عَيْنٌ بَصِيرَةٌ بِعَمْيَاءَ (وَإِنْ رَضِيَ الْجَانِي) لِمُخَالَفَتِهِ لِلشَّرْعِ وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ أَنْفٍ وَأُذُنٍ، أَمَّا هُمَا فَيُؤْخَذُ صَحِيحُهُمَا بِأَشَلِّهِمَا وَمَجْدُوعِهِمَا إنْ لَمْ يَسْقُطْ مِنْهُ شَيْءٌ لِبَقَاءِ مَنْفَعَتِهِمَا مِنْ جَمْعِ الصَّوْتِ وَالرِّيحِ، وَمُنَازَعَةُ الْبُلْقِينِيِّ غَيْرُ مُلَاقِيَةٍ لِذَلِكَ، وَفِيمَا إذَا لَمْ تَضُرَّ الْجِنَايَةُ نَفْسًا، وَإِلَّا أُخِذَتْ صَحِيحَةٌ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ كَانَتْ بِالشَّلَّاءِ وَالنَّاقِصَةِ، وَشَلَّاءُ بِشَلَّاءَ وَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ نَزْفُ الدَّمِ لِذَهَابِ النَّفْسِ بِكُلِّ حَالٍ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ قَطْعَ شَلَّاءَ بِشَلَّاءَ، وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ اسْتَوَى شَلَلُهُمَا أَوْ زَادَ شَلَلُ الْجَانِي، وَأُمِنَ فِيهِمَا نَزْفُ الدَّمِ، وَمَرَّ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِحَادِثٍ بَعْدَ الْجِنَايَةِ، فَلَوْ جَنَى سَلِيمٌ عَلَى يَدٍ شَلَّاءَ ثُمَّ شَلَّ لَمْ يُقْطَعْ (فَلَوْ فَعَلَ) أَيْ أَخَذَ صَحِيحَةً بِشَلَّاءَ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْجَانِي (لَمْ يَقَعْ قِصَاصًا) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ لَهُ (بَلْ عَلَيْهِ دِيَتُهَا) وَلَهُ حُكُومَةُ الْأَشَلِّ (فَلَوْ سَرَى) قَطْعُهَا لِنَفْسِهِ (فَعَلَيْهِ) حَيْثُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الْقَطْعِ (قِصَاصُ النَّفْسِ) لِتَفْوِيتِهَا ظُلْمًا أَمَّا إذَا أَذِنَهُ فَلَا قَوَدَ فِي النَّفْسِ وَلَا دِيَةَ فِي الطَّرَفِ إنْ أَطْلَقَ الْإِذْنَ وَيُجْعَلُ مُسْتَوْفِيًا لِحَقِّهِ، فَإِنْ قَالَ خُذْهُ قَوَدًا فَفَعَلَ فَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ مُسْتَوْفٍ بِذَلِكَ حَقَّهُ، وَقِيلَ عَلَيْهِ دِيَتُهُ وَلَهُ حُكُومَةٌ وَقَطَعَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَهُوَ قَضِيَّةُ مَا يَأْتِي فِي بَذْلِ الْيَسَارِ عَنْ الْيَمِينِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (وَتُقْطَعُ الشَّلَّاءُ بِالصَّحِيحَةِ) ؛ لِأَنَّهَا دُونَ حَقِّهِ (إلَّا أَنْ يَقُولَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ) أَيْ اثْنَانِ مِنْهُمْ (لَا يَنْقَطِعُ الدَّمُ) لَوْ قُطِعَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: فَيُهْدَرُ النِّصْفُ) أَقُولُ: هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ عَلَى مَا يَأْتِي لَهُ فِيمَا لَوْ أَوْضَحَهُ جَمْعٌ أَنَّهُ يُوَزَّعُ الْأَرْشُ عَلَيْهِمْ، أَمَّا عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُ كُلًّا أَرْشٌ كَامِلٌ وَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا فَقِيَاسُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُقْتَصَّ أَرْشٌ كَامِلٌ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَا يَأْتِي عَنْ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ تَحَامَلُوا عَلَى الْآلَةِ فَجَرُّوهَا وَذَلِكَ يُوجِبُ اشْتِرَاكَ الْأَمْرِ بَيْنَ الْجَمِيعِ عَلَى السَّوَاءِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِاضْطِرَابِهِمَا فَقَدْ يَكُونُ الْأَثَرُ مِنْ أَحَدِهِمَا غَيْرَهُ مِنْ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: أَرْشٌ كَامِلٌ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِعْلَ كُلِّ وَاحِدٍ جُعِلَ مُوضِحَةً مُسْتَقِلَّةً فَيَجِبُ أَرْشُهَا كَامِلًا (قَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا لَمْ تَضُرَّ) أَيْ تُتْلِفْ إنْ كَانَتْ النُّسْخَةُ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ فَإِنْ كَانَتْ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ الْأَنْسَبُ بِقَوْلِ الْمَنْهَجِ وَسِرَايَةٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى مَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْسِيرِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ حِينَئِذٍ إذَا لَمْ يَتَحَوَّلْ الْوَاجِبُ مِنْ كَوْنِهِ عُضْوًا إلَى كَوْنِهِ نَفْسًا (قَوْلُهُ: وَمَرَّ) أَيْ فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ) لَا حَاجَةَ لَهُ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ بِلَا إذْنِهِ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ بِلَا إذْنٍ قَيْدٌ لِعَدَمِ وُقُوعِهِ قِصَاصًا، وَقَوْلُهُ حَيْثُ لَا إذْنَ تَقْيِيدٌ لِوُجُوبِ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ: قِصَاصُ النَّفْسِ) وَلَهُ حُكُومَةُ الْأَشَلِّ (قَوْلُهُ: فِي بَذْلِ الْيَسَارِ عَنْ الْيَمِينِ) وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ: اقْطَعْهَا قِصَاصًا تَضَمَّنَ جَعْلَهَا عِوَضًا، وَكَوْنُهَا عِوَضًا فَاسِدٌ فَيَجِبُ بَدَلُهَا وَهُوَ الدِّيَةُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا لَمْ تُسْتَحَقَّ نَفْسُ الْجَانِي) فِي نُسَخٍ بَدَلَ هَذَا: وَفِيمَا إذَا لَمْ تَضُرَّ الْجِنَايَةُ نَفْسًا

بِأَنْ لَمْ تَنْسَدَّ أَفْوَاه الْعُرُوقِ بِحَسْمِ نَارٍ وَلَا غَيْرِهَا أَوْ شَكَّ فِي انْقِطَاعِهِ لِتَرَدُّدِهِمْ أَوْ فَقْدِهِمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلَا قَطْعَ بِهَا وَإِنْ رَضِيَ الْجَانِي حَذَرًا مِنْ اسْتِيفَاءِ نَفْسٍ بِطَرَفٍ وَتَجِبُ دِيَةُ الصَّحِيحَةِ (وَيَقْنَعُ) بِالرَّفْعِ (بِهَا) لَوْ قُطِعَتْ بِأَشَلَّ أَوْ بِصَحِيحٍ (مُسْتَوْفِيهِمَا) وَلَا يَطْلُبُ أَرْشَ الشَّلَلِ لِاسْتِوَائِهِمَا جِرْمًا، وَاخْتِلَافُهُمَا صِفَةً لَا يُؤَثِّرُ؛ لِأَنَّهَا بِمُجَرَّدِهَا غَيْرُ مُقَابَلَةٍ بِمَالٍ، وَلِهَذَا لَوْ قُتِلَ قِنٌّ أَوْ ذِمِّيٌّ بِحُرٍّ أَوْ مُسْلِمٍ لَمْ يَجِبْ زَائِدٌ (وَيُقْطَعُ سَلِيمٌ) يَدًا أَوْ رِجْلًا (بِأَعْسَمَ وَأَعْرَجَ) خِلْقَةً أَوْ نَحْوَهَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ إذْ لَا خَلَلَ فِي الْعُضْوِ. وَالْعَسَمُ بِمُهْمَلَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ تَشَنُّجٌ فِي الْمَرْفِقِ أَوْ قِصَرٌ فِي السَّاعِدِ أَوْ الْعَضُدِ، وَقِيلَ مَيَلٌ وَاعْوِجَاجٌ فِي الرُّسْغِ، وَقِيلَ الْأَعْسَمُ الْأَعْسَرُ، وَهُوَ مَنْ بَطْشُهُ بِيَسَارِهِ أَكْثَرُ، وَكُلُّهَا صَحِيحَةٌ هُنَا (وَلَا أَثَرَ لِخُضْرَةِ أَظْفَارٍ وَسَوَادِهَا) فَيُؤْخَذُ بِطَرَفِهَا السَّلِيمِ أَظْفَارُهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عِلَّةٌ وَمَرَضٌ فِي الْعُضْوِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي وُجُوبِ الْقَوَدِ (وَالصَّحِيحُ قَطْعُ ذَاهِبَةِ الْأَظْفَارِ) خِلْقَةً أَوْ لَا (بِسَلِيمَتِهَا) وَلَهُ حُكُومَةُ الْأَظْفَارِ (دُونَ عَكْسِهِ) لِأَنَّهَا أَعْلَى مِنْهَا وَهَذَا هُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْأَظْفَارَ تَابِعَةٌ، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ الْقَطْعُ فِي الثَّانِيَةِ كَالْأُولَى، وَالْخِلَافُ الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ حَيْثُ الْمَجْمُوعُ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ (وَالذَّكَرُ صِحَّةً وَشَلَلًا) تَمْيِيزٌ أَوْ حَالٌ مِنْ الْمُبْتَدَإِ عَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ أَوْ مِنْ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي الظَّرْفِ عَلَى الْأَصَحِّ (كَالْيَدِ) لِذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ فَلَا يُقْطَعُ صَحِيحٌ بِأَشَلَّ، وَيُقْطَعُ أَشَلُّ بِصَحِيحٍ وَبِأَشَلَّ بِالشَّرْطِ الْمَارِّ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّشْبِيهَ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يُمْكِنُ فِيهِ لَا فِي نَحْوِ خُضْرَةِ الْأَظْفَارِ وَسَوَادِهَا لِعَدَمِ تَأَتِّيهِ هُنَا، وَالشَّلَلُ بُطْلَانُ الْعَمَلِ وَإِنْ لَمْ يَزُلْ الْحِسُّ وَالْحَرَكَةُ (وَ) أَمَّا الذَّكَرُ (الْأَشَلُّ) فَهُوَ (مُنْقَبِضٌ لَا يَنْبَسِطُ أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ مُنْبَسِطٌ لَا يَنْقَبِضُ فَهُوَ مَا يَلْزَمُ حَالَةً وَاحِدَةً (وَلَا أَثَرَ لِلِانْتِشَارِ وَعَدَمِهِ فَيُقْطَعُ فَحْلٌ) أَيْ ذَكَرُهُ (بِخَصِيٍّ) أَيْ بِذَكَرِهِ وَهُوَ مَنْ قُطِعَ أَوْ سُلَّ خُصْيَتَاهُ، وَمَرَّ أَنَّهُمَا يُطْلَقَانِ لُغَةً عَلَى جِلْدَتَيْهِمَا أَيْضًا (وَ) ذَكَرِ (عِنِّينٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــSبَلْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: اقْطَعْهَا فَإِنَّ الْقَطْعَ حِينَئِذٍ بِإِذْنٍ مِنْهُ فَيَقَعُ هَدَرًا وَلَا شَيْءَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ بِرِضَاهُ (قَوْلُهُ أَوْ شَكَّ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ أَهْلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ فَقْدِهِمْ) اُنْظُرْ هَلْ يَكْفِي فَقْدُهُمْ بِبَلَدِ الْجَانِي أَوْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْآنَ أَنْ لَا يُوجَدَ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ (قَوْلُهُ: وَيَقْنَعُ بِالرَّفْعِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي حَيِّزِ الِاسْتِثْنَاءِ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا) أَيْ الصِّفَةَ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَهَا) كَأَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى مَا كَانَ بِآفَةٍ احْتِرَازًا عَمَّا كَانَ بِجِنَايَةٍ فَيَمْتَنِعُ الْقِصَاصُ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَكُلُّهَا) أَيْ مَعَانِيهَا صَحِيحَةٌ مُرَادَةٌ هُنَا (قَوْلُهُ: دُونَ عَكْسِهِ) أَيْ لَا تُقْطَعُ سَلِيمَةُ الْأَظْفَارِ بِذَاهِبَتِهَا. قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَلَكِنْ تَكْمُلُ دِيَتُهَا: أَيْ ذَاهِبَةِ الْأَظْفَارِ، وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْقِصَاصَ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ بِخِلَافِ الدِّيَةِ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ الْقَطْعُ) أَيْ نَقْطَعُ سَلِيمَةَ الْأَظْفَارِ بِفَاقِدَتِهَا (قَوْلُهُ وَالذَّكَرُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ الْآتِي كَالْيَدِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ) مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ فِي مَجِيءِ الْحَالِ مِنْ الضَّمِيرِ فِي الْخَبَرِ خِلَافًا وَالْأَصَحُّ مِنْهُ الْجَوَازُ، وَبِهِ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مُنْقَبِضٌ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ عَدَمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: يَدًا أَوْ رِجْلًا) تَمْيِيزَانِ فَالسَّلِيمُ وَاقِعٌ عَلَى الشَّخْصِ لَا عَلَى الْعُضْوِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بِأَعْسَمَ وَأَعْرَجَ (قَوْلُهُ: أَوْ قِصَرٍ فِي السَّاعِدِ) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهَا لَيْسَتْ أَقْصَرَ مِنْ الْأُخْرَى، وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ أَقْصَرَ مِنْ أُخْتِهَا لَا تُقْطَعُ بِهَا (قَوْلُهُ: وَكُلُّهَا صَحِيحَةٌ هُنَا) وَظَاهِرٌ أَنَّ الصُّورَةَ فِي الْأَخِيرَةِ أَنَّ الْجَانِيَ قَطَعَ يَمِينَهُ الَّتِي هِيَ قَلِيلَةُ الْبَطْشِ (قَوْلُهُ: السَّلِيمُ) نَائِبُ فَاعِلِ يُؤْخَذُ وَالضَّمِيرُ فِي طَرَفِهَا لِلْأَظْفَارِ الَّذِي فِيهِ الْخُضْرَةُ أَوْ السَّوَادُ: أَيْ الطَّرَفُ الَّذِي هِيَ فِيهِ بِتَأْوِيلِ ذَلِكَ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالسَّلِيمِ وَأَظْفَارُهُ فَاعِلُ السَّلِيمِ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) لَيْسَ فِي التُّحْفَةِ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ عَلَى إعْرَابِ الْحَالِ إذْ التَّقْدِيرُ عَلَيْهِ وَالذَّكَرُ حَالَ كَوْنِهِ صَحِيحًا أَوْ أَشَلَّ، كَالْيَدِ إذَا كَانَتْ كَذَلِكَ: أَيْ صَحِيحَةً أَوْ شَلَّاءَ لَا عَلَى إعْرَابِ التَّمْيِيزِ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ أَوْلَى كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ تَقْدِيمُهُ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ أَنَّهُمَا يُطْلَقَانِ لُغَةً عَلَى جِلْدَتَيْهِمَا أَيْضًا) قَدْ مَرَّ الْكَلَامُ عَلَى مَا مَرَّ فَرَاجِعْهُ

خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ إذْ لَا خَلَلَ فِي نَفْسِ الْعُضْوِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي الْعِنِّينِ لِضَعْفٍ فِي الْقَلْبِ أَوْ الدِّمَاغِ أَوْ الصُّلْبِ، وَالْخَصِيُّ أَوْلَى مِنْهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْجِمَاعِ (وَ) يُقْطَعُ (أَنْفٌ صَحِيحٌ) شَمُّهُ (بِأَخْشَمَ) لَا يَشُمُّ كَعَكْسِهِ الْمَفْهُومِ بِالْأَوْلَى وَلِأَنَّ الشَّمَّ لَيْسَ فِي جِرْمِ الْأَنْفِ (وَأُذُنُ سَمِيعٍ بِأَصَمَّ) كَعَكْسِهِ الْمَفْهُومِ بِالْأَوْلَى، وَلِأَنَّ السَّمْعَ لَا يَحِلُّ جِرْمَ الْأُذُنِ، وَتُقْطَعُ صَحِيحَةٌ بِمَثْقُوبَةٍ لَا مَخْرُومَةٍ ذَهَبَ بَعْضُهَا، وَكَالْخَرْقِ ثَقْبٌ أَوْ شَقٌّ أَوْرَثَ نَقْصًا (لَا عَيْنٌ صَحِيحَةٌ بِحَدَقَةٍ عَمْيَاءَ) وَلَوْ مَعَ قِيَامِ صُورَتِهَا؛ لِأَنَّهَا أَعْلَى مِنْهَا وَالضَّوْءُ فِي نَفْسِ جِرْمِهَا، وَتُؤْخَذُ عَمْيَاءُ بِصَحِيحَةٍ رَضِيَ بِهَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (وَلَا لِسَانٌ نَاطِقٌ بِأَخْرَسَ) ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَى مِنْ حَقِّهِ وَالنُّطْقُ فِي جِرْمِ اللِّسَانِ، وَالْأَخْرَسُ هُنَا مَنْ بَلَغَ أَوَانَ النُّطْقِ وَلَمْ يَنْطِقْ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهُ قُطِعَ بِهِ لِسَانُ النَّاطِقِ إنْ ظَهَرَ فِيهِ أَثَرُ النُّطْقِ بِتَحْرِيكِهِ عِنْدَ نَحْوِ بُكَاءٍ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَظْهَرْ هُوَ وَلَا ضِدُّهُ فِيمَا يَظْهَرُ إذْ الْأَصْلُ السَّلَامَةُ (وَفِي) (قَلْعِ السِّنِّ) الَّتِي لَمْ يَبْطُلْ نَفْعُهَا وَلَا نَقَصَ (قِصَاصٌ) لِلْآيَةِ فَتُقْطَعُ كُلٌّ مِنْ الْعُلْيَا وَالسُّفْلَى بِمِثْلِهَا (لَا فِي كَسْرِهَا) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا قَوَدَ فِي كَسْرِ الْعِظَامِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ مَتَى أَمْكَنَ اسْتِيفَاءُ مِثْلِهِ بِلَا زِيَادَةٍ وَلَا صَدْعٍ فِي الْبَاقِي فُعِلَ، وَمِنْ ثَمَّ صَحَّ فِيمَنْ كَسَرَتْ سِنَّ غَيْرِهَا " كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ " وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ بَقِيَّةِ الْعِظَامِ بُرُوزُهَا وَلِأَهْلِ الْخِبْرَةِ آلَاتٌ قَاطِعَةٌ مَضْبُوطَةٌ يُعْتَمَدُ عَلَيْهَا، أَمَّا صَغِيرَةٌ لَا تَصْلُحُ لِلْمَضْغِ وَنَاقِصَةٌ بِمَا يُنْقِصُ أَرْشَهَا كَثَنِيَّةٍ قَصِيرَةٍ عَنْ أُخْتِهَا وَشَدِيدَةِ الِاضْطِرَابِ لِنَحْوِ هَرَمٍ فَلَا يُقْلَعُ بِهَا إلَّا مِثْلُهَا (وَلَوْ) (قَلَعَ) شَخْصٌ وَلَوْ غَيْرُ مَثْغُورٍ (سِنَّ صَغِيرٍ) أَوْ كَبِيرٍ فَكَلَامُهُ عَلَى الْغَالِبِ (لَمْ يُثْغَرْ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ لِمُثَلَّثَةٍ فَفَتْحٍ لِمُعْجَمَةٍ: أَيْ لَمْ تَسْقُطْ أَسْنَانُهُ الرَّوَاضِعُ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَسْقُطَ وَمِنْهَا الْمَقْلُوعَةُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الرَّوَاضِعَ فِي الْحَقِيقَةِ أَرْبَعٌ فَإِنَّهَا هِيَ الَّتِي تُوجَدُ عِنْدَ الرَّضَاعِ فَتَسْمِيَةُ غَيْرِهَا بِذَلِكَ مِنْ مَجَازِ الْمُجَاوَرَةِ (فَلَا ضَمَانَ) بِقَوَدٍ وَلَا دِيَةٍ (فِي الْحَالِ) ؛ لِأَنَّهَا تَعُودُ غَالِبًا لَكِنْ يُعَزَّرُ (فَإِنْ جَاءَ وَقْتُ نَبَاتِهَا بِأَنْ سَقَطَ الْبَوَاقِي وَعُدْنَ دُونَهَا، وَقَالَ أَهْلُ الْبَصَرِ) أَيْ اثْنَانِ مِنْ أَهْلِ الْبَصِيرَةِ وَالْمَعْرِفَةِ؛ لِأَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْقُدْرَةِ عَلَى الْجِمَاعِ بِهِ بَلْ الْمُرَادُ بِانْقِبَاضِهِ نَحْوُ يُبْسٍ فِيهِ بِحَيْثُ لَا يَسْتَرْسِلُ وَبِانْبِسَاطِهِ عَدَمُ إمْكَانِ ضَمِّ بَعْضِهِ إلَى بَعْضٍ بِدَلِيلِ مَا سَيَذْكُرُهُ مِنْ أَنَّهُ يُقْطَعُ الْفَحْلُ بِالْعِنِّينِ (قَوْلُهُ: وَيُقْطَعُ أَنْفٌ صَحِيحٌ) عِبَارَةُ التَّنْبِيهِ: وَيُؤْخَذُ الْأَنْفُ الصَّحِيحُ وَالْأُذُنُ الصَّحِيحَةُ بِالْأَنْفِ الْمُسْتَحْشِفِ وَالْأُذُنِ الشَّلَّاءِ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ انْتَهَى، قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ فِي شَرْحِهِ: أَيْ بِكَسْرِ الشِّينِ وَهُوَ الْيَابِسُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: ذَهَبَ بَعْضُهَا) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ (قَوْلُهُ: وَكَالْخَرْقِ) أَيْ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِالْخَرْمِ وَعِبَارَةُ حَجّ: وَكَالْخَرْمِ (قَوْلُهُ بِحَدَقَةٍ عَمْيَاءَ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِعَيْنٍ عَمْيَاءَ إذْ الْحَدَقَةُ هِيَ السَّوَادُ الْأَعْظَمُ وَالْعَيْنُ لَيْسَتْ مَأْخُوذَةً بِنَفْسِ السَّوَادِ (قَوْلُهُ: وَلَا لِسَانٌ نَاطِقٌ بِأَخْرَسَ) وَيُؤْخَذُ لِسَانُ الْأَخْرَسِ بِلِسَانِ النَّاطِقِ إنْ رَضِيَ بِهِ قِيَاسًا عَلَى أَخْذِ الْعَيْنِ الْعَمْيَاءِ بِالصَّحِيحَةِ حَيْثُ رَضِيَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: قُطِعَ بِهِ) أَيْ حَالًا (قَوْلُهُ: الَّتِي لَمْ يَبْطُلْ نَفْعُهَا وَلَا نَقَصَ) أَيْ فَإِنْ بَطَلَ نَفْعُهَا أَوْ نَقَصَ فَلَا قِصَاصَ مَا لَمْ يَكُنْ سِنُّ الْجَانِي مِثْلَهَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي أَمَّا صَغِيرَةٌ لَا تَصْلُحُ لِلْمَضْغِ (قَوْلُهُ: مِنْ مَجَازِ الْمُجَاوَرَةِ) أَيْ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُعَزَّرُ) أَيْ حَالًا (قَوْلُهُ: وَقَالَ أَهْلُ الْبَصَرِ) وَظَاهِرُهُ اعْتِبَارُ الْمَجِيءِ وَالْقَوْلِ مَعًا وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي الْقَوْلُ وَحْدَهُ وَقَدْ يُتَّجَهُ خِلَافُهُ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَعَلَيْهِ فَلَوْ قُلِعَتْ بِقَوْلِهِمْ ثُمَّ نَبَتَتْ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَجَبَ الْأَرْشُ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي وَلَوْ عَادَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ أَهْلِ الْبَصِيرَةِ) أَشَارَ بِهِ إلَى تَسَاوِي الْبَصَرِ وَالْبَصِيرَةِ فِي هَذَا الْمَعْنَى، فَفِي الْمِصْبَاحِ وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ) خَبَرٌ صَحَّ (قَوْلُهُ: فَلَا يُقْلَعُ بِهَا إلَّا مِثْلُهَا) قَدْ يُقَالُ هَذَا يُصَدَّقُ بِهِ الْمَتْنُ فَهَلَّا أَبْقَاهُ عَلَى إطْلَاقِهِ، وَمَا مَعْنَى هَذَا الِاحْتِرَازِ مَعَ مُوَافَقَتِهِ الْمُحْتَرَزِ عَنْهُ فِي الْحُكْمِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَسْقُطَ) هُوَ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ إنْ أُرِيدَ بِالرَّوَاضِعِ حَقِيقَتُهَا الْآتِيَةُ، وَإِلَّا فَهِيَ مُقَيَّدَةٌ (قَوْلُهُ: وَمَعْلُومٌ إلَخْ.) عِبَارَةُ الْأَنْوَارِ: وَالرَّوَاضِعُ

الْقَوَدَ يُحْتَاطُ لَهُ (فَسَدَ الْمَنْبِتُ وَجَبَ الْقِصَاصُ) وَلَوْ عَادَتْ بَعْدَ الْقَوَدِ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ فَتَجِبُ دِيَةُ الْمَقْلُوعَةِ قِصَاصًا كَمَا هُوَ الْأَقْرَبُ (وَلَا يُسْتَوْفَى لَهُ فِي صِغَرِهِ) بَلْ يُؤَخَّرُ لَهُ لِبُلُوغِهِ لِاحْتِمَالِ عَفْوِهِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ وَأَيِسَ مِنْ عَوْدِهَا اقْتَصَّ وَارِثُهُ فِي الْحَالِ أَوْ أَخَذَ الْأَرْشَ، وَلَيْسَ هَذَا مُكَرَّرًا مَعَ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَيُنْتَظَرُ غَائِبُهُمْ وَكَمَالُ صَبِيِّهِمْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي كَمَالِ الْوَارِثِ وَهَذَا فِي كَمَالِ الْمُسْتَحِقِّ، فَإِنْ عَادَتْ نَاقِصَةً اُقْتُصَّ فِي الزِّيَادَةِ إنْ أَمْكَنَ، أَمَّا لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْيَأْسِ فَلَا قَوَدَ، وَكَذَا لَوْ نَبَتَتْ وَهِيَ سَوْدَاءُ أَوْ نَحْوُهَا لَكِنْ فِيهَا حُكُومَةٌ (وَلَوْ قَلَعَ سِنَّ مَثْغُورٍ) وَيُقَالُ مُثْغِرٌ مِنْ اثَّغَرَ بِتَشْدِيدِ الْفَوْقِيَّةِ أَوْ الْمُثَلَّثَةِ (فَنَبَتَتْ لَمْ يَسْقُطْ الْقِصَاصُ فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّ عَوْدَهَا نِعْمَةٌ جَدِيدَةٌ لِنُدْرَتِهِ فَلَا يَسْقُطُ مَا وَجَبَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِنْ الْقَوَدِ أَوْ الدِّيَةِ حَالًا مِنْ غَيْرِ انْتِظَارٍ. وَالثَّانِي قَالَ الْعَائِدَةُ قَائِمَةٌ مَقَامَ الْأُولَى ، وَلَوْ قَلَعَ بَالِغٌ غَيْرُ مَثْغُورٍ سِنَّ بَالِغٍ غَيْرِ مَثْغُورٍ فَلَا قَوَدَ فِي الْحَالِ، ثُمَّ إنْ نَبَتَتْ لَمْ يَجِبْ سِوَى التَّعْزِيرِ، وَإِلَّا وَقَدْ دَخَلَ وَقْتُهُ فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ قَوَدٌ أَوْ دِيَةٌ، فَإِنْ اقْتَصَّ وَلَمْ تَعُدْ سِنُّ الْجَانِي فَذَاكَ، وَإِلَّا قُلِعَتْ مَرَّةً أُخْرَى؛ إذْ الْقَلْعُ وَقَعَ بِالْقَلْعِ. وَالثَّانِي فِي نَظِيرِ الْإِفْسَادِ لِلْمَنْبِتِ، وَبِهِ فَارَقَ مَا لَوْ قَلَعَ غَيْرُ مَثْغُورٍ سِنَّ بَالِغٍ مَثْغُورٍ فَرَضِيَ بِأَخْذِ سِنِّهِ وَقَلْعِهَا فَنَبَتَتْ فَلَا يَقْلَعُهَا لِرِضَاهُ بِدُونِ حَقِّهِ فَلَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ إفْسَادَ الْمَنْبِتِ بِخِلَافِهِ فِي الْأُولَى (وَلَوْ نَقَصَتْ يَدُهُ أُصْبُعًا فَقَطَعَ كَامِلَةً قَطَعَ وَعَلَيْهِ أَرْشُ أُصْبُعٍ) لِعَدَمِ اسْتِيفَاءِ قَوَدِهَا وَلِلْمَقْطُوعِ أَنْ يَأْخُذَ دِيَةَ الْيَدِ وَلَا يَقْطَعَ (وَلَوْ) (قَطَعَ كَامِلٌ نَاقِصَةً) أُصْبُعًا (فَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSذُو بَصَرٍ وَبَصِيرَةٍ: أَيْ عِلْمٍ وَخِبْرَةٍ وَيَتَعَدَّى بِالتَّضْعِيفِ إلَى ثَانٍ فَيُقَالُ بَصَّرْته بِهِ تَبْصِيرًا انْتَهَى (قَوْلُهُ: فَتَجِبُ دِيَةُ الْمَقْلُوعَةِ) لَمْ يُبَيِّنْ نَوْعَ الدِّيَةِ أَهِيَ عَمْدٌ أَوْ غَيْرُهُ، وَظَاهِرُ مَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ سم عَلَى مَنْهَجٍ فِي فَصْلِ مُسْتَحِقِّ الْقَوَدِ إلَخْ أَنَّهَا شِبْهُ عَمْدٍ، وَعِبَارَتُهُ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ نَصُّهَا: قَوْلُهُ قَسَّطَ مَا زَادَ عَلَى حَقِّهِ عِبَارَةُ الْعُبَابِ بَعْدَ فَرْضِهِ الْوَارِثَ اثْنَيْنِ وَعَلَيْهِ لِوَرَثَةِ الْجَانِي نِصْفُ دِيَتِهِ إنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ الِاسْتِقْلَالِ وَإِلَّا فَهَلْ تَحْمِلُهُ عَاقِلَتُهُ؟ قَوْلَانِ انْتَهَى. قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: أَوْجَهُهَا، الْأَوَّلُ انْتَهَى اهـ. وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ هُنَا عَلَى الْعَاقِلَةِ لِجَوَازِ الْإِقْدَامِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَأَيِسَ مِنْ عَوْدِهَا) أَيْ قَبْلَ الْمَوْتِ بِدَلِيلِ: أَمَّا لَوْ مَاتَ قَبْلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَأَيِسَ إلَخْ) إنْ أُرِيدَ بِالْيَأْسِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمَجِيءِ وَقَوْلِ أَهْلِ الْبَصَرِ فَلَا حَاجَةَ لِلتَّقْيِيدِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ، وَإِنْ أُرِيدَ زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ أَشْكَلَ مَعَ الِاكْتِفَاءِ بِهِ فِي ثُبُوتِ الْقِصَاصِ فِي حَيَاتِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ وَعَلَيْهِ فَالتَّعْبِيرُ بِقَوْلِهِ وَأَيِسَ إلَخْ لِمُجَرَّدِ التَّوْكِيدِ (قَوْلُهُ: اقْتَصَّ فِي الزِّيَادَةِ) أَيْ بِقَدْرِ النَّقْصِ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ. لَكِنَّ عِبَارَةَ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: وَلَوْ عَادَتْ الْمَقْلُوعَةُ أَقْصَرَ مِمَّا كَانَتْ وَجَبَ قَدْرُ النُّقْصَانِ مِنْ الْأَرْشِ اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ: وَجَبَ قَدْرُ النُّقْصَانِ مِنْ الْأَرْشِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقْتَصَّ (قَوْلُهُ: بِتَشْدِيدِ الْفَوْقِيَّةِ) أَيْ فِيهِمَا، وَقَوْلُهُ أَوْ الْمُثَلَّثَةِ: أَيْ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: لَمْ يَسْقُطْ الْقِصَاصُ) قِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أُحْيِيَ بَعْدَ مَوْتِهِ كَرَامَةً لِوَلِيٍّ لَا يَسْقُطُ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ حَيَاةٌ جَدِيدَةٌ وَعَلَيْهِ فَالْقِصَاصُ لِوَرَثَتِهِ لَا لَهُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ انْتَقَلَ إلَيْهِمْ بِمَوْتِهِ حَتَّى إنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ عَفْوُهُ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَلَعَ بَالِغٌ) هَذِهِ مُسْتَفَادَةٌ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ كَبِيرٌ وَكَلَامُهُ عَلَى الْغَالِبِ فَذِكْرُهُ إيضَاحٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا قُلِعَتْ مَرَّةً أُخْرَى) الْوَجْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَفْسُدْ الْمَنْبِتُ بِالْقَلْعِ ثَانِيًا لَا يُقْلَعْ ثَالِثًا م ر وطب اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَرَضِيَ) أَيْ الْبَالِغُ الْمَثْغُورُ (قَوْلُهُ وَلَوْ نَقَصَتْ يَدُهُ) أَيْ أَصَالَةً أَوْ بِجِنَايَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَرْبَعُ أَسْنَانٍ تَنْبُتُ وَقْتَ الرَّضَاعِ يُعْتَبَرُ سُقُوطُهَا لَا سُقُوطُ الْكُلِّ، فَاعْلَمْهُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَهَذَا فِي كَمَالِ الْمُسْتَحِقِّ) أَيْ الْمُسْتَحِقِّ أَصَالَةً وَابْتِدَاءً، وَإِلَّا فَالْوَارِثُ مُسْتَحِقٌّ أَيْضًا (قَوْلُهُ: بِتَشْدِيدِ الْفَوْقِيَّةِ) أَيْ الْمُثَنَّاةِ وَهُوَ رَاجِعٌ إلَى كُلٍّ مِنْ مُثْغِرٍ وَأَثْغَرَ وَأَصْلُ أَثَغْر اثْتَغَرَ بِمُثَلَّثَةٍ فَمُثَنَّاةٍ عَلَى وَزْنِ افْتَعَلَ فَأُدْغِمَتْ الْأُولَى فِي الثَّانِيَةِ فِي الْأَوَّلِ وَعَكْسُهُ فِي الثَّانِي (قَوْلُهُ: إذْ الْقَلْعُ) أَيْ الْأَوَّلُ وَقَعَ بِالْقَلْعِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهَا لَوْ نَبَتَتْ ثَالِثًا لَا تُقْلَعُ، وَفِي حَاشِيَةِ الزِّيَادِيِّ

[فصل في اختلاف مستحق الدم والجاني]

شَاءَ الْمَقْطُوعُ أَخَذَ دِيَةَ أَصَابِعِهِ الْأَرْبَعِ وَإِنْ شَاءَ لَقَطَهَا) وَلَيْسَ لَهُ قَطْعُ يَدِ الْكَامِلِ كُلِّهَا لِزِيَادَتِهَا (وَالْأَصَحُّ أَنَّ حُكُومَةَ مَنَابِتِهِنَّ) أَيْ الْأَرْبَعِ (تَجِبُ إنْ لَقَطَ) ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الْقَوَدِ فَلَا يَسْتَتْبِعُهَا (إلَّا إنْ أَخَذَ دِيَتَهُنَّ) ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِهَا فَاسْتَتْبَعَتْهَا، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي اللَّقْطِ قَاسَ عَلَى الدِّيَةِ، وَفِي الدِّيَةِ قَالَ تَخْتَصُّ قُوَّةُ الِاسْتِتْبَاعِ بِالْكُلِّ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ يَجِبُ فِي الْحَالَيْنِ حُكُومَةُ خُمُسِ الْكَفِّ) الْبَاقِي. وَالثَّانِي قَالَ كُلُّ أُصْبُعٍ يَسْتَتْبِعُ الْكَفَّ كَمَا يَسْتَتْبِعُهَا كُلُّ الْأَصَابِعِ فَلَا حُكُومَةَ فِي الْمَسْأَلَةِ أَصْلًا (وَلَوْ قَطَعَ كَفًّا بِلَا أَصَابِعَ فَلَا قِصَاصَ) عَلَيْهِ لِانْتِفَاءِ الْمُسَاوَاةِ (إلَّا أَنْ تَكُونَ كَفُّهُ مِثْلَهَا) حَالَةَ الْجِنَايَةِ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ فِيهَا لِلْمُمَاثَلَةِ، نَعَمْ إنْ سَقَطَتْ أَصَابِعُ الْجَانِي بَعْدَ الْجِنَايَةِ قُطِعَتْ كَفُّهُ أَيْضًا (وَلَوْ قَطَعَ فَاقِدُ الْأَصَابِعِ كَامِلَهَا قَطَعَ كَفَّهُ) قِصَاصًا (وَأَخَذَ دِيَةَ الْأَصَابِعِ) نَاقِصَةً حُكُومَةَ الْكَفِّ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ؛ إذْ دِيَةُ الْأَصَابِعِ تَسْتَتْبِعُ الْكَفَّ وَقَدْ أَخَذَ مِثْلَهَا فَلَزِمَ إسْقَاطُ مُقَابِلِهَا مِنْ دِيَةِ الْأَصَابِعِ (وَلَوْ) (شَلَّتْ) بِفَتْحِ شَيْنه (أُصْبُعَاهُ فَقَطَعَ يَدًا كَامِلَةً) (، فَإِنْ شَاءَ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (لَقَطَعَ) الْأَصَابِعَ (الثَّلَاثَ السَّلِيمَةَ وَأَخَذَ) مَعَ حُكُومَةِ مَنَابِتِهَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (دِيَةَ أُصْبُعَيْنِ وَإِنْ شَاءَ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (قَطَعَ يَدَهُ وَقَنِعَ بِهَا) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَمَّ الشَّلَلُ جَمِيعَ الْيَدِ وَقَطَعَ قَنِعَ بِهَا فَفِي شَلَلِ الْبَعْضِ أَوْلَى. (فَصْلٌ) فِي اخْتِلَافِ مُسْتَحِقِّ الدَّمِ وَالْجَانِي وَمِثْلُهُ وَارِثُهُ إذَا (قَدَّ) مَثَلًا (مَلْفُوفًا) فِي ثَوْبٍ، وَلَوْ عَلَى هَيْئَةِ الْأَمْوَاتِ نِصْفَيْنِ مَثَلًا (وَزَعَمَ مَوْتَهُ) حِينَ الْقَدِّ، وَادَّعَى الْوَلِيُّ حَيَاتَهُ (صُدِّقَ الْوَلِيُّ بِيَمِينِهِ) أَنَّهُ كَانَ حَيًّا مَضْمُونًا (فِي الْأَظْهَرِ) وَإِنْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ إنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ سَقَطَتْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ حَالَةَ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ: قُطِعَتْ كَفُّهُ أَيْضًا) اسْتَشْكَلَ هَذَا بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ جَنَى سَلِيمٌ عَلَى يَدٍ شَلَّاءَ ثُمَّ شَلَّ لَمْ يُقْطَعْ؛ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِحَادِثٍ بَعْدَ الْجِنَايَةِ، وَقَدْ يُجَابُ بِاخْتِلَافِ عُضْوِ الْجَانِي الَّذِي أُرِيدَ قَطْعُهُ وَالْعُضْوِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ثَمَّ فَلَا مُمَاثَلَةَ، وَأَمَّا فِي مَسْأَلَتِنَا فَكَفُّ الْجَانِي مُمَاثِلَةٌ لِكَفِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ حَالَ جِنَايَتِهِ، لَكِنْ مَنَعَ مِنْ اسْتِيفَائِهَا مُجَاوَرَتُهَا لِلْأَصَابِعِ السَّلِيمَةِ وَعَدَمُ إمْكَانِ قَطْعِهَا بِدُونِ الْأَصَابِعِ وَبَعْدَ سُقُوطِ الْأَصَابِعِ زَالَ الْمَانِعُ وَصُدِّقَ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ إلَّا كَفًّا بِلَا أَصَابِعَ وَهِيَ مُمَاثِلَةٌ لِكَفِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ حَالَ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ شَيْنِهِ) أَيْ وَبِضَمِّهَا كَمَا فِي الْقَامُوسِ، وَعِبَارَتُهُ: شَلَّتْ تَشَلُّ بِالْفَتْحِ شَلًّا وَشَلَلًا وَأُشِلَّتْ وَشُلَّتْ مَجْهُولَتَيْنِ (قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ نَقَصَتْ يَدُهُ أُصْبُعًا فَقَطَعَ كَامِلَةً إلَخْ (قَوْلُهُ: قَطَعَ) أَيْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ. (فَصْلٌ) فِي اخْتِلَافِ مُسْتَحِقِّ الدَّمِ وَالْجَانِي (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ وَارِثُهُ) أَيْ وَارِثُ الْجَانِي، وَأَمَّا وَارِثُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَدَاخِلٌ فِي مُسْتَحِقِّ الدَّمِ فَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ كَانَ حَيًّا مَضْمُونًا) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي قَوْلُهُ إنَّهُ كَانَ حَيًّا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ انْتَهَى إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ بِجِنَايَةٍ أَوْ أَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ أَيْ خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ شَيْنِهِ) أَيْ وَبِفَتْحِهَا أَيْضًا فِي الْمُضَارِعِ وَيُقَالُ شُلَّتْ بِضَمِّ شَيْنِهِ بِنَاءً لِلْمَفْعُولِ. [فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ مُسْتَحِقِّ الدَّمِ وَالْجَانِي] (قَوْلُهُ: وَادَّعَى الْوَلِيُّ حَيَاتَهُ) أَيْ حَيَاةً مَضْمُونَةً بِدَلِيلِ مَا سَيَأْتِي فِي الْحَلِفِ إذْ هُوَ عَلَى طِبْقِ الدَّعْوَى (قَوْلُهُ: مَضْمُونًا) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْحَيَاةِ، فَيَخْرُجُ مَا إذَا كَانَتْ حَيَاتُهُ غَيْرَ مَضْمُونَةٍ بِأَنْ وَصَلَ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ بِجِنَايَةٍ، وَلَا يَنْبَغِي حَمْلُ الضَّمَانِ هُنَا عَلَى الضَّمَانِ مُطْلَقًا حَتَّى يَجِبَ عَلَى الْوَلِيِّ التَّعَرُّضُ لِذَلِكَ فِي الْحَلِفِ لِأَنَّ النِّزَاعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَانِي

مَا سَالَ مِنْ دَمِهِ دَمُ مَيِّتٍ، وَهِيَ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ لَا خَمْسُونَ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ؛ لِأَنَّهَا عَلَى الْحَيَاةِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَإِذَا حَلَفَ وَجَبْت الدِّيَةُ لَا الْقَوَدُ لِسُقُوطِهِ بِالشُّبْهَةِ وَإِنَّمَا صُدِّقَ الْوَلِيُّ اسْتِصْحَابًا لِأَصْلِ بَقَاءِ الْحَيَاةِ فَأَشْبَهَ ادِّعَاءَ رِدَّةِ مُسْلِمٍ قَبْلَ قَتْلِهِ وَبِهِ يُضَعَّفُ انْتِصَارُ جَمْعٍ لِمُقَابِلِهِ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَقِيلَ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَلْفُوفًا عَلَى هَيْئَةِ التَّكْفِينِ أَوْ فِي ثِيَابِ الْأَحْيَاءِ، قَالَ الْإِمَامُ: وَهَذَا لَا أَصْلَ لَهُ. نَعَمْ يَظْهَرُ مَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَأَفْهَمَهُ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ مَا ذُكِرَ حَيْثُ عُهِدَتْ لَهُ حَيَاةٌ، وَإِلَّا كَسَقْطٍ لَمْ تُعْهَدْ لَهُ صُدِّقَ الْجَانِي، وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ بِحَيَاتِهِ، وَلَهُمْ الْجَزْمُ بِهَا حَالَةَ الْقَدِّ إذَا رَأَوْهُ يَتَلَفَّفُ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ رَأَيْنَاهُ يَتَلَفَّفُ لِأَنَّهُ لَازِمٌ بَعِيدٌ وَيُعْتَبَرُ فِي الشَّهَادَةِ مُطَابَقَتُهَا لِلْمُدَّعِي (وَلَوْ قَطَعَ طَرَفًا) هُوَ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ، وَمُرَادُهُ أَزَالَ جِرْمًا أَوْ مَعْنًى (وَزَعَمَ نَقْصَهُ) كَشَلَلٍ، وَالْمَقْطُوعُ تَمَامُهُ (فَالْمَذْهَبُ تَصْدِيقُهُ) أَيْ الْجَانِي (إنْ أَنْكَرَ أَصْلَ السَّلَامَةِ فِي عُضْوٍ ظَاهِرٍ) كَيَدٍ وَلِسَانٍ لِسُهُولَةِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بِسَلَامَتِهِ، وَيَكْفِي قَوْلُهَا كَانَ سَلِيمًا، وَإِنْ لَمْ تَتَعَرَّضْ لِوَقْتِ الْجِنَايَةِ فَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ لَا تَكْفِي الشَّهَادَةُ بِنَحْوِ مِلْكٍ سَابِقٍ كَ كَانَ مِلْكَهُ أَمْسِ إلَّا أَنْ قَالُوا: لَا نَعْلَمُ مُزِيلًا لَهُ لِأَنَّ الْفَرْضَ هُنَا أَنَّهُ أَنْكَرَ السَّلَامَةَ مِنْ أَصْلِهَا، فَقَوْلُهُمَا كَانَ سَلِيمًا مُبْطِلٌ لِإِنْكَارِهِ صَرِيحًا وَلَا كَذَلِكَ ثَمَّ (وَإِلَّا) بِأَنْ اتَّفَقَا عَلَى سَلَامَتِهِ وَادَّعَى الْجَانِي حُدُوثَ نَقْصِهِ أَوْ كَانَ إنْكَارًا أَصْلَ السَّلَامَةِ فِي عُضْوٍ بَاطِنٍ وَهُوَ مَا يُعْتَادُ سَتْرُهُ مُرُوءَةً وَقِيلَ مَا يَجِبُ سَتْرُهُ (فَلَا) يُصَدَّقُ الْجَانِي بَلْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ حُدُوثِ النَّقْصِ وَلِعُسْرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فِي الْبَاطِنِ وَيَجِبُ الْقَوَدُ هُنَا، إذْ الِاخْتِلَافُ لَمْ يَصْدُرْ فِي الْمُهْدَرِ فَلَا شُبْهَةَ، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ وُجُوبِ الْقَوَدِ هُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ قَضِيَّةِ كَلَامِ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَالْأَصْحَابِ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ حَيْثُ صَرَّحَ بِنَفْيِهِ بِقَوْلِهِ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّصْدِيقَ بِالْيَمِينِ وَأَنْ لَا قِصَاصَ اهـ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: ـــــــــــــــــــــــــــــSكَانَ مُهْدَرًا (قَوْلُهُ: وَجَبَتْ الدِّيَةُ) أَيْ دِيَةُ عَمْدٍ (قَوْلُهُ: فَأَشْبَهَ ادِّعَاءَ إلَخْ) أَيْ فِي أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، وَقَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ أَنَّهُ لَا قَوَدَ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ كَمَا لَوْ سَرَقَ مَالًا وَادَّعَى أَنَّهُ مِلْكُهُ حَيْثُ لَا يُقْطَعُ لِاحْتِمَالِ مَا قَالَهُ (قَوْلُهُ: وَبِهِ يُضَعَّفُ) أَيْ بِقَوْلِهِ اسْتِصْحَابًا لِأَصْلِ بَقَاءِ الْحَيَاةِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِمَامُ وَهَذَا) أَيْ الْقَوْلُ بِالتَّفْرِقَةِ (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَهُ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ اسْتِصْحَابًا لِأَصْلِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّ) بَيَانٌ لِبَحْثِ الْبُلْقِينِيِّ، وَقَوْلُهُ مَا ذُكِرَ: أَيْ مِنْ تَصْدِيقِ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ الْجَانِي) أَيْ بِيَمِينِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ بِحَيَاتِهِ) وَهَلْ يَلْزَمُهُ الْقَوَدُ عَمَلًا بِقَوْلِ الْبَيِّنَةِ، أَوْ الدِّيَةُ وَيُجْعَلُ إنْكَارُهُ الْحَيَاةَ شُبْهَةً مُسْقِطَةً لَهُ كَمَا لَوْ حَلَفَ الْوَلِيُّ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَعَلَّ لُزُومَ الْقَوَدِ أَقْرَبُ لِضَعْفِ الشُّبْهَةِ، وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ بِالدَّرْسِ عَنْ الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ) قَالَ فِي الْعُبَابِ وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ فَيَتَسَاقَطَانِ، وَيَبْقَى الْحَالُ كَمَا لَوْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ فَيُصَدَّقُ الْوَلِيُّ بِيَمِينِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَازِمٌ بَعِيدٌ) أَيْ رُؤْيَةُ التَّلَفُّفِ تَسْتَلْزِمُ الْحَيَاةَ بِلَا وَاسِطَةٍ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي قَوْلُهَا) أَيْ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ) أَيْ الْجَانِي (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ الْقَوَدُ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا قِصَاصَ) أَيْ وَيَجِبُ عَلَى الْجَانِي دِيَةُ عَمْدٍ لِلْعُضْوِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQإنَّمَا هُوَ فِي الْحَيَاةِ وَعَدَمِهَا لَا فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ التَّعَرُّضُ فِي حَلِفِ لِمَا لَمْ يُنَازَعْ فِيهِ (قَوْلُهُ:، فَأَشْبَهَ) يَعْنِي: هَذَا الْحُكْمَ (قَوْلُهُ: وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ بِحَيَاتِهِ) أَيْ وَتَكُونُ مُغْنِيَةً عَنْ حَلِفِ الْوَلِيُّ وَذَكَرَ هَذَا تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ، وَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا (قَوْلُهُ: وَتُعْتَبَرُ فِي الشَّهَادَةِ إلَخْ.) الْوَاوُ فِيهِ لِلْحَالِ (قَوْلُهُ: هُوَ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى الْغَالِبِ هُنَا. وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْغَالِبَ قَطْعُ الْأَطْرَافِ لَا إزَالَةُ الْمَعْنَى وَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يُبَدَّلَ هَذَا بِقَوْلِهِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: لِإِنْكَارِهَا) أَيْ السَّلَامَةِ فَالْمَصْدَرُ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ، وَفِي نُسَخٍ لِإِنْكَارِهِ

أَحْسَبُ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الْقِصَاصِ هُنَا هُوَ مَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِهِ هُنَاكَ إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ النَّافِي هُنَاكَ بِالْإِثْبَاتِ هُنَا وَيَذْكُرَ فَرْقًا بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ اهـ. وَقَالَ فِي الْغُنْيَةِ: فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُمَا، وَالْقَوْلُ الثَّانِي يُصَدَّقُ الْجَانِي مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ، وَالثَّالِثُ يُصَدَّقُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ السَّلَامَةُ، وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ مُخْتَصَرَةٌ مِنْ طُرُقٍ (أَوْ) قَطَعَ (يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَمَاتَ وَزَعَمَ) الْجَانِي (سِرَايَةً) لِلنَّفْسِ أَوْ أَنَّهُ قَتَلَهُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ حَتَّى تَجِبَ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ (وَالْوَلِيُّ انْدِمَالًا مُمْكِنًا) قَبْلَ مَوْتِهِ (أَوْ سَبَبًا) آخَرَ لِلْمَوْتِ وَقَدْ عَيَّنَهُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ انْدِمَالٌ أَوْ أَبْهَمَهُ وَأَمْكَنَ انْدِمَالٌ حَتَّى تَجِبَ دِيَتَانِ (فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ الْوَلِيِّ) بِيَمِينِهِ لِوُجُوبِهِمَا بِالْقَطْعِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ سُقُوطِهِمَا، وَالثَّانِي تَصْدِيقُ الْجَانِي بِيَمِينِهِ لِاحْتِمَالِ السِّرَايَةِ فَتَجِبُ دِيَةٌ. أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ لِقِصَرِ زَمَنِهِ كَيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ فَيُصَدَّقُ الْجَانِي بِلَا يَمِينٍ، نَعَمْ لَوْ أَبْهَمَ السَّبَبَ، وَلَمْ يُمْكِنْ انْدِمَالٌ وَادَّعَى الْجَانِي أَنَّهُ قَتَلَهُ اُعْتُبِرَ يَمِينُهُ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ حُدُوثِ فِعْلٍ مِنْهُ يَقْطَعُ فِعْلَهُ بِخِلَافِ دَعْوَى السِّرَايَةِ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فَلَمْ تَحْتَجْ لِيَمِينٍ كَمَا تَقَرَّرَ (وَكَذَا لَوْ) (قَطَعَ يَدَهُ) وَمَاتَ (وَزَعَمَ) الْجَانِي (سَبَبًا) آخَرَ لِمَوْتِهِ غَيْرَ السِّرَايَةِ وَلَمْ يُمْكِنْ انْدِمَالٌ سَوَاءٌ أَعَيَّنَ السَّبَبَ أَمْ أَبْهَمَهُ حَتَّى يَلْزَمَهُ نِصْفُ دِيَةٍ (وَ) زَعَمَ (الْوَلِيُّ سِرَايَةً) حَتَّى تَجِبَ كُلُّ الدِّيَةِ فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُ السِّرَايَةِ، وَلَا يُعَارِضُ هَذَا مَا قَبْلَهُ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلٍّ عَدَمُ وُجُودِ سَبَبٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ السِّرَايَةَ الَّتِي هِيَ الْأَصْلُ تَارَةً يُعَارِضُهَا مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهَا فَيُقَدَّمُ عَلَيْهَا وَهُوَ مَا مَرَّ؛ لِأَنَّ إيجَابَ قَطْعِ الْأَرْبَعِ لِلدِّيَتَيْنِ مُحَقَّقٌ، وَشَكَّ فِي مُسْقِطِهِ فَلَمْ يَسْقُطْ وَتَارَةً لَا يُعَارِضُهَا ذَلِكَ فَتُقَدَّمُ هِيَ وَهُوَ مَا هُنَا، وَكَذَا لَوْ قَالَ الْجَانِي: مَاتَ بَعْدَ الِانْدِمَالِ وَأَمْكَنَ صُدِّقَ لِدَفْعِ السِّرَايَةِ مَعَ إمْكَانِ الِانْدِمَالِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ فَيُصَدَّقُ الْوَلِيُّ أَيْ بِلَا يَمِينٍ فِيمَا يَظْهَرُ، وَوَجْهُ الثَّانِي احْتِمَالُ وُجُودِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُ دِيَةٍ وَعَلَى الْأَوَّلِ دِيَةٌ (وَلَوْ) (أَوْضَحَ مُوضِحَتَيْنِ وَرُفِعَ الْحَاجِزُ) بَيْنَهُمَا (وَزَعَمَهُ) أَيْ الرَّفْعَ (قَبْلَ انْدِمَالِهِ) أَيْ الْإِيضَاحِ لِيَقْتَصِرَ عَلَى أَرْشٍ وَاحِدٍ وَقَالَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بَلْ بَعْدَهُ فَعَلَيْك ثَلَاثَةُ أُرُوشٍ (صُدِّقَ) الْجَانِي بِيَمِينِهِ أَنَّهُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ، وَلَزِمَهُ أَرْشٌ وَاحِدٌ (إنْ أَمْكَنَ) عَدَمُ الِانْدِمَالِ بِأَنْ بَعُدَ الِانْدِمَالُ عَادَةً لِقِصَرِ الزَّمَنِ بَيْنَ الْإِيضَاحِ وَالرَّفْعِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَمْكَنَ الِانْدِمَالُ: أَيْ قَرُبَ احْتِمَالُهُ لِطُولِ الزَّمَنِ (حَلَفَ الْجَرِيحُ) أَنَّهُ بَعْدَ الِانْدِمَالِ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا مَرَّ فِي قَطْعِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: هُوَ مَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِهِ هُنَاكَ) أَيْ فِيمَا لَوْ قَدَّ مَلْفُوفًا وَادَّعَى الْوَلِيُّ حَيَاتَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ انْدِمَالٌ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى السَّبَبِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ أَبْهَمَ) أَيْ الْوَلِيُّ اهـ سم عَلَى حَجّ وَهُوَ اسْتِدْرَاكٌ ظَاهِرِيٌّ عَلَى قَوْلِهِ بِلَا يَمِينٍ؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ دَعْوَى الْجَانِي السِّرَايَةَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُمْكِنْ انْدِمَالٌ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَ انْدِمَالٌ اخْتَلَفَ الْحُكْمُ هُنَا، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ قَدْ تَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ سم عَلَى حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا: فَإِنْ أَمْكَنَ فَسَيَأْتِي انْتَهَى: أَيْ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ الِانْدِمَالِ وَأَمْكَنَ صُدِّقَ (قَوْلُهُ: وَلَا يُعَارِضُ هَذَا) أَيْ تَصْدِيقُ الْوَلِيِّ أَنَّهُ بِالسِّرَايَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُهُ مَا قَبْلَهُ وَهُوَ مَا لَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَمَاتَ وَادَّعَى أَنَّهُ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ وَادَّعَى الْوَلِيُّ أَنَّهُ مَاتَ بِسَبَبٍ آخَرَ بِشَرْطِهِ السَّابِقِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُودِ سَبَبٍ آخَرَ شَرْحُ رَوْضٍ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا مَرَّ) مِنْ قَوْلِهِ لِوُجُوبِهِمَا بِالْقَطْعِ، وَالْأَصْلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَمْكَنَ صُدِّقَ) أَيْ الْجَانِي فَتَجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُ دِيَةٍ فَقَطْ (قَوْلُهُ: أَيْ قَرُبَ احْتِمَالُهُ لِطُولِ الزَّمَنِ) أَيْ فَحَاصِلُ الْمُرَادِ بِعَدَمِ إمْكَانِ الِانْدِمَالِ بَعْدَهُ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ: أَيْ فَلَا تَنَاقُضَ بَيْنَ تَصْدِيقِ الْجَانِي عِنْدَ الْإِمْكَانِ وَتَصْدِيقِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِمْكَانِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُخَالِفُ هَذَا) مَا ذَكَرَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يُخَالِفُ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: هُنَاكَ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْقَدِّ فَإِنَّ هُنَاكَ مَنْ يَقُولُ فِيهَا بِوُجُوبِ الْقِصَاصِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ لِقِصَرِ زَمَنِهِ) أَيْ وَلَمْ يَدَّعِ الْوَلِيُّ سَبَبًا آخَرَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يُخَالِفُ هَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ تَصْدِيقِ الْجَرِيحِ. وَاعْلَمْ أَنَّ

الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ مِنْ تَصْدِيقِ الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا هُنَا عَلَى وُقُوعِ رَفْعِ الْحَاجِزِ الصَّالِحِ لِرَفْعِ الْأَرْشَيْنِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا فِي وَقْتِهِ فَنَظَرُوا لِلظَّاهِرِ فِيهِ وَصَدَّقُوا الْجَانِيَ عِنْدَ قِصَرِ زَمَنِهِ لِقُوَّةِ جَانِبِهِ بِالِاتِّفَاقِ وَالظَّاهِرِ الْمَذْكُورَيْنِ، وَأَمَّا ثَمَّ فَلَمْ يَتَّفِقَا عَلَى وُقُوعِ شَيْءٍ بَلْ تَنَازَعَا فِي وُقُوعِ السِّرَايَةِ وَفِي وُقُوعِ الِانْدِمَالِ فَنَظَرُوا لِقُوَّةِ جَانِبِ الْوَلِيِّ بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى وُقُوعِ مُوجِبِ الدِّيَتَيْنِ وَعَدَمِ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى وُقُوعِ صَلَاحِيَةِ الْمَوْتِ لِرَفْعِهِ، لَا يُقَالُ: قَدْ اتَّفَقَا ثَمَّ عَلَى وُقُوعِ الْمَوْتِ وَهُوَ صَالِحٌ لِلرَّفْعِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: زَعْمُ صَلَاحِيَةِ الْمَوْتِ لِرَفْعِهِ مَمْنُوعٌ، وَإِنَّمَا الصَّالِحُ لِلسِّرَايَةِ مِنْ الْجُرْحِ الْمُتَوَلِّدِ عَنْهَا الْمَوْتُ وَهُنَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى وُقُوعِهِ فَاتَّضَحَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجَانِيَ هُنَا هُوَ الَّذِي قَوِيَ جَانِبُهُ، وَالْوَلِيُّ ثَمَّ هُوَ الَّذِي قَوِيَ جَانِبُهُ فَأَعْطَوْا كُلًّا حُكْمَهُ، وَاسْتِشْكَالُ لُزُومِ الْيَمِينِ هُنَا بِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لَهُ فَالْمُنَاسِبُ تَصْدِيقُهُ بِلَا يَمِينٍ، وَوُجُوبُ أَرْشٍ ثَالِثٍ قَطْعًا يُرَدُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِمْكَانِ وَعَدَمِهِ كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ الْإِمْكَانُ الْقَرِيبُ عَادَةً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: الْمَارِّ لِقِصَرِ الزَّمَنِ وَطُولِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُوضِحَةَ قَدْ يَتَّفِقُ خَتْمُهَا ظَاهِرًا وَتَبْقَى نِكَايَتُهَا بَاطِنًا لَكِنَّهُ قَرِيبٌ مَعَ قِصَرِ الزَّمَنِ وَبَعِيدٌ مَعَ طُولِهِ فَوَجَبَتْ الْيَمِينُ لِذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ إمْكَانِ الِانْدِمَالِ يُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ لِمَا قَرَّرْنَاهُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ مَفْرُوضٌ فِي انْدِمَالٍ أَحَالَتْهُ الْعَادَةُ بِدَلِيلِ تَمْثِيلِهِمْ بِادِّعَاءِ وُقُوعِهِ فِي قَطْعِ يَدَيْنِ أَوْ رِجْلَيْنِ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ وَهَذَا مُحَالٌ عَادَةً فَلَمْ يَجِبْ يَمِينٌ. وَأَمَّا فَرْضُ مَا نَحْنُ فِيهِ فَهُوَ فِي مُوضِحَتَيْنِ صَدَرَتَا مِنْهُ ثُمَّ بَعْدَ نَحْوِ عَشْرِ سِنِينَ مَثَلًا وَقَعَ مِنْهُ رَفْعُ الْحَاجِزِ فَبَقَاؤُهُمَا بِلَا انْدِمَالٍ ذَلِكَ الزَّمَنَ بَعِيدٌ عَادَةً وَلَيْسَ بِمُسْتَحِيلٍ فَاحْتِيجَ لِيَمِينِ الْجَرِيحِ حِينَئِذٍ لِإِمْكَانِ عَدَمِ الِانْدِمَالِ، وَإِنْ بَعُدَ (وَثَبَتَ) لَهُ (أَرْشَانِ) لَا ثَلَاثَةٌ، بِاعْتِبَارِ الْمُوضِحَتَيْنِ وَرَفْعِ الْحَاجِزِ بَعْدَ الِانْدِمَالِ الثَّابِتِ بِحَلِفِهِ، لِأَنَّ حَلِفَهُ دَافِعٌ لِلنَّقْصِ عَنْ أَرْشَيْنِ فَلَا يُوجِبُ زِيَادَةً كَمَا لَوْ تَنَازَعَا فِي قِدَمِ عَيْبٍ وَحَلَفَ الْبَائِعُ عَلَى حُدُوثِهِ ثُمَّ وَقَعَ الْفَسْخُ فَأَرَادَ أَرْشَ مَا ثَبَتَ بِيَمِينِهِ حُدُوثُهُ لَا يُجَابُ؛ لِأَنَّ حَلِفَهُ صَالِحٌ لِلدَّفْعِ عَنْهُ فَلَا يَصْلُحُ لِشَغْلِ ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي (قِيلَ: وَثَالِثٌ) عَمَلًا بِقَضِيَّةِ يَمِينِهِ، وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ عَدَمِ احْتِيَاجِ الْجَانِي فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إلَى يَمِينٍ غَيْرُ مُرَادٍ فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ أَنَّهُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ، وَحِينَئِذٍ فَحَلِفُهُ أَفَادَ سُقُوطَ الثَّالِثِ وَحَلِفُ ـــــــــــــــــــــــــــــSنَقَلَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ، ثُمَّ قَالَ: وَأَقُولُ لَا تُشْكِلُ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ بِمَا ذَكَرَهُ لِأَنَّهَا مُصَوَّرَةٌ بِقِصَرِ الزَّمَنِ وَنَظِيرُهَا فِي مَسْأَلَةِ قَطْعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ بِأَنْ قَصُرَ الزَّمَنُ تَصْدِيقُ الْجَانِي أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ اهـ. أَقُولُ: وَوَجْهُ الْإِشْكَالِ أَنَّهُمْ فَرَّقُوا هُنَا فِي الْإِمْكَانِ بَيْنَ الْقَرِيبِ فَصَدَّقُوا مَعَهُ الْجَانِيَ وَبَيْنَ الْبَعِيدِ فَصَدَّقُوا مَعَهُ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ وَهُوَ نَظِيرُ الْوَلِيِّ ثَمَّ وَلَمْ يُفَرِّقُوا هُنَاكَ فِي الْإِمْكَانِ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ بَلْ قَالُوا حَيْثُ أَمْكَنَ يُصَدَّقُ الْوَلِيُّ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا هُنَا عَلَى وُقُوعِ رَفْعِ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى وُقُوعِ مُوجِبٍ) وَهُوَ قَطْعُ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ) تَوْجِيهٌ لِقَوْلِهِ ثَلَاثَةٌ الْمَنْفِيِّ (قَوْلُهُ: وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ) حَيْثُ قَالَ فِي جَانِبِ الْجَانِي صُدِّقَ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَاصِلَ هَذَا الْإِيرَادِ وَالْجَوَابُ أَنَّ الَّذِي صَدَّقْنَا فِيهِ الْجَرِيحَ هُنَا الَّذِي هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْوَلِيِّ فِيمَا مَرَّ هُوَ الَّذِي صَدَّقْنَا فِيهِ الْجَانِي فِيمَا مَرَّ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الَّذِي صَدَّقْنَا فِيهِ الْجَرِيحَ هُنَا وَهُوَ مَا إذَا أَمْكَنَ الِانْدِمَالُ هُوَ الَّذِي صَدَّقْنَا فِيهِ الْوَلِيَّ هُنَاكَ وَاَلَّذِي صَدَّقْنَا فِيهِ الْجَانِيَ هُنَا وَهُوَ مَا إذَا أَمْكَنَ عَدَمُ الِانْدِمَالِ هُوَ الَّذِي صَدَّقْنَا فِيهِ هُنَا فَالْمَسْأَلَتَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فَلَا إشْكَالَ أَصْلًا غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَدَّمَ هُنَاكَ مَا يُصَدَّقُ فِيهِ الْوَلِيُّ وَقَدَّمَ هُنَا مَا يُصَدَّقُ فِيهِ الْجَانِي مِنْ الذِّكْرِ فَقَطْ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِاتِّفَاقِهِمَا) مُتَعَلِّقٌ بِقُوَّةٍ (قَوْلُهُ: وَاسْتِشْكَالُ لُزُومِ الْيَمِينِ هُنَا) يَعْنِي: فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِلَّا حَلَفَ الْجَرِيحُ (قَوْلُهُ: فَالْمُنَاسِبُ تَصْدِيقُهُ) يَعْنِي: الْجَرِيحَ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ إمْكَانِ الِانْدِمَالِ يُصَدَّقُ) يَعْنِي: الْجَانِيَ الْمُدَّعِيَ لِلِانْدِمَالِ فِي مَسْأَلَةِ مَا لَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ

[فصل في مستحق القود ومستوفيه وما يتعلق بهما]

الْجَرِيحِ أَفَادَ رَفْعَ النَّقْصِ عَنْ أَرْشَيْنِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَلَوْ رَفَعَهُ خَطَأً، وَكَانَ الْإِيضَاحُ عَمْدًا أَوْ بِالْعَكْسِ فَثَلَاثَةُ أُرُوشٍ كَمَا اقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ تَرْجِيحَهُ وَإِنْ وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ خِلَافُهُ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قِيلَ: وَثَالِثٌ لِرَفْعِ الْحَاجِزِ بَعْدَ الِانْدِمَالِ قَبْلَ الرَّفْعِ بِيَمِينِهِ مُنْحَلٌّ إلَى قَوْلِهِ لِرَفْعِهِ الْحَاجِزَ بَعْدَ الِانْدِمَالِ الْكَائِنِ قَبْلَ الرَّفْعِ أَوْ الْحَاصِلِ قَبْلَهُ بِيَمِينِهِ فَقِيلَ: صِفَةٌ لِقَوْلِهِ بَعْدَ الِانْدِمَالِ. (فَصْلٌ) فِي مُسْتَحِقِّ الْقَوَدِ وَمُسْتَوْفِيهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا يُنْدَبُ فِي قَوَدِ مَا سِوَى النَّفْسِ التَّأْخِيرُ لِلِانْدِمَالِ، وَيَمْتَنِعُ الْعَفْوُ عَلَى مَالٍ قَبْلَهُ لِاحْتِمَالِ السِّرَايَةِ وَاتَّفَقُوا فِي قَوَدِ مَا سِوَاهَا عَلَى ثُبُوتِهِ لِكُلِّ الْوَرَثَةِ، وَاخْتَلَفُوا فِي قَوَدِهَا هَلْ يَثْبُتُ لِكُلِّ وَارِثٍ أَوْ لَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (الصَّحِيحُ ثُبُوتُهُ لِكُلِّ وَارِثٍ) بِفَرْضٍ أَوْ تَعْصِيبٍ بِحَسَبِ إرْثِهِمْ الْمَالَ، سَوَاءٌ أُورِثَ بِنَسَبٍ وَإِنْ بَعُدَ كَذِي رَحِمٍ إنْ وَرَّثْنَاهُ أَمْ بِسَبَبٍ كَالزَّوْجَيْنِ وَالْمُعْتَقِ وَالْإِمَامِ فِيمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ مُسْتَغْرِقٌ، وَمَرَّ أَنَّ وَارِثَ الْمُرْتَدِّ لَوْلَا الرِّدَّةُ يَسْتَوْفِي قَوَدَ طَرَفِهِ، وَيَأْتِي فِي قَاطِعِ الطَّرِيقِ أَنَّ قَتْلَهُ يَتَعَلَّقُ بِالْإِمَامِ دُونَ الْوَرَثَةِ حَيْثُ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ فَلَا يُرَدُّ ذَلِكَ عَلَى الْمُصَنِّفِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْيَمِينِ وَقَالَ فِي جَانِبِ الْجَرِيحِ حَلَفَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَفَعَهُ) أَيْ الْحَاجِزَ (قَوْلُهُ: مُنْحَلٌّ) خَبَرٌ لِقَوْلِهِ: وَقَوْلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَقِيلَ صِفَةٌ لِقَوْلِهِ بَعْدَ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يُقَالَ: صِفَةٌ لِلِانْدِمَالِ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ الِانْدِمَالِ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ. (فَصْلٌ) فِي مُسْتَحِقِّ الْقَوَدِ (قَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا) أَيْ كَعَفْوِ الْوَلِيِّ عَنْ الْقِصَاصِ الثَّابِتِ لِلْمَجْنُونِ وَحَبْسِ الْحَامِلِ (قَوْلُهُ التَّأْخِيرُ لِلِانْدِمَالِ) أَيْ انْدِمَالِ جُرْحِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيَمْتَنِعُ الْعَفْوُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ السِّرَايَةِ لَا يَدْرِي هَلْ مُسْتَحِقُّهُ الْقَوَدُ أَوْ الطَّرَفُ فَيَلْغُو الْعَفْوُ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِمَا يَسْتَحِقُّهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ عَفَا وَلَمْ يَسْرِ بَلْ انْدَمَلَ الْجُرْحُ لَا يُتَبَيَّنُ صِحَّةُ الْعَفْوِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: عَلَى مَالٍ) أَمَّا لَوْ عَفَا مَجَّانًا فَلَا يَمْتَنِعُ كَمَا يَأْتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي فَصْلِ مُوجَبِ الْعَمْدِ أَوْ لَفْظُ إبْرَاءٍ أَوْ إسْقَاطٍ أَوْ عَفْوٍ سَقَطَ: أَيْ الْأَرْشُ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ) لَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَخْصِيصِ الْخِلَافِ بِالنَّفْسِ فَلَعَلَّ مُرَادَ الشَّارِحِ بِمَا ذَكَرَهُ تَخْصِيصُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالنَّفْسِ وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَتُهُ شَامِلَةً لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: الصَّحِيحُ ثُبُوتُهُ) أَيْ ابْتِدَاءً لَا تَلَقِّيًا زِيَادِيٌّ، وَقَالَ م ر فِيمَا تَقَدَّمَ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ قَالَ اُقْتُلْنِي وَإِلَّا قَتَلْتُك إلَخْ مَا نَصُّهُ: وَالْقَوَدُ يَثْبُتُ لِلْمُوَرَّثِ ابْتِدَاءً كَالدِّيَةِ، وَلِهَذَا أُخْرِجَتْ مِنْهَا دُيُونُهُ وَوَصَايَاهُ اهـ. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الزِّيَادِيِّ، وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا لَوْ وَجَبَ مَالٌ فَعَلَى أَنَّهُ ثَبَتَ لِلْوَارِثِ ابْتِدَاءً لَا يُقْضَى مِنْهُ دَيْنُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَعَلَى أَنَّهُ يَثْبُتُ تَلَقِّيًا يُقْضَى مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْإِرْثَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ تَوْفِيَةِ الدُّيُونِ (قَوْلُهُ: يُسْتَوْفَى قَوَدُ طَرَفِهِ) أَيْ الَّذِي جَنَى عَلَيْهِ قَبْلَ الرِّدَّةِ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَلَا يُرَدُّ ذَلِكَ عَلَى الْمُصَنِّفِ) أَيْ؛ لِأَنَّ مَا يَأْتِي فِي قَاطِعِ الطَّرِيقِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَقِيلَ صِفَةٌ) وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا لَغْوٌ مُتَعَلِّقًا بِنَفْسِ الِانْدِمَالِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ بَعْدَ الِانْدِمَالِ) الْمُنَاسِبُ كَمَا قَالَهُ سم لِقَوْلِهِ الِانْدِمَالِ. [فَصْلٌ فِي مُسْتَحِقِّ الْقَوَدِ وَمُسْتَوْفِيهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا] (فَصْلٌ) فِي مُسْتَحِقِّ الْقَوَدِ (قَوْلُهُ: بِفَرْضٍ أَوْ تَعْصِيبٍ) أَيْ أَوْ غَيْرِهِمَا لِيَشْمَلَ عُمُومَ الْقَرَابَةِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ كَذِي رَحِمٍ (قَوْلُهُ: أَمْ بِسَبَبٍ) فِي جَعْلِهِ مُقَابِلًا لِنَسَبٍ مُسَاهَلَةٌ لِأَنَّ النَّسَبَ أَيْضًا سَبَبٌ كَمَا عَدُّوهُ مِنْ أَسْبَابِ الْإِرْثِ فَالْمُرَادُ السَّبَبُ غَيْرُ النَّسَبِ (قَوْلُهُ: يُسْتَوْفَى قَوَدُ طَرَفِهِ) أَيْ الَّذِي جَنَى عَلَيْهِ قَبْلَ الرِّدَّةِ

كَمَا لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ مَا قِيلَ: إنَّهُ يُفْهَمُ ثُبُوتُ كُلِّهِ لِكُلِّ وَارِثٍ لِمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ أَنَّهُ يَسْقُطُ بِعَفْوِ بَعْضِهِمْ، وَقِيلَ لِلْعَصَبَةِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ لِدَفْعِ الْعَارِ فَاخْتَصَّ بِهِمْ، وَقِيلَ لِلْوَارِثِ بِالنَّسَبِ دُونَ السَّبَبِ؛ لِأَنَّهُ لِلتَّشَفِّي، وَالسَّبَبُ يَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ (وَيُنْتَظَرُ) حَتْمًا (غَائِبُهُمْ) إلَى حُضُورِهِ أَوْ إذْنِهِ (وَكَمَالُ صَبِيِّهِمْ) بِبُلُوغِهِ (وَمَجْنُونِهِمْ) بِإِفَاقَتِهِ؛ لِأَنَّ الْقَوَدَ لِلتَّشَفِّي وَلَا يَحْصُلُ بِاسْتِيفَاءِ غَيْرِهِمْ مِنْ وَلِيٍّ أَوْ حَاكِمٍ أَوْ بَقِيَّتِهِمْ، فَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ فَقِيرَيْنِ مُحْتَاجَيْنِ لِلنَّفَقَةِ جَازَ لِوَلِيِّ الْمَجْنُونِ غَيْرِ الْوَصِيِّ، وَالْقَيِّمُ مِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ الْعَفْوُ عَلَى الدِّيَةِ دُونَ الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّ لَهُ غَايَةً تُنْتَظَرُ، بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ إذْ لَيْسَ لِإِفَاقَتِهِ أَمَدٌ يُنْتَظَرُ: أَيْ مُعَيَّنًا فَلَا يَرِدُ مُعْتَادُ الْإِفَاقَةِ فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ وَإِنْ قَرُبَ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، بِخِلَافِ الصَّبِيِّ إذْ لِبُلُوغِهِ أَمَدٌ يُنْتَظَرُ (وَيُحْبَسُ) وُجُوبًا (الْقَاتِلُ) أَيْ الْجَانِي عَلَى نَفْسٍ أَوْ غَيْرِهَا إلَى حُضُورِ الْمُسْتَحِقِّ أَوْ كَمَالِهِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى طَلَبِ وَلِيٍّ وَلَا حُضُورِ غَائِبٍ ضَبْطًا لِلْحَقِّ مَعَ عُذْرِ مُسْتَحِقِّهِ، وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ حَبْسُ الْحَامِلِ عَلَى طَلَبِهِ لِلْمُسَامَحَةِ فِيهَا رِعَايَةً لِلْحَمْلِ مَا لَمْ يُسَامِحْ فِي غَيْرِهَا (وَلَا يُخَلَّى بِكَفِيلٍ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَهْرُبُ فَيَفُوتُ الْحَقُّ، وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ، أَمَّا هُوَ فَيَقْتُلُهُ الْإِمَامُ مُطْلَقًا (وَلْيَتَّفِقُوا) أَيْ مُسْتَحِقُّو الْقَوَدِ الْمُكَلَّفُونَ الْحَاضِرُونَ (عَلَى مُسْتَوْفٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــSيُخَصِّصُ مَا هُنَا انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: سَيُصَرِّحُ بِهِ) أَيْ إذْ لَوْ ثَبَتَ كُلُّهُ لِكُلِّ وَارِثٍ لَمْ يَسْقُطْ بِعَفْوِ بَعْضِهِمْ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ. وَنَظِيرُهُ فِي عَدَمِ السُّقُوطِ بِعَفْوِ الْبَعْضِ مَا لَوْ عَفَا بَعْضُ الْوَرَثَةِ عَنْ حَدِّ الْقَذْفِ فَإِنَّ لِغَيْرِ الْعَافِي اسْتِيفَاءَ الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: وَكَمَالُ صَبِيِّهِمْ) لَوْ اسْتَوْفَاهُ الصَّبِيُّ حَالَ صِبَاهُ فَيَنْبَغِي الِاعْتِدَادُ بِهِ. قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: لَا يُشْكِلُ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُلْجَمٍ وَكَانَ لِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَوْلَادٌ صِغَارٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: هُوَ مَذْهَبٌ لَهُ لَا يَنْهَضُ صِحَّةً عَلَى غَيْرِهِ وَأَيْضًا فَقَتْلُ الْإِمَامِ مِنْ الْمَفَاسِدِ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ كَقَتْلِ غَيْرِهِ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَمَجْنُونِهِمْ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: لَوْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ إنَّ إفَاقَتَهُ مَأْيُوسٌ مِنْهَا فَيُحْتَمَلُ تَعَذُّرُ الْقِصَاصِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْوَلِيَّ يَقُومُ مَقَامَهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْصُلُ مِنْ وَلِيٍّ أَوْ حَاكِمٍ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ تَعَدَّى أَحَدُهُمَا، وَقَتَلَ فَهَلْ يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَيْهِ أَوْ الدِّيَةُ وَيَكُونُ قَصْدُ الِاسْتِيفَاءِ شُبْهَةً؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: لِأَنَّ الْقَوَدَ لِلتَّشَفِّي وَلَا يَحْصُلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: جَازَ لِوَلِيِّ الْمَجْنُونِ) قَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِهِ عَدَمُ وُجُوبِهِ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِلنَّفَقَةِ، وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ فِيمَا ذُكِرَ لَمْ يَبْعُدْ. وَقَدْ يُقَالُ هُوَ جَوَازٌ بَعْدَ مَنْعٍ فَيَصْدُقُ بِالْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: دُونَ الصَّبِيِّ) أَيْ دُونَ وَلِيِّ الصَّبِيِّ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْعَفْوُ عَنْ قِصَاصِ الصَّبِيِّ، فَلَوْ كَانَ لِلْوَلِيِّ حَقٌّ فِي الْقِصَاصِ كَأَنْ كَانَ أَبَا الْقَتِيلِ جَازَ لَهُ الْعَفْوُ عَنْ حِصَّتِهِ، ثُمَّ إنْ أَطْلَقَ الْعَفْوَ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ عَفَا عَلَى الدِّيَةِ وَجَبَتْ وَسَقَطَ الْقَوَدُ بِعَفْوِهِ وَتَجِبُ لِبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ حِصَّتُهُمْ مِنْ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا سَقَطَ بَعْضُ الْقِصَاصِ بِعَفْوِهِ سَقَطَ بَاقِيهِ قَهْرًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ كَمَا يُعْلَمُ كُلُّ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَيْ مُعَيَّنًا) حَالٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَرُبَ) أَيْ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ الْإِفَاقَةِ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَيُحْبَسُ وُجُوبًا الْقَاتِلُ) أَيْ وَالْحَابِسُ لَهُ الْحَاكِمُ وَمُؤْنَةُ حَبْسِهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَإِلَّا فَفِي بَيْتِ الْمَالِ وَإِلَّا فَعَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: عَلَى طَلَبِهِ) أَيْ مُسْتَحِقِّهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ يَهْرُبُ) مِثْلُ طَلَبَ يَطْلُبُ انْتَهَى مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا هُوَ فَيَقْتُلُهُ الْإِمَامُ مُطْلَقًا) وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَاطِعُ الطَّرِيقِ أَمْرُهُ إلَى الْإِمَامِ لِتَحَتُّمِ قَتْلِهِ، لَكِنْ يَظْهَرُ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا قَتَلَهُ يَكُونُ لِنَحْوِ الصَّبِيِّ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ: أَيْ قَاطِعِ الطَّرِيقِ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ لَمْ يَقَعْ عَنْ حَقِّهِ اهـ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَلْيَتَّفِقُوا) وُجُوبًا فَلَيْسَ لِوَاحِدٍ الِاسْتِقْلَالُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى طَلَبِ وَلِيٍّ) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ ثَبَتَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ فَرْعُ دَعْوَى الْوَلِيِّ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَلَا حُضُورُ غَائِبٍ: أَيْ بِأَنْ ادَّعَى الْحَاضِرُ وَأَثْبَتَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ حَبْسُ الْحَامِلِ) أَيْ الَّتِي أَخَّرَ قَتْلَهَا لِأَجْلِ الْحَمْلِ وَالصُّورَةُ أَنَّ الْوَلِيَّ كَامِلٌ حَاضِرٌ

لَهُ مُسْلِمٍ فِي الْمُسْلِمِ وَيَمْتَنِعُ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى قَتْلِهِ أَوْ نَحْوِ قَطْعِهِ وَلَا يُمَكِّنُهُمْ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَعْذِيبًا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ الْقَوَدُ بِنَحْوِ إغْرَاقٍ جَازَ اجْتِمَاعُهُمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ، وَفِي قَوَدِ نَحْوِ طَرَفٍ يَتَعَيَّنُ كَمَا يَأْتِي تَوْكِيلُ وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ رُبَّمَا بَالَغَ فِي تَرْدِيدِ الْآلَةِ فَشَدَّدَ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى مُسْتَوْفٍ وَقَالَ كُلٌّ: أَنَا أَسْتَوْفِيهِ (فَقُرْعَةٌ) يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ فِعْلُهَا بَيْنَهُمْ فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ اسْتَوْفَى بِإِذْنِ الْبَاقِي؛ إذْ لَهُ مَنْعُهُ وَطَلَبُ الِاسْتِيفَاءِ بِنَفْسِهِ بِأَنْ يَقُولَ لَا تَسْتَوْفِ وَأَنَا أَسْتَوْفِي، وَإِنَّمَا جَازَ لِلْقَارِعِ فِي النِّكَاحِ فِعْلُهُ بِلَا تَوَقُّفٍ عَلَى إذْنٍ لِمَبْنَى مَا هُنَا عَلَى الدَّرْءِ مَا أَمْكَنَ وَمَبْنَى ذَلِكَ عَلَى التَّعْجِيلِ مَا أَمْكَنَ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عَضَلُوا نَابَ الْحَاكِمُ عَنْهُمْ، وَفَائِدَةُ الْإِذْنِ بَعْدَ الْقُرْعَةِ تَعْيِينُ الْمُسْتَوْفِي وَمَنْعُ قَوْلِ كُلٍّ مِنْ الْبَاقِينَ أَنَا أَسْتَوْفِي وَقَوْلِ بَعْضِهِمْ لِلْقَارِعِ لَا تَسْتَوْفِ أَنْتَ بَلْ أَنَا كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُنَا: بِأَنْ يَقُولَ إلَخْ (يَدْخُلُهَا) (الْعَاجِزُ) عَنْ اسْتِيفَاءٍ كَشَيْخٍ هَرَمٍ وَامْرَأَةٍ؛ لِأَنَّهُ صَاحِبُ حَقٍّ (وَيَسْتَنِيبُ) إذَا قُرِعَ، وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ قَوِيَّةً جَلْدَةً (وَقِيلَ لَا يَدْخُلُ) هَا لِأَنَّهَا إنَّمَا تُدْخَلُ بَيْنَ الْمُتَأَهِّلِينَ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْأَكْثَرُونَ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَلَوْ خَرَجَتْ لِقَادِرٍ فَعَجَزَ أُعِيدَتْ بَيْنَ الْبَاقِينَ (وَلَوْ) (بَدَرَ أَحَدُهُمْ) أَيْ الْمُسْتَحِقِّينَ (فَقَتَلَهُ) عَالِمًا بِتَحْرِيمِ الْمُبَادَرَةِ (فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي قَتْلِهِ، نَعَمْ لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِمَنْعِهِ مِنْ الْمُبَادَرَةِ قُتِلَ جَزْمًا أَوْ بِاسْتِقْلَالِهِ لَمْ يُقْتَلْ جَزْمًا كَمَا لَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَ الْمُبَادَرَةِ، وَلَوْ بَادَرَ أَجْنَبِيٌّ فَقَتَلَهُ فَحَقُّ الْقَوَدِ لِوَرَثَتِهِ لَا لِمُسْتَحِقِّ قَتْلِهِ (وَلِلْبَاقِينَ) فِيمَا ذُكِرَ، وَكَذَا فِيمَا إذَا لَزِمَ الْمُبَادِرَ الْقَوَدُ وَقَتَلَ (قِسْطُ الدِّيَةِ) لِفَوَاتِ الْقَوَدِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِمْ (مِنْ تَرِكَتِهِ) أَيْ الْجَانِي الْمَقْتُولِ؛ لِأَنَّ الْمُبَادِرَ فِيمَا وَرَاءَ حَقِّهِ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَلَوْ قَتَلَهُ أَجْنَبِيٌّ أَخَذَ الْوَرَثَةُ الدِّيَةَ مِنْ تَرِكَةِ الْجَانِي لَا مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ جَوَازُ كَوْنِ الْمُسْتَوْفِي مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ ذَكَرًا أَجْنَبِيًّا إذَا كَانَ الْجَانِي أُنْثَى اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ طَرِيقٌ لِلِاسْتِيفَاءِ فَاغْتُفِرَ النَّظَرُ لِأَجْلِهِ، وَلَوْ بِشَهْوَةٍ، كَمَا أَنَّ الشَّاهِدَ يَجُوزُ لَهُ بَلْ قَدْ يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِثُبُوتِ حَقٍّ عَلَى الْمَرْأَةِ أَوْ لَهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يُمَكِّنُهُمْ) أَيْ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ إغْرَاقٍ) أَيْ أَوْ تَحْرِيقٍ شَرْحُ رَوْضٍ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ فِعْلُهُ بَيْنَهُمْ) أَيْ حَيْثُ اسْتَمَرَّ النِّزَاعُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ، فَإِنْ تَرَاضَوْا عَلَى الْقُرْعَةِ بِأَنْفُسِهِمْ وَخَرَجَتْ لِوَاحِدٍ فَرَضَوْا بِهِ وَأَذِنُوا لَهُ سَقَطَ الطَّلَبُ عَنْ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ اسْتَوْفَى) وَلَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْعَجْزُ أُعِيدَتْ الْقُرْعَةُ بَيْنَ الْبَاقِينَ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: بِإِذْنِ الْبَاقِي) يَنْبَغِي حَتَّى مِنْ الْعَاجِزِ فَتَأَمَّلْهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِاحْتِمَالِ عَفْوِهِ (قَوْلُهُ: مَعَ اعْتِبَارِ الْإِذْنِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْقُرْعَةَ إنَّمَا تَحْصُلُ بَعْدَ إذْنٍ مِنْهُمْ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِهِ: يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ فِعْلُهَا بَيْنَهُمْ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ تَوَقُّفِ الْقُرْعَةِ عَلَى الْإِذْنِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ إسْقَاطَ قَوْلِهِ مَعَ اعْتِبَارِ الْإِذْنِ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ: إذَا قُرِعَ) أَيْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ (قَوْلُهُ: قَوِيَّةً جَلْدَةً) بِسُكُونِ اللَّامِ. قَالَ فِي الصِّحَاحِ: وَالْجَلَدُ الصَّلَابَةُ وَالْجَلَادَةُ، تَقُولُ مِنْهُ جَلُدَ الرَّجُلُ بِالضَّمِّ فَهُوَ جَلْدٌ وَجَلِيدٌ بَيِّنُ الْجَلَدِ وَالْجَلَادَةِ وَالْجُلُودَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) أَيْ الْقُرْعَةَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَدَرَ أَحَدُهُمْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَإِنْ قَتَلَهُ أَحَدُ وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ مُبَادَرَةً بِلَا إذْنٍ وَلَا عَفْوٍ مِنْ الْبَقِيَّةِ أَوْ بَعْضِهِمْ اهـ سم حَجّ. وَكَتَبَ أَيْضًا مَا نَصُّهُ شَامِلٌ لِمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ (قَوْلُهُ: فَقَتَلَهُ) أَيْ الْجَانِيَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَادَرَ أَجْنَبِيٌّ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْإِمَامَ أَوْ وَلِيَّ أَحَدِ الْوَرَثَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَحَقُّ الْقَوَدِ لِوَرَثَتِهِ) أَيْ الْجَانِي (قَوْلُهُ: وَلِلْبَاقِينَ) أَخْرَجَ الْمُبَادِرَ فَيُفِيدُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ كَانَ الْجَانِي امْرَأَةً وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ رَجُلًا؛ لِأَنَّ مَا اسْتَوْفَاهُ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ مَا لَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى قَتْلِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُمْ غَيْرُهُ، وَقَوْلُهُ وَقَتَلَ: أَيْ وَكَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ نَحْوُ قَطْعِهِ) مَا أَوْهَمَهُ هَذَا مِنْ جَوَازِ قَطْعِ الْمُسْتَحِقِّ عِنْدَ عَدَمِ الِاجْتِمَاعِ مَدْفُوعٌ بِمَا يَأْتِي بَعْدَهُ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: وَقَالَ كُلٌّ أَنَا أَسْتَوْفِيهِ) هُوَ قَيْدٌ فِي كَوْنِهِ يُقْرَعُ بَيْنَ جَمِيعِهِمْ كَمَا يَخْفَى

الْأَجْنَبِيِّ فَكَذَا هُنَا، وَلِوَارِثِ الْجَانِي عَلَى الْمُبَادِرِ مَا زَادَ مِنْ دِيَتِهِ عَلَى نَصِيبِهِ مِنْ دِيَةِ مُوَرِّثِهِ لِاسْتِيفَائِهِ مَا سِوَاهُ بِقَتْلِهِ الْجَانِيَ، كَذَا قَالَهُ جَمَاعَاتٌ. وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّهُ هُوَ الْأَصَحُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ سُقُوطِهِ عَنْهُ تَقَاصًّا بِمَالِهِ عَلَى تَرِكَةِ الْجَانِي مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ، وَهُوَ جَرَيَانُ التَّقَاصِّ فِي غَيْرِ النَّقْدَيْنِ، أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا عُدِمَتْ الْإِبِلُ وَوَجَبَتْ قِيمَتُهَا (وَفِي قَوْلٍ مِنْ الْمُبَادِرِ) لِأَنَّهُ صَاحِبُ حَقٍّ فَكَأَنَّهُ اسْتَوْفَى لِلْكُلِّ، كَمَا لَوْ أَتْلَفَ وَدِيعَةً أَحَدُ مَالِكِيهَا يَرْجِعُ الْآخَرُ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْوَدِيعِ، وَرُدَّ بِأَنَّهَا غَيْرُ مَضْمُونَةٍ، بِخِلَافِ النَّفْسِ فَإِنَّهَا مَضْمُونَةٌ، إذْ لَوْ تَلِفَتْ بِآفَةٍ وَجَبَتْ الدِّيَةُ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ (وَإِنْ بَادَرَ بَعْدَ) عَفْوِ نَفْسِهِ أَوْ بَعْدَ (عَفْوِ غَيْرِهِ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ) وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَفْوِ لِتَبَيُّنِ أَنَّ لَا حَقَّ لَهُ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي أَنَّ الْوَكِيلَ لَوْ قَتَلَ بَعْدَ الْعَزْلِ جَاهِلًا بِهِ لَمْ يُقْتَلْ؛ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ مُرَاجَعَتِهِ لِغَيْرِهِ الْمُسْتَحِقِّ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ (وَقِيلَ لَا) قِصَاصَ إلَّا إذَا عَلِمَ وَحَكَمَ حَاكِمٌ بِمَنْعِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا انْتَفَيَا أَوْ أَحَدُهُمَا كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ (إنْ لَمْ يَعْلَمْ) بِالْعَفْوِ (وَ) لَمْ (يَحْكُمْ قَاضٍ بِهِ) أَيْ بِنَفْيِهِ لِشُبْهَةِ الْخِلَافِ (وَلَا يُسْتَوْفَى) حَدٌّ أَوْ تَعْزِيرٌ أَوْ (قِصَاصٌ) فِي نَفْسٍ أَوْ غَيْرِهَا (إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ) أَوْ نَائِبِهِ. الَّذِي تَنَاوَلَتْ وِلَايَتُهُ إقَامَةَ الْحُدُودِ، وَلَا يُتَوَقَّفُ فِي حُقُوقِهِ تَعَالَى، بِخِلَافِ حَقِّ الْآدَمِيِّ فَإِنَّ إقَامَتَهَا تَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِ الْمُسْتَحِقِّ الْمُتَأَهِّلِ، وَيُسَنُّ حُضُورُ الْحَاكِمِ بِهِ لَهُ مَعَ عَدْلَيْنِ يَشْهَدَانِ إنْ أَنْكَرَ الْمُسْتَحِقُّ، وَلَا يَحْتَاجُ لِلْقَضَاءِ بِعِلْمِهِ وَذَلِكَ لِخَطَرِهِ وَاحْتِيَاجِهِ إلَى النَّظَرِ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي شُرُوطِهِ، وَيَلْزَمُهُ تَفَقُّدُ آلَةِ الِاسْتِيفَاءِ وَالْأَمْرِ بِضَبْطِهِ فِي قَوَدِ ـــــــــــــــــــــــــــــSإنْ لَمْ يَقْتُلْ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مَا زَادَ مِنْ دِيَتِهِ) أَيْ الْجَانِي وَقَوْلُهُ عَلَى نَصِيبِهِ أَيْ الْمُبَادِرِ (قَوْلُهُ: لِاسْتِيفَائِهِ مَا سِوَاهُ) أَيْ سِوَى مَا زَادَ وَذَلِكَ السِّوَى هُوَ نَصِيبُ الْمُبَادِرِ (قَوْلُهُ: وَمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ سُقُوطِهِ) أَيْ مَا زَادَ وَقَوْلُهُ بِمَالِهِ: أَيْ الْمُبَادِرِ بَدَلٌ مِمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ لِبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ وَالْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُبَادِرَ بِإِتْلَافِ الْجَانِي أَتْلَفَ مَحَلَّ تَعَلُّقِ حَقِّ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ فَيَجِبُ عَلَى الْمُبَادِرِ مَا يَخُصُّهُمْ مِنْ الدِّيَةِ وَيَجِبُ لَهُ فِي تَرِكَةِ الْجَانِي بِقَدْرِ ذَلِكَ فَأَسْقَطْنَا مَا يَجِبُ لَهُ فِي تَرِكَةِ الْجَانِي بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِلْبَقِيَّةِ تَقَاصًّا، وَقَوْلُهُ عَنْهُ: أَيْ الْمُبَادِرِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُقْتَلْ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ هُنَا (قَوْلُهُ: كَمَا أَفَادَهُ) أَيْ فَمَقْصُودُ الْمَتْنِ نَفْيُ الْمَجْمُوعِ أَيْ إنْ لَمْ يُوجَدْ الْأَمْرَانِ فَتَقْدِيرُ لَمْ فِي الثَّانِي وَهُوَ قَوْلُهُ وَيُحْكَمُ إلَخْ لِبَيَانِ عَطْفِهِ عَلَى الْأَوَّلِ لَا لِبَيَانِ أَنَّ الْمَقْصُودَ نَفْيُ كُلٍّ مِنْهُمَا فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَوَقَّفُ) أَيْ الِاسْتِيفَاءُ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ حُضُورُ الْحَاكِمِ بِهِ) أَيْ الْقِصَاصِ، وَقَوْلُهُ لَهُ: أَيْ لِلْقِصَاصِ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) تَوْجِيهٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَالْأَمْرِ بِضَبْطِهِ) أَيْ بِأَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: كَذَا قَالَهُ جَمَاعَاتٌ إلَخْ.) حَاصِلُ الِاخْتِلَافِ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ أَنَّ الْأُولَى مُفَادُهَا أَنَّ الْمُبَادِرَ يُجْعَلُ بِنَفْسِ مُبَادَرَتِهِ مُسْتَوْفِيًا لِحِصَّتِهِ وَيَبْقَى عَلَيْهِ مَا زَادَ لِوَرَثَةِ الْجَانِي وَمُفَادُ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ بِمُبَادَرَتِهِ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ لِوَرَثَةِ الْجَانِي جَمِيعُ دِيَتِهِ، فَيَسْقُطُ مِنْهَا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فِي نَظِيرِ الْحِصَّةِ الَّتِي اسْتَحَقَّهَا فِي تَرِكَةِ الْجَانِي تَقَاصَّا وَفَائِدَةُ الِاخْتِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا تَفَاوَتَ الدِّيَتَانِ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ مَا زَادَ عَلَى دِيَتِهِ لِلْجَانِي وَفِي كُلٍّ مِنْ نَصِيبِهِ وَمُوَرِّثِهِ لِلْمُبَادِرِ وَفِي سُقُوطِهِ لِمَا زَادَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ هُنَا غَيْرُ مُنَاسِبٍ (قَوْلُهُ: أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا عُدِمَتْ الْإِبِلُ) قَدْ يُقَالُ هَذَا لَا يَتَأَتَّى إلَّا عَلَى الْمَرْجُوحِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: الَّذِي تَنَاوَلَتْ وِلَايَتُهُ إلَخْ.) أَيْ كَالْقَاضِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: الْمُتَأَهِّلِ) أَيْ الْمُتَأَهِّلِ لِلطَّلَبِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ طَلَبِ مُسْتَحِقٍّ مُتَأَهِّلٍ إنْ كَانَ هُنَاكَ مُسْتَحِقٌّ ثُمَّ إنْ كَانَ مُتَأَهِّلًا فِي الْحَالِ طَلَبَ حَالًا، وَإِلَّا فَحَتَّى يَتَأَهَّلَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ لِخَطَرِهِ) تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ (قَوْلُهُ: إنْ أَنْكَرَ الْمُسْتَحِقُّ) أَيْ أَنْكَرَ وُقُوعَ الْقِصَاصِ، فَيَشْهَدَانِ عَلَيْهِ وَيَسْتَغْنِي الْقَاضِي عَنْ الْقَضَاءِ بِعِلْمِهِ بِوُقُوعِ الْقِصَاصِ لَوْ لَمْ يَحْضُرْهُمَا إنْ كَانَ مِمَّنْ يَقْضِي بِعِلْمِهِ فَإِحْضَارُهُمَا مِمَّنْ لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ كَغَيْرِ الْمُجْتَهِدِ آكَدُ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: بِضَبْطِهِ) أَيْ الْمُسْتَوْفَى مِنْهُ

غَيْرِ النَّفْسِ حَذَرًا مِنْ الزِّيَادَةِ بِاضْطِرَابِهِ، وَقَدْ لَا يُعْتَبَرُ الْإِذْنُ كَمَا فِي السَّيِّدِ وَالْقَاتِلِ فِي الْحِرَابَةِ وَالْمُسْتَحِقِّ الْمُضْطَرِّ أَوْ الْمُنْفَرِدِ بِحَيْثُ لَا يُرَى كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا سِيَّمَا إنْ عَجَزَ عَنْ إثْبَاتِهِ (فَإِنْ اسْتَقَلَّ) مُسْتَحِقُّهُ بِاسْتِيفَائِهِ مِنْ غَيْرِ مَا ذُكِرَ (عُزِّرَ) لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ وَاعْتُدَّ بِهِ (وَيَأْذَنُ) الْإِمَامُ (لِأَهْلٍ) مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ (فِي نَفْسٍ) طَلَبَ فِعْلَهُ بِنَفْسِهِ، وَقَدْ أَحْسَنَهُ وَرَضِيَ بِهِ الْبَقِيَّةُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ لَا مِنْ الْحَيْفِ (لَا) فِي اسْتِيفَاءِ (طَرَفٍ) أَوْ إيضَاحٍ أَوْ مَعْنًى كَعَيْنٍ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مِنْ أَنْ يَزِيدَ فِي الْإِيلَامِ بِتَرْدِيدِ الْآلَةِ فَيَسْرِيَ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْإِذْنُ فِي اسْتِيفَاءِ تَعْزِيرٍ أَوْ حَدِّ قَذْفٍ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يُنْظَرُ إلَى ذَلِكَ. أَمَّا غَيْرُ الْأَهْلِ كَشَيْخٍ وَامْرَأَةٍ وَذِمِّيٍّ لَهُ قَوَدٌ عَلَى مُسْلِمٍ لِكَوْنِهِ قَدْ أَسْلَمَ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الْجِنَايَةِ كَمَا مَرَّ، وَفِي نَحْوِ الطَّرَفِ فَيَأْمُرُهُ بِالتَّوْكِيلِ لِأَهْلٍ كَمُسْلِمٍ فِي الْأَخِيرَةِ إنْ كَانَ الْجَانِي مُسْلِمًا. قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَلَا بُدَّ أَنْ لَا يَكُونَ عَدُوًّا لِلْجَانِي لِئَلَّا يُعَذِّبَهُ، وَلَوْ قَالَ جَانٍ أَنَا أَقْتَصُّ مِنْ نَفْسِي لَمْ يُجَبْ؛ لِأَنَّ التَّشَفِّيَ لَا يَتِمُّ بِفِعْلِهِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَتَوَانَى فَيُعَذِّبُ نَفْسَهُ، فَإِنْ أُجِيبَ أَجْزَأَ فِي الْقَطْعِ لَا الْجَلْدِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُوهِمُ الْإِيلَامَ وَلَمْ يُؤْلَمْ، وَمِنْ ثَمَّ أَجْزَأَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ قَطْعُ السَّارِقِ لَا جَلْدُ الزَّانِي أَوْ الْقَاذِفِ لِنَفْسِهِ (فَإِنْ) (أَذِنَ لَهُ) أَيْ لِلْأَهْلِ (فِي ضَرْبِ رَقَبَةٍ فَأَصَابَ غَيْرَهَا عَمْدًا) بِقَوْلِهِ إذْ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ (عُزِّرَ) لِتَعَدِّيهِ (وَلَمْ يَعْزِلْهُ) لِأَهْلِيَّتِهِ (وَإِنْ قَالَ) كُنْت (أَخْطَأْتُ وَأَمْكَنَ) كَأَنْ ضَرَبَ رَأْسَهُ أَوْ كَتِفَهُ مِمَّا يَلِي عُنُقَهُ (عَزَلَهُ) ؛ لِأَنَّ يُشْعِرُ بِعَزْلِهِ وَلِهَذَا لَوْ عُرِفَتْ مَهَارَتُهُ لَمْ يَعْزِلْهُ (وَلَمْ يُعَزَّرْ) إذَا حَلَفَ أَنَّهُ أَخْطَأَ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ. أَمَّا لَوْ لَمْ يُمْكِنْ كَأَنْ ضَرَبَ وَسَطَهُ فَكَالْمُتَعَمِّدِ (وَأُجْرَةُ الْجَلَّادِ) حَيْثُ لَمْ يُرْزَقْ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ وَهُوَ مِنْ نُصِّبَ لِاسْتِيفَاءِ قَوَدٍ أَوْ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ وُصِفَ بِأَغْلَبِ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَقُولَ لِشَخْصٍ: أَمْسِكْ يَدَهُ حَتَّى لَا يَزِلَّ الْجَلَّادُ بِاضْطِرَابِ الْجَانِي (قَوْلُهُ: وَقَدْ لَا يُعْتَبَرُ) اُنْظُرْ اسْتِثْنَاءَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ مَعَ وُجُودِ الْعِلَّةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: قَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَلْتَفِتُوا لِلْعِلَّةِ لِمَا أَشَارُوا إلَيْهِ مِنْ الضَّرُورَةِ فِي غَيْرِ السَّيِّدِ. وَأَمَّا فِيهِ فَلِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ لَا لِلْإِمَامِ فَلَا افْتِيَاتَ عَلَيْهِ أَصْلًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَقَلَّ مُسْتَحِقُّهُ) أَيْ أَمَّا غَيْرُهُ وَلَوْ إمَامًا فَيُقْتَلُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَيَأْذَنُ الْإِمَامُ لِأَهْلٍ) مِنْ شُرُوطِ الْأَهْلِيَّةِ أَنْ يَكُونَ ثَابِتَ النَّفْسِ قَوِيَّ الضَّرْبِ عَارِفًا بِالْقَوَدِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: أَوْ رَضِيَ بِهِ) أَيْ أَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهُ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَقَدْ أَحْسَنَهُ وَرَضِيَ بِهِ الْبَقِيَّةُ إلَى دَفْعِ مَا يُقَالُ: تَقَدَّمَ أَنَّهُمْ يَتَّفِقُونَ عَلَى مُسْتَوْفٍ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ. فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقُوا فَقُرْعَةٌ، وَهُوَ مُنَافٍ لِقَوْلِهِمْ هُنَا: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ لَكِنَّهُمْ لَا يَسْتَقِلُّونَ بِاسْتِيفَائِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَطَرِيقُهُمْ أَنَّهُمْ يَتَّفِقُونَ أَوَّلًا عَلَى مُسْتَوْفٍ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ ثُمَّ يَسْتَأْذِنُونَ الْإِمَامَ فِي أَنْ يَأْذَنَ لِمَنْ اتَّفَقُوا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ أَنْ لَا يَكُونَ) أَيْ الْوَكِيلُ (قَوْلُهُ فَيُعَذِّبُ نَفْسَهُ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلِأَنَّهُ إذَا مَسَّتْهُ الْحَدِيدَةُ فَيَرْفَعُ يَدَهُ وَلَا يَحْصُلُ الزَّهُوقُ إلَّا بِأَنْ يُعَذِّبَ نَفْسَهُ تَعْذِيبًا شَدِيدًا وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ اهـ. وَقَدْ يُشْعِرُ قَوْلُهُ: وَلَا يَحْصُلُ الزَّهُوقُ إلَخْ بِشُمُولِ الْمَسْأَلَةِ الِاقْتِصَاصَ فِي النَّفْسِ حَتَّى إذَا أُجِيبَ أَجْزَأَ فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَإِنْ أُجِيبَ فَهَلْ يَجْزِي؟ وَجْهَانِ اهـ. وَيُتَّجَهُ أَنَّهُ إنْ أَذِنَ لَهُ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ لَمْ يَصِحَّ وَإِلَّا صَحَّ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُ سم لَمْ يَصِحَّ: أَيْ لِاشْتِرَاطِهِمْ فِي الْوَكِيلِ تَمَامَ الْحَيَاةِ إلَى تَمَامِ مَا وُكِّلَ فِيهِ (قَوْلُهُ: قَطْعُ السَّارِقِ) أَيْ لِنَفْسِهِ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَكَالْمُتَعَمِّدِ) وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْذَرَ إلَّا إذَا اعْتَرَفَ بِالتَّعَمُّدِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَأُجْرَةُ الْجَلَّادِ) وَيُعْتَبَرُ فِي مِقْدَارِهَا مَا يَلِيقُ بِفِعْلِ الْجَلَّادِ حَدًّا كَانَ أَوْ قَتْلًا أَوْ قَطْعًا، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْقَاتِلُ فِي الْحِرَابَةِ) أَيْ فَلِكُلٍّ مِنْ الْوَلِيِّ وَالْإِمَامِ الِانْفِرَادُ بِقَتْلِهِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: كَمُسْلِمٍ فِي الْأَخِيرَةِ إنْ كَانَ الْجَانِي مُسْلِمًا) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَكُونَ) أَيْ الْوَكِيلُ الْمَفْهُومُ مِنْ التَّوْكِيلِ

أَوْصَافِهِ (عَلَى الْجَانِي) الْمُوسِرِ عَلَى نَفْسٍ أَوْ غَيْرِهَا سَوَاءٌ حَقُّ اللَّهِ وَحَقُّ الْآدَمِيِّ، وَإِنْ قَالَ أَنَا أَقْتَصُّ مِنْ نَفْسِي (عَلَى الصَّحِيحِ) ؛ لِأَنَّهَا مُؤْنَةُ حَقٍّ لَزِمَهُ أَدَاؤُهُ، فَلَوْ كَانَ مُعْسِرًا وَتَعَذَّرَ الْأَخْذُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ اُتُّجِهَ كَوْنُ الْمُؤْنَةِ عَلَى أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَالثَّانِي عَلَى الْمُقْتَصِّ وَالْوَاجِبُ عَلَى الْجَانِي التَّمْكِينُ (وَيُقْتَصُّ) فِي نَفْسٍ وَطَرَفٍ وَمِثْلُهُمَا جَلْدُ الْقَذْفِ (عَلَى الْفَوْرِ) إنْ أَمْكَنَ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ الْقَوَدِ الْإِتْلَافُ فَعُجِّلَ كَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ وَتَلْزَمُ الْإِجَابَةُ لَهُ (وَ) يُقْتَصُّ فِيهِمَا (فِي الْحَرَمِ) وَإِنْ الْتَجَأَ إلَيْهِ أَوْ إلَى مَسْجِدِهِ أَوْ الْكَعْبَةِ فَيُخْرَجُ مِنْ الْمَسْجِدِ وَيُقْتَلُ مَثَلًا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّ الْحَرَمَ لَا يُعِيذُ فَارًّا بِدَمٍ» وَيُخْرَجُ أَيْضًا مِنْ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ حَيْثُ خُشِيَ تَنَجُّسُ بَعْضِهَا فَإِنْ اقْتَصَّ فِي نَحْوِ الْمَسْجِدِ وَأَمِنَ التَّلْوِيثَ كُرِهَ (وَ) يُقْتَصُّ فِيهِمَا فِي (الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَالْمَرَضِ) وَإِنْ لَمْ تَقَعْ الْجِنَايَةُ فِيهَا بِخِلَافِ قَطْعِ السَّرِقَةِ مِمَّا هُوَ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى لِبِنَاءِ حَقِّ الْآدَمِيِّ عَلَى الْمُضَايَقَةِ وَحَقِّ اللَّهِ عَلَى الْمُسَامَحَةِ (وَتُحْبَسُ) وُجُوبًا بِطَلَبِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إنْ تَأَهَّلَ وَإِلَّا فَبِطَلَبِ وَلِيِّهِ (الْحَامِلُ) وَلَوْ مِنْ زِنًا وَإِنْ حَدَثَ حَمْلُهَا بَعْدَ تَوَجُّهِ الْقُرْبِ عَلَيْهَا (فِي قِصَاصِ النَّفْسِ أَوْ الطَّرَفِ) وَجَلْدِ الْقَذْفِ (حَتَّى تُرْضِعَهُ اللِّبَأَ) بِالْهَمْزِ وَالْقَصْرِ وَهُوَ مَا يَنْزِلُ عَقِبَ الْوِلَادَةِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَا يَعِيشُ بِدُونِهِ غَالِبًا (وَيَسْتَغْنِيَ بِغَيْرِهَا) كَبَهِيمَةٍ يَحِلُّ لَبَنُهَا صِيَانَةً لَهُ، فَإِنْ امْتَنَعَ الْمَرَاضِعُ مِنْ إرْضَاعِهِ، وَلَمْ يُوجَدْ مَا يَسْتَغْنِي بِهِ عَنْ اللَّبَنِ أَجْبَرَ الْحَاكِمُ إحْدَاهُنَّ بِالْأُجْرَةِ وَلَا يُؤَخِّرُ الِاسْتِيفَاءَ (أَوْ) بِوُقُوعِ (فِطَامٍ) لَهُ (لِحَوْلَيْنِ) إذَا ضَرَّهُ النَّقْصُ عَنْهُمَا وَإِلَّا نَقَصَ، وَلَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْفِعْلِ، فَقَدْ يُعْتَبَرُ فِي قَتْلِ الْآدَمِيِّ مَا يَزِيدُ عَلَى ذَبْحِ الْبَهِيمَةِ مَثَلًا؛ لِأَنَّ مُبَاشَرَةَ الْقَتْلِ وَنَحْوِهِ لَا تَحْصُلُ مِنْ غَالِبِ النَّاسِ بِخِلَافِ الذَّبْحِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْجَانِي الْمُوسِرِ) يَخْرُجُ الْجَانِي الرَّقِيقُ فَيَنْبَغِي أَنَّ الْأُجْرَةَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي مَالِ الْمُرْتَدِّ، وَإِنْ كَانَ بِمَوْتِهِ عَلَى الْكُفْرِ تَبَيَّنَ زَوَالُ الْمِلْكِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: عَلَى أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَنِيٌّ فِي مَحَلِّ الْجِنَايَةِ بِحَيْثُ يَتَيَسَّرُ الْأَخْذُ مِنْهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ لِلْمُسْتَحِقِّ: إمَّا أَنْ تَغْرَمَ الْأُجْرَةَ لِتَصِلَ إلَى حَقِّك أَوْ تُؤَخِّرَ الِاسْتِيفَاءَ إلَى أَنْ تَتَيَسَّرَ الْأُجْرَةُ إمَّا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: جَلْدُ الْقَذْفِ) يَنْبَغِي وَالتَّعْزِيرُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ إلَى مَسْجِدِهِ) أَيْ الْحَرَمِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ خَشِيَ تَنَجُّسَ بَعْضِهَا) أَيْ وَلَوْ كَانَ نَجِسًا؛ لِأَنَّ النَّجِسَ يَقْبَلُ التَّنْجِيسَ (قَوْلُهُ: فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَلَا يُؤَخَّرُ: أَيْ الْقِصَاصُ لِحَرٍّ وَبَرْدٍ وَمَرَضٍ، وَلَوْ فِي الْأَطْرَافِ وَيَقْطَعُهَا مُتَوَالِيَةً وَلَوْ فُرِّقَتْ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَتَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ أَوَّلَ الْفَصْلِ أَنَّهُ يُنْدَبُ فِي قَوَدِ مَا سِوَى النَّفْسِ التَّأَخُّرُ لِلِانْدِمَالِ، فَقِيَاسُهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ التَّأْخِيرُ لِغَيْرِ النَّفْسِ حَتَّى يَزُولَ الْحَرُّ وَالْبَرْدُ وَالْمَرَضُ إلَخْ (قَوْلُهُ: إنْ تَأَهَّلَ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَطْلُبْ الْوَلِيُّ لَمْ تُحْبَسْ وَإِنْ خِيفَ هَرَبًا؛ لِأَنَّهُ الْمُفَوِّتُ عَلَى نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: فَبِطَلَبِ وَلِيِّهِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْوَلِيُّ وَجَبَ عَلَى الْإِمَامِ حَبْسُهَا لِمَصْلَحَةِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَجَلْدُ الْقَذْفِ) هَلْ التَّعْزِيرُ كَذَلِكَ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَيَنْبَغِي أَنَّهُ مِثْلُهُ إنْ كَانَ التَّعْزِيرُ اللَّائِقُ بِهَا شَدِيدًا يَقْتَضِي الْحَالُ تَأْخِيرَهُ لِلْحَمْلِ وَخَرَجَ بِهِ جَلْدُهَا لِلْخَمْرِ فَلَا تُحْبَسُ لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَامَحَةِ، بِخِلَافِ حَقِّ الْآدَمِيِّ. وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ زَنَتْ بِكْرًا وَأُرِيدَ تَغْرِيبُهَا فَهَلْ تُغَرَّبُ كَمَا شَمِلَهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي: أَمَّا حَقُّهُ تَعَالَى فَلَا تُحْبَسُ فِيهِ بَلْ تُؤَخَّرُ مُطْلَقًا أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ فَتُغَرَّبُ وَيُؤَخَّرُ الْجَلْدُ خَاصَّةً لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَأْخِيرِ التَّغْرِيبِ (قَوْلُهُ: حَتَّى تُرْضِعَهُ اللِّبَأَ) بِالْهَمْزِ وَالْقَصْرِ ع: أَيْ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ حِفْظُهُ مُجْتَنًّا فَمَوْلُودٌ أَوْلَى اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: عَقِبَ الْوِلَادَةِ) لَمْ يُبَيِّنْ مَا يَنْتَهِي بِهِ، وَقَالَ حَجّ: وَالْمَرْجِعُ فِي مُدَّتِهِ الْعُرْفُ اهـ (قَوْلُهُ: أَجْبَرَ الْحَاكِمُ إحْدَاهُنَّ) وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْحَامِلِ أَنَّهُ لَوْ صَالَتْ هِرَّةٌ حَامِلٌ وَأَدَّى دَفْعُهَا لِقَتْلِ جَنِينِهَا لَا تُدْفَعُ، وَفِي ذَلِكَ كَلَامٌ فِي بَابِهِ فَرَاجِعْهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَقَوْلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) يَعْنِي: الْمُسْتَحِقَّ

احْتَاجَ لِزِيَادَةٍ عَلَيْهِمَا زِيدَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِتَوَافُقِ الْأَبَوَيْنِ أَوْ الْمَالِكِ عَلَى فَطْمٍ يَضُرُّهُ، وَلَوْ قَتَلَهَا الْمُسْتَحِقُّ قَبْلَ وُجُودِ اسْتِغْنَائِهِ عَنْهَا فَمَاتَ قُتِلَ بِهِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْحَبْسِ أَوَّلَ الْبَابِ. وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ لِبِنَائِهِ عَلَى الْمُضَايَقَةِ أَمَّا حَقُّهُ تَعَالَى فَلَا تُحْبَسُ فِيهِ بَلْ تُؤَخَّرُ مُطْلَقًا إلَى تَمَامِ مُدَّةِ الرَّضَاعِ وَوُجُودِ كَافِلٍ (وَالصَّحِيحُ تَصْدِيقُهَا فِي حَمْلِهَا بِغَيْرِ مَخِيلَةٍ) بِيَمِينِهَا حَيْثُ لَا مَخِيلَةَ وَبِلَا يَمِينٍ مَعَ الْمَخِيلَةِ. وَالثَّانِي قَالَ: الْأَصْلُ عَدَمُ الْحَمْلِ، وَمَحَلُّ التَّصْدِيقِ حَيْثُ أَمْكَنَ ذَلِكَ وَإِلَّا كَأَنْ كَانَتْ آيِسَةً فَلَا تُصَدَّقُ، وَعَلَى الْمُسْتَحِقِّ عِنْدَ تَصْدِيقِهَا الصَّبْرُ إلَى وَقْتِ ظُهُورِ الْحَمْلِ لَا إلَى انْقِضَاءِ أَرْبَعِ سِنِينَ بَعْدَهُ بِلَا ثُبُوتٍ، وَيُمْنَعُ الزَّوْجُ مِنْ وَطْئِهَا وَإِلَّا فَاحْتِمَالُ الْحَمْلِ دَائِمٌ فَيَفُوتُ الْقَوَدُ عَلَى مَا قَالَهُ الدَّمِيرِيِّ، لَكِنَّ الْمُتَّجَهَ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ عَدَمُ مَنْعِهِ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ يُؤَدِّي إلَى مَنْعِ الْقِصَاصِ، وَلَوْ قَتَلَهَا الْمُسْتَحِقُّ أَوْ الْجَلَّادُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا وَجَبَتْ غُرَّةٌ عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ عِلْمًا بِالْحَمْلِ أَوْ جَهْلًا لَا إنْ عَلِمَ الْوَلِيُّ دُونَهُ وَالْإِثْمُ مَنُوطٌ بِالْعِلْمِ وَلَا كَذَلِكَ الضَّمَانُ (وَمَنْ قَتَلَ) هُوَ مِثَالٌ فَغَيْرُ الْقَتْلِ مِثْلُهُ إنْ أَمْكَنَتْ الْمُمَاثَلَةُ فِيهِ لَا قَطْعُ طَرَفٍ بِمُثَقَّلٍ، وَإِيضَاحٌ بِهِ أَوْ بِسَيْفٍ لَمْ يُؤْمَنْ فِيهِ الزِّيَادَةُ بَلْ يَتَعَيَّنُ نَحْوُ الْمُوسَى كَمَا مَرَّ (بِمُحَدَّدٍ) كَسَيْفٍ أَوْ غَيْرِهِ كَحَجَرٍ (أَوْ خَنِقٍ) بِكَسْرِ النُّونِ مَصْدَرًا (أَوْ تَجْوِيعٍ وَنَحْوِهِ) كَتَغْرِيقٍ بِمَاءٍ مِلْحٍ أَوْ عَذْبٍ وَإِلْقَاءٍ مِنْ عُلُوٍّ (اقْتَصَّ) إنْ شَاءَ لِمَا يَأْتِي أَنَّ لَهُ الْعُدُولَ إلَى السَّيْفِ (بِهِ) أَيْ بِمِثْلِهِ مِقْدَارًا وَمَحَلًّا وَكَيْفِيَّةً حَيْثُ كَانَ غَرَضُهُ إزْهَاقَ رُوحِهِ لَوْ لَمْ تُفِدْ فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ، ـــــــــــــــــــــــــــــSبِالْأُجْرَةِ: أَيْ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ إنْ كَانَ، وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ مِنْ أَبٍ أَوْ جَدٍّ، وَإِلَّا فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ مِنْ أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْحَبْسِ) أَيْ فِي حَبْسِ الشَّاةِ أَوْ ذَبْحِهَا حَتَّى مَاتَ وَلَدُهَا. وَفَرَّقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ مَا لَوْ أَخَذَ طَعَامَهُ فِي مَفَازَةٍ فَهَلَكَ حَيْثُ لَمْ يَضْمَنْهُ بِأَنَّهُ هُنَا أَتْلَفَ مَا هُوَ مُتَعَيَّنٌ لِفَنَائِهِ بِخِلَافِهِ ثُمَّ لِإِمْكَانِ تَحْصِيلِ الطَّعَامِ مِنْ غَيْرِهِ، وَزَادَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَكَمَا لَوْ جَوَّعَ شَخْصًا حَتَّى مَاتَ اهـ (قَوْلُهُ: وَوُجُودِ كَافِلٍ) أَيْ لِلْوَلَدِ (قَوْلُهُ: لَا إلَى انْقِضَاءِ أَرْبَعِ سِنِينَ) مِثْلُهُ فِي حَجٍّ. وَقَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: تُمْهَلُ إلَى انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْحَمْلِ وَهِيَ أَرْبَعُ سِنِينَ اهـ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَاحْتِمَالُ الْحَمْلِ دَائِمٌ) أَيْ يُمْكِنُ وُجُودُهُ كُلَّ وَقْتٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ يُؤَدِّي إلَى مَنْعِ الْقِصَاصِ) أَيْ بِأَنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ الْوَطْءُ وَطَالَ الزَّمَنُ حَتَّى وَلَدَتْ بِتَقْدِيرِ الْحَمْلِ فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْئِهَا مُدَّةَ الرَّضَاعِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَحْبَلَ مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ الثَّانِي فَيُؤَخَّرَ الْقِصَاصُ إلَى الْوِلَادَةِ وَهَكَذَا. (قَوْلُهُ: بِإِذْنِ الْإِمَامِ) قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَجَبَتْ غُرَّةٌ عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ) ؛ لِأَنَّهُ بِتَمْكِينِ الْمُقْتَصِّ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ نُزِّلَ مَنْزِلَةَ الْمُبَاشِرِ إذْ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ الِاسْتِيفَاءُ بِدُونِ إذْنِهِ (قَوْلُهُ: لَا إنْ عَلِمَ الْوَلِيُّ) زَادَ حَجّ أَوْ الْجَلَّادُ أَيْ فَإِنَّهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا كَذَلِكَ الضَّمَانُ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْعِلْمِ بَلْ قَدْ يُوجَدُ فِيمَا لَوْ جَهِلَا مَعًا (قَوْلُهُ: لَا قَطْعُ طَرَفٍ) قَسِيمٌ لِقَوْلِهِ وَمَنْ قَتَلَ إلَخْ، وَلَوْ قَالَ: لَا إنْ قَطَعَ، لَكَانَ أَوْضَحَ، هَذَا وَالْأَظْهَرُ جَعْلُهُ مُحْتَرَزَ قَوْلِهِ إنْ أَمْكَنَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِقْدَارًا وَمَحَلًّا) . [فَرْعٌ] لَوْ تَعَذَّرَ مَعْرِفَةُ قَدْرِ الْآلَةِ فَهَلْ يَأْخُذُ بِالْيَقِينِ أَوْ يَعْدِلُ إلَى السَّيْفِ؟ الْأَصَحُّ الْأَوَّلُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوَّلَ الْبَابِ) يَعْنِي: أَوَّلَ بَابِ الْجِرَاحِ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ حَبَسَهُ وَمَنَعَهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: كَافِلٍ) أَيْ لِلْوَلَدِ (قَوْلُهُ: عَلِمَا بِالْحَمْلِ أَوْ جَهِلَا) أَيْ الْمُبَاشِرُ لِلْقَتْلِ مِنْ مُسْتَحِقٍّ أَوْ جَلَّادُو الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: لَا إنْ عَلِمَ الْوَلِيُّ) أَيْ أَوْ الْجَلَّادُ وَالضَّمَانُ حِينَئِذٍ عَلَى عَاقِلَتِهِمَا لَا عَلَى الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: لَمْ تُؤْمَنْ فِيهِ الزِّيَادَةُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا إذَا أُمِنَتْ جَازَ وَهُوَ قَدْ يُخَالِفُ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ النُّونِ مَصْدَرًا) أَيْ كَكَذِبٍ وَمُضَارِعُهُ يَخْنُقُ بِضَمِّ النُّونِ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَجَوَّزَ فِيهِ الْفَارَابِيُّ إسْكَانَ النُّونِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَحْرِيرِهِ فَقَالَ وَيَجُوزُ إسْكَانُ النُّونِ مَعَ فَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا. قَالَ: وَحَكَى صَاحِبُ الْمَطَالِعِ فَتْحَ النُّونِ وَهُوَ

فَإِنْ قَصَدَ الْعَفْوَ حِينَئِذٍ فَلَا، وَذَلِكَ لِلْمُمَاثَلَةِ الْمُفِيدَةِ لِلتَّشَفِّي الدَّالِّ عَلَيْهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَالنَّهْيُ الْوَارِدُ فِي الْمُثْلَةِ مَخْصُوصٌ بِمَا سِوَى ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَتْ الضَّرَبَاتُ الَّتِي قَتَلَ بِهَا غَيْرَ مُؤَثِّرَةٍ فِيهِ ظَنًّا لِضَعْفِ الْمَقْتُولِ وَقُوَّةِ الْقَاتِلِ عَدَلَ إلَى السَّيْفِ، وَلَهُ الْعُدُولُ فِي الْمَاءِ عَنْ الْمِلْحِ لِلْعَذْبِ؛ لِأَنَّهُ أَخَفُّ لَا عَكْسُهُ، فَإِنْ أَلْقَاهُ بِمَاءٍ فِيهِ حِيتَانٌ تَقْتُلُهُ، وَلَمْ يَمُتْ بِهَا بَلْ بِالْمَاءِ لَمْ يَجِبْ إلْقَاؤُهُ فِيهِ، وَإِنْ مَاتَ بِهِمَا أَوْ كَانَتْ تَأْكُلُهُ أُلْقِيَ فِيهِ لِتَفْعَلَ بِهِ الْحِيتَانُ كَالْأَوَّلِ عَلَى أَرْجَحِ الْوَجْهَيْنِ رِعَايَةً لِلْمُمَاثَلَةِ وَلَا تُلْقَى النَّارُ عَلَيْهِ إلَّا إنْ فَعَلَ بِالْأَوَّلِ ذَلِكَ وَيُخْرَجُ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ يُشْوَى جِلْدُهُ لِيُتَمَكَّنَ مِنْ تَجْهِيزِهِ، وَإِنْ أَكَلَتْ جَسَدَ الْأَوَّلِ. وَقَدْ تَمْتَنِعُ الْمُمَاثَلَةُ كَمَا لَوْ كَانَ الْمِثْلُ مُحَرَّمًا كَمَا قَالَ (أَوْ بِسِحْرٍ فَبِسَيْفٍ) غَيْرِ مَسْمُومٍ يَتَعَيَّنُ ضَرْبُ عُنُقِهِ بِهِ مَا لَمْ يُقْتَلْ بِهِ: أَيْ وَلَيْسَ سُمُّهُ مُهْرِيًّا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي لِحُرْمَةِ عَمَلِ السِّحْرِ وَعَدَمِ انْضِبَاطِهِ فَإِنْ قَتَلَهُ بِإِنْهَاشِ أَفْعَى قُتِلَ بِالنَّهْشِ فِي أَرْجَحِ الْوَجْهَيْنِ، وَعَلَيْهِ تَتَعَيَّنُ تِلْكَ الْأَفْعَى، فَإِنْ فُقِدَتْ فَمِثْلُهَا (وَكَذَا خَمْرٌ) أَوْ بَوْلٌ أَوْ جَرَّهُ حَتَّى مَاتَ (وَلِوَاطٌ) بِصَغِيرٍ يَقْتُلُ مِثْلَهُ غَالِبًا وَنَحْوُهَا مِنْ كُلِّ مُحَرَّمٍ يَتَعَيَّنُ فِيهِ السَّيْفُ (فِي الْأَصَحِّ) لِتَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ، وَالثَّانِي فِي الْخَمْرِ يُوجَرُ مَائِعًا كَخَلٍّ أَوْ مَاءٍ، وَفِي اللِّوَاطِ يُدَسُّ فِي دُبُرِهِ خَشَبَةٌ قَرِيبَةٌ مِنْ آلَتِهِ وَيُقْتَلُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَذَلِكَ لِلْمُمَاثَلَةِ) ع: دَلِيلُ ذَلِكَ حَدِيثُ الْجَارِيَةِ الَّتِي رَضَّ الْيَهُودِيُّ رَأْسَهَا، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ حَرَّقَ حَرَّقْنَاهُ وَمَنْ غَرَّقَ غَرَّقْنَاهُ» اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: غَيْرَ مُؤَثِّرَةٍ فِيهِ ظَنًّا) أَيْ بِحَسَبِ الظَّنِّ (قَوْلُهُ: عَدَلَ إلَى السَّيْفِ) وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ لَوْ وَكَّلَ الْمُسْتَحِقُّ وَكِيلًا وَأَطْلَقَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُخَيَّرَ الْوَكِيلُ كَالْمُوَكِّلِ، بِخِلَافِ مَا إذَا عَيَّنَ لَهُ شَيْئًا لَا يَجُوزُ لَهُ مُخَالَفَتُهُ وَإِنْ وَقَعَ الْمَوْقِعَ قَالَهُ طب اهـ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَخَفُّ) لَعَلَّ وَجْهَ الْخِفَّةِ أَنَّ الْغَرِيقَ يَصِلُ الْمَاءُ إلَى جَوْفِهِ عَادَةً، وَوُصُولُ الْعَذْبِ لَيْسَ فِيهِ ضَرُورَةٌ كَوُصُولِ الْمِلْحِ (قَوْلُهُ: وَيَخْرُجُ مِنْهَا) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: قُتِلَ بِالنَّهْشِ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ مُهْرِيًّا أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ السَّيْفِ الْمُتَقَدِّمَةِ (قَوْلُهُ: فِي أَرْجَحِ الْوَجْهَيْنِ) خِلَافًا لحج حَيْثُ سَوَّى بَيْنَ السِّحْرِ وَالْإِنْهَاشِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فُقِدَتْ) أَيْ فَإِنْ اخْتَلَفَ الْجَانِي وَالْمُسْتَحِقُّ أَوْ لَمْ يُوجَدْ لَهَا مَثَلٌ فَيَنْبَغِي تَعَيُّنُ السَّيْفِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا خَمْرٌ) قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ قَتَلَهُ بِالْغَمْسِ فِي خَمْرٍ لَمْ يُفْعَلْ بِهِ مِثْلُهُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ التَّضَمُّخَ بِالنَّجَاسَةِ حَرَامٌ لَا يُبَاحُ بِحَالٍ إلَّا لِضَرُورَةٍ فَكَانَ كَشُرْبِ الْبَوْلِ، وَلَا نَظَرَ لِجَوَازِ التَّدَاوِي بِهِ كَمَا لَمْ يَنْظُرُوا لِجَوَازِ التَّدَاوِي بِصَرْفِ الْبَوْلِ، فَانْدَفَعَ بِذَلِكَ مَا قَالَهُ: أَيْ مِنْ الْجَوَازِ الشَّارِحُ: يَعْنِي الْجَوْجَرِيَّ اهـ. وَعَلَى مَا قَالَهُ فَيُفَارِقُ التَّغْرِيقُ فِي الْخَمْرِ نَحْوَ شُرْبِهَا وَاللِّوَاطِ بِأَنَّ إتْلَافَ النَّفْسِ مُسْتَحَقٌّ وَالتَّنْجِيسُ جَائِزٌ لِلْحَاجَةِ كَالتَّوَصُّلِ هُنَا إلَى اسْتِيفَاءِ الْحَقِّ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلِوَاطٌ بِصَغِيرٍ إلَخْ) هَذَا قَدْ يُخْرِجُ الْبَالِغَ فَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى مَنْ لَاطَ بِهِ، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ تَمْكِينَهُ مِنْ نَفْسِهِ إذْنٌ فِي الْفِعْلِ فَلَا يُضْمَنُ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لِمُجَرَّدِ التَّصْوِيرِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ) لَا يُقَالُ: يُشْكِلُ بِجَوَازِ ـــــــــــــــــــــــــــــQشَاذٌّ وَغَلَطٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَصَدَ الْعَفْوَ حِينَئِذٍ فَلَا) أَيْ لِأَنَّ فِيهِ تَعْذِيبًا مَعَ الْإِفْضَاءِ إلَى الْقَتْلِ الَّذِي هُوَ نَقِيضُ الْعَفْوِ قَالَهُ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا فِيمَا لَا يُقْتَصُّ بِهِ) كَإِجَافَةٍ وَكَسْرِ عَضُدٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَلْقَاهُ بِمَاءٍ فِيهِ حِيتَانٌ إلَخْ.) عِبَارَةُ الْعُبَابِ: أَوْ بِمَاءٍ فِيهِ حِيتَانٌ تَقْتُلُهُ وَلَا تَأْكُلُهُ، فَإِنْ لَمْ يَمُتْ بِهَا بَلْ بِالْمَاءِ لَمْ يَجُزْ إلْقَاؤُهُ فِيهِ، وَإِنْ مَاتَ بِهَا أَوْ كَانَتْ تَأْكُلُهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ) قَالَ الشِّهَابُ سم: لَا يُقَالُ يُشْكِلُ بِجَوَازِ الِاقْتِصَاصِ بِنَحْوِ التَّجْوِيعِ وَالتَّغْرِيقِ مَعَ تَحْرِيمِ ذَلِكَ. لِأَنَّا نَقُولُ: نَحْوُ التَّجْوِيعِ وَالتَّغْرِيقِ إنَّمَا حَرُمَ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى إتْلَافِ النَّفْسِ، وَالْإِتْلَافُ

بِهَا، وَرُدَّ بِعَدَمِ حُصُولِ الْمُمَاثَلَةِ بِذَلِكَ فَلَا فَائِدَةَ لَهُ، وَيَتَعَيَّنُ السَّيْفُ جَزْمًا فِيمَا لَا مِثْلَ لَهُ، كَمَا لَوْ جَامَعَ صَغِيرَةً فِي قُبُلِهَا فَقَتَلَهَا، وَلَوْ ذَبَحَهُ كَالْبَهِيمَةِ جَازَ قَتْلُهُ بِمِثْلِهِ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ مِنْ تَعَيُّنِ السَّيْفِ، وَلَهُ قَتْلُهُ بِمِثْلِ السُّمِّ الَّذِي قَتَلَ بِهِ مَا لَمْ يَكُنْ مُهْرِيًّا يَمْنَعُ الْغُسْلَ، وَلَوْ أَوْجَرَهُ مَاءً مُتَنَجِّسًا أُوجِرَ مَاءً طَاهِرًا، وَلَوْ رَجَعَ شُهُودُ زِنًا بَعْدَ رَجْمِهِ رُجِمُوا (وَلَوْ جُوِّعَ كَتَجْوِيعِهِ) أَوْ أُلْقِيَ فِي نَارٍ مِثْلَ مُدَّتِهِ أَوْ ضُرِبَ عَدَدَ ضَرْبِهِ (فَلَمْ يَمُتْ زِيدَ) مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ (حَتَّى يَمُوتَ) لِيُقْتَلَ بِمَا قَتَلَ بِهِ (وَفِي قَوْلٍ السَّيْفُ) وَصَوَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ قَدْ حَصَلَتْ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا تَفْوِيتُ الرُّوحِ فَوَجَبَ بِالْأَسْهَلِ، وَقِيلَ: يُفْعَلُ بِهِ الْأَهْوَنُ مِنْ الزِّيَادَةِ وَالسَّيْفِ. قَالَا وَهُوَ أَقْرَبُ، وَنَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْمُعْظَمِ (وَمَنْ) (عَدَلَ) عَنْ مِثْلٍ (إلَى سَيْفٍ) بِأَنْ يَضْرِبَ بِهِ الْعُنُقَ (فَلَهُ) ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْجَانِي لِأَنَّهُ أَسْرَعُ وَأَوْحَى (وَلَوْ) (قَطَعَ فَسَرَى) الْقَطْعُ لِلنَّفْسِ (فَلِلْوَلِيِّ حَزُّ رَقَبَتِهِ) تَسْهِيلًا عَلَيْهِ (وَلَهُ الْقَطْعُ) طَلَبًا لِلْمُمَاثَلَةِ مَا لَمْ يَقُلْ: قَصْدِي الْعَفْوُ عَنْهُ بَعْدَهُ (ثُمَّ الْحَزُّ) لِلرَّقَبَةِ (وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ) بَعْدَ الْقَطْعِ (السِّرَايَةَ) لِتَكْمُلَ الْمُمَاثَلَةُ وَلَيْسَ لِلْجَانِي فِي الْأُولَى طَلَبُ الْإِمْهَالِ بِقَدْرِ حَيَاةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَمِنْ ثَمَّ جَازَ أَنْ يُوَالِيَ عَلَيْهِ قَطْعَ أَطْرَافٍ فَرَّقَهَا وَلَا فِي الثَّانِيَةِ طَلَبُ الْقَتْلِ أَوْ الْعَفْوِ (وَلَوْ) (مَاتَ بِجَائِفَةٍ أَوْ كَسْرِ عَضُدٍ فَالْحَزُّ) مُتَعَيَّنٌ لِتَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ (وَفِي قَوْلٍ) يَفْعَلُ بِهِ (كَفِعْلِهِ) وَرَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَنَسَبَ تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ لِسَبْقِ الْقَلَمِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ أَوْ كَسَرَ سَاعِدَهُ فَسَرَى لِنَفْسِهِ جَازَ قَطْعُ أَوْ كَسْرُ سَاعِدِهِ، فَالْقَوْلُ بِتَعَيُّنِ الْقَطْعِ مِنْ الْكُوعِ يَظْهَرُ تَفْرِيعُهُ عَلَى مَرْجُوحٍ وَلَوْ أَجَافَهُ مَثَلًا ثُمَّ عَفَا، فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ الْعَفْوُ بَعْدَ الْإِجَافَةِ لَمْ يُعَزَّرْ وَإِلَّا عُزِّرَ، وَعَلَى الرَّاجِحِ (فَإِنْ) فَعَلَ بِهِ كَفِعْلِهِ وَ (لَمْ يَمُتْ لَمْ تُزَدْ الْجَوَائِفُ) فَلَا تُوَسَّعُ وَلَا تُفْعَلُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ بَلْ تُحَزُّ رَقَبَتُهُ (فِي الْأَظْهَرِ) لِاخْتِلَافِ تَأْثِيرِهَا بِاخْتِلَافِ مَحَالِّهَا. وَالثَّانِي تُزَادُ حَتَّى يَمُوتَ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ إجَافَةٍ مَعَ إرَادَةِ عَفْوٍ بَعْدَهَا (وَلَوْ) (اقْتَصَّ مَقْطُوعٌ) عُضْوُهُ الَّذِي فِيهِ نِصْفُ دِيَةٍ مِنْ قَاطِعِهِ (ثُمَّ مَاتَ) الْمُقْتَصُّ (بِسِرَايَةٍ) (فَلِلْوَلِيِّ حَزٌّ) لِرَقَبَةِ الْجَانِي فِي مُقَابَلَةِ نَفْسِ مُوَرِّثِهِ (وَلَهُ عَفْوٌ بِنِصْفِ دِيَةٍ) فَقَطْ لِأَخْذِهِ مَا قَابَلَ نِصْفَهَا الْآخَرَ وَهُوَ الْعُضْوُ الَّذِي قَطَعَهُ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ عِنْدَ اسْتِوَاءِ الدِّيَتَيْنِ وَإِلَّا فَبِالنِّسْبَةِ، فَلَوْ قَطَعَتْ امْرَأَةٌ يَدَ رَجُلٍ فَقَطَعَ يَدَهَا ثُمَّ مَاتَ فَالْعَفْوُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ دِيَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالِاقْتِصَاصِ بِنَحْوِ التَّجْوِيعِ وَالتَّغْرِيقِ مَعَ تَحْرِيمِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: نَحْوُ التَّجْوِيعِ وَالتَّغْرِيقِ إنَّمَا حَرُمَ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى إتْلَافِ النَّفْسِ، وَالْإِتْلَافُ هُنَا مُسْتَحَقٌّ فَلَا يُمْنَعُ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْخَمْرِ وَاللِّوَاطِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ وَإِنْ أُمِنَ الْإِتْلَافُ فَهَذَا امْتَنَعَ هُنَا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ جَامَعَ صَغِيرَةً فِي قُبُلِهَا فَقَتَلَهَا) وَمَعْلُومٌ مِمَّا سَبَقَ فِي شُرُوطِ الْقِصَاصِ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ جِمَاعُهُ يَقْتُلُ مِثْلَهَا غَالِبًا وَعَلِمَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ قَتْلُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: فَلَوْ أَشْكَلَ مَعْرِفَةُ قَدْرِ مَا تَحْصُلُ بِهِ الْمُمَاثَلَةُ أَخَذَ بِالْيَقِينِ اهـ سم عَلَى حَجّ وَهُوَ أَقَلُّ مَا تَيَقَّنَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَمُتْ زِيدَ إلَخْ) عِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: قَوْلُهُ وَقِيلَ يُزَادُ إلَخْ، اعْتَمَدَهُ م ر. وَقِيلَ يُفْعَلُ بِهِ أَهْوَنُ الْأَمْرَيْنِ، وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الرَّوْضِ وَشَيْخُنَا طب وَفِي الرَّوْضِ أَنَّهُ أَقْرَبُ (قَوْلُهُ فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ الْعَفْوُ بَعْدَ الْإِجَافَةِ إلَخْ) أَيْ وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الرَّاجِحِ) أَيْ عِنْدَهُ، وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ فِي الْمَتْنِ بِقَوْلِهِ وَفِي قَوْلٍ كَفِعْلِهِ (قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ إجَافَةٍ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ أُجِيفُهُ ثُمَّ أَعْفُو عَنْهُ، وَهَذَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ أَجَافَهُ مَثَلًا ثُمَّ عَفَا فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQهُنَا مُسْتَحَقٌّ فَلَا يُمْنَعُ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْخَمْرِ وَاللِّوَاطِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ، وَإِنْ أَمِنَ الْإِتْلَافَ فَلِهَذَا امْتَنَعَ هُنَا فَلْيُتَأَمَّلْ. . اهـ. (قَوْلُهُ: مِنْ تَعَيُّنِهِ) يَعْنِي: مَا ذَبَحَهُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا فِي الثَّانِيَةِ) يَعْنِي: مَسْأَلَةَ الْقَطْعِ بِقِسْمَيْهَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ غَرَضُهُ الْعَفْوَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَسَيُصَرِّحُ بِهِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ إلَخْ.) تَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ

رَجُلٍ سَقَطَ مِنْهَا مَا يُقَابِلُ رُبُعَ دِيَةِ رَجُلٍ، وَقِيَاسُهُ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهَا فِي عَكْسِ ذَلِكَ، وَهُوَ مَا لَوْ قَطَعَ يَدَهَا فَقَطَعَتْ يَدَهُ ثُمَّ مَاتَتْ سِرَايَةً، فَإِنْ أَرَادَ وَلِيُّهَا الْعَفْوَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ (وَلَوْ) (قُطِعَتْ يَدَاهُ فَاقْتَصَّ ثُمَّ مَاتَ) الْمُقْتَصُّ بِالسِّرَايَةِ (فَلِوَلِيِّهِ الْحَزُّ) بِنَفْسِ مُوَرِّثِهِ (فَإِنْ عَفَا فَلَا شَيْءَ لَهُ) لِاسْتِيفَائِهِ مَا يُقَابِلُ الدِّيَةَ الْكَامِلَةَ، هَذَا إنْ اسْتَوَتْ الدِّيَتَانِ أَيْضًا فَفِي صُورَةِ الْمَرْأَةِ السَّابِقَةِ يَبْقَى لَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ (وَلَوْ) (مَاتَ جَانٍ) بِالسِّرَايَةِ (مِنْ قَطْعِ قِصَاصٍ) (فَهَدَرٌ) ؛ لِأَنَّهُ قُطِعَ بِحَقٍّ (وَإِنْ) (مَاتَا سِرَايَةً) بَعْدَ الِاقْتِصَاصِ فِي الْيَدِ (مَعًا أَوْ سَبَقَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ) (فَقَدْ اقْتَصَّ) بِالْقَطْعِ وَالسِّرَايَةِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْجَانِي؛ لِأَنَّ السِّرَايَةَ لَمَّا كَانَتْ كَالْمُبَاشَرَةِ فِي الْجِنَايَةِ وَجَبَ أَنْ تَكُونَ كَذَلِكَ فِي الِاسْتِيفَاءِ (وَإِنْ) (تَأَخَّرَ) مَوْتُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَنْ مَوْتِ الْجَانِي بِالسِّرَايَةِ (فَلَهُ) أَيْ لِوَلِيِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي تَرِكَةِ الْجَانِي (نِصْفُ الدِّيَةِ) إنْ اسْتَوَتْ الدِّيَتَانِ نَظِيرُ مَا مَرَّ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الْقَوَدَ لَا يَسْبِقُ الْجِنَايَةَ وَإِلَّا كَانَ فِي مَعْنَى السَّلَمِ فِي الْقَوَدِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ. وَالثَّانِي لَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْجَانِيَ مَاتَ عَنْ سِرَايَةٍ بِفِعْلِهِ وَحَصَلَتْ الْمُقَابَلَةُ، وَلَوْ كَانَتْ الصُّورَةُ فِي قَطْعِ يَدَيْنِ فَلَا شَيْءَ لَهُ، قِيلَ جَزْمًا (وَلَوْ) (قَالَ مُسْتَحِقُّ يَمِينٍ) وَهُوَ مُكَلَّفٌ لِحُرٍّ جَانٍ مُكَلَّفٍ (أَخْرِجْهَا) أَيْ يَمِينَك لِأَقْطَعَهَا قَوَدًا (فَأَخْرَجَ يَسَارًا وَقَصَدَ إبَاحَتَهَا) فَقَطَعَهَا الْمُسْتَحِقُّ (فَمُهْدَرَةٌ) لَا ضَمَانَ فِيهَا: أَيْ بِقِصَاصٍ وَلَا دِيَةٍ حَتَّى لَوْ مَاتَ بِسِرَايَةٍ فَهَدَرٌ سَوَاءٌ أَتَلَفَّظَ بِالْإِذْنِ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ أَعَلِمَ الْقَاطِعُ أَنَّهَا الْيَسَارُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ بَذَلَهَا مَجَّانًا، وَقَدْ وُجِدَ مِنْهُ فِعْلُ الْإِخْرَاجِ مَقْرُونًا بِالنِّيَّةِ فَكَانَ كَالنُّطْقِ وَيَبْقَى قِصَاصُ الْيَمِينِ، نَعَمْ لَوْ قَالَ الْقَاطِعُ: ظَنَنْت إجْزَاءَهَا أَوْ أَخَذْتهَا عِوَضًا سَقَطَ قِصَاصُهَا وَوَجَبَتْ دِيَتُهَا. أَمَّا الْمُسْتَحِقُّ الْمَجْنُونُ أَوْ الصَّبِيُّ فَالْإِخْرَاجُ لَهُ يُهْدِرُهَا لِأَنَّهُ تَسْلِيطٌ لَهُ عَلَيْهَا. وَأَمَّا الْقِنُّ فَقَصْدُهُ الْإِبَاحَةَ لَا يُهْدِرُ يَسَارَهُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِمَالِكِهِ، نَعَمْ يُتَّجَهُ سُقُوطُ قَوَدِهَا إنْ كَانَ الْقَاطِعُ قِنًّا. وَأَمَّا الْمُخْرِجُ الْمَجْنُونُ أَوْ الصَّبِيُّ فَلَا عِبْرَةَ بِإِخْرَاجِهِ، ثُمَّ إنْ عَلِمَ الْمُقْتَصُّ قُطِعَ وَإِلَّا لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ (وَإِنْ) (قَالَ) الْمُخْرِجُ بَعْدَ قَطْعِهَا (جَعَلْتهَا) حَالَةَ الْإِخْرَاجِ عِوَضًا ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: لِاسْتِيفَائِهِ مَا يُقَابِلُ الدِّيَةَ إلَخْ) ع: فَهَذِهِ صُورَةٌ يُقَالُ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِيهَا، وَإِذَا عَفَا عَلَى الدِّيَةِ لَا يَجِبُ شَيْءٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ قُطِعَ بِحَقٍّ) رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ " مَنْ مَاتَ فِي حَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ فَلَا دِيَةَ "؛ لِأَنَّ الْحَقَّ قَتَلَهُ اهـ. وَأَوْجَبَ أَبُو حَنِيفَةَ فِيهِ كَمَالَ الدِّيَةِ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَاتَا سِرَايَةً مَعًا) لَوْ شَكَّ فِي الْمَعِيَّةِ يَنْبَغِي سُقُوطُ الْقِصَاصِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَلَوْ عَلِمَ السَّابِقَ ثُمَّ نَسِيَ أَوْ عَلِمَ السَّبْقَ دُونَ السَّابِقِ فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ لِمَا ذَكَرَ أَوْ يُوقَفُ الْأَمْرُ لِلْبَيَانِ طب؟ أَقُولُ: اُنْظُرْ قَوْلَهُ فِي أَوَّلِ هَذِهِ الْحَاشِيَةِ سُقُوطُ الْقِصَاصِ، فَإِنَّ الْقِصَاصَ سَاقِطٌ بِكُلِّ حَالٍ لِعَدَمِ تَصَوُّرِهِ فَلَعَلَّ الصَّوَابَ سُقُوطُ الدِّيَةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْقَوَدَ لَا يَسْبِقُ الْجِنَايَةَ) أَيْ وَهُوَ أَنَّ مَوْتَ الْجَانِي لَمَّا سَبَقَ مَوْتَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَوْ قُلْنَا بِوُقُوعِهِ عَنْهُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ أَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ أَخَذَ الْقَوَدَ مِنْ الْجَانِي قَبْلَ مَوْتِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَيُقَدَّمُ قَوَدُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِنْ الْجَانِي عَلَى الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ: فَمُهْدَرَةٌ) . [فَرْعٌ] عَلَى الْمُبِيحِ الْكَفَّارَةُ إنْ مَاتَ سِرَايَةً كَقَاتِلِ نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ عَلَى الْمُبَاشِرِ؛ لِأَنَّ السِّرَايَةَ حَصَلَتْ بِقَطْعٍ يُسْتَحَقُّ مِثْلُهُ اهـ مِنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: سَقَطَ قِصَاصُهَا) أَيْ يَمِينِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ عَلِمَ الْمُقْتَصُّ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَالْإِخْرَاجُ) أَيْ بِمُجَرَّدِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِهِ قَصْدُ الْإِبَاحَةِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْقَاطِعُ قِنًّا) أَيْ أَمَّا إنْ كَانَ حُرًّا فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا قَوَدَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا، فَالتَّقْيِيدُ بِالْقِنِّ لِتَصَوُّرِ كَوْنِ الْإِخْرَاجِ هُوَ الْمُسْقِطُ بِمُجَرَّدِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ الصَّبِيُّ) أَيْ إخْرَاجُهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَا فِي خُصُوصِ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ كَوْنِهِ جَانِيًا، وَإِلَّا فَالصَّبِيُّ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ

(عَنْ الْيَمِينِ وَظَنَنْت إجْزَاءَهَا) عَنْهَا (فَكَذَّبَهُ) الْمُسْتَحِقُّ فِي الظَّنِّ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ الْجَعْلُ الْمَذْكُورُ (فَالْأَصَحُّ) أَنَّهُ (لَا قِصَاصَ فِي الْيَسَارِ) لِتَسْلِيطِ مُخْرِجِهَا عَلَيْهَا بِجَعْلِهَا عِوَضًا (وَتَجِبُ دِيَةٌ) فِيهَا وَكَذَا لَوْ قَالَ الْقَاطِعُ: عَرَفْت أَنَّهَا الْيَسَارُ وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ أَوْ ظَنَنْتهَا الْيَمِينَ أَوْ ظَنَنْتُ أَنَّهُ أَبَاحَهَا (وَيَبْقَى قِصَاصُ الْيَمِينِ) إلَّا إذَا ظَنَّ الْقَاطِعُ إجْزَاءَهَا أَوْ أَخَذَهَا عِوَضًا كَمَا مَرَّ، نَعَمْ يَلْزَمُهُ الصَّبْرُ بِهِ إلَى انْدِمَالِ يَسَارِهِ لِئَلَّا تُهْلِكَهُ الْمُوَالَاةُ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِيهَا الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ قَطْعَهَا بِلَا اسْتِحْقَاقٍ، وَأَشَرْتُ تَبَعًا لِلشَّارِحِ بِقَوْلِي: وَكَذَّبَهُ فِي الظَّنِّ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ الْجَعْلُ إلَى دَفْعِ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ لَا يُطَابِقُ قَوْلَ الْمُحَرَّرِ عَرَفْت أَنَّهَا الْيَسَارُ وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ بِنَاءً عَلَى مَا فَهِمَهُ مِنْ أَنَّ التَّاءَ مَفْتُوحَةً لِلْمُخَاطَبِ، وَوَجْهُ الدَّفْعِ أَنَّ تَكْذِيبَهُ فِي الظَّنِّ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهِ الْجَعْلُ هُوَ مَدْلُولُ قَوْلِ أَصْلِهِ وَعَرَفْت أَنَّهَا لَا تُجْزِئُ (وَكَذَا لَوْ قَالَ) الْمُخْرِجُ (دَهِشْت) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ أَوْ ضَمِّهِ وَكَسْرِ ثَانِيهِ (فَظَنَنْتهَا الْيَمِينَ وَقَالَ الْقَاطِعُ) أَيْضًا (ظَنَنْتهَا الْيَمِينَ) أَيْ فَلَا قِصَاصَ فِيهَا فِي الْأَصَحِّ وَتَجِبُ دِيَتُهَا وَيَبْقَى قِصَاصُ الْيَمِينِ، نَعَمْ إنْ قَالَ الْقَاطِعُ ظَنَنْتُ أَنَّهُ أَبَاحَهَا أَوْ عَلِمْت أَنَّهَا الْيَسَارُ وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ أَوْ دَهِشْت فَلَمْ أَدْرِ مَا قَطَعْت لَزِمَهُ قِصَاصُهَا أَوْ ظَنَّ إجْزَاءَهَا أَوْ أَخَذَهَا عِوَضًا سَقَطَ قِصَاصُ الْيَمِينِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ قَالَ الْمُخْرِجُ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ الْمُقْتَصِّ إلَّا قَوْلَهُ: أَخْرِجْ يَسَارَك أَوْ كَانَ مَجْنُونًا فَكَقَوْلِهِ دَهِشْت وَحَيْثُ وَجَبَتْ دِيَةُ الْيَسَارِ فَفِي مَالِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ عَلِمَ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ (قَوْلُهُ: فَكَذَّبَهُ) أَيْ أَوْ صَدَّقَهُ اهـ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا ظَنَّ الْقَاطِعُ) ع: مِثْلُهُ لَوْ قَالَ عَلِمْت أَنَّهَا لَا تُجْزِي شَرْعًا وَلَكِنْ قَصَدْتُ جَعْلَهَا عِوَضًا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا نَصُّهُ: هَذَا وَاضِحٌ إذَا كَانَ الظَّانُّ الْمُسْتَحِقَّ وَوَكَّلَ فِي قَطْعِهَا فَإِنَّهُ لَا يَقْطَعُ بِنَفْسِهِ كَمَا تَقَدَّمَ أَوْ تَعَدَّى وَقَطَعَ بِنَفْسِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الظَّانُّ هُوَ الْوَكِيلَ فَقَطْ وَلَمْ يَصْدُرْ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ إلَّا مُجَرَّدُ التَّوْكِيلِ فَالْوَجْهُ بَقَاءُ الْقَوَدِ أَيْضًا كَمَا أَقَرَّهُ طب تَأَمَّلْ: أَيْ وَعَلَى الْوَكِيلِ دِيَةُ الْيَسَارِ وَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ فِيهَا لِظَنِّهِ الْإِجْزَاءَ اهـ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّ التَّاءَ) أَيْ فِي ظَنَنْت مَفْتُوحَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ ضَمِّهِ) أَيْ فَهُوَ كَحُمَّ وَزُكِمَ مِمَّا هُوَ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ صُورَةً وَلِلْفَاعِلِ مَعْنًى بَلْ قِيلَ إنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ حَقِيقَةً وَالتَّجَوُّزُ فِي الصِّيغَةِ حَيْثُ عَبَّرَ بِالْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ وَأُرِيدَ الْمَبْنِيُّ لِلْفَاعِلِ (قَوْلُهُ: فَكَقَوْلِهِ دَهِشْت) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: هَذَا مَا فِي كُتُبِ الْأَصْحَابِ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِمْ: إنَّ الْفِعْلَ الْمُطَابِقَ لِلسُّؤَالِ كَالْإِذْنِ أَنْ يَلْتَحِقَ بِصُورَةِ الْإِبَاحَةِ اهـ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الْمَحَلِّيِّ: أَيْ فَتَكُونُ مُهْدَرَةً (قَوْلُهُ: فَفِي مَالِهِ) أَيْ الْقَاطِعِ وَهُوَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَوَّلًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ قَالَ إلَخْ.) حَقُّ الْعِبَارَةِ سَوَاءٌ أَقَالَ الْقَاطِعُ إلَخْ. كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: بِقَوْلِي وَكَذَّبَهُ) يَنْبَغِي حَذْفُهُ لِأَنَّهُ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ لَا مِنْ قَوْلِهِ هُوَ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى مَا فَهِمَهُ) هُوَ عِلَّةٌ لِدَفْعِ الِاعْتِرَاضِ. وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ كَالشَّارِحِ الْجَلَالِ، إنَّمَا أَشَارَ بِمَا ذُكِرَ لِدَفْعِ الِاعْتِرَاضِ الْوَارِدِ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِنَاءً عَلَى مَا فَهِمَهُ مِنْ فَتْحِ التَّاءِ حَتَّى عَبَّرَ عَنْهُ بِالتَّكْذِيبِ، أَمَّا عَلَى مَا فَهِمَهُ غَيْرُ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ ضَمُّ التَّاءِ فَإِنَّهُ، وَإِنْ كَانَ مُعْتَرِضًا أَيْضًا إلَّا أَنَّ الشَّارِحَ لَمْ يُشِرْ إلَى دَفْعِ الِاعْتِرَاضِ عَنْهُ كَأَنَّهُ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْوَاقِعِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ قَالَ الْقَاطِعُ إلَخْ.) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَخَرَجَ بِقَوْلِ الْقَاطِعِ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ عَلِمْت أَنَّهَا الْيَسَارُ وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ أَوْ دُهِشْت إلَخْ. .

[فصل في موجب العمد وفي العفو]

(فَصْلٌ) فِي مُوجَبِ الْعَمْدِ وَفِي الْعَفْوِ (مُوجَبُ) بِفَتْحِ الْجِيمِ (الْعَمْدِ) الْمَضْمُونِ فِي نَفْسٍ أَوْ غَيْرِهَا (الْقَوَدُ) بِعَيْنِهِ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْوَاوِ الْقِصَاصُ سُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّهُمْ يَقُودُونَ الْجَانِيَ بِحَبْلٍ أَوْ نَحْوِهِ (وَالدِّيَةُ) فِي النَّفْسِ، وَأَرْشُ غَيْرِهَا (بَدَلٌ) عَنْهُ وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ مِنْ أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ وَصَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فِي قَوَدِ النَّفْسِ أَنَّهَا بَدَلُ مَا جُنِيَ عَلَيْهِ وَإِلَّا لَزِمَ الْمَرْأَةَ بِقَتْلِهَا الرَّجُلَ دِيَةُ امْرَأَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ رُدَّ بِأَنَّ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ لَفْظِيٌّ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ دِيَةُ الْمَقْتُولِ فَلَمْ يَبْقَ لِذَلِكَ الْخِلَافِ كَبِيرُ فَائِدَةٍ وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْقَوَدَ لَمَّا وَجَبَ عَيْنًا كَانَ كَحَيَاةِ نَفْسِ الْقَتِيلِ فَكَانَ أَخْذُ الدِّيَةِ فِي الْحَقِيقَةِ بَدَلًا عَنْهُ لَا عَنْهَا وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ كَحَيَاةِ الْقَتِيلِ (عِنْدَ سُقُوطِهِ) بِنَحْوِ مَوْتٍ أَوْ عَفْوٍ عَنْهُ عَلَيْهَا (وَفِي قَوْلٍ) مُوجَبُهُ (أَحَدُهُمَا مُبْهَمًا) هُوَ مُرَادُهُ بِقَوْلِ أَصْلِهِ لَا بِعَيْنِهِ الظَّاهِرِ فِي أَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ فِي ضِمْنٍ: أَيْ مُعَيَّنٍ مِنْهُمَا، وَيَدُلُّ لَهُ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ، إمَّا أَنْ يُودَى وَإِمَّا أَنْ يُقَادَ» وَقَدْ يَتَعَيَّنُ الْقَوَدُ وَلَا دِيَةَ كَمَا مَرَّ فِي قَتْلِ مُرْتَدٍّ مُرْتَدًّا آخَرَ، وَفِيمَا لَوْ اسْتَوْفَى مَا يُقَابِلُ الدِّيَةَ، وَلَمْ يَبْقَ إلَّا حَزُّ الرَّقَبَةِ، وَقَدْ تَتَعَيَّنُ الدِّيَةُ كَمَا لَوْ قَتَلَ الْوَالِدُ وَلَدَهُ أَوْ الْمُسْلِمُ ذِمِّيًّا وَقَدْ لَا يَجِبُ إلَّا التَّعْزِيرُ وَالْكَفَّارَةُ كَمَا فِي قَتْلِ السَّيِّدِ قِنَّهُ (وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ لِلْوَلِيِّ) يَعْنِي الْمُسْتَحِقَّ (عَفْوٌ) عَنْ الْقَوَدِ فِي نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ (عَلَى الدِّيَةِ) أَوْ نِصْفِهَا مَثَلًا (بِغَيْرِ رِضَا الْجَانِي) لِأَنَّهُ مُسْتَوْفًى مِنْهُ كَالْمُحَالِ عَلَيْهِ وَالْمَضْمُونِ عَنْهُ. وَلِأَحَدِ الْمُسْتَحِقِّينَ الْعَفْوُ بِغَيْرِ رِضَا الْبَاقِينَ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ) فِي مُوجَبِ الْعَمْدِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْعَفْوِ) وَفِيمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَكَوْنِ الْقَطْعِ هَدَرًا فِيمَا لَوْ قَالَ رَشِيدٌ اقْطَعْنِي (قَوْلُهُ: الْعَمْدِ الْمَضْمُونِ) أَخْرَجَ الصَّائِلَ وَالْمُرَادُ بِالْمَضْمُونِ الْمُسْتَوْفِي لِلشُّرُوطِ (قَوْلُهُ: وَأَرْشُ غَيْرِهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّ وَاجِبَ مَا دُونَ النَّفْسِ لَا يُسَمَّى دِيَةً، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْقَامُوسِ الدِّيَةُ بِالْكَسْرِ حَقُّ الْقَتِيلِ، وَسَيَأْتِي فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ الْآتِي مَا نَصُّهُ وَهِيَ أَيْ الدِّيَةُ الْمَالُ الْوَاجِبُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْحُرِّ فِي نَفْسٍ أَوْ فِيمَا دُونَهَا اهـ. وَقَدْ يُقَالُ هَذَا إطْلَاقٌ لُغَوِيٌّ وَمَا سَيَأْتِي إطْلَاقٌ شَرْعِيٌّ (قَوْلُهُ: أَنَّهَا) أَيْ الدِّيَةَ، وَقَوْلُهُ بَدَلُ مَا جُنِيَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْقَتِيلُ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً: أَيْ لَا بَدَلُ الْقَوَدِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ) قَدْ يُتَوَقَّفُ فِي الرَّدِّ لِأَنَّ مُجَرَّدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى ذَلِكَ لَا يَدْفَعُ الِاعْتِرَاضَ؛ لِأَنَّ غَرَضَ الْمُعْتَرِضِ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْقَوَدِ يَقْتَضِي مَا ذَكَرَهُ الْمُعْتَرِضُ بِالنَّظَرِ لِلتَّعْبِيرِ مَعَ كَوْنِهِ قَائِلًا بِأَنَّ الْوَاجِبَ دِيَةُ الرَّجُلِ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ الْأَوَّلِ) أَيْ وَهُوَ أَنَّ مُوجَبَ الْعَمْدِ الْقَوَدُ: يَعْنِي يُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِحَيْثُ يَنْدَفِعُ مَا أَلْزَمَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَزِمَ الْمَرْأَةَ بِقَتْلِهَا الرَّجُلَ دِيَةُ امْرَأَةٍ، وَحَاصِلُ الدَّفْعِ أَنَّ الْقَوَدَ كَحَيَاةِ نَفْسِ الْقَتِيلِ لِلُزُومِهِ عَيْنًا فَالدِّيَةُ بَدَلٌ عَنْ نَفْسِ الْقَتِيلِ فَلَمْ يَلْزَمْ مَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ: بَدَلًا عَنْهُ) أَيْ الرَّجُلِ لَا عَنْهَا: أَيْ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ مَوْتٍ) أَيْ أَوْ وُجُودِ مَانِعٍ مِنْ الْقَتْلِ كَقَتْلِ الْأَصْلِ فَرْعَهُ (قَوْلُهُ: هُوَ مُرَادُهُ) أَيْ بِهَذَا الْقَوْلِ (قَوْلُهُ: إمَّا أَنْ يُودَى) أَيْ لَهُ بِأَنْ تُدْفَعَ لَهُ الدِّيَةُ أَوْ يُقَادَ: أَيْ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي مُوجَبِ الْعَمْدِ وَفِي الْعَفْوِ] فَصْلٌ) فِي مُوجَبِ الْقَوَدِ وَفِي الْعَفْوِ (قَوْلُهُ: بَدَلًا عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْقَوَدِ الَّذِي قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَقَوْلُهُ: لَا عَنْهَا: أَيْ نَفْسُ الْقَتِيلِ الَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ، وَهَذَا أَوْلَى بِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: هُوَ مُرَادُهُ بِقَوْلِ أَصْلِهِ) صَوَابُهُ مَا فِي التُّحْفَةِ مُرَادُهُ بِهِ قَوْلُ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ فِي أَنَّهُ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ) أَيْ بِخِلَافِ الْمُبْهَمِ فَإِنَّهُ صَادِقٌ بِكَوْنِهِ مُعَيَّنًا فِي الْوَاقِعِ لَكِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ فِي الظَّاهِرِ، قَالَهُ ابْنُ قَاسِمٍ (قَوْلُهُ: وَالْكَفَّارَةُ) قَدْ يُوهِمُ أَنَّ مَا مَرَّ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ وَلَيْسَ مُرَادًا (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ رِضَا الْبَاقِينَ)

لِعَدَمِ تَجَزِّي الْقَوَدِ، وَلِذَا لَوْ عَفَا عَنْ بَعْضِ أَعْضَاءِ الْجَانِي سَقَطَ عَنْ كُلِّهِ، كَمَا أَنَّ تَطْلِيقَ بَعْضِ الْمَرْأَةِ تَطْلِيقٌ لِكُلِّهَا، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ كُلَّ مَا وَقَعَ الطَّلَاقُ بِرَبْطِهِ بِهِ مِنْ غَيْرِ الْأَعْضَاءِ يَقَعُ الْعَفْوُ بِرَبْطِهِ بِهِ وَمَا لَا فَلَا، وَقِيَاسُ قَوْلِهِمْ: لَوْ قَالَ لَهُ الْجَانِي خُذْ الدِّيَةَ عِوَضًا عَنْ الْيَمِينِ فَأَخَذَهَا وَلَوْ سَاكِتًا سَقَطَ الْقَوَدُ وَجُعِلَ الْأَخْذُ عَفْوًا كَمَا مَرَّ يَأْتِي نَظِيرُهُ هُنَا (وَعَلَى الْأَوَّلِ) الْأَظْهَرِ (لَوْ أَطْلَقَ الْعَفْوَ) عَنْ الْقَوَدِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلدِّيَةِ، وَلَا اخْتَارَهَا بَعْدَهُ فَوْرًا (فَالْمَذْهَبُ لَا دِيَةَ) ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ لَمْ يُوجِبْهَا، وَالْعَفْوُ إسْقَاطُ ثَابِتٍ لَا إثْبَاتُ مَعْدُومٍ، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى فَاتِّبَاعٌ أَيْ لِلْمَالِ فَمَحْمُولٌ عَلَى الْعَفْوِ عَلَيْهَا، فَإِنْ اخْتَارَهَا بَعْدَهُ عَلَى الْفَوْرِ وَجَبَتْ تَنْزِيلًا لِاخْتِيَارِهَا عَقِبَهُ مَنْزِلَتَهُ عَلَيْهَا بِقَرِينَةِ الْمُبَادَرَةِ إلَيْهَا، وَالْأَوْجَهُ ضَبْطُ الْفَوْرِيَّةِ هُنَا بِمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ، وَلَوْ عَفَا بَعْضُ الْمُسْتَحِقِّينَ وَأَطْلَقَ سَقَطَتْ حِصَّتُهُ وَوَجَبَ حِصَّةُ الْبَاقِينَ مِنْ الدِّيَةِ وَإِنْ لَمْ يَخْتَارُوهَا؛ لِأَنَّ السُّقُوطَ حَصَلَ قَهْرًا كَقَتْلِ الْأَصْلِ فَرْعَهُ، وَلَوْ تَعَذَّرَ ثُبُوتُ الْمَالِ كَقَتْلِ أَحَدِ قِنَّيْهِ الْآخَرَ فَعَفَا عَنْ الْقَوَدِ أَوْ عَنْ حَقِّهِ أَوْ مُوجَبِ جِنَايَتِهِ، وَلَوْ بَعْدَ الْعِتْقِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ عَلَيْهِ مَالٌ جَزْمًا، وَفِي قَوْلٍ أَوْ وَجْهٍ مِنْ طَرِيقٍ تَجِبُ لِأَنَّهَا بَدَلُهُ. وَالْأَوَّلُ يَمْنَعُ الْبَدَلِيَّةَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ (وَ) عَلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا (لَوْ عَفَا عَنْ الدِّيَةِ لَغَا) ؛ لِأَنَّهُ عَفْوٌ عَمَّا لَيْسَ مُسْتَحَقًّا فَهُوَ فِيهَا لَغْوٌ كَالْمَعْدُومِ (وَلَهُ الْعَفْوُ) عَنْ الْقَوَدِ (بَعْدَهُ) وَإِنْ تَرَاخَى (عَلَيْهَا) ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِالْعَفْوِ؛ إذْ اللَّاغِي عُدِمَ، وَلَوْ اخْتَارَ الْقَوَدَ ثُمَّ الدِّيَةَ وَجَبَتْ مُطْلَقًا (وَلَوْ عَفَا عَلَى غَيْرِ جِنْسِ الدِّيَةِ ثَبَتَ) ذَلِكَ الْغَيْرُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ (إنْ قَبِلَ الْجَانِي) ذَلِكَ وَسَقَطَ الْقَوَدُ (وَإِلَّا فَلَا) يَثْبُتُ؛ لِأَنَّهُ اعْتِيَاضٌ وَاعْتُبِرَ رِضَاهُمَا (وَلَا يَسْقُطُ الْقَوَدُ فِي الْأَصَحِّ) لِمَا تَقَرَّرَ وَلَيْسَ كَالصُّلْحِ عَلَى عِوَضٍ فَاسِدٍ؛ لِأَنَّ الْجَانِيَ فِيهِ قَبِلَ وَالْتَزَمَ. وَالثَّانِي يَسْقُطُ لِرِضَاهُ بِالصُّلْحِ عَنْهُ (وَلَيْسَ لِمَحْجُورِ فَلِسٍ) وَمِثْلُهُ الْمَرِيضُ فِي الزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ وَوَارِثُ الْمَدْيُونِ (عَفْوٌ عَنْ مَالٍ إنْ أَوْجَبْنَا أَحَدَهُمَا) ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ تَفْوِيتِ الْمَالِ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَوْجَبْنَا الْقَوَدَ عَيْنًا وَهُوَ الْأَظْهَرُ (فَإِنْ عَفَا) عَنْهُ (عَلَى الدِّيَةِ ثَبَتَتْ) كَغَيْرِهِ (وَإِنْ أَطْلَقَ) الْعَفْوَ (فَكَمَا سَبَقَ) مِنْ أَنَّهُ لَا دِيَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لِعَدَمِ تَجَزِّي الْقَوَدِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ: أَيْ وَيَسْقُطُ بِالْعَفْوِ الْقِصَاصُ لِعَدَمِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ الْأَعْضَاءِ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى الْأَعْضَاءِ كَالْقَلْبِ (قَوْلُهُ: وَجُعِلَ الْأَخْذُ عَفْوًا) عِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ عَفْوًا مَا نَصُّهُ: أَنَّهُ يَأْتِي نَظِيرُ ذَلِكَ هُنَا اهـ، وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: يَأْتِي نَظِيرُهُ هُنَا) أَيْ فَلَوْ قَالَ الْجَانِي لِلْمُسْتَحِقِّ: خُذْ الدِّيَةَ بَدَلَ الْقَوَدِ فَأَخَذَهَا وَلَوْ سَاكِتًا سَقَطَ حَقُّهُ مِنْهُ لِرِضَاهُ بِبَدَلِهِ (قَوْلُهُ: وَالْعَفْوُ إسْقَاطُ ثَابِتٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَرْضَوْا بِعَفْوِهِ (قَوْلُهُ: بِمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ) أَيْ وَهُوَ أَنْ لَا يَتَخَلَّلَ كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ وَلَا سُكُوتٌ طَوِيلٌ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَفَا بَعْضُ الْمُسْتَحِقِّينَ وَأَطْلَقَ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَذْكُرْ مَالًا وَلَا اخْتَارَهُ عَقِبَهُ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ الْعِتْقِ) أَيْ لِلْجَانِي، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْعَفْوَ بَعْدَ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ الْعَفْوُ عَنْ الْقَوَدِ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْعَفْوِ عَنْ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ: إذْ اللَّاغِي عَدَمٌ) أَيْ الشَّيْءُ اللَّاغِي عَدَمٌ: أَيْ كَالْعَدَمِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ ابْتِدَاءً سِوَى الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ (قَوْلُهُ: وَجَبَتْ مُطْلَقًا) أَيْ عَقِبَ اخْتِيَارِهِ أَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْجَانِيَ فِيهِ) أَيْ فِي الصُّلْحِ عَلَى عِوَضٍ فَاسِدٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَطْلَقَ الْعَفْوَ) أَيْ بِأَنْ قَالَ عَفَوْت وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَيَسْقُطُ الْقَوَدُ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ لِعَدَمِ إلَخْ. إنَّمَا هُوَ عِلَّةٌ لِهَذَا (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ الْأَعْضَاءِ) أَيْ كَالْأَعْضَاءِ الْمَذْكُورَةِ فِيمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) اُنْظُرْ أَيْنَ مَرَّ وَانْظُرْ أَيْضًا مَا مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ هُنَا (قَوْلُهُ: يَأْتِي نَظِيرُهُ هُنَا) فِي جَعْلِ هَذَا خَبَرًا عَنْ قِيَاسٍ مُسَامَحَةٌ لَا تَخْفَى (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ ضَبْطُ الْفَوْرِيَّةِ هُنَا بِمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ) أَيْ مِمَّا لَا يَقْطَعُ الْقَبُولَ عَنْ الْإِيجَابِ لَا مَا لَا يَمْنَعُ الزِّيَادَةَ وَالنَّقْصَ فِيمَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الثَّمَنُ، وَإِنْ كَانَ نَظِيرُ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ الْعِتْقِ) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ عَفَا مُطْلَقًا، بِخِلَافِ مَا إذَا عَفَا عَنْهُ بَعْدَ الْعِتْقِ عَلَى مَالٍ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ كَمَا نَقَلَهُ الدَّمِيرِيِّ عَنْ الشَّيْخَيْنِ (قَوْلُهُ: الْقَوَدُ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْعَفْوِ عَنْ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ) أَيْ وَيَجِبُ عَلَيْهِ قَبُولُ ذَلِكَ إنْقَاذًا لِرُوحِهِ كَمَا نَقَلَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا عَنْ الْمُتَوَلِّي

(وَإِنْ عَفَا عَلَى أَنْ لَا مَالَ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ) إذْ الْقَتْلُ لَمْ يُوجِبْ مَالًا، وَالْمُفْلِسُ لَا يُكَلَّفُ الِاكْتِسَابَ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ عَصَا بِالِاسْتِدَانَةِ لَزِمَهُ الْعَفْوُ عَلَى الدِّيَةِ لِتَكْلِيفِهِ حِينَئِذٍ الِاكْتِسَابَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمَعَ ذَلِكَ يَصِحُّ عَفْوُهُ عَلَى أَنَّ لَا مَالَ إذْ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ ارْتَكَبَ مُحَرَّمًا وَهُوَ لَا يُؤَثِّرُ فِي صِحَّةِ الْعَفْوِ لِتَفْوِيتِهِ مَا لَيْسَ حَاصِلًا، وَقِيلَ: تَجِبُ الدِّيَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إطْلَاقَ الْعَفْوِ يُوجِبُهَا فَلَيْسَ لَهُ تَفْوِيتُهَا وَدُفِعَ بِمَا مَرَّ (وَالْمُبَذِّرُ) بِالْمُعْجَمَةِ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ (فِي) الْعَفْوِ مُطْلَقًا أَوْ عَنْ (الدِّيَةِ) أَوْ عَلَيْهَا (كَمُفْلِسٍ) فِي تَفْصِيلِهِ الْمَذْكُورِ (وَقِيلَ كَصَبِيٍّ) فَلَا يَصِحُّ عَفْوُهُ عَنْ الْمَالِ بِحَالٍ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فِي الدِّيَةِ الْقَوَدُ فَهُوَ فِيهِ كَالرَّشِيدِ فَلَا يُجْرَى فِيهِ هَذَا الْوَجْهُ (وَلَوْ) (تَصَالَحَا عَنْ الْقَوَدِ عَلَى) أَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ لَكِنَّهُ مِنْ جِنْسِهَا نَحْوُ (مِائَتَيْ بَعِيرٍ) مِنْ جِنْسِ الْوَاجِبِ وَصِفَتِهِ (لَغَا) الصُّلْحُ (إنْ أَوْجَبْنَا أَحَدَهُمَا) ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى الْوَاجِبِ فَهُوَ كَالصُّلْحِ مِنْ مِائَةٍ عَلَى مِائَتَيْنِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَوْجَبْنَا الْقَوَدَ عَيْنًا (فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ) وَيَثْبُتُ الْمَالُ، وَكَذَا لَوْ عَفَا مِنْ غَيْرِ تَصَالُحٍ عَلَى ذَلِكَ إنْ قَبِلَ الْجَانِي وَإِلَّا فَلَا، وَيَبْقَى الْقَوَدُ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ اعْتِيَاضٌ فَتَوَقَّفَ عَلَى رِضَاهُمَا، أَمَّا غَيْرُ الْجِنْسِ الْوَاجِبِ فَقَدْ مَرَّ. وَالثَّانِي يَقُولُ الدِّيَةُ خَلَفُهُ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا (وَلَوْ) (قَالَ) حُرٌّ مُكَلَّفٌ مُخْتَارٌ (رَشِيدٌ) أَوْ سَفِيهٌ لِآخَرَ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِالرَّشِيدِ لِقَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ قَطَعَ فَعَفَا؛ إذْ عَفْوُ غَيْرِ الرَّشِيدِ لَاغٍ (اقْطَعْنِي فَفَعَلَ فَهَدَرٌ) لَا قَوَدَ فِيهِ وَلَا دِيَةَ كَمَا لَوْ قَالَ اُقْتُلْنِي أَوْ أَتْلِفْ مَالِي، نَعَمْ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ وَإِذْنُ الْقِنِّ يُسْقِطُ الْقَوَدَ دُونَ الْمَالِ، وَإِذْنُ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ وَالْمُكْرَهِ لَا يُسْقِطُ شَيْئًا (فَإِنْ سَرَى) الْقَطْعُ إلَى النَّفْسِ (أَوْ قَالَ) ابْتِدَاءً (اُقْتُلْنِي) فَقَتَلَهُ (فَهَدَرٌ) كَمَا ذَكَرَ لِلْإِذْنِ، وَلِأَنَّ الْأَصَحَّ ثُبُوتُ الدِّيَةِ لِلْمُوَرَّثِ ابْتِدَاءً: أَيْ لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ الْقَوَدِ الْمُبْدَلِ عَنْ نَفْسِهِ، نَعَمْ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ وَيُعَزَّرُ (وَفِي قَوْلٍ تَجِبُ دِيَةٌ) بِنَاءً عَلَى الْمَرْجُوحِ أَنَّهَا تَجِبُ لِلْوَرَثَةِ ابْتِدَاءً (وَلَوْ قُطِعَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ عُضْوُهُ وَضَبَطَهُ بِفَتْحِهِ أَيْضًا (فَعَفَا) أَيْ أَتَى بِلَفْظٍ يَقْتَضِي التَّرْكَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ أَوْ جَرَى لَفْظُ عَفْوٍ (عَنْ قَوَدِهِ وَأَرْشِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْرِ) الْقَطْعُ (فَلَا شَيْءَ) مِنْ قَوَدٍ وَدِيَةٍ لِإِسْقَاطِ الْمُسْتَحِقِّ حَقَّهُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ (وَإِنْ سَرَى) إلَى النَّفْسِ (فَلَا قِصَاصَ) فِي نَفْسٍ وَطَرَفٍ لِتَوَلُّدِ السِّرَايَةِ مِنْ مَعْفُوٍّ عَنْهُ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: قُطِعَ مَا لَا يُوجِبُ قَوَدًا كَجَائِفَةٍ، وَقَدْ عَفَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَنْ الْقَوَدِ فِيهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَإِنْ عَفَا عَلَى أَنْ لَا مَالَ) بِأَنْ تَلَفَّظَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ قَوْلُهُ وَالْمُفْلِسُ (قَوْلُهُ وَدُفِعَ بِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ لَمْ يُوجِبْهَا وَالْعَفْوَ إسْقَاطُ ثَابِتٍ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ عَفْوُهُ عَنْ الْمَالِ بِحَالٍ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ عَفَوْتُ عَنْ الْقِصَاصِ عَلَى أَنْ لَا مَالَ صَحَّ الْعَفْوُ عَنْ الْقِصَاصِ وَلَغَا قَوْلُهُ عَلَى أَنْ لَا مَالَ وَوَجَبَتْ الدِّيَةُ. وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ فَتَجِبُ (قَوْلُهُ: أَمَّا غَيْرُ الْجِنْسِ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ لَكِنَّهُ مِنْ جِنْسِهَا (قَوْلُهُ: خَلَفُهُ) أَيْ خَلَفَ الْقَوَدِ (قَوْلُهُ: فَقَتَلَهُ فَهَدَرٌ) أَيْ مَا لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى الِاسْتِهْزَاءِ، فَإِنْ دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ وَقَتَلَهُ قُتِلَ بِهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ) أَيْ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ: وَقَالَ اُقْتُلْنِي (قَوْلُهُ: وَيُعَزَّرُ) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَأَرْشُهُ) لَا يَخْفَى صَرَاحَةُ السِّيَاقِ كَقَوْلِهِ الْآتِي وَأَمَّا أَرْشُ الْعُضْوِ إلَخْ فِي صِحَّةِ الْعَفْوِ عَنْ الْأَرْشِ، وَفِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْقَوَدُ عَيْنًا، وَالْعَفْوُ عَنْ الْمَالِ لَاغٍ كَمَا تَقَدَّمَ فَلْتُنْظَرْ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ، وَيُمْكِنُ أَنْ تُصَوَّرَ بِمَا إذَا عَفَا عَنْ الْقَوَدِ عَلَى الْأَرْشِ ثُمَّ عَفَا عَنْ الْأَرْشِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّ الْعَفْوُ عَنْ الْمَالِ مَعَ الْعَفْوِ عَنْ الْقَوَدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا قُيِّدَ بِالرَّشِيدِ لِقَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ قُطِعَ إلَخْ.) فِيهِ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَوْ قُطِعَ إلَخْ. مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِمَسْأَلَةِ الْأَمْرِ بِالْقَطْعِ أَوْ الْقَتْلِ أَصْلًا كَمَا لَا يَخْفَى، عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ، وَإِنَّمَا قُيِّدَ إلَخْ. لَا يُنَاسِبُ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الرَّشِيدِ وَالسَّفِيهِ الَّتِي اقْتَضَاهَا عَطْفُهُ لَهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ) أَيْ فِيمَا لَوْ سَرَى أَوْ قَالَ اُقْتُلْنِي إذْ الْقَطْعُ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَيُعَزَّرُ) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ بِانْضِمَامِ الْقَطْعِ الْمُجَرَّدِ عَنْ السِّرَايَةِ إلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: أَوْ جَرَى لَفْظُ عَفْوٍ) الْمُنَاسِبُ: فَإِنْ جَرَى لَفْظُ وَصِيَّةٍ إلَخْ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ جَرَى لَفْظُ عَفْوٍ لَيْسَ هُوَ لَفْظُ الْمُصَنِّفِ وَغَرَضُهُ مِنْ هَذَا دَفْعُ مَا اُعْتُرِضَ بِهِ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ قَسَّمَ الْعَفْوَ فِيمَا يَأْتِي إلَى نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِالْعَفْوِ الْمُقَسَّمِ خُصُوصَهُ حَتَّى

ثُمَّ سَرَتْ الْجِنَايَةُ لِنَفْسِهِ فَلِوَلِيِّهِ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ لِصُدُورِ عَفْوِهِ عَنْ قَوَدٍ غَيْرِ ثَابِتٍ فَلَمْ يُؤَثِّرْ عَفْوُهُ. وَبِقَوْلِهِ عَنْ قَوَدِهِ وَأَرْشِهِ مَا لَوْ قَالَ عَفَوْتُ عَنْ هَذِهِ الْجِنَايَةِ وَلَمْ يَزِدْ فَإِنَّهُ عَفْوٌ عَنْ الْقَوَدِ لَا الْأَرْشِ كَمَا فِي الْأُمِّ: أَيْ فَلَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَقِبَهُ عَلَيْهِ لَا أَنَّهُ يَجِبُ بِلَا اخْتِيَارِهِ الْفَوْرِيِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِيمَا لَوْ أَطْلَقَ الْعَفْوَ (وَأَمَّا أَرْشُ الْعُضْوِ فَإِنْ جَرَى) فِي صِيغَةِ الْعَفْوِ عَنْهُ (لَفْظُ وَصِيَّةٍ كَ أَوْصَيْت لَهُ بِأَرْشِ هَذِهِ الْجِنَايَةِ فَوَصِيَّةٌ لِقَاتِلٍ) وَهِيَ صَحِيحَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ، ثُمَّ إنْ خَرَجَ الْأَرْشُ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ أَجَازَ الْوَارِثُ سَقَطَ وَإِلَّا نَفَذَتْ مِنْهُ فِي قَدْرِ الثُّلُثِ (أَوْ) جَرَى (لَفْظُ إبْرَاءٍ أَوْ إسْقَاطٍ أَوْ عَفْوٍ سَقَطَ) قَطْعًا إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ أَجَازَ الْوَارِثُ وَإِلَّا فَبِقَدْرِهِ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ نَاجِزٌ، وَالْوَصِيَّةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِحَالَةِ الْمَوْتِ، وَلَعَلَّهُمْ إنَّمَا سَامَحُوا فِي صِحَّةِ الْإِبْرَاءِ هُنَا عَنْ الْعُضْوِ وَمَعَ الْجَهْلِ بِوَاجِبِهِ حَالَ الْإِبْرَاءِ؛ لِأَنَّ وَاجِبَ الْجِنَايَةِ الْمُسْتَقِرَّ إنَّمَا يَتَبَيَّنُ بِالْمَوْتِ الْوَاقِعِ بَعْدُ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ فِي مُقَابَلَةِ النَّفْسِ دُونَ الْعُضْوِ وَلِأَنَّ جِنْسَ الدِّيَةِ سُومِحَ فِيهِ بِصِحَّةِ الْإِبْرَاءِ مِنْهَا مَعَ أَنْوَاعٍ مِنْ الْجَهْلِ فِيهَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الصُّلْحِ وَغَيْرِهِ وَمِمَّا يَأْتِي فِيهَا (وَقِيلَ) هُوَ (وَصِيَّةٌ) لِاعْتِبَارِهِ مِنْ الثُّلُثِ اتِّفَاقًا فَيُجْرَى فِيهَا خِلَافُ الْوَصِيَّةِ لِلْقَاتِلِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَهُ إنَّمَا تَتَحَقَّقُ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ بِالْمَوْتِ دُونَ التَّبَرُّعِ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَمَا هُوَ ظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَلِوَلِيِّهِ) أَيْ الْعَافِي الْقِصَاصُ أَيْ مِنْ الْجَانِي الْمَعْفُوِّ عَنْ الْقَوَدِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يُؤَثِّرْ عَفْوُهُ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَبِقَوْلِهِ عَنْ قَوَدِهِ وَأَرْشِهِ) كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ عَفْوَهُ عَنْ الْقَوَدِ وَالْأَرْشِ صَحِيحٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَرْشِ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ الْوَاجِبُ الْقَوَدَ عَيْنًا، وَلِهَذَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْعَفْوِ عَنْ الْأَرْشِ لَغَا لِعَدَمِ وُجُوبِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ فَكَأَنَّهُمْ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْعَفْوِ عَنْ الْأَرْشِ فَلَا يَصِحُّ وَبَيْنَ الْعَفْوِ عَنْهُ مَعَ الْعَفْوِ عَنْ الْقَوَدِ فَيَصِحُّ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَيُوَجَّهُ الْفَرْقُ بِأَنَّهُ لَوْ أَطْلَقَ الْعَفْوَ لَمْ يَجِبْ الْأَرْشُ إلَّا إذَا عَفَا عَلَيْهِ عَقِبَ مُطْلَقِ الْعَفْوِ فَذِكْرُهُ فِي الْعَفْوِ كَالتَّصْرِيحِ بِلَازِمِ مُطْلَقِ الْعَفْوِ فَيَصِحُّ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا أَرْشُ الْعُضْوِ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي وُجُوبِ الْأَرْشِ وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ إذْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْ تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ غَيْرُ أَنَّهُ عَفَا عَنْ قَوَدِهِ وَأَرْشِهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْوَاجِبَ الْقَوَدُ عَيْنًا وَأَنَّ الْعَفْوَ عَنْ الْمَالِ لَغْوٌ لِعَدَمِ وُجُوبِهِ، وَيَتَحَصَّلُ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ وُجُوبِ الْأَرْشِ وَأَنَّ الْعَفْوَ عَنْهُ لَغْوٌ فَمِنْ أَيْنَ وَجَبَ حَتَّى يُفْصَلَ فِي الْعَفْوِ عَنْهُ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا: فَإِنْ جَرَى لَفْظُ وَصِيَّةٍ إلَخْ اُعْتُرِضَ؛ لِأَنَّ الْمُقَسِّمَ الْعَفْوُ عَنْ الْأَرْشِ فَتَقْسِيمُهُ إلَى مَا ذَكَرَ مِنْ الْوَصِيَّةِ وَالْإِبْرَاءِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ تَقْسِيمِ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ. وَأَجَابَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَفْوِ فِي الْمُقَسِّمِ مُطْلَقَ الْإِسْقَاطِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِلَفْظِ الْعَفْوِ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ فِي تَقْسِيمِهِ إلَى مَا ذَكَرَ الَّذِي مِنْهُ الْإِسْقَاطُ بِلَفْظِ الْعَفْوِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ فَمِنْ أَيْنَ وَجَبَ حَتَّى يُفْصَلَ إلَخْ بِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ عَفَا عَنْ الْقِصَاصِ عَلَى الْأَرْشِ ثُمَّ عَفَا عَنْهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ وَاجِبَ الْجِنَايَةِ) عِلَّةُ قَوْلِهِ مَعَ الْجَهْلِ بِوَاجِبِهِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ جِنْسَ الدِّيَةِ) عِلَّةُ قَوْلِهِ وَلَعَلَّهُمْ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَلْزَمَ مَا ذُكِرَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ مَعْنَاهُ وَهُوَ التَّرْكُ، وَمَا سَيَأْتِي مِنْ التَّقْسِيمِ دَلِيلٌ عَلَى هَذِهِ الْإِرَادَةِ (قَوْلُهُ: إنَّمَا يَتَبَيَّنُ بِالْمَوْتِ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِوَاجِبِ الْعَفْوِ وَاجِبُهُ فِي نَفْسِهِ، وَأَصْرَحُ مِنْهُ فِي هَذَا قَوْلُهُ: الْآتِي وَلَوْ سَاوَى الْأَرْشُ الدِّيَةَ إلَخْ. وَحِينَئِذٍ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ مَا قَالَهُ سم مِمَّا مَعْنَاهُ أَنَّ كَوْنَ وَاجِبِ الْجِنَايَةِ الْمُسْتَقِرِّ إنَّمَا يَتَبَيَّنُ بِالْمَوْتِ لَا يَمْنَعُ كَوْنَ الْمُبْرَأِ مِنْهُ مَعْلُومًا، لَكِنْ فِي حَوَاشِيهِ عَلَى شَرْحِ الْمَنْهَجِ نَقْلُ الْإِشْكَالِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ بِمَا هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ أَرْشُ الْعُضْوِ مَنْسُوبًا لِلنَّفْسِ، قَالَ مَا مَعْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ السِّرَايَةِ لَا يَنْظُرُ إلَى دِيَةِ النَّفْسِ وَهُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ فَلْيُرَاجَعْ

النَّاجِزِ وَإِنْ كَانَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ، هَذَا كُلُّهُ فِي أَرْشِ الْعُضْوِ لَا مَا زَادَ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ. (وَتَجِبُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى أَرْشِ الْعُضْوِ (إلَى تَمَامِ الدِّيَةِ) لِلسِّرَايَةِ وَإِنْ تَعَرَّضَ فِي عَفْوِهِ لِمَا يَحْدُثُ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِلشَّيْءِ قَبْلَ ثُبُوتِهِ وَهُوَ بَاطِلٌ (وَفِي قَوْلٍ إنْ تَعَرَّضَ فِي عَفْوِهِ) عَنْ الْجِنَايَةِ (لِمَا يَحْدُثُ مِنْهَا سَقَطَتْ الزِّيَادَةُ) بِنَاءً عَلَى الْمَرْجُوحِ وَهُوَ صِحَّةُ الْإِبْرَاءِ عَمَّا لَمْ يَجِبْ إذَا جَرَى سَبَبُ وُجُوبِهِ وَهَذَا فِي غَيْرِ لَفْظِ الْوَصِيَّةِ، فَإِنْ عَفَا عَمَّا يَحْدُثُ مِنْهَا بِلَفْظِهَا كَ أَوْصَيْت لَهُ بِأَرْشِ هَذِهِ الْجِنَايَةِ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا فَهِيَ وَصِيَّةٌ بِجَمِيعِ الدِّيَةِ لِلْقَاتِلِ، وَفِيهَا مَا مَرَّ، وَلَوْ سَاوَى الْأَرْشُ الدِّيَةَ صَحَّ الْعَفْوُ عَنْهُ وَلَمْ يَجِبْ لِلسِّرَايَةِ شَيْءٌ، فَفِي قَطْعِ الْيَدَيْنِ لَوْ عَفَا عَنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا سَقَطَتْ الدِّيَةُ بِكَمَالِهَا إنْ وَفَى الثُّلُثُ بِهَا وَإِنْ لَمْ نُصَحِّحْ الْإِبْرَاءَ عَمَّا يَحْدُثُ؛ لِأَنَّ أَرْشَ الْيَدَيْنِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ فَلَا يُزَادُ بِالسِّرَايَةِ شَيْءٌ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ عَفَا عَنْ الْقَاتِلِ عَلَى الدِّيَةِ بَعْدَ قَطْعِ يَدِهِ لَمْ يَأْخُذْ إلَّا نِصْفَهَا أَوْ بَعْدَ قَطْعِ يَدِهِ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا إنْ سَاوَاهُ فِيهَا، وَإِلَّا وَجَبَ التَّفَاوُتُ كَمَا مَرَّ (فَلَوْ) (سَرَى) قَطْعُ مَا عَفَا عَنْ قَوَدِهِ وَأَرْشِهِ (إلَى عُضْوٍ آخَرَ وَانْدَمَلَ) كَأَنْ قَطَعَ أُصْبُعًا فَتَأَكَّلَ كَفُّهُ وَانْدَمَلَ الْجُرْحُ السَّارِي إلَيْهِ (ضَمِنَ دِيَةَ السِّرَايَةِ فِي الْأَصَحِّ) وَإِنْ تَعَرَّضَ فِي عَفْوِهِ بِغَيْرِ لَفْظِ وَصِيَّةٍ لِمَا يَحْدُثُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا عَفَا عَنْ مُوجَبِ جِنَايَةٍ مَوْجُودَةٍ فَلَمْ تَتَنَاوَلْ غَيْرَهَا، وَتَعَرُّضُهُ لِمَا يَحْدُثُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ إبْرَاءٌ عَمَّا لَمْ يَجِبْ. وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى أَنَّهَا مِنْ مَعْفُوٍّ عَنْهُ (وَمَنْ لَهُ قِصَاصُ نَفْسٍ بِسِرَايَةِ) قَطْعِ (طَرَفٍ) كَأَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ فَمَاتَ بِسِرَايَةٍ (لَوْ عَفَا) الْوَلِيُّ (عَنْ النَّفْسِ فَلَا قَطْعَ لَهُ) ؛ لِأَنَّ مُسْتَحَقَّهُ الْقَتْلُ وَالْقَطْعُ طَرِيقُهُ وَقَدْ عَفَا عَنْ مُسْتَحَقِّهِ (أَوْ) عَفَا (عَنْ الطَّرَفِ فَلَهُ حَزُّ الرَّقَبَةِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ كَمَا لَوْ تَعَدَّدَ الْمُسْتَحَقُّ، وَالثَّانِي يَقُولُ اسْتَحَقَّهُ بِالْقَطْعِ السَّارِي وَقَدْ عُفِيَ عَنْهُ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بِسِرَايَةِ طَرَفٍ مَا لَوْ اسْتَحَقَّهَا بِالْمُبَاشَرَةِ، فَإِنْ اخْتَلَفَ الْمُسْتَحَقُّ كَأَنْ قَطَعَ يَدَ عَبْدٍ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ قَتَلَهُ فَلِلسَّيِّدِ قَوَدُ الْيَدِ وَلِلْوَرَثَةِ قَوَدُ النَّفْسِ وَلَا يَسْقُطُ حَقُّ أَحَدِهِمَا بِعَفْوِ الْآخَرِ، وَكَذَا إنْ اتَّحَدَ الْمُسْتَحَقُّ فَلَا يَسْقُطُ الطَّرَفُ بِالْعَفْوِ عَنْ النَّفْسِ وَعَكْسُهُ، وَلَمَّا كَانَ مَنْ لَهُ قِصَاصُ نَفْسٍ بِسِرَايَةِ طَرَفٍ تَارَةً يَعْفُو وَتَارَةً يَقْطَعُ، وَذَكَرَ حُكْمَ الْأَوَّلِ تَمَّمَ بِذِكْرِ الثَّانِي فَقَالَ (وَلَوْ قَطَعَهُ) الْمُسْتَحِقُّ (ثُمَّ عَفَا عَنْ النَّفْسِ مَجَّانًا) مَثَلًا؛ إذْ الْعَفْوُ بِعِوَضٍ كَذَلِكَ (فَإِنْ سَرَى الْقَطْعُ) إلَى النَّفْسِ (بَانَ بُطْلَانُ الْعَفْوِ) وَوَقَعَتْ السِّرَايَةُ قِصَاصًا لِتَرَتُّبِ مُقْتَضَى السَّبَبِ الْمَوْجُودِ قَبْلَ الْعَفْوِ عَلَيْهِ فَبَانَ أَنْ لَا عَفْوَ حَتَّى لَوْ كَانَ وَقَعَ بِمَالٍ بَانَ أَنْ لَا مَالَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَسْرِ بِأَنْ انْدَمَلَ (فَيَصِحُّ) الْعَفْوُ فَلَا يَلْزَمُهُ لِقَطْعِ الْعُضْوِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ حَالَ قَطْعِهِ كَانَ مُسْتَحِقًّا لِجُمْلَتِهِ فَانْصَبَّ عَفْوُهُ لِغَيْرِهِ (وَلَوْ) (وَكَّلَ) فِي اسْتِيفَاءِ قَوَدِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَفِيهَا مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّا إنْ صَحَّحْنَا الْوَصِيَّةَ لِلْقَاتِلِ نَفَذَ فِي الدِّيَةِ كُلِّهَا إنْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ وَإِلَّا فَفِي قَدْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَفِي قَطْعِ الْيَدَيْنِ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ نُصَحِّحْ الْإِبْرَاءَ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فَلَا يُزَادُ بِالسِّرَايَةِ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَإِنْ لَمْ نُصَحِّحْ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَ الْجَانِي امْرَأَةً وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ رَجُلًا (قَوْلُهُ: مِنْ مَعْفُوٍّ عَنْهُ) أَيْ تَوَلَّدَتْ مِنْ مَعْفُوٍّ عَنْهُ إلَخْ (قَوْلُهُ ثُمَّ عَتَقَ) أَيْ الْمَقْطُوعُ، وَقَوْلُهُ ثُمَّ قَتَلَهُ أَيْ الْجَانِي (قَوْلُهُ: وَلِلْوَرَثَةِ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ عَامًّا كَبَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَطَعَهُ الْمُسْتَحِقُّ) وَهُوَ وَارِثُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بَانَ أَنْ لَا مَالَ) أَيْ فَيُسْتَرَدُّ إنْ كَانَ قُبِضَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ اسْتَحَقَّهَا) أَيْ النَّفْسَ بِالْمُبَاشَرَةِ: أَيْ فَإِنَّهُ إذَا عُفِيَ عَنْ أَحَدِهِمَا سَقَطَ الْآخَرُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَتَقَ) أَيْ الْمَقْطُوعُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ اتَّحَدَ الْمُسْتَحِقُّ) لَعَلَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْ بِأَنْ كَانَ السَّيِّدُ هُوَ الْوَارِثُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: الْمَوْجُودِ) وَصْفٌ لِلسَّبَبِ وَهُوَ الْقَطْعُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهُ لِقَطْعِ إلَخْ.) الْمُنَاسِبُ وَلَا يَلْزَمُهُ بِالْوَاوِ بَدَلَ الْفَاءِ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ حَيْثُ عَفَا يَلْزَمُهُ أَرْشُ عُضْوِ الْجَانِي، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّعْلِيلِ بَعْدُ، وَأَمَّا التَّفْرِيعُ بِالْفَاءِ فَلَا يَظْهَرُ لَهُ وَجْهٌ (قَوْلُهُ: فَانْصَبَّ عَفْوُهُ لِغَيْرِهِ) كَذَا فِي نُسَخٍ، وَلَعَلَّهُ مُحَرَّفٌ عَنْ فَانْصَرَفَ

(ثُمَّ عَفَا فَاقْتَصَّ الْوَكِيلُ جَاهِلًا) بِعَفْوِهِ (فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ) ؛ إذْ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ بِوَجْهٍ، وَبِهِ فَارَقَ مَا مَرَّ فِي قَتْلِ مَنْ عَهِدَهُ مُرْتَدًّا فَبَانَ مُسْلِمًا، أَمَّا إذَا عَلِمَ بِالْعَفْوِ فَيُقْتَلُ قَطْعًا، وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِلْمِ هُنَا الظَّنُّ كَأَنْ أَخْبَرَهُ ثِقَةٌ أَوْ غَيْرُهُ وَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهُ، وَيُحْتَمَلُ اعْتِبَارُ اثْنَيْنِ دَرْءًا لِلْقَوَدِ بِالشُّبْهَةِ مَا أَمْكَنَ، وَيُقْتَلُ أَيْضًا فِيمَا لَوْ صَرَفَ الْقَتْلَ عَنْ مُوَكِّلِهِ إلَيْهِ بِأَنْ قَالَ: قَتَلْتُهُ بِشَهْوَةِ نَفْسِي لَا عَنْ الْمُوَكِّلِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَوَكِيلِ الطَّلَاقِ إذَا أَوْقَعَهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَقُلْنَا بِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ أَنَّهُ يَقَعُ بِأَنَّ ذَاكَ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الصَّرْفُ فَلَمْ يُؤَثِّرْ، وَهَذَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ لِنَحْوِ عَدَاوَةٍ بَيْنَهُمَا فَأَثَّرَ، وَالْأَوْجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِأَحَدِ ذَيْنِكَ: أَعْنِي بِشَهْوَتِي وَلَا عَنْ مُوَكِّلِي، وَعَلَيْهِ فَلَوْ شَرِكَ بِأَنْ قَالَ بِشَهْوَتِي وَعَنْ مُوَكِّلِي اُحْتُمِلَ انْتِفَاءُ الْقَوَدِ تَغْلِيبًا لِلْمَانِعِ عَلَى الْمُقْتَضِي وَدَرْءًا بِالشُّبْهَةِ (وَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ دِيَةٍ) مُغَلَّظَةٍ عَلَيْهِ لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ تَثَبُّتِهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا قَوَدَ عَلَيْهِ لِعُذْرِهِ (وَ) مِنْ ثَمَّ كَانَ الْأَظْهَرُ أَيْضًا (أَنَّهَا عَلَيْهِ لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ) أَيْ الْوَكِيلَ الْغَارِمَ لِلدِّيَةِ (لَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْعَافِي) وَإِنْ تَمَكَّنَ الْمُوَكِّلُ مِنْ إعْلَامِهِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ؛ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ بِالْعَفْوِ مَعَ كَوْنِ الْوَكِيلِ يُنَاسِبُهُ التَّغْلِيظُ تَنْفِيرًا عَنْ الْوَكَالَةِ فِي الْقَوَدِ لِبِنَائِهِ عَلَى الدَّرْءِ مَا أَمْكَنَ. وَالثَّانِي يَقُولُ: نَشَأَ عَنْهُ الْغُرْمُ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ يَقُولُ عَفْوُهُ بَعْدَ خُرُوجِ الْأَمْرِ مِنْ يَدِهِ لَغْوٌ (وَلَوْ) (وَجَبَ) لِرَجُلٍ (قِصَاصٌ عَلَيْهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (فَنَكَحَهَا عَلَيْهِ) (جَازَ) كُلٌّ مِنْ النِّكَاحِ وَالصَّدَاقِ؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ مَقْصُودٌ إذْ كُلُّ مَا جَازَ الصُّلْحُ عَلَيْهِ صَحَّ جَعْلُهُ صَدَاقًا (وَسَقَطَ) الْقَوَدُ لِمِلْكِهَا قَوَدَ نَفْسِهَا (فَإِنْ فَارَقَ) هَا (قَبْلَ وَطْءٍ رَجَعَ بِنِصْفِ الْأَرْشِ) لِتِلْكَ الْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ مَا وَقَعَ الْعَقْدُ بِهِ (وَفِي قَوْلٍ بِنِصْفِ مَهْرِ مِثْلٍ) ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ الْبَضْعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا إلَخْ) فِي الْفَرْقِ تَحَكُّمٌ اهـ سم عَلَى حَجّ، لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ كَمَا يُمْكِنُ صَرْفُ الْقَتْلِ عَنْ كَوْنِهِ عَنْ الْمُوَكِّلِ لِعَدَاوَةٍ مَثَلًا يُمْكِنُ صَرْفُ الطَّلَاقِ عَنْ الْمُوَكِّلِ لِسَبَبٍ يَقْتَضِي عَدَمَ إرَادَةِ وُقُوعِ طَلَاقِ الْمُوَكِّلِ فَيَصْرِفُهُ لِنَفْسِهِ حَتَّى يَلْغُوَ، وَقَدْ يُدْفَعُ بِأَنَّ الْقَتْلَ حَصَلَ مِنْ الْوَكِيلِ وَلَا بُدَّ وَبِالصَّرْفِ فَاتَتْ نِسْبَتُهُ لِلْمُوَكِّلِ وَقَامَتْ بِالْوَكِيلِ، وَأَمَّا الصَّرْفُ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ لَوْ اُعْتُبِرَ كَانَ الطَّلَاقُ لَغْوًا مَعَ صَرَاحَةِ صِيغَتِهِ وَكَوْنُهُ لَغْوًا مَمْنُوعٌ مَعَ الصَّرَاحَةِ فَتَعَذَّرَ الصَّرْفُ (قَوْلُهُ: وَقُلْنَا بِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: اُحْتُمِلَ انْتِفَاءُ الْقَوَدِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَدَرْءًا بِالشُّبْهَةِ) أَيْ وَتَجِبُ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةً (قَوْلُهُ: لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ تَثَبُّتِهِ) قَدْ يُقَالُ: لَا حَاجَةَ لِاعْتِبَارِ التَّقْصِيرِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ يَثْبُتُ مَعَ التَّقْصِيرِ وَعَدَمِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُقَالُ: التَّقْصِيرُ لِلتَّغْلِيظِ لَا لِأَصْلِ الضَّمَانِ، وَأَيْضًا فَالْوَكِيلُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي الْفِعْلِ وَالْمُوَكِّلُ هُوَ الْحَامِلُ لَهُ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: لِنَحْوِ عَدَاوَةٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا لَا دَخْلَ لَهُ فِي مَلْحَظِ الْفَرْقِ بَلْ ذِكْرُهُ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا قَوَدَ عَلَيْهِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ سَبَقَ فِي الْمَتْنِ.

[كتاب الديات]

[كِتَابُ الدِّيَاتِ] ِ جَمْعُ دِيَةٍ، وَهِيَ الْمَالُ الْوَاجِبُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْحُرِّ فِي نَفْسٍ أَوْ فِيمَا دُونَهَا، وَهَاؤُهَا عِوَضٌ مِنْ فَاءِ الْكَلِمَةِ وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْوَدْيِ وَهُوَ دَفْعُ الدِّيَةِ، يُقَالُ: وَدَيْت الْقَتِيلَ أَدِيهِ وَدْيًا. وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ} [النساء: 92] وَخَبَرُ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرُهُ الْآتِي (فِي) (قَتْلِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ) الذَّكَرِ الْمَعْصُومِ غَيْرِ الْجَنِينِ إذَا صَدَرَ مِنْ حُرٍّ (مِائَةُ بَعِيرٍ) إجْمَاعًا سَوَاءٌ أَوَجَبَتْ بِالْعَفْوِ أَمْ ابْتِدَاءً كَقَتْلِ نَحْوِ الْوَالِدِ، أَمَّا الرَّقِيقُ وَالذِّمِّيُّ وَالْمَرْأَةُ وَالْجَنِينُ فَسَيَأْتِي مَا فِيهِمْ، نَعَمْ الدِّيَةُ لَا تَخْتَلِفُ بِالْفَضَائِلِ بِخِلَافِ قِيمَةِ الْقِنِّ؛ لِأَنَّ تِلْكَ حَدَّدَهَا الشَّارِعُ اعْتِنَاءً بِهَا لِشَرَفِ الْحُرِّيَّةِ وَلَمْ يَنْظُرْ لِأَعْيَانِ مَنْ تَجِبُ فِيهِ، وَإِلَّا لَسَاوَتْ الرِّقَّ، وَهَذِهِ لَمْ يُحَدِّدْهَا فَنِيطَتْ بِالْأَعْيَانِ وَمَا يُنَاسِبُ كُلًّا مِنْهَا. وَأَمَّا الْمُهْدَرُ كَزَانٍ مُحْصَنٍ، وَتَارِكِ صَلَاةٍ، وَقَاطِعِ طَرِيقٍ. وَصَائِلٍ فَلَا دِيَةَ فِيهِمْ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْقَاتِلُ قِنًّا لِغَيْرِ الْقَتِيلِ أَوْ مُكَاتَبًا وَلَوْ لَهُ فَالْوَاجِبُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَةِ الْقِنِّ وَالدِّيَةِ كَمَا يَأْتِي، أَوْ مُبَعَّضًا وَبَعْضُهُ الْقِنُّ مَمْلُوكٌ لِغَيْرِ الْقَتِيلِ فَالْوَاجِبُ مُقَابِلُ الْحُرِّيَّةِ مِنْ الدِّيَةِ وَالرِّقِّ مِنْ أَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ. أَمَّا الْقِنُّ لِلْقَتِيلِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ شَيْءٌ، إذْ السَّيِّدُ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى قِنِّهِ شَيْءٌ (مُثَلَّثَةٌ فِي الْعَمْدِ) أَيْ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ (ثَلَاثُونَ حِقَّةً وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً) وَمَرَّ تَفْسِيرُهُمَا فِي الزَّكَاةِ (وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ وَبِالْفَاءِ (أَيْ حَامِلًا) ـــــــــــــــــــــــــــــSكِتَابُ الدِّيَاتِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ شَرْعًا لِمَا مَرَّ عَنْ الْقَامُوسِ مِنْ أَنَّ الدِّيَةَ حَقُّ الْقَتِيلِ (قَوْلُهُ: مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْوَدْيِ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: وَنَظِيرُهُ زِنَةٌ مِنْ الْوَزْنِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: إذَا صَدَرَ مِنْ حُرٍّ) أَمَّا الْعَبْدُ فَإِنْ لَمْ تَفِ قِيمَتُهُ بِالدِّيَةِ فَلَا شَيْءَ لِلْوَارِثِ غَيْرُهَا، فَإِنْ وَفَتْ بِهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: كَقَتْلِ نَحْوِ الْوَالِدِ) وَالْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ (قَوْلُهُ: وَصَائِلٍ فَلَا دِيَةَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَتَلَهُمْ مِثْلُهُمْ، لَكِنْ مَرَّ فِي شُرُوطِ الْقَوَدِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبِمُرْتَدٍّ إلَخْ مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى قِنِّهِ شَيْءٌ) أَيْ وَقْتَ الْجِنَايَةِ، وَإِنْ عَتَقَ بَعْدَهَا حَتَّى لَوْ قَتَلَ عَبْدٌ عَبْدًا لِسَيِّدِهِ ثُمَّ عَتَقَ الْقَاتِلُ لَا يَصِحُّ عَفْوُ السَّيِّدِ عَنْ الْقَتِيلِ عَلَى مَالٍ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْكِتَابِ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ أَطْلَقَ الْعَفْوَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً) بِفَتْحِ الْخَاءِ، قِيلَ جَمْعُهَا خِلَفٌ بِكَسْرِ الْخَاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ، وَقِيلَ مَخَاضٌ عَلَى غَيْرِ لَفْظِهِ كَالْمَرْأَةِ تُجْمَعُ عَلَى نِسَاءٍ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. لَكِنَّ الَّذِي فِي الْمُخْتَارِ وَالْخَلِفُ بِوَزْنِ الْكَتِفِ الْمَخَاضُ وَهِيَ ـــــــــــــــــــــــــــــQكِتَابُ الدِّيَاتِ (قَوْلُهُ: أَوْ فِيمَا دُونَهَا) شَمِلَ مَا لَا مُقَدَّرَ لَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ الدِّيَةُ بِهَذَا اللَّفْظِ بَعْدَ التَّعْوِيضِ فَلَا يُقَالُ يَلْزَمُ أَخْذُ الشَّيْءِ مِنْ نَفْسِهِ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّهُ يَلْزَمُهُ الدَّوْرُ لِتَوَقُّفِ مَعْرِفَةِ الدِّيَةِ عَلَى مَعْرِفَتِهَا حَيْثُ جَعَلَهَا جُزْءَ تَعْرِيفِ الْوَدْيِ الْمَأْخُوذَةِ هِيَ مِنْهُ، إذْ لَا شَكَّ أَنَّ الْمَأْخُوذَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى مَعْرِفَةِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ، وَقَدْ جَعَلَ مَعْرِفَتَهُ مُتَوَقِّفَةً عَلَى مَعْرِفَةِ الْمَأْخُوذِ حَيْثُ جَعَلَهُ جُزْءًا مِنْ تَعْرِيفِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: نَحْوُ الْوَالِدِ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِنَحْوِ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالْوَالِدِ الْأَبَ فَنَحْوُهُ الْأُمُّ وَالْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ، وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ هُنَا غَيْرُ مُنَاسِبٍ (قَوْلُهُ: نَعَمْ الدِّيَةُ لَا تَخْتَلِفُ إلَخْ.) اُنْظُرْ وَجْهَ الِاسْتِدْرَاكِ (قَوْلُهُ: وَمَا يُنَاسِبُ كُلًّا مِنْهَا) أَيْ الْأَعْيَانَ (قَوْلُهُ: كَزَانٍ مُحْصَنٍ وَتَارِكِ صَلَاةٍ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ الْقَاتِلُ لِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ مِثْلَهُ

لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ بِذَلِكَ فَهِيَ مُغَلَّظَةٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَمِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا عَلَى الْجَانِي دُونَ عَاقِلَتِهِ وَحَالَّةً لَا مُؤَجَّلَةً وَلَا يَضُرُّ كَوْنُ أَحَدِ الْأَقْسَامِ أَكْثَرَ (وَمُخَمَّسَةٌ فِي الْخَطَأِ عِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ وَكَذَا بَنَاتُ لَبُونٍ) عِشْرُونَ (وَبَنُو لَبُونٍ) كَذَلِكَ وَمَرَّ تَفْسِيرُهُمَا ثَمَّ أَيْضًا (وَحِقَاقٌ) كَذَلِكَ (وَجِذَاعٌ) كَذَلِكَ وَالْمُرَادُ مِنْ الْحِقَاقِ وَالْجِذَاعِ الْإِنَاثُ كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُ الرَّوْضَةِ وَعِشْرُونَ حِقَّةً وَجَذَعَةً؛ لِأَنَّ إجْزَاءَ الذُّكُورِ مِنْهُمَا لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَالْحِقَاقُ وَإِنْ أُطْلِقَتْ عَلَى الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ فَإِنَّ الْجِذَاعَ مُخْتَصَّةٌ بِالذُّكُورِ وَجَمْعُ الْجَذَعَةِ جَذَعَاتٌ وَهَذِهِ مُخَفَّفَةٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ تَخْمِيسِهَا وَتَأْجِيلِهَا وَكَوْنِهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ. (فَإِنْ) (قَتَلَ خَطَأً) وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا حَالَ كَوْنِ الْقَاتِلِ أَوْ الْمَقْتُولِ (فِي حَرَمِ مَكَّةَ) وَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ الْمَجْرُوحُ فِيهِ وَمَاتَ خَارِجَهُ بِخِلَافِ عَكْسِهِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي صَيْدِ الْحَرَمِ وَمِنْ ثَمَّ يَتَأَتَّى هُنَا كُلُّ مَا ذَكَرُوهُ ثَمَّ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ، فَلَوْ رَمَى مَنْ بَعْضُهُ فِي الْحِلِّ وَبَعْضُهُ فِي الْحَرَمِ أَوْ مِنْ الْحِلِّ إنْسَانًا فِيهِ فَمَرَّ السَّهْمُ فِي هَوَاءِ الْحَرَمِ غُلِّظَ وَلَا تَغْلِيظَ بِقَتْلِ الذِّمِّيِّ فِيهِ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ لِأَنَّ سَبَبَ التَّغْلِيظِ ثُبُوتُ زِيَادَةِ الْأَمْنِ، وَالذِّمِّيُّ غَيْرُ مُمَكَّنٍ مِنْ دُخُولِ الْحَرَمِ، وَلَا يَخْتَصُّ التَّغْلِيظُ بِالْقَتْلِ فَإِنَّ الْجِرَاحَ فِي الْحَرَمِ مُغَلَّظَةٌ وَإِنْ لَمْ يَمُتْ مِنْهَا أَوْ مَاتَ مِنْهَا خَارِجَهُ بِخِلَافِ عَكْسِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (أَوْ) قَتَلَ فِي (الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ ذِي الْقَعْدَةِ وَذِي الْحِجَّةِ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الْحَاءِ عَلَى الْأَفْصَحِ فِيهِمَا (وَالْمُحَرَّمِ) خَصُّوهُ بِالتَّعْرِيفِ إشْعَارًا بِأَنَّهُ أَوَّلُ السَّنَةِ كَذَا قِيلَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَلْ فِيهِ لِلَمْحِ الصِّفَةِ لَا لِلتَّعْرِيفِ، وَخَصُّوهُ بِأَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْحَوَامِلُ مِنْ النُّوقِ الْوَاحِدَةُ خَلِفَةٌ بِوَزْنِ نَكِرَةٍ اهـ. وَفِي الْمِصْبَاحِ الْخَلِفَةُ بِكَسْرِ اللَّامِ هِيَ الْحَامِلُ مِنْ الْإِبِلِ وَجَمْعُهَا مَخَاضٌ وَهِيَ اسْمُ فَاعِلٍ، يُقَالُ: خَلِفْت خَلَفًا مِنْ بَابِ تَعِبَ إذَا حَمَلَتْ فَهِيَ خَلِفَةٌ مِثْلُ تَعِبَةٍ، وَرُبَّمَا جُمِعَتْ عَلَى لَفْظِهَا فَقِيلَ خَلِفَاتٌ، وَتُحْذَفُ الْهَاءُ أَيْضًا فَيُقَالُ خَلِفٌ، فَلَعَلَّ قَوْلَ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ بِكَسْرِ الْخَاءِ سَبْقُ قَلَمٍ فَإِنَّ الْمُوَافِقَ لِلُّغَةِ فَتْحُ الْخَاءِ (قَوْلُهُ لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ) ع لَفْظُهُ «مَنْ قَتَلَ عَمْدًا رَجَعَ إلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ، فَإِنْ شَاءُوا قَتَلُوا وَإِنْ شَاءُوا أَخَذُوا الدِّيَةَ، وَهِيَ ثَلَاثُونَ حِقَّةً وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً» اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَحَالَّةً) أَيْ وَكَوْنُهَا حَالَّةً إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْجِذَاعَ مُخْتَصَّةٌ بِالذُّكُورِ) يُخَالِفُهُ قَوْلُ الْمُخْتَارِ الْجَذَعُ بِفَتْحَتَيْنِ الثَّنِيُّ وَالْجَمْعُ جِذْعَانٌ وَجِذَاعٌ بِالْكَسْرِ الْأُنْثَى جَذَعَةٌ وَالْجَمْعُ جَذَعَاتٌ وَجِذَاعٌ أَيْضًا، وَقَوْلُهُ: فَإِنَّ الْجِذَاعَ إلَخْ خَبَرٌ لِقَوْلِهِ وَالْحِقَاقُ وَدُخُولُ الْفَاءِ بِتَقْدِيرِ أَمَّا، وَلَا يَصِحُّ النَّظَرُ لِلتَّعْرِيفِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ الْعُمُومُ بَلْ مُجَرَّدُ لَفْظِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَبِيًّا) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْقَاتِلُ صَبِيًّا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَاتَ خَارِجَهُ) أَيْ سِرَايَةً (قَوْلُهُ: وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ) أَيْ الْحِلِّ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُمَكَّنٍ مِنْ دُخُولِ الْحَرَمِ) أَيْ مُطْلَقًا لِضَرُورَةٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: أَوْ مَاتَ مِنْهَا خَارِجَهُ) أَيْ بِغَيْرِ السِّرَايَةِ بِأَنْ مَاتَ خَارِجَهُ فَوْرًا فَلَا تَكْرَارَ لِهَذِهِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَمَاتَ خَارِجَهُ، وَعَلَيْهِ (فَمِنْ) فِي قَوْلِهِ: مِنْهَا بِمَعْنَى مَعَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ عَكْسِهِ فِيمَا يَظْهَرُ) تَقَدَّمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْحِقَاقُ، وَإِنْ أُطْلِقَتْ) كَأَنَّ مُرَادَهُ الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْمَتْنِ بِأَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُعَبِّرَ بِلَفْظٍ يَخْتَصُّ بِالْإِنَاثِ وَمَا عَبَّرَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي الْحِقَاقِ لِإِطْلَاقِهَا عَلَى الْإِنَاثِ كَالذُّكُورِ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْأَوْلَى إلَّا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي الْجِذَاعِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ إلَّا لِلذُّكُورِ لَكِنْ نَقَلَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ عَنْ الْمُخْتَارِ إطْلَاقَ الْجِذَاعِ عَلَى الْإِنَاثِ أَيْضًا. نَعَمْ كَانَ الْأَوْلَى التَّعْبِيرَ فِيهِمَا بِلَفْظٍ خَاصٍّ بِالْإِنَاثِ الْمُرَادِ، وَفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ أَنَّ فَإِنَّ الْجِذَاعَ إلَخْ. خَبَرُ الْحِقَاقِ قَالَ وَسَوَّغَ دُخُولَ الْفَاءِ فِي الْخَبَرِ تَقْدِيرُ أَمَّا فِي الْمُبْتَدَإِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ وَلَا يَخْفَى عَدَمُ صِحَّتِهِ لِخُلُوِّ الْجُمْلَةِ الْوَاقِعَةِ خَبَرًا حِينَئِذٍ عَنْ ضَمِيرٍ يَعُودُ لِلْمُبْتَدَأِ فَالصَّوَابُ أَنَّ الْخَبَرَ مَحْذُوفٌ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ، وَإِنْ أُطْلِقَتْ إلَخْ. الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ وَالتَّقْدِيرُ وَالْحِقَاقُ تُطْلَقُ عَلَى الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ، وَإِنْ أُطْلِقَتْ إلَخْ. وَقَدْ مَرَّ الْكَلَامُ عَلَى نَظِيرِ هَذَا التَّرْكِيبِ فِي الْخُطْبَةِ (قَوْلُهُ: يُقْتَلُ الذِّمِّيُّ فِيهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الذِّمِّيُّ فِيهِ بِدَلَالَةِ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْجِرَاحَ فِي الْحَرَمِ مُغَلَّظَةٌ) أَيْ الَّتِي لَهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ كَمَا نَقَلَهُ سم فِي حَوَاشِيهِ عَلَى شَرْحِ الْمَنْهَجِ

وَبِالْمُحَرَّمِ مَعَ تَحْرِيمِ الْقِتَالِ فِي جَمِيعِهَا؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُهَا فَالتَّحْرِيمُ فِيهِ أَغْلَظُ، وَقِيلَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ الْجَنَّةَ فِيهِ عَلَى إبْلِيسَ (وَرَجَبٍ) لِعِظَمِ حُرْمَتِهَا وَلَا يَتَحَقَّقُ بِهَا شَهْرُ رَمَضَانَ، وَإِنْ كَانَ سَيِّدَ الشُّهُورِ؛ لِأَنَّ الْمُتَّبَعَ فِي ذَلِكَ التَّوْقِيفُ، قَالَ تَعَالَى {فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة: 36] وَالظُّلْمُ فِي غَيْرِهِنَّ مُحَرَّمٌ أَيْضًا. وَقَالَ {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} [البقرة: 217] وَلَا يُشْكِلُ ذَلِكَ بِنَسْخِ حُرْمَةِ الْقِتَالِ فِيهَا؛ لِأَنَّ أَثَرَ الْحُرْمَةِ بَاقٍ كَمَا أَنَّ دِينَ الْيَهُودِ نُسِخَ وَبَقِيَتْ حُرْمَتُهُ وَلَا بِالْحَرَمِ الْإِحْرَامُ؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ عَارِضَةٌ غَيْرُ دَائِمَةٍ سَوَاءٌ أَكَانَا مُحْرِمَيْنِ أَمْ أَحَدُهُمَا، وَلَا بِحَرَمِ مَكَّةَ حَرَمُ الْمَدِينَةِ بِنَاءً عَلَى مَنْعِ الْجَزَاءِ بِقَتْلِ صَيْدِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي عَدِّهَا هُوَ الصَّوَابُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ: إنَّ الْأَخْبَارَ تَظَافَرَتْ بَعْدَهَا كَذَلِكَ فَلَوْ نَذَرَ صَوْمَهَا بَدَأَ بِالْقَعْدَةِ (أَوْ) قَتَلَ (مَحْرَمًا ذَا رَحِمٍ) كَأُمٍّ وَأُخْتٍ (فَمُثَلَّثَةٌ) لِعِظَمِ حُرْمَةِ الرَّحِمِ لِمَا وَرَدَ فِيهِ، وَخَرَجَ بِذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمُ بِرَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ، وَبِالْمَحْرَمِ ذُو الرَّحِمِ غَيْرُ الْمَحْرَمِ كَبِنْتِ الْعَمِّ وَابْنِ الْعَمِّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنَّمَا يُغَلَّظُ بِالْخَطَأِ فِي الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ فَقَطْ، وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْمَحْرَمِيَّةُ مِنْ الرَّحِمِ لِيَخْرُجَ نَحْوُ ابْنِ عَمٍّ هُوَ أَخٌ مِنْ الرَّضَاعِ وَبِنْتِ عَمٍّ هِيَ أُمُّ زَوْجَتِهِ فَإِنَّهُ مَعَ كَوْنِهِ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ لَا تَغْلِيظَ فِيهِ؛ إذْ الْمَحْرَمِيَّةُ لَيْسَتْ مِنْ الرَّحِمِ كَمَا فُهِمَ ذَلِكَ مِنْ سِيَاقِهِ، وَالتَّغْلِيظُ وَالتَّخْفِيفُ يَأْتِي فِي الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالذِّمِّيِّ وَالْمَجُوسِيِّ، وَالْجِرَاحَاتُ بِحِسَابِهَا وَالْأَطْرَافُ وَالْمَعَانِي بِخِلَافِ نَفْسِ الْقِنِّ (وَالْخَطَأُ وَإِنْ تَثَلَّثَ) لِأَحَدِ هَذِهِ الْأَسْبَابِ أَيْ دِيَتُهُ (فَعَلَى الْعَاقِلَةِ) أَتَى بِالْفَاءِ رِعَايَةً لِمَا فِي الْمُبْتَدَإِ مِنْ الْعُمُومِ الْمُشَابِهِ لِلشَّرْطِ (مُؤَجَّلَةً) لِمَا يَأْتِي فَغُلِّظَتْ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ وَخُفِّفَتْ مِنْ وَجْهَيْنِ كَدِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ (وَالْعَمْدُ) أَيْ دِيَتُهُ (عَلَى الْجَانِي مُعَجَّلَةً) ؛ لِأَنَّهَا قِيَاسُ بَدَلِ الْمُتْلَفَاتِ (وَشِبْهُ الْعَمْدِ) أَيْ دِيَتُهُ (مُثَلَّثَةً عَلَى الْعَاقِلَةِ مُؤَجَّلَةً) لِمَا يَأْتِي فَهُوَ لِأَخْذِهِ شَبَهًا مِنْ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ مُلْحَقٌ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ وَجْهٍ، وَيَجُوزُ فِي مُعَجَّلَةٍ وَمُؤَجَّلَةٍ الرَّفْعُ خَبَرًا أَوْ النَّصْبُ حَالًا (وَلَا يُقْبَلُ) فِي إبِلِ الدِّيَةِ (مَعِيبٌ) بِمَا يُثْبِتُ الرَّدَّ فِي الْبَيْعِ وَإِنْ كَانَتْ إبِلُ الْجَانِي مَعِيبَةً (وَ) مِنْهُ (مَرِيضٌ) فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ وَإِنْ كَانَتْ إبِلُ الْجَانِي كُلُّهَا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ أَطْلَقَهَا فَاقْتَضَتْ السَّلَامَةَ، وَلِتَعَلُّقِهَا بِالذِّمَّةِ وَلِكَوْنِهَا مَحْضَ حَقِّ آدَمِيٍّ مَبْنَاهُ عَلَى الْمُضَايَقَةِ فَارَقَتْ مَا مَرَّ فِي الزَّكَاةِ (إلَّا بِرِضَاهُ) أَيْ الْمُسْتَحِقِّ الْأَهْلِ لِلتَّبَرُّعِ إذْ الْحَقُّ لَهُ (وَيَثْبُتُ حَمْلُ الْخَلِفَةِ) عِنْدَ إنْكَارِ الْمُسْتَحِقِّ لَهُ (بِأَهْلِ خِبْرَةٍ) أَيْ عَدْلَيْنِ مِنْهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْجَزْمُ بِهِ فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي صَيْدِ الْحَرَمِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُهَا) لَعَلَّهُ أَفْضَلُ مِنْ حَيْثُ الْمَجْمُوعُ فَلَا يُنَافِي أَنَّ عَرَفَةَ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَبَقِيَتْ حُرْمَتُهُ) أَيْ حَيْثُ أُقِرَّ أَهْلُهُ بِالْجِزْيَةِ لِكَوْنِهِمْ أَهْلَ كِتَابٍ وَحَلَّتْ مُنَاكَحَتُهُمْ وَذَبِيحَتُهُمْ بِالشُّرُوطِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى مَنْعِ الْجَزَاءِ) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ ثَمَّ (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي عَدِّهَا) أَيْ مِنْ أَنَّهَا مِنْ سَنَتَيْنِ، وَأَنَّ أَوَّلَهَا الْقَعْدَةُ (قَوْلُهُ: تَظَافَرَتْ) أَيْ تَتَابَعَتْ (قَوْلُهُ: فَلَوْ نَذَرَ صَوْمَهَا بَدَأَ بِالْقَعْدَةِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ: أَبْتَدِئُ بِأَوَّلِهَا، لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ الزِّيَادِيِّ مَا نَصُّهُ: فَلَوْ نَذَرَ صَوْمَهَا بِأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ أَبْتَدِئُ بِالْأَوَّلِ مِنْهَا بَدَأَ بِالْقَعْدَةِ، أَمَّا لَوْ أَطْلَقَ فَقَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ يَبْدَأُ بِمَا يَلِي نَذْرَهُ هَكَذَا حَرَّرَ فِي الدَّرْسِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى مَا لَوْ وَقَعَ نَذْرُهُ قَبْلَهَا فَيُوَافِقُ مَا قَالَهُ الزِّيَادِيُّ (قَوْلُهُ: لِمَا وَرَدَ فِيهِ) ع فِي الْحَدِيثِ «أَنَا الرَّحْمَنُ وَهَذِهِ الرَّحِمُ شَقَقْت لَهَا اسْمًا مِنْ اسْمِي، فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْته وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعْته» اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَالذِّمِّيِّ) أَيْ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ لِمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَفْسِ الْقِنِّ) لَيْسَ بِقَيْدٍ فَمِثْلُ نَفْسِهِ غَيْرُهَا (قَوْلُهُ: أَيْ عَدْلَيْنِ مِنْهُمْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَبَقِيَتْ حُرْمَتُهُ) ، فَأَقَرَّ أَهْلُهُ بِالْجِزْيَةِ وَحَلَّتْ مُنَاكَحَتُهُمْ وَذَبِيحَتُهُمْ (قَوْلُهُ: وَلَا بِالْحَرَمِ الْإِحْرَامُ) أَيْ لَا يَلْحَقُ (قَوْلُهُ: بَدَأَ بِالْأَوَّلِ) أَيْ فِيمَا إذَا نَذَر الْبُدَاءَةَ بِالْأَوَّلِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الزِّيَادِيِّ بَحْثًا (قَوْلُهُ: كَأُمٍّ وَأُخْتٍ) كَانَ يَنْبَغِي كَأَبٍ وَأَخٍ، إذْ الْكَلَامُ هُنَا فِي دِيَةِ الْكَامِلِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ كَالْمَرْأَةِ فَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَالْجِرَاحَاتُ بِحِسَابِهَا) أَيْ الَّتِي لَهَا مُقَدَّرٌ كَمَا عُلِمَ مِمَّا

إلْحَاقًا لَهُ بِالتَّقْوِيمِ، فَإِنْ أَخَذَهَا الْمُسْتَحِقُّ بِقَوْلِهِمَا أَوْ تَصْدِيقِهِ وَمَاتَتْ عِنْدَهُ وَتَنَازَعَا شُقَّ جَوْفُهَا، فَإِنْ بَانَ أَنْ لَا حَمْلَ غَرِمَهَا وَأَخَذَ بَدَلَهَا خَلِفَةً، فَإِنْ ادَّعَى الدَّافِعُ إسْقَاطَ الْحَمْلِ، وَأَمْكَنَ صُدِّقَ إنْ أُخِذَتْ بِعَدْلَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَوْ أَمْكَنَ وَأَخَذَهَا الْمُسْتَحِقُّ بِقَوْلِ الدَّافِعِ مَعَ تَصْدِيقِهِ لَهُ صُدِّقَ الْمُسْتَحِقُّ بِلَا يَمِينٍ فِي الْأُولَى وَبِهِ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ (وَالْأَصَحُّ إجْزَاؤُهَا قَبْلَ خَمْسِ سِنِينَ) لِصِدْقِ الِاسْمِ عَلَيْهَا وَإِنْ نَدَرَ فَيُجْبَرُ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى قَبُولِهَا، وَالثَّانِي اعْتَبَرَ الْغَالِبَ، وَفِي الرَّوْضَةِ حِكَايَةُ الْخِلَافِ قَوْلَيْنِ (وَمَنْ) (لَزِمَتْهُ) الدِّيَةُ مِنْ الْعَاقِلَةِ أَوْ الْجَانِي (وَلَهُ إبِلٌ فَمِنْهَا) تُؤْخَذُ: أَيْ مِنْ نَوْعِهَا إنْ اتَّحَدَ وَإِلَّا فَالْأَغْلَبُ فَلَا يَجِبُ عَيْنُهَا لَا مِنْ غَالِبِ إبِلِ مَحَلِّهِ (وَقِيلَ) يَتَعَيَّنُ (مِنْ غَالِبِ إبِلِ بَلَدِهِ) أَوْ قَبِيلَتِهِ إذَا كَانَتْ إبِلُهُ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا بَدَلُ مُتْلَفٍ، لَكِنَّ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا تَخْيِيرُهُ بَيْنَ إبِلِهِ: أَيْ إنْ كَانَتْ سَلِيمَةً، وَغَالِبِ إبِلِ مَحَلِّهِ فَلَهُ الْإِخْرَاجُ مِنْهُ وَإِنْ خَالَفَ نَوْعَ إبِلِهِ وَكَانَتْ إبِلُهُ أَعْلَى مِنْ غَالِبِ إبِلِ الْبَلَدِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيُجْبَرُ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى قَبُولِهِ، فَإِنْ كَانَتْ إبِلُهُ مَعِيبَةً تَعَيَّنَ الْغَالِبُ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَتَعَيَّنُ نَوْعُ إبِلِهِ سَلِيمًا كَمَا قَطَعَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إبِلٌ (فَغَالِبِ) بِالْجَرِّ إبِلِ (بَلْدَةٍ) بَلَدِيٍّ (أَوْ قَبِيلَةِ بَدَوِيٍّ) ؛ لِأَنَّهَا بَدَلُ مُتْلَفٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وُجُوبُهَا مِنْ الْغَالِبِ، وَإِنْ لَزِمَتْ بَيْتَ الْمَالِ الَّذِي لَا إبِلَ فِيهِ فِيمَنْ لَا عَاقِلَةَ لَهُ سِوَاهُ، وَعَلَيْهِ فَيَلْزَمُ الْإِمَامَ دَفْعُهَا مِنْ غَالِبِ إبِلِ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ مَحَلٍّ مَخْصُوصٍ؛ لِأَنَّ الَّذِي لَزِمَهُ ذَلِكَ هُوَ جِهَةُ الْإِسْلَامِ الَّتِي لَا تَخْتَصُّ بِمَحَلٍّ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ رَدُّ بَحْثِ الْبُلْقِينِيِّ فِي تَعَيُّنِ الْقِيمَةِ حِينَئِذٍ قَالَ لِتَعَذُّرِ الْأَغْلَبِ حِينَئِذٍ؛ إذْ اعْتِبَارُ بَلَدٍ بِعَيْنِهِ تَحَكُّمٌ، وَوَجْهُ الرِّدَّةِ عَدَمُ التَّعَذُّرِ وَلَا تَحَكُّمَ فِي ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَغْلِبْ فِي مَحَلِّهِ نَوْعٌ تَخَيَّرَ فِي دَفْعِ مَا شَاءَ مِنْهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ أَوْ الْقَبِيلَةِ إبِلٌ بِصِفَةِ الْإِجْزَاءِ (فَأَقْرَبِ) بِالْجَرِّ (بِلَادٍ) أَوْ قَبَائِلَ إلَى مَحَلِّ الْمُؤَدِّي، وَيَلْزَمُهُ النَّقْلُ إنْ قَرُبَتْ الْمَسَافَةُ وَسَهُلَ نَقْلُهَا، فَإِنْ بَعُدَتْ وَعَظُمَتْ الْمُؤْنَةُ فِي نَقْلِهَا فَالْقِيمَةُ، فَإِنْ اسْتَوَى بَلَدَانِ فِي الْقُرْبِ وَاخْتَلَفَ الْغَالِبُ مِنْهُمَا تَخَيَّرَ، وَضَبَطَهُ الْإِمَامُ بِأَنْ تَزِيدَ مُؤْنَةُ إحْضَارِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ إنْ وُجِدُوا بِأَنْ اتَّفَقَ الِاجْتِمَاعُ بِهِمْ وَسُؤَالُهُمْ وَالْجَوَابُ مِنْهُمْ وَإِلَّا وُقِفَ الْأَمْرُ حَتَّى يُوجَدُوا أَوْ يَتَرَاضَى الْخَصْمَانِ عَلَى شَيْءٍ (قَوْلُهُ: غَرِمَهَا) أَيْ قِيمَتَهَا (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ) أَيْ حَيْثُ قَالُوا: وَمَنْ لَزِمَتْهُ وَلَهُ إبِلٌ فَمِنْهَا إلَخْ، وَوَجْهُهُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّ الَّذِي لَزِمَهُ ذَلِكَ هُوَ جِهَةُ الْإِسْلَامِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفَ الْغَالِبُ مِنْهُمَا تَخَيَّرَ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ مَا ذُكِرَ: تَنْبِيهٌ: لَا فَرْقَ فِيمَا ذُكِرَ بَيْنَ الْجَانِي وَالْعَاقِلَةِ، وَلَا يُشْكِلُ بِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَدَّمْنَاهُ عَنْ سم (قَوْلُهُ: وَأَمْكَنَ) أَيْ الْإِسْقَاطُ بِأَنْ مَضَتْ مُدَّةٌ يُمْكِنُ إسْقَاطُهَا فِيهَا كَمَا فِي التُّحْفَةِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْإِسْقَاطَ يُمْكِنُ فِي أَقَلِّ زَمَنٍ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ غَابَ بِهَا عَنْ الْجَانِي وَالشُّهُودِ، بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَمَرُّوا مُتَلَازِمِينَ ثُمَّ ادَّعَى ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ إبِلُهُ مَعِيبَةً) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ وَمَنْ لَزِمَتْهُ وَلَهُ إبِلٌ فَمِنْهَا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ سِيَاقُهُ، فَإِنْ كَانَ كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَتْنِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِ الشَّارِحِ، فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يُقَيِّدَ الْمَتْنَ بِالسَّلِيمَةِ كَمَا قَيَّدَ كَلَامَ الرَّوْضَةِ لِيَتَأَتَّى لَهُ مُقَابَلَتُهُ بِكَلَامِ الزَّرْكَشِيّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الزَّرْكَشِيَّ يَقُولُ: إنَّهُ مَتَى كَانَتْ لَهُ إبِلٌ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ نَوْعُهَا، وَإِنْ كَانَتْ فِي نَفْسِهَا مَعِيبَةً، وَلَا خَفَاءَ فِي ظُهُورِ وَجْهِهِ لِأَنَّهُ حَيْثُ كَانَ الْمَنْظُورُ إلَيْهِ النَّوْعُ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ إبِلِهِ سَلِيمَةً أَوْ مَعِيبَةً، إذْ لَيْسَ الْوَاجِبُ مِنْ عَيْنِهَا حَتَّى يَفْتَرِقَ الْحَالُ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَنْبَغِي الْقَوْلُ بِنَظِيرِهِ فِيمَا إذَا قُلْنَا بِمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ التَّخْيِيرِ، فَمَتَى كَانَ لَهُ إبِلٌ تَخَيَّرَ بَيْنَ نَوْعِهَا وَبَيْنَ الْغَالِبِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ إبِلُهُ سَلِيمَةً أَوْ مَعِيبَةً فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَعُدَتْ وَعَظُمَتْ الْمُؤْنَةُ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَيْنِ مُحْتَرَزَانِ لِقَوْلِهِ إنْ قَرُبَتْ الْمَسَافَةُ وَسَهُلَ النَّقْلُ فَالْأَوَّلُ مُحْتَرَزُ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي مُحْتَرَزُ الثَّانِي، فَالْمُنَاسِبُ عَطْفُ عَظُمَتْ بِأَوْ لَا بِالْوَاوِ فَلَعَلَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ، أَوْ أَنَّ الْأَلِفَ سَقَطَتْ مِنْ الْكَتَبَةِ (قَوْلُهُ: وَضَبَطَهُ الْإِمَامُ إلَخْ.) إنْ كَانَ الضَّمِيرُ لِلْقُرْبِ لِأَقْرَبِ مَذْكُورٍ،

عَلَى قِيمَتِهَا فِي مَوْضِعِ الْعِزَّةِ، وَنَقَلَاهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بَعْدَ نَقْلِهِمَا عَنْ إشَارَةِ بَعْضِهِمْ الضَّبْطَ بِدُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَإِجْرَاؤُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ مُتَعَذِّرٌ فَتَعَيَّنَ إدْخَالُ الْبَاءِ عَلَى مُؤْنَةٍ لِيَسْتَقِيمَ الْمَعْنَى، وَلَوْ اخْتَلَفَ مَحَالُّ الْعَاقِلَةِ أُخِذَ وَاجِبُ كُلٍّ مِنْ غَالِبِ مَحَلِّهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَنْقِيصٌ؛ لِأَنَّهَا هَكَذَا وَجَبَتْ، وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ قُبَيْلَ فَصْلِ الشِّجَاجِ فِيمَنْ لَزِمَهُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ عَدَمُ تَعَيُّنِ الْإِبِلِ، بَلْ إنْ كَانَ الْأَقَلُّ الْأَرْشَ أَوْ الْقِيمَةَ بِالنَّقْدِ تَخَيَّرَ الدَّافِعُ بَيْنَ النَّقْدِ وَالْإِبِلِ (وَلَا يَعْدِلُ) عَمَّا وَجَبَ مِنْ الْإِبِلِ (إلَى نَوْعٍ) وَلَوْ أَعْلَى (وَ) لَا إلَى (قِيمَةٍ إلَّا بِتَرَاضٍ) مِنْ الدَّافِعِ وَالْمُسْتَحِقِّ كَسَائِرِ أَبْدَالِ الْمُتْلَفَاتِ، وَقَوْلُهُمْ: لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْ إبِلِ الدِّيَةِ مَحَلُّهُ إنْ جَهِلَ وَاحِدٌ مِمَّا ذُكِرَ كَمَا أَفَادَهُ تَعْلِيلُهُمْ لَهُ لِجَهَالَةِ وَصْفِهَا، وَكَلَامُهُمْ فِي غَيْرِهِ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ (وَلَوْ) (عُدِمَتْ) الْإِبِلُ مِنْ الْمَحَلِّ الَّذِي يَجِبُ تَحْصِيلُهَا مِنْهُ حِسًّا أَوْ شَرْعًا بِأَنْ وُجِدَتْ فِيهِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهَا (فَالْقَدِيمُ) الْوَاجِبُ فِي النَّفْسِ الْكَامِلَةِ (أَلْفُ دِينَارٍ) أَيْ مِثْقَالٍ ذَهَبًا (أَوْ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ) فِضَّةً لِخَبَرٍ فِيهِ صَحِيحٍ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى تَعَيُّنِ الذَّهَبِ عَلَى أَهْلِهِ وَالْفِضَّةِ عَلَى أَهْلِهَا، وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَلَا تَغْلِيظَ هُنَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْقَدِيمَ إنَّمَا يَقُولُ ذَلِكَ عِنْدَ الْفَقْدِ وَهُوَ كَذَلِكَ (وَالْجَدِيدُ قِيمَتُهَا) أَيْ الْإِبِلِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ يَوْمَ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ لِخَبَرٍ فِيهِ أَيْضًا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَلِأَنَّهَا بَدَلُ مُتْلَفٍ فَتَعَيَّنَتْ قِيمَتُهَا عِنْدَ إعْوَازِهَا (بِنَقْدِ بَلَدِهِ) أَيْ بِغَالِبِ نَقْدِ مَحَلِّ الْفَقْدِ الْوَاجِبِ تَحْصِيلُهَا مِنْهُ لَوْ كَانَ بِهِ إبِلٌ بِصِفَاتِ الْوَاجِبِ مِنْ التَّغْلِيظِ وَغَيْرِهِ يَوْمَ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ، فَإِنْ غَلَبَ نَقْدَانِ تَخَيَّرَ الدَّافِعُ، فَلَوْ أَرَادَ الْمُسْتَحِقُّ الصَّبْرَ إلَى وُجُودِهَا أُجِيبَ (وَإِنْ وُجِدَ بَعْضٌ) مِنْ الْوَاجِبِ (أُخِذَ) الْمَوْجُودُ (وَقِيمَةُ الْبَاقِي) مِنْ الْغَالِبِ كَمَا تَقَرَّرَ (وَالْمَرْأَةُ) الْحُرَّةُ (وَالْخُنْثَى) الْمُشْكِلُ (كَنِصْفِ رَجُلٍ نَفْسًا وَجُرْحًا) وَأَطْرَافًا إجْمَاعًا فِي نَفْسِ الْمَرْأَةِ وَقِيَاسًا فِي غَيْرِهَا وَلِأَنَّ أَحْكَامَ الْخُنْثَى مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْيَقِينِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ أَطْرَافِهِ الْحَلَمَةُ فَإِنَّ فِيهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSيَأْتِي فِي بَابِهَا حَيْثُ قَالَ: عَلَى غَنِيٍّ نِصْفُ دِينَارٍ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَاكَ الْمِقْدَارُ الْوَاجِبُ مِنْ قِيمَةِ الْإِبِلِ لَا الذَّهَبِ عَيْنًا كَمَا أَوْضَحَهُ الرَّافِعِيُّ هُنَاكَ اهـ (قَوْلُهُ: فَتَعَيَّنَ إدْخَالُ الْبَاءِ عَلَى مُؤْنَةٍ) بِأَنْ يَقُولَ بِأَنْ تَزِيدَ بِمُؤْنَتِهَا، وَإِنَّمَا كَانَ إجْرَاؤُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ مُتَعَذِّرًا لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ تَزِدْ مُؤْنَتُهَا كُلِّفَ إحْضَارَهَا، وَإِنْ زَادَ مَجْمُوعُ الْمُؤْنَةِ وَمَا يَدْفَعُهُ فِي ثَمَنِهَا فِي مَحَلِّ الْإِحْضَارِ عَلَى قِيمَتِهَا بِمَوْضِعِ الْعِزَّةِ (قَوْلُهُ: بِالنَّقْدِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: إنْ جُهِلَ وَاحِدٌ مِمَّا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ النَّوْعِ وَالْقِيمَةِ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ بِأَنْ يُقَالَ الَّذِي يُدْفَعُ مِنْ هَذِهِ: أَيْ يَجِبُ دَفْعُهُ قِيمَتُهُ كَذَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ عُدِمَتْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ، وَفِي الْمِصْبَاحِ أَعْدَمْته فَعُدِمَ مِثْلُ أَفْقَدْته فَفُقِدَ بِبِنَاءِ الرُّبَاعِيِّ لِلْفَاعِلِ وَالثُّلَاثِيِّ لِلْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ إعْوَازِهَا) أَيْ فَقْدِهَا (قَوْلُهُ: وَالْمَرْأَةُ الْحُرَّةُ) ع: قَالَ ابْنُ خَيْرَانَ: لَا يُسَوَّى بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي الْغُرْمِ إلَّا فِي ضَمَانِ الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسًا فِي غَيْرِهَا) أَيْ النَّفْسِ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ أَطْرَافِهِ) أَيْ الْخُنْثَى (قَوْلُهُ: فَإِنَّ فِيهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQفَالصَّوَابُ إثْبَاتُ لَفْظِ لَا قَبْلَ تَزِيدُ، وَإِنْ كَانَ الضَّمِيرُ لِلْبُعْدِ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ فَالصَّوَابُ حَذْفُ لَفْظِ دُونَ فِي قَوْلِهِ الْآتِي بِدُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: مِنْ غَالِبِ مَحَلِّهِ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إبِلٌ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ قُبَيْلَ فَصْلِ الشِّجَاجِ إلَخْ.) غَرَضُهُ بِهَذَا تَقْيِيدُ الْمَتْنِ، وَأَنَّ مَحَلَّ تَعَيُّنِ الْإِبِلِ فِيمَنْ لَمْ يَلْزَمْهُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ، لَكِنَّ قَوْلَهُ بَلْ إنْ كَانَ الْأَقَلُّ الْأَرْشَ إلَخْ. فِيهِ خَلَلٌ فِي النُّسَخِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: بَلْ إنْ كَانَ الْأَقَلُّ الْقِيمَةَ فَالنَّقْدُ أَوْ الْأَرْشُ تَخَيَّرَ الدَّافِعُ بَيْنَ النَّقْدِ وَالْإِبِلِ (قَوْلُهُ: كَسَائِرِ أَبْدَالِ الْمُتْلَفَاتِ) فِي التُّحْفَةِ عَقِبَ هَذَا مَا لَفْظُهُ: وَمَحَلُّهُ إنْ عَلِمَا قَدْرَ الْوَاجِبِ وَصِفَتَهُ وَسِنَّهُ وَقَوْلُهُمْ لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ إلَخْ، فَلَعَلَّ قَوْلَهُ وَمَحَلُّهُ إلَى سِنِّهِ سَقَطَ مِنْ النُّسَّاخِ فِي الشَّارِحِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ أَطْرَافِهِ) هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ إنَّمَا هُوَ مِمَّا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَالْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى مِنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا

أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ دِيَةِ الْمَرْأَةِ وَالْحُكُومَةِ، وَكَذَا مَذَاكِيرُهُ وَشُفْرَاهُ (وَيَهُودِيٌّ وَنَصْرَانِيٌّ) لَهُ أَمَانٌ وَتَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ (ثُلُثُ) دِيَةِ (مُسْلِمٍ) نَفْسًا وَغَيْرَهَا لِقَضَاءِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بِهِ وَلَمْ يُنْكَرْ مَعَ انْتِشَارِهِ فَكَانَ إجْمَاعًا، أَمَّا مَنْ لَا أَمَانَ لَهُ فَمُهْدَرٌ، وَأَمَّا مَنْ لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ فَدِيَتُهُ كَدِيَةِ مَجُوسِيٍّ (وَمَجُوسِيٌّ) لَهُ أَمَانٌ (ثُلُثَا عُشْرِ) أَوْ ثُلُثُ خُمُسِ وَهُوَ أَنْسَبُ فِي اصْطِلَاحِ أَهْلِ الْحِسَابِ لِإِيثَارِهِمْ الْأَخْصَرَ لَا الْفُقَهَاءِ فَلَا اعْتِرَاضَ دِيَةِ (مُسْلِمٍ) وَهِيَ سِتَّةُ أَبْعِرَةٍ وَثُلُثَانِ لِقَضَاءِ عُمَرَ بِهِ، وَلِأَنَّ لِلذِّمِّيِّ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَجُوسِيِّ خَمْسَ فَضَائِلَ: كِتَابٌ وَدِينٌ كَانَ حَقًّا وَحِلُّ ذَبِيحَتِهِ وَمُنَاكَحَتِهِ وَتَقْرِيرُهُ بِالْجِزْيَةِ وَلَيْسَ لِلْمَجُوسِيِّ مِنْهَا سِوَى الْأَخِيرِ فَكَانَ فِيهِ خُمُسُ دِيَتِهِ وَهُوَ أَخَسُّ الدِّيَاتِ (وَكَذَا وَثَنِيٌّ) أَيْ عَابِدُ وَثَنٍ وَهُوَ الصَّنَمُ مِنْ حَجَرٍ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ مِنْ غَيْرِهِ فَقَطْ، وَكَذَا عَابِدُ نَحْوِ شَمْسٍ وَزِنْدِيقٌ وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ (لَهُ أَمَانٌ) مِنَّا لِنَحْوِ دُخُولِهِ رَسُولًا كَالْمَجُوسِيِّ وَدِيَةُ نِسَاءِ كُلٍّ وَخَنَاثَاهُمْ عَلَى النِّصْفِ مِنْ رِجَالِهِمْ وَيُرَاعَى هُنَا التَّغْلِيظُ وَضِدُّهُ كَمَا مَرَّ وَمَنْ تَوَلَّدَ بَيْنَ كِتَابِيٍّ وَغَيْرِهِ مُلْحَقٌ بِالْكِتَابِيِّ أُمًّا كَانَ أَمْ أَبًا، وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ فِي الْخُنْثَى مِنْ إلْحَاقِهِ بِالْأُنْثَى؛ إذْ هُوَ الْمُتَيَقَّنُ؛ لِأَنَّهُ لَا مُوجِبَ فِيهِ يَقِينًا بِوَجْهٍ يُلْحِقُهُ بِالرَّجُلِ، وَهُنَا فِيهِ مُوجِبٌ يَقِينًا يُلْحِقُهُ بِالْأَشْرَفِ، وَلَا نَظَرَ لِمَا فِيهِ مِمَّا يُلْحِقُهُ بِالْأَخَسِّ لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَقْوَى بِكَوْنِ الْوَلَدِ يَلْحَقُ أَشْرَفَ أَبَوَيْهِ غَالِبًا (وَالْمَذْهَبُ أَنَّ) (مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ الْإِسْلَامِ) أَيْ دَعْوَةُ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَتَلَ (إنْ تَمَسَّكَ بِدِينٍ لَمْ يُبَدَّلْ) يَعْنِي تَمَسَّكَ بِمَا لَمْ يُبَدَّلْ مِنْ ذَلِكَ الدِّينِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فِي الْوَاحِدَةِ نِصْفُ دِيَةِ الْمَرْأَةِ وَفِيهِمَا دِيَةٌ كَامِلَةٌ (قَوْلُهُ: مِنْ دِيَةِ الْمَرْأَةِ وَالْحُكُومَةِ) أَيْ فَإِنْ كَانَتْ دِيَةُ الْمَرْأَةِ أَقَلَّ مِنْ الْحُكُومَةِ وَجَبَتْ، وَإِنْ كَانَتْ الْحُكُومَةُ أَقَلَّ وَجَبَتْ، وَيُتَأَمَّلُ كَوْنُ الدِّيَةِ أَقَلَّ مِنْ الْحُكُومَةِ (قَوْلُهُ: وَيَهُودِيٌّ) أَيْ وَدِيَةُ يَهُودِيٍّ إلَخْ: أَيْ وَفِي قَتْلِ يَهُودِيٍّ، لَكِنْ عَلَى الْأَوَّلِ يَجُوزُ الرَّفْعُ وَهُوَ أَكْثَرُ لِإِقَامَةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ مَقَامَ الْمُضَافِ وَالْجَرُّ بِبَقَائِهِ عَلَى حَالَتِهِ قَبْلَ الْحَذْفِ، وَعَلَى الثَّانِي فِيهِ الْجَرُّ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَتَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ) ع: هَذَا يُفِيدُك أَنَّ غَالِبَ أَهْلِ الذِّمَّةِ الْآنَ إنَّمَا يُضْمَنُونَ بِدِيَةِ الْمَجُوسِيِّ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْمُنَاكَحَةِ فِي غَيْرِ الْإِسْرَائِيلِيِّ لَا يَكَادُ يُوجَدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُ سم: لِأَنَّ شَرْطَ الْمُنَاكَحَةِ إلَخْ: أَيْ وَهُوَ أَنْ يَعْلَمَ دُخُولَ أَوَّلِ آبَائِهِ فِي ذَلِكَ الدِّينِ قَبْلَ النَّسْخِ وَالتَّحْرِيفِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ تَوَلَّدَ بَيْنَ كِتَابِيٍّ وَغَيْرِهِ) أَيْ مِمَّنْ تَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ، وَبَقِيَ مَا لَوْ تَوَلَّدَ بَيْنَ آدَمِيٍّ وَغَيْرِهِ هَلْ تَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ تَبَعًا لِلْآدَمِيِّ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ إنَّهُ يُعْتَبَرُ بِالْأَشَدِّ فِي الدِّيَةِ وُجُوبُهَا لَكِنْ فِيهِ أَنَّهُ لَوْ وَطِئَ آدَمِيٌّ بَهِيمَةً فَحَمَلَتْ مِنْهُ فَوَلَدُهَا لِمَالِكِهَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ هَذَا إنَّمَا يُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى الرَّقِيقِ (قَوْلُهُ: مُوجِبٌ يَقِينًا) وَهُوَ وِلَادَةُ الْأَشْرَفِ قَالَهُ سم (قَوْلُهُ: تَمَسَّكَ بِمَا لَمْ يُبَدَّلْ إلَخْ) وَيَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنَّ الْمُرَادَ تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِ قَبْلَ تَبْدِيلِهِ كَمَا قِيلَ بِمِثْلِهِ فِي حِلِّ الْمُنَاكَحَةِ وَالذَّبِيحَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْأَحْكَامِ، وَإِلَّا فَاَلَّذِي فِي الْمَتْنِ إنَّمَا هُوَ أَنَّهُمَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ الرَّجُلِ، وَلَوْ كَانَ غَرَضُهُ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْهُ لَاسْتَثْنَى كُلًّا مِنْ حَلَمَةِ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى، إذْ حَلَمَةُ الرَّجُلِ لَيْسَ فِيهَا إلَّا الْحُكُومَةُ، وَكُلٌّ مِنْ حَلَمَتَيْ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَذَاكِيرُهُ وَشَفْرَاهُ) ظَاهِرُ التَّشْبِيهِ أَنَّ فِيهَا أَيْضًا أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ دِيَةِ الْمَرْأَةِ وَالْحُكُومَةِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، فَالتَّشْبِيهُ إنَّمَا هُوَ فِي مُطْلَقِ الِاسْتِثْنَاءِ لَا فِي الْحُكْمِ أَيْضًا كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: مِنْ دِيَةِ الْمَرْأَةِ وَالْحُكُومَةِ) أَيْ دِيَةِ حَلَمَتِهَا، وَتَوَقَّفَ الشَّيْخُ فِي حَاشِيَتِهِ فِي تَصَوُّرِ كَوْنِ الدِّيَةِ أَقَلَّ مِنْ الْحُكُومَةِ وَلَا تَوَقُّفَ فِيهِ، إذْ مَحَلُّ اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْحُكُومَةِ لَا تَبْلُغُ الدِّيَةَ إذَا كَانَتَا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا الدِّيَةُ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ امْرَأَةً وَالْحُكُومَةُ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ رَجُلًا، نَعَمْ يُشْتَرَطُ فِيهَا حِينَئِذٍ أَنْ لَا تَبْلُغَ دِيَةَ الرَّجُلِ: أَيْ دِيَةَ نَفْسِهِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ لِلذِّمِّيِّ)

[فصل في موجب ما دون النفس من جرح أو نحوه]

الْمُبَدَّلِ (فَدِيَةُ دِينِهِ) دِيَتُهُ، فَإِنْ كَانَ كِتَابِيًّا فَدِيَةُ كِتَابِيٍّ، أَوْ مَجُوسِيًّا فَدِيَةُ مَجُوسِيٍّ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ لَهُ بِذَلِكَ نَوْعُ عِصْمَةٍ فَأُلْحِقَ بِالْمُؤْمِنِ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ، فَإِنْ جَهِلَ قَدْرَ دِيَةِ أَهْلِ دِينِهِ بِأَنْ عَلِمْنَا عِصْمَتَهُ وَتَمَسُّكَهُ بِكِتَابٍ وَجَهِلْنَا عَيْنَ مَا تَمَسَّكَ بِهِ وَجَبَ فِيهِ أَخَسُّ الدِّيَاتِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ، وَقِيلَ: تَجِبُ دِيَةُ مُسْلِمٍ لِعُذْرِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ تَمَسَّكَ بِمَا بُدِّلَ مِنْ دِينٍ أَوْ لَمْ يَتَمَسَّكْ بِشَيْءٍ بِأَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ نَبِيٍّ أَصْلًا (فَكَمَجُوسِيٍّ) دِيَتُهُ وَمَنْ لَمْ يُعْلَمْ هَلْ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ أَوْ لَا فِي ضَمَانِهِ وَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ النَّاسَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ عَلَى أَصْلِ الْإِيمَانِ حَتَّى آمَنُوا بِالرُّسُلِ أَوْ الْكُفْرِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا، وَحِينَئِذٍ فَأَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الْأَشْبَهُ بِالْمَذْهَبِ عَدَمُ الضَّمَانِ إذْ لَا وُجُوبَ بِالِاحْتِمَالِ، وَلِأَنَّ مَنْ لَمْ يَتَمَسَّكْ بِدِينٍ مُهْدَرٌ، وَعَدَمُ بُلُوغِ الدَّعْوَةِ أَمْرٌ نَادِرٌ وَاحْتِمَالُ صِدْقِ مَنْ ادَّعَاهُ احْتِمَالٌ ضَعِيفٌ لَا نُوجِبُ الضَّمَانَ بِمِثْلِهِ. (فَصْلٌ) فِي مُوجَبِ مَا دُونَ النَّفْسِ مِنْ جُرْحٍ أَوْ نَحْوِهِ يَجِبُ (فِي مُوضِحَةِ الرَّأْسِ) وَمِنْهُ هُنَا دُونَ الْوُضُوءِ الْعَظْمُ الَّذِي خَلْفَ أَوَاخِرِ الْأُذُنِ مُتَّصِلًا بِهِ، وَمَا انْحَدَرَ عَنْ أَجْزَاءِ الرَّأْسِ إلَى الرَّقَبَةِ أَوْ الْوَجْهِ، وَمِنْهُ هُنَا لَا ثَمَّ أَيْضًا مَا تَحْتَ الْمُقَبَّلِ مِنْ اللَّحْيَيْنِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا هُنَا وَالْوُضُوءِ أَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى الْخَطَرِ أَوْ الشَّرَفِ، إذْ الرَّأْسُ وَالْوَجْهُ أَشْرَفُ مَا فِي الْبَدَنِ، وَمَا جَاوَرَ الْخَطَرَ أَوْ الشَّرِيفَ مِثْلُهُ، وَثَمَّ عَلَى مَا رَأَسَ وَعَلَا وَعَلَى مَا تَقَعُ بِهِ الْمُوَاجَهَةُ وَلَيْسَ مُجَاوِرُهُمَا كَذَلِكَ (لِحُرٍّ) أَيْ مِنْ حُرٍّ (مُسْلِمٍ) ذَكَرٍ مَعْصُومٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ) فِي مُوجَبِ مَا دُونَ النَّفْسِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِهِ) كَأَنْ وَسَّعَ مُوضِحَةَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ الرَّأْسِ (قَوْلُهُ: إلَى الرَّقَبَةِ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: وَالرَّقَبَةُ مُؤَخَّرُ أَصْلِ الْعُنُقِ وَجَمْعُهَا رَقَبٌ وَرَقَبَاتٌ وَرِقَابٌ (قَوْلُهُ: عَلَى الْخَطَرِ أَوْ الشَّرَفِ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ الْأَلِفِ لِأَنَّ مَا بَعْدَهُ تَفْسِيرٌ وَهُوَ لَا يَكُونُ بِأَوْ، وَإِنَّمَا يَكُونُ بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا رَأَسَ) يُقَالُ رَأَسَ فُلَانٌ الْقَوْمَ يَرْأَسُهُمْ بِالْفَتْحِ (قَوْلُهُ: لِحُرٍّ) أَيْ مِنْ حُرٍّ إلَخْ: أَيْ حَاجَةً إلَيْهِ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ مَعَ كَوْنِ اللَّامِ مُفِيدَةً لِلْمَعْنَى الْمُرَادِ بِدُونِ التَّفْسِيرِ بِمِنْ، فَإِنَّ التَّقْدِيرَ فِي مُوضِحَةِ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ حَالَةَ كَوْنِهِمَا لِحُرٍّ: أَيْ مَنْسُوبَيْنِ لَهُ، وَلَعَلَّ وَجْهَ التَّفْسِيرِ بِمَا ذَكَرَ أَنَّ (مِنْ) أَظْهَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلِأَنَّ لِلْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ لَهُ بِذَلِكَ نَوْعُ عِصْمَةٍ) أَيْ وَيُكْتَفَى بِذَلِكَ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَمَانٌ مِنَّا (قَوْلُهُ: وَتَمَسُّكُهُ بِكِتَابٍ) لَعَلَّ الْمُرَادَ مُطْلَقُ كِتَابٍ الشَّامِلِ لِمِثْلِ صُحُفِ إبْرَاهِيمَ وَزَبُورِ دَاوُد: أَيْ فَلَمْ نَعْلَمْ هَلْ تَمَسَّكَ بِالْكِتَابِ الَّذِي يَجْعَلُ دِيَتَهُ ثُلُثَ دِيَةِ الْمُسْلِمِ وَهُوَ خُصُوصُ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، أَوْ بِكِتَابِ غَيْرِهِمَا فَتَكُونُ دِيَتُهُ دِيَةَ الْمَجُوسِيِّ، وَإِلَّا فَمَتَى عَلِمَ تَمَسُّكَهُ بِأَحَدِ الْكِتَابَيْنِ فَهُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ، وَإِنْ جَهِلْنَا عَيْنَ الْكِتَابِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ نَبِيٍّ أَصْلًا) اُنْظُرْ وَجْهَ هَذَا الْحَصْرِ وَهَلَّا كَانَ مِثْلَهُ مَا إذَا بَلَغَتْهُ دَعْوَةُ نَبِيٍّ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَتَمَسَّكْ بِدِينِهِ. [فَصْلٌ فِي مُوجَبِ مَا دُونَ النَّفْسِ مِنْ جُرْحٍ أَوْ نَحْوِهِ] (فَصْلٌ) فِي مُوجَبِ مَا دُونَ النَّفْسِ (قَوْلُهُ: مِنْ جُرْحٍ أَوْ نَحْوِهِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: مِنْ الْجُرُوحِ وَالْأَعْضَاءِ وَالْمَعَانِي (قَوْلُهُ: عَلَى الْخَطَرِ) أَيْ الْخَوْفِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عَطْفُ الشَّرَفِ عَلَيْهِ بِأَوْ دُونَ الْوَاوِ وَكَلَامُ التُّحْفَةِ صَرِيحٌ فِيهِ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ حُرٍّ) يُحْتَمَلُ أَنَّ غَرَضَهُ مِنْ هَذَا تَفْسِيرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِحُرٍّ: أَيْ فَاللَّامُ بِمَعْنَى مِنْ، وَهُوَ الَّذِي فَهِمَهُ ابْنُ قَاسِمٍ

غَيْرِ جَنِينٍ (خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ) وَإِنْ صَغُرَتْ وَالْتَحَمَتْ إنْ لَمْ تُوجِبْ قَوَدًا أَوْ عُفِيَ عَنْهُ عَلَى الْأَرْشِ، وَفِي غَيْرِهِ بِحِسَابِهِ. وَضَابِطُهُ أَنَّ فِي مُوضِحَةِ كُلٍّ وَهَاشِمَتِهِ بِلَا إيضَاحٍ وَمُنَقِّلَتِهِ بِدُونِهِمَا نِصْفَ عُشْرِ دِيَتِهِ لِخَبَرِ «فِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَغَيْرُهَا يُعْلَمُ بِالْقِيَاسِ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا لَمْ تَسْقُطْ بِالِالْتِحَامِ لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ الْجُزْءِ الذَّاهِبِ وَالْأَلَمِ الْحَاصِلِ. أَمَّا مُوضِحَةُ غَيْرِ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ فَفِيهَا حُكُومَةٌ فَقَطْ (وَ) فِي (هَاشِمَةٍ مَعَ إيضَاحٍ) وَلَوْ بِسِرَايَةٍ أَوْ نَحْوِهَا كَأَنْ هَشَّمَ بِلَا إيضَاحٍ فَاحْتِيجَ لِإِخْرَاجِ الْعَظْمِ أَوْ تَقْوِيمِهِ (عَشَرَةٌ) رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ تَوْقِيفٍ (وَ) فِي هَاشِمَةٍ (دُونَهُ) أَيْ الْإِيضَاحِ (خَمْسَةٌ) ؛ لِأَنَّ لِلْمُوضِحَةِ مِنْ الْعَشَرَةِ خَمْسَةً فَتَعَيَّنَ الْبَاقِي لِلْهَاشِمَةِ، وَلَوْ وَصَلَّتْ هَاشِمَةُ الْوَجْنَةِ الْفَمَ أَوْ مُوضِحَةُ قَصَبَةِ الْأَنْفِ الْأَنْفَ لَزِمَتْهُ حُكُومَةٌ أَيْضًا (وَقِيلَ حُكُومَةٌ) ؛ لِأَنَّهُ كَسْرُ عَظْمٍ بِلَا إيضَاحٍ (وَ) فِي (مُنَقِّلَةٍ) مَسْبُوقَةٍ بِهِمَا (خَمْسَةَ عَشَرَ) إجْمَاعًا (وَ) فِي (مَأْمُومَةٍ ثُلُثُ الدِّيَةِ) لِخَبَرٍ صَحِيحٍ بِهِ، وَمِثْلُهَا الدَّامِغَةُ فَلَا يُزَادُ لَهَا حُكُومَةٌ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا فِي خَرْقِ الْأَمْعَاءِ فِي الْجَائِفَةِ بِأَنَّ ذَاكَ زِيَادَةٌ عَلَى مَا يَحْصُلُ بِهِ مُسَمَّى الْجَائِفَةِ فَوَجَبَ لَهَا مَا يُقَابِلُهَا، وَهُنَا لَا زِيَادَةَ عَلَى مُسَمَّى الدَّامِغَةِ حَتَّى لَا يَجِبَ لَهُ شَيْءٌ، وَلَا عِبْرَةَ بِزِيَادَتِهِ عَلَى مُسَمَّى الْمَأْمُومَةِ لِانْفِرَادِهَا مَعَ اسْتِلْزَامِهَا لَهَا بِاسْمٍ خَاصٍّ بِخِلَافِهَا ثَمَّ (وَلَوْ) (أَوْضَحَ) وَاحِدٌ (فَهَشَّمَ آخَرُ) فِي مَحَلِّ الْإِيضَاحِ وَلَوْ مُتَرَاخِيًا أَوْ عَكْسُهُ (وَنَقَّلَ ثَالِثٌ وَأَمَّ رَابِعٌ) وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ كَامِلٌ (فَعَلَى كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثِ خَمْسَةٌ) إنْ لَمْ تُوجِبْ الْمُوضِحَةُ قَوَدًا أَوْ عَفَا عَنْهُ عَلَى الْأَرْشِ (وَ) عَلَى (الرَّابِعِ تَمَامُ الثُّلُثِ) وَهُوَ عُشْرٌ وَنِصْفُهُ وَثُلُثُهُ، وَلَوْ دَمَغَ خَامِسٌ فَإِنْ ذَفَّفَ لَزِمَهُ دِيَةُ النَّفْسِ، إنْ قُلْنَا بِأَنَّهَا مُذَفِّفَةٌ وَهُوَ رَأْيٌ ضَعِيفٌ وَإِلَّا فَفِيهَا حُكُومَةٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ (وَالشِّجَاجُ قَبْلَ الْمُوضِحَةِ) السَّابِقِ تَفْصِيلُهَا (إنْ عُرِفَتْ نِسْبَتُهَا مِنْهَا) بِأَنْ تَكُونَ ثَمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي التَّبْعِيضِ الْمُرَادِ لِلْمُصَنِّفِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَفَادًا مِنْ اللَّامِ (قَوْلُهُ: غَيْرِ جَنِينٍ) أَيْ أَمَّا الْجَنِينُ فَإِنْ أَوْضَحَهُ الْجَانِي ثُمَّ انْفَصَلَ مَيِّتًا بِغَيْرِ الْإِيضَاحِ فَفِيهِ نِصْفُ عُشْرِ غُرَّةٍ، وَإِنْ انْفَصَلَ حَيًّا وَمَاتَ بِسَبَبٍ غَيْرِ الْجِنَايَةِ فَفِيهِ نِصْفُ عُشْرِ دِيَةٍ وَإِنْ انْفَصَلَ حَيًّا وَمَاتَ بِالْجِنَايَةِ فَفِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَلَا تُفْرَدُ الْمُوضِحَةُ بِأَرْشٍ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى النَّفْسِ (قَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْحُرِّ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: نِصْفَ عُشْرِ دِيَتِهِ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَسْقُطْ بِالِالْتِحَامِ) أَيْ الَّذِي غَيَّا بِهِ أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ هَشَّمَ) مِثَالٌ لِنَحْوِ السِّرَايَةِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا الدَّامِغَةُ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ وَقِيسَ بِهَا الدَّامِغَةُ: أَيْ فَفِيهَا الثُّلُثُ فَقَطْ، وَلَا يُزَادُ لَهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا) أَيْ الدَّامِغَةِ (قَوْلُهُ: حَتَّى لَا يَجِبَ لَهُ شَيْءٌ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ لَا كَمَا فِي حَجّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ عُشْرٌ) أَيْ عُشْرُ دِيَةٍ كَامِلَةٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ ذَفَّفَ لَزِمَهُ دِيَةُ النَّفْسِ) عِبَارَةُ حَجّ: وَإِلَّا وَجَبَتْ دِيَتُهَا أَخْمَاسًا عَلَيْهِمْ بِالسَّوِيَّةِ وَزَالَ النَّظَرُ لِتِلْكَ الْجِرَاحَاتِ وَالشِّجَاجِ إلَخْ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْهَا إنْ ذَفَّفَ: يَعْنِي بِأَنْ مَاتَ مِنْ الدَّامِغَةِ بِأَنْ انْدَمَلَ مَا قَبْلَهَا مِنْ جِرَاحَاتِ غَيْرِهِ فَعَلَيْهِ دِيَةٌ بِأَنْ لَمْ يُذَفِّفْ الْخَامِسُ وَمَاتَ مِنْ جُمْلَةِ الْجِنَايَاتِ وَجَبَتْ الدِّيَةُ أَخْمَاسًا؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ جُمْلَةَ الْجِنَايَاتِ قَاتِلَةٌ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ فَوَجَبَ أَرْشُهَا مُسْتَقِلًّا وَبَقِيَ أُرُوشُ مَا قَبْلَهَا عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ جِنَايَةِ الْخَمْسِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَفِيهَا حُكُومَةٌ) ـــــــــــــــــــــــــــــQوَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَا فِي حَوَاشِيهِ، وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّ غَرَضَهُ مِنْهُ إثْبَاتُ قَيْدٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الْمُوضِحَةَ إنَّمَا تُوجِبُ الْخَمْسَةَ الْأَبْعِرَةَ إذَا صَدَرَتْ مِنْ حُرٍّ، بِخِلَافِ مَا إذَا صَدَرَتْ مِنْ عَبْدٍ فَإِنَّهَا إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِالرَّقَبَةِ لَا غَيْرُ حَتَّى لَوْ لَمْ تَفِ بِالْخَمْسَةِ لَمْ يَكُنْ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ غَيْرُ مَا وَفَّتْ بِهِ، وَهَذَا نَظِيرُ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ كَالشِّهَابِ حَجّ فِي مُوجَبِ النَّفْسِ أَوَّلَ الْبَابِ (قَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِهِ) اُنْظُرْ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ، فَإِنْ كَانَ هُوَ مَا فِي الْمَتْنِ مِنْ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ لَمْ يَصِحَّ بِالنِّسْبَةِ لِلْحُرِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ مَرْجِعُهُ مَا فِي الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ لَمْ يَصِحَّ فِي الْحُرِّ وَلَا الْمَعْصُومِ وَلَا الْجَنِينِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: الْفَمَ) أَيْ دَاخِلَهُ (قَوْلُهُ: حَتَّى لَا يَجِبَ) كَذَا فِي النُّسَخِ، وَالْأَصْوَبُ حَذْفُ لَا كَمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: بِاسْمٍ خَاصٍّ) مُتَعَلِّقٌ بِانْفِرَادِهَا (قَوْلُهُ: إنْ قُلْنَا بِأَنَّهَا مُذَفِّفَةٌ) لَعَلَّ هَذَا سَقْطًا فِي النُّسَخِ، وَإِلَّا فَقَوْلُهُ:

مُوضِحَةٌ فَقِيَاسُ عُمْقِ الْبَاضِعَةِ مَثَلًا فَيُؤْخَذُ ثُلُثُ عُمْقِ الْمُوضِحَةِ (وَجَبَ قِسْطٌ مِنْ أَرْشِهَا) بِالنِّسْبَةِ كَثُلُثِهِ فِي هَذَا الْمِثَالِ، وَمَا شَكَّ فِيهِ يَعْمَلُ فِيهِ بِالْيَقِينِ، وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مَعَ ذَلِكَ الْحُكُومَةُ، وَيَجِبُ أَكْثَرُهُمَا، فَإِنْ اسْتَوَيَا تَخَيَّرَ، وَاعْتِبَارُ الْحُكُومَةِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فِيمَا لَا مُقَدَّرَ لَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تُعْرَفْ نِسْبَتُهَا مِنْهَا (فَحُكُومَةٌ لَا تَبْلُغُ أَرْشَ مُوضِحَةٍ كَجُرْحِ سَائِرِ الْبَدَنِ) وَلَوْ بِنَحْوِ إيضَاحٍ وَهَشْمٍ وَغَيْرِهِمَا فَفِيهِ حُكُومَةٌ فَقَطْ لِعَدَمِ وُرُودِ تَوْقِيفٍ فِيهِ، وَلِأَنَّ مَا فِي الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ أَشَدُّ خَوْفًا وَشَيْنًا فَمُيِّزَ، نَعَمْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْجَائِفَةُ كَمَا قَالَ (وَفِي جَائِفَةٍ ثُلُثُ دِيَةٍ) لِصَاحِبِهَا لِخَبَرٍ صَحِيحٍ فِيهِ (وَهِيَ جُرْحٌ) وَلَوْ بِغَيْرِ حَدِيدٍ (يَنْفُذُ إلَى جَوْفٍ) بَاطِنٍ مُحِيلٍ لِلْغِذَاءِ وَالدَّوَاءِ أَوْ طَرِيقٍ لِلْمُحِيلِ (كَبَطْنٍ وَصَدْرٍ وَثُغْرَةِ نَحْرٍ) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ (وَجَبِينٍ) عَدَلَ إلَيْهِ عَنْ قَوْلِ أَصْلِهِ جَنْبَيْنِ أَيْ تَثْنِيَةِ جَنْبٍ لِلْعِلْمِ بِهِمَا مِمَّا ذُكِرَ مَعَهُمَا بِخِلَافِهِ، فَإِنَّ كَوْنَ نُفُوذِ جُرْحِهِ بِبَاطِنِ الدِّمَاغِ جَائِفَةً مِمَّا يَخْفَى، وَزَعْمُ أَنَّ هَذِهِ فِي حُكْمِ الْجَائِفَةِ وَلَا تُسَمَّى جَائِفَةً مَمْنُوعٌ، وَكَوْنُ شِجَاجِ الرَّأْسِ لَيْسَ فِيهَا جَائِفَةٌ مَخْصُوصٌ بِتَصْرِيحِهِمْ هُنَا أَنَّ الْوَاصِلَ لِجَوْفِ الدِّمَاغِ مِنْ الْجَبِينِ جَائِفَةٌ (وَخَاصِرَةٍ) وَوَرِكٍ كَمَا بِأَصْلِهِ وَمَثَانَةٍ وَعِجَانٍ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْخُصْيَةِ وَالدُّبُرِ: أَيْ كَدَاخِلِهَا، وَكَذَا لَوْ أَدْخَلَ دُبُرَهُ شَيْئًا فَخَرَقَ بِهِ حَاجِزًا فِي الْبَاطِنِ كَمَا يَأْتِي، وَلَوْ نَفَذَتْ فِي بَطْنٍ وَخَرَجَتْ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ فَجَائِفَتَانِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSمُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: عُمْقِ الْمُوضِحَةِ) أَيْ إنْ كَانَ ثُلُثًا (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مَعَ ذَلِكَ) أَيْ الْعَمَلِ بِالْيَقِينِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ أَكْثَرُهُمَا) أَيْ الْأَرْشِ وَالْحُكُومَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا الْأَصْلُ) اُنْظُرْ هَلْ يَظْهَرُ لِكَوْنِ الْوَاجِبِ حُكُومَةً لَا أَرْشًا ثَمَرَةٌ تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْجَوَابُ أَنَّ لِذَلِكَ ثَمَرَةً وَهِيَ أَنَّ الْأَرْشَ عِبَارَةٌ عَنْ الْجُزْءِ الْمُتَيَقَّنِ مِنْ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ وَهُوَ قَدْ يُسَاوِي الْحُكُومَةَ أَوْ يَزِيدُ عَلَيْهَا أَوْ يَنْقُصُ عَنْهَا بِاخْتِلَافِ نَظَرِ الْمُقَوِّمِينَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِيهِمَا، وَإِنْ اسْتَوَيَا بِحَسَبِ الظَّاهِرِ قَدْ تَزِيدُ الْحُكُومَةُ بِارْتِفَاعِ سِعْرِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ رَقِيقًا، فَالْحُكُومَةُ فِي نَفْسِهَا قَابِلَةٌ لِلزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ بِخِلَافِ الْأَرْشِ (قَوْلُهُ: فَفِيهِ حُكُومَةٌ) مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي قَوْلِهِ كَجُرْحِ سَائِرِ الْبَدَنِ فِي مُجَرَّدِ الْحُكُومَةِ لَا فِي كَوْنِهَا لَا تَبْلُغُ أَرْشَ مُوضِحَةٍ (قَوْلُهُ: مَخْصُوصٌ بِتَصْرِيحِهِمْ هُنَا) اُنْظُرْ بِمَا يَتَمَيَّزُ هَذَا الْوَاصِلُ عِنْدَ الْمَأْمُومَةِ وَالدَّامِغَةِ إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ بِمَا إذَا لَمْ يَصِلْ لِلْخَرِيطَةِ أَوْ يُقَالُ تُسَمَّى مَأْمُومَةً وَجَائِفَةً، ثُمَّ رَأَيْتُ عِبَارَةَ الْمُحَرَّرِ صَرِيحَةً فِي هَذَا فَإِنَّهُ قَالَ: فِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَهِيَ الْجِرَاحَةُ النَّافِذَةُ إلَى جَوْفٍ كَالْمَأْمُومَةِ الْوَاصِلَةِ إلَى الدِّمَاغِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَمَثَانَةٍ) وَهِيَ مَجْمَعُ الْبَوْلِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ أَدْخَلَ) أَيْ فَفِيهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ: فَخَرَقَ بِهِ حَاجِزًا) سَيَأْتِي بِهَامِشِ الصَّفْحَةِ الْآتِيَةِ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQإنْ قُلْنَا إلَخْ. لَا يَصِحُّ تَقْيِيدًا لِمَا إذَا ذُفِّفَ بِالْفِعْلِ الَّذِي هُوَ صَدْرُ الْمَسْأَلَةِ فِي الشَّرْحِ، وَإِنَّمَا هُوَ تَقْيِيدٌ لِمَا إذَا دُمِغَ وَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ مِنْ فِعْلِ الْجَمِيعِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا ذُفِّفَ بِالْفِعْلِ فَعَلَيْهِ دِيَةُ النَّفْسِ قَطْعًا وَهُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي التُّحْفَةِ، وَإِنْ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ فَقِيلَ عَلَيْهِ دِيَةُ النَّفْسِ أَيْضًا. وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ بِالسَّوِيَّةِ أَخْمَاسًا، وَإِنْ لَمْ يَمُتْ فَعَلَى الْمُدَامَغِ حُكُومَةٌ وَهُوَ مَحْمَلُ قَوْلِ الشَّارِحِ، وَإِلَّا فَفِيهَا حُكُومَةٌ إذْ فَرْضُ كَلَامِ الْعُبَابِ فِيمَا إذَا لَمْ يَمُتْ وَنَبَّهَ عَلَيْهِ سم أَيْضًا، وَفِي الْحَالَةِ الْأُولَى يَلْزَمُ كُلًّا مِمَّنْ قَبْلَ الدَّامِغِ أَرْشُ جِرَاحَتِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ سم أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَتُؤْخَذُ) هُوَ هَكَذَا بِالْوَاوِ قَبْلَ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْضًا فِي النُّسَخِ، وَلَعَلَّهُ تَحْرِيفٌ مِنْ الْكَتَبَةِ وَأَنَّ صَوَابَهُ بِأَلِفٍ قَبْلَ الْحَاءِ، فَالضَّمِيرُ لِعُمْقِ الْبَاضِعَةِ، أَوْ أَنَّهُ يُوجَدُ بِجِيمٍ وَمُهْمَلَةٍ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ ضَمِيرُ عُمْقِ الْبَاضِعَةِ أَيْضًا أَوْ لَفْظُ ثُلُثٍ الْوَاقِعِ بَعْدَهُ وَالْأَوَّلُ أَقْعَدُ (قَوْلُهُ: وَمَا شُكَّ فِيهِ) أَيْ بِأَنْ عُلِمَتْ النِّسْبَةُ ثُمَّ نُسِيَتْ فَهُوَ غَيْرُ مَا يَأْتِي فِي الْمَتْنِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ سم فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: لَا تَبْلُغُ أَرْشَ مُوضِحَةٍ) لَيْسَ قَيْدًا فِي الْمُشَبَّهِ الْوَاقِعِ بَعْدَهُ فِي الْمَتْنِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَإِنْ اقْتَضَاهُ السِّيَاقُ (قَوْلُهُ: أَيْ كَدَاخِلِهَا) أَيْ الْبَطْنِ وَمَا بَعْدَهَا

وَلَا يُرَدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَبِّرْ بِوَاصِلَةٍ بَلْ بِنَافِذَةٍ عَلَى أَنَّهُ سَيُصَرِّحُ بِهِ قَرِيبًا، فَإِنْ خَرَقَتْ جَائِفَةٌ نَحْوُ الْبَطْنِ الْأَمْعَاءَ أَوْ لَذَعَتْ كَبِدًا أَوْ طِحَالًا أَوْ كَسَرَتْ جَائِفَةٌ الْجَنْبَ الضِّلْعَ فَفِيهَا مَعَ ذَلِكَ حُكُومَةٌ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ كَسْرُهَا لِنُفُوذِهَا مِنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ لِاتِّحَادِ الْمَحَلِّ، وَخَرَجَ بِالْبَاطِنِ الْمَذْكُورِ دَاخِلُ أَنْفٍ وَعَيْنٍ وَفَمٍ وَفَخِذٍ وَذَكَرٍ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ دَاخِلِ الْوَرِكِ وَهُوَ الْمُتَّصِلُ بِمَحَلِّ الْقُعُودِ مِنْ الْأَلْيَةِ وَدَاخِلِ الْفَخِذِ وَهُوَ أَعْلَى الْوَرِكِ أَنَّ الْأَوَّلَ مُجَوَّفٌ وَلَهُ اتِّصَالٌ بِالْجَوْفِ الْأَعْظَمِ كَمَا صَرَّحَتْ بِهِ عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ كَالرَّوْضَةِ وَلَا كَذَلِكَ الثَّانِي (وَلَا يَخْتَلِفُ أَرْشُ مُوضِحَةٍ بِكِبَرِهَا) وَصِغَرِهَا وَلَا بِبُرُوزِهَا وَخَفَائِهَا وَلَا بِشَيْنِهَا وَعَدَمِهَا إذْ الْمَدَارُ عَلَى اسْمِهَا (وَلَوْ) (أَوْضَحَ مَوْضِعَيْنِ بَيْنَهُمَا لَحْمٌ وَجِلْدٌ قِيلَ أَوْ) بَيْنَهُمَا (أَحَدَهُمَا) (فَمُوضِحَتَانِ) مَا لَمْ يَتَأَكَّلْ الْحَاجِزُ بَيْنَهُمَا أَوْ يُزِيلُهُ الْجَانِي أَوْ يَخْرِقُهُ فِي الْبَاطِنِ دُونَ الظَّاهِرِ فِيمَا يَظْهَرُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ وَإِنْ كَانَتَا عَمْدًا وَالْإِزَالَةُ خَطَأً فَعَلَيْهِ أَرْشٌ ثَالِثٌ كَمَا صَرَّحَ بِتَرْجِيحِهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَاعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ الِاتِّحَادُ، وَتَتَعَدَّدُ الْمُوضِحَاتُ بِتَعَدُّدِ مَا ذُكِرَ، وَإِنْ زَادَتْ عَلَى دِيَةِ نَفْسٍ (وَلَوْ) (انْقَسَمَتْ مُوضِحَتُهُ عَمْدًا وَخَطَأً) أَوْ وَشِبْهَ عَمْدٍ (أَوْ شَمِلَتْ) بِكَسْرِ الْمِيمِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا (رَأْسًا وَوَجْهًا فَمُوضِحَتَانِ) لِاخْتِلَافِ الْحُكْمِ أَوْ الْمَحَلِّ، بِخِلَافِ شُمُولِهَا وَجْهًا وَجَبْهَةً أَوْ رَأْسًا وَقَفًا فَوَاحِدَةٌ لَكِنْ مَعَ حُكُومَةٍ فِي الْأَخِيرَةِ (وَقِيلَ مُوضِحَةٌ) لِاتِّحَادِ الصُّورَةِ، وَلِأَنَّ الرَّأْسَ وَالْوَجْهَ مَحَلٌّ لِلْإِيضَاحِ فَهُمَا كَمَحَلٍّ وَاحِدٍ (وَلَوْ) (وَسَّعَ مُوضِحَتَهُ) مَعَ اتِّحَادِ حُكْمِ ذَلِكَ (فَوَاحِدَةٌ) (عَلَى الصَّحِيحِ) كَمَا لَوْ أَتَى بِهَا ابْتِدَاءً كَذَلِكَ، وَالثَّانِي ثِنْتَانِ (أَوْ) وَسَّعَهَا (غَيْرُهُ فَثِنْتَانِ) مُطْلَقًا؛ إذْ فِعْلُ الشَّخْصِ لَا يُبْنَى عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ، وَنُقِلَ عَنْ خَطِّهِ جَرُّ: (غَيْرُ) عَطْفًا عَلَى الضَّمِيرِ الْمُضَافِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمُخْتَصَرِ الْكِفَايَةِ تَفْسِيرُ الْحَاجِزِ بِغِشَاوَةٍ الْمَعِدَةُ أَوْ الْحُشْوَةُ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ خَرْقَ الْحَشْوَةِ جَائِفَةٌ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَقَدْ يُخَالِفُ قَوْلَ الشَّارِحِ فَإِنْ خَرَقَتْ جَائِفَةٌ نَحْوَ الْبَطْنِ إلَخْ إلَّا أَنْ يُخَصَّ كَوْنُ خَرْقِ الْحَشْوَةِ مَثَلًا جَائِفَةً بِمَا إذَا كَانَ الْوُصُولُ مِنْ مَنْفَذٍ مَوْجُودٍ كَالدُّبُرِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ تَابِعًا لِإِيجَافٍ، وَيُنَاسِبُ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ الْآتِي: أَوْ كَسَرَتْ جَائِفَةٌ نَحْوُ الْجَنْبِ الضِّلْعَ إلَخْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: سَيُصَرِّحُ بِهِ قَرِيبًا) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ نَفَذَتْ فِي بَطْنٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) أَيْ فَلَا حُكُومَةَ (قَوْلُهُ: وَفَخِذٍ وَذَكَرٍ) أَيْ فَفِيهِ حُكُومَةٌ فَقَطْ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَتَأَكَّلْ الْحَاجِزُ) أَيْ بِسِرَايَةِ الْمُوضِحَةِ إلَيْهِ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ أَرْشٌ) أَيْ أَرْشُ مُوضِحَةٍ (قَوْلُهُ: بِتَرْجِيحِهِ) أَيْ مَعَ تَرْجِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ وَشِبْهَ عَمْدٍ) أَيْ أَوْ خَطَأً وَشِبْهَ عَمْدٍ (قَوْلُهُ: وَجَبْهَةً وَرَأْسًا) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَسَّعَ مُوضِحَتَهُ) أَيْ قُبَيْلَ الِانْدِمَالِ (قَوْلُهُ: مَعَ اتِّحَادِ حُكْمِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ عَمْدًا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: فَثُلُثَانِ مُطْلَقًا) اتَّحَدَتْ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: عَطْفًا عَلَى الضَّمِيرِ) هَذَا الْعَطْفُ جَوَّزَهُ شَيْخُهُ ابْنُ مَالِكٍ وَبَيَّنَ أَنَّهُ وَارِدٌ فِي النَّظْمِ وَالنَّثْرِ الصَّحِيحِ وَأَيُّ تَكَلُّفٍ فِيهِ فَضْلًا عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا يُرَدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ إلَخْ.) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ قِيلَ وَتُرَدُّ عَلَى الْمَتْنِ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ خَارِجَةٌ لَا وَاصِلَةٌ لِلْجَوْفِ وَلَيْسَ فِي مَحَلِّهِ لِأَنَّ الْمَتْنَ لَمْ يُعَبِّرْ بِوَاصِلَةٍ بَلْ بِنَافِذَةٍ وَهِيَ تُسَمَّى نَافِذَةً لَا وَاصِلَةً كَمَا لَا يَخْفَى انْتَهَتْ. وَلَك أَنْ تَقُولَ هِيَ وَارِدَةٌ عَلَى الْمَتْنِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا يَأْتِي، وَإِنْ كَانَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْإِيرَادِ غَيْرُ مُوفٍ بِذَلِكَ، وَوَجْهُ الْإِيرَادِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ يَنْفُذُ إلَى جَوْفٍ وَهَذِهِ نَافِذَةٌ مِنْ جَوْفٍ لَا إلَيْهِ إلَّا بِالنَّظَرِ لِصُورَتِهَا بَعْدُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: دَاخِلَ أَنْفٍ وَعَيْنٍ وَفَمٍ) هَذِهِ خَارِجَةٌ بِوَصْفِ الْجَوْفِ الْبَاطِنِ، وَقَوْلُهُ: وَفَخِذٍ وَذَكَرَ خَارِجَ بِقَوْلِهِ مُحِيلٌ أَوْ طَرِيقٌ لِلْمُحِيلِ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ كَابْنِ حَجَرٍ وَخَرَجَ بِالْبَاطِنِ الْمَذْكُورِ: أَيْ عَلَى التَّوْزِيعِ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُمَا بَاطِنٌ عَقِبَ الْمَتْنِ لَهُ فَائِدَةٌ، وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ الشِّهَابُ سم (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَعْلَى الْوَرِكِ) أَيْ مِنْ جِهَةِ السَّاقِ فَالْفَخِذُ مَا بَيْنَ السَّاقِ وَالْوَرِكِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الزِّيَادِيِّ (قَوْلُهُ: فِي الْبَاطِنِ دُونَ الظَّاهِرِ) أَيْ أَوْ عَكْسُهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا فِي الْمَتْنِ

إلَيْهِ مُوضِحَةٌ، وَنَصْبُهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ هُوَ مُوضِحَةٌ وَفِيهِمَا تَكَلُّفٌ (وَالْجَائِفَةُ مُوضِحَةٌ فِي التَّعَدُّدِ) الْمَذْكُورِ وَعَدَمِهِ صُورَةً وَحُكْمًا وَمَحَلًّا وَفَاعِلًا وَغَيْرَ ذَلِكَ، فَلَوْ أَجَافَهُ بِمَحَلَّيْنِ بَيْنَهُمَا لَحْمٌ وَجِلْدٌ، أَوْ انْقَسَمَتْ عَمْدًا وَخَطَأً فَجَائِفَتَانِ مَا لَمْ يُرْفَعْ الْحَاجِزُ أَوْ يَتَأَكَّلْ قَبْلَ الِانْدِمَالِ، نَعَمْ لَا يَجِبُ دِيَةُ جَائِفَةٍ عَلَى مَنْ وَسَّعَ جَائِفَةَ غَيْرِهِ إلَّا إنْ كَانَ مِنْ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ، وَلَوْ أَدْخَلَ فِي دُبُرِهِ مَا خَرَقَ بِهِ حَاجِزًا فِي الْبَاطِنِ كَانَ جَائِفَةً كَمَا اقْتَضَاهُ مَا مَرَّ فِي الْمُوضِحَةِ؛ إذْ خَرْقُ الْبَاطِنِ مُعْتَدٌّ بِهِ حَتَّى تَرْجِعَ بِهِ الْمُوضِحَتَانِ إلَى مُوضِحَةٍ وَاحِدَةٍ (وَلَوْ نَفَذَتْ فِي بَطْنٍ وَخَرَجَتْ مِنْ ظَهْرٍ فَجَائِفَتَانِ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا قَضَى بِهِ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اعْتِبَارًا لِلْخَارِجَةِ بِالدَّاخِلَةِ وَالثَّانِي فِي الْخَارِجَةِ حُكُومَةً (وَلَوْ) (أَوْصَلَ جَوْفَهُ سِنَانًا لَهُ طَرَفَانِ) يَعْنِي طَعَنَهُ بِهِ فَوَصَلَا جَوْفَهُ وَالْحَاجِزُ بَيْنَهُمَا سَلِيمٌ (فَثِنْتَانِ وَلَا يَسْقُطُ الْأَرْشُ بِالْتِحَامِ مُوضِحَةٍ وَجَائِفَةٍ) لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْجُزْءِ الذَّاهِبِ وَالْأَلَمِ الْحَاصِلِ (وَالْمَذْهَبُ أَنَّ فِي الْأُذُنَيْنِ) قَطْعًا أَوْ قَلْعًا لِلسَّمِيعِ وَالْأَصَمِّ (دِيَةً) كَدِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَكَذَا فِي كُلِّ مَا يَأْتِي (لَا حُكُومَةً) لِخَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «وَفِي الْأُذُنِ خَمْسُونَ مِنْ الْإِبِلِ» وَعَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ " وَفِي الْأُذُنَيْنِ الدِّيَةُ " وَلِأَنَّ فِيهِمَا مَعَ الْجَمَالِ مَنْفَعَتَيْنِ: جَمْعَ الصَّوْتِ لِيَتَأَدَّى إلَى مَحَلِّ السَّمَاعِ، وَمَنْعَ دُخُولِ الْمَاءِ، بَلْ وَدَفْعَ الْهَوَامِّ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُمَا يُحِسُّ بِسَبَبِ مَعَاطِفِهِمَا بِدَبِيبِ الْهَوَامِّ فَيَطْرُدُهَا، وَهَذِهِ هِيَ الْمَنْفَعَةُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي إيجَابِ الدِّيَةِ، وَالْمَنْفِيُّ وَهُوَ الْحُكُومَةُ وَجْهٌ أَوْ قَوْلٌ مُخْرَجٌ بِأَنَّ السَّمْعَ لَا يُحِلُّهُمَا وَلَيْسَ فِيهِمَا مَنْفَعَةٌ ظَاهِرَةٌ (وَ) فِي (بَعْضٍ) وَيَصِحُّ رَفْعُهُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا (بِقِسْطِهِ) مِنْهَا لِأَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSظُهُورِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ هُوَ) أَيْ ذَلِكَ الْمُضَافُ (قَوْلُهُ: أَوْ يَتَأَكَّلْ قَبْلَ الِانْدِمَالِ) أَيْ فَيَكُونُ حِينَئِذٍ وَاحِدَةً (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَدْخَلَ فِي دُبُرِهِ) عِبَارَةُ مُخْتَصَرِ الْكِفَايَةِ لِابْنِ النَّقِيبِ مَا نَصُّهُ: وَلَوْ أَدْخَلَ خَشَبَةً أَوْ حَدِيدَةً فِي حَلْقِهِ إلَى جَوْفِهِ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ سِوَى التَّعْزِيرِ، إلَّا أَنْ تَخْدِشَ شَيْئًا فِي الْجَوْفِ فَتَجِبَ حُكُومَةٌ، وَلَوْ خَرَقَ بِوُصُولِ الْخَشَبَةِ إلَى الْجَوْفِ مِنْ حَلْقِهِ أَوْ دُبُرِهِ حَاجِزًا مِنْ غِشَاوَةِ الْمَعِدَةِ أَوْ الْحَشْوَةِ فَفِي كَوْنِهَا جَائِفَةً وَجْهَانِ، أَمَّا لَوْ لُذِعَتْ كَبِدُهُ أَوْ طِحَالُهُ لَزِمَهُ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَحُكُومَةٌ اهـ. وَبِهِ يَتَّضِحُ صُورَةُ مَسْأَلَةِ الْوَجْهَيْنِ، فَإِنَّ بَعْضَ الضَّعَفَةِ غَلِطَ فِي فَهْمِهَا فَلْيُعْرَفْ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُ سم: وَبِهِ يَتَّضِحُ صُورَةُ مَسْأَلَةِ الْوَجْهَيْنِ: أَيْ لِظُهُورِهَا فِي أَيِّ صُورَتِهَا أَنَّهُ أَدْخَلَ حَدِيدَةً فِي الدُّبُرِ أَوْ غَيْرِهِ فَخَرَقَتْ حَاجِزًا فِي الْبَاطِنِ وَفِي أَنَّ الصُّورَةَ فِي الْحَدِيدَةِ الَّتِي أَدْخَلَهَا فِي الْحَلْقِ أَنَّهَا جَرَحَتْ شَيْئًا فِي الْبَاطِنِ بِلَا خَرْقٍ، وَوَجْهُ إيضَاحِهَا بِمَا ذُكِرَ أَنَّهُ جَعَلَ خَرْقَ الْحَاجِزِ جَائِفَةً فَفِيهِ الثُّلُثُ وَفِي لَذْعِ الْكَبِدِ مَعَهُ حُكُومَةً، فَأَفَادَ أَنَّ مُجَرَّدَ لَذْعِ الْكَبِدِ لَا يَكُونُ جَائِفَةً لِعَدَمِ الْخَرْقِ (قَوْلُهُ: فَجَائِفَتَانِ) ظَاهِرُهُ عَدَمُ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِمَا بِخَرْقِ الْأَمْعَاءِ وَهَلْ تَجِبُ أَيْضًا حُكُومَةٌ بِخَرْقِهَا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ فَإِنْ خَرَقَتْ جَائِفَةٌ نَحْوُ الْبَطْنِ الْأَمْعَاءَ، يَنْبَغِي الْوُجُوبُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْجُزْءِ الذَّاهِبِ) فَوَاتُ جُزْءٍ لَيْسَ بِلَازِمٍ: أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُصُولِ طَرَفِ اللِّسَانِ إلَى الْجَوْفِ إزَالَةُ جُزْءٍ بَلْ قَدْ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ خَرْقِ الْجَوْفِ، كَمَا فِي ثَقْبِ الْأُذُنِ حَيْثُ جَعَلُوهُ غَيْرَ مُضِرٍّ فِي الْأُضْحِيَّةِ لِعَدَمِ زَوَالِ شَيْءٍ مِنْهَا، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ إزَالَةُ الْجُزْءِ مِنْ مَحَلِّهِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِفَقْدِهِ رَأْسًا أَوْ بِانْخِفَاضِهِ إلَى دَاخِلِ الْبَدَنِ (قَوْلُهُ: كَدِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) وَهِيَ مُخْتَلِفَةٌ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُرْفَعْ الْحَاجِزُ أَوْ يَتَآكَلْ) قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ بَيْنَهُمَا لَحْمٌ وَجِلْدٌ خَاصَّةً كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ آنِفًا (قَوْلُهُ: يَعْنِي: طَعَنَهُ بِهِ) أَيْ، وَإِلَّا فَالْمَتْنُ صَادِقٌ بِمَا إذَا أَدْخَلَهُ مِنْ مَنْفَذٍ أَوْ جَائِفَةٍ مَفْتُوحَةٍ قَبْلَ (قَوْلُهُ: وَجْهٌ أَوْ قَوْلٌ مُخَرَّجٌ بِأَنَّ السَّمْعَ إلَخْ.) كَذَا فِي النُّسَخِ، وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ النُّسَخِ لَفْظُ وَجْهٌ: أَيْ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَجْهُولِ مِنْ التَّوْجِيهِ قَبْلَ قَوْلِهِ بِأَنَّ

مَا وَجَبَتْ فِيهِ الدِّيَةُ يَجِبُ فِي بَعْضِهِ قِسْطُهُ مِنْهَا وَالْبَعْضُ صَادِقٌ بِوَاحِدٍ فَفِيهَا النِّصْفُ وَبِبَعْضِهَا وَيُقَدَّرُ بِالْمِسَاحَةِ (وَلَوْ) (أَيْبَسَهُمَا) بِالْجِنَايَةِ (فَدِيَةٌ) فِيهِمَا لِإِبْطَالِ مَنْفَعَتِهِمَا الْمَقْصُودَةِ مِنْ دَفْعِ الْهَوَامِّ لِزَوَالِ الْإِحْسَاسِ (وَفِي قَوْلٍ حُكُومَةٌ) لِبَقَاءِ جَمْعِ الصَّوْتِ وَمَنْعِ دُخُولِ الْمَاءِ وَهُمَا مَقْصُودَانِ أَيْضًا وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْأُولَى أَقْوَى وَآكَدُ فَكَانَا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا كَالتَّابِعَيْنِ (وَلَوْ قَطَعَ يَابِسَتَيْنِ) وَإِنْ كَانَ يُبْسُهُمَا أَصْلِيًّا (فَحُكُومَةٌ) كَقَطْعِ يَدٍ شَلَّاءَ أَوْ جَفْنٍ أَوْ أَنْفٍ اسْتَحْشَفَ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ مِنْ قَطْعِ صَحِيحَةٍ بِيَابِسَةٍ؛ لِأَنَّ مَلْحَظَ الْقَوَدِ التَّمَاثُلُ، وَهُمَا مُتَمَاثِلَانِ كَمَا مَرَّ (وَفِي قَوْلٍ دِيَةٌ) لِإِزَالَةِ تِلْكَ الْمَنْفَعَتَيْنِ الْعَظِيمَتَيْنِ، وَلَوْ أَوْضَحَ مَعَ قَطْعِ الْأُذُنِ وَجَبَ دِيَةُ مُوضِحَةٍ أَيْضًا؛ إذْ لَا يَتْبَعُ مُقَدَّرٌ مُقَدَّرَ عُضْوٍ آخَرَ (وَفِي) إزَالَةِ جِرْمِ (كُلِّ عَيْنٍ) صَحِيحَةٍ (نِصْفُ دِيَةٍ) إجْمَاعًا لِخَبَرٍ صَحِيحٍ فِيهِ (وَلَوْ) هِيَ (عَيْنَ) أَخْفَشَ أَوْ أَعْشَى أَوْ (أَحْوَلَ) وَهُوَ مَنْ فِي عَيْنِهِ خَلَلٌ دُونَ بَصَرِهِ (وَأَعْمَشَ) وَهُوَ مَنْ يَسِيلُ دَمْعُهُ غَالِبًا مَعَ ضَعْفِ بَصَرِهِ (وَأَعْوَرَ) وَهُوَ فَاقِدُ بَصَرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَيُقَدَّرُ بِالْمِسَاحَةِ) فِيهِ تَأَمُّلٌ بَلْ الظَّاهِرُ التَّقْدِيرُ بِالْجُزْئِيَّةِ فَإِذَا كَانَ الْمَقْطُوعُ رُبُعَ الْأُذُنِ وَجَبَ ثُمُنُ الدِّيَةِ فَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالْمِسَاحَةِ إذْ لَا يَظْهَرُ بَيْنَ الْجُزْئِيَّةِ وَالْمِسَاحَةِ هُنَا فَرْقٌ، فَإِنَّ مَعْنَى الْمِسَاحَةِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ قَدْرُ الْمَقْطُوعِ وَيُنْسَبُ إلَى الْأُذُنِ بِكَمَالِهَا، وَيُؤْخَذُ مِنْ الْأَرْشِ بِمِثْلِ تِلْكَ النِّسْبَةِ وَمَتَى قُدِّرَ ذَلِكَ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ رُبُعًا أَوْ نِصْفًا أَوْ غَيْرَهُمَا وَهَذَا هُوَ عَيْنُ الْجُزْئِيَّةِ، وَإِنَّمَا فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا فِي الْقِصَاصِ لِأَنَّ الْمُقَابَلَةَ ثَمَّ تُعْتَبَرُ بَيْنَ أُذُنِ الْجَانِي وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَقَدْ تَكُونُ أُذُنُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ كَبِيرَةً، فَإِذَا أَتَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى نِصْفِهَا وَأُخِذَ بِمِقْدَارِهِ مِنْ أُذُنِ الْجَانِي رُبَّمَا كَانَ النِّصْفُ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِقَدْرِ أُذُنِ الْجَانِي بِتَمَامِهَا فَيُؤْخَذُ عُضْوٌ بِبَعْضِ عُضْوٍ وَهُوَ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْأُولَى) هِيَ دَفْعُ الْهَوَامِّ (قَوْلُهُ: وَهُمَا مُتَمَاثِلَانِ) يُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّ الْيَدَ الصَّحِيحَةَ لَا تُقْطَعُ بِالشَّلَّاءِ مَعَ أَنَّ صُورَتَهُمَا وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ: تِلْكَ) الْأَوْلَى تَيْنِكَ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَتْبَعُ مُقَدَّرٌ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا جُنِيَ عَلَى عُضْوٍ وَاتَّصَلَتْ جِنَايَتُهُ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ، فَإِنْ كَانَ لِمَا اتَّصَلَتْ بِهِ الْجِنَايَةُ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ كَالْمُوضِحَةِ وَجَبَ أَرْشُهُ زِيَادَةً عَلَى دِيَةِ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُقَدَّرٌ لَا يَجِبُ لَهُ شَيْءٌ بَلْ تَنْدَرِجُ حُكُومَتُهُ فِي دِيَةِ الْعُضْوِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ كَالْأَهْدَابِ مَعَ الْأَجْفَانِ وَكَقَصَبَةِ الْأَنْفِ مَعَ الْمَارِنِ وَالْكَفِّ مَعَ الْأَصَابِعِ، لَكِنَّ هَذَا يُشْكِلُ بِمَا لَوْ قَطَعَ يَدَهُ مِنْ السَّاعِدِ فَإِنَّهُ تَجِبُ دِيَةُ الْكَفِّ، وَحُكُومَةُ الْمَقْطُوعِ مِنْ السَّاعِدِ مَعَ أَنَّ الْمَقْطُوعَ مِنْ السَّاعِدِ لَا مُقَدَّرَ لَهُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ مَحَلَّ سُقُوطِ غَيْرِ الْمُقَدَّرِ إذَا لَمْ يُبَاشَرْ مَحَلُّهُ بِالْجِنَايَةِ كَمَا لَوْ قَطَعَ الْكَفَّ فَتَأَكَّلَ السَّاعِدُ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَطَعَ مِنْ السَّاعِدِ فَإِنَّ الْجِنَايَةَ لَمَّا بَاشَرَتْهُ أَوْجَبَتْ الضَّمَانَ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ فِي نَفْسِ مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَيْنَ أَخْفَشَ) وَهُوَ مَنْ يُبْصِرُ لَيْلًا فَقَطْ اهـ م ر فِيمَا يَأْتِي، وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى ضَيِّقِ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَعْشَى) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ وَهُوَ الَّذِي لَا يُبْصِرُ بِاللَّيْلِ وَيُبْصِرُ بِالنَّهَارِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالسَّمْعَ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي شَرْحِ الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: وَيُقَدَّرُ بِالْمِسَاحَةِ) الضَّمِيرُ فِي يُقَدَّرُ لِلْبَعْضِ: أَيْ وَيُقَدَّرُ الْبَعْضُ بِالْمِسَاحَةِ بِأَنْ تَعْرِفَ نِسْبَةَ الْمَقْطُوعِ مِنْ الْبَاقِي بِالْمِسَاحَةِ إذْ لَا طَرِيقَ لِمَعْرِفَتِهِ سِوَاهَا، فَإِنْ كَانَ نِصْفًا مَثَلًا قُطِعَ مِنْ أُذُنِ الْجَانِي نِصْفُهَا، فَالْمِسَاحَةُ هُنَا تُوصِلُ إلَى مَعْرِفَةِ الْجُزْئِيَّةِ، بِخِلَافِهَا فِيمَا مَرَّ فِي الْمُوضِحَةِ فَإِنَّهَا تُوصِلُ إلَى مِقْدَارِ الْجُرْحِ مِنْ كَوْنِهِ قِيرَاطًا مَثَلًا أَوْ قِيرَاطَيْنِ لِيُوضَحَ مِنْ الْجَانِي بِهَذَا الْمِقْدَارِ وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَإِنْ تَوَقَّفَ الشَّيْخُ فِي حَاشِيَتِهِ فِيهِ وَأَطَالَ فِيهِ الْقَوْلَ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَوْ عَيْنَ أَحْوَلَ وَأَعْمَشَ) أَيْ وَالْمَقْلُوعُ الْحَوْلَاءُ أَوْ الْعَمْشَاءُ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ الْآتِي، وَهَذَا بِخِلَافِ قَوْلِهِ وَأَعْوَرَ فَإِنَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ قَطَعَ الصَّحِيحَةَ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: هِيَ) أَيْ فَالْغَايَةُ إنَّمَا هِيَ فِي الْعَيْنِ الْمُضَافِ إلَيْهِ لَا فِي كُلِّ الَّذِي هُوَ الْمُضَافُ، وَإِلَّا لَقَالَ هُوَ بَدَلُ قَوْلِهِ هِيَ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ فِي جَوَابِ الْإِيرَادِ الْآتِي

إحْدَى الْعَيْنَيْنِ لِبَقَاءِ أَصْلِ الْمَنْفَعَةِ فِي الْكُلِّ، وَقِيلَ فِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ جَمِيعُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ السَّلِيمَةَ الَّتِي عَطَّلَهَا بِمَنْزِلَةِ عَيْنَيْ غَيْرِهِ، لَا يُقَالُ: مُقْتَضَى كَلَامِهِ وُجُوبُ دِيَةٍ فِي الْعَوْرَاءِ لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ فِي الْأَعْوَرِ فِي كُلِّ عَيْنٍ لَهُ نِصْفُ دِيَةٍ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَّا عَيْنٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّا نَمْنَعُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ وَلَوْ لِأَعْوَرَ وَإِنَّمَا قَالَ وَلَوْ عَيْنَ أَعْوَرَ، وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ ذَلِكَ السَّلِيمَةُ لَا غَيْرُ، وَبِأَنَّ الْغَايَةَ لَيْسَتْ غَايَةً لِكُلِّ عَيْنٍ بَلْ لِعَيْنٍ فَقَطْ (وَكَذَا مَنْ) (بِعَيْنِهِ بَيَاضٌ) عَلَى نَاظِرِهَا أَوْ غَيْرِهِ (لَا يَنْقُصُ) هُوَ بِفَتْحٍ ثُمَّ ضَمٍّ مُخَفَّفًا عَلَى الْأَفْصَحِ (الضَّوْءُ) فَفِيهَا نِصْفُ الدِّيَةِ (فَإِنْ نَقَصَ) وَانْضَبَطَ النَّقْصُ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّحِيحَةِ (فَقِسْطٌ) مِنْهُ يَجِبُ فِيهَا (فَإِنْ لَمْ يَنْضَبِطْ) النَّقْصُ (فَحُكُومَةٌ) وَفَارَقَتْ عَيْنَ الْأَعْمَشِ بِأَنَّ بَيَاضَ هَذِهِ نَقْصُ الضَّوْءِ الْخِلْقِيِّ وَلَا كَذَلِكَ تِلْكَ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ تَوَلَّدَ الْعَمَشُ مِنْ آفَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ لَمْ تَكْمُلْ فِيهَا الدِّيَةُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي فِي الْكَلَامِ مِنْ أَنَّ الْفَائِتَ بِالْآفَةِ لَا اعْتِبَارَ بِهِ وَيَجِبُ ثَمَّ كَمَالُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْكَلَامُ لَا يُتَصَوَّرُ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً قَوِيَتْ تَبَعِيَّتُهُ لِلْجِرْمِ، بِخِلَافِ الْبَصَرِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ قَصْدُهُ بِهَا ابْتِدَاءً فَضَعُفَتْ فِيهِ التَّبَعِيَّةُ فَصَارَ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ فَتَأَمَّلْهُ (وَفِي) قَطْعِ أَوْ إيبَاسِ (كُلِّ جَفْنٍ) اُسْتُؤْصِلَ قَطْعُهُ (رُبُعُ دِيَةٍ) لِمَا فِيهَا مِنْ الْجَمَالِ وَالْمَنْفَعَةِ التَّامَّةِ وَانْقَسَمَتْ عَلَى الْأَرْبَعَةِ، لِأَنَّ مَا وَجَبَ فِي الْمُتَعَدِّدِ مِنْ جِنْسٍ يَنْقَسِمُ عَلَى أَفْرَادِهِ (وَلَوْ) كَانَ (الْأَعْمَى) وَتَنْدَرِجُ حُكُومَةُ الْأَهْدَابِ فِيهَا لِتَبَعِيَّتِهَا لَهَا (وَفِي) قَطْعِ أَوْ إشْلَالِ (مَارِنٍ) وَهُوَ مَا لَانَ مِنْ الْأَنْفِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى طَرَفَيْنِ وَحَاجِزٍ (دِيَةٌ) لِخَبَرٍ صَحِيحٍ فِيهِ وَلَوْ قَطَعَ الْقَصَبَةَ مَعَهُ دَخَلَتْ حُكُومَتُهَا فِي دِيَتِهِ؛ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ بِخِلَافِ الْمُوضِحَةِ الْحَاصِلَةِ مِنْ قَطْعِ الْأُذُنَيْنِ، وَفِي تَعْوِيجِهِ حُكُومَةٌ كَتَعْوِيجِ الرَّقَبَةِ أَوْ نَحْوِ تَسْوِيدِ الْوَجْهِ (وَفِي كُلٍّ مِنْ طَرَفَيْهِ وَالْحَاجِزِ ثُلُثٌ) مِنْ الدِّيَةِ لِمَا مَرَّ فِي الْأَجْفَانِ (وَقِيلَ فِي الْحَاجِزِ حُكُومَةٌ وَفِيهِمَا دِيَةٌ) ؛ لِأَنَّ الْجَمَالَ وَالْمَنْفَعَةَ فِيهِمَا دُونَهُ وَيُرَدُّ بِالْمَنْعِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ (وَ) فِي قَطْعِ أَوْ إشْلَالِ (كُلِّ شَفَةٍ) وَهِيَ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ فِي عَرْضِ الْوَجْهِ إلَى الشِّدْقَيْنِ وَفِي طُولِهِ إلَى مَا يَسْتُرُ اللِّثَةَ (نِصْفٌ) مِنْ الدِّيَةِ لِخَبَرٍ فِيهِ فَفِيهِمَا الدِّيَةُ فَإِنْ كَانَتْ مَشْقُوقَةً فَفِيهَا نِصْفٌ نَاقِصٌ قَدْرُ حُكُومَةٍ وَفِي بَعْضِهَا بِقِسْطِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَفْصَحِ) وَغَيْرُ الْأَفْصَحِ ضَمُّ الْيَاءِ مَعَ شَدَّةِ الْقَافِ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَتْ عَيْنَ الْأَعْمَشِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ تَنْقُصْ الدِّيَةُ بِضَعْفِ بَصَرِهَا (قَوْلُهُ: وَلَا كَذَلِكَ تِلْكَ) أَيْ عَيْنُ الْأَعْمَشِ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ) أَيْ: فَيُقَالُ إنْ انْضَبَطَ النَّقْصُ فَبِقِسْطِهِ، وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ (قَوْلُهُ: لَا اعْتِبَارَ بِهِ) أَيْ فَتَجِبُ فِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ (قَوْلُهُ: كُلِّ جَفْنٍ) فِي قَطْعِ الْجَفْنِ الْمُسْتَحْشِفِ حُكُومَةٌ رَوْضٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهَا) أَيْ الْأَجْفَانِ (قَوْلُهُ: وَتَنْدَرِجُ حُكُومَةُ الْأَهْدَابِ) أَيْ بِخِلَافِ قَطْعِ السَّاعِدِ مَعَ الْكَفِّ يُفْرَدُ بِحُكُومَةٍ كَمَا يَأْتِي اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَحَاجِزٍ دِيَةٌ) قَالَ فِي الْعُبَابِ: فَإِنْ ذَهَبَ بَعْضُهُ وَلَوْ بِآفَةٍ فَفِي الْبَاقِي قِسْطُهُ مِنْهَا اهـ. وَانْظُرْ لَوْ ذَهَبَ بَعْضُهُ خِلْقَةً اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: الْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا تَكْمُلُ فِيهِ الدِّيَةُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْأَعْمَشِ أَنَّهُ لَوْ تَوَلَّدَ الْعَمَشُ مِنْ آفَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ لَا تَكْمُلُ فِيهِ الدِّيَةُ (قَوْلُهُ وَفِي تَعْوِيجِهِ) أَيْ الْأَنْفِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ فِي الْأَجْفَانِ) أَيْ مِنْ أَنَّ فِيهَا الْجَمَالَ وَالْمَنْفَعَةَ (قَوْلُهُ: فِي عَرْضِ الْوَجْهِ إلَى الشِّدْقَيْنِ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: وَقِيلَ مَا يَنْتَأُ: أَيْ يَرْتَفِعُ انْطِبَاقُ الْفَمِ، وَقِيلَ مَا لَوْ قَطَعَ لَمْ يُمْكِنْ انْطِبَاقُ الْفَمِ لِشَفَةٍ أُخْرَى عَلَى الْبَاقِي اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَفِي الْمِصْبَاحِ: الشِّدْقُ جَانِبُ الْفَمِ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَجَمْعُ الْمَفْتُوحِ شُدُوقٌ مِثْلُ فَلْسٍ وَفُلُوسٍ وَجَمْعُ الْمَكْسُورِ أَشْدَاقٌ مِثْلُ حِمْلٍ وَأَحْمَالٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ مَشْقُوقَةً) ظَاهِرُهُ وَلَوْ خِلْقِيًّا (قَوْلُهُ: وَفِي بَعْضِهَا بِقِسْطِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِبَقَاءِ أَصْلِ الْمَنْفَعَةِ) هَذَا التَّعْلِيلُ لَا يُنَاسِبُ حُكْمَ الْأَعْوَرِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وُجُوبُ دِيَةٍ) أَيْ دِيَةُ عَيْنٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَمْنَعُ ذَلِكَ) أَيْ كَوْنُ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْكَلَامُ لَا يُتَصَوَّرُ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم: قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْحُرُوفِ حُصُولُ كَلَامٍ مَفْهُومٍ وَهُوَ حَاصِلٌ مَعَ النَّقْصِ بِالْآفَةِ وَمِنْ النَّظَرِ إبْصَارُ الْأَشْيَاءِ

كَسَائِرِ الْأَجْرَامِ، وَيَسْقُطُ مَعَ قَطْعِهِمَا حُكُومَةُ الشَّارِبِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ وَفِي الشَّفَةِ الشَّلَّاءِ حُكُومَةٌ (وَ) فِي (لِسَانٍ) نَاطِقٍ (وَلَوْ لِأَلْكَنَ وَأَرَتَّ وَأَلْثَغَ وَطِفْلٍ) وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرُ نُطْقِهِ وَشَمِلَ مَا لَوْ كَانَ نَاطِقًا فَاقِدَ الذَّوْقِ، وَإِنْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّ فِيهِ الْحُكُومَةَ كَالْأَخْرَسِ، وَلَوْ قَطَعَ لِسَانَهُ فَذَهَبَ كَلَامُهُ وَذَوْقُهُ لَزِمَهُ دِيَتَانِ إنْ قُلْنَا بِأَنَّ الذَّوْقَ لَيْسَ فِي اللِّسَانِ (دِيَةٌ) لِخَبَرٍ صَحِيحٍ فِيهِ (وَقِيلَ شَرْطُ) الْوُجُوبِ فِي لِسَانِ (الطِّفْلِ ظُهُورُ أَثَرِ نُطْقٍ بِتَحْرِيكِهِ لِبُكَاءٍ وَمَصٍّ) وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ، وَالْأَصَحُّ لَا فَرْقَ أَخْذًا بِظَاهِرِ السَّلَامَةِ كَمَا تَجِبُ فِي يَدِهِ أَوْ رِجْلِهِ وَإِنْ فُقِدَ الْبَطْشُ حَالًا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ بَلَغَ أَوَانَ النُّطْقِ وَالتَّحْرِيكِ وَلَمْ يَظْهَرْ أَثَرُهُ تَعَيَّنَتْ الْحُكُومَةُ، فَلَوْ وُلِدَ أَصَمَّ فَلَمْ يُحْسِنْ الْكَلَامَ لِعَدَمِ سَمَاعِهِ فَهَلْ يَجِبُ فِي لِسَانِهِ دِيَةٌ أَوْ حُكُومَةٌ وَجْهَانِ، جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِأَوَّلِهِمَا وَصَحَّحَ الزَّرْكَشِيُّ ثَانِيَهُمَا؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمُعْتَبَرَةَ فِي اللِّسَانِ النُّطْقُ، وَهُوَ مَأْيُوسٌ مِنْ الْأَصَمِّ، وَالصَّبِيُّ إنَّمَا يَنْطِقُ بِمَا يَسْمَعُهُ، فَإِذَا لَمْ يَسْمَعْ لَمْ يَنْطِقْ (وَ) فِي لِسَانٍ (الْأَخْرَسِ) أَصَالَةً أَوْ لِعَارِضٍ (حُكُومَةٌ) لِذَهَابِ أَعْظَمِ مَنَافِعِهِ، نَعَمْ إنْ ذَهَبَ بِقَطْعِهِ الذَّوْقُ فَدِيَةٌ لَا حُكُومَةٌ (وَ) فِي (كُلِّ سِنٍّ) أَصْلِيَّةٍ تَامَّةٍ مَثْغُورَةٍ غَيْرِ مُتَقَلْقِلَةٍ صَغِيرَةٍ أَوْ كَبِيرَةٍ نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ صَاحِبِهَا أَوْ قِيمَتُهُ عَلَى مَا مَرَّ فَفِي كُلِّ سِنٍّ كَذَلِكَ (لِذَكَرٍ حُرٍّ مُسْلِمٍ خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ) وَلِأُنْثَى وَخُنْثَى نِصْفُهَا وَلِذِمِّيٍّ ثُلُثُهَا وَلِقِنٍّ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ، وَشَمِلَ مَا لَوْ ذَهَبَتْ حِدَّتُهَا حَتَّى كَلَّتْ بِمُرُورِ الزَّمَانِ كَمَا جَاءَ فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الضِّرْسِ وَالثَّنِيَّةِ لِدُخُولِهِمَا فِي لَفْظِ السِّنِّ وَإِنْ انْفَرَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِاسْمٍ كَالْخِنْصِرِ وَالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى فِي الْأَصَابِعِ، نَعَمْ لَوْ كَانَتْ إحْدَى ثَنِيَّتَيْهِ أَقْصَرَ مِنْ الْأُخْرَى أَوْ ثَنِيَّتُهُ مِثْلَ رَبَاعِيَتِهِ أَوْ أَقْصَرَ نَقَصَ مِنْ الْخُمُسِ مَا يَلِيقُ بِنَقْصِهَا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ طُولُ الثَّنِيَّةِ عَلَى الرَّبَاعِيَةِ وَلَوْ طَالَتْ سِنُّهُ فَلَمْ تَصْلُحْ لِلْمَضْغِ فَفِيهَا حُكُومَةٌ، كَمَا لَوْ غَيَّرَ لَوْنَ سِنٍّ أَوْ قَلْقَلَهَا وَبَقِيَتْ مَنْفَعَتُهَا، وَالْأَسْنَانُ الْعُلْيَا مُتَّصِلَةٌ بِعَظْمِ الرَّأْسِ فَإِنْ قَلَعَ مَعَ بَعْضِهَا شَيْئًا مِنْهُ فَحُكُومَةٌ أَيْضًا إذْ لَا تَبَعِيَّةَ (سَوَاءٌ كَسَرَ الظَّاهِرَ مِنْهَا دُونَ السِّنْخِ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَإِعْجَامِ الْخَاءِ، وَهُوَ أَصْلُهَا الْمُسْتَتِرُ بِاللَّحْمِ، وَالْمُرَادُ بِالظَّاهِرِ الْبَادِي خِلْقَةً، ـــــــــــــــــــــــــــــSوَإِنْ قُطِعَ بَعْضُهَا فَتَقَلَّصَا أَيْ الْبَعْضَانِ الْبَاقِيَانِ وَبَقِيَا كَمَقْطُوعِ الْجَمِيعِ فَهَلْ تَكْمُلُ الدِّيَةُ أَوْ تَتَوَزَّعُ عَلَى الْمَقْطُوعِ وَالْبَاقِي وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا ثَانِيهِمَا، وَنَصُّ الْأُمِّ يَقْتَضِيهِ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: حُكُومَةُ الشَّارِبِ) أَيْ الشَّعْرِ الَّذِي عَلَى الشَّفَةِ الْعُلْيَا (قَوْلُهُ وَفِي لِسَانٍ نَاطِقٍ) قَالَ فِي الْعُبَابِ: بِلَا جِنَايَةٍ أَوْ بِهَا مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَقَوْلُ سم مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ: أَيْ الْجُزْءِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الذَّوْقَ لَيْسَ فِي اللِّسَانِ) وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفِي إبْطَالِ الذَّوْقِ دِيَةٌ، أَمَّا إذَا قُلْنَا إنَّهُ فِي اللِّسَانِ وَهُوَ الرَّاجِحُ فَدِيَةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي، وَعِبَارَةُ حَجّ هُنَا بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَطِفْلٍ وَإِنْ فُقِدَ ذَوْقُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ قَوْلُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ لَوْ قَطَعَ لِسَانَهُ فَذَهَبَ ذَوْقُهُ لَزِمَهُ دِيَتَانِ، فَجَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَصَاحِبُ الْمُهَذَّبِ بِالْحُكُومَةِ فِيمَا لَا ذَوْقَ لَهُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِأَوَّلِهِمَا) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: مِثْلَ رَبَاعِيَتِهِ) الرَّبَاعِيَةُ بِوَزْنِ الثَّمَانِيَةِ السِّنُّ الَّتِي بَيْنَ الثَّنِيَّةِ وَالنَّابِ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَبَقِيَتْ مَنْفَعَتُهَا) أَيْ فَإِنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْجَانِي فِي تَغْيِيرِهَا وَقَلْقَلَتِهَا حُكُومَةٌ (قَوْلُهُ: إذْ لَا تَبَعِيَّةَ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ عَدَمَ التَّبَعِيَّةِ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا لَهُ مُقَدَّرٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الرَّأْسَ لَمَّا كَانَ مَضْمُونًا إذَا جُنِيَ عَلَيْهِ بِجِنَايَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ كَالْمُوضِحَةِ وَالْهَاشِمَةِ لَمْ يُحْكَمْ بِتَبَعِيَّتِهِ بَلْ الْتَحَقَ النَّقْصُ فِيهِ بِالنَّقْصِ فِيمَا لَهُ مُقَدَّرٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَصْلُهَا الْمُسْتَتِرُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَدْ نَقَصَ (قَوْلُهُ: إنْ قُلْنَا إلَخْ) أَيْ وَهُوَ رَأْيٌ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَانَتْ إحْدَى ثَنِيَّتَيْهِ أَقْصَرَ إلَخْ) هَلْ هَذَا الْحُكْمُ خَاصٌّ بِالثَّنِيَّتَيْنِ وَالرَّبَاعِيَتَيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ يُرَاجَعُ (قَوْلُهُ: الْعُلْيَا) أَمَّا السُّفْلَى فَمَنْبَتُهَا اللَّحْيَانِ وَفِيهِمَا الدِّيَةُ كَمَا

فَلَوْ ظَهَرَ بَعْضُ السِّنْخِ لِعَارِضٍ كَمُلَتْ الدِّيَةُ فِي الْأَوَّلِ (أَوْ قَلَعَهَا بِهِ) مَعًا مِنْ أَصْلِهَا؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ فَأَشْبَهَ الْكَفَّ مَعَ الْأَصَابِعِ أَمَّا لَوْ كَسَرَ الظَّاهِرَ ثُمَّ قَلَعَ السِّنْخَ وَلَوْ قَبْلَ الِانْدِمَالِ فَتَجِبُ فِيهِ حُكُومَةٌ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَ قَالِعُهُمَا، وَالْأَوْجَهُ مَجِيءُ هَذَا فِي قَصَبَةِ الْأَنْفِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ التَّوَابِعِ السَّابِقَةِ وَالْآتِيَةِ وَلَوْ قَلَعَهَا إلَّا عِرْقًا فَعَادَتْ فَنَبَتَتْ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا حُكُومَةٌ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَكَقَلْعِهَا مَا لَوْ أَذْهَبَتْ الْجِنَايَةُ جَمِيعَ مَنَافِعِهَا وَيُصَدَّقُ فِيهِ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ؛ إذْ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ انْتَهَى. كَمَا لَوْ جَنَى اثْنَانِ عَلَى سِنٍّ فَاخْتَلَفَ هُوَ وَالثَّانِي فِي الْبَاقِي مِنْهَا حَالَ جِنَايَتِهِ فَيُصَدَّقُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ (وَفِي سِنٍّ زَائِدَةٍ حُكُومَةٌ) وَالْمُرَادُ بِهَا الشَّاغِيَةُ الَّتِي بِأَصْلِهِ وَهِيَ الَّتِي تُخَالِفُ نِبْتَتُهَا نِبْتَةَ الْأَسْنَانِ لَا الَّتِي مِنْ نَحْوٍ ذَهَبٍ فَإِنَّ فِيهَا التَّعْزِيرَ فَقَطْ، أَمَّا الزَّائِدَةُ عَلَى الْغَالِبِ وَهُوَ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ فِي غَالِبِ الْفِطْرَةِ فَفِيهَا أَرْشٌ كَامِلٌ كَمَا صَحَّحَهُ الْقَمُولِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْخَبَرِ وَالْجُمْهُورِ، وَتَرْجِيحُ الْأَنْوَارِ الْحُكُومَةَ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّهَا إذَا انْقَسَمَتْ عَلَى خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ مَثَلًا فَأَيُّ ثَلَاثَةٍ يُحْكَمُ عَلَيْهَا بِالزِّيَادَةِ حَتَّى تُفْرَدَ بِحُكُومَاتٍ، فَلَوْ كَانَتْ قِطْعَةً مِنْ أَسْفَلَ وَوَاحِدَةً مِنْ أَعْلَى وَأُزِيلَتْ بِجِنَايَةٍ اُتُّجِهَ أَنْ لَا يُزَادَ فِيهِمَا عَلَى دِيَةِ النَّفْسِ (وَحَرَكَةُ السِّنِّ) الْمُتَوَلِّدَةِ مِنْ نَحْوِ مَرَضٍ أَوْ كِبَرٍ (إنْ قَلَّتْ) وَلَمْ تَنْقُصْ مَنْفَعَتُهَا (فَكَصَحِيحَةٍ) فِي وُجُوبِ الْقَوَدِ أَوْ الدِّيَةِ لِبَقَاءِ الْجَمَالِ وَالْمَنْفَعَةِ (وَإِنْ بَطَلَتْ الْمَنْفَعَةُ) يَعْنِي مَنْفَعَةَ الْمَضْغِ لِشِدَّةِ الْحَرَكَةِ مَثَلًا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ (فَحُكُومَةٌ) فَقَطْ لِلشَّيْنِ الْحَاصِلِ بِزَوَالِ الْمَنْفَعَةِ (أَوْ نَقَصَتْ) بِأَنْ بَقِيَ فِيهَا أَصْلُ مَنْفَعَةِ الْمَضْغِ (فَالْأَصَحُّ كَصَحِيحَةٍ) فَيَجِبُ الْقَوَدُ أَوْ الدِّيَةُ كَمَا يَجِبُ مَعَ ضَعْفِ الْبَطْشِ وَالْمَشْيِ، أَمَّا الْمُتَوَلِّدَةُ مِنْ جِنَايَةٍ ثُمَّ سَقَطَتْ فَفِيهَا الْأَرْشُ لَكِنْ لَا يَكْمُلُ إنْ ضُمِنَتْ تِلْكَ الْجِنَايَةُ لِئَلَّا يَتَضَاعَفَ الْغُرْمُ فِي الشَّيْءِ الْوَاحِدِ، أَوْ عَادَتْ كَمَا كَانَتْ فَفِيهَا الْحُكُومَةُ، أَوْ نَقَصَتْ فَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا لُزُومُ الْأَرْشِ. وَالثَّانِي فِيهَا الْحُكُومَةُ لِلنَّقْصِ (وَلَوْ) (قَلَعَ سِنَّ صَغِيرٍ) أَوْ كَبِيرٍ فَذِكْرُهُ الصَّغِيرَ لِلْغَالِبِ (لَمْ يُثْغَرْ فَلَمْ تَعُدْ) وَقْتَ الْعَوْدِ (وَبَانَ فَسَادُ الْمَنْبِتِ) بِقَوْلِ خَبِيرَيْنِ (وَجَبَ الْأَرْشُ) كَمَا يَجِبُ الْقَوَدُ فَإِنْ عَادَتْ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ مَا لَمْ يَبْقَ شَيْنٌ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ) لِلْحَالِ (فَلَا شَيْءَ) أَيْ لَا أَرْشَ لِأَصْلِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ الْعَوْدُ لَوْ بَقِيَ، نَعَمْ تَجِبُ حُكُومَةٌ (وَ) الْأَظْهَرُ (أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ سِنُّ مَثْغُورٍ فَعَادَتْ لَا يَسْقُطُ الْأَرْشُ) ؛ لِأَنَّ الْعَوْدَ نِعْمَةٌ جَدِيدَةٌ. وَالثَّانِي قَالَ الْعَائِدَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــSيُقَالُ أَيْضًا لِأَصْلِ كُلِّ شَيْءٍ وَيُقَالُ بِالْجِيمِ أَيْضًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَتْ قِطْعَةً) أَيْ الْأَسْنَانُ قِطْعَةً إلَخْ (قَوْلُهُ: فَفِيهَا الْحُكُومَةُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَمَا لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْجِرَاحَةِ نَقْصٌ وَلَا شَيْنٌ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لُزُومُ الْأَرْشِ) قَالَ سم: أَيْ لِمَنْ تَحَرَّكَتْ لِجِنَايَتِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: بِقَوْلِ خَبِيرَيْنِ) أَيْ إنَّ أَحْضَرَهُمَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ وَإِنْ بَعُدَتْ مَسَافَتُهُمَا، وَإِلَّا وُقِفَ الْأَمْرُ إلَى تَبَيُّنِ فَسَادِهِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَبْقَ شَيْنٌ) أَيْ فَإِنْ بَقِيَ فَفِيهِ حُكُومَةٌ (قَوْلُهُ: لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ) أَيْ بِأَنْ مَاتَ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْفَسَادِ أَوْ قَبْلَ تَمَامِ نَبَاتِهَا كَمَا عَبَّرَ بِذَلِكَ فِي الرَّوْضِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: نَعَمْ تَجِبُ حُكُومَةٌ) وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّا تَحَقَّقْنَا ذَهَابَ السِّنِّ وَشَكَكْنَا فِي وُجُوبِ الْأَرْشِ فَأَسْقَطْنَا الْأَرْشَ ـــــــــــــــــــــــــــــQسَيَأْتِي كَذَا قَالَهُ سم (قَوْلُهُ: فِي الْأَوَّلِ) أَيْ الْبَادِي خِلْقَةً (قَوْلُهُ: نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْتِصَاقِ الْأُذُنِ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مُلْحَقًا، وَالْأَصْوَبُ حَذْفُهُ إذْ لَمْ يَمُرَّ لَهُ فِي الْتِصَاقِ الْأُذُنِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: إذَا انْقَسَمَتْ) أَيْ الْأَسْنَانُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ سَقَطَتْ) أَيْ أَسْقَطَهَا جَانٍ آخَرُ وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَهُ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا أَسْقَطَهَا جَانٍ آخَرُ بِدَلِيلِ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمَنْطُوقِ مَعَ مَا فِي التَّعْبِيرِ بِسَقَطَتْ مِنْ إيهَامِ أَنَّهَا سَقَطَتْ بِنَفْسِهَا وَلَيْسَ مُرَادًا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: ثُمَّ عَادَتْ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى سَقَطَتْ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ بِالنَّظَرِ لِمَا قَرَّرْنَاهُ، وَإِنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا جَنَى إنْسَانٌ عَلَى سِنٍّ فَتَحَرَّكَتْ ثُمَّ نَبَتَتْ وَعَادَتْ لِمَا كَانَتْ، فَفِي كَلَامِهِ تَشْتِيتٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ سم فِي كَلَامِهِ عَلَى التُّحْفَةِ الَّتِي عِبَارَتُهَا كَالشَّارِحِ

قَائِمَةٌ مَقَامَ الْأُولَى (وَلَوْ) (قُلِعَتْ الْأَسْنَانُ) كُلُّهَا (فَبِحِسَابِهِ) أَيْ الْمَقْلُوعِ، وَإِنْ زَادَتْ عَلَى دِيَةٍ فَفِيهَا مِائَةٌ وَسِتُّونَ بَعِيرًا وَإِنْ اتَّحَدَ الْجَانِي لِظَاهِرِ خَبَرِ عَمْرٍو (وَفِي قَوْلٍ لَا تَزِيدُ عَلَى دِيَةٍ إنْ اتَّحَدَ جَانٍ وَجِنَايَةٌ) وَيُرَدُّ بِأَنَّ الدِّيَةَ ثَمَّ نِيطَتْ بِالْجُمْلَةِ، وَهُنَا لَمْ تُنَطْ إلَّا بِكُلِّ سِنٍّ عَلَى حِيَالِهَا فَتَعَيَّنَ الْحِسَابُ (وَ) فِي (كُلِّ لَحْيٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ (نِصْفُ دِيَةٍ) كَالْأُذُنَيْنِ (وَلَا يَدْخُلُ أَرْشُ الْأَسْنَانِ) الَّتِي عَلَيْهَا وَهِيَ السُّفْلَى سَوَاءٌ أُثْغِرَتْ أَمْ لَا (فِي دِيَةِ اللَّحْيَيْنِ فِي الْأَصَحِّ) لِاسْتِقْلَالِ كُلٍّ بِنَفْعٍ وَبَدَلٍ وَاسْمٍ خَاصٍّ، وَبِهِ فَارَقَ الْكَفَّ مَعَ الْأَصَابِعِ وَلِزَوَالِ مَنْبِتِ غَيْرِ الْمُثْغِرَةِ بِالْكُلِّيَّةِ. وَالثَّانِي يَدْخُلُ اتِّبَاعًا لِلْأَقَلِّ بِالْأَكْثَرِ (وَ) فِي (كُلِّ يَدٍ نِصْفُ دِيَةٍ) لِخَبَرٍ فِيهِ فِي أَبِي دَاوُد (إنْ قَطَعَ مِنْ كَفٍّ) يَعْنِي مِنْ كُوعٍ كَمَا بِأَصْلِهِ (وَإِنْ قَطَعَ فَوْقَهُ فَحُكُومَةٌ أَيْضًا) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَابِعٍ؛ إذْ لَا يَشْمَلُهُ اسْمُ الْيَدِ هُنَا، بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الْكُوعِ لِشُمُولِ اسْمِهَا لَهُ هَذَا إنْ اتَّحَدَ الْقَاطِعُ، وَإِلَّا فَعَلَى الثَّانِي وَهُوَ الْقَاطِعُ مَا عَدَا الْأَصَابِعَ حُكُومَةٌ (وَ) فِي قَطْعِ أَوْ إشْلَالِ (كُلِّ أُصْبُعٍ) عُشْرُ دِيَةِ صَاحِبِهَا فَفِي أُصْبُعِ الذَّكَرِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ (عَشَرَةُ أَبْعِرَةٍ وَفِي) كُلِّ (أُنْمُلَةٍ) لَهُ (ثُلُثُ الْعَشَرَةِ وَ) فِي (أُنْمُلَةِ إبْهَامٍ) لَهُ (نِصْفُهَا) عَمَلًا بِالتَّقْسِيطِ الْآتِي (وَالرِّجْلَانِ كَالْيَدَيْنِ) فِي كُلِّ مَا ذُكِرَ حَتَّى فِي ـــــــــــــــــــــــــــــSوَأَوْجَبْنَا الْحُكُومَةَ لِئَلَّا تَكُونَ الْجِنَايَةُ عَلَيْهَا هَدَرًا مَعَ احْتِمَالِ عَدَمِ الْقَوَدِ لَوْ عَاشَ (قَوْلُهُ إنْ اتَّحَدَ جَانٍ وَجِنَايَةٌ) أَيْ كَالْأَصَابِعِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: عَلَى حِيَالِهَا) أَيْ انْفِرَادِهَا (قَوْلُهُ: أُثْغِرَتْ) هُوَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: وَإِذَا نَبَتَتْ بَعْدَ السُّقُوطِ قِيلَ أَثْغَرَ إثْغَارًا مِثْلُ أَكْرَمَ إكْرَامًا، وَإِذَا أَلْقَى أَسْنَانَهُ قِيلَ: اثَّغَرَ عَلَى افْتَعَلَ قَالَهُ ابْنُ فَارِسٍ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ إذَا نَبَتَتْ أَسْنَانُهُ قِيلَ اثَّغَرَ بِالتَّشْدِيدِ (قَوْلُهُ: اتِّبَاعًا لِلْأَقَلِّ) أَيْ وَهُوَ أَرْشُ الْأَسْنَانِ السُّفْلَى؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مِنْ أَرْشِ اللَّحْيَيْنِ فَإِنَّ فِيهِمَا دِيَةً كَامِلَةً وَهِيَ: أَكْثَرُ مِنْ أَرْشِ الْأَسْنَانِ السُّفْلَى (قَوْلُهُ: وَفِي كُلِّ يَدٍ نِصْفُ دِيَةٍ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: قَدْ تَجِبُ فِيهَا ثُلُثُ دِيَةٍ كَأَنْ دَفَعَ الصَّائِلَ فَأَتَى الدَّفْعُ عَلَى قَطْعِ يَدِهِ فَوَلَّى فَتَبِعَهُ الْمَصُولُ عَلَيْهِ قَطْعَ الْأُخْرَى لَزِمَهُ قِصَاصُهَا فَعَادَ الصَّائِلُ فَأَتَى الدَّفْعُ عَلَى رِجْلِهِ ثُمَّ مَاتَ لَزِمَهُ ثُلُثُ الدِّيَةِ فِي نَظِيرِ الْيَدِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الصَّائِلَ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ مِنْ ثَلَاثِ جِنَايَاتٍ مِنْهَا ثِنْتَانِ مُهْدَرَتَانِ وَهُمَا قَطْعُ يَدِهِ الْأُولَى وَرِجْلِهِ؛ لِأَنَّهُمَا قُطِعَا مِنْهُ دَفْعًا لِصِيَالِهِ، وَحَيْثُ آلَ الْأَمْرُ إلَى الدِّيَةِ سَقَطَ مَا يُقَابِلُهُمَا وَوَجَبَ مِنْ الدِّيَةِ مَا يُقَابِلُ الْيَدَ الَّتِي قَطَعَهَا الْمَصُولُ عَلَيْهِ تَعَدِّيًا وَهُوَ ثُلُثُ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَشْمَلُهُ اسْمُ الْيَدِ) وَبِهَذَا فَارَقَ قَصَبَةَ الْأَنْفِ وَالثَّدْيَ حَيْثُ لَا يَجِبُ فِي قَصَبَةِ الْأَنْفِ شَيْءٌ مَعَ دِيَةِ الْمَارِنِ وَلَا فِي الثَّدْيِ شَيْءٌ مَعَ دِيَةِ الْحَلَمَةِ (قَوْلُهُ: هَذَا إنْ اتَّحَدَ الْقَاطِعُ) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ وُجُوبِ الْحُكُومَةِ إذَا اتَّحَدَ الْقَاطِعُ وَقَطَعَ الْكَفَّ بَعْدَ قَطْعِهِ لِلْأَصَابِعِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: سَوَاءٌ كَسَرَ الظَّاهِرَ مِنْهَا إلَخْ، وَالْأَوْجَهُ مَجِيءُ هَذَا فِي قَصَبَةِ الْأَنْفِ وَغَيْرِهَا مِنْ التَّوَابِعِ السَّابِقَةِ وَالْآتِيَةِ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِاتِّحَادِ الْقَاطِعِ أَنَّهُ قَطَعَ الْكَفَّ مِنْ الْأَصَابِعِ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ مَا ذَكَرَ لَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ مَفْهُومًا بِقَوْلِهِ هَذَا إنْ اتَّحَدَ الْقَاطِعُ، فَإِنَّ قَوْلَهُ هَذَا إنْ اتَّحَدَ إلَخْ قَيْدٌ فِيمَا لَوْ قَطَعَ مَا فَوْقَ الْكَفِّ، أَمَّا لَوْ قَطَعَ الْأَصَابِعَ ثُمَّ قَطَعَ الْكَفَّ فَلَيْسَ دَاخِلًا فِي عِبَارَتِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ قَيْدٌ لِقَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الْكُوعِ مِنْ الْكَفِّ (قَوْلُهُ: عُشْرِ دِيَةِ صَاحِبِهَا) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: لَوْ كَانَتْ بِلَا مَفَاصِلَ فَنَقْلًا عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ فِيهَا دِيَةً: أَيْ دِيَةَ أُصْبُعٍ تَنْقُصُ شَيْئًا اهـ وَقَوْلُهُ: وَأَنْمُلَةِ: ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ بِأَنَّ الدِّيَةَ ثَمَّ) لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِهِ مَرْجِعٌ لِهَذِهِ الْإِشَارَةِ وَهُوَ فِي التُّحْفَةِ عَقِبَ الْمَتْنِ حَيْثُ قَالَ كَالْأَصَابِعِ وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ الْكَتَبَةِ مِنْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَلِزَوَالِ مَنْبَتِ إلَخْ.) فَهُوَ كَفَسَادِ الْمَنْبَتِ أَوْ أَبْلَغَ قَالَهُ سم: أَيْ فَلَا يُقَالُ كَيْفَ تَجِبُ دِيَةُ غَيْرِ الْمُثْغِرَةِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا دِيَةَ فِيهَا. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ وُجُوبِ دِيَتِهَا عِنْدَ عَدَمِ فَسَادِ الْمَنْبَتِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: يَعْنِي: مِنْ كُوعٍ) إنَّمَا احْتَاجَ لِهَذَا التَّفْسِيرِ لِيَصِحَّ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدَهُ فَإِنْ قُطِعَ فَوْقَهُ إلَخْ. وَإِلَّا

الْأَنَامِلِ إلَّا فِي الْإِبْهَامِ فِعْلُ أَنْمُلَتَيْهِ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ بِهِ، وَلَوْ زَادَتْ الْأَصَابِعُ أَوْ الْأَنَامِلُ عَلَى الْعَدَدِ الْغَالِبِ مَعَ التَّسَاوِي أَوْ نَقَصَتْ قُسِّطَ وَاجِبُ الْأُصْبُعِ الْمَارُّ عَلَيْهَا لَا وَاجِبُ الْأَصَابِعِ، وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ كَلَامُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ فَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ، وَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْيَدُ وَعُلِمَتْ الزَّائِدَةُ لِنَحْوِ قِصَرٍ فَاحِشٍ فَفِيهَا حُكُومَةٌ، وَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ الزَّائِدَةُ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي سَائِرِ مَا يَأْتِي أَوْ لِلتَّعَارُضِ الْآتِي فَهُمَا كَيَدٍ وَاحِدَةٍ فَفِيهِمَا الْقَوَدُ أَوْ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّهُمَا أَصْلِيَّتَانِ فِي الْأُولَى وَمُشْتَبِهَتَانِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَا مُرَجِّحَ فَأُعْطِيَا حُكْمَ الْأَصْلِيَّتَيْنِ، وَتَجِبُ حُكُومَةٌ مَعَ كُلٍّ لِزِيَادَةِ الصُّورَةِ، وَتُعْرَفُ الْأَصْلِيَّةُ بِبَطْشٍ أَوْ قُوَّتِهِ وَإِنْ انْحَرَفَتْ عَنْ سَمْتِ الْكَفِّ أَوْ نَقَصَتْ أُصْبُعًا وَبِاعْتِدَالٍ فَالْمُنْحَرِفَةُ الزَّائِدَةُ مَا لَمْ يَزِدْ بَطْشُهَا فَهِيَ الْأَصْلِيَّةُ، فَإِنْ تَمَيَّزَتْ إحْدَاهُمَا بِاعْتِدَالٍ وَالْأُخْرَى بِزِيَادَةِ أُصْبُعٍ فَلَا تَمْيِيزَ، فَإِنْ اسْتَوَيَا بَطْشًا وَنَقَصَتْ إحْدَاهُمَا وَانْحَرَفَتْ الْأُخْرَى فَالْمُنْحَرِفَةُ الْأَصْلِيَّةُ كَمَا رَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَوْ زَادَ جِرْمُ أَحَدِهِمَا فَهِيَ الْأَصْلِيَّةُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَفِي أُصْبُعٍ أَوْ أُنْمُلَةٍ زَائِدَةٍ وَتُعْرَفُ بِنَحْوِ انْحِرَافٍ عَنْ سَمْتِ الْأَصْلِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ حَتَّى أُنْمُلَةِ خِنْصِرِ الرِّجْلِ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْإِبْهَامِ) لَمْ يَذْكُرْ حَجّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ وَهُوَ الْأَوْلَى لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ فِي أُنْمُلَةِ إبْهَامِ الْيَدِ نِصْفَ الْعُشْرِ؛ لِأَنَّ فِيهِ أَنْمُلَتَيْنِ لَا ثَلَاثَةً، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بَعْدَ قَوْلِهِ الْأَنَامِلِ فَفِي كُلِّ أُنْمُلَةٍ ثُلُثُ عُشْرِ الدِّيَةِ إلَّا فِي الْإِبْهَامِ فَإِنَّ الْوَاجِبَ فِي أَنْمُلَتِهِ نِصْفَ الْعُشْرِ (قَوْلُهُ: الْمَارُّ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْأَنَامِلِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ كَلَامُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ) يُتَأَمَّلُ هَذَا فَإِنَّ فَرْضَ الْكَلَامِ فِي تَعَدُّدِ الْأَصَابِعِ أَوْ الْأَنَامِلِ وَمَا مَعْنَى تَوْزِيعِ الْأُصْبُعِ عَلَى جُمْلَةِ الْأَصَابِعِ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ وَاجِبَ الْأُصْبُعِ لِلْوَاحِدَةِ يُوَزَّعُ عَلَى عَدَدِ أَنَامِلِهَا إلَّا أَنَّ وَاجِبَ الْأَصَابِعِ يُقَسَّطُ عَلَى عَدَدِ أَنَامِلِهَا (قَوْلُهُ: فَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ) وَعِبَارَتُهُ فَلَوْ انْقَسَمَتْ أُصْبُعٌ بِأَرْبَعِ أَنَامِلَ مُتَسَاوِيَةٍ فَفِي كُلِّ وَاحِدَةٍ رُبُعُ الْعُشْرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَيُقَاسُ بِهَذِهِ النِّسْبَةِ الزَّائِدَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ وَالنَّاقِصَةِ عَنْ الثَّلَاثِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ، ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَمْ يَقْسِمُوا دِيَةَ الْأَصَابِعِ عَلَيْهَا إذَا زَادَتْ أَوْ نَقَصَتْ كَمَا فِي الْأَنَامِلِ بَلْ أَوْجَبُوا فِي الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ حُكُومَةً. قُلْنَا: الْفَرْقُ أَنَّ الزَّائِدَةَ مِنْ الْأَصَابِعِ مُتَمَيِّزَةٌ وَمِنْ الْأَنَامِلِ غَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ اهـ بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: فَفِيهِمَا الْقَوَدُ وَالدِّيَةُ) أَيْ فَفِيهِمَا مَعًا دِيَةٌ وَاحِدَةٌ وَحُكُومَةٌ لِكُلٍّ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَمَيَّزَتْ إحْدَاهُمَا) فِي الصُّورَةِ، وَقَوْلُهُ فَلَا تَمْيِيزَ: أَيْ يَقْتَضِي أَصَالَةَ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ: وَانْحَرَفَتْ الْأُخْرَى) أَيْ عَنْ سَمْتِ الْكَفِّ (قَوْلُهُ: أَوْ زَادَ جِرْمُ إحْدَاهُمَا) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُمَا اسْتَوَيَا بَطْشًا (قَوْلُهُ: عَنْ سَمْتِ الْأَصْلِيَّةِ) فِيهِ أَنَّ الَّذِي قَرَّرَهُ أَنَّ الْأَصَالَةَ تُعْرَفُ بِقُوَّةِ الْبَطْشِ وَإِنْ انْحَرَفَ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْمُرَادَ بِمَا قَرَّرَهُ قَوْلُهُ فِي الْيَدَيْنِ فَإِنْ اسْتَوَيَا بَطْشًا ـــــــــــــــــــــــــــــQفَهُوَ صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: هَذَا إنْ اتَّحَدَ الْقَاطِعُ) هُوَ تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الْكُوعِ: أَيْ مِنْ أَسْفَلَ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الْعِبَارَاتِ مِنْ إيهَامِ أَنَّهُ تَقْيِيدٌ لِلْمَتْنِ لَكِنْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ الْقَطْعُ بَدَلَ الْقَاطِعِ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالْقَاطِعِ الثَّانِي مَا يَشْمَلُ الْقَاطِعَ الْأَوَّلَ وَكَأَنَّهُ تَعَدَّدَ بِتَعَدُّدِ فِعْلِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْإِبْهَامِ) الصَّوَابُ حَذْفُهُ (قَوْلُهُ: قُسِّطَ وَاجِبُ الْأُصْبُعِ الْمَارِّ عَلَيْهَا) يَعْنِي: عَلَى الْأَنَامِلِ أَوْ عَلَى الْأُصْبُعِ: أَيْ أَنَامِلِهَا، وَقَوْلُهُ: لَا وَاجِبُ الْأَصَابِعِ: أَيْ فَلَا يَسْقُطُ عَلَى الْأَصَابِعِ، وَحَاصِلُ الْمَقْصُودِ أَنَّهُ إذَا زَادَتْ أَنَامِلُ أُصْبُعٍ أَوْ نَقَصَتْ قُسِّطَ الْعُشْرُ عَلَيْهَا، وَلَوْ زَادَتْ الْأَصَابِعُ أَوْ نَقَصَتْ لَا يُقَسَّطُ بَلْ يَجِبُ فِي الزَّائِدِ حُكُومَةٌ، وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْأُصْبُعَ الزَّائِدَةَ مُتَمَيِّزَةٌ بِخِلَافِ الْأُنْمُلَةِ الزَّائِدَةِ، لَكِنَّ قَوْلَهُ وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ كَلَامُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ عِبَارَتَهُ لَا تَقْبَلُهُ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَتِهَا (قَوْلُهُ: فَأُعْطِيَا) أَيْ الْمُشْتَبِهَتَانِ، وَقَوْلُهُ: حُكْمَ الْأَصْلِيَّتَيْنِ: أَيْ الْمَذْكُورَتَيْنِ فِيهِ اللَّتَيْنِ هُمَا كَوَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: مَعَ كُلٍّ) أَيْ مِنْ الْقَوَدِ وَالدِّيَةِ

كَمَا تَقَرَّرَ حُكُومَةٌ (وَ) فِي قَطْعِ أَوْ إشْلَالِ (حَلَمَتَيْهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (دِيَتُهَا) فَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا، وَهِيَ رَأْسُ الثَّدْيِ نِصْفُ دِيَةٍ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الرَّضَاعِ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَيْهَا وَتَدْخُلُ حُكُومَةُ بَقِيَّتِهِ فِيهَا (وَ) فِي (حَلَمَتَيْهِ) أَيْ الرَّجُلِ وَمِثْلُهُ الْخُنْثَى عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ (حُكُومَةٌ) إذْ لَيْسَ فِيهَا سِوَى الْجَمَالِ، وَلَا تَدْخُلُ فِيهَا الثَّنْدُوَةُ مِنْ غَيْرِ الْمَهْزُولِ وَهِيَ مَا حَوَالَيْهَا مِنْ اللَّحْمِ؛ لِأَنَّهُمَا عُضْوَانِ، بِخِلَافِ بَقِيَّةِ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ مَعَ حَلَمَتَيْهَا (وَفِي قَوْلٍ دِيَةٌ) كَالْمَرْأَةِ (وَفِي أُنْثَيَيْنِ) بِقَطْعِ جِلْدَتَيْهِمَا (دِيَةٌ وَكَذَا ذَكَرٌ) غَيْرُ أَشَلَّ فَفِيهِ قَطْعًا وَإِشْلَالًا الدِّيَةُ لِخَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «فِي الذَّكَرِ وَفِي الْأُنْثَيَيْنِ الدِّيَةُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ (وَلَوْ) كَانَ الذَّكَرُ (لِصَغِيرٍ وَشَيْخٍ وَعِنِّينٍ) فَفِيهِ دِيَةٌ (وَحَشَفَةٌ كَذَكَرٍ) فَفِيهَا وَحْدَهَا دِيَةٌ؛ لِأَنَّ مُعْظَمَ مَنَافِعِهِ وَهُوَ لَذَّةُ الْمُبَاشَرَةِ تَتَعَلَّقُ بِهَا (وَبَعْضُهَا) فِيهِ (بِقِسْطِهِ مِنْهَا) لِكَمَالِ الدِّيَةِ فِيهَا فَقُسِّطَتْ عَلَى أَبْعَاضِهَا (وَقِيلَ مِنْ الذَّكَرِ) ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فَإِنْ اخْتَلَّ بِقَطْعِ بَعْضِهَا مَجْرَى الْبَوْلِ وَجَبَ الْأَكْثَرُ مِنْ قِسْطِ الدِّيَةِ وَحُكُومَةِ فَسَادِ الْمَجْرَى (وَكَذَا حُكْمُ بَعْضِ مَارِنٍ وَحَلَمَةٍ) فَفِي بَعْضِ كُلٍّ قِسْطُهُ مِنْهُمَا لَا مِنْ الْقَصَبَةِ وَالثَّدْيِ (وَفِي الْأَلْيَيْنِ) مِنْ رَجُلٍ وَغَيْرِهِ وَهُمَا مَوْضِعُ الْقُعُودِ (الدِّيَةُ) لِعِظَمِ مَنَافِعِهِمَا، وَفِي بَعْضِ أَحَدِهِمَا قِسْطُهُ مِنْ النِّصْفِ بَلْ عُرِفَ وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ (وَكَذَا شُفْرَاهَا) أَيْ حَرْفَا فَرْجِهَا الْمُنْطَبِقَانِ عَلَيْهِ فِيهِمَا قَطْعًا وَإِشْلَالًا الدِّيَةُ، وَفِي كُلٍّ نِصْفُهَا (وَكَذَا) (سَلْخُ جِلْدٍ) لَمْ يَثْبُتْ بَدَلُهُ فِيهِ دِيَةُ الْمَسْلُوخِ مِنْهُ، فَإِنْ نَبَتَ اُسْتُرِدَّتْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحْضَ نِعْمَةٍ جَدِيدَةٍ كَالْأَسْنَانِ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ فِي نَحْوِ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ بِذَلِكَ (إنْ بَقِيَ) فِيهِ (حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ) وَهُوَ نَادِرٌ وَلَيْسَ مِنْهُ تَمَزُّعُ الْجِلْدِ بِحَرَارَةٍ (وَ) مَاتَ بِسَبَبٍ آخَرَ غَيْرِ السَّلْخِ بِأَنْ (حَزَّ غَيْرُ السَّالِخِ رَقَبَتَهُ) بَعْدَ السَّلْخِ أَوْ مَاتَ بِنَحْوِ هَدْمٍ أَوْ حَزَّهُ السَّالِخُ وَاخْتَلَفَتْ الْجِنَايَتَانِ عَمْدًا وَغَيْرَهُ، وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ دِيَةُ نَفْسٍ، وَتَجِبُ الدِّيَةُ أَيْضًا بِقَطْعِ اللَّحْمَيْنِ النَّاتِئَيْنِ بِجَنْبِ سِلْسِلَةِ الظَّهْرِ كَالْأَلْيَيْنِ، قَالَهُ فِي التَّنْبِيهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ غَيْرُ مَذْكُورَةٍ فِي الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَنَقَصَتْ إحْدَاهُمَا وَانْحَرَفَتْ الْأُخْرَى فَالْمُنْحَرِفَةُ الْأَصْلِيَّةُ (قَوْلُهُ: وَهِيَ رَأْسُ الثَّدْيِ) هَذَا التَّعْرِيفُ يَشْمَلُ حَلَمَةَ الرَّجُلِ فَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ غَيْرِهِ بَعْدَ هَذَا الَّذِي يَلْتَقِمُهُ الْمُرْضَعُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَلَا تَدْخُلُ فِيهَا الثَّنْدُوَةُ) اسْمٌ لِنُقْرَةِ الْحَلَمَةِ: أَيْ فَفِيهَا حُكُومَةٌ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَا حَوَالَيْهَا مِنْ اللَّحْمِ) قَالَ فِي الصِّحَاحِ فِي فَصْلِ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ. قَالَ ثَعْلَبٌ: الثَّنْدُوَةُ بِفَتْحِ أَوَّلِهَا غَيْرَ مَهْمُوزٍ مِثَالُ التَّرْقُوَةِ وَالْعَرْقُوَةِ عَلَى فَعْلُوَةٍ وَهِيَ مَغْرَزُ الثَّدْيِ، فَإِذَا ضَمَمْت هَمَزْت وَهِيَ فُعَّلَةٌ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: وَكَانَ رُؤْبَةُ يَهْمِزُ الثَّنْدُوَةَ وَسِيَةَ الْقَوْسِ، قَالَ: وَالْعَرَبُ لَا تَهْمِزُ وَاحِدًا مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَفِي أُنْثَيَيْنِ إلَخْ) يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ فِيهِمَا سُقُوطُ الْبَيْضَتَيْنِ وَمُجَرَّدُ قَطْعِ جِلْدَتَيْ الْبَيْضَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ سُقُوطِ الْبَيْضَتَيْنِ لَا يُوجِبُ الدِّيَةَ، وَإِنَّمَا فَسَّرَ الْمَحَلِّيُّ الْأُنْثَيَيْنِ بِجِلْدَتَيْ الْبَيْضَتَيْنِ لِأَنَّهُ أَرَادَ بَيَانَ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ سُقُوطُ الْبَيْضَتَيْنِ بِقَطْعِ جِلْدَتَيْهِمَا م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَحَشَفَةٌ كَذَكَرٍ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَفِي قَطْعِ بَاقِي الذَّكَرِ أَوْ قُلْفَةٍ مِنْهُ حُكُومَةٌ، وَكَذَا فِي قَطْعِ الْأَشَلِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، فَإِنْ أَشَلَّهُ أَوْ شَقَّهُ طُولًا، وَأَبْطَلَ مَنْفَعَتَهُ فَدِيَةٌ تَجِبُ أَوْ تَعَذَّرَ بِضَرْبِهِ الْجِمَاعُ لَا الِانْقِبَاضُ وَالِانْبِسَاطُ فَحُكُومَةٌ تَجِبُ؛ لِأَنَّهُ وَمَنْفَعَتَهُ بَاقِيَانِ وَالْخَلَلُ فِي غَيْرِهِمَا اهـ. ثُمَّ ذَكَرَ فِي شَرْحِهِ فِيمَا لَوْ قَطَعَهُ قَاطِعٌ هَلْ يَجِبُ الْقِصَاصُ كَلَامًا طَوِيلًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَالرَّاجِحُ وُجُوبُ الْقِصَاصِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحْضَ نِعْمَةٍ جَدِيدَةٍ) وَمِثْلُهُ الْإِفْضَاءُ، فَإِذَا الْتَحَمَ سَقَطَ الضَّمَانُ، بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَجْرَامِ لَا يَسْقُطُ ضَمَانُهَا بِعَوْدِ مِثْلِهَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَمِثْلُهُ سِنُّ غَيْرِ الْمَثْغُورِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ لَمْ تَبْقَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ) الَّذِي مَرَّ فِيهِ إنَّمَا هُوَ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْحُكُومَةِ وَدِيَةِ حَلَمَةِ الْمَرْأَةِ

[فرع في موجب إزالة المنافع]

وَهِيَ غَرِيبَةٌ، وَقَدْ ذَكَرَهَا الْجُرْجَانِيُّ فِي الشَّافِي وَالتَّحْرِيرِ أَيْضًا وَفِي كَسْرِ عُضْوِهِ أَوْ تَرْقُوَتِهِ حُكُومَةٌ، وَيُحَطُّ مِنْ دِيَةِ الْعُضْوِ وَنَحْوِهِ بَعْضُ جِرْمٍ لَهُ مُقَدَّرٌ وَوَاجِبُ جِنَايَةٍ وَغَيْرُهُ. (فَرْعٌ) فِي مُوجِبِ إزَالَةِ الْمَنَافِعِ وَهِيَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ (فِي) إزَالَةِ (الْعَقْلِ) الْغَرِيزِيِّ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْعِلْمُ بِالْمُدْرَكَاتِ الضَّرُورِيَّةِ الَّذِي بِهِ التَّكْلِيفُ بِنَحْوِ لَطْمَةٍ (دِيَةٌ) وَاجِبَةٌ كَاَلَّتِي فِي نَفْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَكَذَا فِي سَائِرِ مَا مَرَّ، وَيَأْتِي إجْمَاعًا، لَا قَوَدَ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي مَحَلِّهِ وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ عِنْدَنَا كَأَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ فِي الْقَلْبِ لِلْآيَةِ، وَإِنَّمَا زَالَ بِفَسَادِ الدِّمَاغِ لِانْقِطَاعِ مَدَدِهِ الصَّالِحِ الْوَاصِلِ إلَيْهِ مِنْ الْقَلْبِ فَلَمْ يَنْشَأْ زَوَالُهُ حَقِيقَةً إلَّا مِنْ فَسَادِ الْقَلْبِ، أَمَّا الْمُكْتَسَبُ وَهُوَ مَا بِهِ حُسْنُ التَّصَرُّفِ وَالْخُلُقِ فَوَاجِبُهُ حُكُومَةٌ لَا تَبْلُغُ دِيَةَ الْغَرِيزِيِّ، وَكَذَا بَعْضُ الْأَوَّلِ إنْ لَمْ يَنْضَبِطْ فَإِنْ انْضَبَطَ بِالزَّمَنِ أَوْ بِمُقَابَلَةِ الْمُنْتَظِمِ بِغَيْرِهِ فَالْقِسْطُ، وَلَوْ تُوُقِّعَ عَوْدُهُ وَقَدَّرَ لَهُ خَبِيرَانِ مُدَّةً يَعِيشُ إلَيْهَا غَالِبًا اُنْتُظِرَ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْعَوْدِ وَجَبَتْ الدِّيَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَالْوَاجِبُ دِيَةُ نَفْسٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ تَرْقُوَةٍ) وَزْنُهَا فَعْلُوَةٌ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَضَمِّ اللَّامِ وَهِيَ الْعَظْمُ الَّذِي بَيْنَ نُقْرَةِ النَّحْرِ وَالْعَاتِقِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ اهـ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ: وَوَاجِبُ جِنَايَةٍ وَغَيْرُهُ) يَعْنِي إذَا ذَهَبَ مِنْ الْعُضْوِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ نَحْوِهِ بَعْضُ جُزْءٍ وَلَوْ بِآفَةٍ كَأُصْبُعٍ ذَهَبَتْ مِنْ الْيَدِ حُطَّ وَاجِبُ ذَلِكَ الْجُزْءِ مِنْ الدِّيَةِ الَّتِي يُضْمَنُ الْعُضْوُ بِهَا، وَكَذَا إذَا جُنِيَ عَلَى الْعُضْوِ جِنَايَةٌ مَضْمُونَةٌ أَوَّلًا ثُمَّ جُنِيَ عَلَيْهِ ثَانِيًا فَيُحَطُّ عَنْ الْجَانِي الثَّانِي قَدْرُ مَا وَجَبَ عَلَى الْجَانِي الْأَوَّلِ. (فَرْعٌ) فِي إزَالَةِ الْعَقْلِ قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: قُدِّمَ؛ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ الْمَعَانِي اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْعِلْمُ) وَفُسِّرَ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ بِأَنَّهُ غَرِيزَةٌ يَتْبَعُهَا الْعِلْمُ بِالضَّرُورِيَّاتِ عِنْدَ سَلَامَةِ الْآلَاتِ، وَعَلَيْهِ فَانْظُرْ السَّبَبَ الدَّاعِيَ إلَى تَفْسِيرِهِ هُنَا بِالْعِلْمِ دُونَ الْغَرِيزَةِ، مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الَّذِي يَزُولُ إنَّمَا هُوَ الْغَرِيزَةُ الَّتِي يَتْبَعُهَا الْعِلْمُ لَا نَفْسُهُ (قَوْلُهُ: إجْمَاعًا) أَيْ مِنْ الْأُمَّةِ لَا الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ فَقَطْ، وَهَكَذَا كُلُّ مَوْضِعٍ عُبِّرَ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا الِاتِّفَاقُ فَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي اتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ: لِلْآيَةِ) هِيَ قَوْله تَعَالَى {لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا} [الأعراف: 179] (قَوْلُهُ: مِنْ الْقَلْبِ) صِلَةٌ لِانْقِطَاعٍ (قَوْلُهُ: وَكَذَا بَعْضُ الْأَوَّلِ) أَيْ الْغَرِيزِيِّ (قَوْلُهُ فَإِنْ انْضَبَطَ) أَيْ الْأَوَّلُ، وَقَوْلُهُ بِالزَّمَنِ كَمَا لَوْ كَانَ يُجَنُّ يَوْمًا وَيُفِيقُ يَوْمًا، أَوْ غَيْرِهِ بِأَنْ يُقَاسَ صَوَابُ قَوْلِهِ وَفِعْلِهِ بِالْمُخْتَلِّ مِنْهُمَا وَيُعْرَفُ النِّسْبَةُ بَيْنَهُمَا وَإِلَّا: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْضَبِطْ بِأَنْ كَانَ يَفْزَعُ أَحْيَانَا مِمَّا لَا يُفْزِعُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَيَحُطُّ مِنْ دِيَةِ الْعُضْوِ وَنَحْوِهِ) مُرَادُهُ بِهَذَا تَقْيِيدُ وُجُوبِ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ فِيمَا مَرَّ مِنْ الْأَجْرَامِ بِأَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَنْقُصْ مِنْهَا بَعْضٌ لَهُ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ وَلَمْ تَسْبِقْ فِيهَا جِنَايَةٌ وَإِلَّا حَطَّ مِنْ الدِّيَةِ مِقْدَارَ مَا نَقَصَ وَوَاجِبَ الْجِنَايَةِ السَّابِقَةِ، لَكِنْ فِي النُّسَخِ بَعْضُ جِرْمٍ بِبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ وَعَيْنٍ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ، وَلَعَلَّهُ مُحَرَّفٌ عَنْ نَقْصٍ بِنُونٍ ثُمَّ قَافٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ كَمَا فِي عِبَارَةِ غَيْرِهِ، وَعِبَارَةُ الْبَهْجَةِ وَحَطَّ نَقْصَ كُلِّ جِرْمٍ ذِي دِيَةٍ، وَوَاجِبُ الْجِنَايَةِ الْمُبْتَدَأَةِ [فَرْعٌ فِي مُوجِبِ إزَالَةِ الْمَنَافِعِ] (فَرْعٌ) فِي مُوجَبِ إزَالَةِ الْمَنَافِعِ (قَوْله لِانْقِطَاعِ مَدَدِهِ) أَيْ الدِّمَاغِ، وَالْمُرَادُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ بِدَلِيلِ آخِرِهِ أَنَّ الدِّمَاغَ حَيْثُمَا فَسَدَ فَإِنَّمَا يَنْشَأُ فَسَادُهُ مِنْ فَسَادِ الْقَلْبِ، إذْ بِفَسَادِ الْقَلْبِ يَنْقَطِعُ الْمَدَدُ الَّذِي كَانَ يَصِلُ إلَى الدِّمَاغِ مِنْهُ، فَيَفْسُدُ الدِّمَاغُ بِفَسَادِهِ،

كَمَا فِي الْبَصَرِ وَالسَّمْعِ (فَإِنْ زَالَ بِجُرْحٍ لَهُ أَرْشٌ) مُقَدَّرٌ كَالْمُوضِحَةِ (أَوْ حُكُومَةٌ وَجَبَا) أَيْ كُلٌّ مِنْ الْأَرْشِ وَالْحُكُومَةِ مَعَ دِيَةِ الْعَقْلِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ أَبْطَلَتْ مَنْفَعَةً لَيْسَتْ فِي مَحَلِّ الْجِنَايَةِ فَكَانَتْ كَمَا لَوْ أَوْضَحَهُ فَذَهَبَ سَمْعُهُ أَوْ بَصَرُهُ، فَلَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَزَالَ عَقْلُهُ وَجَبَ ثَلَاثُ دِيَاتٍ، أَوْ أَوْضَحَهُ فِي صَدْرِهِ فَزَالَ عَقْلُهُ فَدِيَةٌ وَحُكُومَةٌ (وَفِي قَوْلٍ يَدْخُلُ الْأَوَّلُ فِي الْأَكْثَرِ) كَأَرْشِ الْمُوضِحَةِ وَكَذَا إنْ تَسَاوَيَا كَأَرْشِ الْيَدَيْنِ كَمَا لَا يُجْمَعُ بَيْنَ وَاجِبِ الْجِنَايَةِ عَلَى الْحَدَقَةِ وَوَاجِبِ الضَّوْءِ، وَيُجَابُ بِاتِّحَادِ الْمَحَلِّ هُنَا يَقِينًا بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ (وَلَوْ اُدُّعِيَ) بِبِنَائِهِ لِلْمَفْعُولِ إذْ لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى مِنْ مَجْنُونٍ، وَإِنَّمَا تُسْمَعُ مِنْ وَلِيِّهِ أَوْ لِلْفَاعِلِ وَحُذِفَ لِلْعِلْمِ بِهِ إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمَجْنُونَ لَا يَصِحُّ مِنْهُ ذَلِكَ بَلْ مِنْ وَلِيِّهِ فَسَقَطَ الْقَوْلُ بِتَعَيُّنِ الْأَوَّلِ (زَوَالُهُ) وَكَذَّبَهُ الْحِسُّ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ كَأَنْ كَانَتْ تِلْكَ الْجِنَايَةُ لَا تُزِيلُهُ عَادَةً فَيُحْمَلُ عَلَى مُوَافَقَةِ قَدَرٍ كَمَوْتِهِ بِقَلَمٍ خَفِيفٍ، وَإِلَّا سُمِعَتْ، فَإِنْ أَنْكَرَ الْجَانِي زَوَالَهُ اُخْتُبِرَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فِي غَفَلَاتِهِ إلَى أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ أَوْ كَذِبُهُ (فَإِنْ لَمْ يَنْتَظِمْ) بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِعِلْمِ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: وَفِعْلُهُ فِي خَلَوَاتِهِ فَلَهُ دِيَةٌ) لِقِيَامِ الْقَرِينَةِ الظَّاهِرَةِ عَلَى صِدْقِهِ (بِلَا يَمِينٍ) ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ جُنُونَهُ، وَالْمَجْنُونُ لَا يَحْلِفُ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي جُنُونٍ مُتَقَطِّعٍ حَلَفَ زَمَنَ إفَاقَتِهِ، وَإِنْ انْتَظَمَا فَلَا دِيَةَ لِظَنِّ كَذِبِهِ، وَحَلَفَ الْجَانِي لِاحْتِمَالِ أَنَّهُمَا صَدَرَا اتِّفَاقًا أَوْ عَادَةً وَخَرَجَ بِزَوَالِهِ نَقْصُهُ فَيَحْلِفُ مُدَّعِيهِ؛ إذْ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ، وَلَوْ أُخِذَتْ دِيَةُ الْعَقْلِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْمَعَانِي ثُمَّ عَادَ اُسْتُرِدَّتْ (وَفِي) إبْطَالِ (السَّمْعِ) (دِيَةٌ) إجْمَاعًا وَلِأَنَّهُ أَشْرَفُ الْحَوَاسِّ حَتَّى مِنْ الْبَصَرِ كَمَا عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ؛ إذْ هُوَ الْمُدْرِكُ لِلشَّرْعِ الَّذِي بِهِ التَّكْلِيفُ وَلِأَنَّهُ يُدْرَكُ بِهِ مِنْ سَائِرِ الْجِهَاتِ وَفِي كُلِّ الْأَحْوَالِ وَالْبَصَرُ يَتَوَقَّفُ عَلَى جِهَةِ الْمُقَابَلَةِ وَتَوَسُّطِ شُعَاعٍ أَوْ ضِيَاءٍ، وَمَا زَعَمَهُ الْمُتَكَلِّمُونَ مِنْ أَشْرَفِيَّتِهِ عَلَى السَّمْعِ لِقِصَرِ إدْرَاكِهِ عَلَى الْأَصْوَاتِ، وَذَاكَ يُدْرِكُ الْأَجْسَامَ وَالْأَلْوَانَ وَالْهَيْئَاتِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ كَثْرَةَ هَذِهِ الْمُتَعَلِّقَاتِ فَوَائِدُهَا دُنْيَوِيَّةٌ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهَا، أَلَا تَرَى مَنْ جَالَسَ أَصَمَّ فَكَأَنَّمَا صَاحَبَ حَجَرًا مُلْقًى وَإِنْ تَمَتَّعَ فِي نَفْسِهِ بِمُتَعَلِّقَاتِ بَصَرِهِ، وَأَمَّا الْأَعْمَى فَفِي غَايَةِ الْكَمَالِ الْفَهْمِيِّ وَالْعِلْمِ الذَّوْقِيِّ وَإِنْ نَقَصَ تَمَتُّعُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَيَسْتَوْحِشُ إذَا خَلَا فَالْحُكُومَةُ اهـ رَوْضٌ وَشَرْحُهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تُسْمَعُ مِنْ وَلِيِّهِ) هَذَا مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي: لِأَنَّهَا تُثْبِتُ جُنُونَهُ إلَخْ يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الدَّعْوَى تَتَعَلَّقُ بِالْوَلِيِّ وَالْيَمِينَ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَتَارَةً تَنْتَفِي عَنْهُ بِأَنْ دَامَ جُنُونُهُ وَتَارَةً تَثْبُتُ فِي حَقِّهِ بِأَنْ تُقْطَعَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُ سم: وَالْيَمِينُ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْجُنُونِ الْمُتَقَطِّعِ وَالْمُطْبِقِ فِي أَنَّ الدَّعْوَى إنَّمَا تَكُونُ مِنْ الْوَلِيِّ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ لَوْ ادَّعَى زَمَنَ إفَاقَتِهِ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ ثُمَّ رَأَيْته عَلَى حَجّ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي قَوْلَةٍ أُخْرَى، فَالْمُرَادُ بِدَعْوَى الْوَلِيِّ فِي الْجُنُونِ الْمُتَقَطِّعِ أَنَّهُ إنْ اُتُّفِقَ لَهُ ذَلِكَ زَمَنَ الْجُنُونِ الْمُتَقَطِّعِ سُمِعَتْ وَلَا يُكَلَّفُ التَّأْخِيرَ إلَى زَمَنِ الْإِفَاقَةِ لِيَدَّعِيَ الْمَجْنُونُ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا سُمِعَتْ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُكَذِّبْهُ الْحِسُّ (قَوْلُهُ: حَلَفَ زَمَنَ إفَاقَتِهِ) أَيْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَادَ اُسْتُرِدَّتْ) عَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّ ذَهَابَهَا كَانَ مَظْنُونًا: أَيْ فَبِعَوْدِهَا بَانَ خِلَافُ الظَّنِّ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ بِذَهَابِهَا مَعْصُومٌ لَمْ تُسْتَرَدَّ؛ لِأَنَّ عَوْدَهَا حِينَئِذٍ نِعْمَةٌ جَدِيدَةٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهَا) هَذَا مَمْنُوعٌ فَإِنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى إدْرَاكِهَا التَّفَكُّرُ فِي مَصْنُوعَاتِ اللَّهِ الْبَدِيعَةِ الْعَجِيبَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَفَسَادُهُ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ فَسَادِ الْقَلْبِ، فَالْعَقْلُ إنَّمَا زَادَ فِي الْحَقِيقَةِ بِفَسَادِ الْقَلْبِ (قَوْلُهُ: أَيْ كُلٌّ مِنْ الْأَرْشِ وَالْحُكُومَةِ) أَيْ أَحَدُهُمَا، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْوَاوِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَجَبَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ تَسَاوَيَا) وَحِينَئِذٍ فَهَذَا الْقِيلُ قَائِلٌ بِالدُّخُولِ مُطْلَقًا كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: فَوَائِدُهَا دُنْيَوِيَّةٌ) كَذَا فِي التُّحْفَةِ، قَالَ سم: هَذَا مَمْنُوعٌ فَإِنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى إدْرَاكِهَا التَّفَكُّرُ فِي مَصْنُوعَاتِ اللَّهِ تَعَالَى الْبَدِيعَةِ وَقَدْ يَكُونُ نَفْسُهُ طَاعَةً كَمُشَاهَدَةِ نَحْوِ الْكَعْبَةِ وَالْمُصْحَفِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْأَمْثِلَةِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ لَا يَتَوَجَّهُ مَنْعًا عَلَى الشَّارِحِ كَابْنِ حَجَرٍ لِأَنَّهُمَا إنَّمَا ادَّعَيَا أَنَّ أَكْثَرَ مُتَعَلَّقَاتِ الْبَصَرِ دُنْيَوِيَّةٌ

الدُّنْيَوِيُّ (وَ) فِي إزَالَتِهِ (مِنْ أُذُنٍ نِصْفٌ) مِنْ الدِّيَةِ لَا لِتَعَدُّدِهِ بَلْ؛ لِأَنَّ ضَبْطَ النَّقْصِ بِالْمَنْفَذِ أَوْلَى وَأَقْرَبُ مِنْهُ بِغَيْرِهِ (وَقِيلَ قِسْطُ النَّقْصِ) مِنْ الدِّيَةِ، وَرُدَّ بِأَنَّ السَّمْعَ وَاحِدٌ كَمَا تَقَرَّرَ، بِخِلَافِ الْبَصَرِ فَإِنَّهُ مُتَعَدِّدٌ بِتَعَدُّدِ الْحَدَقَةِ جَزْمًا وَمَحَلُّ وُجُوبِ الدِّيَةِ هُنَا حَيْثُ لَمْ يَشْهَدْ خَبِيرَانِ بِبَقَائِهِ فِي مَقَرِّهِ وَلَكِنْ ارْتَتَقَ دَاخِلَ الْأُذُنِ، وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ لَا دِيَةٌ إنْ لَمْ يُرْجَ زَوَالٌ، وَإِلَّا بِأَنْ رُجِيَ فِي مُدَّةٍ يَعِيشُ إلَيْهَا غَالِبًا كَمَا فِي نَظَائِرِهِ وَإِنْ أَمْكَنَ الْفَرْقُ بِأَنَّهُ زَالَ فِي تِلْكَ لَا هَذِهِ فَلَا شَيْءَ (وَلَوْ أَزَالَ أُذُنَيْهِ وَسَمْعَهُ فَدِيَتَانِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي جِرْمِ الْأُذُنَيْنِ بَلْ فِي مَقَرِّهِمَا مِنْ الرَّأْسِ كَمَا مَرَّ (وَلَوْ) (ادَّعَى) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (زَوَالَهُ) وَأَنْكَرَ الْجَانِي اُخْتُبِرَ بِنَحْوِ صَوْتٍ مَهُولٍ مُزْعِجٍ مُتَضَمِّنٍ لِلتَّهْدِيدِ فِي غَفَلَاتِهِ حَتَّى يُعْلَمَ صِدْقُهُ أَوْ كَذِبُهُ فَإِنْ فَعَلْنَا ذَلِكَ (وَانْزَعَجَ لِلصِّيَاحِ) أَوْ نَحْوِ رَعْدٍ (فِي نَوْمٍ وَغَفْلَةٍ فَكَاذِبٌ) ظَنًّا بِمُقْتَضَى هَذِهِ الْقَرِينَةِ وَلَكِنْ يُحْتَمَلُ الْمُوَافَقَةُ، وَلِذَا يَحْلِفُ الْجَانِي أَنَّهُ بَاقٍ وَلَا يُكْتَفَى مِنْهُ بِأَنْ لَمْ يَزُلْ مِنْ جِنَايَتِي؛ إذْ التَّنَازُعُ فِي ذَهَابِهِ وَبَقَائِهِ لَا فِي ذَهَابِهِ بِجِنَايَتِهِ أَوْ جِنَايَةِ غَيْرِهِ، وَالْأَيْمَانُ لَا يُكْتَفَى فِيهَا بِاللَّوَازِمِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَنْزَعِجْ (حَلَفَ) لِاحْتِمَالِ تَجَلُّدِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَعَرُّضِهِ فِي حَلِفِهِ لِذَهَابِ سَمْعِهِ مِنْ جِنَايَةِ هَذَا (وَأَخَذَ دِيَةً) وَيُنْتَظَرُ عَوْدُهُ إنْ قَدَّرَ خَبِيرَانِ لِذَلِكَ مُدَّةً يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ بَقَاؤُهُ إلَيْهَا فَإِنْ عَادَ فِيهَا لَمْ تَجِبْ الدِّيَةُ وَإِلَّا وَجَبَتْ، وَكَذَا الْبَصَرُ وَنَحْوُهُ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ نَقَصَ) السَّمْعُ مِنْ الْأُذُنَيْنِ (فَقِسْطُهُ) أَيْ النَّقْصِ مِنْ الدِّيَةِ (إنْ عُرِفَ) قَدْرُهُ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بِأَنْ عُرِفَ أَوْ قَالَ إنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ مِنْ كَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُتَفَاوِتَةِ، وَقَدْ يَكُونُ نَفْسُ إدْرَاكِهَا طَاعَةً كَمُشَاهَدَةِ نَحْوِ الْكَعْبَةِ وَالْمُصْحَفِ، وَقَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْإِدْرَاكِ إنْقَاذُ مُحْتَرَمٍ مِنْ مَهْلَكٍ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُحْصَى، وَأَيْضًا فَمِنْ فَوَائِدِ الْإِبْصَارِ مُشَاهَدَةُ ذَاتِهِ تَعَالَى فِي الْآخِرَةِ أَوْ فِي الدُّنْيَا أَيْضًا كَمَا وَقَعَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ وَلَا أَجَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَيُرَدُّ بِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ إنَّمَا يُعْتَدُّ بِهِ وَيَكُونُ نَافِعًا بَعْدَ مَعْرِفَةِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعْرِفَةِ الْأُمُورِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُتَلَقَّاةِ مِنْهُ وَذَلِكَ إنَّمَا يُعْرَفُ بِالسَّمْعِ (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ ارْتَتَقَ) أَيْ انْسَدَّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ شَهِدَ خَبِيرَانِ بِبَقَائِهِ (قَوْلُهُ: فَحُكُومَةٌ) أُخِذَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ جُنِيَ عَلَى عَيْنَيْهِ فَصَارَ لَا يُبْصِرُ لَكِنْ شَهِدَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِبَقَاءِ لَطِيفَةِ الْبَصَرِ لَكِنْ نَزَلَ بِالْجِنَايَةِ مَا يَمْنَعُ مِنْ نُفُوذِهَا لَمْ تَجِبْ الدِّيَةُ بَلْ الْحُكُومَةُ، وَقِيَاسُ ذَلِكَ وُجُوبُ الدِّيَةِ فِي قَلْعِ الْعَيْنَيْنِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ إزَالَةَ تِلْكَ اللَّطِيفَةِ فَلْيُرَاجَعْ بِكَشْفٍ بَكْرِيٍّ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: زَوَالُ ذَلِكَ) أَيْ الِارْتِتَاقِ (قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ) ظَاهِرُهُ عَدَمُ وُجُوبِ حُكُومَةٍ فَلِمَ ذَلِكَ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ سَبَبَهُ أَنَّ اللَّطِيفَةَ لَمَّا كَانَتْ بَاقِيَةً نَزَلَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى مَحَلِّهَا مَنْزِلَةَ لَطْمَةٍ بِرَأْسِهِ لَمْ تُؤَثِّرْ شَيْئًا (قَوْلُهُ: اُخْتُبِرَ بِنَحْوِ صَوْتٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَا بُدَّ فِي امْتِحَانِهِ مِنْ تَكَرُّرِهِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى إلَى أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ أَوْ كَذِبُهُ اهـ. وَقَدْ يُفِيدُ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ حَتَّى يُعْلَمَ إلَخْ بِجَعْلِ حَتَّى بِمَعْنَى إلَى دُونِ التَّعْلِيلِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ لَمْ يَزُلْ مِنْ جِنَايَتِي) قَدْ يُقَالُ: التَّنَازُعُ فِي مُطْلَقِ الزَّوَالِ فَذَلِكَ بِحَسَبِ الصُّورَةِ وَاللَّفْظِ، وَإِلَّا فَالْمَقَامُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إنَّمَا زَالَ سَمْعُهُ بِجِنَايَتِهِ حَتَّى كَأَنَّ الْمُدَّعِيَ يَقُولُ: زَالَ سَمْعُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِجِنَايَتِك، وَالْجَانِي يُرِيدُ بِحَلِفِهِ دَفْعَ ذَلِكَ عَنْهُ فَكَانَ يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ مِنْهُ بِأَنَّ سَمْعَهُ لَمْ يَزُلْ بِجِنَايَتِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَجَبَتْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُقَدِّرْ خَبِيرَانِ بِأَنْ قَالَا لَا يَعُودُ أَوْ تَرَدَّدَا فِي الْعَوْدِ وَعَدَمِهِ أَوْ قَالَا يُحْتَمَلُ عَوْدُهُ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ مُدَّةٍ، لَكِنْ يَبْقَى الْكَلَامُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهَذَا مِمَّا لَا خَفَاءَ فِيهِ، وَلَمْ يَدَّعِيَا أَنَّ جَمِيعَهَا دُنْيَوِيٌّ حَتَّى يَتَوَجَّهَ عَلَيْهِمَا النَّقْضُ بِهَذِهِ الْجُزْئِيَّاتِ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِأَنَّ السَّمْعَ إلَخْ.) قَالَ الشِّهَابُ سم فِيهِ مَا لَا يَخْفَى فَتَأَمَّلْهُ. اهـ. أَيْ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ هَذَا الْقِيلَ إنَّمَا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ السَّمْعَ وَاحِدٌ فَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الرَّدُّ بِأَنَّ السَّمْعَ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَمْكَنَ الْفَرْقُ) أَيْ وَيَنْبَنِي عَلَى الْفَرْقِ لَوْ قِيلَ بِهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ هُنَا شَيْءٌ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِالرَّجَاءِ فِي مُدَّةٍ يَعِيشُ إلَيْهَا غَالِبًا (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوُ رَعْدٍ) فِي جَعْلِ هَذَا مِنْ الْمَعْطُوفِ عَلَى فِعْلِنَا ذَلِكَ مَا لَا يَخْفَى لِأَنَّهُ يَنْحَلُ الْمَعْنَى إلَى أَنَّهُ إذَا اُخْتُبِرَ بِنَحْوِ الصَّوْتِ فَانْزَعَجَ بِنَحْوِ رَعْدٍ يَكُونُ كَاذِبًا وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: بِأَنْ عُرِفَ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِأَنْ كَانَ عَارِفًا أَيْ خَبِيرًا بِمَرَاتِبِ النَّقْصِ

فَصَارَ يَسْمَعُ مِنْ نِصْفِهِ وَيَحْلِفُ فِي قَوْلِهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُعْرَفْ قَدْرُ النِّسْبَةِ (فَحُكُومَةٌ) تَجِبُ فِيهِ (بِاجْتِهَادِ قَاضٍ) لِتَعَذُّرِ الْأَرْشِ، وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى النَّقْصِ هُنَا، وَفِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي إلَّا إنْ عَيَّنَ الْمُدَّعِي النَّقْصَ، وَطَرِيقُهُ أَنْ يُعَيِّنَ الْمُتَيَقَّنَ، نَعَمْ لَوْ ذَكَرَ قَدْرًا دَلَّ الِامْتِحَانُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهُ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهُ إلَّا مَا ذَكَرَهُ مَا لَمْ يُجَدِّدْ دَعْوَى فِي الثَّانِي وَيَطْلُبْهُ (وَقِيلَ يُعْتَبَرُ سَمْعُ قَرْنِهِ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ وَهُوَ مِنْ سِنِّهِ كَسِنِّهِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ (فِي صِحَّتِهِ وَيُضْبَطُ التَّفَاوُتُ) بَيْنَ سَمْعَيْهِمَا وَيُؤْخَذُ بِنِسْبَتِهِ مِنْ الدِّيَةِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الِانْضِبَاطَ فِي ذَلِكَ بَعِيدٌ فَلَمْ يُعَوَّلْ عَلَيْهِ (وَإِنْ) (نَقَصَ) السَّمْعُ (مِنْ أُذُنٍ سُدَّتْ وَضُبِطَ مُنْتَهَى سَمَاعِ الْأُخْرَى ثُمَّ عُكِسَ) (وَوَجَبَ قِسْطُ التَّفَاوُتِ) مِنْ الدِّيَةِ فَإِنْ كَانَ بَيْنَ مَسَافَتَيْ السَّامِعَةِ وَالْأُخْرَى النِّصْفُ فَلَهُ رُبْعُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ أَذْهَبَ رُبْعَ سَمْعِهِ فَإِنْ لَمْ يَنْضَبِطْ فَحُكُومَةٌ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَفِي) إبْطَالِ (ضَوْءِ كُلِّ عَيْنٍ) وَلَوْ عَيْنَ أَخْفَشَ وَهُوَ مَنْ يُبْصِرُ لَيْلًا فَقَطْ، وَأَعْشَى وَهُوَ مَنْ يُبْصِرُ نَهَارًا فَقَطْ لِمَا مَرَّ أَنَّ مَنْ بِعَيْنِهِ بَيَاضٌ لَا يُنْقِصُ الضَّوْءَ تَكْمُلُ فِيهَا الدِّيَةُ (نِصْفُ دِيَةٍ) كَالسَّمْعِ (فَلَوْ فَقَأَهَا) بِالْجِنَايَةِ الْمُذْهِبَةِ لِلضَّوْءِ (لَمْ يَزِدْ) لَهَا حُكُومَةً؛ لِأَنَّ الضَّوْءَ فِي جِرْمِهَا (وَإِنَّ) (ادَّعَى) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (زَوَالَهُ) وَأَنْكَرَ الْجَانِي (سُئِلَ) أَوَّلًا (أَهْلُ الْخِبْرَةِ) هُنَا وَلَا يَمِينَ لَا فِي السَّمْعِ؛ إذْ لَا طَرِيقَ لَهُمْ فِيهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ لَهُمْ طَرِيقًا فِيهِ، فَإِنَّهُمْ إذَا أَوْقَفُوا الشَّخْصَ فِي مُقَابَلَةِ عَيْنِ الشَّمْسِ وَنَظَرُوا فِي عَيْنِهِ عَرَفُوا أَنَّ الضَّوْءَ ذَاهِبٌ أَوْ قَائِمٌ، بِخِلَافِ السَّمْعِ لَا يُرَاجِعُونَ فِيهِ؛ إذْ لَا طَرِيقَ لَهُمْ إلَى مَعْرِفَتِهِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا مَرَّ مِنْ التَّعْوِيلِ عَلَى إخْبَارِهِمْ بِبَقَاءِ السَّمْعِ فِي مَقَرِّهِ وَفِي تَقْدِيرِهِمْ مُدَّةً لِعَوْدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ أَنَّ لَهُمْ طَرِيقًا إلَى بَقَائِهِ الدَّالِّ عَلَيْهِ نَوْعٌ مِنْ الْإِدْرَاكِ أَوْ عَوْدِهِ بَعْدَ زَوَالِهِ الدَّالِّ عَلَيْهِ الِامْتِحَانُ أَنَّ لَهُمْ طَرِيقًا إلَى زَوَالِهِ بِالْكُلِّيَّةِ؛ إذْ لَا عَلَامَةَ عَلَيْهِ غَيْرُ الِامْتِحَانِ فَعُمِلَ بِهِ دُونَ سُؤَالِهِمْ، بِخِلَافِ الْبَصَرِ يُعْرَفُ زَوَالُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي مَحَلِّ الْخَبِيرَيْنِ مَا هُوَ حَتَّى لَوْ فُقِدَا مِنْ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ وَوُجِدَا فِي غَيْرِهِ هَلْ يَجِبُ قَصْدُهُمَا أَوَّلًا أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ بُعْدِ الْمَسَافَةِ وَقُرْبِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُمَا إنْ كَانَا بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ وَجَبَ عَلَى مُرِيدِ إسْقَاطِ الْأَرْشِ قَصْدُهُمَا، وَإِلَّا فَلَا، أَوْ يُقَالُ: لَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِمَسَافَةٍ؛ لِأَنَّهُ بِزَوَالِهِ وَجَبَ الْأَرْشُ عَلَى الْجَانِي، فَإِنْ أَحْضَرَهُمَا سَقَطَ الطَّلَبُ عَنْهُ وَإِلَّا طُولِبَ لِاشْتِغَالِ ذِمَّتِهِ بِالْأَرْشِ ظَاهِرًا حَتَّى يُوجَدَ مَا يُسْقِطُهُ، وَلَعَلَّ هَذَا أَوْجَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَيْنَ أَخْفَشَ) أَيْ خِلْقَةً. أَمَّا لَوْ كَانَ بِجِنَايَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَنْقُصَ وَاجِبُهَا مِنْ الدِّيَةِ لِئَلَّا يَتَضَاعَفَ الْغُرْمُ. [فَرْعٌ] وَإِنْ أَعْشَاهُ لَزِمَهُ نِصْفُ دِيَةٍ، وَفِي الْإِعْشَاءِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ الدِّيَةُ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ التَّهْذِيبِ نِصْفُهَا، وَإِنْ أَعْمَشَهُ أَوْ أَخْفَشَهُ أَوْ أَحْوَلَهُ فَحُكُومَةٌ، كَذَا فِي الرَّوْضِ. وَفِي الْعُبَابِ: فَرْعٌ: لَوْ جَنَى عَلَى شَخْصٍ فَصَارَ أَعْمَشَ أَوْ أَخْفَشَ أَوْ أَحُولَ لَزِمَتْهُ حُكُومَةٌ، وَكَذَا لَوْ صَارَ أَعْشَى خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ؛ إذْ الْأَعْشَى كَغَيْرِهِ، وَلَوْ صَارَ شَاخِصَ الْحَدَقَةِ فَإِنْ نَقَصَ ضَوْءُهَا لَزِمَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ قِسْطِ الذَّاهِبِ إنْ انْضَبَطَ وَحُكُومَةِ إشْخَاصِهَا، وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ انْتَهَى اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: قَوْلُ سم بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ: أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَقَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ صَارَ أَعْشَى ضَعِيفٌ، وَقَوْلُهُ خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ مُعْتَمَدٌ. وَفِي حَجّ: تَنْبِيهٌ: لَوْ أَعْشَاهُ بِأَنْ جَنَى عَلَيْهِ فَصَارَ يُبْصِرُ نَهَارًا لَزِمَهُ نِصْفُ دِيَةٍ تَوْزِيعًا عَلَى إبْصَارِهِ نَهَارًا وَلَيْلًا. وَإِنْ أَخْفَشَهُ بِأَنْ صَارَ يُبْصِرُ لَيْلًا فَقَطْ لَزِمَتْهُ حُكُومَةٌ عَلَى مَا فِي الْأَرْضِ، وَأَقَرَّهُ شَارِحُهُ، وَهُوَ مُشْكِلٌ بِمَا قَبْلَهُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ عَدَمَ الْإِبْصَارِ لَيْلًا يَدُلُّ عَلَى نَقْصٍ حَقِيقِيٍّ فِي الضَّوْءِ؛ إذْ لَا مُعَارِضَ لَهُ حِينَئِذٍ، بِخِلَافِ عَدَمِهِ نَهَارًا فَإِنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ بَلْ عَلَى ضَعْفِ قُوَّةِ ضَوْئِهِ عَلَى أَنْ تُعَارِضَ ضَوْءَ النَّهَارِ فَلَمْ تَجِبْ فِيهِ إلَّا حُكُومَةٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يَزِدْ لَهَا حُكُومَةٌ) لَكِنْ لَوْ قَلَعَ الْحَدَقَةَ مَعَ ذَلِكَ وَجَبَ لَهَا حُكُومَةٌ شَيْخُنَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِكَلَامِ سم أَنَّهُ قَلَعَ اللَّحْمَةَ الَّتِي تَنْطَبِقُ عَلَيْهَا الْأَجْفَانُ، وَالْمُرَادُ بِالْقِنِّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ أَزَالَ الضَّوْءَ بِجِرَاحَةٍ فِي اللَّحْمِ مَعَ بَقَاءِ صُورَتِهِ (قَوْلُهُ: سُئِلَ أَوَّلًا أَهْلُ الْخِبْرَةِ) أَيْ اثْنَانِ مِنْهُمْ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ الْآتِي بَعْدَ فَقْدِ خَبِيرَيْنِ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بِسُؤَالِهِمْ وَبِالِامْتِحَانِ، بَلْ الْأَوَّلُ أَقْوَى وَمِنْ ثُمَّ قَالَ (أَوْ يُمْتَحَنُ) بَعْدَ فَقْدِ خَبِيرَيْنِ مِنْهُمْ أَوْ تَوَقُّفِهِمْ عَنْ الْحُكْمِ بِشَيْءٍ (بِتَقْرِيبِ) نَحْوِ (عَقْرَبٍ أَوْ حَدِيدَةٍ مِنْ عَيْنِهِ بَغْتَةً، وَنُظِرَ هَلْ يَنْزَعِجُ) فَيَحْلِفُ الْجَانِي لِظُهُورِ كَذِبِ خَصْمِهِ أَوْ لَا فَيَحْلِفُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ لِظُهُورِ صِدْقِهِ؟ وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ حَمْلِ أَوْ فِي كَلَامِهِ عَلَى التَّنْوِيعِ لَا التَّخْيِيرِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّ الْمَذْهَبَ تَعَيُّنُ سُؤَالِهِمْ لِضَعْفِ الِامْتِحَانِ؛ إذْ يَعْلُو الْبَصَرَ أَغْشِيَةٌ تَمْنَعُ انْتِشَارَ الضَّوْءِ مَعَ وُجُودِهِ فَتَعَيَّنَ أَنَّهُ لَا يُرْجَعُ إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ تَعَذُّرِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ، وَلِذَا ضَعُفَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ مَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَنَّ الْخِيَرَةَ لِلْحَاكِمِ (وَإِنْ نَقَصَ فَكَالسَّمْعِ) فَفِي نَقْصِ الْبَصَرِ مِنْ الْعَيْنَيْنِ مَعًا إنْ عُرِفَ بِأَنْ كَانَ يَرَى لِحَدٍّ فَصَارَ يَرَى لِنِصْفِهِ قِسْطَهُ، وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ، وَمِنْ عَيْنٍ تُعْصَبُ هِيَ وَيُوقَفُ شَخْصٌ فِي مَحَلٍّ يَرَاهُ وَيُؤْمَرُ بِالتَّبَاعُدِ حَتَّى يَقُولَ: لَا أَرَاهُ فَتُعْرَفَ الْمَسَافَةُ ثُمَّ تُعْصَبَ الصَّحِيحَةُ وَتُطْلَقَ الْعَلِيلَةُ وَيُؤْمَرُ بِأَنْ يَقْرُبَ رَاجِعًا إلَى أَنْ يَرَاهُ فَيُضْبَطَ مَا بَيْنَ الْمَسَافَتَيْنِ، وَيَجِبُ قِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ، وَلَوْ اُتُّهِمَ بِزِيَادَةِ الصَّحِيحَةِ وَنَقْصِ الْعَلِيلَةِ اُمْتُحِنَ فِي الصَّحِيحَةِ بِتَغْيِيرِ ثِيَابِ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَبِالِانْتِقَالِ لِبَقِيَّةِ الْجِهَاتِ، فَإِنْ تَسَاوَتْ الْغَايَاتُ فَصَادِقٌ وَإِلَّا فَلَا، وَيَأْتِي نَحْوُ ذَلِكَ فِي السَّمْعِ وَغَيْرِهِ، لَكِنَّهُمْ فِي السَّمْعِ صَوَّرُوهُ بِأَنْ يَجْلِسَ بِمَحَلٍّ وَيُؤْمَرَ بِرَفْعِ صَوْتِهِ مِنْ مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْهُ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُهُ ثُمَّ يَقْرُبَ مِنْهُ شَيْئًا فَشَيْئًا إلَى أَنْ يَقُولَ سَمِعْته فَيُعْلَمَ، وَهَذَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي تَصْوِيرِ الْبَصَرِ بِأَمْرِهِ بِالتَّبَاعُدِ أَوَّلًا فِي مَحَلٍّ يَرَاهُ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ تَصْوِيرٌ فَقَطْ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ تَقْيِيدٌ وَهُوَ أَوْجُهُ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْبَصَرَ يَحْصُلُ لَهُ تَفَرُّقٌ وَانْتِشَارٌ عِنْدَ الْبُعْدِ فَلَا يُتَيَقَّنُ أَوَّلُ رُؤْيَتِهِ حِينَئِذٍ فَأُمِرَ فِيهِ بِالْقُرْبِ أَوَّلًا لِتَيَقُّنِ الرُّؤْيَةِ وَلِيَزُولَ احْتِمَالُ التَّفَرُّقِ، بِخِلَافِ السَّمْعِ فَإِنَّهُ إذَا حَصَلَ فِيهِ طَنِينٌ ثُمَّ أُمِرَ بِالتَّبَاعُدِ فَيَسْتَصْحِبُ ذَلِكَ الطَّنِينَ الْقَارُّ فِيهِ فَلَا يَنْضَبِطُ مُنْتَهَاهُ يَقِينًا، بِخِلَافِ مَا إذَا فُرِّعَ السَّمْعُ أَوَّلًا وَضُبِطَ فَإِنَّهُ يُتَيَقَّنُ مُنْتَهَاهُ فَعَمِلُوا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْأَحْوَطِ (وَفِي الشَّمِّ دِيَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ) كَالسَّمْعِ فَفِي إذْهَابِهِ مِنْ إحْدَى الْمَنْخِرَيْنِ نِصْفُ دِيَةٍ، وَلَوْ نَقَصَ وَانْضَبَطَ فَقِسْطُهُ، وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ، وَيَأْتِي فِي الِارْتِتَاقِ هُنَا مَا مَرَّ فِي السَّمْعِ، وَلَوْ ادَّعَى زَوَالَهُ اُمْتُحِنَ، فَإِنْ هَشَّ لِرِيحٍ طَيِّبٍ وَعَبَسَ لِخَبِيثٍ حَلَفَ الْجَانِي وَإِلَّا حَلَفَ هُوَ، وَلَا تُسْأَلُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ هُنَا ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: بَلْ الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ بِسُؤَالِهِمْ (قَوْلُهُ: أَوْ يُمْتَحَنُ بَعْدَ فَقْدِ خَبِيرَيْنِ) اُنْظُرْ مَا ضَابِطُ الْفَقْدِ هَلْ مِنْ الْبَلَدِ فَقَطْ أَوْ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ الْعَدْوَى أَوْ كَيْفَ الْحَالُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَمَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَ فَقْدِ خَبِيرَيْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ تَقْيِيدٌ) بَقِيَ أَنَّهُ اُعْتُبِرَ فِي تَصْوِيرِ مَعْرِفَةِ النَّقْصِ أَنَّهُ تُرْبَطُ الْعَلِيلَةُ أَوَّلًا وَتُطْلَقُ الصَّحِيحَةُ عَلَى مَا مَرَّ فَهَلْ ذَلِكَ تَصْوِيرٌ فَقَطْ أَوْ تَقْيِيدٌ كَمَا هُنَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ؛ إذْ لَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْنَ رَبْطِ الْعَلِيلَةِ أَوَّلًا وَبَيْنَ عَكْسِهِ فِي حُصُولِ الْمَقْصُودِ (قَوْلُهُ: مِنْ إحْدَى الْمَنْخِرَيْنِ) تَثْنِيَةُ مَنْخِرٍ بِوَزْنِ مَجْلِسٍ ثُقْبُ الْأَنْفِ، وَقَدْ تُكْسَرُ الْمِيمُ إتْبَاعًا لِكَسْرَةِ الْخَاءِ كَمَا قَالُوا مُنْتِنٍ وَهُمَا نَادِرَانِ؛ لِأَنَّ مُفْعِلًا لَيْسَ مِنْ الْمَشْهُورِ اهـ مُخْتَارٌ. وَفِي الْقَامُوسِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَيْضًا فَتْحُهُمَا وَضَمُّهُمَا وَمَنْخُورٌ كَعُصْفُورٍ اهـ (قَوْلُهُ: وَعَبَسَ) بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: مِنْهُمْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ حَمْلِ أَوْ فِي كَلَامِهِ عَلَى التَّنْوِيعِ) أَيْ الصَّادِقِ بِالتَّرْتِيبِ الَّذِي هُوَ الْمُرَادُ، وَإِلَّا فَالتَّرْتِيبُ الْمُرَادُ مِنْ جُمْلَةِ مَا صَدَقَاتِ التَّنْوِيعِ لَا عَيْنِهِ، وَإِنَّمَا أَخْرَجَهُ عَنْ التَّخْيِيرِ الظَّاهِرِ لِأَنَّهُ ضِدُّ التَّرْتِيبِ فَلَا تَصِحُّ إرَادَتُهُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: بَلْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الْمَذْهَبُ تَعَيُّنُ سُؤَالِهِمْ انْتَهَتْ: أَيْ فَضْلًا عَنْ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ الَّذِي قَالَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ إذْ يَعْلُو الْبَصَرُ إلَخْ. لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ، وَإِنَّمَا هُوَ تَوْجِيهٌ لَهُ، وَقَوْلُهُ: فَتَعَيَّنَ إلَخْ. تَفْرِيعٌ عَلَى مَا اخْتَارَهُ مِنْ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ الْمُسْتَظْهَرِ عَلَيْهِ بِمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ لَا تَفْرِيعٌ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي نَحْوُ ذَلِكَ) أَيْ مُطْلَقُ الِامْتِحَانِ بِالْمَسَافَةِ

لِمَا مَرَّ فِي السَّمْعِ وَالثَّانِي فِيهِ حُكُومَةٌ؛ لِأَنَّهُ ضَعِيفُ النَّفْعِ. وَدُفِعَ بِأَنَّهُ مِنْ الْحَوَاسِّ الَّتِي هِيَ طَلَائِعُ الْبَدَنِ فَكَانَ كَغَيْرِهِ مِنْهَا (وَفِي) إبْطَالِ (الْكَلَامِ) (دِيَةٌ) كَمَا عَلَيْهِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَيَأْتِي هُنَا فِي الِامْتِحَانِ وَانْتِظَارِ الْعَوْدِ مَا مَرَّ، وَفِي إحْدَاثِ عَجَلَةٍ أَوْ نَحْوِ تَمْتَمَةٍ حُكُومَةٌ، وَهُوَ مِنْ اللِّسَانِ كَالْبَطْشِ مِنْ الْيَدِ فَلَا يَجِبُ زِيَادَةٌ لِقَطْعِ اللِّسَانِ، وَكَوْنُ مَقْطُوعِهِ قَدْ يَتَكَلَّمُ نَادِرٌ جِدًّا فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، نَعَمْ يُرَدُّ عَلَى التَّشْبِيهِ أَنَّ فِي قَطْعِ الْيَدِ الَّتِي ذَهَبَ بَطْشُهَا الدِّيَةُ، بِخِلَافِ اللِّسَانِ الَّذِي ذَهَبَ كَلَامُهُ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ لَا جَمَالَ فِي هَذَا حَتَّى تَجِبَ فِي مُقَابَلَتِهِ بِخِلَافِ تِلْكَ فَوَجَبَتْ لِجَمَالِهَا كَأُذُنٍ مَشْلُولَةٍ خِلْقَةً (وَفِي) إبْطَالِ (بَعْضِ الْحُرُوفِ) (قِسْطُهُ) إنْ بَقِيَ لَهُ كَلَامٌ مَفْهُومٌ وَإِلَّا وَجَبَ كَمَالُ الدِّيَةِ لِفَوَاتِ مَنْفَعَةِ الْكَلَامِ (وَ) الْحُرُوفُ (الْمُوَزَّعُ عَلَيْهَا ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ حَرْفًا فِي لُغَةِ الْعَرَبِ) فَلِكُلِّ حَرْفٍ رُبْعُ سُبْعِ دِيَةٍ وَأَسْقَطُوا لَا لِتَرْكِيبِهَا مِنْ الْأَلِفِ وَاللَّامِ، وَاعْتِبَارُ الْمَاوَرْدِيِّ لَهَا وَالنُّحَاةِ لِلْأَلِفِ وَالْهَمْزَةِ مَرْدُودٌ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِمَا ذُكِرَ. وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْأَلِفَ تُطْلَقُ عَلَى أَعَمَّ مِنْ الْهَمْزَةِ وَالْأَلِفِ السَّاكِنَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ سِيبَوَيْهِ فَاسْتَغْنَوْا بِالْهَمْزَةِ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSاهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ فِي السَّمْعِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُمْ لَا طَرِيقَ لَهُمْ إلَى مَعْرِفَةِ زَوَالِهِ (قَوْلُهُ: هِيَ طَلَائِعُ الْبَدَنِ) أَيْ مُقَدِّمَاتُهُ الَّتِي تُوصِلُ إلَيْهِ الْمُدْرَكَاتِ، وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: الطَّلِيعَةُ الْقَوْمُ يُبْعَثُونَ أَمَامَ الْجَيْشِ يَتَعَرَّفُونَ طِلْعَ الْعَدُوِّ بِالْكَسْرِ: أَيْ خَبَرَهُ وَالْجَمْعُ طَلَائِعُ اهـ. فَكَأَنَّ هَذِهِ الْحَوَاسَّ نَزَلَتْ مَنْزِلَةَ الْقَوْمِ الَّذِينَ يَنْقُلُونَ الْأَخْبَارَ بِجَامِعِ أَنَّهَا تُوصِلُ إلَيْهَا الصُّوَرَ الَّتِي تُدْرِكُهَا وَأُطْلِقَ عَلَيْهَا اسْمُهَا فَيَكُونُ اسْتِعَارَةً تَصْرِيحِيَّةً (قَوْلُهُ: فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ تَكَلَّمَ عَلَى نُدُورٍ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ قُطِعَ بَعْضُ لِسَانِهِ وَبَقِيَ نُطْقُهُ أَنَّهُ يَجِبُ حُكُومَةٌ، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ فِي قَطْعِ بَعْضِ اللِّسَانِ آلَةَ النُّطْقِ مَوْجُودَةٌ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ هَذَا (قَوْلُهُ: لِتَرْكِيبِهَا مِنْ الْأَلِفِ وَاللَّامِ) هُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّ لَا لَيْسَتْ عِبَارَةً عَمَّا تَرَكَّبَ مِنْ الْأَلِفِ وَاللَّامِ بَلْ سَمَّاهَا الْأَلِفَ اللَّيِّنَةَ كَالْأَلِفِ فِي قَالَ، وَمَوَاقِعُ الْأَلِفِ اللَّيِّنَةِ غَيْرُ مَوَاقِعِ الْهَمْزَةِ. ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ قَالَ مَا نَصُّهُ: لَا وَجْهَ لِتَضْعِيفِ كَلَامِ النُّحَاةِ بِمَا ذُكِرَ، فَإِنَّ إطْلَاقَ الْأَلِفِ عَلَى الْأَعَمِّ لَا يَمْنَعُ النَّصَّ عَلَى كُلٍّ بِخُصُوصِهِ الَّذِي هُوَ أَبْيَنُ وَأَظْهَرُ فِي بَيَانِ الْمُرَادِ، وَلَا وَجْهَ لِلتَّوْزِيعِ عَلَى ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ مَعَ كَوْنِ الْهَمْزَةِ وَالْأَلِفِ اللَّيِّنَةِ حَقِيقَتَيْنِ مُتَبَايِنَتَيْنِ لِلُزُومِ إهْدَارِ أَحَدِهِمَا فَالْوَجْهُ التَّوْزِيعُ عَلَى تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ فَتَدَبَّرْ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْأَلِفُ اللَّيِّنَةُ لَا يُمْكِنُ النُّطْقُ بِهَا وَحْدَهَا، وَلَا تَكُونُ إلَّا تَبَعًا وَتَتَوَلَّدُ مِنْ إشْبَاعِ غَيْرِهَا، وَلَا تَتَمَيَّزُ حَقِيقَتُهَا تَمَيُّزًا ظَاهِرًا عَنْ الْهَوَاءِ الْمُجَرَّدِ فَلَمْ تُعْتَبَرْ وَلَمْ يُوَزَّعْ عَلَيْهَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: تُطْلَقُ عَلَى أَعَمَّ مِنْ الْهَمْزَةِ) فِيهِ نَظَرٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَأَسْقَطُوا لَا لِتَرْكِيبِهَا إلَخْ.) الظَّاهِرُ أَنَّ الْوَاضِعَ لَمْ يُرِدْ جَعْلَ لَا مِنْ حَيْثُ هِيَ حَرْفًا لِأَنَّهَا مُرَكَّبَةٌ وَمَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا مِنْ الْحُرُوفِ بَسَائِطُ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الْأَلِفَ اللَّيِّنَةَ، وَأَمَّا الْهَمْزَةُ فَهِيَ الْمُرَادَةُ بِالْأَلِفِ أَوَّلُ الْحُرُوفِ وَيَدُلُّ عَلَى إرَادَتِهِ فِي لَا الْأَلِفُ اللَّيِّنَةُ جَعْلُهُ لَهَا بَيْنَ أُخْتَيْهَا الْوَاوِ وَالْيَاءِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُرَكِّبْ أُخْتَيْهَا لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ النُّطْقُ بِمُسَمَّاهُمَا مُسْتَقِلًّا لِقَبُولِهِمَا التَّحْرِيكَ دُونَهَا، وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِهَا لِأَنَّهَا حَرْفٌ مُسْتَقِلٌّ يَتَوَقَّفُ تَمَامُ النُّطْقِ عَلَيْهِ، بَلْ هِيَ أَكْثَرُ دَوَرَانًا فِي الْكَلَامِ مِنْ غَيْرِهَا كَمَا لَا يَخْفَى، وَقَوْلُهُ: وَاعْتِبَارُ الْمَاوَرْدِيِّ لَهَا لَا يَخْفَى مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمَاوَرْدِيَّ لَمْ يَعْتَبِرْهَا مِنْ حَيْثُ تَرَكُّبُهَا، وَإِنَّمَا اعْتَبَرَ مَا أُرِيدَ مِنْهَا وَهُوَ الْأَلِفُ اللَّيِّنَةُ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ اعْتِبَارَهَا مُتَعَيَّنٌ، وَحِينَئِذٍ فَاعْتِبَارُ الْمَاوَرْدِيِّ هُوَ عَيْنُ اعْتِبَارِ النُّحَاةِ لَا غَيْرُهُ لَا كَمَا اقْتَضَاهُ صَنِيعُ الشَّارِحِ، وَقَوْلُهُ: أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِمَا ذُكِرَ قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمَاوَرْدِيَّ لَمْ يَعْتَبِرْ لَا مِنْ حَيْثُ تَرَكُّبُهَا حَتَّى يَتَوَجَّهَ عَلَيْهِ هَذَا الرَّدُّ، وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْأَلِفَ تُطْلَقُ عَلَى أَعَمَّ مِنْ الْهَمْزَةِ وَالْأَلِفِ إلَخْ. فِيهِ أَنَّ الْمَدَارَ فِي الْحُرُوفِ الَّتِي تُقَسَّطُ عَلَيْهَا الدِّيَةُ إنَّمَا هِيَ الْمُسَمَّيَاتُ الَّتِي هِيَ أَجْزَاءُ الْكَلَامِ وَلَا شَكَّ أَنَّ نُطْقَ اللِّسَانِ بِالْهَمْزَةِ غَيْرُهُ بِالْأَلِفِ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا مَخْرَجٌ مَخْصُوصٌ يُبَايِنُ الْآخَرَ وَلَيْسَ الْمَدَارُ عَلَى الْأَسْمَاءِ

الْأَلِفِ لِانْدِرَاجِهَا فِيهَا، فَإِنْ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ الْعَرَبِ وُزِّعَتْ عَلَى حُرُوفِ لُغَتِهِ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ كَأَحَدٍ وَعِشْرِينَ فِي لُغَةٍ وَأَحَدٍ وَثَلَاثِينَ فِي أُخْرَى، وَلَوْ تَكَلَّمَ بِلُغَتَيْنِ وُزِّعَ عَلَى أَكْثَرِهِمَا، وَإِنْ قَطَعَ شَفَتَيْهِ فَذَهَبَتْ الْمِيمُ وَالْبَاءُ وَجَبَ أَرْشُهُمَا مَعَ دِيَتِهِمَا فِي أَوْجِهِ الْوَجْهَيْنِ (وَقِيلَ لَا تُوَزَّعُ عَلَى الشَّفَهِيَّةِ) وَهِيَ الْبَاءُ وَالْفَاءُ وَالْمِيمُ وَالْوَاوُ (وَالْحَلْقِيَّةِ) وَهِيَ الْهَمْزَةُ وَالْهَاءُ وَالْعَيْنُ وَالْغَيْنُ وَالْحَاءُ وَالْخَاءُ بَلْ عَلَى اللِّسَانِيَّةِ؛ لِأَنَّ النُّطْقَ بِهَا، وَرُدَّ بِمَنْعِ ذَلِكَ بَلْ كَمَالُ النُّطْقِ مُرَكَّبٌ مِنْ جَمِيعِهَا، فَفِي بَعْضٍ مِنْ تَيْنِكَ قِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ، وَلَوْ أَذْهَبَ لَهُ حَرْفًا فَعَادَ لَهُ حَرْفٌ لَمْ يَكُنْ يُحْسِنُهُ وَجَبَ لِلذَّاهِبِ قِسْطُهُ مِنْ الْحُرُوفِ الَّتِي يُحْسِنُهَا قَبْلَ الْجِنَايَةِ (وَلَوْ عَجَزَ عَنْ بَعْضِهَا خِلْقَةً أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ) وَلَهُ كَلَامٌ مُفْهِمٌ فَجُنِيَ عَلَيْهِ فَذَهَبَ كَلَامُهُ (فَدِيَةٌ) لِوُجُودِ نُطْقِهِ، وَضَعْفُهُ لَا يَمْنَعُ كَمَالَ الدِّيَةِ فِيهِ كَضَعْفِ الْبَصَرِ وَالْبَطْشِ (وَقِيلَ) فِيهِ (قِسْطٌ) مِنْ الدِّيَةِ وَفَارَقَ ضَعْفَ نَحْوِ الْبَطْشِ بِأَنَّهُ لَا يَتَقَدَّرُ غَالِبًا، وَالنُّطْقُ يَتَقَدَّرُ بِالْحُرُوفِ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ يَبْقَى مَقْصُودُ الْكَلَامِ مَا بَقِيَ لَهُ كَلَامٌ مُفْهِمٌ فَلَا حَاجَةَ لِذَلِكَ التَّقْدِيرِ (أَوْ) عَجَزَ عَنْ بَعْضِهَا (بِجِنَايَةٍ فَالْمَذْهَبُ لَا تَكْمُلُ) فِيهَا (دِيَةٌ) لِئَلَّا يَتَضَاعَفَ الْغُرْمُ فِيمَا أَبْطَلَهُ الْجَانِي الْأَوَّلُ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِجِنَايَةِ الْحَرْبِيِّ؛ لِأَنَّهَا كَالْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْفَرْقِ، وَقِيلَ تَكْمُلُ، وَالْخِلَافُ مُرَتَّبٌ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا قَبْلَهُ (وَلَوْ قُطِعَ نِصْفُ لِسَانِهِ فَذَهَبَ رُبْعُ) حُرُوفِ (كَلَامِهِ أَوْ عُكِسَ فَنِصْفُ دِيَةٍ) اعْتِبَارًا بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ الْمَضْمُونِ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالدِّيَةِ؛ إذْ لَوْ انْفَرَدَ لَكَانَ ذَلِكَ وَاجِبَهُ فَدَخَلَ فِيهِ الْأَقَلُّ، وَمِنْ ثَمَّ اُتُّجِهَ دُخُولُ الْمُسَاوِي فِيمَا لَوْ قُطِعَ النِّصْفُ فَذَهَبَ النِّصْفُ، وَلَوْ قُطِعَ بَعْضُ لِسَانِهِ فَذَهَبَ كَلَامُهُ وَجَبَتْ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّهَا إذَا وَجَبَتْ بِذَهَابِهِ بِلَا قَطْعٍ فَمَعَ الْقَطْعِ بِالْأَوْلَى، وَلَوْ قُطِعَ بَعْضُ لِسَانٍ وَبَقِيَ نُطْقُهُ وَجَبَتْ حُكُومَةٌ لَا قِسْطٌ؛ إذْ لَوْ وَجَبَ لَلَزِمَ إيجَابُ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ فِي لِسَانِ الْأَخْرَسِ خِلَافًا لِجَمْعٍ (وَفِي) إبْطَالِ (الصَّوْتِ) (دِيَةٌ) إنْ بَقِيَتْ قُوَّةُ اللِّسَانِ بِحَالِهَا لِخَبَرِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ بِذَلِكَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَهَذَا مِنْ الصَّحَابِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَمَّا أَوَّلًا فَقَوْلُهُ عَلَى أَعَمَّ لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُشْتَرَكِ لَا الْعَامِّ فَإِنَّ الْعَامَّ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ دَالًّا عَلَى مَعْنًى يَشْتَرِكُ فِيهِ كُلُّ الْأَفْرَادِ فَيَتَنَاوَلُهَا جَمِيعًا وَلَيْسَ الْأَلِفُ كَذَلِكَ بَلْ تُطْلَقُ عَلَى هَذَا وَعَلَى هَذَا، وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ هَذَا قَوْلُ بَعْضِهِمْ وَنَقَلَهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي الصِّحَاحِ وَضَعَّفَهُ بَعْضُهُمْ، وَالنُّحَاةُ يَعْتَمِدُونَ الْقَوْلَ الْآخَرَ وَهُوَ مُغَايَرَةُ الْأَلِفِ لِلْهَمْزَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وُزِّعَ عَلَى أَكْثَرِهِمَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ الْأَقَلُّ الْعَرَبِيَّةَ، وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ: وَلَوْ كَانَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ وَغَيْرَهَا وُزِّعَ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ وَقِيلَ عَلَى أَكْثَرِهِمَا حُرُوفًا وَقِيلَ عَلَى أَقَلِّهِمَا اهـ. وَعَلَيْهِ فَيُحْمَلُ قَوْلُ الشَّارِحِ هُنَا عَلَى مَا لَوْ كَانَتْ اللُّغَتَانِ غَيْرَ عَرَبِيَّتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَالْمِيمُ) أَيْ وَالْبَاءُ؛ لِأَنَّهَا مُسَاوِيَةٌ لَهَا فِي الْمَخْرَجِ وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي قَوْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ كَانَ الْأَوْجَهُ فِيمَنْ قَطَعَ الشَّفَتَيْنِ فَزَالَتْ الْمِيمُ وَالْبَاءُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهُمَا أَرْشٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ) وَكَالْآفَةِ جِنَايَةٌ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ حَجّ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ) أَيْ عَلَى هَذَا انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْفَرْقِ) أَيْ بَيْنَ الْحَرْبِيِّ وَغَيْرِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ بِالْأَوْلَى أَنَّ جِنَايَةَ السَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ كَالْحَرْبِيِّ. وَكُتِبَ أَيْضًا قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ لَمْ يُبَيِّنْ عِلَّةَ الْأَوْجَهِ، وَقِيَاسُ نَظَائِرِهِ مِنْ أَنَّ الْجِنَايَةَ الْغَيْرَ الْمَضْمُونَةِ كَالْآفَةِ اعْتِمَادُ الْأَوَّلِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ. وَعِبَارَةُ حَجّ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ التَّعْلِيلَ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِجِنَايَةِ الْحَرْبِيِّ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَا أَحْسَبُهُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَلَزِمَ إيجَابُ الدِّيَةِ) وَجْهُ الْمُلَازَمَةِ أَنَّ وُجُوبَ الْقِسْطِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لِذَاتِ اللِّسَانِ بِلَا اعْتِبَارِ الْكَلَامِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ قُطِعَ نِصْفُ لِسَانِهِ فَذَهَبَ رُبْعُ كَلَامِهِ وَجَبَ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَقَضِيَّةُ أَنَّ لِسَانَ الْأَخْرَسِ لَا دِيَةَ فِيهِ أَنَّهُ يَجِبُ رُبْعُ دِيَةٍ لِمَا ذَهَبَ مِنْ الْكَلَامِ وَحُكُومَةٌ لِمَا زَادَ عَلَى الرُّبْعِ مِنْ اللِّسَانِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِجَمْعٍ) مُتَعَلِّقٌ بِحُكُومَةٍ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: أَيْ وَلِأَنَّهُ مِنْ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ لِغَرَضِ الدَّفْعِ وَالْإِعْلَامِ وَغَيْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالَّتِي هِيَ لَفْظُ أَلِفٍ وَلَفْظُ بَاءٍ إلَخْ. حَتَّى يَتَوَجَّهَ مَا ذُكِرَ هَكَذَا ظَهَرَ فَلْيُتَدَبَّرْ، ثُمَّ رَأَيْت الشِّهَابَ سم قَرَّرَ نَحْوَ مَا ذَكَرْته آخِرًا ثُمَّ قَالَ: إنَّ الْوَجْهَ تَقْسِيطُ الدِّيَةِ عَلَى تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ) لَفْظُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: مَضَتْ السُّنَّةُ

فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ تَبِعَ فِيهِ الزَّرْكَشِيَّ، وَهُوَ يُوهِمُ أَنَّ زَيْدًا صَحَابِيٌّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ تَابِعِيٌّ، وَمَنْ أَوَّلَ الصَّوْتَ بِالْكَلَامِ يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ، وَزَعَمَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ ذَلِكَ يَكَادُ أَنْ يَكُونَ خَرْقًا، لِلْإِجْمَاعِ غَيْرَ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ (فَإِنْ بَطَلَ مَعَهُ حَرَكَةُ لِسَانٍ فَعَجَزَ عَنْ التَّقْطِيعِ وَالتَّرْدِيدِ فَدِيَتَانِ) لِاسْتِقْلَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِدِيَةٍ لَوْ انْفَرَدَ (وَقِيلَ دِيَةٌ) ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْكَلَامِ يَفُوتُ بِانْقِطَاعِ الصَّوْتِ وَعَجْزِ اللِّسَانِ عَنْ الْحَرَكَةِ وَقَدْ يَجْتَمِعَانِ، وَفَارَقَ إذْهَابَ النُّطْقِ بِالْجِنَايَةِ عَلَى سَمْعِ صَبِيٍّ فَتَعَطَّلَ بِذَلِكَ نُطْقُهُ؛ لِأَنَّهُ بِوَاسِطَةِ سَمَاعِهِ وَتَدَرُّجِهِ فِيهِ بِأَنَّ اللِّسَانَ هُنَا سَلِيمٌ وَلَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ جِنَايَاتٌ أَصْلًا، بِخِلَافِ إبْطَالِ حَرَكَتِهِ الْمَذْكُورَةِ (وَفِي) إبْطَالِ (الذَّوْقِ) (دِيَةٌ) كَالسَّمْعِ بِأَنْ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَ حُلْوٍ وَحَامِضٍ وَمُرٍّ وَمَالِحٍ وَعَذْبٍ، وَعِنْدَ اخْتِلَافِ الْجَانِي وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي ذَهَابِهِ يُمْتَحَنُ بِالْأَشْيَاءِ الْحَادَّةِ كَمُرٍّ وَحَامِضٍ بِأَنْ يُلْقِمَهَا لَهُ غَيْرُهُ مُغَافَصَةً، فَإِنْ لَمْ يَعْبِسْ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَإِلَّا فَالْجَانِي بِيَمِينِهِ، وَلَوْ أَبْطَلَ مَعَهُ نُطْقَهُ أَوْ حَرَكَةَ لِسَانِهِ السَّابِقَةَ فَدِيَتَانِ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ، وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ لَكِنَّهُ إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى الضَّعِيفِ أَنَّ الذَّوْقَ فِي طَرَفِ الْحَلْقِ لَا فِي اللِّسَانِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَبْقَى مَعَ قَطْعِهِ حَيْثُ لَمْ يُسْتَأْصَلْ قَطْعُ عَصَبِهِ، أَمَّا عَلَى الْمَشْهُورِ وَبِهِ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ أَنَّهُ فِي طَرَفِ اللِّسَانِ فَلَا تَجِبُ إلَّا دِيَةٌ وَاحِدَةٌ لِلِّسَانِ كَمَا لَوْ قُطِعَ فَذَهَبَ نُطْقُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْهُ كَالْبَطْشِ مِنْ الْيَدِ كَمَا مَرَّ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْأَوْجَهُ فِيمَنْ قَطَعَ الشَّفَتَيْنِ فَزَالَتْ الْمِيمُ وَالْبَاءُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهُمَا أَرْشٌ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْهُمَا كَالْبَطْشِ مِنْ الْيَدِ أَيْضًا، ـــــــــــــــــــــــــــــSذَلِكَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَمَنْ أَوَّلَ الصَّوْتَ) أَيْ فِيمَا رَوَاهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ (قَوْلُهُ: أَنَّ ذَلِكَ) أَيْ وُجُوبَ الدِّيَةِ فِي الصَّوْتِ (قَوْلُهُ فَعَجَزَ عَنْ التَّقْطِيعِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالتَّقْطِيعِ تَمْيِيزُ بَعْضِ الْحُرُوفِ الْمُخْتَلِفَةِ عَنْ بَعْضٍ، وَالتَّرْدِيدُ الرُّجُوعُ لِلْحَرْفِ الْأَوَّلِ بِأَنْ يَنْطِقَ بِهِ ثَانِيًا كَمَا نَطَقَ بِهِ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ وُجُوبِ الدِّيَتَيْنِ (قَوْلُهُ: فَتَعَطَّلَ بِذَلِكَ نُطْقُهُ) حَيْثُ قُبِلَ بِوُجُوبِ دِيَةٍ وَاحِدَةٍ فِي السَّمْعِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ اللِّسَانَ) مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ فَدِيَتَانِ لَا بِقَوْلِهِ وَقِيلَ دِيَةٌ (قَوْلُهُ: مُغَافَصَةً) أَيْ أَخْذًا عَلَى غِرَّةٍ. قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: وَغَافَصَهُ أَخَذَهُ عَلَى غِرَّةٍ (قَوْلُهُ: فَدِيَتَانِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ) قَدْ يُقَالُ: إنْ كَانَ فَرْضُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ قُطِعَ اللِّسَانُ فَلَا وَجْهَ إلَّا وُجُوبُ دِيَةٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ أَنَّهُ جُنِيَ عَلَيْهِ بِدُونِ قَطْعِهِ فَوُجُوبُ الدِّيَتَيْنِ فِي غَايَةِ الظُّهُورِ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّ الذَّوْقَ فِي طَرَفِهِ أَمْ فِي الْحَلْقِ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لَا فِي اللِّسَانِ) وَهَذَا أَيْ كَوْنُهُ فِي اللِّسَانِ هُوَ الرَّاجِحُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الصَّوْتِ إذَا انْقَطَعَ بِالدِّيَةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ وَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَهُ إذْ هُوَ مَرْجِعُ الْإِشَارَةِ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ الْجَلَالِ وَهَذَا مِنْ الصَّحَابِيِّ إلَخْ. لِأَنَّهُ وَقَعَ خِلَافٌ بَيْنَ الْأُصُولِيِّينَ فِيمَا إذَا قَالَ الصَّحَابِيُّ مِنْ السُّنَّةِ كَذَا أَوْ نَحْوَهُ هَلْ هُوَ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ إلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَيَحْتَجُّ بِهِ أَوْ لَا، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ فِي حُكْمِهِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ) يُقَالُ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَمَا دَلِيلُ وُجُوبِ الدِّيَةِ فِي الصَّوْتِ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ مَنْ أَثْبَتَ صُحْبَتَهُ مَعَهُ زِيَادَةُ عِلْمٍ وَمَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ (قَوْلُهُ: وَمَنْ أَوَّلَ الصَّوْتَ بِالْكَلَامِ إلَخْ.) هَذَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الشَّارِحُ فِي الْخَبَرِ بَعْدَ نَفْيِهِ الْحُجِّيَّةَ بِهِ مِنْ أَصْلِهِ، وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مَنْ جَعَلَهُ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ وَاحْتَجَّ بِهِ كَابْنِ حَجَرٍ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَحْتَاجُ إلَى الْجَوَابِ عَمَّا أَوْرَدَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَنَّ ذَلِكَ) أَيْ وُجُوبَ الدِّيَةِ فِي الصَّوْتِ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ إلَخْ.) أَيْ عَلَى الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بِوَاسِطَةِ سَمَاعِهِ إلَخْ.) عِلَّةٌ لِتَعْطِيلِ نُطْقِ الصَّبِيِّ بِعَدَمِ سَمَاعِهِ (قَوْلُهُ: مُغَافَصَةً) هُوَ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، يُقَالُ غَافَصْت الرَّجُلَ: أَيْ أَخَذْته عَلَى غِرَّةٍ، قَالَهُ فِي الصِّحَاحِ (قَوْلُهُ: فَدِيَتَانِ عَلَى مَا قَالَهُ جَمْعٌ إلَخْ.) صَرِيحُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّ وُجُوبَ

لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ وُجُوبُ أَرْشِ الْحَرْفَيْنِ أَيْضًا كَمَا مَرَّ (وَتُدْرَكُ بِهِ حَلَاوَةٌ وَحُمُوضَةٌ وَمَرَارَةٌ وَمُلُوحَةٌ وَعُذُوبَةٌ) وَلَمْ يَنْظُرُوا لِزِيَادَةِ بَعْضِ الْأَطِبَّاءِ عَلَيْهَا ثَلَاثَةً لِدُخُولِهَا فِيهَا كَالْحَرَافَةِ مَعَ الْمَرَارَةِ وَالْعُفُوصَةِ مَعَ الْحُمُوضَةِ؛ لِأَنَّ الطِّبَّ يَشْهَدُ بِأَنَّهَا تَوَابِعُ، وَإِذَا أُخِذَتْ دِيَةُ الْمَتْبُوعِ دَخَلَ التَّابِعُ تَحْتَهُ (وَتُوَزَّعُ) الدِّيَةُ (عَلَيْهِنَّ) فَفِي كُلٍّ خُمُسُهَا (فَإِنْ نَقَصَ) إدْرَاكُهُ الطُّعُومَ عَلَى كَمَالِهَا (فَحُكُومَةٌ) إنْ لَمْ تَتَقَدَّرْ، وَإِلَّا فَقِسْطُهُ (وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي) إبْطَالِ (الْمَضْغِ) بِأَنْ يُجْنَى عَلَى أَسْنَانِهِ فَتَتَخَدَّرَ وَتَبْطُلَ صَلَاحِيَتُهَا لِلْمَضْغِ، أَوْ بِأَنْ يَتَصَلَّبَ مَغْرِسُ اللَّحْيَيْنِ فَتَمْتَنِعَ حَرَكَتُهُمَا مَجِيئًا وَذَهَابًا؛ لِأَنَّهُ الْمَنْفَعَةُ الْعُظْمَى لِلْأَسْنَانِ وَفِيهَا الدِّيَةُ فَكَذَا مَنْفَعَتُهَا كَالْبَصَرِ مَعَ الْعَيْنِ وَالْبَطْشِ مَعَ الْيَدِ، فَإِنْ نَقَصَ فَحُكُومَةٌ (وَ) فِي إبْطَالِ (قُوَّةِ إمْنَاءٍ بِكَسْرِ صُلْبٍ) لِفَوَاتِ الْمَقْصُودِ الْأَعْظَمِ وَهُوَ النَّسْلُ، وَاعْتِرَاضُ الْبُلْقِينِيِّ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ إذْهَابِ قُوَّةِ إنْزَالِهِ إذْهَابُ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ طَرِيقَهُ قَدْ تَنْسَدُّ مَعَ بَقَائِهِ فَهُوَ كَارْتِتَاقِ مَحَلِّ السَّمْعِ مَدْفُوعٌ بِمَنْعِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّلَازُمِ، وَبِفَرْضِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَالسَّمْعِ بِأَنَّهُ لِلُطْفِهِ يُمْكِنُ انْسِدَادُ طَرِيقِهِ ثُمَّ عَوْدُهُ، بِخِلَافِ الْمَنِيِّ فَإِنَّهُ لِكَثَافَتِهِ مَتَى سُدَّتْ طَرِيقُهُ انْسَدَّ وَاسْتَحَالَ إلَى الْأَخْلَاطِ الرَّدِيئَةِ فَلَا يُتَوَقَّعُ عَوْدُهُ وَلَا صَلَاحُهُ أَصْلًا، فَلَوْ قَطَعَ أُنْثَيَيْهِ فَذَهَبَ مَنِيُّهُ لَزِمَهُ دِيَتَانِ (وَ) فِي إبْطَالِ (قُوَّةِ حَبَلٍ) مِنْ امْرَأَةٍ وَرَجُلٍ بِفَوَاتِ النَّسْلِ أَيْضًا، وَقَيَّدَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِمَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ لِلْأَطِبَّاءِ أَنَّهُ عَقِيمٌ (وَ) فِي (ذَهَابِ) لَذَّةِ (جِمَاعٍ) بِكَسْرِ صُلْبٍ وَلَوْ مَعَ بَقَاءِ الْمَنِيِّ وَسَلَامَةِ الصُّلْبِ وَالذَّكَرِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ وَمِثْلُهُ إذْهَابُ لَذَّةِ الطَّعَامِ أَوْ سَدُّ مَسْلَكِهِ فَفِي كُلٍّ دِيَةٌ وَيُصَدَّقُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فِي ذَهَابِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَا سِوَى الْأَخِيرَةِ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ مَا لَمْ يَقُلْ أَهْلُ الْخِبْرَةِ إنَّ مِثْلَ جِنَايَتِهِ لَا تُذْهِبُ ذَلِكَ (وَفِي) (إفْضَائِهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (مِنْ الزَّوْجِ) بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ (وَ) كَذَا مِنْ (غَيْرِهِ) بِوَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ زِنًا أَوْ أُصْبُعٍ أَوْ خَشَبَةٍ (دِيَةٌ) لَهَا، وَخَرَجَ بِإِفْضَائِهَا إفْضَاءُ الْخُنْثَى فَفِيهِ حُكُومَةٌ (وَهُوَ) أَيْ الْإِفْضَاءُ (رَفْعُ مَا بَيْنَ مَدْخَلِ ذَكَرٍ وَدُبُرٍ) فَيَصِيرُ سَبِيلُ الْغَائِطِ وَالْجِمَاعِ وَاحِدًا لِقَطْعِهِ النَّسْلَ، إذْ النُّطْفَةُ لَا تَسْتَقِرُّ فِي مَحَلِّ الْعُلُوقِ لِامْتِزَاجِهَا بِالْبَوْلِ، فَأَشْبَهَ قَطْعَ الذَّكَرِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَمْسِكْ الْغَائِطُ فَحُكُومَةٌ أَيْضًا (وَقِيلَ) رَفْعُ مَا بَيْنَ مَدْخَلِ (ذَكَرٍ وَ) مَخْرَجِ (بَوْلٍ) وَهُوَ ضَعِيفٌ وَإِنْ جَزَمَا بِهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: بَلْ عَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي الْأَوَّلِ بِالْأَوْلَى، فَإِنْ لَمْ يَسْتَمْسِكْ الْبَوْلُ فَحُكُومَةٌ أَيْضًا، فَإِنْ أَزَالَهُمَا فَدِيَةٌ وَحُكُومَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: وَالْعُفُوصَةِ مَعَ الْحُمُوضَةِ) أَيْ وَالتَّفَاهَةِ مَعَ الْعُذُوبَةِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الطِّبَّ) أَيْ عِلْمَ الطِّبِّ يَشْهَدُ: أَيْ يَدُلُّ بِأَنَّهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَتَتَخَدَّرُ) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ وَيُمْكِنُ قِرَاءَتُهَا بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَيُرَادُ بِالتَّحْدِيرِ مَيْلُهَا عَنْ جِهَةِ الِاسْتِقَامَةِ (قَوْلُهُ وَتَبْطُلُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: مَدْفُوعٌ) هَذَا عَجِيبٌ؛ لِأَنَّ الْبُلْقِينِيَّ مَانِعٌ وَالْمَنْعُ لَا يُمْنَعُ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا انْتُهِضَ بِإِقَامَةِ سَنَدِ الْمَنْعِ كَانَ مُدَّعِيًا فَهُوَ مَنْعٌ لِلْمُدَّعِي لَا لِلْمَنْعِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ) أَيْ اللَّذَّةَ بِمَعْنَى الِالْتِذَاذِ (قَوْلُهُ: مَا سِوَى الْأَخِيرَةِ) أَيْ قَوْلُهُ لَذَّةُ جِمَاعٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَفِي إفْضَائِهَا) وَإِنْ تَقَدَّمَ لَهُ وَطْؤُهَا مِرَارًا. قَالَ فِي الْعُبَابِ: إنْ حَصَلَ الْإِفْضَاءُ بِوَطْءِ نَحِيفَةٍ يَغْلِبُ إفْضَاؤُهُ فَدِيَةُ عَمْدٍ أَوْ يَنْدُرُ فَشِبْهُ عَمْدٍ أَوْ ظَنَّهَا زَوْجَةً فَخَطَأٌ انْتَهَى (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَزَالَهُمَا فَدِيَةٌ وَحُكُومَةٌ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالدِّيَتَيْنِ ضَعِيفٌ كَمَا يُعْلَمُ بِتَأَمُّلِهِ لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ أَنَّهُ مُعْتَمَدٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَفِيهَا الدِّيَةُ) أَيْ مُطْلَقُ دِيَةٍ، وَإِلَّا فَدِيَتُهَا غَيْرُ دِيَةِ الْمَضْغِ (قَوْلُهُ: إذْهَابُ نَفْسِهِ) يَعْنِي: الْمَنِيَّ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ وَقْفَةٌ) وَجْهُ الْوَقْفَةِ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ كَانَتْ قُوَّةُ الْحَبَلِ مَوْجُودَةً وَأَبْطَلَهَا، لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ أَبْطَلَهَا إلَّا إذَا كَانَتْ مَوْجُودَةً قَبْلُ (قَوْلُهُ: وَذَهَابِ جِمَاعٍ) ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِالرَّجُلِ فَانْظُرْ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَسَلَامَةِ الصُّلْبِ) لَا يَتَأَتَّى مَعَ تَقْيِيدِهِ الذَّهَابَ بِكَسْرِ الصُّلْبِ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ بِهِ التَّمْثِيلُ بِمَا هُوَ الْغَالِبُ (قَوْلُهُ: لِامْتِزَاجِهَا بِالْبَوْلِ) صَوَابُهُ بِالْغَائِطِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ بَلْ عَلَيْهِ إلَخْ.) لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِهِ مَا يُسَوِّغُ هَذَا الْإِضْرَابَ، وَفِي التُّحْفَةِ قَبْلَ هَذَا مَا نَصُّهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ فِي هَذَا حُكُومَةٌ مُعْتَمَدٌ

وَصَحَّحَ الْمُتَوَلِّي أَنَّ فِي كُلٍّ دِيَةً لِإِخْلَالِهِ بِالتَّمَتُّعِ، وَلَوْ الْتَحَمَ وَعَادَ كَمَا كَانَ فَلَا دِيَةَ بَلْ حُكُومَةً، وَفَارَقَ الْتِحَامَ الْجَائِفَةِ بِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَاكَ عَلَى الِاسْمِ، وَهُنَا عَلَى فَوَاتِ الْمَقْصُودِ وَبِالْعَوْدِ لَمْ يَفُتْ (فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْوَطْءُ) مِنْ الزَّوْجِ لِلزَّوْجَةِ (إلَّا بِإِفْضَاءٍ) لِكِبَرِ آلَتِهِ أَوْ ضِيقِ فَرْجِهَا (فَلَيْسَ لِلزَّوْجِ) الْوَطْءُ وَلَا لَهَا تَمْكِينُهُ لِإِفْضَائِهِ إلَى مُحَرَّمٍ (وَمَنْ لَا يَسْتَحِقُّ افْتِضَاضَهَا) أَيْ الْبِكْرِ بِالْفَاءِ وَالْقَافِ (فَإِنْ) (أَزَالَ الْبَكَارَةَ بِغَيْرِ ذَكَرٍ) كَأُصْبُعٍ أَوْ خَشَبَةٍ (فَأَرْشُهَا) يَلْزَمُهُ وَهُوَ الْحُكُومَةُ الْمَأْخُوذَةُ مِنْ تَقْدِيرِ الرِّقِّ كَمَا يَأْتِي، نَعَمْ إنْ أَزَالَتْهَا بِكْرٌ وَجَبَ الْقَوَدُ (أَوْ بِذَكَرٍ لِشُبْهَةٍ) مِنْهَا كَظَنِّهَا أَنَّهُ حَلِيلُهَا (أَوْ مُكْرَهَةٌ) أَوْ نَحْوُ مَجْنُونَةٍ (فَمَهْرُ مِثْلٍ) يَجِبُ لَهَا حَالَ كَوْنِهَا (ثَيِّبًا وَأَرْشُ بَكَارَةٍ) يَلْزَمُهُ لَهَا وَهُوَ الْحُكُومَةُ وَلَمْ تَدْخُلْ فِي الْمَهْرِ؛ لِأَنَّهُ لِاسْتِيفَاءِ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ وَهِيَ لِإِزَالَةِ تِلْكَ الْجِلْدَة فَهُمَا جِهَتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ، أَمَّا لَوْ كَانَ بِزِنًا وَهِيَ حُرَّةٌ مُطَاوِعَةٌ فَلَا شَيْءَ أَوْ أَمَةٌ فَلَا مَهْرَ؛ لِأَنَّهَا بَغِيٌّ، بَلْ حُكُومَةٌ لِفَوَاتِ جُزْءٍ مِنْ بَدَنِهَا مَمْلُوكٍ لِسَيِّدِهَا (وَقِيلَ مَهْرُ بِكْرٍ) ؛ إذْ الْغَرَضُ التَّمَتُّعُ وَتِلْكَ الْجِلْدَةُ تَذْهَبُ ضِمْنًا وَرُدَّ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُمَا جِهَتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ (وَمُسْتَحِقُّهُ) أَيْ الِافْتِضَاضِ، وَهُوَ الزَّوْجُ (لَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِاسْتِحْقَاقِهِ إزَالَتَهَا وَإِنْ أَخْطَأَ فِي طَرِيقِ الِاسْتِيفَاءِ بِخَشَبَةٍ وَنَحْوِهَا (وَقِيلَ إنْ زَالَ بِغَيْرِ ذَكَرٍ فَأَرْشٌ) لِعُدُولِهِ عَمَّا أُذِنَ لَهُ فِيهِ فَصَارَ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَرُدَّ بِمَنْعِ ذَلِكَ (وَفِي) (إبْطَالِ الْبَطْشِ) بِأَنْ ضَرَبَ يَدَيْهِ فَزَالَتْ قُوَّةُ بَطْشِهِمَا (دِيَةٌ) إذْ هُوَ مِنْ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ (وَكَذَا الْمَشْيُ) فِي إبْطَالِهِ بِنَحْوِ كَسْرِ الصُّلْبِ مَعَ سَلَامَةِ الرِّجْلَيْنِ دِيَةٌ لِذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ بَعْدَ الِانْدِمَالِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى عَادَ لَمْ يَجِبْ إلَّا حُكُومَةٌ إنْ بَقِيَ سِنِينَ (وَ) فِي (نَقْصِهِمَا) يَعْنِي فِي نَقْصِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ (حُكُومَةٌ) بِحَسَبِ النَّقْصِ قِلَّةً وَكَثْرَةً، نَعَمْ إنْ عُرِفَتْ نِسْبَتُهُ وَجَبَ قِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ (وَلَوْ) (كُسِرَ صُلْبُهُ فَذَهَبَ مَشْيُهُ وَجِمَاعُهُ) أَيْ لَذَّتُهُ (أَوْ) فَذَهَبَ مَشْيُهُ (وَمَنِيُّهُ) (فَدِيَتَانِ) لِاسْتِقْلَالِ كُلٍّ بِدِيَةٍ لَوْ انْفَرَدَ مَعَ اخْتِلَافِ مَحَلَّيْهِمَا، وَفِي قَطْعِ رِجْلَيْهِ وَذَكَرِهِ حِينَئِذٍ دِيَتَانِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُمَا صَحِيحَانِ، وَمَعَ سَلَامَتِهِمَا حُكُومَةٌ لِكَسْرِ الصُّلْبِ؛ لِأَنَّ لَهُ دَخْلًا فِي إيجَابِ الدِّيَةِ، وَمَعَ إشْلَالِهِمَا تَجِبُ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ لِخَلَلِ غَيْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ الْمُتَوَلِّي أَنَّ فِي كُلٍّ دِيَةً) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْوَطْءُ) أَيْ ابْتِدَاءً وَلَوْ بَعْدَ تَقَدُّمِ الْوَطْءِ مِرَارًا (قَوْلُهُ: فَأَرْشُهَا يَلْزَمُهُ) وَإِنْ أَذِنَ الزَّوْجُ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ افْتِضَاضِهَا وَأَذِنَتْ وَهِيَ غَيْرُ رَشِيدَةٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا، وَمِنْهُ مَا يَقَعُ مِنْ أَنَّ الشَّخْصَ يَعْجِزُ عَنْ إزَالَةِ بَكَارَةِ زَوْجَتِهِ فَيَأْذَنُ لِامْرَأَةٍ مَثَلًا فِي إزَالَةِ بَكَارَتِهَا فَيَلْزَمُ الْمَرْأَةَ الْمَأْذُونَ لَهَا الْأَرْشُ؛ لِأَنَّ إذْنَ الزَّوْجِ لَا يُسْقِطُ عَنْهَا الضَّمَانَ. لَا يُقَالُ: هُوَ مُسْتَحِقٌّ لِلْإِزَالَةِ فَيَنْزِلُ فِعْلُ الْمَرْأَةِ مَنْزِلَةَ فِعْلِهِ. لِأَنَّا نَقُولُ: هُوَ مُسْتَحِقٌّ لَهَا بِنَفْسِهِ لَا بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِذَكَرٍ لِشُبْهَةٍ) مِنْهَا جَعَلَ الْمُحَلِّلُ مِنْ الشُّبْهَةِ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَخْطَأَ فِي طَرِيقِ الِاسْتِيفَاءِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ بَلْ أَوْ فَسَخَ الْعَقْدَ مِنْهَا أَوْ بِعَيْبِهَا فَلَا يَجِبُ لَهَا شَيْءٌ فِي الْفَسْخِ، وَلَا زَائِدٌ عَلَى النِّصْفِ فِي الطَّلَاقِ وَلَا أَرْشَ لِلْبَكَارَةِ، وَلَوْ ادَّعَتْ إزَالَتَهَا بِالْجِمَاعِ لِتَسْتَحِقَّ الْمَهْرَ وَادَّعَى إزَالَتَهَا بِأُصْبُعِهِ مَثَلًا صُدِّقَ كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُمْ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ فِي تَقْرِيرِ قَوْلِ الْمَتْنِ وَصُدِّقَ مَنْ جَحَدَ جِمَاعَهَا مَا نَصُّهُ: أَوْ ادَّعَتْ جِمَاعًا قَبْلَ الطَّلَاقِ وَطَلَبَتْ جَمِيعَ الْمَهْرِ فَجَحَدَهُ صُدِّقَ اهـ (قَوْلُهُ: وَإِنَّ أَخْطَأَ فِي طَرِيقِ الِاسْتِيفَاءِ بِخَشَبَةٍ) وَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ إذَا كَانَ فِي إزَالَتِهَا بِغَيْرِ الذَّكَرِ مَشَقَّةٌ عَلَيْهَا أَكْثَرُ مِنْهَا بِالذَّكَرِ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ كَسْرِ الصُّلْبِ) اُنْظُرْ هَذَا التَّقْيِيدَ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي فِي الْحُكُومَةِ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ نَقْصٌ اُعْتُبِرَ أَقْرَبُ نَقْصٍ إلَى الِانْدِمَالِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُ مَا يَأْتِي بِالْجِرَاحَةِ إذَا انْدَمَلَ الْجُرْحُ، وَلَمْ يَبْقَ نَقْصٌ، وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ؛ إذْ هُوَ إذْهَابُ مَنْفَعَةٍ مَقْصُودَةٍ، وَهِيَ الْمَشْيُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ إلَّا حُكُومَةٌ، وَإِنْ بَقِيَ سِنِينَ) وَفِي نُسْخَةٍ: وَإِنْ بَقِيَ شَيْنٌ وَهِيَ أَوْضَحُ مِمَّا فِي الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: وَمَعَ إشْلَالِهِمَا تَجِبُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQوَعَلَى الثَّانِي بِالْعَكْسِ، ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ. فَالْإِضْرَابُ لَهُ مَوْقِعٌ ثَمَّ لَا هُنَا (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ الْمُتَوَلِّي إلَخْ.)

[فرع في اجتماع جنايات على شخص واحد]

الصُّلْبِ فَأُفْرِدَ حِينَئِذٍ بِحُكُومَةٍ (وَقِيلَ دِيَةٌ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الصُّلْبَ مَحَلُّ الْمَشْيِ لِابْتِدَائِهِ مِنْهُ وَرُدَّ بِمَنْعِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ. [فَرْعٌ] فِي اجْتِمَاعِ جِنَايَاتٍ مِمَّا مَرَّ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ، وَيَجْتَمِعُ فِي الْإِنْسَانِ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ دِيَةً بَلْ أَكْثَرُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ إذَا (أَزَالَ) جَانٍ (أَطْرَافًا) كَأُذُنَيْنِ وَيَدَيْنِ وَرِجْلَيْنِ (وَلَطَائِفَ) كَعَقْلٍ وَسَمْعٍ وَشَمٍّ (تَقْتَضِي دِيَاتٍ فَمَاتَ سِرَايَةً) مِنْ جَمِيعِهَا كَمَا بِأَصْلِهِ وَأَوْمَأَ إلَيْهِ بِالْفَاءِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ (فَدِيَةٌ) وَاحِدَةٌ تَلْزَمُهُ لِكَوْنِ الْجِنَايَةِ صَارَتْ نَفْسًا، وَخَرَجَ بِجَمِيعِهَا انْدِمَالُ بَعْضِهَا فَلَا يَدْخُلُ وَاجِبُهُ فِي دِيَةِ النَّفْسِ (وَكَذَا لَوْ حَزَّهُ الْجَانِي قَبْلَ انْدِمَالِهِ) لَا يَجِبُ سِوَى دِيَةٍ وَاحِدَةٍ إنْ اتَّحَدَ الْحَزُّ وَالْفِعْلُ الْأَوَّلُ عَمْدًا أَوْ غَيْرَهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِوُجُوبِ دِيَةِ النَّفْسِ قَبْلَ اسْتِقْرَارِ دِيَاتِ غَيْرِهَا فَتَدْخُلُ فِيهَا كَالسِّرَايَةِ؛ إذْ لَا تَسْتَقِرُّ إلَّا بِانْدِمَالِهَا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ حَزَّهُ بَعْدَ الِانْدِمَالِ وَجَبَتْ دِيَاتُ غَيْرِهَا قَطْعًا (فَإِنْ حَزَّهُ) الْجَانِي قَبْلَ الِانْدِمَالِ (عَمْدًا، وَالْجِنَايَاتُ) بِإِزَالَةِ مَا ذُكِرَ (خَطَأٌ) أَوْ شِبْهُ عَمْدٍ (أَوْ عَكْسُهُ) بِأَنْ حَزَّهُ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ وَالْجِنَايَةُ عَمْدٌ، أَوْ حَزَّهُ خَطَأً وَالْجِنَايَةُ شِبْهُ عَمْدٍ أَوْ عَكْسُهُ (فَلَا تَدَاخُلَ فِي الْأَصَحِّ) الْمَبْنِيِّ مَعَ مُقَابِلِهِ عَلَى الْأَصَحِّ السَّابِقِ مِنْ الدُّخُولِ عِنْدَ اتِّفَاقِ الْحَزِّ بَلْ يَجِبُ كُلٌّ مِنْ وَاجِبِ النَّفْسِ وَالْأَطْرَافِ لِاخْتِلَافِهِمَا حِينَئِذٍ بِاخْتِلَافِ حُكْمِهِمَا (وَلَوْ) (حَزَّ) رَقَبَتَهُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ (غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْجَانِي تِلْكَ الْجِنَايَاتِ أَوْ مَاتَ بِسُقُوطِهِ مِنْ نَحْوِ سَطْحٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ، وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ مِنْ اعْتِبَارِ التَّبَرُّعِ فِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ مِنْ الثُّلُثِ لَوْ مَاتَ بِهَا بِأَنَّ التَّبَرُّعَ صَدَرَ عِنْدَ الْخَوْفِ مِنْ الْمَوْتِ فَاسْتَمَرَّ حُكْمُهُ (تَعَدَّدَتْ) الْجِنَايَاتُ فَلَا تَدَاخُلَ إذْ فِعْلُ شَخْصٍ لَا يُبْنَى عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ، وَفَارَقَ هَذَا قَطْعَ أَعْضَاءِ حَيَوَانٍ مَاتَ بِسِرَايَتِهَا أَوْ بِقَتْلِهِ حَيْثُ تَجِبُ قِيمَتُهُ يَوْمَ مَوْتِهِ، وَلَا يَنْدَرِجُ فِيهَا مَا وَجَبَ فِي أَعْضَائِهِ بِأَنَّهُ مَضْمُونٌ بِمَا نَقَصَ، وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِالْكَمَالِ وَضِدِّهِ، وَالْآدَمِيُّ مَضْمُونٌ بِمُقَدَّرٍ وَهُوَ لَا يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ مَعَ كَوْنِ الْغَالِبِ عَلَى ضَمَانِهِ التَّعَبُّدَ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَالَ سم عَلَى حَجّ: ظَاهِرُ هَذَا الصَّنِيعِ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِإِشْلَالِ مَا ذُكِرَ مَعَ ذَهَابِ الْمَشْيِ وَالْجِمَاعِ أَوْ وَالْمَنِيِّ، إلَّا أَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ لِلْإِشْلَالِ ظَاهِرُهُ تَصْوِيرُهَا بِمُجَرَّدِ إشْلَالِ مَا ذُكِرَ، وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ تَصْوِيرِ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَالْمُنَاسِبُ لِلْإِفْرَادِ بِحُكُومَةٍ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الشَّارِحَ إنَّمَا أَطْلَقَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ إشْلَالَ الرِّجْلَيْنِ دَاخِلٌ فِي تَعَطُّلِ الْمَشْيِ وَإِنْ كَانَ التَّعْطِيلُ يُمْكِنُ انْفِرَادُهُ فَلَا إشْكَالَ فِي الْإِفْرَادِ بِحُكُومَةٍ، إلَّا أَنَّ هَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ التَّصْوِيرِ بِذَهَابِ الْجِمَاعِ أَوْ الْمَنِيِّ، وَالْإِفْرَادُ مَعَ ذَلِكَ يُشْكِلُ؛ لِأَنَّ لِلْكَسْرِ دَخْلًا فِي إيجَابِ دِيَتِهِ، وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمَفْهُومُ مِنْ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ تَصْوِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا أَشَلَّ الرِّجْلَيْنِ أَوْ الذَّكَرَ بِكَسْرِ الصُّلْبِ مِنْ غَيْرِ ذَهَابِ شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ وَلَا إشْكَالَ حِينَئِذٍ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ لِخَلَلِ غَيْرِ الصُّلْبِ فَأُفْرِدَ) وَفِي نُسْخَةٍ لِلْإِشْلَالِ فَأُفْرِدَ [فَرْعٌ فِي اجْتِمَاعِ جِنَايَاتٍ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ] (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ هَذَا إلَخْ) أَيْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ دُخُولِ الْأَطْرَافِ وَاللَّطَائِفِ فِي دِيَةِ النَّفْسِ إذَا مَاتَ سِرَايَةً أَوْ بِفِعْلِ الْجَانِي، وَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَ هَذَا الْفَرْقِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَكَذَا لَوْ حَزَّهُ الْجَانِي إلَخْ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ مَضْمُونٌ) أَيْ الْحَيَوَانُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذَا هُوَ عَيْنُ الْقِيلِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَتْنِ لَكِنْ بِالنَّظَرِ لِمَا قَالَهُ فِيهِ الْمَاوَرْدِيُّ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: مِنْ جَمِيعِهَا) يَعْنِي: مَاتَ قَبْلَ انْدِمَالِ شَيْءٍ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ الْمَوْتُ إنَّمَا يُنْسَبُ لِبَعْضِهَا بِدَلِيلِ الْمَفْهُومِ الْآتِي، وَصَرَّحَ بِهَذَا وَالِدُهُ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ انْدِمَالِهِ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى الِانْدِمَالِ فِي اللَّطَائِفِ وَكَذَا السِّرَايَةُ مِنْهَا (قَوْلُهُ: عِنْدَ اتِّفَاقِ الْحَزِّ) فِي شَرْحِ الْجَلَالِ عَقِبَ هَذَا مَا نَصُّهُ وَمَا تَقَدَّمَهُ فِي الْعَمْدِ أَوْ الْخَطَإِ اهـ. وَلَعَلَّهُ سَاقِطٌ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ مِنْ الْكَتَبَةِ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ هَذَا قَطْعَ أَعْضَاءِ حَيَوَانٍ إلَخْ.) الْإِشَارَةُ رَاجِعَةٌ إلَى مَا مَرَّ مِنْ اتِّحَادِ الدِّيَةِ إذَا مَاتَ بِسِرَايَةٍ أَوْ بِفِعْلِ الْجَانِي كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ، وَلَعَلَّ الشَّارِحَ كَالشِّهَابِ حَجّ إنَّمَا أَوْرَدَاهُ هُنَا بِالنَّظَرِ لِمَجْمُوعِ حُكْمِ الْآدَمِيِّ فَإِنَّهُ يُخَالِفُ مَجْمُوعَ حُكْمِ غَيْرِهِ.

[فصل في الجناية التي لا تقدير لأرشها والجناية على الرقيق]

فَصْلٌ فِي الْجِنَايَةِ الَّتِي لَا تَقْدِيرَ لِأَرْشِهَا وَالْجِنَايَةِ عَلَى الرَّقِيقِ وَتَأْخِيرُهُ إلَى هُنَا أَوْلَى مِنْ تَقْدِيمِ الْغَزَالِيِّ لَهُ أَوَّلَ الْبَابِ (تَجِبُ الْحُكُومَةُ فِيمَا) أَيْ جُرْحٍ أَوْ نَحْوِهِ أَوْجَبَ مَالًا مِنْ كُلِّ مَا (لَا مُقَدَّرَ فِيهِ) مِنْ الدِّيَةِ وَلَمْ تُعْرَفْ نِسْبَتُهُ مِنْ مُقَدَّرٍ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ بِقُرْبِهِ مُوضِحَةٌ أَوْ جَائِفَةٌ وَجَبَ الْأَكْثَرُ مِنْ قِسْطِهِ، وَحُكُومَةٌ كَمَا مَرَّ، وَسُمِّيَتْ حُكُومَةً لِتَوَقُّفِ اسْتِقْرَارِ أَمْرِهَا عَلَى حُكْمِ حَاكِمٍ أَيْ أَوْ مُحَكَّمٍ بِشَرْطِهِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اجْتَهَدَ فِيهِ غَيْرُهُ لَمْ يَسْتَقِرَّ (وَهِيَ جُزْءٌ) مِنْ عَيْنِ الدِّيَةِ (نِسْبَتُهُ إلَى دِيَةِ النَّفْسِ) لِكَوْنِهَا الْأَصْلَ (وَقِيلَ إلَى عُضْوِ الْجِنَايَةِ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ، وَيُرَدُّ بِعَدَمِ اعْتِبَارِ الْقُرْبِ مَعَ وُجُودِ مَا هُوَ الْأَصْلُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَغَيْرِهِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي عُضْوٍ لَهُ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَصَدْرٍ وَفَخِذٍ اُعْتُبِرَتْ مِنْ دِيَةِ النَّفْسِ جَزْمًا (نِسْبَةُ) أَيْ مِثْلُ نِسْبَةِ (نَقْصِهَا) أَيْ مَا نَقَصَ بِالْجِنَايَةِ (مِنْ قِيمَتِهِ) إلَيْهَا (لَوْ كَانَ رَقِيقًا بِصِفَاتِهِ) الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا؛ إذْ الْحُرُّ لَا قِيمَةَ لَهُ فَتَعَيَّنَ فَرْضُهُ رَقِيقًا مَعَ رِعَايَةِ صِفَاتِهِ لِيُعْلَمَ مِقْدَارُ الْوَاجِبِ فِي تِلْكَ الْجِنَايَةِ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ بِدُونِهَا عَشَرَةً، وَبِهَا تِسْعَةٌ وَجَبَ عُشْرُ الدِّيَةِ، وَالتَّقْوِيمُ فِي الْحُرِّ يَكُونُ بِالْإِبِلِ وَالنَّقْدِ، فَكُلٌّ مِنْهُمَا جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ يُوصِلُ إلَى الْغَرَضِ، أَمَّا الْقِنُّ فَالْوَاجِبُ فِي حُكُومَتِهِ النَّقْدُ قَطْعًا، وَكَذَا التَّقْوِيمُ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ فِيهِ كَالدِّيَةِ، وَتَجِبُ فِي الشُّعُورِ حُكُومَةٌ إنْ فَسَدَ مَنْبَتُهَا، وَمَحَلُّهُ إنْ كَانَ بِهَا جَمَالٌ وَلِحْيَةٌ وَشَعْرُ رَأْسٍ، أَمَّا مَا الْجَمَالُ فِي إزَالَتِهِ كَشَعْرِ إبِطٍ وَعَانَةٍ فَلَا حُكُومَةَ فِيهِ فِي الْأَصَحِّ وَإِنْ كَانَ التَّعْزِيرُ وَاجِبًا لِلتَّعَدِّي كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ ابْنِ الْمُقْرِي كَالرَّوْضَةِ هُنَا وُجُوبَهَا، وَلَا يَجِبُ فِيهَا قَوَدٌ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهَا، وَقَدْ لَا تُعْتَبَرُ النِّسْبَةُ كَأَنْ قَطَعَ أُنْمُلَةً لَهَا طَرَفٌ زَائِدٌ فَتَجِبُ دِيَةُ أُنْمُلَةٍ، وَحُكُومَةٌ لِلزَّائِدِ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ، وَإِنَّمَا لَمْ تُعْتَبَرْ النِّسْبَةُ لِعَدَمِ إمْكَانِهَا، وَاسْتِشْكَالُ الرَّافِعِيِّ لَهُ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تُقَوَّمَ، وَلَهُ الزَّائِدَةُ بِلَا أَصْلِيَّةٍ ثُمَّ يُقَوَّمَ دُونَهَا كَمَا فُعِلَ فِي السِّنِّ الزَّائِدَةِ أَوْ تُعْتَبَرُ بِأَصْلِيَّةٍ كَمَا اُعْتُبِرَتْ لِحْيَةُ الْمَرْأَةِ بِلِحْيَةِ الرَّجُلِ وَلِحْيَتُهَا كَالْأَعْضَاءِ الزَّائِدَةِ، وَلِحْيَتُهُ كَالْأَعْضَاءِ الْأَصْلِيَّةِ مَرْدُودٌ لِظُهُورِ الْفَرْقِ، وَهُوَ أَنَّ تَقْدِيرَهُ بِلَا أُنْمُلَةٍ أَصْلِيَّةٍ يَقْتَضِي ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ) فِي الْجِنَايَةِ الَّتِي لَا تَقْدِيرَ لِأَرْشِهَا (قَوْلُهُ: وَتَأْخِيرُهُ) أَيْ هَذَا الْفَصْلِ (قَوْلُهُ: إلَى هُنَا أَوْلَى) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ الْحُكُومَةَ يُعْتَبَرُ فِيهَا نِسْبَتُهَا إلَى دِيَةِ النَّفْسِ أَوْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ عَلَى عُضْوٍ فِيمَا لَهُ مُقَدَّرٌ، وَذَلِكَ فَرْعُ مَعْرِفَةِ مَا لَهُ مُقَدَّرٌ وَمَا لَا مُقَدَّرَ لَهُ وَمَعْرِفَةُ مَا يَجِبُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى حُكْمِ حَاكِمٍ) أَيْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا تَفْتَقِرُ إلَى فَرْضِ الْحُرِّ رَقِيقًا بِصِفَاتِهِ وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ ثُمَّ يُنْظَرُ لِمِقْدَارِ النَّقْصِ وَيُؤْخَذُ بِنِسْبَتِهِ إلَى الدِّيَةِ وَهَذَا إنَّمَا يَسْتَقِرُّ بَعْدَ مَعْرِفَةِ الْمُقَوِّمِينَ (قَوْلُهُ: أَوْ مُحَكَّمٍ بِشَرْطِهِ) أَيْ وَهُوَ كَوْنُهُ مُجْتَهِدًا أَوْ فُقِدَ الْقَاضِي وَلَوْ قَاضِيَ ضَرُورَةٍ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي عُضْوٍ) هَذَا مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ وَقِيلَ إلَى عُضْوٍ؛ إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ إنَّمَا يُنْسَبُ إلَى عُضْوِ الْجِنَايَةِ إلَّا إذَا كَانَ لَهُ مُقَدَّرٌ (قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَتْ) أَيْ الْحُكُومَةُ (قَوْلُهُ: وَجَبَ عُشْرُ الدِّيَةِ) هُوَ مَعَ قَوْلِهِ وَالتَّقْوِيمُ فِي الْحُرِّ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ الْحُكُومَةَ فِي الْحُرِّ لَا تَكُونُ إلَّا مِنْ الْإِبِلِ وَإِنْ اتَّفَقَ التَّقْوِيمُ بِالنَّقْدِ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ صَرَّحَ بِذَلِكَ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: يَكُونُ بِالْإِبِلِ وَالنَّقْدِ) أَيْ بِكُلٍّ مِنْ الْإِبِلِ وَالنَّقْدِ: أَيْ لَكِنَّ النَّقْدَ هُوَ الْأَصْلُ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَالتَّقْوِيمُ بِالنَّقْدِ وَيَجُوزُ بِالْإِبِلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي الْجِنَايَةِ الَّتِي لَا تَقْدِيرَ لِأَرْشِهَا وَالْجِنَايَةِ عَلَى الرَّقِيقِ] (فَصْلٌ) فِي الْجِنَايَةِ الَّتِي لَا تَقْدِيرَ لِأَرْشِهَا (قَوْلُهُ: فِي الْجِنَايَةِ) هُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ: أَيْ فِي وَاجِبِ الْجِنَايَةِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَوْجَبَ مَالًا) اُنْظُرْ مَا مَفْهُومُ هَذَا الْقَيْدِ وَلَعَلَّهُ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ (قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ إلَخْ.) هُوَ بَيَان لِجُرْحٍ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْقِنُّ) كَأَنَّهُ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ

أَنْ تَقْرُبَ الْحُكُومَةُ مِنْ أَرْشِ الْأَصْلِيَّةِ لِضَعْفِ الْيَدِ حِينَئِذٍ بِفَقْدِ أُنْمُلَةٍ مِنْهَا، وَأَنَّ اعْتِبَارَهَا بِأَصْلِيَّةٍ يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ فَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا إجْحَافٌ بِالْجَانِي بِإِيجَابِ شَيْءٍ عَلَيْهِ لَمْ تَقْتَضِهِ جِنَايَتُهُ، بِخِلَافِ السِّنِّ وَلِحْيَةِ الْمَرْأَةِ، وَأَيْضًا فَزَائِدُ الْأُنْمُلَةِ لَا عَمَلَ لَهَا غَالِبًا وَلَا جَمَالَ فِيهَا، وَإِنْ فُرِضَ فَقْدُ الْأَصْلِيَّةِ، بِخِلَافِ السِّنِّ الزَّائِدَةِ فَإِنَّهُ كَثِيرًا مَا يَكُونُ فِيهَا جَمَالٌ بَلْ وَمَنْفَعَةٌ كَمَا يَأْتِي وَجِنْسُ اللِّحْيَةِ فِيهَا جَمَالٌ فَاعْتُبِرَ فِي لِحْيَةِ الْمَرْأَةِ، وَلَا كَذَلِكَ زَائِدُ الْأُنْمُلَةِ وَقِيَاسُ الْأُصْبُعِ عَلَيْهَا مَمْنُوعٌ (فَإِنْ) (كَانَتْ) الْحُكُومَةُ (لِطَرَفٍ) مَثَلًا وَخَصَّهُ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ (لَهُ مُقَدَّرٌ) أَوْ تَابِعٌ لِمُقَدَّرٍ: أَيْ لِأَجْلِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ (اُشْتُرِطَ أَنْ لَا تَبْلُغَ) الْحُكُومَةُ (مُقَدَّرَهُ) لِئَلَّا تَكُونَ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ مَعَ بَقَائِهِ مَضْمُونَةً بِمَا يُضْمَنُ بِهِ الْعُضْوُ نَفْسُهُ فَتَنْقُصُ حُكُومَةُ جُرْحِ الْأُنْمُلَةِ عَنْ دِيَتِهَا وَجُرْحُ الْأُصْبُعِ بِطُولِهِ عَنْ دِيَتِهِ وَقَطْعِ كَفٍّ بِلَا أَصَابِعَ عَنْ دِيَةِ الْخُمُسِ لَا بَعْضِهَا وَجُرْحِ ظَهْرِ نَحْوِ الْكَفِّ عَنْ حُكُومَتِهَا؛ لِأَنَّ تَابِعَ الْمُقَدَّرِ كَالْمُقَدَّرِ وَجُرْحِ الْبَطْنِ عَنْ جَائِفَةٍ وَجُرْحِ الرَّأْسِ عَنْ أَرْشِ مُوضِحَةٍ، فَإِنْ بَلَغَهُ نَقْصُ سِمْحَاقٍ وَنَقْصُ مُتَلَاحِمَةٍ نَقَصَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْهُ وَنَقَصَ السِّمْحَاقَ عَنْ الْمُتَلَاحِمَةِ لِئَلَّا يَسْتَوِيَا مَعَ تَفَاوُتِهِمَا (فَإِنْ بَلَغَتْهُ) أَيْ الْحُكُومَةُ مُقَدَّرَ ذَلِكَ الْعُضْوِ أَوْ مَتْبُوعَهُ (نَقَصَ الْقَاضِي شَيْئًا) مِنْهُ (بِاجْتِهَادِهِ) أَكْثَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ السِّنِّ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ انْتِفَاءِ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ السِّنِّ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ، وَجْهَهُ أَنَّ صُوَرَ مَسْأَلَةِ الْأُنْمُلَةِ بِأَنْ تُعْتَبَرَ الزَّائِدَةُ بِلَا أَصْلِيَّةٍ وَلَيْسَ الْمُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي السِّنِّ الزَّائِدَةِ بَلْ التَّقْوِيمُ فِيهَا صُورَتُهُ أَنْ تُقَوَّمَ الزَّائِدَةُ مَعَ الْأَصْلِيَّةِ ثُمَّ بِالْأَصْلِيَّةِ بِدُونِ الزَّائِدَةِ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ إجْحَافٌ بِالْجَانِي، ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الرَّدِّ ظَاهِرٌ عَلَى مَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِمَّا نَقَلَهُ عَنْ الرَّافِعِيِّ مِنْ قَوْلِهِ يَجُوزُ أَنْ تُقَوَّمَ وَلَهُ الزَّائِدَةُ بِلَا أَصْلِيَّةٍ مِنْ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ يُفْرَضُ الْأَصْلِيَّةُ فَقَطْ، أَمَّا لَوْ صُوِّرَ بِأَنْ تُقَوَّمَ بِالْأَصْلِيَّةِ مَعَ الزَّائِدَةِ ثُمَّ بِالْأَصْلِيَّةِ فَقَطْ وَتُعْتَبَرُ النِّسْبَةُ بَيْنَهُمَا فَلَا يَتَأَتَّى الرَّدُّ بِمَا ذُكِرَ بَلْ يَكُونُ كَالسِّنِّ الزَّائِدَةِ بِلَا فَرْقٍ (قَوْلُهُ: وَخَصَّهُ بِالذِّكْرِ) أَيْ خَصَّ الطَّرَفَ بِالذِّكْرِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْغَالِبُ) يُتَأَمَّلُ سم عَلَى حَجّ، وَلَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَ التَّأَمُّلِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ كُلَّ مَا لَهُ مُقَدَّرٌ يَكُونُ مِنْ الْأَطْرَافِ وَهِيَ مَا عَدَا النَّفْسَ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْأَطْرَافِ مَا يُسَمَّى بِذَلِكَ عُرْفًا كَالْيَدِ فَيَخْرُجُ نَحْوُ الْأُنْثَيَيْنِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَابِعٌ لِمُقَدَّرٍ) أَيْ كَمَسْأَلَةِ الْكَفِّ الْآتِيَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَجُرْحُ الْأُصْبُعِ بِطُولِهِ) قُيِّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَانَ فِي أُنْمُلَةٍ وَاحِدَةٍ مَثَلًا فَحُكُومَتُهُ شَرْطُهَا أَنْ لَا تَنْقُصَ عَنْ دِيَةِ الْأُنْمُلَةِ (قَوْلُهُ: وَجُرْحُ الرَّأْسِ عَنْ أَرْشِ مُوضِحَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَاوَاهُ سَاوَى أَرْشُ الْأَقَلِّ أَرْشَ الْأَكْثَرِ، وَلَوْ اُعْتُبِرَ مَا فَوْقَ الْمُوضِحَةِ كَالْمَأْمُومَةِ فَقَدْ تَتَسَاوَى الْمُوضِحَةُ أَوْ تَزِيدُ فَيَلْزَمُ الْمَحْذُورُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَنَقَصَ السِّمْحَاقُ) أَيْ نَقَصَ مَا يُقَدِّرُهُ فِيمَا نَقَصَ مِنْ السِّمْحَاقِ عَمَّا يُقَدِّرُهُ فِيمَا نَقَصَ مِنْ الْمُتَلَاحِمَةِ؛ لِأَنَّ وَاجِبَ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ عَيْنِ الدِّيَةِ، وَذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِوُجُوبِ التَّقْوِيمِ فِيهِ بِالنَّقْدِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ السِّنِّ وَلِحْيَةِ الْمَرْأَةِ) يُتَأَمَّلُ فَإِنَّهُ قَدْ لَا تَظْهَرُ مُخَالَفَةٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْفَرْقُ أَنَّ الْجَانِيَ فِي السِّنِّ وَاللِّحْيَةِ قَدْ بَاشَرَهُمَا بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهِمَا اسْتِقْلَالًا، بِخِلَافِ الْأُنْمُلَةِ فَإِنَّهُ إنَّمَا بَاشَرَ الْجِنَايَةَ عَلَى الْأَصْلِيَّةِ وَالزَّائِدَةُ قَدْ وَقَعَتْ تَبَعًا، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الشَّارِحِ بِإِيجَابِ شَيْءٍ عَلَيْهِ لَمْ تَقْتَضِهِ جِنَايَتُهُ، وَهَذَا الْجَوَابُ لِوَالِدِ الشَّارِحِ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَقَوْلُهُ: وَأَيْضًا إلَخْ. هُوَ جَوَابُ الشِّهَابِ حَجّ، وَقَدْ نَازَعَ فِيهِ الشِّهَابُ سم كَمَا أَنَّهُ أَشَارَ إلَى الْمُنَازَعَةِ فِي الْأَوَّلِ بِمَا قَدْ يَدْفَعُهُ مَا ذَكَرْته فِيهِ إنْ كَانَ هُوَ مُرَادَ الشَّارِحِ كَوَالِدِهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ الْأُصْبُعِ عَلَيْهَا مَرْدُودٌ) هَذَا الْقِيَاسُ نَقَلَهُ حَجّ عَقِبَ إشْكَالِ الرَّافِعِيِّ مُقِرًّا لَهُ، وَعِبَارَتُهُ وَقِيسَ بِالْأُنْمُلَةِ فِيمَا ذُكِرَ نَحْوُهَا كَالْأُصْبُعِ وَالشَّارِحُ يَمْنَعُ هَذَا الْقِيَاسَ (قَوْلُهُ: وَجُرْحُ ظَهْرِ نَحْوِ الْكَفِّ) أَيْ أَوْ بَطْنِهَا (قَوْلُهُ: وَنَقْصَ السِّمْحَاقِ عَنْ الْمُتَلَاحِمَةِ) كَانَ الظَّاهِرُ: وَنَقْصَ الْمُتَلَاحِمَةِ عَنْ السِّمْحَاقِ، إذْ السِّمْحَاقُ أَبْلَغُ مِنْ الْمُتَلَاحِمَةِ

مِنْ أَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ فَلَا يَكْفِي أَقَلُّ مُتَمَوَّلٍ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَابْنِ الرِّفْعَةِ، إذْ أَقَلُّهُ غَيْرُ مَنْظُورٍ لَهُ لِوُقُوعِ الْمُسَامَحَةِ وَالتَّغَابُنِ بِهِ عَادَةً وَذَلِكَ لِئَلَّا يَلْزَمَ الْمَحْذُورُ الْمَارُّ (أَوْ) كَانَتْ الْجِنَايَةُ بِمَحَلٍّ (لَا تَقْدِيرَ فِيهِ) وَلَا تَابِعَ لِمُقَدَّرٍ كَمَا مَرَّ (كَفَخِذٍ) وَكَتِفٍ وَظَهْرٍ وَعَضُدٍ وَسَاعِدٍ (فَ) الشَّرْطُ (أَنْ لَا تَبْلُغَ) الْحُكُومَةُ (دِيَةَ نَفْسٍ) فِي الْأُولَى أَوْ مَتْبُوعِهِ فِي الثَّانِيَةِ، وَإِنْ بَلَغَتْ فِي الْأُولَى دِيَةَ عُضْوٍ مُقَدَّرٍ أَوْ زَادَتْ، فَإِنْ بَلَغَتْ ذَلِكَ نَقَصَ الْحَاكِمُ مِنْهُ كَمَا مَرَّ، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُمْ الْمَذْكُورَ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهَا أَيْضًا أَنْ لَا تَبْلُغَ أَرْشَ عُضْوٍ مُقَدَّرٍ قِيَاسًا عَلَى الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ مَعَ بَقَائِهِ، وَإِلَّا فَلَا يُتَصَوَّرُ بُلُوغُهَا دِيَةَ نَفْسٍ، وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ حَيٌّ لَهُ مَنْفَعَةٌ قَائِمَةٌ مُقَابَلَةٌ بِشَيْءٍ مَا (وَ) إنَّمَا (يَقُومُ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ لِمَعْرِفَةِ الْحُكُومَةِ (بَعْدَ انْدِمَالِهِ) أَيْ انْدِمَالِ جُرْحِهِ، إذْ الْجِنَايَةُ قَبْلَهُ قَدْ تَسْرِي إلَى النَّفْسِ أَوْ إلَى مَا فِيهِ مُقَدَّرٌ فَيَكُونُ هُوَ وَاجِبَ الْجِنَايَةِ (فَإِنْ لَمْ يَبْقَ) بَعْدَ الِانْدِمَالِ (نَقْصٌ) فِي الْجَمَالِ، وَلَا فِي الْمَنْفَعَةِ وَلَا تَأَثَّرَتْ بِهِ الْقِيمَةُ (اُعْتُبِرَ أَقْرَبُ نَقْصٍ) فِيهِ مِنْ حَالَاتِ نَقْصِ قِيمَتِهِ (إلَى) وَقْتِ (الِانْدِمَالِ) لِئَلَّا تُحْبَطَ بِهِ الْجِنَايَةُ (وَقِيلَ يُقَدِّرُهُ قَاضٍ بِاجْتِهَادِهِ) وَيُوجِبُ شَيْئًا حَذَرًا مِنْ إهْدَارِ الْجِنَايَةِ (وَقِيلَ لَا غُرْمَ) كَمَا لَوْ تَأَلَّمَ بِضَرْبَةٍ ثُمَّ زَالَ الْأَلَمُ وَلَوْ لَمْ يَظْهَرْ نَقْصٌ إلَّا حَالَ سَيَلَانِ الدَّمِ اُعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ حِينَئِذٍ، فَإِنْ لَمْ تُؤَثِّرْ الْجِنَايَةُ نَقْصًا حِينَئِذٍ أَوْجَبَ الْقَاضِي فِيهِ شَيْئًا بِاجْتِهَادِهِ كَمَا هُوَ أَوْجَهُ الْوَجْهَيْنِ وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَإِنْ جَزَمَ فِي الْعُبَابِ بِعَدَمِ وُجُوبِ شَيْءٍ سِوَى التَّعْزِيرِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ نَقْصٌ أَصْلًا كَلِحْيَةِ امْرَأَةٍ أُزِيلَتْ وَفَسَدَ مَنْبَتُهَا وَسِنٍّ زَائِدَةٍ قُدِّرَتْ لِحْيَتُهَا بِلِحْيَةِ عَبْدٍ كَبِيرٍ يَتَزَيَّنُ بِهَا، وَيُقَدَّرُ فِي السِّنِّ، وَلَهُ سِنٌّ زَائِدَةٌ نَابِتَةٌ فَوْقَ الْأَسْنَانِ وَلَا أَصْلِيَّةَ خَلْفَهَا، ثُمَّ يُقَوَّمُ مَقْلُوعُهَا لِيَظْهَرَ التَّفَاوُتُ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَةَ تَسُدُّ الْفُرْجَةَ وَيَحْصُلُ بِهَا نَوْعُ جَمَالٍ، فَدَعْوَى اقْتِضَاءِ كَلَامِهِ عَدَمَ وُجُوبِ شَيْءٍ مَمْنُوعٌ نَظَرًا لِلْجِنْسِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ فِي جَوَابِ إشْكَالِ الرَّافِعِيِّ (وَالْجُرْحُ الْمُقَدَّرُ) أَرْشُهُ (كَمُوضِحَةٍ يَتْبَعُهُ الشَّيْنُ) وَمَرَّ بَيَانُهُ فِي التَّيَمُّمِ (حَوَالَيْهِ) حَيْثُ كَانَ بِمَحَلِّ الْإِيضَاحِ فَلَا يُفْرَدُ بِحُكُومَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَوْعَبَ جَمِيعَ مَحَلِّهِ بِالْإِيضَاحِ لَمْ يَلْزَمْهُ سِوَى أَرْشِ مُوضِحَةٍ، فَإِنْ تَعَدَّى الشَّيْنُ لِلْقَفَا أُفْرِدَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالسِّمْحَاقِ أَكْثَرُ مِنْ وَاجِبِ الْمُتَلَاحِمَةِ (قَوْلُهُ: أَكْثَرَ مِنْ أَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ) أَيْ مِمَّا لَهُ وَقْعٌ كَرُبْعِ بَعِيرٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ: الْمَحْذُورُ الْمَارُّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِئَلَّا تَكُونَ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ مَعَ بَقَائِهِ مَضْمُونَةً إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا تَابِعَ لِمُقَدَّرٍ) أَيْ وَلَا هُوَ تَابِعٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَكَتِفٍ وَظَهْرٍ) قَدْ يُقَالُ الظَّهْرُ يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْجَائِفَةُ كَالْبَطْنِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: دِيَةَ نَفْسٍ فِي الْأُولَى) يُتَأَمَّلُ، فَإِنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى مَا لَا مُقَدَّرَ لَهُ، وَلَا هُوَ تَابِعٌ لِمُقَدَّرٍ وَمَعَ ذَلِكَ فَكَيْفَ يُمْكِنُ بُلُوغُهُ أَرْشَ عُضْوٍ لَهُ مُقَدَّرٌ، وَفِي قَوْلِهِ: قَدْ عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى هَذَا الِاعْتِرَاضِ وَإِلَى جَوَابِهِ، وَالْأُولَى هِيَ قَوْلُهُ: أَوْ لَا تَقْدِيرَ فِيهِ وَالثَّانِيَةُ هِيَ قَوْلُهُ: وَلَا تَابِعَ لِمُقَدَّرٍ (قَوْلُهُ: وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ) أَيْ وَالْحَالُ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا تُحْبَطَ بِهِ) أَيْ بِسَبَبِ عَدَمِ النَّقْصِ (قَوْلُهُ: وَيُقَدَّرُ فِي السِّنِّ) أَيْ تَقْوِيمُهُ فِي السِّنِّ إلَخْ، وَلَوْ عَبَّرَ بِيُقَوَّمُ كَانَ أَوْضَحَ كَمَا عَبَّرَ بِهِ حَجّ (قَوْلُهُ: وُجُوبِ شَيْءٍ) أَيْ فِي اللِّحْيَةِ لِلْمَرْأَةِ وَالسِّنِّ (قَوْلُهُ: نَظَرًا لِلْجِنْسِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ) أَيْ بِقَوْلِهِ وَجِنْسُ اللِّحْيَةِ فِيهَا جَمَالٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي جَوَابِ إشْكَالٍ) يُتَأَمَّلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فِي الْأُولَى أَوْ مَتْبُوعَهُ فِي الثَّانِيَةِ) اُنْظُرْ أَيْ أُولَى أَوْ ثَانِيَةٌ مَعَ أَنَّ الَّذِي انْتَفَى عَنْهُ التَّقْدِيرُ وَالتَّبَعِيَّةُ لِلْمُقَدَّرِ شَيْءٌ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: وَقَدْ عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ) يَعْنِي: مِنْ قَوْلِهِ، وَإِنْ بَلَغَتْ إلَخْ. وَقَوْلُهُ: أَنَّ قَوْلَهُمْ الْمَذْكُورَ يَعْنِي: قَوْلَ الْمَتْنِ وَأَنْ لَا تَبْلُغَ دِيَةَ نَفْسٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا يُتَصَوَّرُ إلَخْ.) أَيْ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْحُكُومَةِ جُزْءٌ مِنْ الدِّيَةِ مَنْسُوبٌ إلَيْهَا كَمَا مَرَّ، وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ الْجُزْءُ أَعْظَمَ مِنْ الْكُلِّ (قَوْلُهُ: فَدَعْوَى اقْتِضَاءِ كَلَامِهِ إلَخْ.) اعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يُقَدِّمْ شَيْئًا يَتَعَلَّقُ بِالْجَوَابِ حَتَّى يُسَوَّغَ لَهُ هَذَا التَّفْرِيعُ، وَإِنَّمَا غَايَةُ مَا قَدَّمَهُ كَيْفِيَّةُ التَّقْدِيرِ، وَهَذَا لَا يُنْكِرُهُ الْمُدَّعِي الْمَذْكُورُ بَلْ هُوَ مَحَلُّ إشْكَالِهِ

فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ كَمَا صَحَّحَهُ الْبَارِزِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُمَا لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ الِاسْتِتْبَاعِ، وَكَذَا لَوْ أَوْضَحَ جَبِينَهُ فَأَزَالَ حَاجِبَهُ فَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْ أَرْشِ مُوضِحَةٍ وَحُكُومَةِ الشَّيْنِ وَإِزَالَةِ الْحَاجِبِ، وَكَالْمُوضِحَةِ الْمُتَلَاحِمَةُ نُظِرَ إلَى أَنَّ أَرْشَهَا مُقَدَّرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُوضِحَةِ كَذَا قِيلَ، وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ فِيهَا بِقِسْطِ هَذِهِ النِّسْبَةِ، أَمَّا عَلَى الْأَصَحِّ الْمَارِّ أَنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا الْأَكْثَرُ فَيَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ الْأَكْثَرُ النِّسْبَةَ فَهِيَ كَالْمُوضِحَةِ أَوْ الْحُكُومَةِ فَلَا، وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ يُحْمَلُ قَوْلُهُ (وَمَا لَا يَتَقَدَّرُ) أَرْشُهُ (يُفْرَدُ) الشَّيْنُ حَوْلَهُ (بِحُكُومَةٍ فِي الْأَصَحِّ) لِضَعْفِ الْحُكُومَةِ عَنْ الِاسْتِتْبَاعِ بِخِلَافِ الدِّيَةِ، وَالثَّانِي الْمَذْكُورُ فِي الْوَجِيزِ أَنَّهُ يَتْبَعُ الْجُرْحَ، وَقَضِيَّتُهُ إفْرَادُ الشَّيْنِ بِحُكُومَةٍ غَيْرِ حُكُومَةِ الْجُرْحِ، بَلْ مِنْ ضَرُورِيَّاتِهِ؛ إذْ لَا يَتَأَتَّى بِغَيْرِ مَا يَذْكُرُهُ أَنَّهُ يُقَدَّرُ سَلِيمًا بِالْكُلِّيَّةِ ثُمَّ جَرِيحًا بِلَا شَيْنٍ، وَيَجِبُ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ التَّفَاوُتِ وَهَذِهِ حُكُومَةُ الْجُرْحِ ثُمَّ يُقَدَّرُ جَرِيحًا بِلَا شَيْنٍ ثُمَّ جَرِيحًا بِشَيْنٍ وَيَجِبُ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ التَّفَاوُتِ، وَهَذِهِ حُكُومَةُ الشَّيْنِ. وَفَائِدَةُ إيجَابِ حُكُومَتَيْنِ لِذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ عَفَا عَنْ إحْدَاهُمَا لَمْ تَسْقُطْ الْأُخْرَى، وَأَنَّهُ يَجُوزُ بُلُوغُ مَجْمُوعِهَا دِيَةً؛ إذْ الْوَاجِبُ نَقْصُهُ عَنْهَا كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى انْفِرَادِهِ لَا مَجْمُوعِهِمَا فَلَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ حُكْمًا وَلَا تَصْوِيرًا (وَ) يَجِبُ (فِي نَفْسِ الرَّقِيقِ) الْمَعْصُومِ لَوْ أُتْلِفَ، وَإِنْ كَانَ مُكَاتَبًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ وَجَعَلَهُ إثْرَ بَحْثِ الْحُكُومَةِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي التَّقْدِيرِ، وَلِذَا قَالَ الْأَئِمَّةُ: الْقِنُّ أَصْلُ الْحُرِّ فِي الْحُكُومَةِ وَالْحُرُّ أَصْلُ الْقِنِّ فِيمَا يَتَقَدَّرُ مِنْهُ (قِيمَتُهُ) بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ كَبَقِيَّةِ الْأَمْوَالِ الْمُتْلَفَةِ (وَفِي غَيْرِهَا) أَيْ النَّفْسِ مِنْ الْأَطْرَافِ وَاللَّطَائِفِ (مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ) سَلِيمًا (إنْ لَمْ يَتَقَدَّرْ) ذَلِكَ الْغَيْرُ (فِي الْحُرِّ) وَمَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ مَتْبُوعِهِ أَوْ مِثْلَهُ لَمْ يَجِبْ كُلُّهُ بَلْ يُوجِبُ الْحَاكِمُ شَيْئًا بِاجْتِهَادِهِ لِئَلَّا يَلْزَمَ الْمَحْذُورُ الْمَارُّ، وَقَالَ: إنَّهُ تَفْصِيلٌ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَأَنَّ إطْلَاقَ مَنْ أَطْلَقَ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ غَيْرُ مُتَّجَهٍ إذْ النَّظَرُ فِي الْقِنِّ أَصَالَةٌ إلَى نَقْصِ الْقِيمَةِ حَتَّى فِي الْمُقَدَّرِ عَلَى قَوْلٍ فَلَمْ يَنْظُرُوا فِي غَيْرِهِ لِتَبَعِيَّتِهِ وَلَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ الْفَسَادُ الَّذِي فِي الْحُرِّ (وَإِلَّا) بِأَنْ تُقَدَّرَ فِي الْحُرِّ كَمُوضِحَةٍ وَقَطْعِ طَرَفٍ (فَنِسْبَتُهُ) أَيْ مِثْلِهَا مِنْ الدِّيَةِ (مِنْ قِيمَتِهِ) فَفِي يَدِهِ نِصْفُهَا وَمُوضِحَتُهُ نِصْفُ عُشْرِهَا (وَفِي قَوْلٍ لَا يَجِبُ) هُنَا (إلَّا مَا نَقَصَ) أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مَالٌ فَأَشْبَهَ الْبَهِيمَةَ (وَلَوْ قُطِعَ ذَكَرُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي هَذَا الْجَوَابِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَهِيَ كَالْمُوضِحَةِ) أَيْ فَيَتْبَعُهَا الشَّيْنُ حَوَالَيْهَا، وَقَوْلُهُ أَوْ الْحُكُومَةِ فَلَا: أَيْ فَلَا يَتْبَعُهَا الشَّيْنُ حَوَالَيْهَا (قَوْلُهُ: الْقِنُّ أَصْلُ الْحُرِّ فِي الْحُكُومَةِ) أَيْ فِيمَا لَا مُقَدَّرَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِهَا أَيْ النَّفْسِ إلَخْ) أَيْ كَأَنْ جَرَحَهُ فِي أُصْبُعِهِ طُولًا فَنَقَصَ قِيمَتَهُ عُشْرَهَا أَوْ أَكْثَرَ فَقَدْ سَاوَى بَدَلَ جُرْحِ الْأُصْبُعِ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ، وَهَذَا فَسَادٌ يَنْبَغِي النَّظَرُ إلَيْهِ، وَالِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَمَا وَجْهُ قَوْلِهِ فَلَمْ يَنْظُرُوا إلَخْ، وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يَلْزَمْ إلَخْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: النَّاشِئَةُ عَنْهُمْ نَفْسًا) أَيْ جِنَايَةَ نَفْسٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَادَ الْأَوَّلُ) مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ وَجَبَتْ الدِّيَةُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلِلسَّيِّدِ الْأَقَلُّ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ جُرِحَ جِرَاحَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا فِي الرِّقِّ، وَالْأُخْرَى فِي الْحُرِّيَّةِ، وَالدِّيَةُ تُوَزَّعُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ نِصْفُهُ فِي مُقَابَلَةِ جِرَاحَةِ الرِّقِّ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ فِي مُقَابَلَةِ جِرَاحَةِ الْحُرِّيَّةِ، وَالسَّيِّدُ إنَّمَا يَجِبُ لَهُ بَدَلُ مَا وَقَعَ فِي الرِّقِّ وَهُوَ نِصْفُ الثُّلُثِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQكَمَا يُعْلَمُ مِنْ التُّحْفَةِ، وَالْجَوَابُ إنَّمَا هُوَ الْمَذْكُورُ بَعْدُ فِي قَوْلِهِ نَظَرًا لِلْجِنْسِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ أَوْضَحَ جَبِينَهُ إلَخْ.) هَذَا مُسْتَثْنًى مِمَّا فِي الْمَتْنِ وَلَيْسَ مِنْ جُمْلَةِ صُوَرِهِ، وَإِنْ أَوْهَمَهُ سِيَاقُ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ) يَعْنِي: مَا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: نَقْصُهُ) هُوَ فَاعِلُ الْوَاجِبِ وَخَبَرُهُ قَوْلُهُ: كُلٌّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَلْزَمْ إلَخْ.) أَشَارَ الشِّهَابُ سم إلَى التَّوَقُّفِ فِيهِ

[باب موجبات الدية]

وَأُنْثَيَاهُ فَفِي الْأَظْهَرِ) تَجِبُ (قِيمَتَانِ) كَمَا يَجِبُ فِيهِمَا مِنْ الْحُرِّ دِيَتَانِ، نَعَمْ لَوْ جَنَى عَلَيْهِ اثْنَانِ فَقَطَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَدًا مَثَلًا، وَجِنَايَةُ الثَّانِي قَبْلَ انْدِمَالِ الْأُولَى، وَلَمْ يَمُتْ مِنْهُمَا لَزِمَهُ نِصْفُ مَا وَجَبَ عَلَى الْأَوَّلِ، فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفًا فَصَارَتْ بِالْأُولَى ثَمَانِمِائَةٍ لَزِمَ الثَّانِيَ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ لَا أَرْبَعُمِائَةٍ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ الْأُولَى لَمْ تَسْتَقِرَّ وَقَدْ أَوْجَبْنَا نِصْفَ الْقِيمَةِ فَكَأَنَّ الْأَوَّلَ انْتَقَصَ نِصْفَهَا (وَالثَّانِي) يَجِبُ (مَا نَقَصَ) مِنْ قِيمَتِهِ لِمَا مَرَّ (فَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ) عَلَى الضَّعِيفِ (فَلَا شَيْءَ) وَخَرَجَ بِالرَّقِيقِ الْمُبَعَّضُ، فَفِي طَرَفٍ مِنْ نِصْفِهِ حُرٌّ نِصْفُ مَا فِي طَرَفِ الْحُرِّ وَنِصْفُ مَا فِي طَرَفِ الْقِنِّ فَفِي يَدِهِ رُبْعُ الدِّيَةِ وَرُبْعُ الْقِيمَةِ وَفِي أُصْبُعِهِ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ وَنِصْفُ عُشْرِ الْقِيمَةِ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ فِيمَا زَادَ مِنْ الْجِرَاحَةِ أَوْ نَقَصَ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَسَكَتَ عَنْ حُكْمِ غَيْرِ الْمُقَدَّرِ، وَيُتَّجَهُ أَنْ يُقَدَّرَ كُلُّهُ حُرًّا ثُمَّ قِنًّا وَيُنْظَرَ وَاجِبُ ذَلِكَ الْجُرْحِ ثُمَّ يُقَدَّرَ نِصْفُهُ الْحُرُّ قِنًّا وَيُنْظَرَ مَا نَقَصَهُ الْجُرْحُ مِنْ قِيمَتِهِ ثُمَّ يُوَزَّعَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى مَا فِيهِ مِنْ الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، فَلَوْ وَجَبَ بِالتَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ عُشْرُ الدِّيَةِ وَبِالثَّانِي رُبْعُ الْقِيمَةِ وَجَبَ فِيمَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ وَنِصْفُ رُبْعِ الْقِيمَةِ. بَابُ مُوجِبَاتِ الدِّيَةِ غَيْرُ مَا مَرَّ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ فِي الْبَابَيْنِ فِيهِ تَغْلِيبٌ بِأَنَّ كَيْفِيَّةَ الْقِصَاصِ عَلَى الْكِتَابِ الَّذِي بَعْدَهُ فَأَطْلَقَ عَلَيْهِمَا بَابَيْنِ، وَهُوَ صَحِيحٌ (وَالْعَاقِلَةُ) عَطْفٌ عَلَى: مُوجِبَاتُ (وَالْكَفَّارَةُ) لِلْقَتْلِ وَجِنَايَةِ الْقِنِّ وَالْغُرَّةِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى مَا فِي التَّرْجَمَةِ غَيْرُ مَعِيبٍ، إذَا (صَاحَ) بِنَفْسِهِ أَوْ بِآلَةٍ مَعَهُ (عَلَى صَبِيٍّ لَا يُمَيِّزُ) وَإِنْ تَعَدَّى بِدُخُولِهِ ذَلِكَ الْمَحَلَّ أَوْ مَعْتُوهٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSبَابُ مُوجِبَاتِ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مَا مَرَّ) أَيْ مِمَّا يُوجِبُ الدِّيَةَ ابْتِدَاءً كَقَتْلِ الْوَالِدِ وَلَدَهُ، وَكَصُوَرِ الْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ اهـ زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ صَحِيحٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ التَّغْلِيبَ كَثِيرُ الْوُقُوعِ فِي الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ، لَكِنْ فِيهِ أَنَّهُ كَمَا قَالَهُ السُّيُوطِيّ مَقْصُورٌ عَلَى السَّمَاعِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُوَجَّهَ بِأَنَّ إطْلَاقَ الْبَابِ بَدَلَ الْكِتَابِ حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ فَيَجُوزُ أَنَّهُ سَمَّاهُ بَابًا بِنَاءً عَلَى هَذَا الِاسْتِعْمَالِ (قَوْلُهُ: وَالْكَفَّارَةُ) يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى كُلٍّ انْتَهَى حَجّ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: لَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ مُوجِبَاتِ الدِّيَةِ، فَإِنْ أَرَادَ وَمِنْ الْعَاقِلَةِ فَالْمُرَادُ صِحَّتُهُ فِي نَفْسِهِ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى، وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْ الصَّحِيحَ فِي الْقَرِينَةِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْمَعَاطِيفَ إذَا تَكَرَّرَتْ تَكُونُ كُلُّهَا عَلَى الْأَوَّلِ مَا لَمْ تَكُنْ بِحَرْفٍ مُرَتَّبٍ عَلَى مَا فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ أَنَّ الزِّيَادَةَ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ مَا أُورِدَ عَلَى الْمُقَدَّرِ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي التَّرْجَمَةِ جِنَايَةَ الرَّقِيقِ وَالْغُرَّةَ مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَهُمَا فِي الْبَابِ (قَوْلُهُ: إذَا صَاحَ بِنَفْسِهِ إلَخْ) [تَنْبِيهٌ] فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ: لَوْ صَاحَ بِدَابَّةِ الْغَيْرِ أَوْ هَيَّجَهَا بِوَثْبَةٍ وَنَحْوِهَا فَسَقَطَتْ فِي مَاءٍ أَوْ وَهْدَةٍ فَهَلَكَتْ وَجَبَ الضَّمَانُ كَالصَّبِيِّ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا بِهَامِشِ الْمَحَلِّيِّ، وَنَقَلَهُ شَيْخُنَا حَجّ فِي شَرْحِهِ عَنْ نَقْلِهِمَا لَهُ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ، وَقَيَّدَ الضَّمَانَ بِقَوْلِهِ أَيْ إنْ ارْتَعَدَتْ قَبْلَ سُقُوطِهَا نَظِيرَ مَا مَرَّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: أَوْ بِآلَةٍ) وَمِنْهَا نَائِبُهُ الَّذِي يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَتِهِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَعَدَّى) أَيْ الصَّبِيُّ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعْتُوهٍ) نَوْعٌ مِنْ الْجُنُونِ، وَقَوْلُهُ أَوْ مُبَرْسَمٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ جَنَى عَلَيْهِ اثْنَانِ إلَخْ.) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ لَا مِنْ خُصُوصِ قَطْعِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ فَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: رُبْعُ الْقِيمَةِ) يَعْنِي: رُبْعَ قِيمَةِ الْجَمِيعِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ. [بَابُ مُوجِبَاتِ الدِّيَةِ]

أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ مُبَرْسِمٍ أَوْ نَائِمٍ أَوْ مُوَسْوَسٍ أَوْ مَصْعُوقٍ أَوْ مَذْعُورٍ أَوْ امْرَأَةٍ ضَعِيفَةٍ وَلَمْ يَحْتَجْ لِذِكْرِهِمْ لِكَوْنِهِمْ فِي مَعْنَى غَيْرِ الْمُمَيِّزِ، بَلْ الْمُمَيِّزُ الَّذِي لَمْ يَصِرْ مُرَاهِقًا مُتَيَقِّظَا مِثْلَهُمْ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ الْآتِي وَمُرَاهِقٌ مُتَيَقِّظٌ كَبَالِغٍ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ وَاقِفًا أَمْ جَالِسًا أَمْ مُضْطَجِعًا أَمْ مُسْتَلْقِيًا (عَلَى طَرَفِ سَطْحٍ) أَوْ شَفِيرِ بِئْرٍ أَوْ نَهْرٍ أَوْ جَبَلٍ صَيْحَةً مُنْكَرَةً (فَوَقَعَ) عَقِبَهَا (بِذَلِكَ) الصِّيَاحِ، وَحُذِفَ مِنْ أَصْلِهِ الِارْتِعَادُ اكْتِفَاءً بِقَوْلِهِ بَعْدُ وَلَوْ صَاحَ عَلَى صَيْدٍ فَاضْطَرَبَ صَبِيٌّ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا بُدَّ مِنْهُ لِكَوْنِهِ دَالًّا عَلَى الْإِحَالَةِ عَلَى السَّبَبِ؛ إذْ لَوْلَا ذَلِكَ لَاحْتُمِلَ كَوْنُهُ مُوَافَقَةَ قَدَرٍ (فَمَاتَ) مِنْهَا وَحَذْفُهَا لِدَلَالَةِ فَاءِ السَّبَبِيَّةِ عَلَيْهَا، لَكِنَّ الْفَوْرِيَّةَ الَّتِي أَشْعَرَتْ بِهَا غَيْرُ شَرْطٍ حَيْثُ بَقِيَ أَثَرُهَا إلَى الْمَوْتِ (فَدِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ) ؛ لِأَنَّهُ شِبْهُ عَمْدٍ لَا قَوَدٌ لِانْتِفَاءِ غَلَبَةِ إفْضَاءِ ذَلِكَ إلَى الْمَوْتِ، لَكِنَّهُ لَمَّا كَثُرَ إفْضَاؤُهُ إلَيْهِ أَحَلْنَا الْهَلَاكَ عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ شِبْهَ عَمْدٍ، وَلَوْ ادَّعَى الْوَلِيُّ الِارْتِعَادَ وَالصَّائِحُ عَدَمَهُ صُدِّقَ الصَّائِحُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِارْتِعَادِ، وَلَوْ لَمْ يَمُتْ لَكِنْ ذَهَبَ عَقْلُهُ أَوْ بَصَرُهُ أَوْ مَشْيُهُ مَثَلًا ضَمِنَتْهُ الْعَاقِلَةُ كَذَلِكَ أَيْضًا بِأَرْشِهِ الْمُتَقَدِّمِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ عَلَى صَبِيٍّ صِيَاحُهُ عَلَى غَيْرِهِ الْآتِي وَبِطَرَفِ سَطْحٍ نَحْوُ وَسَطِهِ مَا لَمْ يَكُنْ الطَّرَفُ أَخْفَضَ مِنْهُ بِحَيْثُ يَتَدَحْرَجُ الْوَاقِعُ بِهِ إلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ (وَفِي قَوْلٍ قِصَاصٌ) فَإِنْ عُفِيَ عَنْهُ فَدِيَةٌ عَلَى الْجَانِي مُغَلَّظَةٌ لِغَلَبَةِ تَأْثِيرِهِ، وَرُدَّ بِمَنْعِ ذَلِكَ (وَلَوْ) (كَانَ) غَيْرُ الْمُمَيِّزِ وَنَحْوُهُ (بِأَرْضٍ) فَصَاحَ عَلَيْهِ فَمَاتَ (أَوْ صَاحَ عَلَى بَالِغٍ بِطَرَفِ سَطْحٍ) أَوْ نَحْوِهِ فَسَقَطَ وَمَاتَ (فَلَا دِيَةَ فِي الْأَصَحِّ) لِنُدْرَةِ الْمَوْتِ بِذَلِكَ حِينَئِذٍ، وَالثَّانِي فِي كُلٍّ مِنْهُمَا الدِّيَةُ؛ لِأَنَّ الصِّيَاحَ حَصَلَ بِهِ فِي الصَّبِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــSنَوْعٌ مِنْ الْجُنُونِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: أَوْ مُوَسْوَسٍ) أَصْلُهُ وَسْوَسَتْ إلَيْهِ نَفْسُهُ فَهُوَ مُوَسْوَسٌ إلَيْهِ لَكِنَّهُ حَذَفَ الْجَارَّ فَاتَّصَلَ الضَّمِيرُ (قَوْلُهُ: أَوْ امْرَأَةٍ ضَعِيفَةٍ) أَيْ ضَعِيفَةِ الْعَقْلِ (قَوْلُهُ: اكْتِفَاءً بِقَوْلِهِ) إنَّمَا لَمْ يَجْعَلْ الشَّارِحُ نُكْتَةَ حَذْفِ قَيْدِ الِارْتِعَادِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمَحَلِّيُّ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ بِذَلِكَ يَدُلُّ عَلَيْهِ إذْ الْمَعْنَى بِسَبَبِ الصِّيَاحِ وَإِنَّمَا يُعْلَمُ كَوْنُهُ سَبَبَهُ إذَا وُجِدَ مَا يَدُلُّ عَلَى السَّبَبِيَّةِ كَالِارْتِعَادِ؛ لِأَنَّ دَلَالَةَ مَا ذَكَرَهُ الْمَحَلِّيُّ عَلَى الِارْتِعَادِ بِطَرِيقِ الْإِشَارَةِ وَدَلَالَةَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ قَوْلِهِ اكْتِفَاءً إلَخْ بِطَرِيقِ التَّصْرِيحِ فَقَدْ حُذِفَ مِنْ الْأَوَّلِ لِلذِّكْرِ فِي الثَّانِي فَيُقَدَّرُ فِي الْأَوَّلِ نَظِيرُهُ (قَوْلُهُ: إذْ لَوْلَا ذَلِكَ لَاحْتُمِلَ كَوْنُهُ مُوَافَقَةَ قَدَرٍ) أَيْ وَعَلَيْهِ لَوْ اخْتَلَفَا فِي الِارْتِعَادِ وَعَدَمِهِ صُدِّقَ الْجَانِي؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِارْتِعَادِ وَبَرَاءَةُ الذِّمَّةِ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: فَمَاتَ مِنْهَا) أَيْ أَوْ زَالَ عَقْلُهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَحَذَفَهَا) أَيْ حَذَفَ مِنْهَا (قَوْلُهُ: لِدَلَالَةِ فَاءِ السَّبَبِيَّةِ) فِيهِ أَنَّهُ لَا دَلِيلَ هُنَا عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْفَاءَ لِلسَّبَبِيَّةِ حَتَّى يَدُلَّ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: تَتَبَادَرُ السَّبَبِيَّةُ فِي أَمْثَالِ هَذَا الْمَقَامِ لَا سِيَّمَا مَعَ قَوْلِهِ فَوَقَعَ بِذَلِكَ، أَوْ يُقَالُ وُقُوعُهُ جَوَابَ الشَّرْطِ الْمُحْتَاجَ إلَى تَقْدِيرِهِ دَلِيلُ كَوْنِهِ لِلسَّبَبِيَّةِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: حَيْثُ بَقِيَ أَثَرُهَا) قَالَ م ر: الْمَوْتُ لَيْسَ شَرْطًا، فَلَوْ وَقَعَ فَتَلِفَ عُضْوُهُ أَوْ مَنْفَعَتُهُ ضَمِنَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فَدِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ) أَيْ مِنْ جِهَةِ التَّثْلِيثِ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ الصَّائِحُ بِيَمِينِهِ) أَيْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: ضَمِنَتْهُ الْعَاقِلَةُ) ذَكَرَ هَذِهِ فِيمَا لَوْ صَاحَ عَلَيْهِ بِطَرَفِ سَطْحٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ صَاحَ عَلَيْهِ بِالْأَرْضِ أَوْ عَلَى بَالِغٍ مُتَيَقِّظٍ فَزَالَ عَقْلُهُ لَمْ يَضْمَنْ. وَقَدْ يُقَالُ: الصِّيَاحُ وَإِنْ لَمْ يُؤَثِّرْ الْمَوْتَ لَكِنَّهُ قَدْ يُؤَثِّرُ زَوَالَ الْعَقْلِ فَإِنَّهُ كَثِيرًا مَا يَحْصُلُ مِنْهُ الْإِزْعَاجُ الْمُفْضِي إلَى زَوَالِ الْعَقْلِ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِمَنْعِ ذَلِكَ) أَيْ وَالْمَانِعُ لَا يُطَالَبُ بِدَلِيلٍ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْمَانِعِ مُطَالَبَةُ الْمُسْتَدِلِّ بِصِحَّةِ دَلِيلِهِ، فَلَا يُقَالُ: لِمَ لَمْ يَذْكُرْ سَنَدَ الْمَنْعِ (قَوْلُهُ: أَوْ صَاحَ عَلَى بَالِغٍ إلَخْ) أَيْ مُتَيَقِّظٍ (قَوْلُهُ: فَلَا دِيَةَ فِي الْأَصَحِّ) أَيْ ثُمَّ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِقَصْدِ أَذِيَّةِ غَيْرِهِ عُزِّرَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: فِي كُلٍّ مِنْهُمَا الدِّيَةُ) يُؤْخَذُ مِنْ الِاقْتِصَارِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ أَكَانَ وَاقِفًا إلَخْ.) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا التَّعْبِيرِ هُنَا، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَهُوَ وَاقِفٌ أَوْ جَالِسٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَحُذِفَ مِنْ أَصْلِهِ) قَرَّرَ سم أَنَّهُ لَمْ يَحْذِفْ مِنْ أَصْلِهِ شَيْئًا، إذْ لَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ فَوَقَعَ بِذَلِكَ إلَّا مَعْنَى تَسَبُّبِ الصِّيَاحِ، بَلْ ادَّعَى أَنَّ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ أَصْرَحُ (قَوْلُهُ: اكْتِفَاءً إلَخْ.) فِيهِ تَوَقُّفٌ وَأَشَارَ إلَيْهِ سم (قَوْلُهُ: مِنْهُ)

الْمَوْتُ وَفِي الْبَالِغِ عَدَمُ التَّمَاسُكِ الْمُفْضِي إلَيْهِ، وَدُفِعَ بِأَنَّ مَوْتَ الصَّبِيِّ بِمُجَرَّدِ الصِّيَاحِ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ وَعَدَمُ تَمَاسُكِ الْبَالِغِ بِهِ خِلَافُ الْغَالِبِ مِنْ حَالِهِ فَيَكُونُ مَوْتُهُمَا مُوَافَقَةَ قَدَرٍ (وَشَهْرُ سِلَاحٍ) عَلَى بَصِيرٍ رَآهُ (كَصِيَاحٍ) فِي تَفْصِيلِهِ الْمَذْكُورِ (وَمُرَاهِقٌ مُتَيَقِّظٌ كَبَالِغٍ) فِيمَا ذُكِرَ فِيهِ، وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: مُتَيَقِّظٌ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى قُوَّةِ التَّمْيِيزِ لَا الْمُرَاهَقَةِ كَمَا يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ رَدًّا عَلَى مَنْ زَعَمَ تَدَافُعَ مَفْهُومِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمُمَيِّزِ (وَلَوْ) (صَاحَ) مُحْرِمٌ أَوْ حَلَالٌ فِي الْحَرَمِ أَوْ غَيْرِهِ (عَلَى صَيْدٍ فَاضْطَرَبَ صَبِيٌّ) غَيْرُ قَوِيِّ التَّمْيِيزِ أَوْ نَحْوُهُ مِمَّنْ مَرَّ وَهُوَ عَلَى طَرَفِ سَطْحٍ لَا أَرْضٍ (وَسَقَطَ) وَمَاتَ مِنْهُ (فَدِيَةٌ مُخَفَّفَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ) ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ حِينَئِذٍ خَطَأٌ (وَلَوْ) (طَلَبَ سُلْطَانٌ) أَوْ نَحْوُهُ مِمَّنْ تُخْشَى سَطْوَتُهُ وَلَوْ قَاضِيًا بِنَفْسِهِ أَوْ بِرَسُولِهِ أَوْ كَاذِبٍ عَلَيْهِ كَذَلِكَ (مَنْ ذُكِرَتْ) عِنْدَهُ (بِسُوءٍ) جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ فَطَلَبَهَا بِدَيْنٍ، وَهِيَ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ مُخَدَّرَةٌ مُطْلَقًا أَوْ بَرْزَةٌ وَهُوَ مِمَّنْ تُخْشَى سَطْوَتُهُ، فَإِنْ لَمْ تَخْشَ مِنْهُ فَلَا أَوْ لِإِحْضَارِ نَحْوِ وَلَدِهَا أَوْ طَلَبِ مَنْ هُوَ عِنْدَهَا، وَلَعَلَّ تَقْيِيدَهُ بِذِكْرِ السُّوءِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى التَّضْمِينِ جَوْرًا بِالْأُولَى (فَأُجْهِضَتْ) أَيْ أَلْقَتْ جَنِينًا فَزَعًا مِنْهُ وَلَا يُعْتَرَضُ بِاخْتِصَاصِ الْإِجْهَاضِ بِالْإِبِلِ لُغَةً؛ لِأَنَّ عُرْفَ الْفُقَهَاءِ بِخِلَافِهِ فَلَمْ يُنْظَرْ لِذَلِكَ (ضُمِنَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ (الْجَنِينُ) بِالْغُرَّةِ أَيْ ضَمِنَتْهَا عَاقِلَتُهُ، وَخَرَجَ بِأُجْهِضَتْ مَا لَوْ مَاتَتْ فَزَعًا فَلَا ضَمَانَ وَلَا وَلَدَهَا الشَّارِبَ لَبَنَهَا بَعْدَ الْفَزَعِ لِعَدَمِ إفْضَائِهِ لِذَلِكَ عَادَةً، نَعَمْ إنْ مَاتَتْ بِالْإِجْهَاضِ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَتُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى الدِّيَةِ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ قَطْعًا اهـ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ مَوْتُهُمَا مُوَافَقَةَ قَدَرٍ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَى الصَّائِحِ (قَوْلُهُ: وَشَهْرُ سِلَاحٍ عَلَى بَصِيرٍ) قَدْ يُقَالُ: أَوْ عَلَى أَعْمَى إذَا مَسَّهُ عَلَى وَجْهٍ يُؤَثِّرُ وَيُرْعِبُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ طَلَبَ سُلْطَانٌ أَوْ نَحْوُهُ) مِنْ النَّحْوِ مَشَايِخُ الْبُلْدَانِ وَالْعُرْبَانُ وَالْمُشِدُّ (قَوْلُهُ: أَوْ بِرَسُولِهِ) اعْتَمَدَ م ر فِيمَا لَوْ طَلَبَهَا الرُّسُلُ كَذِبًا أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الرُّسُلِ، وَقَالَ: أَوْ طَلَبَهَا رُسُلُ السُّلْطَانِ بِأَمْرِهِ مَعَ عِلْمِهِمْ بِظُلْمِهِ ضَمِنُوا إلَّا أَنْ يُكْرِهَهُمْ كَمَا فِي الْجَلَّادِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَلَوْ زَادَ الرَّسُولُ فِي طَلَبِهِ عَلَى مَا قَالَهُ السُّلْطَانُ كَذِبًا مُهَدِّدًا وَحَصَلَ الْإِجْهَاضُ بِزِيَادَتِهِ فَقَطْ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَطْلُبْهَا السُّلْطَانُ أَصْلًا، فَلَوْ جُهِلَ الْحَالُ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ تَأْثِيرَ الزِّيَادَةِ فِي الْإِجْهَاضِ أَوْ كَلَامِ السُّلْطَانِ فَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّسُولِ لِتَعَدِّيهِ بِالْمُخَالَفَةِ، وَلَوْ جُهِلَ هَلْ زَادَ أَوْ لَا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ دُونَ الرَّسُولِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَاذِبٍ عَلَيْهِ) الضَّمَانُ فِي هَذِهِ عَلَى عَاقِلَتِهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) تُخْشَى سَطْوَتُهُ أَمْ لَا، فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ لَمْ تُذْكَرْ بِهِ كَأَنْ طُلِبَتْ بِدَيْنٍ وَهِيَ قَوْلُهُ إلَخْ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: بِالْأَوْلَى) وَقَدْ تُمْنَعُ الْأَوْلَوِيَّةُ بِأَنَّ ذِكْرَهَا بِسُوءٍ مَظِنَّةٌ لِعُقُوبَتِهَا فَيُؤَثِّرُ ذَلِكَ فِيهَا، بِخِلَافِ مَنْ لَمْ تُذْكَرْ بِسُوءٍ، فَإِنْ طَلَبَهَا مَعَ عَدَمِ ذَكَرِهَا بِسُوءٍ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَا لِغَرَضِ الْعُقُوبَةِ بَلْ لِيَسْأَلَهَا عَنْ حَالِ مَنْ شَهِدَ عِنْدَهُ لِمُشَاهَدَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَيْ ضَمِنَتْهَا عَاقِلَتُهُ) أَيْ السُّلْطَانِ أَوْ الْكَاذِبِ (قَوْلُهُ: فَلَا ضَمَانَ) أَيْ لَهَا (قَوْلُهُ: وَلَا وَلَدَهَا) أَيْ وَلَا يَضْمَنُ وَلَدَهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ عَادَةً) أَيْ فَلَا نَظَرَ إلَيْهَا بِخُصُوصِهَا إنْ اطَّرَدَتْ عَادَتُهَا بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِالْإِجْهَاضِ) أَيْ بِسَبَبِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ الْوُقُوعِ، وَفِي نُسَخٍ تَأْنِيثُ الضَّمَائِرِ فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ مُتَيَقِّظٍ) فِي هَذَا الْعِلْمِ مَنْعٌ ظَاهِرٌ، وَإِنَّمَا الَّذِي يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّيَقُّظِ زِيَادَةً عَلَى التَّكْلِيفِ إذْ هُوَ قَيْدٌ فِيهِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: لَكِنْ ذَهَبَ عَقْلُهُ إلَخْ.) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِالصَّبِيِّ وَلَا بِطَرَفِ السَّطْحِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَتَدَحْرَجُ الْوَاقِعُ) أَيْ وَتَدَحْرَجَ بِالْفِعْلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: كَمَا يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ) فِيهِ مَنْعٌ أَيْضًا، وَإِنَّمَا الَّذِي قَالَهُ الشَّارِحُ إنَّمَا هُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِغَيْرِ الْمُمَيِّزِ فِيمَا مَرَّ مَا قَابَلَ الْمُمَيِّزَ الْمُتَيَقِّظَ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَتِهِ (قَوْلُهُ: فَطَلَبَهَا بِدَيْنٍ) لَيْسَ فِي كَلَامِهِ خَبَرٌ لِهَذَا فِيمَا رَأَيْت مِنْ النُّسَخِ

كَالْغُرَّةِ، وَلَوْ قُذِفَتْ فَأُجْهِضَتْ ضَمِنَتْ عَاقِلَةُ الْقَاذِفِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَتْ فَلَا، كَمَا لَوْ أَفْسَدَ ثِيَابَهَا حَدَثٌ خَرَجَ مِنْهَا فَزَعًا، وَلَوْ أَتَاهَا بِرَسُولِ الْحَاكِمِ لِتَدُلَّهُمَا عَلَى أَخِيهَا مَثَلًا فَأَخَذَهَا فَأُجْهِضَتْ اُتُّجِهَ عَدَمُ الضَّمَانِ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَحْوُ إفْزَاعٍ، نَعَمْ يَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى مَنْ لَمْ تَتَأَثَّرْ بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الرَّسُولِ. أَمَّا مَنْ هِيَ كَذَلِكَ لَا سِيَّمَا، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ أَخَذَهَا فَتَضْمَنُ الْغُرَّةَ عَاقِلَتُهُمَا، وَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ إذَا أَرَادَ طَلَبَ امْرَأَةٍ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ حَمْلِهَا ثُمَّ يَتَلَطَّفَ فِي طَلَبِهَا (وَلَوْ) (وَضَعَ) جَانٍ (صَبِيًّا) حُرًّا (فِي مَسْبَعَةٍ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ: أَيْ مَحَلِّ السِّبَاعِ وَلَوْ زُبْيَةَ سَبُعٍ غَابَ عَنْهَا (فَأَكَلَهُ سَبُعٌ فَلَا ضَمَانَ) عَلَيْهِ، إذْ الْوَضْعُ لَيْسَ بِإِهْلَاكٍ وَلَمْ يُلْجِئْ السَّبُعَ إلَيْهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَلْقَى أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَهُوَ فِي زُبْيَتِهِ مَثَلًا ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّهُ يَثِبُ فِي الْمَضِيقِ وَيَنْفِرُ بِطَبْعِهِ مِنْ الْآدَمِيِّ فِي الْمُتَّسَعِ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ بِالْأُولَى أَنَّهُ لَا ضَمَانَ فِي الْبَائِعِ، وَإِنَّمَا خُصَّ الصَّبِيُّ بِالذِّكْرِ لِلْخِلَافِ فِيهِ (وَقِيلَ: إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ انْتِقَالٌ) عَنْ الْمُهْلِكِ فِي مَحَلِّهِ (ضَمِنَ) ؛ لِأَنَّهُ إهْلَاكٌ لَهُ عُرْفًا، فَإِنْ أَمْكَنَهُ فَتَرَكَهُ أَوْ وَضَعَهُ بِغَيْرِ مَسْبَعَةٍ فَاتُّفِقَ أَنَّ سَبُعًا أَكَلَهُ أَوْ كَانَ بَالِغًا هُدِرَ قَطْعًا كَمَا لَوْ قَصَدَهُ فَتَرَكَ عَصَبَ جُرْحِهِ حَتَّى مَاتَ. أَمَّا الْقِنُّ فَيَضْمَنُهُ بِالْيَدِ مُطْلَقًا. وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنْ اسْتَمَرَّتْ إلَى الِافْتِرَاسِ تَصْوِيرٌ لَا قَيْدٌ، نَعَمْ لَوْ كَتَّفَهُ وَقَيَّدَهُ وَوَضَعَهُ فِي الْمَسْبَعَةِ ضَمِنَهُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ؛ لِأَنَّهُ أَحْدَثَ فِيهِ فِعْلًا، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَقِيلَ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ انْتِقَالٌ ضَمِنَ إذْ هُوَ مَفْرُوضٌ فِيمَنْ عَجَزَ لِضَعْفِهِ لِصِغَرٍ أَوْ نَحْوِهِ بِلَا رَبْطٍ أَوْ نَحْوِهِ وَلَا قَوْلُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ وَلَوْ مَكْتُوفًا: أَيْ لِتَمَكُّنِهِ مَعَهُ مِنْ الْهَرَبِ وَكَلَامُنَا فِي مَكْتُوفٍ مُقَيَّدٍ (وَلَوْ) (تَبِعَ بِسَيْفٍ) وَنَحْوِهِ مُمَيِّزًا (هَارِبًا مِنْهُ فَرَمَى نَفْسَهُ بِمَاءٍ أَوْ نَارٍ أَوْ مِنْ سَطْحٍ) أَوْ عَلَيْهِ فَانْكَسَرَ بِثِقَلِهِ وَمَاتَ (فَلَا ضَمَانَ) عَلَيْهِ فِيهِ لِمُبَاشَرَتِهِ إهْلَاكَ نَفْسِهِ عَمْدًا، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ هُنَا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَكْرَهَ إنْسَانًا عَلَى أَنْ يَقْتُلَ نَفْسَهُ فَقَتَلَهَا لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكْرَهِ تَبِعَ فِيهِ الرَّافِعِيَّ هُنَا، وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِأَصْلِهِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْجِنَايَاتِ أَنَّهُ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ (فَلَوْ) (وَقَعَ) بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ (جَاهِلًا) بِهِ (لِعَمًى أَوْ ظُلْمَةٍ) مَثَلًا أَوْ تَغْطِيَةِ بِئْرٍ أَوْ أَلْجَأَهُ إلَى السَّبُعِ بِمَضِيقٍ (ضَمِنَهُ) تَابِعُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: ضَمِنَتْ عَاقِلَةُ الْقَاذِفِ) أَيْ ضَمَانَ شِبْهِ عَمْدٍ (قَوْلُهُ: وَلَا أَتَاهَا بِرَسُولِ الْحَاكِمِ إلَخْ) أَيْ بِلَا إرْسَالٍ مِنْ الْحَاكِمِ لِقَوْلِهِ الْآتِي فَتَضْمَنُ الْغُرَّةَ عَاقِلَتُهُمَا. أَمَّا إذَا كَانَ بِإِرْسَالِهِ فَهُوَ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِرَسُولِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ لَمْ تَتَأَثَّرْ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا حُكْمُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا، وَهِيَ شَخْصٌ تَصَوَّرَ بِصُورَةِ سَبُعٍ وَدَخَلَ فِي غَفْلَةٍ عَلَى نِسْوَةٍ بِهَيْئَةٍ مُفْزِعَةٍ عَادَةً فَأَجْهَضَتْ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ، وَهُوَ أَنَّ عَاقِلَتَهُ تَضْمَنُ الْغُرَّةَ بَلْ وَتَضْمَنُ دِيَةَ الْمَرْأَةِ إنْ مَاتَتْ بِالْإِجْهَاضِ بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَتْ بِدُونِهِ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ) أَيْ يَجِبُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَضَعَ جَانٍ صَبِيًّا) هَلْ هُوَ شَامِلٌ لِلْمُرَاهِقِ اهـ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَوْ مُرَاهِقًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ) أَيْ بِالْقَوَدِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْقِنُّ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ حُرًّا (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَتَّفَهُ) أَيْ الْحُرُّ. قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: بَابُهُ ضَرَبَ (قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ) أَيْ ضَمَانَ شِبْهِ عَمْدٍ اهـ زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: مُمَيِّزًا) التَّقْيِيدُ بِهِ وَاضِحٌ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ، أَمَّا مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ، فَإِنْ قُلْنَا عَمْدُ الصَّبِيِّ عَمْدٌ فَلَا ضَمَانَ أَوْ خَطَأٌ ضَمِنَهُ التَّابِعُ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّيُّ بِقَوْلِهِ: وَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى لَوْ كَانَ الرَّامِي نَفْسَهُ صَبِيًّا وَقُلْنَا عَمْدُهُ خَطَأٌ ضَمِنَهُ التَّابِعُ لَهُ هَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ مُحْتَرَزَ قَوْلِهِ مُمَيِّزًا وَلَعَلَّهُ ضَمَانُ التَّابِعِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ فِعْلَ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ كَلَا فِعْلٍ فَيُنْسَبُ وُقُوعُهُ لِلتَّابِعِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ عَلَيْهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: فِي مَحَلِّهِ) اُنْظُرْ أَيَّ حَاجَةٍ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ عَنْ الْمُهْلِكِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ:) (وَقِيلَ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ إلَخْ.) صَوَابُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ وَضَعَ صَبِيًّا فِي مَسْبَعَةٍ، فَأَكَلَهُ سَبُعٌ فَلَا ضَمَانَ، وَقَوْلُهُ: إذْ هُوَ مَفْرُوضٌ إلَخْ. يَعْنِي: إذْ بَعْضُ مَا صَدَقَاتِهِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الضَّعِيفِ (قَوْلُهُ: لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكْرِهِ) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُثْبِتَ قَبْلَهُ لَفْظُ حَيْثُ أَوْ نَحْوِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ أَلْجَأَهُ إلَى السَّبُعِ) أَيْ وَهُوَ عَالِمٌ بِهِ كَمَا يَقْتَضِيهِ الصَّنِيعُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ

إهْلَاكَ نَفْسِهِ وَقَدْ أَلْجَأَهُ التَّابِعُ إلَى الْهَرَبِ الْمُفْضِي لِلْهَلَاكِ فَتَلْزَمُ عَاقِلَتَهُ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ (وَكَذَا لَوْ) (انْخَسَفَ بِهِ سَقْفٌ) لَمْ يَرْمِ نَفْسَهُ عَلَيْهِ (فِي هَرَبِهِ) لِضَعْفِ السَّقْفِ وَقَدْ جَهِلَهُ فَهَلَكَ ضَمِنَهُ تَابِعُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا مَرَّ، وَالثَّانِي لَا لِعَدَمِ شُعُورِهِ بِالْمَهْلَكِ (وَلَوْ) (سُلِّمَ صَبِيٌّ) وَلَوْ مُرَاهِقًا مِنْ وَلِيِّهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ وَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ كَوْنِهِ مُشَارِكًا لِلسَّبَّاحِ غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ هُوَ مُبَاشِرٌ وَمُسَلِّمُهُ مُتَسَبِّبٌ (إلَى سَبَّاحٍ لِيُعَلِّمَهُ) السِّبَاحَةَ أَيْ الْعَوْمَ فَتَسَلَّمَهُ بِنَفْسِهِ لَا بِنَائِبِهِ أَوْ أَخَذَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسَلِّمَهُ لَهُ أَحَدٌ كَمَا لَا يَخْفَى فَعَلَّمَهُ أَوْ عَلَّمَهُ الْوَلِيُّ بِنَفْسِهِ (فَغَرِقَ وَجَبَتْ دِيَتُهُ) دِيَةُ شِبْهِ عَمْدٍ عَلَى عَاقِلَتِهِ لِتَقْصِيرِهِ بِإِهْمَالِهِ حَتَّى غَرِقَ مَعَ كَوْنِ الْمَاءِ مِنْ شَأْنِهِ الْإِهْلَاكُ، وَبِهِ فَارَقَ الْوَضْعَ فِي مَسْبَعَةٍ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَ مِنْ شَأْنِهَا الْإِهْلَاكُ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْوَلِيَّ إذَا سَلَّمَهُ وَلَوْ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ لَا تَكُونُ عَاقِلَتُهُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْأَجْنَبِيِّ، وَلَوْ أَمَرَهُ السَّبَّاحُ بِدُخُولِ الْمَاءِ فَدَخَلَ مُخْتَارًا فَغَرِقَ ضَمِنَهُ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ الْعِرَاقِيُّونَ لِالْتِزَامِهِ الْحِفْظَ، فَإِنْ رَفَعَ يَدَهُ مُخْتَارًا مِنْ تَحْتِهِ وَإِنْ كَانَ بَالِغًا، وَهُوَ لَا يُحْسِنُ السِّبَاحَةَ فَغَرِقَ ضَمِنَهُ بِالْقَوَدِ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي أَغْرَقَهُ، وَخَرَجَ بِالصَّبِيِّ الْبَالِغُ فَلَا يَضْمَنُهُ مُطْلَقًا إلَّا فِي رَفْعِ يَدِهِ مِنْ تَحْتِهِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَحْتَاطَ لِنَفْسِهِ (وَيَضْمَنُ بِحَفْرِ بِئْرِ عُدْوَانٍ) كَأَنْ حَفَرَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ أَوْ بِشَارِعٍ ضَيِّقٍ وَإِنْ أَذِنَهُ الْإِمَامُ وَكَانَ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ؛ إذْ لَا أَثَرَ لِإِذْنِهِ فِيمَا يَضُرُّ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ، أَوْ وَاسِعٍ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ وَلَمْ يَأْذَنْهُ الْإِمَامُ مَا تَلِفَ بِهِ مِنْ مَالٍ عَلَيْهِ وَحُرٌّ عَلَى عَاقِلَتِهِ كَمَا فِي سَائِرِ الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا لِتَعَدِّيهِ وَرِضَاهُ بِاسْتِبْقَائِهَا وَمَنْعِهِ مِنْ طَمِّهَا أَوْ مِلْكِهِ لِتِلْكَ الْبُقْعَةِ الْمَحْفُورِ فِيهَا كَالْإِذْنِ فِيهِ فَيُمْنَعُ الضَّمَانُ وَلَا يُفِيدُهُ تَصْدِيقُ الْمَالِكِ فِي الْإِذْنِ بَعْدَ التَّرَدِّي بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ، فَلَوْ تَعَدَّى ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الْمُكْرِهِ نِصْفُ الدِّيَةِ أَيْ دِيَةِ عَمْدٍ (قَوْلُهُ وَقَدْ جَهِلَهُ) أَيْ ضَعْفَ السَّقْفِ (قَوْلُهُ: مِنْ كَوْنِهِ) أَيْ الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ: عَلَى عَاقِلَتِهِ) أَيْ عَاقِلَةِ مَنْ ذُكِرَ مِنْ السَّبَّاحِ أَوْ الْوَلِيِّ فِيمَا لَوْ عَلَّمَهُ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: نَظِيرَ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ: إذْ هُوَ مُبَاشِرٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ) أَيْ بِدِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ (قَوْلُهُ: لِالْتِزَامِهِ الْحِفْظَ) أَيْ بِتَسَلُّمِهِ إيَّاهُ (قَوْلُهُ: مُخْتَارًا إلَخْ) أَيْ فَإِنْ اخْتَلَفَ السَّبَّاحُ وَالْوَارِثُ فِي ذَلِكَ فَالْمُصَدَّقُ السَّبَّاحُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ) أَيْ الْبَالِغِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِشَارِعٍ ضَيِّقٍ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي الشَّارِعِ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي أَوْ بِطَرِيقٍ ضَيِّقٍ يَضُرُّ الْمَارَّةَ إلَخْ، وَكَأَنَّ وَجْهَ ذِكْرِهِ هُنَا التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْعُدْوَانِ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا أَثَرَ لِإِذْنِهِ) أَيْ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ) أَيْ وَلَوْ اُتُّفِقَ أَنَّ غَيْرَهُ انْتَفَعَ بِهَا (قَوْلُهُ: وَمَا تَلِفَ بِهِ) مَعْمُولٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ وَيَضْمَنُ بِحَفْرِ بِئْرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَرِضَاهُ) أَيْ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُفِيدُهُ) أَيْ الْحَافِرَ (قَوْلُهُ: بَعْدَ التَّرَدِّي) أَيْ أَمَّا قَبْلَ التَّرَدِّي فَيَسْقُطُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ أَذِنَ لَهُ قَبْلُ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَذِنَ عُدَّ هَذَا إذْنًا، فَإِذَا وَقَعَ التَّرَدِّي بَعْدَهُ كَانَ بَعْدَ سُقُوطِ الضَّمَانِ عَنْ الْحَافِرِ لِتَقْدِيرِ أَنَّهُ حَفَرَ بِلَا إذْنٍ مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُفِيدُهُ تَصْدِيقُ الْمَالِكِ فِي الْإِذْنِ بَعْدَ التَّرَدِّي لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْحَفْرَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ الْأَصْلُ فِيهِ التَّعَدِّي، وَهُوَ يَقْتَضِي ضَمَانَ الْحَافِرِ، فَقَوْلُ الْمَالِكِ: كُنْت أَذِنْت يُسْقِطُهُ وَإِسْقَاطُ الْحَقِّ بِإِخْبَارٍ وَاحِدٍ غَيْرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَبَيْنَ مَا مَرَّ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: مِنْ كَوْنِهِ) أَيْ الْأَجْنَبِيِّ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي بَعْدُ (قَوْلُهُ: لَا بِنَائِبِهِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا تَسَلَّمَهُ بِنَائِبِهِ: أَيْ وَعَلَّمَهُ النَّائِبُ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: عَلَى عَاقِلَتِهِ) أَيْ عَاقِلَةِ الْمُعَلِّمِ مِنْ الْوَلِيِّ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لِالْتِزَامِهِ الْحِفْظَ) قَالَ الشِّهَابُ سم: هَذَا لَا يَظْهَرُ فِي تَسْلِيمِ الْأَجْنَبِيِّ وَلَا مِنْ غَيْرِ تَسْلِيمِ أَحَدٍ. اهـ. وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ بِتَسَلُّمِهِ لَهُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ بِنَفْسِهِ مُلْتَزِمٌ لِلْحِفْظِ شَرْعًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ تَسْلِيمٌ مُعْتَبَرٌ (قَوْلُهُ: وَرِضَاهُ) يَعْنِي: الْمَالِكَ، وَكَذَا الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ أَوْ مَنَعَهُ، وَأَمَّا ضَمِيرُ قَوْلِهِ وَمَلَكَهُ فَهُوَ لِلْحَافِرِ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ تَشْبِيهُ الْإِمَامِ بِالنِّسْبَةِ لِلطَّرِيقِ بِالْمَالِكِ

بِدُخُولِهِ مِلْكَ غَيْرِهِ فَوَقَعَ فِي بِئْرٍ حُفِرَتْ عُدْوَانًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْحَافِرِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ لِتَعَدِّي الْوَاقِعِ فِيهَا بِالدُّخُولِ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْمَالِكُ فِي الدُّخُولِ وَعَرَّفَهُ بِالْبِئْرِ فَلَا ضَمَانَ، وَإِلَّا ضَمِنَ الْحَافِرُ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ. نَعَمْ لَوْ تَعَمَّدَ الْوُقُوعَ فِيهَا هُدِرَ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الْأَنْوَارِ: لَوْ كَانَ لَيْلًا أَوْ أَعْمَى وَجَبَ عَلَى عَاقِلَةِ الْحَافِرِ، وَإِنْ كَانَ نَهَارًا أَوْ بَصِيرًا فَلَا ضَمَانَ، وَيَضْمَنُ الْقِنُّ ذَلِكَ فِي رَقَبَتِهِ، فَإِنْ عَتَقَ فَمِنْ حِينِ عِتْقِهِ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَلَوْ عَرَضَ لِلْوَاقِعِ بِهَا مُزْهِقٌ وَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ الْوُقُوعُ شَيْئًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْحَافِرِ لِانْقِطَاعِ سَبَبِهِ (لَا) مَحْفُورَةَ (فِي مِلْكِهِ) وَمَا اُسْتُحِقَّ مَنْفَعَتُهُ بِوَقْفٍ أَوْ وَصِيَّةٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُؤَبَّدَةً فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ لِصِدْقِ اسْتِحْقَاقِهِ لِلْمَنْفَعَةِ وَإِنْ تَعَدَّى بِالْحَفْرِ لِاسْتِعْمَالِهِ مِلْكَ غَيْرِهِ فِيمَا لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ لَا يَشْمَلُ الْحَفْرَ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْإِجَارَةِ (وَمَوَاتٍ) لِتَمَلُّكٍ وَارْتِفَاقٍ، بَلْ أَوْ عَبَثًا فِيمَا يَظْهَرُ لِانْتِفَاءِ تَعَدِّيهِ؛ لِأَنَّهُ جَائِزٌ كَالْحَفْرِ فِي مِلْكِهِ، وَعَلَيْهِ حَمَلُوا حَدِيثَ مُسْلِمٍ «الْبِئْرُ جُبَارٌ» وَلَوْ تَعَدَّى بِحَفْرِهِ فِي مِلْكِهِ لِكَوْنِهِ وَضَعَهُ بِقُرْبِ جِدَارِ جَارِهِ ضَمِنَ مَا وَقَعَ بِمَحَلِّ التَّعَدِّي كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَلَوْ حَفَرَ بِمِلْكِهِ الْمَرْهُونِ الْمَقْبُوضِ أَوْ الْمُسْتَأْجَرِ فَغَيْرُ مُتَعَدٍّ كَمَا أَطْلَقَهُ أَيْضًا؛ إذْ التَّعَدِّي هُنَا لَيْسَ لِذَاتِ الْحَفْرِ بَلْ لِتَنْقِيصِ الْمَرْهُونِ، نَعَمْ لَوْ حَفَرَ بِالْحَرَمِ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ أَوْ فِي مَوَاتٍ ضَمِنَ مَا وَقَعَ بِهَا مِنْ الصَّيْدِ، وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا قَرِيبَةَ الْعُمْقِ مُتَعَدِّيًا فَعَمَّقَهَا غَيْرُهُ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِهِمَا بِالسَّوِيَّةِ كَالْجِرَاحَاتِ (وَلَوْ) (حَفَرَ بِدِهْلِيزِهِ) بِكَسْرِ الدَّالِ (بِئْرًا) ـــــــــــــــــــــــــــــSصَحِيحٍ، وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ وَبَرَاءَةُ الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: بِدُخُولِهِ مِلْكَ غَيْرِهِ) إشَارَةٌ إلَى تَقْيِيدِ ضَمَانِ الْحَافِرِ عُدْوَانًا بِمَا إذَا لَمْ يَتَعَدَّ الْوَاقِعَ بِدُخُولِهِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الْأَنْوَارِ) أَيْ حَيْثُ قَالَ يَضْمَنُ الْمَالِكُ (قَوْلُهُ: فَلَا ضَمَانَ) أَيْ حَيْثُ تَعَمَّدَ الْوُقُوعَ (قَوْلُهُ: فَمِنْ حِينِ عِتْقِهِ) أَيْ ضَمَانُ الْوُقُوعِ بَعْدَ الْعِتْقِ عَلَى عَاقِلَتِهِ سم عَلَى حَجّ وَكُتِبَ فَمِنْ حِينِ عِتْقِهِ إلَخْ هَذَا قَدْ يُشْكِلُ بِمَا يَأْتِي لَهُ فِي الْمِيزَابِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ عَاقِلَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ غَيْرَهَا يَوْمَ الْوَضْعِ أَوْ الْبِنَاءِ اُخْتُصَّ الضَّمَانُ بِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَجَدُّدَ لُزُومِ الضَّمَانِ لِعَاقِلَةِ الْقِنِّ كَحُدُوثِ الْعَاقِلَةِ وَقْتَ التَّلَفِ، وَرَقَبَةُ الْقِنِّ كَالْعَاقِلَةِ الْمَوْجُودَةِ وَقْتَ الْبِنَاءِ أَوْ الْوَضْعِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي فَصْلِ الْعَاقِلَةِ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ مَا يُصَرِّحُ بِأَنَّ الضَّمَانَ لَمَّا تَلِفَ بَعْدَ عِتْقِهِ فِي مَالِهِ لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ الْجَمْعُ بَيْنَ كَلَامَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَرَضَ لِلْوَاقِعِ بِهَا مُزْهِقٌ) كَحَيَّةٍ نَهَشَتْهُ أَوْ حَجَرٍ وَقَعَ عَلَيْهِ مَثَلًا أَوْ ضَاقَ نَفَسُهُ مِنْ أَمْرٍ عَرَضَ لَهُ فِيهَا وَلَوْ بِوَاسِطَةِ ضِيقِهَا (قَوْلُهُ: لَا مَحْفُورَةَ) أَيْ لَا بِئْرَ مَحْفُورَةً إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَا اُسْتُحِقَّ مَنْفَعَتُهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِالْحَفْرِ فِيمَا اسْتَعَارَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَكُنْ) أَيْ الْوَصِيَّةُ (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ) عِلَّةٌ لِعَدَمِ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: لِاسْتِعْمَالِهِ) عِلَّةٌ لِلتَّعَدِّي (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لِاسْتِعْمَالِهِ (قَوْلُهُ: لَا يَشْمَلُ الْحَفْرَ) أَيْ وَإِنْ تَوَقَّفَ تَمَامُ الِانْتِفَاعِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا يُقَالُ فِي الْإِجَارَةِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِيمَا اسْتَأْجَرَهُ لَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهَا، وَإِنْ تَعَدَّى بِالْحَفْرِ (قَوْلُهُ: «الْبِئْرُ جُبَارٌ» ) وَفِي نُسْخَةٍ «جُرْحُهَا جُبَارٌ» وَالْجُبَارُ بِالضَّمِّ وَالتَّخْفِيفِ: الْهَدَرُ الَّذِي لَا طَلَبَ فِيهِ، وَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ، وَأَصْلُهُ أَنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي السَّيْلَ جُبَارًا لِهَذَا الْمَعْنَى، وَفِي الْحَدِيثِ «الْبِئْرُ جُبَارٌ وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ» يَعْنِي أَنَّ نُزُولَ إنْسَانٍ فِي بِئْرٍ أَوْ مَعْدِنٍ يَحْفِرُهُ بِكِرَاءٍ فَهَلَكَ فِيهِ فَيُهْدَرُ اهـ تَرْتِيبُ الْمَطَالِعِ لِلْفَيُّومِيِّ. وَلَعَلَّ الْحَدِيثَ وَرَدَ عَلَى سَبَبٍ يُفْهِمُ هَذَا الْمَعْنَى وَإِلَّا فَلَا دَلَالَةَ لِلْحَدِيثِ عَلَيْهِ، نَعَمْ رِوَايَةُ «الْبِئْرُ جُرْحُهَا جُبَارٌ» قَدْ يُفْهِمُهُ كَأَنْ يُقَالَ جُرْحُهَا أَيْ مَا يَتَوَلَّدُ مِنْ الضَّرَرِ الْحَاصِلِ بِهَا (قَوْلُهُ: بِمَحَلِّ التَّعَدِّي) وَهُوَ مَا حَفَرَهُ زِيَادَةً عَلَى قَوْلِ الْمُعْتَادِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ حَفَرَ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى عُمُومِ قَوْلِهِ لَا فِي مِلْكِهِ، فَإِنَّ نَفْيَ الضَّمَانِ فِيهِ شَامِلٌ لِلْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَعَمَّقَهَا) أَيْ تَعْمِيقًا لَهُ دَخْلٌ فِي الْإِهْلَاكِ وَإِنْ قَلَّ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّعْمِيقِ الْأَوَّلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ (قَوْلُهُ: إذْ التَّعَدِّي هُنَا إلَخْ.) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ عَقِبَ كَلَامِ الْبُلْقِينِيِّ فِي مَسْأَلَةِ الْمَرْهُونِ

أَوْ كَانَ بِهِ بِئْرٌ لَمْ يَتَعَدَّ حَافِرُهَا (وَدَعَا رَجُلًا) أَوْ صَبِيًّا مُمَيِّزًا أَوْ امْرَأَةً إلَى دَارِهِ فَدَخَلَ بِاخْتِيَارِهِ وَكَانَ الْغَالِبُ أَنَّهُ يَمُرُّ عَلَيْهَا (فَسَقَطَ) فِيهَا جَاهِلًا بِهَا لِنَحْوِ ظُلْمَةٍ أَوْ تَغْطِيَةٍ لَهَا فَهَلَكَ (فَالْأَظْهَرُ ضَمَانُهُ) إيَّاهُ بِدِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ لِكَوْنِهِ غَرَّهُ وَلَمْ يَقْصِدْ هُوَ إهْلَاكَ نَفْسِهِ فَلَمْ يَكُنْ فِعْلُهُ قَاطِعًا، وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ إنَّهُ يَضْمَنُ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ بِالْقَوَدِ كَالْمُكْرَهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْوُقُوعُ بِهَا يُهْلِكُ غَالِبًا وَعُلِمَ بِنَحْوِ الظُّلْمَةِ وَأَنَّ الْمَارَّ حِينَئِذٍ يَقَعُ فِيهَا غَالِبًا، فَإِنْ لَمْ يَدْعُهُ هُدِرَ مُطْلَقًا، وَكَذَا إنْ دَعَاهُ وَأَعْلَمَهُ بِهَا، وَإِنْ كَانَتْ مُغَطَّاةً، وَخَرَجَ بِالْبِئْرِ نَحْوُ كَلْبٍ عَقُورٍ بِدِهْلِيزِهِ فَلَا يَضْمَنُ مَنْ دَعَاهُ فَأَتْلَفَهُ؛ لِأَنَّ افْتِرَاسَهُ عَنْ اخْتِيَارِ وَلِإِمْكَانِ اجْتِنَابِهِ بِظُهُورِهِ، وَالثَّانِي لَا ضَمَانَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمَدْعُوَّ غَيْرُ مُلْجَأٍ (أَوْ) حَفَرَ بِئْرًا (بِمِلْكِ غَيْرِهِ أَوْ) فِي (مُشْتَرَكٍ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْمَالِكِ فِي الْحَفْرِ (فَمَضْمُونٌ) ذَلِكَ الْحَفْرُ، فَعَلَيْهِ أَوْ عَلَى عَاقِلَتِهِ بَدَلُ مَا تَلِفَ مِنْ قِيمَةٍ أَوْ دِيَةُ شِبْهِ عَمْدٍ؛ وَهَذَا وَإِنْ عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ فَقَدْ ذَكَرَهُ لِلْإِيضَاحِ عَلَى أَنَّ التَّفْصِيلَ بَيْنَ الْإِذْنِ وَعَدَمِهِ لَمْ يُعْلَمْ صَرِيحًا إلَّا مِنْ هَذِهِ فَانْدَفَعَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِذِكْرِ هَذِهِ أَصْلًا، وَقَوْلُهُ مُشْتَرَكٌ أَيْ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ إذَا كَانَ لَازِمًا لَا يَكُونُ اسْمُ مَفْعُولِهِ إلَّا مَوْصُولًا بِحَرْفِ جَرٍّ أَوْ ظَرْفٍ أَوْ مَصْدَرٍ، ثُمَّ يُتَوَسَّعُ بِحَذْفِ الْجَارِّ فَيَصِيرُ الضَّمِيرُ مُتَّصِلًا فَيَسْتَتِرُ (أَوْ) حَفَرَ (بِطَرِيقٍ ضَيِّقٍ يَضُرُّ الْمَارَّةَ) (فَكَذَا) هُوَ مَضْمُونٌ، وَإِنْ أَذِنَ فِيهِ الْإِمَامُ لِتَعَدِّيهِمَا (أَوْ) حَفَرَ بِطَرِيقٍ (لَا يَضُمُّ) الْمَارَّةَ لِسَعَتِهَا أَوْ لِانْحِرَافِ الْبِئْرِ عَنْ الْجَادَّةِ (وَأَذِنَ) لَهُ (الْإِمَامُ) فِي الْحَفْرِ (فَلَا ضَمَانَ) عَلَيْهِ وَلَا عَلَى عَاقِلَتِهِ لِلتَّالِفِ بِهَا وَإِنْ كَانَ الْحَفْرُ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْإِمَامُ، وَهِيَ غَيْرُ ضَارَّةٍ (فَإِنْ حَفَرَ لِمَصْلَحَتِهِ فَالضَّمَانُ) عَلَيْهِ أَوْ عَلَى عَاقِلَتِهِ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ (أَوْ مَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ) عَطْفٌ عَلَى لِمَصْلَحَتِهِ فَالْقَوْلُ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ بِهِ بِئْرٌ لَمْ يَتَعَدَّ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ تَعَدَّى فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ دُونَ الْمَالِكِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ دَعَاهُ وَأَعْلَمَهُ) وَلَوْ اخْتَلَفَ مَالِكُ الدَّارِ وَالْمُسْتَحِقُّ فَقَالَ الْمُسْتَحِقُّ لَمْ تُعْلِمْهُ وَقَالَ الْمَالِكُ: أَعْلَمْته، فَاَلَّذِي يَظْهَرُ تَصْدِيقُ الْمُسْتَحِقِّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِعْلَامِ، وَلَا يُقَالُ. وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: أَمَّا أَوَّلًا فَالْأَصْلُ فِي الْبِئْرِ الْمَحْفُورَةِ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَحَلِّ الضَّمَانُ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمُسْقِطِ. وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ أَحَدًا لَا يَقْصِدُ إهْلَاكَ نَفْسِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ أَعْلَمَهُ لَاحْتَرَزَ مِنْ الْوُقُوعِ فِيهَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَضْمَنُ مَنْ دَعَاهُ) وَكَذَا مَنْ لَمْ يَدْعُهُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَهَذَا وَإِنْ عُلِمَ إلَخْ) هَذَا الِاعْتِرَاضُ يُتَوَجَّهُ أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِ أَوْ بِطَرِيقٍ ضَيِّقٍ إلَخْ. وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّهُ مَبْدَأٌ لِلتَّقْسِيمِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ يَضُرُّ الْمَارَّةَ) وَلَيْسَ مِمَّا يَضُرُّ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ حَفْرِ الشَّوَارِعِ لِلْإِصْلَاحِ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا تَعَدِّيَ فِيهِ لِكَوْنِهِ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ (قَوْلُهُ: لِتَعَدِّيهِمَا) الْحَافِرِ وَالْإِمَامِ (قَوْلُهُ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ السَّابِقُ غَيْرَ نَفْسٍ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ حَيْثُ كَانَ نَفْسًا، وَلَوْ رَقِيقًا لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ قِيمَةَ الرَّقِيقِ عَلَى الْعَاقِلَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ) يُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ مِنْ التَّفْصِيلِ أَنَّ مَا يَقَعُ لِأَهْلِ الْقُرَى مِنْ حَفْرِ آبَارٍ فِي زَمَنِ الصَّيْفِ لِلِاسْتِقَاءِ مِنْهَا فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِالْمُرُورِ فِيهَا وَالِانْتِفَاعِ بِهَا أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي مَحَلٍّ ضَيِّقٍ يَضُرُّ الْمَارَّةَ ضَمِنَتْ عَاقِلَةُ الْحَافِرِ، وَلَوْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ، وَإِنْ كَانَ بِمَحَلٍّ وَاسِعٍ لَا يَضُرُّ بِهِمْ، فَإِنْ فَعَلَ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ كَسَقْيِ دَوَابِّهِ مِنْهَا وَأَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ كَانَ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْإِمَامُ ضَمِنَ وَإِنْ انْتَفَعَ غَيْرُهُ تَبَعًا، وَالْمُرَادُ بِالْإِمَامِ مَنْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِنْهُ مُلْتَزِمَ الْبَلَدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمُسْتَأْجَرِ نَصُّهَا وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ فِي الْأَوَّلِ إذَا نَقَصَ الْحَفْرُ قِيمَتَهُ وَيُرَدُّ بِأَنَّ التَّعَدِّيَ هُنَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْمَالِكِ) أَيْ وَلَوْ لِلْبَعْضِ لِيَشْمَلَ الشَّرِيكَ (قَوْلُهُ: إلَّا مَوْصُولًا بِحَرْفِ جَرٍّ) بِأَنْ يَكُونَ مَعَ مَجْرُورِهِ مَرْفُوعًا بِهِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ ظَرْفٌ أَوْ مَصْدَرٌ بِأَنْ يَكُونَا مَرْفُوعَيْنِ بِهِ، وَشَرْطُ الْمَصْدَرِ أَنْ يَكُونَ مُتَصَرِّفًا غَيْرَ مُؤَكِّدٍ، وَشَرْطُ الظَّرْفِ أَنْ يَكُونَ مُتَصَرِّفًا خَاصًّا (قَوْلُهُ: عَلَى لِمَصْلَحَتِهِ) صَوَابُهُ عَلَى مَصْلَحَتِهِ

بِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ مَرْدُودٌ كَحَفْرِهِ لِاسْتِقَاءٍ أَوْ جَمْعِ مَاءِ مَطَرٍ وَلَمْ يَنْهَهُ الْإِمَامُ كَمَا نُقِلَ عَنْ أَبِي الْفَرَجِ الزَّازِ (فَلَا) ضَمَانَ فِيهِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِجَوَازِهِ. وَالثَّانِي قَالَ الْجَوَازُ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، وَخَصَّ الْمَاوَرْدِيُّ ذَلِكَ بِمَا إذَا أَحْكَمَ رَأْسَهَا، فَإِنْ لَمْ يُحْكِمْهَا وَتَرَكَهَا مَفْتُوحَةً ضَمِنَ مُطْلَقًا، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ، فَلَوْ أَحْكَمَ رَأْسَهَا مُحْتَسِبٌ ثُمَّ جَاءَ ثَالِثٌ وَفَتَحَهُ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِهِ كَمَا لَوْ طَمَّهَا فَجَاءَ آخَرُ وَحَفَرَهَا، وَتَقْرِيرُ الْإِمَامِ بَعْدَ الْحَفْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ يَرْفَعُ الضَّمَانَ كَتَقْرِيرِ الْمَالِكِ السَّابِقِ، وَأَلْحَقَ الْعَبَّادِيُّ وَالْهَرَوِيُّ الْقَاضِيَ بِالْإِمَامِ حَيْثُ قَالَا لَهُ الْإِذْنُ فِي بِنَاءِ مَسْجِدٍ وَاِتِّخَاذِ سِقَايَةٍ بِالطَّرِيقِ حَيْثُ لَا تَضُرُّ بِالْمَارَّةِ، وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ إذَا لَمْ يَخُصَّ الْإِمَامُ بِالنَّظَرِ بِالطَّرِيقِ غَيْرَهُ (وَمَسْجِدٌ كَطَرِيقٍ) فَلَوْ حَفَرَ بِهِ بِئْرًا أَوْ بَنَاهُ فِي شَارِعٍ أَوْ وَضَعَ سِقَايَةً عَلَى بَابِ دَارِهِ لَمْ يَضْمَنْ الْهَالِكُ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ وَلَمْ يَضُرَّ بِالنَّاسِ، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِيمَا لَوْ حَفَرَ لِمَصْلَحَةِ الْمَسْجِدِ أَوْ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ الْمُصَلِّينَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِمَا، فَإِنْ فَعَلَهُ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ فَعُدْوَانٌ إنْ أَضَرَّ بِالنَّاسِ وَإِنْ أَذِنَ فِيهِ الْإِمَامُ بَلْ الْحَفْرُ فِيهِ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ مُمْتَنِعٌ مُطْلَقًا فَالتَّشْبِيهُ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ، نَعَمْ لَوْ بَنَى مَسْجِدًا فِي مَوَاتٍ فَهَلَكَ بِهِ إنْسَانٌ لَمْ يَضْمَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَلَا يَضْمَنُ بِتَعْلِيقِ قِنْدِيلٍ وَفَرْشِ حَصِيرٍ أَوْ حَشِيشٍ وَنَصْبِ عُمُدٍ وَبِنَاءِ سَقْفٍ وَتَطْيِينِ جِدَارٍ فِي الْمَسْجِدِ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْإِمَامِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِنَحْوِ جِذَاذٍ أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ فَسَقَطَ أَوْ انْهَارَتْ عَلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْ، سَوَاءٌ أَعَلِمَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّهَا تَنْهَارُ أَمْ لَا فِيمَا يَظْهَرُ، إذْ لَا تَقْصِيرَ بَلْ الْمُقَصِّرُ الْأَجِيرُ لِعَدَمِ احْتِيَاطِهِ لِنَفْسِهِ وَإِنْ جَهِلَ الِانْهِيَارَ (وَمَا تَوَلَّدَ) مِنْ فِعْلِهِ فِي مِلْكِهِ عَلَى الْعَادَةِ لَا يَضْمَنُهُ كَجَرَّةٍ سَقَطَتْ وَقَدْ وُضِعَتْ بِحَقٍّ، وَحَطَبٍ كَسَرَهُ فَطَارَ بَعْضُهُ فَأَتْلَفَ شَيْئًا وَدَابَّةٍ رَبَطَهَا فِيهِ فَرَفَسَتْ إنْسَانًا خَارِجَهُ، فَإِنْ خَالَفَ الْعَادَةَ كَمُتَوَلِّدٍ مِنْ نَارٍ أَوْقَدَهَا بِمِلْكِهِ وَقْتَ هُبُوبِ الرِّيَاحِ لَا إنْ هَبَّتْ بَعْدَ الْإِيقَادِ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ إطْفَاؤُهَا فَلَمْ يَفْعَلْ فِيمَا يَظْهَرُ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ ـــــــــــــــــــــــــــــSلِأَنَّهُ مُسْتَأْجِرٌ لِلْأَرْضِ فَلَهُ وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَنْهَهُ الْإِمَامُ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ نَهَاهُ الْإِمَامُ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْفِعْلُ وَضَمِنَ وَقَوْلُهُ كَمَا نَقَلَهُ: أَيْ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِهِ) أَيْ الثَّالِثِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ وَلَمْ يَضُرَّ) أَيْ وَالْحَالُ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ) أَيْ يَتَعَيَّنُ فَرْضُهُ فِيمَا لَوْ حَفَرَ لِمَصْلَحَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ فِيمَا لَوْ حَفَرَ إلَخْ) أَيْ الْحَافِرُ فِيمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَلَا يَضْمَنُ بِتَعْلِيقِ قِنْدِيلٍ) أَيْ مَا لَمْ يَنْهَهُ الْإِمَامُ أَوْ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ الْمَحَلِّ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ أَوْ جَمَعَ مَاءَ مَطَرٍ وَلَمْ يَنْهَهُ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْإِمَامِ) أَيْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لِمَصْلَحَةِ الْمَسْجِدِ وَالْمُصَلِّينَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ إلَخْ) أَيْ إجَارَةً صَحِيحَةً أَوْ فَاسِدَةً أَوْ دَعَاهُ لِيُنَجِّدَ أَوْ يَبْنِيَ لَهُ تَبَرُّعًا، بَلْ لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى الْعَمَلِ فِيهِ فَانْهَارَتْ عَلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ بِإِكْرَاهِهِ لَهُ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ يَدِهِ، وَلَا أَحْدَثَ فِيهِ فِعْلًا (قَوْلُهُ: وَمَا تَوَلَّدَ مِنْ فِعْلِهِ فِي مِلْكِهِ) أَوْ خَارِجِهِ (قَوْلُهُ: وَقْتَ هُبُوبِ الرِّيَاحِ) وَيُقَالُ بِمِثْلِ هَذَا التَّفْصِيلِ فِيمَا لَوْ أَوْقَدَ نَارًا فِي غَيْرِ مِلْكِهِ لَكِنْ بِمَحَلٍّ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْإِيقَادِ فِيهِ كَمَا يَقَعُ لِأَرْبَابِ الزِّرَاعَاتِ مِنْ أَنَّهُمْ يُوقِدُونَ نَارًا فِي غِيطَانِهِمْ لِمَصَالِحَ تَتَعَلَّقُ بِهِمْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِهَا، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ مَفْهُومُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الضَّمَانِ فِيمَا لَوْ كَسَرَ حَطَبًا بِشَارِعٍ ضَيِّقٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَمْكَنَهُ إطْفَاؤُهَا فَلَمْ يَفْعَلْ) أَيْ أَوْ نَهَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَلَوْ حَفَرَ بِهِ بِئْرًا أَوْ بَنَاهُ فِي شَارِعٍ) اعْلَمْ أَنَّ الشِّهَابَ حَجّ لَمَّا حَلَّ الْمَتْنَ حَمَلَهُ عَلَى الظَّاهِرِ مِنْهُ حَيْثُ قَالَ عَقِبَهُ مَا نَصُّهُ: أَيْ الْحَفْرُ فِيهِ كَمَا مَرَّ فِيهَا، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَيَصِحُّ حَمْلُ الْمَتْنِ بِتَكَلُّفٍ عَلَى أَنَّ وَضْعَ الْمَسْجِدِ وَمِثْلُهُ السِّقَايَةُ بِطَرِيقٍ كَالْحَفْرِ فِيهَا، فَيَأْتِي هُنَا تَفْصِيلُهُ اهـ. وَالشَّارِحُ أَشَارَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ إلَى حَمْلِ الْمَتْنِ عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ مَعًا، إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ اتَّخَذَا سِقَايَةً فِي بَابِ دَارِهِ لَيْسَ حَقَّ التَّعْبِيرِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَضُرَّ بِالنَّاسِ) الْوَاوُ لِلْحَالِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ وُضِعَتْ بِحَقٍّ) اُنْظُرْ مَا صُورَةُ مَفْهُومِهِ مَعَ أَنَّهُ فِي مِلْكِهِ، وَلَعَلَّهُ اُحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا إذَا كَانَتْ تَضُرُّ الْمَارَّةُ (قَوْلُهُ: وَحَطَبٌ كَسَرَهُ) أَيْ فِي مِلْكِهِ كَمَا هُوَ الصُّورَةُ. أَمَّا تَكْسِيرُهُ فِي الشَّوَارِعِ فَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَقْتَ هُبُوبِ الرِّيَاحِ)

أَوْ جَاوَزَ فِي إيقَادِهَا ذَلِكَ أَوْ سَقَى أَرْضَهُ وَأَسْرَفَ أَوْ كَانَ بِهَا شَقٌّ، وَعَلِمَ بِهِ وَلَمْ يَحْتَطْ لِسَدِّهِ أَوْ مِنْ رَشِّهِ لِلطَّرِيقِ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ مُطْلَقًا أَوْ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ مَعَ مُجَاوَزَةِ الْعَادَةِ، وَلَمْ يَتَعَمَّدْ الْمَشْيَ عَلَيْهِ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ ضَمِنَهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُجَاوِزْ الْعَادَةَ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ فِيهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، وَإِنْ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ كَالْحَفْرِ بِالطَّرِيقِ، وَيُفَرَّقُ عَلَى الْأَوَّلِ بِدَوَامِ الْحَفْرِ وَتَوَلُّدِ الْمَفَاسِدِ مِنْهُ فَتَوَقَّفَ عَلَى إذْنِهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا، وَيُؤْخَذُ مِنْ تَفْصِيلِهِمْ فِي الرَّشِّ أَنَّ تَنْحِيَتَهُ أَذَى الطَّرِيقِ كَحَجَرٍ فِيهَا إنْ قَصَدَ بِهِ مَصْلَحَةً عَامَّةً لَمْ يَضْمَنْ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِلَّا لَتَرَكَ النَّاسُ هَذِهِ السُّنَّةَ الْمُتَأَكِّدَةَ أَوْ (مِنْ جَنَاحٍ) أَيْ خَشَبٍ خَارِجٍ عَنْ مِلْكِهِ (إلَى شَارِعٍ) وَإِنْ أَذِنَ الْإِمَامُ فَسَقَطَ وَأَتْلَفَ شَيْئًا أَوْ مِنْ تَكْسِيرِ حَطَبٍ فِي شَارِعٍ ضَيِّقٍ أَوْ مِنْ مَشْيِ أَعْمَى بِلَا قَائِدٍ أَوْ مِنْ عَجْنِ طِينٍ فِيهِ وَقَدْ جَاوَزَ الْعَادَةَ أَوْ مِنْ وَضْعِ مَتَاعِهِ لَا عَلَى بَابِ حَانُوتِهِ عَلَى الْعَادَةِ (فَمَضْمُونٌ) لَكِنَّهُ فِي الْجَنَاحِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْمِيزَابِ مِنْ ضَمَانِ الْجَمِيعِ بِالْخَارِجِ وَالنِّصْفِ بِالْكُلِّ وَإِنْ جَازَ إشْرَاعُهُ بِأَنْ لَمْ يَضُرَّ الْمَارَّةَ؛ لِأَنَّ الِارْتِفَاقَ بِالشَّارِعِ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، وَبِهِ يُعْلَمُ رَدُّ قَوْلِ الْإِمَامِ لَوْ تَنَاهَى فِي الِاحْتِيَاطِ فَجَرَتْ حَادِثَةٌ لَا تُتَوَقَّعُ أَوْ صَاعِقَةٌ فَسَقَطَ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَنْ يُرِيدُ الْفِعْلَ (قَوْلُهُ: فِي إيقَادِهَا ذَلِكَ) أَيْ الْعَادَةُ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ بِهَا شَقٌّ) يَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ رَشِّهِ لِلطَّرِيقِ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ مُطْلَقًا) وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْعَادَةَ وَالضَّامِنَ الْمُبَاشِرَ لِلرَّشِّ، فَإِذَا قَالَ لِلسَّقَّاءِ رُشَّ هَذِهِ الْأَرْضَ حُمِلَ عَلَى الْعَادَةِ فَحَيْثُ جَاوَزَ الْعَادَةَ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِهِ، فَإِنْ أَمَرَ صَاحِبُ الْأَرْضِ السَّقَّاءَ بِمُجَاوَزَةِ الْعَادَةِ فِي الرَّشِّ فَعُلِّقَ الضَّمَانُ بِالْآمِرِ، وَانْظُرْ لَوْ جُهِلَ الْحَالُ هَلْ الزِّيَادَةُ عَلَى الْعَادَةِ نَشَأَتْ مِنْ السَّقَّاءِ أَوْ مِنْ الْآمِرِ أَوْ تَنَازَعَا، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى السَّقَّاءِ لَا الْآمِرِ؛ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ أَمْرِهِ بِالْمُجَاوَزَةِ كَمَا لَوْ أَنْكَرَ أَصْلَ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: كَالْحَفْرِ بِالطَّرِيقِ) اُنْظُرْ قَوْلَهُ عَنْ الزَّرْكَشِيّ كَالْحَفْرِ بِالطَّرِيقِ، وَقَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ إلَخْ الْمُقْتَضَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْحَفْرِ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ إذْنِ الْإِمَامِ مَعَ قَوْلِ الْمَتْنِ السَّابِقِ أَوْ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ فَلَا فِي الْأَظْهَرِ فَلَعَلَّ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْحَفْرِ وَالرَّشِّ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَفِي الْحَمْلِ الْمَذْكُورِ نَظَرٌ لِمَا مَرَّ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ أَنَّهُ إذَا حَفَرَ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ ضَمِنَ مُطْلَقًا فَلَا يَتَأَتَّى الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَفْرِ، وَإِنَّمَا يَتِمُّ الْفَرْقُ عَلَى كَلَامِهِ إذَا كَانَ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ، وَعَلَيْهِ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: إنْ قَصَدَ بِهِ مَصْلَحَةً عَامَّةً) أَيْ وَذَلِكَ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ فَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ مَصْلَحَةَ نَفْسِهِ أَوْ أَطْلَقَ ضَمِنَ، وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ فِي الْإِطْلَاقِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ مَأْمُورٌ بِهِ فَيَحْصُلُ فِعْلُهُ عَلَى امْتِثَالِ أَمْرِ الشَّارِعِ بِفِعْلِ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ (قَوْلُهُ: فِي شَارِعٍ ضَيِّقٍ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ لِمَا تَلِفَ بِتَكْسِيرِهِ بِشَارِعٍ وَاسِعٍ لِانْتِفَاءِ تَعَدِّيهِ بِفِعْلِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ مَشْيِ أَعْمَى بِلَا قَائِدٍ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ بِقَائِدٍ لَا ضَمَانَ، لَكِنْ نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ حَمْدَان فِي مُلْتَقَى الْبَحْرَيْنِ أَنَّهُ مَعَ الْقَائِدِ يَضْمَنُ بِالْأَوْلَى، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ فِي إتْلَافِ الدَّوَابِّ أَنَّ الْأَعْمَى لَوْ رَكِبَ دَابَّةً فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا أَنَّ الضَّمَانَ عَلَيْهِ دُونَ مُسَيِّرِهَا، وَعِبَارَتُهُ: فَرْعٌ: سُئِلَ شَيْخُنَا طب - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ أَعْمَى رَكِبَ دَابَّةً وَقَادَهُ سَلِيمٌ فَأَتْلَفَتْ الدَّابَّةُ عَيْنًا فَالضَّمَانُ عَلَى أَيِّهِمَا؟ فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ: الضَّمَانُ عَلَى الرَّاكِبِ أَعْمَى أَوْ غَيْرَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَبِتَضْمِينِ الْمَذْكُورِ جَزَمَ م ر اهـ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الِارْتِفَاقَ بِالشَّارِعِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَا يَقَعُ مِنْ رَبْطِ جَرَّةٍ وَإِدْلَائِهَا فِي هَوَاءِ الشَّارِعِ أَوْ فِي دَارِ جَارِهِ حُكْمُهُ حُكْمُ مَا سَقَطَ مِنْ الْجَنَاحِ فَيَضْمَنُهُ وَاضِعُ الْجَرَّةِ (قَوْلُهُ: لَوْ تَنَاهَى فِي الِاحْتِيَاطِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ فِي مَهَبِّ الرِّيحِ (قَوْلُهُ: كَالْحَفْرِ بِالطَّرِيقِ) هُوَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْغَايَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُجَاوِزْ الْعَادَةَ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ كَالْحَفْرِ بِالطَّرِيقِ (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ عَلَى الْأَوَّلِ) لَا حَاجَةَ لِلْفَرْقِ مَعَ اتِّحَادِ الْمَسْأَلَتَيْنِ

بِهَا وَأَتْلَفَ شَيْئًا فَلَسْت أَرَى إطْلَاقَ الْقَوْلِ بِالضَّمَانِ انْتَهَى. وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْبِئْرِ بِأَنَّ الْحَاجَةَ هُنَا أَغْلَبُ وَأَكْثَرُ فَلَا يُمْكِنُ إهْدَارُهُ، أَمَّا إذَا لَمْ يَسْقُطْ فَلَا يَضْمَنُ مَا انْهَدَمَ بِهِ وَنَحْوَهُ كَمَا لَوْ سَقَطَ وَهُوَ خَارِجٌ إلَى مِلْكِهِ وَإِنْ سَبَّلَ مَا تَحْتَهُ شَارِعًا أَوْ إلَى مَا سَبَّلَهُ بِجَنْبِ دَارِهِ مُسْتَثْنِيًا مَا يُشْرَعُ إلَيْهِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِيهِمَا أَوْ إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ، وَمِنْهُ سِكَّةٌ غَيْرُ نَافِذَةٍ بِإِذْنِ جَمِيعِ الْمُلَّاكِ وَإِلَّا ضَمِنَ (وَيَحِلُّ) لِمُسْلِمٍ لَا ذِمِّيٍّ فِي شَوَارِعِنَا (إخْرَاجُ الْمَيَازِيبِ) الْعَالِيَةِ الَّتِي لَا تَضُرُّ الْمَارَّةَ (إلَى شَارِعٍ) وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ لِعُمُومِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا (وَالتَّالِفُ بِهَا مَضْمُونٌ فِي الْجَدِيدِ) وَكَذَا بِمَا يَقْطُرُ مِنْهَا لِمَا مَرَّ فِي الْجَنَاحِ، وَكَمَا لَوْ وَضَعَ تُرَابًا فِي الطَّرِيقِ لِيُطَيِّنَ بِهِ سَطْحَهُ مَثَلًا وَقَدْ خَالَفَ الْعَادَةَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَنْ يُزْلَقُ بِهِ، وَالْقَدِيمُ لَا ضَمَانَ فِيهِ لِضَرُورَةِ تَصْرِيفِ الْمِيَاهِ، وَمَنَعَ الْأَوَّلَ الضَّرُورَةُ (فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمِيزَابِ وَالْجَنَاحِ (فِي الْجِدَارِ فَسَقَطَ الْخَارِجُ) أَوْ بَعْضُهُ فَأَتْلَفَ شَيْئًا (فَكُلُّ الضَّمَانِ) عَلَى وَاضِعِهِ أَوْ عَاقِلَتِهِ لِوُقُوعِ التَّلَفِ بِمَا هُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ خَاصَّةً، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: بَعْضُهُ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ شَيْءٌ فِيهِ بِأَنْ سَمَّرَهُ فِيهِ فَيَضْمَنَ الْكُلَّ، وَلَوْ بِسُقُوطِ بَعْضِهِ وَمَا لَوْ كَانَ كُلُّهُ فِيهِ فَلَا ضَمَانَ بِشَيْءٍ مِنْهُ كَالْجِدَارِ (وَإِنْ سَقَطَ كُلُّهُ) أَوْ الْخَارِجُ وَبَعْضُ الدَّاخِلِ أَوْ عَكْسُهُ فَأَتْلَفَ شَيْئًا بِكُلِّهِ أَوْ بِأَحَدِ طَرَفَيْهِ (فَنِصْفُهُ فِي الْأَصَحِّ) وَلَوْ انْكَسَرَ فِي الْهَوَاءِ نِصْفَيْنِ وَقَدْ سَقَطَ كُلُّهُ ثُمَّ أَصَابَ نُظِرَ إنْ أَصَابَ بِمَا كَانَ فِي الْجِدَارِ لَمْ يَضْمَنْ أَوْ بِالْخَارِجِ ضَمِنَ الْكُلَّ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ، وَلَوْ نَامَ عَلَى طَرَفِ سَطْحِهِ فَانْقَلَبَ إلَى الطَّرِيقِ عَلَى مَارٍّ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنْ كَانَ سُقُوطُهُ بِانْهِيَارِ الْحَائِطِ مِنْ تَحْتِهِ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ كَانَ لِتَقَلُّبِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ بَالَغَ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَلَسْت أَرَى إطْلَاقَ الْقَوْلِ بِالضَّمَانِ) أَيْ بَلْ أَقُولُ بِعَدَمِ الضَّمَانِ؛ إذْ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَضْمَنُ مَا انْهَدَمَ بِهِ) أَيْ تَلِفَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَبَّلَ) غَايَةٌ، وَقَوْلُهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِيهِمَا: أَيْ قَوْلُهُ إلَى مِلْكِهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ إلَى مَا سَبَّلَهُ (قَوْلُهُ: الَّتِي لَا تَضُرُّ الْمَارَّةَ) أَيْ أَمَّا الَّتِي تَضُرُّ فَيَمْتَنِعُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ (قَوْلُهُ: إلَى شَارِعٍ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَكَذَا يَضْمَنُ الْمُتَوَلِّدَ مِنْ جَنَاحٍ خَارِجٍ إلَى دَرْبٍ مُنْسَدٍّ أَيْ لَيْسَ فِيهِ نَحْوُ مَسْجِدٍ، وَإِلَّا فَكَشَارِعٍ أَوْ مِلْكِ غَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ، وَإِنْ كَانَ عَالِيًا اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: لِتَعَدِّيهِ بِخِلَافِهِ بِالْإِذْنِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ) أَيْ وَلَمْ يَنْهَهُ أَخْذًا مِمَّا سَبَقَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ أَوْ جَمَعَ مَاءَ مَطَرٍ وَلَمْ يَنْهَهُ الْإِمَامُ كَمَا نَقَلَهُ عَنْ أَبِي الْفَرْجِ الزَّازِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا بِمَا يَقْطُرُ مِنْهَا) مِثْلُهُ وَأَوْلَى مَا يَقْطُرُ مِنْ الْكِيزَانِ الْمُعَلَّقَةِ أَجْنِحَةً بِالْبُيُوتِ فِي هَوَاءِ الشَّارِعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لِيُطَيِّنَ بِهِ سَطْحَهُ مَثَلًا) أَيْ أَوْ لِيَجْمَعَهُ ثُمَّ يَنْقُلَهُ إلَى الْمَزْبَلَةِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَمَنَعَ الْأَوَّلَ الضَّرُورَةُ) وَعَلَيْهِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْآمِرِ لَا الْبَنَّاءِ (قَوْلُهُ: فَكُلُّ الضَّمَانِ عَلَى وَاضِعِهِ) أَيْ إنْ وَضَعَهُ الْمَالِكُ بِنَفْسِهِ وَإِلَّا فَعَلَى الْآمِرِ بِالْوَضْعِ (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ كَانَ كُلُّهُ) أَيْ الْمِيزَابُ، وَقَوْلُهُ فِيهِ أَيْ الْجِدَارِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ الدَّاخِلِ وَبَعْضِ الْخَارِجِ وَقَدْ يُشْكِلُ تَصَوُّرُهُ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَقَدْ يُمْكِنُ تَصَوُّرُهُ بِمَا لَوْ انْفَصَلَ كُلُّ الدَّاخِلِ عَنْ الْخَارِجِ وَكَانَ الْخَارِجُ مُلْتَصِقًا مَثَلًا بِالْجِدَارِ فَانْشَرَخَ وَسَقَطَ بَعْضُهُ مَعَ جَمِيعِ الدَّاخِلِ (قَوْلُهُ: إنْ أَصَابَ بِمَا كَانَ فِي الْجِدَارِ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ اخْتَلَفَ صَاحِبُ الْجَنَاحِ وَمَنْ تَلِفَ مَتَاعُهُ فَقَالَ صَاحِبُ الْجَنَاحِ تَلِفَ بِالدَّاخِلِ، وَقَالَ صَاحِبُ الْمَتَاعِ: تَلِفَ بِالْخَارِجِ، فَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُ صَاحِبِ الْجَنَاحِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَامَ) أَيْ شَخْصٌ وَلَوْ طِفْلًا (قَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُ الْمَتْنِ فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ فِي الْجِدَارِ) أَيْ الْجِدَارِ الدَّاخِلِ فِي هَوَاءِ الْمِلْكِ كَمَا لَا يَخْفَى بِخِلَافِ الْجِدَارِ الْمُرَكَّبِ عَلَى الرَّوْشَنِ فِي هَوَاءِ الشَّارِعِ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي غَالِبِ الْمَيَازِيبِ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي ضَمَانُ التَّالِفِ بِهَذَا الْمِيزَابِ مُطْلَقًا إذْ هُوَ تَابِعٌ لِلْجِدَارِ، وَالْجِدَارُ نَفْسُهُ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِ لِكَوْنِهِ فِي هَوَاءِ الشَّارِعِ كَمَا مَرَّ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمِيزَابِ وَالْجَنَاحِ) ذِكْرُ الْجَنَاحِ هُنَا خِلَافُ الظَّاهِرِ مِنْ السِّيَاقِ مَعَ أَنَّهُ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: السَّابِقُ لَكِنَّهُ فِي الْجَنَاحِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْمِيزَابِ الصَّرِيحِ فِي أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُنَا مَفْرُوضٌ فِي خُصُوصِ الْمِيزَابِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِسُقُوطِ بَعْضِهِ) حَقُّ الْغَايَةِ وَلَوْ بِسُقُوطِ كُلِّهِ لِأَنَّ

فِي نَوْمِهِ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ سَقَطَ بِفِعْلِهِ، وَلَوْ أَتْلَفَ مَاؤُهُ شَيْئًا ضَمِنَ نِصْفَهُ إنْ كَانَ بَعْضُهُ فِي الْجِدَارِ وَالْبَاقِي خَارِجَهُ، وَلَوْ اتَّصَلَ مَاؤُهُ بِالْأَرْضِ ثُمَّ تَلِفَ بِهِ إنْسَانٌ. قَالَ الْغَزِّيِّ: فَالْقِيَاسُ التَّضْمِينُ أَيْضًا، وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّ مَا لَيْسَ مِنْهُ خَارِجٌ لَا ضَمَانَ فِيهِ لَكِنْ أُطْلِقَ فِي الرَّوْضَةِ الضَّمَانُ بِالْمِيزَابِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي مَحَلِّ الْمَاءِ جَرَيَانُهُ فِي نَفْسِ الْمَاءِ لِتَمَيُّزِ دَاخِلِهِ وَخَارِجِهِ بِخِلَافِ الْمَاءِ، وَمُجَرَّدُ مُرُورِهِ بِغَيْرِ الْمَضْمُونِ لَا يَقْتَضِي سُقُوطَ ضَمَانِهِ لَا سِيَّمَا مَعَ مُرُورِهِ بَعْدُ عَلَى الْمَضْمُونِ وَهُوَ الْخَارِجُ، وَبِهَذَا الْأَخِيرِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَطَايَرَ مِنْ حَطَبٍ كَسَرَهُ فِي مِلْكِهِ، عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُ إطْلَاقِ الرَّوْضَةِ عَلَى التَّفْصِيلِ، وَلَا يُبَرَّأُ وَاضِعُ مِيزَابٍ وَجَنَاحٍ وَبَانِي جِدَارٍ مَائِلًا لِغَيْرِ مِلْكِهِ بِزَوَالِ مِلْكِهِ. نَعَمْ إنْ بَنَاهُ مَائِلًا لِمِلْكِ غَيْرِهِ عُدْوَانًا وَبَاعَهُ مِنْهُ وَسَلَّمَهُ لَهُ بَرِئَ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ، وَالْمُرَادُ بِالْوَاضِعِ وَالْبَانِي الْمَالِكُ الْآمِرُ لَا الصَّانِعُ؛ لِأَنَّهُ آلَةٌ، نَعَمْ إنْ كَانَتْ عَاقِلَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ غَيْرَهَا يَوْمَ الْوَضْعِ أَوْ الْبِنَاءِ اُخْتُصَّ الضَّمَانُ بِهِ (وَإِنْ) (بَنَى جِدَارَهُ مَائِلًا إلَى شَارِعٍ) أَوْ مَسْجِدًا وَمِلْكِ غَيْرَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَمِنْهُ السِّكَّةُ الَّتِي لَا تَنْفُذُ كَمَا مَرَّ (فَكَجَنَاحٍ) فَيَضْمَنُ الْكُلَّ إنْ حَصَلَ التَّلَفُ بِالْمَائِلِ وَالنِّصْفَ إنْ حَصَلَ بِالْكُلِّ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ بَنَاهُ مَائِلًا مِنْ أَصْلِهِ ضَمِنَ كُلَّ التَّالِفِ مُطْلَقًا وَهُوَ وَاضِحٌ، أَوْ إلَى مِلْكِهِ أَوْ مَوَاتٍ فَلَا ضَمَانَ لِثُبُوتِ التَّصَرُّفِ لَهُ كَيْفَ شَاءَ، وَمَا تَفَقَّهَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَلَكَهُ مُسْتَحِقُّ الْمَنْفَعَةِ لِلْغَيْرِ بِنَحْوِ إجَارَةٍ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَ هَوَاءً مُسْتَحَقًّا لِغَيْرِهِ مَرْدُودٌ، وَلِصَاحِبِ الْمِلْكِ مُطَالَبَةُ مَنْ مَالَ جِدَارُهُ إلَى مِلْكِهِ بِنَقْضِهِ أَوْ إصْلَاحِهِ كَأَغْصَانِ شَجَرَةٍ انْتَشَرَتْ إلَى هَوَاءِ مِلْكِهِ فَلَهُ طَلَبُ إزَالَتِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ لِعُذْرِهِ، وَقَوْلُهُ ضَمِنَ: أَيْ بِدِيَةِ الْخَطَأِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَتْلَفَ مَاؤُهُ شَيْئًا) أَيْ مَاءُ الْمِيزَابِ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ نِصْفَهُ إنْ كَانَ بَعْضُهُ فِي الْجِدَارِ إلَخْ) قَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ إنْ كَانَ الْمَاءُ يَخْرُجُ مِنْ السَّطْحِ وَيَمُرُّ مِنْ الْمِيزَابِ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى الطَّرِيقِ فَإِنَّ جَمِيعَ الْمَاءِ يَمُرُّ عَلَى الْخَارِجِ، أَمَّا إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ الْمَاءَ نَزَلَ بَعْضُهُ مِنْ الْمَطَرِ فِي دَاخِلِ الْمِيزَابِ وَبَعْضُهُ فِي خَارِجِهِ فَتَنْصِيفُ الضَّمَانِ ظَاهِرٌ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ الْآتِيَ: لَكِنْ أُطْلِقَ فِي الرَّوْضَةِ الضَّمَانُ بِالْمِيزَابِ إلَخْ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي التَّوَقُّفِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: فَالْقِيَاسُ التَّضْمِينُ أَيْضًا) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَضْمَنُ النِّصْفَ حَيْثُ جَرَى الْمَاءُ عَلَى الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ وَفِيهِ مَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّ مَا لَيْسَ مِنْهُ) أَيْ الْمِيزَابِ الَّذِي لَيْسَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَكِنْ أَطْلَقَ فِي الرَّوْضَةِ الضَّمَانَ بِالْمِيزَابِ) مُعْتَمَدٌ: أَيْ فَيَضْمَنُ التَّالِفَ بِمَائِهِ سَوَاءٌ خَرَجَ مِنْ الْمِيزَابِ عَنْ مِلْكِهِ شَيْءٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا الْأَخِيرِ) هُوَ قَوْلُهُ لَا سِيَّمَا مَعَ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَسَرَهُ فِي مِلْكِهِ حَيْثُ لَا ضَمَانَ) مَعَ أَنَّ كُلًّا تَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ، وَقَوْلُهُ سَلَّمَهُ أَيْ عَنْ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: بَرِئَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْبَرَاءَةِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ بِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ صَارَ يَسْتَحِقُّ إبْقَاءَهُ وَلَا يُكَلَّفُ هَدْمَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْ مِلْكِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْوَاضِعِ وَالْبَانِي الْمَالِكُ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَالِكِ أَعَمُّ مِنْ مَالِكِ الْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ حَيْثُ سَاغَ لَهُ إخْرَاجُ الْمِيزَابِ (قَوْلُهُ: اُخْتُصَّ الضَّمَانُ بِهِ) أَيْ الْآمِرِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ كُلَّ التَّالِفِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ تَلِفَ بِكُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَلَكَهُ) أَيْ الَّذِي أَخْرَجَ إلَيْهِ الْمِيزَابَ مَثَلًا، وَقَوْلُهُ مَرْدُودٌ، أَيْ بِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِهِ وَاسْتِحْقَاقُ غَيْرِهِ عَارِضٌ لَا اعْتِبَارَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلِصَاحِبِ الْمِلْكِ) وَخَرَجَ بِصَاحِبِ الْمِلْكِ الْحَاكِمُ فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ مَنْ مَالَ جِدَارُهُ إلَى الشَّارِعِ بِنَقْضِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَمِثْلُهُ بِالْأَوْلَى عَدَمُ مُطَالَبَةِ الْحَاكِمِ مَنْ مَالَ جِدَارُهُ إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: مَنْ مَالَ جِدَارُهُ إلَى مِلْكِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَمَرَهُ الْقَاضِي بِرَفْعِهِ بِأَنْ كَانَ يَرَاهُ (قَوْلُهُ: فَلَهُ طَلَبُ إزَالَتِهَا) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ فَلِصَاحِبِ الْمِلْكِ نَقْضُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQضَمَانَ الْكُلِّ بِسُقُوطِ الْبَعْضِ هُوَ الْأَصْلُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أُتْلِفَ مَاؤُهُ) أَيْ الْمِيزَابِ (قَوْلُهُ: بُرِئَ) أَيْ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ يَضْمَنُ لَهُ فَقَطْ فَحَيْثُ مَلَكَ الْجِدَارَ بَرِئَ هُوَ مِنْ عُهْدَتِهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ كَانَتْ عَاقِلَتُهُ إلَخْ.) اُنْظُرْ مَا مَوْقِعُ هَذَا الِاسْتِدْرَاكِ (قَوْلُهُ: اخْتَصَّ الضَّمَانُ بِهِ) أَيْ بِالْبَانِي مَثَلًا

لَكِنْ لَا ضَمَانَ فِيمَا تَلِفَ بِهِ (أَوْ) بِنَاءً (مُسْتَوِيًا فَمَالَ) إلَى مَمَرٍّ (وَسَقَطَ) وَأَتْلَفَ شَيْئًا حَالَ سُقُوطِهِ أَوْ بَعْدَهُ (فَلَا ضَمَانَ) إذْ الْمَيْلُ لَمْ يَحْصُلْ بِفِعْلِهِ (وَقِيلَ إنْ أَمْكَنَهُ هَدْمُهُ أَوْ إصْلَاحُهُ ضَمِنَ) لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْهَدْمِ وَالْإِصْلَاحِ، وَعَلَيْهِ فَيُتَّجَهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يُطَالَبَ بِهَدْمِهِ وَرَفْعِهِ أَمْ لَا (وَلَوْ) (سَقَطَ) مَا بَنَاهُ مُسْتَوِيًا وَمَالَ (بِالطَّرِيقِ فَعَثَرَ بِهِ شَخْصٌ أَوْ تَلِفَ) بِهِ (مَالٌ) (فَلَا ضَمَانَ) وَإِنْ أَمَرَهُ الْوَالِي بِرَفْعِهِ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ السُّقُوطَ لَمْ يَحْصُلْ بِفِعْلِهِ. وَالثَّانِي نَعَمْ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ رَفْعِ مَا سَقَطَ وَتَمَكَّنَ مِنْهُ، وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ تَبَعًا لِجَمْعٍ إنَّهُ لَوْ قَصَّرَ فِي رَفْعِهِ ضَمِنَ لِتَعَدِّيهِ بِالتَّأْخِيرِ رَأْيٌ ضَعِيفٌ وَلَوْ بَنَاهُ مَائِلًا إلَى الطَّرِيقِ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى نَقْضِهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلِلْمَارِّينَ نَقْضُهُ كَمَا قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ (وَلَوْ) (طُرِحَ قُمَامَاتٌ) بِضَمِّ الْقَافِ أَيْ كُنَاسَاتٍ (وَقُشُورٌ) نَحْوُ (بِطِّيخٍ) وَرُمَّانٍ (بِطَرِيقٍ) أَيْ شَارِعٍ (فَمَضْمُونٌ) بِالنِّسْبَةِ لِلْجَاهِلِ بِهَا (عَلَى الصَّحِيحِ) لِمَا مَرَّ فِي الْجَنَاحِ، وَلَوْ تَعَمَّدَ الْمَشْيَ عَلَيْهَا قَصْدًا فَلَا ضَمَانَ فِيهِ، نَعَمْ إنْ كَانَتْ فِي مُنْعَطَفٍ عَنْ الشَّارِعِ لَا يَحْتَاجُ الْمَارُّ إلَيْهِ أَصْلًا فَلَا ضَمَانَ بِهَا؛ لِأَنَّهُ اسْتِيفَاءُ مَنْفَعَةٍ مُسْتَحَقَّةٍ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ مُتَعَيَّنٌ وَالْغَزِّيُّ إنَّهُ حَقٌّ، وَكَلَامُ الْأَئِمَّةِ لَا يُخَالِفُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا وَإِنْ فُرِضَ عَدُّهُ مِنْ الشَّارِعِ فَالتَّقْصِيرُ مِنْ الْمَارِّ بِعُدُولِهِ إلَيْهِ فَيَسْقُطُ مَا لِلْبُلْقِينِيِّ هُنَا. وَالثَّانِي لَا ضَمَانَ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالْمُسَامَحَةِ فِي طَرْحِ مَا ذُكِرَ، وَخَرَجَ بِالشَّارِعِ مِلْكُهُ وَالْمَوَاتُ فَلَا ضَمَانَ فِيهِمَا مُطْلَقًا، وَبِطَرْحِهَا مَا لَوْ وَقَعَتْ بِنَفْسِهَا بِرِيحٍ أَوْ نَحْوِهِ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ قَصَّرَ فِي رَفْعِهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَخْذًا مِمَّا قَدَّمْنَاهُ، وَفِي الْإِحْيَاءِ أَنَّ مَا يُتْرَكُ بِأَرْضِ الْحَمَّامِ مِنْ نَحْوِ سِدْرٍ يَكُونُ ضَمَانُ مَا تَلِفَ بِهِ عَلَى وَاضِعِهِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، وَعَلَى الْحَمَّامِيِّ فِي الثَّانِي لِاعْتِيَادِ تَنْظِيفِهِ كُلَّ يَوْمٍ، وَخَالَفَهُ فِي فَتَاوِيهِ فَقَالَ: إنْ نَهَى الْحَمَّامِيُّ عَنْهُ ضَمِنَ الْوَاضِعُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَلَا رُجُوعَ لَهُ بِمَا يَغْرَمُهُ عَلَى النَّقْضِ ثُمَّ رَأَيْت الدَّمِيرِيِّ صَرَّحَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ فَيُتَّجَهُ) أَيْ عَلَى قَوْلِهِ وَقِيلَ إلَخْ. [فَرْعٌ] قَالَ ع: لَوْ اخْتَلَّ جِدَارُهُ فَطَلَعَ السَّطْحَ وَدَقَّ لِإِصْلَاحِهِ فَسَقَطَ عَلَى إنْسَانٍ، قَالَ الْبَغَوِيّ: إنْ سَقَطَ حَالَ الدَّقِّ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُ سم: حَالَ الدَّقِّ: أَيْ أَمَّا بَعْدَهُ، فَإِنْ كَانَ السُّقُوطُ مُتَرَتِّبًا عَلَى الدَّقِّ السَّابِقِ لِحُصُولِ خَلَلٍ بِهِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَنَاهُ مَائِلًا) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَنَاهُ مُسْتَوِيًا ثُمَّ مَالَ فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ كَمَا تَقَدَّمَ بِالْهَامِشِ عَنْ سم (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ) أَيْ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ طَرَحَ قُمَامَاتٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ الْقُمَامَاتِ مَا يَحْصُلُ فِي أَيَّامِ الْمَطَرِ إذَا حَصَلَ الْمَاءُ عَلَى بَعْضِ الْأَبْوَابِ فَنُحِّيَ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ فَيَجْرِي فِيهِ حُكْمُ الْقُمَامَاتِ فَيَضْمَنُ الْمُنَحِّي مَنْ تَلَفَ بِهِ حَيْثُ كَانَ جَاهِلًا وَلَمْ يَكُنْ فِي مُنْعَطَفٍ عَنْ الشَّارِعِ لَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمَارَّةُ، وَقَوْلُهُ وَقُشُورُ نَحْوِ بِطِّيخٍ بِكَسْرِ الْبَاءِ مَحَلِّيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَعَمَّدَ الْمَشْيَ عَلَيْهَا) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ لِلْجَاهِلِ بِهَا، فَلَوْ قَالَ: أَمَّا لَوْ تَعَمَّدَ الْمَشْيَ إلَخْ كَانَ أَوْلَى، وَقَوْلُهُ: مُسْتَحَقَّةٌ: أَيْ لِلْوَاضِعِ (قَوْلُهُ: فَالتَّقْصِيرُ مِنْ الْمَارِّ بِعُدُولِهِ إلَيْهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْدِلْ إلَيْهِ اخْتِيَارًا بَلْ لِلْعُرُوضِ زَحْمَةٌ أَلْجَأَتْهُ إلَيْهِ ضَمِنَ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ قَوْلِهِ أَوَّلًا نَعَمْ إنْ كَانَتْ فِي مُنْعَطَفٍ إلَخْ خِلَافُهُ فَلْيُرَاجَعْ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الضَّمَانِ مُطْلَقًا لِمَا عُلِّلَ بِهِ مِنْ اسْتِيفَائِهِ مَنْفَعَةً مُسْتَحَقَّةً لَهُ فَلَا ضَمَانَ فِيهِمَا مُطْلَقًا: أَيْ جَاهِلًا كَانَ أَوْ عَالِمًا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ دَعَاهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ كَالْكَلْبِ الْعَقُورِ (قَوْلُهُ: وَبِطَرْحِهَا مَا لَوْ وَقَعَتْ بِنَفْسِهَا) وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ الْمَالِكُ مَا لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى خِلَافِهِ (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا قَدَّمْنَاهُ) أَيْ فِي الْجِدَارِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ السُّقُوطَ لَمْ يَحْصُلْ بِفِعْلِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ نَحْوِ سِدْرٍ) وَمِنْهُ النُّخَامَةُ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ الْوَاضِعُ) أَيْ وَلَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: فَعَثَرَ) هُوَ بِتَثْلِيثِ الْمُثَلَّثَةِ فِي الْمَاضِي وَالْمُضَارِعِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْإِحْيَاءِ إلَخْ.) عِبَارَةُ الْإِحْيَاءِ حَسْبَمَا نَقَلَهُ الدَّمِيرِيِّ: إذَا اغْتَسَلَ إنْسَانٌ فِي الْحَمَّامِ وَتَرَكَ الصَّابُونَ أَوْ السِّدْرَ الْمُزَلِّقَيْنِ بِأَرْضِ الْحَمَّامِ فَتَزَلَّقَ بِهِ إنْسَانٌ وَتَلِفَ بِهِ عُضْوٌ، فَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَظْهَرُ بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ فَالضَّمَانُ عَلَى تَارِكِهِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، وَعَلَى الْحَمَّامِيِّ فِي الثَّانِي لِأَنَّ الْعَادَةَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَخَالَفَهُ فِي فَتَاوِيهِ) قَدْ يُقَالُ: لَا مُخَالَفَةَ لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ مَا فِي الْفَتَاوَى تَقْيِيدًا لِمَا فِي الْإِحْيَاءِ

وَكَذَا إنْ لَمْ يَأْذَنْ وَلَا نَهَى لَكِنْ جَاوَزَ فِي اسْتِكْثَارِهِ الْعَادَةَ وَهُوَ أَقْرَبُ (وَلَوْ) (تَعَاقَبَ سَبَبَا هَلَاكٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ هُوَ أَوْ عَاقِلَتِهِ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ الْمُهْلِكُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَاسِطَةِ الثَّانِي (بِأَنْ حَفَرَ) وَاحِدٌ بِئْرًا عُدْوَانًا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ؛ إذْ غَيْرُ الْعُدْوَانِ يُعْلَمُ بِالْأَوْلَى (وَضَعَ آخَرُ) أَهْلًا لِلضَّمَانِ قَبْلَ الْحَفْرِ أَوْ بَعْدَهُ (حَجَرًا) وَضْعًا (عُدْوَانًا) نَعْتٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ كَمَا قَرَّرْنَاهُ أَوْ حَالٌ بِتَأْوِيلِهِ بِمُتَعَدِّيًا (فَعُثِرَ بِهِ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ (وَوَقَعَ) الْعَاثِرُ (بِهَا) فَهَلَكَ (فَعَلَى الْوَاضِعِ) الَّذِي هُوَ السَّبَبُ الْأَوَّلُ؛ إذْ الْمُرَادُ بِهِ الْمُلَاقِي لِلتَّلَفِ أَوَّلًا لَا الْمَفْعُولُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ التَّعَثُّرَ هُوَ الَّذِي أَوْقَعَهُ فَكَأَنَّ وَاضِعَهُ أَخَذَهُ وَرَدَّاهُ فِيهَا، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَاضِعُ أَهْلًا فَسَيَأْتِي (فَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّ الْوَاضِعُ) الْأَهْلَ بِأَنْ وَضَعَهُ بِمِلْكِهِ وَحَفَرَ آخَرَ عُدْوَانًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَعَثَرَ شَخْصٌ وَوَقَعَ بِهَا (فَالْمَنْقُولُ تَضْمِينُ الْحَافِرِ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَعَدِّي، وَفَارَقَ حُصُولَ الْحَجَرِ عَلَى طَرَفِهَا بِنَحْوِ سَبُعٍ أَوْ حَرْبِيٍّ أَوْ سَيْلٍ بِأَنَّ الْوَاضِعَ هُنَا أَهْلٌ لِلضَّمَانِ فِي الْجُمْلَةِ فَإِذَا سَقَطَ عَنْهُ لِانْتِفَاءِ تَعَدِّيهِ تَعَيَّنَ شَرِيكُهُ، بِخِلَافِ السَّيْلِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ غَيْرُ أَهْلٍ لِلضَّمَانِ أَصْلًا فَسَقَطَ الضَّمَانُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَلَا يُنَافِي كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا بِمِلْكِهِ وَوَضَعَ آخَرُ فِيهَا سِكِّينًا فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ، أَمَّا الْمَالِكُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْوَاضِعُ فَلِأَنَّ السُّقُوطَ فِي الْبِئْرِ هُوَ الْمُفْضِي لِلسُّقُوطِ عَلَى السِّكِّينِ فَكَانَ الْحَافِرُ كَالْمُبَاشِرِ وَالْآخَرُ كَالْمُتَسَبِّبِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْجَوَابِ بِحَمْلِ مَا هُنَا عَلَى تَعَدِّي الْوَاقِعِ بِمُرُورِهِ أَوْ كَانَ النَّاصِبُ غَيْرَ مُتَعَدٍّ. نَعَمْ قَدْ تُشْكِلُ مَسْأَلَةُ السَّيْلِ وَنَحْوِهِ بِقَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ لَوْ بَرَزَتْ بَقْلَةٌ فِي الْأَرْضِ فَتَعَثَّرَ بِهَا مَارٌّ وَسَقَطَ عَلَى حَدِيدَةٍ مَنْصُوبَةٍ بِغَيْرِ حَقٍّ فَالضَّمَانُ عَلَى وَاضِعِ الْحَدِيدَةِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا شَاذٌّ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ أَوْ بِأَنَّ الْبَقْلَةَ لَمَّا كَانَتْ بَعِيدَةَ التَّأْثِيرِ فِي الْقَتْلِ فَزَالَ أَثَرُهَا بِخِلَافِ الْحَجَرِ، وَلَوْ كَانَ بِيَدِهِ سِكِّينٌ فَأَلْقَى رَجُلٌ رَجُلًا عَلَيْهَا فَهَلَكَ ضَمِنَهُ الْمُلْقِي لَا صَاحِبُ السِّكِّينِ إلَّا إنْ تَلَقَّاهُ بِهَا، وَلَوْ وَقَفَا عَلَى بِئْرٍ فَدَفَعَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَلَمَّا هَوَى جَذَبَ مَعَهُ الدَّافِعَ فَسَقَطَا فَمَاتَا، فَإِنْ جَذَبَهُ طَمَعًا فِي التَّخَلُّصِ وَكَانَتْ الْحَالُ تُوجِبُ ذَلِكَ فَهُمَا ضَامِنَانِ خِلَافًا لِلصَّيْمَرِيِّ، وَإِنْ جَذَبَهُ لَا لِذَلِكَ بَلْ لِإِتْلَافِ الْمَجْذُوبِ وَلَا طَرِيقَ لَهُ إلَّا خَلَاصُ نَفْسِهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ كَمَا لَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي الْيَوْمِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَعَاقَبَ سَبَبَا هَلَاكٍ) لَعَلَّهُ أَرَادَ بِالسَّبَبِ مَا لَهُ مَدْخَلٌ؛ لِأَنَّ الْحَفْرَ شَرْطٌ لَا سَبَبٌ اصْطِلَاحِيٌّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: هُوَ) أَيْ إنْ كَانَ التَّالِفُ مَالًا، وَقَوْلُهُ أَوْ عَاقِلَتِهِ: أَيْ إنْ كَانَ التَّالِفُ نَفْسًا (قَوْلُهُ: فَعَثَرَ) هُوَ بِفَتْحِ الثَّاءِ وَضَمِّهَا وَكَسْرِهَا وَالْأَشْهَرُ الْأَوَّلُ وَمُضَارِعُهُ مِثْلُهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَهُوَ ضَبْطٌ لَهُ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَوَضَعَ آخَرُ) أَيْ وَلَوْ تَعَدِّيًا كَمَا يَأْتِي، وَقَوْلُهُ فِيهَا سِكِّينًا: أَيْ وَتَرَدَّى بِهَا شَخْصٌ وَمَاتَ، وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ: أَيْ وَيَكُونُ الْوَاقِعُ هَدَرًا (قَوْلُهُ: غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ) أَيْ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاضِعِ الْحَدِيدَةِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ إلَّا إنْ تَلَقَّاهُ) أَيْ فَإِنْ تَلَقَّاهُ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: فَهُمَا ضَامِنَانِ) أَيْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةِ الْآخَرِ كَالْمُصْطَدَمِينَ (قَوْلُهُ: بَلْ لِإِتْلَافِ الْمَجْذُوبِ) أَيْ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِالْقَرِينَةِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي إطْلَاقِهِ ضَمَانَ الْوَاضِعِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ جَاوَزَ فِي إكْثَارِهِ الْعَادَةَ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُجَاوِزْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَانْظُرْ هَلْ يَضْمَنُ الْحَمَّامِيُّ حِينَئِذٍ، وَالظَّاهِرُ لَا، وَسَكَتَ عَمَّا إذَا أَذِنَهُ الْحَمَّامِيُّ فَانْظُرْ حُكْمَهُ (قَوْلُهُ: عُدْوَانًا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: عُدْوَانًا أَوْ لَا، لَكِنَّ قَوْلَهُ الْآتِيَ فَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ إلَخْ. يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ عُدْوَانًا رَاجِعٌ لِهَذَا أَيْضًا وَهُوَ مَا فِي أَصْلِهِ، وَلَا مَحْذُورَ فِيهِ لِأَنَّ غَيْرَ الْعُدْوَانِ يُفْهَمُ بِالْأَوْلَى انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: طَمَعًا فِي التَّخَلُّصِ وَكَانَتْ الْحَالُ تُوجِبُ ذَلِكَ) هَذَانِ قَيْدَانِ لِعَدَمِ الضَّمَانِ لَا لِلضَّمَانِ الَّذِي يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّيْمَرِيَّ يَقُولُ بِعَدَمِ الضَّمَانِ بِهَذَيْنِ الْقَيْدَيْنِ وَالشَّارِحُ يَخْتَارُ الضَّمَانَ وَلَوْ مَعَ الْقَيْدَيْنِ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَهُمَا غَايَةً بَعْدَ قَوْلِهِ فَهُمَا ضَامِنَانِ

تَجَارَحَا وَمَاتَا وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ كُلٍّ قَصَدْت الدَّفْعَ (وَلَوْ) (وَضَعَ حَجَرًا) عُدْوَانًا بِطَرِيقٍ مَثَلًا (وَ) وَضَعَ (آخَرَانِ حَجَرًا) كَذَلِكَ بِجَنْبِهِ (فَعُثِرَ بِهِمَا) (فَالضَّمَانُ أَثْلَاثٌ) وَإِنْ تَفَاوَتَ فِعْلُهُمْ نَظَرًا إلَى رُءُوسِهِمْ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَتْ الْجِرَاحَاتُ (وَقِيلَ) هُوَ (نِصْفَانِ) نِصْفٌ عَلَى الْوَاحِدِ وَنِصْفٌ عَلَى الْآخَرَيْنِ نَظَرًا لِلْحَجَرَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا الْمُهْلِكَانِ (وَلَوْ) (وَضَعَ حَجَرًا) عُدْوَانًا (فَعَثَرَ بِهِ رَجُلٌ فَدَحْرَجَهُ فَعَثَرَ بِهِ آخَرُ) فَهَلَكَ (ضَمِنَهُ الْمُدَحْرِجُ) الَّذِي هُوَ الْعَاثِرُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ انْتِقَالَهُ إنَّمَا هُوَ بِفِعْلِهِ (وَلَوْ) (عَثَرَ) مَاشٍ (بِقَاعِدٍ أَوْ نَائِمٍ أَوْ وَاقِفٍ بِطَرِيقٍ) لِغَيْرِ غَرَضٍ فَاسِدٍ (وَمَاتَا أَوْ أَحَدُهُمَا) (فَلَا ضَمَانَ) يَعْنِي عَلَى عَاقِلَةِ الْمَعْثُورِ بِهِ وَعَلَى عَاقِلَةِ الْعَاثِرِ ضَمَانُ الْمَعْثُورِ بِهِ لِتَقْصِيرِهِ سَوَاءٌ الْبَصِيرُ وَالْأَعْمَى (إنْ اتَّسَعَ الطَّرِيقُ) بِأَنْ لَمْ تَتَضَرَّرْ الْمَارَّةُ بِنَحْوِ النَّوْمِ فِيهِ أَوْ كَانَ بِمَوَاتٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ وَالْعَاثِرُ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الِاحْتِرَازِ فَهُوَ الْقَاتِلُ لِنَفْسِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ ضَاقَ الطَّرِيقُ أَوْ اتَّسَعَ وَوَقَفَ مَثَلًا لِغَرَضٍ فَاسِدٍ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ (فَالْمَذْهَبُ إهْدَارُ قَاعِدٍ وَنَائِمٍ) ؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ لِلطُّرُوقِ فَهُمَا الْمُقَصِّرَانِ بِالنَّوْمِ وَالْقُعُودِ وَالْمُهْلِكَانِ لِنَفْسَيْهِمَا (لَا عَاثِرٌ بِهِمَا) بَلْ عَلَيْهِمَا أَوْ عَلَى عَاقِلَتِهَا بَدَلُهُ (وَضَمَانُ وَاقِفٍ) لِاحْتِيَاجِ الْمَارِّ لِلْوُقُوفِ كَثِيرًا فَهُوَ مِنْ مَرَافِقِ الطَّرِيقِ (لَا عَاثِرٍ بِهِ) إذْ لَا حَرَكَةَ مِنْهُ فَالْهَلَاكُ حَصَلَ بِحَرَكَةِ الْمَاشِي، وَمَحَلُّ إهْدَارِ الْقَاعِدِ وَنَحْوِهِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إذَا كَانَ فِي مَتْنِ الطَّرِيقِ وَنَحْوِهِ، أَمَّا لَوْ كَانَ بِمُنْعَطَفٍ وَنَحْوِهِ بِحَيْثُ لَا يُنْسَبُ إلَى تَعَدٍّ، وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا، وَلَوْ وُجِدَ مِنْ الْوَاقِفِ فِعْلٌ بِأَنْ انْحَرَفَ لِلْمَاشِي لَمَّا قَرُبَ مِنْهُ فَأَصَابَهُ فِي انْحِرَافِهِ وَمَاتَا فَكَمَاشِيَيْنِ اصْطَدَمَا وَسَيَأْتِي، وَلَوْ عَثَرَ بِجَالِسٍ بِمَسْجِدٍ لِمَا لَا يُنَزَّهُ عَنْهُ ضَمِنَهُ الْعَاثِرُ وَهُدِرَ، كَمَا لَوْ جَلَسَ بِمِلْكِهِ فَعَثَرَ بِهِ مَنْ دَخَلَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَنَائِمٍ بِهِ مُعْتَكِفًا كَجَالِسٍ وَجَالِسٌ لِمَا يُنَزَّهُ عَنْهُ وَنَائِمٌ مُعْتَكِفٌ كَقَائِمٍ بِطَرِيقٍ فَيُفْصَلُ فِيهِ بَيْنَ وَاسِعٍ وَضَيِّقٍ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي ضَمَانُ كُلٍّ مِنْهُمْ. وَالثَّالِثُ ضَمَانُ الْعَاثِرِ، وَإِهْدَارُ الْمَعْثُورِ بِهِ. وَالرَّابِعُ عَكْسُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــSوَاخْتَلَفَ وَارِثَاهُمَا فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ وَرَثَةِ الْجَاذِبِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالَتِهِ أَنَّهُ قَصَدَ خَلَاصَ نَفْسِهِ، وَقَوْلُهُ: بِمِثْلِ ذَلِكَ: أَيْ الْجَذْبِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ كُلٍّ) أَيْ بِأَنْ قَالَاهُ قَبْلَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: فَعَثَرَ بِهِ آخَرُ فَهَلَكَ) قَالَ الْبَغَوِيّ وَلَوْ كَانَ هُوَ الْوَاضِعَ لِلْحَجَرِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ انْتِقَالَهُ إنَّمَا هُوَ بِفِعْلِهِ) قَدْ يُخْرِجُ مَا لَوْ تَدَحْرَجَ الْحَجَرُ إلَى مَحَلٍّ ثُمَّ رَجَعَ إلَى مَوْضِعِهِ الْأَوَّلِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِيهِ: إنْ كَانَ رُجُوعُهُ لِلْمَحَلِّ الْأَوَّلِ نَاشِئًا مِنْ الدَّحْرَجَةِ كَأَنْ دَفَعَهُ إلَى مَحَلٍّ مُرْتَفِعٍ فَرَجَعَ مِنْهُ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُدَحْرِجِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَاشِئًا مِنْهُ كَأَنْ رَجَعَ بَعْدَ اسْتِقْرَارِهِ فِي الْمَحَلِّ الثَّانِي بِنَحْوِ هِرَّةٍ أَوْ رِيحٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ (قَوْلُهُ: وَمَاتَا) أَيْ الْعَاثِرُ وَالْمَعْثُورُ بِهِ (قَوْلُهُ: فَالْمَذْهَبُ إهْدَارُ قَاعِدٍ وَنَائِمٍ) أَيْ وَوَاقِفٍ لِغَرَضٍ فَاسِدٍ وَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهُ (قَوْلُهُ: فِي مَتْنِ الطَّرِيقِ) أَيْ وَسَطِ الطَّرِيقِ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يُنْسَبُ إلَى تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا) أَيْ وَيُهْدَرُ الْمَاشِي (قَوْلُهُ: لِمَا لَا يُنَزَّهُ عَنْهُ) أَيْ يُصَانُ عَنْهُ كَاعْتِكَافٍ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: وَهُدِرَ) أَيْ الْعَاثِرُ سَوَاءٌ أَكَانَ أَعْمَى أَوْ بَصِيرًا (قَوْلُهُ: مَنْ دَخَلَهُ) أَيْ دَخَلَ مِلْكَهُ، وَقَوْلُهُ مُعْتَكِفًا يَنْبَغِي أَنْ يُصَدَّقَ فِي الِاعْتِكَافِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ وَيَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ كُلٍّ قَصَدْت الدَّفْعَ) أَيْ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ أَعْنِي مَا لَوْ تَجَارَحَا وَمَاتَا (قَوْلُهُ: بَلْ عَلَيْهِمَا) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْعَاثِرُ نَحْوَ عَبْدٍ أَوْ بَهِيمَةٍ.

[فصل في الاصطدام ونحوه مما يوجب الاشتراك في الضمان وما يذكر مع ذلك]

(فَصْلٌ) فِي الِاصْطِدَامِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُوجِبُ الِاشْتِرَاكَ فِي الضَّمَانِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَ ذَلِكَ إذَا (اصْطَدَمَا) أَيْ كَامِلَانِ مَاشِيَانِ أَوْ رَاكِبَانِ مُقْبِلَانِ أَوْ مُدْبِرَانِ أَوْ مُخْتَلِفَانِ (بِلَا قَصْدٍ) لِنَحْوِ ظُلْمَةٍ فَمَاتَا (فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ نِصْفُ دِيَةٍ مُخَفَّفَةٍ) لِوَارِثِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا هَلَكَ بِفِعْلِهِ وَبِفِعْلِ صَاحِبِهِ فَهُدِرَ مَا قَابَلَ فِعْلَهُ، وَهُوَ النِّصْفُ كَمَا لَوْ جَرَحَ نَفْسَهُ وَجَرَحَهُ آخَرُ فَمَاتَ بِهِمَا، وَإِنَّمَا كَانَ الْوَاجِبُ مُخَفَّفًا عَلَى الْعَاقِلَةِ؛ لِأَنَّهُ خَطَأٌ مَحْضٌ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ لَمْ يَقْدِرْ الرَّاكِبُ عَلَى ضَبْطِهَا، وَمَا لَوْ قَدَرَ وَغَلَبَتْهُ وَقَطَعَتْ الْعِنَانَ الْوَثِيقَ وَمَا لَوْ كَانَ مُضْطَرًّا إلَى رُكُوبِهَا (وَإِنْ قَصَدَا) الِاصْطِدَامَ (فَنِصْفُهَا مُغَلَّظَةً) عَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ؛ لِأَنَّهُ شِبْهُ عَمْدٍ لَا عَمْدٌ لِعَدَمِ إفْضَاءِ الِاصْطِدَامِ لِلْهَلَاكِ غَالِبًا، نَعَمْ لَوْ ضَعُفَ أَحَدُ الْمَاشِيَيْنِ بِحَيْثُ يُقْطَعُ بِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِحَرَكَتِهِ مَعَ حَرَكَةِ الْآخَرِ هُدِرَ الْقَوِيُّ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَةُ الضَّعِيفِ نَظِيرَ مَا يَأْتِي (أَوْ) قَصَدَ (أَحَدُهُمَا) فَقَطْ الِاصْطِدَامَ (فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ) فَعَلَى عَاقِلَةِ الْقَاصِدِ نِصْفُ دِيَةٍ مُغَلَّظَةٍ، وَغَيْرُهُ نِصْفُهَا مُخَفَّفَةً (وَالصَّحِيحُ أَنَّ عَلَى كُلٍّ كَفَّارَتَيْنِ) كَفَّارَةً لِقَتْلِ نَفْسِهِ وَأُخْرَى لِقَتْلِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَجَزَّأُ وَتَجِبُ عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ. وَالثَّانِي كَفَّارَةٌ بِنَاءً عَلَى تَجَزُّئِهَا (وَإِنْ مَاتَا مَعَ مَرْكُوبِهِمَا فَكَذَلِكَ) الْحُكْمُ فِي الدِّيَةِ وَالْكَفَّارَةِ (وَفِي) مَالِ كُلٍّ إنْ عَاشَا وَإِلَّا فَفِي (تَرِكَةِ كُلٍّ) مِنْهُمَا إنْ كَانَا مِلْكَيْنِ لِلرَّاكِبَيْنِ (نِصْفُ قِيمَةِ دَابَّةِ الْآخَرِ) أَيْ مَرْكُوبِهِ وَإِنْ غَلَبَاهُمَا وَالْبَاقِي هَدَرٌ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي إتْلَافِ الدَّابَّتَيْنِ فَوُزِّعَ الْبَدَلُ عَلَيْهِمَا، ثُمَّ مَحَلُّ ذَلِكَ كُلِّهِ إذَا لَمْ تَكُنْ إحْدَى الدَّابَّتَيْنِ ضَعِيفَةً بِحَيْثُ يُقْطَعُ بِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِحَرَكَتِهَا مَعَ قُوَّةِ الْأُخْرَى، فَإِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِحَرَكَتِهَا حُكْمٌ كَغَرْزِ الْإِبْرَةِ فِي جِلْدَةِ الْعَقِبِ مَعَ الْجِرَاحَاتِ الْعَظِيمَةِ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: سَوَاءٌ أَكَانَ أَحَدُ الرَّاكِبَيْنِ عَلَى فِيلٍ وَالْآخَرُ عَلَى كَبْشٍ. لِأَنَّا لَا نَقْطَعُ بِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِحَرَكَةِ الْكَبْشِ مَعَ حَرَكَةِ الْفِيلِ، ـــــــــــــــــــــــــــــS (فَصْلٌ) فِي الِاصْطِدَامِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: فِي الِاصْطِدَامِ) لَا يُقَالُ: هَذَا لَيْسَ فِي تَرْجَمَةِ الْبَابِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: هُوَ مِنْ جُمْلَةِ مُوجِبَاتِ الدِّيَةِ وَقَوْلُهُ وَنَحْوُهُ كَحَجَرِ الْمَنْجَنِيقِ (قَوْلُهُ: وَمَا يُذْكَرُ مَعَ ذَلِكَ) كَشَرَفِ السَّفِينَةِ عَلَى الْغَرَقِ (قَوْلُهُ: أَيْ كَامِلَانِ) بِأَنْ كَانَا بَالِغَيْنِ عَاقِلَيْنِ حُرَّيْنِ فُسِّرَ بِهِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَصَبِيَّانِ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى ضَبْطِهَا) أَيْ الدَّابَّةِ (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ كَانَ مُضْطَرًّا) أَيْ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْكُلِّ (قَوْلُهُ: فَنِصْفُهَا مُغَلَّظَةٌ) أَيْ بِالتَّثْلِيثِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ ضَعُفَ) يَنْبَغِي رُجُوعُ هَذَا الِاسْتِدْرَاكِ لِكُلٍّ مِنْ الْقَصْدِ وَعَدَمِهِ لَكِنَّهُ فِي الْقَصْدِ شِبْهُ عَمْدٍ وَفِي غَيْرِهِ خَطَأٌ (قَوْلُهُ: وَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَةٌ) أَيْ دِيَةُ شِبْهِ عَمْدٍ (قَوْلُهُ: أَوْ قَصَدَ أَحَدُهُمَا) أَيْ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِالْقَرَائِنِ (قَوْلُهُ: وَالصَّحِيحُ أَنَّ عَلَى كُلٍّ كَفَّارَتَيْنِ) أَيْ سَوَاءٌ قَصَدَ الِاصْطِدَامَ أَمْ لَا، وَقَوْلُهُ: وَتَجِبُ عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ مِنْ تَتِمَّةِ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى تَجَزُّئِهَا) قَالَ الْمَحَلِّيُّ بَعْدَ مَا ذُكِرَ: وَإِنْ قُلْنَا لَا كَفَّارَةَ عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ فَوَاحِدَةٌ عَلَى الْأَوَّلِ وَنِصْفُهَا عَلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَالْآخَرُ عَلَى كَبْشٍ) أَيْ أَوْ الْآخَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي الِاصْطِدَامِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُوجِبُ الِاشْتِرَاكَ فِي الضَّمَانِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَ ذَلِكَ] (فَصْلٌ) فِي الِاصْطِدَامِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُدْبِرَانِ) أَيْ بِأَنْ كَانَا مَاشِيَيْنِ الْقَهْقَرَى كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَقْطَعُ) صَوَابُهُ لَا نَقْطَعُ بِإِثْبَاتِ لَا قَبْلَ نَقْطَعُ ثُمَّ إبْدَالُ الْفَاءِ فِي قَوْلِهِ الْآتِي، فَالْمُرَادُ بِلَفْظِ أَوْ إذْ هُمَا جَوَابَانِ مُسْتَقِلَّانِ أَجَابَ بِالْأَوَّلِ مِنْهُمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَنَقَلَ الثَّانِي وَالِدُ الشَّارِحِ فِي حَوَاشِيهِ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ الْأَوَّلِ مَنَعَ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِحَرَكَةِ الْكَبْشِ مَعَ حَرَكَةِ الْفِيلِ إذْ الْمَدَارُ عَلَى وُجُودِ حَرَكَةٍ وَلَوْ ضَعِيفَةً حَيْثُ لَهَا بَعْضُ تَأْثِيرٍ. وَحَاصِلُ الثَّانِي تَسْلِيمُ أَنْ لَا حَرَكَةَ لَهُ مَعَهُ لَكِنَّ الشَّافِعِيَّ

فَالْمُرَادُ بِذَلِكَ الْمُبَالَغَةُ فِي التَّصْوِيرِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ يَأْتِي فِي الْمَاشِيَيْنِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ. أَمَّا الْمَمْلُوكُ لِغَيْرِهِمَا كَالْمُعَارَيْنِ وَالْمُسْتَأْجِرَيْنِ فَلَا يُهْدَرُ مِنْهُمَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْمُعَارَ وَنَحْوَهُ مَضْمُونٌ، وَكَذَا الْمُسْتَأْجَرُ وَنَحْوُهُ إذَا أَتْلَفَهُ ذُو الْيَدِ أَوْ فَرَّطَ فِيهِ، وَيَضْمَنُ أَيْضًا كُلٌّ مِنْهُمَا نِصْفَ مَا عَلَى الدَّابَّةِ مِنْ مَالِ الْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ تَجَاذَبَا حَبْلًا لَهُمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا فَانْقَطَعَ وَسَقَطَ وَمَاتَا فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةِ الْآخَرِ وَهُدِرَ الْبَاقِي، فَإِنْ قَطَعَهُ غَيْرُهُمَا فَمَاتَا فَدِيَتُهُمَا عَلَى عَاقِلَتِهِ، أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بِإِرْخَاءِ الْآخَرِ الْحَبْلَ فَنِصْفُ دِيَتِهِ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَإِنْ كَانَ الْحَبْلُ لِأَحَدِهِمَا وَالْآخَرُ ظَالِمٌ هُدِرَ الظَّالِمُ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ نِصْفُ دِيَةِ الْمَالِكِ، وَلَوْ ذَهَبَ لِيَقُومَ فَأَخَذَ غَيْرُهُ بِثَوْبِهِ لِيَقْعُدَ فَتَمَزَّقَ بِفِعْلِهِمَا لَزِمَهُ نِصْفُ قِيمَتِهِ، وَكَذَا لَوْ مَشَى عَلَى نَعْلٍ مَاشٍ فَانْقَطَعَ بِفِعْلِهِمَا كَمَا يَأْتِي (وَصَبِيَّانِ أَوْ مَجْنُونَانِ كَكَامِلَيْنِ) فِي تَفْصِيلِهِمَا الْمَذْكُورِ وَمِنْهُ وُجُوبُ الدِّيَةِ مُغَلَّظَةً إنْ كَانَ لَهُمَا نَوْعُ تَمْيِيزٍ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ عَمْدَهُمَا حِينَئِذٍ عَمْدٌ (وَقِيلَ إنْ أَرْكَبَهُمَا الْوَلِيُّ) لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ (تَعَلَّقَ بِهِ) أَوْ بِعَاقِلَتِهِ (الضَّمَانُ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ، وَجَوَازُهُ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ إنْ أَرْكَبَهُمَا لِمَصْلَحَتِهِمَا وَإِلَّا لَامْتَنَعَ الْأَوْلِيَاءُ مِنْ تَعَاطِي مَصَالِحِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِمْ، نَعَمْ إنْ أَرْكَبَهُ مَا يُعْجَزُ عَنْ ضَبْطِهَا عَادَةً لِكَوْنِهَا جَمُوحًا أَوْ شَرِسَةً أَوْ لِكَوْنِهِ ابْنَ سَنَةٍ مَثَلًا ضَمِنَهُ، وَهُوَ هُنَا وَلِيُّ الْحَضَانَةِ الذَّكَرُ لَا وَلِيُّ الْمَالِ عَلَى مَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ، لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: يُشْبِهُ أَنَّهُ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ تَأْدِيبِهِ مِنْ أَبٍ وَغَيْرِهِ حَاضِنٍ وَغَيْرِهِ، وَفِي الْخَادِمِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ وَلِيُّ الْمَالِ وَالثَّانِي أَوْجَهُ (وَلَوْ أَرْكَبَهُمَا أَجْنَبِيٌّ) بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ وَلَوْ لِمَصْلَحَتِهِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى نَحْوِ فِيلٍ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ) هَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ السَّابِقُ نَعَمْ لَوْ ضَعُفَ أَحَدُ الْمَاشِيَيْنِ إلَخْ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ كَلَامَ الْأَصْحَابِ مَفْرُوضٌ فِي الدَّابَّتَيْنِ فَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ هُنَا وَمِثْلُ ذَلِكَ عَلَى بَيَانِ مَأْخَذِ حُكْمِ الْمَاشِيَيْنِ، وَقَدْ يُشْعِرُ بِهَذَا قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمَمْلُوكُ) أَيْ الْمَرْكُوبُ الْمَمْلُوكُ إلَخْ، وَفِي نُسَخٍ الْمَمْلُوكَةُ، وَمَا فِي الْأَصْلِ هُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ بَعْدَ الْمُعَارِينَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَضْمَنُ أَيْضًا كُلٌّ مِنْهُمَا نِصْفَ مَا عَلَى الدَّابَّةِ إلَخْ) أَيْ يَسْتَقِرُّ ضَمَانُ النِّصْفِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا، وَلَا يَكُونُ طَرِيقًا فِي ضَمَانِ الْآخَرِ عَلَى مَا اسْتَقَرَّ بِهِ سم عَلَى مَنْهَجٍ فِيمَا لَوْ كَانَتَا مُسْتَأْجَرَتَيْنِ وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي فِي الْمَلَّاحَيْنِ حَيْثُ كَانَ فِي السَّفِينَةِ مَالٌ لِأَجْنَبِيٍّ مِنْ تَخْيِيرِ الْمَالِكِ بَيْنَ مُطَالَبَةِ كُلٍّ بِجَمِيعِ مَالِهِ أَوْ بِنِصْفِهِ عَلَى مَا يَأْتِي فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَلَّاحَيْنِ طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ اسْتِقْرَابِهِ مَا مَرَّ: إنَّ احْتِمَالَ كَوْنِ كُلٍّ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ فِي السَّفِينَتَيْنِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةٍ) أَيْ شِبْهِ عَمْدٍ، وَقَوْلُهُ فَدِيَتُهُمَا عَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَةُ شِبْهِ عَمْدٍ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَنِصْفُ دِيَتِهِ) شِبْهُ عَمْدِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى عَاقِلَتِهِ) أَيْ الظَّالِمِ، وَقَوْلُهُ نِصْفُ دِيَةِ شِبْهِ عَمْدٍ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ مَشَى عَلَى نَعْلٍ) وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي أَنَّهُ بِفِعْلِهِمَا أَوْ بِفِعْلِ الْمَاشِي وَحْدَهُ لِيَكُونَ عَلَيْهِ ضَمَانُ الْجَمِيعِ فَيُحْتَمَلُ تَصْدِيقُ الْمَاشِي؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِمَّا زَادَ عَلَى النِّصْفِ (قَوْلُهُ: كَكَامِلَيْنِ) أَيْ، وَإِنْ أَرْكَبَهُمَا الْوَلِيُّ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهَا جَمُوحًا) أَيْ تَغْلِبُ رَاكِبَهَا، وَفِي الْمُخْتَارِ: رَجُلٌ شَرِسٌ سَيِّئُ الْخُلُقِ، وَعَلَيْهِ فَالْجَمُوحُ وَالشَّرِسَةُ مُتَسَاوِيَانِ أَوْ مُتَقَارِبَانِ (قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ) أَيْ وَلَزِمَهُ كَفَّارَتَانِ م ر (قَوْلُهُ: مِنْ أَبٍ وَغَيْرِهِ) وَمِنْهُ الْأُمُّ حَيْثُ فَعَلَتْ ذَلِكَ لِمَصْلَحَةٍ عِنْدَ غَيْبَةِ الْوَلِيِّ وَالْمُعَلِّمِ وَالْفَقِيهِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي أَوْجَهُ) أَيْ قَوْلُهُ: إنَّهُ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ تَأْدِيبِهِ إلَخْ وَهُوَ مِنْ كَلَامِ م ر، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ أَرْكَبَهُمَا أَجْنَبِيٌّ: أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ إلَّا الْمُبَالَغَةَ فِي أَنَّهُ مَتَى وُجِدَ لِأَحَدِهِمَا حَرَكَةٌ وَلَوْ ضَعِيفَةً جِدًّا وَلَمْ يُرِدْ حَقِيقَةَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ يَأْتِي فِي الْمَاشِيَيْنِ) هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ الْمَارِّ، نَعَمْ لَوْ ضَعُفَ أَحَدُ الْمَاشِيَيْنِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي أَوْجَهُ) يَحْتَمِلُ الثَّانِي مِنْ كَلَامَيْ الزَّرْكَشِيّ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي التُّحْفَةِ، وَيَحْتَمِلُ الثَّانِيَ مِنْ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ الَّذِي هُوَ كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ الْأَوَّلُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي حَاشِيَةِ الزِّيَادِيِّ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَلَوْ أَرْكَبَهُمَا أَجْنَبِيٌّ) وَمِنْهُ الْوَلِيُّ إذَا أَرْكَبَهُمَا لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ كَمَا هُوَ

(ضَمِنَهُمَا وَدَابَّتَيْهِمَا) لِتَعَدِّيهِ فَيَضْمَنُهُمَا عَاقِلَتُهُ وَيَضْمَنُ هُوَ دَابَّتَيْهِمَا فِي مَالِهِ وَسَوَاءٌ أَتَعَمَّدَ الصَّبِيُّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَمْ لَا، وَإِنْ قُلْنَا عَمْدُهُ عَمْدٌ خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْوَسِيطِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ أَنَّ ضَمَانَ الْمَرْكَبِ بِذَلِكَ ثَابِتٌ وَإِنْ كَانَ الصَّبِيَّانِ مِمَّنْ يَضْبِطَانِ الْمَرْكُوبَ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ اقْتَضَى نَصُّ الْأُمِّ أَنَّهُمَا حِينَئِذٍ كَمَا لَوْ رَكِبَا بِأَنْفُسِهِمَا وَجَزَمَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ (أَوْ) اصْطَدَمَ (حَامِلَانِ وَأُسْقِطَتَا) وَمَاتَتَا (فَالدِّيَةُ كَمَا سَبَقَ) مِنْ أَنَّ عَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ نِصْفَ دِيَةِ الْأُخْرَى (وَعَلَى كُلٍّ أَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ عَلَى الصَّحِيحِ) وَاحِدَةٌ لِنَفْسِهَا وَأُخْرَى لِجَنِينِهَا وَأُخْرَيَانِ لِنَفْسِ الْأُخْرَى وَجَنِينِهَا لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي إهْلَاكِ أَرْبَعَةِ أَنْفُسٍ. وَالثَّانِي كَفَّارَتَانِ بِنَاءً عَلَى التَّجَزُّؤِ، وَإِنْ قُلْنَا لَا كَفَّارَةَ عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ فَثَلَاثٌ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَثَلَاثَةُ أَنْصَافٍ عَلَى الثَّانِي (وَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ نِصْفُ غُرَّتَيْ جَنِينِهِمَا) ؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ إذَا جَنَتْ عَلَى نَفْسِهَا فَأُجْهِضَتْ لَزِمَ عَاقِلَتَهَا الْغُرَّةُ كَمَا لَوْ جَنَتْ عَلَى أُخْرَى وَإِنَّمَا لَمْ يُهْدَرْ مِنْ الْغُرَّةِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْجَنِينَ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُمَا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَتَا مُسْتَوْلَدَتَيْنِ وَالْجَنِينَانِ مِنْ سَيِّدَيْهِمَا سَقَطَ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ غُرَّةِ جَنِينِ مُسْتَوْلَدَتِهِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ، إلَّا إذَا كَانَ لِلْجَنِينِ جَدَّةٌ لِأُمٍّ وَكَانَتْ قِيمَةُ كُلٍّ تَحْتَمِلُ نِصْفَ غُرَّةٍ فَأَكْثَرَ؛ إذْ السَّيِّدُ لَا يَلْزَمُهُ الْفِدَاءُ إلَّا بِالْأَقَلِّ كَمَا يَأْتِي فَلَهَا السُّدُسُ وَقَدْ أُهْدِرَ النِّصْفُ لِأَجْلِ عَدَمِ اسْتِحْقَاقِ سَيِّدَتَيْهِمَا أَرْشَ جِنَايَتِهِمَا فَيُتَمَّمُ لَهَا السُّدُسُ مِنْ مَالِهِ. لَا يُقَالُ عِبَارَتُهُ تُوهِمُ تَعَيُّنَ وُجُوبِ قِنٍّ نِصْفُهُ لِهَذَا وَنِصْفُهُ لِهَذَا، فَلَوْ قَالَ: نِصْفُ غُرَّةٍ لِهَذَا وَنِصْفُهَا لِهَذَا لَأَفَادَ جَوَازَ تَسْلِيمِ نِصْفٍ عَنْ هَذَا وَنِصْفٍ عَنْ هَذَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: إنْ تَسَاوَتْ الْغُرَّتَانِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ صُدِّقَ نِصْفُهُمَا عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا، وَإِلَّا لَمْ يُصَدَّقْ النِّصْفُ حَقِيقَةً إلَّا عَلَى نِصْفٍ مِنْ هَذَا وَنِصْفٍ مِنْ هَذَا فَلَا إيهَامَ وَلَا اعْتِرَاضَ (أَوْ) اصْطَدَمَ (عَبْدَانِ) اتَّفَقَتْ قِيمَتُهُمَا أَمْ لَا وَمَاتَا (فَهَدَرٌ) ؛ لِأَنَّ جِنَايَةَ الْقِنِّ مُتَعَلِّقَةٌ بِرَقَبَتِهِ وَقَدْ فَاتَتْ، نَعَمْ إنْ امْتَنَعَ بَيْعُهُمَا كَابْنَيْ مُسْتَوْلَدَتَيْنِ أَوْ مَوْقُوفَتَيْنِ أَوْ مَنْذُورٍ عِتْقُهُمَا لَمْ يُهْدَرَا؛ لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ كَالْمُسْتَوْلَدَتَيْنِ، وَلَوْ كَانَا مَغْصُوبَيْنِ لَزِمَ الْغَاصِبَ فِدَاؤُهُمَا، وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ أَيْضًا مَا إذَا أَوْصَى أَوْ وَقَفَ لِأَرْشٍ مَا يَجْنِيهِ الْعَبْدَانِ. قَالَ: فَيُصْرَفُ لِسَيِّدِ كُلِّ عَبْدٍ نِصْفُ قِيمَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَلَوْ كَانَ صَبِيًّا (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ لِتَعَدِّيهِ بِإِرْكَابِهِمَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ قُلْنَا لَا كَفَّارَةَ عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: سَقَطَ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ السَّيِّدَيْنِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حَقُّهُ) أَيْ وَهُوَ لَوْ وَجَبَ لَوَجَبَ عَلَيْهِ وَالشَّخْصُ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: وَكَانَتْ قِيمَةُ كُلٍّ) أَيْ مِنْ الْجَارِيَتَيْنِ (قَوْلُهُ: فَيُتَمِّمُ لَهَا السُّدُسَ) أَيْ فَتَأْخُذُ نِصْفَهُ مِنْ سَيِّدِ بِنْتِهَا وَنِصْفَهُ مِنْ سَيِّدِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: لَا يُقَالُ عِبَارَتُهُ تُوهِمُ تَعَيُّنَ وُجُوبِ قِنٍّ نِصْفُهُ) صَوَابُهُ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ لَفْظِ قِنٍّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُهُ إلَخْ، وَعِبَارَةُ ع: قِيلَ هَذِهِ الْعِبَارَةُ تَقْتَضِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ عَبْدٌ نِصْفُهُ لِهَذَا، وَنِصْفُهُ لِهَذَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ فَرَّقَ النِّصْفَيْنِ أَجْزَأَ (قَوْلُهُ: إنْ تَسَاوَتْ الْغُرَّتَانِ) أَيْ بِأَنْ اتَّفَقَ دَيْنُ أُمِّهِمَا (قَوْلُهُ: لَمْ يُهْدَرَا) أَيْ فَعَلَى سَيِّدِ كُلٍّ الْأَقَلُّ مِنْ نِصْفِ قِيمَةِ كُلٍّ وَأَرْشُ جِنَايَتِهِ عَلَى الْآخَرِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: لَزِمَ الْغَاصِبَ فِدَاؤُهُمَا) أَيْ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ: مَا إذَا أَوْصَى) أَيْ شَخْصٌ وَقَوْلُهُ أَوْ وَقَفَ وَانْظُرْ مَا لَوْ كَانَ الْوَاقِفُ مَيِّتًا وَلَا تَرِكَةَ لَهُ اهـ سم عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQظَاهِرٌ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: جَدَّةٌ لِأُمٍّ) وَلَا يُتَصَوَّرُ إرْثُ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: تَحْتَمِلُ نِصْفَ غُرَّةٍ) أَيْ فَإِنْ لَمْ تَحْتَمِلْ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا قَدْرُ قِيمَتِهَا، فَيَكُونُ مَا يَخُصُّ الْجَدَّةَ أَقَلُّ مِنْ سُدُسِ الْغُرَّةِ وَمَا عَلَى سَيِّدِ بِنْتِهَا مِنْهُ أَقَلُّ مِنْ نِصْفِ السُّدُسِ (قَوْلُهُ: فَيَتِمُّ لَهَا السُّدُسُ) لِأَنَّ جِنَايَتَهَا إنَّمَا تُهْدَرُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَيْهَا شَيْءٌ لَا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ كَالْجَدَّةِ فَلَهَا نِصْفُ السُّدُسِ مِنْ النِّصْفِ الَّذِي لَزِمَ سَيِّدَ الْأُخْرَى وَنِصْفُ السُّدُسِ عَلَى سَيِّدِ بِنْتِهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَقُولُ إلَخْ.) نَازَعَ فِيهِ سم (قَوْلُهُ: مَغْصُوبَيْنِ) أَيْ مَعَ غَاصِبَيْنِ اثْنَيْنِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: لَزِمَ الْغَاصِبَ فِدَاؤُهُمَا) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَيْضًا تَمَامُ قِيمَةِ

عَبْدِهِ. قَالَ: وَهَذَا وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ فِقْهُهُ وَاضِحٌ، أَمَّا لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَنِصْفُ قِيمَتِهِ فِي رَقَبَةِ الْحَيِّ أَوْ اصْطَدَمَ عَبْدٌ وَحُرٌّ فَمَاتَ الْعَبْدُ فَنِصْفُ قِيمَتِهِ عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ، وَيُهْدَرُ الْبَاقِي، أَوْ مَاتَ الْحُرُّ فَنِصْفُ دِيَتِهِ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ، وَإِنْ مَاتَا فَنِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ وَيَتَعَلَّقُ بِهِ نِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ وَلِوَرَثَتِهِ مُطَالَبَةُ الْعَاقِلَةِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ لِلتَّوَثُّقِ بِهَا (أَوْ) اصْطَدَمَ (سَفِينَتَانِ) وَغَرِقَتَا (فَكَدَابَّتَيْنِ وَالْمَلَّاحَانِ) فِيهِمَا وَهُمَا الْمُجْرِيَانِ لَهُمَا (كَرَاكِبَيْنِ) فِيمَا مَرَّ (إنْ كَانَتَا) أَيْ السَّفِينَتَانِ وَمَا فِيهِمَا (لَهُمَا) فَيُهْدَرُ نِصْفُ بَدَلِ كُلِّ سَفِينَةٍ وَنِصْفُ مَا فِيهَا وَيَلْزَمُ كُلًّا مِنْهُمَا لِلْآخَرِ نِصْفُ بَدَلِ سَفِينَتِهِ وَنِصْفُ مَا فِيهَا، فَإِنْ مَاتَا بِذَلِكَ لَزِمَ كُلًّا مِنْهُمَا كَفَّارَتَانِ وَلَزِمَ عَاقِلَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةِ الْآخَرِ، وَمَا اسْتَثْنَاهُ الْبُلْقِينِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ مِنْ التَّشْبِيهِ الْمَذْكُورِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَلَّاحَانِ صَبِيَّيْنِ وَأَقَامَهُمَا الْوَلِيُّ أَوْ أَجْنَبِيٌّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ الْوَضْعَ فِي السَّفِينَةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَلِأَنَّ الْعَمْدَ مِنْ الصَّبِيَّيْنِ هُنَا هُوَ الْمُهْلِكُ مَرْدُودٌ إذْ الضَّرَرُ الْمُرَتَّبُ عَلَى غَرَقِ السَّفِينَةِ أَشَدُّ مِنْ الضَّرَرِ الْحَاصِلِ مِنْ الرُّكُوبِ (فَإِنْ كَانَ فِيهِمَا مَالُ أَجْنَبِيٍّ لَزِمَ كُلًّا) مِنْ الْمَلَّاحَيْنِ (نِصْفُ ضَمَانِهِ) فَإِنْ حَمَلَا أَنْفُسًا وَأَمْوَالًا فِيهِمَا وَتَعَمَّدَا الِاصْطِدَامَ بِمُهْلِكٍ غَالِبًا اُقْتُصَّ مِنْهُمَا لِوَاحِدٍ بِالْقُرْعَةِ وَدِيَاتِ الْبَاقِينَ، وَضَمَانُ الْأَمْوَالِ وَالْكَفَّارَاتِ بِعَدَدِ مَنْ أَهْلَكَا مِنْ الْأَحْرَارِ وَالْعَبِيدِ فِي مَالِهِمَا وَلَا يُهْدَرُ مِمَّا فِيهِمَا شَيْءٌ، وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ اُقْتُصَّ مِنْهُ بِنَاءً عَلَى إيجَابِ الْقِصَاصِ عَلَى شَرِيكٍ جَارِحٍ نَفْسَهُ، وَأَمَّا سَفِينَتَاهُمَا فَيُهْدَرُ نِصْفُهُمَا وَيَلْزَمُ كُلًّا مِنْهُمَا نِصْفُ بَدَلِ مَا لِلْآخَرِ وَيَقَعُ التَّقَاصُّ فِيمَا يَشْتَرِكَانِ فِيهِ، وَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّهُ مُخَيَّرٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ هَدَرٌ (قَوْلُهُ: فِقْهُهُ وَاضِحٌ) أَيْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الْوَصِيَّةِ أَوْ مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ رَقَبَتِهِ فَأَشْبَهَ مَا يَضْمَنُ بِهِ الْغَاصِبُ (قَوْلُهُ: وَلِوَرَثَتِهِ) أَيْ الْحُرِّ (قَوْلُهُ: وَالْمَلَّاحَانِ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ أَمَرَ رَئِيسُ السَّفِينَةِ آخَرَ بِتَسْيِيرِهَا فَسَيَّرَهَا ثُمَّ تَلِفَتْ فَهَلْ الضَّمَانُ عَلَى الرَّئِيسِ أَوْ عَلَى الْمُسَيِّرِ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ الثَّانِي لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ مَا لَمْ يَكُنْ أَعْجَمِيًّا يَعْتَقِدُ طَاعَةَ آمِرِهِ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الرَّئِيسِ (قَوْلُهُ: وَهُمَا الْمُجْرِيَانِ) قَالَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَظَاهِرُ تَفْسِيرِهِمْ الْمَلَّاحَ بِمُجْرِي السَّفِينَةِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَنْ لَهُ دَخْلٌ فِي سَيْرِهَا سَوَاءٌ كَانَ فِي مُقَدَّمِهَا أَوْ مُؤَخَّرِهَا، وَأَنَّ مَا ذُكِرَ لَا يَخْتَصُّ بِرَئِيسِ الْمَلَّاحِينَ وَهُوَ مُتَّجَهٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: مَرْدُودٌ) أَيْ فَيَضْمَنُ الْوَلِيُّ (قَوْلُهُ: اُقْتُصَّ مِنْهُمَا لِوَاحِدٍ بِالْقُرْعَةِ) لَعَلَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يُعْلَمْ الْأَسْبَقُ مَوْتًا وَإِلَّا اُقْتُصَّ لَهُ وَلَا حَاجَةَ لِلْقُرْعَةِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ. فَلَوْ كَانَ فِي كُلِّ سَفِينَةٍ عَشَرَةُ أَنْفُسٍ وَمَاتُوا مَعًا أَوْ جُهِلَ الْحَالُ وَجَبَ فِي مَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا بَعْدَ قَتْلِهِمَا الْوَاحِدَ مِنْ عِشْرِينَ بِالْقُرْعَةِ تِسْعُ دِيَاتٍ وَنِصْفٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى إيجَابِ الْقِصَاصِ) وَهُوَ الرَّاجِحُ ـــــــــــــــــــــــــــــQكُلٍّ مِنْهُمَا لِسَيِّدِهِ (قَوْلُهُ: وَيَتَعَلَّقُ بِهِ) أَيْ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَالْمَلَّاحَانِ) إنَّمَا سُمِّيَ الْمَلَّاحُ مَلَّاحًا لِمُعَالَجَتِهِ الْمَاءَ الْمِلْحَ بِإِجْرَاءِ السَّفِينَةِ فِيهِ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ (قَوْلُهُ: وَهُمَا الْمُجْرِيَانِ لَهَا) قَالَ فِي التُّحْفَةِ: اتَّحَدَا أَوْ تَعَدَّدَا، وَالْمُرَادُ بِالْمُجْرِي لَهَا مَنْ لَهُ دَخْلٌ فِي سَيْرِهَا وَلَوْ بِإِمْسَاكِ نَحْوِ حَبْلٍ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ اهـ (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ كُلًّا مِنْهُمَا لِلْآخَرِ نِصْفُ بَدَلِ سَفِينَتِهِ) أَيْ مُوَزَّعًا عَلَى مَلَّاحِيهَا إنْ كَانُوا مُتَعَدِّدِينَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَأَقَامَهُمَا الْوَلِيُّ) أَيْ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ لَهُمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، أَمَّا إذَا كَانَ لِمَصْلَحَةٍ فَلَا يَظْهَرُ وَجْهٌ لِلضَّمَانِ، وَحِينَئِذٍ فَاسْتِثْنَاءُ الْوَلِيِّ فِيهِ تَوَقُّفٌ (قَوْلُهُ: لَيْسَ بِشَرْطٍ) أَيْ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِسَبَبٍ وَلَا مُبَاشَرَةٍ (قَوْلُهُ: إذْ الضَّرَرُ إلَخْ.) كَذَا أَجَابَ وَالِدُهُ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَأَجَابَ أَيْضًا بِأَنَّ الْخَطَرَ فِي إقَامَتِهِ مَلَّاحًا لِسَفِينَةٍ أَشَدُّ مِنْهُ فِي إرْكَابِهِ الدَّابَّةَ (قَوْلُهُ: وَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي إلَخْ.) قَالَ الشِّهَابُ سم: أَقُولُ: فِي الْعِلْمِ مِمَّا يَأْتِي نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْآتِيَ أَخْذُ كُلٍّ مِنْ مَلَّاحِهِ الْجَمِيعَ. وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى الْأَخْذِ مِنْ غَيْرِ مَلَّاحِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: هُنَا أَحَدُ الْمَلَّاحِينَ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِأَحَدِ الْمَلَّاحِينَ مَلَّاحَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ

بَيْنَ أَخْذِ بَدَلِ جَمِيعِ مَالِهِ مِنْ أَحَدِ الْمَلَّاحَيْنِ ثُمَّ يَرْجِعُ بِنِصْفِهِ عَلَى الْآخَرِ وَبَيْنَ أَخْذِ نِصْفِهِ مِنْهُ وَنِصْفِهِ مِنْ الْآخَرِ (وَإِنْ كَانَتَا لِأَجْنَبِيٍّ) وَهُمَا أَجِيرَانِ لِلْمَالِكِ، أَوْ أَمِينَانِ لَهُ (لَزِمَ كُلًّا نِصْفُ قِيمَتِهِمَا) ؛ لِأَنَّ مَالَ الْأَجْنَبِيِّ لَا يُهْدَرُ شَيْءٌ مِنْهُ، وَلِكُلٍّ مُطَالَبَةُ أَمِينِهِ بِالْكُلِّ لِتَقْصِيرِهِ فَدَخَلَتْ سَفِينَتُهُ، وَمَا فِيهَا فِي ضَمَانِهِ وَقَدْ شَارَكَهُ فِي الْإِتْلَافِ غَيْرُهُ فَضَمِنَتَا نِصْفَيْنِ، وَلِلْغَارِمِ الرُّجُوعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِحِصَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَلَّاحَانِ عَبْدَيْنِ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِرَقَبَتِهِمَا، فَإِنْ وَقَعَ الِاصْطِدَامُ لَا بِاخْتِيَارِهِمَا وَقَصَّرَا بِأَنْ سَيَّرَاهُمَا فِي رِيحٍ شَدِيدَةٍ لَا تَسِيرُ السُّفُنُ فِي مِثْلِهَا أَوْ لَمْ يَعْدِلَاهُمَا عَنْ صَوْبِ الِاصْطِدَامِ مَعَ إمْكَانِهِ أَوْ لَمْ يُكْمِلَا عِدَّتَهُمَا مِنْ الرِّجَالِ وَالْآلَاتِ فَضَمَانُ مَا هَلَكَ عَلَيْهِمَا لَكِنْ لَا قِصَاصَ، فَإِنْ لَمْ يُقَصِّرَا وَغَلَبَ الرِّيحُ فَلَا ضَمَانَ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُمَا بِيَمِينِهِمَا فِي عَدَمِ تَقْصِيرِهِمَا، وَإِنْ تَعَمَّدَ أَحَدُهُمَا أَوْ قَصَّرَ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ، وَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا مَرْبُوطَةً فَالضَّمَانُ عَلَى مَجْرَى الصَّادِمَةِ، وَيَنْبَغِي تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا لَوْ كَانَتْ السَّفِينَةُ وَاقِفَةً فِي نَهْرٍ وَاسِعٍ، فَإِنْ أَوْقَفَهَا فِي نَهْرٍ ضَيِّقٍ فَصَدَمَتْهَا أُخْرَى فَهُوَ كَمَنْ قَعَدَ فِي شَارِعٍ ضَيِّقٍ فَصَدَمَهُ إنْسَانٌ لِتَفْرِيطِهِ وَلَوْ خَرَقَ سَفِينَةً عَامِدًا خَرْقًا يُهْلِكُ غَالِبًا فَالْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ عَلَى الْخَارِقِ وَخَرْقُهَا لِلْإِصْلَاحِ شِبْهُ عَمْدٍ، فَإِنْ أَصَابَ غَيْرَ مَوْضِعِ الْإِصْلَاحِ فَخَرَقَهُ فَخَطَأٌ مَحْضٌ، وَلَوْ ثَقُلَتْ سَفِينَةٌ بِتِسْعَةِ أَعْدَالٍ فَأَلْقَى فِيهَا آخَرُ عَاشِرًا عُدْوَانًا أَغْرَقَهَا لَمْ يَضْمَنْ الْكُلَّ وَيَضْمَنْ الْعُشْرَ عَلَى الْأَصَحِّ لَا النِّصْفَ (وَلَوْ) (أَشْرَفَتْ سَفِينَةٌ) بِهَا مَتَاعٌ وَرَاكِبٌ (عَلَى غَرَقٍ) وَخِيفَ غَرَقُهَا بِمَا فِيهَا (جَازَ) عِنْدَ تَوَهُّمِ النَّجَاةِ بِأَنْ اشْتَدَّ الْأَمْرُ وَقَرُبَ الْيَأْسُ وَلَمْ يُفِدْ الْإِلْقَاءُ إلَّا عَلَى نُدُورٍ أَوْ عِنْدَ غَلَبَةِ ظَنِّ النَّجَاةِ بِأَنَّ لَمْ يُخْشَ مِنْ عَدَمِ الطَّرْحِ إلَّا نَوْعُ خَوْفٍ غَيْرِ قَوِيٍّ (طَرَحَ مَتَاعَهَا) حِفْظًا لِلرُّوحِ: يَعْنِي مَا يَنْدَفِعُ بِهِ الضَّرَرُ فِي ظَنِّهِ مِنْ الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ كَمَا أَشَارَتْ إلَيْهِ عِبَارَةُ أَصْلِهِ (وَيَجِبُ) طَرْحُ ذَلِكَ (لِرَجَاءِ نَجَاةِ الرَّاكِبِ) أَيْ لِظَنِّهَا مَعَ قُوَّةِ الْخَوْفِ لَوْ لَمْ يَطْرَحْ، وَيَنْبَغِي أَيْ لِلْمَالِكِ فِيمَا إذَا تَوَلَّى الْإِلْقَاءَ بِنَفْسِهِ أَوْ تَوَلَّاهُ غَيْرُهُ كَالْمَلَّاحِ بِإِذْنِهِ الْعَامِّ لَهُ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: بِشَرْطِ إذْنِ الْمَالِكِ فِي حَالَةِ الْجَوَازِ دُونَ الْوُجُوبِ، فَلَوْ كَانَ لِمَحْجُورٍ لَمْ يَجُزْ إلْقَاؤُهُ فِي مَحَلِّ الْجَوَازِ وَيَجِبُ فِي مَحَلِّ الْوُجُوبِ، وَلَوْ كَانَ مَرْهُونًا أَوْ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ أَوْ لِمُكَاتَبٍ أَوْ لِعَبْدٍ مَأْذُونٍ لَهُ عَلَيْهِ دُيُونٌ لَمْ يَجُزْ إلْقَاؤُهُ إلَّا بِاجْتِمَاعِ الْغُرَمَاءِ أَوْ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ أَوْ السَّيِّدِ وَالْمُكَاتَبِ أَوْ السَّيِّدِ وَالْمَأْذُونِ، قَالَ: فَلَوْ رَأَى الْوَلِيُّ إلْقَاءَ بَعْضِ أَمْتِعَةِ مَحْجُورِهِ لِيَسْلَمَ بِهِ بَاقِيهَا فَقِيَاسُ قَوْلِ أَبِي عَاصِمٍ الْعَبَّادِيِّ فِيمَا لَوْ خَافَ الْوَلِيُّ اسْتِيلَاءَ غَاصِبٍ عَلَى الْمَالِ أَنَّ لَهُ أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا قِصَاصَ) أَيْ عَلَى الْمَلَّاحَيْنِ حُرَّيْنِ كَانَا أَوْ عَبْدَيْنِ، وَقَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُقَصِّرَا وَغَلَبَ الرِّيحُ. قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَالْقَوْلُ قَوْلُهُمَا بِيَمِينِهِمَا عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي أَنَّهُمَا غَلَبَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِمَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَهُوَ مُسَاوٍ لِقَوْلِ الشَّارِحِ: وَالْقَوْلُ قَوْلُهُمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فَالْقِصَاصُ) أَيْ إنْ حَصَلَتْ الْمُكَافَأَةُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْ الْكُلَّ) وَانْظُرْ هَلْ يُشْكِلُ هَذَا بِضَمَانِ الْكُلِّ فِيمَا لَوْ جَوَّعَهُ، وَبِهِ جُوعٌ سَابِقٌ عُلِمَ بِهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَدْ يُقَالُ: لَا إشْكَالَ؛ لِأَنَّ طُرُوُّ الْجُوعِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ يُعَدُّ نَفْسُهُ مُهْلِكًا كَمَنْ ضَرَبَ مَرِيضًا فِي النَّزْعِ فَإِنْ فَعَلَهُ يُعَدُّ قَاتِلًا وَلَا كَذَلِكَ الْحَمْلُ الْعَاشِرُ فَإِنَّهُ لَا يُعَدُّ مُغْرِقًا وَحْدَهُ بَلْ الْإِغْرَاقُ بِهِ مَعَ بَقِيَّةِ الْأَحْمَالِ (قَوْلُهُ: طَرَحَ مَتَاعَهَا) أَيْ وَلَوْ مُصْحَفًا وَكُتُبَ عِلْمٍ (قَوْلُهُ: مِنْ الْكُلِّ) وَعَلَيْهِ فَالْإِضَافَةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِلْعَهْدِ (قَوْلُهُ: لِرَجَاءِ نَجَاةِ الرَّاكِبِ) أَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بِمِثْلِ هَذَا التَّفْصِيلِ فِيمَا لَوْ طَلَعَ لُصُوصٌ عَلَى سَفِينَةٍ وَهُوَ يَقَعُ كَثِيرًا فَتَنَبَّهْ لَهُ (قَوْلُهُ وَيَجِبُ فِي مَحَلِّ الْوُجُوبِ) أَيْ مَعَ الضَّمَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بَيَّنَ أَخْذَ بَدَلِ جَمِيعِ مَالِهِ مِنْ أَحَدِ الْمَلَّاحِينَ) تَوَقَّفَ فِيهِ سم أَيْضًا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ مَلَّاحِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَسْتَقِلَّ بِالْإِتْلَافِ وَلَيْسَ الْمَالُ تَحْتَ يَدِهِ حَتَّى يُقَالَ فَرَّطَ فِيهِ، قَالَ: إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ بِأَحَدِ الْمَلَّاحِينَ مَلَّاحُهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْ الْكُلَّ إلَخْ.) عِبَارَةُ الرَّوْضِ لَمْ يَضْمَنْ الْكُلَّ وَهَلْ يَضْمَنُ النِّصْفَ أَوْ الْعُشْرَ وَجْهَانِ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي) هُوَ مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ

يُؤَدِّيَ شَيْئًا لِتَخْلِيصِهِ جَوَازَهُ هُنَا، وَيَجِبُ إلْقَاؤُهُ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ مَالِكُهُ إذَا خِيفَ الْهَلَاكُ لِسَلَامَةِ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ لَا حَرْبِيٍّ وَمُرْتَدٍّ وَزَانٍ مُحْصَنٍ وَإِلْقَاءُ حَيَوَانٍ وَلَوْ مُحْتَرَمًا لِسَلَامَةِ آدَمِيٍّ مُحْتَرَمٍ إنْ لَمْ يُمْكِنْ فِي دَفْعِ الْغَرَقِ غَيْرُهُ وَإِنْ أَمْكَنَ لَمْ يَجُزْ الْإِلْقَاءُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: نَعَمْ لَوْ كَانَ هُنَاكَ أَسْرَى مِنْ الْكُفَّارِ وَظَهَرَ لِلْأَمِيرِ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِي قَتْلِهِمْ فَيُشْبِهُ أَنْ يَبْدَأَ بِإِلْقَائِهِمْ قَبْلَ الْأَمْتِعَةِ وَقَبْلَ الْحَيَوَانِ الْمُحْتَرَمِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاعَى فِي الْإِلْقَاءِ تَقْدِيمُ الْأَخَسِّ فَالْأَخَسِّ قِيمَةً مِنْ الْمَتَاعِ وَالْحَيَوَانِ إنْ أَمْكَنَ حِفْظًا لِلْمَالِ حَسَبِ الْإِمْكَانِ لَا عَبِيدٍ لِأَحْرَارٍ، فَإِنْ لَمْ يُلْقِ مَنْ لَزِمَهُ الْإِلْقَاءُ حَتَّى حَصَلَ الْغَرَقُ وَهَلَكَ بِهِ شَيْءٌ أَثِمَ وَلَا ضَمَانَ وَيَحْرُمُ إبْقَاءُ الْمَالِ وَلَوْ مَالَهُ بِلَا خَوْفٍ (فَإِنْ) (طَرَحَ) مَلَّاحٌ أَوْ غَيْرُهُ (مِلْكَ غَيْرِهِ) وَلَوْ فِي حَالَةِ الْوُجُوبِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْإِثْمَ وَعَدَمَهُ يُتَسَامَحُ فِيهِمَا مِمَّا لَا يُتَسَامَحُ فِي الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ (بِلَا إذْنٍ) لَهُ فِيهِ (ضَمِنَهُ) كَأَكْلِ مُضْطَرٍّ طَعَامَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ طَرَحَهُ بِإِذْنِ مَالِكِهِ الْمُعْتَبَرِ الْإِذْنُ (فَلَا) يَضْمَنُهُ، وَلَوْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِلْغَيْرِ كَمُرْتَهِنٍ اُعْتُبِرَ إذْنُهُ أَيْضًا كَمَا مَرَّ (وَلَوْ) (قَالَ) لِغَيْرِهِ عِنْدَ الْإِشْرَافِ عَلَى الْغَرَقِ أَوْ الْقُرْبِ مِنْهُ (أَلْقِ مَتَاعَك) فِي الْبَحْرِ (وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ أَوْ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ) لَهُ أَوْ عَلَى أَنْ أَضْمَنَهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَأَلْقَاهُ وَتَلِفَ (ضَمِنَ) الْمُسْتَدْعِي وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ النَّجَاةُ؛ لِأَنَّهُ الْتِمَاسٌ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ بِعِوَضٍ فَلَزِمَهُ كَأَعْتِقْ عَبْدَك بِكَذَا أَوْ طَلِّقْ زَوْجَتَك بِكَذَا أَوْ أَطْلِقْ الْأَسِيرَ أَوْ اُعْفُ عَنْ فُلَانٍ أَوْ أَطْعِمْهُ وَعَلَيَّ كَذَا، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالضَّمَانِ هُنَا حَقِيقَتَهُ السَّابِقَةَ فِي بَابِهِ، ثُمَّ إنْ سَمَّى الْمُلْتَمِسُ عِوَضًا حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا لَزِمَهُ وَإِلَّا ضَمِنَهُ، وَلَا بُدَّ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: جَوَازَهُ) أَيْ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ: أَيْ بَلْ يَنْبَغِي وُجُوبُهُ وَلَا يُنَافِيهِ التَّعْبِيرُ بِالْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُ جَوَازٌ بَعْدَ مَنْعٍ فَيُصَدَّقُ بِالْوَاجِبِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ إلْقَاؤُهُ) أَيْ مَعَ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: لِسَلَامَةِ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ) أَيْ وَلَوْ كَلْبًا (قَوْلُهُ: وَزَانٍ مُحْصَنٍ) وَكَلْبٍ عَقُورٍ وَتَارِكِ الصَّلَاةِ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ وَقَاطِعِ الطَّرِيقِ (قَوْلُهُ: فِي قَتْلِهِمْ) أَيْ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: فَيُشْبِهُ أَنْ يَبْدَأَ بِإِلْقَائِهِمْ قَبْلَ الْأَمْتِعَةِ) قَالَ م ر: وَيَجِبُ قَتْلُهُمْ قَبْلَ إلْقَاءِ الْأَمْتِعَةِ إنْ أَمْكَنَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَيْ لِلْمَالِكِ إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ: وَيَنْبَغِي أَيْ لِلْمَالِكِ فِيمَا إذَا تَوَلَّى الْإِلْقَاءَ بِنَفْسِهِ أَوْ تَوَلَّاهُ غَيْرُهُ كَالْمَلَّاحِ بِإِذْنِهِ الْعَامِّ لَهُ، فَانْدَفَعَ مَا لِلْبُلْقِينِيِّ هُنَا تَقْدِيمُ الْأَخَفِّ قِيمَةً إنْ أَمْكَنَ اهـ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاعَى فِي الْإِلْقَاءِ تَقْدِيمُ الْأَخَسِّ) أَيْ يَجِبُ، وَقَيَّدَ م ر وُجُوبَ مُرَاعَاةِ مَا ذُكِرَ بِمَا إذَا كَانَ الْمُلْقِي غَيْرَ الْمَالِكِ، فَإِنْ كَانَ هُوَ الْمَالِكَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَعَلَّقُ غَرَضُهُ بِالْأَخَسِّ دُونَ غَيْرِهِ، فَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ أَتْلَفَ الْأَشْرَفَ لِغَرَضِ سَلَامَةِ غَيْرِهِ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ غَرَضُهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لَا عَبِيدٍ) أَيْ وَلَا كَافِرٍ لِمُسْلِمٍ وَلَا جَاهِلٍ لِعَالِمٍ مُتَبَحِّرٍ وَإِنْ انْفَرَدَ، وَلَا غَيْرِ شَرِيفٍ لِشَرِيفٍ، وَلَا غَيْرِ مَلِكٍ لِمَلِكٍ وَإِنْ كَانَ عَادِلًا لِاشْتِرَاكِ الْجَمِيعِ فِي أَنَّ كُلًّا آدَمِيٌّ مُحْتَرَمٌ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ إلْقَاءُ الْمَالِ) أَيْ فِي الْبَحْرِ لَا لِغَرَضٍ، وَعَلَيْهِ فَمَا يَقَعُ الْآنَ مِنْ رَمْيِ الْخُبْزِ فِي الْبَحْرِ لِطَيْرِ الْمَاءِ وَالسَّمَكِ لَمْ يَحْرُمْ، وَإِنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ؛ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ رَمَاهُ لِيَصِيدَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَيْدُهُ قُرْبَةً؛ لِأَنَّهُ غَرَضٌ صَحِيحٌ، وَإِتْلَافُ الْمَالِ لِتَحْصِيلِ الْغَرَضِ الصَّحِيحِ جَائِزٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ وُجُوبِ الْفِعْلِ (قَوْلُهُ ضَمِنَ الْمُسْتَدْعِي) أَيْ الطَّالِبُ (قَوْلُهُ: وَعَلَيَّ كَذَا) أَيْ فَلَوْ أَسْقَطَ قَوْلَهُ وَعَلَيَّ إلَخْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَقَوْلُهُ حَقِيقَتُهُ وَهِيَ ضَمَانُ مَا فِي ذِمَّةِ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا ضَمِنَهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْضًا فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُثْبِتَ قَبْلَهُ لَفْظَ قَالَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِلْغَيْرِ كَمُرْتَهِنٍ اُعْتُبِرَ إذْنُهُ) أَيْ، وَإِلَّا، فَيَضْمَنُ لَوْ لَمْ يَأْذَنْهُ، وَانْظُرْ لَوْ ضَمِنَاهُ حِينَئِذٍ ثُمَّ انْفَكَّ الرَّهْنُ بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَنْفَكُّ الضَّمَانُ وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ لِإِذْنِهِ حَتَّى لَوْ أُخِذَ مِنْهُ شَيْءٌ رَدَّهُ إلَيْهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ:، وَإِلَّا ضَمَّنَهُ) أَيْ بِمَا يَأْتِي وَلَعَلَّ فِي الْعِبَارَةِ سَقْطًا

وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ مِنْ أَنْ يُشِيرَ إلَى مَا يُلْقِيهِ أَوْ يَكُونَ مَعْلُومًا لَهُ، وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُ إلَّا مَا يُلْقِيهِ بِحَضْرَتِهِ، وَيُشْتَرَطُ اسْتِمْرَارُهُ، فَلَوْ رَجَعَ عَنْهُ قَبْلَ الْإِلْقَاءِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَيَضْمَنُ الْمُسْتَدْعِي الْمِثْلَ صُورَةً كَالْقَرْضِ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْقِيمَةِ فِي الْمُتَقَوِّمِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ جَمْعٌ وَإِنْ رَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ تَبَعًا لِظَاهِرِ كَلَامِهِمْ لُزُومَ الْقِيمَةِ مُطْلَقًا، وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ مَا يُقَابَلُ بِهِ قَبْلَ هَيَجَانِ الْبَحْرِ؛ إذْ لَا مُقَابِلَ لَهُ بَعْدَهُ وَلَا تُجْعَلُ قِيمَتُهُ فِي الْبَحْرِ كَقِيمَتِهِ فِي الْبَرِّ، وَلَوْ قَالَ لِزَيْدٍ أَلْقِ مَتَاعَ عَمْرٍو، وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ فَأَلْقَاهُ ضَمِنَهُ الْمُلْقِي لِمُبَاشَرَتِهِ لِلْإِتْلَافِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُورُ أَعْجَمِيًّا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ آمِرِهِ فَيَضْمَنُ الْآمِرُ؛ لِأَنَّ ذَاكَ آلَةٌ لَهُ، وَنَقَلَا عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّاهُ عَدَمَ مِلْكِ الْمُلْتَمِسِ الْمُلْقَى، فَلَوْ لَفَظَهُ الْبَحْرُ فَهُوَ لِمَالِكِهِ وَيَرُدُّ مَا أَخَذَهُ بِعَيْنِهِ إنْ بَقِيَ وَإِلَّا فَبَدَلُهُ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ لَمْ يَنْقُصْهُ الْبَحْرُ، وَإِلَّا ضَمِنَ الْمُلْتَمِسُ نَقْصَهُ لِتَسَبُّبِهِ فِيهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَوْ قَالَ: أَلْقِ مَتَاعَك وَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ وَرُكَّابُ السَّفِينَةِ أَوْ عَلَى أَنِّي أَضْمَنُهُ أَنَا، وَرُكَّابُهَا أَوْ أَنَا ضَامِنٌ لَهُ وَهُمْ ضَامِنُونَ أَوْ أَنَا وَرُكَّابُهَا ضَامِنُونَ لَهُ كُلٌّ مِنَّا عَلَى الْكَمَالِ أَوْ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ وَكُلٌّ مِنْهُمْ ضَامِنٌ لَزِمَهُ الْجَمِيعُ أَوْ أَنَا وَرُكَّابُهَا ضَامِنُونَ لَهُ لَزِمَهُ قِسْطُهُ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْإِخْبَارَ عَنْ ضَمَانٍ سَبَقَ مِنْهُمْ وَصَدَّقُوهُ لَزِمَهُمْ، وَإِنْ أَنْكَرُوا صُدِّقُوا وَإِنْ صَدَّقَهُ بَعْضُهُمْ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ، وَإِنْ قَالَ: أَنْشَأْت عَنْهُمْ الضَّمَانَ بِرِضَاهُمْ لَمْ يَلْزَمْهُمْ، وَإِنْ رَضُوا أَوْ أَنَا ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ بِالْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْقِيمَةِ فِي الْمُتَقَوِّمِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: إلَّا مَا يُلْقِيهِ بِحَضْرَتِهِ) أَيْ بِحَضْرَةِ الْمُلْتَمِسِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ رَجَعَ عَنْهُ قَبْلَ الْإِلْقَاءِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) أَيْ مِمَّا أَلْقَاهُ بَعْدَ الرُّجُوعِ بِخِلَافِ مَا أَلْقَاهُ قَبْلَهُ، كَأَنْ أَذِنَ لَهُ فِي رَمْيِ أَحْمَالِ عَيْنِهَا فَأَلْقَى وَاحِدًا ثُمَّ رَجَعَ الضَّامِنُ ضَمِنَ ذَلِكَ الْوَاحِدَ دُونَ مَا زَادَ عَلَيْهِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الرُّجُوعِ أَوْ فِي وَقْتِهِ صُدِّقَ الْمُلْقِي؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ رُجُوعِ الْمُلْتَمِسِ (قَوْلُهُ: لُزُومَ الْقِيمَةِ مُطْلَقًا) مِثْلِيًّا أَوْ مُتَقَوِّمًا، وَقَوْلُهُ: وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ: أَيْ فِي ضَمَانِ مَا يُلْقَى وَقَوْلُهُ: مَا يُقَابَلُ بِهِ: أَيْ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ إشْرَافُ السَّفِينَةِ كَمَا لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ لَوْ طِيفَ بِهِ عَلَى رُكَّابِ السَّفِينَةِ بَلَغَ مِنْ الثَّمَنِ كَذَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ لِزَيْدٍ: أَلْقِ مَتَاعَ عَمْرٍو) هَذِهِ خَارِجَةٌ بِقَوْلِهِ مَتَاعُك. وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ وَخَرَجَ بِمَتَاعِك مَا لَوْ قَالَ أَلْقِ مَتَاعَ عَمْرٍو لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ الْمُلْقِي) لَا الْقَائِلُ (قَوْلُهُ: لِتَسَبُّبِهِ فِيهِ) أَيْ فِي النَّقْصِ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُلْقِيَ الْمَتَاعَ) تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَى هَذَا الشَّرْطِ بِقَوْلِهِ فَأَلْقَاهُ (قَوْلُهُ: فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُلْتَمِسِ) وَيَضْمَنُهُ الْمُلْقِي (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ قِسْطُهُ) أَيْ لِأَنَّهُ جَعَلَ الضَّمَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْغَيْرِ فَلَزِمَهُ مَا الْتَزَمَهُ دُونَ غَيْرِهِ، وَفِيمَا قَبْلَهَا جَعَلَ نَفْسَهُ ضَامِنًا لِلْجَمِيعِ فَتَعَلَّقَ بِهِ وَأَلْغَى مَا نَسَبَهُ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ: أَنْشَأْت عَنْهُمْ الضَّمَانَ بِرِضَاهُمْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَلَوْ رَجَعَ عَنْهُ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُلْقِي فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَالْقِيمَةُ فِي الْمُتَقَوِّمِ) لَا يَظْهَرُ لَهُ مَعْنًى بَعْدَ قَوْلِهِ الْمِثْلِيُّ صُورَةً كَالْقَرْضِ، إذْ مَعْنَى ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا مَرَّ فِي الْقَرْضِ أَنَّ مَا لَهُ مِثْلٌ حَقِيقَةً يُؤْخَذُ مِثْلُهُ، وَمَا لَيْسَ لَهُ مِثْلٌ حَقِيقَةً وَهُوَ الْمُتَقَوِّمُ يُؤْخَذُ مِثْلُهُ صُورَةً، فَقَوْلُهُ: وَالْقِيمَةُ فِي الْمُتَقَوِّمِ يُنَاقِضُ ذَلِكَ فَلَعَلَّ فِي النُّسَخِ تَحْرِيفًا، وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِيمَا يَضْمَنُ بِهِ الْمُسْتَدْعِي فَقِيلَ إنَّهُ يَضْمَنُ بِالْقِيمَةِ مُطْلَقًا وَهُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ كَمَا سَيَأْتِي، وَقِيلَ يَضْمَنُ الْمِثْلِيَّ بِالْمِثْلِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا عَلَى هَذَا فِي الْمُتَقَوِّمِ فَقِيلَ يَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ. وَقِيلَ يَضْمَنُهُ بِالْمِثْلِ الصُّورِيِّ كَمَا فِي الْقَرْضِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ حَوَاشِي وَالِدِهِ عَلَى شَرْحِ الرَّوْضِ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ الْمِثْلُ صُورَةً هَذَا مِنْ قَوْلٍ. وَقَوْلُهُ: وَالْقِيمَةُ فِي الْمُتَقَوِّمِ مِنْ قَوْلٍ آخَرَ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَحَلَّهُ) أَيْ مَحَلَّ كَوْنِهِ يَرُدُّ جَمِيعَ مَا أَخَذَهُ أَوْ جَمِيعَ بَدَلِهِ: أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ فِي صُورَةِ النَّقْصِ إلَّا رَدُّ مَا عَدَا أَرْشَ النَّقْصِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْإِخْبَارَ إلَخْ.) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ: ثُمَّ هُمْ ضَامِنُونَ إمَّا لِلْجَمِيعِ، وَإِمَّا لِلْحِصَّةِ إنْ أَرَادَ بِهِ الْإِخْبَارَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ أَنْشَأْت عَنْهُمْ الضَّمَانَ بِرِضَاهُمْ)

[فصل في العاقلة وكيفية تأجيل ما تحمله]

وَهُمْ ضُمَنَاءُ وَضَمِنْت عَنْهُمْ بِإِذْنِهِمْ لَزِمَهُ الْجَمِيعُ، فَإِنْ أَنْكَرُوا الْإِذْنَ صُدِّقُوا وَلَا يُرْجَعُ عَلَيْهِمْ، أَوْ أَنَا وَهُمْ ضَامِنُونَ وَأُخَلِّصُهُ مِنْ مَالِهِمْ أَوْ مِنْ مَالِي لَزِمَهُ الْجَمِيعُ أَوْ أَنَا وَهُمْ ضَامِنُونَ، ثُمَّ بَاشَرَ الْإِلْقَاءَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ ضَمِنَ الْقِسْطَ لَا الْجَمِيعَ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ (وَلَوْ) (اقْتَصَرَ عَلَى) قَوْلِهِ (أَلْقِ) مَتَاعَك وَلَمْ يَقُلْ وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ أَوْ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ (فَلَا) يَضْمَنُهُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِعَدَمِ الِالْتِزَامِ، وَفِي وَجْهٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي فِيهِ الضَّمَانُ كَقَوْلِهِ: أَدِّ دَيْنِي فَأَدَّاهُ فَإِنَّهُ يُرْجَعُ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ أَدَاءَ الدَّيْنِ يَنْفَعُهُ قَطْعًا، وَالْإِلْقَاءُ هُنَا قَدْ لَا يَنْفَعُهُ (وَإِنَّمَا يَضْمَنُ مُلْتَمِسٌ لِخَوْفِ غَرَقٍ) فَلَوْ قَالَ حَالَةَ الْأَمْنِ: أَلْقِهِ، وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ لَمْ يَضْمَنْهُ؛ إذْ لَا غَرَضَ، وَيُتَّجَهُ أَنَّ خَوْفَ قَاصِدٍ نَحْوَ الْقَتْلِ إذَا غَلَبَ كَخَوْفِ الْغَرَقِ (وَلَمْ يَخْتَصَّ نَفْعُ الْإِلْقَاءِ بِالْمُلْقِي) بِأَنَّ اخْتَصَّ بِالْمُلْتَمِسِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ هُمَا أَوْ أَحَدِهِمَا وَالْمَالِكِ أَوْ يَعُمُّ الْجَمِيعَ، بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَصَّ بِالْمَالِكِ فَقَطْ بِأَنْ أَشْرَفَتْ سَفِينَةٌ بِهَا مَتَاعُهُ عَلَى الْغَرَقِ فَقَالَ لَهُ مَنْ بِالشَّطِّ أَوْ سَفِينَةٍ أُخْرَى أَلْقِ مَتَاعَك وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ فَلَا يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ لِحَظِّ نَفْسِهِ فَكَيْفَ يَسْتَحِقُّ بِهِ عِوَضًا (وَلَوْ عَادَ حَجَرُ مَنْجَنِيقٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْجِيمِ فِي الْأَشْهَرِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ؛ لِأَنَّ الْجِيمَ وَالْقَافَ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي كَلِمَةٍ عَرَبِيَّةٍ (فَقَتَلَ أَحَدَ رُمَاتِهِ) وَهُمْ عَشَرَةٌ مَثَلًا (هُدِرَ قِسْطُهُ) وَهُوَ عُشْرُ الدِّيَةِ (وَعَلَى عَاقِلَةِ الْبَاقِي الْبَاقِي مِنْ دِيَةِ الْخَطَأِ) ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِفِعْلِهِ وَفِعْلُهُمْ خَطَأٌ فَسَقَطَ مَا يُقَابِلُ فِعْلَهُ، وَلَوْ تَعَمَّدُوا إصَابَتَهُ بِأَمْرٍ صَنَعُوهُ وَقَصَدُوهُ بِسُقُوطِهِ عَلَيْهِ وَغَلَبَتْ إصَابَتُهُ كَانَ عَمْدًا فِي مَالِهِمْ وَلَا قَوَدَ؛ لِأَنَّهُمْ شُرَكَاءُ مُخْطِئٍ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ (أَوْ) قَتَلَ (غَيْرَهُمْ وَلَمْ يَقْصِدُوهُ فَخَطَأٌ) قَتْلُهُمْ لِعَدَمِ قَصْدِهِمْ لَهُ فَفِيهِ دِيَةٌ مُخَفَّفَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ (أَوْ قَصَدُوهُ) بِعَيْنِهِ وَتُصُوِّرَ (فَعَمْدٌ فِي الْأَصَحِّ إنْ غَلَبَتْ الْإِصَابَةُ) مِنْهُمْ بِحَذْفِهِمْ لِقَصْدِهِمْ مُعَيَّنًا بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا، فَإِنْ غَلَبَ عَدَمُهَا أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ فَشِبْهُ عَمْدٍ. وَالثَّانِي شِبْهُ عَمْدٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ قَصْدٌ مُعَيَّنٌ بِالْمَنْجَنِيقِ، وَرُدَّ بِمَنْعِهِ، ثُمَّ الضَّمَانُ يَخْتَصُّ بِمَنْ مَدَّ الْحِبَالَ وَرَمَى الْحَجَرَ لِمُبَاشَرَتِهِمْ دُونَ وَاضِعِهِ وَمُمْسِكِ الْخَشَبِ إذْ لَا دَخْلَ لَهُمْ فِي الرَّمْيِ أَصْلًا، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُمْ دَخْلٌ فِيهِ ضَمِنُوا أَيْضًا وَهُوَ ظَاهِرٌ. (فَصْلٌ) فِي الْعَاقِلَةِ وَكَيْفِيَّةِ تَأْجِيلِ مَا تَحْمِلُهُ وَسُمُّوا عَاقِلَةً لِعَقْلِهِمْ الْإِبِلَ بِفِنَاءِ دَارِ الْمُسْتَحِقِّ، وَيُقَالُ: لِتَحَمُّلِهِمْ عَنْ الْجَانِي الْعَقْلَ: أَيْ الدِّيَةَ، وَيُقَالُ لِمَنْعِهِمْ. عَنْهُ وَالْعَقْلُ الْمَنْعُ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الْعَقْلُ عَقْلًا لِمَنْعِهِ مِنْ الْفَوَاحِشِ (دِيَةُ الْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ تَلْزَمُ) الْجَانِي أَوَّلًا عَلَى الْأَصَحِّ ثُمَّ تَتَحَمَّلُهَا (الْعَاقِلَةُ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي، وَلِمَا رُوِيَ «أَنَّ امْرَأَتَيْنِ اقْتَتَلَتَا، ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ بِرِضَاهُمْ الَّذِي عَلِمْته مِنْهُمْ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ بِإِذْنِهِمْ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: إذَا غَلَبَ) أَيْ الْقَتْلُ (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْجِيمِ فِي الْأَشْهَرِ) وَمُقَابِلُ الْأَشْهَرِ كَسْرُ الْمِيمِ خَطِيبٌ. (فَصْلٌ) فِي الْعَاقِلَةِ وَكَيْفِيَّةِ تَأْجِيلِ مَا تَحْمِلُهُ (قَوْلُهُ: وَكَيْفِيَّةِ تَأْجِيلِ مَا تَحْمِلُهُ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَحُكْمِ مَنْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ سَنَةٍ (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَتَحَمَّلُهَا الْعَاقِلَةُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQسَقَطَ قَبْلَ قَوْلِهِ بِرِضَاهُمْ لَفْظُ ثِقَةٍ مِنْ النُّسَّاخِ وَالْعِبَارَةُ لِلرَّوْضِ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الْجَمِيعُ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ: طُولِبَ هُوَ بِالْجَمِيعِ بِقَوْلِهِ، وَإِذَا أَنْكَرُوا الْإِذْنَ فَهُمْ الْمُصَدَّقُونَ حَتَّى لَا يَرْجِعَ عَلَيْهِمْ انْتَهَتْ (قَوْلُ الْمَتْنِ أَوْ غَيْرِهِمْ) لَيْسَ مِنْ مَسْأَلَةِ الْعَوْدِ بَلْ هُوَ فِيمَا لَوْ رَمَوْا غَيْرَهُمْ كَمَا لَا يَخْفَى. [فَصْلٌ فِي الْعَاقِلَةِ وَكَيْفِيَّةِ تَأْجِيلِ مَا تَحْمِلُهُ] (فَصْلٌ) فِي الْعَاقِلَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَتَحَمَّلُهَا) يَلْزَمُ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ. الْعَاقِلَةِ فِي الْمَتْنِ مَرْفُوعًا بَعْدَ أَنْ كَانَ مَنْصُوبًا وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ فَكَانَ يَنْبَغِي

فَحَذَفَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا، فَقَضَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةُ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ، وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا» أَيْ الْقَاتِلَةِ وَقَتْلُهَا شِبْهُ عَمْدٍ فَثُبُوتُ ذَلِكَ فِي الْخَطَأِ أَوْلَى. وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْقَبَائِلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَقُومُونَ بِنُصْرَةِ الْجَانِي مِنْهُمْ وَيَمْنَعُونَ أَوْلِيَاءَ الدَّمِ أَخْذَ حَقِّهِمْ، فَأَبْدَلَ الشَّرْعُ تِلْكَ النُّصْرَةَ بِبَذْلِ الْمَالِ، وَخَصَّ تَحَمُّلَهُمْ بِالْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ؛ لِأَنَّهُمَا مِمَّا يَكْثُرُ لَا سِيَّمَا فِي مُتَعَاطِي الْأَسْلِحَةِ فَحَسُنَتْ إعَانَتُهُ لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ بِمَا هُوَ مَعْذُورٌ فِيهِ وَأُجِّلَتْ الدِّيَةُ عَلَيْهِمْ رِفْقًا بِهِمْ، وَلَوْ أَقَرَّ بِأَحَدِهِمَا فَكَذَّبَتْهُ عَاقِلَتُهُ وَحَلَفُوا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لَزِمَتْهُ وَحْدَهُ وَهَذَا وَإِنْ قَدَّمَهُ لَكِنْ ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ (وَهُمْ عَصَبَتُهُ) الَّذِينَ يَرِثُونَهُ بِنَسَبٍ أَوْ وَلَاءٍ إذَا كَانُوا ذُكُورًا مُكَلَّفِينَ بِشُرُوطِهِمْ الْآتِيَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَى غَيْرِ هَؤُلَاءِ وَلَوْ مُوسِرِينَ، وَتُضْرَبُ عَلَى الْغَائِبِ حِصَّتُهُ حَيْثُ كَانَ أَهْلًا، فَإِذَا حَضَرَ أُخِذَتْ مِنْهُ، وَشَرْطُ تَحَمُّلِ الْعَاقِلَةِ أَنْ تَكُونَ صَالِحَةً لِوِلَايَةِ النِّكَاحِ: أَيْ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ فَدَخَلَ الْفَاسِقُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ إزَالَةِ مَانِعِهِ حَالًّا مِنْ حِينِ الْفِعْلِ إلَى الْفَوَاتِ فَلَوْ تَخَلَّلَتْ رِدَّةٌ أَوْ إسْلَامٌ بَيْنَ الرَّمْيِ وَالْإِصَابَةِ وَجَبَتْ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ، وَلَوْ حَفَرَ قِنٌّ أَوْ ذِمِّيٌّ بِئْرًا عُدْوَانًا أَوْ رَمَى صَيْدًا فَعَتَقَ أَوْ عَتَقَ أَبُوهُ وَانْجَرَّ وَلَاؤُهُ لِمَوَالِي أَبِيهِ أَوْ أَسْلَمَ ثُمَّ تَرَدَّى شَخْصٌ فِي الْبِئْرِ أَوْ أَصَابَهُ السَّهْمُ فَمَاتَ ضَمِنَ فِي مَالِهِ، وَإِنْ جَرَحَ قِنٌّ رَجُلًا خَطَأً فَأَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ فَهُوَ اخْتِيَارٌ لِلْفِدَاءِ فَيَلْزَمُهُ إنْ مَاتَ الْأَقَلُّ مِنْ أَرْشِ جُرْحِهِ وَقِيمَتِهِ وَعَلَى الْعَتِيقِ بَاقِي الدِّيَةِ، وَإِنْ مَاتَ بِجِرَاحَةٍ خَطَأٍ وَقَدْ ارْتَدَّ بَعْدَ جُرْحِهِ فَالْأَقَلُّ ـــــــــــــــــــــــــــــSحَيْثُ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِ الْجَانِي وَصَدَّقَتْهُ الْعَاقِلَةُ لِمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَحَذَفَتْ إحْدَاهُمَا) اسْمُهَا أُمُّ عَطِيَّةَ وَقِيلَ أُمُّ عُطَيْفٍ وَاسْمُ الْأُخْرَى الْمَضْرُوبَةِ مُلَيْكَةُ اهـ م ر (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ بِمَا هُوَ مَعْذُورٌ فِيهِ) هُوَ وَاضِحٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْخَطَإِ أَمَّا فِي شِبْهِ الْعَمْدِ فَلَعَلَّهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُحْتَاجُ بِالضَّرْبِ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَهُوَ مَعْذُورٌ فِيهِ أَيْضًا فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: وَهُمْ عَصَبَتُهُ) أَيْ وَقْتَ الْجِنَايَةِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ سَرَى الْجُرْحُ إلَى النَّفْسِ وَمَاتَ، وَكَانَتْ عَاقِلَتُهُ يَوْمَ الْجُرْحِ غَيْرَهَا يَوْمَ السِّرَايَةِ فَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ يَوْمَ الْجِنَايَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: الَّذِينَ يَرِثُونَهُ بِنَسَبٍ أَوْ وَلَاءٍ) قَدْ يُقَالُ: قَضِيَّةُ قَوْلِهِ الْآتِي ثُمَّ مُعْتِقٌ إلَخْ تَرَكَ أَوْ وَلَاءٍ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَيُجَابُ بِأَنَّهُ ذَكَرَ هُنَا بَيَانَ الْعَاقِلَةِ بِأَنَّهُمْ مُطْلَقُ الْعَصَبَةِ ثُمَّ بَيَّنَ تَرْتِيبَهُمْ بَعْدُ بِقَوْلِهِ يُقَدَّمُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَتُضْرَبُ عَلَى الْغَائِبِ) أَيْ حَيْثُ ثَبَتَتْ الْجِنَايَةُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ صَدَقَتْ الْعَاقِلَةُ وَمِنْهُمْ الْغَائِبُ، فَلَوْ لَمْ يُعْلَمْ حَالُ الْغَائِبِ مِنْ تَصْدِيقٍ وَلَا تَكْذِيبٍ وُقِفَ مَا يَخُصُّهُ إلَى حُضُورِهِ (قَوْلُهُ: فَدَخَلَ الْفَاسِقُ) أَيْ بِقَوْلِهِ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ (قَوْلُهُ: لِتَمَكُّنِهِ مِنْ إزَالَةِ مَانِعِهِ) قَدْ يُقَالُ الْمُرْتَدُّ مُتَمَكِّنٌ كَذَلِكَ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ خَلْفَهُ أَمْرٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمُنَاصَرَةِ لِلْجَانِي لِاخْتِلَافِ الدِّينِ (قَوْلُهُ: مِنْ حِينِ الْفِعْلِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَنْ تَكُونَ صَالِحَةً (قَوْلُهُ: وَجَبَتْ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ) أَيْ الْجَانِي لِانْتِفَاءِ الْأَهْلِيَّةِ قَبْلَ الْإِصَابَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَصَابَهُ السَّهْمُ فَمَاتَ ضَمِنَ) أَيْ الْجَانِي مِنْ الْقِنِّ وَالذِّمِّيِّ لِعَدَمِ صَلَاحِيَّةِ عَاقِلَتِهِمَا لِوِلَايَةِ النِّكَاحِ وَقْتَ الْفِعْلِ (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ) أَيْ السَّيِّدَ (قَوْلُهُ: الْأَقَلُّ مِنْ أَرْشِ جُرْحِهِ) سَكَتَ عَمَّا لَوْ تَسَاوَيَا لِعَدَمِ التَّفَاوُتِ فَإِنَّ الْوَاجِبَ قَدْرُ أَحَدِهِمَا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَاتَ) أَيْ الشَّخْصُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ ارْتَدَّ بَعْدَ جُرْحِهِ) أَيْ وَقَدْ ارْتَدَّ الْجَارِحُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ، وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ: عَاقِلَتَهُ الْمُسْلِمِينَ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَذْفُ قَوْلِهِ ثُمَّ تَتَحَمَّلُهَا ثُمَّ يَأْتِي عَلَى وَجْهِ التَّمْيِيزِ بَعْدَ الْمَتْنِ بِأَنْ يَقُولَ تَحَمُّلًا كَمَا صَنَعَ التُّحْفَةُ (قَوْلُهُ: فَخُذِفَتْ) هُوَ بِإِلْخَاءِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَتَيْنِ: أَيْ رَمَتْهَا بِحَجَرٍ صَغِيرٍ (قَوْلُهُ: بِنَسَبٍ أَوْ وَلَاءٍ) ذِكْرُ قَوْلِهِ أَوْ وَلَاءٍ هُنَا غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِسِيَاقِ الْمَتْنِ أَوَّلًا وَآخِرًا كَمَا يُعْلَمُ بِتَتَبُّعِهِ فِيمَا يَأْتِي، وَمِنْ ثَمَّ اقْتَصَرَ الْجَلَالُ عَلَى قَوْلِهِ بِنَسَبٍ (قَوْلُهُ: لِتَمَكُّنِهِ مِنْ إزَالَةِ مَانِعِهِ) أَوْرَدَ عَلَيْهِ سم الْمُرْتَدَّ (قَوْلُهُ: أَوْ عَتَقَ أَبُوهُ) قَالَ الشِّهَابُ سم: هَذَا الصَّنِيعُ قَدْ يُوهِمُ تَصْوِيرَ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا اسْتَمَرَّ هُوَ رَقِيقًا فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ أَوْ فِي قَوْلِهِ فَعَتَقَ أَوْ عَتَقَ أَبُوهُ، لَكِنْ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الرَّقِيقَ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ

مِنْ أَرْشِ الْجُرْحِ وَالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ الْمُسْلِمِينَ وَالْبَاقِي فِي مَالِهِ، وَإِنْ تَخَلَّلَتْ الرِّدَّةُ مِنْ الْجَارِحِ بَيْنَ إسْلَامِهِ وَقَبْلَ مَوْتِ الْجَرِيحِ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ أَرْشُ الْجُرْحِ، وَالزَّائِدُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الْقُونَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (إلَّا الْأَصْلَ) لِلْجَانِي وَإِنْ عَلَا (وَالْفَرْعَ) لَهُ وَإِنْ سَفَلَ؛ لِأَنَّهُمْ أَبْعَاضُهُ فَأُعْطُوا حُكْمَهُ. وَصَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَرَّأَ زَوْجَ الْقَاتِلَةِ وَوَلَدَهَا وَأَنَّهُ بَرَّأَ الْوَالِدَ» (وَقِيلَ يَعْقِلُ ابْنٌ هُوَ ابْنُ ابْنِ عَمِّهَا) أَوْ مُعْتِقِهَا كَمَا يَلِي نِكَاحَهَا، وَرُدَّ بِأَنَّ الْبُنُوَّةَ مَانِعَةٌ هُنَا لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ بَعْضُهُ وَالْمَانِعُ لَا أَثَرَ لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي مَعَهُ وَثَمَّ غَيْرُ مُقْتَضِيَةٍ فَإِذَا وُجِدَ مُقْتَضٍ آخَرُ أَثَّرَ (وَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ) مِنْهُمْ عَلَى الْأَبْعَدِ فِي التَّحَمُّلِ كَالْإِرْثِ وَوِلَايَةِ النِّكَاحِ فَيُنْظَرُ فِي الْأَقْرَبِينَ آخِرَ الْحَوْلِ (فَإِنْ) وَفَّوْا بِهِ لِقِلَّتِهِ أَوْ لِكَثْرَتِهِ فَذَاكَ، وَإِنْ (بَقِيَ) مِنْهُ (شَيْءٌ فَمَنْ يَلِيهِ) أَيْ الْأَقْرَبُ يُوَزَّعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْبَاقِي، وَيُقَدَّمُ الْإِخْوَةُ فَفُرُوعُهُمْ فَالْأَعْمَامُ فَفُرُوعُهُمْ فَأَعْمَامُ الْجَدِّ فَفُرُوعُهُمْ وَهَكَذَا كَالْإِرْثِ (وَمُدْلٍ بِأَبَوَيْنِ) عَلَى مُدْلٍ بِأَبٍ (فِي الْجَدِيدِ) كَالْإِرْثِ، وَالْقَدِيمُ التَّسْوِيَةُ؛ لِأَنَّ الْأُنُوثَةَ لَا دَخْلَ لَهَا فِي التَّحَمُّلِ، وَرُدَّ بِمَنْعِ ذَلِكَ بِدَلِيلِ أَنَّهَا مُرَجَّحَةٌ فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ مَعَ أَنَّهَا لَا دَخْلَ لَهَا فِيهِ وَلَا يَتَحَمَّلُ ذَوُو الْأَرْحَامِ إلَّا إذَا وَرَّثْنَاهُمْ فَيَحْمِلُ ذَكَرٌ مِنْهُمْ لَمْ يُدْلِ بِأَصْلٍ وَلَا فَرْعٍ عِنْدَ عَدَمِ الْعَصَبَةِ أَوْ عَدَمِ وَفَائِهِمْ بِالْوَاجِبِ، وَيُقَدَّمُ الْأَخُ لِلْأُمِّ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ إرْثَهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ (ثُمَّ) بَعْدَ عَصَبَةِ النَّسَبِ لِفَقْدِهِمْ أَوْ عَدَمِ تَحَمُّلِهِمْ لِكَوْنِهِمْ إنَاثًا مَثَلًا أَوْ عَدَمِ وَفَائِهِمْ (مُعْتِقٌ) لِلْجَانِي (ثُمَّ عَصَبَتُهُ) مِنْ النَّسَبِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ يُضْرَبُ عَلَى عَصَبَتِهِ فِي حَيَاتِهِ وَلَا يَخْتَصُّ بِأَقْرَبِهِمْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَإِنْ نَقَلَ الْإِمَامُ أَنَّ الْأَئِمَّةَ قَيَّدُوا الضَّرْبَ عَلَى عَصَبَاتِهِ بِمَوْتِهِ وَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ) أَيْ الْجَارِحِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَخَلَّلَتْ الرِّدَّةُ مِنْ الْجَارِحِ) يَعْنِي بِأَنْ جَنَى وَهُوَ مُسْلِمٌ ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ قَبْلَ مَوْتِ الْجَرِيحِ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالزَّائِدُ عَلَيْهِ) أَيْ لِحُصُولِ بَعْضِ السِّرَايَةِ فِي حَالَةِ الرِّدَّةِ فَيَصِيرُ شُبْهَةً دَارِئَةً لِلتَّحَمُّلِ، وَمُقَابِلُ الْمُعْتَمَدِ أَنَّ عَلَى عَاقِلَتِهِ جَمِيعَ الدِّيَةِ اعْتِبَارًا بِالطَّرَفَيْنِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَكَتَبَ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ: قَوْلُهُ وَالزَّائِدُ عَلَيْهِ يُفِيدُ أَنَّ الْأَرْشَ أَقَلُّ مِنْ الدِّيَةِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ زَائِدٌ وَحِينَئِذٍ فَهَذِهِ مُسَاوِيَةٌ لِمَا قَبْلَهَا فِي وُجُوبِ الْأَقَلِّ (قَوْلُهُ: فَأُعْطُوا حُكْمَهُ) فِي أَنَّهُ لَا دِيَةَ عَلَيْهِ، كَمَا أَنَّ الْجَانِيَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَتَحَمَّلُوا حَيْثُ تَعَذَّرَ بَيْتُ الْمَالِ وَلَا عَاقِلَةَ لِلْجَانِي مَعَ تَنْزِيلِهِمْ مَنْزِلَتَهُمْ وَإِعْطَائِهِمْ حُكْمَهُ لِمَا يَأْتِي لَهُ بَعْدُ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يُحْمَلُ أَصْلُهُ وَلَا فَرْعُهُ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْإِيجَابِ (قَوْلُهُ: فَالْأَعْمَامُ) أَيْ لِلْجَانِي كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَأَعْمَامُ الْجَدِّ) الْأَوْلَى فَأَعْمَامُ الْأَبِ فَفُرُوعُهُمْ فَأَعْمَامُ الْجَدِّ إلَخْ لِتَقَدُّمِ أَعْمَامِ الْأَبِ عَلَى أَعْمَامِ الْجَدِّ (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَحَمَّلُ ذَوُو الْأَرْحَامِ إلَّا إذَا وَرَّثْنَاهُمْ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَنْتَظِمْ أَمْرُ بَيْتِ الْمَالِ كَمَا مَرَّ فِي الْفَرَائِضِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ إنْ قُلْنَا بِإِرْثِهِمْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَصَبَتُهُ) أَيْ ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَقٌ أَوْ لَمْ يَفِ مَا عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا عَاقِلَةَ لَهُ وَلَا مَالَ، فَالْوَجْهُ جَعْلُ الْمَسْأَلَةِ مُنْفَصِلَةً عَنْ الْأُولَى، وَتَصْوِيرُهَا بِمَا إذَا كَانَ الْحَافِرُ مُتَوَلِّدًا بَيْنَ عَتِيقَةٍ وَرَقِيقٍ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ حَصَلَ الْهَلَاكُ كَمَا صَنَعَ فِي الرَّوْضَةِ اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ: وَالْبَاقِي فِي مَالِهِ) أَيْ الْبَاقِي مِنْ الدِّيَةِ فِيمَا إذَا كَانَتْ أَكْثَرَ. أَمَّا الْبَاقِي مِنْ أَرْشِ الْجِرَاحَةِ فِيمَا لَوْ كَانَ أَكْثَرَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ، وَالْبَاقِي إلَى تَمَامِ الدِّيَةِ فِي مَالِ الْجَانِي (قَوْلُهُ: فَعَلَى عَاقِلَتِهِ أَرْشُ الْجُرْحِ إلَخْ.) لَمْ يُعْتَبَرْ فِي هَذِهِ الْأَقَلُّ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا، لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَالزَّائِدُ إلَخْ. أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْأَرْشَ أَقَلُّ مِنْ الدِّيَةِ، وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ صَرِيحَةٌ فِي مُسَاوَاةِ هَذِهِ لِمَا قَبْلَهَا (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِمَنْعِ ذَلِكَ) الْمَفْهُومُ مِنْ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُشَارَ إلَيْهِ أَنَّ الْأُنُوثَةَ لَا دَخْلَ لَهَا، وَيُنَافِيهِ قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ أَنَّهَا مُرَجَّحَةٌ إذْ صَرِيحُهُ أَنَّ لَهَا دَخْلًا فَكَانَ الْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ: وَرُدَّ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ أَنَّهَا مُرَجَّحَةٌ بِدَلِيلِ إلَخْ. وَقَدْ سَبَقَ سم إلَى نَظَرِ ذَلِكَ فِي عِبَارَةِ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا وَرَّثْنَاهُمْ) وَظَاهِرٌ أَنَّ رُتْبَتَهُمْ حَيْثُ يَرِثُونَ وَسَيَأْتِي مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُدْلِ بِأَصْلٍ وَلَا فَرْعٍ) يَخْرُجُ نَحْوُ الْخَالِ فَإِنَّهُ مُدْلٍ بِأَصْلٍ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ ذَكَرًا غَيْرَ أَصْلٍ وَلَا فَرْعٍ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: عِنْدَ عَدَمِ الْعَصَبَةِ) أَيْ مِنْ النَّسَبِ وَالْوَلَاءِ (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِمْ إنَاثًا) الْوَجْهُ لِكَوْنِهِمْ مَجَانِينَ

إنَّهُ لَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ؛ إذْ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الْوَلَاءِ وَلَا بِالْوَلَاءِ فِي حَيَاتِهِ فَهُمْ كَالْأَجَانِبِ، وَلَا يَتَحَمَّلُ فَرْعُ الْمُعْتِقِ وَلَا أَصْلُهُ؛ لِأَنَّ تَحَمُّلَ الْمُعْتِقِ عَنْ عَتِيقِهِ بِسَبَبِ إعْتَاقِهِ إيَّاهُ فَنَزَلَ بِالنِّسْبَةِ إلَى فَرَوْعِهِ وَأُصُولِهِ مَنْزِلَةَ جِنَايَتِهِ، أَوْ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ أَخِي الْجَانِي، وَأَصْلُ الْأَخِ وَفَرْعُهُ لَا يَغْرَمَانِ (ثُمَّ مُعْتِقُهُ) أَيْ الْمُعْتِقِ (ثُمَّ عَصَبَتُهُ) إلَّا مَنْ ذُكِرَ ثُمَّ مُعْتِقُ مُعْتِقِ مُعْتِقِهِ وَهَكَذَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ لَهُ وَلَاءٌ عَلَى الْجَانِي وَلَا عَصَبَتُهُ (فَمُعْتِقُ أَبِي الْجَانِي ثُمَّ عَصَبَتُهُ) إلَّا مَنْ ذُكِرَ (ثُمَّ مُعْتِقُ مُعْتِقِ الْأَبِ وَعَصَبَتِهِ) إلَّا مَنْ ذُكِرَ وَالْوَاوُ هُنَا بِمَعْنَى ثُمَّ الَّذِي عَبَّرَ بِهَا أَصْلُهُ (وَكَذَا) الْمَذْكُورُ يَكُونُ الْحُكْمُ فِيمَنْ بَعْدَهُ (أَبَدًا) فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ لَهُ وَلَاءٌ عَلَى أَبِي الْجَانِي فَمُعْتِقُ جَدِّهِ فَعَصَبَتُهُ وَهَكَذَا، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مُعْتِقٌ مِنْ جِهَةِ الْآبَاءِ فَمُعْتِقُ الْأُمِّ وَعَصَبَتُهُ إلَّا مَنْ ذُكِرَ ثُمَّ مُعْتِقُ جَدَّاتِ الْأُمِّ وَجَدَّاتِ الْأَبِ وَمُعْتِقٌ ذَكَرٌ أَدْلَى بِالْأُنْثَى كَأَبِي الْأُمِّ وَنَحْوِهِ (وَعَتِيقُهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (يَعْقِلُهُ عَاقِلَتُهَا) كَمَا يُزَوِّجُ عَتِيقَتَهَا مَنْ يُزَوِّجُهَا لَا هِيَ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَعْقِلُ بِالْإِجْمَاعِ (وَمُعْتِقُونَ كَمُعْتِقٍ) لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي الْوَلَاءِ فَعَلَيْهِمْ رُبْعُ دِينَارٍ أَوْ نِصْفُهُ، فَإِنْ اخْتَلَفُوا فَعَلَى كُلِّ غَنِيٍّ حِصَّتُهُ مِنْ النِّصْفِ لَوْ كَانَ الْكُلُّ أَغْنِيَاءَ وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ حِصَّتُهُ مِنْ الرُّبْعِ لَوْ كَانَ الْكُلُّ مُتَوَسِّطِينَ وَالتَّوْزِيعُ عَلَى حَسَبِ الْمِلْكِ لَا الرُّءُوسِ (وَكُلُّ شَخْصٍ مِنْ عَصَبَةِ كُلِّ مُعْتِقٍ يَحْمِلُ مَا كَانَ يَحْمِلُهُ ذَلِكَ الْمُعْتِقُ) فَإِنْ اتَّحَدَ ضُرِبَ عَلَى كُلٍّ مِنْ عَصَبَتِهِ رُبْعٌ أَوْ نِصْفٌ وَإِنْ تَعَدَّدَ نُظِرَ لِحِصَّتِهِ مِنْ الرُّبْعِ أَوْ النِّصْفِ وَضُرِبَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ عَصَبَتِهِ قَدْرُهَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَلَاءَ يَتَوَزَّعُ عَلَى الشُّرَكَاءِ لَا الْعَصَبَةِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَرِثُونَهُ بَلْ يَرِثُونَ بِهِ فَكُلٌّ مِنْهُمْ انْتَقَلَ لَهُ الْوَلَاءُ كَامِلًا فَلَزِمَ كُلًّا قَدْرُ أَصْلِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّظَرَ فِي الرُّبْعِ وَالنِّصْفِ إلَى غِنَى الْمَضْرُوبِ عَلَيْهِ، فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: مَا كَانَ يَحْمِلُهُ: أَيْ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ لَا بِالنَّظَرِ لِعَيْنِ رُبْعٍ أَوْ نِصْفٍ، فَلَوْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُتَوَسِّطًا وَعَصَبَتُهُ أَغْنِيَاءَ ضُرِبَ عَلَى كُلِّ النِّصْفِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَحْمِلُهُ لَوْ كَانَ مِثْلَهُمْ وَعَكْسُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (وَلَا يَعْقِلُ عَتِيقٌ فِي الْأَظْهَرِ) كَمَا لَا يَرِثُ وَلَا عَصَبَتُهُ قَطْعًا وَلَا عَتِيقُهُ وَقَدْ أَطَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي الِانْتِصَارِ لِمُقَابِلِهِ (فَإِنْ فُقِدَ الْعَاقِلُ) مِمَّنْ ذُكِرَ أَوْ عَدَمُ أَهْلِيَّةِ تَحَمُّلِهِمْ لِفَقْرٍ أَوْ صِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ (أَوْ لَمْ يَفِ) بِالْوَاجِبِ (عَقَلَ بَيْتُ الْمَالِ عَنْ الْمُسْلِمِ) الْكُلَّ أَوْ مَا بَقِيَ كَمَا يَرِثُهُ لِخَبَرِ «أَنَا وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ أَعْقِلُ عَنْهُ وَأَرِثُهُ» لَا عَنْ ذِمِّيٍّ وَمُرْتَدٍّ وَمُعَاهَدٍ وَمُؤَمَّنٍ كَمَا لَا يَرِثُهُمْ فَتَجِبُ فِي مَالِ الْكَافِرِ إنْ كَانَ غَيْرَ حَرْبِيٍّ؛ لِأَنَّ مَالَهُ يَنْتَقِلُ لِبَيْتِ الْمَالِ فَيْئًا لَا إرْثًا وَالْمُرْتَدُّ لَا عَاقِلَةَ لَهُ، فَمَا وَجَبَ بِجِنَايَتِهِ خَطَأً ـــــــــــــــــــــــــــــSفَعَصَبَتُهُ إلَخْ، وَبِهَذَا ظَهَرَ مَعْنَى قَوْلِهِ فَعُلِمَ (قَوْلُهُ: إذْ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الْوَلَاءِ) أَيْ لَا يَثْبُتُ لَهُمْ وَلَا يَسْتَحِقُّونَ بِهِ وِلَايَةً عَلَى الْمَرْأَةِ وَلَا إرْثًا وَلَا غَيْرَهُمَا (قَوْلُهُ: فَنَزَلَ) أَيْ إعْتَاقُهُ، وَقَوْلُهُ مَنْزِلَةَ جِنَايَتِهِ: أَيْ وَهُمْ لَا يَتَحَمَّلُونَ عَنْهُ إذَا جَنَى (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّهُ) أَيْ الْمُعْتِقَ (قَوْلُهُ: وَأَصْلُ الْأَخِ وَفَرْعُهُ) أَيْ الْأَصْلُ يُتَأَمَّلُ فَإِنَّ الضَّمِيرَ إنْ كَانَ رَاجِعًا لِلْأَصْلِ أَشْكَلَ فَإِنَّ فُرُوعَ الْأَصْلِ هُمْ الْإِخْوَةُ لِلْجَانِي، وَإِنْ كَانَ لِلْأَخِ فَفُرُوعُهُ يَغْرَمُونَ بَعْدَهُ كَمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: إلَّا مَنْ ذُكِرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَتَحَمَّلُ فَرْعُ الْمُعْتِقِ وَلَا أَصْلُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مُعْتِقُ جَدَّاتِ الْأُمِّ وَجَدَّاتِ الْأَبِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا تَرْتِيبَ فِي ذَلِكَ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَطَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي الِانْتِصَارِ لِمُقَابِلِهِ) وَلَمْ يَذْكُرْهُ لَكِنْ فِي قَوْلِهِ وَقَدْ أَطَالَ إلَخْ إشَارَةٌ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: عَقَلَ بَيْتُ الْمَالِ) أَيْ يُؤْخَذُ مِنْ سَهْمِ الْمُصَالَحِ مِنْهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فَمَا وَجَبَ بِجِنَايَتِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ صِبْيَانَ مَثَلًا فَإِنَّ الْإِنَاثَ لَسْنَ عَصَبَةً بِالنَّفْسِ الَّذِي هُوَ الْمُرَادُ هُنَا (قَوْلُهُ: وَأَصْلُ الْأَخِ وَفَرْعُهُ لَا يَغْرَمَانِ) هُوَ مُسَلَّمٌ فِي الْأَصْلِ لَا فِي الْفَرْعِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مُعْتِقُ جَدَّاتِ الْأُمِّ) أَيْ الْجَدَّاتِ مِنْ جِهَتِهَا لِيَشْمَلَ أُمَّهَا، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: ثُمَّ مُعْتِقُ الْجَدَّاتِ لِلْأُمِّ انْتَهَتْ. وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ، وَيُوجَدُ فِي نُسَخِ الشَّارِحِ، ثُمَّ مُعْتِقُ جَدِّ أَبِي الْأُمِّ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ بَدَلَ التَّاءِ وَهُوَ تَحْرِيفٌ (قَوْلُهُ: مِنْ الرُّبْعِ أَوْ النِّصْفِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ الْمَتْنِ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: انْتَقَلَ لَهُ الْوَلَاءُ كَامِلًا)

أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ فِي مَالِهِ وَلَوْ قُتِلَ لَقِيطٌ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ أَخَذَ بَيْتُ الْمَالِ دِيَتَهُ مِنْ عَاقِلَةِ قَاتِلِهِ فَإِنْ فُقِدُوا لَمْ يُعْقَلْ عَنْهُ؛ إذْ لَا فَائِدَةَ لِأَخْذِهَا مِنْهُ ثُمَّ رَدِّهَا إلَيْهِ (فَإِنْ) (فُقِدَ) بَيْتُ الْمَالِ بِأَنْ تَعَذَّرَ أَخْذِ الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ مِنْهُ لِعَدَمِ وُجُودِ شَيْءٍ أَوْ مَنَعَ مُتَوَلِّيهِ ذَلِكَ ظُلْمًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ أَوْ كَانَ ثَمَّ مَصْرِفٌ أَهَمُّ (فَكُلُّهُ) أَيْ الْمَالِ الْوَاجِبِ بِالْجِنَايَةِ وَكَذَا بَعْضُهُ إنْ لَمْ تَفِ الْعَاقِلَةُ وَلَا بَيْتُ الْمَالِ بِهِ (عَلَى الْجَانِي) لَا بَعْضُهُ (فِي الْأَظْهَرِ) بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ أَنَّهَا تَلْزَمُهُ ابْتِدَاءً، فَإِنْ كَانَ تَعَذَّرَ ذَلِكَ لِعَدَمِ انْتِظَامِ بَيْتِ الْمَالِ أُخِذَ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ قَبْلَ الْجَانِي كَمَا مَرَّ، وَلَا يُحْمَلُ أَصْلُهُ وَلَا فَرْعُهُ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْإِيجَابِ بِخِلَافِهِمَا. وَالثَّانِي الْمَنْعُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ ابْتِدَاءً عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ جُرِحَ ابْنُ عَتِيقِهِ وَأَبُوهُ قِنٌّ آخَرُ خَطَأً فَعَتَقَ أَبُوهُ وَانْجَرَّ وَلَاؤُهُ لِمَوَالِيهِ ثُمَّ مَاتَ الْجَرِيحُ بِالسِّرَايَةِ لَزِمَ مَوَالِيَ الْأُمِّ أَرْشُ الْجُرْحِ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ حِينَ الْجُرْحِ لَهُمْ، فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ فَعَلَى الْجَانِي دُونَ مَوَالِي أُمِّهِ لِانْتِقَالِ الْوَلَاءِ عَنْهُمْ قَبْلَ وُجُوبِهِ وَمَوَالِي أَبِيهِ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهِ عَلَى الِانْجِرَارِ وَبَيْتِ الْمَالِ لِوُجُودِ جِهَةِ الْوَلَاءِ بِكُلِّ حَالٍ (وَتُؤَجَّلُ) يَعْنِي تَثْبُتُ مُؤَجَّلَةً مِنْ غَيْرِ تَأْجِيلِ أَحَدٍ (عَلَى الْعَاقِلَةِ) وَكَذَا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ أَوْ الْجَانِي (دِيَةُ نَفْسٍ كَامِلَةٍ) بِإِسْلَامٍ وَذُكُورَةٍ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ (ثَلَاثَ سِنِينَ فِي) آخِرِ (كُلِّ سَنَةٍ ثُلُثٌ) مِنْ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ تَتَعَلَّقُ بِالْحَوْلِ فَتَكَرَّرَتْ بِتَكَرُّرِهِ كَالزَّكَاةِ وَلِقَضَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ: دِيَةُ نَفْسٍ كَامِلَةٍ لَا بَدَلُ نَفْسٍ مُحْتَرَمَةٍ، فَدِيَةُ الْمَرْأَةِ وَالذِّمِّيِّ لَا تَكُونُ فِي ثَلَاثٍ كَمَا يَأْتِي، وَإِذَا وَجَبَتْ عَلَى الْجَانِي مُؤَجَّلَةً فَمَاتَ أَثْنَاءَ الْحَوْلِ سَقَطَ وَأُخِذَ مِنْ تَرِكَتِهِ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ أَصَالَةً، وَإِنَّمَا لَمْ تُؤْخَذْ مِنْ تَرِكَةِ مَنْ مَاتَ مِنْ الْعَاقِلَةِ؛ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ (وَ) تُؤَجَّلُ عَلَيْهِمْ دِيَةُ (ذِمِّيٍّ) أَوْ مَجُوسِيٍّ أَوْ مُعَاهَدٍ أَوْ مُؤَمَّنٍ (سَنَةً) ؛ لِأَنَّهَا ثُلُثٌ أَوْ أَقَلُّ مِنْهُ (وَقِيلَ) تُؤَجَّلُ (ثَلَاثًا) ؛ لِأَنَّهَا بَدَلُ نَفْسٍ (وَ) دِيَةُ (امْرَأَةٍ) مُسْلِمَةٍ وَخُنْثَى مُسْلِمٍ (سَنَتَيْنِ فِي) السَّنَةِ (الْأُولَى) (ثُلُثٌ) لِلدِّيَةِ الْكَامِلَةِ وَالْبَاقِي آخِرَ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ (وَقِيلَ) تُؤَجَّلُ (ثَلَاثًا) ؛ لِأَنَّهَا بَدَلُ نَفْسٍ (وَتَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ الْعَبْدَ) أَيْ قِيمَتَهُ إذَا أَتْلَفَهُ لَا بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ وَأَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْأَمَةَ (فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهَا بَدَلُ النَّفْسِ. وَالثَّانِي هِيَ فِي مَالِ الْجَانِي حَالَّةً كَبَدَلِ الْبَهِيمَةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ (فَفِي كُلِّ سَنَةٍ) يَجِبُ (قَدْرُ ثُلُثِ دِيَةٍ) زَادَتْ عَلَى الثَّلَاثِ أَمْ نَقَصَتْ، فَإِنْ وَجَبَ دُونَ ثُلُثٍ أُخِذَ فِي سَنَةٍ أَيْضًا (وَقِيلَ) تَجِبُ (فِي ثَلَاثٍ) مِنْ السِّنِينَ نَقَصَتْ عَنْ دِيَةٍ أَمْ زَادَتْ (وَلَوْ) (قَتَلَ رَجُلَيْنِ) مُسْلِمَيْنِ (فَفِي ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ زَمَنَ الرِّدَّةِ (قَوْلُهُ: أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ فِي مَالِهِ) أَيْ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ هُوَ الْفَيْءُ (قَوْلُهُ: أُخِذَ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ) أَيْ لِأَنَّهُمْ وَارِثُونَ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يُحْمَلُ أَصْلُهُ) عِلَّةٌ لِعَدَمِ الْوُجُوبِ عَلَى بَعْضِ الْجَانِي الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ لَا بَعْضِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ: وَشَرْطُ تَحَمُّلِ الْعَاقِلَةِ أَنْ تَكُونَ صَالِحَةً لِوِلَايَةِ النِّكَاحِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَزِمَ مَوَالِيَ الْأُمِّ أَرْشُ الْجُرْحِ) أَيْ فَقَطْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ فَعَلَى الْجَانِي) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَالْبَاقِي مِنْ الدِّيَةِ إنْ كَانَ عَلَى الْجَانِي اهـ. وَقَوْلُهُ لِوُجُودِ جِهَةِ الْوَلَاءِ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ وُجُودَ تِلْكَ الْجِهَةِ مَانِعٌ مِنْ التَّعَلُّقِ بِبَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهَا التَّحَمُّلُ لِانْتِفَاءِ سَبَبِ لُزُومِ التَّحَمُّلِ مَعَ أَنَّ الْعَاقِلَ لَوْ أَعْسَرَ تَحَمَّلَ بَيْتُ الْمَالِ فَيَكُونُ انْتِفَاءُ سَبَبِ تَحَمُّلِ الْعَاقِلَةِ مَانِعًا مِنْ تَحَمُّلِ بَيْتِ الْمَالِ وَإِعْسَارُهُ غَيْرُ مَانِعٍ مِنْ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ انْتِفَاءُ سَبَبِ التَّحَمُّلِ أَوْلَى مِنْ الْإِعْسَارِ لِعَدَمِ الْمَنْعِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ لِانْتِقَالِ الْوَلَاءِ عَنْهُمْ) أَيْ مَوَالِي الْأُمِّ (قَوْلُهُ: فَمَاتَ أَثْنَاءَ الْحَمْلِ سَقَطَ) أَيْ الْأَجَلُ (قَوْلُهُ: وَالْبَاقِي آخِرَ السَّنَةِ) أَيْ وَهُوَ السُّدُسُ (قَوْلُهُ: لَا بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ خَطَأً) مَعْمُولُ أَتْلَفَهُ، وَقَوْلُهُ لَا بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ اُحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا لَوْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ تَلِفَ فِي يَدِهِ أَوْ أَتْلَفَهُ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ (قَوْلُهُ: زَادَتْ) أَيْ الْقِيمَةُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَتَلَ رَجُلَيْنِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُعْتِقُ وَاحِدًا، وَإِلَّا فَجَمِيعُ حِصَّةِ مُوَرِّثِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُحْمَلُ أَصْلُهُ) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ، وَإِنَّمَا لَمْ يُحْمَلْ إلَخْ. حَتَّى لَا يَكُونَ مُكَرَّرًا وَيَكُونَ تَوْجِيهًا لِمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَلِقَضَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ بِأَنَّهَا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، فَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةُ تَعْلِيلٍ لِأَصْلِ التَّكَرُّرِ وَقَضَاؤُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلِانْحِصَارِ فِي الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَجُوسِيٍّ)

ثَلَاثٍ) مِنْ السِّنِينَ تَجِبُ دِيَتُهُمَا لِاخْتِلَافِ الْمُسْتَحِقِّ (وَقِيلَ) تَجِبُ فِي (سِتٍّ) مِنْ السِّنِينَ لِكُلِّ نَفْسٍ ثَلَاثٌ وَمَا يُؤْخَذُ آخِرَ كُلِّ سَنَةٍ يُقْسَمُ عَلَى مُسْتَحِقِّ الدِّيَتَيْنِ، وَعَكْسُ ذَلِكَ لَوْ قَتَلَ ثَلَاثَةٌ وَاحِدًا فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ ثُلُثُ دِيَةٍ تُؤَجَّلُ عَلَيْهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ نَظَرًا لِاتِّحَادِ الْمُسْتَحِقِّ وَقِيلَ فِي سَنَةٍ (وَالْأَطْرَافُ) وَالْمَعَانِي وَالْأُرُوشُ وَالْحُكُومَاتُ (فِي كُلِّ سَنَةٍ قَدْرُ ثُلُثِ دِيَةٍ) فَإِنْ كَانَتْ نِصْفَ دِيَةٍ فَفِي الْأُولَى ثُلُثٌ وَفِي الثَّانِيَةِ سُدُسٌ أَوْ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا فَفِي الْأُولَى ثُلُثٌ وَفِي الثَّانِيَةِ ثُلُثٌ وَفِي الثَّالِثَةِ نِصْفُ سُدُسٍ أَوْ دِيَتَيْنِ فَفِي سِتِّ سِنِينَ (وَقِيلَ) تَجِبُ (كُلُّهَا فِي سَنَةٍ) بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بَدَلَ نَفْسٍ أَوْ رُبْعَ دِيَةٍ فَفِي سَنَةٍ قَطْعًا (وَأَجَلُ) وَاجِبِ (النَّفْسِ مِنْ) وَقْتِ (الزَّهُوقِ) لَهَا بِمُزْهِقٍ أَوْ بِسِرَايَةِ جُرْحٍ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ يَحِلُّ بِانْقِضَاءِ الْأَجَلِ فَكَانَ ابْتِدَاءُ أَجَلِهِ مِنْ وَقْتِ وُجُوبِهِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ الْمُؤَجَّلَةِ (وَ) أَجَلُ وَاجِبِ (غَيْرِهَا مِنْ) حِينِ (الْجِنَايَةِ) ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ تَعَلَّقَ بِهَا وَإِنْ كَانَ لَا يُطَالَبُ بِبَدَلِهَا إلَّا بَعْدَ الِانْدِمَالِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إنْ لَمْ تَسْرِ لِعُضْوٍ آخَرَ، وَإِلَّا كَأَنْ قَطَعَ أُصْبُعَهُ فَسَرَتْ لِكَفِّهِ مَثَلًا فَأَجَلُ أَرْشِ الْأُصْبُعِ مِنْ قَطْعِهَا وَالْكَفِّ مِنْ سُقُوطِهَا كَمَا اخْتَارَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَجَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْأَنْوَارِ وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ (وَمَنْ) (مَاتَ) مِنْ الْعَاقِلَةِ بَعْدَ سَنَةٍ وَهُوَ مُوسِرٌ أَوْ مُتَوَسِّطٌ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ وَاجِبُهَا وَأُخِذَ مِنْ تَرِكَتِهِ مُقَدَّمًا عَلَى الْوَصَايَا وَالْإِرْثِ أَوْ (بِبَعْضِ سَنَةٍ سَقَطَ) وَاجِبُهَا وَوَاجِبُ مَا بَعْدَهَا عَنْهُ لِمَا مَرَّ أَنَّهَا مُوَاسَاةٌ كَالزَّكَاةِ، وَبِهِ فَارَقَتْ الْجِزْيَةَ؛ لِأَنَّهَا أُجْرَةٌ. لَا يُقَالُ: حُذِفَ فَاعِلٌ سَقَطَ رَأْسًا؛ لِأَنَّ قَرِينَةَ السِّيَاقِ دَالَّةٌ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ كَوْنُهُ ضَمِيرَ مَنْ، وَمَعْنَى سُقُوطِهِ عَدَمُ حُسْبَانِهِ فِيمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ (وَلَا يَعْقِلُ فَقِيرٌ) وَلَوْ كَسُوبًا؛ لِأَنَّهُ مُوَاسَاةٌ، وَهُوَ غَيْرُ أَهْلٍ لَهَا (وَرَقِيقٌ) ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُكَاتَبِ لَا مِلْكَ لَهُ وَالْمُكَاتَبُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْمُوَاسَاةِ وَالْمُبَعَّضُ كَالرَّقِيقِ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ مُعْتَقَ بَعْضِهِ يَعْقِلُ عَنْهُ، وَامْرَأَةٌ وَخُنْثَى كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ الْمَارِّ وَهُمْ عَصَبَتُهُ، نَعَمْ إنْ تَبَيَّنَ ذُكُورَةُ الْخُنْثَى غَرِمَ لِلْمُسْتَحِقِّ حِصَّتَهُ الَّتِي أَدَّاهَا غَيْرُهُ وَلَوْ قَبْلَ رُجُوعِ غَيْرِهِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ فِيمَا يَظْهَرُ (وَصَبِيٌّ مَجْنُونٌ) وَلَوْ مُتَقَطِّعَ الْجُنُونِ وَإِنْ قَلَّ لِانْتِفَاءِ النُّصْرَةِ بِهِمَا بِحَالٍ بِخِلَافِ زَمَنٍ لِبَقَاءِ رَأْيِهِ وَقَوْلِهِ. وَعُلِمَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ الْكَمَالُ بِالتَّكْلِيفِ وَالْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ فِي التَّحَمُّلِ مِنْ الْفِعْلِ إلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ لِكُلِّ نَفْسٍ ثَلَاثٌ) أَيْ مِنْ السِّنِينَ ثُمَّ مَا يُؤْخَذُ إلَخْ: أَيْ فَيُؤْخَذُ فِي آخِرِ كُلِّ سَنَةٍ مِنْ السِّتِّ ثُلُثُ دِيَةٍ (قَوْلُهُ: تُؤَجَّلُ عَلَيْهِ) الْأَوْلَى عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: بِمُزْهِقٍ أَوْ بِسِرَايَةٍ) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ مَثَلًا أَوْ غَيْرِهِ؛ إذْ السِّرَايَةُ لَا تَنْحَصِرُ فِي الْجُرْحِ بَلْ تَحْصُلُ مِنْ غَيْرِهِ كَضَرْبِ وَرَمِ الْبَدَنَ وَأَدَّى لِلْمَوْتِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَالْكَفِّ مِنْ سُقُوطِهَا كَمَا اخْتَارَهُ الْإِمَامُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ أَوَّلُ السِّرَايَةِ إلَى الْكَفِّ (قَوْلُهُ: أَوْ بِبَعْضِ سَنَةٍ) الْبَاءُ بِمَعْنَى فِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّ قَرِينَةَ السِّيَاقِ دَالَّةٌ عَلَيْهِ) أَيْ وَمَا دَلَّ عَلَيْهِ دَلِيلٌ دَلَالَةً ظَاهِرَةً يَكُونُ كَالْمَلْفُوظِ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ أَنَّ مُعْتَقَ بَعْضِهِ يَعْقِلُ عَنْهُ) يَعْنِي حَيْثُ لَمْ تَكُنْ لَهُ عَصَبَةٌ مِنْ النَّسَبِ وَإِلَّا فَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمُعْتَقِ اهـ. وَفِي كَلَامِ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ: وَرَأَيْت فِي بَعْضِ الْكُتُبِ مَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ وَنِصْفُهُ رَقِيقٌ إذَا جَنَى خَطَأً فَنِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ اهـ وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِيمَا قُلْنَاهُ (قَوْلُهُ: وَامْرَأَةً وَخُنْثَى) أَيْ لَا يَعْقِلَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَنْبَغِي حَذْفُهُ (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِ) كَانَ يَنْبَغِي وَغَيْرِهِمَا أَيْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ (قَوْلُهُ: وَاجِبُهَا) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَاجِبُهُ: أَيْ الْبَعْضِ (قَوْلُهُ: لَا يُقَالُ حُذِفَ فَاعِلُ سَقَطَ) قَالَ سم: الْفَاعِلُ لَا يُحْذَفُ، وَإِنْ دَلَّ عَلَيْهِ دَلِيلٌ، إلَّا فِيمَا اُسْتُثْنِيَ فَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ إنَّ فَاعِلَهُ ضَمِيرُ وَاجِبِهِ وَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ، وَيَكْفِي فِي إضْمَارِ الْفَاعِلِ دَلَالَةُ السِّيَاقِ، وَفُرِّقَ بَيْنَ الْإِضْمَارِ وَالْحَذْفِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ كَوْنُهُ ضَمِيرَ مَنْ) قَدْ يُقَالُ إنَّ هَذَا هُوَ الْأَوْلَى مَعَ أَنَّهُ ظَاهِرُ الْمَتْنِ فَلِمَ قَدَّمَ ذَاكَ وَأَتَى بِهَذَا (قَوْلُهُ: وَالْإِسْلَامِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَالتَّوَافُقِ فِي الدِّينِ

مُضِيِّ أَجَلِ كُلِّ سَنَةٍ (وَمُسْلِمٌ عَنْ كَافِرٍ وَعَكْسُهُ) إذْ لَا مُنَاصَرَةَ كَالْإِرْثِ (وَيَعْقِلُ) ذِمِّيٌّ (يَهُودِيٌّ) أَوْ مُعَاهَدٌ أَوْ مُؤَمَّنٌ زَادَتْ مُدَّةُ عَهْدِهِ عَلَى أَجَلِ الدِّيَةِ وَلَمْ يَنْقَطِعْ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ نَعَمْ يَكْفِي فِي تَحَمُّلِ كُلِّ حَوْلٍ عَلَى انْفِرَادِهِ زِيَادَةُ مُدَّةِ الْعَهْدِ عَلَيْهِ (عَنْ) ذِمِّيٍّ (نَصْرَانِيٍّ) أَوْ مُعَاهَدٍ أَوْ مُؤَمَّنٍ (وَعَكْسُهُ فِي الْأَظْهَرِ) كَالْإِرْثِ، وَمِنْ ثَمَّ اخْتَصَّ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِمَا إذَا كَانُوا فِي دَارِنَا؛ لِأَنَّهُمْ حِينَئِذٍ تَحْتَ حُكْمِنَا، أَمَّا الْحَرْبِيُّ فَلَا يَعْقِلُ عَنْ نَحْوِ ذِمِّيٍّ وَعَكْسِهِ لِانْقِطَاعِ النُّصْرَةِ بَيْنَهُمَا لِاخْتِلَافِ الدَّارِ، وَلِأَنَّ التَّغْرِيمَ تَضْمِينٌ وَالْحَرْبِيُّ لَا يَضْمَنُ مَا يُتْلِفُهُ بِنَفْسِهِ، فَلَأَنْ لَا يَضْمَنَ مَا يُتْلِفُهُ قَرِيبُهُ بِالْأَوْلَى. وَالثَّانِي نَظَرٌ إلَى انْقِطَاعِ الْمُوَالَاةِ بَيْنَهُمَا (وَعَلَى الْغَنِيِّ) مِنْ الْعَاقِلَةِ (نِصْفُ دِينَارٍ) أَيْ مِثْقَالُ ذَهَبٍ خَالِصٍ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا وَجَبَ فِي الزَّكَاةِ وَمَرَّ أَنَّ التَّحَمُّلَ مُوَاسَاةٌ مِثْلُهَا (وَالْمُتَوَسِّطُ رُبْعٌ) مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ وَاسِطَةٌ بَيْنَ الْفَقِيرِ الَّذِي لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَالْغَنِيِّ الَّذِي عَلَيْهِ نِصْفٌ فَإِلْحَاقُهُ بِأَحَدِهِمَا تَفْرِيطٌ أَوْ إفْرَاطٌ، وَالنَّاقِصُ عَنْ الرُّبْعِ تَافِهٌ؛ وَلِذَا لَمْ يُقْطَعْ بِهِ سَارِقٌ، وَلَا يَتَعَيَّنُ الذَّهَبُ وَلَا الدَّرَاهِمُ بَلْ يَكْفِي مِقْدَارُ أَحَدِهِمَا إذْ الْوَاجِبُ الْإِبِلُ حَيْثُ وُجِدَتْ حَالَةَ الْأَدَاءِ الْوَاجِبِ كُلَّ نَجْمٍ، وَلَا يُعْتَبَرُ بَعْضُ النُّجُومِ بِبَعْضٍ وَمَا يُوجَدُ يُصْرَفُ إلَيْهَا، وَلَوْ زَادَ عَدَدُهُمْ وَقَدْ اسْتَوَوْا فِي الْقُرْبِ عَلَى قَدْرِ وَاجِبِ سَنَةٍ قُسِّطَ عَلَيْهِمْ وَنَقَصَ كُلٌّ مِنْهُمْ مِنْ النِّصْفِ أَوْ الرُّبْعِ، وَضَابِطُ الْغَنِيِّ هُنَا كَمَا فِي الزَّكَاةِ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ فِي مَنْهَجِهِ وَهُوَ مَنْ مَلَكَ آخِرَ السَّنَةِ فَاضِلًا عَنْ حَاجَتِهِ عِشْرِينَ دِينَارًا، وَالْمُتَوَسِّطُ مَنْ مَلَكَ آخِرَهَا فَاضِلًا عَنْ حَاجَتِهِ دُونَ الْعِشْرِينَ وَفَوْقَ رُبْعِ دِينَارٍ (كُلَّ سَنَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ) ؛ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ تَتَعَلَّقُ بِالْحَوْلِ فَتَكَرَّرَتْ بِتَكَرُّرِهِ وَلَمْ يَتَجَاوَزْ الثَّلَاثَ لِلنَّصِّ كَمَا مَرَّ، فَجَمِيعُ مَا عَلَى كُلِّ غَنِيٍّ فِي الثَّلَاثِ دِينَارٌ وَنِصْفٌ وَمَا عَلَى الْمُتَوَسِّطِ نِصْفٌ وَرُبْعٌ (وَقِيلَ هُوَ) أَيْ النِّصْفُ وَالرُّبْعُ (وَاجِبُ الثَّلَاثِ) فَيُؤَدِّي الْغَنِيُّ آخِرَ كُلِّ سَنَةٍ سُدُسًا وَالْمُتَوَسِّطُ نِصْفَ سُدُسٍ (وَيُعْتَبَرَانِ) أَيْ الْغِنَى وَالتَّوَسُّطُ (آخِرَ الْحَوْلِ) كَالزَّكَاةِ، فَالْمُعْسِرُ آخِرَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: زَادَتْ مُدَّةُ عَهْدِهِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ سَاوَتْ فَلَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَنْقَطِعْ) أَيْ أَمَانُهُ (قَوْلُهُ: وَعَكْسُهُ فِي الْأَظْهَرِ) وَصُورَتُهُ أَنَّهُ يَتَزَوَّجُ نَصْرَانِيٌّ بِيَهُودِيَّةٍ أَوْ عَكْسُهُ وَيَحْصُلُ بَيْنَهُمَا أَوْلَادٌ فَيَخْتَارُ بَعْضُهُمْ بَعْدَ بُلُوغِهِ الْيَهُودِيَّةَ، وَالْآخَرُ النَّصْرَانِيَّةَ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ اُخْتُصَّ ذَلِكَ) أَيْ تَحَمُّلُ الذِّمِّيِّ وَنَحْوِهِ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: بِاخْتِلَافِ الدَّارِ) كَأَنَّهُ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الذِّمِّيَّ فِي دَارِنَا دُونَ الْحَرْبِيِّ؛ إذْ لَوْ كَانَ الذِّمِّيُّ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَيْضًا لَمْ يَعْقِلْ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ بِالْأَوْلَى مِمَّا لَوْ كَانَ الذِّمِّيَّانِ بِدَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّهُ لَا يَعْقِلُ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ سم عَلَى حَجّ. وَكُتِبَ أَيْضًا فِيهِ أَنَّهُ قَدْ تَتَّحِدُ الدَّارُ بِأَنْ يُعْقَدَ لِقَوْمٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ كَمَا يُؤْخَذُ بِالْأَوْلَى مِمَّا لَوْ كَانَ الذِّمِّيَّانِ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّهُ لَا يَعْقِلُ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي قَوْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ اخْتَصَّ إلَخْ، فَكَانَ قَوْلُهُ بِاخْتِلَافِ الدَّارِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ (قَوْلُهُ: نِصْفُ دِينَارٍ) وَالدِّينَارُ يُسَاوِي الْآنَ بِالْفِضَّةِ الْمُتَعَامَلِ بِهَا نَحْوَ سَبْعِينَ نِصْفًا فِضَّةً أَوْ أَكْثَرَ وَمَتَى زَادَ سِعْرُهُ أَوْ نَقَصَ اُعْتُدَّ حَالُهُ وَقْتَ الْأَخْذِ مِنْهُ وَإِنْ صَارَ يُسَاوِي مِائَتَيْ نِصْفٍ فَأَكْثَرَ (قَوْلُهُ: فَإِلْحَاقُهُ بِأَحَدِهِمَا تَفْرِيطٌ) أَيْ تَسَاهُلٌ (قَوْلُهُ: أَوْ إفْرَاطٌ) أَيْ مُجَاوِزٌ فِي الْحَدِّ (قَوْلُهُ عَلَى قَدْرِ وَاجِبِ سَنَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِزَادَ (قَوْلُهُ: فَاضِلًا عَنْ حَاجَتِهِ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْغَنِيِّ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا زِيَادَةً عَلَى كِفَايَتِهِ الْعُمْرَ الْغَالِبَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: أَوْ مُعَاهَدٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى ذِمِّيٍّ وَكَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُ ذِمِّيٍّ عَنْ يَهُودِيٍّ لِيَظْهَرَ الْعَطْفُ (قَوْلُهُ: الْوَاجِبُ كُلُّ نَجْمٍ) مُتَعَلِّقٌ بِالْأَدَاءِ، وَيُوجَدُ فِي النُّسَخِ الْوَاجِبُ بِزِيَادَةِ أَلِفٍ قَبْلَ اللَّامِ وَهُوَ غَيْرُ سَدِيدٍ (قَوْلُهُ: مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي) كَانَ الْأَوْلَى كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَنْ مَلَكَ آخِرَ السَّنَةِ فَاضِلًا إلَخْ.) فَالتَّشْبِيهُ بِالزَّكَاةِ إنَّمَا هُوَ فِي مُطْلَقِ الْفَضْلِ، وَإِلَّا فَالزَّكَاةُ لَا يُعْتَبَرُ فِي غَنِيِّهَا فَضْلُ عِشْرِينَ دِينَارًا وَالْمُرَادُ بِالْكِفَايَةِ الْكِفَايَةُ لِلْعُمْرِ الْغَالِبِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّشْبِيهُ

[فصل في جناية الرقيق]

لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ أَوَّلَهُ أَوْ بَعْدَهُ غَنِيًّا، وَعَكْسُهُ عَلَيْهِ وَاجِبُهُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ غَيْرَهُمَا مِنْ الشُّرُوطِ لَا يُعْتَبَرُ بِآخِرِهِ. وَهُوَ كَذَلِكَ، فَالْكَافِرُ وَالْقِنُّ وَالصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ أَوَّلَ الْأَجَلِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَمُلُوا قَبْلَ آخِرِ السَّنَةِ الْأُولَى وَفَارَقُوا الْمُعْسِرَ بِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمْ لِلنُّصْرَةِ ابْتِدَاءً فَلَمْ نُكَلِّفْهُمْ بِهَا فِي الْأَثْنَاءِ بِخِلَافِهِ (وَمَنْ) (أُعْسِرَ فِيهِ) أَيْ آخِرَ الْحَوْلِ (سَقَطَ) عَنْهُ وَاجِبُ ذَلِكَ الْحَوْلِ وَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدَهُ، وَلَوْ طَرَأَ جُنُونٌ أَثْنَاءَ حَوْلٍ سَقَطَ وَاجِبُهُ فَقَطْ وَكَذَا الرِّقُّ بِأَنْ حَارَبَ ذِمِّيٌّ ثُمَّ اُسْتُرِقَّ. (فَصْلٌ) فِي جِنَايَةِ الرَّقِيقِ (مَالُ جِنَايَةِ الْعَبْدِ) أَيْ الرَّقِيقِ خَطَأً كَانَتْ أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ أَوْ عَمْدًا وَعُفِيَ عَلَى مَالٍ وَإِنْ فُدِيَ مِنْ جِنَايَاتٍ سَابِقَةٍ (تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ) إجْمَاعًا وَلِأَنَّهُ الْعَدْلُ إذْ لَا يُمْكِنُ إلْزَامُهُ لِسَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ إضْرَارٌ بِهِ مَعَ بَرَاءَتِهِ، وَلَا أَنْ يُقَالَ بِبَقَائِهِ فِي ذِمَّتِهِ إلَى عِتْقِهِ؛ لِأَنَّهُ تَفْوِيتٌ لِلضَّمَانِ أَوْ تَأْخِيرٌ إلَى مَجْهُولٍ وَفِيهِ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ، وَفَارَقَ مُعَامَلَةَ غَيْرِهِ لَهُ بِرِضَاهُ بِذِمَّتِهِ فَالتَّعَلُّقُ بِالرَّقَبَةِ طَرِيقٌ وَسَطٌ فِي رِعَايَةِ الْجَانِبَيْنِ، فَإِنْ حَصَلَتْ الْبَرَاءَةُ عَنْ بَعْضِ الْوَاجِبِ انْفَكَّ مِنْهُ بِقِسْطِهِ، وَيُفَارِقُ الْمَرْهُونَ بِأَنَّ الرَّاهِنَ حُجِرَ عَلَى نَفْسِهِ فِيهِ، وَيُخَالِفُ مَا ذُكِرَ هُنَا الْوَاجِبَ بِجِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ؛ لِأَنَّ جِنَايَةَ الْعَبْدِ مُضَافَةٌ إلَيْهِ فَإِنَّهُ يَتَصَرَّفُ بِاخْتِيَارِهِ وَلِذَلِكَ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ إذَا أَوْجَبَتْهُ الْجِنَايَةُ بِخِلَافِ الْبَهِيمَةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ الْقِنُّ غَيْرَ مُمَيِّزٍ أَوْ أَعْجَمِيًّا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ آمِرِهِ لَزِمَ ذَلِكَ الْآمِرُ سَيِّدًا أَوْ أَجْنَبِيًّا كَأَمْرِهِ لَهُ بِالسَّرِقَةِ حَيْثُ يُقْطَعُ الْآمِرُ أَيْضًا، بِخِلَافِ أَمْرِ السَّيِّدِ أَوْ غَيْرِهِ لِلْمُمَيِّزِ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ التَّعَلُّقَ بِرَقَبَتِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ، وَلَوْ لَمْ يَأْمُرْ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ أَحَدٌ تَعَلَّقَتْ بِرَقَبَتِهِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ ذَوِي الِاخْتِيَارِ. نَعَمْ إنْ أَقَرَّ الرَّقِيقُ بِالْجِنَايَةِ، وَلَمْ يُصَدِّقْهُ سَيِّدُهُ تَعَلَّقَ وَاجِبُهَا بِذِمَّتِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ، أَوْ اطَّلَعَ سَيِّدُهُ عَلَى لُقَطَةٍ فِي يَدِهِ وَأَقَرَّهَا عِنْدَهُ أَوْ أَهْمَلَهُ وَأَعْرَضَ عَنْهُ فَأَتْلَفَهَا أَوْ تَلِفَتْ عِنْدَهُ تَعَلَّقَ الْمَالُ بِرَقَبَتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSعِشْرِينَ دِينَارًا، وَفِي الْمُتَوَسِّطِ مَالِكًا زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ فَوْقَ الرُّبْعِ وَدُونَ الْعِشْرِينَ، وَذَلِكَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَمْلِكْ كِفَايَةَ الْعُمْرِ الْغَالِبِ يَكُونُ فَقِيرًا وَالْفَقِيرُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّحَمُّلُ، وَقَرَّرَهُ كَذَلِكَ م ر لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِ لِئَلَّا يَصِيرَ فَقِيرًا إلَخْ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ طَرَأَ جُنُونٌ أَثْنَاءَ حَوْلٍ) أَيْ لِلْمُعْسِرِ، وَقَوْلُهُ فَقَطْ: أَيْ دُونَ مَا قَبْلَهُ. (فَصْلٌ) فِي جِنَايَةِ الرَّقِيقِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَمْدًا وَعُفِيَ عَلَى مَالٍ) أَيْ أَوْ عَمْدًا لَا قِصَاصَ فِيهِ أَوْ إتْلَافًا لِمَالِ غَيْرِ سَيِّدِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ فُدِيَ مِنْ جِنَايَاتٍ سَابِقَةٍ) هَذِهِ الْغَايَةُ تُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ وَلَوْ فَدَاهُ ثُمَّ جَنَى إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي رِعَايَةِ الْجَانِبَيْنِ) أَيْ السَّيِّدِ وَالْمُسْتَحِقِّ (قَوْلُهُ: الْوَاجِبَ بِجِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ) أَيْ حَيْثُ لَا يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَةِ الْبَهِيمَةِ بَلْ يَجِبُ عَلَى مَالِكِهَا بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَكَالْمَالِكِ كُلُّ مَنْ كَانَتْ فِي يَدِهِ (قَوْلُهُ: إذَا أَوْجَبَتْهُ الْجِنَايَةُ) أَيْ بِأَنْ وُجِدَتْ الْمُكَافَأَةُ وَالْجِنَايَةُ عَمْدَ عُدْوَانٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ) أَيْ وَلَهُ اخْتِيَارٌ (قَوْلُهُ: تَعَلَّقَ وَاجِبُهَا بِذِمَّتِهِ) ع قَالَ الْإِمَامُ: وَيُطَالَبُ بِجَمِيعِ الْأَرْشِ، وَقِيلَ: أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُ سم وَيُطَالَبُ بِجَمِيعِ الْأَرْشِ: أَيْ بَعْدَ الْعِتْقِ وَالْيَسَارِ (قَوْلُهُ: أَوْ اطَّلَعَ سَيِّدُهُ عَلَى لُقَطَةٍ فِي يَدِهِ) يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ حُكْمُ اللُّقَطَةِ، مَا لَوْ أَوْدَعَهُ إنْسَانٌ وَدِيعَةً وَأَتْلَفَهَا فَلَا تَتَعَلَّقُ بِسَائِرِ أَمْوَالِ السَّيِّدِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ صَاحِبَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَنَبَّهَ عَلَيْهِ سم فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَمَلُوا إلَخْ.) أَيْ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. [فَصْلٌ فِي جِنَايَةِ الرَّقِيقِ]

وَبِسَائِرِ أَمْوَالِ السَّيِّدِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ، وَمَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ أَنَّ جِنَايَةَ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ بِأَمْرِ سَيِّدِهِ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى الْآمِرِ فَيَفْدِيهِ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَالْمُبَعَّضُ يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ وَاجِبِ جِنَايَتِهِ بِنِسْبَةِ حُرِّيَّتِهِ، وَمَا فِيهِ مِنْ الرِّقِّ يَتَعَلَّقُ بِهِ بَاقِي الْجِنَايَةِ، وَيَفْدِيهِ السَّيِّدُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ حِصَّتَيْ وَاجِبِهَا وَالْقِيمَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (وَلِسَيِّدِهِ) بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ (بَيْعُهُ) أَوْ بَيْعُ مَا يَمْلِكُهُ مِنْهُ (لَهَا) أَيْ لِأَجْلِهَا بِإِذْنِ الْمُسْتَحِقِّ أَوْ تَسْلِيمِهِ لِيُبَاعَ فِيهَا (وَفِدَاؤُهُ) كَالْمَرْهُونِ، وَيُقْتَصَرُ فِي الْبَيْعِ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ مَا لَمْ يَخْتَرْ السَّيِّدُ بَيْعَ الْجَمِيعِ أَوْ يَتَعَذَّرْ وُجُودُ رَاغِبٍ فِي الْبَعْضِ وَإِذَا اخْتَارَ فِدَاءَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا (بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ) يَوْمَ الْجِنَايَةِ (وَأَرْشِهَا) ؛ لِأَنَّ الْأَقَلَّ إنْ كَانَ الْقِيمَةَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُ تَسْلِيمِ الرَّقَبَةِ وَهِيَ بَدَلُهَا أَوْ الْأَرْشِ فَهُوَ الْوَاجِبُ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ كَمَا حُكِيَ عَنْ النَّصِّ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ لِتَوَجُّهِ طَلَبِ الْفِدَاءِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَوْمَ تَعَلُّقِهَا، وَاعْتَبَرَ الْقَفَّالُ يَوْمَ الْفِدَاءِ؛ لِأَنَّ النَّقْصَ قَبْلَهُ لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ بِدَلِيلِ مَا لَوْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ، وَحُمِلَ النَّصُّ عَلَى مَنْعِ بَيْعِهِ حَالَ الْجِنَايَةِ ثُمَّ نَقَصَتْ الْقِيمَةُ، وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ مُتَّجَهٌ، وَاعْتَمَدَهُ الشَّيْخُ أَيْضًا، نَعَمْ إنْ مُنِعَ مِنْ بَيْعِهِ ثُمَّ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ عَنْ وَقْتِ الْجِنَايَةِ اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ وَقْتَهَا (وَفِي الْقَدِيمِ بِأَرْشِهَا) بَالِغًا مَا بَلَغَ (وَلَا يَتَعَلَّقُ) مَالُ الْجِنَايَةِ الثَّابِتَةِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارِ السَّيِّدِ وَلَا مَانِعَ (بِذِمَّتِهِ) وَلَا بِكَسْبِهِ وَحْدَهُمَا وَلَا (مَعَ رَقَبَتِهِ فِي الْأَظْهَرِ) وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْجِنَايَةِ فَمَا بَقِيَ عَنْ الرَّقَبَةِ يَضِيعُ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَعَلَّقَ بِالذِّمَّةِ لَمَا تَعَلَّقَ بِالرَّقَبَةِ كَدُيُونِ الْمُعَامَلَاتِ. أَمَّا لَوْ أَقَرَّ بِهَا السَّيِّدُ وَثَمَّ مَانِعٌ كَرَهْنٍ فَأَنْكَرَ الْمُرْتَهِنُ، وَحَلَفَ بِيعَ فِي الدَّيْنِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى السَّيِّدِ، وَلَا يُرَدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ أَقَرَّ السَّيِّدُ بِأَنَّ الَّذِي جَنَى عَلَيْهِ قِنُّهُ قِيمَتُهُ أَلْفٌ وَقَالَ الْقِنُّ: أَلْفَيْنٍ فَإِنَّهُ وَإِنْ تَعَلَّقَ أَلْفٌ بِالرَّقَبَةِ، وَأَلْفٌ بِالذِّمَّةِ كَمَا فِي الْأُمِّ لَكِنْ اخْتَلَفَتْ جِهَةُ التَّعَلُّقِ (وَلَوْ فَدَاهُ ثُمَّ جَنَى سَلَّمَهُ لِلْبَيْعِ) أَيْ لِيُبَاعَ أَوْ بَاعَهُ كَمَا مَرَّ (أَوْ فَدَاهُ) مَرَّةً أُخْرَى وَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِرَارًا؛ لِأَنَّهُ الْآنَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ غَيْرُ هَذِهِ الْجِنَايَةِ (وَلَوْ جَنَى ثَانِيًا قَبْلَ الْفِدَاءِ بَاعَهُ) أَوْ سَلَّمَهُ لِيُبَاعَ (فِيهِمَا) وَوَزَّعَ الثَّمَنَ عَلَى أَرْشِ الْجِنَايَتَيْنِ (أَوْ فَدَاهُ بِالْأَقَلِّ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْوَدِيعَةِ مُقَصِّرٌ بِوَضْعِهَا عِنْدَهُ بِخِلَافِ صَاحِبِ اللُّقَطَةِ تَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَبِسَائِرِ أَمْوَالِ السَّيِّدِ) اُنْظُرْ هَلْ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ السَّيِّدِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: الظَّاهِرُ نَعَمْ، بَلْ لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْمَالَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ السَّيِّدِ، وَقَوْلُهُمْ: وَبِسَائِرِ أَمْوَالِ السَّيِّدِ الْمُرَادُ مِنْهُ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَكَتَبَ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: أَيْ أَنَّهُ يَلْزَمُ بِالْإِعْطَاءِ مِنْهَا مَثَلًا لَا أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهَا كَالتَّعَلُّقِ بِمَالِ الْمُفْلِسِ (قَوْلُهُ: وَلِسَيِّدِهِ بَيْعُهُ) ع: فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي أَنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ مَنْصُورٌ الْفَقِيهُ أَنَّهُ يُبَاعُ مِنْهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِقَدْرِ ثُلُثِ الْجِنَايَةِ فِي الْخَطَأِ وَتَكُونُ الدِّيَةُ فِيهِ مُؤَجَّلَةً فِي ثَلَاثِ سِنِينَ فِي رَقَبَتِهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَالظَّاهِرُ مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ خِلَافُهُ وَأَنَّهُ يُبَاعُ حَالًّا، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُمْ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْعَمْدِ وَغَيْرِهِ. عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ فِي ذَلِكَ تَفْوِيتٌ لِبَعْضِ قِيمَتِهِ (قَوْلُهُ: وَيَقْتَصِرُ) أَيْ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ) أَيْ الْحَمْلَ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ مُنِعَ مِنْ بَيْعِهِ) يُتَأَمَّلُ مَوْقِعُ هَذَا الِاسْتِدْرَاكِ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ عَلَى قَوْلِهِ أَوَّلًا يَوْمَ الْجِنَايَةِ لَمْ يَظْهَرْ، وَإِنْ كَانَ عَلَى قَوْلِهِ يَوْمَ الْفِدَاءِ فَهُوَ عَيْنُ الْحَمْلِ السَّابِقِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَعَلَّقُ مَالُ الْجِنَايَةِ) مُسْتَأْنَفٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ أَقَرَّ بِهَا) أَيْ الْجِنَايَةِ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: وَلَا مَانِعَ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ وَإِنْ تَعَلَّقَ إلَخْ) الْفَاءُ بِمَعْنَى اللَّامِ (قَوْلُهُ: وَأَلْفٌ بِالذِّمَّةِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لَكِنْ اخْتَلَفَتْ جِهَةُ التَّعَلُّقِ) أَيْ فَأَلْفُ السَّيِّدِ لِتَصْدِيقِهِ عَلَى تَعَلُّقِهَا بِالرَّقَبَةِ وَأَلْفُ الْعَبْدِ لِإِنْكَارِ السَّيِّدِ لَهَا وَاعْتِرَافِ الْقِنِّ بِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ جَنَى ثَانِيًا قَبْلَ الْفِدَاءِ) . ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ إلَخْ.) حَقُّ الْعِبَارَةِ: وَمَرَّ أَنَّ جِنَايَةَ الرَّقِيقِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَيَفْدِيهِ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ) صَوَابُهُ: فَيَلْزَمُهُ أَرْشُ الْجِنَايَةِ إلَخْ. لِأَنَّ الرَّقَبَةَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حِينَئِذٍ شَيْءٌ حَتَّى تُفْدَى (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ مُنِعَ مِنْ بَيْعِهِ إلَخْ.) أَيْ إذَا قُلْنَا بِكَلَامِ الْقَفَّالِ، عَلَى أَنَّ هَذَا الِاسْتِدْرَاكَ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ مَا قَدَّمَهُ مِنْ حَمْلِ الْقَفَّالِ لِلنَّصِّ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ)

مِنْ قِيمَتِهِ وَالْأَرْشَيْنِ) عَلَى الْجَدِيدِ (وَفِي الْقَدِيمِ) يَفْدِيهِ. (بِالْأَرْشَيْنِ) وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إنْ لَمْ يَمْتَنِعْ مِنْ بَيْعِهِ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ، وَإِلَّا لَزِمَهُ فِدَاءُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْأَقَلِّ مِنْ أَرْشِهَا وَقِيمَتِهِ (وَلَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ بَاعَهُ وَصَحَّحْنَاهُمَا) بِأَنْ أَعْتَقَهُ مُوسِرًا أَوْ بَاعَهُ بَعْدَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ (أَوْ قَتَلَهُ فَدَاهُ) وُجُوبًا؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ مَحَلَّ التَّعَلُّقِ فَإِنْ تَعَذَّرَ الْفِدَاءُ لِنَحْوِ إفْلَاسِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ أَوْ صَبْرِهِ عَلَى الْحَبْسِ فُسِخَ الْبَيْعُ وَبِيعَ فِي الْجِنَايَةِ وَفِدَاؤُهُ هُنَا (بِالْأَقَلِّ) مِنْ قِيمَتِهِ وَالْأَرْشِ جَزْمًا لِتَعَذُّرِ الْبَيْعِ (وَقِيلَ) يَجْرِي هُنَا أَيْضًا (الْقَوْلَانِ) السَّابِقَانِ (وَلَوْ) (هَرَبَ) الْعَبْدُ الْجَانِي (أَوْ مَاتَ) قَبْلَ اخْتِيَارِ سَيِّدِهِ الْفِدَاءَ (بَرِئَ سَيِّدُهُ) مِنْ عَلَقَتِهِ لِفَوَاتِ الرَّقَبَةِ (إلَّا إذَا طُلِبَ) مِنْهُ لِيُبَاعَ (فَمَنَعَهُ) لِتَعَدِّيهِ بِالْمَنْعِ، وَيَصِيرُ بِذَلِكَ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يُطْلَبْ مِنْهُ أَوْ طُلِبَ فَلَمْ يَمْنَعْهُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِهِ، وَإِنْ عَلِمَ مَحَلَّهُ وَقَدَرَ عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ يُرَدُّ بِمَنْعِ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ تَحْتَ يَدِهِ، نَعَمْ يَلْزَمُهُ الْإِعْلَامُ بِهِ لَكِنَّ هَذَا غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِهِ؛ إذْ كُلُّ مَنْ عَلِمَ بِهِ لَزِمَهُ فِيمَا يَظْهَرُ (وَلَوْ) (اخْتَارَ الْفِدَاءَ) بِالْقَوْلِ دُونَ الْفِعْلِ كَوَطْءِ الْأَمَةِ (فَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ وَتَسْلِيمَهُ) لِيُبَاعَ إذْ اخْتِيَارُهُ مُجَرَّدُ وَعْدٍ لَا يَلْزَمُ وَلَمْ يَحْصُلْ يَأْسٌ مِنْ بَيْعِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ لَمْ يَرْجِعْ جَزْمًا، وَكَذَا لَوْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ مَا لَمْ يَغْرَمْ النَّقْصَ وَلَوْ بَاعَهُ بِإِذْنِ الْمُسْتَحِقِّ بِشَرْطِ الْفِدَاءِ لَزِمَهُ وَامْتَنَعَ رُجُوعُهُ، وَكَذَا يَمْتَنِعُ لَوْ كَانَ الْبَيْعُ يَتَأَخَّرُ تَأَخُّرًا يَضُرُّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ الْفِدَاءُ (وَيَفْدِي أُمَّ وَلَدِهِ) وُجُوبًا وَإِنْ مَاتَتْ عَقِبَ الْجِنَايَةِ لِمَنْعِهِ بَيْعَهَا بِالْإِيلَادِ كَمَا لَوْ قَتَلَهَا، بِخِلَافِ مَوْتِ الْعَبْدِ لِتَعَلُّقِ الْأَرْشِ بِرَقَبَتِهِ، فَإِذَا مَاتَ بِلَا تَقْصِيرٍ فَلَا أَرْشَ ـــــــــــــــــــــــــــــS [فَائِدَةٌ] قَالَ الْوَزِيرُ الْغَزِّيِّ: يُقَالُ فَدَى إذَا دَفَعَ مَالًا وَأَخَذَ رَجُلًا وَأَفْدَى: إذَا دَفَعَ رَجُلًا وَأَخَذَ مَالًا وَفَادَى: إذَا دَفَعَ رَجُلًا وَأَخَذَ رَجُلًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: أَوْ بَاعَهُ بَعْدَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَتَلَهُ فَدَاهُ وُجُوبًا) وَلَوْ قَتَلَ الْجَانِي قَتْلًا يُوجِبُ قَوَدًا فَاقْتَصَّ سَيِّدُهُ لَزِمَهُ الْفِدَاءُ قَالَهُ الْبَغَوِيّ. قَالَ صَاحِبُ الْعُبَابِ: وَفِيهِ نَظَرٌ: يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ الَّذِي تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ إذَا قَتَلَهُ عَبْدٌ مِثْلُهُ عَمْدًا عُدْوَانًا تَعَلَّقَ الْقِصَاصُ بِرَقَبَتِهِ، فَإِذَا قَتَلَهُ السَّيِّدُ لَزِمَهُ الْفِدَاءُ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ مَحَلَّ تَعَلُّقِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ بَيَّنَ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَجْهَهُ بِقَوْلِهِ: وَهُوَ مُخَالِفٌ لِنَظِيرِهِ مِنْ الْمَرْهُونِ. قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ فِي الرَّهْنِ: فَلَوْ وَجَبَ قِصَاصٌ اقْتَصَّ الرَّاهِنُ وَفَاتَ الرَّهْنُ اهـ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ مُتَعَلِّقٌ بِالذِّمَّةِ أَيْضًا فَلَهُ مَرَدٌّ بَعْدَ فَوَاتِ الرَّهْنِ، بِخِلَافِ حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَصَاحِبُ الْعُبَابِ نَقَلَ لُزُومَ الْفِدَاءِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ الْبَغَوِيّ، وَنَظَرَ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ: لِنَحْوِ إفْلَاسِهِ) أَيْ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَبِيعَ فِي الْجِنَايَةِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ الْعِتْقُ، وَيُوَجَّهُ بِشِدَّةِ تَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا طُلِبَ مِنْهُ لِيُبَاعَ فَمَنَعَهُ) أَيْ فَلَوْ ادَّعَى الْمُسْتَحِقُّ مَنْعَهُ وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ صُدِّقَ السَّيِّدُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمَنْعِ وَعَدَمُ طَلَبِ الْمُسْتَحِقِّ الْبَيْعَ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ) أَيْ الزَّرْكَشِيّ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ بِالْقَوْلِ دُونَ: أَيْ وَيَحْصُلُ بِالْقَوْلِ دُونَ إلَخْ؛ إذْ وَطْءُ الْأَمَةِ لَيْسَ اخْتِيَارًا (قَوْلُهُ: كَوَطْءٍ) مِثَالٌ لِلْفِعْلِ (قَوْلُهُ: أَوْ قُتِلَ لَمْ يَرْجِعْ) أَيْ السَّيِّدُ عَنْ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاعَهُ) أَيْ السَّيِّدُ وَقَوْلُهُ لَزِمَهُ: أَيْ الْفِدَاءُ، وَقَوْلُهُ: وَامْتَنَعَ رُجُوعُهُ: أَيْ بِأَنْ يَفْسَخَ الْعَقْدَ وَيُسَلِّمَهُ لِيُبَاعَ. [فَرْعٌ] وَلَوْ مَاتَ الْوَاقِفُ قَبْلَ الْفِدَاءِ وَلَهُ تَرِكَةٌ فَقِيلَ يَلْزَمُ الْوَارِثَ فِدَاؤُهُ وَتَرَدَّدَ فِيهِ صَاحِبُ الْعُبَابِ، ثُمَّ قَالَ: وَعَلَى الْمَنْعِ هَلْ الْغُرْمُ فِي كَسْبِهِ أَوْ بَيْتِ الْمَالِ كَحُرٍّ مُعْسِرٍ لَا عَاقِلَةَ لَهُ؟ وَجْهَانِ اهـ (قَوْلُهُ: وَكَذَا يَمْتَنِعُ) أَيْ الرُّجُوعُ (قَوْلُهُ: لَوْ كَانَ الْبَيْعُ يَتَأَخَّرُ) أَيْ لِعَدَمِ مَنْ يَرْغَبُ فِي شِرَائِهِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا مَاتَ) أَيْ الْعَبْدُ. وَقَوْلُهُ بَلْ بِذِمَّتِهِ: ـــــــــــــــــــــــــــــQغَايَةٌ فِي نَفْيِ التَّعَلُّقِ بِكَسْبِهِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَمْتَنِعْ مِنْ بَيْعِهِ) أَيْ لِلْجِنَايَةِ الْأُولَى قَبْلَ وُقُوعِ الثَّانِيَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فُسِخَ الْبَيْعُ) أَيْ بِخِلَافِ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: دُونَ الْفِعْلِ كَوَطْءِ الْأَمَةِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَيْسَ اخْتِيَارًا لِلْفِدَاءِ أَصْلًا فَلَا يَحْصُلُ

[فصل في الغرة]

وَلَا فِدَاءَ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ تَتَعَلَّقْ الْجِنَايَةُ بِذِمَّتِهَا خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ بَلْ بِذِمَّتِهِ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ؛ لِأَنَّهُ الْمَانِعُ لِبَيْعِهَا، وَمِثْلُهَا فِي ذَلِكَ الْمَوْقُوفُ وَالْمَنْذُورُ عِتْقُهُ، وَمَرَّ أَنَّ نَحْوَ الْإِيلَادِ بَعْدَ الْجِنَايَةِ إنَّمَا يَنْفُذُ مِنْ الْمُوسِرِ دُونَ الْمُعْسِرِ (بِالْأَقَلِّ) مِنْ قِيمَتِهَا يَوْمَ جِنَايَتِهَا لَا يَوْمَ إحْبَالِهَا اعْتِبَارًا بِوَقْتِ لُزُومِ فِدَائِهَا وَوَقْتِ الْحَاجَةِ إلَى بَيْعِهَا الْمَمْنُوعِ بِالْإِحْبَالِ، وَشَمِلَ كَلَامُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا الْأَمَةَ الَّتِي اسْتَوْلَدَهَا سَيِّدُهَا بَعْدَ الْجِنَايَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَقِيلَ) فِيهَا (الْقَوْلَانِ) السَّابِقَانِ فِي الْقِنِّ لِجَوَازِ بَيْعِهَا فِي صُوَرٍ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ جَازَ لِكَوْنِهِ اسْتَوْلَدَهَا مَرْهُونَةً وَهُوَ مُعْسِرٌ لَمْ يَجِبْ فِدَاؤُهَا بَلْ يُقَدَّمُ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَلَى حَقِّ الْمُرْتَهِنِ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ (وَجِنَايَاتُهَا كَوَاحِدَةٍ فِي الْأَظْهَرِ) فَيَلْزَمُهُ لِلْجَمِيعِ فِدَاءٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ إحْبَالَهُ إتْلَافٌ، وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً كَمَا لَوْ جَنَى عَبْدُهُ جِنَايَاتٍ ثُمَّ قَتَلَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ. وَالثَّانِي يَفْدِيهَا فِي كُلِّ جِنَايَةٍ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهَا وَأَرْشِ تِلْكَ الْجِنَايَةِ، وَلَوْ اسْتَغْرَقَ الْأَرْشُ الْقِيمَةَ شَارَكَ كُلُّ ذِي جِنَايَةٍ تَحْدُثُ مِنْهَا مَنْ جَنَتْ عَلَيْهِ قَبْلَهُ فِيهَا، فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَلْفًا وَجَنَتْ جِنَايَتَيْنِ وَأَرْشُ كُلٍّ مِنْهُمَا أَلْفٌ فَلِكُلٍّ مِنْهَا خَمْسُمِائَةٍ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ قَبَضَ الْأَلْفَ اسْتَرَدَّ مِنْهُ الثَّانِي نِصْفَهُ أَوْ أَرْشُ الثَّانِيَةِ خَمْسُمِائَةٍ اسْتَرَدَّ مِنْهُ ثُلُثَهُ أَوْ أَرْشُ الثَّانِيَةِ أَلْفٌ وَالْأُولَى خَمْسُمِائَةٍ اسْتَرَدَّ مِنْهُ ثُلُثَهَا وَمِنْ السَّيِّدِ خَمْسَمِائَةٍ تَمَامَ الْقِيمَةِ لِيَصِيرَ مَعَهُ ثُلُثَا الْأَلْفِ وَمَعَ الْأَوَّلِ ثُلُثُهُ، وَحَمْلُ الْجَانِيَةِ غَيْرُ الْمُسْتَوْلَدَةِ لِلسَّيِّدِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْأَرْشُ، سَوَاءٌ أَكَانَ مَوْجُودًا يَوْمَ الْجِنَايَةِ أَمْ حَدَثَ بَعْدَهَا فَلَا تُبَاعُ حَتَّى تَضَعَ، فَإِنْ لَمْ يَفْدِهَا بِيعَا مَعًا وَأَخَذَ السَّيِّدُ حِصَّتَهُ وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ حِصَّتَهُ، أَمَّا إذَا لَمْ يَنْفُذْ إيلَادُهَا لِإِعْسَارِهِ كَمَرْهُونَةٍ فَدَاهَا فِي كُلِّ جِنَايَةٍ بِالْأَقَلِّ. (فَصْلٌ) فِي الْغُرَّةِ (فِي) (الْجَنِينِ) الْحُرِّ الْمَعْصُومِ عِنْدَ الْجِنَايَةِ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ أُمُّهُ مَعْصُومَةً عِنْدَهَا ذَكَرًا كَانَ أَوْ نَسِيبًا أَوْ تَامَّ الْخَلْقِ أَوْ مُسْلِمًا أَوْ ضِدَّ كُلٍّ وَلِكَوْنِ الْحَمْلِ مُسْتَتِرًا. وَالِاجْتِنَانُ الِاسْتِتَارُ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الْجِنُّ بِذَلِكَ (غُرَّةٌ) إجْمَاعًا وَهِيَ الْخِيَارُ، وَأَصْلُهَا بَيَاضٌ فِي وَجْهِ الْفَرَسِ، وَأَخَذَ بَعْضُهُمْ مِنْهَا اشْتِرَاطَ الْبَيَاضِ فِي الرَّقِيقِ الْآتِي وَهُوَ شَاذٌّ، وَإِنَّمَا تَجِبُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ السَّيِّدِ، وَقَوْلُهُ وَمِثْلُهَا: أَيْ أُمِّ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ: وَالْمَنْذُورُ عِتْقُهُ) اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ أَنَّ نَحْوَ الْإِيلَادِ) كَالْوَقْفِ (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ اسْتَوْلَدَهَا) أَيْ وَهُوَ مُوسِرٌ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) أَيْ الْحَمْلُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَفْدِهَا) أَيْ بَعْدَ الْوَضْعِ (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ السَّيِّدُ حِصَّتَهُ) أَيْ وَهِيَ مَا يُقَابِلُ الْوَلَدَ (قَوْلُهُ: وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ حِصَّتَهُ) وَهِيَ مَا يُقَابِلُ الْأُمَّ. (فَصْلٌ) فِي الْغُرَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ تَكُنْ أُمُّهُ مَعْصُومَةً) كَأَنْ ارْتَدَّتْ وَهِيَ حَامِلٌ أَوْ وَطِئَ مُسْلِمٌ حَرْبِيَّةً بِشُبْهَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ ضِدَّ كُلٍّ) أَفَادَ أَنَّ فِي الْكَافِرِ غُرَّةً وَهُوَ كَذَلِكَ، غَايَتُهُ أَنَّ الْغُرَّةَ فِي الْمُسْلِمِ تُسَاوِي نِصْفَ غُرَّةِ الدِّيَةِ، وَفِي الْكَافِرِ ثُلُثَ غُرَّةِ الْمُسْلِمِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَأَصْلُهَا بَيَاضٌ) أَيْ فَوْقَ الدِّرْهَمِ (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ بَعْضُهُمْ) هُوَ عَمْرُو بْنُ الْعَلَاءِ اهـ عَمِيرَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالِاخْتِيَارُ إلَّا بِالْقَوْلِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ السَّيِّدِ خَمْسُمِائَةٍ) أَيْ تَمَامُ الْقِيمَةِ الَّذِي بَقِيَ لَهُ بَعْدَ أَخْذِ الْأَوَّلِ أَرْشَ جِنَايَتِهِ الَّذِي هُوَ خَمْسُمِائَةٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَفْدِهَا) أَيْ بَعْدَ الْوَضْعِ. [فَصْلٌ فِي الْغُرَّةِ] (قَوْلُهُ: الْمَعْصُومِ) (فَصْلٌ) فِي الْغُرَّةِ يَعْنِي: غَيْرَ الْمَضْمُونِ عَلَيْهِ لِيَدْخُلَ جَنِينُ أَمَتِهِ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْخِيَارُ) أَيْ فِي الْأَصْلِ،

(إنْ انْفَصَلَ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ) عَلَى أُمِّهِ إذَا كَانَتْ حَيَّةً بِمَا يُؤَثِّرُ فِيهِ عَادَةً وَلَوْ تَهْدِيدًا، وَطَلَبِ ذِي شَوْكَةٍ لَهَا أَوْ لِمَنْ عِنْدَهَا كَمَا مَرَّ أَوْ تَجْوِيعٍ إثْرِ إجْهَاضِهَا بِقَوْلِ خَبِيرَيْنِ لَا نَحْوِ لَطْمَةٍ خَفِيفَةٍ (فِي حَيَاتِهَا أَوْ) بَعْدَ (مَوْتِهَا) مُتَعَلِّقٌ بِانْفَصَلَ لَا بِجِنَايَةٍ عَلَى مَا قَالَهُ جَمْعٌ مِنْ أَنَّهُ لَوْ ضَرَبَ مَيِّتَةً فَأَجْهَضَتْ مَيِّتًا لَزِمْته غُرَّةٌ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا رَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ، وَادَّعَى الْمَاوَرْدِيُّ فِيهِ الْإِجْمَاعَ عَدَمُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحَيَاةِ، وَبِفَرْضِهَا فَالظَّاهِرُ مَوْتُهُ بِمَوْتِهَا وَإِنَّمَا لَمْ تَخْتَلِفْ الْغُرَّةُ بِذُكُورَتِهِ وَأُنُوثَتِهِ لِإِطْلَاقِ خَبَرِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى فِي الْجَنِينِ بِغُرَّةٍ» وَلِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ فَهُوَ كَاللَّبَنِ فِي الْمُصَرَّاةِ قَدَّرَهُ الشَّارِعُ بِصَاعٍ لِذَلِكَ، وَخَرَجَ بِتَقْيِيدِ الْجَنِينِ بِالْعِصْمَةِ مَا لَوْ جُنِيَ عَلَى حَرْبِيَّةٍ حَامِلٍ مِنْ حَرْبِيٍّ أَوْ مُرْتَدَّةٍ حَمَلَتْ بِوَلَدٍ فِي حَالِ رِدَّتِهَا فَأَسْلَمَتْ ثُمَّ أُجْهِضَتْ، أَوْ عَلَى أَمَتِهِ الْحَامِلِ مِنْ غَيْرِهِ فَعَتَقَتْ ثُمَّ أُجْهِضَتْ وَالْحَمْلُ مِلْكُهُ فَلَا شَيْءَ فِيهِ لِإِهْدَارِهِ، وَجَعْلُ بَعْضِ الشُّرُوحِ ذَلِكَ قَيْدًا لِلْأُمِّ غَيْرُ صَحِيحٍ لِإِيهَامِهِ أَنَّهُ لَوْ جُنِيَ عَلَى حَرْبِيَّةٍ أَوْ مُرْتَدَّةٍ أَوْ قِنَّةٍ جَنِينُهَا مُسْلِمٌ فِي الْأَوَّلَيْنِ أَوْ لِغَيْرِهِ فِي الْأَخِيرَةِ لَا شَيْءَ فِيهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِعِصْمَتِهِ فَلَا نَظَرَ لِإِهْدَارِهَا (وَكَذَا إنْ ظَهَرَ) بِالْجِنَايَةِ عَلَى أُمِّهِ فِي حَيَاتِهَا أَوْ مَوْتِهَا عَلَى مَا مَرَّ (بِلَا انْفِصَالٍ) كَأَنْ ضَرَبَ بَطْنَهَا فَخَرَجَ رَأْسُهُ وَمَاتَتْ وَلَمْ يَنْفَصِلْ (فِي الْأَصَحِّ) لِتَحَقُّقِ وُجُودِهِ، وَلَوْ خَرَجَ رَأْسُهُ فَصَاحَ فَحَزَّ آخِرَ رَقَبَتِهِ قَبْلَ انْفِصَالِهِ قُتِلَ بِهِ لِتَيَقُّنِ اسْتِقْرَارِ حَيَاتِهِ. وَالثَّانِي يُعْتَبَرُ فِيهَا انْفِصَالُهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْفَصِلْ وَلَا ظَهَرَ بَعْضُهُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى أُمِّهِ (فَلَا) غُرَّةَ وَإِنْ زَالَتْ حَرَكَةُ الْبَطْنِ وَكِبَرُهَا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ وُجُودِهِ وَلَا إيجَابَ بِالشَّكِّ (أَوْ) انْفَصَلَ (حَيًّا) بِالْجِنَايَةِ عَلَى أُمِّهِ (وَبَقِيَ زَمَانًا بِلَا أَلَمٍ ثُمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: بِمَا يُؤَثِّرُ) أَيْ بِشَيْءٍ يُؤَثِّرُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ لِتَجْوِيعٍ إثْرَ إجْهَاضِهَا) أَيْ وَلَوْ بِتَجْوِيعِهَا نَفْسَهَا أَوْ كَانَتْ فِي صَوْمٍ وَاجِبٍ وَقَوْلُهُ بِقَوْلِ خَبِيرَيْنِ: أَيْ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ فَلَوْ لَمْ يُوجَدَا أَوْ وُجِدَا أَوْ اخْتَلَفَا فَيَنْبَغِي عَدَمُ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فَلَا يَكْفِي إخْبَارُ النِّسَاءِ وَلَا غَيْرُ الْعَدْلِ (قَوْلُهُ: لَا نَحْوُ لَطْمَةٍ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ بِمَا يُؤَثِّرُ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا قَالَهُ جَمْعٌ) تَوْجِيهٌ لِجَعْلِهِ مُتَعَلِّقًا بِالْجِنَايَةِ وَهُوَ مَرْدُودٌ، وَعَلَيْهِ فَالْمُعْتَمَدُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى أُمِّهِ أَنْ تَكُونَ حَيَّةً سَوَاءٌ انْفَصَلَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهَا أَوْ بَعْدَ مَوْتِهَا وَإِنْ اُحْتُمِلَ مَوْتُهُ بِمَوْتِهَا لَا بِالْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ: فَأَجْهَضَتْ مَيِّتًا) أَيْ أَلْقَتْهُ، يُقَالُ أَجْهَضَتْ النَّاقَةُ: أَلْقَتْ وَلَدَهَا اهـ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ: عَدَمُهُ) بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ مَا رَجَّحَهُ أَوْ خَبَرٌ عَنْ قَوْلِهِ الْمُعْتَمَدُ، وَقَوْلُهُ مَا رَجَّحَهُ نَعْتٌ لِلْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: وَبِفَرْضِهَا) أَيْ الْحَيَاةِ، وَقَوْلُهُ قَضَى فِي الْجَنِينِ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ نَظَرٌ لِمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ نَحْوَ فِعْلِ كَذَا لَا عُمُومَ لَهُ، وَلِهَذَا دَفَعُوا الِاسْتِدْلَالَ بِحَدِيثٍ قَضَى بِالشُّفْعَةِ لِلْجَارِ عَلَى ثُبُوتِهَا لِلْجَارِ غَيْرِ الشَّرِيكِ بِأَنَّهُ لَا عُمُومَ لَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِهِ بِنَاءً عَلَى مَا فَهِمَهُ الصَّحَابِيُّ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَأَنْ قَالَ ذَلِكَ جَوَابُ سُؤَالٍ فُهِمَ مِنْهُ التَّعْمِيمُ فَلَيْسَ الِاسْتِدْلَال بِمُجَرَّدِ الْحَدِيثِ بَلْ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي فَهِمَهُ الرَّاوِي لِلْحَدِيثِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: فِي حَالِ رِدَّتِهَا) مِنْ مُرْتَدٍّ (قَوْلُهُ: فَأَسْلَمَتْ ثُمَّ أُجْهِضَتْ) أَيْ وَالْجِنَايَةُ عَلَيْهَا حَالَ الرِّدَّةِ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ، وَكُلُّ جُرْحٍ أَوَّلُهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ لَا يَنْقَلِبُ مَضْمُونًا بِتَغَيُّرِ الْحَالِ فِي الِانْتِهَاءِ (قَوْلُهُ: وَالْحَمْلُ مِلْكُهُ) أَيْ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَجَعَلَ بَعْضُ الشُّرُوحِ ذَلِكَ) أَيْ الْعِصْمَةَ قَيْدًا إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي الْأَوَّلَيْنِ) هُمَا قَوْلُهُ: حَرْبِيَّةٍ أَوْ مُرْتَدَّةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ لِغَيْرِهِ فِي الْأَخِيرَةِ) هِيَ قَوْلُهُ: أَوْ قِنَّةٍ جَنِينُهَا مُسْلِمٌ (قَوْلُهُ: قُتِلَ بِهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَكِنْ قَدْ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ لِتَيَقُّنِ اسْتِقْرَارِ حَيَاتِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ الْآتِي فَمَنْ قَتَلَهُ وَقَدْ انْفَصَلَ بِلَا جِنَايَةٍ قُتِلَ بِهِ إلَخْ فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّ مَنْ قَتَلَهُ وَقَدْ انْفَصَلَ بِلَا جِنَايَةٍ لَا يُقْتَلُ بِهِ، وَانْفِصَالُهُ فِي هَذِهِ بِجِنَايَةٍ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَبَقِيَ زَمَانًا بِلَا أَلَمٍ) أَيْ تَقْضِي الْعَادَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَوْلُهُ: بَيَاضٌ إلَخْ. أَيْ قَبْلَ هَذَا الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَجْوِيعٍ) اُنْظُرْ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ يَصِحُّ عَطْفُهُ وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَوْ نَحْوُ تَهْدِيدٍ إلَخْ. فَالْجَمِيعُ فِي عِبَارَتِهَا مَجْرُورٌ (قَوْلُهُ: حَمَلَتْ بِوَلَدٍ فِي حَالِ رِدَّتِهَا) أَيْ مِنْ مُرْتَدٍّ أَوْ غَيْرِهِ لَكِنْ بِزِنًا وَلَمْ

مَاتَ) (فَلَا ضَمَانَ) عَلَى الْجَانِي سَوَاءٌ أَزَالَ أَلَمَ الْجِنَايَةِ عَنْ أُمِّهِ قَبْلَ إلْقَائِهِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَوْتُهُ بِسَبَبٍ آخَرَ (وَإِنْ مَاتَ حِينَ خَرَجَ) أَيْ تَمَّ خُرُوجُهُ (أَوْ دَامَ أَلَمُهُ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَرَمٌ (وَمَاتَ فَدِيَةُ نَفْسٍ) لِتَيَقُّنِ حَيَاتِهِ وَمَوْتِهِ بِالْجِنَايَةِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ وُجِدَ فِيهِ أَمَارَةُ الْحَيَاةِ كَتَنَفُّسٍ وَامْتِصَاصِ ثَدْيٍ وَقَبْضِ يَدٍ وَبَسْطِهَا، وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ انْتِهَائِهِ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عُلِمَتْ حَيَاتُهُ كَانَ الظَّاهِرُ مَوْتَهُ بِالْجِنَايَةِ، وَلِهَذَا لَمْ يُؤَثِّرْ انْفِصَالُهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ فَمَنْ قَتَلَهُ وَقَدْ انْفَصَلَ بِلَا جِنَايَةٍ قُتِلَ بِهِ كَقَتْلِ مَرِيضٍ مُشْرِفٍ عَلَى الْمَوْتِ، فَإِنْ انْفَصَلَ بِجِنَايَةٍ وَحَيَاتُهُ مُسْتَقِرَّةٌ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا عُزِّرَ الثَّانِي فَقَطْ، وَلَا عِبْرَةَ بِمُجَرَّدِ اخْتِلَاجٍ، وَيُصَدَّقُ الْجَانِي بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ الْحَيَاةِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَعَلَى الْمُسْتَحِقِّ الْبَيِّنَةُ (وَلَوْ) (أَلْقَتْ) الْمَرْأَةُ بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا (جَنِينَيْنِ) مَيِّتَيْنِ (فَغُرَّتَانِ) أَوْ ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ وَهَكَذَا لِتَعَلُّقِ الْغُرَّةِ بِاسْمِ الْجَنِينِ، أَوْ مَيِّتًا وَحَيًّا فَمَاتَ فَغُرَّةٌ فِي الْمَيِّتِ وَدِيَةٌ فِي الْحَيِّ (أَوْ) أَلْقَتْ (يَدًا) أَوْ رِجْلًا أَوْ رَأْسًا أَوْ مُتَعَدِّدًا مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَثُرَ وَلَوْ لَمْ يَنْفَصِلْ الْجَنِينُ وَمَاتَتْ الْأُمُّ (فَغُرَّةٌ) وَاحِدَةٌ لِلْعِلْمِ بِوُجُودِ الْجَنِينِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ نَحْوَ الْيَدِ بَانَ بِالْجِنَايَةِ، وَتَعَدُّدُ مَا ذُكِرَ لَا يَسْتَلْزِمُ تَعَدُّدَهُ فَقَدْ وُجِدَ رَأْسَانِ لِبَدَنٍ وَاحِدٍ. نَعَمْ لَوْ أَلْقَتْ أَكْثَرَ مِنْ بَدَنٍ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ اتِّحَادُ الرَّأْسِ تَعَدَّدَتْ بِعَدَدِهِ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ الْوَاحِدَ لَا يَكُونُ لَهُ بَدَنَانِ بِحَالٍ، وَظَاهِرٌ أَنَّهَا لَوْ أَلْقَتْ أَكْثَرَ مِنْ يَدَيْنِ لَمْ يَجِبْ لِمَا زَادَ حُكُومَةٌ؛ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا الْغُرَّةَ فِي الْجَنِينِ كَالدِّيَةِ فِي غَيْرِهِ. أَمَّا إذَا عَاشَتْ وَلَمْ تُلْقِ جَنِينًا فَلَا يَجِبُ فِي يَدٍ أَوْ رِجْلٍ سِوَى نِصْفِ غُرَّةٍ، كَمَا أَنَّ يَدَ الْحَيِّ لَا يَجِبُ فِيهَا إلَّا نِصْفُ دِيَتِهِ، وَلَا يَضْمَنُ بَاقِيَهُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ تَلَفِهِ بِالْجِنَايَةِ (وَكَذَا لَحْمٌ قَالَ الْقَوَابِلُ) أَيْ أَرْبَعٌ مِنْهُنَّ (فِيهِ صُورَةٌ) وَلَوْ لِنَحْوِ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ (خَفِيَّةٌ) لَا يَعْرِفُهَا غَيْرُهُنَّ فَتَجِبُ الْغُرَّةُ لِوُجُودِهِ (قِيلَ أَوْ قُلْنَ) لَيْسَ فِيهِ صُورَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَلَا خَفِيَّةٌ وَلَكِنَّهُ أَصْلُ آدَمِيٍّ وَ (لَوْ بَقِيَ لَتُصُوِّرَ) وَالْأَصَحُّ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِأَنَّ مَوْتَهُ بَعْدَهُ لَيْسَ بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ تَمَّ خُرُوجُهُ) أَخْرَجَ مَا لَوْ مَاتَ مَنْ خَرَجَ رَأْسُهُ فَقَطْ مَثَلًا أَوْ دَامَ أَلَمُهُ فَمَاتَ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَفِيهِ أَيْضًا مَا نَصُّهُ: وَفِي الْعُبَابِ وَلَوْ ضَرَبَهَا فَخَرَجَ رَأْسُهُ وَصَاحَ وَمَاتَ قَبْلَ انْفِصَالِهِ فَعَلَى الضَّارِبِ الْغُرَّةُ أَوْ بَعْدَهُ فَالدِّيَةُ اهـ. وَقَدْ يُقَالُ هَلَّا وَجَبَتْ الدِّيَةُ حَيْثُ تَحَقَّقْنَا حَيَاتَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْفَصِلْ خُصُوصًا، وَلَمْ يَشْتَرِطُوا اسْتِقْرَارَ حَيَاتِهِ إذَا انْفَصَلَ كَمَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ حَيْثُ قَالَ: إنْ انْفَصَلَ وَظَهَرَتْ حَيَاتُهُ ثُمَّ مَاتَ وَجَبَتْ الدِّيَةُ، وَإِنْ كَانَ انْفِصَالُهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَقُطِعَ بِعَدَمِ حَيَاتِهِ، هَذَا وَلْيُنْظَرْ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ تَمَامِ خُرُوجِهِ حَيْثُ وَجَبَتْ الْغُرَّةُ وَبَيْنَ مَا لَوْ أَخْرَجَ رَأْسَهُ ثُمَّ صَاحَ فَحَزَّ آخِرَ رَقَبَتِهِ حَيْثُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ مَعَ كَوْنِ جِنَايَتِهِ قَبْلَ انْفِصَالِهِ، وَلَعَلَّهُ أَنَّ الْجِنَايَةَ لَمَّا وَقَعَتْ عَلَى مَا تَحَقَّقَتْ حَيَاتُهُ بِالصِّيَاحِ نَزَلَتْ مَنْزِلَةَ الْجِنَايَةِ عَلَى الْمُنْفَصِلِ تَغْلِيظًا عَلَى الْجَانِي بِإِقْدَامِهِ عَلَى الْجِنَايَةِ عَلَى النَّفْسِ، بِخِلَافِ هَذَا فَإِنَّ الْجِنَايَةَ لَيْسَتْ عَلَيْهِ بَلْ عَلَى أُمِّهِ فَالْجَنِينُ لَيْسَ مَقْصُودًا بِهَا فَخُفِّفَ أَمْرُهُ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا لَمْ يُؤَثِّرْ) أَيْ فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ لِلنَّفْسِ، وَقَوْلُهُ فَكَذَلِكَ: أَيْ يُقْتَلُ بِهِ (قَوْلُهُ: بَانَ بِالْجِنَايَةِ) أَيْ انْقَطَعَ (قَوْلُهُ: تَعَدَّدَتْ) أَيْ الْغُرَّةُ (قَوْلُهُ: بِعَدَدِهِ) أَيْ الْبَدَنِ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا عَاشَتْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَمَاتَتْ (قَوْلُهُ: أَيْ أَرْبَعٌ مِنْهُنَّ) وَحُضُورُهُنَّ مَنُوطٌ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَحْضَرَهُنَّ وَلَوْ مِنْ مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ وَشَهِدْنَ قُضِيَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْجَانِي بِيَمِينِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQيَكُنْ فِي أُصُولِهِ مُسْلِمٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فِي الْأُولَى وَمِنْ جَانِبِ الْأُمِّ فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا لَمْ يُؤَثِّرْ انْفِصَالُهُ إلَخْ.) أَيْ فِي الْوُجُوبِ فَلَمْ يَسْقُطْ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَحَقَّقْ اتِّحَادُ الرَّأْسِ) قَدْ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: الْآتِي لِأَنَّ الشَّخْصَ الْوَاحِدَ لَا يَكُونُ لَهُ بَدَنَانِ بِحَالٍ، إذْ قَضِيَّةُ الْأَوَّلِ إمْكَانُ ذَلِكَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ كَوْنَهُ لَا يَكُونُ لَهُ بَدَنَانِ هُوَ بِحَسَبِ الِاسْتِقْرَاءِ وَهُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ خِلَافُهُ، فَإِذَا تَحَقَّقْنَا خِلَافَهُ بِأَنْ وُجِدَ رَأْسٌ لَهُ بَدَنَانِ بِالْفِعْلِ انْخَرَمَ ذَلِكَ الِاسْتِقْرَاءُ إذْ هُوَ

أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِذَلِكَ كَمَا لَا أَثَرَ لَهُ فِي أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ، وَإِنَّمَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ بِهِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ (وَهِيَ) أَيْ الْغُرَّةُ فِي الْكَامِلِ وَغَيْرِهِ (عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ) كَمَا نَطَقَ بِهِ الْخَبَرُ بِخِيَرَةِ الْغَارِمِ لَا الْمُسْتَحِقِّ، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ امْتِنَاعُ الْخُنْثَى كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَالدَّمِيرِيُّ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ: يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ سَالِمًا مِنْ عَيْبِ الْمَبِيعِ، وَالْخُنُوثَةُ عَيْبٌ فِيهِ (مُمَيِّزٌ) وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ سَبْعَ سِنِينَ، وَاعْتِبَارُ الْبُلْقِينِيِّ لَهَا تَبَعًا لِلنَّصِّ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ فَلَا يَلْزَمُ قَبُولُ غَيْرِهِ لِانْتِفَاءِ كَوْنِهِ مِنْ الْخِيَارِ مَعَ احْتِيَاجِهِ لِكَافِلٍ، وَالْغُرَّةُ الْخِيَارُ وَمَقْصُودُهَا جَبْرُ الْخَلَلِ، فَاسْتُنْبِطَ مِنْ النَّصِّ مَعْنًى خَصَّصَهُ، وَبِهِ فَارَقَ إجْزَاءَ الصَّغِيرِ مُطْلَقًا فِي الْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّ الْوَارِدَ ثَمَّ لَفْظُ الرَّقَبَةِ فَاكْتُفِيَ فِيهَا بِمَا تُتَرَقَّبُ فِيهِ الْقُدْرَةُ عَلَى الْكَسْبِ (سَلِيمٌ مِنْ عَيْبِ مَبِيعٍ) فَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ مَعِيبٍ كَأَمَةٍ حَامِلٍ وَخَصِيٍّ وَكَافِرٍ بِمَحَلٍّ تَقِلُّ الرَّغْبَةُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْخِيَارِ، وَاعْتُبِرَ عَدَمُ عَيْبِ الْمَبِيعِ هُنَا كَإِبِلِ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُمَا حَقُّ آدَمِيٍّ لُوحِظَ فِيهِ مُقَابَلَةُ مَا فَاتَ مِنْ حَقِّهِ فَغَلَبَ فِيهِمَا شَائِبَةُ الْمَالِيَّةِ فَأَثَّرَ فِيهِمَا كُلُّ مَا يُؤَثِّرُ فِي الْمَالِ وَبِهَذَا فَارَقَ الْكَفَّارَةَ وَالْأُضْحِيَّةَ (وَالْأَصَحُّ قَبُولُ كَبِيرٍ لَمْ يَعْجِزْ) عَنْ شَيْءٍ مِنْ مَنَافِعِهِ (بِهَرَمٍ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْخِيَارِ، بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّ الْوَارِدَ فِيهَا لَفْظُ الرَّقَبَةِ. وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةً. وَالثَّالِثُ لَا يُقْبَلُ بَعْدَهَا فِي الْأَمَةِ وَبَعْدَ خَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً فِي الْعَبْدِ (وَيُشْتَرَطُ بُلُوغُهَا) أَيْ قِيمَةِ الْغُرَّةِ (نِصْفَ عُشْرِ الدِّيَةِ) أَيْ دِيَةِ أَبِي الْجَنِينِ إنْ كَانَ، وَإِلَّا كَوَلَدِ الزِّنَا فَعُشْرُ دِيَةِ الْأُمِّ فَالتَّعْبِيرُ بِهِ أَوْلَى، فَفِي الْكَامِلِ بِالْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَلَوْ حَالَ الْإِجْهَاضِ بِأَنْ أَسْلَمَتْ أُمُّهُ الذِّمِّيَّةُ أَوْ أَبُوهُ قُبَيْلَهُ، وَكَذَا مُتَوَلِّدٌ مِنْ كِتَابِيَّةٍ وَمُسْلِمٍ لِلْقَاعِدَةِ أَنَّ الْأَبَ إذَا فَضُلَ الْأُمَّ فِي الدِّينِ فُرِضَتْ مِثْلُهُ فِيهِ رَقِيقٌ تَبْلُغُ قِيمَتُهُ خَمْسَةَ أَبْعِرَةٍ كَمَا رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ جَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْ غَيْرِ مُخَالِفٍ لَهُمْ وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْإِبِلِ الْمُغَلَّظَةُ إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ شِبْهَ عَمْدٍ (فَإِنْ فُقِدَتْ) حِسًّا أَوْ شَرْعًا بِأَنْ لَمْ تُوجَدْ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا وَلَوْ بِمَا قَلَّ وَجَبَ نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ الْأَبِ، فَإِنْ كَانَ كَامِلًا (فَخَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ) تَجِبُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْإِبِلَ هِيَ الْأَصْلُ (وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ) بُلُوغُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــS [فَرْعٌ] فِي الدَّمِيرِيِّ رُوِيَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ أُخْبِرَ بِامْرَأَةٍ لَهَا رَأْسَانِ فَنَكَحَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ وَنَظَرَ إلَيْهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا، وَأَنَّ امْرَأَةً وَلَدَتْ وَلَدًا لَهُ رَأْسَانِ وَكَانَ إذَا بَكَى بَكَى بِهِمَا وَإِذَا سَكَتَ سَكَتَ بِهِمَا اهـ (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُ قَبُولُ غَيْرِهِ) أَيْ الْمُمَيِّزِ (قَوْلُهُ: مَعْنًى خَصَّصَهُ) هُوَ الْخِيَارُ (قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ إجْزَاءَ الصَّغِيرِ مُطْلَقًا) أَيْ مُمَيِّزًا أَوْ لَا (قَوْلُهُ: لَمْ يَعْجِزْ بِهَرَمٍ) يَخْرُجُ الْعَجْزُ بِسَبَبٍ آخَرَ غَيْرِ الْهَرَمِ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُدْفَعُ النَّظَرُ بِأَنَّهُ إذَا عَجَزَ بِغَيْرِ الْهَرَمِ كَانَ مَعِيبًا بِمَا نَشَأَ الْعَجْزُ عَنْهُ. وَقَدْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِعَدَمِ إجْزَاءِ الْمَعِيبِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ) الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ إجْزَاءِ الْهَرَمِ هُنَا وَثَمَّ وَعِبَارَتُهُ ثَمَّ: فَيُجْزِئُ صَغِيرٌ وَلَوْ عَقِبَ وِلَادَتِهِ لِرَجَاءِ كِبَرِهِ كَبُرْءِ الْمَرَضِ بِخِلَافِ الْهَرَمِ، وَالْكَلَامُ فِي هَرَمٍ يَمْنَعُ مِنْ شَيْءٍ مِنْ مَنَافِعِهِ، أَمَّا غَيْرُهُ فَيُجْزِئُ كَمَا أَفْهَمَهُ التَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ عَنْ شَيْءٍ مِنْ مَنَافِعِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ دِيَةِ أَبِي الْجَنِينِ إنْ كَانَ) أَيْ وُجِدَ أَبٌ (قَوْلُهُ: فَعُشْرُ دِيَةِ الْأُمِّ) وَتُفْرَضُ مُسْلِمَةً إذَا كَانَ الْأَبُ مُسْلِمًا وَهِيَ كَافِرَةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ أَبُوهُ قُبَيْلَهُ) أَيْ الْإِجْهَاضِ ظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعْدَ الْجِنَايَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ فِي حَالَتَيْ الْجِنَايَةِ وَالْإِجْهَاضِ، وَمَا كَانَ مَعْصُومًا فِي الْحَالَتَيْنِ فَالْعِبْرَةُ فِي قَدْرِ ضَمَانِهِ بِالِانْتِهَاءِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فُقِدَتْ حِسًّا) لَمْ يُبَيِّنْ الشَّارِحُ الْمَحَلَّ الَّذِي فُقِدَتْ مِنْهُ هَلْ هُوَ مَسَافَةُ الْقَصْرِ أَوْ غَيْرُهَا، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي فَقْدِ إبِلِ الدِّيَةِ أَنَّهُ هُنَا مَسَافَةُ الْقَصْرِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ تُوجَدْ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا) أَيْ أَوْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهَا إلَّا مَا يُسَاوِي دُونَ نِصْفِ عُشْرِ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِمَا قَلَّ) أَيْ وَلَوْ غَيْرَ مُتَمَوَّلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQنَاقِصٌ كَمَا لَا يَخْفَى فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ إلَخْ.) كَذَا فِي التُّحْفَةِ كَشَرْحِ الْمَنْهَجِ لَكِنْ كَتَبَ الزِّيَادِيُّ عَلَى شَرْحِ الْمَنْهَجِ أَنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ، إذْ الْغُرَّةُ وَالْكَفَّارَةُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، فَلَا مُخَالَفَةَ، وَانْظُرْ إلَى قَوْلِهِ لِأَنَّ الْوَارِدَ فِيهَا إلَخْ. بَعْدَ إثْبَاتِ الْمُخَالَفَةِ فَإِنَّ قَضِيَّتَهُ الْمُوَافَقَةُ وَهِيَ الْقَبُولُ لَا الْمُخَالَفَةُ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: فَالتَّعْبِيرُ بِهِ) أَيْ بِعُشْرِ دِيَةِ الْأُمِّ لِشُمُولِهِ لِوَلَدِ الزِّنَا

نِصْفَ عُشْرِ الدِّيَةِ لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ وَعَلَيْهِ (فَلِلْفَقْدِ قِيمَتُهَا) تَجِبُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ وَإِذَا وَجَبَتْ الْإِبِلُ وَالْجِنَايَةُ شِبْهُ عَمْدٍ غُلِّظَتْ، فَفِي الْخُمُسِ يُؤْخَذُ حِقَّةٌ وَنِصْفٌ وَجَذَعَةٌ وَنِصْفٌ وَخَلِفَتَانِ، فَإِنْ فُقِدَتْ الْإِبِلُ فَكَمَا مَرَّ فِي الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فِي الدِّيَاتِ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إلَيْهَا عِنْدَ فَقْدِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ، وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَفَقْدِ بَدَلِ الْبَدَنَةِ فِي كَفَّارَةِ جِمَاعِ النُّسُكِ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ ثَمَّ لَا أَصَالَةَ لَهُ بِخِلَافِهِ هُنَا (وَهِيَ) أَيْ الْغُرَّةُ (لِوَرَثَةِ الْجَنِينِ) بِتَقْدِيرِ انْفِصَالِهِ حَيًّا ثُمَّ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّهَا فِدَاءُ نَفْسِهِ، فَلَوْ تَسَبَّبَتْ الْأُمُّ لِإِجْهَاضِ نَفْسِهَا كَأَنْ صَامَتْ أَوْ شَرِبَتْ دَوَاءً لَمْ تَرِثْ مِنْهَا شَيْئًا؛ لِأَنَّهَا قَاتِلَةٌ (وَ) الْغُرَّةُ (عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي) لِلْخَبَرِ (وَقِيلَ إنْ تَعَمَّدَ) الْجِنَايَةَ بِأَنْ قَصَدَهَا بِمَا يُجْهِضُ غَالِبًا (فَعَلَيْهِ) الْغُرَّةُ لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ بِنَاءً عَلَى تَصَوُّرِ الْعَمْدِ فِيهِ، وَالْأَصَحُّ عَدَمُ تَصَوُّرِهِ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى عِلْمِ وُجُودِهِ وَحَيَاتِهِ (وَالْجَنِينُ) الْمَعْصُومُ (الْيَهُودِيُّ أَوْ النَّصْرَانِيُّ قِيلَ كَمُسْلِمٍ) لِعُمُومِ الْخَبَرِ (وَقِيلَ هَدَرٌ) لِتَعَذُّرِ التَّسْوِيَةِ وَالتَّجْزِئَةِ (وَالْأَصَحُّ) أَنَّهُ تَجِبُ فِيهِ (غُرَّةٌ كَثُلُثِ غُرَّةِ مُسْلِمٍ) قِيَاسًا عَلَى الدِّيَةِ، وَفِي الْمَجُوسِيِّ وَنَحْوِهِ ثُلُثَا عُشْرِ غُرَّةِ مُسْلِمٍ (وَ) الْجَنِينِ (الرَّقِيقِ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْجَنِينِ أَوَّلَ الْفَصْلِ وَالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ، وَالتَّقْدِيرُ فِيهِ (عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ) قِيَاسًا عَلَى الْجَنِينِ الْحُرِّ فَإِنَّ غُرَّتَهُ عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ، وَسَوَاءٌ فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى، وَفِيهَا الْمُكَاتَبَةُ، وَأُمُّ الْوَلَدِ وَغَيْرُهُمَا. نَعَمْ لَوْ جَنَتْ عَلَى نَفْسِهَا لَمْ يَجِبْ فِيهِ لَهُ شَيْءٌ؛ إذْ لَا يَجِبُ لِلسَّيِّدِ عَلَى قِنِّهِ مَالٌ ابْتِدَاءً وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا (يَوْمَ الْجِنَايَةِ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْوُجُوبِ (وَقِيلَ) يَوْمَ (الْإِجْهَاضِ) ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الِاسْتِقْرَارِ. وَالْأَصَحُّ اعْتِبَارُ أَكْثَرِ الْقِيَمِ مِنْ وَقْتِ الْجِنَايَةِ إلَى الْإِجْهَاضِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ كَالْغَاصِبِ مَا لَمْ يَنْفَصِلْ حَيًّا ثُمَّ يَمُوتُ مِنْ أَثَرِ الْجِنَايَةِ، وَإِلَّا فَفِيهِ قِيمَةُ يَوْمِ الِانْفِصَالِ قَطْعًا، وَالْقِيمَةُ فِي الْقِنِّ (لِسَيِّدِهَا) هُوَ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ مَنْ مَلَكَ حَمْلًا مَلَكَ أُمَّهُ فَالْمُرَادُ لِمَالِكِهِ سَوَاءٌ كَانَ مَالِكَهَا أَمْ لَا (فَإِنْ كَانَتْ) الْأُمُّ الْقِنَّةُ (مَقْطُوعَةً) أَطْرَافُهَا يَعْنِي زَائِدَتَهَا وَلَوْ خِلْقَةً فَهُوَ مِثَالٌ وَإِلَّا فَالْمَدَارُ عَلَى كَوْنِهَا نَاقِصَةً (وَالْجَنِينُ سَلِيمٌ) أَوْ هِيَ سَلِيمَةٌ وَالْجَنِينُ نَاقِصٌ (قُوِّمَتْ سَلِيمَةً فِي الْأَصَحِّ) لِسَلَامَتِهِ أَوْ سَلَامَتِهَا، وَكَمَا لَوْ كَانَتْ كَافِرَةً وَهُوَ مُسْلِمٌ تُقَوَّمُ مُسْلِمَةً، وَلِأَنَّ نُقْصَانَ الْجَنِينِ قَدْ يَكُونُ مِنْ أَثَرِ الْجِنَايَةِ وَاللَّائِقُ الِاحْتِيَاطُ وَالتَّغْلِيظُ. وَالثَّانِي لَا تُقَدَّرُ سَلِيمَةً؛ لِأَنَّ نُقْصَانَ الْأَعْضَاءِ أَمْرٌ خِلْقِيٌّ، وَفِي تَقْدِيرِ خِلَافِهِ بُعْدٌ (وَتَحْمِلُهُ) أَيْ بَدَلَ الْجَنِينِ الْقِنِّ (الْعَاقِلَةُ فِي الْأَظْهَرِ) لِمَا مَرَّ أَنَّهَا تَحْمِلُ الْعَبْدَ. وَالثَّانِي فِي مَالِ الْجَانِي، وَلَوْ أَقَرَّ بِجِنَايَةٍ وَأَنْكَرَ الْإِجْهَاضَ أَوْ خُرُوجَهُ حَيًّا صُدِّقَ الْمُنْكِرُ بِيَمِينِهِ وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْوَارِثِ، وَيُقْبَلُ هُنَا النِّسَاءُ وَعَلَى أَصْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: فَكَمَا مَرَّ فِي الدِّيَةِ) أَيْ فَتَجِبُ قِيمَتُهَا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فِي كَفَّارَةِ جِمَاعِ النُّسُكِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ تَجِبْ قِيمَتُهَا بَلْ مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: كَأَنْ صَامَتْ) أَيْ وَلَوْ صَوْمًا وَاجِبًا (قَوْلُهُ: وَالْغُرَّةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي) وَكَذَا دِيَةُ الْجَنِينِ إذَا انْفَصَلَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ (قَوْلُهُ: وَالْجَنِينِ الرَّقِيقِ) تَقْدِيرُ الْجَنِينِ هُنَا إنَّمَا يُنَاسِبُهُ الْعَطْفُ عَلَى وَصْفِهِ: أَيْ وَصْفِ الْجَنِينِ بِالْحُرِّيَّةِ: أَيْ الْحُرِّ فَتَأَمَّلْهُ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُهُ عَلَى وَصْفِهِ: أَيْ وَصْفِ الْجَنِينِ بِالْحُرِّيَّةِ (قَوْلُهُ: فِيهِ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ) مَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَنْفَصِلْ حَيًّا وَيَمُوتُ. أَمَّا إذَا انْفَصَلَ حَيًّا وَمَاتَ مِنْ أَثَرِ الْجِنَايَةِ فَإِنَّ فِيهِ تَمَامَ قِيمَتِهِ. ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ مَا لَمْ يَنْفَصِلْ حَيًّا إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ خُرُوجَهُ حَيًّا) هَذِهِ الصُّورَةُ عُلِمَتْ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَيُصَدَّقُ الْجَانِي بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُقْبَلُ هُنَا النِّسَاءُ) أَيْ فِي الْإِجْهَاضِ وَفِي أَنَّهُ انْفَصَلَ حَيًّا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ:، وَإِذَا وَجَبَتْ الْإِبِلُ وَالْجِنَايَةُ شِبْهُ عَمْدٍ غُلِّظَتْ) هَذَا غَيْرُ مُكَرَّرٍ مَعَ قَوْلِهِ قَبْلُ وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْإِبِلِ الْمُغَلَّظَةِ إلَخْ. لِأَنَّ ذَاكَ فِي اعْتِبَارِ قِيمَتِهَا مُغَلَّظَةً وَهَذَا فِي اعْتِبَارِهَا نَفْسَهَا مُغَلَّظَةً كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: فَكَمَا مَرَّ فِي الدِّيَةِ) أَيْ يَرْجِعُ لِلْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْجَنِينِ) قَالَ سم: تَقْدِيرُ الْجَنِينِ هُنَا إنَّمَا يُنَاسِبُهُ الْعَطْفُ عَلَى وَصْفِهِ أَيْ الْحُرِّ فَتَأَمَّلْهُ اهـ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مِثَالٌ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَهَذَا الْمِثَالُ وَمُرَادُهُ كَمَا لَا يَخْفَى أَنَّ أَصْلَ كَوْنِهَا مَقْطُوعَةً مِثَالٌ فَمِثْلُهُ مَا إذَا كَانَتْ مَعِيبَةً بِعَيْبٍ

[فصل في كفارة القتل]

الْجِنَايَةِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَإِنْ اُدُّعِيَ أَنَّ الْإِجْهَاضَ أَوْ مَوْتَ مَنْ خَرَجَ حَيًّا بِسَبَبٍ آخَرَ، فَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ بَقَاءَ الْأَلَمِ إلَيْهِ صُدِّقَ الْوَارِثُ، وَإِلَّا فَلَا، وَيُقْبَلُ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ نَظِيرَ مَا مَرَّ وَإِنْ أَلْقَتْ جَنِينَيْنِ عُرِفَ اسْتِهْلَالُ وَاحِدٍ وَجُهِلَ وَجَبَ الْيَقِينُ، فَإِنْ كَانَ ذَكَرًا وَأُنْثَى فَغُرَّةٌ وَدِيَةُ أُنْثَى أَوْ حَيًّا وَمَيِّتًا أَوْ حَيَّيْنِ وَمَاتَا وَمَاتَتْ فَادَّعَى وَرَثَةُ الْجَنِينَيْنِ سَبْقَ مَوْتِهَا وَوَارِثُهَا عَكْسُهُ، فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا فَلَا تَوَارُثَ وَإِلَّا قُضِيَ لِلْحَالِفِ. (فَصْلٌ) فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] وَقَوْلُهُ {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] وَالْقَصْدُ مِنْهَا تَدَارُكُ مَا فَرَّطَ مِنْ التَّقْصِيرِ وَهُوَ فِي الْخَطَأِ الَّذِي لَا إثْمَ فِيهِ تَرْكُ التَّثَبُّتِ مَعَ خَطَرِ الْأَنْفُسِ (تَجِبُ بِالْقَتْلِ كَفَّارَةٌ) عَلَى الْفَاعِلِ غَيْرِ الْحَرْبِيِّ، وَتَجِبُ فَوْرًا فِي عَمْدٍ تَدَارُكًا لِإِثْمِهِ بِخِلَافِ الْخَطَأِ، وَخَرَجَ بِالْقَتْلِ غَيْرُهُ فَلَا تَجِبُ فِيهِ لِعَدَمِ وُرُودِهِ (وَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ) الْمَذْكُورُ (صَبِيًّا) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُمَيِّزًا، وَتَقَدَّمَ أَنَّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ لَوْ قَتَلَ بِأَمْرِ غَيْرِهِ ضَمِنَ آمِرُهُ دُونَهُ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْكَفَّارَةَ كَذَلِكَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ (وَمَجْنُونًا) ؛ إذْ غَايَةُ فِعْلِهِمَا أَنَّهُ خَطَأٌ وَهِيَ وَاجِبَةٌ فِيهِ وَعَدَمُ لُزُومِهِمَا كَفَّارَةُ وَقَاعِهِمَا لِارْتِبَاطِهَا بِالتَّكْلِيفِ وَلَيْسَا مِنْ أَهْلِهِ، وَالْمَدَارُ هُنَا عَلَى الْإِزْهَاقِ احْتِيَاطًا لِلْحَيَاةِ فَيُعْتِقُ الْوَلِيُّ عَنْهُمَا كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ تَبَعًا لِجَمْعٍ، وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي الصَّدَاقِ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ إعْتَاقِهِ عَنْ الصَّبِيِّ حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى مَا إذَا ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: وَجَبَ الْيَقِينُ) أَيْ وَهُوَ غُرَّةٌ وَدِيَةٌ، وَقَوْلُهُ وَمَاتَتْ: أَيْ الْأُمُّ (قَوْلُهُ: وَوَارِثُهَا عَكْسُهُ) هَذِهِ الصُّورَةُ عُلِمَتْ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَيُصَدَّقُ الْجَانِي بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ الْحَيَاةِ اهـ سم عَلَى حَجّ. (فَصْلٌ) فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ وَاَلَّذِي فَرَّطَ، وَقَوْلُهُ وَتَجِبُ فَوْرًا فِي عَمْدٍ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ شِبْهُ الْعَمْدِ لِعِصْيَانِهِ بِالْإِقْدَامِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَجِبُ فِيهِ) أَيْ فِي الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْكَفَّارَةَ كَذَلِكَ) أَيْ عَلَى الْآمِرِ (قَوْلُهُ: كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لِارْتِبَاطِهَا بِالتَّكْلِيفِ) قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِلْجَوَابِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَجْنُونِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي صَوْمٍ فَلَا يُتَوَهَّمُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي غَيْرِ الْأَطْرَافِ أَصْلًا، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا يُفِيدُهُ تَفْرِيعُ الشَّارِحِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بِسَبَبٍ آخَرَ) تَنَازَعَهُ الْإِجْهَاضُ وَمَوْتُ (قَوْلُهُ: وَمَاتَتْ) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ فَادَّعَى وَرَثَةُ الْجَنِينِ سَبْقَ مَوْتِهَا) أَيْ فَيَرِثُهَا الْجَنِينَانِ ثُمَّ تَرِثُهُمَا وَرَثَتُهُمَا وَبِنَظِيرِهِ يُقَالُ فِي عَكْسِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَوَارُثَ) أَيْ بَيْنَ الْجَنِينَيْنِ وَأُمِّهِمَا [فَصْلٌ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ] (فَصْلٌ) فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ (قَوْلُهُ: غَيْرِ الْحَرْبِيِّ) أَيْ الَّذِي لَا أَمَانَ لَهُ قَالَهُ فِي التُّحْفَةِ ثُمَّ قَالَ عَقِبَهُ مَا نَصُّهُ: وَالْجَلَّادُ الَّذِي لَمْ يَعْلَمْ خَطَأَ الْإِمَامِ. اهـ. وَلَعَلَّ جَمِيعَ ذَلِكَ سَقَطَ مِنْ الْكَتَبَةِ مِنْ الشَّارِحِ لِأَنَّهُ ذَكَرَ مُحْتَرَزَهُمَا فِيمَا يَأْتِي أَوْ أَنَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّهُ ذَكَرَهُمَا هُنَا (قَوْلُهُ: وَتَجِبُ فَوْرًا فِي عَمْدٍ) أَيْ أَوْ شِبْهِهِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ، وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ الشَّارِحِ أَيْضًا بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ بَعْدَهُ إلَّا الْخَطَأُ (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ لُزُومِهِمَا كَفَّارَةُ وِقَاعِهِمَا) اُنْظُرْ مَا صُورَتُهُ فِي الْمَجْنُونِ وَغَيْرِ الْمُمَيِّزِ (قَوْلُهُ: فَيُعْتِقُ الْوَلِيُّ عَنْهُمَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْفَوْرِ أَمْ عَلَى التَّرَاخِي، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ سِيَاقُهُ وَصَرَّحَ بِهِ وَالِدُهُ

كَانَتْ عَلَى التَّرَاخِي، وَمَا هُنَا عَلَى مَا إذَا كَانَتْ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْعِتْقُ تَبَرُّعًا وَالْجَوَازُ عَلَى الْوَاجِبِ، وَالْقِيَاسُ أَنَّ السَّفِيهَ يُعْتِقُ عَنْهُ وَلِيُّهُ، فَإِنْ فُقِدَ وَصَامَ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ أَجْزَأَهُ وَلِلْأَبِ وَالْجَدِّ الْإِعْتَاقُ وَالْإِطْعَامُ عَنْهُمَا مِنْ مَالِهِمَا لَا نَحْوُ وَصِيٍّ وَقَيِّمٍ، بَلْ يَتَمَلَّكُ الْحَاكِمُ لَهُمَا ثُمَّ يُعْتِقُ الْوَصِيُّ وَنَحْوُهُ عَنْهُمَا (وَعَبْدًا) وَأَمَةً فَيُكَفِّرَانِ بِالصَّوْمِ (وَذِمِّيًّا) قَتَلَ مَعْصُومًا مُسْلِمًا أَوْ غَيْرَهُ نُقِضَ الْعَهْدُ أَوَّلًا وَمُعَاهَدًا وَمُؤَمَّنًا، وَيُتَصَوَّرُ إعْتَاقُ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمِ بِأَنْ يَرِثَهُ أَوْ يَسْتَدْعِيَ عِتْقَهُ بِبَيْعٍ ضِمْنِيٍّ (وَعَامِدًا) كَالْمُخْطِئِ بَلْ أَوْلَى. لِأَنَّ حَاجَتَهُ إلَى الْجَبْرِ أَعْظَمُ (وَمُخْطِئًا) إجْمَاعًا، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِشِبْهِ الْعَمْدِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا ذَكَرَهُ لِأَخْذِهِ شَبَهًا مِنْهُمَا وَمَأْذُونًا لَهُ فِي الْقَتْلِ مِنْ الْمَقْتُولِ (وَمُتَسَبِّبًا) كَمُكْرِهٍ وَآمِرٍ لِغَيْرِ مُمَيِّزٍ وَشَاهِدِ زُورٍ وَحَافِرٍ عُدْوَانًا، وَإِنْ حَصَلَ التَّرَدِّي بَعْدَ مَوْتِ الْحَافِرِ فَالْمُرَادُ بِالْمُتَسَبِّبِ مَا يَشْمَلُ صَاحِبَ الشَّرْطِ، أَمَّا الْحَرْبِيُّ الَّذِي لَا أَمَانَ لَهُ، وَالْجَلَّادُ الْقَاتِلُ بِأَمْرِ الْإِمَامِ ظُلْمًا، وَهُوَ جَاهِلٌ بِالْحَالِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِمَا لِعَدَمِ الْتِزَامِ الْأَوَّلِ، وَلِأَنَّ الثَّانِي سَيْفُ الْإِمَامِ وَآلَةُ سِيَاسَتِهِ (بِقَتْلِ) مَعْصُومٍ عَلَيْهِ نَحْوِ (مُسْلِمٍ وَلَوْ بِدَارِ حَرْبٍ) وَإِنْ لَمْ يَجِبْ فِيهِ قَوَدٌ وَلَا دِيَةٌ فِي صُوَرِهِ السَّابِقَةِ أَوَّلَ الْبَابِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ} [النساء: 92] الْآيَةَ: أَيْ فِيهِمْ (وَذِمِّيٌّ) كَمُعَاهَدٍ وَمُؤَمَّنٍ كَمَا فِي آخِرِ الْآيَةِ وَكَمُرْتَدٍّ بِأَنْ قَتَلَهُ مُرْتَدٌّ مِثْلُهُ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مَعْصُومٌ عَلَيْهِ، وَيُقَاسُ بِهِ نَحْوُ زَانٍ مُحْصَنٍ وَتَارِكِ صَلَاةٍ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ بِالنِّسْبَةِ لِمِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ هَؤُلَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ مِثْلِهِمْ لِإِهْدَارِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــSوَوُجُوبُ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ حَتَّى يُحْتَاجَ لِلْجَوَابِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَمَا هُنَا عَلَى مَا إذَا كَانَتْ عَلَى الْفَوْرِ) يُتَأَمَّلُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ بِكَوْنِ الْعِتْقِ عَلَى الصَّبِيِّ عَلَى الْفَوْرِ مَعَ أَنَّ مَحَلَّ الْفَوْرِ إذَا عَصَى بِالسَّبَبِ وَالصَّبِيُّ لَيْسَ مُخَاطَبًا حَتَّى يَعْصِيَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ إذَا تَعَمَّدَ يُعَامَلُ مُعَامَلَةَ الْبَالِغِ كَمَا عُومِلَ مُعَامَلَتَهُ فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ عَلَيْهِ مُغَلَّظَةً (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَقَدَ) أَيْ مَا يُعْتِقُهُ وَلِيُّ الصَّبِيِّ (قَوْلُهُ: وَالْإِطْعَامُ عَنْهُمَا) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ يُتَأَمَّلُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ هَذِهِ الْكَفَّارَةَ لَا إطْعَامَ فِيهَا. وَقَوْلُهُ مِنْ مَالِهِمَا: أَيْ الْأَبِ وَالْجَدِّ (قَوْلُهُ: لَا نَحْوُ وَصِيٍّ) يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ بَعْدُ ثُمَّ يُعْتِقُ الْوَصِيُّ وَنَحْوُهُ عَنْهُمَا، ثُمَّ قَوْلُهُ: بَلْ يَتَمَلَّكُ الْحَاكِمُ إنَّمَا يَظْهَرُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَالِهِمَا مَا يُعْتِقُهُ الْوَصِيُّ، وَإِلَّا فَلَا مَعْنًى لِكَوْنِ الْحَاكِمِ يَتَمَلَّكُ ثُمَّ يُعْتِقُ الْوَصِيُّ وَنَحْوُهُ. وَيُجَابُ بِأَنَّ كَلَامَهُ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ أَرَادَ الْوَصِيُّ يُعْتِقُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ عَنْهُمَا فَلَا يَنْفُذُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ تَوَلِّيَ الطَّرَفَيْنِ خَاصٌّ بِالْأَبِ وَالْجَدِّ إذَا أَرَادَ الْإِعْتَاقَ عَنْهُمَا مِنْ مَالِهِ أَنْ يَقْبَلَ الْقَاضِي عَنْ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فَيَدْخُلَ فِي مِلْكِهِ فَيَصِيرَ مِنْ جُمْلَةِ أَمْوَالِهِ فَيُعْتِقَ الْوَصِيُّ بِهِ؛ لِأَنَّ مَا يُعْتِقُهُ صَارَ مِلْكًا لِلصَّبِيِّ أَوْ الْمَجْنُونِ فَيُعْتِقُ بِوِلَايَتِهِ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ حَاجَتَهُ) وَفِي نُسْخَةٍ؛ لِأَنَّ جِنَايَتَهُ وَمَا فِي الْأَصْلِ أَوْلَى (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْتِزَامِ الْأَوَّلِ) أَيْ الْحَرْبِيِّ، وَقَوْلُهُ: وَآلَةُ السِّيَاسَةِ عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: وَقَاطِعُ طَرِيقٍ بِالنِّسْبَةِ لِمِثْلِهِ) أَيْ فِي الْإِهْدَارِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِصِفَتِهِ كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ إذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَعَلَيْهِ فَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي بَابِ الصَّدَاقِ ضَعِيفٌ، وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ فِيمَا يَأْتِي حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ إلَخْ. فَإِنَّمَا غَرَضُهُ مِنْهُ حِكَايَةُ حَمْلِ ذَلِكَ الْبَعْضِ لَا غَيْرُ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْعِتْقُ تَبَرُّعًا) هَذَا لَا يُلَاقِي كَلَامَ الشَّيْخَيْنِ لِأَنَّ كَلَامَهُمَا هُنَاكَ فِي خُصُوصِ الْعِتْقِ عَنْ الْكَفَّارَةِ، وَقَدْ نَقَلَهُ هُنَا عَنْهُمَا وَالِدُ الشَّارِحِ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ. وَعِبَارَتُهُ: ذَكَرَا فِي بَابِ الصَّدَاقِ أَنَّهُ لَوْ لَزِمَ الصَّبِيَّ كَفَّارَةُ قَتْلٍ، فَأَعْتَقَ الْوَلِيُّ عَنْهُ عَبْدًا لِنَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ دُخُولَهُ فِي مِلْكِهِ، وَإِعْتَاقَهُ عَنْهُ، وَإِعْتَاقُ عَبْدِ الطِّفْلِ لَا يَجُوزُ اهـ. ثُمَّ قَالَ: وَالْمُعْتَمَدُ الْمَذْكُورُ هُنَا كَمَا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وَنَصَّ عَلَيْهَا الشَّافِعِيُّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فُقِدَ) يَعْنِي: الْمَالَ (قَوْلُهُ: الْإِعْتَاقُ وَالْإِطْعَامُ عَنْهُمَا) أَيْ فِي نَحْوِ كَفَّارَاتِ الْحَجِّ، وَإِلَّا فَالْقَتْلُ لَا إطْعَامَ فِيهِ وَلَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُمَا ظِهَارٌ وَلَا كَفَّارَةٌ فِي جِمَاعِهِمَا فِي رَمَضَانَ (قَوْلُهُ: مِنْ مَالِهِمَا) أَيْ مَالِ الْأَبِ وَالْجَدِّ، أَمَّا مَالُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، فَيَتَعَاطَى الْعِتْقَ وَالْإِطْعَامَ عَنْهُمَا الْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ كَالْأَبِ وَالْجَدِّ

نَعَمْ قَاطِعُ الطَّرِيقِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ إذْنِ الْإِمَامِ وَإِلَّا وَجَبَتْ كَالدِّيَةِ (وَجَنِينٍ) مَضْمُونٍ؛ لِأَنَّهُ آدَمِيٌّ مَعْصُومٌ (وَعَبْدِ نَفْسِهِ) لِذَلِكَ وَلِأَنَّ الْكَفَّارَةَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى (وَنَفْسِهِ) فَتُخْرَجُ مِنْ تَرِكَتِهِ لِذَلِكَ أَيْضًا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ هُدِرَ كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ لَمْ تَجِبْ فِيهِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَإِنْ أَثِمَ بِقَتْلِ نَفْسِهِ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ غَيْرُهُ افْتِيَاتًا عَلَى الْإِمَامِ (وَفِي) قَتْلِ (نَفْسِهِ) (وَجْهٌ) أَنَّهَا لَا تَجِبُ فِيهَا كَمَا لَا ضَمَانَ، وَيَرِدُ بِوُضُوحٍ الْفَرْقُ وَهُوَ أَنَّ الْكَفَّارَةَ حَقٌّ لَهُ تَعَالَى، فَلَمْ يَسْقُطْ بِفِعْلِهِ بِخِلَافِ الضَّمَانِ (لَا) فِي قَتْلِ (امْرَأَةٍ وَصَبِيٍّ حَرْبِيَّيْنِ) وَإِنْ حَرُمَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِعِصْمَتِهِمَا بَلْ لِتَفْوِيتِ إرْقَاقِهِمَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَكَالصَّبِيِّ الْحَرْبِيِّ الْمَجْنُونُ الْحَرْبِيُّ (وَبَاغٍ) قَتَلَهُ عَادِلٌ حَالَ الْقِتَالِ وَعَكْسِهِ (وَصَائِلٍ) قَتَلَهُ مَنْ صَالَ عَلَيْهِ لِإِهْدَارِهِمَا بِالنِّسْبَةِ لِقَاتِلِهِمَا حِينَئِذٍ (وَمُقْتَصٍّ مِنْهُ) قَتَلَهُ الْمُسْتَحِقُّ وَلَوْ لِبَعْضِ الْقَوَدِ. لِأَنَّهُ مُهْدَرٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ، وَلَا تَجِبُ عَلَى عَائِنٍ، وَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ حَقًّا؛ لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ مُهْلِكًا عَادَةً، عَلَى أَنَّ التَّأْثِيرَ يَقَعُ عِنْدَهَا لَا بِهَا حَتَّى بِالنَّظَرِ لِلظَّاهِرِ، وَقِيلَ يَنْبَعِثُ مِنْهَا جَوَاهِرُ لَطِيفَةٌ غَيْرُ مَرْئِيَّةٍ فَتَتَخَلَّلُ الْمَسَامَّ فَيَخْلُقُ اللَّهُ تَعَالَى الْهَلَاكَ عِنْدَهَا. وَمِنْ أَدْوِيَتِهَا الْمُجَرَّبَةِ الَّتِي أَمَرَ بِهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَتَوَضَّأَ الْعَائِنُ: أَيْ يَغْسِلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ وَدَاخِلَ إزَارِهِ: أَيْ مَا يَلِي جَسَدَهُ مِنْ الْإِزَارِ وَيَصُبَّهُ عَلَى رَأْسِ الْمَعْيُونِ (وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الشُّرَكَاءِ كَفَّارَةٌ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ يَتَعَلَّقُ بِالْقَتْلِ فَلَا يَتَبَعَّضُ كَالْقِصَاصِ، وَبِهِ فَارَقَتْ الدِّيَةَ وَلِأَنَّهَا وَجَبَتْ لِهَتْكِ الْحُرْمَةِ لَا بَدَلًا، وَبِهِ فَارَقَتْ جَزَاءَ الصَّيْدِ. وَالثَّانِي عَلَى الْجَمِيعِ كَفَّارَةٌ (وَهِيَ كَ) كَفَّارَةِ (ظِهَارٍ) فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ فِيهَا فَيُعْتِقُ مَنْ يُجْزِئُ ثَمَّ، ثُمَّ يَصُومُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ كَمَا مَرَّ ثُمَّ أَيْضًا لِلْآيَةِ (لَكِنْ لَا إطْعَامَ فِيهَا) عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الصَّوْمِ (فِي الْأَظْهَرِ) ؛ إذْ لَا نَصَّ فِيهِ، وَالْمُتَّبَعُ فِي الْكَفَّارَاتِ النَّصُّ لَا الْقِيَاسُ، وَالْمُطْلَقُ إنَّمَا يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي الْأَوْصَافِ كَالْإِيمَانِ فِي الرَّقَبَةِ لَا الْأَشْخَاصِ كَالْإِطْعَامِ هُنَا. وَالثَّانِي نَعَمْ كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الصَّوْمِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ قَبْلَهَا أُطْعِمَ عَنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَتَلَهُ تَارِكُ الصَّلَاةِ أَوْ عَكْسُهُ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ إذْنِ الْإِمَامِ) أَيْ قَبْلَ الْقَتْلِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَجَبَتْ كَالدِّيَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: بِنَاءً عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمُغَلَّبَ فِي قَتْلِهِ بِلَا إذْنٍ مَعْنَى الْقِصَاصِ فَلَا إشْكَالَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ هُدِرَ كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ لَمْ تَجِبْ فِيهِ) هَذَا يَقْتَضِي تَنْزِيلَ قَتْلِهِ نَفْسَهُ مَنْزِلَةَ قَتْلِ غَيْرِ مِثْلِهِ لَهُ لَا مَنْزِلَةَ قَتْلِ مِثْلِهِ لَهُ وَإِلَّا وَجَبَتْ فَلْيُتَأَمَّلْ وَجْهُ التَّنْزِيلِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَوَجْهُ التَّأَمُّلِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ أَنَّهُ مَعْصُومٌ عَلَى نَفْسِهِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ فَعَدَمُهَا مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ فِي التَّيَمُّمِ مِنْ أَنَّ الزَّانِيَ الْمُحْصَنَ مَعْصُومٌ عَلَى نَفْسِهِ فَيَشْرَبُ الْمَاءَ لِعَطَشِهِ وَيَتَيَمَّمُ (قَوْلُهُ: افْتِيَاتًا عَلَى الْإِمَامِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَى الْقَاتِلِ (قَوْلُهُ: لِإِهْدَارِهِمَا) أَيْ الْبَاغِي وَالصَّائِلِ (قَوْلُهُ: وَلَا تَجِبُ عَلَى عَائِنٍ) أَيْ الْكَفَّارَةُ كَمَا لَا يَجِبُ قَتْلُ قَوَدٍ وَلَا دِيَةَ عَلَيْهِ، وَمِثْلُ الْعَائِنِ الْوَلِيُّ إذَا قَتَلَ بِحَالِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ أَدْوِيَتِهَا الْمُجَرَّبَةِ) وَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْعَائِنِ فِعْلُ ذَلِكَ إذَا وَجَدَ التَّأْثِيرَ فِي الْمَعْيُونِ وَطَلَبَ مِنْهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِعَدَمِ تَحَقُّقِ نَفْعِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَيْ يَغْسِلُ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إلَخْ) لَمْ يَنْقُلْ مُسْتَنَدَهُ لَمَّا فَسَّرَ بِهِ الْحَدِيثَ مَعَ أَنَّ الْأَلْفَاظَ الْوَارِدَةَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ تُحْمَلُ عَلَى مَدْلُولَاتِهَا الشَّرْعِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَيَدَيْهِ) أَيْ كَفَّيْهِ فَقَطْ دُونَ السَّاعِدِ (قَوْلُهُ: وَدَاخِلَ إزَارِهِ) أَيْ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ (قَوْلُهُ: أَطْعَمَ عَنْهُ) أَيْ بَدَلًا عَنْ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ هُوَ كَفَّارَةٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مَنْ صَالَ عَلَيْهِ) كَانَ يَنْبَغِي إبْرَازُ الضَّمِيرِ.

[كتاب دعوى الدم]

كِتَابُ دَعْوَى الدَّمِ عَبَّرَ بِهِ عَنْ الْقَتْلِ لِلُزُومِهِ لَهُ غَالِبًا (وَالْقَسَامَةُ) بِفَتْحِ الْقَافِ، وَهُوَ لُغَةً اسْمٌ لِأَوْلِيَاءِ الدَّمِ وَلِأَيْمَانِهِمْ. وَاصْطِلَاحًا اسْمٌ لِأَيْمَانِهِمْ، وَقَدْ تُطْلَقُ عَلَى الْأَيْمَانِ مُطْلَقًا؛ إذْ الْقَسَمُ الْيَمِينُ، وَلِاسْتِتْبَاعِ الدَّعْوَى لِلشَّهَادَةِ بِالدَّمِ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي التَّرْجَمَةِ، وَإِنْ ذَكَرَهَا فِيمَا يَأْتِي (يُشْتَرَطُ) لِصِحَّةِ دَعْوَى الدَّمِ كَغَيْرِهِ، وَخُصَّ الْأَوَّلُ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي؛ إذْ الْكَلَامُ فِيهِ سِتَّةُ شُرُوطٍ: أَحَدُهَا (أَنْ) تُعْلَمَ غَالِبًا بِأَنْ (يُفَصِّلَ) الْمُدَّعِي مُدَّعَاهُ مِمَّا يَخْتَلِفُ الْغَرَضُ بِهِ فَيُفَصِّلُ هُنَا مُدَّعِي الْقَتْلَ (مَا يَدَّعِيه مِنْ عَمْدٍ وَخَطَأٍ) وَشِبْهِ عَمْدٍ، وَيَصِفُ كُلًّا مِنْهَا بِمَا يَلِيقُ بِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ فَقِيهًا مُوَافِقًا لِمَذْهَبِ الْقَاضِي عَلَى مَا يَأْتِي أَوَاخِرَ الشَّهَادَةِ بِمَا فِيهِ، وَحَذْفُ الْأَخِيرِ لِإِطْلَاقِ الْخَطَأِ عَلَيْهِ (وَانْفِرَادٍ وَشِرْكَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ، وَيَذْكُرُ عَدَدَ الشُّرَكَاءِ إنْ أَوَجَبَ الْقَتْلُ الدِّيَةَ، نَعَمْ لَوْ قَالَ إنَّهُمْ لَا يَزِيدُونَ عَنْ عَشَرَةٍ مَثَلًا سُمِعَتْ دَعْوَاهُ وَطَالَبَ بِحِصَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ وَاحِدًا فَعَلَيْهِ عُشْرُ الدِّيَةِ، وَاسْتَثْنَى ابْنُ الرِّفْعَةِ كَالْمَاوَرْدِيِّ السِّحْرَ فَلَا يَشْتَرِطُ تَفْصِيلَهُ لِخَفَائِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (فَإِنْ أَطْلَقَ) الْمُدَّعِي (اسْتَفْصَلَهُ الْقَاضِي) اسْتِحْبَابًا بِمَا ذُكِرَ لِتَصِحَّ دَعْوَاهُ وَلَهُ الْإِعْرَاضُ عَنْهُ. (وَقِيلَ يُعْرِضُ عَنْهُ) حَتْمًا؛ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ التَّلْقِينِ، وَرُدَّ بِأَنَّ التَّلْقِينَ أَنْ يَقُولَ لَهُ قُلْ قَتَلَهُ عَمْدًا ـــــــــــــــــــــــــــــSكِتَابُ دَعْوَى الدَّمِ (قَوْلُهُ: دَعْوَى الدَّمِ) عَبَّرَ بِالْكِتَابِ؛ لِأَنَّهُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شُرُوطِ الدَّعْوَى وَبَيَانِ الْأَيْمَانِ الْمُعْتَبَرَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا شَبِيهٌ بِالدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ فَلَيْسَ مِنْ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ: وَالْقَسَامَةُ) ع: لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ مِنْ أَحْوَالِ الْقَاتِلِ اسْتَدْعَى ذَلِكَ بَعْدَ بَيَانِ مُوجِبَاتِهِ بَيَانَ الْحُجَّةِ فِيهِ، وَهِيَ بَعْدَ الدَّعْوَى إمَّا يَمِينٌ وَإِمَّا شَهَادَةٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ هَذَا اللَّفْظُ، وَذُكِرَ لِمُرَاعَاةِ الْخَبَرِ، وَهُوَ الْأَوْلَى فِي مِثْلِهِ مِمَّا وَقَعَ فِيهِ الضَّمِيرُ بَيْنَ مُذَكَّرٍ وَمُؤَنَّثٍ (قَوْلُهُ: وَقَدْ تُطْلَقُ) أَيْ الْقَسَامَةُ اصْطِلَاحًا، وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا: أَيْ دَمًا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: وَلِاسْتِتْبَاعِ الدَّعْوَى) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى التَّرْجَمَةِ وَإِنْ قُلْنَا هِيَ عَيْبٌ فَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ ثَمَّ مَا يَسْتَتْبِعُهَا (قَوْلُهُ: وَخُصَّ الْأَوَّلُ) أَيْ فِي التَّرْجَمَةِ، وَقَوْلُهُ مَا يَأْتِي: أَيْ مِنْ قَوْلِهِ مِنْ عَمْدٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَحَدُهَا أَنْ تَعْلَمَ غَالِبًا) خَرَّجَ مَسَائِلَ فِي الْمُطَوَّلَاتِ: مِنْهَا إذَا ادَّعَى عَلَى وَارِثٍ مَيِّتٍ صُدُورَ وَصِيَّةٍ بِشَيْءٍ مِنْ مُوَرِّثِهِ لَهُ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْمُوصَى بِهِ أَوْ عَلَى آخَرَ صُدُورَ إقْرَارٍ مِنْهُ لَهُ بِشَيْءٍ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَمِنْهُ النَّفَقَةُ وَالْحُكُومَةُ وَالرَّضْخُ (قَوْلُهُ: إنْ أَوْجَبَ الْقَتْلَ) أَيْ فَإِنْ أَوْجَبَ الْقَوَدَ لَمْ يَجِبْ ذِكْرُ عَدَدِ الشُّرَكَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ اهـ حَجّ بِالْمَعْنَى. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ أَصْلِ الشَّرِكَةِ وَالِانْفِرَادِ وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ الْقَتْلَ الْمُوجِبَ لِلْقَوَدِ وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ مَا عَلَّلَ بِهِ وُجُوبَ ذِكْرِ عَدَدِ الشُّرَكَاءِ يَأْتِي فِي أَصْلِ الشِّرْكَةِ وَالِانْفِرَادِ حَيْثُ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ الْقَتْلَ الْمُوجِبَ لِلْقَوَدِ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى مَنْهَجٍ نَقَلَ عَنْ م ر أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى بَيَانِ أَصْلِ الشَّرِكَةِ وَالِانْفِرَادِ حَيْثُ كَانَ الْقَتْلُ مُوجِبًا لِلْقَوَدِ اهـ وَهُوَ وَاضِحٌ فَتَأَمَّلْهُ. لَا يُقَالُ: مِنْ فَوَائِدِ ذِكْرِ الشَّرِكَةِ أَنَّهُ بِتَقْدِيرِهَا قَدْ يَكُونُ الشَّرِيكُ مُخْطِئًا فَيَسْقُطُ بِهِ الْقَوَدُ عَنْ الْعَامِدِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: صِحَّةُ الدَّعْوَى لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ، نَعَمْ يُمْكِنُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ مِنْ ذِكْرِ ذَلِكَ، وَإِثْبَاتِهِ لِيَكُونَ دَافِعًا لِلْقَوَدِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: فَلَا يُشْتَرَطُ تَفْصِيلُهُ) أَيْ مِنْ الْمُدَّعِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) وَإِذَا صَحَّتْ الدَّعْوَى وَحَلَفَ فَعَلَى مَنْ تَكُونُ الدِّيَةُ وَمَا مِقْدَارُهَا إنْ لَمْ نُوجِبْ الْقِصَاصَ؟ وَفِي الدَّمِيرِيِّ عَنْ الْمَطْلَبِ أَنَّهُ حَيْثُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ دَعْوَى الدَّمِ] ِ وَالْقَسَامَةِ

مَثَلًا لَا كَيْفَ قَتَلَهُ عَمْدًا أَمْ غَيْرَهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاسْتِفْصَالَ عَنْ وَصْفٍ أَطْلَقَهُ جَائِزٌ وَعَنْ شَرْطٍ أَغْفَلَهُ مُمْتَنِعٌ، وَلَوْ كَتَبَ وَرَقَةً، وَقَالَ: أَدَّعِي بِمَا فِيهَا كُفَى فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ إذَا قَرَأَهَا الْقَاضِي أَوْ قُرِئَتْ عَلَيْهِ: أَيْ بِحَضْرَةِ الْخَصْمِ قَبْلَ الدَّعْوَى، وَثَانِيهَا كَوْنُهَا مُلْزَمَةً، فَلَوْ ادَّعَى هِبَةً اُعْتُبِرَ ذِكْرُ الْقَبْضِ الْمُعْتَبَرِ فِيهَا أَوْ بَيْعًا أَوْ إقْرَارًا اُعْتُبِرَ ذِكْرُ لُزُومِ التَّسْلِيمِ لَهُ (وَ) ثَالِثُهَا (أَنْ يُعَيِّنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَلَوْ) (قَالَ) فِي دَعْوَاهُ عَلَى حَاضِرِينَ (قَتَلَهُ أَحَدُهُمْ) أَوْ قَتَلَهُ هَذَا أَوْ هَذَا أَوْ هَذَا وَطَلَب تَحْلِيفَهُمْ (لَمْ يُحَلِّفْهُمْ الْقَاضِي فِي الْأَصَحِّ) لِإِبْهَامِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا تُسْمَعُ هَذِهِ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّ التَّحْلِيفَ فَرْعُهَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ لَوْثٌ، فَإِنْ كَانَ سُمِعَتْ وَحَلَّفَهُمْ. وَعَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ يُحْمَلُ مَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي أَوَّلِ مُسْقِطَاتِ اللَّوْثِ مِنْ أَنَّ لَهُ التَّحْلِيفَ وَالثَّانِي يُحَلِّفُهُمْ: أَيْ يَأْمُرُ بِحَلِفِهِمْ لِلتَّوَسُّلِ إلَى إقْرَارِ أَحَدِهِمْ بِالْقَتْلِ وَاسْتِيفَاءِ الْحَقِّ، وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِمْ فِي يَمِينٍ صَادِقَةٍ (وَيَجْرِيَانِ) أَيْ الصَّحِيحُ، وَمُقَابِلُهُ (فِي دَعْوَى) نَحْوُ (غَصْبٍ وَسَرِقَةٍ وَإِتْلَافٍ) وَغَيْرِهَا مِنْ كُلِّ مَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ انْفِرَادُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِسَبَبِ الدَّعْوَى فَلَا تُسْمَعُ فِيهِ عَلَى مُبْهَمٍ. وَقِيلَ تُسْمَعُ؛ لِأَنَّهُ يَقْصِدُ كَتْمَهُ حِينَئِذٍ، فَالتَّعْيِينُ فِيهِ عُسْرٌ بِخِلَافِ نَحْوِ الْبَيْعِ لِكَوْنِهِ يَنْشَأُ عَنْ اخْتِيَارِ عَاقِدَيْهِ فَيَضْبِطُ كُلٌّ صَاحِبَهُ (وَ) رَابِعُهَا وَخَامِسُهَا أَهْلِيَّةُ كُلٍّ مِنْ الْمُتَدَاعِيَيْنِ لِلْخِطَابِ وَرَدِّ الْجَوَابِ فَحِينَئِذٍ (إنَّمَا) (تُسْمَعُ) الدَّعْوَى فِي الدَّمِ وَغَيْرِهِ (مِنْ مُكَلَّفٍ) أَوْ سَكْرَانَ (مُلْتَزِمٍ) وَلَوْ لِبَعْضِ الْأَحْكَامِ كَمُعَاهَدٍ وَمُؤَمَّنٍ (عَلَى مِثْلِهِ) وَلَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ أَوْ رِقٍّ لَكِنْ لَا يَقُولُ الْأَوَّلُ اسْتَحَقَّ تَسْلِيمَ الْمَالِ بَلْ يَسْتَحِقُّهُ وَلِيٌّ فَلَا تَصِحُّ دَعْوَى حَرْبِيٍّ لَا أَمَانَ لَهُ فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ صِحَّةَ دَعْوَاهُ، وَالدَّعْوَى عَلَيْهِ فِي صُوَرٍ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ إذَا كَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا يُرَدُّ، وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَلَا دَعْوَى عَلَيْهِمْ: ـــــــــــــــــــــــــــــSصَحَّتْ الدَّعْوَى سُئِلَ السَّاحِرُ، وَيُعْمَلُ بِبَيَانِهِ اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ أَقَرَّ، فَإِنْ اسْتَمَرَّ عَلَى إنْكَارِهِ فَمَاذَا يُفْعَلُ، وَلَعَلَّهُ تَجِبُ دِيَةُ الْخَطَأِ عَلَى السَّاحِرِ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ عَلَى الْجَانِي ثُمَّ تَتَحَمَّلُهَا الْعَاقِلَةُ، وَفِي الْعَمْدِ عَلَى الْجَانِي نَفْسِهِ وَالسِّحْرُ فِيمَا ذُكِرَ يُحْتَمَلُ كَوْنُهُ عَمْدًا فَالدِّيَةُ فِيهِ عَلَى الْجَانِي وَلَمْ تَتَحَمَّلْهَا الْعَاقِلَةُ، وَيُحْتَمَلُ كَوْنُهُ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ فَتَتَحَمَّلُهَا عَنْهُ، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ قَسَامَةِ الْمُسْتَحِقِّ وُجُوبُ الدِّيَةِ عَلَى الْجَانِي وَشَكَكْنَا فِي تَحَمُّلِ الْعَاقِلَةِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ عَلِمْنَا كَوْنَهُ خَطَأً مَثَلًا وَتَعَذَّرَ تَحَمُّلُ الْعَاقِلَةِ لَهُ وَالدِّيَةُ فِيهِ عَلَى الْجَانِي، وَأَمَّا حَمْلُهُ عَلَى الْخَطَأِ فَلِأَنَّهُ أَقَلُّ (قَوْلُهُ: أَطْلَقَهُ) أَيْ الْمُدَّعِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَتَبَ وَرَقَةً، وَقَالَ: أَدَّعِي بِمَا فِيهَا) أَيْ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ: كَفَى فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ إذَا قَرَأَهَا الْقَاضِي إلَخْ) وَعِبَارَةُ حَجّ: نَعَمْ يَنْبَغِي أَنَّ الْقَاضِي وَالْخَصْمَ لَوْ اطَّلَعَا عَلَيْهَا وَعَرَفَا مَا فِيهَا لَكَفَى، وَعَلَيْهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَنَظِيرِهِ فِي إشْهَادِهِ عَلَى رُقْعَةٍ بِخَطِّهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قِرَاءَتِهَا عَلَيْهِمْ، وَلَا يَكْفِي قَوْلُهُ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهَا، وَإِنْ عَرَّفُوهُ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ يُحْتَاطُ لَهَا أَكْثَرَ، عَلَى أَنْ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِكَذَا لَيْسَ صِيغَةَ إقْرَارٍ عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ اهـ. وَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ هُنَا قِرَاءَةُ الْقَاضِي، وَلَا قِرَاءَتُهَا عَلَيْهِ، فَعِلْمُهُمَا بِهِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْقِرَاءَةِ مِنْ الْقَاضِي وَالسَّمَاعِ مِنْ الْخَصْمِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ سُمِعَتْ وَحَلَّفَهُمْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الْمُدَّعِي وَإِنْ ادَّعَى بِالْقَتْلِ (قَوْلُهُ أَيْ يَأْمُرُ بِحَلِفِهِمْ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ لَهُمْ احْلِفُوا، وَعَلَيْهِ فَلَوْ امْتَنَعُوا مِنْهُ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَبِتَقْدِيرٍ حَلِفِهِ أَيَّهُمْ يُطَالِبُ رَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ دَعْوَى حَرْبِيٍّ) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ مُلْتَزِمٍ وَلَوْ لِبَعْضِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ) أَيْ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ مُلْتَزِمٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) أَيْ بَلْ يَدَّعِي لَهُمَا الْوَلِيُّ أَوْ يُوقَفُ إلَى كَمَالِهِمَا أَنْوَارٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِحَضْرَةِ الْخَصْمِ) أَيْ أَوْ غَيْبَتِهِ الْغَيْبَةَ الْمُسَوِّغَةَ لِسَمَاعِ الدَّعْوَى عَلَى الْغَائِبِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ مَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ انْفِرَادُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) يَعْنِي: عَنْ الْمُدَّعِي: يَعْنِي: يُتَصَوَّرُ اسْتِقْلَالُهُ بِهِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي، وَقَوْلُهُ: بِسَبَبِ الدَّعْوَى مُتَعَلِّقٌ بِانْفِرَادِ: أَيْ بِالسَّبَبِ الَّذِي ادَّعَى لِأَجْلِهِ كَالْغَصْبِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَقْصِدُ كَتْمَهُ) عِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ لِأَنَّ الْمُبَاشِرَ لِهَذِهِ الْأُمُورِ يَقْصِدُ كَتْمَهَا (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ إذَا كَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ إلَخْ.) يُتَأَمَّلُ

أَيْ إنْ لَمْ تَكُنْ ثَمَّ بَيِّنَةٌ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي الرَّقِيقِ، وَعِنْدَ غَيْبَةِ الْوَلِيِّ تَكُونُ الدَّعْوَى عَلَى غَائِبٍ فَيُحْتَاجُ مَعَ الْبَيِّنَةِ لِيَمِينِ الِاسْتِظْهَارِ، وَمَرَّ قَبُولُ إقْرَارِ سَفِيهٍ بِمُوجِبِ قَوَدٍ، وَمِثْلُهُ نُكُولُهُ، وَحَلَفَ الْمُدَّعِي لَا بِمَالٍ فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَقَطْ لَا لِحَلِفِ مُدَّعٍ لَوْ نَكَلَ؛ لِأَنَّ النُّكُولَ مَعَ الْيَمِينِ إقْرَارٌ حُكْمًا وَإِقْرَارُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ (وَ) سَادِسُهَا أَنْ لَا يُنَاقِضَهَا دَعْوَى غَيْرِهِمْ فَحِينَئِذٍ (لَوْ) (ادَّعَى) عَلَى شَخْصٍ (انْفِرَادَهُ بِالْقَتْلِ ثُمَّ ادَّعَى عَلَى آخَرَ) انْفِرَادًا أَوْ شَرِكَةً (لَمْ تُسْمَعْ الثَّانِيَةُ) لِتَكْذِيبِ الْأُولَى لَهَا نَعَمْ إنْ صَدَّقَهُ الْآخَرُ فَهُوَ مُؤَاخَذٌ بِإِقْرَارِهِ وَتُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَلَا يُمْكِنُ مِنْ الْعَوْدِ إلَى الْأُولَى؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ تُكَذِّبُهَا (أَوْ) ادَّعَى (عَمْدًا) مَثَلًا (وَوَصَفَهُ بِغَيْرِهِ) مِنْ خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ وَبِالْعَكْسِ (لَمْ يَبْطُلْ أَصْلُ الدَّعْوَى) وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ لِذَلِكَ تَأْوِيلًا (فِي الْأَظْهَرِ) بَلْ يُعْتَمَدُ تَفْسِيرُهُ وَيُلْغَى دَعْوَى الْعَمْدِ لَا دَعْوَى الْقَتْلِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُظَنُّ مَا لَيْسَ بِعَمْدٍ عَمْدًا. وَالثَّانِي يَبْطُلُ؛ لِأَنَّ فِي دَعْوَى الْعَمْدِ اعْتِرَافًا بِبَرَاءَةِ الْعَاقِلَةِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْفَقِيهَ الَّذِي لَا يُتَصَوَّرُ خَفَاءُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَإِنْ اقْتَضَتْ الْعِلَّةُ خِلَافَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكْذِبُ فِي الْوَصْفِ وَيَصْدُقُ فِي الْأَصْلِ (وَ) إنَّمَا (تَثْبُتُ الْقَسَامَةُ فِي الْقَتْلِ) دُونَ مَا سِوَاهُ كَمَا يَأْتِي وُقُوفًا مَعَ النَّصِّ (بِمَحَلِّ لَوْثٍ) بِمُثَلَّثَةٍ مِنْ اللَّوْثِ بِمَعْنَى الْقُوَّةِ لِقُوَّتِهِ بِتَحْوِيلِهِ الْيَمِينَ لِجَانِبِ الْمُدَّعِي أَوْ الضَّعْفِ؛ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ حُجَّةٌ ضَعِيفَةٌ وَشَرْطُهُ أَنْ لَا يَعْلَمَ الْقَاتِلُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ أَوْ عِلْمِ حَاكِمٍ حَيْثُ سَاغَ لَهُ الْحُكْمُ بِهِ، وَالتَّعْبِيرُ بِالْمَحَلِّ هُنَا لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ حَقِيقَتَهُ؛ لِأَنَّ اللَّوْثَ قَدْ لَا يَرْتَبِطُ بِالْمَحَلِّ كَالشَّهَادَةِ الْآتِيَةِ، فَالتَّعْبِيرُ بِهِ إمَّا لِلْغَالِبِ أَوْ مَجَازٌ عَمَّا مَحَلُّهُ اللَّوْثُ مِنْ الْأَحْوَالِ الَّتِي تُوجَدُ فِيهَا تِلْكَ الْقَرَائِنُ الْمُؤَكِّدَةُ (وَهُوَ) أَيْ اللَّوْثُ (قَرِينَةٌ) حَالِيَّةٌ أَوْ مَقَالِيَّةٌ مُؤَيِّدَةٌ (تُصَدِّقُ الْمُدَّعِي) بِأَنْ تُوقِعَ فِي الْقَلْبِ صِدْقَهُ فِي دَعْوَاهُ وَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ هَذِهِ الْقَرِينَةِ (بِأَنْ) أَيْ كَأَنْ، إذْ الْقَرَائِنُ لَمْ تَنْحَصِرْ فِيمَا ذَكَرَهُ (وُجِدَ قَتِيلٌ) أَوْ بَعْضُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: أَيْ إنْ لَمْ تَكُنْ ثَمَّ بَيِّنَةٌ) أَيْ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ غَيْبَةِ الْوَلِيِّ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ ثَمَّ بَيِّنَةٌ وَأَقَامَهَا الْمُدَّعِي وَقَوْلُهُ فَيَحْتَاجُ: أَيْ الْمُدَّعِي (قَوْلُهُ: فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ) أَيْ بِالْمَالِ كَأَنْ ادَّعَى أَنَّهُ قَتَلَ عَبْدَهُ أَوْ أَتْلَفَ مَالَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يُمْكِنُ مِنْ الْعَوْدِ إلَى الْأُولَى) أَيْ لَا مَعَ تَصْدِيقِ الثَّانِي وَلَا مَعَ تَكْذِيبِهِ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ كَلَامُهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اقْتَضَتْ الْعِلَّةُ) وَهِيَ قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ يُظَنُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تَثْبُتُ الْقَسَامَةُ) ع لَمَّا فَرَغَ مِنْ شَرْطِ الدَّعْوَى شَرَعَ فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَيْمَانَ حُجَّةٌ ضَعِيفَةٌ) أَيْ وَهُوَ سَبَبٌ لَهَا فَكَانَ ضَعِيفًا (قَوْلُهُ: وَشَرْطُهُ) أَيْ شَرْطُ الْعَمَلِ بِمُقْتَضَى اللَّوْثِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ سَاغَ لَهُ) أَيْ بِأَنْ رَآهُ مَثَلًا وَكَانَ مُجْتَهِدًا (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ هَذِهِ الْقَرِينَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ بِسَبَبِهَا تَنْتَقِلُ إلَى جَانِبِ الْمُدَّعِي فَيُحْتَاطُ لَهَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وُجِدَ قَتِيلٌ أَوْ بَعْضُهُ) ع: ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي الرَّقِيقِ) فِيهِ أُمُورٌ: مِنْهَا أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِلْأَخْذِ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي كُتُبِهِمْ الْمَشْهُورَةِ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهَا، وَمِنْهَا أَنَّ الْحُكْمَ فِي الرَّقِيقِ لَيْسَ كَذَلِكَ وَقَدْ مَرَّ قَوْلُهُ: أَوْ رِقٌّ. وَحَاصِلُ حُكْمِ الرَّقِيقِ فِي الدَّعْوَى عَلَيْهِ أَنَّهَا تُسْمَعُ عَلَيْهِ فِيمَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِهِ وَأَمَّا فِي غَيْرِهِ فَعَلَى السَّيِّدِ وَمِنْهَا أَنَّ قَضِيَّتَهُ مَعَ مَا بَعْدَهُ أَنَّ الدَّعْوَى عَلَى الصَّبِيِّ أَوْ الْمَجْنُونِ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَلِيٌّ لَا يَحْتَاجُ فِيهَا إلَى يَمِينِ الِاسْتِظْهَارِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَمِنْهَا أَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِمَا مَعَ وُجُودِ الْوَلِيِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَيْضًا بَلْ الْحُكْمُ أَنَّهُ إذَا كَانَ هُنَاكَ وَلِيٌّ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى إلَّا عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ بَيِّنَةٌ. وَمِنْهَا أَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى عَلَى الْوَلِيِّ وَهُوَ حَاضِرٌ لَا يَحْتَاجُ لِيَمِينِ الِاسْتِظْهَارِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي تَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ فَلْيُحَرَّرْ هَذَا الْمَحَلُّ (قَوْلُهُ: فِي الْأَصَحِّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ) يَعْنِي: فِي الْمُؤَاخَذَةِ، وَأَمَّا سَمَاعُ الدَّعْوَى فَلَيْسَ مَذْكُورًا فِي الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ: مَثَلًا) يَجِبُ حَذْفُهُ إذْ لَا يَتَأَتَّى مَعَهُ قَوْلُهُ: الْآتِي أَوْ بِالْعَكْسِ وَلَيْسَ هُوَ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: قَدْ يَكْذِبُ فِي الْوَصْفِ) يَعْنِي: فِي الْعَمْدِ

وَتَحَقَّقَ مَوْتُهُ (فِي مُحَلَّةٍ) مُنْفَصِلَةٍ عَنْ بَلَدٍ كَبِيرٍ (أَوْ) فِي (قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ لِأَعْدَائِهِ) أَوْ أَعْدَاءِ قَبِيلَتِهِ دِينًا أَوْ دُنْيَا حَيْثُ كَانَتْ الْعَدَاوَةُ تَحْمِلُ عَلَى الِانْتِقَامِ بِالْقَتْلِ وَلَمْ يُسَاكِنْهُمْ غَيْرُهُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَالْمُرَادُ بِغَيْرِهِمْ مَنْ لَمْ تُعْلَمْ صَدَاقَتُهُ لِلْقَتِيلِ وَلَا كَوْنُهُ مِنْ أَهْلِهِ: أَيْ وَلَا عَدَاوَةَ بَيْنَهُمَا كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَإِلَّا فَاللَّوْثُ مَوْجُودٌ فَلَا تَمْتَنِعُ الْقَسَامَةُ قَالَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَغَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ: وَيَدُلُّ لَهُ قِصَّةُ خَيْبَرَ، فَإِنَّ إخْوَةَ الْقَتِيلِ كَانُوا مَعَهُ وَمَعَ ذَلِكَ شُرِعَتْ الْقَسَامَةُ. قَالَ الْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُ: وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ ذَلِكَ الْمَكَانَ غَيْرُ أَهْلِهِ لَمْ تُعْتَبَرْ الْعَدَاوَةُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُشْبِهُ اشْتِرَاطُ أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ طَرِيقٌ جَادَّةٌ كَثِيرَةُ الطَّارِقِينَ، وَخَرَجَ بِالصَّغِيرَةِ الْكَبِيرَةُ فَلَا لَوْثَ بَلْ وُجِدَ فِيهَا قَتِيلٌ فِيمَا يَظْهَرُ؛ إذْ الْمُرَادُ بِهَا مَنْ أَهْلُهُ غَيْرُ مَحْصُورِينَ، وَعِنْدَ انْتِفَاءِ حَصْرِهِمْ لَا تَتَحَقَّقُ الْعَدَاوَةُ بَيْنَهُمْ فَتَنْتَفِي الْقَرِينَةُ (أَوْ تَفَرَّقَ عَنْهُ جَمْعٌ) مَحْصُورٌ يُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى قَتْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا أَعْدَاءَهُ فِي نَحْوِ دَارٍ أَوْ ازْدِحَامٍ عَلَى الْكَعْبَةِ أَوْ بِئْرٍ، وَإِلَّا فَلَا قَسَامَةَ حَتَّى يُعَيِّنَ مِنْهُمْ مَحْصُورِينَ فَيُمَكَّنَ مِنْ الدَّعْوَى وَالْقَسَامَةِ، وَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ أَثَرِ قَتْلٍ وَإِنْ قَلَّ وَإِلَّا فَلَا قَسَامَةَ، وَكَذَا فِي سَائِرِ الصُّوَرِ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ (وَلَوْ تَقَابَلَ) بِمُوَحَّدَةٍ قَبْلَ اللَّامِ (صَفَّانِ) لِقِتَالٍ، وَيَصِحُّ بِفَوْقِيَّةٍ لَكِنْ بِتَكَلُّفٍ إذْ مَعَ التَّقَاتُلِ بِفَوْقِيَّةٍ لَا يَتَأَتَّى قَوْلُهُ وَإِلَّا إلَى آخِرِهِ، وَلِهَذَا ضَبَطَ الشَّيْخُ عِبَارَةَ مَنْهَجِهِ بِالْفَوْقِيَّةِ وَحَذَفَ إلَّا وَمَا بَعْدَهَا (وَانْكَشَفُوا عَنْ قَتِيلٍ فَإِنْ الْتَحَمَ قِتَالٌ) وَلَوْ بِأَنْ وَصَلَ سِلَاحُ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ (فَلَوْثٌ فِي حَقِّ الصَّفِّ الْآخَرِ) إنْ ضَمِنُوا لَا كَأَهْلِ عَدْلٍ مَعَ بُغَاةٍ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ أَهْلَ صَفِّهِ لَا يَقْتُلُونَهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَلْتَحِمْ قِتَالٌ وَلَا وَصَلَ سِلَاحٌ (فَ) لَوْثٌ (فِي حَقِّ صَفِّهِ) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ حِينَئِذٍ أَنَّهُمْ هُمْ الَّذِينَ قَتَلُوهُ وَمِنْ اللَّوْثِ إشَاعَةٌ عَلَى أَلْسِنَةِ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ، وَقَوْلُهُ أَمْرَضْته بِسِحْرِي وَاسْتَمَرَّ بِأَلَمِهِ حَتَّى مَاتَ وَرُؤْيَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَوْ وُجِدَ بَعْضُهُ فِي قَرْيَةٍ وَبَعْضُهُ فِي أُخْرَى فَلِلْوَلِيِّ أَنْ يُعَيِّنَ وَيُقْسِمَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَقَوْلُهُ أَنْ يُعَيِّنَ: أَيْ إحْدَى الْقَرْيَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَتَحَقَّقَ مَوْتُهُ) قَيْدٌ فِي الْبَعْضِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِغَيْرِهِمْ) أَيْ الْغَيْرِ الْمَانِعِ مِنْ اللَّوْثِ. [فَرْعٌ] وَلَيْسَ مِنْ اللَّوْثِ مَا لَوْ وُجِدَ مَعَهُ ثِيَابُ الْقَتِيلِ وَلَوْ كَانَتْ مُلَطَّخَةً بِالدَّمِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَاللَّوْثُ مَوْجُودٌ) أَيْ بِأَنْ سَاكَنَهُمْ مَنْ عُلِمَتْ صَدَاقَتُهُ لِلْقَتِيلِ أَوْ عُلِمَ كَوْنُهُ مِنْ أَهْلِهِ وَلَا عَدَاوَةَ بَيْنَهُمْ (قَوْلُهُ: قَالَ الْعِمْرَانِيُّ) بِالْكَسْرِ وَالسُّكُونِ نِسْبَةً إلَى عِمْرَانِيَّةَ نَاحِيَةٌ بِالْمَوْصِلِ اهـ أَنْسَابٌ (قَوْلُهُ: غَيْرُ أَهْلِهِ) أَيْ أَهْلِ الْمَكَانِ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ طَرِيقٌ) أَيْ فَلَوْ كَانَ هُنَاكَ ذَلِكَ انْتَفَى اللَّوْثُ فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِهِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مَحْصُورِينَ) وَالْمُرَادُ بِالْمَحْصُورِينَ مَنْ يَسْهُلُ عَدُّهُمْ وَالْإِحَاطَةُ بِهِمْ إذَا وَقَفُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ وَبِغَيْرِ الْمَحْصُورِينَ مَنْ يَعْسُرُ عَدُّهُمْ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فِي سَائِرِ الصُّوَرِ) أَيْ الَّتِي يُقْسَمُ فِيهَا (قَوْلُهُ: لَكِنْ بِتَكَلُّفٍ) أَيْ كَأَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالتَّقَاتُلِ شُرُوعُهُمْ فِيهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ الِالْتِحَامُ (قَوْلُهُ: وَمَا بَعْدَهَا) أَيْ وَذِكْرُ الِالْتِحَامِ فِي الشَّرْحِ تَصْوِيرٌ لِلْقِتَالِ (قَوْلُهُ: لَا كَأَهْلِ عَدْلٍ مَعَ بُغَاةٍ) قَضِيَّتُهُ الضَّمَانُ فِي عَكْسِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ الْبَاغِيَ لَا يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ فِي الْقِتَالِ عَلَى الْعَادِلِ عَلَى الرَّاجِحِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ أَمْرَضْته بِسِحْرِي) أَيْ وَإِنْ عُرِفَ مِنْهُ عَدَمُ مَعْرِفَتِهِ بِذَلِكَ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ مَعَ احْتِمَالِ أَنَّهُ عَلِمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَيُشْبِهُ اشْتِرَاطَ أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ طَرِيقٌ جَادَّةٌ إلَخْ.) هَذَا إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي التُّحْفَةِ فِيمَا إذَا وُجِدَ بِقُرْبِ الْقَرْيَةِ مَثَلًا لَا فِيهَا،، وَإِلَّا فَهُوَ مُشْكِلٌ مَعَ مَا مَرَّ، وَعِبَارَتُهَا: وَوُجُودُهُ بِقُرْبِهَا الَّذِي لَيْسَ بِهِ عِمَارَةٌ وَلَا مُقِيمٌ وَلَا جَادَّةٌ كَثِيرَةُ الطُّرُوقِ كَهُوَ فِيهَا (قَوْلُهُ: لَا يَتَأَتَّى قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ وَلَا قَوْلُهُ: لِقِتَالٍ (قَوْلُهُ: وَلَا وَصَلَ سِلَاحٌ) هَذَا لَا يُنَاسِبُ صَنِيعَهُ فِيمَا مَرَّ وَأَخَذَهُ وُصُولُ السِّلَاحِ غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَاسْتَمَرَّ تَأَلُّمُهُ إلَخْ.) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ مَقُولِ الْقَوْلِ فَلْيُرَاجَعْ

مَنْ يُحَرِّكُ يَدَهُ عِنْدَهُ بِنَحْوِ سَيْفٍ أَوْ مِنْ سِلَاحِهِ أَوْ نَحْوِ ثَوْبِهِ مُلَطَّخٍ بِدَمٍ مَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ نَحْوُ سُبُعٍ أَوْ رَجُلٍ آخَرَ أَوْ تَرْشِيشُ دَمٍ أَوْ أَثَرُ قَدَمٍ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ ذِي السِّلَاحِ، وَفِيمَا لَوْ كَانَ هُنَاكَ رَجُلٌ آخَرُ يَنْتَفِي كَوْنُهُ لَوْثًا فِي حَقِّهِمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُلَطَّخُ بِالدَّمِ عَدُوَّهُ خَاصَّةً فَفِي حَقِّهِ فَقَطْ، وَالْأَقْرَبُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِوِجْدَانِ رَجُلٍ عِنْدَهُ بِلَا سِلَاحٍ وَلَا تَلْطِيخٍ وَإِنْ كَانَ بِهِ أَثَرُ قَتْلٍ وَذَاكَ عَدُوُّهُ، وَلَا يُنَافِيهِ تَفَرُّقُ الْجَمْعِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ التَّفَرُّقَ عَنْهُ يَقْتَضِي وُجُودَ تَأْثِيرِ مُبْهَمٍ مِنْهُمْ فِيهِ غَالِبًا فَكَانَ قَرِينَةً وَلِهَذَا لَمْ يُفَرِّقُوا فِيهِ بَيْنَ أَصْدِقَائِهِ وَأَعْدَائِهِ، وَمُجَرَّدُ وُجُودِ هَذَا عِنْدَهُ لَا قَرِينَةَ فِيهِ، وَوُجُودُ الْعَدَاوَةِ مِنْ غَيْرِ انْضِمَامِ قَرِينَةٍ إلَيْهَا لَا نَظَرَ إلَيْهِ (وَشَهَادَةُ الْعَدْلِ) الْوَاحِدِ: أَيْ إخْبَارُهُ وَلَوْ قَبْلَ الدَّعْوَى بِأَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ (لَوْثٌ) ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ الظَّنَّ وَشَهَادَتُهُ بِأَنَّ أَحَدَ هَذَيْنِ قَتَلَهُ لَوْثٌ فِي حَقِّهِمَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ فَيُعَيِّنُ الْوَلِيُّ أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا وَيُقْسِمُ (وَكَذَا عَبِيدٌ أَوْ نِسَاءٌ) يَعْنِي إخْبَارَ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ، وَفِي الْوَجِيزِ أَنَّ الْقِيَاسَ أَنَّ قَوْلَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَوْثٌ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ فَقَالَ: وَقَوْلُ رَاوٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (وَقِيلَ يُشْتَرَطُ تَفَرُّقُهُمْ) لِاحْتِمَالِ التَّوَاطُؤِ، وَرُدَّ بِأَنَّ احْتِمَالَهُ كَاحْتِمَالِ الْكَذِبِ فِي إخْبَارِ الْعَدْلِ (وَقَوْلُ فَسَقَةٍ وَصِبْيَانٍ وَكُفَّارٍ لَوْثٌ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ اجْتِمَاعَهُمْ عَلَى ذَلِكَ يُؤَكِّدُ ظَنَّهُ. وَالثَّانِي قَالَ لَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِهِمْ فِي الشَّرْعِ (وَلَوْ) (ظَهَرَ لَوْثٌ) فِي قَتِيلٍ (فَقَالَ أَحَدُ ابْنَيْهِ) مَثَلًا (قَتَلَهُ فُلَانٌ وَكَذَّبَهُ) الِابْنُ (الْآخَرُ) صَرِيحًا (بَطَلَ اللَّوْثُ) فَلَا يُخَالَفُ الْمُسْتَحِقُّ لِانْخِرَامِ ظَنِّ الصِّدْقِ بِالتَّكْذِيبِ الدَّالِّ عَلَى عَدَمِ قَتْلِهِ؛ إذْ جِبِلَّةُ الْوَارِثِ عَلَى التَّشَفِّي فَنَفْيُهُ أَقْوَى مِنْ إثْبَاتِ الْآخَرِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُكَذِّبْهُ كَذَلِكَ بِأَنْ صَدَّقَهُ أَوْ سَكَتَ، أَوْ قَالَ: لَا أَعْلَمُ أَنَّهُ قَتَلَهُ أَوْ قَالَ: إنَّهُ قَتَلَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــSذَلِكَ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ بِهِ أَثَرٌ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَشَهَادَةُ الْعَدْلِ) ع: وَأَمَّا قَوْلُهُ: فُلَانٌ قَتَلَنِي فَلَا عِبْرَةَ بِهِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِمَالِكٍ. قَالَ: لِأَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَكْذِبُ فِيهَا. وَأَجَابَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّهُ قَدْ يَكْذِبُ بِالْعَدَاوَةِ وَنَحْوِهَا، قَالَ الْقَاضِي: وَيَرُدُّ عَلَيْهَا مِثْلُ هَذَا فِي قَبُولِ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ اهـ. أَقُولُ: قَدْ يُفَرَّقُ بِخَطَرِ الدِّمَاءِ فَضَيَّقَ فِيهَا، وَأَيْضًا فَهُوَ هُنَا مُدَّعٍ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُهُ: فُلَانٌ قَتَلَنِي وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ رَأَى الْوَارِثُ فِي مَنَامِهِ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَ مُوَرِّثَهُ، وَلَا بِإِخْبَارِ مَعْصُومٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى الْحَلِفِ اعْتِمَادًا عَلَى ذَلِكَ بِمُجَرَّدِهِ، وَمَعْلُومٌ بِالْأَوْلَى عَدَمُ جَوَازِ قَتْلِهِ لَهُ قِصَاصًا لَوْ ظَفِرَ بِهِ خِفْيَةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ قَتْلُهُ لَهُ بَلْ وَلَا ظَنُّهُ؛ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ صِحَّةِ رُؤْيَةِ الْمَعْصُومِ فِي الْمَنَامِ فَالرَّائِي لَا يَضْبِطُ مَا رَآهُ فِي مَنَامِهِ (قَوْلُهُ: لَوْثٌ) أَيْ حَيْثُ لَمْ تَتَوَفَّرْ فِيهِ شُرُوطُ الشَّهَادَةِ كَأَنْ ادَّعَى بِغَيْرِ لَفْظِهَا فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْحَقَّ ثَبَتَ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِلَوْثٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ إخْبَارَهُ (قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ) الَّذِي تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ قَتَلَهُ أَحَدُهُمْ وَكَانَ ثُمَّ لَوْثٌ حَلَّفَهُمْ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ حَيْثُ وُجِدَ اللَّوْثُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الدَّعْوَى بِأَنَّ أَحَدَهُمَا قَتَلَهُ مَعَ وُجُودِ اللَّوْثِ وَبَيْنَ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ بِأَنَّ أَحَدَهُمَا قَتَلَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ كِلَيْهِمَا) بِأَنْ يَقُولَ قَتَلَهُ هَذَانِ لَكِنَّهُ مُشْكِلٌ مَعَ قَوْلِ الشَّاهِدِ قَتَلَهُ أَحَدُهُمَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ) أَيْ لَوْثٌ قَوْلُهُ (وَقَوْلُ فَسَقَةٍ وَصِبْيَانٍ) هَلْ التَّعْبِيرُ بِالْجَمْعِ عَلَى حَقِيقَتِهِ فَيُشْتَرَطُ ثَلَاثَةٌ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ بِالِاكْتِفَاءِ بِاثْنَيْنِ لِحُصُولِ الظَّنِّ بِإِخْبَارِهِمَا، وَفِي الْعُبَابِ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِاثْنَيْنِ، وَفِي ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ سَبُعٌ إلَخْ.) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ وَرُؤْيَةٌ إلَخْ. كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَقَوْلُهُ: فِي غَيْرِ جِهَةِ ذِي السِّلَاحِ رَاجِعٌ لِلتَّرْشِيشِ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وُجُودَ تَأْثِيرٍ مُبْهَمٍ مِنْهُمْ فِيهِمْ) لَعَلَّ قَوْلَهُ مِنْهُمْ الثَّانِي بِالنُّونِ مُتَعَلِّقٌ بِتَأْثِيرٍ وَقَوْلُهُ: فِيهِمْ مُتَعَلِّقٌ بِمُبْهَمٍ الْأَوَّلِ بِالْبَاءِ مَعَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ إذْ لَا دَخْلَ لِلْإِبْهَامِ وَضِدِّهِ هُنَا، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وُجُودُ تَأْثِيرٍ مِنْهُمْ فِيهِ

وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ عَدْلٌ بَعْدَ دَعْوَى أَحَدِهِمَا خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ لَمْ يَبْطُلْ اللَّوْثُ بِتَكْذِيبِ الْآخَرِ قَطْعًا، فَلِمَنْ لَمْ يُكَذِّبْهُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَهُ خَمْسِينَ وَيَسْتَحِقَّ (وَفِي قَوْلٍ لَا) يَبْطُلُ كَسَائِرِ الدَّعَاوَى، وَرُدَّ بِمَا مَرَّ مِنْ الْجِبِلَّةِ هُنَا (وَقِيلَ لَا يَبْطُلُ بِتَكْذِيبِ فَاسِقٍ) وَيُرَدُّ بِمَا مَرَّ أَيْضًا إذْ الْجِبِلَّةُ لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ الْفَاسِقِ وَغَيْرِهِ، وَلَوْ عَيَّنَ كُلٌّ غَيْرَ مُعَيَّنِ الْآخَرِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِتَكْذِيبِ صَاحِبِهِ أَقْسَمَ كُلٌّ الْخَمْسِينَ عَلَى مَا عَيَّنَهُ وَأَخَذَ حِصَّتَهُ (وَلَوْ) (قَالَ أَحَدُهُمَا) وَقَدْ ظَهَرَ اللَّوْثُ (قَتَلَهُ زَيْدٌ وَمَجْهُولٌ) عِنْدِي (وَقَالَ الْآخَرُ) قَتَلَهُ (عَمْرٌو وَمَجْهُولٌ) عِنْدِي لَمْ يَبْطُلْ اللَّوْثُ بِذَلِكَ وَحِينَئِذٍ (حَلَفَ كُلٌّ) خَمْسِينَ (عَلَى مَنْ عَيَّنَهُ) إذْ لَا تَكَاذُبَ مِنْهُمَا لِاحْتِمَالِ أَنَّ الَّذِي أَبْهَمَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا مَنْ عَيَّنَهُ الْآخَرُ (وَلَهُ) أَيْ كُلٍّ مِنْهُمَا (رُبْعُ الدِّيَةِ) لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّ الْوَاجِبَ نِصْفُهَا وَحِصَّتُهُ مِنْهُ نِصْفُهُ (وَلَوْ) (أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اللَّوْثَ فِي حَقِّهِ فَقَالَ لَمْ أَكُنْ مَعَ الْمُتَفَرِّقِينَ عَنْهُ) أَيْ الْقَتِيلِ أَوْ كُنْت غَائِبًا عِنْدَ الْقَتْلِ أَوْ لَسْت الَّذِي رُئِيَ مَعَهُ سِكِّينٌ مُلَطَّخٌ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ حُضُورِهِ، وَبَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ وَعَلَى الْمُدَّعِي عَدْلَانِ بِالْأَمَارَةِ الَّتِي ادَّعَاهَا وَإِلَّا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى نَفْيِهَا وَسَقَطَ اللَّوْثُ وَبَقِيَ أَصْلُ الدَّعْوَى (وَلَوْ ظَهَرَ لَوْثٌ بِأَصْلِ قَتْلٍ دُونَ عَمْدٍ وَخَطَأٍ) كَأَنْ أَخْبَرَ عَدْلٌ بِأَصْلِهِ بَعْدَ دَعْوَى مُفَصَّلَةٍ (فَلَا قَسَامَةَ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ لَا تُفِيدُ مُطَالَبَةَ قَاتِلٍ وَلَا عَاقِلَةٍ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْحَلِفُ مَعَ شَاهِدٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَابِقْ دَعْوَاهُ، وَدَعْوَى أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ اللَّوْثُ فِي أَصْلِ الْقَتْلِ كَفَى فِي تَمَكُّنِ الْوَلِيِّ مِنْ الْقَسَامَةِ عَنْ الْقَتْلِ الْمَوْصُوفِ وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ، إذْ لَوْ ثَبَتَ اللَّوْثُ فِي حَقِّ جَمْعٍ جَازَ لَهُ الدَّعْوَى عَلَى بَعْضِهِمْ وَأَقْسَمَ، فَكَمَا لَا يُعْتَبَرُ ظُهُورُ اللَّوْثِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الِانْفِرَادِ وَالِاشْتِرَاكِ لَا يُعْتَبَرُ فِي صِفَتَيْ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ، وَأَيَّدَهُ الْبُلْقِينِيُّ فَقَالَ: مَتَى ظَهَرَ لَوْثٌ وَفَصَلَ الْوَلِيُّ سُمِعَتْ الدَّعْوَى، وَأَقْسَمَ بِلَا خِلَافٍ، وَمَتَى لَمْ يُفَصِّلْ لَمْ تُسْمَعْ عَلَى الْأَصَحِّ، ثُمَّ قَالَ: وَيُعْلَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فَلَا قَسَامَةَ فِي الْأَصَحِّ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ اهـ غَيْرُ مُسَلَّمَةٍ. وَالْمُعْتَمَدُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ الْمُوَافِقُ لَهُ مَا فِي الْكِتَابِ الْمَحْمُولِ عَلَى وُقُوعِ دَعْوَى مُفَصَّلَةٍ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الِانْفِرَادِ وَالشَّرِكَةِ وَالْعَمْدِ وَضِدِّهِ بِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا يَقْتَضِي جَهْلًا فِي الْمُدَّعَى بِهِ بِخِلَافِ هَذَا، وَالثَّانِي قَالَ بِظُهُورِهِ خَرَجَ الدَّمُ عَنْ كَوْنِهِ مُهْدَرًا (وَلَا يَقْسِمُ فِي طَرَفٍ) وَجَرْحٍ (وَإِتْلَافِ مَالٍ) وُقُوفًا مَعَ النَّصِّ وَلِحُرْمَةِ النَّفْسِ فَيُصَدَّقُ ـــــــــــــــــــــــــــــSابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ الِاكْتِفَاءُ بِهِمَا وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ) يَنْبَغِي أَوْ عَمْدًا وَيَسْتَحِقُّ الْمُقْسِمُ نِصْفَ الدِّيَةِ فِيهِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا عَيَّنَهُ) أَيْ مِنْ عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ (قَوْلُهُ: حَلَفَ كُلٌّ خَمْسِينَ إلَخْ) هَذَا إنْ لَمْ يَنْفِ كُلٌّ مَا أَثْبَتَهُ الْآخَرُ وَإِلَّا بَطَلَ اللَّوْثُ (قَوْلُهُ: وَحِصَّتُهُ مِنْهُ) أَيْ النِّصْفِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ خَمْسِينَ يَمِينًا عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَيَمِينًا وَاحِدَةً عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ الزِّيَادِيُّ كَذَا بِهَامِشٍ، وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ الزِّيَادِيُّ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ لَيْسَتْ عَلَى قَتْلٍ وَلَا جِرَاحَةٍ بَلْ عَلَى عَدَمِ الْحُضُورِ مَثَلًا وَإِنْ اسْتَلْزَمَ ذَلِكَ سُقُوطَ الدَّمِ، وَنُقِلَ فِي الدَّرْسِ عَنْ الزِّيَادِيِّ أَنَّهَا خَمْسُونَ يَمِينًا فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ، وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ الْعُبَابِ الِاكْتِفَاءُ بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَقْسِمُ فِي طَرَفٍ) وَفِي ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ) اُنْظُرْ لِمَ قُيِّدَ بِهِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ أَخْبَرَ عَدْلٌ إلَخْ.) مُرَادُهُ بِذَلِكَ دَفْعُ قَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّ تَصْوِيرَ هَذَا الْخِلَافِ مُشْكِلٌ، فَإِنَّ الدَّعْوَى لَا تُسْمَعُ إلَّا مُفَصَّلَةً كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ حَجّ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْحَلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ قَسَامَةٌ لِأَنَّ الْقَسَامَةَ مُجَرَّدُ الْأَيْمَانِ (قَوْلُهُ: وَدَعْوَى أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ إلَخْ.) فِيهِ أُمُورٌ: مِنْهَا أَنَّهُ سَيَأْتِي لَهُ تَسْلِيمٌ أَنَّ إطْلَاقَ الْأَصْحَابِ يُفْهِمُ مَا ذُكِرَ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى مَا يَأْتِي فَكَيْفَ تَكُونُ دَعْوَى أَنَّ إطْلَاقَهُمْ بِفَهْمِ مَا ذُكِرَ غَيْرُ مُسَلَّمَةٍ وَالْمُدَّعِي هُوَ الرَّافِعِيُّ، وَمِنْهَا قَوْلُهُ: وَأَيَّدَهُ الْبُلْقِينِيُّ فَقَالَ إلَخْ. صَرِيحٌ فِي أَنَّ تَأْيِيدَ الْبُلْقِينِيِّ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ فَقَالَ مَتَى ظَهَرَ إلَخْ. وَمِنْهَا أَنَّهُ صَرِيحٌ

الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ وَلَوْ مَعَ اللَّوْثِ لَكِنَّهَا فِي الْأَوَّلَيْنِ تَكُونُ خَمْسِينَ (إلَّا فِي عَبْدٍ) وَلَوْ مُدَبَّرًا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ (فِي الْأَظْهَرِ) فَإِذَا قُتِلَ عَبْدٌ وَوُجِدَ لَوْثٌ أَقْسَمَ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ قِيمَتَهُ تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ، وَمُقَابِلُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا لَا تَحْمِلُهَا (وَهِيَ) أَيْ الْقَسَامَةُ (أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعِي) غَالِبًا ابْتِدَاءً (عَلَى قَتْلٍ ادَّعَاهُ) وَلَوْ لِنَحْوِ امْرَأَةٍ وَكَافِرٍ وَجَنِينٍ؛ لِأَنَّ مَنْعَهُ تَهْيِئَةٌ لِلْحَيَاةِ فِي مَعْنَى قَتْلِهِ (خَمْسِينَ يَمِينًا) لِخَبَرِ «تُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ خَيْبَرَ بِخَمْسِينَ يَمِينًا» وَهُوَ مُخَصِّصٌ لِعُمُومِ خَبَرِ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» وَلِقُوَّةِ جَانِبِ الْمُدَّعِي بِاللَّوْثِ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ عَلَى قَتْلٍ ادَّعَاهُ عَدَمَ الْقَسَامَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSتَعْلِيقِ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ ثَمَّ قَوْلُهُمْ لَا قَسَامَةَ فِي الطَّرَفِ صَادِقٌ بِأَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ مِقْدَارَ دِيَاتٍ: أَيْ بِأَنْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَأَعْمَى عَيْنَيْهِ وَأَصَمَّ أُذُنَيْهِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا قُتِلَ عَبْدٌ وَوُجِدَ لَوْثٌ أَقْسَمَ) أَيْ السَّيِّدُ وَبَعْدَ الْإِقْسَامِ إنْ اتَّفَقَا عَلَى قَدْرِ الْقِيمَةِ أَوْ ثَبَتَتْ بَيِّنَةٌ فَذَاكَ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ الْجَانِي بِيَمِينِهِ وَإِنْ كَانَ الْغُرْمُ عَلَى الْعَاقِلَةِ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ تَجِبُ عَلَيْهِ ثُمَّ تَتَحَمَّلُهَا الْعَاقِلَةُ فَوُجُوبُهَا عَلَيْهِمْ فَرْعُ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ الْبِنَاءِ، فَإِنَّ مُقْتَضَى ثُبُوتِ اللَّوْثِ أَنْ يَحْلِفَ السَّيِّدُ وَيُطَالِبَ بِالْقِيمَةِ الْعَاقِلَةَ إنْ قُلْنَا بِتَحَمُّلِهِمْ وَالْقَاتِلَ نَفْسَهُ إنْ قُلْنَا بِعَدَمِ التَّحَمُّلِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعِي غَالِبًا) سَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَى مَا خَرَجَ بِغَالِبًا فِي قَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ مُكَاتَبٌ لِقَتْلِ عَبْدِهِ وَهَذَا وَمَسْأَلَةُ الْمُسْتَوْلَدَةِ إلَخْ، وَأَمَّا قَوْلُهُ ابْتِدَاءً فَلَعَلَّهُ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْمُدَّعِي بِلَا لَوْثٍ فَإِنَّ يَمِينَهُ لَا تُسَمَّى قَسَامَةً مَعَ كَوْنِهِ حَلِفًا مِنْ الْمُدَّعِي لَكِنَّهُ بِسَبَبِ الرَّدِّ (قَوْلُهُ: وَكَافِرٍ وَجَنِينٍ) أَيْ أَوْ عَبْدٍ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يُقْسِمُ فِي دَعْوَى قَتْلِهِ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ «تُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ خَيْبَرَ» ) لَفْظُهُ كَمَا فِي الدَّمِيرِيِّ، وَالْأَصْلُ فِيهَا مَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ قَالَ «انْطَلَقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْمٍ وَمُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودٍ إلَى خَيْبَرَ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ صُلْحٌ فَتَفَرَّقَا، فَأَتَى مُحَيِّصَةُ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ وَهُوَ يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ قَتِيلًا فَدَفَنَهُ، ثُمَّ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَانْطَلَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ وَحُوَيِّصَةُ وَمُحَيِّصَةُ ابْنَا مَسْعُودٍ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَتَكَلَّمُ فَقَالَ لَهُ كَبِّرْ كَبِّرْ وَهُوَ أَحْدَثُ الْقَوْمِ، ثُمَّ سَكَتَ فَتَكَلَّمَا فَقَالَ: أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ؟ قَالُوا: كَيْفَ نَحْلِفُ وَلَمْ نَشْهَدْ وَلَمْ نَرَ؟ قَالَ: فَتُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ خَيْبَرَ بِخَمْسِينَ يَمِينًا؟ قَالُوا: كَيْفَ نَأْخُذُ بِأَيْمَانِ قَوْمٍ كُفَّارٍ؟ فَعَقَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ عِنْدِهِ» وَقَوْلُهُ فَتُبَرِّئُكُمْ: أَيْ مِنْ دَعْوَاكُمْ، وَإِلَّا فَالْحَقُّ لَيْسَ فِي جِهَتِهِمْ حَتَّى تُبَرِّئَهُمْ الْيَهُودُ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ: مِنْ عِنْدِهِ أَيْ دَرْءًا لِلْفِتْنَةِ، وَقَوْلُهُمْ كَيْفَ نَأْخُذُ اسْتِنْطَاقٌ لِبَيَانِ الْحِكْمَةِ فِي قَبُولِ أَيْمَانِهِمْ مَعَ كُفْرِهِمْ الْمُؤَدِّي لِكَذِبِهِمْ، وَلَمْ يُبَيِّنْهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اتِّكَالًا عَلَى وُضُوحِ الْأَمْرِ فِيهَا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُخَصَّصٌ) أَيْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ طَلَبَ الْيَمِينَ مِنْ وَرَثَةِ الْقَتِيلِ ابْتِدَاءً وَمَا اكْتَفَى بِهَا مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ نُكُولِ الْمُدَّعِي فَلَيْسَ التَّخْصِيصُ بِتُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ خَيْبَرَ بَلْ بِالْحَدِيثِ الْمُشْتَمِلِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: «وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» ) عِبَارَةُ الْمُفْهِمِ: وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَلَعَلَّهُمَا رِوَايَتَانِ (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ عَلَى قَتْلٍ ادَّعَاهُ عَدَمَ الْقَسَامَةِ) أَيْ بَلْ إنَّمَا يَحْلِفُ الْوَلِيُّ يَمِينًا وَاحِدَةً فَقَطْ. وَوَجْهُ إيرَادِهِ أَنَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الْقَتْلَ صَرِيحًا لَكِنَّهُ لَازِمٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ قَالَ وَيُعْلَمُ إلَخْ. يَرْجِعُ إلَى الْبُلْقِينِيِّ؛ وَمِنْهَا أَنَّهُ رُبَّمَا أَوْهَمَ أَنَّ التَّأْيِيدَ مِنْ قَوْلِ الْمُدَّعِي الْمَذْكُورِ وَكُلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مُرَاجَعَةِ التُّحْفَةِ الَّتِي تَصَرَّفَ هُوَ فِي عِبَارَتِهَا هَذَا التَّصَرُّفَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُدَبَّرًا إلَخْ.) هُوَ غَايَةٌ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ «تُبْرِئُكُمْ يَهُودُ خَيْبَرَ بِخَمْسِينَ يَمِينًا» ) يَعْنِي: الْخَبَرَ الَّذِي ذُكِرَ فِيهِ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ، وَمُرَادُهُ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ بَعْضَ الْأَنْصَارِ قُتِلَ بِخَيْبَرَ وَهِيَ صُلْحٌ لَيْسَ بِهَا غَيْرُ الْيَهُودِ وَبَعْضُ أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَوْلِيَائِهِ: أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ أَوْ قَاتِلِكُمْ، قَالُوا: كَيْفَ نَحْلِفُ وَلَمْ نَشْهَدْ وَلَمْ نَرَ، قَالَ: فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِينًا: قَالُوا: كَيْفَ نَأْخُذُ بِأَيْمَانِ قَوْمٍ كُفَّارٍ؟ فَعَقَلَهُ

فِي قَدِّ الْمَلْفُوفِ؛ لِأَنَّ الْحَلِفَ عَلَى حَيَاتِهِ كَمَا مَرَّ فَمَنْ أَوْرَدَهُ فَقَدْ سَهَا وَأَنَّهُ يَجِبُ التَّعَرُّضُ فِي كُلِّ يَمِينٍ إلَى عَيْنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْإِشَارَةِ إنْ حَضَرَ، وَإِلَّا فَيَذْكُرُ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ وَإِلَى مَا يَجِبُ بَيَانُهُ فِي الدَّعْوَى عَلَى الْأَصَحِّ لِتَوَجُّهِ الْحَلِفِ إلَى الصِّفَةِ الَّتِي أَحَلَفَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهَا. أَمَّا الْإِجْمَالُ فَيَجِبُ فِي كُلِّ يَمِينٍ اتِّفَاقًا فَلَا يَكْفِي تَكْرِيرُ وَاَللَّهِ خَمْسِينَ مَرَّةً بَلْ يَقُولُ لَقَدْ قَتَلَهُ، أَمَّا حَلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ابْتِدَاءً أَوْ لِنُكُولِ الْمُدَّعِي أَوْ حَلِفُ الْمُدَّعِي لِنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ الْحَلِفُ عَلَى غَيْرِ الْقَتْلِ فَلَا يُسَمَّى قَسَامَةً، وَمَرَّ فِي اللِّعَانِ مَا يَتَعَلَّقُ بِتَغْلِيظِ الْيَمِينِ وَيَأْتِي فِي الدَّعَاوَى بَقِيَّتُهُ، وَلَعَلَّ حِكْمَةَ الْخَمْسِينَ أَنَّ الدِّيَةَ تُقَوَّمُ بِأَلْفِ دِينَارٍ غَالِبًا؛ وَلِذَا أَوْجَبَهَا الْقَدِيمُ كَمَا مَرَّ، وَالْقَصْدُ مِنْ تَعَدُّدِ الْأَيْمَانِ التَّغْلِيظُ، وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ فِي عِشْرِينَ دِينَارًا فَاقْتَضَى الِاحْتِيَاطُ لِلنَّفْسِ أَنْ يُقَابَلَ كُلُّ عِشْرِينَ بِيَمِينٍ مُنْفَرِدَةٍ عَمَّا يَقْتَضِيهِ التَّغْلِيظُ (وَلَا يُشْتَرَطُ) (مُوَالَاتُهَا) أَيْ الْأَيْمَانُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) ؛ لِأَنَّهَا حُجَّةٌ كَالشَّهَادَةِ فَيَجُوزُ تَفْرِيقُهَا فِي خَمْسِينَ يَوْمًا، وَيُفَارِقُ اشْتِرَاطُهَا فِي اللِّعَانِ بِأَنَّهُ أَوْلَى بِالِاحْتِيَاطِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْعُقُوبَةُ الْبَدَنِيَّةُ، وَأَنَّهُ يَخْتَلُّ بِهِ النَّسَبُ وَتَشِيعُ بِهِ الْفَاحِشَةُ وَهَتْكُ الْعِرْضِ، وَقِيلَ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا يُشْتَرَطُ؛ لِأَنَّ لَهَا أَثَرًا فِي الزَّجْرِ وَالرَّدْعِ (وَلَوْ) (تَخَلَّلَهَا جُنُونٌ أَوْ إغْمَاءٌ) أَوْ عَزْلُ قَاضٍ وَإِعَادَتُهُ بِخِلَافِ إعَادَةِ غَيْرِهِ (بَنَى) إذَا أَفَاقَ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ الِاسْتِئْنَافُ لِمَا تَقَرَّرَ (وَلَوْ) (مَاتَ) الْوَلِيُّ الْمُقْسِمُ فِي أَثْنَاءِ الْأَيْمَانِ (لَمْ يَبْنِ وَارِثُهُ) بَلْ يَسْتَأْنِفُ (عَلَى الصَّحِيحِ) ؛ لِأَنَّهَا كَحُجَّةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِذَا بَطَلَ بَعْضُهَا بَطَلَ كُلُّهَا، بِخِلَافِ مَوْتِهِ بَعْدَ إقَامَةِ شَاهِدٍ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ فَلِوَارِثِهِ ضَمُّ آخَرَ إلَيْهِ وَمَوْتُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَبْنِي وَارِثُهُ لِمَا مَرَّ، وَالثَّانِي نَعَمْ، وَصَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ (وَلَوْ كَانَ لِلْقَتِيلِ وَرَثَةٌ وُزِّعَتْ) الْخَمْسُونَ عَلَيْهِمْ (بِحَسَبِ الْإِرْثِ) غَالِبًا قِيَاسًا لَهَا عَلَى مَا يَثْبُتُ بِهَا وَيَحْلِفُونَ، وَمَا فِي قِصَّةِ خَيْبَرَ إنَّمَا وَقَعَ خِطَابًا لِأَخِيهِ وَابْنِ عَمِّهِ تَجَمُّلًا فِي الْخِطَابِ، وَإِلَّا فَالْمُرَادُ أَخُوهُ خَاصَّةً وَخَرَجَ بِغَالِبًا زَوْجَةٌ مَثَلًا وَبَيْتُ الْمَالِ فَإِنَّهَا تَحْلِفُ الْخَمْسِينَ مَعَ أَنَّهَا لَا تَأْخُذُ سِوَى الرُّبْعِ، كَمَا لَوْ نَكَلَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ أَوْ غَابَ وَزَوْجَةٌ وَبِنْتٌ فَتَحْلِفُ الزَّوْجَةُ عَشَرَةً، وَالْبِنْتُ الْبَاقِي تَوْزِيعًا عَلَى سِهَامِهِمَا فَقَطْ، وَهِيَ خَمْسَةٌ مِنْ ثَمَانِيَةٍ، وَلَا يَثْبُتُ حَقُّ بَيْتِ الْمَالِ هُنَا ـــــــــــــــــــــــــــــSلِدَعْوَاهُ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ يَجِبُ التَّعَرُّضُ فِي كُلِّ يَمِينٍ إلَى عَيْنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ، فَلَوْ ادَّعَى عَلَى عَشَرَةٍ مَثَلًا ذَكَرَ فِي كُلِّ يَمِينٍ أَنَّهُمْ قَتَلُوا مُوَرِّثَهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَى مَا يَجِبُ بَيَانُهُ) أَيْ مِنْ عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ (قَوْلُهُ: الَّتِي أَحْلَفَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهَا) يُقَالُ أَحْلَفَهُ وَحَلَّفَهُ وَاسْتَحْلَفَهُ كُلٌّ بِمَعْنًى اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْإِجْمَالُ) مُحْتَرَزُ مَا يَجِبُ بَيَانُهُ مُفَصَّلًا مِنْ عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: بَلْ يَقُولُ) أَيْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ، وَقَوْلُهُ أَمَّا حَلِفُ الْمُدَّعِي مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ أَيْ الْقَسَامَةِ (قَوْلُهُ: وَالْحَلِفُ عَلَى غَيْرِ الْقَتْلِ) اقْتِصَارُهُ عَلَى مَا ذُكِرَ يَقْتَضِي أَنَّ الْيَمِينَ مَعَ الشَّاهِدِ تُسَمَّى قَسَامَةً وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهَا حَلِفٌ عَلَى قَتْلٍ ادَّعَاهُ (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي فِي الدَّعَاوَى بَقِيَّتُهُ) أَيْ فَيَأْتِي جَمِيعُهُ هُنَا (قَوْلُهُ: أَنْ يُقَابَلَ كُلُّ عِشْرِينَ) أَيْ مِنْ الْأَلْفِ دِينَارٍ (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ تَفْرِيقُهَا فِي خَمْسِينَ يَوْمًا) أَيْ فَمِثْلُهَا مَا زَادَ وَإِنْ طَالَ مَا بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ إعَادَةِ غَيْرِهِ) أَيْ فَيُعِيدُ مَعَهُ الْأَيْمَانَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَلْزَمْهُ الِاسْتِئْنَافُ) وَإِنَّمَا اُسْتُؤْنِفَتْ لِتَوَلِّي قَاضٍ ثَانٍ؛ لِأَنَّهَا عَلَى الْإِثْبَاتِ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ حُجَّةٍ تَامَّةٍ وُجِدَ بَعْضُهَا عِنْدَ الْأَوَّلِ، بِخِلَافِ أَيْمَانِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اهـ حَجّ. وَقَوْلُهُ لِمَا تَقَرَّرَ: أَيْ مِنْ أَنَّهَا حُجَّةٌ كَالشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَاتَ الْوَلِيُّ) أَيْ وَلِيُّ الدَّمِ وَهُوَ الْمُسْتَحِقُّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ) أَيْ حَيْثُ لَمْ تُطْلَبْ الْبَيِّنَةُ مِنْ جِهَتِهِ حَتَّى يُقَالَ الْأَيْمَانُ حُجَّةٌ فِي حَقِّهِ وَهِيَ لَا تَتَبَعَّضُ (قَوْلُهُ: فَيَبْنِي وَارِثُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِ حَجّ: وَإِنَّمَا اُسْتُؤْنِفَتْ لِتَوَلِّي إلَخْ (قَوْلُهُ: قِيَاسًا لَهَا عَلَى مَا يَثْبُتُ) وَهُوَ الْمَالُ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِغَالِبًا) أَيْ فِي قَوْلِهِ غَالِبًا قِيَاسًا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهِيَ خَمْسَةٌ مِنْ ثَمَانِيَةٍ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ لِلْبِنْتِ النِّصْفَ أَرْبَعَةً وَلِلزَّوْجَةِ الثُّمُنَ وَاحِدًا وَجُمْلَةُ ذَلِكَ خَمْسَةٌ مِنْ ثَمَانِيَةٍ لِلزَّوْجَةِ لَهَا خُمُسُهَا وَالْبِنْتُ الْبَاقِي ـــــــــــــــــــــــــــــQ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ عِنْدِهِ» : أَيْ دَرْءًا لِلْفِتْنَةِ (قَوْلُهُ: فِي خَمْسِينَ يَوْمًا) صَادِقٌ بِهَا وَلَا مُتَفَرِّقَةٌ (قَوْلُهُ: فَيَبْنِي وَارِثُهُ كَمَا مَرَّ)

بِيَمِينِ مَنْ مَعَهُ بَلْ بِنَصْبِ مُدَّعَى عَلَيْهِ وَيُفْعَلُ مَا يَأْتِي قَبْلَ الْفَصْلِ، فَإِنْ قُلْنَا بِالرَّدِّ وَعَدَمِ تَوْرِيثِ بَيْتِ الْمَالِ حَلَفَتْ الزَّوْجَةُ سَبْعَةً وَالْبِنْتُ أَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ، وَلَوْ كَانَ ثَمَّ عَوْلٌ اُعْتُبِرَ، فَفِي زَوْجٍ وَأُمٍّ وَأُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُخْتَيْنِ لِأُمٍّ أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ لِعَشَرَةٍ فَيَحْلِفُ الزَّوْجُ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَكُلٌّ مِنْ الْأُخْتَيْنِ لِأَبٍ عَشْرٌ وَلِأُمٍّ خَمْسَةٌ، وَالْأُمُّ خَمْسَةٌ (وَجُبِرَ الْكَسْرُ) ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْوَاحِدَةَ لَا تَتَبَعَّضُ. فَلَوْ خَلَفَ تِسْعَةً وَأَرْبَعِينَ ابْنًا حَلَفَ كُلٌّ يَمِينَيْنِ، وَفِي ابْنٍ وَخُنْثَى مَثَلًا يُوَزَّعُ بِحَسَبِ الْإِرْثِ الْمُحْتَمَلِ لَا النَّاجِزِ فَيَحْلِفُ الِابْنُ ثُلُثَيْهَا، وَيَأْخُذُ النِّصْفَ وَالْخُنْثَى نِصْفَهَا، وَيَأْخُذُ الثُّلُثَ، وَيُوقَفُ السُّدُسُ احْتِيَاطًا لِلْحَلِفِ وَالْأَخْذِ (وَفِي قَوْلٍ يَحْلِفُ كُلٌّ) مِنْ الْوَرَثَةِ (خَمْسِينَ) ؛ لِأَنَّ الْعَدَدَ هُنَا كَيَمِينٍ وَاحِدَةٍ، وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِإِمْكَانِ الْقَسَمِ هُنَا (وَلَوْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْوَارِثَيْنِ (حَلَفَ الْآخَرُ خَمْسِينَ) وَأَخَذَ حِصَّتَهُ (وَلَوْ غَابَ) أَحَدُهُمَا أَوْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا (حَلَفَ الْآخَرُ خَمْسِينَ وَأَخَذَ حِصَّتَهُ) إذْ لَا يَثْبُتُ شَيْءٌ مِنْ الدِّيَةِ بِأَقَلَّ مِنْ الْخَمْسِينَ وَاحْتِمَالُ تَكْذِيبِ الْغَائِبِ الْمُبْطِلِ لِلَّوْثِ خِلَافُ الْأَصْلِ فَلَمْ يَنْظُرُوا لَهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ الْحَاضِرُ (صُبِرَ لِلْغَائِبِ) لِيَحْلِفَ كُلٌّ حِصَّتَهُ، وَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ بِنُكُولِهِ عَنْ الْكُلِّ فَعُلِمَ أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا ثَلَاثَةَ إخْوَةٍ حَضَرَ أَحَدُهُمْ وَأَرَادَ الْحَلِفَ حَلَفَ خَمْسِينَ، فَإِذَا حَضَرَ ثَانٍ حَلَفَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ، فَإِذَا حَضَرَ الثَّالِثُ حَلَفَ سَبْعَةَ عَشَرَ، وَإِنَّمَا لَمْ يُكْتَفَ بِالْأَيْمَانِ مِنْ بَعْضِهِمْ مَعَ أَنَّهَا كَالْبَيِّنَةِ لِصِحَّةِ النِّيَابَةِ فِي إقَامَتِهَا بِخِلَافِ الْيَمِينِ، وَلَوْ مَاتَ نَحْوُ الْغَائِبِ أَوْ الصَّبِيِّ بَعْدَ حَلِفِ الْآخَرِ وَوَرِثَهُ حَلَفَ حِصَّتَهُ أَوْ بَانَ أَنَّهُ بَعْدَ حَلِفِهِ كَانَ مَيِّتًا فَلَا يُحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ حَلِفِهِ كَمَا لَوْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا (وَالْمَذْهَبُ أَنَّ) (يَمِينَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) الْقَتْلُ (بِلَا لَوْثٍ) وَإِنْ تَعَدَّدَ (خَمْسُونَ) كَمَا لَوْ كَانَ لَوْثٌ؛ إذْ التَّعَدُّدُ لَيْسَ لِلَّوْثِ بَلْ لِحُرْمَةِ الدَّمِ، وَاللَّوْثُ إنَّمَا يُفِيدُ الْبُدَاءَةَ بِالْمُدَّعِي وَفَارَقَ التَّعَدُّدُ هُنَا التَّعَدُّدَ فِي الْمُدَّعِي بِأَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: بِيَمِينِ مَنْ مَعَهُ) وَهُوَ الزَّوْجَةُ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ وَحْدَهَا وَمَعَ الْبِنْتِ فِي الثَّانِي (قَوْلُهُ: حَلَفَتْ الزَّوْجَةُ سَبْعَةً) أَيْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ الْبَاقِيَةَ بَعْدَ سِهَامِ الْبِنْتِ وَالزَّوْجَةِ تُرَدُّ عَلَى الْبِنْتِ فَيَصِيرُ بِيَدِهَا سَبْعَةٌ وَبِيَدِ الزَّوْجَةِ وَاحِدٌ الْجُمْلَةُ ثَمَانِيَةٌ، فَإِذَا قُسِّمَتْ الْخَمْسُونَ عَلَى الثَّمَانِيَةِ خَصَّ كُلَّ وَاحِدٍ سِتَّةٌ وَرُبْعٌ وَهُوَ ثُمُنُ الْخَمْسِينَ، فَإِذَا جُمِعَ لِلْبِنْتِ سَبْعَةُ أَثْمَانِهَا بَلَغَتْ ثَلَاثَةً وَأَرْبَعِينَ وَثَلَاثَةَ أَرْبَاعٍ تُجْبَرُ بِرُبْعٍ فَتَصِيرُ أَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ، وَيُجْبَرُ مَا خَصَّ الزَّوْجَةَ وَهُوَ الثُّمُنُ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ وَاحِدٍ فَيَصِيرُ سَبْعَةً (قَوْلُهُ: وَالْبِنْتُ أَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ) قِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ تَوْزِيعِ الْأَيْمَانِ بِحَسَبِ الْإِرْثِ وَجَبْرِ الْكَسْرِ إنْ وُجِدَ حَلَفَتْ الْبِنْتُ أَرْبَعًا وَأَرْبَعِينَ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى مَنْهَجٍ صَرَّحَ بِذَلِكَ نَقْلًا عَنْ شَيْخِهِ طب (قَوْلُهُ: فَيَحْلِفُ الزَّوْجُ خَمْسَةَ عَشَرَ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ حِصَّتَهُ ثَلَاثَةٌ مِنْ عَشَرَةٍ وَهِيَ خُمُسٌ وَنِصْفُ خُمْسٍ فَيَحْلِفُ ذَلِكَ مِنْ الْخَمْسِينَ وَهُوَ مَا ذُكِرَ. وَحِصَّةُ الْأُخْتَيْنِ لِلْأَبِ خُمُسَانِ وَالْأُخْتَيْنِ لِلْأُمِّ خُمُسٌ وَحِصَّةُ الْأُمِّ نِصْفُ خُمُسٍ (قَوْلُهُ: وَيُوقَفُ السُّدُسُ احْتِيَاطًا) وَالضَّابِطُ الِاحْتِيَاطُ فِي الطَّرَفَيْنِ الْحَلِفُ بِالْأَكْثَرِ وَالْأَخْذُ بِالْأَقَلِّ اهـ ح (قَوْلُهُ: وَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ) أَيْ الْخَاصُّ (قَوْلُهُ: لِصِحَّةِ النِّيَابَةِ فِي إقَامَتِهَا) أَيْ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ حَلِفِ الْآخَرِ وَوَرِثَهُ) أَيْ الْآخَرُ (قَوْلُهُ: الْقَتْلُ) أَيْ أَوْ الطَّرْفُ أَوْ الْجُرْحُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يُقْسَمُ فِي طَرْفٍ وَجُرْحٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَعَدَّدَ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَمْسُونَ، وَلَوْ رَدَّ أَحَدُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ حَلَفَ الْمُدَّعِي خَمْسِينَ وَاسْتَحَقَّ مَا يَخُصُّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الدِّيَةِ إذَا وُزِّعَتْ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ التَّعَدُّدُ هُنَا) حَيْثُ طُلِبَ مِنْ كُلٍّ خَمْسُونَ يَمِينًا إنْ تَعَدَّدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَوُزِّعَتْ الْأَيْمَانُ عَلَى عَدَدِ الْمُدَّعِينَ بِحَسَبِ إرْثِهِمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَبِعَ فِي هَذِهِ الْإِحَالَةِ حَجّ، وَلَمْ يُقَدِّمْ مَا أَحَالَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا اُسْتُؤْنِفَتْ لِتَوَلِّي قَاضٍ ثَانٍ لِأَنَّهَا عَلَى الْإِثْبَاتِ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ حُجَّةٍ تَامَّةٍ وُجِدَ بَعْضُهَا عِنْدَ الْأَوَّلِ، بِخِلَافِ أَيْمَانِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بَلْ بِنَصْبِ مُدَّعًى عَلَيْهِ) أَيْ مَنْ يَدَّعِي عَلَى الْمُتَّهَمِ

كُلًّا مِنْهُمْ هُنَا يَنْفِي عَنْ نَفْسِهِ الْقَتْلَ كَمَا يَنْفِيه الْمُنْفَرِدُ، وَكُلٌّ مِنْ الْمُدَّعِينَ لَا يُثْبِتُ لِنَفْسِهِ مَا يُثْبِتُهُ الْمُنْفَرِدُ فَوُزِّعَتْ عَلَيْهِمْ بِحَسَبِ إرْثِهِمْ (وَ) أَنَّ الْيَمِينَ (الْمَرْدُودَةَ) مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْقَتْلُ (عَلَى الْمُدَّعِي) خَمْسُونَ؛ لِأَنَّهَا اللَّازِمَةُ لِلرَّادِّ (أَوْ) الْمَرْدُودَةَ مِنْ الْمُدَّعِي (عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ لَوْثٍ) خَمْسُونَ لِمَا مَرَّ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ تَعَدَّدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ حَلَفَ كُلٌّ الْخَمْسِينَ كَامِلَةً (وَ) أَنَّ الْيَمِينَ مَعَ شَاهِدٍ بِالْقَتْلِ (خَمْسُونَ) احْتِيَاطًا لِلدَّمِ وَمُقَابِلُهُ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ فِي الْأَرْبَعِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِمَّا وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ بِالْخَمْسِينَ، وَفِي الْأُولَى طَرِيقَةٌ قَاطِعَةٌ بِالْأَوَّلِ أَسْقَطَهَا مِنْ الرَّوْضَةِ، وَفِي الثَّالِثَةِ طَرِيقَةٌ قَاطِعَةٌ بِالْأَوَّلِ هِيَ الرَّاجِحَةُ فَقَوْلُهُ: الْمَذْهَبُ لِلْمَجْمُوعِ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمَا عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْعَمْدِ وَغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ نَكَلَ الْمُدَّعِي عَنْ يَمِينِ الْقَسَامَةِ أَوْ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ ثُمَّ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ رُدَّتْ عَلَى الْمُدَّعِي وَإِنْ نَكَلَ؛ لِأَنَّ يَمِينَ الرَّدِّ غَيْرُ يَمِينِ الْقَسَامَةِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ تِلْكَ النُّكُولُ وَهَذِهِ اللَّوْثُ أَوْ الشَّاهِدُ (وَيَجِبُ بِالْقَسَامَةِ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ أَوْ شِبْهِ الْعَمْدِ دِيَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ) لِقِيَامِ الْحُجَّةِ بِذَلِكَ، وَلَا يُغْنِي عَنْ هَذَا مَا مَرَّ فِي بَحْثِ الْعَاقِلَةِ؛ لِأَنَّ الْقَسَامَةَ حُجَّةٌ ضَعِيفَةٌ وَعَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَاحْتَاجَ إلَى النَّصِّ عَلَى أَحْكَامِهَا (وَفِي الْعَمْدِ) دِيَةٌ (عَلَى الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ) لَا قَوَدٌ لِخَبَرِ «إمَّا أَنْ يَدُوا صَاحِبَكُمْ أَوْ يُؤْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ» (وَفِي الْقَدِيمِ قِصَاصٌ) لِظَاهِرِ مَا مَرَّ «وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ» . وَأَجَابَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بَدَلُ دَمِ صَاحِبِكُمْ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ (وَلَوْ ادَّعَى عَمْدًا بِلَوْثٍ عَلَى ثَلَاثَةٍ حَضَرَ أَحَدُهُمْ أَقْسَمَ عَلَيْهِ خَمْسِينَ، وَأَخَذَ ثُلُثَ الدِّيَةِ) لِتَعَذُّرِ الْأَخْذِ قَبْلَ تَمَامِهَا (فَإِنْ حَضَرَ آخَرُ) أَيْ الثَّانِي ثُمَّ الثَّالِثُ فَادَّعَى عَلَيْهِ فَأَنْكَرَ (أَقْسَمَ عَلَيْهِ خَمْسِينَ) ؛ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ السَّابِقَةَ لَمْ تَتَنَاوَلْهُ وَأَخَذَ ثُلُثَ الدِّيَةِ (وَفِي قَوْلٍ) يُقْسِمُ عَلَيْهِ (خَمْسًا وَعِشْرِينَ) كَمَا لَوْ حَضَرَا مَعًا، وَمَحَلُّ احْتِيَاجِهِ لِلْإِقْسَامِ (إنْ لَمْ يَكُنْ ذَكَرَهُ) أَيْ الثَّانِي (فِي الْأَيْمَانِ) السَّابِقَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ ذَكَرَهُ فِيهَا (فَيَنْبَغِي) وِفَاقًا لِمَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ (الِاكْتِفَاءُ بِهَا بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْقَسَامَةِ فِي غَيْبَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ) قِيَاسًا عَلَى سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ فِي غَيْبَتِهِ (وَمَنْ اسْتَحَقَّ بَدَلَ الدَّمِ أَقْسَمَ) غَالِبًا وَلَوْ كَافِرًا وَمَحْجُورًا عَلَيْهِ وَسَيِّدًا فِي قَتْلِ قِنِّهِ بِخِلَافِ مَجْرُوحٍ ارْتَدَّ وَمَاتَ لَا يُقْسِمُ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْيَمِينَ مَعَ شَاهِدٍ بِالْقَتْلِ خَمْسُونَ) اُنْظُرْ بِمَ يَنْفَصِلُ هَذَا عَنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ كَغَيْرِهِ إنَّ إخْبَارَ الْعَدْلِ لَوْثٌ. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ إنْ وُجِدَ شَرْطُ الشَّهَادَةِ كَأَنْ أَتَى بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ بَعْدَ تَقَدُّمِ دَعْوَى كَانَ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ، وَإِنْ أَتَى بِغَيْرِ لَفْظِ الشَّهَادَةِ قَبْلَ تَقَدُّمِ الدَّعْوَى كَانَ مِنْ بَابِ اللَّوْثِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ سَبَبَ تِلْكَ) أَيْ يَمِينِ الرَّدِّ، وَقَوْلُهُ: وَهَذِهِ أَيْ يَمِينُ الْقَسَامَةِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ بِالْقَسَامَةِ) أَيْ أَمَّا الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ فَهِيَ كَإِقْرَارِهِمْ، فَإِنْ صَدَقَتْ الْعَاقِلَةُ فَهِيَ عَلَيْهِمْ، وَإِلَّا فَهِيَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: «إمَّا أَنْ يَدُوا» ) أَيْ يُعْطُوا (قَوْلُهُ: «أَوْ يُؤْذَنُوا بِحَرْبٍ» ) أَيْ يُعْلَمُوا بِأَنَّهُمْ يُقَاتَلُونَ لِمُخَالَفَتِهِمْ فِيمَا أُمِرُوا بِهِ (قَوْلُهُ: لِظَاهِرِ مَا مَرَّ) أَيْ لِقِيَامِ الْحُجَّةِ إلَخْ وَتَسْتَحِقُّونَ: أَيْ وَلِظَاهِرٍ تَسْتَحِقُّونَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ادَّعَى عَمْدًا بِلَوْثٍ عَلَى ثَلَاثٍ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ: أَيْ أَوْ ادَّعَى عَلَى ثَلَاثَةٍ بِلَوْثٍ أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ عَمْدًا وَهُمْ حُضُورٌ حَلَفَ لَهُمْ خَمْسِينَ يَمِينًا، فَإِنْ غَابُوا حَلَفَ لِكُلِّ مَنْ حَضَرَ خَمْسِينَ يَمِينًا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَقْسَمَ عَلَيْهِ) وَالْمُتَعَدِّدُ فِي هَذِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَفِيمَا مَرَّ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ فَعُلِمَ أَنَّهُمْ كَانُوا ثَلَاثَةً إخْوَةٍ إلَخْ الْمُتَعَدِّدُ الْمُدَّعِي (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ حَضَرَا مَعًا) يُتَأَمَّلُ هَذَا فَإِنَّ الْمُتَبَادِرَ أَنَّ الْخَمْسِينَ عِنْدَ حُضُورِهِمَا لَهَا لَا أَنَّ لِكُلٍّ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَصَحُّ) لَمْ يَذْكُرْ مُقَابِلَهُ، وَقَالَ الْمَحَلِّيُّ: مُقَابِلُهُ يُوَجَّهُ بِضَعْفِ الْقَسَامَةِ اهـ: أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ الْحَلِفِ بَعْدَ حُضُورِ الثَّانِي خَمْسِينَ يَمِينًا أَيْضًا، وَسَكَتَ الشَّارِحُ عَنْ الثَّالِثِ إذَا حَضَرَ بَعْدُ. وَقَالَ الْمَحَلِّيُّ فِيهِ: وَالثَّالِثُ إذَا حَضَرَ يُقَاسُ بِالثَّانِي فِيمَا ذُكِرَ فِيهِ اهـ: أَيْ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي بَعْدَ حُضُورِهِ خَمْسِينَ يَمِينًا إنْ لَمْ يَكُنْ ذَكَرَهُ فِي حَلِفِهِ أَوَّلًا عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ إلَخْ.) بَدَلٌ مِمَّا مَرَّ عَلَى أَنَّ الْخَبَرَ بِلَفْظِهِ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِهِ

[فصل فيما يثبت به موجب القود وموجب المال بسبب الجناية من إقرار وشهادة]

قَرِيبُهُ؛ لِأَنَّ مَالَهُ فَيْءٌ، نَعَمْ لَوْ أَوْصَى لِأُمِّ وَلَدِهِ بِقِيمَةَ رَقِيقِهِ بَعْدَ قَتْلِهِ وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُقْسِمَ أَوْ يَنْكَلَ أَقْسَمَ وَرَثَتُهُ بَعْدَ دَعْوَاهَا أَوْ دَعْوَاهُمْ إنْ شَاءُوا، إذْ هُمْ خَلِيفَتُهُ، وَالْقِيمَةُ لَهَا عَمَلًا بِوَصِيَّتِهِ، فَإِنْ نَكَلُوا سُمِعَتْ دَعْوَاهَا لِتَحْلِيفِ الْخَصْمِ، وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَحْلِفَ وَيُقْسِمَ مُسْتَحِقُّ الْبَدَلِ (وَلَوْ) هُوَ (مُكَاتَبٌ لِقَتْلِ عَبْدِهِ) ؛ إذْ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ، فَإِنْ عَجَزَ قَبْلَ نُكُولِهِ أَقْسَمَ السَّيِّدُ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا كَالْوَارِثِ، هَذَا، وَمَسْأَلَةُ الْمُسْتَوْلَدَةِ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا مُحْتَرَزُ قَوْلِنَا الْمَارِّ غَالِبًا؛ إذْ الْحَالِفُ فِيهِمَا غَيْرُ الْمُسْتَحِقِّ حَالَةَ الْوُجُوبِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ ذِكْرَ الْمُسْتَوْلَدَةِ مِثَالٌ، وَأَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِذَلِكَ لِآخَرَ أَقْسَمَ الْوَارِثُ أَيْضًا وَأَخَذَ الْمُوصَى لَهُ بِالْوَصِيَّةِ، بَلْ لَوْ أَوْصَى لِآخَرَ فَادَّعَاهَا آخَرُ حَلَفَ الْوَارِثُ كَمَا فِي الْمُسْتَوْلَدَةِ عَلَى أَرْجَحِ احْتِمَالَيْنِ، وَإِنْ فَرَّقَ الثَّانِي بِأَنَّ الْقَسَامَةَ ثَبَتَتْ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ احْتِيَاطًا لِلدِّمَاءِ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ بِيَدِ الْوَارِثِ، فَإِنْ كَانَتْ بِيَدِ الْمُوصَى لَهُ حَلَفَ جَزْمًا (وَمَنْ ارْتَدَّ) بَعْدَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ (فَالْأَفْضَلُ تَأْخِيرُ إقْسَامِهِ لِيُسْلِمَ) ثُمَّ يُقْسِمَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَوَرَّعُ عَنْ الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ (فَإِنْ أَقْسَمَ فِي الرِّدَّةِ صَحَّ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَأَخَذَ الدِّيَةَ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - اعْتَدَّ بِأَيْمَانِ الْيَهُودِ فِي الْخَبَرِ الْمَارِّ، وَصَحَّ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْحَاصِلَ بِحَلِفِهِ نَوْعُ اكْتِسَابٍ لِلْمَالِ فَلَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ كَالِاحْتِطَابِ، وَعَنْ الْمُزَنِيّ وَحَكَى قَوْلًا مُخَرَّجًا وَمَنْصُوصًا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَلَوْ أَسْلَمَ اُعْتُدَّ بِهَا قَطْعًا (وَمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ) خَاصًّا (لَا قَسَامَةَ فِيهِ) وَلَوْ مَعَ لَوْثٍ لِتَعَذُّرِ حَلِفِ بَيْتِ الْمَالِ فَيُنَصِّبُ الْإِمَامُ مُدَّعِيًا، فَإِنْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَذَاكَ وَإِلَّا حُبِسَ إلَى أَنْ يُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ. (فَصْلٌ) فِيمَا يَثْبُتُ بِهِ مُوجِبُ الْقَوَدِ وَمُوجِبُ الْمَالِ بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ مِنْ إقْرَارٍ وَشَهَادَةٍ (إنَّمَا يَثْبُتُ مُوجِبُ) بِكَسْرِ الْجِيمِ (الْقِصَاصِ) فِي نَفْسٍ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ قَتْلٍ أَوْ جَرْحٍ أَوْ إزَالَةٍ (بِإِقْرَارٍ) مَقْبُولٍ مِنْ الْجَانِي (أَوْ) شَهَادَةِ (عَدْلَيْنِ) أَوْ بِعِلْمِ الْحَاكِمِ أَوْ بِنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ حَلِفِ الْمُدَّعِي كَمَا يُعْلَمَانِ مِمَّا سَنَذْكُرُهُ، عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا مَرَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَلَا يُحْتَاجُ إلَى حَلِفٍ أَصْلًا (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ أَوْصَى) أَيْ شَخْصٌ، وَقَوْلُهُ وَمَاتَ: أَيْ السَّيِّدُ، وَقَوْلُهُ: أَوْ دَعْوَاهُمْ: أَيْ الْوَرَثَةِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَحْلِفَ) أَيْ: لِأَنَّهَا لَيْسَتْ خَلِيفَةَ الْمُوَرِّثِ فَلَوْ نَكَلَ الْخَصْمُ حَلَفَ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ وَقَوْلُهُ وَتُقَسَّمُ عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: مُحْتَرَزُ قَوْلِنَا الْمَارِّ) أَيْ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَهِيَ أَيْ تَحْلِيفُ الْمُدَّعِي (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ) أَيْ حَلِفِ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ: وَأَخْذُ الدِّيَةِ) يَقْتَضِي أَنَّ الْأَخْذَ لَا يُنَافِي وَقْفَ مِلْكِ الْمُرْتَدِّ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ وَصَحَّ فِيهَا) أَيْ فِي الرِّدَّةِ (قَوْلُهُ: وَحَكَى قَوْلًا مُخَرَّجًا) أَيْ فِي شَأْنِهِ، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا حُبِسَ: أَيْ وَإِنْ طَالَ الْحَبْسُ. [فَصْلٌ فِيمَا يَثْبُتُ بِهِ مُوجِبُ الْقَوَدِ وَمُوجِبُ الْمَالِ بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ مِنْ إقْرَارٍ وَشَهَادَةٍ] (فَصْلٌ) فِيمَا يَثْبُتُ بِهِ مُوجِبُ الْقَوَدِ ع: هَذَا الْفَصْلُ ذَكَرَهُ هُنَا تَبَعًا لِلْمُزَنِيِّ، وَغَيْرُهُ يُؤَخِّرُهُ إلَى الشَّهَادَاتِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمُوجِبُ الْمَالِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بِعَفْوِ بَعْضٍ (قَوْلُهُ: مِنْ قَتْلٍ أَوْ جَرْحٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَهُوَ الْمَصْدَرُ، أَمَّا بِالضَّمِّ فَهُوَ الْأَثَرُ الْحَاصِلُ بِهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ إزَالَةٍ: أَيْ لِمَعْنًى مِنْ الْمَعَانِي (قَوْلُهُ: بِإِقْرَارٍ مَقْبُولٍ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْعَبْدِ إذَا أَقَرَّ بِمَالٍ (قَوْلُهُ: أَوْ بِعِلْمِ الْحَاكِمِ) أَيْ حَيْثُ سَاغَ لَهُ الْقَضَاءُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: بَعْدَ قَتْلِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِأَوْصَى (فَصْلٌ) فِيمَا يَثْبُتُ بِهِ مُوجَبُ الْقَوَدِ (قَوْلُهُ: بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ) قَيْدٌ فِي مُوجَبِ الْمَالِ لِيَخْرُجَ مُوجَبُ الْمَالِ لَا بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ كَالْبَيْعِ مَثَلًا لَكِنَّهُ يَدْخُلُ

أَنَّ الْأَخِيرَ كَالْإِقْرَارِ، وَمَا قَبْلَهُ كَالْبَيِّنَةِ، وَيَأْتِي أَنَّ السِّحْرَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْإِقْرَارِ فَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ (وَ) يَثْبُتُ مُوجِبُ (الْمَالِ) مِمَّا مَرَّ (بِذَلِكَ) أَيْ الْإِقْرَارِ أَوْ شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا (أَوْ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ) بِرَجُلٍ (وَيَمِينٍ) مُفْرَدَةٍ أَوْ مُتَعَدِّدَةٍ كَمَا مَرَّ آنِفًا أَوْ بِالْقَسَامَةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَدَّمَهُ، وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ ذُكِرَتْ هُنَا تَبَعًا لِإِمَامِنَا الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَيَأْتِي ثَمَّ الْكَلَامُ فِي صِفَةِ الشُّهُودِ وَالْمَشْهُودُ بِهِ مُسْتَوْفًى فِي الْقَضَاءِ، وَشَرْطُ ثُبُوتِهِ بِالْحُجَّةِ النَّاقِصَةِ أَنْ يَدَّعِيَ بِهِ لَا بِالْقَوَدِ وَإِلَّا لَمْ يَثْبُتْ الْمَالُ بِهَا، وَإِنَّمَا وَجَبَ فِي السَّرِقَةِ بِهَا وَإِنْ ادَّعَى الْقَطْعَ؛ لِأَنَّهَا تُوجِبُهُمَا وَالْعَمْدُ لَا يُوجِبُ إلَّا الْقَوَدَ، فَلَوْ أَوْجَبْنَا الْمَالَ أَوْجَبْنَا غَيْرَ الْمُدَّعَى (وَلَوْ) (عَفَا) الْمُسْتَحِقُّ (عَنْ الْقِصَاصِ) قَبْلَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ عَلَى مَالٍ (لِيَقْبَلَ الْمَالَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) أَوْ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ (لَمْ يُقْبَلْ فِي الْأَصَحُّ) ؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ بَعْدَ ثُبُوتِ مُوجِبِ الْقَوَدِ وَلَا يَثْبُتُ بِمَنْ ذُكِرَ، وَالثَّانِي نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ الْمَالُ (وَلَوْ) (شَهِدَ هُوَ وَهُمَا) أَيْ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَتَانِ وَفِي مَعْنَاهُمَا رَجُلٌ مَعَهُ يَمِينٌ (بِهَاشِمَةٍ قَبْلَهَا إيضَاحٌ) (لَمْ يَجِبْ أَرْشُهَا عَلَى الْمَذْهَبِ) ؛ لِأَنَّ الْإِيضَاحَ قَبْلَهَا الْمُوجِبَ لِلْقَوَدِ لَا يَثْبُتُ بِهِمَا، هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ مِنْ جَانٍ مَرَّةً وَاحِدَةً، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ جَانِيَيْنِ أَوْ مِنْ وَاحِدٍ فِي مَرَّتَيْنِ ثَبَتَ أَرْشُ الْهَشْمِ بِذَلِكَ وَهُوَ وَاضِحٌ، وَفِي قَوْلٍ مِنْ طَرِيقِهِ وَهُوَ مُخْرَجٌ يَجِبُ أَرْشُهَا؛ لِأَنَّهُ مَالٌ (وَلِيُصَرِّحَ) حَتْمًا (الشَّاهِدُ بِالْمُدَّعَى) بِفَتْحِ الْعَيْنِ كَالْقَتْلِ (فَلَوْ قَالَ) أَشْهَدُ أَنَّهُ (ضَرَبَهُ بِسَيْفٍ فَجَرَحَهُ فَمَاتَ لَمْ يَثْبُتْ) الْمُدَّعَى بِهِ وَهُوَ الْمَوْتُ النَّاشِئُ عَنْ فِعْلِهِ (حَتَّى يَقُولَ فَمَاتَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ جُرْحِهِ (أَوْ فَقَتَلَهُ) أَوْ فَمَاتَ مَكَانَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا احْتَمَلَ مَوْتَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِعِلْمِهِ بِأَنْ كَانَ مُجْتَهِدًا (قَوْلُهُ: مِمَّا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَتْلٍ (قَوْلُهُ: وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا) وَهُوَ عِلْمُ الْحَاكِمِ، وَالْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ: وَيَمِينٍ أَيْ وَهِيَ خَمْسُونَ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ آنِفًا) أَيْ فِي الْيَمِينِ الْمُتَعَدِّدَةِ، وَعَلَيْهِ فَلَا يُرَدُّ مَا قَالَهُ ابْنُ سم عَلَى ابْنِ حَجّ مِنْ قَوْلِهِ أَيْنَ مَرَّ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُفْرَدِ، وَقَوْلُهُ وَشَرْطُ ثُبُوتِهِ: أَيْ الْمَالِ، وَقَوْلُهُ الْحُجَّةُ النَّاقِصَةُ: رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ رَجُلٌ وَيَمِينٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَثْبُتْ الْمَالُ بِهَا) أَيْ بِالْحُجَّةِ النَّاقِصَةِ وَلَكِنَّهَا تَثْبُتُ لَوْثًا، وَقَوْلُهُ وَإِنَّمَا وَجَبَ: أَيْ الْمَالُ، وَقَوْلُهُ بِهَا: أَيْ بِالْحُجَّةِ النَّاقِصَةِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا تُوجِبُهُمَا) أَيْ الْمَالَ وَالْقَطْعَ. وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ أَيْضًا بِأَنَّ الْمَالَ هُنَا بَدَلٌ عَنْ الْقَوَدِ، وَأَمَّا الْمَالُ وَالْقَطْعُ فَكُلٌّ مِنْهُمَا حَقٌّ مُتَأَصِّلٌ لَا بَدَلٌ وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ: لِأَنَّهَا تُوجِبُهُمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: لَمْ يُقْبَلْ فِي الْأَصَحِّ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ رَجُلَيْنِ بَعْدَ ذَلِكَ لِيَقْتَصَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْقِصَاصُ لِتَضَمُّنِ مَا ذُكِرَ أَوَّلًا لِعَفْوٍ، وَلَكِنْ فِي الْخَطِيبِ مَا نَصُّهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بَعْدَ عَفْوِهِ بِالْجِنَايَةِ الْمَذْكُورَةِ هَلْ يَثْبُتُ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ؟ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: ثَبَتَ أَرْشُ الْهَشْمِ بِذَلِكَ) أَيْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْجِنَايَتَيْنِ مُنْفَصِلَةٌ عَنْ الْأُخْرَى فَالشَّهَادَةُ بِالْهَاشِمَةِ شَهَادَةٌ بِالْمَالِ وَحْدَهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُخَرَّجٌ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: إيضَاحُ ذَلِكَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ كَمَا نَصَّ هُنَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ نَصَّ فِيمَا لَوْ مَرَقَ السَّهْمُ مِنْ زَيْدٍ إلَى عَمْرٍو أَنَّهُ يَثْبُتُ الْخَطَأُ فِي عَمْرٍو بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فَقِيلَ: قَوْلَانِ بِالنَّقْلِ وَالتَّخْرِيجِ، وَالْمَذْهَبُ تَقْرِيرُ النَّصِّ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْجِنَايَةَ هُنَا مُتَّحِدَةٌ فَاحْتِيطَ لَهَا (قَوْلُهُ: أَوْ فَمَاتَ مَكَانَهُ) لَعَلَّ وَجْهَ الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ أَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ قَوْلِهِ فَمَاتَ مَكَانَهُ أَنَّ مَوْتَهُ بِسَبَبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَالُ الْوَاجِبُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْمَالِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ، فَكَانَ يَنْبَغِي زِيَادَةٌ عَلَى الْبَدَنِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَرِدُ) وَجْهُ وُرُودِهِ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ مُوجَبَ الْقِصَاصِ يَثْبُتُ بِإِقْرَارٍ أَوْ عَدْلَيْنِ مَعَ أَنَّ السِّحْرَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْإِقْرَارِ خَاصَّةً. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ هُنَا لِأَنَّهُ سَيَذْكُرُهُ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) اُنْظُرْ أَيْنَ مَرَّ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُفْرَدَةِ، وَاَلَّذِي مَرَّ يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ جَمِيعَ أَيْمَانِ الدَّمِ مُتَعَدِّدَةٌ (قَوْلُهُ: فِي الْقَضَاءِ) لَا وَجْهَ لِلْجَمْعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ قَبْلَهُ ثُمَّ (قَوْلُهُ: أَنْ يَدَّعِيَ بِهِ لَا بِالْقَوَدِ) لَا يَخْفَى أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ هُنَا أَنَّ الْعَمْدَ لَا يُوجِبُ إلَّا الْمَالَ كَعَمْدِ الْأَبِ، فَالْقَوَدُ لَا يَصِحُّ دَعْوَاهُ هُنَا أَصْلًا كَمَا هُوَ الْمَوْجُودُ فِي كَلَامِهِمْ وَكَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ وَلَوْ عُفِيَ عَنْ الْقِصَاصِ إلَخْ. وَكَلَامُ الشَّارِحِ يُوهِمُ خِلَافَ ذَلِكَ

بِسَبَبٍ آخَرَ غَيْرِ جِرَاحَتِهِ تَعَيَّنَتْ إضَافَةُ الْمَوْتِ إلَيْهَا دَفْعًا لِذَلِكَ الِاحْتِمَالِ، لَوْ شَهِدَ بِأَنَّهُ قَتَلَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ جَرْحًا وَلَا ضَرْبًا كَفَى أَيْضًا (وَلَوْ قَالَ ضَرَبَ رَأْسَهُ فَأَدْمَاهُ أَوْ فَأَسَالَ دَمَهُ ثَبَتَتْ دَامِيَةً) لِتَصْرِيحِهِ بِهَا، بِخِلَافِ فَسَالَ دَمُهُ لِاحْتِمَالِ حُصُولِ السَّيْلَانِ بِسَبَبٍ آخَرَ (وَيُشْتَرَطُ لِمُوضِحَةٍ) أَيْ لِلشَّهَادَةِ بِهَا قَوْلُ الشَّاهِدِ (ضَرَبَهُ فَأَوْضَحَ عَظْمَ رَأْسِهِ) ؛ إذْ لَا احْتِمَالَ حِينَئِذٍ (وَقِيلَ يَكْفِي فَأَوْضَحَ رَأْسَهُ) وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِفَهْمِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ عُرْفًا، وَيُتَّجَهُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَامِّيًّا بِحَيْثُ لَا يَعْرِفُ مَدْلُولَ نَحْوِ الْإِيضَاحِ شَرْعًا، وَمَا قِيلَ: إنَّ الْمُوضِحَةَ مِنْ الْإِيضَاحِ وَلَا تَخْتَصُّ بِالْعَظْمِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعَرُّضِ لَهُ، وَأَنَّ تَنْزِيلَ لَفْظِ الشَّاهِدِ الْغَيْرِ الْفَقِيهِ عَلَى اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ مَرْدُودٌ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ الشَّارِعَ أَنَاطَ بِذَلِكَ الْأَحْكَامَ فَهُوَ كَصَرَائِحِ الطَّلَاقِ يُقْضَى بِهَا مَعَ احْتِمَالٍ، فَإِذَا شَهِدَ بِأَنَّهُ سَرَّحَهَا يُقْضَى بِطَلَاقِهَا وَإِنْ احْتَمَلَ تَسْرِيحَ رَأْسِهَا فَكَذَا إذَا شَهِدَ بِالْإِيضَاحِ يُقْضَى بِهِ وَإِنْ احْتَمَلَ أَنَّهُ لَمْ يُوضِحْ الْعَظْمَ؛ لِأَنَّهُ احْتِمَالٌ بَعِيدٌ جِدًّا (وَيَجِبُ بَيَانُ مَحَلِّهَا) أَيْ الْمُوضِحَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْقَوَدِ (وَقَدْرِهَا) فِيمَا إذَا كَانَ عَلَى رَأْسِهِ مَوَاضِحُ أَوْ تَعَيُّنَهَا بِالْإِشَارَةِ إلَيْهَا سَوَاءٌ كَانَ عَلَى رَأْسِهِ مُوضِحَةٌ أَوْ مَوَاضِحُ (لِيُمْكِنَ قِصَاصٌ) إذْ لَوْ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ قَوَدٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِرَأْسِهِ إلَّا مُوضِحَةٌ وَاحِدَةٌ لِاحْتِمَالِ تَوْسِيعِهَا بَلْ يَتَعَيَّنُ الْأَرْشُ لِعَدَمِ اخْتِلَافِهِ بِذَلِكَ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ حُكُومَةِ بَقِيَّةِ الْبَدَنِ وَلَوْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ، وَإِلَّا لَمْ تَجِبْ حُكُومَتُهَا لِاخْتِلَافِهَا بِاخْتِلَافِ قَدْرِهَا وَمَحَلِّهَا (وَيَثْبُتُ الْقَتْلُ بِالسِّحْرِ بِإِقْرَارِهِ) بِهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَقَتَلْتُهُ بِسِحْرِي ـــــــــــــــــــــــــــــSالْجِنَايَةِ، وَإِلَّا فَيُحْتَمَلُ مَعَ ذَلِكَ الْقَوْلِ أَنَّ مَوْتَهُ بِسَبَبٍ آخَرَ كَسُقُوطِ جِدَارٍ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ فَمَاتَ حَالًا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَذْكُرْ جَرْحًا وَلَا ضَرْبًا) أَفَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى نَفْيِ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ ذَكَرَ شُرُوطَ الدَّعْوَى كَقَوْلِهِ قَتَلَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً إلَى غَيْرِ ذَلِكَ عَلَى مَا مَرَّ فِي دَعْوَى الدَّمِ وَالْقَسَامَةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ فَسَالَ دَمُهُ) وَقِيَاسُ مَا لَوْ قَالَ فَمَاتَ مَكَانَهُ أَوْ حَالًا أَنَّهُ لَوْ قَالَ هُنَا فَسَالَ دَمُهُ مَكَانَهُ أَوْ حَالًا قُبِلَتْ (قَوْلُهُ: فَأُوضِحَ عَظْمُ رَأْسِهِ) أَيْ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ أَوْضَحَهُ لَمْ تُسْمَعْ لِصِدْقِهَا بِغَيْرِ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ مَعَ أَنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا الْحُكُومَةُ اهـ زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ الْفَقِيهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ مَعَ كَوْنِهِ غَيْرَ فَقِيهٍ يُعْرَفُ مَدْلُولُ هَذَا اللَّفْظِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ لِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ: وَيُتَّجَهُ تَقْيِيدُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَلْ يَتَعَيَّنُ الْأَرْشُ) أَيْ فَتَكْفِي شَهَادَتُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْقِصَاصِ وَتُقْبَلُ لِثُبُوتِ الْأَرْشِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ مَحَلِّهَا وَلَا بِاخْتِلَافِ مِقْدَارِهَا (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ حُكُومَةٍ) أَيْ تَعْيِينِهِمَا لِحُكُومَةِ بَقِيَّةِ الْبَدَنِ إلَخْ وَكَانَ الْأَوْلَى التَّعْبِيرَ بِهِ، ثُمَّ رَأَيْته فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ كَذَلِكَ، وَعَلَى مَا فِي الْأَصْلِ يُقَدَّرُ مُضَافٌ أَيْ تَعْيِينُ مُوضِحَةٍ حُكُومَةً، وَقَوْلُهُ أَيْ تَعْيِينُهُمَا أَيْ الْمَحَلِّ وَالْقَدْرِ (قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ الْقَتْلُ بِالسِّحْرِ) . [فَائِدَةٌ] السِّحْرُ فِي اللُّغَةِ صَرْفُ الشَّيْءِ عَنْ وَجْهِهِ، يُقَالُ مَا سَحَرَك عَنْ كَذَا: أَيْ مَا صَرَفَك، وَمَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّهُ حَقٌّ وَلَهُ حَقِيقَةٌ، وَيَكُونُ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَيُؤْلِمُ وَيُمْرِضُ وَيَقْتُلُ وَيُفَرِّقُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَقَالَ الْمُعْتَزِلَةُ وَأَبُو جَعْفَرٍ الإسترابادي بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ: إنَّ السِّحْرَ لَا حَقِيقَةَ لَهُ إنَّمَا هُوَ تَخْيِيلٌ، وَبِهِ قَالَ الْبَغَوِيّ، اسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} [طه: 66] وَذَهَبَ قَوْلٌ أَنَّ السَّاحِرَ قَدْ يَقْلِبُ بِسِحْرِهِ الْأَعْيَانَ وَيَجْعَلُ الْإِنْسَانَ حِمَارًا ـــــــــــــــــــــــــــــQخُصُوصًا مَعَ النَّظَرِ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّرِقَةِ، بَلْ قَوْلُهُ: أَنْ يَدَّعِيَ بِهِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعَرُّضِهِ فِي الدَّعْوَى لِلْمَالِ وَلَمْ أَرَهُ فِي كَلَامِهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ تَنْزِيلَ لَفْظِ الشَّاهِدِ إلَى قَوْلِهِ مَرْدُودٌ) لَا يَتَأَتَّى بَعْدِ التَّقْيِيد فِيمَا مَرَّ بِقَوْلِهِ وَيُتَّجَهُ تَقْيِيدُهُ إلَخْ. وَالشِّهَابُ حَجّ إنَّمَا ذَكَرَ هَذَا لِأَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْ فِيمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا كَانَ عَلَى رَأْسِهِ مَوَاضِحُ) تَوَقَّفَ سم فِي هَذَا التَّقْيِيدِ، وَنَقْلُ عِبَارَةِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ صَرِيحَةٌ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِهِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ حُكُومَةٍ إلَخْ.) فِيهِ تَسَمُّحٌ

وَهُوَ يَقْتُلُ غَالِبًا أَوْ بِنَوْعِ كَذَا وَشَهِدَ عَدْلَانِ تَابَا بِأَنَّهُ يَقْتُلُ غَالِبًا فَعَمْدٌ فِيهِ الْقَوَدُ، أَوْ نَادِرًا فَشِبْهُ عَمْدٍ، أَوْ أَخْطَأْت مِنْ اسْمِ غَيْرِهِ لَهُ فَخَطَؤُهُمَا عَلَى الْعَاقِلَةِ إنْ صَدَقُوهُ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ، أَوْ مَرِضَ بِسِحْرِي وَلَمْ يَمُتْ أَقْسَمَ الْوَلِيُّ؛ لِأَنَّهُ لَوْثٌ كَنُكُولِهِ مَعَ يَمِينِ الْمُدَّعِي (لَا بِبَيِّنَةٍ) لِتَعَذُّرِ مُشَاهَدَةِ قَصْدِ السَّاحِرِ وَتَأْثِيرِ سِحْرِهِ (وَلَوْ) (شَهِدَ لِمُوَرِّثِهِ) غَيْرُ أَصْلٍ وَفَرْعٍ (بِجَرْحٍ) يُمْكِنُ إفْضَاؤُهُ لِلْهَلَاكِ (قَبْلَ الِانْدِمَالِ) (لَمْ يُقْبَلْ) وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لِتُهْمَتِهِ؛ إذْ لَوْ مَاتَ كَانَ الْأَرْشُ لَهُ فَكَأَنَّهُ شَهِدَ لِنَفْسِهِ، وَلَا نَظَرَ لِوُجُودِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ، وَقَدْ يُبَرِّئُ الدَّائِنُ أَوْ يُصَالِحُ، وَكَوْنُهُ لِمَنْ لَا يُتَصَوَّرُ إبْرَاؤُهُ نَادِرٌ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ، وَالْعِبْرَةُ بِكَوْنِهِ مُوَرِّثَهُ حَالَ الشَّهَادَةِ، فَإِنْ كَانَ عِنْدَهَا مَحْجُوبًا ثُمَّ زَالَ الْمَانِعُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالشَّهَادَةِ بَطَلَتْ أَوْ بَعْدَهَا فَلَا (وَبَعْدَهُ يُقْبَلُ) ؛ إذْ لَا تُهْمَةَ (وَكَذَا) تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِمُوَرِّثِهِ (بِمَالٍ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ) (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ بِالسَّبَبِ النَّاقِلِ لِلشَّاهِدِ بِتَقْدِيرِ الْمَوْتِ بِخِلَافِ الْجَرْحِ، وَلِأَنَّ الْمَالَ يَجِبُ هُنَا حَالًا وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ الْمَرِيضُ كَيْفَ أَرَادَ وَثَمَّ لَا يَجِبُ إلَّا بِالْمَوْتِ فَيَكُونُ لِلْوَارِثِ. وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ كَالْجَرْحِ لِلتُّهْمَةِ (وَلَا تُقْبَلُ) (شَهَادَةُ الْعَاقِلَةِ بِفِسْقِ شُهُودِ قَتْلٍ) أَوْ نَحْوِهِ (يَحْمِلُونَهُ) أَوْ بِتَزْكِيَةِ شُهُودِ الْفِسْقِ؛ لِأَنَّهُمْ يَدْفَعُونَ بِذَلِكَ ضَرَرَ تَحَمُّلِهِمْ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَحْمِلُوهُ لِفَقْرِهِمْ لَا لِكَوْنِ الْأَقْرَبِينَ يَفُونَ بِالْوَاجِبِ؛ لِأَنَّ الْغِنَى مُتَوَقَّعٌ فِي الْفَقْرِ، بِخِلَافِ مَوْتِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِحَسَبِ قُوَّةِ السِّحْرِ وَهَذَا وَاضِحُ الْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَدَرَ عَلَى هَذَا لَقَدَرَ أَنْ يَرُدَّ نَفْسَهُ إلَى الشَّبَابِ بَعْدَ الْهَرَمِ وَأَنْ يَمْنَعَ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ الْمَوْتِ، وَمِنْ جُمْلَةِ أَنْوَاعِهِ السِّيمِيَاءُ وَالْهِيمْيَاءُ وَلَمْ يَبْلُغْ أَحَدٌ فِي السِّحْرِ إلَى الْغَايَةِ الَّتِي وَصَلَ إلَيْهَا الْقِبْطُ أَيَّامَ دَلُوكَا مَلِكَةِ مِصْرَ بَعْدَ فِرْعَوْنَ، فَإِنَّهُمْ وَضَعُوا السِّحْرَ عَلَى الْبَرَابِي وَصَوَّرُوا فِيهَا صُوَرَ عَسَاكِرِ الدُّنْيَا فَأَيُّ عَسْكَرٍ قَصَدَهُمْ أَتَوْا إلَى ذَلِكَ الْعَسْكَرِ الْمُصَوَّرِ فَمَا فَعَلُوهُ مِنْ قَلْعِ الْأَعْيُنِ وَقَطْعِ الْأَعْضَاءِ اتَّفَقَ نَظِيرُهُ لِلْعَسْكَرِ الْقَاصِدِ لَهُمْ فَتَحَامَتْهُمْ الْعَسَاكِرُ وَأَقَامُوا سِتَّمِائَةِ سَنَةٍ، وَالنِّسَاءُ هُنَّ الْمُلُوكُ وَالْأُمَرَاءُ بِمِصْرَ بَعْدَ غَرَقِ فِرْعَوْنَ وَجُنُودِهِ حَكَاهُ الْعِرَاقِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ: لَا يَظْهَرُ أَثَرُ السِّحْرِ إلَّا عَلَى فَاسِقٍ، وَيَحْرُمُ تَحْرِيمَ الْكِهَانَةِ وَالتَّنْجِيمِ وَالضَّرْبِ بِالرَّمْلِ وَبِالشَّعِيرِ وَبِالْحِمِّصِ وَالشَّعْبَذَةُ وَتَعْلِيمُ هَذِهِ كُلِّهَا وَأَخْذُ الْعِوَضِ عَلَيْهَا حَرَامٌ بِالنَّصِّ الصَّحِيحِ فِي النَّهْيِ عَنْ حُلْوَانِ الْكَاهِنِ وَالْبَاقِي فِي مَعْنَاهُ. وَأَمَّا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ «أَنَّهُ كَانَ نَبِيٌّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ فَمَنْ وَافَقَ خَطُّهُ فَذَاكَ» ، فَمَعْنَاهُ: فَمَنْ عَلِمَ مُوَافَقَتَهُ لَهُ فَلَا بَأْسَ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ الْمُوَافَقَةَ فَلَا يَجُوزُ، وَيَحْرُمُ الْمَشْيُ إلَى أَهْلِ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ وَتَصْدِيقُهُمْ، وَكَذَلِكَ تَحْرُمُ الْقِيَافَةُ وَالطَّيْرُ وَالطِّيَرَةُ وَعَلَى فَاعِلِ ذَلِكَ التَّوْبَةُ مِنْهُ اهـ دَمِيرِيٌّ، وَهَلْ مِنْ السِّحْرِ مَا يَقَعُ مِنْ الْأَقْسَامِ وَتِلَاوَةِ آيَاتٍ قُرْآنِيَّةٍ تَوَلَّدَ مِنْهَا الْهَلَاكُ فَيُعْطَى حُكْمَهُ الْمَذْكُورَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَشَهِدَ عَدْلَانِ) أَيْ يَعْرِفَانِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَخَطَؤُهُمَا) أَيْ شِبْهُ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ، وَالْمُرَادُ دِيَتُهُمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: أَوْ مَرِضَ بِسِحْرِيٍّ وَلَمْ يَمُتْ) أَيْ بِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَوْثٌ كَنُكُولِهِ) عِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ لَوْثٌ وَكَالْإِقْرَارِ نُكُولُهُ إلَخْ اهـ. وَهِيَ ظَاهِرَةٌ لِإِيهَامِ عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَنَّ النُّكُولَ مَعَ يَمِينِ الْمُدَّعِي لَوْثٌ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ وَكَانَ الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ بِإِقْرَارٍ وَنُكُولٍ مَعَ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَعَ يَمِينِ الْمُدَّعِي) أَيْ يَمِينٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: يُمْكِنُ إفْضَاؤُهُ لِلْهَلَاكِ) عِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجِ ع: أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْجَرْحُ لَيْسَ شَأْنُهُ أَنْ يَسْرِي؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْرِي اهـ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ: أَيْ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: قَدْ يُبْرِئُ الدَّائِنَ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ أَوْصَى بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ لِآخَرَ فَإِنَّ الْمُوصَى لَهُ قَدْ لَا يَقْبَلُ فَيَثْبُتُ الْمُوصَى بِهِ لِلْوَارِثِ (قَوْلُهُ: وَكَوْنُهُ لِمَنْ لَا يُتَصَوَّرُ إبْرَاؤُهُ) أَيْ لِكَوْنِهِ مَحْجُورًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ لَمْ يَحْمِلُوهُ لِفَقْرِهِمْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: كَنُكُولِهِ) هَذَا هُوَ الْإِقْرَارُ الْحُكْمِيُّ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهَا) صَوَابُهُ بَعْدَهُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ بِالسَّبَبِ) عِبَارَةُ الْجَلَالِ فِي تَعْلِيلِ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ نَصُّهَا: وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْجُرْحَ سَبَبُ الْمَوْتِ النَّاقِلِ لِلْحَقِّ إلَيْهِ

الْقَرِيبِ، أَمَّا قَتْلٌ لَا يَحْمِلُونَهُ كَبَيِّنَةٍ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِأَنَّهُ قَتَلَ عَمْدًا فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ بِنَحْوِ فِسْقِهِمْ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ (وَلَوْ) (شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى اثْنَيْنِ بِقَتْلِهِ) أَيْ الْمُدَّعَى بِهِ (فَشَهِدَ عَلَى الْأَوَّلَيْنِ بِقَتْلِهِ) مُبَادِرَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَهُ (فَإِنْ صَدَّقَ الْوَلِيُّ) الْمُدَّعِي (الْأَوَّلَيْنِ) يَعْنِي اسْتَمَرَّ عَلَى تَصْدِيقِهِمَا حَتَّى لَوْ سَكَتَ جَازَ لِلْحَاكِمِ الْحُكْمُ بِهَا؛ لِأَنَّ طَلَبَهُ مِنْهُمَا الشَّهَادَةَ كَافٍ فِي جَوَازِ الْحُكْمِ بِهَا، كَذَا قِيلَ، وَيَرُدُّهُ مَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْقَضَاءِ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ حُكْمِهِ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ قَبْلَ سُؤَالِ الْمُدَّعِي (فَالْمُرَادُ سَكَتَ عَنْ التَّصْدِيقِ) حَكَمَ بِهِمَا لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ عَنْهُمَا، وَتَحَقُّقُهَا فِي الْأَخِيرَيْنِ لِصَيْرُورَتِهِمَا عَدُوَّيْنِ بِهَا، أَوْ لِأَنَّهُمَا يَدْفَعَانِ بِهَا عَنْ أَنْفُسِهِمَا، وَهَذَا التَّعْلِيلُ الْأَخِيرُ أَوْجَهُ؛ إذْ الْأَوَّلُ مُشْكِلٌ بِكَوْنِ الْمُؤَثِّرِ الْعَدَاوَةَ الدُّنْيَوِيَّةَ وَلَيْسَتْ الشَّهَادَةَ مِنْهَا (أَوْ) صَدَّقَ (الْآخَرَيْنِ أَوْ) صَدَّقَ (الْجَمِيعَ أَوْ كَذَّبَ الْجَمِيعَ بَطَلَتَا) أَيْ الشَّهَادَتَانِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الثَّالِثِ، وَوَجْهُهُ فِي الْأَوَّلِ أَنَّ فِيهِ تَكْذِيبَ الْأَوَّلَيْنِ وَعَدَاوَةَ الْآخَرَيْنِ لَهُمَا، وَفِي الثَّانِي أَنَّ فِي تَصْدِيقِ كُلِّ فَرِيقٍ تَكْذِيبَ الْآخَرِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ بَطَلَتَا: بَقَاءُ حَقِّهِ فِي الدَّعْوَى لَكِنَّ عِبَارَةَ الْجُمْهُورِ بَطَلَ حَقُّهُ (وَلَوْ) (أَقَرَّ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بِعَفْوِ بَعْضٍ) عَنْ الْقَوَدِ وَلَوْ مُبْهَمًا (سَقَطَ الْقِصَاصُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ وَبِالْإِقْرَارِ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْهُ فَسَقَطَ حَقُّ الْبَاقِي وَلِلْجَمِيعِ الدِّيَةُ، أَمَّا الْمَالُ فَيَجِبُ لَهُ كَالْبَقِيَّةِ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَى الْعَافِي إلَّا إنْ عَيَّنَهُ وَشَهِدَ وَضُمَّ لَهُ مُكَمِّلُ الْحُجَّةِ (وَلَوْ) (اخْتَلَفَ شَاهِدَانِ فِي زَمَانِ) فِعْلٍ لِلْقَتْلِ (أَوْ مَكَانٌ أَوْ آلَةٍ أَوْ هَيْئَةٍ) كَقَتْلِهِ بُكْرَةً أَوْ بِمَحَلِّ كَذَا أَوْ بِسَيْفٍ أَوْ حَزِّ رَقَبَةٍ وَخَالَفَهُ الْآخَرُ (لَغَتْ) لِلتَّنَاقُضِ (وَقِيلَ) هِيَ (لَوْثٌ) لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَصْلِ الْقَتْلِ، وَرُدَّ بِأَنَّ التَّنَاقُضَ ظَاهِرٌ فِي الْكَذِبِ فَلَا قَرِينَةَ يَثْبُتُ بِهَا اللَّوْثُ، وَخَرَجَ بِالْفِعْلِ الْإِقْرَارُ كَأَنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْقَتْلِ يَوْمَ السَّبْتِ، وَالْآخَرُ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ يَوْمَ الْأَحَدِ لَمْ تُلْغَ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا اخْتِلَافَ فِي الْفِعْلِ، وَلَا فِي صِفَتِهِ بَلْ فِي الْإِقْرَارِ، وَهُوَ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ لِجَوَازِ أَنَّهُ أَقَرَّ فِيهِمَا، نَعَمْ إنْ عَيَّنَا زَمَانًا فِي مَكَانَيْنِ مُتَبَاعِدَيْنِ بِحَيْثُ لَا يَصِلُ الْمُسَافِرُ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ كَأَنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْقَتْلِ بِمَكَّةَ يَوْمَ كَذَا وَالْآخَرُ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِقَتْلِهِ بِمِصْرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ لَغَتْ شَهَادَتُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ لَا يُقْبَلُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ طَلَبَهُ) أَيْ الْمُدَّعِي (قَوْلُهُ: فَالْمُرَادُ سَكَتَ عَنْ التَّصْدِيقِ) أَيْ لَا عَنْ طَلَبِ الْحُكْمِ بَلْ طَلَبُهُ قَوْلُهُ (قَوْلُهُ: حَكَمَ بِهِمَا) وَلَا يَخْتَصُّ هَذَا الْحُكْمُ بِمَا ذَكَرَهُ، بَلْ مَتَى ادَّعَى عَلَى أَحَدٍ ثُمَّ قَالَ غَيْرُهُ مُبَادَرَةً: بَلْ أَنَا الَّذِي فَعَلْت جَاءَ فِيهِ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَتْ الشَّهَادَةُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْعَدَاوَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَعَدَاوَةُ الْآخَرِينَ) ظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ مُجَرَّدَ الشَّهَادَةِ تَكُونُ عَدَاوَةً وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَأْبَاهُ سم، وَلَعَلَّ هَذَا حِكْمَةُ تَرْجِيحِ الشَّارِحِ الثَّانِي عَلَى أَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى تَرْكَ هَذِهِ الْحَاشِيَةِ لِاسْتِفَادَتِهَا مِنْ التَّوْجِيهِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: لَكِنَّ عِبَارَةَ الْجُمْهُورِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ بَطَلَ حَقُّهُ: أَيْ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ مَرَّة أُخْرَى، وَيُتِمُّ الْبَيِّنَةَ (قَوْلُهُ: عَنْ الْعَافِي) أَيْ أَنَّهُ عَفَا عَلَى مَالٍ (قَوْلُهُ: ذَلِكَ الْيَوْمَ) مِثْلُ الْيَوْمِ مَا لَوْ عَيَّنَ أَيَّامًا تُحِيلُ الْعَادَةُ مَجِيئَهُ فِيهَا، وَقَوْلُهُ لَغَتْ شَهَادَتُهُمَا ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ وَلِيَّيْنِ يُمْكِنُهُمَا قَطْعُ الْمَسَافَةِ الْبَعِيدَةِ فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْأُمُورَ الْخَارِقَةَ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهَا فِي الشَّرْعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQبِخِلَافِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: فَالْمُرَادُ سَكَتَ عَنْ التَّصْدِيقِ) أَيْ مُرَادِ الْقِيلِ بِسُكُوتِ الْوَلِيِّ سُكُوتُهُ عَنْ التَّصْدِيقِ لَا سُكُوتُهُ عَنْ طَلَبِ الْحُكْمِ فَلَا يُنَافِي مَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْقَضَاءِ، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ طَلَبَهُ مِنْهُمَا الشَّهَادَةَ كَافٍ: أَيْ عَنْ التَّصْدِيقِ ثَانِيًا

[كتاب البغاة]

كِتَابُ الْبُغَاةِ جَمْعُ بَاغٍ سُمُّوا بِذَلِكَ لِمُجَاوَزَتِهِمْ الْحَدَّ. وَالْأَصْلُ فِيهِ آيَةُ {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} [الحجرات: 9] وَلَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الْخُرُوجِ عَلَى الْإِمَامِ صَرِيحًا لَكِنَّهَا تَشْمَلُهُ لِعُمُومِهَا أَوْ تَقْتَضِيه؛ لِأَنَّهُ إذَا طُلِبَ الْقِتَالُ لِبَغْيِ طَائِفَةٍ عَلَى طَائِفَةٍ فَلِلْبَغْيِ عَلَى الْإِمَامِ أَوْلَى. وَقَدْ أُخِذَ قِتَالُ الْمُشْرِكِينَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقِتَالُ الْمُرْتَدِّينَ مِنْ الصِّدِّيقِ وَقِتَالُ الْبُغَاةِ مِنْ عَلِيٍّ، وَالْبَغِيُّ لَيْسَ اسْمَ ذَمٍّ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا خَالَفُوا بِتَأْوِيلٍ جَائِزٍ فِي اعْتِقَادِهِمْ لَكِنَّهُمْ مُخْطِئُونَ فِيهِ فَلَهُمْ لِمَا فِيهِمْ مِنْ أَهْلِيَّةِ الِاجْتِهَادِ نَوْعُ عُذْرٍ، وَمَا وَرَدَ مِنْ ذَمِّهِمْ وَمَا وَقَعَ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ مِنْ عِصْيَانِهِمْ أَوْ فِسْقِهِمْ مَحْمُولَانِ عَلَى مَنْ لَا أَهْلِيَّةَ فِيهِ لِلِاجْتِهَادِ أَوْ لَا تَأْوِيلَ لَهُ أَوْ لَهُ تَأْوِيلٌ قَطْعِيُّ الْبُطْلَانِ: أَيْ وَقَدْ عَزَمُوا عَلَى قِتَالِنَا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْخَوَارِجِ (هُمْ) مُسْلِمُونَ (مُخَالِفُو الْإِمَامِ) وَلَوْ جَائِرًا (بِخُرُوجٍ عَلَيْهِ وَتَرْكِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (الِانْقِيَادِ) لَهُ سَوَاءٌ أَسَبَقَ مِنْهُمْ انْقِيَادٌ أَمْ لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ (أَوْ مَنْعِ حَقٍّ) طَلَبَهُ مِنْهُمْ وَقَدْ (تَوَجَّهَ عَلَيْهِمْ) الْخُرُوجُ مِنْهُ كَزَكَاةٍ أَوْ حَدٍّ أَوْ قَوَدٍ (بِشَرْطِ شَوْكَةٍ لَهُمْ) بِكَثْرَةٍ أَوْ قُوَّةٍ بِحَيْثُ يُمْكِنُ مَعَهَا مُقَاوَمَةُ الْإِمَامِ وَيُحْتَاجُ إلَى احْتِمَالِ كُلْفَةٍ مِنْ بَذْلِ مَالٍ وَإِعْدَادِ رِجَالٍ وَنَصْبِ قِتَالٍ وَنَحْوِهَا لِيَرُدَّهُمْ إلَى الطَّاعَةِ (وَتَأْوِيلٍ) فَاسِدٍ لَا يُقْطَعُ بِبُطْلَانِهِ بَلْ يَعْتَقِدُونَ بِهِ جَوَازَ الْخُرُوجِ كَتَأْوِيلِ الْخَارِجِينَ عَلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَنَّهُ يَعْرِفُ قَتَلَةَ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَيَقْدِرُ عَلَيْهِمْ وَلَا يَقْتَصُّ مِنْهُمْ لِمُوَاطَأَتِهِ إيَّاهُمْ عَلَى مَا قِيلَ. وَالْوَجْهُ أَخْذًا مِنْ سَيْرِهِمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ رَمْيَهُ بِالْمُوَاطَأَةِ الْمَمْنُوعَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــS [كِتَابُ الْبُغَاةِ] لَعَلَّ حِكْمَةَ جَعْلِهِ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ كَالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ كَوْنِ الْقِتَالِ مُضَمَّنًا (قَوْلُهُ: لِمُجَاوَزَتِهِمْ الْحَدَّ) أَيْ بِخُرُوجِهِمْ عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِمْ: أَيْ وَهُوَ لُغَةً كَذَلِكَ. فَفِي الْمُخْتَارِ: الْبَغْيُ التَّعَدِّي، وَبَغَى عَلَيْهِ: اسْتَطَالَ وَبَابُهُ رَمَى، وَكُلُّ مُجَاوَزَةٍ وَإِفْرَاطٍ عَلَى الْمِقْدَارِ الَّذِي هُوَ حَدُّ الشَّيْءِ فَهُوَ بَغْيٌ (قَوْلُهُ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ} [الحجرات: 9] ع: مَعْنَى {فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9] : الْأَوَّلُ إبْدَاءُ الْوَعْظِ وَالنَّصِيحَةِ. وَالثَّانِي الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا بِالْقَضَاءِ الْعَدْلِ فِيمَا كَانَ بَيْنَهُمَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: أَوْ تَقْتَضِيهِ) أَيْ تَسْتَلْزِمُهُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ أُخِذَ) أَيْ اُسْتُفِيدَ (قَوْلُهُ: وَقِتَالُ الْمُرْتَدِّينَ مِنْ الصِّدِّيقِ) سَيَأْتِي فِي أَوَّلِ الْبَابِ الْآتِي أَنَّ الَّذِينَ قَاتَلَهُمْ الصِّدِّيقُ لَمْ يَكُونُوا مُرْتَدِّينَ وَإِنَّمَا كَانُوا مَانِعِينَ لِلزَّكَاةِ وَأُطْلِقَ عَلَيْهِمْ اسْمُ الْمُرْتَدِّينَ مَجَازًا، وَعِبَارَتُهُ ثَمَّ: وَقَدْ تُطْلَقُ: أَيْ الرِّدَّةُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ أَدَاءِ الْحَقِّ كَمَانِعِي الزَّكَاةِ فِي زَمَنِ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى كَوْنِ الصِّدِّيقِ قَاتَلَ مَانِعِي الزَّكَاةِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ الرِّدَّةَ قَدْ تُطْلَقُ عَلَى ذَلِكَ، فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ قَاتَلَ الْمُرْتَدِّينَ كَمَا قَاتَلَ مَانِعِي الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ: وَالْبَغْيُ لَيْسَ اسْمَ ذَمٍّ) أَيْ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَإِلَّا فَقَدْ يَكُونُ مَذْمُومًا (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِمْ مِنْ أَهْلِيَّةِ الِاجْتِهَادِ) فَقَدْ يُشْعِرُ بِأَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَكُونُوا أَهْلًا لِلِاجْتِهَادِ لَا يُحْكَمُ بِبَغْيِهِمْ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِمَا يَأْتِي أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى شُبْهَةٍ لَا يُقْطَعُ بِبُطْلَانِهَا فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالِاجْتِهَادِ فِي عِبَارَتِهِ الِاجْتِهَادُ اللُّغَوِيُّ أَوْ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ أَوْ لَا تَأْوِيلَ لَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَحْمُولَانِ عَلَى مَنْ لَا أَهْلِيَّةَ فِيهِ لِلِاجْتِهَادِ) يَنْبَغِي وَلَمْ يُعْذَرْ بِجَهْلِهِ (قَوْلُهُ: وَتَرْكِ الِانْقِيَادِ لَهُ) أَيْ فَلَوْ انْقَادُوا لَهُ وَامْتَنَعُوا مِنْ دَفْعِ مَا طَلَبَهُ مِنْهُمْ ظُلْمًا فَلَيْسُوا بُغَاةً كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ تَوَجَّهَ عَلَيْهِمْ الْخُرُوجُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِالْمُوَاطَأَةِ الْمَمْنُوعَةِ) أَيْ الَّتِي عَلِمْنَاهَا وَقُلْنَا بِمَنْعِهَا وَعَلَيْهِ فَبِتَقْدِيرِ أَنَّ ثَمَّ مُوَاطَأَةً صَدَرَتْ غَيْرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQكِتَابُ الْبُغَاةِ

لَمْ تَصْدُرْ مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ بَرِئَ مِنْ ذَلِكَ، وَتَأْوِيلُ بَعْضِ مَانِعِي الزَّكَاةِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَنَّهُمْ لَا يَدْفَعُونَ الزَّكَاةَ إلَّا لِمَنْ صَلَاتُهُ سَكَنٌ لَهُمْ وَهُوَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَمَّا إذَا خَرَجُوا بِلَا تَأْوِيلٍ كَمَانِعِي حَقِّ الشَّرْعِ كَالزَّكَاةِ عِنَادًا أَوْ بِتَأْوِيلٍ يُقْطَعُ بِبُطْلَانِهِ كَتَأْوِيلِ الْمُرْتَدِّينَ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شَوْكَةٌ فَلَيْسَ لَهُمْ حُكْمُ الْبُغَاةِ كَمَا سَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ (وَمُطَاعٍ فِيهِمْ) يَصْدُرُونَ عَنْ رَأْيِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْصُوبًا إذْ لَا شَوْكَةَ لِمَنْ لَا مُطَاعَ لَهُمْ فَهُوَ شَرْطٌ لِحُصُولِهَا إلَّا أَنَّهُ شَرْطٌ آخَرُ غَيْرُهَا (قِيلَ وَإِمَامٍ مَنْصُوبٍ) مِنْهُمْ عَلَيْهِمْ، وَرُدَّ بِأَنَّ عَلِيًّا قَاتَلَ أَهْلَ الْجَمَلِ وَلَا إمَامَ لَهُمْ وَأَهْلَ صِفِّينَ قَبْلَ نَصْبِ إمَامِهِمْ، وَلَا يُشْتَرَطُ عَلَى الصَّحِيحِ جَعْلُهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ حُكْمًا غَيْرَ حُكْمِ الْإِسْلَامِ وَلَا انْفِرَادَهُمْ بِنَحْوِ بَلَدٍ وَلَوْ حَصَلَتْ لَهُمْ الْقُوَّةُ بِتَحَصُّنِهِمْ بِحِصْنٍ فَهَلْ هُوَ كَالشَّوْكَةِ أَوْ لَا الْمُعْتَمَدُ كَمَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْحِصْنُ بِحَافَّةِ الطَّرِيقِ وَكَانُوا يَسْتَوْلُونَ بِسَبَبِهِ عَلَى نَاحِيَةٍ وَرَاءَ الْحِصْنِ ثَبَتَ لَهُمْ الشَّوْكَةُ وَحُكْمُ الْبُغَاةِ، وَإِلَّا فَلَيْسُوا بُغَاةً، وَلَا يُبَالِي بِتَعْطِيلِ عَدَدٍ قَلِيلٍ، وَقَدْ جَزَمَ بِذَلِكَ فِي الْأَنْوَارِ (وَلَوْ) (أَظْهَرَ قَوْمٌ رَأْيَ الْخَوَارِجِ) وَهُمْ صِنْفٌ مِنْ الْمُبْتَدِعَةِ (كَتَرْكِ الْجَمَاعَاتِ) ؛ لِأَنَّ الْأَئِمَّةَ لَمَّا أَقَرُّوا عَلَى الْمَعَاصِي كَفَرُوا بِزَعْمِهِمْ فَلَمْ يُصَلُّوا خَلْفَهُمْ (وَتَكْفِيرِ ذِي كَبِيرَةٍ) أَيْ فَاعِلِهَا فَيَحْبَطُ عَمَلُهُ وَيَخْلُدُ فِي النَّارِ عِنْدَهُمْ (وَلَمْ يُقَاتِلُوا) أَهْلَ الْعَدْلِ وَهُمْ فِي قَبْضَتِهِمْ (تُرِكُوا) فَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُمْ؛ إذْ لَا يُكَفَّرُونَ بِذَلِكَ بَلْ وَلَا يُفَسَّقُونَ مَا لَمْ يُقَاتِلُوا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ سَوَاءٌ كَانُوا بَيْنَنَا أَوْ امْتَازُوا بِمَوْضِعٍ لَكِنْ لَمْ يَخْرُجُوا عَنْ طَاعَتِهِ؛ لِأَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سَمِعَ رَجُلًا مِنْ الْخَوَارِجِ يَقُولُ: لَا حُكْمَ إلَّا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَيُعَرِّضُ بِتَخْطِئَةِ تَحْكِيمِهِ، فَقَالَ: كَلِمَةٌ حَقٍّ أُرِيدَ بِهَا بَاطِلٌ نَعَمْ إنْ تَضَرَّرْنَا بِهِمْ تَعَرَّضْنَا لَهُمْ إلَى زَوَالِ الضَّرَرِ كَمَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ الْأَصْحَابِ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَاتَلُوا أَوْ لَمْ يَكُونُوا فِي قَبْضَتِنَا (فَقُطَّاعُ طَرِيقٍ) فِي حُكْمِهِمْ الْآتِي فِي بَابِهِمْ لَا بُغَاةً خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ، نَعَمْ لَوْ قَتَلُوا لَمْ يَتَحَتَّمْ قَتْلُ الْقَاتِلِ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَقْصِدُوا إخَافَةَ الطَّرِيقِ، فَإِنْ قَصَدُوهَا تَحَتَّمَ، وَإِنْ سَبُّوا الْأَئِمَّةَ أَوْ غَيْرَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ عُزِّرُوا إلَّا إنْ عَرَّضُوا بِالسَّبِّ فَلَا يُعَزَّرُونَ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ وَلَا يُفَسَّقُونَ عَدَمُ فِسْقِ سَائِرِ أَنْوَاعِ الْمُبْتَدِعَةِ الَّذِينَ ـــــــــــــــــــــــــــــSهَذِهِ لَا تُرَدُّ (قَوْلُهُ: سَكَنَ لَهُمْ) أَيْ تَسْكُنُ لَهَا نُفُوسُهُمْ وَتُطَمْئِنُ قُلُوبُهُمْ قَالَهُ الْبَيْضَاوِيُّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ [فَائِدَةٌ] قَالَ فِي الْعُبَابِ: يَحْرُمُ الطَّعْنُ فِي مُعَاوِيَةَ وَلَعْنُ وَلَدِهِ يَزِيدَ وَتَكْفِيرُهُ، وَرِوَايَةُ قَتْلِ الْحُسَيْنِ وَمَا جَرَى بَيْنَ الصَّحَابَةِ فَإِنَّهُ يَبْعَثُ عَلَى ذَمِّهِمْ وَهُمْ أَعْلَامُ الدِّينِ فَالطَّاعِنُ فِيهِمْ طَاعِنٌ فِي نَفْسِهِ وَكُلُّهُمْ عُدُولٌ وَلِمَا جَرَى بَيْنَهُمْ مَحَامِلُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: كَتَأْوِيلِ الْمُرْتَدِّينَ) أَيْ بِأَنْ أَظْهَرُوا شُبْهَةً لَهُمْ فِي الرِّدَّةِ فَإِنَّ ذَلِكَ بَاطِلٌ قَطْعًا لِوُضُوحِ أَدِلَّةِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: يُصْدِرُونَ) أَيْ تَصْدُرُ أَفْعَالُهُمْ عَنْ رَأْيِهِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ) أَيْ الْمُطَاعُ شَرْطٌ لِحُصُولِهَا: أَيْ الشَّوْكَةِ، وَقَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ: أَيْ فِي كَوْنِهِمْ بُغَاةً (قَوْلُهُ: بِحَافَّةِ الطَّرِيقِ) يَنْبَغِي أَوَّلًا بِحَافَّتِهَا حَيْثُ اسْتَوْلَوْا بِسَبَبِهِ عَلَى نَاحِيَةٍ وَمِنْ ثَمَّ اقْتَصَرَ الزِّيَادِيُّ عَلَى قَوْلِهِ: وَلَوْ بِحِصْنٍ اسْتَوْلَوْا بِسَبَبِهِ عَلَى نَاحِيَةٍ (قَوْلُهُ: وَقَدْ جَزَمَ بِذَلِكَ فِي الْأَنْوَارِ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَئِمَّةَ: أَيْ سَبَبٌ لِخُرُوجِهِمْ (قَوْلُهُ: تُرِكُوا) أَيْ وَلَوْ كَانُوا مُنْفَرِدِينَ بِمَحَلَّةٍ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُقَاتِلُوا) أَيْ فَإِنْ قَاتَلُوا فَسَقَوْا، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُمْ لَا شُبْهَةَ لَهُمْ فِي الْقِتَالِ وَبِتَقْدِيرِهِ فَهِيَ بَاطِلَةٌ قَطْعًا (قَوْلُهُ: وَيُعَرِّضُ بِتَخْطِئَةِ تَحْكِيمِهِ) أَيْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُعَاوِيَةَ اهـ دَمِيرِيٌّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ تَضَرَّرْنَا بِهِمْ) أَيْ مَعَ عَدَمِ قِتَالِهِمْ (قَوْلُهُ: إلَى زَوَالِ الضَّرَرِ) أَيْ وَلَوْ بِقَتْلِهِمْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَصَدُوهَا تَحَتَّمَ) أَيْ قَتْلُ الْقَاتِلِ مِنْهُمْ إنْ عُلِمَ، فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ لَا يُتَعَرَّضُ لَهُمْ إلَّا بِرَدِّهِمْ إلَى الطَّاعَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُ الْمَتْنِ قِيلَ، وَإِمَامٌ) أَيْ بَدَلُ الْمُطَاعِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: مِنْهُمْ) مُتَعَلِّقٌ بِمَنْصُوبٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ عَلِيًّا إلَخْ.) كَانَ يَنْبَغِي وَلِأَنَّ بِالْعَطْفِ، ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَثَرِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يَتِمَّ بِهِ الدَّلِيلُ، بَلْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ ذِكْرِ بَقِيَّتِهِ وَهِيَ أَنَّهُ قَالَ لِلْخَارِجِيِّ الْمَذْكُورِ بَعْدَ مَا فِي الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ: لَكُمْ عَلَيْنَا ثَلَاثَةٌ: لَا نَمْنَعُكُمْ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ تَذْكُرُوهُ

لَا يُكَفَّرُونَ بِبِدْعَتِهِمْ بِدَلِيلِ قَبُولِ شَهَادَتِهِمْ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُرُودِ ذَمِّهِمْ وَوَعِيدِهِمْ الشَّدِيدِ كَكَوْنِهِمْ كِلَابَ أَهْلِ النَّارِ الْحُكْمُ بِفِسْقِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَفْعَلُوا مُحَرَّمًا فِي اعْتِقَادِهِمْ وَإِنْ أَخْطَئُوا وَأَثِمُوا بِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْحَقَّ فِي الِاعْتِقَادِيَّاتِ وَاحِدٌ قَطْعًا هُوَ مَا عَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ وَأَنَّ مُخَالِفَهُ آثِمٌ غَيْرُ مَعْذُورٍ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ اقْتِضَاءَ أَكْثَرِ تَعَارِيفِ الْكَبِيرَةِ فِسْقَهُمْ لِوَعِيدِهِمْ الشَّدِيدِ وَقِلَّةِ اكْتِرَاثِهِمْ بِالدِّينِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِأَحْوَالِ الْآخِرَةِ لَا الدُّنْيَا لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ كَوْنِهِمْ لَمْ يَفْعَلُوا مُحَرَّمًا عِنْدَهُمْ، كَمَا أَنَّ الْحَنَفِيَّ يُحَدُّ بِالنَّبِيذِ لِضَعْفِ دَلِيلِهِ وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ مُحَرَّمًا عِنْدَهُ. نَعَمْ هُوَ لَا يُعَاقَبُ؛ لِأَنَّ تَقْلِيدَهُ صَحِيحٌ بِخِلَافِهِمْ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْبُغَاةِ) لِتَأْوِيلِهِمْ إلَّا أَنْ يَكُونُوا مِمَّنْ يَشْهَدُونَ لِمُوَافِقِيهِمْ بِتَصْدِيقِهِمْ كَالْخَطَابِيَّةِ فَلَا تُقْبَلُ حِينَئِذٍ لِبَعْضِهِمْ وَلَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُمْ لَهُمْ حِينَئِذٍ، وَلَا يَخْتَصُّ هَذَا بِالْبُغَاةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الشَّهَادَاتِ (وَ) يُقْبَلُ أَيْضًا (قَضَاءُ قَاضِيهِمْ) لِذَلِكَ لَكِنْ (فِيمَا يُقْبَلُ فِيهِ قَضَاءُ قَاضِينَا) لَا فِي غَيْرِهِ كَمُخَالِفِ النَّصِّ أَوْ الْإِجْمَاعِ أَوْ الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ، وَالْمُتَّجَهُ وُجُوبُ قَبُولِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي فِي التَّنْفِيذِ لِشِدَّةِ الضَّرَرِ بِتَرْكِ عَدَمِ قَبُولِ الْحُكْمِ بِخِلَافِ التَّنْفِيذِ (إلَّا) رَاجِعٌ لِلْأَمْرَيْنِ قَبْلَهُ (أَنْ يَسْتَحِلَّ دِمَاءَنَا) وَأَمْوَالَنَا وَاحْتُمِلَ ذَلِكَ فَلَا يُقْبَلُ لِانْتِفَاءِ الْعَدَالَةِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا اسْتَحَلُّوهُ بِالْبَاطِلِ عُدْوَانًا لِيَتَوَصَّلُوا بِهِ إلَى إرَاقَةِ دِمَائِنَا وَإِتْلَافِ أَمْوَالِنَا، وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّ الْمُرَادَ الِاسْتِحْلَالُ خَارِجَ الْحَرْبِ وَإِلَّا فَكُلُّ الْبُغَاةِ يَسْتَحِلُّونَهَا حَالَةَ الْحَرْبِ، وَمَا فِي الرَّوْضَةِ فِي الشَّهَادَاتِ مِنْ قَبُولِ شَهَادَةِ مُسْتَحِلِّ الدَّمِ وَالْمَالِ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْقَاضِي كَالشَّاهِدِ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُؤَوِّلِ لِذَلِكَ تَأْوِيلًا مُحْتَمَلًا وَمَا هُنَا عَلَى خِلَافِهِ (وَيُنَفَّذُ) بِالتَّشْدِيدِ (كِتَابُهُ بِالْحُكْمِ) إلَيْنَا جَوَازًا؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ وَالْحَاكِمُ بِهِ مِنْ أَهْلِهِ بَلْ لَوْ كَانَ الْحُكْمُ الْوَاحِدُ مِنَّا عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَالْمُتَّجَهُ وُجُوبُ تَنْفِيذِهِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَيُحْكَمُ) جَوَازًا أَيْضًا (بِكِتَابِهِ) إلَيْنَا (بِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ فِي الْأَصَحِّ) لِصِحَّتِهِ أَيْضًا، وَيُسْتَحَبُّ لَنَا عَدَمُ تَنْفِيذِهِ وَالْحُكْمِ بِهِ اسْتِخْفَافًا بِهِمْ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ حَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمَحْكُومِ لَهُ، فَإِنْ تَضَرَّرَ كَأَنْ انْحَصَرَ تَخْلِيصُ حَقِّهِ فِي ذَلِكَ نَفَّذْنَاهُ، وَالثَّانِي لَا لِمَا فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: كَالْخَطَابِيَّةِ فَلَا تُقْبَلُ) أَيْ مَا لَمْ يُبَيَّنْ السَّبَبُ اهـ دَمِيرِيٌّ بِالْمَعْنَى وَنَقَلَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَخْتَصُّ هَذَا) أَيْ قَبُولُ الشَّهَادَةِ بَلْ يَعُمُّ غَيْرَهُمْ مِنْ الْمُبْتَدِعَةِ (قَوْلُهُ: وَيُقْبَلُ أَيْضًا قَضَاءُ قَاضِيهِمْ) أَيْ وُجُوبًا، وَقَوْلُهُ لِذَلِكَ: أَيْ لِتَأْوِيلِهِمْ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي فِي التَّنْفِيذِ) أَيْ مَنْ سَنَّ عَدَمَهُ (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِلْأَمْرَيْنِ) أَيْ الشَّهَادَةِ وَقَضَاءِ قَاضِيهِمْ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا اسْتَحَلُّوهُ بِالْبَاطِلِ عُدْوَانًا) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَحَلُّوهُ بِتَأْوِيلٍ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمَا فِي الرَّوْضَةِ فِي الشَّهَادَاتِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ لَنَا عَدَمُ تَنْفِيذِهِ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنَّا كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا، وَقَوْلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيهَا وَلَا الْفَيْءَ مَا دَامَتْ أَيْدِيكُمْ مَعَنَا وَلَا نَبْدَأُ بِقِتَالِكُمْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ لَمْ يَفْعَلُوا مُحَرَّمًا فِي اعْتِقَادِهِمْ) قَالَ سم: قَدْ يُقَالُ لَا أَثَرَ لِهَذَا مَعَ قَوْلِهِ وَأَثِمُوا بِهِ مَعَ أَنَّهُ آثِمٌ غَيْرُ مَعْذُورٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي فِي التَّنْفِيذِ لِشِدَّةِ الضَّرَرِ إلَخْ.) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: فَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي فِي التَّنْفِيذِ لِأَنَّ هَذَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا وَقَعَ اتِّصَالُ أَثَرِ الْحُكْمِ بِهِ مِنْ نَحْوِ أَخْذٍ وَرَدٍّ وَذَاكَ فِيمَا إذَا لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ أَثَرُهُ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْإِلْغَاءَ هُنَا فِيهِ ضَرَرٌ عَظِيمٌ بِخِلَافِهِ ثُمَّ انْتَهَتْ، وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْمَحَلَّيْنِ وَاحِدٌ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ كَلَامَهُمْ هُنَا فِي الْحُكْمِ الَّذِي يَتَّصِلُ أَثَرُهُ بِهِ وَهُنَاكَ فِي الْحُكْمِ الَّذِي لَمْ يَتَّصِلْ أَثَرُهُ بِهِ، وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّنْفِيذِ الْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيُّ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ الْقَاضِي نَفَّذْته فَهَذَا غَيْرُ وَاجِبٍ، بِخِلَافِ قَبُولِ الْحُكْمِ وَالْتِزَامِ مُقْتَضَاهُ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ، وَحَاوَلَ الشِّهَابُ سم رَدَّ كَلَامِ التُّحْفَةِ إلَى كَلَامِ الشَّارِحِ فَإِنَّهُ قَالَ قَوْلَهُ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْإِلْغَاءَ: أَيْ رَدُّ الْحُكْمِ ثُمَّ قَالَ قَوْلَهُ بِخِلَافِهِ ثُمَّ: أَيْ تَرَكَ مُجَرَّدَ التَّنْفِيذِ (قَوْلُهُ: أَوْ احْتَمَلَ ذَلِكَ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَدْرِ أَنَّهُ مِمَّنْ يَسْتَحِلُّ أَوْ لَا كَمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: بَلْ لَوْ كَانَ إلَخْ.) اُنْظُرْ مَا مَوْقِعُ الْإِضْرَابِ

مِنْ إقَامَةِ مَنْصِبِهِ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا حِكَايَةُ الْخِلَافِ قَوْلَيْنِ (وَلَوْ) (أَقَامُوا حَدًّا) أَوْ تَعْزِيرًا (أَوْ أَخَذُوا زَكَاةً وَجِزْيَةً وَخَرَاجًا وَفَرَّقُوا سَهْمَ الْمُرْتَزِقَةِ عَلَى جُنْدِهِمْ) صَحَّ لِاعْتِقَادِهِمْ التَّأْوِيلَ الْمُحْتَمَلَ فَأَشْبَهَ الْحُكْمَ بِالِاجْتِهَادِ، وَلِمَا فِي عَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالرَّعِيَّةِ وَلِأَنَّ جُنْدَهُمْ مِنْ جُنْدِ الْإِسْلَامِ، وَرُعْبُ الْكُفَّارُ قَائِمٌ بِهِمْ، وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ الزَّكَاةُ مُعَجَّلَةً أَمْ لَا اسْتَمَرَّتْ شَوْكَتُهُمْ إلَى وُجُوبِهَا أَمْ لَا كَمَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُ الْأَصْحَابِ الْمَارُّ، وَقِيَاسُهُمْ عَلَى أَهْلِ الْعَدْلِ مَمْنُوعٌ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ (وَفِي الْأَخِيرِ) وَهُوَ تَفْرِقَتُهُمْ مَا ذُكِرَ بَلْ فِيمَا عَدَا الْحَدِّ (وَجْهٌ) أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِهِ لِئَلَّا يَتَقَوَّوْا بِهِ عَلَيْنَا (وَمَا أَتْلَفَهُ بَاغٍ عَلَى عَادِلٍ وَعَكْسُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي قِتَالٍ) وَلَمْ يَكُنْ مِنْ ضَرُورَتِهِ (ضَمِنَ) مُتْلَفَهُ نَفْسًا وَمَالًا، وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِمَا إذَا قَصَدَ أَهْلُ الْعَدْلِ التَّشَفِّيَ وَالِانْتِقَامَ لَا إضْعَافَهُمْ وَهَزِيمَتَهُمْ، وَبِهِ يُعْلَمُ جَوَازُ عَقْرِ دَوَابِّهِمْ إذَا قَاتَلُوا عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا جَوَّزْنَا إتْلَافَ أَمْوَالِهِمْ خَارِجَ الْحَرْبِ لِإِضْعَافِهِمْ فَهَذَا أَوْلَى (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ فِي قِتَالٍ لِحَاجَتِهِ أَوْ خَارِجَهُ مِنْ ضَرُورَتِهِ (فَلَا) ضَمَانَ لِأَمْرِ الْعَادِلِ بِقِتَالِهِمْ وَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لَمْ يُطَالِبْ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِشَيْءٍ نَظَرًا لِلتَّأْوِيلِ (وَفِي قَوْلٍ يَضْمَنُ الْبَاقِي) لِتَقْصِيرِهِ وَلَوْ وَطِئَ أَحَدُهُمَا أَمَةَ الْآخَرِ بِلَا شُبْهَةٍ يُعْتَدُّ بِهَا حُدَّ وَلَزِمَهُ الْمَهْرُ إنْ أَكْرَهَهَا وَالْوَلَدُ رَقِيقٌ (وَ) الْمُسْلِمُ (الْمُتَأَوِّلُ بِلَا شَوْكَةٍ) لَا يَثْبُتُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الْبُغَاةِ فَحِينَئِذٍ (يَضْمَنُ) مَا أَتْلَفَهُ وَلَوْ فِي الْقِتَالِ كَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَلِئَلَّا يُحَدِّثَ كُلُّ مُفْسِدٍ تَأْوِيلًا وَتَبْطُلُ السِّيَاسَاتُ (وَعَكْسُهُ وَهُوَ) (مُسْلِمٌ لَهُ شَوْكَةٌ) لَا بِتَأْوِيلٍ (كَبَاغٍ) فِي عَدَمِ الضَّمَانِ لِمَا أَتْلَفَهُ فِي الْحَرْبِ أَوْ لِضَرُورَتِهَا لِوُجُودِ مَعْنَاهُ فِيهِ مِنْ الرَّغْبَةِ فِي الطَّاعَةِ لِيَجْتَمِعَ الشَّمْلُ وَيَقِلَّ الْفَسَادُ لَا فِي تَنْفِيذِ قَضَايَا وَاسْتِيفَاءِ حَقٍّ أَوْ حَدٍّ، أَمَّا مُرْتَدُّونَ لَهُمْ شَوْكَةٌ فِيهَا كَالْبُغَاةِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ ائْتِلَافُهُمْ عَلَى الْعَوْدِ إلَى الْإِسْلَامِ وَتَضْمِينُهُمْ يُنَفِّرُهُمْ عَنْ ذَلِكَ خِلَافًا لِجَمْعٍ جَعَلُوهُمْ كَالْقُطَّاعِ مُطْلَقًا لِجِنَايَتِهِمْ عَلَى الْإِسْلَامِ وَيَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ قِتَالُ الْبُغَاةِ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ (وَ) لَكِنْ (لَا يُقَاتِلُ الْبُغَاةَ) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ (حَتَّى يَبْعَثَ إلَيْهِمْ أَمِينًا) أَيْ عَدْلًا عَارِفًا بِالْعُلُومِ: أَيْ وَبِالْحُرُوبِ كَمَا لَا يَخْفَى ـــــــــــــــــــــــــــــSنَفَّذْنَاهُ: أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُهُمْ عَلَى أَهْلِ الْعَدْلِ) أَيْ فِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ بَقَاءُ شَوْكَتِهِمْ إلَى وَقْتِ الْوُجُوبِ وَإِلَّا فَلَا يُعْتَدُّ بِمَا قَبَضُوهُ لِعَدَمِ تَأَهُّلِهِمْ وَقْتَ الْوُجُوبِ لِقَبْضِهِ (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) أَيْ الضَّمَانَ فِي صُورَةِ الْعَكْسِ وَهِيَ إتْلَافُ الْعَادِلِ عَلَى الْبَاغِي (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ) أَيْ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمُتْلِفُ وَغَيْرُهُ فِي أَنَّ التَّلَفَ وَقَعَ فِي الْقِتَالِ أَوْ فِي غَيْرِهِ صُدِّقَ الْمُتْلِفُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ. [فَرْعٌ] مَا أَتْلَفَهُ أَهْلُ الْبَغْيِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: لَا يَتَّصِفُ بِحِلٍّ وَلَا حُرْمَةٍ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ مَعْفُوًّا عَنْهُ لِلشُّبْهَةِ، بِخِلَافِ مَا أَتْلَفَهُ الْحَرْبِيُّ فَإِنَّهُ حَرَامٌ، وَلَكِنْ لَا يَضْمَنُ (قَوْلُهُ: لِأَمْرِ الْعَادِلِ) أَيْ أَهْلِ الْعَدْلِ (قَوْلُهُ: وَلَزِمَهُ الْمَهْرُ إنْ أَكْرَهَهَا) أَيْ أَوْ ظَنَّتْ جَوَازَ التَّمْكِينِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُسْلِمٌ لَهُ شَوْكَةٌ) وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ فِي زَمَانِنَا مِنْ خُرُوجِ بَعْضِ الْعَرَبِ وَاجْتِمَاعِهِمْ لِنَهْبِ مَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ مِنْ الْأَمْوَالِ بَلْ هُمْ قُطَّاعُ طَرِيقٍ (قَوْلُهُ: لَا فِي تَنْفِيذِ قَضَايَا) أَيْ فَلَا يُعْتَدُّ بِذَلِكَ مِنْهُمْ خِلَافًا لِجَمْعٍ مِنْهُمْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ قِتَالُ الْبُغَاةِ) أَيْ وَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إعَانَتُهُ مِمَّنْ قَرُبَ مِنْهُمْ حَتَّى تَبْطُلَ شَوْكَتُهُمْ (قَوْلُهُمْ حَتَّى يَبْعَثَ إلَيْهِمْ أَمِينًا) أَيْ بَالِغًا عَاقِلًا (قَوْلُهُ: أَيْ وَبِالْحُرُوبِ) وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ يُنَبِّهُهُمْ عَلَى مَا يَحْصُلُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَنْوَاعِ الْحَرْبِ وَطُرُقِهِ لِيُوقِعَ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِهِمْ فَيَنْقَادُوا لِحُكْمِ الْإِسْلَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: مُتْلَفَهُ) يَقْتَضِي قِرَاءَةَ ضَمِنَ فِي الْمَتْنِ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ وَفِيهِ إخْرَاجُ الْمَتْنِ عَنْ ظَاهِرِهِ (قَوْلُهُ: فَهُمْ كَالْبُغَاةِ عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ خَاصَّةً (قَوْلُهُ: أَيْ عَدْلًا إلَخْ.) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ مَعَ الْمَتْنِ أَمِينًا أَيْ عَدْلًا فَطِنًا أَيْ ظَاهِرَ الْمَعْرِفَةِ بِالْعُلُومِ

(فَطِنًا) فِيهَا (نَاصِحًا) لِأَهْلِ الْعَدْلِ (يَسْأَلُهُمْ مَا يَنْقِمُونَ) عَلَى الْإِمَامِ: أَيْ يَكْرَهُونَ مِنْهُ تَأَسِّيًا بِعَلِيٍّ مِنْ بَعْثِهِ الْعَبَّاسَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - إلَى الْخَوَارِجِ بِالنَّهْرَوَانِ فَرَجَعَ بَعْضُهُمْ لِلطَّاعَةِ، وَكَوْنُ الْمَبْعُوثِ عَارِفًا فَطِنًا وَاجِبٌ إنْ بُعِثَ لِلْمُنَاظَرَةِ وَإِلَّا فَمُسْتَحَبٌّ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ، وَإِنَّمَا يَجِبُ قِتَالُهُمْ بِشَرْطِ أَنْ يَتَعَرَّضُوا لِحَرِيمِ أَهْلِ الْعَدْلِ أَوْ يَتَعَطَّلَ جِهَادُ الْمُشْرِكِينَ بِهِمْ أَوْ يَأْخُذُوا مِنْ حُقُوقِ بَيْتِ الْمَالِ مَا لَيْسَ لَهُمْ أَوْ يَمْتَنِعُوا مِنْ دَفْعِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يَتَظَاهَرُوا عَلَى خَلْعِ الْإِمَامِ الَّذِي انْعَقَدَتْ بَيْعَتُهُ، كَذَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وُجُوبُ قِتَالِهِمْ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ بِبَقَائِهِمْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَا ذُكِرَ تَتَوَلَّدُ مَفَاسِدُ قَدْ لَا تُتَدَارَكُ، نَعَمْ لَوْ مَنَعُوا الزَّكَاةَ وَقَالُوا: نُفَرِّقُهَا فِي أَهْلِ السُّهْمَانِ مِنَّا لَمْ يَجِبْ قِتَالُهُمْ وَإِنَّمَا يُبَاحُ (فَإِنْ ذَكَرُوا مَظْلِمَةً) بِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا (أَوْ شُبْهَةً أَزَالَهَا) عَنْهُمْ بِنَفْسِهِ فِي الشُّبْهَةِ، وَمُرَاجَعَةُ الْإِمَامِ فِي الْمَظْلِمَةِ وَيَصِحُّ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى الْإِمَامِ فَإِزَالَتُهُ لِلشُّبْهَةِ بِتَسَبُّبِهِ فِيهِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَارِفًا وَلِلْمَظْلِمَةِ بِرَفْعِهَا (فَإِنْ أَصَرُّوا) عَلَى بَغْيِهِمْ بَعْدَ إزَالَةِ ذَلِكَ (نَصَحَهُمْ) نَدْبًا بِوَعْظٍ تَرْغِيبًا وَتَرْهِيبًا وَحَسَّنَ لَهُمْ اتِّحَادَ كَلِمَةِ الدِّينِ وَعَدَمَ شَمَاتَةِ الْكَافِرِينَ (ثُمَّ) إنْ أَصَرُّوا دَعَاهُمْ لِلْمُنَاظَرَةِ، فَإِنْ امْتَنَعُوا وَانْقَطَعُوا وَكَابَرُوا (آذَنَهُمْ) بِالْمَدِّ: أَيْ أَعْلَمَهُمْ (بِالْقِتَالِ) وُجُوبًا؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِالْإِصْلَاحِ ثُمَّ الْقِتَالِ فَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ مَا أَخَّرَهُ اللَّهُ هَذَا إنْ كَانَ بِعَسْكَرِهِ قُوَّةٌ، وَإِلَّا انْتَظَرَهَا، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُظْهِرَ ذَلِكَ لَهُمْ بَلْ يُرْهِبُهُمْ وَيُوَرِّي (فَإِنْ اسْتَمْهَلُوا) فِي الْقِتَالِ (اجْتَهَدَ) فِي الْإِمْهَالِ (وَفَعَلَ مَا رَآهُ صَوَابًا) فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ أَنَّ اسْتِمْهَالَهُمْ لِلتَّأَمُّلِ فِي إزَالَةِ الشُّبْهَةِ أَمْهَلَهُمْ مَا يَرَاهُ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِمُدَّةٍ وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّ ذَلِكَ لِانْتِظَارِ مَدَدٍ أَوْ تَقْوِيَةٍ لَمْ يُمْهِلْهُمْ، وَيَكُونُ قِتَالُهُمْ كَدَفْعِ الصَّائِلِ سَبِيلُهُ الدَّفْعُ بِالْأَسْهَلِ فَالْأَسْهَلِ. قَالَهُ الْإِمَامُ، وَظَاهِرُهُ وُجُوبُ هَرَبٍ أَمْكَنَ وَلَيْسَ مُرَادًا؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ إزَالَةُ شَوْكَتِهِمْ مَا أَمْكَنَ (وَلَا يُقَاتِلُ) إذَا وَقَعَ الْقِتَالُ (مُدْبِرَهُمْ) إنْ كَانَ غَيْرَ مُتَحَرِّفٍ لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إلَى فِئَةٍ قَرِيبَةٍ لَا بَعِيدَةٍ لِأَمْنِ غَائِلَتِهِ فِيهَا، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا هِيَ الَّتِي يُؤْمَنُ فِي الْعَادَةِ مَجِيئُهَا إلَيْهِمْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْقِتَالِ، فَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ ذَلِكَ بِأَنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ مَجِيئُهَا إلَيْهِمْ، وَالْحَرْبُ قَائِمَةٌ اُتُّجِهَ أَنْ يُقَاتِلَ حِينَئِذٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ فِيمَا يَأْتِي فِي الْجِهَادِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى كَوْنِهِ يُعَدُّ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: مَنْ بَعَثَهُ الْعَبَّاسُ) عِبَارَةُ حَجّ ابْنُ عَبَّاسٍ، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ ابْنَ عَبَّاسٍ (قَوْلُهُ: بِالنَّهْرَوَانِ) قَالَ فِي لُبِّ اللُّبَابِ النَّهْرَوَانِيُّ بِفَتَحَاتٍ وَسُكُونِ الْهَاءِ نِسْبَةً إلَى نَهْرَوَانَ بَلَدٌ بِقُرْبِ بَغْدَادَ، وَقَالَ فِي مُعْجَمِ الْبَكْرِيِّ: فِي النَّهْرَوَانِ أَرْبَعُ لُغَاتٍ: فَتْحُ النُّونِ مَعَ تَثْلِيثِ الرَّاءِ، وَالرَّابِعُ ضَمُّهُمَا جَمِيعًا اهـ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَمُسْتَحَبٌّ) لَكِنْ تُشْتَرَطُ عَدَالَتُهُ، وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِفَاسِقٍ وَلَوْ كَافِرًا حَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّ الْإِمَامِ أَنَّهُ يَنْقُلُ خَبَرَهُ بِلَا زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ وَأَنَّهُمْ يَثِقُونَ بِهِ فَيَقْبَلُونَ كُلَّ مَا يَقُولُ (قَوْلُهُ: مَظْلِمَةً بِكَسْرِ اللَّامِ، وَفَتْحِهَا) أَيْ فَهُمَا بِمَعْنًى. قَالَ الْمُرَادِيُّ: الْفَتْحُ هُوَ الْقِيَاسُ اهـ: أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ وَالْقِيَاسُ فِيهَا كُلِّهَا الْفَتْحُ وَمَا جَاءَ مِنْهَا مَكْسُورًا فَعَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، وَفِي الْمُخْتَارِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَظْلِمَةَ بِكَسْرِ اللَّامِ هِيَ الظُّلْمُ وَبِفَتْحِهَا مَا تَطْلُبُهُ عِنْدَ الظَّالِمِ وَهُوَ مَا أُخِذَ مِنْك (قَوْلُهُ: فَإِزَالَتُهُ) أَيْ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْقِتَالُ) أَيْ فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ طَائِفَتَانِ} [الحجرات: 9] الْآيَةَ، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا انْتَظَرَهَا: أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ) أَيْ التَّحَيُّزِ إلَى الْفِئَةِ الْبَعِيدَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ إلَخْ) أَيْ وَهُنَا الْمَدَارُ عَلَى مَا تَحْصُلُ بِهِ الْمُنَاصَرَةُ لِلْبُغَاةِ فِي ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْحُرُوبِ وَسِيَاسَةِ النَّاسِ وَأَحْوَالِهِمْ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: مَنْ بَعَثَهُ الْعَبَّاسُ) صَوَابُهُ ابْنُ الْعَبَّاسِ، وَلَعَلَّ لَفْظَ ابْنٍ سَقَطَ مِنْ الْكَتَبَةِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ مَنَعُوا الزَّكَوَاتِ إلَخْ.) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ هَذَا هُوَ سَبَبُ بَغْيِهِمْ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا) الْفَتْحُ هُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ يَفْعِلُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ فَالْكَسْرُ شَاذٌّ، لَكِنَّ هَذَا فِي الْمَصْدَرِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ هُنَا، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ مَا يَظْلِمُ بِهِ وَهُوَ بِالْكَسْرِ فَقَطْ وَمِنْ ثَمَّ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ الْجَلَالُ، وَفِي الْقَامُوسِ الْمَظْلِمَةُ بِكَسْرِ اللَّامِ مَا يَظْلِمُهُ الرَّجُلُ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ عَارِفًا) قَالَ سم يَنْبَغِي، وَإِنْ كَانَ عَارِفًا.

الْجَيْشِ أَوْ لَا (وَلَا مُثْخَنَهُمْ) بِفَتْحِ الْخَاءِ مِنْ أَثْخَنَتْهُ الْجِرَاحَةُ أَضْعَفَتْهُ وَلَا مَنْ أَلْقَى سِلَاحَهُ أَوْ أَغْلَقَ بَابَهُ أَوْ تَرَكَ الْقِتَالَ مِنْهُمْ وَإِنْ لَمْ يُلْقِ سِلَاحَهُ (وَ) لَا (أَسِيرَهُمْ) لِخَبَرِ الْحَاكِمِ وَالْبَيْهَقِيِّ بِذَلِكَ. فَلَوْ قُتِلَ وَاحِدٌ فَلَا قَوَدَ لِشُبْهَةِ أَبِي حَنِيفَةَ، نَعَمْ لَوْ وَلَّوْا مُجْتَمِعِينَ تَحْتَ رَايَةِ زَعِيمِهِمْ اُتُّبِعُوا، وَيُنْدَبُ تَجَنُّبُ قَتْلِ الرَّحِمِ مَا أَمْكَنَ فَيُكْرَهُ مَا لَمْ يَقْصِدْ قَتْلَهُ (وَلَا يُطْلَقُ) أَسِيرُهُمْ إنْ كَانَ فِيهِ مَنَعَةٌ (وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ امْرَأَةً) وَقِنًّا (حَتَّى تَنْقَضِيَ الْحَرْبُ وَيَتَفَرَّقَ جَمْعُهُمْ) تَفَرُّقًا لَا يُتَوَقَّعُ جَمْعُهُمْ بَعْدَهُ، وَهَذَا فِي الرَّجُلِ الْحُرِّ، وَكَذَا فِي الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ وَالْقِنِّ إنْ كَانُوا مُقَاتِلِينَ وَإِلَّا أُطْلِقُوا بِمُجَرَّدِ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ (إلَّا أَنْ يُطِيعَ) الْحُرُّ الْكَامِلُ الْإِمَامَ بِمُتَابَعَتِهِ لَهُ (بِاخْتِيَارِهِ) فَيُطْلَقُ، وَإِنْ بَقِيَتْ الْحَرْبُ لِأَمْنِ ضَرَرِهِ (وَيُرَدُّ) وُجُوبًا مَالُهُمْ وَ (سِلَاحُهُمْ وَخَيْلُهُمْ إلَيْهِمْ إذَا انْقَضَتْ الْحَرْبُ وَأُمِنَتْ غَائِلَتُهُمْ) أَيْ شَرُّهُمْ بِعَوْدِهِمْ لِلطَّاعَةِ أَوْ تَفَرُّقِهِمْ وَعَدَمِ تَوَقُّعِ عَوْدِهِمْ (وَلَا يُسْتَعْمَلُ) (مَا أُخِذَ مِنْهُمْ) مِنْ نَحْوِ سِلَاحِهِمْ وَخَيْلِهِمْ (فِي قِتَالٍ) أَوْ غَيْرِهِ أَيْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ (إلَّا لِضَرُورَةٍ) كَأَنْ لَمْ نَجِدْ مَا نَدْفَعُ بِهِ عَنَّا إلَّا ذَلِكَ، نَعَمْ يَلْزَمُ أُجْرَةُ مِثْلِ ذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ كَمُضْطَرٍّ أَكَلَ طَعَامَ غَيْرِهِ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ (وَلَا يُقَاتَلُونَ بِعَظِيمٍ) يُعَمَّمُ (كَنَارٍ وَمَنْجَنِيقٍ) وَهُوَ آلَةُ رَمْيِ الْحِجَارَةِ وَتَغْرِيقٍ وَإِلْقَاءِ حَيَّاتٍ وَإِرْسَالِ سُيُولٍ جَارِفَةٍ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ رَدُّهُمْ لِلطَّاعَةِ وَقَدْ يَرْجِعُونَ فَلَا يَجِدُونَ لِلنَّجَاةِ سَبِيلًا (إلَّا لِضَرُورَةٍ بِأَنْ قَاتَلُوا بِهِ أَوْ أَحَاطُوا بِنَا) وَلَمْ يَنْدَفِعُوا إلَّا بِهِ. قَالَ الْبَغَوِيّ: بِقَصْدِ الْخَلَاصِ مِنْهُمْ لَا بِقَصْدِ قَتْلِهِمْ، وَيُتَّجَهُ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ لَا وَاجِبٌ، وَيَلْزَمُ الْوَاحِدَ مِنَّا كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي مُصَابَرَةُ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ، وَلَا يُوَلِّي إلَّا مُتَحَرَّفًا أَوْ مُتَحَيِّزًا، وَظَاهِرُهُ جَرَيَانُ الْأَحْكَامِ الْآتِيَةِ فِي مُصَابَرَةِ الْكُفَّارِ هُنَا (وَلَا يُسْتَعَانُ عَلَيْهِمْ بِكَافِرٍ) وَلَوْ ذِمِّيًّا؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ تَسْلِيطُهُ عَلَى الْمُسْلِمِ، وَلِأَنَّ الْقَصْدَ رَدُّهُمْ لِلطَّاعَةِ، وَالْكُفَّارُ يَتَدَيَّنُونَ بِقَتْلِهِمْ، نَعَمْ يَجُوزُ الِاسْتِعَانَةُ بِهِمْ عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَقَالُوا: إنَّهُ مُتَّجَهٌ، وَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُحَاصِرَهُمْ وَيَمْنَعَهُمْ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ (وَلَا بِمَنْ يَرَى قَتْلَهُمْ مُدَبَّرِينَ) ـــــــــــــــــــــــــــــSالْحَرْبِ وَمَا لَا تَحْصُلُ (قَوْلُهُ: أَوْ أَغْلَقَ بَابَهُ) أَيْ إعْرَاضًا عَنْ الْقِتَالِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ قَتَلَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ) ع وَلِذَا أَمَرَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مُنَادِيَهُ يَوْمَ الْبَصْرَةِ وَهُوَ يَوْمُ الْجَمَلِ أَنْ يُنَادِيَ بِذَلِكَ، وَقَدْ اسْتَثْنَى الْإِمَامَ مَا إذَا أَيِسَ مِنْ صَلَاحِهِمْ لِتَمَكُّنِ الضَّلَالِ مِنْهُمْ وَخَشِيَ عَوْدَهُمْ عَلَيْهِ بِشَرٍّ فَيَجُوزُ الِاتِّبَاعُ وَالتَّدْفِيفُ كَمَا فَعَلَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِالْخَوَارِجِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فَلَا قَوَدَ) أَيْ وَتَجِبُ فِيهِ دِيَةُ عَمْدٍ (قَوْلُهُ: اتَّبَعُوا) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَقْصِدْ قَتْلَهُ) أَيْ فَيُبَاحُ قَتْلُهُ (قَوْلُهُ: مَنَعَةً) بِفَتْحَتَيْنِ وَقَدْ تُسَكَّنُ النُّونُ اهـ مُخْتَارٌ وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ غَايَةً (قَوْلُهُ: وَخَيْلُهُمْ) أَيْ وَمُؤْنَةُ خَيْلِهِمْ وَحِفْظُ سِلَاحِهِمْ وَغَيْرُهُ مِمَّا أُخِذَ مِنْهُمْ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ مَا لَمْ تَسْتَوْلِ عَلَيْهَا يَدٌ عَادِيَةٌ بِقَصْدِ اقْتِنَائِهِ لَهَا تَعَدِّيًا فَمُؤْنَتُهَا عَلَيْهِ مَا دَامَتْ تَحْتَ يَدِهِ وَأُجْرَةُ اسْتِعْمَالِهَا إنْ اسْتَعْمَلَهَا بَلْ إنْ عُدَّ غَاصِبًا لَهَا فَعَلَيْهِ أُجْرَتُهَا وَإِنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهَا (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَلْزَمُ أُجْرَةُ مِثْلِ) وَهَلْ الْأُجْرَةُ لَازِمَةٌ لِلْمُسْتَعْمِلِ أَوْ تُخْرَجُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الِاسْتِعْمَالَ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ كَمُضْطَرٍّ أَكَلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِقَصْدِ الْخَلَاصِ) يَنْبَغِي أَوْ لَا بِقَصْدٍ، وَقَوْلُهُ وَيُتَّجَهُ أَنَّهُ: أَيْ الْقَصْدُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ تَسْلِيطُهُ عَلَى الْمُسْلِمِ) وَكَذَا يَحْرُمُ جَعْلُهُ جَلَّادًا يُقِيمُ الْحُدُودَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ اهـ زِيَادِيٌّ. أَقُولُ: وَكَذَا يَحْرُمُ نَصْبُهُ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ، نَعَمْ إنْ اقْتَضَتْ الْمَصْلَحَةُ تَوْلِيَتَهُ شَيْئًا لَا يَقُومُ بِهِ غَيْرُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ ظَهَرَ فِيمَنْ يَقُومُ بِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ جِنَايَةٌ وَأُمِنَتْ فِي ذِمِّيٍّ وَلَوْ لِخَوْفِهِ مِنْ الْحَاكِمِ مَثَلًا فَلَا يَبْعُدُ جَوَازُ تَوْلِيَتِهِ فِيهِ لِلضَّرُورَةِ وَالْقِيَامِ بِمَصْلَحَةِ مَا وُلِّيَ فِيهِ، وَمَعَ ذَلِكَ يَجِبُ عَلَى مَنْ يُنَصِّبُهُ مُرَاقَبَتَهُ وَمَنْعَهُ مِنْ التَّعَرُّضِ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِمَا فِيهِ اسْتِعْلَاءٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ نَعَمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ أَنَّهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يُقَاتَلُونَ بِعَظِيمٍ إلَخْ وَكَذَا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ رَدُّهُمْ لِلطَّاعَةِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ لَا يَجُوزُ لَهُ عِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: وَيَجُوزُ كَمَا فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ حِصَارُهُمْ بِمَنْعِ طَعَامٍ وَشَرَابٍ إلَّا عَلَى رَأْيِ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ فِي أَهْلِ قَلْعَةٍ اهـ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْإِمَامِ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَدْعُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لِعَدَاوَةٍ أَوْ اعْتِقَادٍ كَالْحَنَفِيِّ وَالْإِمَامُ لَا يَرَى ذَلِكَ إبْقَاءً عَلَيْهِمْ، فَلَوْ احْتَجْنَا لِلِاسْتِعَانَةِ بِهِ جَازَ إنْ كَانَ فِيهِ جَرَاءَةٌ وَحُسْنُ إقْدَامٍ وَتَمَكَّنَّا مِنْ مَنْعِهِ لَوْ اتَّبَعَ مُنْهَزِمًا، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْإِمَامُ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَنْ نَشْتَرِطَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَنَثِقَ بِوَفَائِهِمْ بِهِ لَيْسَ بِشَرْطٍ؛ إذْ فِي قُدْرَتِنَا عَلَى دَفْعِهِمْ غُنْيَةً عَنْ ذَلِكَ (وَلَوْ اسْتَعَانُوا عَلَيْنَا بِأَهْلِ حَرْبٍ وَآمَنُوهُمْ) بِالْمَدِّ: أَيْ عَقَدُوا لَهُمْ أَمَانًا لِيُقَاتِلُونَا مَعَهُمْ (لَمْ يُنَفَّذْ أَمَانُهُمْ عَلَيْنَا) لِلضَّرَرِ فَنُعَامِلُهُمْ مُعَامَلَةَ أَهْلِ الْحَرْبِ (وَيُنَفَّذُ عَلَيْهِمْ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُمْ أَمَّنُوهُمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ أَمَانٌ عَلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَوْ أَعَانُوهُمْ وَقَالُوا ظَنَنَّا جَوَازَ إعَانَةِ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ، أَوْ أَنَّهُمْ مُحِقُّونَ وَلَنَا إعَانَةُ الْمُحِقِّ، أَوْ أَنَّهُمْ اسْتَعَانُوا بِنَا عَلَى كُفَّارٍ وَأَمْكَنَ صِدْقُهُمْ بَلَّغْنَاهُمْ الْمَأْمَنَ وَأَجْرَيْنَا عَلَيْهِمْ فِيمَا يَصْدُرُ مِنْهُمْ أَحْكَامَ الْبُغَاةِ، وَهَذَا مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ: وَقَاتَلْنَاهُمْ كَالْبُغَاةِ. أَمَّا لَوْ أَمَّنُوهُمْ تَأْمِينًا مُطْلَقًا فَيُنَفَّذُ عَلَيْنَا أَيْضًا، فَإِنْ قَاتَلُونَا مَعَهُمْ انْتَقَضَ الْأَمَانُ فِي حَقِّنَا، وَكَذَا فِي حَقِّهِمْ كَمَا هُوَ الْقِيَاسُ. وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الِاسْتِعَانَةَ بِهِمْ لَيْسَتْ بِأَمَانٍ لَهُمْ (وَلَوْ) (أَعَانَهُمْ أَهْلُ الذِّمَّةِ) أَوْ مُعَاهَدُونَ أَوْ مُؤَمَّنُونَ مُخْتَارِينَ (عَالِمِينَ بِتَحْرِيمِ قِتَالِنَا انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ) حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لِلْبُغَاةِ كَمَا لَوْ انْفَرَدُوا بِالْقِتَالِ فَيَصِيرُونَ أَهْلَ حَرْبِ يُقْتَلُونَ وَلَوْ مَعَ نَحْوِ الْإِدْبَارِ وَالْإِثْخَانِ (أَوْ مُكْرَهِينَ) وَلَوْ بِقَوْلِهِمْ بِالنِّسْبَةِ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ وَبِبَيِّنَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِمْ (فَلَا) يُنْتَقَضُ عَهْدُهُمْ لِشُبْهَةِ (الْإِكْرَاهِ) (وَكَذَا) لَا يُنْتَقَضُ عَهْدُهُمْ (إنْ) حَارَبُوا الْبُغَاةَ؛ لِأَنَّهُمْ حَارَبُوا مَنْ عَلَى الْإِمَامِ مُحَارَبَتُهُ أَوْ (قَالُوا ظَنَنَّا جَوَازَهُ) أَيْ مَا فَعَلُوهُ مِنْ إعَانَةِ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى بَعْضٍ (أَوْ) ظَنَنَّا (أَنَّهُمْ) اسْتَعَانُوا بِنَا عَلَى كُفَّارٍ أَوْ أَنَّهُمْ (مُحِقُّونَ) وَأَنَّ لَنَا إعَانَةَ الْمُحِقِّ وَأَمْكَنَ جَهْلُهُمْ بِذَلِكَ (عَلَى الْمَذْهَبِ) ؛ لِأَنَّهُمْ مَعْذُورُونَ، وَفِي قَوْلٍ مِنْ طَرِيقٍ يُنْتَقَضُ لِفَسَادِ ظَنِّهِمْ، وَفِي الْإِكْرَاهِ الطَّرِيقَانِ أَيْضًا مَعَ عَدَمِ انْتِقَاضِ عَهْدِهِمْ (وَيُقَاتَلُونَ كَبُغَاةٍ) لِانْضِمَامِهِمْ إلَيْهِمْ مَعَ الْأَمَانِ لَا كَحَرْبِيِّينَ لِحَقْنِ دِمَائِهِمْ، وَخَرَجَ بِقِتَالِهِمْ الضَّمَانُ فَلَوْ أَتْلَفُوا عَلَيْنَا نَفْسًا أَوْ مَالًا ضَمِنُوهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــSضَرُورَةٌ إلَى ذَلِكَ وَكَلَامُ غَيْرِهِ عَلَى خِلَافِهِ أَخْذًا مِمَّا ذُكِرَ فِي قِتَالِهِمْ بِمَا يُعَمَّمُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَالْإِمَامُ) أَيْ وَالْحَالُ وَقَوْلُهُ إبْقَاءً عَلَيْهِمْ أَيْ إبْقَاءً لِلْحَيَاةِ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: وَآمَنُوهُمْ بِالْمَدِّ) أَيْ وَبِالْقَصْرِ مَعَ التَّشْدِيدِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي تَأْمِينًا مُطْلَقًا، وَلَعَلَّ اقْتِصَارَ الشَّارِحِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ لِكَوْنِهِ الْأَكْثَرَ لَكِنْ فِي الشَّيْخِ عَمِيرَةَ مَا نَصُّهُ: فِي كَلَامِ الْمُتَوَلِّي ضَبْطُ آمَنَهُمْ بِالْمَدِّ كَمَا فِي قَوْلِهِ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ وَحَكَى ابْنُ مَكِّيٍّ مِنْ اللَّحْنِ قَصْرُ الْهَمْزَةِ وَالتَّشْدِيدِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي الْمَنْعُ) أَيْ مَنْعُ نُفُوذِهِ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: وَأَجْرَيْنَا عَلَيْهِمْ) أَيْ قَبْلَ تَبْلِيغِهِمْ الْمَأْمَنَ (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ) أَيْ فِيمَا لَوْ أَعَانَ أَهْلُ الذِّمَّةِ الْبُغَاةَ وَادَّعَوْا أَنَّهُمْ أَكْرَهُوهُمْ عَلَى إعَانَتِهِمْ فَلَا يُكَلَّفُونَ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِمْ) مِنْ الْمُعَاهَدِينَ وَالْمُؤَمَّنِينَ (قَوْلُهُ: ضَمِنُوهُ) أَيْ بِغَيْرِ الْقِصَاصِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْإِمَامُ) الَّذِي فِي التُّحْفَةِ كَشَرْحِ الرَّوْضِ نِسْبَةً هَذَا لِلْمَاوَرْدِيِّ (قَوْلُهُ: وَأَجْرَيْنَا عَلَيْهِمْ فِيمَا يَصْدُرُ مِنْهُمْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: فِيمَا صَدَرَ مِنْهُمْ، وَمُرَادُهُ مَا صَدَرَ مِنْهُمْ قَبْلَ تَبْلِيغِ الْمَأْمَنِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بَاقِي كَلَامِهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: مَعَ عَدَمِ انْتِقَاضِ عَهْدِهِمْ) اُنْظُرْ مَا مَوْقِعُهُ؟

[فصل في شروط الإمام الأعظم وبيان طرق الإمامة]

(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَبَيَانِ طُرُقِ الْإِمَامَةِ وَهِيَ فَرْضُ كِفَايَةٍ كَالْقَضَاءِ فَيَأْتِي فِيهَا أَقْسَامُهُ الْآتِيَةُ مِنْ طَلَبٍ وَقَبُولٍ، وَعَقَّبَ الْبُغَاةَ بِهَذَا؛ لِأَنَّ الْبَغْيَ خُرُوجٌ عَلَى الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ الْقَائِمِ بِخِلَافَةِ النُّبُوَّةِ فِي حِرَاسَةِ الدِّينِ وَسِيَاسَةِ الدُّنْيَا وَمِنْ ثَمَّ اُشْتُرِطَ فِيهِ مَا شُرِطَ فِي الْقَاضِي وَزِيَادَةٌ كَمَا قَالَ (شَرْطُ الْإِمَامِ كَوْنُهُ مُسْلِمًا) لِيُرَاعِيَ مَصْلَحَةَ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ (مُكَلَّفًا) ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ مُوَلًّى عَلَيْهِ فَلَا يَلِي أَمْرَ غَيْرِهِ. وَرَوَى أَحْمَدُ خَبَرَ «نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ إمَارَةِ الصِّبْيَانِ» (حُرًّا) ؛ لِأَنَّ مَنْ فِيهِ رِقٌّ لَا يُهَابُ، وَخَبَرُ «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنْ وُلِّيَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ» مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْإِمَامَةِ الْعُظْمَى أَوْ لِلْمُبَالَغَةِ خَاصَّةً (ذَكَرًا) لِضَعْفِ عَقْلِ الْأُنْثَى وَعَدَمِ مُخَالَطَتِهَا لِلرِّجَالِ وَصَحَّ خَبَرُ «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً» وَالْخُنْثَى مُلْحَقٌ بِهَا احْتِيَاطًا فَلَا تَصِحُّ وِلَايَتُهُ وَإِنْ بَانَ ذَكَرًا كَالْقَاضِي بَلْ أَوْلَى (قُرَشِيًّا) لِخَبَرِ «الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» فَإِنْ فُقِدَ فَكِنَانِيُّ ثُمَّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي إسْمَاعِيلَ ثُمَّ عَجَمِيٌّ عَلَى مَا فِي التَّهْذِيبِ أَوْ جُرْهُمِيٌّ عَلَى مَا فِي التَّتِمَّةِ ثُمَّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي إِسْحَاقَ (مُجْتَهِدًا) كَالْقَاضِي وَأَوْلَى بَلْ حَكَى فِيهِ الْإِجْمَاعَ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْقَاضِي: عَدْلٌ جَاهِلٌ أَوْلَى مِنْ فَاسِقٍ عَالِمٍ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يُمْكِنُهُ التَّفْوِيضُ لِلْعُلَمَاءِ فِيمَا يَفْتَقِرُ لِلِاجْتِهَادِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَ فَقْدِ الْمُجْتَهِدِينَ وَكَوْنُ أَكْثَرِ مَنْ وَلِيَ أَمْرَ الْأُمَّةِ بَعْدَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ غَيْرَ مُجْتَهِدِينَ إنَّمَا هُوَ لِتَغَلُّبِهِمْ فَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ (قَوْلُهُ: وَبَيَانُ طُرُقِ الْإِمَامَةِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِمَّا لَوْ ادَّعَى دَفْعَ الزَّكَاةِ إلَى الْبُغَاةِ إلَخْ (قَوْلُهُ الْقَائِمِ بِخِلَافَةِ النُّبُوَّةِ) يُشْعِرُ التَّعْبِيرُ بِخِلَافَةِ النُّبُوَّةِ أَنَّهُ إنَّمَا يُقَالُ لِلْإِمَامِ خَلِيفَةُ رَسُول اللَّهِ أَوْ نَبِيِّهِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الدَّمِيرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ مِنْ قَوْلِهِ قَدْ قِيلَ لِأَبِي بَكْرٍ يَا خَلِيفَةَ اللَّهِ فَقَالَ لَسْت بِخَلِيفَةِ اللَّهِ بَلْ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَجَوَّزَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأَرْضِ} [الأنعام: 165] اهـ. وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الْجَوَازِ كَمَا فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَمِثْلُهُ فِي الْعُبَابِ. [فَائِدَةٌ] عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَقْضِيَ بَيْنَ خَصْمَيْنِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِنَائِبِهِ الْخَاصِّ. قَالَ الدَّمِيرِيِّ: وَهُوَ مَذْهَبُنَا كَمَا نَقَلَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ فِي مَظَانِّهِ. وَاعْتُرِضَ أَيْضًا بِأَنَّ ثُبُوتَ ذَلِكَ لِنَائِبِهِ دُونَهُ بَعِيدٌ لَا يُوَافِقُهُ قِيَاسٌ إلَّا أَنْ يَرِدَ بِهِ نَقْلٌ صَرِيحٌ. لَا يُقَالُ: قَدْ يَشْتَغِلُ عَنْ وَظِيفَتِهِ مِنْ النَّظَرِ فِي الْمَصَالِحِ الْكُلِّيَّةِ. لِأَنَّا نَمْنَعُ ذَلِكَ بِأَنَّ وُصُولَ جُزْئِيَّةٍ إلَيْهِ لِطَلَبِ حُكْمِهِ فِيهَا نَادِرٌ لَا يُشْغِلُ عَنْ ذَلِكَ وَبِفَرْضِ عَدَمِ نَدْرِهِ يَلْزَمُهُ تَقْدِيمُ تِلْكَ عَلَى هَذِهِ اهـ حَجّ فِي آخِرِ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ: نَعُوذُ بِاَللَّهِ) بَدَلٌ مِنْ: خَبَرَ (قَوْلُهُ: أَوْ لِلْمُبَالَغَةِ) أَيْ بَلْ وَكَذَا عَلَيْهَا بِلَا مُبَالَغَةٍ حَيْثُ كَانَ بِالتَّغَلُّبِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فُقِدَ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَصْلُحُ وَإِنْ بَعُدَتْ مَسَافَتُهُ جِدًّا (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي إسْمَاعِيلَ) شَمِلَ ذَلِكَ جَمِيعَ الْعَرَبِ بَعْدَ كِنَانَةَ فَهُمْ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ جُرْهُمِيٌّ عَلَى مَا فِي التَّتِمَّةِ) لَمْ يُبَيِّنْ الرَّاجِحَ مِنْهُمَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الرَّاجِحُ الثَّانِيَ؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ الْعَرَبِ فِي الْجُمْلَةِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: لِأَنَّ جَدَّهُمَا: أَيْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ وَالْجُرْهُمِيَّةُ أَصْلُ الْعَرَبِ وَمِنْهُمْ تَزَوَّجَ إسْمَاعِيلُ (قَوْلُهُ: مُجْتَهِدًا) أَيْ وَلَوْ فَاسِقًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَبَيَانِ طُرُقِ الْإِمَامَةِ] فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَانَ ذَكَرًا) أَيْ، فَيَحْتَاجُ إلَى تَوْلِيَةٍ بَعْدَ التَّبَيُّنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: مِنْ بَنِي إسْمَاعِيلَ) وَهْم الْعَرَبُ كَمَا فِي الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: أَوْ جُرْهُمِيٌّ عَلَى مَا فِي التَّتِمَّةِ) مُقَدَّمٌ مِنْ تَأْخِيرٍ لِأَنَّ مَا بَعْدَهُ مِنْ كَلَامِ التَّهْذِيبِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التُّحْفَةِ،

يُرَدُّ (شُجَاعًا) لِيَغْزُوَ بِنَفْسِهِ وَيُعَالِجَ الْجُيُوشَ وَيَقْوَى عَلَى فَتْحِ الْبِلَادِ وَيَحْمِيَ الْبَيْضَةَ وَيُعْتَبَرُ سَلَامَتُهُ مِنْ نَقْصٍ يَمْنَعُ اسْتِيفَاءَ الْحَرَكَةِ وَسُرْعَةَ النُّهُوضِ كَمَا دَخَلَ فِي الشَّجَاعَةِ (ذَا رَأْيٍ) لِيَسُوسَ بِهِ الرَّعِيَّةَ وَيُدَبِّرَ مَصَالِحَهُمْ الدِّينِيَّةَ وَالدُّنْيَوِيَّةَ قَالَ الْهَرَوِيُّ: وَأَدْنَاهُ أَنْ يَعْرِفَ أَقْدَارَ النَّاسِ (وَسَمْعٍ) وَإِنْ ثَقُلَ (وَبَصَرٍ) وَإِنْ ضَعُفَ بِحَيْثُ لَمْ يُمْنَعْ التَّمْيِيزَ بَيْنَ الْأَشْخَاصِ أَوْ كَانَ أَعْوَرَ أَوْ أَعْشَى (وَنُطْقٍ) يُفْهَمُ وَإِنْ فَقَدْ الذَّوْقَ وَالشَّمَّ وَذَلِكَ لِيَتَأَتَّى مِنْهُ فَصْلُ الْأُمُورِ (وَعَدْلًا) كَالْقَاضِي وَأَوْلَى. فَلَوْ اُضْطُرَّ لِوِلَايَةِ فَاسِقٍ جَازَ وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: لَوْ تَعَذَّرَتْ الْعَدَالَةُ فِي الْأَئِمَّةِ قَدَّمْنَا أَقَلَّهُمْ فِسْقًا، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ؛ إذْ لَا سَبِيلَ لِجَعْلِ النَّاسِ فَوْضَى وَأُلْحِقَ بِهِمْ الشُّهُودُ ، فَإِذَا تَعَذَّرَتْ الْعَدَالَةُ فِي أَهْلِ قُطْرٍ قُدِّمَ أَقَلُّهُمْ فِسْقًا عَلَى مَا يَأْتِي، وَتُعْتَبَرُ هَذِهِ الشُّرُوطُ فِي الدَّوَامِ أَيْضًا إلَّا الْعَدَالَةَ كَمَا مَرَّ فِي الْإِيصَاءِ وَإِلَّا الْجُنُونَ إذَا كَانَ زَمَنُ الْإِفَاقَةِ أَكْثَرَ وَتَمَكَّنَ فِيهِ مِنْ الْأُمُورِ، وَإِلَّا قَطْعَ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ فَيُغْتَفَرُ دَوَامًا لَا ابْتِدَاءً، بِخِلَافِ قَطْعِ الْيَدَيْنِ أَوْ الرِّجْلَيْنِ فَلَا يُغْتَفَرُ أَصْلًا (وَتَنْعَقِدُ الْإِمَامَةُ) بِطُرُقٍ: أَحَدُهَا (بِالْبَيْعَةِ) كَمَا بَايَعَ الصَّحَابَةُ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - (وَالْأَصَحُّ) أَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُوَ (بَيْعَةُ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَالرُّؤَسَاءِ وَوُجُوهِ النَّاسِ الَّذِينَ يَتَيَسَّرُ اجْتِمَاعُهُمْ) حَالَةَ الْبَيْعَةِ بِلَا كُلْفَةٍ عُرْفًا كَمَا هُوَ الْمُتَّجَهُ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ يَنْتَظِمُ بِهِمْ وَيَتْبَعُهُمْ سَائِرُ النَّاسِ، وَيَكْفِي بَيْعَةُ وَاحِدٍ انْحَصَرَ الْحَلُّ وَالْعَقْدُ فِيهِ. وَالثَّانِي يُعْتَبَرُ كَوْنُهُمْ أَرْبَعِينَ كَالْجُمُعَةِ. وَالثَّالِثُ يَكْفِي أَرْبَعَةٌ أَكْثَرُ نُصُبِ الشَّهَادَةِ. وَالرَّابِعُ ثَلَاثَةٌ؛ لِأَنَّهَا جَمَاعَةٌ لَا تَجُوزُ مُخَالَفَتُهُمْ. وَالْخَامِسُ اثْنَانِ؛ لِأَنَّهُمَا أَقَلُّ الْجَمْعِ عَلَى قَوْلٍ. وَالسَّادِسُ وَاحِدٌ وَعَلَى هَذَا يُعْتَبَرُ فِي الْوَاحِدِ كَوْنُهُ مُجْتَهِدًا، أَمَّا بَيْعَةُ غَيْرِ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ مِنْ الْعَوَامّ فَلَا عِبْرَةَ بِهَا، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ بَلْ الشَّرْطُ عَدَمُ الرَّدِّ، فَإِنْ امْتَنَعَ لَمْ يُجْبَرْ إلَّا إنْ لَمْ يَصْلُحْ غَيْرُهُ (وَشَرْطُهُمْ) أَيْ الْمُبَايِعِينَ (صِفَةُ الشُّهُودِ) مِنْ عَدَالَةٍ وَغَيْرِهَا، وَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ مُجْتَهِدٌ حَيْثُ اتَّحَدَ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــSعِنْدَ فَقْدِ الْمُجْتَهِدِينَ (قَوْلُهُ: شُجَاعًا) الشَّجَاعَةُ قُوَّةٌ فِي الْقَلْبِ عِنْدَ الْبَأْسِ اهـ زِيَادِيٌّ. وَهُوَ مُثَلَّثُ الشِّينِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ: وَيَحْمِيَ الْبَيْضَةَ) الْبَيْضَةُ: جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ، وَالْأَصْلُ وَالْعِزُّ وَالْمِلْكُ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَفِي الْمُخْتَارِ الْبَيْضَةُ وَاحِدَةُ الْبَيْضِ مِنْ الْحَدِيدِ، ثُمَّ قَالَ وَبَيْضَةُ كُلِّ شَيْءٍ حَوْزَتُهُ، فَلَعَلَّ مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ مَعْنًى عُرْفِيٌّ (قَوْلُهُ: يَمْنَعُ اسْتِيفَاءَ الْحَرَكَةِ) أَيْ لِضَعْفٍ فِي الْبَدَنِ كَفَالِجٍ، وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ بِالْأَوْلَى مَا لَوْ فُقِدَتْ إحْدَى يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ، وَسَيَأْتِي أَنَّ هَذَا مُعْتَبَرٌ فِي الِابْتِدَاءِ دُونَ الدَّوَامِ (قَوْلُهُ: وَيُدَبِّرُ مَصَالِحَهُمْ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: وَأَدْنَاهُ أَنْ يَعْرِفَ أَقْدَارَ النَّاسِ) أَيْ كَأَنْ يَعْرِفَ مَنْ يَسْتَحِقُّ الرِّعَايَةَ وَمَنْ لَا يَسْتَحِقُّهَا وَيُعَامِلَهُمْ بِذَلِكَ إذَا وَرَدُوا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بِهِمْ الشُّهُودُ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَتَمَكَّنَ فِيهِ) أَيْ فَلَا يَنْعَزِلُ بِهِ (قَوْلُهُ فَيُغْتَفَرُ دَوَامًا لَا ابْتِدَاءً) أَيْ فَلَا يَنْعَزِلُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَوُجُوهِ النَّاسِ) مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ فَإِنَّ وُجُوهَ النَّاسِ عُظَمَاؤُهُمْ بِإِمَارَةٍ أَوْ عِلْمٍ أَوْ غَيْرِهِمَا. فَفِي الْمُخْتَارِ وَجُهَ الرَّجُلُ صَارَ وَجِيهًا: أَيْ ذَا جَاهٍ وَقَدْرٍ وَبَابُهُ ظَرُفَ (قَوْلُهُ: انْحَصَرَ الْحَلُّ وَالْعَقْدُ فِيهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَجُرْهُمُ هُمْ الَّذِينَ تَزَوَّجَ مِنْهُمْ إسْمَاعِيلُ أَبُو الْعَرَبِ (قَوْلُهُ: كَمَا دَخَلَ فِي الشَّجَاعَةِ) فِي دُخُولِهِ فِيهَا وَقْفَةٌ وَمِنْ ثَمَّ جَعَلَهُ الشَّيْخُ حَجّ زَائِدًا عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: فِي الْأَئِمَّةِ) يَعْنِي: بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ رَجُلٌ عَدْلٌ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ الْآتِي وَكَذَا كَلَامُ التُّحْفَةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْأَئِمَّةِ هُنَا خُصُوصُ مَنْ تَوَفَّرَتْ فِيهِ الْأَوْصَافُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا) هُنَا خَلَلٌ فِي النُّسَخِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ قَالَا وَكَوْنُهُ مُجْتَهِدًا إنْ اتَّحَدَ، وَإِلَّا فَمُجْتَهَدٌ فِيهِمْ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى ضَعِيفٍ، وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ: أَيْ الرَّدُّ إنْ أُرِيدَ حَقِيقَةُ الِاجْتِهَادِ، أَمَّا إذَا أُرِيدَ بِهِ ذُو رَأْيٍ وَعِلْمٍ لِيَعْلَمَ وُجُودُ الشُّرُوطِ وَالِاسْتِحْقَاقِ فِيمَنْ

اعْتِبَارُ الْعَدَدِ، وَمُرَادُهُ بِذَلِكَ حَقِيقَةُ الِاجْتِهَادِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَيُشْتَرَطُ شَاهِدَانِ إنْ اتَّحَدَ الْمُبَايِعُ: أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَحْدَهُ فَرُبَّمَا ادَّعَى عَقْدَ سَابِقٍ وَطَالَ الْخِصَامُ لَا إنْ تَعَدَّدُوا: أَيْ لِقَبُولِ شَهَادَتِهِمْ بِهَا حِينَئِذٍ فَلَا مَحْذُورَ (وَ) ثَانِيهَا (بِاسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ) وَاحِدًا بَعْدَهُ وَلَوْ أَصْلَهُ أَوْ فَرْعَهُ، وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِعَهْدِهِ إلَيْهِ كَمَا عَهِدَ أَبُو بَكْرٍ إلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى الِاعْتِدَادِ بِذَلِكَ. وَصُورَتُهُ أَنْ يَعْقِدَ لَهُ فِي حَيَاتِهِ لِيَكُونَ هُوَ الْخَلِيفَةَ بَعْدَهُ، فَهُوَ وَإِنْ كَانَ خَلِيفَةً فِي حَيَاتِهِ غَيْرَ أَنَّ تَصَرُّفَهُ مَوْقُوفٌ عَلَى مَوْتِهِ فَفِيهِ شِبْهٌ بِوَكَالَةٍ نُجِزَتْ وَعُلِّقَ تَصَرُّفُهَا بِشَرْطٍ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَهُ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ لَمْ يَصِحَّ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ خِلَافُ قَضِيَّةِ الْعَهْدِ، وَعُلِمَ مِنْ التَّشْبِيهِ بِالْوَكَالَةِ رَدُّ قَوْلِ الْبُلْقِينِيِّ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الْفَوْرُ فِي الْقَبُولِ، وَيَجُوزُ الْعَهْدُ لِجَمْعٍ مَرَّتَيْنِ. نَعَمْ لِلْأَوَّلِ مَثَلًا بَعْدَ مَوْتِ الْعَاهِدِ الْعَهْدُ بِهَا إلَى غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَقَلَّ صَارَ أَمْلَكَ بِهَا، وَلَوْ أَوْصَى بِهَا لِوَاحِدٍ جَازَ لَكِنَّ قَبُولَ الْمُوصَى لَهُ وَاجْتِمَاعَ الشُّرُوطِ فِيهِ إنَّمَا يُعْتَبَرَانِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي (فَلَوْ جَعَلَ) الْإِمَامُ (الْأَمْرَ شُورَى بَيْنَ جَمْعٍ فَكَاسْتِخْلَافٍ) فِي الِاعْتِدَادِ بِهِمْ وَوُجُوبِ الْعَمَلِ بِقَضِيَّتِهِ (فَيَرْتَضُونَ) بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ فِي حَيَاتِهِ بِإِذْنِهِ (أَحَدَهُمْ) كَمَا جَعَلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْأَمْرَ شُورَى بَيْنَ سِتَّةٍ: عَلِيٍّ وَالزُّبَيْرِ وَعُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَطَلْحَةَ، فَاتَّفَقُوا بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَلَوْ امْتَنَعُوا مِنْ الِاخْتِيَارِ لَمْ يُجْبَرُوا كَمَا لَوْ امْتَنَعَ الْمَعْهُودُ إلَيْهِ مِنْ الْقَبُولِ وَكَانَ لَا عَهْدَ وَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَمَا فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَحْدَهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ انْضَمَّ إلَى الْمُبَايِعِ وَاحِدٌ قُبِلَ قَوْلُهُ مَعَهُ وَلَيْسَ مُرَادًا؛ إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَاكْتَفَى بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: وَثَانِيهَا بِاسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ) خَرَجَ بِالْإِمَامِ غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْأُمَرَاءِ فَلَا يَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُمْ فِي حَيَاتِهِمْ مَنْ يَكُونُ أَمِيرًا بَعْدَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ مِنْ السُّلْطَانِ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ كَمَا عَهِدَ أَبُو بَكْرٍ إلَى عُمَرَ) الَّذِي كَتَبَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. هَذَا مَا عَهِدَ أَبُو بَكْرٍ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ آخِرِ عَهْدِهِ بِالدُّنْيَا وَأَوَّلِ عَهْدِهِ بِالْآخِرَةِ فِي الْحَالِ الَّتِي يُؤْمِنُ فِيهَا الْكَافِرُ وَيَتَّقِي فِيهَا الْفَاجِرُ أَنِّي اسْتَعْمَلْت عَلَيْكُمْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَإِنْ بَرَّ وَعَدَلَ فَذَلِكَ عِلْمِي وَرَأْيِي فِيهِ، وَإِنْ جَارَ وَبَدَّلَ فَلَا عِلْمَ لِي بِالْغَيِّ، وَالْخَيْرَ أَرَدْت، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا اكْتَسَبَهُ، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: 227] (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّته أَنَّهُ لَوْ أَخَرَّهُ) أَيْ عَقْدَ الْخِلَافَةِ (قَوْلُهُ: يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الْفَوْرُ فِي الْقَبُولِ) فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ حَجّ حَيْثُ قَالَ: تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْقَبُولِ لَفْظًا، وَقَضِيَّةُ تَشْبِيهِهِمْ بِالْوَكَالَةِ أَنَّ الشَّرْطَ عَدَمُ الرَّدِّ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِالِاحْتِيَاطِ لِلْإِمَامَةِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَدَّمْته فِي الْبَيْعَةِ بِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عَنْ أَحَدٍ حَتَّى يُنْقَلَ عَنْهُ بِخِلَافِهِ هُنَا (قَوْلُهُ: فَيَرْتَضُونَ أَحَدَهُمْ) أَيْ فَلَيْسَ لَهُمْ الْعُدُولُ إلَى غَيْرِهِمْ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الِاخْتِيَارُ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُمْ لَوْ امْتَنَعُوا مِنْ الِاخْتِيَارِ لَمْ يُجْبَرُوا ثُمَّ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُمْ يَخْتَارُونَ أَحَدَهُمْ ظَاهِرٌ إنْ فَوَّضَ لَهُمْ لِيَخْتَارُوا وَاحِدًا مِنْهُمْ، فَلَوْ فَوَّضَ لِجَمْعٍ لِيَخْتَارُوا وَاحِدًا مِنْ غَيْرِهِمْ هَلْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فَيَخْتَارُوا مَنْ شَاءُوا أَوْ لَا وَكَأَنْ لَا عَهْدَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: شُورَى بَيْنَ سِتَّةٍ) لَعَلَّهُ لِعِلْمِهِ أَنَّهَا لَا تَصْلُحُ لِغَيْرِهِمْ اهـ بَكْرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَكَانَ لَا عَهْدَ وَلَا جَعْلَ شُورَى) قَالَ حَجّ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الِاسْتِخْلَافَ بِقِسْمَيْهِ يَخْتَصُّ بِالْإِمَامِ الْجَامِعِ لِلشُّرُوطِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَمِنْ ثَمَّ اعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا فِي التَّارِيخِ وَالطَّبَقَاتِ مِنْ تَنْفِيذِ الْعُلَمَاءِ وَغَيْرِهِمْ بِعُهُودِ خُلَفَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ مَعَ عَدَمِ اسْتِجْمَاعِهِمْ لِلشُّرُوطِ بَلْ نَفَذَ ـــــــــــــــــــــــــــــQيُبَايِعُهُ فَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا يَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُمْ لَا عِبْرَةَ بِبَيْعَةِ الْعَوَامّ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: أَيْ لِقَبُولِ شَهَادَتِهِمْ) قَالَ الشِّهَابُ حَجّ: وَشَهَادَةُ الْإِنْسَانِ بِفِعْلِ نَفْسِهِ مَقْبُولَةٌ حَيْثُ لَا تُهْمَةَ كَرَأَيْتُ الْهِلَالَ وَأَرْضَعْت هَذَا (قَوْلُهُ: فِي حَيَاتِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْخِلَافَةِ (قَوْلُهُ: لَوْ أَخَّرَهُ) يَعْنِي: الْخِلَافَةَ (قَوْلُهُ: رَدُّ قَوْلِ الْبُلْقِينِيِّ إلَخْ.) يُوهِمُ اشْتِرَاطَ أَصْلِ الْقَبُولِ وَقَدْ مَرَّ خِلَافُهُ

جَعْلَ شُورَى (وَ) ثَالِثُهَا (بِاسْتِيلَاءِ جَامِعِ الشُّرُوطِ) بِالشَّوْكَةِ لِانْتِظَامِ الشَّمْلِ، هَذَا إنْ مَاتَ الْإِمَامُ أَوْ كَانَ مُتَغَلِّبًا، أَيْ وَلَمْ تُجْمَعْ فِيهِ الشُّرُوطُ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ (وَكَذَا فَاسِقٌ وَجَاهِلٌ) وَغَيْرُهُمَا، وَإِنْ اخْتَلَّتْ فِيهِ الشُّرُوطُ كُلُّهَا (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا ذُكِرَ وَإِنْ كَانَ عَاصِيًا بِفِعْلِهِ. وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى عِصْيَانِهِ (قُلْت: لَوْ) (ادَّعَى) مَنْ لَزِمَتْهُ زَكَاةٌ مِمَّنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِمْ الْبُغَاةُ (دَفْعَ زَكَاةٍ إلَى الْبُغَاةِ) أَيْ إمَامِهِمْ أَوْ مَنْصُوبِهِ (صُدِّقَ) بِلَا يَمِينٍ وَإِنْ اُتُّهِمَ لِبِنَائِهَا عَلَى التَّخْفِيفِ وَيُنْدَبُ الِاسْتِظْهَارُ عَلَى صِدْقِهِ إذَا اُتُّهِمَ (بِيَمِينِهِ) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهَا (أَوْ) ادَّعَى دَفْعَ (جِزْيَةٍ فَلَا) يُصَدَّقُ (عَلَى الصَّحِيحِ) ؛ لِأَنَّهَا كَأُجْرَةٍ؛ إذْ هِيَ عِوَضٌ عَنْ سُكْنَى دَارِنَا وَبِهِ فَارَقَتْ الزَّكَاةَ (وَكَذَا خَرَاجٌ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ أُجْرَةٌ أَوْ ثَمَنٌ وَلَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْ الذِّمِّيِّ جَزْمًا (وَيُصَدَّقُ فِي) إقَامَةِ (حَدٍّ) أَوْ تَعْزِيرٍ عَلَيْهِ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: بِلَا يَمِينٍ لِدَرْءِ الْحُدُودِ بِالشُّبُهَاتِ (إلَّا أَنْ يَثْبُتَ بِبَيِّنَةٍ، وَلَا أَثَرَ لَهُ فِي الْبَدَنِ) أَيْ وَقَدْ قَرُبَ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ لَوُجِدَ أَثَرُهُ فِيمَا يَظْهَرُ فَلَا يُصَدَّقُ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَفَارَقَ الْمُقِرَّ بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ بِخِلَافِ الْمُقِرِّ، وَإِنْكَارُ بَقَاءِ الْحَدِّ عَلَيْهِ فِي مَعْنَى رُجُوعِهِ وَتَأْخِيرِهِ هَذِهِ الْأَحْكَامَ إلَى هُنَا لِكَوْنِهَا مُتَعَلِّقَةً بِالْإِمَامِ. فَإِنْ قِيلَ: وَقِتَالُ الْبُغَاةِ أَوْ نَحْوُهُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ أَيْضًا فَكَانَ الْأَنْسَبُ تَأْخِيرَهُ إلَيْهَا أَوْ تَقْدِيمَهَا مَعَهُ، قُلْنَا هَذِهِ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ مَعَ وُجُودِ الْبَغْيِ وَعَدَمِهِ فَكَانَتْ أَنْسَبَ بِهِ مِنْ غَيْرِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSالسَّلَفُ عُهُودَ بَنِي أُمَيَّةَ مَعَ أَنَّهُمْ كَذَلِكَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: هَذِهِ وَقَائِعُ مُحْتَمَلَةٌ أَنَّهُمْ إنَّمَا نَفَّذُوا ذَلِكَ لِلشَّوْكَةِ وَخَشْيَةِ الْفِتْنَةِ لَا لِلْعَهْدِ بَلْ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ اهـ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ مُتَغَلِّبًا) أَيْ الْإِمَامُ الَّذِي أَخَذَ عَنْهُ ذُو الشَّوْكَةِ الْجَامِعُ لِلشُّرُوطِ (قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُمَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَافِرًا، وَعِبَارَةُ الْخَطِيبِ نَعَمْ الْكَافِرُ إذَا تَغَلَّبَ لَا تَنْعَقِدُ إمَامَتُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: 141] وَقَوْلُ الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ: وَلَوْ اسْتَوْلَى الْكُفَّارُ عَلَى إقْلِيمٍ فَوَلَّوْا الْقَضَاءَ رَجُلًا مُسْلِمًا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ انْعِقَادُهُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ فَإِنَّهُ قَالَ: لَوْ اُبْتُلِيَ النَّاسُ بِوِلَايَةِ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ يُرْجَعُ لِلْعُقَلَاءِ أَوْ امْرَأَةٍ هَلْ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُمَا الْعَامُّ فِيمَا يُوَافِقُ الْحَقَّ كَتَوْلِيَةِ الْقُضَاةِ وَالْوُلَاةِ فِيهِ وَقْفَةٌ اهـ. فَإِذَا كَانَ عِنْدَهُ وَقْفَةٌ فِي ذَلِكَ فَالْكَافِرُ أَوْلَى اهـ. وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ الْخَطِيبُ (قَوْلُهُ: أَيْ إمَامِهِمْ أَوْ مَنْصُوبِهِ) إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْإِمَامِ، وَإِلَّا فَلَوْ ادَّعَى الدَّفْعَ إلَى فُقَرَاءِ الْبُغَاةِ أَوْ مَسَاكِينِهِمْ صُدِّقَ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ أُجْرَةٌ أَوْ ثَمَنٌ) يُتَأَمَّلُ كَوْنُ الْخَرَاجِ ثَمَنًا، وَلَعَلَّ صُورَتَهُ أَنْ يُصَالِحَهُمْ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَهُمْ بَعْدَ اسْتِيلَائِنَا عَلَيْهَا وَيُقَدِّرَ عَلَيْهِمْ خَرَاجًا مُعَيَّنًا فِي كُلِّ سَنَةٍ فَكَأَنَّهُ بَاعَهَا لَهُمْ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ بِمَجْهُولٍ وَاغْتُفِرَ لِلْحَاجَةِ وَلَا يَسْقُطُ ذَلِكَ بِإِسْلَامِهِمْ، وَالْأَقْرَبُ تَصْوِيرُ ذَلِكَ بِمَا لَوْ ضَرَبَ عَلَيْهِمْ خَرَاجًا مُقَدَّرًا فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ نَوْعٍ مَخْصُوصٍ ثُمَّ دَفَعُوا بَدَلَهُ لِمُتَوَلِّي بَيْتِ الْمَالِ فَإِنَّ مَا يَقْبِضُهُ مِنْهُمْ عِوَضٌ لِمَا قُدِّرَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْخَرَاجِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ بِلَا يَمِينٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: فَعُلِمَ أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِيمَا أَثَرَهُ بِبَدَنِهِ لِلْقَرِينَةِ، وَفِي غَيْرِهِ إنْ ثَبَتَ مُوجِبُهَا بِإِقْرَارٍ؛ لِأَنَّهُ يُقْبَلُ رُجُوعُهُ فَيُجْعَلُ إنْكَارُهُ بَقَاءَ الْعُقُوبَةِ عَلَيْهِ كَالرُّجُوعِ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يُقْبَلُ إلَخْ قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ التَّصْدِيقُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ وَعُمُومُ مَا سَبَقَ لَهُ يُخَالِفُهُ اهـ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ الْمُقِرَّ بِأَنَّهُ) أَيْ مَنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ الْحَقُّ بِالْبَيِّنَةِ، وَقَوْلُهُ: لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إنْكَارُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْبَقْ مِنْهُ إقْرَارٌ حَتَّى يَرْجِعَ عَنْهُ وَلَعَلَّهُ عَبَّرَ عَنْهُ بِالرُّجُوعِ لِلْمُشَاكَلَةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُقِرِّ) أَيْ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ رُجُوعُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: هَذَا إنْ مَاتَ الْإِمَامُ أَوْ كَانَ مُتَغَلِّبًا) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ: وَكَذَا تَنْعَقِدُ لِمَنْ قَهَرَهُ: أَيْ قَهَرَ ذَا الشَّوْكَةِ عَلَيْهَا، فَيَنْعَزِلُ هَذَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَهَرَ عَلَيْهَا مَنْ انْعَقَدَتْ إمَامَتُهُ بِبَيْعَةٍ أَوْ عَهْدٍ فَلَا تَنْعَقِدُ لَهُ وَلَا يَنْعَزِلُ الْمَقْهُورُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: أَوْ ثَمَنٌ) يُتَأَمَّلُ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ الْمُقِرَّ بِأَنَّهُ) أَيْ مَنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ.

[كتاب الردة]

كِتَابُ الرِّدَّةِ أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْهَا (هِيَ) لُغَةً: الرُّجُوعُ، وَقَدْ تُطْلَقُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ أَدَاءِ الْحَقِّ كَمَانِعِي الزَّكَاةِ فِي زَمَنِ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وَشَرْعًا (قَطْعُ) مَنْ يَصِحُّ طَلَاقُهُ دَوَامَ (الْإِسْلَامِ) وَمِنْ ثَمَّ كَانَتْ أَفْحَشَ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ وَأَغْلَظَهَا حُكْمًا، وَإِنَّمَا تُحْبِطُ الْعَمَلَ عِنْدَنَا إنْ اتَّصَلَتْ بِالْمَوْتِ لِآيَتَيْ الْبَقَرَةِ وَالْمَائِدَةِ؛ إذْ لَا يَكُونُ خَاسِرًا فِي الْآخِرَةِ إلَّا إنْ مَاتَ كَافِرًا فَلَا تَجِبُ إعَادَةُ عِبَادَاتِهِ قَبْلَ الرِّدَّةِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. أَمَّا إحْبَاطُ ثَوَابِ الْأَعْمَالِ بِمُجَرَّدِ الرِّدَّةِ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ إحْبَاطَ الثَّوَابِ غَيْرُ إحْبَاطِ الْأَعْمَالِ بِدَلِيلِ الصَّلَاةِ فِي الْمَغْصُوبِ لَا ثَوَابَ فِيهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ مَعَ صِحَّتِهَا، وَخَرَجَ بِقَطْعِ الْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ. وَاعْتِرَاضُ ابْنِ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الْإِخْرَاجَ إنَّمَا يَكُونُ بِالْفَصْلِ، وَالْكُفْرُ الْأَصْلِيُّ خَارِجٌ بِنَفْسِ الرِّدَّةِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْجِنْسَ قَدْ يَكُونُ مُخْرِجًا بِاعْتِبَارٍ، وَمِنْ ثَمَّ أَخْرَجَ بَعْضُ الْمُنَاطِقَةِ بِالْإِنْسَانِ فِي قَوْلِهِمْ: الْإِنْسَانُ حَيَوَانٌ نَاطِقٌ الْمَلَائِكَةَ وَالْجِنَّ، وَلَا يَشْمَلُ الْحَدُّ كُفْرَ الْمُنَافِقِ لِانْتِفَاءِ وُجُودِ إسْلَامٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSكِتَابُ الرِّدَّةِ إنَّمَا ذَكَرَ هَذَا الْبَابَ بَعْدَ مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ جِنَايَةٌ مِثْلُهُ، لَكِنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَوَّلِ الْجِنَايَاتِ إلَى هُنَا مُتَعَلِّقٌ بِالنَّفْسِ وَهَذَا مُتَعَلِّقٌ بِالدِّينِ، وَأَخَّرَهُ عَمَّا تَقَدَّمَ وَإِنْ كَانَ هَذَا أَهَمَّ لِكَثْرَةِ وُقُوعِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: هِيَ لُغَةً: الرُّجُوعُ) عَنْ الشَّيْءِ إلَى غَيْرِهِ اهـ مَنْهَجٌ (قَوْلُهُ: وَقَدْ تُطْلَقُ) أَيْ مَجَازًا لُغَوِيًّا (قَوْلُهُ: كَمَانِعِي الزَّكَاةِ) أَيْ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَرْتَدُّوا حَقِيقَةً وَإِنَّمَا مَنَعُوا الزَّكَاةَ بِتَأْوِيلٍ وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ كَانَتْ أَفْحَشَ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ) قِيلَ يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ كَوْنَ الرِّدَّةِ أَقْبَحَ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ مُرْتَدٍّ أَقْبَحُ مِنْ أَبِي جَهْلٍ وَأَبِي لَهَبٍ وَأَضْرَابِهِمَا مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مُجَرَّدَ كَوْنِ الرِّدَّةِ أَقْبَحَ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ لَا يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ قَامَتْ بِهِ الرِّدَّةُ أَقْبَحُ الْكُفَّارِ، فَنَحْوُ أَبِي جَهْلٍ يَجُوزُ أَنَّ زِيَادَةَ قُبْحِهِ إنَّمَا هُوَ لِمَا انْضَمَّ إلَيْهِ مِنْ زِيَادَةِ الْعِنَادِ وَأَنْوَاعِ الْأَذَى لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِأَصْحَابِهِ وَصَدِّهِ عَنْ الْإِسْلَامِ لِمَنْ أَرَادَ الدُّخُولَ فِيهِ وَالتَّعْذِيبِ لِمَنْ أَسْلَمَ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْقَبَائِحِ الَّتِي لَا تُحْصَرُ، فَيَجُوزُ أَنَّ الرِّدَّةَ أَقْبُحُ مِنْ كُفْرِهِ مَعَ كَوْنِهِ فِي نَفْسِهِ أَقْبَحَ مِنْ الْمُرْتَدِّ لِمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَأَغْلَظَهَا حُكْمًا) أَيْ؛ لِأَنَّ مِنْ أَحْكَامِ الرِّدَّةِ بُطْلَانَ التَّصَرُّفِ فِي أَمْوَالِهِ، بِخِلَافِ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ وَلَا يُقَرُّ بِالْجِزْيَةِ، وَلَا يَصِحُّ تَأْمِينُهُ وَلَا مُهَادَنَتُهُ بَلْ مَتَى لَمْ يَتُبْ حَالًا قُتِلَ (قَوْلُهُ: فَلَا تَجِبُ) أَيْ فَلَوْ خَالَفَ وَأَعَادَ لَمْ تَنْعَقِدْ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الرِّدَّةِ) أَيْ الْوَاقِعَةِ قَبْلَ الرِّدَّةِ (قَوْلُهُ: لَا ثَوَابَ فِيهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ) أَيْ وَأَمَّا عِنْدَ غَيْرِهِمْ فَفِيهَا ثَوَابٌ وَالْعِقَابُ بِغَيْرِ حِرْمَانِ الثَّوَابِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ الْكُفْرُ الْأَصْلِيُّ) أَيْ فَلَيْسَ رِدَّةً (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْجِنْسَ قَدْ يَكُونُ مُخْرِجًا بِاعْتِبَارٍ) أَيْ وَذَلِكَ إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فَصْلِهِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ بَلْ، وَكَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ وَأُرِيدَ بِالْإِخْرَاجِ عَدَمُ الدُّخُولِ، وَهَذَا الثَّانِي أَوْلَى كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ أَخْرَجَ بَعْضُ الْمَنَاطِقَةِ بِالْإِنْسَانِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الرِّدَّةِ] (قَوْلُهُ: مَنْ يَصِحُّ طَلَاقُهُ) أَيْ بِفَرْضِ الْأُنْثَى ذَكَرًا (قَوْلُهُ: دَوَامَ) دَفَعَ بِهِ مَا قِيلَ إنَّ الْإِسْلَامَ مَعْنًى مِنْ الْمَعَانِي فَمَا مَعْنَى قَطَعَهُ، وَأَيْضًا أَتَى بِهِ لِإِبْقَاءِ إعْرَابِ الْمَتْنِ، وَإِنْ قَالَ سم إنَّهُ غَيْرُ ضَرُورِيٍّ (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارٍ) لَمْ يُبَيِّنْ هَذَا الِاعْتِبَارَ

مِنْهُ حَتَّى يَقْطَعَهُ، وَإِلْحَاقُهُ بِالْمُرْتَدِّ فِي حُكْمِهِ لَا يَقْتَضِي إيرَادَهُ عَلَى عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَالْمُنْتَقِلُ مِنْ مِلَّةٍ لِأُخْرَى مَذْكُورٌ فِي كَلَامِهِ فِي بَابِهِ فَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ، عَلَى أَنَّ الْمُرَجَّحَ إجَابَتُهُ لِتَبْلِيغِ مَأْمَنِهِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ عَيْنًا فَلَيْسَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمُرْتَدِّ فَلَا يُرَدُّ أَصْلًا، وَوَصْفُ وَلَدِ الْمُرْتَدِّ بِالرِّدَّةِ أَمْرٌ حُكْمِيٌّ فَلَا يَرُدُّ عَلَى كَلَامِنَا هُنَا ثُمَّ قَطْعُ الْإِسْلَامِ (بِنِيَّةٍ) لِكُفْرٍ وَيَصِحُّ عَدَمُ تَنْوِينِهِ بِتَقْدِيرِ إضَافَتِهِ لِمِثْلِ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ كَنِصْفِ وَثُلُثِ دِرْهَمٍ حَالًا أَوْ مَآلًا فَيُكَفَّرُ بِهَا حَالًا كَمَا يَأْتِي، وَتَسْمِيَةُ الْعَزْمِ نِيَّةً غَيْرُ بَعِيدٍ وَتَرَدُّدُهُ فِي قَطْعِهِ الْآتِي مُلْحَقٌ بِقَطْعِهِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ (أَوْ) (قَوْلِ كُفْرٍ) عَنْ قَصْدٍ وَرَوِيَّةٍ، فَلَا أَثَرَ لِسَبْقِ لِسَانٍ أَوْ إكْرَاهٍ وَاجْتِهَادٍ وَحِكَايَةِ كُفْرٍ (أَوْ) (فِعْلٍ) مُكَفِّرٍ وَسَيُفَصِّلُ كُلًّا مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَقَدَّمَ مِنْهَا الْقَوْلَ؛ لِأَنَّهُ أَغْلَبُ مِنْ الْفِعْلِ وَظَاهِرٌ فَيُشَاهَدُ بِخِلَافِ النِّيَّةِ وَلَعَلَّهُ حِكْمَةُ إضَافَتِهِ لِلْكُفْرِ بِخِلَافِ الْأَخِيرَيْنِ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُ الْقَوْلِ عَنْ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّ التَّقْسِيمَ فِيهِ (سَوَاءٌ) فِي الْحُكْمِ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ الْكُفْرَ (قَالَهُ اسْتِهْزَاءً) كَأَنْ قِيلَ لَهُ قُصَّ أَظْفَارَك فَإِنَّهُ سُنَّةٌ، فَقَالَ: لَا أَفْعَلُهُ وَإِنْ كَانَ سُنَّةً، أَوْ لَوْ جَاءَنِي بِالنَّبِيِّ مَا قَبِلْته مَا لَمْ يُرِدْ الْمُبَالَغَةَ فِي تَبْعِيدِ نَفْسِهِ أَوْ يُطْلِقْ، فَإِنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْهُ التَّبْعِيدُ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ فِي أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ التَّنْقِيصِ قَوْلُ مَنْ سُئِلَ فِي شَيْءٍ لَوْ جَاءَنِي جِبْرِيلُ أَوْ النَّبِيُّ مَا فَعَلْته (أَوْ عِنَادًا) بِأَنْ عَرَفَ أَنَّهُ الْحَقُّ بَاطِنًا وَامْتَنَعَ أَنْ يُقِرَّ بِهِ (أَوْ اعْتِقَادًا) وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ تَأْتِي فِي النِّيَّةِ أَيْضًا وَحَذْفُ هَمْزَةِ التَّسْوِيَةِ، وَالْعَطْفُ بِأَوْ صَحِيحٌ إذْ هُوَ لُغَةٌ، وَإِنْ كَانَ الْأَفْصَحُ ذِكْرَهَا وَالْعَطْفَ بِأَمْ. وَنَقَلَ الْإِمَامُ عَنْ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّ إضْمَارَ التَّوْرِيَةِ: أَيْ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُهَا كَمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSصَوَابُهُ بِالْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّهُ الْجِنْسُ الْمَأْخُوذُ فِي التَّعْرِيفِ (قَوْلُهُ: وَإِلْحَاقُهُ) أَيْ الْمُنَافِقِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ) أَيْ بَلْ يُطْلَبُ مِنْهُ الْإِسْلَامُ وَإِنْ امْتَنَعَ أُمِرَ بِاللُّحُوقِ لِمَأْمَنِهِ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْهُمَا فَعَلَ بِهِ الْإِمَامُ مَا يَرَاهُ مِنْ قَتْلٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِذَا قَتَلَهُ كَانَ مَالُهُ فَيْئًا (قَوْلُهُ: عَنْ قَصْدٍ وَرَوِيَّةٍ) تَأَمَّلْ فَإِنَّ الْقَصْدَ كَافٍ فِي حُصُولِ الرِّدَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَنْ تَأَمُّلٍ وَنَظَرٍ فِي الْعَوَاقِبِ، فَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالرَّوِيَّةِ مُجَرَّدَ الِاخْتِيَارِ فَهُوَ تَأْكِيدٌ (قَوْلُهُ: أَوْ إكْرَاهٍ وَاجْتِهَادٍ) أَيْ لَا مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ نَحْوِ كُفْرِ الْقَائِلِينَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ مَعَ أَنَّهُ بِالِاجْتِهَادِ وَالِاسْتِدْلَالِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ وَسَيُفَصِّلُ كُلًّا) أَيْ فِي قَوْلِهِ فَمَنْ نَفَى إلَخْ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُرِدْ الْمُبَالَغَةَ فِي تَبْعِيدِ نَفْسِهِ) أَيْ فَلَا كُفْرَ وَلَا حُرْمَةَ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَحَذْفُ هَمْزَةِ التَّسْوِيَةِ) أَيْ مَنْ قَالَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُهَا) أَيْ كَأَنْ قَالَ اللَّهُ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَقَالَ أَرَدْت غَيْرَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَبَيَّنَهُ فِي التُّحْفَةِ، وَإِنْ نَازَعَهُ فِيهِ سم (قَوْلُهُ: وَالْمُنْتَقِلُ مِنْ مِلَّةٍ لِأُخْرَى مَذْكُورٌ إلَخْ.) حَاصِلُ الْإِيرَادِ ادِّعَاءُ أَنَّهُ مُرْتَدٌّ مَعَ أَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ التَّعْرِيفِ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ بِتَسْلِيمِ أَنَّهُ مُرْتَدٌّ قَدْ مَرَّ ذِكْرُهُ فِي كَلَامِهِ فَلَا يَرِدُ هُنَا عَلَى أَنْ لَا نُسَلِّمَ أَنَّهُ مُرْتَدٌّ وَلَا فِي حُكْمِهِ، فَلَا يَرِدُ عَلَى التَّعْرِيفِ أَصْلًا. وَلَك أَنْ تَقُولَ إذَا سُلِّمَ أَنَّهُ مُرْتَدٌّ لَا يَنْدَفِعُ الْإِيرَادُ بِالْجَوَابِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ ذِكْرَهُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ لَا يَنْفَعُ فِي عَدَمِ جَامِعِيَّةِ التَّعْرِيفِ (قَوْلُهُ: الْآتِي) وَصْفٌ لِتَرَدُّدِهِ (قَوْلُهُ: وَاجْتِهَادٍ) أَيْ فِيمَا لَمْ يَقُمْ الدَّلِيلُ الْقَاطِعُ عَلَى خِلَافِهِ بِدَلِيلِ كُفْرِ نَحْوِ الْقَائِلِينَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ مَعَ أَنَّهُ بِالِاجْتِهَادِ (قَوْلُهُ: وَقَدَّمَ مِنْهُ الْقَوْلَ) أَيْ فِي التَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ فَيُشَاهَدُ بِخِلَافِ النِّيَّةِ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى كَوْنِ الْقَوْلِ يُشَاهَدُ، وَهَلَّا قَالَ بِخِلَافِ النِّيَّةِ وَالْفِعْلِ: أَيْ فَإِنَّ الْفِعْلَ، وَإِنْ كَانَ يُشَاهَدُ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ أَغْلَبَ، مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ بِخِلَافِ الْآخَرِينَ يَقْتَضِي مَا ذَكَرْته فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: كَأَنْ قِيلَ لَهُ قُصَّ أَظْفَارَك إلَخْ.) صَرِيحُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّ هَذَا بِمُجَرَّدِهِ اسْتِهْزَاءٌ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ اسْتِهْزَاءً فَلْيُرَاجَعْ

هُوَ وَاضِحٌ لَا يُفِيدُ فَيُكَفَّرُ بَاطِنًا أَيْضًا لِحُصُولِ التَّهَاوُنِ مِنْهُ، وَبِهِ فَارَقَ قَبُولَهُ فِي نَحْوِ الطَّلَاقِ بَاطِنًا (فَمَنْ نَفَى الصَّانِعَ) أَخَذَهُ مِنْ قَوْله تَعَالَى {صُنْعَ اللَّهِ} [النمل: 88] عَلَى مَذْهَبِ الْبَاقِلَّانِيِّ أَوْ الْغَزَالِيِّ وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِخَبَرٍ صَحِيحٍ «إنَّ اللَّهَ صَنَعَ كُلَّ صَانِعٍ وَصَنْعَتَهُ» وَلَا دَلِيلَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ أَنْ لَا يَكُونَ الْوَارِدُ عَلَى وَجْهِ الْمُقَابَلَةِ نَحْوُ {أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} [الواقعة: 64] {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [آل عمران: 54] وَمَا فِي الْخَبَرِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، وَأَيْضًا فَالْكَلَامُ فِي الصَّانِعِ بِأَلْ مِنْ غَيْرِ إضَافَةٍ، وَاَلَّذِي فِي الْخَبَرِ بِالْإِضَافَةِ وَهُوَ لَا يَدُلُّ عَلَى غَيْرِهِ، أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَا صَاحِبَ كُلِّ نَجْوَى أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ» لَمْ يَأْخُذُوا مِنْهُ أَنَّ الصَّاحِبَ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى، فَكَذَا هُوَ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الصَّانِعَ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى وَفِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «لِيَعْزِمْ فِي الدُّعَاءِ فَإِنَّ اللَّهَ صَانِعُ مَا شَاءَ لَا مُكْرِهَ لَهُ» ، وَهَذَا أَيْضًا مِنْ قَبِيلِ الْمُضَافِ أَوْ الْمُقَيَّدِ نَعَمْ صَحَّ فِي حَدِيثِ الطَّبَرَانِيِّ وَالْحَاكِمِ «اتَّقُوا اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَاتِحٌ لَكُمْ وَصَانِعٌ» وَهُوَ دَلِيلٌ وَاضِحٌ لِلْفُقَهَاءِ هُنَا؛ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُنَكَّرِ وَالْمُعَرَّفِ (أَوْ الرُّسُلَ) أَوْ أَحَدَهُمْ أَوْ أَحَدَ الْأَنْبِيَاءِ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ أَوْ جَحَدَ حَرْفًا مِنْ الْقُرْآنِ مُجْمَعًا عَلَيْهِ كَالْمُعَوِّذَتَيْنِ أَوْ زَادَ حَرْفًا فِيهِ قَدْ أُجْمِعَ عَلَى نَفْيِهِ مُعْتَقِدًا كَوْنَهُ مِنْهُ (أَوْ) (كَذَّبَ رَسُولًا) أَوْ نَبِيًّا أَوْ نَقَصَهُ بِأَيِّ مُنْقِصٍ كَأَنْ صَغَّرَ اسْمَهُ قَاصِدًا تَحْقِيرَهُ أَوْ جَوَّزَ نُبُوَّةَ أَحَدٍ بَعْدَ وُجُودِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعِيسَى نَبِيٌّ قَبْلُ فَلَا يُرَدُّ، وَمِنْهُ تَمَنِّي النُّبُوَّةَ بَعْدَ وُجُودِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَتَمَنِّي كُفْرِ مُسْلِمٍ بِقَصْدِ الرِّضَا بِهِ لَا التَّشْدِيدِ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ أَيْضًا لَوْ كَانَ فُلَانٌ نَبِيًّا مَا آمَنْت بِهِ وَخَرَجَ بِكَذِبِهِ كَذِبُهُ عَلَيْهِ (أَوْ) (حَلَّلَ مُحَرَّمًا بِالْإِجْمَاعِ) قَدْ عُلِمَ تَحْرِيمُهُ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ وَلَمْ يَجُزْ خَفَاؤُهُ عَلَيْهِ (كَالزِّنَا) وَاللِّوَاطِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالْمَكْسِ إذْ إنْكَارُهُ مَا ثَبَتَ ضَرُورَةً أَنَّهُ مِنْ دِينِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ تَكْذِيبٌ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَعَكْسُهُ) أَيْ حَرَّمَ حَلَالًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ وَإِنْ كُرِهَ كَذَلِكَ كَنِكَاحٍ وَبَيْعٍ (أَوْ) (نَفَى وُجُوبَ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ) مَعْلُومًا كَذَلِكَ كَسَجْدَةٍ مِنْ الْخَمْسِ (وَعَكْسُهُ) أَيْ أَوْجَبَ مُجْمَعًا عَلَى نَفْيِ وُجُوبِهِ مَعْلُومًا كَذَلِكَ كَصَلَاةٍ سَادِسَةٍ أَوْ نَفَى مَشْرُوعِيَّةَ مُجْمَعٍ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ مَعْلُومًا كَذَلِكَ وَلَوْ نَفْلًا كَالرَّوَاتِبِ وَكَالْعِيدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ، أَمَّا مَا لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ كَاسْتِحْقَاقِ بِنْتِ الِابْنِ السُّدُسَ مَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ قَبُولَهُ فِي نَحْوِ الطَّلَاقِ) ظَاهِرُهُ فِيمَا يَحْتَمِلُهُ وَمَا لَا يَحْتَمِلُهُ (قَوْلُهُ: عَلَى مَذْهَبِ الْبَاقِلَّانِيِّ) أَيْ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُطْلِقَ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَا لَا يُشْعِرُ بِنَقْصٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ الْغَزَالِيُّ: أَيْ أَنَّهُ يُجَوِّزُ إطْلَاقَ الصِّفَاتِ عَلَيْهِ تَعَالَى وَإِنْ لَمْ تَرِدْ وَهَذَا حِكْمَةُ الْعَطْفِ بِأَوْ (قَوْلُهُ: وَلَا دَلِيلَ فِيهِ) أَيْ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ: مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ) أَيْ وَجْهِ الْمُقَابَلَةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ لَا يَدُلُّ عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمُضَافِ (قَوْلُهُ: يَا صَاحِبَ كُلِّ نَجْوَى) أَيْ كَلَامٍ خَفِيٍّ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِيَعْزِمَ) أَيْ يُصَمِّمَ الدَّاعِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ دَلِيلٌ وَاضِحٌ لِلْفُقَهَاءِ هُنَا) أَيْ فِي إطْلَاقِ الصَّانِعِ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (قَوْلُهُ: كَالْمُعَوِّذَتَيْنِ) بِكَسْرِ الْوَاوِ فِيهِ رَمْزٌ إلَى أَنَّ سُقُوطَهُمَا مِنْ مُصْحَفِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا يَمْنَعُ مِنْ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ عَلَى قُرْآنِيَّتِهِمَا (قَوْلُهُ: قَاصِدًا تَحْقِيرَهُ) قَيْدٌ (قَوْلُهُ: تَمَنِّي النُّبُوَّةِ بَعْدَ وُجُودِ نَبِيِّنَا) أَيْ أَوْ ادِّعَائِهَا فِيمَا يَظْهَرُ لِلْقَطْعِ بِكَذِبِهِ بِنَصِّ قَوْله تَعَالَى {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: 40] (قَوْلُهُ: لَا التَّشْدِيدِ عَلَيْهِ) أَيْ لِكَوْنِهِ ظَلَمَهُ مَثَلًا. وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا صِحَّةُ مَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ سم فِي شَرْحِ الْغَايَةِ قُبَيْلَ كِتَابِ الطَّهَارَةِ مِنْ جَوَازِ الدُّعَاءِ عَلَى الظَّالِمِ بِسُوءِ الْخَاتِمَةِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ أَيْضًا) أَيْ مِنْ الرِّدَّةِ، وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يُرِدْ الْمُبَالَغَةَ فِي نَفْيِ النُّبُوَّةِ عَنْهُ لِلْعِلْمِ بِانْتِفَائِهَا (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِكَذِبِهِ كَذِبُهُ عَلَيْهِ) أَيْ فَلَا يَكُونُ كُفْرًا بَلْ كَبِيرَةً فَقَطْ (قَوْلُهُ: أَيْ حَرَّمَ حَلَالًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ كَذَلِكَ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَجُزْ خَفَاؤُهُ عَلَيْهِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ دَعْوَى الْجَهْلِ بِهِ، أَمَّا بَاطِنًا فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِهِ حَقِيقَةً فَهُوَ مَعْذُورٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَا لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ قَبُولَهُ فِي نَحْوِ الطَّلَاقِ) اُنْظُرْ الصُّورَةَ الَّتِي لَا تَقْبَلُ التَّوْرِيَةَ فِي الطَّلَاقِ وَيُقْبَلُ فِيهَا بَاطِنًا (قَوْلُهُ: أَوْ الْمُقَيَّدِ) أَيْ إنْ نُوِّنَا (قَوْلُهُ: كَالْمُعَوِّذَتَيْنِ) بِكَسْرِ الْوَاوِ الْمُشَدَّدَةِ بِضَبْطِهِ

بِنْتِ الصُّلْبِ وَكَحُرْمَةِ نِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ لِلْغَيْرِ وَمَا لِمُنْكِرِهِ أَوْ لِمُثْبِتِهِ تَأْوِيلٌ غَيْرُ قَطْعِيِّ الْبُطْلَانِ كَمَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ أَوْ بَعُدَ عَنْ الْعُلَمَاءِ بِحَيْثُ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ فَلَا كُفْرَ بِجَحْدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَكْذِيبٌ وَمَا نُوزِعَ بِهِ فِي نِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ شُهْرَتِهِ يُرَدُّ بِمَنْعِ ضَرُورِيَّتِهِ؛ إذْ الْمُرَادُ بِهَا مَا يُشْتَرَطُ فِي مَعْرِفَتِهِ الْعَامُّ وَالْخَاصُّ وَنِكَاحُ الْمُعْتَدَّةِ لَيْسَ كَذَلِكَ إلَّا فِي بَعْضِ أَقْسَامِهِ وَذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ (أَوْ) (عَزَمَ عَلَى الْكُفْرِ غَدًا) مَثَلًا (أَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ) أَيَفْعَلُهُ أَوْ لَا (كَفَرَ) حَالًا فِي كُلِّ مَا مَرَّ لِمُنَافَاتِهِ الْإِسْلَامَ، وَكَذَا مَنْ أَنْكَرَ صُحْبَةَ أَبِي بَكْرٍ أَوْ رَمَى بِنْتَهُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - بِمَا بَرَّأَهَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ، وَلَا يُكَفَّرُ بِسَبِّ الشَّيْخَيْنِ أَوْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ إلَّا فِي وَجْهٍ حَكَاهُ الْقَاضِي (وَالْفِعْلُ الْمُكَفِّرُ مَا تَعَمَّدَهُ اسْتِهْزَاءً صَرِيحًا بِالدِّينِ) أَوْ عِنَادًا لَهُ (أَوْ جُحُودًا لَهُ) (كَإِلْقَاءِ مُصْحَفٍ) أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ بَلْ أَوْ اسْمٌ مُعَظَّمٌ أَوْ مِنْ الْحَدِيثِ. قَالَ الرُّويَانِيُّ أَوْ مِنْ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ (بِقَاذُورَةٍ) أَوْ قَذِرٍ طَاهِرٍ كَمُخَاطٍ أَوْ بُزَاقٍ أَوْ مَنِيٍّ؛ لِأَنَّ فِيهِ اسْتِخْفَافًا بِالدِّينِ، وَقَضِيَّةُ إتْيَانِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِالضَّرُورَةِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ عَلِمَهُ ثُمَّ أَنْكَرَهُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَفِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ مَا يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: وَكَحُرْمَةِ نِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ) أَيْ مَعَ اعْتِرَافِهِ بِأَصْلِ الْعِدَّةِ، وَإِلَّا فَإِنْكَارُ الْعِدَّةِ مِنْ أَصْلِهَا كُفْرٌ لِثُبُوتِهِ بِالنَّصِّ وَعِلْمِهِ بِالضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: إذْ الْمُرَادُ بِهَا) أَيْ بِالضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: وَنِكَاحُ الْمُعْتَدَّةِ لَيْسَ كَذَلِكَ) أَيْ فَلَا يَكُونُ إنْكَارُهُ كُفْرًا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَنْ أَنْكَرَ صُحْبَةَ أَبِي بَكْرٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّ إنْكَارَ صُحْبَةِ غَيْرِ أَبِي بَكْرٍ كَبَقِيَّةِ الْخُلَفَاءِ لَا يُكَفَّرُ بِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ صُحْبَتَهُمْ لَمْ تَثْبُتْ بِالنَّصِّ (قَوْلُهُ: وَلَا يُكَفَّرُ بِسَبِّ الشَّيْخَيْنِ) هُمَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي وَجْهٍ) أَيْ ضَعِيفٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ الْحَدِيثِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ فِي إلْقَائِهِ اسْتِخْفَافًا بِمَنْ نُسِبَ إلَيْهِ، وَخَرَجَ بِالضَّعِيفِ الْمَوْضُوعُ [فَرْعٌ] قَوْلُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِ هـ: أَوْ إلْقَاءِ مُصْحَفٍ إلَخْ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى نَفْيِ الصَّانِعِ لَا عَلَى كُفْرٍ، إذْ لَوْ عُطِفَ عَلَيْهِ لَاقْتَضَى أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي الْإِلْقَاءِ كُفْرٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ صَرَّحَ بِهِ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الرَّوْضِ أَقُولُ: وَيَنْبَغِي عَدَمُ الْكُفْرِ بِهِ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ الْمَنْهَجِ أَوْ تَرَدَّدَ فِي كُفْرِهِ أَنَّهُ يُكَفَّرُ بِهِ؛ لِأَنَّ إلْقَاءَ الْمُصْحَفِ كُفْرٌ لِمَا فَسَّرَ بِهِ الرِّدَّةَ فَالتَّرَدُّدُ فِيهِ تَرَدُّدٌ فِي الْكُفْرِ. [فَائِدَةٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ شَخْصٍ يَكْتُبُ الْقُرْآنَ بِرِجْلِهِ لِكَوْنِهِ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَكْتُبَ بِيَدَيْهِ لِمَانِعٍ بِهِمَا، وَالْجَوَابُ عَنْهُ كَمَا أَجَابَ عَنْهُ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ إزْرَاءً؛ لِأَنَّ الْإِزْرَاءَ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى الْحَالَةِ الْكَامِلَةِ وَيَنْتَقِلَ عَنْهَا إلَى غَيْرِهَا وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ، وَمَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ بَعْضُهُمْ فِي الْحُرْمَةِ مِنْ حُرْمَةِ مَدِّ الرِّجْلِ إلَى الْمُصْحَفِ مَرْدُودٌ بِمَا تَقَرَّرَ، وَيَلْزَمُ الْقَائِلَ بِالْحُرْمَةِ هُنَا أَنْ يَقُولَ بِالْحُرْمَةِ فِيمَا لَوْ كَتَبَ الْقُرْآنَ بِيَسَارِهِ مَعَ تَعَطُّلِ الْيَمِينِ وَلَا قَائِلَ بِهِ اهـ. وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنْ كَانَ لَا يَحْتَاجُ لِلْكِتَابَةِ لِلْغِنَى أَوْ بِكَتْبِ غَيْرِهِ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا تَحَكُّمٌ عَقْلِيٌّ لَا يُسَاعِدُهُ قَاعِدَةٌ وَلَا نَقْلٌ. وَيَلْزَمُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَكْتُبُ بِقَصْدِ الْإِبْقَاءِ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ غَنِيٍّ وَفَقِيرٍ يَكْتُبُ بِقَصْدِ الْإِبْقَاءِ فِيمَا عَلَّلَ بِهِ مِنْ عَدَمِ الْحَاجَةِ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَذْكُرَ ذَلِكَ فِي تَفْصِيلِهِ، بَلْ وَكَانَ يُقَالُ عَلَى طِبْقِ مَا أَجَابَ بِهِ إنْ كَانَ يَكْتُبُ الْقُرْآنَ لِلدِّرَاسَةِ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا لِوُجُودِ التَّعْلِيلِ فِي ذَلِكَ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ (قَوْلُهُ: تُعْتَبَرُ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى الِاسْتِهْزَاءِ) وَعَلَيْهِ فَمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ الْبُصَاقِ عَلَى اللَّوْحِ لِإِزَالَةِ مَا فِيهِ لَيْسَ بِكُفْرٍ، وَيَنْبَغِي عَدَمُ حُرْمَتِهِ أَيْضًا، وَمِثْلُهُ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ أَيْضًا مِنْ مَضْغِ مَا عَلَيْهِ قُرْآنٌ أَوْ نَحْوُهُ لِلتَّبَرُّكِ بِهِ أَوْ لِصِيَانَتِهِ عَنْ النَّجَاسَةِ. وَبَقِيَ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ وَهُوَ أَنَّ الْفَقِيهَ مَثَلًا يَضْرِبُ الْأَوْلَادَ الَّذِينَ يَتَعَلَّمُونَ مِنْهُ بِأَلْوَاحِهِمْ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ كُفْرًا أَمْ لَا وَإِنْ رَمَاهُمْ بِالْأَلْوَاحِ مِنْ بُعْدٍ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ لَا يُرِيدُ الِاسْتِخْفَافَ بِالْقُرْآنِ، نَعَمْ يَنْبَغِي حُرْمَتُهُ لِإِشْعَارِهِ بِعَدَمِ التَّعْظِيمِ كَمَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ رَوَّحَ بِالْكُرَّاسَةِ عَلَى وَجْهِهِ، وَقَالَهُ حَجّ فِي الْفَتَاوَى الْحَدِيثِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بِالْكَافِ فِي الْإِلْقَاءِ أَنَّ الْإِلْقَاءَ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَأَنَّ مُمَاسَّتَهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْقَذِرِ كُفْرٌ أَيْضًا وَفِي هَذَا الْإِطْلَاقِ وَقْفَةٌ، فَلَوْ قِيلَ تُعْتَبَرُ قَرِينَةً دَالَّةً عَلَى الِاسْتِهْزَاءِ لَمْ يَبْعُدْ (وَسُجُودٍ لِصَنَمٍ أَوْ شَمْسٍ) أَوْ مَخْلُوقٍ آخَرَ؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ لِلَّهِ شَرِيكًا، نَعَمْ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ قَوِيَّةٌ عَلَى عَدَمِ دَلَالَةِ الْفِعْلِ عَلَى الِاسْتِخْفَافِ كَسُجُودِ أَسِيرٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ بِحَضْرَةِ كَافِرٍ خَشْيَةً مِنْهُ فَلَا كُفْرَ، وَخَرَجَ بِالسُّجُودِ الرُّكُوعُ لِوُقُوعِ صُورَتِهِ لِلْمَخْلُوقِ عَادَةً، وَلَا كَذَلِكَ السُّجُودُ، نَعَمْ يُتَّجَهُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَإِنْ قَصَدَ تَعْظِيمَ مَخْلُوقٍ بِالرُّكُوعِ كَمَا يُعَظِّمُ اللَّهَ بِهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي الْكُفْرِ حِينَئِذٍ (وَلَا تَصِحُّ) يَعْنِي تُوجَدُ؛ إذْ الرِّدَّةُ فِعْلُ مَعْصِيَةٍ كَالزِّنَا لَا تُوصَفُ بِصِحَّةٍ وَلَا بِعَدَمِهَا (رِدَّةُ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُمَا (وَمُكْرَهٍ) عَلَى مُكَفِّرٍ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ لِلْآيَةِ، وَكَذَا إنْ تَجَرَّدَ قَلْبُهُ عَنْهُمَا فِيمَا يُتَّجَهُ تَرْجِيحُهُ لِإِطْلَاقِهِمْ أَنَّ الْمُكْرَهَ لَا يَلْزَمُهُ التَّوْرِيَةُ (وَلَوْ ارْتَدَّ فَجُنَّ) أُمْهِلَ احْتِيَاطًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْقِلُ وَيَعُودُ إلَى الْإِسْلَامِ وَ (لَمْ يُقْتَلْ فِي جُنُونِهِ) وُجُوبًا وَقِيلَ نَدْبًا، وَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا لَا شَيْءَ عَلَى قَاتِلِهِ سِوَى التَّعْزِيرِ لِتَفْوِيتِهِ الِاسْتِنَابَةَ الْوَاجِبَةَ، وَخَرَجَ بِالْفَاءِ مَا لَوْ تَرَاخَى الْجُنُونُ عَنْ الرِّدَّةِ وَاسْتُتِيبَ فَلَمْ يَتُبْ ثُمَّ جُنَّ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ حَتْمًا (وَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ رِدَّةِ السَّكْرَانِ) الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ كَطَلَاقِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا تَغْلِيظًا عَلَيْهِ، وَقَدْ اتَّفَقَ الصَّحَابَةُ عَلَى مُؤَاخَذَتِهِ بِالْقَذْفِ فَدَلَّ عَلَى اعْتِبَارِ أَقْوَالِهِ، وَفِي قَوْلٍ لَا تَصِحُّ رِدَّتُهُ. وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِصِحَّتِهَا، وَفِي قَوْلٍ يَصِحُّ إسْلَامُهُ وَإِنْ صَحَّتْ رِدَّتُهُ، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِعَدَمِ صِحَّةِ إسْلَامِهِ، وَالْأَفْضَلُ تَأْخِيرُ اسْتِتَابَتِهِ لِإِفَاقَتِهِ لِيَأْتِيَ بِإِسْلَامٍ مُجْمَعٍ عَلَى صِحَّتِهِ، وَتَأْخِيرُ الِاسْتِتَابَةِ الْوَاجِبَةِ لِمِثْلِ هَذَا الْقَدْرِ مَعَ قَصْرِ مُدَّةِ السُّكْرِ غَالِبًا غَيْرُ بَعِيدٍ، وَمَرَّ آخِرَ الْوَكَالَةِ اغْتِفَارُ تَأْخِيرِ الرِّدَّةِ لِلْغَاصِبِ لِأَجْلِ الْإِشْهَادِ مَعَ وُجُوبِ الرَّدِّ فَوْرًا فَهَذَا أَوْلَى، أَمَّا غَيْرُ الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ فَلَا تَصِحُّ رِدَّتُهُ كَالْمَجْنُونِ (وَإِسْلَامُهُ) سَوَاءٌ ارْتَدَّ فِي سُكْرِهِ أَمْ قَبْلَهُ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ الِاعْتِدَادِ بِأَقْوَالِهِ كَالصَّاحِي فَلَا يَحْتَاجُ لِتَجْدِيدِهِ بَعْدَ إفَاقَتِهِ، وَالنَّصُّ عَلَى عَرْضِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ بَعْدَهَا مَحْمُولٌ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: لَمْ يَبْعُدْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَصَدَ تَعْظِيمَ مَخْلُوقٍ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ كُفْرًا، بَلْ لَا يَكُونُ حَرَامًا أَيْضًا كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ لِوُقُوعِ صُورَتِهِ لِلْمَخْلُوقِ عَادَةً، لَكِنَّ عِبَارَةَ حَجّ عَلَى الشَّمَائِلِ فِي بَابِ تَوَاضُعِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَكَانُوا إذَا رَأَوْهُ لَمْ يَقُومُوا لَهُ لِمَا يَعْلَمُونَ مِنْ كَرَاهَتِهِ لِذَلِكَ نَصُّهَا: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ: أَيْ الْقِيَامِ لِلْإِكْرَامِ لَا لِلرِّيَاءِ وَالْإِعْظَامِ حَيْثُ كَانَ مَكْرُوهًا، وَبَيْنَ حُرْمَةِ نَحْوِ الرُّكُوعِ لِلْغَيْرِ إعْظَامًا بِأَنَّ صُورَةَ نَحْوِ الرُّكُوعِ لَمْ تُعْهَدْ إلَّا لِعِبَادَةِ اللَّهِ بِخِلَافِ صُورَةِ الْقِيَامِ اهـ. وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الْإِتْيَانَ بِصُورَةِ الرُّكُوعِ لِلْمَخْلُوقِ حَرَامٌ وَبِأَنَّهَا لَمْ تُعْهَدْ لِمَخْلُوقٍ، وَهِيَ مُنَافِيَةٌ لِقَوْلِ الشَّارِحِ لِوُقُوعِ صُورَتِهِ لِلْمَخْلُوقِ عَادَةً، أَمَّا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ خَفْضِ الرَّأْسِ وَالِانْحِنَاءِ إلَى حَدٍّ لَا يُعْمَلُ بِهِ إلَى أَقَلِّ الرُّكُوعِ فَلَا كُفْرَ بِهِ وَلَا حُرْمَةَ أَيْضًا لَكِنْ يَنْبَغِي كَرَاهَتُهُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ تَجَرَّدَ قَلْبُهُ) أَيْ بِأَنْ أَطْلَقَ، وَقَوْلُهُ عَنْهُمَا: أَيْ الْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ (قَوْلُهُ: فَدَلَّتْ) أَيْ مُؤَاخَذَتُهُ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ ارْتَدَّ فِي سُكْرِهِ أَوْ قَبْلَهُ) ثُمَّ مَا تَقَرَّرَ مِنْ صِحَّةِ إسْلَامِ السَّكْرَانِ الْمُتَعَدِّي إذَا وَقَعَ سُكْرُهُ فِي رِدَّتِهِ هَلْ يَجْرِي مِثْلُهُ فِي الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ إذَا سَكِرَ ثُمَّ أَسْلَمَ أَوْ بَاعَ أَوْ طَلَّقَ فَتَحْكُمُ بِنُفُوذِ ذَلِكَ مِنْهُ لِتَعُدِّيهِ بِالسُّكْرِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّا نُقِرُّهُ عَلَى شُرْبِهِ الْمُسْكِرَ بِمَعْنَى أَنَّا لَا نُقِيمُ عَلَيْهِ الْحَدَّ وَلَا نَتَعَرَّضُ لَهُ إذَا لَمْ يُظْهِرْ شُرْبَهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَظْهَرَ شُرْبَهَا، فَإِنَّا نَمْنَعُهُ مِنْ التَّظَاهُرِ بِذَلِكَ بِالتَّعْزِيرِ وَنَحْوِهِ فِيهِ نَظَرٌ، وَإِطْلَاقُهُمْ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّا إنَّمَا لَمْ نَتَعَرَّضْ لَهُمْ لِعَدَمِ اعْتِقَادِهِمْ حُرْمَتَهُ، وَعَدَمُ اعْتِقَادِهِمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ مُمَاسَّتَهُ بِشَيْءٍ) الصَّوَابُ حَذْفُ التَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ مِنْ مُمَاسَّتِهِ وَالْبَاءُ الْمُوَحَّدَةُ مِنْ شَيْءٍ (قَوْلُهُ: عَنْهُمَا) لَعَلَّهُ الْإِيمَانُ وَالْكُفْرُ كَمَا قَالَهُ سم (قَوْلُهُ: وَفِي قَوْلٍ لَا تَصِحُّ رِدَّتُهُ إلَخْ.) هَذَا مَحَلُّهُ بَعْدَ قَوْلِهِ الْآتِي، وَإِسْلَامِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ تَأْخِيرُ اسْتِتَابَتِهِ) هَلَّا كَانَ الْأَفْضَلُ تَعْجِيلَ اسْتِتَابَتِهِ ثُمَّ اسْتِتَابَتُهُ أَيْضًا بَعْدَ ثُمَّ رَأَيْت حَجّ بَحَثَ هَذَا

عَلَى نَدْبِهِ، فَإِنْ عَرَضَ عَلَيْهِ فَوَصَفَ الْكُفْرَ فَكَافِرٌ مِنْ الْآنَ لِصِحَّةِ إسْلَامِهِ (وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالرِّدَّةِ) مُطْلَقًا كَمَا صَحَّحَاهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَيْضًا فَلَا يُحْتَاجُ فِي الشَّهَادَةِ بِهَا لِتَفْصِيلِهَا؛ لِأَنَّهَا لِخَطَرِهَا لَا يُقَدَّمُ الْعَدْلُ عَلَى الشَّهَادَةِ بِهَا إلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِهَا، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (وَقِيلَ: يَجِبُ التَّفْصِيلُ) بِأَنْ يُذْكَرَ مُوجِبُهَا، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَالِمًا مُخْتَارًا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ لِاخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ فِي الْكُفْرِ وَخَطَرِ أَمْرِ الرِّدَّةِ، وَقَدْ أَطَالَ جَمْعٌ فِي الِانْتِصَارِ لَهُ نَقْلًا وَمَعْنًى، وَاقْتَضَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِمَا ارْتَدَّ عَنْ الْإِيمَانِ أَوْ كَفَرَ بِاَللَّهِ أَوْ ارْتَدَّ أَوْ كَفَرَ فَهُوَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ (فَعَلَى الْأَوَّلِ) (لَوْ شَهِدُوا بِرِدَّةٍ) إنْشَاءً (فَأَنْكَرَ) بِأَنْ قَالَ كَذِبًا أَوْ مَا ارْتَدَدْت (حُكِمَ بِالشَّهَادَةِ) وَلَا يُعْتَدُّ بِإِنْكَارِهِ فَيُسْتَتَابُ ثُمَّ يُقْتَلُ مَا لَمْ يُسْلِمْ، وَعَلَى الثَّانِي لَا يُحْكَمُ بِهَا (فَلَوْ) لَمْ يُنْكِرْ، وَإِنَّمَا (قَالَ كُنْت مُكْرَهًا وَاقْتَضَتْهُ قَرِينَةٌ كَأَسْرِ كُفَّارٍ) لَهُ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) تَحْكِيمًا لِلْقَرِينَةِ، وَإِنَّمَا حَلَّفْنَاهُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مُخْتَارًا، فَإِنْ قُتِلَ قَبْلَ الْيَمِينِ لَمْ يَضْمَنْ لِوُجُودِ الْمُقْتَضَى وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمَانِعِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَقْتَضِهِ قَرِينَةٌ (فَلَا) يُصَدَّقُ وَيَصِيرُ مُرْتَدًّا فَيُطَالَبُ بِالْإِسْلَامِ فَإِنْ أَبَى قُتِلَ (وَلَوْ) (قَالَا لَفَظَ لَفْظَ كُفْرٍ) أَوْ فَعَلَ فِعْلَهُ (فَادَّعَى إكْرَاهًا) (صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ (مُطْلَقًا) أَيْ مَعَ الْقَرِينَةِ وَعَدَمِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُكَذِّبْهُمَا، إذْ الْإِكْرَاهُ إنَّمَا يُنَافِي الرِّدَّةَ لَا التَّلَفُّظَ بِكَلِمَتِهَا لَكِنَّ الْحَزْمَ أَنْ يُجَدِّدَ إسْلَامَهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُصَدَّقْ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الطَّلَاقِ مَعَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ فَيُحْتَاطُ لَهُ (وَلَوْ مَاتَ مَعْرُوفٌ بِالْإِسْلَامِ عَنْ ابْنَيْنِ مُسْلِمَيْنِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا ارْتَدَّ فَمَاتَ كَافِرًا فَإِنْ بَيَّنَ سَبَبَ كُفْرِهِ) كَسُجُودٍ لِكَوْكَبٍ (لَمْ يَرِثْهُ وَنَصِيبُهُ فَيْءٌ) لِبَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ مُرْتَدٌّ بِزَعْمِهِ (وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِي الْأَظْهَرِ) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ. وَالثَّانِي يُصْرَفُ إلَيْهِ لِاحْتِمَالِ اعْتِقَادِهِ مَا لَيْسَ بِكُفْرٍ كُفْرًا. وَالثَّالِثُ الْأَظْهَرُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ كَالْوَجِيزِ، وَرَجَّحَهُ فِي الصَّغِيرِ اسْتِفْصَالُهُ، فَإِنْ ذَكَرَ مَا هُوَ كُفْرٌ كَانَ فَيْئًا أَوْ غَيْرَ كُفْرٍ كَشُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ أَكْلِ لَحْمِ خِنْزِيرٍ صُرِفَ إلَيْهِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَإِنْ أَصَرَّ وَلَمْ يُبَيِّنْ شَيْئًا فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ حِرْمَانِهِ مِنْ إرْثِهِ، وَإِنْ اعْتَبَرْنَا التَّفْصِيلَ فِي الشَّهَادَةِ بِالرِّدَّةِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSذَلِكَ لَا يُنَافِي أَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ بِعَدَمِ الشُّرْبِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ (قَوْلُهُ: بَعْدَهَا) أَيْ الْإِفَاقَةِ (قَوْلُهُ: وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالرِّدَّةِ مُطْلَقًا) أَيْ إشْهَادًا مُطْلَقًا، فَلَا يُقَالُ كَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ مُطْلَقَةً؛ لِأَنَّ لَفْظَ الشَّهَادَةِ مُؤَنَّثٌ فَتَجِبُ الْمُطَابِقَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صِفَتِهِ؛ لِأَنَّ الْحَالَ صِفَةٌ فِي الْمَعْنَى (قَوْلُهُ إلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِهَا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي عَدْلٍ يَعْرِفُ الْمُكَفِّرَ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَيْ قَبُولُهَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَطَالَ جَمْعٌ فِي الِانْتِصَارِ لَهُ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ) أَيْ حَيْثُ فَرَّقَ بَيْنَ الصِّيَغِ فَقَالَ: إذَا قَالَا ارْتَدَّ عَنْ الْإِيمَانِ أَوْ كَفَرَ بِاَللَّهِ لَا يُشْتَرَطُ التَّفْصِيلُ قَطْعًا، وَإِنْ قَالَا: ارْتَدَّ أَوْ كَفَرَ فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قُتِلَ قَبْلَ الْيَمِينِ لَمْ يَضْمَنْ) كَمَا لَوْ شَهِدَا بِأَنَّهُ سَجَدَ لِصَنَمٍ أَوْ تَكَلَّمَ بِمُكَفِّرٍ وَادَّعَى الْإِكْرَاهَ وَصَدَّقْنَاهُ وَقُتِلَ قَبْلَ الْحَلِفِ، وَهُوَ أَصَحُّ وَجْهَيْنِ أَطْلَقَهُمَا ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ، وَرَجَّحَ مِنْهُمَا شَارِحُهُ عَدَمَ الضَّمَانِ، وَاعْتَمَدَ ذَلِكَ الْمُؤَلِّفُ. وَكَتَبَ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ قَوْلَهُ فَإِنْ قُتِلَ قَبْلَ الْيَمِينِ لَمْ يَضْمَنْ، أَيْ وَيُعَزَّرُ قَاتِلُهُ إنْ كَانَ مِنْ الْآحَادِ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْحَزْمَ) أَيْ الرَّأْيَ وَهُوَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالزَّايِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَيْ الثَّالِثُ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ حِرْمَانِهِ) أَيْ فَيُعْطَى مِنْهُ حَالًا (قَوْلُهُ: عَلَى الْقَوْلِ بِهِ) وَهُوَ الْمَرْجُوحُ (قَوْلُهُ: لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا) وَهُوَ أَنَّ الشَّهَادَةَ بِالرِّدَّةِ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْحُكْمِ بِهَا الْقَتْلُ وَنَحْوُهُ مِنْ الْمَفَاسِدِ الْكَثِيرَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنْ عَرَضَ) الْأَوْلَى حَذْفُ إنْ وَلَيْسَ هُوَ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُ الْمَتْنِ مُطْلَقًا) أَيْ عَلَى وَجْهِ الْإِطْلَاقِ، وَإِنْ لَمْ تَفْصِلْ (قَوْلُهُ: فَهُوَ) يَعْنِي: ارْتَدَّ أَوْ كَفَرَ خَاصَّةً إذْ هُمَا مَحْمَلُ كَلَامِ الْبُلْقِينِيِّ (قَوْلُهُ: إنْشَاءً) أَخْرَجَ بِهِ مَا لَوْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِهِ بِأَنَّهُ أَتَى بِمُكَفِّرٍ كَأَنْ شَهِدَا عَلَيْهِ أَنَّهُ أَقَرَّ بِأَنَّهُ سَجَدَ لِصَنَمٍ فَإِنَّهُ إذَا رَجَعَ قَالَ أَقْرَرْت كَاذِبًا يُقْبَلُ لِأَنَّهُ حَقُّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ: لِظُهُورِ الْفَرْقِ)

(وَتَجِبُ اسْتِتَابَةُ الْمُرْتَدِّ وَالْمُرْتَدَّةِ) لِاحْتِرَامِهِمَا بِالْإِسْلَامِ (وَفِي قَوْلٍ مُسْتَحَبٌّ) كَالْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ (وَهِيَ) عَلَى الْقَوْلَيْنِ (فِي الْحَالِ) لِخَبَرِ «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» (وَفِي قَوْلٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) لِأَثَرٍ فِيهِ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (فَإِنْ) (أَصَرَّ) أَيْ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ عَلَى الرِّدَّةِ (قُتِلَا) لِلْخَبَرِ الْمَارِّ، وَالنَّهْيُ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَرْبِيَّاتِ وَلِلسَّيِّدِ قَتْلُ قِنِّهِ، وَالْقَتْلُ هُنَا بِضَرْبِ الْعُنُقِ دُونَ غَيْرِهِ، وَلَا يَتَوَلَّاهُ سِوَى الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ، فَإِنْ افْتَاتَ عَلَيْهِ أَحَدٌ عُزِّرَ، وَلَوْ قَالَ عِنْدَ الْقَتْلِ عَرَضَتْ لِي شُبْهَةٌ فَأَزِيلُوهَا لِأَتُوبَ نَاظَرْنَاهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ لَا قَبْلَهُ، فَإِنْ شَكَا جُوعًا قَبْلَ الْمُنَاظَرَةِ أُطْعِمَ أَوَّلًا (وَإِنْ أَسْلَمَ صَحَّ) إسْلَامُهُ (وَتُرِكَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] وَلِخَبَرِ «فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ» وَشَمِلَ كَلَامُهُ كُفْرَ مَنْ سَبَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَوْ سَبَّ نَبِيًّا غَيْرَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَمْ يَحْتَجْ لِلتَّثْنِيَةِ هُنَا لِفَوَاتِ الْمَعْنَى السَّابِقِ الْحَامِلِ عَلَيْهَا، وَهُوَ الْإِشَارَةُ لِلْخِلَافِ، فَانْدَفَعَ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْأَحْسَنَ أَسْلَمَا لِيُوَافِقَ مَا قَبْلَهُ (وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ إسْلَامُهُ إنْ ارْتَدَّ إلَى كُفْرٍ خَفِيٍّ كَزَنَادِقَةٍ وَبَاطِنِيَّةٍ) ؛ لِأَنَّ التَّوْبَةَ عِنْدَ الْخَوْفِ عَيْنُ الزَّنْدَقَةِ، وَالزِّنْدِيقُ مَنْ يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ وَيُخْفِي الْكُفْرَ، وَيَقْرُبُ مِنْهُ مَنْ عُبِّرَ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَنْ لَا يَنْتَحِلُ دِينًا، وَالْبَاطِنِيُّ مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ لِلْقُرْآنِ بَاطِنًا غَيْرَ ظَاهِرِهِ وَأَنَّهُ الْمُرَادُ مِنْهُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الظَّاهِرِ، وَلَا بُدَّ فِي صِحَّةِ الْإِسْلَامِ مُطْلَقًا مِنْ الشَّهَادَتَيْنِ وَلَوْ بِالْعَجَمِيَّةِ، وَإِنْ أَحْسَنَ الْعَرَبِيَّةَ، وَيُعْتَبَرُ تَرْتِيبُهُمَا وَمُوَالَاتُهُمَا كَمَا جَزَمَ بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شُرُوطِ الْإِمَامَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَمَا هُنَا إنَّمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مُجَرَّدُ عَدَمِ إرْثِ الْقَاتِلِ وَجَازَ أَنَّ لَهُ فِيهِ شُبْهَةً (قَوْلُهُ: وَتَجِبُ اسْتِتَابَةُ الْمُرْتَدِّ وَالْمُرْتَدَّةِ) أَيْ فَلَوْ قَتَلَهُ أَحَدٌ قَبْلَ الِاسْتِتَابَةِ عُزِّرَ فَقَطْ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِإِهْدَارِهِ (قَوْلُهُ: وَالْقَتْلُ هُنَا بِضَرْبِ الْعُنُقِ) أَيْ أَمَّا غَيْرُ هَذَا فَقَدْ يَكُونُ قَتَلَهُ بِغَيْرِ رَمْيِ الْعُنُقِ كَأَنْ كَانَ الْقَتْلُ قِصَاصًا وَقَدْ قُتِلَ هُوَ بِغَيْرِ ضَرْبِ الْعُنُقِ فَيُقْتَلُ بِمِثْلِ فِعْلِهِ لِلْمُنَاسِبَةِ (قَوْلُهُ: أَطْعَمَ أَوَّلًا) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَسْلَمَ صَحَّ إسْلَامُهُ) أَيْ مَنْ قَامَتْ بِهِ الرِّدَّةُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (قَوْلُهُ: وَتُرِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى إلَخْ) أَيْ وَإِنْ تَكَرَّرَتْ رِدَّتُهُ مِرَارًا لَكِنَّهُ لَا يُعَزَّرُ عَلَى أَوَّلِ مَرَّةٍ كَمَا يَأْتِي، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي قَبُولِ الْإِسْلَامِ مِنْهُ مَعَ التَّكَرُّرِ بَيْنَ أَنْ يُطْلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ إنَّمَا يُسْلِمُ بَعْدَ الرِّدَّةِ تَقِيَّةً أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَحْتَجْ لِلتَّثْنِيَةِ هُنَا) أَيْ فِي أَسْلَمَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْإِشَارَةُ لِلْخِلَافِ) أَيْ: لِأَنَّ فِي قَوْلِهِ قَتْلًا إشَارَةً لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُقْتَلُ وَفِي قَوْلِهِ السَّابِقِ: وَالنَّهْيُ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ إلَخْ تَعْرِيضٌ بِالرَّدِّ عَلَى قَائِلِهِ (قَوْلُهُ: وَبَاطِنِيَّةٍ) قَالَ ع: كَانَ وَجْهُ دُخُولِ هَذَا فِي الْخَفِيِّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ خَفِيٌّ فِي ذَاتِهِ وَإِنْ أَظْهَرَهُ صَاحِبُهُ (قَوْلُهُ: مَنْ عُبِّرَ عَنْهُ بِأَنَّهُ) أَيْ مَنْ عَرَفَهُ بِأَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَنْ لَا يَنْتَحِلُ دِينًا) أَيْ مَنْ لَا يَنْتَسِبُ إلَى دِينٍ، قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: وَفُلَانٌ يَنْتَحِلُ مَذْهَبَ كَذَا وَقَبِيلَةَ كَذَا إذَا انْتَسَبَ إلَيْهِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ فِي صِحَّةِ الْإِسْلَامِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّنْ يُنْكِرُ رِسَالَتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْعَرَبِ وَلِغَيْرِهِمْ أَوْ يُنْكِرُهَا لِغَيْرِهِمْ خَاصَّةً (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِالْعَجَمِيَّةِ) أَيْ عِنْدَ مَنْ يَعْرِفُهَا فَلَا يَجُوزُ لَهُ قَتْلُهُ، أَمَّا إذَا نَطَقَ بِهَا عِنْدَ مَنْ لَا يَعْرِفُهَا فَقَتَلَهُ لِظَنِّ بَقَائِهِ عَلَى الْكُفْرِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ وَيَنْفَعُهُ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَلَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ، ثُمَّ إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ مَا نَطَقَ بِهِ هُوَ كَلِمَةُ الشَّهَادَةِ لِمَعْرِفَتِهَا بِلِسَانِهِ دُونَ الْقَاتِلِ فَيَنْبَغِي وُجُوبُ الدِّيَةِ عَلَى الْقَاتِلِ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَ مُسْلِمًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَظَنُّ كُفْرِهِ إنَّمَا يُسْقِطُ الْقِصَاصَ لِلشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ تَرْتِيبُهُمَا وَمُوَالَاتُهُمَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِالْوَاوِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ أَنَّ الْإِنْسَانَ وَلَوْ الْوَارِثُ يَتَسَامَحُ فِي الْإِخْبَارِ عَنْ الْمَيِّتِ بِحَسَبِ ظَنِّهِ مَا لَا يَتَسَامَحُ فِي الْحَيِّ الَّذِي يَعْلَمُ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِشَهَادَتِهِ ذَكَرَهُ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» ) لَعَلَّ وَجْهَ الدَّلَالَةِ مِنْهُ مَا أَفَادَتْهُ الْفَاءُ مِنْ التَّعْقِيبِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ شَكَا جُوعًا قَبْلَ الْمُنَاظَرَةِ أُطْعِمَ) اُنْظُرْ مَا وَقْعُ هَذَا مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا يُنَاظِرُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَبَعْدَ الْإِسْلَامِ لَا شُبْهَةَ فِي أَنَّهُ يُطْعِمُ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ هُنَا لَوْ كَانَ يُنَاظِرُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ كَمَا قِيلَ بِهِ (قَوْلُهُ: لِفَوَاتِ الْمَعْنَى السَّابِقِ) أَيْ السَّابِقَةِ الْإِشَارَةِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَالنَّهْيُ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ إلَخْ. الْمُشَارِ بِهِ إلَى الرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ فِي قَتْلِ النِّسَاءِ (قَوْلُهُ: لِفَوَاتِ الْمَعْنَى السَّابِقِ) أَيْ وَلِلْإِشَارَةِ

ثُمَّ الِاعْتِرَافُ بِرِسَالَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى غَيْرِ الْعَرَبِ مِمَّنْ يُنْكِرُهَا، أَوْ الْبَرَاءَةُ مِنْ كُلِّ دِينٍ يُخَالِفُ دِينَ الْإِسْلَامِ، وَلَا بُدَّ مِنْ رُجُوعِهِ عَنْ اعْتِقَادٍ ارْتَدَّ بِسَبَبِهِ وَلَا يُعَزَّرُ مُرْتَدٌّ تَابَ عَلَى أَوَّلِ مَرَّةٍ، وَمَنْ نُسِبَ إلَيْهِ رِدَّةٌ وَجَاءَنَا يَطْلُبُ الْحُكْمَ بِإِسْلَامِهِ يُكْتَفَى مِنْهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَلَفُّظِهِ بِمَا نُسِبَ لَهُ. وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَكَرُّرِ لَفْظِ أَشْهَدُ فِي صِحَّةِ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمَا فِي الْكَفَّارَةِ وَغَيْرِهَا لَكِنْ خَالَفَ فِيهِ جَمْعٌ (وَوَلَدُ الْمُرْتَدِّ إنْ انْعَقَدَ قَبْلَهَا) أَيْ الرِّدَّةِ (أَوْ بَعْدَهَا) (وَأَحَدُ أَبَوَيْهِ) مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ وَإِنْ عَلَا أَوْ مَاتَ (مُسْلِمٌ فَمُسْلِمٌ) تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ (أَوْ) وَأَبَوَاهُ (مُرْتَدَّانِ) وَلَيْسَ فِي أُصُولِهِ مُسْلِمٌ (فَمُسْلِمٌ) فَلَا يُسْتَرَقُّ وَيَرِثُهُ قَرِيبُهُ الْمُسْلِمُ وَيُجْزِئُ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَإِنْ كَانَ قِنًّا لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ فِي أَبَوَيْهِ (وَفِي قَوْلٍ مُرْتَدٌّ) بِالتَّبَعِيَّةِ (وَفِي قَوْلٍ) هُوَ (كَافِرٌ أَصْلِيٌّ) لِتَوَلُّدِهِ بَيْنَ كَافِرَيْنِ وَلَمْ يُبَاشِرْ إسْلَامًا حَتَّى يُغَلَّظَ عَلَيْهِ فَيُعَامَلَ مُعَامَلَةَ وَلَدِ الْحَرْبِيِّ؛ إذْ لَا أَمَانَ لَهُ، نَعَمْ لَا يُقَرُّ بِجِزْيَةٍ؛ لِأَنَّ كُفْرَهُ لَمْ يَسْتَنِدْ لِشُبْهَةِ دِينٍ كَانَ حَقًّا قَبْلَ الْإِسْلَامِ (قُلْت: الْأَظْهَرُ) هُوَ (مُرْتَدٌّ) وَقَطَعَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ (وَنَقَلَ الْعِرَاقِيُّونَ) أَيْ إمَامُهُمْ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ (الِاتِّفَاقَ) مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ (عَلَى كُفْرِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَلَا يُقْتَلُ حَتَّى يَبْلُغَ وَيَمْتَنِعَ عَنْ الْإِسْلَامِ وَلَا يُسْتَرَقُّ بِوَجْهٍ، أَمَّا لَوْ كَانَ فِي أَحَدِ أُصُولِهِ مُسْلِمٌ وَإِنْ بَعُدَ وَمَاتَ فَهُوَ مُسْلِمٌ تَبَعًا لَهُ اتِّفَاقًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي اللَّقِيطِ أَوْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مُرْتَدٌّ، وَالْآخَرُ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ فَكَافِرٌ أَصْلِيٌّ، قَالَهُ الْبَغَوِيّ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ مَنْ يُقِرُّ أَوْلَى بِالنَّظَرِ إلَيْهِ مِمَّنْ لَا يُقِرُّ هَذَا كُلُّهُ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا، أَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَكُلُّ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الْبُلُوغِ مِنْ أَوْلَادِ الْكُفَّارِ الْأَصْلِيِّينَ وَالْمُرْتَدِّينَ فِي الْجَنَّةِ فِي الْأَصَحِّ (وَفِي) (زَوَالِ مِلْكِهِ عَنْ مَالِهِ بِهَا) أَيْ بِالرِّدَّةِ (أَقْوَالٌ) أَحَدُهَا نَعَمْ مُطْلَقًا حَقِيقَةً، وَلَا يُنَافِيهِ عَوْدُهُ بِالْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ. ثَانِيهَا وَثَالِثُهَا وَهُوَ (أَظْهَرُهَا إنْ هَلَكَ مُرْتَدًّا بَانَ زَوَالُ مِلْكِهِ بِهَا وَإِنْ أَسْلَمَ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ) ؛ لِأَنَّ بُطْلَانَ عَمَلِهِ يَتَوَقَّفُ عَلَى مَوْتِهِ مُرْتَدًّا فَكَذَا زَوَالُ مِلْكِهِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ مَا مَلَكَهُ فِي الرِّدَّةِ بِنَحْوِ اصْطِيَادٍ فَهُوَ إمَّا فَيْءٌ أَوْ بَاقٍ عَلَى إبَاحَتِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ رُجُوعِهِ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ بَرِئْت مِنْ كَذَا فَيُبَرَّأُ مِنْهُ ظَاهِرًا، أَمَّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَالْعِبْرَةُ بِمَا فِي نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَكَرُّرِ لَفْظِ أَشْهَدُ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ إسْلَامُهُ بِدُونِهَا وَإِنْ أَتَى بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمَا) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إنْ انْعَقَدَ قَبْلَهَا) أَيْ أَوْ مُقَارِنًا لَهَا اهـ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ عَلَى التَّحْرِيرِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلَا) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ مَاتَ) أَيْ فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي وَلَوْ قَبْلَ الْحَمْلِ بِهِ بِسِنِينَ عَدِيدَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِي أُصُولِهِ مُسْلِمٌ) أَيْ وَإِنْ بَعُدَ لَكِنْ حَيْثُ عُدَّ مَنْسُوبًا إلَيْهِ بِحَيْثُ يَرِثُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَلَا يُقْتَلُ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَا ضَمَانَ عَلَى قَاتِلِهِ لِلْحُكْمِ بِرِدَّتِهِ مَا لَمْ يُسْلِمْ، وَكَانَ الْأَوْلَى لَهُ أَنْ يَقُولَ: وَلَا يُقْتَلُ إلَخْ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْقَتْلِ قَبْلَ الْبُلُوغِ لَا يَتَفَرَّعُ عَلَى الرِّدَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَعُدَ) أَيْ حَيْثُ عُدَّ مَنْسُوبًا إلَيْهِ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَا مَلَكَهُ) فِي التَّعْبِيرِ بِهِ مُسَامَحَةٌ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ إذَا مَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ كَانَ بَاقِيًا عَلَى إبَاحَتِهِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فِيمَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ فِي الرِّدَّةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ اُنْتُزِعَ مِنْهُ قَبْلَ إسْلَامِهِ مَا صَادَهُ فِي الرِّدَّةِ فَهَلْ يَمْلِكُهُ الْآخِذُ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ حِينَ الْأَخْذِ فَلَا يُؤْمَرُ بِرَدِّهِ لَهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ أَوْ لَا، وَيَجِبُ رَدُّهُ عَلَيْهِ إذَا أَسْلَمَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، فَإِنْ عَدِمَ الْمِلْكَ غَايَتُهُ أَنَّهُ يَقْتَضِي حُرْمَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْمُغَايَرَةِ إلَى الْخِلَافِ، إذْ لَوْ ثَنَّى هُنَا أَيْضًا فَاتَتْ هَذِهِ الْإِشَارَةُ كَمَا لَا يَخْفَى وَحِينَئِذٍ فَمَا صَنَعَهُ الْمُصَنِّفُ أَحْسَنُ مِمَّا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُعْتَرِضُ، وَإِنْ قَالَ الشِّهَابُ سم إنَّ مَا ذُكِرَ إنَّمَا هُوَ مُصَحِّحٌ لِلْعِبَارَةِ بِتَكَلُّفٍ لَا دَافِعَ لِأَحْسَنِيَّةِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُعْتَرِضُ (قَوْلُهُ: وَقَطَعَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ) الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ إنَّمَا هُوَ أَنَّهُ كَافِرٌ لَا بِخُصُوصِ الرِّدَّةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ إمَامُهُمْ إلَخْ.) مُرَادُهُ بِهَذَا الْجَوَابِ عَنْ نَقْلِ الْمُصَنِّفِ حِكَايَةَ الِاتِّفَاقِ عَنْ جَمِيعِ الْعِرَاقِيِّينَ مَعَ أَنَّ النَّاقِلَ لَهُ إنَّمَا هُوَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَهُوَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لِمَا نَقَلَهُ إمَامُهُمْ وَهْم أَتْبَاعُهُ فَكَأَنَّهُمْ نَقَلُوهُ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَا مَلَكَهُ فِي الرِّدَّةِ)

وَفِي مَالٍ مُعَرَّضٍ لِلزَّوَالِ لَا نَحْوُ أُمِّ وَلَدٍ وَمُكَاتَبٍ وَالْأَصَحُّ عَلَى الْقَوْلِ بِبَقَاءِ مِلْكِهِ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مَحْجُورًا بِمُجَرَّدِ الرِّدَّةِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ ضَرْبِ الْحَاكِمِ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَا اقْتَضَاهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَأَنَّهُ يَكُونُ كَحَجْرِ الْفَلَسِ لِأَجْلِ حَقِّ أَهْلِ الْفَيْءِ (وَعَلَى الْأَقْوَالِ) كُلِّهَا (يُقْضَى مِنْهُ دَيْنٌ لَزِمَهُ قَبْلَهَا) أَيْ الرِّدَّةِ بِإِتْلَافٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ فِيهَا بِإِتْلَافٍ كَمَا يَأْتِي، أَمَّا عَلَى بَقَاءِ مِلْكِهِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا عَلَى زَوَالِهِ فَهِيَ لَا تَزِيدُ عَلَى الْمَوْتِ، وَالدَّيْنُ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْوَرَثَةِ فَعَلَى حَقِّ الْفَيْءِ أَوْلَى وَمِنْ ثَمَّ لَوْ مَاتَ مُرْتَدًّا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وُفِّيَ، ثُمَّ مَا بَقِيَ فَيْءٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ انْتِقَالُ جَمِيعِ الْمَالِ لِبَيْتِ الْمَالِ مُتَعَلِّقًا بِهِ الدَّيْنُ، كَمَا أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ انْتِقَالُ جَمِيعِ التَّرِكَةِ لِلْوَارِثِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَإِنْ ادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ إلَيْهِ إلَّا مَا بَقِيَ (وَيُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْهُ) مُدَّةَ الِاسْتِتَابَةِ كَمَا يُجَهَّزُ الْمَيِّتُ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ بِمَوْتِهِ (وَالْأَصَحُّ) بِنَاءً عَلَى زَوَالِ مِلْكِهِ (أَنَّهُ يَلْزَمُهُ غُرْمُ إتْلَافِهِ فِيهَا) كَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا تَعَدِّيًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ (وَنَفَقَةُ) يَعْنِي مُؤْنَةُ (زَوْجَاتٍ وَقَفَ نِكَاحُهُنَّ) نَفَقَةَ الْمُوسِرِينَ (وَقَرِيبٍ) أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ وَإِنْ تَعَدَّدَ وَتَجَدَّدَ بَعْدَ الرِّدَّةِ وَأُمِّ وَلَدٍ لِتَقَدُّمِ سَبَبِ وُجُوبِهَا. وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ زَوَالِ مِلْكِهِ (وَإِذَا وَقَفْنَا مِلْكَهُ فَتَصَرُّفُهُ) فِيهَا (إنْ احْتَمَلَ الْوَقْفَ) بِأَنْ قَبِلَ التَّعْلِيقَ (كَعِتْقٍ وَتَدْبِيرٍ وَوَصِيَّةِ مَوْقُوفٍ إنْ أَسْلَمَ نَفَذَ) بِالْمُعْجَمَةِ: أَيْ بَانَ نُفُوذُهُ (وَإِلَّا فَلَا) وَلَوْ أَوْصَى قَبْلَ الرِّدَّةِ وَمَاتَ مُرْتَدًّا بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ أَيْضًا (وَبَيْعُهُ) وَنِكَاحُهُ (وَهِبَتُهُ وَرَهْنُهُ وَكِتَابَتُهُ) مِنْ كُلِّ مَا لَا يَقْبَلُ الْوَقْفَ لِعَدَمِ قَبُولِهِ لِلتَّعْلِيقِ (بَاطِلَةٌ) فِي الْجَدِيدِ لِبُطْلَانِ وَقْفِ الْعُقُودِ وَوَقْتُ التَّبَيُّنِ إنَّمَا يَكُونُ حَيْثُ وُجِدَ الشَّرْطُ حَالَ الْعَقْدِ وَلَمْ يُعْلَمْ وُجُودُهُ، وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الشَّرْطَ احْتِمَالُ الْعَقْدِ لِلتَّعْلِيقِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ وَإِنْ احْتَمَلَهُ مَقْصُودُ الْعَقْدِ فِي الْكِتَابَةِ (وَفِي الْقَدِيمِ مَوْقُوفَةٌ) بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ وَقْفِ الْعُقُودِ، فَإِنْ أَسْلَمَ حُكِمَ بِصِحَّتِهَا وَإِلَّا فَلَا (وَعَلَى الْأَقْوَالِ) كُلِّهَا خِلَافًا لِمَنْ خَصَّهُ بِغَيْرِ الْأَوَّلِ (يُجْعَلُ مَالُهُ مَعَ عَدْلٍ، وَأَمَتُهُ عِنْدَ) نَحْوُ (امْرَأَةٍ ثِقَةٍ) أَوْ مَحْرَمٍ (وَيُؤَجَّرُ مَالُهُ) كَعَقَارِهِ وَحَيَوَانِهِ صِيَانَةً لَهُ عَنْ الضَّيَاعِ وَيَبِيعُهُ الْحَاكِمُ لِهَرَبِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالتَّعَرُّضِ لَا عَدَمَ مِلْكِ الْآخِذِ، وَنَظِيرُ هَذَا مَا تَحَجَّرَهُ الْمُسْلِمُ مِنْ الْمَوَاتِ وَلَمْ يُحْيِهِ (قَوْلُهُ: لَا نَحْوُ أُمِّ وَلَدٍ وَمُكَاتَبٍ) أَيْ أَمَّا هُمَا فَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُمَا اتِّفَاقًا لِثُبُوتِ حَقِّ الْعِتْقِ لَهُمَا قَبْلَ رِدَّتِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْقَوْلِ بِبَقَاءِ مِلْكِهِ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ يَكُونُ) أَيْ إذَا حُجِرَ عَلَيْهِ يَكُونُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَهِيَ لَا تَزِيدُ عَلَى الْمَوْتِ) اُنْظُرْ عَلَى هَذَا أَيَّ فَائِدَةٍ فِي بَقَاءِ مِلْكِهِ حَيْثُ كَانَ مَالُهُ يُجْعَلُ تَحْتَ يَدِ عَدْلٍ وَيُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى زَوْجَاتِهِ وَتُقْضَى مِنْهُ دُيُونٌ لَزِمَتْهُ بَعْدَ الرِّدَّةِ، وَأَيَّ فَرْقٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَقْفِ مِلْكِهِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إذَا قُلْنَا بِزَوَالِ مِلْكِهِ وَمَضَى عَلَيْهِ حَوْلٌ فِي الرِّدَّةِ ثُمَّ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةٌ لِعَدَمِ مِلْكِهِ. وَمِنْ فَوَائِدِهِ أَنَّا إذَا قُلْنَا بِالْوَقْفِ أُنْفِقَ عَلَى زَوْجَاتِهِ وَأَقَارِبِهِ قَطْعًا، وَإِذَا قُلْنَا بِزَوَالِ مِلْكِهِ فَفِيهِ فِي الْخِلَافِ الْآتِي قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ يَلْزَمُ غُرْمُ إتْلَافِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ادَّعَى بَعْضُهُمْ إلَخْ) وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي فَوَائِدِ التَّرِكَةِ. فَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْنَعُ الدِّينُ انْتِقَالَهَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالزَّوَائِدِ وَإِنْ قُلْنَا يَمْنَعُ تَعَلُّقَ (قَوْلُهُ: وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْهُ مُدَّةَ الِاسْتِتَابَةِ) هُوَ ظَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي. أَمَّا عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ وُجُوبِ الِاسْتِتَابَةِ حَالًا فَكَجِوَازِ التَّأْخِيرِ لِعُذْرٍ قَامَ بِالْقَاضِي أَوْ بِالْمُرْتَدِّ كَجُنُونٍ عَرَضَ عَقِبَ الرِّدَّةِ (قَوْلُهُ مَعَ عَدْلٍ) أَيْ: فِي يَدِ عَدْلٍ، وَقَوْلُهُ وَيُؤَجَّرُ مَالُهُ: أَيْ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي. ـــــــــــــــــــــــــــــQيَعْنِي: مَا حَازَهُ فِي الرِّدَّةِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا اقْتَضَاهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ اقْتِضَاءِ ظَاهِرِ كَلَامِهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى زَوَالِ مِلْكِهِ) يَعْنِي: أَنَّ الْخِلَافَ الْأَصَحُّ وَمُقَابِلُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى زَوَالِ مِلْكِهِ لَا خُصُوصِ الْأَصَحِّ وَقَدْ أَعَادَ هَذَا فِيمَا يَأْتِي فِي حِكَايَةِ الْمُقَابِلِ وَالْأَوْلَى عَدَمُ إعَادَتِهِ (قَوْلُهُ: وَنِكَاحُهُ) اُنْظُرْ هَلْ الْخِلَافُ يَجْرِي فِيهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: مَقْصُودُ الْعَقْدِ) أَيْ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: وَيَبِيعُهُ) يَعْنِي: الْحَيَوَانَ كَمَا لَا يَخْفَى.

[كتاب الزنى]

إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً (وَيُؤَدِّي مُكَاتَبُهُ النُّجُومَ إلَى الْقَاضِي) وَيُعْتَقُ؛ إذْ لَا يُعْتَدُّ بِقَبْضِ الْمُرْتَدِّ كَالْمَجْنُونِ وَذَلِكَ احْتِيَاطٌ لَهُ لِاحْتِمَالِ إسْلَامِهِ وَلِلْمُسْلِمِينَ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ عَلَى رِدَّتِهِ. اللَّهُمَّ تَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ بِمُحَمَّدٍ كِتَابُ الزِّنَى بِالْقَصْرِ أَفْصَحُ مِنْ مَدِّهِ، وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ. قَالَ تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا} [الإسراء: 32] وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْمِلَلِ عَلَى تَحْرِيمِهِ، وَلِهَذَا كَانَ حَدُّهُ أَشَدَّ الْحُدُودِ؛ لِأَنَّهُ جِنَايَةٌ عَلَى الْأَعْرَاضِ وَالْأَنْسَابِ. وَهُوَ (إيلَاجُ) أَيْ إدْخَالُ (الذَّكَرِ) الْأَصْلِيِّ الْمُتَّصِلِ وَلَوْ أَشَلَّ: أَيْ جَمِيعِ حَشَفَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَا وَجَبَ الْغُسْلُ بِهِ حُدَّ بِهِ وَمَا لَا فَلَا، وَدَعْوَى الزَّرْكَشِيّ وُجُوبَ الْحَدِّ فِي الزَّائِدِ كَمَا تَجِبُ الْعِدَّةُ بِإِيلَاجِهِ مَرْدُودَةٌ، فَقَدْ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ بِعَدَمِ حُصُولِ التَّحْلِيلِ وَالْإِحْصَانِ بِهِ فَهُنَا أَوْلَى، وَوُجُوبُ الْعِدَّةِ لِلِاحْتِيَاطِ لِاحْتِمَالِ الْإِحْبَالِ مِنْهُ كَاسْتِدْخَالِ الْمَنِيِّ، وَيُتَّجَهُ تَقْيِيدُ إطْلَاقِ الْبَغَوِيّ الْمَذْكُورِ فِي الْإِحْصَانِ وَالتَّحْلِيلِ بِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْغُسْلِ بِهِ أَوْ قَدْرِهَا مِنْ فَاقِدِهَا لَا مُطْلَقًا، خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ حَيْثُ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ لَوْ ثَنَى ذَكَرَهُ وَأَدْخَلَ قَدْرَهَا مِنْهُ تَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ وَلَوْ مَعَ حَائِلٍ وَإِنْ كَثُفَ مِنْ آدَمِيٍّ وَاضِحٍ، وَلَوْ ذَكَرَ نَائِمٍ اسْتَدْخَلَتْهُ امْرَأَةٌ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ انْتِشَارُهُ كَمَا هُوَ الْأَقْرَبُ وَإِنْ بَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ خِلَافَهُ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّهُ لَا حَدَّ بِإِيلَاجِ بَعْضِ الْحَشَفَةِ كَالْغُسْلِ، نَعَمْ يُتَّجَهُ أَنَّهُ لَوْ قُطِعَ مِنْ جَانِبِهَا فِلْقَةٌ يَسِيرَةٌ بِحَيْثُ ـــــــــــــــــــــــــــــSكِتَابُ الزِّنَى (قَوْلُهُ: وَهُوَ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ) لَمْ يُبَيِّنْ الشَّارِحُ مَرْتَبَتَهُ بَعْدَ كَوْنِهِ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ، وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: وَهُوَ أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ بَعْدَ الْقَتْلِ اهـ. وَفِي كَلَامِ بَعْضِ شُرَّاحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ أَكْبَرَ الْكَبَائِرِ الشِّرْكُ بِاَللَّهِ ثُمَّ قَتْلُ النَّفْسِ، وَأَنَّ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ السَّبْعِ الْمُوبِقَاتِ وَغَيْرِهَا كَالزِّنَا لَا تَرْتِيبَ فِيهِ، وَإِنَّمَا يُقَالُ فِي كُلِّ فَرْدٍ مِنْهُ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ إيلَاجُ الذَّكَرِ) أَيْ شَرْعًا، وَأَمَّا لُغَةً فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُطْلَقُ الْإِيلَاجِ مِنْ غَيْرِ نِكَاحٍ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَا وَجَبَ الْغُسْلُ بِهِ حُدَّ بِهِ) أَيْ الذَّكَرُ الزَّائِدُ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ بِإِيلَاجِهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ عَلَى سَمْتِ الْأَصْلِيِّ فَلَا يَجِبُ الْحَدُّ بِهِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى سَمْتِ الْأَصْلِيِّ حُدَّ بِهِ، وَقَضِيَّةُ مَا رُدَّ بِهِ عَلَى الزَّرْكَشِيّ خِلَافُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِانْتِفَاءِ الْأَصَالَةِ عَنْهُ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَالْأَوْجَهُ إلَخْ أَنَّهُ إذَا عَلَتْ الْمَرْأَةُ عَلَيْهِ حَتَّى دَخَلَتْ حَشَفَتُهُ فِي فَرْجِهَا مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ دَفْعِهَا وَجَبَ الْحَدُّ لِوُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَيْهِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ تَمْكِينَهَا مِنْ ذَلِكَ كَفِعْلِهِ فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ اخْتِلَاطِ الْأَنْسَابِ (قَوْلُهُ: فِي الزَّائِدِ) أَيْ الذَّكَرِ الزَّائِدِ (قَوْلُهُ: بِعَدَمِ حُصُولِ التَّحْلِيلِ وَالْإِحْصَانِ بِهِ) أَيْ بِالزَّائِدِ (قَوْلُهُ: بِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْغُسْلِ) أَيْ بِأَنْ تَمَيَّزَ عَنْ الْأَصْلِيِّ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى سَمْتِهِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ عَلَى زَائِدٍ يَجِبُ الْغُسْلُ بِإِيلَاجِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَدْرِهَا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَيْ جَمِيعِ حَشَفَتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ حَائِلٍ) غَايَةٌ فِي وُجُوبِ الْحَدِّ (قَوْلُهُ: مِنْ آدَمِيٍّ وَاضِحٍ) أَيْ أَوْ أَجْنَبِيٍّ تَحَقَّقَتْ ذُكُورَتُهُ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرَهُ فِي الْمُولَجِ فِيهِ فَيَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الزِّنَى] (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ جِنَايَةٌ إلَخْ.) لَعَلَّهُ عِلَّةٌ لِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْمِلَلِ فَكَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ وَلِهَذَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَا وَجَبَ الْغُسْلُ بِهِ) أَيْ وَهُوَ الزَّائِدُ الْعَامِلُ أَوْ الْمُسَامِتُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَامِلًا كَمَا مَرَّ هُنَاكَ (قَوْلُهُ: مَرْدُودَةٌ) يَعْنِي: بِالنِّسْبَةِ لِإِطْلَاقِ الزَّائِدِ، وَإِلَّا فَبَعْضُ أَفْرَادِ الزَّائِدِ يُحَدُّ بِهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَوْ قَدْرِهَا) مَعْطُوفٌ عَلَى جَمِيعِ حَشَفَتِهِ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ

تُسَمَّى حَشَفَةً مَعَ ذَلِكَ وَيُحِسُّ وَيَلْتَذُّ بِهَا كَالْكَامِلَةِ وَجَبَ الْحَدُّ بِهَا (بِفَرْجٍ) أَيْ قُبُلِ آدَمِيَّةٍ وَاضِحٍ أَصْلِيٍّ وَلَوْ غَوْرَاءَ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ قِيَاسًا عَلَى الْجِنَايَةِ، أَوْ جِنِّيَّةٍ تَحَقَّقَتْ أُنُوثَتُهَا كَمَا بَحَثَهُ الْعِرَاقِيُّ؛ لِأَنَّ الطَّبْعَ لَا يَنْفِرُ مِنْهَا حِينَئِذٍ (مُحَرَّمٍ لِعَيْنِهِ خَالٍ عَنْ الشُّبْهَةِ) الَّتِي يُعْتَدُّ بِهَا كَوَطْءِ أَمَةِ بَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ الَّذِي لَهُ حَقٌّ فِيهِ، إذْ لَا يَسْتَحِقُّ فِيهِ الْإِعْفَافَ بِحَالٍ، وَحَرْبِيَّةٍ لَا بِقَصْدِ قَهْرٍ أَوْ اسْتِيلَاءٍ، وَمَمْلُوكَةِ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ عَلَى مَا مَرَّ مُفَصَّلًا فِي الرَّهْنِ، وَمَا نُقِلَ عَنْ عَطَاءٍ فِي ذَلِكَ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ (مُشْتَهًى طَبْعًا) رَاجِعٌ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ لِكُلٍّ مِنْ الذَّكَرِ وَالْفَرْجِ وَإِنْ أَوْهَمَ صَنِيعُهُ خِلَافَهُ. وَحُكْمُ هَذَا الْإِيلَاجِ الَّذِي هُوَ مُسَمَّى اسْمِ الزِّنَى، إذْ الْإِيلَاجُ الْمَذْكُورُ بِقُيُودِهِ هُوَ مُسَمَّاهُ، وَالِاسْمُ الزِّنَى إذَا وُجِدَتْ هَذِهِ الْقُيُودُ جَمِيعُهَا أَنَّهُ (يُوجِبُ الْحَدَّ) الْجَلْدَ وَالتَّغْرِيبَ أَوْ الرَّجْمَ بِالْإِجْمَاعِ، وَسَيَأْتِي مُحْتَرَزَاتُ هَذِهِ كُلِّهَا. وَالْخُنْثَى حُكْمُهُ هُنَا كَالْغُسْلِ إنْ وَجَبَ الْغُسْلُ وَجَبَ الْحَدُّ وَإِلَّا فَلَا، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ خَالٍ عَنْ الشُّبْهَةِ لَا يُوصَفُ بِحِلٍّ وَلَا بِحُرْمَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْحَدُّ إذَا مَكَّنَتْهُ (قَوْلُهُ: بِفَرْجٍ) أَيْ وَلَوْ فَرْجَ نَفْسِهِ كَأَنْ أَدْخَلَ ذَكَرَهُ فِي دُبُرِهِ، وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعَصْرِ خِلَافُهُ فَاحْذَرْهُ، وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ مَا يُصَرِّحُ بِمَا قُلْنَاهُ وَهَلْ مِنْ الْفَرْجِ مَا لَوْ أَدْخَلَ ذَكَرَهُ فِي ذَكَرِ غَيْرِهِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَإِطْلَاقُ الْفَرْجِ يَشْمَلُهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ جِنِّيَّةٍ تَحَقَّقَتْ أُنُوثَتُهَا) فَيَجِبُ عَلَى وَاطِئِهَا الْحَدُّ ظَاهِرُهُ وَلَوْ عَلَى غَيْرِ صُورَةِ الْآدَمِيَّةِ لَكِنَّ التَّعْلِيلَ يَقْتَضِي خِلَافَهُ، وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ فَقَيَّدَ بِمَا إذَا تَشَكَّلَتْ بِشَكْلِ الْآدَمِيَّاتِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا تَحَقَّقَ أُنُوثَتَهَا، وَأَنَّهَا مِنْ الْجِنِّ عَلِمَ أَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ الصُّورَةَ الْأَصْلِيَّةَ فَلَمْ يَنْفِرْ طَبْعُهُ مِنْهَا النَّفْرَةَ الْكُلِّيَّةَ (قَوْلُهُ: مُحَرَّمٍ لِعَيْنِهِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يَرِدُ عَلَيْهِ مَنْ تَزَوَّجَ خَامِسَةً انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ فَإِنَّهُ يُحَدُّ بِوَطْئِهَا مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مُحَرَّمَةً لِعَيْنِهَا بَلْ لِزِيَادَتِهَا عَلَى الْعَدَدِ الشَّرْعِيِّ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهَا لَمَّا زَادَتْ عَنْ الْعَدَدِ الشَّرْعِيِّ كَانَتْ كَأَجْنَبِيَّةٍ لَمْ يَتَّفِقْ عَقْدٌ عَلَيْهَا مِنْ الْوَاطِئِ فَجُعِلَتْ مُحَرَّمَةً لِعَيْنِهَا لِعَدَمِ مَا يُزِيلُ التَّحْرِيمَ الْقَائِمَ بِهَا ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ: كَوَطْءِ أَمَةِ بَيْتِ الْمَالِ) مِثَالٌ لِلْخَالِي عَنْ الشُّبْهَةِ، وَكَتَبَ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ كَوَطْءِ أَمَةِ بَيْتِ الْمَالِ: أَيْ وَإِنْ خَافَ الزِّنَى فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ؛ إذْ لَا يَسْتَحِقُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا بِقَصْدِ قَهْرٍ أَوْ اسْتِيلَاءٍ) أَيْ فَإِنْ كَانَ بِقَصْدِهِمَا لَا يُحَدُّ لِدُخُولِهَا فِي مِلْكِهِ، وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ مَقْهُورًا كَمُقَيَّدٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ: وَمَا نُقِلَ عَنْ عَطَاءٍ فِي ذَلِكَ) أَيْ وَطْءِ مَمْلُوكَةِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَوْهَمَ صَنِيعُهُ) أَيْ حَيْثُ أَخَّرَهُ عَنْ وَصْفِ الْفَرْجِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُوجِبُ الْحَدَّ) أَيْ: وَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ مِائَةَ مَرَّةٍ مَثَلًا حَيْثُ كَانَ مِنْ الْجِنْسِ فَيَكْفِي فِيهِ حَدٌّ وَاحِدٌ. أَمَّا إذَا أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ ثُمَّ زَنَى بَعْدَ ذَلِكَ فَيُقَامُ عَلَيْهِ ثَانِيًا وَهَكَذَا، ثُمَّ رَأَيْتُهُ كَذَلِكَ عَنْ فَتَاوَى الشَّارِحِ، وَعِبَارَتُهُ: سُئِلَ الشَّمْسُ الرَّمْلِيُّ فِيمَنْ زَنَى مِائَةَ مَرَّةٍ مَثَلًا فَهَلْ يَلْزَمُهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ حَدٌّ، وَإِذَا مَاتَ الزَّانِي وَلَمْ يَتُبْ هَلْ يُحَدُّ فِي الْآخِرَةِ، وَإِذَا تَابَ عِنْدَ الْمَوْتِ هَلْ يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ، وَهَلْ لِلزَّوْجِ عَلَى مَنْ زَنَى بِغَيْرِ عِلْمِهِ، وَإِذَا مَاتَ الزَّانِي هَلْ يَسْقُطُ حَقُّ زَوْجِهَا عَنْهُ؟ فَأَجَابَ يُكْتَفَى بِحَدٍّ وَاحِدٍ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ، وَلَا حَدَّ فِي الْآخِرَةِ، وَلَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ، وَلِلزَّوْجِ حَقٌّ عَلَى الزَّانِي بِزَوْجَتِهِ، وَيَسْقُطُ حَقُّهُ بِالتَّوْبَةِ الَّتِي تَوَفَّرَتْ شُرُوطُهَا (قَوْلُهُ: وَجَبَ الْغُسْلُ) بِأَنْ أَوْلَجَ وَأُولِجَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ بِأَنْ أَوْلَجَ فَقَطْ أَوْ أُولِجَ فِيهِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: لَا يُوصَفُ بِحِلٍّ وَلَا حُرْمَةٍ) الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ مَا فِيهِ الشُّبْهَةُ لَا يُوصَفُ بِحِلٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَائِلٍ غَايَةٌ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: أَوْ جِنِّيَّةٍ) اُنْظُرْ هَلْ مِثْلُهَا الْجِنِّيُّ أَوْ لَا فَمَا الْفَرْقُ (قَوْلُهُ: كَوَطْءِ أَمَةِ بَيْتِ الْمَالِ) مِثَالٌ لِلْخَالِي عَنْ الشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ: لَا يُوصَفُ بِحِلٍّ وَلَا حُرْمَةٍ) سَقَطَ قَبْلَ هَذَا كَلَامٌ مِنْ النُّسَخِ. وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ قِيلَ خَالٍ عَنْ الشُّبْهَةِ مُسْتَدْرَكٌ لِإِغْنَاءِ مَا قَبْلَهُ عَنْهُ، إذْ الْأَصَحُّ أَنَّ وَطْءَ الشُّبْهَةِ لَا يُوصَفُ إلَى آخِرِ مَا فِي الشَّارِحِ، وَقَوْلُهُ: إذْ الْأَصَحُّ إلَخْ.

رُدَّ بِأَنَّ التَّحْرِيمَ أَصَالَةً لِلْعَيْنِ، وَالشُّبْهَةُ أَمْرٌ طَارِئٌ عَلَيْهِ فَلَمْ يُغْنِ عَنْهَا وَتَعَيَّنَ ذِكْرُهَا لِإِفَادَةِ الِاعْتِدَادِ بِهَا مَعَ طُرُوِّهَا عَلَى الْأَصْلِ (وَدُبُرِ ذَكَرٍ وَأُنْثَى كَقُبُلٍ عَلَى الْمَذْهَبِ) فَفِيهِ رَجْمُ الْفَاعِلِ الْمُحْصَنِ وَجَلْدُ وَتَغْرِيبُ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ دُبُرَ عَبْدِهِ؛ لِأَنَّهُ زِنَى وَفَارَقَ دُبُرَهُ إتْيَانُ أَمَتِهِ وَلَوْ مُحَرَّمًا فِي دُبُرِهَا حَيْثُ لَا يُحَدُّ بِهِ عَلَى الرَّاجِحِ بِأَنَّ الْمِلْكَ يُبِيحُ إتْيَانَ الْقُبُلِ فِي الْجُمْلَةِ وَلَا يُبِيحُ هَذَا الْمَحَلَّ بِحَالٍ، وَفِي قَوْلٍ يُقْتَلُ فَاعِلُهُ بِالسَّيْفِ مُحْصَنًا كَانَ أَوْ لَا، وَفِي طَرِيقٍ أَنَّ الْإِيلَاجَ فِي دُبُرِ الْمَرْأَةِ زِنًى وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ إتْيَانَهُ حَلِيلَتَهُ فِي دُبُرِهَا لَا حَدَّ فِيهِ؛ لِأَنَّ سَائِرَ جَسَدِهَا مُبَاحٌ لِلْوَطْءِ فَانْتَهَضَ شُبْهَةً فِي الدُّبُرِ وَأَمَتُهُ الْمُزَوَّجَةُ تَحْرِيمُهَا لِعَارِضٍ فَلَمْ يُعْتَدَّ بِهِ هَذَا حُكْمُ الْفَاعِلِ. أَمَّا الْمَوْطُوءُ فِي دُبُرِهِ، فَإِنْ أُكْرِهَ أَوْ لَمْ يُكَلَّفْ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مُكَلَّفًا مُخْتَارًا جُلِدَ وَغُرِّبَ وَلَوْ مُحْصَنًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى؛ إذْ الدُّبُرُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ إحْصَانٌ، وَفِي وَطْءِ الْحَلِيلَةِ التَّعْزِيرُ إنْ عَادَ لَهُ بَعْدَ نَهْيِ الْحَاكِمِ لَهُ عَنْهُ. (وَلَا حَدَّ بِمُفَاخَذَةٍ) وَغَيْرِهَا مِمَّا لَا إيلَاجَ فِيهِ كَسِحَاقٍ، وَلَوْ مَكَّنَتْ نَحْوَ قِرْدٍ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا حَدٌّ (وَوَطْءُ زَوْجِهِ) بِهَاءِ الضَّمِيرِ وَبِالتَّاءِ: أَيْ لَهُ (وَأَمَتِهِ فِي) نَحْوِ دُبُرٍ وَ (حَيْضٍ) أَوْ نِفَاسٍ (وَصَوْمٍ وَإِحْرَامٍ) ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لَيْسَ لِعَيْنِهِ بَلْ لِأَمْرٍ عَارِضٍ كَالْإِيذَاءِ وَإِفْسَادِ الْعِبَادَةِ، وَمِثْلُهُ وَطْءُ حَلِيلَتِهِ بِظَنِّ كَوْنِهَا أَجْنَبِيَّةً فَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَلَا حُرْمَةٍ فَلَا حَاجَةَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ خَالٍ عَنْ الشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ: ذَكَرٍ وَأُنْثَى) أَيْ غَيْرِ حَلِيلَةٍ كَمَا يَأْتِي حُرَّةً أَوْ أَمَةً (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ دُبُرَهُ) أَيْ دُبُرَ الْعَبْدَ الْمَمْلُوكَ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا يُحَدُّ بِهِ) أَيْ وَإِنْ تَكَرَّرَ (قَوْلُهُ: يُبِيحُ إتْيَانَ الْقُبُلِ فِي الْجُمْلَةِ) هَذَا التَّعْلِيلُ جَعَلَهُ فِي الْمَنْهَجِ عِلَّةً لِوُجُوبِ الْحَدِّ بِوَطْءِ أَمَتِهِ الْمُحَرَّمِ فِي دُبُرِهَا، أَمَّا عَدَمُ الْحَدِّ فَعَلَّلَهُ بِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمِلْكَ يُبِيحُ لَهُ سَائِرَ جَسَدِهَا: أَيْ وَمِنْهُ التَّمَتُّعُ بِحَلْقَةِ الدُّبُرِ فَدُبُرُ الْأَمَةِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مُبَاحٌ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُبِيحُ هَذَا الْمَحَلَّ) أَيْ الْعَبْدَ فَإِنَّهُ لَا يُبَاحُ مِنْهُ. فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَمَةَ تُبَاحُ فِي الْجُمْلَةِ وَلَا كَذَلِكَ الْعَبْدُ (قَوْلُهُ: وَفِي قَوْلٍ يُقْتَلُ فَاعِلُهُ) أَيْ فَاعِلُ الْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ إتْيَانَهُ حَلِيلَتَهُ فِي دُبُرِهَا) أَيْ زَوْجَةً أَوْ أَمَةً (قَوْلُهُ: لَا حَدَّ فِيهِ) أَيْ وَإِنْ تَكَرَّرَ مِرَارًا وَإِنَّمَا يَجِبُ فِيهِ التَّعْزِيرُ فَقَطْ إنْ تَكَرَّرَ عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ يُعَزَّرُ إنْ عَادَ بَعْدَ نَهْيِ الْحَاكِمِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ لَهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا أَكْرَهَ الْأُنْثَى عَلَى ذَلِكَ لَا مَهْرَ لَهَا، وَمِنْ ثَمَّ كَتَبَ سم عَلَى حَجّ قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ: أَيْ فَلَا يَجِبُ لَهُ مَالٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِتَسْوِيَتِهِمْ بَيْنَ الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ إلَّا فِي مَسَائِلَ لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهَا فَيَجِبُ لَهَا الْمَهْرُ، وَأَشَارَ إلَى ذَلِكَ فِي الْبَهْجَةِ بِقَوْلِهِ: وَالدُّبُرُ مِثْلُ الْقُبُلِ فِي الْإِتْيَانِ ... لَا الْحِلِّ وَالتَّحْلِيلِ وَالْإِحْصَانِ وَفَيْئَةُ الْإِيَلَا وَنَفْيُ الْعِنَّهْ ... وَالْإِذْنُ نُطْقًا وَافْتِرَاشُ الْقِنَّهْ (قَوْلُهُ: وَفِي وَطْءِ الْحَلِيلَةِ) أَيْ فِي دُبُرِهَا (قَوْلُهُ: إنْ عَادَ لَهُ بَعْدَ نَهْيِ الْحَاكِمِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَا تَعْزِيرَ قَبْلَ نَهْيِ الْحَاكِمِ وَإِنْ تَكَرَّرَ وَطْؤُهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا حَدٌّ) أَيْ وَتُعَزَّرُ وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ، وَمَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَقْهَرْهَا عَلَى ذَلِكَ وَيُقْبَلُ قَوْلُهَا فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَصَوْمٍ وَإِحْرَامٍ) أَيْ وَقَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ وَطْءُ حَلِيلَتِهِ) أَيْ فِي قُبُلِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQحَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ مُحَرَّمٌ لِعَيْنِهِ يُفْهَمُ أَنَّ غَيْرَ الْمُحَرَّمِ لِذَلِكَ لَا حَدَّ فِيهِ. وَمِنْهُ وَطْءُ الشُّبْهَةِ لِأَنَّهُ لَا يُوصَفُ بِحِلٍّ وَلَا حُرْمَةٍ، لَكِنْ نَازَعَ سم فِي كَوْنِ جَمِيعِ أَنْوَاعِ الشُّبْهَةِ لَا يُوصَفُ بِحِلٍّ وَلَا حُرْمَةٍ (قَوْلُهُ: رُدَّ بِأَنَّ التَّحْرِيمَ إلَخْ.) حَاصِلُهُ أَنَّ الشُّبْهَةَ أَيْضًا يَتَّصِفُ فِيهَا الْفَرْجُ بِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ لِعَيْنِهِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا حَدَّ فِيهِ لِلشُّبْهَةِ فَتَعَيَّنَ ذِكْرُهَا لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَجَلْدٌ وَتَغْرِيبُ غَيْرِهِ) أَيْ مِنْ الْفَاعِلِ غَيْرِ الْمُحْصَنِ وَالْمَفْعُولِ بِهِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمِلْكَ يُبِيحُ إتْيَانَ الْقُبُلِ فِي الْجُمْلَةِ) هَذَا لَا يَتَأَتَّى مَعَ قَوْلِهِ فِي دُبُرِهَا وَهُوَ تَابَعَ فِي هَذَا حَجّ، لَكِنَّ ذَاكَ لَمْ يَقُلْ فِي دُبُرِهَا لِأَنَّهُ يَخْتَارُ أَنَّهُ يُحَدُّ بِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ لَهُ شَيْءٌ) صَرِيحٌ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْمَهْرِ لَوْ كَانَتْ الْمَوْطُوءَةُ أُنْثَى (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لَيْسَ لِعَيْنِهِ) لَا يَتَأَتَّى فِي قَوْلِهِ نَحْوُ

وَإِنْ أَثِمَ إثْمَ الزِّنَا بِاعْتِبَارِ ظَنِّهِ لَا يُحَدُّ لِانْتِفَاءِ حُرْمَةِ الْفَرْجِ لِعَيْنِهِ (وَكَذَا أَمَتُهُ الْمُزَوَّجَةُ وَالْمُعْتَدَّةُ) لِكَوْنِ التَّحْرِيمِ عَارِضًا أَيْضًا قَطْعًا، وَقِيلَ فِي الْأَظْهَرِ (وَكَذَا مَمْلُوكَتُهُ الْمُحَرَّمَةُ) بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ، وَلِخَبَرِ «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ» وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ نَحْوُ ابْنَتِهِ لِزَوَالِ مِلْكِهِ بِمُجَرَّدِ مِلْكِهِ لَهَا فَلَمْ تَكُنْ مِلْكَهُ حَالَةَ وَطْئِهَا عَلَى أَنَّهُ يُتَصَوَّرُ مِلْكُهُ لَهَا كَمَا يَأْتِي فَلَا اعْتِرَاضَ أَيْضًا، وَكَذَا مَنْ ظَنَّهَا حَلِيلَتَهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ أَوْ مَمْلُوكَتَهُ كُلًّا لَا بَعْضًا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَقَالَ آخَرُونَ: لَا فَرْقَ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ ظَنَّ مِلْكِ الْبَعْضِ لَا يُفِيدُ الْحِلَّ فَلَيْسَ شُبْهَةً كَمَنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ وَظَنَّ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْأَوَّلَ مُسْقِطٌ لَوْ وُجِدَ حَقِيقَةً فَاعْتُقِدَ مُسْقِطًا، بِخِلَافِ الثَّانِي لَا يَسْقُطُ بِوَجْهٍ فَلَمْ يُؤَثِّرْ اعْتِقَادُهُ، وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِاعْتِقَادِ الْمُسْقِطِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ مَتَى لَمْ يَظُنَّ الْحِلَّ فَهُوَ غَيْرُ مَعْذُورٍ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي فِي نَحْوِ السَّرِقَةِ؛ لِأَنَّهُمْ تَوَسَّعُوا فِي الشُّبْهَةِ فِيهَا مَا لَمْ يَتَوَسَّعُوا هُنَا، وَمَنْ ادَّعَى جَهْلَ التَّحْرِيمِ بِنَسَبٍ بَعْدَ تَزَوُّجِهَا وَوَطْئِهَا لَمْ يُصَدَّقْ، نَعَمْ إنْ جَهِلَ مَعَ ذَلِكَ النَّسَبِ، وَلَمْ يَبِنْ لَنَا كَذِبُهُ صُدِّقَ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، أَوْ بِتَحْرِيمِهَا بِرَضَاعٍ صُدِّقَ أَيْضًا فِي أَظْهَرِ الْقَوْلَيْنِ إنْ كَانَ مِمَّا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ، أَوْ بِكَوْنِهَا مُزَوَّجَةً أَوْ مُعْتَدَّةً وَأَمْكَنَ جَهْلُهُ بِذَلِكَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَحُدَّتْ هِيَ دُونَهُ إنْ عَلِمَتْ تَحْرِيمَ ذَلِكَ (وَمُكْرَهٍ فِي الْأَظْهَرِ) لِشُبْهَةِ الْإِكْرَاهِ وَلِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُ. وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى الْمَحْرَمِيَّةِ الَّتِي لَا يُسْتَبَاحُ الْوَطْءُ مَعَهَا بِحَالٍ وَيَقُولُ الِانْتِشَارُ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْوَطْءُ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ شَهْوَةٍ وَاخْتِيَارٍ (وَكَذَا كُلُّ جِهَةٍ أَبَاحَ بِهَا) الْأَصْلَ أَبَاحَهَا فَضَمِنَ أَبَاحَ قَالَ، أَوْ زَادَ الْبَاءَ تَأْكِيدًا أَوْ أَضْمَرَ الْوَطْءَ: أَيْ أَبَاحَهُ بِسَبَبِهَا (عَالِمٌ) يُعْتَدُّ بِخِلَافِهِ لِشُبْهَةِ إبَاحَتِهِ وَإِنْ لَمْ يُقَلِّدْهُ الْفَاعِلُ (كَنِكَاحٍ بِلَا شُهُودٍ عَلَى الصَّحِيحِ) كَمَذْهَبِ مَالِكٍ عَلَى مَا اُشْتُهِرَ عَنْهُ، لَكِنَّ الْمَعْرُوفَ عَنْ مَذْهَبِهِ اعْتِبَارُهُمَا فِي صِحَّةِ الدُّخُولِ حَيْثُ لَمْ يَقَعْ وَقْتَ الْعَقْدِ أَوْ بِلَا وَلِيٍّ كَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ أَوْ بِلَا وَلِيٍّ وَشُهُودٍ كَمَا نُقِلَ عَنْ دَاوُد، وَصَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِجَعْلِهِ مِنْ أَمْثِلَةِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ الَّذِي لَا حَدَّ فِيهِ جَرَيَانَهُ مُؤَقَّتًا بِدُونِ وَلِيٍّ وَشُهُودٍ، فَإِذَا انْتَفَى مَعَ وُجُودِ التَّأْقِيتِ الْمُقْتَضِي لِضَعْفِ الشُّبْهَةِ فَلَأَنْ يَنْتَفِيَ مَعَ انْتِفَائِهِ بِالْأَوْلَى، وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَالثَّانِي يُحَدُّ مُعْتَقِدُ تَحْرِيمِهِ فِي النِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ (وَلَا بِوَطْءِ مَيِّتَةٍ) وَلَوْ أَجْنَبِيَّةً خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ كُتُبِ الْمُصَنِّفِ (فِي الْأَصَحِّ) إذْ هُوَ مِمَّا يَنْفِرُ عَنْهُ الطَّبْعُ فَلَمْ يَحْتَجْ لِزَجْرٍ عَنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَثِمَ إثْمَ الزِّنَا) أَيْ فَيَفْسُقُ بِهِ وَتَسْقُطُ شَهَادَتُهُ وَتُسْلَبُ الْوِلَايَاتُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: لِزَوَالِ مِلْكِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ بِذَلِكَ كَكَوْنِهِ مُكَاتَبًا أَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ وَاشْتَرَاهَا فِي الذِّمَّةِ لَا يُحَدُّ بِوَطْئِهَا وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِ عَلَى أَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: كُلًّا لَا بَعْضًا) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْأَوَّلَ) هُوَ قَوْلُهُ كُلًّا لَا بَعْضًا إلَخْ، وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الثَّانِي: هُوَ قَوْلُهُ كَمَا لَوْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي فِي نَحْوِ السَّرِقَةِ) أَيْ لِلْمَالِ الْمُشْتَرَكِ (قَوْلُهُ: وَأَمْكَنَ جَهْلُهُ) وَمِنْهُ مَا لَوْ ظَنَّ أَنَّ مُضِيَّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ نَحْوِهَا كَافٍ فِي الْعِدَّةِ فَتَزَوَّجَ بِذَلِكَ الظَّنِّ وَوَطِئَ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَمُكْرَهٌ) يَنْبَغِي أَنَّ مِنْ الْإِكْرَاهِ الْمُسْقِطِ لِلْحَدِّ مَا لَوْ اُضْطُرَّتْ امْرَأَةٌ لِطَعَامٍ مَثَلًا، وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ مَنْ لَمْ يَسْمَحْ لَهَا بِهِ إلَّا حَيْثُ مَكَّنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَمَكَّنَتْهُ لِدَفْعِ الْهَلَاكِ عَنْ نَفْسِهَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ يَجُزْ لَهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَالْإِكْرَاهِ، وَهُوَ لَا يُبِيحُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا سَقَطَ عَنْهَا الْحَدُّ لِلشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا كُلُّ جِهَةٍ أَبَاحَ بِهَا عَالِمٌ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ بِهَا وَلَا يُعَاقَبُ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا نُقِلَ عَنْ دَاوُد) أَيْ الظَّاهِرِيِّ (قَوْلُهُ: مِنْ أَمْثِلَةٍ) مَفْعُولٌ ثَانٍ، (وَقَوْلُهُ جَرَيَانَهُ) مَفْعُولٌ أَوَّلُ لِجَعْلِهِ: (وَقَوْلُهُ مَعَ انْتِفَائِهِ) : أَيْ التَّأْقِيتِ (قَوْلُهُ: وَلَا بِوَطْءِ مَيِّتَةٍ) ع: اُسْتُشْكِلَ بِنَقْضِ الْوُضُوءِ بِلَمْسِهَا. أَقُولُ: الْجَوَابُ أَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ اهـ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْله عَلَى أَنْ يُتَصَوَّرَ إلَخْ.) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَدَّ (قَوْلُهُ: أَوْ بِتَحْرِيمِهَا بِرَضَاعٍ) أَيْ ادَّعَى جَهْلَ تَحْرِيمِهَا بِرَضَاعٍ (قَوْلُهُ: فِي صِحَّةِ الدُّخُولِ) يَعْنِي: فِي حِلِّهِ (قَوْلُهُ: بِجَعْلِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْبَاءَ سَبَبِيَّةٌ (قَوْلُهُ: جَرَيَانَهُ) مَعْمُولُ جَعَلَهُ

وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مُشْتَهًى طَبْعًا. وَالثَّانِي يُحَدُّ بِهِ كَوَطْءِ الْحَيَّةِ (وَلَا) بِوَطْءِ (بَهِيمَةٍ فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُشْتَهَاةٍ لِذَلِكَ وَيُمْتَنَعُ قَتْلُهَا، وَلَا يَجِبُ ذَبْحُ الْمَأْكُولَةِ، فَإِنْ ذُبِحَتْ أُكِلَتْ لَكِنَّهُ يُعَزَّرُ فِيهِمَا. وَالثَّانِي قَاسَهُ عَلَى الْمَرْأَةِ. وَالثَّالِثُ يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ مُحْصَنًا كَانَ أَوْ لَا. (وَيُحَدُّ فِي مُسْتَأْجَرَةٍ لِلزِّنَا) بِهَا لِانْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ؛ إذْ لَا يُعْتَدُّ بِالْعَقْدِ الْبَاطِلِ بِوَجْهٍ، وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ إنَّهُ شُبْهَةٌ يُنَافِيهِ الْإِجْمَاعُ عَلَى عَدَمِ ثُبُوتِ النَّسَبِ وَمِنْ ثَمَّ ضَعُفَ مُدْرَكُهُ وَلَمْ يُرَاعَ خِلَافُهُ بِخِلَافِهِ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ، وَاتُّجِهَ أَنَّ لِلشَّافِعِيِّ حَدَّهُ لَوْ رُفِعَ الْحَنَفِيُّ الْفَاعِلُ لَهُ إلَيْهِ خِلَافًا لِلْجُرْجَانِيِّ كَنَظِيرِهِ فِي النَّبِيذِ (وَمُبِيحَةٍ) لِكَوْنِ الْإِبَاحَةِ هُنَا لَغْوًا (وَمَحْرَمٍ) وَوَثَنِيَّةٍ وَخَامِسَةٍ وَمُطَلَّقَةٍ ثَلَاثًا وَمُلَاعَنَةٍ وَمُعْتَدَّةٍ وَمُرْتَدَّةٍ وَذَاتِ زَوْجٍ (وَإِنْ كَانَ) قَدْ (تَزَوَّجَهَا) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلْعَقْدِ الْفَاسِدِ فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي الْإِجَارَةِ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ بِتَزَوُّجِهِ مَجُوسِيَّةً لِلْخِلَافِ فِي صِحَّةِ نِكَاحِهَا كَمَا نَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ عَنْ النَّصِّ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ. (وَشَرْطُهُ) الْتِزَامُ الْأَحْكَامِ، فَلَا حَدَّ عَلَى حَرْبِيٍّ وَمُؤَمَّنٍ، بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ لِالْتِزَامِهِ الْأَحْكَامَ وَ (التَّكْلِيفُ) فَلَا حَدَّ عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُمَا (إلَّا) (السَّكْرَانَ) الْمُتَعَدِّيَ بِسُكْرِهِ فَيُحَدُّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا عَلَى الْأَصَحِّ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ فَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ (وَعُلِمَ تَحْرِيمُهُ) فَلَا حَدَّ عَلَى جَاهِلٍ بِهِ. (وَحَدُّ الْمُحْصَنِ) رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً (الرَّجْمُ) إلَى مَوْتِهِ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ «- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - رَجَمَ مَاعِزًا وَالْغَامِدِيَّةَ» ، وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْجَلْدِ وَالرَّجْمِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَالْإِحْصَانُ لُغَةً: الْمَنْعُ، وَوَرَدَ فِي الشَّرْعِ لِمَعَانٍ: الْإِسْلَامِ وَالْعَقْلِ وَالْبُلُوغِ، وَفُسِّرَ بِكُلٍّ مِنْهَا قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ} [النساء: 25] وَالْحُرِّيَّةِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25] وَالتَّزْوِيجِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 24] وَالْعِفَّةِ عَنْ الزِّنَا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: 4] وَالْإِصَابَةِ فِي النِّكَاحِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} [النساء: 24] وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا (وَهُوَ مُكَلَّفٌ) وَإِنْ طَرَأَ تَكْلِيفُهُ أَثْنَاءَ الْوَطْءِ فَاسْتَدَامَهُ، نَعَمْ لَوْ أَوْلَجَ ظَانًّا أَنَّهُ غَيْرُ بَالِغٍ فَبَانَ كَوْنُهُ بَالِغًا ـــــــــــــــــــــــــــــSسم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ يُعَزَّرُ فِيهِمَا) أَيْ الْمَيِّتَةِ وَالْبَهِيمَةِ وَلَوْ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ. (قَوْلُهُ وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ إنَّهُ) أَيْ الِاسْتِئْجَارَ (قَوْلُهُ: الْفَاعِلَ لَهُ) أَيْ الِاسْتِئْجَارِ (قَوْلُهُ: وَمُبِيحَةٍ) ع: أَيْ وَلَا مَهْرَ وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) غَايَةٌ لِقَوْلِهِ وَمَحْرَمٍ وَوَثَنِيَّةٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ وَإِنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ مِنْ عَدَمِ تَكْلِيفِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا حَدَّ عَلَى جَاهِلٍ بِهِ) أَيْ حَيْثُ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ. [فَرْعٌ] فِي الْعُبَابِ: وَلَوْ قَالَتْ امْرَأَةٌ بَلَغَنِي وَفَاةُ زَوْجِي فَاعْتَدَدْت وَتَزَوَّجْت فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا اهـ: أَيْ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُكَلَّفٌ) أَيْ الْمُحْصَنُ الَّذِي يُرْجَمُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ طَرَأَ تَكْلِيفُهُ أَثْنَاءَ الْوَطْءِ فَاسْتَدَامَهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: الْفَاعِلَ لَهُ) أَيْ لِلِاسْتِئْجَارِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلْعَقْدِ الْفَاسِدِ) لَعَلَّهُ إذَا كَانَ فَسَادُهُ لِعَدَمِ قَابِلِيَّةِ الْمَحَلِّ كَمَا هُنَا، وَإِلَّا فَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ (قَوْلُهُ: رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً) لَا يُنَاسِبُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الْآتِي غَيَّبَ حَشَفَتَهُ عَلَى أَنَّهُ سَيَأْتِي قَوْلُهُ: وَكَمَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي إحْصَانِ الْوَاطِئِ يُعْتَبَرُ فِي إحْصَانِ الْمَوْطُوءَةِ (قَوْلُهُ: بِكُلٍّ مِنْهَا) الْمَعْنَى بِجَمِيعِهَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا) فِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَإِنْ طَرَأَ تَكْلِيفُهُ أَثْنَاءَ الْوَطْءِ) أَيْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ ذِكْرَ هَذِهِ الْغَايَةِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي، وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ التَّغْيِيبِ حَالَ حُرِّيَّتِهِ وَتَكْلِيفِهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ أَوْلَجَ ظَانًّا إلَخْ.) هَذَا الِاسْتِدْرَاكُ لَا مَحَلَّ لَهُ هُنَا، وَإِنَّمَا مَحَلُّهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْمَارِّ. وَشَرْطُهُ التَّكْلِيفُ لِأَنَّ صُورَةَ الْوَجْهَيْنِ أَنَّ مَنْ زَنَى جَاهِلًا بِالْبُلُوغِ ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ كَانَ وَقْتَ الزِّنَى بَالِغًا هَلْ يَلْزَمُهُ الْحَدُّ أَوْ لَا. وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَفِيمَنْ زَنَى جَاهِلًا بِبُلُوغِهِ ثُمَّ بَانَ بَالِغًا وَقْتَهُ وَجْهَانِ انْتَهَتْ وَكَأَنَّ الشَّارِحَ ظَنَّ أَنَّ قَوْلَهُ، وَإِنْ طَرَأَ تَكْلِيفُهُ إلَخْ. الَّذِي تَبِعَ فِيهِ غَيْرَهُ مَعْنَاهُ، وَإِنْ طَرَأَ التَّكْلِيفُ فِي أَثْنَاءِ الزِّنَى

وَجَبَ الْحَدُّ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَمَعْنَى اشْتِرَاطِ التَّكْلِيفِ فِي الْإِحْصَانِ بَعْدَ اشْتِرَاطِهِ فِي مُطْلَقِ وُجُوبِ الْحَدِّ أَنَّ حَذْفَهُ يُوجِبُ اشْتِرَاطَهُ لِوُجُوبِ الْحَدِّ لَا تَسْمِيَتَهُ مُحْصَنًا فَبَيَّنَ بِتَكْرِيرِهِ أَنَّهُ شَرْطٌ فِيهِمَا، وَيُلْحَقُ بِالْمُكَلَّفِ هُنَا أَيْضًا السَّكْرَانُ (حُرٌّ) كُلُّهُ، فَمَنْ بِهِ رِقٌّ غَيْرُ مُحْصَنٍ (وَلَوْ) هُوَ (ذِمِّيٌّ) ؛ لِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجَمَ الْيَهُودِيَّيْنِ وكَانَا قَدْ أُحْصِنَا» فَالذِّمَّةُ شَرْطٌ لِحَدِّهِ لِمَا مَرَّ أَنَّ نَحْوَ الْحَرْبِيِّ لَا يُحَدُّ لَا لِإِحْصَانِهِ إذْ لَوْ وَطِئَ نَحْوُ حَرْبِيٍّ فِي نِكَاحٍ فَهُوَ مُحْصَنٌ لِصِحَّةِ أَنْكِحَتِهِمْ. فَإِذَا عُقِدَتْ لَهُ ذِمَّةٌ وَزَنَى رُجِمَ (غَيَّبَ حَشَفَتَهُ) كُلَّهَا أَوْ قَدْرَهَا مِنْ فَاقِدِهَا بِشَرْطِ كَوْنِهَا مِنْ ذَكَرٍ أَصْلِيٍّ عَامِلٍ (بِقُبُلٍ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ) وَلَوْ مَعَ نَحْوِ حَيْضٍ وَعِدَّةِ شُبْهَةٍ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ بَعْدَ أَنْ اسْتَوْفَى تِلْكَ اللَّذَّةَ الْكَامِلَةَ اجْتِنَابُهَا، بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَسْتَوْفِهَا أَوْ اسْتَوْفَاهَا فِي دُبُرٍ أَوْ مِلْكٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ كَمَا قَالَ (لَا فَاسِدَ فِي الْأَظْهَرِ) لِحُرْمَتِهِ لِذَاتِهِ فَلَمْ يَحْصُلْ بِهِ صِفَةُ كَمَالٍ، وَكَمَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي إحْصَانِ الْوَاطِئِ يُعْتَبَرُ فِي إحْصَانِ الْمَوْطُوءَةِ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى النِّكَاحِ، نَعَمْ لَوْ كَانَ لَهُ زَوْجَةٌ وَلَهَا مِنْهُ وَلَدٌ وَثَبَتَ زِنَاهُ بِالْبَيِّنَةِ وَأَنْكَرَ وَطْءَ زَوْجَتِهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَلَا يُؤَثِّرُ ذَلِكَ فِي نَسَبِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِالْإِمْكَانِ (وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ التَّغْيِيبِ حَالَ حُرِّيَّتِهِ وَتَكْلِيفِهِ) فَلَا إحْصَانَ لِصَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ قِنٍّ وَإِنْ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْإِصَابَةِ كَوْنُهَا بِأَكْمَلِ الْجِهَاتِ فَاشْتُرِطَ مِنْ كَامِلٍ أَيْضًا وَلَا يَرِدُ عَلَى اعْتِبَارِ التَّكْلِيفِ حُصُولُ الْإِحْصَانِ مَعَ تَغْيِيبِهَا حَالَةَ النَّوْمِ؛ لِأَنَّ التَّكْلِيفَ مَوْجُودٌ حِينَئِذٍ بِالْقُوَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ النَّائِمُ مُكَلَّفًا بِالْفِعْلِ لِرُجُوعِهِ إلَيْهِ بِأَدْنَى تَنْبِيهٍ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ حَالَ التَّغْيِيبِ لَا الزِّنَى، فَلَوْ أُحْصِنَ ذِمِّيٌّ ثُمَّ حَارَبَ وَأُرِقَّ ثُمَّ زَنَى رُجِمَ، وَاَلَّذِي صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَنَّهُ لَا يُرْجَمُ، قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ أَنْ يُقَالَ: الْمُحْصَنُ الَّذِي يُرْجَمُ مَنْ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، وَهُوَ حُرٌّ مُكَلَّفٌ حَالَةَ الْوَطْءِ وَالزِّنَى، فَعُلِمَ أَنَّ مَنْ وَطِئَ نَاقِصًا ثُمَّ زَنَى كَامِلًا لَا يُرْجَمُ، بِخِلَافِ مَنْ كَمُلَ فِي الْحَالَيْنِ وَإِنْ تَخَلَّلَهُمَا نَقْصٌ كَجُنُونٍ وَرِقٍّ، وَالثَّانِي يُكْتَفَى بِهِ فِي غَيْرِ الْحَالَيْنِ. (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ) (الْكَامِلَ الزَّانِيَ بِنَاقِصٍ) مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ (مُحْصَنٌ) لِأَنَّهُ حُرٌّ مُكَلَّفٌ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ نَقْصُ صَاحِبِهِ وَاطِئًا أَوْ مَوْطُوءًا لِوُجُودِ الْمَقْصُودِ، وَهُوَ التَّغْيِيبُ حَالَ كَمَالِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِالْإِحْصَانِ مِنْهُمَا، فَقَوْلُهُ بِنَاقِصٍ مُتَعَلِّقٌ بِكَامِلٍ لَا بِالزَّانِي كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُهُ؛ إذْ لَوْ تَعَلَّقَ بِهِ لَاقْتَضَى أَنَّ الْكَامِلَ الْحُرَّ الْمُكَلَّفَ ـــــــــــــــــــــــــــــSيُتَأَمَّلُ هَذَا فَإِنَّ الظَّاهِرَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ زَنَى صَبِيًّا وَبَلَغَ فِي أَثْنَاءِ الْوَطْءِ وَاسْتَدَامَهُ يُرْجَمُ وَلَيْسَ مُرَادًا فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الرَّجْمِ سَبْقُ الْإِحْصَانِ، وَلَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِإِيلَاجِ حَشَفَتِهِ مُكَلَّفًا فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ كَمَا يَأْتِي، وَعَلَيْهِ فَلَا يُتَصَوَّرُ زِنَاهُ صَبِيًّا بَعْدَ إحْصَانِهِ ثُمَّ يَبْلُغُ وَيَسْتَدِيمُ الْوَطْءَ فَلَعَلَّ مَا هُنَا تَصْوِيرٌ لِمُجَرَّدِ وُجُوبِ الْحَدِّ أَوْ لِتَحْصِيلِ الْإِحْصَانِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، نَعَمْ يُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِمَا لَوْ جُنَّ بَعْدَ تَزَوُّجِهِ ثُمَّ وَطِئَ حَالَ جُنُونِهِ فَأَفَاقَ فِي أَثْنَاءِ الْوَطْءِ وَاسْتَدَامَهُ، وَهَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ مُكَلَّفٌ مُعْتَبَرٌ فِي وُجُوبِ الْحَدِّ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ، فَإِنَّ التَّكْلِيفَ الْمُعْتَبَرَ فِي وُجُوبِ الْحَدِّ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَشَرْطُهُ: أَيْ الْحَدِّ التَّكْلِيفُ، فَمَا هُنَا إنَّمَا هُوَ بَيَانٌ لِمَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِحْصَانُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا زَنَى بَعْدَهُ يُرْجَمُ. [فَرْعٌ] نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَسْلَمَ سَقَطَ عَنْهُ حَدُّ الزِّنَى، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ التَّوْبَةَ تُسْقِطُ الْحَدَّ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ السُّقُوطِ فَيَكُونُ الْمُعْتَمَدُ وُجُوبَ الْحَدِّ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) أَيْ فَلَا يَكُونُ مُحْصَنًا (قَوْلُهُ: فِي نَسَبِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ نَسَبَ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ نَقْصُ صَاحِبِهِ) أَيْ زَوْجِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُتَأَتٍّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِدْرَاكَ عَلَى هَذَا الْفَهْمِ لَيْسَ لَهُ مَوْقِعٌ أَيْضًا كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: يُوجِبُ اشْتِرَاطَهُ إلَخْ.) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ يُوهِمُ اشْتِرَاطَهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَصْلِيٍّ عَامِلٍ) اُنْظُرْهُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ لَهُ اسْتِيجَاهُهُ وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَيُتَّجَهُ أَنْ يَأْتِيَ فِي نَحْوِ الزَّائِدِ مَا مَرَّ آنِفًا (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتَوْفَاهَا) يَعْنِي: مُطْلَقَ اللَّذَّةِ

إذَا زَنَى بِنَاقِصٍ مُحْصَنٌ. وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ التَّغْيِيبُ السَّابِقُ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ بِنَصِّ كَلَامِهِ فَتَعَيَّنَ تَعَلُّقُهُ بِمَا ذُكِرَ وَمَنْ اعْتَرَضَهُ غَيْرُ مُصِيبٍ وَإِنْ كَثُرُوا كَمَنْ غَيَّرَ الزَّانِيَ بِالْبَانِي، عَلَى أَنَّهُ خَطَأٌ بِأَنَّ الْمَعْرُوفَ بَنَى عَلَى أَهْلِهِ لَا بِهِمْ، وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ كَمَالُ الْآخَرِ. (وَ) حَدُّ الْمُكَلَّفِ وَمِثْلُهُ الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ (الْبِكْرُ) وَهُوَ غَيْرُ الْمُحْصَنِ السَّابِقِ (الْحُرُّ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (مِائَةُ جَلْدَةٍ) لِلْآيَةِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِوُصُولِهِ إلَى الْجِلْدِ (وَتَغْرِيبُ عَامٍ) أَيْ سَنَةٍ هِلَالِيَّةٍ وَآثَرَ التَّعْبِيرَ بِهِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تُطْلَقُ عَلَى الْجَدْبِ، وَعُطِفَ بِالْوَاوِ لِيُفِيدَ بِهِ عَدَمَ التَّرْتِيبِ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ تَقْدِيمُ الْجَلْدِ أَوْلَى. فَلَوْ قُدِّمَ التَّغْرِيبُ اُعْتُدَّ بِهِ وَيُجْلَدُ بَعْدَهُ وَإِنْ نَازَعَ فِي ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ. وَعَبَّرَ بِالتَّغْرِيبِ لِيُفِيدَ بِهِ اعْتِبَارَ فِعْلِ الْحَاكِمِ فَلَوْ غَرَّبَ نَفْسَهُ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ لِانْتِفَاءِ التَّنْكِيلِ، وَابْتِدَاءِ الْعَامِ مِنْ أَوَّلِ السَّفَرِ، وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي مُضِيِّ عَامٍ عَلَيْهِ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ، وَيَحْلِفُ نَدْبًا إنْ اُتُّهِمَ لِبِنَاءِ حَقِّهِ تَعَالَى عَلَى الْمُسَامَحَةِ وَتُغَرَّبُ الْمُعْتَدَّةُ وَأُخِذَ مِنْهُ تَغْرِيبُ الْمَدِينِ، أَمَّا مُسْتَأْجِرُ الْعَيْنِ فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ تَغْرِيبِهِ إنْ تَعَذَّرَ عَمَلُهُ فِي الْغُرْبَةِ، كَمَا لَا يُحْبَسُ إنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ فِي الْحَبْسِ، وَيُوَجَّهُ تَغْرِيبُ الْمَدِينِ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا بِأَنَّهُ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ قَضَى مِنْهُ وَإِلَّا لَمْ تُفِدْ إقَامَتُهُ عِنْدَ الدَّائِنِ فَلَمْ يُمْنَعْ حَقَّهُ تَوَجَّهَ التَّغْرِيبُ إلَيْهِ وَإِنَّمَا يَجُوزُ التَّغْرِيبُ (إلَى مَسَافَةِ قَصْرٍ) مِنْ مَحَلِّ زِنَاهُ (فَمَا فَوْقَهَا) عَلَى مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ بِشَرْطِ كَوْنِ الطَّرِيقِ وَالْمَقْصِدِ آمِنًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ فِي نَظَائِرِهِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ بِالْبَلَدِ طَاعُونٌ لِحُرْمَةِ دُخُولِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَلِأَنَّ مَا دُونَهَا فِي حُكْمِ الْحَضَرِ (وَإِذَا عَيَّنَ الْإِمَامُ جِهَةً فَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ غَيْرِهَا فِي الْأَصَحِّ) فَلَوْ طَلَبَ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِيهِ، فَيَنْتَفِي الزَّجْرُ الْمَقْصُودُ وَيَلْزَمُهُ الْإِقَامَةُ فِيمَا غُرِّبَ إلَيْهِ لِيَكُونَ لَهُ كَالْحَبْسِ، وَلَهُ اسْتِصْحَابُ أَمَةٍ يَتَسَرَّى بِهَا دُونَ أَهْلِهِ وَعَشِيرَتِهِ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا عَدَمُ تَمْكِينِهِ مِنْ حَمْلِ مَالٍ زَائِدٍ عَلَى نَفَقَتِهِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ، وَلَا يُقَيَّدُ إلَّا إنْ خِيفَ مِنْ رُجُوعِهِ، وَلَمْ تُفِدْ فِيهِ الْمُرَاقَبَةُ أَوْ مِنْ تَعَرُّضِهِ لِإِفْسَادِ النِّسَاءِ مَثَلًا، وَأَخَذَ مِنْهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ كُلَّ مَنْ تَعَرَّضَ لِإِفْسَادِ النِّسَاءِ أَوْ الْغِلْمَانِ: أَيْ وَلَمْ يَنْزَجِرْ إلَّا بِحَبْسِهِ حُبِسَ، قَالَ: وَهِيَ مَسْأَلَةٌ نَفِيسَةٌ، وَإِذَا رَجَعَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ رُدَّ لِمَا يَرَاهُ الْإِمَامُ وَاسْتَأْنَفَهَا؛ لِأَنَّ التَّنْكِيلَ لَا يَتِمُّ إلَّا بِمُوَالَاةِ مُدَّةِ التَّغْرِيبِ، وَالثَّانِي لَهُ ذَلِكَ فَيُجَابُ إلَيْهِ (وَيُغَرَّبُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمَعْرُوفَ بَنَى عَلَى أَهْلِهِ لَا بِهِمْ) لَكِنَّهُ اُسْتُعْمِلَ كَثِيرًا بِهَذِهِ الصِّيغَةِ. (قَوْلُهُ: وَتَغْرِيبُ عَامٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ أَبَوَانِ يُنْفِقُ عَلَيْهِمَا أَوْ زَوْجَةٌ أَوْ أَوْلَادٌ صِغَارٌ أَوْ كِبَارٌ مُحْتَاجُونَ وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ النَّفَقَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ فَفِي ابْتِدَاءِ التَّغْرِيبِ لَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ وَبَعْدَهُ عَاجِزٌ (قَوْلُهُ: وَآثَرَ التَّعْبِيرَ بِهِ) أَيْ بِالْعَامِ (قَوْلُهُ: أَمَّا مُسْتَأْجِرُ الْعَيْنِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ بَعْدَ ثُبُوتِ الزِّنَى، وَقَدْ يُقَالُ بِعَدَمِ صِحَّتِهَا حِينَئِذٍ لِوُجُوبِ تَغْرِيبِهِ قَبْلَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ تَغْرِيبِهِ) أَيْ إلَى انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ) أَيْ وَإِنْ طَالَ بِحَيْثُ لَا يَزِيدُ الذَّهَابُ وَالْإِيَابُ عَلَى سَنَةٍ (قَوْلُهُ: لِحُرْمَةِ دُخُولِهِ) وَمِثْلُهُ الْخُرُوجُ أَيْ حَيْثُ كَانَ وَاقِعًا فِي نَوْعِهِ (قَوْلُهُ: وَإِذَا عَيَّنَ الْإِمَامُ جِهَةً) أَيْ وَيَجِبُ ذَهَابُهُ إلَيْهَا فَوْرًا امْتِثَالًا لِأَمْرِ الْإِمَامِ وَيُغْتَفَرُ لَهُ التَّأْخِيرُ لِتَهْيِئَةِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَمِنْهُ الْأَمَةُ الَّتِي يَسْتَصْحِبُهَا لِلتَّسَرِّي (قَوْلُهُ: فِيمَا غُرِّبَ إلَيْهِ) أَيْ كَإِقَامَةِ أَهْلِهَا (قَوْلُهُ: يَتَسَرَّى بِهَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخَفْ الزِّنَى (قَوْلُهُ: دُونَ أَهْلِهِ) أَيْ زَوْجَتِهِ، وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يَخَفْ الزِّنَى فِيمَا غُرِّبَ إلَيْهِ أَيْضًا، وَلَكِنْ فِي الزِّيَادِيِّ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْأَمَةِ وَالزَّوْجَةِ. وَعِبَارَتُهُ: وَلَهُ أَنْ يَسْتَصْحِبَ سَرِيَّةً وَمِثْلُهَا الزَّوْجَةُ فَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الْأَهْلِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَخَفْ الزِّنَى (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُزْجَرْ إلَّا بِحَبْسِهِ حُبِسَ) أَيْ وُجُوبًا وَرُزِقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا فَمِنْ مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: وَإِذَا رَجَعَ) أَيْ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي غُرِّبَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ) يَنْبَغِي حَذْفُ بِيَمِينِهِ (قَوْلُهُ:؛ وَلِأَنَّ مَا دُونَهَا فِي حُكْمِ الْحَضَرِ) لَمْ يَتَقَدَّمْ قَبْلَهُ مَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَيْهِ. وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: اقْتِدَاءً بِالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَلِأَنَّ إلَخْ. فَلَعَلَّ قَوْلَهُ اقْتِدَاءً إلَخْ. سَقَطَ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ مِنْ الْكَتَبَةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ لَمْ يُعْتَدَّ بِطَلَبِهِ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ إجَابَتُهُ فِي ذَلِكَ الطَّلَبِ

غَرِيبٌ) لَهُ وَطَنٌ (مِنْ بَلَدِ الزِّنَى إلَى غَيْرِ بَلَدِهِ) هُوَ أَيْ وَطَنِهِ وَلَوْ حِلَّةَ بَدَوِيٍّ؛ إذْ الْإِيحَاشُ لَا يَتِمُّ بِدُونِ ذَلِكَ (فَإِنْ عَادَ) الْمُغَرَّبُ (إلَى بَلَدِهِ) الْأَصْلِيِّ أَوْ الَّذِي غُرِّبَ مِنْهُ أَوْ إلَى دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ (مُنِعَ فِي الْأَصَحِّ) مُعَامَلَةً لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ اسْتِئْنَافُ الْعَامِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، أَمَّا غَرِيبٌ لَا وَطَنَ لَهُ كَأَنْ زَنَى مَنْ هَاجَرَ لِدَارِنَا عَقِبَ وُصُولِهَا فَيُمْهَلُ حَتَّى يَتَوَطَّنَ مَحَلًّا ثُمَّ يُغَرَّبَ مِنْهُ وَفَارَقَ تَغْرِيبَ مُسَافِرٍ زَنَى بِغَيْرِ مَقْصِدِهِ. وَإِنْ فَاتَهُ الْحَجُّ مَثَلًا؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ تَنْكِيلُهُ وَإِيحَاشُهُ وَلَا يَتِمُّ بِدُونِ ذَلِكَ بِأَنَّ هَذَا لَهُ وَطَنٌ فَالْإِيحَاشُ حَاصِلٌ بِبُعْدِهِ عَنْهُ وَذَاكَ لَا وَطَنَ لَهُ فَاسْتَوَتْ الْأَمَاكِنُ جَمِيعُهَا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ فَتَعَيَّنَ إمْهَالُهُ لِيَأْلَفَ ثُمَّ يُغَرَّبَ لِيَتِمَّ الْإِيحَاشُ، وَاحْتِمَالُ عَدَمِ تَوَطُّنِهِ بَلَدًا فَيُؤَدِّي إلَى سُقُوطِ الْحَدِّ بَعِيدٌ جِدًّا فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ كَاحْتِمَالِ الْمَوْتِ وَنَحْوِهِ، وَمَا وَقَعَ لِابْنِ الرِّفْعَةِ وَالْبُلْقِينِيِّ هُنَا مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ غَيْرُ سَدِيدٍ وَلَوْ زَنَى فِيمَا غُرِّبَ إلَيْهِ غُرِّبَ لِغَيْرِهِ بَعِيدًا عَنْ وَطَنِهِ وَمَحَلِّ زِنَاهُ وَدَخَلَ فِيهِ بَقِيَّةُ الْأَوَّلِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يَتَعَرَّضُ لَهُ (وَلَا تُغَرَّبُ امْرَأَةٌ وَحْدَهَا فِي الْأَصَحِّ بَلْ مَعَ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ) أَوْ نِسْوَةٍ ثِقَاتٍ مَعَ أَمْنِ الْمَقْصِدِ وَالطَّرِيقِ، وَيَجُوزُ مَعَ وَاحِدٍ ثِقَةٍ أَوْ مَمْسُوحٍ كَذَلِكَ أَوْ عَبْدِهَا الْأَمِينِ إنْ كَانَتْ هِيَ ثِقَةً أَيْضًا بِأَنْ حَسُنَ حَالُهَا لِمَا مَرَّ فِي الْحَجِّ مِنْ الِاكْتِفَاءِ فِي السَّفَرِ الْوَاجِبِ بِذَلِكَ، وَوُجُوبُ الْمُسَافَرَةِ عَلَيْهَا لَا يُلْحِقُهَا بِالْمُسَافِرَةِ لِلْهِجْرَةِ حَتَّى يَلْزَمَهَا السَّفَرُ وَلَوْ وَحْدَهَا؛ إذْ الْفَرْقُ أَنَّ تِلْكَ تَخْشَى عَلَى نَفْسِهَا أَوْ بُضْعِهَا لَوْ أَقَامَتْ، وَهَذِهِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ فَانْتَظَرَتْ مَنْ يَجُوزُ لَهَا السَّفَرُ مَعَهُ (وَلَوْ بِأُجْرَةٍ) طَلَبَهَا مِنْهَا فَيَلْزَمُهَا كَأُجْرَةِ الْجَلَّادِ، فَإِنْ كَانَتْ مُعْسِرَةً فَفِي بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ أُخِّرَ التَّغْرِيبُ إلَى أَنْ تُوسِرَ كَأَمْنِ الطَّرِيقِ، وَمِثْلُهَا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ أَمْرَدُ جَمِيلٌ فَلَا يُغَرَّبُ إلَّا مَعَ مَحْرَمٍ أَوْ سَيِّدٍ (فَإِنْ امْتَنَعَ) وَلَوْ بِأُجْرَةٍ (لَمْ يُجْبَرْ فِي الْأَصَحِّ) إذْ فِي إجْبَارِهِ تَعْذِيبُ مَنْ لَمْ يُذْنِبْ بِجَرِيمَةِ غَيْرِهِ. وَالثَّانِي يُجْبَرُ لِإِقَامَةِ الْوَاجِبِ وَبِهَذَا وُجِّهَ تَغْرِيبُهَا وَحْدَهَا. (وَ) حَدُّ (الْعَبْدِ) يَعْنِي مَنْ فِيهِ رِقٌّ وَإِنْ قَلَّ كَافِرًا كَانَ أَوْ مُسْلِمًا (خَمْسُونَ وَيُغَرَّبُ نِصْفَ سَنَةٍ) عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ لِآيَةِ {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25] أَيْ غَيْرُ الرَّجْمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَصَّفُ وَلَا مُبَالَاةَ بِضَرَرِ السَّيِّدِ كَمَا يُقْتَلُ بِنَحْوِ رِدَّتِهِ، وَلَا بِكَوْنِ الْكَافِرِ لَمْ يَلْتَزِمْ الْجِزْيَةَ كَمَا فِي الْمَرْأَةِ الذِّمِّيَّةِ، وَيَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ مِنْ فُرُوعِ التَّغْرِيبِ، وَمِنْهُ خُرُوجُ نَحْوِ مَحْرَمٍ مَعَ الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ الْأَمْرَدِ (وَفِي قَوْلٍ) يُغَرَّبُ (سَنَةً) لِتَعَلُّقِهِ بِالطَّبْعِ فَلَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ الْحُرُّ وَغَيْرُهُ كَمُدَّةِ الْإِيلَاءِ (وَ) فِي (قَوْلٍ لَا يُغَرَّبُ) لِتَفْوِيتِ حَقِّ السَّيِّدِ. (وَيَثْبُتُ) الزِّنَى (بِبَيِّنَةٍ) فَصَّلَتْ بِذِكْرِ الْمَزْنِيِّ بِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْهُ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ مَا مَرَّ) الْقِيَاسُ إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ إذَا عَادَ إلَى بَلَدِهِ (قَوْلُهُ: فَيُمْهَلُ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ فَتَعَيَّنَ إمْهَالُهُ لِيَأْلَفَ) أَيْ مُدَّةً جَرَتْ الْعَادَةُ بِحُصُولِ الْإِلْفِ فِيهَا (قَوْلُهُ: غُرِّبَ لِغَيْرِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَوَطَّنْ مَا غُرِّبَ إلَيْهِ فَيُسْتَثْنَى هَذَا مِمَّا قُدِّمَ آنِفًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: بَلْ مَعَ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ) ع: لِحَدِيثِ «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِأُجْرَةٍ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ عَادَةً (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ أَمْرَدُ) وَمِنْهُ مَا مَرَّ فِي نَفَقَةِ مَنْ تَخْرُجُ مَعَهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يُجْبَرْ فِي الْأَصَحِّ) أَيْ ثُمَّ لَوْ أَرَادَ السَّفَرَ مَعَهَا أَوْ خَلْفَهَا لِيَتَمَتَّعَ بِهَا لَمْ يُمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ حِينَئِذٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يُسَافِرْ مَعَهَا أَوْ سَافَرَ لِغَرَضٍ آخَرَ وَاتَّفَقَ مُصَاحَبَتُهُ لَهَا مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَلَا تَمَتُّعٍ، وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا بِالْهَامِشِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ تِلْكَ فِيمَا لَوْ قَصَدَ صُحْبَتَهَا بِخِلَافِ هَذِهِ، وَكَتَبَ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ قَوْلَهُ لَمْ يُجْبَرْ فِي الْأَصَحِّ: أَيْ ثُمَّ إنْ سَافَرَتْ لَا مَعَهُ لَمْ تَسْتَحِقَّ نَفَقَةً وَلَا كِسْوَةً وَلَا غَيْرَهَا مُدَّةَ غَيْبَتِهَا، وَإِنْ سَافَرَ مَعَهَا وَلَوْ بِأُجْرَةٍ اسْتَمَرَّتْ النَّفَقَةُ وَغَيْرُهَا وَلَوْ لَمْ يَتَمَتَّعْ بِهَا فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ. (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ خُرُوجُ نَحْوِ مَحْرَمٍ) أَيْ وَنَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَالَ لِلرَّقِيقِ وَالسَّيِّدُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. 1 - (قَوْلُهُ: وَالْعَبْدِ الْأَمْرَدِ) قَدْ مَرَّ مَا يُغْنِي هَذَا فِي قَوْلِهِ أَوْ سَيِّدٍ (قَوْلُهُ: بِذِكْرِ الْمَزْنِيِّ بِهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ إلَى دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ) أَيْ مِنْ أَحَدِهِمَا (قَوْلُ الْمَتْنِ بَلْ مَعَ زَوْجٍ) أَيْ كَأَنْ كَانَتْ أَمَةً أَوْ حُرَّةً قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ طَرَأَ التَّزْوِيجُ بَعْدَ الزِّنَى فَلَا يُقَالُ إنَّ مَنْ لَهَا زَوْجٌ مُحْصَنَةٌ (قَوْلُهُ: إلَّا مَعَ مَحْرَمٍ أَوْ سَيِّدٍ) أَيْ أَوْ نَحْوِهِمَا

وَكَيْفِيَّةِ الْإِدْخَالِ وَمَكَانِهِ وَزَمَانِهِ، كَأَشْهَدُ أَنَّهُ أَدْخَلَ حَشَفَتَهُ أَوْ قَدْرَهَا حَيْثُ فَقَدَهَا فِي فَرْجِ فُلَانَةَ بِمَحَلِّ كَذَا وَقْتَ كَذَا عَلَى سَبِيلِ الزِّنَا، وَالْأَوْجَهُ وُجُوبُ التَّفْصِيلِ مُطْلَقًا، وَلَوْ مِنْ عَالِمٍ مُوَافِقٍ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ حَيْثُ اكْتَفَى بِزِنًى يُوجِبُ الْحَدَّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَرَى مَا لَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ إهْمَالِ بَعْضِ الشُّرُوطِ أَوْ بَعْضِ كَيْفِيَّتِهِ وَقَدْ يَنْسَى بَعْضَهَا، وَسَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ أَنَّهَا أَرْبَعٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} [النساء: 15] وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ جَمْعٌ مِنْ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِزِنَاهُ بِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ لَكِنْ اقْتَصَرَ كُلٌّ مِنْهُمْ عَلَى أَنَّهُ رَآهُ يَزْنِي بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ حُدَّ؛ لِأَنَّهُ اُسْتُفِيدَ مِنْ مَجْمُوعِ الشَّهَادَاتِ الْأَرْبَعِ ثُبُوتُ زِنَاهُ بِأَرْبَعَةٍ قَدْ يُنَازَعُ فِيهِ بِأَنَّ كُلًّا شَهِدَ بِزِنًا غَيْرِ مَا شَهِدَ بِهِ الْآخَرُ فَلَمْ يَثْبُتْ بِهِمْ مُوجِبُ الْحَدِّ بَلْ يُحَدُّ كُلٌّ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُ قَاذِفٌ (أَوْ إقْرَارٍ) حَقِيقِيٍّ مُفَصَّلٍ نَظِيرُ مَا تَقَرَّرَ فِي الشَّهَادَاتِ وَلَوْ بِإِشَارَةِ أَخْرَسَ إنْ فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ؛ لِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجَمَ مَاعِزًا وَالْغَامِدِيَّةَ بِإِقْرَارِهِمَا» ، وَخَرَجَ بِالْحَقِيقِيِّ الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ بَعْدَ نُكُولِ الْخَصْمِ فَلَا يَثْبُتُ بِهَا زِنًا، نَعَمْ يَسْقُطُ حَدُّ الْقَاذِفِ وَيَكْفِي الْإِقْرَارُ حَالَ كَوْنِهِ (مَرَّةً) وَلَا يُشْتَرَطُ تَكْرَارُهُ أَرْبَعًا؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَّقَ الرَّجْمَ بِمُجَرَّدِ الِاعْتِرَافِ فِي خَبَرِ «وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ إلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» وَتَرْدِيدُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَاعِزٍ أَرْبَعًا؛ لِأَنَّهُ شَكَّ فِي أَمْرِهِ وَلِذَا قَالَ: «أَبِكَ جُنُونٌ» ؟ وَلِهَذَا لَمْ يُكَرِّرْ إقْرَارَ الْغَامِدِيَّةِ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ فِي اللِّعَانِ ثُبُوتُهُ أَيْضًا عَلَيْهَا بِلِعَانِهِ إنْ لَمْ تُلَاعِنْ. وَمِمَّا يَأْتِي فِي الْقَضَاءِ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَحْكُمُ فِيهِ بِعِلْمِهِ، نَعَمْ لِلسَّيِّدِ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ قِنِّهِ بِعِلْمِهِ لِمَصْلَحَةِ تَأْدِيبِهِ (وَلَوْ) (أَقَرَّ) بِهِ (ثُمَّ رَجَعَ) عَنْهُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْحَدِّ أَوْ بَعْدَهُ بِنَحْوِ رَجَعْتُ أَوْ كَذَبْتُ أَوْ مَا زَنَيْتُ وَإِنْ قَالَ بَعْدَهُ كَذَبْتُ فِي رُجُوعِي أَوْ كُنْتُ فَاخَذْتُ فَظَنَنْته زِنَى وَإِنْ شَهِدَ حَالُهُ بِكَذِبِهِ فِيمَا يَظْهَرُ بِخِلَافِ مَا أَقْرَرْتُ؛ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ تَكْذِيبٍ لِلْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِهِ (سَقَطَ) الْحَدُّ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَرَّضَ لِمَاعِزٍ بِالرُّجُوعِ فَلَوْلَا أَنَّهُ يُفِيدُ لَمَا عَرَّضَ لَهُ بِهِ، بَلْ قَالُوا لَهُ: إنَّهُ عِنْدَ رَجْمِهِ طَلَبَ الرَّدَّ إلَيْهِ فَلَمْ يَسْمَعُوهُ فَقَالَ: «هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ لَعَلَّهُ يَتُوبُ» : أَيْ يَرْجِعُ؛ إذْ التَّوْبَةُ لَا تُسْقِطُ الْحَدَّ هُنَا فَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَمِنْ ثَمَّ سُنَّ لَهُ الرُّجُوعُ: وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ سَقَطَ: ـــــــــــــــــــــــــــــSبَيَانٌ لِلتَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ: عَلَى سَبِيلِ الزِّنَى وَيُسَوَّغُ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ بِقَرِينَةٍ قَوِيَّةٍ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِعْلَهُ عَلَى وَجْهِ الزِّنَى (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ يَرَى مَا لَا يَرَاهُ) أَيْ إنْ كَانَ مُخَالِفًا لَهُ فِي مَذْهَبِهِ أَوْ كَانَ مُجْتَهِدًا، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَتِمُّ بِهِ الرَّدُّ عَلَى الزَّرْكَشِيّ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا اكْتَفَى بِعَدَمِ التَّفْصِيلِ فِي الْمُوَافِقِ، نَعَمْ قَوْلُهُ وَقَدْ يَنْسَى بَعْضَهَا يَرُدُّ عَلَى الزَّرْكَشِيّ. [فَرْعٌ] لَوْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِ بِالزِّنَى فَإِنْ قَالَ مَا أَقْرَرْتُ فَلَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَكْذِيبًا لِلشُّهُودِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ وَيَكُونُ رُجُوعًا سَوَاءٌ أَكَانَ كُلُّ ذَلِكَ بَعْدَ الْحُكْمِ أَوْ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: مُوجِبُ الْحَدِّ) بِالْكَسْرِ (وَقَوْلُهُ بَلْ يُحَدُّ كُلٌّ مِنْهُمْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: نَظِيرُ مَا تَقَرَّرَ فِي الشَّهَادَةِ) وَمِنْهُ أَنْ يَقُولَ فِي وَقْتِ كَذَا فِي مَكَانِ كَذَا، وَلَوْ قِيلَ لَا حَاجَةَ إلَى تَعْيِينِ ذَلِكَ مِنْهُ بَلْ يَكْفِي فِي صِحَّةِ إقْرَارِهِ أَنْ يَقُولَ أَدْخَلْتُ حَشَفَتِي فِي فَرْجِ فُلَانَةَ عَلَى وَجْهِ الزِّنَا لَمْ يَبْعُدْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقِرُّ إلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ (قَوْلُهُ: وَتَرْدِيدُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَاعِزٍ أَرْبَعًا) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَرَّضَ لِمَاعِزٍ بِالرُّجُوعِ بِقَوْلِهِ: «لَعَلَّكَ قَبَّلْت، لَعَلَّكَ لَمَسْت، أَبِكَ جُنُونٌ» ؟ فَلَعَلَّ تَعْبِيرَ الشَّارِحِ بِالْأَرْبَعِ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَا زَنَيْتُ) أَيْ فَإِقْرَارِي بِهِ كَذِبٌ فَلَا تَكْذِيبَ فِيمَا ذَكَرَهُ لِلشُّهُودِ فَإِنَّهُمْ إنَّمَا شَهِدُوا بِالْإِقْرَارِ وَهُوَ لَمْ يُكَذِّبْهُمْ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ رُجُوعِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا أَقْرَرْتُ) أَيْ فَلَا يَكُونُ رُجُوعًا فَلَا يَسْقُطُ بِهِ الْحَدُّ (قَوْلُهُ: طَلَبَ الرَّدَّ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الرَّسُولِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَلَوْ قَالَ إلَيْكَ لَكَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَسْمَعُوهُ) أَيْ لَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: نَظِيرُ مَا تَقَرَّرَ فِي الشَّهَادَاتِ) لَعَلَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ نَحْوِ الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ إذْ لَا يَظْهَرُ لَهُمَا هُنَا فَائِدَةٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَقَالَ هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ إلَخْ.) الْوَجْهُ حَذْفُ الْفَاءِ مِنْ فَقَالَ

أَيْ عَنْهُ بَقَاءَ الْإِقْرَارِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ كَحَدِّ قَاذِفِهِ فَلَا يَجِبُ بِرُجُوعِهِ بَلْ يُسْتَصْحَبُ حُكْمُ إقْرَارِهِ فِيهِ مِنْ عَدَمِ حَدِّهِ لِثُبُوتِ عَدَمِ إحْصَانِهِ، وَلَوْ أَقَرَّ وَقَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالزِّنَى ثُمَّ رَجَعَ عُمِلَ بِالْبَيِّنَةِ لَا بِالْإِقْرَارِ سَوَاءٌ أَتَقَدَّمَتْ عَلَيْهِ أَمْ تَأَخَّرَتْ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ فِي اعْتِبَارِهِ أَسْبَقَهُمَا؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ فِي حُقُوقِ اللَّهِ أَقْوَى مِنْ الْإِقْرَارِ عَكْسُ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ، وَكَالزِّنَى فِي قَبُولِ الرُّجُوعِ عَنْهُ كُلُّ حَدٍّ لَهُ تَعَالَى كَشُرْبٍ وَسَرِقَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَطْعِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ تَطَرُّقِ رُجُوعٍ عَنْهُ عِنْدَ ثُبُوتِهِ بِالْبَيِّنَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ. نَعَمْ يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ السُّقُوطُ بِغَيْرِهِ كَدَعْوَى زَوْجِيَّةٍ أَوْ مِلْكِ أَمَةٍ كَمَا يَأْتِي وَظَنِّ كَوْنِهَا حَلِيلَتَهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَوْ أَسْلَمَ الذِّمِّيُّ بَعْدَ ثُبُوتِ زِنَاهُ بِالْبَيِّنَةِ لَمْ يَسْقُطْ حَدُّهُ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ النَّصِّ مِنْ سُقُوطِهِ مُفَرَّعٌ عَلَى سُقُوطِ الْحَدِّ بِالتَّوْبَةِ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ. (وَلَوْ) (قَالَ) الْمُقِرُّ اُتْرُكُونِي أَوْ (لَا تَحُدُّونِي أَوْ هَرَبَ) قَبْلَ حَدِّهِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ (فَلَا) يَكُونُ رُجُوعًا (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ، نَعَمْ يَجِبُ تَخْلِيَتُهُ حَالًا، فَإِنْ صَرَّحَ فَذَاكَ، وَإِلَّا أُقِيمَ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يُخَلَّ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِمْ شَيْئًا فِي الْخَبَرِ الْمَارِّ، وَلَوْ أَقَرَّ زَانٍ بِنَحْوِ بُلُوغٍ أَوْ إحْصَانٍ ثُمَّ رَجَعَ وَادَّعَى صِبَاهُ أَوْ أَنَّهُ بِكْرٌ فَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ قَبُولِهِ، وَلَيْسَ فِي مَعْنَى مَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ ثَمَّ رُفِعَ السَّبَبُ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَلَوْ ادَّعَى الْمُقِرُّ أَنَّ إمَامًا اسْتَوْفَى الْحَدَّ مِنْهُ قَبْلُ وَإِنْ لَمْ يُرَ أَثَرُهُ بِبَدَنِهِ كَمَا أَفْهَمَهُ مَا مَرَّ آخِرَ الْبُغَاةِ، وَعَلَى قَاتِلِ الرَّاجِعِ دِيَةٌ لَا قَوَدٌ لِشُبْهَةِ الْخِلَافِ فِي سُقُوطِ الْحَدِّ بِالرُّجُوعِ، وَمَا ذَكَرَهُ الدَّارِمِيُّ مِنْ وُجُوبِ الْقَوَدِ مَرْدُودٌ. (وَ) يَسْقُطُ الْحَدُّ الثَّابِتُ بِالْبَيِّنَةِ أَيْضًا فِيمَا (لَوْ) (شَهِدَ أَرْبَعَةٌ) مِنْ الرِّجَالِ (بِزِنَاهَا وَأَرْبَعٌ) مِنْ النِّسْوَةِ أَوْ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ (أَنَّهَا عَذْرَاءُ) بِمُعْجَمَةٍ: أَيْ بِكْرٌ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتَعَذُّرِ وَطْئِهَا وَصُعُوبَتِهِ وَإِنَّمَا (لَمْ تُحَدَّ هِيَ) لِشُبْهَةِ بَقَاءِ الْعُذْرَةِ الظَّاهِرِ فِي عَدَمِ زِنَاهَا وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ الزَّانِي بِهَا أَيْضًا (وَلَا قَاذِفُهَا) وَلَا الشُّهُودُ عَلَيْهَا لِاحْتِمَالِ عَوْدِ الْبَكَارَةِ لِتَرْكِ الْمُبَالَغَةِ فِي الْإِيلَاجِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْقَاضِي: لَوْ قَصُرَ الزَّمَنُ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ عَوْدُ الْبَكَارَةِ فِيهِ حُدَّ قَاذِفُهَا، وَمَحَلُّهُ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ مَا لَمْ تَكُنْ غَوْرَاءَ يُمْكِنُ غَيْبَةُ الْحَشَفَةِ فِيهَا مَعَ بَقَاءِ بَكَارَتِهَا فَإِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ حُدَّتْ لِثُبُوتِ الزِّنَا وَعَدَمِ وُجُودِ مَا يُنَافِيهِ، وَلَوْ شَهِدُوا بِرَتْقِهَا أَوْ قَرْنِهَا فَكَشَهَادَتِهِمْ بِعُذْرَتِهَا وَأَوْلَى فَلَوْ أَقَامَتْ أَرْبَعَةً بِأَنَّهُ أَكْرَهَهَا عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSيُجِيبُوهُ لِمَا طَلَبَهُ (قَوْلُهُ: كَحَدِّ قَاذِفِهِ) وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَضْمَنُ بِالدِّيَةِ إذَا قَتَلَ فَلَيْسَ قَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ عَلَى عُمُومِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ بِرُجُوعِهِ) أَيْ فَلَا يَجِبُ حَدٌّ عَلَى قَاذِفِهِ سَوَاءٌ قَذَفَهُ قَبْلَ الرُّجُوعِ أَوْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ سَقَطَتْ حَصَانَتُهُ بِإِقْرَارِهِ بِالزِّنَى، وَغَيْرُ الْمُحْصَنِ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِلْقَطْعِ) أَيْ أَمَّا الْمَالُ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: عَدَمَ تَطَرُّقِ الرُّجُوعِ عَنْهُ) أَيْ مَا أَقَرَّ بِهِ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِهِ) أَيْ الرُّجُوعِ (قَوْلُهُ: كَدَعْوَى زَوْجِيَّةٍ) أَيْ لِمَنْ زَنَى بِهَا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بِالْبَيِّنَةِ، وَكَانَتْ الْمَزْنِيُّ بِهَا مُتَزَوِّجَةً بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَظَنَّ كَوْنَهَا حَلِيلَتَهُ) أَيْ وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ) كَدَعْوَى الْإِكْرَاهِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ ثُبُوتِ زِنَاهُ بِالْبَيِّنَةِ) وَكَذَا بِالْإِقْرَارِ لَكِنْ يُقْبَلُ رُجُوعُهُ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: شَيْئًا فِي الْخَبَرِ) أَيْ خَبَرِ مَاعِزٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَرَ أَثَرَهُ بِبَدَنِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ عَيَّنَ لِلْحَدِّ زَمَنًا يَبْعُدُ مَعَهُ زَوَالُ أَثَرِ الضَّرْبِ (قَوْلُهُ: مَرْدُودٌ) أَيْ لِسُقُوطِ الْحَدِّ بِالشُّبُهَاتِ. (قَوْلُهُ: وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ الزَّانِي بِهَا) أَيْ؛ لِأَنَّ وُجُودَ الْعُذْرَةِ ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ الزِّنَى بِهَا (قَوْلُهُ: حُدَّ قَاذِفُهَا) أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَظَاهِرُهُ عَدَمُ حَدِّ الشُّهُودِ وَقِيَاسُ حَدِّ الْقَاذِفِ أَنَّهُمْ يُحَدُّونَ (قَوْلُهُ: فَكَشَهَادَتِهِمْ بِعُذْرَتِهَا) أَيْ فَلَا تُحَدُّ هِيَ وَيُحَدُّ قَاذِفُهَا عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْقَاضِي إذَا لَمْ يُمْكِنْ عَوْدُ الرَّتْقِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَقَامَتْ أَرْبَعَةً بِأَنَّهُ أَكْرَهَهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَوْ أَقَامَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ تَطَرُّقِ رُجُوعٍ عَنْهُ إلَخْ.) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ مِنْ هَذَا (قَوْلُهُ: حُدَّ قَاذِفُهَا) أَيْ وَالشُّهُودُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَكَشَهَادَتِهِمْ بِعُذْرَتِهَا) وَوَجْهُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَاذِفِ وَالشُّهُودِ أَنَّهُمْ رَمَوْا بِالزِّنَى مَنْ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ الزِّنَى قَالَهُ

الزِّنَى وَطَلَبَتْ الْمَهْرَ وَشَهِدَ أَرْبَعٌ بِبَكَارَتِهَا وَجَبَ الْمَهْرُ؛ إذْ لَا يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ لَا الْحَدُّ لِسُقُوطِهِ بِهَا. (وَلَوْ) (عَيَّنَ شَاهِدٌ) مِنْ الْأَرْبَعَةِ (زَاوِيَةً) أَوْ زَمَنًا مَثَلًا (لِزِنَاهُ وَ) عَيَّنَ (الْبَاقُونَ غَيْرَهَا) أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ الزَّمَنِ لِذَلِكَ الزِّنَى (لَمْ يَثْبُتْ) لِلتَّنَاقُضِ الْمَانِعِ مِنْ تَمَامِ الْعَدَدِ بِزَنْيَةٍ وَاحِدَةٍ فَيُحَدُّ الْقَاذِفُ وَالشُّهُودُ (وَيَسْتَوْفِيهِ) أَيْ الْحَدَّ (الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ مِنْ حُرٍّ) لِلِاتِّبَاعِ، وَيُشْتَرَطُ عَدَمُ قَصْدِهِ لِصَارِفٍ (وَمُبَعَّضٍ) لِتَعَلُّقِ الْحَدِّ بِجُمْلَتِهِ، وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ إلَّا بَعْضُهَا وَقِنٌّ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ مَوْقُوفٌ أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَمُوصًى بِعِتْقِهِ زَنَى بَعْدَ مَوْتِ مُوصٍ، وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَكْسَابَهُ لَهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا أَفَادَ ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ وَقِنٌّ مَحْجُورٌ لَا وَلِيَّ لَهُ وَقِنٌّ مُسْلِمٌ لِكَافِرٍ كَمُسْتَوْلَدَةٍ وَاسْتِيفَاءُ الْإِمَامِ مِنْ مُبَعَّضٍ هُوَ مَالِكُ بَعْضِهِ، وَرَجَّحَ الزَّرْكَشِيُّ فِيهِ أَنَّهُ بِطَرِيقِ الْحُكْمِ لَا الْمِلْكِ فِيمَا يُقَابِلُهُ لِاسْتِحَالَةِ تَبْعِيضِهِ اسْتِيفَاءً فَكَذَا فِي الْحُكْمِ، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ كَمَا فِي تَكْمِلَةِ التَّدْرِيبِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيفَاءَ أَمْرٌ حِسِّيٌّ فَأَمْكَنَتْ الِاسْتِحَالَةُ فِيهِ، وَلَا كَذَلِكَ الْحُكْمُ فَلَا قِيَاسَ، وَيَسْتَوْفِيهِ مِنْ الْإِمَامِ بَعْضُ نُوَّابِهِ. (وَيُسْتَحَبُّ) (حُضُورُ) جَمْعٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ سَوَاءٌ أَثَبَتَ الزِّنَى بِالْبَيِّنَةِ أَمْ بِالْإِقْرَارِ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2] وَحُضُورُ (الْإِمَامِ) مُطْلَقًا أَيْضًا (وَشُهُودُهُ) أَيْ الزِّنَى اسْتِيفَاءَهُ، وَنُدِبَ حُضُورُ الْجَمْعِ وَالشُّهُودِ مُطْلَقًا وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ، لَكِنْ بَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّ حُضُورَ الْبَيِّنَةِ كَافٍ عَنْ حُضُورِ غَيْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ أُرِيدَ أَصْلُ السُّنَّةِ لَا كَمَالُهَا، وَيُنْدَبُ لِلْبَيِّنَةِ الْبَدَاءَةُ بِالرَّجْمِ فَإِنْ ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ بَدَأَ الْإِمَامُ. (وَيُحَدُّ الرَّقِيقُ) لِلزِّنَى وَغَيْرِهِ كَقَطْعٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ حَدِّ شُرْبٍ أَوْ قَذْفٍ أَوْ قِصَاصٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ، وَلَهُ أَيْضًا الْمُلَاعَنَةُ بَيْنَ عَبْدِهِ وَزَوْجَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ لَوْ قَذَفَهَا فِي أَرْجَحِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِي جَوَازِ إقَامَةِ الْوَلِيِّ مِنْ أَبٍ وَجَدٍّ وَوَصِيٍّ وَحَاكِمٍ وَقَيِّمٍ الْحَدَّ فِي قِنِّ الطِّفْلِ وَنَحْوِهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْجَوَازُ ـــــــــــــــــــــــــــــSدُونَ الْأَرْبَعَةِ لَمْ يَثْبُتْ الْمَالُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْمَالَ إنَّمَا يَثْبُتُ بَعْدَ ثُبُوتِ سَبَبِهِ، وَهُوَ الْوَطْءُ وَلَمْ يَثْبُتْ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ بِهَاشِمَةٍ قَبْلَهَا إيضَاحٌ لَمْ يَثْبُتْ أَرْشُ الْهَاشِمَةِ؛ لِأَنَّ الْإِيضَاحَ الَّذِي هُوَ طَرِيقُهَا لَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَا الْحَدُّ) أَيْ فَإِنَّهُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ بِزَنْيَةٍ وَاحِدَةٍ) بِالْفَتْحِ اسْمٌ لِلْمَرَّةِ وَبِالْكَسْرِ اسْمٌ لِلْهَيْئَةِ، وَالْمُنَاسِبُ هُنَا الْأَوَّلُ لِوَصْفِهِ بِالْوَحْدَةِ. (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ عَدَمُ قَصْدِهِ لِصَارِفٍ) وَيُصَدَّقُ كُلٌّ مِنْ الْإِمَامِ وَنَائِبِهِ فِي دَعْوَى الصَّارِفِ، وَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَدِّ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُمَا، وَكَتَبَ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ قَوْلَهُ وَيُشْتَرَطُ عَدَمُ قَصْدِهِ لِصَارِفٍ: أَيْ فَلَوْ قَصَدَهُ أَثِمَ وَلَا ضَمَانَ لِإِهْدَارِهِ بِثُبُوتِ زِنَاهُ إنْ كَانَ مُحْصَنًا، بِخِلَافِ الْبِكْرِ فَإِنَّ حَدَّهُ بَاقٍ وَمَا فَعَلَهُ الْإِمَامُ لَا يُعْتَدُّ بِهِ فَيُعِيدُهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُمْهِلَهُ حَتَّى يَبْرَأَ مِنْ أَثَرِ الْأَوَّلِ وَأَنَّهُ إنْ مَاتَ بِمَا فَعَلَهُ بِهِ الْإِمَامُ ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمُتْ مِنْ حَدٍّ (قَوْلُهُ: وَقِنٌّ كُلُّهُ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ مَوْقُوفٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) أَيْ فَهُوَ بِطَرِيقِ الْمِلْكِ فِيمَا يَمْلِكُهُ وَالْحُكْمُ فِي غَيْرِهِ وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِيمَا لَوْ عُزِلَ أَثْنَاءَ الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: أَمْ بِالْإِقْرَارِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّهُ: أَيْ حُضُورِ الْجَمْعِ إذَا ثَبَتَ زِنَاهُ بِالْإِقْرَارِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ، وَلَمْ تَحْضُرْ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: وَلَمْ تَحْضُرْ أَنَّهُ مَعَ حُضُورِهَا لَا يُسْتَحَبُّ حُضُورُ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ، وَإِطْلَاقُ الشَّارِحِ يَقْتَضِي خِلَافَهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى ظُهُورِ أَمْرِهِ (قَوْلُهُ: وَحُضُورُ الْإِمَامِ مُطْلَقًا) أَيْ حَضَرَتْ الْبَيِّنَةُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ) أَيْ وَلَوْ ثَبَتَ عِنْدَ غَيْرِ الْإِمَامِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الَّذِي يَحْضُرُ عِنْدَهُ مَنْ ثَبَتَ إقْرَارُهُ بِحُضُورِهِ إمَامًا كَانَ أَوْ نَائِبَهُ. (قَوْلُهُ: الْحَدَّ فِي قِنِّ الطِّفْلِ وَنَحْوِهِ) كَالْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ، وَيُعْلَمُ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالدَّمِيرِيِّ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي حَوَاشِي سم (قَوْلُهُ: وَشَهِدَ أَرْبَعٌ بِبَكَارَتِهَا) يَنْبَغِي مَجِيءُ كَلَامِ الْقَاضِي وَالْبُلْقِينِيِّ الْمَارَّيْنِ هُنَا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ) أَيْ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: لِاسْتِحَالَةِ تَبْعِيضِهِ اسْتِيفَاءً) أَيْ بِأَنْ يُجْعَلَ بَعْضُهُ لِلْحُرِّيَّةِ وَبَعْضُهُ لِلرِّقِّ، وَوَجْهُ الِاسْتِحَالَةِ أَنَّ كُلَّ صَوْتٍ وَقَعَ فَهُوَ عَلَى حُرٍّ وَرَقِيقٍ (قَوْلُهُ: فَأَمْكَنَتْ الِاسْتِحَالَةُ) أَيْ أَمْكَنَ الْقَوْلُ بِهَا (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ حُضُورُ الْجَمْعِ وَالشُّهُودِ مُطْلَقًا إلَخْ.) فِي الْعِبَارَةِ مُسَامَحَةٌ وَحَقُّهَا وَنُدِبَ حُضُورُ الْجَمْعِ مَعَ الشُّهُودِ هُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ بِإِبْدَالِ الْوَاوِ بِمَعَ وَحَذْفِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: الْمَمْلُوكَةِ) أَيْ لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَحَاكِمٍ) مَرَّ هَذَا

(سَيِّدُهُ) وَلَوْ أُنْثَى إنْ كَانَ عَالِمًا بِأَحْكَامِ الْحَدِّ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِغَيْرِهَا سَوَاءٌ أَذِنَهُ الْإِمَامُ أَمْ لَا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَحُدَّهَا» وَخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ «أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» وَبَحَثَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَيْنَ السَّيِّدِ وَبَيْنَ قِنِّهِ عَدَاوَةٌ ظَاهِرَةٌ لَمْ يُقِمْهُ عَلَيْهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ أَنَّ الْمُجْبِرَ لَا يُزَوِّجُ حِينَئِذٍ مَعَ عِظَمِ شَفَقَتِهِ فَالسَّيِّدُ أَوْلَى. وَاسْتِشْكَالُ الزَّرْكَشِيّ بِأَنَّ لَهُ حَدَّهُ إذَا قَذَفَهُ قَدْ يُرَدُّ بِأَنَّ مُجَرَّدَ الْقَذْفِ قَدْ لَا يُوَلِّدُ عَدَاوَةً ظَاهِرَةً، وَيُنْدَبُ لَهُ بَيْعُ أَمَةٍ زَنَتْ ثَالِثَةً، وَلَوْ زَنَى ذِمِّيٌّ ثُمَّ حَارَبَ وَأُرِقَّ لَمْ يَحُدَّهُ إلَّا الْإِمَامُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا يَوْمَ زِنَاهُ، وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ زَنَى ثُمَّ بِيعَ فَإِنَّ لِلْمُشْتَرِي حَدَّهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَمْلُوكًا حَالَ الزِّنَى فَحَلَّ الْمُشْتَرِي مَحَلَّ الْبَائِعِ كَمَا يَحِلُّ مَحَلَّهُ فِي تَحْلِيلِهِ مِنْ إحْرَامِهِ وَعَدَمِهِ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ لَمَّا زَنَى كَانَ حُرًّا فَلَمْ يَتَوَلَّ حَدَّهُ إلَّا الْإِمَامُ فَانْدَفَعَ اسْتِشْكَالُ الزَّرْكَشِيّ تِلْكَ بِهَذِهِ، وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ سَرَقَ ثُمَّ عَتَقَ كَانَ الِاسْتِيفَاءُ لِلْإِمَامِ لَا السَّيِّدِ (أَوْ الْإِمَامُ) لِعُمُومِ وِلَايَتِهِ وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ أَوْلَى مِنْ الْإِمَامِ (فَإِنْ تَنَازَعَا) فِيمَنْ يَتَوَلَّاهُ (فَالْأَصَحُّ الْإِمَامُ) لِعُمُومِ وِلَايَتِهِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ السَّيِّدَ يُغَرِّبُهُ) كَمَا يَجْلِدُهُ؛ لِأَنَّ التَّغْرِيبَ مِنْ جُمْلَةِ الْحَدِّ الْمَذْكُورِ فِي الْخَبَرِ. وَالثَّانِي يَحُطُّ رُتْبَةَ السَّيِّدِ عَنْ ذَلِكَ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ) (الْمُكَاتَبَ) كِتَابَةً صَحِيحَةً (كَحُرٍّ) فَلَا يَحُدُّهُ إلَّا الْإِمَامُ لِخُرُوجِهِ عَنْ قَبْضَةِ السَّيِّدِ. وَالثَّانِي لَا؛ لِأَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ) السَّيِّدَ (الْكَافِرَ وَالْفَاسِقَ وَالْمُكَاتَبَ) وَالْجَاهِلَ الْعَارِفَ بِمَا مَرَّ (يَحُدُّونَ عَبِيدَهُمْ) لِعُمُومِ الْخَبَرِ الثَّانِي. وَالثَّانِي: لَا نَظَرًا إلَى أَنَّ فِي الْحَدِّ وِلَايَةً وَلَيْسُوا مِنْ أَهْلِهَا، وَالْأَصَحُّ أَنَّ إقَامَتَهُ مِنْ السَّيِّدِ إنَّمَا هِيَ بِطَرِيقِ الْمِلْكِ لِغَرَضِ الِاسْتِصْلَاحِ كَالْحِجَامَةِ وَالْفَصْدِ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ لَهُ الْحَدُّ بِعِلْمِهِ، بِخِلَافِ الْقَاضِي وَالْمُسْلِمِ الْمَمْلُوكِ لِكَافِرٍ يَحُدُّهُ الْإِمَامُ كَمَا مَرَّ لَا سَيِّدُهُ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ) (السَّيِّدَ يُعَزِّرُ) عَبْدَهُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا يَحُدُّهُ وَكَوْنُ التَّعْزِيرِ غَيْرُ مَضْبُوطٍ، بِخِلَافِ الْحَدِّ لَا يُؤَثِّرُ؛ لِأَنَّهُ يَجْتَهِدُ فِيهِ كَالْقَاضِي، أَمَّا لِحَقِّ نَفْسِهِ فَجَائِزٌ جَزْمًا (وَ) أَنَّهُ (يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ) ـــــــــــــــــــــــــــــSذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلسَّفِيهِ إقَامَةُ الْحَدِّ عَلَى قِنِّهِ لِخُرُوجِهِ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْإِصْلَاحِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ (قَوْلُهُ: سَيِّدُهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الرَّقِيقُ أَصْلَهُ أَوْ فَرْعَهُ بِأَنْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ أَصْلَهُ أَوْ فَرْعَهُ فَإِنَّهُ يَتَكَاتَبُ عَلَيْهِ. وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ الْحَقَّ لِغَيْرِهِ فَلَا يُشْكَلُ بِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِهِ وَلَا يُحْبَسُ بِدَيْنِهِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَكَتَبَ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ: قَوْلُهُ سَيِّدُهُ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَمُؤْنَتُهُ: أَيْ الْمُغَرَّبِ فِي مُدَّةِ تَغْرِيبِهِ عَلَى نَفْسِهِ إنْ كَانَ حُرًّا وَعَلَى سَيِّدِهِ إنْ كَانَ رَقِيقًا، وَإِنْ زَادَتْ عَلَى مُؤْنَةِ الْحَضَرِ اهـ. وَفِي الْعُبَابِ: ثُمَّ إنْ غَرَّبَهُ: أَيْ الرَّقِيقَ سَيِّدُهُ فَأُجْرَةُ تَغْرِيبِهِ عَلَيْهِ وَإِنْ غَرَّبَهُ الْإِمَامُ فَفِي بَيْتِ الْمَالِ اهـ. وَرَأَيْت بِخَطِّ شَيْخِنَا عَلَى قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَأَنَّ السَّيِّدَ يُغَرِّبُهُ مَا نَصُّهُ: لَكِنْ مُؤْنَةُ تَغْرِيبِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى السَّيِّدِ اهـ. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الْعُبَابِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَدْ يُوَجَّهُ مَا فِي الْعُبَابِ بِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَضْمَنُ جِنَايَةَ الرَّقِيقِ وَزِنَاهُ كَالْجِنَايَةِ فَلَا يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ زَنَتْ ثَالِثَةً) أَيْ مَرَّةً ثَالِثَةً (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأَوَّلِ) أَيْ الذِّمِّيِّ (قَوْلُهُ: تِلْكَ) أَيْ مَسْأَلَةُ الذِّمِّيِّ، (وَقَوْلُهُ بِهَذِهِ) : أَيْ مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ سَرَقَ) أَيْ الْعَبْدُ (قَوْلُهُ: كَانَ الِاسْتِيفَاءُ لِلْإِمَامِ) قَدْ يَتَوَقَّفُ فِي كَوْنِ الْقِيَاسِ مَا ذُكِرَ بَلْ قِيَاسُهُ اسْتِيفَاءُ السَّيِّدِ (لِرِقِّهِ حَالَ الْجِنَايَةِ) ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: يَسْتَوْفِيهِ الْإِمَامُ لِانْقِطَاعِ تَعَلُّقِ حَقِّ السَّيِّدِ بِإِعْتَاقِهِ لِخُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُكَاتَبَ) أَيْ كِتَابَةً صَحِيحَةً أَخْذًا مِمَّا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَالْجَاهِلَ الْعَارِفَ بِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ كَوْنِهِ عَالِمًا بِأَحْكَامِ الْحَدِّ وَإِنْ كَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْمُسْلِمِ الْمَمْلُوكِ) اسْتِثْنَاءٌ مَعْنًى مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنَّ الْكَافِرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: إمَّا لِحَقِّ نَفْسِهِ) وَبَقِيَ حَقُّ غَيْرِهِ كَأَنْ سَبَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقِيَاسُهُ) اُنْظُرْ وَجْهَ الْقِيَاسِ بَلْ الْقِيَاسُ الْعَكْسُ (قَوْلُهُ: وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ أَوْلَى) أَيْ إذَا لَمْ يُنَازِعْهُ الْإِمَامُ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضِ، وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّ كَلَامَ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ يَقْتَضِي الْإِطْلَاقَ

وَتَزْكِيَتَهَا (بِالْعُقُوبَةِ) الْمُقْتَضِيَةِ لِلْحَدِّ أَوْ التَّعْزِيرِ: أَيْ بِمُوجِبِهَا لِمِلْكِهِ الْغَايَةَ فَالْوَسِيلَةُ أَوْلَى، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ هُنَا أَيْضًا بَيْنَ الْكَافِرِ وَالْمُكَاتَبِ وَغَيْرِهِمَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ اشْتَرَطَ فِيهِ أَهْلِيَّةَ سَمَاعِهَا. (وَالرَّجْمُ) الْوَاجِبُ فِي الزِّنَى يَكُونُ (بِمَدَرٍ) أَيْ طِينٍ مُتَحَجِّرٍ (وَ) نَحْوِ خَشَبٍ وَعَظْمٍ وَالْأَوْلَى كَوْنُهُ بِنَحْوِ (حِجَارَةٍ مُعْتَدِلَةٍ) بِأَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَمْلَأُ الْكَفَّ، نَعَمْ يَحْرُمُ بِكَبِيرٍ مُذَفَّفٍ لِتَفْوِيتِهِ الْمَقْصُودَ مِنْ التَّنْكِيلِ، وَبِصَغِيرٍ لَيْسَ لَهُ كَبِيرُ تَأْثِيرٍ لِطُولِ تَعْذِيبِهِ، وَمَا فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ أَنَّهُمْ رَمَوْهُ بِمَا وَجَدُوهُ حَتَّى بِالْجَلَامِيدِ وَهِيَ الْحِجَارَةُ الْكِبَارُ غَيْرُ مُنَافٍ لِذَلِكَ لِصِدْقِهَا بِالْمُعْتَدِلِ الْمَذْكُورِ بَلْ قَوْلُهُمْ «فَاشْتَدَّ وَاشْتَدَدْنَا خَلْفَهُ حَتَّى أَتَى عَرْضَ الْحَرَّةِ فَانْتَصَبَ فَرَمَيْنَا بِجَلَامِيدِ الْحَرَّةِ حَتَّى سَكَتَ» فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الْجَلَامِيدَ لَمْ تَكُنْ مُذَفَّفَةً وَإِلَّا لَمْ يُعَدِّدُوا الرَّمْيَ بِهَا إلَى أَنْ سَكَتَ، وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَبْعُدَ عَنْهُ فَيُخْطِئَهُ وَلَا يَدْنُوَ مِنْهُ فَيُؤْلِمَهُ: أَيْ إيلَامًا يُؤَدِّي لِسُرْعَةِ التَّذْفِيفِ، وَأَنْ يَتَوَقَّى الْوَجْهَ إذْ جَمِيعُ الْبَدَنِ مَحَلٌّ لِلرَّجْمِ، وَتُعْرَضُ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ؛ لِأَنَّهَا خَاتِمَةُ أَمْرِهِ، وَلْيَسْتُرْ عَوْرَتَهُ وَجَمِيعَ بَدَنِهِ، وَيُؤْمَرُ بِصَلَاةٍ دَخَلَ وَقْتُهَا، وَنُجِيبُهُ لِشُرْبٍ لَا أَكْلٍ وَلِصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ، وَيُجَهَّزُ وَيُدْفَنُ فِي مَقَابِرِنَا وَيُعْتَدُّ بِقَتْلِهِ بِالسَّيْفِ لَكِنْ فَاتَ الْوَاجِبُ. (وَلَا يُحْفَرُ لِلرَّجُلِ) عِنْدَ رَجْمِهِ وَإِنْ ثَبَتَ زِنَاهُ بِبَيِّنَةٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ امْتِنَاعُ الْحَفْرِ. وَاسْتُشْكِلَ بِمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ مَاعِزًا حُفِرَ لَهُ مَعَ أَنَّ زِنَاهُ ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مُعَارَضٌ بِمَا فِي مُسْلِمٍ أَيْضًا أَنَّهُ لَمْ يُحْفَرْ لَهُ وَلِهَذَا جَرَى فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَلَى التَّخْيِيرِ، وَاخْتَارَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَجَمَعَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ بِأَنَّهُ حُفِرَ لِمَاعِزٍ حَفِيرَةٌ صَغِيرَةٌ فَلَمَّا رُجِمَ هَرَبَ مِنْهَا (وَالْأَصَحُّ اسْتِحْبَابُهُ لِلْمَرْأَةِ) بِحَيْثُ يَبْلُغُ صَدْرَهَا (إنْ ثَبَتَ) زِنَاهَا (بِبَيِّنَةٍ) أَوْ لِعَانٍ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ لِئَلَّا تَنْكَشِفَ لَا إقْرَارٍ يُمْكِنُهَا الْهَرَبُ إنْ رَجَعَتْ وَثُبُوتُ الْحَفْرِ لِلْغَامِدِيَّةِ مَعَ كَوْنِهَا مُقِرَّةً لِبَيَانِ الْجَوَازِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمْ يُحْفَرْ لِلْجُهَنِيَّةِ وَكَانَتْ مُقِرَّةً أَيْضًا. (وَلَا يُؤَخَّرُ) الرَّجْمُ (لِمَرَضٍ) يُرْجَى بُرْؤُهُ (وَحَرٍّ وَبَرْدٍ مُفْرِطَيْنِ) إذْ النَّفْسُ مُسْتَوْفَاةٌ بِكُلِّ حَالٍ (وَقِيلَ يُؤَخَّرُ) أَيْ نَدْبًا (إنْ ثَبَتَ بِإِقْرَارٍ) ؛ لِأَنَّهُ بِسَبِيلٍ مِنْ الرُّجُوعِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، أَمَّا مَا لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ فَلَا يُؤَخَّرُ لَهُ جَزْمًا، وَكَذَا لَوْ ارْتَدَّ أَوْ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ فِي الْحِرَابَةِ، نَعَمْ يُؤَخَّرُ لِوَضْعِ الْحَمْلِ وَلِلْفِطَامِ كَمَا مَرَّ فِي الْجِرَاحِ وَلِزَوَالِ جُنُونٍ طَرَأَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ. (وَيُؤَخَّرُ الْجَلْدُ لِلْمَرَضِ) أَوْ نَحْوِ جُرْحٍ يُرْجَى بُرْؤُهُ مِنْهُ أَوْ لِكَوْنِهَا حَامِلًا؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ الرَّدْعُ لَا الْقَتْلُ (فَإِنْ لَمْ يُرْجَ بُرْؤُهُ جُلِدَ) إذْ لَا غَايَةَ لَهُ تُنْتَظَرُ (لَا بِسَوْطٍ) لِئَلَّا يَهْلَكَ وَبِنَحْوِ نِعَالٍ (بَلْ بِعِثْكَالٍ) بِكَسْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSشَخْصًا أَوْ ضَرَبَهُ ضَرْبًا لَا تُوجِبُ ضَمَانًا، وَيَنْبَغِي إلْحَاقُهُ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَيُعَزِّرُهُ السَّيِّدُ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: فَالْوَسِيلَةُ) أَيْ الْبَيِّنَةُ. (قَوْلُهُ: وَالرَّجْمُ) أَيْ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِفِعْلِ نَفْسِهِ فِيمَا يَظْهَرُ فَيُعَاقَبُ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ التَّنْكِيلُ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ بِفِعْلِهِ (قَوْلُهُ: أَتَى عَرْضَ الْحَرَّةِ) اسْمٌ لِجَبَلٍ هُنَاكَ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَتَوَقَّى الْوَجْهَ) أَيْ وَالْأَوْلَى أَنْ يَتَوَقَّى إلَخْ فَالتَّوَقِّي مَنْدُوبٌ (قَوْلُهُ: وَيَعْرِضُ عَلَيْهِ التَّوْبَةَ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ إذَا تَابَ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ (قَوْلُهُ: وَيَسْتُرُ عَوْرَتَهُ) أَيْ وَالْأَوْلَى أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَتَهُ، وَيَنْبَغِي وُجُوبُ السَّتْرِ إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ رُؤْيَتُهَا عِنْدَ الرَّمْيِ (قَوْلُهُ: وَنُجِيبُهُ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: وَلِصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ) أَيْ نُجِيبُهُ لِذَلِكَ نَدْبًا فِيمَا يَظْهَرُ. (قَوْلُهُ: لِوَضْعِ الْحَمْلِ) أَيْ فَلَوْ أُقِيمَ عَلَيْهَا الْحَدُّ حَرُمَ وَاعْتُدَّ بِهِ وَلَا شَيْءَ فِي الْحَمْلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَتَحَقَّقْ حَيَاتُهُ وَهُوَ إنَّمَا يُضْمَنُ بِالْغُرَّةِ إذَا انْفَصَلَ فِي حَيَاةِ أُمِّهِ، وَأَمَّا وَلَدُهَا إذَا مَاتَ لِعَدَمِ مَنْ يُرْضِعُهُ فَيَنْبَغِي ضَمَانُهُ؛ لِأَنَّهُ بِقَتْلِ أُمِّهِ أُتْلِفَ مَا هُوَ غِذَاءٌ لَهُ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ ذَبَحَ شَاةً فَمَاتَ وَلَدُهَا. (قَوْلُهُ: بِعِثْكَالٍ) وَيُقَالُ فِيهِ عُثْكُولٌ وَإِثْكَالٌ بِإِبْدَالِ الْعَيْنِ هَمْزَةً وَهُوَ الَّذِي فِيهِ الرُّطَبُ فَإِذَا يَبِسَتْ تِلْكَ الشَّمَارِيخُ فَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَبِنَحْوِ نِعَالٍ) لَعَلَّهُ إذَا زَادَ أَلَمُهَا عَلَى أَلَمِ الْعِثْكَالِ كَمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ

[كتاب حد القذف]

الْعَيْنِ أَشْهَرُ مِنْ فَتْحِهَا وَبِالْمُثَلَّثَةِ: أَيْ عُرْجُونٍ (عَلَيْهِ مِائَةُ غُصْنٍ) وَهِيَ الشَّمَارِيخُ فَيُضْرَبُ بِهِ الْحُرُّ مَرَّةً (فَإِنْ كَانَ) عَلَيْهِ (خَمْسُونَ) غُصْنًا (ضُرِبَ بِهِ مَرَّتَيْنِ) لِتَكْمِيلِ الْمِائَةِ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ فِيهِ وَفِي الْقِنِّ (وَتَمَسُّهُ الْأَغْصَانُ) جَمِيعُهَا (أَوْ يَنْكَبِسُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ لِيَنَالَهُ بَعْضُ الْأَلَمِ) لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ حِكْمَةُ الْجَلْدِ مِنْ الزَّجْرِ، أَمَّا إذَا لَمْ تَمَسَّهُ أَوْ لَمْ يَنْكَبِسْ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ فَلَا يَكْفِي (فَإِنْ بَرَأَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا بَعْدَ ضَرْبِهِ بِذَلِكَ (أَجْزَأَهُ) وَفَارَقَ مَعْضُوبًا حُجَّ عَنْهُ ثُمَّ شَفِيَ بِأَنَّ الْحُدُودَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الدَّرْءِ، وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ بَرَأَ فِي أَثْنَاءِ ذَلِكَ كَمُلَ حَدُّ الْأَصِحَّاءِ وَاعْتُدَّ بِمَا مَضَى أَوْ قَبْلَهُ حُدَّ كَالْأَصِحَّاءِ قَطْعًا (وَلَا جَلْدَ فِي حَرٍّ وَبَرْدٍ مُفْرِطَيْنِ) بَلْ يُؤَخَّرُ لِوَقْتِ الِاعْتِدَالِ وَلَوْ لَيْلًا وَكَذَا قَطْعُ السَّرِقَةِ، وَلَا يُحْبَسُ عَلَى الرَّاجِحِ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِهِ تَعَالَى كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي بَابِ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ، بِخِلَافِ الْقَوَدِ وَحَدِّ الْقَذْفِ فَلَا يُؤَخَّرَانِ؛ لِأَنَّهُمَا حَقُّ آدَمِيٍّ، وَاسْتَثْنَى الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ مَنْ بِبَلَدٍ لَا يَنْفَكُّ حَرُّهُ أَوْ بَرْدُهُ فَلَا يُؤَخَّرُ، وَلَا يُنْقَلُ لِمُعْتَدِلَةٍ لِتَأْخِيرِ الْحَدِّ وَالْمَشَقَّةِ، وَيُقَابَلُ إفْرَاطُ الزَّمَنِ بِتَخْفِيفِ الضَّرْبِ لِيَسْلَمَ مِنْ الْقَتْلِ (وَإِذَا) (جَلَدَ الْإِمَامُ) أَوْ نَائِبُهُ (فِي مَرَضٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ) أَوْ نِضْوِ خَلْقٍ لَا يَحْتَمِلُ السِّيَاطَ (فَلَا ضَمَانَ عَلَى النَّصِّ) لِحُصُولِ التَّلَفِ مِنْ وَاجِبٍ أَقَمْنَاهُ عَلَيْهِ (فَيَقْتَضِي) هَذَا النَّصُّ (أَنَّ التَّأْخِيرَ مُسْتَحَبٌّ) وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُعْتَمَدُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وُجُوبُهُ وَعَلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ أَيْضًا. كِتَابُ حَدِّ الْقَذْفِ الْحَدُّ مِنْ حَدَّ: مَنْعٌ لِمَنْعِهِ مِنْ الْفَاحِشَةِ أَوْ قَدَرٌ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدَّرَهُ فَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ. وَالْقَذْفُ هُنَا هُوَ الرَّمْيُ بِالزِّنَى فِي مَعْرِضِ التَّعْيِيرِ لَا الشَّهَادَةِ وَهُوَ لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ بَعْدَ مَا مَرَّ، وَإِنَّمَا وَجَبَ الْحَدُّ بِهِ دُونَ الرَّمْيِ بِالْكُفْرِ لِقُدْرَةِ هَذَا عَلَى نَفْيِ مَا رُمِيَ بِهِ بِأَنْ يُجَدِّدَ كَلِمَةَ الْإِسْلَامِ (شَرْطُ حَدِّ الْقَاذِفِ) الِالْتِزَامُ وَعَدَمُ إذْنِ الْمَقْذُوفِ وَفَرْعِيَّتِهِ لِلْقَاذِفِ فَلَا يُحَدُّ حَرْبِيٌّ وَقَاذِفٌ أُذِنَ لَهُ وَإِنْ أَثِمَ وَلَا أَصْلٌ وَإِنْ عَلَا كَمَا يَأْتِي وَ (التَّكْلِيفُ) فَلَا يُحَدُّ ـــــــــــــــــــــــــــــSعُرْجُونٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ بَرَأَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: بِتَخْفِيفِ الضَّرْبِ) أَيْ مَعَ وُجُودِ إيلَامٍ (قَوْلُهُ: فَيَقْتَضِي هَذَا النَّصُّ إلَخْ) ضَعِيفٌ. كِتَابُ حَدِّ الْقَذْفِ (قَوْلُهُ: مِنْ حَدَّ مَنْعٌ) أَيْ مَأْخُوذٌ لُغَةً (قَوْلُهُ: فَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ) مَفْهُومُهُ جَوَازُ النَّقْصِ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِإِذْنِ الْمَقْذُوفِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَالْقَذْفُ هُنَا) أَيْ شَرْعًا (قَوْلُهُ: بَعْدَ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ الْقَتْلِ وَالزِّنَى (قَوْلُهُ لِقُدْرَةِ هَذَا) أَيْ مَنْ رُمِيَ بِالْكُفْرِ (قَوْلُهُ: الِالْتِزَامُ) هَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ التَّكْلِيفُ، فَلَوْ أَخَّرَ هَذِهِ الشُّرُوطَ عَنْهُ وَجَعَلَهَا شَرْحًا لَهُ كَانَ أَوْلَى، وَلَعَلَّهُ قَصَدَ بِجَمْعِهَا وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَفَادَةً مِنْ الْمَتْنِ التَّنْبِيهَ عَلَى جُمْلَةِ الشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُحَدُّ حَرْبِيٌّ) تَقَدَّمَ فِي حَدِّ الزِّنَى أَنَّهُ أَخْرَجَ بِالْمُلْتَزِمِ الْحَرْبِيَّ وَالْمُؤَمَّنَ فَقِيَاسُهُ هُنَا كَذَلِكَ وَهُوَ أَنَّ الْمُؤَمَّنَ إذَا قَذَفَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَيْ عُرْجُونٍ) هُوَ الْعِثْكَالُ إذَا يَبِسَ، وَالْعِثْكَالُ هُوَ الرَّطِبُ فَكَأَنَّهُ بَيَّنَ بِهَذَا التَّفْسِيرِ الْمُرَادَ مِنْ الْعِثْكَالِ (قَوْلُهُ: فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِهِ تَعَالَى) رَاجِعٌ إلَى الْمَتْنِ، وَإِلَى قَوْلِهِ وَلَا يُحْبَسُ، وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ رِكَّةٌ. [كِتَابُ حَدِّ الْقَذْفِ] ِ (قَوْلُهُ: لَا الشَّهَادَةِ) اُنْظُرْ هَلْ يَرِدُ عَلَيْهِ مَا لَوْ شَهِدَ أَقَلُّ مِنْ النِّصَابِ أَوْ رَجَعَ بَعْضُ الشُّهُودِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ الْقَتْلِ وَالرِّدَّةِ وَالزِّنَى (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُجَدِّدَ كَلِمَةَ الْإِسْلَامِ) أَيْ وَبِهَا يَنْتَفِي وَصْفُ الْكُفْرِ الَّذِي رَمَى وَيَثْبُتُ وَصْفُ

صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُمَا (إلَّا السَّكْرَانَ) فَيُحَدُّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا تَغْلِيظًا عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ (وَالِاخْتِيَارُ) فَلَا يُحَدُّ مُكْرَهٌ عَلَيْهِ لِمَا مَرَّ مَعَ عَدَمِ التَّعْيِيرِ، وَبِهِ فَارَقَ قَتْلَهُ إذَا قَتَلَ لِوُجُودِ الْجِنَايَةِ مِنْهُ حَقِيقَةً وَيَجِبُ التَّلَفُّظُ بِهِ لِدَاعِيَةِ الْإِكْرَاهِ، وَكَذَا مُكْرِهُهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَفَارَقَ مُكْرِهَ الْقَاتِلِ بِأَنَّهُ آلَتُهُ؛ إذْ يُمْكِنُهُ أَخْذُ يَدِهِ فَيَقْتُلُ بِهَا دُونَ لِسَانِهِ فَيَقْذِفُ بِهِ، وَكَذَا لَا يُحَدُّ جَاهِلٌ بِتَحْرِيمِهِ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ لِنَشْئِهِ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ. (وَيُعَزَّرُ) الْقَاذِفُ (الْمُمَيِّزُ) صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا زَجْرًا وَتَأْدِيبًا لَهُ وَمِنْ ثَمَّ سَقَطَ بِالْبُلُوغِ وَالْإِفَاقَةِ. (وَلَا يُحَدُّ أَصْلٌ) أَبٌ أَوْ أُمٌّ وَإِنْ عَلَا (بِقَذْفِ الْوَلَدِ) وَمَنْ وَرِثَهُ الْوَلَدُ (وَإِنْ سَفَلَ) كَمَا لَا يُقْتَلُ بِهِ وَلَكِنَّهُ يُعَزَّرُ لِلْأَذَى، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ حَبْسِهِ بِدَيْنِهِ بِأَنَّ الْحَبْسَ عُقُوبَةٌ قَدْ تَدُومُ مَعَ عَدَمِ الْإِثْمِ بِحَبْسِ الْفَرْعِ لَهُ إنْ قُلْنَا بِجَوَازِهِ فَلَمْ يَلْقَ بِحَالِ الْأَصْلِ عَلَى أَنَّ الرَّافِعِيَّ صَرَّحَ بِأَنَّهُ مَتَى عُزِّرَ فَذَاكَ لِحَقِّهِ تَعَالَى لَا لِلْوَلَدِ وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ وَلَمْ يَقُلْ هُنَا وَلَا لَهُ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْقَوَدِ لِئَلَّا يَرِدَ مَا لَوْ كَانَ لِزَوْجَةِ وَلَدِهِ وَلَدٌ آخَرُ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنَّ لَهُ الِاسْتِيفَاءَ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْوَرَثَةِ يَسْتَوْفِيهِ جَمِيعَهُ وَلَا كَذَلِكَ الْقَوَدُ، وَلَوْ قَالَ لِوَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ غَيْرِهِ: يَا وَلَدَ الزِّنَا كَانَ قَذْفًا لِأُمِّهِ فَيُحَدُّ لَهَا بِشَرْطِهِ وَإِذَا وَجَبَ حَدُّ الْقَذْفِ (فَالْحُرُّ) حَالَةَ قَذْفِهِ (حَدُّهُ ثَمَانُونَ) جَلْدَةً لِلْآيَةِ فَدَخَلَ فِيهِ مَا لَوْ قَذَفَ ذِمِّيٌّ ثُمَّ حَارَبَ وَأُرِقَّ فَيُجْلَدُ ثَمَانِينَ اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْقَذْفِ (وَالرَّقِيقُ) حَالَةَ الْقَذْفِ أَيْضًا وَلَوْ مُكَاتَبًا وَمُبَعَّضًا حَدُّهُ (أَرْبَعُونَ) جَلْدَةً إجْمَاعًا، وَبِهِ خُصَّتْ الْآيَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا يُحَدُّ، وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي السَّرِقَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُحَدُّ مُكْرَهٌ) لَوْ لَمْ يُعْلَمْ إكْرَاهُهُ، وَادَّعَاهُ هَلْ يُقْبَلُ أَوْ لَا أَوْ يُقْبَلُ إنْ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ؟ لَا يَبْعُدُ الثَّالِثُ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ التَّلَفُّظُ بِهِ) أَيْ الْقَذْفِ (قَوْلُهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ أَيْضًا) أَيْ وَيُعَزَّرُ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَجْنُونًا) أَيْ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ. (قَوْلُهُ: وَمَنْ وَرِثَهُ الْوَلَدُ) أَيْ مِنْ زَوْجَةٍ وَأَخٍ مِنْ أُمٍّ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَلَكِنَّهُ يُعَزَّرُ لِلْأَذَى) هَلْ مِثْلُهُ بَقِيَّةُ الْحُقُوقِ فَيُعَزَّرُ الْأَصْلُ عَلَيْهَا لِوَلَدِهِ أَوْ لَا. وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْأَذَى فِي الْقَذْفِ أَشَدُّ مِنْ غَيْرِهِ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَضِيَّةُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فَيُعَزَّرُ لِفَرْعِهِ عَلَى بَقِيَّةِ الْحُقُوقِ، ثُمَّ رَأَيْتُ فِي الشَّارِحِ فِي فَصْلِ التَّعْزِيرِ أَنَّهُ لَا يُعَزَّرُ لَهُ فِي غَيْرِ الْقَذْفِ (قَوْلُهُ: إنْ قُلْنَا بِجَوَازِهِ) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ (قَوْلُهُ لِئَلَّا يَرِدَ مَا لَوْ كَانَ إلَخْ) قَدْ يُمْنَعُ الْوُرُودُ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَلَا لَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَهُ، وَذَلِكَ لَا يُنَافِي الْحَدَّ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا: لِئَلَّا إلَخْ قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا إيرَادُهُ عَلَى قَوْلِهِ السَّابِقِ وَمَنْ وَرِثَهُ الْوَلَدُ إلَّا أَنْ يُمْنَعَ صِدْقًا أَنَّهُ وَرِثَهَا إذْ لَا يَسْتَغْرِقُ إرْثَهَا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ لَهُ الِاسْتِيفَاءَ) أَيْ فَإِذَا قَذَفَهَا الزَّوْجُ ثُمَّ مَاتَتْ وَوَرِثَهَا ابْنُهُ وَابْنُهَا مِنْ غَيْرِهِ فَلِابْنِهَا مِنْ غَيْرِهِ الْحَدُّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِابْنِ الزَّوْجِ الْحَدُّ (قَوْلُهُ: يَا وَلَدَ الزِّنَى) أَيْ وَلَوْ هَازِلًا (قَوْلُهُ: فَيُحَدُّ لَهَا بِشَرْطِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِسْلَامِ، بِخِلَافِ نَحْوِ التَّوْبَةِ مِنْ الزِّنَى لَا يَثْبُتُ بِهَا وَصْفُ الْإِحْصَانِ (قَوْلُهُ: لِدَاعِيَةِ الْإِكْرَاهِ) أَيْ لَا لِتَشَفٍّ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَجْنُونًا) أَيْ لَهُ تَمْيِيزٌ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ صَنِيعُهُ (قَوْلُهُ: بِحَبْسِ الْفَرْعِ لَهُ إنْ قُلْنَا بِجَوَازِهِ) هَذَا مِنْ تَصَرُّفِهِ، وَسَبَبُهُ أَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ قَوْلَهُمْ مَعَ عَدَمِ الْإِثْمِ مَعْنَاهُ عَدَمُ الْإِثْمِ مِنْ الْفَرْعِ فَاحْتَاجَ لِتَصْوِيرِهِ بِمَا ذَكَرَهُ مَعَ أَنَّهُ يُفْهَمُ ثُبُوتُ الْإِثْمِ لِلْفَرْعِ فِي تَعْزِيرِ الْأَصْلِ لَهُ بَلْ هُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا يُعْلَمُ بِالتَّأَمُّلِ، فَالصَّوَابُ حَذْفُ مَا زَادَهُ عَلَى قَوْلِهِمْ مَعَ عَدَمِ الْإِثْمِ الَّذِي مَعْنَاهُ عَدَمُ الْإِثْمِ مِنْ الْأَصْلِ. وَحَاصِلُ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْفَرْقِ أَنَّ مَنْعَ حَبْسِ الْأَصْلِ لِفَرْعِهِ لِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ عُقُوبَةٌ قَدْ تَدُومُ. وَالثَّانِي عَدَمُ الْإِثْمِ مِنْ الْأَصْلِ بِسَبَبِ الْحَبْسِ الَّذِي هُوَ الدَّيْنُ بِخِلَافِ التَّعْزِيرِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَرِدَ إلَخْ.) قَالَ سم: قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا إيرَادُهُ عَلَى قَوْلِهِ السَّابِقِ وَمِنْ وَرَثَةِ الْوَلَدِ إلَّا أَنْ يَمْنَعَ صُدِّقَ أَنَّهُ وَرِثَهَا إذْ لَا يَسْتَغْرِقُ إرْثَهَا، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ يَمْنَعُ الْوُرُودَ حِينَئِذٍ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَلَا لَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَهُ وَذَلِكَ لَا يُنَافِي الْحَدَّ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى اهـ

عَلَى أَنَّ مَنْعَ الشَّهَادَةِ فِيهَا لِلْقَذْفِ مُصَرَّحٌ بِأَنَّهَا فِي الْأَحْرَارِ وَتَغْلِيبًا لِحَقِّهِ تَعَالَى، وَإِلَّا فَمَا يَجِبُ لِلْآدَمِيِّ يَسْتَوِي فِيهِ الْحُرُّ وَالْقِنُّ وَإِنْ غَلَبَ حَقُّ الْآدَمِيِّ فِي تَوَقُّفِ اسْتِيفَائِهِ عَلَى طَلَبِهِ بِالِاتِّفَاقِ وَسُقُوطِهِ بِعَفْوِهِ وَلَوْ عَلَى مَالٍ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْمَالُ، وَكَذَا بِثُبُوتِ زِنَى الْمَقْذُوفِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ أَوْ يَمِينٍ مَرْدُودَةٍ أَوْ بِلِعَانٍ، وَمَنْ قَذَفَ غَيْرَهُ، وَلَمْ يَسْمَعْهُ إلَّا اللَّهُ وَالْحَفَظَةُ لَا يَكُونُ كَبِيرَةً مُوجِبَةً لِلْحَدِّ لِخُلُوِّهِ عَنْ مَفْسَدَةِ الْإِيذَاءِ وَلَا يُعَاقَبُ فِي الْآخِرَةِ إلَّا عِقَابَ كَذِبٍ لَا ضَرَرَ فِيهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. (وَ) شَرْطُ (الْمَقْذُوفِ) لِيُحَدَّ قَاذِفُهُ (الْإِحْصَانُ) لِلْآيَةِ (وَسَبَقَ فِي اللِّعَانِ) بَيَانُ شُرُوطِهِ وَشُرُوطِ الْمَقْذُوفِ، نَعَمْ لَا يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ الْبَحْثُ عَنْ إحْصَانِ الْمَقْذُوفِ بَلْ يُقِيمُ الْحَدَّ عَلَى الْقَاذِفِ لِظَاهِرِ الْإِحْصَانِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ لِعِصْيَانِهِ بِالْقَذْفِ، وَلِأَنَّ الْبَحْثَ عَنْهُ يُؤَدِّي إلَى إظْهَارِ الْفَاحِشَةِ الْمَأْمُورِ بِسَتْرِهَا، بِخِلَافِ الْبَحْثِ عَنْ عَدَالَةِ الشُّهُودِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ لِيَحْكُمَ بِشَهَادَتِهِمْ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَيَيْنِ فِيهِ، كَذَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ. (وَلَوْ) (شَهِدَ) عِنْدَ قَاضٍ رِجَالٌ أَحْرَارٌ مُسْلِمُونَ (دُونَ أَرْبَعَةٍ بِزِنًى) (حُدُّوا) حَدَّ الْقَذْفِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَدَّ الثَّلَاثَةَ الَّذِينَ شَهِدُوا بِزِنَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ، وَلِئَلَّا يَتَّخِذَ النَّاسُ الْوُقُوعَ فِي أَعْرَاضِ بَعْضِهِمْ ذَرِيعَةً بِصُورَةِ الشَّهَادَةِ وَلَهُمْ تَحْلِيفُهُ إنَّهُ لَمْ يَزْنِ، فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفُوا لَمْ يُحَدُّوا، وَكَذَا لَوْ تَمَّ النِّصَابُ بِالزَّوْجِ لِكَوْنِهِ مُتَّهَمًا فِي شَهَادَتِهِ بِزِنَاهَا، أَمَّا لَوْ شَهِدُوا عِنْدَ غَيْرِ قَاضٍ فَقَذَفَةٌ جَزْمًا، وَلَا يُحَدُّ شَاهِدٌ جُرِحَ بِزِنًى وَإِنْ انْفَرَدَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَيْهِ، وَيُنْدَبُ لِشُهُودِ الزِّنَى فَهَلْ مَا يَقَعُ فِي قَلْبِهِمْ كَوْنُهُ مَصْلَحَةً مِنْ سَتْرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ شُرُوطِهِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ: شَرْطُ حَدِّ الْقَاذِفِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَا يَثْبُتُ الْمَالُ) أَيْ عَلَى الْقَاذِفِ (قَوْلُهُ: إلَّا عِقَابَ كَذِبٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ صَادِقًا فِيمَا قَذَفَ بِهِ لَا يُعَاقَبُ فِي الْآخِرَةِ أَصْلًا وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا يَجِبُ) ظَاهِرُهُ الْجَوَازُ لَكِنَّ قَوْلَهُ وَلِأَنَّ الْبَحْثَ عَنْهُ إلَخْ يَقْتَضِي خِلَافَهُ (قَوْلُهُ: بَلْ يُقِيمُ الْحَدَّ عَلَى الْقَاذِفِ) أَيْ حَتَّى لَوْ تَبَيَّنَ عَدَمُ إحْصَانِ الْمَقْذُوفِ بَعْدَ حَدِّ الْقَاذِفِ لَا شَيْءَ وَإِنْ كَانَ سَبَبًا فِي الْحَدِّ، بَلْ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْقَاذِفُ بِالْحَدِّ لَا شَيْءَ عَلَى الْمَقْذُوفِ وَلَا عَلَى الْقَاضِي فَلْيُرَاجَعْ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ: يُؤَدِّي إلَى إظْهَارِ الْفَاحِشَةِ) أَيْ فِي الْمَقْذُوفِ، وَقَوْلُهُ كَذَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ إلَخْ مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: دُونَ أَرْبَعَةٍ) [فَرْعٌ] فِي الْعُبَابِ وَالرَّوْضِ أَوْ أَرْبَعَةٌ: أَيْ أَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ لَمْ يُحَدَّ أَحَدٌ وَإِنْ رُدُّوا لِفِسْقٍ أَوْ عَدَاوَةٍ وَيُحَدُّ قَاذِفُهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: ذَرِيعَةً) أَيْ وَسِيلَةً اهـ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفُوا لَمْ يُحَدُّوا) أَيْ وَلَا يُحَدُّ هُوَ أَيْضًا لِمَا مَرَّ لِلشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ إقْرَارٌ مِنْ أَنَّ الزِّنَى لَا يَثْبُتُ بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ تَمَّ النِّصَابُ بِالزَّوْجِ) أَيْ فَيُحَدُّ هُوَ وَهَمٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَيُشْكِلَ ذَلِكَ بِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْعُبَابِ مِنْ أَنَّ الْأَرْبَعَةَ إذَا شَهِدُوا لَا يُحَدُّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَإِنْ رُدُّوا لِفِسْقِهِمْ، وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الزَّوْجَ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِعَدَاوَتِهِ، وَلَوْ رُدَّتْ شَهَادَةُ الْأَرْبَعَةِ لَمْ يُحَدُّوا، فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ كَوْنِ الزَّوْجِ وَاحِدًا مِنْ الشُّهُودِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: كَلَامُ الْعُبَابِ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا كَانَ الْأَرْبَعَةُ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ ظَاهِرًا، وَالزَّوْجُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا ظَاهِرًا كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إنْ كَانُوا بِصِفَةِ الشُّهُودِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يُحَدُّ شَاهِدٌ جُرِحَ) وَذَلِكَ بِأَنْ شَهِدَ فِي قَضِيَّةٍ فَادَّعَى الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَنَّهُ زَانٍ وَأَقَامَ مَنْ شَهِدَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً فَلَا حَدَّ عَلَى الشَّاهِدِ بِالزِّنَى لِمَا ذَكَرَهُ وَلَا عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ غَرَضَهُ الدَّفْعُ عَنْ نَفْسِهِ لَا التَّعْيِيرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مَا لَوْ كَانَ لِزَوْجَةِ وَلَدِهِ وَلَدٌ إلَخْ.) أَيْ وَالْمَقْذُوفُ الزَّوْجَةُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ غُلِّبَ إلَخْ.) غَايَةٌ فِي قَوْلِهِ وَتَغْلِيبًا لِحَقِّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ: بَيَانُ شُرُوطِهِ وَشُرُوطِ الْمَقْذُوفِ) أَيْ شُرُوطِ الْمَقْذُوفِ صَرِيحًا وَشُرُوطِ الْإِحْصَانِ ضِمْنًا فَإِنَّ عِبَارَتَهُ هُنَاكَ وَالْمُحْصَنُ مُكَلَّفٌ حُرٌّ مُسْلِمٌ عَفِيفٌ عَنْ وَطْءٍ يُحَدُّ بِهِ، وَكَأَنَّ الشَّارِحَ أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى دَفْعِ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمَتْنِ بِأَنَّ الَّذِي سَبَقَ إنَّمَا هُوَ شُرُوطُ الْمُحْصَنِ لَا الْإِحْصَانِ، لَكِنْ فِي جَعْلِهِ الْفَاعِلَ لَفْظُ بَيَانٍ مَعَ أَنَّهُ فِي الْمَتْنِ ضَمِيرُ الْإِحْصَانِ تَسَاهُلٌ (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ مُتَّهَمًا) أَيْ فِي دَفْعِ عَارِهَا عَنْهُ مَثَلًا (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ شَهِدُوا) يَعْنِي: مُطْلَقَ الشُّهُودِ، وَإِنْ كَثُرُوا لَا خُصُوصَ

أَوْ شَهَادَةٍ، وَيُتَّجَهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْمَصْلَحَةِ بِحَالِ الشُّهُودِ عَلَيْهِ لَا الشَّاهِدِ، وَلَوْ قِيلَ بِاعْتِبَارِ حَالِهِ أَيْضًا لَمْ يَبْعُدْ. وَالثَّانِي لَا حَدَّ (وَكَذَا) لَوْ شَهِدَ (أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَ) أَرْبَعَةُ (عَبِيدٍ وَ) أَرْبَعَةُ (كَفَرَةٍ) أَهْلُ ذِمَّةٍ أَوْ أَكْثَرُ فِي الْجَمِيعِ فَيُحَدُّونَ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِانْتِفَاءِ أَهْلِيَّتِهِمْ لِلشَّهَادَةِ فَتَمَحَّضَتْ شَهَادَتُهُمْ قَذْفًا، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانُوا بِصِفَةِ الشُّهُودِ ظَاهِرًا وَإِلَّا لَمْ يُصْغَ إلَيْهِمْ فَهُمْ قَذَفَةٌ قَطْعًا، وَلَا تُقْبَلُ إعَادَتُهَا مِنْ الْأَوَّلِينَ إذَا تَمُّوا لِبَقَاءِ التُّهْمَةِ كَفَاسِقٍ رُدَّ فَتَابَ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْكَفَرَةِ وَالْعَبِيدِ لِظُهُورِ نَقْصِهِمْ فَلَا تُهْمَةَ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِي حَدِّهِمْ الْقَوْلَانِ تَنْزِيلًا لِنَقْصِ الصِّفَةِ مَنْزِلَةَ نَقْصِ الْعَدَدِ. (وَلَوْ) (شَهِدَ وَاحِدٌ عَلَى إقْرَارِهِ) بِالزِّنَى (فَلَا حَدَّ) كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ أَقْرَرْت بِالزِّنَى قَاصِدًا بِهِ قَذْفَهُ وَتَعْيِيرَهُ بَلْ أَوْلَى. (وَلَوْ) (تَقَاذَفَا فَلَيْسَ تَقَاصًّا) فَلِكُلِّ وَاحِدٍ حَدٌّ عَلَى صَاحِبِهِ؛ إذْ شَرْطُ التَّقَاصِّ اتِّحَادُ الْجِنْسِ وَالصِّفَةِ وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ هُنَا لِاخْتِلَافِ تَأْثِيرِ الْحَدَّيْنِ بِاخْتِلَافِ الْبَدَنَيْنِ غَالِبًا، نَعَمْ لِمَنْ سُبَّ سَبُّ سَابِّهِ بِقَدْرِ مَا سَبَّهُ مِمَّا لَا كَذِبَ فِيهِ وَلَا قَذْفَ كَيَا ظَالِمُ يَا أَحْمَقُ، لِخَبَرِ «زَيْنَبَ لَمَّا سَبَّتْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، فَقَالَ لَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُبِّيهَا» ، وَلِأَنَّ أَحَدًا لَا يَنْفَكُّ عَنْ ذَلِكَ وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَتَجَاوَزَ لِنَحْوِ أَبِيهِ، وَبِانْتِصَارِهِ يُسْتَوْفَى حَقُّهُ وَيَبْقَى عَلَى الْأَوَّلِ إثْمُ الِابْتِدَاءِ وَالْإِثْمُ لِحَقِّهِ تَعَالَى. (وَلَوْ) (اسْتَقَلَّ الْمَقْذُوفُ بِالِاسْتِيفَاءِ) لِلْحَدِّ وَلَوْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَوْ الْقَاذِفِ (لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ) فَإِنْ مَاتَ بِهِ قُتِلَ الْمَقْذُوفُ مَا لَمْ يَكُنْ بِإِذْنِ الْقَاذِفِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، وَإِنْ لَمْ يَمُتْ لَمْ يُجْلَدْ حَتَّى يَبْرَأَ مِنْ الْأَلَمِ الْأَوَّلِ، نَعَمْ لِسَيِّدٍ قَذَفَهُ قِنُّهُ أَنْ يَحُدَّهُ، وَكَذَا لِمَقْذُوفٍ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الرَّفْعُ لِلسُّلْطَانِ اسْتِيفَاؤُهُ إنْ أَمْكَنَهُ مَعَ رِعَايَةِ الْمَشْرُوعِ وَلَوْ بِالْيَدِ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: وَلَوْ قِيلَ بِاعْتِبَارِ حَالِهِ) أَيْ الشَّاهِدِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَكْثَرَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ بَلَغُوا حَدَّ التَّوَاتُرِ (قَوْلُهُ: وَلَا تُقْبَلُ إعَادَتُهَا مِنْ الْأَوَّلِينَ) أَيْ فِيمَا لَوْ كَانُوا دُونَ أَرْبَعَةٍ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَحْوِ الْكَفَرَةِ) أَيْ فَتُقْبَلُ مِنْهُمْ إذَا أَعَادُوهَا بَعْدَ كَمَالِهِمْ. (قَوْلُهُ وَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ إلَخْ) قَسِيمُ قَوْلِهِ وَلَوْ شَهِدَ دُونَ أَرْبَعَةٍ بِزِنَاهُ. (قَوْلُهُ: مِمَّا لَا كَذِبَ فِيهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ وَصَفَهُ بِنَحْوِ شُرْبِ خَمْرٍ جَوَابًا لِسَبِّهِ بِهِ لَا يَحْرُمُ إنْ كَانَ صَادِقًا فِيهِ، وَقَضِيَّةُ (قَوْلِهِ وَلِأَنَّ أَحَدًا لَا يَنْفَكُّ) إلَخْ خِلَافًا لِإِشْعَارِهِ بِأَنَّهُ إنَّمَا جَازَ ذَلِكَ لِلْقَطْعِ بِصِدْقِهِ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ مِمَّا لَا كَذِبَ فِيهِ مَا لَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْكَذِبُ، بِخِلَافِ مَا يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ، وَإِنْ كَانَ مُطَابِقًا لِلْوَاقِعِ (قَوْلُهُ: فَقَالَ لَهَا) أَيْ لِعَائِشَةَ (قَوْلُهُ: وَبِانْتِصَارِهِ) أَيْ لِنَفْسِهِ بِسَبِّهِ صَاحِبَهُ (قَوْلُهُ: وَيَبْقَى عَلَى الْأَوَّلِ إثْمُ الِابْتِدَاءِ) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيذَاءِ وَإِنْ كَانَ حَقًّا (قَوْلُهُ لِحَقِّهِ تَعَالَى) أَيْ وَالْإِثْمُ الْمَذْكُورُ لِحَقِّهِ تَعَالَى. (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ وَاضِحٌ) أَيْ فَيَضْمَنُ: أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ اخْتَلَفَ الْوَارِثُ وَالْمَقْذُوفُ فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ الْوَارِثِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَحُدَّهُ) سَكَتَ هُنَا عَمَّا يَلْزَمُ الْمَقْذُوفَ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَاَلَّذِي يَلْزَمُهُ التَّعْزِيرُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لِمَقْذُوفٍ) قَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِهِ أَنَّ مُسْتَحِقَّ التَّعْزِيرِ لَيْسَ لَهُ اسْتِيفَاؤُهُ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ رَفْعِهِ لِلْحَاكِمِ. وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ التَّعْزِيرَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ فَلَيْسَ لَهُ قَدْرٌ مَخْصُوصٌ وَلَا نَوْعٌ يَسْتَوْفِيهِ الْمُسْتَحِقُّ وَلَوْ كَانَ عَارِفًا بِذَلِكَ، فَلَوْ جُوِّزَ لَهُ فِعْلُهُ فَرُبَّمَا تَجَاوَزَ فِي اسْتِيفَائِهِ عَمَّا كَانَ يَفْعَلُهُ الْقَاضِي لَوْ رُفِعَ لَهُ فَاحْفَظْهُ (قَوْلُهُ: الرَّفْعُ لِلسُّلْطَانِ) أَيْ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِفِعْلِهِ وَمِنْهُ الْحَاكِمُ السِّيَاسِيُّ فِي قُرَى الرِّيفِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وِلَايَةُ الْقَضَاءِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَذْكُورِينَ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: إذَا تَمُّوا) أَيْ بَعْدَ الرَّدِّ وَالْحَدِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: إذْ شَرْطُ التَّقَاصِّ) أَيْ حَتَّى عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِهِ فِي غَيْرِ النُّقُودِ.

[كتاب قطع السرقة]

كِتَابُ قَطْعِ السَّرِقَةِ بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِ الرَّاءِ، وَيَجُوزُ إسْكَانُهَا مَعَ فَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِهَا، وَهِيَ لُغَةً أَخْذُ الشَّيْءِ خُفْيَةً، وَشَرْعًا: أَخْذُ مَالٍ خُفْيَةً مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ بِشَرَائِطَ تَأْتِي. وَالْأَصْلُ فِي الْقَطْعِ بِهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] وَغَيْرُهُ مِمَّا يَأْتِي. لَا يُقَالُ: لَوْ حَذَفَ قَطْعَ كَمَا حَذَفَ حَدَّ مِنْ كِتَابِ الزِّنَى لَكَانَ أَعَمَّ لِيَتَنَاوَلَ أَحْكَامَ نَفْسِ السَّرِقَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَمَّا كَانَ الْقَطْعُ هُوَ الْمَقْصُودَ بِالذَّاتِ وَمَا عَدَاهُ هُنَا بِطَرِيقِ التَّبَعِ لَهُ فَذَكَرَهُ لِذَلِكَ، وَلَا يُعَارِضُهُ صَنِيعُهُ فِي كِتَابِ الزِّنَى؛ لِأَنَّهُمَا صِيغَتَانِ لِكُلٍّ مَلْحَظٌ وَأَرْكَانُ السَّرِقَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْقَطْعِ سَرِقَةٌ كَذَا وَقَعَ فِي عِبَارَتِهِمْ وَهُوَ صَحِيحٌ، إذْ الْمُرَادُ بِالسَّرِقَةِ الثَّانِيَةِ مُطْلَقُ الْأَخْذِ خُفْيَةً وَبِالْأُولَى الْأَخْذُ خُفْيَةً مِنْ حِرْزٍ، وَسَارِقٌ وَمَسْرُوقٌ، وَلِطُولِ الْكَلَامِ فِيهِ بَدَأَ بِهِ فَقَالَ (يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِهِ فِي الْمَسْرُوقِ) أُمُورٌ (كَوْنُهُ رُبْعَ دِينَارٍ) أَيْ مِثْقَالَ ذَهَبٍ مَضْرُوبًا كَمَا فِي الْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، وَشَذَّ مَنْ قَطَعَ بِأَقَلَّ مِنْهُ، وَأَمَّا خَبَرُ «لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ أَوْ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ» ـــــــــــــــــــــــــــــS [كِتَابُ قَطْعِ السَّرِقَةِ] ِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَمَّا كَانَ الْقَطْعُ إلَخْ) يُرَدُّ عَلَى هَذَا الرَّدِّ أَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْأَبْوَابِ بَيَانُ الْأَحْكَامِ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ بَيَانَ أَحْكَامِ الْقَطْعِ مَقْصُودَةٌ بِالذَّاتِ، وَبَيَانُ أَحْكَامِ نَفْسِ السَّرِقَةِ مَقْصُودَةٌ بِالتَّبَعِ، وَمَا أَشَارَ إلَى الِاسْتِدْلَالِ بِهِ مِنْ عَدَمِ اخْتِلَافِ الْقَطْعِ مَمْنُوعٌ، إذْ عَدَمُ هَذَا الِاخْتِلَافِ لَا يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ الْقَطْعِ بِالْمَقْصُودِ بِالذَّاتِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: هُوَ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ السَّرِقَةَ تُشَارِكُهَا فِي الْأَحْكَامِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهَا غَيْرِ الْقَطْعِ أَبْوَابٌ كَثِيرَةٌ كَالِاخْتِلَاسِ وَالِانْتِهَابِ وَالْجَحْدِ فَإِنَّهَا كُلُّهَا مُشْتَرِكَةٌ فِي الْحُرْمَةِ وَضَمَانِ الْمَالِ إنْ تَلِفَ وَأَرْشِ نَقْصِهِ إنْ نَقَصَ وَأُجْرَةِ مِثْلِهِ لِمُدَّةِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا اخْتَصَّتْ السَّرِقَةُ عَنْهَا بِالْقَطْعِ فَكَانَ هُوَ الْمَقْصُودَ بِالذَّاتِ فِي هَذَا الْبَابِ، بِخِلَافِ الزِّنَى فَإِنَّهُ يُشَارِكُهُ فِي الْأَحْكَامِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهِ غَيْرُهُ كَعَدَمِ ثُبُوتِ النَّسَبِ بِهِ وَعَدَمِ الْمُصَاهَرَةِ وَاسْتِرْقَاقِ الْوَلَدِ الْحَاصِلِ بِهِ لِعَدَمِ نِسْبَتِهِ لِلْوَاطِئِ، وَتَرَتُّبُ الْحَدِّ عَلَيْهِ كَتَرَتُّبِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ فَلَمْ يَكُنْ مَقْصُودًا بَلْ الْأَحْكَامُ كُلُّهَا مُشْتَرِكَةٌ. (وَقَوْلُهُ وَلَا يُعَارِضُهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ دَفْعٌ لِمَا يَرِدُ عَلَى الْجَوَابِ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ هُوَ إشَارَةٌ إلَى جَوَابٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْقَطْعُ مُشْتَرِكًا بَيْنَ السَّارِقِينَ لَا يَتَفَاوَتُونَ فِيهِ، بِخِلَافِ الْحَدِّ فَإِنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاعْتِبَارِ كَوْنِ الزَّانِي بِكْرًا أَوْ مُحْصَنًا وَبَيْنَ كَوْنِهِ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا لَاحِظْ ذَلِكَ فَلَمْ يَذْكُرْ الْحَدَّ فِي الزِّنَى لِاخْتِلَافِهِ بِاخْتِلَافِ الزُّنَاةِ، وَذَكَرَ الْقَطْعَ فِي السَّرِقَةِ لِعَدَمِ اخْتِلَافِهِ، وَالنِّكَاتُ لَا تَتَعَارَضُ (قَوْلُهُ: كَوْنُهُ رُبْعَ دِينَارٍ) وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ مَا يُسَاوِيهِ حَالَ السَّرِقَةِ اهـ شَرْحُ مَنْهَجٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQكِتَابُ قَطْعِ السَّرِقَةِ (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا أَخْذُ مَالٍ إلَخْ.) هَذَا تَعْرِيفٌ لِلسَّرِقَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْقَطْعِ خَاصَّةً كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَمَا عَدَاهُ هُنَا بِطَرِيقِ التَّبَعِ) أَيْ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا أَصَالَةٌ فِي الْحُدُودِ، وَمِنْ ثَمَّ عَبَّرَ بَعْضُهُمْ بَعْدَ بَابِ الرِّدَّةِ بِكِتَابِ الْحُدُودِ وَجَعَلَهُ أَبْوَابًا مِنْهَا بَابُ السَّرِقَةِ. فَانْدَفَعَ قَوْلُ سم: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ بَيَانَ أَحْكَامِ الْقَطْعِ مَقْصُودٌ بِالذَّاتِ وَبَيَانَ أَحْكَامِ نَفْسِ السَّرِقَةِ مَقْصُودٌ بِالتَّبَعِ اهـ. وَمِمَّا يَدْفَعُهُ أَنَّ الشَّارِحَ كحج لَمْ يَجْعَلَا أَحْكَامَ السَّرِقَةِ تَابِعَةً فِي حَدِّ ذَاتِهَا، وَإِنَّمَا جَعَلَاهَا تَابِعَةً هُنَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ بَيَانُ الْحُدُودِ كَمَا تَقَرَّرَ (قَوْلُهُ: لِكُلِّ مَلْحَظٍ) أَيْ وَهُوَ أَنَّ الْحُدُودَ فِي الزِّنَى مُتَعَدِّدَةٌ بِتَعَدُّدِ الْفَاعِلِ وَمُخْتَلَفٌ فِي بَعْضِ أَجْزَائِهَا وَهُوَ التَّغْرِيبُ فَحَذَفَ لَفْظَ الْحَدِّ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ التَّخْصِيصُ بِبَعْضِهَا قَالَهُ حَجّ، وَإِنْ

فَمَحْمُولٌ عَلَى بَيْضَةِ الْحَدِيدِ، وَحَبْلٍ يُسَاوِي نِصَابًا أَوْ الْجِنْسِ، أَوْ أَنَّ مِنْ شَأْنِ السَّرِقَةِ تَدَرُّجَ صَاحِبِهَا مِنْ الْقَلِيلِ إلَى الْكَثِيرِ حَتَّى تُقْطَعَ يَدُهُ (خَالِصًا) وَإِنْ تَحَصَّلَ مِنْ مَغْشُوشٍ، بِخِلَافِ الرُّبْعِ الْمَغْشُوشِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ رُبْعَ دِينَارٍ حَقِيقَةً (أَوْ قِيمَتَهُ) أَيْ مُقَوَّمًا بِهِ، فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ قِيمَتُهُ بِالدَّنَانِيرِ قُوِّمَ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ هِيَ بِالدَّنَانِيرِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمَحَلِّ السَّرِقَةِ دَنَانِيرُ انْتَقَلَ لِأَقْرَبِ مَحَلٍّ إلَيْهَا فِيهِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ قِيَاسُ نَظَائِرِهِ، وَيُقْطَعُ بِرُبْعِ دِينَارٍ قِرَاضَةً (وَلَوْ) (سَرَقَ رُبْعًا) ذَهَبًا (سَبِيكَةً) فَانْدَفَعَ الْقَوْلُ بِأَنَّ سَبِيكَةً مُؤَنَّثٌ فَلَا يَصِحُّ كَوْنُهُ نَعْتًا لِرُبْعٍ أَوْ حُلِيًّا (لَا يُسَاوِي رُبْعًا مَضْرُوبًا فَلَا قَطْعَ) بِهِ (فِي الْأَصَحِّ) نَظَرًا إلَى الْقِيمَةِ فِيمَا هُوَ كَالسِّلْعَةِ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى الْوَزْنِ، وَلَوْ سَرَقَ خَاتَمًا وَزْنُهُ دُونَ رُبْعٍ وَقِيمَتُهُ بِالصَّنْعَةِ رُبْعٌ فَلَا قَطْعَ نَظَرًا إلَى الْوَزْنِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الذَّهَبَ يُعْتَبَرُ فِيهِ أَمْرَانِ الْوَزْنُ وَبُلُوغُ قِيمَتِهِ رُبْعَ دِينَارٍ مَضْرُوبٍ وَغَيْرُهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْقِيمَةُ فَقَطْ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَالتَّقْوِيمُ يُعْتَبَرُ بِالْمَضْرُوبِ، فَلَوْ سَرَقَ شَيْئًا يُسَاوِي رُبْعَ مِثْقَالٍ مِنْ غَيْرِ الْمَضْرُوبِ كَالسَّبِيكَةِ وَالْحُلِيِّ وَلَا يَبْلُغُ رُبْعًا مَضْرُوبًا فَلَا قَطْعَ بِهِ لَا يُخَالِفُهُ مَا قَرَّرْنَاهُ. نَعَمْ قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ الْمَضْرُوبِ مُتَعَلِّقٌ بِيُسَاوِي، وَلَوْ اخْتَلَفَتْ قِيمَةُ نَقْدَيْنِ خَالِصَيْنِ اُعْتُبِرَ أَدْنَاهُمَا لِوُجُودِ الِاسْمِ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ نَقَصَ النِّصَابُ فِي مِيزَانٍ وَتَمَّ فِي آخَرَ بِأَنَّ الْوَزْنَ أَمْرٌ حِسِّيٌّ وَالتَّقْوِيمَ أَمْرٌ اجْتِهَادِيٌّ وَاخْتِلَافُ الْحِسِّيِّ أَقْوَى فَأَثَّرَ دُونَ اخْتِلَافِ الِاجْتِهَادِيِّ، لَكِنَّ الْأَوْجَهَ تَقْوِيمُهُ بِالْأَعْلَى دَرْءًا لِلْقَطْعِ وَعَلَيْهِ فَلَا قَطْعَ، وَلَا بُدَّ مِنْ قَطْعِ الْمُقَوِّمِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَنَدُ شَهَادَتِهِ الظَّنَّ، وَبِهِ فَارَقَ شَاهِدَيْ الْقَتْلِ فَإِنَّ مُسْتَنَدَ شَهَادَتِهِمَا الْمُعَايَنَةُ فَلَمْ يَحْتَجْ لِلْقَطْعِ مِنْهُمَا وَإِنْ اسْتَوَى الْبَابَانِ فِي أَنَّ الشَّهَادَةَ فِي كُلٍّ إنَّمَا تُفِيدُ الظَّنَّ لَا الْقَطْعَ، فَانْدَفَعَ مَا لِلْبُلْقِينِيِّ هُنَا، وَأَنْ لَا يَتَعَارَضَ بَيِّنَتَانِ وَإِلَّا أُخِذَ بِالْأَقَلِّ (وَلَوْ سَرَقَ دَنَانِيرَ ظَنَّهَا فُلُوسًا) مَثَلًا (لَا تُسَاوِي رُبْعًا قُطِعَ) لِوُجُودِ سَرِقَةِ الرُّبْعِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَرُبْعُ الدِّينَارِ يَبْلُغُ الْآنَ نَحْوَ ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ نِصْفَ فِضَّةٍ (قَوْلُهُ: وَحَبْلٍ يُسَاوِي نِصَابًا) أَيْ كَحَبْلِ السَّفِينَةِ الَّذِي يُسَاوِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الرُّبْعِ الْمَغْشُوشِ) يَنْبَغِي فِي مَغْشُوشٍ لَا يَبْلُغُ خَالِصُهُ نِصَابًا أَنْ يُقْطَعَ بِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَيُقْطَعُ بِرُبْعِ دِينَارٍ قِرَاضَةً) أَيْ يُسَاوِي رُبْعَ دِينَارٍ مَضْرُوبٍ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ سَرَقَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَانْدَفَعَ الْقَوْلُ) . أَقُولُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولُ سَرَقَ سَبِيكَةً وَرُبْعًا حَالًا مُقَدَّمَةً أَيْ حَالَ كَوْنِهَا مُقَدَّرَةً بِالرُّبْعِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ كَوْنُهُ نَعْتًا) أَيْ وَصَحَّ كَوْنُهُ نَعْتًا لِذَهَبًا؛ لِأَنَّ الذَّهَبَ رُبَّمَا أُنِّثَ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَتْ قِيمَةُ نَقْدَيْنِ) أَيْ مِنْ النُّقُودِ الَّتِي يَقْتَضِي الْحَالُ التَّقْوِيمَ بِهَا (قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ أَدْنَاهُمَا) أَيْ فَيُقْطَعُ (قَوْلُهُ: لِوُجُودِ الِاسْمِ) أَيْ اسْمِ الرُّبْعِ (قَوْلُهُ وَتَمَّ فِي آخَرَ) أَيْ حَيْثُ لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ قَطْعِ الْمُتَقَوِّمِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ تَبْلُغُ قِيمَتُهُ كَذَا قَطْعًا أَوْ يَقِينًا مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ شَاهِدَيْ الْقَتْلِ) الْأَوْلَى حَذْفُ بِهِ؛ لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِيهَا رَاجِعٌ لِقَطْعِ الْمُتَقَوِّمِ وَهَذَا هُوَ نَفْسُ الْحُكْمِ الْمُحَوِّجِ لِلْفَرْقِ، وَالْفَرْقُ إنَّمَا حَصَلَ بِقَوْلِهِ فَإِنَّ مُسْتَنَدَ شَهَادَتِهِمَا الْمُعَايَنَةُ إلَخْ، وَكَتَبَ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ: وَبِهِ فَارَقَ شَاهِدَيْ الْقَتْلِ: أَيْ حَيْثُ اكْتَفَى مِنْهُمَا بِقَوْلِهِمَا قَتَلَهُ وَلَمْ يَكْتَفِ هُنَا بِقَوْلِهِمَا سَرَقَ مَا قِيمَتُهُ كَذَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ قَوْلِهِمَا قِيمَتُهُ كَذَا قَطْعًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا أُخِذَ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ تَعَارَضَتَا أُخِذَ بِالْأَقَلِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQنَازَعَهُ سم (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمَحَلِّ السَّرِقَةِ دَنَانِيرُ) يَعْنِي: بِأَنْ كَانُوا لَا يَتَعَارَفُونَ التَّعَامُلَ بِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِيُسَاوِي) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وَصْفًا لِرُبْعٍ بِقَرِينَةِ مُقَابَلَتِهِ بِقَوْلِهِ وَلَا يَبْلُغُ رُبْعًا مَضْرُوبًا وَهَذَا هُوَ الْأَقْعَدُ، وَهُوَ لَا يُخَالِفُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى. وَحَاصِلُ كَلَامِ الْجَلَالِ حِينَئِذٍ أَنَّهُ إذَا سَرَقَ شَيْئًا كَالسَّبِيكَةِ وَالْحُلِيِّ يُسَاوِي رُبْعَ مِثْقَالٍ غَيْرَ مَضْرُوبٍ وَلَا يُسَاوِيهِ مَضْرُوبًا لَا يُقْطَعُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّارِحَ إنَّمَا نَبَّهَ عَلَى هَذَا التَّعْلِيقِ الَّذِي ذَكَرَهُ احْتِرَازًا عَنْ جَعْلِهِ وَصْفًا لِقَوْلِهِ شَيْئًا إذْ تَلْزَمُ عَلَيْهِ الْمُخَالَفَةُ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ قَطْعِ الْمُقَوَّمِ) بِأَنْ يَقُولَ قِيمَتُهُ كَذَا قَطْعًا كَمَا صَوَّرَهُ حَجّ

مَعَ قَصْدِ السَّرِقَةِ وَلَا أَثَرَ لِلظَّنِّ، وَلِهَذَا لَوْ سَرَقَ فُلُوسًا لَا تُسَاوِي رُبْعًا لَمْ يُقْطَعْ وَإِنْ ظَنَّهَا دَنَانِيرَ، وَكَذَا مَا ظَنَّهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ أَصْلَ السَّرِقَةِ (وَكَذَا ثَوْبٌ رَثٌّ) بِالْمُثَلَّثَةِ (فِي جَيْبِهِ تَمَامُ رُبْعٍ جَهِلَهُ فِي الْأَصَحِّ) لِمَا مَرَّ، وَكَوْنُهُ هُنَا جَهِلَ جِنْسَ الْمَسْرُوقِ لَا يُؤَثِّرُ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ قَصَدَ أَصْلَ السَّرِقَةِ فَلَمْ يَفْتَرِقْ الْحَالُ بَيْنَ الْجَهْلِ بِالْجِنْسِ هُنَا وَبِالصِّفَةِ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى جَهْلِهِ الْمَذْكُورِ. (وَلَوْ أَخْرَجَ نِصَابًا مِنْ حِرْزٍ مَرَّتَيْنِ) بِأَنْ أَخْرَجَ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى دُونَ نِصَابٍ وَتَمَّمَهُ فِي الثَّانِيَةِ (فَإِنْ تَخَلَّلَ) بَيْنَهُمَا (عِلْمُ الْمَالِكِ) بِذَلِكَ (وَإِعَادَةُ الْحِرْزِ) بِنَحْوِ غَلْقِ بَابٍ وَإِصْلَاحِ نَقْبٍ مِنْ الْمَالِكِ أَوْ نَائِبِهِ دُونَ غَيْرِهِمَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَالْأَوَّلِ حَيْثُ وُجِدَ الْإِحْرَازُ كَمَا لَا يَخْفَى (فَالْإِخْرَاجُ الثَّانِي سَرِقَةٌ أُخْرَى) لِاسْتِقْلَالِ كُلٍّ حِينَئِذٍ فَلَا قَطْعَ بِهِ كَالْأَوَّلِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ عِلْمُ الْمَالِكِ وَلَا إعَادَةُ الْحِرْزِ أَوْ تَخَلَّلَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ سَوَاءٌ اُشْتُهِرَ هَتْكُ الْحِرْزِ أَمْ لَا (قُطِعَ فِي الْأَصَحِّ) إبْقَاءً لِلْحِرْزِ بِالنِّسْبَةِ لِلْآخِذِ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْإِنْسَانِ يُبْنَى عَلَى فِعْلِهِ، لَكِنْ اعْتَمَدَ الْبُلْقِينِيُّ فِيمَا إذَا تَخَلَّلَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ عَدَمَ الْقَطْعِ وَالثَّانِي مَا يُبْقِيهِ، وَرَأَى الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ الْقَطْعَ بِعَدَمِ الْقَطْعِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ مُضَيِّعٌ وَأَسْقَطَ ذَلِكَ مِنْ الرَّوْضَةِ. وَفِي وَجْهٍ إنْ اُشْتُهِرَ خَرَابُ الْحِرْزِ بَيْنَ الْمَرَّتَيْنِ لَمْ يُقْطَعْ وَإِلَّا قُطِعَ، وَفِي رَابِعٍ إنْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ فِي لَيْلَةِ الْأُولَى قُطِعَ أَوْ فِي لَيْلَةٍ أُخْرَى فَلَا. (وَلَوْ) (نَقَبَ وِعَاءَ حِنْطَةٍ وَنَحْوِهَا) كَجَيْبٍ أَوْ كُمٍّ أَوْ أَسْفَلِ غُرْفَةٍ (فَانْصَبَّ) مِنْهُ (نِصَابٌ) أَيْ مُقَوَّمٌ بِهِ عَلَى التَّدْرِيجِ (قُطِعَ) بِهِ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ هَتَكَ الْحِرْزَ وَفَوَّتَ الْمَالَ فَعُدَّ سَارِقًا. وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى عَدَمِ إخْرَاجِهِ، أَمَّا لَوْ انْصَبَّ دَفْعَةً فَيُقْطَعُ قَطْعًا وَقَوْلُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فَلَا قَطْعَ وَإِنْ كَانَتْ بَيِّنَةُ الْآخَرِ أَكْثَرَ عَدَدًا؛ لِأَنَّ الْحَدَّ يُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ (قَوْلُهُ: مَعَ قَصْدِ السَّرِقَةِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ تَعَلَّقَ بِثِيَابِهِ رُبْعُ دِينَارٍ مِنْ غَيْرِ شُعُورٍ لَهُ بِهِ وَلَا قَصْدٍ عَدَمُ قَطْعِهِ بِذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ) أَيْ وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَإِعَادَةُ الْحِرْزِ) هَذَا ظَاهِرٌ إنْ حَصَلَ مِنْ السَّارِقِ هَتْكٌ لِلْحِرْزِ، أَمَّا لَوْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ ذَلِكَ كَأَنْ تَسَوَّرَ الْجِدَارَ وَتَدَلَّى إلَى الدَّارِ فَسَرَقَ مِنْ غَيْرِ كَسْرِ بَابٍ وَلَا نَقْبِ جِدَارٍ فَيُحْتَمَلُ الِاكْتِفَاءُ بِعِلْمِ الْمَالِكِ؛ إذْ لَا هَتْكَ لِلْحِرْزِ حَتَّى يُصْلِحَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ نَائِبِهِ) أَيْ بِأَنْ يَعْلَمَ بِهِ وَيَسْتَنِيبَ فِي إصْلَاحِهِ (قَوْلُهُ: دُونَ غَيْرِهِمَا) عِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذُكِرَ نَقْلًا عَنْ م ر مَا نَصُّهُ: ثُمَّ قَالَ م ر. إنَّ إعَادَةَ غَيْرِهِمَا كَإِعَادَتِهِمَا كَمَا أَفَادَتْهُ عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ بِإِطْلَاقِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ تَخَلَّلَ أَحَدُهُمَا) وَيُتَصَوَّرُ فِي إعَادَةِ الْحِرْزِ بِإِعَادَةِ غَيْرِهِ لَهُ بِأَنْ أَعَادَهُ نَائِبُهُ فِي أُمُورِهِ الْعَامَّةِ مَعَ عَدَمِ عِلْمِ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: إبْقَاءً لِلْحِرْزِ بِالنِّسْبَةِ لِلْآخِذِ) ع: هَذَا لَيْسَ لَهُ مَعْنًى فِيمَا إذَا تَخَلَّلَتْ الْإِعَادَةُ دُونَ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُ حِرْزٌ بِالنِّسْبَةِ لَهُ وَلِغَيْرِهِ، وَأَيْضًا فَكَيْفَ يُقْطَعُ، وَالْفَرْضُ أَنَّ الْمُخْرَجَ ثَانِيًا دُونَ نِصَابٍ فَفِي كَلَامِهِ مُؤَاخَذَةٌ مِنْ وَجْهَيْنِ بَلْ مِنْ ثَالِثٍ أَيْضًا، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ إطْلَاقَهُ يُوهِمُ تَصَوُّرَ إعَادَةِ الْمَالِكِ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ وَهُوَ مُحَالٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَكَتَبَ عَلَى حَجّ بَعْدَ نَقْلِهِ مَا ذُكِرَ بِحُرُوفِهِ مَا نَصُّهُ: وَالْمُؤَاخَذَاتُ الثَّلَاثُ وَارِدَةٌ عَلَى الشَّارِحِ كَمَا لَا يَخْفَى، نَعَمْ يُمْكِنُ مَنْعُ مَحَالِّيَّةِ الثَّالِثِ لِجَوَازِ أَنْ يَشْتَبِهَ حِرْزُ الْمَالِكِ بِحِرْزِ غَيْرِهِ فَيُصْلِحُهُ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ لِغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْلَمَ السَّرِقَةَ، وَدُفِعَ قَوْلُهُ وَأَيْضًا إلَخْ بِأَنَّ الْقَطْعَ إنَّمَا هُوَ بِمَجْمُوعِ الْمُخْرَجِ ثَانِيًا وَالْمُخْرَجِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُمَا سَرِقَةٌ وَاحِدَةٌ، وَيُمْكِنُ دَفْعُ الْأَوَّلِ أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. وَقَوْلُهُ وَيُمْكِنُ دَفْعُ الْأَوَّلِ أَيْضًا: أَيْ بِأَنَّهُ لَمَّا أَعَادَهُ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ جُعِلَ فِعْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلسَّارِقِ لَغْوًا تَغْلِيظًا عَلَيْهِ هَذَا. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ الثَّالِثِ أَيْضًا بِأَنْ يَعْلَمَ الْمَالِكُ هَتْكَ الْحِرْزِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالسَّرِقَةِ كَأَنْ وَجَدَ الْجِدَارَ مَنْقُوبًا وَلَمْ يَعْلَمْ بِسَرِقَةِ شَيْءٍ مِنْ الْبَيْتِ (قَوْلُهُ: فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ) هِيَ مَا لَوْ تَخَلَّلَ عِلْمُ الْمَالِكِ يَعُدُّهُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ مُضَيِّعٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَانْصَبَّ مِنْهُ نِصَابٌ) لَوْ أَخَذَهُ مَالِكٌ بَعْدَ انْصِبَابِهِ قَبْلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ) يَعْنِي: إذَا تَخَلَّلَ عِلْمُ الْمَالِكِ وَلَمْ يُعَدَّ وَهَذَا تَبِعَ فِيهِ الْجَلَالَ الْمَحَلِّيَّ، لَكِنَّ الْجَلَالَ صَوَّرَ الثَّانِيَةَ الْمَذْكُورَةَ قَبْلَ ذَلِكَ كَالْأُولَى بِالشَّخْصِ فَسَاغَ لَهُ هَذَا التَّعْبِيرُ، بِخِلَافِ الشَّارِحِ فَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ أُولَى وَثَانِيَةٌ، وَإِنَّمَا قَالَ أَوْ تَخَلَّلَ أَحَدُهُمَا الصَّادِقَ بِالصُّورَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ أَوْلَى وَلَا ثَانِيَةٍ (قَوْلُهُ: وَفَوَّتَ الْمَالَ) قَدْ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ

الشَّارِحِ فِي تَعْلِيلِ الْأَصَحِّ لِهَتْكِهِ الْحِرْزَ الْخَارِجِ بِهِ نِصَابٌ فَالْخَارِجِ بِالْجَرِّ صِفَةٌ لِهَتْكِهِ. (وَلَوْ) (اشْتَرَكَا) أَيْ اثْنَانِ (فِي إخْرَاجِ نِصَابَيْنِ) مِنْ حِرْزٍ (قُطِعَا) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سَرَقَ نِصَابًا تَوْزِيعًا لِلْمَسْرُوقِ عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ، وَتَقْيِيدُ الْقَمُولِيِّ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يُطِيقُ حَمْلَ مَا يُسَاوِي نِصَابًا، أَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا لَا يُطِيقُ ذَلِكَ وَالْآخَرُ يُطِيقُ حَمْلَ مَا فَوْقَهُ فَلَا يُقْطَعُ الْأَوَّلُ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ كَلَامِهِمْ، وَخَرَجَ بِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْإِخْرَاجِ مَا لَوْ تَمَيَّزَا فِيهِ فَيُقْطَعُ مَنْ مَسْرُوقُهُ نِصَابٌ دُونَ مَنْ مَسْرُوقُهُ أَقَلُّ، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُسْتَقِلًّا، فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا لَا يُمَيِّزُ فَيُقْطَعُ الْمُكَلَّفُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُخْرَجُ نِصَابَيْنِ إذَا كَانَ قَدْ أَمَرَهُ بِهِ أَوْ أَكْرَهَهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ كَالْآلَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَبْلُغْ نِصَابَيْنِ (فَلَا) قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَوْزِيعًا لِلْمَسْرُوقِ كَذَلِكَ. (وَلَوْ) (سَرَقَ) مُسْلِمٌ أَوْ غَيْرُهُ (خَمْرًا) وَلَوْ مُحْتَرَمَةً (وَخِنْزِيرًا) وَكَلْبًا وَلَوْ مُقْتَنًى (وَجِلْدَ مَيْتَةٍ بِلَا دَبْغٍ) (فَلَا قَطْعَ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ، وَإِطْلَاقُ السَّرِقَةِ عَلَيْهِ لُغَةً صَحِيحٌ كَمَا مَرَّ، بِخِلَافِ جِلْدٍ دُبِغَ وَخَمْرَةٍ تَخَلَّلَتْ وَلَوْ بِفِعْلِهِ فِي الْحِرْزِ (فَإِنْ) (بَلَغَ إنَاءُ الْخَمْرِ نِصَابًا) وَلَمْ يَقْصِدْ بِإِخْرَاجِهِ إرَاقَتَهَا وَقَدْ دَخَلَ بِقَصْدِ سَرِقَتِهِ (قُطِعَ) بِهِ (عَلَى الصَّحِيحِ) ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ حِرْزِهِ بِلَا شُبْهَةٍ. وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى أَنَّ مَا فِيهِ مُسْتَحِقُّ الْإِرَاقَةِ فَجَعَلَهُ شُبْهَةً فِي دَفْعِ الْقَطْعِ، أَمَّا لَوْ قَصَدَ بِإِخْرَاجِهِ تَيَسُّرَ إفْسَادِهَا وَإِنْ دَخَلَ بِقَصْدِ سَرِقَتِهِ أَوْ دَخَلَ بِقَصْدِ إفْسَادِهِ وَإِنْ أَخْرَجَهُ بِقَصْدِ سَرِقَتِهِ فَلَا قَطْعَ. (وَلَا قَطْعَ فِي) سَرِقَةِ (طُنْبُورٍ وَنَحْوِهِ) مِنْ آلَاتِ اللَّهْوِ وَكُلِّ آلَةِ مَعْصِيَةٍ كَصَلِيبٍ وَكِتَابٍ يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَالْخَمْرِ (وَقِيلَ إنْ بَلَغَ مُكَسَّرُهُ) أَوْ نَحْوُ جِلْدِهِ (نِصَابًا) وَلَمْ يَقْصِدْ بِدُخُولِهِ أَوْ بِإِخْرَاجِهِ تَيَسَّرَ إفْسَادِهِ (قُطِعَ. قُلْت: الثَّانِي أَصَحُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِسَرِقَتِهِ نِصَابًا مِنْ حِرْزِهِ وَلَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ وَلَوْ كَانَتْ لِذِمِّيٍّ قُطِعَ قَطْعًا. الشَّرْطُ (الثَّانِي كَوْنُهُ) أَيْ الْمَسْرُوقِ الَّذِي هُوَ نِصَابٌ (مِلْكًا لِغَيْرِهِ) أَيْ السَّارِقِ فَلَا قَطْعَ بِمَا لَهُ فِيهِ مِلْكٌ، وَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ كَرَهْنٍ وَلَوْ سَرَقَ مَا اشْتَرَاهُ وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ الثَّمَنَ أَوْ كَانَ فِي زَمَنِ خِيَارٍ أَوْ مَا اتَّهَبَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَإِنْ أَفْهَمَ مَنْطُوقُهُ قَطْعَهُ فِي الثَّانِيَةِ، وَوَجْهُ عَدَمِ الْقَطْعِ شُبْهَةُ الْمِلْكِ أَوْ مَعَ مَا اشْتَرَاهُ مَالًا ـــــــــــــــــــــــــــــSالدَّعْوَى بِهِ هَلْ يَسْقُطُ الْقَطْعُ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ الدَّعْوَى وَقَدْ تَعَذَّرَتْ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَالْأَقْرَبُ سُقُوطُ الْقَطْعِ لِمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّ السَّارِقَ لَوْ مَلَكَ مَا سَرَقَهُ بَعْدَ إخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ وَقَبْلَ الرَّفْعِ لِلْقَاضِي لَمْ يُقْطَعْ لِانْتِفَاءِ إثْبَاتِهِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: دُونَ مَنْ مَسْرُوقُهُ أَقَلُّ) وَلَوْ اخْتَلَفَا فَادَّعَى كُلٌّ أَنَّ مَسْرُوقَهُ دُونَ النِّصَابِ فَلَا قَطْعَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ مُقْتَضِي الْقَطْعِ وَإِنْ قُطِعَ بِكَذِبِ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: لَا يُمَيِّزُ) قَيْدٌ فِي كُلٍّ مِنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُحْتَرَمَةً) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ لِذِمِّيٍّ أَوْ لِمُسْلِمٍ عَصَرَهَا بِقَصْدِ الْخَلِّيَّةِ أَوْ بِلَا قَصْدٍ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ هِيَ لُغَةً: أَخْذُ الشَّيْءِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ جِلْدٍ دُبِغَ) أَيْ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ بِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ قِيمَةً وَقْتَ الْإِخْرَاجِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقْصِدْ بِإِخْرَاجِهِ إرَاقَتَهَا) أَيْ وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ دَخَلَ بِقَصْدِ إفْسَادِهِ) لَوْ دَخَلَ بِقَصْدِ سَرِقَتِهِ وَإِفْسَادِهِ فَلَا يَبْعُدُ عَدَمُ الْقَطْعِ لِلشُّبْهَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: كَالْخَمْرِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَا قَطْعَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ لِذِمِّيٍّ) أَيْ الطُّنْبُورُ وَنَحْوُهُ وَالْفَرْضُ أَنَّ مُكَسَّرَهُ يَبْلُغُ نِصَابًا. (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ فِي زَمَنِ خِيَارٍ) أَيْ وَلَوْ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ: قَطْعَهُ فِي الثَّانِيَةِ) هِيَ قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ فِي زَمَنِ خِيَارٍ أَيْ وَلَوْ لِلْبَائِعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَدْرَكَهُ الْمَالِكُ بَعْدَ الِانْصِبَابِ وَأَخَذَهُ لَا قَطْعَ، وَكَلَامُ غَيْرِهِ قَدْ يُفِيدُ خِلَافَ ذَلِكَ، لَكِنْ نَظَرَ فِيهِ سم مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْقَطْعَ إنَّمَا يَثْبُتُ بَعْدَ دَعْوَى الْمَالِكِ وَقَدْ تَعَذَّرَتْ دَعْوَاهُ هُنَا بَعْدَ أَخْذِهِ مَالَهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فِي الثَّانِيَةِ) وَكَذَا فِي الْأُولَى إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ: شُبْهَةُ الْمِلْكِ) يُقَالُ عَلَيْهِ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ تَأْخِيرَهُمَا وَذِكْرَهُمَا عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الثَّالِثُ عَدَمُ شُبْهَةٍ فِيهِ، وَالشِّهَابُ حَجّ أَشَارَ إلَى التَّعْلِيلِ بِغَيْرِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَإِنَّهُ قَالَ فِيمَا مَرَّ عَقِبَ قَوْلِهِ فَلَوْ قُطِعَ بِمَا لَهُ فِيهِ

آخَرَ بَعْدَ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ أَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا لَمْ يُقْطَعْ، أَوْ الْمُوصَى لَهُ بِهِ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْقَبُولِ قُطِعَ. أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ الْقَبُولَ لَمْ يَقْتَرِنْ بِالْوَصِيَّةِ. وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَبِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ فِيهَا لَا يَحْصُلُ بِالْمَوْتِ مَعَ أَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ قَبُولِهِ قَبْلَ أَخْذِهِ، وَلَا يُشْكِلُ بِعَدَمِ قَطْعِهِ بِسَرِقَةِ مَا اتَّهَبَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ إذْ الْفَرْقُ أَنَّ الْقَبُولَ وُجِدَ ثَمَّ وَلَمْ يُوجَدْ هُنَا، وَيَنْضَمُّ إلَيْهِ أَنَّ أَخْذَ الْمُتَّهَبِ الْمَوْهُوبَ قَدْ يَكُونُ سَبَبًا لِإِذْنِ الْوَاهِبِ لَهُ فِي قَبْضِهِ، فَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْفَرْقَ غَيْرُ مُجْدٍ مَرْدُودٌ (فَلَوْ) (مَلَكَهُ بِإِرْثٍ وَغَيْرِهِ قَبْلَ إخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ) أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ، أَمَّا بَعْدَهُ فَلَا يُفِيدُ وَلَوْ قَبْلَ الثُّبُوتِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ، وَصَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْبَيَانِ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ إنَّمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الدَّعْوَى وَقَدْ وُجِدَتْ (أَوْ) (نَقَصَ فِيهِ عَنْ نِصَابٍ بِأَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَإِحْرَاقٍ (لَمْ يُقْطَعْ) الْمُخْرِجُ لِمِلْكِهِ لَهُ الْمَانِعُ مِنْ الدَّعْوَى بِالْمَسْرُوقِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَيْهَا الْقَطْعُ، وَأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ سَبَبَ النَّقْصِ قَدْ يَكُونُ مُمَلَّكًا كَالِازْدِرَادِ أَخْذًا مِمَّا مَمَرّ فِي غَاصِبِ بُرٍّ وَلَحْمٍ جَعَلَهُمَا هَرِيسَةً (وَكَذَا) لَا قَطْعَ (إنْ) (ادَّعَى) السَّارِقُ (مِلْكَهُ) لِلْمَسْرُوقِ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الرَّفْعِ أَوْ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ الْمَجْهُولِ الْحَالِ أَوْ لِلْحِرْزِ أَوْ مِلْكِ مَنْ لَهُ فِي مَالِهِ شُبْهَةٌ كَأَصْلِهِ أَوْ سَيِّدِهِ أَوْ أَقَرَّ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَإِنْ كَذَّبَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: بَعْدَ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُسَلِّمْ الثَّمَنَ قُطِعَ، وَهُوَ مُشْكِلٌ بِأَنَّ الْمَالَ الْمَسْرُوقَ مَعَهُ غَيْرُ مُحْرَزٍ عَنْهُ لِتَسَلُّطِهِ عَلَى مِلْكِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَ مَمْنُوعًا شَرْعًا مِنْ أَخْذِ مَا اشْتَرَاهُ قَبْلَ تَسْلِيمِ ثَمَنِهِ كَانَ الْمَحَلُّ حِرْزًا لِامْتِنَاعِ دُخُولِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: أَمَّا فِي الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي، (وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ) هِيَ قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْفَرْقَ غَيْرُ مُجْدٍ مَرْدُودٌ) أَيْ بِمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: إذْ الْفَرْقُ أَنَّ الْقَبُولَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَا قَطْعَ إنْ ادَّعَى السَّارِقُ مِلْكَهُ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَائِقًا بِهِ، وَكَانَ مِلْكُ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ ثَابِتًا بِبَيِّنَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَهِيَ مِنْ الْحِيَلِ الْمُحَرَّمَةِ، بِخِلَافِ دَعْوَى الزَّوْجِيَّةِ فِي الزِّنَى فَهِيَ مِنْ الْحِيَلِ الْمُبَاحَةِ، كَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ دَعْوَى الْمِلْكِ هُنَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الِاسْتِيلَاءُ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، وَثُبُوتُ الْمِلْكِ فِيهِ لَا يَتَوَقَّفُ أَصْلُهُ عَلَى بَيِّنَةٍ، بِخِلَافِ الزَّوْجِيَّةِ فَإِنَّ صِحَّةَ النِّكَاحِ تَتَوَقَّفُ عَلَى حُضُورِ الشُّهُودِ وَعَدَالَتِهِمْ وَعَدَالَةِ الْوَلِيِّ، فَكَانَ ثُبُوتُهُ أَبْعَدَ مِنْ ثُبُوتِ الْمِلْكِ مَعَ شِدَّةِ الْعَارِ اللَّاحِقِ لِفَاعِلِهِ، بَلْ وَلَا يَخْتَصُّ الْعَارُ بِهِ بَلْ يَتَعَدَّى مِنْهُ إلَى الْمَزْنِيِّ بِهَا وَإِلَى أَهْلِهَا، فَجَوَّزَ دَعْوَى الزَّوْجِيَّةِ فِيهِ تَوَصُّلًا إلَى إسْقَاطِ الْحَدِّ وَإِلَى دَفْعِ الضَّرَرِ اللَّاحِقِ لِغَيْرِ الزَّانِي، بِخِلَافِ السَّرِقَةِ فَإِنَّ ثُبُوتَ الْمِلْكِ فِيهَا أَقْرَبُ مِنْ ثُبُوتِ الزَّوْجِيَّةِ فَحَرُمَ دَعْوَى الْمِلْكِ لِإِسْقَاطِ الْقَطْعِ وَلَا كَذَلِكَ دَعْوَى الزَّوْجِيَّةِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ) أَيْ ادَّعَى مِلْكَهُ لِلشَّخْصِ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَذَّبَهُ) أَيْ السَّارِقُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِلْكٌ مَا نَصُّهُ: وَلَوْ عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ، ثُمَّ أَوْرَدَ هَذَيْنِ الْفَرْعَيْنِ، فَأَشَارَ إلَى أَنَّ وَجْهَ الْقَطْعِ فِيهِمَا شُبْهَةُ الْخِلَافِ فِي الْمِلْكِ، وَإِيرَادُهُمَا فِي كَلَامِهِ حِينَئِذٍ وَاضِحٌ، إلَّا أَنَّهُ اسْتَشْعَرَ وُرُودَ مَسْأَلَةِ الْوَصِيَّةِ عَلَيْهِ، فَأَشَارَ إلَى الْجَوَابِ بِأَنَّ مَحَلَّ رِعَايَةِ شُبْهَةِ الْخِلَافِ مَا لَمْ يُعَارِضْهُ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ: أَيْ وَهُوَ فِي مَسْأَلَةِ الْوَصِيَّةِ تَقْصِيرُهُ بِعَدَمِ الْقَبُولِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُقْطَعْ) أَيْ لِأَنَّ لَهُ دُخُولَ الْحِرْزِ حِينَئِذٍ وَهَتْكَهُ لِأَخْذِ مَالِهِ، فَالْمَسْرُوقُ غَيْرُ مُحْرَزٍ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ، كَذَا قَالَهُ وَالِدُ الشَّارِحِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمَعِيَّةَ فِي قَوْلِهِ أَوْ مَعَ مَا اشْتَرَاهُ إلَخْ. غَيْرُ شَرْطٍ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُخْرِجَهُ مَعَ مَا اشْتَرَاهُ أَوْ وَجَدَهُ حِينَئِذٍ دَخَلَ لِأَخْذِ مَالِهِ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا سَيَأْتِي فِي الْمُشْتَرَكِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَقْتَرِنْ بِالْوَصِيَّةِ) بِمَعْنَى أَنَّهَا وَصِيَّةٌ لَمْ يَقَعْ فِيهَا قَبُولٌ (قَوْلُهُ: لِمِلْكِهِ لَهُ الْمَانِعَ مِنْ الدَّعْوَى بِالْمَسْرُوقِ إلَخْ.) هَذَا تَعْلِيلٌ لِلْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَلَمْ يَذْكُرْ الثَّانِيَةَ تَعْلِيلًا، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ عَقِبَ قَوْلِهِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَيْهَا الْقَطْعُ نَصُّهَا: وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَمَرَ بِقَطْعِ سَارِقِ رِدَاءِ صَفْوَانَ قَالَ: أَنَا أَبِيعُهُ وَأَهَبُهُ ثَمَنَهُ، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هَلَّا كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ» وَلِنَقْصِهِ، فَقَوْلُهُ: وَلِنَقْصِهِ عِلَّةٌ لِلثَّانِيَةِ

(عَلَى النَّصِّ) لِاحْتِمَالِهِ وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بَلْ أَوْ حُجَّةٌ قَطْعِيَّةٌ بِكَذِبِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَلَا يُعَارِضُهُ تَقْيِيدُهُمْ بِالْمَجْهُولِ فِيمَا مَرَّ الصَّرِيحُ فِي أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِدَعْوَاهُ مِلْكَ مَعْرُوفِ الْحُرِّيَّةِ لِإِمْكَانِ الْفَرْقِ بِإِمْكَانِ طُرُوُّ مِلْكِهِ لِذَلِكَ وَلَوْ فِي لَحْظَةٍ، بِخِلَافِ مَعْرُوفِ الْحُرِّيَّةِ فَكَانَ شُبْهَةً دَارِئَةً لِلْقَطْعِ كَدَعْوَاهُ زَوْجِيَّةَ أَوْ مِلْكَ الْمَزْنِيِّ بِهَا، وَلَوْ أَنْكَرَ السَّرِقَةَ الثَّابِتَةَ بِالْبَيِّنَةِ قُطِعَ؛ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِلْبَيِّنَةِ صَرِيحًا بِخِلَافِ دَعْوَى الْمِلْكِ، وَفِي وَجْهٍ أَوْ قَوْلٍ مُخَرَّجٍ يُقْطَعُ وَحُمِلَ النَّصُّ عَلَى إقَامَةِ بَيِّنَةٍ بِمَا ادَّعَاهُ. (وَلَوْ) (سَرَقَا شَيْئًا) فَبَلَغَ نِصَابَيْنِ (وَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا لَهُ) أَوْ لِصَاحِبِهِ وَأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ (أَوْ لَهُمَا) (فَكَذَّبَهُ الْآخَرُ لَمْ يُقْطَعْ الْمُدَّعِي) لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ (وَقُطِعَ الْآخَرُ فِي الْأَصَحِّ) لِإِقْرَارِهِ بِسَرِقَةِ نِصَابٍ بِلَا شُبْهَةٍ. أَمَّا إذَا صَدَّقَهُ فَلَا يُقْطَعُ كَالْمُدَّعِي، وَمِثْلُهُ مَا إذَا لَمْ يُصَدِّقْ وَلَمْ يُكَذِّبْ أَوْ قَالَ لَا أَدْرِي لِاحْتِمَالِ مَا يَقُولُهُ صَاحِبُهُ. وَالثَّانِي لَا يُقْطَعُ الْمُكَذِّبُ لِدَعْوَى رَفِيقِهِ الْمِلْكَ لَهُ كَمَا لَوْ قَالَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ إنَّهُ مِلْكُهُ يَسْقُطُ الْقَطْعُ كَمَا مَرَّ. (وَإِنْ) (سَرَقَ مِنْ حِرْزِ شَرِيكِهِ مُشْتَرَكًا) بَيْنَهُمَا (فَلَا قَطْعَ) عَلَيْهِ فِي الْأَظْهَرِ وَإِنْ قَلَّ نَصِيبُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ فِي كُلِّ جُزْءٍ حَقًّا شَائِعًا فَأَشْبَهَ وَطْءَ أَمَةٍ مُشْتَرَكَةٍ، وَخَرَجَ بِالْمُشْتَرَكِ سَرِقَةُ مَا يَخُصُّ الشَّرِيكَ فَيُقْطَعُ بِهِ عَلَى مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ، لَكِنَّ الْأَوْجَهَ مَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ إنْ اتَّحَدَ حِرْزُهُمَا لَمْ يُقْطَعْ: أَيْ مَا لَمْ يَدْخُلْ بِقَصْدِ سَرِقَةِ غَيْرِ الْمُشْتَرَكِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي قُبَيْلَ قَوْلِهِ أَوْ أَجْنَبِيِّ الْمَغْصُوبِ وَإِلَّا قُطِعَ. الشَّرْطُ (الثَّالِثُ عَدَمُ شُبْهَةٍ لَهُ فِيهِ) لِخَبَرِ «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ» وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ «عَنْ الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ» أَيْ وَذِكْرُهُمْ لَيْسَ بِقَيْدٍ كَمَا مَرَّتْ نَظَائِرُهُ (فَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ مَالِ أَصْلٍ) لِلسَّارِقِ وَإِنْ عَلَا (وَفَرْعٍ) لَهُ وَإِنْ سَفَلَ لِشُبْهَةِ اسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ فِي الْجُمْلَةِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ السَّارِقُ حُرًّا أَمْ عَبْدًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ، وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ إعْتَاقَ قِنِّهِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ فَسَرَقَهُ أَصْلُهُ أَوْ فَرْعُهُ قُطِعَ لِانْتِفَاءِ شُبْهَةِ اسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ عَنْهُ بِامْتِنَاعِ تَصَرُّفِ النَّاذِرِ فِيهِ مُطْلَقًا، وَبِهِ فَارَقَ الْمُسْتَوْلَدَةَ وَوَلَدَهَا؛ لِأَنَّ لَهُ إيجَارَهُمَا، وَمَا نُظِرَ بِهِ فِيهِ يُرَدُّ بِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لَهُ مَعَ عِلْمِ السَّارِقِ بِالنَّذْرِ، وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ بِهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ (وَ) لَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ مَنْ فِيهِ رِقٌّ وَإِنْ قَلَّ وَمُكَاتَبٍ مَالَ (سَيِّدٍ) أَوْ أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: بِإِمْكَانِ طُرُوُّ مِلْكِهِ) أَيْ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: كَدَعْوَاهُ زَوْجِيَّةً) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ مَعْرُوفَةً بِتَزَوُّجِهَا مِنْ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ) اُنْظُرْ مَا الْحَاجَةُ إلَيْهِ مَعَ أَنَّهُمَا سَرَقَا مَعًا. وَحَاصِلُ دَعْوَاهُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ أَخْرَجَ الْمَسْرُوقَ بِحُضُورِ مَالِكِهِ مُعَاوِنًا لَهُ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِإِقْرَارِهِ بِسَرِقَةِ نِصَابٍ) أَيْ فِيمَا لَوْ أَثْبَتَ أَصْلَ السَّرِقَةِ بِإِقْرَارِهِمَا لَا بِالْبَيِّنَةِ وَبِذَلِكَ صُوِّرَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا صَدَّقَهُ فَلَا يُقْطَعُ كَالْمُدَّعِي وَمِثْلِهِ إلَخْ.) ظَاهِرُهُ عَدَمُ الْقَطْعِ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ الْمُدَّعِي وَأَذِنْت لَهُ وَهَلَّا يُقَيَّدُ بِذَلِكَ كَمَا قُيِّدَ بِهِ نَظِيرُهُ الْمَارُّ (قَوْلُهُ: فَأَشْبَهَ وَطْءَ أَمَةٍ مُشْتَرَكَةٍ) أَيْ فَلَا يُحَدُّ بِهِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَدْخُلْ بِقَصْدِ سَرِقَةِ) وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا وَلَمْ يَدْفَعْ ثَمَنَهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ وَسَرَقَ مَالَ الْبَائِعِ الْمُخْتَصَّ بِهِ قُطِعَ أَنَّهُ يُقْطَعُ هُنَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: غَيْرِ الْمُشْتَرَكِ) أَيْ وَيُرْجَعُ فِي ذَلِكَ لِقَوْلِهِ. (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ ادْرَءُوا) أَيْ ادْفَعُوا (قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ عَنْ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ مَضْمُومَةً إلَى قَوْلِهِ بِالشُّبُهَاتِ (قَوْلُهُ: وَفَرْعٍ لَهُ) ع: أَيْ وَإِنْ اخْتَلَفَ دِينُهُمَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: بِامْتِنَاعِ تَصَرُّفِ النَّاذِرِ فِيهِ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ جُزْءٍ مِنْهُ وَلَا إيجَارُهُ لِلنَّفَقَةِ عَلَى الْأَصْلِ أَوْ الْفَرْعِ (قَوْلُهُ: وَمُكَاتَبٍ مَالَ سَيِّدٍ) اُنْظُرْ لَوْ سَرَقَ الْعَبْدُ مَالَ أَبِيهِ هَلْ يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ عَلَى سَيِّدِهِ دُونَ أَبِيهِ فَلَا شُبْهَةَ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْتِقُ فَيَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ عَلَى أَبِيهِ حَرِّرْهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَكَلَامُ الشَّارِحِ صَرِيحٌ فِي الثَّانِي حَيْثُ قَالَ: وَسَوَاءٌ أَكَانَ السَّارِقُ إلَخْ لَكِنْ قَدْ يُعَارِضُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِهِ) هُوَ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: عَنْهُ) أَيْ الْعَبْدِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ لِانْتِفَاءِ (قَوْلُهُ: مَعَ عِلْمِ إلَخْ.) أَيْ أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ فَلِلنَّظَرِ وَجْهٌ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ: وَمُكَاتَبٍ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَوْ مُبَعَّضًا وَمُكَاتَبًا (قَوْلُهُ: أَوْ أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ)

أَوْ نَحْوِهِمَا مِنْ كُلِّ مَنْ لَا يَقْطَعُ السَّيِّدُ بِسَرِقَةِ مَالِهِ لِشُبْهَةِ اسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ وَلِأَنَّ يَدَهُ كَيَدِ سَيِّدِهِ، وَلَا فَرْقَ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ بَيْنَ اتِّفَاقِ دِينِهِمَا وَاخْتِلَافِهِ، وَلَوْ ادَّعَى الْقِنُّ أَوْ الْقَرِيبُ كَوْنَ الْمَسْرُوقِ مِلْكَ أَحَدٍ مِمَّنْ ذُكِرَ لَمْ يُقْطَعْ وَإِنْ كَذَّبَهُ، كَمَا لَوْ ظَنَّ أَنَّهُ مِلْكٌ لِمَنْ ذُكِرَ أَوْ سَرَقَ سَيِّدُهُ مَا مَلَكَهُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ فَكَذَلِكَ لِلشُّبْهَةِ فِي أَرْجَحِ الْوَجْهَيْنِ. (وَالْأَظْهَرُ) (قَطْعُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ بِالْآخَرِ) أَيْ بِسَرِقَةِ مَالِهِ الْمُحْرَزِ عَنْهُ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ وَشُبْهَةِ اسْتِحْقَاقِهَا النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ فِي مَالِهِ لَا أَثَرَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا مُقَدَّرَةٌ مَحْدُودَةٌ وَبِهِ فَارَقَتْ الْمُبَعَّضَ وَالْقِنَّ، وَأَيْضًا فَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْهُمَا، فَإِنْ فُرِضَ أَنَّ لَهَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ حَالَ السَّرِقَةِ وَأَخَذَتْهُ بِقَصْدِ الِاسْتِيفَاءِ لَمْ تُقْطَعْ كَدَائِنٍ سَرَقَ مَالَ مَدِينِهِ بِقَصْدِ ذَلِكَ، وَلَوْ ادَّعَى جُحُودَ مَدْيُونِهِ أَوْ مُمَاطَلَتَهُ صُدِّقَ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ وَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ بِسَرِقَتِهِ طَعَامًا زَمَنَ قَحْطٍ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ وَلَوْ بِثَمَنٍ غَالٍ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِمَا مَرَّ. (وَمَنْ سَرَقَ مَالَ بَيْتِ الْمَالِ) وَهُوَ مُسْلِمٌ (إنْ أُفْرِزَ لِطَائِفَةٍ لَيْسَ هُوَ مِنْهُمْ قُطِعَ) لِانْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُفْرِزْ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَهُ حَقٌّ فِي الْمَسْرُوقِ كَمَالِ مَصَالِحَ) وَلَوْ غَنِيًّا (وَكَصَدَقَةٍ) أَيْ زَكَاةٍ أُفْرِزَتْ (وَهُوَ فَقِيرٌ) أَيْ مُسْتَحِقٌّ لَهَا بِوَصْفِ فَقْرٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَآثَرَ التَّعْبِيرَ بِالْأَوَّلِ لِغَلَبَتِهِ عَلَى مُسْتَحَقِّيهَا (فَلَا) يُقْطَعُ لِلشُّبْهَةِ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا ظَفَرٌ كَمَا يَأْتِي (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ حَقٌّ كَغَنِيٍّ أَخَذَ صَدَقَةً وَلَيْسَ غَارِمًا لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ وَلَا غَازِيًا، وَمِثْلُ الْغَنِيِّ مَنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ لِشَرَفِهِ (قُطِعَ) لِانْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ، بِخِلَافِ أَخْذِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْغَنِيَّ إذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ قُطِعَ مَعَ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ عُرُوضَ الْفَقْرِ لَهُ فَيَصِيرُ مُسْتَحِقًّا لَهُ (قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ) أَيْ لَا قَطْعَ، (وَقَوْلُهُ: لِلشُّبْهَةِ) وَذَلِكَ أَنَّ مَا مَلَكَهُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ يَصِيرُ مِلْكًا لِجُمْلَةِ الْعَبْدِ وَلِلسَّيِّدِ فِيهَا حَقٌّ وَهُوَ جُزْؤُهُ الرَّقِيقُ. (قَوْلُهُ: وَأَخَذَتْهُ بِقَصْدِ الِاسْتِيفَاءِ) ظَاهِرُ سِيَاقِهِ عَدَمُ اعْتِبَارِ هَذَا الْقَيْدِ فِي الرَّقِيقِ وَالْأَصْلِ وَالْفَرْعِ، وَالْفَرْقُ مُمْكِنٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: لَعَلَّهُ اسْتِحْقَاقُ نَحْوِ الْأَصْلِ وَالرَّقِيقِ لِلْكِتَابَةِ بِلَا تَقْدِيرٍ، فَكَانَ ذَلِكَ كَمِلْكِ نَفْسِهِ، بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ فَإِنَّهَا إنَّمَا تَأْخُذُ بَدَلَ مَا اسْتَقَرَّ لَهَا مِنْ الدَّيْنِ فَلَمْ يُشْبِهْ مَا تَأْخُذُهُ مِلْكَ نَفْسِهَا فَاحْتَاجَتْ لِلْقَصْدِ (قَوْلُهُ: كَدَائِنٍ سَرَقَ مَالَ مَدِينٍ إلَخْ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، فَإِنْ سَرَقَ مَالَ غَرِيمِهِ الْجَاحِدِ لِلدَّيْنِ الْحَالِّ أَوْ الْمُمَاطِلِ وَأَخَذَهُ بِقَصْدِ الِاسْتِيفَاءِ لَمْ يُقْطَعْ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَأْذُونٌ لَهُ فِي أَخْذِهِ شَرْعًا وَلَا قَطْعَ، وَغَيْرُ جِنْسِ حَقِّهِ كَهُوَ: أَيْ كَجِنْسِ حَقِّهِ فِي ذَلِكَ، وَلَا يُقْطَعُ بِزَائِدٍ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِ مَعَهُ وَإِنْ بَلَغَ الزَّائِدُ نِصَابًا اهـ. وَقَضِيَّتُهُ الْقَطْعُ بِسَرِقَةِ مَالِ غَرِيمِهِ الْجَاحِدِ لِلدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ اهـ سم عَلَى حَجّ أَيْ وَكَذَا سَرِقَةُ مَالِ غَرِيمِهِ الْغَيْرِ الْمُمَاطِلِ. [فَرْعٌ] لَوْ سَرَقَ مَالَ الْمُرْتَدِّ يَنْبَغِي أَنْ يُوقَفَ الْقَطْعُ، فَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ قُطِعَ السَّارِقُ وَإِنْ هَلَكَ مُرْتَدًّا، فَإِنْ كَانَ لَهُ حَقٌّ فِي مَالِ الْفَيْءِ فَلَا قَطْعَ وَإِلَّا قُطِعَ كَذَا وَافَقَ عَلَيْهِ م ر بَحْثًا فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فَلَا قَطْعَ) أَيْ وَإِنْ أَخَذَ زِيَادَةً عَلَى مَا يَسْتَحِقُّهُ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ عَنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا ظَفَرٌ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ لِلسَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَتْ الْمُبَعَّضَ) هَكَذَا فِي النُّسَخِ بِمِيمٍ قَبْلَ الْمُوَحَّدَةِ وَلَعَلَّ الْمِيمَ زَائِدَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً أَيْضًا، ثُمَّ رَأَيْت نُسْخَةً كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ وَلَوْ بِثَمَنٍ غَالٍ) أَيْ بِأَنْ وُجِدَ الثَّمَنُ وَلَمْ يَسْمَحْ بِهِ مَالِكُهُ أَوْ عَجَزَ عَنْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ شُرُوطُ الظَّفَرِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ) كَذَا هُوَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مُلْحَقًا عَقِبَ قَوْلِهِ بِقَصْدِ ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَحْتَاج لِقَوْلِهِ بَعْدُ وَلَوْ ادَّعَى جُحُودَ مَدْيُونِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أُفْرِزَتْ) اُنْظُرْ مَا الدَّاعِي لَهُ وَكَأَنَّهُ لِبَيَانِ

مَالِ الْمَصَالِحِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تُصْرَفُ لِمَا يُنْتَفَعُ بِهِ كَعِمَارَةِ الْمَسَاجِدِ وَمِنْ ثَمَّ يُقْطَعُ الذِّمِّيُّ بِمَالِ بَيْتِ الْمَالِ مُطْلَقًا إذْ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَّا تَبَعًا لَنَا وَالْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ مِنْهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ مَضْمُونٌ، وَمَا وَقَعَ فِي اللَّقِيطِ مِنْ نَفْيِ ضَمَانِهِ مَحْمُولٌ عَلَى صَغِيرٍ لَا مَالَ لَهُ، وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ مَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي طَائِفَةٍ لَهَا مُسْتَحَقٌّ مُقَدَّرٌ بِالْأَجْزَاءِ فِي مَالٍ مُشَاعٍ بِصِفَةٍ، فَأَمَّا لَوْ أَفْرَزَ الْإِمَامُ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ لِطَائِفَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَوْ الْقُضَاةِ أَوْ الْمُؤَذِّنِينَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَلَا أَثَرَ لِهَذَا الْإِفْرَازِ، إذْ لَا سَهْمَ لَهُمْ مُقَدَّرٌ يَتَوَلَّى الْإِمَامُ إفْرَازَهُ لَهُمْ، وَالْحُكْمُ فِيهِ كَمَا لَوْ كَانَ مُشَاعًا يُرَدُّ بِأَنَّهُ لَا دَخْلَ لِتَقْدِيرِ السَّهْمِ وَعَدَمِ تَقْدِيرِهِ فِي إفْرَازِ الْإِمَامِ، فَمَا عَيَّنَهُ لِطَائِفَةٍ مِمَّا هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا يَتَعَيَّنُ لَهَا الْإِفْرَازُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا سَهْمٌ مُقَدَّرٌ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ لَهُ حَقٌّ إلَخْ احْتِرَازٌ عَنْ الذِّمِّيِّ، وَحِينَئِذٍ فَيُفِيدُ أَنَّ الْمُسْلِمَ مَعَ عَدَمِ الْإِفْرَازِ لَا يُقْطَعُ مُطْلَقًا وَإِيهَامُهُ تَخْصِيصَ ذَلِكَ بِبَعْضِ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ غَيْرُ مُرَادٍ أَيْضًا، عَلَى أَنَّهُ إنْ أَوَّلَ كَلَامَهُ بِجَعْلِهِ مِنْ بَابِ ذِكْرِ النَّظِيرِ وَإِنْ لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ الْمُقْسَمُ فَلَا إيهَامَ أَصْلًا. (وَالْمَذْهَبُ) (قَطْعُهُ بِبَابِ مَسْجِدٍ وَجِذْعِهِ) وَتَأْزِيرِهِ وَسَوَارِيهِ وَسُقُوفِهِ وَقَنَادِيلِهِ الْمُعَدَّةِ لِلزِّينَةِ لِعَدَمِ إعْدَادِ ذَلِكَ لِانْتِفَاعِ النَّاسِ بَلْ لِتَصْحِينِهِ وَعِمَارَتِهِ وَأُبَّهَتِهِ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي غَيْرِ الْمِنْبَرِ وَدِكَّةِ الْمُؤَذِّنِ وَكُرْسِيِّ الْوَاعِظِ فَلَا يُقْطَعُ بِهَا وَإِنْ كَانَ السَّارِقُ لَهَا غَيْرَ خَطِيبٍ وَلَا مُؤَذِّنٍ وَلَا وَاعِظٍ، وَيُقْطَعُ بِسَرِقَةِ سِتْرِ الْكَعْبَةِ إنْ أُحْرِزَ بِالْخِيَاطَةِ عَلَيْهَا (لَا) بِنَحْوِ (حُصْرِهِ وَقَنَادِيلَ تُسْرَجُ) فِيهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي حَالَةِ الْأَخْذِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا يُجَوِّزُ الْأَخْذَ بِالظَّفَرِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا قَدْ تُصْرَفُ) أَيْ سَوَاءٌ أَخَذَ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: لِتَقْدِيرِ السَّهْمِ) أَيْ فَيُقْطَعُ آخِذُهُ (قَوْلُهُ: لَا يُقْطَعُ مُطْلَقًا) أَيْ غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا حَيْثُ أَخَذَ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخَذَ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ عَلَى مَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَتَأْزِيرِهِ) وَمِثْلُهُ الشَّبَابِيكُ (قَوْلُهُ: وَسُقُوفِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُقْصَدُ بِوَضْعِهِ صِيَانَتُهُ لَا انْتِفَاعُ النَّاسِ، فَلَوْ جَعَلَ فِيهِ نَحْوَ سَقِيفَةٍ بِقَصْدِ وِقَايَةِ النَّاسِ نَحْوِ الْحَرِّ فَلَا قَطْعَ بِهَا، وَمِنْ ذَلِكَ مَا يُغَطَّى بِهِ نَحْوُ فَتْحَةٍ فِي سَقْفِهِ لِدَفْعِ نَحْوِ الْبَرْدِ الْحَاصِلِ مِنْهَا عَنْ النَّاسِ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَقَنَادِيلِهِ الْمُعَدَّةِ لِلزِّينَةِ) مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ تُسْرَجُ وَلَوْ أَخَّرَهُ كَانَ أَوْلَى لَكِنَّهُ ضَمَّهُ لِمَا فِيهِ الْقَطْعُ اخْتِصَارًا أَوْ لِلْمُنَاسَبَةِ، وَكَتَبَ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ: (قَوْلُهُ: وَقَنَادِيلِهِ الْمُعَدَّةِ لِلزِّينَةِ) ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ الرُّخَامِ الْمُثَبَّتِ بِالْجُدْرَانِ (قَوْلُهُ: وَلَا وَاعِظٍ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُتَّخَذُ لِنَفْعِ عَامَّةِ النَّاسِ بِسَمْعِ مَا يُقَالُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَيُقْطَعُ بِسَرِقَةِ سِتْرِ الْكَعْبَةِ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي سِتْرِ الْأَوْلِيَاءِ (قَوْلُهُ: لَا بِنَحْوِ حُصْرِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْوَاقِعِ (قَوْلُهُ: احْتِرَازٌ عَنْ الذِّمِّيِّ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ هُوَ الَّذِي قَرَّرَهُ فِيمَا مَرَّ. بَلْ حَاصِلُ مَا قَرَّرَهُ أَنَّهُ احْتِرَازٌ عَنْ الْغَنِيِّ مَثَلًا إذَا أَخَذَ مِنْ الْمُفْرِزِ لِلصَّدَقَاتِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا إلَى آخِرِ السِّوَادَةِ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ حَجَرٍ إلَّا أَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي عِبَارَتِهِ وَأَسْقَطَ مِنْهَا مَا أَوْجَبَ الْخَلَلَ، وَعِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ فِي تُحْفَتِهِ: وَاعْتُرِضَ هَذَا التَّفْصِيلُ: أَيْ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ وَكَلَامُ غَيْرِهِمَا أَنَّهُ لَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ مُسْلِمٍ مَالَ بَيْتِ الْمَالِ مُطْلَقًا لِأَنَّ لَهُ فِيهِ حَقًّا فِي الْجُمْلَةِ إلَّا إنْ أُفْرِزَ لِمَنْ لَيْسَ هُوَ مِنْهُمْ. وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْمَتْنِ عَلَيْهِ بِجَعْلِ قَوْلِهِ إنْ كَانَ لَهُ فِيهِ حَقٌّ فِي الْمُسْلِمِ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فِي الذِّمِّيِّ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ فَقِيرٌ لِلْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ. وَقَوْلُ شَارِحِ إنَّ الذِّمِّيَّ يُقْطَعُ بِلَا خِلَافٍ بِرَدِّهِ حِكَايَةَ غَيْرِهِ لِلْخِلَافِ فِيهِ وَلَوْ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ، وَحِينَئِذٍ فَيُفِيدُ الْمَتْنُ أَنَّ الْمُسْلِمَ مَعَ عَدَمِ الْإِفْرَازِ لَا يُقْطَعُ مُطْلَقًا، وَإِيهَامُهُ تَخْصِيصَ ذَلِكَ بِبَعْضِ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ غَيْرُ مُرَادٍ، كَمَا أَنَّ إيهَامَهُ أَنَّ مَالَ الصَّدَقَةِ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهَا مِنْ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ غَيْرُ مُرَادٍ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ الشُّرَّاحِ فِيمَا عَلِمْت، وَقَدْ تُؤَوَّلُ عِبَارَتُهُ بِجَعْلِهِ مِنْ بَابِ ذِكْرِ النَّظِيرِ، وَإِنْ لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ الْمُقْسَمُ وَيَرْتَفِعُ بِهَذَا الْإِيهَامُ مِنْ أَصْلِهِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي غَيْرِ الْمِنْبَرِ إلَخْ.) أَيْ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِتَحْصِيلِ الْمَسْجِدِ وَلَا لِزِينَتِهِ بَلْ لِانْتِفَاعِ النَّاسِ بِسَمَاعِهِمْ الْخَطِيبَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُمْ يَنْتَفِعُونَ

تُسْرَجُ وَلَا بِسَائِرِ مَا يُفْرَشُ فِيهِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي مَسْجِدٍ عَامٍّ، أَمَّا مَا اُخْتُصَّ بِطَائِفَةٍ فَيُتَّجَهُ جَرَيَانُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي تِلْكَ الطَّائِفَةِ فَغَيْرُهَا يُقْطَعُ مُطْلَقًا وَفِي الْمُسْلِمِ، أَمَّا الذِّمِّيُّ فَيُقْطَعُ مُطْلَقًا، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ مُسْلِمٍ مُصْحَفًا مَوْقُوفًا لِلْقِرَاءَةِ فِي مَسْجِدٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَارِئًا لِشُبْهَةِ الِانْتِفَاعِ بِهِ بِالِاسْتِمْتَاعِ لِلْقَارِئِ فِيهِ كَقَنَادِيلِ الْإِسْرَاجِ، وَرَأَى الْإِمَامُ تَخْرِيجَ وَجْهٍ فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَجْزَاءِ الْمَسْجِدِ وَهُوَ مُشْتَرَكٌ، وَذَكَرَ فِي الْحُصُرِ وَالْقَنَادِيلِ وَجْهَيْنِ وَثَالِثًا فِي الْقَنَادِيلِ، الْفَرْقُ بَيْنَ مَا يُقْصَدُ لِلِاسْتِضَاءَةِ وَمَا يُقْصَدُ لِلزِّينَةِ: أَيْ فَيُقْطَعُ فِي الثَّانِي كَمَا يُقْطَعُ فِيهِ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى الْجَازِمَةِ الْمُقَابِلِ لَهَا مَا رَأَى الْإِمَامُ تَخْرِيجَهُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْخِلَافِ. (وَالْأَصَحُّ) (قَطْعُهُ بِمَوْقُوفٍ) عَلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ لَيْسَ نَحْوَ أَصْلِهِ وَلَا فَرْعِهِ وَلَا مُشَارِكًا لَهُ فِي صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْوَقْفِ؛ إذْ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ حِينَئِذٍ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُقْطَعْ بِسَرِقَةِ مَوْقُوفٍ عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ كَبَكَرَةِ بِئْرٍ مُسَبَّلَةٍ وَإِنْ كَانَ السَّارِقُ ذِمِّيًّا كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ؛ لِأَنَّ لَهُ فِيهَا حَقًّا، وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ فِي مَالِ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ شُمُولَ لَفْظِ الْوَاقِفِ لَهُ هُنَا صَيَّرَهُ مِنْ أَحَدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ فَكَانَتْ الشُّبْهَةُ هُنَا قَوِيَّةً جِدًّا، وَسَوَاءٌ أَقُلْنَا الْمِلْكُ فِي الْوَقْفِ لِلَّهِ تَعَالَى أَمْ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكٌ لَازِمٌ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا، أَمَّا غَلَّةُ الْمَوْقُوفِ الْمَذْكُورِ فَيُقْطَعُ بِهَا قَطْعًا؛ لِأَنَّهَا مِلْكُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا بِخِلَافِ الْمَوْقُوفِ. (وَأُمِّ وَلَدٍ سَرَقَهَا) مِنْ حِرْزٍ حَالَ كَوْنِهَا مَعْذُورَةً كَأَنْ كَانَتْ (نَائِمَةً أَوْ مَجْنُونَةً) أَوْ مُكْرَهَةً أَوْ أَعْجَمِيَّةً تَعْتَقِدُ وُجُوبَ الطَّاعَةِ أَوْ مُغْمًى عَلَيْهَا أَوْ سَكْرَانَةَ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: أَوْ عَمْيَاءَ لِعَدَمِ التَّمْيِيزِ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ، بِخِلَافِ الْعَاقِلَةِ الْمُسْتَيْقِظَةِ الْمُخْتَارَةِ الْبَصِيرَةِ لِقُدْرَتِهَا عَلَى الِامْتِنَاعِ، وَكَأُمِّ الْوَلَدِ فِي ذَلِكَ غَيْرُهَا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى، وَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ مُكَاتَبٍ وَمُبَعَّضٍ لِمَا فِيهِ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِذَلِكَ أَبْوَابُ الْأَخْلِيَةِ؛ لِأَنَّهَا تُتَّخَذُ لِلسَّتْرِ بِهَا عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ (قَوْلُهُ: وَلَا بِسَائِرِ مَا يُفْرَشُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ ثَمِينًا كَبِسَاطٍ نَفِيسٍ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَا اُخْتُصَّ بِطَائِفَةٍ) وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ أَرْوِقَةُ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ، فَإِنَّ الِاخْتِصَاصَ بِمَنْ فِيهَا عَارِضٌ إذْ أَصْلُ الْمَسْجِدِ إنَّمَا وُقِفَ لِلصَّلَاةِ فِيهِ وَالْمُجَاوَرَةُ بِهِ مِنْ أَصْلِهَا طَارِئَةٌ (قَوْلُهُ: فَغَيْرُهَا يُقْطَعُ مُطْلَقًا) قَدْ يُشْكِلُ هَذَا بِمَا فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ مِنْ أَنَّ غَيْرَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ لَهُ حَقُّ الدُّخُولِ لِمَدْرَسَةٍ أَوْ نَحْوِهَا مِمَّنْ لَا حَاجَةَ لَهُ فِيهَا لِلشُّرْبِ مِنْ مَائِهَا وَالِاسْتِرَاحَةِ فِيهَا حَيْثُ لَمْ يُضَيَّقْ عَلَى أَهْلِهَا، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ غَيْرَ الْمُخْتَصِّينَ بِمَا ذُكِرَ وَإِنْ جَازَ الدُّخُولُ فَلَيْسَ مَقْصُودًا بِالْوَقْفِ بَلْ هُوَ تَابِعٌ لِلْوُقُوفِ عَلَيْهِمْ فَأَشْبَهَ الذِّمِّيَّ إذَا سَرَقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَبَعٌ لِلْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: أَمَّا الذِّمِّيُّ فَيُقْطَعُ مُطْلَقًا) أَيْ بِالسَّرِقَةِ مِنْ الْمَسْجِدِ، أَمَّا سَرِقَتُهُ مِنْ كَنَائِسِهِمْ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ تَفْصِيلُ الْمُسْلِمِ فِي سَرِقَتِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْمَذْهَبُ قَطْعُهُ بِبَابِ مَسْجِدٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَوْقُوفًا لِلْقِرَاءَةِ فِي مَسْجِدٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَوْقُوفًا بِتِلْكَ الصِّفَةِ كَأَنْ وَقَفَهُ عَلَى مَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ أَوْ يَقْرَأُ فِيهِ مُطْلَقًا أَوْ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْقَطْعُ وَفِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَأَنَّ التَّقْيِيدَ بِهِ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ (قَوْلُهُ: وَرَأَى الْإِمَامُ تَخْرِيجَ وَجْهٍ فِيهِمَا) أَيْ الْبَابِ وَالْجِذْعِ (قَوْلُهُ: الْفَرْقُ بَيْنَ) أَيْ وَهُوَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: كَبَكَرَةِ بِئْرٍ مُسَبَّلَةٍ) أَيْ لِلشُّرْبِ (قَوْلُهُ: الْوَقْفُ لِلَّهِ تَعَالَى) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: وَكَأُمِّ الْوَلَدِ فِي ذَلِكَ غَيْرُهَا) أَيْ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَرِقَّاءِ (قَوْلُهُ: كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى) أَيْ: وَالتَّقْيِيدُ بِأُمِّ الْوَلَدِ إنَّمَا هُوَ لِلْخِلَافِ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ مُكَاتَبٍ) أَيْ كِتَابَةً صَحِيحَةً أَخْذًا مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِهِ حِينَئِذٍ مَا لَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ لَوْ خَطَبَ عَلَى الْأَرْض (قَوْله فِيهِمَا) يُعْنَى بَاب الْمَسْجِد وَجِذْعه (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ قُلْنَا الْمِلْكُ) فِي الْوَقْفِ (لِلَّهِ تَعَالَى أَمْ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا إنَّهُ لِلْوَاقِفِ فَيُقْطَعُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَوْقُوفِ) أَيْ فَإِنَّ فِيهِ الْخِلَافَ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ التَّمْيِيزِ) هَذَا تَعْلِيلٌ لِخُصُوصِ مَا فِي الْمَتْنِ

مَظِنَّةِ الْحُرِّيَّةِ. وَلَا يُشْكِلُ بِأُمِّ الْوَلَدِ وَيُقَالُ الْحُرِّيَّةُ فِيهَا أَقْوَى مِنْهَا فِي الْمُكَاتَبِ لِعَوْدِهِ لِلرِّقِّ بِأَدْنَى سَبَبٍ، بِخِلَافِهَا؛ لِأَنَّ اسْتِقْلَالَهُ بِالتَّصَرُّفِ صَيَّرَ فِيهِ شَبَهًا بِالْحُرِّيَّةِ أَقْوَى مِمَّا فِيهَا؛ لِأَنَّهُ مُسْتَقْبَلٌ مُتَوَقَّعٌ وَقَدْ لَا يَقَعُ، وَالثَّانِي قَالَ: الْمِلْكُ فِيهَا وَفِي الْمَوْقُوفِ ضَعِيفٌ. الشَّرْطُ (الرَّابِعُ كَوْنُهُ مُحْرَزًا) بِالْإِجْمَاعِ وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ الْإِحْرَازُ (بِمُلَاحَظَةٍ) لِلْمَسْرُوقِ مِنْ قَوِيٍّ مُتَيَقِّظٍ (أَوْ حَصَانَةِ مَوْضِعِهِ) وَحْدَهَا أَوْ مَعَ مَا قَبْلَهَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَطْلَقَ الْحِرْزَ وَلَمْ تَضْبِطْهُ اللُّغَةُ فَيُرْجَعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ، وَهُوَ مُخْتَلِفٌ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَالْأَوْقَاتِ وَالْأَمْوَالِ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُحْرَزِ ضَائِعٌ بِتَقْصِيرِ مَالِكِهِ، وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ الثَّوْبُ لَوْ نَامَ عَلَيْهِ فَهُوَ مُحْرَزٌ مَعَ انْتِفَائِهِمَا؛ لِأَنَّ النَّوْمَ عَلَيْهِ الْمَانِعَ مِنْ أَخْذِهِ غَالِبًا مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ مُلَاحَظَتِهِ وَمَا هُوَ حِرْزُ النَّوْعِ حِرْزٌ لِمَا دُونَهُ مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ أَوْ تَابِعِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْإِصْطَبْلِ، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ أَوْ فِي كَلَامِهِ مَانِعَةُ خُلُوٍّ لَا مَانِعَةُ جَمْعٍ (فَإِنْ) (كَانَ بِصَحْرَاءَ أَوْ مَسْجِدٍ) أَوْ شَارِعٍ أَوْ سِكَّةٍ مُنْسَدَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَكُلٌّ مِنْهَا لَا حَصَانَةَ لَهُ (اُشْتُرِطَ) فِي الْإِحْرَازِ (دَوَامُ لِحَاظٍ) بِكَسْرِ اللَّامِ، نَعَمْ الْفَتَرَاتُ الْعَارِضَةُ عَادَةً لَا تَمْنَعُهُ فَلَوْ تَغَفَّلَهُ وَاحِدٌ فِيهَا قُطِعَ، وَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ اشْتِرَاطِ رُؤْيَةِ السَّارِقِ لِلْمُلَاحِظِ لِيَمْتَنِعَ مِنْ السَّرِقَةِ إلَّا بِتَغَفُّلِهِ وَإِلَّا فَلَا قَطْعَ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ، إذْ ضَابِطُ الْحِرْزِ مَا لَا يُنْسَبُ الْمُودِعُ بِوَضْعِ الْوَدِيعَةِ فِيهِ إلَى تَقْصِيرٍ (وَإِنْ كَانَ بِحِصْنٍ كَفَى لِحَاظٌ مُعْتَادٌ) وَلَا يُعْتَبَرُ دَوَامُهُ عَمَلًا بِالْعُرْفِ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ مُخَالَفَةُ اللِّحَاظِ هُنَا لِمَا مَرَّ لِاشْتِرَاطِ الدَّوَامِ ثَمَّ إلَّا فِي تِلْكَ الْفَتَرَاتِ الْقَلِيلَةِ جِدًّا الَّتِي لَا يَنْفَكُّ عَنْهَا أَحَدٌ عَادَةً بِخِلَافِهِ هُنَا يَكْفِي لِحَاظُهُ فِي بَعْضِ الْأَزْمِنَةِ دُونَ بَعْضٍ وَإِنْ لَمْ يَدُمْ عُرْفًا. (وَإِصْطَبْلٌ حِرْزُ دَوَابَّ) وَلَوْ نَفِيسَةٍ حَيْثُ كَانَ مُغْلَقًا مُتَّصِلًا بِالْعُمْرَانِ وَإِلَّا فَمَعَ اللِّحَاظِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي فِي الْمَاشِيَةِ (لَا آنِيَةٍ وَثِيَابٍ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ نَفِيسَةً عَمَلًا بِالْعُرْفِ، وَلِأَنَّ إخْرَاجَ الدَّوَابِّ مِمَّا يَظْهَرُ وَيَبْعُدُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ اسْتِقْلَالَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِعَوْدِهِ) تَعْلِيلٌ لِلْإِشْكَالِ وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْمُكَاتَبِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ لَا يَقَعُ) بِأَنْ تَمُوتَ قَبْلَ السَّيِّدِ. (قَوْلُهُ: وَحَصَانَةِ مَوْضِعِهِ) قَالَ ع: وَقَدْ يُمَثَّلُ لَهُ بِالْمَقَابِرِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْعِمَارَةِ، وَكَذَا الدُّورُ عِنْدَ إغْلَاقِهَا، وَقَدْ يُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا لَمْ يَخْلُ عَنْ أَصْلِ الْمُلَاحَظَةِ، نَعَمْ قَدْ يُمَثَّلُ لَهُ بِالرَّاقِدِ عَلَى مَتَاعٍ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ مَا قَبْلَهَا) أَيْ الْمُلَاحَظَةِ فَعُلِمَ أَنَّهُ قَدْ تَكْفِي الْحَصَانَةُ وَحْدَهَا وَقَدْ تَكْفِي الْمُلَاحَظَةُ وَحْدَهَا اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ وَقَدْ يَجْتَمِعَانِ (قَوْلُهُ: مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ مُلَاحَظَتِهِ) يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يُنَزَّلَ مَنْزِلَةَ حَصَانَةِ مَوْضِعِهِ بَلْ يُمْكِنُ أَنْ يَدَّعِيَ حَصَانَةَ مَوْضِعِهِ حَقِيقَةً اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ بِأَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالْمَوْضِعِ مَا أُخِذَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ وَهُوَ هُنَا حَصِينٌ بِالنَّوْمِ عَلَى الثَّوْبِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ بِصَحْرَاءَ أَوْ مَسْجِدٍ إلَى قَوْلِهِ كَفَى لِحَاظٌ مُعْتَادٌ) مَا قَدْ يُفْهِمُهُ هَذَا الصَّنِيعُ فِي نَفْسِهِ مِنْ اعْتِبَارِ اللِّحَاظِ فِي الْجُمْلَةِ فِي سَائِرِ الصُّوَرِ غَيْرُ مُرَادٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بِمُلَاحَظَةٍ أَوْ حَصَانَةِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُكْتَفَى بِمُجَرَّدِ الْحَصَانَةِ فَلَا يُنَافِي عَدَمَ اعْتِبَارِ اللِّحَاظِ فِي بَعْضِ مَسَائِلِ نَحْوِ الْإِصْطَبْلِ وَالدَّارِ الْآتِيَةِ، وَقَوْلُهُ الْآتِي: كَفَى لِحَاظٌ مُعْتَادٌ: أَيْ حَيْثُ يُعْتَبَرُ اللِّحَاظُ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ قَبْلُ فَأَوْ فِي كَلَامِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَكُلٌّ مِنْهَا لَا حَصَانَةَ لَهُ) أَفْهَمَ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِأَحَدِهَا حَصَانَةٌ كَانَ حِرْزًا فَلْيُرَاجَعْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْوَاوُ فِيهِ لِلِاسْتِئْنَافِ بَيَّنَ بِهِ حَالَ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: تِلْكَ الْفَتَرَاتِ) فَلَوْ وَقَعَ اخْتِلَافٌ فِي ذَلِكَ هَلْ كَانَ ثَمَّ مُلَاحَظَةٌ مِنْ الْمَالِكِ أَوْ لَا فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ السَّارِقِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُوبِ الْقَطْعِ. (قَوْلُهُ: لَا آنِيَةٍ وَثِيَابٍ) أَيْ لَمْ يَعْتَدْ وَضْعَهَا فِيهِ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَثِيَابٍ (قَوْلُهُ: وَثِيَابٍ) أَيْ لِلْغُلَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: مِنْ قَوِيٍّ مُتَيَقِّظٍ) سَيَأْتِي فِي بَعْضِ الْأَفْرَادِ الِاكْتِفَاءُ بِالضَّعِيفِ الْقَادِرِ عَلَى الِاسْتِغَاثَةِ مَعَ مُقَابَلَتِهِ بِالْقُوَى، فَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِالْقَوِيِّ هُنَا مَا يَشْمَلُ الضَّعِيفَ الْمَذْكُورَ عَلَى خِلَافِ مَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ اللَّامِ) أَيْ أَمَّا بِفَتْحِهَا فَهُوَ مُؤَخَّرُ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ: إذْ ضَابِطُ الْحِرْزِ إلَخْ.) هَذَا لَا يَمْنَعُهُ الْبُلْقِينِيُّ بَلْ هُوَ قَائِلٌ بِمُوجَبِهِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يَمْنَعُ مَا بَحَثَهُ فَتَأَمَّلْ

الِاجْتِرَاءُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ نَحْوِ الثِّيَابِ، نَعَمْ مَا اُعْتِيدَ وَضْعُهُ فِيهِ مِنْ نَحْوِ سَطْلٍ وَآلَاتِ دَوَابَّ كَسَرْجٍ وَبَرْدَعَةٍ وَرَحْلٍ وَرَاوِيَةٍ وَثِيَابٍ يَكُونُ مُحْرَزًا كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ السُّرُجُ وَاللُّجُمُ الْخَسِيسَةُ، بِخِلَافِ الْمُفَضَّضَةِ مِنْ ذَلِكَ فَلَا تَكُونُ مُحْرَزَةً فِيهِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ جَارٍ بِإِحْرَازِهَا بِمَكَانٍ مُفْرَدٍ لَهَا (وَعَرْصَةُ) نَحْوِ خَانْ وَ (دَارٍ وَصِفَتِهَا) لِغَيْرِ نَحْوِ السُّكَّانِ (حِرْزُ آنِيَةٍ) خَسِيسَةٍ (وَثِيَابٍ بِذْلَةٍ) (لَا) آنِيَةٍ وَثِيَابٍ نَفِيسَةِ وَنَحْوِ (حُلِيٍّ وَنَقْدٍ) بَلْ تُحْرَزُ فِي بَيْتٍ حَصِينٍ وَلَوْ مِنْ خَانٍ وَسُوقٍ عَمَلًا بِالْعُرْفِ فِيهِمَا. (وَلَوْ) (نَامَ بِصَحْرَاءَ) أَيْ مَوَاتٍ أَوْ مَمْلُوكٍ غَيْرِ مَغْصُوبٍ (أَوْ مَسْجِدٍ) أَوْ شَارِعٍ (عَلَى ثَوْبٍ أَوْ تَوَسَّدَ مَتَاعًا) بَعْدَ تَوَسُّدِهِ إحْرَازًا لَهُ بِخِلَافِ مَا فِيهِ نَحْوُ نَقْدٍ فَلَا مَا لَمْ يَشُدَّهُ بِوَسَطِهِ كَمَا يَأْتِي وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ تَقْيِيدُهُ بِشَدِّهِ تَحْتَ الثِّيَابِ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ الْخَيْطُ الْمَشْدُودُ بِهِ تَحْتَهَا بِخِلَافِهِ فَوْقَهَا لِسُهُولَةِ قَطْعِهِ فِي الْعَادَةِ حِينَئِذٍ (فَمُحْرَزٌ) إنْ حُفِظَ بِهِ لَوْ كَانَ مُتَيَقِّظًا لِلْعُرْفِ، وَكَذَا إنْ أَخَذَ خَاتَمَهُ أَوْ عِمَامَتَهُ أَوْ مَدَاسَهُ مِنْ أُصْبُعِهِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ بِهِ مُتَخَلْخِلًا وَكَانَ فِي غَيْرِ الْأُنْمُلَةِ الْعُلْيَا أَوْ مِنْ رَأْسِهِ أَوْ رِجْلِهِ أَوْ كِيسِ نَقْدٍ شَدَّهُ بِوَسَطِهِ، وَنِزَاعُ الْبُلْقِينِيِّ فِي التَّقْيِيدِ بِشَدِّ الْوَسَطِ فِي الْأَخِيرِ فَقَطْ بِأَنَّ الْمُدْرِكَ انْتِبَاهُ النَّائِمِ بِالْأَخْذِ وَهُوَ مُسْتَوْفَى الْكُلِّ، وَبِأَنَّ إطْلَاقَهُمْ الْخَاتَمَ يَشْمَلُ مَا فِيهِ فَصٌّ ثَمِينٌ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْعُرْفَ يَعُدُّ النَّائِمَ عَلَى كِيسٍ نَحْوِ نَقْدٍ مُفَرِّطًا دُونَ النَّائِمِ وَفِي أُصْبُعِهِ خَاتَمٌ بِفَصٍّ ثَمِينٍ، وَأَيْضًا فَالِانْتِبَاهُ بِأَخْذِ الْخَاتَمِ أَسْرَعُ مِنْهُ بِأَخْذِ مَا تَحْتَ الرَّأْسِ، وَظَاهِرٌ فِي نَحْوِ سِوَارِ الْمَرْأَةِ أَوْ خَلْخَالِهَا أَنَّهُ لَا يُحْرَزُ بِجَعْلِهِ فِي يَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا إلَّا إنْ عَسُرَ إخْرَاجُهُ بِحَيْثُ يُوقِظُ النَّائِمَ غَالِبًا أَخْذًا مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي الْخَاتَمِ فِي الْأُصْبُعِ (فَلَوْ انْقَلَبَ) بِنَفْسِهِ أَوْ بِفِعْلِ السَّارِقِ (فَزَالَ عَنْهُ) ثُمَّ أَخَذَهُ (فَلَا) قَطْعَ عَلَيْهِ لِزَوَالِ الْحِرْزِ قَبْلَ أَخْذِهِ، وَأَمَّا قَوْلُ الْجُوَيْنِيِّ وَابْنِ الْقَطَّانِ لَوْ وَجَدَ جَمَلًا صَاحِبُهُ نَائِمٌ عَلَيْهِ فَأَلْقَاهُ عَنْهُ وَهُوَ نَائِمٌ قُطِعَ فَمَرْدُودٌ، فَقَدْ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ بِعَدَمِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ رُفِعَ الْحِرْزُ وَلَمْ يَهْتِكْهُ، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِمْ الْفَرْقُ بَيْنَ هَتْكِ الْحِرْزِ وَرَفْعِهِ مِنْ أَصْلِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَسْكَرَهُ فَغَابَ فَأَخَذَ مَا مَعَهُ لَمْ يُقْطَعْ؛ لِأَنَّهُ لَا حِرْزَ حِينَئِذٍ. (وَثَوْبٌ وَمَتَاعٌ وَضَعَهُ بِقُرْبِهِ) بِحَيْثُ يَرَاهُ السَّارِقُ وَيَمْتَنِعُ مِنْهُ إلَّا بِتَغَفُّلِهِ (بِصَحْرَاءَ) أَوْ شَارِعٍ أَوْ مَسْجِدٍ (إنْ لَاحَظَهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: وَاللُّجُمُ الْخَسِيسَةُ) وَقِيَاسُهُ أَنَّ ثِيَابَ الْغُلَامِ لَوْ كَانَتْ نَفِيسَةً لَا يُعْتَادُ وَضْعُ مِثْلِهَا فِي الْإِصْطَبْلِ لَمْ يَكُنْ حِرْزًا لَهَا. (قَوْلُهُ وَعَرْصَةٌ) الْغَرَضُ مِنْهُ بَيَانُ تَفَاوُتِ أَجْزَاءِ الدَّارِ فِي الْحِرْزِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِأَنْوَاعِ الْمُحْرَزِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ اعْتِبَارِ الْمُلَاحَظَةِ مَعَ الْحَصَانَةِ فِي الْحِرْزِيَّةِ وَعَدَمِ اعْتِبَارِهَا، وَسَيُعْلَمُ اعْتِبَارُ ذَلِكَ وَعَدَمُ اعْتِبَارِهِ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَدَارٍ مُنْفَصِلَةٍ إلَخْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ نَحْوِ السُّكَّانِ) وَقِيَاسُهُ أَنَّ ثِيَابَ الْغُلَامِ لَوْ كَانَتْ نَفِيسَةً لَا يُعْتَدُ وَضْعُ مِثْلِهَا فِي الْإِصْطَبْلِ لَمْ يَكُنْ حِرْزًا لَهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ مَمْلُوكٍ غَيْرِ مَغْصُوبٍ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ نَامَ فِي مَكَان مَغْصُوبٍ لَا يَكُونُ مَا مَعَهُ مُحْرَزًا بِهِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ مُتَعَدٍّ بِدُخُولِهِ الْمَكَانَ الْمَذْكُورَ فَلَا يَكُونُ الْمَكَانُ حِرْزًا لَهُ، وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي (قَوْلُهُ: فَمُحْرَزٌ إنْ حُفِظَ) كَأَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى اعْتِبَارِ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَشَرْطُ الْمُلَاحِظِ إلَخْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْأُنْمُلَةِ الْعُلْيَا) أَيْ مِنْ جَمِيعِ الْأَصَابِعِ (قَوْلُهُ: فِي يَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ نَائِمَةً بِبَيْتِهَا فَلَا يُعَدُّ نَفْسُ الْبَيْتِ حِرْزًا (قَوْلُهُ: فَأَلْقَاهُ عَنْهُ) أَيْ وَأَخَذَهُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ أَسْكَرَهُ إلَخْ) وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ ثَقِيلَ النَّوْمِ بِحَيْثُ لَا يَنْتَبِهُ بِالتَّحْرِيكِ الشَّدِيدِ وَنَحْوِهِ لَمْ يُقْطَعْ سَارِقُ مَا مَعَهُ وَمَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ إلَخْ) وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ رُفِعَ الْحِرْزُ مِنْ أَصْلِهِ هُنَاكَ بِأَنْ هَدَمَ جَمِيعَ جُدَرَانِ الْبَيْتِ لَمْ يُقْطَعْ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ مَا اُعْتِيدَ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَرَاهُ السَّارِقُ إلَخْ.) الْمُنَاسِبُ لِلْمَفْهُومِ الْآتِي أَنْ يَقُولَ بِحَيْثُ يُنْسَبُ إلَيْهِ، وَقَدْ مَرَّ رَدُّ بَحْثِ الْبُلْقِينِيِّ اشْتِرَاطُهُ رُؤْيَةَ السَّارِقِ لِلْمُلَاحَظِ

لِحَاظًا دَائِمًا كَمَا مَرَّ (مُحْرَزٌ) بِخِلَافِ وَضْعِهِ بَعِيدًا عَنْهُ بِحَيْثُ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ فَإِنَّهُ مُضَيِّعٌ لَهُ، وَمَعَ قُرْبِهِ مِنْهُ يُعْتَبَرُ انْتِفَاءُ ازْدِحَامِ الطَّارِقِينَ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ كَثْرَةِ الْمُلَاحِظِينَ بِحَيْثُ يُعَادِلُونَهُمْ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي كُلِّ زَحْمَةٍ عَلَى دُكَّانِ نَحْوِ خَبَّازٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُلَاحِظْهُ كَأَنْ نَامَ أَوْ وَلَّاهُ ظَهْرَهُ أَوْ غَفَلَ عَنْهُ (فَلَا) إحْرَازَ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ مُضَيِّعًا حِينَئِذٍ، وَلَوْ أَذِنَ لِلنَّاسِ فِي دُخُولِ نَحْوِ دَارِهِ لِشِرَاءٍ قُطِعَ مَنْ دَخَلَ سَارِقًا لَا مُشْتَرِيًا، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ قُطِعَ كُلُّ دَاخِلٍ، وَهَذَا أَوْضَحُ مِمَّا ذَكَرَهُ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ: فَإِنْ كَانَ بِصَحْرَاءَ إلَى آخِرِهِ فَمِنْ ثَمَّ صَرَّحَ بِهِ إيضَاحًا. (وَشَرْطُ الْمُلَاحِظِ قُدْرَتُهُ عَلَى مَنْعِ سَارِقٍ بِقُوَّةٍ أَوْ اسْتِغَاثَةٍ) بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ ثُمَّ مُثَلَّثَةٍ أَوْ بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ نُونٍ، فَإِنْ ضَعُفَ بِحَيْثُ لَا يُبَالِي بِهِ السَّارِقُ وَبَعُدَ مَحَلُّهُ عَنْ الْغَوْثِ فَلَا إحْرَازَ، بِخِلَافِ الْمُبَالِي بِهِ وَلِهَذَا لَوْ لَاحَظَ مَتَاعَهُ وَلَا غَوْثَ فَإِنْ تَغَفَّلَهُ أَضْعَفُ مِنْهُ، وَأَخَذَهُ قُطِعَ أَوْ أَقْوَى فَلَا. (وَدَارٌ) حَصِينَةٌ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ حَصَانَةَ مَوْضِعِهِ لَكِنَّهُ لَا يَتَأَتَّى اشْتِرَاطُهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ مَعَ وُجُودِ قَوِيٍّ مُتَيَقِّظٍ (مُنْفَصِلَةٌ عَنْ الْعِمَارَةِ إنْ كَانَ بِهَا قَوِيٌّ يَقْظَانُ حِرْزٌ مَعَ فَتْحِ الْبَابِ وَإِغْلَاقِهِ) لِاقْتِضَاءِ الْعُرْفِ ذَلِكَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا أَحَدٌ أَوْ كَانَ ضَعِيفٌ وَبَعُدَتْ عَنْ الْغَوْثِ أَوْ قَوِيٌّ غَيْرَ أَنَّهُ نَائِمٌ (فَلَا) تَكُونُ حِرْزًا، وَلَوْ مَعَ إغْلَاقِ الْبَابِ، وَهَذَا مَا فِي الْكِتَابِ كَالْمُحَرَّرِ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهَا حِرْزٌ بِمُلَاحِظٍ قَوِيٍّ بِهَا يَقْظَانَ مَعَ فَتْحِهِ وَإِغْلَاقِهِ وَنَائِمٍ مَعَ إغْلَاقِهِ أَوْ رَدِّهِ أَوْ نَوْمِهِ خَلْفَهُ بِحَيْثُ يَنْتَبِهُ بِصَرِيرِ فَتْحِهِ أَوْ فِيهِ، وَلَوْ مَعَ فَتْحِهِ بِحَيْثُ يُعَدُّ مُحْرَزًا، وَقَوْلُ الشَّارِحِ فَلَيْسَتْ حِرْزًا مَعَ فَتْحِ الْبَابِ وَإِغْلَاقِهِ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ كَلَامَهُ فِي الْمِنْهَاجِ لَا يُخَالِفُ الرَّوْضَةَ؛ إذْ تَقْدِيرُ كَلَامِهِ: وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهَا حِرْزًا مَعَ وُجُودِ أَحَدِهِمَا وَإِنْ سَكَتَ عَنْهُ فِي الْمِنْهَاجِ وَيُتَّجَهُ فِيمَنْ بِدَارٍ كَبِيرَةٍ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى مَحَالَّ لَا يَسْمَعُ مَنْ بِأَحَدِهَا مَنْ يَدْخُلُ الْآخَرَ أَنَّهُ لَا يُحْرَزُ بِهِ إلَّا مَا هُوَ فِيهِ وَأَنَّ مَنْ بِبَابِهَا لَا يُحْرَزُ بِهِ ظَهْرُهَا إلَّا إنْ كَانَ يَشْعُرُ بِمَنْ يَصْعَدُ إلَيْهَا مِنْهُ بِحَيْثُ يَرَاهُ وَيَنْزَجِرُ بِهِ. (وَ) دَارٌ (مُتَّصِلَةٌ) بِالْعِمَارَةِ: أَيْ بِدُورٍ مَسْكُونَةٍ، وَإِنْ لَمْ تُحِطْ الْعِمَارَةُ بِجَوَانِبِهَا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَأْتِي فِي الْمَاشِيَةِ بِأَنَّ الْغَالِبَ فِي دُورِ الْبَلَدِ كَثْرَةُ طُرُوقِهَا وَمُلَاحَظَتُهَا، وَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــSمَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَتْ اللَّبِنَاتُ الَّتِي أَخْرَجَهَا مِنْ الْجِدَارِ بِهَدْمِهِ لَا تُسَاوِي نِصَابًا وَإِلَّا قُطِعَ. (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يُعَادِلُونَهُمْ) أَيْ السُّرَّاقُ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَذِنَ لِلنَّاسِ فِي دُخُولِ نَحْوِ دَارِهِ) مِنْهُ الْحَمَّامُ فَمَنْ دَخَلَهُ لِلْغُسْلِ فَسَرَقَ مِنْهُ لَمْ يُقْطَعْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مُلَاحِظٌ، وَيَخْتَلِفُ الِاكْتِفَاءُ فِيهِ بِالْوَاحِدِ وَالْأَكْثَرِ بِالنَّظَرِ إلَى كَثْرَةِ الزَّحْمَةِ وَقِلَّتِهَا، وَمِنْهُ أَيْضًا مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ الْأَسْمِطَةِ الَّتِي تُعْمَلُ لِلْأَفْرَاحِ وَنَحْوِهَا إذَا دَخَلَهَا مَنْ أُذِنَ لَهُ، فَإِنْ كَانَ بِقَصْدِ السَّرِقَةِ قُطِعَ وَإِلَّا فَلَا، أَمَّا غَيْرُ الْمَأْذُونِ لَهُ فَيُقْطَعُ مُطْلَقًا، وَكَوْنُ الدُّخُولِ بِقَصْدِ السَّرِقَةِ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ فَلَوْ ادَّعَى دُخُولَهُ لِغَيْرِ السَّرِقَةِ لَمْ يُقْطَعْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ إلَخْ) وَلَا فَرْقَ فِي الْإِذْنِ بَيْنَ كَوْنِهِ صَرِيحًا أَوْ حُكْمًا كَمَنْ فَتَحَ دَارِهِ وَجَلَسَ لِلْبَيْعِ فِيهَا وَلَمْ يَمْنَعْ مَنْ دَخَلَ لِلشِّرَاءِ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: يَقْظَانَ) عِبَارَةُ الْقَامُوسِ رَجُلٌ يَقِظٌ كَنَدُسٍ وَكَكَتِفٍ وَسَكْرَانَ جَمْعُهُ أَيْقَاظٌ وَهِيَ يَقْظَى اهـ. فَالْقَافُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ سَاكِنَةٌ؛ لِأَنَّهَا نَظِيرُ الْكَافِ فِي سَكْرَانَ (قَوْلُهُ: وَبَعُدَتْ عَنْ الْغَوْثِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ فِي حُكْمِ الْقَوِيِّ الضَّعِيفَ الْقَرِيبَ مِنْ الْغَوْثِ، (وَقَوْلُهُ أَوْ قَوِيٌّ بَقِيَ) الْمُسَاوِي اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنَّهُ كَالْقَوْلِ (قَوْلُهُ بِصَرِيرٍ) أَيْ صَوْتِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ فِيهِ) أَيْ الْبَابِ أَيْ فَتْحِهِ (قَوْلُهُ: مَعَ وُجُودِ أَحَدِهِمَا) الْمُرَادُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ لَا يَتَأَتَّى اشْتِرَاطُهُ إلَخْ.) وَحِينَئِذٍ فَشَرْطِيَّتُهُ إنَّمَا هِيَ فِي قَوْلِهِ وَمُتَّصِلَةٌ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الرَّوْضَةِ) الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ بَعْضُ هَذَا لَا جَمِيعُهُ (قَوْلُهُ: إذْ تَقْدِيرُ كَلَامِهِ إلَخْ.) فِي هَذَا السِّيَاقِ قَلَاقَةٌ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ مَنْطُوقُ الْمِنْهَاجِ مَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ فِي بَعْضِ صُوَرِ الْمَفْهُومِ فَلَا يَضُرُّ كَوْنُهَا حِرْزًا إلَخْ. إذْ هُوَ مَسْكُوتٌ عَنْهُ فِيهِ، لَكِنَّ فِي هَذِهِ الْإِشَارَةِ وَقْفَةٌ مَعَ ذِكْرِ الْجَلَالِ الصُّوَرَ الثَّلَاثَ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ هُنَا، ثُمَّ قَوْلُهُ: عَقِبَهَا فَلَيْسَتْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَبَيَّنَ مَا يَأْتِي فِي الْمَاشِيَةِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ.

كَذَلِكَ أَبْنِيَةُ الْمَاشِيَةِ (حِرْزٌ مَعَ إغْلَاقِهِ) لَهَا (وَحَافِظٌ) بِهَا (وَلَوْ) هُوَ (نَائِمٌ) ضَعِيفٌ وَإِنْ كَانَ لَيْلًا وَزَمَنَ خَوْفٍ، فَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ إنَّ الضَّعِيفَ كَالْعَدَمِ مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَازَ الْأَعْظَمَ وُجِدَ بِإِغْلَاقِ الْبَابِ، وَاشْتِرَاطُ الْحَافِظِ إنَّمَا هُوَ لِيَسْتَغِيثَ بِالْجِيرَانِ فَيَكْفِيَ الضَّعِيفُ لِذَلِكَ، نَعَمْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْحِرْزِ بِمَا إذَا كَانَ السَّارِقُ يَنْدَفِعُ حِينَئِذٍ بِاسْتِغَاثَةِ الْجِيرَانِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ فِي شَرْطِ الْمُلَاحِظِ (وَمَعَ فَتْحِهِ) أَيْ الْبَابِ (وَنَوْمِهِ) أَيْ الْحَافِظِ (غَيْرُ حِرْزٍ لَيْلًا) بِالنِّسْبَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْأَمْتِعَةِ لِضَيَاعِهَا مَا لَمْ يَكُنْ النَّائِمُ بِالْبَابِ أَوْ بِقُرْبِهِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ آنِفًا بِالْأَوْلَى (وَكَذَا نَهَارًا فِي الْأَصَحِّ) لِذَلِكَ، وَنَظَرُ الطَّارِقِينَ وَالْجِيرَانِ غَيْرُ مُفِيدٍ بِمُفْرَدِهِ فِي هَذَا، بِخِلَافِهِ فِي أَمْتِعَةٍ بِأَطْرَافِ الْحَوَانِيتِ لِوُقُوعِ نَظَرِهِمْ عَلَيْهَا دُونَ أَمْتِعَةِ الدَّارِ، أَمَّا زَمَنُ الْخَوْفِ فَغَيْرُ حِرْزٍ قَطْعًا كَمَا لَوْ كَانَ بَابُهَا فِي مُنْعَطَفٍ لَا يَمُرُّ بِهِ الْجِيرَانُ، وَأَمَّا هِيَ فِي نَفْسِهَا وَأَبْوَابُهَا الْمُغْلَقَةُ وَحِلَقُهَا الْمُثَبَّتَةُ وَنَحْوُ رُخَامِهَا وَسَقْفِهَا فَحِرْزٌ مُطْلَقًا. وَالثَّانِي هِيَ حِرْزٌ زَمَنَ أَمْنٍ اعْتِمَادًا عَلَى مُرَاقَبَةِ الْجِيرَانِ وَنَظَرِهِمْ (وَكَذَا) تَكُونُ غَيْرَ حِرْزٍ أَيْضًا إذَا كَانَ بِهَا (يَقْظَانُ) لَكِنْ (تَغَفَّلَهُ سَارِقٌ فِي الْأَصَحِّ) كَذَلِكَ لِتَقْصِيرِهِ بِانْتِفَاءِ مُرَاقَبَتِهِ مَعَ الْفَتْحِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ بَاعَ فِي الْمُلَاحَظَةِ فَانْتَهَزَ السَّارِقُ الْفُرْصَةَ وَأَخَذَ قُطِعَ قَطْعًا، وَالثَّانِي يُنْفَى التَّقْصِيرُ عَنْهُ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ دَوَامِ الْمُرَاقَبَةِ. (فَإِنْ) (خَلَتْ) الدَّارُ الْمُتَّصِلَةُ عَنْ حَافِظٍ بِهَا (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا حِرْزٌ نَهَارًا) وَأُلْحِقَ بِهِ مَا بَعْدَ الْغُرُوبِ إلَى انْقِطَاعِ الطَّارِقِ: أَيْ كَثْرَتِهِ عَادَةً كَمَا لَا يَخْفَى (زَمَنَ أَمْنٍ وَإِغْلَاقِهِ) أَيْ مَعَهُ مَا لَمْ يُوضَعْ مِفْتَاحُهُ بِشِقٍّ قَرِيبٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مُضَيِّعٌ لَهُ حِينَئِذٍ (فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ) مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ بِأَنْ فَتَحَ زَمَنَ نَهْبٍ أَوْ لَيْلٍ، وَأُلْحِقَ بِهِ مَا بَعْدَ الْفَجْرِ إلَى الْإِسْفَارِ (فَلَا) تَكُونُ حِرْزًا، وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالْمَذْهَبِ أَيْضًا وَفِي الشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ بِالظَّاهِرِ وَلَمْ يُذْكَرْ لَهُ مُقَابِلٌ. (وَخَيْمَةٌ بِصَحْرَاءَ إنْ لَمْ تُشَدَّ أَطْنَابُهَا وَتُرْخَى) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ لِجُمْلَةٍ عَلَى جُمْلَةٍ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ، وَنَظِيرُهُ قِرَاءَةُ قُنْبُلٍ إنَّهُ مَنْ يَتَّقِي بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ، وَيَصْبِرْ بِالْجَزْمِ (أَذْيَالُهَا) بِأَنْ انْتَفَيَا مَعًا (فَهِيَ وَمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSلَيْسَتْ حِرْزًا نَفَى الْحُكْمَ عَنْ كُلٍّ أَيْ مِنْ الْأَمْرَيْنِ: فَلَيْسَتْ حِرْزًا مَعَ كُلٍّ مِنْ الْفَتْحِ وَالْإِغْلَاقِ فَلَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ حِرْزًا مَعَ أَحَدِهِمَا وَهُوَ الْإِغْلَاقُ. (قَوْلُهُ لِذَلِكَ) أَيْ لِيَسْتَغِيثَ (قَوْلُهُ: فِي الْأَصَحِّ لِذَلِكَ) أَيْ لِضَيَاعِهَا (قَوْلُهُ: وَأَبْوَابُهَا الْمُغْلَقَةُ) أَيْ وَكَالدَّارِ فِيمَا ذُكِرَ الْمَسَاجِدُ فَسُقُوفُهَا وَجُدْرَانُهَا مُحْرَزَةٌ فِي أَنْفُسِهَا فَلَا يَتَوَقَّفُ الْقَطْعُ بِسَرِقَةِ شَيْءٍ مِنْهَا عَلَى مُلَاحِظٍ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُ رُخَامِهَا) أَيْ الْمُثَبَّتِ بِهَا سَوَاءٌ كَانَ مَفْرُوشًا بِأَرْضِهَا أَوْ كَانَ مُلْصَقًا بِجُدْرَانِهَا (قَوْلُهُ: فَحِرْزٌ مُطْلَقًا) أَيْ مُتَّصِلَةً أَوْ مُنْفَصِلَةً. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُوضَعْ مِفْتَاحُهُ بِشَقٍّ قَرِيبٍ مِنْهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ بِمَحَلٍّ بَعِيدٍ وَفَتَّشَ عَلَيْهِ السَّارِقُ وَأَخَذَهُ يُقْطَعُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ حُكْمِ الْبَعِيدِ مَا لَوْ كَانَ الْمِفْتَاحُ مَعَ الْمَالِكِ مُحْرَزًا بِجَيْبِهِ مَثَلًا فَسَرَقَتْهُ زَوْجَتُهُ مَثَلًا وَتَوَصَّلَتْ بِهِ إلَى السَّرِقَةِ فَتُقْطَعُ. (قَوْلُهُ وَخَيْمَةٌ) وَمِنْ ذَلِكَ بُيُوتُ الْعَرَبِ الْمَعْرُوفَةِ بِبِلَادِنَا الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الشَّعْرِ (قَوْلُهُ: وَنَظِيرُهُ قِرَاءَةُ قُنْبُلٍ) قَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ: " يَصْبِرْ " مَجْزُومٌ فَأَثَّرَ الْعَامِلُ فِي لَفْظِهِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ يُرْخَى لَيْسَ مَجْزُومًا فَاحْتِيجَ إلَى التَّأْوِيلِ بِمَا ذَكَرَهُ، نَعَمْ فِي قِرَاءَةِ قُنْبُلٍ إشْكَالٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ إثْبَاتُ الْيَاءِ مَعَ وُجُودِ الْجَازِمِ وَمَا ذَكَرَهُ لَا يَصْلُحُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا مَرَّ آنِفًا بِالْأَوْلَى) تَبِعَ فِيهِ حَجّ، لَكِنَّ ذَاكَ إنَّمَا ذَكَرَ هَذَا لِأَنَّهُ قَدَّمَ نَظِيرَهُ فِي الدَّارِ الْمُنْفَصِلَةِ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ بِقُرْبِهِ بِخِلَافِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: أَمَّا زَمَنُ الْخَوْفِ إلَخْ.) يَنْبَغِي تَأْخِيرُ هَذَا عَنْ حِكَايَةِ الثَّانِي الْآتِي (قَوْلُهُ: فَحِرْزٌ مُطْلَقًا) أَيْ فَلِحَاظُ الْجِيرَانِ حِرْزٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا ذُكِرَ مُطْلَقًا فَحِرْزٌ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) لَعَلَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ حِرْزٌ، وَإِلَّا فَالتَّعْلِيلُ مَذْكُورٌ بَعْدَهُ وَلَمْ يَعْطِفهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَنَظِيرُهُ قِرَاءَةُ قُنْبُلٍ) غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ مِنْ عَطْفِ فِعْلٍ عَلَى فِعْلٍ لَا جُمْلَةٍ عَلَى جُمْلَةٍ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِلْجَزْمِ وَجْهٌ، وَاَلَّذِي فِي الْآيَةِ مُخَرَّجٌ عَلَى لُغَةٍ مَنْ يُثْبِتُ حَرْفَ الْعِلَّةِ مَعَ الْجَازِمِ كَمَا قَالَهُ السُّيُوطِيّ فِي دُرِّ التَّاجِ فِي إعْرَابِ الْمِنْهَاجِ وَنَقَلَهُ عَنْ ابْنِ قَاسِمٍ

فِيهَا كَمَتَاعٍ) مَوْضُوعٍ (بِصَحْرَاءَ) فَلَا بُدَّ فِي إحْرَازِهَا مِنْ دَوَامِ لِحَاظٍ مِنْ قَوِيٍّ أَوْ بَيْنَ الْعِمَارَاتِ فَهِيَ كَمَتَاعٍ بِسُوقٍ فَيَكْفِي لِحَاظٌ مُعْتَادٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ وُجِدَا مَعًا (فَحِرْزٌ) بِالنِّسْبَةِ لِمَا فِيهَا (بِشَرْطِ حَافِظٍ قَوِيٍّ فِيهَا) أَوْ بِقُرْبِهَا (وَلَوْ) هُوَ (نَائِمٌ) نَعَمْ الْيَقْظَانُ لَا يُشْتَرَطُ قُرْبُهُ وَلَا رُؤْيَةُ السَّارِقِ لَهُ كَمَا مَرَّ بَلْ مُلَاحَظَتُهُ، وَإِذَا نَامَ بِالْبَابِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ بِحَيْثُ يَنْتَبِهُ بِالدُّخُولِ مِنْهُ لَمْ يُشْتَرَطْ إسْبَالُهُ لِلْعُرْفِ فَإِنْ ضَعُفَ مَنْ فِيهَا اُعْتُبِرَ أَنْ يَلْحَقَهُ غَوْثُ مَنْ يَتَقَوَّى بِهِ، وَلَوْ نَحَّاهُ السَّارِقُ عَنْهَا كَانَ كَمَا لَوْ نَحَّاهُ عَمَّا نَامَ عَلَيْهِ وَقَدْ مَرَّ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِنَفْسِهَا فَيَكْفِي مَعَ الْحَافِظِ لِحَاظٌ مُعْتَادٌ لَا دَوَامُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ شَدُّ أَطْنَابِهَا وَإِنْ لَمْ تُرْخَ أَذْيَالُهَا، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ عِبَارَتَهُ تَقْتَضِي أَنَّ فَقْدَ هَذَيْنِ يَجْعَلُهَا كَمَتَاعٍ بِصَحْرَاءَ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ مَرْدُودٌ بِأَنَّهَا لَا تَقْتَضِي ذَلِكَ. نَعَمْ قَوْلُهُ وَإِلَّا يَشْمَلْ وُجُودَ أَحَدِهِمَا، وَلَا يُرَدُّ أَيْضًا؛ إذْ فِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْإِرْخَاءُ وَحْدَهُ لَمْ يَكْفِ مُطْلَقًا: أَيْ إلَّا مَعَ دَوَامِ لِحَاظِ الْحَارِسِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا مَرَّ أَوْ الشَّدُّ كَفَى مَعَ الْحَارِسِ وَإِنْ نَامَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا فَقَطْ كَمَا قَرَّرْنَاهُ، وَالْمَفْهُومُ إذَا كَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا يُرَدُّ. (وَمَاشِيَةٌ) نَعَمٌ أَوْ غَيْرُهَا (بِأَبْنِيَةٍ) وَلَوْ مِنْ نَحْوِ حَشِيشٍ بِحَسَبِ الْعَادَةِ (مُغْلَقَةٌ) أَبْوَابُهَا (مُتَّصِلَةٌ بِالْعِمَارَةِ مُحْرَزَةٌ بِلَا حَافِظٍ) نَهَارًا زَمَنَ أَمْنٍ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي دَارٍ مُتَّصِلَةٍ بِالْعِمَارَةِ، وَإِنْ فُرِّقَ بِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ فِي الْمَاشِيَةِ أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِهَا وَذَلِكَ لِلْعُرْفِ، وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ إذَا أَحَاطَتْ بِهِ الْمَنَازِلُ الْأَهْلِيَّةُ، فَلَوْ اتَّصَلَ بِهَا، وَأَحَدُ جَوَانِبِهِ عَلَى الْبَرِّيَّةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَلْتَحِقَ بِهَا (وَ) بِأَبْنِيَةٍ مُغْلَقَةٍ (بِبَرِّيَّةٍ يُشْتَرَطُ) فِي إحْرَازِهَا (حَافِظٌ وَلَوْ) هُوَ (نَائِمٌ) وَخَرَجَ بِالْمُغْلَقَةِ فِيهِمَا الْمَفْتُوحَةُ فَيُشْتَرَطُ حَافِظٌ يَقِظٌ قَوِيٌّ أَوْ لُحُوقُ غَوْثٍ لَهُ، نَعَمْ يَكْفِي نَوْمُهُ بِالْبَابِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَنَحْوُ الْإِبِلِ بِالْمَرَاحِ مُحْرَزَةٌ حَيْثُ كَانَتْ مَعْقُولَةً، وَثَمَّ نَائِمٌ عِنْدَهَا إذَا حَلَّ عَقْلَهَا يُوقِظُهُ. فَإِنْ لَمْ تُعْقَلْ اُشْتُرِطَ فِيهِ كَوْنُهُ مُتَيَقِّظًا أَوْ وُجُودُ مَا يُوقِظُهُ عِنْدَ أَخْذِهَا مِنْ جَرَسٍ أَوْ كَلْبٍ أَوْ نَحْوِهِمَا. (وَإِبِلٌ) وَغَيْرُهَا مِنْ الْمَاشِيَةِ (بِصَحْرَاءَ) تَرْعَى فِيهَا مَثَلًا وَأُلْحِقَ بِهَا الْمَحَالُّ الْمُتَّسِعَةُ بَيْنَ الْعُمْرَانِ (مُحْرَزَةٌ بِحَافِظٍ يَرَاهَا) جَمِيعَهَا وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهَا صَوْتُهُ كَمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ اكْتِفَاءً بِالنَّظَرِ لِإِمْكَانِ الْعَدْوِ إلَيْهَا، أَمَّا مَا لَمْ يَرَهُ مِنْهَا فَلَيْسَ بِمُحْرَزٍ كَمَا لَوْ تَشَاغَلَ عَنْهَا بِنَوْمٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَمْ تَكُنْ مَعْقُولَةً ـــــــــــــــــــــــــــــSجَوَابًا عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ بَيْنَ الْعِمَارَاتِ) لَعَلَّهُ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ بِصَحْرَاءَ فِي قَوْلِهِ: وَخَيْمَةٍ بِصَحْرَاءَ إلَخْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ مَرَّ) أَيْ أَنَّهُ لَا قَطْعَ (قَوْلُهُ: أَمَّا بِالنِّسْبَةِ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ لِمَا فِيهَا (قَوْلُهُ: شَدُّ أَطْنَابِهَا) فَاعِلُ يَكْفِي (قَوْلُهُ: وَالْمَفْهُومُ إذَا كَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا يَرِدُ) فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ وُجُودَ أَحَدِهِمَا وَكَوْنَهُ حِرْزًا حِينَئِذٍ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ مَنْطُوقٌ لِدُخُولِ ذَلِكَ تَحْتَ وَإِلَّا، وَقَدْ اعْتَرَفَ بِذَلِكَ بِقَوْلِهِ يَشْمَلُ وُجُودَ أَحَدِهِمَا لَا مَفْهُومٌ حَتَّى يَعْتَذِرَ بِمَا ذَكَرَهُ فَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: بِلَا حَافِظٍ) لَمْ يَذْكُرْ مُحْتَرَزَ ذَلِكَ وَيُؤْخَذُ مِنْ إلْحَاقِهَا بِالدَّارِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْعِمَارَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي دَارٍ مُتَّصِلَةٍ بِالْعِمَارَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَافِظٍ، وَلَوْ نَائِمًا فِي اللَّيْلِ، وَالْخَوْفُ كَمَا ذَكَرَهُ هُنَاكَ بِقَوْلِهِ حِرْزٌ مَعَ إغْلَاقِهِ وَحَافِظٍ وَلَوْ هُوَ نَائِمٌ ضَعِيفٌ وَإِنْ كَانَ لَيْلًا وَزَمَنَ خَوْفٍ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَلْتَحِقَ بِهَا) أَيْ هَذَا الْأَحَدُ بِهَا: أَيْ الْبَرِيَّةِ فَيُشْتَرَطُ لِكَوْنِهَا حِرْزًا لِحَاظٌ مُعْتَادٌ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْمُغْلَقَةِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ خَلَتْ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا حِرْزٌ نَهَارًا زَمَنَ أَمْنٍ وَإِغْلَاقِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَيُشْتَرَطُ حَافِظٌ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ نَهَارًا زَمَنَ الْأَمْنِ مَعَ الْإِغْلَاقِ اهـ سم حَجّ (قَوْلُهُ يَقِظٌ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْمَفْهُومُ إذَا كَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا يَرِدُ) اعْتَرَضَهُ ابْنُ قَاسِمٍ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ بَعْدَ نَصِّ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ لَا يُقَالُ إنَّهُ مَفْهُومٌ بَلْ هُوَ مَنْطُوقٌ: أَيْ، وَإِنْ كَانَ حُكْمُهُ مَفْهُومَ حُكْمِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: يَقِظٌ) بِمَعْنَى مُسْتَيْقِظٌ لَا نَائِمٌ

وَلَا مُقَيَّدَةً، نَعَمْ طُرُوقُ الْمَارَّةِ لِلْمَرْعَى كَافٍ. (وَمَقْطُورَةٌ) وَغَيْرُ مَقْطُورَةٍ تُسَاقُ فِي الْعُمْرَانِ لَا بُدَّ فِي إحْرَازِهَا مِنْ رُؤْيَةِ سَائِقِهَا أَوْ رَاكِبِ آخِرِهَا لِجَمِيعِهَا وَتُقَادُ (يُشْتَرَطُ الْتِفَاتُ قَائِدِهَا) أَوْ رَاكِبِ أَوَّلِهَا (إلَيْهَا كُلَّ سَاعَةٍ) بِأَنْ لَا يَطُولَ زَمَنٌ عُرْفًا (بِحَيْثُ يَرَاهَا) جَمِيعَهَا، وَإِلَّا فَمَا يَرَاهُ خَاصَّةً، وَيُغْنِي عَنْ الْتِفَاتِهِ مُرُورُهُ بَيْنَ النَّاسِ فِي نَحْوِ سُوقٍ، وَلَوْ رَكِبَ غَيْرُ الْأَوَّلِ وَالْآخَرُ كَانَ سَائِقًا لِمَا أَمَامَهُ قَائِدًا لِمَا خَلْفَهُ (وَ) يُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ فِي إبِلٍ وَبِغَالٍ أَنْ تَكُونَ مَقْطُورَةً؛ إذْ لَا تَسِيرُ غَالِبًا إلَّا كَذَلِكَ وَ (أَنْ لَا يَزِيدَ قِطَارٌ) مِنْهَا (عَلَى تِسْعَةٍ) لِلْعُرْفِ فَمَا زَادَ فَهُوَ كَغَيْرِ الْمَقْطُورِ فَيُشْتَرَطُ فِي إحْرَازِهَا مَا مَرَّ، وَمَا زَعَمَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ مِنْ أَنَّ الصَّوَابَ سَبْعَةٌ بِتَقْدِيمِ السِّينِ وَأَنَّ الْأَوَّلَ تَحْرِيفٌ مَرْدُودٌ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ ذَاكَ هُوَ الْمَنْقُولُ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا اسْتَحْسَنَهُ الرَّافِعِيُّ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الرَّوْضَةِ مِنْ قَوْلِ السَّرَخْسِيِّ: إنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ فِي الصَّحْرَاءِ بِعَدَدٍ وَفِي الْعُمْرَانِ يَتَقَيَّدُ بِالْعُرْفِ وَهُوَ مِنْ سَبْعَةٍ إلَى عَشَرَةٍ، وَذَهَبَ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ إلَى الرُّجُوعِ فِي كُلِّ مَكَان إلَى عُرْفِهِ. (وَغَيْرُ مَقْطُورَةٍ) مِنْهَا تُسَاقُ أَوْ تُقَادُ (لَيْسَتْ مُحْرَزَةً) بِغَيْرِ مُلَاحِظٍ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ إذْ لَا تَسِيرُ إلَّا كَذَلِكَ غَالِبًا، وَمِنْ ثَمَّ اُشْتُرِطَ فِي إحْرَازِ غَيْرِ الْإِبِلِ وَالْبِغَالِ نَظَرُهَا، وَلِلَبَنِهَا وَصُوفِهَا وَوَبَرِهَا وَمَتَاعٍ عَلَيْهَا وَغَيْرِهَا حُكْمُهَا فِي الْإِحْرَازِ وَعَدَمِهِ، نَعَمْ لَوْ حَلَبَ مِنْ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ حَتَّى بَلَغَ نِصَابًا فَفِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا قَطْعُهُ؛ لِأَنَّ الْمَرَاحَ حِرْزٌ وَاحِدٌ لِجَمِيعِهَا، وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي جَزِّ الصُّوفِ وَنَحْوِهِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَبَحَثَ أَيْضًا أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِهَا اهـ مُخْتَارٌ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ طُرُوقُ الْمَارَّةِ) أَيْ الْمُعْتَادُ. (قَوْلُهُ: وَغَيْرُ مَقْطُورَةٍ) يُفَارِقُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الْآتِي: وَغَيْرِ مَقْطُورَةٍ إلَخْ بِتَصْوِيرِ هَذَا بِالْمُلَاحَظَةِ، وَذَاكَ بِغَيْرِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَتُقَادُ) هَذَا مَعَ عَطْفِهِ عَلَى تُسَاقُ الْمَوْصُوفُ غَيْرُ مَقْطُورَةٍ أَيْضًا، وَمَعَ قَوْلِهِ الْآتِي وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ فِي إبِلٍ وَبِغَالٍ أَنْ تَكُونَ مَقْطُورَةً صَرِيحٌ فِي شُمُولِ الْقَوْدِ لِغَيْرِ الْمَقْطُورَةِ مِنْ غَيْرِ الْإِبِلِ وَالْبِغَالِ، فَلْيُنْظَرْ مَا مَعْنَى تُقَادُ غَيْرُ الْمَقْطُورَةِ مَعَ تَعَدُّدِهِ حَتَّى تَأْتِيَ التَّفَاصِيلُ بَيْنَ رُؤْيَةِ جَمِيعِهَا أَوْ بَعْضِهَا، إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ بِأَنْ يَمْشِيَ أَمَامَهَا فَتَتْبَعَهُ أَوْ يَقُودَ وَاحِدًا مِنْهَا فَيَتْبَعَهُ الْبَاقِي أَوْ يَأْخُذَ زِمَامَ كُلِّ وَاحِدٍ، لَكِنْ تَفَاوَتَ الْأَزِمَّةِ طُولًا وَقِصَرًا فَحَصَلَ فِيهَا امْتِدَادٌ خَلَفَهُ لِتَأَخُّرِ بَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْأَزِمَّةِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَيُغْنِي عَنْ الْتِفَاتِهِ مُرُورُهُ بَيْنَ النَّاسِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّ النَّاسَ لَا يُنَبِّهُونَ لِنَحْوِ خَوْفٍ مِنْ السَّارِقِ، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ وُجُودَ النَّاسِ مَعَ كَثْرَتِهِمْ يُوجِبُ عَادَةً هَيْبَتَهُمْ وَالْخَوْفَ مِنْهُمْ فَاكْتُفِيَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ) أَيْ الشَّرْطِ، (وَقَوْلُهُ فِي إبِلٍ وَبِغَالٍ) أَخْرَجَ الْخَيْلَ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَمَا زَادَ فَهُوَ كَغَيْرِ الْمَقْطُورِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ: فَلَوْ زَادَ عَلَى تِسْعَةٍ جَازَ: أَيْ وَكَانَ الزَّائِدُ مُحْرَزًا فِي الصَّحْرَاءِ لَا فِي الْعُمْرَانِ، وَقِيلَ غَيْرُ مُحْرَزٍ مُطْلَقًا وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الشَّرْحُ الصَّغِيرُ اهـ. (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِهِ فَإِنَّهُ إنْ أَرَادَ بِهِ الْحَافِظَ فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ بِحَافِظٍ يَرَاهَا فَالسَّائِقُ وَالْقَائِدُ كُلٌّ مِنْهُمَا حَافِظٌ يَرَاهَا، أَوْ شَيْئًا آخَرَ فَلَمْ يَظْهَرْ مُرُورُهُ، فَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْتِفَاتَ الْقَائِدِ أَوْ الرَّاكِبِ فَقَدْ اسْتَوَى التِّسْعَةُ مِنْ الْقِطَارِ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا مِنْهُ فِي الشَّرْطِ فَلَا مَعْنَى حِينَئِذٍ لِاشْتِرَاطِ عَدَمِ زِيَادَةِ الْقِطَارِ عَلَى تِسْعَةٍ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مِنْ سَبْعَةٍ إلَى عَشَرَةٍ) هَلْ الْغَايَةُ دَاخِلَةٌ أَوْ خَارِجَةٌ؟ لَا يَبْعُدُ الدُّخُولُ اهـ سم عَلَى حَجّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَغَيْرُ مَقْطُورَةٍ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْإِبِلِ وَالْبِغَالِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي، ثُمَّ هُوَ فِيمَا إذَا كَانَ هُنَاكَ مُلَاحِظٌ لِيُفَارِقَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَغَيْرُ مَقْطُورَةٍ لَيْسَتْ مُحَرَّزَةً كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ قَاسِمٍ فِي الْآتِي (قَوْلُهُ: فَيُشْتَرَطُ فِي إحْرَازِهَا) الْمُنَاسِبُ تَذْكِيرُ الضَّمِيرِ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ مُلَاحِظٍ) هَذَا إنَّمَا يَأْتِي إنْ جَعَلَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرُ مَقْطُورَةٍ فِي مُطْلَقِ الْمَاشِيَةِ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ فَرْضِ كَلَامِهِ إذْ هُوَ فِي خُصُوصِ الْإِبِلِ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ مَحَلُّ الْخِلَافِ، وَحِينَئِذٍ فَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الْإِبِلُ وَالْبِغَالُ لِمَا مَرَّ، أَمَّا بِالنَّظَرِ لِمَوْضُوعِ الْمَتْنِ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ: بِغَيْرِ مُلَاحِظٍ

إذَا كَانَتْ الدَّوَابُّ لِوَاحِدٍ أَوْ مُشْتَرَكَةً: أَيْ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ قُطِعَ بِالْأَوَّلِ. وَالثَّانِي مُحْرَزَةٌ بِسَائِقِهَا الْمُنْتَهِي نَظَرُهُ إلَيْهَا كَالْمَقْطُورَةِ الْمَسُوقَةِ وَهُوَ أَوْلَى الْوَجْهَيْنِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَعَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ عَنْ الْأَوَّلِ كَالْأَشْبَهِ. (وَكَفَنٌ) مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَوْ غَيْرِ مَشْرُوعٍ (فِي قَبْرٍ بِبَيْتٍ) مُحْرَزٌ ذَلِكَ الْبَيْتُ بِمَا مَرَّ فِيهِ وَلَا يَتَعَيَّنُ كَسْرُ الرَّاءِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ (مُحْرَزٌ) ذَلِكَ الْكَفَنُ فَيُقْطَعُ سَارِقُهُ سَوَاءٌ أَجَرَّدَ الْمَيِّتَ فِي قَبْرِهِ أَوْ خَارِجَهُ لِخَبَرِ «مَنْ نَبَشَ قَطَعْنَاهُ» (وَكَذَا) إنْ كَانَ وَهُوَ مَشْرُوعٌ فِي قَبْرٍ أَوْ بِوَجْهِ الْأَرْضِ، وَجُعِلَ عَلَيْهِ أَحْجَارٌ لِتَعَذُّرِ الْحَفْرِ لَا مُطْلَقًا (بِمَقْبَرَةٍ بِطَرَفِ الْعِمَارَةِ) أَيْ مُحْرَزٌ (فِي الْأَصَحِّ) لِلْعَادَةِ، وَالثَّانِي إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ حَارِسٌ فَهُوَ غَيْرُ مُحْرَزٍ كَمَتَاعٍ وُضِعَ فِيهِ (لَا) إنْ كَانَ (بِمُضِيعَةٍ) بِكَسْرِ الضَّادِ وَسُكُونِهَا وَبِفَتْحِ الْيَاءِ: أَيْ بُقْعَةٍ ضَائِعَةٍ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَلَا مُلَاحِظَ فَلَا يَكُونُ مُحْرَزًا (فِي الْأَصَحِّ) لِلْعُرْفِ مَعَ انْقِطَاعِ الشَّرِكَةِ فِيهِ إذَا كَانَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ يَصْرِفُهُ لِلْمَيِّتِ وَالثَّانِي قَالَ: الْقَبْرُ حِرْزٌ لِلْكَفَنِ حَيْثُ كَانَ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ تَهَابُ الْمَوْتَى، فَإِنْ كَانَتْ مَحْفُوفَةً بِالْعِمَارَةِ وَنَدَرَ تَخَلُّفُ الطَّارِقِينَ مِنْهَا فِي زَمَنٍ يَتَأَتَّى فِيهِ النَّبْشُ أَوْ كَانَ بِهِ حَرَسٌ فَحِرْزٌ جَزْمًا وَلَوْ لِغَيْرِ مَشْرُوعٍ، وَلَوْ كَانَ السَّارِقُ لَهُ حَافِظَ الْمَقْبَرَةِ أَوْ الْبَيْتِ أَوْ بَعْضَ الْوَرَثَةِ أَوْ نَحْوَ فَرْعِ أَحَدِهِمْ فَلَا قَطْعَ، وَلَوْ غَالَى فِي الْكَفَنِ بِحَيْثُ جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ لَا يُخَلَّى مِثْلُهُ بِلَا حَارِسٍ لَمْ يُقْطَعْ سَارِقُهُ كَمَا قَالَهُ أَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ وَالطِّيبُ الْمَسْنُونُ كَالْكَفَنِ وَالْمِضْرَبَةِ وَالْوِسَادَةِ وَغَيْرِهِمَا وَالطِّيبُ الزَّائِدُ عَلَى الْمُسْتَحَبِّ كَالْكَفَنِ الزَّائِدِ، وَالتَّابُوتُ الَّذِي يُدْفَنُ فِيهِ كَالزَّائِدِ حَيْثُ كُرِهَ وَإِلَّا قُطِعَ بِهِ، وَيُقْطَعُ بِإِخْرَاجِ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ الْقَبْرِ إلَى خَارِجِهِ لَا مِنْ اللَّحْدِ إلَى فَضَاءِ الْقَبْرِ وَتَرَكَهُ لِخَوْفٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَوْ كُفِّنَ مِنْ التَّرِكَةِ فَنَبَشَ الْقَبْرَ وَأَخَذَ مِنْهُ طَالَبَ بِهِ الْوَرَثَةُ فَإِنْ أَكَلَهُ سَبُعٌ أَوْ ذَهَبَ بِهِ سَيْلٌ وَبَقِيَ الْكَفَنُ اقْتَسَمُوهُ، وَلَوْ كَفَّنَهُ أَجْنَبِيٌّ أَوْ سَيِّدٌ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ قُطِعَ) أَيْ قُطِعَ بِالْوَجْهِ الْأَوَّلِ مِنْ الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ وَجْهَانِ إلَخْ، وَهُوَ عَدَمُ الْقَطْعِ مَا لَمْ يَخُصَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَالِكَيْنِ نِصَابٌ. (قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ الْحَفْرِ) الظَّاهِرُ مِنْ تَعَذُّرِ الْحَفْرِ صَلَابَةُ الْأَرْضِ كَكَوْنِ الْبِنَاءِ عَلَى جَبَلٍ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِذَلِكَ مَا لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ خَوَّارَةً سَرِيعَةَ الِانْهِيَارِ أَوْ يَحْصُلَ بِهَا مَاءٌ لِقُرْبِهَا مِنْ الْبَحْرِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْمَاءُ مَوْجُودًا حَالَ الدَّفْنِ لَكِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِوُجُودِهِ بَعْدُ؛ لِأَنَّ فِي وُصُولِ الْمَاءِ إلَيْهِ هَتْكًا لِحُرْمَةِ الْمَيِّتِ، وَقَدْ يَكُونُ الْمَاءُ سَبَبًا لِهَدْمِ الْقَبْرِ (قَوْلُهُ: مَعَ انْقِطَاعِ الشَّرِكَةِ فِيهِ) أَيْ بَيْنَ صَاحِبِ الْكَفَنِ وَالسَّارِقِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ مَحْفُوفَةً بِالْعِمَارَةِ) وَمِنْهُ تُرْبَةُ الْأَزْبَكِيَّةِ وَتُرْبَةُ الرُّمَيْلَةِ فَيُقْطَعُ السَّارِقُ مِنْهَا وَإِنْ اتَّسَعَتْ أَطْرَافُهَا وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ تَقَعْ السَّرِقَةُ فِي وَقْتٍ يَبْعُدُ شُعُورُ النَّاسِ فِيهِ بِالسَّارِقِ وَإِلَّا فَلَا قَطْعَ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ السَّارِقُ لَهُ حَافِظَ) وَمِثْلُهُ حَافِظُ الْحَمَّامِ إذَا كَانَ هُوَ السَّارِقَ لِعَدَمِ حِفْظِهِ الْأَمْتِعَةَ عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَحَدِهِمْ) أَيْ أَحَدِ الْوَرَثَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا قُطِعَ) أَيْ بِأَنْ كَانَ بِأَرْضٍ غَيْرِ نَدِيَّةٍ وَغَيْرِ خَوَّارَةٍ (قَوْلُهُ: طَالَبَ بِهِ الْوَرَثَةُ) أَيْ اسْتَحَقُّوا الطَّلَبَ ـــــــــــــــــــــــــــــQإذْ قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا مَعَ الْمُلَاحِظِ مُحَرَّزَةٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، ثُمَّ اُنْظُرْ مَا مَعْنَى قَوْلِهِ بَعْدَ وَمِنْ ثَمَّ اُشْتُرِطَ إلَخْ. هَذَا كُلُّهُ إنْ كَانَ الضَّمِيرُ فِي مِنْهَا بِغَيْرِ تَثْنِيَةٍ كَمَا فِي نُسَخٍ، فَإِنْ كَانَ مُثَنًّى كَمَا فِي نُسَخٍ أُخْرَى وَمَرْجِعُهُ الْإِبِلُ وَالْبِغَالُ، فَيَجِبُ حَذْفُ هَذَا الْقَيْدِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: قَطَعَ بِالْأَوَّلِ) يَعْنِي: جَزَمَ بِالْوَجْهِ الْأَوَّلِ مُقَابِلُ الْوَجْهِ الْمَارِّ وَهُوَ عَدَمُ الْقَطْعِ (قَوْلُهُ: مَعَ انْقِطَاعِ الشَّرِكَةِ فِيهِ إلَخْ.) لَا مَحَلَّ لَهُ هُنَا، وَإِنَّمَا مَحَلُّهُ عَقِبَ الْأَصَحِّ الْمَارِّ قَبْلَ هَذَا كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: مِنْهَا) لَعَلَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالطَّارِقِينَ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: عَنْهَا، فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِتَحَلُّقِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضُ الْوَرَثَةِ) هُوَ إنَّمَا يَظْهَرُ فِيمَا إذَا كَانَ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ فَقَطْ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوُ فَرْعِ أَحَدِهِمْ) لَعَلَّ الضَّمِيرَ لِلْوَرَثَةِ خَاصَّةً (قَوْلُهُ: لَمْ يُقْطَعْ سَارِقُهُ) أَيْ فِي غَيْرِ الْبَيْتِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

[فصل في فروع متعلقة بالسرقة]

مَالِهِ أَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَهُوَ كَالْعَارِيَّةِ لِلْمَيِّتِ فَيُقْطَعُ بِهِ غَيْرُ الْمُعِيرِ وَالْخَصْمُ فِيهِ الْمَالِكُ، وَإِنْ سَرَقَ أَوْ ضَاعَ وَلَمْ تُقْسَمْ التَّرِكَةُ لَزِمَ إبْدَالُهُ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ مَالِهِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ فَكَمَنْ مَاتَ وَلَا تَرِكَةَ لَهُ. أَمَّا إذَا اُقْتُسِمَتْ ثُمَّ سَرَقَ فَلَا يَلْزَمُهُمْ إبْدَالُهُ بَلْ يُنْدَبُ، وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إذَا كَانَ قَدْ كُفِّنَ أَوَّلًا فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ وَإِلَّا لَزِمَهُمْ تَكْفِينُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ بِمَا بَقِيَ مِنْهَا، وَلَوْ سُرِقَ الْكَفَنُ مِنْ مَدْفُونٍ بِفَسْقِيَّةٍ وَجَوَّزْنَا الدَّفْنَ بِهَا وَكَانَ يَلْحَقُ السَّارِقَ بِنَبْشِهَا عَنَاءٌ كَالْقَبْرِ قُطِعَ وَإِلَّا فَلَا حَيْثُ لَا حَارِسَ. (فَصْلٌ) فِي فُرُوعٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِالسَّرِقَةِ مِنْ حَيْثُ بَيَانُ حَقِيقَتِهَا بِذِكْرِ ضِدِّهَا وَبِالسَّارِقِ مِنْ جِهَةِ مَا يَمْنَعُ قَطْعَهُ وَمَا لَا يَمْنَعُهُ، وَالْحِرْزُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَالْأَشْخَاصِ (يُقْطَعُ مُؤَجِّرُ الْحِرْزِ) بِسَرِقَتِهِ مِنْهُ مَالُ الْمُسْتَأْجِرِ لِانْتِفَاءِ شُبْهَتِهِ بِانْتِقَالِ الْمَنَافِعِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا الْإِحْرَازُ لِلْمُكْتَرِي؛ إذْ الْفَرْضُ صِحَّةُ الْإِجَارَةِ، وَبِهِ فَارَقَ عَدَمَ حَدِّهِ بِوَطْءِ أَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ لِدَوَامِ قِيَامِ الشُّبْهَةِ فِي الْمَحَلِّ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ بِإِفْلَاسِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَفُهِمَ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِيمَا يُسْتَحَقُّ إحْرَازُهُ بِهِ وَإِلَّا كَأَنْ اسْتَعْمَلَهُ فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ أَوْ فِي أَضَرَّ مِمَّا اسْتَأْجَرَ لَهُ لَمْ يُقْطَعْ، وَيُقْطَعُ بِسَرِقَتِهِ مِنْهُ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَبَعْدَ انْقِضَاءِ أَمَدِهَا كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ تَشْبِيهُ ابْنِ الرِّفْعَةِ لَهُ بِقَطْعِ الْمُعِيرِ، وَتَنْظِيرُ الْأَذْرَعِيِّ فِيهِ يُحْمَلُ عَلَى مَا لَوْ عَلِمَ الْمُسْتَأْجِرُ بِانْقِضَائِهَا وَاسْتَعْمَلَهُ تَعَدِّيًا (وَكَذَا) (مُعِيرُهُ) يُقْطَعُ بِسَرِقَتِهِ مِنْ حِرْزِهِ الْمُعَار لِغَيْرِهِ مَا لِلْمُسْتَعِيرِ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: وَلَا تَرِكَةَ لَهُ) أَيْ فَيُؤْخَذُ لَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَمِنْ مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: وَجَوَّزْنَا الدَّفْنَ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ حَيْثُ مَنَعَتْ الرَّائِحَةُ وَالسَّبُعُ وَدُفِنَ بِهَا عَلَى انْفِرَادِهِ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ عِنْدَ ضِيقِ الْأَرْضِ عَنْ الْحَفْرِ لِكُلٍّ عَلَى حِدَتِهِ. (فَصْلٌ) فِي فُرُوعٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِالسَّرِقَةِ (قَوْلُهُ: يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ) كَمَا لَوْ أَخْرَجَ مِنْ بَيْتِ دَارٍ إلَى صَحْنِهَا حَيْثُ يُفَرَّقَ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِ الْبَابَيْنِ مَفْتُوحَيْنِ أَوْ مُغْلَقَيْنِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: يُقْطَعُ مُؤَجِّرُ الْحِرْزِ) أَيْ إجَارَةً صَحِيحَةً كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: إذْ الْفَرْضُ صِحَّةُ إلَخْ، وَبِهِ شَرَحَ ع وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْإِجَارَةَ الْفَاسِدَةَ لَا يُقْطَعُ فِيهَا الْمُؤَجِّرُ. لَا يُقَالُ: الْإِجَارَةُ الْفَاسِدَةُ تَتَضَمَّنُ الْإِذْنَ فِي الِانْتِفَاعِ، فَالْقِيَاسُ أَنَّ الْمُؤَجِّرَ حِينَئِذٍ كَالْمُعِيرِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَمَّا فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ فَسَدَ الْإِذْنُ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ، وَمِنْ ثَمَّ يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إجَارَةً فَاسِدَةً اسْتِعْمَالُ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ حَيْثُ عَلِمَ بِالْفَسَادِ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ شُبْهَتِهِ بِانْتِقَالِ الْمَنَافِعِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ فَسَخَ ثُمَّ سَرَقَ لَمْ يُقْطَعْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْفَسْخِ، وَسَنَذْكُرُ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ (قَوْلُهُ: وَاسْتَعْمَلَهُ تَعَدِّيًا) أَيْ بِأَنْ وَضَعَ فِيهِ مَتَاعًا بَعْدَ الْعِلْمِ بِانْقِضَاءِ الْإِجَارَةِ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ التَّخْلِيَةِ بَعْدَ طَلَبِهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) أَيْ أَوْ كُفِّنَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. [فَصْلٌ فِي فُرُوعٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِالسَّرِقَةِ] (فَصْلٌ) فِي فُرُوعٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِالسَّرِقَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا كَأَنْ اسْتَعْمَلَهُ فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ أَوْ فِي أَضَرَّ مِمَّا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ لَمْ يُقْطَعْ) الظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهُ فِي عَدَمِ الْقَطْعِ الْأَجْنَبِيِّ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَاسْتَعْمَلَهُ تَعَدِّيًا) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: كَأَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى مَا لَوْ أَحْدَثَ سُفْلًا جَدِيدًا بِأَنْ أَحْدَثَ

وَضْعُهُ فِيهِ لِمَا مَرَّ وَإِنْ دَخَلَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ وَإِنَّمَا يَجُوزُ لَهُ الدُّخُولُ إذَا رَجَعَ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَعَارَ عَبْدًا لِحِفْظِ مَالٍ أَوْ رَعْيِ غَنَمٍ ثُمَّ سَرَقَ مِمَّا يَحْفَظُهُ عِنْدَهُ، فَلَوْ أَعَارَ قَمِيصًا فَلَبِسَهُ فَطَرَّ الْمُعِيرُ الْجَيْبَ وَأَخَذَ الْمَالَ قُطِعَ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَنَقْبُ الْجِدَارِ كَطَرِّ الْجَيْبِ فِيمَا يَظْهَرُ (فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ، وَأَيْضًا لِاسْتِحْقَاقِهِ مَنْفَعَتَهُ وَإِنْ جَازَ لِلْمُعِيرِ الرُّجُوعُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ رَجَعَ وَعَلِمَ الْمُسْتَعِيرُ بِرُجُوعِهِ فَاسْتَعْمَلَهُ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الرَّدِّ تَعَدِّيًا لَمْ يُقْطَعْ نَظِيرُ مَا مَرَّ بَعْدَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا. وَالثَّانِي لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَنْ الْعَارِيَّةِ مَتَى شَاءَ. وَالثَّالِثُ إنْ دَخَلَ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ عَنْ الْعَارِيَّةِ لَمْ يُقْطَعْ أَوْ بِقَصْدِ السَّرِقَةِ قُطِعَ. (وَلَوْ غَصَبَ حِرْزًا لَمْ يُقْطَعْ مَالِكُهُ) بِسَرِقَةِ مَا أَحْرَزَهُ الْغَاصِبُ فِيهِ لِخَبَرِ «لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» وَكَالْغَاصِبِ هُنَا مَنْ وَضَعَ مَالِهِ بِحِرْزِ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ وَرِضَاهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِلْحَنَّاطِيِّ (وَكَذَا) لَا يُقْطَعُ (أَجْنَبِيٌّ) بِسَرِقَةِ مَالِ الْغَاصِبِ مِنْهُ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَازَ مِنْ الْمَنَافِعِ وَالْغَاصِبُ ـــــــــــــــــــــــــــــSاسْتَدَامَ وَضْعَ الْأَمْتِعَةِ، وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمَالِكِ طَلَبُ التَّخْلِيَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقِيَاسُ الْقَطْعِ بِالْأَخْذِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَنَّهُ لَوْ فَسَخَ الْمُؤَجِّرُ لِإِفْلَاسِ الْمُسْتَأْجِرِ ثُمَّ سَرَقَ قَبْلَ عِلْمِ الْمُسْتَأْجِرِ بِالْفَسْخِ الْقَطْعُ، وَكَذَا بَعْدَ عِلْمِهِ وَقَبْلَ طَلَبِ التَّخْلِيَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ دَخَلَ) غَايَةٌ لِقَوْلِهِ يُقْطَعُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَجُوزُ لَهُ الدُّخُولُ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ قَبْلَ الرُّجُوعِ لَا يَجُوزُ لَهُ الدُّخُولُ، وَسَبَقَهُ إلَى هَذَا التَّعْبِيرِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَقَالَ فِيهِ سم عَلَى حَجّ: وَقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَجُوزُ إلَخْ صَرِيحٌ فِي حُرْمَةِ الدُّخُولِ قَبْلَ الرُّجُوعِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ لِبَقَاءِ الْعَيْنِ وَمَنْفَعَتِهَا عَلَى مِلْكِهِ وَعَدَمِ مِلْكِ الْمُسْتَعِيرِ الْمَنْفَعَةَ، وَإِنَّمَا يَمْلِكُ أَنْ يَنْتَفِعَ، نَعَمْ إنْ كَانَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ ضَرَرٌ بِدُخُولِهِ اتَّجَهَ تَوَقُّفُ جَوَازِ الدُّخُولِ عَلَى الرُّجُوعِ، ثُمَّ بَحَثْتُ مَعَ م ر فِي ذَلِكَ فَأَخَذَ بِإِطْلَاقِ شَرْحِ الرَّوْضِ مَا لَمْ يُعْلَمْ رِضَا الْمُسْتَعِيرِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. [فَرْعٌ] قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَلَوْ اشْتَرَى حِرْزًا وَسُرِقَ مِنْهُ قَبْلَ قَبْضِهِ مَالَ الْبَائِعِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَدَّى ثَمَنَهُ قُطِعَ؛ لِأَنَّ لِلْبَائِعِ حَقَّ الْحَبْسِ حِينَئِذٍ وَإِلَّا فَلَا، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا لَمْ يُقْطَعْ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: إذَا رَجَعَ) أَيْ وَعَلِمَ الْمُسْتَعِيرُ بِرُجُوعِهِ كَمَا يَأْتِي وَإِلَّا فَلَا قَطْعَ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ فِي الْقَطْعِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَعَارَ) كَانَ الْأَوْلَى وَلَوْ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَطَرُّ الْمُعِيرِ) أَيْ قَطْعُهُ (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ الْمَالَ قُطِعَ) قَالَ ع: بِلَا خِلَافٍ اهـ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ فِي طَرِّ الْجَيْبِ هَتْكًا لِلْحِرْزِ فَلَمْ يُنْظَرْ مَعَ ذَلِكَ إلَى تَمَكُّنِهِ مِنْ الرُّجُوعِ (قَوْلُهُ: وَأَيْضًا لِاسْتِحْقَاقِهِ) اقْتَصَرَ حَجّ عَلَى هَذِهِ الْعِلَّةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ مَا مَرَّ فِي الْمُؤَجِّرِ هُوَ انْتِفَاءُ شُبْهَتِهِ بِانْتِقَالِ الْمَنَافِعِ إلَخْ، وَالْمَنَافِعُ هُنَا بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ الْمُعِيرِ (قَوْلُهُ: لِاسْتِحْقَاقِهِ مَنْفَعَتَهُ) فِيهِ شَيْءٌ اهـ سم عَلَى حَجّ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الِانْتِفَاعَ بِهِ دُونَ الْمَنْفَعَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الرَّدِّ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْعَارِيَّةِ الصَّحِيحَةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُقْطَعْ) أَيْ الْمُعِيرُ. (قَوْلُهُ: «لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» ) يُرْوَى بِالْإِضَافَةِ وَغَيْرِهَا، وَفَسَّرَ الْعِرْقَ بِأَنْ يَجِيءَ الرَّجُلُ إلَى أَرْضٍ قَدْ أَحْيَاهَا غَيْرُهُ فَيَغْرِسَ فِيهَا أَوْ يُحْدِثَ فِيهَا شَيْئًا لِيَسْتَوْجِبَ الْأَرْضَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ فَوَجْهُ الْإِضَافَةِ ظَاهِرٌ. وَلَعَلَّ وَجْهَهُ عَلَى التَّنْوِينِ وَعَدَمِ الْإِضَافَةِ أَنَّهُ مِنْ الْمَجَازِ الْعَقْلِيِّ وَالْأَصْلُ لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ صَاحِبُهُ فَحَوَّلَ الْإِسْنَادَ عَنْ الْمُضَافِ إلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ فَاسْتَتَرَ الضَّمِيرُ كَمَا فِي {عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [الحاقة: 21] (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ وَرِضَاهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا وَضَعَهُ بِعِلْمِ الْمُسْتَحِقِّ وَرِضَاهُ قُطِعَ مَالِكُ الْحِرْزِ إذَا سَرَقَ مِنْهُ، وَقَدْ يُشْكِلُ بِأَنَّ الْمُؤَجِّرَ إجَارَةً فَاسِدَةً لَا يُقْطَعُ إذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ الْمُسْتَأْجِرِ مَعَ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَضْعَ أَمْتِعَةٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَصْحَبَ مَا كَانَ فَفِي هَذِهِ إشَارَةٌ إلَى جَوَازِ بَقَاءِ الْأَمْتِعَةِ بَعْدَ الْمُدَّةِ. اهـ. وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَطْلُبْ الْمَالِكُ التَّفْرِيغَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ هُوَ فِي قَوْلَةٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ: إذَا رَجَعَ) أَيْ بِاللَّفْظِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ قَاسِمٍ (قَوْلُهُ: نَظِيرُ مَا مَرَّ) هَذَا إنَّمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْأُولَى فِي حَمْلِ تَنْظِيرِ الْأَذْرَعِيِّ فِي مَسْأَلَةِ الْإِجَارَةِ فَعِلْمُ رُجُوعِ الْمُعِيرِ نَظِيرُ عِلْمِ

لَا يَسْتَحِقُّهَا. وَالثَّانِي قَالَ لَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ الدُّخُولُ فِيهِ. (وَلَوْ) (غَصَبَ مَالًا) وَإِنْ قَلَّ أَوْ سَرَقَ اخْتِصَاصًا (وَأَحْرَزَهُ بِحِرْزِهِ فَسَرَقَ الْمَالِكُ مِنْهُ مَالَ الْغَاصِبِ) أَوْ السَّارِقِ لَمْ يُقْطَعْ؛ لِأَنَّ لَهُ دُخُولَ الْحِرْزِ وَهَتْكَهُ لِأَخْذِ مَالِهِ أَوْ اخْتِصَاصِهِ فَلَمْ يَكُنْ حِرْزًا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ، وَلَمْ يَفْتَرِقْ الْحَالُ بَيْنَ الْمُتَمَيِّزِ عَنْ مَالِهِ وَالْمَخْلُوطِ بِهِ، وَلَا يُنَافِي هَذَا قَطْعَ دَائِنٍ سَرَقَ مَالَ مَدِينِهِ لَا بِقَصْدِ الِاسْتِيفَاءِ بِشَرْطِهِ؛ لِأَنَّهُ مُحْرَزٌ بِحَقٍّ، وَالدَّائِنُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ مُطَالَبَتِهِ أَوْ نِيَّةِ الْأَخْذِ لِلِاسْتِيفَاءِ عَلَى مَا مَرَّ، وَمِنْ ثَمَّ قُطِعَ رَاهِنٌ وَمُؤَجِّرٌ وَمُعِيرٍ وَمُودَعٌ وَمَالِكُ مَالِ قِرَاضٍ بِسَرِقَتِهِ مَعَ مَالِ نَفْسِهِ نِصَابًا آخَرَ دَخَلَ بِقَصْدِ سَرِقَتِهِ: أَيْ أَوْ اخْتَلَفَ حِرْزُهُمَا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ الشَّرِيكِ، فَقَوْلُهُمْ: لَا يُقْطَعُ مُشْتَرٍ وَفَّى الثَّمَنَ بِأَخْذِ نِصَابٍ مَعَ الْمَبِيعِ مَفْرُوضٍ فِيمَنْ دَخَلَ لَا لِسَرِقَتِهِ وَقَدْ اتَّحَدَ حِرْزُهُمَا (أَوْ) سَرَقَ (أَجْنَبِيٌّ) مِنْهُ الْمَالَ (الْمَغْصُوبَ) أَوْ الْمَسْرُوقَ (فَلَا قَطْعَ) عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا. أَمَّا الْمَالِكُ فَلِمَا مَرَّ (فِي الْأَصَحِّ) وَإِنْ أَخَذَهُ لَا بِنِيَّةِ الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ لِعَدَمِ رِضَا الْمَالِكِ بِإِحْرَازِهِ فِيهِ فَكَأَنَّهُ غَيْرُ مُحْرَزٍ. وَالثَّانِي نَظَرَ إلَى أَنَّهُ أَخَذَ غَيْرَ مَالِهِ، وَأَمَّا الْأَجْنَبِيُّ فَلِأَنَّ الْحِرْزَ لَيْسَ بِرِضَا الْمَالِكِ، وَالثَّالِثُ فِيهِ نَظَرٌ إلَّا أَنَّهُ حِرْزٌ فِي نَفْسِهِ. الرُّكْنُ الثَّانِي: السَّرِقَةُ، وَمَرَّ أَنَّهَا أَخْذُ الْمَالِ خُفْيَةً مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ، فَحِينَئِذٍ (لَا يُقْطَعُ مُخْتَلِسٌ وَمُنْتَهِبٌ وَجَاحِدُ وَدِيعَةٍ) أَوْ عَارِيَّةٍ مَثَلًا لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ بِذَلِكَ وَالْأَوَّلَانِ يَأْخُذَانِ الْمَالَ عِيَانًا وَيَعْتَمِدُ أَوَّلُهُمَا الْهَرَبَ، وَثَانِيهَا الْقُوَّةَ فَيَسْهُلُ دَفْعُهُمَا بِنَحْوِ السُّلْطَانِ، بِخِلَافِ السَّارِقِ لَا يَتَأَتَّى مَنْعُهُ فَقُطِعَ زَجْرًا لَهُ، وَأَمَّا مَا وَرَدَ فِي خَبَرِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ فَقَطَعَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَالْقَطْعُ فِيهِ لَيْسَ لِلْجَحْدِ وَإِنَّمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهَا عُرِفَتْ بِهِ بَلْ لِسَرِقَةٍ كَمَا بَيَّنَهُ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ، بَلْ فِي الصَّحِيحَيْنِ التَّصْرِيحُ بِهِ، وَهُوَ أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُهَا لَمَّا سَرَقَتْ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ تَفْسِيرَ الْمُنْتَهِبِ يَشْمَلُ قَاطِعَ الطَّرِيقِ فَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظٍ يُخْرِجُهُ يُرَدُّ بِأَنَّ لِلْقَاطِعِ شُرُوطًا يَتَمَيَّزُ بِهَا كَمَا سَيَأْتِي فَلَمْ يَشْمَلْهُ هَذَا الْإِطْلَاقُ. (وَلَوْ) (نَقَبَ) فِي لَيْلَةٍ (وَعَادَ فِي) لَيْلَةٍ (أُخْرَى فَسَرَقَ) مِنْ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــSإنَّمَا وُضِعَ بِرِضَا الْمَالِكِ حَيْثُ سَلَّطَهُ بِإِجَارَتِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمُسْتَأْجِرَ اسْتَنَدَ فِي الِانْتِفَاعِ بِالْمُؤَجَّرِ إلَى عَقْدٍ فَاسِدٍ وَهُوَ لِفَسَادِهِ لَا اعْتِبَارَ بِهِ فَأُلْغِيَ مَا تَضَمَّنَهُ مِنْ الرِّضَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ وَضَعَهُ بِرِضَاهُ فَإِنَّهُ يُشْبِهُ الْعَارِيَّةَ وَهِيَ مُقْتَضِيَةٌ لِلْقَطْعِ. (قَوْلُهُ: أَوْ السَّارِقِ) أَيْ أَوْ سَرَقَ صَاحِبُ الِاخْتِصَاصِ مَالَ السَّارِقِ لَهُ، فَفِي الْعِبَارَةِ مُسَامَحَةٌ فَإِنَّ صَاحِبَ الِاخْتِصَاصِ لَا يُقَالُ لَهُ مَالِكٌ (قَوْلُهُ: لِأَخْذِ مَالِهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ لَهُ أَخْذُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي هَذَا) أَيْ عَدَمُ قَطْعِ صَاحِبِ الْمَالِ بِسَرِقَةِ مَالِ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: أَوْ نِيَّةِ الْأَخْذِ لِلِاسْتِيفَاءِ) أَيْ بِشَرْطِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ بِشَرْطِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ الشَّرِيكِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ حِرْزًا فِيهِ مَالٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِ الْحِرْزِ وَسَرَقَ مَالًا يَخْتَصُّ بِشَرِيكِهِ قُطِعَ إنْ دَخَلَ بِقَصْدِ السَّرِقَةِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْأَجْنَبِيُّ) مِنْ تَتِمَّةِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: فَلِأَنَّ الْحِرْزَ لَيْسَ بِرِضَا الْمَالِكِ) أَيْ لَيْسَ مُعْتَبَرًا بِرِضَا الْمَالِكِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ رِضَاهُ (قَوْلُهُ: وَالثَّالِثُ فِيهِ نَظَرٌ) مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ: وَأَمَّا الْأَجْنَبِيُّ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا ذُكِرَ) أَيْ جَحْدُ الْمَتَاعِ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَشْمَلْهُ هَذَا الْإِطْلَاقُ) يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ هَذَا الْإِطْلَاقَ مُقَيَّدٌ بِمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي قَاطِعِ الطَّرِيقِ، وَلَا يَضُرُّ الْإِطْلَاقُ هُنَا؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ تَمَيُّزُهُ عَنْ مَصْحُوبَيْهِ، وَهُوَ حَاصِلٌ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَيْضًا فَلَمْ يَشْمَلْهُ هَذَا الْإِطْلَاقُ) فِيهِ بَحْثٌ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ تَمَيُّزَهُ بِتِلْكَ الشُّرُوطِ لَا يَمْنَعُ الشُّمُولَ؛ إذْ غَايَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَانْظُرْ أَيْنَ مَرَّ نَظِيرُهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَلَّ أَوْ سَرَقَ اخْتِصَاصًا) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ مَعَ الْمَتْنِ: وَلَوْ غَصَبَ أَوْ سَرَقَ اخْتِصَاصًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَوْ مَالًا وَلَوْ فَلْسًا (قَوْلُهُ: لَمْ يُقْطَعْ) يَنْبَغِي حَذْفُهُ إذْ لَا يَنْسَجِمُ مَعَ مَا يَأْتِي لَهُ تَقْرِيرُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ، ثُمَّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِقَصْدِ السَّرِقَةِ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ) لَمْ يَجْعَلْ لَهُ شَرْطًا فِيمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَشْمَلْهُ هَذَا الْإِطْلَاقُ) نَازَعَ فِيهِ ابْنُ قَاسِمٍ

النَّقْبِ (قُطِعَ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا لَوْ نَقَبَ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَسَرَقَ آخِرَهُ إبْقَاءً لِلْحِرْزِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ. أَمَّا إذَا أُعِيدَ الْحِرْزُ أَوْ سَرَقَ عَقِبَ النَّقْبِ فَيُقْطَعُ قَطْعًا (قُلْت: هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمَالِكُ النَّقْبَ وَلَمْ يَظْهَرْ لِلطَّارِقِينَ وَإِلَّا) بِأَنْ عَلِمَ أَوْ ظَهَرَ لَهُمْ (فَلَا يُقْطَعُ قَطْعًا) وَقِيلَ فِيهِ خِلَافٌ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِانْتِهَاكِ الْحِرْزِ فَصَارَ كَمَا لَوْ نَقَبَ وَأَخْرَجَ غَيْرُهُ، وَفَارَقَ إخْرَاجَ نِصَابٍ مِنْ حِرْزٍ دَفْعَتَيْنِ بِأَنَّهُ ثَمَّ مُتَمِّمٌ لِأَخْذِهِ الْأَوَّلِ الَّذِي هَتَكَ بِهِ الْحِرْزَ فَوَقَعَ الْأَخْذُ الثَّانِي تَابِعًا فَلَمْ يَقْطَعْهُ عَنْ مَتْبُوعِهِ إلَّا قَاطِعٌ قَوِيٌّ، وَهُوَ الْعِلْمُ وَالْإِعَادَةُ السَّابِقَانِ دُونَ أَحَدِهِمَا وَدُونَ مُجَرَّدِ الظُّهُورِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُؤَكِّدُ الْهَتْكَ الْوَاقِعَ فَلَا يَصْلُحُ قَاطِعًا لَهُ، وَهُنَا مُبْتَدِئٌ سَرِقَةً مُسْتَقِلَّةً لَمْ يَسْبِقْهَا هَتْكُ الْحِرْزِ بِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْهُ لَكِنَّهَا مُتَرَتِّبَةٌ عَلَى فِعْلِهِ الْمُرَكَّبِ مِنْ جُزْأَيْنِ مَقْصُودَيْنِ لَا تَبَعِيَّةٌ بَيْنَهُمَا نَقْبٍ سَابِقٍ وَإِخْرَاجٍ لَاحِقٍ، وَإِنَّمَا يَتَرَكَّبُ مِنْهُمَا إنْ لَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمَا فَاصِلٌ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُمَا، وَإِنْ ضَعُفَ فَكَفَى تَخَلُّلُ عِلْمِ الْمَالِكِ أَوْ الْإِعَادَةِ بِالْأَوْلَى أَوْ الظُّهُورِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَإِلَّا فَيُقْطَعُ قَطْعًا وَهُوَ غَلَطٌ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ وَجْهٌ بِأَنَّهُ عَادٍ بَعْدَ انْتِهَاكِ الْحِرْزِ. (وَلَوْ نَقَبَ وَاحِدٌ وَأَخْرَجَ غَيْرُهُ) وَلَوْ بِأَمْرِهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ أَوْ أَعْجَمِيًّا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ الطَّاعَةِ، بِخِلَافِ نَحْوِ قِرْدٍ مُعَلَّمٍ؛ لِأَنَّ لَهُ اخْتِيَارًا وَإِدْرَاكًا، وَإِنَّمَا ضَمَّنَّا مَنْ أَرْسَلَهُ عَلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ يَجِبُ بِالسَّبَبِ، بِخِلَافِ الْقَطْعِ (فَلَا قَطْعَ) عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا إذْ الْأَوَّلُ لَمْ يَسْرِقْ، وَالثَّانِي أَخَذَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ، نَعَمْ إنْ سَاوَى الْمُخْرَجُ مِنْ آلَاتِ الْجِدَارِ نِصَابًا قُطِعَ النَّاقِبُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْجِدَارَ حِرْزٌ لِآلَةِ الْبِنَاءِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمَالُ مُحْرَزًا بِمُلَاحِظٍ قَرِيبٍ مِنْ النَّقْبِ لَا نَائِمٍ فَيُقْطَعُ الْآخِذُ لَهُ. (وَلَوْ) (تَعَاوَنَا فِي النَّقْبِ وَانْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِالْإِخْرَاجِ أَوْ وَضَعَهُ نَاقِبٌ بِقُرْبِ النَّقْبِ فَأَخْرَجَهُ آخَرُ) نَاقِبٌ أَيْضًا، وَقَوْلُهُ أَوْ وَضَعَهُ عَطْفٌ عَلَى وَانْفَرَدَ فَيُفِيدُ أَنَّ الْمُخْرِجَ شَرِيكٌ فِي النَّقْبِ (قُطِعَ الْمُخْرِجُ) فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُ السَّارِقُ (وَلَوْ) تَعَاوَنَا فِي النَّقْبِ ثُمَّ أَخَذَهُ أَحَدُهُمَا وَ (وَضَعَهُ بِوَسَطِ نَقْبِهِ فَأَخَذَهُ خَارِجٌ وَهُوَ يُسَاوِي نِصَابَيْنِ) أَوْ أَكْثَرَ (لَمْ يُقْطَعَا فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ تَمَامِ الْحِرْزِ، وَكَذَا لَوْ نَاوَلَهُ الدَّاخِلُ لِلْخَارِجِ فِيهِ. وَالثَّانِي يُقْطَعَانِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي النَّقْبِ وَالْإِخْرَاجِ كَذَا وَجَّهَهُ الرَّافِعِيُّ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْمُشْتَرِكَيْنِ فِي النَّقْبِ لِأَجْلِ جَرَيَانِ الْخِلَافِ. (وَلَوْ) (رَمَاهُ إلَى خَارِجِ حِرْزٍ) مِنْ نَقْبٍ أَوْ بَابٍ أَوْ فَوْقَ جِدَارٍ وَلَوْ إلَى حِرْزٍ آخَرَ لِغَيْرِ الْمَالِكِ أَوْ إلَى نَارٍ فَأَحْرَقَتْهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَإِنْ رَمَاهُ لَهَا عَالِمٌ بِالْحَالِ سَوَاءٌ أَخَذَهُ غَيْرُهُ أَمْ لَا تَلِفَ بِالرَّمْيِ أَمْ لَا (أَوْ) (وَضَعَهُ بِمَاءٍ جَارٍ) فَأَخْرَجَهُ مِنْهُ أَوْ رَاكِدٍ وَحَرَّكَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSذَلِكَ أَنَّهُ أَخَصُّ مِنْهُ، وَالْأَخَصُّ مَشْمُولٌ لِلْأَعَمِّ قَطْعًا. أَلَا تَرَى أَنَّ لِلْإِنْسَانِ شُرُوطًا يَتَمَيَّزُ بِهَا عَنْ مُطْلَقِ الْجِسْمِ مَعَ شُمُولِ تَفْسِيرِ مُطْلَقِ الْجِسْمِ لَهُ قَطْعًا فَلْيُتَأَمَّلْ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا أُعِيدَ الْحِرْزُ) أَيْ مِنْ الْمَالِكِ أَوْ نَائِبِهِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِيمَا لَوْ أَخْرَجَ نِصَابًا مَرَّتَيْنِ فِي لَيْلَةٍ (قَوْلُهُ: بَيْنَهُمَا نَقْبٍ سَابِقٍ وَإِخْرَاجٍ) بِالْجَرِّ أَيْضًا بَدَلٌ مِنْ الْجُزْأَيْنِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ عَادَ بَعْدَ انْتِهَاكِ الْحِرْزِ) أَيْ فَلَا قَطْعَ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِأَمْرِهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ الْمُخْرِجُ مُكْرَهًا فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُقْطَعُ دُونَ الْمُكْرِهِ وَفِي كَلَامِ سم عَلَى مَنْهَجٍ أَوَّلَ الْبَابِ أَنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ الْآتِي (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَحْوِ قِرْدٍ) شَمِلَ قَوْلُهُ: " نَحْوِ " غَيْرَهُ مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ الْمُعَلَّمَةِ، وَمِنْهُ مَا لَوْ عُلِّمَ عُصْفُورٌ أَخْذَ شَيْءٍ فَأَخَذَهُ فَلَا قَطْعَ عَلَى مَا تُفِيدُهُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ. وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ عَزَّمَ عَلَى عِفْرِيتٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْخَطِيبُ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ نَاوَلَهُ الدَّاخِلُ لِلْخَارِجِ فِيهِ) فَفِيهِ حَالٌ مِنْ الْخَارِجِ. وَالْمَعْنَى أَنَّ الْخَارِجَ عَنْ النَّقْبِ، أَوْ مَدَّ يَدَهُ مَثَلًا، أَوْ دَخَلَ فِي الْجِدَارِ، وَتَنَاوَلَ مِمَّنْ هُوَ فِي الْحِرْزِ لَمْ يُقْطَعْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَوْ رَاكِدٍ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ: إلَخْ.) الْأَوْلَى فَقَوْلُهُ: بِالْفَاءِ بَدَلَ الْوَاوِ (قَوْلُهُ: يُسَاوِي نِصَابَيْنِ) إنَّمَا صُوِّرَ بِذَلِكَ لِلِاخْتِلَافِ فِي قَطْعِهِمَا إذَا بَلَغَ نِصَابَيْنِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ قَاسِمٍ: أَيْ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَبْلُغْ نِصَابَيْنِ فَلَا قَطْعَ جَزْمًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: فِيهِ) يَتَعَلَّقُ بِنَا وَلَهُ وَخَرَجَ بِهِ مَا إذَا أَخْرَجَ يَدَهُ إلَى خَارِجِ الْحِرْزِ وَنَاوَلَهُ وَالضَّمِيرُ فِيهِ لِلنَّقْبِ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَخَذَهُ غَيْرُهُ أَمْ لَا إلَخْ.) هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا قَبْلَ مَسْأَلَةِ الْإِحْرَاقِ

حَتَّى أَخْرَجَهُ مِنْهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُحَرِّكْهُ، وَإِنَّمَا طَرَأَ عَلَيْهِ نَحْوُ سَيْلٍ أَوْ حَرَّكَهُ غَيْرُهُ فَيُقْطَعُ الْمُحَرِّكُ (أَوْ) (ظَهْرِ دَابَّةٍ سَائِرَةٌ) أَوْ سَيَّرَهَا حَتَّى أَخْرَجَتْهُ مِنْهُ وَحَذَفَ هَذِهِ مِنْ أَصْلِهِ لِفَهْمِهَا مِمَّا ذَكَرَهُ بِالْأَوْلَى (أَوْ) (عَرَّضَهُ لِنَحْوِ رِيحٍ هَابَّةٍ) حَالَةَ التَّعْرِيضِ فَلَا اعْتِبَارَ بِهُبُوبِهَا بَعْدَ ذَلِكَ (فَأَخْرَجَتْهُ) مِنْهُ (قُطِعَ) وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ أَوْ أَخَذَهُ آخَرُ قَبْلَ وُصُولِهِ الْأَرْضَ؛ لِأَنَّ الْإِخْرَاجَ حَصَلَ فِي الْجَمِيعِ بِفِعْلِهِ فَهُوَ مَنْسُوبٌ لَهُ. لَا يُقَالُ: تَنْكِيرُهُ الْحِرْزَ مُخَالِفٌ لِأَصْلِهِ فَهُوَ غَيْرُ جَيِّدٍ لِإِيهَامِهِ أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ نَقْدًا مِنْ صُنْدُوقِهِ لِلْبَيْتِ فَتَلِفَ أَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ أَنَّهُ يُقْطَعُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ بِمَنْعِهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْبَيْتُ حِرْزًا لِلنَّقْدِ فَلَمْ يُخْرِجْهُ إلَى خَارِجِ حِرْزٍ أَوْ غَيْرِ حِرْزٍ صُدِّقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَخْرَجَهُ إلَى خَارِجِ الْحِرْزِ فَلَمْ يَفْتَرِقْ الْحَالُ بَيْنَ التَّعْرِيفِ وَالتَّنْكِيرِ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ التَّنْكِيرَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِهِ إلَى مَضْيَعَةٍ لَيْسَتْ حِرْزًا لِشَيْءٍ، بِخِلَافِ التَّعْرِيفِ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ أَلْ فِي الْحِرْزِ لِلْعَهْدِ الشَّرْعِيِّ فَهُمَا مُتَسَاوِيَانِ، وَمَرَّ أَنَّهُ لَوْ أَتْلَفَ نِصَابًا فَأَكْثَرَ فِي الْحِرْزِ لَمْ يُقْطَعْ وَإِنْ اجْتَمَعَ بَعْدَ ذَلِكَ مِمَّا عَلَى بَدَنِهِ مِنْ نَحْوِ طِيبٍ مَا يَبْلُغُ نِصَابًا خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ، أَوْ بَلَعَ جَوْهَرَةً فِيهِ وَخَرَجَتْ مِنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِثْلُهُ مَا لَوْ أَلْقَاهُ فِي الرَّاكِدِ بِشِدَّةٍ بِحَيْثُ يَتَحَرَّكُ عَادَةً وَيَخْرُجُ بِمَا فِيهِ لِشِدَّةِ الْإِلْقَاءِ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: أَوْ سَيَّرَهَا) مِثْلُهُ مَا لَوْ سَارَتْ بِثِقَلِ الْحِمْلِ بِأَنْ كَانَ الْحِمْلُ يُوجِبُ عَادَةً تَسْيِيرَهَا لِنَقْلِهِ طب انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَدْ يُخَالِفُ هَذَا مَا يَأْتِي فِيمَا رُدَّ بِهِ عَلَى الْبُلْقِينِيِّ مِنْ أَنَّ الضَّمَانَ يَكْفِي فِيهِ مُجَرَّدُ السَّبَبِ، بِخِلَافِ الْقَطْعِ فَتَوَقَّفَ عَلَى تَسْيِيرِهَا حَقِيقَةً لَا حُكْمًا (قَوْلُهُ: فَأَخْرَجَتْهُ مِنْهُ قُطِعَ) عُمُومُهُ شَامِلٌ لِمَا لَوْ أَخَذَهُ الْمَالِكُ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ الْحِرْزِ قَبْلَ الرَّفْعِ لِلْقَاضِي وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ شَرْطَ الْقَطْعِ طَلَبُ الْمَالِكِ لِمَالِهِ وَبَعْدَ أَخْذِهِ لَيْسَ لَهُ مَا يُطَالِبُ بِهِ فَتَنَبَّهْ لَهُ (قَوْلُهُ: لَا يُقَالُ تَنْكِيرُهُ الْحِرْزَ مُخَالِفٌ لِأَصْلِهِ) أَقُولُ: قَدْ يُغَيَّرُ الِاعْتِرَاضُ بِحَيْثُ لَا يَدْفَعُهُ الْجَوَابُ الْمَذْكُورُ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّكِرَةَ فِي الْإِثْبَاتِ لَا عُمُومَ لَهَا، فَقَوْلُهُ: خَارِجِ حِرْزٍ صَادِقٌ بِخَارِجِ الصُّنْدُوقِ فَقَطْ وَالْمُفْرَدُ الْمُحَلَّى بِاللَّامِ لِلْعُمُومِ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ عَهْدٌ كَمَا فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ، فَقَوْلُهُ: خَارِجِ الْحِرْزِ مَعْنَاهُ كُلُّ حِرْزٍ إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ هُنَا عَهْدٌ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ بَلَعَ جَوْهَرَةً) عِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَإِنْ ابْتَلَعَ جَوْهَرَةً وَخَرَجَ قُطِعَ إنْ خَرَجَتْ مِنْهُ، وَإِنْ تَضَمَّخَ بِطِيبٍ وَخَرَجَ لَمْ يُقْطَعْ وَلَوْ جُمِعَ مِنْ جِسْمِهِ نِصَابٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. [فَرْعٌ] قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَوْ أَخْرَجَ شَاةً دُونَ النِّصَابِ فَتَبِعَتْهَا سَخْلَتُهَا أَوْ أُخْرَى وَكَمُلَ بِهَا النِّصَابُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَيُقْطَعُ الْمُحَرِّكُ) أَيْ إنْ كَانَ تَحْرِيكُهُ لِأَجْلِ إخْرَاجِهِ لِلسَّرِقَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَهُوَ الْأَوْلَى) وَهُوَ بِالْوَاوِ إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ قَبْلَهُ مَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَتَلِفَ أَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ) لَا دَخْلَ لِهَذَا فِي الْإِشْكَالِ كَمَا لَا يَخْفَى بَلْ كَانَ حَذْفُهُ أَبْلَغَ فِي الْإِشْكَالِ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يُخْرِجْهُ إلَى خَارِجِ حِرْزٍ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: فِيهِ بَحْثٌ بَلْ أَخْرَجَهُ إلَى خَارِجِ حِرْزٍ وَهُوَ الصُّنْدُوقُ لِأَنَّ لَفْظَ حِرْزٍ نَكِرَةٌ فِي الْإِثْبَاتِ فَلَا عُمُومَ لَهُ، وَأَخْرَجَهُ إلَى خَارِجِ الْحِرْزِ الْمَعْهُودِ وَهُوَ مَا كَانَ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. وَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ وَأَخْرَجَهُ إلَى خَارِجِ الْحِرْزِ الْمَعْهُودِ إلَخْ. أَنَّ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ مُسَاوِيَةٌ لِعِبَارَةِ أَصْلِهِ خِلَافًا لِمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْمُعْتَرِضِ (قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ بِأَنَّ التَّنْكِيرَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ إلَخْ.) هَذَا الِاعْتِرَاضُ ضِدُّ الِاعْتِرَاضِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ إنَّمَا يَتَأَتَّى إنْ كَانَ لَفْظُ حِرْزٍ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِلْعُمُومِ مَعَ أَنَّهُ لَا مُسَوِّغَ لَهُ (قَوْلُهُ: مَمْنُوعٌ لِأَنَّ أَلْ فِي الْحِرْزِ لِلْعَهْدِ الشَّرْعِيِّ إلَخْ) حَاصِلُ هَذَا الْجَوَابِ كَمَا لَا يَخْفَى تَسْلِيمُ مَا قَالَهُ الْمُعْتَرِضُ فِي التَّنْكِيرِ الَّذِي هُوَ حَاصِلُ جَوَابِهِ عَنْ الِاعْتِرَاضِ الْأَوَّلِ وَادِّعَاءُ أَنَّ التَّعْرِيفَ مِثْلُهُ يَجْعَلُ أَلْ لِلْعَهْدِ الشَّرْعِيِّ، لَكِنَّهُ إنَّمَا يَتِمُّ إنْ كَانَ مَعْنَى الْعَهْدِ الشَّرْعِيِّ هُنَا مَا جَعَلَهُ الشَّرْعُ حِرْزًا فِي الْجُمْلَةِ وَلَوْ لِغَيْرِ هَذَا، أَمَّا إنْ كَانَ مَعْنَاهُ مَا جَعَلَهُ الشَّرْعُ حِرْزًا لِهَذَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلَا مُسَاوَاةَ

خَارِجَهُ وَبَلَغَتْ قِيمَتُهَا نِصَابًا حَالَةَ الْإِخْرَاجِ قُطِعَ (أَوْ) وَضَعَهُ بِظَهْرِ دَابَّةٍ (وَاقِفَةٍ فَمَشَتْ بِوَضْعِهِ) وَمِثْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَا لَوْ مَشَتْ لِإِشَارَتِهِ بِنَحْوِ حَشِيشٍ (فَلَا) قَطْعَ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَسُقْهَا مَشَتْ بِاخْتِيَارِهَا، وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ إنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَسْتَوْلِ عَلَيْهَا وَالْبَابُ مَفْتُوحٌ، كَأَنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا وَهُوَ مُغْلَقٌ فَفَتَحَهُ لَهَا قُطِعَ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ تَحْتَ يَدِهِ مِنْ حِينِ الِاسْتِيلَاءِ، وَلَمَّا فَتَحَ الْبَابَ وَهِيَ تَحْمِلُهُ فَخَرَجَتْ كَانَ الْإِخْرَاجُ مَنْسُوبًا لَهُ. قَالَ: وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ تَحْتَ يَدِهِ بِحَقٍّ فَخَرَجَتْ وَهُوَ مَعَهَا قُطِعَ؛ لِأَنَّ فِعْلَهَا مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَلِذَا ضَمِنَ مُتْلِفُهَا انْتَهَى مَرْدُودٌ بِأَنَّ الضَّمَانَ يَكْفِي فِيهِ مُجَرَّدُ السَّبَبِ، بِخِلَافِ الْقَطْعِ فَتَوَقَّفَ عَلَى تَسْيِيرِهَا حَقِيقَةً لَا حُكْمًا، وَالثَّانِي يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ حَصَلَ بِفِعْلِهِ، وَلَا يَتَأَتَّى الْخُرُوجُ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ إلَّا بِتَحْرِيكِهِ فَإِنْ حَرَّكَهُ فَخَرَجَ قُطِعَ. (وَلَا يُضْمَنُ حُرٌّ) وَمُكَاتَبٌ كِتَابَةً صَحِيحَةً وَمُبَعَّضٌ (بِيَدٍ وَلَا يُقْطَعُ سَارِقُهُ) وَإِنْ صَغُرَ وَمَا وَرَدَ مِنْ قَطْعِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَارِقَ الصِّبْيَانِ ضَعِيفٌ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَرِقَّاءِ، وَحُكْمُهُمْ أَنَّ مَنْ سَرَقَ قِنًّا غَيْرَ مُمَيِّزٍ لِصِغَرٍ أَوْ عُجْمَةٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ مُمَيِّزٍ سَكْرَانَ أَوْ نَائِمًا أَوْ مَضْبُوطًا قُطِعَ وَحِرْزُهُ فِنَاءُ الدَّارِ وَنَحْوُهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْفِنَاءُ مَطْرُوقًا كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ سَوَاءٌ حَمَلَهُ السَّارِقُ أَمْ دَعَاهُ فَأَجَابَهُ، وَلَوْ أُكْرِهَ الْمُمَيِّزُ فَخَرَجَ مِنْ الْحِرْزِ قُطِعَ لَا إنْ أَخْرَجَهُ بِخَدِيعَةٍ، فَإِنْ حَمَلَ عَبْدًا مُمَيِّزًا قَوِيًّا عَلَى الِامْتِنَاعِ نَائِمًا أَوْ سَكْرَانَ فَفِي الْقَطْعِ تَرَدُّدٌ الْأَصَحُّ مِنْهُ، نَعَمْ وَلَا قَطْعَ بِحَمْلِهِ مُتَيَقِّظًا. (وَلَوْ) (سَرَقَ) حُرًّا وَلَوْ (صَغِيرًا) أَوْ مَجْنُونًا أَوْ نَائِمًا (بِقِلَادَةٍ) أَوْ حُلِيٍّ يَلِيقُ بِهِ وَيَبْلُغُ نِصَابًا أَوْ مَعَهُ مَالٌ آخَرُ (فَكَذَا) لَا يُقْطَعُ سَارِقُهُ وَإِنْ أَخَذَهُ مِنْ حِرْزٍ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ لِلْحُرِّ يَدًا عَلَى مَا مَعَهُ فَهُوَ مُحْرَزٌ وَلِهَذَا لَا يَضْمَنُ سَارِقُهُ مَا عَلَيْهِ وَيُحْكَمُ عَلَى مَا بِيَدِهِ أَنَّهُ مِلْكُهُ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ نُزِعَ مِنْهُ الْمَالُ قُطِعَ لِإِخْرَاجِهِ مِنْ حِرْزِهِ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ أَنَّهُ إنْ نَزَعَهَا مِنْهُ خُفْيَةً أَوْ مُجَاهَرَةً وَلَمْ يُمْكِنْهُ مَنْعُهُ مِنْ النَّزْعِ قُطِعَ وَإِلَّا فَلَا، وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ عَنْ الدَّبِيلِيِّ إنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا نَزَعَهَا مِنْهُ: أَيْ وَالْأَصَحُّ مِنْهُ لَا قَطْعَ وَإِلَّا فَلَا قَطْعَ قَطْعًا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا ـــــــــــــــــــــــــــــSلَمْ يُقْطَعْ لِذَلِكَ: أَيْ؛ لِأَنَّ لَهَا اخْتِيَارًا فِي السَّيْرِ وَالْوُقُوفِ فَيَصِيرُ ذَلِكَ شُبْهَةً دَارِئَةً لِلْقَطْعِ. قَالَ فِي الْأَصْلِ: فِي دُخُولِ السَّخْلَةِ فِي ضَمَانِهِ وَجْهَانِ اهـ. وَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهَا سَارَتْ بِنَفْسِهَا وَمِثْلُهَا غَيْرُهَا مِمَّا يَتْبَعُ الشَّاةَ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ: (قَوْلُهُ: أَوْ بَلَعَ جَوْهَرَةً) : أَيْ فَيُقْطَعُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ حَجّ، وَأَيْضًا فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ: فَإِنْ ابْتَلَعَ جَوْهَرَةً وَهِيَ أَظْهَرُ (قَوْلُهُ: فَمَشَتْ بِوَضْعِهِ) أَيْ بِسَبَبِهِ فَالْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ صَغُرَ) أَيْ الْحُرُّ، وَقَوْلُهُ: وَحُكْمُهُمْ أَيْ الْأَرِقَّاءِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَضْبُوطًا) أَيْ مَرْبُوطًا (قَوْلُهُ: الْأَصَحُّ مِنْهُ نَعَمْ) أَيْ يُقْطَعُ (قَوْلُهُ: وَلَا قَطْعَ بِحَمْلِهِ مُتَيَقِّظًا) أَيْ حَيْثُ قَدَرَ عَلَى الِامْتِنَاعِ لِمَا مَرَّ مِنْ الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ الْمَضْبُوطَةِ. (قَوْلُهُ: عَنْ الدَّبِيلِيِّ) قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ فِي طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ مَا نَصُّهُ: الزَّبِيلِيُّ بِفَتْحِ الزَّايِ ثُمَّ بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ مَكْسُورَةٌ. قَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّهُ الَّذِي اُشْتُهِرَ عَلَى الْأَلْسِنَةِ. وَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: حَالَةَ الْإِخْرَاجِ) يَعْنِي: حَالَ الْخُرُوجِ مِنْ جَوْفِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي نُسْخَةٍ (قَوْلُهُ: وَالْبَابُ مَفْتُوحٌ) الْمُنَاسِبُ لِمَا سَيَأْتِي أَوْ الْبَابُ بِأَلِفٍ قَبْلَ الْوَاوِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَأَتَّى الْخُرُوجُ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ إلَخْ.) هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ مَا قَدَّمَهُ فِي حَلِّ الْمَتْنِ وَهُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِلْجَلَالِ وَفِيمَا مَرَّ لِابْنِ حَجَرٍ وَأَحَدُهُمَا يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْفِنَاءُ مَطْرُوقًا) أَيْ كَأَنْ كَانَ مُرْتَفِعًا عَنْ الطَّرِيقِ كَذَا ظَهَرَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ دَعَاهُ) أَيْ فِيمَنْ يَأْتِي فِيهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى الِامْتِنَاعِ) هَذَا هُوَ الْفَارِقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا مَرَّ آنِفًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَغِيرًا) قَضِيَّةُ هَذِهِ الْغَايَةِ أَنَّ الْكَبِيرَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَهُ مَالٌ) أَيْ يَلِيقُ بِهِ أَيْضًا كَمَا هُوَ صَرِيحُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ كَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا لَا يَضْمَنُ سَارِقُهُ مَا عَلَيْهِ) بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ لَوْ تَلِفَ مَثَلًا بِغَيْرِ السَّرِقَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُجَاهَرَةً) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ أَخَذَهُ وَالصَّبِيُّ مَثَلًا

نَزَعَهَا مِنْهُ مُجَاهَرَةً وَأَمْكَنَهُ مَنْعُهُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ مَا إذَا نَزَعَهَا بَعْدَ الْإِخْرَاجِ مِنْ الْحِرْزِ. أَمَّا إذَا لَمْ يُلْقِ بِهِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَتْ مِلْكًا لِغَيْرِ الصَّبِيِّ فَإِنْ أَخَذَهُ مِنْ حِرْزِ مِثْلِهَا قُطِعَ قَطْعًا أَوْ مِنْ حِرْزٍ يَلِيقُ بِالصَّبِيِّ دُونَهَا فَلَا قَطْعَ. وَأَمَّا إذَا سَرَقَ مَا عَلَيْهِ أَوْ مَا عَلَى قِنٍّ دُونَهُ فَإِنْ كَانَ بِحِرْزِهِ كَفِنَاءِ دَارٍ قُطِعَ وَإِلَّا فَلَا، وَقِلَادَةُ كَلْبٍ بِحِرْزِ دَوَابَّ يُقْطَعُ بِمَا إنْ أَخَذَهَا وَحْدَهَا أَوْ مَعَ الْكَلْبِ. (وَلَوْ نَامَ عَبْدٌ) وَلَوْ صَغِيرًا كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ وَإِنْ قَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِالْبَالِغِ الْعَاقِلِ أَوْ الْمُمَيِّزِ وَإِنْ أَمْكَنَ تَوْجِيهَهُ بِأَنَّ التَّمْيِيزَ لَا يُحْرَزُ بِهِ مَعَ النَّوْمِ (عَلَى بَعِيرٍ) عَلَيْهِ أَمْتِعَةٌ أَوْ لَا (فَقَادَهُ وَأَخْرَجَهُ عَنْ الْقَافِلَةِ) إلَى مَضْيَعَةٍ (قُطِعَ) فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُمَا مِنْ حِرْزِهِمَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخْرَجَهُ إلَى قَافِلَةٍ أَوْ بَلَدٍ، كَذَا أَطْلَقُوهُ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى قَافِلَةٍ أَوْ بَلَدٍ مُتَّصِلَةٍ بِالْأُولَى، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَضْيَعَةٌ فَإِنَّهُ بِإِخْرَاجِهِ إلَيْهَا أَخْرَجَهُ مِنْ تَمَامِ حِرْزِهِ فَلَا يُفِيدُهُ إحْرَازُهُ بَعْدُ (أَوْ) نَامَ (حُرٌّ) أَوْ مُكَاتَبٌ كِتَابَةً صَحِيحَةً أَوْ مُبَعَّضٌ عَلَى بَعِيرٍ فَقَادَهُ، وَأَخْرَجَهُ عَنْ الْقَافِلَةِ سَوَاءٌ كَانَ الْحُرُّ مُمَيِّزًا أَمْ بَالِغًا أَمْ غَيْرَهُمَا كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ يَدًا عَلَى مَا مَعَهُ (فَلَا) قَطْعَ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ بِيَدِهِ. وَالثَّانِي قَالَ أَخْرَجَهُ مِنْ الْحِرْزِ. (وَلَوْ نَقَلَهُ مِنْ بَيْتٍ مُغْلَقٍ إلَى صَحْنِ دَارٍ بَابُهَا مَفْتُوحٌ) لَا بِفِعْلِهِ (قُطِعَ) ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِهِ إلَى مَحَلِّ الضَّيَاعِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ بَابُ الْبَيْتِ مَفْتُوحًا وَبَابُ الدَّارِ مَثَلًا مُغْلَقًا أَوْ كَانَا مُغْلَقَيْنِ فَفَتَحَهُمَا أَوْ مَفْتُوحَتَيْنِ (فَلَا) قَطْعَ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلَيْنِ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ تَمَامِ الْحِرْزِ وَالْمَالُ فِي الثَّالِثَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْإِسْنَوِيُّ: الَّذِينَ أَدْرَكْنَاهُمْ مِنْ الْمِصْرِيِّينَ هَكَذَا يَنْطِقُونَ بِهِ، وَلَا أَدْرِي هَلْ لَهُ أَصْلٌ أَمْ هُوَ مَنْسُوبٌ إلَى دَبِيلٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ، قَالَ: وَدَبِيلٌ بِدَالٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ مَكْسُورَةٌ بَعْدَهَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ تَحْتُ سَاكِنَةٌ ثُمَّ لَامٌ، قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى الشَّامِ فِيمَا أَظُنُّ، وَأَمَّا دَيْبُلُ بِدَالٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ يَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ تَحْتُ سَاكِنَةٌ ثُمَّ بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ مَضْمُومَةٌ فَبَلْدَةٌ مِنْ سَاحِلِ الْهِنْدِ قَرِيبَةٌ مِنْ السَّنَدِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَذْكُورَ مَنْسُوبٌ إلَى الْأَوَّلِ، وَرَأَيْت بِخَطِّ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّ الصَّوَابَ أَنَّهُ دَبِيلِيٌّ وَمَنْ قَالَ الزَّبِيلِيُّ فَقَدْ صَحَّفَ وَبَسَطَ ذَلِكَ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت فِي لُبِّ اللُّبَابِ مِنْ بَابِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مَا نَصُّهُ: الدَّبِيلِيُّ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ نِسْبَةً إلَى دَبِيلٍ قَرْيَةٌ بِالرَّمْلَةِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إذَا سَرَقَ) هَلْ هَذَا غَيْرُ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ نُزِعَ مِنْهُ الْمَالُ إلَخْ؟ فَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ فَلْيُحَرَّرْ، فَإِنْ كَانَ هُوَ فَلِمَ ذَكَرَهُمَا وَلِمَ اعْتَبَرَ الْحِرْزَ هُنَا لَا ثَمَّ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ بِحِرْزِهِ كَفِنَاءِ دَارِهِ قُطِعَ) هَلْ يُقَيَّدُ بِمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَمَحَلُّهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ سَرِقَةِ مَا عَلَيْهِ وَبَيْنَ نَزْعِ الْمَالِ مِنْهُ فَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: الظَّاهِرُ التَّقْيِيدُ. (قَوْلُهُ: أَوْ مُبَعَّضٌ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّيِّدِ مُهَايَأَةٌ وَاتَّفَقَ ذَلِكَ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْآذِنَ لَا يَدَ لَهُ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلَيْنِ) مَا ذَكَرَهُ فِي الْأَوَّلَيْنِ قَدْ يُخَالِفُ قَوْلَهُ السَّابِقَ وَلَوْ إلَى حِرْزٍ آخَرَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا مُخَصِّصًا لِذَلِكَ، وَأَنْ يُفْرَضَ ذَاكَ فِيمَا إذَا كَانَ الْحِرْزُ الْمُخْرَجُ مِنْهُ دَاخِلًا فِي الْحِرْزِ الْآخَرِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَيُوَجَّهُ ذَلِكَ بِأَنَّ دُخُولَ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَنْظُرُ لَكِنَّهُ فِي مَحَلِّ خُفْيَةٍ حَتَّى يَصْدُقُ حَدُّ السَّرِقَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ مَا إذَا نَزَعَهَا مِنْهُ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ) هَذَا تَقْيِيدٌ ثَانٍ لِكَلَامِ الزَّبِيلِيِّ: أَيْ أَمَّا إذَا نَزَعَهَا مِنْهُ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ مِنْ الْحِرْزِ: أَيْ الْحِرْزِ لَهَا فَيُقْطَعُ لِأَنَّهُ سَرَقَ مَالًا مِنْ حِرْزٍ مِثْلِهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا سَرَقَ مَا عَلَيْهِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: هَلْ هَذَا غَيْرُ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ نُزِعَ مِنْهُ الْمَالُ إلَخْ. فَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ فَلْيُحَرَّرْ، وَإِنْ كَانَ هُوَ فَلِمَ ذَكَرَهُمَا وَلِمَ اعْتَبَرَ الْحِرْزَ هُنَا لِإِثْمٍ اهـ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَمْكَنَ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ الْبَعِيرَ لَا يُحْرَزُ بِهِ مَعَ النَّوْمِ) فِي التُّحْفَةِ عَقِبَ هَذَا مَا نَصُّهُ: إلَّا إنْ كَانَ فِيهِ قُوَّةٌ عَلَى الْإِحْرَازِ لَوْ اسْتَيْقَظَ. اهـ. وَلَعَلَّ هَذَا أَسْقَطَتْهُ الْكَتَبَةُ مِنْ الشَّارِحِ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْهُ لِتَمَامِ التَّوْجِيهِ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ الْحُرُّ مُمَيِّزًا إلَخْ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ التَّقْيِيدِ بِالْحُرِّ وَهَلَّا عَمَّمَ إذْ مُكَاتَبَةُ الصَّغِيرِ مُتَصَوَّرَةٌ تَبَعًا وَمَا الْمَانِعُ مِنْ هَذَا التَّعْمِيمِ فِي الْمُبَعَّضِ

[فصل في شروط السارق الذي يقطع]

غَيْرُ مُحْرَزٍ، نَعَمْ إنْ كَانَ السَّارِقُ فِي صُورَةِ غَلْقِ الْبَابَيْنِ أَحَدَ السُّكَّانِ الْمُنْفَرِدِ كُلٌّ مِنْهُمْ بِبَيْتٍ قُطِعَ؛ لِأَنَّ مَا فِي الصَّحْنِ لَيْسَ مُحْرَزًا عَنْهُ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بَوَّابٌ وَنَحْوُهُ فَيُقْطَعُ لِإِحْرَازِهِ عَنْهُ (وَقِيلَ إنْ كَانَا مُغْلَقَيْنِ قُطِعَ) ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزٍ وَيُرَدُّ بِمَنْعِ مَا عُلِّلَ بِهِ. (وَبِبَيْتٍ) نَحْوِ (خَانْ) وَرِبَاطٍ وَمَدْرَسَةٍ مِنْ كُلِّ مَا تَعَدَّدَ سَاكِنُو بُيُوتِهِ (وَصَحْنِهِ كَبَيْتٍ وَ) صَحْنِ (دَارٍ) لِوَاحِدٍ (فِي الْأَصَحِّ) فَيُقْطَعُ فِي الْحَالِ الْأَوَّلِ دُونَ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ هَذِهِ، وَالْفَرْقُ بِأَنَّ صَحْنَ الْخَانِ لَيْسَ حِرْزًا لِصَاحِبِ الْبَيْتِ بَلْ هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ السُّكَّانِ فَكَانَ كَسِكَّةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ أَهْلِهَا بِخِلَافِ صَحْنِ الدَّارِ فَيُقْطَعُ بِكُلِّ حَالٍ مَرْدُودٌ بِأَنَّ اعْتِيَادَ سُكَّانِ الْخَانِ وَضْعَ حَقِيرِ الْأَمْتِعَةِ بِصَحْنِهِ مُلْحَقَةٌ بِصَحْنِ الدَّارِ لَا السِّكَّةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، نَعَمْ لَوْ سَرَقَ أَحَدُ السُّكَّانِ مَا فِي الصَّحْنِ لَمْ يُقْطَعْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُحْرَزًا عَنْهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ بَوَّابٌ، أَوْ مَا فِي حُجْرَةٍ مُغْلَقَةٍ قُطِعَ لِإِحْرَازِهِ عَنْهُ وَالثَّانِي يُقْطَعُ فِيهِ قَطْعًا؛ لِأَنَّ صَحْنَ الْخَانِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ السُّكَّانِ. (فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ السَّارِقِ الَّذِي يُقْطَعُ وَهِيَ تَكْلِيفٌ وَعِلْمُ تَحْرِيمٍ وَعَدَمُ شُبْهَةٍ وَإِذْنٍ وَالْتِزَامُ أَحْكَامٍ وَاخْتِيَارٌ وَفِيمَا يُثْبِتُ السَّرِقَةَ وَيُقْطَعُ بِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ (لَا يُقْطَعُ صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ) وَجَاهِلٌ مَعْذُورٌ بِجَهْلِهِ (وَمُكْرَهٌ) لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُمْ وَحَرْبِيٌّ وَمَنْ أَذِنَهُ الْمَالِكُ وَذُو شُبْهَةٍ، وَلَا يُقْطَعُ مُكْرِهٌ بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيْضًا لِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ قَطْعِ الْمُتَسَبِّبِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ الْمُكْرَهُ بِالْفَتْحِ غَيْرَ مُمَيِّزٍ أَوْ أَعْجَمِيًّا يَعْتَقِدُ الطَّاعَةَ كَانَ آلَةً لِلْمُكْرِهِ فَيُقْطَعُ فَقَطْ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِلَا إكْرَاهٍ. (وَيُقْطَعُ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ بِمَالِ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ) بِالْإِجْمَاعِ فِي مُسْلِمٍ بِمُسْلِمٍ وَبِعِصْمَةِ الذِّمِّيِّ وَالْتِزَامِهِ الْأَحْكَامَ وَلَوْ لَمْ يَرْضَ بِحُكْمِنَا كَمَا فِي الزِّنَى. (وَفِي) (مُعَاهَدٍ) وَمُؤَمَّنٍ (أَقْوَالٌ أَحْسَنُهَا إنْ شُرِطَ قَطْعُهُ بِسَرِقَةٍ قُطِعَ) لِالْتِزَامِهِ الْأَحْكَامَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُشْرَطْ ذَلِكَ (فَلَا) يُقْطَعُ لِانْتِفَاءِ الْتِزَامِهِ (قُلْت: الْأَظْهَرُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لَا قَطْعَ) بِسَرِقَتِهِ مَالَ مُسْلِمٍ أَوْ غَيْرِهِ مُطْلَقًا كَمَا لَا يُحَدُّ بِالزِّنَى (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) إذْ لَمْ يَلْتَزِمْ أَحْكَامَنَا فَهُوَ كَالْحَرْبِيِّ، نَعَمْ يُطَالَبُ بِرَدِّ مَا سَرَقَهُ أَوْ بَدَلِهِ جَزْمًا، وَلَا يُقْطَعُ أَيْضًا مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ بِسَرِقَتِهِمَا مَالَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَحَدِ الْحِرْزَيْنِ فِي الْآخَرِ يَجْعَلُهُمَا كَالْحِرْزِ الْوَاحِدِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا فِي الصَّحْنِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ فَلَا قَطْعَ. [فَرْعٌ] قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: لَوْ فَتَحَ شَخْصٌ الْحِرْزَ، وَدَخَلَ الدَّارَ فَحَدَثَ فِيهَا مَالٌ، وَهُوَ فِيهَا فَأَخَذَهُ وَخَرَجَ بِهِ فَلَا قَطْعَ لِأَخْذِهِ مِنْ حِرْزٍ مَهْتُوكٍ اهـ. وَاعْتَمَدَهُ م ر. أَقُولُ: لَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَهُمْ: إنَّ الْحِرْزَ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْحِرْزِيَّةِ بِفَتْحِ السَّارِقِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِيمَا إذَا وُضِعَ الْمَالُ قَبْلَ الْهَتْكِ، وَوَجْهُهُ اسْتِصْحَابُ الْحِرْزِيَّةِ وَالِاحْتِرَامُ لِلْحِرْزِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: فَيُقْطَعُ لِإِحْرَازِهِ عَنْهُ) وَمِنْهُ صُنْدُوقُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ بِالنِّسْبَةِ لِلْآخَرِ فَيُقْطَعُ بِسَرِقَتِهِ مِنْهُ. [فَصْلٌ فِي شُرُوطِ السَّارِقِ الَّذِي يُقْطَعُ] (فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ السَّارِقِ (قَوْلُهُ: وَيُقْطَعُ بِهَا) أَيْ مِنْ الْأَعْضَاءِ (قَوْلُهُ: وَجَاهِلٌ مَعْذُورٌ بِجَهْلِهِ) أَيْ بِأَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ. (قَوْلُهُ: وَبِعِصْمَةِ الذِّمِّيِّ) أَيْ وَبِسَبَبِ عِصْمَةِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ مُطْلَقًا) شُرِطَ أَوْ لَا؟ (قَوْلُهُ: أَوْ بَدَلِهِ جَزْمًا) فِي هَذَا الصَّنِيعِ إشْعَارٌ بِأَنَّ الْحَرْبِيَّ لَا يُطَالَبُ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ مَا سَرَقَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ بَاقِيًا وَأَمْكَنَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ السَّارِقِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فِي شُرُوطِ السَّارِقِ) أَيْ فِي بَعْضِ، فَقَوْلُهُ: وَهِيَ تَكْلِيفٌ إلَخْ. بَيَانٌ لِلشُّرُوطِ مِنْ حَيْثُ هِيَ لَا الَّتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي هَذَا الْفَصْلِ (قَوْلُهُ: وَيُقْطَعُ بِهَا) أَيْ وَفِيمَا يُقْطَعُ بِهَا وَهُوَ أَطْرَافُهُ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: لِالْتِزَامِهِ الْأَحْكَامَ)

لِاسْتِحَالَةِ قَطْعِهِمَا بِمَالِهِ دُونَ قَطْعِهِ بِمَالِهِمَا. (وَتَثْبُتُ السَّرِقَةُ بِيَمِينِ الْمُدَّعِي الْمَرْدُودَةِ) فَيُقْطَعُ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهَا إقْرَارٌ حُكْمًا وَهَذَا مَا ذَكَرَاهُ هُنَا، لَكِنَّهُمَا جَزَمَا فِي الدَّعَاوَى مِنْ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بِعَدَمِ الْقَطْعِ بِهَا؛ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ لَا يَثْبُتُ بِهَا، وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَاحْتَجَّ لَهُ بِنَصِّ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى ثُبُوتِهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ وَهَمٌ؛ إذْ ثُبُوتُهُ لَا خِلَافَ فِيهِ (وَبِإِقْرَارِ السَّارِقِ) بَعْدَ دَعْوَى إنْ فَصَّلَهُ بِمَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَةِ بِهَا، وَلَوْ لَمْ يَتَكَرَّرْ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ، وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ قَبُولِ الْإِطْلَاقِ مِنْ مُقِرٍّ فَقِيهٍ مُوَافِقٍ لِلْقَاضِي فِي مَذْهَبِهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ إذْ كَثِيرٌ مِنْ مَسَائِلِ الشُّبْهَةِ وَالْحِرْزِ وَقَعَ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ الْوَاحِدِ فَالْأَوْجَهُ اشْتِرَاطُ التَّفْصِيلِ مُطْلَقًا كَنَظِيرِهِ فِي الزِّنَى أَمَّا إقْرَارُهُ قَبْلَ تَقَدُّمِ دَعْوَى فَلَا يُقْطَعُ بِهِ حَتَّى يَدَّعِيَ الْمَالَ، وَيَثْبُتَ الْمَالُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَوْ شَهِدَا بِسَرِقَةِ مَالِ غَائِبٍ أَوْ حَاضِرٍ حِسْبَةً قُبِلَا، وَلَا قَطْعَ حَتَّى يَدَّعِيَ الْمَالِكُ بِمَالِهِ ثُمَّ تُعَادَ الشَّهَادَةُ لِثُبُوتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْحِسْبَةِ لَا الْقَطْعِ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِهَا وَإِنَّمَا اُنْتُظِرَ لِوُقُوعِ ظُهُورِ مُسْقِطٍ وَلَمْ يَظْهَرْ. (وَالْمَذْهَبُ قَبُولُ رُجُوعِهِ عَنْ الْإِقْرَارِ بِالسَّرِقَةِ كَالزِّنَى لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَطْعِ دُونَ الْمَالِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِقَبُولِ رُجُوعِهِ) فَلَا يُقْطَعُ، وَفِي الْغُرْمِ قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا وُجُوبُهُ، وَفِي طَرِيقٍ ثَالِثٍ الْقَطْعُ بِوُجُوبِ الْغُرْمِ أَيْضًا. (وَمَنْ) (أَقَرَّ بِعُقُوبَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى) أَيْ بِمُوجِبِهَا كَزِنًى وَسَرِقَةٍ وَشُرْبِ مُسْكِرٍ وَلَوْ بَعْدَ دَعْوَى (فَالصَّحِيحُ أَنَّ لِلْقَاضِي) أَيْ يَجُوزُ لَهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، لَكِنْ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إشَارَةٌ إلَى نَقْلِ الْإِجْمَاعِ عَلَى نَدْبِهِ، وَحَكَاهُ عَنْ الْأَصْحَابِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ ـــــــــــــــــــــــــــــSانْتِزَاعُهُ مِنْهُ نُزِعَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: وَتَثْبُتُ السَّرِقَةُ بِيَمِينِ الْمُدَّعِي الْمَرْدُودَةِ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ:؛ إذْ ثُبُوتُهُ) أَيْ الْمَالِ بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَتَكَرَّرْ) أَيْ الْإِقْرَارُ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ اشْتِرَاطُ التَّفْصِيلِ مُطْلَقًا) أَيْ فَقِيهًا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ الْمَالُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ هَذَا الْأَخْذُ بِأَنَّ قَضِيَّةَ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ عَدَمُ الِاحْتِيَاجِ لِثُبُوتِ الْمَالِ لَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ فِي الْمَأْخُوذِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْحِسْبَةِ، بِخِلَافِهِ فِي الْمَأْخُوذِ فَإِنَّ فِيهِ إقْرَارًا، وَالْمَالُ يَثْبُتُ بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِهَا) قَدْ يُقَالُ: قَضِيَّةُ هَذَا الصَّنِيعِ أَنَّ السَّرِقَةَ تَثْبُتُ قَبْلَ الدَّعْوَى فَقَدْ يُشْكِلُ عَلَى التَّرْتِيبِ فِي قَوْلِهِ الْآتِي ثُمَّ ثُبُوتُ السَّرِقَةِ بِشُرُوطِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا مُخَصِّصٌ لِلتَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ أَوْ بِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ ثُبُوتَ السَّرِقَةِ أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ. [فَرْعٌ] لَوْ أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ ثُمَّ رَجَعَ ثُمَّ كَذَّبَ رُجُوعَهُ، قَالَ الدَّمِيرِيِّ: لَا يُقْطَعُ، وَلَوْ أَقَرَّ بِهَا ثُمَّ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ ثُمَّ رَجَعَ، قَالَ الْقَاضِي: سَقَطَ عَنْهُ الْقَطْعُ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ الثُّبُوتَ كَانَ بِالْإِقْرَارِ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي الزِّنَى عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ، كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ سم عَلَى حَجّ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ فِيهِمَا خِلَافُهُ عِنْدَ م ر فِيمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: وَالطَّرِيقُ الثَّانِي إلَخْ.) أَهْمَلَ ذِكْرَ الْقَوْلِ الثَّانِي مِنْ الطَّرِيقِ الْحَاكِيَةِ الَّتِي اخْتَارَهَا فِي الْمَتْنِ. وَعِبَارَةُ الْجَلَالِ عَقِبَ الْمَتْنِ وَفِي قَوْلٍ لَا كَالْمَالِ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي إلَخْ. (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْوَجْهُ إسْقَاطُ الْأَحْكَامِ وَلَيْسَ هُوَ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ إلَخْ) اسْتَشْكَلَ ابْنُ قَاسِمٍ هَذَا الْأَخْذَ بِأَنَّ قَضِيَّةَ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ عَدَمُ الِاحْتِيَاجِ لِثُبُوتِ الْمَالِ لِأَنَّهُ إنَّمَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ فِي الْمَأْخُوذِ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْحِسْبَةِ، بِخِلَافِهِ فِي الْمَأْخُوذِ فَإِنَّهُ إقْرَارٌ وَالْمَالُ يَثْبُتُ بِهِ (قَوْلُهُ: لَا لِلْقَطْعِ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: قَدْ يُقَالُ قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ السَّرِقَةَ تَثْبُتُ قَبْلَ الدَّعْوَى. وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَى التَّرْتِيبِ فِي قَوْلِهِ: أَيْ ابْنِ حَجَرٍ الْآتِي ثُمَّ ثُبُوتُ السَّرِقَةِ بِشُرُوطِهَا. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا تَخْصِيصٌ لِلتَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ أَوْ بِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ ثُبُوتَ السَّرِقَةِ أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. لَكِنْ قَدْ يُقَالُ إنَّ الْجَوَابَ الثَّانِي لَا يَتَأَتَّى مَعَ قَوْلِهِ دَعْوَى الْمَالِكِ أَوْ وَلِيِّهِ أَوْ وَكِيلِهِ

وَقَضِيَّةُ تَخْصِيصِهِمْ الْجَوَازَ بِالْقَاضِي حُرْمَتُهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَالْأَوْجَهُ جَوَازُهُ لِامْتِنَاعِ التَّلْقِينِ عَلَى الْحَاكِمِ دُونَ غَيْرِهِ (أَنْ يَعْرِضَ لَهُ) حَيْثُ كَانَ جَاهِلًا وُجُوبَ الْحَدِّ وَهُوَ مَعْذُورٌ كَمَا فِي التَّعْزِيرِ، وَلَعَلَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ إذْ الْعَالِمُ قَدْ تَطْرَأُ لَهُ دَهْشَةٌ فَلَا فَرْقَ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ (بِالرُّجُوعِ) عَنْ الْإِقْرَارِ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِجَوَازِهِ فَيَقُولُ: لَعَلَّك قَبَّلْتَ فَاخَذْتَ أَخَذْتَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ غَصَبْتَ انْتَهَبْتَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ مَا شَرِبْتَهُ مُسْكِرٌ؛ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَرَّضَ بِهِ لِمَاعِزٍ وَقَالَ لِمَنْ أَقَرَّ عِنْدَهُ بِالسَّرِقَةِ مَا أَخَالُكَ سَرَقْتَ، قَالَ بَلَى، فَأَعَادَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَأَمَرَ بِهِ فَقُطِعَ» . وَالثَّانِي لَا يَعْرِضُ لَهُ. وَالثَّالِثُ: يَعْرِضُ لَهُ إنْ جَهِلَ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ، فَإِنْ عَلِمَ فَلَا، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ بِالرُّجُوعِ أَنَّهُ لَا يَعْرِضُ لَهُ بِالْإِنْكَارِ أَيْ مَا لَمْ يَخْشَ أَنَّ ذَلِكَ يَحْمِلُهُ عَلَى إنْكَارِ الْمَالِ أَيْضًا فِيمَا يَظْهَرُ، وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ التَّعْرِيضُ إذَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ، وَقَوْلُهُ لِلَّهِ يُفِيدُ أَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ لَا يَحُلُّ التَّعْرِيضُ بِالرُّجُوعِ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يُفِدْ الرُّجُوعُ فِيهِ شَيْئًا، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ فِيهِ حَمْلًا عَلَى مُحَرَّمٍ فَهُوَ كَمُتَعَاطِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ (وَلَا يَقُولُ) لَهُ (ارْجِعْ) عَنْهُ أَوْ اجْحَدْهُ قَطْعًا فَيَأْثَمُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَ بِالْكَذِبِ، وَلَهُ أَنْ يَعْرِضَ لِلشُّهُودِ بِالتَّوَقُّفِ فِي حَدِّهِ تَعَالَى إنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي السَّتْرِ وَإِلَّا فَلَا، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّعْرِيضُ، وَلَا لَهُمْ التَّوَقُّفُ عِنْدَ تَرَتُّبِ مَفْسَدَةٍ عَلَى ذَلِكَ مِنْ ضَيَاعِ الْمَسْرُوقِ أَوْ حَدٍّ لِلْغَيْرِ. (وَلَوْ) (أَقَرَّ بِلَا دَعْوَى) أَوْ بَعْدَ دَعْوَى مِنْ وَكِيلٍ لِلْغَائِبِ شَمِلَتْ وَكَالَتُهُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَشْعُرْ الْمَالِكُ بِهَا أَوْ شَهِدَ بِهَا حِسْبَةً (أَنَّهُ سَرَقَ مَالَ زَيْدٍ الْغَائِبِ) أَوْ الصَّبِيِّ أَوْ الْمَجْنُونِ وَأُلْحِقَ بِذَلِكَ السَّفِيهُ (لَمْ يُقْطَعْ فِي الْحَالِ بَلْ) يُحْبَسُ وَ (يُنْتَظَرُ حُضُورُهُ) وَكَمَالُهُ وَمُطَالَبَتُهُ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُقِرُّ لَهُ بِهِ بِالْإِبَاحَةِ أَوْ الْمِلْكِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الْقَطْعُ وَإِنْ كَذَّبَهُ كَمَا مَرَّ، أَمَّا بَعْدَ دَعْوَى الْمُوَكِّلِ فَلَا انْتِظَارَ لِعَدَمِ احْتِمَالِ الْإِبَاحَةِ هُنَا، وَنَحْوُ الصَّبِيِّ يُمْكِنُ أَنْ يُمَلِّكَهُ عَقِبَ الْبُلُوغِ وَالرُّشْدِ وَقَبْلَ الرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ فَيَسْقُطُ الْقَطْعُ أَيْضًا. وَلَا يُشْكِلُ حَبْسُهُ هُنَا بِعَدَمِهِ فِيمَا لَوْ أَقَرَّ بِمَالِ غَائِبٍ؛ لِأَنَّ لَهُ الْمُطَالَبَةَ بِالْقَطْعِ فِي الْجُمْلَةِ لَا بِمَالِ الْغَائِبِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ مَاتَ عَنْ نَحْوِ طِفْلٍ حُبِسَ؛ لِأَنَّهُ لَهُ بَلْ عَلَيْهِ الْمُطَالَبَةُ بِهِ حِينَئِذٍ. (أَوْ) أَقَرَّ (أَنَّهُ أَكْرَهَ أَمَةَ غَائِبٍ عَلَى الزِّنَى) أَوْ زَنَى بِهَا (حُدَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الْجَوَازُ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ جَوَازُهُ) أَيْ مِنْ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: فَلَا فَرْقَ) أَيْ بَيْنَ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَخْشَ) مُتَّصِلَةٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِالرُّجُوعِ فَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهَا قَبْلَ قَوْلِهِ وَأَفْهَمَ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ أَقَرَّ أَنَّ لَهُ قَبْلَ الْإِقْرَارِ وَلَا بَيِّنَةَ حَمْلَهُ بِالتَّعْرِيضِ عَلَى الْإِنْكَارِ: أَيْ مَا لَمْ يَخْشَ أَنَّ ذَلِكَ إلَخْ اهـ (قَوْلُهُ: لَا يَحِلُّ التَّعْرِيضُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ رُجُوعُهُ لَا يُقْبَلُ (قَوْلُهُ: فَيَأْثَمُ بِهِ) وَمِثْلُ الْقَاضِي غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَمَرَ بِالْكَذِبِ) إنْ رَجَعَ الْمَتْنُ أَيْضًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ دَلَّ عَلَى تَضَمُّنِ الرُّجُوعِ الْكَذِبَ فَيُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ التَّعْرِيضِ بِالرُّجُوعِ وَالتَّعْرِيضِ بِالْإِنْكَارِ، وَأَنَّ فِي الثَّانِي حَمْلًا عَلَى الْكَذِبِ، وَتَسْلِيمُ ذَلِكَ فِي الْجَوَابِ مَعَ الِاعْتِذَارِ عَنْهُ، إلَّا أَنْ يُجَابَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْحَمْلِ عَلَى الْكَذِبِ وَالْأَمْرِ بِهِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ حَدٍّ لِلْغَيْرِ) وَمِثْلُهُ بِالْأَوْلَى مَا لَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ. (قَوْلُهُ: شَمِلَتْ وَكَالَتُهُ ذَلِكَ) أَيْ الدَّعْوَى كَأَنْ وَكَّلَهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالدَّعَاوَى (قَوْلُهُ: أَوْ الْمِلْكِ) هَذَا التَّعْلِيلُ لَا يَأْتِي فِي الصَّبِيِّ وَالْمَحْنُونِ وَالسَّفِيهِ لَكِنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّهُ قَدْ يَبْلُغُ الصَّبِيُّ إلَخْ فَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي الْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَذَّبَهُ) أَيْ كَذَّبَ الْمُقِرُّ الْمَالِكَ (قَوْلُهُ: أَمَّا بَعْدَ دَعْوَى الْمُوَكِّلِ فَلَا انْتِظَارَ) أَيْ بِأَنْ ادَّعَى مَثَلًا ثُمَّ سَافَرَ وَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ سَفَرِ الْمُدَّعِي (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ لَهُ الْمُطَالَبَةَ) أَيْ الْحَاكِمِ (وَقَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ مَاتَ) أَيْ الْمَالِكُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: دُونَ غَيْرِهِ) أَيْ فَهُوَ أَوْلَى بِالْجِوَارِ (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: لِلرُّجُوعِ أَنَّهُ لَا يُعَرَّضُ لَهُ بِالْإِنْكَارِ إلَخْ.) صَوَابُهُ مَا فِي التُّحْفَةِ وَنَصُّهُ: وَقَوْلُهُ: أَيْ وَأَفْهَمَ قَوْلُ الْمَتْنِ أَقَرَّ أَنَّ لَهُ قَبْلَ الْإِقْرَارِ وَلَا بَيِّنَةَ حَمَلَهُ بِالتَّعْوِيضِ عَلَى الْإِنْكَارِ: أَيْ مَا لَمْ يَخْشَ إلَخْ. وَلَعَلَّ صُورَةَ إنْكَارِ السَّرِقَةِ دُونَ الْمَالِ كَأَنْ يُقِرَّ بِهِ وَيَدَّعِيَ أَنَّهُ أَخَذَهُ بِشُبْهَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ مَاتَ)

فِي الْحَالِ فِي الْأَصَحِّ) لِعَدَمِ تَوَقُّفِهِ عَلَى طَلَبٍ وَلِأَنَّهُ لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ، وَمِنْ ثَمَّ تَوَقَّفَ الْمَهْرُ عَلَى حُضُورِهِ لِسُقُوطِهِ بِالْإِسْقَاطِ وَاحْتِمَالِ كَوْنِهَا وُقِفَتْ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ لِضَعْفِ الشُّبْهَةِ فِيهِ، وَلِهَذَا جَرَيَا فِي بَابِ الْوَقْفِ عَلَى حَدِّهِ بِوَطْءِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَيْهِ أَوْ أَنَّهُ نَذَرَ لَهُ بِهَا كَذَلِكَ لِنُدْرَتِهِ، وَالثَّانِي يُنْتَظَرُ حُضُورُهُ لِلِاحْتِمَالِ الْمَارِّ. (وَيَثْبُتُ) الْقَطْعُ (بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ) كَسَائِرِ الْعُقُوبَاتِ غَيْرِ الزِّنَى (فَلَوْ) (شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) بَعْدَ دَعْوَى الْمَالِكِ أَوْ نَائِبِهِ أَوْ رَجُلٌ وَحَلَفَ مَعَهُ (ثَبَتَ الْمَالُ وَلَا قَطْعَ) كَمَا لَوْ ثَبَتَ بِذَلِكَ الْغَصْبُ الْمُعَلَّقُ بِهِ طَلَاقٌ أَوْ عِتْقٌ دُونَهُمَا حَيْثُ تَقَدَّمَ التَّعْلِيقُ عَلَى الثُّبُوتِ وَإِلَّا وَقَعَا كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الصَّوْمِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدُوا قَبْلَ الدَّعْوَى فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ شَيْءٌ؛ إذْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ فِي الْمَالِ كَمَا مَرَّ (وَيُشْتَرَطُ ذِكْرُ الشَّاهِدِ) هُوَ لِلْجِنْسِ أَيْ كُلٌّ مِنْ شَاهِدَيْهِ (لِشُرُوطِ السَّرِقَةِ) الْمَارَّةِ؛ إذْ قَدْ يَظُنَّانِ مَا لَيْسَ بِسَرِقَةٍ سَرِقَةً فَيُبَيِّنَانِ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ وَالْمَسْرُوقَ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرَا أَنَّهُ نِصَابٌ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ فِيهِ وَفِي قِيمَتِهِ لِلْحَاكِمِ بِهِمَا أَوْ بِغَيْرِهِمَا، وَلَا أَنَّهُ مِلْكٌ لِغَيْرِ السَّارِقِ بَلْ لِلْمَالِكِ إثْبَاتُهُ بِغَيْرِهِمَا وَكَوْنُهَا مِنْ حِرْزٍ بِتَعْيِينِهِ أَوْ وَصْفِهِ وَيَقُولَانِ لَا نَعْلَمُ فِيهِ شُبْهَةً، وَغَيْرُ ذَلِكَ كَاتِّفَاقِ الشَّاهِدَيْنِ، وَيُشِيرُ إلَى السَّارِقِ إنْ حَضَرَ، وَإِلَّا ذَكَرَ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ، وَمَا اُسْتُشْكِلَ بِهِ مِنْ أَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تُسْمَعُ عَلَى غَائِبٍ فِي حَدٍّ لَهُ تَعَالَى يُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِغَائِبٍ مُتَعَزِّزٍ أَوْ مُتَوَارٍ بَعْدَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ. (وَلَوْ) (اخْتَلَفَ شَاهِدَانِ) فِيمَا بَيْنَهُمَا (كَقَوْلِهِ) أَيْ أَحَدِهِمَا (سَرَقَ) هَذَا الْعَيْنَ أَوْ ثَوْبًا أَبْيَضَ (بُكْرَةً وَ) قَوْلِ (الْآخَرِ) سَرَقَهَا أَوْ ثَوْبًا أَسْوَدَ (عَشِيَّةً) (فَبَاطِلَةٌ) لِلتَّنَافِي فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا قَطْعٌ نَعَمْ لِلْمَالِكِ الْحَلِفُ مَعَ أَحَدِهِمَا وَمَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا إنْ وَافَقَ شَهَادَةَ كُلٍّ دَعْوَاهُ وَأُخِذَ الْمَالَ، وَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِكَبْشٍ وَالْآخَرُ بِكَبْشَيْنِ ثَبَتَ وَاحِدٌ وَقُطِعَ إنْ بَلَغَ نِصَابًا، وَلَهُ الْحَلِفُ مَعَ شَاهِدِ الزِّيَادَةِ وَأَخَذَهَا، أَوْ اثْنَانِ أَنَّهُ سَرَقَ هَذِهِ بُكْرَةً وَآخَرَانِ أَنَّهُ سَرَقَهَا عَشِيَّةً تَعَارَضَتَا وَلَمْ يُحْكَمْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، فَإِنْ لَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ ثَبَتَا وَقُطِعَا إذْ لَا تَعَارُضَ. (وَعَلَى السَّارِقِ رَدُّ مَا سَرَقَ) وَإِنْ قُطِعَ لِخَبَرِ «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» وَلِأَنَّ الْقَطْعَ حَقُّهُ تَعَالَى وَالْغُرْمُ حَقُّ الْآدَمِيِّ فَلَمْ يُسْقِطُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَقَوْلُهُ حُبِسَ) : أَيْ الْمُقِرُّ، (وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ لَهُ) : أَيْ الْحَاكِمِ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّهُ نَذَرَ لَهُ بِهَا كَذَلِكَ) أَيْ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ (قَوْلُهُ: لِنُدْرَتِهِ) أَفَادَ أَنَّهُ إذَا وَطِئَ الْأَمَةَ الْمَنْذُورَ لَهُ بِهَا وَهِيَ بِيَدِ النَّاذِرِ لَا يُحَدُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا بِالنَّذْرِ (قَوْلُهُ: لِلِاحْتِمَالِ الْمَارِّ) أَيْ فِي تَوْجِيهِ الْأَصَحِّ مِنْ قَوْلِهِ: لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُقِرُّ لَهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلَا أَنَّهُ مِلْكٌ لِغَيْرِ السَّارِقِ) أَيْ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا أَنْ يُبَيِّنَا أَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَقُولَانِ لَا نَعْلَمُ) مِنْ جُمْلَةِ الشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرِ ذِكْرُهَا. (قَوْلُهُ: وَمَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ يَمِينًا وَاحِدَةً عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ: إنْ وَافَقَ شَهَادَةَ كُلٍّ دَعْوَاهُ) أَيْ كَأَنْ ادَّعَى بِعَيْنٍ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ سَرَقَهَا بُكْرَةً، وَالْآخَرُ عَشِيَّةً فَيَحْلِفُ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا، بِمَعْنَى أَنَّهُ إنْ شَاءَ حَلَفَ أَنَّهُ سَرَقَهَا بُكْرَةً وَإِنْ شَاءَ حَلَفَ أَنَّهُ سَرَقَهَا عَشِيَّةً، فَإِنْ وَافَقَتْ دَعْوَاهُ شَهَادَةَ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ حَلَفَ مَعَ مَنْ وَافَقَتْ شَهَادَتُهُ أَحَدَهُمَا وَالْآخَرُ بِأَنَّهُ سَرَقَ ثَوْبًا أَسْوَدَ فَيَحْلِفُ مَعَ الْأَوَّلِ لِمُوَافَقَةِ شَهَادَتِهِ دَعْوَاهُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُحْكَمْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا) وَإِنْ كَثُرَ عَدَدُ إحْدَاهُمَا؛ لِأَنَّ الْكَثْرَةَ لَيْسَتْ مُرَجِّحَةً. (قَوْلُهُ: وَعَلَى السَّارِقِ رَدُّ مَا سَرَقَ) أَيْ وَأُجْرَتُهُ مُدَّةَ وَضْعِ يَدِهِ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي كَمَنَافِعِهِ اهـ سم ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ الْغَائِبُ (قَوْلُهُ: يُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ) يَعْنِي: السَّمَاعَ (قَوْلُهُ: هَذِهِ الْعَيْنُ أَوْ ثَوْبًا أَبْيَضَ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ مَعَ الْمَتْنِ سَرَقَ هَذِهِ الْعَيْنَ أَوْ ثَوْبًا أَبْيَضَ أَوْ بَكَرَةً، وَقَوْلُ الْآخَرِ سَرَقَ هَذَا مُشِيرًا لِأُخْرَى أَوْ ثَوْبًا أَسْوَدَ أَوْ عَشِيَّةً فَبَاطِلَةٌ انْتَهَتْ. فَمُرَادُهُ تَصْوِيرُ الِاخْتِلَافِ فِي الْعَيْنِ وَفِي الْوَصْفِ وَفِي الزَّمَنِ، وَمَا صَنَعَهُ الشَّارِحُ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا إلَّا أَنَّهُ فَاتَهُ هَذَا الْغَرَضُ، وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا مَوْقِعَ لِقَوْلِهِ أَبْيَضَ وَأَسْوَدَ بَعْدَ ذِكْرِ الْعَيْنِ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الزَّمَنِ كَافٍ (قَوْلُهُ: وَمَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا) تَوَقَّفَ ابْنُ قَاسِمٍ فِي هَذَا، وَنَقَلَ عَلَيْهِ عِبَارَةَ الرَّوْضِ وَنَصَّهَا: وَإِنْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِثَوْبٍ أَبْيَضَ وَآخَرُ بِأَسْوَدَ

وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَسْقُطْ الضَّمَانُ، وَالْقَطْعُ عَنْهُ بِرَدِّهِ الْمَالَ لِلْحِرْزِ (فَإِنْ تَلِفَ ضَمِنَهُ) كَمَنَافِعِهِ مِنْ مِثْلٍ فِي الْمِثْلِيِّ وَأَقْصَى قِيمَةٍ فِي الْمُتَقَوِّمِ. (وَتُقْطَعُ يَمِينُهُ) أَيْ السَّارِقِ الَّذِي لَهُ أَرْبَعٌ إذْ هُوَ الَّذِي يَتَأَتَّى فِيهِ التَّرْتِيبُ الْآتِي بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَانَتْ شَلَّاءَ حَيْثُ أُمِنَ نَزْفُ الدَّمِ وَلِأَنَّ الْبَطْشَ بِهَا أَقْوَى فَكَانَتْ الْبُدَاءَةُ بِهَا أَرْدَعَ، وَإِنَّمَا لَمْ يُقْطَعْ ذَكَرُ الزَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مِثْلُهُ وَبِهِ يَفُوتُ النَّسْلُ الْمَطْلُوبُ بَقَاؤُهُ، وَقَاطِعُهَا فِي غَيْرِ الْقِنِّ هُوَ أَوْ نَائِبُهُ، فَلَوْ فَوَّضَهُ لِلسَّارِقِ لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ (فَإِنْ سَرَقَ ثَانِيًا بَعْدَ قَطْعِهَا) وَانْدِمَالِ الْقَطْعِ الْأَوَّلِ وَفَارَقَ تَوَالَى الْقَطْعُ فِي الْحِرَابَةِ؛ لِأَنَّهُمَا ثَمَّ حَدٌّ وَاحِدٌ (فَرِجْلُهُ الْيُسْرَى) هِيَ الَّتِي تُقْطَعُ (وَ) إنْ سَرَقَ (ثَالِثًا) قُطِعَتْ (يَدُهُ الْيُسْرَى وَ) إنْ سَرَقَ (رَابِعًا) قُطِعَتْ (رِجْلُهُ الْيُمْنَى) لِخَبَرِ الشَّافِعِيِّ بِذَلِكَ وَلَهُ شَوَاهِدُ، وَصَحَّ مَا ذُكِرَ فِي الثَّالِثَةِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مِنْ غَيْرِ مُخَالِفٍ، وَحِكْمَةُ قَطْعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ أَنَّهُمَا آلَةُ السَّرِقَةِ بِالْأَخْذِ وَالنَّقْلِ وَقَطْعِ مَا ذُكِرَ فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ أَنَّ السَّرِقَةَ مَرَّتَيْنِ تَعْدِلُ الْحِرَابَةِ شَرْعًا وَهُمَا يُقْطَعَانِ فِي مَرَّةٍ مِنْهَا كَمَا يَأْتِي، أَمَّا قَبْلَ قَطْعِهَا فَسَيَأْتِي وَمَحَلُّهُ فِي الْعُضْوِ الْأَصْلِيِّ، فَلَوْ كَانَ لَهُ يَدَانِ مَثَلًا وَعُلِمَتْ الْأَصْلِيَّةُ قُطِعَتْ دُونَ الزَّائِدَةِ، وَإِلَّا اكْتَفَى بِقَطْعِ إحْدَاهُمَا وَلَا يُقْطَعَانِ بِسَرِقَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ إلَّا ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: بِرَدِّهِ الْمَالَ لِلْحِرْزِ) أَيْ وَلَوْ لَمْ تَثْبُتْ السَّرِقَةُ إلَّا بَعْدَ الرِّدَّةِ، وَقَدْ يُخْرِجُ قَوْلُهُ بِرَدِّهِ إلَخْ مَا لَوْ أَخَذَهُ الْمَالِكُ قَبْلَ الرَّفْعِ لِلْقَاضِي كَأَنْ رَمَاهُ السَّارِقُ خَارِجَ الْحِرْزِ فَأَخَذَهُ الْمَالِكُ فَلَا قَطْعَ لِتَعَذُّرِ طَلَبِ الْمَالِ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ بِرَدِّهِ لِلْحِرْزِ قَبْلَ وَضْعِ الْمَالِكِ يَدَهُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ أُمِنَ نَزْفُ الدَّمِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ نَزْفُ الدَّمِ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى، بِخِلَافِ مَا سَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ أَنَّهُ لَوْ شُلَّتْ بَعْدَ السَّرِقَةِ وَلَمْ يُؤْمَنْ نَزْفُ الدَّمِ فَإِنَّ الْقَطْعَ يَسْقُطُ؛ لِأَنَّهُ بِالسَّرِقَةِ تَعَلَّقَ بِعَيْنِهَا، فَإِذَا تَعَذَّرَ قَطْعُهَا سَقَطَ بِخِلَافِهِ هُنَا، فَإِنَّ الشَّلَلَ مَوْجُودٌ ابْتِدَاءً، فَإِذَا تَعَذَّرَ قَطْعُهَا لَمْ يَتَعَلَّقْ الْقَطْعُ بِهَا بَلْ بِمَا بَعْدَهَا م ر اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَقَاطِعُهَا فِي غَيْرِ الْقِنِّ) أَيْ مِنْ حُرٍّ وَمُبَعَّضٍ وَمُكَاتَبٍ، أَمَّا الْقِنُّ فَقَاطِعُهَا السَّيِّدُ وَالْإِمَامُ (قَوْلُهُ: فَلَوْ فَوَّضَهُ) أَيْ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ (قَوْلُهُ: لِلسَّارِقِ) وَخَرَجَ بِالسَّارِقِ مَا لَوْ فَوَّضَهُ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ فَيَقَعُ الْمَوْقِعَ وَإِنْ امْتَنَعَ التَّفْوِيضُ لَهُ مَخَافَةَ أَنْ يُرَدِّدَ عَلَيْهِ الْآلَةَ فَيُؤَدِّيَ إلَى إهْلَاكِهِ، وَخَرَجَ بِفَوَّضَ إلَيْهِ مَا لَوْ فَعَلَهُ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ فَلَا يَقَعُ حَدًّا، وَإِنْ امْتَنَعَ الْقَطْعُ لِفَوَاتِ الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ) فِي الرَّوْضِ فِي بَابِ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ قُبَيْلَ الطَّرَفِ الثَّانِي مَا نَصُّهُ: وَلَوْ أَذِنَ الْإِمَامُ لِلسَّارِقِ: أَيْ فِي قَطْعِ يَدِهِ فَقَطَعَ يَدَهُ جَازَ وَيُجْزِي اهـ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ مِنْ الْجَوَازِ نَاقَضَهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ الثَّانِي مِنْ أَبْوَابِ الْوَكَالَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ فَمَا فِي الْوَكَالَةِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَكَتَبَ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ: قَوْلُهُ لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ: أَيْ وَيَكُونُ كَالسُّقُوطِ بِآفَةٍ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ وَمِنْهُ سُقُوطُ الْقَطْعِ، وَعَلَيْهِ فَيُشْكِلُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَوْلِ بِوُقُوعِ الْمَوْقِعِ وَعَدَمِهِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُسْقِطُ الْقَطْعَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إذَا قُلْنَا بِوُقُوعِ الْمَوْقِعِ كَانَ قَطْعُهَا حَدًّا جَابِرًا لِلسَّرِقَةِ مِنْ حَيْثُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، وَحَيْثُ قُلْنَا لَا يَقَعُ الْمَوْقِعَ لَمْ يَكُنْ سُقُوطُهَا حَدًّا لَكِنَّهُ تَعَذَّرَ الْحَدُّ لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ فَلَا يَكُونُ سُقُوطُهَا جَابِرًا لِلسَّرِقَةِ، وَإِنْ اشْتَرَكَتْ الصُّورَتَانِ فِي عَدَمِ لُزُومِ شَيْءٍ لِلسَّارِقِ بَعْدُ (قَوْلُهُ: وَانْدِمَالِ الْقَطْعِ الْأَوَّلِ) أَيْ فَلَوْ وَالَى بَيْنَهُمَا فَمَاتَ الْمَقْطُوعُ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْحُدُودِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ أَحَدِهِمَا، وَلَهُ أَنْ يَدَّعِيَ الْآخَرُ وَيَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِهِ وَاسْتَحَقَّهُمَا (قَوْلُهُ: وَانْدِمَالُ الْقَطْعِ) كَانَ يَنْبَغِي التَّعْبِيرُ بِغَيْرِ هَذَا لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ لَا تُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُسْرَى إلَّا إنْ سَرَقَ بَعْدَ قَطْعِ الْيُمْنَى وَانْدِمَالِهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ سَرَقَ بَعْدَ الْقَطْعِ وَقَبْلَ الِانْدِمَالِ (قَوْلُهُ: وَقُطِعَ مَا ذُكِرَ بِالثَّالِثَةِ) لَعَلَّهُ بِالثَّانِيَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِسَرِقَةٍ وَاحِدَةٍ) أَفْهَمَ أَنَّ

زَائِدَةً قُطِعَتْ وَإِنْ فُقِدَتْ أَصَابِعُهَا، وَتُعْرَفُ الزَّائِدَةُ بِنَحْوِ نَقْصِ أُصْبُعٍ وَضَعْفِ بَطْشٍ وَفُحْشِ قِصَرٍ (وَبَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ قَطْعِ الْأَرْبَعِ إذَا سَرَقَ أَوْ سَرَقَ أَوَّلًا، وَلَا أَرْبَعَ لَهُ (يُعَزَّرُ) لِعَدَمِ وُرُودِ شَيْءٍ فِيهِ وَخَبَرُ قَتْلِهِ مُنْكَرٌ وَبِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ يَكُونُ مَنْسُوخًا أَوْ مَحْمُولًا عَلَى قَتْلِهِ بِزِنًى أَوْ اسْتِحْلَالٍ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا بَعْضُ الْأَرْبَعِ فَيُقْطَعُ فِي الْأُولَى مَا يُقْطَعُ فِي الثَّانِيَةِ بَلْ الرَّابِعَةُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا رِجْلٌ يُمْنَى؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُوجَدْ مَا قَبْلَهَا تَعَلَّقَ الْحَقُّ بِهَا. (وَيُغْمَسُ) نَدْبًا (مَحَلُّ قَطْعِهِ) (بِزَيْتٍ) خُصَّ كَأَنَّهُ لِكَوْنِهِ أَبْلَغَ (أَوْ دُهْنٍ) آخَرَ (مُغْلًى) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ لِصِحَّةِ الْأَمْرِ بِهِ، وَلِأَنَّهُ يَسُدُّ أَفْوَاهَ الْعُرُوقِ فَيَنْحَسِمُ الدَّمُ وَخَصَّهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِالْحَضَرِيِّ، أَمَّا الْبَدَوِيُّ فَيُحْسَمُ بِالنَّارِ؛ لِأَنَّهُ عَادَتُهُمْ فَدَلَّ عَلَى اعْتِبَارِ عَادَةِ تِلْكَ النَّاحِيَةِ ثَمَّ (قِيلَ هُوَ) أَيْ الْحَسْمُ (تَتِمَّةٌ لِلْحَدِّ) فَيَلْزَمُ الْإِمَامَ فِعْلُهُ هُنَا لَا فِي الْقَوَدِ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَزِيدَ إيلَامٍ يُحْمَلُ الْمَقْطُوعُ عَلَى تَرْكِهِ، (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ حَقٌّ لِلْمَقْطُوعِ) ؛ لِأَنَّهُ تَدَاوٍ يُدْفَعُ بِهِ الْهَلَاكُ بِسَبَبِ نَزْفِ الدَّمِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى فِعْلِهِ (فَمُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ) هُنَا وَكَذَا عَلَى الْأَوَّلِ مَا لَمْ يَجْعَلْهُ الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَأُجْرَةِ الْجَلَّادِ (وَلِلْإِمَامِ إهْمَالُهُ) مَا لَمْ يُفْضِ تَرْكُهُ لِتَلَفِهِ لِتَعَذُّرِ فِعْلِهِ مِنْ الْمَقْطُوعِ بِنَحْوِ إغْمَاءٍ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَعَلَيْهِ لَوْ تَرَكَهُ الْإِمَامُ لَزِمَ كُلَّ مَنْ عَلِمَ بِهِ وَلَهُ قُدْرَةٌ عَلَى ذَلِكَ فِعْلُهُ بِهِ كَمَا لَا يَخْفَى. (وَتُقْطَعُ الْيَدُ مِنْ كُوعٍ) لِلِاتِّبَاعِ وَلِأَنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى الْكَفِّ؛ وَلِذَا وَجَبَتْ فِيهِ الدِّيَةُ (وَ) تُقْطَعُ (الرِّجْلُ مِنْ مَفْصِلِ الْقَدَمِ) وَهُوَ الْكَعْبُ كَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ. (وَمَنْ سَرَقَ مِرَارًا بِلَا قَطْعٍ) لَمْ يَلْزَمْهُ سِوَى حَدٍّ وَاحِدٍ وَإِنَّمَا (كَفَتْ يَمِينُهُ) عَنْ الْكُلِّ لِاتِّحَادِ السَّبَبِ فَتَدَاخَلَتْ لِوُجُودِ الْحِكْمَةِ وَهِيَ الزَّجْرُ، وَكَذَا لَوْ زَنَى بِكْرًا أَوْ شَرِبَ مِرَارًا وَإِنَّمَا تَعَدَّدَتْ فِدْيَةُ نَحْوِ لُبْسِ الْمُحْرِمِ؛ لِأَنَّ فِيهَا حَقًّا لِلْآدَمِيِّ بِاعْتِبَارِ غَالِبِ مَصْرِفِهَا وَلَا كَذَلِكَ هُنَا، وَلَوْ سَرَقَ بَعْدَ قَطْعِ الْيُمْنَى مِرَارًا كَفَى قَطْعُ الرِّجْلِ عَنْ الْكُلِّ، وَهَكَذَا عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَرَّرَ، وَيَكْفِي قَطْعُ الْعُضْوِ الْمُتَوَجَّهِ قَطْعُهُ مِنْ يَدٍ أَوْ غَيْرِهَا. (وَإِنْ نَقَصَتْ أَرْبَعُ أَصَابِعَ قُلْتُ) أَخْذًا مِمَّا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَكَذَا) تُجْزِئُ (لَوْ) (ذَهَبَتْ الْخَمْسُ) الْأَصَابِعُ مِنْهَا (فِي الْأَصَحِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِإِطْلَاقِ اسْمِ الْيَدِ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ مَعَ وُجُودِ الزَّجْرِ بِمَا حَصَلَ لَهُ مِنْ الْإِيلَامِ وَالتَّنْكِيلِ، وَإِنْ سَقَطَ بَعْضُ كَفِّهَا أَيْضًا. (وَتُقْطَعُ يَدٌ) أَوْ رِجْلٌ (زَائِدَةٌ أُصْبُعًا) فَأَكْثَرَ (فِي الْأَصَحِّ) لِشُمُولِ اسْمِ الْيَدِ لَهَا، وَفَارَقَ الْقَوَدَ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْمُسَاوَاةُ، وَالثَّانِي لَا بَلْ يُعْدَلُ إلَى الرِّجْلِ. (وَلَوْ سَرَقَ فَسَقَطَتْ يَمِينُهُ بِآفَةٍ) أَوْ قَوَدٍ أَوْ ظُلْمًا أَوْ شُلَّتْ وَخُشِيَ مِنْ قَطْعِهَا نَزْفُ الدَّمِ (سَقَطَ الْقَطْعُ) وَلَمْ تُقْطَعْ الرِّجْلُ لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِعَيْنِهَا فَسَقَطَ بِفَوَاتِهَا (أَوْ) سَقَطَتْ (يَسَارُهُ) بِذَلِكَ مَعَ بَقَاءِ يَمِينِهِ (فَلَا) ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: وَبَعْدَ ذَلِكَ يُعَزَّرُ) فِي الْعُبَابِ يُعَزَّرُ وَيُحْبَسُ حَتَّى يَمُوتَ، وَظَاهِرُ الْمَتْنِ أَنَّهُ لَا يُحْبَسُ. (قَوْلُهُ: وَخَصَّهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِالْحَضَرِيِّ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: لَزِمَ كُلَّ مَنْ عَلِمَ بِهِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَثِمَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْإِمَامِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ سِوَى حَدٍّ وَاحِدٍ) أَيْ وَإِنْ عُلِمَتْ السَّرِقَةُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ وَلَمْ يُقْطَعْ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تَعَدَّدَتْ) أَيْ كَأَنْ لَبِسَ أَوَّلًا ثُمَّ بَعْدَ نَزْعِ الثَّوْبِ أَوْ الْعِمَامَةِ أَعَادَ اللُّبْسَ ثَانِيًا. (قَوْلُهُ وَلَوْ سَرَقَ فَسَقَطَتْ يَمِينُهُ بِآفَةٍ) أَفْهَمَ أَنَّهَا لَوْ فُقِدَتْ قَبْلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّانِيَةَ تُقْطَعُ بِسَرِقَةٍ ثَانِيَةٍ وَقَدْ شَمَلَهُ مَا بَعْدَهُ وَصَرَّحَ بِهِ الزِّيَادِيُّ (قَوْلُهُ: مُنْكِرٌ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: مُنْكَرٌ لَا أَصْلَ لَهُ انْتَهَتْ. وَهِيَ قَدْ تُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُنْكَرِ الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَهُوَ الَّذِي انْفَرَدَ بِهِ غَيْرُ الثِّقَةِ، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ بَعْدُ وَبِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ وَلَمْ يَقُلْ وَبِتَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ قَدْ يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُنْكَرُ بِالْمَعْنَى الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ

يَسْقُطُ الْقَطْعُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِبَقَاءِ مَحَلِّ الْقَطْعِ، وَقِيلَ يَسْقُطُ فِي قَوْلٍ، وَلَوْ أَخْرَجَ السَّارِقُ لِلْجَلَّادِ يَسَارَهُ فَقَطَعَهَا فَإِنْ قَالَ الْمُخْرِجُ ظَنَنْتُهَا الْيَمِينَ أَوْ أَنَّهَا تُجْزِئُ أَجْزَأَتْهُ، وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْأَدَاءِ بِقَصْدِ الدَّافِعِ، وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ يُومِئُ إلَى تَرْجِيحِهَا كَلَامُ الرَّوْضَةِ، وَصَحَّحَهَا الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ بَابِ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ وَالْمُصَنِّفُ فِي تَصْحِيحِهِ، وَصَحَّحَهَا الْإِسْنَوِيُّ وَإِنْ حَكَى فِي الرَّوْضَةِ طَرِيقَةً أُخْرَى أَنَّهُ يُسْأَلُ الْجَلَّادُ، فَإِنْ قَالَ ظَنَنْتُهَا الْيَمِينَ أَوْ أَنَّهَا تُجْزِئُ عَنْهَا وَحَلَفَ لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ وَأَجْزَأَتْهُ، أَوْ عَلِمْتُهَا الْيَسَارَ وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ إنْ لَمْ يَقْصِدْ الْمُخْرِجُ بَدَلَهَا عَنْ الْيَمِينِ أَوْ إبَاحَتَهَا وَلَمْ تُجْزِهِ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي. ـــــــــــــــــــــــــــــSالسَّرِقَةِ تَعَلَّقَ الْحَقُّ بِالْيُسْرَى فَتُقْطَعُ وَيَشْمَلُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ السَّابِقُ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا بَعْضُ الْأَرْبَعِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ الْمُخْرِجُ ظَنَنْتُهَا الْيَمِينَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ: أَيْ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْجَلَّادِ فِي الْحَالَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: نَدْبًا) يَعْنِي: بِنَاءً عَلَى خُصُوصِ الْأَصَحِّ الْآتِي دُونَ مُقَابِلِهِ الْآتِي أَيْضًا.

[باب قاطع الطريق]

«مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» حَدِيثٌ شَرِيفٌ " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بَابُ قَاطِعِ الطَّرِيقِ أَيْ أَحْكَامِهِمْ، وَقَطْعُهُ هُوَ الْبُرُوزُ لِأَخْذِ مَالٍ أَوْ لِقَتْلٍ أَوْ إرْهَابٍ مُكَابَرَةً اعْتِمَادًا عَلَى الشَّوْكَةِ مَعَ الْبُعْدِ عَنْ الْغَوْثِ كَمَا سَيَأْتِي. وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: 33] الْآيَةَ، قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ: إنَّمَا نَزَلَتْ فِي قُطَّاعِ الطَّرِيقِ لَا فِي الْكُفَّارِ، وَاحْتَجُّوا لَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} [المائدة: 34] الْآيَةَ، إذْ الْمُرَادُ التَّوْبَةُ عَنْ قَطْعِ الطَّرِيقِ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ الْكُفَّارَ لَكَانَتْ تَوْبَتُهُمْ بِإِسْلَامِهِمْ، وَهُوَ دَافِعٌ لِلْعُقُوبَةِ قَبْلَ الْقُدْرَةِ وَبَعْدَهَا (هُوَ مُسْلِمٌ) لَا حَرْبِيٌّ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ أَحْكَامَنَا وَلَا مُعَاهِدٌ وَمُؤْمِنٌ، أَمَّا الذِّمِّيُّ فَيَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ قَطْعِ الطَّرِيقِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي الْإِشْرَافِ وَصَرَّحَ بِهِ الشَّافِعِيُّ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَشْتَرِطُوا ـــــــــــــــــــــــــــــS [بَابُ قَاطِعِ الطَّرِيقِ] ِ لَعَلَّ الْحِكْمَةَ فِي تَعْقِيبِهِ لِمَا قَبْلَهُ مُشَارَكَتُهُ لِلسَّرِقَةِ فِي أَخْذِ مَالِ الْغَيْرِ وَوُجُوبِ الْقَطْعِ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ أَحْكَامِهِمْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْإِضَافَةَ فِي الْقَاطِعِ لِلْجِنْسِ، فَتَصْدُقُ بِالتَّعَدُّدِ هُوَ الْمُرَادُ (قَوْلُهُ: وَقَطْعُهُ) أَيْ الطَّرِيقِ، وَقَوْلُهُ هُوَ: أَيْ شَرْعًا (قَوْلُهُ: أَوْ إرْهَابٍ) أَيْ خَوْفٍ (قَوْلُهُ: مَعَ الْبُعْدِ عَنْ الْغَوْثِ) أَيْ وَلَوْ حُكْمًا كَمَا لَوْ دَخَلُوا دَارًا وَمَنَعُوا أَهْلَهَا الِاسْتِغَاثَةَ (قَوْلُهُ: وَلَا مُعَاهِدٌ) عَطَفَهُ عَلَى الْحَرْبِيِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَنْ لَا عَهْدَ لَهُ وَلَا أَمَانَ، وَعَلَيْهِ فَالذِّمِّيُّ قَسِيمُ الْحَرْبِيِّ، وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ، وَمَنْ أَدْخَلَ الْمُعَاهِدَ وَالْمُؤَمَّنَ فِي الْحَرْبِيِّ أَرَادَ بِهِ مَا عَدَا الذِّمِّيَّ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُعَاهِدِ وَالْمُؤَمَّنِ لَمَّا كَانَ إنَّمَا يَبْقَى مُدَّةً مُعَيَّنَةً كَانَ عَهْدُهُ كَلَا عَهْدٍ (قَوْلُهُ: أَمَّا الذِّمِّيُّ) قَسِيمُ قَوْلِهِ لَا حَرْبِيٌّ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQكِتَابِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ (قَوْلُهُ: أَيْ أَحْكَامُهُ) قَدْ يُقَالُ: الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِأَنَّ الْكِتَابَ لَيْسَ مَقْصُورًا عَلَى ذِكْرِ الْأَحْكَامِ بَلْ فِيهِ بَيَانُ حَقِيقَتِهِ وَمُحْتَرِزَاتِهِ بَلْ هُوَ الَّذِي صَدَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ، وَلَيْسَ هَذَا التَّفْسِيرُ فِي التُّحْفَةِ، وَفِي نُسْخَةٍ: أَيْ أَحْكَامُهُمْ بِضَمِيرِ الْجَمْعِ، وَوَجْهُهَا أَنَّ قَاطِعَ اسْمُ جِنْسٍ مُضَافٍ كَعَبْدِ الْبَلَدِ (قَوْلُهُ: مَعَ الْبُعْدِ عَنْ الْغَوْثِ) اُنْظُرْ هَلْ يَشْمَلُ هَذَا مَا يَأْتِي فِيمَنْ دَخَلَ دَارَ أَحَدٍ وَمَنَعَهُ الِاسْتِغَاثَةَ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ أَحْكَامَنَا) كَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُهُ عَنْ الْمُعَاهَدِ وَالْمُؤَمَّنِ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إلَخْ) عِبَارَةُ وَالِدِ الشَّارِحِ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي الْإِشْرَافِ: قَالَ

الْإِسْلَامَ اهـ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ الذِّمِّيِّ أَوْ أَنَّ جَمِيعَ أَحْكَامِ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ لَا تَتَأَتَّى فِيهِمْ، أَوْ أَنَّهُ خَرَجَ بِقَوْلِهِ مُسْلِمٌ الْكَافِرُ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ ذِمِّيًّا ثَبَتَ لَهُ حُكْمُ قَطْعِ الطَّرِيقِ أَوْ حَرْبِيًّا أَوْ مُعَاهِدًا أَوْ مُؤَمَّنًا فَلَا، وَالْمَفْهُومُ إذَا كَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا يُرَدُّ (مُكَلَّفٌ) أَوْ سَكْرَانُ مُخْتَارٌ وَلَوْ قِنًّا وَامْرَأَةً فَلَا عُقُوبَةَ عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمُكْرَهٍ، وَإِنْ ضَمِنُوا النَّفْسَ وَالْمَالَ (لَهُ شَوْكَةٌ) أَيْ قُوَّةٌ وَقُدْرَةٌ وَلَوْ وَاحِدًا يَغْلِبُ جَمْعًا، وَقَدْ تَعْرِضُ لِلنَّفْسِ أَوْ الْبُضْعِ أَوْ الْمَالِ مُجَاهِرًا (لَا مُخْتَلِسُونَ يَتَعَرَّضُونَ لِآخِرِ قَافِلَةٍ يَعْتَمِدُونَ الْهَرَبَ) لِانْتِفَاءِ الشَّوْكَةِ فَحُكْمُهُمْ قَوَدًا أَوْ ضَمَانًا كَغَيْرِهِمْ، وَالْفَرْقُ عُسْرُ دَفْعِ ذِي الشَّوْكَةِ بِغَيْرِ السُّلْطَانِ فَغَلُظَتْ عُقُوبَتُهُ رَدْعًا لَهُ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْمُخْتَلِسِ (وَاَلَّذِينَ يَغْلِبُونَ شِرْذِمَةٌ بِقُوَّتِهِمْ قُطَّاعٌ فِي حَقِّهِمْ) لِاعْتِمَادِهِمْ عَلَى الشَّوْكَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمْ (لَا لِقَافِلَةٍ عَظِيمَةٍ) إذْ لَا قُوَّةَ لَهُمْ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمْ فَالشَّوْكَةُ أَمْرٌ نِسْبِيٌّ، فَلَوْ فُقِدَتْ بِالنِّسْبَةِ لِجَمْعٍ يُقَاوِمُونَهُمْ، لَكِنْ اسْتَسْلَمُوا لَهُمْ حَتَّى أَخَذُوهُمْ لَمْ يَكُونُوا قُطَّاعًا، وَإِنْ كَانُوا ضَامِنَيْنِ لِمَا أَخَذُوهُ؛ لِأَنَّ مَا فَعَلُوهُ لَا يَصْدُرُ عَنْ شَوْكَتِهِمْ بَلْ عَنْ تَفْرِيطِ الْقَافِلَةِ (وَحَيْثُ يَلْحَقُ غَوْثٌ) لَوْ اسْتَغَاثُوا (لَيْسَ بِقُطَّاعٍ) بَلْ مُنْتَهِبُونَ (وَفَقْدُ الْغَوْثِ يَكُونُ لِلْبُعْدِ) عَنْ الْعُمْرَانِ أَوْ السُّلْطَانِ (أَوْ الضَّعْفِ) بِأَهْلِ الْعُمْرَانِ أَوْ بِالسُّلْطَانِ أَوْ بِغَيْرِهِمَا، كَأَنْ دَخَلَ جَمْعٌ دَارًا وَشَهَرُوا السِّلَاحَ وَمَنَعُوا أَهْلَهَا مِنْ الِاسْتِغَاثَةِ فَهُمْ قُطَّاعٌ فِي حَقِّهِمْ، وَإِنْ كَانَ السُّلْطَانُ مَوْجُودًا قَوِيًّا (وَقَدْ يَغْلِبُونَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ) أَيْ وَقَدْ ضَعُفَ السُّلْطَانُ أَوْ بَعُدَ هُوَ وَأَعْوَانُهُ (فِي بَلَدٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ ثُبُوتُ قَطْعِ الطَّرِيقِ لِلذِّمِّيِّ قَضِيَّةُ إطْلَاقٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: إنَّهُ مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ الذِّمِّيِّ) أَيْ فَلَيْسَ لَهُ حُكْمُهُمْ (قَوْلُهُ: أَوْ سَكْرَانُ مُخْتَارٌ) زِيَادَتُهُ عَلَى الْمَتْنِ إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهَا إذَا قُلْنَا الْمُكْرَهُ مُكَلَّفٌ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ ابْنُ السُّبْكِيّ فِي غَيْرِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ، وَاَلَّذِي فِي مَتْنِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ أَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ وَعِبَارَتُهُ: وَالصَّوَابُ امْتِنَاعُ تَكْلِيفِ الْغَافِلِ وَالْمُلْجَأِ وَكَذَا الْمُكْرَهُ عَلَى الصَّحِيحِ. (قَوْلُهُ: وَقُدْرَةٌ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: أَوْ الْبُضْعِ) لَمْ يَجْعَلُوا فِيمَا يَأْتِي لِلْمُتَعَرِّضِ لِلْبُضْعِ حُكْمًا يَخْتَصُّ بِهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِ قَاطِعَ طَرِيقٍ، وَعَلَيْهِ فَحُكْمُهُ كَغَيْرِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ، (قَوْلُهُ: بَلْ عَنْ تَفْرِيطِ الْقَافِلَةِ) أَيْ وَيُصَدَّقُ الْقَاطِعُ فِي دَعْوَى التَّفْرِيطِ (قَوْلُهُ أَوْ السُّلْطَانِ) لَعَلَّ الْوَجْهَ التَّعْبِيرُ بِالْوَاوِ، وَكَذَا قَوْلُهُ الْآتِي أَوْ السُّلْطَانُ، وَتَصْحِيحُ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْمَوْجُودَ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ فَقَطْ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُهُ أَوْ أَنْ: أَيْ هُوَ أَنْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَنَعُوا أَهْلَهَا) وَمِنْ ذَلِكَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأْتُونَ لِلسَّرِقَةِ الْمُسَمُّونَ بِالْمِنْسَرِ فِي زَمَنِنَا فَهُمْ قُطَّاعٌ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: وَالْمِنْسَرُ فِيهِ لُغَتَانِ مِثْلُ مَسْجِدٍ وَمِقْوَدِ خَيْلٍ مِنْ الْمِائَةِ إلَى الْمِائَتَيْنِ. وَقَالَ الْفَارَابِيُّ: جَمَاعَةٌ مِنْ الْخَيْلِ، وَيُقَالُ الْمِنْسَرُ: الْجَيْشُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ: وَإِذَا قَطَعَ أَهْلُ الذِّمَّةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حُدُّوا حَدَّ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: إنَّهُ مَخْصُوصٌ) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ مُسَلَّمٌ يَعْنِي مَفْهُومَهُ وَهُوَ يَرْجِعُ إلَى الْجَوَابِ الثَّالِثِ الْآتِي (قَوْلُهُ أَوْ أَنَّ جَمِيعَ أَحْكَامِ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ لَا تَتَأَتَّى فِيهِمْ) كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى مَا يَأْتِي مِنْ غُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ إذَا قُتِلَ (قَوْلُهُ: وَقَدْ تَعَرَّضَ) مُرَادُهُ بِهِ تَتْمِيمَ حَدِّ قَاطِعِ الطَّرِيقِ (قَوْلُهُ: لِلنَّفْسِ أَوْ الْبُضْعِ أَوْ الْمَالِ) هَلَّا قَالَ أَوْ لِلْإِرْهَابِ، وَانْظُرْ الْمُتَعَرِّضَ لِلْبُضْعِ فَقَطْ هَلْ لَهُ حُكْمٌ يَخُصُّهُ أَوْ هُوَ دَاخِلٌ فِي التَّعَرُّضِ لِلنَّفْسِ، فَإِنْ كَانَ دَاخِلًا فَلِمَ نَصَّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: عَنْ الْعُمْرَانِ أَوْ السُّلْطَانِ) قَالَ ابْنُ قَاسِمِ: لَعَلَّ الْوَجْهَ التَّعْبِيرُ بِالْوَاوِ، وَكَذَا قَوْلُهُ الْآتِي أَوْ بِالسُّلْطَانِ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْمَوْجُودَ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ فَقَطْ اهـ (قَوْلُهُ وَمَنَعُوا أَهْلَهَا مِنْ الِاسْتِغَاثَةِ) هَذَا قَدْ يُخْرِجُ اللُّصُوصَ الْمُسَمَّيْنَ بِالْمَنَاسِرِ إذَا جَاهَرُوا وَلَمْ

لِعَدَمِ مَنْ يُقَاوِمُهُمْ مِنْ أَهْلِهَا (فَهُمْ قُطَّاعٌ) كَاَلَّذِينَ بِالصَّحْرَاءِ وَأَوْلَى لِعِظَمِ جَرَاءَتِهِمْ (وَلَوْ) (عَلِمَ الْإِمَامُ قَوْمًا يُخِيفُونَ الطَّرِيقَ) أَوْ وَاحِدًا (وَلَمْ يَأْخُذُوا مَالًا) أَيْ نِصَابًا (وَلَا) قَتَلُوا (نَفْسًا) (عَزَّرَهُمْ) وُجُوبًا مَا لَمْ يَرَ فِي تَرْكِهِ مَصْلَحَةً كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ بَابِ التَّعْزِيرِ (بِحَبْسٍ وَغَيْرِهِ) رَدْعًا لَهُمْ عَنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الْفَظِيعَةِ، وَقَدْ فُسِّرَ النَّفْيُ فِي الْآيَةِ بِالْحَبْسِ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ فَلَا يَتَعَيَّنُ، وَلَهُ جَمْعُ غَيْرِهِ مَعَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، وَيُرْجَعُ فِي قَدْرِهِ وَقَدْرِ غَيْرِهِ وَجِنْسِهِ لِرَأْيِ الْإِمَامِ، وَلَا يَتَعَيَّنُ الْحَبْسُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا يَتَقَدَّرُ بِمُدَّةٍ، وَالْأَوْلَى اسْتِدَامَتُهُ إلَى ظُهُورِ تَوْبَتِهِ، وَأَنْ يَكُونَ بِغَيْرِ بَلَدِهِ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ عُلِمَ أَنَّ لَهُ الْحُكْمَ بِعِلْمِهِ هُنَا نَظَرًا لِحَقِّ الْآدَمِيِّ (وَإِذَا أَخَذَ الْقَاطِعُ نِصَابَ السَّرِقَةِ) وَلَوْ الْجَمْعُ اشْتَرَكُوا فِيهِ وَاتَّحَدَ حِرْزُهُ، وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ مَحَلِّ الْأَخْذِ بِفَرْضِ أَنْ لَا قُطَّاعَ، ثُمَّ إنْ كَانَ مَحَلُّ بَيْعٍ، وَإِلَّا فَأَقْرَبُ مَحَلِّ بَيْعٍ إلَيْهِ مِنْ حِرْزِهِ كَأَنْ يَكُونَ مَعَهُ بِقُرْبِهِ مُلَاحِظٌ بِشَرْطِهِ الْمَارِّ مِنْ قُوَّتِهِ أَوْ قُدْرَتِهِ عَلَى الِاسْتِغَاثَةِ. قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، لَا يُقَالُ: الْقُوَّةُ وَالْقُدْرَةُ تَمْنَعُ قَطْعَ الطَّرِيقِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ حَيْثُ لَحِقَ غَوْثٌ لَوْ اُسْتُغِيثَ لَمْ يَكُونُوا قُطَّاعًا. لِأَنَّا نَمْنَعُ ذَلِكَ، إذْ الْقُوَّةُ وَالْقُدْرَةُ بِالنِّسْبَةِ لِلْحِرْزِ غَيْرُهُمَا بِالنِّسْبَةِ لِقَطْعِ الطَّرِيقِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ خُصُوصِ الشَّوْكَةِ وَنَحْوِهَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، بِخِلَافِ الْحِرْزِ يَكْفِي فِيهِ مُبَالَاةُ السَّارِقِ بِهِ عُرْفًا، وَإِنْ لَمْ يُقَاوِمْ السَّارِقُ مِنْ غَيْرِ شُبْهَةٍ مَعَ بَقِيَّةِ شُرُوطِهَا الْمَارَّةِ، وَيَثْبُتُ ذَلِكَ بِرَجُلَيْنِ لَا بِغَيْرِهِمَا إلَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ وَطَلَبِ الْمَالِكِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي السَّرِقَةِ (قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى) لِلْمَالِ كَالسَّرِقَةِ (وَرِجْلُهُ الْيُسْرَى) لِلْمُحَارَبَةِ كَمَا قَالَهُ الْعُمْرَانِيُّ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِلرَّوْضَةِ بَعْدَ ذَلِكَ وَمَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا يَمُرُّ بِشَيْءٍ إلَّا اقْتَلَعَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلِمَ الْإِمَامُ قَوْمًا) أَيْ وَلَوْ كَانُوا غَيْرَ مُكَلَّفِينَ (قَوْلُهُ: أَيْ نِصَابًا) أَيْ وَإِنْ أَخَذُوا دُونَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَرَ فِي تَرْكِهِ مَصْلَحَةً) أَيْ فَيَجُوزُ لَهُ التَّرْكُ بَلْ قَدْ يَجِبُ كَأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ عَزَّرَهُ زَادَ فِي الطُّغْيَانِ وَآذَى مَنْ قَدَرَ عَلَى إيذَائِهِ (قَوْلُهُ: بِحَبْسٍ وَغَيْرِهِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ بِرّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: الْفَظِيعَةِ) أَيْ الْقَبِيحَةِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ جَمْعُ غَيْرِهِ) أَيْ الْحَبْسُ (قَوْلُهُ: كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ) أَيْ بِأَنْ يُقَالَ بِحَبْسٍ وَغَيْرِهِ مُجْتَمِعِينَ أَوَّلًا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِجَمْعٍ اشْتَرَكُوا فِيهِ) هَلْ الْمُرَادُ شَرِكَةُ الشُّيُوعِ أَوْ الْأَعَمُّ حَتَّى لَوْ أَخَذَ مِنْ كُلٍّ شَيْئًا، وَكَانَ الْمَجْمُوعُ يَبْلُغُ نِصَابًا قُطِعَ الْآخِذُ، فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الثَّانِي تَغْلِيظًا عَلَيْهِمْ لَكِنَّ قِيَاسَ مَا مَرَّ فِي السَّرِقَةِ الْأَوَّلُ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُمْ عَلَّلُوا الْقَطْعَ بِالْمُشْتَرَكِ بِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ أَنْ يَدَّعِيَ بِجَمِيعِ الْمَالِ، وَفِي الْمُجَاوَرَةِ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَدَّعِيَ بِغَيْرِ مَا يَخُصُّهُ، وَمَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ فِي السَّرِقَةِ أَنَّ الْقَاطِعِينَ لَوْ اشْتَرَكُوا فِي الْأَخْذِ اُشْتُرِطَ أَنْ يَخُصَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَدْرُ نِصَابٍ مِنْ الْمَأْخُوذِ لَوْ وُزِّعَ عَلَى عَدَدِهِمْ، وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: تَمْنَعُ قَطْعَ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ ذَلِكَ) أَيْ قَطْعُ الطَّرِيقِ (قَوْلُهُ: نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي السَّرِقَةِ) أَيْ فَتَرْكُ الْمُصَنِّفِ لَهُ إحَالَةٌ عَلَى مَا مَرَّ فِي السَّرِقَةِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ ذَلِكَ) الْمُتَبَادَرُ أَنَّ الْإِشَارَةَ رَاجِعَةٌ لِقَطْعِ الْيُسْرَى، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ قَطْعِ الْيُسْرَى عَلَى الْيَدِ الْيُمْنَى، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لَكِنْ لَا يَبْعُدُ اسْتِحْبَابُهُ هَذَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ جَزَمَ بِمَا ذَكَرَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَنَّ قَطْعَ الْيُسْرَى لِلْمَالِ وَالْمُجَاهَرَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَمْنَعُوا الِاسْتِغَاثَةَ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَكُونَ بِغَيْرِ بَلَدِهِ) أَيْ وُقُوفًا مَعَ ظَاهِرِ الْآيَةِ (قَوْلُهُ: أَنَّ لَهُ الْحُكْمَ بِعِلْمِهِ) أَيْ الْحُكْمَ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ قُطَّاعٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ إفْهَامِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَهُ، أَمَّا الْحُكْمُ عَلَيْهِمْ بِالْقَتْلِ أَوْ الْقَطْعِ مَثَلًا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ إثْبَاتٍ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَاتَّحَدَ حِرْزُهُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَخَذَ الْقَاطِعُ (قَوْلُهُ: مَنْ حَرَّرَهُ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَخَذَ وَكَذَا قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ شُبْهَةٍ (قَوْلُهُ: وَطَلَبَ الْمَالِكُ) هُوَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَخَذَ (قَوْلُهُ: بَعْدَ ذَلِكَ لَعَلَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَطْعُ الْمُقَدَّرِ) : أَيْ وَقَطَعَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى بَعْدَ ذَلِكَ وَانْظُرْ هَلْ هُوَ شَرْطٌ

ذَلِكَ هُوَ حَدٌّ وَاحِدٌ، وَخُولِفَ بَيْنَهُمَا لِئَلَّا تَفُوتَ الْمَنْفَعَةُ كُلُّهَا مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ فُقِدَتْ إحْدَاهُمَا وَلَوْ قَبْلَ أَخْذِ الْمَالِ وَلَوْ لِشَلِّهَا وَعَدَمِ أَمْنِ نَزْفِ الدَّمِ اكْتَفَى بِالْأُخْرَى، وَلَوْ عُكِسَ ذَلِكَ بِأَنْ قَطَعَ الْإِمَامُ يَدَهُ الْيُمْنَى وَرِجْلَهُ الْيُمْنَى فَقَدْ تَعَدَّى، وَلَزِمَهُ الْقَوَدُ فِي رِجْلِهِ إنْ تَعَمَّدَ، وَإِلَّا فَدِيَتُهَا وَلَا يَسْقُطُ قَطْعُ رِجْلِهِ الْيُسْرَى، وَلَوْ قَطَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى وَرِجْلَهُ الْيُمْنَى، فَقَدْ أَسَاءَ وَلَا يَضْمَنُ وَأَجْزَأَهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ قَطْعَهُمَا مِنْ خِلَافٍ نَصٌّ يُوجِبُ مُخَالَفَتُهُ الضَّمَانَ، وَتَقْدِيمُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى اجْتِهَادٌ يَسْقُطُ بِمُخَالَفَتِهِ الضَّمَانُ، ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَتَوَقَّفَ الْأَذْرَعِيُّ فِي إيجَابِ الْقَوَدِ وَعَدَمِ الْإِجْزَاءِ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَضِيَّةُ الْفَرْقِ أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ فِي السَّرِقَةِ يَدَهُ الْيُسْرَى فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى عَامِدًا أَجْزَأَ؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَ الْيُمْنَى عَلَيْهَا بِالِاجْتِهَادِ: أَيْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ وَأُجِيبَ بِعَدَمِ تَسْلِيمِ أَنَّ تَقْدِيمَ الْيُمْنَى ثَمَّ بِالِاجْتِهَادِ بَلْ بِالنَّصِّ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ قُرِئَ شَاذًّا فَاقْطَعُوا أَيْمَانَهُمَا، وَأَنَّ الْقِرَاءَةَ الشَّاذَّةَ كَخَبَرِ الْوَاحِدِ. وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ مَجِيءُ مَا مَرَّ فِي السَّرِقَةِ هُنَا مِنْ تَوَقُّفِ الْقَطْعِ عَلَى طَلَبِ الْمِلْكِ وَعَلَى عَدَمِ دَعْوَى التَّمَلُّكِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْمُسْقِطَاتِ، فَقَدْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الْقِيَاسُ، وَفِي الْأُمِّ مَا يَقْتَضِيهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ انْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ كَمَا فِي التَّنْبِيهِ وَيُحْسَمُ مَوْضِعُ الْقَطْعِ كَمَا فِي السَّارِقِ، وَيَجُوزُ أَنْ تُحْسَمَ الْيَدُ ثُمَّ تُقْطَعُ الرِّجْلُ وَأَنْ يُقْطَعَا جَمِيعًا، ثُمَّ يُحْسَمَا (فَإِنْ) فُقِدَتَا قَبْلَ الْأَخْذِ أَوْ (عَادَ) ثَانِيًا بَعْدَ قَطْعِهِمَا إلَى أَخْذِ الْمَالِ (فَيُسْرَاهُ وَيُمْنَاهُ) يُقْطَعَانِ لِلْآيَةِ (وَإِنْ) (قَتَلَ) قَتْلًا يُوجِبُ الْقَوَدَ وَلَوْ بِسِرَايَةِ جَرْحٍ مَاتَ مِنْهُ بَعْدَ أَيَّامٍ قَبْلَ الظَّفَرِ بِهِ وَالتَّوْبَةِ (قُتِلَ حَتْمًا) ؛ لِأَنَّ الْمُحَارَبَةَ تُفِيدُ زِيَادَةً وَلَا زِيَادَةَ هُنَا إلَّا التَّحَتُّمُ فَلَا يَسْقُطُ بِعَفْوِ مُسْتَحِقِّ الْقَوَدِ وَيَسْتَوْفِيهِ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ تَعَالَى، قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ: وَإِنَّمَا يَتَحَتَّمُ إنْ قَتَلَ لِأَخْذِ الْمَالِ وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ الْأَوْجَهُ (وَإِنْ) (قَتَلَ) قَتْلًا يُوجِبُ الْقَوَدَ (وَأَخَذَ مَالًا) يُقْطَعُ بِهِ فِي السَّرِقَةِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمَا، وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ (قُتِلَ) بِلَا قَطْعٍ (ثُمَّ) غُسِّلَ وَكُفِّنَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ (صُلِبَ) مُكَفَّنًا مُعْتَرِضًا عَلَى نَحْوِ خَشَبَةٍ، وَلَا يُقَدَّمُ الصَّلْبُ عَلَى الْقَتْلِ لِكَوْنِهِ زِيَادَةَ تَعْذِيبٍ (ثَلَاثًا) مِنْ الْأَيَّامِ بِلَيَالِيِهَا وُجُوبًا، وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا لِيَشْتَهِرَ الْحَالُ وَيَتِمَّ النَّكَالُ، وَحَذْفُ التَّاءِ لِحَذْفِ الْمَعْدُودِ سَائِغٌ (ثُمَّ يَنْزِلُ) إنْ لَمْ يَخَفْ تَغَيُّرَهُ قَبْلَهَا وَإِلَّا أُنْزِلَ حِينَئِذٍ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَكَأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّغَيُّرِ هُنَا الِانْفِجَارُ وَنَحْوُهُ، وَإِلَّا فَمَتَى حُبِسَتْ جِيفَةُ الْمَيِّتِ ثَلَاثًا حَصَلَ النَّتْنُ وَالتَّغَيُّرُ غَالِبًا (وَقِيلَ يَبْقَى) وُجُوبًا (حَتَّى) يَتَهَرَّى وَ (يَسِيلُ صَدِيدُهُ) تَغْلِيظًا عَلَيْهِ. وَمَحَلُّ قَتْلِهِ وَصَلْبِهِ مَحَلُّ مُحَارَبَتِهِ إلَّا أَنْ لَا يَكُونَ مَحَلَّ مُرُورِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَرِجْلَهُ الْيُمْنَى) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الضَّمَانِ مَا لَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ مَعًا أَوْ رِجْلَيْهِ مَعًا؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهِ فَيَضْمَنُ الْيَدَ الْيُسْرَى وَالرِّجْلَ الْيُمْنَى. (قَوْلُهُ: فِي الْحَالَةِ الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ بِأَنْ قَطَعَ الْإِمَامُ يَدَهُ الْيُمْنَى (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ قَبْلَ قَوْلِهِ بَابُ قَاطِعِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَخَبَرِ الْوَاحِدِ) أَيْ فَمَا ثَبَتَ بِهَا ثَبَتَ بِالنَّصِّ عَلَى أَنَّهُ يَكْفِي فِي بَيَانِ الْمُرَادِ قَوْلُ الصَّحَابِيِّ أَوْ رِوَايَةٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ ضَعِيفَةً فَبَعْدَ الْبَيَانِ صَارَتْ الْمُتَوَاتِرَةُ بِمَعْنَى فَاقْطَعُوا أَيْمَانَهُمَا (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُقْطَعَا جَمِيعًا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ خِيفَ هَلَاكُهُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ حَدٌّ وَاحِدٌ فَلَا يَجِبُ تَفْرِيقُهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فُقِدَتَا قَبْلَ الْأَخْذِ) أَيْ أَمَّا لَوْ فُقِدَتَا بَعْدَهُ فَلَا قَطْعَ لِلْآخَرِ كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِيمَا لَوْ سَرَقَ فَسَقَطَ يَدُهُ، وَفِي سم عَلَى حَجّ قَوْلُهُ بِأَنْ فُقِدَتَا إلَخْ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَوْ بَعْدَهُ: سَقَطَ الْقَطْعُ كَمَا فِي السَّرِقَةِ اهـ. وَقَدْ يُشْعِرُ بِذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ السَّابِقِ، وَلَوْ فُقِدَتْ إحْدَاهُمَا وَلَوْ قَبْلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: إنْ قَتَلَ لِأَخْذِ الْمَالِ) أَيْ وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِقَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَكُتِبَ أَيْضًا لُطْفُ اللَّهِ بِهِ قَوْلُهُ إنْ قَتَلَ لِأَخْذِ الْمَالِ: أَيْ وَلَمْ يَأْخُذْهُ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَتَلَ وَأَخَذَ مَالًا صُلِبَ مَعَ الْقَتْلِ (قَوْلُهُ وَأَخَذَ مَالًا) قَالَ فِي الْعُبَابِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ: وَلَوْ دُونَ نِصَابٍ وَغَيْرِ مُحَرَّزٍ اهـ. وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ الشَّارِحِ يُقْطَعُ بِهِ إلَخْ، فَلَعَلَّ مَا فِي الْعُبَابِ تَبِعَ فِيهِ مُنَازَعَةَ الْبُلْقِينِيِّ (قَوْلُهُ: وَالِانْفِجَارُ وَنَحْوُهُ) كَسُقُوطِ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَى قَوْلِهِ وَيُحْسَمُ مَوْضِعُ الْقَطْعِ) مُكَرَّرٌ مَعَ مَا قَدَّمَهُ فِي سِوَادَةِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِذَا أَخَذَ الْقَاطِعُ نِصَابَ السَّرِقَةِ وَعُذْرُهُ أَنَّهُ تَبِعَ ابْنَ حَجَرٍ فِيمَا مَرَّ إذْ هُوَ عِبَارَتُهُ، وَتَبِعَ شَرْحَ الرَّوْضِ هُنَا إذْ مَا هُنَا عِبَارَتُهُ

النَّاسِ فَأَقْرَبُ مَحَلٍّ إلَيْهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا مَنْدُوبٌ لَا وَاجِبٌ (وَفِي قَوْلٍ يُصْلَبُ) حَيًّا (قَلِيلًا، ثُمَّ يَنْزِلُ فَيُقْتَلُ) ؛ لِأَنَّ الصَّلْبَ عُقُوبَةٌ فَيُفْعَلُ بِهِ حَيًّا، وَاعْتُرِضَ قَوْلُهُ قَلِيلًا بِأَنَّهُ زِيَادَةٌ لَمْ تُحْكَ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ، فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ كَانَ أَحَدُ أَوْجُهِ ثَلَاثَةٍ مُفَرَّعَةٍ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا أَنَّهُ مِنْ جُمْلَتِهِ. وَيُجَابُ بِأَنَّ مَنْ حَفِظَ حُجَّةً عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ، فَإِذَا حَفِظَا أَنَّ قَلِيلًا مِنْ جُمْلَةِ هَذَا الْقَوْلِ قُدِّمَا، ثُمَّ الَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَدْنَى زَمَنٍ يَنْزَجِرُ بِهِ عُرْفًا غَيْرُهُ، وَأَفْهَمَ تَرْتِيبُهُ الصَّلْبَ عَلَى الْقَتْلِ أَنَّهُ يَسْقُطُ بِمَوْتِهِ حَتْفَ أَنْفِهِ وَبِقَتْلِهِ بِغَيْرِ هَذِهِ الْجِهَةِ كَقَوَدٍ فِي غَيْرِ الْمُحَارَبَةِ إذْ التَّابِعُ يَسْقُطُ بِسُقُوطِ مَتْبُوعِهِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ فَسَّرَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - الْآيَةَ، فَإِنَّهُ جَعَلَ أَوْ فِيهَا لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلتَّخْيِيرِ حَيْثُ قَالَ: الْمَعْنَى أَنْ يُقْتَلُوا إنْ قَتَلُوا أَوْ يُصْلَبُوا مَعَ ذَلِكَ إنْ قَتَلُوا وَأَخَذُوا الْمَالَ أَوْ تُقْطَعُ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ إنْ أَخَذُوهُ فَقَطْ، أَوْ يُنْفَوْا مِنْ الْأَرْضِ إنْ أَرْعَبُوا وَلَمْ يَأْخُذُوهُ، وَهَذَا مِنْهُ إمَّا تَوْقِيفٌ وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَوْ لُغَةٌ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ مِثْلِهِ حُجَّةٌ؛ لِأَنَّهُ تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ، وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَدَأَ فِيهِ بِالْأَغْلَظِ فَكَانَ مُرَتَّبًا كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَلَوْ أُرِيدَ بِهِ التَّخْيِيرُ لَبَدَأَ بِالْأَخَفِّ كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ (وَمَنْ أَعَانَهُمْ وَكَثَّرَ جَمْعَهُمْ) مُقْتَصِرًا عَلَى ذَلِكَ (عُزِّرَ بِحَبْسٍ وَتَغْرِيبٍ وَغَيْرِهِمَا) كَبَقِيَّةِ الْمَعَاصِي، وَتَعْبِيرُ أَصْلِهِ بِأَوْ لَا يُنَافِي كَلَامَ الْمُصَنِّفِ إذْ الْمَرْجِعُ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِيمَنْ أَخَافُوا الطَّرِيقَ (وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ التَّغْرِيبُ إلَى حَيْثُ يَرَاهُ) الْإِمَامُ وَمَا تَقْتَضِيهِ الْمَصْلَحَةُ (وَقِيلَ الْقَاطِعُ) الْمُتَحَتِّمُ (يَغْلِبُ فِيهِ مَعْنَى الْقِصَاصِ) إذْ الْأَصْلُ فِي اجْتِمَاعِ حَقِّهِ تَعَالَى وَحَقِّ الْآدَمِيِّ تَغْلِيبُ الثَّانِي لِكَوْنِهِ مَبْنِيًّا عَلَى التَّضْيِيقِ (وَفِي قَوْلٍ الْحَدِّ) لِعَدَمِ صِحَّةِ الْعَفْوِ عَنْهُ وَيَسْتَقِلُّ الْإِمَامُ بِاسْتِيفَائِهِ (فَعَلَى الْأَوَّلِ) تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ وَ (لَا يُقْتَلُ بِوَلَدِهِ) وَإِنْ سَفَلَ (وَذِمِّيٌّ) وَقِنٌّ لِلْأَصَالَةِ أَوْ لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ بَلْ تَلْزَمُهُ الدِّيَةُ أَوْ الْقِيمَةُ (وَ) عَلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا (لَوْ) (مَاتَ) الْقَاطِعُ بِلَا قَطْعٍ (فَدِيَةٌ) لِلْمَقْتُولِ فِي مَالِهِ إنْ كَانَ حُرًّا وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ (وَ) عَلَيْهِ أَيْضًا (لَوْ قَتَلَ جَمْعًا) مَعًا (قُتِلَ بِوَاحِدٍ وَلِلْبَاقِينَ دِيَاتٌ) فَإِنْ قَتَلَهُمْ مُرَتِّبًا قُتِلَ بِالْأَوَّلِ (وَ) عَلَيْهِ أَيْضًا (لَوْ عَفَا وَلِيُّهُ بِمَالٍ وَجَبَ وَسَقَطَ الْقِصَاصُ وَيُقْتَلُ حَدًّا) كَمَا لَوْ وَجَبَ قَتْلٌ عَلَى مُرْتَدٍّ فَعَفَا عَنْهُ وَلِيُّهُ (وَ) عَلَيْهِ أَيْضًا (لَوْ قُتِلَ بِمُثْقَلٍ أَوْ بِقَطْعِ عُضْوٍ فَعَلَ بِهِ مِثْلَهُ) رِعَايَةً لِلْمُمَاثَلَةِ كَمَا مَرَّ فِي فَصْلِ الْقَوَدِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: ثُمَّ الَّذِي يَتَّجِهُ) أَيْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ (قَوْلُهُ: وَكُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ مِثْلِهِ) أَيْ ابْنِ عَبَّاسٍ (قَوْلُهُ: بَدَأَ فِيهِ بِالْأَغْلَظِ) قَدْ يُشْكِلُ بِأَنَّ الصَّلْبَ مَعَ الْقَتْلِ أَغْلَظُ مِنْ الْقَتْلِ وَحْدَهُ فَلَا يَتِمُّ مَا ذُكِرَ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلِينَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ الصَّلْبَ مَعَ الْقَتْلِ، لَكِنَّ الْقَتْلَ مَعَ الصَّلْبِ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْآيَةِ فَالْمَنْدُوبَةُ فِيهَا هُوَ الْأَغْلَظُ نَظَرًا لِمَا فُهِمَ (قَوْلُهُ: الْمُتَحَتِّمُ) خَرَجَ قَتْلُهُ لِقَوَدٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِقَطْعِ الطَّرِيقِ، وَقَتْلُهُ لِقَوَدٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَعَ انْتِفَاءِ الشَّرْطِ السَّابِقِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ فَلَيْسَ فِيهِ هَذَا الْخِلَافُ بَلْ قَتْلُهُ لِلْقَوَدِ قَطْعًا (قَوْلُهُ: وَحَقُّ الْآدَمِيِّ تَغْلِيبٌ) قَدْ يُشْكِلُ هَذَا بِمَا مَرَّ مِنْ تَقْدِيمِ الزَّكَاةِ عَلَى دَيْنِ الْآدَمِيِّ تَقْدِيمًا لِحَقِّ اللَّهِ عَلَى حَقِّ الْآدَمِيِّ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ فِي الزَّكَاةِ حَقَّ آدَمِيٍّ أَيْضًا فَإِنَّهَا تَجِبُ لِلْأَصْنَافِ فَلَعَلَّ تَقْدِيمَهَا لَيْسَ مُتَمَحِّضًا لِحَقِّ اللَّهِ بَلْ لِاجْتِمَاعِ الْحَقَّيْنِ فَقُدِّمَتْ عَلَى مَا فِيهِ حَقٌّ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: وَفِي قَوْلِ الْحَدِّ) أَيْ مَضَى الْحَدُّ مَحَلِّيٌّ (قَوْلُهُ: وَيُقْتَلُ حَدًّا) أَيْ وَظَاهِرُ تَخْصِيصِ الْقَتْلِ حَدًّا بِهَذِهِ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ فِيمَا لَوْ قَتَلَ وَلَدَهُ أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ قِنًّا حَدًّا، كَمَا لَا يُقْتَلُ قِصَاصًا ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: أَوْ لُغَةٌ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: لَا يَخْفَى أَنَّ كَوْنَ أَوْ تُرَدُّ لِلتَّنْوِيعِ مِمَّا لَا شُبْهَةَ فِيهِ وَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى كَوْنِهِ مِنْ مِثْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ حُجَّةً، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي إرَادَتِهِ فِي الْآيَةِ، وَلَا طَرِيقَ لِذَلِكَ إلَّا التَّوْقِيفُ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَ الشَّارِحِ كَابْنِ حَجَرٍ أَنَّ هَذَا الْمُرَادَ فَهِمَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ مِنْ الْآيَةِ بِاعْتِبَارِ اللُّغَةِ لِأَنَّهُ يَفْهَمُ مِنْ أَسْرَارِهَا مَا لَا يَفْهَمُهُ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: الْقَاطِعُ بِلَا قَطْعٍ) صَوَابُهُ الْقَاتِلُ بِلَا قَتْلٍ: أَيْ قِصَاصًا

وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَقَالَ إنَّ النَّصَّ يَقْتَضِيهِ (وَ) يَخْتَصُّ التَّحَتُّمُ بِالْقَتْلِ وَالصَّلْبِ دُونَ غَيْرِهِمَا فَحِينَئِذٍ (لَوْ) (جَرَحَ) جُرْحًا فِيهِ قَوَدٌ كَقَطْعِ يَدٍ (فَانْدَمَلَ) أَوْ قَتَلَهُ عَقِبَهُ (لَمْ يَتَحَتَّمْ قِصَاصٌ) فِيهِ فِي ذَلِكَ الْجُرْحِ (فِي الْأَظْهَرِ) بَلْ يَتَخَيَّرُ الْمَجْرُوحُ بَيْنَ الْقَوَدِ وَالْعَفْوِ عَلَى مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ التَّحَتُّمَ تَغْلِيظٌ لِحَقِّهِ تَعَالَى فَاخْتَصَّ بِالنَّفْسِ كَالْكَفَّارَةِ، أَمَّا إذَا سَرَى إلَى النَّفْسِ فَيَتَحَتَّمُ الْقَتْلُ كَمَا مَرَّ، وَالثَّانِي يَتَحَتَّمُ كَالْقَتْلِ، وَالثَّالِثُ فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ الْمَشْرُوعِ فِيهَا الْقَطْعُ حَدًّا دُونَ غَيْرِهِمَا كَالْأُذُنِ وَالْأَنْفِ وَالْعَيْنِ (وَتَسْقُطُ عُقُوبَاتٌ تَخُصُّ الْقَاطِعَ) مِنْ تَحَتُّمٍ وَصَلْبٍ وَقَطْعِ رِجْلٍ وَكَذَا يَدٍ كَمَا شَمَلَ ذَلِكَ كَلَامُهُ؛ لِأَنَّ الْمُخْتَصَّ بِهِ الْقَاطِعُ اجْتِمَاعُ قَطْعِهِمَا فَهُمَا عُقُوبَةٌ وَاحِدَةٌ إذَا سَقَطَ بَعْضُهَا سَقَطَ كُلُّهَا (بِتَوْبَتِهِ) عَنْ قَطْعِ الطَّرِيقِ (قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا الَّذِينَ تَابُوا} [المائدة: 34] الْآيَةَ، وَالْمُرَادُ بِمَا قَبْلَ الْقُدْرَةِ أَنْ لَا تَمْتَدَّ إلَيْهِمْ يَدُ الْإِمَامِ بِهَرَبٍ أَوْ اسْتِخْفَافٍ أَوْ امْتِنَاعٍ، بِخِلَافِ مَا لَا تَخُصُّهُ كَالْقَوَدِ وَضَمَانِ الْمَالِ (لَا بَعْدَهَا) وَإِنْ صَلُحَ عَمَلُهُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِمَفْهُومِ الْآيَةِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِقَبْلِ فِيهَا فَائِدَةٌ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ قَبْلَهَا غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِيهَا بِخِلَافِهَا بَعْدَهَا لِاتِّهَامِهِ بِدَفْعِ الْحَدِّ، وَلَوْ ادَّعَى بَعْدَ الظَّفَرِ سَبْقَ تَوْبَةٍ، وَظَهَرَتْ أَمَارَةُ صِدْقِهِ فَوَجْهَانِ: أَوْجَهُهُمَا عَدَمُ تَصْدِيقِهِ لِاتِّهَامِهِ مَا لَمْ تَقُمْ بِهَا بَيِّنَةٌ، وَقِيلَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا قَوْلَانِ (وَلَا تَسْقُطُ سَائِرُ الْحُدُودِ) الْمُخْتَصَّةِ بِاَللَّهِ تَعَالَى كَحَدِّ زِنًا وَسَرِقَةٍ وَشُرْبِ مُسْكِرٍ (بِهَا) أَيْ بِالتَّوْبَةِ قَبْلَ الرَّفْعِ وَبَعْدَهُ وَلَوْ فِي قَاطِعِ الطَّرِيقِ (فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدَّ مَنْ ظَهَرَتْ تَوْبَتُهُ بَلْ مَنْ أَخْبَرَ عَنْهَا بِهَا بَعْدَ قَتْلِهَا، وَالثَّانِي تَسْقُطُ بِهَا قِيَاسًا عَلَى حَدِّ قَاطِعِ الطَّرِيقِ وَانْتَصَرَ لَهُ جَمْعٌ، نَعَمْ تَارِكُ الصَّلَاةِ يَسْقُطُ حَدُّهُ بِهَا عَلَيْهِمَا وَلَا يَسْقُطُ بِهَا عَنْ ذِمِّيٍّ بِإِسْلَامِهِ كَمَا مَرَّ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الظَّاهِرِ أَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَحَيْثُ صَحَّتْ تَوْبَتُهُ سَقَطَ بِهَا سَائِرُ الْحُدُودِ قَطْعًا، وَمَنْ حُدَّ فِي الدُّنْيَا لَمْ يُعَاقَبْ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ عَلَى ذَلِكَ بَلْ عَلَى الْإِصْرَارِ عَلَيْهِ أَوْ الْإِقْدَامِ عَلَى مُوجِبِهِ إنْ لَمْ يَتُبْ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَهُمَا عُقُوبَةٌ) أَيْ الْيَدُ وَالرِّجْلُ (قَوْلُهُ فِيهَا فَائِدَةٌ) أَيْ فِي الْآيَةِ (قَوْلُهُ: بَلْ مَنْ أَخْبَرَ عَنْهَا) أَيْ التَّوْبَةِ، وَقَوْلُهُ بِهَا مُتَعَلِّقٌ بِحَدٍّ وَمَعَ ذَلِكَ فَفِي الْعِبَارَةِ بَعْضُ قَلَاقَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يَسْقُطُ بِهَا) أَيْ التَّوْبَةِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ حُدَّ فِي الدُّنْيَا لَمْ يُعَاقَبْ عَلَيْهِ) الْأَوْلَى حَذْفُ عَلَيْهِ وَعَلَى ثُبُوتِهَا فَقَوْلُهُ وَعَلَى ذَلِكَ بَدَلٌ مِنْ عَلَيْهِ، (قَوْلُهُ: فِي الْآخِرَةِ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يُعَاقَبُ عَلَيْهِ لِحَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يُعَاقَبُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى إنْ لَمْ يَتُبْ، وَفِي الْمُنَاوِيِّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عِنْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَيُّمَا عَبْدٍ أَصَابَ شَيْئًا مِمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ ثُمَّ أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدُّهُ كَفَّرَ اللَّهُ عَنْهُ ذَلِكَ الذَّنْبَ» مَا نَصُّهُ نَقْلًا عَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ: وَكَذَا الْقَاتِلُ إذَا اُقْتُصَّ مِنْهُ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لِلْقَتْلِ فِي حَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ الْوَلِيِّ لَا الْمَقْتُولِ فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ اهـ. وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ قُبَيْلَ فَصْلٍ. لَا يُحْكَمُ بِشَاهِدٍ إلَّا فِي هِلَالِ رَمَضَانَ نَصُّهَا: وَمَنْ لَزِمَهُ حَدٌّ، وَخَفِيَ أَمْرُهُ نُدِبَ لَهُ السَّتْرُ عَلَى نَفْسِهِ، فَإِنْ ظَهَرَ أَتَى الْإِمَامُ لِيُقِيمَهُ عَلَيْهِ، وَلَا يَكُونُ اسْتِيفَاؤُهُ مُزِيلًا لِلْمَعْصِيَةِ بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ التَّوْبَةِ إذْ هُوَ مُسْقِطٌ لِحَقِّ الْآدَمِيِّ، وَأَمَّا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَيَتَوَقَّفُ عَلَى التَّوْبَةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَوَائِلَ كِتَابِ الْجِرَاحِ اهـ وَعَلَى مَا نَقَلَهُ الْمُنَاوِيُّ فَالْمُرَادُ بِحَقِّ الْآدَمِيِّ طَلَبُ وَلِيِّهِ فِي الدُّنْيَا فَلَا يُنَافِي بَقَاءَ حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا يَسْقُطُ بِهَا عَنْ ذِمِّيٍّ بِإِسْلَامِهِ) لَعَلَّ لَفْظَ بِهَا زَائِدٌ (قَوْلُهُ: وَمَنْ حُدَّ فِي الدُّنْيَا لَمْ يُعَاقَبْ) اُنْظُرْ هَلْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْحُدُودَ جَوَابِرُ لَا زَوَاجِرُ أَوْ عَلَيْهِمَا.

[فصل في اجتماع عقوبات على شخص واحد]

(فَصْلٌ) فِي اجْتِمَاعِ عُقُوبَاتٍ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ (مَنْ لَزِمَهُ قِصَاصٌ) فِي النَّفْسِ (وَقَطْعٌ) لِطَرَفٍ قِصَاصًا (وَحَدُّ قَذْفٍ) وَتَعْزِيرٌ لِأَرْبَعَةٍ (وَطَالَبُوهُ) عُزِّرَ وَإِنْ تَأَخَّرَ، ثُمَّ (جُلِدَ) لِلْقَذْفِ (ثُمَّ قُطِعَ ثُمَّ قُتِلَ) تَقْدِيمًا لِلْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى اسْتِيفَاءِ الْكُلِّ (وَيُبَادِرُ بِقَتْلِهِ بَعْدَ قَطْعِهِ) مِنْ غَيْرِ مُهْلَةٍ بَيْنَهُمَا فَتَجِبُ الْمُوَالَاةُ، إذْ الْفَرْضُ أَنَّ مُسْتَحِقَّ الْقَتْلِ مُطَالَبٌ وَالنَّفْسَ مُسْتَوْفَاةٌ (لَا قَطْعِهِ بَعْدَ جَلْدِهِ إنْ غَابَ مُسْتَحِقُّ قَتْلِهِ) لِئَلَّا يَهْلَكَ بِالْمُوَالَاةِ فَيَفُوتَ حَقُّ مُسْتَحِقِّ النَّفْسِ (وَكَذَا إنْ حَضَرَ وَقَالَ عَجِّلُوا الْقَطْعَ فِي الْأَصَحِّ) وَأَنَا أُبَادِرُ بِالْقَتْلِ بَعْدَهُ وَخِيفَ مَوْتُهُ بِالْمُوَالَاةِ فَيَفُوتُ قَوَدُ النَّفْسِ مَعَ أَنَّهُ لَهُ مَصْلَحَةٌ هِيَ سُقُوطُ الْعِقَابِ عَنْهُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ، وَأَيْضًا فَرُبَّمَا عَفَا مُسْتَحِقُّ الْقَتْلِ فَتَكُونُ الْمُوَالَاةُ سَبَبًا لِفَوَاتِ النَّفْسِ فَاتَّجَهَ عَدَمُ نَظَرِهِمْ لِرِضَاهُ بِالتَّقْدِيمِ، أَمَّا لَوْ لَمْ يَخْفَ مَوْتُهُ بِالْمُوَالَاةِ فَيُجْعَلُ جَزْمًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ بِهِ مَرَضٌ مَخُوفٌ يُخْشَى مِنْهُ مَوْتُهُ بِالْجَلْدِ إنْ لَمْ يُبَادِرْ بِالْقَطْعِ فَيُبَادِرُ بِهِ وُجُوبًا كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَ) خَرَجَ بِطَالَبُوهُ مَا لَوْ طَالَبَهُ بَعْضُهُمْ فَلَهُ أَحْوَالٌ فَحِينَئِذٍ (إذَا أَخَّرَ مُسْتَحِقُّ النَّفْسِ حَقَّهُ) وَطَالَبَ الْآخَرَانِ (جُلِدَ فَإِذَا بَرَأَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا (قُطِعَ) وَلَا يُوَالِي بَيْنَهُمَا خَوْفًا مِنْ فَوَات حَقِّ مُسْتَحِقِّ النَّفْسِ (وَلَوْ أَخَّرَ مُسْتَحِقُّ طَرَفٍ جُلِدَ وَعَلَى مُسْتَحِقِّ النَّفْسِ الصَّبْرُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الطَّرَفَ) لِئَلَّا يَفُوتَ حَقُّهُ، وَاحْتِمَالُ تَأْخِيرِ مُسْتَحِقِّ الطَّرَفِ لَا إلَى غَايَةٍ فَيَفُوتُ الْقَتْلُ غَيْرَ مَنْظُورٍ لَهُ إذْ مَبْنَى الْقَوَدِ عَلَى الدَّرْءِ وَالْإِسْقَاطِ مَا أَمْكَنَ، فَانْدَفَعَ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْأَحْسَنَ جَبْرُهُ عَلَى الْقَوَدِ أَوْ الْعَفْوِ أَوْ الْإِذْنِ (فَإِنْ بَادَرَ) مُسْتَحِقُّ النَّفْسِ (فَقَتَلَ) فَقَدْ اسْتَوْفَى حَقَّهُ غَيْرَ أَنَّهُ يُعَزَّرُ لِتَعَدِّيهِ وَحِينَئِذٍ (فَلِمُسْتَحِقِّ الطَّرَفِ دِيَتُهُ) فِي تَرِكَةِ الْمَقْتُولِ لِفَوَاتِ مَحَلِّ الِاسْتِيفَاءِ (وَلَوْ أَخَّرَ مُسْتَحِقُّ الْجَلْدِ) حَقَّهُ، وَطَالَبَ الْآخَرَانِ (فَالْقِيَاسُ صَبْرُ الْآخَرَيْنِ) وُجُوبًا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ، وَإِنْ تَقَدَّمَ اسْتِحْقَاقُهُمَا لِئَلَّا يَفُوتَ حَقُّهُ بِاسْتِيفَائِهِمَا أَوْ اسْتِيفَاءِ أَحَدِهِمَا، وَإِنْ قَطَعَ بَعْضَ أُنْمُلَةٍ؛ لِأَنَّ الْجُرْحَ عَظِيمُ الْخَطَرِ، وَرُبَّمَا أَدَّى إلَى الزُّهُوقِ فَانْدَفَعَ مَا لِلْبُلْقِينِيِّ هُنَا (وَلَوْ) (اجْتَمَعَ حُدُودٌ لِلَّهِ تَعَالَى) كَأَنْ زَنَى بِكْرٌ وَسَرَقَ وَشَرِبَ وَارْتَدَّ (قُدِّمَ) وُجُوبًا (الْأَخَفُّ) مِنْهَا (فَالْأَخَفُّ) حِفْظًا لِمَحَلِّ الْقَتْلِ، فَيُحَدُّ لِلشُّرْبِ ثُمَّ بَعْدَ بُرْئِهِ مِنْهُ يُجْلَدُ وَيُغَرَّبُ أَيْضًا عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّهُ الْأَخَفُّ وَلَا يُخْشَى مِنْهُ هَلَاكٌ، ثُمَّ يُقْطَعُ ثُمَّ يُقْتَلُ، وَلَوْ اجْتَمَعَ قَطْعُ سَرِقَةٍ وَقَطْعُ مُحَارَبَةٍ فَقُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى لَهُمَا وَرِجْلُهُ لِلْمُحَارَبَةِ، أَوْ قَتْلُ زِنًا وَقَتْلُ رِدَّةٍ رُجِمَ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ نَكَالًا وَيَدْخُلُ فِيهِ قَتْلُ الرِّدَّةِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ) فِي اجْتِمَاعِ عُقُوبَاتٍ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: مَنْ لَزِمَهُ) لِآدَمِيِّينَ اهـ مَحَلِّيٌّ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ كَانَ بِهِ مَرَضٌ مَخُوفٌ) دَلَّ عَلَى عَدَمِ تَأْخِيرِ الْجَلْدِ لِلْمَرَضِ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْأَحْسَنَ جَبْرُهُ) هَذِهِ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالْكَثِيرَةُ إجْبَارُهُ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ فَانْدَفَعَ مَا لِلْبُلْقِينِيِّ) لَعَلَّ مِنْهُ أَنَّ الْقَطْعَ لَا يُؤَدِّي إلَى الْهَلَاكِ فَلَا يَصِحُّ إطْلَاقٌ لِقَوْلٍ بِتَأْخِيرِهِ (قَوْلُهُ: قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى لَهُمَا) أَيْ لِلسَّرِقَةِ وَالْمُحَارَبَةِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْيُمْنَى تُقْطَعُ لِلسَّرِقَةِ الَّتِي لَيْسَتْ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ وَلِلْمَالِ الَّذِي أُخِذَ بِقَطْعِ الطَّرِيقِ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي اجْتِمَاعِ عُقُوبَاتٍ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ] (فَصْلٌ) فِي اجْتِمَاعِ عُقُوبَاتٍ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَأَخَّرَ) هُوَ غَايَةٌ فِيمَا بَعْدَهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ لَا قَطْعُهُ بَعْدَ جَلْدِهِ) يَعْنِي تَمْتَنِعُ فِيهِ الْمُوَالَاةُ (قَوْلُهُ: وَأَنَا أُبَادِرُ) كَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَى فِي الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: لِرِضَاهُ) أَيْ مُسْتَحِقِّ قَتْلِهِ (قَوْلُهُ: بِالتَّقْدِيمِ) أَيْ التَّقْدِيمُ فِي الزَّمَنِ بِمَعْنَى الْمُوَالَاةِ (قَوْلُهُ: فَيُجْعَلُ جَزْمًا) أَيْ يَجُوزُ تَعْجِيلُهُ جَزْمًا

وَالرُّويَانِيُّ، وَذَهَبَ الْقَاضِي إلَى قَتْلِهِ بِالرِّدَّةِ لِأَنَّ فَسَادَهَا أَشَدُّ، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ كُلٍّ عَلَى مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ مَصْلَحَةً، وَلَوْ اجْتَمَعَ قَتْلُ قِصَاصٍ فِي غَيْرِ مُحَارَبَةٍ وَقَتْلُ مُحَارَبَةٍ قُدِّمَ أَسْبَقُهُمَا وَيَرْجِعُ الْآخَرُ لِلدِّيَةِ، وَفِي انْدِرَاجِ قَطْعِ السَّرِقَةِ فِي قَتْلِ الْمُحَارَبَةِ وَجْهَانِ: أَوْجَهُهُمَا لَا، فَيُقْطَعُ لِلسَّرِقَةِ، ثُمَّ يُقْتَلُ وَيُصْلَبُ لِلْمُحَارَبَةِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي ذَلِكَ أَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ لَا يَفُوتُ بِتَقْدِيمِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى (أَوْ) اجْتَمَعَ (عُقُوبَاتٌ) لِلَّهِ أَوْ لِلْآدَمِيِّ وَاسْتَوَتْ خِفَّةً أَوْ غِلَظًا قُدِّمَ الْأَسْبَقُ فَالْأَسْبَقُ، وَإِلَّا فَبِالْقُرْعَةِ أَوْ عُقُوبَاتٌ (لِلَّهِ تَعَالَى وَلِآدَمِيِّينَ) كَأَنْ كَانَ مَعَ هَذِهِ حَدُّ قَذْفٍ وَكَأَنْ شَرِبَ وَزَنَى وَقَذَفَ وَقَطَعَ وَقَتَلَ (قُدِّمَ) حَقُّ الْآدَمِيِّ إنْ لَمْ يَفُتْ حَقُّهُ تَعَالَى أَوْ كَانَ قَتْلًا فَيُقَدَّمُ (حَدُّ قَذْفٍ وَ) قَطْعٍ (عَلَى) حَدِّ (زِنًا) ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُضَايَقَةِ، وَمِنْ ثَمَّ قُدِّمَ وَلَوْ أَغْلَظَ كَمَا قَالَ (وَالْأَصَحُّ تَقْدِيمُهُ) أَيْ حَدِّ الْقَذْفِ وَكَذَا الْقَطْعُ (عَلَى حَدِّ شُرْبٍ وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْقِصَاصَ قَتْلًا وَقَطْعًا يُقَدَّمُ عَلَى) حَدِّ (الزِّنَا) إنْ كَانَ رَجْمًا بِالنِّسْبَةِ لِلْقَتْلِ لَا لِلْقَطْعِ كَمَا تَقَرَّرَ تَقْدِيمًا لِحَقِّ الْآدَمِيِّ، بِخِلَافِ جَلْدِ الزِّنَا وَتَغْرِيبِهِ وَحَدِّ الشُّرْبِ فَإِنَّهُمَا يُقَدَّمَانِ عَلَى الْقَتْلِ لِئَلَّا يَفُوتَا، وَالثَّانِي الْعَكْسُ تَقْدِيمًا لِلْأَخَفِّ، وَوَقَعَ لِلزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِ تَنَافٍ فِي تَحْرِيرِ مَحَلِّ الْخِلَافِ وَهُوَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ، وَلَوْ اجْتَمَعَ مَعَ الْحُدُودِ تَعْزِيرٌ قُدِّمَ عَلَيْهَا كُلِّهَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ أَخَفُّ وَحَقُّ آدَمِيٍّ. ـــــــــــــــــــــــــــــSالْيُمْنَى لِلْمَالِ وَالْيُسْرَى لِلْمُحَارَبَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ مَصْلَحَةً) أَيْ فَإِنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي قَتْلِهِ بِالرِّدَّةِ قَتَلَهُ بِالسَّيْفِ، أَوْ فِي قَتْلِهِ بِالزِّنَا (قَوْلُهُ: اجْتَمَعَ عُقُوبَاتُ اللَّهِ تَعَالَى وَلِلْآدَمِيِّ وَاسْتَوَتْ) مَا صُورَةُ الِاسْتِوَاءِ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَقَوْلُهُ أَوْ لِلْآدَمِيِّ وَاسْتَوَتْ كَقَذْفِ اثْنَيْنِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَتْلِ لَا الْقَطْعِ) أَيْ بَلْ يُقَدَّمُ الْقَطْعُ عَلَى حَدِّ الزِّنَا مُطْلَقًا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: كَمَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَقَطْعٌ عَلَى حَدِّ زِنًا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَحَقُّ آدَمِيٍّ) اُنْظُرْهُ إذَا كَانَ التَّعْزِيرُ يَكُونُ حَقًّا لِلَّهِ اهـ سم عَلَى حَجّ، إلَّا أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى هُوَ أَحَقُّ فَيُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي ذَلِكَ أَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ لَا يَفُوتُ إلَخْ) إشَارَةً إلَى رَدِّ مَا تَمَسَّكَ بِهِ الْمُقَابِلُ مِنْ أَنَّهُ إذَا قُدِّمَ حَقُّ اللَّهِ وَهُوَ الْقَطْعُ رُبَّمَا يَفُوتُ حَقُّ الْآدَمِيِّ الْمَبْنِيِّ عَلَى الْمُشَاحَةِ وَهُوَ الْقَتْلُ قِصَاصًا وَحَاصِلُ الرَّدِّ أَنَّ ذَلِكَ خِلَافُ الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ قَتْلًا) كَذَا فِي النُّسَخِ وَصَوَابُهُ فِي التُّحْفَةِ أَوْ كَانَا بِأَلِفِ التَّثْنِيَةِ (قَوْلُهُ: وَحَقُّ آدَمِيٍّ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ اُنْظُرْهُ مَعَ أَنَّ التَّعْزِيرَ قَدْ يَكُونُ لِلَّهِ تَعَالَى.

[كتاب الأشربة]

كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ جَمْعُ شَرَابٍ بِمَعْنَى مَشْرُوبٍ، وَذُكِرَ فِيهِ التَّعَازِيرُ تَبَعًا، وَجُمِعَ الْأَشْرِبَةُ لِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا، وَإِنْ كَانَ حُكْمُهَا مُتَّحِدًا، وَلَمْ يُعَبِّرْ بِحَدِّ الْأَشْرِبَةِ كَمَا قَالَ قَطْعُ السَّرِقَةِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ ثَمَّ لَيْسَ إلَّا بَيَانُ الْقَطْعِ وَمُتَعَلِّقَاتُهُ، وَأَمَّا التَّحْرِيمُ فَمَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ، وَالْغَرَضُ هُنَا بَيَانُ التَّحْرِيمِ لِخَفَائِهِ بِالنِّسْبَةِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَائِلِ. وَشُرْبُ الْخَمْرِ مِنْ الْكَبَائِرِ وَإِنْ مَزَجَهَا بِمِثْلِهَا مِنْ الْمَاءِ، وَكَانَ شُرْبُهَا جَائِزًا أَوَّلَ الْإِسْلَامِ بِوَحْيٍ وَلَوْ إلَى حَدٍّ يُزِيلُ الْعَقْلَ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ إنَّ الْكُلِّيَّاتِ الْخَمْسَ لَمْ تُبَحْ فِي مِلَّةٍ مِنْ الْمِلَلِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَجْمُوعِ، قِيلَ إنَّهُ بِاعْتِبَارِ مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ أَمْرُ مِلَّتِنَا. وَحَقِيقَةُ الْخَمْرِ الْمُسْكِرِ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ وَإِنْ لَمْ يُقْذَفُ بِالزَّبَدِ، وَتَحْرِيمُ غَيْرِهَا بِنُصُوصٍ دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ، وَلَكِنْ لَا يُكَفَّرُ مُسْتَحِلُّ قَدْرٍ لَا يُسْكِرُ مِنْ غَيْرِهِ لِلْخِلَافِ فِيهِ: أَيْ مِنْ حَيْثُ الْجِنْسِ لِحِلِّ قَلِيلِهِ عَلَى قَوْلِ جَمَاعَةٍ، أَمَّا الْمُسْكِرُ بِالْفِعْلِ فَهُوَ حَرَامٌ إجْمَاعًا كَمَا حَكَاهُ الْحَنَفِيَّةُ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِمْ، بِخِلَافِ مُسْتَحِلِّهِ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ الصِّرْفِ الَّذِي لَمْ يُطْبَخْ وَلَوْ قَطْرَةً؛ لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ ضَرُورِيٌّ، وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الْخَمْرُ} [المائدة: 90] الْآيَةَ وَخَبَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــSكِتَابُ الْأَشْرِبَةِ (قَوْله وَذُكِرَ فِيهِ التَّعَازِيرُ تَبَعًا) أَيْ وَحَيْثُ كَانَ ذِكْرُهَا عَلَى وَجْهِ التَّبَعِيَّةِ لَا يُقَالُ أَخَلَّ بِهَا فِي التَّرْجَمَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَزَجَهَا بِمِثْلِهَا مِنْ الْمَاءِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ مُزِجَتْ بِأَكْثَرَ مِنْهَا كَمَا يَأْتِي: أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَا حَدَّ فِي تَنَاوُلِهِ فَلَا يَكُونُ كَبِيرَةً (قَوْلُهُ بِوَحْيٍ) أَيْ لِإِبَاحَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَتَنَاوَلْهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: إنَّ الْكُلِّيَّاتِ) أَيْ الْأُمُورَ الْعَامَّةَ الَّتِي لَا تَخْتَصُّ بِوَاحِدٍ دُونَ آخَرَ (قَوْلُهُ الْخَمْسَ) وَقَدْ نَظَّمَهَا شَيْخُنَا اللَّقَانِيِّ فِي عَقِيدَتِهِ، وَزَادَ عَلَيْهَا سَادِسًا فِي قَوْلِهِ: وَحِفْظُ نَفْسٍ ثُمَّ دَيْنِ مَالٍ نُسِبَ ... وَمِثْلُهَا عَقْلٌ وَعَرْضٌ قَدْ وَجَبَ (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّهُ بِاعْتِبَارِ مَا اسْتَقَرَّ إلَخْ) هَذَا لَا يَدْفَعُ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ الْمِلَلُ. (قَوْلُهُ: وَتَحْرِيمُ غَيْرِهَا) أَيْ حَقِيقَةِ الْخَمْرِ الْمُسْكِرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُسْكِرُ بِالْفِعْلِ) كَانَ مُقْتَضَى مُقَابَلَتِهِ لِقَوْلِهِ قَبْلُ، وَلَكِنْ لَا يَكْفُرُ مُسْتَحِلٌّ إلَخْ أَنْ يَقُولَ أَمَّا الْمُسْكِرُ بِالْفِعْلِ فَيَكْفُرُ مُسْتَحِلُّهُ فَإِنَّ الْحُرْمَةَ لَا تَتَقَيَّدُ بِالْقَدْرِ الْمُسْكِرِ، هَذَا وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي أَنَّهُ هَلْ يَكْفُرُ مَا اقْتَضَاهُ صَدْرُ عِبَارَتِهِ أَوْ لَا، وَهَلْ هُوَ كَبِيرَةٌ كَالْخَمْرِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَكْفُرُ، وَأَنَّهُ كَبِيرَةٌ بَلْ كَوْنُهُ كَبِيرَةً هُوَ مَفْهُومُ قَوْلِ الزِّيَادِيِّ وَشُرْبُ مَا لَا يُسْكِرُ مِنْ غَيْرِهَا لِقِلَّتِهِ صَغِيرَةٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مُسْتَحِلِّهِ) أَيْ فَيَكْفُرُ بِهِ (قَوْلُهُ الَّذِي لَمْ يُطْبَخْ) أَيْ بِخِلَافِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ] ِ (قَوْلُهُ: وَالْغَرَضُ هُنَا بَيَانُ التَّحْرِيمِ) فِيهِ مَنْعٌ ظَاهِرٌ يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ السَّرِقَةِ (قَوْلُهُ وَإِنْ مَزَجَهَا بِمِثْلِهَا مِنْ الْمَاءِ) أَيْ خِلَافًا لِلْحَلِيمِيِّ فِي قَوْلِهِ إنَّهَا حِينَئِذٍ مِنْ الصَّغَائِرِ (قَوْلُهُ: الْكُلِّيَّاتِ الْخَمْسَ) أَيْ النَّفْسَ وَالْعَقْلَ وَالنَّسَبَ وَالْمَالَ وَالْعِرْضَ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ: إنَّهُ بِاعْتِبَارِ مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ أَمْرُ مِلَّتِنَا) كَانَ الضَّمِيرُ فِي إنَّهُ لِعَدَمِ الْمُنَافَاةِ الْمَأْخُوذِ مِنْ وَلَا يُنَافِيهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ عَدَمَ الْمُنَافَاةِ حَاصِلٌ بِاعْتِبَارِ مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ أَمْرُ مِلَّتِنَا مِنْ التَّحْرِيمِ، وَحِينَئِذٍ فَمَعْنَى قَوْلِهِمْ إنَّ الْكُلِّيَّاتِ الْخَمْسَ لَمْ تُبَحْ فِي مِلَّةٍ: أَيْ لَمْ يَسْتَقِرَّ إبَاحَتُهَا فِي مِلَّةٍ وَإِنْ أُبِيحَتْ فِي بَعْضِهَا فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ لَا يَكْفُرُ مُسْتَحِلُّ قَدْرٍ لَا يُسْكِرُ) أَيْ بِخِلَافِ مُسْتَحِلِّ الْكَثِيرِ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَكْفُرُ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ حَيْثُ الْجِنْسُ لِحِلِّ قَلِيلِهِ عَلَى قَوْلِ جَمَاعَةٍ) هَذَا تَبِعَ فِيهِ ابْنَ حَجَرٍ وَذَاكَ إنَّمَا احْتَاجَ لِهَذَا لِاخْتِيَارِهِ عَدَمَ الْكُفْرِ بِاسْتِحْلَالِ الْقَلِيلِ

«كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ» وَخَبَرُ «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ» وَخَبَرُ «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخَمْرِ عَشَرَةً: عَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إلَيْهِ وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَوَاهِبَهَا وَآكِلَ ثَمَنِهَا» (كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ كَثِيرُهُ) مِنْ خَمْرٍ أَوْ غَيْرِهَا وَمِنْهُ الْمُتَّخَذُ مِنْ لَبَنِ الرَّمَكَةِ فَإِنَّهُ مُسْكِرٌ مَائِعٌ (حَرُمَ قَلِيلُهُ) وَكَثِيرُهُ (وَحُدَّ شَارِبُهُ) وَإِنْ لَمْ يُسْكِرْ: أَيْ مُتَعَاطِيهِ وَلَوْ مِمَّنْ يُعْتَقَدُ إبَاحَتُهُ لِضَعْفِ أَدِلَّتِهِ، إذْ الْعِبْرَةُ فِي الْحُدُودِ بِمَذْهَبِ الْحَاكِمِ لَا الْمُتَدَاعِيَيْنِ وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ فِيمَنْ لَا يَسْكَرُ بِشُرْبِ الْخَمْرِ إنَّ الْحُرْمَةَ مِنْ حَيْثُ النَّجَاسَةِ لَا الْإِسْكَارِ فَفِي الْحَدِّ عَلَيْهِ نَظَرٌ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ وَهِيَ الْإِسْكَارُ عَجِيبٌ وَغَفْلَةٌ عَنْ وُجُوبِ الْحَدِّ فِي الْقَلِيلِ الَّذِي لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ إسْكَارٌ، فَمَعْنَى كَوْنِهِ عِلَّةً أَنَّهُ مَظِنَّةٌ لَهُ، وَخَرَجَ بِالشَّرَابِ مَا حَرُمَ مِنْ الْجَامِدَاتِ كَالْبَنْجِ وَالْأَفْيُونِ وَكَثِيرِ الزَّعْفَرَانِ وَالْجَوْزَةِ وَالْحَشِيشِ فَلَا حَدَّ بِهِ وَإِنْ أُذِيبَتْ إذْ لَيْسَ فِيهَا شِدَّةُ مُطْرَبَةٍ، بِخِلَافِ جَامِدِ الْخَمْرِ اعْتِبَارًا بِأَصْلِهِمَا بَلْ التَّعْزِيرُ الزَّاجِرُ لَهُ عَنْ هَذِهِ الْمَعْصِيَةِ الدَّنِيَّةِ، وَيَحْرُمُ شُرْبُ مَا ذُكِرَ وَيُحَدُّ شَارِبُهُ (إلَّا صَبِيًّا وَمَجْنُونًا) لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمَا (وَحَرْبِيًّا) أَوْ مُعَاهِدًا لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ (وَذِمِّيًّا) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ بِالذِّمَّةِ مِمَّا لَا يَعْتَقِدُهُ إلَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْآدَمِيِّينَ (وَمُوجَرًا) مُسْكَرًا قَهْرًا إذْ لَا صُنْعَ لَهُ (وَكَذَا مُكْرَهًا عَلَى شُرْبِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُ وَيَلْزَمُهُ كَكُلِّ آكِلِ أَوْ شَارِبِ حَرَامٍ تَقَيُّؤُهُ إنْ أَطَاقَهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَلَا نَظَرَ إلَى عُذْرِهِ وَإِنْ لَزِمَهُ التَّنَاوُلُ؛ لِأَنَّهُ اسْتِدَامَةٌ فِي الْبَاطِنِ لَا انْتِفَاعَ بِهِ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ وَإِنْ حَلَّ ابْتِدَاؤُهُ لِزَوَالِ سَبَبِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا لَوْ طُبِخَ عَلَى صِفَتِهِ يَقُولُ بِحِلِّهَا بِتِلْكَ الصِّفَةِ بَعْضُ الْمَذَاهِبِ (قَوْلُهُ وَوَاهِبَهَا) أَيْ وَمُتَّهِبَهَا فِي حُكْمِ الْمُبْتَاعِ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ الْمُتَّخَذُ مِنْ لَبَنِ الرَّمَكَةِ) أَيْ الْفَرَسِ فِي أَوَّلِ نِتَاجِهَا (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْإِسْكَارُ) عَجِيبٌ وَغَفْلَةٌ قَدْ يَقُولُ الزَّرْكَشِيُّ الْإِسْكَارَ وَلَوْ بِاعْتِبَارِ الْمَظِنَّةِ مُنْتَفٍ عَلَى هَذَا، وَقَدْ يُورَدُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَنَّهُ يَكْفِي فِي الْمَظِنَّةِ مُلَاحَظَةُ جِنْسِ الشَّارِبِ أَوْ الْمَشْرُوبِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ كَالْبَنْجِ وَالْأَفْيُونِ) يُوهِمُ أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْكَثِيرِ، وَلَيْسَ مُرَادًا فَالْكَثْرَةُ قَيْدٌ فِي الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ وَكَثِيرِ الزَّعْفَرَانِ) الْمُرَادُ بِالْكَثِيرِ مِنْ ذَلِكَ مَا يُغَيِّبُ الْعَقْلَ بِالنَّظَرِ لِغَالِبِ النَّاسِ، وَإِنْ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي الْمُتَنَاوِلِ لَهُ لِاعْتِيَادِ تَنَاوُلِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا حَدَّ وَإِنْ أُذِيبَتْ) أَيْ الْمَذْكُورَاتُ مَحَلُّهُ مَا لَمْ تَشْتَدَّ بِحَيْثُ تُقْذَفُ بِالزُّبْدِ وَتُطْرَبُ، وَإِلَّا صَارَتْ كَالْخَمْرِ فِي النَّجَاسَةِ وَالْحَدِّ كَالْخُبْزِ إذَا أُذِيبَ وَصَارَ كَذَلِكَ بَلْ أَوْلَى، وَالْفَرْقُ بِأَنَّ لِلْحَشِيشِ حَالَةَ إسْكَارٍ وَتَحْرِيمٍ بِخِلَافِ الْخُبْزِ مَثَلًا لَا أَثَر لَهُ وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ بَلْ سَبَقَ كَذَلِكَ يُؤَكِّدُ مَا قُلْنَا وِفَاقًا فِي ذَلِكَ لِطَلَبَ وَخِلَافًا لِمَرَّ ثُمَّ وَافَقَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: بَلْ التَّعْزِيرُ) أَيْ بَلْ فِيهَا التَّعْزِيرُ مَا لَمْ يَصِرْ إلَى حَالَةٍ تُلْجِئُهُ إلَى اسْتِعْمَالِ ذَلِكَ بِحَيْثُ لَوْ تَرَكَهُ أَصَابَهُ مَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ، نَعَمْ يَجِبُ عَلَيْهِ فِي إزَالَةِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ إمَّا بِاسْتِعْمَالِ ضِدِّهِ أَوْ تَقْلِيلِهِ إلَى أَنْ يَصِيرَ لَا يَضُرُّهُ تَرْكُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ مُعَاهِدًا) أَيْ أَوْ مُؤَمَّنًا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى. (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ كَكُلِّ آكِلِ أَوْ شَارِبِ حَرَامٍ تَقَايُؤُهُ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذُكِرَ: وَاَلَّذِي فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ الِاسْتِحْبَابُ بِرّ اهـ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَزِمَهُ التَّنَاوُلُ) أَيْ كَالْمُضْطَرِّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَّ ابْتِدَاؤُهُ) قَدْ يُنَافِي هَذَا التَّعْمِيمُ مَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْأَطْعِمَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ شَبِعَ فِي حَالَةِ امْتِنَاعِهِ، ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْحَلِّ لَزِمَهُ كَكُلِّ مَنْ تَنَاوَلَ مُحَرَّمًا التَّقَيُّؤُ وَإِنْ أَطَاقَهُ وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ مِنْهُ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً اهـ. وَقَدْ يُقَالُ: لَا تَنَافِي لِإِمْكَانِ حَمْلِ مَا فِي الْأَطْعِمَةِ عَلَى مَا لَوْ وَجَدَ الْحَلَالَ عَقِبَ تَنَاوُلِ الْمَيْتَةِ مَثَلًا، وَمَا هُنَا عَلَى مَا لَوْ لَمْ يَجِدْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْكَثِيرِ فَاضْطُرَّ إلَى هَذَا، وَأَمَّا الشَّارِحُ فَحَيْثُ كَانَ اخْتِيَارُهُ الْكُفْرَ بِاسْتِحْلَالِ الْكَثِيرِ فَلَا حَاجَةَ بِهِ إلَى هَذَا بَلْ يَجِبُ حَذْفُهُ مِنْ كَلَامِهِ إذْ لَا مَعْنَى لَهُ عَلَى اخْتِيَارِهِ (قَوْلُهُ: وَخَبَرُ «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ» ) هَذَا قِيَاسٌ مَنْطِقِيٌّ إذَا حُذِفَ مِنْهُ الْحَدُّ الْأَوْسَطُ وَهُوَ الْمُكَرَّرُ الَّذِي هُوَ الْخَمْرُ الْوَاقِعُ مَحْمُولًا لِلصُّغْرَى وَمَوْضُوعًا لِلْكُبْرَى أَنْتَجَ كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ.

فَانْدَفَعَ اسْتِبْعَادُ الْأَذْرَعِيِّ لِذَلِكَ، وَعَلَى نَحْوِ السَّكْرَانِ إذَا شَرِبَ مُسْكِرًا حُدَّ وَاحِدٌ مَا لَمْ يُحَدَّ قَبْلَ شُرْبِهِ فَيُحَدُّ ثَانِيًا، وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ طَرِيقٌ حَاكٍ لِوَجْهَيْنِ (مَنْ جَهِلَ كَوْنَهُ خَمْرًا) فَشَرِبَهَا ظَانًّا إبَاحَتَهَا (لَمْ يُحَدَّ) لِعُذْرِهِ وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ بَعْدَ صَحْوِهِ إنْ ادَّعَاهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَمِثْلُهُ دَعْوَى الْإِكْرَاهِ حَيْثُ بَيَّنَهُ إنْ لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ أَنَّهُ يَعْرِفُهُ (وَلَوْ قَرُبَ إسْلَامُهُ فَقَالَ جَهِلْت تَحْرِيمَهَا لَمْ يُحَدَّ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَالْحَدُّ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ نَشَأَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بِحَيْثُ يَقْتَضِي حَالُهُ عَدَمَ خَفَاءِ ذَلِكَ عَلَيْهِ يُحَدُّ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ (أَوْ) قَالَ عَلِمْت التَّحْرِيمَ وَ (جَهِلْت الْحَدَّ) (حُدَّ) إذْ كَانَ مِنْ حَقِّهِ اجْتِنَابُهَا حَيْثُ عَلِمَ تَحْرِيمَهَا (وَيُحَدُّ بِدُرْدِيِّ خَمْرٍ) وَهُوَ مَا يَبْقَى فِي آخَرِ إنَائِهَا، وَكَذَا بِثَخِينِهَا إذَا أَكَلَهُ (لَا بِخُبْزٍ عُجِنَ دَقِيقُهُ بِهَا) لِاضْمِحْلَالِ عَيْنِهَا بِالنَّارِ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَثَرُهَا وَهُوَ النَّجَاسَةُ (وَمَعْجُونٍ هِيَ فِيهِ) وَمَا فِيهِ بَعْضُهَا وَالْمَاءُ غَالِبٌ لِاسْتِهْلَاكِهَا (وَكَذَا حُقْنَةٌ وَسَعُوطٌ) بِفَتْحِ السِّينِ لَا يُحَدُّ بِهِمَا (فِي الْأَصَحِّ) وَإِنْ سَكِرَ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْحَدَّ لِلزَّجْرِ وَهُوَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ لَهُ هُنَا، إذْ لَا تَدْعُو النَّفْسُ لَهُ، وَيُفَارِقُ إفْطَارُ الصَّائِمِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى وُصُولِ عَيْنٍ لِلْجَوْفِ، وَالثَّانِي يُحَدُّ بِهِمَا كَالشُّرْبِ. وَالثَّالِثُ يُحَدُّ فِي السَّعُوطِ دُونَ الْحُقْنَةِ (وَمَنْ غَصَّ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ الْمُعْجَمِ كَمَا بِخَطِّهِ وَيَجُوزُ ضَمُّهُ (بِلُقْمَةٍ) وَخَشَى هَلَاكُهُ مِنْهَا إنْ لَمْ تَنْزِلْ جَوْفَهُ، وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إخْرَاجِهَا (أَسَاغَهَا) حَتْمًا (بِخَمْرٍ) (إنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا) إنْقَاذًا لِنَفْسِهِ مِنْ الْهَلَاكِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ خُصُوصَ الْهَلَاكِ شَرْطُ الْوُجُوبِ لَا لِمُجَرَّدِ الْإِبَاحَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَعَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِوُجُوبِ التَّقَيُّؤِ هُنَا بَعْدَ اسْتِقْرَارِهِ فِي الْمَعِدَةِ زَمَنًا تَنْكَسِرُ بِهِ حِدَةُ الْجُوعِ، وَتَصِلُ خَاصَّتُهُ إلَى الْبَدَنِ (قَوْلُهُ: إذَا شَرِبَ مُسْكِرًا) أَيْ وَتَكَرَّرَ مِنْهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَمْ يُحَدَّ) أَيْ وَيَجِبُ عَلَيْهِ التَّقَايُؤُ (قَوْلُهُ: إنْ ادَّعَاهُ) أَيْ الْجَهْلَ (قَوْلُهُ: حَيْثُ بَيَّنَهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ وَلَا وُجِدَتْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: آخَرِ إنَائِهَا) أَيْ أَسْفَلِهِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَثَرُهَا) أَيْ وَالْحَالُ لَمْ يَبْقَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَا فِيهِ بَعْضُهَا) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَاءَ مِثَالٌ فَمِثْلُهُ سَائِرُ الْمَائِعَاتِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ ضَمُّهُ) أَيْ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ لَازِمًا لَكِنَّهُ لَمَّا عَدَّى بِحَرْفِ الْجَرِّ جَازَ بِنَاؤُهُ لِلْمَفْعُولِ، وَفِي الْمِصْبَاحِ غَصِصْت بِالطَّعَامِ غَصَصًا مِنْ بَابِ تَعِبَ فَأَنَا غَاصٌّ وَغَصَّانُ وَمِنْ بَابِ قَتَلَ لُغَةً، وَالْغُصَّةُ بِالضَّمِّ: مَا غَصَّ بِهِ الْإِنْسَانُ مِنْ طَعَامٍ أَوْ غَيْظٍ عَلَى التَّشْبِيهِ، وَالْجَمْعُ غُصَصٌ مِثْلُ غَرْفَةٍ وَغُرَفٍ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمَاضِيَ غَصَّ بِالْفَتْحِ لَا غَيْرُ، وَأَنَّ فِي الْمُضَارِعِ لُغَتَيْنِ هُمَا يَغَصُّ بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَضَمِّهَا (قَوْلُهُ وَخَشَى هَلَاكَهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّ خَشْيَةَ الْمَرَضِ مَثَلًا لَا تَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَسَاغَهَا حَتْمًا بِخَمْرٍ) وَإِذَا سَكِرَ مِمَّا شَرِبَهُ لِتَدَاوٍ أَوْ عَطَشٍ أَوْ إسَاغَةِ لُقْمَةٍ قَضَى مَا فَاتَهُ مِنْ الصَّلَوَاتِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِرْشَادُ، وَلِأَنَّهُ تَعَمَّدَ الشُّرْبَ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْجَاهِلِ كَمَا قَالَ فِي الرَّوْضِ، وَالْمَعْذُورُ مَنْ جَهِلَ التَّحْرِيمَ لِقُرْبِ عَهْدِهِ وَنَحْوِهِ، أَوْ جَهِلَ كَوْنَهُ خَمْرًا لَا يُحَدُّ وَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الصَّلَوَاتِ مُدَّةَ السُّكْرِ بِخِلَافِ الْعَالِمِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ، وَفِيهِ أَيْضًا فَائِدَةٌ بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ جَوَازَ أَكْلِ النَّبَاتِ الْمُحَرَّمِ عِنْدَ الْجُوعِ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَمَثَّلَ بِالْحَشِيشَةِ قَالَ: لِأَنَّهَا لَا تُزِيلُ الْجُوعَ، وَفِيهِ نَظَرٌ يُعْرَفُ بِالنَّظَرِ فِي حَالِ أَهْلِهَا عِنْدَ أَكْلِهَا بِرّ اهـ. وَفِي تَعْلِيلِ الْجَوَازِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهَا لَا تُزِيلُ الْجُوعَ إلَخْ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ عَدَمَ إزَالَةِ الْجُوعِ إنَّمَا يَقْتَضِي عَدَمَ الْجَوَازِ، وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ قَلَمِ النَّاسِخِ لَفْظَ عَدَمِ قَبْلَ جَوَازِ، وَفِيهِ أَيْضًا فَرْعٌ: شَمَّ صَغِيرٌ رَائِحَتَهُ الْخَمْرِ، وَخِيفَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُسْقَ مِنْهَا هَلْ يَجُوزُ سَقْيُهُ مِنْهَا مَا يَدْفَعُ عَنْهُ الضَّرَرَ؟ قَالَ م ر: إنْ خِيفَ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ أَوْ مَرَضٌ يُفْضِي إلَى الْهَلَاكِ جَازَ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ وَإِنْ خِيفَ مَرَضٌ لَا يُفْضِي إلَى الْهَلَاكِ اهـ. أَقُولُ: لَوْ قِيلَ يَكْفِي مُجَرَّدُ مَرَضٍ تَحْصُلُ مَعَهُ مَشَقَّةٌ، وَلَا سِيَّمَا إنْ غَلَبَ امْتِدَادُهُ بِالطِّفْلِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا (قَوْلُهُ: إنْقَاذًا لِنَفْسِهِ مِنْ الْهَلَاكِ) أَيْ وَعَلَى هَذَا لَوْ مَاتَ بِشُرْبِهِ مَاتَ شَهِيدًا لِجَوَازِ تَنَاوُلِهِ لَهُ بَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ أَنَّهُ يَعْرِفُهُ) أَيْ الْإِكْرَاهَ: أَيْ فَإِنْ عُلِمَ مِنْهُ مَعْرِفَتُهُ فَلَا حَاجَةَ لِبَيَانِهِ

أَخْذًا مِنْ حُصُولِ الْإِكْرَاهِ الْمُبِيحِ لَهَا بِنَحْوِ ضَرْبٍ شَدِيدٍ (وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُهَا) صَرْفًا (لِدَوَاءٍ) لِخَبَرِ «إنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَ أُمَّتِي فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْهَا» وَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ مِنْ إثْبَاتِ مَنَافِعَ لَهَا فَهُوَ قَبْلَ تَحْرِيمِهَا أَمَّا مُسْتَهْلَكَةً مَعَ دَوَاءٍ آخَرَ فَيَجُوزُ التَّدَاوِي بِهَا كَصَرْفِ بَقِيَّةِ النَّجَاسَاتِ إنْ عَرَفَ، أَوْ أَخْبَرَهُ طَبِيبٌ عَدْلٌ بِنَفْعِهَا وَتَعْيِينِهَا بِأَنْ لَا يُغْنِي عَنْهَا طَاهِرٌ، وَلَوْ اُحْتِيجَ لِقَطْعٍ نَحْوَ سِلْعَةٍ وَيَدٍ مُتَأَكِّلَةٍ إلَى زَوَالِ عَقْلِ صَاحِبِهَا بِنَحْوِ بَنْجٍ جَازَ لَا بِمُسْكِرٍ مَائِعٍ (وَ) جُوعٍ وَ (عَطَشٍ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تُزِيلُهُ بَلْ تُزِيدُهُ حَرَارَةً لِحَرَارَتِهَا وَيُبْسِهَا، وَلَوْ أَشْرَفَ عَلَى الْهَلَاكِ مِنْ عَطَشٍ جَازَ لَهُ شُرْبُهَا كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ إجْمَاعِ الْأَصْحَابِ، وَمَعَ تَحْرِيمِهَا لِدَوَاءٍ أَوْ عَطَشٍ لَا حَدَّ بِهَا وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهَا لِلشُّبْهَةِ (وَحَدُّ الْحُرِّ أَرْبَعُونَ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ " أَنَّ عُثْمَانَ أَمَرَ عَلِيًّا بِجَلْدِ الْوَلِيدِ، فَأَمَرَ الْحَسَنَ فَامْتَنَعَ، فَأَمَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ فَجَلَدَهُ وَعَلِيٌّ يَعُدُّ حَتَّى بَلَغَ أَرْبَعِينَ " وَعُمَرُ ثَمَانِينَ بِإِشَارَةِ ابْنِ عَوْفٍ لَمَّا اسْتَشَارَ عُمَرُ النَّاسَ فِي ذَلِكَ وَكُلٌّ سُنَّةٌ وَهَذَا أَحَبُّ إلَيَّ، وَلَا يُشْكِلُ ذِكْرُ الْأَرْبَعِينَ بِمَا فِي الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ جَلَدَهُ ثَمَانِينَ إذْ السَّوْطُ كَانَ بِرَأْسَيْنِ، وَلَا قَوْلُهُ وَكُلٌّ سُنَّةٌ بِمَا صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـــــــــــــــــــــــــــــSوُجُوبِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرِبَهُ تَعَدِّيًا، وَغَصَّ مِنْهُ وَمَاتَ فَإِنَّهُ يَكُونُ عَاصِيًا لِتَعَدِّيهِ بِشُرْبِهِ (قَوْلُهُ: إنْ عُرِفَ) أَيْ بِالطِّبِّ، وَلَوْ كَانَ فَاسِقًا (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَا يُغْنِي عَنْهَا طَاهِرٌ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا مَعَ وُجُودِ الطَّاهِرِ، وَإِنْ كَانَتْ أَسْرَعَ لِلشِّفَاءِ مِنْهُ، وَيُوَافِقُهُ مَا مَرَّ لِلشَّارِحِ فِي امْتِنَاعِ الْوَصْلِ بِعَظْمٍ نَجِسٍ هُوَ أَسْرَعُ انْجِبَارًا مِنْ الطَّاهِرِ، لَكِنْ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَيَجُوزُ التَّدَاوِي بِنَجِسٍ غَيْرِ مُسْكِرٍ كَلَحْمِ حَيَّةٍ وَبَوْلٍ وَمَعْجُونِ خَمْرٍ كَمَا مَرَّ فِي الْأَطْعِمَةِ، وَلَوْ كَانَ التَّدَاوِي بِهِ لِتَعْجِيلِ شِفَاءٍ كَمَا يَكُونُ لِرَجَائِهِ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ بِشَرْطِ إخْبَارِ طَبِيبٍ مُسْلِمٍ عَدْلٍ بِذَلِكَ أَوْ مَعْرِفَةِ الْمُتَدَاوِي بِهِ إنْ عَرَفَ، وَيُشْتَرَطُ عَدَمُ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ التَّدَاوِي مِنْ الطَّاهِرَاتِ اهـ. وَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا قَوْلُ الرَّوْضِ وَلَوْ لِتَعْجِيلِ شِفَاءٍ، فَإِنَّ مَا فِي الرَّوْضِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا حَصَلَ الشِّفَاءُ بِالْخَمْرِ الْمَعْجُونِ فِي أُسْبُوعٍ مَثَلًا، وَإِذَا لَمْ يَتَدَاوَ أَصْلًا لَمْ يَحْصُلْ الشِّفَاءُ إلَّا فِي عَشَرَةٍ، وَهُوَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا لَمْ يُوجَدْ طَاهِرٌ يَقُومُ مَقَامَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اُحْتِيجَ لِقَطْعٍ نَحْوَ سِلْعَةٍ) وَهَلْ مِنْ ذَلِكَ مَا يُقْطَعُ لِمَنْ أَخَذَ بِكْرًا، وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ افْتِضَاضُهَا إلَّا بِإِطْعَامِهَا مَا يُغَيِّبُ عَقْلَهَا مِنْ نَحْوِ بَنْجٍ أَوْ حَشِيشٍ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ مِثْلُهُ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَى تَمَكُّنِ الزَّوْجِ مِنْ الْوُصُولِ إلَى حَقِّهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّ جَوَازِ وَطْئِهَا مَا لَمْ يَحْصُلْ بِهِ لَهَا أَذًى لَا يُحْتَمَلُ مِثْلُهُ فِي إزَالَةِ الْبَكَارَةِ (قَوْلُهُ: لَا بِمُسْكِرٍ مَائِعٍ) اُنْظُرْ لَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا الْمُسْكِرَ الْمَائِعَ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَيُحْتَمَلُ جَوَازُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِلِاضْطِرَارِ لِتَنَاوُلِهِ كَمَا لَوْ غَصَّ بِلُقْمَةٍ، وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ الْجَوَازِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ تَعَيَّنَتْ الْخَمْرَةُ الصِّرْفَةُ لِلتَّدَاوِي بِهَا (قَوْلُهُ: وَعَطَشٍ) . [تَنْبِيهٌ] جَزَمَ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ بِحِلِّ إسْقَائِهَا لِلْبَهَائِمِ، وَلِلزَّرْكَشِيِّ احْتِمَالٌ أَنَّهَا كَالْآدَمِيِّ مَعَ امْتِنَاعِ إسْقَائِهَا إيَّاهَا لِلْعَطَشِ، قَالَ: لِأَنَّهَا مُثِيرَةٌ فَتُهْلِكُهَا فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ إتْلَافِ الْمَالِ اهـ. وَالْأَوْلَى تَعْلِيلُهُ بِأَنَّ فِيهِ إضْرَارًا لَهَا، وَإِضْرَارُ الْحَيَوَانِ حَرَامٌ وَإِنْ لَمْ يُتْلِفْ، قَالَ: وَالْمُتَّجِهُ مَنْعُ إسْقَائِهَا لَهَا لَا لِعَطَشٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ التَّمْثِيلِ بِالْحَيَوَانِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: فَأَمَرَ) أَيْ عَلِيٌّ (قَوْلُهُ حَتَّى بَلَغَ أَرْبَعِينَ) عِبَارَةُ حَجّ كَالدَّمِيرِيِّ بَعْدَ قَوْلِهِ أَرْبَعِينَ فَقَالَ أَمْسِكْ، ثُمَّ قَالَ: جَلَدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعِينَ وَأَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ وَعُمَرُ ثَمَانِينَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَهَذَا أَحَبُّ إلَيَّ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: صَرْفًا) أَيْ أَمَّا غَيْرُ الصَّرْفِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ سَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ فَهُوَ قَبْلَ تَحْرِيمِهَا) قَدْ يُقَالُ هَذَا قَدْ يُنَافِيهِ ظَاهِرُ الْآيَةِ حَيْثُ قُرِنَتْ الْمَنَافِعُ فِيهَا بِالْإِثْمِ الَّذِي هُوَ ثَمَرَةُ التَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ: وَكُلٌّ سُنَّةٌ إلَخْ) بَقِيَّةُ كَلَامِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ بِإِشَارَةِ ابْنِ عَوْفٍ إلَخْ بَيَانُ فَائِدَةٍ ذَكَرَهَا فِي خِلَالِ كَلَامِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْكِلُ ذِكْرُ الْأَرْبَعِينَ)

لَمْ يَسُنَّهُ وَلِهَذَا كَانَ فِي نَفْسِهِ مِنْ الثَّمَانِينَ شَيْءٌ وَقَالَ: لَوْ مَاتَ وَدَيْتُهُ، وَكَانَ يَحُدُّ فِي إمَارَتِهِ أَرْبَعِينَ؛ لِأَنَّ النَّفْيَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ أَوَّلًا، وَالْإِثْبَاتُ عَلَى أَنَّهُ بَلَغَهُ ثَانِيًا، وَلَمْ يَسُنَّهُ بِلَفْظٍ عَامٍّ يَشْمَلُ كُلَّ قَضِيَّةٍ بَلْ فَعَلَهُ فِي وَقَائِعَ عَيْنِيَّةٍ، وَهِيَ لَا عُمُومَ لَهَا عَلَى أَنَّهُ وَرَدَ فِي جَامِعِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَلَدَ فِي الْخَمْرِ ثَمَانِينَ (وَرَقِيقٍ) أَيْ مَنْ فِيهِ رِقٌّ وَإِنْ قَلَّ (عِشْرُونَ) لِكَوْنِهِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ وَيَكُونُ جَلْدُ الْقَوِيِّ السَّلِيمِ (بِسَوْطٍ أَوْ أَيْدٍ أَوْ نِعَالٍ أَوْ أَطْرَافِ ثِيَابٍ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَا بُدَّ مِنْ شَدِّ طَرَفِ الثَّوْبِ وَفَتْلِهِ حَتَّى يُؤْلِمَ (وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ سَوْطٌ) إذْ الزَّجْرُ لَا يَحْصُلُ بِغَيْرِهِ. أَمَّا نِضْوُ الْخِلْقَةِ فَيُجْلَدُ بِنَحْوِ عَثْكَالٍ وَلَا يَجُوزُ بِسَوْطٍ (وَلَوْ رَأَى الْإِمَامُ بُلُوغَهُ) أَيْ حَدَّ الْحُرِّ (ثَمَانِينَ) جَلْدَةً (جَازَ فِي الْأَصَحِّ) لِمَا مَرَّ عَنْ عُمَرَ، نَعَمْ الْأَرْبَعُونَ أَوْلَى كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ، إذْ هُوَ الْأَكْثَرُ مِنْ أَحْوَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَجَاءَ أَنَّ عَلِيًّا أَشَارَ عَلَى عُمَرَ بِذَلِكَ أَيْضًا، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ إذَا شَرِبَ سَكِرَ، وَإِذَا سَكِرَ هذى وَإِذَا هذى افْتَرَى، وَحَدُّ الِافْتِرَاءِ ثَمَانُونَ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ عَلِيًّا رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ فَكَانَ يَجْلِدُ فِي خِلَافَتِهِ أَرْبَعِينَ (وَالزِّيَادَةُ) عَلَى الْأَرْبَعِينَ (تَعْزِيرَاتٌ) إذْ لَوْ كَانَتْ حَدًّا لَمْ يَجُزْ تَرْكُهَا، وَقَوْلُهُ تَعْزِيرَاتٌ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ غَيْرِهِ تَعْزِيرٌ؛ لِأَنَّهَا اُعْتُرِضَتْ بِأَنَّ وَضْعَ التَّعْزِيرِ النَّقْصُ عَنْ الْحَدِّ فَكَيْفَ يُسَاوِيهِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لِجِنَايَةٍ تَوَلَّدَتْ مِنْ الشَّارِبِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَيْسَ شَافِيًا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْجِنَايَةِ فَكَيْفَ يُعَزَّرُ، وَالْجِنَايَاتُ الَّتِي ـــــــــــــــــــــــــــــSالْأَرْبَعُونَ، صَرَّحَ بِهِ الْكَمَالُ الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِهِ: أَيْ لِلْإِرْشَادِ مَعَ حِكَايَةِ الْقِصَّةِ بِأَبْسَطِ مِمَّا هُنَا عَنْ صَحِيحِ مُسْلِمٍ، كَذَا بِهَامِشِ شَرْحِ الْبَهْجَةِ بِخَطِّ شَيْخِنَا ب ر اهـ سم عَلَى حَجّ. وَلَعَلَّهُ أَشَارَ بِالْقِصَّةِ إلَى مَا فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ أَنَّ عُثْمَانَ إلَى آخَرِ مَا ذَكَرَهُ حَجّ كَالدَّمِيرِيِّ (قَوْلُهُ: وَقَالَ) أَيْ عَلِيّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَوْ مَاتَ إلَخْ (قَوْلُهُ: جَلَدَ فِي الْخَمْرِ) فَإِنْ قُلْت: إذَا قُلْنَا بِالرَّاجِحِ فِي الصَّحَابَةِ مِنْ عَدَالَةِ جَمِيعِهِمْ أَشْكَلَ شُرْبُهُمْ الْخَمْرَ، فَإِنَّهُ يُنَافِي الْعَدَالَةَ وَيُوجِبُ الْفِسْقَ: قُلْت: يُمْكِنُ أَنَّ مَنْ شَرِبَ مِنْهُمْ عَرَضَتْ لَهُ شُبْهَةٌ تَصَوَّرَهَا فِي نَفْسِهِ تَقْتَضِي جَوَازُهُ فَشَرِبَ تَعْوِيلًا عَلَيْهَا، وَلَيْسَتْ هِيَ كَذَلِكَ عِنْدَ مَنْ وَقَعَ لَهُ فَحَدُّهُ عَلَى مُقْتَضَى اعْتِقَادِهِ، وَذَاكَ شَرِبَ عَلَى مُقْتَضَى اعْتِقَادِهِ، وَالْعِبْرَةُ بِعَقِيدَةِ الْحَاكِمِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَاحْفَظْهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ، عَلَى أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَالَتِهِمْ أَنَّ مَنْ شَهِدَ مِنْهُمْ أَوْ رَوَى حَدِيثًا لَا يُبْحَثُ عَنْ عَدَالَتِهِ، فَتُقْبَلُ رِوَايَتُهُ وَشَهَادَتُهُ، أَوْ رَوَى شَخْصٌ عَنْ مُبْهَمٍ مِنْ الصَّحَابَةِ فَقَالَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ كَذَا قُبِلَ مِنْهُ، وَمَنْ ارْتَكَبَ شَيْئًا يُوجِبُ الْحَدَّ رَتَّبَ عَلَيْهِ مُقْتَضَاهُ مِنْ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ، وَمَعَ ذَلِكَ يَفْسُقُ بِارْتِكَابِ مَا يَفْسُقُ بِهِ غَيْرُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ . (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ شَدِّ طَرَفِ الثَّوْبِ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: وَلَا يُحَدُّ بِسَوْطٍ) أَيْ فَلَوْ خَالَفَ وَجَلَدَ بِهِ فَمَاتَ الْمَجْلُودُ فَهَلْ يَضْمَنُهُ أَوَّلًا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ عَدَمُ الضَّمَانِ كَمَا لَوْ جَلَدَ فِي حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ، وَمَاتَ بِهِ أَوْ جَلَدَ عَلَى الْمُقَاتِلِ. وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَائِدَةٌ: قَالَ الْقَاضِي لَا بُدَّ فِي الْحَدِّ مِنْ النِّيَّةِ، وَخَالَفَهُ شَيْخُهُ الْقَفَّالُ فَلَمْ يَشْتَرِطْهَا، قَالَ: حَتَّى لَوْ ظَنَّ الْإِمَامُ أَنَّ عَلَيْهِ حَدَّ شُرْبٍ فَجَلَدَهُ فَبَانَ غَيْرُهُ أَجْزَأَ، وَكَذَا لَوْ ضَرَبَهُ ظُلْمًا فَبَانَ أَنَّ عَلَيْهِ حَدًّا اهـ. وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي قَوْلِهِ وَكَذَا لَوْ ضَرَبَهُ ظُلْمًا إلَخْ؛ لِأَنَّ ضَرْبَهُ ظُلْمًا قُصِدَ بِهِ غَيْرُ الْحَدِّ فَهُوَ صَارِفٌ عَنْ وُقُوعِهِ عَنْهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلِمَ أَنَّ عَلَيْهِ حَدًّا، وَضَرَبَهُ بِلَا قَصْدٍ أَنَّهُ عَلَى الْحَدِّ فَيَنْبَغِي الْإِجْزَاءُ حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى مَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ وُجُودِ الصَّارِفِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَشَارَ عَلَى عُمَرَ بِذَلِكَ) أَيْ بِالثَّمَانِينَ (قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لِجِنَايَةٍ تَوَلَّدَتْ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ لِجِنَايَاتٍ تَوَلَّدَتْ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ فِي حَدِّ عَلِيٍّ لِلْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - (قَوْلُهُ: وَقَالَ لَوْ مَاتَ وَدَيْتُهُ) أَيْ لَوْ حَدَدْتُ أَحَدًا ثَمَانِينَ وَمَاتَ وَدَيْته (قَوْلُهُ: أَشَارَ عَلَى عُمَرَ بِذَلِكَ) أَيْ بِالثَّمَانِينَ (قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لِجِنَايَاتٍ إلَخْ) هَذَا جَوَابٌ عَنْ الِاعْتِرَاضِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَعَ

تَتَوَلَّدُ مِنْ الْخَمْرِ لَا تَنْحَصِرُ فَلِتَجُزْ الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّمَانِينَ وَقَدْ مَنَعُوهَا اهـ. وَجَوَابُهُ أَنَّ الْإِجْمَاعَ قَامَ عَلَى مَنْعِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا فَهِيَ تَعْزِيرَاتٌ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ (وَقِيلَ حُدَّ) ؛ لِأَنَّ التَّعْزِيرَ لَا يَكُونُ إلَّا عَلَى جِنَايَةٍ مُحَقَّقَةٍ، وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ مَاتَ بِهَا لَمْ يَضْمَنْ (وَيُحَدُّ بِإِقْرَارِهِ وَشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ) أَوْ عِلْمِ السَّيِّدِ دُونَ غَيْرِهِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي السَّرِقَةِ (لَا بِرِيحِ خَمْرٍ وَ) هَيْئَةِ (سُكْرٍ وَقَيْءٍ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ احْتَقَنَ أَوْ أَسْعَطَ بِهَا أَوْ شَرِبَهَا لِعُذْرٍ مِنْ غَلَطٍ أَوْ إكْرَاهٍ، وَأَمَّا حَدُّ عُثْمَانَ بِالْقَيْءِ فَاجْتِهَادٌ لَهُ (وَيَكْفِي فِي إقْرَارٍ وَشَهَادَةِ شَرِبَ خَمْرًا) أَوْ شَرِبَ مِمَّا شَرِبَ مِنْهُ غَيْرُهُ فَسَكِرَ، وَسَوَاءٌ أَقَالَ وَهُوَ مُخْتَارٌ عَالِمٌ أَمْ لَا كَمَا فِي نَحْوِ بَيْعٍ وَطَلَاقٍ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الْإِكْرَاهِ، وَالْغَالِبُ مِنْ حَالِ الشَّارِبِ عِلْمُهُ بِمَا يَشْرَبُهُ (وَقِيلَ يُشْتَرَطُ) فِي كُلٍّ مِنْ الْمُقِرِّ وَالشَّاهِدِ أَنْ يَقُولَ شَرِبَهَا (وَهُوَ عَالِمٌ بِهِ مُخْتَارٌ) لِاحْتِمَالِ مَا مَرَّ كَالشَّهَادَةِ بِالزِّنَا، إذْ الْعُقُوبَةُ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِيَقِينٍ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الزِّنَا قَدْ يُطْلَقُ عَلَى مُقَدِّمَاتِهِ كَمَا فِي الْخَبَرِ، عَلَى أَنَّهُمْ سَامَحُوا فِي الْخَمْرِ لِسُهُولَةِ حَدِّهَا مَا لَمْ يُسَامِحُوا فِي غَيْرِهَا لَا سِيَّمَا مَعَ أَنَّ الِابْتِدَاءَ بِكَثْرَةِ شُرْبِهَا يَقْتَضِي التَّوَسُّعَ فِي سَبَبِ الزَّجْرِ عَنْهَا فَوَسَّعَ فِيهِ مَا لَمْ يُوَسِّعْ فِي غَيْرِهِ، وَيُعْتَبَرُ عَلَى الثَّانِي زِيَادَةً مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ احْتِرَازًا مِنْ الْإِسَاغَةِ وَالشُّرْبِ لِنَحْوِ عَطَشٍ أَوْ تَدَاوٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَجَوَابُهُ أَنَّ الْإِجْمَاعَ قَامَ عَلَى مَنْعِ الزِّيَادَةِ) وَأَوْلَى مِنْ كَوْنِ الزِّيَادَةِ تَعْزِيرًا مَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ عَنْ الرَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّ حَدَّ الشَّارِبِ مَخْصُوصٌ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْحُدُودِ بِأَنْ يَتَحَتَّمَ بَعْضُهُ، وَيَتَعَلَّقَ بَعْضُهُ بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ) أَيْ وَهُوَ عَدَمُ الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّمَانِينَ، وَجَوَازُهُ مَعَ عَدَمِ تَحَقُّقِ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ: وَمَعَ ذَلِكَ) أَيْ وَمَعَ كَوْنِ الزِّيَادَةِ تَعْزِيرَاتٍ (قَوْلُهُ: لَوْ مَاتَ بِهَا لَمْ يَضْمَنْ) عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَهَذَا يُخَالِفُ مَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي كِتَابِ الصِّيَالِ مِنْ قَوْلِهِ وَالزَّائِدُ فِي حَدٍّ يَضْمَنُ بِقِسْطِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ. هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى كَوْنِ الزَّائِدِ حَدًّا لَا تَعْزِيرًا، وَذَلِكَ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّهُ تَعْزِيرٌ إلَّا أَنَّهُ يُبْعِدُ هَذَا قَوْلَهُ، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ كَانَ الظَّاهِرُ حِينَئِذٍ أَنْ يَقُولَ وَعَلَيْهِ أَوْ نَحْوَهُ، أَوْ يُقَالُ مَا هُنَا مَحَلُّهُ إذَا كَانَ بِفِعْلِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ مَعَ اقْتِضَاءِ الْمَصْلَحَةِ لِلزِّيَادَةِ، وَمَا يَأْتِي مَحَلُّهُ إذَا كَانَ بِفِعْلِ غَيْرِ الْإِمَامِ كَالْجَلَّادِ بِلَا إذْنٍ أَوْ الْإِمَامِ وَلَمْ تَقْتَضِهِ مَصْلَحَةٌ فَلْيَتَأَمَّلْ، لَكِنَّ الْجَوَابَ الْأَوَّلَ يُنَافِيهِ قَوْلُ الْمَنْهَجِ الْآتِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَا وَجَبَ بِخَطَأِ إمَامٍ مِنْ التَّمْثِيلِ لَهُ بِقَوْلِهِ كَأَنْ ضَرَبَ فِي حَدِّ الشُّرْبِ ثَمَانِينَ فَمَاتَ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ: أَيْ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَيُحَدُّ بِإِقْرَارِهِ) أَيْ الْحَقِيقِيِّ اهـ زِيَادِي، وَاحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ، وَلَعَلَّ صُورَتَهَا أَنْ يَرْمِيَ غَيْرَهُ بِشُرْبِ الْخَمْرِ فَيَدَّعِي عَلَيْهِ بِأَنَّهُ رَمَاهُ بِذَلِكَ، وَيُرِيدُ تَعْزِيرَهُ فَيَطْلُبُ السَّابُّ مِمَّنْ نَسَبَ إلَيْهِ شُرْبَهَا فَيَسْقُطُ عَنْهُ التَّعْزِيرُ، وَلَا يَجِبُ الْحَدُّ عَلَى الرَّادِّ لِلْيَمِينِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْإِقْرَارِ وَالشَّهَادَةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِمَا التَّفْصِيلُ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ اشْتِرَاطُهُ، وَيَدُلُّ لِلْأَوَّلِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَيَكْفِي فِي إقْرَارٍ وَشَهَادَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَهَيْئَةُ سُكْرٍ تَقْدِيرُ هَيْئَةِ الظَّاهِرِ أَنَّهُ غَيْرُ ضَرُورِيٍّ اهـ سم عَلَى حَجّ) . وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَسْقَطَهَا كَانَ التَّقْدِيرُ لَا بِرِيحِ خَمْرٍ وَلَا بِسُكْرٍ، وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِهَيْئَةِ السَّكْرَانِ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ لَهُ سُكْرٌ بِالْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَشَهَادَةُ شَرِبَ خَمْرًا) أَيْ حَيْثُ عَرَفَ الشَّاهِدُ مُسَمَّى الْخَمْرِ (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ الْفَرْقِ، فَإِنَّ ذِكْرَ الْعِلْمِ وَالِاخْتِيَارِ لَا يَنْفِي احْتِمَالَ الْمُقَدِّمَاتِ اهـ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْمُقَابَلَةِ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ. أَمَّا الْجَوَابُ بِالنَّظَرِ لِخُصُوصِ الْمُقَابَلَةِ الْمَذْكُورَةِ فَهُوَ مَا أَجَابَ بِهِ الشَّارِحُ نَفْسُهُ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّعْزِيرِ الْجِنْسُ فَيُرْجَعُ إلَى عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ: أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ فَالْأَحْسَنِيَّةُ بَاقِيَةٌ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْإِجْمَاعَ إلَخْ) هَذَا جَوَابٌ عَنْ الشِّقِّ الثَّانِي مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَهُوَ قَوْلُهُ وَالْجِنَايَاتُ الَّتِي تَتَوَلَّدُ مِنْ الْخَمْرِ لَا تَنْحَصِرُ إلَخْ، أَمَّا الشِّقُّ الْأَوَّلُ وَهُوَ قَوْلُهُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْجِنَايَةِ فَكَيْفَ يُعَزَّرُ فَلَمْ يُجِبْ عَنْهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: فَسَكِرَ) أَيْ الْغَيْرُ

(وَلَا يُحَدُّ حَالَ سُكْرِهِ) أَيْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِفَوَاتِ مَقْصُودِهِ مِنْ الزَّجْرِ مَعَ فَوَاتِ رُجُوعِهِ إنْ كَانَ أَقَرَّ فَإِنْ حُدَّ وَلَمْ يَصِرْ مُلْقًى لَا حَرَكَةَ فِيهِ اُعْتُدَّ بِهِ كَمَا صَحَّحَهُ جَمْعٌ، وَكَذَا يُجْزِئُ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ الْكَرَاهَة حَيْثُ لَا تَلْوِيثَ (وَسَوْطُ الْحُدُودِ) وَالتَّعَازِيرِ يَكُونُ (بَيْنَ قَضِيبٍ) أَيْ غُصْنٍ رَقِيقٍ جِدًّا (وَعَصًا) غَيْرِ مُعْتَدِلَةٍ (وَ) بَيْنَ (رَطْبٍ وَيَابِسٍ) بِأَنْ يَعْتَدِلَ جُرْمُهُ وَرُطُوبَتُهُ عُرْفًا لِيَحْصُلَ بِهِ الزَّجْرُ مَعَ أَمْنِ الْهَلَاكِ، فَيَمْتَنِعُ بِخِلَافِ ذَلِكَ لِمَا يُخْشَى مِنْ شِدَّةِ ضَرَرِهِ أَوْ عَدَمِ إيلَامِهِ، وَفِي الْمُوَطَّأِ مُرْسَلًا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرَادَ أَنْ يَجْلِدَ رَجُلًا فَأُتِيَ بِسَوْطٍ خَلَقٍ فَقَالَ فَوْقَ ذَلِكَ فَأُتِيَ بِسَوْطٍ جَدِيدٍ فَقَالَ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا» وَإِنْ وَرَدَ فِي زَانٍ فَهُوَ حُجَّةٌ هُنَا بِتَقْدِيرِ اعْتِضَادِهِ أَوْ صِحَّةِ وَصْلِهِ، إذْ لَا فَارِقَ بَيْنَهُمَا، وَالسَّوْطُ سَيُورٌ تَلِفَ وَتَلَوَّى قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ (وَيُفَرِّقُهُ) أَيْ السَّوْطُ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدِ (عَلَى الْأَعْضَاءِ) وُجُوبًا كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ لِئَلَّا يَعْظُمَ الْأَلَمُ بِالْمُوَالَاةِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ، وَمِنْ ثَمَّ لَا يَرْفَعُ عَضُدَهُ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إبْطِهِ كَمَا لَا يَضَعُهُ وَضْعًا غَيْرَ مُؤْلِمٍ (إلَّا الْمَقَاتِلَ) كَثَغْرَةِ نَحْرٍ وَفَرْجٍ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ زَجْرُهُ لَا إهْلَاكُهُ (وَالْوَجْهَ) فَيَحْرُمُ ضَرْبُهُمَا كَمَا بَحْثُهُ أَيْضًا، فَإِنْ ضَرَبَهُ عَلَى مَقْتَلٍ فَمَاتَ فَفِي ضَمَانِهِ وَجْهَانِ كَالْوَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ جَلَدَهُ فِي حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ مُفْرِطَيْنِ قَالَهُ الدَّارِمِيُّ، وَمُقْتَضَاهُ نَفْيُ الضَّمَانِ (قِيلَ وَالرَّأْسُ) لِشَرَفِهِ، وَلِأَنَّهُ مَقْتَلٌ وَيَخَافُ مِنْهُ الْعَمَى، وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الْمَنْعِ؛ لِأَنَّهُ مَسْتُورٌ بِالشَّعْرِ غَالِبًا فَلَا يُخَافُ تَشْوِيهُهُ بِضَرْبِهِ بِخِلَافِ الْوَجْهِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَعْرٌ لِقَرَعٍ أَوْ حَلْقِ رَأْسٍ اجْتَنَبَهُ قَطْعًا، وَمَا نُقِلَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ مِنْ أَمْرِهِ الْجَلَّادَ بِضَرْبِهِ وَتَعْلِيلِهِ بِأَنَّ فِيهِ شَيْطَانًا ضَعِيفٌ وَمُعَارَضٌ بِمَا مَرَّ عَنْ عَلِيٍّ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ مَحْذُورٌ تَيَمَّمَ بِقَوْلِ طَبِيبٍ ثِقَةٍ وَإِلَّا حُرِّمَ جَزْمًا لِعَدَمِ تَوَقُّفِ الْحَدِّ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSسم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَالْجَوَابُ أَنَّ قَوْلَهُمْ شَرِبَ خَمْرًا لَا يُطْلَقُ عَادَةً عَلَى مُقَدِّمَاتِ الشُّرْبِ، بِخِلَافِ الزِّنَا فَإِنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى مُقَدِّمَاتِهِ، وَمِنْهُ زِنَا الْعَيْنَيْنِ النَّظَرُ فَيُقَالُ زَنَى إذَا قَبَّلَ أَوْ نَظَرَ فَاحْتِيجَ لِلتَّفْصِيلِ فِيهِ دُونَ الشُّرْبِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَصِرْ مُلْقًى) أَيْ فَإِنْ صَارَ كَذَلِكَ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْحَدِّ الزَّجْرُ، وَمَنْ وَصَلَ لِهَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَتَأَثَّرُ فَكَيْفَ يَنْزَجِرُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا يُجْزِئُ فِي الْمَسْجِدِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ مَفْهُومَ حَيْثُ لَا تَلْوِيثَ أَنَّهُ إنْ لَوَّثَ لَا يُجْزِئُ، وَلَيْسَ مُرَادًا (قَوْلُهُ: وَعَصًا) رَسَمَهُ بِالْأَلِفِ لِأَنَّهَا مُنْقَلِبَةٌ عَنْ الْوَاوِ (قَوْلُهُ: فَيَمْتَنِعُ بِخِلَافِ ذَلِكَ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ فَعَلَ هَلْ يُعْتَدُّ بِهِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الِاعْتِدَادُ بِهِ فِي الثَّقِيلِ دُونَ الْخَفِيفِ الَّذِي لَا يُؤْلِمُ أَصْلًا (قَوْلُهُ: بِسَوْطٍ خَلَقٍ) هُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ: أَيْ بَالٍ (قَوْلُهُ: بِتَقْدِيرِ اعْتِضَادِهِ أَوْ صِحَّةِ وَصْلِهِ إذْ لَا فَارِقَ بَيْنَهُمَا) أَيْ الزَّانِي وَالشَّارِبِ (قَوْلُهُ: وَالسَّوْطُ سُيُورٌ تَلِفَ وَتَلَوَّى) فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَقِيسَ بِالسَّوْطِ غَيْرُهُ، وَفِي هَامِشِهِ بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ قَوْلُهُ وَقِيسَ إلَخْ أَرَادَ الْمُتَّخَذَ مِنْ جُلُودِ سُيُورٍ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ سَابِقًا وَسَوْطُ الْعُقُوبَةِ إلَخْ فَإِنَّهُ أَرَادَ بِالسَّوْطِ فِيهِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ هَذَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَا يَرْفَعُ عَضُدَهُ) أَيْ فَلَوْ رَفَعَهُ أَثِمَ وَأَجْزَأَهُ، وَإِنْ ضَرَبَ بِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يُؤْلِمُ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَاهُ نَفْيُ الضَّمَانِ) مُعْتَمِدٌ (قَوْلُهُ: وَتَعْلِيلُهُ بِأَنَّ فِيهِ) أَيْ الرَّأْسِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا حَرُمَ) أَيْ وَأَجْزَأَ وَإِذَا مَاتَ مِنْهُ لَا ضَمَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ حَيْثُ لَا تَلْوِيثَ) قَيْدٌ لِلْكَرَاهَةِ: أَيْ وَإِلَّا حَرُمَ أَمَّا الْإِجْزَاءُ فَهُوَ حَاصِلٌ فِي الْمَسْجِدِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَالسَّوْطُ سُيُورٌ إلَخْ) كَأَنَّ هَذَا حَقِيقَتُهُ وَإِلَّا فَالْمُرَادُ بِسَوْطِ الْحُدُودِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ هَذَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَأَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ قَاسِمٍ (قَوْلُهُ: وَمُعَارَضٌ بِمَا مَرَّ عَنْ عَلِيٍّ) تَبِعَ فِي هَذَا ابْنَ حَجَرٍ لَكِنْ ذَاكَ ذَكَرَ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَا نَصُّهُ فَيَحْرُمُ ضَرْبُهُمَا لِأَمْرِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ بِالْأَوَّلِ وَنَهْيِهِ عَنْ الْأَخِيرَيْنِ وَالرَّأْسِ اهـ فَصَحَّ لَهُ هَذَا الْكَلَامُ، بِخِلَافِ الشَّارِحِ فَإِنَّهُ لَمْ يُقَدِّمْ مَا ذُكِرَ هُنَاكَ

[فصل في التعزير]

(وَلَا تُشَدُّ يَدُهُ) بَلْ تُتْرَكُ لِيَتَّقِيَ بِهَا وَمَتَى وَضَعَهَا عَلَى مَحَلِّ ضَرْبٍ ضَرَبَهُ عَلَى غَيْرِهِ، إذْ وَضْعُهَا عَلَيْهِ دَالٌ عَلَى شِدَّةِ تَأَلُّمِهِ بِضَرْبِهِ، وَلَا يُلْطَمُ وَجْهُهُ، وَيَتَّجِهُ حُرْمَتُهُ إنْ تَأَذَّى بِهِ، وَإِلَّا كُرِهَ بَلْ يُحَدُّ الرَّجُلُ قَائِمًا وَالْمَرْأَةُ جَالِسَةً (وَلَا تُجَرَّدُ ثِيَابُهُ) حَيْثُ لَمْ تَمْنَعْ وُصُولَ أَلَمِ الضَّرْبِ، وَيَظْهَرُ كَرَاهَةُ ذَلِكَ بِخِلَافِ نَحْوِ جُبَّةٍ مَحْشُوَّةٍ بَلْ يَتَّجِهُ وُجُوبُ نَزْعِهَا إنْ مَنَعَتْ وُصُولَ الْأَلَمِ الْمَقْصُودِ، وَتُؤْمَرُ امْرَأَةٌ أَوْ مَحْرَمٌ بِشَدِّ ثِيَابِ الْمَرْأَةِ عَلَيْهَا كَيْ لَا تَنْكَشِفَ وَيَتَّجِهُ وُجُوبُهُ، وَلَا يَتَوَلَّى الْجَلْدَ إلَّا رَجُلٌ، وَاسْتَحْسَنَ الْمَاوَرْدِيُّ مَا أَحْدَثَهُ وُلَاةُ الْعِرَاقِ مِنْ ضَرْبِهَا فِي نَحْوِ غِرَارَةٍ مِنْ شَعْرٍ زِيَادَةً فِي سَتْرِهَا، وَأَنَّ ذَا الْهَيْئَةِ يُضْرَبُ فِي الْخَلَاءِ. وَالْخُنْثَى كَالْأُنْثَى، نَعَمْ يَتَّجِهُ أَنْ لَا يَتَوَلَّى نَحْوَ شَدِّ ثِيَابِهِ إلَّا نَحْوَ مُحْرِمٍ (وَيُوَالِي الضَّرْبَ) عَلَيْهِ (بِحَيْثُ يَحْصُلُ) لَهُ (زَجْرٌ وَتَنْكِيلٌ) بِأَنْ يَضْرِبَهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ مَا يَحْصُلُ بِهِ إيلَامٌ لَهُ، وَقَعَ ثُمَّ يُضْرَبُ الثَّانِيَةَ قَبْلَ انْقِطَاعِ أَلَمِ الْأُولَى، فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ حَرُمَ كَمَا لَا يَخْفَى وَلَمْ يُعْتَدَّ بِهِ. (فَصْلٌ) فِي التَّعْزِيرِ وَهُوَ لُغَةً مِنْ أَسْمَاءِ الْأَضْدَادِ؛ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى التَّفْخِيمِ وَالتَّعْظِيمِ وَعَلَى التَّأْدِيبِ وَعَلَى أَشَدِّ الضَّرْبِ وَعَلَى ضَرْبٍ دُونَ الْحَدِّ كَذَا فِي الْقَامُوسِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْأَخِيرَ غَلَطٌ، إذْ هُوَ وَضْعٌ شَرْعِيٌّ لَا لُغَوِيٌّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ إلَّا مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ فَكَيْفَ يُنْسَبُ لِأَهْلِ اللُّغَةِ الْجَاهِلِينَ بِذَلِكَ مِنْ أَصْلِهِ، وَاَلَّذِي فِي الصِّحَاحِ بَعْدَ تَفْسِيرِهِ بِالضَّرْبِ، وَمِنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: ضَرَبَهُ عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ وَلَا يَلْطِمُ وَجْهَهُ) عِبَارَةُ حَجّ: وَلَا يُلْقِي عَلَى وَجْهِهِ وَهِيَ الْمُرَادَةُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَ الضَّرْبِ عَلَى الْوَجْهِ قَدْ مَرَّ (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ كَرَاهَةُ ذَلِكَ) يَنْبَغِي حُرْمَتُهُ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهٍ مُزْرٍ كَعَظِيمٍ أُرِيدَ الِاقْتِصَارُ مِنْ ثِيَابِهِ عَلَى مَا يُزْرِي كَقَمِيصٍ لَا يَلِيقُ بِهِ أَوْ إزَارٍ فَقَطْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَتُؤْمَرُ امْرَأَةٌ) أَيْ وُجُوبًا فِيمَا يَظْهَرُ: أَيْ حَيْثُ تَرَتَّبَ نَظَرُ مُحْرِمٍ عَلَى التَّكَشُّفِ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ وَيَتَّجِهُ وُجُوبُهُ) أَيْ وُجُوبُ الشَّدِّ (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَوَلَّى الْجَلْدَ) يَنْبَغِي أَنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ (قَوْلُهُ: إلَّا نَحْوَ مَحْرَمٍ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْمَحْرَمُ تَوَلَّاهُ كُلٌّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ كَمَا فِي غُسْلِهِ إذَا مَاتَ وَلَا مَحْرَمَ لَهُ، وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ يُحْمَلُ كَلَامُ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ انْقِطَاعِ أَلَمِ الْأُولَى) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ رَضِيَ أَوْ لَا. قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ حُرْمَتَهُ مُطْلَقًا بِغَيْرِ رِضَا الْمَحْدُودِ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْفَضِيحَةِ مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِلْمَأْثُورِ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ لَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْأَرْبَعِينَ تَعْزِيرًا فَهَذَا أَوْلَى اهـ حَجّ. (فَصْلٌ) فِي التَّعْزِيرِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُطْلَقُ) أَيْ لُغَةً، وَقَوْلُهُ وَالتَّعْظِيمِ عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: وَعَلَى أَشَدِّ الضَّرْبِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُطْلَقُ لُغَةً عَلَى أَصْلِ الضَّرْبِ، لَكِنْ سَيَأْتِي عَنْ الصِّحَاحِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَكَيْفَ يُنْسَبُ لِأَهْلِ اللُّغَةِ) لَا يُقَالُ: ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا يَلْطِمُ عَلَى وَجْهِهِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَلَا يُمَدُّ عَلَى الْأَرْضِ انْتَهَتْ فَاقْتَضَتْ مَنْعَ مَدِّهِ عَلَى الْأَرْضِ عَلَى ظَهْرِهِ مَثَلًا وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي بَلْ يُجْلَدُ الرَّجُلُ قَائِمًا إلَخْ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَضْرِبَهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ إلَخْ) أَيْ فَيَكْفِي هَذَا فِي الْمُوَالَاةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ هَذَا حَقِيقَةُ الْمُوَالَاةِ الْوَاجِبَةِ حَتَّى يَمْتَنِعَ خِلَافُهَا كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الْإِيلَامِ وَمِنْ كَوْنِهِ لَهُ وَقْعٌ وَمِنْ الْمُوَالَاةِ [فَصْلٌ فِي التَّعْزِيرِ] (فَصْلٌ فِي التَّعْزِيرِ) (قَوْلُهُ: مِنْ أَسْمَاءِ الْأَضْدَادِ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ وَإِلَّا فَالضَّرْبُ الْآتِي لَيْسَ هُوَ تَمَامُ ضِدِّ التَّفْخِيمِ وَالتَّعْظِيمِ وَإِنَّمَا حَقِيقَةٌ

سُمِّيَ ضَرْبُ مَا دُونَ الْحَدِّ تَعْزِيرًا، فَأَشَارَ إلَى أَنَّ هَذِهِ الْحَقِيقَةَ الشَّرْعِيَّةَ مَنْقُولَةٌ عَنْ الْحَقِيقَةِ اللُّغَوِيَّةِ بِزِيَادَةِ قَيْدٍ هُوَ كَوْنُ ذَلِكَ الضَّرْبِ دُونَ الْحَدِّ الشَّرْعِيِّ فَهُوَ كَلَفْظِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَنَحْوِهِمَا الْمَنْقُولَةِ لِوُجُودِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ فِيهَا بِزِيَادَةٍ، وَأَصْلُهُ الْعَذْرُ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ وَهُوَ الْمَنْعُ. وَشَرْعًا مَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ (يُعَزَّرُ فِي كُلِّ مَعْصِيَةٍ) لِلَّهِ أَوْ لِآدَمِيٍّ (لَا حَدَّ لَهَا) وَمُرَادُهُ بِذَلِكَ يَشْمَلُ الْقَوَدَ لِيَدْخُلَ نَحْوَ قَطْعِ الطَّرَفِ (وَلَا كَفَّارَةَ) سَوَاءٌ فِيمَا ذُكِرَ مُقَدَّمَةً مَا فِيهِ حَدٌّ وَغَيْرُهَا بِالْإِجْمَاعِ، وَلِأَمْرِهِ تَعَالَى الْأَزْوَاجَ بِالضَّرْبِ عِنْدَ النُّشُوزِ، وَلِمَا صَحَّ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلِخَبَرِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي سَرِقَةِ تَمْرٍ دُونَ نِصَابٍ غُرْمُ مِثْلِهِ وَجَلَدَاتُ نَكَالٍ» وَأَفْتَى عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِيمَنْ قَالَ لِآخَرَ يَا فَاسِقُ يَا خَبِيثُ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ الْأَصْلُ، وَقَدْ يَنْتَفِي مَعَ انْتِفَائِهِمَا كَذَوِي الْهَيْئَاتِ لِخَبَرِ «أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ إلَّا الْحُدُودَ» وَفِي رِوَايَةٍ: زَلَّاتِهِمْ، وَفَسَّرَهُمْ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِمَنْ لَا يُعْرَفُ بِالشَّرِّ، وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ الصَّغَائِرُ الَّتِي لَا حَدَّ فِيهَا كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَكِنَّ كَلَامَهُ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ جَوَازِ تَعْزِيرِهِمْ عَلَى ذَلِكَ، وَنَازَعَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - نَدْبُ الْعَفْوِ عَنْهُمْ، وَبِأَنَّ عُمَرَ عَزَّرَ جَمْعًا مِنْ مَشَاهِيرِ الصَّحَابَةِ وَهُمْ رُءُوسُ الْأَوْلِيَاءِ وَسَادَاتُ الْأُمَّةِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ. وَقَدْ يُقَالُ إنَّ قَوْلَ الْأُمِّ لَمْ يُعَزَّرْ ظَاهِرٌ فِي الْحُرْمَةِ، وَفِعْلُ عُمَرَ اجْتِهَادٌ مِنْهُ، وَالْمُجْتَهِدُ لَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ، وَكَمَنْ رَأَى زَانِيًا بِأَهْلِهِ وَهُوَ مُحْصَنٌ فَقَتَلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSهَذَا لَا يَأْتِي عَلَى أَنَّ الْوَاضِعَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى. لِأَنَّا نَقُولُ: هُوَ تَعَالَى إنَّمَا وَضَعَ اللُّغَةَ بِاعْتِبَارِ مَا يَتَعَارَفهُ النَّاسُ مِنْ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الشَّرْعِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ الْإِشْكَالِ بِأَنَّ الْقَامُوسَ كَثِيرًا مَا يَذْكُرُ الْمَجَازَاتِ اللُّغَوِيَّةَ، وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَعْمَلَةً بِوَضْعٍ شَرْعِيٍّ، وَالْمَجَازُ لَا يُشْتَرَطُ سَمَاعُ شَخْصِهِ بَلْ يَكْفِي سَمَاعُ نَوْعِهِ (قَوْلُهُ: بِزِيَادَةِ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ) أَيْ لُغَةً وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّعْزِيرَ مَصْدَرٌ مَزِيدٌ وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْمُجَرَّدِ (قَوْلُهُ: لَا حَدَّ لَهَا) ع: الْأَحْسَنُ لَا عُقُوبَةَ لَهَا لِيَشْمَلَ الْجِنَايَةَ عَلَى الْأَطْرَافِ بِقَطْعِهَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الشَّارِحُ وَمُرَادُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي سَرِقَةٍ) أَيْ فِي بَيَانِ حُكْمِ سَرِقَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى بِهِ عَلِيٌّ) أَيْ بِالتَّعْزِيرِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَنْتَفِي مَعَ انْتِقَائِهِمَا) أَيْ بِأَنْ يَفْعَلَ مَعْصِيَةً لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ وَلَا يُعَزَّرُ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ: أَقِيلُوا) أَيْ وُجُوبًا مَا لَمْ يَرَ الْمَصْلَحَةَ فِي عَدَمِ الْإِقَالَةِ (قَوْلُهُ: عَثَرَاتِهِمْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ. ثَانِيهِمَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَثْرَةِ أَوَّلُ زَلَّةٍ وَلَوْ مِنْ الْكَبَائِرِ عَلَى مَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ حَجّ: وَفِي عَثَرَاتِهِمْ: أَيْ الْمُرَادِ بِهَا وَجْهَانِ: صَغِيرَةٌ لَا حَدَّ، فِيهَا، وَأَوَّلُ زَلَّةٍ: أَيْ وَلَوْ كَبِيرَةً صَدَرَتْ مِنْ مُطِيعٍ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ) أَيْ الْعَثَرَاتِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ كَلَامَهُ صَرِيحٌ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ تَعْزِيرِهِمْ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ الصَّغَائِرِ (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ عُمَرَ عَزَّرَ جَمْعًا) إيرَادُ هَذَا يَتَوَقَّفُ عَلَى أَنَّ الْمُعَزَّرَ عَلَيْهِ صَغِيرَةٌ، وَأَوَّلُ زَلَّةٍ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَثْرَةَ هِيَ ذَلِكَ، وَهُوَ وَاقِعَةٌ حَالٌ فِعْلِيَّةٌ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَكَمَنْ رَأَى زَانِيًا بِأَهْلِهِ وَهُوَ مُحْصَنٌ فَقَتَلَهُ) قَضِيَّةُ السِّيَاقِ حُرْمَةُ الْقَتْلِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا انْتَفَى فِيهِ التَّعْزِيرُ مَعَ انْتِفَاءِ الْحَدِّ وَالْكَفَّارَةِ عَنْهُ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ عَقِبَهُ وَإِلَّا حَلَّ قَتْلُهُ إلَخْ عَدَمُ حُرْمَتِهِ فَلْيُرَاجِعْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: قَدْ يَمْنَعُ كَوْنُ الْجَوَازِ قَضِيَّتَهُ لِإِمْكَانِ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ مَنْ ثَبَتَ زِنَاهُ فَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُ لِإِمْكَانِ رَفْعِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQضِدُّ ذَلِكَ الْإِهَانَةُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ بِضَرْبٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي سَرِقَةِ تَمْرٍ دُونَ نِصَابٍ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ مَقُولُ الْقَوْلِ جَمِيعٌ فِي سَرِقَةِ تَمْرٍ إلَخْ أَوْ خُصُوصِ غُرْمِ مِثْلِهِ وَجَلَدَاتٍ فَيَكُونُ قَوْلُهُ فِي سَرِقَةٍ إلَخْ بَيَانًا لِمَا قَالَ فِيهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ) أَيْ بِالْعَثَرَاتِ كَمَا هُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ، وَقِيلَ الْمُرَادُ أَوَّلُ زَلَّةٍ: أَيْ وَلَوْ كَبِيرَةً صَدَرَتْ مِنْ مُطِيعٍ (قَوْلُهُ: وَفِعْلُ عُمَرَ اجْتِهَادٌ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: وَأَيْضًا فَإِيرَادُهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى أَنَّ الْمُعَزَّرَ عَلَيْهِ صَغِيرَةٌ أَوْ

لِعُذْرِهِ بِالْحَمِيَّةِ وَالْغَيْظِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ وَإِلَّا جَازَ لَهُ قَتْلُهُ بَاطِنًا، وَأُقِيدَ بِهِ ظَاهِرًا كَمَا فِي الْأُمِّ، وَكَقَطْعِ الشَّخْصِ أَطْرَافَ نَفْسِهِ وَكَقَذْفِهِ مَنْ لَاعَنَهَا وَتَكْلِيفِ قِنِّهِ فَوْقَ طَاقَتِهِ وَضَرْبِ حَلِيلَتِهِ تَعَدِّيًا وَوَطِئَهَا فِي دُبُرِهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ فِي الْجَمِيعِ وَلَا يُنَافِي الْأَخِيرَةَ تَعْزِيرُهُ عَلَى وَطْءِ الْحَائِضِ؛ لِأَنَّهُ أَفْحَشُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى تَحْرِيمِهِ، وَكَفَرَ مُسْتَحِلُّهُ مَعَ أَنَّ الْوَطْءَ فِي الدُّبُرِ رَذِيلَةٌ يَنْبَغِي عَدَمُ إذَاعَتِهَا، وَكَالْأَصْلِ لَحِقَ فَرْعُهُ مَا سِوَى قَذْفِهِ كَمَا مَرَّ، وَكَتَأْخِيرِ قَادِرٍ نَفَقَةَ زَوْجَةٍ طَلَبَتْهَا أَوَّلَ النَّهَارِ، فَإِنَّهُ لَا يُحْبَسُ وَلَا يُوَكِّلُ بِهِ وَإِنْ أَثِمَ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ، وَكَتَعْرِيضِ أَهْلِ الْبَغْيِ بِسَبِّ الْإِمَامِ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ انْتِفَاءُ تَعْزِيرِهِمْ؛ لِأَنَّ التَّعْرِيضَ عِنْدَنَا غَيْرُ مُلْحَقٍ بِالتَّصْرِيحِ فَلَا يَكُونُ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ الْبَحْرِ رُبَّمَا هَيَّجَهُمْ التَّعْزِيرُ لِلْقِتَالِ فَيُتْرَكُ أَنَّ تَرْكَهُ لَيْسَ لِكَوْنِ سَبَبِهِ غَيْرَ مَعْصِيَةٍ، وَكَمَنْ لَا يُفِيدُ فِيهِ إلَّا الضَّرْبُ الْمُبَرِّحُ فَلَا يُضْرَبُ أَصْلًا كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَإِنْ بَحَثَ فِيهِ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي ضَرْبُهُ غَيْرَ مُبَرِّحٍ إقَامَةً لِصُورَةِ الْوَاجِبِ وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ، وَقَدْ يُجَامِعُ التَّعْزِيرُ الْكَفَّارَةَ كَمُجَامِعِ حَلِيلَتِهِ نَهَارَ رَمَضَانَ وَكَالْمُظَاهِرِ وَحَالِفِ يَمِينٍ غَمُوسٍ وَكَقَتْلِ مَنْ لَا يُقَادُ بِهِ، وَمِنْ اجْتِمَاعِهِمَا تَعْلِيقُ يَدِ السَّارِقِ فِي عُنُقِهِ سَاعَةً زِيَادَةً فِي نَكَالِهِ وَكَالزِّيَادَةِ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSلِلْحَاكِمِ، وَبَيْنَ مَنْ لَمْ يَثْبُتْ زِنَاهُ فَيَجُوزُ قَتْلُهُ لِعُذْرِهِ حَيْثُ رَآهُ يَزْنِي بِأَهْلِهِ، وَعَجَزَ عَنْ إثْبَاتِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِعُذْرِهِ بِالْحَمِيَّةِ) أَيْ إرَادَةِ الْمَنْعِ عَمَّا يُطْلَبُ مِنْهُ حِمَايَتُهُ، وَفِي الْمُخْتَارِ: الْحَمِيَّةُ: الْعَارُ وَالْأَنَفَةُ (قَوْلُهُ وَتَكْلِيفِ قِنِّهِ) أَيْ أَوْ دَابَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَوَطْئِهَا فِي دُبُرِهَا) قِيلَ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لَهُ. أَمَّا هِيَ فَتُعَزَّرُ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ إلَّا بِنَقْلٍ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَوَّلَ مَرَّةٍ) الْمُرَادُ قَبْلَ نَهْيِ الْحَاكِمِ لَهُ، وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ فِي الْجَمِيعِ) الظَّاهِرُ رُجُوعُهُ لِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ كَذَوِي الْهَيْئَاتِ إلَى هُنَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّقْيِيدَ لَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الزَّانِي، وَيَدْخُلُ فِيهِ حِينَئِذٍ مَنْ قَطَعَ أَطْرَافَ نَفْسِهِ مُرَتِّبًا (قَوْلُهُ: وَكَفَرَ مُسْتَحِلُّهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ وَطْءَ الْحَلِيلَةِ فِي دُبُرِهَا غَيْرُ مُجْمَعٍ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَعَدَمِ كُفْرِ مُسْتَحِلِّهِ (قَوْلُهُ: لَحِقَ فَرْعُهُ) أَيْ فَلَا يُعَزَّرُ لَهُ (قَوْلُهُ: مَا سِوَى قَذْفِهِ) أَيْ فَيُعَذَّرُ فِيهِ. (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُلْحَقٍ بِالتَّصْرِيحِ) لَا يَخْفَى أَنَّ التَّعْرِيضَ بِالْغَيْرِ بِمَا يُكْرَهُ مِنْ أَفْرَادِ الْغَيْبَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ فِي مَبْحَثِ خُطْبَةِ النِّكَاحِ فِي حَدِّ الْغَيْبَةِ وَلَوْ بِإِشَارَةٍ أَوْ إيمَاءٍ بَلْ وَبِالْقَلْبِ بِأَنْ أَصَرَّ عَلَى اسْتِحْضَارِهِ اهـ، فَهُوَ مَعْصِيَةٌ لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ، فَعَدَمُ التَّعْزِيرِ عَلَيْهِ هُنَا إذَا اعْتَرَفَ بِقَصْدِهِ الْمُعْرِضِ بِهِ يُوجِبُ الِاسْتِثْنَاءَ فَقَوْلُ لَيْسَ كَالتَّصْرِيحِ فِيهِ نَظَرٌ، نَعَمْ لَيْسَ هُوَ كَالتَّصْرِيحِ فِي حُكْمِ الْقَذْفِ، وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ فَلْيَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لِكَوْنِ سَبِّهِ غَيْرَ مَعْصِيَةٍ) أَيْ فَهُوَ مَعْصِيَةٌ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ التَّعْرِيضَ بِسَبِّ غَيْرِ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ الْبُغَاةِ أَيْضًا مَعْصِيَةٌ، وَقَضِيَّةُ تَوْجِيهِ الْبَحْرِ ثُبُوتُ التَّعْزِيرِ لِعَدَمِ الْمَعْنَى الَّذِي انْتَفَى بِسَبَبِهِ تَعْزِيرُهُمْ عَلَى سَبِّ الْإِمَامِ، وَكَذَا ثُبُوتُ تَعْزِيرِ غَيْرِهِمْ بِسَبَبِ الْإِمَامِ لِذَلِكَ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَحَالِفِ يَمِينٍ غَمُوسٍ) أَيْ كَاذِبَةٍ. وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا اعْتَرَفَ بِحَلِفِهِ كَاذِبًا، وَأَمَّا إذَا حَلَفَ، وَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ فَلَا تَعْزِيرَ لِاحْتِمَالِ كَذِبِ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ: وَكَقَتْلِ مَنْ لَا يُقَادُ بِهِ) يَشْمَلُ قَتْلَ الْوَالِدِ وَلَدَهُ، وَقَدْ مَثَّلَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِعُمُومِ قَوْلِهِ السَّابِقِ مَا سِوَى قَذْفِهِ فَتُضَمُّ هَذِهِ الصُّورَةُ إلَى الْقَذْفِ (قَوْلُهُ وَمِنْ اجْتِمَاعِهِمَا) أَيْ الْحَدِّ وَالتَّعْزِيرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوَّلُ زَلَّةٍ وَهِيَ وَاقِعَةُ حَالٍ فِعْلِيَّةٍ اهـ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا جَازَ لَهُ قَتْلُهُ بَاطِنًا إلَى آخِرِهِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا ثَبَتَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مِنْ الْأُمُورِ الظَّاهِرَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْإِمَامِ فَقَتْلُهُ حِينَئِذٍ فِيهِ افْتِيَاتٌ عَلَى الْإِمَامِ فَحَرُمَ، فَمَا ذَكَرَهُ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ هُنَا غَيْرُ ظَاهِرٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّعْرِيضَ عِنْدَنَا لَيْسَ كَالتَّصْرِيحِ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: لَا يَخْفَى أَنَّ التَّعْرِيضَ بِمَا يُكْرَهُ مِنْ أَفْرَادِ الْغِيبَةِ فَهُوَ مَعْصِيَةٌ لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ (قَوْلُهُ: وَمِنْ اجْتِمَاعِهِمَا تَعْلِيقُ يَدِ السَّارِقِ إلَخْ) هَذَا مِنْ اجْتِمَاعِ الْحَدِّ مَعَ التَّعْزِيرِ

الْأَرْبَعِينَ فِي حَدِّ الشُّرْبِ، وَكَمَنْ زَنَى بِأُمِّهِ فِي الْكَعْبَةِ صَائِمًا رَمَضَانَ مُعْتَكِفًا مُحْرِمًا فَيَلْزَمُهُ الْحَدُّ وَالْعِتْقُ وَالْبَدَنَةُ، وَيُعَزَّرُ لِقَطْعِ رَحِمِهِ وَانْتِهَاكِ حُرْمَةِ الْكَعْبَةِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ اجْتِمَاعِهِ مَعَ الْحَدِّ مَا لَوْ تَكَرَّرَتْ رِدَّتُهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ عُزِّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَانَ قَتْلُهُ لِإِصْرَارِهِ وَهُوَ مَعْصِيَةٌ جَدِيدَةٌ، وَإِنْ أَسْلَمَ عُزِّرَ وَلَا حَدَّ فَلَمْ يَجْتَمِعَا، وَقَدْ يُوجَدُ حَيْثُ لَا مَعْصِيَةَ كَفِعْلِ غَيْرِ مُكَلَّفٍ مَا يُعَزَّرُ عَلَيْهِ الْمُكَلَّفُ، وَكَمَنْ يَكْتَسِبُ بِاللَّهْوِ الْمُبَاحِ فَلِلْوَالِي تَعْزِيرُ الْآخِذِ وَالدَّافِعِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ لِلْمَصْلَحَةِ، وَكَنَفْيِ الْمُخَنَّثِ لِلْمَصْلَحَةِ وَإِنْ لَمْ يَرْتَكِبْ مَعْصِيَةً ، وَيَحْصُلُ التَّعْزِيرُ (بِحَبْسٍ أَوْ ضَرْبٍ) غَيْرِ مُبَرِّحٍ (أَوْ صَفْعٍ) وَهُوَ الضَّرْبُ بِجَمْعِ الْكَفِّ أَوْ بَسْطِهَا (أَوْ تَوْبِيخٍ) بِاللِّسَانِ أَوْ تَغْرِيبٍ دُونَ سَنَةٍ فِي الْحُرِّ وَدُونَ نِصْفِهَا فِي ضِدِّهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا، أَوْ قِيَامٌ مِنْ الْمَجْلِسِ أَوْ كَشْفِ رَأْسٍ أَوْ تَسْوِيدِ وَجْهٍ أَوْ حَلْقِ رَأْسٍ لِمَنْ يَكْرَهُهُ فِي زَمَنِنَا لَا لِحْيَةٍ وَإِنْ قُلْنَا بِكَرَاهَتِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَإِرْكَابِهِ الْحِمَارَ مَنْكُوسًا وَالدَّوَرَانِ بِهِ كَذَلِكَ بَيْنَ النَّاسِ وَتَهْدِيدِهِ بِأَنْوَاعِ الْعُقُوبَاتِ، وَجَوَّزَ الْمَاوَرْدِيُّ صَلْبَهُ حَيًّا مِنْ غَيْرِ مُجَاوَزَةِ ثَلَاثَةٍ مِنْ الْأَيَّامِ، وَلَا يُمْنَعُ طَعَامًا وَلَا شَرَابًا وَيَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي لَا مُومِيًا خِلَافًا لَهُ، عَلَى أَنَّ الْخَبَرَ الَّذِي اسْتَدَلَّ بِهِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ، وَيَتَعَيَّنُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَفْعَلَ بِكُلِّ مُعَزَّرٍ مَا يَلِيقُ بِهِ مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ وَبِجِنَايَتِهِ، وَأَنْ يُرَاعِيَ فِي التَّرْتِيبِ وَالتَّدْرِيجِ مَا مَرَّ فِي دَفْعِ الصَّائِلِ فَلَا يَرْقَى ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ وَقَدْ يُوجَدُ) أَيْ التَّعْزِيرُ (قَوْلُهُ: مَا يُعَزَّرُ عَلَيْهِ) أَيْ أَوْ يُحَدُّ عَلَيْهِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَكَمَنْ يَكْتَسِبُ بِاللَّهْوِ الْمُبَاحِ) أَيْ أَمَّا مَنْ يَكْتَسِبُ بِالْحَرَامِ فَالتَّعْزِيرُ عَلَيْهِ دَاخِلٌ فِي الْحَرَامِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَعْصِيَةِ الَّتِي لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ فِي مِصْرِنَا مِنْ اتِّخَاذِ مَنْ يَذْكُرُ حِكَايَاتٍ مُضْحِكَةً، وَأَكْثَرُهَا أَكَاذِيبُ فَيُعَزَّرُ عَلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ، وَلَا يَسْتَحِقُّ مَا يَأْخُذُهُ عَلَيْهِ، وَيَجِبُ رَدُّهُ إلَى دَافِعِهِ وَإِنْ وَقَعَتْ صُورَةُ اسْتِئْجَارٍ؛ لِأَنَّ الِاسْتِئْجَارَ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ فَاسِدٌ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلَهُ وَكَمَنْ يَكْتَسِبُ بِاللَّهْوِ الْمُبَاحِ كَاللَّعِبِ بِالطَّارِّ وَالْغِنَاءِ فِي الْقَهَاوِي مَثَلًا، وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ الْمُسَمَّى بِالْمِزَاحِ (قَوْلُهُ: وَكَنَفْيِ الْمُخَنَّثِ لِلْمَصْلَحَةِ) أَيْ وَهُوَ الْمُتَشَبِّهُ بِالنِّسَاءِ، وَمِنْهَا دَفْعُ مَنْ يُنْظَرُ إلَيْهِ حِينَ التَّشَبُّهِ أَوْ مَنْ يُرِيدُ التَّشَبُّهَ بِالنِّسَاءِ بِأَنْ يَفْعَلَ مِثْلَ فِعْلِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَلِمَ أَنْ لَا يَزْجُرَهُ إلَّا الْمُبَرِّحِ امْتَنَعَ) نُسْخَة وَالْأَوْلَى إسْقَاطُهَا؛ لِأَنَّهَا تَقَدَّمَتْ فِي قَوْلِهِ وَكَمَنْ لَا يُفِيدُ فِيهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ أَرَ مَنْقُولًا) لَعَلَّ الْكَلَامَ أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ مَنْقُولًا فِي كَلَامِ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَإِلَّا فَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ صَرِيحَةٌ فِيهِ حَيْثُ قَالَ فَيَنْقُصُ فِي تَعْزِيرِ الْحُرِّ بِالضَّرْبِ عَنْ أَرْبَعِينَ وَبِالْحَبْسِ أَوْ النَّفْيِ عَنْ سَنَةٍ وَفِي تَعْزِيرِ غَيْرِهِ بِالضَّرْبِ عَنْ عِشْرِينَ وَبِالْحَبْسِ أَوْ النَّفْيِ عَنْ نِصْفِ سَنَةٍ (قَوْلُهُ: لَا لِحْيَةٍ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ التَّعْزِيرُ بِحَلْقِهَا، قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ ع: هَذَا الْكَلَامُ ظَاهِرُهُ بَلْ صَرِيحُهُ أَنَّ حَلْقَ اللِّحْيَةِ لَا يُجْزِي فِي التَّعْزِيرِ لَوْ فَعَلَهُ الْإِمَامُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّ التَّعْزِيرَ لَا يَجُوزُ بِحَلْقِ اللِّحْيَةِ، وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي عَدَمَ الْإِجْزَاءِ، وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ وَفِي حَجّ: وَيَجُوزُ حَلْقُ رَأْسِهِ لَا لِحْيَتِهِ، وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: يَجُوزُ تَسْوِيدُ وَجْهِهِ اهـ. قَالَ م ر: وَلَيْسَ عَدَمُ جَوَازِ حَلْقِ اللِّحْيَةِ مَبْنِيًّا عَلَى حُرْمَةِ حَلْقِ اللِّحْيَةِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ؛ لِأَنَّ لِلْإِنْسَانِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي نَفْسِهِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِ اهـ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قُلْنَا بِكَرَاهَتِهِ) أَيْ إذَا فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَإِرْكَابِهِ الْحِمَارَ) أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: فِي التَّرْتِيبِ وَالتَّدْرِيجِ) وَمِنْ ذَلِكَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي زَمَنِنَا مِنْ تَحْمِيلِ بَابٍ لِلْمُعَزَّرِ وَثَقْبِ أَنْفِهِ أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا مِنْ اجْتِمَاعِ التَّعْزِيرِ مَعَ الْكَفَّارَةِ فَلَعَلَّ هُنَا سَقْطًا فِي النُّسَخِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا) هَذَا عَجِيبٌ مَعَ أَنَّهُ فِي شَرْحِ الْأَذْرَعِيِّ الَّذِي هُوَ نُصْبَ عَيْنِ الشَّارِحِ لِكَثْرَةِ اسْتِمْدَادِهِ مِنْهُ مَنْقُولٌ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ بَلْ عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَعِبَارَتُهُ أَعْنِي الْأَذْرَعِيَّ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لِلْإِمَامِ النَّفْيُ فِي التَّعْزِيرِ، وَظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ مُدَّتَهُ مُقَدَّرَةٌ بِمَا دُونَ السَّنَةِ وَلَوْ بِيَوْمٍ كَيْ لَا يُسَاوِيَ التَّغْرِيبَ فِي الزِّنَا، وَكَذَا صَرَّحَ بِهِ الْهَرَوِيُّ فِي الْإِشْرَاقِ عَنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، ثُمَّ نَقَلَ:

لِمَرْتَبَةٍ، وَهُوَ يَرَى مَا دُونَهَا كَافِيًا، فَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ إذْ لِلْإِمَامِ الْجَمْعُ بَيْنَ نَوْعَيْنِ فَأَكْثَرَ إنْ رَآهُ (وَيَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِي جِنْسِهِ وَقَدْرِهِ) لِانْتِفَاءِ تَقْدِيرِهِ شَرْعًا فَفُوِّضَ لِرَأْيِهِ وَاجْتِهَادِهِ لِاخْتِلَافِهِ بِاخْتِلَافِ الْمَعَاصِي وَأَحْوَالِ النَّاسِ وَمَرَاتِبِهِمْ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ اسْتِيفَاءِ غَيْرِ الْإِمَامِ لَهُ، نَعَمْ لِلْأَبِ وَالْجَدِّ تَأْدِيبُ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ لِلتَّعَلُّمِ وَسُوءِ الْأَدَبِ، وَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مِنْ أَنَّ الْأَصَحَّ امْتِنَاعُ ضَرْبِهِمَا بَالِغًا وَلَوْ سَفِيهًا مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ طَرَأَ تَبْذِيرُهُ، وَلَمْ يَعُدْ عَلَيْهِ الْحَجْرُ لِنُفُوذِ تَصَرُّفِهِ، وَمِثْلُهُمَا الْأُمُّ وَمِنْ نَحْوِ الصَّبِيِّ فِي كَفَالَتِهِ كَمَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ، وَلِلسَّيِّدِ تَأْدِيبُ قِنِّهِ وَلَوْ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَلِلْمُعَلِّمِ تَأْدِيبُ الْمُتَعَلِّمِ مِنْهُ لَكِنْ بِإِذْنِ وَلِيِّ الْمَحْجُورِ وَلِلزَّوْجِ تَعْزِيرُ زَوْجَتِهِ لِحَقِّ نَفْسِهِ كَنُشُوزٍ لَا لِحَقِّهِ تَعَالَى إنْ لَمْ يَبْطُلْ أَوْ يَنْقُصْ شَيْئًا مِنْ حُقُوقِهِ كَمَا لَا يَخْفَى (وَقِيلَ إنْ تَعَلَّقَ بِآدَمِيٍّ لَمْ يَكْفِ تَوْبِيخٌ) لِتَأَكُّدِ حَقِّهِ، وَمَنَعَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ ضَرْبَ الْمَسْتُورِ بِالدُّرَّةِ الْآنَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ عَارًا فِي ذُرِّيَّتِهِ وَاسْتُحْسِنَ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَكِنْ لَا يُسَاعِدُهُ النَّقْلُ، وَأَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِإِدَامَةِ حَبْسِ مَنْ يُكْثِرُ الْجِنَايَةَ عَلَى النَّاسِ، وَلَمْ يُفِدْ فِيهِ التَّعْزِيرُ إلَى مَوْتِهِ (فَإِنْ) (جُلِدَ وَجَبَ أَنْ يَنْقُصَ) عَنْ أَقَلِّ حُدُودِ الْمُعَزَّرِ فَيَنْقُصُ (فِي عَبْدٍ عَنْ عِشْرِينَ جَلْدَةً) وَنِصْفِ سَنَةٍ فِي حَبْسِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (وَحُرٍّ عَنْ أَرْبَعِينَ) جَلْدَةً وَسَنَةٍ نَظِيرَ مَا مَرَّ. (وَقِيلَ) يَجِبُ النَّقْصُ فِيهِمَا عَنْ (عِشْرِينَ) لِخَبَرِ؟ «مَنْ بَلَغَ حَدًّا فِي غَيْرِ حَدٍّ فَهُوَ مِنْ الْمُعْتَدِينَ» لَكِنَّهُ مُرْسَلٌ (وَيَسْتَوِي فِي هَذَا) أَيْ النَّقْصِ عَمَّا ذُكِرَ (جَمِيعُ الْمُعَاصَى فِي الْأَصَحِّ) . ـــــــــــــــــــــــــــــSأُذُنِهِ وَيُعَلَّقُ فِيهِ رَغِيفٌ أَوْ يُسَمَّرُ فِي حَائِطٍ فَيَجُوزُ. قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَلَا يَجُوزُ عَلَى الْجَدِيدِ بِأَخْذِ الْمَالِ بِرّ اهـ (قَوْلُهُ: عَدَمُ اسْتِيفَاءِ غَيْرِ الْإِمَامِ لَهُ) أَيْ فَلَوْ فَعَلَهُ لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعُ وَيُعَزَّرُ عَلَى تَعَدِّيهِ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعُدْ عَلَيْهِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ إذَا أُعِيدَ عَلَيْهِ الْحَجْرُ جَازَ لِلْأَبِ وَالْجَدِّ ضَرْبُهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ مَنْ طَرَأَ تَبْذِيرُهُ وَلِيُّهُ الْحَاكِمُ دُونَ الْأَبِ وَالْجَدِّ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ تَصَرُّفِ غَيْرِ الْحَاكِمِ مِنْ الْأَبِ وَالْجَدِّ فِي أَمْوَالِهِمْ مَنْعُهُمْ مِنْ التَّأْدِيبِ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ قَدْ لَا يَتَفَرَّغُ لِتَأْدِيبِهِمْ فِي كُلِّ قَضِيَّةٍ، لَكِنْ لَوْ أُرِيدَ هَذَا لَمْ يَتَقَيَّدْ بِمَا إذَا أُعِيدَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُمَا الْأُمُّ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَصِيَّةً، وَكَانَ الْأَبُ وَالْجَدُّ مَوْجُودَيْنِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ هَذَا لِكَوْنِهِ لَيْسَ تَصَرُّفًا فِي الْمَالِ بَلْ لِمَصْلَحَةٍ تَعُودُ عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ سُومِحَ فِيهِ مَا لَمْ يُسَامَحْ فِي غَيْرِهِ، وَتَقَدَّمَ فِي فَصْلٍ إنَّمَا تَجِبُ الصَّلَاةُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّبِيِّ مَا يَدُلُّ لَهُ (قَوْلُهُ: وَلِلْمُعَلِّمِ تَأْدِيبُ الْمُتَعَلِّمِ) شَامِلٌ لِلْبَالِغِ، وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى الْأَبِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: قَدْ يُقَال: هُوَ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّمِهِ وَاحْتِيَاجِهِ لِلْمُعَلِّمِ أَشْبَهَ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ، وَهُوَ لِوَلِيِّهِ تَأْدِيبُهُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ بِإِذْنِ وَلِيِّ الْمَحْجُورِ) هَذَا الِاسْتِدْرَاكُ مَعَ مَا قَبْلَهُ يُشْعِرُ بِأَنَّ لَهُ ضَرْبَ الْكَامِلِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى الْأَبِ الَّذِي يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ ضَرْبُ الْكَامِلِ م ر اهـ عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: كَنُشُوزٍ) أَيْ وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَنَحْوِهِ مِمَّا فِيهِ نُشُوزٌ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ تَعْزِيرِهِ لَا لِسُقُوطِ نَفَقَتِهَا (قَوْلُهُ: وَاسْتَحْسَنَ) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِإِدَامَةِ حَبْسِ) أَيْ وَيُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يَفِي بِنَفَقَتِهِ، ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ فَيُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ كَانُوا بِغَيْرِ بَلَدِهِ، لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ كَالْجَسَدِ الْوَاحِدِ إذَا تَأَلَّمَ بَعْضُهُ تَبِعَهُ بَاقِيهِ بِالْحُمَّى وَالسَّهَرِ (قَوْلُهُ: مَنْ يُكْثِرُ الْجِنَايَةَ عَلَى النَّاسِ) أَيْ بِسَبٍّ أَوْ أَخْذِ شَيْءٍ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَنْ يُصِيبُ بِالْعَيْنِ حَيْثُ عُرِفَ مِنْهُ وَكَثُرَ (قَوْلُهُ وَلَكِنَّهُ مُرْسَلٌ) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَعْنِي الْأَذْرَعِيَّ عَنْ الْإِمَامِ إشَارَةَ أَنَّهُ يَجُوزُ بُلُوغُهُ سَنَةً لِأَنَّ التَّغْرِيبَ بَعْضُ الْحَدِّ لَا كُلُّهُ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُعِدْ عَلَيْهِ الْحَجْرُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أُعِيدَ عَلَيْهِ الْحَجْرُ يَكُونُ لَهُمَا ضَرْبُهُ، وَفِيهِ وَقْفَةٌ لِأَنَّ وَلِيَّهُ حِينَئِذٍ إنَّمَا هُوَ الْحَاكِمُ لَا هُمَا (قَوْلُهُ وَمَنَعَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ) يَعْنِي مَنَعَ ثَوَابَهُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي زَمَنِ وِلَايَتِهِ الْقَضَاءَ (قَوْلُهُ: وَاسْتُحْسِنَ) الْمُسْتَحْسِنُ هُوَ الْأَذْرَعِيُّ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ، وَعِبَارَتُهُ عَقِبَ نَقْلِهِ مَنْعَ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ نَصُّهَا: وَهُوَ حَسَنٌ، وَلَكِنْ لَا يُسَاعِدُهُ عَلَيْهِ النَّقْلُ

[كتاب الصيال]

وَالثَّانِي تُقَاسُ كُلُّ مَعْصِيَةٍ بِمَا يَلِيقُ بِهَا مِمَّا فِيهِ حَدٌّ فَيَنْقُصُ تَعْزِيرُ مُقَدِّمَةِ الزِّنَا عَنْ حَدِّهِ وَإِنْ زَادَ عَلَى حَدِّ الْقَذْفِ، وَتَعْزِيرُ السَّبِّ عَنْ حَدِّ الْقَذْفِ وَإِنْ زَادَ عَلَى حَدِّ الشُّرْبِ (وَلَوْ عَفَا مُسْتَحِقُّ حَدٍّ فَلَا تَعْزِيرَ) يَجُوزُ (لِلْإِمَامِ فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ نَظَرِهِ فِيهِ (أَوْ) مُسْتَحِقُّ (تَعْزِيرٍ) (فَلَهُ) أَيْ الْإِمَامِ التَّعْزِيرُ (فِي الْأَصَحِّ) لِتَعَلُّقِهِ بِنَظَرِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَسْتَوْفِيهِ إلَّا بَعْدَ طَلَبِ مُسْتَحِقِّهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ بِالْعَفْوِ يَسْقُطُ فَيَبْقَى حَقُّ الْإِصْلَاحِ لِيَنْزَجِرَ عَنْ عَوْدِهِ لِمِثْلِ ذَلِكَ وَقَبْلَ الطَّلَبِ الْإِصْلَاحُ مُنْتَظَرٌ، فَلَوْ أُقِيمَ لَفَاتَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ حَقُّ الطَّلَبِ وَحُصُولُ التَّشَفِّي، لَكِنْ لَوْ طَلَبَهُ لَزِمَ الْإِمَامُ إجَابَتَهُ وَامْتَنَعَ عَلَيْهِ الْعَفْوُ كَمَا رَجَّحَهُ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَبِعَهُ فُرُوعُهُ وَغَيْرُهُمْ وَإِنْ رَجَّحَ ابْنُ الْمُقْرِي خِلَافَهُ. أَمَّا الْعَفْوُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِحَقِّهِ تَعَالَى فَيَجُوزُ لَهُ حَيْثُ يَرَاهُ مَصْلَحَةً. كِتَابُ الصِّيَالِ هُوَ الِاسْتِطَالَةُ وَالْوُثُوبُ عَلَى الْغَيْرِ (ضَمَانُ الْوُلَاةِ) وَمِنْ مُتَعَلِّقِهِمْ ذِكْرُ الْخِتَانِ وَضَمَانِ الْبَهَائِمِ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ يَخْتِنُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَمَنْ مَعَ الدَّابَّةِ وَلِيٌّ عَلَيْهَا. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] وَالِاعْتِدَاءُ لِلْمُشَاكَلَةِ، وَإِشَارَةٌ إلَى أَنَّ الِاسْتِسْلَامَ أَفْضَلُ كَمَا يَأْتِي، وَالْمِثْلِيَّةُ مِنْ حَيْثُ الْجِنْسِ لَا الْإِفْرَادِ لِمَا يَأْتِي وَخَبَرُ «اُنْصُرْ أَخَاك ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا» وَنَصْرُ الظَّالِمِ مَنْعُهُ مِنْ ظُلْمِهِ (لَهُ) أَيْ الشَّخْصِ (دَفْعُ كُلِّ صَائِلٍ) وَلَوْ صَبِيًّا وَمَجْنُونًا وَدَابَّةً عِنْدَ غَلَبَةِ صِيَالِهِ (عَلَى) مَعْصُومٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ مِنْ (نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ) أَوْ مَنْفَعَةٍ (أَوْ بُضْعٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــSوَهُوَ يُحْتَجُّ بِهِ إذَا اعْتَضَدَ، وَلَمْ يُبَيِّنْ مَا سَوَّغَ الِاسْتِدْلَال بِهِ وَمِنْ الْمُسَوِّغَاتِ عَدَمُ وُجُودِ غَيْرِهِ فِي الْبَابِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ يَرَاهُ مَصْلَحَةً) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ الْمَصْلَحَةِ تَرْكُ التَّعْزِيرِ عَلَى وَجْهٍ يَتَرَتَّبُ عَلَى فِعْلِهِ تَسَلُّطُ أَعْوَانِ الْوُلَاةِ عَلَى الْمُعَزَّرِ، فَيَجِبُ عَلَى الْمُعَزَّرِ اجْتِنَابُ مَا يُؤَدِّي إلَى ذَلِكَ وَيُعَزَّرُ بِغَيْرِهِ، بَلْ إنْ رَأَى تَرْكَهُ مَصْلَحَةً مُطْلَقًا تَرَكَهُ وُجُوبًا. كِتَابُ الصِّيَالِ (قَوْلُهُ هُوَ) أَيْ لُغَةً، وَقَوْلُهُ وَالْوُثُوبُ عَطْفُ تَفْسِيرٍ، وَقَوْلُهُ وَمِنْ مُتَعَلِّقِهِمْ: أَيْ الْوُلَاةِ (قَوْلُهُ: وَالِاعْتِدَاءُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ {فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ} [البقرة: 194] (قَوْلُهُ وَإِشَارَةٍ) وَجْهُ الْإِشَارَةِ أَنَّ فِي تَسْمِيَتِهِ اعْتِدَاءً إشَارَةً إلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي تَرْكُهُ وَتَرْكُهُ اسْتِسْلَامٌ اهـ عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لَهُ) أَيْ الشَّخْصِ هَلْ يُشْتَرَطُ لِلْجَوَازِ مَا يُشْتَرَطُ لِلْوُجُوبِ الْآتِي بِقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَخَفْ إلَخْ، وَيَنْبَغِي عَدَمُ اشْتِرَاطٍ حَيْثُ جَازَ الِاسْتِسْلَامُ لِلصَّائِلِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: دَفْعُ كُلِّ صَائِلٍ) قَالَ م ر: شَمَلَ قَوْلُهُ صَائِلٍ الْحَامِلَ فَلَهُ دَفْعُهَا وَلَا يَضْمَنُ حَمْلَهَا لَوْ أَدَّى الدَّفْعُ إلَى تَلَفِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: عِنْدَ غَلَبَةِ ظَنِّ صِيَالِهِ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الدَّافِعِ تَلَبُّسُ الصَّائِلِ بِصِيَالِهِ حَقِيقَةً، وَلَا يَكْفِي لِجَوَازِ دَفْعِهِ تَوَهُّمُهُ بَلْ وَلَا الشَّكُّ فِيهِ أَوْ ظَنُّهُ ظَنًّا ضَعِيفًا عَلَى مَا أَفْهَمُهُ قَوْلُهُ غَلَبَةِ ظَنِّهِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهَا الظَّنُّ الْقَوِيُّ (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْفَعَةٍ) قَدْ يُقَالُ الصَّائِلُ عَلَى الطَّرَفِ شَامِلٌ لِإِتْلَافِهِ نَفْسَهُ وَلِإِتْلَافِ مَنْفَعَتِهِ، فَلَا حَاجَةَ إلَى زِيَادَةٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ، وَجَعَلَهُ خَارِجًا عَنْ الْمَتْنِ زَائِدًا عَلَيْهِ فَلْيَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الصِّيَالِ] ِ (قَوْلُهُ: وَالِاعْتِدَاءُ لِلْمُشَاكَلَةِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ {فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ} [البقرة: 194] (قَوْلُهُ: وَإِشَارَةٌ إلَى أَفْضَلِيَّةِ الِاسْتِسْلَامِ) وَجْهُ الْإِشَارَةِ

أَوْ نَحْوَ قُبْلَةٍ مُحَرَّمَةٍ (أَوْ مَالٍ) وَإِنْ لَمْ يَتَمَوَّلْ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ لِخَبَرِ «مَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» وَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ لَهُ الْقَتْلَ وَالْقِتَالَ، فَإِنْ وَقَعَ صِيَالٌ عَلَى الْجَمِيعِ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ، وَلَمْ يُمْكِنْ إلَّا دَفْعُ وَاحِدٍ فَوَاحِدٍ قَدَّمَ النَّفْسَ: أَيْ وَمَا يَسْرِي إلَيْهَا كَالْجُرْحِ فَالْبُضْعُ فَالْمَالُ الْخَطِيرُ فَالْحَقِيرُ أَوْ عَلَى صَبِيٍّ يُلَاطُ بِهِ وَامْرَأَةٍ يُزْنَى بِهَا قَدَّمَ الدَّفْعَ عَنْهَا كَمَا هُوَ أَوْجَهُ احْتِمَالَيْنِ، وَاقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ؛ لِأَنَّ حَدَّ الزِّنَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَلِمَا يُخْشَى مِنْ اخْتِلَاطِ الْأَنْسَابِ الْمَنْظُورِ لَهُ شَرْعًا (فَإِنْ قَتَلَهُ) بِالدَّفْعِ عَلَى التَّدْرِيجِ الْآتِي (فَلَا ضَمَانَ) بِقِصَاصٍ وَلَا دِيَةٍ وَلَا كَفَّارَةٍ، وَلَوْ كَانَ صَائِلًا عَلَى نَحْوِ مَالِ الْغَيْرِ خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ لِكَوْنِهِ مَأْمُورًا بِدَفْعِهِ فَلَا يُجَامِعُ ذَلِكَ الضَّمَانَ غَالِبًا، وَقَدْ يُجَامِعُهُ كَمَا يَأْتِي فِي الْجَرَّةِ، وَلَوْ اضْطَرَّ إنْسَانٌ لِمَاءٍ أَوْ طَعَامٍ حَرُمَ دَفْعُهُ عَنْهُ وَلَزِمَ مَالِكَهُ تَمْكِينُهُ مِنْهُ، أَوْ أُكْرِهَ عَلَى إتْلَافِ مَالِ غَيْرِهِ امْتَنَعَ دَفْعُهُ أَيْضًا وَيَلْزَمُ مَالِكَهُ أَنْ يَقِيَهُ بِمَالِهِ (وَلَا يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْ مَالٍ) غَيْرِ ذِي رَوْحٍ لِنَفْسِهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِ مَالًا إذْ يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ. نَعَمْ لَوْ تَعَلَّقَ بِمَالِ نَفْسِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ كَرَهْنٍ وَإِجَارَةٍ وَجَبَ دَفْعُهُ عَنْهُ، أَمَّا ذُو الرَّوْحِ فَالدَّفْعُ وَاجِبٌ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ الصَّائِلُ مَالِكَهُ لِتَأَكُّدِ حَقِّهِ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ لُزُومُ الْإِمَامِ وَنُوَّابِهِ الدَّفْعَ عَنْ أَمْوَالِ رَعَايَاهُمْ (وَيَجِبُ) مَعَ الْأَمْنِ عَلَى نَحْوِ نَفْسِهِ أَوْ عُضْوِهِ أَوْ مَنْفَعَتِهِ الدَّفْعُ (عَنْ بُضْعٍ) وَلَوْ لِأَجْنَبِيَّةٍ إذْ لَا سَبِيلَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَتَمَوَّلْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَمَالٌ وَإِنْ قَلَّ وَاخْتِصَاصٌ لِجِلْدِ مَيْتَةٍ اهـ. أَقُولُ: وَوَظِيفَةٌ بِيَدِهِ بِوَجْهٍ صَحِيحٍ فَلَهُ دَفْعُ مَنْ يَسْعَى عَلَى أَخْذِهَا مِنْهُ بِغَيْرِ وَجْهٍ صَحِيحٍ، وَإِنْ أَدَّى إلَى قَتْلِهِ كَمَا هُوَ قِيَاسُ الْبَابِ، ثُمَّ بَلَغَنِي أَنَّ الشِّهَابَ حَجّ أَفْتَى بِذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ «مَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ» ) أَيْ فِي الْمَنْعِ عَنْ الْوُصُولِ إلَى دَمِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: قَدَّمَ النَّفْسَ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ قَدَّمَ الدَّفْعَ) أَيْ وُجُوبًا، وَقَوْلُهُ عَنْهَا أَيْ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: وَلِمَا يُخْشَى) أَيْ وَلِذَلِكَ كَانَ الزِّنَا أَشَدَّ حُرْمَةً مِنْ اللِّوَاطِ (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ مَأْمُورًا) عِلَّةٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اُضْطُرَّ إنْسَانٌ) هُوَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ، فَفِي الْمُخْتَارِ: وَقَدْ اُضْطُرَّ إلَى الشَّيْءِ: أَيْ أُلْجِئَ (قَوْلُهُ: أَوْ طَعَامٍ حَرُمَ دَفْعُهُ) أَيْ مَا لَمْ يُضْطَرَّ لَهُ مَالِكُهُ أَيْضًا، وَيَكْفِي فِي حُرْمَةِ الدَّفْعِ وُجُودُ عَلَامَةٍ قَوِيَّةٍ تَدُلُّ عَلَى الِاضْطِرَارِ (قَوْلُهُ: وَلَزِمَ مَالِكَهُ تَمْكِينُهُ مِنْهُ) أَيْ بِعِوَضٍ حَيْثُ كَانَ غَنِيًّا. (قَوْلُهُ: امْتَنَعَ) أَيْ عَلَى الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ مَالِكَهُ أَنْ يَقِيَهُ) أَيْ وَكُلٌّ مِنْ الْمُكْرَهِ وَالْمُكْرِهِ طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ وَقَرَارُهُ عَلَى الْمُكْرِهِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ ذِي رَوْحٍ لِنَفْسِهِ) وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: كَرَهْنٍ) هُوَ فِي رَهْنِ التَّبَرُّعِ ظَاهِرٌ إذَا كَانَ فِي يَدِ الْمَالِكِ، وَكَانَ قَدْ لَزِمَ بِأَنْ قَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ، ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ جَنَى الْمَرْهُونُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ دَفْعُ الْجَانِي، وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُ كَمَالِ الْغَيْرِ، وَهُوَ يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهُ (قَوْلُهُ أَمَّا ذُو الرُّوحِ) يَشْمَلُ الرَّقِيقَ الْمُسْلِمَ وَيُحْتَمَلُ اسْتِثْنَاؤُهُ لِغَرَضِ الشَّهَادَةِ لَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ يَتَصَرَّفُ فِي نَفْسِهِ بِالِاسْتِسْلَامِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لُزُومُ الْإِمَامِ وَنُوَّابِهِ) وَسَيَأْتِي وُجُوبُ دَفْعِهِمْ عَنْ نَفْسِ رَعَايَاهُمْ آخِرَ الصَّفْحَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ عَنْ بُضْعٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّ فِي تَسْمِيَتِهِ اعْتِدَاءً إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي تَرْكُهُ وَتَرْكُهُ اسْتِسْلَامٌ قَالَهُ سم (قَوْلُهُ: قَدَّمَ النَّفْسَ) أَيْ نَفْسَ غَيْرِهِ أَوْ نَفْسَهُ حَيْثُ لَمْ يُنْدَبْ الِاسْتِسْلَامُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ قَوْلُهُ (لِنَفْسِهِ) تَبِعَ فِيهِ الْأَذْرَعِيَّ، وَقَدْ ذَكَرَ أَعْنِي الْأَذْرَعِيَّ أَنَّهُ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ مَالِ الْمَحْجُورِ بِيَدِ الْوَلِيِّ وَالْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ وَنَاظِرِ الْوَقْفِ وَنَحْوِهِمْ، قَالَ: فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُمْ الدَّفْعُ إذَا أَمِنُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَالًا) قَيَّدَ بِهِ تَبَعًا لِابْنِ حَجَرٍ لِمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّهُ رَدٌّ لِمَا تُوُهِّمَ مِنْ مُنَافَاةِ هَذَا لِمَا يَأْتِي أَنَّ إنْكَارَ الْمُنْكِرِ وَاجِبٌ، قَالَ: وَبَيَانُهُ أَنَّ نَفْيَ الْوُجُوبِ هُنَا مِنْ حَيْثُ الْمَالُ وَإِثْبَاتُهُ ثَمَّ مِنْ حَيْثُ إنْكَارُ الْمُنْكَرِ لَكِنْ نَازَعَهُ فِيهِ ابْنُ سم (قَوْلُهُ: مَعَ الْأَمْنِ عَلَى نَحْوِ نَفْسِهِ إلَخْ) مَحَلُّهُ فِي الْبُضْعِ فِي الصِّيَالِ عَلَى الْغَيْرِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ الْآتِي فَيَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَسْتَسْلِمَ إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ عُضْوِهِ أَوْ مَنْفَعَتِهِ) الْوَجْهُ التَّعْبِيرُ بِالْوَاوِ بَدَلٌ أَوْ فِيهِمَا كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِأَجْنَبِيَّةٍ) كَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ هَذِهِ الْغَايَةِ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَالدَّفْعُ عَنْ غَيْرِهِ كَهُوَ عَنْ نَفْسِهِ

لِإِبَاحَتِهِ، وَيَتَّجِهُ وُجُوبُهُ أَيْضًا فِي مُقَدِّمَاتِ الْوَطْءِ كَقُبْلَةٍ إذْ لَا تُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الزِّنَا لَا يُبَاحُ بِالْإِكْرَاهِ، فَيَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَسْتَسْلِمَ لِمَنْ صَالَ عَلَيْهَا لِيَزْنِيَ بِهَا مَثَلًا وَإِنْ خَافَتْ عَلَى نَفْسِهَا (وَكَذَا) (نَفْسٌ قَصَدَهَا كَافِرٌ) مُحْتَرَمٌ أَوْ مُهْدَرٌ فَيَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهَا؛ لِأَنَّ الِاسْتِسْلَامَ لَهُ ذُلٌّ فِي الدِّينِ وَمُقْتَضَاهُ اعْتِبَارُ كَوْنِ الْمَصُولِ عَلَيْهِ مُسْلِمًا، وَوُجُوبُ الدَّفْعِ عَنْ الذِّمِّيِّ إنَّمَا يُخَاطَبُ بِهِ الْإِمَامُ لَا الْآحَادُ لِاحْتِرَامِهِ، وَوَجْهُهُ امْتِنَاعُ تَسَلُّطِ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ بِالْقَتْلِ وَلَوْ مُهْدَرًا (أَوْ بَهِيمَةٌ) لِأَنَّهَا تُذْبَحُ لِاسْتِبْقَاءِ الْمُهْجَةِ فَكَيْفَ يُسْتَسْلَمُ لَهَا (لَا مُسْلِمٌ) مُحْتَرَمٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا فَلَا يَجِبُ دَفْعُهُ (فِي الْأَظْهَرِ) بَلْ يُسَنُّ الِاسْتِسْلَامُ لِخَبَرِ «كُنْ خَيْرَ ابْنَيْ آدَمَ» وَلِذَا اسْتَسْلَمَ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَالَ لِعَبِيدِهِ وَكَانُوا أَرْبَعَمِائَةٍ: مَنْ أَلْقَى سِلَاحَهُ فَهُوَ حُرٌّ. وقَوْله تَعَالَى {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] مَفْرُوضٌ فِي غَيْرِ قَتْلٍ يُؤَدِّي إلَى شَهَادَةٍ مِنْ غَيْرِ ذُلٍّ دِينِيٍّ كَمَا هُنَا، وَكَأَنَّهُمْ إنَّمَا لَمْ يَعْتَبِرُوا الِاسْتِسْلَامَ فِي الْقِنِّ بِنَاءً عَلَى شُمُولِ مَا مَرَّ مِنْ وُجُوبِ الدَّفْعِ تَغْلِيبًا لِشَائِبَةِ الْمَالِ الْمُقْتَضِيَةِ لِإِلْغَاءِ النَّظَرِ لِلِاسْتِسْلَامِ إذْ هُوَ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ مُسْتَقِلٍّ، أَمَّا غَيْرُ الْمُحْتَرَمِ كَزَانٍ مُحْصَنٍ وَتَارِكِ صَلَاةٍ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ فَكَالْكَافِرِ. وَالثَّانِي يَجِبُ دَفْعُهُ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ وُجُوبَ الدَّفْعِ عَنْ عُضْوٍ عِنْدَ ظَنَّ السَّلَامَةِ، وَعَنْ نَفْسٍ ظَنَّ بِقَتْلِهَا مَفَاسِدَ فِي الْحَرِيمِ وَالْمَالِ (وَالدَّفْعُ عَنْ غَيْرِهِ) مِمَّا مَرَّ بِأَنْوَاعِهِ سَوَاءً فِي الْآدَمِيِّ الْمُسْلِمِ الْمُحْتَرَمِ وَالذِّمِّيِّ (كَهُوَ عَنْ نَفْسِهِ) جَوَازًا وَوُجُوبًا حَيْثُ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ. نَعَمْ لَوْ صَالَ حَرْبِيٌّ عَلَى حَرْبِيٍّ لَمْ يَلْزَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ وَلَوْ بُضْعِ بَهِيمَةٍ كَمَا أَفَادَهُ الْمُؤَلِّفُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ خَافَتْ عَلَى نَفْسِهَا) هَذَا غَايَةٌ لِمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا نَفْسٌ) سَيَأْتِي فِي الْجِهَادِ فِيمَا إذَا دَخَلَ الْكَافِرُ بِلَادَنَا قَوْلُهُ: فَمَنْ قَصَدَ دَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ بِالْمُمْكِنِ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ أَخَذَ قُتِلَ وَإِنْ جَوَّزَ فَلَهُ أَنْ يَسْتَسْلِمَ اهـ. فَلَمْ يُوجَبْ دَفْعُ الْكَافِرِ فِي صُورَةِ تَجْوِيزِ الْأَسْرِ فَلَعَلَّ هَذَا مُسْتَثْنًى مِمَّا هُنَا اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ أَوْ يُصَوَّرُ مَا هُنَا بِمَا إذَا عَلِمَ مِنْ الْكَافِرِ أَنَّهُ يُرِيدُ قَتْلَهُ (قَوْلُهُ: ذُلٌّ فِي الدِّينِ) أَيْ وَالْحَالُ مَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّ الصَّائِلَ كَافِرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَاهُ اعْتِبَارُ كَوْنِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَوَجْهُهُ) أَيْ وَجْهُ التَّخْصِيصِ بِالْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ ذُلٍّ دِينِيٍّ كَمَا هُنَا) إذْ لَا شَهَادَةَ وَقَضِيَّتُهُ وُجُوبُ الْمُسْلِمِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ: لَهُ) مُتَعَلِّقٌ بِشُمُولِ (قَوْلِهِ وَتَارِكِ صَلَاةٍ) أَيْ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: فَكَالْكَافِرِ) أَيْ فَلَا يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهُ، وَيَجِبُ دَفْعُهُ عَنْ الْمُسْلِمِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وُجُوبَ الدَّفْعِ عَنْ عُضْوٍ) إنْ كَانَ هَذَا مَفْرُوضًا إذَا كَانَ الصَّائِلُ مُسْلِمًا فَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْوُجُوبُ إذَا كَانَ كَافِرًا أَوْ بَهِيمَةً بِالْأَوْلَى اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ وَعَنْ نَفْسٍ ظَنَّ بِقَتْلِهَا مَفَاسِدَ فِي الْحَرِيمِ) وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ فِي قُرَى مِصْرَ مِنْ تَغَلُّبِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فَيَجِبُ عَلَى مَنْ قَصَدَ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ وَحُرَمِهِ حَيْثُ أَمْكَنَ الدَّفْعُ (قَوْلُهُ: كَهُوَ عَنْ نَفْسِهِ) قَدْ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْ مَالِ الْغَيْرِ إذَا كَانَ مَرْهُونًا أَوْ مُؤَجَّرًا كَمَا فِي مَالِ نَفْسِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِمَالِكِهِ مَالُ الْغَيْرِ، وَبِالنِّسْبَةِ لِلْمُرْتَهِنِ لَا يَزِيدُ عَلَى مِلْكِهِ الَّذِي لَا يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهُ، وَإِنَّمَا وَجَبَ الدَّفْعُ عَنْ مَالِ نَفْسِهِ الْمَرْهُونِ أَوْ الْمُؤَجَّرِ لِتَوَجُّهِ حَقِّ الْغَيْرِ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَمْ يَتَوَجَّهْ الْحَقُّ عَلَيْهِ بَلْ عَلَى مَالِكِ ذَلِكَ الْمَالِ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ فَلْيَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ مَرْهُونٌ عِنْدَ غَيْرِ الدَّفْعِ، أَمَّا إنْ كَانَ مَرْهُونًا تَحْتَ يَدِ الدَّافِعِ فَقَدْ يُقَالُ بِوُجُوبِ الدَّفْعِ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ حِفْظَهُ بِقَبْضِهِ فَأَشْبَهَ الْوَدِيعَةَ الَّتِي فِي يَدِهِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ صَالَ) عِبَارَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: لِاحْتِرَامِهِ) اُنْظُرْ هُوَ تَعْلِيلٌ لِمَاذَا فَإِنْ كَانَ تَعْلِيلًا لِلدَّفْعِ عَنْ النَّفْسِ فَكَانَ يَنْبَغِي عَطْفُهُ عَلَى التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ وُجُوبَ الدَّفْعِ عَنْ عُضْوٍ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا شَهَادَةَ فِيهِ يَجُوزُ لَهَا الِاسْتِسْلَامُ (قَوْلُهُ: حَيْثُ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ) قَيْدٌ فِي الْوُجُوبِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ

الْمُسْلِمَ دَفْعُهُ عَنْهُ وَإِنْ لَزِمَهُ دَفْعُهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَوْ كَانَ مَعَهُ وَدِيعَةٌ فَصَالَ عَلَيْهَا آخَرُ لَزِمَهُ الدَّفْعُ عَنْهَا لِالْتِزَامِهِ حِفْظَهَا، بَلْ جَزَمَ الْغَزَالِيُّ بِوُجُوبِهِ عَنْ مَالِ غَيْرِهِ مُطْلَقًا مَعَ إمْكَانِهِ بِلَا مَشَقَّةِ بَدَنٍ أَوْ خُسْرَانِ مَالٍ أَوْ نَقْصِ جَاهٍ. قَالَ: وَهُوَ أَوْلَى مِنْ وُجُوبِ رَدِّ سَلَامٍ وَوُجُوبِ شَهَادَةٍ يَعْلَمُهَا، وَلَوْ تَرَكَهُمَا ضَاعَ الْمَالُ الْمَشْهُودُ بِهِ، وَقَدْ تُمْنَعُ الْأَوْلَوِيَّةُ بِأَنَّ تَرْكَ الرَّدِّ وَالْأَدَاءِ يُوَرِّثُ عَادَةً ضَغَائِنَ مَعَ انْتِفَاءِ الْمَشَقَّةِ فِيهِمَا بِوَجْهٍ بِخِلَافِ مَا هُنَا (وَقِيلَ يَجِبُ) الدَّفْعُ عَنْ الْغَيْرِ إذَا كَانَ آدَمِيًّا مُحْتَرَمًا، وَلَمْ يَخْشَ عَلَى نَفْسِهِ (قَطْعًا) ؛ لِأَنَّ لَهُ الْإِيثَارَ بِحَقِّ نَفْسِهِ دُونَ حَقِّ غَيْرِهِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ النَّبِيِّ، أَمَّا هُوَ فَيَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهُ قَطْعًا وَفِي غَيْرِ الْإِمَامِ وَنُوَّابِهِ لِوُجُوبِ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ قَطْعًا، وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ عَدَمَ سُقُوطِ الْوُجُوبِ بِالْخَوْفِ عَلَى نَفْسِهِ فِي قِتَالِ الْحَرْبِيِّينَ وَالْمُرْتَدِّينَ وَلَا يَخْتَصُّ الْخِلَافُ بِالصَّائِلِ، بَلْ كُلُّ مَنْ أَقْدَمَ عَلَى مُحَرَّمٍ فَلِلْآحَادِ مَنْعُهُ خِلَافًا لِلْأُصُولِيَّيْنِ، حَتَّى لَوْ عَلِمَ شُرْبَ خَمْرٍ أَوْ ضَرْبَ طُنْبُورٍ فِي بَيْتِ شَخْصٍ فَلَهُ الْهَجْمُ عَلَيْهِ وَإِزَالَةُ ذَلِكَ، فَإِنْ أَبَى قَاتَلَهُمْ وَلَوْ أَدَّى ذَلِكَ إلَى قَتْلِهِمْ لَمْ يَضْمَنْ وَيُثَابُ عَلَى ذَلِكَ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ عِنْدَ أَمْنِهِ فِتْنَةً مِنْ ظَالِمٍ جَائِرٍ؛ لِأَنَّ التَّغْرِيرَ بِالنَّفْسِ وَالتَّعَرُّضَ لِعُقُوبَةِ وُلَاةِ الْجَوْرِ مَمْنُوعٌ (وَلَوْ) (سَقَطَتْ جَرَّةٌ) عَلَيْهِ مِنْ عُلُوٍّ (وَلَمْ تَنْدَفِعْ عَنْهُ إلَّا بِكَسْرِهَا) هَذَا قَيْدٌ لِلْخِلَافِ فَكَسَرَهَا (ضَمِنَهَا فِي الْأَصَحِّ) وَإِنْ كَانَ كَسْرُهَا وَاجِبًا عَلَيْهِ لَوْ لَمْ تَنْدَفِعْ عَنْهُ إلَّا بِهِ إذْ لَا قَصْدَ لَهَا يُحَالُ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْآدَمِيِّ وَالْبَهِيمَةِ. نَعَمْ لَوْ كَانَتْ مَوْضُوعَةً بِمَحَلِّ عُدْوَانٍ كَأَنْ وُضِعَتْ بِرَوْشَنٍ أَوْ عَلَى مُعْتَدِلٍ لَكِنَّهَا مَاثِلَةٌ أَوْ عَلَى وَجْهٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ سُقُوطُهَا لَمْ يَضْمَنْهَا؛ لِأَنَّ وَاضِعَهَا هُوَ الَّذِي أَتْلَفَهَا كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ كَالْبُلْقِينِيِّ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا، تَنْزِيلًا لَهَا مَنْزِلَةَ الْبَهِيمَةِ الصَّائِلَةِ، وَدُفِعَ بِأَنَّ لِلْبَهِيمَةِ اخْتِيَارًا، وَلَوْ حَالَتْ بَهِيمَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ طَعَامِهِ لَمْ تَكُنْ صَائِلَةً عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَقْصِدْهُ فَلَا يَلْزَمُهُ دَفْعُهَا وَيَضْمَنُهَا، وَفَارَقَ مَا مَرَّ فَمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSحَجّ: كَافِرٌ عَلَى كَافِرٍ، وَكُتِبَ عَلَيْهِ سم عِبَارَةٌ م ر: وَلَوْ صَالَ حَرْبِيٌّ إلَخْ، وَهُوَ أَوْجَهُ؛ لِأَنَّ الْأَوْجَهَ وُجُوبُ دَفْعِ الْكَافِرِ عَنْ الذِّمِّيِّ خُصُوصًا إذَا أَرَادَ قَتْلَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْ حِمَارٍ وَالْحِمَارُ يَجِبُ دَفْعُ مَنْ يُرِيدُ قَتْلَهُ حَتَّى مَالِكَهُ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ، هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَوُجُوبُ الدَّفْعِ عَنْ الذِّمِّيِّ إلَخْ إلَّا أَنْ يَحْمِلَ مَا هُنَا عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: بَلْ جَزَمَ الْغَزَالِيُّ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَقَدْ تُمْنَعُ الْأَوْلَوِيَّةُ) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا هُنَا) هَذَا تَحَكُّمٌ بَلْ مُكَابَرَةٌ وَاضِحَةٌ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ إذَا عَلِمَ أَنَّ غَيْرَهُ قَدَرَ عَلَى دَفْعِ أَخْذِهِ بِلَا مَشَقَّةٍ بِوَجْهٍ يَتَأَلَّمُ بِذَلِكَ أَشَدَّ مِنْ تَأَلُّمِهِ بِعَدَمِ رَدِّ السَّلَامِ عَلَيْهِ، وَمِنْ عَدَمِ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ لَهُ لِإِمْكَانِ الْوُصُولِ إلَى حَقِّهِ بِدُونِ أَدَائِهِ بِاحْتِمَالِ أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ يُقِرُّ عِنْدَ عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهُ) أَيْ وَلَوْ مَيِّتًا فَيَمْنَعُ مَنْ يَتَعَرَّضُ لَهُ بِالسَّبِّ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: بِالْخَوْفِ عَلَى نَفْسِهِ) أَيْ الدَّافِعِ (قَوْلُهُ: وَالتَّعَرُّضَ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْهَا) أَيْ وَيَضْمَنُ وَاضِعُهَا مَا تَلِفَ بِهَا لِتَقْصِيرِهِ بِوَضْعِهَا عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّقْصِيرِ وَعَدَمِهِ صُدِّقَ الْغَارِمُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَأَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَوْ تَنَازَعَا فِي إمْكَانِ الدَّفْعِ بِأَيْسَرِ مِمَّا دَفَعَ بِهِ صُدِّقَ الْمَعْضُوضُ بِيَمِينِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهُ دَفْعُهَا) الْأَوْلَى فَلَا يَجُوزُ لَهُ دَفْعُهَا أَيْ حَيْثُ كَانَتْ وَاقِفَةً فِي مَحَلٍّ لَا يَخْتَصُّ بِصَاحِبِ الطَّعَامِ، فَإِنْ وَقَفَتْ فِي مِلْكِهِ أَيْ مَا يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتُهُ فَصَائِلَةٌ عَلَيْهِ فَيُخْرِجُهَا بِالْأَخَفِّ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَيَضْمَنُهَا) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا هُنَا) فِيهِ أَنَّ فَرْضَ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ لَا مَشَقَّةَ. وَأَمَّا عَدَمُ الضَّغَائِنِ فَمَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَانَتْ مَوْضُوعَةً بِمَحَلِّ عُدْوَانٍ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّ صَاحِبَهَا لَوْ وَضَعَهَا بِمَحَلٍّ يُضَمَّنُ كَرَوْشَنٍ أَوْ مَائِلَةً أَوْ عَلَى وَجْهٍ إلَخْ، وَبِهَا تَعْلَمُ مَا فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهُ دَفْعُهَا) اُنْظُرْ هَلْ يَجُوزُ وَإِنْ أَدَّى لِنَحْوِ قَتْلِهَا وَفِي كَلَامِ ابْنِ سم إشَارَةٌ إلَى الْجَوَازِ. وَاعْلَمْ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ

لَوْ عَمَّ الْجَرَادُ الطَّرِيقَ لَا يَضْمَنُهُ الْمُحْرِمُ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَسُومِحَ فِيهِ (وَيَدْفَعُ الصَّائِلُ) الْمَعْصُومُ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا مَرَّ، وَمِنْهُ أَنْ يَدْخُلَ دَارَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَا ظَنِّ رِضَاهُ (بِالْأَخَفِّ) فَالْأَخَفِّ بِاعْتِبَارِ غَلَبَةِ ظَنِّ الْمَصُولِ عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ هُنَا الْعَضُّ وَيَتَّجِهُ أَنَّهُ بَعْدَ الضَّرْبِ وَقَبْلَ قَطْعِ الْعُضْوِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُهُمْ يَجُوزُ الْعَضُّ إنْ تَعَيَّنَ لِلدَّفْعِ، (فَإِنْ أَمْكَنَ) الدَّفْعُ (بِكَلَامٍ) يَزْجُرُهُ بِهِ (أَوْ اسْتِغَاثَةٍ) بِمُعْجَمَةٍ وَمُثَلَّثَةٍ (حَرُمَ الضَّرْبُ) وَظَاهِرُ هَذَا مُسَاوَاةُ الزَّجْرِ لِلِاسْتِغَاثَةِ، وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى الِاسْتِغَاثَةِ إلْحَاقُ ضَرَرٍ أَقْوَى مِنْ الزَّجْرِ كَإِمْسَاكِ حَاكِمٍ جَائِرٍ لَهُ، وَإِلَّا وَجَبَ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ ضَرَرِ مَنْ أَوْجَبَهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّا وَإِنْ أَوْجَبْنَاهُ فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الضَّمَانِ لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ بِمِثْلِ ذَلِكَ كَالْإِمْسَاكِ لِلْقَاتِلِ (أَوْ بِضَرْبٍ بِيَدٍ حَرُمَ سَوْطٌ أَوْ بِسَوْطٍ حَرُمَ عَصًا أَوْ بِقَطْعِ عُضْوٍ حَرُمَ قَتْلٌ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ جُوِّزَ لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ فِي الْأَثْقَلِ مَعَ تَحْصِيلِ الْمَقْصُودِ بِالْأَخَفِّ، نَعَمْ لَوْ الْتَحَمَ الْقِتَالُ بَيْنَهُمَا، وَانْسَدَّ الْأَمْرُ عَنْ الضَّبْطِ سَقَطَ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ فِي قِتَالِ الْبُغَاةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَوْ رَاعَيْنَا الْأَخَفَّ أَفْضَى إلَى هَلَاكِهِ، وَلَوْ انْدَفَعَ شَرُّهُ كَأَنْ وَقَعَ فِي مَاءٍ أَوْ نَارٍ أَوْ انْكَسَرَتْ رِجْلُهُ أَوْ حَالَ بَيْنَهُمَا جِدَارٌ أَوْ خَنْدَقٌ لَمْ يَضْرِبْهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَفَائِدَةُ التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ مَتَى خَالَفَ وَعَدَلَ إلَى رُتْبَةٍ مَعَ إمْكَانِ الِاكْتِفَاءِ بِمَا دُونَهَا ضَمِنَ، وَلَوْ لَمْ يَجِدْ الْمَصُولُ عَلَيْهِ إلَّا سَيْفًا جَازَ لَهُ الدَّفْعُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ يَنْدَفِعُ بِعَصًا، إذْ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ فِي عَدَمِ اسْتِصْحَابِهَا، وَلِذَلِكَ مَنْ أَحْسَنَ الدَّفْعَ بِطَرَفِ السَّيْفِ بِدُونِ جُرْحٍ يَضْمَنُ بِهِ بِخِلَافِ مَنْ لَا يُحْسِنُ، وَمَحَلُّ رِعَايَةِ التَّدْرِيجِ فِي غَيْرِ الْفَاحِشَةِ، أَمَّا فِيهَا كَأَنْ أَوْلَجَ فِي أَجْنَبِيَّةٍ، فَكَذَلِكَ أَيْضًا خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ الرَّوْضَةِ بَعْدُ فِي أَثْنَاءِ الْبَابِ. أَمَّا الْمَهْرُ كَزَانٍ مُحْصَنٍ وَحَرْبِيٍّ وَمُرْتَدٍّ فَلَا تَجِبُ مُرَاعَاةُ هَذَا التَّرْتِيبِ فِيهِ بَلْ لَهُ الْعُدُولُ إلَى قَتْلِهِ لِعَدَمِ حُرْمَتِهِ (فَإِنْ) صَالَ مُحْتَرَمٌ عَلَى نَفْسِهِ وَ (أَمْكَنَ هَرَبٌ) أَوْ تَحَصَّنَ مِنْهُ بِشَيْءٍ وَظَنَّ النَّجَاةَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْهَا (فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُهُ) ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِتَخْلِيصِ نَفْسِهِ بِالْأَسْهَلِ فَالْأَسْهَلِ (وَتَحْرِيمُ قِتَالٍ) فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَقَاتَلَهُ فَقَتَلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSإنْ دَفَعَهَا؛ لِأَنَّ الصُّورَةَ أَنَّهَا لَمْ تَقْصِدْهُ وَلَمْ تَقْصِدْ مَالَهُ (قَوْلُهُ: بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ) هَذَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ مِنْ دَفْعِ الصَّائِلِ الدُّعَاءَ عَلَيْهِ بِكَفِّ شَرِّهِ عَنْ الْمَصُولِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ بِهَلَاكِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِالْهَلَاكِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ شَرُّهُ إلَّا بِالسِّحْرِ، وَكَانَ الْمَصُولُ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرُهُ يَعْرِفُ مَا يَمْنَعُ الصَّائِلَ عَنْ صِيَالِهِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ السِّحْرَ حَرَامٌ لِذَاتِهِ فَلْيَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: سَقَطَ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ) أَيْ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ صُدِّقَ الدَّافِعُ، وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: وَيُصَدَّقُ الدَّافِعُ هُنَا، وَفِيمَا يَأْتِي فِي عَدَمِ إمْكَانِ التَّخَلُّصِ بِدُونِ مَا دَفَعَ بِهِ: أَيْ لِعُسْرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ الْآتِيَ وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ كُلُّ صَائِلٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلِذَلِكَ) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إذْ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْفَاحِشَةِ) أَيْ كَمَا قَالُوهُ، وَفِي نُسْخَةٍ: أَمَّا فِيهَا كَأَنْ أَوْلَجَ فِي أَجْنَبِيَّةٍ فَكَذَلِكَ أَيْضًا خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ إلَخْ اهـ. وَهَذِهِ أَوْضَحُ مِمَّا فِي الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ رَآهُ قَدْ أَوْلَجَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فَلَا تَجِبُ مُرَاعَاةُ هَذَا التَّرْتِيبِ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ مِثْلَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ صَالَ مُحْتَرَمٌ عَلَى نَفْسِهِ) أَيْ نَفْسِ الْمَصُولِ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــQمُضْطَرٌّ إلَى الطَّعَامِ (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ غَلَبَةِ ظَنِّ الْمَصُولِ عَلَيْهِ) لَعَلَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَالْمُرَادُ بِاعْتِبَارِ غَلَبَةِ ظَنِّ الدَّافِعِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ هُنَا الْعَضُّ) أَيْ فِي الدَّفْعِ وَإِنْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الدَّفْعِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى الِاسْتِغَاثَةِ إلَخْ) ظَاهِرُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّ الِاسْتِغَاثَةَ وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهَا مَا ذُكِرَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الضَّرْبِ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ رِعَايَةِ التَّدْرِيجِ إلَخْ) فِي هَذَا السِّيَاقِ رَكَّةٌ لِاتِّحَادِ الْقَيْدِ وَالْمُقَيَّدِ وَإِنْ اخْتَلَفَا مِنْ حَيْثُ الْقَطْعُ وَالْخِلَافُ

لَزِمَهُ الْقِصَاصُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْبَغَوِيّ، وَلَوْ صِيلَ عَلَى مَالِهِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْهَرَبُ بِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنْ يَهْرُبَ وَيَدَعَهُ لَهُ أَوْ عَلَى بُضْعِهِ ثَبَتَ إنْ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ الدَّفْعِ عَنْهُ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَالْأَقْرَبُ وُجُوبُ الْهَرَبِ هُنَا إنْ أَمْكَنَ أَيْضًا، وَمَحَلُّ قَوْلِهِمْ يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهُ حَيْثُ تَعَيَّنَ طَرِيقًا بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ هَرَبٌ أَوْ نَحْوُهُ، وَلَوْ صَالَ عَلَيْهِ مُرْتَدٌّ أَوْ حَرْبِيٌّ لَمْ يَجِبْ هَرَبٌ بَلْ يَحْرُمُ إنْ حَرُمَ الْفِرَارُ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي لَا يَجِبُ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي حَمْلُ نَصِّ الْهَرَبِ عَلَى مَنْ تَيَقَّنَ النَّجَاةَ بِهِ وَنَصِّ عَدَمِهِ عَلَى مَنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ (وَلَوْ) (عُضَّتْ يَدُهُ) مَثَلًا (خَلَّصَهَا) مِنْهُ بِفَكِّ لَحْيٍ فَضَرْبِ فَمٍ فَسَلِّ يَدٍ فَفَقْءِ عَيْنٍ فَقَلْعِ لَحْيٍ فَعَصْرِ خُصْيَةٍ فَشَقِّ بَطْنٍ وَمَتَى انْتَقَلَ لِمَرْتَبَةٍ مَعَ إمْكَانِ أَخَفَّ مِنْهَا ضَمِنَ نَظِيرَ مَا مَرَّ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى هَذَا التَّرْتِيبِ بِقَوْلِهِ (بِالْأَسْهَلِ مِنْ فَكِّ لَحْيَيْهِ) أَيْ رَفْعِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ مِنْ غَيْرِ كَسْرٍ وَلَا جُرْحٍ (وَضَرْبِ شِدْقَيْهِ) وَلَا يَلْزَمُهُ تَقْدِيمُ إنْذَارٍ بِالْقَوْلِ يُعْلَمُ عَدَمُ إفَادَتِهِ (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَلْ أَوْ لَمْ يَعْجَزْ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَكَثِيرِينَ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْوَجْهُ الْجَزْمُ بِهِ إذَا ظَنَّ أَنَّهُ لَوْ رَتَّبَ أَفْسَدَهَا الْعَاضُّ قَبْلَ تَخْلِيصِهَا مِنْ فِيهِ فَبَادَرَ (فَسَلَّهَا فَنَدَرَتْ) بِالنُّونِ (أَسْنَانُهُ) أَيْ سَقَطَتْ (فَهَدَرٌ) لِخَبَرِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى فِي ذَلِكَ بِعَدَمِ الدِّيَةِ» وَالْعَاضُّ الْمَظْلُومُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَإِنْ صَالَ عَلَيْهِ مُحْتَرَمٌ وَأَمْكَنَهُ إلَخْ كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) وَمَحَلُّهُ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ حَيْثُ عَلِمَ أَنَّ الْهَرَبَ يُنْجِيهِ، فَلَوْ عَرَفَ أَنَّهُ إنْ هَرَبَ طَمِعَ فِيهِ، وَتَبِعَهُ وَقَتَلَهُ لَمْ يَجِبْ الْهَرَبُ إذْ لَا مَعْنَى لَهُ بَلْ لَهُ قِتَالُهُ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ الدَّفْعِ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ عَنْهُ: أَيْ الْبُضْعِ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ وُجُوبُ الْهَرَبِ هُنَا) أَيْ فَيَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْهَرَبُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ وُجُوبَ الْهَرَبِ عَلَى مَنْ يَدْفَعُ عَنْهَا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَمَحَلُّ قَوْلِهِمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: إنْ حَرُمَ الْفِرَارُ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى مِثْلَيْهِ، وَكَانَ فِي صَفِّ الْقِتَالِ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ طَلَبَ مُسْلِمًا مُشْرِكَانِ مِنْ غَيْرِ صَفٍّ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ مُصَابَرَتُهُمَا بَلْ يَجُوزُ لَهُ الِانْصِرَافُ (قَوْلُهُ: فَضَرْبِ فَمٍ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الضَّرْبُ أَسْهَلَ مِنْ فَكِّ اللِّحَى، وَإِلَّا قُدِّمَ الضَّرْبُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ بَعْدُ بِالْأَسْهَلِ مِنْ فَكِّ لَحْيَيْهِ وَضَرْبِ شِدْقَيْهِ (قَوْلُهُ: فَسَلِّ يَدٍ) أَيْ حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ تَنَاثُرُ أَسْنَانِهِ، وَإِلَّا فَقَدْ يَكُونُ السَّلُّ أَسْهَلَ مِنْ ضَرْبِ الْفَمِ بَلْ وَمِنْ فَكِّ اللِّحَى زَادَ حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ فَسَلِّ يَدٍ فَعَضٍّ (قَوْلُهُ: بِالْأَسْهَلِ مِنْ فَكِّ لَحْيَيْهِ) فِيهِ أَنَّ اللَّحْيَيْنِ هُمَا الْعَظْمَاتُ اللَّذَانِ عَلَيْهِمَا الْأَسْنَانُ السُّفْلَى، وَقَوْلُهُ أَيْ رَفْعُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ لَا يَظْهَرُ فِيهِمَا، فَلَعَلَّهُ أَرَادَ هُنَا بِاللَّحْيَيْنِ كُلًّا مِنْ الْعَظْمِ الَّذِي فِيهِ الْأَسْنَانُ السُّفْلَى وَالْعُلْيَا مَجَازًا (قَوْلُهُ وَضَرْبِ شِدْقَيْهِ) بِكَسْرِ الشِّينِ اهـ مَحَلِّيٌّ (قَوْلُهُ: يَعْلَمُ عَدَمَ إفَادَتِهِ) أَيْ حَالَ كَوْنِهِ يَعْلَمُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالْوَجْهُ الْجَزْمُ بِهِ) أَيْ بِقَوْلِهِ أَوْ لَمْ يَعْجَزْ (قَوْلُهُ: فَبَادَرَ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَالْعَاضُّ الْمَظْلُومُ) كَأَنْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ صِيلَ عَلَى مَالِهِ) يَعْنِي صِيلَ عَلَيْهِ لِأَجْلِ مَالِهِ كَمَا هِيَ عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى بُضْعِهِ ثَبَتَ) الظَّاهِرُ أَنَّ الشَّارِحَ هُنَا خَلَطَ مَسْأَلَةً بِمَسْأَلَةٍ أُخْرَى، وَيُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ عِبَارَةِ الْقُوتِ وَنَصُّهَا: وَأَمَّا لَوْ كَانَ الصِّيَالُ عَلَى حَرَمِهِ فَقَضِيَّةُ الْبِنَاءِ عَلَى وُجُوبِ الدَّفْعِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْهَرَبُ وَيَدَعُهُمْ، بَلْ يَلْزَمُهُ الثَّبَاتُ إذَا أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ الْهَرَبُ بِهِمْ فَكَالْهَرَبِ وَالتَّحَصُّنُ بِنَفْسِهِ أَوْلَى بِالْوُجُوبِ انْتَهَتْ. فَهُمَا مَسْأَلَتَانِ: الْأُولَى مَا إذَا أَمْكَنَهُ الْهَرَبُ بِنَفْسِهِ دُونَ الْبُضْعِ، وَالثَّانِيَةُ مَا إذَا أَمْكَنَهُ الْهَرَبُ بِهِ، وَمَا نَسَبَهُ لِبَعْضِهِمْ مِنْ مُتَعَلِّقِ الْأُولَى وَمَا اسْتَقَرَّ بِهِ مِنْ مُتَعَلِّقِ الثَّانِيَةِ فَلَمْ يَتَوَارَدْ طَرَفَا الْخِلَافِ عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَيْ رَفْعِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ) لَعَلَّهُ حَمَلَ اللَّحْيَيْنِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْفَكِّ الْأَعْلَى وَالْفَكِّ الْأَسْفَلِ الَّذِي هُوَ مُجْتَمَعُ اللَّحْيَيْنِ تَغْلِيبًا، وَإِلَّا فَالْفَكُّ الْأَعْلَى لَا يُقَالُ لَهُ لَحْيٌ،

كَالظَّالِمِ إذْ الْعَضُّ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ، وَزَعَمَ أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْفَكِّ وَالضَّرْبِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْفَكُّ مُقَدَّمٌ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُخَيِّرْ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، بَلْ أَوْجَبَ الْأَسْهَلَ مِنْهُمَا وَهُوَ الْفَكُّ كَمَا تَقَرَّرَ، وَلَوْ تَنَازَعَا فِي إمْكَانِ الدَّفْعِ بِأَيْسَرَ مِمَّا دَفَعَ بِهِ صُدِّقَ الْمَعْضُوضُ بِيَمِينِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْبَحْرِ وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ كُلُّ صَائِلٍ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، نَعَمْ لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الصِّيَالِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ نَحْوِ الْقَاتِلِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ قَرِينَةٍ ظَاهِرَةٍ كَدُخُولِهِ عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ مَسْلُولًا أَوْ إشْرَافِهِ عَلَى حُرَمِهِ (وَمَنْ) (نُظِرَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ (إلَى) وَاحِدَةٍ مِنْ (حُرَمِهِ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَهَاءٍ أَيْ زَوْجَاتِهِ وَإِمَائِهِ وَمَحَارِمِهِ، وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ وَلَدُهُ الْأَمْرَدُ الْحَسَنُ فِيمَا يَظْهَرُ وَلَوْ غَيْرَ مُتَجَرِّدٍ، وَكَذَا إلَيْهِ فِي حَالِ كَشْفِ عَوْرَتِهِ، وَمِثْلُهُ خُنْثَى مُشْكِلٌ أَوْ مَحْرَمٌ لَهُ مَكْشُوفُهَا (فِي دَارِهِ) الَّتِي يَجُوزُ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا وَلَوْ مُسْتَعَارَةً، وَإِنْ كَانَ النَّاظِرُ الْمُعِيرُ كَمَا رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ دُونَ مَسْجِدٍ وَشَارِعٍ (مِنْ كُوَّةٍ أَوْ ثَقْبٍ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ ضَيِّقَيْنِ (عَمْدًا) وَلَيْسَ لِلنَّاظِرِ شُبْهَةٌ فِي النَّظَرِ، وَلَوْ كَانَ امْرَأَةً وَمُرَاهِقًا فَلَهُ رَمْيُهُ، فَإِنْ نَظَرَ لِخِطْبَةٍ أَوْ شِرَاءِ أَمَةٍ حَيْثُ يُبَاحُ لَهُ النَّظَرُ لَمْ يَجُزْ رَمْيُهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ النَّاظِرُ أَحَدَ أُصُولِهِ وَإِنْ حَرُمَ نَظَرُهُ كَمَا لَا يُحَدُّ بِقَذْفِهِ. (فَرَمَاهُ) أَيْ ذُو الْحُرَمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ الدَّارِ أَوْ رَمَتْهُ الْمَنْظُورُ إلَيْهَا كَمَا بَحَثَ الْأَوَّلَ الْبُلْقِينِيُّ وَالثَّانِيَ غَيْرُهُ، بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ النَّاظِرِ مِنْ مِلْكِهِ أَوْ مِنْ شَارِعٍ فِي حَالِ نَظَرِهِ لَا إنْ وَلَّى (بِخَفِيفٍ كَحَصَاةٍ) أَوْ ثَقِيلٍ وَلَمْ يَجِدْ سِوَاهُ (فَأَعْمَاهُ أَوْ أَصَابَ قُرْبَ عَيْنِهِ) مِمَّا يُخْطِئُ مِنْهُ إلَيْهِ غَالِبًا، وَلَمْ يَقْصِدْ الرَّمْيَ لِذَلِكَ الْمَحِلِّ ابْتِدَاءً (فَجَرَحَهُ فَمَاتَ فَهَدَرٌ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ فَقَدْ حَلَّ لَهُمْ أَنْ يَفْقَئُوا عَيْنَهُ» وَفِي رِوَايَةٍ «فَفَقَئُوا عَيْنَهُ فَلَا دِيَةَ لَهُ وَلَا قِصَاصَ» وَصَحَّ خَبَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــSتَعَدَّى عَلَيْهِ آخَرُ، وَأَمْكَنَ دَفْعُهُ بِغَيْرِ الْعَضِّ (قَوْلُهُ: كَالظَّالِمِ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْعَضُّ مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ طَرِيقًا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: مِنْ كُوَّةٍ) بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ لُغَةً اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ) أَيْ النَّاظِرُ (قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ رَمْيُهُ) أَيْ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي أَنَّ النَّظَرَ لِنَحْوِ الْخِطْبَةِ أَوْ أَنَّهُ تَعَدَّى صُدِّقَ الرَّامِي؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْخِطْبَةِ وَنَحْوِهَا مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ قَوِيَّةٌ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ تَقَدَّمَ مِنْهُ تَكَلَّمَ بِذَلِكَ مَعَ أَبِيهَا أَوْ نَحْوِهِ بَلَغَ الْأَبُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ نَعَمْ يُصَدَّقُ الرَّامِي أَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ كَانَ) أَوْ لَمْ يَجُزْ رَمْيُهُ (قَوْلُهُ: فَرَمَاهُ) أَيْ فِي حَالِ نَظَرِهِ لِيُلَاقِيَ قَوْلَهُ الْآتِيَ لَا إنْ وَلَّى وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَوْلَى. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ ذُو الْحَرَمِ: أَيْ وَإِنَّمَا حَرُمَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ هُنَا مَعَ أَنَّ الرَّمْيَ مِنْ دَفْعِ الصَّائِلِ، وَهُوَ لَا يَخْتَصُّ بِالْمَصُولِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَنْعَهُ مِنْ النَّظَرِ لَا يَنْحَصِرُ فِي خُصُوصِ الرَّمْيِ وَلَكِنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ الرَّمْيَ مُبَاحًا لِصَاحِبِ الْحَرَمِ، وَإِنْ أَمْكَنَ مَنْعُهُ بِهَرَبِ الْمَرْأَةِ أَوْ نَحْوِهِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ حَجّ فِي أَثْنَاءِ كَلَامِ: وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ هُنَا لَا يَرْمِي بِخِلَافِهِ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ: أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ: النَّاظِرِ مِنْ مِلْكِهِ) أَيْ النَّاظِرِ لِلصَّائِلِ حَالَةَ كَوْنِ النَّاظِرِ فِي مِلْكِهِ أَوْ شَارِعٍ، وَلَوْ قَالَ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ فَلَيْسَ لَهُ رَمْيُ النَّاظِرِ مِنْ إلَخْ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: فَمَاتَ فَهَدَرٌ) أَيْ سَوَاءٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَكَانَ يُمْكِنُ إبْقَاءُ الْمَتْنِ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَالْمَعْنَى فَكُّ اللَّحْيَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا الْفَكُّ الْأَسْفَلُ عَنْ الْفَكِّ الْأَعْلَى: أَيْ رَفْعُهُمَا عَنْهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إذْ الْعَضُّ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ) أَيْ فِي غَيْرِ الدَّفْعِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَادُ بَعْضُ الْمَظْلُومِ الْمَمْنُوعِ أَنْ يَكُونَ لِغَيْرِ الدَّفْعِ بِأَنْ تَأْتِيَ الدَّفْعَ بِغَيْرِهِ، ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ نَقَلَ هَذَا عَنْ صَاحِبِ الِاقْتِصَارِ ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا صَحِيحٌ (قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ وَلَدُهُ الْأَمْرَدُ الْحَسَنُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى حُرْمَةِ النَّظَرِ إلَيْهِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَمِثْلُ وَلَدِهِ هُوَ نَفْسُهُ لَوْ كَانَ أَمْرَدَ حَسَنًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَنَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ قَاسِمٍ (قَوْلُهُ: أَوْ مَحْرَمٌ لَهُ) أَيْ لِلنَّاظِرِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ امْرَأَةً) أَيْ وَكَانَتْ تَنْظُرُ لِرَجُلٍ مُطْلَقًا أَوْ لِامْرَأَةٍ مُتَجَرِّدَةٍ كَمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ الدَّارِ) أَيْ وَهُوَ ذُو حُرْمَةٍ

«لَوْ أَنَّ امْرَأً اطَّلَعَ عَلَيْك بِغَيْرِ إذْنِك فَفَقَأْت عَيْنَهُ مَا كَانَ عَلَيْك مِنْ حَرَجٍ» وَلَا نَظَرَ لِعَدَمِ تَكْلِيفِ الْمُرَاهِقِ إذْ الرَّمْيُ لِدَفْعِ مَفْسَدَةِ النَّظَرِ وَهِيَ حَاصِلَةٌ بِهِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ فِي النَّظَرِ كَالْبَالِغِ، وَمِنْ ثَمَّ مَنْ يَرَى أَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهُ فِيهِ لَا يَجُوزُ رَمْيُهُ هُنَا، وَفَارَقَ مَنْ لَهُ نَحْوَ مَحْرَمٍ بِأَنَّ هَذَا شُبْهَتُهُ فِي الْمَحَلِّ الْمَنْظُورِ إلَيْهِ، وَالْمُرَاهِقُ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ عَلَى أَنَّ هَذَا مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ بِدَلِيلِ دَفْعِ صَبِيٍّ صَائِلٍ لَكِنَّهُ هُنَا لَا يَتَقَيَّدُ بِالْمُرَاهِقِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ لَهُ رَمْيُهُ (بِشَرْطِ عَدَمِ) نَحْوِ مَتَاعٍ لَهُ أَوْ (مَحْرَمٍ) سَتْرُ مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا (وَزَوْجَةٍ) وَأَمَةٍ وَلَوْ مُجَرَّدَتَيْنِ (لِلنَّاظِرِ) وَإِلَّا امْتَنَعَ رَمْيُهُ لِعُذْرِهِ حِينَئِذٍ، وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (قِيلَ وَ) بِشَرْطِ عَدَمِ (اسْتِتَارِ الْحُرَمِ) وَإِلَّا بِأَنْ اسْتَتَرْنَ أَوْ كُنَّ فِي مُنْعَطَفٍ لَا يَرَاهُنَّ النَّاظِرُ لَمْ يَجُزْ رَمْيُهُ، وَالْأَصَحُّ لَا فَرْقَ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ وَحَسْمًا لِمَادَّةِ النَّظَرِ. (قِيلَ وَ) بِشَرْطِ (إنْذَارٍ قَبْلَ رَمْيِهِ) تَقْدِيمًا لِلْأَخَفِّ كَمَا مَرَّ، وَالْأَصَحُّ عَدَمُ وُجُوبِهِ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى إنْذَارٍ لَا يُفِيدُ وَإِلَّا وَجَبَ تَقْدِيمُهُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَهُوَ مُرَادُهُمْ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرُوهُ فِي دَفْعِ الصَّائِلِ مِنْ تَعَيُّنِ الْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ، وَخَرَجَ بِنَظَرِ الْأَعْمَى وَنَحْوِهِ وَمُسْتَرِقِ السَّمْعِ فَلَا يَجُوزُ رَمْيُهُمَا لِفَوَاتِ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَوْرَاتِ الَّذِي يَعْظُمُ ضَرَرُهُ وَبِالْكُوَّةِ وَمَا مَعَهَا النَّظَرُ مِنْ بَابٍ مَفْتُوحٍ أَوْ كُوَّةٍ أَوْ ثَقْبٍ وَاسِعٍ بِأَنْ نُسِبَ صَاحِبُهَا إلَى تَقْصِيرٍ؛ لِأَنَّ تَفْرِيطَهُ بِذَلِكَ صَيَّرَهُ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ فَلَمْ يَجُزْ لَهُ الرَّمْيُ قَبْلَ الْإِنْذَارِ، نَعَمْ النَّظَرُ مِنْ نَحْوِ سَطْحٍ وَلَوْ لِلنَّاظِرِ أَوْ مَنَارَةٍ كَهُوَ مِنْ كُوَّةٍ ضَيِّقَةٍ إذْ لَا تَفْرِيطَ مِنْ رَبِّ الدَّارِ وَبِعَمْدِ النَّظَرِ خَطَأً أَوْ اتِّفَاقًا فَلَا يَجُوزُ رَمْيُهُ إنْ عَلِمَ الرَّامِي ذَلِكَ مِنْهُ، نَعَمْ يُصَدَّقُ الرَّامِي فِي أَنَّهُ تَعَمَّدَ إذْ الِاطِّلَاعُ حَصَلَ وَالْقَصْدُ أَمْرٌ بَاطِنٌ، وَهَذَا ذَهَابٌ إلَى جَوَازِ رَمْيِهِ عِنْدَ غَلَبَةِ الظَّنِّ فِي أَنَّهُ تَعَمَّدَ، وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ، وَبِالْخَفِيفِ الثَّقِيلِ الَّذِي وُجِدَ غَيْرُهُ كَحَجَرٍ وَنُشَّابٍ فَيَضْمَنُ حَتَّى بِالْقَوَدِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَانَ النَّاظِرُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ أَوْ مُسْتَأْجِرٍ أَوْ مُعَارٍ أَوْ مَغْصُوبٍ (قَوْلُهُ: وَلَا نَظَرَ لِعَدَمِ تَكْلِيفِ الْمُرَاهِقِ) هَذَا دَفْعٌ لِمَا يَرُدُّ عَلَى قَوْلِهِ السَّابِقِ وَمُرَاهِقًا (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ رَمْيُهُ هُنَا) وَمَحَلُّ جَوَازِ الرَّمْيِ إذَا لَمْ يَفْدِ الْإِنْذَارَ، وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، أَمَّا لَوْ عَلِمَ الرَّامِي إفَادَةَ الْإِنْذَارِ، وَلَمْ يُنْذِرْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ اهـ وَهَذَا حَاصِلُ قَوْلِهِ الْآتِي وَهَذَا مَحْمُولٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَحْوَ مَتَاعٍ لَهُ) أَيْ النَّاظِرِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَجَبَ تَقْدِيمُهُ) ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِنَظَرِ الْأَعْمَى) أَيْ وَإِنْ جَهِلَ عَمَاهُ شَرْحُ رَوْضٍ وَكَذَا بَصِيرٌ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى الْعَوْرَاتِ بِنَظَرِهِ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) كَضَعِيفِ الْبَصَرِ (قَوْلُهُ: مِنْ بَابٍ مَفْتُوحٍ) وَلَوْ بِفِعْلِ النَّاظِرِ إنْ تَمَكَّنَ رَبُّ الدَّارِ مِنْ إغْلَاقِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ حَجّ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا تَمَكَّنَ رَبُّ الدَّارِ مِنْ إغْلَاقِهِ، وَلَمْ يُغَلِّقْهُ ضَمِنَ بِرَمْيِهِ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَيْ بِتَقْصِيرِ صَاحِبِ الدَّارِ بِعَدَمِ إغْلَاقِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْفَاتِحُ لِلْبَابِ هُوَ النَّاظِرُ، وَلَمْ يَتَمَكَّنْ رَبُّ الدَّارِ مِنْ إغْلَاقِهِ جَازَ الرَّمْيُ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ (قَوْلُهُ أَوْ ثَقْبٍ) وَمِنْهُ الطَّاقَاتُ الْمَعْرُوفَةُ الْآنَ وَالشَّبَابِيكُ (قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ الرَّامِي) أَيْ بِقَرِينَةٍ (قَوْلُهُ: فِي أَنَّهُ) أَيْ النَّاظِرَ (قَوْلُهُ: وَهَذَا ذَهَابٌ إلَى جَوَازِ رَمْيِهِ) مُعْتَمَدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ كَأَبِي الزَّوْجَةِ وَأَخِيهَا (قَوْلُهُ: النَّاظِرَ) هُوَ بِالنَّصْبِ بَيَانٌ لِلضَّمِيرِ الْمَنْصُوبِ فِي الْمَتْنِ، كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ ذُو الْحَرَمِ بَيَانٌ لِلضَّمِيرِ الْمَرْفُوعِ فَهُوَ مِنْ مَدْخُولِ التَّفْسِيرِ بِأَيِّ وَإِنْ حَصَلَ الْفَصْلُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَيْ ذُو الْحَرَمِ النَّاظِرَ: أَيْ رَمْي ذُو الْحَرَمِ النَّاظِرَ، وَقَوْلُهُ مِنْ مِلْكِهِ أَوْ شَارِعٍ مُتَعَلِّقٌ بِالنَّاظِرِ: أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَ نَظَرُهُ فِي مِلْكِهِ بِأَنْ نَظَرَ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ أَوْ مِنْ شَارِعٍ: أَيْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا، وَقَوْلُهُ فِي حَالِ نَظَرِهِ مُتَعَلِّقٌ بِرَمَاهُ تَقْيِيدٌ، وَخَرَجَ بِهِ مَا عَطَفَهُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ لَا إنْ وَلَّى (قَوْلُهُ: وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ) الصَّوَابُ أَنَّهَا بِحَالِهَا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ قَاسِمٍ: أَيْ لِأَنَّ الْقَصْدَ عَدَمُ الْجَمِيعِ وَلَيْسَ الْقَصْدُ عَدَمَ أَحَدِهِمَا وَإِنْ وُجِدَ الْآخَرُ لِفَسَادِهِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْإِنْذَارِ) اُنْظُرْ مَفْهُومَهُ

الْمُصَنِّفِ تَخْيِيرُهُ: بَيْنَ رَمْيِ الْعَيْنِ وَقُرْبِهَا، لَكِنَّ الْمَنْقُولَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَا يَقْصِدُ غَيْرَ الْعَيْنِ حَيْثُ أَمْكَنَهُ إصَابَتُهَا، وَأَنَّهُ إذَا أَصَابَ غَيْرَهَا الْبَعِيدَ لَا يُخْطِئُ مِنْهَا إلَيْهِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا. نَعَمْ لَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ قَصْدُهَا وَلَا مَا قَرُبَ مِنْهَا وَلَمْ يَنْدَفِعْ بِهِ جَازَ رَمْيُ عُضْوٍ آخَرَ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ، وَلَوْ لَمْ يَنْدَفِعْ بِالْخَفِيفِ اسْتَغَاثَ عَلَيْهِ، فَإِنْ فُقِدَ مُغِيثٌ سُنَّ لَهُ أَنْ يَنْشُدَهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ أَبَى دَفَعَهُ وَلَوْ بِالسِّلَاحِ وَإِنْ قَتَلَهُ (وَلَوْ عَزَّرَ) مِنْ غَيْرِ إسْرَافٍ (وَلِيٌّ) مَحْجُورَهُ وَأَلْحَقَ بِوَلِيِّهِ وَمَنْ حَلَّ لَهُ الضَّرْبُ، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِمَّا يَأْتِي كَافِلُهُ كَأُمِّهِ (وَوَالٍ) مَنْ رُفِعَ إلَيْهِ، وَلَمْ يُعَانِدْ (وَزَوْجٌ) زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ لِنَحْوِ نُشُوزٍ (وَمُعَلِّمٌ) مَنْ تَعَلَّمَ مِنْهُ حَيْثُ كَانَ حُرًّا بِمَا لَهُ دَخْلٌ فِي الْهَلَاكِ وَإِنْ نَدَرَ (فَمَضْمُونٌ) تَعْزِيرُهُمْ ضَمَانَ شِبْهِ الْعَمْدِ عَلَى الْعَاقِلَةِ إنْ أَدَّى إلَى هَلَاكٍ أَوْ نَحْوِهِ لِتَبَيُّنِ مُجَاوَزَتِهِ لِلْحَدِّ الْمَشْرُوعِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ ضَرَبَ دَابَّةً مُسْتَأْجِرُهَا أَوْ رَائِضُهَا إذَا اُعْتِيدَ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَسْتَغْنِيَانِ عَنْهُ، وَالْآدَمِيُّ يُغْنِي عَنْهُ فِيهِ الْقَوْلُ، أَمَّا مَا لَا دَخْلَ لَهُ فِي ذَلِكَ كَصَفْعَةٍ خَفِيفَةٍ وَحَبْسٍ أَوْ نَفْيٍ فَلَا ضَمَانَ بِهِ، وَأَمَّا قِنٌّ أَذِنَ سَيِّدُهُ لِمُعَلِّمِهِ أَوْ لِزَوْجِهَا فِي ضَرْبِهَا فَلَا ضَمَانَ بِهِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ كَامِلٌ بِمُوجِبِ تَعْزِيرٍ، وَطَلَبَهُ بِنَفْسِهِ مِنْ الْوَالِي كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، لَكِنْ قَيَّدَهُ غَيْرُهُ بِمَا إذَا عَيَّنَ لَهُ نَوْعَهُ وَقَدْرَهُ، إذْ الْإِذْنُ فِي الضَّرْبِ لَيْسَ كَهُوَ فِي الْقَتْلِ، وَكَمَا أَنَّ الْإِذْنَ الشَّرْعِيَّ مَحْمُولٌ عَلَى السَّلَامَةِ فَإِذْنُ السَّيِّدِ الْمُطْلَقُ كَذَلِكَ، أَمَّا مُعَانِدٌ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ حَقٌّ وَامْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، وَتَعَيَّنَ عِقَابُهُ طَرِيقًا لِوُصُولِ الْمُسْتَحِقِّ لِحَقِّهِ، فَيَجُوزُ عِقَابُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: سُنَّ لَهُ أَنْ يَنْشُدَهُ بِاَللَّهِ) قَضِيَّةُ السُّنِّيَّةِ جَوَازُ دَفْعِهِ بِالسِّلَاحِ، وَإِنْ أَفَادَ الْإِنْشَادَ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، بَلْ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إفَادَتُهُ وَجَبَ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا قَدَّمَهُ عَنْ الْإِمَامِ مِنْ وُجُوبِ الْإِنْذَارِ حَيْثُ أَفَادَ. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ إسْرَافٍ) لَمْ يَذْكُرْ مُحْتَرِزَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا أَسْرَفَ ضَمِنَهُ ضَمَانَ الْعَمْدِ لَا ضَمَانَ شِبْهِ الْعَمْدِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ حَلَّ لَهُ الضَّرْبُ) عِبَارَةُ حَجّ فِي حِلِّ الضَّرْبِ وَمَا إلَخْ وَهِيَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: لِنَحْوِ نُشُوزٍ) مِنْهُ الْبَذَاءَةُ عَلَى نَحْوِ الْجِيرَانِ وَالطَّلِّ مِنْ نَحْوِ طَاقَةٍ (قَوْلُهُ: وَمُعَلِّمٌ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ كَافِرًا وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ تَعَيَّنَ لِلتَّعْلِيمِ أَوْ كَانَ أَصْلَحَ مِنْ غَيْرِهِ فِي التَّعْلِيمِ (قَوْلُهُ مَنْ تَعَلَّمَ مِنْهُ) وَمِنْ ذَلِكَ الشَّيْخُ مَعَ الطَّلَبَةِ فَلَهُ تَأْدِيبُ مَنْ حَصَلَ مِنْهُ مَا يَقْتَضِي تَأْدِيبُهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّعَلُّمِ، وَلَيْسَ مِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ أَنَّ الْمُتَعَلِّمَ إذَا تَوَجَّهَ عَلَيْهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ يَأْتِي صَاحِبُ الْحَقِّ لِلشَّيْخِ، وَيَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنْ الْمُتَعَلَّمِ مِنْهُ، فَإِذَا طَلَبَ الشَّيْخُ مِنْهُ وَلَمْ يُوفِهِ فَلَيْسَ لَهُ ضَرْبُهُ وَلَا تَأْدِيبُهُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ تَوْفِيَةِ الْحَقِّ، وَلَيْسَ مِنْهُ أَيْضًا هَؤُلَاءِ الْمُسَمُّونَ بِمَشَايِخِ الْفُقَرَاءِ مِنْ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ تَعَدٍّ عَلَى غَيْرِهِ أَوْ امْتِنَاعٍ مِنْ تَوْفِيَةِ حَقٍّ عَلَيْهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ عَزَّرَهُ الشَّيْخُ بِالضَّرْبِ وَغَيْرِهِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ حُرًّا) أَيْ الْمُتَعَلِّمُ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ لِلْمُعَلِّمِ التَّعْزِيرُ لِلْمُتَعَلَّمِ مِنْهُ إذَا كَانَ بِإِذْنٍ مِنْ وَلِيِّهِ كَمَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ آخِرَ فَصْلِ التَّعْزِيرِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِي جِنْسِهِ وَقَدْرِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَيَّدَهُ) أَيْ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ كَامِلٌ إلَخْ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ كَلَامَ الْبُلْقِينِيِّ مِنْ قَوْلِهِ وَأَمَّا قِنٌّ إلَخْ فَيَكُونُ التَّقْيِيدُ رَاجِعًا لَهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: بِمَا إذَا عَيَّنَ لَهُ نَوْعَهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ عِقَابُهُ) أَيْ بِأَنْوَاعِ الْعِقَابِ لَكِنْ مَعَ رِعَايَةِ الْأَخَفِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ إسْرَافٍ) كَأَنَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ الْآتِي ضَمَانُ شِبْهِ الْعَمْدِ: أَيْ أَمَّا إذَا أَسْرَفَ فَإِنَّهُ يُقَادُ بِهِ غَيْرُ الْأَصْلِ بِشَرْطِهِ (قَوْلُهُ: وَكَمَا أَنَّ الْإِذْنَ الشَّرْعِيَّ إلَخْ) مُرَادُهُ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فِي عِبَارَتِهِ قُصُورٌ أَنَّ إذْنَ السَّيِّدِ فِي ضَرْبِ عَبْدِهِ كَإِذْنِ الْحُرِّ فِي ضَرْبِ نَفْسِهِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ مَا شُرِطَ فِيهِ مِنْ التَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ، فَمَحَلُّ عَدَمِ الضَّمَانِ فِيهِ أَيْضًا إذَا عَيَّنَ لَهُ النَّوْعَ وَالْقَدْرَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ، بَلْ التَّقْيِيدُ الْمَذْكُورُ فِي الْحُرِّ إنَّمَا هُوَ مَأْخُوذٌ مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي الْعَبْدِ

حَتَّى يُؤَدِّيَ أَوْ يَمُوتَ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ (وَلَوْ) (حَدَّ) أَيْ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ، وَيَصِحُّ بِنَاؤُهُ لِلْمَفْعُولِ وَلَوْ فِي نَحْوِ مَرَضٍ أَوْ شِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ كَمَا مَرَّ (مُقَدَّرًا) بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ إذْ الْحَدُّ لَا يَكُونُ إلَّا كَذَلِكَ. وَيَصِحُّ أَنْ يُحْتَرَزَ بِهِ عَنْ حَدِّ الشُّرْبِ فَإِنَّ الْإِمَامَ يَتَخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ الْأَرْبَعِينَ وَالثَّمَانِينَ فَيَصِيرُ حِينَئِذٍ بِمُقْتَضَى ذَلِكَ غَيْرَ مُقَدَّرٍ بِالنِّسْبَةِ لِإِرَادَتِهِ، وَإِنْ كَانَ مُقَدَّرًا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَرْبَعِينَ وَالثَّمَانِينَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ فَمَاتَ (فَلَا ضَمَانَ) بِالْإِجْمَاعِ إذْ الْحَقُّ قَتْلُهُ (وَلَوْ) (ضُرِبَ شَارِبٌ) لِلْخَمْرِ الْحَدَّ (بِنِعَالٍ وَثِيَابٍ) فَمَاتَ (فَلَا ضَمَانَ عَلَى الصَّحِيحِ) بِنَاءً عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَالثَّانِي فِيهِ الضَّمَانُ بِنَاءً عَلَى مُقَابِلِهِ (وَكَذَا أَرْبَعُونَ سَوْطًا) ضُرِبَهَا فَمَاتَ لَا يَضْمَنُ (عَلَى الْمَشْهُورِ) لِصِحَّةِ الْخَبَرِ بِمَا مَرَّ بِتَقْدِيرِهِ بِذَلِكَ وَإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي نَعَمْ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ بِهَا اجْتِهَادِيٌّ كَمَا مَرَّ (أَوْ) حُدَّ شَارِبٌ (أَكْثَرَ) مِنْ أَرْبَعِينَ بِنَحْوِ نَعْلٍ أَوْ سَوْطٍ (وَجَبَ قِسْطُهُ بِالْعَدَدِ) فَفِي أَحَدٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءٌ مِنْ أَحَدٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ الدِّيَةِ وَفِي ثَمَانِينَ نِصْفُهَا وَتِسْعِينَ خَمْسَةُ أَتْسَاعِهَا لِوُقُوعِ الضَّرْبِ بِظَاهِرِ الْبَدَنِ فَيَفُوتُ تَمَاثُلُهُ فَقَسَطَ الْعَدَدُ عَلَيْهِ (وَفِي قَوْلٍ نِصْفُ دِيَةٍ) لِمَوْتِهِ مِنْ مَضْمُونٍ وَغَيْرِهِ، وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إنْ ضَرَبَهُ الزَّائِدَ وَبَقِيَ أَلَمُ الْأَوَّلِ، وَإِلَّا ضَمِنَ دِيَتَهُ كُلَّهَا قَطْعًا. لَا يُقَالُ الْجُزْءُ الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ لَمْ يَطْرَأْ إلَّا بَعْدَ ضَعْفِ الْبَدَنِ فَكَيْفَ يُسَاوِي الْأَوَّلَ، وَقَدْ صَادَفَ بَدَنًا صَحِيحًا؛ لِأَنَّ هَذَا تَفَاوُتٌ سَهْلٌ فَتَسَامَحُوا فِيهِ، وَبِأَنَّ الضَّعْفَ نَشَأَ مِنْ مُسْتَحِقٍّ فَلَمْ يُنْظَرْ إلَيْهِ (وَيَجْرِيَانِ) أَيْ الْقَوْلَانِ (فِي) (قَاذِفٍ جُلِدَ أَحَدًا وَثَمَانِينَ) سَوْطًا فَمَاتَ فَفِي الْأَظْهَرِ يَجِبُ جُزْءٌ مِنْ أَحَدٍ وَثَمَانِينَ جُزْءًا، وَفِي قَوْلٍ نِصْفُ دِيَةِ، وَكَذَا فِي بِكْرٍ جُلِدَ مِائَةً وَعَشْرًا (وَلِمُسْتَقِلٍّ) بَالِغٍ عَاقِلٍ وَلَوْ مُكَاتَبًا وَسَفِيهًا وَمُوصًى بِإِعْتَاقِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبْلَ إعْتَاقِهِ (قَطْعُ سِلْعَةٍ) بِكَسْرِ السِّينِ مَا يَخْرُجُ بَيْنَ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ مِنْ الْحِمَّصَةِ إلَى الْبِطِّيخَةِ فِيهِ بِنَفْسِهِ أَوْ مَأْذُونِهِ إزَالَةً لِشَيْنِهَا بِلَا ضَرَرٍ كَفَصْدٍ، وَمِثْلُهَا فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي عُضْوُهُ الْمُتَأَكِّلُ (إلَّا مَخُوفَةً) مِنْ حَيْثُ قَطْعُهَا (لَا خَطَرَ فِي تَرْكِهَا) أَصْلًا بَلْ فِي قَطْعِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSفَالْأَخَفِّ، وَلَا يَجُوزُ الْعِقَابُ بِالنَّارِ مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ طَرِيقًا لِخَلَاصِ الْحَقِّ. (قَوْلُهُ: غَيْرَ مُقَدَّرٍ) أَيْ فَيَضْمَنُ مَا زَادَ بِهِ عَلَى الْأَرْبَعِينَ، لَكِنْ هَذَا قَدْ يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ لَهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالزِّيَادَةُ تَعْزِيرَاتٌ، وَقِيلَ حَدٌّ مِنْ قَوْلِهِ: أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ مَاتَ بِهَا لَمْ يُضْمَنْ (قَوْلُهُ: وَفِي ثَمَانِينَ نِصْفُهَا) هَذَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا حَدَّ الثَّمَانِينَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مَا هُنَا مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْحَادُّ الْجَلَّادَ مَثَلًا بِإِذْنٍ مِنْ الْإِمَامِ فِي حَدِّ الْأَرْبَعِينَ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَا زَادَ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ) أَيْ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا ضَمِنَ دِيَتَهُ كُلَّهَا) أَيْ لِأَنَّهُ حَيْثُ كَانَ الزَّائِدُ بَعْدَ زَوَالِ الْأَلَمِ الْأَوَّلِ كَانَ ذَلِكَ قَرِينَةً عَلَى إحَالَةِ الْهَلَاكِ عَلَى الزَّائِدِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَمُوصًى بِإِعْتَاقِهِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ الْمَنْذُورَ عِتْقُهُ وَمَنْ اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ نَقْلًا عَنْ النَّاشِرِيِّ خِلَافَهُ فِي الْمَنْذُورِ إعْتَاقُهُ قَالَ: لِأَنَّ كَسْبَهُ لِسَيِّدِهِ، وَقِيَاسُهُ أَنَّ الْمَشْرُوطَ إعْتَاقُهُ فِي الْبَيْعِ مِثْلُهُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَإِنَّمَا مُنِعَ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ قَدْ يُؤَدِّي إلَى هَلَاكِهِ فَيَفُوتُ الْكَسْبُ عَلَى السَّيِّدِ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ السَّيِّدَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعِتْقُ فَوْرًا فَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ تَفْوِيتِ الْكَسْبِ عَلَيْهِ، نَعَمْ يَظْهَرُ مَا قَالَهُ سم فِي الْمَنْذُورِ إعْتَاقُهُ بَعْدَ سَنَةٍ مَثَلًا، وَيَنْبَغِي مِثْلُهُ فِي الْمُوصَى بِإِعْتَاقِهِ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ بِسَنَةٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ: مِنْ الْحِمِّصَةِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ، لَكِنَّهَا مَكْسُورَةٌ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ وَمَفْتُوحَةٌ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَصِحُّ أَنْ يُحْتَرَزَ بِهِ عَنْ حَدِّ الشُّرْبِ) فِيهِ أَمْرَانِ: الْأَوَّلُ أَنَّهُ قَدْ مَرَّ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ تَعْزِيرَاتٌ فَلَمْ يَصْدُقْ الِاحْتِرَازُ عَنْ حَدِّ غَيْرِ الْمُقَدَّرِ الثَّانِي لَوْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ حَدٌّ فَيَقْتَضِي الضَّمَانَ لَوْ أَدَّتْهُ إرَادَتُهُ إلَى الِاقْتِصَارِ عَلَى الْأَرْبَعِينَ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ حَدٌّ غَيْرُ مُقَدَّرٍ بِالِاعْتِبَارِ الَّذِي ذَكَرَهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ الضَّعْفَ) كَانَ يَنْبَغِي وَلِأَنَّ الضَّعْفَ فَكَأَنَّهُ قَدَّرَ لَفْظَ يُجَابُ لِقَرِينَةِ السِّيَاقِ أَوْ أَنَّ الْبَاءَ سَبَبِيَّةٌ

(أَوْ) فِي كُلٍّ مِنْ قَطْعِهَا وَتَرْكِهَا خَطَرٌ لَكِنْ (الْخَطَرُ فِي قَطْعِهَا أَكْثَرُ) مِنْهُ فِي تَرْكِهَا فَيَمْتَنِعُ الْقَطْعُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ لِأَدَائِهِ إلَى الْهَلَاكِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَوَيَا أَوْ كَانَ التَّرْكُ أَخْطَرَ أَوْ الْخَطَرُ فِيهِ فَقَطْ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْقَطْعِ خَطَرٌ أَوْ لَا خَطَرَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَيَجُوزُ قَطْعُهَا؛ لِأَنَّ لَهُ فِيهِ غَرَضًا مِنْ غَيْرِ إفْضَاءٍ إلَى الْهَلَاكِ، وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ وُجُوبَهُ عِنْدَ قَوْلِ الْأَطِبَّاءِ إنَّ تَرْكَهُ مُفْضٍ إلَى الْهَلَاكِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَظْهَرُ الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدٍ: أَيْ عَدْلٍ رِوَايَةً، وَأَنَّهُ يَكْفِي عِلْمُ الْوَلِيِّ فِيمَا يَأْتِي: أَيْ وَعِلْمُ صَاحِبِ السِّلْعَةِ إنْ كَانَ فِيهِمَا أَهْلِيَّةُ ذَلِكَ (وَلِأَبٍ وَجَدٍّ) لِأَبٍ وَإِنْ عَلَا، وَيَلْحَقُ بِهِمَا سَيِّدٌ فِي قِنِّهِ وَأُمٌّ إذَا كَانَتْ قَيِّمَةً، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِذَلِكَ التَّعْزِيرِ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ (قَطْعُهَا مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ مَعَ الْخَطَرِ) فِي كُلٍّ لَكِنْ (إنْ زَادَ خَطَرُ التَّرْكِ) عَلَى الْقَطْعِ لِصَوْنِهِمَا مَالَهُ فَبَدَنُهُ أَوْلَى، بِخِلَافِ مَا إذَا زَادَ خَطَرُ الْقَطْعِ اتِّفَاقًا أَوْ اسْتَوَيَا، وَفَارَقَا الْمُسْتَقِلَّ بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ لِلشَّخْصِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِنَفْسِهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِهِ (لَا) قَطْعُهَا مَعَ خَطَرٍ فِيهِ (لِسُلْطَانٍ) وَنُوَّابِهِ وَوَصِيٍّ فَلَا يَجُوزُ إذْ لَيْسَ لَهُمْ شَفَقَةُ الْأَبِ وَالْجَدِّ (وَلَهُ) أَيْ الْوَلِيِّ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ (وَلِسُلْطَانٍ) وَنُوَّابِهِ وَوَصِيٍّ (قَطْعُهَا بِلَا خَطَرٍ) عِنْدَ انْتِفَاءِ الْخَطَرِ أَصْلًا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي التَّرْكِ خَطَرٌ لِعَدَمِ الضَّرَرِ، وَيَمْتَنِعُ ذَلِكَ مُطْلَقًا عَلَى أَجْنَبِيٍّ وَأَبٍ لَا وِلَايَةَ لَهُ، فَإِنْ فَعَلَ فَسَرَى إلَى النَّفْسِ وَجَبَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ الْقَوَدُ (وَ) لِمَنْ كَرَّ (فَصْدٌ وَحِجَامَةٌ) وَنَحْوُهُمَا مِنْ كُلِّ عِلَاجٍ سَلِيمٍ عَادَةً أَشَارَ بِهِ طَبِيبٌ لِنَفْعِهِ لَهُ (فَلَوْ) (مَاتَ) الْمُوَلَّى عَلَيْهِ (بِجَائِزٍ مِنْ هَذَا) الَّذِي هُوَ قَطْعُ السِّلْعَةِ أَوْ الْفَصْدُ أَوْ الْحِجَامَةُ وَمِثْلُهَا مَا فِي مَعْنَاهَا (فَلَا ضَمَانَ) بِدِيَةٍ وَلَا كَفَّارَةٍ (فِي الْأَصَحِّ) لِئَلَّا يَمْتَنِعَ مِنْ ذَلِكَ فَيَتَضَرَّرَ الْمَوْلَى عَلَيْهِ. وَالثَّانِي يَقُولُ هُوَ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَافِيَةِ كَالتَّعْزِيرِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْغَزَالِيَّ وَغَيْرَهُ صَرَّحُوا بِحُرْمَةِ تَثْقِيبِ آذَانِ الصَّبِيِّ أَوْ الصَّبِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ إيلَامٌ لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ حَاجَةٌ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ فِيهِ رُخْصَةٌ مِنْ جِهَةِ نَقْلٍ وَلَمْ تَبْلُغْنَا، وَلَعَلَّهُ أَشَارَ بِذَلِكَ لِرَدِّ مَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ فِيهِ) صِفَةُ سِلْعَةٍ أَيْ كَائِنَةً فِيهِ اهـ سم عَلَى حَجّ وَبِنَفْسِهِ مُتَعَلِّقٌ بِقَطْعٍ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْقَطْعِ) إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ الْقَطْعَ لَا خَطَرَ فِيهِ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي التَّرْكِ فَقَطْ اتَّحَدَتْ هَذِهِ مَعَ مَا قَبْلَهَا، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ الْقَطْعَ لَا خَطَرَ فِيهِ كَمَا أَنَّ التَّرْكَ لَا خَطَرَ فِيهِ اتَّحَدَتْ مَعَ مَا بَعْدَهَا، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم حَجّ التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ وُجُوبَهُ) أَيْ الْقَطْعِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ يَكْفِي عِلْمُ الْوَلِيِّ) أَيْ بِالطِّبِّ (قَوْلُهُ: وَأُمٌّ إذَا كَانَتْ قَيِّمَةً) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي أَوْ أَقَامَهَا الْأَبُ وَصِيَّةً (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُقَيِّدْهُ) أَيْ حُكْمُ الْأُمِّ بِكَوْنِهَا قَيِّمَةً (قَوْلُهُ: قَطْعَهَا مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) وَمَثَلُ السِّلْعَةِ فِيمَا ذَكَرَ وَفِيمَا يَأْتِي الْعُضْوُ الْمُتَأَكِّلُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَيَجُوزُ الْكَيُّ وَقَطْعُ الْعُرُوقِ لِلْحَاجَةِ، وَيُسَنُّ تَرْكُهُ وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُتَأَلِّمِ تَعْجِيلُ الْمَوْتِ، وَإِنْ عَظُمَ أَلَمُهُ وَلَمْ يُطِقْهُ؛ لِأَنَّ بَرَأَهُ مَرْجُوٌّ، فَلَوْ أَلْقَى نَفْسَهُ فِي مُحْرِقٍ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْجُو مِنْهُ أَوْ مَاءٍ مُغْرِقٍ وَرَآهُ أَهْوَنَ عَلَيْهِ مِنْ الصَّبْرِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ أَهْوَنُ، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّ لَهُ قَتْلَ نَفْسِهِ بِغَيْرِ إغْرَاقٍ، وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ فِي النِّهَايَةِ عَنْ وَالِدِهِ، وَتَبِعَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اهـ خَطِيبٌ وَرَوْضٌ. وَلَعَلَّ الْعِبَارَةَ: فَلَوْ أَلْقَى فِي مُحْرِقٍ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْجُو مِنْهُ وَعِنْدَهُ مَاءٌ مُغْرِقٌ وَرَآهُ أَهْوَنَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَفَارَقَا) أَيْ فِي حَالَةِ الِاسْتِوَاءِ (قَوْلُهُ أَيْ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْخَطَرِ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ أَيْ وَعَلَيْهَا فَهِيَ مُفَسِّرَةٌ لِمَا قَبْلَهَا (قَوْلُهُ وَأَبٍ لَا وِلَايَةَ لَهُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ فَاسِقًا (قَوْلُهُ وَجَبَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ الْقَوَدُ) أَيْ وَعَلَى الْأَبِ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّهُ عَمْدٌ (قَوْلُهُ: أَشَارَ بِهِ طَبِيبٌ لِنَفْعِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَهُ) أَيْ لِلْوَلِيِّ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ كَمَا فَسَّرَهُ الشَّارِحُ الْجَلَالُ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ ابْنِ حَجَرٍ: أَيْ الْأَصْلُ الْأَبُ وَالْجَدُّ لِأَنَّهَا تَصْدُقُ بِالْجَدِّ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ وِلَايَةٌ وَلَيْسَ مُرَادًا (قَوْلُهُ: عِنْدَ انْتِفَاءِ الْخَطَرِ) لَعَلَّهُ سَقَطَ قَبْلَهُ لَفْظُ أَيْ

عَلَيْهِمْ، نَعَمْ فِي الرِّعَايَةِ لِلْحَنَابِلَةِ جَوَازُهُ فِي الصَّبِيَّةِ لِغَرَضِ الزِّينَةِ وَيُكْرَهُ فِي الصَّبِيِّ. وَأَمَّا خَبَرُ «أَنَّ النِّسَاءَ أَخَذْنَ مَا فِي آذَانِهِنَّ وَأَلْقَيْنَهُ فِي حِجْرِ بِلَالٍ وَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرَاهُنَّ» فَلَا يَدُلُّ لِلْجَوَازِ لِتَقَدُّمِ السَّبَبِ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ سُكُوتِهِ عَلَيْهِ حِلُّهُ، وَدَعْوَى أَنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ مُمْتَنِعٌ غَيْرُ مُجْدٍ هُنَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَأْخِيرُ ذَلِكَ إلَّا لَوْ سُئِلَ عَنْ حُكْمِ التَّثْقِيبِ أَوْ رَأَى مَنْ يَفْعَلُهُ أَوْ بَلَغَهُ ذَلِكَ فَهَذَا هُوَ وَقْتُ الْحَاجَةِ، وَأَمَّا أَمْرٌ وَقَعَ وَانْقَضَى، وَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ فُعِلَ بَعْدُ أَوْ لَا فَلَا حَاجَةَ لِبَيَانِهِ، نَعَمْ فِي خَبَرٍ لِلطَّبَرَانِيِّ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ عَنْ «ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ عَدَّ مِنْ السُّنَّةِ فِي الصَّبِيِّ يَوْمَ السَّابِعِ أَنْ تُثْقَبَ آذَانُهُ» وَهُوَ صَرِيحٌ فِي جَوَازِهِ لِلصَّبِيِّ فَالصَّبِيَّةُ أَوْلَى، إذْ قَوْلُ الصَّحَابِيِّ مِنْ السُّنَّةِ كَذَا فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ، وَبِهَذَا يَتَأَيَّدُ مَا ذُكِرَ عَنْ قَاضِي خَانَ، فَالْأَوْجَهُ الْجَوَازُ (وَلَوْ) (فَعَلَ سُلْطَانٌ) أَوْ غَيْرُهُ وَلَوْ أَبًا (بِصَبِيٍّ) أَوْ مَجْنُونٍ (مَا مُنِعَ) مِنْهُ فَمَاتَ (فَدِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ فِي م الِهِ) لِتَعَدِّيهِ وَلَا قَوَدَ لِشُبْهَةِ الْإِصْلَاحِ إلَّا إذَا كَانَ الْخَوْفُ فِي الْقَطْعِ أَكْثَرَ كَمَا قَطَعَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ (وَمَا وَجَبَ بِخَطَإِ إمَامٍ) أَوْ نُوَّابِهِ (فِي حَدٍّ) أَوْ تَعْزِيرٍ (وَحُكْمٍ) فِي نَفْسٍ أَوْ نَحْوِهَا (فَعَلَى عَاقِلَتِهِ) كَغَيْرِهِ (وَفِي قَوْلٍ فِي بَيْتِ الْمَالِ) إنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ تَقْصِيرٌ؛ لِأَنَّ خَطَرَهُ يَكْثُرُ بِكَثْرَةِ الْوَقَائِعِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَالْكَفَّارَةُ فِي مَالِهِ قَطْعًا وَكَذَا خَطَؤُهُ فِي الْمَالِ (وَلَوْ) (حَدَّهُ بِشَاهِدَيْنِ) فَمَاتَ مِنْهُ (فَبَانَا) غَيْرَ مَقْبُولِي الشَّهَادَةِ كَأَنْ بَانَا (عَبْدَيْنِ أَوْ ذِمِّيَّيْنِ أَوْ مُرَاهِقَيْنِ) أَوْ فَاسِقَيْنِ أَوْ امْرَأَتَيْنِ أَوْ بَانَ أَحَدُهُمَا كَذَلِكَ (فَإِنْ قَصَّرَ فِي اخْتِبَارِهِمَا) بِأَنْ تَرَكَهُ أَصْلًا كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ (فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ) قَوَدًا أَوْ غَيْرَهُ إنْ تَعَمَّدَ، وَإِلَّا فَعَلَى عَاقِلَتِهِ، وَبِمَا فَسَّرَ بِهِ الْإِمَامُ يَدْفَعُ تَنْظِيرَ الْأَذْرَعِيِّ فِي الْقَوَدِ بِأَنَّهُ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ إذْ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ يَقْبَلُهُمَا؛ لِأَنَّ صُورَةَ الْبَيِّنَةِ الَّتِي لَمْ يَبْحَثْ عَنْهَا غَيْرُ شُبْهَةٍ لَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُقَصِّرْ فِي اخْتِبَارِهِمَا بَلْ بَحَثَ عَنْهُ (فَالْقَوْلَانِ) أَظْهَرُهُمَا وُجُوبُ الضَّمَانِ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَقِيلَ فِي بَيْتِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ أَوْ عَرَفَهُ مِنْ نَفْسِهِ بِالطِّبِّ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: نَعَمْ فِي الرِّعَايَةِ) اسْمُ كِتَابٍ (قَوْلُهُ: لِتَقَدُّمِ السَّبَبِ) أَيْ وَهُوَ الثَّقْبُ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُجْدٍ) أَيْ قَوْلٌ أَوْ أَمْرٌ إلَخْ (قَوْلُهُ فَالْأَوْجَهُ الْجَوَازُ) أَيْ فِي الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ، وَأَمَّا ثَقْبُ الْمَنْخَرِ فَلَا يَجُوزُ أَخْذًا مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى الْآذَانِ وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ تَجْرِ عَادَةُ أَهْلِ نَاحِيَةٍ بِهِ وَعَدُّهُمْ لَهُ زِينَةً، وَإِلَّا فَهُوَ كَتَثْقِيبِ الْآذَانِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا نَصُّهُ: وَيَظْهَرُ فِي خَرْقِ الْأَنْفِ بِحَلْقَةٍ تُعْمَلُ فِيهِ مِنْ فِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ أَنَّهُ حَرَامٌ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَا زِينَةَ فِي ذَلِكَ يُغْتَفَرُ لِأَجْلِهَا إلَّا عِنْدَ فِرْقَةٍ قَلِيلَةٍ وَلَا عِبْرَةَ بِهَا مَعَ الْعُرْفِ، بِخِلَافِ مَا فِي الْآذَانِ اهـ: أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى مَنْ فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ وَضْعُ الْخِزَامِ لِلزِّينَةِ وَلَا النَّظَرُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ) وَمِنْ الْغَيْرِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ أَنَّ الشَّخْصَ قَدْ يُرِيدُ خَتْنَ وَلَدِهِ فَيَأْخُذُ أَوْلَادَ غَيْرِهِ مِنْ الْفُقَرَاءِ فَيَخْتِنُهُمْ مَعَ ابْنِهِ قَاصِدًا الرِّفْقَ بِهِمْ فَلَا يَكْفِي ذَلِكَ فِي دَفْعِ الضَّمَانِ، بَلْ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ ضَمِنَهُ الْخَاتِنُ إنْ عَلِمَ تَعَدِّي مَنْ أَحْضَرَهُ لَهُ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ؛ لِأَنَّ الْمُبَاشَرَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى السَّبَبِ (قَوْلُهُ: كَمَا قَطَعَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ) أَيْ فَيَجِبُ الْقَوَدُ إلَّا فِي الْأَبِ وَالْجَدِّ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَكَذَا خَطَؤُهُ فِي مَالِهِ) قَطْعًا (قَوْلُهُ: وَمَا فَسَّرَ بِهِ الْإِمَامُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ بِأَنَّ تَرْكَهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَبْحَثْ عَنْهَا غَيْرُ شُبْهَةٍ لَهُ) هَذَا يَتَوَقَّفُ عَلَى أَنَّ مَالِكًا وَغَيْرَهُ إنَّمَا يَقُولُونَ بِالْقَبُولِ عِنْدَ الْبَحْثِ فِي الْجُمْلَةِ، وَأَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الْبَحْثَ أَصْلًا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَهُوَ خِلَافُ الْمَفْهُومِ مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ الْخَوْفُ فِي الْقَطْعِ أَكْثَرَ) أَيْ وَالْقَاطِعُ غَيْرُ أَبٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ حَجَرٍ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ (قَوْلُهُ: أَوْ تَعْزِيرٍ) لَعَلَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى خَطَأٍ، وَإِلَّا فَالضَّمَانُ بِالتَّعْزِيرِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْخَطَأِ كَمَا مَرَّ، لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا تَقْدِيمُهُ عَلَى الْحُكْمِ الَّذِي هُوَ مِنْ مَدْخُولِ الْخَطَأِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَعَلَى عَاقِلَتِهِ) اُنْظُرْ مَا صُورَةُ الْعَمْدِ وَغَيْرِهِ، وَاَلَّذِي فِي كَلَامِ غَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ التَّرَدُّدُ فِيمَا ذُكِرَ هَلْ يُوجِبُ الْقَوَدَ أَوْ الدِّيَةَ (قَوْلُهُ: يَقْبَلُهُمَا) يَعْنِي الْعَبْدَيْنِ إذْ هَذَا هُوَ الَّذِي فِي كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ

الْمَالِ (فَإِنْ ضَمِنَا عَاقِلَةً أَوْ بَيْتَ الْمَالِ فَلَا رُجُوعَ) لِأَحَدِهِمَا (عَلَى الْعَبْدَيْنِ وَالذِّمِّيَّيْنِ فِي الْأَصَحِّ) لِزَعْمِهِمَا الصِّدْقَ، وَالْإِمَامُ هُوَ الْمُتَعَدِّي بِتَرْكِ بَحْثِهِ عَنْهُمَا، وَكَذَا الْمُرَاهِقَانِ وَالْفَاسِقَانِ إنْ لَمْ يَكُونَا مُتَجَاهِرَيْنِ. أَمَّا الْمُتَجَاهِرَانِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِشَهَادَتِهِمَا يُشْعِرُ بِتَدْلِيسِهِمَا وَتَغْرِيرِهِمَا حَتَّى قُبِلَا إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يُقَصِّرْ فِي الْبَحْثِ عَنْهُمَا (وَمَنْ) عَالَجَ كَأَنْ (حَجَمَ أَوْ فَصَدَ بِإِذْنٍ) مِمَّنْ يُعْتَبَرُ إذْنُهُ فَأَفْضَى إلَى تَلَفٍ (لَمْ يَضْمَنْ) وَإِلَّا لَمْ يَفْعَلْهُ أَحَدٌ، وَلَوْ أَخْطَأَ الطَّبِيبُ فِي الْمُعَالَجَةِ، وَحَصَلَ مِنْهُ التَّلَفُ وَجَبَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَكَذَا مَنْ تَطَبَّبَ بِغَيْرِ عِلْمٍ كَمَا قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ لِخَبَرِ «مَنْ تَطَبَّبَ، وَلَمْ يَعْرِفْ الطِّبَّ فَهُوَ ضَامِنٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ (وَقَتْلُ جَلَّادٍ وَضَرْبُهُ بِأَمْرِ الْإِمَامِ كَمُبَاشَرَةِ الْإِمَامِ إنْ جَهِلَ ظُلْمَهُ) كَأَنْ اعْتَقَدَ الْإِمَامُ تَحْرِيمَهُ وَالْجَلَّادُ حِلَّهُ (وَخَطَأَهُ) فَيَضْمَنُ الْإِمَامُ دُونَ الْجَلَّادِ؛ لِأَنَّهُ آلَتُهُ وَلِئَلَّا تَرْغَبَ النَّاسُ عَنْهُ، نَعَمْ يُسَنُّ لَهُ التَّكْفِيرُ فِي الْقَتْلِ، وَقَوْلُ صَاحِبِ الْوَافِي إنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ اُعْتُقِدَ وُجُوبُ طَاعَةِ الْإِمَامِ فِي الْمَعْصِيَةِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَبِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَإِنَّمَا يَكُونُ شُبْهَةً فِي دَرْءِ الْقَوَدِ لَا الْمَالِ، وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْجَهُ وُجُوبُهُ عَلَيْهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْإِمَامِ إلَّا إنْ أَكْرَهَهُ كَمَا فِي قَوْلِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ عَلِمَ ظُلْمَهُ أَوْ خَطَأَهُ كَأَنْ اعْتَقَدَا حُرْمَتَهُ أَوْ اعْتَقَدَهَا الْجَلَّادُ وَحْدَهُ وَقَتَلَهُ امْتِثَالًا لِأَمْرِ الْإِمَامِ (فَالْقِصَاصُ وَالضَّمَانُ عَلَى الْجَلَّادِ) وَحْدَهُ (إنْ لَمْ يَكُنْ إكْرَاهٌ) مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ لِتَعَدِّيهِ فَإِنْ أَكْرَهَهُ ضَمِنَا الْمَالَ وَقَتَلَا فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ وَخَطَأَهُ بِمَعْنَى أَوْ (وَيَجِبُ) (خِتَانٌ) لِذَكَرٍ وَأُنْثَى إنْ لَمْ يُولَدَا مَخْتُونَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النحل: 123] وَمِنْهَا الْخِتَانُ، وَقَدْ اُخْتُتِنَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً، وَصَحَّ أَنَّهُ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَقَدْ يُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى حُسْبَانِهِ مِنْ النُّبُوَّةِ وَالثَّانِي مِنْ الْوِلَادَةِ، بِالْقَدُومِ اسْمُ مَوْضِعٍ، وَقِيلَ آلَةٌ لِلنَّجَّارِ، ثُمَّ كَيْفِيَّتُهُ فِي (الْمَرْأَةِ) (بِجُزْءٍ) يُقْطَعُ يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ (مِنْ اللَّحْمَةِ) الْمَوْجُودَةِ (بِأَعْلَى الْفَرْجِ) فَوْقَ ثُقْبَةِ الْبَوْلِ تُشْبِهُ عُرْفَ الدِّيكِ وَتُسَمَّى الْبَظْرَ بِمُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَةٍ فَمُعْجَمَةٍ وَتَقْلِيلُهُ أَفْضَلُ (وَ) فِي (الرَّجُلِ بِقَطْعِ) جَمِيعِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَإِنْ ضَمِنَا عَاقِلَةً) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ أَوْ بَيْتَ مَالٍ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْ) أَيْ إذَا كَانَ عَارِفًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ، وَكَذَا مَنْ تَطَبَّبَ إلَخْ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ كَافِرًا لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ بِالْمُعَالَجَةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ مُعَالَجَتِهِ وَعَدَمِ ضَمَانِهِ قَبُولُ خَبَرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَخْطَأَ الطَّبِيبُ فِي الْمُعَالَجَةِ) وَالْعِلْمُ بِخَطَئِهِ يَكُونُ بِإِخْبَارِهِ أَوْ بِشَهَادَةِ عَارِفِينَ بِالطِّبِّ أَنَّ مَا دَاوَى بِهِ لَا يُنَاسِبُ هَذَا الْمَرَضَ (قَوْلُهُ وَكَذَا) أَيْ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَقَوْلُهُ مَنْ تَطَبَّبَ: أَيْ ادَّعَى الطِّبَّ، وَقَوْلُهُ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيُعْلَمُ كَوْنُهُ عَارِفًا بِالطِّبِّ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ عَالِمَيْنِ بِالطِّبِّ بِمَعْرِفَتِهِ، وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِاشْتِهَارِهِ بِالْمَعْرِفَةِ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ حُصُولِ الشِّفَاءِ بِمُعَالَجَتِهِ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ ضَامِنٌ) أَيْ يَتَعَلَّقُ بِهِ الضَّمَانُ وَتَتَحَمَّلُهُ الْعَاقِلَةُ عَنْهُ إنْ كَانَتْ، وَإِلَّا فَبَيْتُ الْمَالِ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَهُوَ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُسَنُّ لَهُ) أَيْ لِلْجَلَّادِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ (قَوْلُهُ: إنَّ مِثْلَ ذَلِكَ) أَيْ فِي ضَمَانِ الْإِمَامِ دُونَ الْجَلَّادِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ ظَاهِرٍ) وَيَنْبَغِي فَرْضُ الْكَلَامِ فِي غَيْرِ الْأَعْجَمِيِّ الَّذِي يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ الْآمِرِ، أَمَّا هُوَ فَالضَّمَانُ عَلَى آمِرِهِ إمَامًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ وُجُوبُهُ) أَيْ الْمَالِ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ أَيْ الْجَلَّادِ (قَوْلُهُ: فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ) وَهُوَ مَا لَوْ عَلِمَ ظُلْمَهُ، وَالْجَلَّادُ وَحْدَهُ فِي الثَّانِي وَهُوَ مَا لَوْ عَلِمَ خَطَأَهُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ اُخْتُتِنَ) أَيْ إبْرَاهِيمُ (قَوْلُهُ وَصَحَّ أَنَّهُ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ) أَيْ فِي بَيَانِ السِّنِّ الَّذِي اُخْتُتِنَ فِيهِ أَنَّهُ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ (قَوْلُهُ: بِالْقَدُومِ) وَالْقَدُومُ الَّتِي يُنْحَتُ بِهَا مُخَفَّفَةٌ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَلَا تَقُولُ قَدُّومًا بِالتَّشْدِيدِ وَالْجَمْعُ قُدُمٌ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ وَتَقْلِيلُهُ) أَيْ الْمَقْطُوعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْإِمَامُ هُوَ الْمُتَعَدِّي بِتَرْكِ بَحْثِهِ) عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ: وَقَدْ يُنْسَبُ الْقَاضِي إلَى تَقْصِيرٍ فِي الْبَحْثِ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ وُجُوبُهُ) اُنْظُرْ هَلْ الضَّمِيرُ لِلْقَوَدِ أَوْ الْمَالِ (قَوْلُهُ: لِذَكَرٍ) يَجِبُ إسْقَاطُ اللَّامِ مِنْهُ لِأَنَّ الْمَتْنَ لَا تَنْوِينَ فِيهِ

(مَا يُغَطِّي حَشَفَتَهُ) حَتَّى تَنْكَشِفَ كُلُّهَا، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ غُرْلَتَهُ لَوْ تَقَلَّصَتْ حَتَّى انْكَشَفَتْ الْحَشَفَةُ كُلُّهَا، فَإِنْ أَمْكَنَ قَطْعُ شَيْءٍ مِمَّا يَجِبُ قَطْعُهُ فِي الْخِتَانِ مِنْهَا دُونَ غَيْرِهَا، وَجَبَ وَلَمْ يُنْظَرْ لِذَلِكَ التَّقَلُّصِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَزُولُ فَيَسْتُرُ الْحَشَفَةَ، وَإِلَّا سَقَطَ الْوُجُوبُ كَمَا لَوْ وُلِدَ مَخْتُونًا. وَرُوِيَ أَنَّ نَبِيَّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وُلِدَ مَخْتُونًا كَثَلَاثَةَ عَشَرَ نَبِيًّا، وَأَنَّ جِبْرِيلَ خَتَنَهُ حِينَ طَهَّرَ قَلْبَهُ، وَأَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ خَتَنَهُ يَوْمَ سَابِعِهِ وَلَمْ يَصِحَّ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ عَلَى مَا قَالَهُ جَمْعٌ مِنْ الْحُفَّاظِ وَلَمْ يَنْظُرُوا لِقَوْلِ الْحَاكِمِ إنَّ الَّذِي تَوَاتَرَتْ بِهِ الرِّوَايَةُ أَنَّهُ وُلِدَ مَخْتُونًا. وَمِمَّنْ أَطَالَ فِي رَدِّهِ الذَّهَبِيُّ وَلَا لِتَصْحِيحِ الضِّيَاءِ حَدِيثُ وِلَادَتِهِ مَخْتُونًا؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُمْ ضَعْفُهُ. وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ هُنَاكَ نَوْعُ تَقَلُّصٍ فِي الْحَشَفَةِ، فَنَظَرَ بَعْضُ الرُّوَاةِ لِلصُّورَةِ فَسَمَّاهُ خِتَانًا، وَبَعْضُهُمْ لِلْحَقِيقَةِ فَسَمَّاهُ غَيْرَ خِتَانٍ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الْحُفَّاظِ: الْأَشْبَهُ بِالصَّوَابِ أَنَّهُ لَمْ يُولَدْ مَخْتُونًا، وَإِنَّمَا يَجِبُ الْخِتَانُ فِي حَيٍّ (بَعْدَ الْبُلُوغِ) وَالْعَقْلِ لِانْتِفَاءِ التَّكْلِيفِ قَبْلَهُمَا فَيَجِبُ ذَلِكَ فَوْرًا بَعْدَهُمَا مَا لَمْ يَخْفَ فِيهِ فَيُؤَخَّرُ إلَى أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ السَّلَامَةُ مِنْهُ، وَيَأْمُرُهُ الْإِمَامُ بِهِ حِينَئِذٍ، فَإِنْ امْتَنَعَ أَجْبَرَهُ عَلَيْهِ وَلَا يَضْمَنُهُ لَوْ مَاتَ إلَّا أَنْ يَفْعَلَهُ بِهِ فِي شِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ فَعَلَيْهِ نِصْفُ ضَمَانِهِ، وَلَوْ بَلَغَ مَجْنُونًا لَمْ يَجِبْ خِتَانُهُ، وَأَفْهَمَ ذِكْرُهُ الرَّجُلَ وَالْأُنْثَى عَدَمَ وُجُوبِهِ فِي الْخُنْثَى بَلْ لَا يَجُوزُ لِامْتِنَاعِ الْجُرْحِ مَعَ الْإِشْكَالِ وَلَا جِنَايَةَ مِنْهُ، وَمَنْ لَهُ ذَكَرَانِ عَامِلَانِ يُخْتَنَانِ، فَإِنْ تَمَيَّزَ الْأَصْلِيُّ مِنْهُمَا خُتِنَ فَقَطْ، فَإِنْ شَكَّ فَكَالْخُنْثَى (وَيُنْدَبُ تَعْجِيلُهُ فِي سَابِعِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: مَا يُغَطِّي حَشَفَتَهُ) وَيَنْبَغِي أَنَّهَا إذَا نَبَتَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لَا تَجِبُ إزَالَتُهَا لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِمَا فَعَلَ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: كَثَلَاثَةَ عَشَرَ نَبِيًّا) آدَم وَشِيثٌ وَنُوحٌ وَهُودٌ وَصَالِحٌ وَلُوطٌ وَشُعَيْبٌ وَيُوسُفُ وَمُوسَى وَسُلَيْمَانُ وَزَكَرِيَّا وَعِيسَى وَحَنْظَلَةُ بْنُ صَفْوَانَ. وَقَدْ نَظَمَ الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْمَسْعُودِيُّ مَنْ اُخْتُتِنَ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فَقَالَ: وَإِنْ تَرِدَ الْمَوْلُودَ مِنْ غَيْرِ قُلْفَةٍ ... بِحُسْنِ خِتَانٍ نِعْمَةً وَتَفَضُّلَا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ الطَّاهِرِينَ فَهَاكُهُمْ ... ثَلَاثَةَ عَشَرَ بِاتِّفَاقِ أُولِي الْعُلَا فَآدَمُ شِيثٌ ثُمَّ نُوحٌ بَنِيهِ ... شُعَيْبٌ لِلُوطٍ فِي الْحَقِيقَةِ قَدْ تَلَا وَمُوسَى وَهُودٌ ثُمَّ صَالِحٌ بَعْدَهُ ... وَيُوسُفُ زَكَرِيَّاءُ فَافْهَمْ لِتَفَضُّلَا وَحَنْظَلَةُ يَحْيَى سُلَيْمَانُ مُكَمِّلًا ... لِعِدَّتِهِمْ وَالْخَلَفُ جَاءَ لِمَنْ تَلَا خِتَامًا لِجَمْعِ الْأَنْبِيَاءِ مُحَمَّدٌ ... عَلَيْهِمْ سَلَامُ اللَّهِ مِسْكًا وَمَنْدَلَا وَمَنْدَلًا: اسْمٌ لِعُودِ الْبَخُورِ وَغَلَبَ غَيْرُ آدَمَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَهُوَ لَمْ يُولَدْ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ جِبْرِيلَ) أَيْ وَرُوِيَ أَنَّ جِبْرِيلَ إلَخْ (قَوْلُهُ:، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَخَفْ فِيهِ) أَيْ مِنْ الْخِتَانِ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ) أَيْ فَلَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ احْتِمَالُهُ لِلْخِتَانِ، وَأَنَّ السَّلَامَةَ هِيَ الْغَالِبَةُ فَخَتَنَهُ فَمَاتَ لَمْ يَضْمَنْهُ اهـ سم عَلَى حَجّ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ وَيَأْمُرُهُ الْإِمَامُ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَفْعَلَهُ بِهِ) أَيْ يَفْعَلُ الْإِمَامُ الْإِجْبَارَ (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ) أَيْ الْإِمَامِ وَقَوْلُهُ نِصْفُ ضَمَانِهِ: أَيْ وَالنِّصْفُ الثَّانِي هَدَرٌ؛ لِأَنَّهُ مَنْسُوبٌ لِلْمَخْتُونِ لِامْتِنَاعِهِ مِنْ وَاجِبٍ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَلَغَ مَجْنُونًا) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَالْعَقْلِ، وَلَوْ قَالَ أَمَّا الْمَجْنُونُ إلَخْ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ وَمَنْ لَهُ ذَكَرَانِ عَامِلَانِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَهَلْ يُعْرَفُ: أَيْ الْعَمَلُ بِالْجِمَاعِ أَوْ الْبَوْلِ وَجْهَانِ، قَالَ فِي شَرْحِهِ: جَزَمَ كَالرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْغُسْلِ بِالثَّانِي مُعْتَمَدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ هُنَاكَ نَوْعُ تَقَلُّصٍ إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يُفِيدُ الْجَمْعَ بَيْنَ الْقَوْلِ بِوِلَادَتِهِ مَخْتُونًا أَوْ غَيْرَ مَخْتُونٍ لَا بَيْنَ خَتْنِ جَدِّهِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَهُ أَوْ جِبْرِيلَ

أَيْ سَابِعِ يَوْمِ وِلَادَتِهِ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَتَنَ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ يَوْمَ سَابِعِهِمَا» وَيُكْرَهُ قَبْلَ السَّابِعِ، فَإِنْ أُخِّرَ عَنْهُ فَفِي الْأَرْبَعِينَ وَإِلَّا فَفِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ؛ لِأَنَّهَا وَقْتُ أَمْرِهِ بِالصَّلَاةِ، وَلَا يُحْسَبُ مِنْ السَّبْعَةِ يَوْمَ وِلَادَتِهِ؛ لِأَنَّهُ كُلَّمَا أُخِّرَ قَوِيَ عَلَيْهِ وَبِهِ فَارَقَ الْعَقِيقَةَ؛ لِأَنَّهَا بِرٌّ فَنُدِبَ الْإِسْرَاعُ إلَيْهِ، وَيُسَنُّ إظْهَارُ خِتَانِ الذُّكُورِ وَإِخْفَاءُ خِتَانِ الْإِنَاثِ كَمَا نَقَلَهُ جَمْعٌ عَنْ ابْنِ الْحَاجِّ الْمَالِكِيِّ (فَإِنْ ضَعُفَ عَنْ احْتِمَالِهِ) فِي السَّابِعِ (أُخِّرَ) وُجُوبًا إلَى احْتِمَالِهِ لَهُ (وَمَنْ) (خَتَنَهُ فِي سِنٍّ لَا يَحْتَمِلُهُ) لِضَعْفٍ وَنَحْوِهِ أَوْ شِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ فَمَاتَ (لَزِمَهُ قِصَاصٌ) لِتَعَدِّيهِ بِالْجُرْحِ الْمُهْلِكِ، نَعَمْ إنْ ظَنَّ كَوْنَهُ مُحْتَمِلًا لَهُ فَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ الْقَوَدِ لِانْتِفَاءِ تَعَدِّيهِ (إلَّا وَالِدًا) وَإِنْ عَلَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِوَلَدِهِ، نَعَمْ تَلْزَمُهُ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ عَمْدٌ مَحْضٌ وَكَذَا مُسْلِمٌ فِي كَافِرٍ وَحُرٌّ لِقِنٍّ لِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ قَتْلِهِ بِهِ أَيْضًا (فَإِنْ احْتَمَلَهُ وَخَتَنَهُ وَلِيٌّ) وَلَوْ وَصِيًّا وَقَيِّمًا (فَلَا ضَمَانَ فِي الْأَصَحِّ) لِإِحْسَانِهِ بِتَقْدِيمِهِ إذْ هُوَ أَسْهَلُ عَلَيْهِ مَا دَامَ صَغِيرًا، بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ لِتَعَدِّيهِ وَلَوْ مَعَ قَصْدِ إقَامَةِ الشِّعَارِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ؛ لِأَنَّ ظَنَّ ذَلِكَ لَا يُبِيحُ لَهُ الْإِقْدَامَ بِوَجْهٍ فَلَا شُبْهَةَ، وَلَيْسَ كَقَطْعِ يَدِ سَارِقٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ لِإِهْدَارِهَا بِالنِّسْبَةِ لِكُلِّ أَحَدٍ مَعَ تَعَدِّي السَّارِقِ بِخِلَافِهِ هُنَا، نَعَمْ إنْ ظَنَّ الْجَوَازَ وَعُذِّرَ بِجَهْلِهِ فَالْقِيَاسُ عَدَمُ وُجُوبِ الْقَوَدِ، وَكَذَا خَاتِنٌ بِإِذْنِ أَجْنَبِيٍّ ظَنَّهُ وَلِيًّا فِيمَا يَظْهَرُ. وَالثَّانِي إلَى أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ فِي الْحَالِ (وَأُجْرَتُهُ) وَبَقِيَّةُ مُؤَنِهِ (فِي مَالِ الْمَخْتُونِ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ كَالسَّيِّدِ، وَيَجِبُ أَيْضًا قَطْعُ سُرَّةِ الْمَوْلُودِ بَعْدَ وِلَادَتِهِ بَعْدَ نَحْوِ رَبْطِهَا لِتَوَقُّفِ إمْسَاكِ الطَّعَامِ عَلَيْهِ، وَالْمُخَاطَبُ بِهِ هُنَا الْوَلِيُّ إنْ حَضَرَ، وَإِلَّا فَمَنْ عَلِمَ بِهِ عَيْنًا تَارَةً وَكِفَايَةً أُخْرَى كَإِرْضَاعِهِ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ فَوْرِيٌّ لَا يَقْبَلُ التَّأْخِيرَ، فَإِنْ فَرَّطَ فَلَمْ يُحْكِمْ الْقَطْعَ أَوْ نَحْوَ الرَّبْطِ ضَمِنَ وَكَذَا الْوَلِيُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــSوَرَجَّحَهُ فِي التَّحْقِيق اِ هـ سم عَلَى حَجّ. وَمَا رَجَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَفِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ) أَيْ وَبَعْدَهَا يَنْبَغِي وُجُوبُهُ عَلَى الْوَلِيِّ إنْ تَوَقَّفَتْ صِحَّةُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ الْعَقِيقَةَ) أَيْ حَيْثُ يُحْسَبُ فِيهَا يَوْمُ الْوِلَادَةِ مِنْ السَّبْعَةِ (قَوْلُهُ: وَإِخْفَاءُ خِتَانِ الْإِنَاثِ) أَيْ عَنْ الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ ظَنَّ كَوْنَهُ مُحْتَمَلًا) تَقَدَّمَ بِأَعْلَى الْهَامِشِ فِي الْبَالِغِ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ، فَيَكُونُ هَذَا فِي غَيْرِ الْبَالِغِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَالْمُتَّجِهُ عَدَمُ الْقَوَدِ) أَيْ وَوُجُوبُ دِيَةِ الْخَطَأِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ لِتَعَدِّيهِ) وَمِنْهُ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِمَّنْ يُرِيدُ خِتَانَ نَحْوِ وَلَدِهِ فَيَخْتِنُ مَعَهُ أَيْتَامًا قَاصِدًا بِذَلِكَ إصْلَاحَ شَأْنِهِمْ وَإِرَادَةَ الثَّوَابِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْمُزَيِّنِ؛ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي، وَكَذَا خَاتِنٌ بِإِذْنٍ إلَخْ، وَمَنْ أَرَادَ الْخَلَاصَ مِنْ ذَلِكَ فَلْيُرَاجِعْ الْقَاضِيَ قَبْلَ الْخَتْنِ وَحَيْثُ ضَمِنَاهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ بِدِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ، وَلَا قِصَاصَ لِلشُّبْهَةِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ نَعَمْ إنْ ظَنَّ الْجَوَازَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) أَيْ لَا قَوَدَ عَلَيْهِ، وَيَضْمَنُ بِدِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ فِي الصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ: فَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ) وَمِنْهُ بَيْتُ الْمَالِ ثُمَّ مَيَاسِيرُ الْمُسْلِمِينَ حَيْثُ لَا وَلِيَّ لَهُ خَاصٌّ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ قَطْعُ سُرَّةِ الْمَوْلُودِ) الْأَوْلَى سُرُّ، وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: وَالسُّرُّ بِالضَّمِّ مَا تَقْطَعُهُ الْقَابِلَةُ مِنْ سُرَّةِ الصَّبِيِّ تَقُولُ عَرَفَتْك أَنْ تَقْطَعَ سُرَّكَ وَلَا تَقُلْ سُرَّتَك؛ لِأَنَّ السُّرَّةَ لَا تُقْطَعُ وَإِنَّمَا هِيَ الْمَوْضِعُ الَّذِي قُطِعَ مِنْهُ السُّرُّ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَمَنْ عَلِمَ بِهِ) وَمِنْهُ الْقَابِلَةُ (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوُ الرَّبْطِ) أَيْ فَلَوْ مَاتَ الصَّبِيُّ وَاخْتَلَفَ الْوَارِثُ وَالْقَابِلَةُ مَثَلًا فِي أَنَّهُ هَلْ مَاتَ لِعَدَمِ الرَّبْطِ أَوْ إحْكَامِهِ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ صُدِّقَ مُدَّعِي الرَّبْطِ وَإِحْكَامِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ، (وَقَوْلُهُ ضَمِنَ: أَيْ بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ قَوْلُهُ وَكَذَا الْوَلِيُّ) أَيْ فِيمَا لَوْ أَهْمَلَهُ فَلَمْ يُحْضِرْ لَهُ مَنْ يَفْعَلُ بِهِ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[فصل في حكم إتلاف البهائم]

(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ إتْلَافِ الْبَهَائِمِ (مَنْ كَانَ مَعَ دَابَّةٍ أَوْ دَوَابَّ) فِي طَرِيقٍ مَثَلًا وَلَوْ مَقْطُورَةٍ سَائِقًا أَوْ قَائِدًا أَوْ رَاكِبًا سَوَاءٌ أَكَانَتْ يَدُهُ عَلَيْهَا بِحَقٍّ أَمْ بِغَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا أَوْ قِنًّا أَذِنَ سَيِّدُهُ أَمْ لَا كَمَا شَمَلَهُ كَلَامُهُمْ، وَيَتَعَلَّقُ مُتْلِفُهَا بِرَقَبَتِهِ فَقَطْ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَلُقَطَةٍ أَقَرَّهَا مَالِكُهُ بِيَدِهِ فَتَلِفَتْ فَإِنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ وَبَقِيَّةِ أَمْوَالِ السَّيِّدِ بِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ ثُمَّ بِتَرْكِهَا بِيَدِهِ الْمُنَزَّلَةِ مَنْزِلَةَ الْمَالِكِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهَا وَلَا كَذَلِكَ هُنَا، وَدَعْوَى أَنَّ الْقِنَّ لَا يَدَ لَهُ مَمْنُوعَةٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْيَدِ هُنَا الْمُقْتَضِيَةُ لِلْمِلْكِ بَلْ الْمُقْتَضِيَةُ لِلضَّمَانِ وَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى لَهُ يَدٌ كَمَا لَا يَخْفَى (ضَمِنَ إتْلَافَهَا) بِجُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا (نَفْسًا) عَلَى الْعَاقِلَةِ (وَمَالًا) فِي مَالِهِ (لَيْلًا وَنَهَارًا) ؛ لِأَنَّ فِعْلَهَا مَنْسُوبٌ لَهُ وَعَلَيْهِ تَعَهُّدُهَا وَحِفْظُهَا، فَإِنْ كَانَ مَعَهَا سَائِقٌ وَقَائِدٌ وَرَاكِبٌ ـــــــــــــــــــــــــــــS [فَصْلٌ فِي حُكْمِ إتْلَافِ الْبَهَائِمِ] ِ (قَوْلُهُ: فِي حُكْمِ إتْلَافِ الْبَهَائِمِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُهُ كَمَنْ حَمَلَ حَطَبًا عَلَى ظَهْرِهِ وَدَخَلَ بِهِ سُوقًا، وَإِنْ أُرِيدَ بِالدَّابَّةِ مَا يَشْمَلُ الْآدَمِيَّ دَخَلَتْ هَذِهِ لَكِنْ عَلَى ضَرْبٍ مِنْ الْمُسَامَحَةِ فِي قَوْلِهِ مَعَ دَابَّةٍ؛ لِأَنَّهُ مَنْ حَمَلَ هُوَ الدَّابَّةُ لَا أَنَّهُ مَعَهَا (قَوْلُهُ: أَوْ دَوَابَّ فِي طَرِيقٍ) . [فَرْعٌ] لَوْ كَانَ رَاكِبًا حِمَارَةً مَثَلًا وَوَرَاءَهَا جَحْشٌ فَأَتْلَفَ شَيْئًا ضَمِنَهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ: لَوْلَا حَدِيثُ الْبَرَاءِ «مَا ضَمَّنَّا رَاكِبًا وَلَا سَائِقًا إلَّا أَنْ يَتَعَمَّدَ» ؛ لِأَنَّ حَدِيثَ «الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ» ظَاهِرٌ لَوْلَا مَا بَيَّنَ فِي حَدِيثِ نَاقَةِ الْبَرَاءِ. وَحَدِيثِ نَاقَةِ الْبَرَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «كَانَتْ نَاقَةً ضَارِيَةً فَدَخَلَتْ حَائِطًا فَأَفْسَدَتْ فِيهِ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ حِفْظَ الْحَوَائِطِ بِالنَّهَارِ عَلَى أَهْلِهَا، وَأَنَّ حِفْظَ الْمَاشِيَةِ بِاللَّيْلِ عَلَى أَهْلِهَا، وَأَنَّ عَلَى أَهْلِ الْمَاشِيَةِ مَا أَصَابَتْ مَاشِيَتُهُمْ بِاللَّيْلِ» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: بِحَقٍّ أَوْ بِغَيْرِهِ) شَمَلَ الْمُكْرَهَ بِفَتْحِ الرَّاءِ فَيَضْمَنُ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَكْرَهَهُ عَلَى رُكُوبِ الدَّابَّةِ لَا عَلَى إتْلَافِ الْمَالِ، وَبِهَذَا يُفَارِقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى إتْلَافِ الْمَالِ حَيْثُ قِيلَ فِيهِ إنَّ كُلًّا طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ، وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ، لَكِنْ نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ بِالدَّرْسِ أَنَّ قَرَارَ الضَّمَانِ عَلَى الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَأَنَّ الْمُكْرَهَ طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ، وَعَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْإِتْلَافِ وَعَلَى الرُّكُوبِ (قَوْلُهُ: وَيَتَعَلَّقُ مُتْلِفُهَا بِرَقَبَتِهِ) أَيْ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ: وَلَا كَذَلِكَ هُنَا) قَدْ يُقَالُ قَدْ يُوَجَّهُ هُنَا إقْرَارُ السَّيِّدِ بَعْدَ عِلْمِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ اللُّقَطَةُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ وَاجِدِهَا، وَالْعَبْدُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا فَتَرْكُ السَّيِّدِ لَهَا فِي يَدِهِ تَقْصِيرٌ مِنْهُ، وَلَا كَذَلِكَ الْبَهِيمَةُ فَإِنَّ تَرْكَهَا فِي يَدِ الْعَبْدِ لَا يُعَدُّ تَقْصِيرًا مِنْ السَّيِّدِ بَلْ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي تَرْكِهَا فِي يَدِ الْعَبْدِ فَنُسِبَتْ الْيَدُ فِيهَا لِلْعَبْدِ مَا دَامَتْ مَعَهُ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي ضَمَانَهُ دُونَ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَمَالًا فِي مَالِهِ) الْمُرَادُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَاقِلَةِ بَلْ بِذِمَّتِهِ يُؤَدِّيهِ مِنْ مَالِهِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ فِي مَالِهِ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ كَتَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالْمَرْهُونِ (قَوْلُهُ: وَرَاكِبٌ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ أَعْمَى، وَنَقَلَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ طب وَفِيهِ فَرْعٌ: لَوْ رَكِبَ اثْنَانِ فِي جَنْبَيْهَا كَفِي مَحَارَتَيْنِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا، فَلَوْ رَكِبَ ثَالِثٌ بَيْنَهُمَا فِي الظَّهْرِ فَقَالَ م ر الضَّمَانُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (فَصْلٌ فِي حُكْمِ إتْلَافِ الْبَهَائِمِ) (قَوْلُهُ: بِجُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا يَأْتِي مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ بِنَحْوِ بَوْلِهَا عَلَى

ضَمِنَ الرَّاكِبُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَاكِبٌ فَعَلَيْهِمَا أَوْ رَكِبَهَا اثْنَانِ فَعَلَى الْمُقَدَّمِ دُونَ الرَّدِيفِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ فِعْلَهَا مَنْسُوبٌ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَا لَوْ تَنَازَعَا فِيهَا كَانَتْ لَهُمَا، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مَعَ دَابَّةٍ مَا لَوْ انْفَلَتَتْ مِنْهُ بَعْدَ إحْكَامِ نَحْوِ رَبْطِهَا، وَأَتْلَفَتْ شَيْئًا فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ مَا لَوْ نَخَسَهَا غَيْرَ مَنْ مَعَهَا فَضَمَانُ إتْلَافِهَا عَلَى النَّاخِسِ مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ، وَلَوْ رَدَّهَا رَادٌّ تَعَلَّقَ ضَمَانُ مَا أَتْلَفَتْهُ بَعْدَهُ الرَّادُّ، وَمَا لَوْ غَلَبَتْهُ فَاسْتَقْبَلَهَا آخَرُ وَرَدَّهَا فَإِنْ الرَّادَّ يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْهُ فِي انْصِرَافِهَا، وَمَا لَوْ سَقَطَ هُوَ أَوْ مَرْكُوبُهُ مَيِّتًا عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفَهُ فَلَا ضَمَانَ كَمَا لَوْ انْتَفَخَ مَيِّتٌ فَانْكَسَرَ بِهِ قَارُورَةٌ بِخِلَافِ طِفْلٍ سَقَطَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ لَهُ فِعْلًا، وَإِلْحَاقُ الزَّرْكَشِيّ بِسُقُوطِهِ بِالْمَوْتِ سُقُوطَهُ بِنَحْوِ مَرَضٍ أَوْ رِيحٍ شَدِيدَةٍ فِيهِ نَظَرٌ، وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ فِيهِ نَظَرًا لِوُضُوحِ الْفَرْقِ، وَلَوْ كَانَ رَاكِبُهَا يَقْدِرُ عَلَى ضَبْطِهَا فَاتَّفَقَ أَنَّهَا غَلَبَتْهُ لِنَحْوِ قَطْعِ عَنَانٍ وَثِيقٍ، وَأَتْلَفَ شَيْئًا لَمْ يَضْمَنْ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الضَّمَانُ، وَمَا لَوْ أَرْكَبَ أَجْنَبِيٌّ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنْ يَكُونَ الضَّمَانُ أَثْلَاثًا وِفَاقًا لِطِبٍّ فِيمَا أَظُنُّ اهـ. وَظَاهِرُهُ لَوْ كَانَ الزِّمَامُ بِيَدِ أَحَدِهِمْ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ الرَّاكِبُ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا تَضْمِينُ الرَّاكِبَةِ مَعَ الْمُكَارِي الْقَائِدِ دُونَهُ إلَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ يُونُسَ لَعَلَّ تَضْمِينَ الرَّاكِبِ إذَا كَانَ الزِّمَامُ بِيَدِهِ فَلَا تُضْمَنُ إلَّا إذَا كَانَ الزِّمَامُ بِيَدِهَا اهـ سم عَلَى حَجّ. وَعِبَارَتُهُ عَلَى مَنْهَجٍ قَوْلُهُ ضَمِنَ الرَّاكِبُ فَقَطْ بِذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي تَرْكَبُ الْآنَ مَعَ الْمُكَارِي دُونَ الْمُكَارِي م ر اهـ. وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَقِيَاسُ مَا نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ يُونُسَ أَنَّ الضَّمَانَ فِي مَسْأَلَةِ الْأَعْمَى عَلَى قَائِدِ الدَّابَّةِ إذَا كَانَ زِمَامُهَا بِيَدِهِ (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِمَا) أَيْ السَّائِقِ وَالْقَائِدِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ فِعْلَهَا مَنْسُوبٌ إلَيْهِ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّ الْمُقَدَّمَ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ دَخْلٌ فِي تَسْيِيرِهَا كَمَرِيضٍ وَصَغِيرٍ اخْتَصَّ الضَّمَانُ بِالرَّدِيفِ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ انْفَلَتَتْ) وَيَنْبَغِي عَدَمُ تَصْدِيقِهِ فِي ذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (قَوْلُهُ: فَضَمَانُ إتْلَافِهَا عَلَى النَّاخِسِ) أَيْ وَلَوْ صَغِيرًا مُمَيِّزًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْحَالُ بَيْنَ الْمُمَيِّزِ وَغَيْرِهِ. [فَرْعٌ] قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَإِنْ كَانَتْ رَمُوحًا طَبْعًا، وَاتَّصَلَ إتْلَافُهَا بِالنَّخْسِ فَهَلْ يَضْمَنُ الْآذِنُ أَوْ النَّاخِسُ وَجْهَانِ اهـ. وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ الْآذِنُ كَمَا لَوْ أَتْلَفَتْ بِغَيْرِ الرُّمْحِ سِيَّمَا إنْ ظَهَرَ إحَالَةُ الرُّمْحِ عَلَى النَّخْسِ الْمَأْذُونِ فِيهِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَأْذَنْ) أَيْ الرَّاكِبُ (قَوْلُهُ: تَعَلَّقَ ضَمَانُ مَا أَتْلَفَتْهُ بَعْدَهُ) أَيْ الرَّادِّ، وَقَوْلُهُ بِالرَّادِّ مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ أَخْذًا مِمَّا قَدَّمَهُ فِي النَّاخِسِ (قَوْلُهُ: فَاسْتَقْبَلَهَا آخَرُ وَرَدَّهَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِإِشَارَةٍ تُؤَدِّي إلَى رَدِّهَا (قَوْلُهُ: فَأَتْلَفَهُ) أَيْ السَّاقِطُ (قَوْلُهُ: سَقَطَ عَلَيْهَا) أَيْ الْقَارُورَةِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ (قَوْلُهُ: الْفَرْقِ) وَهُوَ أَنَّ الْمَيِّتَ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ أَهْلًا لِلضَّمَانِ، بِخِلَافِ الْحَيِّ، وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا وَكَانَ سُقُوطُهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ رَاكِبُهَا) وَلَوْ كَانَ الرَّاكِبُ مِمَّنْ يَضْبِطُهَا وَلَكِنْ غَلَبَتْهُ بِفَزَعٍ مِنْ شَيْءٍ مَثَلًا أَوْ أَتْلَفَتْ شَيْئًا فَالظَّاهِرُ عَدَمِ الضَّمَانِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ تَوْجِيهًا لِكَلَامِ الشَّارِحِ، فَإِنَّ الْيَدَ مَوْجُودَةٌ مَعَ الْفَزَعِ، كَمَا هِيَ مَوْجُودَةٌ مَعَ قَطْعِ اللِّجَامِ وَنَحْوِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْيَدُ وَإِنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي الْفَزَعِ إلَّا أَنَّ فِعْلَهَا لَمْ يُنْسَبْ فِيهِ وَاضِعُ الْيَدِ إلَى تَقْصِيرٍ مَا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ هَاجَتْ الرِّيَاحُ بَعْدَ إحْكَامِ مَلَّاحِ السَّفِينَةِ آلَاتِهَا، وَقَدْ قِيلَ فِيهَا بِعَدَمِ الضَّمَانِ لِانْتِفَاءِ تَقْصِيرِ الْمَلَّاحِ، بِخِلَافِ قَطْعِ اللِّجَامِ، فَإِنَّ الرَّاكِبَ مَنْسُوبٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا يَأْتِي فِيهِ (قَوْلُهُ فَعَلَى الْمُقَدَّمِ دُونَ الرَّدِيفِ إلَى قَوْلِهِ لِأَنَّ فِعْلَهَا إلَخْ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: قَدْ يَقْتَضِي هَذَا أَنَّهُ لَوْ نُسِبَ سَيْرُهَا لِلْمُؤَخَّرِ فَقَطْ كَمَا لَوْ كَانَ الْمُقَدَّمُ نَحْوَ مَرِيضٍ لَا حَرَكَةَ لَهُ مَحْضُونٌ لِلْمُؤَخَّرِ اخْتَصَّ الضَّمَانُ بِالْمُؤَخَّرِ (قَوْلُهُ: تَعَلَّقَ ضَمَانُ مَا أَتْلَفَتْهُ بَعْدَهُ بِالرَّادِّ) اُنْظُرْ إلَى مَتَى يَسْتَمِرُّ ضَمَانُهُ، وَلَعَلَّهُ مَا دَامَ سَيْرُهَا مَنْسُوبًا لِذَلِكَ الرَّادِّ فَلْيُرَاجَعْ

صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا دَابَّةً لَا يَضْبِطُهَا مِثْلُهُمَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مُتْلِفُهَا، وَمَا لَوْ كَانَ مَعَ دَوَابِّ رَاعٍ فَتَفَرَّقَتْ لِنَحْوِ هَيَجَانِ رِيحٍ أَوْ ظُلْمَةٍ لَا لِنَحْوِ نَوْمٍ وَأَفْسَدَتْ زَرْعًا فَلَا يَضْمَنُهُ كَمَا لَوْ نَدَّ بَعِيرُهُ أَوْ انْفَلَتَتْ دَابَّتُهُ مِنْ يَدِهِ وَأَفْسَدَتْ شَيْئًا، لَكِنَّ هَذَا خَارِجٌ بِقَوْلِهِ مَعَ دَابَّةٍ فَإِيرَادُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَمَا لَوْ رَبَطَهَا بِطَرِيقٍ مُتَّسِعٍ بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ كَمَا لَوْ حَفَرَ فِيهِ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا فِي الطَّرِيقِ مَثَلًا مَنْ دَخَلَ دَارًا بِهَا كَلْبٌ عَقُورٌ فَعَقَرَهُ أَوْ دَابَّةٌ فَرَفَسَتْهُ فَلَا يَضْمَنُهُ صَاحِبُهُمَا إنْ عَلِمَ بِحَالِهِمَا وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي دُخُولِهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا جَهِلَ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الدُّخُولِ ضَمِنَهُ وَإِلَّا فَلَا، وَبِخِلَافِ الْخَارِجِ مِنْهُمَا عَنْ الدَّارِ وَلَوْ بِجَانِبِ بَابِهَا؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ، وَخَرَجَ بِهِ أَيْضًا رَبْطُهَا بِمَوَاتٍ أَوْ مِلْكِهِ فَلَا يَضْمَنُ بِهِ مُتْلِفُهَا بِالِاتِّفَاقِ، وَلَوْ أَجَّرَهُ دَارًا إلَّا بَيْتًا مُعَيَّنًا فَأَدْخَلَ دَابَّتَهُ فِيهِ، وَتَرَكَهُ مَفْتُوحًا فَخَرَجَتْ وَأَتْلَفَتْ مَالًا لِلْمُكْتَرِي لَمْ يَضْمَنْهُ، وَلَا يَرِدُ عَلَى قَوْلِهِ نَفْسًا وَمَالًا صَيْدُ الْحَرَمِ وَشَجَرُهُ وَصَيْدُ الْإِحْرَامِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَخْرُجَانِ عَنْهُمَا، وَلَوْ رَبَطَ فَرَسَهُ فِي خَانْ فَقَالَ لِصَغِيرٍ خُذْ مِنْ هَذَا التِّبْنِ وَاعْلِفْهَا فَفَعَلَ فَرَفَسَتْهُ فَمَاتَ وَهُوَ حَاضِرٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِيهِ لِتَقْصِيرٍ فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّ قَطْعَ الدَّابَّةِ لَهُ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ إحْكَامِهِ (قَوْلُهُ: لَا يَضْبِطُهَا) وَلَك أَنْ تَقُولَ: يَنْبَغِي الضَّمَانُ، وَإِنْ كَانَ يَضْبِطُهَا مِثْلَهُمَا إذْ لَا وِلَايَةَ وَلَا نَظَرَ لَهُ فِي مَصْلَحَتِهِمَا وَمُجَرَّدُ كَوْنِهِمَا يُضْبَطَانِ لَا يَقْتَضِي سُقُوطَ الضَّمَانِ عَنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ) أَيْ الْأَجْنَبِيَّ (قَوْلُهُ: أَوْ ظُلْمَةٍ) قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ ضَمَانِ السَّاقِطِ بِنَحْوِ رِيحٍ بِأَنَّ الْوُقُوعَ عَنْ الدَّابَّةِ مَنْسُوبٌ لَهُ فَضَمِنَ، وَلَا كَذَلِكَ هُنَا فَإِنَّهَا بِتَفَرُّقِهَا لِهَيَجَانِ الرِّيحِ وَالظُّلْمَةِ خَرَجَتْ عَنْ يَدِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لَا لِنَحْوِ نَوْمٍ) أَيْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ (قَوْلُهُ أَوْ انْفَلَتَتْ دَابَّتُهُ إلَخْ) وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ رَاكِبَهَا ثُمَّ أَلْقَتْهُ بِجِمَاحٍ أَوْ نَحْوِهِ وَفَرَّتْ وَأَتْلَفَتْ شَيْئًا فِي انْصِرَافِهَا فَلَا يَضْمَنُهُ صَاحِبُهَا (قَوْلُهُ: فَإِيرَادُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ) قَدْ يُقَالُ: لَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اعْتِبَارُ الْمَعِيَّةِ حَالَ الْإِتْلَافِ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ لَكِنَّهُ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ وَهُوَ كَافٍ فِي دَفْعِ الِاعْتِرَاضِ (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ رَبَطَهَا) أَيْ فَلَا يَضْمَنُ، وَظَاهِرُهُ لَا نَهَارًا وَلَا لَيْلًا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ دَابَّةٌ فَرَفَسَتْهُ فَلَا يَضْمَنُهُ) ظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ، لَكِنْ قَدْ يَتَوَقَّفُ فِيمَا لَوْ دَخَلَ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ بِإِذْنِ صَاحِبِ الدَّارِ فَإِنَّهُ عَرَّضَهُ لِإِتْلَافِ الْكَلْبِ وَنَحْوِهِ، وَقَدْ يُؤْخَذُ ضَمَانُهُ مِمَّا يَأْتِي فِيمَا لَوْ قَالَ لِصَغِيرٍ خُذْ مِنْ هَذَا التِّبْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ طَرِيقٌ إلَّا عَلَيْهِ، وَكَانَ أَعْمَى (قَوْلُهُ: فَأَدْخَلَ دَابَّتَهُ) أَيْ الْمُؤَجِّرُ (قَوْلُهُ وَأَتْلَفَتْ مَالًا لِلْمُكْتَرِي لَمْ يَضْمَنْهُ) لَعَلَّهُ لِنِسْبَةِ صَاحِبِ الْمَتَاعِ إلَى التَّقْصِيرِ (قَوْلُهُ: لَا يَخْرُجَانِ عَنْهُمَا) أَيْ عَنْ النَّفْسِ وَالْمَالِ (قَوْلُهُ: فَقَالَ الصَّغِيرُ) هِيَ لِلتَّرْتِيبِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُحَذِّرْهُ) مَفْهُومُهُ عَدَمُ الضَّمَانِ إذَا كَانَ غَائِبًا وَلَمْ يُحَذِّرْهُ وَهِيَ رَمُوحٌ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَا يَضْبِطُهَا مِثْلُهُمَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا يَضْبِطَانِهَا لَا يَضْمَنُ الْأَجْنَبِيُّ، وَأَنَّ الْوَلِيَّ إذَا أَرْكَبَهَا مَا لَا يَضْبِطَانِهِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ، وَهُوَ خِلَافُ قَضِيَّةِ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ. وَعِبَارَتُهُ: لَوْ أَرْكَبَ رَجُلٌ صَبِيًّا دَابَّةً فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا، فَإِنْ أَرْكَبَهُ أَجْنَبِيٌّ ضَمِنَهُ لِتَعَدِّيهِ أَوْ وَلِيُّهُ لِمَصْلَحَةِ الصَّبِيِّ ضَمِنَ الصَّبِيُّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَصْلَحَةٌ فِيهِ ضَمِنَ الْوَلِيُّ وَالْوَصِيُّ قَالَهُ فِي الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ، إلَّا أَنْ يَكُونَ طِفْلًا غَيْرَ مُمَيِّزٍ، وَفِي الْأُمِّ وَغَيْرِهَا إشَارَةٌ إلَيْهِ انْتَهَتْ عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ، وَكَلَامُهُمْ فِي مَسْأَلَةِ الِاصْطِدَامِ يُوَافِقُهَا (قَوْلُهُ وَمَا لَوْ رَبَطَهَا بِطَرِيقٍ مُتَّسِعٍ) أَيْ فَلَا ضَمَانَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ قَاسِمٍ (قَوْلُهُ: أَوْ مِلْكِهِ) اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ قَبْلَهُ مِنْ دَاخِلِ دَارٍ بِهَا كَلْبٌ عَقُورٌ أَوْ دَابَّةٌ، وَلَعَلَّ الدَّابَّةَ فِيمَا مَرَّ شَأْنُهَا الضَّرَاوَةُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَأَدْخَلَ دَابَّتَهُ) أَيْ الْمُؤَجَّرِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ حَاضِرٌ) اُنْظُرْ هَلْ هُوَ قَيْدٌ وَمَا وَجْهُ التَّقْيِيدِ بِهِ

وَلَمْ يُحَذِّرْهُ مِنْهَا، وَكَانَتْ رَمُوحًا ضَمِنَهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِي غَيْرِ الطَّيْرِ، أَمَّا هُوَ فَلَا ضَمَانَ بِإِتْلَافِهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ مَا لَمْ يُرْسِلْ الْمُعَلَّمَ عَلَى مَا صَارَ إتْلَافُهُ لَهُ طَبْعًا، وَأَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ فِي نَحْلٍ قَتَلَ جَمَلًا بِأَنَّهُ هَدَرٌ لِتَقْصِيرِ صَاحِبِهِ دُونَ صَاحِبِ النَّحْلِ، إذَا لَا يُمْكِنُ ضَبْطُهُ (وَلَوْ بَالَتْ أَوْ رَاثَتْ بِطَرِيقٍ فَتَلِفَ بِهِ نَفْسٌ أَوْ مَالٌ فَلَا ضَمَانَ) وَإِلَّا لَامْتَنَعَ النَّاسُ مِنْ الْمُرُورِ وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ، وَهَذَا مَا جَرَى عَلَيْهِ كَالرَّافِعِيِّ هُنَا، وَهُوَ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ لَكِنَّهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ زَعَمَ كَثِيرٌ أَنَّ نَصَّ الْأُمِّ وَالْأَصْحَابِ الضَّمَانُ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِمَا بِمُخَالَفَتِهِمَا لِمَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ (وَيَحْتَرِزُ) الْمَارُّ بِطَرِيقٍ (عَمَّا لَا يُعْتَادُ) فِيهَا (كَرَكْضٍ شَدِيدٍ فِي وَحَلٍ) أَوْ فِي مَجْمَعِ النَّاسِ (فَإِنْ خَالَفَ) (ضَمِنَ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ) لِتَعَدِّيهِ كَمَا لَوْ سَاقَ الْإِبِلَ غَيْرَ مَقْطُورَةٍ أَوْ الْبَقَرَ أَوْ الْغَنَمَ فِي السُّوقِ أَوْ رَكِبَ فِيهِ مَا لَا يُرْكَبُ مِثْلُهُ إلَّا فِي صَحْرَاءَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَكْضٌ. أَمَّا الرَّكْضُ الْمُعْتَادُ فَلَا يُضْمَنُ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ (وَمَنْ حَمَلَ حَطَبًا عَلَى ظَهْرِهِ أَوْ بَهِيمَةٍ) وَهُوَ مَعَهَا، وَسَيَأْتِي حُكْمُ مَا لَوْ أَرْسَلَهَا (فَحَكَّ بِنَاءً فَسَقَطَ ضَمِنَهُ) لَيْلًا أَوْ نَهَارًا لِوُجُوبِ التَّلَفِ بِفِعْلِهِ أَوْ فِعْلِ دَابَّتِهِ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ، نَعَمْ لَوْ كَانَ مُسْتَحِقَّ الْهَدْمِ، وَلَمْ يَتْلَفْ مِنْ الْآلَةِ شَيْءٌ فَلَا ضَمَانَ، كَأَنْ بَنَى بِنَاءً مَائِلًا إلَى شَارِعٍ أَوْ مِلْكِ غَيْرِهِ لَا إنْ كَانَ مُسْتَوِيًا، ثُمَّ مَالَ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ فِي الْأَخِيرَةِ (وَإِنْ) (دَخَلَ) مَنْ مَعَهُ حَطَبٌ (سُوقًا فَتَلِفَ بِهِ نَفْسٌ أَوْ مَالٌ) مُسْتَقْبِلًا كَانَ أَوْ مُسْتَدْبِرًا (ضَمِنَ) هـ (إنْ كَانَ) ثَمَّ (زِحَامٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) زِحَامٌ (وَتَمَزَّقَ) بِهِ (ثَوْبٌ) مَثَلًا (فَلَا) يَضْمَنُهُ (إلَّا ثَوْبَ) أَوْ مَتَاعَ أَوْ بَدَنَ (أَعْمَى) أَوْ مَعْصُوبِ الْعَيْنِ لِرَمَدٍ وَنَحْوِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ (وَمُسْتَدْبِرِ الْبَهِيمَةِ فَيَجِبُ تَنْبِيهُهُ) أَيْ مَنْ ذَكَرَ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ الْكُلَّ، وَالْأَشْبَهُ أَنَّ مُسْتَقْبِلَ الْحَطَبِ مِمَّنْ لَا يُمَيِّزُ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ كَالْأَعْمَى، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَوْ كَانَ غَافِلًا أَوْ مُلْتَفِتًا أَوْ مُطْرِقًا مُفَكِّرًا ضَمِنَهُ صَاحِبُ الْحَطَبِ، إذْ لَا تَقْصِيرَ حِينَئِذٍ. وَأَلْحَقَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُنَبِّهْهُ مَا لَوْ كَانَ أَصَمَّ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِصَمَمِهِ؛ لِأَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSسم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّهُ تَسَبَّبَ فِي إتْلَافِهِ (قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ) أَيْ الْآمِرُ (قَوْلُهُ: فَلَا ضَمَانَ بِإِتْلَافِهِ مُطْلَقًا) أَيْ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا (قَوْلُهُ: عَلَى مَا صَارَ إتْلَافُهُ لَهُ طَبْعًا) أَيْ فَيَضْمَنُ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ عَلَّمَ قِرْدًا، وَأَمَرَهُ بِالسَّرِقَةِ فَسَرَقَ لَمْ يُقْطَعْ أَنَّ الْقَطْعَ يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ بِخِلَافِ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: فِي نَحْلٍ قَتَلَ جَمَلًا) أَيْ مَثَلًا، وَقَوْلُهُ بِأَنَّهُ أَيْ الْجَمَلَ، وَقَوْلُهُ هَدَرٌ لِتَقْصِيرِهِ: أَيْ حَيْثُ لَمْ يَضَعْهُ فِي بَيْتٍ مُسْقَفٍ أَوْ لَمْ يَضَعْ عَلَيْهِ مَا يَمْنَعُ وُصُولَ النَّحْلِ إلَيْهِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الْجَمَلِ فِي مِلْكِهِ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَتَلِفَ بِهِ نَفْسٌ أَوْ مَالٌ فَلَا ضَمَانَ) ع: أَيْ وَلَوْ بِالزَّلَقِ فِيهِ أَيْ الْبَوْلِ بَعْدَ ذَهَابِهَا، نَعَمْ لَوْ تَعَمَّدَ الْمَارُّ الْمَشْيَ فَلَا ضَمَانَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ أَيْ فَلَا ضَمَانَ قَطْعًا (قَوْلُهُ: بِمُخَالَفَتِهِمَا لِمَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ) لَكِنْ يُشْكِلُ بِمُخَالَفَتِهِ النَّصَّ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُقَالُ الْمُخَالِفُ يُؤَوِّلُ النَّصَّ، وَيَتَمَسَّكُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ بِنَصٍّ آخَرَ مَثَلًا (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ سَاقَ الْإِبِلَ) قَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ ضَمَانُ مَنْ مَعَ الْإِبِلِ سَائِقًا أَوْ غَيْرَهُ وَلَوْ مَقْطُورَةً اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فِي السُّوقِ) أَيْ وَلَوْ وَاحِدَةً (قَوْلُهُ: إلَّا فِي صَحْرَاءَ) أَيْ كَالدَّوَابِّ الشَّرِسَةِ (قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ إنْ كَانَ ثَمَّ زِحَامٌ) وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا بِأَزِقَّةِ مِصْرَ مِنْ دُخُولِ الْجِمَالِ مَثَلًا بِالْأَحْمَالِ ثُمَّ إنَّهُمْ يَضْطَرُّونَ الْمُشَاةَ أَوْ غَيْرَهُ فَيَقَعُ الْمُضْطَرُّ عَلَى غَيْرِهِ فَيُتْلِفُ مَتَاعَهُ فَالضَّمَانُ عَلَى سَائِقِ الْجِمَالِ وَإِنْ كَثُرُوا لِأَنَّهُمْ مَنْسُوبُونَ إلَيْهِ. وَأَمَّا لَوْ دَفَعَ الْمَزْحُومُ الْجَمَلَ بِحَمْلِهِ مَثَلًا عَلَى غَيْرِهِ فَأَتْلَفَ شَيْئًا، فَالضَّمَانُ عَلَى الدَّافِعِ لَا عَلَى مَنْ مَعَ الدَّابَّةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ) وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّنْبِيهِ وَعَدَمِهِ فَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُ صَاحِبِ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ مَا حَصَلَ بِهِ التَّلَفُ الْمُقْتَضِي لِلضَّمَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَلَمْ يُحَذِّرْهُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ التَّحْذِيرُ حَالَ الرَّمْحِ بِأَنْ رَآهَا تَرْمَحُهُ فَلَمْ يُحَذِّرْهُ فَلْيُرَاجَعْ.

الضَّمَانَ لَا يَخْتَلِفُ بِالْعِلْمِ وَعَدَمِهِ، وَقَيَّدَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُمَا الْبَصِيرَ الْمُقْبِلَ بِمَا إذَا وُجِدَ مُنْحَرِفًا. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْهُ لِضِيقٍ وَعَدَمِ عَطْفَةٍ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الزِّحَامِ، نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، قَالَ: وَلَوْ دَخَلَ السُّوقَ فِي غَيْرِ وَقْتِ الزِّحَامِ فَحَدَثَ زِحَامٌ فَالْمُتَّجِهُ إلْحَاقُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ زِحَامٌ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ كَمَا لَوْ حَدَثَتْ الرِّيحُ، وَأَخْرَجَتْ الْمَالَ مِنْ النَّقَبِ لَا قَطْعَ فِيهِ بِخِلَافِ تَعْرِيضِهِ لِلرِّيحِ الْهَابَّةِ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ حَيْثُ لَا فِعْلَ مِنْ صَاحِبِ الثَّوْبِ، فَإِنْ تَعَلَّقَ الْحَطَبُ بِهِ فَجَذَبَهُ فَنِصْفُ الضَّمَانِ عَلَى صَاحِبِ الْحَطَبِ يَجِبُ كَلَاحِقٍ وَطِئَ مَدَاسَ سَابِقٍ فَانْقَطَعَ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ نِصْفُ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ انْقَطَعَ بِفِعْلِهِ وَفِعْلِ السَّابِقِ، وَقَوْلُهُ فِي الرَّوْضَةِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ انْقَطَعَ مُؤَخَّرُ السَّابِقِ فَالضَّمَانُ عَلَى اللَّاحِقِ أَوْ مُقَدَّمُ مَدَاسِ اللَّاحِقِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى السَّابِقِ، يُرَدُّ بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِيهِمَا فِي قُوَّةِ الِاعْتِمَادِ، وَضَعَّفَهُ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِمَا فَسَقَطَ اعْتِبَارُهُمَا، وَوَجَبَ إحَالَةُ ذَلِكَ عَلَى السَّبَبَيْنِ جَمِيعًا كَمَا فِي الْمُصْطَدِمَيْنِ فَإِنَّهُ لَا عِبْرَة بِقُوَّةِ مَشْيِ أَحَدِهِمَا وَقِلَّةِ حَرَكَةِ الْآخَرِ (وَإِنَّمَا يَضْمَنُهُ) أَيْ مَا ذَكَرَ صَاحِبُ الْبَهِيمَةِ (إذَا لَمْ يُقَصِّرْ صَاحِبُ الْمَالِ، فَإِنْ قَصَّرَ بِأَنْ وَضَعَهُ بِطَرِيقٍ) وَلَوْ وَاسِعًا، وَإِنْ أَذِنَ الْإِمَامُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ إذْ الْفَرْضُ هُنَا تَعْرِيضُهُ مَتَاعَهُ لِلتَّلَفِ وَهُوَ مَوْجُودٌ (أَوْ عَرَّضَهُ لِلدَّابَّةِ فَلَا) يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُضَيِّعُ لِمَالِهِ، وَأَفْتَى الْقَفَّالُ بِأَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ أَمَرَّ إنْسَانٌ بِحِمَارِ الْحَطَبِ، يُرِيدُ التَّقَدُّمَ عَلَيْهِ فَمَزَّقَ ثَوْبَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى سَائِقِهِ لِتَقْصِيرِهِ بِمُرُورِهِ عَلَيْهِ. قَالَ: وَكَذَا لَوْ وُضِعَ حَطَبٌ بِطَرِيقٍ وَاسِعٍ فَمَرَّ بِهِ آخَرُ فَتَمَزَّقَ بِهِ ثَوْبُهُ (وَإِنْ) (كَانَتْ الدَّابَّةُ وَحْدَهَا) وَقَدْ أَرْسَلَهَا فِي الصَّحْرَاءِ (فَأَتْلَفَتْ زَرْعًا أَوْ غَيْرَهُ نَهَارًا) (لَمْ يَضْمَنْ صَاحِبُهَا) أَيْ مَنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا، سَوَاءٌ أَكَانَتْ بِحَقٍّ كَمُودِعٍ أَمْ بِغَيْرِهِ كَغَاصِبٍ، وَمَا نَازَعَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ فِي نَحْوِ الْمُودِعِ بِأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُرْسِلَهَا إلَّا بِحَافِظٍ رُدَّ بِأَنَّ هَذَا عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ حِفْظِهَا لَا مِنْ حَيْثُ جِهَةِ إتْلَافِهَا، بَلْ وَالْعَادَةُ مُحْكَمَةٌ فِيهِ كَالْمَالِكِ (أَوْ لَيْلًا ضَمِنَ) إذْ الْعَادَةُ الْغَالِبَةُ حِفْظُ الزَّرْعِ نَهَارًا وَالدَّابَّةِ لَيْلًا، وَلِذَا لَوْ جَرَتْ عَادَةُ بَلَدٍ بِعَكْسِ ذَلِكَ انْعَكَسَ الْحُكْمُ أَوْ بِحِفْظِهِمَا فِيهِمَا ضَمِنَ فِيهِمَا، أَمَّا لَوْ أَرْسَلَهَا فِي الْبَلَدِ ضَمِنَ مُطْلَقًا لِمُخَالَفَتِهِ الْعَادَةَ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ الْمَذْكُورِ فِي كَلَامِهِ مَا إذَا تَوَسَّطَتْ الْمَرَاعِي وَالْمَزَارِعُ فَأَرْسَلَهَا بِلَا رَاعٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا أَفْسَدَتْهُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ حِينَئِذٍ عَدَمُ إرْسَالِهَا بِلَا رَاعٍ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اُعْتِيدَ إرْسَالُهَا بِدُونِهِ فَلَا ضَمَانَ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا اسْتِثْنَاءَ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِي كُلٍّ عَلَى مَا اُعْتِيدَ فِيهِ، وَلَوْ تَكَاثَرَتْ فَعَجَزَ أَصْحَابُ الزَّرْعِ عَنْ رَدِّهَا فَيَضْمَنُ أَصْحَابُهَا كَمَا رَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْعَادَةِ، وَمَا لَوْ أَرْسَلَهَا فِي مَوْضِعٍ مَغْصُوبٍ فَانْتَشَرَتْ مِنْهُ لِغَيْرِهِ وَأَفْسَدَتْهُ فَيَضْمَنُهُ مُرْسِلُهَا وَلَوْ نَهَارًا كَمَا بَحَثَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّنْبِيهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ مُطْرِقًا مُفَكِّرًا: أَيْ وَلَوْ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا (قَوْلُهُ: لَا يَخْتَلِفُ بِالْعِلْمِ وَعَدَمِهِ) أَيْ وَلِأَنَّ لَهُ طَرِيقًا آخَرَ كَتَنْبِيهِهِ بِجَرِّ رِدَائِهِ مَثَلًا أَوْ غَمْزِهِ بِشَيْءٍ فِي يَدِهِ (قَوْلُهُ: لِضِيقٍ وَعَدَمِ عَطْفَةٍ) أَيْ قَرِيبَةٍ فَلَا يُكَلَّفُ الْعَوْدَ لِغَيْرِهَا (قَوْلُهُ فَالْمُتَّجِهُ إلْحَاقُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ زِحَامٌ) أَيْ فَلَا ضَمَانَ (قَوْلُهُ: فَسَقَطَ اعْتِبَارُهُمَا) أَيْ الْمُؤَخَّرِ وَالْمُقَدَّمِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَذِنَ الْإِمَامُ) وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْآنَ مِنْ إحْدَاثِ مَسَاطِبَ أَمَامَ الْحَوَانِيتِ بِالشَّوَارِعِ، وَوَضْعِ أَصْحَابِهَا عَلَيْهَا بَضَائِعَ لِلْبَيْعِ كَالْخُضَرِيَّةِ مَثَلًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ أَتْلَفَتْ دَابَّتُهُ شَيْئًا مِنْهَا بِأَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ لِتَقْصِيرِ صَاحِبِ الْبِضَاعَةِ (قَوْلُهُ: إذْ الْفَرْضُ هُنَا) وَفِي نُسْخَةٍ الْمَلْحَظُ. (قَوْلُهُ: مَا لَوْ مَرَّ إنْسَانٌ بِحِمَارٍ) أَيْ عَلَى حِمَارِهِ (قَوْلُهُ: لِتَقْصِيرِهِ) أَيْ الْمَارِّ (قَوْلُهُ: فَمَرَّ بِهِ آخَرُ) أَيْ وَلَوْ أَعْمَى (قَوْلُهُ: سَوَاءً أَكَانَتْ) أَيْ الْيَدُ (قَوْلُهُ: مُحْكَمَةً فِيهِ) أَيْ الْمُودِعِ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ أَرْسَلَهَا فِي الْبَلَدِ ضَمِنَ مُطْلَقًا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ اُعْتِيدَ إرْسَالَهَا فِي الْبَلَدِ وَحْدَهَا، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الْمُرَاعِي الْمُتَوَسِّطَةِ خِلَافُهُ، بَلْ قَدْ يَجْعَلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ فِي الرَّوْضَةِ) أَيْ تَبَعًا لِبَحْثِ الرَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: بَلْ وَالْعَادَةُ مُحَكَّمَةٌ فِيهِ) أَيْ فَلَهُ أَنْ يُرْسِلَهَا بِلَا حَافِظٍ

الْبُلْقِينِيُّ. وَإِذَا أَخْرَجَهَا عَنْ مِلْكِهِ فَضَاعَتْ أَوْ رَمَى عَنْهَا مَتَاعًا حُمِلَ عَلَيْهَا تَعَدِّيًا لَا فِي نَحْوِ مَفَازَةٍ فَالْمُتَّجِهُ نَفْيُ الضَّمَانِ عَنْهُ إذْ يَخَافُ مِنْ بَقَائِهَا بِمِلْكِهِ إتْلَافَهَا لِشَيْءٍ وَإِنْ قَلَّ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَخْشَ ذَلِكَ، وَلَمْ يُسَيِّبْهَا مَالِكُهَا فَإِنَّ الْأَوْجَهَ فِيهِ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ كَثَوْبٍ طَيَّرْته الرِّيحُ إلَى دَارِهِ فَيَلْزَمُهُ حِفْظُهَا أَوْ إعْلَامُهُ بِهَا فَوْرًا، وَظَاهِرٌ أَنَّ خَشْيَةَ الْإِتْلَافِ مَعَ الْعَجْزِ عَنْ حِفْظِهَا كَالْإِتْلَافِ (إلَّا أَنْ لَا يُفَرِّطَ فِي رَبْطِهَا) بِأَنْ أَحْكَمَهُ وَأَغْلَقَ الْبَابَ، وَاحْتَاطَ عَلَى الْعَادَةِ فَخَرَجَتْ لَيْلًا لِنَحْوِ حَلِّهَا، أَوْ فَتَحَ لِصٌّ الْبَابَ فَلَا يَضْمَنُ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ، وَكَذَا لَوْ خَلَّاهَا بِمَحَلٍّ بَعِيدٍ لَمْ يَعْتَدْ رَدَّهَا مِنْهُ لِلْمُنْزَلِ كَمَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَاعْتَمَدَهُ (أَوْ) فَرَّطَ مَالِكٌ مَا أَتْلَفَتْهُ كَأَنْ عَرَضَهُ أَوْ وَضَعَهُ بِطَرِيقِهَا أَوْ (حَضَرَ صَاحِبُ الزَّرْعِ) مَثَلًا (وَتَهَاوَنَ فِي دَفْعِهَا) عَنْهُ لِتَفْرِيطِهِ، نَعَمْ إنْ حَفَّ مَحَلُّهُ بِالْمَزَارِعِ وَلَزِمَ مِنْ إخْرَاجِهَا مِنْهُ دُخُولُهَا لَهَا لَزِمَهُ إبْقَاؤُهَا بِمَحَلِّهِ، وَيَضْمَنُ صَاحِبُهَا مَا أَتْلَفَتْهُ: أَيْ قَبْلَ أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ نَحْوِ رَبْطِ فَمِهَا كَمَا هُوَ الْأَوْجَهُ، وَإِلَّا فَهُوَ الْمُتْلِفُ لِمَالِهِ، وَلَوْ كَانَ الَّذِي يُجَانِبُهُ زَرْعُ مَالِكِهَا اتَّجَهَ عَدَمُ إخْرَاجِهَا لَهُ عِنْدَ تَسَاوِيهِمَا لِانْتِفَاءِ ضَرَرِهِ فِي إبْقَائِهَا، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ وَتَهَاوَنَ جَوَازَ تَنْفِيرِهِ لَهَا عَنْ زَرْعِهِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ بِحَيْثُ يَأْمَنُ مِنْ عَوْدِهَا، فَإِنْ زَادَ، وَلَوْ دَاخِلَ مِلْكِهِ ضَمِنَ مَا لَمْ يَكُنْ مَالِكُهَا سَيَّبَهَا كَمَا مَرَّ. (وَكَذَا إنْ كَانَ الزَّرْعُ فِي مَحُوطٍ لَهُ بَابٌ تَرَكَهُ مَفْتُوحًا فِي الْأَصَحِّ) لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ إغْلَاقِهِ، وَالثَّانِي يَضْمَنُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلَهُ الْآتِيَ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِي كُلٍّ إلَخْ شَامِلًا لِهَذَا، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ رَمَى عَنْهَا) أَيْ عَنْ دَابَّتِهِ (قَوْلُهُ: لَا فِي نَحْوِ مَفَازَةٍ) أَيْ أَمَّا فِي نَحْوِ مَفَازَةٍ فَوَجْهَانِ فِي الرَّوْضِ، وَفِي شَرْحِهِ أَنَّ الْأَوْجَهَ الضَّمَانُ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَإِنْ حَمَلَ مَتَاعَهُ فِي مَفَازَةٍ عَلَى دَابَّةِ رَجُلٍ بِلَا إذْنٍ وَغَابَ فَأَلْقَاهُ الرَّجُلُ عَنْهَا أَوْ أَدْخَلَ دَابَّتَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ فَأَخْرَجَهَا مِنْ زَرْعِهِ: أَيْ فَوْقَ قَدْرِ الْحَاجَةِ كَمَا فِي شَرْحِهِ فَفِي الضَّمَانِ وَجْهَانِ اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: أَحَدُهُمَا لَا لِتَعَدِّي الْمَالِكِ، وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَوْجَهُ نَعَمْ لِتَعَدِّي الْفَاعِلِ بِالتَّضْيِيعِ اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ) أَيْ فَلَا يَكُونُ إخْرَاجُهُ لَهَا عِنْدَ خَشْيَةِ الْإِتْلَافِ مُضَمِّنًا (قَوْلُهُ: فَلَا يَضْمَنُ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ) أَيْ فَلَوْ اخْتَلَفَ الْمَالِكُ وَصَاحِبُ الزَّرْعِ فِي ذَلِكَ فَيُحْتَمَلُ تَصْدِيقُ الْمَالِكِ فِي أَنَّهُ احْتَاطَ وَأَحْكَمَ الرَّبْطَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ، وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ تَصْدِيقُ صَاحِبِ الزَّرْعِ؛ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ مِنْ الدَّابَّةِ وُجِدَ وَاقْتِضَاؤُهُ الضَّمَانَ هُوَ الْأَصْلُ حَتَّى يُعْلَمَ مَا يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ خَلَّاهَا) أَيْ لَا يَضْمَنُ (قَوْلُهُ: دُخُولُهَا لَهَا) أَيْ لِلْمَزَارِعِ وَإِنْ كَانَ مَا فِي الْمَزَارِعِ دُونَ قِيمَةِ الزَّرْعِ الَّذِي هِيَ فِيهِ كَقَصَبٍ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ أَيْ قَبْلَ أَنْ يَتَمَكَّنَ) أَيْ عَلَى وَجْهٍ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِيهِ فِي الْعَادَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ نَحْوِ رَبْطٍ) أَيْ رَبْطٍ لَا يُؤَدِّي إلَى إتْلَافِ الدَّابَّةِ، فَإِنْ فَعَلَ بِهَا مَا يُؤَدِّي إلَى ذَلِكَ ضَمِنَهَا، وَإِذَا اخْتَلَفَ الْمَالِكُ وَالدَّافِعُ فِي ذَلِكَ فَالْمُصَدَّقُ الدَّافِعُ؛ لِأَنَّهُ الْغَارِمُ (قَوْلُهُ: عِنْدَ تَسَاوِيهِمَا) أَيْ تَسَاوِي الزَّرْعَيْنِ فِي الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَأْمَنُ مِنْ عَوْدِهَا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ قِيمَتَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى الْعَادَةِ (قَوْلُهُ: لَا فِي نَحْوِ مَفَازَةٍ) أَيْ أَمَّا فِي الْمَفَازَةِ فَيَضْمَنُ، قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَإِنْ حَمَلَ مَتَاعَهُ فِي مَفَازَةٍ عَلَى دَابَّةِ رَجُلٍ بِلَا إذْنٍ وَغَابَ فَأَلْقَاهُ الرَّجُلُ عَنْهَا أَوْ أَدْخَلَ دَابَّتَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ فَأَخْرَجَهَا مِنْ زَرْعِهِ فَفِي الضَّمَانِ وَجْهَانِ انْتَهَتْ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: أَحَدُهُمَا لَا لِتَعَدِّي الْمَالِكِ. وَالثَّانِي هُوَ الْأَوْجَهُ نَعَمْ لِتَعَدِّي الْفَاعِلِ بِالتَّضْيِيعِ اهـ (قَوْلُهُ: إنْ خَافَ إلَخْ) هَذَا كُلُّهُ فِي مَسْأَلَةِ الزَّرْعِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ خَشْيَةَ الْإِتْلَافِ إلَخْ) هَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ بَعْدَ ذِكْرِهِ عَنْ الشَّارِحِ تَقْيِيدُ إخْرَاجِ الدَّابَّةِ مِنْ مِلْكِهِ بِمَا إذَا أَتْلَفَتْ شَيْئًا، فَجَعَلَ أَعْنِي ابْنَ حَجَرٍ مِثْلَ إتْلَافِهَا خَشْيَتَهُ مَعَ الْعَجْزِ عَنْ حِفْظِهَا: أَيْ كَمَا قَدَّمَهُ كَالشَّارِحِ فَقَالَ عَقِبَ كَلَامِ ذَلِكَ الشَّارِحِ: وَظَاهِرٌ إلَخْ، فَظَنَّ الشَّارِحُ هُنَا أَنَّهُ

لِمُخَالَفَتِهِ لِلْعَادَةِ فِي رَبْطِهَا لَيْلًا (وَهِرَّةٌ تُتْلِفُ طَيْرًا أَوْ طَعَامًا إنْ عُهِدَ ذَلِكَ مِنْهَا) وَلَوْ مَرَّةً كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ، وَيُحْتَمَلُ ضَبْطُهُ بِمَا يُعْلَمُ بِهِ تَأَدُّبُ جَارِحَةِ الصَّيْدِ (ضَمِنَ مَالِكُهَا) يَعْنِي مَنْ يُؤْوِيهَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ حَقِّهِ رَبْطُهَا لِيَكْفِيَ غَيْرَهُ شَرَّهَا، نَعَمْ لَوْ رَبَطَهَا فَانْفَلَتَتْ بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ مِنْهُ فَلَا ضَمَانَ (فِي الْأَصَحِّ لَيْلًا وَنَهَارًا) لِمَا مَرَّ، وَمِثْلُهَا كُلُّ حَيَوَانٍ عُرِفَ بِالْإِضْرَارِ، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ فَيَضْمَنُ ذُو جَمَلٍ أَوْ كَلْبٍ عَقُورٍ مَا يُتْلِفُهُ إنْ أَرْسَلَهُ أَوْ قَصَّرَ فِي رَبْطِهِ، وَالثَّانِي لَا يَضْمَنُ لَيْلًا وَلَا نَهَارًا؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الْهِرَّةَ لَا تُرْبَطُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَعْهَدْ ذَلِكَ مِنْهَا (فَلَا) يَضْمَنُ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ حِفْظُ الطَّعَامِ عَنْهَا لَا رَبْطُهَا وَلَا يَجُوزُ قَتْلُ مَنْ عَهِدَ ذَلِكَ مِنْهَا، إلَّا حَالَةَ عَدْوِهَا فَقَطْ حَيْثُ تَعَيَّنَ قَتْلُهَا طَرِيقًا لِدَفْعِهَا، وَإِلَّا دَفَعَهَا كَالصَّائِلِ وَشَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ خَرَجَتْ أَذِيَّتُهَا عَنْ عَادَةِ الْقِطَطِ وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهَا. وَالثَّانِي يَضْمَنُ فِي اللَّيْلِ دُونَ النَّهَارِ كَالدَّابَّةِ، وَشَمَلَ مَا تَقَرَّرَ مَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا فَتُدْفَعُ كَمَا لَوْ صَالَتْ وَهِيَ حَامِلٌ، وَسُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ وِلَادَةِ هِرَّةٍ فِي مَحَلٍّ وَتَأَلَّفَ ذَلِكَ الْمَحَلُّ بِحَيْثُ تَذْهَبُ وَتَعُودُ إلَيْهِ لِلْإِيوَاءِ فَهَلْ يَضْمَنُ مَالِكُ الْمَحَلِّ مُتْلَفَهَا؟ وَأَجَابَ بِعَدَمِهِ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ فِي يَدِ أَحَدٍ، وَإِلَّا ضَمِنَ ذُو الْيَدِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلَوْ مَرَّةً كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: يُعْنَى مَنْ يُؤْوِيهَا) أَيْ بِحَيْثُ لَوْ غَابَتْ تَفَقَّدَهَا وَفَتَّشَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: فَانْفَلَتَتْ بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ مِنْهُ) أَيْ وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا كُلُّ حَيَوَانٍ) أَيْ فَيَضْمَنُ ذُو الْيَدِ مَا أَتْلَفَهُ الْحَيَوَانُ، وَإِنْ سَلَّمَهُ لِصَغِيرٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى مَنْعِهِ مِنْ الْإِضْرَارِ، بِخِلَافِ مَا إذَا سَلَّمَهُ لِمَنْ يَقْدِرُ عَلَى حِفْظِهِ فَأَتْلَفَ شَيْئًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسَلِّمِ وَلَا عَلَى مَنْ هِيَ مَعَهُ إنْ انْفَلَتَتْ مِنْهُ وَأَتْلَفَتْ قَهْرًا عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَالضَّمَانُ عَلَى مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ مَنْ كَانَ مَعَ دَابَّةٍ (قَوْلُهُ: حَيْثُ تَعَيَّنَ قَتْلُهَا طَرِيقًا) أَيْ أَمَّا إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ بِأَنْ أَمْكَنَ دَفْعُهَا بِضَرْبٍ أَوْ زَجْرٍ فَلَا يَجُوزُ قَتْلُهَا بَلْ يَدْفَعُهَا بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ كَدَفْعِ الصَّائِلِ، وَمِنْهُ مَا لَوْ كَانَتْ الْهِرَّةُ صَغِيرَةً لَا يُفِيدُ مَعَهَا الدَّفْعُ بِالضَّرْبِ الْخَفِيفِ وَلَكِنْ يُمْكِنُ دَفْعُهَا بِأَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ الْبَيْتِ وَيُغْلِقَهُ دُونَهَا أَوْ بِأَنْ يُكَرِّرَ دَفْعَهَا عَنْهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَلَا يَجُوزُ قَتْلُهَا وَلَا ضَرْبُهَا ضَرْبًا شَدِيدًا (قَوْلُهُ فَتُدْفَعُ) أَيْ وَإِنْ سَقَطَ حَمْلُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQمُتَعَلِّقٌ بِصَدْرِ الْمَسْأَلَةِ فَأَوْرَدَهُ مِنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَوْقِعٌ (قَوْلُهُ: يَعْنِي مَنْ يُؤْوِيهَا) أَيْ فَلَيْسَ مِلْكُهَا قَيْدًا حَتَّى لَوْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً لِلْغَيْرِ وَآوَاهَا غَيْرُهُ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِهِ وَإِلَّا فَالْهِرَّةُ تُمْلَكُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْمُبَاحَاتِ تُمْلَكُ بِوَضْعِ الْيَدِ، هَكَذَا ظَهَرَ مِنْ تَفْسِيرِ الشَّارِحِ فَانْظُرْ هَلْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ؟

[كتاب السير]

كِتَابُ السِّيَرِ جَمْعُ سِيرَةٍ وَهِيَ الطَّرِيقَةُ، وَالْمَقْصُودُ مِنْهَا هُنَا أَصَالَةً الْجِهَادُ الْمُتَلَقَّى تَفْصِيلُهُ مِنْ سِيرَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَزَوَاتِهِ، وَهِيَ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ. وَالْأَصْلُ فِيهِ آيَاتٌ كَثِيرَةٌ وَأَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ شَهِيرَةٌ (كَانَ الْجِهَادُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) قَبْلَ الْهِجْرَةِ مُمْتَنِعًا؛ لِأَنَّ الَّذِي أُمِرَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوَّلَ الْأَمْرِ هُوَ التَّبْلِيغُ وَالْإِنْذَارُ وَالصَّبْرُ عَلَى أَذَى الْكُفَّارِ تَأَلُّفًا لَهُمْ، ثُمَّ أَذِنَ اللَّهُ بَعْدَهَا لِلْمُسْلِمِينَ فِي الْقِتَالِ بَعْدَ نَهْيِهِ عَنْهُ فِي نَيِّفٍ وَسَبْعِينَ آيَةً إذَا ابْتَدَأَهُمْ الْكُفَّارُ بِهِ، ثُمَّ أَبَاحَ الِابْتِدَاءَ بِهِ فِي غَيْرِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، ثُمَّ فِي السَّنَةِ الثَّامِنَةِ بَعْدَ الْفَتْحِ أَمَرَ بِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ بِقَوْلِهِ {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا} [التوبة: 41] ، {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} [التوبة: 36] وَهَذِهِ آيَةُ السَّيْفِ، وَقِيلَ الَّتِي قَبْلَهَا (فَرْضَ كِفَايَةٍ) لَا عَيْنٍ لَكِنْ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ، وَإِلَّا لَتَعَطَّلَ الْمَعَاشُ، وَلِأَنَّهُ تَعَالَى فَاضَلَ بَيْنَ الْمُجَاهِدِينَ وَالْقَاعِدِينَ وَوَعَدَ كُلًّا الْحُسْنَى بِقَوْلِهِ {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ} [النساء: 95] الْآيَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــSكِتَابُ السِّيَرِ (قَوْلُهُ وَهِيَ) أَيْ لُغَةً: الطَّرِيقَةُ (قَوْلُهُ: وَهِيَ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ) أَيْ وَسِتٌّ وَخَمْسُونَ سَرِيَّةً، قَالُوا قَاتَلَ فِي تِسْعٍ مِنْ غَزَوَاتِهِ وَهِيَ بَدْرٌ وَأُحُدٌ وَالْمُرَيْسِيعُ وَالْخَنْدَقُ وَقُرَيْظَةُ وَخَيْبَرُ وَالْفَتْحُ عَلَى أَنَّ مَكَّةَ فُتِحَتْ عَنْوَةً وَحُنَينٌ وَالطَّائِفُ اهـ شَرْحُ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ (قَوْلُهُ: فِي نَيِّفٍ وَسَبْعِينَ) مُتَعَلِّقٌ بِنَهْيِهِ. (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْأَشْهُرِ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا الْمَعْرُوفَةَ الْآنَ لَنَا بَلْ الْمُرَادُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ كَانُوا عَاهَدُوهُمْ عَلَى عَدَمِ الْقِتَالِ فِيهَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْبَيْضَاوِيِّ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ {فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [التوبة: 2] شَوَّالًا وَذَا الْقَعْدَةِ وَذَا الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمَ؛ لِأَنَّهَا نَزَلَتْ فِي شَوَّالٍ وَقِيلَ هِيَ عِشْرُونَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمِ وَصَفَرٍ وَرَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَعَشْرٍ مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ؛ لِأَنَّ التَّبْلِيغَ كَانَ يَوْمَ النَّحْرِ إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بِهِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ} [التوبة: 5] الَّتِي أُبِيحَ لِلنَّاكِثَيْنِ أَنْ يَسِيحُوا فِيهَا، وَقِيلَ رَجَبٌ وَذُو الْقِعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَهَذَا مُخِلٌّ بِالنَّظَرِ مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ، وَقَوْلُهُ لِلنَّاكِثَيْنِ حَاصِلُهَا كَمَا قَالَهُ الْبَيْضَاوِيُّ أَيْضًا أَنَّهُمْ عَاهَدُوا مُشْرِكِي الْعَرَبِ فَنَكَثُوا إلَّا نَاسًا مِنْهُمْ بَنِي حَمْزَةَ وَبَنِي كِنَانَةَ فَأَمَرَهُمْ بِنَبْذِ الْعَهْدِ إلَى النَّاكِثِينَ وَأَمْهَلَ الْمُشْرِكِينَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ لِيَسِيرُوا أَيْنَ شَاءُوا فَقَالَ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ إلَخْ (قَوْلُهُ: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 36] أَيْ وَبِقَوْلِهِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ الَّتِي قَبْلَهَا) وَهُوَ قَوْلُهُ {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا} [التوبة: 41] (قَوْلُهُ: لَكِنْ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ) أَيْ فِيمَا بَعْدُ مِنْ أَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ إنْ لَمْ يَدْخُلُوا بَلْدَةً لَنَا وَإِلَّا فَفَرْضُ عَيْنٍ، وَلَعَلَّ هَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْحَالَيْنِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ع: قَوْلُهُ وَأَمَّا بَعْدَهُ إلَخْ، اعْتَرَضَ بِأَنَّ الْحَالَ الثَّانِي كَانَتْ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْضًا (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ تَعَالَى فَاضَلَ بَيْنَ الْمُجَاهِدِينَ وَالْقَاعِدِينَ) قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ: وَالْقَاتِلُ أَفْضَلُ مِنْ الْقَتِيلِ؛ لِأَنَّهُ حَصَّلَ مَقَاصِدَ الْجِهَادِ، وَلَيْسَ الْقَتِيلُ مُثَابًا عَلَى الْقَتْلِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ بَلْ عَلَى التَّعَرُّضِ لَهُ فِي نُصْرَةِ الدِّينِ. وَقَدْ اُعْتُرِضَ كَلَامُهُ بِحَدِيثِ وَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إلَخْ وَلَمْ يَقُلْ أُغْلَبُ، وَبِأَنَّ الْمَقْتُولَ كَانَ حَرِيصًا عَلَى إعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ، وَقَدْ تَلَبَّسَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ السِّيَرِ] ِ (قَوْلُهُ: فِي نَيِّفٍ) اُنْظُرْ هَلْ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِإِذْنٍ أَوْ بِنَهْيِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ ثُمَّ بَعْدَهَا أَذِنَ اللَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّهُ لَوْ تَعَيَّنَ مُطْلَقًا إلَخْ) تَقَدَّمَ مَا يُغْنِي عَنْهُ وَهُوَ سَاقِطٌ فِي نُسَخٍ

وَالْعَاصِي لَا يُوعَدُ بِهَا وَلَا تَفَاضُلَ بَيْنَ مَأْجُورٍ وَمَأْزُورٍ (وَقِيلَ) فَرْضُ (عَيْنٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [التوبة: 39] وَالْقَاعِدُونَ فِي الْآيَةِ كَانُوا حُرَّاسًا، وَرُدَّ بِأَنَّ ذَلِكَ الْوَعِيدَ لِمَنْ عَيَّنَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِتَعَيُّنِ الْإِجَابَةِ حِينَئِذٍ أَوْ عِنْدَ قِلَّةِ الْمُسْلِمِينَ (وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلِلْكُفَّارِ) أَيْ الْحَرْبِيِّينَ (حَالَانِ) : (أَحَدُهُمَا يَكُونُونَ) أَيْ كَوْنُهُمْ (بِبِلَادِهِمْ) مُسْتَقِرِّينَ فِيهَا غَيْرَ قَاصِدِينَ شَيْئًا (فَ) الْجِهَادُ حِينَئِذٍ (فَرْضُ كِفَايَةٍ) وَيَحْصُلُ إمَّا بِتَشْحِينِ الثُّغُورِ وَهِيَ مَحَالُّ الْخَوْفِ الَّتِي تَلِي بِلَادَهُمْ بِمُكَافِئِينَ لَهُمْ لَوْ قَصَدُوهَا مَعَ إحْكَامِ الْحُصُونِ وَالْخَنَادِقِ وَتَقْلِيدِ ذَلِكَ لِأُمَرَائِنَا الْمُؤْتَمَنِينَ الْمَشْهُورِينَ بِالشَّجَاعَةِ وَالنُّصْحِ لِلْمُسْلِمِينَ، وَإِمَّا بِأَنْ يَدْخُلَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ بِشَرْطِهِ دَارَهُمْ بِالْجُيُوشِ لِقِتَالِهِمْ؛ لِأَنَّ الثُّغُورَ إذَا شُحِنَتْ كَمَا ذُكِرَ كَانَ فِي ذَلِكَ إخْمَادٌ لِشَوْكَتِهِمْ وَإِظْهَارٌ لِقَهْرِهِمْ لِعَجْزِهِمْ عَنْ الظَّفَرِ بِشَيْءٍ مِنَّا، وَأَقَلُّهُ مَرَّةً فِي كُلِّ سَنَةٍ، فَإِنْ زَادَ فَهُوَ أَفْضَلُ مَا لَمْ تَدْعُ حَاجَةٌ إلَى أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ، وَإِلَّا وَجَبَ وَشَرْطُهُ كَالْمَرَّةِ أَنْ لَا يَكُونَ بِنَا ضَعْفٌ أَوْ نَحْوُهُ كَرَجَاءِ إسْلَامِهِمْ، وَإِلَّا أُخِّرَ حِينَئِذٍ، وَتُنْدَبُ الْبَدَاءَةَ بِقِتَالِ مَنْ يَلِينَا مَا لَمْ يَكُنِ الْخَوْفُ مِنْ غَيْرِهِمْ أَكْثَرَ، فَتَجِبُ الْبَدَاءَةَ بِهِمْ وَأَنْ يُكَثِّرَهُ مَا اسْتَطَاعَ، وَيُثَابُ عَلَى الْكُلِّ ثَوَابَ فَرْضِ الْكِفَايَةِ، وَحُكْمُ فَرْضِهَا الَّذِي هُوَ مُهِمٌّ بِقَصْدِ حُصُولِهِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ بِالذَّاتِ لِفَاعِلِهِ أَنَّهُ (إذَا فَعَلَهُ مَنْ فِيهِمْ كِفَايَةٌ) وَلَوْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ فَرْضِهِ كَصِبْيَانٍ وَإِنَاثٍ وَمَجَانِينَ (سَقَطَ الْحَرَجُ) عَنْهُ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ وَ (عَنْ الْبَاقِينَ) رُخْصَةً وَتَخْفِيفًا عَلَيْهِمْ، نَعَمْ الْقَائِمُ بِفَرْضِ الْعَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ الْقَائِمِ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ خِلَافًا لِمَا نُقِلَ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ، وَإِنْ أَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَفْهَمَ السُّقُوطُ أَنَّهُ يُخَاطِبُ بِهِ الْكُلَّ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَأَنَّهُ إذَا تَرَكَهُ الْكُلُّ أَثِمَ أَهْلُ فَرْضِهِ كُلُّهُمْ وَإِنْ جَهِلُوا: أَيْ وَقَدْ قَصَّرُوا فِي جَهْلِهِمْ بِهِ ، وَلَمَّا كَانَ شَأْنُ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ مُبْهَمًا لِكَثْرَتِهَا وَخَفَائِهَا ذَكَرَ مِنْهَا جُمْلَةً فِي أَبْوَابِهَا، ثُمَّ اسْتَطْرَدَ مِنْهَا جُمْلَةً أُخْرَى هُنَا فَقَالَ (وَمِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ الْقِيَامُ بِإِقَامَةِ الْحُجَجِ) الْعِلْمِيَّةِ وَالْبَرَاهِينِ الْقَاطِعَةِ فِي الدِّينِ عَلَى إثْبَاتِ الصَّانِعِ، وَمَا يَجِبُ لَهُ مِنْ الصِّفَاتِ، وَمَا يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ مِنْهَا وَالنُّبُوَّاتِ وَصِدْقِ الرُّسُلِ وَمَا أُرْسِلُوا بِهِ مِنْ الْأُمُورِ الضَّرُورِيَّةِ وَالنَّظَرِيَّةِ (وَحَلِّ الْمُشْكِلَاتِ فِي الدِّينِ) ـــــــــــــــــــــــــــــSبِعَمَلِ الْجِهَادِ حَتَّى أُصِيبَ، ثُمَّ بَدَا لِي رَدٌّ صَحِيحٌ لِمَا قَالَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ: " فَضْلُ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ «وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ مُجَاهِدًا بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ» اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: وَالنُّصْحُ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ لِلْمُؤْتَمَنِينَ (قَوْلُهُ: وَإِمَّا بِأَنْ يَدْخُلَ) ظَاهِرُهُ سُقُوطُ الْفَرْضِ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ: إمَّا إشْحَانُ الثُّغُورِ، وَإِمَّا دُخُولُ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ. قَالَ م ر: وَهُوَ الْمَذْهَبُ اهـ. لَكِنَّ شَيْخَنَا الشِّهَابَ الْبُرُلُّسِيَّ رَدَّ ذَلِكَ، وَلَهُ فِيهِ تَصْنِيفٌ أَقَامَ فِيهِ الْبَرَاهِينَ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِ الْأَمْرَيْنِ وَعَرَضَهُ عَلَى جَمْعٍ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ عَصْرِهِ مِنْ مَشَايِخِهِ وَغَيْرِهِمْ فَوَافَقُوا عَلَى ذَلِكَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: أَوْ نَائِبِهِ بِشَرْطِهِ) لَعَلَّهُ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَتَقْلِيدُ ذَلِكَ لِأُمَرَائِنَا الْمُؤْتَمَنِينَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا أُخِّرَ) أَيْ وُجُوبًا. (قَوْلُهُ: وَحَلِّ الْمُشْكِلَاتِ) يَظْهَرُ أَنَّ الْمُشْكِلَ الْأَمْرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الثُّغُورَ إذَا شُحِنَتْ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الشَّارِحَ تَصَرَّفَ فِي عِبَارَةِ التُّحْفَةِ بِمَا لَزِمَ عَلَيْهِ عَدَمُ اتِّسَاقِ الْكَلَامِ كَمَا يُعْلَمُ بِسَوْقِ عِبَارَتِهَا وَنَصِّهَا عَقِبَ قَوْلِهِ وَإِمَّا بِأَنْ يَدْخُلَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ بِشَرْطِهِ دَارَهُمْ بِالْجُيُوشِ لِقِتَالِهِمْ وَأَقَلُّهُ مَرَّةً فِي كُلِّ سَنَةٍ فَإِذَا زَادَ فَهُوَ أَفْضَلُ، هَذَا مَا صَرَّحَ بِهِ كَثِيرُونَ، وَلَا يُنَافِيهِ كَلَامُ غَيْرِهِمْ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ، وَصَرِيحُهُ الِاكْتِفَاءُ بِالْأَوَّلِ وَحْدَهُ، وَنُوزِعَ فِيهِ بِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى عَدَمِ وُجُوبِ قِتَالِهِمْ عَلَى الدَّوَامِ وَهُوَ بَاطِلٌ إجْمَاعًا. وَيُرَدُّ بِأَنَّ الثُّغُورَ إذَا شُحِنَتْ إلَخْ. وَاعْلَمْ أَنَّ الشِّهَابَ بْنَ قَاسِمٍ نَقَلَ أَنَّ شَيْخَهُ الشِّهَابَ الْبُرُلُّسِيَّ صَنَّفَ فِي الْمَسْأَلَةِ تَصْنِيفًا حَافِلًا بَيَّنَ فِيهِ أَنَّ الشَّحْنَ الْمَذْكُورَ لَا يُغْنِي عَنْ الدُّخُولِ إلَى دَارِهِمْ، وَأَنَّهُ عَرَضَهُ عَلَى عُلَمَاءِ عَصْرِهِ مِنْ مَشَايِخِهِ وَغَيْرِهِمْ فَاعْتَرَفُوا بِأَنَّ مَا فِيهِ هُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا مِرْيَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ الْقَائِمُ بِفَرْضِ الْعَيْنِ أَفْضَلُ إلَخْ) هَذَا الِاسْتِدْرَاكُ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ الْمَتْنُ مِنْ مَزِيَّةِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ بِتَضَمُّنِهِ سُقُوطَ الْحَرَجِ عَنْ الْبَاقِينَ (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ السُّقُوطَ) أَيْ عَنْ الْبَاقِينَ (قَوْلُهُ: مِنْ الْأُمُورِ الضَّرُورِيَّةِ)

لِتَنْدَفِعَ الشُّبُهَاتُ وَتَصْفُوَ الِاعْتِقَادَاتُ عَنْ تَمْوِيهَاتِ الْمُبْتَدَعِينَ وَمُعْضِلَاتِ الْمُلْحِدِينَ، وَلَا يَحْصُلُ كَمَالُ ذَلِكَ إلَّا بِإِتْقَانِ قَوَاعِدِ عِلْمِ الْكَلَامِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى الْحُكْمِيَّاتِ وَالْإِلَهِيَّاتِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْإِمَامُ: لَوْ بَقِيَ النَّاسُ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي صَفْوَةِ الْإِسْلَامِ لَمَا أَوْجَبْنَا التَّشَاغُلَ بِهِ، وَأَمَّا الْآنَ فَقَدْ ثَارَتْ الْبِدَعُ وَلَا سَبِيلَ إلَى تَرْكِهَا تَلْتَطِمُ فَلَا بُدَّ مِنْ إعْدَادِ مَا يُدْعَى بِهِ إلَى طَرِيقِ الْحَقِّ، وَتُحَلُّ بِهِ الشُّبْهَةُ، فَصَارَ الِاشْتِغَالُ بِأَدِلَّةِ الْمَعْقُولِ وَحَلِّ الشُّبْهَةِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ. قَالَ الْغَزَالِيُّ: الْحَقُّ أَنَّهُ لَا يُطْلَقُ مَدْحُهُ وَلَا ذَمُّهُ فَفِيهِ مَنْفَعَةٌ وَمَضَرَّةٌ، فَبِاعْتِبَارِ مَنْفَعَتِهِ أُوقِتَ الِانْتِفَاعُ حَلَالٌ أَوْ مَنْدُوبٌ أَوْ وَاجِبٌ، وَبِاعْتِبَارِ مَضَرَّتِهِ وَقْتَ الْإِضْرَارِ حَرَامٌ، وَيَجِبُ عَلَى مَنْ لَمْ يُرْزَقْ قَلْبًا سَلِيمًا أَنْ يَتَعَلَّمَ أَدْوِيَةَ أَمْرَاضِ الْقَلْبِ مِنْ كِبْرٍ وَعُجْبٍ وَرِيَاءٍ وَنَحْوِهَا كَمَا يَجِبُ كِفَايَةً تَعَلُّمُ عِلْمِ الطِّبِّ (وَ) الْقِيَامُ (بِعُلُومِ الشَّرْعِ كَتَفْسِيرٍ وَحَدِيثٍ وَالْفُرُوعِ) الْفِقْهِيَّةِ زَائِدًا عَلَى مَا لَا بُدَّ مِنْهُ (بِحَيْثُ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ) وَالْإِفْتَاءِ بِأَنْ يَكُونَ مُجْتَهِدًا مُطْلَقًا، وَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ ذَلِكَ مِنْ عُلُومِ الْعَرَبِيَّةِ وَأُصُولِ الْفِقْهِ وَعِلْمِ الْحِسَابِ الْمُضْطَرِّ إلَيْهِ فِي الْمَوَارِيثِ وَالْأَقَارِيرِ وَالْوَصَايَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي فِي بَابِ الْقَضَاءِ، فَيَجِبُ الْإِحَاطَةُ بِذَلِكَ كُلِّهِ لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ بِحَيْثُ مُتَعَلِّقٌ بِعُلُومٍ وَتَعْرِيفُ الْفُرُوعِ لِلتَّفَنُّنِ، وَمَا بَحَثَهُ الْفَخْرُ الرَّازِيّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ فِي اللُّغَةِ وَالنَّحْوِ إلَّا بِمَعْرِفَةِ جَمْعٍ يَبْلُغُونَ حَدَّ التَّوَاتُرِ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الْقُرْآنَ مُتَوَاتِرٌ وَمَعْرِفَتُهُ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى مَعْرِفَةِ اللُّغَةِ، فَلَا بُدَّ أَنْ تَثْبُتَ بِالتَّوَاتُرِ حَتَّى يَحْصُلَ الْوُثُوقُ بِقَوْلِهِمْ فِيمَا سَبِيلُهُ الْقَطْعُ يُرَدُّ بِأَنَّ كُتُبَهَا مُتَوَاتِرَةٌ، وَتَوَاتُرُ الْكُتُبِ مُعْتَدٌّ بِهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَيَظْهَرُ حُصُولُ فَرْضِهِمَا بِمَعْرِفَةِ الْآحَادِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ لِتَمَكُّنِهِمْ مِنْ إثْبَاتِ مَا نُوزِعَ فِيهِ مِنْ تِلْكَ الْأُصُولِ بِالْقَطْعِ الْمُسْتَنِدِ لِمَا فِي كُتُبِ ذَلِكَ الْفَنِّ، وَلَا يَكْفِي فِي إقْلِيمٍ مُفْتٍ وَقَاضٍ وَاحِدٌ لِعُسْرِ مُرَاجَعَتِهِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَعَدُّدِهِمَا بِحَيْثُ لَا يَزِيدُ مَا بَيْنَ كُلِّ مُفْتِيَيْنِ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَقَاضِيَيْنِ عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى لِكَثْرَةِ الْخُصُومَاتِ، أَمَّا مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي فَرْضٍ عَيْنِيٍّ أَوْ فِي فِعْلٍ آخَرَ أَرَادَ مُبَاشَرَتَهُ وَلَوْ بِوَكِيلِهِ فَتَعَلُّمُ ظَوَاهِرِ أَحْكَامِهِ غَيْرِ النَّادِرَةِ فَرْضُ عَيْنٍ، وَإِنَّمَا يَتَوَجَّهُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ فِي الْعِلْمِ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ حُرٍّ ذَكَرٍ غَيْرِ بَلِيدٍ مُكْفًى وَلَوْ فَاسِقًا غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِهِ لِعَدَمِ قَبُولِ فَتْوَاهُ وَيَسْقُطُ بِالْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ، وَبِقَوْلِهِ غَيْرِ بَلِيدٍ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّ الِاجْتِهَادَ الْمُطْلَقَ انْقَطَعَ مِنْ نَحْوِ ثَلَثِمِائَةِ سَنَةٍ يُعْلَمُ أَنَّ لَا إثْمَ عَلَى النَّاسِ الْيَوْمَ بِتَعْطِيلِ هَذَا الْفَرْضِ، وَهُوَ بُلُوغُ دَرَجَةِ الِاجْتِهَادِ الْمُطْلَقِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ صَارُوا كُلُّهُمْ بُلَدَاءَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا وَمَا قِيلَ إنَّ قَوْلَهُ وَالْفُرُوعُ " إنَّ " عَطْفٌ عَلَى تَفْسِيرٍ اقْتَضَى بَقَاءَ شَيْءٍ مِنْ عُلُومِ الشَّرْعِ أَوْ عَلَى مَدْخُولِ الْبَاءِ اقْتَضَى أَنَّ الْفُرُوعَ لَيْسَتْ مِنْ عُلُومِ الشَّرْعِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ يُجَابُ عَنْهُ بِصِحَّةِ ذَلِكَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا، أَمَّا الْأَوَّلُ فَتَكُونُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالَّذِي يَخْفَى إدْرَاكُهُ لِدِقَّتِهِ، وَالشُّبْهَةُ الْأَمْرُ الْبَاطِلُ الَّذِي يَشْتَبِهُ بِالْحَقِّ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْقِيَامَ بِالْحُجَجِ غَيْرُ حَلِّ الْمُشْكِلِ، وَأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى الْأَوَّلِ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الثَّانِي اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَتَصْفُوَ) أَيْ تَخْلُصُ (قَوْلُهُ: وَمُعْضِلَاتٌ) أَيْ مُشْكِلَاتٌ (قَوْلُهُ: فِي صَفْوَةِ الْإِسْلَامِ) أَيْ فِي النُّورَانِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ حَاصِلَةً فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ الِاشْتِغَالِ بِمَا يُفْسِدُ قُلُوبَهُمْ وَأَحْوَالَهُمْ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يُطْلَقُ مَدْحُهُ) أَيْ عِلْمِ الْكَلَامِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَتَعَلَّمَ أَدْوِيَةَ أَمْرَاضِ الْقَلْبِ) وَقَدْ بَيَّنَهَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي إحْيَاءِ عُلُومِ الدِّينِ بِمَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ فَلْيُرَاجِعْ مَنْ أَرَادَ (قَوْلُهُ: مِنْ كِبْرٍ) بَيَانٌ لِلْأَمْرَاضِ (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِعُلُومٍ) أَيْ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَيَظْهَرُ حُصُولُ فَرْضِهِمَا) أَيْ اللُّغَةِ وَالنَّحْوِ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يَزِيدُ بَيْنَ كُلِّ مُفْتِيَيْنِ) بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ وَيَجُوزُ تَشْدِيدُهَا وَيَكُونُ مِنْ نِسْبَةِ الْجُزْئِيِّ إلَى كُلِّيِّهِ اهـ سم عَلَى حَجّ فِي خُطْبَةِ الْكِتَابِ (قَوْلُهُ: غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ) أَيْ الْفَاسِقُ (قَوْلُهُ وَيَسْقُطُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَالضَّرُورِيُّ قَدْ يُقَامُ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ قَاسِمٍ (قَوْلُهُ: فَتَجِبُ الْإِحَاطَةُ بِذَلِكَ كُلِّهِ) أَيْ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِعُلُومٍ) أَيْ لَا بِالْفُرُوعِ، وَجَعَلَهُ الْجَلَالُ مُتَعَلِّقًا بِالْفُرُوعِ خَاصَّةً لَمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدَهُ،

الْكَافُ فِيهِ اسْتِقْصَائِيَّةً. وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ اهْتِمَامًا بِشَأْنِهِ، وَقَدْ يُقَالُ عُلُومُ الشَّرْعِ قَدْ يُرَادُ بِهَا تِلْكَ الثَّلَاثَةُ فَقَطْ، وَهِيَ عُرْفُهُمْ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ وَنَحْوِهَا، وَقَدْ يُرَادُ بِهَا هِيَ وَآلَتِهَا وَهِيَ عُرْفُهُمْ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ مِنْهَا هَذَا لِمَا صَرَّحُوا بِهِ أَنَّ فَرْضَ الْكُلِّ كِفَايَةٌ (وَالْأَمْرُ) بِيَدِهِ فَلِسَانِهِ فَقَلْبِهِ وَلَوْ فَاسِقًا (بِالْمَعْرُوفِ) أَيْ الْوَاجِبِ (وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ) أَيْ الْمُحَرَّمِ، لَكِنَّ مَحَلَّهُ فِي وَاجِبٍ أَوْ حَرَامٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ، أَوْ اعْتَقَدَ الْفَاعِلُ تَحْرِيمَهُ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الزَّوْجِ إذْ لَهُ مَنْعُ زَوْجَتِهِ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ شُرْبِ النَّبِيذِ مُطْلَقًا حَيْثُ كَانَ شَافِعِيًّا، وَالْقَاضِي إذْ الْعِبْرَةُ بِاعْتِقَادِهِ كَمَا يَأْتِي وَمُقَلِّدُ مَنْ لَا يَجُوزُ تَقْلِيدُهُ لِكَوْنِهِ مِمَّا يُنْقَضُ فِيهِ قَضَاءُ الْقَاضِي، وَيَجِبُ الْإِنْكَارُ عَلَى مُعْتَقِدِ التَّحْرِيمِ، وَإِنْ اعْتَقَدَ الْمُنْكِرُ إبَاحَتَهُ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ حُرْمَتَهُ بِالنِّسْبَةِ لِفَاعِلِهِ بِاعْتِبَارِ عَقِيدَتِهِ، وَيَمْتَنِعُ عَلَى عَامِّيٍّ يَجْهَلُ حُكْمَ مَا رَآهُ إنْكَارٌ حَتَّى يُخْبِرَهُ عَالِمٌ بِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ أَوْ مُحَرَّمٌ فِي اعْتِقَادِ فَاعِلِهِ، وَلَا لِعَالِمٍ إنْكَارُ مُخْتَلَفٍ فِيهِ حَتَّى يَعْلَمَ مِنْ فَاعِلِهِ اعْتِقَادَ تَحْرِيمِهِ لَهُ حَالَةَ ارْتِكَابِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ حِينَئِذٍ قَلَّدَ الْقَائِلَ بِحِلِّهِ أَوْ جَاهِلٌ بِحُرْمَتِهِ؛ أَمَّا مَنْ ارْتَكَبَ مَا يَرَى إبَاحَتَهُ بِتَقْلِيدٍ صَحِيحٍ فَلَا يَحِلُّ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ لَكِنْ لَوْ نُدِبَ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ بِرِفْقٍ فَحَسَنٌ، وَإِنَّمَا حَدَّ الشَّافِعِيُّ حَنَفِيًّا شَرِبَ نَبِيذًا يَرَى حِلَّهُ لِضَعْفِ أَدِلَّتِهِ، وَلِأَنَّ الْعِبْرَةَ بَعْدَ الرَّفْعِ بِعَقِيدَةِ الْمَرْفُوعِ إلَيْهِ فَقَطْ، وَلَمْ نُرَاعِ ذَلِكَ فِي ذِمِّيٍّ رُفِعَ إلَيْهِ لِمَصْلَحَةِ تَأَلُّفِهِ لِقَبُولِ الْجِزْيَةِ، هَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ الْمُحْتَسِبِ، أَمَّا هُوَ فَيُنْكِرُ وُجُوبًا عَلَى مَنْ أَخَلَّ بِشَيْءٍ مِنْ الشَّعَائِرِ الظَّاهِرَةِ وَلَوْ سُنَّةً كَصَلَاةِ الْعِيدِ وَالْأَذَانِ، وَيَلْزَمُهُ الْأَمْرُ بِهِمَا، وَلَكِنْ لَوْ اُحْتِيجَ فِي إنْكَارِ ذَلِكَ لِقِتَالٍ لَمْ يَفْعَلْهُ إلَّا عَلَى أَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ الْبَحْثُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فَرْضُ كِفَايَةِ الْإِفْتَاءِ (قَوْلُهُ: اسْتِقْصَائِيَّةٍ) أَيْ لَيْسَ هُنَاكَ فَرْدٌ آخَرُ (قَوْلُهُ: فَلِسَانُهُ) قِيَاسُ دَفْعِ الصَّائِلِ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْيَدِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ) ع: فِي الْحَدِيثِ «إنَّ النَّاسَ إذَا رَأَوْا الظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمْ اللَّهُ تَعَالَى بِعَذَابِهِ» اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُهُ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ: أَيْ يَمْنَعُوهُ مِنْ ظُلْمِهِ، وَقَوْلُهُ أَوْشَكَ: أَيْ قَارَبَ (قَوْلُهُ: مَنْ شَرِبَ النَّبِيذَ) مُطْلَقًا مُسْكِرًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: وَالْقَاضِي) أَيْ وَبِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْقَاضِي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمُقَلِّدُ) أَيْ وَلِغَيْرِ مُقَلِّدٍ مِنْ إلَخْ، فَاعْتِقَادُهُ الْحِلَّ لَا يَمْنَعُ مِنْ الْإِنْكَارِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ جَاهِلٌ) أَيْ لَكِنَّهُ يُرْشِدُهُ بِأَنْ يُبَيِّنَ لَهُ الْحُكْمَ وَيَطْلُبَ فِعْلَهُ مِنْهُ بِلُطْفٍ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَنْ ارْتَكَبَ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَمُقَلِّدُ مَنْ لَا يَجُوزُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَوْ نُدِبَ) أَيْ طُلِبَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ نُرَاعِ ذَلِكَ) أَيْ فَنَحُدُّهُ بَلْ امْتَنَعَ عَلَيْنَا حَدُّهُ. (قَوْلُهُ: هَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ الْمُحْتَسِبِ) أَيْ مَنْ وَلِيَ الْحِسْبَةَ وَهِيَ الْإِنْكَارُ وَالِاعْتِرَاضُ عَلَى فِعْلِ مَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ، وَيُقَالُ احْتَسَبَ عَلَى فُلَانٍ كَذَا: أَيْ أَنْكَرَهُ، وَمِنْهُ مُحْتَسِبُ الْبَلَدِ وَاحْتَسَبَ بِكَذَا: اعْتَدَّ بِهِ وَأَرَادَ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَنَةً) عِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: يَجِبُ عَلَى الْمُحْتَسِبِ أَنْ يَأْمُرَ النَّاسَ بِصَلَاةِ الْعِيدِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ. قَالَ طب: وَمِثْلُهَا غَيْرُهَا مِنْ الشَّعَائِرِ الظَّاهِرَةِ دُونَ بَقِيَّةِ السُّنَنِ وَوَافَقَهُ م ر اهـ. وَقَوْلُهُ دُونَ بَقِيَّةِ السُّنَنِ: أَيْ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ الشَّعَائِرِ الظَّاهِرَةِ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ هَذَا عَيْنَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَصَوَّبَهُ ابْنُ قَاسِمٍ وَأَطَالَ فِي تَوْجِيهِهِ بِمَا يُعْرَفُ بِمُرَاجَعَتِهِ (قَوْلُهُ: بِيَدِهِ فَلِسَانِهِ فَقَلْبِهِ) هَذَا إنَّمَا ذَكَرُوهُ فِي النَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَانْظُرْ مَا مَعْنَى الْأَمْرِ بِالْيَدِ أَوْ الْقَلْبِ وَبَعْدَ تَسْلِيمِ تَصَوُّرِهِ فَالتَّرْتِيبُ الْمَذْكُورُ فِيهِ مُشْكِلٌ، ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ قَاسِمٍ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الزَّوْجِ) ظَاهِرُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِنْكَارُ عَلَى زَوْجَتِهِ ذَلِكَ مُطْلَقًا، لَكِنَّ قَوْلَهُ إذْ لَهُ إلَخْ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ جَائِزٌ لَا وَاجِبٌ وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَحِقَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا لِعَالَمٍ) الْمُنَاسِبُ وَعَلَى عَالِمٍ (قَوْلُهُ: وَجَاهِلٍ تَحْرِيمَهُ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ جَهْلَ التَّحْرِيمِ مِنْ الْفَاعِلِ مَانِعٌ مِنْ الْإِنْكَارِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ إلَّا أَنْ يُخَصَّ بِإِنْكَارٍ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَذِيَّةٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَوْ نُدِبَ) الْمُرَادُ هُنَا بِالنَّدْبِ الطَّلَبُ وَالدُّعَاءُ عَلَى وَجْهِ النَّصِيحَةِ لَا النَّدْبِ

وَالتَّجْسِيسُ وَاقْتِحَامُ الدُّورِ بِالظُّنُونِ، نَعَمْ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ وُقُوعُ مَعْصِيَةٍ وَلَوْ بِقَرِينَةٍ ظَاهِرَةٍ كَإِخْبَارِ ثِقَةٍ جَازَ لَهُ بَلْ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّجْسِيسُ إنْ فَاتَ تَدَارُكُهَا كَقَتْلٍ وَزِنًا وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ تَوَقَّفَ الْإِنْكَارُ عَلَى الرَّفْعِ لِلسُّلْطَانِ لَمْ يَجِبْ لِمَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ عِرْضِهِ وَتَغْرِيمِ الْمَالِ، نَعَمْ لَوْ لَمْ يَنْزَجِرْ إلَّا بِهِ جَازَ، وَشَرْطُ وُجُوبِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ أَنْ يَأْمَنَ عَلَى نَفْسِهِ وَعُضْوِهِ وَمَالِهِ وَإِنْ قَلَّ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ بَلْ وَعِرْضِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَعَلَى غَيْرِهِ بِأَنْ يَخَافَ عَلَيْهِ مَفْسَدَةً أَكْثَرَ مِنْ مَفْسَدَةِ الْمُنْكَرِ الْوَاقِعِ، وَيَحْرُمُ مَعَ الْخَوْفِ عَلَى الْغَيْرِ، وَيُسَنُّ مَعَ الْخَوْفِ عَلَى النَّفْسِ، وَالنَّهْيُ عَنْ الْإِلْقَاءِ بِالْيَدِ إلَى التَّهْلُكَةِ مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ الْجِهَادِ وَنَحْوِهِ كَمُكْرَهٍ عَلَى فِعْلٍ حَرَامٍ غَيْرِ زِنًا وَقَتْلٍ، وَلَوْ فِعْلَ مُكَفِّرٍ بَلْ الصَّبْرُ عَلَى مَا أُكْرِهَ بِهِ وَعَلَى قَتْلٍ لُزُومًا فَيَلْزَمُهُ الصَّبْرُ عَلَيْهِ، وَأَمِنَ أَيْضًا أَنَّ الْمُنْكَرَ عَلَيْهِ لَا يَقْطَعُ نَفَقَتَهُ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهَا، وَلَا يَزِيدُ عِنَادًا وَلَا يَنْتَقِلُ إلَى مَا هُوَ أَفْحَشُ وَسَوَاءٌ فِي لُزُومِ الْإِنْكَارِ أَظَنَّ أَنَّ الْمَأْمُورَ يَمْتَثِلُ أَمْ لَا (وَإِحْيَاءُ الْكَعْبَةِ كُلَّ سَنَةٍ بِالزِّيَارَةِ) بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَلَا يُغْنِي أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرَ وَلَا الصَّلَاةُ وَالِاعْتِكَافُ وَالطَّوَافُ عَنْ أَحَدِهِمَا، لِأَنَّهُمَا الْمَقْصِدُ الْأَعْظَمُ مِنْ بِنَاءِ الْبَيْتِ، وَفِي الْأَوَّلِ إحْيَاءُ تِلْكَ الْمَشَاعِرِ، الْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْقَائِمِينَ بِذَلِكَ مِنْ عَدَدٍ يَحْصُلُ بِهِمْ الشِّعَارُ عُرْفًا وَإِنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إجْزَاءِ وَاحِدٍ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ الدُّعَاءُ وَالشَّفَاعَةُ، وَهُمَا حَاصِلَانِ بِهِ، وَهُنَا الْإِحْيَاءُ وَإِظْهَارُ ذَلِكَ الشِّعَارِ الْأَعْظَمِ فَاشْتُرِطَ فِيهِ عَدَدٌ يَظْهَرُ بِهِ ذَلِكَ. (وَدَفْعُ ضَرَرِ) الْمَعْصُومِ مِنْ (الْمُسْلِمِينَ) وَأَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى الْقَادِرِينَ وَهُمْ مَنْ عِنْدَهُ زِيَادَةٌ عَلَى كِفَايَةِ سَنَةٍ لَهُمْ وَلِمُمَوَّنِهِمْ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ (كَكِسْوَةِ عَارٍ) مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ أَوْ يَقِي بَدَنَهُ مِمَّا يَضُرُّهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَتَعْبِيرُ الرَّوْضَةِ بِسِتْرِ الْعَوْرَةِ مِثَالٌ (وَإِطْعَامِ جَائِعٍ إذَا لَمْ يَنْدَفِعْ) ذَلِكَ الضَّرَرُ (بِزَكَاةٍ وَ) سَهْمِ الْمَصَالِحِ مِنْ (بَيْتِ الْمَالِ) لِعَدَمِ شَيْءٍ فِيهِ أَوْ لِمَنْعِ مُتَوَلِّيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ: وَالتَّجْسِيسُ) الْأَوْلَى التَّجَسُّسُ، قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: جَسَّ الْأَخْبَارَ وَتَجَسَّسَهَا: تَتَبَّعَهَا (قَوْلُهُ: وَاقْتِحَامُ الدُّورِ) أَيْ دُخُولُهَا لِلْبَحْثِ عَمَّا فِيهَا، وَفِي الْمُخْتَارِ قَحَمَ الْأَمْرَ: رَمَى بِنَفْسِهِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ رَوِيَّةٍ وَبَابُهُ خَضَعَ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ لَمْ يَنْزَجِرْ إلَّا بِهِ) أَيْ الرَّفْعِ لِلسُّلْطَانِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَأْمَنَ عَلَى نَفْسِهِ) شَرْطُهُ أَيْضًا أَنْ لَا يَعْلَمَ أَنَّهُ يُغْرِيهِ الْإِنْكَارُ بِخِلَافِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَا يُشْتَرَطُ فِي إنْكَارِهِ ذَلِكَ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَلَّ) أَيْ كَدِرْهَمٍ (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ مَعَ الْخَوْفِ عَلَى الْغَيْرِ) أَيْ مَعَ خَوْفِ الْمَفْسَدَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقِيَاسُ هَذَا أَنَّ مَنْ طَلَبَ شَهَادَةً، وَعَلِمَ أَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى شَهَادَتِهِ أَعْظَمُ مِمَّا يَسْتَحِقُّ بِسَبَبِ الْمَعْصِيَةِ حُرِّمَ عَلَيْهِ الشَّهَادَةُ. (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ مَعَ الْخَوْفِ عَلَى النَّفْسِ) مَفْهُومُهُ إخْرَاجُ الْمَالِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لَا يَقْطَعُ نَفَقَتَهُ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى حَدِّ الضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (قَوْلُهُ: مِنْ عَدَدٍ يَحْصُلُ بِهِمْ الشِّعَارُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفِينَ، وَصَرَّحَ بِهِ حَجّ هُنَا وَتَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ مَا يُفِيدُ خِلَافَهُ اهـ. وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْقِيَامِ بِإِحْيَاءِ الْكَعْبَةِ عَدَدٌ مَخْصُوصٌ مِنْ الْمُكَلَّفِينَ (قَوْلُهُ: وَهُمْ مَنْ عِنْدَهُ زِيَادَةٌ عَلَى كِفَايَةِ سَنَةٍ) أَيْ وَعَلَى وَفَاءِ دُيُونِهِ وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْفَقِيهُ مِنْ الْكُتُبِ وَالْمُحْتَرِفِ مِنْ الْآلَاتِ. (قَوْلُهُ: وَلِمُمَوَّنِهِمْ) وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُشْتَرَطَ فِي الْغَنِيِّ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مَالٌ يَكْفِيهِ لِنَفْسِهِ وَلِمُمَوَّنِهِ جَمِيعَ السَّنَةِ، بَلْ يَكْفِي فِي وُجُوبِ الْمُوَاسَاةِ أَنْ يَكُونَ لَهُ نَحْوُ وَظَائِفَ يَتَحَصَّلُ مِنْهَا مَا يَكْفِيهِ عَادَةً جَمِيعَ السَّنَةِ، وَيَتَحَصَّلُ عِنْدَهُ زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ مَا يُمْكِنُ الْمُوَاسَاةُ بِهِ، وَقَوْلُهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالَّذِي هُوَ أَحَدُ الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِقَرِينَةٍ ظَاهِرَةٍ) اُنْظُرْ هَذِهِ الْغَايَةَ، وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ: فَإِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ اسْتِسْرَارُ قَوْمٍ بِالْمُنْكَرِ بِآثَارٍ وَأَمَارَةٍ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَفُوتُ تَدَارُكُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْزَجِرْ إلَّا بِهِ جَازَ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَهُ أَيْ ابْنِ الْقُشَيْرِيِّ احْتِمَالٌ بِوُجُوبِهِ إذَا لَمْ يَنْزَجِرْ إلَّا بِهِ انْتَهَتْ. وَهِيَ الَّتِي تُنَاسِبُ

وَلَوْ ظُلْمًا وَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ وَوَقْفٍ وَوَصِيَّةٍ صِيَانَةً لِلنُّفُوسِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ سُئِلَ قَادِرٌ فِي دَفْعِ ضَرَرٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ الِامْتِنَاعُ، وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ قَادِرٌ آخَرُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى التَّوَاكُلِ، بِخِلَافِ الْمُفْتَى لَهُ الِامْتِنَاعُ إذَا كَانَ ثَمَّ غَيْرُهُ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ النُّفُوسَ جُبِلَتْ عَلَى مَحَبَّةِ الْعِلْمِ وَإِفَادَتِهِ، فَالتَّوَاكُلُ فِيهِ بَعِيدٌ جِدًّا بِخِلَافِ الْمَالِ، وَهَلْ الْمُرَادُ بِدَفْعِ ضَرَرٍ مِنْ ذِكْرِ مَا يَسُدُّ الرَّمَقَ أَمْ الْكِفَايَةُ؛ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا، فَيَجِبُ فِي الْكِسْوَةِ مَا يَسْتُرُ كُلَّ الْبَدَنِ عَلَى حَسَبِ مَا يَلِيقُ بِالْحَالِ مِنْ شِتَاءٍ وَصَيْفٍ، وَيَلْحَقُ بِالطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ مَا فِي مَعْنَاهُمَا كَأُجْرَةِ طَبِيبٍ وَثَمَنِ دَوَاءٍ وَخَادِمٍ مُنْقَطِعٍ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ قَوْلُهُ لَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ بَذْلُ طَعَامِهِ لِمُضْطَرٍّ إلَّا بِبَدَلِهِ لِحَمْلِ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ غِنًى يُلْزِمُهُ الْمُوَاسَاةُ، وَمِمَّا يَنْدَفِعُ بِهِ ضَرَرُ الْمُسْلِمِينَ وَالذِّمِّيِّينَ فَكُّ أَسْرَاهُمْ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي فِي الْهُدْنَةِ، وَعِمَارَةُ نَحْوِ سُورِ الْبَلَدِ وَكِفَايَةُ الْقَائِمِينَ بِحِفْظِهَا فَمُؤْنَةُ ذَلِكَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، ثُمَّ عَلَى الْقَادِرِينَ الْمَذْكُورِينَ، وَلَوْ تَعَذَّرَ اسْتِيعَابُهُمْ خَصَّ بِهِ الْوَالِي مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ (وَتُحْمَلُ الشَّهَادَةُ) عَلَى أَهْلٍ لَهُ وَحَضَرَ لَهُ الْمُحَمَّلُ أَوْ دَعَاهُ قَاضٍ أَوْ مَعْذُورُ جُمُعَةٍ (وَأَدَائِهَا) عَلَى مَنْ تَحَمَّلَهَا إنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ نِصَابٍ، وَإِلَّا فَهُوَ فَرْضُ عَيْنٍ كَمَا يَأْتِي (وَالْحِرَفُ وَالصَّنَائِعُ) كَتِجَارَةٍ وَحِجَامَةٍ لِتُوقِفَ قِيَامَ الدِّينِ عَلَى قِيَامِ الدُّنْيَا، وَقِيَامُهَا عَلَى ذَيْنِكَ وَتَغَايُرُهُمَا الَّذِي اقْتَضَاهُ الْعَطْفُ، عَلَى خِلَافِ مَا فِي الصِّحَاحِ يَكْفِي فِيهِ أَنَّ الْحِرْفَةَ أَعَمُّ عُرْفًا؛ لِأَنَّهَا تَشْمَلُ مَا يَسْتَدْعِي عَمَلًا وَغَيْرَهُ، كَأَنْ يَتَّخِذَ صُنَّاعًا يَعْمَلُونَ عِنْدَهُ، وَالصَّنْعَةُ تَخْتَصُّ بِالْأَوَّلِ (وَمَا يَتِمُّ بِهِ الْمَعَاشُ) عَطْفٌ مُرَادِفٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ تَيْنِكَ وَلَا يَحْتَاجُ لِأَمْرِ النَّاسِ بِهَا لِكَوْنِهِمْ جُبِلُوا عَلَى الْقِيَامِ بِهَا لَوْ تَمَالَئُوا عَلَى تَرْكِهَا أَثِمُوا وَقُتِلُوا (وَجَوَابُ سَلَامٍ) مَنْدُوبٌ وَإِنْ كُرِهَتْ صِيغَتُهُ وَلَوْ مَعَ رَسُولٍ أَوْ فِي كِتَابٍ، وَيَجِبُ الرَّدُّ فَوْرًا، وَيُنْدَبُ الرَّدُّ عَلَى الْمُبَلِّغِ وَالْبَدَاءَةُ بِهِ فَيَقُولُ وَعَلَيْكَ وَعَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ مُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ غَيْرِ مُتَحَلِّلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي الْكَفَّارَةِ كِفَايَةُ الْعُمُرِ الْغَالِبِ وَالْقِيَاسُ مَجِيئُهُ هُنَا. (قَوْلُهُ: أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا) أَيْ وَيُرْجَعُ فِيمَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ كَالشِّبَعِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: مِنْ شِتَاءٍ وَصَيْفٍ) أَيْ لَا مِنْ كَوْنِهِ فَقِيهًا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ الْقَائِمِينَ بِحِفْظِهَا) أَيْ الْبَلَدِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ مَا تَأْخُذُهُ الْجُنْدُ الْآنَ مِنْ الْجَوَامِكِ يَسْتَحِقُّونَهُ وَلَوْ زَائِدًا عَلَى قَدْرِ الْكِفَايَةِ حَيْثُ اُحْتِيجَ إلَيْهِ فِي إظْهَارِ شَوْكَتِهِمْ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا تَأْخُذُهُ أُمَرَاؤُهُمْ مِنْ الْخُيُولِ وَالْمَمَالِيكِ الَّتِي لَا يَتِمُّ نِظَامُهُمْ وَشَوْكَتُهُمْ إلَّا بِهَا لِقِيَامِهِمْ بِحِفْظِ حَوَادِثِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَعَذَّرَ اسْتِيعَابُهُمْ) أَيْ الْأَغْنِيَاءِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَهْلٍ) أَيْ عَدْلٍ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ نِصَابٍ) أَيْ وَهُوَ اثْنَانِ. (قَوْلُهُ: وَمَا يَتِمُّ بِهِ الْمَعَاشُ) ع: فِي الْحَدِيثِ «اخْتِلَافُ أُمَّتِي رَحْمَةٌ» فَسَّرَهُ الْحَلِيمِيُّ بِاخْتِلَافِ هِمَمِهِمْ فِي الْحِرَفِ وَالصَّنَائِعِ، وَنَفَى الْإِمَامُ وُجُوبَ هَذَا اسْتِغْنَاءً بِالطَّبْعِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كُرِهَتْ صِيغَتُهُ) أَيْ كَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ كَمَا يَأْتِي. [فَائِدَةٌ] قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: إذَا قُلْتَ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَوْ سَلَّمْتَ عَلَى أَحَدٍ فِي الطَّرِيقِ فَقُلْتَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَأَحْضِرْ فِي قَلْبِكَ كُلَّ عَبْدٍ صَالِحٍ لِلَّهِ فِي الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ وَمَيِّتٍ وَحَيٍّ فَإِنَّهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَقَامِ يَرُدُّ عَلَيْكَ فَلَا يَبْقَى مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلَا رُوحٌ مُطَهَّرٌ يَبْلُغُهُ سَلَامُكَ إلَّا وَيَرُدُّ عَلَيْكَ، وَهُوَ دُعَاءٌ فَيُسْتَجَابُ فِيك فَتُفْلِحُ، وَمَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ سَلَامُك مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الْمُهِيمُ فِي جَلَالِهِ الْمُشْتَغِلُ بِهِ، فَأَنْتَ قَدْ سَلَّمْتَ عَلَيْهِ بِهَذَا الشُّمُولِ، فَإِنَّ اللَّهَ يَنُوبُ عَنْهُ فِي الرَّدِّ عَلَيْك، وَكَفَى بِهَذَا شَرَفًا لَك حَيْثُ يُسَلِّمُ عَلَيْك الْحَقُّ فَلَيْتَهُ لَمْ يَسْمَعْ أَحَدٌ مِمَّنْ سَلَّمْت عَلَيْهِ حَتَّى يَنُوبَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنْ الْكُلِّ فِي الرَّدِّ عَلَيْك اهـ مُنَاوِيٌّ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ عِنْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السَّلَامُ قَبْلَ السُّؤَالِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: مِنْ مُسْلِمٍ) مُتَعَلِّقٌ بِسَلَامِ أَوْ صِفَةٌ لَهُ (قَوْلُهُ: مُمَيِّزٍ) لَيْسَ بِهِ سُكْرٌ وَلَا جُنُونٌ كَمَا يَأْتِي، وَشَمِلَتْ عِبَارَتُهُ الْفَاسِقَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلَهُ الْمَارَّ لَمْ يَجِبْ (قَوْلُهُ وَحَضَرَ لَهُ الْمُحَمِّلُ) أَيْ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: مِنْ مُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ) أَيْ صَبِيٍّ، أَمَّا

بِهِ مِنْ صَلَاةٍ (عَلَى جَمَاعَةٍ) أَيْ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ مُكَلَّفِينَ أَوْ سُكَارَى لَهُمْ نَوْعُ تَمْيِيزٍ سَمِعُوهُ، أَمَّا وُجُوبُهُ فَبِالْإِجْمَاعِ، وَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ إسْقَاطُ الْمُسْلِمِ لِحَقِّهِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ تَعَالَى وَأَمَّا كَوْنُهُ عَلَى الْكِفَايَةِ فَلِخَبَرِ «يُجْزِي عَنْ الْجَمَاعَةِ إذَا مَرُّوا أَنْ يُسَلِّمَ أَحَدُهُمْ، وَيُجْزِي عَنْ الْجُلُوسِ أَنْ يَرُدَّ أَحَدُهُمْ» وَيَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ عَنْ بَاقِيهِمْ، فَإِنْ رَدُّوا كُلُّهُمْ وَلَوْ مُرَتَّبًا أُثِيبُوا ثَوَابَ الْفَرْضِ كَالْمُصَلِّينَ عَلَى الْجِنَازَةِ، وَلَوْ رَدَّتْ امْرَأَةٌ عَنْ رَجُلٍ أَجْزَأَ إنْ شَرَعَ السَّلَامَ عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَلَا أَوْ صَبِيٌّ أَوْ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمْ لَمْ يَسْقُطْ، بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْجِنَازَةِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ الدُّعَاءُ وَهُوَ مِنْهُ أَقْرَبُ لِلْإِجَابَةِ وَهُنَا الْأَمْنُ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ، وَقَضِيَّتُهُ إجْزَاءُ تَشْمِيتِ الصَّبِيِّ عَنْ جَمْعٍ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ التَّبَرُّكُ وَالدُّعَاءُ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَشَرْطُهُ إسْمَاعٌ وَاتِّصَالُ كَاتِّصَالِ الْإِيجَابِ بِالْقَبُولِ، فَإِنْ شَكَّ فِي سَمَاعِهِ زَادَ فِي الرَّفْعِ، فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ نِيَامٌ خَفَضَ صَوْتَهُ، وَلَا يَكْفِي رَدُّ غَيْرِ الْمُسْلِمِ عَلَيْهِمْ، وَيَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَ اللَّفْظِ وَالْإِشَارَةِ عَلَى مَنْ رَدَّ عَلَى أَصَمَّ، وَمَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ جَمَعَ بَيْنَهُمَا، نَعَمْ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ فَهِمَ ذَلِكَ بِقَرِينَةِ الْحَالِ وَالنَّظَرِ إلَى فَمِهِ لَمْ تَجِبْ الْإِشَارَةُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَتُجْزِي إشَارَةُ الْأَخْرَسِ ابْتِدَاءً وَرَدًّا، وَصِيغَتُهُ ابْتِدَاءً السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَوْ سَلَامِي عَلَيْكُمْ، وَيُجْزِي مَعَ الْكَرَاهَةِ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ، وَيَجِبُ فِيهِ الرَّدُّ وَكَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ سَلَامٌ، أَمَّا لَوْ قَالَ وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ فَلَا يَكُونُ سَلَامًا وَلَمْ يَجِبْ رَدُّهُ، وَنُدِبَتْ صِيغَةُ الْجَمْعِ لِأَجْلِ الْمَلَائِكَةِ فِي الْوَاحِدِ، وَيَكْفِي الْإِفْرَادُ فِيهِ بِخِلَافِهِ فِي الْجَمْعِ وَالْإِشَارَةِ بِيَدٍ أَوْ نَحْوِهَا مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ خِلَافَ الْأَوْلَى، وَالْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّفْظِ أَفْضَلُ، وَصِيغَتُهُ رَدًّا وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ أَوْ عَلَيْكَ السَّلَامُ لِلْوَاحِدِ، وَيَجُوزُ مَعَ تَرْكِ الْوَاوِ، فَإِنْ عَكَسَ جَازَ، فَإِنْ قَالَ وَعَلَيْكُمْ وَسَكَتَ لَمْ يُجْزِ، وَهُوَ ابْتِدَاءً وَجَوَابًا بِالتَّعْرِيفِ أَفْضَلُ وَزِيَادَةُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ أَكْمَلُ فِيهِمَا، وَلَوْ سَلَّمَ كُلٌّ مِنْ اثْنَيْنِ عَلَى الْآخَرِ مَعًا لَزِمَ كُلًّا رَدٌّ، أَوْ مُرَتَّبًا كَفَى الثَّانِيَ سَلَامُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَيَجِبُ الرَّدُّ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ ابْتِدَائِهِ بِالسَّلَامِ فَلَا يُسَنُّ عَلَى مَا يَأْتِي أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَدَّتْ امْرَأَةٌ عَنْ رَجُلٍ) أَيْ فِيمَا لَوْ سَلَّمَ رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ وَعَلَيْهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ خَصَّ الرَّجُلَ بِالسَّلَامِ لِمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَكْفِي رَدُّ غَيْرِ الْمُسْلِمِ عَلَيْهِمْ، وَقَوْلُهُ إنْ شَرَعَ: أَيْ بِأَنْ كَانَتْ مَحْرَمًا لَهُ أَوْ غَيْرَ مُشْتَهَاةٍ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: أَوْ صَبِيٍّ) مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ عُمُومَ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَلَوْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ فَرْضِهِ كَصِبْيَانٍ إلَخْ غَيْرَ مُرَادٍ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: ذَاكَ خَصَّهُ بِالْجِهَادِ وَهُوَ لَا يَقْتَضِي طَرْدَهُ فِي غَيْرِهِ، وَقَرِينَةُ السِّيَاقِ تَدُلُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقَصْدَ التَّبَرُّكُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَشَرْطُهُ) أَيْ إجْزَاءِ الرَّدِّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ نِيَامٌ خَفَضَ صَوْتَهُ) أَيْ نَدْبًا مَعَ الْإِسْمَاعِ لِلْمُسْلِمِ وَإِنْ أَدَّى إلَى إيقَاظِ النَّائِمِينَ. (قَوْلُهُ: جَمَعَ بَيْنَهُمَا) أَيْ نَدْبًا (قَوْلُهُ: لَمْ تَجِبْ الْإِشَارَةُ) أَيْ فِي الْأَوَّلِ لِسُقُوطِ الْإِثْمِ وَفِي الثَّانِي لِحُصُولِ السُّنَّةِ (قَوْلُهُ: وَتُجْزِي إشَارَةُ الْأَخْرَسِ ابْتِدَاءً وَرَدًّا إنْ فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ) وَإِلَّا كَانَتْ كِنَايَةً فَتُعْتَبَرُ النِّيَّةُ مَعَهَا لِوُجُوبِ الرَّدِّ وَلِلْكِفَايَةِ فِي حُصُولِ السُّنَّةِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ) أَيْ وَلَوْ عَلَى وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: أَوْ سَلَامِي عَلَيْكُمْ) قَالَ حَجّ: وَيَجُوزُ تَنْكِيرُ لَفْظِهِ وَإِنْ حُذِفَ التَّنْوِينُ فِيمَا يَظْهَرُ. (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ قَالَ) أَيْ ابْتِدَاءً، وَقَوْلُهُ وَعَلَيْكُمْ بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ فِي الْجَمْعِ) أَيْ فَلَا يَكْفِي لِأَدَاءِ السُّنَّةِ وَلَا يَجِبُ الرَّدُّ حَيْثُ لَمْ يُعَيِّنْ وَاحِدًا مِنْهُمْ، وَظَاهِرُ التَّقْيِيدِ بِذَلِكَ فِي الِابْتِدَاءِ أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ عَلَيْهِ جَمْعٌ لَا يَكْفِيهِ أَنْ يَقُولَ فِي الرَّدِّ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوُهَا) أَيْ كَرَأْسٍ (قَوْلُهُ خِلَافَ الْأُولَى) وَلَا يَجِبُ الرَّدُّ (قَوْلُهُ: وَالْجَمْعُ بَيْنَهَا) أَيْ الْإِشَارَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَكَسَ) أَيْ كَأَنْ قَالَ فِي الرَّدِّ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْكُمْ وَسَكَتَ) وَمِثْلُهُ سَلَامُ مَوْلَانَا (قَوْلُهُ: فِيهِمَا) أَيْ ابْتِدَاءً وَرَدًّا (قَوْلُهُ: أَوْ مُرَتَّبًا كَفَى) أَيْ إنْ أَتَى بِهِ بَعْدَ تَمَامِ صِيغَةِ الْأَوَّلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَجْنُونُ فَسَيَأْتِي عَدَمُ وُجُوبِ الرَّدِّ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ تَمْيِيزٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ رَدَّتْ امْرَأَةٌ عَنْ رَجُلٍ) أَيْ وَعَنْ نَفْسِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: خَفَضَ صَوْتَهُ) أَيْ مَعَ الْإِسْمَاعِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: خِلَافُ الْأَوَّلِ) أَيْ لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي خَبَرِ التِّرْمِذِيِّ

رَدًّا. نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِهِ الِابْتِدَاءَ صَرَفَهُ عَنْ الْجَوَابِ، أَوْ قَصَدَ بِهِ الِابْتِدَاءَ وَالرَّدَّ فَكَذَلِكَ فَيَجِبُ رَدُّ السَّلَامِ عَلَى مَنْ سَلَّمَ أَوَّلًا، وَإِنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ دَفْعَةً أَوْ مُرَتَّبًا، وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ بَيْنَ سَلَامِ الْأَوَّلِ وَالْجَوَابِ كَفَاهُ وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ بِقَصْدِهِمْ، وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِيمَا يَظْهَرُ وَيُسَلِّمُ رَاكِبٌ عَلَى مَاشٍ، وَهُوَ عَلَى وَاقِفٍ وَقَاعِدٍ وَصَغِيرٌ عَلَى كَبِيرٍ وَقَلِيلٌ عَلَى كَثِيرٍ حَالَةَ التَّلَاقِي، فَإِنْ عُكِسَ لَمْ يُكْرَهْ فَلَوْ تَلَاقَى قَلِيلٌ مَاشٍ وَكَثِيرٌ رَاكِبٌ تَعَارَضَا، وَيُنْدَبُ لِلنِّسَاءِ إلَّا مَعَ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ فَيَحْرُمُ مِنْ الشَّابَّةِ ابْتِدَاءً وَرَدًّا وَيُكْرَهَانِ عَلَيْهَا، نَعَمْ لَا يُكْرَهُ سَلَامُ جَمْعٍ كَثِيرٍ مِنْ الرِّجَالِ عَلَيْهَا حَيْثُ لَمْ تَخَفْ فِتْنَةً لَا عَلَى جَمْعِ نِسْوَةٍ أَوْ عَجُوزٍ فَلَا يُكْرَهَانِ، وَاسْتُثْنِيَ عَبْدُهَا وَكُلُّ مَنْ يُبَاحُ نَظَرُهُ إلَيْهَا، وَلَوْ سَلَّمَ بِالْعَجَمِيَّةِ جَازَ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ حَيْثُ فَهِمَهَا الْمُخَاطَبُ وَوَجَبَ الرَّدُّ، وَلَا يَجِبُ رَدُّ سَلَامِ مَجْنُونٍ وَسَكْرَانَ وَإِنْ كَانَ لَهُمَا تَمْيِيزٌ، وَمَحَلُّهُ فِي الثَّانِي مِنْ غَيْرِ الْمُتَعَدِّي. أَمَّا هُوَ فَفَاسِقٌ، وَيَحْرُمُ بَدَاءَةُ ذِمِّيٍّ بِهِ، فَإِنْ بَانَ ذِمِّيًّا اُسْتُحِبَّ لَهُ اسْتِرْدَادُ سَلَامِهِ، فَإِنْ سَلَّمَ الذِّمِّيُّ عَلَى مُسْلِمٍ قَالَ لَهُ وُجُوبًا وَعَلَيْكَ، وَيَجِبُ اسْتِثْنَاؤُهُ وَلَوْ بِقَلْبِهِ إنْ كَانَ مَعَ مُسْلِمِينَ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، وَتَحْرُمُ بَدَاءَتُهُ بِتَحِيَّةٍ غَيْرِ السَّلَامِ، وَإِنْ كَتَبَ إلَى كَافِرٍ قَالَ السَّلَامُ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى، وَلَوْ قَامَ عَنْ جَلِيسٍ لَهُ فَسَلَّمَ وَجَبَ الرَّدُّ، وَمَنْ دَخَلَ دَارِهِ سَلَّمَ نَدْبًا عَلَى أَهْلِهِ أَوْ مَوْضِعًا خَالِيًا فَلْيَقُلْ نَدْبًا السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، وَيُسَمِّي اللَّهَ قَبْلَ دُخُولِهِ وَيَدْعُو (وَيُسَنُّ) عَيْنًا لِلْوَاحِدِ وَكِفَايَةً لِلْجَمَاعَةِ كَالتَّسْمِيَةِ لِلْأَكْلِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSفَائِدَةٌ] جَمَعَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ الْمَسَائِلَ الَّتِي لَا يَجِبُ فِيهَا رَدُّ السَّلَامِ فَقَالَ: رَدُّ السَّلَامِ وَاجِبٌ إلَّا عَلَى ... مَنْ فِي صَلَاةٍ أَوْ بِأَكْلٍ شُغِلَا أَوْ شُرْبٍ أَوْ قِرَاءَةٍ أَوْ أَدْعِيَهْ ... أَوْ ذِكْرٍ أَوْ فِي خُطْبَةٍ أَوْ تَلْبِيَهْ أَوْ فِي قَضَاءِ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ ... أَوْ فِي إقَامَةٍ أَوْ الْأَذَانِ أَوْ سَلَّمَ الطِّفْلُ أَوْ السَّكْرَانُ ... أَوْ شَابَةٌ يُخْشَى بِهَا افْتِتَانُ أَوْ فَاسِقٌ أَوْ نَاعِسٌ أَوْ نَائِمْ ... أَوْ حَالَةَ الْجِمَاعِ أَوْ تَحَاكُمْ أَوْ كَانَ فِي حَمَّامٍ أَوْ مَجْنُونَا ... فَوَاحِدٌ مِنْ بَعْدِهِ عِشْرُونَا قَوْلُهُ فِي النَّظْمِ أَوْ شَابَةِ بِالتَّخْفِيفِ لِلضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: كَفَى الثَّانِي سَلَامُهُ رَدًّا) أَيْ إنْ قَصَدَ بِهِ الرَّدَّ أَوْ أَطْلَقَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ نَعَمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُسَلِّمُ رَاكِبٌ) أَيْ يُسَنُّ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ وَهُوَ: أَيْ الْمَاشِي (قَوْلُهُ: تَعَارَضَا) أَيْ فَلَا أَوْلَوِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهَانِ) أَيْ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ: لَا عَلَى جَمْعِ نِسْوَةٍ) قِيَاسُ مَا فِي الْعَدَدِ مِنْ جَوَازِ خَلْوَةِ رَجُلٍ بِامْرَأَتَيْنِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَمْعِ هُنَا مَا فَوْقَ الْوَاحِدَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُكْرَهَانِ) أَيْ عَلَيْهِمَا وَلَا يَحْرُمَانِ مِنْهُمَا. وَحِينَئِذٍ فَيَجِبُ عَلَيْهَا الرَّدُّ وَعَلَى مَنْ سَلَّمَتْ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ لَهُمَا تَمْيِيزٌ) يُؤْخَذُ مِنْهُ تَقْيِيدُ الْمُمَيِّزِ فِيمَا مَرَّ بِغَيْرِهِمَا لَكِنْ فِي حَجّ حَمَلَ السَّكْرَانَ وَالْمَجْنُونَ هُنَا عَلَى مَنْ لَا تَمْيِيزَ لَهُ، وَعَلَيْهِ فَالْمُمَيِّزُ فِيمَا مَرَّ جَارٍ عَلَى إطْلَاقِهِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ فِي الثَّانِي) لَعَلَّ وَجْهَ التَّقْيِيدِ بِهِ لِيَكُونَ ذِكْرُهُ مُحْتَاجًا إلَيْهِ لَا لِلِاحْتِرَازِ عَنْ غَيْرِ الْمُتَعَدِّي فَإِنَّهُ كَمَا لَا يَجِبُ الرَّدُّ عَلَى الْمُتَعَدِّي لَا يَجِبُ عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا هُوَ فَفَاسِقٌ) أَيْ فَلَا يَجِبُ الرَّدُّ بَلْ هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي بَلْ يُنْدَبُ تَرْكُهُ حَيْثُ كَانَ مُجَاهِرًا بِفِسْقِهِ (قَوْلُهُ: اُسْتُحِبَّ لَهُ اسْتِرْدَادُ سَلَامِهِ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ اسْتَرْجَعْتُ سَلَامِي أَوْ رُدَّ إلَيَّ سَلَامِي أَوْ نَحْوَهُ، وَالْحِكْمَةُ فِيهِ تَحْقِيرُهُ (قَوْلُهُ: وَتَحْرُمُ بُدَاءَتُهُ بِتَحِيَّةٍ غَيْرِ السَّلَامِ) وَمِنْهُ صَبَاحُ الْخَيْرِ أَوْ مَسَاءُ الْخَيْرِ (قَوْلُهُ: وَيُسَمِّي اللَّهَ قَبْلَ دُخُولِهِ) أَيْ الْمَوْضِعَ الْخَالِيَ (قَوْلُهُ: وَيَدْعُو) أَيْ وَلَوْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا يَجِبُ لَهَا رَدٌّ (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ رَدُّ السَّلَامِ عَلَى مَنْ سَلَّمَ أَوَّلًا) أَيْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ فِي الثَّانِي فِي غَيْرِ الْمُتَعَدِّي إلَخْ)

وَجَوَابُهُ (ابْتِدَاؤُهُ) بِهِ عِنْدَ إقْبَالِهِ أَوْ انْصِرَافِهِ عَلَى مُسْلِمٍ لِلْخَبَرِ الْحَسَنِ «إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِاَللَّهِ مَنْ بَدَأَهُمْ بِالسَّلَامِ» وَفَارَقَ الرَّدَّ بِأَنَّ الْإِيحَاشَ وَالْإِخَافَةَ فِي تَرْكِ الرَّدِّ أَعْظَمُ مِنْهُمَا فِي تَرْكِ الِابْتِدَاءِ، لَكِنْ ابْتِدَاؤُهُ أَفْضَلُ مِنْ رَدِّهِ كَإِبْرَاءِ الْمُعْسِرِ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ إنْظَارِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ ابْتِدَاؤُهُ أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِهِ بَعْدَ تَكَلُّمٍ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ، نَعَمْ يُحْتَمَلُ فِي تَكَلُّمٍ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا وَعُذِرَ بِهِ أَنَّهُ لَا يَفُوتُ الِابْتِدَاءُ بِهِ فَيَجِبُ جَوَابُهُ، وَلَوْ أَرْسَلَ سَلَامَهُ لِغَائِبٍ يُشْرَعُ لَهُ السَّلَامُ عَلَيْهِ كَأَنْ قَالَ لِلرَّسُولِ: سَلِّمْ لِي عَلَى فُلَانٍ كَانَ وَكِيلًا عَنْهُ فِي الْإِتْيَانِ بِصِيغَتِهِ الشَّرْعِيَّةِ، فَإِنْ أَتَى الْمُرْسَلُ بِصِيغَتِهِ، وَقَالَ لَهُ سَلِّمْ لِي عَلَى فُلَانٍ كَفَاهُ أَنْ يَقُولَ فُلَانٌ يُسَلِّمُ عَلَيْك، وَيَجِبُ عَلَى الرَّسُولِ فِيهِمَا تَبْلِيغُهُ مَا لَمْ يَرُدَّ الرِّسَالَةَ (لَا عَلَى) نَحْوِ (قَاضِي حَاجَةِ) بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ جِمَاعٍ (وَ) شَارِبٍ وَ (آكِلٍ) فِي فَمِهِ لُقْمَةٌ تَشْغَلُهُ (وَ) كَائِنٍ (فِي حَمَّامٍ) لِاشْتِغَالِهِ بِالِاغْتِسَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِهِ بَعْدَ تَكَلُّمٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ يَسِيرًا وَمِنْهُ صَبَاحُ الْخَيْرِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا أَتَى بِهِ، ثُمَّ تَكَلَّمَ لَا يَبْطُلُ الِاعْتِدَادُ بِهِ فَيَجِبُ الرَّدُّ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ قَبْلُ وَشَرْطُهُ إسْمَاعٌ وَاتِّصَالٌ كَاتِّصَالِ الْإِيجَابِ بِالْقَبُولِ بُطْلَانُهُ بِالتَّكَلُّمِ وَإِنْ قَلَّ بِنَاءً عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ تَخَلُّلَ الْكَلَامِ يُبْطِلُ الْبَيْعَ سَوَاءً أَكَانَ مِمَّنْ يُرِيدُ أَنْ يُتِمَّ الْعَقْدَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ. وَيُمْكِنُ تَخْصِيصُ مَا مَرَّ بِالِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا طَالَ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا، وَمَا هُنَا بِمَا إذَا قَلَّ الْفَاصِلُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْعِ بِأَنَّهُ بِالْكَلَامِ يُعَدُّ مُعْرِضًا عَنْ الْبَيْعِ، وَالْمَقْصُودُ هُنَا الْأَمَانُ، وَقَدْ وُجِدَ بِمُجَرَّدِ الصِّيغَةِ فَلَا يَضُرُّ الْكَلَامُ بِهِ مِنْ الْمُبْتَدِئِ. وَيُشْتَرَطُ الْفَوْرُ مِنْ الْمُسَلَّمِ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يَشْتَغِلُ بِكَلَامِ أَجْنَبِيٍّ مُطْلَقًا وَلَا بِسُكُوتٍ طَوِيلٍ؛ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ لَا يُعَدُّ قَابِلًا لِلْأَمَانِ بَلْ مُعْرِضًا عَنْهُ فَكَأَنَّهُ رَدَّهُ (قَوْلُهُ: وَعُذِّرَ بِهِ أَنَّهُ لَا يَفُوتُ) وَمِثْلُهُ الرَّدُّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَرْسَلَ سَلَامَهُ لِغَائِبٍ) يَنْبَغِي وَلَوْ فَاسِقًا وَيَلْزَمُهُ تَبْلِيغُهُ؛ لِأَنَّهُ تَحَمَّلَ الْأَمَانَةَ وَإِنْ جَازَ تَرْكُ رَدِّ سَلَامِ الْفَاسِقِ زَجْرًا م ر اهـ سم عَلَى حَجّ. [فَرْعٌ] إذَا أَرْسَلَ السَّلَامَ مَعَ عَبْدِهِ إلَى أَحَدٍ فَإِنْ قَالَ لَهُ سَلِّمْ لِي عَلَى فُلَانٍ، فَإِنْ قَالَ الرَّسُولُ لِفُلَانٍ فُلَانٌ يَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْك أَوْ السَّلَامُ عَلَيْك مِنْ فُلَانٍ وَجَبَ الرَّدُّ، وَكَذَا لَوْ قَالَ السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ فَبَلِّغْهُ عَنِّي فَقَالَ الرَّسُولُ لِفُلَانٍ زَيْدٌ يُسَلِّمُ عَلَيْك وَجَبَ الرَّدُّ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الِاعْتِدَادِ بِهِ وَوُجُوبِ الرَّدِّ مِنْ صِيغَةٍ مِنْ الْمُرْسِلِ أَوْ الرَّسُولِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تُوجَدْ مِنْ وَاحِدٍ كَأَنْ قَالَ الْمُرْسِلُ سَلِّمْ لِي عَلَى فُلَانٍ، فَقَالَ الرَّسُولُ لِفُلَانٍ زَيْدٌ يُسَلِّمُ عَلَيْك فَلَا اعْتِدَادَ بِهِ وَلَا يَجِبُ الرَّدُّ كَذَا نَقَلَهُ م ر عَنْ وَالِدِهِ وَاعْتَمَدَهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَيُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ حَيْثُ غَايَرَ بَيْنَ اقْتِصَارِهِ عَلَى قَوْلِهِ سَلِّمْ لِي عَلَى فُلَانٍ مِنْ كَوْنِهِ يَكُونُ وَكِيلًا فِي الصِّيغَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَمَا لَوْ أَتَى الْمُوَكَّلُ بِصِيغَةِ السَّلَامِ الشَّرْعِيَّةِ حَيْثُ اكْتَفَى فِي تَبْلِيغِهَا بِفُلَانٍ يُسَلِّمُ عَلَيْك (قَوْلُهُ: كَفَاهُ أَنْ يَقُولَ) أَيْ فِي الْخُلُوصِ مِنْ الْعُهْدَةِ أَوْ فِي وُجُوبِ الرَّدِّ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ عَلَى الرَّسُولِ فِيهِمَا تَبْلِيغُهُ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ بِأَنْ نَسِيَ ذَلِكَ، ثُمَّ تَذَكَّرَهُ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَرُدَّ الرِّسَالَةَ) قَالَ م ر: أَيْ بِحَضْرَةِ الْمُرْسِلِ، وَلَا يَصِحُّ رَدُّهُ فِي غِيبَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْقَلُ الرَّدُّ فِي غِيبَتِهِ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ هَذَا هَلْ هُوَ مَنْقُولٌ؟ وَعَلَى تَسْلِيمِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ جَاءَهُ كِتَابٌ، وَفِيهِ سَلِّمْ لِي عَلَى فُلَانٍ فَلَهُ رَدُّهُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ تَحَمُّلٌ، وَإِنَّمَا طَلَبَ مِنْهُ تَحَمُّلَ هَذِهِ الْأَمَانَةِ عِنْدَ وُصُولِ الْكِتَابِ إلَيْهِ فَلَهُ أَنْ لَا يَتَحَمَّلهَا بِأَنْ يَرُدَّهَا فِي الْحَالِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لِاشْتِغَالِهِ بِالِاغْتِسَالِ) أَشَارَ إلَى خُرُوجِ الْمَسْلَخِ فَيُسَنُّ السَّلَامُ عَلَى مَنْ فِيهِ م ر، وَمَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــQعِبَارَةٌ مُتَهَافِتَةٌ، إذْ الْحُكْمُ فِي الْقَيْدِ وَالْمُقَيَّدِ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: كَأَنْ قَالَ لِلرَّسُولِ سَلِّمْ لِي عَلَى فُلَانٍ كَانَ وَكِيلًا إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ وَحَاوَلَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ رَدَّ كَلَامِ ابْنِ حَجَرٍ إلَى كَلَامِ الشَّارِحِ بِمَا لَا يَقْبَلُهُ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَتِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَتَى الْمُرْسَلُ بِصِيغَةٍ إلَخْ) وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ وُجُودُ الصِّيغَةِ الْمُعْتَبَرَةِ مِنْ الْمُرْسِلِ أَوْ الرَّسُولِ (قَوْلُهُ: لِاشْتِغَالِهِ بِالِاغْتِسَالِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ غَيْرَ مُشْتَغِلٍ بِالِاغْتِسَالِ يُسَنُّ عَلَيْهِ فَلْيُرَاجَعْ

وَقَضِيَّتُهُ نَدْبُهُ فِي الْمَسْلَخِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَا عَلَى فَاسِقٍ بَلْ يُنْدَبُ تَرْكُهُ حَيْثُ كَانَ مُجَاهِرًا بِفِسْقِهِ، وَمُرْتَكِبِ ذَنْبٍ عَظِيمٍ لَمْ يَتُبْ عَنْهُ، وَمُبْتَدِعٍ إلَّا لِعُذْرٍ أَوْ خَوْفِ مَفْسَدَةٍ، وَلَا عَلَى مُصَلٍّ وَسَاجِدٍ وَمُلَبٍّ وَمُؤَذِّنٍ وَمُقِيمٍ وَنَاعِسٍ وَخَطِيبٍ وَمُسْتَمِعِهِ وَمُسْتَغْرِقِ الْقَلْبِ بِدُعَاءٍ وَمُتَخَاصِمَيْنِ بَيْنَ يَدَيْ حَاكِمٍ (وَلَا جَوَابَ) يَجِبُ (عَلَيْهِمْ) إلَّا مُسْتَمِعِ الْخُطْبَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ بَلْ يُكْرَهُ لِقَاضِي الْحَاجَةِ وَنَحْوِهِ كَالْمُجَامِعِ وَيُنْدَبُ لِلْآكِلِ، نَعَمْ يُسَنُّ السَّلَامُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْبَلْعِ وَقَبْلَ وَضْعِ اللُّقْمَةِ بِالْفَمِ، وَيَرُدُّ الْمُلَبِّي فِي الْإِحْرَامِ نَدْبًا بِاللَّفْظِ، وَمِثْلُهُ مَنْ بِالْحَمَّامِ. وَيُنْدَبُ لِمُصَلٍّ وَمُؤَذِّنٍ إشَارَةٌ، وَإِلَّا فَبَعْدَ فَرَاغِهِ مَعَ قُرْبِ الْفَصْلِ. وَيُنْدَبُ عَلَى الْقَارِئِ وَإِنْ اشْتَغَلَ بِالتَّدَبُّرِ وَيَجِبُ رَدُّهُ. نَعَمْ يَتَّجِهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الدُّعَاءِ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي قَارِئٍ لَمْ يَسْتَغْرِقْ قَلْبُهُ فِي التَّدَبُّرِ، وَإِلَّا لَمْ يُسَنَّ ابْتِدَاءً وَلَا يَجِبُ رَدٌّ وَلَا يَسْتَحِقُّ مُبْتَدِئٌ بِنَحْوِ صَبَّحَكَ اللَّهُ بِالْخَيْرِ أَوْ قَوَّاكَ اللَّهُ جَوَابًا وَدُعَاؤُهُ لَهُ فِي نَظِيرِهِ حَسَنٌ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِإِهْمَالِهِ تَأْدِيبَهُ لِتَرْكِهِ سُنَّةَ السَّلَامِ، وَحَنْيُ الظَّهْرِ مَكْرُوهٌ، وَكَذَا بِالرَّأْسِ وَتَقْبِيلُ نَحْوِ رَأْسٍ أَوْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ كَذَلِكَ. وَيُنْدَبُ ذَلِكَ لِنَحْوِ عِلْمٍ أَوْ صَلَاحٍ أَوْ شَرَفٍ أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSطب إلَى خِلَافِهِ إذَا كَانَ مَشْغُولًا بِلُبْسِ ثِيَابِهِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَكَتَبَ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ: قَوْلُهُ لِاشْتِغَالِهِ بِالِاغْتِسَالِ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ جَالِسًا بِالْحَمَّامِ، وَلَيْسَ مَشْغُولًا بِغُسْلٍ وُجُوبُ الرَّدِّ عَلَيْهِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: لِاشْتِغَالِهِ إلَخْ، وَلِأَنَّهُ مَأْوَى الشَّيَاطِينِ، وَقَضِيَّةُ الْأُولَى نَدْبُهُ عَلَى غَيْرِ الْمُشْتَغِلِ بِشَيْءٍ وَلَوْ دَاخِلَهُ، وَالثَّانِيَةُ عَدَمُ نَدْبِهِ عَلَى مَنْ فِيهِ وَلَوْ بِمَسْلَخِهِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ فِيهِ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ، ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ وَغَيْرَهُ قَالَ: إنَّهُ يُسَلِّمُ عَلَى مَنْ بِمَسْلَخِهِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ كَوْنَهُ مَحَلَّ الشَّيَاطِينِ لَا يَقْتَضِي تَرْكَ السَّلَامِ عَلَيْهِ. أَلَا تَرَى أَنَّ السُّوقَ مَحَلُّهُ، وَيُسَنُّ السَّلَامُ عَلَى مَنْ فِيهِ وَيَلْزَمُهُمْ الرَّدُّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَشْغُولًا فِي الْحَمَّامِ بِغُسْلٍ أَوْ نَحْوِهِ سُنَّ ابْتِدَاؤُهُ بِالسَّلَامِ وَوَجَبَ الرَّدُّ (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ مُجَاهِرًا بِفِسْقِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مُخْفِيًا لَا يُسَنُّ ابْتِدَاؤُهُ بِالسَّلَامِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَلَا عَلَى فَاسِقٍ شَامِلٌ لِلْمُجَاهِرِ وَلِغَيْرِهِ اسْتَثْنَى مِنْهُ الْمُجَاهِرَ بِقَوْلِهِ بَلْ يُنْدَبُ إلَخْ، فَبَقِيَ الْمُخْفِي عَلَى مُجَرَّدِ عَدَمِ سَنِّ السَّلَامِ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَلِمَ الْمُسْلِمُ فِسْقَهُ وَهُوَ يَقْتَضِي الْإِبَاحَةَ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ بَلْ يُنْدَبُ تَرْكُهُ حَيْثُ كَانَ إلَخْ أَنَّهُ عَلَى الْمُجَاهِرِ خِلَافَ الْأُولَى فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَمُرْتَكِبِ ذَنْبٍ) أَيْ كَالزِّنَا، وَهُوَ عَطْفُ أَخَصَّ عَلَى أَعَمَّ (قَوْلُهُ: وَمُبْتَدِعٌ) أَيْ لَمْ يَفْسُقْ بِبِدْعَتِهِ وَيَنْبَغِي رُجُوعُهُ لِلْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: إلَّا لِعُذْرٍ) وَمِنْهُ خَوْفُهُ أَنْ يَقْطَعَ نَفَقَتَهُ (قَوْلُهُ: وَمُسْتَغْرِقُ الْقَلْبِ بِدُعَاءٍ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: الْأَذْكَارُ الْمَطْلُوبَةُ عَقِبَ الصَّلَاةِ قَبْلَ التَّكَلُّمِ هَلْ يُسَنُّ السَّلَامُ، وَيَجِبُ الرَّدُّ عَلَى الْمُشْتَغِلِ بِهَا أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالثَّانِي غَيْرُ بَعِيدٍ إذْ يَشُقُّ عَلَيْهِ الرَّدُّ مَشَقَّةً شَدِيدَةً لِتَفْوِيتِهِ الثَّوَابَ الْمُرَتَّبَ عَلَيْهَا وَاحْتِمَالِ أَنْ لَا يَفُوتَ لِعُذْرِهِ بِالرَّدِّ. وَيُعَارِضُهُ الِاحْتِيَاطُ فِي تَحْصِيلِ ذَلِكَ الثَّوَابِ لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يَكُونَ مَعْذُورًا بِالرَّدِّ فِي الْوَاقِعِ فَلْيُتَأَمَّلْ، نَعَمْ إنْ قَيَّدَ الْكَلَامَ فِي الْإِخْبَارِ بِمَا لَيْسَ خَبَرًا اتَّجَهَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ فَلَا كَلَامَ فِي نَدْبِ السَّلَامِ مَعَهَا وَوُجُوبِ الرَّدِّ اهـ. وَقَوْلُهُ نَعَمْ إنْ قَيَّدَ الْكَلَامَ إلَخْ أَيْ وَلَمْ نَرَ مَنْ قَيَّدَهُ (قَوْلُهُ: كَمَنْ بِالْحَمَّامِ) أَيْ غَيْرُ مَشْغُولٍ بِالِاغْتِسَالِ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ: وَمُؤَذِّنٌ إشَارَةٌ) أَيْ تُفْهِمُ رَدَّ السَّلَامِ بِرَأْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: مَعَ قُرْبِ الْفَصْلِ) أَيْ عُرْفًا بِأَنْ لَا يَقْطَعَ الْقَبُولَ عَنْ الْإِيجَابِ كَمَا فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ عَلَى الْقَارِئِ) وَمِثْلُهُ الْمُدَرِّسُ وَالطَّلَبَةُ فَيُنْدَبُ السَّلَامُ عَلَيْهِمْ وَيَجِبُ الرَّدُّ (قَوْلُهُ: جَوَابًا) أَيْ لِمَا ابْتَدَأَ بِهِ، وَلَوْ سَلَّمَ عَلَيْهِ بَعْدُ لَا يَسْتَحِقُّ جَوَابًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ ابْتِدَاؤُهُ: أَيْ لَوْ أَتَى بِهِ بَعْدَ كَلَامٍ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَحَنْيُ الظَّهْرِ مَكْرُوهٌ) أَيْ وَانْضَمَّ إلَيْهِ السَّلَامُ وَلَوْ اتَّفَقَتْ الْمَذْكُورَاتُ فِيهِ (قَوْلُهُ: لِنَحْوِ عِلْمٍ) مِنْ النَّحْوِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمُرْتَكِبِ ذَنْبٍ عَظِيمٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى مُجَاهِرٍ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ بَلْ يُسَنُّ تَرْكُهُ عَلَى مُجَاهِرٍ بِفِسْقِهِ وَمُرْتَكِبِ ذَنْبٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَكَذَا بِالرَّأْسِ) لَعَلَّ الْبَاءَ زَائِدَةٌ

وِلَادَةٍ أَوْ نَسَبٍ أَوْ وِلَايَةٍ مَصْحُوبَةٍ بِصِيَانَةٍ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: أَوْ لِمَنْ يُرْجَى خَيْرُهُ أَوْ يُخَافُ مِنْ شَرِّهِ وَلَوْ كَافِرًا خُشِيَ مِنْهُ ضَرَرًا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً، وَيَكُونُ عَلَى جِهَةِ الْبِرِّ وَالْإِكْرَامِ لَا الرِّيَاءِ وَالْإِعْظَامِ، وَيَحْرُمُ عَلَى دَاخِلٍ حُبُّ قِيَامِ الْقَوْمِ لَهُ لِلْحَدِيثِ الْحَسَنِ «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ النَّاسُ لَهُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى مَا إذَا أَحَبَّ قِيَامَهُمْ وَاسْتِمْرَارَهُ وَهُوَ جَالِسٌ أَوْ طَلَبًا لِلتَّكَبُّرِ عَلَى غَيْرِهِ، وَهَذَا أَخَفُّ تَحْرِيمًا مِنْ الْأَوَّلِ، إذْ هُوَ التَّمَثُّلُ فِي الْخَبَرِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْبَيْهَقِيُّ. وَأَمَّا مَنْ أَحَبَّهُ جُودًا مِنْهُمْ عَلَيْهِ لِمَا أَنَّهُ صَارَ شِعَارًا لِلْمَوَدَّةِ فَلَا حُرْمَةَ فِيهِ وَلَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِ وَجْهِ صَبِيٍّ رَحْمَةً وَمَوَدَّةً. وَيُنْدَبُ تَقْبِيلُ قَادِمٍ مِنْ سَفَرٍ وَمُعَانَقَتِهِ، وَيَحْرُمُ تَقْبِيلُ أَمْرَدَ حَسَنٍ لَا مَحْرَمِيَّةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَنَحْوُهَا وَمَسُّ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ بِلَا حَائِلٍ كَمَا مَرَّ وَيُسَنُّ تَشْمِيتُ عَاطِسٍ إذَا حَمِدَ بِيَرْحَمُكَ اللَّهُ أَوْ رَبُّك، وَإِنَّمَا سُنَّ ضَمِيرُ الْجَمْعِ فِي السَّلَامِ وَلَوْ لِوَاحِدٍ لِلْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ مَعَهُ وَلِصَغِيرٍ بِنَحْوِ أَصْلَحَك اللَّهُ، أَوْ بَارَكَ فِيكَ وَيُكْرَهُ قَبْلَ الْحَمْدِ، فَإِنْ سَكَتَ قَالَ يَرْحَمُ اللَّهُ مَنْ حَمِدَهُ أَوْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ إنْ حَمِدْتَهُ. وَيُسَنُّ تَذْكِيرُهُ الْحَمْدَ، وَمَنْ سَبَقَ الْعَاطِسَ بِالْحَمْدِ أَمِنَ مِنْ الشَّوَصِ وَهُوَ وَجَعُ الضِّرْسِ، وَاللَّوَصِ وَهُوَ وَجَعُ الْأُذُنِ، وَالْعِلَّوْصِ وَهُوَ وَجَعُ الْبَطْنِ كَمَا جَاءَ بِذَلِكَ الْخَبَرُ الْمَشْهُورُ، وَيُكَرَّرُ التَّشْمِيتُ إلَى ثَلَاثٍ، ثُمَّ يَدْعُو لَهُ بَعْدَهَا بِالشِّفَاءِ، وَلَا حَاجَةَ لِتَقْيِيدِ بَعْضِهِمْ ذَلِكَ بِمَا إذَا عُلِمَ كَوْنُهُ مَزْكُومًا؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْمَذْكُورَةَ مَعَ تَتَابُعِهَا عُرْفًا مَظِنَّةَ الزُّكَامِ وَنَحْوِهِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَتَتَابَعْ كَذَلِكَ سُنَّ التَّشْمِيتُ بِتَكَرُّرِهَا مُطْلَقًا. وَيُسَنُّ لِلْعَاطِسِ وَضْعُ شَيْءٍ عَلَى وَجْهِهِ وَخَفْضُ صَوْتِهِ مَا أَمْكَنَ وَإِجَابَةُ مُشَمِّتِهِ بِنَحْوِ يَهْدِيكُمْ اللَّهُ وَلَمْ يَجِبْ؛ لِأَنَّهُ لَا إخَافَةَ بِتَرْكِهِ، بِخِلَافِ رَدِّ السَّلَامِ (وَلَا جِهَادَ عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمَا (وَامْرَأَةٍ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «جِهَادُكُنَّ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ» وَلِأَنَّهَا مَجْبُولَةٌ عَلَى الضَّعْفِ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى (وَمَرِيضٍ) مَرَضًا يَمْنَعُهُ الرُّكُوبَ أَوْ الْقِتَالَ بِأَنْ تَحْصُلَ لَهُ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً، وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَمِثْلُهُ بِالْأَوْلَى الْأَعْمَى، وَكَالْمَرِيضِ مَنْ لَهُ مَرِيضٌ لَا مُتَعَهِّدَ لَهُ غَيْرُهُ، وَكَالْأَعْمَى ذُو رَمَدٍ وَضَعِيفِ بَصَرٍ لَا يُمْكِنُهُ مَعَهُ اتِّقَاءُ السِّلَاحِ (وَذِي عَرَجٍ بَيِّنٍ) وَلَوْ فِي رِجْلٍ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الرُّكُوبِ وَخَرَجَ بِبَيِّنِ يَسِيرِهِ الَّذِي لَا يَمْنَعُ الْعَدْوَ (وَأَقْطَعَ وَأَشَلَّ) وَلَوْ لِمُعْظَمِ أَصَابِعِ يَدٍ وَاحِدَةٍ، إذْ لَا بَطْشَ لَهُمَا وَلَا نِكَايَةَ، وَمِثْلُهُمَا فَاقِدُ الْأَنَامِلِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ اعْتِبَارِ مُعْظَمِ الْأَصَابِعِ هُنَا ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُعَلِّمِ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ أَوْ وِلَايَةٍ) كَالْقَاضِي (قَوْلُهُ: مَصْحُوبَةٍ بِصِيَانَةٍ) رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ عَلَى جِهَةٍ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: وَلَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِ وَجْهٍ) أَيْ فِي أَيِّ مَحَلٍّ فِيهِ وَلَوْ فِي الْفَمِ، وَقَوْلُهُ صَبِيٍّ لَا يُشْتَهَى أَوْ صَبِيَّةٍ (قَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ تَقْبِيلُ) أَيْ فِي وَجْهِهِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهَا) كَالْمِلْكِ: أَيْ مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) عِبَارَتُهُ فِيمَا مَرَّ: وَلَوْ بِحَائِلٍ وَنَصُّهَا فِي كِتَابِ النِّكَاحِ . (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ تَشْمِيتُ عَاطِسٍ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ كَافِرًا وَلَوْ قِيلَ بِالْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَعْظِيمًا لَهُ لَمْ يَبْعُدْ (قَوْلُهُ: وَلِصَغِيرٍ بِنَحْوِ أَصْلَحَكَ اللَّهُ) مِنْهُ أَنْشَأَك اللَّهُ إنْشَاءً صَالِحًا (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ قَبْلَ الْحَمْدِ) أَيْ فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ، وَيَأْتِي بِهِ ثَانِيًا بَعْدَ الْحَمْدِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَرْحَمُك اللَّهُ إنْ حَمِدْتَهُ) أَيْ وَتَحْصُلُ بِهَا سُنَّةُ التَّشْمِيتِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ سَبَقَ الْعَاطِسَ إلَخْ) وَنَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ: مَنْ يَبْتَدِئْ عَاطِسًا بِالْحَمْدِ يَأْمَنْ مِنْ ... شَوَصٍ وَلَوَصٍ وَعِلَّوْصٍ كَذَا وَرَدَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَدْعُو بَعْدَهَا بِالشِّفَاءِ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ لَهُ عَافَاك اللَّهُ أَوْ شَفَاك (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تُتَابَعْ كَذَلِكَ) أَيْ عُرْفًا (قَوْلُهُ بِنَحْوِ يُهْدِيكُمْ اللَّهُ) كَغَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ، وَلَوْ زَادَ عَلَيْهِ وَيُصْلِحُ بَالكُمْ كَانَ حَسَنًا (قَوْلُهُ لَا يُمْكِنُهُ مَعَهُ) قَيَّدَ فِي كُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ ذُو رَمَدٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُمَا فَاقِدُ الْأَنَامِلِ) أَيْ أَكْثَرَ الْأَنَامِلِ عُبَابٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَمَّا فَاقِدُ أُصْبُعَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ وِلَايَةِ) أَيْ وِلَايَةِ حُكْمٍ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ عَلَى جِهَةِ الْبِرِّ إلَخْ) أَيْ أَصْلِ السَّلَامِ. وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْإِعْظَامِ الْمَنْفِيِّ

لَا فِي الْعِتْقِ عَنْ الْكَفَّارَةِ كَمَا مَرَّ بِأَنَّ هَذَا يَقَعُ فِي نَادِرٍ مِنْ الْأَزْمِنَةِ فَيَسْهُلُ تَحَمُّلُهُ مَعَ قَطْعِ أَقَلِّهَا، وَذَلِكَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ إطَاقَتُهُ لِلْعَمَلِ الَّذِي يَكْفِيهِ غَالِبًا عَلَى الدَّوَامِ، وَهُوَ لَا يَأْتِي مَعَ قَطْعِ بَعْضِ الْأَصَابِعِ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ تَأْثِيرِ قَطْعِ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ إذَا أَمْكَنَ مَعَهُ الْمَشْيُ مِنْ غَيْرِ عَرَجٍ بَيِّنٍ (وَعَبْدٍ) وَلَوْ مُبَعَّضًا أَوْ مُكَاتَبًا لِنَقْصِهِ وَإِنْ أَمَرَهُ سَيِّدُهُ، وَالْقِيَاسُ أَنَّ مُسْتَأْجِرَ الْعَيْنِ كَذَلِكَ وَذِمِّيٍّ؛ لِأَنَّهُ بَذَلَ الْجِزْيَةَ لِنَذُبَّ عَنْهُ لَا لِيَذُبَّ عَنَّا، نَعَمْ يَجِبُ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِعِقَابِ الْآخِرَةِ كَمَا مَرَّ (وَعَادِمِ أُهْبَةِ قِتَالٍ) كَسِلَاحٍ وَمُؤْنَةِ نَفْسِهِ أَوْ مُمَوَّنِهِ ذَهَابًا وَإِيَابًا، وَكَذَا مَرْكُوبٌ إنْ كَانَ الْمَقْصِدُ طَوِيلًا أَوْ قَصِيرًا، وَلَا يُطِيقُ الْمَشْيَ كَمَا مَرَّ فِي الْحَجِّ، وَلَوْ بَذَلَهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ دُونَ غَيْرِهِ لَزِمَهُ الْقَبُولُ، وَلَوْ فَقَدَهَا فِي الْأَثْنَاءِ جَازَ لَهُ الرُّجُوعُ وَلَوْ مِنْ الصَّفِّ مَا لَمْ يَفْقِدْ السِّلَاحَ، وَيُمْكِنُهُ الرَّمْيُ بِحِجَارَةٍ وَنَحْوِهَا أَوْ يُورِثُ انْصِرَافُهُ فَشَلًا فِي الْمُسْلِمِينَ وَإِلَّا حُرِّمَ، نَعَمْ يَتَّجِهُ أَنَّ مَحَلَّهُ إنْ لَمْ يُظَنَّ مَوْتُهُ جُوعًا أَوْ نَحْوَهُ لَوْ لَمْ يَنْصَرِفْ (وَكُلُّ عُذْرٍ مَنَعَ وُجُوبَ الْحَجِّ مَنَعَ الْجِهَادَ) أَيْ وُجُوبَهُ (إلَّا خَوْفَ طَرِيقٍ مِنْ كُفَّارٍ) فَإِنَّهُ وَإِنْ مَنَعَ وُجُوبَ الْحَجِّ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْجِهَادِ إنْ أَمْكَنَتْهُ مُقَاوَمَتُهُمْ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَخَاوِفِ (وَكَذَا) خَوْفِهَا (مِنْ لُصُوصٍ مُسْلِمِينَ) يَمْنَعُ وُجُوبَ الْحَجِّ، وَلَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْجِهَادِ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِذَلِكَ وَمُقَابِلُهُ يُقَيِّدُهَا بِالْكُفَّارِ (وَالدَّيْنِ الْحَالِّ) وَلَوْ لِذِمِّيٍّ وَإِنْ كَانَ بِهِ رَهْنٌ وَثِيقٌ أَوْ ضَامِنٌ مُوسِرٌ (يَحْرُمُ) عَلَى مَنْ هُوَ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَوْ وَالِدًا وَهُوَ مُوسِرٌ بِأَنْ كَانَ عِنْدَهُ أَزْيَدُ مِمَّا يَبْقَى لِلْمُفْلِسِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيَلْحَقُ بِالْمَدِينِ وَلِيُّهُ (سَفَرِ جِهَادٍ وَغَيْرِهِ) بِالْجَرِّ، وَإِنْ قَصُرَ رِعَايَةً لِحَقِّ الْغَيْرِ، وَالْأَوْجَهُ ضَبْطُ الْقَصِيرِ هُنَا بِالْعُرْفِ لَا بِمَا ضُبِطَ بِهِ فِي التَّنَفُّلُ عَلَى الدَّابَّةِ وَهُوَ مِيلٌ أَوْ نَحْوُهُ (إلَّا بِإِذْنِ غَرِيمِهِ) أَوْ ظَنَّ رِضَاهُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْإِذْنِ وَالرِّضَا لِرِضَاهُ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ، نَعَمْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَعَرَّضَ لِلشَّهَادَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَخِنْصَرٍ وَبِنْصَرٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بَعْضُ الْأَصَابِعِ) أَيْ لَمْ يُغْتَفَرْ (قَوْلُهُ: وَذِمِّيٌّ) مَفْهُومُهُ وُجُوبُ الْجِهَادِ عَلَى الْمُعَاهَدِ وَالْمُؤَمَّنِ وَالْحَرْبِيِّ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ بَذَلَ الْجِزْيَةَ إلَخْ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَلَا عَلَى كَافِرٍ وَهِيَ شَامِلَةٌ لِلذِّمِّيِّ وَغَيْرِهِ، وَعِبَارَةُ حَجّ كَعِبَارَةِ الشَّارِحِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّمَا عَبَّرَ بِالذِّمِّيِّ لِكَوْنِهِ مُلْتَزِمًا لِأَحْكَامِنَا لَا لِلِاحْتِرَازِ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُمَوَّنِهِ) وَكَذَا مُؤْنَتُهُمَا كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى (قَوْلُهُ ذَهَابًا وَإِيَابًا) وَكَذَا إقَامَةً، وَيَكْفِي فِي تَقْدِيرِهَا غَلَبَةُ الظَّنِّ بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِ قُلْته بَحْثًا وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: فَشَلًا) أَيْ ضَعْفًا (قَوْلُهُ وَإِلَّا حُرِّمَ) ظَاهِرُهُ حُرْمَةُ ذَلِكَ، وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِدُ مَا يُنْفِقُهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَأَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً لَكِنْ لَا يُظَنُّ مَعَهَا الْمَوْتُ، وَإِنْ خَشِيَ مُبِيحَ تَيَمُّمٍ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَتَّجِهُ أَنَّ مَحَلَّهُ) أَيْ حُرْمَةَ الِانْصِرَافِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَظُنَّ مَوْتَهُ جُوعًا) أَيْ وَإِلَّا جَازَ لَهُ الِانْصِرَافُ (قَوْلُهُ: وَكُلُّ عُذْرٍ مَنَعَ وُجُوبَ الْحَجِّ) وَمِنْهُ احْتِيَاجُ الْفَقِيهِ لِكُتُبِهِ وَالْمُحْتَرِفِ لِآلَتِهِ (قَوْلُهُ يَمْنَعُ الْحَجَّ) إنْ عَمَّ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَالدَّيْنُ الْحَالُّ) أَيْ وَإِنْ قَلَّ كَفَلْسٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِذِمِّيٍّ) هَذَا يُخْرِجُ الْمُعَاهَدَ وَالْمُؤَمَّنَ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّهُمَا كَذِمِّيٍّ، وَيَشْمَلُهُمَا قَوْلُ الْمَنْهَجِ مُسْلِمًا كَانَ: أَيْ رَبُّ الدَّيْنِ أَوْ كَافِرًا بَلْ يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ لِحَرْبِيٍّ لَزِمَ الْمُسْلِمَ بِعَقْدٍ (قَوْلُهُ سَفَرِ جِهَادٍ وَغَيْرِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ رَبُّ الدَّيْنِ مُسَافِرًا مَعَهُ أَوْ فِي الْبَلَدِ الَّذِي قَصَدَهَا مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْجِعُ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَيْهَا أَوْ يَمُوتُ أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ مِيلٌ أَوْ نَحْوُهُ) وَحِينَئِذٍ فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ فَإِنَّ التَّسَاهُلَ يَقَعُ فِيهِ كَثِيرًا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: لَا يَتَعَرَّضُ لِلشَّهَادَةِ) أَيْ لَا يَجُوزُ عَلَى مَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ، لَكِنْ فِي كَلَامِ سم عَلَى مَنْهَجٍ فِي آخِرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: أَنَّ مُسْتَأْجِرَ الْعَيْنِ كَذَلِكَ) أَيْ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى الْغَايَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ ضَبْطُ الْقَصِيرِ إلَخْ) لَعَلَّ الْوَجْهَ ضَبْطُ السَّفَرِ، وَإِلَّا فَالْقَصِيرُ وَالطَّوِيلُ سَوَاءٌ هُنَا كَمَا لَا يَخْفَى

بَلْ يَقِفُ وَسَطَ الصَّفِّ أَوْ حَاشِيَتَهُ حِفْظًا لِلدِّينِ، وَإِلَّا إنْ اسْتَنَابَ مَنْ يَقْضِيهِ مِنْ مَالٍ حَاضِرٍ، وَمِثْلُهُ كَمَا هُوَ الْقِيَاسُ نَظَائِرُهُ دَيْنٌ ثَابِتٌ عَلَى مَلِيءٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِإِذْنِ وَلِيِّ الدَّائِنِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ إذْ لَا مَصْلَحَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ (وَالْمُؤَجَّلُ) لَا يَمْنَعُ سَفَرًا مُطْلَقًا وَإِنْ قَرُبَ حُلُولُهُ بِشَرْطِ وُصُولِهِ لِمَا يَحِلُّ لَهُ فِيهِ الْقَصْرُ وَهُوَ مُؤَجَّلٌ إذْ لَا مُطَالَبَةَ لِمُسْتَحِقِّهِ الْآنَ، نَعَمْ لَهُ الْخُرُوجُ مَعَهُ لِيُطَالِبَهُ بِهِ عِنْدَ حُلُولِهِ، وَقِيلَ يُمْنَعُ سَفَرًا مَخُوفًا كَالْجِهَادِ وَرُكُوبِ الْبَحْرِ صِيَانَةً لِحَقِّ الْغَيْرِ (وَيَحْرُمُ) عَلَى حُرٍّ وَمُبَعَّضٍ ذَكَرٍ وَأُنْثَى (جِهَادٌ) وَلَوْ مَعَ عَدَمِ سَفَرٍ (إلَّا بِإِذْنِ أَبَوَيْهِ) وَإِنْ عَلَيَا مِنْ سَائِرِ الْجِهَاتِ، وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ وَلَوْ كَانَا قِنَّيْنِ؛ لِأَنَّ بِرَّهُمَا فَرْضُ عَيْنٍ، هَذَا (إنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ) وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ اسْتِئْذَانُ الْكَافِرِ لِاتِّهَامِهِ بِمَنْعِهِ لَهُ حَمِيَّةً لِدِينِهِ، وَإِنْ كَانَ عَدُوًّا لِلْمُقَاتِلِينَ، وَيَلْزَمُ الْمُبَعَّضَ اسْتِئْذَانُ سَيِّدِهِ أَيْضًا، وَيَحْتَاجُ الْقِنُّ لِإِذْنِ سَيِّدِهِ لَا أَبَوَيْهِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَيْضًا بِلَا إذْنٍ سَفَرٌ مَعَ الْخَوْفِ وَإِنْ قَصُرَ مُطْلَقًا، وَطَوِيلٌ وَلَوْ مَعَ الْأَمْنِ إلَّا لِعُذْرٍ كَمَا قَالَ (لَا سَفَرَ تُعْلَمُ فَرْضُ عَيْنٍ) وَمِثْلُهُ كُلُّ وَاجِبٍ عَيْنِيٍّ، وَإِنْ كَانَ وَقْتُهُ مُتَّسِعًا لَكِنْ يَتَّجِهُ مَنْعُهُمَا لَهُ مِنْ خُرُوجٍ لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ خُرُوجِ قَافِلَةِ أَهْلِ بَلَدِهِ: أَيْ وَقِنِّهِ عَادَةً أَوْ أَرَادُوهُ لِعَدَمِ مُخَاطَبَتِهِ بِالْوُجُوبِ إلَى الْآنَ (وَكَذَا كِفَايَةٌ) مِنْ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ أَوْ آلَةٍ لَهُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ الْأَصْلِ (فِي الْأَصَحِّ) إنْ كَانَ السَّفَرُ آمِنًا أَوْ قَلَّ خَطَرُهُ، وَإِلَّا كَخَوْفٍ أَسْقَطَ وُجُوبَ الْحَجِّ اُحْتِيجَ لِإِذْنِهِ حِينَئِذٍ فِيمَا يَظْهَرُ لِسُقُوطِ الْفَرْضِ عَنْهُ حِينَئِذٍ، وَلَمْ يَجِدْ بِبَلَدِهِ مَنْ يَصْلُحُ لِكَمَالِ مَا يُرِيدُهُ، أَوْ رَجَا بِغُرْبَتِهِ زِيَادَةَ فَرَاغٍ أَوْ إرْشَادَ أُسْتَاذٍ كَمَا يَكْفِي فِي سَفَرِهِ الْأَمْنُ لِتِجَارَةٍ تُوقِعُ زِيَادَةَ رِبْحٍ أَوْ رَوَاجٍ، وَسَوَاءٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْفَصْلِ الْآتِي أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا إنْ اسْتَنَابَ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا بِإِذْنِ غَرِيمِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ مَالٍ حَاضِرٍ) أَيْ فَلَا تَحْرِيمَ لِوُصُولِ الدَّائِنِ إلَى حَقِّهِ فِي الْحَالِ بِخِلَافِهِ فِي الْغَائِبِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَصِلُ، وَمِنْ الْعِلَّةِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ الدَّائِنِ بِالْوَكِيلِ وَمِنْ ثُبُوتِ الْوَكَالَةِ حَجّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. بَقِيَ مَا لَوْ امْتَنَعَ الْوَكِيلُ مِنْ الدَّفْعِ لَهُ أَوْ عَزَلَ نَفْسَهُ هَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا، وَيُجْبَرُ عَلَى التَّوْفِيَةِ حَيْثُ قَبِلَ الْوَكَالَةَ،؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ جَوَازُ ذَلِكَ وَعَدَمُ إجْبَارِهِ عَلَى الدَّفْعِ وَالدَّائِنُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ بِالْقَاضِي (قَوْلُهُ: دَيْنٌ ثَابِتٌ) أَيْ لِمُرِيدِ السَّفَرِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَلِيءٍ) أَيْ وَإِنْ أَذِنَ لِمَنْ يَسْتَوْفِي مِنْهُ وَيَدْفَعُهُ لِرَبِّ الدَّيْنِ، وَلَا يَكْفِي الْإِذْنُ لِمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فِي الدَّفْعِ لِلدَّائِنِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الشَّخْصَ لَا يَكُونُ وَكِيلًا عَنْ غَيْرِهِ فِي إزَالَةِ مِلْكِهِ، وَطَرِيقُهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُحِيلَ رَبَّ الدَّيْنِ بِمَا لَهُ عَلَى الْمَدِينِ. (قَوْلُهُ: لَا أَثَرَ لِإِذْنِ وَلِيِّ الدَّائِنِ) أَيْ فِي السَّفَرِ (قَوْلُهُ: لَا يَمْنَعُ سَفَرًا مُطْلَقًا) أَيْ مَخُوفًا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَهُ الْخُرُوجُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ فِيهِ عَلَيْهِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ) عَلَى الْمُكَلَّفِ (قَوْلُهُ وَإِنْ عَلَيَا) قِيَاسُهُ عَلَوَا، ثُمَّ رَأَيْتُ أَنَّ عَلَا جَاءَ بِالْوَاوِ وَالْيَاءِ فَيُقَالُ فِي مُضَارِعِهِ يَعْلُو وَيُعْلَى عَلَيْهِ فَمَا هُنَا عَلَى إحْدَى اللُّغَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ الْمُبَعَّضَ) أَيْ إذَا أَرَادَ الْجِهَادَ، وَإِلَّا فَهُوَ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَيَحْتَاجُ الْقِنُّ) فِيهِ مَا ذَكَرْنَاهُ (قَوْلُهُ إلَّا لِعُذْرٍ) أَيْ وَمِنْهُ السَّفَرُ لِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ لِمَا لَا يَتَيَسَّرُ بَيْعُهُ أَوْ شِرَاؤُهُ فِي بَلَدِهِ أَوْ يَتَيَسَّرُ لَكِنْ يَتَوَقَّعُ زِيَادَةً فِي ثَمَنِهِ مِنْ الْبَلَدِ الَّذِي يُسَافِر إلَيْهِ كَمَا تَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي قَوْلِهِ كَمَا يَكْفِي فِي سَفَرِهِ الْأَمْنُ لِتِجَارَةٍ تُوقِعُ زِيَادَةَ رِبْحٍ أَوْ رَوَاجٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ وَقْتُهُ مُتَّسِعًا) كَتَعَلُّمِ أَحْكَامِ الصَّوْمِ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجِدْ بِبَلَدِهِ مَنْ يُصْلَحُ) وَمِثْلُ عَدَمِ وُجُودِهِ مَا لَوْ كَانَ عَظِيمًا وَالْمُعَلِّمُ حَقِيرًا أَوْ جَرَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ الدَّيْنِ الْحَاضِرِ (قَوْلُهُ: لِمَا يَحِلُّ لَهُ فِيهِ الْقَصْرُ) أَيْ كَخَارِجِ الْعُمْرَانِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِيًّا) اُنْظُرْ هَلَّا قَالَ وَإِنْ عُلْوًا (قَوْلُهُ: حَمِيَّةً لِدِينِهِ) هَذَا لَا يَظْهَرُ فِيمَا لَوْ كَانَ الْأَصْلُ يَهُودِيًّا وَالْمُقَاتِلُونَ نَصَارَى أَوْ عَكْسَهُ لِلْقَطْعِ بِانْتِفَاعِ الْحَمِيَّةِ بَيْنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى

فِي ذَلِكَ أَخْرَجَ وَحْدَهُ أَمْ مَعَ غَيْرِهِ، كَانَ بِبَلَدِهِ مُتَعَدِّدُونَ صَالِحُونَ لِإِفْتَاءٍ أَمْ لَا، وَفَارَقَ الْجِهَادَ بِخَطَرِهِ. نَعَمْ يَتَّجِهُ أَنْ يَتَوَقَّعَ فِيهِ بُلُوغَ مَا قَصَدَهُ، وَإِلَّا كَبَلِيدٍ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ ذَلِكَ فَلَا إذْ سَفَرُهُ لِأَجْلِهِ كَالْعَبَثِ، وَيُشْتَرَطُ لِخُرُوجِهِ لِفَرْضِ الْكِفَايَةِ أَنْ يَكُونَ رَشِيدًا، وَأَنْ لَا يَكُونَ أَمْرَدَ جَمِيلًا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ مَحْرَمٌ يَأْمَنُ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَوْ لَزِمَتْهُ كِفَايَةُ أَصْلِهِ احْتَاجَ لِإِذْنِهِ إنْ لَمْ يَنُبْ مَنْ يُمَوِّنُهُ مِنْ مَالٍ حَاضِرٍ، وَأَخَذَ مِنْهُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ الْفَرْعَ لَوْ لَزِمَتْ أَصْلَهُ مُؤْنَتُهُ امْتَنَعَ سَفَرُهُ إلَّا بِإِذْنِ فَرْعِهِ إنْ لَمْ يَنُبْ كَمَا مَرَّ، ثُمَّ بَحَثَ أَنَّهُ لَوْ أَدَّى نَفَقَةَ يَوْمٍ حَلَّ لَهُ السَّفَرُ فِيهِ كَالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ، وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ بَعْضُهُمْ، وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْمُؤَجَّلَ التَّقْصِيرُ فِيهِ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ لِرِضَاهُ بِذِمَّتِهِ مَعَ أَنَّهُ خَصْلَةٌ وَاحِدَةٌ لَا يَتَجَدَّدُ بِهِ الضَّرَرُ، وَلَا كَذَلِكَ فِي الْأَصْلِ أَوْ الْفَرْعِ، ثُمَّ قَالَ: فَالْأَوْجَهُ مَنْعُهُ فِيهِمَا، وَكَذَا فِي الزَّوْجَةِ إلَّا بِإِذْنٍ أَوْ إنَابَةٍ كَمَا أَطْلَقُوهُ، وَيُرَدُّ الْفَرْقُ الْمَذْكُورُ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَمْنَعْ مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ الذِّمَّةُ فَلَأَنْ لَا يَمْنَعَ مَا لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ بِالْأَوْلَى، وَلَا فَرْقَ فِي جَوَازِ مَنْ مَنَعَهُ السَّفَرَ الْمَخُوفَ كَبَحْرٍ بَيْنَ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ أَوْ لَا وَكَسُلُوكِ بَادِيَةٍ مُخْطِرَةٍ وَلَوْ لِعِلْمٍ أَوْ تِجَارَةٍ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَقِيسُهُ عَلَى الْجِهَادِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِخَطَرِ الْهَلَاكِ فِي الْجِهَادِ. (فَإِنْ) (أَذِنَ أَبَوَاهُ) أَوْ سَيِّدُهُ (وَالْغَرِيمُ) فِي الْجِهَادِ (ثُمَّ) بَعْدَ خُرُوجِهِ (رَجَعُوا) أَوْ كَانَ الْأَصْلُ كَافِرًا ثُمَّ أَسْلَمَ وَصَرَّحَ بِالْمَنْعِ (وَجَبَ) عَلَيْهِ إنْ عَلِمَ، وَلَمْ يَخْشَ خَوْفًا وَلَا كَسْرَ قَلْبِ الْمُسْلِمِينَ بِرُجُوعِهِ (الرُّجُوعُ) كَمَا لَوْ خَرَجَ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ (إنْ لَمْ يَحْضُرْ الصَّفَّ) وَإِلَّا حَرُمَ إلَّا عَلَى الْعَبْدِ بَلْ يُنْدَبُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ طُرُوُّ الْمَانِعِ كَابْتِدَائِهِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الرُّجُوعُ لِنَحْوِ خَوْفٍ عَلَى مَعْصُومٍ، وَأَمْكَنَهُ الْمُسَافَرَةُ لِمَأْمَنٍ أَوْ الْإِقَامَةُ بِهِ إلَى أَنْ يَرْجِعَ مَعَ الْجَيْشِ أَوْ غَيْرِهِمْ لَزِمَهُ، وَلَوْ حَدَثَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فِي السَّفَرِ لَمْ يُمْنَعْ اسْتِمْرَارُهُ فِيهِ مَا لَمْ يُصَرِّحْ رَبُّهُ بِمَنْعِهِ، وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي الِابْتِدَاءِ بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ دَوَامًا مَا لَا يُغْتَفَرُ ابْتِدَاءً (فَإِنْ) الْتَقَى الصَّفَّانِ أَوْ (شَرَعَ فِي قِتَالٍ) ثُمَّ طَرَأَ ذَلِكَ وَعَلِمَهُ (حَرُمَ الِانْصِرَافُ فِي الْأَظْهَرِ) لِعُمُومِ الْأَمْرِ بِالثَّبَاتِ وَلِانْكِسَارِ الْقُلُوبِ بِانْصِرَافِهِ، نَعَمْ يَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ مِنْ وُقُوفِهِ آخِرَ الصَّفِّ وَنَحْوِهِ. وَالثَّانِي لَا يَحْرُمُ بَلْ يَجِبُ. وَالثَّالِثُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الِانْصِرَافِ وَالْمُصَابَرَةِ، وَالْخِلَافُ فِي الرَّوْضَةِ أَوْجَهُ وَفِي أَصْلِهَا أَقْوَالٌ أَوْ أَوْجُهٌ (الثَّانِي) مِنْ حَالِ الْكُفَّارِ (يَدْخُلُونَ) أَيْ دُخُولُهُمْ عُمْرَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَادَةُ أَهْلِ بَلَدٍ بِأَنَّهُمْ لَا يَتَعَلَّمُونَ مِنْ بَعْضِهِمْ لِعَدَاوَةٍ أَوْ نَحْوِهَا. (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ الْجِهَادَ) أَيْ حَيْثُ تَوَقَّفَ عَلَى إذْنِ الْأَبَوَيْنِ إلَّا إذَا دَخَلُوا بَلْدَةً لَنَا (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ رَشِيدًا) أَيْ أَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ السَّفَرُ، يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَنْ يَتَعَهَّدُهُ فِي السَّفَرِ، وَإِلَّا جَازَ الْخُرُوجُ وَعَلَى وَلِيِّهِ أَنْ يَأْذَنَ لِمَنْ يَتَعَهَّدُهُ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ لَهُ وِلَايَةٌ (قَوْلُهُ امْتَنَعَ سَفَرُهُ) أَيْ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ أَدَّى نَفَقَةَ يَوْمٍ) أَيْ لِلزَّوْجَةِ أَوْ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُتَّجِهٌ) هَذَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ سَفَرِهِ أَنْ يَتْرُكَ لِمُمَوَّنِهِ نَفَقَةَ الذَّهَابِ وَالْإِيَابِ، وَعِبَارَتُهُ ثَمَّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمُؤْنَةُ مَنْ عَلَيْهِ إلَخْ. وَمَا أَوْهَمَهُ كَلَامُهُمَا مِنْ جَوَازِ الْحَجِّ عِنْدَ فَقْدِ مُؤْنَةِ مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ لِجَعْلِهِمَا ذَلِكَ شَرْطًا لِلْوُجُوبِ لَيْسَ بِمُرَادٍ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، إذْ لَا يَجُوزُ لَهُ حَتَّى يَتْرُكَ لَهُمْ نَفَقَةَ الذَّهَابِ وَالْإِيَابِ، وَإِلَّا فَيَكُونُ مُضَيِّعًا لَهُمْ كَمَا فِي الِاسْتِذْكَارِ وَغَيْرِهِ، لَكِنَّ ذِكْرَهُ هُنَا يَدُلُّ عَلَى اعْتِمَادِهِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي مَقَامِ بَيَانِ سَفَرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ) أَيْ الْمُنْظَرُ وَقَوْلُهُ فِيهِمَا أَيْ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ (قَوْلُهُ: مَا تَعَلَّقَتْ) أَيْ اسْتَقَلَّتْ، وَقَوْلُهُ بِهِ هُوَ الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ، وَقَوْلُهُ فَلَأَنْ بِفَتْحِ اللَّامِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ) وَهُوَ نَفَقَةُ الْغَدِ فِي حَقِّ الْأَبَوَيْنِ وَالزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: بَلْ يُنْدَبُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ حَصَلَ بِانْصِرَافِهِ كَسْرُ قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ، هَذَا وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِ الِانْصِرَافِ عَلَى الْعَبْدِ حَيْثُ رَجَعَ سَيِّدُهُ لَمْ يَبْعُدْ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُصَرِّحْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ فِي جَوَازِ مَنْعِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَا فَرْقَ فِي الْمَنْعِ مِنْ السَّفَرِ الْمَخُوفِ كَبَحْرٍ: أَيْ وَإِنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ فِيهِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، ثُمَّ رَأَيْت الْإِمَامَ وَغَيْرَهُ صَرَّحُوا بِذَلِكَ، وَكَسُلُوكِ بَادِيَةٍ مُخْطِرَةٍ وَلَوْ لِعِلْمٍ

الْإِسْلَامِ وَلَوْ جِبَالَهُ أَوْ خَرَابَهُ، فَإِنْ دَخَلُوا (بَلْدَةً لَنَا) أَوْ صَارَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَنَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ كَانَ أَمْرًا عَظِيمًا (فَيَلْزَمُ أَهْلَهَا الدَّفْعُ) لَهُمْ (بِالْمُمْكِنِ) أَيْ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ أَطَاقُوهُ، وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ (فَإِنْ أَمْكَنَ تَأَهُّبٌ لِقِتَالٍ) بِأَنْ لَمْ يَهْجُمُوا بَغْتَةً (وَجَبَ الْمُمْكِنُ) فِي دَفْعِهِمْ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ (حَتَّى عَلَى) مَنْ لَا جِهَادَ عَلَيْهِ مِنْ (فَقِيرٍ وَوَلَدٍ وَمَدِينٍ وَعَبْدٍ) وَامْرَأَةٍ فِيهَا قُوَّةٌ (بِلَا إذْنٍ) مِمَّنْ مَرَّ، وَيُغْتَفَرُ ذَلِكَ لِمِثْلِ هَذَا الْخَطَرِ الْعَظِيمِ الَّذِي لَا سَبِيلَ لِإِهْمَالِهِ (وَقِيلَ إنْ) (حَصَلَتْ مُقَاوَمَةٌ بِأَحْرَارٍ اُشْتُرِطَ إذْنُ سَيِّدِهِ) أَيْ الْعَبْدِ لِلْغِنَى عَنْهُ، وَالْأَصَحُّ لَا لِتَقْوَى الْقُلُوبِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ تَأَهَّبَ لِهُجُومِهِمْ بَغْتَةً (فَمَنْ قُصِدَ) مِنَّا (دَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ بِالْمُمْكِنِ) حَتْمًا (إنْ عُلِمَ أَنَّهُ إنْ أُخِذَ قُتِلَ) وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا جِهَادَ عَلَيْهِ إذْ لَا يَجُوزُ الِاسْتِسْلَامُ لِكَافِرٍ (وَإِنْ جَوَّزَ الْأَسْرَ) وَالْقَتْلَ (فَلَهُ) أَنْ يَدْفَعَ وَ (أَنْ يَسْتَسْلِمَ) وَيَلْزَمُ الْمَرْأَةَ الدَّفْعُ إنْ عَلِمَتْ وُقُوعَ فَاحِشَةٍ بِهَا حَالًا بِمَا أَمْكَنَهَا، وَإِنْ أَفْضَى إلَى قَتْلِهَا إذْ لَا يُبَاحُ بِخَوْفِ الْقَتْلِ، وَمِثْلُهَا فِي ذَلِكَ الْأَمْرَدُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ (وَمَنْ هُوَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْ الْبَلْدَةِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ (كَأَهْلِهَا) فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْمَجِيءُ إلَيْهِمْ. وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ كِفَايَةُ مُسَاعَدَةٍ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِهِمْ (وَمَنْ) هُمْ (عَلَى الْمَسَافَةِ) الْمَذْكُورَةِ فَمَا فَوْقَهَا (يَلْزَمُهُمْ) حَيْثُ وَجَدُوا سِلَاحًا وَمَرْكُوبًا، وَإِنْ أَطَاقُوا الْمَشْيَ وَزَادًا (الْمُوَافَقَةُ) لِأَهْلِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ فِي الدَّفْعِ (بِقَدْرِ الْكِفَايَةِ إنْ لَمْ يَكْفِ أَهْلُهَا وَمَنْ يَلِيهِمْ) دَفْعًا عَنْهُمْ وَإِنْقَاذًا لَهُمْ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ بِقَدْرِ الْكِفَايَةِ عَدَمَ لُزُومِ خُرُوجِ كُلِّهِمْ بَلْ يَكْفِي فِي سُقُوطِ الْحَرَجِ عَنْهُمْ خُرُوجُ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فِيهِمْ كِفَايَةٌ (قِيلَ) يَجِبُ الْمُوَافَقَةُ عَلَى مَنْ كَانَ فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَمَا فَوْقَهَا (وَإِنْ كَفَوْا) أَيْ أَهْلُ الْبَلَدِ وَمَنْ يَلِيهِمْ فِي الدَّفْعِ لِعِظَمِ الْخَطْبِ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْإِيجَابِ عَلَى جَمِيعِ الْأُمَّةِ، وَفِيهِ غَايَةُ الْحَرَجِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، لَكِنْ قِيلَ هَذَا الْوَجْهُ لَا يُوجِبُ ذَلِكَ بَلْ يُوجِبُ الْمُوَافَقَةَ عَلَى الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْ غَيْرِ ضَبْطٍ إلَى وُصُولِ الْخَبَرِ بِأَنَّهُمْ قَدْ كَفَوْا (وَلَوْ أَسَرُوا مُسْلِمًا فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ النُّهُوضِ إلَيْهِمْ) وُجُوبَ عَيْنٍ وَلَوْ عَلَى نَحْوِ قِنٍّ بِلَا إذْنٍ نَظِيرَ مَا مَرَّ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ (لِخَلَاصِهِ إنْ تَوَقَّعْنَاهُ) وَلَوْ عَلَى نُدُورٍ فِي الْأَوْجَهِ كَدُخُولِهِمْ دَارَنَا بَلْ أَوْلَى، إذْ حُرْمَةُ الْمُسْلِمِ أَعْظَمُ، وَيُنْدَبُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ خَلَاصِهِ افْتِدَاؤُهُ بِمَالٍ، فَمَنْ قَالَ لِكَافِرٍ أَطْلِقْ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ مُوسِرٌ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَهْجُمُوا) بَابُهُ دَخَلَ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَيُغْتَفَرُ ذَلِكَ) أَيْ عَدَمُ الْإِذْنِ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَسْتَسْلِمَ) يَنْبَغِي أَنْ يَخُصَّ بِهَذَا مَا سَبَقَ فِي بَابِ الصِّيَالِ مِنْ وُجُوبِ دَفْعِ الصَّائِلِ إذَا كَانَ كَافِرًا. قَالَ ر م: الْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا وَمَا سَبَقَ فِي بَابِ الصِّيَالِ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ دَفْعُ الصَّائِلِ الْكَافِرِ، وَيَمْتَنِعُ الِاسْتِسْلَامُ لَهُ أَنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِسْلَامِ فِي الصَّفِّ وَذَاكَ فِي غَيْرِ الصَّفِّ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي الصَّفِّ يَنَالُ الشَّهَادَةَ الْعُظْمَى، فَجَازَ اسْتِسْلَامُهُ وَلَا كَذَلِكَ فِي غَيْرِ الصَّفِّ اهـ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ الصَّفُّ وَلَوْ حُكْمًا فَإِنَّهُمْ إذَا دَخَلُوا دَارَ الْإِسْلَامِ وَجَبَ الدَّفْعُ بِالْمُمْكِنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَفًّا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فَاحِشَةٍ بِهَا حَالًا) أَيْ أَمَّا لَوْ لَمْ تَعْلَمْهُ حَالًا فَيَجُوزُ لَهَا الِاسْتِسْلَامُ، ثُمَّ إنْ أُرِيدَ مِنْهَا الْفَاحِشَةُ وَجَبَ عَلَيْهَا الِامْتِنَاعُ وَالدَّفْعُ، وَإِنْ أَدَّى إلَى قَتْلِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَى نَحْوِ قِنٍّ) أَيْ كَالْوَلَدِ وَالْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ خَلَاصِهِ افْتِدَاؤُهُ بِمَالٍ) يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ الْمَالِ آلَةُ الْحَرْبِ لِمَا مَرَّ مِنْ حُرْمَةِ بَيْعِهَا لَهُمْ وَيَدْخُلُ فِي غَيْرِ آلَةِ الْحَرْبِ سَائِرُ الْأَمْوَالِ، وَمِنْهَا مَا لَوْ طَلَبُوا قُوتًا يَأْكُلُونَهُ أَوْ مَا يَتَأَتَّى مِنْهُ آلَةُ الْحَرْبِ كَالْحَدِيدِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْبَيْعِ جَوَازُ بَيْعِ ذَلِكَ لَهُمْ وَإِنْ أَمْكَنَ اتِّخَاذُهُ سِلَاحًا لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يَتَّخِذُوهُ كَذَلِكَ، وَمَا هُنَا أَوْلَى مِنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ تِجَارَةٍ، وَمِنْهَا السَّفَرُ لِحَجَّةٍ اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهَا ذِمَّةً أَوْ عَيْنًا بَيْنَ الْأَصْلِ الْمُسْلَمِ وَغَيْرِهِ إذْ لَا تُهْمَةَ (قَوْلُهُ: وَخَرَابِهِ) اُنْظُرْ أَخْذُ هَذَا غَايَةٌ فِي الْعُمْرَانِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَجُوزُ الِاسْتِسْلَامُ لِكَافِرٍ) أَيْ فِي الْقَتْلِ فَلَا يُنَافِي مَا بَعْدَهُ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: حَالًا) أَيْ لَا بَعْدَ الْأَسْرِ (قَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ عِنْدَ الْعَجْزِ) مَحَلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ تَعْذِيبِ الْأَسْرَى وَإِلَّا وَجَبَ كَمَا يَأْتِي فِي الْهُدْنَةِ

[فصل في مكروهات ومحرمات ومندوبات في الجهاد وما يتبعها]

هَذَا الْأَسِيرَ وَعَلَيَّ كَذَا فَأَطْلَقَهُ لَزِمَهُ، وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِهِ عَلَى الْأَسِيرِ مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي فِدَائِهِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَشْرُطْ لَهُ الرُّجُوعَ كَمَا عُلِمَ مِنْ آخِرِ الْبَابِ الضَّمَانُ. وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ قَالَ إزْعَاجُ الْجُنُودِ لِخَلَاصِ أَسِيرٍ بَعِيدٍ. (فَصْلٌ) فِي مَكْرُوهَاتٍ وَمُحَرَّمَاتٍ وَمَنْدُوبَاتٍ فِي الْجِهَادِ وَمَا يَتْبَعُهَا (يُكْرَهُ غَزْوٌ) وَهُوَ فِي اللُّغَةِ الطَّلَبُ إذْ الْغَازِي يَطْلُبُ إعْلَاءَ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى (بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ) إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَعْرَفُ بِالْحَاجَةِ الدَّاعِيَةِ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ لِجَوَازِ التَّغْرِيرِ بِالنَّفْسِ فِي الْجِهَادِ، وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِمُرْتَزِقٍ اسْتِقْلَالٌ بِهِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَجِيرٍ لِغَرَضٍ مُهِمٍّ يُرْسَلُ إلَيْهِ، وَأَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ إنْ فَوَّتَ الِاسْتِئْذَانَ الْمَقْصُودَ أَوْ عَطَّلَ الْإِمَامُ الْغَزْوَ، أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ الْإِذْنِ لَهُ كَمَا بَحَثَ ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ، نَعَمْ يَتَّجِهُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِمَا لَمْ يُخْشَ مِنْهُ فِتْنَةٌ (وَيُسَنُّ) لِلْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ مَنْعُ مُخْذِلٍ وَمُرْجِفٍ مِنْ الْخُرُوجِ وَحُضُورِ الصَّفِّ وَإِخْرَاجُهُ مِنْهُ مَا لَمْ يَخْشَ فِتْنَةً، بَلْ يَتَّجِهُ وُجُوبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ حُصُولُ ذَلِكَ مِنْهُ، وَأَنَّ بَقَاءَهُ مُضِرٌّ بِغَيْرِهِ، وَ (إذَا بَعَثَ سَرِيَّةً) ـــــــــــــــــــــــــــــSلِأَنَّ ذَلِكَ الِاحْتِمَالَ مُتَوَهَّمٌ وَضَرَرُ الْأَسْرِ مُحَقَّقٌ وَالْمُحَقَّقُ لَا يُتْرَكُ لِلْمُحْتَمِلِ، عَلَى أَنَّهُ لَوْ قِيلَ هُنَا بِجَوَازِ دَفْعِ السِّلَاحِ لَهُمْ إنْ ظَهَرَتْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ تَامَّةٌ لَمْ يَبْعُدْ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي رَدِّ سِلَاحِهِمْ لَهُمْ فِي تَخْلِيصِ أَسْرَانَا مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: فَأَطْلَقَهُ لَزِمَهُ) عِبَارَةُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ قُبَيْلَ فَصْلٍ فِي بَيَانِ الْجِزْيَةِ مَا نَصُّهُ: وَالْعَيْنُ إنْ أُكْرِهَ وَالْفِدَاءُ لَمْ ... يَبْعَثْ وَلَوْ شَرْطًا كَعَوْدٍ الْتُزِمْ أَيْ وَلَوْ الْتَزَمَ بَعْثَ الْفِدَاءِ إلَيْهِمْ عَلَى وَجْهِ الشَّرْطِ فِي الْعَقْدِ فَإِنَّهُ لَا يَبْعَثُهُ، نَعَمْ يُسْتَحَبُّ لِيَعْتَمِدُوا الشَّرْطَ فِي إطْلَاقِ الْأَسْرَى. قَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ: وَالْمَالُ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِمْ فِدَاءً لَا يَمْلِكُونَهُ؛ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَقَوْلُهُ كَعَوْدٍ: أَيْ كَمَا يَحْرُمُ عَوْدٌ إلَيْهِمْ وَإِنْ شُرِطَ اهـ. وَفِي الْخَطِيبِ عَلَى هَذَا الْكِتَابِ مِثْلُهُ وَهُوَ قَرِيبٌ، وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِاللُّزُومِ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْأَسِيرِ لَا أَنَّهُ يَأْثَمُ بِعَدَمِ دَفْعِهِ لِلْكَافِرِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا أُتِيَ بِالْتِزَامٍ عَلَى صُورَةِ الشَّرْطِ، وَمَا هُنَا بِصُورَةِ مُعَاوَضَةٍ حَيْثُ قَالَ أَطْلِقْ هَذَا الْأَسِيرَ وَعَلَى كَذَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ) أَيْ الْأَسِيرِ. (فَصْلٌ) فِي مَكْرُوهَاتٍ وَمُحَرَّمَاتٍ وَمَنْدُوبَاتٍ فِي الْجِهَادِ (قَوْلُهُ: إذْ الْغَازِي) أَيْ وَسُمِّيَ الْمُقَاتِلُ غَازِيًا؛ لِأَنَّ الْغَازِيَ إلَخْ (قَوْلُهُ: إعْلَاءَ كَلِمَةِ اللَّهِ) أَيْ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ الْإِمَامِ وَنَائِبِهِ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُعَطِّلَ الْإِمَامُ الْغَزْوَ أَوْ لَا، وَعَلَيْهِ فَيَخُصُّ مَا يَأْتِي مِنْ عَدَمِ كَرَاهَةِ الْغَزْوِ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِالْغُزَاةِ الْمُتَطَوِّعِينَ بِالْغَزْوِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ لِمُرْتَزِقِ) هُوَ مَنْ أَثْبَتَ اسْمَهُ فِي الدِّيوَانِ وَجُعِلَ لَهُ رِزْقٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَتَّجِهُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ) أَيْ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: وَإِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً) أَفَادَ فِي فَتْحِ الْبَارِي أَنَّ السَّرِيَّةَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ التَّحْتَانِيَّةِ هِيَ الَّتِي تَخْرُجُ بِاللَّيْلِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ) أَيْ الرُّجُوعُ وَعَدَمُهُ خَاصَّةً، وَأَمَّا لُزُومُ الْفِدَاءِ لِلْكَافِرِ فَلَمْ يَتَقَدَّمْ ثُمَّ، وَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ افْتِدَائِهِ غَيْرَهُ حَيْثُ يَلْزَمُهُ مَا افْتَدَاهُ بِهِ وَبَيْنَ افْتِدَائِهِ نَفْسَهُ؟ الَّذِي ذَكَرُوهُ فِي فَصْلِ الْأَمَانِ حَيْثُ لَا يَلْزَمُ بَذْلُهُ. [فَصْلٌ فِي مَكْرُوهَاتٍ وَمُحَرَّمَاتٍ وَمَنْدُوبَاتٍ فِي الْجِهَادِ وَمَا يَتْبَعُهَا] (فَصْلٌ) فِي مَكْرُوهَاتِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وُجُوبُ ذَلِكَ) أَيْ الْمَنْعِ وَالْإِخْرَاجِ

وَمَرَّ بَيَانُهَا أَوَّلَ الْبَابِ وَذَكَرَهَا مِثَالُ (أَنْ يُؤَمِّرَ عَلَيْهِمْ) مَنْ يَثِقُ بِدِينِهِ، وَيُسَنُّ كَوْنُهُ مُجْتَهِدًا فِي الْأَحْكَامِ الدِّينِيَّةِ، وَيَأْمُرُهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالسَّارِيَةُ هِيَ الَّتِي تَخْرُجُ بِالنَّهَارِ. قَالَ: وَقِيلَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ يَعْنِي السَّرِيَّةَ؛ لِأَنَّهُ يَخْفَى ذَهَابُهَا، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهَا أُخِذَتْ مِنْ السِّرِّ، وَلَا يَصِحُّ لِاخْتِلَافِ الْمَادَّةِ، وَهِيَ قِطْعَةٌ مِنْ الْجَيْشِ تَخْرُجُ مِنْهُ ثُمَّ تَعُودُ إلَيْهِ، وَهِيَ مِائَةٌ إلَى خَمْسِمِائَةٍ، فَمَا زَادَ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ يُسَمَّى مَنْسَرًا، فَإِنْ زَادَ عَلَى الثَّمَانِمِائَةٍ سُمِّيَ جَيْشًا، فَإِنْ زَادَ عَنْ الْأَرْبَعَةِ آلَافٍ سُمِّيَ جَحْفَلًا، وَالْخَمِيسُ: الْجَيْشُ الْعَظِيمُ، وَمَا افْتَرَقَ مِنْ السَّرِيَّةِ يُسَمَّى بَعْثًا، وَالْكَتِيبَةُ: مَا اجْتَمَعَ وَلَمْ يَنْتَشِرْ، وَعَدَدُ مَغَازِيهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الَّتِي خَرَجَ بِنَفْسِهِ فِيهَا سَبْعٌ وَعِشْرُونَ، وَقَاتَلَ فِي تِسْعٍ مِنْهَا بِنَفْسِهِ: بَدْرٌ، وَأُحُدٌ، وَالْمُرَيْسِيعُ، وَالْخَنْدَقُ، وَقُرَيْظَةُ، وَخَيْبَرُ، وَفَتْحُ مَكَّةَ، وَحُنَينٌ، وَالطَّائِفُ، وَهَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: مَكَّةُ فُتِحَتْ عَنْوَةً. وَكَانَتْ سَرَايَاهُ الَّتِي بَعَثَهَا سَبْعًا وَأَرْبَعِينَ، وَقِيلَ إنَّهُ قَاتَلَ فِي بَنِي النَّضِيرِ اهـ بِاخْتِصَارٍ اهـ مَوَاهِبُ. قَالَ حَجّ: وَقَاتَلَ فِي ثَمَانٍ مِنْهَا بِنَفْسِهِ اهـ وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ مِنْ أَوَّلِ كِتَابِ السِّيَرِ. وَعِبَارَتُهُ: وَبَعَثَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْعًا وَأَرْبَعِينَ سَرِيَّةً وَهِيَ مِنْ مِائَةٍ إلَى خَمْسِمِائَةٍ، فَمَا زَادَ مَنْسَرٌ بِنُونٍ فَمُهْمَلَةٍ إلَى ثَمَانِمِائَةٍ، فَمَا زَادَ جَيْشٌ إلَى أَرْبَعَةِ آلَافٍ، فَمَا زَادَ جَحْفَلٌ. وَالْخَمِيسُ: الْجَيْشُ الْعَظِيمُ، وَفِرْقَةُ السَّرِيَّةِ تُسَمَّى بَعْثًا، وَالْكَتِيبَةُ: مَا اجْتَمَعَ وَلَمْ يَنْتَشِرْ. وَكَانَ أَوَّلُ بُعُوثِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى رَأْسِ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ فِي رَمَضَانَ، وَقِيلَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ مِنْ الْهِجْرَةِ، وَعِبَارَةُ الشَّامِيِّ فِي بَابِ جِمَاعِ مَغَازِيهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَصُّهَا: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَفِيهَا قَاتَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي تِسْعِ غَزَوَاتٍ: بَدْرٌ، وَأُحُدٌ، وَالْخَنْدَقُ، وَقُرَيْظَةُ، وَالْمُصْطَلِقُ وَهِيَ الْمُرَيْسِيعُ، وَخَيْبَرُ، وَالْفَتْحُ، وَحُنَينٌ، وَالطَّائِفُ. وَيُقَالُ إنَّهُ قَاتَلَ أَيْضًا فِي بَنِي النَّضِيرِ وَوَادِي الْقُرَى وَالْغَابَةِ. وَقَالَ ابْنُ عُقْبَةَ: قَاتَلَ فِي ثَمَانٍ وَأَهْمَلَ عَدَّ قُرَيْظَةَ؛ لِأَنَّهُ ضَمَّهَا إلَى الْخَنْدَقِ لِكَوْنِهَا كَانَتْ إثْرَهَا، وَأَفْرَدَهَا غَيْرُهُ لِوُقُوعِهَا مُنْفَرِدَةً بَعْدَ هَزِيمَةِ الْأَحْزَابِ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْعَبَّاسِ الْحَرَّانِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الرَّدِّ عَلَى الْمُطَهَّرِ الرَّافِضِيِّ: لَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّهُ قَاتَلَ أَيْضًا فِي كَذَا وَكَذَا أَنَّهُ قَاتَلَ بِنَفْسِهِ كَمَا فَهِمَهُ بَعْضُ الطَّلَبَةِ مِمَّنْ لَا اطِّلَاعَ لَهُ عَلَى أَحْوَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا يُعْلَمُ أَنَّهُ قَاتَلَ بِنَفْسِهِ فِي غَزْوَةٍ إلَّا فِي أُحُدٍ فَقَطْ، قَالَ: وَلَا نَعْلَمُ أَنَّهُ ضَرَبَ أَحَدًا بِيَدِهِ إلَّا أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ ضَرَبَهُ بِجَرِيدَةٍ فِي يَدِهِ اهـ. قُلْتُ: وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ يَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ قَاتَلَ فِي كَذَا وَكَذَا أَنَّهُ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدُوِّهِ فِي هَذِهِ الْغَزَوَاتِ قِتَالٌ قَاتَلَتْ فِيهَا جُيُوشُهُ بِحَضْرَتِهِ، بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْغَزَوَاتِ فَإِنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِيهَا قِتَالٌ أَصْلًا، لَكِنْ نَقَلَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ عَنْ ابْنِ عُقْبَةَ أَنَّهُ قَالَ: قَاتَلَ رَسُولُ اللَّهِ بِنَفْسِهِ فِي ثَمَانِ غَزَوَاتٍ، وَرَاجَعْتُ نُسْخَةً صَحِيحَةً مِنْ مَغَازِي ابْنِ عُقْبَةَ وَنَصُّهَا: ذِكْرُ مَغَازِي رَسُولِ اللَّهِ الَّتِي قَاتَلَ فِيهَا بَدْرٌ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَغَزَا رَسُولُ اللَّهِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ غَزْوَةً لَمْ يَكُنْ فِيهَا أَنَّهُ قَاتَلَ بِنَفْسِهِ فَكَأَنَّهَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَسَيَأْتِي فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ رَمَى بِقَوْسِهِ حَتَّى صَارَتْ شَظَايَا، وَأَنَّهُ أَعْطَى ابْنَتَهُ فَاطِمَةَ يَوْمَ أُحُدٍ سَيْفَهُ فَقَالَ اغْسِلِي دَمَهُ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَمَرَّ بَيَانُهَا أَوَّلَ الْبَابِ) لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِهِ بَيَانُهَا عَلَى مَا فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي حَجّ مَا نَصُّهُ: وَبَعَثَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْعًا وَأَرْبَعِينَ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَذِكْرُهَا مِثَالٌ) أَيْ أَوْ أَرَادَ بِهَا أَعَمَّ مِنْ مَعْنَاهَا السَّابِقِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَنْ يُؤَمِّرَ عَلَيْهِمْ) يَنْبَغِي وِفَاقًا لِلطِّبِّ الْوُجُوبُ إذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمَرَّ بَيَانُهَا) لَمْ يَمُرَّ لَهُ ذَلِكَ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّحْرِيرِ: السَّرِيَّةُ مَعْرُوفَةٌ، وَهِيَ قِطْعَةٌ مِنْ الْجَيْشِ أَرْبَعُمِائَةٍ وَنَحْوُهَا وَدُونَهَا، سُمِّيَتْ بِهِ لِأَنَّهَا تَسْرِي فِي اللَّيْلِ وَتُخْفِي ذَهَابَهَا، وَهِيَ فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى فَاعِلَةٍ، يُقَالُ أَسْرَى وَسَرَى: إذَا ذَهَبَ لَيْلًا اهـ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمَحْمَلِ: السَّرِيَّةُ خَيْلٌ تَبْلُغُ أَرْبَعَمِائَةٍ، وَضَعَّفَ ابْنُ الْأَثِيرِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَقَالَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا خُلَاصَةُ الْعَسْكَرِ وَخِيَارُهُ مِنْ الشَّيْءِ السَّرِيِّ النَّفِيسِ، كَذَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ

بِطَاعَةِ اللَّهِ ثُمَّ الْأَمِيرِ وَيُوصِيهِ بِهِمْ، فَإِنْ أَمَّرَ فَاسِقًا أَوْ نَحْوَهُ اتَّجَهَتْ حُرْمَةُ تَوْلِيَتِهِ أَخْذًا مِنْ حُرْمَةِ تَوْلِيَتِهِ نَحْوَ الْإِمَامَةِ وَالْأَذَانِ (وَيَأْخُذَ الْبَيْعَةَ) عَلَيْهِمْ وَهِيَ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى (بِالثَّبَاتِ) عَلَى الْجِهَادِ وَعَدَمِ الْفِرَارِ لِلِاتِّبَاعِ، وَيُسَنُّ التَّأْمِيرُ لِجَمْعٍ قَصَدُوا سَفَرًا، وَتَجِبُ طَاعَةُ الْأَمِيرِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمَا هُمْ فِيهِ (وَلَهُ) أَيْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ (الِاسْتِعَانَةُ بِكُفَّارٍ) وَلَوْ أَهْلَ حَرْبٍ (تُؤْمَنُ خِيَانَتُهُمْ) كَأَنْ يَعْرِفَ حُسْنَ رَأْيِهِمْ فِينَا وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُخَالِفُوا مُعْتَقَدَ الْعَدُوِّ كَالْيَهُودِ مَعَ النَّصَارَى قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّ كَلَامَ الشَّافِعِيِّ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِهِ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ (وَيَكُونُونَ بِحَيْثُ لَوْ انْضَمَّتْ فِرْقَتَا الْكُفْرِ قَاوَمْنَاهُمْ) لِأَمْنِ ضَرَرِهِمْ حِينَئِذٍ، وَيُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ الِاسْتِعَانَةِ بِهِمْ احْتِيَاجُنَا لَهُمْ وَلَوْ لِنَحْوِ خِدْمَةٍ أَوْ قِتَالٍ لِقِلَّتِنَا، وَلَا يُنَافِي هَذَا اشْتِرَاطُ مُقَاوَمَتِنَا لِلْفِرْقَتَيْنِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: لِأَنَّ الْمُرَادَ قِلَّةُ الْمُسْتَعَانِ بِهِمْ حَتَّى لَا تَظْهَرَ كَثْرَةُ الْعَدُوِّ بِهِمْ. وَأَجَابَ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ الْعَدُوَّ إذَا كَانَ مِائَتَيْنِ وَنَحْنُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ فَفِينَا قِلَّةٌ بِالنِّسْبَةِ لِاسْتِوَاءِ الْعَدَدَيْنِ، فَإِذَا اسْتَعَنَّا بِخَمْسِينَ فَقَدْ اسْتَوَى الْعَدَدَانِ، وَلَوْ انْحَازَ الْخَمْسُونَ إلَيْهِمْ أَمْكَنَتْنَا مُقَاوَمَتُهُمْ لِعَدَمِ زِيَادَتِهِمْ عَلَى الضِّعْفِ، وَيُفْعَلُ بِالْمُسْتَعَانِ بِهِمْ الْأَصْلَحُ مِنْ إفْرَادِهِمْ وَتَفْرِيقِهِمْ فِي الْجَيْشِ (وَبِعَبِيدٍ بِإِذْنِ السَّادَةِ) وَنِسَاءٍ بِإِذْنِ الْأَزْوَاجِ وَمَدِينٍ وَفَرْعٍ بِإِذْنِ دَائِنٍ وَأَصْلٍ (وَمُرَاهِقِينَ أَقْوِيَاءَ) بِإِذْنِ الْأَوْلِيَاءِ وَالْأُصُولِ، وَلَوْ نِسَاءَ أَهْلِ ذِمَّةٍ وَصِبْيَانِهِمْ؛ لِأَنَّ لَهُمْ نَفْعًا وَلَوْ بِنَحْوِ سَقْيِ مَاءٍ وَحِرَاسَةِ مَتَاعٍ، وَيَكْفِي التَّمْيِيزُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَوِيًّا بِالنِّسْبَةِ لِمِثْلِ مَا ذَكَرْنَاهُ بِخِلَافِهِ لِقِتَالٍ فَلَا بُدَّ فِيهِ مَعَ الْمُرَاهَقَةِ مِنْ الْقُوَّةِ، وَشَمَلَ قَوْلُهُ وَبِعَبِيدٍ مَا لَوْ كَانَ مُوصًى بِمَنْفَعَتِهِ لِبَيْتِ الْمَالِ، أَوْ مُكَاتَبًا كِتَابَةً صَحِيحَةً فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِ السَّيِّدِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ (وَلَهُ) أَيْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ (بَذْلُ الْأُهْبَةِ وَالسِّلَاحِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَمِنْ مَالِهِ) لِيَنَالَ ثَوَابَ الْإِعَانَةِ، وَكَذَا لِلْآحَادِ ذَلِكَ، نَعَمْ إنْ بَذَلَ لِيَكُونَ الْغَزْوُ لِلْبَاذِلِ لَمْ يَجُزْ. وَمَعْنَى خَبَرِ «مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فَقَدْ غَزَا» أَيْ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ ثَوَابِ غَازٍ (وَلَا يَصِحُّ) مِنْ إمَامٍ أَوْ غَيْرِهِ (اسْتِئْجَارُ مُسْلِمٍ) وَلَوْ صَبِيًّا كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ وَقِنًّا وَمَعْذُورًا سَوَاءٌ إجَارَةُ الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ (لِجِهَادٍ) كَمَا قَدَّمَهُ فِي الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْتِزَامُهُ فِي الذِّمَّةِ، وَإِنَّمَا صَحَّ الْتِزَامُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَدَّى تَرْكُهُ إلَى التَّغْرِيرِ الظَّاهِرِ الْمُؤَدِّي إلَى الضَّرَرِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: اتَّجَهَتْ حُرْمَةُ تَوْلِيَتِهِ) أَيْ وَتَجِبُ طَاعَتُهُ لِئَلَّا يَخْتَلَّ أَمْرُ الْجَيْشِ. وَكَتَبَ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ قَوْلُهُ اتَّجَهَ حُرْمَةُ تَوْلِيَتِهِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ ظَاهِرُ الْمَزِيَّةِ فِي النَّفْعِ فِي أَمْرِ الْحَرْبِ وَالْجُنْدِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ التَّأْمِيرُ لِجَمْعٍ) أَيْ بِأَنْ يُؤَمِّرُوا وَاحِدًا مِنْهُمْ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: قَصَدُوا سَفَرًا) أَيْ وَلَوْ قَصِيرًا (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ) تَبِعَهُ حَجّ (قَوْلُهُ وَيَكُونُونَ) وُجُوبًا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ، وَلَا يُنَافِي هَذَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَجَابَ الْبُلْقِينِيُّ) لَكِنْ فِي تَوَقُّفِ الْجَوَازِ عَلَى ذَلِكَ حِينَئِذٍ نَظَرٌ ظَاهِرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَيُفْعَلُ بِالْمُسْتَعَانِ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: بِإِذْنِ الْأَزْوَاجِ) أَيْ وَالْوَلِيِّ وَلَوْ فِي الرَّشِيدَةِ كَمَا شَمِلَهُ قَوْلُ الشَّيْخِ بِإِذْنِ مَالِكِ أَمْرِ هَذِهِ (قَوْلُهُ: لِمِثْلِ مَا ذَكَرْنَاهُ) أَيْ مِنْ نَحْوِ السَّقْيِ إلَخْ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ) أَيْ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا لِلْآحَادِ ذَلِكَ) قَالَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَمَحَلُّهُ فِي الْمُسْلِمِ. أَمَّا الْكَافِرُ فَلَا بَلْ يَرْجِعُ فِيهِ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى اجْتِهَادٍ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ قَدْ يَخُونُ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَيَدُلُّ لِلتَّقْيِيدِ بِالْمُسْلِمِ مَا حَلَّ بِهِ الْحَدِيثُ، وَكَتَبَ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ قَوْلَهُ وَكَذَا لِلْآحَادِ ذَلِكَ: أَيْ بَذْلُ الْأُهْبَةِ مِنْ مَالِهِمْ وَلَا تَسَلُّطَ لَهُمْ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ بَذَلَ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الْإِمَامِ وَالْآحَادِ، وَقَوْلُهُ لِيَكُونَ الْغَزْوُ: أَيْ بِشَرْطٍ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَكَتَبَ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ قَوْلَهُ لِيَكُونَ الْغَزْوُ: أَيْ سَوَاءٌ شَرَطَ أَنَّ ثَوَابَهُ لَهُ أَوْ أَنَّ مَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ يَكُونُ لِلْبَاذِلِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ) وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجِبُ لِفَسَادِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ . (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا صَحَّ الْتِزَامٌ) أَيْ بِأَنْ أَجَّرَ نَفْسَهُ لِلْغَيْرِ، لَكِنْ إنَّمَا يَأْتِي بَعْدَ الْحَجِّ عَنْ نَفْسِهِ إذَا لَمْ يَسْتَأْجِرْهُ لِلْحَجِّ عَنْهُ فِي السَّنَةِ الْأُولَى ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَشَمَلَ قَوْلُهُ وَبِعَبِيدٍ مَا لَوْ كَانَ مُوصٍ إلَخْ) حَقُّ الْعِبَارَةِ وَشَمَلَ قَوْلُهُ وَبِعَبِيدٍ بِإِذْنِ السَّادَةِ مَا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ مُوصِي إلَخْ

مَنْ لَمْ يَحُجَّ الْحَجَّ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ وُقُوعُهُ عَنْ الْغَيْرِ وَالْتِزَامُ حَائِضٍ لِخِدْمَةِ مَسْجِدٍ فِي ذِمَّتِهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ الْعَامَّةِ النَّفْعِ الَّتِي يُخَاطَبُ بِهَا كُلُّ أَحَدٍ، بِخِلَافِ الْجِهَادِ فَوَقَعَ مِنْ الْمُبَاشِرِ عَنْ نَفْسِهِ دُونَ غَيْرِهِ، وَمَا يَأْخُذُ الْمُرْتَزِقُ مِنْ الْفَيْءِ وَالْمُتَطَوِّعُ مِنْ الزَّكَاةِ إعَانَةٌ لَا أُجْرَةٌ، وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى الْغَزْوِ لَا أُجْرَةَ لَهُ إنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا اسْتَحَقَّهَا مِنْ خُرُوجِهِ إلَى حُضُورِهِ الْوَاقِعَةِ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ أَكْرَهَ قِنًّا اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ مُطْلَقًا، وَإِنْ قُلْنَا بِتَعَيُّنِهِ عَلَيْهِ عِنْدَ دُخُولِهِمْ بِلَادَنَا، وَقِيَاسُهُ فِي الصَّبِيِّ كَذَلِكَ، وَنَحْوُ الذِّمِّيِّ الْمُكْرَهِ أَوْ الْمُسْتَأْجَرِ بِمَجْهُولٍ إذَا قَاتَلَ اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ، وَإِلَّا فَلِذَهَابِهِ فَقَطْ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ، وَلِمَنْ عَيَّنَهُ إمَامٌ أَوْ نَائِبُهُ إجْبَارٌ لِتَجْهِيزِ مَيِّتٍ أُجْرَةً فِي التَّرِكَةِ، ثُمَّ فِي بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ تَسْقُطُ (وَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُ ذِمِّيٍّ) وَمُؤَمَّنٍ وَمُعَاهَدٍ بَلْ وَحَرْبِيٍّ لِجِهَادٍ (لِلْإِمَامِ) حَيْثُ تَجُوزُ الِاسْتِعَانَةُ بِهِ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ دُونَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَنْهُ، وَاغْتُفِرَتْ جَهَالَةُ الْعَمَلِ لِلضَّرُورَةِ، وَلِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ فِي مُعَاقَدَةِ الْكُفَّارِ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي مُعَاقَدَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ، وَلَوْ لِنَحْوِ صُلْحٍ فُسِخَتْ وَاسْتُرِدَّ مِنْهُ مَا أَخَذَهُ، وَإِنْ خَرَجَ وَدَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ وَكَانَ تَرْكُ الْقِتَالِ بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ فَلَا، وَلَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ عَيْنُ كَافِرٍ فَأَسْلَمَ فَقَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ لَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ طَاهِرٌ لِخِدْمَةِ مَسْجِدٍ فَحَاضَتْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ الِانْفِسَاخُ هُنَا، إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّ الطَّارِئَ ثَمَّ يَمْتَنِعُ مُبَاشَرَةً الْعَمَلُ فَيَتَعَذَّرُ، وَيَلْزَمُ مِنْ تَعَذُّرِهِ الِانْفِسَاخُ، وَالطَّارِئُ هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا ضَرُورَةَ إلَى الْحُكْمِ بِالِانْفِسَاخِ (قِيلَ) (وَلِغَيْرِهِ) مِنْ الْمُسْلِمِينَ اسْتِئْجَارُ الذِّمِّيِّ كَالْأَذَانِ وَالْأَصَحُّ لَا، لِاحْتِيَاجِ الْجِهَادِ إلَى مَزِيدِ نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ، وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ جَازَ قَطْعًا ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ وَقْتِ الْإِيجَارِ (قَوْلُهُ: لَا أُجْرَةَ) أَيْ حَيْثُ كَانَ كَامِلًا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْقِنِّ وَالصَّبِيِّ (قَوْلُهُ:، وَإِلَّا اسْتَحَقَّهَا) أَيْ عَلَى الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ (قَوْلُهُ: لَوْ أُكْرِهَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمُكْرِهُ الْإِمَامَ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ حَضَرَ الْوَقْعَةَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ يَسْتَحِقُّ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَنَحْوُ الذِّمِّيِّ الْمُكْرَهِ) هُوَ بِالْجَرِّ صِفَةٌ لِلذِّمِّيِّ (قَوْلُهُ أَوْ الْمُسْتَأْجَرِ بِمَجْهُولٍ) عَطْفٌ عَلَى الْمُكْرَهِ (قَوْلُهُ اسْتَحَقَّ) خَبَرُ قَوْلِهِ نَحْوُ (قَوْلُهُ: أُجْرَةَ الْمِثْلِ) أَيْ لِلْمُدَّةِ كُلِّهَا (قَوْلُهُ: أَوْ نَائِبُهُ) أَمَّا لَوْ كَانَ الْمُكْرِهُ غَيْرَهُمَا فَالْأُجْرَةُ عَلَى الْمُكْرَهِ حَيْثُ لَا تَرِكَةَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَسْقُطُ) هَلَّا قَدَّمَ عَلَى السُّقُوطِ مَيَاسِيرَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَعَلَّ سَبَبَ ذَلِكَ كَوْنُ الْفَاعِلِ مِنْ جُمْلَةِ الْمُكَلَّفِينَ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: حَيْثُ تَجُوزُ الِاسْتِعَانَةُ) أَيْ بِأَنْ اسْتَبَانَ خِيَانَتَهُمْ وَكَانُوا بِحَيْثُ لَوْ انْضَمَّتْ فِرْقَتَا الْكُفْرِ قَاوَمْنَاهُمْ وَاحْتَجْنَا لَهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَوْلُهُ دُونَ غَيْرِهِ: أَيْ غَيْرِ الْإِمَامِ أَخَذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قِيلَ وَلِغَيْرِهِ، وَجَعَلَ سم الضَّمَانَ فِي غَيْرِهِ لِخُمُسِ الْخُمُسِ فَقَالَ: أَيْ مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَنْهُ) أَيْ الذِّمِّيِّ هَلَّا وَقَعَ عَنْهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكُفَّارَ مُكَلَّفُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ فَإِنَّهُ شَامِلٌ لِذَلِكَ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ، وَإِنْ قَالَ الْعِرَاقِيُّ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْإِسْنَوِيُّ وَمَرَّ لِي فِي بَعْضِ الْكُتُبِ الَّتِي لَا أَسْتَحْضِرُهَا الْآنَ أَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ بِمَا عَدَا الْجِهَادَ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَاسْتَرَدَّ مِنْهُ مَا أَخَذَهُ) أَيْ فَلَوْ كَانَ صَرَفَهُ فِي آلَاتِ السَّفَرِ أَوْ نَحْوِهَا غَرِمَ بَدَلَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ خَرَجَ وَدَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ) بَقِيَ مَا إذَا خَرَجَ وَرَجَعَ قَبْلَ دُخُولِ دَارِ الْحَرْبِ بِاخْتِيَارٍ أَوْ بِدُونِهِ أَوْ بَعْدَ دُخُولِهَا وَتَرْكِ الْقِتَالِ بِاخْتِيَارٍ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسْتَرِدُّ مِنْهُ مَا أَخَذَهُ (قَوْلُهُ وَكَانَ تَرَكَ الْقِتَالَ بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ) أَيْ مِنْ الذِّمِّيِّ وَلَوْ بِمَوْتِهِ فَيُفْصَلُ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِهِ بَعْدَ دُخُولِ دَارِ الْحَرْبِ فَلَا يُسْتَرَدُّ مِنْهُ مَا أَخَذَهُ وَكَوْنِهِ قَبْلَ دُخُولِهَا فَيُسْتَرَدُّ مِنْهُ وَقَوْلُهُ فَلَا: أَيْ فَلَا يُسْتَرَدُّ (قَوْلُهُ: فَقَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ لَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ) أَيْ إجَارَةَ عَيْنٍ (قَوْلُهُ: الِانْفِسَاخُ هُنَا) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ أَذِنَ لَهُ) أَيْ لِلْغَيْرِ (قَوْلُهُ: جَازَ قَطْعًا) وَلَوْ اخْتَلَفَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ وَقِيَاسُهُ فِي الصَّبِيِّ كَذَلِكَ) أَيْ فِي أَصْلِ اسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ

(وَيُكْرَهُ) تَنْزِيهًا (لِغَازٍ قَتْلُ قَرِيبٍ) لِأَنَّ فِيهِ نَوْعًا مِنْ قَطْعِ الرَّحِمِ (وَ) قَتْلُ قَرِيبٍ (مَحْرَمٍ) (أَشَدُّ) كَرَاهَةً؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنَعَ أَبَا بَكْرٍ مِنْ قَتْلِ ابْنِهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَوْمَ أُحُدٍ (قُلْت: إلَّا أَنْ يَسْمَعَهُ) يَعْنِي يَعْلَمَهُ وَلَوْ بِغَيْرِ سَمَاعٍ (يَسُبُّ اللَّهَ تَعَالَى) أَوْ يَذْكُرَهُ بِسُوءٍ (أَوْ رَسُولَهُ) مُحَمَّدًا (- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَوْ نَبِيًّا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَلَا كَرَاهَةَ حِينَئِذٍ تَقْدِيمًا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَلِحَقِّ أَنْبِيَائِهِ (وَيَحْرُمُ قَتْلُ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَامْرَأَةٍ) وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا كِتَابٌ خِلَافًا لِمَنْ قَيَّدَهَا بِذَلِكَ (وَخُنْثَى مُشْكِلٍ) وَمَنْ بِهِ رِقٌّ مَا لَمْ يُقَاتِلُوا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ أَوْ سَبُّوا مَنْ مَرَّ كَذَا أَطْلَقُوهُ، وَيَتَّجِهُ تَخْصِيصُهُ بِالْمُمَيِّزِ وَمَحَلُّ قَتْلِهِمْ إنْ لَمْ يَنْهَزِمُوا، وَإِلَّا لَمْ نَتْبَعْهُمْ أَوْ يَتَتَرَّسْ بِهِمْ الْكُفَّارُ وَإِنْ أَمْكَنَ دَفْعُهُمْ بِغَيْرِ الْقَتْلِ، نَعَمْ لِلْمُضْطَرِّ قَتْلُ هَؤُلَاءِ لَا كُلِّهِمْ (وَيَحِلُّ قَتْلُ) ذَكَرٍ (رَاهِبٍ) وَهُوَ عَابِدُ النَّصَارَى (وَأَجِيرٍ) ؛ لِأَنَّ لَهُمْ رَأْيًا وَقِتَالًا (وَشَيْخٍ وَأَعْمَى وَزَمِنٍ لَا قِتَالَ فِيهِمْ وَلَا رَأْيَ فِي الْأَظْهَرِ) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5] نَعَمْ الرُّسُلُ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُمْ، وَالثَّانِي لَا يَحِلُّ قَتْلُهُمْ لِأَنَّهُمْ لَا يُقَاتِلُونَ، فَمَنْ قَاتَلَ مِنْهُمْ، أَوْ كَانَ لَهُ رَأْيٌ فِي الْقِتَالِ وَتَدْبِيرُ أَمْرِ الْحَرْبِ جَازَ قَتْلُهُ قَطْعًا، وَتَفَرَّعَ عَلَى الْجَوَازِ قَوْلُهُ (فَيُسْتَرَقُّونَ وَتُسْبَى نِسَاؤُهُمْ) وَصِبْيَانُهُمْ (وَ) شِرَاءُ (أَمْوَالُهُمْ) لِإِهْدَارِهِمْ (وَيَجُوزُ حِصَارُ الْكُفَّارِ فِي الْبِلَادِ وَالْقِلَاعِ) وَغَيْرِهَا (وَإِرْسَالُ الْمَاءِ عَلَيْهِمْ) وَقَطْعُهُ عَنْهُمْ (وَرَمْيُهُمْ بِنَارٍ وَمَنْجَنِيقٍ) وَغَيْرِهِمَا وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ نِسَاءٌ وَصِبْيَانٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ} [التوبة: 5] «وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَاصَرَ أَهْلَ الطَّائِفِ وَرَمَاهُمْ بِالْمَنْجَنِيقِ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ. نَعَمْ لَوْ تَحَصَّنَ أَهْلُ حَرْبٍ بِمَحَلٍّ مِنْ حَرَمِ مَكَّةَ امْتَنَعَ قِتَالُهُمْ بِمَا يَعُمُّ وَحِصَارُهُمْ بِهِ تَعْظِيمًا لِلْحُرِّ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ الِاضْطِرَارِ لَهُ وَإِلَّا جَازَ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ إتْلَافِهِمْ بِمَا ذُكِرَ، وَإِنْ قَدَرْنَا عَلَيْهِ بِدُونِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إلَى الظَّاهِرِ خِلَافُهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا اقْتَضَتْهُ مَصْلَحَةُ الْمُسْلِمِينَ (وَتَبْيِيتُهُمْ) أَيْ الْإِغَارَةَ عَلَيْهِمْ لَيْلًا (فِي غَفْلَةٍ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، نَعَمْ بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ كَالْبُلْقِينِيِّ كَرَاهَتَهُ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ إذْ لَا يُؤَمَّنُ مَنْ قَتَلَ مُسْلِمًا يَظُنُّهُ كَافِرًا، وَمَنْ عَلِمْنَا عَدَمَ بُلُوغِهِ الدَّعْوَةَ لَا نُقَاتِلُهُ حَتَّى نَعْرِضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ حَتْمًا، وَإِنْ ادَّعَى بَعْضُهُمْ اسْتِحْبَابَهُ، وَإِلَّا أَثِمَ وَضَمِنَ كَمَا مَرَّ فِي الدِّيَاتِ، أَمَّا مَنْ بَلَغَتْهُ فَلَهُ قَتْلُهُ وَلَوْ بِمَا يَعُمُّ (فَإِنْ) (كَانَ فِيهِمْ مُسْلِمٌ) وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ (أَسِيرٌ أَوْ تَاجِرٌ جَازَ ذَلِكَ) أَيْ حِصَارُهُمْ وَتَبْيِيتُهُمْ فِي غَفْلَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْإِمَامُ وَغَيْرُهُ فِي الْإِذْنِ وَعَدَمِهِ صُدِّقَ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ (قَوْلُهُ وَقَتْلُ قَرِيبٍ مَحْرَمٍ أَشَدُّ) خَرَجَ غَيْرُ قَرِيبٍ فَلَا يُكْرَهُ قَتْلُهُ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ بِأَنْ كَانَ مَحْرَمًا لَا قَرَابَةَ لَهُ كَمَحْرَمِ الرَّضَاعِ وَالْمُصَاهَرَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ قَتْلِ ابْنِهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَوْمَ أُحُدٍ) ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (قَوْلُهُ أَوْ نَبِيًّا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ) أَيْ وَإِنْ اُخْتُلِفَ فِي نُبُوَّتِهِ كَلُقْمَانَ الْحَكِيمِ وَمَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ قَتْلِهِمْ) أَيْ إذَا قَاتَلُوا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَتْبَعْهُمْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ خِيفَ اجْتِمَاعُهُمْ وَرُجُوعُهُمْ لِلْقِتَالِ، وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ سِيَّمَا إذَا خِيفَ انْضِمَامُهُمْ لِجَيْشِ الْكُفْرِ وَمُعَاوَنَتُهُمْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَمْكَنَ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَنْهَزِمُوا أَيْضًا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ وَأَجِيرٍ) أَيْ مِنْهُمْ بِأَنْ اسْتَأْجَرُوهُ لِمَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ لَهُمْ رَأْيًا) أَيْ لَهُمْ صَلَاحِيَّةُ ذَلِكَ فَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ الْآتِي لَا قِتَالَ لَهُمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ الرُّسُلُ) أَيْ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ قَتْلُهُمْ) أَيْ حَيْثُ دَخَلُوا لِمُجَرَّدِ تَبْلِيغِ الْخَبَرِ، فَإِنْ حَصَلَ مِنْهُمْ تَجَسُّسٌ أَوْ خِيَانَةٌ أَوْ سَبٌّ لِلْمُسْلِمِينَ جَازَ قَتْلُهُمْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَدَرْنَا عَلَيْهِ) أَيْ الْإِتْلَافِ (قَوْلُهُ: وَضَمِنَ) أَيْ بِأَخَسِّ الدِّيَاتِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ لِأَنَّ لَهُمْ رَأْيًا) يَعْنِي الرُّهْبَانَ وَالْأُجَرَاءَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ لَا يُقَاتِلُونَ) اُنْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ فِي الرَّاهِبِ وَالْأَجِيرِ (قَوْلُهُ: وَتَفَرَّعَ عَلَى الْجَوَازِ إلَخْ) أَيْ أَمَّا عَلَى الْمَنْعِ فَيَرِقُّونَ بِنَفْسِ الْأَسْرِ، وَقِيلَ يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُمْ، وَقِيلَ يُتْرَكُونَ وَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُمْ، وَأَمَّا سَبْيُ نِسَائِهِمْ وَصِبْيَانِهِمْ وَاغْتِنَامُ أَمْوَالِهِمْ فَجَائِزٌ عَلَى هَذَا عَلَى الْأَصَحِّ

وَقَتْلُهُمْ بِمَا يَعُمُّ، وَإِنْ عُلِمَ قَتْلُ الْمُسْلِمِ بِذَلِكَ لَكِنْ يَجِبُ تَوَقِّيهِ مَا أَمْكَنَ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِئَلَّا يُعَطِّلُوا الْجِهَادَ عَلَيْنَا بِحَبْسِ مُسْلِمٍ عِنْدَهُمْ، نَعَمْ يُكْرَهُ ذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ الِاضْطِرَارِ إلَيْهِ كَأَنْ لَمْ يَحْصُلْ الْفَتْحُ إلَّا بِهِ تَحَرُّزًا مِنْ إيذَاءِ الْمُسْلِمِ مَا أَمْكَنَ، وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الذِّمِّيُّ، وَلَا ضَمَانَ هُنَا فِي قَتْلِهِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ لَمْ تُعْلَمْ عَيْنُهُ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي إنْ عُلِمَ إهْلَاكُ الْمُسْلِمِ لَمْ يَجُزْ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ (وَلَوْ) (الْتَحَمَ حَرْبٌ فَتَتَرَّسُوا بِنِسَاءِ) وَخَنَاثَى (وَصِبْيَانٍ) وَمَجَانِينَ وَعَبِيدٍ مِنْهُمْ (جَازَ رَمْيُهُمْ) إذَا دَعَتْ ضَرُورَةٌ لَهُ (وَإِنْ دَفَعُوا بِهِمْ عَنْ أَنْفُسِهِمْ) الْتَحَمَ الْحَرْبُ أَوْ لَا (وَلَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إلَى رَمْيِهِمْ فَالْأَظْهَرُ تَرْكُهُمْ) وُجُوبًا لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى قَتْلِهِمْ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ جَوَازِهِ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي قَتْلِهِمْ بِمَا يَعُمُّ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَقْصِدَ بِذَلِكَ التَّوَصُّلَ إلَى رِجَالِهِمْ (وَإِنْ) (تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمِينَ) أَوْ ذِمِّيِّينَ (فَإِنْ لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إلَى رَمْيِهِمْ تَرَكْنَاهُمْ) وُجُوبًا صِيَانَةً لَهُمْ، وَلِكَوْنِ حُرْمَتِهِمْ لِأَجْلِ حُرْمَةِ الدِّينِ وَالْعَهْدِ فَارَقُوا الذُّرِّيَّةَ؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهُمْ لِحِفْظِ حَقِّ الْغَانِمِينَ خَاصَّةً (وَإِلَّا) بِأَنْ تَتَرَّسُوا بِهِمْ حَالَ الْتِحَامِ الْحَرْبِ وَاضْطُرِرْنَا لِرَمْيِهِمْ بِأَنْ كُنَّا لَوْ كَفَفْنَا عَنْهُمْ ظَفِرُوا بِنَا أَوْ عَظُمَتْ نِكَايَتُهُمْ فِينَا (جَازَ رَمْيُهُمْ فِي الْأَصَحِّ) عَلَى قَصْدِ قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ، وَيُتَوَقَّى الْمُسْلِمُونَ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ؛ لِأَنَّ مَفْسَدَةَ الْكَفِّ عَنْهُمْ أَعْظَمُ، وَيُحْتَمَلُ هَلَاكُ طَائِفَةٍ لِلدَّفْعِ عَنْ بَيْضَةِ الْإِسْلَامِ، وَإِنَّمَا لَمْ نَقُلْ بِوُجُوبِهِ لِوُقُوعِ الْخِلَافِ فِي الْجَوَازِ مَعَ كَوْنِ الْمُقَاتِلِ لَهُ قُوَّةٌ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنْ نَخَافَ عَلَى أَنْفُسِنَا، وَدَمُ الْمُسْلِمِ لَا يُبَاحُ بِالْخَوْفِ بِدَلِيلِ صُورَةِ الْإِكْرَاهِ فَلِذَا رَاعَيْنَاهُ وَقُلْنَا بِجَوَازِهِ، وَيَضْمَنُ الْمُسْلِمُ وَنَحْوُ الذِّمِّيِّ بِالدِّيَةِ أَوْ الْقِيمَةِ أَوْ وَالْكَفَّارَةِ إنْ عُلِمَ وَأَمْكَنَ تَوَقِّيهِ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ إذَا لَمْ يَتَأَتَّ رَمْيُ الْكُفَّارِ إلَّا بِرَمْيِ الْمُسْلِمِ (وَيَحْرُمُ الِانْصِرَافُ) عَلَى مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ فَرْضِ الْجِهَادِ (عَنْ الصَّفِّ) بَعْدَ مُلَاقَاتِهِ، وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ قَتْلُهُ لَوْ ثَبَتَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ} [الأنفال: 15] وَصَحَّ أَنَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَدَّ الْفِرَارِ مِنْ الزَّحْفِ مِنْ السَّبْعِ الْمُوبِقَاتِ، وَخَرَجَ بِالصَّفِّ مَا لَوْ لَقِيَ مُسْلِمٌ كَافِرَيْنِ فَطَلَبَهُمَا أَوْ طَلَبَاهُ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْفِرَارُ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الثَّبَاتِ إنَّمَا هُوَ فِي الْجَمَاعَةِ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ لَقِيَ مُسْلِمَانِ أَرْبَعَةً جَازَ لَهُمَا الْفِرَارُ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ جَمَاعَةٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالْجَمَاعَةِ مَا مَرَّ فِي صَلَاتِهَا فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْمُسْلِمَانِ، وَيَجُوزُ لِأَهْلِ بَلْدَةٍ قَصَدَهُمْ الْكُفَّارُ التَّحَصُّنُ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ الْإِثْمَ مَنُوطٌ بِمَنْ فَرَّ بَعْدَ لِقَائِهِمْ، وَلَوْ ذَهَبَ سِلَاحُهُ وَأَمْكَنَهُ الرَّمْيُ بِأَحْجَارٍ امْتَنَعَ الِانْصِرَافُ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ مَرْكُوبُهُ وَأَمْكَنَهُ رَاجِلًا (إذَا لَمْ يَزِدْ عَدَدُ الْكُفَّارِ عَلَى مِثْلَيْنَا) لِلْآيَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: نَعَمْ يُكْرَهُ ذَلِكَ) أَيْ حِصَارُهُمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا ضَمَانَ هُنَا فِي قَتْلِهِ) أَيْ الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ (قَوْلُهُ إنْ عُلِمَ) أَيْ الْمُسْلِمُ (قَوْلُهُ: إهْلَاكُ الْمُسْلِمِ) أَيْ أَوْ الذِّمِّيِّ، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ عَيْنَهُ فَإِنْ عَلِمَ عَيْنَهُ ضَمِنَهُ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ عَيْنَهُ. اهـ (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَقْصِدَ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ حُرْمَتَهُمْ) أَيْ الذُّرِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ تَوَقِّيهِمْ) أَيْ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: عَنْ بَيْضَةِ الْإِسْلَامِ) أَيْ جَمَاعَةِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: إنْ عُلِمَ) أَيْ عَلَى التَّعْيِينِ (قَوْلُهُ: لِلْآيَةِ) أَيْ وَهِيَ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ} [الأنفال: 66] إلَخْ (قَوْلُهُ: بَعْدَ مُلَاقَاتِهِ) أَيْ الْعَدُوِّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ) أَيْ لَا إنْ قُطِعَ بِهِ عب اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ أَيْ فَلَا يَحْرُمُ الِانْصِرَافُ (قَوْلُهُ: مِنْ السَّبْعِ الْمُوبِقَاتِ) أَيْ الْمُهْلِكَاتِ (قَوْلُهُ: جَازَ لَهُمَا الْفِرَارُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ لِأَهْلِ بَلْدَةٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ وَالْكَفَّارَةِ إنْ عُلِمَ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْكَفَّارَةَ إنَّمَا تَجِبُ بِالْقَيْدَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ، وَصَرِيحُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: لِلْآيَةِ) يَعْنِي قَوْله تَعَالَى {الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ} [الأنفال: 66]

وَهُوَ أَمْرٌ بِلَفْظِ الْخَبَرِ، وَإِلَّا لَزِمَ الْخُلْفُ فِي خَبَرِهِ تَعَالَى وَحِكْمَةُ مُصَابَرَةِ الضَّعْفِ أَنَّ الْمُسْلِمَ يُقَاتِلُ عَلَى إحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ الشَّهَادَةِ أَوْ الْفَوْزِ بِالْغَنِيمَةِ مَعَ الْأَجْرِ، وَالْكَافِرُ يُقَاتِلُ عَلَى الْفَوْزِ فِي الدُّنْيَا فَقَطْ. فَإِنْ زَادَ عَلَى الْمِثْلَيْنِ جَازَ الِانْصِرَافُ مُطْلَقًا، وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ بَلَغُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، وَأَمَّا خَبَرُ «لَنْ يُغْلَبَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ» فَالْمُرَادُ أَنَّ الْغَالِبَ عَلَى هَذَا الْعَدَدِ الظَّرْفُ فَلَا تَعَرُّضَ فِيهِ لِحُرْمَةِ فِرَارٍ وَلَا عَدَمِهَا (إلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ) أَيْ مُنْتَقِلًا عَنْ مَحَلِّهِ لِيَكْمُنَ لِأَرْفَعَ مِنْهُ أَوْ أَصْوَنَ مِنْهُ عَنْ نَحْوِ رِيحٍ أَوْ شَمْسٍ أَوْ عَطَشٍ (أَوْ مُتَحَيِّزًا) أَيْ ذَاهِبًا (إلَى فِئَةٍ) مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ قَلَّتْ (يَسْتَنْجِدُ بِهَا) عَلَى الْعَدُوِّ وَهِيَ قَرِيبَةٌ بِأَنْ تَكُونَ بِحَيْثُ يُدْرِكُ غَوْثَهَا الْمُتَحَيِّزُ عَنْهَا عِنْدَ الِاسْتِغَاثَةِ لِلْآيَةِ، وَلَا يَلْزَمُ تَحْقِيقُ قَصْدِهِ بِالرُّجُوعِ لِلْقِتَالِ إذْ لَا يَجِبُ قَضَاءُ الْجِهَادِ، وَمَحَلُّ الْكَلَامِ فِيمَنْ تَحَرَّفَ أَوْ تَحَيَّزَ بِقَصْدِ ذَلِكَ، ثُمَّ طَرَأَ لَهُ عَدَمُ الْعَوْدَةِ، أَمَّا جَعْلُهُ وَسِيلَةً لِذَلِكَ فَشَدِيدُ الْإِثْمِ إذْ لَا يُمْكِنُ مُخَادَعَةُ اللَّهِ فِي الْعَزَائِمِ، (وَيَجُوزُ) التَّحَيُّزُ (إلَى فِئَةٍ بَعِيدَةٍ) (فِي الْأَصَحِّ) لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ، وَإِنْ انْقَضَى الْقِتَالُ قَبْلَ عَوْدِهِ أَوْ مَجِيئِهِمْ، وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ قُرْبُهَا، وَالْأَوْجَهُ ضَبْطُ الْبَعِيدَةِ بِأَنْ تَكُونَ فِي حَدِّ الْقُرْبِ الْمَارِّ فِي التَّيَمُّمِ أَخْذًا مِنْ ضَبْطِ الْقَرِيبَةِ بِحَدِّ الْغَوْثِ، وَلَوْ حَصَلَ بِتَحَيُّزِهِ كَسْرُ قُلُوبِ الْجَيْشِ امْتَنَعَ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْوَرْدِيِّ وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ لِحِلِّهِ أَنْ يَسْتَشْعِرَ عَجْزًا يُحْوِجُهُ إلَى اسْتِنْجَادٍ، وَإِنْ ذَهَبَ جَمْعٌ إلَى اشْتِرَاطِهِ وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ. (وَلَا يُشَارِكُ) مُتَحَرِّفٌ لِمَحِلٍّ بَعِيدٍ فِي الْأَوْجَهِ وَإِطْلَاقُ الْقَوْلِ بِالْمُشَارَكَةِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي مَصْلَحَتِنَا وَخَاطَرَ بِنَفْسِهِ أَكْثَرَ مِنْ الثَّبَاتِ فِي الصَّفِّ مَحْمُولٌ عَلَى قَرِيبٍ لَمْ يَغِبْ عَنْ الصَّفِّ غِيبَةً لَا يُضْطَرُّ إلَيْهَا لِأَجَلِ التَّحَرُّفِ؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّعْلِيلِ إنَّمَا يَتَأَتَّى فِيهِ فَقَطْ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، وَلَا (مُتَحَيِّزٌ إلَى) فِئَةٍ (بَعِيدَةِ الْجَيْشِ فِيمَا غَنِمَ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ) لِعَدَمِ نُصْرَتِهِ، وَيُشَارِكُ فِيمَا غَنِمَ قَبْلَ مُفَارَقَتِهِ (وَيُشَارِكُ مُتَحَيِّزٌ إلَى قَرِيبَةِ) الْجَيْشِ فِيمَا غَنِمَ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِبَقَاءِ نُصْرَتِهِ، وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي قَصْدِهِ التَّحَرُّفَ أَوْ التَّحَيُّزَ، وَلَوْ لَمْ يَعُدْ إلَى انْقِضَاءِ الْقِتَالِ، وَمَنْ أُرْسِلَ جَاسُوسًا يُشَارِكُ فِيمَا غَنِمَ فِي غِيبَتِهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ مَعَ كَوْنِهِ فِي مَصْلَحَتِهِمْ خَاطَرَ بِنَفْسِهِ أَكْثَرَ مِنْ بَقَائِهِ، وَالثَّانِي لَا يُشَارِكُهُ لِمُفَارَقَتِهِ (فَإِنْ) (زَادَ) الْعَدَدُ (عَلَى مِثْلَيْنِ) (جَازَ الِانْصِرَافُ) مُطْلَقًا لِلْآيَةِ (إلَّا أَنَّهُ يَحْرُمُ انْصِرَافُ مِائَةِ بَطَلٍ عَنْ مِائَتَيْنِ وَوَاحِدٍ ضُعَفَاءَ) وَيَجُوزُ انْصِرَافُ مِائَةٍ ضُعَفَاءَ عَنْ مِائَةٍ وَتِسْعَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSظَاهِرُهُ وَإِنْ كَثُرُوا (قَوْلُهُ وَهُوَ أَمْرٌ) أَيْ الدَّلِيلُ بِقَوْلِهِ لِلْآيَةِ (قَوْلُهُ: جَازَ الِانْصِرَافُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءً كَانَ الْمُسْلِمُ فِي صَفِّ الْقِتَالِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: لِيَكْمُنَ) بَابُهُ دَخَلَ (قَوْلُهُ الْمُتَحَيِّزُ عَنْهَا) أَيْ الْمُفَارِقُ لَهَا (قَوْلُهُ: فَشَدِيدُ الْإِثْمِ) وَلَا يُشْكِلُ هَذَا بِأَنَّ الْحِيلَةَ الْمُخَلِّصَةَ مِنْ الرِّبَا وَمِنْ الشُّفْعَةِ وَالزَّكَاةِ وَنَحْوِهَا مَكْرُوهَةٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ ثَمَّ مَفْرُوضٌ فِي حِيلَةٍ نَشَأَتْ مِنْ عَقْدٍ صَحِيحٍ أَضْمَرَ مَعَهُ عَلَى أَنْ يَفْعَلَهُ لِلتَّخَلُّصِ مِنْ الْإِثْمِ، وَمَا هُنَا مَفْرُوضٌ فِي قَصْدِ تَرْكِ الْقِتَالِ لَا غَيْرُ، وَإِنْ أَخْبَرَ ظَاهِرًا بِخِلَافِهِ فَهُوَ كَذِبٌ لِمُخَالَفَتِهِ مَا فِي نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا تُمْكِنُ مُخَادَعَةُ اللَّهِ فِي الْعَزَائِمِ) أَيْ فِيمَا يَعْزِمُ عَلَى فِعْلِهِ وَيُرِيدُهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَصَلَ بِتَحَيُّزِهِ كَسْرُ قُلُوبِ الْجَيْشِ امْتَنَعَ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ لِحِلِّهِ) أَيْ التَّحَيُّزِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشَارِكُ مُتَحَرِّفٌ) مُرَادُهُ بِالْمُتَحَرِّفِ الْمُنْتَقِلِ مِنْ مَحَلٍّ إلَى أَرْفَعَ مِنْهُ أَوْ أَصْوَنَ، وَبِهَذَا يُفَارِقُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ مُتَحَيِّزٌ إلَى فِئَةٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَعُدْ) غَايَةً (قَوْلُهُ: وَفِيمَا غَنِمَ فِي غِيبَتِهِ مُطْلَقًا) أَيْ قَرُبَ أَوْ بَعُدَ (قَوْلُهُ: يَحْرُمُ انْصِرَافُ مِائَةِ بَطَلٍ) أَيْ مِنَّا (قَوْلُهُ: عَنْ مِائَتَيْنِ وَوَاحِدٍ ضُعَفَاءَ) أَيْ مِنْ الْكُفَّارِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ انْصِرَافُ مِائَةٍ) أَيْ لِأَنَّهُمْ لَا يُقَاوِمُونَهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ وَلَوْ بَلَغَ الْمُسْلِمُونَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، خِلَافًا لِمَنْ ذَهَبَ إلَى حُرْمَةِ الِانْصِرَافِ مُطْلَقًا حِينَئِذٍ تَمَسُّكًا بِالْخَبَرِ الْآتِي (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَكُونَ) أَيْ الْفِئَةُ الْمُتَحَيَّزُ إلَيْهَا، وَقَوْلُهُ الْمُتَحَيَّزُ عَنْهَا هُوَ بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ: أَيْ الْفِئَةُ الَّتِي تَحَيَّزَ عَنْهَا (قَوْلُهُ: أَوْ قَبْلَ مَجِيئِهِمْ) اُنْظُرْ هُوَ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ أَوْ مَفْعُولِهِ

وَتِسْعِينَ أَبْطَالًا (فِي الْأَصَحِّ) اعْتِبَارًا بِالْمَعْنَى بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُسْتَنْبَطَ مِنْ النَّصِّ مَعْنًى يُخَصِّصُهُ؛ لِأَنَّهُمْ يُقَاوِمُونَهُمْ لَوْ ثَبَتُوا لَهُمْ، وَإِنَّمَا يُرَاعَى الْعَدَدُ عِنْدَ تَقَارُبِ الْأَوْصَافِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَخْتَصَّ الْخِلَافُ بِزِيَادَةِ الْوَاحِدِ وَنَقْصِهِ وَلَا بِرَاكِبٍ وَمَاشٍ. بَلْ الضَّابِطُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ كَالْبُلْقِينِيِّ أَنْ يَكُونَ فِي الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْقُوَّةِ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُمْ يُقَاوِمُونَ الزَّائِدَ عَلَى مِثْلَيْهِمْ، وَيَرْجُونَ الظَّفْرَ بِهِمْ، أَوْ مِنْ الضَّعْفِ مَا لَا يُقَاوِمُونَهُمْ، وَحَيْثُ جَازَ الِانْصِرَافُ، فَإِنْ غَلَبَ الْهَلَاكُ بِلَا نِكَايَةٍ وَجَبَ أَوْ بِهَا اُسْتُحِبَّ، وَالثَّانِي يَقِفُ مَعَ الْعَدَدِ (وَتَجُوزُ) أَيْ تُبَاحُ (الْمُبَارَزَةُ) كَمَا وَقَعَتْ بِبَدْرٍ وَغَيْرِهَا، وَتَمْتَنِعُ عَلَى مَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى مَدِينٍ وَفَرْعٍ مَأْذُونٍ لَهُمَا فِي الْجِهَادِ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِالْإِذْنِ فِي الْمُبَارَزَةِ وَقِنٍّ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي خُصُوصِهَا، لَكِنْ ذَهَبَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ إلَى كَرَاهَتِهَا (فَإِنْ طَلَبَهَا كَافِرٌ اُسْتُحِبَّ الْخُرُوجُ إلَيْهِ) لِمَا فِي تَرْكِهَا حِينَئِذٍ مِنْ عَدَمِ مُبَالَاتِهِمْ بِنَا (وَإِنَّمَا تَحْسُنُ مِمَّنْ جَرَّبَ نَفْسَهُ) فَعَرَفَ قُوَّتَهُ وَجَرَاءَتَهُ (وَبِإِذْنِ الْإِمَامِ) أَوْ أَمِيرِ الْجَيْشِ لِكَوْنِهِ أُعْرَفَ بِالْمَصْلَحَةِ مِنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ انْتَفَى شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ كُرِهَتْ ابْتِدَاءً وَإِجَابَةً، وَجَازَتْ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ لِكَوْنِ التَّغْرِيرِ بِالنَّفْسِ فِي الْجِهَادِ جَائِزًا، وَذَهَبَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَى تَحْرِيمِهَا عَلَى مَنْ يُؤَدِّي قَتْلُهُ لِهَزِيمَةِ الْمُسْلِمِينَ. وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ ثُمَّ أَبْدَى احْتِمَالًا بِكَرَاهَتِهَا مَعَ ذَلِكَ وَالْأَوْجَهُ مُدْرَكًا الْأَوَّلُ (وَيَجُوزُ إتْلَافُ بِنَائِهِمْ وَشَجَرِهِمْ لِحَاجَةِ الْقِتَالِ وَالظَّفَرِ بِهِمْ) لِلِاتِّبَاعِ فِي نَخْلِ بَنِي النَّضِيرِ النَّازِلِ فِيهِ أَوَّلَ الْحَشْرِ لِمَا زَعَمُوهُ فَسَادًا، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَفِي كَرْمِ أَهْلِ الطَّائِفِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَأَوْجَبَ جَمْعٌ ذَلِكَ عِنْدَ تَوَقُّفِ اللُّقْطَةِ بِهِمْ عَلَيْهِ (وَكَذَا) يَجُوزُ إتْلَافُهَا (إنْ لَمْ يُرْجَ حُصُولُهَا لَنَا) إغَاظَةً وَإِضْعَافًا لَهُمْ (فَإِنْ رُجِيَ) أَيْ ظُنَّ حُصُولُهَا لَنَا (نُدِبَ التَّرْكُ) وَكُرِهَ الْفِعْلُ حِفْظًا لِحَقِّ الْغَانِمِينَ (وَيَحْرُمُ إتْلَافُ الْحَيَوَانِ) الْمُحْتَرَمِ بِغَيْرِ ذَبْحٍ يُجَوِّزُ أَكْلَهُ حِفْظًا لِحُرْمَةِ رُوحِهِ، وَمِنْ ذَلِكَ امْتَنَعَ عَلَى مَالِكِهِ تَرْكُهُ بِلَا مُؤْنَةٍ وَسَقْيٍ بِخِلَافِ نَحْوِ الشَّجَرِ (إلَّا مَا يُقَاتِلُونَ عَلَيْهِ) فَيَجُوزُ لَنَا إتْلَافُهُ (لِدَفْعِهِمْ أَوْ أُقْرِعَ بِهِمْ) قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ فِي ذَرَارِيِّهِمْ بَلْ أَوْلَى (أَوْ غَنِمْنَاهُ وَخِفْنَا رُجُوعَهُ إلَيْهِمْ وَضَرَرَهُ) فَيَجُوزُ إتْلَافُهُ أَيْضًا دَفْعًا لِهَذِهِ الْمَفْسَدَةِ. أَمَّا إذَا خِفْنَا رُجُوعَهُ فَقَطْ فَلَا يَجُوزُ إتْلَافُهُ بَلْ يُذْبَحُ لِلْأَكْلِ. وَأَمَّا غَيْرُ الْمُحْتَرَمِ كَكَلْبٍ عَقُورٍ فَيَجُوزُ بَلْ يُنْدَبُ إتْلَافُهُ مُطْلَقًا إلَّا إنْ كَانَ فِيهِ عَدُوٌّ فَيَجِبُ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ بَلْ الضَّابِطُ) أَيْ وَهَذَا الضَّابِطُ يَصْدُقُ عَلَى مَا لَوْ زَادَ الْكُفَّارُ عَلَى الضَّعْفِ بِنَحْوِ عِشْرِينَ أَوْ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ: بِلَا نِكَايَةٍ) أَيْ لِلْكُفَّارِ، وَقَوْلُهُ وَجَبَ: أَيْ الِانْصِرَافُ (قَوْلُهُ وَيَمْتَنِعُ) عِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: قَوْلُهُ وَإِلَّا كُرِهَتْ، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ أَيْضًا: إلَّا أَنْ يَكُونَ عَبْدًا أَوْ فَرْعًا مَأْذُونًا لَهُمَا فِي الْجِهَادِ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ فِي الْإِذْنِ فِي الْبِرَازِ فَيُكْرَهُ لَهُمَا ابْتِدَاءً وَإِجَابَةً. قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَمِثْلُهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ الْمَدِينُ. وَأَقُولُ: يُؤَيِّدُهُ مَا قَالُوهُ إنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ تَوَقِّي مَظَانِّ الشَّهَادَةِ فَرَاجِعْهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَمِثْلُهُ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى حَجّ. وَفِي الزِّيَادِيِّ نَقْلًا عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ: لَكِنْ مَا فِي الشَّرْحِ مِنْ الْحُرْمَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُمْنَعُ التَّأْبِيدُ بِقَوْلِهِمْ إنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ تَوَقِّي مَظَانِّ الشَّهَادَةِ لِإِمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى غَيْرِ مَسْأَلَةِ الْبِرَازِ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَى الْهَلَاكِ مِنْ الْوُقُوفِ فِي وَسْطِ الصَّفِّ وَنَحْوِهِ فَتَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْيَقِينِ، وَقَوْلُ سم وَإِلَّا كُرِهَتْ: أَيْ بِأَنْ كَانَ الْمُبَارِزُ عَبْدًا أَوْ فَرْعًا لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي الْبِرَازِ (قَوْلُهُ وَقِنٌّ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ) أَيْ سَيِّدُهُ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ مُدْرَكًا الْأَوَّلُ) أَيْ الْحُرْمَةُ (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ) ظَاهِرُهُ أَنَّ مُجَرَّدَ اتِّصَافِهِ بِالْعَدُوِّ مُوجِبٌ لِقَتْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي وَقْتِ الْعَدُوِّ، وَتَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْبَيْعِ مَا يُخَالِفُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَتَمْتَنِعُ عَلَى مَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إلَخْ) فِي نُسْخَةٍ: نَعَمْ يَمْتَنِعُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ذَلِكَ امْتَنَعَ إلَخْ) لَعَلَّ مِنْ تَعْلِيلِيَّةٌ.

[فصل في حكم الأسر وأموال أهل الحرب]

فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْأَسْرِ وَأَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ (نِسَاءُ الْكُفَّارِ) وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ كِتَابٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ، أَوْ كُنَّ حَامِلَاتِ مُسْلِمٍ، وَمِثْلُهُنَّ الْخَنَاثَى، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمُرْتَدَّاتِ (وَصِبْيَانِهِمْ) وَمَجَانِينِهِمْ حَالَةَ الْأَسْرِ، وَإِنْ كَانَ جُنُونُهُمْ مُتَقَطِّعًا (إذَا أُسِرُوا رُقُّوا) بِنَفْسِ الْأَسْرِ فَخُمُسُهُمْ لِأَهْلِ الْخُمُسِ وَبَاقِيهِمْ لِلْغَانِمِينَ (وَكَذَا الْعَبِيدُ) وَإِنْ كَانُوا مُسْلِمِينَ يُرَقَّوْنَ بِالْأَسْرِ: أَيْ يُسْتَدَامُ عَلَيْهِمْ حُكْمُ الرِّقِّ الْمُنْتَقِلِ إلَيْنَا فَيُخَمِّسُونَ أَيْضًا، وَكَالْعَبْدِ فِيمَا ذُكِرَ الْمُبَعَّضُ تَغْلِيبًا لِحَقْنِ الدَّمِ كَذَا أَطْلَقُوهُ، وَمَحَلُّهُ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِهِ الْقِنُّ، وَأَمَّا بَعْضُهُ الْحُرُّ فَيَتَّجِهُ فِيهِ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الرِّقِّ وَالْمَنِّ وَالْفِدَاءِ، وَقَدْ أَطْلَقُوا جَوَازَ إرْقَاقِ بَعْضِ شَخْصٍ فَيَأْتِي فِي بَاقِيهِ مَا تَقَرَّرَ مِنْ مَنٍّ أَوْ فِدَاءٍ، وَلَوْ قُتِلَ قِنٌّ أَوْ أُنْثَى مُسْلِمًا وَرَأَى الْإِمَامُ قَتْلَهُمَا مَصْلَحَةً تَنْفِيرًا عَنْ قَتْلِ الْمُسْلِمِ جَازَ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ، فَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُمْ لَا قَوَدَ عَلَى الْحَرْبِيِّ، وَلِمَا فِي قَتْلِهِ مِنْ تَفْوِيتِ حَقِّ الْغَانِمِينَ (وَيَجْتَهِدُ الْإِمَامُ) أَوْ أَمِيرُ الْجَيْشِ (فِي) الذُّكُورِ (الْأَحْرَارِ الْكَامِلِينَ) أَيْ الْمُكَلَّفِينَ إذَا أُسِرُوا (وَيَفْعَلُ) وُجُوبًا (الْأَحَظَّ لِلْمُسْلِمِينَ) بِاجْتِهَادِهِ لَا بِالتَّشَهِّي (مِنْ قَتْلٍ) بِضَرْبِ الْعُنُقِ لَا غَيْرُ لِلِاتِّبَاعِ (وَمَنٍّ) عَلَيْهِمْ بِتَخْلِيَةِ سَبِيلِهِمْ بِلَا مُقَابِلٍ (وَفِدَاءٍ بِأَسْرَى) مِنَّا أَوْ مِنْ الذِّمِّيِّينَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَوْ وَاحِدًا فِي مُقَابَلَةِ جَمْعٍ مِنَّا أَوْ مِنْهُمْ (أَوْ مَالٍ) فَيُخَمَّسُ وُجُوبًا أَوْ بِنَحْوِ سِلَاحِنَا وَيُفَادِي سِلَاحَهُمْ بِأَسْرَانَا فِي الْأَوْجَهِ لَا بِمَالٍ مَا لَمْ تَظْهَرْ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ ظُهُورًا تَامًّا لَا رِيبَةَ فِيهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْعِ بَيْعِ السِّلَاحِ لَهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ) فِي حُكْمِ الْأَسْرِ وَأَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ (قَوْلُهُ: وَأَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَتَبْسِيطِ الْغَانِمِينَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ) أَيْ لِلْكُفَّارِ الَّذِينَ مِنْهُمْ النِّسَاءُ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمُرْتَدَّاتِ) أَيْ أَمَّا هُنَّ فَلَا يُضْرَبُ عَلَيْهِنَّ الرِّقُّ، وَسَكَتَ عَنْ الْمُتَنَقِّلَةِ مِنْ دِينٍ إلَى آخَرَ، وَظَاهِرُ اسْتِثْنَائِهِ الْمُرْتَدَّاتِ فَقَطْ أَنَّ الْمُتَنَقِّلَةَ يُضْرَبُ عَلَيْهَا الرِّقُّ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ وَمَجَانِينُهُمْ) خَرَجَ بِهِمْ الْمُغْمَى عَلَيْهِمْ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْإِمَامَ يَتَخَيَّرُ فِيهِمْ وَإِنْ زَادَتْ مُدَّةُ إغْمَائِهِمْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانُوا مُسْلِمِينَ) أَيْ بِأَنْ أَسْلَمُوا فِي يَدِهِمْ (قَوْلُهُ: يُسْتَدَامُ عَلَيْهِمْ) فِي النَّاشِرِيِّ مَا نَصُّهُ: هَلْ يُتَصَوَّرُ الرِّقُّ فِي الرَّقِيقِ أَمْ لَا، وَيَكُونُ كَتَحْصِيلِ الْحَاصِلِ؟ الْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مُقَدِّمَةٍ، وَهِيَ أَنَّ هَذَا الرَّقِيقَ هَلْ اُسْتُدِيمَ رِقُّهُ أَوْ زَالَ وَخَلَفَهُ رِقٌّ آخَرُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي جَوَابُ السُّؤَالِ، وَفَائِدَةُ الْوَجْهَيْنِ يَأْتِي اللَّهُ بِهَا قَالَهُ ابْنُ الْخَيَّاطِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُ سم: وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي جَوَابُ السُّؤَالِ وَهُوَ أَنْ يُتَصَوَّرَ الرِّقُّ فِي الرَّقِيقِ، لَكِنَّ هَذَا فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هُوَ مِنْ إرْقَاقِ الْحُرِّ؛ لِأَنَّهُ حُكِمَ بِزَوَالِ الرِّقِّ الَّذِي كَانَ فِيهِ وَخَلَفَهُ رِقٌّ آخَرُ فَلَمْ يُتَصَوَّرْ إرْقَاقُ الرَّقِيقِ حَالَ رِقِّهِ (قَوْلُهُ أَوْ فِدَاءٍ) أَيْ لَا الْقَتْلِ؛ لِأَنَّهُ يَسْقُطُ بِضَرْبِ الرِّقِّ عَلَى بَعْضِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قُتِلَ قِنٌّ) أَيْ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ (قَوْلُهُ: لَا غَيْرُ) أَيْ مِنْ نَحْوِ تَغْرِيقٍ أَوْ تَمْثِيلٍ (قَوْلُهُ: وَفِدَاءٍ بِأَسْرَى) أَيْ رِجَالٍ أَوْ نِسَاءٍ أَوْ خَنَاثَى اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْهُمْ) أَيْ الذِّمِّيِّينَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْأَسْرِ وَأَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ] فَصْلٌ) فِي حُكْمِ الْأَسْرِ (قَوْلُهُ: وَمَجَانِينُهُمْ حَالَةَ الْأَسْرِ إلَخْ) أَيْ مَنْ اتَّصَفُوا بِالْجُنُونِ الْحَقِيقِيِّ حَالَةَ الْأَسْرِ وَإِنْ كَانَ جُنُونُهُمْ مُتَقَطِّعًا فِي حَدِّ ذَاتِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانُوا مُسْلِمِينَ) أَيْ بِأَنْ أَسْلَمُوا عِنْدَهُمْ لِأَنَّهُمْ حِينَئِذٍ مِنْ جُمْلَةِ أَمْوَالِهِمْ (قَوْلُهُ: وَلِمَا فِي قَتْلِهِ إلَخْ) لَعَلَّهُ سَقَطَ لَفْظُ لَا نَظَرَ بَيْنَ الْوَاوِ وَمَدْخُولِهَا، فَصَوَابُ الْعِبَارَةِ: وَلَا نَظَرَ لِمَا فِي قَتْلِهِ إلَخْ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَظْهَرْ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّهُ يُفَادَى سِلَاحُهُمْ بِأَسْرَانَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَصْلَحَةٌ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَا بُدَّ مِنْ الْمَصْلَحَةِ مُطْلَقًا، وَالْمُعْتَبَرُ فِي مُفَادَاتِهِ بِالْمَالِ زِيَادَةٌ عَلَى أَصْلِ الْمَصْلَحَةِ أَنْ تَظْهَرَ ظُهُورًا تَامًّا

مُطْلَقًا بِأَنَّ ذَلِكَ فِيهِ إعَانَتَهُمْ ابْتِدَاءً مِنْ الْآحَادِ فَلَمْ يُنْظَرْ فِيهِ لِمَصْلَحَةٍ، وَهَذَا أَمْرٌ فِي الدَّوَامِ فَجَازَ أَنْ يُنْظَرَ فِيهِ إلَى الْمَصْلَحَةِ (وَاسْتِرْقَاقٍ) وَلَوْ لِنَحْوِ وَثَنِيٍّ وَعَرَبِيٍّ وَبَعْضِ شَخْصٍ فَتُخَمَّسُ رِقَابُهُمْ أَيْضًا (فَإِنْ خَفِيَ) عَلَيْهِ (الْأَحَظُّ) حَالًا (حَبَسَهُمْ حَتَّى يَظْهَرَ) لَهُ الصَّوَابُ فَيَفْعَلَهُ (وَقِيلَ لَا يُسْتَرَقُّ وَثَنِيُّ) كَمَا لَا يُقَرُّ بِالْجِزْيَةِ وَرُدَّ بِظُهُورِ الْفَرْقِ (وَكَذَا عَرَبِيٌّ فِي قَوْلٍ) لِخَبَرٍ فِيهِ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ بَلْ وَاهٍ، وَمَنْ قَتَلَ أَسِيرًا غَيْرَ كَامِلٍ وَجَبَتْ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ، أَوْ كَامِلًا قَبْلَ أَنْ يَتَخَيَّرَ فِيهِ الْإِمَامُ شَيْئًا عُزِّرَ فَقَطْ (وَلَوْ) (أَسْلَمَ أَسِيرٌ) كَامِلٌ أَوْ بَذَلَ الْجِزْيَةَ قَبْلَ اخْتِيَارِ الْإِمَامِ فِيهِ شَيْئًا (عُصِمَ دَمُهُ) لِلْخَبَرِ الْآتِي، وَلَمْ يَذْكُرْ هُنَا مَالَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْصِمُهُ إلَّا إذَا اخْتَارَ الْإِمَامُ رِقَّهُ وَلَا صِغَارَ وَلَدِهِ لِلْعِلْمِ بِإِسْلَامِهِمْ تَبَعًا لَهُ، وَإِنْ كَانُوا بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ أَرِقَّاءَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ» فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا قَبْلَ الْأَسْرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إلَّا بِحَقِّهَا» وَمِنْ حَقِّهَا أَنَّ مَالَ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْأَسْرِ غَنِيمَةٌ (وَبَقِيَ الْخِيَارُ فِي الْبَاقِي) أَيْ بَاقِي الْخِصَالِ السَّابِقَةِ، نَعَمْ إنْ كَانَ اخْتَارَ قَبْلَ إسْلَامِهِ الْمَنَّ أَوْ الْفِدَاءَ أَوْ الرِّقَّ تَعَيَّنَ، وَمَحَلُّ جَوَازِ الْفِدَاءِ مَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ ظَهَرَتْ مَصْلَحَةٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَهَذَا أَمْرٌ فِي الدَّوَامِ) أَيْ وَمِنْ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: حَبَسَهُمْ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: حَتَّى يَظْهَرَ لَهُ الصَّوَابُ) أَيْ بِأَمَارَاتٍ تُعَيِّنُ لَهُ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ وَلَوْ بِالسُّؤَالِ مِنْ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِظُهُورِ الْفَرْقِ) أَيْ عَدَمِ إقْرَارٍ بِالْجِزْيَةِ وَضَرْبِ الرِّقِّ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَنَّ فِي الرِّقِّ اسْتِيلَاءً مِنَّا عَلَيْهِمْ بِحَيْثُ يَصِيرُ مِنْ أَمْوَالِنَا كَالْبَهِيمَةِ، بِخِلَافِ ضَرْبِ الْجِزْيَةِ فَإِنَّ فِيهِ تَمْكِينًا لَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ الَّذِي قَدْ يَتَقَوَّى بِهِ عَلَى مُحَارَبَتِنَا مَعَ مُبَايَنَةِ مَا يُعِدْهُ لِدِينِنَا مِنْ سَائِرِ الْوُجُوهِ (قَوْلُهُ وَمَنْ قَتَلَ أَسِيرًا) أَيْ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ (قَوْلُهُ: غَيْرَ كَامِلٍ) أَيْ كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ (قَوْلُهُ: وَجَبَتْ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ) أَيْ إنْ كَانَ الْقَاتِلُ حُرًّا وَالسَّابِي لَهُ غَيْرَ مُسْلِمٍ، أَمَّا لَوْ سَبَاهُ مُسْلِمٌ وَقَتَلَهُ قِنٌّ فَيُقْتَلُ بِهِ سم عَلَى مَنْهَجٍ بِالْمَعْنَى، وَعِبَارَتُهُ: وَعَلَى الْقِنِّ مِنَّا يَقْتُلُ نَحْوَ الصَّبِيِّ الْقَوَدُ لَا إسْلَامُهُ تَبَعًا لِلسَّابِي، وَإِنْ وَجَبَ الْمَالُ فَقِيمَةُ عَبْدٍ مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ: لِلْعِلْمِ بِإِسْلَامِهِمْ) هَذَا التَّعْلِيلُ لَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ بَذَلَ الْجِزْيَةَ. [فَرْعٌ] لَوْ أُسِرَ نَفَرٌ فَقَالُوا نَحْنُ مُسْلِمُونَ أَوْ أَهْلُ ذِمَّةٍ صُدِّقُوا بِأَيْمَانِهِمْ إنْ وُجِدُوا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ وُجِدُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ لَمْ يَصَدَّقُوا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ الْبَابِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَضِيَّةُ عَدَمِ تَصْدِيقِهِمْ جَوَازُ قَتْلِهِمْ مَعَ قَوْلِهِمْ نَحْنُ مُسْلِمُونَ، وَقَدْ يُقَالُ الْقِيَاسُ اسْتِفْسَارُهُمْ فَإِنْ نَطَقُوا بِالشَّهَادَتَيْنِ تُرِكُوا، وَإِلَّا قُتِلُوا، وَيَنْبَغِي فِيمَا لَوْ ادَّعَوْا أَنَّهُمْ أَهْلُ ذِمَّةٍ أَنْ يُطَالِبَهُمْ الْإِمَامُ بِالْتِزَامِ أَحْكَامِ الْجِزْيَةِ، فَبِتَقْدِيرِ أَنَّهُمْ كَاذِبُونَ فِي دَعْوَاهُمْ يَكُونُ ذَلِكَ ابْتِدَاءً الْتِزَامٌ لِلْجِزْيَةِ مِنْهُمْ، وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَمْ تَظْهَرْ قَرِينَةٌ عَلَى كَذِبِهِمْ فِيمَا ادَّعُوهُ، وَأَنَّ قَصْدَهُمْ الْخِيَانَةُ (قَوْلُهُ: إلَّا بِحَقِّهَا) أَيْ بِحَقِّ الدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ وَالْأَنْسَابِ الَّتِي تَقْتَضِي جَوَازَ قَتْلِهِمْ وَأَخْذِ أَمْوَالِهِمْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ كَانَ اخْتَارَ) أَيْ الْإِمَامُ، وَقَوْلُهُ قُبِلَ إسْلَامُهُ: أَيْ الْأَسِيرِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ جَوَازِ الْفِدَاءِ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ الْمَنُّ بِالْأَوْلَى مَعَ إرَادَتِهِ الْإِقَامَةَ بِدَارِ الْحَرْبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا رِيبَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَذْلُ الْجِزْيَةِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ مُطْلَقُ الْكَامِلِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ أَسِيرًا مَعَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ هُنَا لِأَنَّهُ سَيَأْتِي فِي بَابِ الْجِزْيَةِ، وَأَيْضًا فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَبَقِيَ الْخِيَارُ فِي الْبَاقِي (قَوْلُهُ: إذَا اخْتَارَ الْإِمَامُ رِقَّهُ) قَضِيَّةُ هَذَا الْقَيْدِ أَنَّهُ إذَا اخْتَارَ غَيْرَ الرِّقِّ يُعْصَمُ مَالُهُ، وَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي وَمِنْ حَقِّهَا أَنَّ مَالَهُ الْمَقْدُورَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْأَسْرِ غُنَيْمَةٌ، وَلَمْ أَرَ هَذَا الْقَيْدَ فِي غَيْرِ كَلَامِهِ وَكَلَامِ التُّحْفَةِ، وَانْظُرْهُ أَيْضًا مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَإِسْلَامُ كَافِرٍ قَبْلَ ظَفَرٍ بِهِ يَعْصِمُ دَمَهُ وَمَالَهُ، وَمَعَ قَوْلِهِ هُوَ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَيُقْضَى مِنْ مَالِهِ إنْ غَنِمَ بَعْدَ إرْقَاقِهِ مَا نَصُّهُ:

إرَادَةِ الْإِقَامَةِ فِي دَارِ الْكُفْرِ إذَا كَانَ لَهُ ثَمَّ عَشِيرَةٌ يَأْمَنُ مَعَهَا عَلَى نَفْسِهِ وَدِينِهِ (وَفِي قَوْلٍ يَتَعَيَّنُ الرِّقُّ) بِنَفْسِ الْإِسْلَامِ كَالذُّرِّيَّةِ بِجَامِعِ حُرْمَةِ الْقَتْلِ (وَإِسْلَامُ كَافِرٍ) مُكَلَّفٍ (قَبْلَ ظَفَرٍ بِهِ) أَيْ قَبْلَ وَضْعِ يَدِنَا عَلَيْهِ (يَعْصِمُ دَمَهُ) أَيْ نَفْسَهُ عَنْ كُلِّ مَا مَرَّ (وَمَالَهُ) جَمِيعَهُ بِدَارِنَا وَدَارِهِمْ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ (وَصِغَارَ) وَمَجَانِينَ (وَلَدِهِ) الْأَحْرَارِ وَإِنْ سَفَلُوا، وَلَوْ كَانَ الْأَقْرَبُ حَيًّا كَافِرًا عَنْ الِاسْتِرْقَاقِ لِتَبَعِيَّتِهِمْ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْحَمْلُ كَمُنْفَصِلٍ وَالْبَالِغُ الْعَاقِلُ الْحُرُّ كَمُسْتَقِلٍّ (لَا زَوْجَتَهُ) عَنْ الِاسْتِرْقَاقِ وَلَوْ حَامِلًا مِنْهُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) فَلَا يَعْصِمُهَا عَنْ ذَلِكَ لِاسْتِقْلَالِهَا، وَإِنَّمَا عَصَمَ عَتِيقَهُ عَنْ الِاسْتِرْقَاقِ وَامْتَنَعَ إرْقَاقُ كَافِرٍ أَعْتَقَهُ مُسْلِمٌ وَالْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ لِأَنَّ الْوَلَاءَ بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَاسْتِقْرَارِهِ لَا يُمْكِنُ رَفْعُهُ بِحَالٍ بِخِلَافِ النِّكَاحِ، وَفِي قَوْلٍ مِنْ طَرِيقٍ يَعْصِمُهَا لِئَلَّا يَبْطُلَ حَقُّهُ مِنْ النِّكَاحِ (فَإِنْ اُسْتُرِقَّتْ) أَيْ حُكِمَ بِرِقِّهَا بِأَنْ أُسِرَتْ إذْ هِيَ تُرَقُّ بِنَفْسِ الْأَسْرِ (انْقَطَعَ نِكَاحُهُ فِي الْحَالِ) وَلَوْ بَعْدَ الْوَطْءِ لِزَوَالِ مِلْكِهَا عَنْ نَفْسِهَا فَمِلْكُ الزَّوْجِ عَنْهَا أَوْلَى (وَقِيلَ إنْ كَانَ) أَسْرُهَا (بَعْدَ دُخُولٍ انْتَظَرَتْ الْعِدَّةَ فَلَعَلَّهَا تُعْتَقُ فِيهَا) فَيَدُومُ النِّكَاحُ كَالرِّدَّةِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الرِّقَّ نَقْصٌ ذَاتِيٌّ يُنَافِي النِّكَاحَ فَأَشْبَهَ الرَّضَاعَ (وَيَجُوزُ إرْقَاقُ زَوْجَةِ ذِمِّيٍّ) بِمَعْنَى أَنَّهَا تُرَقُّ بِنَفْسِ الْأَسْرِ، وَيَنْقَطِعُ نِكَاحُهُ إذَا كَانَتْ حَرْبِيَّةً حَادِثَةً بَعْدَ عَقْدِ الذِّمَّةِ أَوْ خَارِجَةً عَنْ طَاعَتِهَا حِينَ عَقَدَهَا (وَكَذَا عَتِيقُهُ) الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ وَالْعَاقِلُ وَالْمَجْنُونُ (فِي الْأَصَحِّ) يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُ إذَا لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ لِكَوْنِهِ جَائِزًا فِي سَيِّدِهِ لَوْ لَحِقَ بِهَا فَهُوَ أَوْلَى. وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِئَلَّا يَبْطُلَ حَقُّهُ مِنْ الْوَلَاءِ (لَا عَتِيقٍ مُسْلِمٍ) حَالَ أَسْرِهِ وَلَوْ كَانَ كَافِرًا قَبْلَهُ، فَلَا يَجُوزُ إرْقَاقُهُ إذَا حَارَبَ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْوَلَاءَ لَا يَرْتَفِعُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ (وَ) لَا (زَوْجَتُهُ) الْحَرْبِيَّةُ فَلَا يَجُوزُ إرْقَاقُهَا أَيْضًا (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ، وَفِي قَوْلٍ مِنْ طَرِيقٍ يَجُوزُ (وَإِذَا سُبِيَ زَوْجَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا انْفَسَخَ النِّكَاحُ) بَيْنَهُمَا (إنْ كَانَا حُرَّيْنِ) وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ مُسْلِمًا لِمَا فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ أَنَّهُمْ لَمَّا امْتَنَعُوا يَوْمَ أَوْطَاسٍ مِنْ وَطْءِ الْمَسْبِيَّاتِ الْمُتَزَوِّجَاتِ أَنْزَلَ {وَالْمُحْصَنَاتُ} [النساء: 24] أَيْ الْمُتَزَوِّجَاتُ {مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24] فَحَرَّمَ اللَّهُ الْمُتَزَوِّجَاتِ لَا الْمَسْبِيَّاتِ، وَمَحَلُّهُ فِي سَبْيِ زَوْجٍ صَغِيرٍ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ مُكَلَّفٍ اخْتَارَ الْإِمَامُ رِقَّهُ، فَإِنْ مَنَّ عَلَيْهِ أَوْ فَادَى بِهِ اسْتَمَرَّ نِكَاحُهُ، وَكَكَوْنِهِمَا حُرَّيْنِ مَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا فَقَطْ، وَقَدْ سُبِيَا أَوْ الْحُرُّ وَحْدَهُ وَأَرَقَّهُ الْإِمَامُ فِيهِمَا إذَا كَانَ زَوْجًا كَامِلًا فَيُفْسَخُ النِّكَاحُ لِحُدُوثِ الرِّقِّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ سُبِيَ الرَّقِيقُ وَحْدَهُ لِعَدَمِ حُدُوثِهِ كَمَا لَوْ كَانَا رَقِيقَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: ثَمَّ عَشِيرَةٌ يَأْمَنُ مَعَهَا) أَيْ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ فِدَاؤُهُ لِحُرْمَةِ الْإِقَامَةِ بِدَارِ الْحَرْبِ عَلَى مَنْ لَيْسَ لَهُ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَمَا لَهُ جَمِيعُهُ بِدَارِنَا وَدَارِهِمْ) وَيُوَجَّهُ مَعَ عَدَمِ دُخُولِ مَا فِي دَارِ الْحَرْبِ فِي الْأَمَانِ كَمَا سَيَأْتِي بِأَنَّ الْإِسْلَامَ أَقْوَى مِنْ الْأَمَانِ وِفَاقًا لَمْ ر إلَّا أَنْ يُوجَدَ نَقْلٌ بِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ: لِتَبَعِيَّتِهِمْ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ) قَالَ فِي التَّكْمِلَةِ: وَمِنْ هَذِهِ الْعِلَّةِ تُؤْخَذُ عِصْمَتُهُ بِإِسْلَامِ الْأُمِّ، وَحُكِيَ قَوْلٌ أَنَّ إسْلَامَ الْأُمِّ لَا يَعْصِمُ أَوْلَادَهَا الصِّغَارَ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: فَإِنْ صَحَّ فَيُشْبِهُ أَنَّهَا لَا تَسْتَتْبِعُ الْوَلَدَ فِي الْإِسْلَامِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لَا زَوْجَتُهُ) ع: يُقَالُ عَلَيْهِ لَنَا امْرَأَةٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ يَجُوزُ سَبْيُهَا دُونَ حَمْلِهَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لَا عَتِيقٍ مُسْلِمٍ) أَيْ لَا إرْقَاقَ عَتِيقٍ إلَخْ فَهُوَ بِالْجَرِّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ مُسْلِمًا) غَايَةٌ: أَيْ بِأَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْأَسْرِ أَوْ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) أَيْ فَسْخُ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: اسْتَمَرَّ نِكَاحُهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَمَّا إذَا غَنِمَ قَبْلَ إرْقَاقِهِ أَوْ مَعَهُ فَلَا يُقْضَى إلَخْ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَتْ حَرْبِيَّةٌ حَادِثَةٌ إلَخْ) مُرَادُهُ بِهَذَا كَاَلَّذِي بَعْدَهُ الْجَوَابُ عَمَّا اُسْتُشْكِلَ بِهِ مَا هُنَا مِمَّا سَيَأْتِي فِي الْجِزْيَةِ أَنَّ الْحَرْبِيَّ إذَا عُقِدَتْ لَهُ الْجِزْيَةُ عَصَمَ نَفْسَهُ وَزَوْجَتَهُ مِنْ الِاسْتِرْقَاقِ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمُرَادَ ثَمَّ الزَّوْجَةُ الْمَوْجُودَةُ حِينَ الْعَقْدِ وَهُنَا الْحَادِثَةُ بَعْدَهُ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ ثَمَّ الزَّوْجَةُ الدَّاخِلَةُ تَحْتَ

فَالْحَاصِلُ أَنَّ مِنْ سَبْيٍ وَرِقٍّ انْفَسَخَ نِكَاحُهُ (قِيلَ أَوْ رَقِيقَيْنِ) فَيَنْفَسِخُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ حَدَثَ سَبْيٌ يُوجِبُ الِاسْتِرْقَاقَ فَكَانَ كَحُدُوثِ الرِّقِّ، وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ سَوَاءً أَسُبِيَا أَمْ أَحَدُهُمَا، وَسَوَاءً أَسْلَمَا أَمْ أَحَدُهُمَا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الرِّقَّ مَوْجُودٌ، وَإِنَّمَا انْتَقَلَ مِنْ شَخْصٍ إلَى آخَرَ وَهُوَ لَا يُؤْثَرُ كَالْبَيْعِ (وَإِذَا) (أُرِقَّ) الْحَرْبِيُّ (وَعَلَيْهِ دَيْنٌ) لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ مُعَاهَدٍ أَوْ مُسْتَأْمَنٍ (لَمْ يَسْقُطْ) ؛ لِأَنَّ لَهُ ذِمَّةً أَوْ لِحَرْبِيٍّ سَقَطَ كَمَا لَوْ رُقَّ، وَلَهُ دَيْنٌ عَلَى حَرْبِيٍّ، وَأُلْحِقَ بِهِ هُنَا مُعَاهَدٌ وَمُسْتَأْمَنٌ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُلْتَزِمٍ لِلْأَحْكَامِ لَكِنَّ أَمَانَهُ اقْتَضَى أَنْ يُطَالِبَ بِحَقِّهِ مُطْلَقًا، وَلَا يُطَالَبُ بِمَا عَلَيْهِ لِحَرْبِيٍّ بِخِلَافِهِ الذِّمِّيُّ أَوْ مُسْلِمٌ، بَلْ يَبْقَى بِذِمَّةِ الْمَدِينِ فَيُطَالِبُهُ بِهِ سَيِّدُهُ مَا لَمْ يُعْتَقْ عَلَى مَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ، وَقَاسَهُ عَلَى وَدَائِعِهِ، وَفِي كُلٍّ مِنْ الْمَقِيسِ وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ نَظَرٌ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْعَيْنِ وَمَا فِي الذِّمَّةِ، عَلَى أَنَّا إنْ قُلْنَا إنَّهُ يَمْلِكُ بِتَمْلِيكِ السَّيِّدِ فَلَا وَجْهَ لِلتَّقْيِيدِ بِالْعِتْقِ أَوْ بِعَدَمِ تَمْلِيكِهِ لَهُ فَلَا وَجْهَ لِلْمُطَالَبَةِ فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ مِلْكِهِ وَمُطَالَبَتِهِ بِهِ، وَكَذَا فِي أَعْيَانِ مَالِهِ كَوَدَائِعِهِ، بَلْ الْمُطَالَبُ بِهَا الْإِمَامُ لِأَنَّهَا غَنِيمَةٌ وَكَذَا بِدَيْنِهِ، وَأَنَّهُ لَوْ أُعْتِقَ قَبْلَ قَبْضِهِ طَالَبَ بِهِ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ لَمْ يَزُلْ عَنْ مِلْكِهِ، وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ لِلسَّابِي سَقَطَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ مَلَكَ قِنَّ غَيْرِهِ وَلَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ سَقَطَ عَلَى تَنَاقُضٍ فِيهِ، وَمَحَلُّ السُّقُوطِ فِيمَا يَخْتَصُّ بِالسَّابِي دُونَ مَا يُقَابِلُ الْخُمُسَ إذْ هُوَ مِلْكٌ لِغَيْرِهِ، وَإِذَا لَمْ يَسْقُطْ (فَيُقْضَى مِنْ مَالِهِ إنْ غَنِمَ بَعْدَ إرْقَاقِهِ) تَقْدِيمًا لَهُ عَلَى الْغَنِيمَةِ كَالْوَصِيَّةِ، وَإِنْ حُكِمَ بِزَوَالِ مِلْكِهِ بِالرِّقِّ كَمَا يَقْضِي دَيْنَ الْمُرْتَدِّ، وَإِنْ حُكِمَ بِزَوَالِ مِلْكِهِ بِالرِّدَّةِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَيَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ إلَى عِتْقِهِ، وَأَمَّا إذَا غَنِمَ قَبْلَ إرْقَاقِهِ أَوْ مَعَهُ فَلَا يَقْضِي مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْغَانِمِينَ مَلَكُوهُ أَوْ تَعَلَّقَ حَقُّهُمْ بِعَيْنِهِ فَكَانَ أَقْوَى (وَلَوْ) (اقْتَرَضَ حَرْبِيٌّ مِنْ حَرْبِيٍّ) أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ اشْتَرَى مِنْهُ شَيْئًا) أَوْ كَانَ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ حَيْثُ لَمْ يُحْكَمْ بِرِقِّ زَوْجَتِهِ بِأَنْ سُبِيَ وَحْدَهُ وَبَقِيَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَهُ) أَيْ لِلدَّائِنِ بِأَنْوَاعِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِحَرْبِيٍّ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ لِمُسْلِمٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَهُ دَيْنٌ عَلَى) أَيْ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ (قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بِهِ) أَيْ فِي السُّقُوطِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُلْتَزِمٍ) أَيْ الْمُعَاهَدُ وَالْمُؤَمَّنُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ عَلَى ذِمِّيٍّ) أَيْ فَلَا يَسْقُطُ بَلْ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِوُضُوحِ الْفَرْقِ) وَهُوَ أَنَّ مَا فِي الذِّمِّيِّ لَيْسَ مُتَعَيِّنًا فِي شَيْءٍ يُطَالِبُ بِهِ السَّيِّدُ وَهُوَ مُعَرَّضٌ لِلسُّقُوطِ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ سَقَطَ) أَيْ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَإِنْ حُكِمَ بِزَوَالِ مِلْكِهِ بِالرِّدَّةِ، أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا اتَّصَلَتْ رِدَّتُهُ بِالْمَوْتِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إذَا غَنِمَ) أَيْ الْمَالَ، وَقَوْلُهُ قَبْلَ إرْقَاقِهِ أَوْ مَعَهُ: أَيْ يَقِينًا، فَلَوْ اخْتَلَفَ الدَّائِنُ وَالْمَدِينُ وَأَهْلُ الْغَنِيمَةِ فِي ذَلِكَ فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ الدَّائِنِ أَوْ الْمَدِينِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْإِرْقَاقِ هُوَ الْأَصْلُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْغَانِمِينَ مَلَكُوهُ) أَيْ إنْ قُلْنَا بِمِلْكِ الْغَنِيمَةِ بِالْحِيَازَةِ، قَوْلُهُ أَوْ تَعَلَّقَ: أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا إنَّمَا تُمْلَكُ بِالْقِسْمَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ شَيْئًا بِعَقْدٍ) أَفْهَمَ أَنَّ مَا اقْتَرَضَهُ الْمُسْلِمُ أَوْ الذِّمِّيُّ مِنْ الْحَرْبِيِّ يَسْتَحِقُّ الْمُطَالَبَةَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ لِالْتِزَامِهِ بِعَقْدٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) أَيْ لِمُسْلِمٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقُدْرَةِ حِينَ الْعَقْدِ وَهُنَا الْخَارِجَةُ عَنْهَا حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْعَيْنِ وَمَا فِي الذِّمَّةِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يَصِحُّ عِلَّةً لِلنَّظَرِ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَقِيسِ وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ عِلَّةً لِعَدَمِ صِحَّةِ الْقِيَاسِ مَعَ تَسْلِيمِ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ، فَكَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُ التَّنْظِيرِ فِي الْعَيْنِ عَنْ ذِكْرِ الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ عَقِبَ قَوْلِهِ مَا لَمْ يَعْتِقْ نَصُّهَا: عَلَى مَا بَحَثَ قِيَاسًا عَلَى وَدَائِعِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْعَيْنِ بِفَرْضِ تَسْلِيمِ مَا ذَكَرَ فِيهَا وَمَا فِي الذِّمَّةِ، عَلَى أَنَّا إنْ قُلْنَا إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا غَنِيمَةٌ) فِيهِ نَظَرٌ لِعَدَمِ انْطِبَاقِ حَدِّ الْغَنِيمَةِ عَلَيْهَا، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِي أَعْيَانِ مَالِهِ أَنَّ السَّيِّدَ لَا يَمْلِكُهَا وَلَا يُطَالِبُ بِهَا لِأَنَّ مِلْكَهُ لِرَقَبَتِهِ لَا يَسْتَلْزِمُ مِلْكَهُ لِمَالِهِ بَلْ الْقِيَاسُ أَنَّهَا مِلْكٌ لِبَيْتِ الْمَالِ كَالْمَالِ الضَّائِعِ (قَوْلُهُ: لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ لَمْ يَزُلْ عَنْ مِلْكِهِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: لِأَنَّ الزَّوَالَ إنَّمَا كَانَ لِأَصْلِ دَوَامِ الرِّقِّ وَقَدْ بَانَ خِلَافُهُ

عَلَيْهِ دَيْنٌ مُعَاوَضَةً كَعَقْدِ صَدَاقٍ (ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ قَبِلَا) أَوْ أَحَدُهُمَا (جِزْيَةً) أَوْ أَمَانًا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا (دَامَ الْحَقُّ) الَّذِي يَصِحُّ طَلَبُهُ لِالْتِزَامِهِ بِعَقْدٍ صَحِيحٍ بِخِلَافِ نَحْوِ خِنْزِيرٍ وَخَمْرٍ (وَلَوْ) (أَتْلَفَ) حَرْبِيٌّ (عَلَيْهِ) أَيْ الْحَرْبِيِّ شَيْئًا، أَوْ غَصَبَهُ مِنْهُ فِي حَالِ الْحِرَابَةِ (فَأَسْلَمَا) أَوْ أَسْلَمَ الْمُتْلِفُ (فَلَا ضَمَانَ فِي الْأَصَحِّ) لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ شَيْئًا بِعَقْدٍ يُسْتَدَامُ حُكْمُهُ، وَلِأَنَّ الْحَرْبِيَّ لَوْ أَتْلَفَ مَالَ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ لَمْ يَضْمَنْهُ فَأَوْلَى مَالُ الْحَرْبِيِّ، وَالثَّانِي قَالَ هُوَ لَازِمٌ عِنْدَهُمْ (وَالْمَالُ) وَمِثْلُهُ الِاخْتِصَاصُ (الْمَأْخُوذُ) أَيْ الَّذِي أَخَذَهُ الْمُسْلِمُونَ (مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ) وَلَمْ يَكُنْ لِمُسْلِمٍ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ يَأْخُذُهُمْ لَهُ قَهْرًا مِنْهُ فَعَلَى مَنْ وَصَلَ إلَيْهِ وَلَوْ بِشِرَاءٍ رَدَّهُ إلَيْهِ (قَهْرًا) حَتَّى سَلَّمُوهُ أَوْ جَلَوْا عَنْهُ (غَنِيمَةً) كَمَا مَرَّ فِي بَابِهَا، وَأَعَادَهَا هُنَا تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ (وَكَذَا مَا أَخَذَهُ وَاحِدٌ) مُسْلِمٌ (أَوْ جَمْعٌ) مُسْلِمُونَ (مِنْ دَارِ الْحَرْبِ) أَوْ مِنْ أَهْلِهِ وَلَوْ بِبِلَادِنَا حَيْثُ لَا أَمَانَ لَهُمْ (سَرِقَةً) أَوْ اخْتِلَاسًا أَوْ سَوْمًا (أَوْ وُجِدَ كَهَيْئَةِ اللُّقَطَةِ) مِمَّا يُظَنُّ أَنَّهُ لِكَافِرٍ فَأُخِذَ فَالْكُلُّ غَنِيمَةٌ مُخَمَّسَةٌ أَيْضًا (عَلَى الْأَصَحِّ) إذْ تَغْرِيرُهُ بِنَفْسِهِ قَائِمٌ مَقَامَ الْقِتَالِ، فَإِنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ ذَكَرًا كَامِلًا تَخَيَّرَ فِيهِ الْإِمَامُ، أَمَّا مَا أَخَذَ ذِمِّيٌّ أَوْ أَهْلُ ذِمَّةٍ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ مَمْلُوكٌ كُلُّهُ لِآخِذِهِ. وَالثَّانِي يَخْتَصُّ بِهِ مَنْ أَخَذَهُ (فَإِنْ) (أَمْكَنَ) كَوْنُهُ أَيْ الْمُلْتَقِطِ (لِمُسْلِمٍ) أَوْ ذِمِّيٍّ فِيمَا يَظْهَرُ (وَجَبَ تَعْرِيفُهُ) سَنَةً حَيْثُ لَمْ يَكُنْ حَقِيرًا، فَإِنْ كَانَ عَرَّفَهُ بِحَسَبِ مَا يَلِيقُ بِهِ، وَبَعْدَ التَّعْرِيفِ يَكُونُ غَنِيمَةً. وَاعْلَمْ أَنَّهُ كَثُرَ اخْتِلَافُ النَّاسِ فِي السَّرَارِي وَالْأَرِقَّاءِ الْمَجْلُوبِينَ. وَحَاصِلُ الْأَصَحِّ عِنْدَنَا أَنَّ مَنْ لَمْ يُعْلَمْ كَوْنُهُ مِنْ غَنِيمَةٍ لَمْ تُخَمَّسْ يَحِلُّ شِرَاؤُهُ وَسَائِرُ التَّصَرُّفَاتِ فِيهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ آسِرَهُ الْبَائِعَ لَهُ أَوَّلًا حَرْبِيٌّ أَوْ ذِمِّيٌّ فَإِنَّهُ لَا تَخْمِيسَ عَلَيْهِ، وَهَذَا كَثِيرٌ لَا نَادِرٌ، فَإِنْ تَحَقَّقَ أَنَّ آخِذَهُ مُسْلِمٌ بِنَحْوِ سَرِقَةٍ أَوْ اخْتِلَاسٍ لَمْ يَجُزْ شِرَاؤُهُ إلَّا عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ أَنَّهُ لَا تَخْمِيسَ، وَقَوْلُ جَمْعٍ مُتَقَدِّمِينَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ عَلَى مَنْعِ وَطْءِ السَّرَارِي الْمَجْلُوبَةِ مِنْ الرُّومِ وَالْهِنْدِ وَالتُّرْكِ إلَّا أَنْ يُنَصَّبَ مَنْ يَقْسِمُ الْقَائِمَ وَلَا حَيْفَ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا عُلِمَ أَنَّ الْغَانِمَ لَهُ الْمُسْلِمُونَ، وَأَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ مِنْ أَمِيرِهِمْ قَبْلَ الِاغْتِنَامِ قَوْلُهُ مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ، نَعَمْ الْوَرَعُ لِمُرِيدِ الشِّرَاءِ أَنْ يَشْتَرِيَ ثَانِيًا مِنْ وَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ التَّخْمِيسِ وَالْيَأْسُ مِنْ مَعْرِفَةِ مَالِكِهَا فَيَكُونُ مِلْكًا لِبَيْتِ الْمَالِ (وَلِلْغَانِمِينَ) وَلَوْ أَغْنِيَاءَ وَبِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ سَوَاءٌ مَنْ لَهُ سَهْمٌ أَوْ رَضَخَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ، وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ) أَيْ مِلْكُ الْمُسْلِمِ عَنْهُ بِأَخْذِ أَهْلِ الْحَرْبِ لَهُ مِنْهُ قَهْرًا (قَوْلُهُ: فَعَلَى مَنْ وَصَلَ إلَيْهِ وَلَوْ بِشِرَاءٍ إلَخْ) وَمِنْ هَذَا مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ مِنْ أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ اسْتَوْلَوْا عَلَى مَرْكَبٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَتَوَجَّهُوا بِهَا إلَى بِلَادِهِمْ فَاشْتَرَاهَا مِنْهُمْ نَصْرَانِيٌّ، وَدَخَلَ بِهَا بِلَادَ الْإِسْلَامِ فَعَرَفَهَا مَنْ أُخِذَتْ مِنْهُ، وَأَثْبَتَهَا بِبَيِّنَةٍ فَتُؤْخَذُ مِمَّنْ هِيَ بِيَدِهِ وَتُسَلَّمُ لِصَاحِبِهَا الْأَصْلِيِّ وَلَا مُطَالَبَةَ لِلْحَرْبِيِّ عَلَى مَالِكِهَا بِشَيْءٍ لِبَقَائِهَا عَلَى مِلْكِهِ، أَمَّا لَوْ تَلِفَتْ بِيَدِ الْحَرْبِيِّ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَا أَخَذَهُ ذِمِّيٌّ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَعَنَا أَوْ وَحْدَهُ دَخَلَ بِلَادَهُمْ بِأَمَانٍ أَوْ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ) أَيْ حَقِيرًا (قَوْلُهُ: أَنْ يَشْتَرِيَ ثَانِيًا) أَيْ بِثَمَنٍ ثَانٍ غَيْرِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ أَوَّلًا، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنَ مِثْلِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَغْنِيَاءَ) أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ الْجَوَازُ بِمُحْتَاجٍ إلَى طَعَامٍ وَعَلَفٍ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ مَنْ لَهُ سَهْمٌ أَوْ رَضَخَ) هَذَا التَّعْمِيمُ قَصَدَ بِهِ التَّقْيِيدَ فَخَرَجَ بِهِ مَنْ لَا سَهْمَ لَهُ وَلَا رَضْخَ كَالذِّمِّيِّ الْمُسْتَأْجَرِ لِلْجِهَادِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُ الْمَتْنِ ثُمَّ أَسْلَمَا) أَيْ أَوْ أَحَدُهُمَا كَمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: مِمَّا يُظَنُّ أَنَّهُ لِكَافِرٍ) أَيْ وَإِنْ تُوُهِّمَ أَنَّهُ لِمُسْلِمٍ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الظَّنِّ فَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ لِمُسْلِمٍ، وَعِبَارَةُ الْجَلَالِ: مِمَّا يُعْلَمُ أَنَّهُ لِكَافِرٍ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ مِنْ أَمِيرِهِمْ) قَبْلَ الِاغْتِنَامِ (قَوْلُهُ: مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ) أَيْ إذْ بِقَوْلِهِ الْمَذْكُورِ كُلُّ مَنْ أَخَذَ شَيْئًا اخْتَصَّ بِهِ: أَيْ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إلَّا فِي قَوْلٍ ضَعِيفٍ لَهُ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَالْيَأْسُ مِنْ مَعْرِفَةِ مَالِكِهَا فَتَكُونُ مِلْكًا لِبَيْتِ الْمَالِ) أَيْ كَكُلِّ مَا أَيِسَ مِنْ مَعْرِفَةِ مَالِكِهِ

نَعَمْ دَعْوَاهُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِالْمُسْلِمِ فَلَيْسَ لِلذِّمِّيِّ ذَلِكَ مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّ تَعْبِيرَ الشَّافِعِيِّ بِالْمُسْلِمِينَ نَظَرًا لِلْغَالِبِ؛ لِأَنَّهُ يُرْضَخُ لَهُ وَالرَّضْخُ أَعْظَمُ مِنْ الطَّعَامِ، وَتَعْبِيرُهُ بِالْغَانِمِينَ يَشْمَلُ مَنْ لَا يُرْضَخُ لَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجَرِينَ لِلْجِهَادِ (التَّبَسُّطُ) أَيْ التَّوَسُّعُ (فِي الْغَنِيمَةِ) قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَاخْتِيَارُ التَّمَلُّكِ عَلَى سَبِيلِ الْإِبَاحَةِ لَا الْمِلْكِ فَهُوَ مَقْصُورٌ عَلَى انْتِفَاعِهِ كَالضَّيْفِ لَا يَتَصَرَّفُ فِيمَا قُدِّمَ إلَيْهِ إلَّا بِالْأَكْلِ، نَعَمْ لَهُ تَضْيِيفُ مَنْ لَهُ التَّبَسُّطُ بِهِ وَإِقْرَاضُهُ بِمِثْلِهِ مِنْهُ بَلْ وَبَيْعُ الْمَطْعُومِ بِمِثْلَيْهِ وَلَا رِبًا فِيهِ إذْ لَيْسَ بِرِبًا حَقِيقَةً، وَإِنَّمَا هُوَ كَتَنَاوُلِ الضَّيْفَانِ لُقْمَةً بِلُقْمَتَيْنِ فَأَكْثَرَ وَمُطَالَبَتُهُ بِذَلِكَ مِنْ الْمَغْنَمِ فَقَطْ مَا لَمْ يَدْخُلَا دَارَ الْإِسْلَامِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ عِنْدَ الطَّلَبِ يُجْبَرُ عَلَى الدَّفْعِ إلَيْهِ مِنْ الْمَغْنَمِ، وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ يَصِيرُ أَحَقَّ بِهِ، وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ مِلْكُهُ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَمْلُوكِ لَا يُقَابَلُ بِمَمْلُوكٍ (بِأَخْذِ) مَا يَحْتَاجُهُ لَا أَكْثَرَ مِنْهُ، وَإِلَّا أَثِمَ وَضَمِنَهُ كَمَا لَوْ أَكَلَ فَوْقَ الشِّبَعِ سَوَاءً أَخَذَ (الْقُوتَ وَمَا يُصْلَحُ بِهِ) كَزَيْتٍ وَسَمْنٍ (وَلَحْمٍ وَشَحْمٍ) لِنَفْسِهِ لَا لِنَحْوِ طَيْرِهِ (وَكُلِّ طَعَامٍ يُعْتَادُ أَكْلُهُ عُمُومًا) أَيْ عَلَى الْعُمُومِ كَمَا بِأَصْلِهِ لِفِعْلِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لِذَلِكَ، وَلِأَنَّ دَارَ الْحَرْبِ مَظِنَّةٌ لِعِزَّةِ الطَّعَامِ فِيهَا. وَخَرَجَ بِالْقُوتِ وَمَا بَعْدَهُ غَيْرُهُ كَمَرْكُوبٍ وَمَلْبُوسٍ، نَعَمْ لَوْ اُضْطُرَّ لِسِلَاحٍ يُقَاتِلُ بِهِ أَوْ نَحْوِ فَرَسٍ يُقَاتِلُ عَلَيْهَا أَخَذَهُ بِلَا أُجْرَةٍ، ثُمَّ رَدَّهُ وَبِعُمُومِ مَا يَنْدُرُ الِاحْتِيَاجُ لَهُ كَسُكَّرٍ وَفَانِيذٍ وَدَوَاءٍ فَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ احْتَاجَهُ فَبِالْقِيمَةِ أَوْ يَحْسِبُهُ مِنْ سَهْمِهِ (وَعَلَفٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِهَا فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى الْقُوتِ وَتِبْنًا وَمَا بَعْدَهُ أَحْوَالٌ مِنْهُ بِتَقْدِيرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالْمُسْلِمِ الْمُسْتَأْجَرِ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ كَخِدْمَةِ الدَّوَابِّ فَلَيْسَ لَهُمْ التَّبْسِيطُ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لِلذِّمِّيِّ ذَلِكَ) قَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِالذِّمِّيِّ أَنَّ الْحَرْبِيَّ لَا يَتَبَسَّطُ وَإِنْ اسْتَعَنَّا بِهِ فَلْيُرَاجَعْ، وَقَوْلُهُ مَرْدُودٌ ذُكِرَ لِتَأْوِيلِ الدَّعْوَى بِالْمُدَّعِي (قَوْلُهُ: يَشْمَلُ مَنْ لَا يُرْضَخُ لَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجَرِ لِلْجِهَادِ) أَيْ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِالْجِهَادِ كَالْخِدْمَةِ أَوْ لِنَفْسِ الْجِهَادِ بِأَنْ كَانَ ذِمِّيًّا، وَالْمُرَادُ أَنَّ عِبَارَتَهُ شَامِلَةٌ لِذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ لَا يَتَبَسَّطُ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ السَّابِقُ سَوَاءٌ مَنْ لَهُ سَهْمٌ إلَخْ، هَذَا وَإِنْ أُرِيدَ بِالْغَانِمِ مَنْ لَهُ حَقٌّ فِي الْغَنِيمَةِ لَمْ يَدْخُلْ مَنْ ذُكِرَ فِي عِبَارَتِهِ (قَوْلُهُ: وَإِقْرَاضُهُ بِمِثْلِهِ مِنْهُ) أَيْ مِمَّا يَتَبَسَّطُ بِهِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ يُقْرِضُهُ لِيَرُدَّهُ لَهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ، فَلَوْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لِلْمُقْتَرِضِ الرَّدُّ مِنْ الْغَنِيمَةِ لَمْ يُطَالَبْ بِبَدَلٍ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ فَرْضًا حَقِيقِيًّا إذْ شَرْطُهُ مِلْكُ الْمُقْرَضِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا (قَوْلُهُ: إذْ لَيْسَ بِرِبًا) وَفِي نُسْخَةٍ بَيْعًا، وَهِيَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الرِّبَا إنَّمَا يَكُونُ فِي الْعُقُودِ (قَوْلُهُ: كَتَنَاوُلِ الضِّيفَانِ لُقْمَةً) أَيْ وَهُوَ جَائِزٌ (قَوْلُهُ: وَمُطَالَبَتُهُ بِذَلِكَ) أَيْ بِلُقْمَتَيْنِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَدْخُلَا دَارَ الْإِسْلَامِ) أَيْ فَإِنْ دَخَلَاهَا سَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَقْبَلُ) أَيْ الْمُقْرِضُ أَيْ لَا يَجُوزُ، وَقَوْلُهُ مِنْهُ: أَيْ الْمُقْتَرِضِ (قَوْلُهُ: يَأْخُذُ مَا يَحْتَاجُهُ) أَيْ وَيُصَدَّقُ فِي قَدْرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مَا لَمْ تَدُلَّ الْقَرَائِنُ عَلَى خِلَافِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا أَثِمَ وَضَمِنَهُ) أَيْ الْأَكْثَرَ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ أَكَلَ فَوْقَ الشِّبَعِ) أَيْ وَالْمُصَدَّقُ فِي الْقَدْرِ هُوَ الْآخِذُ وَالْآكِلُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: لَا لِنَحْوِ طَيْرِهِ) مِنْ النَّحْوِ الدَّوَابِّ الْغَيْرِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا فِي الْحَرْبِ عَلَى مَا يَأْتِي، وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ: لَوْ كَانَ جَمِيعُ الْغَنِيمَةِ أَطْعِمَةً وَعَلَفًا يُحْتَاجُ إلَيْهَا فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ التَّبَسُّطِ بِالْجَمِيعِ وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ وِفَاقًا لطب فَتَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ: أَيْ عَلَى الْعُمُومِ) أَيْ فَهُوَ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ (قَوْلُهُ: أَخَذَ بِلَا أُجْرَةٍ ثُمَّ رَدَّ) أَيْ فَإِنْ تَلِفَ فَهَلْ يَضْمَنُهُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ فَيُحْسَبُ عَلَيْهِ مِنْ سَهْمِهِ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ فِي السُّكَّرِ وَالْفَانِيذِ، وَقَدْ يُقَالُ بَلْ الْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَنَحْوِ السُّكَّرِ بِأَنَّهُ أَخَذَ هَذَا لِمَصْلَحَةِ الْقِتَالِ وَنَحْوَ السُّكَّرِ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ، وَجَوَّزَ لَهُ أَخْذَهُ بِالْعِوَضِ فَيَدُهُ عَلَيْهِ يَدُ ضَمَانٍ وَلَا كَذَلِكَ هَذَا (قَوْلُهُ: أَوْ يَحْسِبُهُ) بَابُهُ نَصَرَ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: فَعَلَى الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ بِفَتْحِ اللَّامِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مَقْصُورٌ عَلَى انْتِفَاعِهِ) هَلْ مِنْ انْتِفَاعِهِ إطْعَامُ خَدَمِهِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِمْ لِنَحْوِ أُبَّهَةِ الْمَنْصِبِ الَّذِينَ حَضَرُوا بَعْدَ الْوَقْعَةِ (قَوْلُهُ: إذْ لَيْسَ بِرِبًا حَقِيقَةً) عِبَارَةُ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُعَاوَضَةٍ مُحَقَّقَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ مِلْكُهُ إلَخْ) الضَّمِيرُ الْأَوَّلُ لِلْبَائِعِ وَمَا بَعْدَهُ

الْوَصْفِيَّةِ، وَعَلَى الثَّانِي مَعْطُوفٌ عَلَى أَخْذٍ وَتِبْنًا وَمَا بَعْدَهُ مَعْمُولُهُ (الدَّوَابُّ) الَّتِي يَحْتَاجُهَا لِلْحَرْبِ أَوْ الْحَمْلِ، وَإِنْ تَعَدَّدَتْ لَا لِزِينَةٍ وَنَحْوِهَا (تِبْنًا وَشَعِيرًا وَنَحْوَهُمَا) كَفُولٍ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَمَسُّ إلَيْهِ كَمُؤْنَةِ نَفْسِهِ (وَذَبْحِ) حَيَوَانٍ (مَأْكُولٍ لِلَحْمِهِ) أَيْ لَا كُلِّ مَا يُقْصَدُ أَكْلُهُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَحْمًا كَكِرْشٍ وَشَحْمٍ وَجِلْدٍ، وَإِنْ تَيَسَّرَ بِسُوقٍ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ أَيْضًا، فَلَوْ جَاهَدْنَاهُمْ فِي دَارِنَا امْتَنَعَ عَلَيْنَا التَّبَسُّطُ إنْ كَانَ فِي حَمْلٍ يَعِزُّ فِيهِ الطَّعَامُ. نَعَمْ يَتَّجِهُ فِي خَيْلِ حَرْبٍ اُحْتِيجَ إلَيْهَا مُنِعَ ذَبْحُهَا حَيْثُ لَا اضْطِرَارَ؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ إضْعَافَنَا، وَيَجِبُ رَدُّ جِلْدِهِ الَّذِي لَا يُؤْكَلُ مَعَهُ عَادَةً إلَى الْمَغْنَمِ، وَكَذَا مَا اتَّخَذَهُ مِنْهُ كَحِذَاءٍ وَسِقَاءٍ وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ بِالصَّنْعَةِ لِوُقُوعِهَا هَدَرًا بَلْ إنْ نَقَصَ بِهَا، أَوْ اسْتَعْمَلَهُ لَزِمَهُ النَّقْصُ أَوْ الْأُجْرَةُ، أَمَّا إذَا ذَبَحَهُ لِأَجْلِ جِلْدِهِ الَّذِي لَا يُؤْكَلُ مَعَهُ فَلَا يَجُوزُ وَإِنْ احْتَاجَهُ لِنَحْوِ خُفٍّ وَمَدَاسٍ (وَالصَّحِيحُ جَوَازُ الْفَاكِهَةِ) رَطْبِهَا وَيَابِسِهَا وَالْحَلْوَى كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا هُوَ مِنْ السُّكَّرِ وَغَيْرِهِ، لَكِنْ يُنَافِيهِ مَا مَرَّ فِي الْفَانِيذِ إذْ هُوَ عَسَلُ السُّكَّرِ الْمُسَمَّى بِالْمُرْسَلِ كَمَا مَرَّ فِي الرِّبَا، إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّ تَنَاوُلَ الْحَلْوَى غَالِبٌ وَالْفَانِيذَ نَادِرٌ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِكَوْنِهِ مُشْتَهًى طَبْعًا، وَقَدْ صَحَّ أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَأْخُذُونَ الْعَسَلَ وَالْعِنَبَ. وَالثَّانِي قَالَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَاجَةٌ حَاقَّةٌ (وَ) الصَّحِيحُ (أَنَّهُ لَا تَجِبُ قِيمَةُ الْمَذْبُوحِ) لِأَجْلِ نَحْوِ لَحْمِهِ كَمَا لَا تَجِبُ قِيمَةُ الطَّعَامِ. وَالثَّانِي تَجِبُ لِنُدُورِ الْحَاجَةِ إلَى ذَبْحِهِ وَمَنَعَ الْأَوَّلَ نَدُورُهَا (وَ) الصَّحِيحُ (أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ الْجَوَازُ بِمُحْتَاجٍ إلَى طَعَامٍ وَعَلَفٍ) بَلْ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَا مَعَهُ لِوُرُودِ الرُّخْصَةِ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ. وَالثَّانِي يَخْتَصُّ بِهِ فَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ أَخْذُهُمَا لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْ أَخْذِ حَقِّ الْغَيْرِ، نَعَمْ إنْ قَلَّ الطَّعَامُ وَازْدَحَمُوا عَلَيْهِ أَمَرَ الْإِمَامُ بِهِ لِذَوِي الْحَاجَاتِ، وَلَهُ التَّزَوُّدُ لِمَسَافَةٍ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَالْأَوْجَهُ جَوَازُهُ أَيْضًا لِمَا خَلَّفَهُ فِي رُجُوعِهِ مِنْهُ إلَى دَارِنَا، فَالتَّعْبِيرُ بِبَيْنَ يَدَيْهِ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ أَوْ لِلْغَالِبِ (وَ) الصَّحِيحُ (أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَنْ لَحِقَ الْجَيْشَ بَعْدَ الْحَرْبِ وَالْحِيَازَةِ) لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُمْ كَغَيْرِ الضَّيْفِ مَعَ الضَّيْفِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ وَالرَّوْضَةُ جَوَازُهُ لِمَنْ لَحِقَهُ بَعْدَ الْحَرْبِ وَقَبْلَ الْحِيَازَةِ أَوْ مَعَهَا، لَكِنَّ قَضِيَّةَ الْعَزِيزِ وَتَبِعَهُ الْحَاوِي عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (وَ) الصَّحِيحُ (أَنَّ مَنْ) (رَجَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: بِتَقْدِيرِ الْوَصْفِيَّةِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَتَى وَقَعَ الْحَالُ جَامِدًا أُوِّلَ بِمُشْتَقٍّ. قَالَ الْأُشْمُونِيُّ: وَفِيهِ تَكَلُّفٌ، وَإِلَّا فَهَذَا وَنَحْوُهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَأْوِيلٍ، وَقَوْلُهُ وَعَلَى الثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ وَسُكُونُهَا (قَوْلُهُ: فَلَوْ جَاهَدْنَاهُمْ) مُحْتَرَزُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ التَّبَسُّطَ بِدَارِ الْحَرْبِ حَيْثُ عَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ، وَلِأَنَّ دَارَ الْحَرْبِ إلَخْ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ وَمَحَلُّ التَّبَسُّطِ دَارُهُمْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَتَّجِهُ فِي خَيْلِ حَرْبٍ) أَيْ خَيْلٍ تَصْلُحُ لِلْحَرْبِ أُخِذَتْ غَنِيمَةً، بِخِلَافِ مَا غُنِمَ مِنْ الْخَيْلِ، وَلَا يَصْلُحُ لِلْحَرْبِ كَالْكَبِيرِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ) أَيْ وَيَضْمَنُ قِيمَةَ الْمَذْبُوحِ حَيًّا. (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) تَوْجِيهٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالصَّحِيحُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ، أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْفَاكِهَةِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ: حَاقَّةٌ) أَيْ شَدِيدَةٌ (قَوْلُهُ: لِأَجْلِ نَحْوِ لَحْمِهِ) ، وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ ذَبَحَهُ لِلِاحْتِيَاجِ لِجِلْدِهِ فَتَجِبُ قِيمَتُهُ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي يَخْتَصُّ بِهِ) أَيْ الْمُحْتَاجُ (قَوْلُهُ: أَمَرَ الْإِمَامُ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: لِذَوِي الْحَاجَاتِ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَخَذَ غَيْرُ ذَوِي الْحَاجَةِ فَهَلْ يَضْمَنُهُ بِرَدِّ بَدَلِهِ لِلْمَغْنَمِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ) أَيْ فِي الْمَعِيَّةِ فَقَطْ، ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْمُشْتَرِي الْمَفْهُومَيْنِ مِنْ الْكَلَامِ (قَوْلُهُ: بِتَقْدِيرِ الْوَصْفِيَّةِ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: كَانَ مَقْصُودٌ أَنَّهَا جَوَامِدُ فَتُؤَوَّلُ بِالْمُشْتَقَّاتِ كَأَنْ يُجْعَلَ التَّقْدِيرُ بِمُسَمًّى بِكَذَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ احْتَاجَهُ) لَعَلَّهُ إذَا لَمْ يَضْطَرَّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ إلَيْهِ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِأَصْلِ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ التَّزَوُّدُ لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: قَدْ يُقَالُ مَا بَيْنَ يَدَيْهِ مَا يَقْطَعُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَيَشْمَلُ مَا خَلَّفَهُ

إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ) وَوَجَدَ حَاجَتَهُ بِلَا عِزَّةٍ، وَهِيَ مَا فِي قَبْضَتِنَا وَإِنْ سَكَنَهَا أَهْلُ ذِمَّةٍ أَوْ عَهْدٍ (وَمَعَهُ بَقِيَّةٌ) (لَزِمَهُ رَدُّهَا إلَى الْمَغْنَمِ) أَيْ مَحَلِّ اجْتِمَاعِ الْغَنَائِمِ قَبْلَ قِسْمَتِهَا، وَالْمَغْنَمُ يَأْتِي بِمَعْنَى الْغَنِيمَةِ كَمَا فِي الصِّحَاحِ، وَتَصِحُّ إرَادَتُهُ هُنَا؛ لِأَنَّهَا الْمَالُ الْمَغْنُومُ وَحِينَئِذٍ صَحَّ قَوْلُ مَنْ فَسَّرَهُ بِالْمَحَلِّ وَمَنْ فَسَّرَهُ بِالْمَالِ، وَذَلِكَ لِتَعْلِيقِ حَقِّ الْجَمِيعِ بِهِ، وَقَدْ زَالَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ أَمَّا بَعْدَ قِسْمَتِهَا فَيَرُدُّهُ لِلْإِمَامِ لِيَقْسِمَهُ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا رَدَّهُ لِلْمَصَالِحِ. وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ مُبَاحٌ (وَمَوْضِعُ التَّبَسُّطِ دَارُهُمْ) أَيْ أَهْلِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ الْعِزَّةِ: أَيْ مِنْ شَأْنِهَا ذَلِكَ فَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُنَا بِحِلِّهِ، وَإِنْ وَجَدْنَاهُ ثُمَّ يُبَاعُ، فَإِذَا رَجَعُوا لِدَارِنَا وَتَمَكَّنُوا مِنْ شِرَاءِ ذَلِكَ امْتَنَعَ عَلَيْهِمْ التَّبَسُّطُ (وَكَذَا) فِي غَيْرِ دَارِهِمْ كَخَرَابِ دَارِنَا (مَا لَمْ يَصِلْ عُمْرَانِ الْإِسْلَامِ) وَهُوَ مَا يَجِدُونَ فِيهِ الطَّعَامَ وَالْعَلَفَ لَا مُطْلَقَ الْعُمْرَانِ (فِي الْأَصَحِّ) لِبَقَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ. وَالثَّانِي قَصْرُهُ عَلَى دَارِ الْحَرْبِ (وَلِغَانِمٍ) حُرٍّ (رَشِيدٍ وَلَوْ) هُوَ (مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ الْإِعْرَاضُ عَنْ الْغَنِيمَةِ) بِقَوْلِهِ أَسْقَطْتُ حَقِّي مِنْهَا لَا وَهَبْت مُرِيدًا بِهِ التَّمَلُّكَ (قَبْلَ الْقِسْمَةِ) وَاخْتِيَارُ التَّمَلُّكِ؛ لِأَنَّهُ بِهِ تَحَقَّقَ الْإِخْلَاصُ الْمَقْصُودُ مِنْ الْجِهَادِ لِكَوْنِ كَلِمَةِ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا، وَالْمُفْلِسُ لَا يَلْزَمُهُ الِاكْتِسَابُ بِاخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ، وَخَرَجَ بِحُرٍّ الْقِنُّ فَلَا يَصِحُّ إعْرَاضُهُ وَإِنْ كَانَ رَشِيدًا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيمَا غَنِمَهُ لِسَيِّدِهِ فَالْإِعْرَاضُ لَهُ. نَعَمْ إنْ كَانَ مُكَاتَبًا أَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَقَدْ أَحَاطَتْ بِهِ الدُّيُونُ فَلَا يَظْهَرُ صِحَّةُ إعْرَاضِهِ فِي حَقِّهِمَا، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ صَحَّ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَوْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ عَبْدِهِ وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَاسْتَحَقَّ الرَّضْخَ صَحَّ إعْرَاضُهُ عَنْهُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ. وَأَمَّا الْمُبَعَّضُ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ فَالِاعْتِبَارُ بِمَنْ وَقَعَ الِاسْتِحْقَاقُ فِي نَوْبَتِهِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ دُخُولُ النَّادِرِ فِي الْمُهَايَأَةِ، وَإِلَّا فَيَصِحُّ إعْرَاضُهُ عَنْ الْمُخْتَصِّ بِهِ دُونَ الْمُخْتَصِّ بِالْمَالِكِ، وَخَرَجَ بِرَشِيدٍ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ فَلَا يَصِحُّ إعْرَاضُهُ لِلْحَجْرِ عَلَيْهِ، وَالصَّبِيُّ عَنْ الرَّضْخِ لِإِلْغَاءِ عِبَارَتِهِ، وَالْمَجْنُونُ وَالسَّكْرَانُ غَيْرُ الْمُتَعَدِّي، نَعَمْ يَجُوزُ مِمَّنْ كَمُلَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَإِنَّمَا صَحَّ عَفْوُ السَّفِيهِ عَنْ الْقَوَدِ؛ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ عَيْنًا فَلَا مَالَ ثُمَّ بِحَالٍ، وَهُنَا ثَبَتَ لَهُ اخْتِيَارُ التَّمَلُّكِ وَهُوَ حَقٌّ مَالِيٌّ فَامْتَنَعَ مِنْهُ إسْقَاطُهُ لِانْتِفَاءِ أَهْلِيَّتِهِ لِذَلِكَ، فَانْدَفَعَ اعْتِمَادُ جَمْعٍ مُتَأَخِّرِينَ صِحَّةَ إعْرَاضِهِ زَاعِمِينَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ، أَمَّا بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَقَبُولِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مَا يُوَافِقُهُ فَلَا يُخَالِفُ قَوْلُهُ قَبْلَ جَوَازِهِ لِمَنْ لَحِقَهُ بَعْدَ الْحَرْبِ وَقَبْلَ الْحِيَازَةِ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ رَدُّهَا إلَى الْمَغْنَمِ) أَيْ مَا لَمْ تَكُنْ تَافِهَةً (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ إرَادَتُهُ) أَيْ إرَادَةُ كَوْنِهِ بِمَعْنَى الْغَنِيمَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ فَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُنَا بِحِلِّهِ) أَيْ اعْتِقَادِنَا حِلَّهُ إلَخْ عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ (قَوْلُهُ: بِقَوْلِهِ أَسْقَطْتُ حَقِّي مِنْهَا) أَيْ فَلَا بُدَّ لِصِحَّةِ الْإِعْرَاضِ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ بِتَرْكِ الطَّلَبِ، وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ بِهِ) أَيْ الْإِعْرَاضِ (قَوْلُهُ: وَالْمُفْلِسُ لَا يَلْزَمُهُ الِاكْتِسَابُ) مَا لَمْ يَعْصِ بِالدَّيْنِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، إذْ هَذَا مِنْ الْكَسْبِ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْمُفْلِسَ إذَا عَصَى بِالدَّيْنِ لَزِمَهُ التَّكَسُّبُ، وَمَعَ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي صِحَّةُ إعْرَاضِهِ، وَإِنْ أَثِمَ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ تَرَكَ التَّكَسُّبَ وَتَرْكُهُ لَهُ لَا يُوجِبُ شَيْئًا عَلَى مَنْ أَخَذَ مَا كَانَ يَكْسِبُهُ لَوْ أَرَادَ الْكَسْبَ (قَوْلُهُ: فَلَا تَظْهَرُ صِحَّةُ إعْرَاضِهِ) أَيْ السَّيِّدِ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ عَبْدِهِ: أَيْ وَمَاتَ وَلَمْ يَعْتِقْهُ الْوَارِثُ، وَقَوْلُهُ فَاسْتَحَقَّ: أَيْ الْعَبْدُ (قَوْلُهُ: صَحَّ إعْرَاضُهُ) أَيْ الْعَبْدِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا عَتَقَ يَتْبَعُهُ كَسْبُهُ، فَبِتَقْدِيرِ عَدَمِ الْإِعْرَاضِ يَكُونُ الرَّضْخُ لَهُ لَا لِلْوَارِثِ، فَلَمْ يَفُتْ بِإِعْرَاضِهِ عَلَى الْوَارِثِ شَيْءٌ، لَكِنْ يُقَالُ الثُّلُثُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ وَقْتَ الْمَوْتِ فَقَدْ يَتْلَفُ مَالُ السَّيِّدِ قَبْلَ مَوْتِهِ فَلَا يَخْرُجُ الْعَبْدُ مِنْ الثُّلُثِ، فَلَا يَكُونُ الرَّضْخُ لَهُ بَلْ لِلْوَارِثِ فَكَيْفَ يَصِحُّ إعْرَاضُهُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَالصَّبِيُّ عَنْ الرَّضْخِ) بَيَانٌ لِمَا يَسْتَحِقُّهُ لَوْلَا الْإِعْرَاضُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَجُوزُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَتَمَكَّنُوا مِنْ شِرَاءِ ذَلِكَ) أَيْ بِلَا عِزَّةٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ رَشِيدًا) أَيْ أَوْ مُكَاتَبًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ حَجَرٍ، لَكِنَّ تَعْلِيلَ الشَّارِحِ لَا يَأْتِي فِيهِ (قَوْلُهُ: صَحَّ إعْرَاضُهُ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ وَقَبْلَ الْقَبُولِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

فَيَمْتَنِعُ لِاسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ، وَكَذَا بَعْدَ اخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ (وَالْأَصَحُّ جَوَازُهُ) أَيْ الْإِعْرَاضِ لِمَنْ ذُكِرَ (بَعْدَ فَرْزِ الْخُمُسِ) وَقَبْلَ قِسْمَةِ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ؛ لِأَنَّ إفْرَازَهُ لَا يَتَغَيَّرُ بِهِ حَقُّ كُلٍّ مِنْهُمْ، وَالثَّانِي مَنْعُهُ لِتَمَيُّزِ حَقِّ الْغَانِمِينَ (وَ) الْأَصَحُّ (جَوَازُهُ لِجَمِيعِهِمْ) أَيْ الْغَانِمِينَ، وَيُصْرَفُ حَقُّهُمْ مَصْرِفَ الْخُمُسِ، وَالثَّانِي مَنْعُ ذَلِكَ (وَ) الْأَصَحُّ (بُطْلَانُهُ مِنْ ذَوِي الْقُرْبَى) وَإِنْ انْحَصَرُوا فِي وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَسْتَحِقُّونَهُ بِعَمَلٍ فَكَانَ كَالْإِرْثِ، وَالثَّانِي صِحَّتُهُ مِنْهَا كَالْغَانِمِينَ وَأَحَدِهِمْ، وَخَصَّهُمْ لِأَنَّ بَقِيَّةَ مُسْتَحِقِّي الْخُمُسِ جِهَاتٌ عَامَّةٌ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا إعْرَاضٌ (وَ) مِنْ (سَالِبِ مَالٍ) ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ السَّلْبَ قَهْرًا (وَالْمُعْرِضِ) عَنْ حَقِّهِ (كَمَنْ لَمْ يَحْضُرْ) فَيُضَمُّ نَصِيبُهُ لِلْغَنِيمَةِ، وَيُقَسَّمُ بَيْنَ الْبَاقِينَ وَأَهْلِ الْخُمُسِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّشْبِيهِ أَنَّهُ لَا يَعُودُ حَقُّهُ لَوْ رَجَعَ عَنْ الْإِعْرَاضِ مُطْلَقًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمُوصًى لَهُ لَهُ رَدُّ الْوَصِيَّةِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الْقَبُولِ، وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا كَمَا مَرَّ. وَأَمَّا مَا بَحَثَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ مِنْ عَوْدِ حَقِّهِ بِرُجُوعِهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ لَا بَعْدَهَا تَنْزِيلًا لِإِعْرَاضِهِ مَنْزِلَةَ الْهِبَةِ وَلِلْقِسْمَةِ مَنْزِلَةَ قَبْضِهَا، كَمَا لَوْ أَعْرَضَ مَالِكُ كِسْرَةٍ عَنْهَا لَهُ الْعَوْدُ لِأَخْذِهَا فَبَعِيدٌ، وَقِيَاسُهُ غَيْرُ مُسَلَّمٍ. إذْ الْإِعْرَاضُ عَنْهَا لَيْسَ هِبَةً وَلَا مُنَزَّلًا مَنْزِلَتَهَا؛ لِأَنَّ الْمُعْرَضَ عَنْهُ هُنَا حَقُّ تَمَلُّكٍ لَا غَيْرُ، وَمِنْ ثَمَّ جَازَ مِنْ نَحْوِ مُفْلِسٍ كَمَا مَرَّ، وَلِأَنَّ الْإِعْرَاضَ عَنْ الْكِسْرَةِ يُصَيِّرُهَا مُبَاحَةً لَا مَمْلُوكَةً وَلَا مُسْتَحَقَّةً لِلْغَيْرِ فَجَازَ لِلْمُعْرِضِ أَخْذُهَا وَالْإِعْرَاضُ عَنْهَا يَنْقُلُ الْحَقَّ لِلْغَيْرِ فَلَمْ يَجُزْ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ (وَمَنْ) (مَاتَ) مِنْ الْغَانِمِينَ وَلَمْ يَعْرِضْ (فَحَقُّهُ لِوَارِثِهِ) كَبَقِيَّةِ الْحُقُوقِ، فَإِنْ شَاءَ طَلَبَهُ أَوْ أَعْرَضَ عَنْهُ (وَلَا تُمَلَّكُ) الْغَنِيمَةُ (إلَّا بِقِسْمَةٍ) مَعَ الرِّضَا بِهَا بِاللَّفْظِ لَا بِالِاسْتِيلَاءِ، وَإِلَّا لَامْتَنَعَ الْإِعْرَاضُ وَتَخْصِيصُ كُلِّ طَائِفَةٍ بِنَوْعٍ مِنْهَا (وَلَهُمْ) أَيْ الْغَانِمِينَ (التَّمَلُّكُ قَبْلَهَا) لَفْظًا بِأَنْ يَقُولَ كُلٌّ بَعْدَ الْحِيَازَةِ وَقَبْلَ الْقِسْمَةِ اخْتَرْتُ مِلْكَ نَصِيبِي فَتَمَلَّكَ بِذَلِكَ أَيْضًا (وَقِيلَ يَمْلِكُونَ بِمُجَرَّدِ الْحِيَازَةِ) لِزَوَالِ مِلْكِ الْكُفَّارِ بِالِاسْتِيلَاءِ (وَقِيلَ) الْمِلْكُ مَوْقُوفٌ فَيُنْظَرُ (إنْ سُلِّمَتْ) الْغَنِيمَةُ (إلَى الْقِسْمَةِ بِأَنَّ مِلْكَهُمْ) عَلَى الْإِشَاعَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ تَلِفَتْ أَوْ أَعْرَضُوا عَنْهَا (فَلَا) ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيلَاءَ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِالْقِسْمَةِ (وَيُمْلَكُ الْعَقَارُ بِالِاسْتِيلَاءِ) مَعَ الْقِسْمَةِ أَوْ بِاخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (كَالْمَنْقُولِ) ؛ لِأَنَّ الَّذِي قَدَّمَهُ فِيهِ هُوَ مَا ذُكِرَ، وَيَصِحُّ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ يُمْلَكُ يَخْتَصُّ: أَيْ يَخْتَصُّونَ بِهِ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ كَمَا يَخْتَصُّونَ بِالْمَنْقُولِ، وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فِي أَحَدِ أَوْجُهِهِ إلَى ضَعْفِهِ، وَيَكُونُ الْحَامِلُ لِلْمُصَنِّفِ عَلَى تَعَرُّضِهِ لِلْعَقَارِ مَعَ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ، وَتَشْبِيهُهُ بِالْمَنْقُولِ الْإِشَارَةُ إلَى خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الْإِعْرَاضُ (قَوْلُهُ: لَوْ رَجَعَ عَنْ الْإِعْرَاضِ مُطْلَقًا) أَيْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَوْ بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: وَقَبْلَ الْقَبُولِ) تَفْسِيرِي: يَعْنِي فَالرَّدُّ لِلْقَبُولِ كَأَنْ يَقُولَ رَدَدْتهَا أَوْ لَا أَقْبَلُهَا، وَلَوْ حُذِفَ قَوْلُهُ وَقَبْلَ الْقَبُولِ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ وَالْإِعْرَاضُ عَنْهَا) أَيْ الْغَنِيمَةِ (قَوْلُهُ مَعَ الرِّضَا بِهَا) أَيْ الْقِسْمَةِ (قَوْلُهُ: وَتَخْصِيصُ كُلِّ طَائِفَةٍ) أَيْ وَإِنْ رَغِبَ غَيْرُ تِلْكَ الطَّائِفَةِ فِيمَا خُصَّ بِهِ تِلْكَ الطَّائِفَةُ بِتَفْوِيضِ قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ لَهُ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ وَتَخْصِيصُ كُلِّ طَائِفَةٍ أَيْ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا جَائِزٌ (قَوْلُهُ: فَيَمْلِكُ بِذَلِكَ) أَيْ وَيَمْلِكُ كُلٌّ نَصِيبَهُ شَائِعًا فَيُورَثُ عَنْهُ، وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ عَنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ) كَأَنَّ الْأَظْهَرَ الْفَاءُ بَدَلَ الْوَاوِ وَلَعَلَّهَا لِلْحَالِ (قَوْلُهُ: فَتُمْلَكُ بِذَلِكَ أَيْضًا) بَلْ لَا تُمْلَكُ إلَّا بِهِ وَلَا أَثَرَ لِلْقِسْمَةِ فِي الْمِلْكِ كَمَا عُلِمَ (قَوْلُهُ: مَعَ الْقِسْمَةِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ الْمَتْنِ وَقَدْ مَرَّ مَا فِيهِ أَوْ الْمُرَادُ مَعَ الْقِسْمَةِ بِشَرْطِهَا عَلَى مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: إلَى ضَعْفِهِ) أَيْ ضَعْفِ مَا فِي الْمَتْنِ فَهُوَ مَسْلَكٌ ثَالِثٌ فِي الْمَتْنِ، وَكَانَ الْأَوْلَى خِلَافُ هَذَا الصَّنِيعِ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ الْحَامِلُ إلَخْ) لَيْسَ هَذَا خَاصًّا بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ الْجَلَالُ وَإِنْ أَوْهَمَهُ السِّيَاقُ بَلْ الَّذِي فِي كَلَامِ غَيْرِهِ خِلَافُهُ

حَيْثُ خَيَّرَ الْإِمَامَ فِيهِ بَيْنَ قِسْمَتِهِ وَتَرْكِهِ فِي أَيْدِي الْكُفَّارِ وَوَقْفِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَحُجَّتُنَا الْقِيَاسُ عَلَى الْمَنْقُولِ (وَلَوْ كَانَ) (فِيهَا كَلْبٌ أَوْ كِلَابٌ تَنْفَعُ) لِصَيْدٍ أَوْ حِرَاسَةٍ (وَأَرَادَ بَعْضُهُمْ) أَيْ الْغَانِمِينَ أَوْ أَهْلِ الْخُمُسِ (وَلَمْ يُنَازَعْ) فِيهِ (أُعْطِيَهُ) إذْ لَا ضَرَر فِيهِ عَلَى غَيْرِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ نُوزِعَ فِيهِ (قُسِّمَتْ) عَدَدًا (إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ قِسْمَتُهَا عَدَدًا (أَقُرِعَ) بَيْنَهُمْ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ. أَمَّا مَا لَا نَفْعَ فِيهِ فَلَا يَحِلُّ اقْتِنَاؤُهُ، وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ إنَّ قَوْلَهُمْ هُنَا عَدَدًا مُشْكِلٌ بِمَا مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ مِنْ اعْتِبَارِ قِيمَتِهَا عِنْدَ مَنْ يَرَى لَهَا قِيمَةً وَيُنْظَرُ إلَى مَنَافِعِهَا فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِمِثْلِهِ هُنَا. أُجِيبُ عَنْهُ بِإِمْكَانِ الْفَرْقِ بِأَنَّ حَقَّ الْمُشَارِكِينَ ثَمَّ مِنْ الْوَرَثَةِ أَوْ بَقِيَّةِ الْمُوصَى لَهُمْ آكَدُ مِنْ حَقِّ بَقِيَّةِ الْغَانِمِينَ هُنَا فَسُومِحَ هُنَا بِمَا لَمْ يُسَامَحْ بِهِ ثَمَّ. (وَالصَّحِيحُ أَنَّ سَوَادَ الْعِرَاقِ) مِنْ إضَافَةِ الْجِنْسِ إلَى بَعْضِهِ، إذْ السَّوَادُ أَزْيَدُ مِنْ الْعِرَاقِ بِخَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ فَرْسَخًا؛ لِأَنَّ مِسَاحَةَ الْعِرَاقِ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَرْسَخًا فِي عَرْضِ مِائَتَيْنِ، وَالسَّوَادُ مِائَةٌ وَسِتُّونَ فِي ذَلِكَ الْعَرْضِ، وَجُمْلَةُ سَوَادِ الْعِرَاقِ بِالتَّكْسِيرِ عَشَرَةُ آلَافِ فَرْسَخٍ، سُمِّيَ سَوَادًا لِكَثْرَةِ زَرْعِهِ وَشَجَرِهِ، وَالْخُضْرَةُ تُرَى مِنْ بُعْدٍ سَوْدَاءَ، وَعِرَاقًا لِاسْتِوَاءِ أَرْضِهِ وَخُلُوِّهَا عَنْ الْجِبَالِ وَالْأَوْدِيَةِ، إذْ أَصْلُ الْعِرَاقِ الِاسْتِوَاءُ (فُتِحَ) فِي زَمَنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (عَنْوَةً) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ: أَيْ قَهْرًا لِمَا صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ قَسَّمَهُ فِي جُمْلَةِ الْغَنَائِمِ، وَلَوْ كَانَ صُلْحًا لَمْ؛ يُقَسِّمْهُ (وَقَسَّمَ) بَيْنَهُمْ كَمَا تَقَرَّرَ (ثَمَّ) بَعْدَ مِلْكِهِمْ لَهُ بِالْقِسْمَةِ وَاسْتِمَالَةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قُلُوبَهُمْ (بَذَلُوهُ) لَهُ: أَيْ الْغَانِمُونَ وَذَوُو الْقُرْبَى، وَأَمَّا أَهْلُ أَخْمَاسِ الْخُمُسِ الْأَرْبَعَةِ فَالْإِمَامُ لَا يَحْتَاجُ فِي وَقْفِ حَقِّهِمْ إلَى بَذْلِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِي ذَلِكَ بِمَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ لِأَهْلِهِ (وَوَقَفَ) مَا سِوَى مَسَاكِنِهِ وَأَبْنِيَتِهِ: أَيْ وَقَفَهُ عُمَرُ (عَلَى الْمُسْلِمِينَ) وَآجَرَهُ لِأَهْلِهِ إجَارَةً مُؤَبَّدَةً لِلْمَصْلَحَةِ الْكُلِّيَّةِ بِخَرَاجٍ مَعْلُومٍ يُؤَدُّونَهُ كُلَّ سَنَةٍ، فَجَرِيبُ الشَّعِيرِ دِرْهَمَانِ وَالْبُرِّ أَرْبَعَةٌ وَالشَّجَرُ وَقَصَبُ السُّكَّرِ سِتَّةٌ وَالنَّخْلُ ثَمَانِيَةٌ وَالْعِنَبُ عَشَرَةٌ وَالزَّيْتُونُ اثْنَا عَشَرَ، وَجُمْلَةُ مَسَّاحَةِ الْجَرِيبِ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَسِتُّمِائَةِ ذِرَاعٍ، وَالْبَاعِثُ لَهُ عَلَى وَقْفِهِ خَوْفُ اشْتِغَالِ الْغَانِمِينَ بِفِلَاحَتِهِ عَنْ الْجِهَادِ (وَخَرَاجُهُ) زَرْعًا أَوْ غَرْسًا (أُجْرَةٌ) مُنَجَّمَةٌ (تُؤَدَّى كُلَّ سَنَةٍ) مَثَلًا (لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ) يُقَدَّمُ الْأَهَمُّ فَالْأَهَمُّ، فَعَلَى هَذَا يَمْتَنِعُ بَيْعُ شَيْءٍ مِمَّا عَدَا أَبْنِيَتَهُ وَمَسَاكِنَهُ، (وَهُوَ) أَيْ السَّوَادُ (مِنْ) أَوَّلِ (عَبَّادَانِ) بِتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ (إلَى) آخِرِ (حَدِيثَةِ الْمَوْصِلِ) بِفَتْحِ أَوَّلَيْهِمَا (طُولًا وَمِنْ) أَوَّلِ (الْقَادِسِيَّةِ إلَى) آخِرِ (حُلْوَانَ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ (عَرْضًا) بِإِجْمَاعِ الْمُؤَرِّخِينَ (قُلْتُ: الصَّحِيحُ أَنَّ الْبَصْرَةَ) بِتَثْلِيثِ أَوَّلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ وَتَرَكَهُ فِي أَيْدِي الْكُفَّارِ) أَيْ بِخَرَاجٍ يَضْرِبُهُ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: أُعْطِيَهُ) ظَاهِرُهُ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: مِنْ إضَافَةِ الْجِنْسِ) فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ السَّوَادَ لَا يَصْدُقُ عَلَى جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ فَلَا يَكُونُ جِنْسًا؛ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْجِنْسِ صِدْقُهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ مِنْ إضَافَةِ الْكُلِّ إلَى بَعْضِهِ، ثُمَّ رَأَيْتُ فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ: مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى بَعْضِهِ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ: فِي عَرْضِ مِائَتَيْنِ) وَفِي نُسْخَةٍ ثَمَانِينَ، وَبِهَا عَبَّرَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ وَلَعَلَّهَا الْأَنْسَبُ بِقَوْلِهِمْ الْعَرْضُ أَقْصَرُ الِامْتِدَادَيْنِ (قَوْلُهُ: إذْ أَصْلُ الْعِرَاقِ الِاسْتِوَاءُ) أَيْ لُغَةً (قَوْلُهُ: وَأَبْنِيَتُهُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمَحَلُّهُ فِي الْبِنَاءِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَجَرِيبٌ) أَيْ فَدَّانٌ (قَوْلُهُ: وَالشَّجَرُ) أَيْ مَا عَدَا النَّخْلَ وَالْعِنَبَ وَالزَّيْتُونَ، وَانْظُرْ حِكْمَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَكَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُ قَوْلِهِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَخْ عَنْ هَذَا (قَوْلُهُ: مِنْ إضَافَةِ الْجِنْسِ) الْأَصْوَبُ مِنْ إضَافَةِ الْكُلِّ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ قَاسِمٍ (قَوْلُهُ: وَجُمْلَةُ سَوَادِ الْعِرَاقِ) الصَّوَابُ حَذْفُ لَفْظِ سَوَادٍ لِأَنَّ الْعَشَرَةَ آلَافٍ هِيَ جُمْلَةُ الْعِرَاقِ بِالضَّرْبِ. أَمَّا جُمْلَةُ سَوَادِ الْعِرَاقِ فَهِيَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا وَثَمَانُمِائَةٍ، نَبَّهَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: فَجَرِيبُ الشَّعِيرِ إلَخْ) الْجَرِيبُ هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي قُرَى مِصْرَ بِالْفَدَّانِ وَهُوَ عَشْرُ قَصَبَاتٍ كُلُّ قَصَبَةٍ سِتَّةُ أَذْرُعٍ بِالْهَاشِمِيَّةِ كُلُّ ذِرَاعٍ سِتُّ قَبَضَاتٍ كُلُّ قَبْضَةٍ أَرْبَعُ أَصَابِعَ فَالْجَرِيبُ مِسَاحَةٌ مُرَبَّعَةٌ مِنْ الْأَرْضِ بَيْنَ كُلِّ جَانِبَيْنِ مِنْهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا بِالْهَاشِمِيَّةِ

وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ، وَتُسَمَّى قُبَّةَ الْإِسْلَامِ وَخِزَانَةَ الْعَرَبِ (وَإِنْ كَانَ دَاخِلُهُ فِي حَدِّ السَّوَادِ فَلَيْسَ لَهَا حُكْمُهُ) لِأَنَّهَا كَانَتْ سَبِخَةً أَحْيَاهَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ وَعُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ فِي زَمَنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ بَعْدَ فَتْحِ الْعِرَاقِ (إلَّا مَوْضِعًا غَرْبِيَّ دِجْلَتِهَا) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِهِ، وَيُسَمَّى نَهْرُ الْفُرَاةِ (وَمَوْضِعَ شَرْقِيِّهَا) أَيْ الدِّجْلَةِ وَيُسَمَّى الْفُرَاتُ، وَهَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ وَعَكَسَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ ذَلِكَ (وَ) الصَّحِيحُ (أَنَّ مَا فِي السَّوَادِ مِنْ الدُّورِ وَالْمَسَاكِنِ يَجُوزُ بَيْعُهُ) لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِي وَقْفِهِ كَمَا مَرَّ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَمَحَلُّهُ فِي الْبِنَاءِ دُونَ الْأَرْضِ لِشُمُولِ الْوَقْفِ لَهَا، وَلَيْسَ لِمَنْ بِيَدِهِ أَشْجَارٌ مُثْمِرَةٌ فِي أَرْضِ السَّوَادِ أَخْذُ ثِمَارِهَا بَلْ يَبِيعُهَا الْإِمَامُ، وَيَصْرِفُ أَثْمَانَهَا لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَهُ صَرْفُ نَفْسِهَا بِلَا بَيْعٍ لِمَا مَرَّ أَنَّهَا بِأَيْدِيهِمْ بِالْإِجَارَةِ (وَفُتِحَتْ مَكَّةُ صُلْحًا) كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الفتح: 22] أَيْ أَهْلُ مَكَّةَ {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ} [الفتح: 24] بِاَلَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ: أَيْ الْمُهَاجِرِينَ مِنْ مَكَّةَ فَأَضَافَ الدِّيَارَ إلَيْهِمْ وَهِيَ مُقْتَضِيَةٌ لِلْمِلْكِ وَالْخَبَرُ الصَّحِيحُ «مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ» وَاسْتَثْنَى أَفْرَادًا أَمَرَ بِقَتْلِهِمْ يَدُلُّ عَلَى عُمُومِ الْأَمَانِ لِلْبَاقِي وَلَمْ يَسْلُبْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَدًا وَلَا قَسَّمَ عَقَارًا وَلَا مَنْقُولًا، وَلَوْ فُتِحَتْ عَنْوَةً لَكَانَ الْأَمْرُ بِخِلَافِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا دَخَلَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَأَهِّبًا لِلْقِتَالِ خَوْفًا مِنْ غَدْرِهِمْ وَنَقْضِهِمْ لِلصُّلْحِ الَّذِي وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي سُفْيَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَبْلَ دُخُولِهَا. وَفِي الْبُوَيْطِيِّ أَنَّ أَسْفَلَهَا فَتَحَهُ خَالِدٌ عَنْوَةً وَأَعْلَاهَا فَتَحَهُ الزُّبَيْرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - صُلْحًا، وَدَخَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ جِهَتِهِ فَصَارَ الْحُكْمُ لَهُ، وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْأَخْبَارِ الَّتِي ظَاهِرُهَا التَّعَارُضُ (فَدُورُهَا وَأَرْضُهَا الْمُحْيَاةُ مِلْكٌ تُبَاعُ) كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَخْبَارُ، وَلَمْ يَزَلْ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَهَا، نَعَمْ الْأَوْلَى عَدَمُ بَيْعِهَا وَإِجَارَتِهَا خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَهُمَا فِي الْأَرْضِ. أَمَّا الْبِنَاءُ فَلَا خِلَافَ فِي حِلِّ بَيْعِهِ وَإِجَارَتِهِ، وَأَمَّا خَبَرُ «مَكَّةُ لَا تُبَاعُ رِبَاعُهَا وَلَا تُؤَجَّرُ دُورُهَا» فَضَعِيفٌ خِلَافًا لِلْحَاكِمِ، وَفُتِحَتْ مِصْرُ عَنْوَةً وَدِمَشْقُ عَنْوَةً عِنْدَ السُّبْكِيّ، وَمَنْقُولُ الرَّافِعِيِّ عَنْ الرُّويَانِيِّ أَنَّ مُدُنَ الشَّامِ صُلْحٌ وَأَرْضَهَا عَنْوَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــSعَدَمِ تَعَرُّضِهِ لِبَقِيَّةِ الْحُبُوبِ، وَلَعَلَّهَا لَمْ تَكُنْ تُقْصَدُ لِلزِّرَاعَةِ عَلَى حِدَةٍ (قَوْلُهُ: وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ) أَيْ إلَّا فِي النِّسْبَةِ فَإِنَّهُ مُتَعَيِّنٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا كَانَتْ سَبِخَةً) السَّبِخَةُ بِكَسْرِ الْبَاءِ أَرْضٌ ذَاتُ سِبَاخٍ. قُلْتُ: أَرْضٌ سَبِخَةٌ أَيْ ذَاتُ مِلْحٍ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَعَكَسَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ) مِنْهُمْ الْمَحَلِّيُّ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِمَنْ بِيَدِهِ أَشْجَارٌ) أَيْ كَانَتْ مَوْجُودَةً قَبْلَ إجَارَةِ الْأَرْضِ، إذْ الْحَادِثُ بَعْدَ ذَلِكَ مِلْكٌ لِمُحْدِثِهِ، وَالْإِجَارَةُ شَامِلَةٌ لِذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ آجَرَ جَرِيبَ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ وَالزَّيْتُونِ (قَوْلُهُ: الَّذِينَ أُخْرِجُوا) قَدْ يَتَوَقَّفُ فِي دَلَالَةِ هَذِهِ؛ لِأَنَّ إخْرَاجَهُمْ لَمْ يَكُنْ بَعْدَ الْفَتْحِ بَلْ كَانَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَالدُّورُ مَمْلُوكَةٌ لَهُمْ إذْ ذَاكَ بَلْ مُعَارَضٌ (قَوْلُهُ: وَأَرْضُهَا الْمُحْيَاةُ) أَيْ قَبْلَ الْفَتْحِ، وَكَذَا بَعْدَهُ إنْ كَانَ ثَمَّ مَوَاتٌ أَحْيَوْهُ. (قَوْلُهُ: رِبَاعُهَا) أَيْ مَنَازِلُهَا (قَوْلُهُ: وَفُتِحَتْ مِصْرُ عَنْوَةً) أَيْ وَقُرَاهَا وَنَحْوُهَا مِمَّا فِي إقْلِيمِهَا صُلْحًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ نَقْلًا عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي فَتَاوِيهِ (قَوْلُهُ: أَنَّ مُدُنَ الشَّامِ) أَيْ أَنَّ فَتْحَ مُدُنِ إلَخْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُ الْمَتْنِ فَلَيْسَ لَهَا حُكْمُهُ) أَيْ فِي الْوَقْفِيَّةِ وَالْإِجَارَةِ وَالْخَرَاجِ الْمَضْرُوبِ؛ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يَدْخُلْهَا فِي ذَلِكَ وَإِنْ شَمَلَهَا الْفَتْحُ هَذَا مَا يَقْتَضِيهِ سِيَاقُ الْمُصَنِّفِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا لِابْنِ قَاسِمٍ هُنَا (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ أَنَّهَا) أَيْ أَرْضَ السَّوَادِ، وَهَذَا فِي الْأَشْجَارِ الْمَوْجُودَةِ عِنْدَ الْإِجَارَةِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَتُصَرِّحُ بِهِ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ. (قَوْلُهُ: فَأَضَافَ الدِّيَارَ إلَيْهِمْ) فِي الِاسْتِدْلَالِ بِهَذِهِ الْآيَةِ هُنَا نَظَرٌ لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَفُتِحَتْ مِصْرُ عَنْوَةً) أَيْ وَلَمْ يَصِحَّ أَنَّهَا وُقِفَتْ كَمَا فِي فَتَاوَى وَالِدِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَا خَرَاجَ فِي أَرَاضِيِهَا لِأَنَّهَا مِلْكُ الْغَانِمِينَ وَمَوْرُوثَةٌ عَنْهُمْ، لَكِنْ فِي حَوَاشِيهِ عَلَى شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ

[فصل في أمان الكفار]

(فَصْلٌ) فِي أَمَانِ الْكُفَّارِ الَّذِي هُوَ قَسِيمُ الْجِزْيَةِ وَالْهُدْنَةِ، وَقَسَمَ مِنْ مُطْلَقِ الْأَمْنِ لَهُمْ الْمُنْحَصِرُ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّهُ إنْ تَعَلَّقَ بِمَحْصُورٍ فَالْأَوَّلُ أَوْ بِغَيْرِهِ لَا إلَى غَايَةٍ فَالثَّانِي أَوْ إلَيْهَا فَالثَّالِثُ. وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} [التوبة: 6] الْآيَةَ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا» أَيْ نَقَضَ عَهْدَهُ «فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالذِّمَّةُ الْعَهْدُ وَالْأَمَانُ وَالْحُرْمَةُ وَالْحَقُّ، وَكُلٌّ صَحِيحٌ هُنَا، وَقَدْ تُطْلَقُ عَلَى الذَّاتِ وَالنَّفْسِ اللَّتَيْنِ هُمَا مَحَلُّهَا فِي نَحْوِ فِي ذِمَّتِهِ كَذَا وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهُ مِنْهُ وَعَلَى الْمَعْنَى الَّذِي يَصْلُحُ لِلْإِلْزَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــS (فَصْلٌ) فِي أَمَانِ الْكُفَّارِ (قَوْلُهُ: فِي أَمَانِ الْكُفَّارِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: الْمُنْحَصِرُ) أَيْ مُطْلَقُ الْأَمَانِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ إنْ تَعَلَّقَ بِمَحْصُورٍ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ تَأْمِينَ الْإِمَامِ غَيْرُ مَحْصُورِينَ لَا يُسَمَّى أَمَانًا، وَأَنَّ الْجِزْيَةَ لَا تَصِحُّ فِي مَحْصُورِينَ وَلَيْسَ مُرَادًا اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ: أَيْ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّ الْأَمَانَ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مِنْ الْإِمَامِ، وَأَنَّ الْجِزْيَةَ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا لِمَحْصُورِينَ (قَوْلُهُ: فَالْأَوَّلُ) أَيْ أَمَانُ الْكُفَّارِ، وَقَوْلُهُ فَالثَّانِي: أَيْ الْجِزْيَةُ، وَقَوْلُهُ فَالثَّالِثُ: أَيْ الْهُدْنَةُ (قَوْلُهُ: يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ) أَيْ كَالْأُنْثَى الرَّقِيقَةِ لِكَافِرٍ (قَوْلُهُ فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا) هُوَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ. قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: الْخَفِيرُ الْمُجِيرُ، ثُمَّ قَالَ: وَأَخْفَرَهُ نَقَضَ عَهْدَهُ وَغَدَرَ وَمِثْلُهُ فِي الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ: وَكُلُّ صَحِيحٍ هُنَا) هُوَ وَاضِحٌ فِي غَيْرِ الْجِزْيَةِ، ثُمَّ رَأَيْتُ فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ بَدَلَ الْجِزْيَةِ الْحُرْمَةَ: أَيْ الِاحْتِرَامَ (قَوْلُهُ: وَقَدْ تُطْلَقُ) أَيْ الذِّمَّةُ شَرْعًا، وَقَوْلُهُ مَحَلُّهَا: أَيْ الذِّمَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQابْنِ الرِّفْعَةِ نَقْلًا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّهَا فُتِحَتْ عَنْوَةً وَأَنَّ عُمَرَ وَضَعَ عَلَى أَرَاضِيهِمْ الْخَرَاجَ فَلْيُحَرَّرْ، وَلْيُنْظَرْ وَضْعُ الْخَرَاجِ فِيهَا عَلَى قَوَاعِدِ مَذْهَبِنَا، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَوَاشِي ابْنِ قَاسِمٍ فِي الْبَابِ الْآتِي مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِمِصْرَ الْمَفْتُوحَةِ عَنْوَةً خُصُوصُ الْبَلَدِ لَا جَمِيعُ أَرَاضِيِهَا وَبِهِ يَنْتَفِي الْإِشْكَالُ، وَفِي الْقُوتِ مَا نَصُّهُ: وَقَالَ بَعْضُ مَنْ أَدْرَكْنَاهُ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الْحَاصِلُ فِيهَا قَوْلًا لِلْعُلَمَاءِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُمَا وَقْفٌ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ. وَالثَّانِي أَنَّهَا مِلْكٌ لِلْمُسْلِمِينَ عُمُومًا وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوَاعِدِ الشَّافِعِيِّ، وَلَمْ أَجِدْهُ مَنْصُوصًا عَنْهُ وَلَا عَنْ أَصْحَابِهِ، وَعَلَى هَذَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ بَيْعُهَا حَيْثُ يَجُوزُ بَيْعُ أَرْضِ الْمَغْنَمِ وَذَلِكَ لِضَرُورَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ، وَمَنْ كَانَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ مِنْهَا جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ كَسَائِرِ مَا فِي يَدِهِ اهـ، وَانْظُرْ مَا وَجْهُ كَوْنِ الْمُنَاسِبِ لِقَوَاعِدِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا مِلْكٌ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِقَوَاعِدِهِ أَنَّهَا مِلْكٌ لِخُصُوصِ الْغَانِمِينَ كَمَا مَرَّ فِي الْمَتْنِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَالِكًا إنَّمَا قَالَ بِوَقْفِيَّتِهَا لِأَنَّ مَذْهَبَهُ أَنَّ الْأَرْضَ إذَا فُتِحَتْ عَنْوَةً تَصِيرُ وَقْفًا بِمُجَرَّدِ الْحِيَازِ وَلَا تَحْتَاجُ إلَى وَقْفِ الْإِمَامِ كَمَا نُقِلَ لِي عَنْ مَذْهَبِهِ فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ. [فَصْلٌ فِي أَمَانِ الْكُفَّارِ] (قَوْلُهُ: فَمَنْ أَخْفَرَ) هُوَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ وَالْهَمْزَةُ فِيهِ لِلْإِزَالَةِ: أَيْ مِنْ أَزَالَ خِفَارَتَهُ: أَيْ بِأَنْ قَطَعَ ذِمَّتَهُ (قَوْلُهُ: اللَّتَيْنِ هُمَا مَحَلُّهَا) أَيْ فَهُوَ مَجَازٌ مُرْسَلٌ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْحَالِّ عَلَى الْمَحَلِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الزِّيَادِيُّ، وَانْظُرْ إطْلَاقَ الذِّمَّةِ عَلَى الذَّاتِ وَالنَّفْسِ بِأَيِّ مَعْنَى مِنْ الْمَعَانِي الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَفِي كُلٍّ مِنْهَا بُعْدٌ لَا يَخْفَى فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: نَحْوُ فِي ذِمَّتِهِ كَذَا إلَخْ) فِي جَعْلِ هَذَا مِثَالًا لِلذِّمَّةِ بِمَعْنَى الذَّاتِ وَالنَّفْسِ وَقْفَةٌ وَالْأَظْهَرُ التَّمْثِيلُ بِهِ لِلْمَعْنَى الْآتِي بَعْدُ فَتَأَمَّلْ

وَلِلِالْتِزَامِ كَمَا مَرَّ (يَصِحُّ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ) وَسَكْرَانَ (مُخْتَارٍ) وَلَوْ أَمَةً لِكَافِرٍ وَسَفِيهًا وَفَاسِقًا وَهَرِمًا لِقَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ «يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ» وَلِأَنَّ عُمَرَ أَجَازَ أَمَانَ عَبْدٍ عَلَى جَمِيعِ الْجَيْشِ فَلَا يَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ لِاتِّهَامِهِ وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمُكْرَهٍ كَبَقِيَّةِ الْعُقُودِ، نَعَمْ لَوْ جَهِلَ كَافِرٌ فَسَادَ أَمَانِ مَنْ ذُكِرَ عُرِّفَ بِهِ لِيَبْلُغَ مَأْمَنَهُ (أَمَانُ حَرْبِيٍّ) وَلَوْ امْرَأَةً وَقِنًّا كَمَا اعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ لَا أَسِيرًا كَمَا قَالَاهُ، وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِغَيْرِ آسِرِهِ، أَمَّا هُوَ فَيَجُوزُ لَهُ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ (وَعَدَدٍ مَحْصُورٍ) مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ كَمِائَةٍ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ غَيْرِ الْمَحْصُورِ كَأَهْلِ بَلَدٍ كَبِيرٍ؛ لِأَنَّ هَذِهِ هُدْنَةٌ، وَهِيَ مُمْتَنِعَةٌ مِنْ غَيْرِ الْإِمَامِ، وَلَوْ آمَنَ مِائَةُ أَلْفٍ مِنَّا مِائَةَ أَلْفٍ مِنْهُمْ، وَظَهَرَ بِذَلِكَ سَدُّ بَابِ الْجِهَادِ أَوْ بَعْضِهِ بَطَلَ الْجَمِيعُ حَيْثُ وَقَعَ مَعًا، وَإِلَّا فَمَا ظَهَرَ الْخَلَلُ بِهِ فَقَطْ (وَلَا يَصِحُّ أَمَانُ أَسِيرٍ لِمَنْ هُوَ مَعَهُمْ) وَلَا لِغَيْرِهِمْ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ مَقْهُورٌ مَعَهُمْ فَهُوَ كَالْمُكْرَهِ، وَلِأَنَّهُ غَيْرُ آمِنٍ مِنْهُمْ، وَالثَّانِي يَصِحُّ لِدُخُولِهِ مَعَهُمْ فِي الضَّابِطِ، وَالْأَوَّلُ نَظَرَ لِمَا مَرَّ فِي التَّعْلِيلِ، وَالْمُرَادُ بِمَنْ هُوَ مَعَهُمْ كَمَا فِي التَّنْبِيهِ وَغَيْرِهِ الْمُقَيَّدُ أَوْ الْمَحْبُوسُ، فَلَوْ أُطْلِقَ وَأَمَّنُوهُ عَلَى عَدَمِ الْخُرُوجِ مِنْ دَارِهِمْ صَحَّ كَالتَّاجِرِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ، وَعَلَيْهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنَّمَا يَكُونُ مُؤَمِّنُهُ آمِنًا بِدَارِهِمْ غَيْرَ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالْأَمَانِ فِي غَيْرِهَا (وَيَصِحُّ) الْأَمَانُ (بِكُلِّ لَفْظٍ يُفِيدُ مَقْصُودَهُ) صَرِيحٌ كَآجَرْتُكِ أَوْ أَمَّنْتُكَ أَوْ لَا يَأْسَ أَوْ لَا فَزَعَ أَوْ لَا خَوْفَ عَلَيْكَ أَوْ كِنَايَةً بِنِيَّةٍ كَكُنْ كَيْفَ شِئْتَ، أَوْ أَنْتَ عَلَى مَا تُحِبُّ (وَبِكِتَابَةٍ) مَعَ النِّيَّةِ لِأَنَّهَا كِنَايَةٌ (وَرِسَالَةٍ) بِلَفْظٍ صَرِيحٍ أَوْ كِنَايَةٍ مَعَ النِّيَّةِ وَلَوْ مَعَ كَافِرٍ وَصَبِيٍّ مَوْثُوقٍ بِخَبَرِهِ فِيمَا يَظْهَرُ تَوْسِعَةً فِي حَقْنِ الدَّمِ (وَيُشْتَرَطُ) لِصِحَّةِ الْأَمَانِ (عِلْمُ الْكَافِرِ بِالْإِمَامِ) كَبَقِيَّةِ الْعُقُودِ، فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْهُ جَازَتْ الْمُبَادَرَةُ بِقَتْلِهِ وَلَوْ مِنْ مُؤْمِنَةٍ (فَإِنْ رَدَّهُ) كَقَوْلِهِ مَا قَبِلْتُ أَمْنَكَ أَوْ لَا آمَنُكَ (بَطَلَ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَقْبَلْ) بِأَنْ سَكَتَ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ كَالْهِبَةِ. وَالثَّانِي يَبْطُلَ بِالسُّكُوتِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلَوْ أَمَةً لِكَافِرٍ) أَيْ مُسْلِمَةٍ (قَوْلُهُ عَلَى جَمِيعِ الْجَيْشِ) أَيْ وَكَانُوا مَحْصُورِينَ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ شَرْطَ الْأَمَانِ أَنْ يَكُونَ فِي عَدَدٍ مَحْصُورٍ (قَوْلُهُ: عُرِفَ بِهِ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ امْرَأَةً) أَوْ وَلَوْ كَانَ الْحَرْبِيُّ امْرَأَةً إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا أَسِيرًا) أَيْ فَلَا يَصِحُّ أَمَانُهُ (قَوْلُهُ: أَمَّا هُوَ) أَيْ آسِرُهُ وَمِثْلُهُ الْإِمَامُ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: كَمِائَةٍ) أَيْ أَوْ أَكْثَرَ مَا لَمْ يَنْسَدَّ بِهِ بَابُ الْجِهَادِ، وَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ صِفَةٌ لِقَوْلِهِ مَحْصُورٌ وَمَا زَادَ عَلَى الْمِائَةِ حَيْثُ لَمْ يَنْسَدَّ بِهِ بَابُ الْجِهَادِ وَلَيْسَ بِمَحْصُورٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذِهِ) أَيْ تَأْمِينَ غَيْرِ الْمَحْصُورِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ آمَنَ مِائَةً) هُوَ بِالْمَدِّ وَالتَّخْفِيفِ أَصْلُهُ أَأْمَنَ بِهَمْزَتَيْنِ أُبْدِلَتْ الثَّانِيَةُ أَلِفًا كَذَا فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: مِائَةُ أَلْفٍ مِنْهُمْ) قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ ضَابِطَ الْجَوَازِ أَنْ لَا يَنْسَدَّ بَابُ الْجِهَادِ وَهُوَ كَذَلِكَ، لَكِنَّهُ قَدْ يُخَالِفُ قَوْلَ الْمَتْنِ وَعَدَدٌ مَحْصُورٌ فَقَطْ، إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْمَحْصُورِ هُنَا مَا لَا يَنْسَدُّ بِتَأْمِينِهِ بَابُ الْجِهَادِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ فِي التَّعْلِيلِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مَقْهُورٌ (قَوْلُهُ: عَلَى عَدَمِ الْخُرُوجِ مِنْ دَارِهِمْ صَحَّ) وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فَيَخْرُجُ مِنْ دَارِهِمْ حَيْثُ أَمْكَنَهُ الْخُرُوجُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ شَرَطُوا عَلَيْهِ أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ دَارِهِمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا آمَنُكَ) أَيْ لَا أَقْبَلُ أَمَانَك فَأَصِيرُ آمِنًا مِنْكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ أَمَةً لِكَافِرٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ لِسَيِّدِهَا، وَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَسِيرِ بَلْ قَدْ يُقَالُ: إنَّهَا مِنْ أَفْرَادِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِمَنْ هُوَ مَعَهُمْ إلَخْ) أَيْ الْمُرَادُ بِهَذَا اللَّفْظِ هَذَا الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ ظَاهِرَهُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ صَنِيعُ الشَّارِحِ حَيْثُ قَالَ: وَالْمُرَادُ بِمَنْ هُوَ مَعَهُمْ وَلَمْ يَقُلْ وَالْمُرَادُ الْمُقَيَّدُ أَوْ الْمَحْبُوسُ فَلَيْسَ الْمُرَادُ ظَاهِرَ الْمَتْنِ وَيَكُونُ هَذَا قَيْدًا زَائِدًا عَلَيْهِ وَمِنْ ثُمَّ حَذَفَهُ مِنْ الْمَنْهَجِ، فَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ: وَلَا يَصِحُّ أَمَانُ أَسِيرٍ مُقَيَّدٍ أَوْ مَحْبُوسٍ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَأَتَّى قَوْلُ الشَّارِحِ فِيهَا وَلَا لِغَيْرِهِمْ إلَّا إنْ أَبْقَيْنَا الْمَتْنَ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ فَاللَّائِقُ حَذْفُهُ فِيمَا مَرَّ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا آمَنُك) عِبَارَةُ الرَّوْضِ: فَإِنْ قَبِلَ وَقَالَ لَا آمَنُك فَهُوَ رَدٌّ انْتَهَتْ: أَيْ لِأَنَّ الْأَمَانَ

(وَتَكْفِي) كِتَابَةٌ وَ (إشَارَةٌ) أَوْ أَمَارَةٌ كَتَرْكِهِ الْقِتَالَ (مُفْهِمَةٌ لِلْقَبُولِ) أَوْ الْإِيجَابِ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ مِنْ نَاطِقٍ فَكِنَايَةٌ مُطْلَقًا لِبِنَاءِ الْبَابِ عَلَى التَّوْسِعَةِ، وَمِنْ ثَمَّ جَازَ تَعْلِيقُهُ بِالْغَرَرِ كَإِنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَقَدْ أَمَّنْتُكَ أَوْ مِنْ أَخْرَسَ وَاخْتَصَّ بِفَهْمِهَا فَطِنُونَ، فَكَذَلِكَ تَكُونُ كِنَايَةً، وَإِلَّا فَصَرِيحَةً أَمَّا غَيْرُ الْمُفْهِمَةِ فَلَاغِيَةٌ (وَيَجِبُ أَنْ لَا تَزِيدَ مُدَّتُهُ) فِي حَقِّ مَنْ تَحَقَّقْنَا ذُكُورَتَهُ (عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) سَوَاءً أَكَانَ الْمُؤَمِّنُ الْإِمَامَ أَمْ غَيْرَهُ لِلْآيَةِ (وَفِي قَوْلٍ يَجُوزُ مَا لَمْ تَبْلُغْ) الْمُدَّةُ (سَنَةً) فَإِنْ بَلَغَتْهَا امْتَنَعَ قَطْعًا لِئَلَّا يَتْرُكَ الْجِزْيَةَ وَمِنْ ثَمَّ جَازَ فِي الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ فَإِنْ زَادَ عَلَى الْجَائِزِ بَطَلَ فِي الزَّائِدِ فَقَطْ عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ حَيْثُ لَا ضَعْفَ بِنَا، فَإِنْ كَانَ رَجَعَ فِي الزَّائِدِ إلَى نَظَرِ الْإِمَامِ كَالْهُدْنَةِ وَلَوْ أَطْلَقَ الْأَمَانَ حُمِلَ عَلَى الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَبَلَغَ الْمَأْمَنَ بَعْدَهَا بِخِلَافِ الْهُدْنَةِ لِكَوْنِ بَابِهَا أَضْيَقَ (وَلَا يَجُوزُ) وَلَا يَنْفُذُ وَلَوْ مِنْ إمَامٍ (أَمَانٌ يَضُرُّ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ الْمُسْلِمِينَ (كَجَاسُوسٍ) وَطَلِيعَةِ كُفَّارٍ لِخَبَرِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ فِي الْإِسْلَامِ» وَلَا يُسْتَحَقُّ تَبْلِيغُ الْمَأْمَنِ إذْ دُخُولُ مِثْلِهِ خِيَانَةٌ، أَمَّا مَا لَا يَضُرُّ فَجَائِزٌ وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ، نَعَمْ قَيَّدَ ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ بِغَيْرِ الْإِمَامِ أَمَّا هُوَ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ (وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ) وَلَا لِغَيْرِهِ بِالْأَوْلَى (نَبْذُ الْأَمَانِ) الصَّادِرِ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (إنْ لَمْ يَخَفْ خِيَانَةً) لِلُزُومِهِ مِنْ جِهَتِنَا فَإِنْ خَافَهَا نَبَذَهُ الْإِمَامُ وَالْمُؤَمِّنُ بِكَسْرِ الْمِيمِ، أَمَّا الْمُؤَمَّنُ بِفَتْحِهَا فَلَهُ نَبْذُهُ مَتَى شَاءَ لَكِنَّهُ مَتَى بَطَلَ أَمَانُهُ وَجَبَ تَبْلِيغُهُ مَأْمَنَهُ (وَلَا يَدْخُلُ فِي الْأَمَانِ مَالُهُ وَأَهْلُهُ) أَيْ فَرْعُهُ غَيْرُ الْمُكَلَّفِ وَزَوْجَتُهُ الْمَوْجُودَانِ (بِدَارِ الْحَرْبِ) إذْ الْقَصْدُ تَأْمِينُ ذَاتِهِ مِنْ قَتْلٍ وَرِقٍّ دُونَ غَيْرِهِ فَيُغْنَمُ مَالُهُ وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُ ثَمَّ، نَعَمْ إنْ شَرَطَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ أَوْ دُخُولُهُ دَخَلَ وَإِلَّا فَلَا (وَكَذَا مَا مَعَهُ) بِدَارِ الْإِسْلَامِ (مِنْهُمَا) وَمِثْلُهُمَا مَا مَعَهُ لِغَيْرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: وَتَكْفِي كِتَابَةٌ) اُنْظُرْ فَائِدَتَهُ مَعَ قَوْلِهِ وَبِكِتَابَةٍ، وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا فِي الْقَبُولِ وَذَاكَ فِي الْإِيجَابِ اهـ سم حَجّ. وَإِشَارَةُ النَّاطِقِ لَغْوٌ فِي سَائِرِ الْأَبْوَابِ إلَّا هُنَا، وَأُلْحِقَ بِذَلِكَ الْإِشَارَةُ بِجَوَابِ السَّائِلِ مِنْ الْمُفْتِي وَبِالْإِذْنِ فِي دُخُولِ الدَّارِ وَلِلضُّيُوفِ فِي الْأَكْلِ بِمَا قُدِّمَ لَهُمْ (قَوْلُهُ: فَكِنَايَةٌ مُطْلَقًا) فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ أَمْ الْفَطِنُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: لِلْآيَةِ) هِيَ قَوْلُهُ {فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [التوبة: 2] (قَوْلُهُ سِرُّ الْحُرِّيَّةِ) أَيْ فَائِدَتُهُ (قَوْلُهُ: كَالْهُدْنَةِ) قَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ بِالْهُدْنَةِ جَوَازُ الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ إلَى عَشْرِ سِنِينَ حَيْثُ رَأَى الْمَصْلَحَةَ، وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْعَشْرِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْهُدْنَةِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَبْطُلَ عَقْدُهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ لَا ضَرَرَ) أَيْ لَا يَضُرُّ نَفْسَهُ وَلَا يَضُرُّ غَيْرَهُ، فَالْمَعْنَى لَا ضَرَرَ تُدْخِلُونَهُ عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَلَا ضِرَارَ لِغَيْرِكُمْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ خَافَهَا نَبَذَهُ) وُجُوبًا فَلَوْ لَمْ يَنْبِذْ هَلْ يَبْطُلُ بِنَفْسِهِ حَيْثُ مَضَتْ مُدَّةٌ بَعْدَ عِلْمِهِ يُمْكِنُ فِيهَا النَّبْذُ، وَلَمْ يَفْعَلْ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِوُجُودِ الْخَلَلِ الْمُنَافِي لِابْتِدَائِهِ، وَكُلُّ مَا مَنَعَ مِنْ الصِّحَّةِ إذَا قَارَنَ لَوْ طَرَأَ أَفْسَدَ إلَّا مَا نَصُّوا عَلَى خِلَافِهِ، (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ مَتَى بَطَلَ أَمَانُهُ) مِنَّا أَوْ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَزَوْجَتُهُ) قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: الْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ إلَّا بِالتَّنْصِيصِ عَلَيْهَا، وَمِثْلُهُ فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ نَقْلًا عَنْ الشَّارِحِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يَخْتَصُّ بِطَرَفٍ (قَوْلُهُ: أَوْ الْإِيجَابِ) لَعَلَّ الْأَوْلَى حَذْفُهُ هُنَا وَإِنْ أَفَادَ فَائِدَةً زَائِدَةً عَلَى مَا مَرَّ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مَا زَادَهْ هُنَا بِقَوْلِهِ كِتَابَةً مُكَرَّرًا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ وَأَنْ يَكُونَ مُجَرَّدَ تَرْكِ الْقِتَالِ تَأْمِينًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ اخْتَصَّ بِفَهْمِهَا فَطِنُونَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: لِبِنَاءِ الْبَابِ عَلَى التَّوْسِعَةِ) هُوَ عِلَّةٌ لِلِاكْتِفَاءِ بِإِشَارَةِ النَّاطِقِ هُنَا دُونَ سَائِرِ الْأَبْوَابِ كَمَا لَا يَخْفَى، لَا لِكَوْنِ الْإِشَارَةِ مِنْ النَّاطِقِ كِنَايَةً مُطْلَقًا وَإِنْ أَوْهَمَهُ السِّيَاقُ

فَلَا يَدْخُلُ ذَلِكَ كُلُّهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا ذُكِرَ (إلَّا بِشَرْطٍ) حَيْثُ كَانَ الْمُؤَمِّنُ غَيْرَ الْإِمَامِ، نَعَمْ ثِيَابُهُ وَمَرْكُوبُهُ وَآلَةُ اسْتِعْمَالِهِ وَنَفَقَةُ مُدَّةِ أَمَانِهِ الضَّرُورِيَّاتُ تَدْخُلُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ. وَحَاصِلُ ذَلِكَ دُخُولُ مَا مَعَهُ فِي الْأَمَانِ مِمَّا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ غَالِبًا كَثِيَابِهِ وَنَفَقَةِ مُدَّتِهِ مُطْلَقًا، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ يَدْخُلُ أَيْضًا إنْ كَانَ الْمُؤَمِّنُ الْإِمَامَ، وَإِلَّا لَمْ يَدْخُلْ إلَّا بِشَرْطٍ وَمَا خَلَّفَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ يَدْخُلُ إنْ أَمَّنَهُ الْإِمَامُ وَشَرَطَ دُخُولَهُ وَإِلَّا فَلَا (وَالْمُسْلِمُ بِدَارِ كُفْرٍ) أَيْ حَرْبٍ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ دَارَ الْإِسْلَامِ الَّتِي اسْتَوْلَوْا عَلَيْهَا كَذَلِكَ (إنْ أَمْكَنَهُ إظْهَارُ دِينِهِ) لِشَرَفِهِ أَوْ شَرَفِ قَوْمِهِ وَأَمِنَ فِتْنَةً فِي دِينِهِ، وَلَمْ يَرْجُ ظُهُورَ الْإِسْلَامِ ثَمَّ بِمَقَامِهِ (اُسْتُحِبَّ لَهُ الْهِجْرَةُ) إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لِئَلَّا يَكْثُرَ سَوَادُهُمْ، وَرُبَّمَا كَادُوهُ، وَلَمْ تَجِبْ لِقُدْرَتِهِ عَلَى إظْهَارِ دِينِهِ وَلَمْ تَحْرُمْ؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْمُسْلِمِ بَيْنَهُمْ الْقَهْرَ وَالْعَجْزَ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ رَجَا ظُهُورَ الْإِسْلَامِ بِمَقَامِهِ، ثَمَّ كَانَ مَقَامُهُ أَفْضَلَ أَوْ قَدَرَ عَلَى الِامْتِنَاعِ وَالِاعْتِزَالِ ثَمَّ، وَلَمْ يَرْجُ نُصْرَةَ الْمُسْلِمِينَ بِالْهِجْرَةِ كَانَ مَقَامُهُ وَاجِبًا؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ دَارُ الْإِسْلَامِ، فَلَوْ هَاجَرَ لَصَارَ دَارَ حَرْبٍ، ثُمَّ إنْ قَدَرَ عَلَى قِتَالِهِمْ وَدُعَائِهِمْ لِلْإِسْلَامِ لَزِمَهُ وَإِلَّا فَلَا. وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ دَارُ الْإِسْلَامِ أَنَّ كُلَّ مَحِلٍّ قَدَرَ أَهْلُهُ فِيهِ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ صَارَ دَارَ إسْلَامٍ، وَحِينَئِذٍ فَيَتَّجِهُ تَعَذُّرُ عَوْدِهِ دَارَ كُفْرٍ وَإِنْ اسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي خَبَرِ «الْإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ» فَقَوْلُهُمْ لَصَارَ دَارَ حَرْبٍ الْمُرَادُ بِهِ صَيْرُورَتُهُ كَذَلِكَ صُورَةً لَا حُكْمًا، وَإِلَّا لَزِمَ أَنَّ مَا اسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ يَصِيرُ دَارَ حَرْبٍ وَهُوَ بَعِيدٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ إظْهَارُ دِينِهِ وَخَافَ فِتْنَةً فِيهِ (وَجَبَتْ) الْهِجْرَةُ (إنْ أَطَاقَهَا) وَعَصَى بِإِقَامَتِهِ وَلَوْ أُنْثَى لَمْ تَجِدْ مَحْرَمًا مَعَ أَمْنِهَا عَلَى نَفْسِهَا، أَوْ كَانَ خَوْفُ الطَّرِيقِ أَقَلَّ مِنْ خَوْفِ الْإِقَامَةِ كَمَا لَا يَخْفَى، فَإِنْ لَمْ يُطِقْهَا فَمَعْذُورٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} [النساء: 97] وَلِخَبَرِ «لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا قُوتِلَ الْكُفَّارُ» وَخَبَرِ «لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ» أَيْ مِنْ مَكَّةَ لِكَوْنِهَا صَارَتْ دَارَ إسْلَامٍ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ (وَلَوْ قَدَرَ أَسِيرٌ عَلَى هَرَبٍ لَزِمَهُ) وَإِنْ أَمْكَنَهُ إظْهَارُ دِينِهِ كَمَا صَحَّحَهُ الْإِمَامُ وَتَبِعَهُ الْقَمُولِيُّ، وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّ الْأَسِيرَ فِي يَدِ الْكُفَّارِ مَقْهُورٌ مُهَانٌ فَكَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِ تَخْلِيصًا لِنَفْسِهِ مِنْ رِقِّ الْأَسْرِ (وَلَوْ) (أَطْلَقُوهُ بِلَا شَرْطٍ فَلَهُ اغْتِيَالُهُمْ) قَتْلًا وَسَبْيًا وَأَخْذًا لِلْمَالِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَسْتَأْمِنُوهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ هُنَا حَقِيقَةَ الْغِيلَةِ، وَهِيَ أَنْ يَخْدَعَهُ فَيَذْهَبَ بِهِ لِمَكَانٍ خَالٍ، ثُمَّ يَقْتُلَهُ (أَوْ) أَطْلَقُوهُ (عَلَى أَنَّهُمْ فِي أَمَانِهِ) أَوْ عَكْسُهُ (حُرِّمَ) عَلَيْهِ اغْتِيَالُهُمْ؛ لِأَنَّ الْأَمَانَ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ مُتَعَذِّرٌ، نَعَمْ إنْ قَالُوا أَمَّنَّاكَ وَلَا أَمَانَ لَنَا عَلَيْكَ جَازَ لَهُ اغْتِيَالُهُمْ (فَإِنْ تَبِعَهُ قَوْمٌ) أَوْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بَعْدَ خُرُوجِهِ (فَلْيَدْفَعْهُمْ) حَتْمًا إنْ حَارَبُوهُ وَكَانُوا مِثْلَيْهِ فَأَقَلَّ، وَإِلَّا فَنَدْبًا عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ مَرْدُودٌ بِمَا مَرَّ أَنَّ الثَّبَاتَ لِلضَّعْفِ إنَّمَا يَجِبُ فِي الصَّفِّ (وَلَوْ بِقَتْلِهِمْ) ابْتِدَاءً، وَلَا يَلْزَمُهُ رِعَايَةُ التَّدْرِيجِ كَالصَّائِلِ لِانْتِقَاضِ أَمَانِهِمْ: أَيْ حَيْثُ قَصَدُوا نَحْوَ قَتْلِهِمْ، وَإِلَّا لَمْ يُنْتَقَضْ فَيَدْفَعُهُمْ كَالصَّائِلِ إذْ الذِّمِّيُّ يُنْتَقَضُ عَهْدُهُ بِقِتَالِنَا فَالْمُؤْمِنُ أَوْلَى (وَلَوْ) (شَرَطُوا) عَلَيْهِ (أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ دَارِهِمْ) (لَمْ يَجُزْ) لَهُ (الْوَفَاءُ) بِهَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ الْمُؤَمِّنُ غَيْرَ الْإِمَامِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ دَخَلَ بِلَا شَرْطٍ (قَوْلُهُ: لَهُ الْهِجْرَةُ) أَيْ مَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الِامْتِنَاعِ وَالِاعْتِزَالِ، وَلَمْ يَرْجُ نُصْرَةَ الْإِسْلَامِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَجِبْ) أَيْ الْهِجْرَةُ (قَوْلُهُ: أَوْ قَدَرَ عَلَى الِامْتِنَاعِ) أَيْ قَدْ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْمَقَامِ عَلَى الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ مَعَ مَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إذَا دَخَلُوا دَارَ الْحَرْبِ، وَقَدَرُوا عَلَى الِامْتِنَاعِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ، وَلَمْ يَخْتَلَّ أَمْرُ دَارِ الْإِسْلَامِ بِمَقَامِهِمْ هُنَاكَ وَلَا يَخْلُو عَنْ الْبُعْدِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَرْجُ نُصْرَةَ) أَيْ بِمَجِيئِهِ إلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ أَوْ وُجِدَ عَكْسُهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَرْدُودٌ) أَيْ فَيَكُونُ الْمُعْتَمَدُ النَّدْبُ مُطْلَقًا ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ رَجَا إلَخْ) اُنْظُرْ لَوْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ هَلْ يَجِبُ (قَوْلُهُ: جَازَ لَهُ اغْتِيَالُهُمْ) أَيْ لِفَسَادِ الْأَمَانِ لِمَا مَرَّ مِنْ تَعَذُّرِهِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ

الشَّرْطِ بَلْ يَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ حَيْثُ أَمْكَنَهُ فِرَارًا بِدِينِهِ مِنْ الْفِتَنِ وَبِنَفْسِهِ مِنْ الذُّلِّ مَا لَمْ يُمْكِنْهُ إظْهَارُ دِينِهِ، وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ كَمَا مَرَّ لَكِنْ يُنْدَبُ، وَلَوْ حَلَّفُوهُ عَلَى ذَلِكَ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ مُكْرَهًا عَلَى الْحَلِفِ لَمْ يَنْعَقِدْ حَلِفُهُ، وَإِلَّا حَنِثَ وَإِنْ كَانَ حِينَ حَلَّفَهُ مَحْبُوسًا وَمِنْ الْإِكْرَاهِ قَوْلُهُ لَا نُطَلِّقُك إلَّا إنْ حَلَفْتَ لَنَا أَنْ لَا تَخْرُجَ مِنْ هُنَا (وَلَوْ) (عَاقَدَ الْإِمَامُ عِلْجًا) هُوَ الْكَافِرُ الْغَلِيظُ الشَّدِيدُ سُمِّيَ بِهِ لِدَفْعِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَمِنْهُ الْعِلَاجُ لِدَفْعِهِ الدَّاءَ (يَدُلُّ عَلَى) نَحْوِ بَلَدٍ أَوْ (قَلْعَةٍ) بِإِسْكَانِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا سَوَاءٌ أَكَانَتْ مُعَيَّنَةً أَمْ مُبْهَمَةً مِنْ قِلَاعٍ مَحْصُورَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ عَلَى أَصْلِ طَرِيقِهَا أَوْ أَسْهَلَ أَوْ أَرْفَقَ طَرِيقِهَا (وَلَهُ مِنْهَا جَارِيَةٌ) مَثَلًا وَلَوْ حُرَّةً مُبْهَمَةً وَيُعَيِّنُهَا الْإِمَامُ (جَازَ) وَإِنْ كَانَ الْجَعْلُ مَجْهُولًا غَيْرَ مَمْلُوكٍ لِلْحَاجَةِ مَعَ أَنَّ الْحُرَّةَ تُرَقُّ بِالْأَسْرِ، وَتُسْتَحَقُّ بِالدَّلَالَةِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ كُلْفَةٍ كَأَنْ يَكُونَ تَحْتَهَا فَيَقُولَ هِيَ هَذِهِ لِلْحَاجَةِ أَيْضًا، وَبِهِ فَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْإِجَارَةِ وَالْجَعَالَةِ، كَذَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا كَانَ فِيهِ كُلْفَةٌ لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ ثُمَّ، أَمَّا الْمُسْلِمُ فَلَا تَجُورُ مَعَهُ هَذِهِ الْمُعَاقَدَةُ عَلَى مَا قَالَهُ جَمْعٌ؛ لِأَنَّ فِيهَا أَنْوَاعًا مِنْ الْغَرَرِ وَاحْتَمَلَتْ مَعَ الْكَافِرِ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِقِلَاعِهِمْ وَطُرُقِهِمْ، وَالْمُعْتَمَدُ صِحَّتُهَا مَعَهُ أَيْضًا كَمَا رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَاقْتَضَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَالرَّافِعِيِّ فِي الْغَنِيمَةِ اعْتِمَادَهُ فَيُعْطَاهَا إنْ وَجَدْنَاهَا حَيَّةً وَإِنْ أَسْلَمَتْ. فَلَوْ مَاتَتْ بَعْدَ الظَّفَرِ فَلَهُ قِيمَتُهَا، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْهَا قَوْلُهُ مِمَّا عِنْدِي فَلَا يَصِحُّ لِلْجَهْلِ بِالْجَعْلِ بِلَا حَاجَةٍ (فَإِنْ فُتِحَتْ) عَنْوَةً (بِدَلَالَتِهِ) وَفَاتِحُهَا مَنْ عَاقَدَهُ وَلَوْ فِي مَرَّةٍ أُخْرَى، وَفِيهَا تِلْكَ الْأَمَةُ الْمُعَيَّنَةُ أَوْ الْمُبْهَمَةُ حَيَّةً وَلَمْ تُسْلِمْ أَصْلًا أَوْ أَسْلَمَتْ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ لَا عَكْسَهُ كَمَا يَأْتِي (أُعْطِيَهَا) وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ سِوَاهَا، وَإِنْ تَعَلَّقَ بِهَا حَقٌّ لَازِمٌ مِنْ مُعَامَلَتِهِمْ مَعَ بَعْضِهِمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، إذْ لَا اعْتِدَادَ بِمُعَامَلَتِهِمْ فِي مِثْلِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهَا بِالشَّرْطِ قَبْلَ الظَّفَرِ (أَوْ) فَتَحَهَا مُعَاقَدُهُ (بِغَيْرِهَا) أَيْ دَلَالَتِهِ أَوْ غَيْرُ مُعَاقِدِهِ وَلَوْ بِدَلَالَتِهِ (فَلَا) شَيْءَ لَهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ وَهُوَ دَلَالَتُهُ، وَالثَّانِي يَسْتَحِقُّهَا بِالدَّلَالَةِ (فَإِنْ لَمْ تُفْتَحْ فَلَا شَيْءَ لَهُ) لِتَعَلُّقِ جَعَالَتِهِ بِدَلَالَتِهِ مَعَ فَتْحِهَا فَالْجَعْلُ مُقَيَّدٌ بِهِ حَقِيقَةً وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَفْظُهُ. (وَقِيلَ إنْ لَمْ يُعَلِّقْ الْجَعْلَ بِالْفَتْحِ فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلٍ) لِوُجُودِ الدَّلَالَةِ وَيَرُدُّهُ مَا تَقَرَّرَ هَذَا إنْ كَانَ الْجَعْلُ فِيهَا، وَإِلَّا لَمْ يُشْتَرَطْ فِي اسْتِحْقَاقِهِ فَتْحُهَا اتِّفَاقًا عَلَى مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) الْكَافُ بِمَعْنَى عَلَى (قَوْلُهُ وَإِلَّا حَنِثَ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْخُرُوجَ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ تَرْكِهِ يُوجِبُ الْحِنْثَ، وَإِنْ كَانَ الْخُرُوجُ وَاجِبًا اهـ سم حَجّ: أَيْ وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الْحِنْثِ (قَوْلُهُ: بَلْ هُنَا إكْرَاهٌ ثَانٍ) قَدْ يُقَالُ: إنَّ أَثَرَ هَذَا الْإِكْرَاهِ الثَّانِي مَنْعُ الْحِنْثِ عَارَضَ قَوْلَهُ السَّابِقَ وَإِلَّا حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا أَثَرَ لِذِكْرِهِ هُنَا اهـ سم عَلَى حَجّ قَدْ يُقَالُ: يُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِهِ السَّابِقِ، وَإِلَّا حَنِثَ عَلَى مَا لَوْ لَمْ يُكْرِهُوهُ عَلَى الْحَلِفِ بِخُصُوصِهِ لَكِنْ تَوَعَّدُوهُ بِالْحَبْسِ وَنَحْوِهِ، فَحَلَفَ اخْتِيَارًا أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ بِلَادِهِمْ تَرْغِيبًا لَهُمْ فِي إطْلَاقِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ صِحَّتُهَا مَعَهُ) أَيْ الْمُسْلِمِ، وَقَوْلُهُ فَيُعْطَاهَا: أَيْ الْمُسْلِمُ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ أَسْلَمَتْ غَايَةً، وَقَوْلُهُ فَلَهُ: أَيْ مَنْ ذَكَرَ (قَوْلُهُ لَا عَكْسَهُ) أَيْ بِأَنْ أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ أُعْطِيَهَا) أَيْ أُعْطِيَ الَّتِي وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً أَوْ مَنْ يُعَيِّنُهَا الْإِمَامُ إنْ كَانَتْ مُبْهَمَةً (قَوْلُهُ: وَيَرُدُّهُ مَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ فَالْجُعْلُ مُقَيَّدٌ (قَوْلُهُ: اتِّفَاقًا عَلَى مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) لَعَلَّ صُورَتَهُ أَنَّهُ عُوقِدَ بِجُعْلٍ مُعَيَّنٍ مِنْ مَالِهِ أَوْ بَيْتِ الْمَالِ، وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ حَلَفَ لَهُمْ تَرْغِيبًا لَهُمْ لِيَثِقُوا بِهِ وَلَا يَتَّهِمُوهُ بِالْخُرُوجِ بِلَا شَرْطٍ مِنْهُمْ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ (قَوْلُهُ: هُوَ الْكَافِرُ الْغَلِيظُ إلَخْ) وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الْمُسْلِمِ الْمُتَّصِفِ بِذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَسْلَمَتْ) أَيْ بَعْدَ الظَّفَرِ: أَيْ أَوْ كَانَتْ أَمَةً (قَوْلُهُ: أَوْ أَسْلَمَتْ مَعَهُ) أَيْ الْعِلْجِ (قَوْلُهُ: لَا عَكْسُهُ) أَيْ بِأَنْ أَسْلَمَ هُوَ بَعْدَهَا لِانْتِقَالِ الْحَقِّ مِنْهَا إلَى قِيمَتِهَا قَالَهُ ابْنُ قَاسِمٍ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ وَهُوَ دَلَالَتُهُ) أَيْ الْمُوَصِّلَةُ لِلْفَتْحِ فَلَا

وَغَيْرُهُ (فَإِنْ) فَتَحَهَا مَعَاقِدُهُ بِدَلَالَتِهِ (وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا جَارِيَةٌ) أَصْلًا أَوْ بِالْوَصْفِ الْمَشْرُوطِ (أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الْعَقْدِ) (فَلَا شَيْءَ لَهُ) لِانْتِفَاءِ الْمَشْرُوطِ (أَوْ) مَاتَتْ (بَعْدَ الظَّفَرِ وَقَبْلَ التَّسْلِيمِ) إلَيْهِ (وَجَبَ بَدَلٌ) لِأَنَّهَا حَصَلَتْ فِي قَبْضَتِهِ فَالتَّلَفُ مِنْ ضَمَانِهِ (أَوْ) مَاتَتْ (قَبْلَ الظَّفَرِ فَلَا) شَيْءَ لَهُ (فِي الْأَظْهَرِ) كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَةَ مَعْدُومَةٌ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا، وَالثَّانِي تَجِبُ لِأَنَّهَا حَاصِلَةٌ وَتَعَذَّرَ تَسْلِيمُهَا (وَإِنْ أَسْلَمَتْ) الْمُعَيَّنَةُ الْحُرَّةُ عَلَى مَا قَيَّدَ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْفَرْقِ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْحُرَّةَ إذَا أَسْلَمَتْ قَبْلَ الظَّفَرِ لَا يُعْطَى قِيمَتَهَا مَرْدُودٌ. (فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ بَدَلٍ) إذْ إسْلَامُهَا مَنَعَ رِقَّهَا وَالِاسْتِيلَاءَ عَلَيْهَا فَيُعْطَى بَدَلَهَا مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ كَمَا هُوَ أَوْجَهُ احْتِمَالَيْنِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ غَنِيمَةً اتَّجَهَ وُجُوبُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ (وَهُوَ) أَيْ الْبَدَلُ (أُجْرَةُ مِثْلٍ وَقِيلَ قِيمَتُهَا) وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا عَنْ الْجُمْهُورِ، نَعَمْ لَوْ كَانَتْ مُبْهَمَةً فَمَاتَ كُلُّ مَنْ فِيهَا وَجَبَتْ قِيمَةُ مَنْ تُسْلِمُ إلَيْهِ قَبْلَ الْمَوْتِ فِي أَصَحِّ احْتِمَالَيْنِ فَيُعَيِّنُ لَهُ وَاحِدَةً وَيُعْطِيهِ قِيمَتَهَا كَمَا يُعَيِّنُهَا لَهُ لَوْ كُنَّ أَحْيَاءً، وَخَرَجَ بِعَنْوَةٍ مَا لَوْ فُتِحَتْ صُلْحًا بِدَلَالَتِهِ وَدَخَلَتْ فِي الْأَمَانِ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ قَبُولِ بَدَلٍ وَهَمَّ مِنْ تَسْلِيمِهَا نَبَذْنَا الصُّلْحَ وَبَلَّغْنَاهُمْ الْمَأْمَنَ، وَإِنْ رَضُوا بِتَسْلِيمِهَا بِبَدَلِهَا أَعْطَوْهُ مِنْ مَحَلِّ الرَّضْخِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنَّهُ لَوْ عَاقَدَهُ بِجَارِيَةٍ مِنْ غَيْرِ الْقَلْعَةِ لَمْ يَصِحَّ لِلْجَهْلِ بِالْجُعْلِ بِلَا حَاجَةٍ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ عَدُّ الْفَرْقِ) هَذَا قَدْ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ بَعْدُ إذْ إسْلَامُهَا مَنَعَ رِقَّهَا إلَخْ إلَّا أَنْ يُقَالَ بِالتَّوْزِيعِ الْآتِي فِي كَلَامِ سم (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِيلَاءُ عَلَيْهَا) كَأَنَّهُ عَلَى التَّوْزِيعِ: أَيْ يَمْنَعُ رِقَّهَا إذَا كَانَتْ حُرَّةً، وَأَسْلَمَتْ قَبْلَ الْأَسْرِ أَوْ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا إذَا أَسْلَمَتْ الْحُرَّةُ بَعْدَ الْأَسْرِ أَوْ أَسْلَمَتْ الرَّقِيقَةُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم حَجّ (قَوْلُهُ: فَيُعَيِّنُ) أَيْ الْإِمَامُ، وَإِنَّمَا سَاغَ التَّعْيِينُ لِلْإِمَامِ؛ لِأَنَّ رِضَا الْعِلْجِ بِالْمُبْهَمَةِ مِنْ الْإِمَامِ وَالْعَقْدَ عَلَيْهَا رِضًا بِمَا يُعَيِّنُهُ الْإِمَامُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQيُنَافِي مَا عُلِّلَ بِهِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: مَنَعَ رِقَّهَا وَالِاسْتِيلَاءَ عَلَيْهَا) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ كَأَنَّهُ عَلَى التَّوْزِيعِ: أَيْ مَنَعَ رِقَّهَا إنْ كَانَتْ حُرَّةً فَأَسْلَمَتْ قَبْلَ الْأَسْرِ وَالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا إذَا أَسْلَمَتْ الرَّقِيقَةُ (قَوْلُهُ وَإِنْ رَضُوا) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ لَعَلَّهُ فِيمَا إذَا كَانَتْ رَقِيقَةً وَإِلَّا فَدُخُولُهَا فِي الْأَمَانِ يَمْنَعُ اسْتِرْقَاقَهَا اهـ بِالْمَعْنَى.

[كتاب الجزية]

كِتَابُ الْجِزْيَةِ تُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْعَقْدِ وَالْمَالِ الْمُلْتَزَمِ بِهِ وَعَقِبُهَا لِلْقِتَالِ؛ لِأَنَّهُ مُغَيَّا بِهَا فِي الْآيَةِ الَّتِي هِيَ كَأَخْذِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إيَّاهَا مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ وَغَيْرِهِمْ. الْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] إذْ هِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْمُجَازَاةِ؛ لِأَنَّهَا جَزَاءُ عِصْمَتِهِمْ مِنَّا وَسُكْنَاهُمْ فِي دَارِنَا فَهِيَ إذْلَالٌ لَهُمْ لِتَحَمُّلِهِمْ عَلَى الْإِسْلَامِ لَا سِيَّمَا إنْ خَالَطُوا أَهْلَهُ وَعَرَفُوا مَحَاسِنَهُ لَا فِي مُقَابَلَةِ تَقْرِيرِهِمْ عَلَى كُفْرِهِمْ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعَزَّ الْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ عَنْ ذَلِكَ، وَمَشْرُوعِيَّتُهَا مُغَيَّاةٌ بِنُزُولِ عِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا تُقْبَلُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْقَى لِأَحَدٍ مِنْهُمْ شُبْهَةٌ بِحَالٍ فَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُمْ إلَّا الْإِسْلَامُ وَهَذَا مِنْ شَرْعِنَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَنْزِلُ حَاكِمًا بِهِ مُتَلَقِّيًا لَهُ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ أَوْ عَنْ اجْتِهَادٍ مُسْتَمَدٍّ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَذَاهِبَ فِي زَمَنِهِ لَا يُعْمَلُ مِنْهَا إلَّا بِمَا يُوَافِقُ مَا يَرَاهُ، إذْ لَا مَجَالَ لِلِاجْتِهَادِ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ وَاجْتِهَادُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُخْطِئُ. وَلَهَا أَرْكَانٌ عَاقِدٌ وَمَعْقُودٌ لَهُ وَعَلَيْهِ وَمَكَانٌ وَصِيغَةٌ وَبَدَأَ بِهَا اهْتِمَامًا بِهَا فَقَالَ (صُورَةُ عَقْدِهَا) مَعَ الذُّكُورِ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ (أُقِرُّكُمْ) أَوْ أَقْرَرْتُكُمْ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَاسْتُحْسِنَ عَلَى الْأَوَّلِ لِاحْتِمَالِهِ الْوَعْدَ غَيْرَ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِهِ، وَإِنْ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ الْحَالُ مَعَ الِاسْتِقْبَالِ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِعَ عِنْدَ التَّجَرُّدِ عَنْ الْقَرَائِنِ يَكُونُ لِلْحَالِ، وَبِأَنَّهُ يَأْتِي لِلْإِنْشَاءِ كَأَشْهَدْ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ أَنْ أُؤَدِّيَ الْمَالَ أَوْ أُحْضِرَ الشَّخْصَ لَا يَكُونُ ضَمَانًا وَلَا كَفَالَةً، وَفِي الْإِقْرَارِ أَنْ أُقِرَّ بِكَذَا لَغْوٌ؛ لِأَنَّهُ وَعْدٌ؛ لِأَنَّ شِدَّةَ نَظَرِهِمْ فِي هَذَا الْبَابِ لِحَقْنِ الدَّمِ اقْتَضَى عَدَمَ النَّظَرِ لِاحْتِمَالِهِ لِلْوَعْدِ (بِدَارِ الْإِسْلَامِ) غَيْرِ الْحِجَازِ لَكِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّنْصِيصُ عَلَى إخْرَاجِهِ حَالَ الْعَقْدِ اكْتِفَاءً بِاسْتِثْنَائِهِ شَرْعًا وَإِنْ جَهِلَهُ الْعَاقِدَانِ فِيمَا يَظْهَرُ عَلَى أَنَّ هَذَا مِنْ أَصْلِهِ قَدْ لَا يُشْتَرَطُ فَقَدْ نُقِرُّهُمْ بِهَا فِي دَارِ الْحَرْبِ (أَوْ أَذِنْت فِي إقَامَتِكُمْ بِهَا) أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ (عَلَى أَنْ تَبْذُلُوا) أَيْ تُعْطُوا (جِزْيَةً) فِي كُلِّ حَوْلٍ، نَعَمْ يَتَّجِهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSكِتَابُ الْجِزْيَةِ (قَوْلُهُ: تُطْلَقُ) أَيْ شَرْعًا (قَوْلُهُ: الْأَصْلُ) خَبَرُ هِيَ (قَوْلُهُ: قَوْله تَعَالَى) بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْآيَةِ أَوْ خَبَرٌ لِمُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ: أَيْ وَهِيَ قَوْلُهُ إلَخْ أَوْ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ الْأَصْلُ الْوَاقِعُ خَبَرًا عَنْ قَوْلِهِ هِيَ، وَقَوْلُهُ كَأَخْذِهِ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ هِيَ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مِنْ شَرْعِنَا إلَخْ) أَيْ كَوْنُهَا مُغَيَّاةً بِنُزُولِ عِيسَى (قَوْلُهُ مَعَ الذُّكُورِ) وَسَيَأْتِي مَعَ غَيْرِهِمْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَاسْتُحْسِنَ عَلَى الْأَوَّلِ) قَدْ يُرَجَّحُ صَنِيعُ الْمُصَنِّفِ بِاشْتِمَالِهِ عَلَى إفَادَةِ صِحَّةِ الْعَقْدِ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ الَّتِي يُتَوَهَّمُ عَدَمُ صِحَّةِ الْعَقْدِ بِهَا مَعَ فَهْمِ مَا بِالْمُحَرَّرِ بِالْأَوْلَى، بِخِلَافِ مَا فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ هَذَا مُطْلَقًا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم حَجّ. (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّهُ) أَيْ الْمُضَارِعُ (قَوْلُهُ: وَفِي الْإِقْرَارِ) أَيْ وَلَا مَا فِي الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: عَلَى إخْرَاجِهِ) أَيْ الْحِجَازِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ هَذَا) أَيْ قَوْلُهُ بِدَارِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ تَبْذُلُوا) بَابُهُ نَصَرَ (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ حَوْلٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ شَرْطٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْجِزْيَةِ] (قَوْلُهُ: وَاجْتِهَادُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُخْطِئُ) أَيْ فَهُوَ كَالنَّصِّ لَا يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ مَعَهُ (قَوْلُهُ: اهْتِمَامًا بِهَا) قَدْ يُقَالُ وَلِمَ اهْتَمَّ بِهَا. وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَلِأَهَمِّيَّتِهَا بَدَأَ بِهَا (قَوْلُهُ: غَيْرَ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِهِ إلَخْ) أَيْ فَالْمُصَنِّفُ أَرَادَ إفَادَةَ ذَلِكَ، وَيُعْلَمُ مِنْهُ مَا فِي الْمُحَرَّرِ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: لِلْحَالِ) أَيْ كَالِاسْتِقْبَالِ (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّهُ) الْبَاءُ فِيهِ سَبَبِيَّةٌ فَهُوَ عَطْفٌ

عَدَمُ اعْتِبَارِ ذِكْرِ كَوْنِهَا أَوَّلَ الْحَوْلِ أَوْ آخِرَهُ، فَيُحْمَلُ قَوْلُ الْجُرْجَانِيِّ بِذِكْرِ ذَلِكَ عَلَى الْأَكْمَلِ (وَتَنْقَادُوا لِحُكْمِ الْإِسْلَامِ) أَيْ لِكُلِّ حُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِهِ غَيْرَ نَحْوِ الْعِبَادَاتِ مِمَّا لَا يَرَوْنَهُ كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ لَا كَشُرْبِ الْمُسْكِرِ وَنِكَاحِ الْمَجُوسِ لِلْمَحَارِمِ، وَمِنْ عَدَمِ تَظَاهُرِهِمْ مِمَّا يَعْتَقِدُونَ إبَاحَتَهُ، وَفَسَّرَ الصَّغَارَ فِي الْآيَةِ بِالْتِزَامِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا وَجَبَ التَّعَرُّضُ لِهَذَا مَعَ أَنَّهُ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ عَقْدِهَا؛ لِأَنَّهُ مَعَ الْجِزْيَةِ عِوَضٌ عَنْ تَقْرِيرِهِمْ فَأَشْبَهَ الثَّمَنَ فِي الْبَيْعِ وَالْأُجْرَةَ فِي الْإِجَارَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لِنَفْيِ اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى قِتَالِنَا كَمَا أُمِّنُوا مِنَّا خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ لِدُخُولِهِ فِي الِانْقِيَادِ، وَلَا يَرُدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ صِحَّةُ قَوْلِ الْكَافِرِ، أَقِرُّونِي بِكَذَا إلَى آخِرِهِ فَيَقُولُ لَهُ الْإِمَامُ أَقْرَرْتُكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ صُورَةَ عَقْدِهَا الْأَصْلِيِّ مِنْ الْمُوجِبِ، أَمَّا النِّسَاءُ فَيَكْفِي فِيهِنَّ الِانْقِيَادُ لِحُكْمِ الْإِسْلَامِ لِانْتِفَاءِ الْجِزْيَةِ عَنْهُنَّ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ صَرَاحَةً هَذِهِ الْأَشْيَاءُ، وَأَنَّهُ لَا كِنَايَةَ هُنَا لَفْظًا، وَلَوْ قِيلَ إنَّ كِنَايَاتِ الْأَمَانِ لَوْ ذُكِرَ مَعَهَا عَلَى أَنْ تَبْذُلُوا إلَى آخِرِهِ تَكُونُ كِنَايَةً هُنَا لَمْ يَبْعُدْ (وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ ذِكْرِ قَدْرِهَا) أَيْ الْجِزْيَةِ كَالثَّمَنِ وَالْأُجْرَةِ وَسَيَأْتِي أَقَلُّهَا. وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ وَيَنْزِلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْأَقَلِّ (لَا كَفُّ اللِّسَانِ) مِنْهُمْ (عَنْ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدِينِهِ) بِسُوءٍ فَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ لِدُخُولِهِ فِي الِانْقِيَادِ (وَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ) لِلْجِزْيَةِ مُعَلَّقًا وَلَا (مُؤَقَّتًا) (عَلَى الْمَذْهَبِ) ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الْإِسْلَامِ فِي الْعِصْمَةِ وَهُوَ لَا يُؤَقَّتُ فَلَا يَكْفِي أُقِرُّكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمْ اللَّهُ» فَلِأَنَّهُ كَانَ يَعْلَمُ مَا عِنْدَ اللَّهِ بِالْوَحْيِ، وَكَذَا مَا شِئْتُ أَوْ شَاءَ فُلَانٌ، بِخِلَافِ مَا شِئْتُمْ لِلُزُومِهَا مِنْ جِهَتِنَا وَجَوَازِهَا مِنْ جِهَتِهِمْ بِخِلَافِ الْهُدْنَةِ، وَفِي قَوْلٍ أَوْ وَجْهٍ يَصِحُّ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْأَوَّلِ (وَيُشْتَرَطُ لَفْظُ قَبُولٍ) مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ لِمَا أَوْجَبَهُ الْعَاقِدُ وَلَوْ بِنَحْوِ رَضِيتُ وَبِإِشَارَةِ أَخْرَسَ مُفْهِمَةٍ وَبِكِنَايَةٍ بَيِّنَةٍ، وَمِنْهَا الْكِتَابَةُ، وَيُشْتَرَطُ هُنَا أَيْضًا سَائِرُ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ مِنْ نَحْوِ اتِّصَالِ قَبُولٍ بِإِيجَابٍ وَتَوَافُقٍ فِيهِمَا فِيمَا يَظْهَرُ، وَأُفْهِمَ اشْتِرَاطُ الْقَبُولِ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ حَرْبِيٌّ دَارَنَا، ثُمَّ عَلِمْنَاهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، بِخِلَافِ مَنْ سَكَنَ دَارًا مُدَّةً غَصْبًا؛ لِأَنَّ عِمَادَ الْجِزْيَةِ الْقَبُولُ، وَلَوْ فَسَدَ عَقْدُهَا مِنْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ لَزِمَ لِكُلِّ سَنَةٍ دِينَارٌ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ بَطَلَ كَأَنْ صَدَرَ مِنْ الْآحَادِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ، وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ لَنَا مَا يُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ الْبَاطِلِ وَالْفَاسِدِ سِوَى الْأَرْبَعَةِ الْمَشْهُورَةِ (وَلَوْ وُجِدَ كَافِرٌ بِدَارِنَا فَقَالَ دَخَلْتُ لِسَمَاعِ كَلَامِ اللَّهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــSوَأَنَّ الْأَكْمَلَ أَنْ يَقُولَ أَوَّلَ الْحَوْلِ أَوْ آخِرَهُ (قَوْلُهُ لَا كَشُرْبِ الْمُسْكِرِ) أَيْ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ عَدَمِ تَظَاهُرِهِمْ) لَعَلَّهُ عَطَفَ عَلَى مِنْ أَحْكَامٍ بِجَعْلِ مِنْ فِيهِ بَيَانِيَّةً لَا تَبْعِيضِيَّةً لِتَعَذُّرِهَا هُنَا أَوْ تَبْعِيضِيَّةً بِجَعْلِ الْمُبَعَّضِ مِنْهُ مَجْمُوعَ أَحْكَامِهِ وَعَدَمَ التَّظَاهُرِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْمُصَنِّفَ (قَوْلُهُ: إنَّمَا أَرَادَ صُورَةَ عَقْدِهَا) قَدْ يُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ مِنْ صُوَرِ الْأَصْلِيِّ عَلَى الْإِطْلَاقِ تَقَدُّمَ الْإِيجَابِ اهـ سم عَلَى حَجّ. يُتَأَمَّلْ فَإِنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ مِنْ هَذَا جَوَابٌ عَنْ الْإِيرَادِ بَلْ هَذَا اعْتِرَاضٌ عَلَى الْجَوَابِ، نَعَمْ يُمْكِنُ دَفْعُ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الشَّارِحِ بِأَنَّهُ إنْ جَعَلَهُ صُورَةَ عَقْدِهِ الْأَصْلِيِّ مِنْ الْمُوجِبِ وَهَذَا لَيْسَ هَذَا أَصْلِيًّا بِالنِّسْبَةِ لَهُ (قَوْلُهُ: لَفْظًا) أَيْ بِخِلَافِهِ فِعْلًا فَإِنَّهَا مَوْجُودَةٌ كَالْكِتَابَةِ وَإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ إذَا فَهِمَهَا الْفَطِنُ دُونَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَقَلِّ) وَهُوَ دِينَارٌ (قَوْلُهُ: كَانَ يَعْلَمُ مَا عِنْدَ اللَّهِ بِالْوَحْيِ) أَيْ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ أَرَادَ إقْرَارَهُمْ لَا إلَى غَايَةٍ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْهُدْنَةِ) يَنْبَغِي أَوْ مِنْ وَكِيلِهِمْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: سِوَى الْأَرْبَعَةِ) وَهِيَ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى لِأَنَّ إلَخْ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ اللَّامَ (قَوْلُهُ كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ) أَيْ تَرْكِهِمَا (قَوْلُهُ: وَمِنْ عَدَمِ تَظَاهُرِهِمْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مِمَّا يَرَوْنَهُ إذْ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَحْكَامِ كَمَا لَا يَخْفَى فَهُوَ أَوْلَى مِنْ جَعْلِ الشِّهَابِ ابْنِ قَاسِمٍ لَهُ مَعْطُوفًا عَلَى مِنْ أَحْكَامِهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا النِّسَاءُ) أَيْ الْمُسْتَقِلَّاتُ (قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ فِي الْإِيجَابِ بِدَلِيلِ مَا سَيَأْتِي فِي الْقَبُولِ (قَوْلُهُ: بِسُوءٍ)

تَعَالَى أَوْ لِأُسْلِمَ أَوْ لِأَبْذُلَ جِزْيَةً (أَوْ) دَخَلْتُ (رَسُولًا) وَلَوْ بِمَا فِيهِ مَضَرَّةٌ لَنَا (أَوْ) دَخَلَتْ (بِأَمَانِ مُسْلِمٍ) يَصِحُّ أَمَانُهُ (صُدِّقَ) وَحَلَفَ نَدْبًا إنْ اُتُّهِمَ تَغْلِيبًا لِحَقْنِ الدَّمِ، نَعَمْ إنْ أُسِرَ لَمْ يُصَدَّقْ فِي ذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَفِي الْأُولَى يُمَكَّنُ مِنْ الْإِقَامَةِ وَحُضُورِ مَجَالِسِ الْعِلْمِ قَدْرًا تَقْضِي الْعَادَةُ بِإِزَالَةِ الشُّبْهَةِ فِيهِ، وَلَا يُزَادُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ (وَفِي دَعْوَى الْأَمَانِ وَجْهٌ) أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لِسُهُولَتِهَا، وَرُدَّ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْحَرْبِيِّ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِهِ أَوْ بِنَحْوِهِ (وَيُشْتَرَطُ لِعَقْدِهَا الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ) الْعَامُّ، أَوْ فِي عَقْدِهَا لِكَوْنِهَا مِنْ الْمَصَالِحِ الْعِظَامِ فَاخْتَصَّتْ بِذِي النَّظَرِ الْعَامِّ (وَعَلَيْهِ) أَيْ أَحَدِهِمَا (الْإِجَابَةُ إذَا طَلَبُوهَا) لِلْأَمْرِ بِهِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُشْتَرَطْ هُنَا مَصْلَحَةٌ بِخِلَافِ الْهُدْنَةِ (إلَّا) أَسِيرًا أَوْ (جَاسُوسًا) مِنْهُمْ، وَهُوَ صَاحِبُ سِرِّ الشَّرِّ، بِخِلَافِ النَّامُوسِ فَإِنَّهُ صَاحِبُ سِرِّ الْخَيْرِ (نَخَافُهُ) فَلَا تَجِبُ إجَابَتُهَا بَلْ لَا تُقْبَلُ مِنْ الثَّانِي لِلضَّرُورَةِ، وَلِهَذَا لَوْ ظَهَرَ لَهُ أَنَّ طَلَبَهُمْ لَهَا مَكِيدَةٌ مِنْهُمْ لَمْ يُجِبْهُمْ (وَلَا تُعْقَدُ إلَّا لِلْيَهُودِ وَالنَّصَارَى) وَصَابِئَةٍ وَسَامِرَةٍ لَمْ تُعْلَمْ مُخَالَفَتُهُمْ لَهُمْ فِي أَصْلِ دِينِهِمْ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْعَرَبُ وَالْعَجَمُ؛ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ فِي آيَتِهَا (وَالْمَجُوس) «لِأَخْذِهِ لَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ وَقَالَ: سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلِأَنَّ لَهُمْ شُبْهَةَ كِتَابٍ (وَأَوْلَادِ مَنْ تَهَوَّدَ أَوْ تَنَصَّرَ قَبْلَ النَّسْخِ) أَوْ مَعَهُ وَلَوْ بَعْدَ التَّبْدِيلِ، وَإِنْ لَمْ يَجْتَنِبُوا الْمُبَدَّلَ تَغْلِيبًا لِحَقْنِ الدَّمِ، وَبِهِ فَارَقَ عَدَمَ حِلِّ نِكَاحِهِمْ وَذَبِيحَتِهِمْ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَبْضَاعِ وَالْمَيْتَاتِ التَّحْرِيمُ، بِخِلَافِ وَلَدِ مَنْ تَهَوَّدَ بَعْدَ بَعْثَةِ عِيسَى بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا نَاسِخَةٌ، أَوْ تَهَوَّدَ أَوْ تَنَصَّرَ بَعْدَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَاكْتِفَاؤُهُمْ بِالْبَعْثَةِ وَإِنْ كَانَ النَّسْخُ قَدْ يَتَأَخَّرُ عَنْهَا لِكَوْنِهَا مَظِنَّتَهُ وَسَبَبَهُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ الْمُضِرَّ دُخُولُ كُلٍّ مِنْ أَبَوَيْهِ بَعْدَ النَّسْخِ لَا أَحَدِهِمَا. وَهُوَ الْأَوْجَهُ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ بِدَلِيلِ عَقْدِهَا لِمَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ وَثَنِيٌّ كَمَا يَأْتِي (أَوْ شَكَكْنَا فِي وَقْتِهِ) أَيْ التَّهَوُّدِ أَوْ التَّنَصُّرِ أَكَانَ قَبْلَ النَّسْخِ أَمْ بَعْدَهُ تَغْلِيبًا لِلْحَقْنِ أَيْضًا، وَلَوْ شَهِدَ عَدْلَانِ بِكَذِبِهِمْ، فَإِنْ شَرَطَ فِي الْعَقْدِ قِتَالَهُمْ إنْ بَانَ كَذِبُهُمْ اغْتَالَهُمْ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ: أَوْجُهُهُمَا أَنَّهُ كَذَلِكَ لِتَلْبِيسِهِمْ عَلَيْنَا وَإِطْلَاقِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَتَقْيِيدِهِ أَوْلَادَهُمْ؛ لِأَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى الْأَصْلِيِّينَ الَّذِينَ لَا انْتِقَالَ لَهُمْ هُمْ الْأَصْلُ، ثُمَّ لَمَّا ذَكَرَ الِانْتِقَالَ عَبَّرَ فِيهِ بِالْأَوْلَادِ، وَمُرَادُهُ بِهِمْ الْفُرُوعُ وَإِنْ سَفَلُوا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالْخُلْعُ وَالْكِتَابَةُ وَبِضَمِّ مَا هُنَا إلَيْهَا تَصِيرُ خَمْسَةً (قَوْلُهُ: يَصِحُّ أَمَانُهُ) هَلْ يَجِبُ التَّصْرِيحُ بِهَذَا (قَوْلُهُ: أَيْضًا يَصِحُّ أَمَانُهُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فَلَا عِبْرَةَ بِأَمَانِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ اهـ. وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُوجِبُ تَبْلِيغَ الْمَأْمَنِ فِي الْجُمْلَةِ، فَفِي الرَّوْضِ فِي بَابِ الْأَمَانِ إنْ أَمَّنَهُ صَبِيٌّ وَنَحْوُهُ فَظَنَّ صِحَّتَهُ بَلَّغْنَاهُ مَأْمَنَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُهُ هَلْ يَجِبُ إلَخْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجِبُ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ نَبْذُهُ (قَوْلُهُ: وَفِي الْأَوْلَى) أَيْ سَمَاعِ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ: أَوْ بِنَحْوِهِ) كَالْتِزَامِ الْجِزْيَةِ أَوْ كَوْنِهِ رَسُولًا (قَوْلُهُ: إلَّا أَسِيرًا) عِبَارَةُ الْعُبَابِ: وَإِنْ بَذَلَهَا: أَيْ الْجِزْيَةَ أَسِيرٌ كِتَابِيٌّ حُرِّمَ قَتْلُهُ لَا إرْقَاقُهُ وَغُنِمَ مَالُهُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَسَامِرَةٍ لَمْ تُعْلَمْ مُخَالَفَتُهُمْ) أَيْ بِأَنْ عَلِمْنَا مُوَافَقَتَهُمْ أَوْ شَكَكْنَا فِيهَا (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهَا نَاسِخَةٌ) أَيْ وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: وَسَبَبُهُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ) يُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ وَوَجْهُ التَّأَمُّلِ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ مَنْ تَهَوَّدَ كَمَا يَصْدُقُ بِكُلٍّ يَصْدُقُ بِالْأَحَدِ، فَمِنْ أَيْنَ الِاقْتِضَاءُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَتْ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ كَانَ الْمُتَبَادِرُ مِنْهَا ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَهِدَ عَدْلَانِ بِكَذِبِهِمْ) أَيْ وَقَدْ ادَّعَوْا أَنَّهُمْ مِمَّنْ تُعْقَدُ لَهُمْ الْجِزْيَةُ؛ لِأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَتَقْيِيدُهُ) أَيْ بِكَوْنِ أُصُولِهِمْ تَهَوَّدَتْ أَوْ تَنَصَّرَتْ قَبْلَ النَّسْخِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُتَعَلَّقٍ إذْ لَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِكَفٍّ كَأَنْ يُقَدَّرَ لَفْظُ ذُكِرَ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ عَنْ (قَوْلُهُ: يَصِحُّ أَمَانُهُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ عَلَى الْإِطْلَاقِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ قَاسِمٍ، وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّ مَنْ أَمَّنَهُ صَبِيٌّ وَنَحْوُهُ وَظَنَّ صِحَّتَهُ يُبَلَّغُ الْمَأْمَنَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى الَّذِينَ لَا انْتِقَالَ لَهُمْ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ بَعْدَ ذِكْرِ الِاعْتِرَاضَيْنِ الْآتِيَيْنِ نَصُّهَا: وَيَرِدُ

لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الِانْتِقَالَ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ طُرُوُّ الْبَعْثَةِ، وَذَلِكَ قَدْ انْقَطَعَ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَوْلَادُ الْمُنْتَقِلِينَ فَذَكَرَهُمْ ثَانِيًا، فَانْدَفَعَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَوْ عَكَسَ لَكَانَ أَوْلَى، وَدَعْوَى أَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ مَنْ تَهَوَّدَ أَوْ تَنَصَّرَ قَبْلَ الْفَسْخِ يُعْقَدُ لِأَوْلَادِهِ مُطْلَقًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا يُعْقَدُ لَهُمْ إنْ لَمْ يَنْتَقِلُوا عَنْ دِينِ آبَائِهِمْ بَعْدَ الْبَعْثَةِ مَرْدُودَةٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي أَوْلَادٍ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُمْ انْتِقَالٌ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِلنَّظَرِ إلَى آبَائِهِمْ وَجْهٌ (وَكَذَا زَاعِمُ التَّمَسُّكِ بِصُحُفِ إبْرَاهِيمَ وَزَبُورِ دَاوُد صَلَّى اللَّهُ) عَلَى نَبِيّنَا وَ (عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ) وَصُحُفِ شِيثٍ وَهُوَ ابْنُ آدَمَ لِصُلْبِهِ؛ لِأَنَّهَا تُسَمَّى كُتُبًا فَانْدَرَجَتْ فِي قَوْله تَعَالَى {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [التوبة: 29] (وَمَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ كِتَابِيٌّ) وَلَوْ الْأُمَّ اخْتَارَ الْكِتَابِيَّ أَمْ لَمْ يَخْتَرْ شَيْئًا، وَفَارَقَ كَوْنَ شَرْطِ حِلِّ نِكَاحِهَا اخْتِيَارَهَا الْكِتَابِيَّ بِأَنَّ مَا هُنَا أَوْسَعُ، وَمَا أَوْهَمَهُ شَرْحُ الْمَنْهَجِ مِنْ أَنَّ اخْتِيَارَ ذَلِكَ قَيْدٌ هُنَا أَيْضًا غَيْرُ مُرَادٍ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهُ قَيْدٌ لِتَسْمِيَتِهِ كِتَابِيًّا لَا لِتَقْرِيرِهِ (وَالْآخَرُ وَثَنِيٌّ عَلَى الْمَذْهَبِ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ تَغْلِيبًا لِذَلِكَ أَيْضًا، وَهُوَ فِي الْأَوْلَى أَصَحُّ وَجْهَيْنِ وَقَطَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَفِي الثَّانِيَةِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَصَحُّ الطُّرُقِ وَقَوْلٌ مِنْ طَرِيقٍ ثَانٍ قَطَعَ بَعْضُهُمْ بِمُقَابِلِهِ، نَعَمْ لَوْ بَلَغَ ابْنُ وَثَنِيٍّ مِنْ كِتَابِيَّةٍ وَتَدَيَّنَ بِدِينِ أَبِيهِ لَمْ يُقَرَّ جَزْمًا، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُمْ فِي كَوْنِهِمْ مِمَّنْ يُعْقَدُ لَهُمْ الْجِزْيَةُ، إذْ لَا يُعْلَمُ ذَلِكَ غَالِبًا إلَّا مِنْهُمْ، وَالْأَوْجَهُ اسْتِحْبَابُ تَحْلِيفِهِمْ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ عَقْدِهَا لِغَيْرِ الْمَذْكُورِينَ كَعَابِدِ شَمْسٍ أَوْ مَلِكٍ أَوْ وَثَنٍ وَأَصْحَابِ الطَّبَائِعِ وَالْمُعَطِّلِينَ وَالْفَلَاسِفَةِ وَالدَّهْرِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ كَمَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ (وَلَا جِزْيَةَ عَلَى امْرَأَةٍ) بِالْإِجْمَاعِ، وَلَا يُعْتَدُّ بِخِلَافِ ابْنِ حَزْمٍ فِيهِ (وَخُنْثَى) لِاحْتِمَالِ أُنُوثَتِهِ، فَلَوْ بَذَلَاهَا أَعْلَمْنَاهُمَا بِعَدَمِ لُزُومِهَا لَهُمَا، فَإِنْ رَغِبَا بِهَا فَهِبَةٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: بِأَنَّهُ لَوْ عَكَسَ) كَأَنْ يَقُولَ وَلَا تُعْقَدُ إلَّا لِمَنْ تَهَوَّدَ أَوْ تَنَصَّرَ قَبْلَ النَّسْخِ وَأَوْلَادِهِمْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِلنَّظَرِ إلَى آبَائِهِمْ وَجْهٌ) هَذَا مَمْنُوعٌ بَلْ لَهُ وَجْهٌ، وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ لَهُمْ احْتِرَامٌ بِكَوْنِ انْتِقَالِهِمْ قَبْلَ النَّسْخِ سَرَى الِاحْتِرَامُ لِأَوْلَادِهِمْ، وَإِنْ انْتَقَلُوا تَبَعًا لَهُمْ فَتَأَمَّلْهُ اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ كَوْنُ شَرْطِ حِلِّ نِكَاحِهَا) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهَا إذَا اخْتَارَتْ دِينَ الْكِتَابِيِّ مِنْهُمَا حَلَّتْ، وَذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي فَصْلِ يَحْرُمُ نِكَاحُ مَنْ لَا كِتَابَ لَهَا عَنْ الشَّيْخَيْنِ عَنْ النَّصِّ، ثُمَّ قَالَ: لَكِنْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِتَحْرِيمِهَا وَهُوَ أَوْجَهُ اهـ (قَوْلُهُ: اخْتِيَارَهَا الْكِتَابِيَّ) أَيْ دِينَهُ (قَوْلُهُ: لَا لِتَقْرِيرِهِ) أَيْ وَإِلَّا فَالشَّرْطُ أَنْ لَا يُخْتَارَ دِينُ الْوَثَنِيِّ مَثَلًا (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ بَلَغَ) هَذَا يُفْهَمُ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِاخْتِيَارِهِ قَبْلَ الْبُلُوغِ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَقَوْلُهُ السَّابِقُ اخْتَارَ الْكِتَابِيَّ إلَخْ مَحَلُّهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الصَّغِيرَ لَا اعْتِبَارَ بِاخْتِيَارِهِ، وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْجِزْيَةِ وَهُوَ يَتْبَعُ أَشْرَفَ أَبَوَيْهِ فِي الدِّينِ، وَقَوْلُهُ وَيَدِينُ بِدِينِ أَبِيهِ اُنْظُرْ إذَا بَلَغَ، وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ تَدَيُّنٌ بِوَاحِدٍ مِنْ الدِّينَيْنِ، وَمَفْهُومُ ذَلِكَ أَنَّهُ يُقَرُّ وَهُوَ صَرِيحُ قَوْلِهِ السَّابِقِ أَوْ لَمْ يَخْتَرْ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ فِي الْبَالِغِ بِدَلِيلِ أَنَّ الصَّغِيرَ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ يَتْبَعُ أَشْرَفَ أَبَوَيْهِ فِي الدِّينِ، وَأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِاخْتِيَارِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَتَدَيَّنَ بِدِينِ أَبِيهِ) وَمِثْلُهُ عَكْسُهُ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ اسْتِحْبَابُ تَحْلِيفِهِمْ) أَيْ بِاَللَّهِ وَإِذَا أُرِيدَ التَّغْلِيظُ عَلَيْهِمْ غُلِّظَ عَلَيْهِمْ بِمَا هُوَ مِنْ صِفَاتِهِ تَعَالَى كَاَلَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَأَخْرَجَ النَّبَاتِ (قَوْلُهُ: وَالدَّهْرِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ) أَيْ وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَتَمَسَّكُوا بِدِينِ مَنْ تُعْقَدُ لَهُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ مَنْ انْتَقَلَ مِنْ دِينٍ إلَى آخَرَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ (قَوْلُهُ فَهِبَةٌ) أَيْ لِجِهَةِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ بَانَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQبِأَنَّهُ ذَكَرَ أَوَّلًا الْأَصْلَ وَهْم الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى الْأَصْلِيُّونَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ الِانْتِقَالُ ثُمَّ لَمَّا ذَكَرَ الِانْتِقَالَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ كَوْنَ شَرْطِ حِلِّ نِكَاحِهَا اخْتِيَارُهَا الْكِتَابِيَّ) الَّذِي قَدَّمَهُ فِي بَابِ النِّكَاحِ إنَّمَا هُوَ اعْتِمَادُ حُرْمَةِ نِكَاحِهَا مُطْلَقًا اخْتَارَتْ أَمْ لَمْ تَخْتَرْ، وَهُوَ تَابِعٌ هُنَا لِابْنِ حَجَرٍ وَهُوَ جَارٍ عَلَى اخْتِيَارِهِ ثُمَّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ بَلَغَ ابْنُ وَثَنِيٍّ مِنْ كِتَابِيَّةٍ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ الْمَارِّ اخْتَارَ الْكِتَابِيُّ أَوْ لَمْ يَخْتَرْ شَيْئًا. وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَ عَكْسِ هَذَا الِاسْتِدْرَاكِ كَذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ

ذَكَرًا أُخِذَ مِنْهُ عَمَّا مَضَى، وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي حَرْبِيٍّ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ بِأَنَّ صُورَةَ مَا هُنَا فِي عَقْدِ الْجِزْيَةِ لَهُ حَالَ خُنُوثَتِهِ بِخِلَافِ الْأُولَى (وَمَنْ فِيهِ رِقٌّ) وَهُوَ مُبَعَّضٌ لِنَقْصِهِ وَلَا عَلَى سَيِّدِهِ بِسَبَبِهِ وَخَبَرُ «لَا جِزْيَةَ عَلَى الْعَبْدِ» لَا أَصْلَ لَهُ (وَصَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ) لِعَدَمِ الْتِزَامِهِمَا (فَإِنْ تَقَطَّعَ جُنُونُهُ قَلِيلًا كَسَاعَةٍ مِنْ شَهْرٍ) وَنَحْوِ يَوْمٍ مِنْ سَنَةٍ (لَزِمَتْهُ) وَالْأَوْجَهُ ضَبْطُهُ بِأَنْ تَكُونَ أَوْقَاتُ الْجُنُونِ فِي السَّنَةِ لَوْ لُفِّقَتْ لَمْ تُقَابَلْ بِأُجْرَةٍ غَالِبًا، وَقَدْ يُؤْخَذُ هَذَا مِنْ قَوْلِهِمْ (أَوْ) تَقَطَّعَ (كَثِيرًا كَيَوْمٍ وَيَوْمٍ فَالْأَصَحُّ تَلْفِيقُ الْإِفَاقَةِ) إنْ أَمْكَنَ (فَإِنْ) (بَلَغَتْ) أَيَّامُ الْإِفَاقَةِ (سَنَةً وَجَبَتْ) الْجِزْيَةُ لِسُكْنَاهُ سَنَةً بِدَارِنَا وَهُوَ كَامِلٌ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أُجْرِيَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْجُنُونِ فِي الْجَمِيعِ كَمَا هُوَ الْمُتَّجِهُ، وَكَذَا لَوْ قَلَّتْ بِحَيْثُ لَا يُقَابَلُ مَجْمُوعُهَا بِأُجْرَةٍ، وَطُرُوُّ جُنُونٍ أَثْنَاءَ الْحَوْلِ كَطُرُوِّ مَوْتٍ أَثْنَاءَهُ. وَالثَّانِي لَا يَجِبُ. وَالثَّالِثُ يَجِبُ كَالْعَاقِلِ. وَالرَّابِعُ يُحْكَمُ بِمُوجَبِ الْأَغْلَبِ، فَإِنْ اسْتَوَى الزَّمَانَانِ وَجَبَتْ (وَلَوْ) (بَلَغَ ابْنُ ذِمِّيٍّ) أَوْ أَفَاقَ أَوْ عَتَقَ قِنٌّ ذِمِّيٌّ أَوْ مُسْلِمٌ (وَلَمْ يَبْذُلْ) بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ يُعْطِ (جِزْيَةً) (أُلْحِقَ بِمَأْمَنِهِ) وَلَا يُغْتَالُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي أَمَانِ أَبِيهِ أَوْ سَيِّدِهِ تَبَعًا (فَإِنْ بَذَلَهَا) وَلَوْ سَفِيهًا (عُقِدَ لَهُ) عَقْدُ جِزْيَةٍ لِاسْتِغْلَالِهِ حِينَئِذٍ (وَقِيلَ عَلَيْهِ كَجِزْيَةِ أَبِيهِ) وَيُكْتَفَى بِعَقْدِ مَتْبُوعِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَبِعَهُ فِي أَصْلِ الْأَمَان تَبِعَهُ فِي أَصْلِ الذِّمَّةِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالْمُتَّجِهُ أَنَّهُ لَوْ مَضَتْ عَلَيْهِمْ مُدَّةٌ بِلَا عَقْدٍ لَزِمَتْهُمْ أُجْرَةُ مِثْلِ سُكْنَاهُمْ بِدَارِنَا، إذْ الْمُغَلَّبُ فِيهَا مَعْنَى الْأُجْرَةِ، وَيَظْهَرُ أَنَّهَا هُنَا أَقَلُّ الْجِزْيَةِ (وَالْمَذْهَبُ وُجُوبُهَا عَلَى) (زَمِنٍ وَشَيْخٍ وَهَرِمٍ) لَا أَرَى لَهُمَا (وَأَعْمَى وَرَاهِبٍ وَأَجِيرٍ) لِأَنَّهَا أُجْرَةٌ فَلَمْ يُفَارِقْ الْمَعْذُورُ فِيهَا غَيْرَهُ. أَمَّا مَنْ لَهُ رَأْيٌ فَتَلْزَمُهُ جَزْمًا (وَفَقِيرٍ عَجَزَ عَنْ كَسْبٍ) أَصْلًا أَوْ يَفْضُلُ بِهِ عَنْ مُؤْنَتِهِ يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ آخِرَ الْحَوْلِ مَا يَدْفَعُهُ فِيهَا، وَذَلِكَ لِمَا مَرَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الْخُنْثَى (قَوْلُهُ: أُخِذَ مِنْهُ عَمَّا مَضَى) هَلْ يُطَالَبُ بِهِ وَإِنْ كَانَ يَدْفَعُ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَا عُقِدَ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ أَوْ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَدْفَعْ؟ الَّذِي يَظْهَرُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ الْعِبْرَةُ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجِزْيَةِ وَمَا يَدْفَعُهُ يَقَعُ جِزْيَةً. هَكَذَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ الْأَوَّلَ، وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ قَالَ: لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ يُعْطِي هِبَةً لَا عَنْ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: حَالَ خُنُوثَتِهِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ تُعْقَدْ لَهُ، وَمَضَى عَلَيْهِ مُدَّةٌ مِنْ غَيْرِ دَفْعِ شَيْءٍ لَمْ تُؤْخَذْ مِنْهُ كَالْحَرْبِيِّ إذَا أَقَامَ بِدَارِنَا بِلَا عَقْدٍ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ (قَوْلُهُ لَا أَصْلَ لَهُ) أَيْ فَلَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ عَلَى الْعَبْدِ، وَيُسْتَدَلُّ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ قَوْلِهِ لِنَقْصِهِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا بَلَغَتْ أَيَّامُ الْإِفَاقَةِ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَحْصُلُ إلَّا مِنْ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ، وَهُوَ صَادِقٌ بِسِنِينَ مُتَعَدِّدَةٍ (قَوْلُهُ: أُجْرِيَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْجُنُونِ) أَيْ فَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَطُرُوُّ جُنُونٍ أَثْنَاءَ الْحَوْلِ) أَيْ مُتَّصِلٌ فِيمَا يَظْهَرُ، فَإِنْ كَانَ مُتَقَطِّعًا فَيَنْبَغِي أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ أَنْ تُلَفَّقَ الْإِفَاقَةُ وَيُكَمَّلُ مِنْهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ سَنَةً اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: مَوْتٍ أَثْنَاءَهُ) أَيْ فَيَجِبُ اللَّقْطُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَوْ عَتَقَ قِنٌّ ذِمِّيٌّ) وَفِي نُسْخَةٍ قِنُّهُ بِالضَّمِيرِ الرَّاجِعِ لِلذِّمِّيِّ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلذِّمِّيِّ وَالْمُسْلِمِ، وَمَا فِي الْأَصْلِ هُوَ الْأَوْلَى لِإِفَادَتِهِ أَنَّ عَتِيقَ الْمُسْلِمِ إنْ بَذَلَ الْجِزْيَةَ أُقِرَّ، وَإِلَّا بَلَغَ الْمَأْمَنَ، وَلَا يُنَافِي تَبْلِيغُهُ الْمَأْمَنَ مِنْ أَنَّ عَتِيقَ الْمُسْلِمِ لَا يُرَقُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَبْلِيغِ الْمَأْمَنِ الْإِرْقَاقُ (قَوْلُهُ: عَقْدَ جِزْيَةٍ) نُسْخَةُ عَقْدٍ جَدِيدٍ، وَالْمُرَادُ غَيْرُ عَقْدِ أَبِيهِ، وَمَا فِي الْأَصْلِ أَوْلَى لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ لِلتَّأْوِيلِ (قَوْلُهُ: لَوْ مَضَتْ عَلَيْهِمْ مُدَّةٌ بِلَا عَقْدٍ) قَدْ يُشْكِلُ هَذَا بِمَا مَرَّ فِي حَرْبِيٍّ دَخَلَ دَارَنَا وَلَمْ نَعْلَمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ حَيْثُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَخَبَرُ «لَا جِزْيَةَ عَلَى الْعَبْدِ» لَا أَصْلَ لَهُ) أَيْ فَلَمْ يُسْتَدَلَّ بِهِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْتِزَامِهِمَا) أَيْ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: لَمْ تُقَابَلْ بِأُجْرَةٍ) لَعَلَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِمَجْمُوعِ الْمُدَّةِ لَوْ اُسْتُؤْجِرَ لَهَا إذْ يُتَسَامَحُ فِي نَحْوِ الْيَوْمِ بِالنَّظَرِ لِمَجْمُوعِ الْمُدَّةِ، وَإِلَّا فَالْيَوْمُ وَنَحْوُهُ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ فِي حَدِّ ذَاتِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ) لَعَلَّهُ بِأَنْ لَمْ تَكُنْ أَوْقَاتُهُ مُنْضَبِطَةً (قَوْلُهُ أَيْ يُعْطَ) هَذَا تَفْسِيرٌ لِمَعْنَى الْبَذْلِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ لُغَةً، وَإِلَّا فَالْمُرَادُ بِالْبَذْلِ هُنَا الِانْقِيَادُ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ أَوْ يُفَضَّلُ بِهِ) أَيْ بِسَبَبِهِ وَكَانَ

(فَإِذَا تَمَّتْ سَنَةٌ وَهُوَ مُعْسِرٌ فَفِي ذِمَّتِهِ) تَبْقَى حَوْلًا فَأَكْثَرَ (حَتَّى يُوسِرَ) كَسَائِرِ الدُّيُونِ (وَيُمْنَعُ كُلُّ كَافِرٍ مِنْ اسْتِيطَانِ الْحِجَازِ) يَعْنِي الْإِقَامَةَ بِهِ، وَلَوْ بِلَا اسْتِيطَانٍ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ الْآتِي، وَقِيلَ لَهُ الْإِقَامَةُ إلَى آخِرِهِ. وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ جَوَازَ شِرَاءِ أَرْضٍ فِيهِ لَمْ يَقُمْ بِهَا، وَهُوَ الْأَوْجَهُ لَكِنَّ الصَّوَابَ مَنْعُهُ؛ لِأَنَّ مَا حَرُمَ اسْتِعْمَالُهُ حَرُمَ اتِّخَاذُهُ كَالْأَوَانِي وَآلَاتِ اللَّهْوِ، وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَلَا يَتَّخِذُ الذِّمِّيُّ شَيْئًا مِنْ الْحِجَازِ دَارًا وَإِنْ رُدَّ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ ذَاكَ، وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْ الْحِجَازِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ مَوْتِهِ «أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ» وَفِي رِوَايَةٍ «آخِرُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَخْرِجُوا الْيَهُودَ مِنْ الْحِجَازِ» وَفِي أُخْرَى «أَخْرِجُوا يَهُودَ الْحِجَازِ وَأَهْلَ نَجْرَانَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ» وَلَيْسَ الْمُرَادُ جَمِيعَهَا بَلْ الْحِجَازُ مِنْهَا؛ لِأَنَّ عُمَرَ أَجَلَاهُمْ مِنْهُ وَأَقَرَّهُمْ بِالْيَمَنِ مَعَ أَنَّهُ مِنْهَا، إذْ هِيَ طُولًا مِنْ عَدَنَ إلَى رِيفِ الْعِرَاقِ، وَعَرْضًا مِنْ جُدَّةَ وَمَا وَالَاهَا مِنْ سَاحِلِ الْبَحْرِ إلَى الشَّامِ. سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِإِحَاطَتِهِ بَحْرِ الْحَبَشَةِ وَبَحْرِ فَارِسَ وَدِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ بِهَا (وَهُوَ) أَيْ الْحِجَازُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حَجَزَ بَيْنَ نَجْدٍ وَتِهَامَةَ (مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَالْيَمَامَةُ) مَدِينَةٌ عَلَى أَرْبَعِ مَرَاحِلَ مِنْ مَكَّةَ وَمَرْحَلَتَيْنِ مِنْ الطَّائِفِ، وَقَالَ بَعْضُ شُرَّاحِ الْبُخَارِيِّ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الطَّائِفِ مَرْحَلَةٌ وَاحِدَةٌ. سُمِّيَتْ بِاسْمِ الزَّرْقَاءِ الَّتِي كَانَتْ تُبْصِرُ مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (وَقُرَاهَا) أَيْ الثَّلَاثَةُ كَالطَّائِفِ وَجُدَّةَ وَخَيْبَرَ وَالْيَنْبُعِ (وَقِيلَ لَهُ الْإِقَامَةُ فِي طُرُقِهِ الْمُمْتَدَّةِ) بَيْنَ هَذِهِ الْبِلَادِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُعْتَدَّ فِيهَا، نَعَمْ الَّتِي بِحَرَمِ مَكَّةَ يُمْنَعُونَ مِنْهَا قَطْعًا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي، وَلَا يُمْنَعُونَ رُكُوبَ بَحْرٍ خَارِجَ الْحَرَمِ، بِخِلَافِ جَزَائِرِهِ الْمَسْكُونَةِ أَوْ غَيْرِهَا، وَإِنَّمَا قَيَّدُوا بِهَا لِلْغَالِبِ. قَالَ الْقَاضِي: وَلَا يُمَكَّنُونَ مِنْ الْمَقَامِ فِي الْمَرْكَبِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَالْبَرِّ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إذَا أَذِنَ الْإِمَامُ وَأَقَامَ بِمَوْضِعٍ وَاحِدٍ (وَلَوْ) (دَخَلَ) كَافِرٌ أَيْ الْحِجَازَ (بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ) أَوْ نَائِبِهِ (أَخْرَجَهُ وَعَزَّرَهُ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ) مِنْهُ لِتَعَدِّيهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ جَهِلَ ذَلِكَ فَيُخْرِجُهُ وَلَا يُعَزِّرُهُ (فَإِنْ اسْتَأْذَنَ) فِي دُخُولِهِ (أَذِنَ لَهُ) حَتْمًا كَمَا اقْتَضَاهُ صَنِيعُهُ لَكِنْ صَرَّحَ غَيْرُهُ بِأَنَّهُ جَائِزٌ فَقَطْ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ (إنْ كَانَ دُخُولُهُ مَصْلَحَةً ـــــــــــــــــــــــــــــSقِيلَ بِعَدَمِ وُجُوبِ شَيْءٍ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهَا الْقَوْلُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ هَذَا لَمَّا كَانَ فِي الْأَصْلِ تَابِعًا لِأَمَانِ أَبِيهِ نَزَلَ بَعْدَ بُلُوغِهِ مَنْزِلَةَ مَنْ مَكَثَ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ مِنْ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: أَقَلُّ الْجِزْيَةِ) أَيْ دِينَارٌ . (قَوْلُهُ: لَمْ يَقُمْ بِهَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ) نُسْخَةٌ فِيهَا: قِيلَ وَهُوَ الْأَوْجَهُ لَكِنَّ الصَّوَابَ مَنْعُهُ؛ لِأَنَّ مَا حُرِّمَ اسْتِعْمَالُهُ حُرِّمَ اتِّخَاذُهُ كَالْأَوَانِي وَآلَاتِ اللَّهْوِ، وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَلَا يَتَّخِذُ الذِّمِّيُّ شَيْئًا مِنْ الْحِجَازِ دَارًا وَإِنْ رُدَّ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ ذَاكَ، وَإِنَّمَا مُنِعَ إلَخْ، وَهَذِهِ النُّسْخَةُ هِيَ الْأَقْرَبُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى) أَيْ فِي شَأْنِهِمْ (قَوْلُهُ: أَجَلَاهُمْ) أَيْ أَخْرَجَهُمْ (قَوْلُهُ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ) أَيْ بِالْجَزِيرَةِ (قَوْلُهُ سُمِّيَتْ) أَيْ الْمَدِينَةُ (قَوْلُهُ: كَالطَّائِفِ) هُوَ تَمْثِيلٌ لِقُرَى الثَّلَاثِ، لَكِنْ أُورِدَ عَلَيْهِ أَنَّ الْيَمَامَةَ لَيْسَ لَهَا قُرًى. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ قُرَى الْمَجْمُوعِ وَهُوَ لَا يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ قُرًى (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ جَزَائِرِهِ) أَيْ الَّتِي بِالْحِجَازِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُعَزِّرُهُ) وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ الْجَهْلَ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْحَرْبِيَّ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِالْأَمَانِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ) أَيْ قَوْلُهُ أَذِنَ لَهُ حَتْمًا ـــــــــــــــــــــــــــــQالظَّاهِرُ يُفَضَّلُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لَيْسَ مِنْ ذَاكَ) أَيْ مِنْ الِاتِّخَاذِ الْمَمْنُوعِ أَيْ لِأَنَّ اتِّخَاذَ ذَاكَ يَجُرُّ إلَى اسْتِعْمَالِهِ، بِخِلَافِ هَذَا كَمَا أَفْصَحَ بِهِ ابْنُ حَجَرٍ وَهُوَ الرَّادُّ (قَوْلُهُ: مِنْ سَاحِلِ الْبَحْرِ) لَعَلَّهُ بَيَانٌ لِمَا، وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ مَنْ فِيهِ ابْتِدَائِيَّةً كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَلَا يُمْنَعُونَ رُكُوبَ بَحْرٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ: فَرْعٌ: لَا يُمْنَعُونَ مِنْ رُكُوبِ بَحْرِ الْحِجَازِ وَيُمْنَعُونَ مِنْ الْإِقَامَةِ فِي سَوَاحِلِهِ الْمُمْتَدَّةِ وَجَزَائِرِهِ الْمَسْكُونَة (قَوْلُهُ: إذَا أَذِنَ الْإِمَامُ) أَيْ أَمَّا إذَا لَمْ يَأْذَنْ فَلَا يُمَكَّنُونَ مِنْ رُكُوبِ

لِلْمُسْلِمِينَ كَرِسَالَةٍ وَحَمْلِ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ) كَثِيرًا مِنْ طَعَامٍ وَغَيْرِهِ وَكَإِرَادَةِ عَقْدِ جِزْيَةٍ أَوْ هُدْنَةٍ لِمَصْلَحَةٍ، وَهُنَا لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ فِي مُقَابَلَةِ دُخُولِهِ. أَمَّا مَعَ عَدَمِ الْمَصْلَحَةِ فَيَمْتَنِعُ الْإِذْنُ كَمَا لَا يَخْفَى (فَإِنْ كَانَ) دُخُولُهُ وَلَوْ امْرَأَةً (لِتِجَارَةٍ لَيْسَ فِيهَا كَبِيرُ حَاجَةٍ) كَعِطْرٍ (لَمْ يَأْذَنْ) أَيْ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْإِذْنُ فِي دُخُولِهِ (إلَّا) إنْ كَانَ ذِمِّيًّا كَمَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ (بِشَرْطِ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْهَا) أَيْ مِنْ مَتَاعِهَا: أَيْ أَوْ مِنْ ثَمَنِهِ فَيُمْهِلُهُمْ لِلْبَيْعِ نَظِيرَ قَوْلِهِمْ فِي دَاخِلِ دَارِنَا لِتِجَارَةٍ لَمْ يُضْطَرَّ إلَيْهَا، وَشُرِطَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا جَازَ، فَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِمْ عُشْرَ الثَّمَنِ أُمْهِلُوا إلَى الْبَيْعِ اهـ. وَظَاهِرٌ أَنَّهُمْ لَا يُكَلِّفُونَهُ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ، وَحِينَئِذٍ فَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ بَدَلُهُ إنْ رَضُوا، وَإِلَّا فَبَعْضُ أَمْتِعَتِهِمْ عِوَضًا عَنْهُ، وَيُجْتَهَدُ فِي قَدْرِهِ، وَلَا يُؤْخَذُ فِي السَّنَةِ سِوَى مَرَّةً كَالْجِزْيَةِ (وَلَا يُقِيمُ) بِالْحِجَازِ حَيْثُ دَخَلَهُ وَلَوْ بِتِجَارَتِهِ وَلَوْ الْمُضْطَرَّ إلَيْهَا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ بَعْدَ الْإِذْنِ فِي دُخُولِهِ (إلَّا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَقَلَّ) غَيْرَ يَوْمَيْ دُخُولِهِ وَخُرُوجِهِ اقْتِدَاءً بِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنْ أَقَامَ بِمَحَلٍّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ بِآخَرَ مِثْلِهَا وَهَكَذَا لَمْ يُمْنَعْ إنْ كَانَ بَيْنَ كُلِّ مَحَلَّيْنِ مَسَافَةُ الْقَصْرِ (وَيُمْنَعُ) كُلُّ كَافِرٍ (دُخُولَ حَرَمِ مَكَّةَ) وَلَوْ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [التوبة: 28] أَيْ الْحَرَمَ بِالْإِجْمَاعِ (فَإِنْ كَانَ رَسُولًا) لِمَنْ بِالْحُرُمِ مِنْ إمَامٍ أَوْ نَائِبِهِ (خَرَجَ إلَيْهِ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ لِيَسْمَعَهُ) وَيُخْبِرَ الْإِمَامَ، فَإِنْ قَالَ لَا أُؤَدِّيهَا إلَّا مُشَافَهَةً تَعَيَّنَ خُرُوجُ الْإِمَامِ إلَيْهِ لِذَلِكَ، أَوْ مُنَاظِرٌ خَرَجَ إلَيْهِ مَنْ يُنَاظِرُهُ، وَحِكْمَةُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمَّا أَخْرَجُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكُفْرِهِمْ عُوقِبَ جَمِيعُ الْكُفَّارِ بِمَنْعِهِمْ مِنْهُ مُطْلَقًا وَإِنْ دَعَتْ لِذَلِكَ ضَرُورَةٌ كَمَا فِي الْأُمِّ، وَبِهِ يَرِدُ قَوْلُ ابْنِ كَجٍّ: يَجُوزُ لِلضَّرُورَةِ كَطَبِيبٍ اُحْتِيجَ إلَيْهِ، وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ لَهُ عَلَى مَا إذَا مَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ، وَلَمْ يُمْكِنْ إخْرَاجُ الْمَرِيضِ لَهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ (فَإِنْ) (مَرِضَ فِيهِ) أَيْ الْحَرَمِ (نُقِلَ وَإِنْ خِيفَ مَوْتُهُ) بِالنَّقْلِ لِظُلْمِهِ بِدُخُولِهِ وَلَوْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ (فَإِنْ) (مَاتَ) وَهُوَ ذِمِّيٌّ (لَمْ يُدْفَنْ فِيهِ) تَطْهِيرًا لِلْحَرَمِ عَنْهُ (فَإِنْ دُفِنَ نُبِشَ وَأُخْرِجَ) ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ جِيفَتِهِ فِيهِ أَشَدُّ مِنْ دُخُولِهِ حَيًّا، نَعَمْ لَوْ تَقَطَّعَ تُرِكَ وَلَا يَلْحَقُ حَرَمُ الْمَدِينَةِ بِحَرَمِ مَكَّةَ فِي ذَلِكَ وُجُوبًا بَلْ نَدْبًا لِأَفْضَلِيَّتِهِ وَتَمَيُّزِهِ بِمَا لَمْ يُشَارَكْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ فَيَمْتَنِعُ الْإِذْنُ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ أَذِنَ لَهُ وَدَخَلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَيْضًا لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ مَالًا (قَوْلُهُ: لَا يُكَلِّفُونَهُ) أَيْ الْبَيْعَ (قَوْلُهُ: وَلَا يُؤْخَذُ فِي السَّنَةِ سِوَى مَرَّةٍ) ظَاهِرَةٌ وَإِنْ تَكَرَّرَ الدُّخُولُ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ تَعَدَّدَ الْأَصْنَافُ الَّتِي يَدْخُلُونَ بِهَا، وَكَانَتْ مُخْتَلِفَةً بِاخْتِلَافِ عَدَدِ مَرَّاتِ الدُّخُولِ فَهَلْ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى دُونَ مَا عَدَاهَا أَوْ مِنْ الصِّنْفِ الَّذِي يَخْتَارُهُ الْإِمَامُ، أَوْ كَيْفَ الْحَالُ فَلْيُرَاجَعْ، وَلَوْ قِيلَ يَأْخُذُ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ جَاءُوا بِهِ، وَإِنْ تَكَرَّرَ دُخُولُهُمْ بِهِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا؛ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ بَيْعِهِمْ عَلَيْنَا وَدُخُولِهِمْ بِهِ، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي كُلِّ مَرَّةٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ الْمُضْطَرَّ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْمُضْطَرَّ أَوْ هِيَ الْمُضْطَرَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ) أَيْ أَمَّا لَوْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ إلَى دُخُولِهِ كَمَا لَوْ انْهَدَمَتْ الْكَعْبَةُ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَتَأَتَّى مِنْهُ بِنَاؤُهَا إلَّا كَافِرٌ فَيَنْبَغِي جَوَازُهُ بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ دَعَتْ لِذَلِكَ ضَرُورَةٌ إلَخْ لِإِمْكَانِ حَمْلِ مَا يَأْتِي عَلَى حَاجَةٍ شَدِيدَةٍ يُمْكِنُ قِيَامُ غَيْرِ الْكَافِرِ بِهَا أَوْ لَا يَحْصُلُ مِنْ عَدَمِ فِعْلِهَا خَلَلٌ قَوِيٌّ كَهَذِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ لَا أُؤَدِّيهَا) أَيْ الرِّسَالَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْبَحْرِ فَضْلًا عَنْ الْإِقَامَةِ فَهُوَ قَيْدٌ لِلْمَفْهُومِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَيُخْبَرُ الْإِمَامُ) فِيهِ إخْرَاجُ الْمَتْنِ عَنْ ظَاهِرِهِ إذْ الضَّمِيرُ فِيهِ لِلْخَارِجِ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ، وَهَذَا يُعَيِّنُ كَوْنَهُ لِلنَّائِبِ، ثُمَّ إنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِنَائِبِهِ نَائِبُهُ فِي خُصُوصِ الْخُرُوجِ وَالسَّمَاعِ وَهَلَّا كَانَ الْمُرَادُ نَائِبَهُ الْعَامَّ، وَالْمَعْنَى خَرَجَ الْإِمَامُ إنْ حَضَرَ وَإِلَّا فَنَائِبُهُ (قَوْلُهُ: وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْحُكْمَ الَّذِي تَضَمَّنَهُ هَذَا الْحَمْلُ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ صَحِيحٌ إلَّا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِ ابْنِ كَجٍّ عَلَيْهِ وَإِنْ أَوْهَمَتْهُ الْعِبَارَةُ (قَوْلُهُ: لِأَفْضَلِيَّتِهِ) عِلَّةٌ لِانْتِفَاءِ الْإِلْحَاقِ فَالضَّمِيرُ فِيهِ لِحَرَمِ مَكَّةَ.

[فصل في أقل الجزية]

فِيهِ، وَصَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْزَلَهُمْ مَسْجِدَهُ سَنَةَ عَشْرٍ بَعْدَ نُزُولِ بَرَاءَةٍ سَنَةَ تِسْعٍ، وَنَاظَرَ فِيهِ أَهْلَ نَجْرَانَ مِنْهُمْ فِي أَمْرِ الْمَسِيحِ وَغَيْرِهِ (وَإِنْ) (مَرِضَ فِي غَيْرِهِ) أَيْ الْحَرَمِ (مِنْ الْحِجَازِ وَعَظُمَتْ الْمَشَقَّةُ فِي نَقْلِهِ) أَوْ خِيفَ نَحْوَ زِيَادَةِ مَرَضِهِ (تُرِكَ) تَقْدِيمًا لِأَعْظَمِ الضَّرَرَيْنِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَعْظُمْ (نُقِلَ) حَتْمًا لِحُرْمَةِ الْمَحَلِّ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ ذُكِرَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ يُنْقَلُ مُطْلَقًا، وَعَنْ الْجُمْهُورِ عَدَمُ ذَلِكَ مُطْلَقًا (فَإِنْ) (مَاتَ) فِيهِ (وَتَعَذَّرَ نَقْلُهُ) مِنْهُ لِنَحْوِ خَوْفِ تَغَيُّرٍ (دُفِنَ هُنَاكَ) لِلضَّرُورَةِ فَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ نُقِلَ. أَمَّا الْحَرْبِيُّ أَوْ الْمُرْتَدُّ فَلَا يَجْرِي ذَلِكَ فِيهِ لِجَوَازِ إغْرَاءِ الْكِلَابِ عَلَى جِيفَتِهِ، فَإِنْ آذَى رِيحُهُ غُيِّبَتْ جِيفَتُهُ. (فَصْلٌ) (أَقَلُّ الْجِزْيَةِ) مِنْ غَنِيٍّ أَوْ فَقِيرٍ عِنْدَ قُوَّتِنَا (دِينَارٌ) خَالِصٌ مَضْرُوبٌ فَلَا يَجُوزُ الْعَقْدُ إلَّا بِهِ، وَإِنْ أَخَذَ قِيمَتَهُ وَقْتَ الْأَخْذِ (لِكُلِّ سَنَةٍ) لِخَبَرِ «خُذْ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ» أَيْ مُحْتَلِمٍ «دِينَارًا أَوْ عِدْلَهُ» : أَيْ مُسَاوِيَ قِيمَتِهِ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا، وَتَقْوِيمُ عُمَرَ لِلدِّينَارِ بِاثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ قِيمَتَهُ إذْ ذَاكَ وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهَا. أَمَّا عِنْدَ ضَعْفِنَا فَتَجُوزُ بِأَقَلَّ مِنْهُ إنْ اقْتَضَتْهُ مَصْلَحَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَإِلَّا فَلَا، وَتَجِبُ بِالْعَقْدِ وَتَسْتَقِرُّ بِانْقِضَاءِ الزَّمَنِ بِشَرْطِ ذَبِّنَا عَنْهُمْ فِي جَمِيعِهِ حَيْثُ وَجَبَ، فَلَوْ مَاتَ أَوْ لَمْ يَذُبَّ عَنْهُمْ إلَّا أَثْنَاءَ السَّنَةِ وَجَبَ بِالْقِسْطِ كَمَا يَأْتِي. أَمَّا الْحَيُّ فَلَا نُطَالِبُهُ بِالْقِسْطِ أَثْنَاءَ السَّنَةِ، وَكَانَ قِيَاسُ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا أُجْرَةُ مُطَالَبَتِهِ بِهِ لَوْلَا مَا طُلِبَ هُنَا مِنْ مَزِيدِ الرِّفْقِ بِهِمْ تَأَلُّفًا لَهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ (وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ) عِنْدَ قُوَّتِنَا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ (مُمَاكَسَةٌ) أَيْ طَلَبُ زِيَادَةٍ عَلَى دِينَارٍ (حَتَّى) يَعْقِدَ بِأَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ كَدِينَارَيْنِ لِمُتَوَسِّطٍ وَأَرْبَعَةٍ لِغَنِيٍّ لِيَخْرُجَ مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ لَا يُجِيزُهَا إلَّا بِذَلِكَ بَلْ حَيْثُ أَمْكَنَتْهُ الزِّيَادَةُ، ـــــــــــــــــــــــــــــS (فَصْلٌ) أَقَلُّ الْجِزْيَةِ دِينَارٌ (قَوْلُهُ دِينَارٌ خَالِصٌ) وَالْمُرَادُ بِهِ الْمِثْقَالُ الشَّرْعِيُّ، وَيُسَاوِي الْآنَ نَحْوَ تِسْعِينَ نِصْفًا فِضَّةً وَأَكْثَرَ، وَالدِّينَارُ الْمُتَعَامَلُ بِهِ الْآنَ تَنْقُصُ زِنَتُهُ عَنْ الْمِثْقَالِ الشَّرْعِيِّ الرُّبْعَ، وَالْعِبْرَةُ بِالْمِثْقَالِ الشَّرْعِيِّ زَادَتْ قِيمَتُهُ أَوْ نَقَصَتْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَخَذَ قِيمَتَهُ) أَيْ جَازَ أَخْذُ قِيمَتِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ جَوَازِ الْوَجْهَيْنِ فِيهِ نَقْلٌ عَنْ بَعْضِ الْعَرَبِ، وَصَوَّبَ بَعْضُهُمْ فِي مِثْلِهِ الْفَتْحَ، وَفِي الْمُخْتَارِ بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ فِيهِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ الْعَدْلُ بِالْفَتْحِ: مَا عَادَلَ الشَّيْءَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، وَالْعِدْلُ بِالْكَسْرِ: الْمِثْلُ، تَقُولُ عِنْدِي عِدْلُ غُلَامِكَ وَعِدْلُ شَاتِكَ إذَا كَانَ غُلَامًا يَعْدِلُ غُلَامًا أَوْ شَاةً تَعْدِلُ شَاةً، فَإِذَا أَرَدْتَ قِيمَتَهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَتَحْتَ الْعَيْنَ، وَرُبَّمَا كَسَرَهَا بَعْضُ الْعَرَبِ فَكَأَنَّهُ غَلَطٌ مِنْهُمْ اهـ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا مَبْنِيٌّ عَلَى هَذِهِ اللُّغَةِ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ وَجَبَ) أَيْ بِأَنْ كَانُوا بِبِلَادِنَا (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَذُبَّ) مِنْ بَابِ قَتَلَ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْحَيُّ فَلَا نُطَالِبُهُ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ لَنَا ذَلِكَ (قَوْلُهُ: تَأَلُّفًا لَهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ) أَيْ وَلِأَنَّهَا مُنَزَّلَةٌ مَنْزِلَةَ الْأُجْرَةِ الْمُعْتَبَرَةِ بِآخِرِ السَّنَةِ (قَوْلُهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهَا أَمَّا عِنْدَ ضَعْفِنَا إلَخْ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي الْأَخْذِ بِأَنَّ مَحِلَّ الْجَوَازِ بِالْأَقَلِّ حَيْثُ لَمْ يَرْضَوْا بِأَكْثَرَ، وَهَذَا لَا يُنَافِي اسْتِحْبَابَ الْمُمَاكَسَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُجِيبُوا لِلْعَقْدِ بِأَكْثَرَ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يُجِيزُهَا إلَّا بِذَلِكَ) أَيْ بِالْأَرْبَعَةِ فِي الْغَنِيِّ وَبِدِينَارَيْنِ فِي الْمُتَوَسِّطِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي أَقَلُّ الْجِزْيَةِ] فَصْلٌ) أَقَلُّ الْجِزْيَةِ دِينَارٌ (قَوْلُهُ: فَلَوْ مَاتَ) أَيْ أَثْنَاءَ السَّنَةِ (قَوْلُهُ: وَكَانَ قِيَاسُ الْقَوْلِ إلَخْ) وَلَا يُقَالُ: إنَّ قِيَاسَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْعَقْدِ لِأَنَّ ذَاكَ فِي الْأُجْرَةِ الْحَالَّةِ وَالْجِزْيَةُ لَا تَكُونُ إلَّا مُقَسَّطَةً (قَوْلُهُ: لِيَخْرُجَ مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ) هَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّ

وَإِنْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ إجَابَتَهُمْ إلَيْهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ، وَحَيْثُ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُمْ لَا يُجِيبُونَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ فَلَا مَعْنَى لِلْمُمَاسَكَةِ لِوُجُوبِ قَبُولِ الدِّينَارِ، وَعَدَمِ جَوَازِ إجْبَارِهِمْ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ حِينَئِذٍ، وَالْمُمَاكَسَةُ تَكُونُ عِنْدَ الْعَقْدِ إنْ عَقَدَ عَلَى الْأَشْخَاصِ فَحَيْثُ عَقَدَ عَلَى شَيْءٍ امْتَنَعَ أَخْذُ زَائِدٍ عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ عِنْدَ الْأَخْذِ إنْ عَقَدَ عَلَى الْأَوْصَافِ كَصِفَةِ الْغَنِيِّ أَوْ التَّوَسُّطِ، وَحِينَئِذٍ فَيُسَنُّ لِلْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ مُمَاكَسَتُهُمْ حَتَّى (يَأْخُذَ مِنْ) كُلِّ (مُتَوَسِّطٍ) آخِرَ الْحَوْلِ، وَلَوْ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ يَثْبُتْ خِلَافُهُ (دِينَارَيْنِ فَأَكْثَرَ وَ) مِنْ كُلِّ (غَنِيٍّ) كَذَلِكَ (أَرْبَعَةً) مِنْ الدَّنَانِيرِ فَأَكْثَرَ، وَالْأَوْجَهُ ضَبْطُ الْغَنِيِّ وَالْمُتَوَسِّطِ هُنَا وَفِي الضِّيَافَةِ بِالنَّفَقَةِ بِجَامِعِ أَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ مَنْفَعَةٍ تَعُودُ إلَيْهِ لَا بِالْعَاقِلَةِ، إذْ لَا مُوَاسَاةَ هُنَا وَلَا بِالْعُرْفِ لِاخْتِلَافِهِ بِاخْتِلَافِ الْأَبْوَابِ، أَمَّا السَّفِيهُ فَيَمْتَنِعُ عَقْدُهُ أَوْ عَقْدُ وَلِيِّهِ بِأَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ، فَإِنْ عَقَدَ رَشِيدٌ بِأَكْثَرَ، ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ أَثْنَاءَ الْحَوْلِ اتَّجَهَ لُزُومُهُ مَا عَقَدَ بِهِ، كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ بِأَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، ثُمَّ سَفِهَ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْأَكْثَرُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (وَلَوْ) (عُقِدَتْ بِأَكْثَرَ) مِنْ دِينَارٍ (ثُمَّ عَلِمُوا جَوَازَ دِينَارٍ) (لَزِمَهُمْ مَا الْتَزَمُوهُ) كَمَنْ غُبِنَ فِي الشِّرَاءِ (فَإِنْ أَبَوْا) مِنْ بَذْلِ الزِّيَادَةِ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُمْ نَاقِضُونَ) لِلْعَهْدِ بِذَلِكَ فَيَخْتَارُ الْإِمَامُ فِيهِمْ مَا يَأْتِي، وَالثَّانِي لَا وَيُقْنَعُ مِنْهُمْ بِالدِّيَارِ (وَلَوْ) (أَسْلَمَ ذِمِّيٌّ) أَوْ جُنَّ (أَوْ مَاتَ) أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ اسْتَقَرَّتْ فِي ذِمَّتِهِ كَبَقِيَّةِ الدُّيُونِ فَتُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ فِي غَيْرِ حَجْرِ الْفَلَسِ، وَيُضَارَبُ بِهَا مَعَ الْغُرَمَاءِ فِيهِ، وَإِذَا وَقَعَ ذَلِكَ (بَعْدَ) سَنَةٍ أَوْ (سِنِينَ أُخِذَتْ جِزْيَتُهُنَّ مِنْ تَرِكَتِهِ مُقَدَّمَةً عَلَى الْوَصَايَا) وَالْإِرْثِ إنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ، وَإِلَّا فَتَرِكَتُهُ فَيْءٌ فَلَا مَعْنَى لَأَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَجَبَتْ عَلَيْهِ) أَيْ فَلَوْ عَقَدَ بِأَقَلَّ أَثِمَ وَيَنْبَغِي صِحَّةُ الْعَقْدِ بِمَا عَقَدَ بِهِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمَقْصُودَ الرِّفْقُ بِهِمْ تَأَلُّفًا لَهُمْ فِي الْإِسْلَامِ وَمُحَافَظَةً لَهُمْ عَلَى حَقْنِ الدِّمَاءِ مَا أَمْكَنَ (قَوْلُهُ: وَلَا تَجُوزُ) أَيْ الْمُمَاكَسَةُ (قَوْلُهُ فَذَلِكَ) أَيْ آخِرَ الْحَوْلِ وَلَوْ بِقَوْلِهِ (قَوْلُهُ: كَالنَّفَقَةِ) نَقَلَ سم عَدَمَ اعْتِمَادِ أَنَّهُ كَالْعَاقِلَةِ، وَهُوَ أَنْ يَمْلِكَ فَوْقَ عِشْرِينَ دِينَارًا بَعْدَ الْجِزْيَةِ، وَكَتَبَ قَوْلَهُ كَنَفَقَةٍ: أَيْ بِأَنْ يَزِيدَ دَخْلُهُ عَلَى خَرْجِهِ (قَوْلُهُ: لَا بِالْعَاقِلَةِ) أَيْ وَهُوَ أَنْ يَمْلِكَ بَعْدَ كِفَايَةِ الْعُمُرِ الْغَالِبِ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا وَالْمُتَوَسِّطُ بَعْدَ كِفَايَةِ الْعُمُرِ الْغَالِبِ أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا (قَوْلُهُ: فَيَمْتَنِعُ عَقْدُهُ) أَيْ يَمْتَنِعُ عَلَيْنَا وَعَلَى وَلِيِّهِ الْعَقْدُ مَعَهُ، وَإِنْ رَغِبَ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُمْ مَا الْتَزَمُوهُ) أَيْ فِي كُلِّ سَنَةٍ مُدَّةَ بَقَائِهِمْ (قَوْلُهُ: أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ إلَخْ) قَدْ يُخَالِفُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا عَقَدَ رَشِيدًا ثُمَّ سَفِهَ يَجِبُ مَا عَقَدَ بِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: ذَاكَ فِيمَا لَوْ اسْتَمَرَّ رُشْدُهُ إلَى آخِرِ الْحَوْلِ، وَمَا هُنَا فِيمَا لَوْ حُجِرَ فِي الْأَثْنَاءِ، وَفِي نُسَخٍ إسْقَاطُ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ بَعْدُ وَقَوْلِ الشَّيْخِ إلَخْ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ: قَوْلَهُ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ كَذَا فِي شَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَكَتَبَ سم بِهَامِشِهِ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ أَوْ سَفَهٍ خَالَفَهُ م ر فِي هَذَا وَالْمُخَالَفَةُ مُتَعَيِّنَةٌ، وَسَيَأْتِي مَا يُوَافِقُ هَذَا النَّقْلَ فِي قَوْلِهِ وَقَوْلِ الشَّيْخِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ فَلَسٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالِاسْتِحْبَابَ مُغَيَّا بِأَحَدِ دِينَارَيْنِ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ وَأَرْبَعَةٍ مِنْ الْغَنِيِّ الَّذِي هُوَ ظَاهِرُ الْمَتْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ عِلَّةٍ أُخْرَى لِاسْتِحْبَابِ الزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَ) أَيْ الْوَكِيلُ: أَيْ وَلَا يُقَالُ إنَّ تَصَرُّفَ الْوَكِيلِ مَنُوطٌ بِالْمَصْلَحَةِ لِلْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ عِنْدَ الْأَخْذِ إنْ عَقَدَ عَلَى الْأَوْصَافِ إلَخْ) كَعَقَدْت لَكُمْ عَلَى أَنَّ عَلَى الْغَنِيِّ أَرْبَعَةً وَالْمُتَوَسِّطِ دِينَارَانِ وَالْفَقِيرِ دِينَارٌ مَثَلًا، ثُمَّ عِنْدَ الِاسْتِيفَاءِ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ فَقِيرٌ أَوْ مُتَوَسِّطٌ يَقُولُ بَلْ أَنْتَ غَنِيٌّ مَثَلًا فَعَلَيْك أَرْبَعَةٌ، هَكَذَا نَقَلَهُ ابْنُ قَاسِمٍ عَنْ الشَّارِحِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُمَاكَسَةِ هُنَا مُنَازَعَتُهُ فِي الْغِنَى وَضِدَّيْهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْمُمَاكَسَةَ الْمَارَّةَ. ثُمَّ إطْلَاقُهُ، يَقْتَضِي اسْتِحْبَابَ مُنَازَعَتِهِ فِي نَحْوِ الْغَنِيِّ وَإِنْ عُلِمَ فَقْرُهُ وَفِيهِ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: لِاخْتِلَافِهِ) لَعَلَّ الضَّمِيرَ لِلْغَنِيِّ وَالْمُتَوَسِّطِ. فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَيَمْتَنِعُ عَقْدُهُ أَوْ عَقْدُ وَلِيِّهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَصِحُّ عَقْدُ السَّفِيهِ بِدِينَارٍ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: اسْتَقَرَّتْ) يَعْنِي لَمْ تَسْقُطْ وَإِلَّا فَهِيَ مُسْتَقِرَّةٌ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ) أَيْ فِي صُورَةِ الْمَوْتِ وَمِنْ مَالِهِ فِي غَيْرِهَا

لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْفَيْءِ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَغْرَقٍ أَخَذَ الْإِمَامُ مِنْ نَصِيبِهِ قِسْطَهُ، وَسَقَطَ الْبَاقِي (وَيُسَوَّى بَيْنَهَا وَبَيْنَ دَيْنِ الْآدَمِيِّ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهَا أُجْرَةٌ فَإِنْ لَمْ تَفِ التَّرِكَةُ بِالْكُلِّ ضَارَبَهُمْ الْإِمَامُ بِقِسْطِ الْجِزْيَةِ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي تَقَدَّمَ هِيَ فِي قَوْلِهِ وَدَيْنُ الْآدَمِيِّ فِي قَوْلٍ وَيُسَوَّى بَيْنَهُمَا فِي قَوْلٍ (أَوْ) أَسْلَمَ أَوْ جُنَّ أَوْ مَاتَ (فِي خِلَالِ سَنَةٍ فَقِسْطٌ) لِمَا مَضَى وَاجِبٌ فِي مَالِهِ أَوْ تَرِكَتِهِ كَالْأُجْرَةِ، وَالْقَوْلُ فِي وَقْتِ إسْلَامِهِ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ إذَا حَضَرَ وَادَّعَاهُ، وَلَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ فِي خِلَالِهَا ضَارَبَ الْإِمَامُ مَعَ الْغُرَمَاءِ حَالًا إنْ قُسِّمَ مَالُهُ، وَإِلَّا فَآخِرُ الْحَوْلِ، وَقَوْلُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ أَوْ سَفَهٍ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَفِي قَوْلٍ لَا شَيْءَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوُجُوبَ بِالْحَوْلِ كَالزَّكَاةِ (وَتُؤْخَذُ) الْجِزْيَةُ مَا لَمْ تُؤَدَّ بِاسْمِ زَكَاةٍ (بِإِهَانَةٍ) (فَيَجْلِسُ الْآخِذُ، وَيَقُومُ الذِّمِّيُّ وَيُطَأْطِئُ رَأْسَهُ وَيَحْنِي ظَهْرَهُ وَيَضَعُهَا فِي الْمِيزَانِ وَيَقْبِضُ الْآخِذُ لِحْيَتَهُ وَيَضْرِبُ) بِكَفِّهِ مَفْتُوحَةً (لِهْزِمَتَيْهِ) بِكَسْرِ اللَّامِ وَالزَّاي وَهُمَا مُجْتَمَعُ اللَّحْمِ بَيْنَ الْمَاضِغِ وَالْأُذُنِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ: أَيْ كُلًّا مِنْهُمَا ضَرْبَةً وَاحِدَةً، وَبَحَثَ الرَّافِعِيُّ الِاكْتِفَاءَ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَحَدِهِمَا، وَيَقُولُ يَا عَدُوَّ اللَّهِ أَدِّ حَقَّ اللَّهِ (وَكُلُّهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ (مُسْتَحَبٌّ، وَقِيلَ وَاجِبٌ) إذْ فَسَّرَ بَعْضُهُمْ الصَّغَارَ فِي الْآيَةِ بِذَلِكَ (فَعَلَى الْأَوَّلِ لَهُ) (تَوْكِيلُ مُسْلِمٍ) أَوْ ذِمِّيٍّ (بِالْأَدَاءِ) لَهَا (وَحَوَالَةٍ) بِهَا (عَلَيْهِ) أَيْ الْمُسْلِمِ (وَ) لِلْمُسْلِمِ (أَنْ يَضْمَنَهَا) عَنْ الذِّمِّيِّ، وَيَمْتَنِعُ كُلُّ ذَلِكَ عَلَى الثَّانِي لِفَوَاتِ الْإِهَانَةِ الْوَاجِبَةِ حَتَّى فِي تَوْكِيلِ الذِّمِّيِّ؛ لِأَنَّ كُلَّ فَرْدٍ مَقْصُودٌ بِالصَّغَارِ (قُلْتُ: هَذِهِ الْهَيْئَةُ بَاطِلَةٌ) لِعَدَمِ ثُبُوتِ أَصْلٍ لَهَا مِنْ السُّنَّةِ، وَلَمْ يَفْعَلْهَا أَحَدٌ مِنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ بَلْ تُؤْخَذُ بِرِفْقٍ كَسَائِرِ الدُّيُونِ، وَفِيهِ تَحَمُّلٌ عَلَى الذَّاكِرِينَ لَهَا، وَالْخِلَافُ فِيهَا الْمُسْتَنِدُ إلَى تَفْسِيرِ الصَّغَارِ فِي الْآيَةِ بِهَا الْمَبْنِيِّ عَلَيْهَا الْمَسَائِلُ الْمَذْكُورَةُ، وَيَكْفِي فِي الصَّغَارِ الْتِزَامُ أَحْكَامِهَا (وَدَعْوَى اسْتِحْبَابِهَا) فَضْلًا عَنْ وُجُوبِهَا، وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا الْخُرَاسَانِيِّينَ (أَشَدُّ خَطَأً، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَيَحْرُمُ فِعْلُهَا إنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ تَأَذِّيهِ بِهَا وَإِلَّا فَتُكْرَهُ (وَيُسْتَحَبُّ) وَقِيلَ يَجِبُ (لِلْإِمَامِ) أَوْ نَائِبِهِ (إذَا أَمْكَنَهُ) شَرْطُ الضِّيَافَةِ عَلَيْهِمْ لِقُوَّتِنَا مَثَلًا (أَنْ يَشْرِطَ عَلَيْهِمْ إذَا صُولِحُوا فِي بَلَدِهِمْ) أَوْ بِلَادِنَا كَمَا اعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ (ضِيَافَةَ مَنْ يَمُرُّ بِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ) وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا غَيْرَ مُجَاهِدٍ لِلِاتِّبَاعِ، وَيَتَّجِهُ عَدَمُ دُخُولِ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ بَعْدَ فَرَاغِ السَّنَةِ عَلَى مَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ) أَيْ الْوَارِثُ (قَوْلُهُ: فَقِسْطٌ إلَخْ) مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ بِنْتٌ فَلَهَا نِصْفُ التَّرِكَةِ، وَيُؤْخَذُ قِسْطُ الْجِزْيَةِ مِنْ ذَلِكَ، وَالنِّصْفُ الْبَاقِي يَكُونُ فَيْئًا (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ) أَيْ لِأَنَّ الشَّارِحَ نَفْسَهُ قَدَّمَ أَنَّهُ يُعْقَدُ لَهُ فِي الِابْتِدَاءِ فَلَأَنْ لَا يَبْطُلَ إذَا طَرَأَ السَّفَهُ بِالْأَوْلَى، وَكَذَا لَا يَتَغَيَّرُ الْوَاجِبُ فَلَا يُقَالُ إذَا حُجِرَ عَلَيْهِ نِصْفَ السَّنَةِ يُؤْخَذُ مِنْهُ دِينَارَانِ لِلْمَاضِي وَنِصْفُ دِينَارٍ لِلْبَاقِي (قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ بِهَذِهِ الْهَيْئَةِ (قَوْلُهُ: كَسَائِرِ الدُّيُونِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ تَحَمُّلٌ إلَخْ) أَيْ مُبَالَغَةٌ فِي الِاعْتِرَاضِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقَوْلُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ أَوْ سَفَهٍ) يَعْنِي ذِكْرَهُ لَهُ فِي جُمْلَةِ مَنْ مَاتَ أَوْ جُنَّ أَوْ أَسْلَمَ فِي خِلَالِ سَنَةٍ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِسْطُ وَذَلِكَ لِمَا مَرَّ آنِفًا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا عَقَدَ عَلَيْهِ وَهُوَ رَشِيدٌ وَيَتَرَتَّبُ فِي ذِمَّتِهِ، فَلَا مَعْنَى لِأَخْذِ الْقِسْطِ مِنْهُ أَثْنَاءَ الْحَوْلِ كَمَا أَوْضَحَهُ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي فِي الصِّغَارِ الْتِزَامُ أَحْكَامِنَا) هَذَا مَحَلُّ ذِكْرِهِ قَبْلَ قَوْلِهِ وَفِيهِ تَحَمُّلٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ تَحَمُّلٌ) أَيْ فِيمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْبُطْلَانِ وَكَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُهُ حَتَّى تَتِمَّ زِيَادَةُ الْمُصَنِّفِ كَمَا صَنَعَ الْجَلَالُ وَالْعِبَارَةُ الْمَذْكُورَةُ لَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا طَائِفَةٌ إلَخْ) مَحَلُّ ذِكْرِهِ أَيْضًا قَبْلَ قَوْلِهِ وَفِيهِ تَحَمُّلٌ إلَخْ (قَوْلُ الْمَتْنِ أَشَدُّ خَطَأً) أَيْ مِنْ دَعْوَى أَصْلِ جَوَازِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لَا مِنْ دَعْوَى وُجُوبِهَا كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ، فَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْعَكْسِ كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ قَاسِمٍ، وَسَبَقَهُ إلَى التَّقْدِيرِ الْمَذْكُورِ الْأَذْرَعِيُّ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ فَضْلًا عَنْ وُجُوبِهَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ دَعْوَى الْوُجُوبِ أَشَدُّ خَطَأً بِالْأَوْلَى مِنْ دَعْوَى الْجَوَازِ كَذَا ذَكَرَهُ أَيْضًا ابْنُ قَاسِمٍ

لِانْتِفَاءِ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الرُّخَصِ بَلْ وَلَا مَنْ كَانَ سَفَرُهُ دُونَ مِيلٍ لِانْتِفَاءِ تَسْمِيَتِهِ ضَيْفًا، وَأَنَّ ذِكْرَ الْمُسْلِمِينَ قَيْدٌ فِي النَّدْبِ لَا الْجَوَازِ، وَلَوْ صُولِحُوا عَنْ الضِّيَافَةِ بِمَالٍ فَهُوَ لِأَهْلِ الْفَيْءِ لَا لِلطَّارِقِينَ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ حَالَةَ كَوْنِهِ (زَائِدًا عَلَى أَقَلِّ جِزْيَةٍ) فَلَا يَجُوزُ جَعْلُهُ مِنْ الْأَقَلِّ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْجِزْيَةِ التَّمْلِيكُ وَمِنْ الضِّيَافَةِ الْإِبَاحَةُ (وَقِيلَ يَجُوزُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْجِزْيَةِ الَّتِي هِيَ أَقَلُّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِمْ سِوَاهَا، وَرُدَّ بِأَنَّ هَذَا كَالْمُمَاكَسَةِ (وَتُجْعَلُ) الضِّيَافَةُ (عَلَى غَنِيٍّ وَمُتَوَسِّطٍ) أَيْ عِنْدَ نُزُولِ الضَّيْفِ بِهِمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (لَا فَقِيرٍ) فَلَا يَجُوزُ جَعْلُهَا عَلَيْهِ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي عَلَيْهِ أَيْضًا كَالْجِزْيَةِ (وَيَذْكُرُ) الْعَاقِدُ عِنْدَ اشْتِرَاطِ الضِّيَافَةِ (عَدَدَ الضِّيفَانِ رِجَالًا وَفُرْسَانًا) أَيْ رُكْبَانًا وَآثَرَ الْخَيْلَ لِشَرَفِهَا، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَقْطَعُ لِلنِّزَاعِ وَأَنْفَى لِلْغَرَرِ فَيَقُولُ عَلَى كُلِّ غَنِيٍّ أَوْ مُتَوَسِّطٍ جِزْيَةٌ كَذَا، وَضِيَافَةُ عَشَرَةٍ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ سَنَةٍ خَمْسُ رَجَّالَةٍ وَخَمْسُ فُرْسَانٍ، أَوْ عَلَيْكُمْ ضِيَافَةُ أَلْفِ مُسْلِمٍ رَجَّالَةٍ وَكَذَا فُرْسَانٍ كَذَا كُلَّ سَنَةٍ مَثَلًا يَتَوَزَّعُونَهُمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ بِحَسَبِ تَفَاوُتِهِمْ فِي الْجِزْيَةِ، وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ ذِكْرُ الْعَدَدِ مِنْ أَنَّهُ بَنَاهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَلَى ضَعِيفٍ أَنَّهَا مِنْ الْجِزْيَةِ. أَمَّا عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهَا زَائِدَةٌ عَلَيْهَا فَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ وَذِكْرُ الرَّجَّالَةِ وَالْفُرْسَانِ مِنْ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لَهُ إذْ لَا يَتَفَاوَتُونَ إلَّا بِعَلَفِ الدَّابَّةِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ بَعْدُ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَصَحِّ أَيْضًا كَمَا جَرَى عَلَيْهِ مُخْتَصِرُوهَا، وَبِأَنَّ الْآتِيَ ذِكْرُ مُجَرَّدِ الْعَلَفِ، وَاَلَّذِي هُنَا ذِكْرُ عَدَدِ الدَّوَابِّ اللَّازِمِ لِذِكْرِ الْفُرْسَانِ، وَأَحَدُ هَذَيْنِ لَا يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ، وَلَا بُدَّ فِيمَا لَوْ قَالَ عَلَى كُلِّ غَنِيٍّ أَوْ مُتَوَسِّطٍ عَدَدُ كَذَا، أَوْ عَلَيْكُمْ عَدَدُ كَذَا وَلَمْ يَقُلْ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ بَيَانِ عَدَدِ أَيَّامِ الضِّيَافَةِ فِي الْحَوْلِ مَعَ ذِكْرِ مُدَّةِ الْإِقَامَةِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ (وَ) يُذْكَرُ (جِنْسُ الطَّعَامِ وَالْأُدْمِ) مِنْ بُرٍّ وَسَمْنٍ وَغَيْرِهِمَا بِحَسَبِ الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ فِي قُوتِهِمْ، وَيَتَّجِهُ دُخُولُ الْفَاكِهَةِ وَالْحَلْوَى عِنْدَ غَلَبَتِهِمَا، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ أُجْرَةَ الطَّبِيبِ وَالْخَادِمِ كَذَلِكَ، وَمَنْ نَفَى لُزُومَهَا لَهُمْ مَحْمُولٌ عَلَى السُّكُوتِ عَنْهُمْ، أَوْ لَمْ يُعْتَدْ فِي مَحَلِّهِمْ (وَقَدْرُهُمَا وَ) يُذْكَرُ أَنَّ (لِكُلِّ وَاحِدٍ) مِنْ الْأَضْيَافِ (كَذَا) مِنْهُمَا بِحَسَبِ الْعُرْفِ، وَيُفَاوَتُ بَيْنَهُمْ فِي قَدْرِ ذَلِكَ لَا صِفَتِهِ بِحَسَبِ تَفَاوُتِ جِزْيَتِهِمْ، وَيَمْتَنِعُ عَلَى الضَّيْفِ أَنْ يُكَلِّفَهُمْ ذَبْحَ نَحْوِ دَجَاجِهِمْ أَوْ مَا لَا يَغْلِبُ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ فِي كَلَامِهِ صِحَّةُ الْوَاوِ الدَّاخِلَةِ عَلَى كُلِّ، وَسُقُوطُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لَهَا (وَ) يُذْكَرُ (عَلَفُ الدَّوَابِّ) وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ جِنْسِهِ وَقَدْرِهِ فَيَكْفِي الْإِطْلَاقُ، وَيُحْمَلُ عَلَى تِبْنٍ وَحَشِيشٍ بِحَسَبِ الْعَادَةِ لَا عَلَى نَحْوِ شَعِيرٍ، نَعَمْ إنْ ذُكِرَ الشَّعِيرُ فِي وَقْتِ اشْتِرَاطِ بَيَانِ قَدْرِهِ، وَلَا يَجِبُ عِنْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الرُّخَصِ) وَعَلَيْهِ فَمَا أَخَذَهُ الْمُسَافِرُ الْمَذْكُورُ لَا يُحْسَبُ مِمَّا شُرِطَ عَلَيْهِمْ، بَلْ الْحَقُّ بَاقٍ فِي جِهَتِهِمْ يُطَالَبُونَ بِهِ، وَيَرْجِعُونَ عَلَيْهِ بِمَا أَخَذَهُ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ ذِكْرَ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ وَيَتَّجِهُ أَنَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِأَنَّ هَذَا) أَيْ الْمَشْرُوطَ (قَوْلُهُ عِنْدَ نُزُولِ الضَّيْفِ بِهِمْ) أَيْ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا (قَوْلُهُ وَيُذْكَرُ) وُجُوبًا (قَوْلُهُ: وَأَنْفَى لِلْغَرَرِ) عَطْفُ سَبَبٍ عَلَى مُسَبَّبٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يُعْتَدَّ فِي مَحَلِّهِمْ) الْمُرَادُ بِمَحَلِّهِمْ قَرْيَتُهُمْ مَثَلًا الَّتِي هُمْ بِهَا، وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ اعْتِيَادِهِ فِي مَحَلِّهِمْ أَنَّهُمْ لَمْ تَجْرِ عَادَتُهُمْ بِإِحْضَارِهِ لِلْمَرِيضِ مِنْهُمْ، فَإِنْ جَرَتْ بِإِحْضَارِهِ عَادَتُهُمْ لِكَوْنِهِ فِي الْبَلَدِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا عُرْفًا وَجَبَ إحْضَارُهُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ ذَكَرَ الشَّعِيرَ) أَيْ أَوْ نَحْوَهُ مِنْ فُولٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الرُّخَصِ) اُنْظُرْ مَا تَعَلُّقَ هَذَا بِالرُّخَصِ (قَوْلُهُ: خَمْسٌ رَجَّالَةٌ) هُوَ بِتَنْوِينِ خَمْسٍ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَإِنَّمَا حَذَفَ مِنْهُ التَّاءَ لِأَنَّ الْمَعْدُودَ مَحْذُوفٌ: أَيْ خَمْسَةُ أَضْيَافٍ رَجَّالَةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَذِكْرُ الرَّجَّالَةِ) هُوَ بِرَفْعِ ذِكْرٌ عَطْفًا عَلَى ذِكْرِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: بِحَسَبِ تَفَاوُتِهِمْ فِي الْجِزْيَةِ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِلْغِنَى وَالتَّوَسُّطِ وَإِنْ اتَّحَدُوا فِي الْمَدْفُوعِ كَمَا تُصَرِّحُ بِهِ عِبَارَةُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَيُتَّجَهُ دُخُولُ الْفَاكِهَةِ وَالْحَلْوَى إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَقَدْ تَدْخُلُ فِي الطَّعَامِ الْفَاكِهَةِ وَالْحَلْوَى لَكِنَّ مَحَلَّ جَوَازِ ذِكْرِهِمَا إنْ غَلَبَا انْتَهَتْ. فَمَعْنَى قَوْلِهِ وَقَدْ تَدْخُلُ إلَخْ: أَيْ تَدْخُلُ فِي قَوْلِهِمْ وَيَذْكُرُ جِنْسَ الطَّعَامِ: أَيْ فَيَذْكُرُهُمَا بِالشَّرْطِ الَّذِي ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: وَمَنْ نَفَى لُزُومَهَا إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَمَنْ صَرَّحَ بِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ لَازِمٍ لَهُمْ يُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى مَا إذَا سَكَتَا عَنْهُ أَوْ لَمْ يُعْتَدَّ فِي مَحَلِّهِمْ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ كَذَا) صَرِيحَةٌ بِالنَّظَرِ لِمَا

عَدَمِ تَعْيِينِ عَدَدِ دَوَابِّ كُلِّ عَلَفٍ أَكْثَرَ مِنْ دَابَّةٍ وَاحِدَةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ (وَ) يُذْكَرُ (مَنْزِلُ الضِّيفَانِ) وَكَوْنُهُ لَائِقًا بِالْحَرِّ أَوْ الْبَرْدِ (مِنْ كَنِيسَةٍ وَفَاضِلِ مَسْكَنٍ) وَبَيْتِ فَقِيرٍ وَلَا يُخْرِجُونَ أَهْلَ مَنْزِلٍ مِنْهُ، وَيُشْتَرَطُ عَلَيْهِمْ إعْلَاءُ أَبْوَابِهِمْ لِيَدْخُلَهَا الْمُسْلِمُونَ رُكْبَانًا (وَ) يُذْكَرُ (مُقَامُهُمْ) أَيْ مُدَّةُ إقَامَتِهِمْ (وَلَا يُجَاوِزُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) فَإِنْ شُرِطَ فَوْقَهَا مَعَ رِضَاهُمْ بِذَلِكَ جَازَ، وَيُشْتَرَطُ تَزْوِيدُ الضَّيْفِ كِفَايَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَلَوْ امْتَنَعَ قَلِيلٌ مِنْهُمْ أُجْبِرُوا أَوْ كُلُّهُمْ أَوْ أَكْثَرُهُمْ فَنَاقِضُونَ، وَلَهُ حَمْلُ مَا أَتَوْا بِهِ، وَلَا يُطَالِبُهُمْ بِعِوَضٍ إنْ لَمْ يَمُرَّ بِهِمْ ضَيْفٌ وَلَا بِطَعَامِ مَا بَعْدَ الْيَوْمِ الْحَاضِرِ، وَلَوْ لَمْ يَأْتُوا بِطَعَامِ الْيَوْمِ لَمْ يُطَالِبْهُمْ بِهِ فِي الْغَدِ، وَمُقْتَضَى ذَلِكَ سُقُوطُهُ مُطْلَقًا وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ مَتَى شَرَطَ عَلَيْهِمْ أَيَّامًا مَعْلُومَةً لَمْ يُحْسَبْ هَذَا مِنْهَا. أَمَّا لَوْ شَرَطَ عَلَى كُلِّهِمْ وَبَعْضِهِمْ ضِيَافَةَ عَشَرَةٍ مَثَلًا كُلَّ يَوْمٍ فَفَوَّتَتْ ضِيَافَةَ الْقَادِمِينَ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ اتَّجَهَ أَخْذُ بَدَلِهَا لِأَهْلِ الْفَيْءِ لَا سُقُوطُهَا، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِاشْتِرَاطِ الضِّيَافَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَبِيرُ أَمْرٍ (وَلَوْ) (قَالَ قَوْمٌ) عَرَبٌ أَوْ عَجَمٌ (نُؤَدِّي الْجِزْيَةَ بِاسْمِ صَدَقَةٍ لَا جِزْيَةٍ) (فَلِلْإِمَامِ إجَابَتُهُمْ إذَا رَأَى) ذَلِكَ (وَيُضَعِّفُ عَلَيْهِمْ الزَّكَاةَ) اقْتِدَاءً بِفِعْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَعَ مَنْ تَنَصَّرَ مِنْ الْعَرَبِ قَبْلَ بَعْثَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُمْ بَنُو تَغْلِبَ وَتَنُوخَ وَبَهْرَاءَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلَا يُخْرَجُونَ) أَيْ فَلَوْ خَالَفُوا أَثِمُوا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ عَلَيْهِمْ لِمُدَّةِ سَكَنِهِمْ فِيهِ حَيْثُ كَانَتْ بِقَدْرِ الْمُدَّةِ الْمَشْرُوطَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُجَاوِزُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) أَيْ غَيْرِ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ) نَدْبًا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فَنَاقِضُونَ) نَقَلَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فِي الْفَصْلِ الْآتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ أَبَوْا جِزْيَةً فَنَاقِضُونَ إلَخْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الِانْتِقَاضِ بِمَنْعِ الْجِزْيَةِ بَيْنَ الْوَاحِدِ وَالْكُلِّ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ حَيْثُ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا اهـ. فَمَا هُنَا مِنْ التَّفْرِقَةِ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَلَى كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ وَأَنَّ هَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ الضِّيَافَةِ لِكَوْنِهَا تَابِعَةً فَسُومِحَ فِيهَا بِخِلَافِ الْجِزْيَةِ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلَهُ فَنَاقِضُونَ: أَيْ فَلَا يَجِبُ تَبْلِيغُهُمْ الْمَأْمَنَ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ انْتَقَضَ عَهْدَهُ بَلْ يَتَخَيَّرُ الْإِمَامُ فِيهِمْ بَيْنَ الْقَتْلِ وَالرِّقِّ وَالْمَنِّ وَالْفِدَاءِ عَلَى مَا يَرَاهُ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ حَمْلُ مَا أَتَوْا بِهِ) أَيْ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِينَ حَمْلُ مَا أَتَوْا بِهِ مِنْ الذِّمِّيِّينَ (قَوْلُهُ: مَا بَعْدَ الْيَوْمِ) أَيْ لَا يُطْلَبُ تَعْجِيلُهُ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: وَيَضْعُفُ) وُجُوبًا (قَوْلُهُ مَنْ تَنَصَّرَ مِنْ الْعَرَبِ) أَيْ دَخَلَ فِي دِينِ النَّصْرَانِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَهُمْ بَنُو تَغْلِبَ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَبِكَسْرِ اللَّامِ مُضَارِعُ غَلَبَهُ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: غَلَبَهُ غَلْبًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَالِاسْمُ الْغَلَبَةُ بِفَتْحَتَيْنِ وَالْغَلَبَةُ وَبِمُضَارِعِ الْخِطَابِ سُمِّيَ، وَمِنْهُ بَنُو تَغْلِبَ وَهُمْ قَوْمٌ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ طَلَبَهُمْ عُمَرُ بِالْجِزْيَةِ فَأَبَوْا أَنْ يُعْطُوهَا بِاسْمِ الْجِزْيَةِ، وَصَالَحُوا عَلَى اسْمِ الصَّدَقَةِ مُضَاعَفَةً، وَيُرْوَى أَنَّهُ قَالَ: هَاتُوهَا وَسَمُّوهَا مَا شِئْتُمْ، وَالنِّسْبَةُ إلَيْهَا تَغْلِبِيٌّ بِالْكَسْرِ عَلَى الْأَصْلِ. قَالَ ابْنُ السَّرَّاجِ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَفْتَحُ لِلتَّخْفِيفِ اسْتِثْقَالًا لِتَوَالِي كَسْرَتَيْنِ مَعَ يَاءِ النَّسَبِ اهـ (قَوْلُهُ: وَتَنُوخُ) هُوَ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَبِالنُّونِ الْمُخَفَّفَةِ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: تَنَخَ بِالْمَكَانِ تُنُوخًا أَقَامَ كَتَنِخٍ، وَمِنْهُ تَنُوخُ قَبِيلَةٌ لِأَنَّهُمْ اجْتَمَعُوا فَأَقَامُوا فِي مَوْضِعِهِمْ (قَوْلُهُ: وَبَهْرَاءُ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَبَهْرَاءُ قَبِيلَةٌ وَقَدْ يُقْصَرُ وَالنِّسْبَةُ بَهْرَانِيٌّ وَبِهَرَاوِيٌّ، وَفِي الْمِصْبَاحِ وَبَهْرَاءُ مِثْلُ حَمْرَاءَ قَبِيلَةٌ مِنْ قُضَاعَةَ وَالنِّسْبَةُ إلَيْهَا بَهْرَانِيٌّ مِثْلُ نَجْرَانِيٌّ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَقِيَاسُهُ بَهْرَاوِيٌّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَدَّمَهُ الشَّارِحُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْإِجْمَالِ ثُمَّ التَّفْصِيلِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ غَيْرِهِ، ثُمَّ إنَّ ابْنَ قَاسِمٍ نَازَعَ فِي سُقُوطِ الْقَوْلِ الْآتِي بِهَذَا التَّقْدِيرِ (قَوْلُهُ: وَبَيْتٍ فَقِيرٍ) وَإِنْ كَانَ لَا ضِيَافَةَ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ كَأَنْ يَقُولَ وَتَجْعَلُوا الْمَنَازِلَ بُيُوتَ الْفُقَرَاءِ (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى ذَلِكَ سُقُوطُهُ مُطْلَقًا، وَالْأَوْجَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَقَضِيَّتُهُ سُقُوطُهُ مُطْلَقًا وَفِيهِ نَظَرٌ،

وَقَالُوا لَا تُؤَدَّى إلَّا كَالْمُسْلِمِينَ فَأَبَى، فَأَرَادُوا اللُّحُوقَ بِالرُّومِ فَصَالَحَهُمْ عَلَى تَضْعِيفِ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِمْ وَقَالَ: هَؤُلَاءِ حَمْقَى أَبَوْا الِاسْمَ وَرَضُوا بِالْمَعْنَى (فَمِنْ خَمْسَةِ أَبْعِرَةٍ شَاتَانِ، وَ) مِنْ (خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ) بَعِيرًا (بِنْتَا مَخَاضٍ) وَمِنْ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ بِنْتَا لَبُونٍ وَهَكَذَا (عِشْرِينَ دِينَارًا دِينَارٌ، وَ) مِنْ (مِائَتَيْ دِرْهَمٍ عَشَرَةٌ وَخُمُسُ الْمُعَشَّرَاتِ) الْمَسْقِيَّةِ بِلَا مُؤْنَةٍ وَإِلَّا فَعُشْرُهَا، وَيَجُوزُ تَرْبِيعُهَا وَتَخْمِيسُهَا بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ، بَلْ لَوْ لَمْ يَفِ التَّضْعِيفُ بِقَدْرِ دِينَارٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ وَجَبَتْ الزِّيَادَةُ إلَى بُلُوغِ ذَلِكَ يَقِينًا، كَمَا أَنَّهُ لَوْ زَادَ جَازَ النَّقْصُ عَنْهُ إلَى بُلُوغِ ذَلِكَ يَقِينًا أَيْضًا، وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ إنَّهُ إنْ أَرَادَ تَضْعِيفَ الزَّكَاةِ مُطْلَقًا وَرُدَّتْ زَكَاةُ الْفِطْرِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهَا أَوْ فِيمَا ذَكَرَهُ وَرُدَّتْ زَكَاةُ التِّجَارَةِ وَالْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ، فَفِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ تَضْعِيفُهَا أَوْ مُطْلَقُ الْمَالِ الزَّكَوِيِّ اقْتَضَى عَدَمَ الْأَخْذِ مِنْ الْمَعْلُوفَةِ وَهُوَ بَعِيدٌ وَلَمْ أَرَهُ. يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُتَّجِهَ تَضْعِيفُهَا إلَّا فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ إذْ لَا تَجِبُ عَلَى كَافِرٍ ابْتِدَاءً، وَإِلَّا فِي الْمَعْلُوفَةِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ زَكَوِيَّةً الْآنَ وَلَا عِبْرَةَ بِالْجِنْسِ، وَإِلَّا وَجَبَتْ فِيمَا دُونَ النِّصَابِ الْآتِي (وَلَوْ وَجَبَتْ بِنْتَا مَخَاضٍ مَعَ جُبْرَانٍ) كَمَا فِي سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ عِنْدَ فَقْدِ بِنْتَيْ اللَّبُونِ (لَمْ يُضَعَّفْ الْجُبْرَانُ فِي الْأَصَحِّ) فَيَأْخُذُ مَعَ كُلِّ بِنْتِ مَخَاضٍ شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا إذَا الشَّيْءُ إذَا بَلَغَ غَايَتَهُ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ وَلَوْ قَبِلَ التَّضْعِيفَ لَضُعِّفَ عَلَيْنَا، وَالْخِيَرَةُ فِيهِ هُنَا لِلْإِمَامِ لَا لِلْمَالِكِ نَصَّ عَلَيْهِ، وَالثَّانِي يُضَعَّفُ فَيَأْخُذُ مَعَ كُلِّ بِنْتِ مَخَاضٍ أَرْبَعَ شِيَاهٍ أَوْ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا (وَلَوْ كَانَ) الْمَالُ الزَّكَوِيُّ (بَعْضَ نِصَابٍ) كَعِشْرِينَ شَاةً (لَمْ يَجِبْ قَسْطُهُ فِي الْأَظْهَرِ) إذْ لَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ عَلَى الْمُسْلِمِ، وَمِنْ ثَمَّ يَجِبُ الْقَسْطُ فِي الْخُلْطَةِ الْمُوجِبَةِ لِلزَّكَاةِ، وَلَا يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلُ بِبَقَاءِ مُوسِرٍ مِنْهُمْ مِنْ غَيْرِ جِزْيَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا نَظَرَ هُنَا لِلْأَشْخَاصِ بَلْ لِمَجْمُوعِ الْحَاصِلِ هَلْ يَفِي بِرُءُوسِهِمْ أَوْ لَا كَمَا تَقَرَّرَ، وَهَلْ يُعْتَبَرُ النِّصَابُ كُلَّ الْحَوْلِ أَوْ آخِرَهُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا إلَّا فِي مَالِ التِّجَارَةِ وَنَحْوِهِ. وَالثَّانِي يَجِبُ، فَفِي عِشْرِينَ شَاةً شَاةٌ، وَفِي مِائَةِ دِرْهَمٍ خَمْسَةٌ (ثُمَّ الْمَأْخُوذُ جِزْيَةٌ) حَقِيقَةً فَيُصْرَفُ مَصْرِفَهَا (فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ مَالِ مَنْ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ) وَلَوْ زَادَ الْمَجْمُوعُ عَلَى أَقَلِّهَا فَطَلَبُوا إسْقَاطَ الزِّيَادَةِ وَإِعَادَةَ اسْمِ الْجِزْيَةِ أَجَبْنَاهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَأَبَى) أَيْ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ) أَيْ اعْتِرَاضًا عَلَى التَّعْبِيرِ بِمَا ذُكِرَ مِنْ تَضْعِيفِ الزَّكَاةِ بِلَا قَيْدٍ وَمِنْ التَّصْوِيرِ بِقَوْلِهِ مِنْ خَمْسَةِ أَبْعِرَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فِي الْمَعْلُوفَةِ) أَيْ فَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا مِنْهَا لَا بِمُضَاعَفَةٍ وَلَا عَدِمَهَا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَإِلَّا وَجَبَتْ فِيمَا دُونَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْخِيرَةُ فِيهِ) أَيْ الْجُبْرَانِ، وَقَوْلُهُ هُنَا: أَيْ بِخِلَافِ زَكَاتِنَا فَإِنَّ الْخِيرَةَ لِلدَّافِعِ مَالِكًا كَانَ أَوْ سَاعِيًا (قَوْلُهُ أَجَبْنَاهُمْ) أَيْ وُجُوبًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِنَّمَا يُتَّجَهُ إنْ شَرَطَ عَلَيْهِمْ أَيَّامًا مَعْلُومَةً فَلَا يُحْسَبُ هَذَا مِنْهَا. أَمَّا لَوْ شَرَطَ عَلَى كُلِّهِمْ أَوْ بَعْضِهِمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُتَّجَهَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ جَوَابًا عَنْ كَلَامِ الْبُلْقِينِيِّ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنْ أَرَادَ إلَى أَنْ قَالَا اهـ. وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ التَّضْعِيفُ إلَّا فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ إلَخْ، فَمُرَادُهُ بِذَلِكَ بَيَانُ الْأَصَحِّ عِنْدَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ: إذْ الشَّيْءُ إذَا بَلَغَ غَايَتَهُ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ) يُتَأَمَّلُ (قَوْلُهُ: وَالْخِيَرَةُ فِيهِ) أَيْ الْجُبْرَانِ: أَيْ فِي دَفْعِهِ وَأَخْذِهِ الْمَفْهُومِ مِنْ التَّعْلِيلِ، وَقَوْلُهُ هُنَا: أَيْ فِي الْجِزْيَةِ: أَيْ بِخِلَافِهِ فِي الزَّكَاةِ فَإِنَّ الْخِيَرَةَ فِيهِ لِلدَّافِعِ كَمَا مَرَّ ثَمَّ.

[فصل في جملة من أحكام عقد الذمة]

(فَصْلٌ) فِي جُمْلَةٍ مِنْ أَحْكَامِ عَقْدِ الذِّمَّةِ. (يَلْزَمُنَا) عِنْدَ إطْلَاقِ الْعَقْدِ فَعِنْدَ الشَّرْطِ أَوْلَى (الْكَفُّ عَنْهُمْ) نَفْسًا وَمَالًا وَعِرْضًا وَاخْتِصَاصًا وَعَمَّا مَعَهُمْ مِنْ نَحْوِ خَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا أَوْ انْتَقَصَهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (وَضَمَانُ مَا نُتْلِفُهُ عَلَيْهِمْ نَفْسًا وَمَالًا) وَرَدُّ مَا نَأْخُذُهُ مِنْ اخْتِصَاصَاتِهِمْ كَالْمُسْلِمِ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ فَائِدَةُ الْجِزْيَةِ كَمَا أَفَادَتْهُ آيَتُهَا (وَدَفْعُ أَهْلِ الْحَرْبِ) وَالذِّمَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَآثَرَ الْأَوَّلِينَ لِأَنَّهُمْ الْمُتَعَرِّضُونَ لَهُمْ غَالِبًا (عَنْهُمْ) حَيْثُ كَانُوا بِدَارِنَا لِأَنَّهُ يَلْزَمُنَا الذَّبُّ عَنْهُمْ، فَإِنْ كَانُوا بِدَارِ الْحَرْبِ لَمْ يَلْزَمْنَا ذَلِكَ مَا لَمْ يُشْرَطْ عَلَيْنَا أَوْ يَكُونُوا بِجِوَارِنَا وَيَلْحَقُ بِدَارِنَا دَارُ حَرْبٍ فِيهَا مُسْلِمٌ، فَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ يَلْزَمُنَا دَفْعُ الْمُسْلِمِ عَنْهُمْ أَوْ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الدَّفْعُ عَنْ الْمُسْلِمِ إلَّا بِالدَّفْعِ عَنْهُمْ فَقَرِيبٌ، أَوْ دَفْعُ الْحَرْبِيِّينَ عَنْهُمْ بِخُصُوصِهِمْ فَبَعِيدٌ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ (وَقِيلَ إنْ انْفَرَدُوا بِبَلَدٍ لَمْ يَلْزَمْنَا الدَّفْعُ عَنْهُمْ) كَمَا يَلْزَمُهُمْ الذَّبُّ عَنَّا، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَلْزَمُنَا الدَّفْعُ عَنْهُمْ مُطْلَقًا مَعَ الْإِمْكَانِ لِكَوْنِهِمْ فِي قَبْضَتِنَا كَأَهْلِ الْإِسْلَامِ، أَمَّا عِنْدَ شَرْطِ عَدَمِ ذَبِّنَا عَنْهُمْ فَيَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ إنْ كَانُوا مَعَنَا، أَوْ بِمَحَلٍّ لَوْ قَصَدُوهُمْ مَرُّوا عَلَيْنَا لِتَضَمُّنِهِ تَمْكِينَ الْكُفَّارِ مِنَّا وَإِلَّا فَلَا (وَنَمْنَعُهُمْ) حَتْمًا (إحْدَاثَ كَنِيسَةٍ) وَبِيعَةٍ وَصَوْمَعَةٍ لِلتَّعَبُّدِ وَلَوْ مَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ) فِي جُمْلَةٍ مِنْ أَحْكَامِ عَقْدِ الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: مِنْ نَحْوِ خَمْرٍ) يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إفْرَادُ الْخَمْرِ وَنَحْوِهِ بِالذِّكْرِ مَعَ دُخُولِهِ فِي الِاخْتِصَاصِ لِأَنَّ لَهَا قِيمَةً عِنْدَهُمْ وَتُعَدُّ مَالًا، أَوْ يُقَالُ لَمَّا كَانُوا يُمْنَعُونَ مِنْ إظْهَارِهَا قَدْ يُتَوَهَّمُ عَدَمُ الْكَفِّ عَمَّنْ يَتَعَرَّضُ لَهُمْ فِيهَا (قَوْلُهُ: أَوْ انْتَقَصَهُ) هُوَ وَمَا بَعْدَهُ تَفْصِيلٌ لِبَعْضِ الظُّلْمِ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ: أَيْ احْتَقَرَهُ لَا مِنْ حَيْثُ كُفْرُهُ بَلْ مِنْ حَيْثُ صِفَاتٌ انْتَقَصَتْهُ بِنِسْبَتِهِ لَهَا وَإِنْ كَانَتْ فِيهِ، كَمَا يَحْرُمُ انْتِقَاصُ الْمُسْلِمِ بِغَيْبَتِهِ وَإِنْ كَانَتْ بِصِفَاتٍ قَائِمَةٍ بِهِ (قَوْلُهُ: فَأَنَا حَجِيجُهُ) أَيْ خَصْمُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَسَبَبُ ذَلِكَ التَّشْدِيدُ عَلَى الْمُسْلِمِ حَتَّى لَا يَكُونَ مُخَالِفًا لِشَرِيعَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَإِذَا فَعَلَ مَعَهُ مَا يَقْتَضِي أُخِذَ مِنْ حَسَنَاتِ الْمُسْلِمِ أُخِذَ مِنْهَا مَا يُكَافِئُ جِنَايَتَهُ عَلَى الذِّمِّيِّ، وَلَيْسَ ذَلِكَ تَعْظِيمًا لِلذِّمِّيِّ وَلَا عَفْوًا عَنْ ذُنُوبِهِ بَلْ هُوَ بِمَنْزِلَةِ دَيْنٍ لَهُ عَلَى مُسْلِمٍ أُخِذَ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُخَفَّفُ عَنْهُ بِذَلِكَ عَذَابُ غَيْرِ الْكُفْرِ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَبْقَ لِلْمُسْلِمِ حَسَنَاتٌ فَيُؤْخَذُ مِنْ سَيِّئَاتِ الْكَافِرِ مَا يُخَفَّفُ بِهِ عَذَابُهُ، وَيَسْتَحِقُّ الْمُسْلِمُ الْعِقَابَ عَلَى جِنَايَتِهِ عَلَى الْكَافِرِ بِمَا يُقَابِلُهَا فِي الْعُقُوبَةِ لِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَمْرِهِ بِعَدَمِ التَّعَرُّضِ لِلذِّمِّيِّ لَا لِتَعْظِيمِهِ (قَوْلُهُ: وَآثَرَ الْأَوَّلِينَ) أَيْ أَهْلِ الْحَرْبِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَكُونُوا بِجِوَارِنَا) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَضَمِّهَا وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: فِيهَا مُسْلِمٌ) أَيْ فَنَمْنَعُهُ عَنْهُمْ وَمَنْ يَتَعَرَّضُ لَهُمْ بِأَذًى يَصِلُ إلَى الْمُسْلِمِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ اتَّسَعَتْ أَطْرَافُهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ أُرِيدَ) أَيْ مِنْ الْإِلْحَاقِ (قَوْلُهُ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ) أَيْ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ مَا تَقَدَّمَ بِالْهَامِشِ مِنْ مَنْعِهِ عَنْهُمْ وَمَنْعِ مَنْ يَتَعَرَّضُ لَهُمْ إلَخْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَبِيعَةٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي جُمْلَةٍ مِنْ أَحْكَامِ عَقْدِ الذِّمَّةِ] فَصْلٌ) فِي جُمْلَةٍ مِنْ أَحْكَامِ الْجِزْيَةِ (قَوْلُ الْمَتْنِ يَلْزَمُنَا الْكَفُّ) أَيْ الِانْكِفَافُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَدَفَعَ أَهْلُ الْحَرْبِ عَنْهُمْ (قَوْلُهُ: كَمَا أَفَادَتْهُ آيَتُهَا) اُنْظُرْ وَجْهَ الْإِفَادَةِ فِيهَا (قَوْلُهُ: أَوْ يَكُونُوا بِجِوَارِنَا) أَيْ وَهُمْ بِدَارِ الْحَرْبِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ السِّيَاقِ: أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُمْ مُنْفَرِدُونَ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ التُّحْفَةِ وَنَصُّهَا: أَوْ انْفَرَدُوا بِجِوَارِنَا انْتَهَتْ. وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ انْفَرَدُوا فِي غَيْرِ دَارِ الْحَرْبِ لِأَنَّهُمْ حِينَئِذٍ يَلْزَمُنَا الدَّفْعُ عَنْهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا بِجِوَارِنَا كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَضِيَّةُ الْقِيلِ الْآتِي فِي الْمَتْنِ

غَيْرِهِ كَنُزُولِ الْمَارَّةِ (فِي بَلَدٍ أَحْدَثْنَاهُ) كَالْقَاهِرَةِ وَالْبَصْرَةِ (أَوْ أَسْلَمَ أَهْلُهُ عَلَيْهِ) كَالْيَمَنِ، وَقَوْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ كَالْمَدِينَةِ مَحَلُّ وَقْفَةٍ لِأَنَّهَا مِنْ الْحِجَازِ وَهُمْ مَمْنُوعُونَ مِنْ سُكْنَاهُ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ، وَيُهْدَمُ وُجُوبًا مَا أَحْدَثُوهُ، وَلَوْ لَمْ يُشْتَرَطْ عَلَيْهِمْ هَدْمُهُ وَالصُّلْحُ عَلَى تَمْكِينِهِمْ مِنْهُ بَاطِلٌ، وَمَا وُجِدَ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يُعْلَمْ إحْدَاثُهُ بَعْدَ الْإِحْدَاثِ أَوْ الْإِسْلَامِ أَوْ الْفَتْحِ يَبْقَى لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ بِبَرِّيَّةٍ أَوْ قَرْيَةٍ وَاتَّصَلَ بِهَا الْعُمْرَانُ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي فِي الصُّلْحِ، أَمَّا مَا بُنِيَ مِنْ ذَلِكَ لِنُزُولِ الْمَارَّةِ وَلَوْ مِنْهُمْ فَيَجُوزُ كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الشَّامِلِ وَغَيْرُهُ (وَمَا فُتِحَ عَنْوَةً) كَمِصْرِ عَلَى مَا مَرَّ وَبِلَادِ الْمَغْرِبِ (لَا يُحْدِثُونَهَا فِيهِ) أَيْ لَا يَجُوزُ تَمْكِينُهُمْ مِنْ ذَلِكَ فَيَجِبُ هَدْمُ مَا أَحْدَثُوهُ فِيهِ لِمِلْكِ الْمُسْلِمِينَ لَهَا بِالِاسْتِيلَاءِ (وَلَا يُقَرُّونَ عَلَى كَنِيسَةٍ كَانَتْ فِيهِ) حَالَ الْفَتْحِ يَقِينًا (فِي الْأَصَحِّ) لِذَلِكَ. وَالثَّانِي يُقَرُّونَ بِالْمَصْلَحَةِ (أَوْ) فُتِحَ (صُلْحًا بِشَرْطِ الْأَرْضِ لَنَا وَشَرْطِ إسْكَانِهِمْ) بِخَرَاجٍ (وَإِبْقَاءِ الْكَنَائِسِ) وَنَحْوِهَا (لَهُمْ جَازَ) لِأَنَّ الصُّلْحَ إذَا جَازَ بِشَرْطِ كَوْنِ جَمِيعِ الْبَلَدِ لَهُمْ فَبَعْضُهَا بِالْأَوْلَى، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَإِبْقَاءُ مَنْعِ الْإِحْدَاثِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَيْسَ مِنْهُ إعَادَتُهَا وَتَرْمِيمُهَا بِآلَتِهَا أَوْ بِآلَةٍ جَدِيدَةٍ مَعَ تَعَذُّرِ فِعْلِ ذَلِكَ بِالْقَدِيمَةِ وَحْدَهَا وَنَحْوِ تَطْيِينِهَا وَتَنْوِيرِهَا مِنْ دَاخِلٍ وَخَارِجٍ أَيْضًا، وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا مَنْعُ شَرْطِ الْإِحْدَاثِ وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ لَمْ تَدْعُ لَهُ ضَرُورَةٌ وَإِلَّا جَازَ. (وَإِنْ) (أَطْلَقَ) شَرْطَ الْأَرْضِ لَنَا وَسَكَتَ عَنْ نَحْوِ الْكَنَائِسِ (فَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ) مِنْ إبْقَائِهَا وَإِحْدَاثِهَا فَتُهْدَمُ كُلُّهَا لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يَقْتَضِي صَيْرُورَةَ جَمِيعِ الْأَرْضِ لَنَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ بَقَائِهِمْ بَقَاءُ مَحَلِّ عِبَادَتِهِمْ فَقَدْ يُسْلِمُونَ وَقَدْ يُخْفُونَ عِبَادَتَهُمْ. وَالثَّانِي لَا، وَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ بِقَرِينَةِ الْحَالِ لِحَاجَتِهِمْ إلَيْهَا فِي عِبَادَتِهِمْ (أَوْ) بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ لَهُمْ وَيُؤَدُّونَ خَرَاجَهَا (قُرِّرَتْ) كَنَائِسُهُمْ أَوْ نَحْوُهَا (وَلَهُمْ الْإِحْدَاثُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْأَرْضَ لَهُمْ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّ الْبَلَدَ تَحْتَ حُكْمِ الْإِسْلَامِ، وَمَا فُتِحَ فِي دِيَارِ أَهْلِ الْحَرْبِ بِشَرْطٍ مِمَّا ذُكِرَ لَوْ اسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ بَعْدُ كَبَيْتِ الْمَقْدِسِ ثُمَّ فُتِحَ بِشَرْطٍ يُخَالِفُ ذَلِكَ فَهَلْ الْعِبْرَةُ بِالشَّرْطِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ بِالْفَتْحِ صَارَ دَارَ إسْلَامٍ فَلَا يَعُودُ دَارَ كُفْرٍ، أَوْ بِالشَّرْطِ الثَّانِي لِأَنَّ الْأَوَّلَ نُسِخَ بِهِ وَإِنْ لَمْ تَصِرْ دَارَ كُفْرٍ، الْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ، وَمَعْنَى لَهُمْ هُنَا وَفِي نَظَائِرِهِ الْمُوهِمَةِ حِلَّ ذَلِكَ لَهُمْ أَوْ اسْتِحْقَاقَهُمْ لَهُ عَدَمُ تَعَرُّضِنَا لَهُمْ لَا أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُمْ ذَلِكَ وَنُفْتِيهِمْ بِهِ بَلْ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَعَاصِي الَّتِي يُقَرُّونَ عَلَيْهَا. (وَيُمْنَعُونَ وُجُوبًا) وَإِنْ لَمْ يُشْرَطْ مَنْعُهُمْ فِي عَقْدِ الذِّمَّةِ (وَقِيلَ نَدْبًا مِنْ رَفْعِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالْبِيعَةُ بِالْكَسْرِ لِلنَّصَارَى مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: مَحَلُّ وَقْفَةٍ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُ التَّمْثِيلُ بِهِ لَمَّا أَسْلَمَ أَهْلُهُ عَلَيْهِ فَقَطْ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْمَدِينَةَ مِنْ الْحِجَازِ وَهُمْ لَا يُمَكَّنُونَ مِنْ الْإِقَامَةِ فِيهِ (قَوْلُهُ: كَمِصْرِ) أَيْ الْقَدِيمَةِ، وَمِثْلُهَا فِي الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ مِصْرُنَا الْآنَ لِأَنَّهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً حَالَةَ الْفَتْحِ فَأَرْضُهَا الْمَنْسُوبَةُ إلَيْهَا لِلْغَانِمِينَ فَيَثْبُتُ لَهَا أَحْكَامُ مَا كَانَ مَوْجُودًا حَالَ الْفَتْحِ، وَبِهِ تَعْلَمُ وُجُوبَ هَدْمِ مَا فِي مِصْرِنَا وَمِصْرِ الْقَدِيمَةِ مِنْ الْكَنَائِسِ الْمَوْجُودَةِ الْآنَ. وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ: لَا يَجُوزُ لَنَا دُخُولُهَا إلَّا بِإِذْنِهِمْ وَإِنْ كَانَ فِيهَا تَصْوِيرٌ حَرُمَ قَطْعًا وَكَذَا كُلُّ بَيْتٍ فِيهِ صُورَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِنْهُ) أَيْ الْإِحْدَاثِ (قَوْلُهُ: وَتَنْوِيرُهَا) عَطْفٌ مُغَايِرٌ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا مَنْعُ شَرْطِ الْإِحْدَاثِ) أَيْ مِنْهُمْ عَلَيْنَا سَوَاءٌ كَانَ الِابْتِدَاءُ مِنْ جَانِبِهِمْ وَوَافَقَهُمْ الْإِمَامُ أَوْ عَكْسُهُ (قَوْلُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ) وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَالصُّلْحُ عَلَى تَمْكِينِهِمْ مِنْهُ بَاطِلٌ فَسَادُ الْعَقْدِ بِهَذَا الشَّرْطِ (قَوْلُهُ: وَلَهُمْ الْإِحْدَاثُ) هَلْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الصُّلْحِ مَعَ شَرْطِ الْإِحْدَاثِ تَعْيِينُ مَا يُحْدِثُونَهُ مِنْ كَنِيسَةٍ أَوْ أَكْثَرَ وَمِقْدَارُ الْكَنِيسَةِ أَوْ يَكْفِي الْإِطْلَاقُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي يَنْبَغِي الصِّحَّةُ مَعَ الْإِطْلَاقِ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِثْلُهُمْ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْبَلَدِ وَيَخْتَلِفُ بِالْكِبَرِ وَالصِّغَرِ (قَوْلُهُ الْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَعَ مَا أَعْقَبَهُ بِهِ الشَّارِحُ كَالتُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: مَحَلَّ وَقْفَةٍ) قَدْ يُقَالُ: إنَّ الْمُرَادَ التَّمْثِيلُ لِأَصْلِ مَا أَسْلَمَ أَهْلُهُ عَلَيْهِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْإِحْدَاثِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ يَقِينًا) تَقْيِيدٌ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ

بِنَاءٍ) لَهُمْ وَإِنْ خَافُوا نَحْوَ سُرَّاقٍ يَقْصِدُونَهُمْ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ (عَلَى بِنَاءِ جَارٍ مُسْلِمٍ) وَإِنْ كَانَ قَصِيرًا وَقَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ بِلَا مَشَقَّةٍ، نَعَمْ يُتَّجَهُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا اُعْتِيدَ مِثْلُهُ لِلسُّكْنَى، وَإِلَّا لَمْ يُكَلَّفْ الذِّمِّيُّ النَّقْصَ عَنْ أَقَلِّ الْمُعْتَادِ وَإِنْ عَجَزَ الْمُسْلِمُ عَنْ تَتْمِيمِ بِنَائِهِ وَذَلِكَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَتَعْظِيمًا لِدِينِهِ فَلَا يُبَاحُ بِرِضَا الْجَارِ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ تَعَالَى، أَمَّا جَارٌ ذِمِّيٌّ فَلَا مَنْعَ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَّتُهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ، وَخَرَجَ بِرَفْعٍ شِرَاؤُهُ لِدَارٍ عَالِيَةٍ لَمْ تَسْتَحِقَّ الْهَدْمَ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ. نَعَمْ لَيْسَ لَهُ الْإِشْرَافُ مِنْهَا كَمَا تُمْنَعُ صِبْيَانُهُمْ مِنْ طُلُوعِ سَطْحِهَا إلَّا بَعْدَ تَحْجِيرِهِ، وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ كَوْنُهُ زِيَادَةَ تَعْلِيَةٍ إنْ كَانَ بِنَحْوِ بِنَاءٍ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِمَصْلَحَتِنَا لَمْ يُنْظَرْ فِيهِ لِذَلِكَ وَلَهُ اسْتِئْجَارُهَا أَيْضًا وَسُكْنَاهُمْ، وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ قَبْلَهُ كَمَا لَا يَخْفَى، وَيَبْقَى رَوْشَنُهَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَإِنْ كَانَ حَقَّ الْإِسْلَامِ وَقَدْ زَالَ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ، وَلَا نُسَلِّمُ دَعْوَى أَنَّ التَّعْلِيَةَ مِنْ حُقُوقِ الْمِلْكِ خَاصَّةً بَلْ مِنْ حُقُوقِ الْإِسْلَامِ أَيْضًا كَمَا مَرَّ فِي رِضَا الْجَارِ بِهَا عَلَى أَنَّهَا أَوْلَى بِالْمَنْعِ مِنْ الرَّوْشَنِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُسْلِمَ لَوْ أَذِنَ فِي إخْرَاجِ رَوْشَنٍ فِي هَوَاءِ مِلْكِهِ جَازَ وَلَا كَذَلِكَ التَّعْلِيَةُ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْجَارَ هُنَا أَهْلُ مَحَلَّتِهِ كَمَا قَالَ الْجُرْجَانِيُّ وَاسْتَظْهَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُلْحَقُ بِمَا مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَعْلُو عَلَى أَهْلِ مَحَلَّتِهِ وَيَعْلُو عَلَى مُلَاصِقِهِ مِنْ مَحَلَّةٍ أُخْرَى، نَعَمْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاةِ مُلَاصِقِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ مَحَلَّتِهِ (وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ مِنْ الْمُسَاوَاةِ) أَيْضًا تَمْيِيزًا بَيْنَهُمَا (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا بِمَحَلَّةٍ مُنْفَصِلَةٍ) عَنْ الْمُسْلِمِينَ كَطَرَفٍ مُنْقَطِعٍ عَنْ الْعِمَارَةِ بِأَنْ كَانَ دَاخِلَ السُّوَرِ مَثَلًا وَلَيْسَ بِجِوَارِهِمْ مُسْلِمٌ يُشْرِفُونَ عَلَيْهِ لِبُعْدِ مَا بَيْنَ الْبِنَاءَيْنِ (لَمْ يُمْنَعُوا مِنْ رَفْعِ الْبِنَاءِ) لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ هُنَا بِوَجْهٍ. وَالثَّانِي يُمْنَعُونَ مِنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّجَمُّلِ وَالشَّرَفِ، وَلَوْ لَاصَقَتْ أَبْنِيَتُهُمْ دُورَ الْبَلَدِ مِنْ جَانِبٍ جَازَ الرَّفْعُ مِنْ بَقِيَّةِ الْجَوَانِبِ أَيْ حَيْثُ لَا إشْرَافَ مِنْهُ، وَأَفْتَى الْعِرَاقِيُّ بِمَنْعِ بُرُوزِهِمْ فِي نَحْوِ الْخُلْجَانِ عَلَى بِنَاءِ جَارٍ مُسْلِمٍ لِإِضْرَارِهِمْ لَهُ بِالِاطِّلَاعِ عَلَى عَوْرَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِالشَّرْطِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَقَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ) أَيْ الْمُسْلِمُ (قَوْلُهُ: وَذَاكَ لِحَقِّ اللَّهِ) تَوْجِيهٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلْكَافِرِ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً (قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ تَحْجِيرِهِ) أَيْ بِنَاءُ مَا يَمْنَعُ مِنْ الرُّؤْيَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ كَوْنُهُ) أَيْ التَّحْجِيرِ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ فِي رِضَا الْجَارِ بِهَا) أَيْ مِنْ أَنَّ رِضَاهُ لَا يُجَوِّزُ تَمْكِينَ الْكَافِرِ مِنْ رَفْعِ بِنَائِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ لَوْ أَذِنَ) لِلذِّمِّيِّ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْجَارَ هُنَا أَهْلُ مَحَلَّتِهِ) أَيْ فَمَا زَادَ عَلَى أَهْلِ مَحَلَّتِهِ لَا يَمْنَعُ مِنْ مُسَاوَاةِ بِنَائِهِ لَهُ أَوْ رَفْعِهِ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَصِلْ لِلْأَرْبَعِينَ دَارًا (قَوْلُهُ: لَوْ كَانُوا بِمَحَلَّةٍ) عِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: وَالْمَحَلُّ بِفَتْحِ الْحَاءِ، وَالْكَسْرُ لُغَةٌ حَكَاهَا ابْنُ الْقَطَّاعِ مَوْضِعُ الْحُلُولِ، وَالْمَحِلُّ بِالْكَسْرِ الْأَجَلُ، وَالْمَحَلَّةُ بِالْفَتْحِ الْمَكَانُ يَنْزِلُهُ الْقَوْمُ (قَوْلُهُ: عَلَى بِنَاءِ جَارٍ مُسْلِمٍ) ظَاهِرُ التَّقْيِيدِ بِهِ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ الْبُرُوزِ عَلَى الْخُلْجَانِ بِغَيْرِ هَذَا الْقَيْدِ، وَحَيْثُ قَيَّدَ بِالْجَارِ فَانْظُرْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَبْقَى رَوْشَنُهَا) أَيْ فِي صُورَةِ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَا نُسَلِّمُ دَعْوَى أَنَّ التَّعْلِيَةَ إلَخْ) يُشِيرُ بِهَذَا إلَى رَدِّ قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ فِي تَرَدُّدِهِ فِي بَقَاءِ الرَّوْشَنِ: إنَّ التَّعْلِيَةَ مِنْ حُقُوقِ الْمِلْكِ وَالرَّوْشَنُ لِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَقَدْ زَالَ (قَوْلُهُ: أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُسْلِمَ لَوْ أَذِنَ فِي إخْرَاجِ رَوْشَنٍ فِي هَوَاءِ مِلْكِهِ) أَيْ أَذِنَ لِلذِّمِّيِّ فِي إخْرَاجِ الرَّوْشَنِ فِي هَوَاءِ مِلْكِ الْمُسْلِمِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْكَلَامِ وَلَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ وَإِنْ اسْتَشْكَلَهُ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ لِأَنَّ الذِّمِّيَّ إنَّمَا مُنِعَ مِنْ الْإِشْرَاعِ فِي الطُّرُقِ السَّابِلَةِ لِأَنَّهُ شَبِيهٌ بِالْإِحْيَاءِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ وَلَا كَذَلِكَ الْإِشْرَاعُ فِي مِلْكِ الْمُسْلِمِ بِإِذْنِهِ لِأَنَّ الْمَنْعَ إنَّمَا كَانَ لِخُصُوصِ حَقِّ الْمِلْكِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ نَعَمْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ) يَعْنِي مَا اسْتَوْجَهَهُ. فَالْحَاصِلُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ لَا يَعْلُو عَلَى أَهْلِ مَحَلَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يُلَاصِقُوهُ، وَلَا عَلَى مُلَاصِقِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ مَحَلَّتِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ دَاخِلَ السُّوَرِ) مُرَادُهُ بِذَلِكَ تَصْوِيرُ الِانْفِصَالِ مَعَ عِدَّةٍ مِنْ الْبَلَدِ (قَوْلُهُ وَأَفْتَى الْعِرَاقِيُّ بِمَنْعِ بُرُوزِهِمْ فِي نَحْوِ الْخُلْجَانِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: فِي نَحْوِ النِّيلِ ثُمَّ ذَكَرَ عَقِبَ إفْتَاءِ الْعِرَاقِيِّ مَا نَصُّهُ:

كَالْإِعْلَاءِ بَلْ قِيَاسُ مَنْعِ الْمُسَاوَاةِ ثَمَّ مَنْعُهَا هُنَا، وَلَوْ رَفَعَ عَلَى بِنَاءِ مُسْلِمٍ اتَّجَهَ عَدَمُ سُقُوطِ هَدْمِهِ بِتَعْلِيَةِ الْمُسْلِمِ بِنَاءَهُ أَوْ شِرَائِهِ لَهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ فِي مَوَاضِعَ مِنْ الصُّلْحِ وَالْعَارِيَّةِ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي مَا كَانَ لِبَائِعِهِ، نَعَمْ قِيلَ الْأَوْجَهُ إبْقَاؤُهُ لَوْ أَسْلَمَ قَبْلَ هَدْمِهِ تَرْغِيبًا فِي الْإِسْلَامِ، وَأَفْتَى الْوَالِدُ بِخِلَافِهِ وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ. (وَيُمْنَعُ الذِّمِّيُّ) الذَّكَرُ الْمُكَلَّفُ وَمِثْلُهُ مُعَاهَدٌ وَمُؤَمَّنٌ (رُكُوبَ خَيْلٍ) لِمَا فِيهَا مِنْ الْعِزِّ وَالْفَخْرِ، نَعَمْ لَوْ انْفَرَدُوا فِي مَحَلٍّ غَيْرِ دَارِنَا لَمْ يُمْنَعُوا، وَاسْتَثْنَى الْجُوَيْنِيُّ الْبَرَاذِينَ الْخَسِيسَةَ وَيُلْحَقُ بِذَلِكَ رُكُوبُ نَفِيسَةٍ زَمَنَ قِتَالٍ اسْتَعَنَّا بِهِمْ فِيهِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ (لَا حَمِيرٍ) وَلَوْ نَفِيسَةً (وَبِغَالٍ نَفِيسَةٍ) لِخِسَّتِهِمَا، وَلَا اعْتِبَارَ بِطُرُوِّ عِزَّةِ الْبِغَالِ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ عَلَى أَنَّهُمْ يُفَارِقُونَ مَنْ اعْتَادَ رُكُوبَهَا مِنْ الْأَعْيَانِ بِهَيْئَةِ رُكُوبِهِمْ الَّتِي فِيهَا غَايَةُ تَحْقِيرِهِمْ وَإِذْلَالِهِمْ كَمَا قَالَ (وَيَرْكَبُهَا) عَرْضًا بِأَنْ يَجْعَلَ رِجْلَيْهِ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ، وَخَصَّصَاهُ بَحْثًا بِسَفَرٍ قَرِيبٍ فِي الْبَلَدِ (بِإِكَافٍ) أَوْ بَرْذَعَةٍ (وَرِكَابِ خَشَبٍ لَا حَدِيدٍ) أَوْ رَصَاصٍ (وَلَا سَرْجَ) لِكِتَابِ عُمَرَ بِذَلِكَ وَلِيَتَمَيَّزُوا عَنَّا بِمَا يُحَقِّرُهُمْ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ مَنْعُهُ مِنْ الرُّكُوبِ مُطْلَقًا فِي مَوَاطِنِ زَحْمَتِنَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِهَانَةِ، وَيُمْنَعُونَ مِنْ حَمْلِ السِّلَاحِ وَتَخَتُّمِهِ وَلَوْ بِفِضَّةٍ وَاسْتِخْدَامِ مَمْلُوكٍ فَارِهٍ كَتُرْكِيٍّ وَمِنْ خِدْمَةِ الْأُمَرَاءِ كَمَا ذَكَرَهُمَا ابْنُ الصَّلَاحِ، وَاسْتَحْسَنَهُ فِي الْأُولَى الزَّرْكَشِيُّ وَمِثْلُهَا الثَّانِيَةُ بَلْ أَوْلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي أَيِّ صُورَةٍ يُخَالِفُ الْخُلْجَانُ فِيهَا غَيْرَهَا مِنْ الدُّورِ حَتَّى تَكُونَ مَقْصُودَةً بِالْحُكْمِ، وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ حِكَايَةِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ إلَى قَوْلِهِ هُنَا نَصُّهَا: وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ إنْ جَازَ ذَلِكَ فِي أَصْلِهِ، أَمَّا إذَا مُنِعَ مِنْ هَذَا حَقُّ الْمُسْلِمِ كَمَا مَرَّ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ فَلَا وَجْهَ لِذِكْرِهِ هُنَا. نَعَمْ يُتَصَوَّرُ فِي نَهْرٍ حَادِثٍ مَمْلُوكَةٌ حَافَّتَاهُ (قَوْلُهُ: كَالْإِعْلَاءِ فِيهِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الذِّمِّيِّ (قَوْلُهُ اتَّجَهَ عَدَمُ سُقُوطِ هَدْمِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الرَّافِعُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا فِيمَا يَظْهَرُ، ثُمَّ رَأَيْته فِي سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ شِرَائِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِالْهَدْمِ حَاكِمٌ قَبْلَ الشِّرَاءِ، وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: وَلَوْ بَنَى دَارًا عَالِيَةً أَوْ مُسَاوِيَةً ثُمَّ بَاعَهَا لِمُسْلِمٍ لَمْ يَسْقُطْ الْهَدْمُ إذَا كَانَ بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ وَإِلَّا سَقَطَ (قَوْلُهُ: نَعَمْ قِيلَ الْأَوْجَهُ) اسْتَظْهَرَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ (قَوْلُهُ: وَيُمْنَعُ الذِّمِّيُّ الذَّكَرُ) ع: فَخَرَجَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ وَالْمَجَانِينُ إذْ لَا صَغَارَ عَلَيْهِمْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَالْفَخْرُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى الْجُوَيْنِيُّ) ضَعِيفٌ وَلَا يَخْلُو مِنْ نَظَرٍ اعْتِبَارًا بِالْجِنْسِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَيُلْحَقُ بِذَلِكَ) أَيْ بِمَا اسْتَثْنَاهُ الْجُوَيْنِيُّ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَضْعِيفِ الْمُلْحَقِ بِهِ تَضْعِيفُ الْمُلْحِقِ (قَوْلُهُ: اسْتَعَنَّا بِهِمْ فِيهِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَتَعَيَّنْ ذَلِكَ طَرِيقًا لِنَصْرِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ مُرَادًا وَأَنَّ ذَلِكَ يُغْتَفَرُ لِلضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: وَخَصَّصَاهُ بَحْثًا إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْله مُطْلَقًا) أَيْ عَرْضًا أَوْ مُسْتَوِيًا وَالْكَلَامُ فِي غَيْرِ الْخَيْلِ (قَوْلُهُ: وَاسْتِخْدَامُ مَمْلُوكٍ فَارِهٍ) أَيْ شَاطِرٍ لِأَنَّ فِيهِ عِزًّا لَهُمْ. قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: الْفَارِهُ: الْحَاذِقُ، إلَى أَنْ قَالَ: وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الْفَارِهُ مِنْ النَّاسِ: الْمَلِيحُ الْحَسَنُ، فَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَرِينَةِ التَّمْثِيلِ لَهُ بِالتُّرْكِيِّ (قَوْلُهُ: وَمِنْ خِدْمَةِ الْأُمَرَاءِ) أَيْ خِدْمَةٍ تُؤَدِّي إلَى تَعْظِيمِهِمْ كَاسْتِخْدَامِهِمْ فِي الْمَنَاصِبِ الْمُحْوِجَةِ إلَى تَرَدُّدِ النَّاسِ عَلَيْهِمْ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأُمَرَاءِ كُلُّ مَنْ لَهُ تَصَرُّفٌ فِي أَمْرٍ عَامٍّ يَقْتَضِي تَرَدُّدَ النَّاسِ عَلَيْهِ كَنُظَّارِ الْأَوْقَافِ الْكَبِيرَةِ وَكَمَشَايِخِ الْأَسْوَاقِ وَنَحْوِهِمَا، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِنَّمَا يُتَّجَهُ إنْ جَازَ ذَلِكَ مِنْ أَصْلِهِ، أَمَّا إذَا مُنِعَ مِنْ هَذَا حَتَّى الْمُسْلِمُ كَمَا مَرَّ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ فَلَا وَجْهَ لِذِكْرِهِ هُنَا، نَعَمْ يُتَصَوَّرُ فِي نَهْرٍ حَادِثٍ مَمْلُوكٍ حَافَّاتُهُ اهـ (قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ رُكُوبُ نَفِيسَةٍ) اُنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ مِنْ الْبَرَاذِينِ أَوْ مِنْ الْعِنَاقِ (قَوْلُهُ: لِخِسَّتِهِمَا) أَيْ بِاعْتِبَارِ الْجِنْسِ (قَوْلُهُ: بِسَفَرٍ قَرِيبٍ) عِبَارَةُ الشَّيْخَيْنِ: مَسَافَةٌ قَرِيبَةٌ فِي الْبَلَدِ (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِهَانَةِ) أَيْ لِمَا فِي رُكُوبِهِمْ حِينَئِذٍ مِنْ الْإِهَانَةِ لِلْمُسْلِمِينَ. وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ: لِمَا فِيهِ مِنْ الْأَذَى وَالتَّأَذِّي (قَوْلُهُ: وَمِنْ خِدْمَةِ الْأُمَرَاءِ) الْمَصْدَرُ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ وَالْمُرَادُ بِخِدْمَتِهِمْ إيَّاهُمْ الْخِدْمَةُ بِالْمُبَاشَرَةِ وَالْكِتَابَةِ وَتَوْلِيَةِ الْمَنَاصِبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ

كَمَا قَالَ ابْنُ كَجٍّ وَغَيْرُ الذَّكَرِ الْبَالِغِ: أَيْ الْعَاقِلِ لَا يَلْزَمُ بِصَغَارٍ: أَيْ مِمَّا مَرَّ (وَيُلْجَأُ) وُجُوبًا عِنْدَ ازْدِحَامِ الْمُسْلِمِينَ بِطَرِيقٍ (إلَى أَضْيَقِ الطَّرِيقِ) لِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ لَكِنْ بِحَيْثُ لَا يَتَأَذَّى بِنَحْوِ وُقُوعٍ فِي وَهْدَةٍ أَوْ صَدْمَةِ جِدَارٍ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَا يَمْشُونَ (وُجُوبًا) إلَّا أَفْرَادًا مُتَفَرِّقِينَ. وَاعْلَمْ أَنَّ مُقْتَضَى تَعْبِيرِهِمْ بِالْوُجُوبِ أَخْذًا مِنْ الْخَبَرِ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا فِي طَرِيقٍ إيثَارُهُ بِوَاسِعَةٍ، لَكِنْ يَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ قَصَدَ بِذَلِكَ تَعْظِيمَهُ أَوْ عَدَّهُ الْعُرْفُ تَعْظِيمًا لَهُ وَإِلَّا لَمْ يَحْرُمْ، وَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ هَذَا مِنْ حُقُوقِ الْإِسْلَامِ فَلَا يَتَأَثَّرُ بِرِضَا الْمُسْلِمِ كَالتَّعْلِيَةِ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ لِدَوَامِ ضَرَرِ ذَلِكَ دُونَ هَذَا فَلَا ضَرَرَ فِيهِ، وَلَئِنْ سَلَّمْنَاهُ فَهُوَ يَنْقَضِي عَجِلًا (وَلَا يُوَقَّرُ وَلَا يُصَدَّرُ فِي مَجْلِسٍ) بِهِ مُسْلِمٌ: أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْنَا ذَلِكَ إهَانَةً لَهُ، وَتَحْرُمُ مُوَادَّتُهُ وَهُوَ الْمَيْلُ إلَيْهِ بِالْقَلْبِ لَا مِنْ حَيْثُ وَصْفُ الْكُفْرِ وَإِلَّا كَانَتْ كُفْرًا، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ كَانَتْ لِأَصْلٍ أَمْ فَرْعٍ أَمْ غَيْرِهِمَا، وَتُكْرَهُ مُخَالَطَتُهُ ظَاهِرًا وَلَوْ بِمُهَادَاةٍ فِيمَا يَظْهَرُ مَا لَمْ يَرْجُ إسْلَامَهُ، وَيَلْحَقُ بِهِ مَا لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا نَحْوُ رَحِمٍ أَوْ جِوَارٍ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ فِي أَمَاكِنَ كَعِبَادَتِهِ وَتَعْلِيمِهِ الْقُرْآنَ وَأُلْحِقَ بِالْكَافِرِ فِي ذَلِكَ كُلُّ فَاسِقٍ إذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْإِينَاسِ لَهُمْ. (وَيُؤْمَرُ) وُجُوبًا عِنْدَ اخْتِلَاطِهِمْ بِنَا، وَإِنْ دَخَلَ دَارَنَا لِرِسَالَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ وَإِنْ قَصُرَتْ مُدَّةُ اخْتِلَاطِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ (بِالْغِيَارِ) ـــــــــــــــــــــــــــــSوَأَنَّ مَحَلَّ الِامْتِنَاعِ مَا لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إلَى اسْتِخْدَامِهِ بِأَنْ لَا يَقُومَ غَيْرُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مَقَامَهُ فِي حِفْظِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ كَجٍّ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ الذَّكَرُ الْمُكَلَّفُ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَمَّا غَيْرُ الذَّكَرِ الْبَالِغِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَمْشُونَ) أَيْ يُمْنَعُونَ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: وَلَا يُوَقَّرُ) أَيْ لَا يُفْعَلُ مَعَهُ أَسْبَابُ التَّعْظِيمِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَيْلُ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَيْلَ إلَيْهِ بِالْقَلْبِ حَرَامٌ وَإِنْ كَانَ سَبَبُهُ مَا يَصِلُ إلَيْهِ مِنْ الْإِحْسَانِ أَوْ دَفْعِ مَضَرَّةٍ عَنْهُ، وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِمَا إذَا طَلَبَ حُصُولَ الْمَيْلِ بِالِاسْتِرْسَالِ فِي أَسْبَابِ الْمَحَبَّةِ إلَى حُصُولِهَا بِقَلْبِهِ، وَإِلَّا فَالْأُمُورُ الضَّرُورِيَّةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ حَدِّ التَّكْلِيفِ، وَبِتَقْدِيرِ حُصُولِهَا يَسْعَى فِي دَفْعِهَا مَا أَمْكَنَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَفَعَهَا بِحَالٍ لَمْ يُؤَاخَذْ بِهَا، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَاضْطِرَارُ مَحَبَّتِهِمَا: أَيْ الْأَبِ وَالِابْنِ لِلتَّكَسُّبِ فِي الْخُرُوجِ عَنْهَا مَدْخَلٌ. [فَرْعٌ] رَأَى شَخْصٌ يَهُودِيًّا جَالِسًا عِنْدَ بَعْضِ مُلُوكِ الْعَرَبِ فَقَالَ لَهُ: يَا ذَا الَّذِي طَاعَتُهُ وَاجِبَهْ ... وَحُبُّهُ مُفْتَرَضٌ وَاجِبُ إنَّ الَّذِي شَرُفْتَ مِنْ أَجْلِهِ ... يَزْعُمُ هَذَا أَنَّهُ كَاذِبُ فَغَضِبَ عَلَى الْيَهُودِيِّ وَأَمَرَ بِإِخْرَاجِهِ وَصَفْعِهِ لِاسْتِحْضَارِهِ تَكْذِيبَ الْمَعْصُومِ الَّذِي شَرُفَتْ بِهِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِمَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَرْجُ إسْلَامَهُ) أَيْ أَوْ يَرْجُو مِنْهُ نَفْعًا دُنْيَوِيًّا لَا يَقُومُ غَيْرُهُ فِيهِ مَقَامَهُ كَأَنْ فَوَّضَ لَهُ عَمَلًا يَعْلَمُ أَنَّهُ يَنْصَحُهُ فِيهِ وَيُخْلِصُ أَوْ قَصَدَ بِذَلِكَ دَفْعَ ضَرَرٍ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَأُلْحِقَ بِالْكَافِرِ فِي ذَلِكَ) أَيْ مَا مَرَّ مِنْ الْحُرْمَةِ وَالْكَرَاهَةِ، وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ فَاسِقٌ وَفِي عُمُومِهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ حَمْلُ الْحُرْمَةِ عَلَى مَيْلٍ مَعَ إينَاسٍ لَهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ يَحْرُمُ الْجُلُوسُ مَعَ الْفُسَّاقِ إينَاسًا لَهُمْ، أَمَّا مُعَاشَرَتُهُمْ لِدَفْعِ ضَرَرٍ يَحْصُلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَمَا هُوَ وَاقِعٌ، وَلِلسُّيُوطِيِّ فِي ذَلِكَ تَصْنِيفٌ حَافِلٌ (قَوْلُهُ: فَلَا ضَرَرَ فِيهِ) أَيْ فَضْلًا عَنْ دَوَامِهِ، وَقَوْلُهُ وَلَئِنْ سَلَّمْنَاهُ: أَيْ الضَّرَرَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّعْلِيَةَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى أَمْرَيْنِ: الضَّرَرِ، وَدَوَامِهِ، وَهُمَا مُنْتَفِيَانِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ أَوْ أَحَدِهِمَا، وَقَدْ عُلِمَ بِهَذَا الْفَرْقِ أَنَّ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ حُقُوقِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ أَوْهَمَ قَوْلُهُ وَلَا يُتَوَهَّمُ إلَخْ خِلَافُهُ، فَمَحَطُّ التَّوَهُّمِ التَّأَثُّرُ

بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَهُوَ تَغْيِيرُ اللِّبَاسِ كَأَنْ يَخِيطَ فَوْقَ أَعْلَى ثِيَابِهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُ الْآتِي بِمَوْضِعٍ لَا يَعْتَادُ الْخِيَاطَةَ عَلَيْهِ كَالْكَتِفِ بِمَا يُخَالِفُ لَوْنُهُ لَوْنَهَا وَيَكْفِي عَنْهُ نَحْوُ مِنْدِيلٍ مَعَهُ كَمَا قَالَاهُ وَالْعِمَامَةُ الْمُعْتَادَةُ لَهُمْ الْآنَ وَالْأَوْلَى بِالْيَهُودِ الْأَصْفَرُ وَبِالنَّصَارَى الْأَزْرَقُ وَبِالْمَجُوسِ الْأَسْوَدُ وَبِالسَّامِرِيِّ الْأَحْمَرُ هَذَا هُوَ الْمُعْتَادُ فِي كُلٍّ بَعْدَ الْأَزْمِنَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَلَا يَرِدُ كَوْنُ الْأَصْفَرِ كَانَ زِيَّ الْأَنْصَارِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كَمَا حُكِيَ وَالْمَلَائِكَةُ يَوْمَ بَدْرٍ، وَكَأَنَّهُمْ إنَّمَا آثَرُوهُمْ بِهِ لِغَلَبَةِ الصُّفْرَةِ فِي أَلْوَانِهِمْ النَّاشِئَةِ عَنْ زِيَادَةِ فَسَادِ قُلُوبِهِمْ، وَلَوْ أَرَادُوا التَّمَيُّزَ بِغَيْرِ الْمُعْتَادِ مُنِعُوا خَشْيَةَ الِالْتِبَاسِ، وَقَدْ اُعْتِيدَ فِي هَذَا الزَّمَنِ بَدَلُ الْعَمَائِمِ الْقَلَانِسُ لِلنَّصَارَى وَالطَّرَاطِيرُ الْحُمْرُ لِلْيَهُودِ، وَتُؤْمَرُ ذِمِّيَّةٌ خَرَجَتْ بِتَخَالُفِ لَوْنِ خُفَّيْهَا وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى (وَالزُّنَّارُ) بِضَمِّ الزَّايِ (فَوْقَ الثِّيَابِ) وَهُوَ خَيْطٌ غَلِيظٌ فِيهِ أَلْوَانٌ يُشَدُّ بِالْوَسَطِ، نَعَمْ تَشُدُّهُ الْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى تَحْتَ إزَارٍ بِحَيْثُ يَظْهَرُ بَعْضُهُ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ فَائِدَةٌ، وَقَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ تَجْعَلُهُ فَوْقَهُ مُبَالَغَةً فِي التَّمَيُّزِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ فِيهِ تَشْبِيهًا بِمَا يَخْتَصُّ بِالرِّجَالِ فِي الْعَادَةِ وَهُوَ حَرَامٌ، وَبِتَقْدِيرِ عَدَمِ الْحُرْمَةِ فِيهِ زِيَادَةُ إزْرَائِهَا فَلَا تُؤْمَرُ بِهِ، وَيُمْتَنَعُ إبْدَالُهُ بِنَحْوِ مِنْدِيلٍ أَوْ مِنْطَقَةٍ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا تَأْكِيدٌ وَمُبَالَغَةٌ فِي الشُّهْرَةِ فَلِلْإِمَامِ الْأَمْرُ بِأَحَدِهِمَا فَقَطْ وَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ دِيبَاجٍ وَطَيْلَسَانَ (وَإِذَا) (دَخَلَ حَمَّامًا فِيهِ مُسْلِمُونَ) أَوْ مُسْلِمٌ (أَوْ تَجَرَّدَ عَنْ ثِيَابِهِ) وَثَمَّ مُسْلِمٌ (جُعِلَ فِي عُنُقِهِ) أَوْ نَحْوِهِ (خَاتَمُ) أَيْ طَوْقُ (حَدِيدٍ أَوْ رَصَاصٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرُهَا مِنْ لَحْنِ الْعَامَّةِ (وَنَحْوُهُ) بِالرَّفْعِ: أَيْ الْخَاتَمِ كَجُلْجُلٍ، وَبِالْكَسْرِ: أَيْ الْحَدِيدِ أَوْ الرَّصَاصِ كَنُحَاسٍ وُجُوبًا لِيَتَمَيَّزَ، وَتُمْنَعُ الذِّمِّيَّةُ مِنْ حَمَّامٍ بِهِ مُسْلِمَةٌ تَرَى مِنْهَا مَا لَا يَبْدُو فِي الْمِهْنَةِ. (وَيُمْنَعُ) وُجُوبًا وَلَوْ لَمْ يُشْرَطْ عَلَيْهِ (مِنْ إسْمَاعِهِ لِلْمُسْلِمِينَ شِرْكًا) كَثَالِثِ ثَلَاثَةٍ (وَ) يُمْنَعُ مِنْ (قَوْلِهِمْ) الْقَبِيحَ وَيَصِحُّ نَصْبُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْهُمْ أَوْ جَلْبِ نَفْعٍ فَلَا حُرْمَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ: بِمَا يُخَالِفُ لَوْنَهُ) مُتَعَلِّقٌ بِتَغْيِيرٍ، وَعِبَارَةُ حَجّ مَا يُخَالِفُ (قَوْلُهُ: وَالْعِمَامَةُ الْمُعْتَادَةُ لَهُمْ الْآنَ) هَلْ يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لُبْسُ الْعِمَامَةِ الْمُعْتَادَةِ لَهُمْ وَإِنْ جَعَلَ عَلَيْهَا عَلَامَةً تُمَيِّزُ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَغَيْرِهِ كَوَرَقَةٍ بَيْضَاءَ مَثَلًا أَمْ لَا، لِأَنَّ فِعْلَ مَا ذُكِرَ يَخْرُجُ بِهِ الْفَاعِلُ عَنْ زِيِّ الْكُفَّارِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ هَذِهِ الْعَلَامَةَ لَا يَهْتَدِي بِهَا لِتَمْيِيزِ الْمُسْلِمِ عَنْ غَيْرِهِ حَيْثُ كَانَتْ الْعِمَامَةُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ زِيِّ الْكُفَّارِ خَاصَّةً، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْحُرْمَةِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ لُبْسِ طُرْطُورِ الْيَهُودِيِّ مَثَلًا عَلَى سَبِيلِ السُّخْرِيَةِ فَيُعَزَّرُ فَاعِلُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَبِالْمَجُوسِ الْأَسْوَدُ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَبِالْمَجُوسِ الْأَحْمَرُ أَوْ الْأَسْوَدُ وَلَمْ يَذْكُرْ السَّامِرِيَّ (قَوْلُهُ وَبِالسَّامِرِيِّ) مُرَادُهُ مَنْ يَعْبُدُ الْكَوَاكِبَ (قَوْلُهُ: تُخَالِفُ لَوْنَ خُفَّيْهَا) أَيْ أَوْ بِزُنَّارٍ تَجْعَلُهُ تَحْتَ ثِيَابِهَا وَتُظْهِرُ بَعْضَهُ كَمَا صَرَّحَ بِالِاكْتِفَاءِ بِهِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ، وَلَعَلَّ اقْتِصَارَ الشَّارِحِ عَلَى تَخَالُفِ الْخُفَّيْنِ لِأَنَّهُ أَظْهَرُ فِي التَّمْيِيزِ (قَوْلُهُ: بِمَا يَخْتَصُّ بِالرِّجَالِ فِي الْعَادَةِ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ حَيْثُ غَلَبَتْ هَيْئَتُهُ لِلرِّجَالِ أَوْ النِّسَاءِ حَرُمَ عَلَى غَيْرِ أَهْلِهَا التَّلَبُّسُ بِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْبِيهِ وَفِي فَصْلِ اللِّبَاسِ مَا قَدْ يُخَالِفُهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَيُمْتَنَعُ إبْدَالُهُ) أَيْ إبْدَالُ الزُّنَّارِ حَيْثُ أَمَرَ بِهِ الْإِمَامُ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَيَكْفِي عَنْهُ: أَيْ الْغِيَارِ نَحْوُ مِنْدِيلٍ مَعَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَتُمْنَعُ الذِّمِّيَّةُ) أَيْ فَلَوْ لَمْ تُمْنَعْ حَرُمَ عَلَى الْمُسْلِمَةِ الدُّخُولُ مَعَهَا حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ نَظَرُ الذِّمِّيَّةِ لِمَا لَا يَبْدُو مِنْهَا عِنْدَ الْمِهْنَةِ وَحَرُمَ عَلَى زَوْجِهَا أَيْضًا تَمْكِينُهَا (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ نَصْبُهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQبِرِضَا الْإِسْلَامِ وَعَدَمِهِ لَا كَوْنُهُ مِنْ حُقُوقِ الْإِسْلَامِ أَوْ عَدَمُهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الْغَيْنِ) أَيْ كَمَا نَقَلَ عَنْ خَطِّ الْمُصَنِّفِ، وَحَكَى الْأَذْرَعِيُّ عَنْ غَيْرِهِ الْفَتْحَ أَيْضًا (قَوْلُهُ بِتَخَالُفِ لَوْنِ خُفَّيْهَا) أَيْ بِأَنْ يَكُونَا بِلَوْنَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا بِلَوْنٍ (قَوْلُهُ: وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا) أَيْ الْغِيَارِ وَالزُّنَّارِ (قَوْلُهُ: وَثَمَّ مُسْلِمٌ) أَيْ وَلَوْ غَيْرَ مُتَجَرِّدٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِحُصُولِ الْإِلْبَاسِ (قَوْلُهُ بِالرَّفْعِ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: لَعَلَّ وَجْهَهُ كَوْنُهُ عَطْفًا عَلَى خَاتَمٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَرْفُوعٌ عَلَى أَنَّهُ نَائِبُ فَاعِلٍ جُعِلَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ لَكِنْ يَجُوزُ بِنَاؤُهُ لِلْفَاعِلِ فَيَجُوزُ نَصْبُ خَاتَمٍ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ أَوَّلٌ لَهُ وَلِهَذَا

عَطْفًا عَلَى شِرْكًا (فِي عُزَيْرٍ وَالْمَسِيحِ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ - وَأَنَّهُمَا أَبْنَاءُ اللَّهِ وَالْقُرْآنُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ اللَّهِ (وَمِنْ إظْهَارِ) مُنْكَرٍ بَيْنَنَا نَحْوِ (خَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ وَنَاقُوسٍ) وَهُوَ مَا تَضْرِبُ بِهِ النَّصَارَى إعْلَامًا بِأَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ (وَعِيدٍ) وَنَحْوِ لَطْمٍ وَنَوْحٍ وَقِرَاءَةِ نَحْوِ تَوْرَاةٍ وَإِنْجِيلٍ وَلَوْ بِكَنَائِسِهِمْ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ مَفَاسِدَ لِإِظْهَارِ شِعَارِ الْكُفْرِ، فَإِنْ انْتَفَى الْإِظْهَارُ فَلَا مَنْعَ، وَمَتَى أَظْهَرُوا خَمْرًا أُرِيقَتْ وَيُتْلَفُ نَاقُوسٌ أُظْهِرَ، وَمَرَّ ضَابِطُ الْإِظْهَارِ فِي الْغَصْبِ وَيُحَدُّونَ لِنَحْوِ زِنًا أَوْ سَرِقَةٍ لَا خَمْرٍ (وَلَوْ شُرِطَتْ) عَلَيْهِمْ (هَذِهِ الْأُمُورُ) الَّتِي يُمْنَعُونَ مِنْهَا: أَيْ شُرِطَ عَلَيْهِمْ الِامْتِنَاعُ مِنْهَا وَإِنْ فَعَلُوا كَانُوا نَاقِضِينَ (فَخَالَفُوا) مَعَ تَدَيُّنِهِمْ بِهَا (لَمْ يُنْقَضْ الْعَهْدُ) إذْ لَيْسَ فِيهِ كَبِيرُ ضَرَرٍ عَلَيْنَا لَكِنْ يُبَالِغُ فِي تَعْزِيرِهِمْ حَتَّى يَمْتَنِعُوا مِنْهَا (وَلَوْ) (قَاتَلُونَا) مِنْ غَيْرِ شُبْهَةٍ (أَوْ امْتَنَعُوا) تَغَلُّبًا أَوْ (مِنْ) بَذْلِ (الْجِزْيَةِ) الَّتِي عُقِدَ بِهَا لِغَيْرِ عَجْزٍ وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ (أَوْ مِنْ إجْرَاءِ حُكْمِ الْإِسْلَامِ) عَلَيْهِمْ (انْتَقَضَ) عَهْدُ الْمُمْتَنِعِ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِإِتْيَانِهِ بِنَقِيضِ عَهْدِ الذِّمَّةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، أَمَّا الْمُوسِرُ الْمُمْتَنِعُ بِغَيْرِ نَحْوِ قِتَالٍ فَتُؤْخَذُ مِنْهُ قَهْرًا وَلَوْ قَاتَلَ بِشُبْهَةٍ مِمَّا مَرَّ فِي الْبُغَاةِ أَوْ دَفْعًا لِلصَّائِلِينَ أَوْ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ هُنَا لَمْ يُنْتَقَضْ (وَلَوْ) (زَنَى) ذِمِّيٌّ (بِمُسْلِمَةٍ) أَوْ لَاطَ بِمُسْلِمٍ (أَوْ أَصَابَهَا بِنِكَاحٍ) أَيْ بِصُورَتِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِإِسْلَامِهَا فِيهِمَا وَمِثْلُ الزِّنَى مُقَدِّمَاتُهُ كَمَا قَالَهُ النَّاشِرِيُّ أَوْ (دَلَّ أَهْلَ الْحَرْبِ عَلَى عَوْرَةٍ) أَيْ خَلَلٍ (لِلْمُسْلِمِينَ) كَضَعْفٍ (أَوْ فَتَنَ مُسْلِمًا عَنْ دِينِهِ) أَوْ دَعَاهُ لِكُفْرٍ (أَوْ طَعَنَ فِي الْإِسْلَامِ أَوْ الْقُرْآنِ أَوْ ذَكَرَ) جَهْرًا اللَّهَ تَعَالَى أَوْ (رَسُولَ اللَّهِ) أَوْ الْقُرْآنَ أَوْ نَبِيًّا (بِسُوءٍ) مِمَّا لَا يَتَدَيَّنُونَ بِهِ أَوْ قَتَلَ مُسْلِمًا عَمْدًا (أَوْ قَذَفَهُ) (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ شُرِطَ انْتِقَاضُ الْعَهْدِ بِهَا انْتَقَضَ) بِمُخَالَفَتِهِ الشَّرْطَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ شَكَّ هَلْ شَرَطَ أَوْ لَا فِي الْأَوْجَهِ (فَلَا) يُنْتَقَضُ لِانْتِفَاءِ إخْلَالِهَا بِمَقْصُودِ الْعَقْدِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ صَحَّحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَدَمَ النَّقْضِ مُطْلَقًا وَسَوَاءٌ انْتَقَضَ أَمْ لَا نُقِيمُ عَلَيْهِ مُوجِبَ فِعْلِهِ مِنْ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ، فَلَوْ رَجَمَ وَقُلْنَا بِانْتِقَاضِهِ صَارَ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَهُوَ أَوْلَى إذْ لَا طَرِيقَ إلَى مَنْعِهِمْ مِنْ مُطْلَقِ الْقَوْلِ: أَيْ لِكُلٍّ مِنْ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى (قَوْلُهُ: وَنَحْوَ لَطْمٍ) أَيْ لِأَنَّهُمَا مِنْ الْأُمُورِ الْمُنْكَرَةِ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ ضَابِطُ الْإِظْهَارِ فِي الْغَصْبِ) أَيْ بِحَيْثُ يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ بِلَا تَجَسُّسٍ (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ بَذْلِ الْجِزْيَةِ) الْأَوْلَى حَذْفُ أَوْ لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ مَا يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ امْتَنَعُوا مِمَّا يُخَالِفُ بَذْلَ الْجِزْيَةِ وَإِجْرَاءُ حُكْمِ الْإِسْلَامِ، وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: قَوْلُهُ أَبَوْا جِزْيَةً أَطْلَقَهُ تَبَعًا لِأَصْلِهِ، وَقَدْ حَمَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا تَبَعًا لِلْإِمَامِ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْهَا عِنَادًا (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ عَجْزٍ) لَمْ يُبَيِّنْ مُحْتَرَزَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِيهِ بِالِانْتِقَاضِ حَيْثُ لَمْ تَقْتَضِ الْمَصْلَحَةُ عَدَمَهُ، وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ الْآتِي أَمَّا الْمُوسِرُ الْمُمْتَنِعُ بِغَيْرِ نَحْوِ قِتَالٍ فَتُؤْخَذُ مِنْهُ عَلَى مُوسِرٍ لَمْ يَظْهَرْ مِنْ امْتِنَاعِهِ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِي نَقْضِ عَهْدِهِ كَمَا لَوْ كَانَ امْتِنَاعُهُ مِنْ الْأَدَاءِ يُؤَدِّي إلَى خُرُوجِ غَيْرِهِ عَنْ الِانْقِيَادِ لِبَذْلِهَا أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يُطْلَبُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَتُؤْخَذُ مِنْهُ قَهْرًا) أَيْ وَلَا انْتِقَاضَ (قَوْلُهُ: فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إلَخْ) لَا يُقَالُ: هَذَا مُنَافٍ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُمْ لَوْ أَسْمَعُوا الْمُسْلِمِينَ شِرْكًا أَوْ أَظْهَرُوا الْخَمْرَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا تَقَدَّمَ لَمْ يُنْتَقَضْ عَهْدُهُمْ وَإِنْ شُرِطَ عَلَيْهِمْ الِانْتِقَاضُ. لِأَنَّا نَقُولُ: مَا تَقَدَّمَ فِيمَا يَتَدَيَّنُونَ بِهِ أَوْ يُقَرُّونَ عَلَى أَصْلِهِ كَشُرْبِ الْخَمْرِ وَمَا هُنَا فِيمَا لَا يَتَدَيَّنُونَ بِهِ وَيَحْصُلُ مِنْهُ أَذًى لَنَا كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ الْآتِي: أَمَّا مَا يَتَدَيَّنُ بِهِ كَزَعْمِهِمْ أَنَّ الْقُرْآنَ لَيْسَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ أَوْ أَنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ فَلَا نَقْضَ بِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: إنَّ شَرَطَ انْتِقَاضَ الْعَهْدِ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ هَذَا التَّفْصِيلُ فِيمَا لَوْ ضَرَبَ الْمُسْلِمُ (قَوْلُهُ: انْتَقَضَ) أَيْ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْحَرْبِيِّينَ حَتَّى لَوْ عَفَتْ وَرَثَةُ الْمُسْلِمِ الَّذِي قَتَلَهُ عَمْدًا عَنْهُ قُتِلَ لِلْحِرَابَةِ وَيَجُوزُ إغْرَاءُ الْكِلَابِ عَلَى جِيفَتِهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَيْ التَّفْصِيلُ (قَوْلُهُ: مِنْ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ) وَمِنْهُ قَتْلُهُ بِالْمُسْلِمِ إذَا قَتَلَهُ عَمْدًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَقُلْنَا بِانْتِقَاضِهِ) مَرْجُوحٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQنُقِلَ عَنْ ضَبْطِ الْمُتَقَدِّمِينَ تَثْلِيثُ نَحْوِ اهـ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُمَا أَبْنَاءُ اللَّهِ) الصَّوَابُ حَذْفُ الْوَاوِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ، إذْ هَذَا بَدَلٌ

مَالُهُ فَيْئًا، أَمَّا مَا يَتَدَيَّنُ بِهِ كَزَعْمِهِمْ أَنَّ الْقُرْآنَ لَيْسَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ أَوْ أَنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ فَلَا نَقْضَ بِهِ مُطْلَقًا قَطْعًا (وَمَنْ انْتَقَضَ عَهْدُهُ بِقِتَالٍ جَازَ) بَلْ وَجَبَ (دَفْعُهُ بِهِ وَقِتَالُهُ) وَلَا يُبَلَّغُ الْمَأْمَنَ لِعِظَمِ خِيَانَتِهِ وَمِنْ ثَمَّ جَازَ قَتْلُهُ وَإِنْ أَمْكَنَ دَفْعُهُ بِغَيْرِهِ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَيُتَّجَهُ أَيْضًا أَنَّ مَحَلَّهُ فِي كَامِلٍ فَفِي غَيْرِهِ يُدْفَعُ بِالْأَخَفِّ لِأَنَّهُ إذَا انْدَفَعَ بِهِ كَانَ مَالًا لِلْمُسْلِمِينَ، فَفِي عَدَمِ الْمُبَادَرَةِ إلَى قَتْلِهِ مَصْلَحَةٌ لَهُمْ فَلَا يَفُوتُ عَلَيْهِمْ (أَوْ بِغَيْرِهِ) أَيْ الْقِتَالِ (لَمْ يَجِبْ إبْلَاغُهُ مَأْمَنَهُ فِي الْأَظْهَرِ بَلْ يَخْتَارُ الْإِمَامُ فِيهِ) إنْ لَمْ يَطْلُبْ تَجْدِيدَ عَقْدِ الذِّمَّةِ وَإِلَّا وَجَبَتْ إجَابَتُهُ (قَتْلًا وَرِقًّا) الْوَاوُ هُنَا وَبَعْدُ بِمَعْنَى أَوْ وَآثَرَهَا لِأَنَّهَا أَجْوَدُ فِي التَّقْسِيمِ عِنْدَ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ (وَمَنًّا وَفِدَاءً) لِأَنَّهُ حَرْبِيٌّ أُبْطِلَ أَمَانُهُ، وَبِهِ فَارَقَ مَنْ دَخَلَ بِأَمَانٍ نَحْوِ الصَّبِيِّ ظَنَّهُ أَمَانًا، وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَهُمَا فِي الْهُدْنَةِ مَنْ دَخَلَ دَارَنَا بِأَمَانٍ أَوْ هُدْنَةٍ لَا يُقَاتَلُ وَإِنْ انْتَقَضَ عَهْدُهُ بَلْ يُبَلَّغُ الْمَأْمَنَ مَعَ أَنَّ حَقَّ الذِّمِّيِّ آكَدُ لِأَنَّ جِنَايَةَ الذِّمِّيِّ أَفْحَشُ لِمُخَالَطَتِهِ لَنَا خُلْطَةً أَلْحَقَتْهُ بِأَهْلِ الدَّارِ فَغُلِّظَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ (فَإِنْ) (أَسْلَمَ) مَنْ انْتَقَضَ عَهْدُهُ (قَبْلَ الِاخْتِيَارِ) (امْتَنَعَ الرِّقُّ) وَالْقَتْلُ وَالْفِدَاءُ، بِخِلَافِ الْأَسِيرِ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ فِي يَدِ الْإِمَامِ بِالْقَهْرِ وَلَهُ أَمَانٌ مُتَقَدِّمٌ فَخَفَّ أَمْرُهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْمَنُّ (وَإِذَا بَطَلَ أَمَانُ رِجَالٍ) حَصَلَ بِجِزْيَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (لَمْ يَبْطُلْ أَمَانُ) ذَرَارِيِّهِمْ مِنْ نَحْوِ (نِسَائِهِمْ وَالصِّبْيَانُ فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ جِنَايَةٍ مِنْهُمْ نَاقِضَةٍ أَمَانَهُمْ، وَإِنَّمَا تَبِعُوا فِي الْعَقْدِ دُونَ النَّقْضِ تَغْلِيبًا لِلْعِصْمَةِ فِيهِمَا، وَالثَّانِي يَبْطُلُ تَبَعًا لَهُمْ كَمَا تَبِعُوهُمْ فِي الْأَمَانِ وَرُدَّ بِمَا مَرَّ، وَلَوْ طَلَبُوا دَارَ الْحَرْبِ أُجِيبَ النِّسَاءُ دُونَ الصِّبْيَانِ إذْ لَا اخْتِيَارَ لَهُمْ (وَإِذَا اخْتَارَ ذِمِّيٌّ نَبْذَ الْعَهْدِ وَاللُّحُوقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بُلِّغَ الْمَأْمَنَ) وَهُوَ الْمَحَلُّ الَّذِي يَأْمَنُ فِيهِ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ مِنْ أَقْرَبِ بِلَادِهِمْ لِعَدَمِ ظُهُورِ جِنَايَةٍ مِنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ فَلَا يَفُوتُ عَلَيْهِمْ) أَيْ فَلَوْ خَالَفَ وَقَتَلَهُ ابْتِدَاءً لَمْ يَضْمَنْهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَجَبَتْ إجَابَتُهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ ذَلِكَ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ سُؤَالَهُ نَفْيُهُ فَقَطْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ الْقَبِيحِ وَهُوَ الْمُرَادُ كِتَابُ الْهُدْنَةِ (قَوْلُهُ: لِمُخَالَطَتِهِ لَنَا) جَرَى عَلَى الْغَالِبِ (قَوْلُهُ: بَلَغَ الْمَأْمَنَ) قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِ أَقْرَبُ بِلَادِ الْحَرْبِ مِنْ دَارِنَا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: هَذَا فِي النَّصْرَانِيِّ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْيَهُودِيُّ فَلَا مَأْمَنَ لَهُ نَعْلَمُهُ بِالْقُرْبِ مِنْ دِيَارِ الْإِسْلَامِ بَلْ دِيَارُ الْحَرْبِ كُلُّهُمْ نَصَارَى فِيمَا أَحْسِبُ وَهْم أَشَدُّ عَلَيْهِمْ مِنَّا، فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِلْيَهُودِيِّ اخْتَرْ لِنَفْسِك مَأْمَنًا وَاللُّحُوقَ بِأَيِّ دِيَارِ الْحَرْبِ شِئْت.

[كتاب الهدنة]

كِتَابُ الْهُدْنَةِ مِنْ الْهُدُونِ وَهُوَ السُّكُونُ لِسُكُونِ الْفِتْنَةِ بِهَا، إذْ هِيَ لُغَةً الْمُصَالَحَةُ، وَشَرْعًا: مُصَالَحَةُ أَهْلِ الْحَرْبِ عَلَى تَرْكِ الْقِتَالِ الْمُدَّةَ الْآتِيَةَ بِعِوَضٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَتُسَمَّى مُوَادَعَةً وَمُسَالَمَةً وَمُعَاهَدَةً وَمُهَادَنَةً. وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ أَوَّلُ سُورَةِ بَرَاءَةَ «وَمُهَادَنَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُرَيْشًا عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ» ، وَكَانَتْ سَبَبًا لِفَتْحِ مَكَّةَ لِأَنَّ أَهْلَهَا لَمَّا خَالَطُوا الْمُسْلِمِينَ وَسَمِعُوا الْقُرْآنَ أَسْلَمَ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ أَكْثَرُ مِمَّنْ أَسْلَمَ قَبْلُ، وَهِيَ جَائِزَةٌ لَا وَاجِبَةٌ أَصَالَةً، وَإِلَّا فَالْأَوْجَهُ وُجُوبُهَا إذَا تَرَتَّبَ عَلَى تَرْكِهَا لُحُوقُ ضَرَرٍ لَنَا لَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (عَقْدُهَا) لِجَمِيعِ الْكُفَّارِ أَوْ (لِكُفَّارِ إقْلِيمٍ) كَالْهِنْدِ (يَخْتَصُّ بِالْإِمَامِ) وَمِثْلُهُ مُطَاعٌ بِإِقْلِيمٍ لَا يَصِلُهُ حُكْمُ الْإِمَامِ كَمَا هُوَ الْقِيَاسُ فِي نَظَائِرِهِ (وَنَائِبُهُ فِيهَا) وَحْدَهَا أَوْ مَعَ غَيْرِهَا وَلَوْ بِطَرِيقِ الْعُمُومِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْخَطَرِ وَوُجُوبُ رِعَايَةِ مَصْلَحَتِنَا (وَ) عَقْدُهَا (لِبَلْدَةٍ) أَوْ أَكْثَرَ وَلَوْ لِجَمِيعِ أَهْلِ إقْلِيمِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعُمْرَانِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَشَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ فَعَلَهُ الْوَالِي بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ (يَجُوزُ لِوَالِي الْإِقْلِيمِ أَيْضًا) أَيْ كَمَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ لِاطِّلَاعِهِ عَلَى مَصَالِحِهِ، وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ جَوَازَهَا مَعَ بَلْدَةٍ مُجَاوِرَةٍ لِإِقْلِيمِهِ حَيْثُ رَآهُ مَصْلَحَةً فِيهَا لِأَهْلِ إقْلِيمِهِ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ مِنْ تَعَلُّقَاتِ إقْلِيمِهِ، نَعَمْ قَوْلُهُ إنَّهُ يَتَعَيَّنُ اسْتِئْذَانُ الْإِمَامِ عِنْدَ إمْكَانِهِ يَظْهَرُ حَمْلُهُ حَيْثُ تَرَدَّدَ فِي وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ (وَإِنَّمَا تُعْقَدُ لِمَصْلَحَةٍ كَضَعْفِنَا بِقِلَّةِ عَدَدٍ وَأُهْبَةٍ) إذْ هُوَ الْحَامِلُ عَلَى الْمُهَادَنَةِ عَامَ ـــــــــــــــــــــــــــــSكِتَابُ الْهُدْنَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى تَرْكِ الْقِتَالِ) الْأَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ: وَشَرْعًا عَقْدٌ يَتَضَمَّنُ مُصَالَحَةَ أَهْلِ الْحَرْبِ إلَخْ، وَكَأَنَّهُ عَبَّرَ بِمَا ذُكِرَ قَصْدًا لِلْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ وَاللُّغَوِيِّ مَعَ كَوْنِ الْمَقْصُودِ مَعْلُومًا مِنْ اشْتِرَاطِ الصِّيغَةِ فِي الْحَقِيقَةِ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الْمُؤَثِّرِ بِاسْمِ الْأَثَرِ أَوْ السَّبَبِ بِاسْمِ الْمُسَبَّبِ (قَوْلُهُ: بِإِقْلِيمٍ لَا يَصِلُهُ) أَيْ لِبُعْدِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِجَمِيعِ أَهْلِ إقْلِيمِهِ) عَلَى هَذَا فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ عَقَدَهَا لِكُفَّارِ إقْلِيمٍ يَخْتَصُّ بِالْإِمَامِ وَنَائِبِهِ فِيهَا فَإِنَّ الْحَاصِلَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْوَالِي كَمَا يَعْقِدُ لِكُفَّارِ بَلَدِهِ يَعْقِدُ لِجَمِيعِ الْإِقْلِيمِ وَبِهِ سَاوَى الْإِمَامَ وَنَائِبَهُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَشَارَ بِمَا ذَكَرَهُ إلَى أَنَّ فِي عَقْدِهَا مِنْ وَالِي الْإِقْلِيمِ لِجَمِيعِ أَهْلِهِ خِلَافًا فَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَهُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَشَمَلَ ذَلِكَ) أَيْ قَوْلُهُ وَلَوْ لِجَمِيعِ أَهْلِ إقْلِيمِهِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ رَآهُ مَصْلَحَةً) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لِأَهْلِ إقْلِيمِهِ) قَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِأَهْلِ إقْلِيمِهِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي جَوَازِ عَقْدِهَا لَهُمْ ظُهُورُ مَصْلَحَةٍ لِغَيْرِ إقْلِيمِهِ كَالْأَمْنِ لِمَنْ يَمُرُّ بِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ تَوْلِيَتَهُ تَقْتَضِي فِعْلَ الْمَصْلَحَةِ الْأَصْلِ لِلْإِمَامِ الْوَالِي الْمَذْكُورِ لَمْ تَشْمَلْهُ (قَوْلُهُ: حَيْثُ تَرَدَّدَ) أَيْ أَمَّا حَيْثُ ظَهَرَتْ لَهُ الْمَصْلَحَةُ بِلَا تَرَدُّدٍ فَلَا يَجِبُ الِاسْتِئْذَانُ وَيَصْدُقُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ تَوْلِيَةَ الْإِمَامِ اسْتِئْمَانٌ لَهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمَا وَلَّاهُ فِيهِ، ثُمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْهُدْنَةِ] بَابُ الْهُدْنَةِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ مُطَاعٌ) أَيْ فِي أَنَّهُ يَعْقِدُ لِأَهْلِ إقْلِيمِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِجَمِيعِ أَهْلِ إقْلِيمِهِ) فِيهِ رُجُوعُ الضَّمِيرِ إلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ وَكَذَا الْإِشَارَةُ الْآتِيَةُ (قَوْلُهُ: وَتَعَيَّنَ) اسْتِئْذَانُ الْإِمَامِ هُوَ بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى جَوَازِهَا

الْحُدَيْبِيَةِ (أَوْ) عُطِفَ عَلَى ضَعْفٍ (رَجَاءَ إسْلَامِهِمْ أَوْ بَذْلَ جِزْيَةٍ) أَوْ إعَانَتَهُمْ لَنَا أَوْ كَفَّهُمْ عَنْ الْإِعَانَةِ عَلَيْنَا أَوْ بُعْدَ دَارِهِمْ وَلَوْ مَعَ قُوَّتِنَا فِي الْجَمِيعِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) بِنَا ضَعْفٌ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَرَأَى الْمَصْلَحَةَ فِيهَا (جَازَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) وَلَوْ بِدُونِ غَرَضٍ لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ (لَا سَنَةً) لِأَنَّهَا مُدَّةُ الْجِزْيَةِ فَامْتَنَعَ تَقْرِيرُهُمْ فِيهَا بِدُونِ جِزْيَةٍ (وَكَذَا دُونَهَا) وَفَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ (فِي الْأَظْهَرِ) لِلْآيَةِ أَيْضًا، نَعَمْ عَقْدُهَا لِنَحْوِ نِسَاءٍ وَمَالٍ لَا يَتَقَيَّدُ بِمُدَّةٍ، وَالثَّانِي يَجُوزُ لِنَقْصِهَا عَنْ مُدَّةِ الْجِزْيَةِ (وَلِضَعْفٍ) بِنَا (تَجُوزُ عَشْرَ سِنِينَ) فَمَا دُونَهَا بِحَسَبِ الْحَاجَةِ (فَقَطْ) لِأَنَّهَا مُدَّةُ مُهَادَنَةِ قُرَيْشٍ وَيُمْتَنَعُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْقَدْرِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ فِي الزَّائِدِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ مَعَ الضَّعْفِ، وَقَوْلُ جَمْعٍ بِجَوَازِهَا عَلَى الْعَشْرِ مَعَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا فِي عُقُودٍ مُتَعَدِّدَةٍ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَزِيدَ كُلُّ عَقْدٍ عَلَى عَشَرَةٍ، وَهُوَ قِيَاسُ كَلَامِهِمْ فِي الْوَقْفِ وَغَيْرِهِ صَحِيحٌ وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ غَرِيبٌ، وَقَالَ: إنَّ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِيَ الْمَنْعَ مَا زَادَ عَلَى الْعَشْرِ مِنْ كَوْنِهَا الْمَنْصُوصَ عَلَيْهَا مَعَ عَدَمِ عِلْمِنَا بِمَا يَقَعُ بَعْدَهَا مَوْجُودٌ مَعَ التَّعَدُّدِ فَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِلنَّصِّ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ، وَبِهِ فَارَقَ نَظَائِرَهُ. نَعَمْ إنْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ مَعَ بَقَاءِ الْحَاجَةِ اسْتَأْنَفْنَا عَقْدًا آخَرَ وَهَكَذَا، وَلَوْ زَالَ نَحْوُ خَوْفٍ أَثْنَاءَهَا وَجَبَ إبْقَاؤُهَا وَيَجْتَهِدُ الْإِمَامُ عِنْدَ طَلَبِهِمْ لَهَا وَلَا ضَرَرَ وَيَفْعَلُ الْأَصْلَحَ وُجُوبًا وَلَوْ دَخَلَ دَارَنَا بِأَمَانٍ لِسَمَاعِ كَلَامِ اللَّهِ فَتَكَرَّرَ سَمَاعُهُ لَهُ بِحَيْثُ ظُنَّ عِنَادُهُ أُخْرِجَ وَلَا يُمْهَلُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ (وَمَتَى زَادَ) الْعَقْدُ (عَلَى الْجَائِزِ) مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ عَشْرِ سِنِينَ (فَقَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ) فَيَصِحُّ فِي الْجَائِزِ وَيَبْطُلُ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا مَرَّ مِنْ كَوْنِ نَحْوِ نَاظِرِ الْوَقْفِ لَوْ زَادَ عَلَى الْمُدَّةِ الْجَائِزَةِ بِلَا عُذْرٍ بَطَلَ فِي الْكُلِّ لِظُهُورِ الْفَرْقِ وَهُوَ أَنَّ الْغَرَضَ هُنَا النَّظَرُ لِحَقْنِ الدِّمَاءِ وَلِلْمَصْلَحَةِ الَّتِي اقْتَضَتْ جَوَازَ الْهُدْنَةِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فُرُوعِي ذَلِكَ مَا أَمْكَنَ (وَإِطْلَاقُ الْعَقْدِ) عَنْ ذِكْرِ الْمُدَّةِ فِي غَيْرِ نَحْوِ النِّسَاءِ لِمَا مَرَّ (يُفْسِدُهُ) لِاقْتِضَائِهِ التَّأْبِيدَ الْمُمْتَنِعَ، وَلَا يُنَافِيهِ تَنْزِيلُ الْأَمَانِ الْمُطْلَقِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِأَنَّ الْمَفْسَدَةَ هُنَا أَخْطَرُ لِتَشَبُّثِهِمْ بِعَقْدٍ يُشْبِهُ عَقْدَ الْجِزْيَةِ (وَكَذَا شَرْطٌ فَاسِدٌ) اقْتَرَنَ بِالْعَقْدِ فَيُفْسِدُهُ أَيْضًا (عَلَى الصَّحِيحِ بِأَنْ) أَيْ كَأَنْ (شَرَطَ) فِيهِ (مَنْعَ فَكِّ ـــــــــــــــــــــــــــــSإنْ أَخْطَأَ بِأَنْ ظَنَّ مَصْلَحَةً ثُمَّ عَلِمَ الْإِمَامُ بِعَدَمِهَا نَقَضَهَا بَلْ يُحْتَمَلُ تَبَيُّنُ فَسَادِ الْمُهَادَنَةِ لِوُقُوعِهَا عَلَى غَيْرِ مَا يَجُوزُ فِعْلُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ بُعْدِ دَارِهِمْ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ الْمَصْلَحَةِ فِي الْهُدْنَةِ لِمُجَرَّدِ بُعْدِ دَارِهِمْ، وَقَدْ يُقَالُ هِيَ أَنَّ مُحَارَبَةَ الْكُفَّارِ مَا دَامُوا عَلَى الْحِرَابَةِ وَاجِبَةٌ، وَهِيَ مَعَ بُعْدِ الدَّارِ تُوجِبُ مَشَقَّةً عَظِيمَةً فِي تَجْهِيزِ الْجُيُوشِ إلَيْهِمْ وَبِالْمُهَادَنَةِ يَكْفِي ذَلِكَ حَتَّى يَأْذَنَ اللَّهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) أَيْ الْعَشْرُ (قَوْلُهُ: مُدَّةُ مُهَادَنَةِ قُرَيْشٍ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى بِنَقْضِ ذَلِكَ وَفَتْحِ مَكَّةَ بَعْدَ مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ جَمْعٍ بِجَوَازِهَا) أَيْ الزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ: صَحِيحٌ) وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا اعْتَمَدَهُ فِي الْإِجَارَةِ وَالْوَقْفِ مِنْ الْبُطْلَانِ فِيمَا زَادَ عَلَى الْعَقْدِ الْأَوَّلِ حَيْثُ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا يُؤَجِّرَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ مَثَلًا بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى حَقْنِ الدِّمَاءِ مَا أَمْكَنَ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي فِيمَا لَوْ آجَرَ النَّاظِرُ أَكْثَرَ مِنْ الْمُدَّةِ الْمَشْرُوطَةِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: عِنْدَ طَلَبِهِمْ لَهَا) أَيْ الْهُدْنَةِ (قَوْلُهُ: فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ) وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الْأَوَّلُ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ نَحْوِ النِّسَاءِ) أَيْ مِنْ الصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ وَالْخَنَاثَى وَالْمَالِ (قَوْلُهُ: لِتَشَبُّثِهِمْ) أَيْ تَعَلُّقِهِمْ (قَوْلُهُ: بِعَقْدٍ يُشْبِهُ عَقْدَ الْجِزْيَةِ) لَعَلَّ وَجْهَ الشَّبَهِ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِنَا ضَعْفٌ) إنَّمَا قَصَرَ الْمَتْنَ عَلَى هَذَا مَعَ خُرُوجِهِ عَنْ الظَّاهِرِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَقْدُهَا عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إلَّا عِنْدَ الضَّعْفِ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدَ الْقُوَّةِ أَصْلًا وَإِنْ اقْتَضَتْهُ الْمَصْلَحَةُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَانْدَفَعَ مَا لِلشِّهَابِ ابْنِ قَاسِمٍ هُنَا، وَكَأَنَّهُ نَظَرَ فِيهِ إلَى مُجَرَّدِ الْمَنْطُوقِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ غَرِيبٌ) الزَّاعِمُ هُوَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْمُوَجِّهُ لَهُ بِمَا يَأْتِي هُوَ ابْنُ حَجَرٍ، فَصَوَابُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ غَرِيبٌ وَوَجَّهَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمَعْنَى إلَخْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ إلَخْ)

أَسْرَانَا) مِنْهُمْ (أَوْ تَرْكَ مَا) اسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ (لَنَا) الصَّادِقُ بِأَحَدِنَا بَلْ الْمُتَّجَهُ أَنَّ مَالَ الذِّمِّيِّ كَذَلِكَ (لَهُمْ) الصَّادِقُ بِأَحَدِهِمْ بَلْ الْأَوْجَهُ أَيْضًا أَنَّ شَرْطَ تَرْكِهِ لِذِمِّيٍّ أَوْ مُسْلِمٍ كَذَلِكَ أَوْ رَدِّ مُسْلِمٍ أَسِيرٍ أَفْلَتَ مِنْهُمْ أَوْ سُكْنَاهُمْ الْحِجَازَ أَوْ إظْهَارِهِمْ الْخَمْرَ بِدَارِنَا أَوْ أَنْ نَبْعَثَ لَهُمْ مَنْ جَاءَنَا مِنْهُمْ لَا التَّخْلِيَةِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ، وَيَأْتِي شَرْطُ رَدِّ مُسْلِمَةٍ تَأْتِينَا مِنْهُمْ (أَوْ) فَعَلَتْ (لَتَعْقِدَ لَهُمْ ذِمَّةً بِدُونِ دِينَارٍ) لِكُلِّ وَاحِدٍ (أَوْ) لِأَجْلِ أَنَّ (بِدَفْعِ مَالٍ) مِنَّا (إلَيْهِمْ) لِمُنَافَاةِ جَمِيعِ ذَلِكَ عِزَّةَ الْإِسْلَامِ، نَعَمْ لَوْ اُضْطُرِرْنَا لِبَذْلِ مَالٍ لِفِدَاءِ أَسْرَى يُعَذِّبُونَهُمْ أَوْ لِإِحَاطَتِهِمْ بِنَا وَخِفْنَا اسْتِئْصَالَهُمْ لَنَا وَجَبَ بَذْلُهُ وَلَا يَمْلِكُونَ ذَلِكَ لِفَسَادِ الْعَقْدِ حِينَئِذٍ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلُهُمْ يُنْدَبُ فَكُّ الْأَسْرَى لِأَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ الْمُعَذَّبِينَ إذَا أَمِنَ مِنْ قَتْلِهِمْ، وَمَا ادَّعَاهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ النَّدْبَ لِلْآحَادِ وَالْوُجُوبَ عَلَى الْإِمَامِ مَحَلُّ نَظَرٍ، وَيُتَّجَهُ أَنَّ مَحَلَّ جَمِيعِ ذَلِكَ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الْأَسْرَى بِبِلَادِهِمْ لِأَنَّ فَكَّهُمْ قَهْرًا حِينَئِذٍ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِمْ مَا لَا يُطَاقُ. أَمَّا إذَا أَسَرَتْ طَائِفَةٌ مُسْلِمًا وَمَرُّوا بِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْمُكَافِئِينَ فَتَجِبُ مُبَادَرَتُهُمْ إلَى فَكِّهِ بِكُلِّ وَجْهٍ مُمْكِنٍ، إذْ لَا عُذْرَ لَهُمْ فِي تَرْكِهِ حِينَئِذٍ (وَتَصِحُّ الْهُدْنَةُ عَلَى أَنْ يَنْقُضَهَا الْإِمَامُ) أَوْ مُسْلِمٌ ذَكَرٌ مُعَيَّنٌ عَدْلٌ ذُو رَأْيٍ فِي الْحَرْبِ يَعْرِفُ مَصْلَحَتَنَا فِي فِعْلِهَا وَتَرْكِهَا (مَتَى شَاءَ) وَلَا تَجُوزُ مَشِيئَةُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ عِنْدَ قُوَّتِنَا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ سِنِينَ عِنْدَ ضَعْفِنَا وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ، وَإِنَّمَا قَالَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعِلْمِهِ بِهِ بِالْوَحْيِ، وَلِإِمَامٍ تَوَلَّى بَعْدَ عَقْدِهَا نَقْضُهَا إنْ كَانَتْ فَاسِدَةً بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ (وَمَتَى صَحَّتْ وَجَبَ) عَلَيْنَا (الْكَفُّ عَنْهُمْ) لِأَذَانَا أَوْ أَذَى أَهْلِ الذِّمَّةِ الَّذِينَ بِبِلَادِنَا فِيمَا يَظْهَرُ بِخِلَافِ أَذَى أَهْلِ الْحَرْبِ وَبَعْضِ أَهْلِ الْهُدْنَةِ (حَتَّى تَنْقَضِيَ) مُدَّتُهَا أَوْ يَنْقُضَهَا مَنْ عُلِّقَتْ بِمَشِيئَتِهِ أَوْ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ بِطَرِيقِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (أَوْ يَنْقُضُوهَا) هُمْ وَنَقْضُهَا مِنْهُمْ يَحْصُلُ (بِتَصْرِيحٍ) مِنْهُمْ (أَوْ) بِنَحْوِ (قِتَالِنَا أَوْ مُكَاتَبَةِ أَهْلِ الْحَرْبِ بِعَوْرَةٍ لَنَا أَوْ قَتْلِ مُسْلِمٍ) أَوْ ذِمِّيٍّ بِدَارِنَا أَوْ فِعْلِ شَيْءٍ مِمَّا اُخْتُلِفَ فِي نَقْضِ عَقْدِ الذِّمَّةِ بِهِ مِمَّا مَرَّ وَغَيْرِهِ لِعَدَمِ تَأَكُّدِهَا بِبَذْلِ جِزْيَةٍ أَوْ إيوَاءِ عَيْنٍ لِلْكُفَّارِ أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSعَقْدَ الْهُدْنَةِ لَا يَكُونُ مِنْ الْآحَادِ. وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ أَنْ يَكُونَ لِمَصْلَحَةٍ (قَوْلُهُ: اسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ) أَفَادَ هَذَا أَنَّ مَا لَنَا بِفَتْحِ اللَّامِ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الْمَالِ لِيَشْمَلَ نَحْوَ الِاخْتِصَاصَاتِ وَالْوَقْفِ وَيَجُوزُ جَرُّهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: أَنَّ مَالَ الذِّمِّيِّ) الْأَنْسَبُ بِحِلِّهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ مَا لَنَا أَنْ تُجْعَلَ اللَّامُ فِي مَالِ الذِّمِّيِّ جَارَّةً فَتُحْذَفَ الْأَلْفُ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ جَرُّهُ) وَيُرْسَمُ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ دُونَ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ (قَوْلُهُ: وَجَبَ بَدَلُهُ) أَيْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إنْ وُجِدَ فِيهِ شَيْءٌ وَإِلَّا فَمِنْ مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَأْسُورِ مَالٌ وَإِلَّا قُدِّمَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ) أَيْ وُجُوبُ الْبَذْلِ لِفَكِّ الْأَسْرَى (قَوْلُهُ: إذْ لَا عُذْرَ لَهُمْ فِي تَرْكِهِ) أَيْ وَإِنْ تَوَقَّفَ الْفَكُّ عَلَى بَذْلِ مَالٍ وَجَبَ عَلَى التَّرْتِيبِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ: تَوَلَّى بَعْدَ عَقْدِهَا) أَيْ الْجَائِزُ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ فَاسِدَةً) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى النَّقْضِ مَعَ فَرْضِ فَسَادِهَا، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ إعْلَامُهُمْ بِفَسَادِ الْهُدْنَةِ وَتَبْلِيغُهُمْ الْمَأْمَنَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ أَذَى أَهْلِ الْحَرْبِ) أَيْ وَإِنْ قَدَرْنَا عَلَى دَفْعِهِمْ (قَوْلُهُ أَوْ قَتْلِ مُسْلِمٍ) أَيْ ثُمَّ إنْ لَمْ يُنْكِرْ غَيْرُ الْقَاتِلِ مَثَلًا عَلَيْهِ بَعْدَ عِلْمِهِ انْتَقَضَ عَهْدُهُ أَيْضًا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَوْ إيوَاءِ عَيْنٍ لِلْكُفَّارِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذَا الِاسْتِدْرَاكُ مِنْ تَتِمَّةِ التَّوْجِيهِ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَتَصِحُّ الْهُدْنَةُ عَلَى أَنْ يَنْقُضَهَا الْإِمَامُ مَتَى شَاءَ) عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ: وَيَجُوزُ أَنْ لَا تُؤَقَّتَ الْهُدْنَةُ وَيَشْتَرِطَ الْإِمَامُ نَقْضَهَا مَتَى شَاءَ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ أَوْ قَتْلِ مُسْلِمٍ) أَيْ عَمْدًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ حَجَرٍ فِيهِ وَفِي الذِّمِّيِّ (قَوْلُهُ: بِدَارِنَا) الظَّاهِرُ أَنَّهُ قَيْدٌ فِي الذِّمِّيِّ فَقَطْ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَإِذَا نُقِضَتْ جَازَتْ الْإِغَارَةُ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ هُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا نَقَضَهَا مَنْ فُوِّضَ إلَيْهِ نَقْضُهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ

أَخْذِ مَالِنَا وَإِنْ جَهِلُوا أَنَّ ذَلِكَ نَاقِضٌ {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ} [التوبة: 12] أَمَّا إذَا فَسَدَتْ وَجَبَ تَبْلِيغُهُمْ مَأْمَنَهُمْ وَأُنْذِرُوا قَبْلَ مُقَاتَلَتِهِمْ إنْ لَمْ يَكُونُوا بِدَارِهِمْ وَإِلَّا فَلَنَا قِتَالُهُمْ بِدُونِ إنْذَارٍ (وَإِذَا انْقَضَتْ جَازَتْ الْإِغَارَةُ عَلَيْهِمْ) نَهَارًا (وَبَيَاتُهُمْ) أَيْ الْإِغَارَةُ عَلَيْهِمْ لَيْلًا إنْ كَانُوا بِبِلَادِهِمْ، فَإِنْ كَانُوا بِبِلَادِنَا وَجَبَ تَبْلِيغُهُمْ الْمَأْمَنَ: أَيْ مَحَلًّا يَأْمَنُونَ فِيهِ مِنَّا وَمِنْ أَهْلِ عَهْدِنَا وَلَوْ بِطَرَفِ بِلَادِنَا فِيمَا يَظْهَرُ، وَمَنْ جَعَلَهُ دَارَ الْحَرْبِ أَرَادَ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ، وَمَنْ لَهُ مَأْمَنَانِ يَسْكُنُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا يَتَخَيَّرُ الْإِمَامُ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ سَكَنَ بِأَحَدِهِمَا لَزِمَهُ إبْلَاغُ مَسْكَنِهِ مِنْهُمَا عَلَى الْأَوْجَهِ (وَلَوْ نَقَضَ بَعْضُهُمْ) الْهُدْنَةَ (وَلَمْ يُنْكِرْ الْبَاقُونَ) عَلَيْهِ (بِقَوْلٍ وَلَا فِعْلٍ) بَلْ اسْتَمَرُّوا عَلَى مُسَاكَنَتِهِمْ وَسَكَتُوا (انْتَقَضَ فِيهِمْ أَيْضًا) لِإِشْعَارِ سُكُوتِهِمْ بِرِضَاهُمْ بِالنَّقْضِ، وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِي عَقْدِ الْجِزْيَةِ لِقُوَّتِهِ (وَإِنْ أَنْكَرُوا) عَلَيْهِمْ (بِاعْتِزَالِهِمْ أَوْ إعْلَامِ الْإِمَامِ) أَوْ نَائِبِهِ (بِبَقَائِهِمْ عَلَى الْعَهْدِ) بِحَالِهِمْ (فَلَا) نَقْضَ فِي حَقِّهِمْ {أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ} [الأعراف: 165] ثُمَّ يُنْذِرُ الْمُعَلَّمِينَ بِالتَّمَيُّزِ عَنْهُمْ، فَإِنْ أَبَوْا فَنَاقِضُونَ أَيْضًا (وَلَوْ) (خَافَ) الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ (خِيَانَتَهُمْ) بِشَيْءٍ مِمَّا يَنْقُضُ إظْهَارُهُ بِأَنْ ظَهَرَتْ أَمَارَةٌ بِذَلِكَ (فَلَهُ نَبْذُ عَهْدِهِمْ إلَيْهِمْ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً} [الأنفال: 58] الْآيَةَ، فَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ أَمَارَةٌ حَرُمَ النَّقْضُ لِأَنَّ عَقْدَهَا لَازِمٌ، وَبَعْدَ النَّبْذِ يُنْتَقَضُ عَهْدُهُمْ لَا بِنَفْسِ الْخَوْفِ وَهَذَا مُرَادُ مَنْ اشْتَرَطَ فِي النَّقْضِ حُكْمَ الْحَاكِمِ بِهِ (وَ) بَعْدَ النَّقْضِ وَاسْتِيفَاءِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْحُقُوقِ (يُبَلِّغُهُمْ الْمَأْمَنَ) حَتْمًا وَفَاءً بِعَهْدِهِمْ (وَلَا يَنْبِذُ عَقْدَ الذِّمَّةِ بِتُهَمَةٍ) بِفَتْحِ الْهَاءِ لِأَنَّهُ آكَدُ لِتَأْيِيدِهِ وَمُقَابَلَتِهِ بِمَالٍ وَلِأَنَّهُمْ فِي قَبْضَتِنَا غَالِبًا. (وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ رَدِّ مُسْلِمَةٍ تَأْتِينَا مِنْهُمْ) مُسْلِمَةً أَوْ كَافِرَةً ثُمَّ تُسْلِمُ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يُصِيبَهَا زَوْجُهَا الْكَافِرُ أَوْ تُزَوَّجَ بِكَافِرٍ وَلِأَنَّهَا عَاجِزَةٌ عَنْ الْهَرَبِ مِنْهُمْ وَأَقْرَبُ إلَى الِافْتِتَانِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ} [الممتحنة: 10] الْآيَةَ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ، وَيَجُوزُ شَرْطُ رَدِّ كَافِرَةٍ وَمُسْلِمٍ، فَإِنْ شَرَطَ رَدَّ مَنْ جَاءَنَا مُسْلِمًا مِنْهُمْ صَحَّ وَلَمْ يَجُزْ بِهِ رَدُّ مُسْلِمَةٍ احْتِيَاطًا لِأَمْرِهَا لِخَطَرِهِ (فَإِنْ شُرِطَ فَسَدَ الشَّرْطُ، وَكَذَا الْعَقْدُ فِي الْأَصَحِّ) لِفَسَادِ الشَّرْطِ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى فِيمَا يَظْهَرُ، وَقَدْ أَشَارَ بِهِ إلَى قُوَّةِ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَعَبَّرَ فِي صُورَةٍ تَقَدَّمَتْ بِالصَّحِيحِ إشَارَةً إلَى ضَعْفِ الْخِلَافِ فِيهَا فَلَا تَكْرَارَ وَلَا مُخَالَفَةَ (وَإِنْ) (شَرَطَ) الْإِمَامُ لَهُمْ (رَدَّ مَنْ جَاءَ) مِنْهُمْ (مُسْلِمًا) إلَيْنَا (أَوْ لَمْ يَذْكُرْ رَدًّا فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ) مُسْلِمَةٌ (لَمْ يَجِبْ) بِارْتِفَاعِ نِكَاحِهَا بِإِسْلَامِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ (دَفْعُ مَهْرٍ إلَى زَوْجِهَا فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ الْبُضْعَ لَيْسَ بِمَالٍ حَتَّى يَشْمَلَهُ الْأَمَانُ كَمَا لَا يَشْمَلُ الْأَمَانُ زَوْجَتَهُ، وَلِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ رَدُّ بَدَلِهَا لَكَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ دُونَ الْمُسَمَّى لِأَنَّهُ لِلْحَيْلُولَةِ، فَلَمَّا لَمْ يَجِبْ مَهْرُ الْمِثْلِ لَمْ يَجِبْ الْمُسَمَّى، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى وَآتُوهُمْ أَيْ: الْأَزْوَاجَ مَا أَنْفَقُوا أَيْ: مِنْ الْمَهْرِ فَهُوَ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فِي وُجُوبِ الْغُرْمِ مُحْتَمَلٌ لِنَدْبِهِ الصَّادِقِ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ الْمُوَافِقِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيِّ إيوَاءِ شَخْصٍ يَتَجَسَّسُ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ لِيَنْقُلَ الْأَخْبَارَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُنْكِرْ الْبَاقُونَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلُّوا جِدًّا (قَوْلُهُ: حَرُمَ النَّقْضُ) أَيْ فَلَوْ فَعَلَهُ هَلْ يُنْتَقَضُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي وَيُحْتَمَلُ الْأَوَّلُ أَيْضًا صِيَانَةً لِمَنْصِبِ الْإِمَامِ عَنْ الرَّدِّ وَإِنْ حَرُمَ فِعْلُهُ (قَوْلُهُ صَحَّ وَلَمْ يُجْزِيهِ) أَيْ فِيمَا لَوْ شَرَطَ رَدَّ مَنْ جَاءَ مُسْلِمًا لَا يَكْفِيهِ رَدُّ الْمَرْأَةِ بَلْ لَا يَجُوزُ رَدُّهَا لِمَا عَلَّلَ بِهِ، وَلَوْ قَالَ وَلَمْ يَشْمَلْ الْمَرْأَةَ كَانَ أَوْلَى، ثُمَّ قَوْلُهُ فَإِنْ شَرَطَ رَدَّ مَنْ جَاءَنَا مُخَالِفٌ لحج حَيْثُ قَالَ لَا مَنْ جَاءَنَا مُسْلِمًا لِشُمُولِهِ النِّسَاءَ (قَوْلُهُ: وَلَا مُخَالَفَةَ) حَيْثُ قَيَّدَ مَا مَرَّ بِغَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ وَإِلَّا فَعِبَارَتُهُ السَّابِقَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمَنْ جَعَلَهُ) أَيْ الْمَأْمَنَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ شَرَطَ رَدَّ مَنْ جَاءَنَا) أَيْ تَخْلِيَتَهُ لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ وَيَأْتِيَ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ رَدُّ بَدَلِهَا لَكَانَ مَهْرُ الْمَثَلِ إلَخْ) غَرَضُهُ مِنْ هَذَا الرَّدِّ عَلَى الثَّانِي الْقَائِلِ بِوُجُوبِ الْمُسَمَّى كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: الصَّادِقُ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: الصَّادِقُ بِهِ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَهِيَ أَوْلَى كَمَا قَالَهُ ابْنُ قَاسِمٍ

لِلْأَصْلِ، وَرَجَّحُوهُ عَلَى الْوُجُوبِ لِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ. وَأَمَّا غُرْمُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُمْ الْمَهْرَ فَلِأَنَّهُ كَانَ قَدْ شَرَطَ لَهُمْ رَدَّ مَنْ جَاءَتْنَا مُسْلِمَةً. ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ {فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: 10] فَغَرِمَ حِينَئِذٍ لِامْتِنَاعِ رَدِّهَا بَعْدَ شَرْطِهِ. وَالثَّانِي يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ إذَا طَلَبَ الزَّوْجُ الْمَرْأَةَ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَا بَذَلَهُ مِنْ كُلِّ الصَّدَاقِ أَوْ بَعْضِهِ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ، فَإِنْ لَمْ يَبْذُلْ شَيْئًا فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْمَرْأَةَ لَا يُعْطَى شَيْئًا، وَلَوْ وَصَفَتْ الْإِسْلَامَ مَنْ لَمْ تَزَلْ مَجْنُونَةً، فَإِنْ أَفَاقَتْ رَدَدْنَاهَا لَهُ لِعَدَمِ صِحَّةِ إسْلَامِهَا وَزَوَالِ ضَعْفِهَا، فَإِنْ لَمْ تُفِقْ لَمْ تُرَدَّ، وَكَذَا إنْ جَاءَتْ عَاقِلَةً وَهِيَ كَافِرَةٌ لَا إنْ أَسْلَمَتْ ثُمَّ جُنَّتْ أَوْ شَكَكْنَا فَلَا رَدَّ (وَلَا يُرَدُّ) مَنْ جَاءَنَا آتِيًا بِكَلِمَةِ الْإِسْلَامِ وَطَلَبَ رَدَّهُ (صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ) وَأُنْثَاهُمَا (وَكَذَا عَبْدٌ) بَالِغٌ عَاقِلٌ أَوْ أَمَةٌ وَلَوْ مُسْتَوْلَدَةٌ جَاءَ إلَيْنَا مُسْلِمًا، ثُمَّ إنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ أَوْ قَبْلَ الْهُدْنَةِ عَتَقَ أَوْ بَعْدَهَا وَأَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ فَوَاضِحٌ وَإِلَّا بَاعَهُ الْإِمَامُ لِمُسْلِمٍ أَوْ دَفَعَ لِسَيِّدِهِ قِيمَتَهُ مِنْ الْمَصَالِحِ وَأَعْتَقَهُ عَنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْوَلَاءُ لَهُمْ (وَحُرٌّ) كَذَلِكَ (لَا عَشِيرَةَ لَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِضَعْفِهِمْ، وَقِيلَ يُرَدُّ الْأَخِيرَانِ لِقُوَّتِهِمَا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِمَا وَقَطْعِ الْبَعْضِ بِالرَّدِّ فِي الْحُرِّ وَالْجُمْهُورُ بِعَدَمِهِ فِي الْعَبْدِ (وَيُرَدُّ) عِنْدَ شَرْطِ الرَّدِّ لَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إذْ لَا يَجِبُ فِيهِ رَدٌّ مُطْلَقًا (مَنْ لَهُ عَشِيرَةٌ طَلَبَتْهُ إلَيْهَا) لِأَنَّهَا تَذُبُّ عَنْهُ وَتَحْمِيهِ مَعَ قُوَّتِهِ فِي نَفْسِهِ (لَا إلَى غَيْرِهَا) أَيْ لَا يُرَدُّ إلَى غَيْرِ عَشِيرَتِهِ الطَّالِبِ لَهُ (إلَّا أَنْ يَقْدِرَ الْمَطْلُوبُ عَلَى قَهْرِ الطَّالِبِ أَوْ الْهَرَبِ مِنْهُ) فَيُرَدُّ إلَيْهِ. (وَمَعْنَى الرَّدِّ) هُنَا (أَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ طَالِبِهِ) كَمَا فِي الْوَدِيعَةِ وَنَحْوِهَا (وَلَا يُجْبَرُ) الْمَطْلُوبُ (عَلَى الرُّجُوعِ) إلَى طَالِبِهِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إجْبَارُ الْمُسْلِمِ عَلَى الِانْتِقَالِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَكَيْفَ يُجْبَرُ عَلَى دُخُولِ دَارِ الْحَرْبِ (وَلَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ) إلَيْهِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ لَكِنْ فِي الْبَيَانِ أَنَّ عَلَيْهِ فِي الْبَاطِنِ أَنْ يَهْرُبَ مِنْ الْبَلَدِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ مَنْ يَطْلُبُهُ وَهَذَا ظَاهِرٌ، لَا سِيَّمَا إذَا خَشَى عَلَى نَفْسِهِ الْفِتْنَةَ بِالرُّجُوعِ (وَلَهُ قَتْلُ الطَّالِبِ) دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ وَدِينِهِ وَلِذَلِكَ لَمْ يُنْكِرْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَبِي بَصِيرٍ امْتِنَاعَهُ وَقَتْلَهُ طَالِبَهُ (وَلَنَا التَّعْرِيصُ لَهُ بِهِ) أَيْ بِقَتْلِهِ وَلَوْ بِحَضْرَةِ الْإِمَامِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ لِمَا رَوَى أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ «أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِأَبِي جَنْدَلٍ حِينَ رَدَّهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى أَبِيهِ سُهَيْلٍ اصْبِرْ أَبَا جَنْدَلٍ فَإِنَّمَا هُمْ مُشْرِكُونَ، وَإِنَّمَا دَمُ أَحَدِهِمْ عِنْدَ اللَّهِ كَدَمِ الْكَلْبِ يُعَرِّضُ لَهُ بِقَتْلِ أَبِيهِ» (لَا التَّصْرِيحُ) فَيَمْتَنِعُ، نَعَمْ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ بَعْدَ الْهُدْنَةِ لَهُ أَنْ يُصَرِّحَ بِذَلِكَ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْرِطْ عَلَى نَفْسِهِ أَمَانًا لَهُمْ وَلَا يَتَنَاوَلُهُ شَرْطُ الْإِمَامِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ (وَلَوْ) (شَرَطَ) عَلَيْهِمْ فِي الْهُدْنَةِ (أَنْ يَرُدُّوا مَنْ جَاءَهُمْ مُرْتَدًّا مِنَّا) (لَزِمَهُمْ الْوَفَاءُ) بِذَلِكَ عَمَلًا بِالشَّرْطِ سَوَاءٌ أَكَانَ رَجُلًا أَمْ امْرَأَةً حُرًّا أَمْ رَقِيقًا (فَإِنْ أَبَوْا فَقَدْ نَقَضُوا) الْعَهْدَ لِمُخَالَفَتِهِمْ الشَّرْطَ (وَالْأَظْهَرُ جَوَازُ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي قَوْلِهِ وَكَذَا شَرْطُهُ فَاسِدٌ عَلَى الصَّحِيحِ شَامِلَةٌ لِهَذِهِ (قَوْلُهُ: وَرَجَّحُوهُ) أَيْ النَّدْبَ (قَوْلُهُ: قَدْ شَرَطَ لَهُمْ) أَيْ أَوْ أَنَّهُ فَعَلَهُ لِكَوْنِهِ مَنْدُوبًا كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: مَنْ لَمْ تَزَلْ مَجْنُونَةً) أَيْ فِي حَالِ جُنُونِهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَفَاقَتْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَصِفْ الْكُفْرَ كَمَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يُرَدُّ صَبِيٌّ) أَيْ وَهُوَ إلَخْ فَصَبِيٌّ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ (قَوْلُهُ: أَوْ قَبْلَ الْهُدْنَةِ عَتَقَ) أَيْ بِنَفْسِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهَا) أَيْ الْهُدْنَةِ أَوْ الْهِجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يُرَدُّ الْأَخِيرَانِ) هُمَا الْعَبْدُ وَالْحُرُّ (قَوْلُهُ: إلَى بَلَدٍ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ) عُلِمَ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ مَا يَقَعُ مِنْ الْمُلْتَزِمِينَ فِي زَمَنِنَا مِنْ أَنَّهُ إذَا خَرَجَ فَلَّاحٌ مِنْ قَرْيَةٍ وَأَرَادَ اسْتِيطَانَ غَيْرِهَا أَجْبَرُوهُ عَلَى الْعَوْدِ غَيْرُ جَائِزٍ وَإِنْ كَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِزَرْعِهِ وَأُصُولِهِ فِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ (قَوْلُهُ: بِقَتْلِ أَبِيهِ) أَيْ ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَحَسُنَ إسْلَامُهُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ لِامْتِنَاعِ رَدِّهَا بَعْدَ شَرْطِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ امْتَنَعَ رَدُّهَا بِالْآيَةِ النَّاسِخَةِ وَكَانَ قَدْ شَرَطَهُ لَهُمْ: أَيْ فَتَعَارَضَ عَلَيْهِ وُجُوبُ رَدِّهَا بِالشَّرْطِ وَامْتِنَاعُهُ بِالنَّسْخِ فَرَجَعَ إلَى بَدَلِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ بَالِغٌ عَاقِلٌ.

[كتاب الصيد]

شَرْطِ أَنْ لَا يَرُدُّوا) مَنْ جَاءَهُمْ مُرْتَدًّا مِنَّا وَلَوْ امْرَأَةً وَرَقِيقًا فَلَا يَلْزَمُهُمْ رَدُّهُ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَرَطَ ذَلِكَ فِي مُهَادَنَةِ قُرَيْشٍ وَيَغْرَمُونَ مَهْرَ الْمَرْأَةِ وَقِيمَةَ الرَّقِيقِ، فَإِنْ عَادَ إلَيْنَا رَدَدْنَا لَهُمْ قِيمَةَ الرَّقِيقِ دُونَ مَهْرِ الْمَرْأَةِ لِأَنَّ الرَّقِيقَ بِدَفْعِ قِيمَتِهِ يَصِيرُ مِلْكًا لَهُمْ إنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ بَيْعِ الْمُرْتَدِّ لِلْكَافِرِ لَكِنَّ الْأَصَحَّ خِلَافُهُ وَالْمَرْأَةُ لَا تَصِيرُ زَوْجَةً، وَالثَّانِي الْمَنْعُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِرْدَادِهِ لِإِقَامَةِ حُكْمِ الْمُرْتَدِّينَ عَلَيْهِ فَعَلَيْهِمْ التَّمْكِينُ مِنْهُ وَالتَّخْلِيَةُ دُونَ التَّسْلِيمِ. [كِتَابُ الصَّيْدِ] ِ أَفْرَدَهُ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ (وَالذَّبَائِحُ) جَمْعُ ذَبِيحَةٍ وَجَمَعَهَا لِأَنَّهَا تَكُونُ بِالسِّكِّينِ وَبِالسَّهْمِ وَبِالْجَوَارِحِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} [المائدة: 96] وَقَوْلُهُ {إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3] وَقَوْلُهُ {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2] وَمِنْ السُّنَّةِ مَا سَنَذْكُرُهُ، وَالرَّافِعِيُّ ذَكَرَ هُنَا الصَّيْدَ وَالذَّبَائِحَ وَالْأَطْعِمَةَ وَالنَّذْرَ فَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وِفَاقًا لِلْمُزَنِيِّ وَأَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، وَخَالَفَهُ فِي الرَّوْضَةِ فَذَكَرَهَا فِي آخِرِ رُبْعِ الْعِبَادَاتِ لِأَنَّ طَلَبَ الْحَلَالِ فَرْضُ عَيْنٍ. وَأَرْكَانُ الذَّبْحِ بِالْمَعْنَى الْحَاصِلِ بِالْمَصْدَرِ أَرْبَعَةٌ ذَبْحٌ وَذَابِحٌ وَذَبِيحٌ وَآلَةٌ (ذَكَاةُ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ) الْبَرِّيِّ الْمَطْلُوبَةُ شَرْعًا لِحِلِّ أَكْلِهِ تَحْصُلُ (بِذَبْحِهِ فِي حَلْقٍ) وَهُوَ أَعْلَى الْعُنُقِ (أَوْ لَبَّةٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَهِيَ أَسْفَلُهُ (إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ) بِالْإِجْمَاعِ، وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSكِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ (قَوْلُهُ: مَصْدَرٌ) أَيْ فِي الْأَصْلِ، وَإِلَّا فَهُوَ هُنَا بِمَعْنَى الْمَصِيدِ فَيُجْمَعُ عَلَى صَيُودٍ (قَوْلُهُ: وَأَرْكَانُ الذَّبْحِ بِالْمَعْنَى إلَخْ) أَيْ وَهُوَ الِانْذِبَاحُ الَّذِي هُوَ أَثَرُ الْفِعْلِ الْحَاصِلِ فِي الْمَذْبُوحِ، وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهَا أَرْكَانًا لَهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِتَحَقُّقِهِ مِنْهَا وَإِلَّا فَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهَا جُزْءًا مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ لَبَّةٍ) لَوْ شَكَّ بَعْدَ وُقُوعِ الْفِعْلِ مِنْهُ هَلْ هُوَ مُحَلَّلٌ أَوْ مُحَرَّمٌ فَهَلْ يَحِلُّ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْأَصْلَ وُقُوعُهُ عَلَى الصِّفَةِ الْمُجْزِئَةِ، وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ قَوْلُهُ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ إلَخْ، وَفِي اشْتِرَاطِ بَقَاءِ الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ إلَى تَمَامِ الذَّبْحِ خِلَافٌ، وَقَدْ نَقَلَ الشَّيْخَانِ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ فِيهِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ قَطْعِ الْمَرِيءِ وَلَمَّا قَطَعَهُ مَعَ بَعْضِ الْحُلْقُومِ انْتَهَى إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ لِمَا نَالَهُ بِقَطْعِ الْقَفَا حَلَّ، لِأَنَّ أَقْصَى مَا وَقَعَ التَّقْيِيدُ بِهِ وُجُودُهَا فِي الِابْتِدَاءِ، وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى هَذَا بِقَوْلِهِ أَوَّلُهُ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يُسْرِعَ الذَّابِحُ فِي الذَّبْحِ، فَلَوْ تَأَنَّى بِحَيْثُ ظَهَرَ انْتِهَاءُ الشَّاةِ قَبْلَ تَمَامِ قَطْعِ الْمَذْبَحِ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ لَمْ يَحِلَّ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهَذَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ وُجُودُهَا فِي الِابْتِدَاءِ، فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ هُنَا إذَا تَبَيَّنَ مَصِيرُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQكِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ (قَوْلُهُ: أَفْرَدَهُ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ) أَيْ إمَّا عَلَى ظَاهِرِهِ وَإِمَّا بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِلذَّبَائِحِ، فَإِفْرَادُهُ حِينَئِذٍ نَظَرًا لِلَفْظِهِ، لَكِنْ الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَ الشَّارِحِ الْأَوَّلُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لِأَنَّهَا تَكُونُ بِالسِّكِّينِ وَبِالسَّهْمِ وَبِالْجَوَارِحِ فَقَدْ اسْتَعْمَلَ الذَّبَائِحَ فِيمَا يَعُمُّ الْمِصْيَدَاتِ، وَعَلَيْهِ فَكَانَ يَنْبَغِي فِي التَّرْجَمَةِ بَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبْحِ وَالذَّبَائِحِ، أَوْ بَابُ الذَّبْحِ: أَيْ الشَّامِلُ لِلصَّيْدِ نَظِيرُ مَا صَنَعَ الشَّارِحُ فِي الذَّبَائِحِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) أَيْ الذَّبِيحَةَ: أَيْ ذَبَحَهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ طَلَبَ الْحَلَالِ فَرْضُ عَيْنٍ) هَذَا كَمَا يَحْسُنُ مُنَاسَبَةً لِذِكْرِهَا هُنَاكَ يَحْسُنُ أَيْضًا مُنَاسَبَةً لِذِكْرِهَا عَقِبَ الْجِهَادِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ صَاحِبَ الرَّوْضَةِ إنَّمَا ذَكَرَهَا هُنَاكَ لِمُنَاسَبَةِ الْأُضْحِيَّةِ لِلْهَدْيِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ، وَمِنْ ثَمَّ ذَكَرَهَا عَقِبَهُ قَبْلَ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ (قَوْلُهُ: بِالْمَعْنَى الْحَاصِلِ بِالْمَصْدَرِ) أَيْ الِانْذِبَاحِ، وَإِنَّمَا فَسَّرَهُ بِهَذَا لِيُفَارِقَ الذَّبْحَ الْآتِي الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْأَرْكَانِ لِئَلَّا يَلْزَمَ اتِّحَادُ الْكُلِّ وَالْجُزْءِ (قَوْلُهُ: وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ) أَيْ بِإِسْنَادٍ فِيهِ ضَعْفٌ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ

أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ بَدِيلًا يَصِيحُ فِي فِجَاجِ مِنًى: أَلَا إنَّ الذَّكَاةَ فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ» فَلَا يَحِلُّ شَيْءٌ مِنْ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ مِنْ غَيْرِ ذَكَاةٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ (فَبِعَقْرٍ مُزْهِقٍ حَيْثُ كَانَ) وَالْكَلَامُ فِي الذَّبْحِ اسْتِقْلَالًا، فَلَا يَرِدُ الْجَنِينُ لِأَنَّ ذَبْحَهُ بِذَبْحِ أُمِّهِ تَبَعًا لِخَبَرِ «ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ» (وَشَرْطُ ذَابِحٍ وَصَائِدٍ حِلُّ مُنَاكَحَتِهِ) بِأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا أَوْ كِتَابِيًّا بِشَرْطِهِ الْمَذْكُورِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ فَتَحْرُمُ ذَبِيحَةُ مَجُوسِيٍّ وَمُرْتَدٍّ وَعَابِدِ وَثَنٍ، وَلَوْ أَكْرَهَ مَجُوسِيٌّ مُسْلِمًا عَلَى الذَّبْحِ أَوْ مُحْرِمٌ حَلَالًا حَلَّ، وَشَمَلَ كَلَامُهُ زَوْجَاتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَحِلُّ ذَبِيحَتُهُنَّ لِحِلِّهِنَّ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ رَأْسُ الْمُسْلِمِينَ (وَتَحِلُّ ذَكَاةُ أَمَةٍ كِتَابِيَّةٍ) وَإِنْ حَرُمَتْ مُنَاكَحَتُهَا لِعُمُومِ الْآيَةِ، وَلِأَنَّ الرِّقَّ لَا أَثَرَ لَهُ فِي الذَّبِيحَةِ بِخِلَافِ الْمُنَاكَحَةِ (وَلَوْ شَارَكَ مَجُوسِيٌّ) أَوْ وَثَنِيٌّ أَوْ مُرْتَدٌّ (مُسْلِمًا فِي ذَبْحٍ أَوْ اصْطِيَادٍ حَرُمَ) بِلَا خِلَافٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى شَارَكَ مَنْ لَا تَحِلُّ ذَكَاتُهُ مَنْ تَحِلُّ حَرُمَ لِأَنَّهُ مَتَى اجْتَمَعَ الْمُبِيحُ وَالْمُحَرِّمُ غُلِّبَ الثَّانِي (وَلَوْ) (أَرْسَلَا كَلْبَيْنِ أَوْ سَهْمَيْنِ، فَإِنْ سَبَقَ آلَةُ الْمُسْلِمِ فَقَتَلَ) الصَّيْدَ (أَوْ أَنْهَاهُ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ) (حَلَّ) كَمَا لَوْ ذَبَحَ الْمُسْلِمُ شَاةً فَقَدَهَا الْمَجُوسِيُّ (وَلَوْ انْعَكَسَ) الْحَالُ (أَوْ جَرَحَاهُ مَعًا أَوْ جَهِلَ) ذَلِكَ (أَوْ مُرَتَّبًا وَلَمْ يَذْفِفْ أَحَدُهُمَا) بِإِعْجَامٍ وَإِهْمَالٍ: أَيْ لَمْ يُقْتَلْ سَرِيعًا فَهَلَكَ بِهِمَا (حَرُمَ) تَغْلِيبًا لِلْحُرْمَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ جَهِلَ مِنْ زِيَادَتِهِ. أَمَّا مَا اصْطَادَهُ الْمُسْلِمُ بِكَلْبِ الْمَجُوسِيِّ فَحَلَالٌ قَطْعًا، وَلَوْ أَرْسَلَ نَحْوَ مَجُوسِيٍّ سَهْمًا عَلَى صَيْدٍ ثُمَّ أَسْلَمَ وَوَقَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــSإلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ وَهُنَاكَ إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: هَذَا خِلَافُ مَا سَبَقَ تَصْرِيحُ الْإِمَامِ بِهِ، بَلْ الْجَوَابُ أَنَّ هَذَا مُقَصِّرٌ بِالتَّأَنِّي بِخِلَافِ الْأَوَّلِ اهـ (قَوْلُهُ: بَعَثَ بَدِيلًا) هُوَ بَدِيلُ بْنُ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ كَمَا فِي الْمُنْتَقَى لِابْنِ تَيْمِيَّةَ وَلَفْظُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَدِيلَ بْنَ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيَّ عَلَى جَمَلٍ أَوْرَقَ يَصِيحُ فِي فِجَاجِ مِنًى: أَلَا وَإِنَّ الذَّكَاةَ فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ، وَلَا تُعَجِّلُوا الْأَنْفُسَ أَنْ تَذْهَبَ، وَأَيَّامُ مِنًى أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَبِعَالٍ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ اهـ. وَقَدْ ذَكَرَهُ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي الْإِصَابَةِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ الَّذِينَ لَهُمْ صُحْبَةٌ، وَذَكَرَ بَعْضَ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ مِنْ طُرُقٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ: فِي فِجَاجِ مِنًى) أَيْ نَوَاحِيهَا (قَوْلُهُ: أَلَا إنَّ الذَّكَاةَ فِي الْحَلْقِ) أَيْ لَمَّا قَصُرَ عُنُقُهُ، وَاللَّبَّةُ: أَيْ لَمَّا طَالَ عُنُقُهُ، وَالْمُرَادُ أَنَّ هَذَا هُوَ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: فَلَا يَرِدُ الْجَنِينُ) وَمِثْلُ الْجَنِينِ جَنِينٌ فِي بَطْنِهِ إنْ تُصُوِّرَ (قَوْلُهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ) هُوَ بِالرَّفْعِ: يَعْنِي أَنَّ الذَّكَاةَ الَّتِي أَحَلَّتْ أُمَّهُ أَحَلَّتْهُ وَيَجُوزُ نَصْبُهُ بِنَزْعِ الْخَافِضِ وَهُوَ الْبَاءُ لَا الْكَافُ كَمَا تَقُولُهُ الْحَنَفِيَّةُ (قَوْلُهُ: كِتَابِيًّا بِشَرْطِهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْ حِلَّهُ حَجّ، زَادَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَالْإِبِلِ، وَعِبَارَتُهُ: وَسَوَاءٌ اعْتَقَدُوا إبَاحَتَهُ: أَيْ الْمَذْبُوحِ كَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ أَوْ تَحْرِيمَهُ كَالْإِبِلِ (قَوْلُهُ: غُلِّبَ الثَّانِي) أَيْ فِي هَذَا الْبَابِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ سَبَقَ آلَةُ الْمُسْلِمِ) أَيْ يَقِينًا أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ جَهِلَ (قَوْلُهُ أَمَّا مَا اصْطَادَهُ) أَيْ وَمَا صَادَهُ الْمَجُوسِيُّ بِكَلْبِ الْمُسْلِمِ فَحَرَامٌ قَطْعًا (قَوْلُهُ: فَحَلَالٌ قَطْعًا) وَبَقِيَ مَا لَوْ أَرْسَلَ الْمَجُوسِيُّ كَلْبًا وَالْمُسْلِمُ آخَرَ فَسَبَقَ كَلْبُ الْمَجُوسِيِّ وَمَسَكَ الصَّيْدَ فَجَاءَ كَلْبُ الْمُسْلِمِ وَقَتَلَهُ فَهَلْ يَحِلُّ أَوْ لَا؟ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: الْأَقْرَبُ عَدَمُ الْحِلِّ لِأَنَّهُ بِإِمْسَاكِ كَلْبِ الْمَجُوسِيِّ صَارَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ اهـ بِالْمَعْنَى. أَقُولُ: فَإِنْ لَمْ يَصِرْ مَقْدُورًا عَلَيْهِ بِكَلْبِ الْمَجُوسِيِّ حَلَّ بِكَلْبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَذْرَعِيُّ، لَكِنْ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَا نَعْلَمُ لَهُمَا مُخَالِفًا مِنْ الصَّحَابَةِ (قَوْلُهُ: وَالْكَلَامُ فِي الذَّبْحِ اسْتِقْلَالًا) الْأَصْوَبُ وَالْكَلَامُ فِي الزَّكَاةِ إلَخْ (قَوْلُهُ لِأَنَّ ذَبْحَهُ بِذَبْحِ أُمِّهِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ ذَبْحَ أُمِّهِ زَكَاتَهُ (قَوْلُ الْمَتْنِ فَقَتَلَ) أَيْ الْكَلْبُ أَوْ السَّهْمُ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْآلَةِ

بِالصَّيْدِ لَمْ يَحِلَّ نَظَرًا لِأَغْلَظِ الْحَالَيْنِ، وَلَوْ كَانَ مُسْلِمًا فِي حَالَتَيْ الرَّمْيِ وَالْإِصَابَةِ وَتَخَلَّلَتْ رِدَّةٌ بَيْنَهُمَا لَمْ يَحِلَّ أَيْضًا (وَيَحِلُّ ذَبْحُ صَبِيٍّ مُمَيَّزٍ) سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ كِتَابِيًّا لِأَنَّ قَصْدَهُ صَحِيحٌ (وَكَذَا غَيْرُ مُمَيَّزٍ) يُطِيقُ الذَّبْحَ (وَمَجْنُونٌ وَسَكْرَانُ) لَا تَمْيِيزَ لَهُمَا أَصْلًا فَيَحِلُّ ذَبْحُهُمْ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ لَهُمْ قَصْدًا وَإِرَادَةً فِي الْجُمْلَةِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ عَدَمُ حِلِّ ذَبْحِ النَّائِمِ، نَعَمْ يُكْرَهُ لِأَنَّهُمْ قَدْ يُخْطِئُونَ الْمَذْبَحَ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ إذْ الشَّارِعُ لَمْ يَعْتَبِرْ قَصْدَهُمْ وَمِثْلُ ذَبْحِهِمْ صَيْدُهُمْ بِسَهْمٍ أَوْ كَلْبٍ فَيَحِلُّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. (وَتُكْرَهُ ذَكَاةُ أَعْمَى) لِأَنَّهُ قَدْ يُخْطِئُ الْمَذْبَحَ وَشَمَلَ كَلَامُهُ الْحَائِضَ وَالْأَقْلَفَ وَالْخُنْثَى وَالْأَخْرَسَ فَتَحِلُّ ذَبِيحَتُهُمْ (وَيَحْرُمُ صَيْدُهُ بِرَمْيِ) سَهْمٍ (وَ) إرْسَالِ (كَلْبٍ) وَغَيْرِهِ مِنْ الْجَوَارِحِ (فِي الْأَصَحِّ) لِعَدَمِ صِحَّةِ قَصْدِهِ فَأَشْبَهَ اسْتِرْسَالَ الْكَلْبِ بِنَفْسِهِ. وَالثَّانِي يَحِلُّ كَذَبْحِهِ. وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَا إذَا دَلَّهُ بَصِيرٌ عَلَى الصَّيْدِ فَأَرْسَلَ. أَمَّا إذَا لَمْ يَدُلَّهُ أَحَدٌ فَلَا يَحِلُّ قَطْعًا، نَعَمْ لَوْ أَحَسَّ الْبَصِيرُ بِصَيْدٍ فِي ظُلْمَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءَ شَجَرَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا فَرَمَاهُ حَلَّ بِالْإِجْمَاعِ، فَكَأَنَّ وَجْهَهُ أَنَّ هَذَا مُبْصِرٌ بِالْقُوَّةِ فَلَا يُعَدُّ عُرْفًا رَمْيُهُ عَبَثًا بِخِلَافِ الْأَعْمَى وَإِنْ أَخْبَرَ، وَلَوْ أَخْبَرَ فَاسِقٌ أَوْ كِتَابِيٌّ أَنَّهُ ذَكَّى هَذِهِ الشَّاةَ قَبِلْنَاهُ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الذَّكَاةِ وَلَوْ وَجَدْنَا شَاةً مَذْبُوحَةً وَلَمْ نَدْرِ أَذَبَحَهَا مُسْلِمٌ أَوْ مَجُوسِيٌّ فَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ مَجُوسِيٌّ لَمْ تَحِلَّ (وَتَحِلُّ مَيْتَةُ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ) بِالْإِجْمَاعِ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَا صِيدَ حَيًّا وَمَاتَ وَمَا مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ، وَاسْمُ السَّمَكِ يَقَعُ عَلَى كُلِّ حَيَوَانِ الْبَحْرِ حَيْثُ كَانَ لَا يَعِيشُ إلَّا فِيهِ أَوْ إذَا خَرَجَ مِنْهُ صَارَ عَيْشُهُ عَيْشَ مَذْبُوحٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى صُورَتِهِ الْمَشْهُورَةِ (وَلَوْ صَادَهُمَا) أَيْ السَّمَكَ وَالْجَرَادَ (مَجُوسِيٌّ) وَنَحْوُهُ فَيَحِلُّ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُسْلِمِ، وَفِي مَتْنِ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَيَحْرُمُ لَوْ أَمْسَكَ وَاحِدٌ مِنْ الْكَلْبَيْنِ صَيْدًا ثُمَّ عَقَرَهُ آخَرُ أَوْ شَكَّ فِيهِ: أَيْ عَاقِرُهُ، ثُمَّ قَالَ: وَتَعْبِيرُهُ بِثُمَّ بَدَلَ الْوَاوِ الْمُعَبَّرِ بِهَا فِي الْأَصْلِ يُفِيدُ الْحِلَّ فِيمَا إذَا تَقَدَّمَ الْعَقْرَ الْإِمْسَاكُ أَوْ قَارَنَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: يُطِيقُ الذَّبْحَ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَذْبَحُهُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُكْرَهُ) أَيْ أَكْلُ مَا ذَبَحُوهُ (قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ ذَكَاةُ أَعْمَى) ظَاهِرُهُ وَلَوْ دَلَّهُ بَصِيرٌ عَلَى الْمَذْبَحِ لَكِنْ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ خِلَافُهُ، وَلَعَلَّ وَجْهَ الْكَرَاهَةِ فِيهِ أَنَّهُ قَدْ يُخْطِئُ فِي الْجُمْلَةِ، وَقِيَاسُ كَرَاهَةِ أَكْلِ مَا ذَبَحَهُ غَيْرُ الْمُمَيَّزِ كَرَاهَةُ أَكْلِ مَذْبُوحِ الْأَعْمَى، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ عِلَّةَ الْكَرَاهَةِ فِي أُولَئِكَ مَا ذُكِرَ مَعَ جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي مَذْبُوحِهِمْ، بِخِلَافِ الْأَعْمَى فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ خِلَافًا فِي حِلِّ مَذْبُوحِهِ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ صَيْدُهُ) وَقَتْلُهُ لِغَيْرِ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ اهـ حَجّ. وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ بَصِيرٌ لَا غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَخْبَرَ فَاسِقٌ) خَرَجَ بِهِ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَلَوْ مَعَ نَوْعِ تَمْيِيزٍ فَلَا يُقْبَلُ خَبَرُهُمَا فَيَحْرُمُ مَا أَخْبَرَا بِذَبْحِهِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ صَدَّقَهُمَا الْمُخْبَرُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ مَجُوسِيٌّ لَمْ تَحِلَّ) وَحَمَلَ الْمُؤَلِّفُ إطْلَاقَ التَّحْرِيمِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَغْلِبْ الْمُسْلِمُونَ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْجِهَادِ، وَعِبَارَتُهُ ثَمَّ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَحِلُّ اسْتِعْمَالُ كُلِّ إنَاءٍ طَاهِرٍ، وَلَوْ وَجَدَ قِطْعَةَ لَحْمٍ فِي إنَاءٍ أَوْ خِرْقَةٍ بِبَلَدٍ لَا مَجُوسَ فِيهِ فَهِيَ طَاهِرَةٌ أَوْ مَرْمِيَّةٌ مَكْشُوفَةٌ فَنَجِسَةٌ أَوْ فِي إنَاءٍ أَوْ خِرْقَةٍ وَالْمَجُوسُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَ الْمُسْلِمُونَ أَغْلَبَ فَكَذَلِكَ فَإِنْ غَلَبَ الْمُسْلِمُونَ فَطَاهِرَةٌ: فَقَوْلُهُ هُنَا فَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ مَجُوسِيٌّ: أَيْ جِنْسُهُ وَلَمْ تَغْلِبْ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ بِأَنْ كَانَ الْمَجُوسُ أَكْثَرَ أَوْ مُسَاوِينَ لِلْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ شُمُولَ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ: حَتْفَ أَنْفِهِ) أَيْ بِلَا سَبَبٍ (قَوْلُهُ: عَلَى صُورَتِهِ الْمَشْهُورَةِ) أَيْ بَلْ وَإِنْ كَانَ عَلَى صُورَةِ مَا لَا يُؤْكَلُ فِي الْبَرِّ كَكَلْبٍ وَآدَمِيٍّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَادَهُمَا) غَايَةُ (قَوْلِهِ مَجُوسِيٌّ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَحِلُّ ذَبْحُ صَبِيٍّ) أَيْ مَذْبُوحِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ لَا يُخَاطَبُ بِحِلٍّ وَلَا حُرْمَةٍ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي نَعَمْ يُكْرَهُ، لَكِنَّ التَّعْلِيلَ قَدْ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ كَرَاهَةُ الْفِعْلِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ يُكْرَهُ مَذْبُوحُ الْمَذْكُورِينَ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ قَدْ أَخْطَئُوا الْمَذْبَحَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ مَجُوسِيٌّ) أَيْ وَلَمْ يَغْلِبْ الْمُسْلِمُونَ كَمَا نُقِلَ عَنْ الشَّارِحِ

وَلَا اعْتِبَارَ بِفِعْلِهِ وَكَذَا لَوْ ذَبَحَ سَمَكَةً وَيُكْرَهُ ذَبْحُ السَّمَكِ مَا لَمْ يَكُنْ كَبِيرًا يَطُولُ بَقَاؤُهُ فَيُنْدَبُ ذَبْحُهُ إرَاحَةً لَهُ وَلَوْ تَضَرَّرَ بِجَرَادٍ أَوْ قَمْلٍ دُفِعَ كَالصَّائِلِ، فَإِنْ تَعَيَّنَ إحْرَاقُهُ طَرِيقًا لِدَفْعِهِ جَازَ (وَكَذَا الدُّودُ الْمُتَوَلِّدُ مِنْ طَعَامٍ كَخَلٍّ وَفَاكِهَةٍ إذَا أَكَلَ مَعَهُ) حَيًّا أَوْ مَيِّتًا يَحِلُّ (فِي الْأَصَحِّ) لِعُسْرِ تَمْيِيزِهِ غَالِبًا لِأَنَّهُ كَجُزْئِهِ طَبْعًا وَطَعْمًا فَإِنْ كَانَ مُنْفَرِدًا حَرُمَ. وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ حَيْثُ لَمْ يَنْقُلْهُ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى آخَرَ وَلَمْ يُغَيِّرْهُ وَإِلَّا حَرُمَ، وَيُقَاسُ بِالدُّودِ التَّمْرُ وَالْبَاقِلَاءُ الْمُسَوَّسَانِ إذَا طُبِخَا، وَكَذَا الْعَسَلُ إذَا وَقَعَ بِهِ نَمْلٌ وَطُبِخَ، وَلَوْ وَقَعَ فِي قِدْرٍ جُزْءُ آدَمِيٍّ لَمْ يَحْرُمْ لِاسْتِهْلَاكِهِ. وَالثَّانِي يَحِلُّ مُطْلَقًا. وَالثَّالِثُ يَحْرُمُ مُطْلَقًا لِاسْتِقْذَارِهِ وَإِنْ قِيلَ بِطَهَارَتِهِ (وَلَا يَقْطَعُ بَعْضَ سَمَكَةٍ) حَيَّةٍ (فَإِنْ فَعَلَ) ذَلِكَ (أَوْ بَلَعَ) بِكَسْرِ اللَّامِ (سَمَكَةً حَيَّةً حَلَّ) الْفِعْلُ (فِي الْأَصَحِّ) إذْ لَيْسَ فِي ابْتِلَاعِهَا أَكْثَرُ مِنْ قَتْلِهَا. وَالثَّانِي لَا يَحِلُّ الْمَقْطُوعُ كَمَا فِي غَيْرِ السَّمَكِ وَلَا الْمَبْلُوعُ لِمَا فِي جَوْفِهِ (وَإِذَا) (رَمَى) بَصِيرٌ لَا غَيْرُهُ (صَيْدًا مُتَوَحِّشًا أَوْ بَعِيرًا نَدَّ) أَيْ هَرَبَ (أَوْ شَاةً شَرَدَتْ بِسَهْمٍ) أَوْ غَيْرِهِ مِنْ كُلِّ مُحَدَّدٍ يَجْرَحُ وَلَوْ غَيْرَ حَدِيدٍ (أَوْ أَرْسَلَ عَلَيْهِ جَارِحَةً فَأَصَابَ شَيْئًا مِنْ بَدَنِهِ وَمَاتَ فِي الْحَالِ) قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ ذَبْحِهِ (حَلَّ) وَلَا يَخْتَصُّ بِالْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ. أَمَّا الْمُتَوَحِّشُ فَبِالْإِجْمَاعِ. وَأَمَّا الْإِنْسِيُّ إذَا هَرَبَ فَلِخَبَرِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ «أَنَّ بَعِيرًا نَدَّ فَرَمَاهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ: أَيْ قَتَلَهُ، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّ لِهَذِهِ الْبَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ، فَمَا غَلَبَكُمْ فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَقِيسَ الشَّاةُ بِهِ، وَالِاعْتِبَارُ بِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ حَالَ الْإِصَابَةِ، فَلَوْ رَمَى نَادًّا فَصَارَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ قَبْلَهَا لَمْ يَحِلَّ إلَّا إنْ أَصَابَ مَذْبَحَهُ أَوْ مَقْدُورًا عَلَيْهِ فَصَارَ نَادًّا عِنْدَهَا حَلَّ وَإِنْ لَمْ يُصِبْ مَذْبَحَهُ. أَمَّا صَيْدٌ تَأَنَّسَ فَكَمَقْدُورٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَوْ مُحْرِمٌ اهـ حَجّ. ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ ذَبَحَ سَمَكَةً) وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ الذَّبْحُ مِنْ ذَيْلِهَا، وَلَعَلَّ ذَلِكَ فِيمَا هُوَ عَلَى صُورَةِ السَّمَكِ الْمَعْرُوفِ، أَمَّا مَا هُوَ عَلَى صُورَةِ حِمَارٍ أَوْ آدَمِيٍّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الذَّبْحُ فِي حَلْقِهِ أَوْ لَبَّتِهِ كَالْحَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ. [فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ صَالَ عَلَيْهِ حَيَوَانٌ مَأْكُولٌ فَضَرَبَهُ بِسَيْفٍ فَقَطَعَ رَأْسَهُ هَلْ يَحِلُّ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ قَصْدَ الذَّبْحِ لَا يُشْتَرَطُ وَإِنَّمَا الشَّرْطُ قَصْدُ الْفِعْلِ وَقَدْ وُجِدَ، بَلْ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ قَطْعِ الرَّأْسِ مَا لَوْ أَصَابَ غَيْرَ عُنُقِهِ كَيَدِهِ مَثَلًا فَجَرَحَهُ وَمَاتَ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَبْحِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَيَّنَ إحْرَاقُهُ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ دَفْعُهُ بِنَفْسِهِ وَلَا بِغَيْرِهِ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يَقْطَعُ بَعْضَ سَمَكَةٍ) أَيْ يُسَنُّ أَنْ لَا يَقْطَعَ إلَخْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ حَلَّ الْفِعْلُ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُتَوَحِّشُ) أَيْ وَهُوَ الَّذِي يَنْفِرُ مِنْ النَّاسِ وَلَا يَسْكُنُ إلَيْهِمْ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الْوَحْشُ مَا لَا يُسْتَأْنَسُ مِنْ دَوَابِّ الْبَرِّ وَجَمْعُهُ وُحُوشٌ، وَكُلُّ شَيْءٍ يَسْتَوْحِشُ مِنْ النَّاسِ فَهُوَ وَحْشِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوَابِدُ) أَيْ نَوَافِرُ (قَوْلُهُ: أَمَّا صَيْدٌ تَأَنَّسَ) أَيْ بِأَنْ صَارَ لَا يَنْفِرُ مِنْ النَّاسِ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: اسْتَأْنَسْت بِهِ وَتَأَنَّسْت بِهِ: إذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ فَيُنْدَبُ ذَبْحُهُ) اُنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ خُصُوصُ الذَّبْحِ الشَّرْعِيِّ وَإِنْ حَصَلَ الْمَقْصُودُ بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: كَالصَّائِلِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ قَطْعُهُ إذَا انْدَفَعَ بِغَيْرِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ كَجُزْئِهِ) أَيْ الطَّعَامِ وَمَا أَفَادَهُ التَّشْبِيهُ مِنْ حِلِّ أَكْلِهِ مُنْفَرِدًا غَيْرُ مُرَادٍ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُغَيِّرْهُ) أَمَّا إذَا غَيَّرَهُ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ مَا فِيهِ الدُّودُ لِنَجَاسَتِهِ حِينَئِذٍ كَمَا مَرَّ فِي الطَّهَارَةِ، لَكِنَّ هَذَا إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمَائِعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَا يُقْطَعُ بَعْضُ سَمَكَةٍ) أَيْ يُكْرَهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الْحُرْمَةَ (قَوْلُهُ: الْفِعْلُ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يُلَاقِي مَوْضُوعَ الْمُقَابِلِ الْآتِي، وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ شِبْهُ تَنَاقُضٍ فِي الْمَتْنِ إذْ يَنْحَلُّ إلَى قَوْلِهِ وَلَا يُقْطَعُ: أَيْ يُكْرَهُ أَوْ يَحْرُمُ عَلَى مَا مَرَّ، فَإِنْ فَعَلَ حَلَّ، وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ: أَيْ حَلَّ أَكْلُ مَا قُطِعَ وَبَلَعَ السَّمَكَةَ الْحَيَّةِ (قَوْلُهُ: وَقِيسَ الشَّاةُ بِهِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَقِيسَ بِمَا فِيهِ غَيْرُهُ

عَلَيْهِ لَا يَحِلُّ إلَّا بِذَبْحِهِ وَاسْتَعْمَلَ الْمُصَنِّفُ نَدَّ فِي الْبَعِيرِ وَشَرَدَ بِالشَّاةِ لِاسْتِعْمَالِ الْأَوَّلِ فِيهِ دُونَ الثَّانِي، نَعَمْ الشِّرَادُ يُسْتَعْمَلُ فِي سَائِرِ الدَّوَابِّ (وَلَوْ) (تَرَدَّى بَعِيرٌ وَنَحْوُهُ فِي بِئْرٍ وَلَمْ يُمْكِنْ قَطْعُ حُلْقُومِهِ) وَمَرِيئِهِ (فَكَنَادٍّ) فِي حِلِّهِ بِالرَّمْيِ لِتَعَذُّرِ الْوُصُولِ إلَيْهِ. فَفِي السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْعُشَرَاءِ الدَّارِمِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ «يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَا تَكُونُ الذَّكَاةُ إلَّا فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ؟ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَوْ طَعَنْتَ فِي فَخِذِهَا لَأَجْزَأَكَ» قَالَ أَبُو دَاوُد: هَذَا لَا يَصِحُّ إلَّا فِي الْمُتَرَدِّيَةِ وَالْمُتَوَحِّشِ (قُلْت: الْأَصَحُّ لَا يَحِلُّ) الْمُتَرَدِّي (بِإِرْسَالِ الْكَلْبِ) الْجَارِحِ (وَنَحْوِهِ وَصَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ وَالشَّاشِيُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَدِيدَ يُسْتَبَاحُ بِهِ الذَّبْحُ فِي الْقُدْرَةِ بِخِلَافِ فِعْلِ الْجَارِحَةِ (وَمَتَى تَيَسَّرَ) يَعْنِي أَمْكَنَ وَلَوْ بِعُسْرٍ (لُحُوقُهُ) أَيْ النَّادُّ أَوْ الصَّيْدُ (بِعَدْوٍ أَوْ اسْتِغَاثَةٍ) بِغَيْنٍ وَثَاءٍ مُعْجَمَتَيْنِ أَوْ مُهْمَلَةٍ وَنُونٍ (بِمَنْ يَسْتَقْبِلُهُ فَمَقْدُورٌ عَلَيْهِ) لَا يَحِلُّ إلَّا بِذَبْحِهِ فِي مَذْبَحِهِ. أَمَّا إذَا تَعَذَّرَ لُحُوقُهُ حَالًا فَيَحِلُّ بِأَيِّ جُرْحٍ كَانَ كَمَا مَرَّ (وَيَكْفِي فِي) الصَّيْدِ الْمُتَوَحِّشِ (النَّادِّ وَالْمُتَرَدِّي جُرْحٌ يُفْضِي إلَى الزَّهُوقِ) كَيْفَ كَانَ إذْ الْقَصْدُ حِينَئِذٍ جِرَاحَةٌ تُفْضِي إلَى الْمَوْتِ غَالِبًا (وَقِيلَ يُشْتَرَطُ مُذَفِّفٌ) لِيَنْزِلَ مَنْزِلَةَ قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ فِي الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ، وَلَوْ تَرَدَّى بَعِيرٌ فَوْقَ بَعِيرٍ فَغَرَزَ رُمْحًا فِي الْأَوَّلِ فَنَفَذَ إلَى الثَّانِي حَلَّ عَالِمًا كَانَ أَوْ جَاهِلًا كَمَا لَوْ رَمَى صَيْدًا فَأَصَابَهُ وَنَفَذَ مِنْهُ إلَى آخَرَ. (وَإِذَا) (أَرْسَلَ سَهْمًا أَوْ كَلْبًا) وَنَحْوَهُ (أَوْ طَائِرًا عَلَى صَيْدٍ) أَوْ بَعِيرٍ أَوْ نَحْوِهِ تَعَذَّرَ لُحُوقُهُ وَلَوْ بِالِاسْتِعَانَةِ (فَأَصَابَهُ) وَجَرَحَهُ (وَمَاتَ) (فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ فِيهِ حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً) كَأَنْ رَمَاهُ فَقَدَّهُ نِصْفَيْنِ (أَوْ أَدْرَكَهَا وَتَعَذَّرَ ذَبْحُهُ بِلَا تَقْصِيرٍ بِأَنْ سَلَّ السِّكِّينَ فَمَاتَ قَبْلَ إمْكَانٍ) لِذَبْحِهِ (أَوْ امْتَنَعَ) بِقُوَّتِهِ (وَمَاتَ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ حَلَّ) إجْمَاعًا فِي الصَّيْدِ، وَلِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ فِي الْبَعِيرِ بِالسَّهْمِ، وَقِيسَ بِمَا فِيهِ غَيْرُهُ، وَيُنْدَبُ فِيمَا إذَا لَمْ يُدْرِكْ فِيهِ حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً إمْرَارُ السِّكِّينِ عَلَى مَذْبَحِهِ لِيَذْبَحَهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَتَرَكَهُ حَتَّى مَاتَ حَلَّ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ فِي حَالَةٍ لَا يَحْتَاجُ فِيهَا لِتَذْكِيَةٍ، وَلَا يُشْتَرَطُ عَدْوٌ بَعْدَ إصَابَةِ سَهْمٍ أَوْ كَلْبٍ وَلَوْ اشْتَغَلَ بِطَلَبِ الْمَذْبَحِ أَوْ وَقَعَ مُنَكَّسًا فَاحْتَاجَ إلَى قَلْبِهِ أَوْ أُشْغِلَ بِتَوْجِيهِهِ إلَى الْقِبْلَةِ فَمَاتَ حَلَّ (وَإِنْ مَاتَ لِتَقْصِيرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSسَكَنَ الْقَلْبُ وَلَمْ يَنْفِرْ (قَوْلُهُ: دُونَ الثَّانِي) أَيْ فَلَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ نِدٌّ، بِخِلَافِ الشِّرَادِ فَيُسْتَعْمَلُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُمْكِنْ قَطْعُ حُلْقُومِهِ) أَيْ لَمْ يَتَيَسَّرْ وَلَوْ بِعُسْرٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي يَعْنِي أَمْكَنَ وَلَوْ بِعُسْرٍ (قَوْلُهُ أَبِي الْعُشَرَاءِ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الْكُنَى: أَبُو الْعُشَرَاءِ بِالضَّمِّ الدَّارِمِيُّ أُسَامَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ قَحْطَمٍ، وَيُقَالُ عُطَارِدُ بْنُ بَدْرٍ، وَيُقَالُ ابْنُ بِلَزٍّ، وَضَبَطَهُ فِي الْقَامُوسِ بِالضَّمِّ وَالْمَدِّ أَيْضًا: أَيْ بِالْقَلَمِ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا تَعَذَّرَ لُحُوقُهُ حَالًا) أَيْ بِحَسَبِ الْعُرْفِ كَأَنْ لَا يُدْرِكَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَلَوْ بِشِدَّةِ الْعَدْوِ وَرَاءَهُ، وَإِذَا تُرِكَ رُبَّمَا اسْتَقَرَّ فِي مَحَلٍّ آخَرَ فَيُدْرِكُهُ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ الَّذِي نَدَّ فِيهِ فَلَا يُكَلَّفُ الصَّبْرُ إلَى صَيْرُورَتِهِ كَذَلِكَ، وَمِنْهُ مَا لَوْ أَرَادَ ذَبْحَ دَجَاجَةٍ فَفَرَّتْ مِنْهُ وَلَمْ يُمْكِنْ قُدْرَتُهُ عَلَيْهَا لَا بِنَفْسِهِ وَلَا بِمُعِينٍ (قَوْلُهُ: فَلَوْ رَمَى غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ) هَذَا إلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَيَكْفِي مُكَرَّرٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ ثُمَّ رَأَيْتُهَا سَاقِطَةً فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ (قَوْلُهُ: جَرْحٌ) الْجَرْحُ بِفَتْحِ الْجِيمِ مَصْدَرُ جَرَحَهُ، وَأَمَّا الْجُرْحُ بِالضَّمِّ فَهُوَ اسْمٌ اهـ عِصَامٌ عَلَى الْجَامِيِّ. وَقَوْلُهُ فَهُوَ اسْمٌ: أَيْ لِلْأَثَرِ الْحَاصِلِ مِنْ فِعْلِ الْجَارِحِ (قَوْلُهُ: عَالِمًا كَانَ) أَيْ بِالثَّانِي (قَوْلُهُ: لِيَذْبَحَهُ) أَيْ إنَّ اسْتَمَرَّتْ حَيَاتُهُ إلَى تَمَامِ الذَّبْحِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ عَدْوٌ) أَيْ سُرْعَةُ سَيْرٍ مِنْ الرَّامِي وَالْمُرْسِلِ بَعْدَ الرَّمْيِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِاسْتِعْمَالِ الْأَوَّلِ فِيهِ) أَيْ فِي الْبَعِيرِ دُونَ الثَّانِي: أَيْ الشَّاةِ، فَلَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ النُّدُودُ وَإِنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ الشِّرَادُ (قَوْلُهُ: وَجُرْحُهُ) لَيْسَ بِقَيْدٍ فِي الْكَلْبِ وَنَحْوِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَذْكُرْهُ غَيْرُهُ هُنَا (قَوْلُهُ لِيَذْبَحَهُ) كَذَا فِي النُّسَخِ وَهُوَ مُحَرَّفٌ عَنْ قَوْلِهِ لِيُرِيحَهُ مِنْ الْإِرَاحَةِ كَمَا هُوَ فِي الدَّمِيرِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ عَدْوٌ) أَيْ مِنْ الْمُرْسِلِ بِكَسْرِ

بِأَنْ لَا يَكُونَ مَعَهُ سِكِّينٌ) تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ وَالْغَالِبُ تَذْكِيرُهَا، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تُسْكِنُ الْحَيَاةَ وَمُدْيَةٌ لِأَنَّهَا تَقْطَعُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ (أَوْ غُصِبَتْ) مِنْهُ وَلَوْ بَعْدَ الرَّمْيِ (أَوْ نَشِبَتْ) بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِهَا (فِي الْغِمْدِ) أَيْ عُلِّقَتْ بِهِ (حَرُمَ) لِتَقْصِيرِهِ لِأَنَّ حَقَّ مَنْ يُعَانِي الصَّيْدَ أَنْ يَسْتَصْحِبَ الْآلَةَ فِي غِمْدٍ مُوَافِقٍ وَسُقُوطُهَا مِنْهُ وَسَرِقَتُهَا تَقْصِيرٌ. نَعَمْ رَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ الْحِلَّ فِيمَا لَوْ غُصِبَتْ عِنْدَ الرَّمْيِ أَوْ كَانَ الْغِمْدُ مُعْتَادًا غَيْرَ ضَيِّقٍ فَعَلَقَ لِعَارِضٍ وَلَا يُكَلَّفُ الْعَدْوَ إلَى ذَلِكَ، فَلَوْ مَشَى عَلَى عَادَتِهِ كَفَى كَمَا يَكْفِي فِي السَّعْيِ إلَى الْجُمُعَةِ وَإِنْ عَرَفَ التَّحْرِيمَ بِهَا بِأَمَارَةٍ، وَلَوْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّيْدِ سَبُعٌ فَلَمْ يَصِلْ إلَيْهِ حَتَّى مَاتَ بِالْجُرْحِ حَلَّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَصْبِ السِّكِّينِ أَنَّ غَصْبَهَا عَائِدٌ إلَيْهِ وَمَنْعُ السَّبُعِ عَائِدٌ إلَى الصَّيْدِ، وَالْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ مَا يُوجَدُ مَعَهَا الْحَرَكَةُ الِاخْتِيَارِيَّةُ بِقَرَائِنَ أَوْ أَمَارَاتٍ تُغَلِّبُ عَلَى الظَّنِّ بَقَاءَ الْحَيَاةِ وَيُدْرَكُ ذَلِكَ بِالْمُشَاهَدَةِ، وَمِنْ أَمَارَاتِهَا انْفِجَارُ الدَّمِ بَعْدَ قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ، وَالْأَصَحُّ الِاكْتِفَاءُ بِالْحَرَكَةِ الشَّدِيدَةِ، فَإِنْ شَكَّ فِي حُصُولِهَا وَلَمْ يَتَرَجَّحْ ظَنٌّ حَرُمَ، وَأَمَّا الْحَيَاةُ الْمُسْتَمِرَّةُ فَهِيَ الْبَاقِيَةُ إلَى خُرُوجِهَا بِذَبْحٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَأَمَّا حَرَكَةُ الْمَذْبُوحِ فَهِيَ الَّتِي لَا يَبْقَى مَعَهُ سَمْعٌ وَلَا إبْصَارٌ وَلَا حَرَكَةُ اخْتِيَارٍ (وَلَوْ رَمَاهُ فَقَدَّهُ نِصْفَيْنِ) مَثَلًا (حَلَّا) لِحُصُولِ الْجُرْحِ الْمُذَفِّفِ. (وَلَوْ) (أَبَانَ مِنْهُ) أَيْ أَزَالَ مِنْ الصَّيْدِ (عُضْوًا) كَيَدٍ أَوْ رِجْلٍ (بِجُرْحٍ مُذَفِّفٍ) بِنَحْوِ سَيْفٍ وَمَاتَ فِي الْحَالِ (حَلَّ الْعُضْوُ وَالْبَدَنُ) لِأَنَّ ذَكَاةَ بَعْضِهِ ذَكَاةُ كُلِّهِ أَمَّا إذَا لَمْ يَمُتْ فِي الْحَالِ وَأَمْكَنَتْ ذَكَاتُهُ وَتَرَكَهُ حَتَّى مَاتَ فَلَا يَحِلُّ (أَوْ) بِجُرْحٍ (غَيْرِ مُذَفِّفٍ) أَيْ مُسْرِعٍ لِلْقَتْلِ (ثُمَّ ذَبَحَهُ أَوْ جَرَحَهُ جُرْحًا آخَرَ مُذَفِّفًا حَرُمَ الْعُضْوُ) لِأَنَّهُ أُبِينَ مِنْ حَيٍّ (وَحَلَّ الْبَاقِي) اتِّفَاقًا، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ مَا لَمْ يُثْبِتْهُ بِالْجِرَاحَةِ الْأُولَى، فَإِنْ أَثْبَتَهُ بِهَا فَقَدْ صَارَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ فَيَتَعَيَّنُ ذَبْحُهُ وَلَا تُجْزِئُ سَائِرُ الْجِرَاحَاتِ (فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَبْحِهِ وَمَاتَ بِالْجُرْحِ) الْأَوَّلِ (حَلَّ الْجَمِيعُ) كَمَا لَوْ كَانَ الْجُرْحُ مُذَفِّفًا (وَقِيلَ يَحْرُمُ الْعُضْوُ) لِأَنَّهُ أُبِينُ مِنْ حَيٍّ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَطَعَ أَلْيَةَ شَاةٍ ثُمَّ ذَبَحَهَا لَا تَحِلُّ الْأَلْيَةُ، وَهَذَا هُوَ الْمُصَحَّحُ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (وَذَكَاةُ كُلِّ حَيَوَانٍ) بَرِّيٍّ وَحْشِيًّا كَانَ أَوْ إنْسِيًّا (قُدِرَ عَلَيْهِ بِقَطْعِ كُلِّ الْحُلْقُومِ وَهُوَ مَخْرَجُ النَّفَسِ) يَعْنِي مَجْرَاهُ دُخُولًا وَخُرُوجًا (وَالْمَرِيءُ) ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالْإِرْسَالِ (قَوْلُهُ: فِي الْغِمْدِ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ اهـ مَحَلِّيٌّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ رَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ السَّابِقِ وَلَوْ بَعْدَ الرَّمْيِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: بَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ فِيهِ وَفِي الْغَصْبِ بَعْدَ الرَّمْيِ أَنَّهُ غَيْرُ تَقْصِيرٍ حَجّ، وَقَوْلُهُ فِيهِ: أَيْ فِيمَا لَوْ نَشِبَتْ بَعْدَ الرَّمْيِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ غُصِبَتْ عِنْدَ الرَّمْيِ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ بَعْدَ الرَّمْيِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْمَعِيَّةَ مُلْحَقَةٌ بِالْبَعْدِيَّةِ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ الْغِمْدُ مُعْتَادًا إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ فَعَلَّقَ لِعَارِضٍ) أَيْ بَعْدَ الرَّمْيِ كَمَا فِي حَجّ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ) هَذَا لَا يَأْتِي عَلَى مَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ أَنَّ غَصْبَهَا بَعْدَ الرَّمْيِ لَا يَمْنَعُ الْحِلَّ فَإِنَّ فِيهِ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْغَصْبِ وَحَيْلُولَةِ السَّبُعِ، نَعَمْ إنْ كَانَتْ الْحَيْلُولَةُ قَبْلَ الرَّمْيِ اُحْتِيجَ إلَى الْفَرْقِ (قَوْلُهُ: أَنَّ غَصْبَهَا عَائِدٌ إلَيْهِ) أَيْ وُصِفَ بِكَوْنِهَا غُصِبَتْ مِنْهُ فَنُسِبَ لِتَقْصِيرٍ (قَوْلُهُ: بَعْدَ قَطْعِ الْحُلْقُومِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ الِاكْتِفَاءُ بِالْحَرَكَةِ الشَّدِيدَةِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْفَجِرْ الدَّمُ فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: وَمِنْ أَمَارَاتِهَا الْحَرَكَةُ الشَّدِيدَةُ بَعْدَ قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَانْفِجَارِ الدَّمِ وَتَدَفُّقِهِ، فَالْوَاوُ فِي وَانْفِجَارٌ بِمَعْنَى أَوْ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ شَكَّ فِي حُصُولِهَا) أَيْ الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوُهُ) مِنْ كُلِّ مَا هُوَ سَبَبٌ لِإِزْهَاقِ الرُّوحِ (قَوْلُهُ: بِقَطْعِ كُلِّ الْحُلْقُومِ) وَلَا بُدَّ فِي ذَلِكَ مِنْ مُبَاشَرَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالسِّينِ (قَوْلُهُ: تُسْكِنُ الْحَيَاةَ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: تُسْكِنُ حَرَارَةَ الْحَيَاةِ (قَوْلُهُ: وَفَتْحِهَا) لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ، وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ كَغَيْرِهِ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ رَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ الْحِلَّ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ ضَعِيفٌ فِي الْأُولَى بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ مِنْ مَزْجِ الْمَتْنِ وَلَوْ بَعْدَ الرَّمْيِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ بَعْدَ كَلَامٍ قَدَّمَهُ نَصُّهَا لَكِنْ بَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ فِيهِ وَفِي الْغَصْبِ بَعْدَ الرَّمْيِ أَنَّهُ غَيْرُ تَقْصِيرٍ

بِالْهَمْزِ (وَهُوَ مَجْرَى الطَّعَامِ) وَالشَّرَابِ إذْ الْحَيَاةُ تُوجَدُ بِهِمَا وَتُفْقَدُ بِفَقْدِهِمَا، وَخَرَجَ بِقَطْعِ مَا لَوْ اخْتَطَفَ رَأْسَ عُصْفُورٍ أَوْ غَيْرَهُ بِيَدِهِ أَوْ بِبُنْدُقَةٍ فَإِنَّهُ مَيْتَةٌ، وَبِقَوْلِهِ قُدِرَ عَلَيْهِ مَا لَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ وَقَدْ مَرَّ، وَبِقَوْلِهِ كُلُّ الْحُلْقُومِ مَا لَوْ قَطَعَ الْبَعْضَ وَانْتَهَى إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ ثُمَّ قَطَعَ الْبَاقِي فَلَا يَحِلُّ، وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ التَّذْفِيفِ مُتَمَحِّضًا لِذَلِكَ، فَلَوْ أَخَذَ فِي قَطْعِهَا وَآخَرُ فِي نَزْعِ الْحُشْوَةِ أَوْ نَخْسِ الْخَاصِرَةِ لَمْ يَحِلَّ، وَلَوْ انْهَدَمَ سَقْفٌ عَلَى شَاةٍ أَوْ جَرَحَهَا سَبُعٌ فَذُبِحَتْ وَفِيهَا حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ حَلَّتْ، وَإِنْ تُيُقِّنَ مَوْتُهَا بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ لَمْ تَحِلَّ (وَيُسْتَحَبُّ قَطْعُ الْوَدَجَيْنِ) لِأَنَّهُ أَوْحَى وَأَسْهَلُ لِخُرُوجِ الرُّوحِ فَهُوَ مِنْ الْإِحْسَانِ فِي الذَّبْحِ وَهُمَا بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالدَّالِ عِرْقَانِ فِي صَفْحَتَيْ الْعُنُقِ مِنْ مُقَدَّمِهِ مُحِيطَانِ بِالْحُلْقُومِ وَقَدْ يُحِيطَانِ بِالْمَرِيءِ، وَتَعْبِيرُ التَّنْبِيهِ بِالْأَوْدَاجِ مِنْ بَابِ إطْلَاقِ الْجَمْعِ عَلَى اثْنَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالسِّكِّينِ لَهُمَا حَتَّى يَنْقَطِعَا، فَلَوْ قَطَعَ مِنْ غَيْرِهِمَا كَأَنْ قَطَعَ مِنْ الْكَتِفِ وَلَمْ تَصِلْ السِّكِّينُ لِلْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ لَمْ يَحِلَّ الْمَذْبُوحُ. [فَرْعٌ] يَحْرُمُ ذَبْحُ الْحَيَوَانِ غَيْرِ الْمَأْكُولِ وَلَوْ لِإِرَاحَتِهِ كَالْحِمَارِ الزَّمِنِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَطَعَ الْبَاقِيَ) فِي قَوْلِهِ ثُمَّ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ قَطَعَ الْبَعْضَ الْأَوَّلَ ثُمَّ تَرَاخَى قَطْعُهُ لِلثَّانِي، بِخِلَافِ مَا لَوْ رَفَعَ يَدَهُ بِالسِّكِّينِ وَأَعَادَهَا فَوْرًا أَوْ سَقَطَتْ مِنْ يَدِهِ فَأَخَذَهَا وَتَمَّمَ الذَّبْحَ فَإِنَّهُ يَحِلُّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ وَقَوْلُنَا وَأَعَادَهَا فَوْرًا وَمِنْ ذَلِكَ قَلْبُ السِّكِّينِ لِقَطْعِ بَاقِي الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ أَوْ تَرَكَهَا وَأَخَذَ غَيْرَهَا فَوْرًا لِعَدَمِ حِدَّتِهَا فَلَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: وَفِيهَا حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ) قَضِيَّتُهُ مَعَ مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ مِنْ عَلَامَاتِ الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ انْفِجَارَ الدَّمِ أَنَّهُ لَوْ جُرِحَتْ الشَّاةُ مَثَلًا أَوْ وَقَعَ عَلَيْهَا سَقْفٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَلَمْ يَصِرْ بِهَا إبْصَارٌ وَلَا نُطْقٌ اخْتِيَارًا ثُمَّ ذُبِحَتْ وَانْفَجَرَ الدَّمُ حَلَّتْ، وَفِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ مَا نَصُّهُ فِي بَابِ الْأُضْحِيَّةِ قُبَيْلَ فَصْلٍ فِي سُنَنِ الذَّبْحِ: فَإِنْ جُرِحَ الْحَيَوَانُ أَوْ سَقَطَ عَلَيْهِ سَيْفٌ أَوْ نَحْوُهُ، وَفِي نُسْخَةٍ سَقْفٌ، وَبَقِيَتْ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ وَلَوْ عُرِفَتْ بِشِدَّةِ الْحَرَكَةِ أَوْ انْفِجَارِ الدَّمِ فَذَبَحَهُ حَلَّ وَإِنْ تَيَقَّنَ إهْلَاكَهُ بَعْدَ سَاعَةٍ، وَإِلَّا فَلَا يَحِلُّ لِوُجُودِ مَا يُحَالُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ مِمَّا ذُكِرَ، ثُمَّ قَالَ: وَقَوْلُهُ وَلَوْ بِشِدَّةِ الْحَرَكَةِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ لِأَنَّهُ لَوْ وَصَلَ بِجُرْحٍ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ وَفِيهِ شِدَّةُ الْحَرَكَةِ ثُمَّ ذُبِحَ لَمْ يَحِلَّ، وَالْمُرَادُ بِهِ إنَّمَا هُوَ مَعْرِفَةُ الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ حَالَةَ الذَّبْحِ، فَلَوْ أَخَّرَهُ مَعَ الْجُمْلَةِ قَبْلَهُ كَأَصْلِهِ كَانَ حَسَنًا. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْحَيَاةَ الْمُسْتَقِرَّةَ عِنْدَ الذَّبْحِ تَارَةً تُتَيَقَّنُ وَتَارَةً تُظَنُّ بِعَلَامَاتٍ وَقَرَائِنَ، فَمِنْهَا الْحَرَكَةُ الشَّدِيدَةُ بَعْدَ الذَّبْحِ وَانْفِجَارِ الدَّمِ وَتَدَفُّقِهِ اهـ. فَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّهَا لَوْ وَصَلَتْ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ بِسَبَبٍ يُحَالُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ وَحَصَلَ مِنْهَا حَرَكَةٌ شَدِيدَةٌ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ ثُمَّ ذُبِحَتْ لَمْ تَحِلَّ، بِخِلَافِ مَا إذَا وَصَلَتْ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ وَلَيْسَ فِيهَا تِلْكَ الْحَرَكَةُ ثُمَّ ذُبِحَتْ فَاشْتَدَّتْ حَرَكَتُهَا أَوْ انْفَجَرَ دَمُهَا فَتَحِلُّ وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَتَدَفُّقُهُ بِمَعْنَى أَوْ كَمَا عَبَّرَ بِهَا قَبْلُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَيَقَّنَ مَوْتَهَا بَعْدُ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى مُشَاهَدَةِ حَرَكَةٍ اخْتِيَارِيَّةٍ تُدْرَكُ بِالْمُشَاهَدَةِ أَوْ انْفِجَارِ الدَّمِ بَعْدَ ذَبْحِهَا أَوْ وُجُودِ الْحَرَكَةِ الشَّدِيدَةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا سَبَقَ فِي كَلَامِهِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَإِنْ تَيَقَّنَ مَوْتَهَا بَعْدَ لَحْظَةٍ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ قَطْعُ الْوَدَجَيْنِ) الزِّيَادَةُ عَلَى الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَالْوَدَجَيْنِ قِيلَ بِحُرْمَتِهَا لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ فِي التَّعْذِيبِ، وَالرَّاجِحُ الْجَوَازُ مَعَ الْكَرَاهَةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي وَيُكْرَهُ زِيَادَةُ الْقَطْعِ. [فَرْعٌ] لَوْ اضْطَرَّ شَخْصٌ لِأَكْلِ مَا لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَبْحُهُ لِأَنَّ الذَّبْحَ يُزِيلُ الْعُفُونَاتِ أَمْ لَا لِأَنَّ ذَبْحَهُ لَا يُفِيدُ؟ وَقَعَ فِي ذَلِكَ تَرَدُّدٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْوُجُوبِ لِأَنَّ ذَبْحَهُ لَا يَزِيدُ عَلَى قَتْلِهِ بِأَيِّ طَرِيقٍ اتَّفَقَ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّهُ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَسْهَلُ لِخُرُوجِ الرُّوحِ (قَوْلُهُ: وَأَسْهَلُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُحِيطَانِ بِالْمَرِيءِ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: وَقِيلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَوْحَى) هُوَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ: أَيْ أَسْرَعَ

وَهُوَ صَحِيحٌ (وَلَوْ ذَبَحَهُ مِنْ قَفَاهُ) أَوْ مِنْ صَفْحَةِ عُنُقِهِ (عَصَى) لِلْعُدُولِ عَنْ مَحَلِّ الذَّبْحِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ التَّعْذِيبِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يُحْسِنْ فِي الذَّبْحِ وَالْقَطْعِ مِنْ صَفْحَةِ الْعُنُقِ كَالْقَطْعِ مِنْ الْقَفَا (فَإِنْ أَسْرَعَ) فِي ذَلِكَ (فَقَطَعَ الْحُلْقُومَ وَالْمَرِيءَ وَبِهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ) وَلَوْ ظَنًّا بِقَرِينَةٍ كَمَا مَرَّ (حَلَّ) لِمُصَادَفَةِ الذَّكَاةِ لَهُ وَهُوَ حَيٌّ كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَهُ ثُمَّ ذَكَّاهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَبْقَ بِهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ بِأَنْ وَصَلَ لِحَرَكَةِ مَذْبُوحٍ لَمَّا انْتَهَى إلَى قَطْعِ الْمَرِيءِ (فَلَا) يَحِلُّ لِصَيْرُورَتِهِ مَيْتَةً فَلَا تُفِدْ فِيهِ الذَّكَاةُ (وَكَذَا) (إدْخَالُ سِكِّينٍ بِأُذُنِ ثَعْلَبٍ) مَثَلًا لِيَقْطَعَ حُلْقُومَهُ وَمَرِيئَهُ دَاخِلَ الْجِلْدِ لِأَجْلِ جِلْدِهِ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْمَارُّ فِيمَا قَبْلَهَا، نَعَمْ يَحْرُمُ ذَلِكَ لِلتَّعْذِيبِ (وَيُسَنُّ نَحْرُ إبِلٍ) وَنَحْوِهِ مِمَّا طَالَ عُنُقُهُ وَهُوَ قَطْعُ اللَّبَّةِ أَسْفَلَ الْعُنُقِ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ لِخُرُوجِ رُوحِهَا لِطُولِ عُنُقِهَا، وَلَا بُدَّ فِي النَّحْرِ مِنْ قَطْعِ كُلِّ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ. (وَذَبْحُ بَقَرٍ وَغَنَمٍ) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَبَحَ عَنْ نِسَائِهِ الْبَقَرَ يَوْمَ النَّحْرِ وَضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَقَرْنَيْنِ ذَبَحَهُمَا وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا» (وَيَجُوزُ عَكْسُهُ) أَيْ ذَبْحُ الْإِبِلِ وَنَحْرِ غَيْرِهَا بِلَا كَرَاهَةٍ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى لِعَدَمِ وُرُودِ نَهْيٍ فِيهِ، وَالْخَيْلُ كَالْبَقَرِ وَكَذَا حِمَارُ الْوَحْشِ وَبَقَرُهُ (وَأَنْ يَكُونَ الْبَعِيرُ قَائِمًا مَعْقُولَ رُكْبَةٍ) يُسْرَى لِلِاتِّبَاعِ (وَالْبَقَرَةُ وَالشَّاةُ مُضْجَعَةً) بِالْإِجْمَاعِ، وَقَوْلُهُ فِي الدَّقَائِقِ إنَّ لَفْظَةَ الْبَقَرِ مِنْ زَوَائِدِهِ صَحِيحٌ بِاعْتِبَارِ بَعْضِ نُسَخِ الْمُحَرَّرِ، فَلَا يُنَافِيهِ وُجُودُهَا فِي بَعْضٍ آخَرَ (لِجَنْبِهَا الْأَيْسَرِ) لِأَنَّهَا أَسْهَلُ عَلَى الذَّابِحِ فِي أَخْذِ الْآلَةِ بِالْيَمِينِ وَإِمْسَاكِ رَأْسِهَا بِالْيَسَارِ، وَلَفْظَةُ الْأَيْسَرِ مِنْ زِيَادَاتِهِ وَهِيَ حَسَنَةٌ، فَلَوْ كَانَ أَعْسَرَ اُسْتُحِبَّ لَهُ اسْتِنَابَةُ غَيْرِهِ، وَلَا يُضْجِعُهَا عَلَى يَمِينِهَا كَمَا مَرَّ (وَتُتْرَكُ رِجْلُهَا الْيُمْنَى) لِتَسْتَرِيحَ بِتَحْرِيكِهَا (وَتُشَدُّ بَاقِي الْقَوَائِمِ) كَيْ لَا تَضْطَرِبَ حَالَةَ الذَّبْحِ فَيَزِلَّ الذَّابِحُ وَيُنْدَبُ إضْجَاعُهَا بِرِفْقٍ (وَأَنْ يَحُدَّ شَفْرَتَهُ) أَوْ غَيْرَهَا لِخَبَرِ «فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ» وَيُحِدَّ بِضَمِّ الْيَاءِ وَالشَّفْرَةُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ: السِّكِّينُ الْعَظِيمَةُ، وَالْمُرَادُ السِّكِّينُ مُطْلَقًا، وَآثَرَهَا لِأَنَّهَا الْوَارِدَةُ وَكَأَنَّهَا مِنْ شَفَرَ الْمَالُ ذَهَبَ لِإِذْهَابِهَا لِلْحَيَاةِ سَرِيعًا، وَيُنْدَبُ إمْرَارُهَا بِرِفْقٍ وَتَحَامُلٍ يَسِيرٍ ذَهَابًا وَإِيَابًا، وَيُكْرَهُ أَنْ يَحُدَّهَا قُبَالَتَهَا وَأَنْ يَذْبَحَ وَاحِدَةً وَالْأُخْرَى تَنْظُرُ إلَيْهَا، وَيُكْرَهُ لَهُ إبَانَةُ رَأْسِهَا حَالًا وَزِيَادَةُ الْقَطْعِ وَكَسْرُ الْعُنُقِ وَقَطْعُ عُضْوٍ مِنْهَا وَتَحْرِيكُهَا وَنَقْلُهَا حَتَّى تَخْرُجَ رُوحُهَا، وَالْأَوْلَى سَوْقُهَا إلَى الْمَذْبَحِ بِرِفْقٍ وَعَرْضُ الْمَاءِ عَلَيْهَا قَبْلَ ذَبْحِهَا (وَيُوَجِّهُ لِلْقِبْلَةِ ذَبِيحَتَهُ) وَفِي الْأُضْحِيَّةِ وَنَحْوِهَا آكَدُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُوَجِّهُ مَذْبَحَهَا، وَالْمَعْنَى فِيهِ كَوْنُهَا أَفْضَلَ الْجِهَاتِ لَا وَجْهُهَا لِيُمْكِنَهُ هُوَ الِاسْتِقْبَالُ أَيْضًا فَإِنَّهُ مَنْدُوبٌ (وَأَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ) وَحْدَهُ عِنْدَ الْفِعْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــSيُحِيطَانِ بِالْمَرِيءِ، فَلَعَلَّ الشَّارِحَ يُشِيرُ إلَى أَنَّ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ صَاحِبُ الْقِيلِ يُوجَدُ فِي بَعْضِ الْحَيَوَانَاتِ (قَوْلُهُ: فَقَطَعَ الْحُلْقُومَ وَالْمَرِيءَ) أَيْ وَصَلَ إلَيْهِمَا قَبْلَ ابْتِدَاءِ قَطْعِهِمَا وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ يَقِينًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ فَإِنْ شَكَّ فِي حُصُولِهَا وَلَمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْمَارُّ) أَيْ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ أَسْرَعَ إلَخْ، فَمَسْأَلَةُ الْعِصْيَانِ خَارِجَةٌ وَمِنْ ثَمَّ اسْتَدْرَكَ الشَّارِحُ بِهَا، وَلَوْ أَدْخَلَهَا فِي مُفَادِ التَّشْبِيهِ فَقَالَ فِي التَّفْصِيلِ وَالْعِصْيَانِ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ نَحْرُ إبِلٍ) تَخْصِيصُ الْإِبِلِ بِالنَّحْرِ وَالْبَقَرِ بِالذَّبْحِ يَقْتَضِي أَنَّ النَّحْرَ لَا يُسَمَّى ذَبْحًا، وَقَوْلُهُ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ وَكَانَ الْحَيَوَانُ يَذْبَحُهُ فِي حَلْقِهِ وَلَبَّتِهِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الذَّبْحَ شَامِلٌ لِلنَّحْرِ وَغَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ وَنَحْوُهُ ذُكِّرَ الضَّمِيرُ فِي نَحْوِهِ وَأَنَّثَهُ فِي رُوحِهَا تَنْبِيهًا عَلَى جَوَازِهِمَا فِي الضَّمِيرِ الرَّاجِعِ لِاسْمِ الْجِنْسِ الْجَمْعِيِّ، لَكِنْ فِي الْمُخْتَارِ أَنَّ الْإِبِلَ مُؤَنَّثَةٌ لِأَنَّ أَسْمَاءَ الْجُمُوعِ الَّتِي لَا وَاحِدَ لَهَا إذَا كَانَتْ لِغَيْرِ الْآدَمِيِّينَ فَالتَّأْنِيثُ لَهَا لَازِمٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يُضْجِعُهَا) أَيْ يُكْرَهُ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى سَوْقُهَا) وَالْمُخَاطَبُ بِالْأَوْلَوِيَّةِ مَالِكُهَا إنْ بَاشَرَ الذَّبْحَ وَمُقَدِّمَاتِهِ، فَإِنْ فَوَّضَ أَمْرَ الذَّبْحِ إلَى غَيْرِهِ وَسَلَّمَهَا لَهُ طُلِبَ مِنْهُ فِعْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْأُضْحِيَّةِ) أَيْ وَالتَّوَجُّهُ فِي الْأُضْحِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ) قَالَ الدِّمْيَاطِيُّ: وَالْأَكْمَلُ أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْقَطْعُ مِنْ صَفْحَةِ الْعُنُقِ كَالْقَطْعِ مِنْ الْقَفَا) مُكَرَّرٌ مَعَ مَا مَرَّ قُبَيْلَهُ

[فصل يحل ذبح مقدور عليه وجرح غيره]

مِنْ ذَبْحٍ أَوْ إرْسَالِ سَهْمٍ أَوْ جَارِحَةٍ لِلِاتِّبَاعِ فِيهِمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فِي الذَّبْحِ، وَيُكْرَهُ تَعَمُّدُ تَرْكِهَا، فَلَوْ تَرَكَهَا وَلَوْ عَمْدًا حَلَّ لِأَنَّ اللَّهَ أَبَاحَ ذَبَائِحَ أَهْلِ الْكِتَابِ بِقَوْلِهِ {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5] وَهُمْ لَا يَذْكُرُونَهَا، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121] فَالْمُرَادُ مَا ذُكِرَ عَلَيْهِ غَيْرُ اسْمِ اللَّهِ: يَعْنِي مَا ذُبِحَ لِلْأَصْنَامِ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [المائدة: 3] وَسِيَاقُ الْآيَةِ دَلَّ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ قَالَ {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: 121] وَالْحَالَةُ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا فِسْقًا هِيَ الْإِهْلَالُ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى {أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [الأنعام: 145] وَالْإِجْمَاعُ قَامَ عَلَى أَنَّ مَنْ أَكَلَ ذَبِيحَةَ مُسْلِمٍ لَمْ يُسَمِّ عَلَيْهَا لَيْسَ بِفِسْقٍ (وَيُصَلِّي) وَيُسَلِّمُ (عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) لِأَنَّهُ مَحَلٌّ يُشْرَعُ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ فَشُرِعَ فِيهِ ذِكْرُ نَبِيِّهِ كَالْأَذَانِ وَالصَّلَاةِ (وَلَا يَقُلْ بِاسْمِ اللَّهِ وَاسْمِ مُحَمَّدٍ) فَإِنْ قَالَهُ حَرُمَ لِإِبْهَامِهِ لِلتَّشْرِيكِ لِأَنَّ مِنْ حَقِّهِ تَعَالَى اخْتِصَاصَ الذَّبْحِ وَالْيَمِينِ بِاسْمِهِ وَالسُّجُودِ لَهُ مِنْ غَيْرِ مُشَارَكَةِ مَخْلُوقٍ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ أَرَادَ أَذْبَحُ بِاسْمِ اللَّهِ وَأَتَبَرَّكُ بِاسْمِ مُحَمَّدٍ فَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ عَدَمُ الْحُرْمَةِ، وَيُحْمَلُ إطْلَاقُ مَنْ نَفَى جَوَازَهُ عَلَى أَنَّهُ مَكْرُوهٌ إذْ الْمَكْرُوهُ يَصِحُّ نَفْيُ الْجَوَازِ عَنْهُ. (فَصْلٌ) يَحِلُّ ذَبْحُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ وَجُرْحُ غَيْرِهِ هُوَ بِمَعْنَى قَوْلِهِ فِي الرَّوْضَةِ الْمَقْدُورُ عَلَيْهِ لَا يَحِلُّ إلَّا بِذَبْحِهِ فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ (بِكُلِّ مُحَدَّدٍ) بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُشَدَّدَةِ: أَيْ شَيْءٍ لَهُ حَدٌّ (يَجْرَحُ) إذْ هُوَ اسْمُ مَفْعُولٍ وَهُوَ صِفَةٌ وَمَفْهُومُهَا مُعْتَبَرٌ فَأَفْهَمَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ بِغَيْرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ (كَحَدِيدٍ) أَيْ كَمُحَدَّدِ حَدِيدٍ (وَنُحَاسٍ) وَرَصَاصٍ (وَذَهَبٍ) وَفِضَّةٍ (وَخَشَبٍ وَقَصَبٍ وَحَجَرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ تَعَمُّدُ تَرْكِهَا) أَيْ التَّسْمِيَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَهُ حَرُمَ) أَيْ ذَلِكَ وَالْمَذْبُوحُ حَلَالٌ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ قَوْلُهُ حَرُمَ: أَيْ هَذَا الْقَوْلُ وَإِلَّا فَيَحِلُّ أَكْلُ الذَّبِيحَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. [فَائِدَةٌ] يَكْفِي الذَّبْحُ بِالْمُدْيَةِ الْمَسْمُومَةِ فَإِنَّ السُّمَّ لَا يَظْهَرُ لَهُ أَثَرٌ مَعَ الْقَطْعِ، وَلَا يُشْكِلُ ذَلِكَ بِعَدَمِ الْحِلِّ فِيمَا لَوْ قَتَلَهُ بِسَهْمٍ وَبُنْدُقٍ مَثَلًا، فَإِنَّ اجْتِمَاعَ السَّهْمِ مَعَ الْبُنْدُقَةِ يُؤَثِّرُ فِي الْقَتْلِ ظَاهِرًا مَا لَا يُؤَثِّرُهُ السَّهْمُ وَحْدَهُ، فَكَانَ لِلْبُنْدُقَةِ مَعَ السَّهْمِ أَثَرٌ ظَاهِرٌ فِي الْقَتْلِ، وَلَا كَذَلِكَ السُّمُّ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُقْتَلُ عَادَةً بَعْدَ سَرَيَانِهِ فِي الْجَسَدِ لَا بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ، وَالْقَطْعُ الَّذِي هُوَ أَثَرٌ بِمُبَاشَرَةِ السِّكِّينِ مُؤَثِّرٌ لِلزَّهُوقِ حَالًا فَلَا يُنْسَبُ تَأْثِيرٌ لِلسُّمِّ. (فَصْلٌ) يَحِلُّ ذَبْحُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَاللَّبَّةُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ: بِكُلِّ مُحَدَّدٍ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ الْمُحَدَّدِ بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ مَا لَوْ ذَبَحَ بِخَيْطٍ يُؤَثِّرُ مُرُورُهُ عَلَى حَلْقِ نَحْوِ الْعُصْفُورِ قَطَعَهُ كَتَأَثُّرِ السِّكِّينِ فِيهِ فَيَحِلُّ الْمَذْبُوحُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَنُحَاسٍ) أَيْ وَكَمُحَدَّدِ نُحَاسٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فِي الذَّبْحِ) لَعَلَّ هُنَا سَقْطًا، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فِي الذَّبْحِ لِلْأُضْحِيَّةِ وَقِيسَ بِمَا فِيهِ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَهُ حَرُمَ) أَيْ الْقَوْلُ لَا الْمَذْبُوحُ [فَصْلٌ يَحِلُّ ذَبْحُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ وَجُرْحُ غَيْرِهِ] (فَصْلٌ) يَحِلُّ ذَبْحُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: هُوَ بِمَعْنَى قَوْلِهِ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) كَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَجَرْحُ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ) فِيهِ مَنْعٌ ظَاهِرٌ إذْ غَايَةُ مَا تُفِيدُهُ الْعِبَارَةُ هُنَا بِالنَّظَرِ إلَى تَقْرِيرِهِ الْآتِي أَنَّ الذَّبْحَ الَّذِي هُوَ الْفِعْلُ لَا يَحِلُّ إلَّا بِالْمُحَدَّدِ، وَأَمَّا كَوْنُ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ لَا يَحِلُّ إلَّا بِالذَّبْحِ فَمِقْدَارٌ آخَرُ لَا يُفِيدُهُ الْمَتْنُ قَطْعًا، وَعِبَارَتُهُ هُنَا غَيْرُ عِبَارَتِهِ فِي الرَّوْضَةِ

وَزُجَاجٍ) لِأَنَّ ذَلِكَ أَسْرَعُ لِإِخْرَاجِ الرُّوحِ (إلَّا ظُفْرًا وَسِنًّا وَسَائِرَ الْعِظَامِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلُوا، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ، وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ، أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ» أَيْ وَهُمْ كُفَّارٌ قَدْ نُهِينَا عَنْ التَّشْبِيهِ بِهِمْ: أَيْ لِمَعْنًى ذَاتِيٍّ فِي الْآلَةِ الَّتِي وَقَعَ التَّشْبِيهُ بِهَا، فَلَا يُقَالُ مُجَرَّدُ النَّهْيِ عَنْ التَّشْبِيهِ بِهِمْ لَا يَقْتَضِي الْبُطْلَانَ بَلْ وَلَا الْحُرْمَةَ فِي نَحْوِ النَّهْيِ عَنْ السَّدْلِ وَاشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ وَأُلْحِقَ بِهِمَا بَاقِي الْعِظَامِ، وَمَعْلُومٌ مِمَّا يَأْتِي أَنَّ مَا قَتَلَتْهُ الْجَارِحَةُ بِظُفُرِهَا أَوْ نَابِهَا حَلَالٌ فَلَا يَحْتَاجُ لِاسْتِثْنَائِهِ (فَلَوْ قَتَلَ بِمُثْقَلٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ الْمُشَدَّدَةِ (أَوْ ثِقَلٍ مُحَدَّدٍ كَبُنْدُقَةٍ وَسَوْطٍ وَسَهْمٍ بِلَا نَصْلٍ وَلَا حَدٍّ) هَذِهِ أَمْثِلَةٌ لِلْأَوَّلِ وَالسَّهْمُ بِنَصْلٍ أَوْ حَدٍّ قَتَلَ بِثِقَلِهِ مِنْ أَمْثِلَةِ الثَّانِي (أَوْ) قَتَلَ (بِسَهْمٍ وَبُنْدُقَةٍ أَوْ جَرَحَهُ نَصْلٌ وَأَثَّرَ فِيهِ عَرْضُ السَّهْمِ فِي مُرُورِهِ وَمَاتَ بِهِمَا) أَيْ بِالْجُرْحِ وَالتَّأْثِيرِ (أَوْ انْخَنَقَ بِأُحْبُولَةٍ) مَنْصُوبَةٍ وَمَاتَ وَهِيَ مَا يُعْمَلُ مِنْ الْحِبَالِ لِلصَّيْدِ بِهِ (أَوْ أَصَابَهُ سَهْمٌ فَوَقَعَ بِأَرْضٍ) عَالِيَةٍ (أَوْ جَبَلٍ ثُمَّ سَقَطَ مِنْهُ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَمَاتَ (حَرُمَ) فِي الْمَسَائِلِ كُلِّهَا، أَمَّا فِي الْقَتْلِ بِمُثْقِلٍ فَلِأَنَّهُ مَوْقُوذَةٌ، إذْ هِيَ مَا قُتِلَ بِحَجَرٍ أَوْ بِمَا لَا حَدَّ لَهُ، وَأَمَّا مَوْتُهُ بِالسَّهْمِ وَالْبُنْدُقَةِ وَمَا بَعْدَهَا فَلِأَنَّهُ مَاتَ بِسَبَبَيْنِ: مُبِيحٌ وَمُحَرَّمٌ، فَغُلِّبَ الثَّانِي لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْمَيْتَاتِ، وَأَمَّا إذَا أَصَابَهُ سَهْمٌ فَوَقَعَ عَلَى جَبَلٍ ثُمَّ سَقَطَ مِنْهُ فَلِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مِنْ أَيِّهِمَا مَاتَ وَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّ الْمَقْتُولَ بِثِقَلِ الْجَارِحَةِ كَالْمَقْتُولِ بِجُرْحِهَا وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَرَرْنَاهُ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْأَرْضِ مَا نَزَلَ عَلَيْهِ ثُمَّ سَقَطَ مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوْ جَبَلٍ فَسَقَطَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَوْ عَبَّرَ بَدَلَ أَرْضٍ بِسَطْحٍ كَمَا بِأَصْلِهِ وَالشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ كَانَ أَوْلَى (وَلَوْ) (أَصَابَهُ) سَهْمٌ (بِالْهَوَاءِ) أَوْ عَلَى شَجَرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (فَسَقَطَ بِأَرْضٍ وَمَاتَ) (حَلَّ) لِأَنَّ وُقُوعَهُ عَلَى الْأَرْضِ لَا بُدَّ مِنْهُ فَعُفِيَ عَنْهُ كَمَا لَوْ كَانَ الصَّيْدُ قَائِمًا فَوَقَعَ عَلَى جَنْبِهِ لَمَّا أَصَابَهُ السَّهْمُ وَانْصَدَمَ بِالْأَرْضِ وَكَلَامُهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا جَرَحَهُ السَّهْمُ فِي الْهَوَاءِ جُرْحًا مُؤَثِّرًا فَلَوْ لَمْ يَجْرَحْهُ بَلْ كَسَرَ جَنَاحَهُ فَوَقَعَ وَمَاتَ أَوْ جَرَحَهُ جُرْحًا لَا يُؤَثِّرُ فَعَطَّلَ جَنَاحَهُ فَوَقَعَ فَمَاتَ لَمْ يَحِلَّ لِعَدَمِ ـــــــــــــــــــــــــــــSإلَخْ، وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِالْمِنْشَارِ الْمَعْرُوفِ الْآنَ فِي الذَّبْحِ (قَوْلُهُ: وَسَائِرُ الْعِظَامِ) ظَاهِرُهُ دُخُولُ الصَّدَفِ الْمَعْرُوفِ الَّذِي يُعْمَلُ بِهِ الْكَتَّانُ فَلَا يَكْفِي، وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِهِ فَلْيُرَاجَعْ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَظْمٍ (قَوْلُهُ: لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ) بِنَصْبِهِمَا فَإِنَّهُمَا مُسْتَثْنَيَانِ مِنْ فَاعِلِ أَنْهَرَ الْمُسْتَتِرِ فِيهِ وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ، وَالْإِنْهَارُ: الْإِسَالَةُ، شَبَّهَ خُرُوجَ الدَّمِ بِجَرْيِ الْمَاءِ فِي النَّهْرِ اهـ شَرْحُ التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الظُّفُرُ) هَذَا قَدْ يَقْتَضِي أَنَّ الظُّفُرَ لَيْسَ مِنْ الْعَظْمِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَسَائِرِ الْعِظَامِ (قَوْلُهُ: كَبُنْدُقَةٍ) وَأَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِحُرْمَةِ الرَّمْيِ بِالْبُنْدُقِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الذَّخَائِرِ لَكِنْ أَفْتَى النَّوَوِيُّ بِجَوَازِهِ وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا كَانَ الصَّيْدُ لَا يَمُوتُ مِنْهُ غَالِبًا كَالْإِوَزِّ فَإِنْ مَاتَ كَالْعَصَافِيرِ فَيَحْرُمُ اهـ. وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ. أَقُولُ: قَوْلُهُ لَا يَمُوتُ مِنْهُ غَالِبًا: أَيْ وَكَانَ ذَلِكَ طَرِيقًا لِلِاصْطِيَادِ وَإِلَّا حَرُمَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ بِلَا فَائِدَةٍ، وَكَالرَّمْيِ بِالْبُنْدُقَةِ ضَرْبُ الْحَيَوَانِ بِعَصًا وَنَحْوِهَا لِمَا ذُكِرَ وَإِنْ كَانَ طَرِيقًا لِلْوُصُولِ إلَيْهِ حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ الضَّرْبِ كَمَا يَقَعُ فِي إمْسَاكِ نَحْوِ الدَّجَاجِ فَإِنَّهُ قَدْ يَشُقُّ إمْسَاكُهَا، فَمُجَرَّدُ ذَلِكَ لَا يُبِيحُ ضَرْبَهَا فَإِنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي إلَى قَتْلِهَا، وَفِيهِ تَعْذِيبُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ وَكُلُّ مَا حَرُمَ فِعْلُهُ عَلَى الْبَالِغِ وَجَبَ عَلَى وَلِيِّ الصَّبِيِّ مَنْعُهُ مِنْهُ فَتَنَبَّهْ لَهُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ عَالِيَةٌ لَكِنْ فِي كَوْنِ مُجَرَّدِ ذَلِكَ مُسْقِطًا لِلْأَوْلَوِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَطْعًا، وَاَلَّذِي أَجَابَ بِهِ غَيْرُ الشَّارِحِ أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا إنَّمَا هُوَ فِي بَيَانِ الْآلَةِ، وَأَمَّا كَوْنُ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ لَا يَحِلُّ إلَّا بِالذَّبْحِ فَقَدْ قَدَّمَهُ أَوَّلَ الْبَابِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ أَسْرَعُ لِإِخْرَاجِ الرُّوحِ) هَذَا إنَّمَا عَلَّلَ بِهِ فِي التُّحْفَةِ بِنَاءً عَلَى بَقَاءِ الْمَتْنِ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَأَمَّا بَعْدَ تَحْوِيلِهِ إلَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ فَلَا يَتَأَتَّى هَذَا التَّعْلِيلُ (قَوْلُهُ: عُرْضُ السَّهْمِ) هُوَ بِضَمِّ الْعَيْنِ

مُبِيحٍ يُحَالُ مَوْتُهُ عَلَيْهِ. وَلَوْ رَمَاهُ فَوْقَ شَجَرَةٍ فَسَقَطَ وَأَصَابَ غُصْنَهَا ثُمَّ وَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ وَقَعَ فِي بِئْرٍ لَا مَاءَ بِهَا وَأَصَابَ جِدَارَهَا حَرُمَ فَإِنْ رَمَى طَيْرًا عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ وَلَمْ يَغْمِسْهُ السَّهْمُ فِيهِ وَمَاتَ حَلَّ وَالْمَاءُ لَهُ كَالْأَرْضِ أَوْ فِي هَوَاءِ الْمَاءِ وَالرَّامِي كَذَلِكَ حَلَّ وَإِنْ كَانَ خَارِجَ الْمَاءِ وَوَقَعَ بَعْدَ الْإِصَابَةِ فِيهِ حَرُمَ هَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَنْتَهِ فِي الْهَوَاءِ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ فَإِنْ وَصَلَ إلَيْهَا حَلَّ جَزْمًا وَلَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا مُعَلَّمًا فِي عُنُقِهِ قِلَادَةٌ يَضْرِبُ بِهَا فَجَرَحَ بِهَا الصَّيْدَ حَلَّ كَمَا لَوْ أَرْسَلَ عَلَيْهِ سَهْمًا (وَيَحِلُّ الِاصْطِيَادُ بِجَوَارِحِ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ كَكَلْبٍ) وَنَمِرٍ صَغِيرٍ قَابِلٍ لِلتَّعْلِيمِ (وَفَهْدٍ وَبَازٍ وَشَاهِينَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} [المائدة: 4] أَيْ وَصَيْدُ مَا عَلَّمْتُمْ (بِشَرْطِ كَوْنِهَا مُعَلَّمَةً) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يَحِلَّ مَا قَتَلَتْهُ فَإِنْ أَدْرَكَهُ وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ ذَبْحِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَبِي ثَعْلَبَةَ «مَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الْمُعَلَّمِ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ وَمَا جَرَحْتَ بِكَلْبِكَ غَيْرِ الْمُعَلَّمِ فَأَدْرَكْت ذَكَاتَهُ فَكُلْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَيُشْتَرَطُ فِي كَوْنِ الْكَلْبِ وَنَحْوِهِ مُعَلَّمًا أُمُورٌ أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ (بِأَنْ تَنْزَجِرَ جَارِحَةُ السِّبَاعِ بِزَجْرِ صَاحِبِهَا وَتَسْتَرْسِلَ بِإِرْسَالِهِ) أَيْ تَهِيجُ بِإِغْرَائِهِ (وَتُمْسِكُ الصَّيْدَ) أَيْ تَحْبِسُهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَلَا تَقْتُلُهُ فَإِذَا جَاءَ صَاحِبُهُ تُخَلِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، مِنْ غَيْرِ مُدَافَعَةٍ (وَلَا تَأْكُلُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ لَحْمِهِ أَوْ نَحْوِهِ كَجِلْدِهِ وَحُشْوَتِهِ قَبْلَ قَتْلِهِ أَوْ عَقِبَهُ. وَلَا يَقْدَحُ فِي حِلِّ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مُعَلِّمُ الْجَارِحَةِ مَجُوسِيًّا (وَيُشْتَرَطُ تَرْكُ الْأَكْلِ فِي جَارِحَةِ الطَّيْرِ فِي الْأَظْهَرِ) كَمَا فِي جَوَارِحِ السِّبَاعِ، وَالثَّانِي لَا لِأَنَّ تَرْكَهُ يَكُونُ بِالضَّرْبِ وَهِيَ لَا تَحْتَمِلُهُ، وَاقْتِصَارُهُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ يَقْتَضِي عَدَمَ اشْتِرَاطِ غَيْرِهِ فِيهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا بُدَّ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ أَنْ تَسْتَرْسِلَ بِإِرْسَالِهِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا مَطْمَعَ فِي انْزِجَارِهَا بَعْدَ طَيَرَانِهَا (وَيُشْتَرَطُ تَكَرُّرُ هَذِهِ الْأُمُورِ بِحَيْثُ يُظَنُّ تَأَدُّبُ الْجَارِحَةِ) وَمَرْجِعُهُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِالْجَوَارِحِ (وَلَوْ ظَهَرَ كَوْنُهُ مُعَلَّمًا ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَذْكُورَةِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى، إذْ غَايَتُهُ أَنَّ هَذَا بِتَسْلِيمِهِ مُصَحِّحٌ لَا مَانِعٌ لِلْأَوْلَوِيَّةِ (قَوْلُهُ: لَا مَاءَ بِهَا) أَيْ أَمَّا لَوْ كَانَ بِهَا مَاءٌ فَيَحْرُمُ صَدَمَ جِدَارَهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَأَصَابَ جِدَارَهَا حَرُمَ) أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنَّ مَوْتَهُ بِالْغُصْنِ أَوْ الْجِدَارِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْغُصْنِ مِنْ كَوْنِهِ يُمْكِنُ إحَالَةُ الْهَلَاكِ عَلَيْهِ لِغِلَظِهِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ رَمَى طَيْرًا) هَذَا التَّفْصِيلُ ذَكَرَهُ الزِّيَادِيُّ فِي طَيْرِ الْمَاءِ دُونَ غَيْرِهِ حَيْثُ قَالَ: فَإِنْ كَانَ غَيْرَ طَيْرِ الْمَاءِ بِأَنْ وَقَعَ فِي بِئْرٍ فِيهَا مَاءٌ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ وَإِنْ كَانَ طَيْرُ الْمَاءِ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ يَحِلُّ إلَى آخِرِ مَا هُنَا، وَكَلَامُ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ طَيْرِ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ) أَيْ الطَّيْرُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَصَلَ إلَيْهَا) أَيْ يَقِينًا بِقَرَائِنَ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، فَلَوْ شَكَّ حَرُمَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُصُولِهِ إلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ فِي عُنُقِهِ قِلَادَةٌ) إنْ عُلِمَ الضَّرْبُ بِهَا كَمَا فِي الْعُبَابِ (قَوْلُهُ: وَيَحِلُّ الِاصْطِيَادُ بِجَوَارِح السِّبَاعِ) لَوْ عَلَّمَ خِنْزِيرًا الِاصْطِيَادَ حَلَّ الصَّيْدُ وَإِنْ حَرُمَ مِنْ حَيْثُ الِاقْتِنَاءُ. قَالَهُ طب بَحْثًا، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَصَيْدُ مَا عَلَّمْتُمْ) أَيْ مِصْيَدُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَدْرَكَهُ) أَيْ مَا قَتَلَتْهُ غَيْرُ الْمُعَلَّمَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ مُدَافَعَةٍ) أَيْ فَإِنْ دَافَعَهُ لَمْ يَحِلَّ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ أَرَادَ الصَّائِدُ أَخْذَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا مَطْمَعَ فِي انْزِجَارِهَا) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنْ رَمَى طَيْرًا) يَعْنِي مِنْ طُيُورِ الْمَاءِ وَهِيَ الَّتِي تَعِيشُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ خَارِجَ الْمَاءِ) الضَّمِيرُ فِيهِ لِلطَّيْرِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ قَبْلَهُ وَالرَّامِي كَذَلِكَ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ لَوْ كَانَ الرَّامِي خَارِجَ الْمَاءِ وَالطَّيْرُ فِيهِ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَا مَاءَ بِهَا وَأَصَابَ جِدَارَهَا) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُصِبْهُ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْوُقُوعَ بِالْأَرْضِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ، وَبِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِهَا مَاءٌ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ مُطْلَقًا إحَالَةُ الْهَلَاكِ عَلَى الْغَرَقِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ وَقَعَ بِبِئْرٍ بِهَا مَاءٌ أَوْ صَدَمَهُ جِدَارٌ لَهَا حَرُمَ (قَوْلُهُ: قَابِلٍ لِلتَّعْلِيمِ) لَعَلَّ مُرَادَهُ بِهَذَا بَيَانُ مَا يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ مِنْ هَذَا النَّوْعِ وَإِلَّا فَمَنَاطُ الْحِلِّ كَوْنُهُ مُعَلَّمًا بِالْفِعْلِ لَا قَبُولُهُ، وَأَيْضًا فَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَوْ عُلِّمَ صَغِيرًا ثُمَّ كَبِرَ وَهُوَ عَلَى تَعَلُّمِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّغِيرِ فَلْيُرَاجَعْ

ثُمَّ أَكَلَ مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ) قَبْلَ قَتْلِهِ أَوْ عَقِبَهُ (لَمْ يَحِلَّ ذَلِكَ الصَّيْدُ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ عَدَمَ الْأَكْلِ شَرْطٌ فِي التَّعَلُّمِ ابْتِدَاءً فَكَذَلِكَ دَوَامًا وَالثَّانِي يَحِلُّ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ عَلَى التَّأْدِيبِ وَالْأَكْلُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِشِدَّةِ جُوعٍ أَوْ غَيْظٍ عَلَى الصَّيْدِ وَلَوْ أَرَادَ الصَّائِدُ أَخْذَهُ مِنْهُ فَامْتَنَعَ وَصَارَ يُقَاتِلُ دُونَهُ فَكَمَا لَوْ أَكَلَ مِنْهُ لِأَنَّهُ أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ، وَقَوْلُهُ ثُمَّ أَكَلَ مُقَيَّدٌ بِمَرَّةٍ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ لِيَخْرُجَ بِهِ مَا إذَا تَكَرَّرَ مِنْهُ الْأَكْلُ وَصَارَ عَادَةً لَهُ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ مَا أَكَلَ مِنْهُ قَطْعًا، وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ الصَّيْدُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَطِفُ التَّحْرِيمُ عَلَى مَا اصْطَادَهُ قَبْلَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ بِالْأَكْلِ عَنْ التَّعْلِيمِ إلَّا إذَا أَكَلَ مَا أُرْسِلَ عَلَيْهِ، فَإِنْ اسْتَرْسَلَ الْمُعَلَّمُ بِنَفْسِهِ فَقَتَلَ وَأَكَلَ لَمْ يَقْدَحْ فِي تَعْلِيمِهِ جَزْمًا، وَقَوْلُهُ مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ مِثَالٌ فَجِلْدُهُ وَحُشْوَتُهُ وَأُذُنُهُ وَعَظْمُهُ مِثْلُهُ، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ الْقَطْعُ بِالْحِلِّ فِي تَنَاوُلِ شَعْرِهِ إذْ لَيْسَ عَادَتُهُ الْأَكْلَ مِنْهُ، وَمِثْلُهُ الصُّوفُ وَالرِّيشُ (فَيُشْتَرَطُ) عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ (تَعْلِيمٌ جَدِيدٌ) لِفَسَادِ التَّعْلِيمِ الْأَوَّلِ مِنْ حِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ (وَلَا أَثَرَ لِلَعْقِ الدَّمِ) لِأَنَّ الْمَنْعَ مَنُوطٌ فِي الْخَبَرِ بِالْأَكْلِ مِنْ الصَّيْدِ وَلَمْ يُوجَدْ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَتَنَاوَلْ شَيْئًا مِنْ مَقْصُودِ الصَّائِدِ فَكَانَ كَتَنَاوُلِهِ الْفَرْثَ. (وَمَعَضُّ الْكَلْبِ مِنْ الصَّيْدِ نَجَسٌ) كَغَيْرِهِ مِمَّا تَنَجَّسَ مِنْهُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ) كَمَا لَوْ أَصَابَ ثَوْبًا فَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهِ وَتَعْفِيرِهِ، وَالثَّانِي نَعَمْ لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ فَأَشْبَهَ الدَّمَ الَّذِي فِي الْعُرُوقِ (وَأَنَّهُ يَكْفِي غَسْلُهُ بِمَاءٍ وَتُرَابٍ) سَبْعًا كَغَيْرِهِ لِعُمُومِ الْأَمْرِ بِذَلِكَ (وَلَا يَجِبُ أَنْ يُقَوَّرَ وَيُطْرَحَ) لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ، وَالثَّانِي يَجِبُ لِأَنَّ الْمَوْضِعَ يَشْرَبُ لُعَابَهُ فَلَا يَتَخَلَّلُهُ الْمَاءُ. (وَلَوْ تَحَامَلَتْ الْجَارِحَةُ عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَتْهُ بِثِقَلِهَا حَلَّ فِي الْأَظْهَرِ) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: 4] وَلِأَنَّهُ يَعِزُّ تَعْلِيمُهُ أَنْ لَا يَقْتُلَ إلَّا جُرْحًا وَلَيْسَ كَالْإِصَابَةِ بِعَرْضِ السَّهْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ سُوءِ الرَّمْيِ. وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهُ آلَةٌ فَلَمْ يَحِلَّ بِثِقَلِهِ كَالسِّلَاحِ وَلِأَنَّ اللَّهَ سَمَّاهَا جَوَارِحَ فَيَنْبَغِي أَنْ تَجْرَحَ، وَالْأَوَّلُ قَالَ: الْجَوَارِحُ الْكَوَاسِبُ بِالْبَاءِ، وَأَنَّثَ هُنَا الْجَارِحَةَ وَذَكَّرَهَا فِيمَا مَرَّ نَظَرًا لِلَّفْظِ تَارَةً وَلِلْمَعْنَى أُخْرَى، وَاحْتَرَزَ بِثِقَلِهِ عَمَّا لَوْ مَاتَ فَزَعًا مِنْهُ أَوْ بِشِدَّةِ عَدْوِهِ فَلَا يَحِلُّ قَطْعًا وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ يَجْرَحْ الْكَلْبُ الصَّيْدَ فَإِنْ جَرَحَهُ ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ حَلَّ قَطْعًا (وَلَوْ) (كَانَ بِيَدِهِ سِكِّينٌ فَسَقَطَ وَانْجَرَحَ بِهِ صَيْدٌ أَوْ احْتَكَّتْ بِهِ شَاةٌ وَهُوَ فِي يَدِهِ فَانْقَطَعَ حُلْقُومُهَا وَمَرِيئُهَا أَوْ اسْتَرْسَلَ كَلْبٌ) مَثَلًا (بِنَفْسِهِ فَقَتَلَ) (لَمْ يَحِلَّ) لِأَنَّ الذَّبْحَ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْقَصْدُ وَلَمْ يُوجَدْ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِي الضَّمَانِ: لِأَنَّهُ أَوْسَعُ وَلِانْتِفَاءِ الْإِرْسَالِ فِي الثَّالِثَةِ، وَقَدْ قَيَّدَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَوَازَ الْأَكْلِ بِالْإِرْسَالِ فَقَالَ «إذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ فَكُلْ» (وَكَذَا لَوْ اُسْتُرْسِلَ فَأَغْرَاهُ صَاحِبُهُ فَزَادَ عَدْوُهُ فِي الْأَصَحِّ) لِاجْتِمَاعِ الْمُحَرِّمِ وَالْمُبِيحِ فَغُلِّبَ الْمُحَرِّمُ، وَالثَّانِي يَحِلُّ لِظُهُورِ أَثَرِ الْإِغْرَاءِ بِالْعَدْوِ فَانْقَطَعَ بِهِ الِاسْتِرْسَالُ وَصَارَ كَأَنَّهُ جَرَحَ بِإِغْرَاءِ صَاحِبِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَحْرُمُ مَا أَكَلَ مِنْهُ) مُرَادُهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ مَا أَكَلَ مِنْهُ وَمَا بَعْدَهُ، وَلَوْ لَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ إلَى أَنْ يَسْتَأْنِفَ لَهُ تَعْلِيمًا جَدِيدًا بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ تَعَلُّمُهُ (قَوْلُهُ: فَقَتَلَ وَأَكَلَ لَمْ يَقْدَحْ فِي تَعْلِيمِهِ) وَكَذَا كُلُّ مَا اسْتَرْسَلَ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ فَقَتَلَهُ بِغَيْرِ إرْسَالٍ لِعَدَمِ الِاصْطِيَادِ بِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ سَقَطَتْ السِّكِّينُ عَلَى حَلْقِ شَاةٍ فَقَطَعَتْهُ (قَوْلُهُ: إذْ لَيْسَ عَادَتُهُ الْأَكْلَ) أَيْ عَادَةُ مَا صَادَ بِهِ، فَلَا يُقَالُ: أَكْلُهُ مِنْهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مَا اعْتَادَهُ قَبْلَ التَّعَلُّمِ مِنْ الْأَكْلِ فَالتَّعْلِيمُ لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ (قَوْلُهُ: بِثِقَلِهَا حَلَّ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَجْرَحْهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَلِأَنَّهُ يَعِزُّ تَعْلِيمُهُ أَنْ لَا يَقْتُلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلِلْمَعْنَى إلَخْ) أَيْ وَهُوَ أَنَّهَا اسْمٌ لِلْحَيَوَانِ الَّذِي يَجْرَحُ وَإِنْ كَانَ أُنْثَى وَلَفْظُ الْحَيَوَانِ مُذَكَّرٌ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمَعْنَى أَنَّهَا اسْمٌ لِلذَّكَرِ خَاصَّةً، وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: وَالْجَوَارِحُ مِنْ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ ذَاتُ الصَّيْدِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَشْتَرِطْ فِي الضَّمَانِ) أَيْ فَمَتَى تَلِفَ شَيْءٌ بِفِعْلِهِ ضَمِنَهُ وَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْفَرْثُ) هُوَ دَاخِلَ الْكَرِشِ

وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ فَزَادَ عَدْوُهُ عَمَّا إذَا لَمْ يَزِدْ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ جَزْمًا، وَبِقَوْلِهِ فَأَغْرَاهُ عَمَّا إذَا زَجَرَهُ فَإِنَّهُ إنْ وَقَفَ ثُمَّ أَغْرَاهُ وَقَتَلَ يَحِلُّ جَزْمًا، وَإِنْ لَمْ يَنْزَجِرْ وَمَضَى عَلَى وَجْهِهِ حَرُمَ جَزْمًا، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ صَاحِبُهُ أَنَّهُ لَوْ أَغْرَاهُ أَجْنَبِيٌّ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ وَسَوَاءٌ اسْتَشْلَاهُ صَاحِبُهُ أَوْ غَيْرُهُ (وَلَوْ أَصَابَهُ) أَيْ الصَّيْدَ (سَهْمٌ بِإِعَانَةِ رِيحٍ) طَرَأَ هُبُوبُهَا بَعْدَ الْإِرْسَالِ أَوْ قَبْلَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَكَانَ يَقْصُرُ عَنْهُ لَوْلَا الرِّيحُ حَلَّ لِأَنَّ الِاحْتِرَازَ عَنْ هُبُوبِهَا لَا يُمْكِنُ فَلَا يَتَغَيَّرُ بِهَا حُكْمُ الْإِرْسَالِ (وَلَوْ أَرْسَلَ سَهْمًا لِاخْتِبَارِ قُوَّتِهِ أَوْ إلَى غَرَضٍ فَاعْتَرَضَ صَيْدٌ فَقَتَلَهُ حَرُمَ فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ قَصْدِهِ، وَالثَّانِي يَحِلُّ لِوُجُودِ قَصْدِ الْفِعْلِ، وَكَذَا لَوْ أَرْسَلَ عَلَى مَا لَا يُؤْكَلُ كَذِئْبٍ فَأَصَابَ صَيْدًا فِيهِ يَحِلُّ (وَلَوْ رَمَى صَيْدًا ظَنَّهُ حَجَرًا حَلَّ أَوْ سِرْبَ ظِبَاءٍ فَأَصَابَ وَاحِدَةً حَلَّتْ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهُ قَتَلَهُ بِفِعْلِهِ وَلَا اعْتِبَارَ بِظَنِّهِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّهُ قَصَدَ السِّرْبَ وَهَذَا مِنْهُ (فَإِنْ قَصَدَ وَاحِدَةً) مِنْ السِّرْبِ (فَأَصَابَ غَيْرَهَا) مِنْ ذَلِكَ السِّرْبِ أَوْ غَيْرِهِ (حَلَّتْ فِي الْأَصَحِّ) لِوُجُودِ قَصْدِ الصَّيْدِ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِإِصَابَتِهِ غَيْرَ مَا قَصَدَهُ، وَلَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا عَلَى صَيْدٍ فَعَدَلَ إلَى غَيْرِهِ وَلَوْ إلَى غَيْرِ جِهَةِ الْإِرْسَالِ فَأَصَابَهُ وَمَاتَ حَلَّ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ حِلُّهُ وَإِنْ ظَهَرَ لِلْكَلْبِ بَعْدَ إرْسَالِهِ لَكِنْ قَطَعَ الْإِمَامُ بِخِلَافِهِ فِيمَا إذَا اسْتَدْبَرَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ وَقَصَدَ آخَرَ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْفَارِقِيُّ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ، وَهُوَ لَا يُخَالِفُ مَا قَالَهُ الْفَارِقِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَرْسَلَهُ عَلَى صَيْدٍ فَأَمْسَكَهُ ثُمَّ عَنَّ لَهُ آخَرُ فَأَمْسَكَهُ حَلَّ سَوَاءٌ كَانَ عِنْدَ الْإِرْسَالِ مَوْجُودًا أَمْ لَا لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَنْ يُرْسِلَهُ عَلَى صَيْدٍ وَقَدْ وُجِدَ، وَلَوْ قَصَدَ غَيْرَ الصَّيْدِ كَمَنْ رَمَى سَهْمًا أَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا عَلَى حَجَرٍ أَوْ عَبَثًا فَأَصَابَ صَيْدًا حَرُمَ، وَكَذَا لَوْ قَصَدَهُ وَأَخْطَأَ فِي الظَّنِّ وَالْإِصَابَةِ مَعًا، كَمَنْ رَمَى صَيْدًا ظَنَّهُ حَجَرًا أَوْ خِنْزِيرًا فَأَصَابَ صَيْدًا غَيْرَهُ حَرُمَ لَا عَكْسُهُ كَمَا مَرَّ (وَلَوْ غَابَ عَنْهُ الْكَلْبُ وَالصَّيْدُ) قَبْلَ أَنْ يَجْرَحَهُ الْكَلْبُ (ثُمَّ وَجَدَهُ مَيِّتًا حَرُمَ عَلَى الصَّحِيحِ) لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ بِسَبَبٍ آخَرَ، وَلَا أَثَرَ لِتَضَمُّخِهِ بِدَمِهِ فَرُبَّمَا جَرَحَهُ الْكَلْبُ أَوْ أَصَابَتْهُ جِرَاحَةٌ أُخْرَى (وَإِنْ) (جَرَحَهُ) الْكَلْبُ أَوْ أَصَابَهُ سَهْمٌ فَجَرَحَهُ (وَغَابَ ثُمَّ وَجَدَهُ مَيِّتًا) (حَرُمَ فِي الْأَظْهَرِ) لِمَا مَرَّ وَالتَّحْرِيمُ يُحْتَاطُ لَهُ، وَقَدْ نَقَلَ فِي الْمُحَرَّرِ ذَلِكَ عَنْ الْجُمْهُورِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، فَفِي سُنَنِ الْبَيْهَقِيّ وَغَيْرِهِ بِطُرُقٍ حَسَنَةٍ فِي حَدِيثِ «عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ أَنَّهُ قَالَ قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَمْ يَقْصِدْ إتْلَافَهُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ اسْتَشْلَاهُ) أَيْ أَرْسَلَهُ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: أَشْلَيْتُ الْكَلْبَ وَغَيْرَهُ إشْلَاءً: دَعَوْته، وَأَشْلَيْتُهُ عَلَى الصَّيْدِ مِثْلُ أَغْرَيْته وَزْنًا وَمَعْنًى. قَالَهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ وَجَمَاعَةٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ظَهَرَ) أَيْ الصَّيْدُ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ إرْسَالِهِ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَطَعَ الْإِمَامُ) أَيْ فَيُقَيِّدُ مَا قَبْلَهُ بِعَدَمِ الِاسْتِدْبَارِ، وَكَأَنَّ الْفَرْقَ أَنَّهُ بِالِاسْتِدْبَارِ أَعْرَضَ بِالْكُلِّيَّةِ عَمَّا أَرْسَلَهُ إلَيْهِ صَاحِبُهُ، بِخِلَافِ عَدَمِ الِاسْتِدْبَارِ فَإِنَّ الْحَاصِلَ مَعَهُ مُجَرَّدُ الِانْحِرَافِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَعْدِلْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَصَدَ غَيْرُ الصَّيْدِ) وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ رَمَى سَهْمًا عَلَى نَخْلَةٍ مَثَلًا بِقَصْدِ رَمْيِ بَلَحِهَا فَأَصَابَ صَيْدًا فَلَا يَحِلُّ ذَلِكَ (قَوْلُهُ كَمَنْ رَمَى صَيْدًا) أَيْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَحْرُمُ بِاسْتِرْسَالِ غَيْرِ صَاحِبِهِ كَصَاحِبِهِ فَلَا يَخْفَى أَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْهُ بِطَرِيقِ مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَحِلَّ بِاسْتِرْسَالِ صَاحِبِهِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى، فَلَا يُقَالُ: إنَّ كَلَامَهُ أَفْهَمَ مَا ذَكَرَ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ أَيْضًا فَلَيْسَ كَذَلِكَ، إذْ لَا خِلَافَ فِي حُرْمَتِهِ حِينَئِذٍ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ أَرْسَلَ عَلَى مَا لَا يُؤْكَلُ) أَيْ عَلَى الثَّانِي الضَّعِيفِ (قَوْلُهُ: لَا عَكْسُهُ) أَيْ بِأَنْ رَمَى حَجَرًا أَوْ خِنْزِيرًا ظَنَّهُ صَيْدًا: أَيْ وَأَصَابَ صَيْدًا وَمَاتَ فَإِنَّهُ يَحِلُّ كَمَا صَوَّرَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ لَكِنَّ هَذَا لَمْ يَمُرَّ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ.

[فصل فيما يملك به الصيد وما يذكر معه]

إنَّا أَهْلُ صَيْدٍ وَإِنَّ أَحَدَنَا يَرْمِي الصَّيْدَ فَيَغِيبُ عَنْهُ اللَّيْلَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ فَيَجِدُهُ مَيِّتًا، فَقَالَ: إذَا وَجَدْت فِيهِ أَثَرَ سَهْمِك وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ أَثَرُ سَبُعٍ وَعَلِمْت أَنَّ سَهْمَك قَتَلَهُ فَكُلْ» فَهَذَا مُقَيِّدٌ لِبَقِيَّةِ الرِّوَايَاتِ وَدَالٌّ عَلَى التَّحْرِيمِ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ: أَيْ لَمْ يَظُنَّ أَنَّ سَهْمَهُ قَتَلَهُ. وَالثَّانِي يَحِلُّ، وَاخْتَارَهُ الْغَزَالِيُّ، وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: إنَّهُ أَصَحُّ دَلِيلًا، وَفِي الْمَجْمُوعِ إنَّهُ الصَّحِيحُ أَوْ الصَّوَابُ، وَثَبَتَ فِيهِ أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ قَدْ أَنْهَاهُ بِالْجُرْحِ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ، فَإِنْ أَنْهَاهُ حَلَّ قَطْعًا، وَمَا إذَا لَمْ يَجِدْ فِيهِ غَيْرَ جُرْحِهِ فَإِنْ وَجَدَ فِيهِ جِرَاحَةً أُخْرَى أَوْ وَجَدَهُ فِي مَاءٍ حَرُمَ قَطْعًا. (فَصْلٌ) فِيمَا يُمْلَكُ بِهِ الصَّيْدُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ (يُمْلَكُ الصَّيْدُ) الَّذِي يَحِلُّ اصْطِيَادُهُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ حَرَمِيًّا وَلَيْسَ بِهِ أَثَرُ مِلْكٍ كَخَضْبٍ وَقَصِّ جَنَاحٍ وَلَمْ يَكُنْ صَائِدُهُ مُحْرِمًا (بِضَبْطِهِ) أَيْ الْإِنْسَانِ وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ، نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ وَأَمَرَهُ غَيْرُهُ فَهُوَ لِذَلِكَ الْغَيْرِ لِأَنَّهُ آلَةٌ لَهُ مَحْضَةٌ (بِيَدِهِ) لِأَنَّهُ مُبَاحٌ فَمُلِكَ بِوَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهِ كَسَائِرِ الْمُبَاحَاتِ سَوَاءٌ قَصَدَ بِذَلِكَ مِلْكَهُ أَمْ لَا حَتَّى لَوْ أَخَذَهُ لِيَنْظُرَ إلَيْهِ مَلَكَهُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ مُمْتَنِعًا أَوْ لَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} [المائدة: 94] أَرَادَ بِمَا تَنَالُهُ الْأَيْدِي الصِّغَارَ، وَلَوْ كَانَ الصَّائِدُ غَيْرَ مُمَيَّزٍ كَأَعْجَمِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِهِ أَحَدٌ مَلَكَهُ وَإِنْ أَمَرَهُ بِهِ غَيْرُهُ فَهَلْ هُوَ لَهُ إنْ كَانَ حُرًّا أَوْ لِسَيِّدِهِ إنْ كَانَ قِنًّا أَوْ لِلْآمِرِ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ فِي تَمَلُّكِ الْمُبَاحِ، أَمَّا الَّذِي لَا يَحِلُّ اصْطِيَادُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ «وَعَلِمْت أَنَّ سَهْمَك قَتَلَهُ» ) أَيْ أَصَابَهُ. (فَصْلٌ) فِيمَا يُمْلَكُ بِهِ الصَّيْدُ (قَوْلُهُ: يُمْلَكُ بِهِ الصَّيْدُ) أَيْ وَلَوْ غَيْرَ مَأْكُولٍ (قَوْلُهُ: الَّذِي يَحِلُّ اصْطِيَادُهُ) وَمِنْ ذَلِكَ الْإِوَزُّ الْعِرَاقِيُّ الْمَعْرُوفُ فَيَحِلُّ اصْطِيَادُهُ وَأَكْلُهُ، وَلَا عِبْرَةَ بِمَا اُشْتُهِرَ عَلَى الْأَلْسِنَةِ مِنْ أَنَّ لَهُ مُلَّاكًا مَعْرُوفِينَ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِذَلِكَ، وَبِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَيَجُوزُ أَنَّ ذَلِكَ الْإِوَزَّ مِنْ الْمُبَاحِ الَّذِي لَا مَالِكَ لَهُ، فَإِنْ وُجِدَ بِهِ عَلَامَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ كَخَضْبٍ وَقَصِّ جَنَاحٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لُقَطَةً كَغَيْرِهِ مِمَّا يُوجَدُ فِيهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَكُنْ حَرَمِيًّا) يَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ وَلَمْ يَكُنْ مِمَّا أُمِرَ بِقَتْلِهِ كَالْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ، فَإِنَّ الْيَدَ لَا تَثْبُتُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ صَائِدُهُ مُحْرِمًا) وَلَا مُرْتَدًّا مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ) أَيْ أَوْ أَعْجَمِيًّا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ الْآمِرِ، لِأَنَّهُ آلَةٌ لَهُ مَحْضَةٌ وَخَرَجَ بِمَا مَرَّ مَا لَوْ لَمْ يَأْمُرْهُ أَحَدٌ فَيَمْلِكُ مَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَلَا يَضُرُّ فِي ذَلِكَ عَدَمُ تَمْيِيزِهِ (قَوْلُهُ: بِيَدِهِ) وَمِنْهُ مَا لَوْ تَعَقَّلَ بِنَحْوِ شَبَكَةٍ نَصَبَهَا ثُمَّ أَخَذَهَا الصَّيَّادُ بِمَا فِيهَا وَانْفَلَتَ مِنْهَا الصَّيْدُ بَعْدَ أَخْذِهَا فَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَرَادَ بِمَا تَنَالُهُ الْأَيْدِي الصِّغَارُ) أَيْ مِنْ الصَّيْدِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الصَّائِدُ) هَذِهِ عُلِمَتْ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِهِ أَحَدٌ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وَصَائِدُهُ غَيْرُ مُحْرِمٍ: أَيْ وَلَوْ صَبِيًّا وَمَجْنُونًا وَإِنْ أَمَرَهَا غَيْرُهُمَا: أَيْ إنْ كَانَ لَهُمَا نَوْعُ تَمْيِيزٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَمَرَهُ) أَيْ أَمَرَ الصَّائِدُ الَّذِي يُعْتَبَرُ قَصْدُهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ لَا غَيْرُ الْمُمَيِّزِ إذْ لَا قَصْدَ لَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ لِلْآمِرِ فِيهِ الْوَجْهَانِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِيمَا يُمْلَكُ بِهِ الصَّيْدُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ] فَصْلٌ) فِيمَا يُمْلَكُ بِهِ الصَّيْدُ (قَوْلُهُ أَيْ الْإِنْسَانُ) اُنْظُرْ هَلَّا قَدَّمَهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ يُمْلَكُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، لَكِنَّ عِبَارَةَ التُّحْفَةِ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ " يُمْلَكُ " مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ، وَانْظُرْ مَا وَجْهُ تَعَيُّنِهِ مَعَ أَنَّ بِنَاءَهُ لِلْفَاعِلِ أَفْيَدُ مِنْ حَيْثُ تَضَمُّنُهُ النَّصَّ عَلَى الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: فِيهِ الْوَجْهَانِ فِي تَمَلُّكِ الْمُبَاحِ) عِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ: فِيهِ الْوَجْهَانِ فِي التَّوْكِيلِ فِي تَمَلُّكِ الْمُبَاحِ انْتَهَتْ. فَلَعَلَّ لَفْظَ فِي التَّوْكِيلِ

فَلَا يَمْلِكُهُ قَطْعًا، وَلَوْ سَعَى خَلْفَهُ فَوَقَفَ إعْيَاءً أَوْ جَرَحَهُ فَوَقَفَ عَطَشًا لِعَدَمِ الْمَاءِ لَا عَجْزًا عَنْ الْوُصُولِ إلَى الْمَاءِ لَمْ يَمْلِكْهُ حَتَّى يَأْخُذَهُ (وَبِجُرْحٍ مُذَفِّفٍ) أَيْ مُسْرِعٍ لِلْقَتْلِ (وَبِإِزْمَانٍ وَكَسْرِ جَنَاحٍ) أَوْ قَصِّهِ بِحَيْثُ يَعْجِزُ عَنْ الطَّيَرَانِ وَالْعَدْوِ جَمِيعًا لِأَنَّهُ يُعَدُّ بِذَلِكَ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهِ، وَيَكْفِي فِي ذَلِكَ إبْطَالُ شِدَّةِ عَدْوِهِ بِحَيْثُ يَسْهُلُ أَخْذُهُ، وَلَوْ قَطَعَ حُلْقُومَهُ وَمَرِيئَهُ أَوْ أَخْرَجَ حُشْوَتَهُ بِسَهْمِهِ أَوْ جَارِحَتِهِ كَانَ كَافِيًا بِالْأَوْلَى (وَبِوُقُوعِهِ) وُقُوعًا لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى الْخَلَاصِ (فِي شَبَكَةٍ) وَلَوْ مَغْصُوبَةً (نَصَبَهَا) لَهُ، نَعَمْ إنْ قَدَرَ عَلَى خَلَاصِهِ مِنْهَا لَمْ يَمْلِكْهُ، فَلَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ مَلَكَهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَلَا يَمْلِكُهُ مَنْ طَرَدَهُ إلَيْهَا لِتَقَدُّمِ حَقِّ نَاصِبِهَا، وَخَرَجَ بِنَصْبِهَا مَا لَوْ وَقَعَتْ مِنْهُ فَتَعَقَّلَ بِهَا صَيْدٌ وَيَعُودُ الصَّيْدُ الْوَاقِعُ فِيهَا مُبَاحًا إنْ قَطَعَهَا فَانْفَلَتَ وَيَمْلِكُهُ آخِذُهُ، وَإِنْ قَطَعَهَا غَيْرُهُ فَانْفَلَتَ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهَا فَلَا يَمْلِكُهُ غَيْرُهُ، فَإِنْ ذَهَبَ بِالشَّبَكَةِ وَكَانَ قَادِرًا عَلَى امْتِنَاعِهِ فَهُوَ لِمَنْ أَخَذَهُ وَإِلَّا فَهُوَ لِصَاحِبِهَا، وَلَوْ أَرْسَلَ عَلَيْهِ كَلْبًا وَلَوْ غَيْرَ مُعَلَّمٍ أَوْ سَبُعًا لَهُ عَلَى ذَلِكَ يَدٌ مُلْكه، فَلَوْ انْفَلَتَ مِنْ نَحْوِ الْكَلْبِ وَلَوْ بَعْدَ أَنْ أَدْرَكَهُ صَاحِبُهُ لَمْ يَمْلِكْهُ، أَمَّا إذَا قَدَرَ مَعَهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَمْلِكُهُ مَا دَامَ قَادِرًا فَمَنْ أَخَذَهُ مَلَكَهُ (وَبِإِلْجَائِهِ إلَى مَضِيقٍ لَا يُفْلِتُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ اللَّامِ: أَيْ يَنْفَلِتُ (مِنْهُ) بِأَنْ يُدْخِلَهُ بَيْتًا وَنَحْوَهُ لِأَنَّهُ صَارَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ، فَلَوْ أَدْخَلَ سَمَكًا حَوْضًا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ لِكَوْنِهِ صَغِيرًا يُمْكِنُهُ تَنَاوُلُهُ مَا فِيهِ بِيَدِهِ مَلَكَهُ، فَإِنْ كَانَ كَبِيرًا لَا يُمْكِنُهُ أَخْذُ مَا فِيهِ إلَّا بِجَهْدٍ وَتَعَبٍ أَوْ إلْقَاءِ شَبَكَةٍ لَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSالرَّاجِحُ مِنْهُمَا أَنَّهُ لِلْآمِرِ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ الْآخِذُ تَمَلُّكَهُ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ لَا عَجْزًا) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ جَرَحَهُ فَوَقَفَ عَجْزًا عَنْ الْوُصُولِ إلَى الْمَاءِ مَلَكَهُ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ وُقُوفَهُ بَعْدَ الْجُرْحِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ عَجْزَهُ نَشَأَ عَنْ الْجُرْحِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَبْطَلَ مَنْعَتَهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَفَ عَطَشًا فَإِنَّ عَطَشَهُ الْمُقْتَضِي لِلْوُقُوفِ لَيْسَ نَاشِئًا عَنْ الْجُرْحِ، وَكَذَا إعْيَاؤُهُ فِيمَا لَوْ سَعَى خَلْفَهُ لَيْسَ بِفِعْلٍ أَوْجَدَهُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ الْإِعْيَاءُ نَاشِئًا عَنْ سَعْيِهِ خَلْفَهُ فَلْيُحَرَّرْ وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِالْقَرَائِنِ (قَوْلُهُ: حُلْقُومُهُ وَمَرِيئُهُ) أَيْ أَوْ أَحَدُهُمَا فَقَطْ (قَوْلُهُ: حُشْوَتُهُ) هِيَ بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا الْأَمْعَاءُ، وَأَخْرَجْت حُشْوَةَ الشَّاةِ: أَيْ جَوْفَهَا اهـ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ قَدَرَ عَلَى خَلَاصِهِ) الْأَوْلَى فَإِنَّ لِأَنَّ هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ قَبْلُ لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى الْخَلَاصِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ) أَيْ وَيَصْدُقُ فِي كَوْنِ الْأَوَّلِ لَمْ يَفْعَلْ بِهِ مَا صَيَّرَهُ بِهِ غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَتَعَقَّلَ بِهَا صَيْدٌ) أَيْ فَلَا يَمْلِكُهُ لِعَدَمِ فِعْلٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَيَعُودُ الصَّيْدُ الْوَاقِعُ فِيهَا) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبِوُقُوعِهِ فِي شَبَكَةٍ نَصَبَهَا إلَخْ، وَقَدْ يُشْكِلُ زَوَالُ مِلْكِهِ عَنْهُ بِقَطْعِهِ لَهَا بِمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ مَتَى مَلَكَهُ لَا يَزُولُ مِلْكُهُ بِانْفِلَاتِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ بِقَطْعِهِ لَهَا تَبَيَّنَ أَنَّ وُقُوعَهُ فِيهَا غَيْرُ مَانِعٍ مِنْ إمْكَانِ تَخَلُّصِهِ مِنْهَا، وَقَدْ جَعَلَ عَدَمَ إمْكَانِ التَّخَلُّصِ شَرْطًا لِلْمِلْكِ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَطَعَهَا غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الصَّيْدِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهَا) أَيْ وَيَضْمَنُ الْقَاطِعُ أَرْشَ الْقَطْعِ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا قَدَرَ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ لَا يَقْدِرُ مَعَهُ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَدْخَلَ) أَيْ تَسَبَّبَ فِي إدْخَالِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQسَقَطَ مِنْ الشَّارِحِ مِنْ الْكَتَبَةِ (قَوْلُهُ: لَا عَجْزًا عَنْ الْوُصُولِ إلَى الْمَاءِ) أَيْ بِسَبَبِ الْجُرْحِ (قَوْلُهُ: لَهُ) أَيْ لِلصَّيْدِ: أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا نَصَبَهَا لَا لِلصَّيْدِ فَلَا يَمْلِكُ مَا وَقَعَ فِيهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ حَجَرٍ خِلَافًا لِلدَّمِيرِيِّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ قَدَرَ إلَخْ) هُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ وُقُوعًا لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى الْخَلَاصِ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يُكَرِّرُهُ فِي قَوْلِهِ أَمَّا إذَا قَدَرَ مَعَهُ إلَخْ، وَالتَّعْبِيرُ بِمَا سَيَأْتِي هُوَ الْمُنَاسِبُ لَكِنْ فِي بَعْضِ النُّسَخِ إسْقَاطُ الْآتِي الْمَذْكُورِ مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا وُقُوعًا لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى الْخَلَاصِ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى هَذَا الِاسْتِدْرَاكِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِنَصْبِهَا) أَيْ لِلصَّيْدِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَيَعُودُ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ صَغِيرًا إلَخْ) لَعَلَّ الْوَجْهَ فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا إلَخْ إذْ لَا يَحْسُنُ عِلَّةً لِمَا قَبْلَهُ بَلْ هُوَ قَيْدٌ زَائِدٌ

يَمْلِكْهُ بِهِ وَلَكِنَّهُ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ صَيْدُهُ بِدُونِ إذْنِهِ. (وَلَوْ وَقَعَ صَيْدٌ فِي مِلْكِهِ) اتِّفَاقًا أَوْ بِمَا يَحِلُّ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَلَوْ بِعَارِيَّةٍ كَسَفِينَةٍ كَبِيرَةٍ (وَصَارَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ بِتَوَحُّلٍ وَغَيْرِهِ لَمْ يَمْلِكْهُ فِي الْأَصَحِّ) إذْ لَا يَقْصِدُ بِمِثْلِهِ الِاصْطِيَادَ وَالْقَصْدُ مَرْعِيٌّ فِي التَّمْلِيكِ، نَعَمْ يَصِيرُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَالثَّانِي يَمْلِكُهُ كَالشَّبَكَةِ، وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الِاصْطِيَادَ، فَإِنْ قَصَدَهُ بِهِ وَاعْتِيدَ ذَلِكَ مَلَكَهُ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْتَدْ الِاصْطِيَادَ بِهِ فَلَا، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا نَقَلَهُ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ عَنْ الْإِمَامِ أَيْضًا، وَلَوْ أَغْلَقَ عَلَى الصَّيْدِ بَابَ الْبَيْتِ مَثَلًا لِئَلَّا يَخْرُجَ مَلَكَهُ إنْ أَغْلَقَهُ عَلَيْهِ مَنْ لَهُ يَدٌ لَا مَنْ لَا يَدَ لَهُ عَلَى الْبَيْتِ وَلَوْ عَشَّشَ فِي أَرْضِهِ وَبَاضَ وَفَرَّخَ لَمْ يَمْلِكْهُ كَبَيْضِهِ وَفَرْخِهِ لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يُقْصَدُ بِهِ الِاصْطِيَادُ وَيَكُونُ أَحَقَّ بِهِ، فَإِنْ قَصَدَ بِبِنَائِهِ ذَلِكَ وَاعْتِيدَ الِاصْطِيَادُ بِهِ مَلَكَهُ نَظِيرَ مَا مَرَّ (وَمَتَى مَلَكَهُ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ) عَنْهُ (بِانْفِلَاتِهِ) كَمَا لَوْ أَبَقَ الْعَبْدُ، وَمَنْ أَخَذَهُ لَزِمَهُ رَدُّهُ لَهُ وَإِنْ تَوَحَّشَ (وَكَذَا بِإِرْسَالِ الْمَالِكِ لَهُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ رَفْعَ الْيَدِ لَا يَقْتَضِي زَوَالَ الْمِلْكِ كَمَا لَوْ سَيَّبَ دَابَّتَهُ، بَلْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ السَّوَائِبَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ} [المائدة: 103] وَلِأَنَّهُ قَدْ يَخْتَلِطُ بِالْمُبَاحِ فَيُصَادُ، وَسَوَاءٌ قَصَدَ بِذَلِكَ التَّقَرُّبَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى أَمْ لَا. وَالثَّانِي يَزُولُ كَعِتْقِ عَبْدِهِ، وَمَحَلُّ كَلَامِهِ فِي غَيْرِ الْمُحْرِمِ. أَمَّا لَوْ أَحْرَمَ وَفِي مِلْكِهِ صَيْدٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إرْسَالُهُ وَيَزُولُ عَنْهُ مِلْكُهُ. وَيُسْتَثْنَى مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ مَا إذَا خِيفَ عَلَى وَلَدِهِ بِحَبْسِ مَا صَادَهُ فَيُتَّجَهُ وُجُوبُ إرْسَالِهِ صِيَانَةً لِرُوحِهِ كَمَا يَشْهَدُ لِذَلِكَ حَدِيثُ الْغَزَالَةِ الَّتِي أَطْلَقَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَجْلِ أَوْلَادِهَا لَمَّا اسْتَجَارَتْ بِهِ، وَحَدِيثُ الْحُمَّرَةِ الَّتِي أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِرَدِّ فَرْخِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلِهِ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ صَيْدُهُ) أَيْ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِدُونِ إذْنِهِ) أَيْ لَكِنْ لَوْ أَخَذَهُ مَلَكَهُ كَالْمُتَحَجِّرِ (قَوْلُهُ: مَنْ لَهُ يَدٌ) أَيْ وَلَوْ بِغَصْبٍ (قَوْلُهُ: وَبَاضَ وَفَرَّخَ لَمْ يَمْلِكْهُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِالْبِنَاءِ الِاصْطِيَادَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي فَإِنْ قَصَدَ بِبِنَائِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ مَلَكَهُ) أَيْ الصَّيْدَ وَبَيْضَهُ وَفَرْخَهُ (قَوْلُهُ: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ} [المائدة: 103] قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ: وَهِيَ النَّاقَةُ الَّتِي تَلِدُ خَمْسَةَ أَبْطُنٍ آخِرُهَا ذَكَرًا كَانُوا يُبْحِرُونَ أُذُنَهَا: أَيْ يَشُقُّونَهَا وَيُخْلُونَ سَبِيلَهَا فَلَا تُرْكَبُ وَلَا تُحْلَبُ، وَكَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يَقُولُ: إذَا شُفِيت فَنَاقَتِي سَائِبَةٌ وَيَجْعَلُهَا كَالْبَحِيرَةِ فِي تَحْرِيمِ الِانْتِفَاعِ بِهَا، وَإِذَا وَلَدَتْ الشَّاةُ أُنْثَى فَهِيَ لَهُمْ، وَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا فَهُوَ لِآلِهَتِهِمْ وَإِنْ وَلَدَتْهُمَا قَالُوا وَصَلَتْ الْأُنْثَى أَخَاهَا فَلَا يُذَبَّحُ لَهَا الذَّكَرُ، وَإِذَا نَتَجَتْ مِنْ صُلْبِ الْفَحْلِ عَشْرَةَ أَبْطُنٍ حَرَّمُوا ظَهْرَهُ، وَلَا يَمْنَعُوهُ مِنْ مَاءٍ وَلَا مَرْعًى وَقَالُوا قَدْ حَمَى ظَهْرَهُ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَكَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ إلَخْ إلَى تَعْرِيفِ السَّائِبَةِ، وَبِقَوْلِهِ وَإِنْ وَلَدَتْهُمَا وَصَلَتْ إلَى تَعْرِيفِ الْوَصِيلَةِ، وَبِقَوْلِهِ وَإِذَا نَتَجَتْ إلَخْ إلَى تَعْرِيفِ الْحَامِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ قَدْ يُخْلَطُ بِالْمُبَاحِ فَيُصَادُ) أَيْ وَهُوَ يُؤَدِّي إلَى الِاسْتِيلَاءِ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (قَوْلُهُ وَيَزُولُ) أَيْ بِمُجَرَّدِ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ: فَيُتَّجَهُ وُجُوبُ إرْسَالِهِ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ (قَوْلُهُ: وَحَدِيثُ الْحُمَّرَةِ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ فَمِيمٍ مُشَدَّدَةٍ، وَقَدْ تُخَفَّفُ طَائِرٌ كَالْعُصْفُورِ اهـ حَجّ. وَعِبَارَةُ سِيرَةِ الشَّامِيِّ: رَوَى أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ فِي كِتَابِ الْعَظَمَةِ وَالْبَيْهَقِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَفَرٍ، فَمَرَرْنَا بِشَجَرَةٍ فِيهَا فَرْخًا حُمَّرَةً فَأَخَذْنَاهُمَا، فَجَاءَتْ الْحُمَّرَةُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ تَفْرِشُ: يَعْنِي تَقْرُبُ مِنْ الْأَرْضِ وَتُرَفْرِفُ بِجَنَاحِهَا، فَقَالَ مَنْ فَجَعَ هَذِهِ بِفَرْخَيْهَا، قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُ الْمَتْنِ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا مَرَّ، وَهُوَ مَا إذَا قَطَعَ الشَّبَكَةَ وَانْفَلَتَ وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى اسْتِثْنَائِهِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ قَدْ يَخْتَلِطُ بِالْمُبَاحِ) تَعْلِيلٌ لِعَدَمِ الْجَوَازِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ) أَيْ فِي عَدَمِ الْمِلْكِ: أَيْ خِلَافًا لِصَاحِبِ الْإِفْصَاحِ (قَوْلُهُ: عَلَى وَلَدِهِ) فِيهِ تَقْدِيمُ الضَّمِيرِ عَلَى مَرْجِعِهِ (قَوْلُهُ: الْحُمَّرَةِ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ فَمِيمٍ مُشَدَّدَةٍ وَقَدْ تُخَفَّفُ طَائِرٌ

عَلَيْهَا، وَالْحَدِيثَانِ صَحِيحَانِ، لَكِنْ نَقَلَ الْحَافِظُ السَّخَاوِيُّ عَنْ ابْنِ كَثِيرٍ أَنَّهُ لَا أَصْلَ لَهُ وَأَنَّ مَنْ نَسَبَهُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَالَ الْحَافِظُ: إنَّهُ وَرَدَ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا، نَعَمْ لَوْ صَادَ الْوَلَدُ وَكَانَ مَأْكُولًا لَمْ يَتَعَيَّنْ إرْسَالُهُ بَلْ لَهُ ذَبْحُهُ، وَمَحَلُّ مَا مَرَّ مِنْ الْحُرْمَةِ مَا لَمْ يَقُلْ مُرْسِلُهُ أَبَحْتُهُ، فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ وَهُوَ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِمَنْ يَأْخُذُهُ حَلَّ لِمَنْ أَخَذَهُ أَكْلُهُ بِلَا ضَمَانٍ، وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ بِبَيْعٍ وَنَحْوِهِ وَلَا بِإِطْعَامِ غَيْرِهِ مِنْهُ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَيَحِلُّ أَخْذُ كِسَرِ الْخُبْزِ وَالسَّنَابِلِ وَنَحْوِهَا الْمَطْرُوحَةِ مِنْ مَالِكِهَا الْمُعْرِضِ عَنْهَا وَإِنْ تَعَلَّقَ بِهَا الزَّكَاةُ وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهَا بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ، نَعَمْ مَحَلُّ جَوَازِ أَخْذِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ مَا لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ رِضَا الْمَالِكِ بِذَلِكَ كَأَنْ وَكَّلَ مَنْ يَلْتَقِطُهُ لَهُ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَالَ الْمَحْجُورِ لَا يُمْلَكُ مِنْهُ شَيْءٌ بِذَلِكَ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ إعْرَاضِهِ، وَلَوْ أَخَذَ جِلْدَ مَيْتَةٍ أَعْرَضَ عَنْهُ صَاحِبُهُ وَدَبَغَهُ مَلَكَهُ وَيَزُولُ اخْتِصَاصُ الْمُعْرِضِ عَنْهُ، وَلَوْ وَجَدَ دُرَّةً غَيْرَ مَثْقُوبَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَقُلْنَا نَحْنُ، قَالَ رُدُّوهُمَا، فَرَدَدْنَاهُمَا إلَى مَوْضِعِهِمَا فَلَمْ تَرْجِعْ» اهـ (قَوْلُهُ: وَالْحَدِيثَانِ صَحِيحَانِ) نَقَلَ ذَلِكَ حَجّ عَنْ الزَّرْكَشِيّ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ مَا مَرَّ مِنْ الْحُرْمَةِ) أَيْ حُرْمَةِ الْإِرْسَالِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَقُلْ مُرْسِلُهُ أَبَحْته) أَيْ سَوَاءٌ قَالَ لِمَنْ يَأْخُذُهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: حَلَّ لِمَنْ أَخَذَهُ أَكْلُهُ) هَذَا لَا يَصْلُحُ جَوَابًا لِقَوْلِهِ وَمَحَلُّ مَا مَرَّ مِنْ الْحُرْمَةِ إلَخْ، وَإِنَّمَا جَوَابُهُ أَنْ يَقُولَ: حَلَّ لِقَاتِلِ ذَلِكَ إرْسَالُهُ وَلِمَنْ أَخَذَهُ أَكْلُهُ، وَاقْتِصَارُهُ عَلَى حِلِّ الْأَكْلِ لِآخِذِهِ لَا يَسْتَلْزِمُ حِلَّ الْإِرْسَالِ بَلْ قَدْ يَقْتَضِي بَقَاءَ حُرْمَةِ الْإِرْسَالِ فَلْيُرَاجَعْ. وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ: قَوْلُهُ حَلَّ لِمَنْ أَخَذَهُ أَكْلُهُ: أَيْ فَقَطْ، وَخَرَجَ بِأَكْلِهِ أَكْلُ مَا تُولَدُ مِنْهُ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ لَمْ تَتَنَاوَلْهُ فَيُرْسِلُهُ لِمَنْ يَأْخُذُهُ. وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ: قَوْلُهُ حَلَّ لِمَنْ أَخَذَهُ أَكْلُهُ: أَيْ فَإِنْ كَانَ الصَّيْدُ غَيْرَ مَأْكُولٍ فَيَنْبَغِي أَنَّ لِمَنْ أَخَذَهُ الِانْتِفَاعَ بِهِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ مِنْهُ. وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ: قَوْلُهُ حَلَّ لِمَنْ أَخَذَهُ أَكْلُهُ وَمِثْلُهُ عِيَالُهُ فِيمَا يَظْهَرُ بَلْ وَالتَّصَدُّقُ بِهِ عَلَى مَنْ يَأْكُلُهُ قِيَاسًا عَلَى مَا يُدْفَعُ لِلْغَنِيِّ مِنْ لَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ فَإِنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِغَيْرِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ فَيَتَصَدَّقُ مِنْهُ وَيُطْعِمُ الضَّيْفَ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ وَلَا بِإِطْعَامِ غَيْرِهِ مِنْهُ حُرْمَةُ ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ فَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ لَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ، وَلَعَلَّهُ أَنَّهُ هُنَا بَاقٍ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ، بِخِلَافِ لَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ فَإِنَّ الْمُهْدَى إلَيْهِ يَمْلِكُهُ مِلْكًا مُرَاعًى (قَوْلُهُ وَيَحِلُّ أَخْذُ كِسَرِ الْخُبْزِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْآخِذُ غَيْرَ مُمَيَّزٍ وَلَمْ يَأْمُرْهُ غَيْرُهُ بِذَلِكَ وَيَمْلِكُهُ بِأَخْذِهِ، وَحَيْثُ أَمَرَهُ غَيْرُهُ مَلَكَهُ الْآمِرُ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ إذْنًا عَامًّا كَأَنْ قَالَ لَهُ الْتَقِطْ مِنْ السَّنَابِلِ مَا وَجَدْته أَوْ تَيَسَّرَ لَك وَتَرَاخَى فِعْلُ الْمَأْذُونِ لَهُ عَنْ إذْنِ الْآمِرِ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ أَبَوَاهُ مَثَلًا كَانَ مَا الْتَقَطَهُ مِنْهَا مِلْكًا لَهُمَا مَا لَمْ يَقْصِدْ الْأَخْذَ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ الْمَطْرُوحَةُ مِنْ مَالِكِهَا) أَيْ وَإِنْ عَلِمَ مِنْ الْمَالِكِ عَدَمَ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ عَمَّا أَخَذَ مِنْهُ ذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يُقْصَدُ الْإِعْرَاضُ عَنْهُ فَكَأَنَّ الزَّكَاةَ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ (قَوْلُهُ: وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ) قَضِيَّةُ نُفُوذِ التَّصَرُّفِ أَنَّهُ مَلَكَهَا بِنَفْسِ الْأَخْذِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ طَلَبَ مَالِكُهَا رَدَّهَا إلَيْهِ لَمْ يَجِبْ دَفْعُهَا لَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: أَعْرَضَ عَنْهُ صَاحِبُهُ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يُعْرِضْ عَنْهُ ذُو الْيَدِ لَا يَمْلِكُهُ الدَّابِغُ لَهُ، وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي نَظِيرِ الدَّبْغِ وَلَا فِي ثَمَنِ مَا دَبَغَ بِهِ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ اخْتَلَفَ الْآخِذُ وَصَاحِبُهُ صُدِّقَ صَاحِبُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِعْرَاضِ مَا لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى الْإِعْرَاضِ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَالْعُصْفُورِ (قَوْلُهُ: إنَّهُ لَا أَصْلَ لَهُ) يَعْنِي حَدِيثَ الْغَزَالَةِ كَمَا أَوْضَحَهُ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ الْحَافِظُ) لَعَلَّ أَلْ فِيهِ لِلْعَهْدِ الذِّكْرِيِّ: أَيْ السَّخَاوِيُّ: أَيْ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ ابْنِ كَثِيرٍ مَا ذَكَرَ بِقَصْدِ الرَّدِّ عَلَيْهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَعَيَّنْ إرْسَالُهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ (قَوْلُهُ: وَلَا بِإِطْعَامِ غَيْرِهِ مِنْهُ) هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ قَالَ أَبَحْته لِمَنْ يَأْخُذُهُ. أَمَّا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ أَبَحْته فَلَا وَكَلَامُ التُّحْفَةِ كَالصَّرِيحِ فِي التَّفْرِقَةِ فَلْيُرَاجَعْ

فِي جَوْفِ سَمَكَةٍ مَلَكَهَا الصَّائِدُ لَهَا مِنْ بَحْرِ الدُّرِّ إنْ لَمْ يَبِعْهَا، فَإِنْ بَاعَهَا فَلِلْمُشْتَرِي تَبَعًا لَهَا كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ التَّهْذِيبِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَإِنْ كَانَتْ مَثْقُوبَةً فَلِلْبَائِعِ إنْ ادَّعَاهَا وَإِلَّا فَلُقَطَةٌ (وَلَوْ تَحَوَّلَ حَمَامُهُ إلَى بُرْجِ غَيْرِهِ لَزِمَهُ رَدُّهُ) إنْ تَمَيَّزَ لِبَقَاءِ مِلْكِهِ كَالضَّالَّةِ، فَإِنْ حَصَلَ مِنْهُمَا بَيْضٌ أَوْ فَرْخٌ كَانَ لِمَالِكِ الْأُنْثَى لَا الذَّكَرِ، وَمُرَادُهُ بِالرَّدِّ إعْلَامُ مَالِكِهِ بِهِ وَتَمْكِينُهُ مِنْ أَخْذِهِ كَسَائِرِ الْأَمَانَاتِ الشَّرْعِيَّةِ لَا رَدُّهُ حَقِيقَةً، فَإِنْ لَمْ يَرُدَّهُ ضَمِنَهُ، وَلَوْ شَكَّ فِي كَوْنِ الْمُخَالِطِ لَحَمَامِهِ مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ أَوْ مُبَاحًا جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ، وَلَوْ ادَّعَى إنْسَانٌ تَحَوُّلَ حَمَامِهِ إلَى بُرْجِ غَيْرِهِ لَمْ يَصْدُقْ وَالْوَرَعُ تَصْدِيقُهُ مَا لَمْ يُعْلَمْ كَذِبُهُ (فَإِنْ اخْتَلَطَ وَعَسُرَ التَّمْيِيزُ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُ أَحَدِهِمَا وَهِبَتُهُ شَيْئًا مِنْهُ لِثَالِثٍ) لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ الْمِلْكُ فِيهِ (وَيَجُوزُ لِصَاحِبِهِ فِي الْأَصَحِّ) لِلضَّرُورَةِ الدَّاعِيَةِ لِذَلِكَ، وَقَدْ تَدْعُو إلَى الْمُسَامَحَةِ بِبَعْضِ الشُّرُوطِ وَلِهَذَا صَحَّحُوا الْقِرَاضَ وَالْجَعَالَةَ مَعَ مَا فِيهِمَا مِنْ الْجَهَالَةِ، وَكَالْبَيْعِ غَيْرُهُ مِنْ سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِلْجَهَالَةِ، وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُ الْخِلَافِ بِمَا إذَا جَهِلَا الْعَدَدَ وَالْقِيمَةَ فَإِنْ عَلِمَاهَا اتَّجَهَ الْقَطْعُ بِالصِّحَّةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُلَقِّنِ وَالزَّرْكَشِيُّ (فَإِنْ بَاعَاهُمَا) أَيْ الْحَمَامَيْنِ الْمُخْتَلِطَيْنِ لِثَالِثٍ وَلَا يَدْرِي أَحَدُهُمَا عَيْنَ مَالِهِ (وَالْعَدَدُ مَعْلُومٌ وَالْقِيمَةُ سَوَاءٌ صَحَّ) لِصِحَّةِ التَّوْزِيعِ عَلَى أَعْدَادِهِمَا، وَيُحْتَمَلُ الْجَهَالَةُ فِي الْبَيْعِ لِلضَّرُورَةِ، فَإِنْ كَانَ لِوَاحِدٍ مِائَةٌ وَلِلْآخَرِ مِائَتَانِ فَالثَّمَنُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ الْعَدَدُ مَجْهُولًا وَالْقِيمَةُ مُتَفَاوِتَةٌ (فَلَا) يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ كُلُّ وَاحِدٍ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ الثَّمَنِ وَالطَّرِيقُ أَنْ يَقُولَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِعْتُك الْحَمَامَ الَّذِي فِي هَذَا الْبُرْجِ بِكَذَا فَيَكُونُ الثَّمَنُ مَعْلُومًا، وَيُحْتَمَلُ الْجَهْلُ فِي الْمَبِيعِ لِلضَّرُورَةِ وَلَوْ اخْتَلَطَتْ حَمَامَةٌ مَمْلُوكَةٌ بِحَمَامَاتِ بُرْجِهِ فَلَهُ الْأَكْلُ بِالِاجْتِهَادِ إلَّا وَاحِدَةً كَمَا لَوْ اخْتَلَطَتْ ثَمَرَةُ غَيْرِهِ بِثَمَرَتِهِ أَوْ حَمَامُ مَمْلُوكٍ مَحْصُورٍ أَوْ غَيْرِهِ بِحَمَامِ بَلَدٍ مُبَاحٍ غَيْرِ مَحْصُورٍ أَوْ انْصَبَّ مَاؤُهُ فِي نَهْرٍ لَمْ يَحْرُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَإِلْقَائِهِ عَلَى نَحْوِ الْكَوْمِ (قَوْلُهُ: مِنْ بَحْرِ الدُّرِّ) مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) خِلَافًا لحج فَإِنَّهُ يَقُولُ بِبَقَاءِ الدُّرَّةِ عَلَى مِلْكِ الصَّيَّادِ (قَوْلُهُ: فَلِلْبَائِعِ إنْ ادَّعَاهَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَائِقَةً بِهِ وَبَعْدَ مِلْكِهِ لِمِثْلِهَا (قَوْلُهُ: لِبَقَاءِ مِلْكِهِ) أَيْ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: كَانَ لِمَالِكِ الْأُنْثَى) أَيْ فَلَوْ تَنَازَعَا فِيهِ فَقَالَ صَاحِبُ الْبُرْجِ هُوَ بَيْضُ إنَاثِي وَقَالَ مَنْ تَحَوَّلَ الْحَمَامُ مِنْ بُرْجِهِ هُوَ بَيْضُ إنَاثِي صُدِّقَ ذُو الْيَدِ وَهُوَ صَاحِبُ الْبُرْجِ وَإِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ بَعْدَ الِاخْتِلَاطِ تَقْضِي الْعَادَةُ فِي مِثْلِهَا بِبَيْضِ الْحَمَامِ الْمُتَحَوِّلِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَمْ يَبِضْ أَوْ بَاضَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ إعْلَامُ مَالِكِهِ) أَيْ فَوْرًا (قَوْلُهُ: وَلَا يَدْرِي أَحَدُهُمَا) الْوَاوُ لِلْحَالِ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ الْجَهْلُ فِي الْمَبِيعِ) قَضِيَّةُ قَوْلِهِ أَنْ يَقُولَ كُلٌّ عَدِمَ الصِّحَّةَ فِيمَا لَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ الْبَيْعَ إذَا صَدَرَ مِنْ أَحَدِهِمَا، فَإِنْ شَرَطَ فِيهِ بَيْعَ صَاحِبِهِ لَمْ يَصِحَّ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الشَّرْطِ، وَإِلَّا فَقَدْ حَكَمَ بِصِحَّةِ عَقْدِهِ ابْتِدَاءً فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ عَدَمُ مُوَافَقَةِ الْآخَرِ لَهُ إلَّا أَنْ تُصَوَّرَ الْمَسْأَلَةُ بِمَا لَوْ قَالَا مَعًا وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي مِنْهُمَا بِصِيغَةٍ وَاحِدَةٍ نَحْوَ قَبِلْت ذَلِكَ. وَعِبَارَةُ حَجّ: وَلَوْ وَكَّلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَبَاعَ لِثَالِثٍ كَذَلِكَ، فَإِنْ بَيَّنَ ثَمَنَ نَفْسِهِ وَثَمَنَ مُوَكِّلِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ صَحَّ اهـ: أَيْ وَإِلَّا بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الْأَكْلُ بِالِاجْتِهَادِ) أَيْ وَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: كَانَ لِمَالِكِ الْأُنْثَى) هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِيمَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا يَمْلِكُ الْإِنَاثَ فَقَطْ وَالْآخَرُ الذُّكُورَ، أَمَّا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَمْلِكُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا فَقَدْ لَا يَتَمَيَّزُ بَيْضٌ أَوْ فَرْخُ إنَاثِ أَحَدِهِمَا مِنْ إنَاثِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ الْمِلْكُ فِيهِ) وَلَا يُشْكِلُ مَا إذَا بَاعَ أَحَدُهُمَا الْجَمِيعَ بِمَا مَرَّ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ مِنْ الصِّحَّةِ فِي نَصِيبِهِ لِأَنَّ مَحَلَّ ذَاكَ إذَا عَلِمَ عَيْنَ مَالِهِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ لِصَاحِبِهِ فِي الْأَصَحِّ) عِبَارَةُ الْجَلَالِ وَغَيْرِهِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَجُوزُ نَصُّهَا بِبَيْعِ أَحَدِهِمَا وَهِبَتِهِ مَالَهُ مِنْهُ انْتَهَتْ. وَانْظُرْ مَا مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ مَالَهُ هَلْ الْمُرَادُ بِهِ جَمِيعُ مَالِهِ احْتِرَازًا عَنْ بَعْضِهِ فَيَكُونُ الْغَرَضُ إخْرَاجَ الْمَتْنِ عَنْ ظَاهِرِهِ، أَوْ الْمُرَادُ بِهِ الِاحْتِرَازُ عَنْ بَيْعِهِ الْجَمِيعَ لِصَاحِبِهِ فَيَشْمَلُ مَا إذَا بَاع لَهُ بَعْضَ نَصِيبِهِ

عَلَى أَحَدٍ اصْطِيَادٌ وَاسْتِقَاءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الْمُبَاحُ مَحْصُورًا حَرُمَ، وَلَوْ اخْتَلَطَتْ دَرَاهِمُ أَوْ دُهْنٌ أَوْ نَحْوُهُمَا حَرَامٌ بِدَرَاهِمِهِ أَوْ دُهْنِهِ فَمَيَّزَ قَدْرَ الْحَرَامِ وَصَرَفَهُ لِمَا يَجِبُ صَرْفُهُ لَهُ وَتَصَرَّفَ فِي الْبَاقِي جَازَ لِلضَّرُورَةِ وَلَا يَخْفَى الْوَرَعُ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَنْبَغِي لِلْمُتَّقِي اجْتِنَابُ طَيْرِ الْبُرْجِ وَبِنَائِهَا. (وَلَوْ جَرَحَ الصَّيْدُ اثْنَانِ مُتَعَاقِبَانِ، فَإِنْ ذَفَّفَ الثَّانِي أَوْ أَزْمَنَ دُونَ الْأَوَّلِ) أَيْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ تَذْفِيفٌ وَلَا إزْمَانٌ (فَهُوَ لِلثَّانِي) لِأَنَّ جُرْحَهُ هُوَ الْمُؤَثِّرُ فِي امْتِنَاعِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَوَّلِ بِجِرَاحَتِهِ لِأَنَّهُ كَانَ مُبَاحًا حِينَئِذٍ (وَإِنْ ذَفَّفَ الْأَوَّلَ فَلَهُ) لِمَا سَبَقَ وَعَلَى الثَّانِي أَرْشُ مَا نَقَصَ مِنْ لَحْمِهِ وَجِلْدِهِ لِأَنَّهُ جَنَى عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ (وَإِنْ أَزْمَنَ) الْأَوَّلُ (فَلَهُ) لِإِزْمَانِهِ إيَّاهُ (ثُمَّ إنْ ذَفَّفَ الثَّانِيَ بِقَطْعِ حُلْقُومٍ وَمَرِيءٍ فَهُوَ حَلَالٌ وَعَلَيْهِ لِلْأَوَّلِ مَا نَقَصَ بِالذَّبْحِ) وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ زَمِنًا وَمَذْبُوحًا كَذَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَعَلَّلَ أَيْضًا بِإِفْسَادِهِ مَالَ غَيْرِهِ كَمَا لَوْ ذَبَحَ شَاةَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ قَالَ الْإِمَامُ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ التَّفَاوُتُ إذَا كَانَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ فَإِنْ كَانَ مُتَأَلِّمًا بِحَيْثُ لَوْ لَمْ يُذْبَحْ لَهَلَكَ فَمَا عِنْدِي أَنَّهُ يَنْقُصُ بِالذَّبْحِ شَيْءٌ وَرَدَّهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ الْجِلْدَ يَنْقُصُ بِالْقَطْعِ فَيَلْزَمُ الثَّانِيَ نَقْصُهُ وَعَلَيْهِ فَلَا يَتَعَيَّنُ فِي ضَمَانِ النَّقْصِ أَنَّهُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ زَمِنًا وَمَذْبُوحًا (وَإِنْ ذَفَّفَ لَا يَقْطَعُهُمَا أَوْ لَمْ يُذَفَّفْ وَمَاتَ بِالْجُرْحَيْنِ فَحَرَامٌ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ الْمَقْدُورَ عَلَيْهِ لَا يَحِلُّ إلَّا بِذَبْحِهِ. وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِاجْتِمَاعِ الْمُبِيحِ وَالْمُحَرِّمِ كَمَا لَوْ اشْتَرَكَ فِي الذَّبْحِ مُسْلِمٌ وَمَجُوسِيٌّ (وَيَضْمَنُهُ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ) لِأَنَّهُ أَفْسَدَ مِلْكَهُ فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ صَحِيحًا عَشَرَةً وَمَذْبُوحًا تِسْعَةً نُظِرَ فِي قِيمَتِهِ مَذْبُوحًا ثُمَّ إنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ الْأَوَّلُ مِنْ ذَبْحِهِ فَإِنْ كَانَتْ ثَمَانِيَةً فَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ ثَمَانِيَةٌ وَنِصْفٌ لِأَنَّ فِعْلَ الْأَوَّلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إفْسَادًا لَكِنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي حُصُولِ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَانَ مَحْصُورًا، وَإِلَّا جَازَ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: فَمَيَّزَ قَدْرَ الْحَرَامِ) مَفْهُومُهُ أَنَّ مُجَرَّدَ التَّمْيِيزِ لَا يَكْفِي فِي جَوَازِ تَصَرُّفِهِ فِي الْبَاقِي، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّهُ بِاخْتِلَاطِهِ بِهِ صَارَ كَالْمُشْتَرَكِ وَأَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لَا يَتَصَرَّفُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَالْقِسْمَةُ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ التَّرَاضِي وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ هُنَا، فَنَزَلَ صَرْفُهُ فِيمَا يَجِبُ صَرْفُهُ فِيهِ مَنْزِلَةَ الْقِسْمَةِ لِلضَّرُورَةِ، وَفِي حَجّ مَا يُوَافِقُ كَلَامَ الشَّارِحِ وَعِبَارَتَهُ بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ: وَفِي الْمَجْمُوعِ طَرِيقُهُ أَنْ يَصْرِفَ قَدْرَ الْحَرَامِ إلَى مَا يَجِبُ صَرْفُهُ فِيهِ وَيَتَصَرَّفُ فِي الْبَاقِي بِمَا أَرَادَ (قَوْلُهُ: لِمَا يَجِبُ صَرْفُهُ لَهُ) أَيْ إمَّا بِرَدِّهِ لِمَالِكِهِ إنْ عَرَفَهُ وَإِلَّا فَلِبَيْتِ الْمَالِ أَوْ صَرَفَهُ هُوَ بِنَفْسِهِ لِمَصَالِح بَيْتِ الْمَالِ إنْ عَرَفَهَا (قَوْلُهُ: يَنْبَغِي لِلْمُتَّقِي اجْتِنَابُ طَيْرِ الْبُرْجِ) أَيْ اجْتِنَابُ أَكْلِهِ فَيَكُونُ الْوَرَعُ تَرْكَ ذَلِكَ مَعَ جَوَازِهِ فِي نَفْسِهِ، وَلَعَلَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِأَنَّهُ إذَا خَرَجَ مِنْ الْبُرْجِ يَلْتَقِطُ مِمَّا يَعْرِضُ عَنْهُ أَصْحَابُهُ أَوْ مِنْ الْحَشِيشِ الْمُبَاحِ أَوْ كَانَ يُطْعِمُهُ مَالِكُهُ فِي الْبُرْجِ، أَمَّا إذَا اتَّخَذَهُ وَأَرْسَلَهُ لِأَكْلِهِ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ فَلَا تَبْعُدُ حُرْمَةُ الِاتِّخَاذِ وَالْإِرْسَالِ دُونَ أَكْلِهِ مِنْهُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ وَجَوَازُ بَيْعِهِ لِعَدَمِ زَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ، وَعَلَى الْحُرْمَةِ يَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ بِمَنْعِهِ مِنْ الْإِرْسَالِ كَأَنْ يُغْلِقَ عَلَيْهِ بَابَ الْبُرْجِ (قَوْلُهُ: وَبِنَائِهَا) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ جَوَازِهِ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ اصْطِيَادَ حَمَامِ الْغَيْرِ بِأَنْ يَتَسَبَّبَ فِي إدْخَالِهِ فِيهِ وَإِلَّا حَرُمَ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ لِاسْتِيلَائِهِ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَتَعَيَّنُ فِي ضَمَانِ النَّقْصِ) أَيْ بَلْ إمَّا ذَلِكَ وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ قِيمَتِهِ مَقْطُوعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQيُحَرَّرُ (قَوْلُهُ: وَصَرْفُهُ لِمَا يَجِبُ صَرْفُهُ لَهُ) اُنْظُرْ هَلْ الصَّرْفُ الْمَذْكُورُ شَرْطٌ لِجَوَازِ التَّصَرُّفِ فِي الْبَاقِي حَتَّى لَا يَجُوزَ لَهُ التَّصَرُّفُ عَقِبَ التَّمْيِيزِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَقَدْ مَرَّ فِي الشَّرْحِ عَنْ فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ نَحْوُ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ فِي مَظِنَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَعَلَّلَ أَيْضًا) اُنْظُرْ مَوْقِعَ أَيْضًا هُنَا، وَلَعَلَّ الْوَجْهَ حَذْفُهُ وَالتَّعْلِيلُ لَيْسَ فِي الرَّوْضَةِ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَمَاتَ بِالْجُرْحَيْنِ) أَيْ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ: أَيْ بِأَنْ كَانَا يُزْهِقَانِ الرُّوحَ لَوْ تُرِكَ لِيَتَأَتَّى التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي الشَّرْحِ أَنَّهُ تَارَةً يَتَمَكَّنُ مِنْ ذَبْحِهِ وَتَارَةً لَا، وَإِذَا تَمَكَّنَ مِنْ ذَبْحِهِ تَارَةً يَذْبَحُهُ وَتَارَةً لَا لَكِنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فَحَرَامٌ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا مَاتَ بِهِمَا بِالْفِعْلِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: نُظِرَ فِي قِيمَتِهِ مَذْبُوحًا) أَيْ لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ ذُبِحَ ثُمَّ، هَذَا النَّظَرُ إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي بَعْضِ أَحْوَالِ الْمَسْأَلَةِ لَا فِي كُلِّهَا كَمَا يُعْلَمُ بِتَأَمُّلِهَا خِلَافُ مَا يَقْتَضِيهِ صَنِيعُهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ

[كتاب الأضحية]

الزَّهُوقِ فَالدِّرْهَمُ فَاتَ بِفِعْلِهِمَا فَيُهْدَرُ نِصْفُهُ وَيُضْمَنُ نِصْفُهُ وَإِنْ تَمَكَّنَ الْأَوَّلُ مِنْ ذَبْحِهِ وَذَبَحَهُ بَعْدَ جُرْحِ الثَّانِي لَزِمَ الثَّانِيَ أَرْشٌ إنْ حَصَلَ بِجُرْحِهِ نَقْصٌ وَإِنْ لَمْ يَذْبَحْهُ حَتَّى مَاتَ ضَمِنَ الثَّانِي زِيَادَةً عَلَى الْأَرْشِ لَا الْجَمِيعِ لِأَنَّ تَفْرِيطَ الْأَوَّلِ صَيَّرَ فِعْلَهُ إفْسَادًا فَيَصِيرُ كَمَنْ جَرَحَ عَبْدَهُ مَثَلًا وَجَرَحَهُ آخَرُ فَنَقُولُ مَثَلًا قِيمَةُ الْعَبْدِ أَوْ الصَّيْدِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَنَقَصَ بِالْجُرْحِ الْأَوَّلِ دِينَارًا ثُمَّ مَاتَ بِالْجُرْحَيْنِ فَتُجْمَعُ الْقِيمَتَانِ قَبْلَ الْجُرْحِ الْأَوَّلِ وَالْجُرْحِ الثَّانِي وَالْمَجْمُوعُ تِسْعَةَ عَشْرَ فَيُقْسَمُ عَلَيْهِ مَا فَوَّتَاهُ وَهُوَ عَشَرَةٌ فَحِصَّةُ الْأَوَّلِ لَوْ كَانَ ضَامِنًا عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ مِنْ أَصْلِ تِسْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ الْعَشَرَةِ وَيَلْزَمُ الثَّانِي تِسْعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ أَصْلِ تِسْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ الْعَشَرَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ ثَلَاثَةً وَأَرْشُ كُلِّ جِنَايَةٍ دِينَارٌ جُمِعَتْ الْقِيَمُ الَّتِي هِيَ عَشَرَةٌ وَتِسْعَةٌ وَثَمَانِيَةٌ فَيَكُونُ الْمَجْمُوعُ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ فَتُقْسَمُ الْعَشَرَةُ عَلَيْهَا (وَإِنْ جَرَحَا مَعًا وَذَفَّفَا أَوْ أَزْمَنَا فَلَهُمَا) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي سَبَبِ الْمِلْكِ وَلَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ (وَإِنْ ذَفَّفَ أَحَدُهُمَا أَوْ أَزْمَنَ دُونَ الْآخَرِ فَلَهُ) لِانْفِرَادِهِ بِسَبَبِ الْمِلْكِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْآخَرِ لِوُقُوعِ جِرَاحَتِهِ حِينَ كَانَ مُبَاحًا (وَإِنْ ذَفَّفَ وَاحِدٌ) لَا بِقَطْعِ الْحُلْقُومِ (وَأَزْمَنَ آخَرُ وَجُهِلَ السَّابِقُ حَرُمَ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِاجْتِمَاعِ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ سَبْقُ التَّذْفِيفِ فَيَحِلُّ أَوْ تَأَخُّرُهُ فَيَحْرُمُ فَلَا يَحِلُّ إلَّا بِقَطْعِ الْحُلْقُومِ وَلَمْ يُوجَدْ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي حِكَايَةُ قَوْلَيْنِ كَمَا لَوْ جُرِحَ الصَّيْدُ وَغَابَ ثُمَّ وُجِدَ مَيِّتًا وَمَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ فَرَّقَ بِأَنَّ هُنَاكَ جُرْحٌ سَابِقٌ يُحَالُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ وَهُوَ مَعْهُودٌ فِي الْقِصَاصِ وَغَيْرِهِ وَهُنَا بِخِلَافِهِ وَالِاعْتِبَارُ فِي التَّرْتِيبِ وَالْمَعِيَّةِ بِالْإِصَابَةِ لَا بِابْتِدَاءِ الرَّمْيِ. كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا مَعَ تَخْفِيفِ الْيَاءِ وَتَشْدِيدِهَا، وَيُقَالُ ضَحِيَّةٌ بِفَتْحِ الضَّادِ وَكَسْرِهَا وَأَضْحَاةٌ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا وَجَمْعُهَا ضَحَايَا، وَهِيَ مَا يُذْبَحُ مِنْ النَّعَمِ تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ يَوْمِ عِيدِ النَّحْرِ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ كَمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSالْجِلْدِ وَسَلِيمَهُ (قَوْلُهُ: فَالدِّرْهَمُ) أَيْ الْعَاشِرُ (قَوْلُهُ زِيَادَةً عَلَى الْأَرْشِ) أَيْ مَا يُسَاوِي مَا أَفْسَدَهُ بِالطَّرِيقِ الْآتِي. كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الضَّادِ) أَيْ مَعَ التَّشْدِيدِ (قَوْلُهُ وَجَمْعُهَا ضَحَايَا) أَيْ عَلَى اللُّغَتَيْنِ فِي ضَحِيَّةٍ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: كِتَابُ الضَّحَايَا جَمَعَ ضَحِيَّةٍ بِفَتْحِ الضَّادِ وَكَسْرِهَا، وَيُقَالُ أُضْحِيَّةٌ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا مَعَ تَخْفِيفِ الْيَاءِ وَتَشْدِيدِهَا وَجَمْعُهَا أَضَاحِيُّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِهَا، وَيُقَالُ أَضْحَاةٌ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا وَجَمْعُهَا أَضْحَى كَأَرْطَاةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذَا التَّفْصِيلَ كُلَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهِيَ مَا إذَا مَاتَ بِالْجُرْحَيْنِ، أَمَّا مَسْأَلَةُ التَّذْفِيفِ فَحُكْمُهَا أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ مُزْمِنًا وَهِيَ تِسْعَةٌ مُطْلَقًا وَأَهْمَلَهَا الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ الثَّانِي زِيَادَةً عَلَى الْأَرْشِ لَا الْجَمِيعَ) غَرَضُ الشَّارِحِ مِنْ هَذَا نَفْيُ قَوْلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَضْمَنُ الْأَرْشَ فَقَطْ، وَالثَّانِي أَنَّهُ يَضْمَنُ الْجَمِيعَ: أَيْ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ فَنَقُولُ إلَخْ لَكِنْ فِي كَلَامِهِ قَلَاقَةٌ. [كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ] هِيَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا مَعَ تَخْفِيفِ الْيَاءِ وَتَشْدِيدِهَا (قَوْلُهُ: وَجَمْعُهَا ضَحَايَا) صَوَابُهُ وَجَمْعُهَا أَضَاحِيُّ لِأَنَّ

سَيَأْتِي، وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الضَّحْوَةِ سُمِّيَتْ بِأَوَّلِ أَزْمِنَةِ فِعْلِهَا وَهُوَ الضُّحَى. وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2] أَيْ صَلَاةَ الْعِيدِ وَانْحَرْ النُّسُكَ، وَخَبَرُ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «ضَحَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقَرْنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا» وَالْأَمْلَحُ قِيلَ الْأَبْيَضُ الْخَالِصُ، وَقِيلَ الَّذِي بَيَاضُهُ أَكْثَرُ مِنْ سَوَادِهِ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ (هِيَ) أَيْ التَّضْحِيَةُ إذْ كَثِيرًا مَا تُطْلَقُ الْأُضْحِيَّةُ وَيُرَادُ بِهَا الْفِعْلُ لَا الْمُتَقَرَّبُ بِهِ (سُنَّةٌ) مُؤَكَّدَةٌ فِي حَقِّنَا عَلَى الْكِفَايَةِ وَلَوْ بِمِنًى إنْ تَعَدَّدَ أَهْلُ الْبَيْتِ وَإِلَّا فَسُنَّةُ عَيْنٍ، وَمَعْنَى كَوْنِهَا سُنَّةَ كِفَايَةٍ مَعَ كَوْنِهَا تُسَنُّ لِكُلٍّ مِنْهُمْ سُقُوطُ الطَّلَبِ بِفِعْلِ الْغَيْرِ لَا حُصُولُ الثَّوَابِ لِمَنْ لَمْ يَفْعَلْ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ، نَعَمْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ لَوْ أَشْرَكَ غَيْرَهُ فِي ثَوَابِهَا جَازَ وَأَنَّهُ مَذْهَبُنَا. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَحَّى بِمِنًى عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فَلَا تَجِبُ بِأَصْلِ الشَّرْعِ لِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانَا لَا يُضَحِّيَانِ مَخَافَةَ أَنْ يَرَى النَّاسُ ذَلِكَ وَاجِبًا. وَيُوَافِقُهُ تَفْوِيضُهَا فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ إلَى إرَادَةِ الْمُضَحِّي، وَالْوَاجِبُ لَا يُقَالُ فِيهِ ذَلِكَ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ، وَيُكْرَهُ تَرْكُهَا لِمَنْ تُسَنُّ لَهُ لِلْخِلَافِ فِي وُجُوبِهَا وَمِنْ ثُمَّ كَانَتْ أَفْضَلَ مِنْ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ، وَإِنَّمَا تُسَنُّ لِمُسْلِمٍ قَادِرٍ حُرٍّ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ (لَا تَجِبُ إلَّا بِالْتِزَامٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــSوَأَرْطَى وَبِهَا سُمِّيَ يَوْمُ الْأَضْحَى (قَوْلُهُ: وَهُوَ الضُّحَى) عِبَارَةُ حَجّ: وَهُوَ وَقْتُ الضُّحَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِمِنًى إنْ تَعَدَّدَ أَهْلُ الْبَيْتِ) قَالَ م ر: وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْمُرَادَ بِأَهْلِ الْبَيْتِ مَنْ تَلْزَمُ نَفَقَتُهُمْ، قَالَ: وَالْقِيَاسُ عَلَى هَذَا أَنَّ شَرْطَ وُقُوعِهَا أَنْ يَكُونَ الْمُضَحِّي هُوَ الَّذِي تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ حَتَّى لَوْ ضَحَّى بَعْضُ عِيَالِهِ لَمْ يَقَعْ عَنْ غَيْرِ ذَلِكَ الْبَعْضِ سَوَاءٌ مَنْ تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ وَغَيْرُهُ فَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ مُقْتَضَى كَوْنِهَا فَرْضَ كِفَايَةٍ سُقُوطُهَا بِفِعْلِ أَيِّ بَعْضٍ كَانَ سَوَاءٌ مَنْ تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ وَغَيْرُهُ فَقَالَ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَوْنِهَا فَرْضَ كِفَايَةٍ وَتَوَقَّفَ السُّقُوطُ عَلَى بَعْضِهِمْ مُعَيَّنًا وَهُوَ مَنْ تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَفِي حَجّ خِلَافُهُ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ لِكَوْنِهَا سُنَّةَ كِفَايَةٍ (قَوْلُهُ سُقُوطُ الطَّلَبِ بِفِعْلِ الْغَيْرِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَلْزَمْهُ النَّفَقَةُ وَهُوَ يُخَالِفُ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ أَشْرَكَ غَيْرَهُ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ: أَشْرَكْتُك أَوْ فُلَانًا فِي ثَوَابِهَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعْدَ نِيَّةِ التَّضْحِيَةِ لِنَفْسِهِ وَهُوَ قَرِيبٌ (قَوْلُهُ: مَخَافَةَ أَنْ يَرَى النَّاسُ ذَلِكَ) لَا يُقَالُ: هَذَا يَنْدَفِعُ بِالْإِخْبَارِ بِعَدَمِ وُجُوبِهَا. لِأَنَّا نَقُولُ: أُجِيبَ عَنْ مِثْلِ هَذَا فِي مَوَاضِعَ تَتَعَلَّقُ بِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ عَدَمَ الْفِعْلِ أَقْوَى فِي انْقِيَادِ النُّفُوسِ وَاعْتِقَادِهَا لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ التَّرْكُ مِنْ عَدَمِ الْوُجُوبِ مِنْ الْقَوْلِ، لِأَنَّ الْقَوْلَ يَحْتَمِلُ الْمَجَازَ وَغَيْرَهُ مِنْ الْأَشْيَاءِ الْمُخْرِجَةِ لَهُ عَنْ الدَّلَالَةِ (قَوْلُهُ: وَيُوَافِقُهُ تَفْوِيضُهَا) أَيْ الْأُضْحِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ كَانَتْ أَفْضَلَ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ تَسَاوَيَا قَدْرًا وَصِفَةً، وَأَنَّ الْبَقَرَةَ تَطَوُّعًا أَفْضَلُ مِنْ الشَّاةِ أُضْحِيَّةً، وَيُحْتَمَلُ بَقَاؤُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ يَجْعَلُ الثَّوَابَ الْكَثِيرَ فِي الشَّيْءِ الْقَلِيلِ، خُصُوصًا وَقَدْ جَعَلَ سَبَبَ الْأَفْضَلِيَّةِ أَنَّهُ قِيلَ بِوُجُوبِهَا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تُسَنُّ لِمُسْلِمٍ قَادِرٍ) أَيْ بِأَنْ فَضَلَ عَنْ حَاجَةِ مُمَوِّنِهِ مَا مَرَّ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ انْتَهَى حَجّ. [فَرْعٌ] لَوْ قَالَ: إنْ مَلَكْت هَذِهِ الشَّاةَ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِهَا لَمْ تَلْزَمْهُ، وَإِنْ مَلَكَهَا لِأَنَّ الْمُعَيَّنَ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ إنْ مَلَكْتُ شَاةً فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِهَا فَتَلْزَمُهُ إذَا مَلَكَ شَاةً لِأَنَّ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ، كَذَا صَرَّحُوا بِهِمَا فَانْظُرْ الرَّوْضَ وَغَيْرَهُ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِيمَا لَوْ قَالَ إنْ مَلَكْت هَذَا الْعَبْدَ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتِقَهُ إلَخْ. وَقَضِيَّةُ مَا فِي الرَّوْضِ أَنَّهَا لَا تَصِيرُ أُضْحِيَّةً بِنَفْسِ الشِّرَاءِ بَلْ إنَّمَا تَصِيرُ كَذَلِكَ بِالْجَعْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQضَحَايَا إنَّمَا هُوَ جَمْعُ ضَحِيَّةٍ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ) لَعَلَّ الْمُرَادَ الْأَصْلُ فِي كَوْنِهِ لَوْ اشْتَرَكَ غَيْرُهُ جَازَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ السِّيَاقِ عَلَى مَا فِيهِ مِمَّا يُعْلَمُ بِالتَّأَمُّلِ وَقَدْ قَدَّمَ الْأَصْلَ فِي الْبَابِ، وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ أَوْرَدَ هَذَا الْحَدِيثَ عِنْدَ

كَجَعَلْتُ هَذِهِ الشَّاةَ أُضْحِيَّةً كَسَائِرِ الْقُرَبِ (وَيُسَنُّ لِمُرِيدِهَا) غَيْرِ الْمُحْرِمِ أَيْ التَّضْحِيَةِ (أَنْ لَا يُزِيلَ شَعْرَهُ وَلَا ظُفُرَهُ) أَيْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ (فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ حَتَّى يُضَحِّيَ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَالْحِكْمَةُ فِيهِ بَقَاؤُهُ كَامِلَ الْأَجْزَاءِ لِتَشْمَلَهَا الْمَغْفِرَةُ وَالْعِتْقُ مِنْ النَّارِ، وَلَوْ قَصَدَ التَّضْحِيَةَ بِعَدَدٍ زَالَتْ الْكَرَاهَةُ بِأَوَّلِهَا كَمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ شَعْرُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ وَالْإِبْطِ وَالْعَانَةِ وَالشَّارِبِ وَغَيْرِهَا، فَإِنْ خَالَفَ كُرِهَ وَتَسْتَمِرُّ الْكَرَاهَةُ لِمُرِيدِهَا إلَى انْقِضَاءِ زَمَنِ الْأُضْحِيَّةِ. وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِيمَا لَا يَضُرُّ، أَمَّا نَحْوُ ظُفْرٍ وَجِلْدَةٍ تَضُرُّ فَلَا (وَ) يُسَنُّ (أَنْ يَذْبَحَهَا) أَيْ الْأُضْحِيَّةُ رَجُلٌ (بِنَفْسِهِ) إنْ أَحْسَنَ الذَّبْحَ اقْتِدَاءً بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ وَلِأَنَّهَا قُرْبَةٌ فَنُدِبَتْ مُبَاشَرَتُهَا وَكَذَلِكَ الْهَدْيُ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ جَوَازَ الِاسْتِنَابَةِ وَالْأَوْلَى كَوْنُ التَّائِبِ فَقِيهًا مُسْلِمًا وَيُكْرَهُ اسْتِنَابَةُ كَافِرٍ وَصَبِيٍّ لَا حَائِضٍ (وَإِلَّا فَيَشْهَدُهَا) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - بِذَلِكَ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ. أَمَّا الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى فَتَوْكِيلُهُمَا أَفْضَلُ. (وَلَا تَصِحُّ) أَيْ التَّضْحِيَةُ (إلَّا مِنْ إبِلٍ وَبَقَرٍ) عِرَابٍ أَوْ جَوَامِيسَ (وَغَنَمٍ) ضَأْنٍ أَوْ مَعْزٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} [الحج: 34] وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْحَيَوَانِ فَاخْتَصَّتْ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَرَاجِعْهُ، وَعِبَارَتُهُ: وَتَجِبُ بِالنَّذْرِ، فَإِنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ إنْ اشْتَرَيْت شَاةً أَنْ أَجْعَلَهَا أُضْحِيَّةً وَاشْتَرَى لَزِمَهُ أَنْ يَجْعَلَهَا فَإِنْ عَيَّنَهَا فَفِي لُزُومِ جَعْلِهَا وَجْهَانِ، وَلَا تَصِيرُ أُضْحِيَّةً بِنَفْسِ الشِّرَاءِ وَلَا بِنِيَّتِهِ اهـ: أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى الِالْتِزَامِ بَعْدَ الشِّرَاءِ. [فَرْعٌ] مَنْ أَرَادَ أَنْ يُهْدِيَ شَيْئًا مِنْ النَّعَمِ إلَى الْبَيْتِ سُنَّ لَهُ مَا سُنَّ لِمُرِيدِ التَّضْحِيَةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: كَجَعَلْتُ هَذِهِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ ذَلِكَ بِاللَّفْظِ فَلَا يَكْفِي بِالنِّيَّةِ (قَوْلُهُ: فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ) أَيْ وَلَوْ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَلَا تُطْلَبُ مِنْهُ إزَالَةُ ذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ، وَمِثْلُ هَذَا فِي كَلَامِ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ (قَوْلُهُ: فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ) أَيْ نَدْبًا، وَالصَّارِفُ لَهُ عَنْ الْوُجُوبِ كَوْنُ الْحِكْمَةِ فِي طَلَبِهِ مُجَرَّدَ إرَادَةِ الْمَغْفِرَةِ (قَوْلُهُ: إلَى انْقِضَاءِ زَمَنِ الْأُضْحِيَّةِ) أَيْ حَيْثُ انْقَضَتْ وَلَمْ يَصِحَّ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَنْتَهِي فِي حَقِّ مَنْ ضَحَّى بِمُتَعَدِّدٍ بِأَوَّلِهَا (قَوْلُهُ: إنْ أَحْسَنَ الذَّبْحَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كُرِهَ كَأَنْ كَانَ أَعْمَى، إلَّا أَنْ يُقَالَ أَحْسَنَ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ اسْتِنَابَةُ كَافِرٍ) أَيْ حَيْثُ كَانَ مِمَّنْ تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ (قَوْلُهُ لَا حَائِضٌ) أَيْ فَلَا تُكْرَهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ خِلَافَ الْأَوْلَى لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمَرْأَةَ وَالْخُنْثَى الْأَفْضَلُ لَهُمَا التَّوْكِيلُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيَشْهَدُهَا) ع: وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَحْضِرَ فِي نَفْسِهِ عَظِيمَ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ وَمَا سَخَّرَ لَهُ مِنْ الْأَنْعَامِ وَتَجَدُّدِ الشُّكْرِ عَلَى ذَلِكَ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ فَتَوْكِيلُهُمَا أَفْضَلُ) أَيْ لِضَعْفِهِمَا لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ وَظَائِفِ الرِّجَالِ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى إلَخْ) قَضِيَّةُ سِيَاقِهِ أَنَّ الْأَنْعَامَ شَامِلَةٌ لِلْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا يُضَحَّى بِهِ وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ، فَفِي الْمِصْبَاحِ النَّعَمُ: الْمَالُ الرَّاعِي، وَهُوَ جَمْعٌ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ وَأَكْثَرُ مَا يَقَعُ عَلَى الْإِبِلِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: النَّعَمُ الْإِبِلُ فَقَطْ وَيُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَجَمْعُهُ نُعْمَانٌ مِثْلُ حَمَلٍ وَحُمْلَانٍ وَأَنْعَامٌ أَيْضًا، وَقِيلَ النَّعَمُ الْإِبِلُ خَاصَّةً وَالْأَنْعَامُ ذَوَاتُ الْخُفِّ وَالظِّلْفِ وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ، وَقِيلَ تُطْلَقُ الْأَنْعَامُ عَلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَإِذَا انْفَرَدَتْ الْإِبِلُ فَهِيَ نَعَمٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلِ الرَّوْضِ وَلَوْ بِمِنًى الَّذِي قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ إلَى انْقِضَاءِ زَمَنِ الْأُضْحِيَّةِ) أَيْ إنْ لَمْ يُضَحِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: رَجُلٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ ذِكْرَ هَذَا هُنَا يُوهِمُ إخْرَاجَ الْمَتْنِ عَنْ ظَاهِرِهِ الَّذِي هُوَ الْمُرَادُ فَتَأَمَّلْ

بِالْأَنْعَامِ كَالزَّكَاةِ (وَشَرْطُ) إجْزَاءِ (إبِلٍ أَنْ تَطْعُنَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ طَعَنَ يَطْعُنُ فِي السِّنِّ طَعْنًا، وَطَعَنَ فِيهِ بِالْقَوْلِ يَطْعُنُ أَيْضًا: أَيْ تَشْرُعُ (فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ وَبَقَرٌ وَمَعْزٌ فِي الثَّالِثَةِ وَضَأْنٌ فِي الثَّانِيَةِ) بِالْإِجْمَاعِ، نَعَمْ لَوْ أَجْذَعَتْ الشَّاةُ مِنْ الضَّأْنِ: أَيْ سَقَطَتْ مِنْهَا قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ أَجْزَأَتْ وَيَكُونُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ، فَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ «ضَحُّوا بِالْجَذَعِ مِنْ الضَّأْنِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ» وَرَوَى مُسْلِمٌ خَبَرَ «لَا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً إلَّا إنْ تَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَاذْبَحُوا جَذَعَةً مِنْ الضَّأْنِ» قَالَ الْعُلَمَاءُ: الْمُسِنَّةُ هِيَ الثَّنِيَّةُ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ فَمَا فَوْقَهَا، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ جَذَعَةَ الضَّأْنِ لَا تُجْزِي إلَّا عِنْدَ عَجْزِهِ عَنْ الْمُسِنَّةِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ وَحَمَلُوا الْخَبَرَ عَلَى النَّدْبِ، وَتَقْدِيرُهُ يُسَنُّ لَكُمْ أَنْ لَا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً فَإِنْ عَجَزْتُمْ فَجَذَعَةُ ضَأْنٍ (وَيَجُوزُ ذَكَرٌ وَأُنْثَى) وَخُنْثَى، لَكِنَّ الذَّكَرَ وَلَوْ بِلَوْنٍ مَفْضُولٍ فِيمَا يَظْهَرُ أَفْضَلُ لِأَنَّ لَحْمَهُ أَطْيَبُ، إلَّا أَنْ يُكْثِرَ نَزَوَاتِهِ فَالْأُنْثَى الَّتِي لَمْ تَلِدْ أَفْضَلُ مِنْهُ حِينَئِذٍ، وَعَلَى ذَلِكَ حُمِلَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَالْأُنْثَى أَحَبُّ إلَيَّ، وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى جَزَاءِ الصَّيْدِ إذَا قُوِّمَتْ لِإِخْرَاجِ الطَّعَامِ وَالْأُنْثَى أَكْثَرُ قِيمَةً (وَخَصِيٌّ) لِلِاتِّبَاعِ. (وَ) يُجْزِئُ (الْبَعِيرُ وَالْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ) لِلنَّصِّ فِيهِ كَمَا يُجْزِئُ عَنْهُمْ فِي التَّحَلُّلِ لِلْإِحْصَارِ، لِخَبَرِ مُسْلِمٍ وَسَوَاءٌ أَرَادَ بَعْضُهُمْ الْأُضْحِيَّةَ وَالْآخَرُ اللَّحْمَ أَمْ لَا، وَلَهُمْ قِسْمَةُ اللَّحْمِ إذْ هِيَ إفْرَازٌ، وَخَرَجَ بِسَبْعَةٍ مَا لَوْ ذَبَحَهَا ثَمَانِيَةٌ ظَنُّوا أَنَّهُمْ سَبْعَةٌ فَلَا تُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَالشَّاةُ عَنْ وَاحِدٍ فَقَطْ بَلْ لَوْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ فِي شَاتَيْنِ فِي تَضْحِيَةٍ أَوْ هَدْيٍ لَمْ يَجُزْ، وَفَرْقٌ بَيْنَهُ وَبَيْنِ جَوَازِ إعْتَاقِ نِصْفَيْ عَبْدَيْنِ عَنْ الْكَفَّارَةِ بِأَنَّ الْمَأْخَذَ مُخْتَلِفٌ، إذْ الْمَأْخَذُ ثَمَّ تَخْلِيصُ رَقَبَةٍ مِنْ الرِّقِّ وَقَدْ وُجِدَ بِذَلِكَ وَهُنَا التَّضْحِيَةُ بِشَاةٍ وَلَمْ تُوجَدْ بِمَا فَعَلَ، وَأَمَّا خَبَرُ «اللَّهُمَّ هَذَا عَنْ مُحَمَّدٍ وَأُمَّةِ مُحَمَّدٍ» فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ التَّشْرِيكُ فِي الثَّوَابِ لَا فِي الْأُضْحِيَّةِ، وَلَوْ ضَحَّى بِبَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ بَدَلِ شَاةٍ فَالزَّائِدُ عَلَى السَّبْعِ تَطَوُّعٌ يَصْرِفُهُ مَصْرِفَ التَّطَوُّعِ إنْ شَاءَ (وَأَفْضَلُهَا) عِنْدَ الِانْفِرَادِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِي: وَسَبْعُ شِيَاهٍ إلَخْ (بَعِيرٌ) لِكَثْرَةِ اللَّحْمِ (ثُمَّ بَقَرَةٌ) لِأَنَّهَا كَسَبْعِ شِيَاهٍ (ثُمَّ ضَأْنٌ) لِطِيبِهِ (ثُمَّ مَعْزٌ) وَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ الْأَخِيرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَإِنْ انْفَرَدَتْ الْبَقَرُ وَالْغَنَمُ لَمْ تُسَمَّ نَعَمًا (قَوْلُهُ: يَطْعُنُ) أَيْ بِالضَّمِّ وَفِي الْمُخْتَارِ عَنْ بَعْضِهِمْ الْفَتْحُ فِيهِمَا (قَوْلُهُ إلَّا إنْ تَعْسُرَ) أَيْ وُجُودُهَا (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ لَا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً (قَوْلُهُ وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ أَفْضَلُ) أَيْ مِنْ الْأُنْثَى وَظَاهِرُهُ وَلَوْ سَمِينَةً وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكْثُرَ) أَيْ ضِرَابُهُ لِلْأُنْثَى (قَوْلُهُ: وَالشَّاةُ عَنْ وَاحِدٍ) وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ مُسِخَتْ الشَّاةُ بَعِيرًا أَوْ عَكْسُهُ هَلْ تُجْزِئُ فِي الْأُولَى عَنْ سَبْعَةٍ، وَلَا يُجْزِئُ الْبَعِيرُ فِي الثَّانِيَةِ إلَّا عَنْ وَاحِدٍ أَوْ لَا، وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ هَذَا يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ الْمَسْخَ هَلْ هُوَ تَغْيِيرُ صِفَةٍ أَوْ ذَاتٍ، فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ لَا تُجْزِئُ الشَّاةُ الْمَمْسُوخَةُ بَعِيرًا إلَّا عَنْ وَاحِدٍ، وَيُجْزِئُ الْبَعِيرُ الْمَمْسُوخُ إلَى الشَّاةِ عَنْ سَبْعَةٍ، وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي انْعَكَسَ الْحَالُ لِأَنَّ ذَاتَ الشَّاةِ الْمَمْسُوخَةِ إلَى الْبَعِيرِ ذَاتُ بَعِيرٍ، وَالْبَعِيرُ الْمَمْسُوخُ إلَى الشَّاةِ ذَاتُهُ شَاةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ هَدْيٌ لَمْ يَجُزْ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ اشْتَرَكَ أَرْبَعَةَ عَشْرَ فِي بَدَنَتَيْنِ لِأَنَّ كُلًّا إنَّمَا حَصَلَ لَهُ سُبُعُ الْبَدَنَتَيْنِ فَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ مِنْ كُلٍّ إلَّا نِصْفَ سُبُعٍ، وَذَلِكَ لَا يَكْفِي لِأَنَّهُ لَا يَكْفِي إلَّا سُبُعٌ كَامِلٌ مِنْ بَدَنَةٍ وَاحِدَةٍ وِفَاقًا لَمْ ر، وَقِيَاسُهُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ إذَا اشْتَرَكَ ثَمَانِيَةٌ فِي بَدَنَتَيْنِ إذْ يَخُصُّ كُلًّا مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ ثُمُنٌ لَا يَكْفِي اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: نِصْفَيْ عَبْدَيْنِ) أَيْ بَاقِيهِمَا حُرٌّ أَوْ سَرَى الْعِتْقُ إلَى بَاقِيهِمَا وَإِلَّا فَلَا يُجْزِي لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ: بَدَلَ شَاةٍ) أَيْ مَنْذُورَةٍ فِي الذِّمَّةِ لِقَرِينَةِ قَوْلِهِ فَالزَّائِدُ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: بِضَمِّ الْعَيْنِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِيهِ الْفَتْحُ مَعَ أَنَّهُ حَرْفُ حَلْقٍ وَالْأَصْلُ فِيهِ الْفَتْحُ لَكِنْ فِي فَتْحِ الْأَقْفَالِ شَرْحِ لَامِيَّةِ الْأَفْعَالِ مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي جَوَازِهِمَا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَيْ تُشْرَعُ) تَفْسِيرٌ لِلْمَتْنِ (قَوْلُهُ: بَدَلَ شَاةٍ) أَيْ وَاجِبَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَالزَّائِدُ عَلَى السَّبْعِ تَطَوُّعٌ) أَيْ أُضْحِيَّةُ تَطَوُّعٍ هَكَذَا ظَهَرَ فَلْيُرَاجَعْ

إذْ لَا شَيْءَ بَعْدَهُ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ ثَمَّ الْأَخِيرَةَ لِأَنَّ بَعْدَهُ مَرَاتِبَ أُخْرَى تُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ، وَهِيَ شِرْكٌ مِنْ بَدَنَةٍ ثُمَّ مِنْ بَقَرَةٍ (وَسَبْعُ شِيَاهٍ أَفْضَلُ مِنْ بَعِيرٍ) وَمِنْ بَقَرَةٍ لِأَنَّ لَحْمَ الْغَنَمِ أَطْيَبُ وَالدَّمُ الْمُرَاقُ أَكْثَرُ (وَشَاةٌ أَفْضَلُ مِنْ مُشَارَكَةٍ فِي بَعِيرٍ) لِلِانْفِرَادِ بِإِرَاقَةِ الدَّمِ وَلِطِيبِ اللَّحْمِ وَاسْتِكْثَارُ الْقِيمَةِ أَفْضَلُ مِنْ الْعَدَدِ، بِخِلَافِ الْعِتْقِ وَاللَّحْمُ خَيْرٌ مِنْ الشَّحْمِ وَالْبَيْضَاءُ أَفْضَلُ ثُمَّ الصَّفْرَاءُ ثُمَّ الْبَلْقَاءُ ثُمَّ السَّوْدَاءُ، نَعَمْ يُقَدَّمُ السِّمَنُ عَلَى اللَّوْنِ عِنْدَ تَعَارُضِهِمَا (وَشَرْطُهَا) أَيْ الْأُضْحِيَّةِ لِتُجْزِئَ حَيْثُ لَمْ يَلْتَزِمْهَا نَاقِصَةً (سَلَامَةٌ مِنْ عَيْبٍ يُنْقِصُ لَحْمًا) يَعْنِي مَأْكُولًا إذْ مَقْطُوعَةُ الْأَلْيَةِ لَا تُجْزِئُ مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِلَحْمٍ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُطْلَقُ عَلَيْهِ فِي بَعْضِ الْأَبْوَابِ كَمَا فِي قَوْلِهِمْ يَحْرُمُ بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ، وَسَوَاءٌ كَانَ النَّقْصُ فِي الْحَالِ كَقَطْعِ فِلْقَةٍ مِنْ نَحْوِ فَخِذٍ أَوْ الْمَآلِ كَعَرَجٍ بَيِّنٍ لِأَنَّهُ يُنْقِصُ رَعْيَهَا فَتَهْزُلُ، وَيُعْتَبَرُ سَلَامَتُهَا وَقْتَ الذَّبْحِ حَيْثُ لَمْ يَتَقَدَّمْهَا إيجَابٌ وَإِلَّا فَوَقْتُ خُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِهِ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ عَدَمُ إجْزَاءِ التَّضْحِيَةِ بِالْحَامِلِ لِأَنَّ الْحَمْلَ يُهْزِلُهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَقَدْ حَكَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي آخِرِ زَكَاةِ الْغَنَمِ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَمَا وَقَعَ فِي الْكِفَايَةِ مِنْ أَنَّ الْمَشْهُورَ إجْزَاؤُهَا لِأَنَّ مَا حَصَلَ مِنْ نَقْصِ اللَّحْمِ يَنْجَبِرُ بِالْجَنِينِ غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ، فَقَدْ لَا يَكُونُ فِيهِ جَبْرٌ أَصْلًا كَالْعَلَقَةِ وَأَيْضًا فَزِيَادَةُ اللَّحْمِ لَا تَجْبُرُ عَيْبًا كَعَرْجَاءَ أَوْ جَرْبَاءَ سَمِينَةٍ، وَإِنَّمَا عَدُّوا الْحَامِلَ كَامِلَةً فِي الزَّكَاةِ لِأَنَّ الْقَصْدَ فِيهَا النَّسْلُ دُونَ طِيبِ اللَّحْمِ، وَمَا جَمَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ مِنْ حَمْلِ الْإِجْزَاءِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ بِالْحَمْلِ نَقْصٌ فَاحِشٌ، وَمُقَابِلُهُ عَلَى خِلَافِهِ مَرْدُودٌ بِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الْحَمْلَ نَفْسَهُ عَيْبٌ وَأَنَّ الْعَيْبَ لَا يُجْبَرُ وَإِنْ قَلَّ. نَعَمْ يُتَّجَهُ إجْزَاءُ قَرِيبَةِ الْعَهْدِ بِالْوِلَادَةِ لِزَوَالِ الْمَحْذُورِ بِهَا، أَمَّا لَوْ الْتَزَمَهَا نَاقِصَةً كَأَنْ نَذَرَ الْأُضْحِيَّةَ بِمَعِيبَةٍ أَوْ صَغِيرَةٍ أَوْ قَالَ جَعَلْتهَا أُضْحِيَّةً فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: ثَمَّ الْأَخِيرَةَ) أَيْ لَفْظُ ثَمَّ فِي قَوْلِهِ ثَمَّ مَعْزٌ (قَوْلُهُ: وَلِطِيبِ اللَّحْمِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ الشَّرِكَةُ بِأَكْثَرِ الْبَعِيرِ، وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْبَلْقَاءُ ثُمَّ السَّوْدَاءُ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: الْبَلَقُ سَوَادٌ وَبَيَاضٌ، وَكَذَا الْبُلْقَةُ بِالضَّمِّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ لِيَشْمَلَ مَا فِيهِ بَيَاضٌ وَحُمْرَةٌ، بَلْ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ عَلَى مَا فِيهِ بَيَاضٌ وَسَوَادٌ لِقُرْبِهِ مِنْ الْبَيَاضِ بِالنِّسْبَةِ لِلسَّوَادِ، وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْأَحْمَرِ الْخَالِصِ عَلَى الْأَسْوَدِ وَتَقْدِيمُ الْأَزْرَقِ عَلَى الْأَحْمَرِ وَكُلُّ مَا كَانَ أَقْرَبَ إلَى الْأَبْيَضِ يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ بَعْدَ الصَّفْرَاءِ: ثُمَّ الْعَفْرَاءُ ثُمَّ الْحَمْرَاءُ ثُمَّ الْبَلْقَاءُ ثُمَّ السَّوْدَاءُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُقَدَّمُ السِّمَنُ عَلَى اللَّوْنِ عِنْدَ تَعَارُضِهِمَا) أَيْ وَعَلَى الذُّكُورَةِ أَيْضًا كَمَا قَدْ يُؤْخَذُ مِمَّا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْأُنْثَى الَّتِي لَمْ تَلِدْ أَفْضَلُ مِنْ الذَّكَرِ الَّذِي كَثُرَ نَزَوَانُهُ، وَأَمَّا قَوْلُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ عَنْ حَجّ: وَيَظْهَرُ عِنْدَ تَعَارُضِهِمَا تَقْدِيمُ السِّمَنِ كَالذُّكُورَةِ، فَمَعْنَاهُ أَنَّ كُلًّا مِنْ السِّمَنِ وَالذُّكُورَةِ يُقَدَّمُ عَلَى اللَّوْنِ الْفَاضِلِ فَيُقَدَّمُ الذَّكَرُ الْأَسْوَدُ عَلَى الْأُنْثَى الْبَيْضَاءِ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهَا) أَيْ الْأَلْيَةَ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُطْلَقُ) أَيْ اللَّحْمُ (قَوْلُهُ: كَقَطْعِ فِلْقَةٍ) أَيْ وَإِنْ قَلَّتْ بِخِلَافِ مَا يَأْتِي فِي الْأَلْيَةِ فَإِنَّ الْمُضِرَّ فِيهَا إنَّمَا هُوَ الْكَثِيرُ لِأَنَّ قَطْعَ بَعْضِ الْأَلْيَةِ يُقْصَدُ بِهِ كِبَرُهَا فَثَمَّ جَابِرٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَقَدَّمْهَا إيجَابٌ) أَيْ بِنَذْرٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَوَقَفَ خُرُوجُهَا) أَيْ فَلَا يَضُرُّ تَعَيُّبُهَا وَقْتَ الذَّبْحِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ التَّضْحِيَةَ بِهَذَا إلَخْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُتَّجَهُ إجْزَاءُ قَرِيبَةٍ) أَيْ عُرْفًا (قَوْلُهُ: أَوْ صَغِيرَةٍ) أَيْ لَمْ تَبْلُغْ سِنًّا تُجْزِئُ فِيهِ عَنْ الْأُضْحِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَاسْتِكْثَارِ الْقِيمَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: الثَّمَنُ أَفْضَلُ مِنْ كَثْرَةِ الْعَدَدِ (قَوْلُهُ: وَاسْتِكْثَارُ الثَّمَنِ) لَعَلَّهُ فِي النَّوْعِ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ: فَتَهْزِلُ) هُوَ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الزَّايِ مِنْ بَابِ فَعَلَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ يَفْعِلُ بِكَسْرِهَا مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ كَمَا فِي مُقَدِّمَةِ الْأَدَبِ لِلزَّمَخْشَرِيِّ وَعَلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي يُهْزِلُهَا كَمَا لَا يَخْفَى، وَهَذَا خِلَافُ مَا اُشْتُهِرَ أَنَّ هَزَلَ لَمْ يُسْمَعْ إلَّا مَبْنِيًّا لِلْمَجْهُولِ فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِزَوَالِ الْمَحْذُورِ بِهَا) أَشَارَ ابْنُ قَاسِمٍ إلَى مَنْعِهِ (قَوْلُهُ: كَأَنَّ نَذَرَ الْأُضْحِيَّةَ بِمَعِيبَةٍ إلَخْ) لَعَلَّ الصُّورَةَ أَنَّهَا مُعَيَّنَةٌ

ذَبْحُهَا، وَلَا تُجْزِئُ ضَحِيَّةٌ وَإِنْ اخْتَصَّ ذَبْحُهَا بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ وَجَرَتْ مَجْرَاهَا فِي الصَّرْفِ، وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ التَّضْحِيَةَ بِهَذَا وَهُوَ سَلِيمٌ ثُمَّ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ ضَحَّى بِهِ وَثَبَتَتْ لَهُ أَحْكَامُ التَّضْحِيَةِ، وَيَنْقُصُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ ثَالِثِهِ بِضَبْطِ الْمُصَنِّفِ إذْ هِيَ لُغَةُ الْقُرْآنِ (فَلَا تُجْزِئُ عَجْفَاءُ) وَهِيَ الَّتِي ذَهَبَ مُخُّهَا مِنْ الْهُزَالِ، وَقَدْ يَكُونُ خِلْقَةً أَوْ لِهَرَمٍ أَوْ مَرَضٍ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «أَرْبَعٌ لَا تُجْزِئُ فِي الْأَضَاحِيِّ: الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ عَرَجُهَا، وَالْكَسِيرَةُ» وَفِي رِوَايَةٍ «وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي» مِنْ النِّقْيِ بِكَسْرِ النُّونِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَهُوَ الْمُخُّ (وَمَجْنُونَةٌ) لِأَنَّهُ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ التَّوْلَاءِ وَهِيَ الْمَجْنُونَةُ الَّتِي تَسْتَدْبِرُ الْمَرْعَى وَلَا تَرْعَى إلَّا الْقَلِيلَ وَذَلِكَ يُورِثُ الْهُزَالَ (وَمَقْطُوعَةُ بَعْضِ أُذُنٍ) أَبْيَنَ وَإِنْ قَلَّ لِذَهَابِ جُزْءٍ مَأْكُولٍ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ إجْزَاءِ مَقْطُوعَةٍ كُلِّهَا بِالْأَوْلَى وَكَذَا فَاقِدَتُهَا خِلْقَةً، وَلَا يَضُرُّ فَقْدُ أَلْيَةٍ خِلْقَةً إذْ الْمَعْزُ لَا أَلْيَةَ لَهُ وَلَا فَقْدُ ضَرْعٍ إذْ الذَّكَرُ لَا ضَرْعَ لَهُ، وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ فِي فَقْدِ الْأُذُنِ بِأَنَّهَا عُضْوٌ لَازِمٌ غَالِبًا. نَعَمْ لَوْ قُطِعَ مِنْ الْأَلْيَةِ جُزْءٌ يَسِيرٌ لِأَجْلِ كِبَرِهَا، فَالْأَوْجَهُ الْإِجْزَاءُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ لَا يَضُرُّ فَقْدُ فَلَقَةٍ يَسِيرَةٍ مِنْ عُضْوٍ كَبِيرٍ (وَذَاتُ عَرَجٍ) بَيِّنٍ بِحَيْثُ تَتَخَلَّفُ بِسَبَبِهِ عَنْ الْمَاشِيَةِ فِي الْمَرْعَى، وَإِذَا ضَرَّ وَلَوْ بِاضْطِرَابِهَا عِنْدَ ذَبْحِهَا فَكَسْرُ الْعُضْوِ وَفَقْدُهُ أَوْلَى (وَ) ذَاتُ (عَوَرٍ) وَعُلِمَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلَوْلَا تُجْزِئُ ضَحِيَّةٌ) أَيْ الضَّحِيَّةُ الْمَنْدُوبَةُ وَالْمَنْذُورَةُ فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ سَلِيمٌ) أَيْ وَالْحَالُ (قَوْلُهُ: وَتَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ التَّضْحِيَةِ) قَضِيَّتُهُ إجْزَاؤُهَا فِي الْأُضْحِيَّةِ، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ نَذْرِهَا سَلِيمَةً ثُمَّ تَتَعَيَّبُ وَبَيْنَ نَذْرِ التَّضْحِيَةِ بِالنَّاقِصَةِ بِأَنَّهُ لَمَّا الْتَزَمَهَا سَلِيمَةً خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ بِمُجَرَّدِ النَّذْرِ فَحُكِمَ بِأَنَّهَا ضَحِيَّةٌ وَهِيَ سَلِيمَةٌ، بِخِلَافِ الْمَعِيبَةِ فَإِنَّ النَّذْرَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا إلَّا نَاقِصَةً فَلَمْ تَثْبُتْ لَهَا صِفَةُ الْكَمَالِ بِحَالٍ (قَوْلُهُ: وَضَمُّ ثَالِثِهِ) وَيَجُوزُ فِيهِ أَيْضًا ضَمُّ الْيَاءِ مَعَ تَشْدِيدِ الْقَافِ وَكَسْرِهَا (قَوْلُهُ وَمَقْطُوعَةُ بَعْضِ أُذُنٍ) وَمِثْلُ الْأُذُنِ اللِّسَانُ بِالْأَوْلَى وَهَلْ مِثْلُ قَطْعِ بَعْضِ الْأُذُنِ مَا لَوْ أَصَابَ بَعْضَ الْأُذُنِ آفَةٌ أَذْهَبَتْ شَيْئًا مِنْهَا كَأَكْلِ نَحْوِ الْقُرَادِ لِشَيْءٍ مِنْهَا أَوْ لَا، وَيُفَرَّقُ بِالْمَشَقَّةِ الَّتِي تَحْصُلُ بِإِرَادَةِ الِاحْتِرَازِ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ مَا لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِيهِ حَيْثُ لَمْ يُنْقِصْ اللَّحْمَ مُغْتَفَرٌ كَمَا فِي الْعَرَجِ الْيَسِيرِ وَكَالْمَرَضِ الَّذِي لَا يَحْصُلُ بِهِ شِدَّةُ هُزَالٍ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا فَاقِدَتُهَا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُخْلَقْ لَهَا أُذُنٌ أَصْلًا، أَمَّا صَغِيرَةُ الْأُذُنِ فَتُجْزِئُ لِعَدَمِ نَقْصِهَا فِي نَفْسِهَا كَصَغِيرَةِ الْجُثَّةِ (قَوْلُهُ إذْ الْمَعْزُ لَا أَلْيَةَ لَهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّ قَطْعَ الذَّنَبِ مِنْ الْمَعْزِ يَضُرُّ، وَفِي حَجّ وَأَلْحَقَا الذَّنَبَ بِالْأَلْيَةِ، وَاعْتَرَضَا بِتَصْرِيحِ جَمْعٍ بِأَنَّهُ كَالْأُذُنِ بَلْ فَقْدُهُ أَنْدَرُ مِنْ فَقْدِ الْأُذُنِ. وَبَقِيَ مَا لَوْ خُلِقَتْ الْمَعْزُ بِلَا ذَنَبٍ هَلْ تُجْزِئُ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، ثُمَّ رَأَيْت مَتْنَ الرَّوْضِ صَرَّحَ بِالْإِجْزَاءِ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهَا عُضْوٌ لَازِمٌ) وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الْأَلْيَةِ صَغِيرَةً فِي ذَاتِهَا كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ فِي بَعْضِ الْغَنَمِ وَكَوْنِهَا كَبِيرَةً، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ فَقْدُ فَلَقَةٍ يَسِيرَةٍ مِنْ عُضْوٍ كَبِيرٍ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْكِبْرُ النِّسْبِيُّ، فَالْأَلْيَةُ وَإِنْ صَغُرَتْ فَهِيَ مِنْ حَيْثُ هِيَ كَبِيرَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُذُنِ، هَذَا وَيَبْقَى النَّظَرُ فِيمَا لَوْ وُجِدَتْ أَلْيَةٌ قُطِعَ جُزْءٌ مِنْهَا وَشَكَّ فِي أَنَّ الْمَقْطُوعَ كَانَ كَبِيرًا فِي الْأَصْلِ فَلَا يُجْزِئُ مَا قُطِعَتْ مِنْهُ الْآنَ أَوْ صَغِيرًا فَيُجْزِئُ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْإِجْزَاءُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِيمَا قُطِعَتْ مِنْهُ وَالْمُوَافِقُ لِلْغَالِبِ فِي أَنَّ الَّذِي يُقْطَعُ لِكِبَرِ الْأَلْيَةِ صَغِيرٌ (قَوْلُهُ: وَإِذَا ضَرَّ) أَيْ الْعَرَجُ (قَوْلُهُ: فَكُسِرَ الْعُضْوُ) وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ قُطِعَ بَعْضُ الْعُرْقُوبِ بِحَيْثُ لَوْ بَقِيَتْ بِلَا ذَبْحٍ لَا تَسْتَطِيعُ الذَّهَابَ مَعَهُ لِلْمَرْعَى، فَلَوْ فَعَلَ بِهَا ذَلِكَ عِنْدَ إرَادَةِ الذَّبْحِ لِيَتَمَكَّنَ الذَّابِحُ مِنْ ذَبْحِهَا لَمْ تُجْزِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ وَسَوَاءٌ أَكَانَ النَّقْصُ فِي الْحَالِ كَقَطْعِ فَلَقَةٍ إلَخْ وَمِنْ قَوْلِهِ هُنَا، وَإِذَا ضَرَّ وَلَوْ بِاضْطِرَابِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَكَذَا فَاقِدَتُهَا) أَيْ لَا تُجْزِئُ إذْ لَيْسَ مِمَّا أَفْهَمَهُ الْمَتْنُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَضُرُّ قَطْعُ بَعْضِ الْأَلْيَةِ وَلَا يَضُرُّ فَقْدُ جَمِيعِهَا خِلْقَةً (قَوْلُهُ: لِأَجْلِ كِبَرِهَا) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ تَكْبَرَ

مِنْهُ امْتِنَاعُ الْعَمْيَاءِ بِالْأَوْلَى وَلَا يَضُرُّ ضَعْفُ بَصَرِهَا وَلَا عَدَمُهُ لَيْلًا (وَ) ذَاتُ (مَرَضٍ) بَيِّنٍ يَحْصُلُ بِسَبَبِهِ الْهُزَالُ (وَ) ذَاتُ (جَرَبٍ بَيِّنٍ) لِلْخَبَرِ الْمَارِّ، وَعَطْفُ هَذِهِ عَلَى مَا قَبْلَهَا مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ إذْ الْجَرَبُ مَرَضٌ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ نَقْصِهَا بِهَذِهِ الْعُيُوبِ أَوْ لَا (وَلَا يَضُرُّ يَسِيرُهَا) أَيْ يَسِيرُ الْأَرْبَعَةِ لِعَدَمِ تَأْثِيرِهِ فِي اللَّحْمِ (وَلَا فَقْدُ قَرْنٍ) إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْقَرْنِ كَبِيرُ غَرَضٍ وَإِنْ كَانَتْ الْقَرْنَاءُ أَفْضَلَ، نَعَمْ إنْ أَثَّرَ انْكِسَارُهُ فِي اللَّحْمِ ضَرَّ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَشَرْطُهَا إلَخْ وَتُجْزِئُ فَاقِدَةُ بَعْضِ الْأَسْنَانِ (وَكَذَا شَقُّ أُذُنٍ وَخَرْقُهَا وَثَقْبُهَا فِي الْأَصَحِّ) حَيْثُ لَمْ يَذْهَبْ جُزْءٌ مِنْهَا. وَالثَّانِي يَضُرُّ ذَلِكَ لِصِحَّةِ النَّهْيِ عَنْ التَّضْحِيَةِ بِالْخَرْقَاءِ وَهِيَ مَخْرُوقَةُ الْأُذُنِ وَالشَّرْقَاءُ وَهِيَ مَشْقُوقَتُهَا، وَالْأَوَّلُ حَمَلَ النَّهْيَ عَلَى التَّنْزِيهِ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَفْهُومِ الْعَدَدِ فِي خَبَرِ «أَرْبَعٌ لَا تُجْزِئُ فِي الْأَضَاحِيِّ» لِاقْتِضَائِهِ جَوَازَ مَا سِوَاهَا (قُلْت: الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ يَضُرُّ يَسِيرُ الْجَرَبِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ يُفْسِدُ اللَّحْمَ وَالْوَدَكَ وَأُلْحِقَ بِهِ الْقُرُوحُ وَالْبُثُورُ. وَالثَّانِي لَا يَضُرُّ كَالْمَرَضِ (وَيَدْخُلُ وَقْتُهَا) أَيْ التَّضْحِيَةُ (إذَا ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ كَرُمْحٍ يَوْمَ النَّحْرِ) وَهِيَ عَاشِرُ الْحِجَّةِ (ثُمَّ مَضَى قَدْرُ رَكْعَتَيْنِ وَخُطْبَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ) رَاجِعٌ لِكُلِّ مِنْ الْخُطْبَتَيْنِ وَالرَّكْعَتَيْنِ عَمَلًا بِقَاعِدَةِ الشَّافِعِيِّ الْمَارَّةِ فِي الْوَقْفِ أَوْ أَنَّ التَّثْنِيَةَ نَظَرًا لِلَّفْظَيْنِ السَّابِقَيْنِ وَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُثَنًّى فِي نَفْسِهِ كَمَا فِي {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا} [الحج: 19] إذْ يَجُوزُ اخْتَصَمَا أَيْضًا بِالِاتِّفَاقِ، وَضَابِطُهُ أَنْ يَشْتَمِلَ فِعْلُهُ عَلَى أَقَلِّ مُجْزِئٍ فِي ذَلِكَ، فَلَوْ ذَبَحَ قَبْلَ مُضِيِّ ذَلِكَ لَمْ يُجْزِهِ وَكَانَ شَاةَ لَحْمٍ لِخَبَرِ «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا يَذْبَحُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ» نَعَمْ لَوْ وَقَفُوا فِي الْعَاشِرِ حُسِبَتْ الْأَيَّامُ لِلذَّبْحِ عَلَى حِسَابِ وُقُوفِهِمْ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْحَجِّ (وَيَبْقَى) وَقْتُ التَّضْحِيَةِ وَإِنْ كُرِهَ الذَّبْحُ لَيْلًا إلَّا لِحَاجَةٍ أَوْ مَصْلَحَةٍ (حَتَّى تَغْرُبَ) الشَّمْسُ (آخِرَ) أَيَّامِ (التَّشْرِيقِ) لِخَبَرِ «عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ وَأَيَّامُ مِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ» وَفِي رِوَايَةٍ «فِي كُلِّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ» وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَ ذَبْحِ يَوْمِ النَّحْرِ (قُلْت: ارْتِفَاعُ الشَّمْسِ فَضِيلَةٌ وَالشَّرْطُ طُلُوعُهَا ثُمَّ) عَقِبَهُ (مُضِيُّ قَدْرِ الرَّكْعَتَيْنِ وَالْخُطْبَتَيْنِ) بِأَقَلِّ مُجْزِئٍ كَمَا مَرَّ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) بِنَاءً عَلَى دُخُولِ صَلَاةِ الْعِيدِ بِطُلُوعِهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا مَرَّ (وَمَنْ) (نَذَرَ) وَاحِدَةً مِنْ النَّعَمِ مَمْلُوكَةً لَهُ (مُعَيَّنَةً) وَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSعِنْدَ ذَبْحِهَا فَكَسْرُ الْعُضْوِ وَفَقْدُهُ أَوْلَى (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْقَرْنِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ إجْزَاءُ فَاقِدِ الذَّكَرِ لِأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، نَعَمْ إنْ أَثَّرَ قَطْعُهُ فِي اللَّحْمِ (قَوْلُهُ: وَتُجْزِئُ فَاقِدَةُ بَعْضِ الْأَسْنَانِ) أَيْ بِخِلَافِ فَاقِدَةِ كُلِّ الْأَسْنَانِ م ر، وَقَالَ: تُجْزِئُ مَخْلُوقَةٌ بِلَا أَسْنَانٍ انْتَهَى وَكَأَنَّ الْفَرْقَ أَنَّ فَقْدَ جَمِيعِهَا بَعْدَ وُجُودِهَا يُؤَثِّرُ فِي اللَّحْمِ، بِخِلَافِ فَقْدِ الْجَمِيعِ خِلْقَةً فَلْيُحَرَّرْ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَثَقْبُهَا) تَأْكِيدٌ لِتَرَادُفِهِمَا: أَيْ الْخَرْقِ وَالثَّقْبِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَذْهَبْ جُزْءٌ مِنْهَا) أَيْ وَإِنْ قَلَّ جِدًّا (قَوْلُهُ: وَالْوَدَكُ) أَيْ الدُّهْنُ (قَوْلُهُ: إذْ يَجُوزُ) أَيْ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ وَقَفُوا فِي الْعَاشِرِ) أَيْ غَلَطًا (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْحَجِّ) أَيْ فَتَكُونُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ ثَلَاثَةً بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ الْمَذْكُورِ، وَقَدْ يُشْكِلُ هَذَا عَلَى مَا مَرَّ لَهُ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ مِنْ أَنَّهُمْ لَوْ شَهِدُوا يَوْمَ الثَّلَاثِينَ بَعْدَ الْغُرُوبِ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ شَوَّالٍ اللَّيْلَةَ الْمَاضِيَةَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمْ بِالنِّسْبَةِ لِصَلَاةِ الْعِيدِ خَاصَّةً فَيَصِحُّ صَوْمُ صَبِيحَةِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ مَعَ كَوْنِ الصَّلَاةِ فِيهَا أَدَاءً، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّ التَّضْحِيَةَ مِنْ تَوَابِعِ الْعِيدِ فَنَظَرٌ لِيَوْمِ الْوُقُوفِ وَالصَّوْمُ لَيْسَ مِنْ تَوَابِعِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: إلَّا لِحَاجَةٍ) كَاشْتِغَالِهِ نَهَارًا بِمَا يَمْنَعُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: نَظَرًا لِلَّفْظَيْنِ) أَيْ بِجَعْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا قِسْمًا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ اللَّفْظَيْنِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُمَا لَفْظَيْنِ كَمَا قَدْ يَتَبَادَرُ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي {هَذَانِ خَصْمَانِ} [الحج: 19] إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا نَحْنُ فِيهِ ظَاهِرٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ قَاسِمٍ (قَوْلُهُ وَضَابِطُهُ) أَيْ مَا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ وَقَفُوا فِي الْعَاشِرِ إلَخْ) هَذَا اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ وَهُوَ عَاشِرُ الْحِجَّةِ، وَانْظُرْ هَلْ هَذَا الْحُكْمُ خَاصٌّ بِأَهْلِ مَكَّةَ وَمَنْ فِي حُكْمِهِمْ

امْتَنَعَتْ التَّضْحِيَةُ بِهَا كَالْمَعِيبَةِ وَالْفَصِيلِ لَا نَحْوَ ظَبْيَةٍ وَإِنَّمَا أُلْحِقَتْ بِالْأُضْحِيَّةِ فِي تَعَيُّنِ زَمَنِهَا دُونَ الصَّدَقَةِ الْمَنْذُورَةِ لِقُوَّةِ شَبَهِهَا بِالْأُضْحِيَّةِ لَا سِيَّمَا وَإِرَاقَةُ الدَّمِ فِي زَمَنِهَا أَكْمَلُ فَلَا يَرِدُ أَنَّهَا مُشْبِهَةٌ بِالْأُضْحِيَّةِ وَلَيْسَتْ بِأُضْحِيَّةٍ (فَقَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ) وَكَذَا عَلَيَّ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِلَّهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ فِي بَابِ النَّذْرِ (أَنْ أُضَحِّيَ بِهَذِهِ) أَوْ هِيَ أَوْ هَذِهِ أُضْحِيَّةٌ أَوْ هَدْيٌ أَوْ جَعَلْتهَا أُضْحِيَّةً زَالَ مِلْكُهُ عَنْهَا بِمُجَرَّدِ تَعْيِينِهَا كَمَا لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِمَالٍ بِعَيْنِهِ وَ (لَزِمَهُ ذَبْحُهَا فِي هَذَا الْوَقْتِ) أَدَاءً، وَهُوَ أَوَّلُ مَا يَلْقَاهُ مِنْ وَقْتِهَا بَعْدَ نَذْرِهِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهَا أُضْحِيَّةً فَتَعَيَّنَ وَقْتُهَا لِذَبْحِهَا وَتُفَارِقُ النُّذُورَ وَالْكَفَّارَاتِ حَيْثُ لَمْ يَجِبْ الْفَوْرُ فِيهَا أَصَالَةً بِأَنَّهَا مُرْسَلَةٌ فِي الذِّمَّةِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ فِي عَيْنٍ وَهِيَ غَيْرُ قَابِلَةٍ لِلتَّأْخِيرِ كَمَا لَا تَقْبَلُ التَّأْجِيلَ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِشَاةٍ مَثَلًا حَيْثُ وَجَبَ فِيهَا مَا مَرَّ لِإِمْكَانِ الْفَرْقِ بِأَنَّ التَّعْيِينَ هُنَا هُوَ الْغَالِبُ فَأَلْحَقْنَا مَا فِي الذِّمَّةِ بِهِ بِخِلَافِهِ فِي الْأَبْوَابِ الْمَذْكُورَةِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فَقَالَ مَا لَوْ نَوَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَاغِيًا كَمَا لَوْ نَوَى النَّذْرَ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ احْتِيَاجِهِ إلَى نِيَّةٍ مَعَ قَوْلِهِ الْمَذْكُورِ بَلْ لَا عِبْرَةَ بِنِيَّةِ خِلَافِهِ لِصَرَاحَتِهِ، وَحِينَئِذٍ فَمَا يَقَعُ فِي أَلْسِنَةِ الْعَوَامّ كَثِيرًا مِنْ شِرَائِهِمْ مَا يُرِيدُونَ التَّضْحِيَةَ بِهِ مِنْ أَوَائِلِ السَّنَةِ وَكُلُّ مَنْ سَأَلَهُمْ عَنْهَا يَقُولُونَ لَهُ: هَذِهِ أُضْحِيَّةٌ مَعَ جَهْلِهِمْ بِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ تَصِيرُ بِهِ أُضْحِيَّةً وَاجِبَةً يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ أَكْلُهُ مِنْهَا، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَرَدْت أَنْ أَتَطَوَّعَ بِهَا خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلُهُمْ يُسَنُّ أَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ هَذِهِ عَقِيقَةُ فُلَانٍ مَعَ تَصْرِيحهمْ بِحِلِّ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ التَّضْحِيَةِ أَوْ مَصْلَحَةٍ كَتَيَسُّرِ الْفُقَرَاءِ لَيْلًا أَوْ سُهُولَةِ حُضُورِهِمْ (قَوْلُهُ: لَا نَحْوَ ظَبْيَةٍ) أَيْ فَإِنَّهُ لَغْوٌ فَلَا يَجِبُ ذَبْحُهَا فِي أَيَّامِ التَّضْحِيَةِ وَلَا فِي غَيْرِهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ وَلَوْ حَيَّةً وَلَا يَتَقَيَّدُ التَّصَدُّقُ بِهَا بِزَمَنٍ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ دُونَ الصَّدَقَةِ الْمَنْذُورَةِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا أُلْحِقَ) أَيْ الْمُعَيَّنُ الَّذِي لَا يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَتْ بِأُضْحِيَّةٍ) أَيْ وَكَانَ حَقُّهَا أَنْ لَا يَتَقَيَّدَ ذَبْحُهَا بِأَيَّامِ التَّضْحِيَةِ (قَوْلُهُ: وَلَزِمَهُ ذَبْحُهَا) أَيْ وَلَا يُجْزِئُ غَيْرُهَا وَلَوْ سَلِيمَةً عَنْ مَعِيبَةٍ عَيَّنَهَا فِي نَذْرِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوَّلُ مَا يَلْقَاهُ) أَيْ وَهُوَ جُمْلَةُ الْأَيَّامِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي تَلْقَاهُ بَعْدَ وَقْتِ النَّذْرِ لَا أَوَّلُ جُزْءٍ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَتُفَارِقُ النُّذُورَ) أَيْ الْمُطْلَقَةَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا هُنَا) قَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقِ وُجُوبُ الْفَوْرِ بِمَا لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِمَالٍ بِعَيْنِهِ كَأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَذَا الدِّينَارِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُ الْبَهْجَةِ وَشَرْحُهَا فِي بَابِ الِاعْتِكَافِ: وَمَتَى مَا عَيَّنَّا لِلِاعْتِكَافِ زَمَنًا تَعَيَّنَا. كَالصِّيَامِ لَا لَأَنْ يُصَلِّيَ وَالصَّدَقَاتُ فِي زَمَنٍ فَلَا يَتَعَيَّنُ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: وَجَبَ فِيهَا مَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَهُوَ أَوَّلُ مَا يَلْقَاهُ (قَوْلُهُ فَأَلْحَقْنَا مَا فِي الذِّمَّةِ بِهِ) أَيْ بِالْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ فِي الْأَبْوَابِ) أَيْ أَبْوَابِ النُّذُورِ (قَوْلُهُ مَعَ جَهْلِهِمْ) وَإِنَّمَا لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُمْ وُجُوبُ الذَّبْحِ مَعَ جَهْلِهِمْ لِتَقْصِيرِهِمْ بَعْدَ التَّعَلُّمِ، وَلِأَنَّ الْجَهْلَ إنَّمَا يُسْقِطُ الْإِثْمَ لَا الضَّمَانَ (قَوْلُهُ: يُمْتَنَعُ عَلَيْهِ) وَمِثْلُهُ مَنْ عَلِمَ بِذَلِكَ مِنْهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْفُقَرَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَرَدْت إلَخْ) الْمُتَبَادَرُ عَدَمُ الْقَبُولِ ظَاهِرًا وَأَنَّ ذَلِكَ يَنْفَعُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ فَلَا يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِهَا بَاطِنًا وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ هَذِهِ أُضْحِيَّةٌ صَرِيحًا فِي النَّذْرِ لِأَنَّ الصَّرِيحَ يَقْبَلُ الصَّرْفَ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ وَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا أَلْحَقَتْ) أَيْ الْمَعِيبَةُ وَالْفَصِيلُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَرِدُ أَنَّهَا شَبِيهَةٌ بِالْأُضْحِيَّةِ وَلَيْسَتْ أُضْحِيَّةً) أَيْ حَتَّى يَتَعَيَّنَ لَهَا وَقْتٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوَّلُ مَا يَلْقَاهُ مِنْ وَقْتِهَا) احْتِرَازٌ عَنْ وَقْتِهَا مِنْ عَامٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُمْ يُسَنُّ أَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ هَذِهِ عَقِيقَةُ فُلَانٍ) كَذَا فِي نُسَخٍ بِإِثْبَاتِ لَفْظِ: اللَّهُمَّ عَقِبَ بِسْمِ اللَّهِ، وَهِيَ الَّتِي يَصِحُّ مَعَهَا قَوْلُهُ لِصَرَاحَتِهِ فِي الدُّعَاءِ، وَأَيْضًا فَهَذَا هُوَ الَّذِي قَالُوهُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التُّحْفَةِ، لَكِنْ لَا يَصِحُّ تَعْلِيلُهُ بِقَوْلِهِ إذْ ذَكَرَ ذَلِكَ إلَخْ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ تَعْلِيلًا لِلنُّسْخَةِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا لَفْظُ اللَّهُمَّ. وَحَاصِلُ مَا فِي التُّحْفَةِ أَنَّ بَعْضَهُمْ اسْتَشْكَلَ مَا هُنَا بِمَا إذَا قَالَ بِسْمِ اللَّهِ هَذِهِ عَقِيقَةُ فُلَانٍ فَرَدَّهُ بِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَرِدْ، وَإِنَّمَا السُّنَّةُ هَذِهِ عَقِيقَةُ فُلَانٍ. قَالَ: وَهَذَا صَرِيحٌ فِي

الْأَكْلِ مِنْهَا لِصَرَاحَتِهِ فِي الدُّعَاءِ إذْ ذِكْرُ ذَلِكَ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ سِوَى التَّبَرُّكِ، وَحِينَئِذٍ فَوُجِدَ هُنَا قَرِينَةٌ لَفْظِيَّةٌ صَارِفَةٌ وَلَا كَذَلِكَ هَذِهِ أُضْحِيَّةٌ، وَأَفْهَمَ قَوْلُنَا أَدَاءً صَيْرُورَتَهَا قَضَاءً بَعْدَ فَوَاتِ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَيَذْبَحُهَا وَيَصْرِفُهَا فِي مَصَارِفِهَا (فَإِنْ تَلِفَتْ) أَوْ سُرِقَتْ أَوْ ضَلَّتْ أَوْ طَرَأَ فِيهَا عَيْبٌ يَمْنَعُ إجْزَاءَهَا (قَبْلَهُ) أَيْ وَقْتِ التَّضْحِيَةِ أَوْ فِيهِ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَبْحِهَا وَلَمْ يَقَعْ مِنْهُ فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ تَفْرِيطٌ (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) فَلَا يَلْزَمُهُ بَدَلُهَا لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهَا بِالِالْتِزَامِ وَبَقَائِهَا فِي يَدِهِ كَالْوَدِيعَةِ، وَلَا يُنَافِيهِ عَدَمُ زَوَالِ مِلْكِهِ عَنْ قِنٍّ الْتَزَمَ عِتْقَهُ قَبْلَ الْإِعْتَاقِ وَإِنْ كَانَ بَيْعُهُ وَنَحْوُهُ قَبْلَ ذَلِكَ مُمْتَنِعًا لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَمْلِكَ نَفْسَهُ، وَبِالْعِتْقِ لَا يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ فِيهِ لِأَحَدٍ بَلْ يَزُولُ عَنْ اخْتِصَاصِ الْآدَمِيِّ بِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَتْلَفَهُ النَّاذِرُ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَأَمَّا الْأُضْحِيَّةُ بَعْدَ ذَبْحِهَا فَمُلَّاكُهَا مَوْجُودُونَ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَتْلَفَهَا ضَمِنَهَا وَلَوْ ضَلَّتْ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ لَمْ يُكَلَّفْ تَحْصِيلَهَا. نَعَمْ إنْ لَمْ يَحْتَجْ فِي ذَلِكَ إلَى مُؤْنَةٍ لَهَا وَقَعَ عُرْفًا فَالْمُتَّجَهُ لُزُومُهُ بِذَلِكَ، وَيَضْمَنُهَا بِتَأْخِيرِ ذَبْحِهَا بِلَا عُذْرٍ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهِ، وَلَوْ اشْتَرَى شَاةً وَجَعَلَهَا أُضْحِيَّةً ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا قَدِيمًا تَعَيَّنَ الْأَرْشُ وَامْتَنَعَ رَدُّهَا لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهَا كَمَا مَرَّ وَهُوَ لِلْمُضَحِّي، وَلَوْ زَالَ عَيْبُهَا لَمْ تَصِرْ أُضْحِيَّةً إذْ السَّلَامَةُ لَمْ تُوجَدْ إلَّا بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهَا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَعْتَقَ عَنْ كَفَّارَتِهِ أَعْمَى فَأَبْصَرَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَمُلَ مَنْ الْتَزَمَ عِتْقَهُ قَبْلَ إعْتَاقِهِ فَإِنَّهُ يُجْزِي عِتْقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَلَوْ عَيَّنَ مَعِيبَةً ابْتِدَاءً صَرَفَهَا مَصْرِفَهَا وَأَرْدَفَهَا بِسَلِيمَةٍ أَوْ تَعَيَّبَتْ فَضَحِيَّةٌ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، أَوْ عَيَّنَ سَلِيمًا عَنْ نَذْرِهِ ثُمَّ عَيَّبَهُ أَوْ تَعَيَّبَ أَوْ تَلِفَ أَوْ ضَلَّ أَبْدَلَهُ بِسَلِيمٍ، وَلَهُ اقْتِنَاءُ تِلْكَ الْمَعِيبَةِ وَالضَّالَّةِ لِانْفِكَاكِهَا عَنْ الِاخْتِصَاصِ وَعَوْدِهَا لِمِلْكِهِ مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ تَمَلُّكٍ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ جَمْعٍ (فَإِنْ أَتْلَفَهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــSيُقْبَلُ عَلَى مُعَيَّنٍ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا فَيُوَافِقُ قَوْلُهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ أَكْلُهُ مِنْهَا (قَوْلُهُ: لِصَرَاحَتِهِ فِي الدُّعَاءِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ مِثْلُهُ هُنَا بِأَنْ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ هَذِهِ أُضْحِيَّتِي أَوْ ضَحِيَّةُ أَهْلِ بَيْتِي لَا تَصِيرُ وَاجِبَةً (قَوْلُهُ فَيَذْبَحُهَا) أَيْ فَوْرًا قِيَاسًا عَلَى إخْرَاجِ الزَّكَاةِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُسْتَحَقِّينَ بِهَا وَظَاهِرُهُ وَإِنْ أَخَّرَ لِعُذْرٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَلِفَتْ قَبْلَهُ) بَقِيَ مَا لَوْ أَشْرَفَتْ عَلَى التَّلَفِ قَبْلَ الْوَقْتِ وَتَمَكَّنَ مِنْ ذَبْحِهَا فَهَلْ يَجِبُ وَيُصْرَفُ لَحْمُهَا مَصْرِفَ الْأُضْحِيَّةِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّى بِذَبْحِ الْمَعِيبَةِ قَبْلَ وَقْتِهَا وَجَبَ التَّصَدُّقُ بِلَحْمِهَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَبْحُهَا فِيمَا ذُكِرَ وَالتَّصَدُّقُ بِلَحْمِهَا وَلَا يَضْمَنُ بَدَلَهَا لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ تَمَكَّنَ مِنْ ذَبْحِهَا وَلَمْ يَذْبَحْهَا فَيَنْبَغِي ضَمَانُهُ لَهَا. (قَوْلُهُ: وَجُلُّهَا أُضْحِيَّةٌ) أَيْ بِالنَّذْرِ (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ الْأَرْشُ) أَيْ وَجَبَ ذَبْحُهَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْأَرْشُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ زَالَ عَيْبُهَا لَمْ تَصِرْ أُضْحِيَّةً) أَيْ لَا تَقَعُ أُضْحِيَّةً بَلْ هِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى كَوْنِهَا مُشْبِهَةً لِلْأُضْحِيَّةِ فَيَجِبُ ذَبْحُهَا وَلَيْسَتْ أُضْحِيَّةً فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ طَلَبُ الْأُضْحِيَّةِ الْمَنْدُوبَةِ وَلَا الْوَاجِبَةِ إنْ كَانَ الْتَزَمَهَا بِنَذْرٍ فِي ذِمَّتِهِ بِلَا تَعْيِينٍ (قَوْلُهُ فَأَبْصَرَ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَيَنْفُذُ عِتْقُهُ (قَوْلُهُ: صَرَفَهَا مَصْرِفَهَا) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ وَأَرْدَفَهَا بِسَلِيمَةٍ) أَيْ لِتَحْصُلَ لَهُ سُنَّةُ الْأُضْحِيَّةِ (قَوْلُهُ: أَبْدَلَهُ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: لِانْفِكَاكِهَا عَنْ الِاخْتِصَاصِ) هَلْ يَتَوَقَّفُ انْفِكَاكُهَا عَنْ الِاخْتِصَاصِ بِإِبْدَالِهَا بِسَلِيمٍ، فَقَبْلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالدُّعَاءِ فَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: وَبِفَرْضِ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا ذَلِكَ لَا شَاهِدَ فِيهِ أَيْضًا لِأَنَّ ذِكْرَهُ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ سِوَى التَّبَرُّكِ (قَوْلُهُ: لِصَرَاحَتِهِ فِي الدُّعَاءِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْأُضْحِيَّةِ لَا تَصِيرُ وَاجِبَةً، فَانْظُرْ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْإِعْتَاقِ) مُتَعَلِّقٌ بِزَوَالٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَمْلِكَ نَفْسَهُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ أَيْضًا: إنَّا لَوْ قُلْنَا بِزَوَالِ مِلْكِهِ بِنَفْسِ الِالْتِزَامِ يَسْتَحِيلُ إتْيَانُهُ بِمَا الْتَزَمَهُ وَهُوَ الْإِعْتَاقُ لِسَبْقِ الْعِتْقِ، بِخِلَافِ مَقْصُودِ الْأُضْحِيَّةِ وَهُوَ الذَّبْحُ فَإِنَّهُ بَاقٍ، وَإِنْ قُلْنَا بِزَوَالِ الْمِلْكِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَيَضْمَنُهَا بِتَأْخِيرِ ذَبْحِهَا بِلَا عُذْرٍ) هُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ (وَلَهُ وَلَوْ زَالَ عَيْبُهَا) لَعَلَّ الْمُرَادَ مُطْلَقُ الْأُضْحِيَّةِ لَا خُصُوصُ الشَّاةِ

أَوْ تَلِفَتْ بِتَقْصِيرِهِ أَوْ ضَلَّتْ: أَيْ وَقَدْ فَاتَ وَقْتُهَا وَأَيِسَ مِنْ تَحْصِيلِهَا فِيمَا يَظْهَرُ وَبِهِ يُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ آنِفًا، أَوْ سُرِقَتْ (لَزِمَهُ) أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهَا يَوْمَ تَلَفِهَا أَوْ نَحْوِهِ وَتَحْصِيلُ مِثْلِهَا فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْإِتْلَافِ أَكْثَرَ ثُمَّ رَخُصَ سِعْرُهَا وَأَمْكَنَ شِرَاءُ مِثْلِ الشَّاةِ الْأُولَى بِبَعْضِهَا فَيُشْتَرَى بِهِ كَرِيمَةٌ أَوْ شَاتَانِ فَصَاعِدًا وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ وَفَضَلَ مَا لَا يَكْفِي لِأُخْرَى اُشْتُرِيَ بِهِ شِقْصٌ. فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ شِرَاءُ شِقْصٍ بِهِ لِقِلَّتِهِ اُشْتُرِيَ بِهِ لَحْمٌ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ دَرَاهِمَ وَلَا يُؤَخِّرُهَا لِوُجُودِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَأَمَّا إذَا تَسَاوَى الْمِثْلُ وَالْقِيمَةُ أَوْ زَادَتْ عَنْهُ لَزِمَهُ (أَنْ يَشْتَرِيَ بِقِيمَتِهَا) يَوْمَ نَحْوِ إتْلَافِهَا (مِثْلَهَا) نَوْعًا وَجِنْسًا وَسِنًّا (وَ) أَنْ (يَذْبَحَهَا فِيهِ) أَيْ الْوَقْتِ لِتَعَدِّيهِ وَيَتَعَيَّنُ مَا اشْتَرَاهُ لِلْأُضْحِيَّةِ إنْ وَقَعَ الشِّرَاءُ بِعَيْنِ الْقِيمَةِ أَوْ فِي الذِّمَّةِ بِنِيَّةِ كَوْنِهِ عَنْهَا وَإِلَّا فَيَجْعَلُهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ بَدَلًا عَنْهَا، وَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ تَعَيُّنِ الشِّرَاءِ بِالْقِيمَةِ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ مِثْلُهَا وَأَرَادَ إخْرَاجَهُ عَنْهَا وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُهُمْ خِلَافَهُ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَمْكِينُهُ مِنْ الشِّرَاءِ وَإِنْ كَانَ قَدْ خَانَ بِإِتْلَافٍ وَنَحْوِهِ لِإِثْبَاتِ الشَّارِعِ لَهُ وِلَايَةَ الذَّبْحِ وَالتَّفْرِقَةِ الْمُسْتَدْعِيَةِ لِبَقَاءِ وِلَايَتِهِ عَلَى الْبَدَلِ أَيْضًا، وَالْعَدَالَةُ هُنَا غَيْرُ مُشْتَرَطَةٍ حَتَّى تَنْتَقِلَ الْوِلَايَةُ لِلْحَاكِمِ، بِخِلَافِهِ فِي نَحْوِ وَصِيٍّ خَانَ فَانْدَفَعَ تَوَقَّفَ الْأَذْرَعِيُّ فِي ذَلِكَ وَبَحَثَهُ أَنَّ الْحَاكِمَ هُوَ الْمُشْتَرِي (وَإِنْ نَذَرَ فِي ذِمَّتِهِ) أُضْحِيَّةً كَعَلَيَّ أُضْحِيَّةٌ (ثُمَّ عَيَّنَ) الْمَنْذُورَ بِنَحْوِ عَيَّنْت هَذِهِ الشَّاةَ لِنَذْرِي. وَيَلْزَمُهُ تَعْيِينُ سَلِيمَةٍ وَيَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهَا بِمُجَرَّدِ التَّعْيِينِ (لَزِمَهُ ذَبْحُهُ فِيهِ) أَيْ الْوَقْتِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ أُضْحِيَّةً فِي ذِمَّتِهِ وَهِيَ مُؤَقَّتَةٌ وَمُخْتَلِفَةٌ بِاخْتِلَافِ أَشْخَاصِهَا، فَكَانَ فِي التَّعْيِينِ غَرَضٌ أَيُّ غَرَضٍ، وَبِهَذَا فَارَقَتْ مَا لَوْ قَالَ عَيَّنْت هَذِهِ الدَّرَاهِمَ عَمَّا ـــــــــــــــــــــــــــــSالْإِبْدَالِ لَا يَتَصَرَّفُ فِيهَا بِبَيْعٍ وَلَا غَيْرِهِ أَمْ تَنْفَكُّ بِمُجَرَّدِ التَّعْيِيبِ وَضَلَالِهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ يُشْعِرُ ذِكْرُهُ بَعْدَ الْإِبْدَالِ بِأَنَّ مِلْكَهُ لَا يَزُولُ إلَّا بِالْإِبْدَالِ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ أَوْ تَلِفَتْ بِتَقْصِيرِهِ) وَمِنْهُ مَا لَوْ أَخَّرَ ذَبْحَهَا بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا حَتَّى تَلِفَتْ وَإِنْ كَانَ التَّأْخِيرُ لِاشْتِغَالِهِ بِصَلَاةِ الْعِيدِ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ وَإِنْ جَازَ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ (قَوْلُهُ: وَبَيْنَ مَا مَرَّ آنِفًا) أَيْ قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَبْحِهَا وَلَمْ يَقَعْ مِنْهُ فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ تَفْرِيطٌ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوُهُ) كَالسَّرِقَةِ (قَوْلُهُ: فَيَشْتَرِي بِهِ) أَيْ الْأَكْثَرَ (قَوْلُهُ أَوْ زَادَتْ عَنْهُ) الْأَوْلَى أَوْ زَادَ عَنْهَا: أَيْ الْمِثْلِ عَنْ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: إنْ وَقَعَ الشِّرَاءُ بِعَيْنِ الْقِيمَةِ) أَيْ بِعَيْنِ النَّقْدِ الَّذِي عَيَّنَهُ عَنْ الْقِيمَةِ وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ فِي ذِمَّتِهِ لَيْسَتْ مُنْحَصِرَةً فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْعَدَالَةُ هُنَا غَيْرُ مُشْتَرَطَةٍ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ الِانْتِقَالِ لِلْحَاكِمِ أَمَّا الرُّجُوعُ إلَى كَوْنِ مَا يُرِيدُ ذَبْحَهُ مِثْلُ الْمَنْذُورِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُعَوِّلَ عَلَى قَوْلِهِ فِيهِ إلَّا إذَا كَانَ عَدْلًا، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيُطَالَبُ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِكَوْنِ مَا يُرِيدُ ذَبْحَهُ مِثْلُ مَا أَتْلَفَهُ أَوْ تَلِفَ بِتَقْصِيرِهِ فَلْيُرَاجَعْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُشْتَرَاةِ الْمَذْكُورَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ ضَلَّتْ) أَيْ بِتَفْرِيطٍ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ تَلِفَتْ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ أَوْ سُرِقَتْ (قَوْلُهُ: أَيْ وَقَدْ فَاتَ وَقْتُهَا إلَخْ) هَذَا ذَكَرَهُ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ وَبَنَاهُ عَلَى كَلَامٍ قَدَّمَهُ لَمْ يَذْكُرْهُ الشَّارِحُ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَبِهِ يُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ، فَتَبِعَهُ الشَّارِحُ هُنَا وَلَمْ يَذْكُرْ مَا مَرَّ مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ أَيْ وَقَدْ فَاتَ وَقْتُهَا لَا يَسْتَقِيمُ مَعَ قَوْلِ الْمَتْنِ الْآتِي وَأَنْ يَذْبَحَهَا فِيهِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَا هُنَا مُسْتَثْنًى مِمَّا يَأْتِي لِأَنَّهُ يُخَالِفُ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ قَاسِمٍ (قَوْلُهُ: وَتَحْصِيلُ مِثْلِهَا) عِبَارَةُ غَيْرِهِ: وَقِيمَةُ مِثْلِهَا يَوْمَ النَّحْرِ (قَوْلُهُ: أَوْ زَادَتْ عَنْهُ) أَيْ زَادَتْ الْقِيمَةُ عَنْ الْمِثْلِ، وَفِيهِ أَنَّ هَذَا عَيْنُ مَا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْإِتْلَافِ أَكْثَرَ إلَخْ فَيَلْزَمُ التَّكْرَارُ مَعَ إيهَامِ التَّنَاقُضِ فِي الْحُكْمِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُحَرَّفًا عَنْ قَوْلِهِ أَوْ زَادَ عَنْهَا: أَيْ زَادَ الْمِثْلُ عَنْ الْقِيمَةِ الَّذِي هُوَ قَسِيمُ زِيَادَتِهَا عَنْهُ الدَّاخِلُ مَعَهَا تَحْتَ قَوْلِهِ أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ، لِأَنَّ قِسْمَ الشَّيْءِ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ قَسِيمًا لَهُ كَمَا لَا يَخْفَى فَتَأَمَّلْ، وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ الْجَلَالِ فَرْضُ الْمَتْنِ فِيمَا إذَا تَسَاوَيَا ثُمَّ زَادَ عَلَيْهِ مَا إذَا زَادَ أَحَدَهُمَا.

فِي ذِمَّتِي مِنْ زَكَاةٍ أَوْ نَذْرٍ حَيْثُ لَمْ تَتَعَيَّنْ لِانْتِفَاءِ الْغَرَضِ فِي تَعْيِينِهَا، وَيُمْكِنُ رُجُوعُ ذَلِكَ لِفَرْقِ الرَّوْضَةِ وَهُوَ أَنَّ تَعْيِينَ كُلٍّ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَمَا فِي الذِّمَّةِ ضَعِيفٌ لِأَنَّ سَبَبَ ضَعْفِ تَعْيِينِهَا عَدَمُ تَعَلُّقِ غَرَضٍ بِهِ فَيَرْجِعُ لِلْأَوَّلِ، أَمَّا إذَا الْتَزَمَ مَعِيبَةً ثُمَّ عَيَّنَ مَعِيبَةً فَلَا تَتَعَيَّنُ بَلْ لَهُ ذَبْحُ سَلِيمَةٍ وَهُوَ الْأَفْضَلُ فَعُلِمَ أَنَّ الْمَعِيبَ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ، وَمَا قَالَاهُ عَنْ التَّهْذِيبِ إنَّهُ لَوْ ذَبَحَ الْمَعِيبَةَ الْمُعَيَّنَةَ لِلتَّضْحِيَةِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ تَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا وَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ شَيْئًا وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَتَصَدَّقُ بِهَا وَلَا يَشْتَرِي بِهَا أُخْرَى لِأَنَّ الْمَعِيبَ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ بَدَلَ الْمَعِيبِ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ. (فَإِنْ تَلِفَتْ) الْمُعَيَّنَةُ وَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ وَلَوْ (قَبْلَهُ) أَيْ الْوَقْتِ (بَقِيَ الْأَصْلُ عَلَيْهِ) كَمَا كَانَ (فِي الْأَصَحِّ) لِبُطْلَانِ التَّعْيِينِ فِي التَّلَفِ، إذْ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ، وَهَذَا كَمَا لَوْ اشْتَرَى مِنْ مَدِينِهِ سِلْعَةً بِدَيْنِهِ ثُمَّ تَلِفَتْ قَبْلَ تَسَلُّمِهَا فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَيَعُودُ الدَّيْنُ كَمَا كَانَ. وَالثَّانِي لَا يَجِبُ الْإِبْدَالُ لِأَنَّهَا تَعَيَّنَتْ بِالتَّعْيِينِ (وَتُشْتَرَطُ النِّيَّةُ) هُنَا لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ وَكَوْنِهَا (عِنْدَ الذَّبْحِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ اقْتِرَانُهَا بِأَوَّلِ الْفِعْلِ هَذَا (إنْ لَمْ يَسْبِقْ) إفْرَازٌ أَوْ (تَعْيِينٌ) وَإِلَّا فَسَيَأْتِي (وَكَذَا) تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ عِنْدَ الذَّبْحِ (إنْ قَالَ جَعَلْتُهَا أُضْحِيَّةً فِي الْأَصَحِّ) وَلَا يَكْتَفِي عَنْهَا بِمَا سَبَقَ إذْ الذَّبْحُ قُرْبَةٌ فِي نَفْسِهِ فَاحْتَاجَ لَهَا وَفَارَقَتْ الْمَنْذُورَةَ الْآتِيَةَ بِأَنَّ صِيغَةَ الْجَعْلِ لِجَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي أَصْلِ اللُّزُومِ بِهَا أَحَطُّ مِنْ النَّذْرِ فَاحْتَاجَتْ لِتَقْوِيَتِهَا وَهُوَ النِّيَّةُ عِنْدَ الذَّبْحِ. نَعَمْ لَوْ اقْتَرَنَتْ بِالْجَعْلِ كَفَتْ عَنْهَا عِنْدَ الذَّبْحِ كَمَا اكْتَفَى بِاقْتِرَانِهَا بِإِفْرَازٍ أَوْ تَعْيِينِ مَا يُضَحِّي بِهِ فِي مَنْدُوبَةٍ وَوَاجِبَةٍ مُعَيَّنَةٍ عَنْ نَذْرٍ فِي ذِمَّتِهِ قِيَاسًا عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِهَا عِنْدَ الْإِفْرَازِ فِي الزَّكَاةِ وَبَعْدَهُ وَقَبْلَ الدَّفْعِ كَمَا يُفْهِمُ جَمِيعَ ذَلِكَ قَوْلُهُ إنْ لَمْ إلَخْ، وَقَدْ يُفْهِمُ أَيْضًا عَدَمَ وُجُوبِ نِيَّةٍ عِنْدَ الذَّبْحِ فِي الْمُعَيَّنَةِ ابْتِدَاءً بِالنَّذْرِ وَهُوَ كَذَلِكَ بَلْ لَا يَجِبُ لَهُ نِيَّةٌ أَصْلًا. وَالثَّانِي يَكْتَفِي بِمَا سَبَقَ وَلَا حَاجَةَ إلَى التَّجْدِيدِ كَمَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَعْتَقْتُك، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ ذَبَحَهَا فُضُولِيٌّ عَنْ الْمَالِكِ فِي الْوَقْتِ وَأَخَذَ الْمَالِكُ اللَّحْمَ وَفَرَّقَهُ عَلَى مُسْتَحَقِّيهِ وَقَعَ الْمَوْقِعَ، وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ إنَّ هَذَا يُؤَيِّدُ الْقَوْلَ بِأَنَّ التَّعْيِينَ يُغْنِي عَنْ النِّيَّةِ. أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ مَا هُنَا مَفْرُوضٌ فِي الْمُعَيَّنِ بِالنَّذْرِ وَمَا مَرَّ فِي التَّعْيِينِ بِالْجَعْلِ، وَيَلْزَمُ الذَّابِحَ أَرْشُ الذَّبْحِ وَإِنْ كَانَتْ مُعَدَّةً لِلذَّبْحِ كَالْمَمْلُوكَةِ وَمَصْرِفُهُ مَصْرِفُ الْأَصْلِ، فَإِنْ فَرَّقَهُ الْفُضُولِيُّ وَتَعَذَّرَ اسْتِرْدَادُهُ فَكَإِتْلَافِهِ (وَإِنْ وَكَّلَ بِالذَّبْحِ نَوَى عِنْدَ إعْطَاءِ الْوَكِيلِ) مَا يُضَحِّي بِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ كَوْنَهُ أُضْحِيَّةً وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ اعْتِبَارَ إسْلَامِهِ حِينَئِذٍ (أَوْ) عِنْدَ (ذَبْحِهِ) وَلَوْ كَافِرًا كِتَابِيًّا وَلَهُ تَفْوِيضُ النِّيَّةِ لِمُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ وَكِيلٍ فِي الذَّبْحِ أَوْ غَيْرِهِ لَا كَافِرٍ وَلَا نَحْوِ مَجْنُونٍ وَسَكْرَانَ لِانْتِفَاءِ أَهْلِيَّتِهِمْ لَهَا، وَيُكْرَهُ اسْتِنَابَةُ كَافِرٍ وَصَبِيٍّ وَذَبْحِ أَجْنَبِيٍّ لِوَاجِبٍ نَحْوِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ الْغَرَضِ فِي تَعْيِينِهَا) أَيْ لِعَدَمِ اخْتِلَافِهَا غَالِبًا حَتَّى لَوْ تَعَلَّقَ غَرَضُهُ لِجُودَتِهَا أَوْ كَوْنِهَا مِنْ جِهَةِ حِلٍّ لَا يَتَعَيَّنُ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا الْتَزَمَ مَعِيبَةً) كَأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِعَوْرَاءَ أَوْ عَرْجَاءَ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا) أَيْ إنْ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِلَحْمِهَا (قَوْلُهُ: لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ) أَيْ لَا يَثْبُتُ شَاةٌ بَدَلَ الْمَعِيبَةِ فِي ذِمَّتِهِ وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ الَّتِي يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِهَا ثَابِتَةٌ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ وَتُشْتَرَطُ النِّيَّةُ هُنَا) أَيْ فِيمَا لَوْ عَيَّنَهَا عَمَّا فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَيَّنَهَا فِي نَذْرِهِ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ: فَاحْتَاجَ لَهَا) أَيْ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: كَالْمَمْلُوكَةِ وَمَصْرِفُهُ) أَيْ الْأَرْشِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَصْرِفُهُ دَرَاهِمَ وَلَا يُشْتَرَى بِهِ لَحْمٌ وَلَا شِقْصٌ (قَوْلُهُ: فَكَإِتْلَافِهِ) فَتَلْزَمُ الْقِيمَةَ الْفُضُولِيُّ بِتَمَامِهَا وَيَدْفَعُهَا لِلنَّاذِرِ فَيَشْتَرِي بِهَا بَدَلَهَا وَيَذْبَحُهَا فِي وَقْتِ التَّضْحِيَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكْتَفِ بِتَفْرِيقِ الْفُضُولِيِّ مَعَ أَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِ النَّاذِرِ بِالنَّذْرِ لِأَنَّهُ فَوَّتَ تَفْرِقَةَ الْمَالِكِ الَّتِي هِيَ حَقُّهُ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: يُكْتَفَى بِمَا سَبَقَ) أَيْ بِقَوْلِهِ جَعَلْتهَا أُضْحِيَّةً (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ ذَبَحَهَا فُضُولِيٌّ) الصَّوَابُ حَذْفُ قَوْلِهِ عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَذَبْحُ أَجْنَبِيٍّ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ

أُضْحِيَّةٍ وَهَدْيٍ مُعَيَّنٍ ابْتِدَاءً، أَوْ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ بِنَذْرٍ فِي وَقْتِهِ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ وُقُوعِهِ مَوْقِعَهُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ مُسْتَحِقُّ الصَّرْفِ لِهَذِهِ الْجِهَةِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ لَهُ. (وَلَهُ) أَيْ الْمُضَحِّي عَنْ نَفْسِهِ إنْ لَمْ يَرْتَدَّ (الْأَكْلُ مِنْ أُضْحِيَّةِ تَطَوُّعٍ) وَهَدْيِهِ بَلْ يُنْدَبُ أَمَّا الْوَاجِبَةُ فَيُمْتَنَعُ أَكْلُهُ مِنْهَا سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمُعَيَّنَةُ ابْتِدَاءً أَوْ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ، وَخَرَجَ بِمَا مَرَّ مَا لَوْ ضَحَّى عَنْ غَيْرِهِ أَوْ ارْتَدَّ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهَا كَمَا لَا يَجُوزُ إطْعَامُ كَافِرٍ مِنْهَا مُطْلَقًا، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ امْتِنَاعُ إعْطَاءِ الْفَقِيرِ وَالْمُهْدَى إلَيْهِ مِنْهَا شَيْئًا لِلْكَافِرِ، إذْ الْقَصْدُ مِنْهَا إرْفَاقُ الْمُسْلِمِينَ بِالْأَكْلِ لِأَنَّهَا ضِيَافَةُ اللَّهِ لَهُمْ فَلَمْ يَجُزْ لَهُمْ تَمْكِينُ غَيْرِهِمْ مِنْهُ لَكِنْ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْجَوَازُ (وَ) لَهُ (إطْعَامُ الْأَغْنِيَاءِ) الْمُسْلِمِينَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ نِيئًا وَمَطْبُوخًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: 36] أَيْ السَّائِلَ وَالْمُتَعَرِّضَ لِلسُّؤَالِ (لَا تَمْلِيكُهُمْ) شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لِيَتَصَرَّفُوا فِيهِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، لِأَنَّ الْآيَةَ دَلَّتْ عَلَى الْإِطْعَامِ لَا عَلَى التَّمْلِيكِ، نَعَمْ يُرْسِلُ لَهُمْ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْهَدِيَّةِ وَيَتَصَرَّفُونَ فِيهِ بِنَحْوِ أَكْلٍ وَتَصَدُّقٍ وَضِيَافَةٍ لِغَنِيٍّ أَوْ فَقِيرٍ، إذْ غَايَةُ الْمُهْدَى إلَيْهِ أَنْ يَكُونَ كَالْمُضَحِّي، نَعَمْ يُتَّجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ مِلْكُهُمْ لِمَا أَعْطَاهُ الْإِمَامُ لَهُمْ مِنْ ضَحِيَّةِ بَيْتِ الْمَالِ (وَيَأْكُلُ ثُلُثَا) أَيْ يُنْدَبُ لِلْمُضَحِّي عَنْ نَفْسِهِ أَنْ لَا يَزِيدَ فِي الْأَكْلِ عَلَيْهِ لَا أَنَّ الْمُرَادَ نَدْبُ أَكْلِ ذَلِكَ الْمِقْدَارِ، إذْ السُّنَّةُ أَنْ لَا يَأْكُلَ مِنْهَا إلَّا لُقَمًا يَسِيرَةً يَتَبَرَّكُ بِهَا، وَدُونَ ذَلِكَ أَكْلُ الثُّلُثِ وَالتَّصَدُّقُ بِالْبَاقِي، وَدُونَهُ أَكْلُ ثُلُثٍ وَتَصَدُّقٌ بِثُلُثٍ وَإِهْدَاءُ ثُلُثٍ قِيَاسًا عَلَى هَدْيِ التَّطَوُّعِ الْوَارِدِ فِيهِ {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: 28] أَيْ الشَّدِيدَ الْفَقْرِ. (وَفِي قَوْلٍ) قَدِيمٍ يَأْكُلُ (نِصْفًا) أَيْ يُنْدَبُ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَيْهِ وَيَتَصَدَّقَ بِالْبَاقِي (وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ تَصَدُّقٍ) أَيْ إعْطَاءٍ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ لَفْظِ تَمَلُّكٍ كَمَا كَادُوا أَنْ يُطَبِّقُوا عَلَيْهِ حَيْثُ أَطْلَقُوا هُنَا التَّصَدُّقَ، وَعَبَّرُوا فِي الْكَفَّارَةِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ التَّمْلِيكِ، وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُمَا قَاسَا هَذَا عَلَيْهَا وَأَقَرَّهُمَا، فَالظَّاهِرُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُ مَقَالَةٌ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ التَّضْحِيَةِ مُجَرَّدُ الثَّوَابِ فَيَكْفِي فِيهِ مُجَرَّدُ الْإِعْطَاءِ لِأَنَّهُ يُحَصِّلُهُ وَمِنْ الْكَفَّارَةِ تَدَارُكُ الْجِنَايَةِ بِالْإِطْعَامِ فَأَشْبَهَ الْبَدَلَ وَالْبَدَلِيَّةُ تَسْتَدْعِي تَمْلِيكَ الْبَدَلِ فَوَجَبَ ـــــــــــــــــــــــــــــSضَعِيفٌ، وَقَوْلُهُ إسْلَامُهُ: أَيْ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: لَا يَمْنَعُهُ مِنْ وُقُوعِهِ) أَيْ حَيْثُ وَلَّى الْمَالِكُ تَفْرِقَتَهُ وَإِلَّا فَكَإِتْلَافِهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: كَمَا لَا يَجُوزُ إطْعَامُ كَافِرٍ) دَخَلَ فِي الْإِطْعَامِ مَا لَوْ ضَيَّفَ الْفَقِيرُ أَوْ الْمُهْدَى إلَيْهِ الْغَنِيُّ كَافِرًا فَلَا يَجُوزُ، نَعَمْ لَوْ اضْطَرَّ الْكَافِرُ وَلَمْ يَجِدْ مَا يَدْفَعُ ضَرُورَتَهُ إلَّا لَحْمَ الْأُضْحِيَّةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَدْفَعَ لَهُ مِنْهُ مَا يَدْفَعُ ضَرُورَتَهُ وَيَضْمَنُهُ الْكَافِرُ بِبَدَلِهِ لِلْفُقَرَاءِ وَلَوْ كَانَ الدَّافِعُ لَهُ غَنِيًّا كَمَا لَوْ أَكَلَ الْمُضْطَرُّ طَعَامَ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ بِالْبَدَلِ، وَلَا تَكُونُ الضَّرُورَةُ مُبِيحَةً لَهُ إيَّاهُ مَجَّانًا (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فَقِيرًا أَوْ غَنِيًّا مَنْدُوبَةٌ أَوْ وَاجِبَةٌ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ حُرْمَةُ الْإِطْعَامِ (قَوْلُهُ: وَالْمُهْدَى إلَيْهِ مِنْهَا شَيْئًا لِلْكَافِرِ) أَيْ وَلَوْ بِبَيْعٍ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَهُ إطْعَامُ الْأَغْنِيَاءِ) لَمْ يُبَيِّنُوا الْمُرَادَ بِالْغَنِيِّ هُنَا، وَجَوَّزَ م ر أَنَّهُ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ وَالْفَقِيرُ هُنَا مَنْ تَحِلُّ لَهُ الزَّكَاةُ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لَا تَمْلِيكُهُمْ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ مَلَكْتُكُمْ هَذَا لِتَتَصَرَّفُوا فِيهِ بِمَا شِئْتُمْ (قَوْلُهُ: وَضِيَافَةٌ لِغَنِيٍّ) أَيْ وَلَا يَتَصَرَّفُونَ فِيهِ بِنَحْوِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ مِلْكُهُمْ) أَيْ الْأَغْنِيَاءِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ يَتَصَرَّفُونَ فِيهِ حَتَّى بِالْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ) أَيْ وَأَمَّا مَا فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ بِدَلِيلِ الْفَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ لَا يَمْنَعُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: مُعَيَّنٌ ابْتِدَاءً) أَيْ بِغَيْرِ الْجُعْلِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْجَوَازُ) أَيْ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي قَرِيبًا فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: أَيْ السَّائِلُ وَالْمُتَعَرِّضُ لِلسُّؤَالِ) لَا دَلِيلَ فِيهِ حِينَئِذٍ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: قَالَ مَالِكٌ: وَأَحْسَنُ مَا سَمِعْت أَنَّ الْقَانِعَ السَّائِعَ وَالْمُعْتَرَّ الزَّائِرُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ الْمُتَعَرِّضُ لِلسُّؤَالِ انْتَهَتْ

وَلَوْ عَلَى فَقِيرٍ وَاحِدٍ (بِبَعْضِهَا) مِمَّا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَكْلُ جَمِيعِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إرْفَاقُ الْمَسَاكِينِ، وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ إرَاقَةِ الدَّمِ، وَلَا يُغْنِي عَنْ ذَلِكَ الْهَدِيَّةُ وَلَا الْجِلْدُ وَنَحْوُهُ مِنْ كَبِدٍ وَكَرِشٍ وَكَذَا وَلَدٌ، بَلْ لَهُ أَكْلُهُ كُلِّهِ وَإِنْ انْفَصَلَ قَبْلَ ذَبْحِهَا، نَعَمْ يُتَّجَهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِالْيَسِيرِ التَّافِهِ جِدًّا وَيُقَيَّدُ بِهِ إطْلَاقُهُمْ، وَيَجِبُ دَفْعُ الْقَدْرِ الْوَاجِبِ نِيئًا لَا قَدِيدًا، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِالشَّحْمِ إذْ لَا يُسَمَّى لَحْمًا، وَلِلْفَقِيرِ التَّصَرُّفُ فِي الْمَأْخُوذِ بِبَيْعٍ وَغَيْرِهِ: أَيْ لِمُسْلِمٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَيَأْتِي وَلَوْ أَكَلَ الْجَمِيعَ أَوْ أَهْدَاهُ غَرِمَ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ وَيَأْخُذُ بِثَمَنِهِ شِقْصًا إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَلَا، وَلَهُ تَأْخِيرُهُ عَنْ الْوَقْتِ لَا الْأَكْلُ مِنْهُ. وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يَجِبُ التَّصَدُّقُ، وَيَكْفِي فِي الثَّوَابِ إرَاقَةُ الدَّمِ بِنِيَّةِ الْقُرْبَةِ (وَالْأَفْضَلُ) تَصَدُّقُهُ (بِكُلِّهَا) لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى التَّقْوَى وَأَبْعَدُ عَنْ حَظِّ النَّفْسِ (إلَّا لُقَمًا يَتَبَرَّكُ بِأَكْلِهَا) لِلْآيَةِ وَالْأَخْبَارِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْأَفْضَلَ كَبِدُهَا لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْكُلُ مِنْ كَبِدِ أُضْحِيَّتِهِ» وَحَيْثُ تَصَدَّقَ بِالْبَعْضِ وَأَكَلَ الْبَاقِيَ أُثِيبَ عَنْ التَّضْحِيَةِ بِالْكُلِّ وَعَلَى مَا تَصَدَّقَ بِهِ، وَلَهُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ ادِّخَارُ لَحْمِهَا وَلَوْ زَمَنَ غَلَاءٍ وَالنَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ مَنْسُوخٌ، وَيَجُوزُ صَرْفُهَا إلَى مُكَاتَبٍ لَا عِنْدَ مَا لَمْ يَكُنْ رَسُولًا لِغَيْرِهِ، وَلَوْ مَاتَ الْمُضَحِّي وَعِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْ لَحْمِهَا كَانَ يَجُوزُ لَهُ أَكْلُهُ فَلِوَارِثِهِ أَكْلُهُ، وَيُمْتَنَعُ نَقْلُهَا عَنْ بَلَدِ الْأُضْحِيَّةِ كَالزَّكَاةِ (وَيَتَصَدَّقُ بِجِلْدِهَا أَوْ يَنْتَفِعُ بِهِ) بِنَفْسِهِ أَوْ يُعِيرُهُ لِغَيْرِهِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَعَلَى وَارِثِهِ بَيْعُهُ كَسَائِرِ أَجْزَائِهَا وَإِجَارَتُهُ وَإِعْطَاؤُهُ أُجْرَةً لِلْجَزَّارِ لِخَبَرِ «مَنْ بَاعَ جِلْدَ أُضْحِيَّتِهِ فَلَا أُضْحِيَّةَ لَهُ» وَلِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهَا بِذَبْحِهَا فَلَا تُورَثُ عَنْهُ، لَكِنْ يُتَّجَهُ كَمَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ أَنَّ لِوَارِثِهِ وِلَايَةَ قِسْمَتِهِ وَالنَّفَقَةُ كَهُوَ أَمَّا الْوَاجِبَةُ فَيَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِنَحْوِ جِلْدِهَا (وَوَلَدُ الْوَاجِبَةِ) الْمُنْفَصِلُ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ التَّعْبِيرُ بِوَلَدٍ، وَيُذْبَحُ كَمَا يُفِيدُ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ فِي بَابِ الْوَقْفِ إنَّ الْحَمْلَ قَبْلَ انْفِصَالِهِ لَا يُسَمَّى وَلَدًا (يُذْبَحُ) وُجُوبًا سَوَاءٌ الْمُعَيَّنَةُ ابْتِدَاءً أَمْ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ عَلِقَتْ بِهِ قَبْلَ النَّذْرِ أَمْ بَعْدَهُ لِتَبَعِيَّتِهِ لَهَا. فَإِنْ مَاتَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي قَوْلِهِ فَالظَّاهِرُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِبَعْضِهَا) أَيْ الْمَنْدُوبَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُغْنِي عَنْ ذَلِكَ الْهَدِيَّةُ) أَيْ لِلْأَغْنِيَاءِ (قَوْلُهُ: بِالْيَسِيرِ التَّافِهِ جِدًّا) أَيْ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَقْعٌ فِي الْجُمْلَةِ كَرِطْلٍ (قَوْلُهُ: مِنْ كَبِدِ أُضْحِيَّتِهِ) أَيْ غَيْرِ الْأَوْلَى لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ الْوَاجِبَ يَسْقُطُ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: أُثِيبَ عَلَى التَّضْحِيَةِ) أَيْ ثَوَابُ الضَّحِيَّةِ الْمَنْدُوبَةِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى مَا تَصَدَّقَ) ثَوَابُ الصَّدَقَةِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ صَرْفُهَا) أَيْ الْأُضْحِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَيُمْتَنَعُ نَقْلُهَا) أَيْ نَقْلُ الْأُضْحِيَّةِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ الْمَنْدُوبَةُ وَالْوَاجِبَةُ. وَالْمُرَادُ مِنْ الْمَنْدُوبَةِ حُرْمَةُ نَقْلِ مَا يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِهِ مِنْهَا، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ كَالزَّكَاةِ أَنَّهُ يَحْرُمُ النَّقْلُ مِنْ دَاخِلِ السُّوَرِ إلَى خَارِجِهِ وَعَكْسُهُ (قَوْلُهُ وَيَتَصَدَّقُ بِجِلْدِهَا) هَلْ يَكْفِي فِي حُصُولِ السُّنَّةِ أَنْ يُجْعَلَ الْجِلْدُ مِنْ الثُّلُثِ الَّذِي يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ بِأَنْ يُقَوِّمَهُ وَتُنْسَبَ قِيمَتُهُ إلَى قِيمَةِ الْأُضْحِيَّةِ بِكَمَالِهَا وَيَضُمَّ لَهُ مِنْ اللَّحْمِ مَا يَبْلُغُ بِهِ قِيمَةَ ثُلُثِ الْأُضْحِيَّةِ، أَوْ لَا تَحْصُلُ السُّنَّةُ إلَّا بِالتَّصَدُّقِ بِثُلُثِ اللَّحْمِ، وَأَمَّا الْجِلْدُ فَلَا يُنْظَرُ إلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَحْوَالِ الَّتِي طُلِبَتْ فِي الْأُضْحِيَّةِ الْمَطْلُوبَةِ فِيهِ نَظَرٌ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ وَلَهُ الْأَكْلُ مِنْ أُضْحِيَّةِ تَطَوُّعٍ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّفْصِيلِ هُوَ الْأَوَّلُ حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْ الثُّلُثَ الَّذِي يَتَصَدَّقُ بِهِ مِنْهَا بِخُصُوصِ اللَّحْمِ. لَا يُقَالُ: التَّعْبِيرُ بِالْأَكْلِ يَقْتَضِي التَّخْصِيصَ بِاللَّحْمِ. لِأَنَّا نَقُولُ: هُوَ لَمْ يَعْتَبِرْ الْأَكْلَ فِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ بَلْ قَالَ وَلَهُ الْأَكْلُ مِنْ أُضْحِيَّةِ تَطَوُّعٍ فَجَعَلَ الْأُضْحِيَّةَ كُلًّا وَالْمَأْكُولَ بَعْضًا مِنْهَا وَهُوَ لَا يَقْتَضِي تَخْصِيصَ الْأُضْحِيَّةِ بِاللَّحْمِ (قَوْلُهُ: وَالنَّفَقَةُ) أَيْ مُؤَنُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَكْلُ جَمِيعِهِ) الظَّاهِرُ جَمِيعُهَا (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُسَمَّى لَحْمًا) أَيْ غَالِبًا، وَإِلَّا فَقَدْ يُسَمَّاهُ كَمَا قَدَّمَهُ قَرِيبًا فِي قَوْلِهِمْ وَلَا يَبِيعُ اللَّحْمَ بِالْحَيَوَانِ (قَوْلُهُ: وَالْأَخْبَارُ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَالِاتِّبَاعُ وَهِيَ الَّتِي يَسْتَقِيمُ مَعَهَا قَوْلُهُ بَعْدُ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ إلَخْ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: أَمْ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ) يَجِبُ حَذْفٌ أَمْ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهَا هُنَا

أُمُّهُ بَقِيَ أُضْحِيَّةً (وَلَهُ أَكْلُ كُلِّهِ) لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ بِالْأُضْحِيَّةِ فَأَشْبَهَ اللَّبَنَ، وَلِأَنَّ التَّصَدُّقَ إنَّمَا يَجِبُ بِمَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْأُضْحِيَّةِ أَصَالَةً وَالْوَلَدُ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَلُزُومُ ذَبْحِهِ مَعَهَا تَبَعًا لَهَا كَمَا يَجُوزُ أَكْلُ جَنِينِ الْمُذَكَّاةِ تَبَعًا وَكَأَنَّهُ ذُبِحَ مَعَهَا، وَلِهَذَا جَازَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَكْلُ الْوَلَدِ الْحَادِثِ وَلَا يَكُونُ وَقْفًا، فَكَذَا الْوَلَدُ هُنَا، وَهَذَا مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ تَرْجِيحِ الْغَزَالِيِّ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ أَكْلِهِ مِنْ أُمِّهِ خِلَافًا لِجَمْعٍ مُتَأَخِّرِينَ، وَعُلِمَ بِالْأَوْلَى حِلُّ جَنِينِهَا الْمُذَكَّى بِذَكَاتِهَا، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ عَدَمُ إجْزَاءِ الْأُضْحِيَّةِ بِحَامِلٍ وَأَنَّ الْحَمْلَ عَيْبٌ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ كَمَا مَرَّ إذْ الْحَامِلُ لَمْ تَقَعْ أُضْحِيَّةً وَإِنْ تَعَيَّنَتْ بِالنَّذْرِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ وُقُوعُهَا أُضْحِيَّةً كَمَا لَوْ عُيِّنَتْ بِهِ مَعِيبَةً بِعَيْبٍ آخَرَ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قِيلَ بِوُقُوعِهَا أُضْحِيَّةً وَحَمَلَهُ عَلَى حَمْلِهَا بَعْدَ النَّذْرِ وَوَضْعِهَا قَبْلَ الذَّبْحِ لَمْ يَبْعُدْ (وَ) لَهُ (شُرْبُ فَاضِلِ لَبَنِهَا) أَيْ الْوَاجِبَةُ، وَمِثْلُهَا بِالْأَوْلَى الْمَعْزُولَةُ عَنْ وَلَدِهَا وَهُوَ مَا لَا يَضُرُّهُ فَقْدُهُ ضَرَرًا لَا يَحْتَمِلُ كَمَالُهُ رُكُوبَهَا لَكِنْ مَعَ الْحَاجَةِ كَأَنْ عَجَزَ عَنْ الْمَشْيِ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا بِأُجْرَةٍ يَقْدِرُ عَلَيْهَا، وَلَا أَثَرَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الِاسْتِعَارَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْمِنَّةِ وَالضَّمَانِ، وَلَوْ أَرْكَبَهَا الْمُحْتَاجُ مِنْ غَيْرِ أُجْرَةٍ ضَمِنَ نَقْصَهَا، فَإِنْ حَصَلَ النَّقْصُ فِي يَدِ مُسْتَعِيرٍ كَانَ هُوَ الضَّامِنَ لَهُ. وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ نَحْوُ بَيْعِ اللَّبَنِ وَيُسَنُّ لَهُ التَّصَدُّقُ بِهِ، وَلَهُ جَزُّ صُوفٍ ضَرَّهَا بَقَاؤُهُ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ، وَيُنْدَبُ لَهُ التَّصَدُّقُ بِجِلَالِهَا وَقَلَائِدِهَا (وَلَا تَضْحِيَةَ لِرَقِيقٍ) وَلَوْ مُدَبَّرًا وَأُمَّ وَلَدٍ وَمُعَلَّقِ الْعِتْقِ بِصِفَةٍ لِعَدَمِ مِلْكِهِ وَهِيَ تَعْتَمِدُ الْمِلْكَ، أَمَّا الْمُبَعَّضُ فَلَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ تَامُّ الْمِلْكِ عَلَى مَا مَلَكَهُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ (فَإِنْ أَذِنَ) لَهُ (سَيِّدُهُ) وَلَوْ عَنْ نَفْسِهِ (وَقَعَتْ لَهُ) أَيْ لِلسَّيِّدِ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْهُ، وَيَلْغُو قَوْلُهُ لَهُ عَنْ نَفْسِك لِعَدَمِ إمْكَانِهِ وَلِلْقَاعِدَةِ وَهِيَ إذَا بَطَلَ الْخُصُوصُ بَقِيَ الْعُمُومُ إذْ إذْنُهُ مُتَضَمِّنٌ لِنِيَّةِ وُقُوعِهَا عَمَّنْ تَصْلُحُ لَهُ وَلَا صَالِحَ لَهَا غَيْرُهُ فَانْحَصَرَ الْوُقُوعُ فِيهِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِ الْمُشَكِّكِ كَيْفَ يَقَعُ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ مِنْهُ وَلَا مِنْ الْعَبْدِ نِيَابَةً عَنْهُ (وَلَا) (يُضَحِّي مُكَاتَبٌ بِلَا إذْنٍ) مِنْ السَّيِّدِ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ لِحَقِّ سَيِّدِهِ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهَا وَقَعَتْ لِلْمُكَاتَبِ (وَلَا تَضْحِيَةَ) أَيْ لَا تَجُوزُ وَلَا تَقَعُ (عَنْ الْغَيْرِ) أَيْ الْحَيِّ (بِغَيْرِ إذْنِهِ) كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَذِنَ لَهُ كَالزَّكَاةِ، وَلِلْأَبِ وَالْجَدِّ فِعْلُ ذَلِكَ عَنْ وَلَدِهِ مَحْجُورِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ كَمَا لَهُ إخْرَاجُ فِطْرَتِهِ مِنْ مَالِهِ عَنْهُ لِأَنَّ فِعْلَهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ دُونَ غَيْرِهِمَا لِأَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالذَّبْحِ، وَقَوْلُهُ الْمُنْفَصِلُ: أَيْ بَعْدَ النَّذْرِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَكْلُ كُلِّهِ) أَيْ مَا لَمْ تَمُتْ أُمُّهُ لِأَنَّهُ بِمَوْتِهَا يَصِيرُ أُضْحِيَّةً فَيَجِبُ التَّصَدُّقُ بِجَمِيعِهِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِجَمْعٍ) مِنْهُمْ حَجّ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ عَيَّنَتْ بِهِ) أَيْ النَّذْرِ (قَوْلُهُ: بِعَيْبٍ آخَرَ) أَيْ غَيْرِ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ النَّذْرِ وَوَضَعَهَا) بَلْ يَنْبَغِي أَنَّهُ حَيْثُ نَذَرَ التَّضْحِيَةَ بِهَا حَائِلًا ثُمَّ حَمَلَتْ أَنَّهَا تُجْزِئُ أُضْحِيَّةً لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ تَلِفَتْ قَبْلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ تَعَيَّبَتْ فَضَحِيَّةٌ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ كَانَ هُوَ) أَيْ الْمُسْتَعِيرُ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ) أَيْ الْمَرْكَبَ (قَوْلُهُ: وَالِانْتِفَاعُ بِهِ) خَرَجَ بِهِ الْبَيْعُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُبَعَّضُ) وَلَوْ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ وَلَا يُضَحِّي مُكَاتَبٌ) أَيْ كِتَابَةً صَحِيحَةً اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَقَعَتْ لِلْمُكَاتَبِ) بِفَتْحِ التَّاءِ (قَوْلُهُ: عَنْ وَلَدِهِ مَحْجُورِهِ) أَيْ وَكَأَنَّهُ مَلَكَهُ لَهُ وَذَبَحَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَعُلِمَ بِالْأَوْلَى حِلُّ جَنِينِهَا) فِي الْأَوْلَوِيَّةِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى، وَإِنَّمَا الْأَوْلَوِيَّةُ فِي حُرْمَةِ أَكْلِهِ إذَا قُلْنَا بِحُرْمَةِ أَكْلِ الْمُنْفَصِلِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الْكَلَامِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ يُلَائِمُ هَذَا مَا مَرَّ أَنَّ الْحَمْلَ عَيْبٌ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ؟ قُلْت: لَمْ يَقُولُوا هُنَا إنَّ الْحَامِلَ وَقَعَتْ أُضْحِيَّةً، وَإِنَّمَا الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ إنَّ الْحَامِلَ إذَا عَيَّنَتْ بِنَذْرٍ تَعَيَّنَتْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ وُقُوعُهَا أُضْحِيَّةً كَمَا لَوْ عُيِّنَتْ بِهِ مَعِيبَةً بِعَيْبٍ آخَرَ، عَلَى أَنَّهُمْ لَوْ صَرَّحُوا بِوُقُوعِهَا أُضْحِيَّةً تَعَيَّنَ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا حَمَلَتْ بَعْدَ النَّذْرِ وَوَضَعَتْ قَبْلَ الذَّبْحِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَرْكَبَهَا الْمُحْتَاجَ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَإِرْكَابُهَا: أَيْ وَلَهُ إرْكَابُهَا الْمُحْتَاجَ بِلَا أُجْرَةٍ لَكِنْ يَضْمَنُ الْمُضَحِّي نَقْصَهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: عَنْهُ) أَيْ عَمَّنْ ذَكَرَ مِنْ الْأَبِ وَالْجَدِّ. وَكَانَ الظَّاهِرُ عَنْهُمَا (قَوْلُهُ: دُونَ غَيْرِهِمَا) أَيْ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ

لَا يَسْتَقِلُّ بِتَمْلِيكِهِ فَتَضْعُفُ وِلَايَتُهُ عَنْهُ فِي هَذِهِ التَّضْحِيَةِ، وَيُتَّجَهُ جَوَازُ إطْعَامِ الْمَوْلَى عَلَيْهِ مِنْهَا، وَتَقَدَّمَ جَوَازُ إشْرَاكِ غَيْرِهِ فِي ثَوَابِ أُضْحِيَّتِهِ، وَأَنَّهُ لَوْ ضَحَّى وَاحِدٌ عَنْ أَهْلِ الْبَيْتِ أَجْزَأَ عَنْهُمْ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ مِنْهُمْ، وَإِنَّ لِلْإِمَامِ الذَّبْحَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إنْ اتَّسَعَ، وَلَا يَرُدُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْإِشْرَاكَ فِي الثَّوَابِ لَيْسَ أُضْحِيَّةً عَنْ الْغَيْرِ، وَبَعْضُ أَهْلِ الْبَيْتِ وَالْإِمَامُ جَعَلَهُمَا الشَّارِعُ قَائِمَيْنِ مَقَامَ الْكُلِّ، وَحَيْثُ امْتَنَعَتْ عَنْ الْغَيْرِ وَقَعَتْ عَنْ الْمُضَحِّي إنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً وَإِلَّا فَلَا (وَلَا) تَجُوزُ وَلَا تَقَعُ أُضْحِيَّةٌ (عَنْ مَيِّتٍ إنْ لَمْ يُوصِ بِهَا) لِمَا مَرَّ، وَتُفَارِقُ الصَّدَقَةَ بِشَبَهِهَا لِفِدَاءِ النَّفْسِ فَتَوَقَّفَتْ عَلَى الْإِذْنِ وَلَا كَذَلِكَ الصَّدَقَةُ، أَمَّا إذَا أَوْصَى بِهَا فَتَصِحُّ لِمَا مَرَّ. قَالَ الْقَفَّالُ: وَمَتَى جَوَّزْنَا التَّضْحِيَةَ عَنْ الْمَيِّتِ لَا يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْهَا لِأَحَدٍ بَلْ يَتَصَدَّقُ بِجَمِيعِهَا لِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ وَقَعَتْ عَنْهُ فَتَوَقَّفَ جَوَازُ الْأَكْلِ عَلَى إذْنِهِ وَقَدْ تَعَذَّرَ فَوَجَبَ التَّصَدُّقُ بِهَا عَنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــSعَنْهُ بِإِذْنِهِ فَيَقَعُ ثَوَابُ التَّضْحِيَةِ لِلصَّبِيِّ وَلِلْأَبِ ثَوَابُ الْهِبَةِ، لَكِنْ فِي حَجّ: وَمَرَّ أَنَّ لِلْوَلِيِّ الْأَبِ فَالْجَدِّ التَّضْحِيَةَ عَنْ مُولِيهِ وَعَلَيْهِ فَلَا يُقَدِّرُ انْتِقَالَ الْمِلْكِ فِيهَا لِلْمَوْلَى (قَوْلُهُ: وَأَنَّ لِلْإِمَامِ) أَيْ وَيُتَّجَهُ أَنَّ لِلْإِمَامِ إلَخْ: أَيْ وَلَا يَسْقُطُ بِفِعْلِهِ الطَّلَبُ عَنْ الْأَغْنِيَاءِ، وَحِينَئِذٍ فَالْمَقْصُودُ مِنْ الذَّبْحِ عَنْهُمْ مُجَرَّدُ حُصُولِ الثَّوَابِ لَهُمْ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ التَّضْحِيَةِ مِنْ الْإِمَامِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ التَّضْحِيَةُ بِمَا شُرِطَ التَّضْحِيَةُ بِهِ الْوَاقِفُ مِنْ غَلَّةِ وَقْفِهِ فَإِنَّهُ يُصْرَفُ لِمَنْ شَرَطَ صَرْفَهُ لَهُمْ، وَلَا تَسْقُطُ بِهِ التَّضْحِيَةُ عَنْهُمْ وَيَأْكُلُونَ مِنْهُ وَلَوْ أَغْنِيَاءَ، وَلَيْسَ هُوَ ضَحِيَّةٌ عَنْ الْوَاقِفِ بَلْ هُوَ صَدَقَةٌ مُجَرَّدَةٌ كَبَقِيَّةِ غَلَّةِ الْوَقْفِ (قَوْلُهُ وَحَيْثُ امْتَنَعَتْ عَنْ الْغَيْرِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً) تَأَمَّلْ فِيمَا احْتَرَزَ بِهِ عَنْهُ فَإِنَّهَا مَتَى ذُبِحَتْ عَنْ غَيْرِ الْمُضَحِّي كَانَتْ مُعَيَّنَةً (قَوْلُهُ: وَمَتَى جَوَّزْنَا التَّضْحِيَةَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ: أَيْ بِأَنْ أَوْصَى بِهَا (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْهَا لِأَحَدٍ) أَيْ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بَلْ يَتَصَدَّقُ بِجَمِيعِهَا، وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ الذَّابِحُ لَهَا عَنْهُ فَقِيرًا جَازَ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهَا بِصِفَةِ الْفَقْرِ، لَكِنْ فِي حَجّ مَا نَصُّهُ: أَنَّهُ يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِجَمِيعِهَا لَا عَلَى نَفْسِهِ وَمَمُونِهِ لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ، وَلَيْسَ مِنْ هَذَا مَا يَقَعُ فِي الْأَوْقَافِ مِنْ أَنَّهُمْ يَشْتَرِطُونَ أَنْ يَذْبَحَ فِي كُلِّ سَنَةٍ كَذَا وَيَصْرِفَ عَلَى الْمُسْتَحَقِّينَ فَإِنَّ ذَلِكَ يَرْجِعُ فِيهِ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ فَيَصْرِفُ عَلَيْهِمْ وَلَوْ أَغْنِيَاءَ حَيْثُ كَانَ تَقْرِيرُهُمْ فِي الْوَظَائِفِ صَحِيحًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنَّ لِلْإِمَامِ) لَعَلَّهُ بِكَسْرِ هَمْزَةِ إنَّ اسْتِئْنَافًا وَإِلَّا فَهَذَا لَمْ يَمُرَّ، وَاَلَّذِي يُضَحِّيهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بَدَنَةٌ يَذْبَحُهَا فِي الْمُصَلَّى فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ فَشَاةٌ (قَوْلُهُ إنْ اتَّسَعَ) لَيْسَ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَبَعْضِ أَهْلِ الْبَيْتِ إلَخْ) فِي التُّحْفَةِ قَبْلَ هَذَا مَا نَصُّهُ وَلَا تَرِدُ عَلَيْهِ هَذِهِ أَيْ الْمَسَائِلُ الثَّلَاثُ إذْ الْإِشْرَاكُ فِي الثَّوَابِ لَيْسَ أُضْحِيَّةً عَنْ الْغَيْرِ وَبَعْضِ أَهْلِ الْبَيْتِ إلَخْ فَلَعَلَّ صَدْرَ الْعِبَارَةِ سَقَطَ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ مِنْ الْكَتَبَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ وَقَعَتْ عَنْهُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ مِمَّا ضَحَّى بِهِ عَنْ الْحَيِّ بِإِذْنِهِ وَانْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَهُ الْأَكْلُ مِنْ أُضْحِيَّةِ تَطَوُّعٍ.

[فصل في العقيقة]

(فَصْلٌ) فِي الْعَقِيقَةِ قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ: قَالَ أَصْحَابُنَا: يُسْتَحَبُّ تَسْمِيَتُهَا نَسِيكَةً أَوْ ذَبِيحَةً، وَيُكْرَهُ تَسْمِيَتُهَا عَقِيقَةً كَمَا يُكْرَهُ تَسْمِيَةُ الْعِشَاءِ عَتَمَةً، وَهِيَ لُغَةً: الشَّعْرُ الَّذِي عَلَى رَأْسِ الْوَلَدِ حِينَ وِلَادَتِهِ، وَشَرْعًا: مَا يُذْبَحُ عِنْدَ حَلْقِ شَعْرِهِ لِأَنَّ مَذْبَحَهُ يَعُقُّ: أَيْ يَشُقُّ وَيَقْطَعُ، وَلِأَنَّ الشَّعْرَ يُحْلَقُ إذْ ذَاكَ وَالْأَصْلُ فِيهَا الْأَخْبَارُ كَخَبَرِ «الْغُلَامُ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ، تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ السَّابِعِ، وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ وَيُسَمَّى» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَالْمَعْنَى فِيهِ إظْهَارُ الْبِشْرِ وَالنِّعْمَةِ وَنَشْرُ النَّسَبِ، وَهِيَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَإِنَّمَا تَجِبُ كَالْأُضْحِيَّةِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إرَاقَةُ دَمٍ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ، وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْسُكَ عَنْ وَلَدِهِ فَلْيَفْعَلْ» وَمَعْنَى مُرْتَهِنٍ بِعَقِيقَتِهِ: قِيلَ لَا يَنْمُو نُمُوَّ مِثْلِهِ حَتَّى يَعُقَّ عَنْهُ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَأَجْوَدُ مَا قِيلَ فِيهِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعُقَّ عَنْهُ لَمْ يَشْفَعْ فِي وَالِدَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَإِحَاطَتُهُ بِالسُّنَّةِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ إلَّا عَنْ تَوْقِيفٍ ثَبَتَ فِيهِ لَا سِيَّمَا وَقَدْ نَقَلَهُ الْحَلِيمِيُّ عَنْ جَمْعٍ مُتَقَدِّمِينَ عَلَى أَحْمَدَ، وَالْقَوْلُ بِوُجُوبِهَا أَوْ بِأَنَّهَا بِدْعَةٌ إفْرَاطٌ كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَذَبْحُهَا أَفْضَلُ مِنْ التَّصَدُّقِ بِقِيمَتِهَا، وَلَوْ نَوَى بِالشَّاةِ الْمَذْبُوحَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ) فِي الْعَقِيقَةِ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ تَسْمِيَتُهَا) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ حَلْقِ شَعْرِهِ) أَيْ عِنْدَ طَلَبِ حَلْقِ شَعْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَحْلِقْ، وَالْمُرَادُ مَا يُذْبَحُ عِنْدَ وِلَادَتِهِ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّ عِلَّةً لِمُقَدِّرٍ: أَيْ وَإِنَّمَا سُمِّيَ مَا يُذْبَحُ بِذَلِكَ لِأَنَّ مَذْبَحَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ يَحْلِقُ إذْ ذَاكَ) أَيْ وَالشَّعْرُ لُغَةً يُسَمَّى عَقِيقَةً كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: كَخَبَرِ الْغُلَامِ إلَخْ) لَعَلَّ التَّعْبِيرَ بِهِ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الْوَالِدَيْنِ بِهِ أَكْثَرُ مِنْ الْأُنْثَى فَقَصَدَ حَثَّهُمْ عَلَى فِعْلِ الْعَقِيقَةِ وَإِلَّا فَالْأُنْثَى كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى فِيهِ) فَهُوَ مَعْقُولُ الْمَعْنَى وَلَيْسَ تَعَبُّدًا مَحْضًا (قَوْلُهُ: وَالنِّعْمَةُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: كَالْأُضْحِيَّةِ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى الْأُضْحِيَّةِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَنْسُكَ) بِضَمِّ السِّينِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَشْفَعْ فِي وَالِدَيْهِ) أَيْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي الشَّفَاعَةِ وَإِنْ كَانَ أَهْلًا لِكَوْنِهِ مَاتَ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ (قَوْلُهُ: وَإِحَاطَتُهُ) أَيْ أَحْمَدَ (قَوْلُهُ: إفْرَاطٌ) أَيْ مُجَاوَزَةٌ (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْ التَّصَدُّقِ بِقِيمَتِهَا) وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ التَّصَدُّقَ بِقِيمَتِهَا يَكُونُ عَقِيقَةً، وَقَدْ يُخَالِفُهُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ أَقَلَّ مَا يُجْزِئُ عَنْ الذَّكَرِ شَاةٌ. وَقَوْلُ الْمَحَلِّيِّ يَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ فِي عَقِيقَةِ الذَّكَرِ بِشَاةٍ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ ثَوَابَ الذَّبْحِ لِلْعَقِيقَةِ أَفْضَلُ مِنْ التَّصَدُّقِ بِقِيمَتِهَا مَعَ كَوْنِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي الْعَقِيقَةِ] ِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَذْبَحَهُ يُعَقُّ إلَخْ) اُنْظُرْ هَذَا التَّعْلِيلَ وَلَا تَظْهَرُ لَهُ مُلَائِمَةٌ بِمَا قَبْلَهُ، وَلَا يَصِحُّ جَامِعًا بَيْنَ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ الَّذِي ذَكَرَهُ وَبَيْنَ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ عَقَّ لُغَةً مَعْنَاهُ قَطَعَ، فَلَعَلَّ هَذَا الْمَعْنَى أَسْقَطَتْهُ الْكَتَبَةُ مِنْ الشَّارِحِ بَعْدَ إثْبَاتِهِ فِيهِ مَعَ الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ، وَيَكُونُ الشَّارِحُ قَدْ أَشَارَ إلَى مُنَاسَبَةِ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ لِكُلٍّ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ فَأَشَارَ لِمُنَاسَبَتِهِ لِمَعْنَى قَطَعَ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ مَذْبَحَهُ يُعَقُّ إلَخْ، وَلِمُنَاسَبَتِهِ لِمَعْنَى الشَّعْرِ بِقَوْلِهِ وَلِأَنَّ الشَّعْرَ إلَخْ (قَوْلُهُ كَالْأُضْحِيَّةِ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى الْأُضْحِيَّةِ فَهُوَ جَوَابُ السُّؤَالِ الْمُقَدَّرِ (قَوْلُهُ: وَإِحَاطَتُهُ) أَيْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَنَّ غَيْرَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ اسْتَبْعَدَ مَا قَالَهُ نَصُّهَا. وَلَا بُعْدَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِلرَّأْيِ فِي ذَلِكَ، فَاللَّائِقُ بِجَلَالَةِ أَحْمَدَ وَإِحَاطَتِهِ بِالسُّنَّةِ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ إلَّا إنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ انْتَهَتْ. فَلَعَلَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي التُّحْفَةِ أَسْقَطَتْهَا الْكَتَبَةُ مِنْ الشَّرْحِ، وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ إحَاطَتِهِ بِالسُّنَّةِ لَا تَقْتَضِي أَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ إلَّا عَنْ تَوْقِيفٍ كَمَا لَا يَخْفَى

الْأُضْحِيَّةَ وَالْعَقِيقَةَ حَصَلَا خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ خِلَافَهُ (يُسَنُّ) سُنَّةً مُؤَكَّدَةً (أَنْ يَعُقَّ عَنْ) الْوَلَدِ بَعْدَ تَمَامِ انْفِصَالِهِ لَا قَبْلَهُ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَالْعَاقُّ هُوَ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ بِتَقْدِيرِ فَقْرِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ دُونَ وَلَدِهِ بِشَرْطِ كَوْنِ الْعَاقِّ مُوسِرًا: أَيْ يَسَارَ الْفِطْرَةِ فِيمَا يَظْهَرُ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةِ أَكْثَرِ النِّفَاسِ وَلَا تَفُوتُ بِالتَّأْخِيرِ، وَإِذَا بَلَغَ بِلَا عَقٍّ سَقَطَ سِنُّ الْعَقِّ عَنْ غَيْرِهِ، وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِيهِ عَنْ نَفْسِهِ وَعَقَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْحَسَنِ وَأَخِيهِ لِأَنَّهُمَا كَانَا فِي نَفَقَتِهِ لِإِعْسَارِ وَالِدَيْهِمَا أَوْ كَانَ بِإِذْنِ أَبِيهِمَا، وَوَلَدُ الزِّنَا فِي نَفَقَةِ أُمِّهِ فَيُنْدَبُ لَهَا الْعَقُّ عَنْهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ إظْهَارُهُ الْمُفْضِي لِظُهُورِ الْعَارِ، وَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَدَمُ نَدْبِ الْعَقِّ مِنْ الْأَصْلِ الْحُرِّ لِوَلَدِهِ الْقِنِّ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَعُقَّ عَنْ (غُلَامٍ) أَيْ ذَكَرٍ، وَالْأَوْجَهُ إلْحَاقُ الْخُنْثَى بِهِ فِي ذَلِكَ احْتِيَاطًا كَمَا جَزَمَ بِهِ الْجَوْجَرِيُّ تَبَعًا لِتَصْرِيحِ صَاحِبِ الْبَيَانِ وَبِهِ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (بِشَاتَيْنِ) وَيُنْدَبُ تَسَاوِيهِمَا (وَ) يُسَنُّ أَنْ يَعُقَّ عَنْ (جَارِيَةٍ) أَيْ أُنْثَى (بِشَاةٍ) لِخَبَرِ عَائِشَةَ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَعُقَّ عَنْ الْغُلَامِ بِشَاتَيْنِ مُتَكَافِئَتَيْنِ وَعَنْ الْجَارِيَةِ بِشَاةٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَيُجْزِي شَاةٌ أَوْ شِرْكٌ مِنْ إبِلٍ أَوْ بَقَرٍ عَنْ الذَّكَرِ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقَّ عَنْ كُلٍّ مِنْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بِشَاةٍ» وَآثَرَ الشَّاةَ تَبَرُّكًا بِلَفْظِ الْوَارِدِ، وَإِلَّا فَالْأَفْضَلُ هُنَا نَظِيرُ مَا مَرَّ مِنْ سَبْعِ شِيَاهٍ ثُمَّ الْإِبِلِ ثُمَّ الْبَقَرِ ثُمَّ الضَّأْنِ ثُمَّ الْمَعْزِ ثُمَّ شِرْكٍ فِي بَدَنَةٍ ثُمَّ بَقَرَةٍ، وَلَوْ ذَبَحَ بَقَرَةً أَوْ بَدَنَةً عَنْ سَبْعَةِ أَوْلَادٍ جَازَ، وَكَذَا لَوْ أَشْرَكَ فِيهِمَا جَمَاعَةً سَوَاءٌ أَرَادَ كُلُّهُمْ الْعَقِيقَةَ أَمْ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ وَبَعْضُهُمْ اللَّحْمَ (وَسِنُّهَا) وَجِنْسُهَا (وَسَلَامَتُهَا) مِنْ الْعُيُوبِ (وَالْأَكْلُ وَالتَّصَدُّقُ) وَالْإِهْدَاءُ وَالِادِّخَارُ وَقَدْرُ الْمَأْكُولِ وَامْتِنَاعُ نَحْوِ الْبَيْعِ وَتَعْيِينُهَا بِالنَّذْرِ وَاعْتِبَارُ النِّيَّةِ فِيهَا (كَالْأُضْحِيَّةِ) لِشَبَهِهَا بِهَا فِي نَدْبِهَا وَلَوْ كَانَتْ مَنْذُورَةً، فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَنَّهُ يَسْلُكُ بِهَا مَسْلَكَهَا بِدُونِ نَذْرٍ: أَيْ فَلَا يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِجَمِيعِ لَحْمِهَا نِيئًا وَلِكَوْنِهَا فِدَاءً عَنْ النَّفْسِ قَدْ تُفَارِقُهَا فِي أَحْكَامٍ يَسِيرَةٍ مِنْهَا مِلْكُ الْغَنِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَيْسَ عَقِيقَةً (قَوْلُهُ: الْأُضْحِيَّةُ) أَيْ الْمَنْدُوبَةُ، وَقَوْلُهُ حَصَلَا: أَيْ خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: لَا قَبْلَهُ) أَيْ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَقَعْ عَقِيقَةً (قَوْلُهُ: قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةِ أَكْثَرِ النِّفَاسِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا اسْتَمَرَّ مُعْسِرًا حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ النِّفَاسِ لَا يُطَالَبُ بِهَا بَعْدُ، وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا تَفُوتُ بِالتَّأْخِيرِ أَنَّهُ لَوْ أَيْسَرَ قَبْلَ فَوَاتِ أَكْثَرِ مُدَّةِ النِّفَاسِ لَا يَفُوتُ بِالتَّأْخِيرِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَعْسَرَ إلَى ذَلِكَ فَإِنَّهَا لَا تُطْلَبُ مِنْهُ، وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ فَعَلَهَا سَقَطَ الطَّلَبُ عَنْ الْوَلَدِ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِيهِ) قَضِيَّةُ أَنَّهَا لَا تُطْلَبُ مِنْهُ بِخُصُوصِهَا بَلْ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْفِعْلِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: لِظُهُورِ الْعَارِ) أَيْ لِجَوَازِ أَنْ تُذْبَحَ وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْ فِعْلِهَا أَنَّهُ عَقِيقَةٌ (قَوْلُهُ وَالْمُتَّجَهُ) أَيْ: خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ) أَيْ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْعَاقَّ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ بِتَقْدِيرِ فَقْرِهِ (قَوْلُهُ: مُتَكَافِئَتَيْنِ) أَيْ مُتَسَاوِيَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ) أَيْ الْعَقِيقَةُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَسْلُكُ بِهَا) أَيْ الْعَقِيقَةِ الْمَنْذُورَةِ، وَقَوْلُهُ مَسْلَكَهَا: أَيْ الْعَقِيقَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِجَمِيعِ لَحْمِهَا نِيئًا) أَيْ بَلْ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ مَطْبُوخًا فَهُوَ مُخَيَّرٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ حَجّ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ قَوْلِ الشَّارِحِ يَسْلُكُ بِهَا مَسْلَكَهَا إلَخْ خِلَافُهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَلَا يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِجَمِيعِ لَحْمِهَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِبَعْضِهَا نِيئًا بِخِلَافِ بَاقِيهَا (قَوْلُهُ: وَلِكَوْنِهَا) أَيْ الْعَقِيقَةِ (قَوْلُهُ: قَدْ تُفَارِقُهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: سُنَّةً مُؤَكَّدَةً) مُكَرَّرٌ (قَوْلُهُ وَالْعَاقُّ) أَيْ مَنْ يُسَنُّ لَهُ الْعَقُّ (قَوْلُهُ: مِنْ مَالِ نَفْسِهِ) اُنْظُرْ هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِمَاذَا (قَوْلُهُ: قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةِ أَكْثَرِ النِّفَاسِ) ظَرْفٌ لَمُوسِرًا: أَيْ فَلَا تُشْرَعُ إلَّا لِمَنْ كَانَ مُوسِرًا حِينَئِذٍ وَإِلَّا فَتَسْقُطُ عَنْهُ وَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ وَلَا تَفُوتُ بِالتَّأْخِيرِ: أَيْ لِمَنْ كَانَ مُوسِرًا فِي مُدَّةِ النِّفَاسِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِيهِ عَنْ نَفْسِهِ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى تَخْيِيرِهِ (قَوْلُهُ وَالْأَفْضَلُ) أَيْ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى شَاةٍ وَإِنْ أَجْزَأَتْ كَمَا سَيَأْتِي، وَإِلَّا فَسَيَأْتِي أَنَّ الْأَفْضَلَ سَبْعُ شِيَاهٍ ثُمَّ الْإِبِلُ إلَخْ (قَوْلُهُ نَظِيرُ مَا مَرَّ) هُوَ بِرَفْعِ نَظِيرُ خَبَرًا (قَوْلُهُ: مِنْهَا مِلْكُ الْغَنِيِّ إلَخْ) أَيْ وَمِنْهَا مَا قَدَّمَهُ قَبْلَهُ عَنْ الشَّيْخِ

لِمَا يُهْدَى إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ بِمَا شَاءَ لِانْتِفَاءِ كَوْنِهَا ضِيَافَةً عَامَّةً بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ (وَ) مِنْهَا أَنَّهُ (يُسَنُّ طَبْخُهَا) لِقَوْلِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - إنَّهُ السُّنَّةُ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ. نَعَمْ الْأَفْضَلُ إعْطَاءُ الْقَابِلَةِ رِجْلَهَا نِيئَةً، وَيُتَّجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا إلَى أَصْلِ الْفَخِذِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ تَكُونَ الْيَمِينُ وَإِرْسَالُهَا مَعَ مَرَقِهَا عَلَى وَجْهِ التَّصَدُّقِ لِلْفُقَرَاءِ أَكْمَلُ مِنْ دُعَائِهِمْ إلَيْهَا وَأَنْ يَذْبَحَهَا عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَيَقُولَ عِنْدَ ذَبْحِهَا: بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ مِنْك وَإِلَيْك، اللَّهُمَّ إنَّ هَذِهِ عَقِيقَةُ فُلَانٍ وَطَبْخُهَا بِحُلْوٍ تَفَاؤُلًا بِحَلَاوَةِ أَخْلَاقِ الْوَلَدِ وَيُكْرَهُ بِالْحَامِضِ (وَلَا يُكْسَرُ عَظْمٌ) مَا أَمْكَنَ تَفَاؤُلًا بِسَلَامَةِ أَعْضَاءِ الْوَلَدِ، فَإِنْ فَعَلَهُ لَمْ يُكْرَهْ لِعَدَمِ ثُبُوتِ نَهْيٍ فِيهِ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَالْأَقْرَبُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَنَّهُ لَوْ عَقَّ عَنْهُ بِسُبْعِ بَدَنَةٍ وَتَأْتِي قِسْمَتُهَا بِغَيْرِ كَسْرٍ تَعَلَّقَ اسْتِحْبَابُ تَرْكِ الْكَسْرِ بِالْجَمِيعِ إذْ مَا مِنْ جُزْءٍ إلَّا وَلِلْعَقِيقَةِ فِيهِ حِصَّةٌ (وَأَنْ تُذْبَحَ يَوْمَ سَابِعِ وِلَادَتِهِ) وَيُحْسَبُ يَوْمُهَا كَمَا مَرَّ فِي الْخِتَانِ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ وُلِدَ لَيْلًا لَمْ يُحْسَبْ يَوْمًا بَلْ يُحْسَبُ مِنْ يَوْمِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ، وَيُنْدَبُ الْعَقُّ عَمَّنْ مَاتَ بَعْدَ الْأَيَّامِ السَّبْعَةِ وَالتَّمَكُّنِ مِنْ الذَّبْحِ وَكَذَا قَبْلَهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (وَ) أَنْ (يُسَمَّى فِيهِ) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ بَلْ يُنْدَبُ تَسْمِيَةُ سِقْطٍ نُفِخَتْ فِيهِ رُوحٌ، فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهُ ذُكُورَةٌ وَلَا أُنُوثَةٌ سُمِّيَ بِاسْمٍ يَصْلُحُ لَهُمَا كَطَلْحَةَ وَهِنْدٍ، وَوَرَدَتْ أَخْبَارٌ صَحِيحَةٌ بِتَسْمِيَتِهِ يَوْمَ الْوِلَادَةِ، وَحَمَلَهَا الْبُخَارِيُّ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الْأُضْحِيَّةَ (قَوْلُهُ: لِمَا يُهْدَى إلَيْهِ) أَيْ وَلَوْ كَافِرًا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ الْأَفْضَلُ إعْطَاءُ الْقَابِلَةِ رِجْلَهَا) أَيْ إحْدَى رِجْلَيْهَا الْمُؤَخَّرَتَيْنِ وَتَحْصُلُ السُّنَّةُ بِذَلِكَ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ الشَّاةُ الْمَذْبُوحَةُ، وَبَقِيَ مَا لَوْ تَعَدَّدَتْ الْقَوَابِلُ وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِرِجْلٍ وَاحِدَةٍ لِلْجَمِيعِ. (قَوْلُهُ: وَإِرْسَالُهَا) أَيْ الْعَقِيقَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَيْك) عَطْفُ تَفْسِيرٍ، أَوْ أَنَّ لَك بِمَعْنَى أَذْبَحُ لِأَجْلِك وَإِلَيْك: أَيْ وَيَنْتَهِي فِعْلِي إلَيْك لَا يَتَجَاوَزُك إلَى غَيْرِك (قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ إنَّ هَذِهِ عَقِيقَةٌ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ فِي الْأُضْحِيَّةِ الْمَنْدُوبَةِ بِاسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ لَك وَإِلَيْك اللَّهُمَّ هَذِهِ أُضْحِيَّتِي لَا تَصِيرُ بِهَذَا وَاجِبَةً وَهُوَ قَرِيبٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا) وَهُوَ ضَعْفُهُ وَعَدَمُ تَحَمُّلِهِ لِلْخَتْنِ (قَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ الْعَقُّ عَمَّنْ مَاتَ بَعْدَ الْأَيَّامِ السَّبْعَةِ) وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الذَّبْحِ فِيهَا لَمْ يُنْدَبْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَكَذَا قَبْلَهَا إلَخْ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَتَأَتَّى مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَالتَّمَكُّنُ مِنْ الذَّبْحِ) وَفِي نُسْخَةٍ: وَكَذَا قَبْلُهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَنَقَلَ ع مَا يُوَافِقُ هَذِهِ النُّسْخَةَ (قَوْلُهُ: أَنْ يُسَمِّيَ فِيهِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ التَّسْمِيَةَ حَقُّ مَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ مِنْ الْأَبِ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ لِفَقْرِهِ ثُمَّ الْجَدُّ وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنْ تَكُونَ التَّسْمِيَةُ قَبْلَ الْعَقِّ كَمَا قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَيَقُولُ عِنْدَ ذَبْحِهَا بِسْمِ اللَّهِ إلَخْ. [فَائِدَةٌ] نَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ بَعْضِ حَنَابِلَةِ عَصْرِهِ أَنَّهُ أَفْتَى بِمَنْعِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِنْ التَّسْمِيَةِ بِمُحَمَّدٍ وَأَحْمَدَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَنَحْوِهَا، وَأَنَّ بَعْضَ ضُعَفَاءِ الشَّافِعِيَّةِ تَبِعَهُ. ثُمَّ قَالَ: أَيْ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ لَهُمْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ النَّفْسُ تَمِيلُ إلَى الْمَنْعِ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ خَوْفَ السَّبِّ وَالسُّخْرِيَةِ، وَفِيهِ شَيْءٌ فَإِنَّ مِنْ الْيَهُودِ مَنْ تُسَمِّي بِعِيسَى وَالنَّصَارَى بِمُوسَى: أَيْ وَهُمْ لَا يَعْتَقِدُونَ نُبُوَّتَهُمَا وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَى مَمَرِّ الزَّمَانِ. وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ: أَيْ مِنْ الْأَسْمَاءِ فَلَا أَرَى لَهُ وَجْهًا. نَعَمْ رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ نَهَى نَصَارَى الشَّامِ أَنْ يَكْتَنُوا بِكُنَى الْمُسْلِمِينَ، وَيُقَوِّي ذَلِكَ فِيمَا تَضَمَّنَ مَدْحًا وَشَرَفًا كَأَبِي الْفَضْلِ وَالْمَحَاسِنِ وَالْمَكَارِمِ وَالْمَشْيَخَةِ وَأَنْ يُسَمُّوا بِمُعَظَّمٍ عِنْدَنَا: أَيْ وَنَهَاهُمْ أَنْ يُسَمُّوا إلَخْ دُونَهُمْ، فَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى نَحْوِ اسْتِهْزَائِهِمْ أَوْ اسْتِخْفَافٍ بِنَا مُنِعُوا، وَإِنْ سَمَّوْا أَوْلَادَهُمْ فَلَا لِقَضَاءِ الْعَادَةِ بِأَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: تَعَلَّقَ اسْتِحْبَابُ تَرْكِ الْكَسْرِ بِالْجَمِيعِ) اُنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ تَعَلُّقُهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَوْ بَعْدَهَا، فَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَهُوَ مَمْنُوعٌ كَمَا لَا يَخْفَى وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ وَتَأْتِي قِسْمَتُهَا فَائِدَةً فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُسَمَّى فِي السَّابِعِ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ فَتُؤَخَّرُ التَّسْمِيَةُ لِلسَّابِعِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ غَايَةٌ فِي أَصْلِ التَّسْمِيَةِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهَا فِي السَّابِعِ فَلْيُرَاجَعْ

مَنْ لَمْ يُرِدْ الْعَقَّ وَالْأَوَّلَ عَلَى مَنْ أَرَادَهُ، وَيُنْدَبُ تَحْسِينُ الْأَسْمَاءِ وَأَحَبُّهَا عَبْدُ اللَّهِ ثُمَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَلَا يُكْرَهُ اسْمُ نَبِيٍّ أَوْ مَلَكٍ، بَلْ جَاءَ فِي التَّسْمِيَةِ بِمُحَمَّدٍ فَضَائِلُ جَمَّةٌ، وَيُكْرَهُ بِقَبِيحٍ كَحَرْبٍ وَمُرَّةَ وَمَا يَتَطَيَّرُ بِنَفْيِهِ كَيَسَارٍ وَنَافِعٍ وَبَرَكَةَ وَمُبَارَكٍ، وَيَحْرُمُ بِمَلِكِ الْمُلُوكِ إذْ لَا يَصْلُحُ لِغَيْرِهِ تَعَالَى، وَكَذَا عَبْدُ الْكَعْبَةِ أَوْ الدَّارِ أَوْ عَلِيٍّ أَوْ الْحَسَنِ لِإِيهَامِ التَّشْرِيكِ، وَمِثْلُهُ عَبْدُ النَّبِيِّ عَلَى مَا قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ، وَالْأَوْجَهُ جَوَازُهُ لَا سِيَّمَا عِنْدَ إرَادَةِ النِّسْبَةِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ حُرْمَةُ التَّسْمِيَةِ بِجَارِ اللَّهِ وَرَفِيقِ اللَّهِ وَنَحْوِهِمَا لِإِيهَامِهِ الْمَحْذُورَ أَيْضًا، وَحُرْمَةُ قَوْلِ بَعْضِ الْعَوَامّ إذَا حَمَلَ ثَقِيلًا الْحَمَلَةُ عَلَى اللَّهِ، وَلَا بَأْسَ بِاللَّقَبِ الْحَسَنِ إلَّا مَا تَوَسَّعَ فِيهِ النَّاسُ حَتَّى سَمَّوْا السَّفَلَةَ بِفُلَانِ الدِّينِ، وَيُكْرَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً بِنَحْوِ سِتِّ النَّاسِ أَوْ الْعَرَبِ أَوْ الْقُضَاةِ أَوْ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّهُ مِنْ أَقْبَحِ الْكَذِبِ، وَيَحْرُمُ التَّكَنِّي بِأَبِي الْقَاسِمِ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ فِي الْخُطْبَةِ بِمَا فِيهِ مِمَّا يَأْتِي مَجِيئُهُ هُنَا (وَ) أَنْ (يَحْلِقَ رَأْسَهُ) وَلَوْ أُنْثَى لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ، وَيُكْرَهُ لَطْخُهُ بِدَمٍ مِنْ الذَّبِيحَةِ لِأَنَّهُ فِعْلُ الْجَاهِلِيَّةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ لِرِوَايَاتٍ ضَعِيفَةٍ بِهِ قَالَ بِهَا بَعْضُ الْمُجْتَهِدِينَ، وَيُكْرَهُ الْقَزَعُ وَهُوَ حَلْقُ بَعْضِ الرَّأْسِ مِنْ مَحَلٍّ أَوْ مَحَالَّ، وَيُنْدَبُ لَطْخُهُ بِالْخَلُوقِ وَالزَّعْفَرَانِ، وَأَنْ يَكُونَ الْحَلْقُ (بَعْدَ ذَبْحِهَا وَ) يُسَنُّ بَعْدَ الْحَلْقِ لِلْأُنْثَى وَالذَّكَرِ أَنْ (يَتَصَدَّقَ بِزِنَتِهِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً) لِخَبَرِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ فَاطِمَةَ أَنْ تَزِنَ شَعْرَ الْحُسَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَتَتَصَدَّقَ بِوَزْنِهِ فِضَّةً» وَأُلْحِقَ بِهَا الذَّهَبُ بِالْأَوْلَى وَمِنْ ثَمَّ كَانَ أَفْضَلَ، فَأَوْ فِي كَلَامِهِ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلتَّخْيِيرِ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ مَتَى بُدِئَ بِالْأَغْلَظِ قَبْلُ، أَوْ كَانَتْ لِلتَّرْتِيبِ أَوْ بِالْأَسْهَلِ فَلِلتَّخْيِيرِ. وَيُنْدَبُ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَدْهُنَ غِبًّا وَيَكْتَحِلَ لِكُلِّ عَيْنٍ ثَلَاثَةً وَيُقَلِّمَ ظُفُرَهُ وَيَنْتِفَ إبْطَهُ وَيَحْلِقَ عَانَتَهُ، وَيَجُوزُ الْعَكْسُ، وَأَنْ يَقُصَّ شَارِبَهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ حَتَّى يُبَيِّنَ طَرَفَ الشَّفَةِ بَيَانًا ظَاهِرًا، وَيُكْرَهُ الْإِحْفَاءُ وَتَأْخِيرُ هَذِهِ الْأُمُورِ عَنْ حَاجَتِهَا، وَبَعْدَ الْأَرْبَعِينَ أَشَدُّ كَرَاهَةً، وَأَنْ يَغْسِلَ الْبَرَاجِمَ وَمَعَاطِفَ الْأُذُنِ وَصِمَاخَهَا وَبَاطِنَ الْأَنْفِ تَيَامُنًا فِي الْكُلِّ، وَأَنْ يُخَضِّبَ الشِّيبَ بِالْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSالْإِنْسَانَ لَا يُسَمِّي وَلَدَهُ إلَّا بِمَا يُحِبُّ انْتَهَى مُنَاوِيٌّ عِنْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا سَمَّيْتُمْ مُحَمَّدًا فَلَا تَضْرِبُوهُ وَلَا تَحْرِمُوهُ» (قَوْلُهُ: وَمُبَارَكٌ) وَمِنْ ذَلِكَ مَا تَقَعُ التَّسْمِيَةُ بِهِ مِنْ نَحْوِ آمَنْت بِاَللَّهِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلِيٌّ) أَيْ عَبْدُ عَلِيٍّ وَقَوْلُهُ أَوْ الْحُسَيْنُ: أَيْ أَوْ عَبْدُ الْحُسَيْنِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ عَبْدُ النَّبِيِّ) أَيْ أَوْ عَبْدُ الرَّسُولِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ جَوَازُهُ) أَيْ عَبْدِ النَّبِيِّ مَعَ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: لِإِيهَامِهِ الْمَحْذُورَ) أَيْ التَّشْرِيكَ (قَوْلُهُ: وَحُرْمَةُ قَوْلِ بَعْضِ الْعَوَامّ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْمَعْنَى الْمُسْتَحِيلَ عَلَى اللَّهِ لِإِيهَامِهِ إيَّاهُ (قَوْلُهُ: حَتَّى سَمَّوْا السَّفَلَةَ بِفُلَانٍ) أَيْ فَيُكْرَهُ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً بِنَحْوِ سِتِّ النَّاسِ أَوْ الْعَرَبِ) أَيْ بَلْ وَيَنْبَغِي الْكَرَاهَةُ بِنَحْوِ عَرَبٍ وَنَاسٍ وَقُضَاةٍ وَعُلَمَاءَ بِدُونِ سِتٍّ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ التَّكَنِّي بِأَبِي الْقَاسِمِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ اسْمُهُ مُحَمَّدًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ أَقْبَحِ الْكَذِبِ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يُحَرَّمْ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيُّ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ لَطْخُهُ) أَيْ الرَّأْسِ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ الْقَزَعُ) وَمِنْهُ الشُّوشَةُ (قَوْلُهُ وَيُنْدَبُ لَطْخُهُ بِالْخَلُوقِ) هُوَ بِالْفَتْحِ ضَرْبٌ مِنْ الطِّيبِ (قَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَدْهُنَ) أَيْ يَدْهُنُ الشَّعْرَ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَزْيِينِهِ بِالدُّهْنِ (قَوْلُهُ: وَيَكْتَحِلُ لِكُلِّ عَيْنٍ ثَلَاثَةً) أَيْ مُتَوَالِيَةً (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ الْعَكْسُ) أَيْ نَتْفُ الْعَانَةِ وَحَلْقُ الْإِبْطِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَغْسِلَ الْبَرَاجِمَ) اسْمٌ لِعُقَدِ الْأَصَابِعِ، وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: الْبُرْجُمَةُ بِالضَّمِّ وَاحِدَةُ الْبَرَاجِمِ، وَهِيَ مَفَاصِلُ الْأَصَابِعِ الَّتِي بَيْنَ الْأَشَاجِعِ وَالرَّوَاجِبِ، وَهِيَ رُءُوسُ السَّلَامِيَّاتِ مِنْ ظُهُورِ الْكَفِّ إذَا قَبَضَ الْقَابِضُ كِفَّةُ نَشَزَتْ وَارْتَفَعَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ عَلَى مَنْ أَرَادَهُ) هَلْ هُوَ شَامِلٌ لِمَنْ أَرَادَهُ بَعْدَ السَّابِعِ (قَوْلُهُ لِلتَّرْتِيبِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ لِلتَّنْوِيعِ: ثُمَّ رَأَيْته فِي نُسْخَةٍ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: الْإِحْفَاءُ) هُوَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ: أَيْ حَفُّ الشَّارِبِ مِنْ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ: الْبَرَاجِمَ) جَمْعُ بُرْجُمَةٍ بِضَمِّ

وَيَحْرُمُ بِالسَّوَادِ إلَّا لِجِهَادٍ، وَخِضَابُ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ بِالْحِنَّاءِ لِلرَّجُلِ وَالْخُنْثَى حَرَامٌ بِلَا عُذْرٍ، وَيُنْدَبُ فَرْقُ الشَّعْرِ وَتَرْجِيلُهُ وَتَسْرِيحُ اللِّحْيَةِ، وَيُكْرَهُ نَتْفُهَا وَحَلْقُهَا وَنَتْفُ الشَّيْبِ وَاسْتِعْجَالُهُ بِالْكِبْرِيتِ وَنَتْفُ جَانِبَيْ الْعَنْفَقَةِ وَتَصْفِيفُهَا طَاقَةً فَوْقَ طَاقَةٍ وَالنَّظَرُ فِي سَوَادِهَا وَبَيَاضِهَا إعْجَابًا وَالزِّيَادَةُ فِي الْعِذَارَيْنِ وَالنَّقْصُ مِنْهُمَا وَلَا بَأْسَ بِتَرْكِ سِبَالَيْهِ، وَيُنْدَبُ لِوَلَدِهِ وَقِنِّهِ وَتِلْمِيذِهِ أَنْ لَا يُسَمِّيَهُ بِاسْمِهِ، وَأَنْ يُكَنِّيَ أَهْلَ الْفَضْلِ الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَلَدٌ، وَلَا يُكَنَّى كَافِرٌ وَفَاسِقٌ وَمُبْتَدِعٌ إلَّا لِخَوْفِ فِتْنَةٍ أَوْ تَعْرِيفٍ وَلَا بَأْسَ بِكُنْيَةِ الصَّغِيرِ، وَيُنْدَبُ تَكْنِيَةُ مَنْ لَهُ أَوْلَادُ بِأَكْبَرِ أَوْلَادِهِ، وَالْأَدَبُ أَنْ لَا يُكَنِّيَ نَفْسَهُ فِي كِتَابٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَّا إنْ كَانَتْ أَشْهَرَ مِنْ الِاسْمِ أَوْ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِهَا، وَيَحْرُمُ تَكْنِيَتُهُ بِمَا يَكْرَهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ (وَ) يُسَنُّ أَنْ (يُؤَذِّنَ فِي أُذُنِهِ الْيُمْنَى) وَيُقِيمَ فِي الْيُسْرَى (حِينَ يُولَدُ) لِخَبَرِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَذَّنَ فِي أُذُنِ الْحُسَيْنِ حِينَ وُلِدَ» وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الشَّيْطَانَ يَنْخُسُهُ حِينَئِذٍ فَشُرِعَ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ لِأَنَّهُ يُدْبِرُ عِنْدَ سَمَاعِهِمَا. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ خَبَرَ «مَنْ وُلِدَ لَهُ مَوْلُودٌ فَأَذَّنَ فِي أُذُنِهِ الْيُمْنَى وَأَقَامَ فِي أُذُنِهِ الْيُسْرَى لَمْ تَضُرَّهُ أُمُّ الصِّبْيَانِ» وَهِيَ التَّابِعَةُ مِنْ الْجِنِّ، وَقِيلَ مَرَضٌ يَلْحَقُهُمْ فِي الصِّغَرِ، وَيُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي أُذُنِهِ الْيُمْنَى كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [آل عمران: 36] عَلَى إرَادَةِ النَّسَمَةِ وَإِنْ كَانَ ذَكَرًا وَيَزِيدُ فِي الذَّكَرِ التَّسْمِيَةَ وَوَرَدَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَ فِي أُذُنِ مَوْلُودٍ الْإِخْلَاصَ» فَيُسَنُّ ذَلِكَ أَيْضًا (وَ) أَنْ (يُحَنَّكَ بِتَمْرٍ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى بِأَنْ يَمْضُغَهُ وَيُدَلِّكَ بِهِ حَنَكَهُ حَتَّى يَصِلَ بَعْضُهُ إلَى جَوْفِهِ فَإِنْ فُقِدَ تَمْرٌ فَحُلْوٌ لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ، وَالْأَوْجَهُ تَقْدِيمُ الرُّطَبِ عَلَى التَّمْرِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ، وَيَنْبَغِي كَوْنُ الْمُحَنِّكِ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ لِيَحْصُلَ لِلْمَوْلُودِ بَرَكَةُ مُخَالَطَةِ رِيقِهِ لِجَوْفِهِ، وَيُنْدَبُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ بِالسَّوَادِ) أَيْ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ كَمَا شَمَلَهُ إطْلَاقُهُ وَقَوْلُهُ إلَّا لِجِهَادٍ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُلِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: حَرَامٌ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ فَرْقُ الشَّعْرِ) أَيْ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَتَسْرِيحُ اللِّحْيَةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ التَّرْجِيلَ غَيْرُ التَّسْرِيحِ وَأَنَّهُ يَكُونُ فِي الرَّأْسِ وَالتَّسْرِيحُ فِي اللِّحْيَةِ، وَعَلَيْهِ فَالتَّرْجِيلُ التَّجْعِيدُ وَإِرْسَالُ الشَّعْرِ. قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: قُلْت: تَرْجِيلُ الشَّعْرِ تَجْعِيدُهُ، وَتَرْجِيلُهُ أَيْضًا إرْسَالُهُ بِمُشْطٍ (قَوْلُهُ وَنَتْفُ جَانِبَيْ الْعَنْفَقَةِ) وَمِنْهُ إزَالَةُ ذَلِكَ بِنَحْوِ الْقَصِّ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يُسَمِّيَهُ بِاسْمِهِ) أَيْ وَلَوْ فِي مَكْتُوبٍ كَأَنْ يَقُولَ الْعَبْدُ يَا سَيِّدِي وَالْوَلَدُ يَا وَالِدِي أَوْ يَا أَبِي وَالتِّلْمِيذُ يَا أُسْتَاذَنَا أَوْ يَا شَيْخَنَا (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُكَنِّيَ أَهْلَ الْفَضْلِ) أَيْ وَالْمُكَنَّى لَهُ الْأَبُ وَالْجَدُّ (قَوْلُهُ: وَلَا يُكَنَّى كَافِرٌ) أَيْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَا بَأْسَ بِكُنْيَةِ الصَّغِيرِ) أَيْ وَلَوْ أُنْثَى (قَوْلُهُ: بِأَكْبَرِ أَوْلَادِهِ) أَيْ وَلَوْ أُنْثَى (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ فِيهِ) أَيْ إلَّا إذَا لَمْ يُعْرَفْ إلَّا بِهِ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ أَنْ يُؤَذِّنَ) أَيْ وَلَوْ مِنْ امْرَأَةٍ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ الْأَذَانَ الَّذِي هُوَ مِنْ وَظِيفَةِ الرِّجَالِ، بَلْ الْمَقْصُودُ بِهِ مُجَرَّدُ الذِّكْرِ لِلتَّبَرُّكِ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ فِعْلُ الْأَذَانِ وَإِنْ كَانَ الْمَوْلُودُ كَافِرًا وَهُوَ قَرِيبٌ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّ أَوَّلَ مَا يَقْرَعُ سَمْعَهُ ذِكْرُ اللَّهِ وَدَفْعُ الشَّيْطَانِ عَنْهُ، وَرُبَّمَا يَكُونُ دَفْعُهُ عَنْهُ مُؤَدِّيًا لِبَقَائِهِ عَلَى الْفِطْرَةِ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا لِهِدَايَتِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ (قَوْلُهُ: فَيُسَنُّ ذَلِكَ) أَيْ وَيَكُونُ فِي الْيَمِينِ كَمَا فِي الذِّكْرِ السَّابِقِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُوَحَّدَةِ وَبِالْجِيمِ وَهِيَ عُقَدُ الْأَصَابِعِ وَمَفَاصِلُهَا أَيْ غَسْلُهَا وَلَوْ فِي غَيْرِ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ وَتَصْفِيفُهَا) يَعْنِي اللِّحْيَةَ (قَوْلُهُ: وَالزِّيَادَةُ فِي الْعِذَارَيْنِ) أَيْ مِنْ الصُّدْغَيْنِ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يُسَمِّيَهُ بِاسْمِهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَقْرُونًا بِمَا يَدُلُّ عَلَى التَّعْظِيمِ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ تَكْنِيَتُهُ بِمَا يُكْرَهُ) لَعَلَّ مَحَلَّهُ إذَا عُرِفَ بِغَيْرِهَا بِقَرِينَةِ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ ذَكَرًا) يَنْبَغِي حَذْفُ الْوَاوِ (قَوْلُهُ: وَيَزِيدُ فِي الذَّكَرِ التَّسْمِيَةُ) كَذَا فِي النُّسَخِ يَزِيدُ بِالزَّايِ وَالتَّسْمِيَةُ بِمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ قَبْلَ السِّينِ وَبِمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ بَعْدَ الْمِيمِ وَهُوَ تَحْرِيفٌ وَالصَّوَابُ يُرِيدُ بِالرَّاءِ بَدَلَ الزَّايِ مِنْ الْإِرَادَةِ وَالنَّسَمَةُ بِنُونٍ ثُمَّ سِينٍ ثُمَّ مِيمٍ ثُمَّ تَاءِ التَّأْنِيثِ كَمَا هِيَ عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ، عَلَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ قَبْلَهُ عَلَى إرَادَةِ النَّسَمَةِ.

[كتاب بيان ما يحل ويحرم من الأطعمة]

تَهْنِئَةُ الْوَالِدِ وَنَحْوِهِ عِنْدَ الْوِلَادَةِ يُبَارِكُ اللَّهُ لَك فِي الْوَلَدِ الْمَوْهُوبِ وَشَكَرْتَ الْوَاهِبَ وَبَلَغَ أَشُدَّهُ وَرُزِقْتَ بِرَّهُ، وَيُنْدَبُ الرَّدُّ عَلَيْهِ بِنَحْوِ جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا، وَالْأَوْجَهُ امْتِدَادُ ذَلِكَ مِنْهَا ثَلَاثًا بَعْدَ الْعِلْمِ أَوْ الْقُدُومِ مِنْ السَّفَرِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي التَّعْزِيَةِ. كِتَابُ بَيَانِ مَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ وَهِيَ جَمْعُ طَعَامٍ وَمَعْرِفَتُهُمَا مِنْ آكَدِ مُهِمَّاتِ الدِّينِ لِأَنَّ مَعْرِفَةَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ فَرْضُ عَيْنٍ، فَقَدْ وَرَدَ الْوَعِيدُ الشَّدِيدُ عَلَى أَكْلِ الْحَرَامِ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَيُّ لَحْمٍ نَبَتَ مِنْ حَرَامٍ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ» وَالْأَصْلُ فِيهَا قَوْله تَعَالَى {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157] وَقَوْلُهُ {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [المائدة: 4] أَيْ مَا تَسْتَطِيبُهُ النَّفْسُ وَتَشْتَهِيهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ الْحَلَالُ لِأَنَّهُمْ سَأَلُوهُ عَمَّا يَحِلُّ لَهُمْ فَكَيْفَ يَقُولُ أُحِلَّ لَكُمْ الْحَلَالُ (حَيَوَانُ الْبَحْرِ) وَهُوَ مَا لَا يَعِيشُ إلَّا فِيهِ، وَإِذَا خَرَجَ مِنْهُ صَارَ عَيْشُهُ عَيْشَ مَذْبُوحٍ أَوْ حَيٍّ لَكِنَّهُ لَا يَدُومُ (السَّمَكُ مِنْهُ حَلَالٌ كَيْفَ مَاتَ) بِسَبَبٍ أَمْ غَيْرِهِ طَافِيًا أَمْ رَاسِبًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} [المائدة: 96] أَيْ مَصِيدُهُ وَمَطْعُومُهُ، وَفَسَّرَ جُمْهُورُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ طَعَامَهُ بِمَا طَفَا عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ، وَصَحَّ خَبَرُ «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» نَعَمْ إنْ انْتَفَخَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فِي الْوَلَدِ) أَيْ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (قَوْلُهُ: وَرُزِقْت بِرَّهُ) وَيَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ بِالدُّعَاءِ بِغَيْرِ ذَلِكَ لِلْوَالِدِ أَوْ الْوَلَدِ. كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ (قَوْلُهُ: مَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَإِطْعَامِ الْمُضْطَرِّ (قَوْلُهُ: وَهِيَ جَمْعُ طَعَامٍ) أَيْ بِمَعْنَى مَطْعُومٍ (قَوْلُهُ: وَمَعْرِفَتُهُمَا) أَيْ مَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ (قَوْلُهُ مَا تَسْتَطِيبُهُ النَّفْسُ وَتَشْتَهِيهِ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَرِدْ نَصٌّ بِمَنْعِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ مَا يَرُدُّ عَلَى تَفْسِيرِ الطَّيِّبِ بِقَوْلِهِ أَيْ مَا تَسْتَطِيبُهُ بِأَنَّ التَّفْسِيرَ بِمَا ذُكِرَ يُنَافِي مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ فِي الْقُرْآنِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّيِّبِ الْحَلَالُ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَحَلَّ حَمْلِ الطَّيِّبِ عَلَى الْحَلَالِ مَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ مَانِعٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا لَا يَعِيشُ إلَّا فِيهِ) تَفْسِيرُهُ بِمَا ذُكِرَ يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ وَمَا يَعِيشُ دَائِمًا فِي بَرٍّ وَبَحْرٍ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ أَوْ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ بِقَرِينَةِ ذِكْرِهِ قَبْلَ حَيَوَانِ الْبَرِّ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنْ يُقَدَّرَ هُنَا مِنْهُ مَا لَا يَعِيشُ إلَخْ، وَهُوَ قِسْمَانِ سَمَكٌ وَغَيْرُهُ وَمِنْهُ مَا يَعِيشُ فِي بَرٍّ وَبَحْرٍ وَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ صَارَ عَيْشُهُ عَيْشَ مَذْبُوحٍ) أَيْ أَمَّا الْحَيَوَانُ الَّذِي نَشَأَ فِي الْبَحْرِ وَلَكِنَّهُ يَعِيشُ فِيهِ وَفِي الْبَرِّ، فَإِنْ كَانَ لَهُ نَظِيرٌ فِي الْبَرِّ يُؤْكَلُ حَلَّ إذَا ذُبِحَ كَنَظِيرِهِ وَإِلَّا حُرِّمَ كَالضِّفْدَعِ وَنَحْوِهِ. قِيلَ: وَمِنْ الْأَوَّلِ الْحَيَوَانُ الْمُسَمَّى عِنْدَهُمْ بِفَرَسِ الْبَحْرِ فَإِنَّ لَهُ نَظِيرًا فِي الْبَرِّ مِنْ الْمَأْكُولَاتِ وَهُوَ يَعِيشُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، فَإِنْ ذُبِحَ حَلَّ وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: أَوْ حَيٌّ) عَطْفٌ عَلَى مَذْبُوحٍ، وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ أَوْ حَيٌّ حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً وَإِلَّا فَمَا حَرَكَتُهُ حَرَكَةَ مَذْبُوحٍ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ حَيٌّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ بَيَانِ مَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ] كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ حَيٍّ لَكِنَّهُ لَا يَدُومُ) هَذَا يُفِيدُ بِقَرِينَةِ مَا قَبْلَهُ أَنَّهُ لَا تَضِيرُ هُنَا الْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ، وَسَيَأْتِي مُحْتَرَزُهُ فِي قَوْلِهِ

الطَّافِي وَأَضَرَّ حَرُمَ، وَيَحِلُّ أَكْلُ الصَّغِيرِ وَيُتَسَامَحُ بِمَا فِي جَوْفِهِ وَلَا يَتَنَجَّسُ بِهِ الدُّهْنُ وَيَحِلُّ شَيُّهُ وَقَلْيُهُ وَبَلْعُهُ وَلَوْ حَيًّا، وَلَوْ وَجَدْنَا سَمَكَةً فِي جَوْفِ أُخْرَى وَلَمْ تَتَقَطَّعْ وَتَتَغَيَّرْ حَلَّتْ وَإِلَّا فَلَا (وَكَذَا) يَحِلُّ كَيْفَ مَاتَ (غَيْرُهُ فِي الْأَصَحِّ) مِمَّا لَمْ يَكُنْ عَلَى صُورَةِ السَّمَكِ الْمَشْهُورِ فَلَا يُنَافِي تَصْحِيحَ الرَّوْضَةِ أَنَّ جَمِيعَ مَا فِيهِ يُسَمَّى سَمَكًا، وَمِنْهُ الْقِرْشُ وَهُوَ اللَّخَمُ بِفَتْحِ اللَّامِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَلَا نَظَرَ إلَّا تَقَوِّيهِ بِنَابِهِ لِأَنَّهُ ضَعِيفٌ وَلَا بَقَاءَ لَهُ فِي غَيْرِ الْبَحْرِ، بِخِلَافِ التِّمْسَاحِ لِقُوَّتِهِ وَحَيَاتِهِ فِي الْبَرِّ (وَقِيلَ لَا) يَحِلُّ غَيْرُ السَّمَكِ لِتَخْصِيصِ الْحِلِّ بِهِ فِي خَبَرِ «أُحِلَّ لَنَا مَيْتَتَانِ السَّمَكُ وَالْجَرَادُ» وَرُدَّ بِمَا مَرَّ مِنْ تَسْمِيَةِ كُلِّ مَا فِيهِ سَمَكًا (وَقِيلَ إنْ أُكِلَ مِثْلُهُ فِي الْبَرِّ) كَالْغَنَمِ (حَلَّ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُؤْكَلْ مِثْلُهُ فِيهِ (فَلَا) يَحِلُّ (كَكَلْبٍ وَحِمَارٍ) لِتَنَاوُلِ الِاسْمِ لَهُ أَيْضًا (وَمَا يَعِيشُ) دَائِمًا (فِي بَرٍّ وَبَحْرٍ كَضِفْدَعٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَفَتْحِهِ وَضَمِّهِ مَعَ كَسْرِ ثَالِثِهِ وَفَتْحِهِ فِي الْأَوَّلِ وَكَسْرِهِ فِي الثَّانِي وَفَتْحِهِ فِي الثَّالِثِ (وَسَرَطَانٍ) وَيُسَمَّى عَقْرَبَ الْمَاءِ وَنَسْنَاسٍ (وَحَيَّةٍ) وَسَائِرِ ذَوَاتِ السُّمُومِ وَسُلَحْفَاةٍ وَتِرْسَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ قِيلَ هِيَ السُّلَحْفَاةُ، وَقِيلَ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَرْعٌ اسْتِطْرَادِيٌّ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ بِئْرٍ تَغَيَّرَ مَاؤُهَا وَلَمْ يُعْلَمْ لِتَغَيُّرِهِ سَبَبٌ، ثُمًّ فَتَّشَ فِيهَا فَوَجَدَ فِيهَا سَمَكَةً مَيِّتَةً فَأُحِيلَ التَّغَيُّرُ عَلَيْهِ فَهَلْ الْمَاءُ طَاهِرٌ أَوْ مُتَنَجِّسٌ؟ وَالْجَوَابُ أَنَّ الظَّاهِرَ بَلْ الْمُتَعَيَّنَ الطَّهَارَةُ لِأَنَّ مَيْتَةَ السَّمَكِ طَاهِرَةٌ وَالْمُتَغَيِّرُ بِالطَّاهِرِ لَا يَتَنَجَّسُ، ثُمَّ إنْ لَمْ يَنْفَصِلْ مِنْهَا أَجْزَاءٌ تُخَالِطُ الْمَاءَ وَتُغَيِّرُهُ فَهُوَ طَهُورٌ لِأَنَّ تَغَيُّرَهُ بِمُجَاوِرٍ وَإِلَّا فَهُوَ غَيْرُ طَهُورٍ إنْ كَثُرَ التَّغَيُّرُ بِحَيْثُ يَمْنَعُ إطْلَاقَ اسْمِ الْمَاءِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: حُرِّمَ) أَيْ تَنَاوُلُهُ مِنْ حَيْثُ الضَّرَرِ وَهُوَ بَاقٍ عَلَى طَهَارَتِهِ (قَوْلُهُ: وَيَحِلُّ أَكْلُ الصَّغِيرِ) وَكَذَا الْكَبِيرِ إنْ لَمْ يَضُرَّ: أَمَّا قَلْيُ الْكَبِيرِ وَشَيُّهُ قَالَ م ر: فَمُقْتَضَى تَقْيِيدِهِمْ حَلَّ ذَلِكَ بِالصَّغِيرِ حُرْمَتُهُ، وَأَقَرَّهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّغِيرِ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ عُرْفًا أَنَّهُ صَغِيرٌ فَيَدْخُلُ فِيهِ كِبَارُ الْبِيسَارِيَةِ الْمَعْرُوفَةِ بِمِصْرَ وَإِنْ كَانَ قَدْرَ أُصْبُعَيْنِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَنَجَّسُ بِهِ الدُّهْنُ) أَيْ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى طَهَارَتِهِ وَلَيْسَ الدُّهْنُ بِنَجَسٍ مَعْفُوٍّ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَيَحِلُّ شَيُّهُ وَقَلْيُهُ) قَالَ صَاحِبُ الْعُبَابِ: يَحْرُمُ قَلْيُ الْجَرَادِ. وَصَرَّحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ بِجَوَازِ ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى السَّمَكِ اهـ. وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْجَوَازِ لِأَنَّ حَيَاتَهُ مُسْتَقِرَّةٌ بِخِلَافِ السَّمَكِ فَإِنَّ عَيْشَهُ عَيْشُ مَذْبُوحٍ فَالْتَحَقَ بِالْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: كَالْغَنَمِ) أَيْ مَا هُوَ عَلَى صُورَتِهِ لَكِنَّهُ إذَا خَرَجَ تَكُونُ بِهِ حَيَاةٌ مُسْتَمِرَّةٌ (قَوْلُهُ: وَسَرَطَانٍ) . [فَائِدَةٌ] ذَكَرَ ابْنُ مُطَرِّفٍ أَنَّ السَّرَطَانَ يَتَوَلَّدُ مِنْ اللَّحْمِ الَّذِي فِي الدَّنِيلَسِ اهـ عَمِيرَةُ. وَلَيْسَ مِنْ السَّرَطَانِ الْمَذْكُورِ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ، وَهُوَ أَنَّ بِبِلَادِ الصِّينِ نَوْعًا مِنْ حَيَوَانَاتِ الْبَحْرِ يُسَمُّونَهُ سَرَطَانًا، وَشَأْنُهُ أَنَّهُ مَتَى خَرَجَ مِنْ الْبَحْرِ انْقَلَبَ حَجَرًا وَجَرَتْ عَادَتُهُمْ بِاسْتِعْمَالِهِ فِي الْأَدْوِيَةِ، بَلْ هُوَ مِمَّا يُسَمَّى سَمَكًا لِانْطِبَاقِ تَعْرِيفِ السَّمَكِ السَّابِقِ عَلَيْهِ فَهُوَ طَاهِرٌ يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي الْأَدْوِيَةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَنَسْنَاسٍ) بِفَتْحِ الْأَوَّلِ قِيلَ هُوَ ضَرْبٌ مِنْ حَيَوَانَاتِ الْبَحْرِ، وَقِيلَ جِنْسٌ مِنْ الْخَلْقِ يَثْبُتُ أَحَدُهُمْ عَلَى رِجْلٍ وَاحِدَةٍ انْتَهَى مِصْبَاحٌ. وَضَبَطَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِكَسْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQدَائِمًا عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَا يَعِيشُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَيًّا) شَمَلَ الْحَيَاةَ الْمُسْتَقِرَّةَ عَلَى مَا مَرَّ وَفِيهِ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: مِمَّا لَمْ يَكُنْ عَلَى صُورَةِ السَّمَكِ الْمَشْهُورِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ مِمَّا يَشْتَهِرُ بِاسْمِ السَّمَكِ وَإِنْ كَانَ عَلَى صُورَتِهِ حَتَّى يَتَأَتَّى قَوْلُهُ بَعْدُ وَمِنْهُ الْقِرْشُ وَإِلَّا فَهُوَ عَلَى صُورَةِ السَّمَكِ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ ضَعِيفٌ) لَعَلَّ الضَّمِيرَ لِلْقِرْشِ نَفْسِهِ، وَيَكُونُ مَعْنَى ضَعْفِهِ عَدَمُ عَيْشِهِ فِي الْبَرِّ فَيَكُونُ قَوْلُهُ وَلَا بَقَاءَ لَهُ إلَخْ عَطْفَ تَفْسِيرٍ أَوْ مِنْ عَطْفِ الْعِلَّةِ عَلَى الْمَعْلُولِ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ بِضَعْفِ نَابِ الْقِرْشِ مُخَالِفٌ لِلْمُشَاهَدِ، وَيَدُلُّ لِمَا ذَكَرْنَاهُ قَوْلُهُ فِي التِّمْسَاحِ الْآتِي لِقُوَّتِهِ فِي حَيَاتِهِ فِي الْبَرِّ. (قَوْلُهُ: وَحَيَّةٍ) أَيْ مِنْ حَيَّاتِ الْمَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَسُلَحْفَاةٍ) أَيْ بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِ اللَّامِ

اللَّجَاةُ هِيَ السُّلَحْفَاةُ (حَرَامٌ) لِاسْتِخْبَاثِهِ وَضَرَرِهِ مَعَ صِحَّةِ النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ الضِّفْدَعِ اللَّازِمِ مِنْهُ حُرْمَتُهُ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إنَّ الصَّحِيحَ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ جَمِيعَ مَا فِي الْبَحْرِ تَحِلُّ مَيْتَتُهُ إلَّا الضِّفْدَعُ، وَمَا فِيهِ سُمٌّ وَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ أَوْ بَعْضُهُمْ مِنْ تَحْرِيمِ السُّلَحْفَاةِ وَالْحَيَّةِ وَالنَّسْنَاسِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا فِي غَيْرِ الْبَحْرِ اهـ. وَأَمَّا الدَّنِيلَسُ فَالْمُعْتَمَدُ حِلُّهُ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الدَّمِيرِيِّ، وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ عَدْلَانِ وَأَئِمَّةُ عَصْرِهِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَحَيَوَانُ الْبَرِّ يَحِلُّ مِنْهُ الْأَنْعَامُ) بِالْإِجْمَاعِ وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ (وَالْخَيْلُ) عَرَبِيَّةً أَوْ غَيْرَهَا لِصِحَّةِ الْأَخْبَارِ بِحِلِّهَا، وَخَبَرُ النَّهْيِ عَنْ لُحُومِهَا مُنْكَرٌ، وَبِفَرْضِ صِحَّتِهِ يَكُونُ مَنْسُوخًا بِإِحْلَالِهَا يَوْمَ خَيْبَرَ، وَلَا دَلَالَةَ فِي قَوْلِهِ {لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل: 8] عَلَى تَحْرِيمِهَا عَلَى أَنَّ الْآيَةَ مَكِّيَّةٌ بِالِاتِّفَاقِ، وَالْحُمُرُ لَمْ تُحَرَّمْ إلَّا يَوْمَ خَيْبَرَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُفْهَمْ مِنْ الْآيَةِ تَحْرِيمُ الْحُمُرِ فَكَذَا الْخَيْلُ، وَالْمُرَادُ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ، وَيَأْتِي الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى (وَبَقَرُ وَحْشٍ وَحِمَارُهُ) وَإِنْ تَأَنَّسَا لِأَنَّهُمَا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكَلَ مِنْ الثَّانِي وَأَمَرَ بِهِ وَقِيسَ بِهِ الْأَوَّلُ (وَظَبْيٌ) بِالْإِجْمَاعِ (وَضَبُعٌ) بِضَمِّ الْبَاءِ أَكْثَرُ مِنْ إسْكَانِهَا، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " الضَّبُعُ صَيْدٌ، فَإِذَا صَادَهُ الْمُحْرِمُ فَفِيهِ جَزَاءُ كَبْشٍ مُسِنٍّ وَيُؤْكَلُ " وَلِأَنَّ نَابَهُ ضَعِيفٌ لَا يَتَقَوَّى بِهِ وَخَبَرُ النَّهْيِ عَنْهُ لَمْ يَصِحَّ وَبِفَرْضِ صِحَّتِهِ فَهُوَ لِلتَّنْزِيهِ، وَمِنْ عَجِيبِ أَمْرِهِ أَنَّهُ سَنَةً ذَكَرٌ وَسَنَةً أُنْثَى وَيَحِيضُ (وَضَبٌّ) وَهُوَ حَيَوَانٌ لِلذَّكَرِ مِنْهُ ذَكَرَانِ وَلِلْأُنْثَى فَرْجَانِ، وَلَا تَسْقُطُ أَسْنَانُهُ حَتَّى يَمُوتَ لِأَنَّهُ أُكِلَ بِحَضْرَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيَّنَ حِلَّهُ وَإِنَّ تَرْكَهُ لَهُ لِعَدَمِ إلْفِهِ (وَأَرْنَبٌ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكَلَ مِنْهُ وَهُوَ قَصِيرُ الْيَدَيْنِ طَوِيلُ الرِّجْلَيْنِ عَكْسُ الزَّرَافَةِ يَطَأُ الْأَرْضَ بِمُؤَخِّرِ قَدَمَيْهِ (وَثَعْلَبٌ) بِمُثَلَّثَةِ أَوَّلِهِ، وَيُسَمَّى أَبَا الْحُصَيْنِ لِأَنَّهُ مِنْ الطَّيِّبَاتِ، وَالْخَبَرَانِ فِي تَحْرِيمِهِ ضَعِيفَانِ (وَيَرْبُوعٌ) وَهُوَ حَيَوَانٌ قَصِيرُ الْيَدَيْنِ طَوِيلُ الرِّجْلَيْنِ لَوْنُهُ كَلَوْنِ الْغَزَالِ لِأَنَّهُ طَيِّبٌ أَيْضًا وَنَابُهُمَا ضَعِيفٌ، وَمِثْلُهُمَا وَبْرٌ وَأُمُّ حُبَيْنٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSالنُّونِ (قَوْلُهُ: حَرَامٌ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نَظِيرٌ فِي الْبَرِّ مَأْكُولٌ وَإِلَّا فَيَحِلُّ إنْ ذُبِحَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ مَعَ صِحَّةِ النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ الضِّفْدَعِ) أَيْ كَبِيرًا كَانَ أَوْ صَغِيرًا (قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى مَا فِي غَيْرِ الْبَحْرِ) أَيْ فَالْحَيَّةُ وَالنَّسْنَاسُ وَالسُّلَحْفَاةُ الْبَحْرِيَّةُ حَلَالٌ، وَعَلَى أَنَّ السُّلَحْفَاةَ هِيَ التِّرْسَةُ الَّذِي قَدَّمَهُ تَكُونُ التِّرْسَةُ الْمَعْرُوفَةُ الْآنَ حَلَالًا عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ وَإِنْ كَانَتْ تَعِيشُ فِي الْبَرِّ فَاحْفَظْهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الدَّنِيلَسُ فَالْمُعْتَمَدُ حِلُّهُ) أَيْ وَيَلْزَمُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ الْمُطَرِّفِ فِي السَّرَطَانِ أَنَّهُ مُتَوَلِّدٌ مِنْ الدَّنِيلَسِ أَنَّهُ حَلَالٌ لِأَنَّ الْحَيَوَانَ الْمُتَوَلِّدَ مِنْ الطَّاهِرِ طَاهِرٌ، وَتَقَدَّمَ التَّصْرِيحُ بِحُرْمَةِ السَّرَطَانِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَجْهُ ذَلِكَ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُطَرِّفِ مَمْنُوعٌ، وَفِي تَصْرِيحِهِمْ بِحِلِّ الدَّنِيلَسِ وَحُرْمَةِ السَّرَطَانِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَصْلٌ مُسْتَقِلٌّ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا مُتَوَلِّدًا مِنْ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: وَحِمَارِهِ وَإِنْ تَأَنَّسَا) أَخْذُ الْحِمَارِ غَايَةً ظَاهِرٌ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ إذَا تَأَنَّسَ صَارَ أَهْلِيًّا فَيَحْرُمُ كَسَائِرِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، وَأَمَّا أَخْذُهُ غَايَةً فِي الْبَقَرِ فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ وَجْهٌ لِأَنَّ الْأَهْلِيَّ مِنْ الْبَقَرِ حَلَالٌ عِرَابًا كَانَ أَوْ جَوَامِيسَ (قَوْلُهُ: عَكْسُ الزَّرَافَةِ) بِفَتْحِ الزَّايِ وَضَمِّهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ وَهِيَ غَيْرُ مَأْكُولَةٍ، قِيلَ لِأَنَّ النَّاقَةَ الْوَحْشِيَّةَ إذَا وَرَدَتْ الْمَاءَ طَرَقَهَا أَنْوَاعٌ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ بَعْضُهَا مَأْكُولٌ فَيَتَوَلَّدُ مِنْ ذَلِكَ هَذَا الْحَيَوَانُ، وَمَنْ اشْتَمَلَ عَلَى أَشْيَاءَ لِحَيَوَانَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ فَكَانَ مُتَوَلِّدًا بَيْنَ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ فَحَرُمَ تَبَعًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَذَا فِي الرَّوْضَةِ) الْإِشَارَةُ لِمَا فِي الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: وَيُؤْكَلُ) هُوَ مِنْ تَمَامِ الْحَدِيثِ، وَلَعَلَّهُ فَائِدَةٌ مُجَرَّدَةٌ بَيَّنَ بِهَا حُكْمَهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَإِلَّا فَصَيْدُ الْمُحْرِمِ حَرَامٌ إلَّا إنْ صَادَهُ حَيًّا وَذُبِحَ، أَوْ أَنَّ هَذَا هُوَ صُورَةُ مَا فِي الْحَدِيثِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُمَا وَبْرٌ) هُوَ بِإِسْكَانِ الْمُوَحَّدَةِ دُوَيْبَّةٌ أَصْغَرُ مِنْ الْهِرِّ كَحْلَاءُ الْعَيْنِ لَا ذَنَبَ لَهَا.

بِمُهْمَلَةٍ مَضْمُومَةٍ فَمُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَةٍ فَتَحْتِيَّةٌ تُشْبِهُ الضَّبَّ وَهِيَ أُنْثَى الْحَرَابِيّ وَقُنْفُذٌ (وَفَنَكٌ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالنُّونِ وَهُوَ دُوَيْبَّةٌ يُؤْخَذُ مِنْ جِلْدِهَا الْفَرْوُ لِلِينِهَا وَخِفَّتِهَا، وَسِنْجَابٌ وَقَاقِمٌ وَحَوْصَلٌ (وَسَمُّورٌ) بِفَتْحِ السِّينِ وَضَمِّ الْمِيمِ الْمُشَدَّدَةِ أَعْجَمِيٌّ مُعَرَّبٌ وَهُوَ حَيَوَانٌ يُشْبِهُ السِّنَّوْرَ لِأَنَّ الْعَرَبَ تَسْتَطِيبُهُ وَمَا قَبْلَهُ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْأُنْثَى وَالذَّكَرُ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ طَيْرٌ أَوْ نَبْتٌ أَوْ مِنْ الْجِنِّ فَقَدْ غَلِطَ، وَيَحِلُّ دُلْدُلٌ وَابْنُ عُرْسٍ (وَيَحْرُمُ) وَشْقٌ وَ (بَغْلٌ) لِنَهْيِهِ عَنْهُ كَالْحِمَارِ يَوْمَ خَيْبَرَ وَلِتَوَلُّدِهِ بَيْنَ حَلَالٍ وَحَرَامٍ فَيُغَلَّبُ الْحَرَامُ سَوَاءٌ كَانَ الْحَرَامُ ذَكَرًا أَمْ أُنْثَى، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي كُلِّ مُتَوَلِّدٍ بَيْنَ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ، وَمِنْهُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ الزَّرَافَةُ، فَلَوْ تَوَلَّدَ بَيْنَ فَرَسٍ وَحِمَارٍ وَحْشِيٍّ مَثَلًا حَلَّ بِالِاتِّفَاقِ (وَحِمَارٌ أَهْلِيٍّ) لِمَا ذُكِرَ (وَكُلُّ ذِي نَابٍ) قَوِيٍّ يَعْدُو بِهِ (مِنْ السِّبَاعِ وَمِخْلَبٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ: أَيْ ظُفُرٍ (مِنْ الطَّيْرِ) لِلنَّهْيِ عَنْهُمَا فَالْأَوَّلُ (كَأَسَدٍ) وَفَهْدٍ (وَنَمِرٍ وَذِئْبٍ وَدُبٍّ وَفِيلٍ وَقِرْدٍ وَ) الثَّانِي نَحْوُ (بَازٍ وَشَاهِينَ وَصَقْرٍ) هُوَ عَامٌّ بَعْدَ خَاصٍّ لِشُمُولِهِ لِلْبُزَاةِ وَالشَّوَاهِينِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ كُلِّ مَا يَصِيدُ وَهُوَ بِالسِّينِ وَالصَّادِ وَالزَّايِ (وَنَسْرٍ) وَهُوَ بِفَتْحِ النُّونِ أَشْهَرُ مِنْ ضَمِّهَا وَكَسْرِهَا (وَعُقَابٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَجَمِيعِ جَوَارِحِ الطَّيْرِ، وَذَهَبَ جَمْعٌ إلَى أَنَّهُ حُرْمَةُ النَّسْرِ لِاسْتِخْبَاثِهِ لَا لِأَنَّ لَهُ مِخْلَبًا، وَإِنَّمَا لَهُ ظُفُرٌ كَظُفُرِ الدَّجَاجَةِ (وَكَذَا ابْنُ آوَى) بِالْمَدِّ لِأَنَّ الْعَرَبَ تَسْتَخْبِثُهُ وَهُوَ حَيَوَانٌ كَرِيهُ الرِّيحِ فِيهِ شَبَهٌ مِنْ الذِّئْبِ وَالثَّعْلَبِ وَهُوَ فَوْقَهُ وَدُونَ الْكَلْبِ (وَهِرَّةُ وَحْشٍ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهَا تَعْدُو بِنَابِهَا. وَالثَّانِي الْحِلُّ لِأَنَّ نَابَ الْأَوَّلِ ضَعِيفٌ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْحِمَارِ الْوَحْشِيِّ فِي الثَّانِي، وَفِي وَجْهٍ تَحِلُّ الْهِرَّةُ الْأَهْلِيَّةُ أَيْضًا، وَيَحْرُمُ النِّمْسُ لِأَنَّهُ يَفْتَرِسُ الدَّجَاجَ وَأَبُو مِقْرَضٍ عَلَى الْأَصَحِّ (وَيَحْرُمُ مَا نُدِبَ قَتْلُهُ) إذْ لَوْ جَازَ أَكْلُهُ لَمْ يُؤْمَرْ بِقَتْلِهِ (كَحَيَّةٍ وَعَقْرَبٍ وَغُرَابٍ أَبْقَعَ) أَيْ فِيهِ بَيَاضٌ وَسَوَادٌ (وَحِدَأَةٍ) بِوَزْنِ عِنَبَةٍ (وَفَأْرَةٍ وَكُلِّ) بِالْجَرِّ (سَبُعٍ) بِضَمِّ الْبَاءِ (ضَارٍ) بِالتَّخْفِيفِ: أَيْ عَادٍ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «خَمْسٌ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ: الْفَأْرَةُ وَالْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ» وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «الْغُرَابُ الْأَبْقَعُ وَالْحَيَّةُ بَدَلُ الْعَقْرَبِ» وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ ذَكَرَ السَّبُعَ الْعَادِيَ مَعَ الْخَمْسِ، وَمَرَّ أَنَّ الرَّاجِحَ عَدَمُ جَوَازِ قَتْلِ بَهِيمَةٍ وَطِئَهَا آدَمِيٌّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِقَتْلِهَا عَلَى الْقَوْلِ بِهِ لِعَارِضٍ فَلَا يُنَافِي حِلَّهَا كَحَيَوَانٍ مَأْكُولٍ حَلَّ قَتْلُهُ لِصِيَالِهِ، وَتَقْيِيدُهُ الْغُرَابَ بِالْأَبْقَعِ لِوُرُودِهِ فِي الْخَبَرِ وَلِكَوْنِهِ مُتَّفَقًا عَلَى تَحْرِيمِهِ وَإِلَّا فَالْأَسْوَدُ وَهُوَ الْغُدَافُ الْكَبِيرُ، وَيُسَمَّى الْجَبَلِيَّ لِأَنَّهُ لَا يَسْكُنُ إلَّا الْجِبَالَ حَرَامٌ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَكَذَا الْعَقْعَقُ، وَهُوَ ذُو لَوْنَيْنِ أَبْيَضَ وَأَسْوَدَ طَوِيلُ الذَّنَبِ قَصِيرُ الْجَنَاحِ صَوْتُهُ الْعَقْعَقَةُ، وَخَرَجَ بِضَارٍ نَحْوُ ثَعْلَبٍ وَضَبُعٍ لِضَعْفِ نَابِهِ كَمَا مَرَّ (وَكَذَا رَخَمَةٌ) لِلنَّهْيِ عَنْهَا وَلِخُبْثِهَا (وَبُغَاثَةٌ) بِتَثْلِيثِ الْمُوَحَّدَةِ، وَبِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ طَائِرٌ أَبْيَضُ، وَيُقَالُ أَغْبَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــSلِغَيْرِ الْمَأْكُولِ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ مِنْ الْحُرْمَةِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَقُنْفُذٌ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ انْتَهَى دَمِيرِيٌّ، وَبِضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِهَا انْتَهَى مُخْتَارٌ. وَفِي الْمِصْبَاحِ بِضَمِّ الْفَاءِ وَتُفْتَحُ لِلتَّخْفِيفِ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْأُنْثَى وَالذَّكَرِ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ، وَالْمُرَادُ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ وَيَأْتِي الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى (قَوْلُهُ: حَلَّ بِالِاتِّفَاقِ) أَيْ لِأَنَّهُمَا مَأْكُولَانِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ فَوْقَهُ) أَيْ فَوْقَ الثَّعْلَبِ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ النِّمْسُ) وَهُوَ دُوَيْبَّةٌ نَحْوُ الْهِرَّةِ تَأْوِي الْبَسَاتِينَ غَالِبًا. قَالَ ابْنُ فَارِسٍ: وَيُقَالُ لَهَا الدَّلَقُ، وَقَالَ الْفَارَابِيُّ: دُوَيْبَّةٌ تَقْتُلُ الثُّعْبَانَ، وَالْجَمْعُ نُمُوسٌ مِثْلُ حِمْلٍ وَحُمُولٍ انْتَهَى مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ: وَفَأْرَةٍ) بِالْهَمْزِ انْتَهَى مَحَلِّيٌّ (قَوْلُهُ وَالتِّرْمِذِيُّ ذَكَرَ السَّبُعَ) لَعَلَّهُ مَعَ الرِّوَايَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: لِعَارِضٍ) أَيْ وَهُوَ السَّتْرُ عَلَى الْفَاعِلِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْغُدَافُ) هُوَ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ انْتَهَى دَمِيرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْعَقْعَقُ) أَيْ يَحْرُمُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَابْنُ مُقْرِضٍ) هُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَبِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَهُوَ الدَّلَقُ بِفَتْحِ اللَّامِ (قَوْلُهُ: وَبُغَاثَةٌ) هِيَ غَيْرُ الْجُورِيَّةِ الْمُسَمَّاةُ بِالنَّوْرَسَةِ وَقَدْ أَفْتَى بِحِلِّهَا وَالِدُ الشَّارِحِ.

دُونَ الرَّخَمَةِ بَطِيءُ الطَّيَرَانِ لِخُبْثِهَا أَيْضًا (وَالْأَصَحُّ حِلُّ غُرَابِ زَرْعٍ) وَهُوَ أَسْوَدُ صَغِيرٌ يُقَالُ لَهُ الزَّاغُ، وَقَدْ يَكُونُ مُحْمَرُّ الْمِنْقَارِ وَالرِّجْلَيْنِ لِأَنَّهُ مُسْتَطَابٌ. وَالثَّانِي أَنَّهُ حَرَامٌ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ الْغِرْبَانِ. وَأَمَّا الْغُدَافُ الصَّغِيرُ وَهُوَ أَسْوَدُ أَوْ رَمَادِيُّ اللَّوْنِ فَمُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ حِلُّهُ، وَبِهِ صَرَّحَ جَمْعٌ مِنْهُمْ الرُّويَانِيُّ. وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ يَأْكُلُ الزَّرْعَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ صَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ تَحْرِيمَهُ (وَيَحْرُمُ بَبَّغَا) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَتَيْنِ وَتَشْدِيدِ الثَّانِيَةِ، وَبِالْمُعْجَمَةِ وَبِالْقَصْرِ الطَّائِرُ الْمَعْرُوفُ بِالدُّرَّةِ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ، وَلَوْنُهَا مُخْتَلِفٌ وَالْغَالِبُ أَنَّهُ أَخْضَرُ (وَطَاوُوسٌ) لِخُبْثِ غِذَائِهِمَا (وَيَحِلُّ نَعَامَةٌ) بِالْإِجْمَاعِ (وَكُرْكِيٌّ) وَكَذَا الْحُبَارَى وَالشَّقِرَّاقُ (وَبَطٌّ) قَالَ الدَّمِيرِيِّ: هُوَ الْإِوَزُّ الَّذِي لَا يَطِيرُ (وَإِوَزٌّ) بِكَسْرٍ فَفَتْحٍ وَقَدْ تُحْذَفُ هَمْزَتُهُ لَكِنْ فَسَّرَ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ الْإِوَزَّ بِالْبَطِّ. وَيَحِلُّ سَائِرُ طُيُورِ الْمَاءِ إلَّا اللَّقْلَقَ (وَدَجَاجٌ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهِ وَكَسْرِهِ لِطِيبِهَا (وَحَمَامٌ، وَهُوَ كُلُّ مَا عَبَّ) أَيْ شَرِبَ الْمَاءَ بِلَا تَنَفُّسٍ وَمَصٍّ. وَفِي الْقَامُوسِ: الْعَبُّ شُرْبُ الْمَاءِ أَوْ الْجَرْعُ أَوْ تَتَابُعُهُ (وَهَدَرَ) أَيْ صَوَّتَ، وَهُوَ تَرْجِيعُ الصَّوْتِ وَمُوَاصَلَتُهُ مِنْ غَيْرِ تَقْطِيعٍ لَهُ وَذِكْرُهُ تَأْكِيدٌ وَإِلَّا فَهُوَ لَازِمٌ لِلْأَوَّلِ. وَمِنْ ثَمَّ اقْتَصَرَ فِي الرَّوْضَةِ فِي مَوْضِعٍ عَلَى عَبَّ، وَنَظَرَ بَعْضُهُمْ فِي دَعْوَى مُلَازَمَتِهِمَا وَدَخَلَ فِي كَلَامِهِ الْقُمْرِيُّ وَالدُّبْسِيُّ وَالْيَمَامُ وَالْفَوَاخِتُ وَالْقَطَا وَالْحَجْلُ وَهُوَ عَلَى قَدْرِ الْحَمَامِ كَالْقَطَا أَحْمَرُ الْمِنْقَارِ وَالرِّجْلَيْنِ، وَيُسَمَّى دَجَاجَ الْبَرِّ (وَمَا عَلَى شَكْلِ عُصْفُورٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهِ (وَإِنْ اخْتَلَفَ لَوْنُهُ وَنَوْعُهُ كَعَنْدَلِيبِ) وَهُوَ الْهَزَارُ (وَصَعْوَةٍ) بِفَتْحِ الصَّادِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَتَيْنِ، وَهُوَ عُصْفُورٌ أَحْمَرُ الرَّأْسِ (وَزُرْزُورٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَنُغَرٍ وَبُلْبُلٍ وَكَذَا الْحُمَّرَةُ لِأَنَّهَا مِنْ الطَّيِّبَاتِ (لَا خُطَّافٍ) بِضَمِّ الْخَاءِ وَتَشْدِيدِ الطَّاءِ الْمُسَمَّى الْآنَ بِعُصْفُورِ الْجَنَّةِ لِلنَّهْيِ عَنْ قَتْلِهِ فِي مُرْسَلٍ اعْتَضَدَ بِقَوْلِ صَحَابِيٍّ، وَيُطْلَقُ عَلَى الْخُفَّاشِ عِنْدَ اللُّغَوِيِّينَ وَهُوَ طَائِرٌ صَغِيرٌ لَا رِيشَ لَهُ. يُشْبِهُ الْفَأْرَ يَطِيرُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فَقَدْ جَزَمَا بِتَحْرِيمِهِ هُنَا. وَلَا يُنَافِيهِ جَزْمُهُمَا بِلُزُومِ الْقِيمَةِ فِيهِ بِقَتْلِ الْمُحْرِمِ لَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ حِلَّ أَكْلِهِ وَيُمْنَعُ بِأَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ أَكْلِهِ، إذْ الْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ حَرَامٌ مَعَ وُجُوبِ الْجَزَاءِ فِيهِ فَلَعَلَّ الْخُفَّاشَ عِنْدَهُمَا مِنْ هَذَا (وَنَمْلٍ وَنَحْلٍ) لِصِحَّةِ النَّهْيِ عَنْ قَتْلِهِمَا، وَحَمَلُوهُ عَلَى النَّمْلِ السُّلَيْمَانِيِّ، وَهُوَ الْكَبِيرُ لِانْتِفَاءِ أَذَاهُ، بِخِلَافِ الصَّغِيرِ فَيَحِلُّ قَتْلُهُ لِكَوْنِهِ مُؤْذِيًا، بَلْ وَحَرْقُهُ إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِدَفْعِهِ كَالْقَمْلِ (وَذُبَابٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَهُوَ أَسْوَدُ صَغِيرٌ) أَيْ فَلَوْ شَكَّ فِي شَيْءٍ هَلْ هُوَ مِمَّا يُؤْكَلُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَيَنْبَغِي الْحُرْمَةُ احْتِيَاطًا (قَوْلُهُ: وَيَحِلُّ سَائِرُ طُيُورِ الْمَاءِ) وَهِيَ الطُّيُورُ الَّتِي تَأْلَفُ الْمَاءَ غَالِبًا وَلَا تَغْرَقُ فِيهِ (قَوْلُهُ: إلَّا اللَّقْلَقَ) اللَّقْلَاقُ بِالْفَتْحِ الصَّوْتُ وَاللَّقْلَاقُ طَائِرٌ نَحْوُ الْإِوَزَّةِ طَوِيلُ الْعُنُقِ يَأْكُلُ الْحَيَّاتِ وَاللَّقْلَقُ مَقْصُورٌ مِنْهُ انْتَهَى مِصْبَاحٌ. قَالَ الشَّامِيُّ فِي سِيرَتِهِ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ فِيمَا أَكَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْحَيَوَانَاتِ: رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْكُلُ لَحْمَ دَجَاجٍ» . وَرَوَيَا عَنْ «أَبِي بَكْرٍ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْكُلُ لَحْمَ دَجَاجٍ» وَرَوَى أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الضَّحَّاكِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ دَجَاجٍ حَبَسَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» (قَوْلُهُ: إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِدَفْعِهِ) أَيْ بِأَنْ شَقَّ عَدَمُ الصَّبْرِ عَلَى أَذَاهُ قَبْلَ قَتْلِهِ وَتَعَذَّرَ قَتْلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ الشِّقِرَّاقُ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِهَا مَعَ كَسْرِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَبِكَسْرِهَا مَعَ إسْكَانِ الْقَافِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ وَيُقَالُ لَهَا الشِّرِقْرَاقُ، وَهُوَ طَائِرٌ أَخْضَرُ مُلَوَّنٌ عَلَى قَدْرِ الْحَمَامِ (قَوْلُهُ: الْهَزَارُ) هُوَ بِفَتْحِ الْهَاءِ (قَوْلُهُ: وَنُغَرٌ) بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ عُصْفُورٌ صَغِيرٌ أَحْمَرُ الْأَنْفِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْحُمْرَةُ) هِيَ بِضَمِّ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ كَمَا مَرَّ فِي الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ إلَخْ) هُوَ وَجْهُ الْمُنَافَاةِ الْمَنْفِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَيُمْنَعُ بِأَنَّهُ) الْوَجْهُ حَذْفُ قَوْلِهِ وَيُمْنَعُ وَإِبْدَالُ الْبَاءِ لَامًا (قَوْلُهُ: إذْ الْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ مَأْكُولٍ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ فِي هَذَا الِاسْتِدْلَالِ (قَوْلُهُ وَحَمَلُوهُ عَلَى النَّمْلِ السُّلَيْمَانِيِّ)

بِضَمِّ أَوَّلِهِ (وَحَشَرَاتٍ) وَهِيَ صِغَارُ دَوَابِّ الْأَرْضِ (كَخُنْفُسَاء) بِضَمِّ أَوَّلِهِ فَتْحِ ثَالِثِهِ أَشْهَرُ مِنْ ضَمِّهِ وَبِالْمَدِّ، وَحُكِيَ ضَمُّ ثَالِثِهِ مَعَ الْقَصْرِ لِخُبْثِ لَحْمِ الْجَمِيعِ (وَدُودٍ) مُنْفَرِدٍ عَلَى مَا مَرَّ فِي الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ وَوَزَغٍ بِأَنْوَاعِهَا وَذَاتِ سُمُومٍ وَإِبَرٍ وَصَرَارَةٍ لِاسْتِخْبَاثِهَا، نَعَمْ يَحِلُّ مِنْهَا نَحْوُ يَرْبُوعٍ وَوَبْرٍ وَأُمِّ حُبَيْنٍ كَمَا مَرَّ، وَاسْتِدْلَالُ الرَّافِعِيِّ عَلَى تَحْرِيمِ الْوَزَغِ بِالنَّهْيِ عَنْ قَتْلِهَا سَبْقُ قَلَمٍ، فَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ «أَنَّ مَنْ قَتَلَهَا فِي أَوَّلِ ضَرْبَةٍ كُتِبَ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَفِي الثَّانِيَةِ دُونَ ذَلِكَ، وَفِي الثَّالِثَةِ دُونَ ذَلِكَ» وَفِيهِ حَضٌّ وَأَيُّ حَضٍّ عَلَى قَتْلِهَا. قِيلَ لِأَنَّهَا كَانَتْ تَنْفُخُ النَّارَ عَلَى إبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَكَذَا) يَحْرُمُ كُلُّ (مَا تَوَلَّدَ) يَقِينًا (مِنْ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ) كَسِمْعٍ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ لِتَوَلُّدِهِ بَيْنَ ذِئْبٍ وَضَبُعٍ، وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا يَقِينًا مَا لَوْ نَتَجَتْ شَاةٌ كَلْبَةً فَإِنَّهَا تَحِلُّ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ كَالْقَاضِي لِأَنَّهُ قَدْ تَقَعُ الْخِلْقَةُ عَلَى خِلَافِ صُورَةِ الْأَصْلِ وَإِنْ كَانَ الْوَرَعُ تَرْكَهَا، وَذَهَبَ جَمْعٌ إلَى أَنَّهُ إنْ كَانَ أَشْبَهَ بِالْحَلَالِ خِلْقَةً حَلَّ وَإِلَّا فَلَا، وَيَجُوزُ شُرْبُ لَبَنِ فَرَسٍ وَلَدَتْ بَغْلًا وَشَاةٍ كَلْبًا لِأَنَّهُ مِنْهَا لَا مِنْ الْفَحْلِ، وَلَوْ مُسِخَ حَيَوَانٌ يَحِلُّ إلَى مَا لَا يَحِلُّ أَوْ عَكْسُهُ فَهَلْ يُعْتَبَرُ مَا قَبْلَ الْمَسْخِ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ عَمَلًا بِالْأَصْلِ أَوْ مَا تَحَوَّلَ إلَيْهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي فَتْحِ الْبَارِي عَنْ الطَّحَاوِيِّ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ. وَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُ الْمَمْسُوخِ إلَيْهِ إنْ بُدِّلَتْ ذَاتُهُ بِذَاتٍ أُخْرَى وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ تُبَدَّلْ إلَّا صِفَتُهُ فَقَطْ اُعْتُبِرَ مَا قَبْلَ الْمَسْخِ، وَالْأَقْرَبُ اعْتِبَارُ الْأَصْلِ فِي الْآدَمِيِّ الْمَمْسُوخِ مُطْلَقًا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْخَبَرُ الصَّحِيحُ، وَلَوْ قُدِّمَ لِوَلِيٍّ مَالٌ مَغْصُوبٌ فَقُلِبَ كَرَامَةً لَهُ دَمًا ثُمَّ أُعِيدَ إلَى صِفَتِهِ أَوْ صِفَةٍ غَيْرِ صِفَتِهِ فَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ حِلِّهِ لِأَنَّهُ بِعَوْدِهِ إلَى الْمَالِيَّةِ عَادَ مِلْكُ مَالِكِهِ فِيهِ كَمَا قَالُوهُ فِي جِلْدِ مَيْتَةٍ دُبِغَ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَلِيِّ بِقَلْبِهِ إلَى الدَّمِ كَمَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا قُتِلَ بِحَالِهِ (وَمَا لَا نَصَّ فِيهِ) مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ خَاصٍّ وَلَا عَامٍّ بِتَحْلِيلٍ أَوْ تَحْرِيمٍ وَلَا بِمَا يَدُلُّ عَلَى أَحَدِهِمَا كَالْأَمْرِ بِقَتْلِهِ أَوْ النَّهْيِ عَنْهُ (إنْ اسْتَطَابَهُ أَهْلُ يَسَارٍ وَطِبَاعٍ سَلِيمَةٍ مِنْ الْعَرَبِ) السَّاكِنِينَ فِي الْبِلَادِ وَالْقُرَى دُونَ أَهْلِ الْبَوَادِي الَّذِينَ يَأْكُلُونَ مَا دَبَّ وَدَرَجَ (فِي حَالِ رَفَاهِيَةٍ حَلَّ) سَوَاءٌ مَا بِبِلَادِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ فِيمَا يَظْهَرُ (وَإِنْ اسْتَخْبَثُوهُ فَلَا) يَحِلُّ لِأَنَّهُ تَعَالَى أَنَاطَ الْحِلَّ بِالطَّيِّبِ وَالْحُرْمَةَ بِالْخَبِيثِ، وَمُحَالٌ عَادَةً اجْتِمَاعُ الْعَالَمِ عَلَى ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ طَبَائِعِهِمْ فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ بَعْضُهُمْ، وَالْعَرَبُ أَوْلَى لِأَنَّهُمْ الْأَفْضَلُ الْأَعْدَلُ طِبَاعًا وَالْأَكْمَلُ عُقُولًا، وَمِنْ ثَمَّ أُرْسِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُمْ وَنَزَلَ الْقُرْآنُ بِلُغَتِهِمْ وَكَلَامِ أَهْلِ الْجَنَّةِ بِهَا كَمَا فِي حَدِيثٍ، وَفِي آخَرَ «مَنْ أَحَبَّهُمْ فَبِحُبِّي أَحَبَّهُمْ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لِأَنَّهَا كَانَتْ تَنْفُخُ النَّارَ) أَيْ لِأَنَّ أَصْلَهَا الَّذِي تَوَلَّدَتْ مِنْهُ كَانَ يَنْفُخُ إلَخْ فَثَبَتَتْ الْخِسَّةُ لِهَذَا الْجِنْسِ إكْرَامًا لِإِبْرَاهِيمَ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ نَزَا كَلْبٌ عَلَى شَاةٍ) وَفِي نُسْخَةٍ مَا لَوْ نَتَجَتْ شَاةٌ كَلْبَةً فَإِنَّهَا تَحِلُّ إلَخْ وَفِي حَجّ مَا يُوَافِقُ هَذِهِ النُّسْخَةَ وَهِيَ الْأَقْرَبُ بَلْ الصَّوَابُ فَإِنَّهُ حَيْثُ عَلِمْنَا بِنَزَوَانِ الْكَلْبِ ثُمَّ أَتَتْ بِحَيَوَانٍ حُكِمَ بِتَوَلُّدِهِ مِنْهُمَا فَيَحْرُمُ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلَهُ مَا لَوْ نَزَا كَلْبٌ: أَيْ وَلَمْ نَعْلَمْ بِنَزَوَانِ الْكَلْبِ عَلَيْهَا أَوْ عُلِمَ لَكِنْ فِي وَقْتٍ يُعْلَمُ مِنْهُ عَادَةً أَنَّ مَا وَلَدْته لَيْسَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ مَا قَبْلَ الْمَسْخِ) أَيْ لَكِنْ يَبْقَى النَّظَرُ فِي مَعْرِفَةِ مَا تَحَوَّلَ إلَيْهِ أَهُوَ الذَّاتُ أَمْ الصِّفَةُ، فَإِنْ وُجِدَ مَا يُعْلَمُ بِهِ أَحَدُهُمَا فَظَاهِرٌ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ أَصْلِهِ لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ تَبَدُّلَ الذَّاتِ فَنَحْكُمُ بِبَقَائِهَا وَأَنَّ الْمُتَحَوِّلَ هُوَ الصِّفَةُ وَقَدْ عُهِدَ تَحَوُّلُ الصِّفَةِ فِي انْخِلَاعِ الْوَلِيِّ إلَى صُوَرٍ كَثِيرَةٍ وَعُهِدَ رُؤْيَةُ الْجِنِّ وَالْمَلَكِ عَلَى غَيْرِ صُورَتِهِمَا الْأَصْلِيَّةِ مَعَ الْقَطْعِ بِأَنَّ ذَاتَهُمَا لَمْ تَتَحَوَّلْ وَإِنَّمَا تَحَوَّلَتْ الصِّفَةُ (قَوْلُهُ: فَبِحُبِّي أَحَبَّهُمْ) أَيْ بِحُبِّهِ لِي فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى مَفْعُولِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQيُقَالُ عَلَيْهِ فَيَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ لِحُرْمَةِ أَكْلِ الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ وَإِبَرٌ) هُوَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ (قَوْلُهُ: فَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ حِلِّهِ) أَيْ لِغَيْرِ مَالِكِهِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ السَّاكِنِينَ فِي الْبِلَادِ وَالْقُرَى) لَعَلَّهُ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ، كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ إلَخْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ صِفَةً كَاشِفَةً أَيْضًا لِمَا قَبْلَهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ مَا بِبِلَادِ الْعَرَبِ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الْعَرَبِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، أَيْ خِلَافًا لِمَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُ إلَيْهِمْ فِيمَا بِبِلَادِ الْعَجَمِ

فَبِبُغْضِي أَبْغَضَهُمْ» لَكِنْ يُرْجَعُ فِي كُلِّ عَصْرٍ إلَى أَكْمَلِ الْمَوْجُودِينَ فِيهِ وَهُمْ مَنْ جَمَعُوا مَا ذُكِرَ كَمَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي أَمْرٍ مَجْهُولٍ. أَمَّا مَا سَبَقَ فِيهِ كَلَامُ الْعَرَبِ قَبْلَهُمْ فَقَدْ صَارَ مَعْلُومَ الْحُكْمِ فَلَا يُلْتَفَتُ لِكَلَامِهِمْ فِيهِ، وَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِخَبَرِ عَدْلَيْنِ مِنْهُمْ وَأَنَّهُ لَوْ خَالَفَهُمَا آخَرَانِ أُخِذَ بِالْحَظْرِ لِأَنَّهُ الْأَحْوَطُ مَفْرُوضٌ فِي هَذَا التَّصْوِيرِ بِخُصُوصِهِ، وَإِلَّا فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ اسْتَطَابَهُ الْبَعْضُ وَاسْتَخْبَثَهُ الْبَعْضُ أُخِذَ بِالْأَكْثَرِ، فَإِنْ اسْتَوَوْا رُجِّحَ قُرَيْشٌ لِأَنَّهُمْ أَكْمَلُ الْعَرَبِ عَمَلًا وَفُتُوَّةً، فَإِنْ اخْتَلَفَ الْقُرَشِيُّونَ وَلَا مُرَجِّحَ أَوْ شَكُّوا أَوْ سَكَتُوا أَوْ لَمْ يُوجِدُوا هُمْ وَلَا غَيْرُهُمْ مِنْ الْعَرَبِ أُلْحِقَ بِالْحَيَوَانِ الْأَكْثَرِ بِهِ شَبَهًا، فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِمَّا ذُكِرَ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِمْ لِانْتِفَاءِ الثِّقَةِ بِقَوْلِهِمْ حِينَئِذٍ (وَإِنْ جُهِلَ اسْمُ حَيَوَانٍ سُئِلُوا) عَنْهُ (وَعُمِلَ بِتَسْمِيَتِهِمْ) حِلًّا وَحُرْمَةً (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ اسْمٌ عِنْدَهُمْ اُعْتُبِرَ بِالْأَشْبَهِ بِهِ) مِنْ الْحَيَوَانِ صُورَةً أَوْ طَبْعًا مِنْ عَدُوٍّ أَوْ ضِدِّهِ أَوْ طَعْمًا، وَالْمُتَّجَهُ تَقْدِيمُ الطَّبْعِ لِقُوَّةِ دَلَالَةِ الْأَخْلَاقِ عَلَى الْمَعَانِي الْكَامِنَةِ فِي النَّفْسِ فَالطَّعْمُ فَالصُّورَةُ، فَإِنْ اسْتَوَى الشَّبَهَانِ أَوْ لَمْ نَجِدْ لَهُ شَبَهًا حَلَّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} [الأنعام: 145] الْآيَةَ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا مَرَّ عَنْ الزَّرْكَشِيّ مِنْ الْحُرْمَةِ لِأَنَّ التَّعَارُضَ فِي الْأَخْبَارِ ثَمَّ أَقْوَى مِنْهُ هُنَا (وَإِذَا ظَهَرَ تَغَيُّرُ لَحْمِ جَلَّالَةٍ) مِنْ طَعْمٍ أَوْ لَوْنٍ أَوْ رِيحٍ، وَمَنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَخِيرِ أَرَادَ الْغَالِبَ وَهِيَ آكِلَةُ الْجَلَّةِ بِفَتْحِ الْجِيمِ: أَيْ النَّجَاسَةِ كَالْعَذِرَةِ (حَرُمَ) كَسَائِرِ أَجْزَائِهَا وَمَا تُولَدُ مِنْهَا كَبَيْضِهَا وَلَبَنِهَا. وَيُكْرَهُ إطْعَامُ شَاةٍ مَأْكُولَةٍ نَجَسًا (وَقِيلَ يُكْرَهُ) الْجَلَّالَةُ (قُلْت: الْأَصَحُّ يُكْرَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّ النَّهْيَ لِتَغَيُّرِ اللَّحْمِ فَلَا يَقْتَضِي تَحْرِيمَهَا كَمَا لَوْ نَتُنَ اللَّحْمُ الْمُذَكَّاةُ أَوْ بَيْضُهَا، وَيُكْرَهُ رَكُوبُهَا مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ تَعَدَّى الْحُكْمُ إلَى شَعْرِهَا وَصُوفِهَا الْمُنْفَصِلِ فِي حَيَاتِهَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالظَّاهِرُ إلْحَاقُ وَلَدِهَا بِهَا إذَا ذُكِّيَتْ وَوُجِدَ فِي بَطْنِهَا مَيْتًا وَوُجِدَتْ الرَّائِحَةُ فِيهِ، وَمِثْلُهَا سَخْلَةٌ رُبِّيَتْ بِلَبَنِ كَلْبَةٍ إذَا تَغَيَّرَ لَحْمُهَا لَا زَرْعَ وَثَمَرَ سُقِيَ أَوْ رُبِّيَ بِنَجَسٍ، بَلْ يَحِلُّ اتِّفَاقًا وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ. نَعَمْ إنْ ظَهَرَ نَحْوُ رِيحِ النَّجَاسَةِ فِيهِ اتَّجَهَتْ الْكَرَاهَةُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ أَصَابَهُ مِنْهُ نَجَسٌ يَطْهُرُ بِغَسْلِهِ (فَإِنْ عُلِفَتْ طَاهِرًا) أَوْ نَجَسًا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي أَمْرٍ مَجْهُولٍ) أَيْ أَمْرِ حَيَوَانٍ مَجْهُولٍ (قَوْلُهُ: أُخِذَ بِالْحَظْرِ) أَيْ الْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يُوجَدُوا) أَيْ فِي مَوْضِعٍ يَجِبُ طَلَبُ الْمَاءِ مِنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: مِنْ عَدْوٍ) وَفِي نُسْخَةٍ مِنْ غَدْرٍ (قَوْلُهُ: لَحْمُ جَلَّالَةٍ) وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَيُقَالُ لَهَا الْجَلَّالَةُ (قَوْلُهُ وَهِيَ آكِلَةُ الْجَلَّةِ) هِيَ مُثَلَّثَةُ الْجِيمِ انْتَهَى قَامُوسٌ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ إطْعَامُ شَاةٍ مَأْكُولَةٍ نَجَسًا) الْمُتَبَادَرُ مِنْ النَّجَسِ نَجِسُ الْعَيْنِ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ إطْعَامُهَا الْمُتَنَجِّسَ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ نَتُنَ) بَابُهُ سَهُلَ وَظَرُفَ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ رَكُوبُهَا مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَعْرَقْ (قَوْلُهُ: وَوُجِدَتْ الرَّائِحَةُ فِيهِ) قَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِمَا ذُكِرَ انْتِفَاءُ كَرَاهَةِ الْجَنِينِ إذَا لَمْ يُوجَدْ فِيهِ تَغَيُّرٌ، وَمُقْتَضَى كَوْنِهِ مِنْ أَجْزَائِهَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ وُجُودِهِ مُتَغَيِّرًا وَعَدَمِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَهُمْ) أَيْ الْأَكْمَلُ (قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهُ لَا يَرْجِعُ إلَّا لِمَنْ كَانَ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يُوجَدُوا هُمْ وَلَا غَيْرُهُمْ) سَكَتَ عَمَّا إذَا فُقِدُوا وَوُجِدَ غَيْرُهُمْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِمَّا ذَكَرَ) أَيْ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: حِلًّا وَحُرْمَةً) تَمْيِيزَانِ لِعَمَلٍ لَا لِتَسْمِيَتِهِمْ كَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: كَسَائِرِ أَجْزَائِهَا) صَرِيحُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّهُ يُكْرَهُ الْبِيضُ وَاللَّبَنُ وَنَحْوُهُمَا إذَا تَغَيَّرَ اللَّحْمُ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ فِيهَا تَغَيُّرٌ، وَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَلَدِ الْمُذَكَّاةِ الْآتِي حَيْثُ قَيَّدَهُ بِمَا إذَا وُجِدَتْ فِيهِ الرَّائِحَةُ (قَوْلُهُ: الْجَلَّالَةُ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقِيلَ يُكْرَهُ) خُرُوجٌ عَنْ الظَّاهِرِ، وَالظَّاهِرُ لَحْمُ الْجَلَّالَةِ (قَوْلُهُ: إذَا تَغَيَّرَ لَحْمُهَا) لَعَلَّ الْمُرَادَ تَغَيُّرُهُ بِالْقُوَّةِ بِأَنْ يُقَدَّرَ لَوْ كَانَ بَدَلُ اللَّبَنِ الَّذِي شَرِبَهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ عَذِرَةً مَثَلًا ظَهَرَ فِيهِ التَّغَيُّرُ نَظِيرَ مَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْبَغَوِيّ، وَإِلَّا فَاللَّبَنُ لَا يَظْهَرُ مِنْهُ تَغَيُّرٌ كَمَا لَا يَخْفَى فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ ظَهَرَ نَحْوُ رِيحِ النَّجَاسَةِ فِيهِ اُتُّجِهَتْ الْكَرَاهَةُ) قَدْ يُقَالُ: لَا مَوْقِعَ لِهَذَا الِاسْتِدْرَاكِ لِأَنَّ مَحَلَّ الْكَرَاهَةِ فِي الَّذِي قَبْلَهُ إذَا ظَهَرَ فِيهِ ذَلِكَ

أَوْ مُتَنَجِّسًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّوْضِ أَوْ لَمْ تُعْلَفْ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ، وَاقْتِصَارُ الْأَكْثَرِ عَلَى الْعَلَفِ الطَّاهِرِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ لِأَنَّ الْحَيَوَانَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْعَلَفِ وَأَنَّهُ الطَّاهِرُ (فَطَابَ) لَحْمُهَا (حَلَّ) هُوَ وَبَقِيَّةُ أَجْزَائِهَا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ فَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَيْهِمَا وَذَلِكَ لِزَوَالِ الْعِلَّةِ وَلَا تَقْدِيرَ لِمُدَّةِ الْعَلَفِ، وَتَقْدِيرُهَا بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي الْبَعِيرِ وَثَلَاثِينَ فِي الْبَقَرَةِ وَسَبْعَةٍ فِي الشَّاةِ وَثَلَاثَةٍ فِي الدَّجَاجَةِ لِلْغَالِبِ، أَمَّا طِيبُهُ بِنَحْوِ غَسْلٍ أَوْ طَبْخٍ فَلَا أَثَرَ لَهُ، وَلَوْ غُذِّيَتْ شَاةٌ بِحَرَامٍ مُدَّةً طَوِيلَةً لَمْ تَحْرُمْ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إذْ هُوَ حَلَالٌ فِي ذَاتِهِ، وَالْحُرْمَةُ إنَّمَا هِيَ لِحَقِّ الْغَيْرِ، وَمَا فِي الْأَنْوَارِ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى حُرْمَةِ الْجَلَّالَةِ (وَلَوْ تَنَجَّسَ طَاهِرٌ كَخَلٍّ وَدِبْسٍ ذَائِبٍ) بِالْمُعْجَمَةِ (حَرُمَ) تَنَاوُلُهُ لِتَعَذُّرِ طُهْرِهِ كَمَا مَرَّ، أَمَّا الْجَامِدُ فَيُزِيلُهُ وَمَا حَوْلَهُ وَيَأْكُلُ بَاقِيَهُ، وَلَا يُكْرَهُ بَيْضٌ صُلِقَ فِي مَاءٍ نَجِسٍ، وَلَا يَحْرُمُ مِنْ الطَّاهِرِ إلَّا نَحْوُ تُرَابٍ وَحَجَرٍ وَمِنَّةُ مَدَرٌ وَطَفْلٌ لِمَنْ يَضُرُّهُ، وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ إطْلَاقُ جَمْعٍ حُرْمَتَهُ بِخِلَافِ مَا لَا يَضُرُّهُ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ آخَرُونَ وَاعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ، وَسَمِّ وَإِنْ قَلَّ إلَّا لِمَنْ لَا يَضُرُّهُ وَنَبْتُ جَوْزٍ سُمِّيَّتُهُ وَمُسْكِرٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الظَّاهِرُ إلْحَاقُ وَلَدِهَا بِهَا إذَا ذُكِّيَتْ وَوُجِدَ فِي بَطْنِهَا مَيِّتًا أَوْ ذُكِّيَ وَوُجِدَتْ فِيهِ الرَّائِحَةُ، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا وُجِدَ فِي بَطْنِهَا مَيِّتًا كُرِهَ مُطْلَقًا، وَأَنَّهُ إذَا خَرَجَ حَيًّا ثُمَّ ذُكِّيَ فُصِّلَ فِيهِ بَيْنَ ظُهُورِ الرَّائِحَةِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: مُدَّةً طَوِيلَةً) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالطُّولِ أَنْ تُعْلَفَ قَدْرًا فِي مُدَّةٍ لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ مِنْ الْجُلَّةِ لَغَيَّرَ لَحْمَهَا أَخْذًا مِنْ التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ عَنْ الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ: وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ) وَهَلْ تُكْرَهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَمَا فِي الْأَنْوَارِ مِنْ التَّفْصِيلِ) وَهُوَ أَنَّ الْحَرَامَ إنْ كَانَ لَوْ فُرِضَ نَجِسًا غَيْرَ اللَّحْمِ حَرُمَتْ وَإِلَّا فَلَا مَبْنَى إلَخْ انْتَهَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَدِبْسٍ) هُوَ بِكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مَا سَالَ مِنْ الرُّطَبِ (قَوْلُهُ: إلَّا لِمَنْ لَا يَضُرُّهُ) أَيْ الْقَلِيلُ مِنْهُ أَمَّا الْكَثِيرُ فَيَحْرُمُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَنَبْتِ جَوْزٍ سُمَيَّتُهُ) أَيْ وَلَبَنِ جَوْزٍ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِ مَأْكُولٍ انْتَهَى حَجّ. وَيَظْهَرُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ اللَّحْمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحَيَوَانَ إلَخْ) يَجِبُ حَذْفُ اللَّامِ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَيْهِمَا) قَدْ يُقَالُ إنَّ مَا قَرَّرَهُ لَا يُنْتِجُ لَهُ هَذَا لِأَنَّهُ أَخَذَ الْحِلَّ فِي الْمَتْنِ بِمَعْنَى عَدَمِ الْحُرْمَةِ الصَّادِقِ بِالْكَرَاهَةِ وَلِهَذَا احْتَاجَ لِلتَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ. وَاَلَّذِي يُنْتِجُ لَهُ مَا ذَكَرَ أَنْ يَقُولَ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ حَلَّ: أَيْ لَمْ يَحْرُمْ وَلَمْ يُكْرَهْ فَالْمُرَادُ أُبِيحَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَالْحُرْمَةُ إنَّمَا هِيَ لِحَقِّ الْغَيْرِ) أَيْ غَيْرُ الْمُكَلَّفِ لَا يُخَاطَبُ بِالْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ وَمَا فِي الْأَنْوَارِ مِنْ التَّفْصِيلِ مَبْنِيٌّ عَلَى حُرْمَةِ الْجَلَّالَةِ) فِيهِ أُمُورٌ مِنْهَا أَنَّ كَوْنَهُ مَبْنِيًّا عَلَى حُرْمَةِ الْجَلَّالَةِ مِنْ جُمْلَةِ مَا فِي الْأَنْوَارِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ فَإِنَّهُ نَقَلَ التَّفْصِيلَ الْآتِيَ عَنْ الْبَغَوِيّ، ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى حُرْمَةِ الْجَلَّالَةِ، وَمِنْهَا أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هُوَ احْتِمَالٌ أَيْضًا لِلْبَغَوِيِّ الَّذِي مَا فِي الْأَنْوَارِ مَنْقُولٌ عَنْهُ، خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ سِيَاقُ الشَّارِحِ أَيْضًا، بَلْ هُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الْبَغَوِيّ كَمَا سَيَأْتِي عَنْهُ. وَمِنْهَا أَنَّ قَوْلَهُ وَمَا فِي الْأَنْوَارِ إلَخْ لَا مَوْقِعَ لَهُ بَعْدَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إذْ هُوَ مُتَأَتٍّ عَلَى الْقَوْلِ بِالْحُرْمَةِ وَالْقَوْلِ بِالْكَرَاهَةِ، إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي الشَّاةِ الْمَذْكُورَةِ أَيْضًا لِلْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَلَعَلَّهُمَا إنَّمَا اقْتَصَرَا عَلَى نَفْيِ الْحُرْمَةِ لِأَنَّهَا الَّتِي كَانَتْ تُتَوَهَّمُ مِنْ غِذَائِهَا بِالْحَرَامِ، وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ مَا قَالَاهُ سَبَقَهُمَا إلَيْهِ الْبَغَوِيّ، وَعِبَارَتُهُ فِي الْفَتَاوَى: إذَا رُبِّيَتْ شَاةٌ بِعَلَفٍ مَغْصُوبٍ فَإِنْ كَانَ قَدْرًا لَوْ كَانَ نَجِسًا لَظَهَرَ تَغَيُّرُهُ فِيهِ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: يَحِلُّ أَكْلُهُ بِكُلِّ حَالٍ لِأَنَّ الْعَلَفَ حَلَالٌ فِي الْأَصْلِ، وَإِنَّمَا حَرُمَ لِحَقِّ الْغَيْرِ وَاسْتَقَرَّتْ الْقِيمَةُ فِي الذِّمَّةِ، بِخِلَافِ الْمُرَبَّى بِلَبَنِ الْكَلْبِ فَإِنَّ أَكْلَهُ حَرَامٌ وَهَذَا أَشْبَهُ انْتَهَتْ. وَقَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ قَدْرًا إلَخْ هُوَ التَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرَ الشَّارِحُ أَنَّهُ فِي الْأَنْوَارِ. (قَوْلُ الْمَتْنِ حَرُمَ) أَيْ دَائِمًا وَهَذَا هُوَ الَّذِي امْتَازَ بِهِ عَنْ سَائِرِ الْمُتَنَجِّسَاتِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي تَسْتَقِيمُ مَعَهُ الْعِلَّةُ (قَوْلُهُ: فَيُزِيلُهُ) يَعْنِي النَّجَسَ

كَكَثِيرِ أَفْيُونٍ وَجَوْزَةِ طِيبٍ وَزَعْفَرَانٍ وَجِلْدٍ دُبِغَ وَمُسْتَقْذَرٍ أَصَالَةً بِالنِّسْبَةِ لِغَالِبِ ذَوِي الطِّبَاعِ السَّلِيمَةِ كَمُخَاطٍ وَمَنِيٍّ وَبُصَاقٍ وَعَرَقٍ إلَّا لِعَارِضٍ كَغُسَالَةِ يَدٍ وَلَحْمٍ أَنْتَنَ، أَمَّا رِيقٌ لَمْ يُفَارِقْ مَعْدِنَهُ فَيُتَّجَهُ فِيهِ عَدَمُ الْحُرْمَةِ لِانْتِفَاءِ اسْتِقْذَارِهِ، وَلَوْ وَقَعَتْ مَيْتَةُ مَا لَا نَفَسَ لَهَا سَائِلَةٌ وَلَمْ تَكْثُرْ بِحَيْثُ لَا يُسْتَقْذَرْ أَوْ قِطْعَةٌ يَسِيرَةٌ مِنْ لَحْمِ آدَمِيٍّ فِي طَبِيخِ لَحْمٍ مُذَكَّى لَمْ يَحْرُمْ أَكْلُ الْجَمِيعِ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ فِي الثَّانِيَةِ، وَإِذَا وَقَعَ بَوْلٌ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ وَلَمْ يُغَيِّرْهُ جَازَ اسْتِعْمَالُ الْجَمِيعِ كَمَا مَرَّ لِأَنَّهُ لَمَّا اُسْتُهْلِكَ فِيهِ صَارَ كَالْعَدَمِ (وَمَا كُسِبَ بِمُخَامَرَةِ نَجِسٍ كَحِجَامَةٍ وَكَنْسٍ مَكْرُوهٌ) لِلْحُرِّ وَإِنْ كَسَبَهُ قِنٌّ لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْ كَسْبِ الْحَجَّامِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَى الْحَجَّامَ أُجْرَتَهُ» وَلَوْ حَرُمَ لَمْ يُعْطِهِ لِأَنَّهُ حَيْثُ حَرُمَ الْأَخْذُ حَرُمَ الْإِعْطَاءُ كَأُجْرَةِ النَّائِحَةِ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَإِعْطَاءِ ظَالِمٍ أَوْ قَاضٍ أَوْ شَاعِرٍ خَوْفًا مِنْهُ فَيَحْرُمُ الْأَخْذُ فَقَطْ، وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «كَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ» فَمُؤَوَّلٌ عَلَى حَدِّ {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267] وَعِلَّةُ خُبْثِهِ مُبَاشَرَةُ النَّجَاسَةَ عَلَى الْأَصَحِّ لَا دَنَاءَةُ الْحِرْفَةِ، وَمِنْ ثَمَّ أَلْحَقُوا بِهِ كُلَّ كَسْبٍ حَصَلَ مِنْ مُبَاشَرَتِهَا كَزَبَّالٍ وَدَبَّاغٍ وَقَصَّابٍ لَا فَصَّادٍ عَلَى الْأَصَحِّ لِقِلَّةِ مُبَاشَرَتِهِ لَهَا، وَكَذَا حَلَّاقٌ وَحَارِسٌ وَحَائِكٌ وَصَبَّاغٌ وَصَوَّاغٌ وَمَاشِطَةٌ إذْ لَا مُبَاشَرَةَ لِلنَّجَاسَةِ فِيهَا (وَيُسَنُّ) لِلْحُرِّ (أَنْ لَا يَأْكُلَهُ) بَلْ يُكْرَهُ لَهُ أَكْلُهُ عَلَى أَنَّهُ مِثَالٌ إذْ سَائِرُ وُجُوهِ الْإِنْفَاقِ كَذَلِكَ حَتَّى التَّصَدُّقَ بِهِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ (وَ) أَنْ (يُطْعِمَهُ رَقِيقَهُ وَنَاضِحَهُ) أَيْ بَعِيرَهُ الَّذِي يُسْقَى عَلَيْهِ لِخَبَرِ «أَعْلِفْهُ نَاضِحَك وَأَطْعِمْهُ رَقِيقَك» وَآثَرَ لَفْظَ الرَّقِيقِ وَالنَّاضِحِ مَعَ لَفْظِ الْإِطْعَامِ تَبَرُّكًا بِلَفْظِ الْخَبَرِ، وَإِلَّا فَالْمُرَادُ أَنْ يُمَوِّنَ بِهِ مَا يَمْلِكُهُ مِنْ رَقِيقٍ وَغَيْرِهِ وَلِدَنَاءَةِ الرَّقِيقِ لَاقَ بِهِ الْكَسْبُ الدَّنِيءُ بِخِلَافِ الْحُرِّ، وَيُنْدَبُ لِلْإِنْسَانِ التَّحَرِّي فِي مُؤْنَةِ نَفْسِهِ وَمُؤْنَةِ مَا أَمْكَنَهُ، فَإِنْ عَجَزَ فَفِي مُؤْنَةِ نَفْسِهِ، وَلَا تَحْرُمُ مُعَامَلَةُ مَنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ وَلَا الْأَكْلُ مِنْهُ. وَأَفْضَلُ الْمَكَاسِبِ الزِّرَاعَةُ ثُمَّ صِنَاعَةُ الْيَدِ ثُمَّ التِّجَارَةُ (وَيَحِلُّ جَنِينٌ وُجِدَ مَيِّتًا فِي بَطْنِ مُذَكَّاةٍ) وَإِنْ أَشْعَرَ لِخَبَرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَكُتِبَ عَلَيْهِ سُمٌّ قَوْلُهُ وَبِلَبَنِ جَوْزٍ أَنَّهُ سُمٌّ أَوْ مِنْ غَيْرِ مَأْكُولٍ كَذَا فِي الْعُبَابِ، قَالَ الشَّارِحُ: كَذَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي، قَالَ: وَكَذَا لَوْ وَجَدَ وَشَكَّ هَلْ ذَبَحَهُ مَنْ يَحِلُّ ذَبْحُهُ أَوْ غَيْرُهُ، لَكِنْ اعْتَرَضَهُ النَّوَوِيُّ فِي النَّبَاتِ وَاللَّبَنِ بِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ تَخْرِيجُهُمَا عَلَى الْأَشْيَاءِ قَبْلَ الشَّرْعِ فَالصَّحِيحُ لَا حُكْمَ فَيَحِلَّانِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَذْبُوحَةِ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهَا التَّحْرِيمُ حَتَّى يُعْلَمَ الْمُبِيحُ وَلَمْ يُعْلَمْ خِلَافُهُمَا فَإِنَّ الْأَصْلَ فِيهِمَا الْحِلُّ انْتَهَى كَلَامُ شَرْحِ الْعُبَابِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَذْبُوحِ شَامِلٌ لِمَا إذَا غَلَبَ الْمُسْلِمُونَ أَوَّلًا فَلْيُرَاجَعْ كَلَامُهُمْ فِي بَابِ الِاجْتِهَادِ فَإِنَّهُمْ ذَكَرُوا هُنَا مَا ذُكِرَ وَفَصَّلُوا فِيهِ ثَمَّ انْتَهَى (قَوْلُهُ: أَمَّا رِيقٌ لَمْ يُفَارِقْ مَعْدِنَهُ فَيُتَّجَهُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ) أَيْ مَا دَامَ فِيهِ وَمِنْ ثَمَّ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمُصُّ لِسَانَ عَائِشَةَ» اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يُسْتَقْذَرُ) أَيْ أَمَّا إذَا اُسْتُقْذِرَ فَيَحْرُمُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَقْذِرْهُ خُصُوصُ مَنْ أَرَادَ تَنَاوُلَهُ لِكَوْنِهِ لَيْسَ مِنْ ذَوِي الطَّبَائِعِ السَّلِيمَةِ (قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ الْأَخْذُ فَقَطْ) أَيْ وَلَا يَحْرُمُ الْإِعْطَاءُ لِمَا تَنْدَفِعُ بِهِ الضَّرُورَةُ، أَمَّا مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ مَحَبَّةِ إظْهَارِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ مِنْ الشُّعَرَاءِ فَيَحْمِلُهُمْ ذَلِكَ عَلَى التَّقْيِيدِ بِإِكْرَامِهِمْ وَإِعْطَائِهِمْ زِيَادَةً عَلَى مَا تَنْدَفِعُ بِهِ الضَّرُورَةُ لِلْغَرَضِ الْمَذْكُورِ فَهُوَ حَرَامٌ عَلَى مَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْهَا، وَقَدْ يُقَالُ بِعَدَمِ الْحُرْمَةِ حَيْثُ لَمْ يُحْمَلْ عَلَى وَصْفِهِ بِحَرَامٍ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ حَيْثُ جَازَ الْإِعْطَاءُ جَازَ الْأَخْذُ (قَوْلُهُ: وَمَاشِطَةٌ) أَيْ وَمِثْلُ ذَلِكَ الْقَابِلَةُ (قَوْلُهُ: وَأَفْضَلُ الْمَكَاسِبِ الزِّرَاعَةُ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يُبَاشِرْهَا بِنَفْسِهِ بَلْ بِالْعَمَلَةِ (قَوْلُهُ ثُمَّ التِّجَارَةُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَمْ يُفَارِقْ مَعْدِنَهُ) بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ إذْ هُوَ مَا دَامَ فِي مَعْدِنِهِ يُقَالُ لَهُ رِيقٌ، فَإِذَا فَارَقَهُ يُقَالُ لَهُ بُصَاقٌ، فَقَوْلُهُ أَمَّا رِيقُ إلَخْ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ بُصَاقٌ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ اسْتِقْذَارِهِ) قَدْ يُقَالُ بِمَنْعِ هَذَا لِأَنَّهُ مُسْتَقْذَرٌ إلَّا لِعَارِضٍ نَحْوُ مَحَبَّةٍ وَهَذَا لَا نَظَرَ إلَيْهِ فَهُوَ مُسْتَقْذَرٌ أَصَالَةً بِالنِّسْبَةِ لِغَالِبِ الطِّبَاعِ السَّلِيمَةِ، إذْ اسْتِقْذَارُهُ إنَّمَا يَنْتَفِي بِالنِّسْبَةِ لِنَحْوِ الْمُحِبِّ مِنْ الْأَفْرَادِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَعْطَى الْحَجَّامَ أُجْرَتَهُ) أَيْ حِينَ حَجَمَهُ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَحِينَئِذٍ فَهَذَا الدَّلِيلُ إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَةِ

«ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ» أَيْ الَّتِي أَحَلَّتْهَا أَحَلَّتْهُ تَبَعًا لَهَا مَا لَمْ يَنْفَصِلْ وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ وَإِلَّا اُشْتُرِطَتْ تَذْكِيَتُهُ، فَإِنْ خَرَجَ وَبِهِ حَرَكَةُ مَذْبُوحٍ وَمَاتَ حَالًا حَلَّ، وَإِنْ خَرَجَ بَعْدَ ذَبْحِ أُمِّهِ مَيِّتًا وَاضْطَرَبَ فِي بَطْنِهَا بَعْدَ ذَبْحِهَا زَمَانًا طَوِيلًا ثُمَّ سَكَنَ لَمْ يَحِلَّ، أَوْ سَكَنَ عَقِبَهُ حَلَّ، كَذَا ذَكَرَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَعَلَيْهِ لَوْ أَخْرَجَ رَأْسَهُ وَبِهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ لَمْ يَجِبْ ذَبْحُهُ حَتَّى يَخْرُجَ، وَإِنْ أَخْرَجَ رَأْسَهُ مَيِّتًا ثُمَّ ذُبِحَتْ أُمُّهُ قَبْلَ انْفِصَالِهِ لَمْ يَحِلَّ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْإِمَامِ وَهُوَ الْأَصَحُّ خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ، وَلَا بُدَّ فِي الْحِلِّ مِنْ أَنْ تَكُونَ الذَّكَاةُ مُؤَثِّرَةً فِيهِ، فَلَوْ كَانَ مُضْغَةً لَمْ تَتَبَيَّنْ بِهَا صُورَةٌ لَمْ تَحِلَّ، وَلَوْ كَانَ لِلْمُذَكَّاةِ عُضْوٌ أَشَلُّ حَلَّ (وَمَنْ) (خَافَ عَلَى نَفْسِهِ مَوْتًا أَوْ مَرَضًا مَخُوفًا) أَوْ غَيْرَ مَخُوفٍ أَوْ نَحْوِهِمَا مِنْ كُلِّ مَحْذُورٍ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ وَلَمْ يَجِدْ حَلَالًا وَهُوَ مَعْصُومٌ غَيْرُ عَاصٍ بِسَفَرِهِ وَنَحْوِهِ (وَوَجَدَ مُحَرَّمًا) غَيْرَ مُسْكِرٍ كَمَيْتَةٍ وَلَوْ مُغَلَّظَةً وَدَمٍ (لَزِمَهُ أَكْلُهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنِ اضْطُرَّ} [البقرة: 173] الْآيَةَ مَعَ قَوْلِهِ {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29] وَكَذَا لَوْ خَافَ الْعَجْزَ عَنْ نَحْوِ الْمَشْيِ أَوْ التَّخَلُّفِ عَنْ الرُّفْقَةِ إنْ حَصَلَ لَهُ بِهِ ضَرَرٌ لَا نَحْوُ وَحْشَةٍ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، وَكَذَا لَوْ أَجْهَدَهُ الْجُوعُ وَعِيلَ صَبْرُهُ وَغَلَبَةُ الظَّنِّ فِي ذَلِكَ كَافِيَةٌ، بَلْ لَوْ جَوَّزَ السَّلَامَةَ وَالتَّلَفَ عَلَى السَّوَاءِ حَلَّ لَهُ تَنَاوُلُ الْمُحَرَّمِ كَمَا حَكَاهُ الْإِمَامُ عَنْ صَرِيحِ كَلَامِهِمْ، وَاكْتُفِيَ بِالظَّنِّ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى أَكْلِ ذَلِكَ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّيَقُّنُ وَلَا الْإِشْرَافُ عَلَى الْمَوْتِ، بَلْ لَوْ انْتَهَى إلَى هَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَكْلُهُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَلَوْ امْتَنَعَ مَالِكُ طَعَامٍ مِنْ بَذْلِهِ إلَّا بَعْدَ وَطْئِهَا زَنَى لَمْ يَجُزْ لَهَا تَمْكِينُهُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ الْإِكْرَاهَ بِالْقَتْلِ لَا يُبِيحُهُ وَاللِّوَاطُ وَلِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَظِنَّةً فِي الْجُمْلَةِ لِاخْتِلَاطِ الْأَنْسَابِ شُدِّدَ فِيهِ أَكْثَرَ (وَقِيلَ يَجُوزُ) كَمَا فِي الِاسْتِسْلَامِ لِلْمُسْلِمِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ فِي هَذَا إيثَارًا فِي الْجُمْلَةِ لِلشَّهَادَةِ بِخِلَافِ ذَاكَ، وَلَوْ وَجَدَ مَيْتَةً يَحِلُّ مَذْبُوحُهَا وَأُخْرَى لَا يَحِلُّ: أَيْ كَآدَمِيٍّ غَيْرِ مُحْتَرَمٍ فِيمَا يَظْهَرُ تَخَيَّرَ أَوْ مُغَلَّظَةٍ وَغَيْرِهَا تَعَيَّنَ غَيْرُهَا: قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. وَاعْتِرَاضُ الْإِسْنَوِيِّ لَهُ مَرْدُودٌ، أَمَّا الْمُسْكِرُ فَلَا يَحِلُّ تَنَاوُلُهُ لِجُوعٍ وَلَا عَطَشٍ كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا الْعَاصِي بِسَفَرِهِ وَنَحْوِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَنَاوُلُ الْمُحَرَّمِ حَتَّى يَتُوبَ وَمِثْلُهُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ مُرْتَدٌّ وَحَرْبِيٌّ حَتَّى يُسْلِمَا، قَالَ: وَكَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَلَا يُشْكِلُ تَقْدِيمُ الزِّرَاعَةِ عَلَى قَوْله تَعَالَى {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ} [البقرة: 267] لِأَنَّهُ عَطَفَ فِي الْآيَةِ بِالْوَاوِ وَهِيَ لَا تَقْتَضِي تَرْتِيبًا (قَوْلُهُ حَلَّ) أَيْ وَلَا يَتَوَقَّفُ حِلُّهُ عَلَى ذَبْحٍ (قَوْلُهُ: وَاضْطَرَبَ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ اضْطَرَبَ إلَخْ، وَإِنَّمَا حَرُمَ وَالْحَالَةُ مَا ذَكَرَ لِأَنَّ اضْطِرَابَهُ عَلَامَةٌ عَلَى أَنَّ مَوْتَهُ لَيْسَ بِتَذْكِيَةِ أُمِّهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ ذَبْحُهُ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ ذُبِحَتْ أُمُّهُ قَبْلَ انْفِصَالِهِ وَمَاتَ بِذَبْحِهَا حَلَّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُغَلَّظَةً) وَمَيْتَةُ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِهِ (قَوْلُهُ: وَعِيلَ) أَيْ فَقَدَ (قَوْلُهُ: وَغَلَبَةُ الظَّنِّ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي حُصُولِ الظَّنِّ الِاعْتِمَادُ عَلَى قَوْلِ طَبِيبٍ بَلْ يَكْفِي مُجَرَّدُ ظَنِّهِ بِأَمَارَةٍ يُدْرِكُهَا، وَقِيَاسُ مَا فِي التَّيَمُّمِ اشْتِرَاطُ الظَّنِّ مُسْتَنِدًا لِخَبَرِ عَدْلٍ رَوَاهُ أَوْ مَعْرِفَتِهِ بِالطِّبِّ (قَوْلُهُ: بَلْ لَوْ جَوَّزَ السَّلَامَةَ وَالتَّلَفَ عَلَى السَّوَاءِ حَلَّ) أَفْهَمَ أَنَّهُ إذَا جَوَّزَ التَّلَفَ مَعَ كَوْنِ الْغَالِبِ السَّلَامَةَ لَمْ يَجُزْ تَنَاوُلُهُ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ) أَيْ الزِّنَا (قَوْلُهُ: شَدَّدَ فِيهِ أَكْثَرَ) أَيْ مِنْ اللِّوَاطِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ فِي هَذَا إيثَارًا) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ كَآدَمِيٍّ غَيْرِ مُحْتَرَمٍ) هَلَّا وَجَبَ تَقْدِيمُ لَحْمِ الْمَيْتَةِ عَلَى لَحْمِ الْآدَمِيِّ لِاحْتِرَامِ ذَاتِهِ، وَمِنْ ثَمَّ جَرَى الشَّارِحُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَضَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ لَوْ أَخْرَجَ رَأْسَهُ إلَخْ) هَذَا لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى مَا قَبْلَهُ كَمَا لَا يَخْفَى، فَالْوَجْهُ حَذْفُ لَفْظِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ ذَبْحُهُ حَتَّى يَخْرُجَ) أَيْ فَيَحِلُّ إذَا مَاتَ عَقِبَ خُرُوجِهِ بِذَكَاةِ أُمِّهِ وَإِنْ صَارَ بِخُرُوجِ رَأْسِهِ مَقْدُورًا عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: مَعَ قَوْلِهِ {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29] هَذَا لَا يَكْفِي فِي لُزُومِ أَكْلِ الْمُحَرَّمِ الْمَذْكُورِ لِلْخَوْفِ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ فَيَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ (قَوْلُهُ وَاللِّوَاطَ) مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ فِي يُبِيحُهُ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَظِنَّةَ إلَخْ) الصَّوَابُ

مُرَاقُ الدَّمِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ إسْقَاطِ الْقَتْلِ بِالتَّوْبَةِ كَتَارِكِ الصَّلَاةِ وَالْقَاتِلِ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ، وَلَوْ وَجَدَ لُقْمَةً حَلَالًا لَزِمَهُ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْحَرَامِ (فَإِنْ تَوَقَّعَ حَلَالًا) يَجِدُهُ (قَرِيبًا) أَيْ عَلَى قُرْبٍ بِأَنْ لَمْ يَخْشَ مَحْذُورًا قَبْلَ وُصُولِهِ (لَمْ يَجُزْ غَيْرُ سَدِّ) بِالْمُهْمَلَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ أَوْ الْمُعْجَمَةِ (الرَّمَقِ) وَهُوَ بَقِيَّةُ الرُّوحِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالْقُوَّةِ عَلَى مُقَابَلَةٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَتَوَقَّعْهُ (فَفِي قَوْلِ يَشْبَعُ) لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ أَيْ يَكْسِرُ سَوْرَةَ الْجُوعِ بِحَيْثُ لَا يُسَمَّى جَائِعًا إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ لِلطَّعَامِ مَسَاغًا. أَمَّا مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَحَرَامٌ قَطْعًا، وَلَوْ شَبِعَ فِي حَالَةِ امْتِنَاعِهِ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْحِلِّ لَزِمَهُ كَكُلِّ مَنْ تَنَاوَلَ مُحَرَّمًا التَّقَيُّؤُ إنْ أَطَاقَهُ بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مِنْهُ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً (وَالْأَظْهَرُ سَدُّ الرَّمَقِ) فَقَطْ لِانْتِفَاءِ الِاضْطِرَارِ بَعْدُ، نَعَمْ إنْ تَوَقَّفَ قَطْعُهُ لِبَادِيَةٍ مُهْلِكَةٍ عَلَى الشِّبَعِ وَجَبَ (إلَّا أَنْ يَخَافَ تَلَفًا) أَوْ مَحْذُورِ تَيَمُّمٍ (إنْ اقْتَصَرَ) عَلَيْهِ: أَيْ عَلَى سَدِّ الرَّمَقِ فَيَشْبَعُ وُجُوبًا: أَيْ يَكْسِرُ سُورَةَ الْجُوعِ قَطْعًا لِبَقَاءِ الرُّوحِ، وَعَلَيْهِ التَّزَوُّدُ إنْ لَمْ يَتَوَقَّعْ وُصُولَهُ لِحَلَالٍ وَإِلَّا جَازَ. بَلْ صَرَّحَ الْقَفَّالُ بِعَدَمِ مَنْعِهِ مِنْ حَمْلِ مَيِّتَةٍ لَمْ تُلَوِّثْهُ وَإِنْ لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إلَى ذَلِكَ. (وَلَهُ) أَيْ الْمَعْصُومِ بَلْ عَلَيْهِ (أَكْلُ آدَمِيٍّ مَيِّتٍ) مُحْتَرَمٍ حَيْثُ لَمْ يَجِدْ مَيْتَةً غَيْرَهُ وَلَوْ مُغَلَّظَةً لِأَنَّ حُرْمَةَ الْحَيِّ أَعْظَمُ، نَعَمْ لَوْ كَانَتْ مَيْتَةَ نَبِيٍّ امْتَنَعَ الْأَكْلُ مِنْهَا جَزْمًا وَكَذَا مَيْتَةُ مُسْلِمٍ وَالْمُضْطَرُّ ذِمِّيٌّ، وَالْوَجْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ النَّظَرِ لِأَفْضَلِيَّةِ الْمَيِّتِ مَعَ اتِّحَادِهِمَا إسْلَامًا وَعِصْمَةً، قِيلَ وَقِيَاسُهُ عَدَمُ اعْتِبَارِ اتِّحَادِهِمَا نُبُوَّةً، وَيُتَصَوَّرُ فِي عِيسَى وَالْخَضِرِ صَلَّى اللَّه وَسَلَّمَ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى تَحْرِيمِ اسْتِعْمَالِ شَيْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْحَرْبِيِّ لِذَاتِهِ (قَوْلُهُ: لِتَمَكُّنِهِ مِنْ إسْقَاطِ الْقَتْلِ بِالتَّوْبَةِ) هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَنْ أُهْدِرَ لِتَرْكِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ التَّوْبَةِ فَيُعْصَمُ، بِخِلَافِ الزَّانِي الْمُحْصَنِ وَقَاطِعِ الطَّرِيقِ فَإِنَّهُمَا بَعْدَ ظُهُورِ حَالِهِمَا لِلْإِمَامِ لَا تُفِيدُ تَوْبَتُهُمَا الْعِصْمَةَ، وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُ حَجّ: وَيَظْهَرُ فِيمَنْ لَا تُسْقِطُ تَوْبَتُهُ قَتْلَهُ كَزَانٍ مُحْصَنٍ أَنَّهُ يَأْكُلُ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِقَتْلِ نَفْسِهِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُفْرَضَ كَلَامُهُ فِيمَنْ لَمْ يَبْلُغْ أَمْرُهُ الْإِمَامَ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ تَقْدِيمُهَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَسُدَّ رَمَقَهُ ثُمَّ يَتَعَاطَى مِنْ الْحَرَامِ مَا تَنْدَفِعُ بِهِ الضَّرُورَةُ وَلَا يُقَالُ اللُّقْمَةُ لِقِلَّتِهَا كَالْعَدَمِ فَيَتَنَاوَلُ الْكُلَّ مِنْ الْحَرَامِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ بَقِيَّةُ الرُّوح عَلَى الْمَشْهُورِ) وَلَعَلَّ وَجْهَ التَّعْبِيرِ بِبَقِيَّةِ الرُّوحِ أَنَّهُ نَزَّلَ مَا أَصَابَهُ مِنْ الْجُوعِ مَنْزِلَةَ ذَهَابِ بَعْضِ رُوحِهِ الَّتِي بِهَا حَيَاتُهُ فَعَبَّرَ عَنْ حَالِهِ الَّذِي وَصَلَ إلَيْهِ بِبَقِيَّةِ الرُّوحِ مَجَازًا وَإِلَّا فَالرُّوحُ لَا تَتَجَزَّأُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَبِعَ فِي حَالَةِ امْتِنَاعِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَمْتَنِعْ عَلَيْهِ تَنَاوُلُهُ أَوْ امْتَنَعَ، لَكِنْ لَمْ يَقْدِرْ بَعْدَ التَّنَاوُلِ عَلَى الْحِلِّ لَا يَجِبْ عَلَيْهِ التَّقَيُّؤُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، وَيُنَافِي ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي أَوَّلِ الْأَشْرِبَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَيَلْزَمُهُ كَكُلِّ آكِلِ أَوْ شَارِبِ حَرَامٍ تَقَايُؤُهُ إنْ أَطَاقَهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ، وَلَا نَظَرَ إلَى عُذْرِهِ وَإِنْ لَزِمَهُ التَّنَاوُلُ لِأَنَّ اسْتِدَامَتَهُ فِي الْبَاطِنِ لَا انْتِفَاعَ بِهَا وَهُوَ مُحَرَّمٌ وَإِنْ حَلَّ ابْتِدَاؤُهُ لِزَوَالِ سَبَبِهِ فَانْدَفَعَ اسْتِبْعَادُ الْأَذْرَعِيِّ لِذَلِكَ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِحَمْلِ مَا مَرَّ مِنْ الْوُجُوبِ عَلَى مَا لَوْ اسْتَقَرَّ فِي جَوْفِهِ زَمَنًا تَصِلُ مَعَهُ خَاصَّتُهُ إلَى الْبَدَنِ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى فِي بَقَائِهِ فِي جَوْفِهِ نَفْعٌ وَمَا هُنَا عَلَى خِلَافِهِ (قَوْلُهُ: امْتَنَعَ الْأَكْلُ مِنْهَا) أَيْ لِغَيْرِ نَبِيٍّ لِمَا يَأْتِي فِيهِ (قَوْلُهُ: قِيلَ وَقِيَاسُهُ) قَائِلُهُ حَجّ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَذْفُ الْوَاوِ (قَوْلُهُ: لِتَمَكُّنِهِ مِنْ إسْقَاطِ الْقَتْلِ إلَخْ) يَرِدُ عَلَيْهِ نَحْوُ الزَّانِي الْمُحْصَنِ وَعِبَارَةُ الْبُلْقِينِيِّ الْمَنْقُولَةُ عَنْهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَكَذَا مُرَاقُ الدَّمِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ إسْقَاطِ الْقَتْلِ بِالتَّوْبَةِ كَتَارِكِ الصَّلَاةِ وَمَنْ قُتِلَ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ انْتَهَتْ. فَجَعَلَ التَّمَكُّنَ الْمَذْكُورَ قَيْدًا لَا عِلَّةً كَمَا صَنَعَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُتَوَقَّعْ وُصُولُهُ لِحَلَالٍ) لَعَلَّ الْمُرَادَ الْحَلَالُ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَالْمَيْتَةِ لَا الْحَلَالُ أَصَالَةً فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُهُ عَدَمُ اعْتِبَارِ اتِّحَادِهِمَا نُبُوَّةً) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَقِيَاسُهُ أَنَّهَا لَوْ اتَّحَدَا نُبُوَّةً لَمْ يُنْظَرْ لِذَلِكَ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَيُتَصَوَّرُ فِي عِيسَى وَالْخَضِرِ) كَذَا فِي التُّحْفَةِ، وَمُرَادُهُ كَمَا لَا يَخْفَى مِنْ كَلَامِهِ تَصْوِيرُ النَّبِيِّ الَّذِي يَأْكُلُ: أَيْ فَلَا يُقَالُ: إنَّ الْأَنْبِيَاءَ قَدْ مَاتُوا فَلَا حَاجَةَ لِهَذَا الْبَحْثِ فَصَوَّرَهُ

نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِمَا، وَالْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ إذْ هُمَا حَيَّانِ فَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ، وَإِذَا جَازَ أَكْلُ الْآدَمِيِّ حَرُمَ طَبْخُهُ وَشَيُّهُ. نَعَمْ قَيَّدَ ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ بَحْثًا بِمَا إذَا كَانَ مُحْتَرَمًا، وَالْأَوْجَهُ الْأَخْذُ بِإِطْلَاقِهِمْ، وَقَيَّدَهُ أَيْضًا بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا أَمْكَنَ أَكْلُهُ نِيئًا، وَيُؤَيِّدُهُ تَعْلِيلُهُمْ بِانْدِفَاعِ الضَّرَرِ بِدُونِ نَحْوِ طَبْخِهِ وَشَيِّهِ (وَ) لَهُ بَلْ عَلَيْهِ (قَتْلُ مُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ) وَزَانٍ مُحْصَنٍ وَتَارِكِ صَلَاةٍ تَوَجَّهَ قَتْلُهُ شَرْعًا وَمَنْ يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ الْقَتْلُ وَإِنْ لَمْ يُؤْذِنْهُ الْإِمَامُ لِلضَّرُورَةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا مُضْطَرِّينَ لَمْ يَلْزَمْ أَحَدًا بَذْلُ طَعَامِهِ لَهُمْ (لَا ذِمِّيٍّ وَمُسْتَأْمَنٍ) لِعِصْمَتِهِمَا (وَصَبِيٍّ حَرْبِيٍّ) امْرَأَةٍ حَرْبِيَّةٍ لِحُرْمَةِ قَتْلِهِمْ (قُلْت: الْأَصَحُّ حِلُّ) (قَتْلِ الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ الْحَرْبِيِّينَ) وَمِثْلُهُمَا الْخُنْثَى وَالْمَجْنُونُ (لِلْأَكْلِ) (، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِعَدَمِ عِصْمَتِهِمْ، وَحُرْمَةُ قَتْلِهِمْ إنَّمَا هُوَ لِحَقِّ الْغَانِمِينَ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ تَجِبْ فِيهِ كَفَّارَةٌ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ إذَا لَمْ يُسْتَوْلَ عَلَيْهِمْ وَإِلَّا صَارُوا أَرِقَّاءَ مَعْصُومِينَ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُمْ قَطْعًا لِحَقِّ الْغَانِمِينَ، وَبَحَثَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ حُرْمَةَ قَتْلِ صَبِيٍّ حَرْبِيٍّ مَعَ وُجُودِ حَرْبِيٍّ بَالِغٍ، وَيَمْتَنِعُ عَلَى وَالِدٍ قَتْلُ وَلَدِهِ لِلْأَكْلِ، وَسَيِّدٍ قَتْلُ قِنِّهِ لِذَلِكَ، قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقِنُّ ذِمِّيًّا فَكَالْحَرْبِيِّ وَالْأَقْرَبُ خِلَافُهُ. (وَلَوْ) (وَجَدَ) مُضْطَرٌّ (طَعَامَ غَائِبٍ) (وَلَمْ يَجِدْ سِوَاهُ) (أَكَلَ) مِنْهُ حَتْمًا مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ فَقَطْ أَوْ مَا يُشْبِعُهُ بِشَرْطِهِ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لِلضَّرُورَةِ، وَلِأَنَّ الذِّمَمَ تَقُومُ مَقَامَ الْأَعْيَانِ (وَغَرِمَ) عِنْدَ قُدْرَتِهِ مِثْلَهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَقِيمَتَهُ إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا حِفْظًا لِحَقِّ الْمَالِكِ. فَإِنْ كَانَ مَالِكُهُ الْغَائِبُ مُضْطَرًّا اتَّجَهَ مَنْعُ أَكْلِهِ إنْ كَانَ قَرِيبًا بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ مِنْ زَوَالِ اضْطِرَارِهِ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ، وَغَيْبَةُ وَلِيِّ الْمَحْجُورِ كَغَيْبَةِ الْمَالِكِ وَحُضُورُهُ كَحُضُورِهِ، وَيَجُوزُ لَهُ بَيْعُ مَالِهِ نَسِيئَةً هُنَا وَبِلَا رَهْنٍ لِلضَّرُورَةِ وَإِنْ امْتَنَعَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ (أَوْ) وَجَدَ وَهُوَ غَيْرُ نَبِيٍّ طَعَامَ (حَاضِرٍ مُضْطَرٍّ لَمْ يَلْزَمْهُ بَذْلُهُ) لَهُ (إنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْهُ) بَلْ هُوَ أَوْلَى لِخَبَرِ «ابْدَأْ بِنَفْسِك» أَمَّا النَّبِيُّ فَيَجِبُ عَلَى غَيْرِهِ إيثَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ، وَلَوْ كَانَ بِيَدِ إنْسَانٍ مَيْتَةٌ قَدَّمَ بِهَا ذُو الْيَدِ عَلَى غَيْرِهِ كَسَائِرِ الْمُبَاحَاتِ خِلَافًا لِلْقَاضِي، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ سَدِّ رَمَقِهِ شَيْءٌ لَزِمَهُ بَذْلُهُ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَإِنْ احْتَاجَ إلَيْهِ مَآلًا (فَإِنْ آثَرَ) فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَهُوَ مِمَّنْ يَصْبِرُ عَلَى الْإِضَاقَةِ عَلَى نَفْسِهِ مُضْطَرًّا (مُسْلِمًا) مَعْصُومًا (جَازَ) بَلْ نُدِبَ قَوْله تَعَالَى {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9] ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: إذْ هُمَا حَيَّانِ فَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ) قَدْ يُقَالُ هَذَا خِلَافُ فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ، إذْ الْكَلَامُ فِيمَا لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَلَا يُنْظَرُ إلَى أَفْضَلِيَّةِ أَحَدِهِمَا، بَلْ الْحَيُّ يَأْكُلُ مِنْ الْمَيِّتِ وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْهُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ أَنَّ النَّبِيَّ حَيٌّ بَعْدَ مَوْتِهِ فَهُوَ كَمَنْ لَمْ يَمُتْ، فَلَا يَجُوزُ لِلْحَيِّ الْأَكْلُ مِنْ الْمَيِّتِ، وَقِيَاسُ هَذَا أَنَّ غَيْرَ الشَّهِيدِ وَبَعْضَ الشُّهَدَاءِ مَعَ بَعْضٍ لَا يَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ مِنْ الشَّهِيدِ لِمَا صَحَّ مِنْ أَنَّ الشُّهَدَاءَ أَحْيَاءٌ فِي قُبُورِهِمْ (قَوْلُهُ: وَحُرْمَةُ قَتْلِهِمْ إنَّمَا هُوَ لِحَقِّ الْغَانِمِينَ) قَدْ يَقْتَضِي ذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ قَتْلُ عَبْدِ نَفْسِهِ لِيَأْكُلَهُ وَلَيْسَ مُرَادًا كَمَا سَيَأْتِي فَكَانَ يَنْبَغِي الِاقْتِصَارُ عَلَى قَوْلِهِ وَإِلَّا صَارُوا أَرِقَّاءَ مَعْصُومِينَ إلَخْ فَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُمْ لِعِصْمَتِهِمْ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ خِلَافُهُ) أَيْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الذِّمِّيِّ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَا يُشْبِعُهُ بِشَرْطِهِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَخْشَ مَحْذُورًا قَبْلَ وُجُودِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَغَرِمَ عِنْدَ قُدْرَتِهِ) أَيْ عِنْدَ الْأَكْلِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ) (لَهُ) أَيْ الْوَلِيِّ، وَقَوْلُهُ بَيْعُ مَالِهِ: أَيْ الْمَحْجُورِ، وَقَوْلُهُ لِلضَّرُورَةِ: أَيْ ضَرُورَةِ الْمُضْطَرِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِعِيسَى وَالْخَضِرِ إذَا أَكَلَا مِنْ جُثَّةِ نَبِيٍّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ مَاتُوا، ثُمَّ أَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ هَذَا غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ إذْ النَّبِيُّ لَا يَتَقَيَّدُ بِرَأْيِ غَيْرِهِ، وَالشَّارِحُ فُهِمَ عَنْهُ أَنَّ مُرَادَهُ التَّصْوِيرُ بِعِيسَى وَالْخَضِرِ إذَا أَكَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَأَشَارَ إلَى رَدِّهِ بِقَوْلِهِ وَالْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ إلَخْ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُرَادِ صَاحِبِ التُّحْفَةِ إذْ الْمَأْكُولُ لَيْسَ مُحْتَاجًا لِتَصْوِيرِهِ (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ قَتْلُهُمْ قَطْعًا لِحَقِّ الْغَانِمِينَ) الْمُرَادُ بِحَقِّ الْغَانِمِينَ هُنَا حَقُّ الْمِلْكِ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ قَبْلَهُ فَافْتَرَقَا. (قَوْلُهُ: دُونَ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ ذَلِكَ الطَّعَامِ (قَوْلُهُ وَغَيْبَةُ وَلِيِّ الْمَحْجُورِ كَغَيْبَةِ الْمَالِكِ إلَخْ) وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا نَظَرَ لِاضْطِرَارِهِ وَإِنَّمَا يُنْظَرُ لِاضْطِرَارِ الْمَحْجُورِ

أَمَّا الْمُسْلِمُ غَيْرُ الْمُضْطَرِّ وَالذِّمِّيُّ وَالْبَهِيمَةُ وَالْمُسْلِمُ الْمُهْدَرُ فَيَمْتَنِعُ إيثَارُهُ (أَوْ) وَجَدَ طَعَامَ حَاضِرٍ (غَيْرِ مُضْطَرٍّ لَزِمَهُ) أَيْ مَالِكَ الطَّعَامِ (إطْعَامُ) أَيْ سَدُّ رَمَقِ (مُضْطَرٍّ) أَوْ إشْبَاعُهُ عَلَى مَا مَرَّ مَعْصُومٌ مُسْلِمٌ (أَوْ ذِمِّيٌّ) أَوْ مُؤْمِنٌ وَإِنْ احْتَاجَهُ الْمَالِكُ مَآلًا لِلضَّرُورَةِ النَّاجِزَةِ. وَكَذَا بَهِيمَةٌ لِغَيْرِهِ مُحْتَرَمَةٌ، بِخِلَافِ نَحْوِ حَرْبِيٍّ وَمُرْتَدٍّ وَزَانٍ مُحْصَنٍ وَكَلْبٍ عَقُورٍ، وَعَلَيْهِ ذَبْحُ شَاتِهِ لِإِطْعَامِ كَلْبِهِ الْمُنْتَفَعِ بِهِ، وَلَهُ الْأَكْلُ مِنْ لَحْمِهَا لِأَنَّهَا ذُبِحَتْ لِلْأَكْلِ، وَيَجِبُ إطْعَامُ نَحْوِ صَبِيٍّ وَامْرَأَةٍ حَرْبِيِّينَ اُضْطُرَّ قَبْلَ اسْتِيلَاءٍ عَلَيْهِمَا وَبَعْدَهُ، وَلَا يُعَارِضُهُ مَا مَرَّ مِنْ حِلِّ قَتْلِهِمَا لِأَنَّهُ ثَمَّ لِضَرُورَةٍ فَلَمْ يَكُنْ مُنَافِيًا لِاحْتِرَامِهِمَا هُنَا وَإِنْ كَانَا غَيْرَ مَعْصُومَيْنِ فِي نَفْسِهِمَا كَمَا مَرَّ آنِفًا (فَإِنْ مَنَعَ) الْمَالِكُ مِنْ إطْعَامِهِ وَلَا اضْطِرَارَ بِهِ أَوْ طَلَبَ مِنْهُ زِيَادَةً عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ بِقَدْرٍ لَا يَتَغَابَنُ بِهِ (فَلَهُ) أَيْ الْمُضْطَرِّ وَلَا يَلْزَمُهُ وَإِنْ أَمِنَ (قَهْرُهُ) عَلَى أَخْذِهِ (وَإِنْ قَتَلَهُ) وَيَكُونُ مُهْدَرًا وَإِنْ قَتَلَ الْمَالِكُ الْمُضْطَرَّ فِي الدَّفْعِ عَنْ طَعَامِهِ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ، وَإِنْ مَنَعَ مِنْهُ الطَّعَامَ فَمَاتَ جُوعًا فَلَا ضَمَانَ إذْ لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ فِعْلًا مُهْلِكًا. وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ لِلْمُضْطَرِّ الذِّمِّيِّ قَتْلَ الْمُسْلِمِ الْمَانِعِ لَهُ إذَا أَدَّى دَفْعُهُ إلَى ذَلِكَ. قِيلَ وَهُوَ الظَّاهِرُ. وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ أَكْلِهِ مَيْتَةَ الْمُسْلِمِ لِانْتِفَاءِ تَقْصِيرِ الْمَأْكُولِ مِنْهُ ثُمَّ يُوَجَّهُ بِخِلَافِ الْمُمْتَنِعِ مُهْدَرٌ لِنَفْسِهِ بِعِصْيَانِهِ بِالْمَنْعِ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ، أَمَّا إذَا رَضِيَ بِبَذْلِهِ لَهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ وَلَوْ بِزِيَادَةٍ يَتَغَابَنُ بِهَا فَيَلْزَمُهُ قَبُولُهُ بِهَا وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْقَهْرُ (وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ) أَيْ الْمَالِكَ بَذْلُ مَا ذُكِرَ لِلْمُضْطَرِّ (بِعِوَضٍ نَاجِزٍ) هُوَ ثَمَنُ الْمِثْلِ زَمَانًا وَمَكَانًا (إنْ حَضَرَ) مَعَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَحْضُرْ مَعَهُ عِوَضٌ بِأَنْ غَابَ مَالُهُ (فَ) لَا يَلْزَمُهُ بَذْلُهُ مَجَّانًا مَعَ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ بَلْ بِعِوَضٍ (بِنَسِيئَةٍ) مُمْتَدَّةٍ لِزَمَنِ وُصُولِهِ، وَدَعْوَى أَنَّهُ يَبِيعُهُ بِحَالٍ وَلَا يُطَالِبُهُ بِهِ إلَّا عِنْدَ يَسَارِهِ مَرْدُودَةٌ لِأَنَّهُ قَدْ يُطَالِبُهُ بِهِ قَبْلَ وُصُولِهِ لِمَالِهِ مَعَ عَجْزِهِ عَنْ إثْبَاتِ إعْسَارِهِ فَيَحْبِسُهُ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أَصْلًا فَلَا مَعْنَى لِوُجُوبِ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ لَا حَدَّ لِلْيَسَارِ يُؤَجَّلُ إلَيْهِ. أَمَّا مَعَ الضِّيقِ لِلْوَقْتِ عَنْ تَقْدِيرِ عِوَضٍ بِأَنْ كَانَ لَوْ قَدَّرَ مَاتَ فَيَلْزَمُهُ إطْعَامُهُ مَجَّانًا، وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ وَلَوْ بِأَكْثَرَ مِمَّا يَتَغَابَنُ بِهِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى قَهْرِهِ وَأَخْذِهِ مِنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ ذَبْحُ شَاةٍ لِإِطْعَامِ كَلْبِهِ الْمُنْتَفَعِ بِهِ) قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ لَهُ أَنَّ مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ وَلَا مَضَرَّةَ مُحْتَرَمٌ ذَبْحُهَا لَهُ هُنَا، وَالْقِيَاسُ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَقَيَّدُ بِكَلْبِهِ بَلْ يَجِبُ ذَبْحُ شَاتِهِ لِكَلْبِ غَيْرِهِ الْمُحْتَرَمِ وِقَايَةً لِرُوحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا اضْطِرَارَ بِهِ) أَيْ بِالْمَالِكِ وَيَصْدُقُ الْمَالِكُ فِي دَعْوَاهُ الِاضْطِرَارَ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى كَذِبِهِ فِي دَعْوَاهُ الِاضْطِرَارَ لَمْ يُصَدَّقْ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ) أَيْ فَلَوْ خَالَفَ وَقَتَلَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْتَلَ فِيهِ لِأَنَّ الْقِصَاصَ يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ وَهِيَ الِاضْطِرَارُ بَلْ يَضْمَنُهُ بِدِيَةِ عَمْدٍ (قَوْلُهُ: مَعَ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ) أَيْ لِزَمَنِ الصِّيغَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا حَدَّ لِلْيَسَارِ يُؤَجَّلُ إلَيْهِ) أَيْ فَيُطْعِمُهُ مَجَّانًا، وَعِبَارَةُ حَجّ: ثُمَّ إنْ قَدَّرَ الْعِوَضَ وَأَفْرَزَ لَهُ الْمُعَوِّضُ مِلْكَهُ بِهِ كَائِنًا مَا كَانَ وَإِنْ كَانَ الْمُضْطَرُّ مَحْجُورًا وَقَدَّرَهُ وَلِيُّهُ بِأَضْعَافِ ثَمَنِ مِثْلِهِ لِلضَّرُورَةِ، وَإِنْ لَمْ يُقَدِّرْهُ أَوْ لَمْ يُفْرِزْهُ لَهُ لَزِمَهُ مِثْلُ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةُ الْمُتَقَوِّمِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَعَ إلَخْ) وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ بِأَنَّ مَنْ لَا مَالَ لَهُ يَجِبُ إطْعَامُهُ عَلَى أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا الْمُضْطَرُّ لَا مَالَ لَهُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ هُنَا أَنَّ مَالِكَ الطَّعَامِ لَيْسَ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ إطْعَامُهُ مَجَّانًا) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ مَجَّانًا أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْدِيرِ عِوَضٍ، ثُمَّ إنْ كَانَ الْمُضْطَرُّ غَنِيًّا وَجَبَ عَلَيْهِ الْبَدَلُ حَيْثُ أَعْطَاهُ بِنِيَّةِ الْبَدَلِ، لَكِنْ فِي كَلَامِ حَجّ بَعْدَ هَذَا مَا نَصُّهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا لَوْ أُوجِرَ الْمُضْطَرُّ قَهْرًا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِنْ أَوْهَمَ التَّشْبِيهُ خِلَافَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا ذُبِحَتْ لِلْأَكْلِ) يُوهِمُ أَنَّهَا إذَا ذُبِحَتْ لِغَيْرِ الْأَكْلِ لَا تَحِلُّ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ.

لَزِمَهُ ذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ عَجَزَ عَنْ قَهْرِهِ وَأَخْذِهِ، وَلَا أُجْرَةَ لِمَنْ خَلَّصَ مُشْرِفًا عَلَى هَلَاكٍ مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ عَنْ تَقْدِيرِ الْأُجْرَةِ لِلُزُومِ ذَلِكَ عَلَيْهِ مَجَّانًا حِينَئِذٍ، فَإِنْ اتَّسَعَ لَمْ يَجِبْ تَخْلِيصُهُ إلَّا بِهَا، كَذَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ (فَلَوْ أَطْعَمَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا فَالْأَصَحُّ لَا عِوَضَ) حَمْلًا لَهُ عَلَى الْمُسَامَحَةِ الْمُعْتَادَةِ فِي الطَّعَامِ لَا سِيَّمَا فِي حَقِّ الْمُضْطَرِّ. وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ خَلَّصَهُ مِنْ الْهَلَاكِ بِذَلِكَ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْبَدَلِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ كَمَا فِي الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ يَلْزَمُهُ مَعَهُ الدِّيَةُ مُفَرَّعٌ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ فِي ذَلِكَ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالْإِبَاحَةِ، فَإِنْ صَرَّحَ بِهَا فَلَا عِوَضَ قَطْعًا. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَكَذَا لَوْ ظَهَرَتْ قَرِينَتُهَا، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي ذِكْرِ الْعِوَضِ صُدِّقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ، إذْ لَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ لَرَغِبَ النَّاسُ عَنْ إطْعَامِ الْمُضْطَرِّ وَأَفْضَى ذَلِكَ إلَى الضَّرَرِ (وَلَوْ) (وَجَدَ مُضْطَرٌّ مَيْتَةً) غَيْرَ آدَمِيٍّ مُحْتَرَمٍ (وَطَعَامَ غَيْرِهِ) الْغَائِبِ لَزِمَهُ أَكْلُهَا عَلَى الْمَذْهَبِ لِإِبَاحَتِهَا لَهُ بِالنَّصِّ الَّذِي هُوَ أَقْوَى مِنْ الِاجْتِهَادِ الْمُبِيحِ لَهُ مَالَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، أَمَّا الْحَاضِرُ فَإِنْ بَذَلَهُ لَهُ وَلَوْ بِثَمَنِ مِثْلِهِ أَوْ بِزِيَادَةٍ يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِهَا وَهُوَ مَعَهُ وَلَوْ بِبَذْلِ سَاتِرِ عَوْرَتِهِ حَيْثُ لَمْ يَخَفْ هَلَاكًا بِنَحْوِ بَرْدٍ أَوْ رَضِيَ بِذِمَّتِهِ لَمْ تَحِلَّ لَهُ الْمَيْتَةُ أَوْ لَا يُتَغَابَنُ بِهَا حَلَّتْ وَلَا يُقَاتِلُهُ هُنَا إنْ امْتَنَعَ مُطْلَقًا (أَوْ) وَجَدَ مُضْطَرٌّ (مُحْرِمٌ) أَوْ بِالْحَرَمِ (مَيْتَةً وَصَيْدًا) حَيًّا (فَالْمَذْهَبُ) أَنَّهُ يَلْزَمُهُ (أَكْلُهَا) لِعَدَمِ ضَمَانِهَا وَذَبْحُ الصَّيْدِ حَرَامٌ وَيَصِيرُ بِهِ مَيْتَةً أَيْضًا، وَيَحْرُمُ أَكْلُهُ وَيَجِبُ فِيهِ الْجَزَاءُ، فَفِي الْأَوَّلِ تَحْرِيمٌ وَاحِدٌ فَكَانَتْ أَخَفَّ، أَوْ مَيْتَةً وَلَحْمَ صَيْدٍ ذَبَحَهُ مُحْرِمٌ تَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ لَمْ يَجِدْ مُحْرِمٌ أَوْ مَنْ بِالْحَرَمِ إلَّا صَيْدًا ذَبَحَهُ وَأَكَلَهُ وَافْتَدَى، أَوْ مَيْتَةً أَكَلَهَا وَلَا فِدْيَةَ أَوْ صَيْدًا وَطَعَامَ الْغَيْرِ فَالظَّاهِرُ تَعَيُّنُ الثَّانِي لِأَنَّهُمَا وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي الضَّمَانِ فَطَعَامُ الْغَيْرِ حَلَالٌ وَالصَّيْدُ يَصِيرُ مَيْتَةً بِذَبْحِ الْمُحْرِمِ، وَلَوْ عَمَّ الْحَرَامُ الْأَرْضَ جَازَ لَهُ الِاسْتِعْمَالُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا تَمَسُّ حَاجَتُهُ إلَيْهِ دُونَ مَا سِوَى ذَلِكَ، وَمَحَلُّهُ إذَا تَوَقَّعْنَا مَعْرِفَةَ أَرْبَابِهِ وَإِلَّا صَارَ مَالًا ضَائِعًا فَيَنْتَقِلُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَيَأْخُذُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا يَسْتَحِقُّهُ فِيهِ (وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُ) (قَطْعِ بَعْضِهِ) أَيْ بَعْضِ نَفْسِهِ (لِأَكْلِهِ) بِلَفْظِ الْمَصْدَرِ لِتَوَقُّعِ الْهَلَاكِ مِنْهُ (قُلْت: الْأَصَحُّ جَوَازُهُ) لِمَا يَسُدُّ بِهِ رَمَقَهُ أَوْ لِمَا يُشْبِعُهُ عَلَى مَا مَرَّ إذْ هُوَ قَطْعُ بَعْضٍ لِاسْتِبْقَاءِ كُلٍّ فَأَشْبَهَ قَطْعَ يَدٍ مُتَآكِلَةٍ (وَشَرْطُهُ) أَيْ حِلِّ قَطْعِ الْبَعْضِ (فَقْدُ الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا) كَطَعَامِ الْغَيْرِ فَمَتَى وَجَدَ مَا يَأْكُلُهُ حَرُمَ ذَلِكَ قَطْعًا (وَأَنْ) لَا يَكُونَ فِي قَطْعِهِ خَوْفٌ أَصْلًا أَوْ (يَكُونَ الْخَوْفُ فِي قَطْعِهِ أَقَلَّ) مِنْهُ فِي تَرْكِهِ، فَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ الْخَوْفُ فِي الْقَطْعِ فَقَطْ حَرُمَ مُطْلَقًا. وَإِنَّمَا جَازَ قَطْعُ السِّلْعَةِ فِي حَالَةِ تَسَاوِي الْخَطَرَيْنِ لِأَنَّهَا لَحْمٌ زَائِدٌ وَيَزُولُ الشَّيْنُ بِقَطْعِهَا وَيَحْصُلُ بِهِ الشِّفَاءُ، وَهَذَا تَغْيِيرٌ وَإِفْسَادٌ لِلْبِنْيَةِ الْأَصْلِيَّةِ فَكَانَ أَضْيَقَ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ مَا يُرَادُ قَطْعُهُ نَحْوَ سِلْعَةٍ أَوْ يَدٍ مُتَآكِلَةٍ جَازَ هُنَا حَيْثُ يَجُوزُ قَطْعُهَا فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ فِي الْأَوْلَى قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ (وَيَحْرُمُ) (قَطْعُهُ) أَيْ الْبَعْضِ مِنْ نَفْسِهِ (لِغَيْرِهِ) وَلَوْ مُضْطَرًّا مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْغَيْرُ نَبِيًّا فَيَجِبُ لَهُ ذَلِكَ (وَمِنْ مَعْصُومٍ) لِأَجْلِ نَفْسِهِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَالْمَعْصُومُ هُنَا مَا يَمْتَنِعُ قَتْلُهُ لِلْأَكْلِ، أَمَّا غَيْرُ الْمَعْصُومِ كَمُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ فَيَجُوزُ قَطْعُ الْبَعْضِ مِنْهُ لِأَكْلِهِ، وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ تَحْرِيمِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعْذِيبِ رُدَّ بِأَنَّهُ أَخَفُّ الضَّرَرَيْنِ، وَلَوْ وَجَدَ مَرِيضٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لَزِمَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ تَخْلِيصُهُ إلَّا بِهَا) وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ حَجّ، وَلَوْ قِيلَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ مَا هُنَا وَثَمَّ بِأَنَّ النُّفُوسَ مَجْبُولَةٌ عَلَى عَدَمِ بَذْلِ الْمَالِ بِخِلَافِ الْبَدَنِ لَمْ يَبْعُدْ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ) وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى ذِكْرِهِ وَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ تَحَالَفَا ثُمَّ يَفْسَخَانِهِ هُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ الْحَاكِمُ وَيَرْجِعُ إلَى الْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةِ، فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْقِيمَةِ بَعْدَ ذَلِكَ صُدِّقَ الْغَارِمُ (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ تَعَيُّنُ الْأَوَّلِ) وَفِي نُسْخَةٍ الثَّانِي لِأَنَّهُمَا وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي الضَّمَانِ فَطَعَامُ الْغَيْرِ حَلَالٌ وَالصَّيْدُ يَصِيرُ مَيْتَةً بِذَبْحِ الْمُحْرِمِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَمَّ الْحَرَامُ إلَخْ) وَهِيَ الظَّاهِرَةُ لِمَا عَلَّلَ بِهِ، وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مَا يُوَافِقُ مَا فِي الْأَصْلِ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الْبَهْجَةِ (قَوْلُهُ: بِقَدْرِ مَا تَمَسُّ حَاجَتُهُ إلَيْهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى حَدِّ الضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَدٍ مُتَآكِلَةٍ) أَيْ أَوْ نَحْوِ يَدٍ (قَوْلُهُ فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ فِي الْأُولَى) عِبَارَةُ حَجّ: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[كتاب المسابقة على نحو خيل]

طَعَامًا لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ يَضُرُّهُ وَلَوْ بِزِيَادَةِ مَرَضِهِ فَلَهُ أَكْلُ الْمَيْتَةِ، وَيُكْرَهُ ذَمُّ الطَّعَامِ لَا صَنْعَتُهُ وَالزِّيَادَةُ عَلَى الشِّبَعِ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ، وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِيهَا وَالثِّمَارُ وَالزَّرْعُ فِي التَّحْرِيمِ عَلَى غَيْرِ مَالِكِهَا وَالْحِلُّ لَهُ كَغَيْرِهَا، فَلَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَكْلِ مَا تَسَاقَطَ مِنْهَا جَازَ، إلَّا إنْ حَوَّطَ عَلَيْهِ أَوْ مَنَعَ مِنْهُ الْمَالِكَ، وَلَهُ الْأَكْلُ مِنْ طَعَامٍ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ رِضَا الْمَالِكِ بِهِ فَإِنْ شَكَّ حَرُمَ، وَنُدِبَ تَرْكُ تَبَسُّطٍ فِي طَعَامٍ إلَّا فِي حَقِّ الضَّيْفِ. كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ عَلَى نَحْوِ خَيْلٍ وَتُسَمَّى الرِّهَانَ وَقَدْ تَعُمُّ مَا بَعْدَهَا، بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَزْهَرِيِّ أَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لَهُمَا، فَعَلَيْهِ الْعَطْفُ الْآتِي عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ مِنْ السَّبْقِ بِسُكُونِ الْبَاءِ وَهُوَ التَّقَدُّمُ، وَأَمَّا بِالتَّحْرِيكِ فَهُوَ الْمَالُ الْمَوْضُوعُ بَيْنَ السِّبَاقِ (وَالْمُنَاضَلَةُ) عَلَى نَحْوِ السِّهَامِ مِنْ " نَضَلَهُ " بِمَعْنَى غَلَبَهُ. وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60] وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ: أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجْرَى مَا ضُمِّرَ مِنْ الْخَيْلِ مِنْ الْحَفْيَاءِ إلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ، وَمَا لَمْ يُضَمَّرْ مِنْ الثَّنِيَّةِ إلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ. وَهَذَا الْبَابُ لَمْ يَسْبِقْ لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَحَدٌ إلَى تَصْنِيفِهِ (هُمَا) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (سُنَّةٌ) لِلْمُتَأَهِّبِ لِلْجِهَادِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الرِّجَالِ كَمَا يَأْتِي لِمَا ذُكِرَ دُونَ النِّسَاءِ وَالْخَنَاثَى لِعَدَمِ تَأَهُّلِهِمَا لَهُمَا، وَيُتَّجَهُ حُرْمَةُ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا بِمَالٍ لَا بِغَيْرِهِ، وَيُكْرَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً لِمَنْ عَرَفَ الرَّمْيَ تَرَكَهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَنْ تَعَلَّمَ الرَّمْيَ ثُمَّ تَرَكَهُ فَلَيْسَ مِنَّا أَوْ فَقَدْ عَصَى» وَالْمُنَاضَلَةُ آكَدُ مِنْ شَقِيقَتِهَا لِلْآيَةِ وَلِخَبَرِ السُّنَنِ «ارْمُوا وَارْكَبُوا، وَأَنْ تَرْمُوا خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَرْكَبُوا» وَلِأَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِالْأَوْلَى وَهِيَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ ذَمُّ الطَّعَامِ لَا صَنْعَتُهُ) قَدْ يُقَالُ: ذَمُّ صَنْعَتِهِ يَسْتَلْزِمُ ذَمَّهُ (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ تَرْكُ تَبَسُّطٍ) أَيْ تَوَسُّعٍ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي حَقِّ الضَّيْفِ) أَيْ فَلَا يُنْدَبُ تَرْكُ التَّبَسُّطِ مِنْ صَاحِبِ الطَّعَامِ إكْرَامًا لِلضَّيْفِ. [تَتِمَّةٌ] فِي إعْطَاءِ النَّفْسِ حَظَّهَا مِنْ الشَّهَوَاتِ الْمُبَاحَةِ مَذَاهِبُ ذَكَرَهَا الْمَاوَرْدِيُّ: أَحَدُهَا مَنْعُهَا وَقَهْرُهَا كَيْ لَا تَطْغَى. وَالثَّانِي إعْطَاؤُهَا تَحَيُّلًا عَلَى نَشَاطِهَا وَبَعْثِهَا لِرُوحَانِيَّتِهَا. وَالثَّالِثُ قَالَ وَالْأَشْبَهُ التَّوَسُّطُ لِأَنَّ فِي إعْطَاءِ الْكُلِّ سَلَاطَةً وَفِي مَنْعِ الْكُلِّ بَلَادَةً اهـ عَمِيرَةٌ. كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ (قَوْلُهُ: أَجْرَى مَا ضُمِّرَ) مِنْ بَابِ قَعَدَ وَقَرُبَ مِصْبَاحٌ وَعِبَارَةُ مُقَدِّمَةِ الْفَتْحِ الْمُضْمَرِ وَزَانَ مُحَمَّدٌ الْمُعَدُّ لِلسِّبَاقِ وَمِنْهُ الْخَيْلُ الَّتِي ضُمِّرَتْ، وَفِي رِوَايَةٍ أُضْمِرَتْ وَاَلَّتِي لَمْ تُضَمَّرْ، وَفِي الْمَصَابِيحِ لَمْ تُضَمَّرْ بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ مِنْ الْإِضْمَارِ وَالتَّضْمِيرِ: أَيْ فَمَا هُنَا بِضَمِّ الضَّادِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ الْمَكْسُورَةِ لَا غَيْرُ، وَمَا فِي الْمُخْتَارِ بَيَانٌ لِلْمُجَرَّدِ مِنْهُ وَهَذَا مَزِيدٌ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: ضَمَّرْتُهُ وَأَضْمَرْتُهُ: أَعْدَدْته لِلسِّبَاقِ، وَهُوَ أَنْ تَعْلِفَهُ قُوتًا بَعْدَ السِّمَنِ (قَوْلُهُ لِمَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الْآيَةِ وَالْخَبَرِ (قَوْلُهُ: أَوْ فَقَدْ عَصَى) أَيْ خَالَفَنَا وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَلِخَبَرِ السُّنَنِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَالزِّيَادَةُ عَلَى الشِّبَعِ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ) أَيْ أَمَّا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَحَرَامٌ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إنْ لَمْ يُظَنَّ رِضَاهُ. [كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ عَلَى نَحْوِ خَيْلٍ] كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْحَفْيَاءِ إلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ) قَالَ سُفْيَانُ إنَّهُ خَمْسَةُ أَمْيَالٍ أَوْ سِتَّةٌ (قَوْلُهُ: لِلْمُتَأَهِّبِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ بِقَصْدِ التَّأَهُّبِ لِلْجِهَادِ وَأَخْذِ مُحْتَرَزِهِ، وَهُوَ الْآتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ أَمَّا بِقَصْدٍ مُبَاحٍ إلَخْ، فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُعَبِّرَ هُنَا بِمِثْلِ مَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: لِمَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الْآيَةِ وَالْخَبَرِ تَعْلِيلٌ لِلسُّنِّيَّةِ

يَنْفَعُ فِي الْمَضِيقِ وَالسَّعَةِ، وَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَا فَرْضَ كِفَايَةٍ لِأَنَّهُمَا وَسِيلَتَانِ لَهُ يُمْكِنُ رَدُّهُ بِمَنْعِ كَوْنِهِمَا وَسِيلَتَيْنِ لِأَصْلِهِ الَّذِي هُوَ الْفَرْضُ، وَإِنَّمَا هُمَا وَسِيلَتَانِ لِإِحْسَانِ الْإِقْدَامِ وَالْإِصَابَةِ الَّذِي هُوَ كَمَالٌ وَحِينَئِذٍ فَالْمُتَّجَهُ كَلَامُهُمْ، إمَّا بِقَصْدِ مُبَاحٍ فَمُبَاحَانِ أَوْ حَرَامٍ كَقَطْعِ طَرِيقٍ فَحَرَامَانِ (وَيَحِلُّ أَخْذُ عِوَضٍ عَلَيْهِمَا) لِأَخْبَارٍ فِيهِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ، وَيُعْتَبَرُ فِي بَاذِلِهِ لَا قَابِلِهِ إطْلَاقُ تَصَرُّفٍ فَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ صَرْفُ شَيْءٍ مِنْ مَالِ مُوَلِّيهِ فِيهِ بِخِلَافِ تَعَلُّمِ نَحْوِ قُرْآنٍ أَوْ عِلْمٍ أَوْ صَنْعَةٍ وَصَحَّ خَبَرُ «لَا سَبَقَ أَيْ بِالْفَتْحِ وَقَدْ تُسَكَّنُ إلَّا فِي خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ» (وَتَصِحُّ) (الْمُنَاضَلَةُ عَلَى سِهَامٍ) عَرَبِيَّةٍ أَوْ عَجَمِيَّةٍ فَالْأَوَّلُ النَّبْلُ وَالثَّانِي النُّشَّابُ وَعَلَى جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْقِسِيِّ وَالْمِسَلَّاتِ وَالْإِبَرِ (وَكَذَا مَزَارِيقُ) وَهِيَ رِمَاحٌ قِصَارٌ (وَرِمَاحٌ) هُوَ عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ (وَرَمْيٌ بِأَحْجَارٍ) بِيَدٍ أَوْ مِقْلَاعٍ بِخِلَافِ إشَالَتِهَا الْمُسَمَّاةِ بِالْعِلَاجِ، وَالْمُرَامَاةُ بِهَا بِأَنْ يَرْمِيَ بِهَا كُلٌّ إلَى صَاحِبِهِ (وَمَنْجَنِيقٌ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْجِيمِ فِي الْأَشْهَرِ وَهُوَ عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ (وَكُلُّ نَافِعٍ فِي الْحَرْبِ) (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى السَّهْمِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فَحَلَّ بِعِوَضٍ وَدُونَهُ وَمَحَلُّ حِلِّ الرَّمْيِ إذَا كَانَ لِغَيْرِ جِهَةِ الرَّامِي، أَمَّا لَوْ رَمَى كُلٌّ إلَى صَاحِبِهِ فَحَرَامٌ قَطْعًا لِأَنَّهُ يُؤْذِي كَثِيرًا، نَعَمْ لَوْ كَانَ عِنْدَهُمَا حِذْقٌ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِمَا سَلَامَتُهُمَا مِنْهُ لَمْ يَحْرُمْ وَيَحِلُّ اصْطِيَادُ الْحَيَّةِ لِحَاذِقٍ فِي صَنْعَتِهِ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ سَلَامَتُهُ مِنْهَا وَقَصَدَ تَرْغِيبَ النَّاسِ فِي اعْتِمَادِ مَعْرِفَتِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي فَتَاوِيهِ فِي الْبَيْعِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ أَيْضًا حِلُّ أَنْوَاعِ اللَّعِبِ الْخَطِرَةِ مِنْ الْحَاذِقِ بِهَا حَيْثُ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ سَلَامَتُهُ. وَيَحِلُّ التَّفَرُّجُ عَلَى ذَلِكَ حِينَئِذٍ وَالْأَقْرَبُ جَوَازُ الْتِقَافٍ لِأَنَّهُ يَنْفَعُ فِي الْحَرْبِ حَيْثُ خَلَا عَنْ الْخِصَامِ الْمَعْرُوفِ عِنْدَ أَهْلِهِ (لَا) مُسَابَقَةَ بِمَالٍ (عَلَى كُرَةِ صَوْلَجَانٍ) أَيْ مِحْجَنٍ وَهِيَ خَشَبَةٌ مُنْحَنِيَةُ الرَّأْسِ (وَبُنْدُقٍ) أَيْ رَمَى بِهِ بِيَدٍ أَوْ قَوْسٍ (وَسِبَاحَةٍ) وَغَطْسٍ بِمَا اُعْتِيدَ الِاسْتِعَانَةُ بِهِ فِي الْحَرْبِ، وَإِنَّمَا قُيِّدَ الْأَخِيرُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ لِتَوَلُّدِ الضَّرَرِ مِنْهُ بَلْ الْمَوْتِ بِخِلَافِ السِّبَاحَةِ وَنَحْوِهَا (وَشِطْرَنْجٍ) بِكَسْرِ أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الْمَرْوِيِّ فِي السُّنَنِ اهـ. وَفِي نُسْخَةِ أَنَسٍ (قَوْلُهُ: إمَّا بِقَصْدِ مُبَاحٍ) مُحْتَرَزُ مَا فَهِمَهُ مِنْ قَوْلِهِ لِلْمُتَأَهِّبِ لِلْجِهَادِ إذْ مَحَلُّ سَنِّهِمَا فِيمَنْ قَصَدَ بِهِمَا التَّقَوِّي عَلَى قِتَالِ الْعَدُوِّ (قَوْلُهُ: فَحَرَامَانِ) أَوْ الْمَكْرُوهُ فَمَكْرُوهَانِ قِيَاسًا عَلَى مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ فِي بَاذِلِهِ لَا قَابِلِهِ) أَيْ فَيَجُوزُ فِي الْقَابِلِ أَنْ يَكُونَ سَفِيهًا وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَلَا يَجُوزُ الْعَقْدُ مَعَهُ لِإِلْغَاءِ عِبَارَتِهِ (قَوْلُهُ: هُوَ عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْمِزْرَاقُ رُمْحٌ قَصِيرٌ أَخَفُّ مِنْ الْعَنَزَةِ وَالرُّمْحُ مَعْرُوفٌ اهـ أَيْ فَيَشْمَلُ الطَّوِيلَ وَالْقَصِيرَ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الْمِزْرَاقِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ حِلِّ الرَّمْيِ) أَيْ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَرَمْيٍ بِأَحْجَارٍ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ رَمَى كُلٌّ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي زَمَنِنَا مِنْ الرَّمْيِ بِالْجَرِيدِ لِلْخَيَّالَةِ فَيَحْرُمُ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِمَا سَلَامَتُهُمَا) وَمِنْهُ الْبَهْلَوَانُ وَإِذَا مَاتَ يَمُوتُ شَهِيدًا (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْرُمْ) أَيْ حَيْثُ لَا مَالَ (قَوْلُهُ: حَيْثُ غَلَبَ الظَّنُّ سَلَامَتَهُ) وَمِنْهُ اللَّعِبُ بِالرُّمْحِ الْمُسَمَّى عِنْدَهُمْ بِلَعِبِ الْعَوْدِ (قَوْلُهُ: وَيَحِلُّ التَّفَرُّجُ عَلَى ذَلِكَ حِينَئِذٍ) وَمِثْلُهُ سَمَاعُ الْأَعَاجِيبِ وَالْغَرَائِبِ مِنْ كُلِّ مَا لَا يُتَيَقَّنُ كَذِبُهُ بِقَصْدِ الْفُرْجَةِ بَلْ وَلَوْ تَيَقَّنَ كَذِبَهُ لَكِنْ قَصَدَ بِهِ ضَرْبَ الْأَمْثَالِ وَالْمَوَاعِظِ وَتَعْلِيمَ نَحْوِ الشُّجَاعَةِ عَلَى أَلْسِنَةِ آدَمِيِّينَ أَوْ حَيَوَانَاتٍ انْتَهَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ جَوَازُ الْتِقَافِ) ظَاهِرُ التَّعْبِيرِ بِالْجَوَازِ الْإِبَاحَةُ (قَوْلُهُ: عَلَى كُرَةٍ) بِالتَّخْفِيفِ وَهِيَ الْمَعْرُوفَةُ الْآنَ بِالْكُورَةِ (قَوْلُهُ: بِيَدٍ أَوْ قَوْسٍ) التَّعْبِيرُ بِهِ قَدْ يُشْكِلُ بِمَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ الْمُسَابَقَةِ عَلَى الرَّمْيِ بِالْأَحْجَارِ فَإِنَّ الرَّمْيَ بِالْقَوْسِ بِالْبُنْدُقِ مِنْهُ وَمِنْ ثَمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُ الْمَتْنِ وَبُنْدُقٍ) الْمُرَادُ بُنْدُقُ الْعِيدِ الَّذِي يُؤْكَلُ وَيُلْعَبُ بِهِ فِيهِ، فَالْمُرَادُ بِرَمْيِهِ رَمْيُهُ فِي نَحْوِ الْبِرْكَةِ الَّتِي يُسَمُّونَهَا بِالْجَوْنِ، أَمَّا بُنْدُقُ الرَّصَاصِ وَالطِّينِ وَنَحْوِهِمَا فَتَصِحُّ الْمُسَابَقَةُ عَلَيْهِ لِأَنَّ لَهُ نِكَايَةً فِي الْحَرْبِ أَيَّ نِكَايَةٍ كَمَا ذَكَرَهُ الزِّيَادِيُّ كَغَيْرِهِ وَنَقَلَهُ ابْنُ قَاسِمٍ عَنْ وَالِدِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ بِمَا اُعْتِيدَ الِاسْتِعَانَةُ بِهِ إلَخْ) هَذَا الْقَيْدُ إنَّمَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَفْهُومِ الْآتِي: أَيْ إذَا وَقَعَ بِلَا مَالٍ

فَتْحِ أَوَّلِهِ الْمُعْجَمِ أَوْ الْمُهْمَلِ (وَخَاتَمٍ وَوُقُوفٍ عَلَى رَجُلٍ) وَشِبَاكٍ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ (وَمَعْرِفَةِ مَا بِيَدِهِ) مِنْ زَوْجٍ أَوْ فَرْدٍ وَكَذَا سَائِرُ أَنْوَاعِ اللَّعِبِ كَمُسَابَقَةِ سُفُنٍ أَوْ أَقْدَامٍ لِعَدَمِ نَفْعِ كُلِّ ذَلِكَ فِي الْحَرْبِ أَيْ نَفْعًا لَهُ وَقْعٌ يَقْصِدُ فِيهِ، أَمَّا بِغَيْرِ ذَلِكَ فَيَحِلُّ كُلُّ ذَلِكَ (وَتَصِحُّ) (الْمُسَابَقَةُ) بِعِوَضٍ (عَلَى خَيْلٍ) وَإِبِلٍ تَصْلُحُ لِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِمَّا يُسْهَمُ لَهَا (وَكَذَا فِيلٌ وَبَغْلٌ وَحِمَارٌ فِي الْأَظْهَرِ) لِعُمُومِ الْخُفِّ وَالْحَافِرِ لِكُلِّ ذَلِكَ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ لِلْكَرِّ وَالْفَرِّ وَلَا يُقَاتَلُ عَلَيْهَا غَالِبًا أَمَّا عَقْدُهَا عَلَى ذَلِكَ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَصَحِيحٌ قَطْعًا (لَا طَيْرَ وَصِرَاعٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَقَدْ يُضَمُّ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ آلَاتِ الْقِتَالِ وَمِثْلُهُمَا بَقَرٌ بِعِوَضٍ، وَنَحْوُ مُهَارَشَةِ دِيَكَةٍ وَمُنَاطَحَةِ كِبَاشٍ وَلَوْ بِلَا عِوَضٍ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّهُ سَفَهٌ وَمِنْ فِعْلِ قَوْمِ لُوطٍ. وَالثَّانِي يَجُوزُ لِلْحَاجَةِ إلَيْهَا فِي الْحَرْبِ فِي الطَّيْرِ، وَلِأَنَّ فِي الصِّرَاعِ إدْمَانًا وَقُوَّةً، وَقَدْ «صَارَعَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رُكَانَةَ عَلَى شِيَاهٍ» . وَأَجَابَ عَنْهُ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ أَرَاهُ شِدَّتَهُ لِيُسْلِمَ وَلِهَذَا لَمَّا أَسْلَمَ رَدَّ عَلَيْهِ غَنَمَهُ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ كَانَ عَلَى عِوَضٍ وَإِلَّا جَازَ قَطْعًا (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ عَقْدَهُمَا) الْمُشْتَمِلَ عَلَى إيجَابٍ وَقَبُولٍ: أَيْ الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاضَلَةِ بِعِوَضٍ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا (لَازِمٌ) كَالْإِجَارَةِ، لَكِنْ مِنْ جِهَةِ بَاذِلِ الْعِوَضِ فَقَطْ، وَمَا فِي الْأَنْوَارِ مِنْ أَنَّ الصَّحِيحَ هُنَا مَضْمُونٌ دُونَ الْفَاسِدِ رُدَّ بِأَنَّ الْمُرَجَّحَ وُجُوبُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي الْفَاسِدِ (لَا جَائِزَ) مِنْ جِهَتِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ كَالْمُحَلِّلِ الْآتِي، أَمَّا بِغَيْرِ عِوَضٍ فَجَائِزٌ جَزْمًا وَعَلَى لُزُومِهِ (فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا) الَّذِي هُوَ مُلْتَزَمُهُ وَلَا لِلْأَجْنَبِيِّ الْمُلْتَزِمِ أَيْضًا (فَسْخُهُ) مَا لَمْ يَظْهَرْ عَيْبٌ فِي عِوَضٍ مُعَيَّنٍ وَقَدْ الْتَزَمَ كُلٌّ مِنْهُمَا كَمَا فِي الْأُجْرَةِ. نَعَمْ لَا يَجِبُ التَّسْلِيمُ هُنَا قَبْلَ الْمُسَابَقَةِ لِخَطَرِ شَأْنِهَا، بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ. وَأَيْضًا فَفِيهَا عِوَضٌ يَقْبِضُهُ حَالًا فَلَزِمَهُ فِيهَا الْإِقْبَاضُ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا، أَمَّا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْفَسْخِ جَازَ مُطْلَقًا. وَلَعَلَّهُمْ إنَّمَا لَمْ يَنْظُرُوا لِلْمُحَلِّلِ فِيمَا لَوْ اتَّفَقَا الْمُلْتَزِمَانِ عَلَى الْفَسْخِ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حَقٌّ وَلَا الْتِزَامَ مِنْهُ (وَلَا تَرَكَ الْعَمَلَ قَبْلَ شُرُوعٍ وَبَعْدَهُ) سَوَاءٌ كَانَ مَنْضُولًا أَمْ نَاضِلًا وَأَمْكَنَ أَنْ يُدْرِكَ صَاحِبَهُ وَيَسْبِقَهُ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ كَانَ لَهُ التَّرْكُ لِأَنَّهُ حَقُّ نَفْسِهِ (وَلَا زِيَادَةَ وَنَقْصٍ فِيهِ) أَيْ فِي الْعَمَلِ (وَلَا فِي مَالٍ) مُلْتَزِمٍ بِالْعَقْدِ كَالْإِجَارَةِ إلَّا أَنْ يَفْسَخَاهُ وَيَسْتَأْنِفَا عَقْدًا (وَشَرْطُ الْمُسَابَقَةِ) مِنْ اثْنَيْنِ مَثَلًا (عِلْمُ) الْمَسَافَةِ بِالْمُشَاهَدَةِ أَوْ الذَّرْعِ وَ (الْمَوْقِفِ) الَّذِي يَجْرِيَانِ مِنْهُ (وَالْغَايَةِ) الَّتِي يَجْرِيَانِ إلَيْهَا، فَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَبُنْدُقٌ يُرْمَى بِهِ إلَى حُفْرَةٍ وَنَحْوِهَا وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يُؤْكَلُ وَيُلْعَبُ بِهِ فِي الْعِيدِ، أَمَّا بُنْدُقُ الرَّصَاصِ وَالطِّينِ فَتَصِحُّ الْمُسَابَقَةُ عَلَيْهِ لِأَنَّ لَهُ نِكَايَةً فِي الْحَرْبِ أَشَدَّ مِنْ السِّهَامِ رَمْلِيٌّ انْتَهَى. وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَيْهِ بِأَنْ يُقَالَ يُرْمَى بِهِ لِلْمَحَلِّ الَّذِي اُعْتِيدَ لَعِبُهُمْ بِهِ فِيهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ آلَاتِ الْقِتَالِ إلَخْ) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ فِي قَوْلِهِ لَا عَلَى كُرَةِ صَوْلَجَانٍ وَبُنْدُقٍ إلَخْ، وَيَدُلُّ لِمَا ذُكِرَ قَوْلُ الْمَنْهَجِ لَا كَطَيْرٍ وَصِرَاعٍ وَكُرَةِ مِحْجَنٍ وَبُنْدُقٍ وَعَوْمٍ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَتَصِحُّ الْمُسَابَقَةُ عَلَى خَيْلٍ جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ، وَلَوْ قَالَ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ آلَاتِ الْقِتَالِ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ قَدَّمَ تَعْلِيلَ عَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الْمَذْكُورَاتِ قَبْلَهُمَا بِقَوْلِهِ لِعَدَمِ نَفْعِ كُلِّ ذَلِكَ فِي الْحَرْبِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُمَا بَقَرٌ) أَيْ مُسَابَقَةٌ عَلَى بَقَرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَا عِوَضٍ) أَيْ فِي الْمُهَارَشَةِ وَالْمُنَاطَحَةِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ) أَيْ فِي الصِّرَاعِ وَالطَّيْرِ (قَوْلُهُ: وُجُوبُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي الْفَاسِدَةِ) أَيْ الْمُسَابَقَةِ الْفَاسِدَةِ، وَعُمُومُهُ شَامِلٌ لِمَا إذَا شُرِطَ الْمَالُ فِيهِمَا عَلَى كُلٍّ لِلْآخَرِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا كَمَا يَأْتِي مِنْ الْقِمَارِ الْمُحَرَّمِ وَقِيَاسُهُ أَنَّ لَا أُجْرَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ الْتَزَمَ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ وَأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حَقٌّ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: لِأَنَّهُ إلَى الْآنَ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حَقٌّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِالْمُشَاهَدَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ مَعَ الْمُشَاهَدَةِ لَا يَحْتَاجُ إلَى زِيَادَةِ اشْتِرَاطِ عِلْمِ الْمَوْقِفِ وَالْغَايَةِ، فَلَعَلَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الْمَوْقِفُ وَالْغَايَةُ بِالْعَطْفِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ قَيْدٌ فِي مَسْأَلَةِ الذَّرْعِ خَاصَّةً عَلَى مَا فِيهِ أَيْضًا فَلْيُرَاجَعْ

لَمْ يُعَيِّنَا ذَلِكَ وَشَرَطَا الْمَالَ لِمَنْ سَبَقَ حَيْثُ سَبَقَ لَمْ يَجُزْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ حَيْثُ لَا عُرْفَ غَالِبَ وَإِلَّا لَمْ يُشْتَرَطُ شَيْءٌ، وَمَا غَلَبَ عَلَيْهِ الْعُرْفُ وَعَرَفَهُ الْمُتَعَاقِدَانِ يُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي فِي نَظِيرِهِ (وَتَسَاوِيهِمَا فِيهِمَا) فَلَوْ شَرَطَ تَقَدُّمَ مَوْقِفِ أَحَدِهِمَا أَوْ تَقَدُّمَ غَايَتِهِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَعْرِفَةُ الْفُرُوسِيَّةِ وَجَوْدَةِ جَرْيِ الدَّابَّةِ، وَهُوَ لَا يُعْرَفُ مَعَ تَفَاوُتِ الْمَسَافَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ السَّبْقُ بِسَبَبِ قُرْبِ الْمَسَافَةِ لَا لِحِذْقِ الْفَارِسِ وَلَا لِفَرَاهَةِ الْفَرَسِ. وَيَجُوزُ أَنْ يُعَيِّنَا غَايَةً إنْ اتَّفَقَ سَبَقَ عِنْدَهَا، وَإِلَّا فَغَايَةً أُخْرَى عَيَّنَاهَا بَعْدَهَا، لَا أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى أَنَّهُ إنْ وَقَعَ سَبْقٌ فِي نَحْوِ وَسَطِ الْمَيْدَانِ وَقَعَا عَنْ الْغَايَةِ لِأَنَّ السَّابِقَ قَدْ يَسْبِقُ وَلَا أَنَّ الْمَالَ لِمَنْ سَبَقَ بِلَا غَايَةٍ (وَتَعْيِينُ) الرَّاكِبَيْنِ كَالرَّامِيَيْنِ بِإِشَارَةٍ لَا وَصْفٍ وَ (الْفَرَسَيْنِ) مَثَلًا بِإِشَارَةٍ أَوْ وَصْفٍ سَلِمَ لِأَنَّ الْقَصْدَ امْتِحَانُ سَيْرِهِمَا (وَيَتَعَيَّنَانِ) كَمَا يَتَعَيَّنُ الرَّاكِبَانِ وَالرَّامِيَانِ كَمَا يَأْتِي فَيَمْتَنِعُ إبْدَالُ أَحَدِهِمَا، فَإِنْ مَاتَ أَوْ عَمِيَ أَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ مَثَلًا أُبْدِلَ الْمَوْصُوفَ وَانْفَسَخَ فِي الْمُعَيَّنِ. نَعَمْ فِي مَوْتِ الرَّاكِبِ يَقُومُ وَارِثُهُ وَلَوْ بِنَائِبِهِ مَقَامَهُ، فَإِنْ أَبَى اسْتَنَابَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ كَانَ مُوَرِّثُهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْفَسْخُ لِكَوْنِهِ مُلْتَزِمًا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الرَّاكِبِ وَالرَّامِي بِأَنَّ الْقَصْدَ جَوْدَةُ هَذَا فَلَمْ يَقُمْ غَيْرُهُ مَقَامَهُ، وَلَوْ مَرِضَ أَحَدُهُمَا وَرُجِيَ اُنْتُظِرَ وَإِلَّا جَازَ الْفَسْخُ إلَّا فِي الرَّاكِبِ فَيُتَّجَهُ إبْدَالُهُ (وَإِمْكَانُ) قَطْعِهِمَا الْمَسَافَةَ وَ (سَبْقُ كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا لَا عَلَى نُدُورٍ، وَكَذَا فِي الرَّامِيَيْنِ، فَلَوْ نَدَرَ الْإِمْكَانُ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ قَضِيَّةَ السِّبَاقِ تَوَقُّعُ سَبْقِ كُلٍّ لِيَسْعَى فَيَعْلَمُ أَوْ يَتَعَلَّمُ مِنْهُ. وَقَالَ الْإِمَامُ: لَوْ أَخْرَجَ الْمَالَ مَنْ يُقْطَعُ بِتَخَلُّفِهِ جَازَ لِأَنَّهُ كَالْبَاذِلِ جُعْلًا، وَلَوْ أَخْرَجَاهُ مَعًا وَلَا مُحَلِّلَ وَأَحَدُهُمَا يُقْطَعُ بِسَبْقِهِ فَالسَّابِقُ كَالْمُحَلِّلِ لِأَنَّهُ لَا يَغْرَمُ شَيْئًا وَشَرْطُ الْمَالِ مِنْ جِهَتِهِ لَغْوٌ، قَالَا: وَهُوَ حَسَنٌ، وَعُلِمَ مِنْ هَذَا اشْتِرَاطُ اتِّحَادِ الْجِنْسِ لَا النَّوْعِ وَإِنْ تَبَاعَدَ النَّوْعَانِ إنْ وُجِدَ الْإِمْكَانُ الْمَذْكُورُ. نَعَمْ لَوْ وَقَعَ السِّبَاقُ بَيْنَ بَغْلٍ وَحِمَارٍ جَازَ لِتَقَارُبِهِمَا، وَأَخَذَ بَعْضُهُمْ مِنْ ذَلِكَ اعْتِبَارَ كَوْنِ أَحَدِ أَبَوَيْ الْبَغْلِ حِمَارًا (وَالْعِلْمُ بِالْمَالِ الْمَشْرُوطِ) جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً كَسَائِرِ الْأَعْوَاضِ، وَيَجُوزُ كَوْنُهُ عَيْنًا وَدَيْنًا حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا أَوْ بَعْضُهُ كَذَا وَبَعْضُهُ كَذَا، فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا كَفَتْ مُشَاهَدَتُهُ أَوْ فِي الذِّمَّةِ وُصِفَ، فَلَوْ عَقَدَا عَلَى مَجْهُولٍ فَسَدَ الْعَقْدُ وَاسْتَحَقَّ السَّابِقُ أُجْرَةَ مِثْلِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ رُكُوبِهِمَا لَهُمَا، فَلَوْ شَرَطَا جَرَيَانَهُمَا بِأَنْفُسِهِمَا فَسَدَ الْعَقْدُ وَاسْتَحَقَّ السَّابِقُ أُجْرَةَ مِثْلِهِ، وَيُعْتَبَرُ اجْتِنَابُ الشُّرُوطِ الْمُفْسِدَةِ كَإِطْعَامِ السَّبْقِ لِأَصْحَابِهِ، أَوْ إنْ سَبَقَهُ لَا يُسَابِقُهُ إلَى شَهْرٍ وَإِسْلَامُهُمَا كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ لِأَنَّ مُبِيحَهُ غَرَضُ الْجِهَادِ (وَيَجُوزُ شَرْطُ الْمَالِ مِنْ غَيْرِهِمَا بِأَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ أَوْ أَحَدُ الرَّعِيَّةِ مَنْ سَبَقَ مِنْكُمَا فَلَهُ فِي بَيْتِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلَا لِفَرَاهَةِ الْفَرَسِ) فِي مُخْتَارِ الصِّحَاحِ: وَيُقَالُ لِلْبِرْذَوْنِ وَالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ فَارِهٌ، وَلَا يُقَالُ لِلْفَرَسِ فَارِهٌ وَلَكِنْ رَائِغٌ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ. وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الْفَارِهُ مِنْ النَّاسِ: الْمَلِيحُ الْحَسَنُ، وَمِنْ الدَّوَابِّ: الْجَيِّدُ السَّيْرِ، فَوَصْفُ الشَّارِحِ الْفَرَسَ بِالْفَرَاهَةِ جَارٍ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الْأَزْهَرِيِّ. وَفِي الْمِصْبَاحِ: الْبِرْذَوْنُ التُّرْكِيُّ مِنْ الْخَيْلِ وَهُوَ خِلَافُ الْعِرَابِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ أَنْ يُعَيِّنَا) أَيْ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ: لِأَنَّ السَّابِقَ) مُتَّصِلَةٌ بِلَا (قَوْلُهُ: نَعَمْ فِي مَوْتِ الرَّاكِبِ) أَيْ دُونَ مَوْتِ الرَّامِي (قَوْلُهُ: يَقُومُ وَارِثُهُ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ انْفَسَخَتْ وَلَيْسَ مِنْ الْوَارِثِ بَيْتُ الْمَالِ (قَوْلُهُ: لِيَسْعَى فَيُعْلَمُ) أَيْ فَيُعْرَفُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ حَسَنٌ) قَدْ يَتَوَقَّفُ فِي هَذَا بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْمُسَابَقَةِ إمْكَانُ سَبْقِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِلَا نُدُورٍ فَحَيْثُ قُطِعَ بِسَبْقِ أَحَدِهِمَا لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ بَعْضُهُمْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْبَغْلَ قَدْ لَا يَكُونُ أَحَدُ أَبَوَيْهِ حِمَارًا، وَهُوَ خِلَافُ الْمَعْرُوفِ مِنْ أَنَّ الْبَغْلَ إمَّا مُتَوَلِّدٌ بَيْنَ أُنْثَى مِنْ الْخَيْلِ وَحِمَارٍ أَوْ عَكْسِهِ، لَكِنْ أَخْبَرَنِي بَعْضُ مَنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّ أَحَدَ أَبَوَيْ الْبَغْلِ قَدْ يَكُونُ بَقَرَةً بِأَنْ يَنْزُوَ عَلَيْهَا حِمَارٌ (قَوْلُهُ: وَإِسْلَامُهُمَا) تَقَدَّمَ أَنَّهَا لِلِاسْتِعَانَةِ عَلَى الْجِهَادِ مَنْدُوبَةٌ، فَإِنْ قُصِدَ بِهَا مُبَاحٌ فَهِيَ مُبَاحَةٌ، وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي صِحَّتُهَا إذَا جَرَتْ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ لِيَتَقَوَّى بِهَا عَلَى أَمْرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِأَنَّ الْقَصْدَ جَوْدَةُ هَذَا) أَيْ وَفِي ذَاكَ الْقَصْدُ جَوْدَةُ الْفَرَسِ

الْمَالِ) كَذَا وَهَذَا مُخْتَصٌّ بِالْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ (أَوْ) فَلَهُ (عَلَيَّ كَذَا) وَهَذَا عَامٌّ لِكُلِّ أَحَدٍ حَتَّى الْإِمَامَ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْحَضِّ عَلَى تَعَلُّمِ الْفُرُوسِيَّةِ وَبَذْلِ مَالٍ فِي قُرْبَةٍ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ نَدْبُ ذَلِكَ (وَ) يَجُوزُ شَرْطُهُ (مِنْ أَحَدِهِمَا فَيَقُولُ إنْ سَبَقْتَنِي فَلَكَ عَلَيَّ كَذَا وَإِنْ سَبَقْتُكَ فَلَا شَيْءَ) لِي (عَلَيْك) إذْ لَا قِمَارَ. (فَإِنْ شَرَطَ أَنَّ مَنْ سَبَقَ مِنْهُمَا فَلَهُ عَلَى الْآخَرِ كَذَا لَمْ يَصِحَّ) لِتَرَدُّدِ كُلٍّ بَيْنَ أَنْ يَغْنَمَ وَيَغْرَمَ وَهُوَ قِمَارٌ مُحَرَّمٌ (إلَّا بِمُحَلِّلٍ) كُفْءٍ لَهُمَا فِي الْمَرْكُوبِ وَغَيْرِهِ وَ (فَرَسُهُ) مَثَلًا الْمُعَيَّنُ (كُفْءٌ) بِتَثْلِيثِ أَوَّلِهِ: أَيْ مُسَاوٍ (لِفَرَسَيْهِمَا) إنْ سَبَقَ أَخَذَ مَالَهُمَا وَإِنْ سُبِقَ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا وَلِهَذَا سُمِّيَ مُحَلِّلًا لِحِلِّ الْمَالِ بِسَبَبِهِ وَحِينَئِذٍ فَيَصِحُّ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «مَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَهُوَ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَسْبِقَ فَلَيْسَ بِقِمَارٍ، وَمَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَقَدْ أَمِنَ أَنْ يَسْبِقَ فَهُوَ قِمَارٌ» فَإِذَا كَانَ قِمَارًا عِنْدَ الْأَمْنِ مِنْ سَبْقِ فَرَسِ الْمُحَلِّلِ فَعِنْدَ عَدَمِ الْمُحَلِّلِ أَوْلَى، وَقَوْلُهُ فِيهِ بَيْنَ فَرَسَيْنِ لِلْغَالِبِ فَيَجُوزُ كَوْنُهُ بِجَنْبِ أَحَدِهِمَا إنْ رَضِيَا وَإِلَّا تَعَيَّنَ التَّوَسُّطُ، وَيَكْفِي مُحَلِّلٌ وَاحِدٌ بَيْنَ أَكْثَرِ مِنْ فَرَسَيْنِ، فَالتَّثْنِيَةُ فِيهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فَاعِلٌ مُطَابِقٌ لِلْخَبَرِ، أَمَّا إذَا لَمْ يُكَافِئْ فَرَسُهُ فَرَسَيْهِمَا فَلَا يَصِحُّ نَظِيرَ مَا مَرَّ، وَيَنْبَغِي لِلْمُحَلِّلِ أَنْ يُجْرِيَ فَرَسَهُ بَيْنَ فَرَسَيْهِمَا، فَإِنْ أَجْرَاهَا بِجَنْبِ أَحَدِهِمَا جَازَ حَيْثُ تَرَاضَيَا بِذَلِكَ، وَالْمُحَلِّلُ بِكَسْرِ اللَّامِ. (فَإِنْ سَبَقَهُمَا أَخَذَ الْمَالَيْنِ) سَوَاءٌ أَجَاءَا مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا (وَإِنْ سَبَقَاهُ وَجَاءَا مَعَهُ) أَوْ لَمْ يَسْبِقْ أَحَدٌ (فَلَا شَيْءَ لِأَحَدٍ وَإِنْ جَاءَ مَعَ أَحَدِهِمَا) وَتَأَخَّرَ الْآخَرُ (فَمَالُ هَذَا) الَّذِي جَاءَ مَعَهُ (لِنَفْسِهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يُسْبَقْ (وَمَالُ الْمُتَأَخِّرِ لِلْمُحَلِّلِ وَاَلَّذِي مَعَهُ) لِأَنَّهُمَا سَبَقَاهُ (وَقِيلَ لِلْمُحَلِّلِ فَقَطْ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مُحَلِّلٌ لِنَفْسِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مُحَلِّلٌ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ (وَإِنْ جَاءَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ الْمُحَلِّلُ ثُمَّ الْآخَرُ) أَوْ سَبَقَاهُ وَجَاءَا مُرَتَّبِينَ أَوْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا وَجَاءَ مَعَ الْمُتَأَخِّرِ (فَمَالُ الْآخَرِ لِلْأَوَّلِ فِي الْأَصَحِّ) لِسَبْقِهِ لَهُمَا، فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ حُكْمُ جَمِيعِ الصُّوَرِ الثَّمَانِيَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْأَصْحَابُ وَهِيَ أَنْ يَسْبِقَهُمَا وَهُمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا أَوْ يَسْبِقَاهُ وَهُمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا أَوْ يَتَوَسَّطَهُمَا أَوْ يُصَاحِبَ أَوَّلَهُمَا أَوْ ثَانِيَهُمَا أَوْ تَأْتِيَ الثَّلَاثَةُ مَعًا (وَإِنْ) (تَسَابَقَ ثَلَاثَةٌ فَصَاعِدًا وَشُرِطَ) مِنْ رَابِعٍ (لِلثَّانِي مِثْلَ الْأَوَّلِ) (فَسَدَ) الْعَقْدُ لِأَنَّ كُلًّا لَا يَجْتَهِدُ فِي السَّبْقِ لِوُثُوقِهِ بِالْمَالِ سَبَقَ أَوْ سُبِقَ وَقَدْ تَبِعَ فِي ذَلِكَ الْمُحَرَّرَ، لَكِنَّ الْأَصَحَّ فِي الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحَيْنِ الصِّحَّةُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّ كُلًّا يَجْتَهِدُ وَيَسْعَى أَنْ يَكُونَ سَابِقًا أَوْ مُصَلِّيًا، نَعَمْ لَوْ شَرَطَ لِلثَّانِي أَكْثَرَ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ كَانَا اثْنَيْنِ فَقَطْ وَشَرَطَ لِلثَّانِي مِثْلَ الْأَوَّلِ فَسَدَ (وَ) إذَا شَرَطَ لِلثَّانِي (دُونَهُ) أَيْ الْأَوَّلِ (يَجُوزُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ يَسْعَى وَيَجْتَهِدُ لِيَفُوزَ بِالْأَكْثَرِ وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّهُ قَدْ يَكْسَلُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يَفُوزُ بِشَيْءٍ. وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْخَيْلِ الَّتِي تَجْتَمِعُ لِلسِّبَاقِ عَشَرَةَ أَسْمَاءٍ نَظَمَهَا بَعْضُ الْفُضَلَاءِ فَقَالَ: سَابِقٌ بَعْدَهُ مُصَلٍّ مُسَلٍّ ... ثُمَّ تَالٍ فَعَاطِفٌ مُرْتَاحُ ـــــــــــــــــــــــــــــSمُبَاحٍ أَوْ مَكْرُوهٍ، وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقْصِدَ الْمُسْلِمُ التَّعَلُّمَ مِنْ الْكَافِرِ لِشِدَّةِ حِذْقِهِ فِيهِ (قَوْلُهُ: نُدِبَ ذَلِكَ) أَيْ بَذْلُ الْمَالِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا قِمَارَ) هُوَ بِكَسْرِ الْقَافِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ قِمَارٌ) آخَرُ (قَوْلُهُ: فَالتَّثْنِيَةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَاعِلٌ) صَوَابُهُ مِثَالٌ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي لِلْمُحَلِّلِ إلَخْ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلَ وَقَوْلُهُ فِيهِ بَيْنَ فَرَسَيْنِ الْغَالِبُ فَيَجُوزُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ مُصَلِّيًا) مِنْ أَسْمَاءِ الْخَيْلِ (قَوْلُهُ سَابِقٌ) أَيْ وَيُقَالُ لَهُ الْمُجَلِيُّ (قَوْلُهُ: فَعَاطِفٌ) أَيْ وَيُقَالُ لَهُ الْبَارِعُ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إنْ سَبَقَ أَخَذَ مَالَهُمَا إلَخْ) أَيْ وَهَذَا مَشْرُوطٌ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ شَرْطِ أَنَّ مَنْ سَبَقَ مِنْهُمَا فَلَهُ مَالُ الْآخَرِ الَّذِي هُوَ مَمْنُوعٌ لَوْلَا الْمُحَلَّلُ كَمَا عُلِمَ مِنْ سِيَاقِ الْمَتْنِ، وَعَلَى هَذَا تُنَزَّلُ الْأَحْكَامُ الْآتِيَةُ فِي الْمَتْنِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فِي الْخَبَرِ وَهُوَ لَا يَأْمَنُ أَنْ يُسْبَقَ) هُوَ بِبِنَاءِ يَأْمَنُ لِلْفَاعِلِ وَبِنَاءُ يُسْبَقُ لِلْمَفْعُولِ عَكْسُ مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَقَدْ أُمِنَ أَنْ يَسْبِقَ فَإِنَّهُ بِبِنَاءِ أُمِنَ لِلْمَفْعُولِ وَبِنَاءِ يَسْبِقُ لِلْفَاعِلِ لِيُطَابِقَ الرِّوَايَةَ الْأُخْرَى وَبِهِ يَتِمُّ الدَّلِيلُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَعِنْدَ عَدَمِ الْمُحَلِّلِ أَوْلَى) أَيْ وَلِأَنَّ مَعْنَى الْقِمَارِ مَوْجُودٌ فِيهِ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا يَرْجُو الْغُنْمَ وَيَخَافُ الْغُرْمَ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي لِلْمُحَلِّلِ أَنْ يُجْرِيَ فَرَسَهُ إلَخْ) تَقَدَّمَ هَذَا قَرِيبًا.

سَابِعٌ فَالْمُؤَمِّلُ الْحَظِيُّ يَلِيهِ ... لَطِيمٌ لِعَدْوِهِ يَرْتَاحُ وَعَاشِرٌ فِسْكِلٌ وَيُسَمَّى سُكَيْتَا ... عَدْوُهَا كُلِّهَا حَكَتْهُ الرِّيَاحُ (وَسَبْقُ إبِلٍ) وَكُلِّ ذِي خُفٍّ عِنْدَ إطْلَاقِ الْعَقْدِ (بِكَتِفٍ) أَوْ بَعْضِهِ عِنْدَ الْغَايَةِ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْكَتَدِ بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا وَهُوَ مُجْتَمَعُ الْكَتِفَيْنِ بَيْنَ أَصْلِ الْعُنُقِ وَالظَّهْرِ وَيُسَمَّى بِالْكَاهِلِ أَيْضًا، وَآثَرَ الْمُصَنِّفُ الْأَوَّلَ لِشُهْرَتِهِ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَرْفَعُ أَعْنَاقَهَا فِي الْعَدْوِ وَالْفِيلُ لَا عُنُقَ لَهُ فَتَعَذَّرَ اعْتِبَارُهُ (وَخَيْلٍ) وَكُلِّ ذِي حَافِرٍ (بِعُنُقٍ) أَوْ بَعْضِهِ عِنْدَ الْغَايَةِ لِأَنَّهَا لَا تَرْفَعُهُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ رَفَعَتْهُ اُعْتُبِرَ فِيهَا الْكَتِفُ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ بَلْ صَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ، وَلَوْ اخْتَلَفَ طُولُ عُنُقِهِمَا فَسَبَقَ الْأَطْوَلُ بِتَقَدُّمِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الزَّائِدِ، وَأَمَّا سَبْقُ الْأَقْصَرِ فَيَظْهَرُ فِيهِ الِاكْتِفَاءُ بِمُجَاوَزَةِ عُنُقِهِ بَعْضَ زِيَادَةِ الْأَطْوَلِ لَا كُلَّهَا (وَقِيلَ) السَّبْقُ (بِالْقَوَائِمِ فِيهِمَا) أَيْ الْإِبِلِ وَالْخَيْلِ لِأَنَّ الْعَدْوَ بِهَا، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَإِنْ شَرَطَا فِي السَّبْقِ أَقْدَامًا مَعْلُومَةً لَمْ يَحْصُلْ بِمَا دُونِهَا، وَلَوْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا فِي وَسَطِ الْمَيْدَانِ وَالْآخَرُ فِي آخِرِهِ فَهُوَ السَّابِقُ، فَإِنْ عَثَرَ أَوْ سَاخَتْ قَوَائِمُهُ فِي الْأَرْضِ فَتَقَدَّمَ الْآخَرُ لَمْ يَكُنْ سَابِقًا، وَكَذَا لَوْ وَقَفَ بَعْدَ جَرْيِهِ لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ فَإِنْ وَقَفَ بِلَا عِلَّةٍ كَانَ مَسْبُوقًا (وَيُشْتَرَطُ لِلْمُنَاضَلَةِ) أَيْ فِيهَا (بَيَانُ أَنَّ الرَّمْيَ مُبَادَرَةٌ وَهِيَ أَنْ يَبْدُرَ) بِضَمِّ الدَّالِ أَيْ يَسْبِقَ (أَحَدُهُمَا بِإِصَابَةِ) الْوَاحِدِ أَوْ (الْعَدَدِ الْمَشْرُوطِ) إصَابَتَهُ مِنْ عَدَدٍ مَعْلُومٍ كَعِشْرِينَ مِنْ كُلٍّ مَعَ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْعَدَدِ الْمَرْمِيِّ أَوْ الْيَأْسِ مِنْ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْإِصَابَةِ، فَلَوْ شَرَطَ أَنَّ مَنْ سَبَقَ لِخَمْسَةٍ مِنْ عِشْرِينَ فَلَهُ كَذَا فَرَمَى كُلُّ عِشْرِينَ أَوْ عَشَرَةٍ وَتَمَيَّزَ أَحَدُهُمَا بِإِصَابَةِ الْخَمْسَةِ فَهُوَ النَّاضِلُ وَإِلَّا فَلَا، فَإِنْ أَصَابَ أَحَدُهُمَا خَمْسَةً مِنْ عِشْرِينَ وَالْآخَرُ أَرْبَعَةً مِنْ تِسْعَةَ عَشَرَ أَتَمَّهَا لِجَوَازِ أَنْ يُصِيبَ فِي الْبَاقِي فَلَا يَكُونُ الْأَوَّلُ نَاضِلًا، وَإِنْ أَصَابَ مِنْهَا ثَلَاثَةً لَمْ يَتِمَّ الْبَاقِي وَصَارَ مَنْضُولًا (أَوْ مُحَاطَّةً) بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ (وَهِيَ أَنْ تُقَابَلَ إصَابَتُهُمَا) مِنْ عَدَدٍ مَعْلُومٍ كَعِشْرِينَ مِنْ كُلٍّ (وَيُطْرَحُ الْمُشْتَرَكُ) بَيْنَهُمَا مِنْ الْإِصَابَاتِ (فَمَنْ زَادَ) مِنْهُمَا بِوَاحِدٍ أَوْ (بِعَدَدِ كَذَا) كَخَمْسٍ (فَنَاضَلَ) لِلْآخَرِ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ اشْتِرَاطِ مَا ذُكِرَ تَبِعَ فِيهِ الْمُحَرَّرَ وَجَرَى عَلَيْهِ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي التَّصْحِيحِ، لَكِنَّ الْأَصَحَّ فِي الرَّوْضَةِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَدَمُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ يُحْمَلُ عَلَى الْمُبَادَرَةِ وَإِنْ جَهِلَاهَا ` لِأَنَّهُ الْغَالِبُ، وَيُفَرِّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا يَأْتِي بِأَنَّ الْجَهْلَ بِهَذَا نَادِرٌ جِدًّا فَلَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَالْمُؤَمِّلُ) الْفَاءُ زَائِدَةٌ، قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: الْمُرَمِّلُ بِالرَّاءِ وَيُقَالُ الْمُؤَمِّلُ بِالْهَمْزِ اهـ. وَفِي الْمُخْتَارِ: الْمُؤَمِّنُ بِالنُّونِ بَدَلَ اللَّامِ، وَذَكَرَ جُمْلَةَ الْأَسْمَاءِ فِي فَصْلِ الْفَاءِ مِنْ بَابِ اللَّامِ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت أَصْلَهُ بِاللَّامِ (قَوْلُهُ: فِسْكِلٌ) بِكَسْرِ الْفَاءِ وَالْكَافِ وَيُقَالُ بِضَمِّهَا اهـ شَرْحُ رَوْضٍ. وَفِي الْمُخْتَارِ إنَّهُ يُقَالُ لَهُ الْقَاشُورُ اهـ (قَوْلُهُ: وَيُسَمَّى سُكَيْتًا) مُخَفَّفًا كَالْكُمَيْتِ وَمُثَقَّلًا أَيْضًا اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ عَدْوُهَا كُلُّهَا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَمِنْهُمْ مِنْ زَادَ حَادِي عَشْرَ سَمَّاهُ الْمَقْرُوحَ وَالْفُقَهَاءُ قَدْ يُطْلِقُونَهَا عَلَى رُكَّابِ الْخَيْلِ اهـ (قَوْلُهُ: بَعْضُ زِيَادَةِ الْأَطْوَلِ لَا كُلِّهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقَدُّمِ صَاحِبِ الْأَقْصَرِ بِقَدْرٍ مِنْ الزَّائِدِ وَمُجَاوَزَةِ ذَلِكَ الْقَدْرِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، بَلْ الشَّرْطُ أَنْ يُجَاوِزَ قَدْرَ عُنُقِهِ مِنْ عُنُقِ الْأَطْوَلِ، فَمَتَى زَادَ بِجُزْءٍ مِنْ عُنُقِ الْأَطْوَلِ عَلَى عُنُقِهِ عُدَّ سَابِقًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَثَرَ) وَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ صَاحِبِ الْفَرَسِ الْعَاثِرِ فِي ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ أَوْ سَاخَتْ: أَيْ غَاصَتْ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْأَصَحَّ فِي الرَّوْضَةِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَدَمُهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: فَالْمُؤَمَّلُ) هُوَ بِالْهَمْزِ وَيُقَالُ لَهُ الْمُرَمَّلُ بِالرَّاءِ بَدَلَ الْهَمْزَةِ (قَوْلُهُ: فِسْكِلٌ) هُوَ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَالْكَافِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَصَابَ أَحَدُهُمَا خَمْسَةً مِنْ عِشْرِينَ) لَعَلَّ الْخَامِسَ مِنْ الْإِصَابَاتِ إنَّمَا حَصَلَتْ عِنْدَ تَمَامِ الْعِشْرِينَ، وَإِلَّا فَلَوْ حَصَلَتْ قَبْلُ فَهُوَ نَاضِلٌ لِأَنَّهُ

(وَ) يُشْتَرَطُ لِلْمُنَاضَلَةِ (بَيَانُ عَدَدِ نُوَبِ الرَّمْيِ) فِي الْمُحَاطَّةِ وَالْمُبَادَرَةِ جَمِيعًا لِيَكُونَ لِلْعَمَلِ وَهِيَ الْمُنَاضَلَةُ كَالْمَيْدَانِ فِي الْمُسَابَقَةِ وَنُوَبُ الرَّمْيِ هِيَ الْإِرْشَاقُ كَرَمْيِ سَهْمٍ سَهْمٍ أَوْ خَمْسَةٍ خَمْسَةٍ، وَيَجُوزُ اتِّفَاقُهُمَا عَلَى أَنْ يَرْمِيَ أَحَدُهُمَا الْجَمِيعَ ثُمَّ الْآخَرُ كَذَلِكَ، وَالْإِطْلَاقُ مَحْمُولٌ عَلَى سَهْمٍ سَهْمٍ، فَلَوْ رَمَى أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ مِنْ النَّوْبَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ لَهُ إمَّا بِاتِّفَاقٍ أَوْ بِإِطْلَاقِ الْعَقْدِ لَمْ تُحْسَبْ الزِّيَادَةُ لَهُ إنْ أَصَابَ وَلَا عَلَيْهِ إنْ أَخْطَأَ، فَلَوْ عَقَدَا عَلَى عَدَدٍ كَثِيرٍ عَلَى أَنْ يَرْمِيَا بُكْرَةَ كُلِّ يَوْمٍ كَذَا وَعَشِيَّتَهُ كَذَا جَازَ، وَلَا يَفْتَرِقَانِ كُلَّ يَوْمٍ إلَّا بَعْدَ اسْتِكْمَالِ عَدَدِهِ مَا لَمْ يَعْرِضْ عُذْرٌ كَمَرَضٍ أَوْ رِيحٍ عَاصِفٍ، ثُمَّ يَرْمِيَانِ عَلَى مَا مَضَى فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَوْ بَعْدَهُ. وَيَجُوزُ أَنْ يُشْرَطَ الرَّمْيُ طُولَ النَّهَارِ فَيَلْزَمُهُمَا الْوَفَاءُ بِهِ، وَأَوْقَاتُ الضَّرُورَةِ مُسْتَثْنَاةٌ كَصَلَاةٍ وَطَهَارَةٍ وَأَكْلٍ وَقَضَاءِ حَاجَةٍ كَالْإِجَارَةِ، وَعُرُوضُ الْحَرِّ الْخَفِيفِ لَيْسَ بِعُذْرٍ، وَمَتَى غَرَبَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ فَرَاغِ وَظِيفَةِ الْيَوْمِ لَمْ يَرْمِيَا لَيْلًا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَاهُ وَهُمْ مُحْتَاجُونَ إلَى مَا يَسْتَضِيئُونَ بِهِ وَقَدْ يَكْتَفُونَ بِضَوْءِ الْقَمَرِ (وَ) بَيَانُ عَدَدِ (الْإِصَابَةِ) كَخَمْسَةٍ مِنْ عِشْرِينَ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِالْإِصَابَةِ، وَبِهَا يَتَبَيَّنُ حِذْقُ الرَّامِي وَجَوْدَةُ رَمْيِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ ذَلِكَ مُمْكِنًا، فَإِنْ نَدَرَ كَتِسْعَةٍ مِنْ عَشَرَةٍ أَوْ عَشَرَةٍ مِنْ عَشَرَةٍ لَمْ تَصِحَّ، وَلَوْ كَانَ مُمْتَنِعًا كَمِائَةٍ مُتَوَالِيَةٍ لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا، أَوْ مُتَيَقَّنًا كَإِصَابَةِ الْحَاذِقِ وَاحِدًا مِنْ مِائَةٍ فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ لِأَنَّهُ عَبَثٌ، وَيُشْتَرَطُ اتِّحَادُ جِنْسِ مَا يُرْمَى بِهِ لَا كَسَهْمٍ مَعَ مِزْرَاقٍ، وَالْعِلْمُ بِمَالٍ شَرْطٌ وَتَقَارُبُ الْمُتَنَاضِلَيْنِ فِي الْحِذْقِ وَتَعَيُّنُ الْمَوْقِفِ وَالِاسْتِوَاءُ فِيهِ (وَ) بَيَانُ عِلْمِ الْمَوْقِفِ وَالْغَايَةِ، وَ (مَسَافَةِ الرَّمْيِ) بِذَرْعٍ أَوْ مُشَاهَدَةٍ إنْ لَمْ تَكُنْ ثَمَّ عَادَةٌ وَقَصَدَا غَرَضًا وَإِلَّا لَمْ يُحْتَجْ لِبَيَانِ ذَلِكَ وَيُنَزَّلُ عَلَى عَادَةِ الرُّمَاةِ الْغَالِبَةِ، ثُمَّ إنْ عَرَفَاهَا وَإِلَّا اُشْتُرِطَ بَيَانُهَا. وَيَصِحُّ رُجُوعُ قَوْلِهِ الْآتِي إلَّا أَنْ يَعْقِدَ إلَخْ لِهَذَا أَيْضًا، وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ، وَلَوْ تَنَاضَلَا عَلَى أَنْ يَكُونَ السَّبَقُ لِأَبْعَدِهِمَا رَمْيًا وَلَمْ يَقْصِدَا غَرَضًا صَحَّ الْعَقْدُ إنْ اسْتَوَى السَّهْمَانِ خِفَّةً وَرَزَانَةً وَالْقَوْسَانِ شِدَّةً وَلِينًا، فَإِنْ ذَكَرَا غَايَةً لَا تَبْلُغُهَا السِّهَامُ لَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ كَانَتْ الْإِصَابَةُ فِيهَا نَادِرَةً. وَالْغَالِبُ وُقُوعُهَا فِي مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ ذِرَاعًا: أَيْ بِذِرَاعِ الْيَدِ الْمُعْتَدِلَةِ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّحْدِيدَ بِذَلِكَ بِاعْتِبَارِ مَا مَضَى لِلسَّلَفِ وَإِلَّا فَلَوْ وُجِدَ حَاذِقٌ يَرْمِي مِنْ أَضْعَافِ ذَلِكَ لَمْ يَبْعُدْ التَّقْدِيرُ فِيهِ بِمَا يُنَاسِبُهُ اعْتِبَارًا فِي كُلِّ قَوْمٍ وَزَمَنٍ إلَى عُرْفِهِمْ (قَدْرَ الْغَرَضِ) الْمُرْمَى إلَيْهِ مِنْ نَحْوِ خَشَبٍ وَقِرْطَاسٍ وَدَائِرَةٍ (طُولًا وَعَرْضًا) وَسُمْكًا وَارْتِفَاعًا مِنْ الْأَرْضِ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ (إلَّا أَنْ يَعْقِدَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ عَدَمُ اشْتِرَاطِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمُبَادَرَةِ أَوْ الْمُحَاطَّةِ (قَوْلُهُ لِيَكُونَ لِلْعَمَلِ) انْضِبَاطٌ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ ثُمَّ يَرْمِيَانِ) أَيْ بَانِيَيْنِ عَلَى مَا مَضَى إلَخْ (قَوْلُهُ وَهُمْ مُحْتَاجُونَ إلَى مَا يَسْتَضِيئُونَ بِهِ) مُسْتَأْنَفٌ: يَعْنِي أَنَّهُمَا إذَا شَرْطَاهُ تَعَيَّنَ الْعَمَلُ بِهِ حَيْثُ تَيَسَّرَ مَا يَسْتَضِيئُونَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَكْتَفُونَ بِضَوْءِ الْقَمَرِ) وَهَلْ يَرْمِيَانِ الْبَقِيَّةَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي أَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ أَوْ تَسْقُطُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الثَّالِثُ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ ذَلِكَ مُمْكِنًا) أَيْ إمْكَانًا قَرِيبًا لِيَصِحَّ التَّفْرِيعُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ نَدَرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ عَشَرَةٍ مِنْ عَشَرَةٍ) مِنْ فِيهِ ابْتِدَائِيَّةٌ لَا تَبْعِيضِيَّةٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا) أَيْ لَكِنَّ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِي النَّادِرِ عَلَى الْأَصَحِّ وَفِي الْمُمْتَنِعِ مَقْطُوعٌ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقْصِدَا غَرَضًا صَحَّ إلَخْ) وَهَذَا بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي الرَّاكِبَيْنِ مِنْ أَنَّهُمَا لَوْ شَرَطَا الْمَالَ لِمَنْ سَبَقَ حَيْثُ سَبَقَ لَمْ يَجُزْ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ سَبْقَ الْفَرَسِ فِي الْعَادَةِ لَا يَنْضَبِطُ غَالِبًا بِخِلَافِ هَذَا (قَوْلُهُ: بِمَا يُنَاسِبُهُ اعْتِبَارًا) أَيْ نَظَرًا (قَوْلُهُ: وَقِرْطَاسٍ وَدَائِرَةٍ) أَيْ فِي الْغَرَضِ (قَوْلُهُ وَسُمْكًا) الْمُرَادُ بِهِ الثِّخَنُ لَا مَا مَرَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQصَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ بَدَرَ بِإِصَابَةِ الْعَدَدِ الْمَشْرُوطِ مَعَ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْعَدَدِ الْمَرْمِيِّ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَبَيَانُ عَدَدِ نُوَبِ الرَّمْيِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى خِلَافِ الْمُعْتَمَدِ السَّابِقِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ حَجَرٍ، وَسَيُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي، وَالْإِطْلَاقُ مَحْمُولٌ عَلَى سَهْمٍ سَهْمٍ (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ) مُتَعَلِّقٌ بِيَرْمِيَانِ (قَوْلُهُ: وَبَيَانُ عِلْمِ الْمَوْقِفِ) لَا مَعْنَى لِلْجَمْعِ بَيْنَ بَيَانٍ وَعِلْمٍ كَمَا نَبَّهَ

بِمَوْضِعٍ فِيهِ غَرَضٌ مَعْلُومٌ فَيُحْمَلُ) الْعَقْدُ (الْمُطْلَقُ) عَنْ بَيَانِ غَرَضٍ (عَلَيْهِ) أَيْ الْغَرَضِ الْمُعْتَادِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْمَسَافَةِ، وَلَا بُدَّ أَيْضًا مِنْ بَيَانِ كَوْنِ الْغَرَضِ هَدَفًا أَمْ غَرَضًا مَنْصُوبًا فِيهِ أَمْ دَائِرَةً فِي الشَّنِّ أَمْ خَاتَمًا فِي الدَّائِرَةِ إنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ شَرْطِهِ (وَلْيُبَيِّنَا) نَدْبًا (صِفَةَ الرَّامِي) الْمُتَعَلِّقِ بِإِصَابَةِ الْغَرَضِ (مِنْ قَرْعٍ) بِسُكُونِ الرَّاءِ (وَهُوَ إصَابَةُ الشَّنِّ) وَهُوَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ الْمُعْجَمِ الْجِلْدُ الْبَالِي، وَالْمُرَادُ هُنَا مُطْلَقُ الْغَرَضِ (بِلَا خَدْشٍ) أَيْ يَكْفِي فِيهِ ذَلِكَ لَا أَنَّ مَا بَعْدَهُ يَضُرُّ، وَكَذَا فِي الْبَاقِي (أَوْ خَزْقٍ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ لِلْمُعْجَمَتَيْنِ (وَهُوَ أَنْ يَثْقُبَهُ وَلَا يَثْبُتَ فِيهِ أَوْ خَسْقٍ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ فَسُكُونٍ لِلْمُهْمَلَةِ فَقَافٍ (وَهُوَ أَنْ يَثْبُتَ) فِيهِ أَوْ فِي بَعْضِ طَرَفِهِ وَإِنْ سَقَطَ بَعْدُ، وَيُسَمَّى خَرْمًا. وَقَدْ يُطْلَقُ الْخَسْقُ عَلَى الْمَرْقِ كَمَا جَرَيَا عَلَيْهِ فِي مَوْضِعٍ (أَوْ مَرْقٍ) بِالرَّاءِ (وَهُوَ أَنْ يَنْفُذَ) بِالْمُعْجَمَةِ مِنْهُ وَيَخْرُجَ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ. وَالْحَوَابِي أَنْ يَرْمِيَ عَلَى أَنْ يُسْقِطَ الْأَقْرَبُ لِلْغَرَضِ الْأَبْعَدَ مِنْهُ، وَلَا يَتَعَيَّنُ مَا عَيَّنَاهُ مِنْ هَذِهِ مُطْلَقًا بَلْ كَانَ يُغْنِي عَنْهَا مَا بَعْدَهَا كَمَا مَرَّ فَالْفَرْعُ يُغْنِي عَنْهُ الْخَزْقُ وَمَا بَعْدَهُ، وَالْخَزْقُ يُغْنِي عَنْهُ الْخَسْقُ وَمَا بَعْدَهُ وَهَكَذَا، وَالْعِبْرَةُ بِإِصَابَةِ النَّصْلِ كَمَا يَأْتِي (فَإِنْ أَطْلَقَا) الْعَقْدَ عَنْ ذِكْرٍ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ (اقْتَضَى الْفَرْعُ) لِأَنَّهُ الْمُتَعَارَفُ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْأَمْرَ فِي قَوْلِهِ وَلْيُبَيِّنَا لِلنَّدَبِ كَمَا مَرَّ دُونَ الْوُجُوبِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ مَعَ الْإِطْلَاقِ (وَيَجُوزُ عِوَضُ الْمُنَاضَلَةِ مِنْ حَيْثُ يَجُوزُ عِوَضُ الْمُسَابَقَةِ وَبِشَرْطِهِ) فَيَجُوزُ مِنْ غَيْرِهِمَا وَمِنْ أَحَدِهِمَا، وَكَذَا مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا بِمُحَلِّلٍ كُفْءٍ لَهُمَا، فَإِنْ كَانَا حِزْبَيْنِ فَكُلُّ حِزْبٍ كَشَخْصٍ (وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ قَوْسٍ وَسَهْمٍ) بِصِفَةٍ وَلَا نَوْعٍ لِأَنَّ اخْتِلَافَ أَنْوَاعِ الْقِسِيِّ وَالسِّهَامِ لَا يَضُرُّ هُنَا، بِخِلَافِ نَحْوِ الْفَرَسِ، فَإِنْ أَطْلَقَا وَاتَّفَقَا عَلَى شَيْءٍ وَإِلَّا فُسِخَ الْعَقْدُ (فَإِنْ عُيِّنَ) قَوْسٌ أَوْ سَهْمٌ بِعَيْنِهِ (لَغَا) تَعْيِينُهُ (وَجَازَ إبْدَالُهُ بِمِثْلِهِ) مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ، سَوَاءٌ أُحْدِثَ فِيهِ خَلَلُ أَمْ لَا، وَاحْتُرِزَ بِمِثْلِهِ عَنْ الِانْتِقَالِ مِنْ نَوْعٍ إلَى نَوْعٍ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِالرِّضَا لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ بِهِ أَدْرَبُ (فَإِنْ شَرَطَ مَنْعَ إبْدَالِهِ فَسَدَ الْعَقْدُ) لِأَنَّهُ شَرْطٌ فَاسِدٌ يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَأَفْسَدَهُ (وَالْأَظْهَرُ اشْتِرَاطُ بَيَانِ الْبَادِئِ بِالرَّمْيِ) لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهِ، فَإِنْ تَرَكَاهُ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ، وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ وَيُقْرَعُ، وَلَا بُدَّ أَيْضًا مِنْ تَعْيِينِ الرَّامِي بِالشَّخْصِ كَمَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمَرْكُوبِ فِي الْمُسَابَقَةِ، وَلَوْ رَمَى مِنْ غَيْرِ إذْنِ أَصْحَابِهِ. قَالَ ابْنُ كَجٍّ: لَمْ يُحْسَبْ مَا رَمَاهُ أَصَابَ فِيهِ أَمْ أَخْطَأَ، وَخَالَفَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ (وَلَوْ) (حَضَرَ جَمْعٌ لِلْمُنَاضَلَةِ فَانْتَصَبَ) مِنْهُمْ بِرِضَاهُمْ (زَعِيمَانِ) فَلَا يَكْفِي وَاحِدٌ (يَخْتَارَانِ) قَبْلَ الْعَقْدِ (أَصْحَابًا جَازَ) وَيَكُونُ كُلُّ حِزْبٍ فِي الْإِصَابَةِ وَالْخَطَأِ كَالشَّخْصِ الْوَاحِدِ. وَيُشْتَرَطُ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ أَحْذَقُ الْجَمَاعَةِ، وَأَنْ تُقَسَّمَ السِّهَامُ عَلَيْهِمْ بِلَا كَسْرٍ، فَإِنْ تَحَازَبُوا ثَلَاثَةً ثَلَاثَةً اشْتَرَطَ أَنْ يَكُونَ لِلسِّهَامِ ثُلُثٌ صَحِيحٌ كَالثَّلَاثِينَ، وَإِنْ تَحَازَبُوا أَرْبَعَةً أَرْبَعَةً فَرُبُعٌ صَحِيحٌ كَأَرْبَعِينَ، ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي بَابِ الصُّلْحِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالطُّولِ أَطْوَلُ الِامْتِدَادَيْنِ فِيمَا لَيْسَ وَضْعُهُ عَلَى الِانْتِصَابِ، وَبِالِارْتِفَاعِ عُلُوُّهُ إذَا كَانَ وَضْعُهُ عَلَى الِانْتِصَابِ فَالْأَرْبَعَةُ مُتَبَايِنَةٌ (قَوْلُهُ: هَدَفًا) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: الْهَدَفُ كُلُّ شَيْءٍ مُرْتَفِعٍ مِنْ بِنَاءٍ أَوْ كَثِيبِ رَمْلٍ أَوْ جَبَلٍ (قَوْلُهُ: إنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ شَرْطِهِ) وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: وَالْحَوَابِي) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَالْحَوَابِي بِالْمُهْمَلَةِ بِأَنْ يَقَعَ السَّهْمُ بَيْنَ يَدَيْ الْغَرَضِ ثُمَّ يَثِبُ إلَيْهِ مِنْ حَبَا الصَّبِيُّ انْتَهَى. وَمِثْلُهُ فِي حَجّ: أَيْ فَلَهُ إطْلَاقَانِ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ مِثْلُ عِبَارَةِ م ر (قَوْلُهُ: كَمَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمَرْكُوبِ) الَّذِي تَقَدَّمَ فِي الْمَرْكُوبِ اعْتِبَارُ الشَّخْصِ أَوْ الْوَصْفِ، بِخِلَافِ الرَّاكِبِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّعْيِينِ بِالشَّخْصِ، فَكَانَ الْأَوْلَى التَّعْبِيرَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهِ ابْنُ قَاسِمٍ (قَوْلُهُ: أَمْ غَرَضًا) الصَّوَابُ إبْدَالُ أَمْ بِأَوْ فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: بِصِفَةٍ وَلَا نَوْعٍ) كَذَا فِي النُّسَخِ. وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ بِعَيْنِهِ وَلَا نَوْعِهِ انْتَهَتْ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الشَّارِحِ بِصِفَةٍ مُحَرَّفٌ عَنْ قَوْلِهِ بِعَيْنِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ كَمَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمَرْكُوبِ) إنَّمَا لَمْ يَقُلْ وَالرَّاكِبُ لِأَنَّهُ وَإِنْ اشْتَرَطَ تَعْيِينَهُ أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ بِالْقِيَاسِ عَلَى الرَّامِي كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ لِلسِّهَامِ ثُلُثٌ) لَعَلَّ الْمُرَادَ السِّهَامُ الَّتِي تَخُصُّ ذَلِكَ الْحِزْبَ فَلْيُرَاجَعْ

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَخْتَارَ وَاحِدٌ جَمِيعَ حِزْبِهِ أَوَّلًا لِئَلَّا يَأْخُذَ الْحُذَّاقَ، وَيُشْتَرَطُ تَسَاوِي عَدَدِ الْحِزْبَيْنِ كَمَا قَالَهُ الْعِرَاقِيُّونَ، وَبِهِ أَجَابَ الْبَغَوِيّ، وَقَالَ الْإِمَامُ: لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ (وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ تَعْيِينِهِمَا) أَيْ الْأَصْحَابِ (بِقُرْعَةٍ) لِأَنَّهَا قَدْ تَجْمَعُ الْحُذَّاقَ فِي جَانِبٍ وَضِدَّهُمْ فِي آخَرَ فَيَفُوتُ مَقْصُودُ الْمُنَاضَلَةِ، نَعَمْ إنْ ضُمَّ حَاذِقٌ إلَى غَيْرِهِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَأَقْرَعَ فَلَا بَأْسَ قَالَهُ الْإِمَامُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ الْمَذْكُورِ (فَإِنْ اخْتَارَ) أَحَدُ الزَّعِيمَيْنِ (غَرِيبًا ظَنَّهُ رَامِيًا فَبَانَ خِلَافَهُ) أَيْ غَيْرَ مُحْسِنٍ لِأَصْلِ الرَّمْيِ (بَطَلَ الْعَقْدُ فِيهِ وَسَقَطَ مِنْ الْحِزْبِ الْآخَرِ وَاحِدٌ) فِي مُقَابَلَتِهِ لِيَحْصُلَ التَّسَاوِي، قَالَ جَمْعٌ وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَغَيْرُهُ هُوَ مَا اخْتَارَهُ زَعِيمُهُ فِي مُقَابَلَتِهِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ كُلَّ زَعِيمٍ يَخْتَارُ وَاحِدًا ثُمَّ الْآخَرُ فِي مُقَابَلَتِهِ وَاحِدًا وَهَكَذَا، لَكِنْ يَرُدُّهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَتَأَتَّ قَوْلُهُمْ الْآتِي وَتَنَازَعُوا فِيمَنْ يَسْقُطُ بَدَلُهُ. أَمَّا لَوْ بَانَ ضَعِيفَ الرَّمْيِ أَوْ قَلِيلَ الْإِصَابَةِ فَلَا فَسْخَ لِأَصْحَابِهِ أَوْ فَوْقَ مَا ظَنُّوهُ فَلَا فَسْخَ لِلْحِزْبِ الْآخَرِ (وَفِي بُطْلَانِ) الْعَقْدِ فِي (الْبَاقِي قَوْلًا) تَفْرِيقِ (الصَّفْقَةِ) وَأَصَحُّهُمَا الصِّحَّةُ فَيَصِحُّ هُنَا (فَإِنْ صَحَّحْنَا فَلَهُمْ جَمِيعًا الْخِيَارُ) بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ لِلتَّبْعِيضِ (فَإِنْ أَجَازُوا وَتَنَازَعُوا فِيمَنْ يَسْقُطُ بَدَلُهُ فُسِخَ الْعَقْدُ) لِتَعَذُّرِ إمْضَائِهِ (وَإِذَا نَضَلَ حِزْبٌ قُسِّمَ الْمَالُ) بَيْنَهُمْ (بِحَسَبِ الْإِصَابَةِ) لِأَنَّهُمْ اسْتَحَقُّوا بِهَا، فَمَنْ لَا إصَابَةَ لَهُ لَا شَيْءَ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ أَخَذَ بِحَسَبِ إصَابَتِهِ (وَقِيلَ) يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ (بِالسَّوِيَّةِ) لِأَنَّهُمْ كَشَخْصٍ وَاحِدٍ كَمَا أَنَّ الْمَنْضُولِينَ يَغْرَمُونَ بِالسَّوِيَّةِ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ وَالْأَشْبَهُ فِي الشَّرْحَيْنِ بَلْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّ تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ سَبْقُ قَلَمٍ (وَيُشْتَرَطُ فِي الْإِصَابَةِ الْمَشْرُوطَةِ أَنْ تَحْصُلَ بِالنَّصْلِ) الَّذِي فِي السَّهْمِ دُونَ فَوْقِهِ وَعُرْضِهِ بِالضَّمِّ لِأَنَّهُ الْمُتَعَارَفُ، نَعَمْ إنْ قَارَنَ ابْتِدَاءَ رَمْيِهِ رِيحٌ عَاصِفَةٌ لَمْ يُحْسَبْ لَهُ إنْ أَصَابَ وَلَا عَلَيْهِ إنْ أَخْطَأَ لِقُوَّةِ تَأْثِيرِهَا (فَلَوْ تَلِفَ وَتَرٌ أَوْ قَوْسٌ) قَبْلَ خُرُوجِ السَّهْمِ لَا بِتَقْصِيرِهِ وَسُوءِ رَمْيِهِ (أَوْ عَرَضَ شَيْءٌ) كَشَخْصٍ أَوْ بَهِيمَةٍ (انْصَدَمَ بِهِ السَّهْمُ وَأَصَابَ حُسِبَ لَهُ) لِأَنَّ الْإِصَابَةَ مَعَ النَّكْبَةِ الْعَارِضَةِ تَدُلُّ عَلَى جَوْدَةِ رَمْيِهِ وَقُوَّتِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُصِبْ (لَمْ يُحْسَبْ عَلَيْهِ) إحَالَةً عَلَى السَّبَبِ الْعَارِضِ، فَإِنْ تَلِفَ الْوَتَرُ أَوْ الْقَوْسُ لِسُوءِ رَمْيِهِ وَتَقْصِيرِهِ حُسِبَ عَلَيْهِ (وَلَوْ نَقَلَتْ رِيحٌ الْغَرَضَ فَأَصَابَ مَوْضِعَهُ حُسِبَ لَهُ) إذْ لَوْ كَانَ فِيهِ لَأَصَابَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُصِبْ مَوْضِعَهُ (فَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ) إحَالَةً عَلَى السَّبَبِ الْعَارِضِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَمَا بَعْدَ إلَّا مَزِيدٌ عَلَى الْمُحَرَّرِ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَلَوْ أَصَابَ الْغَرَضَ فِي الْمَوْضِعِ الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ حُسِبَ عَلَيْهِ لَا لَهُ وَلَا تَرِدُ عَلَى الْمِنْهَاجِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي الزَّعِيمَيْنِ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَحْذَقَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ تَسَاوِي عَدَدِ الْحِزْبَيْنِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فَبَانَ خِلَافَهُ) أَيْ بَانَ الرَّامِي غَيْرَ مَا ظُنَّ بِهِ، فَخِلَافُهُ بِالنَّصْبِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يَرُدُّهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَتَنَازَعُوا فِيمَنْ يَسْقُطُ بَدَلُهُ) يُمْكِنُ تَصْوِيرُ مَحَلِّ النِّزَاعِ بِمَا لَوْ ضُمَّ حَاذِقٌ إلَى غَيْرِهِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَأَقْرَعَ (قَوْلُهُ: أُخِذَ بِحَسَبِ إصَابَتِهِ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ وَقِيلَ يُقَسِّمُ بَيْنَهُمْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَنْ تَحْصُلَ بِالنَّصْلِ) بِالْمُهْمَلَةِ انْتَهَى مَنْهَجٌ (قَوْلُهُ: دُونَ فَوْقِهِ وَعُرْضِهِ بِالضَّمِّ) أَيْ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ قَارَنَ ابْتِدَاءَ رَمْيِهِ) أَيْ أَوْ طَرَأَتْ بَعْدَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَخْتَارَ وَاحِدٌ جَمِيعَ حِزْبِهِ أَوَّلًا إلَخْ) وَإِنَّمَا يَخْتَارُ أَحَدُ الزَّعِيمَيْنِ وَاحِدًا وَالْآخَرُ فِي مُقَابَلَتِهِ وَاحِدًا وَهَكَذَا إلَى الْآخِرِ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ ابْنُ حَجَرٍ، وَأَحَالَ عَلَيْهِ فِيمَا يَأْتِي، وَسَيَأْتِي أَنَّ الشَّارِحَ يَتَّبِعُهُ فِي الْإِحَالَةِ وَإِنْ لَمْ يُقَدِّمْ ذَاكَ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ تَابِعٌ فِي هَذَا لِابْنِ حَجَرٍ وَإِنْ لَمْ يُقَدِّمْ مَا أَحَالَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لَكِنْ يَرُدُّهُ) أَيْ يَرُدُّ مَا بَنَوْهُ عَلَى مَا مَرَّ، فَالْمَرْدُودُ الْمَبْنِيُّ لَا الْمُبْنَى عَلَيْهِ كَمَا يُفِيدُ ذَلِكَ سِيَاقُ ابْنِ حَجَرٍ حَيْثُ جَزَمَ بِالْمُبْنَى عَلَيْهِ فِيمَا مَرَّ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا هُنَا كَمَا فِي الشَّرْحِ، فَتَلَخَّصَ أَنَّ الِاخْتِيَارَ وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا فِي نَظِيرِ وَاحِدٍ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا سَقَطَ وَاحِدٌ سَقَطَ مَنْ اُخْتِيرَ فِي نَظِيرِهِ (قَوْلُهُ: فَوْقَهُ) هُوَ بِضَمِّ الْفَاءِ، وَهُوَ مَوْضِعُ النَّصْلِ مِنْ السَّهْمِ

[كتاب الأيمان]

فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ كَلَامَهُ فِيمَا إذَا طَرَأَتْ الرِّيحُ بَعْدَ الرَّمْيِ وَنَقَلَتْ الْغَرَضَ عَنْ مَوْضِعِهِ، وَكَلَامُ الرَّوْضَةِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الرِّيحُ مَوْجُودَةً فِي الِابْتِدَاءِ فَيُحْسَبُ عَلَيْهِ لِتَفْرِيطِهِ فَهُمَا مَسْأَلَتَانِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُعَوَّلُ عَلَيْهِ. وَأَمَّا مَا فَهِمَهُ ابْنُ شُهْبَةَ وَنَقَلَهُ فِي شَرْحِهِ الصَّغِيرِ وَقَالَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَنَقَلَهُ النَّجْمُ بْنُ قَاضِي عَجْلُونٍ فِي تَصْحِيحِهِ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ بِأَنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ مِنْ الْمِنْهَاجِ، فَمَبْنِيٌّ عَلَى اتِّحَادِ تَصْوِيرِ مَسْأَلَةِ الْمِنْهَاجِ وَالرَّوْضَةِ (وَلَوْ شُرِطَ خَسْقٌ فَثَقَبَ) السَّهْمُ الْغَرَضَ (وَثَبَتَ) فِيهِ (ثَمَّ سَقَطَ أَوْ لَقِيَ صَلَابَةً) مَنَعَتْهُ مِنْ ثَقْبِهِ (فَسَقَطَ حُسِبَ لَهُ) لِعُذْرِهِ، وَيُنْدَبُ حُضُورُ شَاهِدَيْنِ عِنْدَ الْغَرَضِ لِيَشْهَدَا عَلَى مَا يَرَيَانِهِ مِنْ إصَابَةٍ وَعَدَمِهَا وَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَمْدَحَا الْمُصِيبَ وَلَا أَنْ يَذُمَّا الْمُخْطِئَ لِأَنَّ ذَلِكَ يُخِلُّ بِالنَّشَاطِ قَالَ ابْنُ كَجٍّ: لَوْ تَرَاهَنَ رَجُلَانِ عَلَى قُوَّةٍ يَخْتَبِرَانِ بِهَا أَنْفُسَهُمَا كَالْقُدْرَةِ عَلَى رُقِيِّ جَبَلٍ أَوْ إقْلَالِ صَخْرَةٍ أَوْ أَكَلَ كَذَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ كَانَ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَكُلُّهُ حَرَامٌ، وَمِنْ هَذَا النَّمَطِ مَا يَفْعَلُهُ الْعَوَامُّ فِي الرِّهَانِ عَلَى حَمْلِ كَذَا مِنْ مَوْضِعِ كَذَا إلَى مَكَانِ كَذَا وَإِجْرَاءِ السَّاعِي مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الْغُرُوبِ كُلُّ ذَلِكَ ضَلَالَةٌ وَجَهَالَةٌ مَعَ مَا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ مِنْ تَرْكِ الصَّلَوَاتِ وَفِعْلِ الْمُنْكَرَاتِ كِتَابُ الْأَيْمَانِ بِالْفَتْحِ جَمْعُ يَمِينٍ وَهُوَ الْحَلِفُ وَالْقَسَمُ وَالْإِيلَاءُ أَلْفَاظٌ مُتَرَادِفَةٌ، وَأَصْلُهَا فِي اللُّغَةِ الْيَدُ الْيُمْنَى لِأَنَّهُمْ كَانُوا إذَا حَلَفُوا وَضَعَ أَحَدُهُمْ يَمِينَهُ فِي يَمِينِ صَاحِبِهِ. وَهِيَ فِي الشَّرْعِ بِالنَّظَرِ لِوُجُوبِ تَكْفِيرِهَا تَحْقِيقُ أَمْرٍ مُحْتَمَلٍ بِمَا يَأْتِي، وَتَسْمِيَةُ الْحَلِفِ بِنَحْوِ الطَّلَاقِ يَمِينًا شَرْعِيَّةً غَيْرُ بَعِيدٍ، فَخَرَجَ بِالتَّحْقِيقِ لَغْوُ الْيَمِينِ، وَبِالْمُحْتَمَلِ نَحْوُ لَأَمُوتَنَّ أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَيُحْسَبُ عَلَيْهِ) يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا نَعَمْ إنْ قَارَنَ ابْتِدَاءَ رَمْيِهِ رِيحٌ عَاصِفَةٌ لَمْ يُحْسَبْ لَهُ إنْ أَصَابَ وَلَا عَلَيْهِ إنْ أَخْطَأَ. وَالْجَوَابُ أَنَّ ذَاكَ فِيمَا إذَا هَبَّتْ الرِّيحُ وَالْغَرَضُ بِمَحَلِّهِ فَأَصَابَتْهُ بِهُبُوبِ الرِّيحِ وَمَا هُنَا فِيمَا لَوْ نَقَلَتْ الرِّيحُ الْغَرَضَ مِنْ مَحَلٍّ إلَى آخَرَ (قَوْلُهُ: وَنَقَلَهُ فِي شَرْحِهِ الصَّغِيرِ) أَيْ عَلَى هَذَا الْكِتَابِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُمَا) أَيْ لَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ: وَكُلُّهُ حَرَامٌ) أَيْ بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِهِ. كِتَابُ الْأَيْمَانِ (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ الطَّلَاقِ) أَيْ كَالْعِتْقِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ بَعِيدٍ) أَيْ لِتَضَمُّنِهِ الْمَنْعَ مِنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ كَتَضَمُّنِ الْحَلِفِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إذَا) (كَانَتْ الرِّيحُ مَوْجُودَةً) أَيْ وَنَقَلَتْ الْغَرَضَ قَبْلَ الرَّمْيِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ " مَا " فِي قَوْلِهِ وَأَمَّا مَا فَهِمَهُ إلَخْ. [كِتَابُ الْأَيْمَانِ] ِ (قَوْلُهُ: أَلْفَاظٌ مُتَرَادِفَةٌ) أَيْ فِي الْحَلِفِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَأَصْلُهَا) يَعْنِي الْيَمِينَ وَإِنْ ذَكَرَ ضَمِيرَهَا فِيمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ كَانُوا إذَا حَلَفُوا إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِمَحْذُوفٍ: أَيْ وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْحَلِفُ يَمِينًا لِأَنَّهُمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِالنَّظَرِ لِوُجُوبِ تَكْفِيرِهَا) أَيْ وَإِلَّا فَالطَّلَاقُ مَثَلًا يَمِينٌ أَيْضًا. وَحَاصِلُ الْمُرَادِ أَنَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ هُنَا بِقَوْلِهِ بِمَا يَأْتِي الْمُرَادُ بِهِ اسْمُ اللَّهِ وَصِفَتُهُ، لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي هَذَا الْبَابِ فِي الْيَمِينِ الَّتِي يَجِبُ تَكْفِيرُهَا لَا فِي مُطْلَقِ الْيَمِينِ حَتَّى يَرِدَ نَحْوُ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ تَحْقِيقُ أَمْرٍ) كَأَنَّهُ إنَّمَا عَبَّرَ هُنَا كَغَيْرِهِ بِأَمْرٍ لَا يُخْبِرُ كَمَا مَرَّ فِي الْحَلِفِ فِي بَابِ الطَّلَاقِ لِيَشْمَلَ الْحَثَّ وَالْمَنْعَ أَيْضًا، إذْ هُوَ فِي الْحَثِّ

لَا أَصْعَدُ السَّمَاءَ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ الْحِنْثِ فِيهِ بِذَاتِهِ فَلَا إخْلَالَ فِيهِ بِتَعْظِيمِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، بِخِلَافِ لَا أَمُوتُ وَلَأَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ وَلَأَقْتُلَنَّ الْمَيِّتَ فَإِنَّهُ يَمِينٌ يَجِبُ تَكْفِيرُهَا حَالًا مَا لَمْ يُقَيِّدْ الْأَخِيرَةَ بِوَقْتٍ كَغَدٍ فَيُكَفِّرُ غَدًا وَذَلِكَ لِهَتْكِهِ حُرْمَةَ الِاسْمِ، وَلَا تَرِدُ هَذِهِ عَلَى التَّعْرِيفِ لِفَهْمِهَا مِنْهُ بِالْأَوْلَى إذْ الْمُحْتَمَلُ لَهُ فِيهِ شَائِبَةُ عُذْرٍ بِاحْتِمَالِ الْوُقُوعِ وَعَدَمِهِ، بِخِلَافِ هَذَا فَإِنَّهُ عِنْدَ حَلِفِهِ هَاتِكٌ حُرْمَةَ الِاسْمِ لِعِلْمِهِ بِاسْتِحَالَةِ الْبِرِّ فِيهِ، وَشَرْطُ الْحَالِفِ يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ، بَلْ وَمِمَّا يَأْتِي مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ الْقَصْدِ وَعَدَمِهِ وَهُوَ مُكَلَّفٌ أَوْ سَكْرَانُ مُخْتَارٌ قَاصِدٌ، فَخَرَجَ صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ وَمُكْرَهٌ وَسَاهٍ. وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ قَوْله تَعَالَى {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [المائدة: 89] الْآيَةَ، وَقَوْلِهِ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا} [آل عمران: 77] وَأَخْبَارٌ مِنْهَا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَحْلِفُ لَا وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ» وَقَوْلُهُ «وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (لَا تَنْعَقِدُ) الْيَمِينُ (إلَّا بِذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى) أَيْ اسْمٍ دَالٍّ عَلَيْهَا وَإِنْ دَلَّ عَلَى صِفَةٍ مَعَهَا (أَوْ صِفَةٍ لَهُ) وَسَتَأْتِي، فَالْأَوَّلُ (كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ وَرَبِّ الْعَالَمِينَ) أَيْ مَالِكِ الْمَخْلُوقَاتِ لِأَنَّ كُلَّ مَخْلُوقٍ دَالٌّ عَلَى وُجُودِ خَالِقِهِ، وَالْعَالَمُ بِفَتْحِ اللَّامِ كُلُّ الْمَخْلُوقَاتِ (وَالْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَمَنْ نَفْسِي بِيَدِهِ) أَيْ قُدْرَتِهِ يُصَرِّفُهَا كَيْفَ شَاءَ وَمَنْ فَلَقَ الْحَبَّةَ (وَكُلِّ اسْمٍ مُخْتَصٍّ بِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى) كَالْإِلَهِ وَمَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ مُنْعَقِدَةٌ بِمَنْ عُلِمَتْ حُرْمَتُهُ وَلَزِمَتْ طَاعَتُهُ، وَإِطْلَاقُ هَذَا مُخْتَصٌّ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَلَا تَنْعَقِدُ بِمَخْلُوقٍ كَوَحَقِّ النَّبِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِاَللَّهِ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ لَا أَمُوتُ) أَيْ وَيَحْنَثُ بِهِ فِي الطَّلَاقِ حَالًا (قَوْلُهُ وَلَأَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ) أَيْ مَا لَمْ تُخْرَقْ الْعَادَةُ لَهُ فَيَصْعَدُهَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ هَذَا) مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ بِخِلَافِ لَا أَمُوتُ (قَوْلُهُ: وَمُكْرَهٌ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِحَقٍّ وَلَعَلَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوهُ إمَّا لِبُعْدِهِ أَوْ عَدَمِ تَصَوُّرِهِ (قَوْلُهُ: لَا وَمَقْلَبَ الْقُلُوبِ) لَا نَافِيَةٌ وَمَنْفِيُّهَا مَحْذُوفٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ كَمَا لَوْ قِيلَ هَلَّا كَانَ كَذَا فَيُقَالُ فِي جَوَابِهِ لَا: أَيْ لَمْ يَكُنْ (قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) لَوْ قَالَ وَرَبِّ الْعَالَمِ وَقَالَ أَرَدْتُ بِالْعَالَمِ كَذَا مِنْ الْمَالِ وَبِرَبِّهِ مَالِكَهُ قُبِلَ لِأَنَّ مَا قَالَهُ مُحْتَمَلٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلَّ مَخْلُوقٍ دَالٌ عَلَى وُجُودِ خَالِقِهِ) وَعَلَى هَذَا فَالْعَالَمِينَ لَيْسَ مَخْصُوصًا بِالْعُقَلَاءِ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْبِرْمَاوِيُّ كَكَثِيرِينَ، وَذَهَبَ ابْنُ مَالِكٍ إلَى اخْتِصَاصِهِ بِالْعُقَلَاءِ. [فَائِدَةٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يَقَعُ مِنْ قَوْلِ الْعَوَامّ وَالِاسْمُ الْأَعْظَمُ هَلْ هُوَ يَمِينٌ أَمْ لَا؟ وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ م ر انْعِقَادُ الْيَمِينِ بِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَالْعَالَمُ) بِفَتْحِ اللَّامِ كُلُّ الْمَخْلُوقَاتِ إنْ أُرِيدَ بِالْكُلِّ الْكُلُّ الْمَجْمُوعِي يَعْنِي جُمْلَةَ الْمَخْلُوقَاتِ نَافِي قَوْلِهِ قُبِلَ لِأَنَّ كُلَّ مَخْلُوقٍ دَالٌ إلَخْ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ أَوْ كُلُّ نَوْعٍ مِنْهَا (قَوْلُهُ وَمَنْ فَلَقَ الْحَبَّةَ) مِنْهُ يُؤْخَذُ صِحَّةُ إطْلَاقِ الْأَسْمَاءِ الْمُبْهَمَةِ عَلَيْهِ تَعَالَى وَبِهِ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ وَكُلُّ اسْمٍ مُخْتَصٌّ) لَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ ذِكْرِهِ بَيَانُ تَفْصِيلِ مَا دَلَّ عَلَى ذَاتِهِ تَعَالَى مِنْ كَوْنِهِ مُخْتَصًّا بِهِ أَوْ غَالِبًا فِيهِ أَوْ غَيْرَ غَالِبٍ كَمَا يَأْتِي، وَإِلَّا فَالدَّالُّ عَلَى الذَّاتِ هُوَ الِاسْمُ الْمُخْتَصُّ بِهِ أَوْ الْغَالِبُ فِيهِ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي، وَلَعَلَّ الشَّارِحَ إنَّمَا فَسَّرَ الذَّاتَ بِالِاسْمِ الدَّالِّ عَلَيْهَا وَلَمْ يَجْعَلْ الْحَلِفَ بِهَا مَقْصُورًا عَلَى قَوْلِهِ وَذَاتِ اللَّهِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ وَرَبِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَوَحَقِّ النَّبِيِّ) وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ عَلَى النَّهْيِ عَنْ مِثْلِهِ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ «فَمَنْ كَانَ حَالِفًا» إلَخْ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ " أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ " إنَّمَا اقْتَصَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَاصِدٌ تَحْقِيقَهُ بِالْيَمِينِ وَكَذَا فِي الْمَنْعِ، لَكِنْ اُنْظُرْ مَا وَجْهُ الْمُغَايَرَةِ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا مَرَّ فِي الْحَلِفِ (قَوْلُهُ: بِذَاتِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَصَوُّرِ الْمَنْفِيِّ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُقَيِّدْ الْأَخِيرَ) اُنْظُرْ هَلَّا كَانَ مِثْلَهُ مَا قَبْلَهُ وَابْنُ حَجَرٍ لَمْ يُقَيِّدْ بِهَذَا الْقَيْدِ، لَكِنْ شَمَلَ إطْلَاقُهُ الْأَوَّلَ وَفِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: لِفَهْمِهَا مِنْهُ بِالْأَوْلَى) نَظَرَ فِيهِ ابْنُ قَاسِمٍ بِأَنَّ الْأَوْلَوِيَّةَ لَا تُعْتَبَرُ فِي التَّعَارِيفِ (قَوْلُهُ: أَيْ اسْمٍ دَالٍّ عَلَيْهَا) شَمَلَ نَحْوَ " وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ " فَهُوَ اسْمٌ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ غَيْرِهِ أَنَّهُ قَسِيمٌ لِلِاسْمِ فَلَعَلَّهُمَا اصْطِلَاحَانِ (قَوْلُهُ دَالٌّ عَلَى وُجُودِ خَالِقِهِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: عَلَامَةٌ عَلَى وُجُودِ خَالِقِهِ انْتَهَتْ

وَالْكَعْبَةِ وَجِبْرِيلَ، وَيُكْرَهُ لِخَبَرِ «إنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ» قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ الْحَلِفُ بِغَيْرِ اللَّهِ مَعْصِيَةً، نَعَمْ لَوْ اعْتَقَدَ تَعْظِيمَهُ كَمَا يُعَظِّمُ اللَّهَ كَفَرَ، وَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْجَلَالَةَ الْكَرِيمَةَ اسْمٌ لِلذَّاتِ هُوَ الصَّحِيحُ، وَلِهَذَا تَجْرِي عَلَيْهِ الصِّفَاتُ فَتَقُولُ اللَّهُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، وَقِيلَ هُوَ اسْمٌ لِلذَّاتِ مَعَ جُمْلَةِ الصِّفَاتِ. فَإِذَا قُلْتَ اللَّهُ فَقَدْ ذَكَرْتَ جُمْلَةَ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِدْخَالُهُ الْبَاءَ عَلَى الْمَقْصُورِ عَلَيْهِ صَحِيحٌ إذْ هُوَ لُغَةٌ كَمَا مَرَّ فِي نَظَائِرِهِ وَإِنْ كَانَ الْأَفْصَحُ دُخُولَهَا عَلَى الْمَقْصُورِ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ هُنَا فِي الرَّوْضَةِ، وَدَعْوَى تَصْوِيبِ حَصْرِ دُخُولِهَا عَلَى الْمَقْصُورِ فَقَطْ لِأَنَّ مَعْنَى كَلَامِهِ لَا يُسَمَّى بِهِ غَيْرُ اللَّهِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَأَمَّا كَلَامُ الرَّوْضَةِ فَمَعْنَاهُ يُسَمَّى اللَّهُ بِهِ وَلَا يُسَمَّى بِغَيْرِهِ وَلَيْسَ مُرَادًا مَرْدُودَةٌ. وَأَوْرَدَ عَلَى الْمُصَنِّفِ الْيَمِينَ الْغَمُوسَ وَهِيَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى مَاضٍ كَاذِبًا عَامِدًا فَإِنَّهَا يَمِينٌ بِاَللَّهِ وَلَا تَنْعَقِدُ لِأَنَّ الْحِنْثَ اقْتَرَنَ بِهَا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَرُدَّ بِأَنَّهُ اشْتِبَاهٌ نَشَأَ مِنْ تَوَهُّمِ أَنَّ الْمَحْصُورَ الْأَخِيرُ وَالْمَحْصُورَ فِيهِ الْأَوَّلُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُقَرَّرُ أَنَّ الْمَحْصُورَ فِيهِ هُوَ الْجُزْءُ الْأَخِيرُ، فَانْعِقَادُهَا هُوَ الْمَحْصُورُ وَاسْمُ الذَّاتِ أَوْ الصِّفَةِ هُوَ الْمَحْصُورُ فِيهِ، فَمَعْنَاهُ كُلُّ يَمِينٍ مُنْعَقِدَةٍ لَا تَكُونُ إلَّا ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَيْهِ لِكَوْنِ ذَلِكَ كَانَ مِنْ عَادَتِهِمْ لَا لِلِاحْتِرَازِ عَنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَالْكَعْبَةِ) أَيْ بِحَيْثُ تَكُونُ يَمِينًا شَرْعِيَّةً مُوجِبَةً لِلْكَفَّارَةِ وَإِلَّا فَهِيَ يَمِينٌ لُغَةً، بَلْ وَقَدْ تَكُونُ شَرْعِيَّةً عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ وَهِيَ فِي الشَّرْعِ بِالنَّظَرِ لِوُجُوبِ تَكْفِيرِهَا كَذَا بِهَامِشٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْحَلِفَ بِهَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ) هَذَا وَيَنْبَغِي لِلْحَالِفِ أَنْ لَا يَتَسَاهَلَ فِي الْحَلِفِ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُوجِبٍ لِلْكَفَّارَةِ سِيَّمَا إذَا حَلَفَ عَلَى نِيَّةٍ أَنْ لَا يَفْعَلَ، فَإِنَّ ذَلِكَ قَدْ يَجُرُّ إلَى الْكُفْرِ لِعَدَمِ تَعْظِيمِهِ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالِاسْتِخْفَافِ بِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِيَصْمُتْ) بَابُهُ نَصَرَ وَدَخَلَ اهـ مُخْتَارٌ. وَفَائِدَتُهُ اخْتِلَافُ الْمَصَادِرِ فَبَابُ نَصَرَ مَصْدَرُهُ صَمْتًا بِالسُّكُونِ وَبَابُ دَخَلَ صُمُوتًا (قَوْلُهُ: اسْمٌ لِلذَّاتِ) قَدْ يُقَالُ: الْمُصَنِّفُ لَمْ يَخُصَّ الذَّاتَ بِلَفْظِ الْجَلَالَةِ وَمَا مَعَهُ فَدَلَّ جَمْعُهُ بَيْنَ الْأَسْمَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنَّ هَذِهِ أَسْمَاءٌ لِلذَّاتِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي مَفْهُومِهَا الصِّفَةَ، فَفِي نِسْبَةِ التَّصْرِيحِ لِلْمُصَنِّفِ بِأَنَّ اللَّهَ اسْمٌ لِلذَّاتِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي مَفْهُومِهَا الصِّفَةَ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: وَإِدْخَالُهُ الْبَاءَ عَلَى الْمَقْصُورِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ بِذَاتِ اللَّهِ (قَوْلُهُ: مَرْدُودَةٌ) أَيْ بِأَنَّهُ لُغَةً كَمَا مَرَّ، وَلِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مِنْ جَعْلِهَا دَاخِلَةً عَلَى الْمَقْصُورِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ لَيْسَتْ الذَّاتُ مَقْصُورَةً عَلَى الِانْعِقَادِ بِهَا بَلْ انْعِقَاد الْيَمِينُ هُوَ الْمَقْصُورُ عَلَى الذَّاتِ (قَوْلُهُ: الْمَحْصُورُ الْأَخِيرُ) هُوَ قَوْلُهُ بِذَاتِ اللَّهِ، وَقَوْلُهُ وَالْمَحْصُورُ فِيهِ الْأَوَّلُ وَهُوَ الِانْعِقَادُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَهُوَ تَعْلِيلٌ لِتَسْمِيَةِ الْمَخْلُوقَاتِ بِالْعَالَمِينَ (قَوْلُهُ: وَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْجَلَالَةَ الْكَرِيمَةَ اسْمٌ لِلذَّاتِ) قَدْ يُقَالُ هَذَا لَا يُنَاسِبُ مَا قَدَّمَهُ فِي حَلِّ الْمَتْنِ الَّذِي حَاصِلُهُ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِاسْمِ الذَّاتِ مَا يَشْمَلُ مَا دَلَّ عَلَيْهَا مَعَ صِفَةٍ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَكُلُّ اسْمٍ) أَيْ غَيْرِ مَا ذَكَرَ فَهُوَ تَعْمِيمٌ بَعْدَ تَخْصِيصٍ (قَوْلُهُ: أَيْضًا) أَيْ كَمَا تَدْخُلُ عَلَى الْمَقْصُورِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ (قَوْلُهُ: وَعَبَّرَ بِالْأَوَّلِ) أَيْ دُخُولِهَا عَلَى الْمَقْصُورِ عَلَيْهِ الَّذِي هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمَتْنِ هُنَا وَعِبَارَتُهَا يَخْتَصُّ بِاَللَّهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ بَعْضَ الشُّرَّاحِ حَلَّ عِبَارَةَ الْمَتْنِ هُنَا عَلَى أَنَّ الْبَاءَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمَقْصُورِ بِذِكْرِهِ لَفْظَ اللَّهِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مُخْتَصٌّ بِهِ، ثُمَّ صَوَّبَهَا عَلَى عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ، وَالشَّارِحُ هُنَا أَبْقَى عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ هُنَا عَلَى ظَاهِرِهَا الْمُوَافِقِ لِعِبَارَةِ الرَّوْضَةِ وَذَكَرَ فِيهِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَدَعْوَى تَصْوِيبِ حَصْرِ دُخُولِهَا عَلَى الْمَقْصُورِ) أَيْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا، وَقَوْلُهُ لِأَنَّ مَعْنَى كَلَامِهِ: أَيْ الْمُرَادُ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَأَوْرَدَ عَلَى الْمُصَنِّفِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِذَاتِ اللَّهِ

بِاسْمِ ذَاتٍ أَوْ صِفَةٍ وَهَذَا حَصْرٌ صَحِيحٌ، لَا أَنَّ كُلَّ مَا هُوَ بِاسْمِ اللَّهِ أَوْ صِفَتِهِ لَا يَكُونُ إلَّا مُنْعَقِدًا عَلَى أَنَّ جَمْعًا مُتَقَدِّمِينَ ذَهَبُوا إلَى انْعِقَادِهَا (وَلَا يُقْبَلُ) بَاطِنًا وَلَا ظَاهِرًا (قَوْلُهُ: لَمْ أُرِدْ بِهِ الْيَمِينَ) يَعْنِي لَمْ أُرِدْ بِمَا سَبَقَ مِنْ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ لِلَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ نَصٌّ فِي مَعْنَاهَا لَا تَحْتَمِلُ غَيْرَهُ، أَمَّا لَوْ قَالَ فِي نَحْوِ بِاَللَّهِ أَوْ وَاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ أَرَدْتُ بِهَا غَيْرَ الْيَمِينِ كَبِاللَّهِ أَوْ وَاَللَّهِ الْمُسْتَعَانِ أَوْ وَثِقْت أَوْ اسْتَعَنْت بِاَللَّهِ، ثُمَّ ابْتَدَأْتُ بِقَوْلِي لَأَفْعَلَنَّ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ ظَاهِرًا لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَلِفِ بِاَللَّهِ دُونَ عِتْقٍ وَطَلَاقٍ وَإِيلَاءٍ فَلَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ (وَمَا انْصَرَفَ إلَيْهِ سُبْحَانَهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ) غَالِبًا وَإِلَى غَيْرِهِ بِالتَّقْيِيدِ (كَالرَّحِيمِ وَالْخَالِقِ وَالرَّازِقِ) وَالْمُصَوِّرِ وَالْجَبَّارِ وَالْمُتَكَبِّرِ وَالْحَقِّ وَالظَّاهِرِ وَالْقَادِرِ (وَالرَّبِّ تَنْعَقِدُ بِهِ الْيَمِينُ) لِانْصِرَافِ الْإِطْلَاقِ إلَيْهِ تَعَالَى وَأَلْ فِيهَا لِلْكَمَالِ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ) بِهَا (غَيْرَهُ) تَعَالَى بِأَنْ أَرَادَهُ أَوْ أَطْلَقَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرَادَ بِهَا غَيْرَهُ لِأَنَّهُ قَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي ذَلِكَ كَرَحِيمِ الْقَلْبِ وَخَالِقِ الْكَذِبِ. وَمَا اسْتَشْكَلَ بِهِ مِنْ الرَّبِّ بِأَلْ بِأَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ تَعَالَى فَيَنْبَغِي إلْحَاقُهُ بِالْأَوَّلِ، رُدَّ بِأَنَّ أَصْلَ مَعْنَاهُ فِي اسْتِعْمَالِهِ فِي غَيْرِهِ تَعَالَى فَصَحَّ قَصْدُهُ بِهِ، وَأَلْ قَرِينَةٌ ضَعِيفَةٌ لَا قُوَّةَ لَهَا عَلَى إلْغَاءِ ذَلِكَ الْقَصْدِ (وَمَا اُسْتُعْمِلَ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ) تَعَالَى (سَوَاءٌ كَالشَّيْءِ وَالْمَوْجُودِ وَالْعَالِمِ) بِكَسْرِ اللَّامِ (وَالْحَيِّ وَالسَّمِيعِ وَالْبَصِيرِ وَالْعَلِيمِ وَالْحَكِيمِ وَالْغَنِيِّ لَيْسَ بِيَمِينٍ إلَّا بِنِيَّةٍ) بِأَنْ أَرَادَهُ تَعَالَى بِهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا أَرَادَ بِهَا غَيْرَهُ أَوْ أَطْلَقَ لِأَنَّهَا لَمَّا اُسْتُعْمِلَتْ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ سَوَاءً أَشْبَهَتْ كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ وَالِاشْتِرَاكُ إنَّمَا يَمْنَعُ الْحُرْمَةَ وَالتَّعْظِيمَ عِنْدَ انْتِفَاءِ النِّيَّةِ، وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ الْحَلِفُ مِنْ الْعَوَامّ بِالْجَنَابِ الرَّفِيعِ وَيُرِيدُونَ بِهِ الْبَارِئَ جَلَّ وَعَلَا مَعَ اسْتِحَالَةِ ذَلِكَ عَلَيْهِ، إذْ جَنَابُ الْإِنْسَانِ فِنَاءُ دَارِهِ فَلَا يَنْعَقِدُ وَإِنْ نَوَى بِهِ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ أَبُو زُرْعَةَ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تُؤَثِّرُ مَعَ الِاسْتِحَالَةِ (وَ) الثَّانِي وَيَخْتَصُّ مِنْ الصِّفَاتِ بِمَا لَا شَرِكَةَ فِيهِ وَهُوَ (الصِّفَةُ) الذَّاتِيَّةُ وَهِيَ (كَوَعَظَمَةِ اللَّهِ وَعِزَّتِهِ وَكِبْرِيَائِهِ وَكَلَامِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: ذَهَبُوا إلَى انْعِقَادِهَا) مُعْتَمَدٌ: أَيْ الْيَمِينِ الْغَمُوسِ، وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ ذَلِكَ فِي التَّعَالِيقِ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَا لَوْ قَالَ فِي نَحْوِ بِاَللَّهِ) أَيْ مِنْ كُلِّ حَلِفٍ بِمَا يَدُلُّ عَلَى ذَاتِهِ أَوْ صِفَتِهِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِنَحْوِهِ صِيَغٌ مَخْصُوصَةٌ بِمَا يَدُلُّ عَلَى ذَاتِهِ دُونَ غَيْرِهَا، وَاحْتُرِزَ بِذَلِكَ عَنْ قَوْلِهِ بَعْدَ دُونَ عِتْقٍ وَطَلَاقٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ) مَفْهُومُهُ كَشَرْحِ الْمَنْهَجِ أَنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ بَاطِنًا (قَوْلُهُ وَإِلَى غَيْرِهِ بِالتَّقْيِيدِ) لَيْسَ هَذَا مُقَابِلُهُ غَالِبًا لِأَنَّ ذَاكَ مَفْرُوضٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَمَا هُنَا لَيْسَ مُطْلَقًا فَلْيَنْظُرْ مَا اُحْتُرِزَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ غَالِبًا وَلَعَلَّهُ مَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ وَمَا اُسْتُعْمِلَ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ إلَخْ، وَمَعَ ذَلِكَ فِيهِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: فَصَحَّ قَصْدُهُ) أَيْ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَرَادَهُ تَعَالَى بِهَا) أَيْ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ كَأَنْ أَرَادَ بِالْعَالَمِ الْبَارِئَ تَعَالَى وَشَخْصًا آخَرَ كَالنَّبِيِّ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَيُرِيدُونَ بِهِ الْبَارِئَ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ فِي الْحُرْمَةِ مَا لَوْ قَصَدَ بِهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: إذْ جَنَابُ الْإِنْسَانِ فِنَاءُ دَارِهِ فَلَا يَنْعَقِدُ) أَيْ وَيَحْرُمُ إطْلَاقُهُ عَلَيْهِ تَعَالَى سَوَاءٌ قَصَدَهُ أَوْ أَطْلَقَ وَإِنْ كَانَ عَامِّيًّا، لَكِنَّهُ إذَا صَدَرَ مِمَّنْ يَعْرِفُ فَإِنْ عَادَ إلَيْهَا عُزِّرَ، وَمِثْلُهُ فِي امْتِنَاعِ الْإِطْلَاقِ عَلَيْهِ تَعَالَى مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ قَوْلِ الْعَوَامّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ جَمْعًا مُتَقَدِّمِينَ ذَهَبُوا إلَى انْعِقَادِهَا) وَأَشَارَ وَالِدُهُ إلَى تَصْحِيحِ هَذَا فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَذَكَرَ صُوَرًا تَظْهَرُ فِيهَا فَائِدَةُ الْخِلَافِ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ فِي انْعِقَادِهَا، وَأَنَّ مَنْ قَالَ مِنْ الْأَصْحَابِ إنَّهَا غَيْرُ مُنْعَقِدَةٍ لَمْ يُرِدْ مَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ إنَّهَا لَا كَفَّارَةَ فِيهَا وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مُنْعَقِدَةً انْعِقَادًا يُمْكِنُ مَعَهُ الْبِرُّ وَالْحِنْثُ لِانْعِقَادِهَا مُسْتَعْقِبَةً لِلْيَمِينِ مِنْ غَيْرِ إمْكَانِ الْبِرِّ وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِلْحَلِفِ بِاَللَّهِ دُونَ عِتْقٍ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مَا ذَكَرَ هُنَا لَا يَأْتِي نَظِيرُهُ فِي الْعِتْقِ وَمَا بَعْدَهُ كَمَا مَرَّ فِي أَبْوَابِهَا، فَلَوْ قَالَ مَثَلًا أَنْت طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت إنْ دَخَلْت الدَّارَ لَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ رُدَّ بِأَنَّ أَصْلَ مَعْنَاهُ اسْتِعْمَالُهُ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَيَرِدُ بِأَنَّ أَصْلَ مَعْنَاهُ يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ: الذَّاتِيَّةُ) أَخْرَجَ الْفِعْلِيَّةَ كَالْخَلْقِ وَالرِّزْقِ فَلَا تَنْعَقِدُ بِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَأَخْرَجَ السَّلْبِيَّةَ كَكَوْنِهِ لَيْسَ

وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ) وَإِرَادَتِهِ (يَمِينٌ) وَإِنْ أَطْلَقَ لِأَنَّهَا صِفَاتٌ لَمْ يَزَلْ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُتَّصِفًا بِهَا فَأَشْبَهَتْ الْأَسْمَاءَ الْمُخْتَصَّةَ بِهِ (إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِالْعِلْمِ الْمَعْلُومَ وَبِالْقُدْرَةِ الْمَقْدُورَ) وَبِالْعَظَمَةِ وَمَا بَعْدَهَا ظُهُورَ آثَارِهَا فَلَا يَكُونُ يَمِينًا وَيَكُونُ كَأَنَّهُ قَالَ وَمَعْلُومِ اللَّهِ وَمَقْدُورِهِ، وَكَأَنْ يُرِيدَ بِالْكَلَامِ الْحُرُوفَ الدَّالَّةَ عَلَيْهِ وَإِطْلَاقُ كَلَامِهِ عَلَيْهَا حَقِيقَةٌ شَائِعَةٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَلَا تَكُونُ يَمِينًا لِأَنَّ اللَّفْظَ مُحْتَمِلٌ لِذَلِكَ، وَيَنْعَقِدُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَبِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ مَا لَمْ يُرِدْ الْأَلْفَاظَ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، وَبِالْقُرْآنِ مَا لَمْ يُرِدْ بِهِ نَحْوَ الْخُطْبَةِ، وَبِالْمُصْحَفِ مَا لَمْ يُرِدْ بِهِ وَرَقَهُ وَجِلْدَهُ لِأَنَّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لَا يَنْصَرِفُ عُرْفًا إلَّا لِمَا فِيهِ مِنْ الْقُرْآنِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ قَوْلِهِ وَالْمُصْحَفِ وَحَقِّ الْمُصْحَفِ، وَأُخِذَ مِنْ كَوْنِ الْعَظَمَةِ صِفَةً مَعَ قَوْلِ النَّاسِ سُبْحَانَ مَنْ تَوَاضَعَ كُلُّ شَيْءٍ لِعَظَمَتِهِ، لِأَنَّ التَّوَاضُعَ لِلصِّفَةِ عِبَادَةٌ لَهَا وَلَا يُعْبَدُ إلَّا الذَّاتُ، وَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْعَظَمَةَ هِيَ الْمَجْمُوعُ مِنْ الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ، فَإِنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ هَذَا فَصَحِيحٌ أَوْ مُجَرَّدُ الصِّفَةِ فَمُمْتَنِعٌ وَلَمْ يُبَيِّنُوا حُكْمَ الْإِطْلَاقِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا مَنْعَ فِيهِ، وَعُلِمَ مِمَّا فُسِّرَ بِهِ الصِّفَةُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاسْمِ جَمِيعُ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى التِّسْعَةِ وَالتِّسْعِينَ سَوَاءٌ اُشْتُقَّ مِنْ صِفَةِ ذَاتِهِ كَالسَّمِيعِ أَوْ فِعْلِهِ كَالْخَالِقِ (وَلَوْ) (قَالَ وَحَقِّ اللَّهِ) أَوْ وَحُرْمَتِهِ لَأَفْعَلَنَّ أَوْ لَا فَعَلْتُ كَذَا (فَيَمِينٌ) وَإِنْ أُطْلِقَ لِغَلَبَةِ، اسْتِعْمَالِهِ فِيهَا وَلِأَنَّ مَعْنَاهُ وَحَقِيقَتَهُ الْإِلَهِيَّةِ، وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ حَالَةَ الْإِطْلَاقِ بِمَا إذَا جَرَّ حَقَّ وَإِلَّا كَانَ كِنَايَةً، وَيُفَرِّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَأْتِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْجَرِّ وَغَيْرِهِ بِأَنَّ تِلْكَ صَرَائِحُ لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهَا الْفَرْقُ وَلَا كَذَلِكَ هَذَا (إلَّا أَنْ يُرِيدَ) بِالْحَقِّ (الْعِبَادَاتِ) فَلَا يَكُونُ يَمِينًا قَطْعًا لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَيْهَا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ الْآتِي فِي الدَّعَاوَى أَنَّ الطَّالِبَ الْغَالِبَ الْمُدْرِكَ الْمُهْلِكَ صَرَائِحُ فِي الْيَمِينِ، وَاعْتَرَضَ ذَلِكَ بِأَنَّ أَسْمَاءَهُ تَعَالَى تَوْقِيفِيَّةٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَمْ يَرِدْ شَيْءٌ مِنْهَا فَلَا يَجُوزُ إطْلَاقُهَا عَلَيْهِ. أُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّهُمْ جَرَوْا فِي ذَلِكَ عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ لِلْمَصْلَحَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSاتَّكَلْتُ عَلَى جَانِبِ اللَّهِ أَوْ الْحَمَلَةُ عَلَى اللَّهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْعَقِيقَةِ (قَوْلُهُ: يَمِينًا) خَبَرٌ عَنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَالثَّانِي وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ، وَمَعَ ذَلِكَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ يَمِينٌ مِنْ أَصْلِهِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِاسْتِفَادَتِهِ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ صِفَةٍ لَهُ بَلْ فِيهِ قَلَاقَةٌ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُرِدْ بِهِ نَحْوَ الْخُطْبَةِ) أَيْ أَوْ الْأَلْفَاظِ وَالْحُرُوفِ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَكَأَنْ يُرِيدَ بِالْكَلَامِ وَإِنْ اقْتَضَى قَوْلُهُ وَبِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ مَا لَمْ يُرِدْ الْأَلْفَاظَ وَقَوْلُهُ وَبِالْقُرْآنِ مَا لَمْ إلَخْ خِلَافُهُ لِلتَّقْيِيدِ فِي التَّوْرَاةِ وَعَدَمِ تَقْيِيدِهِ فِي الْقُرْآنِ. (قَوْلُهُ: لَا يَنْصَرِفُ عُرْفًا إلَّا لِمَا فِيهِ مِنْ الْقُرْآنِ) وَهُوَ يُسْتَعْمَلُ فِي الْمَعْنَى الْقَدِيمِ الْقَائِمِ بِذَاتِهِ تَعَالَى وَفِي الْحُرُوفِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ، وَقَضِيَّةُ التَّخْصِيصِ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْوَرَقَ الْحِنْثُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَوْ إرَادَةُ الْحُرُوفِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا اعْتَبَرَهُ فِي قَوْلِهِ وَكَلَامِ اللَّهِ فَلَعَلَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا مُجَرَّدُ تَمْثِيلٍ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ الْفَرْقِ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ الْأَخْذِ مِنْ أَيْنَ، وَلَعَلَّهُ أَنَّ حَقَّ الْمُصْحَفِ يَنْصَرِفُ عُرْفًا إلَى ثَمَنِهِ الَّذِي يُصْرَفُ فِيهِ وَلَا كَذَلِكَ الْمُصْحَفُ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَنْصَرِفُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْقُرْآنِ (قَوْلُهُ: هِيَ الْمَجْمُوعُ مِنْ الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ) هَذَا قَدْ يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ جَعْلِ الصِّفَةِ فِي مُقَابَلَةِ الذَّاتِ مَعَ تَفْسِيرِ الذَّاتِ بِأَنَّهَا مَا دَلَّ عَلَى الذَّاتِ وَلَوْ مَعَ الصِّفَةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَبْنُوا حُكْمَ الْإِطْلَاقِ) أَيْ فِي قَوْلِهِمْ سُبْحَانَ مَنْ تَوَاضَعَ كُلُّ شَيْءٍ لِعَظَمَتِهِ (قَوْلُهُ: التِّسْعَةِ وَالتِّسْعِينَ) أَيْ وَكَذَا مِنْ غَيْرِهَا، وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: أَوْ مِنْ غَيْرِ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى: أَيْ مِنْ كُلِّ مَا ثَبَتَ أَنَّهُ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ: اسْتِعْمَالُهُ فِيهَا) أَيْ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَحُرُوفِ الْقَسَمِ مِنْ قَوْلِهِ سَوَاءٌ أَرَفَعَ أَمْ نَصَبَ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ تِلْكَ صَرَائِحُ) أَيْ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الذَّاتِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهَا الْفَرْقُ) أَيْ بَيْنَ الْجَرِّ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: صَرَائِحُ فِي الْيَمِينِ) مُعْتَمَدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِجِسْمٍ وَلَا جَوْهَرٍ وَلَا عَرَضٍ، لَكِنْ بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ الِانْعِقَادَ بِهَذِهِ لِأَنَّهَا قَدِيمَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ: التِّسْعَةِ وَالتِّسْعِينَ) أَيْ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ مَعْنَاهُ وَحَقِيقَتَهُ الْإِلَهِيَّةِ) عِبَارَةُ الْجَلَالِ لِغَلَبَةِ اسْتِعْمَالِهِ فِيهَا بِمَعْنَى اسْتِحْقَاقِ اللَّهِ الْإِلَهِيَّةَ.

فَقَدْ اسْتَحْسَنُوهَا لِمَا فِيهَا مِنْ الْجَلَالَةِ وَالرَّدْعِ لِلْحَالِفِ عَنْ الْيَمِينِ الْغَمُوسِ (وَحُرُوفُ الْقَسَمِ) الْمَشْهُورَةُ (بَاءٌ) مُوَحَّدَةٌ (وَوَاوٌ وَتَاءٌ) فَوْقِيَّةٌ (كَبِاللَّهِ وَوَاللَّهِ وَتَاللَّهِ) فَهِيَ صَرِيحَةٌ سَوَاءٌ أَرَفَعَ أَمْ نَصَبَ أَمْ جَرَّ أَمْ سَكَّنَ لِأَنَّ اللَّحْنَ لَا يَمْنَعُ الِانْعِقَادَ وَبَدَأَ بِالْبَاءِ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فِي الْقَسَمِ لُغَةً وَالْأَعَمُّ لِدُخُولِهَا عَلَى الْمُظْهَرِ وَالْمُضْمَرِ، ثُمَّ بِالْوَاوِ لِقُرْبِهَا مِنْهَا مَخْرَجًا بَلْ قِيلَ إنَّهَا مُبْدَلَةٌ مِنْهَا وَلِأَنَّهَا أَعَمُّ مِنْ التَّاءِ لِأَنَّهَا وَإِنْ اخْتَصَّتْ بِالْمُظْهَرِ تَعُمُّ الْجَلَالَةَ وَغَيْرَهَا وَلِأَنَّهُ قِيلَ إنَّ التَّاءَ بَدَلٌ مِنْهَا (وَتَخْتَصُّ التَّاءُ) الْفَوْقِيَّةُ (بِاَللَّهِ) أَيْ بِلَفْظِ الْجَلَالَةِ وَشَذَّ تَرَبِّ الْكَعْبَةِ وَتَحَيَاةِ اللَّهِ وَتَالرَّحْمَنِ نَعَمْ يُتَّجَهُ عَدَمُ الِانْعِقَادِ بِهَا إلَّا بِنِيَّةٍ، فَمَنْ أَطْلَقَ الِانْعِقَادَ بِهَا وَجَعَلَهُ وَارِدًا عَلَى كَلَامِهِمْ فَقَدْ وَهِمَ، وَيَكْفِي فِي احْتِيَاجِهِ لِلنِّيَّةِ شُذُوذُهُ، وَمِثْلُهَا فَاَللَّهِ بِالْفَاءِ وَآللَّهِ بِالِاسْتِفْهَامِ، وَأَدْخَلَ الْبَاءَ عَلَى الْمَقْصُورِ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ وَهُوَ صَحِيحٌ (وَلَوْ قَالَ اللَّهُ) مَثَلًا لَأَفْعَلَنَّ كَذَا، وَيَجُوزُ مَدُّ الْأَلِفِ وَعَدَمُهُ إذْ حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ (وَرَفَعَ أَوْ نَصَبَ أَوْ جَرَّ) أَوْ سَكَّنَ أَوْ قَالَ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَوْ لَعَمْرُ اللَّهِ أَوْ عَلَى عَهْدِ اللَّهِ وَمِيثَاقِهِ وَذِمَّتِهِ وَأَمَانَتِهِ وَكَفَالَتِهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا (فَلَيْسَ بِيَمِينٍ إلَّا بِنِيَّةٍ) لِلْقَسَمِ لِاحْتِمَالِهِ لِغَيْرِهِ احْتِمَالًا ظَاهِرًا، وَلَا يَضُرُّ اللَّحْنُ فِيمَا ذُكِرَ عَلَى أَنَّهُ قِيلَ بِمَنْعِهِ، فَالْجَرُّ بِحَذْفِ الْجَارِّ وَإِبْقَاءِ عَمَلِهِ، وَالنَّصْبُ بِنَزْعِ الْخَافِضِ، وَالرَّفْعُ بِحَذْفِ الْخَبَرِ: أَيْ اللَّهُ أَحْلِفُ بِهِ، وَالسُّكُونُ بِإِجْرَاءِ الْوَصْلِ مَجْرَى الْوَقْفِ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ النَّحْوِيُّ وَغَيْرُهُ عِنْدَ انْتِفَاءِ النِّيَّةِ وَقَوْلُهُ بِلَّهِ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ وَحَذْفِ الْأَلِفِ يَمِينٌ إنْ نَوَاهَا عَلَى الْأَرْجَحِ خِلَافًا لِجَمْعٍ ذَهَبُوا إلَى أَنَّهَا لَغْوٌ (وَلَوْ) (قَالَ أَقْسَمْتُ أَوْ أُقْسِمُ أَوْ حَلَفْتُ أَوْ أَحْلِفُ) أَوْ آلَيْتُ أَوْ أُولِي (بِاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ) كَذَا (فَيَمِينٌ إنْ نَوَاهَا) لِاطِّرَادِ الْعُرْفِ بِاسْتِعْمَالِهَا يَمِينًا مَعَ التَّأَكُّدِ بِنِيَّتِهَا (أَوْ أَطْلَقَ) لِلْعُرْفِ الْمَذْكُورِ وَأَشْهَدُ بِاَللَّهِ كِنَايَةً لِعَدَمِ اشْتِهَارِهَا فِي الْيَمِينِ وَإِنْ كَانَ صَرِيحًا فِي اللِّعَانِ، أَمَّا مَعَ حَذْفِ بِاَللَّهِ فَلَغْوٌ وَإِنْ نَوَاهَا (وَإِنْ قَالَ قَصَدْتُ) بِمَا ذُكِرَ (خَبَرًا مَاضِيًا) فِي نَحْوِ أَقْسَمْتُ (أَوْ مُسْتَقْبَلًا) فِي نَحْوِ أُقْسِمُ (صَدَقَ بَاطِنًا) جَزْمًا فَلَا تَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى لِاحْتِمَالِ مَا يَدَّعِيهِ (وَكَذَا ظَاهِرًا) وَلَوْ فِي نَحْوِ أَقْسَمْت بِاَللَّهِ لَا وَطِئْتُكِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِاحْتِمَالِ مَا يَدَّعِيهِ بَلْ ظُهُورُهُ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْمَنْعِ وَحُمِلَ مَا ذَكَرَهُ هُنَا عَلَى الْقَبُولِ بَاطِنًا، نَعَمْ إنْ عُرِفَ لَهُ يَمِينٌ سَابِقَةٌ قُبِلَ فِي نَحْوِ أَقْسَمْت جَزْمًا. (وَلَوْ) (قَالَ لِغَيْرِهِ أُقْسِمُ عَلَيْك بِاَللَّهِ أَوْ أَسْأَلُك بِاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ) كَذَا (وَأَرَادَ يَمِينَ نَفْسِهِ) (فَيَمِينٌ) لِصَلَاحِيَّةِ اللَّفْظِ لَهَا مَعَ اشْتِهَارِهِ عَلَى أَلْسِنَةِ حَمَلَةِ الشَّرْعِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَقَدْ اسْتَحْسَنُوهَا) تَوْجِيهٌ لِلْمَصْلَحَةِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا فَاَللَّهِ بِالْفَاءِ وَآللَّهِ بِالِاسْتِفْهَامِ) زَادَ حَجّ: وَيَاللَّهِ بِالتَّحْتِيَّةِ (قَوْلُهُ بِلَّهِ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ وَحَذْفِ الْأَلْفِ يَمِينٌ إنْ نَوَاهَا) بَقِيَ مَا لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ بِحَذْفِ الْأَلْفِ بَعْدَ اللَّامِ هَلْ يَتَوَقَّفُ الِانْعِقَادُ عَلَى نِيَّتِهَا أَوْ لَا وَيَظْهَرُ الْآنَ الثَّانِي لِعَدَمِ الِاشْتِرَاكِ فِي هَذَا اللَّفْظِ بَيْنَ الِاسْمِ الْكَرِيمِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ الْبِلَّةِ فَإِنَّهَا مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ وَبِلَّةِ الرُّطُوبَةِ، وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ حَذَفَ الْهَاءَ مِنْ لَفْظِ الْجَلَالَةِ وَقَالَ اللَّا هَلْ هِيَ يَمِينٌ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهَا بِدُونِ الْهَاءِ لَيْسَتْ مِنْ أَسْمَائِهِ وَلَا صِفَاتِهِ، وَيُحْتَمَلُ الِانْعِقَادُ عِنْدَ نِيَّةِ الْيَمِينِ، وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ حَذَفَ الْهَاءَ تَخْفِيفًا وَالتَّرْخِيمُ جَائِزٌ فِي غَيْرِ الْمُنَادَى عَلَى قِلَّةٍ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِجَمْعٍ) مِنْهُمْ حَجّ (قَوْلُهُ وَأَشْهَدُ بِاَللَّهِ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ لَا أَوْ قَالَ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إلَخْ وَمِثْلُهُ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَيَّ أَوْ يَشْهَدُ اللَّهُ عَلَيَّ أَوْ اللَّهُ وَكِيلٌ عَلَيَّ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَعَ حَذْفِ بِاَللَّهِ) أَيْ مِنْ كُلِّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَشْهَدُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ أُقْسِمُ عَلَيْك بِاَللَّهِ) أَيْ أَوْ بِاَللَّهِ مِنْ غَيْرِ أَقْسِمُ عَلَيْك أَوْ أَسْأَلُك (قَوْلُهُ: أَوْ أَسْأَلُك بِاَللَّهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ تَفْعَلُ كَذَا أَوْ لَا تَفْعَلُ كَذَا وَأَطْلَقَ كَانَ يَمِينًا، وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ مَدُّ الْأَلِفِ) أَيْ الَّتِي هِيَ جُزْءٌ مِنْ الْجَلَالَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ وَلَا يَضُرُّ اللَّحْنُ إلَخْ فَهَذَا غَيْرُ كَوْنِهَا أَلِفَ الِاسْتِفْهَامِ الَّذِي مَرَّ وَغَيْرَ كَوْنِ الْأَلِفِ جَارَّةً الَّذِي نَقَلَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَإِنْ تَوَقَّفَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ فِي هَذَا (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ النَّحْوِيُّ وَغَيْرُهُ عِنْدَ انْتِفَاءِ النِّيَّةِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَقِيلَ يُفَرَّقُ بَيْنَ النَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَنْوِ

وَكَأَنَّهُ ابْتَدَأَ الْيَمِينَ بِقَوْلِهِ بِاَللَّهِ، وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُخَاطَبِ إبْرَارُهُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ وَيَلْحَقُ بِهَا الْمَكْرُوهُ، فَإِنْ أَبَى كَفَرَ الْحَالِفُ خِلَافًا لِأَحْمَدَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ يَمِينَ نَفْسِهِ بَلْ الشَّفَاعَةَ أَوْ يَمِينَ الْمُخَاطَبِ أَوْ أَطْلَقَ (فَلَا) تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ هُوَ وَلَا الْمُخَاطَبُ، وَظَاهِرُ صَنِيعِهِ حَيْثُ سَوَّى بَيْنَ حَلَفْت وَغَيْرِهَا فِيمَا مَرَّ لَا هُنَا أَنَّ حَلَفْتُ عَلَيْك لَيْسَتْ كَأَقْسَمْتُ وَآلَيْتُ عَلَيْك، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ هَذَيْنِ قَدْ يُسْتَعْمَلَانِ لِطَلَبِ الشَّفَاعَةِ بِخِلَافِ حَلَفْت، وَيُكْرَهُ رَدُّ السَّائِلِ بِاَللَّهِ أَوْ بِوَجْهِهِ فِي غَيْرِ الْمَكْرُوهُ وَالسُّؤَالُ بِذَلِكَ (وَ) كَذَا (لَوْ) (قَالَ إنْ فَعَلْتُ كَذَا فَأَنَا يَهُودِيٌّ) أَوْ نَصْرَانِيٌّ (أَوْ بَرِيءٌ مِنْ الْإِسْلَامِ) أَوْ مِنْ اللَّهِ أَوْ النَّبِيِّ أَوْ مُسْتَحِلُّ الزِّنَا (فَلَيْسَ بِيَمِينٍ) لِانْتِفَاءِ الِاسْمِ وَالصِّفَةِ وَلَا كَفَّارَةَ وَإِنْ حَنِثَ، نَعَمْ هُوَ حَرَامٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَذْكَارِ كَغَيْرِهِ، وَلَا يَكْفُرُ بِهِ إنْ قَصَدَ تَبْعِيدَ نَفْسِهِ عَنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَوْ أَطْلَقَ، فَإِنْ عَلَّقَ الْكُفْرَ عَلَى حُصُولِهِ أَوْ قَصَدَ الرِّضَا بِهِ كَفَرَ حَالًا إذْ الرِّضَا بِالْكُفْرِ كُفْرٌ وَإِذَا لَمْ يَكْفُرْ نُدِبَ لَهُ الِاسْتِغْفَارُ، وَيَقُولُ كَذَلِكَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَحَذْفُهُمْ أَشْهَدُ هُنَا لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ فِي الْإِسْلَامِ الْحَقِيقِيِّ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِيمَا هُوَ بِالِاحْتِيَاطِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِ أَوْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِتْيَانِ بِأَشْهَدُ كَمَا فِي رِوَايَةِ «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» (وَمِنْ) (سَبَقَ لِسَانُهُ إلَى لَفْظِهَا) أَيْ الْيَمِينِ (بِلَا قَصْدٍ) كَبَلَى وَاَللَّهِ وَلَا وَاَللَّهِ فِي نَحْوِ صِلَةِ كَلَامٍ أَوْ غَضَبٍ (لَمْ تَنْعَقِدْ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 225] الْآيَةَ وَعَقَّدْتُمْ فِيهَا قَصَدْتُمْ {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} [البقرة: 225] وَقَدْ فُسِّرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَغْوُهَا بِقَوْلِ الرَّجُلِ لَا وَاَللَّهِ وَبَلَى وَاَللَّهِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ جَمْعِهِ لَا وَاَللَّهِ وَبَلَى وَاَللَّهِ مَرَّةً وَإِفْرَادِهِ أُخْرَى، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ لِأَنَّ الْغَرَضَ عَدَمُ الْقَصْدِ، وَلَوْ قَصَدَ الْحَالِفُ عَلَى شَيْءٍ فَسَبَقَ لِسَانُهُ لِغَيْرِهِ فَهُوَ مِنْ لَغْوِهَا، وَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْكَافِي مِنْ أَنَّ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ دَخَلَ عَلَى صَاحِبِهِ فَأَرَادَ أَنْ يَقُومَ لَهُ فَقَالَ لَا وَاَللَّهِ لَا تَقُومُ لِي غَيْرُهُ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ إنْ قَصَدَ الْيَمِينَ فَوَاضِحٌ أَوْ لَمْ يَقْصِدْهَا فَعَلَى مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ لَمْ أُرِدْ بِهِ الْيَمِينَ، وَلَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا دَعْوَى اللَّغْوِ فِي طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ إيلَاءٍ كَمَا مَرَّ (وَتَصِحُّ) الْيَمِينُ (عَلَى مَاضٍ وَمُسْتَقْبَلٍ) نَحْوُ وَاَللَّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSظَاهِرٌ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ لَا تُسْتَعْمَلُ لِطَلَبِ الشَّفَاعَةِ بِخِلَافِ أَسْأَلُك بِاَللَّهِ إلَخْ، وَيَدُلُّ لَهُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ هَذَيْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِأَحْمَدَ) حَيْثُ قَالَ يَكْفُرُ الْمُخَاطِبُ اهـ حَجّ. وَمَا نَسَبَهُ لِأَحْمَدَ لَعَلَّهُ رِوَايَةٌ عَنْهُ وَإِلَّا فَالْمُفْتَى بِهِ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْكَفَّارَةَ عَلَى الْحَالِفِ، وَعِبَارَةُ مَتْنِ الْإِقْنَاعِ: وَإِنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَيَفْعَلَنَّ فُلَانٌ كَذَا أَوْ لَيَفْعَلَنَّ، أَوْ حَلَفَ عَلَى حَاضِرٍ فَقَالَ وَاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ كَذَا أَوْ لَا تَفْعَلَنَّ كَذَا فَلَمْ يُطِعْهُ حَنِثَ الْحَالِفُ وَالْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ لَا عَلَى مَنْ أَحْنَثَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ يَمِينٌ الْمُخَاطَبِ) أَيْ كَأَنْ قَصَدَ جَعَلْتُك حَالِفًا بِاَللَّهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ حَلَفْت) أَيْ فَإِنَّهَا تَكُونُ يَمِينًا وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهَا يَمِينَ نَفْسِهِ بَلْ أَطْلَقَ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ رَدُّ السَّائِلِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ إعْطَائِهِ تَعْظِيمُ مَا سَأَلَ بِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِوَجْهِهِ) كَأَسْأَلُك بِوَجْهِ اللَّهِ (قَوْلُهُ: وَلَا كَفَّارَةَ وَإِنْ حَنِثَ) أَيْ فَعَلَ مَا مَنَعَ نَفْسَهُ مِنْهُ، وَسُمِّيَ حِنْثًا لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ مَا يَبَرُّ بِهِ وَهُوَ فِعْلُ مَا مَنَعَ نَفْسَهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: نُدِبَ لَهُ الِاسْتِغْفَارُ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْحَيَّ الْقَيُّومَ وَأَتُوبُ إلَيْهِ وَهِيَ أَكْمَلُ مِنْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَيَقُولُ كَذَلِكَ) أَيْ نَدْبًا اهـ زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مِنْ لَغْوِهَا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ: فَعَلَى مَا مَرَّ) أَيْ فَتَنْعَقِدُ مَا لَمْ يَرِدْ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ إيلَاءٍ كَمَا مَرَّ) أَيْ عَلَى مَا مَرَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْيَمِينَ سَاوَى غَيْرَهُ فِي احْتِمَالِ لَفْظِهِ. (قَوْلُهُ: لَيْسَتْ كَأَقْسَمْتُ وَآلَيْت عَلَيْك) أَيْ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ: أَيْ بَلْ هُوَ يَمِينٌ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ يَمِينَ نَفْسِهِ بِقَرِينَةِ التَّوْجِيهِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: أَوْ آلَيْتَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ فِيمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَيَقُولُ كَذَلِكَ) أَيْ نَدْبًا. (قَوْلُهُ: مَرَّةً وَإِفْرَادُهُ أُخْرَى) الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ مَرَّةً وَقَوْلُهُ أُخْرَى (قَوْلُهُ: فَعَلَى مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ) أَيْ الْمُصَنِّفِ.

مَا فَعَلْت كَذَا أَوْ فَعَلْته أَوْ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا أَوْ لَا أَفْعَلُهُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا» (وَهِيَ) أَيْ الْيَمِينُ (مَكْرُوهَةٌ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 224] وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا عَجَزَ عَنْ الْوَفَاءِ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: مَا حَلَفْتُ بِاَللَّهِ لَا صَادِقًا وَلَا كَاذِبًا قَطُّ (إلَّا فِي طَاعَةٍ) كَجِهَادٍ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ، وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ فِعْلَ وَاجِبٍ أَمْ مَنْدُوبٍ أَمْ تَرْكَ حَرَامٍ أَمْ مَكْرُوهٍ وَإِلَّا لِحَاجَةٍ كَتَوْكِيدِ كَلَامٍ لِخَبَرِ «لَا يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا» أَوْ تَعْظِيمٍ كَقَوْلِهِ «وَاَللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا» وَإِلَّا لِدَعْوَى عِنْدَ حَاكِمٍ فَلَا تُكْرَهُ بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ تُسَنُّ (فَإِنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فِعْلٍ حَرَامٍ عَصَى) بِحَلِفِهِ، نَعَمْ لَوْ كَانَ الْوَاجِبُ عَلَى الْكِفَايَةِ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ أَوْ يُمْكِنُ سُقُوطُهُ كَالْقَوَدِ يَسْقُطُ بِالْعَفْوِ فَلَا عِصْيَانَ بِالْحَلِفِ عَلَى تَرْكِهِمَا كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَاسْتَدَلَّ لِلثَّانِيَةِ بِقَوْلِ أَنَسِ بْنِ النَّضْرِ وَاَللَّهِ لَا تُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرَّبِيعِ (وَلَزِمَهُ الْحِنْثُ) لِأَنَّ الْإِقَامَةَ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ مَعْصِيَةٌ (وَكَفَّارَةٌ) وَمِثْلُهُ لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَيَصُومَنَّ الْعِيدَ فَيَلْزَمُهُ الْحِنْثُ وَيَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ، وَلَوْ كَانَ لَهُ طَرِيقٌ غَيْرُ الْحِنْثِ كَلَا يُنْفِقُ عَلَى زَوْجَتِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ إذْ يُمْكِنُهُ أَنْ يُعْطِيَهَا مِنْ صَدَاقِهَا أَوْ يُقْرِضَهَا ثُمَّ يُبْرِئَهَا (أَوْ) عَلَى (تَرْكِ مَنْدُوبٍ) كَسُنَّةِ الظُّهْرِ (أَوْ فِعْلِ مَكْرُوهٍ) كَالِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ (سُنَّ حِنْثُهُ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ» وَإِنَّمَا أَقَرَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَعْرَابِيَّ عَلَى قَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ، لِأَنَّ يَمِينَهُ تَضَمَّنَتْ طَاعَةً وَهُوَ امْتِثَالُ الْأَمْرِ (أَوْ) عَلَى فِعْلِ مَنْدُوبٍ أَوْ تَرْكِ مَكْرُوهٍ كُرِهَ حِنْثُهُ أَوْ عَلَى (تَرْكِ مُبَاحٍ أَوْ فِعْلِهِ) كَدُخُولِ دَارٍ وَأَكْلِ طَعَامٍ وَلُبْسِ ثَوْبٍ (فَالْأَفْضَلُ تَرْكُ الْحِنْثِ) إبْقَاءً لِتَعْظِيمِ الِاسْمِ، نَعَمْ إنْ كَانَ مِنْ شَأْنِهِ تَعَلُّقُ غَرَضٍ دِينِيٍّ بِتَرْكِهِ أَوْ فِعْلِهِ كَأَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ طَيِّبًا أَوْ لَا يَلْبَسَ نَاعِمًا كَانَ مُخْتَلِفًا بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ وَقُصُودِهِمْ وَفَرَاغِهِمْ لِلْعِبَادَةِ، فَإِنْ قَصَدَ بِهِ التَّأَسِّي بِالسَّلَفِ أَوْ الْفَرَاغَ لِلْعِبَادَةِ فَهُوَ طَاعَةٌ فَيُكْرَهُ حِنْثُهُ فِيهَا وَإِلَّا فَمَكْرُوهَةٌ يُنْدَبُ فِيهَا الْحِنْثُ (وَقِيلَ) الْأَفْضَلُ (الْحِنْثُ) لِيَنْتَفِعَ الْمَسَاكِينُ بِالْكَفَّارَةِ، وَالْأَقْرَبُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ أَذًى لِلْغَيْرِ كَأَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ أَوْ لَا يَأْكُلُ أَوْ لَا يَلْبَسُ كَذَا وَنَحْوُ صَدِيقِهِ يَكْرَهُهُ فَالْحِنْثُ أَفْضَلُ قَطْعًا. وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِمَامَ ذَهَبَ إلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْيَمِينِ مُطْلَقًا، وَاعْتَرَضَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بِوُجُوبِهَا فِيمَا لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ كَالنَّفْسِ وَالْبِضْعِ إذَا تَعَيَّنَتْ لِلدَّفْعِ عَنْهُ، قَالَ: بَلْ الَّذِي أَرَاهُ وُجُوبُهَا لِدَفْعِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ أَنَّهُ إنْ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ قُبِلَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ مَا حَلَفْتُ بِاَللَّهِ) أَيْ لَا قَبْلَ الْبُلُوغِ وَلَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ) زَادَ حَجّ: فَوَاَللَّهِ وَقَوْلُهُ لَا يَمَلُّ اللَّهُ: أَيْ لَا يَتْرُكُ إثَابَتَكُمْ حَتَّى تَتْرُكُوا الْعَمَلَ (قَوْلُهُ: الرُّبَيِّعِ) اسْمُ امْرَأَةٍ وَجَبَ عَلَيْهَا ذَلِكَ بِجِنَايَةٍ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَلَزِمَهُ الْحِنْثُ) اُنْظُرْ مَتَى يَتَحَقَّقُ حِنْثُهُ فِي فِعْلِ الْحَرَامِ هَلْ هُوَ بِالْمَوْتِ أَوْ بِعَزْمِهِ عَلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَلَكِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَزْمُ عَلَى عَدَمِ الْفِعْلِ وَالنَّدَمِ عَلَى الْحَلِفِ لِيَتَخَلَّصَ بِذَلِكَ مِنْ الْإِثْمِ، وَإِنَّمَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَجِّلَهَا بَعْدَ الْحَلِفِ مُسَارَعَةً لِلْخَيْرِ مَا أَمْكَنَ (قَوْلُهُ: وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ) أَيْ بِدُخُولِ يَوْمِ الْعِيدِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ الطَّلَاقُ لَكِنْ مَعَ غُرُوبِهِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ عَدَمُ صَوْمِهِ بِذَلِكَ إذْ الصَّوْمُ الْإِمْسَاكُ بِجَمِيعِ النَّهَارِ وَيُحْتَمَلُ مَوْتُهُ فِي أَثْنَاءِ (قَوْلُهُ: لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا) أَيْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ (قَوْلُهُ: إلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْيَمِينِ) أَيْ قَالَ لَا تَكُونُ الْيَمِينُ وَاجِبَةً ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ) هَذَا دَلِيلٌ لِلْمُسْتَقْبَلِ. أَمَّا الْمَاضِي فَمُجْمَعٌ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: إذَا تَعَيَّنَتْ لِلدَّفْعِ عَنْهُ) بِأَنْ عَلِمَ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إنْ نَكَلَ حَلَفَ خَصْمُهُ كَاذِبًا وَتَسَلَّطَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ بُضْعِهِ كَأَنْ يُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ أَوْ الْقَطْعِ كَاذِبًا أَوْ عَلَى أَجْنَبِيَّةٍ بِالنِّكَاحِ كَذَلِكَ فَلَا يَحِلُّ لَهُمَا النُّكُولُ إذَا عَلِمَا أَنَّهُمَا إذَا نَكَلَا حَلَفَ وَتَسَلَّطَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ بُضْعِهَا

يَمِينِ خَصْمِهِ الْغَمُوسِ عَلَى مَالٍ وَإِنْ أُبِيحَ بِالْإِبَاحَةِ انْتَهَى. وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ، وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ تَرْكِ الْحَلِفِ وَالتَّحْلِيفِ وَرَفْعِ الْمُطَالَبَةِ، وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْأَوْجَهَ فِي الْأَخِيرِ عَدَمُ الْوُجُوبِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ تَعْيِنِهِ (وَلَهُ) أَيْ لِلْحَالِفِ بَعْدَ الْيَمِينِ (تَقْدِيمُ كَفَّارَةٍ بِغَيْرِ صَوْمٍ عَلَى حِنْثٍ جَائِزٌ) أَيْ غَيْرُ حَرَامٍ لِيَشْمَلَ الْأَقْسَامَ الْخَمْسَةَ الْبَاقِيَةَ لِخَبَرِ «فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ ثُمَّ ائْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ» وَلِأَنَّ سَبَبَ وُجُوبِهَا الْيَمِينُ وَالْحِنْثُ مَعًا وَالتَّقْدِيمُ عَلَى أَحَدِ السَّبَبَيْنِ جَائِزٌ كَمَا مَرَّ، وَالْأَوْلَى تَأْخِيرُهَا عَنْهُمَا لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ، وَمَرَّ أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى مُمْتَنِعِ الْبِرِّ يُكَفِّرُ حَالًا بِخِلَافِهِ عَلَى مُمْكِنِهِ، فَإِنَّ وَقْتَ الْكَفَّارَةِ فِيهِ يَدْخُلُ بِالْحِنْثِ أَمَّا الصَّوْمُ فَيَمْتَنِعُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْحِنْثِ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ (قِيلَ وَ) عَلَى حِنْثٍ (حَرَامٌ قُلْت: هَذَا أَصَحُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَلَوْ حَلَفَ لَا يَزْنِي فَكَفَّرَ ثُمَّ زَنَى لَمْ تَلْزَمْهُ كَفَّارَةٌ أُخْرَى، لِأَنَّ الْخَطَرَ فِي الْفِعْلِ لَيْسَ مِنْ حَيْثُ الْيَمِينُ لِحُرْمَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا فَالتَّكْفِيرُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ اسْتِبَاحَةٌ وَشَرْطُ إجْزَاءِ الْعِتْقِ الْمُعَجَّلِ كَفَّارَةُ بَقَاءِ الْعَبْدِ حَيًّا مُسْلِمًا إلَى الْحِنْثِ، بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْمُعَجَّلِ عَنْ الزَّكَاةِ لَا يُشْتَرَطُ بَقَاؤُهُ إلَى الْحَوْلِ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُسْتَحَقِّينَ ثَمَّ شُرَكَاءُ لِلْمَالِكِ وَقَدْ قَبَضُوا حَقَّهُمْ وَبِهِ يَزُولُ تَعَلُّقُهُمْ بِالْمَالِ فَأَجْزَأَ، وَإِنْ تَلِفَ قَبْلَ الْحَوْلِ لِأَنَّهُمْ عِنْدَهُ لَمْ يَبْقَ لَهُمْ تَعَلُّقٌ وَأَمَّا هُنَا فَالْوَاجِبُ فِي الذِّمَّةِ وَهِيَ لَا تَبْرَأُ عَنْهُ إلَّا بِنَحْوِ قَبْضٍ صَحِيحٍ، فَإِذَا مَاتَ الْعَتِيقُ أَوْ ارْتَدَّ بَانَ بِالْحِنْثِ الْمُوجِبِ لِلْكَفَّارَةِ بَقَاءُ الْحَقِّ فِي الذِّمَّةِ وَأَنَّهَا لَمْ تَبْرَأْ عَنْهُ بِمَا سَبَقَ لِأَنَّ الْحَقَّ لَمْ يَتَّصِلْ بِمُسْتَحِقِّهِ وَقْتَ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ، وَلَوْ قَدَّمَهَا وَلَمْ يَحْنَثْ اسْتَرْجَعَ كَالزَّكَاةِ أَيْ إنْ شَرَطَهُ أَوْ عَلِمَ الْقَابِضُ أَنَّهَا مُعَجَّلَةٌ وَإِلَّا فَلَا. وَلَوْ أَعْتَقَ ثُمَّ مَاتَ مَثَلًا قَبْلَ حِنْثِهِ وَقَعَ عِتْقُهُ تَطَوُّعًا كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ لِتَعَذُّرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ مَا اعْتَرَضَ بِهِ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ، وَقَوْلُهُ وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ تَرْكِ الْحَلِفِ يُتَأَمَّلُ مَا الْمُرَادُ بِهِ فَلَعَلَّ فِي الْعِبَارَةِ سَقْطًا، وَالْأَصْلُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ رَفْعِ الْيَمِينِ فِي الْغَمُوسِ، وَغَيْرُ ظَاهِرٍ فِيهَا لِتَمَكُّنِهِ مِنْ تَرْكِ إلَخْ لَكِنَّ هَذَا لَا يُنَاسَبُ قَوْلَهُ إنَّ الْأَوْجَهَ فِي إلَخْ. [فَائِدَةٌ] هَلْ تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ بِتَعَدُّدِ الْيَمِينِ أَوْ لَا؟ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَيَتَعَدَّدُ فِي الْقَسَامَةِ وَفِي أَيْمَانِ اللِّعَانِ وَهِيَ الْأَرْبَعَةُ، وَفِي الْيَمِينِ الْغَمُوسِ وَهُوَ مَا إذَا حَلَفَ أَنَّ لَهُ عَلَى فُلَانٍ كَذَا مَثَلًا وَكَرَّرَ الْأَيْمَانَ كَاذِبًا بِأَنَّهُ يَتَعَدَّدُ أَيْضًا، وَيَتَعَدَّدُ أَيْضًا فِيمَا إذَا قَالَ وَاَللَّهِ كُلَّمَا مَرَرْت عَلَيْك لَأُسَلِّمَنَّ عَلَيْك (قَوْلُهُ: لِيَشْمَلَ الْأَقْسَامَ) وَهِيَ الْوَاجِبُ وَالْمَنْدُوبُ وَالْمُبَاحُ وَالْمَكْرُوهُ وَخِلَافُ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: عَلَى أَحَدِ السَّبَبَيْنِ) هُمَا حَلَفَ وَحَنِثَ (قَوْلُهُ: حَيًّا مُسْلِمًا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ سَلَامَتُهُ إلَى الْحِنْثِ حَتَّى لَوْ عَمِيَ بَعْدَ الْإِعْتَاقِ وَقَبْلَ الْحِنْثِ لَمْ يَضُرَّ، وَلَيْسَ مُرَادًا فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْحِنْثِ لَيْسَ مُجْزِئًا فِي الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ ارْتَدَّ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَ الْحِنْثِ، وَلَيْسَ مُرَادًا فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ بِعَوْدِهِ لِلْإِسْلَامِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مِمَّا يُجْزِئُ فِي الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَدَّمَهَا) أَيْ الْكَفَّارَةَ وَكَانَتْ غَيْرَ عِتْقٍ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْعِتْقَ يَقَعُ تَطَوُّعًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَعْتَقَ ثُمَّ مَاتَ) أَيْ الْمُعْتِقُ أَيْ أَوْ بَرَّ فِي يَمِينِهِ بِفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَوْ عَدَمِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهَا ذَلِكَ، وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الْمُدَّعِي كَأَنْ تَدَّعِيَ الزَّوْجَةُ الْبَيْنُونَةَ فَتُعْرَضَ الْيَمِينُ عَلَى الزَّوْجِ فَيُنْكِرَ وَيَنْكُلَ فَيَلْزَمُهَا الْحَلِفُ حِفْظًا لِبُضْعِهَا مِنْ الزِّنَا وَتَوَابِعِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ أُبِيحَ بِالْإِبَاحَةِ) أَيْ بِخِلَافِ النَّفْسِ وَالْبُضْعِ وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ: وَإِنْ عَلِمَ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ: أَيْ خَصْمَهُ يَحْلِفُ كَاذِبًا فَاَلَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ يَجِبُ الْحَلِفُ دَفْعًا لِمَفْسَدَةِ كَذِبِ خَصْمِهِ كَمَا يَجِبُ النَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَعَانَهُ عَلَى مَعْصِيَةٍ) حَقُّ الْعِبَارَةِ لِأَنَّ دَفْعَ الْمَعْصِيَةِ مُتَوَقِّفٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ تَرْكِ الْحَلِفِ) يُتَأَمَّلُ فَإِنَّهُ لَا يَحْسُنُ تَعْلِيلًا لِلْوُجُوبِ وَإِنَّمَا يَحْسُنُ تَعْلِيلًا لِعَدَمِهِ بِالْمَعْنَى الْآتِي فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ تَعَيُّنِهِ) الْوَجْهُ حَذْفُ لَفْظِ وُجُوبٍ. (قَوْلُهُ: الْخَمْسَةَ الْبَاقِيَةَ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: كَأَنَّهُ أَرَادَ بِالْخَمْسَةِ الْوَاجِبَ وَالْمَنْدُوبَ وَالْمُبَاحَ وَالْمَكْرُوهَ وَخِلَافَ الْأُولَى، وَمَعْنَى الْبَاقِيَةِ: أَيْ بَعْدَ الْحَرَامِ.

[فصل في صفة الكفارة]

الِاسْتِرْجَاعِ فِيهِ: أَيْ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَقَعْ هُنَا حِنْثٌ بَانَ أَنَّ الْعِتْقَ تَطَوُّعٌ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ (وَ) لَهُ تَقْدِيمُ (كَفَّارَةِ ظِهَارٍ عَلَى الْعَوْدِ) إنْ كَفَّرَ بِغَيْرِ صَوْمٍ كَأَنْ ظَاهَرَ مِنْ رَجْعِيَّةٍ ثُمَّ كَفَّرَ ثُمَّ رَاجَعَهَا، وَكَأَنْ طَلَّقَ رَجْعِيًّا عَقِبَ ظِهَارِهِ فَهُوَ تَكْفِيرٌ مَعَ الْعَوْدِ لِأَنَّ اشْتِغَالَهُ بِالْعِتْقِ وَذَلِكَ لِوُجُودِ أَحَدِ السَّبَبَيْنِ، وَمِنْ ثَمَّ امْتَنَعَ تَقْدِيمُهَا عَلَى الظِّهَارِ (وَ) لَهُ تَقْدِيمُ كَفَّارَةِ (قَتْلٍ عَلَى الْمَوْتِ) وَبَعْدَ وُجُودِ سَبَبِهِ مِنْ جُرْحٍ أَوْ نَحْوِهِ (وَ) لَهُ تَقْدِيمُ (مَنْذُورِ مَالٍ) عَلَى ثَانِي سَبَبَيْهِ، كَمَا إذَا نَذَرَ تَصَدُّقًا أَوْ عِتْقًا إنْ شُفِيَ مَرِيضُهُ أَوْ عَقِبَ شِفَائِهِ بِيَوْمٍ فَأَعْتَقَ، أَوْ تَصَدَّقَ قَبْلَ الشِّفَاءِ عَمَلًا بِالْقَاعِدَةِ فِي ذِي السَّبَبَيْنِ أَنَّهُ يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا لَا عَلَيْهِمَا فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْكَفَّارَةِ وَهِيَ مُخَيَّرَةٌ ابْتِدَاءً مُرَتَّبَةٌ انْتِهَاءً كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (يَتَخَيَّرُ) الْمُكَفِّرُ الْحُرُّ الرَّشِيدُ وَلَوْ كَافِرًا (فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ) (بَيْنَ عِتْقٍ كَالظِّهَارِ) أَيْ إعْتَاقٍ عَنْ كَفَّارَتِهِ وَهُوَ إعْتَاقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ بِلَا عَيْبٍ يُخِلُّ بِالْعَمَلِ وَالْكَسْبِ كَمَا مَرَّ وَلَوْ نَحْوُ غَائِبٍ عُلِمَتْ حَيَاتُهُ أَوْ بَانَتْ كَمَا مَرَّ، وَهُوَ أَفْضَلُهَا وَإِنْ كَانَ زَمَنَ غَلَاءٍ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ (وَإِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ كُلَّ مِسْكِينٍ مُدَّ حَبٍّ) أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَجْزِي فِي الْفِطْرَةِ فَيُعْتَبَرُ (مِنْ غَالِبِ قُوتِ بَلَدِهِ) أَيْ الْمُكَفِّرِ، فَلَوْ أَذِنَ الْأَجْنَبِيُّ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ) فِي صِفَةِ الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ: مُرَتَّبَةٌ انْتِهَاءً) أَيْ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ لِلصَّوْمِ إلَّا بَعْدَ الْعَجْزِ عَنْ الثَّلَاثَةِ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الثَّلَاثَةِ تَخَيَّرَ بَيْنَهَا أَوْ عَلَى اثْنَيْنِ تَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا أَوْ عَلَى خَصْلَةٍ مِنْهَا تَعَيَّنَتْ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ جَمِيعِهَا صَامَ (قَوْلُهُ: يَتَخَيَّرُ) قَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ خَالِدٌ فِي شَرْحِ الْأَزْهَرِيَّةِ: وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْجَمِيعِ عَلَى اعْتِقَادِ أَنَّ الْجَمِيعَ هُوَ الْوَاجِبُ فِي الْكَفَّارَةِ انْتَهَى. وَكَتَبَ عَلَيْهِ الشَّنَوَانِيُّ قَوْلَهُ وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ، وَمَا الْمَانِعُ مِنْ جَوَازِ الْجَمْعِ. وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ إذَا جُمِعَ بَيْنَهَا مَعَ الِاعْتِقَادِ الْمَذْكُورِ أَوْ عَدَمِهِ وَقَعَ وَاحِدٌ مِنْهَا كَفَّارَةً فَقَطْ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي التَّمْهِيدِ: لَوْ أَتَى بِخِصَالِ الْكَفَّارَةِ كُلِّهَا أُثِيبَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا، لَكِنَّ ثَوَابَ الْوَاجِبِ أَكْثَرُ مِنْ ثَوَابِ التَّطَوُّعِ، وَلَا يَحْصُلُ إلَّا عَلَى الْوَاجِبِ فَقَطْ وَهُوَ أَعْلَاهَا إنْ تَفَاوَتَتْ، لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لَحَصَلَ لَهُ ذَلِكَ فَإِضَافَةُ غَيْرِهِ لَا تُنْقِصُهُ، وَإِنْ تَسَاوَتْ فَعَلَ أَحَدَهَا، وَإِنْ تَرَكَ الْجَمْعَ عُوقِبَ عَلَى أَقَلِّهَا لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لَأَجْزَأَ، ذَكَرَهُ ابْنُ التِّلْمِسَانِيِّ فِي شَرْحِ الْمَعَالِمِ وَهُوَ حَسَنٌ انْتَهَى. أَقُولُ: وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ وُقُوعِ وَاحِدَةٍ مِنْهَا كَفَّارَةَ مُسْلِمٍ، وَلَيْسَ هُوَ مَحَلَّ الْكَلَامِ فِيمَا لَوْ أَخْرَجَهَا مَعَ اعْتِقَادِ أَنَّ الْجَمِيعَ كَفَّارَةٌ وَاجِبَةٌ، وَهُوَ حَرَامٌ لِاعْتِقَادِ مَا لَيْسَ وَاجِبًا كَمَا لَوْ صَلَّى زِيَادَةً عَلَى الرَّوَاتِبِ مَعَ اعْتِقَادِ أَنَّهَا مَطْلُوبَةٌ لِلشَّارِعِ (قَوْلُهُ: الْحُرُّ) قَيَّدَ بِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَلَا يُكَفِّرُ عَبْدٌ بِمَالٍ (قَوْلُهُ: الرَّشِيدُ) لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ هَذَا الْقَيْدُ، لَكِنْ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَمِثْلُهُ: أَيْ الْعَبْدِ فِي التَّكْفِيرِ بِهِ: أَيْ الصَّوْمِ مَحْجُورُ سَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ السَّفِيهَ فِي مَعْنَى الْعَبْدِ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ الرَّشِيدُ غَيْرُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَوْ بَانَتْ كَمَا مَرَّ) أَيْ بِأَنْ أَعْتَقَهُ عَلَى ظَنِّ مَوْتِهِ فَبَانَ حَيًّا فَيَجْزِي اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ فِي الْكَفَّارَةِ مَالًا يَظُنُّهُ مِلْكَ غَيْرِهِ فَبَانَ مِلْكُهُ أَوْ دَفَعَ لِطَائِفَةٍ يَظُنُّهَا غَيْرَ مُسْتَحِقَّةٍ لِلْكَفَّارَةِ فَبَانَ خِلَافُهُ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَإِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ) وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَاتٌ جَازَ إعْطَاءُ مَا وَجَبَ فِيهَا الْعَشَرَةُ مَسَاكِينَ فَيَدْفَعُ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَمَدَدًا بِعَدَدِهَا (قَوْلُهُ: أَيْ الْمُكَفِّرُ) أَيْ الْمُخْرِجُ لِلْكَفَّارَةِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ الْحَالِفِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي، وَالْأَوْجَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْكَفَّارَةِ]

فِي أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهُ اُعْتُبِرَتْ بَلَدُ الْمَأْذُونِ لَهُ لَا الْآذِنِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَا يُنَافِيهِ أَنَّ قِيَاسَ مَا فِي الْفِطْرَةِ اعْتِبَارُ بَلَدِ الْمُكَفَّرِ عَنْهُ لِأَنَّ تِلْكَ طَهَارَةٌ لِلْبَدَنِ فَاعْتُبِرَ بَلَدُهُ وَلَا كَذَلِكَ هَذَا. هَكَذَا قِيلَ. وَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُ بَلَدِ الْآذِنِ كَالْفِطْرَةِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ جَوَازِ صَرْفِ أَقَلَّ مِنْ مُدٍّ لِكُلِّ وَاحِدٍ وَلَا لِدُونِ عَشَرَةٍ وَلَوْ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ (أَوْ كِسْوَتُهُمْ بِمَا يُسَمَّى كِسْوَةً) مِمَّا يُعْتَادُ لُبْسُهُ بِأَنْ يُعْطِيَهُمْ ذَلِكَ عَلَى جِهَةِ التَّمْلِيكِ وَإِنْ فَاوَتَ بَيْنَهُمْ فِي الْكِسْوَةِ (كَقَمِيصٍ) وَلَوْ بِلَا كُمٍّ (أَوْ عِمَامَةٍ) وَإِنْ قَلَّتْ أَخْذًا مِنْ أَجْزَاءِ مِنْدِيلِ الْيَدِ (أَوْ إزَارٍ) أَوْ مِقْنَعَةٍ أَوْ رِدَاءٍ أَوْ مِنْدِيلٍ يُحْمَلُ فِي يَدٍ أَوْ كُمٍّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} [المائدة: 89] الْآيَةَ (لَا) مَا لَا يُسَمَّى كِسْوَةً وَلَا مَا يُعْتَادُ كَالْجُلُودِ، فَإِنْ أَعَتِيدَ أَجْزَأَتْ فَمِنْ الْأَوَّلِ نَحْوُ (خُفٍّ وَقُفَّازَيْنِ) وَدِرْعٍ مِنْ نَحْوِ حَدِيدٍ وَنَعْلٍ وَمَدَاسٍ وَجَوْرَبٍ وَقَلَنْسُوَةٍ وَقُبَعٍ وَطَاقِيَّةٍ وَعَرْقِيَّةٍ، وَقَوْلُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ بِإِجْزَائِهَا مَحْمُولٌ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ يُجْعَلُ فَوْقَ رَأْسِ النِّسَاءِ، يُقَالُ لَهُ عِرْقِيَّةٍ أَوْ عَلَى مَا يُجْعَلُ عَلَى الدَّابَّةِ تَحْتَ السَّرْجِ وَنَحْوِهِ (وَمِنْطَقَةٍ) وَتَكَّةٍ وَفَصَادِيَّةٍ وَخَاتَمٍ وَتُبَّانٍ لَا يَصِلُ لِلرُّكْبَةِ وَبِسَاطٍ وَهِمْيَانٍ وَثَوْبٍ طَوِيلٍ أَعْطَاهُ لِلْعَشَرَةِ قَبْلَ تَقْطِيعِهِ بَيْنَهُمْ لِأَنَّهُ ثَوْبٌ وَاحِدٌ، وَبِهِ فَارَقَ مَا لَوْ وَضَعَ لَهُمْ عَشَرَةَ أَمْدَادٍ وَقَالَ مَلَّكْتُكُمْ هَذَا بِالسَّوِيَّةِ أَوْ أَطْلَقَ لِأَنَّهَا أَمْدَادٌ مُجْتَمِعَةٌ، وَأَفْهَمَ التَّخْيِيرُ امْتِنَاعَ التَّبْعِيضِ كَأَنْ يُطْعِمَ خَمْسَةً وَيَكْسُوَ خَمْسَةً (وَلَا يُشْتَرَطُ) كَوْنُهُ مَخِيطًا وَلَا سَاتِرًا لِلْعَوْرَةِ وَلَا (صَلَاحِيَّتُهُ لِلْمَدْفُوعِ إلَيْهِ فَيَجُوزُ سَرَاوِيلُ) وَنَحْوُ قَمِيصٍ (صَغِيرٍ) أَيْ دَفْعُهُ (لِكَبِيرٍ لَا يَصْلُحُ لَهُ وَقُطْنٍ وَكَتَّانٍ وَحَرِيرٍ) وَصُوفٍ وَنَحْوِهَا (لِامْرَأَةٍ وَرَجُلٍ) لِوُقُوعِ اسْمِ الْكِسْوَةِ عَلَى الْكُلِّ وَلَوْ مُتَنَجِّسًا، لَكِنْ يَلْزَمُهُ إعْلَامُهُمْ بِهِ لِئَلَّا يُصَلُّوا فِيهِ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَعْطَى غَيْرَهُ مِلْكًا أَوْ عَارِيَّةً مَثَلًا ثَوْبًا مَثَلًا بِهِ نَجَسٌ خَفِيٌّ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِاعْتِقَادِ الْآخِذِ عَلَيْهِ إعْلَامُهُ بِهِ حَذَرًا مِنْ أَنْ يُوقِعَهُ فِي صَلَاةٍ فَاسِدَةٍ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ: مَنْ رَأَى مُصَلِّيًا بِهِ نَجَسٌ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهُ: أَيْ عِنْدَهُ لَزِمَهُ إعْلَامُهُ بِهِ، وَفَارَقَ التُّبَّانُ السَّرَاوِيلَ الصَّغِيرَ بِأَنَّ التُّبَّانَ لَا يَصْلُحُ وَلَا يُعَدُّ سَاتِرَ عَوْرَةِ صَغِيرٍ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ يُعَدُّ لِسِتْرِ عَوْرَةِ صَغِيرٍ فَهُوَ السَّرَاوِيلُ الصَّغِيرُ (وَلَبِيسٍ) وَإِنْ كَثُرَ لُبْسُهُ وَ (لَمْ تَذْهَبْ) عُرْفًا (قُوَّتُهُ) بِاللُّبْسِ، بِخِلَافِ مَا ذَهَبَتْ قُوَّتُهُ كَالْمُهَلْهَلِ النَّسْجِ الَّذِي لَا يَقْوَى عَلَى الِاسْتِعْمَالِ وَلَوْ جَدِيدًا وَمُرَقَّعٌ وَمَنْسُوجٌ مِنْ جِلْدِ مَيْتَةٍ وَإِنْ كَانَ مُعْتَادًا كَمَا لَا يَخْفَى (فَإِنْ عَجَزَ) بِالطَّرِيقِ السَّابِقِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ (عَنْ) كُلٍّ مِنْ (الثَّلَاثَةِ) الْمَذْكُورَةِ (لَزِمَهُ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) لِلْآيَةِ (وَلَا يَجِبُ تَتَابُعُهَا فِي الْأَظْهَرِ) لِإِطْلَاقِ الدَّلِيلِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSاعْتِبَارُ بَلَدِ الْآذِنِ فَإِنَّ الْآذِنَ هُوَ الْمُكَفَّرُ عَنْهُ (قَوْلُهُ كَذَا قِيلَ إلَخْ) كَذَا وُجِدَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ بِخَطِّ الْمُؤَلِّفِ عَلَى هَامِشِ نُسْخَةٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَلَّتْ) أَيْ كَذِرَاعٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ: أَوْ مِقْنَعَةٍ) أَيْ طَرْحَةٍ (قَوْلُهُ: فَمِنْ الْأَوَّلِ) أَيْ مَا لَا يُسَمَّى كِسْوَةً (قَوْلُهُ: وَتُبَّانٍ) اسْمٌ لِلِّبَاسِ لَا يَصِلُ إلَخْ، وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: وَالتُّبَّانُ بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ سَرَاوِيلُ صَغِيرٌ مِقْدَارُ شِبْرٍ يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ الْمُغَلَّظَةَ وَقَدْ يَكُونُ لِلْمَلَّاحِينَ (قَوْلُهُ: وَهِمْيَانٍ) اسْمٌ لِكِيسِ الدَّرَاهِمِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَعْطَى غَيْرَهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: الَّذِي لَا يَقْوَى عَلَى الِاسْتِعْمَالِ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى الْحَبِّ الْعَتِيقِ انْتَهَى حَجّ (قَوْلُهُ وَمُرَقَّعٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ جَدِيدًا وَحَدَثَ فِيهِ مَا يَقْتَضِي تَرْقِيعَهُ (قَوْلُهُ: بِالطَّرِيقِ السَّابِقِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَمْلِكْ زِيَادَةً عَلَى كِفَايَةِ الْعُمْرِ الْغَالِبِ مَا يُخْرِجُهُ فِي الْكَفَّارَةِ. وَعِبَارَتُهَا ثَمَّ وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ ذَلِكَ فَاضِلًا عَنْ كِفَايَةِ الْعُمْرِ الْغَالِبِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَمَا وَقَعَ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا لِدُونِ عَشَرَةٍ) صَوَابُهُ وَعَدَمُ جَوَازِ صَرْفِهَا لِدُونِ عَشَرَةٍ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُعْطِيَهُمْ ذَلِكَ) يَعْنِي الطَّعَامَ وَالْكِسْوَةَ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إعْلَامُهُ فِيمَا لَوْ كَانَ مَعْفُوًّا عَنْهُ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا ضَمَّخَهُ بِمَا يَسْلُبُ الْعَفْوَ (قَوْلُهُ: لَا يُعَدُّ سَاتِرَ عَوْرَةِ صَغِيرٍ إلَخْ) اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ الْمَارِّ وَلَا سَاتِرًا لِلْعَوْرَةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَذْهَبْ) الْوَاوُ الَّتِي زَادَهَا الشَّارِحُ لِلْحَالِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: كَالْمُهَلْهَلِ) الْكَافُ فِيهِ لِلتَّنْظِيرِ (قَوْلُهُ: وَمُرَقَّعٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَا مِنْ

وَالثَّانِي يَجِبُ لِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيُّ بْنِ كَعْبٍ مُتَتَابِعَاتٍ وَالْقِرَاءَةُ الشَّاذَّةُ كَخَبَرِ الْآحَادِ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ بِهَا، وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهَا نُسِخَتْ حُكْمًا وَتِلَاوَةً (وَإِنْ غَابَ مَالُهُ انْتَظَرَهُ وَلَمْ يَصُمْ) لِأَنَّهُ وَاجِدٌ وَإِنَّمَا أُبِيحَ الصَّوْمُ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ بِخِلَافِ الْمُتَمَتِّعِ إذَا أَعْسَرَ بِالدَّمِ بِمَكَّةَ فَإِنَّهُ يَجْزِيهِ الصَّوْمُ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ اُعْتُبِرَتْ بِمَكَّةَ لِأَنَّهَا مَحَلُّ نُسُكِهِ الْمُوجِبِ لِلدَّمِ فَلَا يُنْظَرُ إلَى غَيْرِهَا، وَلَا كَذَلِكَ الْكَفَّارَاتُ تُعْتَبَرُ فِيهَا مُطْلَقًا، أَيْ وَإِنْ غَابَ مَالُهُ فَوْقَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ لِوُجُوبِهَا عَلَى التَّرَاخِي أَصَالَةً. (وَلَا يُكَفِّرُ عَبْدٌ) أَيْ رَقِيقٌ (بِمَالٍ) لِعَدَمِ مِلْكِهِ (إلَّا إذَا مَلَّكَهُ سَيِّدُهُ) أَوْ غَيْرُهُ (طَعَامًا أَوْ كِسْوَةً) لِيُكَفِّرَ بِهِمَا أَوْ مُطْلَقًا (وَقُلْنَا) إنَّهُ (يَمْلِكُ) وَهُوَ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فِي التَّكْفِيرِ فَإِنَّهُ يُكَفِّرُ، نَعَمْ لَوْ مَاتَ فَلِسَيِّدِهِ التَّكْفِيرُ عَنْهُ بِغَيْرِ الْعِتْقِ مِنْ إطْعَامٍ أَوْ كِسْوَةٍ لِعَدَمِ اسْتِدْعَاءِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِهِ حَالَ الْحَيَاةِ وَلِزَوَالِ الرِّقِّ بِالْمَوْتِ، وَلِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهُ بِذَلِكَ بِإِذْنِهِ وَلَهُ التَّكْفِيرُ بِذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ بِإِذْنِهِ، وَفَارَقَ الْعِتْقَ بِأَنَّ الْقِنَّ غَيْرُ أَهْلٍ لِلْوَلَاءِ (بَلْ يُكَفِّرُ) حَتَّى فِي الْمَرْتَبَةِ كَالظِّهَارِ (بِصَوْمٍ) لِعَجْزِهِ عَنْ غَيْرِهِ، وَمِثْلُهُ فِي التَّكْفِيرِ بِهِ مَحْجُورُ سَفَهٍ أَوْ فَلْسٍ لِامْتِنَاعِ تَبَرُّعِهِمَا بِالْمَالِ، نَعَمْ لَوْ زَالَ الْحَجْرُ قَبْلَ الصَّوْمِ امْتَنَعَ، إذْ الِاعْتِبَارُ بِوَقْتِ الْأَدَاءِ لَا الْوُجُوبِ (فَإِنْ ضَرَّهُ) الصَّوْمُ فِي الْخِدْمَةِ (وَكَانَ حَلَفَ وَحَنِثَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ صَامَ بِلَا إذْنٍ) وَلَا يَجُوزُ لَهُ مَنْعُهُ لِكَوْنِهِ أَذِنَهُ فِي سَبَبِهِ وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهَا عَلَى التَّرَاخِي (أَوْ وُجِدَا) أَيْ الْحَلِفُ وَالْحِنْثُ (بِلَا إذْنٍ لَمْ يَصُمْ إلَّا بِإِذْنٍ) لِعَدَمِ إذْنِهِ فِي سَبَبِهِ. وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ يَضُرُّهُ فَإِنْ شَرَعَ فِيهِ فَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ إتْمَامِهِ فَإِنْ لَمْ يَضُرَّهُ وَلَا أَضْعَفَهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ مَنْعُهُ مِنْهُ مُطْلَقًا (وَإِنْ أَذِنَ فِي أَحَدِهِمَا فَالْأَصَحُّ اعْتِبَارُ الْحَلِفِ) لِأَنَّ إذْنَهُ فِيهِ إذْنٌ فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وَقَدْ تَبِعَ فِي ذَلِكَ الْمُحَرَّرَ، وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا اعْتِبَارُ الْحِنْثِ بَلْ قِيلَ إنَّ الْأَوَّلَ سَبْقُ قَلَمٍ لِأَنَّ الْيَمِينَ مَانِعَةٌ مِنْهُ فَلَا يَكُونُ إذْنُهُ فِي ذَلِكَ إذْنًا فِي الْتِزَامِ الْكَفَّارَةِ، وَبِهِ فَارَقَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْإِذْنَ فِي الضَّمَانِ دُونَ الْأَدَاءِ يَقْتَضِي الرُّجُوعَ بِخِلَافِ عَكْسِهِ، وَخَرَجَ بِالْعَبْدِ الْأَمَةُ الَّتِي لَا تَحِلُّ لَهُ فَلَا يَجُوزُ لَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ صَوْمٌ مُطْلَقًا ـــــــــــــــــــــــــــــSالرَّوْضَةِ هُنَا وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ مِنْ اعْتِبَارِ سَنَةٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَرْجُوحِ الْمَارِّ فِي قِسْمِ الصَّدَقَاتِ (قَوْلُهُ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مَالُهُ غَائِبًا (قَوْلُهُ: وَلِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ غَيْرَ الْمُكَاتَبِ لَا يَجُوزُ لِسَيِّدِهِ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهُ وَلَوْ بِإِذْنِهِ، وَلَا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي التَّكْفِيرِ مِنْ مَالِ السَّيِّدِ وَكَسْبِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: بِإِذْنِهِ) أَيْ الْعَبْدِ. وَقَوْلُهُ وَلَهُ أَيْ الْمُكَاتَبِ، وَقَوْلُهُ بِإِذْنِهِ: أَيْ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ فِي التَّكْفِيرِ بِهِ مَحْجُورُ سَفَهٍ) وَلَا يُكَفِّرُ عَنْ مَيِّتٍ بِأَزْيَدِ الْخِصَالِ قِيمَةً بَلْ يَتَعَيَّنُ أَقَلُّهَا أَوْ أَحَدُهَا إنْ اسْتَوَتْ قِيمَتُهَا اهـ حَجّ. أَقُولُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا كَانَ فِي الْوَرَثَةِ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ أَوْ ثَمَّ دَيْنٌ وَإِلَّا فَلَا يَمْتَنِعُ عَلَى الْوَارِثِ الرَّشِيدِ أَنْ يُكَفِّرَ بِالْأَعْلَى (قَوْلُهُ: فَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ إتْمَامِهِ) أَيْ وَلَوْ أَخْبَرَهُ مَعْصُومٌ بِمَوْتِهِ بَعْدَ مُدَّةٍ قَرِيبَةٍ لِأَنَّ حَقَّ السَّيِّدِ فَوْرِيٌّ وَلَا إثْمَ عَلَى الرَّقِيقِ فِي عَدَمِ الصَّوْمِ لِعَجْزِهِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ لَهُ مَنْعُهُ مِنْهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ احْتَاجَهُ لِلْخِدْمَةِ أَمْ لَا، وَقَوْلُهُ فَالْأَصَحُّ اعْتِبَارُ الْحَلِفِ ضَعِيفٌ، وَقَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْعَبْدِ الْأَمَةُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُعَدَّةً لِلتَّمَتُّعِ بَلْ لِلْخِدْمَةِ وَإِنْ بَعُدَ فِي الْعَادَةِ تَمَتُّعُهُ بِهَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ لَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ صَوْمٌ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ ضَرَّهَا الصَّوْمُ أَمْ لَا، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ هُنَا لِلزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ هَلْ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ الصَّوْمِ أَمْ لَا، وَعِبَارَتُهُ فِي بَابِ النَّفَقَاتِ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ تَعْجِيلِ مَكْتُوبَةٍ أَوَّلَ الْوَقْتِ نَصُّهَا: وَكَذَا يَمْنَعُهَا مِنْ صَوْمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلِهِ مَا ذَهَبَتْ (قَوْلُهُ: وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهَا نُسِخَتْ إلَخْ) وَأَجَابَ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ الشَّاذَّ إنَّمَا يَكُونُ كَالْخَبَرِ إذَا ثَبَتَ قُرْآنًا وَلَمْ يُوجَدْ (قَوْلُهُ: وَلَا كَذَلِكَ الْكَفَّارَاتُ) عِبَارَةُ الْقُوتِ: فَإِنَّ مَكَانَ الدَّمِ مَكَّةُ فَاعْتُبِرَ يَسَارُهُ بِهَا وَمَكَانُ الْكَفَّارَةِ مُطْلَقٌ فَاعْتُبِرَ يَسَارُهُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: أَصَالَةً) أَيْ وَإِلَّا فَقَدْ يَجِبُ الْفَوْرُ لِعَارِضٍ. (قَوْلُهُ: أَنْ يُكَفَّرَ عَنْهُ بِذَلِكَ) أَيْ بِالْإِطْعَامِ

تَقْدِيمًا لِاسْتِمْتَاعِهِ لِأَنَّهُ نَاجِزٌ. أَمَّا أَمَةٌ لَا تَحِلُّ فَكَالْعَبْدِ فِيمَا مَرَّ، وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ أَنَّ الْحِنْثَ الْوَاجِبَ كَالْحِنْثِ الْمَأْذُونِ فِيهِ فِيمَا ذَكَرَ لِوُجُوبِ التَّكْفِيرِ فِيهِ عَلَى الْفَوْرِ مَحَلُّ نَظَرٍ. وَالْأَقْرَبُ الْأَخْذُ بِإِطْلَاقِهِمْ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ بِإِذْنِهِ وَتَعَدِّي الْعَبْدِ لَا يُبْطِلُهُ. نَعَمْ لَوْ قِيلَ إنَّ إذْنَهُ فِي الْحَلِفِ الْمُحَرَّمِ كَإِذْنِهِ فِي الْحِنْثِ لَا يَبْعُدُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ الْتِزَامٌ لِلْكَفَّارَةِ لِوُجُوبِ الْحِنْثِ الْمُسْتَلْزِمِ لَهَا فَوْرًا. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَوْ انْتَقَلَ مِنْ مِلْكِ زَيْدٍ إلَى عَمْرٍو كَأَنْ حَلَفَ وَحَنِثَ فِي مِلْكِ زَيْدٍ فَهَلْ لِعَمْرٍو الْمَنْعُ مِنْ الصَّوْمِ وَلَوْ كَانَ زَيْدٌ أَذِنَ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا، وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ غَائِبًا فَهَلْ عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ صَوْمٍ لَوْ كَانَ السَّيِّدُ حَاضِرًا لَكَانَ لَهُ مَنْعُهُ أَوْ لَا؟ الظَّاهِرُ هُنَا نَعَمْ، وَلَوْ أَجَّرَ السَّيِّدُ عَيْنَ عَبْدِهِ وَكَانَ الصَّوْمُ يُخِلُّ بِالْمَنْفَعَةِ الْمُسْتَأْجَرِ لَهَا فَقَطْ فَهَلْ لَهُ الصَّوْمُ بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ دُونَ إذْنِ السَّيِّدِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَيْسَ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ هُنَا وَلَمْ يُفَرِّقُوا فِي الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ كَوْنِ الْحِنْثِ وَاجِبًا أَوْ غَيْرِهِ، وَلَا بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْكَفَّارَةُ عَنْ الْفَوْرِ أَوْ التَّرَاخِي انْتَهَى. وَالرَّاجِحُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَفِيمَا لَوْ حَلَفَ فِي مِلْكِ شَخْصٍ وَحَنِثَ فِي مِلْكِ آخَرَ أَنَّ الْأَوَّلَ إنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِمَا أَوْ فِي الْحِنْثِ لَمْ يَكُنْ لِلثَّانِي مَنْعُهُ مِنْ الصَّوْمِ إنْ ضَرَّهُ وَإِلَّا فَلَهُ مَنْعُهُ مِنْهُ إنْ ضَرَّهُ (وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ وَلَهُ مَالٌ يُكَفِّرُ بِطَعَامٍ أَوْ كِسْوَةٍ) لَا صَوْمَ لِأَنَّهُ وَاجِدٌ وَ (لَا عِتْقَ) لِنَقْصِهِ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْوَلَاءِ، نَعَمْ إنْ عَلَّقَ سَيِّدُهُ عِتْقَهُ بِتَكْفِيرِهِ بِالْعِتْقِ كَأَنْ أَعْتَقْتُ عَنْ كَفَّارَتِك فَنَصِيبِي مِنْك حُرٌّ قَبْلَهُ أَوْ مَعَهُ صَحَّ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ لِزَوَالِ الْمَانِعِ بِهِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَيُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ: أَيْ فِي نَوْبَتِهِ بِغَيْرِ إذْنٍ وَفِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ أَوْ حَيْثُ لَا مُهَايَأَةَ بِالْإِذْنِ فِيمَا يَظْهَرُ. ـــــــــــــــــــــــــــــSالْكَفَّارَةِ إنْ لَمْ تَعْصِ بِسَبَبِهِ: أَيْ كَأَنْ حَلَفَتْ عَلَى أَمْرٍ مَاضٍ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ كَاذِبَةً (قَوْلُهُ: تَقْدِيمًا لِاسْتِمْتَاعِهِ) أَيْ لِحَقِّ اسْتِمْتَاعِهِ (قَوْلُهُ: كَالْحِنْثِ الْمَأْذُونِ فِيهِ) أَيْ وَهُوَ يَقْتَضِي التَّكْفِيرَ بِلَا إذْنٍ (قَوْلُهُ: فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ جَوَازِ التَّكْفِيرِ بِلَا إذْنٍ مِنْ السَّيِّدِ فِي الْحِنْثِ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الْحَلِفِ (قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ هُنَا نَعَمْ) قَدْ يُقَالُ: الْأَقْرَبُ فِي الْأُولَى أَنَّهُ لَيْسَ لِعَمْرٍو الْمَنْعُ لِأَنَّهُ إنَّمَا انْتَقَلَ لَهُ الْعَبْدُ بَعْدَ اسْتِحْقَاقِهِ لِلصَّوْمِ بِلَا إذْنٍ. وَقَدْ قَالُوا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ إنَّ الْمُشْتَرِيَ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْبَائِعِ. ثُمَّ رَأَيْت مَا سَيَأْتِي لَهُ فِي قَوْلِهِ وَفِيمَا لَوْ حَلَفَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَيْسَ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ هُنَا) أَيْ بَلْ يَكُونُ الْحَقُّ لِلْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ: بَيْنَ كَوْنِ الْحِنْثِ وَاجِبًا) كَأَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يُصَلِّيَ الظُّهْرَ مَثَلًا (قَوْلُهُ: فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ بَيْنَ كَوْنِ الْحِنْثِ وَاجِبًا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لِلثَّانِي مَنْعُهُ) مِثْلُهُ فِي ذَلِكَ بِالْأُولَى مَا لَوْ حَلَفَ وَحَنِثَ بِإِذْنِ الْأَوَّلِ فِي مِلْكه ثُمَّ انْتَقَلَ لِلثَّانِي قَبْلَ التَّكْفِيرِ (قَوْلُهُ: بِالْإِذْنِ فِيمَا يَظْهَرُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الْحِنْثِ كَمَا فِي غَيْرِ الْمُبَعَّضِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْكِسْوَةِ (قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ هُنَا نَعَمْ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ أَمَّا الْأُولَى فَسَيَتَكَلَّمُ عَلَيْهَا.

[فصل في الحلف على السكنى والمساكنة وغيرهما مما يأتي]

فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى السُّكْنَى وَالْمُسَاكَنَةِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يَأْتِي وَالْأَصْلُ فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ أَنَّ الْأَلْفَاظَ تُحْمَلُ عَلَى حَقَائِقِهَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَجَازُ مُتَعَارَفًا وَيُرِيدُ دُخُولَهُ فَيَدْخُلُ أَيْضًا، فَلَا يَحْنَثُ أَمِيرٌ حَلَفَ لَا يَبْنِي دَارِهِ وَأَطْلَقَ إلَّا بِفِعْلِهِ، وَلَا مَنْ حَلَفَ لَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ فَحَلَقَ غَيْرُهُ لَهُ بِأَمْرِهِ إذَا (حَلَفَ لَا يَسْكُنُهَا) أَيْ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ دَارًا (أَوْ لَا يُقِيمُ فِيهَا) وَهُوَ فِيهَا عِنْدَ الْحَلِفِ (فَلْيَخْرُجْ) مِنْهَا حَالًا بِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ فِي كُلٍّ مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِقَامَةِ وَالسُّكْنَى فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ إنْ أَرَادَ عَدَمَ الْحِنْثِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ حَيْثُ كَانَ مُتَوَطِّنًا فِيهِ قَبْلَ حَلِفِهِ، فَلَوْ دَخَلَهُ لِنَحْوِ تَفَرُّجٍ فَحَلَفَ لَا يَسْكُنُهُ لَمْ يَحْتَجْ لِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ قَطْعًا (فِي الْحَالِ) بِبَدَنِهِ فَقَطْ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى السُّكْنَى وَالْمُسَاكَنَةِ وَغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ أَنَّ الْأَلْفَاظَ تُحْمَلُ إلَخْ) وَعِبَارَةُ حَجّ زِيَادَةٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ: وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ هُنَا الْأَصْلُ فِي الْبِرِّ وَالْحِنْثِ اتِّبَاعُ مُقْتَضَى اللَّفْظِ، وَقَدْ يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ التَّخْصِيصُ وَالتَّقْيِيدُ بِنِيَّةٍ تَقْتَرِنُ بِهِ أَوْ بِاصْطِلَاحٍ خَاصٍّ أَوْ قَرِينَةٍ انْتَهَى. وَهِيَ تُفِيدُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَنَّ اللَّفْظَ تَارَةً يُحْمَلُ عَلَى مُقْتَضَاهُ وَذَلِكَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَتَارَةً عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْهُ، وَذَلِكَ إذَا تَعَارَفَ الْمَجَازُ وَأُرِيدَ دُخُولُهُ فِيهِ، وَتَارَةً عَلَى مَا هُوَ أَخَصُّ مِنْهُ وَذَلِكَ إذَا قُيِّدَ أَوْ خُصِّصَ بِقَرِينَةٍ أَوْ نِيَّةٍ أَوْ عُرْفٍ، وَمَفْهُومُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ بِاللَّفْظِ غَيْرَ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ وَحْدَهُ مَجَازًا كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ كَتَّانًا وَأَرَادَ الْقُطْنَ مَثَلًا وَكَانَ لَفْظُ الْكَتَّانِ مُسْتَعْمَلًا فِي الْقُطْنِ مَجَازًا عَدَمُ قَبُولِ إرَادَتِهِ ذَلِكَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا. لَا يُقَالُ: مُقْتَضَى التَّغْلِيظِ عَلَيْهِ أَنْ يَحْنَثَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا. لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّمَا يَحْنَثُ بِغَيْرِ مُقْتَضَى اللَّفْظِ حَيْثُ احْتَمَلَهُ اللَّفْظُ عَلَى مَا مَرَّ، لَكِنْ سَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ كَاتَبَهُ أَوْ رَاسَلَهُ مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ حَيْثُ قَالَ: نَعَمْ إنْ نَوَى شَيْئًا مِمَّا مَرَّ حَنِثَ بِهِ، إذْ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالْحَقِيقَةِ وَعَلَيْهِ فَيَحْنَثُ بِالْقُطْنِ دُونَ الْكَتَّانِ إنْ ثَبَتَ اسْتِعْمَالُ الْقُطْنِ فِي الْكَتَّانِ مَجَازًا (قَوْلُهُ مُتَعَارَفًا) أَيْ مَشْهُورًا (قَوْلُهُ: فَيَدْخُلُ أَيْضًا) أَيْ مَعَ الْحَقِيقَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْنَثُ أَمِيرٌ) أَيْ مَثَلًا فَالْمُرَادُ بِهِ كُلُّ مَنْ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ أَمِيرٍ أَوْ مَقْطُوعَ الْيَدِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَلَا مَنْ حَلَفَ لَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ) أَيْ وَأَطْلَقَ أَمَّا لَوْ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يَحْلِقُهُ لَا بِنَفْسِهِ وَلَا بِغَيْرِهِ حَنِثَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَحْلِقُهُ وَنَوَى بِغَيْرِهِ خَاصَّةً يَحْنَثُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى مَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ قَبْلُ وَيُرِيدُ دُخُولَهُ إلَخْ، وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ بِالْغَيْرِ عَمَلًا بِنِيَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ) أَيْ الِاحْتِيَاجِ لِلنِّيَّةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْتَجْ لِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ قَطْعًا) أَيْ وَيَخْرُجُ حَالًا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي الْحَلِفِ عَلَى السُّكْنَى وَالْمُسَاكَنَةِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يَأْتِي] فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى السُّكْنَى إلَخْ (قَوْلُهُ: تُحْمَلُ عَلَى حَقَائِقِهَا) شَمَلَ الْحَقَائِقَ الْعُرْفِيَّةَ وَالشَّرْعِيَّةَ كَاللُّغَوِيَّةِ فَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى مَجَازَاتِهَا، وَأَمَّا إذَا تَعَارَضَتْ تِلْكَ الْحَقَائِقُ فَمِقْدَارٌ آخَرُ يَأْتِي فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَجَازُ مُتَعَارَفًا وَيُرِيدُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ مُجَرَّدَ تَعَارُفِهِ لَا يَكْفِي وَلَعَلَّ مَحَلَّهُ إنْ لَمْ تُهْجَرْ الْحَقِيقَةُ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي آخِرَ الْفَصْلِ الْآتِي فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ، وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّ الْمَجَازَ غَيْرَ الْمُتَعَارَفِ لَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ وَإِنْ أَرَادَهُ، وَيَأْتِي مَا يُخَالِفُهُ فِي الْفَصْلِ الْأَخِيرِ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ لَا يَنْكِحُ حَنِثَ بِعَقْدِ وَكِيلِهِ لَهُ حَيْثُ قَالَ: لِأَنَّ الْمَجَازَ الْمَرْجُوحَ يَصِيرُ قَوِيًّا بِالنِّيَّةِ (قَوْلُهُ: فَيَدْخُلُ أَيْضًا) أَيْ مَعَ الْحَقِيقَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَاقْتَضَى أَنَّهُ لَا يُحْمَلُ عَلَى الْمَجَازِ وَحْدَهُ وَإِنْ أَرَادَهُ وَحْدَهُ أَيْضًا وَفِيهِ وَقْفَةٌ وَسَيَأْتِي مَا يُخَالِفُهُ أَيْضًا فِي الْفَصْلِ آخِرَ الْبَابِ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَنْكِحُ وَأَرَادَ الْوَطْءَ (قَوْلُهُ: حَالًا) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ مَا يَأْتِي فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْتَجْ لِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ قَطْعًا)

وَإِنْ تَرَكَ أَمْتِعَتَهُ لِأَنَّهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَلَا يُكَلَّفُ الْعَدْوَ، وَلَا الْخُرُوجَ مِنْ أَقْرَبِ الْبَابَيْنِ، نَعَمْ لَوْ عَدَلَ لِبَابِ السَّطْحِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ غَيْرِهِ حَنِثَ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لِأَنَّهُ بِصُعُودِهِ فِي حُكْمِ الْمُقِيمِ: أَيْ وَلَا نَظَرَ لِتَسَاوِي الْمَسَافَتَيْنِ وَلَا لِأَقْرَبِيَّةِ طَرِيقِ السَّطْحِ عَلَى مَا أَطْلَقَهُ لِأَنَّهُ بِمَشْيِهِ إلَى الْبَابِ آخِذٌ فِي سَبَبِ الْخُرُوجِ، وَبِالْعُدُولِ عَنْهُ إلَى الصُّعُودِ غَيْرُ آخِذٍ فِي ذَلِكَ عُرْفًا، أَمَّا خُرُوجُهُ بِغَيْرِ نِيَّةِ التَّحَوُّلِ فَيَحْنَثُ مَعَهُ لِأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ يُسَمَّى سَاكِنًا أَوْ مُقِيمًا عُرْفًا (فَإِنْ مَكَثَ بِلَا عُذْرٍ) وَلَوْ لَحْظَةً وَهُوَ مُرَادُ الرَّوْضَةِ بِسَاعَةٍ، وَقَوْلُ الْغَزِّيِّ كَمَا لَوْ وَقَفَ لِيَشْرَبَ مَثَلًا يَتَعَيَّنُ تَقْيِيدُ مِثَالِهِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ شَرِبَهُ لِعَطَشٍ لَا يُحْتَمَلُ مِثْلُهُ عَادَةً كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُمْ (حَنِثَ وَإِنْ بَعَثَ مَتَاعَهُ) وَأَهْلَهُ لِأَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ سُكْنَاهُ وَهُوَ مَوْجُودٌ إذْ السُّكْنَى تُطْلَقُ عَلَى الدَّوَامِ كَالِابْتِدَاءِ، فَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ كَأَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ الْبَابَ لَمْ يَحْنَثْ، وَجَعَلَ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ ذَلِكَ ضِيقَ وَقْتِ الصَّلَاةِ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ اشْتَغَلَ بِالْخُرُوجِ لَفَاتَتْهُ فَإِنْ طَرَأَ الْعَجْزُ بَعْدَ الْحَلِفِ فَكَالْمُكْرَهِ (وَإِنْ) نَوَى التَّحَوُّلَ لَكِنَّهُ (اشْتَغَلَ بِأَسْبَابِ الْخُرُوجِ كَجَمْعِ مَتَاعٍ وَإِخْرَاجِ أَهْلٍ وَلُبْسِ ثَوْبٍ) يَعْتَادُ لُبْسَهُ فِي الْخُرُوجِ (لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ سَاكِنًا وَإِنْ طَالَ مَقَامُهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ عَقِبَ حَلِفِهِ نَحْوُ مَرَضٍ مَنَعَهُ مِنْ خُرُوجِهِ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُخْرِجُهُ أَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ لَوْ خَرَجَ فَمَكَثَ وَلَوْ لَيْلَةً أَوْ أَكْثَرَ فَلَا حِنْثَ، وَيُتَّجَهُ ضَبْطُ الْمَرَضِ هُنَا بِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSاقْتِصَارُهُ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ نِيَّةِ التَّحَوُّلِ، لَكِنْ مُقْتَضَى قَوْلِ ع الْآتِي: فَإِنْ أَرَادَ لَا أَتَّخِذُهَا مَسْكَنًا فَيَنْبَغِي عَدَمُ الْحِنْثِ اشْتِرَاطُ الْخُرُوجِ هُنَا حَالًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ) هَذَا ظَاهِرٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، أَمَّا لَوْ أَرَادَ أَنَّهُ يَأْخُذُ أَهْلَهُ وَأَمْتِعَتَهُ لَمْ يَبَرَّ إلَّا بِأَخْذِهِمَا فَوْرًا (قَوْلُهُ: وَلَا الْخُرُوجُ مِنْ أَقْرَبِ الْبَابَيْنِ) أَيْ بِأَنْ يَقْصِدَهُ مِنْ مَحَلٍّ أَمَّا لَوْ مَرَّ عَلَيْهِ وَعَدَلَ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ فَيَنْبَغِي الْحِنْثُ أَخْذًا مِمَّا عَلَّلَ بِهِ الْعُدُولُ إلَى السَّطْحِ مِنْ أَنَّهُ بِالْعُدُولِ عَنْهُ إلَى الصُّعُودِ غَيْرُ آخِذٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِبَابِ السَّطْحِ) أَوْ إلَى حَائِطٍ لِيَخْرُجَ مِنْهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ قُبَالَتَهُ فَتَخُطَّاهَا مِنْ غَيْرِ عُدُولٍ فَلَا حِنْثَ (قَوْلُهُ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ غَيْرِهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ أَبْعَدَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ مَكَثَ بِلَا عُذْرٍ) قَالَ ع: وَاقْتَضَى كَلَامُهُمْ أَنَّ الْمُكْثَ وَلَوْ قَلَّ يَضُرُّ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: هُوَ ظَاهِرٌ إنْ أَرَادَ لَا أَمْكُثُ، فَإِنْ أَرَادَ لَا أَتَّخِذُهَا مَسْكَنًا فَيَنْبَغِي عَدَمُ الْحِنْثِ بِمُكْثِ نَحْوِ السَّاعَةِ اهـ. أَقُولُ: لَعَلَّ التَّقْيِيدَ بِنَحْوِ السَّاعَةِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَتَّخِذُهَا مَسْكَنًا وَمَكَثَ مُدَّةً يَبْحَثُ فِيهَا عَنْ مَحَلٍّ يَسْكُنُ فِيهِ مَعَ عَدَمِ إرَادَةِ الِاسْتِمْرَارِ عَلَى اتِّخَاذِهَا مَسْكَنًا لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ زَادَتْ الْمُدَّةُ عَلَى يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ أَرَادَ إلَخْ خَرَجَ بِهِ الْإِطْلَاقُ فَيَحْنَثُ بِالْمُكْثِ وَإِنْ قَلَّ، وَقَوْلُهُ فَإِنْ مَكَثَ بِلَا عُذْرٍ وَلَوْ لَحْظَةً وَهُوَ مُرَادُ الرَّوْضَةِ بِسَاعَةٍ وَقَوْلُ الْغَزِّيِّ كَمَا لَوْ وَقَفَ لِيَشْرَبَ مَثَلًا يَتَعَيَّنُ تَقْيِيدُ مِثَالِهِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ شُرْبُهُ لِعَطَشٍ لَا يُحْتَمَلُ مِثْلُهُ عَادَةً كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُمْ بِلَا عُذْرٍ (قَوْلُهُ: مِنْ ذَلِكَ) أَيْ الْعُذْرِ (قَوْلُهُ: لَفَاتَتْهُ) أَيْ كَامِلَةً حَجّ، وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الشَّارِحِ أَنَّهُ مَتَى خَافَ خُرُوجَ شَيْءٍ مِنْهَا عَنْ وَقْتِهَا لَوْ اشْتَغَلَ عُذِرَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْخَوْفُ مَوْجُودًا حَالَ الْحَلِفِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَالِهِ إلَخْ) قَالَ حَجّ: وَإِنْ قَلَّ، وَقَوْلُهُ لَوْ خَرَجَ: أَيْ سَوَاءٌ كَانَ خَوْفُهُ عَلَيْهِ بِسَبَبِ تَرْكِهِ لَهُ حَيْثُ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ حَمْلُهُ مَعَهُ أَوْ كَانَ الْخَوْفُ حَاصِلًا لَهُ سَوَاءٌ أَخَذَهُ أَوْ تَرَكَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِذَلِكَ مَا لَوْ خَافَ أَنَّهُ إذَا خَرَجَ لَاقَاهُ أَعْوَانُ الظُّلْمَةِ مَثَلًا فَيَأْخُذُونَ مِنْهُ ذَلِكَ بِسَبَبِ خُرُوجِهِ فِي ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِي تَحْنِيثِهِ بِالْمُكْثِ الْيَسِيرِ نَظَرٌ، إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ لَا أَسْكُنُهُ لَا أَتَّخِذُهُ سَكَنًا انْتَهَى (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُمْ) الْمَوْجُودُ فِي نُسَخِ الشَّارِحِ ذَكَرَ هَذَا قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ حَنِثَ مَعَ أَنَّ صَوَابَهُ ذَكَرَهُ قُبَيْلَ قَوْلِهِ بِلَا عُذْرٍ كَمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ فَكَالْمُكْرَهِ) أَيْ فِي الْخِلَافِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَإِنَّمَا احْتَاجَ لِذِكْرِ هَذَا فِي الرَّوْضَةِ لِأَنَّهُ مُلْتَزِمٌ لِبَيَانِ مَسَائِلِ الْخِلَافِ بِخِلَافِ الشَّارِحِ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَذْكُرَهُ مَعَ أَنَّ فِي كَلَامِهِ أَوَّلًا وَآخِرًا مَا يُغْنِي عَنْهُ.

يَشُقُّ مَعَهُ الْخُرُوجُ مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ غَالِبًا. نَعَمْ لَوْ أَمْكَنَهُ اسْتِئْجَارُ مَنْ يَحْمِلُهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ وَوَجَدَهَا فَتَرَكَ ذَلِكَ حَنِثَ، وَقَلِيلُ الْمَالِ كَكَثِيرِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَلَوْ خَرَجَ ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا لِنَحْوِ عِيَادَةٍ أَوْ زِيَادَةٍ لَمْ يَحْنَثْ مَا دَامَ يُطْلَقُ عَلَيْهِ زَائِرًا وَعَائِدًا عُرْفًا وَإِلَّا حَنِثَ، وَقَيَّدَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَدَمَ الْحِنْثِ بِمَقَامِهِ لِجَمْعِ مَتَاعٍ وَنَحْوِهِ بِمَا إذَا لَمْ تُمْكِنْهُ الِاسْتِنَابَةُ وَإِلَّا حَنِثَ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالشَّاشِيُّ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ وُجُودَ مَنْ لَا يَرْضَى بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ أَوْ يَرْضَى بِهَا وَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَا يَبْقَى لَهُ مِمَّا مَرَّ فِي الْفَلْسِ كَالْعَدَمِ فَلَا يَحْنَثْ لِعُذْرِهِ (وَلَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ فَخَرَجَ أَحَدُهُمَا) بِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ نَظِيرَ مَا مَرَّ (فِي الْحَالِ لَمْ يَحْنَثْ) لِانْتِفَاءِ الْمُسَاكَنَةِ، إذْ الْمُفَاعَلَةُ لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا مِنْ اثْنَيْنِ وَمِنْ الْمُكْثِ هُنَا لِعُذْرِ اشْتِغَالِهِ بِأَسْبَابِ الْخُرُوجِ كَمَا مَرَّ (وَكَذَا لَوْ بُنِيَ بَيْنَهُمَا جِدَارٌ) مِنْ طِينٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَلِكُلِّ جَانِبٍ مَدْخَلٌ فِي الْأَصَحِّ) لِاشْتِغَالِهِ بِرَفْعِ الْمُسَاكَنَةِ وَتَبِعَ فِي ذَلِكَ الْمُحَرَّرَ، لَكِنَّ الْمَنْقُولَ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ عَنْ تَصْحِيحِ الْجُمْهُورِ الْحِنْثُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِحُصُولِ الْمُسَاكَنَةِ إلَى تَمَامِ الْبِنَاءِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْبِنَاءُ بِفِعْلِ الْحَالِفِ أَوْ أَمْرِهِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْآخَرِ وَإِلَّا حَنِثَ قَطْعًا، وَإِرْخَاءُ السِّتْرِ بَيْنَهُمَا وَهُمَا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ مَانِعٌ مِنْ الْمُسَاكَنَةِ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، وَلَيْسَ مِنْهَا تَجَاوُرُهُمَا بِبَيْتَيْنِ مِنْ خَانٍ وَإِنْ صَغُرَ وَاتَّحَدَ مَرَقَاهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِكُلٍّ بَابٌ وَلَا مِنْ دَارٍ كَبِيرَةٍ إنْ كَانَ لِكُلٍّ بَابٌ وَغَلَّقَ، وَكَذَا لَوْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِحُجْرَةٍ انْفَرَدَتْ بِجَمِيعِ مَرَافِقِهَا وَإِنْ اتَّحَدَتْ الدَّارُ وَالْمَمَرُّ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ فِي هَذِهِ الدَّارِ عَمَّا لَوْ أَطْلَقَ الْمُسَاكَنَةَ فَإِنْ نَوَى مُعِينًا حُمِلَتْ يَمِينُهُ عَلَيْهِ وَإِلَّا حَنِثَ بِالْمُسَاكَنَةِ فِي أَيِّ مَحَلٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْوَقْتِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَوْفِ غَلَبَةُ الظَّنِّ فَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ التَّوَهُّمِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ مَرِيضًا) أَيْ حَالَ حَلِفِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ طَرَأَ إلَخْ، وَالرَّاجِحُ فِيهِ عَدَمُ الْحِنْثِ، وَعَلَيْهِ فَالْفَرْقُ بَيْنَ كَوْنِ الْحَلِفِ حَالَةَ الْعُذْرِ وَبَيْنَ طُرُوُّ الْعُذْرِ عَلَى الْحَلِفِ لَعَلَّهُ مِنْ حَيْثُ الْقَطْعُ وَالْخِلَافُ وَإِلَّا فَلَمْ يَظْهَرْ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ إذْ الْحَلِفُ حَالَ الْمَرَضِ مَانِعٌ مِنْ الْحِنْثِ وَكَذَا لَوْ طَرَأَ فَالْحَالَانِ مُسْتَوِيَانِ (قَوْلُهُ: أَوْ زَمِنًا) أَيْ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُخْرِجُهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَكَذَا لَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ آيِسًا مِنْ الْخُرُوجِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِأَنْ قَطَعَ بِعَدَمِ تَيَسُّرِهِ لَهُ (قَوْلُهُ: مِنْ يَحْمِلُهُ) أَيْ أَوْ مَنْ يَحْرُسُ لَهُ مَالَهُ حَيْثُ وَثِقَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَوَجَدَهَا) أَيْ فَاضِلَةً عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي الْفِطْرَةِ فِيمَا يَظْهَرُ وَيُحْتَمَلُ فَضْلُهَا عَمَّا يَبْقَى لِلْمُفْلِسِ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ وَقَلِيلُ الْمَالِ إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَ مُتَمَوِّلًا لِأَنَّهُ الَّذِي يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ مَالًا، وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي الْخَوْفِ عَلَى الِاخْتِصَاصِ، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ عُذْرٌ أَيْضًا إنْ كَانَ لَهُ وَقَعَ عُرْفًا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ وَعَائِدًا عُرْفًا) وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَحْلِفُ ثُمَّ يَأْتِي بِقَصْدِ الزِّيَارَةِ مَعَ نِيَّةِ أَنْ يُقِيمَ زَمَنَ النِّيلِ أَوْ رَمَضَانَ لِأَنَّ هَذَا لَا يُسَمَّى زِيَارَةً عُرْفًا فَيَحْنَثُ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ تُمْكِنُهُ الِاسْتِنَابَةُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَخْشَ مِنْ الِاسْتِنَابَةِ ضَرَرًا وَمِنْهُ الْخَوْفُ عَلَى ظُهُورِ مَالِهِ مِنْ السُّرَّاقِ وَالظُّلْمَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَقْدِرُ) أَيْ الْحَالِفُ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِنْهَا) أَيْ الْمُسَاكَنَةِ (قَوْلُهُ وَإِنْ صَغُرَ وَاتَّحَدَ مَرَقَاهُ) غَايَةٌ: أَيْ وَحُشُّهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَلَا مِنْ دَارٍ كَبِيرَةٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَا سَاكِنَيْنِ فِيهَا قَبْلَ الْحَلِفِ وَمِنْهُ مَا يَقَعُ كَثِيرًا بَيْنَ السُّكَّانِ فِي مَحَلَّةٍ مِنْ الْمُخَاصَمَةِ فَيَحْلِفُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ مَا بَقِيَ يُسَاكِنُ صَاحِبَهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ وَيُطْلِقُ وَيَكُونُ لِكُلٍّ بَيْتٌ مِنْ بُيُوتِهَا مَا ذُكِرَ فَلَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ بِاسْتِدَامَةِ السُّكْنَى وَإِنْ كَانَتْ الْقَرِينَةُ ظَاهِرَةً فِي الِامْتِنَاعِ مِنْ السُّكْنَى عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ قَبْلَ الْحَلِفِ، وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ حَيْثُ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى نَفْيِ السُّكْنَى ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَوْلُهُ لَا مِنْ دَارٍ كَبِيرَةٍ إنْ كَانَ لِكُلٍّ بَابٌ وَغَلْقٌ) لَمْ يُقَيِّدْهُ بِمَا قَيَّدَ بِهِ مَا بَعْدَهُ مِنْ انْفِرَادِ الْمَرَافِقِ مَعَ أَنَّهُ أَوْلَى بِالتَّقْيِيدِ

كَانَ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ وَأَطْلَقَ وَكَانَا فِي مَوْضِعَيْنِ بِحَيْثُ لَا يَعُدُّهُمَا الْعُرْفُ مُتَسَاكِنَيْنِ لَمْ يَحْنَثْ، أَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُ زَيْدًا وَعَمْرًا بَرَّ بِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا أَوْ زَيْدًا وَلَا عَمْرًا لَمْ يَبَرَّ بِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا (وَلَوْ) (حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا) أَيْ الدَّارَ (وَهُوَ فِيهَا أَوْ لَا يَخْرُجْ) مِنْهَا (وَهُوَ خَارِجٌ) قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: أَوْ لَا يَمْلِكُ هَذِهِ الْعَيْنَ وَهُوَ مَالِكُهَا فَاسْتَدَامَ مِلْكُهَا (فَلَا حِنْثَ بِهَا) لِأَنَّ حَقِيقَةَ الدُّخُولِ انْفِصَالُهُ مِنْ خَارِجٍ لِدَاخِلٍ وَالْخُرُوجُ عَكْسُهُ وَلَمْ يُوجَدَا فِي الِاسْتِدَامَةِ وَلِأَنَّهُمَا لَا يَتَقَدَّرَانِ بِمُدَّةٍ، نَعَمْ لَوْ نَوَى بِعَدَمِ الدُّخُولِ الِاجْتِنَابَ فَأَقَامَ أَوْ بِعَدَمِ الْخُرُوجِ أَنْ لَا يَنْقُلَ أَهْلَهُ مَثَلًا فَنَقَلَهُمْ حَنِثَ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَتَزَوَّجُ أَوْ لَا يَتَطَهَّرُ أَوْ لَا يَلْبَسُ أَوْ لَا يَرْكَبُ أَوْ لَا يَقُومُ أَوْ لَا يَقْعُدُ) أَوْ لَا يُشَارِكُ فُلَانًا أَوْ لَا يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ (فَاسْتَدَامَ هَذِهِ الْأَحْوَالَ) (حَنِثَ) لِتَقْدِيرِهَا بِزَمَانٍ تَقُولُ لَبِسْت يَوْمًا وَرَكِبْت لَيْلَةً وَشَارَكْته شَهْرًا وَكَذَا الْبَقِيَّةُ، وَإِذَا حَنِثَ بِاسْتِدَامَةِ شَيْءٍ ثُمَّ حَلَفَ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ فَاسْتَدَامَهُ لَزِمَهُ كَفَّارَةٌ أُخْرَى لِانْحِلَالِ يَمِينِهِ الْأُولَى بِاسْتِدَامَتِهِ الْأُولَى، ـــــــــــــــــــــــــــــSالَّتِي كَانَتْ مَوْجُودَةً قَبْلُ (قَوْلِهِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ وَأَطْلَقَ) وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ فِي بَلَدِ كَذَا وَسَكَنَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي دَارٍ مِنْهَا فَلَا حِنْثَ لِأَنَّ الْعُرْفَ لَا يَعُدُّهُمَا مُتَسَاكَنَيْنِ وَذَلِكَ كُلُّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (فَرْعٌ) وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ شَخْصٍ حَلَفَ لَا يَبِيتُ فِي بَلَدِ كَذَا فَخَرَجَ مِنْهَا قَاصِدًا الْمَبِيتَ فِي بَلَدٍ أُخْرَى، فَلَمَّا قَرُبَ مِنْهَا وَجَدَ فِيهَا شَرًّا فَخَافَ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ الْبَلَدَ يَصِلُ إلَيْهِ مِنْهَا ضَرَرٌ فَرَجَعَ إلَى الْبَلَدِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا وَبَاتَ فِيهَا فَهَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: إنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ خَوْفًا شَدِيدًا وَلَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ الْمَبِيتُ فِي غَيْرِ الْبَلَدِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ سِيَّمَا إذَا ظَنَّ عَدَمَ الْحِنْثِ لِكَوْنِ حَلِفِهِ مَحْمُولًا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْ الْمَبِيتِ فِي غَيْرِهَا مَانِعٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا يَمْلِكُ هَذِهِ الْعَيْنَ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي هَذَا وَلَا يَبِيعُهُ وَقَدْ سَبَقَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْحَلِفِ فَلَا يَحْنَثُ بِالِاسْتِدَامَةِ فِي ذَلِكَ، لَكِنْ لَوْ أَرَادَ اجْتِنَابَهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَسْتَدِيمُ الْمِلْكُ فِيهَا وَلَمْ يُوَافِقْهُ الْبَائِعُ عَلَى الْفَسْخِ مَثَلًا أَوْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ النَّقْلُ عَنْ مِلْكِهِ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَمْلِكُهَا وَأَرَادَ لَا يَسْتَدِيمُ الْمِلْكُ هَلْ يَحْنَثُ بِذَلِكَ أَوْ لَا، وَهَلْ عَجْزُهُ عَمَّنْ يَشْتَرِي بِثَمَنِ الْمِثْلِ حَالًا فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَسْتَدِيمُ الْمِلْكُ عُذْرٌ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ الشَّوْبَرِيِّ الْقَوْلُ بِالْحِنْثِ فِيهِمَا، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْحِنْثِ فِيمَا لَوْ لَمْ يُوَافِقْهُ الْبَائِعُ عَلَى الْفَسْخِ فِيمَا لَوْ قَالَ لَا أَشْتَرِي وَأَرَادَ رَدَّهَا عَلَى مَالِكِهَا كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى عَدَمِ الْفِعْلِ وَالْحِنْثِ فِيمَا عَدَاهُ (قَوْلُهُ: فَلَا حِنْثَ) أَيْ وَلَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ فَلَوْ خَرَجَ مِنْهَا ثُمَّ عَادَ حَنِثَ بِالدُّخُولِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُمَا لَا يَتَقَدَّرَانِ بِمُدَّةٍ) وَلِأَنَّ مِلْكَ الشَّيْءِ عِبَارَةٌ عَنْ تَمَلُّكِهِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مَا تَمَلَّكَهُ بِاخْتِيَارِهِ حَنِثَ بِهِ، أَمَّا مَا مَلَكَهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ كَأَنْ مَاتَ مُوَرِّثُهُ فَدَخَلَتْ فِي مِلْكِهِ بِمَوْتِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَلَمْ يُوجَدْ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَنْقُلَ أَهْلَهُ) أَيْ وَأَرَادَ بِعَدَمِ الْمِلْكِ أَنْ لَا تَبْقَى فِي مِلْكِهِ فَاسْتَدَامَ حَنِثَ أَوْ أَرَادَ أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي مِلْكِهِ حَنِثَ وَإِنْ أَزَالَهَا عَنْ مِلْكِهِ حَالًا (قَوْلُهُ: أَوْ لَا يُشَارِكُ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَكُلُّ عَقْدٍ أَوْ فِعْلٍ يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ فَلَا يَكُونُ اسْتِدَامَتُهُ كَابْتِدَائِهِ، وَفِيمَا أَطْلَقَهُ فِي الْعَقْدِ نَظَرٌ لِمَا مَرَّ فِي الشَّرِكَةِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ ذَلِكَ عَلَى الشَّرِكَةِ بِغَيْرِ عَقْدٍ كَالْإِرْثِ اهـ حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ مَسْأَلَةٌ: رَجُلٌ حَلَفَ لَا يُشَارِكُ أَخَاهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ وَهِيَ مِلْكُ أَبِيهِمَا فَمَاتَ الْوَالِدُ وَانْتَقَلَ الْإِرْثُ لَهُمَا وَصَارَا شَرِيكَيْنِ فَهَلْ يَحْنَثُ الْحَالِفُ بِذَلِكَ أَمْ لَا، وَهَلْ اسْتِدَامَةُ الْمِلْكِ شَرِكَةٌ تُؤَثِّرُ أَمْ لَا؟ الْجَوَابُ أَمَّا مُجَرَّدُ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ بِالْإِرْثِ فَلَا يَحْنَثُ بِهِ، وَأَمَّا الِاسْتِدَامَةُ فَمُقْتَضَى قَوَاعِدِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِهَا اهـ: أَيْ وَطَرِيقَةُ أَنْ يَقْتَسِمَاهَا حَالًا، فَلَوْ تَعَذَّرَتْ الْفَوْرِيَّةُ فِيهِ لِعَدَمِ وُجُودِ قَاسِمٍ مَثَلًا عُذِرَ مَا دَامَ الْحَالُ كَذَلِكَ، وَأَمَّا الشَّرِكَةُ الَّتِي تَحْصُلُ بِعَقْدٍ كَأَنْ خَلَطَا ـــــــــــــــــــــــــــــQكَمَا قَالَهُ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ، ثُمَّ نَقَلَ التَّقْيِيدَ عَنْ إفْتَاءِ وَالِدِ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَا يُشَارِكُ فُلَانًا) مَحَلُّ الْحِنْثِ فِي هَذِهِ

وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ كُلَّمَا لَبِسْتِ فَأَنْت طَالِقٌ تَكَرَّرَ الطَّلَاقُ بِتَكَرُّرِ الِاسْتِدَامَةِ فَتَطْلُقُ ثَلَاثًا بِمُضِيِّ ثَلَاثِ لَحَظَاتٍ وَهِيَ لَابِسَةٌ، وَدَعْوَى أَنَّ ذِكْرَ كُلَّمَا قَرِينَةٌ صَارِفَةٌ لِلِابْتِدَاءِ مَمْنُوعَةٌ وَلَوْ حَلَفَ لَابِسٌ لَا يَلْبَسُ إلَى وَقْتِ كَذَا فَهَلْ تُحْمَلُ يَمِينُهُ عَلَى عَدَمِ إيجَادِهِ لُبْسًا قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ فَيَحْنَثُ بِاسْتِدَامَةِ اللُّبْسِ وَلَوْ لَحْظَةً أَوْ عَلَى الِاسْتِدَامَةِ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا إنْ اسْتَمَرَّ لَابِسًا إلَيْهِ؟ . الْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ كَمَا يَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُمْ الْفِعْلُ الْمَنْفِيُّ بِمَنْزِلَةِ النَّكِرَةِ الْمَنْفِيَّةِ فِي إفَادَةِ الْعُمُومِ أَمَّا لَوْ اسْتَدَامَ التَّسَرِّيَ مَنْ حَلَفَ لَا يَتَسَرَّى فَإِنَّهُ يَحْنَثُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّهُ حَجَبَ الْأَمَةَ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ وَإِنْزَالُهُ فِيهَا وَذَلِكَ حَاصِلٌ مَعَ الِاسْتِدَامَةِ (قُلْت: تَحْنِيثُهُ بِاسْتِدَامَةِ التَّزَوُّجِ وَالتَّطَهُّرِ غَلَطٌ لِذُهُولٍ) عَمَّا فِي الشَّرْحَيْنِ فَقَدْ جَزَمَ فِيهِمَا بِعَدَمِ الْحِنْثِ كَمَا هُوَ الْمَنْقُولُ الْمَنْصُوصُ لِعَدَمِ تَقْدِيرِهِمَا بِمُدَّةٍ كَالدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ فَلَا يُقَالُ تَزَوَّجْت وَلَا تَطَهَّرْت شَهْرًا مَثَلًا بَلْ مُنْذُ شَهْرٍ، وَمَحَلُّ عَدَمِ الْحِنْثِ فِيهِمَا إنْ لَمْ يَنْوِ اسْتِدَامَتَهُمَا وَإِلَّا حَنِثَ بِهِمَا جَزْمًا (وَاسْتِدَامَةُ طِيبٍ لَيْسَتْ تَطَيُّبًا فِي الْأَصَحِّ) لِعَدَمِ تَقْدِيرِهِ بِمُدَّةٍ عَادَةً وَلِهَذَا لَمْ تَلْزَمْهُ بِهَا فِدْيَةٌ فِيمَا لَوْ تَطَيَّبَ قَبْلَ إحْرَامِهِ ثُمَّ اسْتَدَامَهُ وَالثَّانِي نَعَمْ لِأَنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَى التَّطَيُّبِ (وَكَذَا وَطْءٌ) وَغَصْبٌ (وَصَوْمٌ وَصَلَاةٌ) فَلَا يَحْنَثُ بِاسْتِدَامَتِهَا فِي الْأَصَحِّ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) إذْ الْمُرَادُ فِي نَحْوِ نَكَحَ أَوْ وَطِئَ فُلَانَةَ أَوْ غَصَبَ كَذَا وَصَامَ شَهْرًا اسْتِمْرَارُ مُدَّةِ أَحْكَامِ تِلْكَ لَا حَقِيقَتُهَا لِانْفِصَالِهَا بِانْقِضَاءِ أَدْنَى زَمَنٍ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ وَبِمُضِيِّ يَوْمٍ لَا بَعْضِهِ فِي الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ لَمْ يُعْهَدْ عُرْفًا وَلَا شَرْعًا تَقْدِيرُهَا بِزَمَنٍ بَلْ بِعَدَدِ الرَّكَعَاتِ، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ فِي الْوَطْءِ جَعْلُهُمْ اسْتِدَامَتَهُ فِي الصَّوْمِ بَعْدَ الْفَجْرِ مَعَ عِلْمِهِ بِالْحَالِ مُفْسِدًا. لِأَنَّ ذَلِكَ لِمَعْنًى آخَرَ أَشَارُوا إلَيْهِ بِقَوْلِهِمْ تَنْزِيلًا لِمَنْعِ الِانْعِقَادِ مَنْزِلَةَ الْإِبْطَالِ وَاسْتِدَامَةُ السَّفَرِ سَفَرٌ وَلَوْ بِالْعَوْدِ مِنْهُ وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَا يُقَدَّرُ عُرْفًا بِمُدَّةٍ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ بَلْ يَكُونُ دَوَامُهُ كَابْتِدَائِهِ فَيَحْنَثُ بِاسْتِدَامَتِهِ وَمَا لَا فَلَا، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُقِيمُ بِمَحَلٍّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَأَطْلَقَ فَأَقَامَ بِهِ يَوْمَيْنِ ثُمَّ سَافَرَ ثُمَّ عَادَ وَأَقَامَ بِهِ يَوْمًا حَنِثَ كَمَا هُوَ الْأَوْجَهُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَالَ وَأَذِنَ كُلٌّ لِلْآخَرِ فِي التَّصَرُّفِ فَهَلْ يَكْفِي فِي عَدَمِ الْحِنْثِ إذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَا يُشَارِكُهُ الْفَسْخُ وَحْدَهُ أَوْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ قِسْمَةِ الْمَالَيْنِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ إذَا قُلْنَا إنَّهُ يَحْنَثُ بِاسْتِدَامَتِهَا عَلَى الرَّاجِحِ، أَمَّا إذَا قُلْنَا بِعَدَمِ الْحِنْثِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ لَمْ يَحْتَجْ لِلْفَسْخِ وَلَا لِلْقِسْمَةِ مَا لَمْ يَرِدْ بِعَدَمِ الْمُشَارَكَةِ عَدَمُ بَقَائِهَا، وَكَالدَّارِ فِيمَا ذُكِرَ مَا لَوْ حَلَفَ عَلَى عَدَمِ الْمُشَارَكَةِ فِي بَهِيمَةٍ مَثَلًا وَهِيَ شَرِكَةٌ بَيْنَهُمَا فَلَا يَتَخَلَّصُ إلَّا بِإِزَالَةِ الشَّرِكَةِ فَوْرًا إمَّا بِبَيْعِ حِصَّتِهِ أَوْ هِبَتِهَا لِثَالِثٍ أَوْ لِشَرِيكِهِ [فَرْعٌ] لَوْ حَلَفَ لَا يُرَافِقُهُ فِي طَرِيقٍ فَجَمَعَتْهُمَا مَعِدِيَّةٌ لَا حِنْثَ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهَا تَجْمَعُ قَوْمًا وَتُفَرِّقُ آخَرِينَ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: ثَلَاثُ لَحَظَاتٍ) وَالْمُرَادُ بِاللَّحْظَةِ أَقَلُّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ النَّزْعُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَلَفَ لَابِسٌ لَا يَلْبَسُ) أَيْ الْقَمِيصَ مَثَلًا بِأَنْ قَالَ لَا أَلْبَسُ هَذَا الْقَمِيصَ إلَى آخِرِ الشَّهْرِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا أُوجِدُ لُبْسًا مَا لِهَذَا الثَّوْبِ فِي هَذَا الشَّهْرِ وَقَدْ وَجَدَ بِالِاسْتِدَامَةِ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْإِيجَادِ فَيَحْنَثُ (قَوْلُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حَجَبَ الْأَمَةَ) أَيْ التَّسَرِّيَ (قَوْلُهُ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ) هِيَ قَوْلُهُ إذْ الْمُرَادُ فِي نَحْوِ نَكَحَ أَوْ وَطِئَ فُلَانَةَ أَوْ غَصَبَ كَذَا (قَوْلُهُ: وَاسْتِدَامَةُ السَّفَرِ سَفَرٌ وَلَوْ بِالْعَوْدِ مِنْهُ) نَعَمْ إنْ حَلَفَ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْهُ لَمْ يَحْنَثْ بِالْعَوْدِ مِنْهُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ سَافَرَ ثُمَّ عَادَ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ زَمَنٍ طَوِيلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا لَمْ يُرِدْ الْعَقْدَ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ قَاسِمٍ عَنْ الشَّارِحِ وَأَفْتَى بِهِ وَالِدُهُ تَبَعًا لِابْنِ الصَّلَاحِ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ اسْتَدَامَ التَّسَرِّي) إلَخْ كَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ هَذَا عَنْ اسْتِدْرَاكِ التَّزَوُّجِ الْآتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ فِي نَكَحَ) الظَّاهِرُ أَنَّ لَفْظَ نَكَحَ زَادَهْ الشَّارِحُ مَعَ مَسْأَلَةِ الْغَصْبِ فَسَقَطَ مِنْ الْكَتَبَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إذْ الْمُرَادُ فِي نَحْوِ نَكَحَ وَقَوْلُهُ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ فَلْتُرَاجَعْ نُسْخَةٌ صَحِيحَةٌ (قَوْلُهُ ثُمَّ سَافَرَ ثُمَّ عَادَ إلَخْ) تَقَدَّمَ فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ بِأَنَّهُ لَا يُقِيمُ بِكَذَا مُدَّةَ كَذَا لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِإِقَامَةِ ذَلِكَ

فِيمَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ مَثَلًا قَالُوا لِصِدْقِ الِاسْمِ بِالْمُتَفَرِّقِ وَالْمُتَوَالِي، بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ شَهْرًا لِأَنَّ مَقْصُودَ الْيَمِينِ الْهَجْرُ لَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِ تَتَابُعٍ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا تَمْكُثُ زَوْجَتُهُ فِي الضِّيَافَةِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَخَرَجَتْ مِنْهَا لِثَلَاثٍ فَأَقَلَّ ثُمَّ رَجَعَتْ إلَيْهَا فَلَا حِنْثَ، لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ وُجِدَ هُنَا لَا ثَمَّ، لِأَنَّ الْمُكْثَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِلضِّيَافَةِ وَالرُّجُوعِ وَلَوْ بِقَصْدِ الضِّيَافَةِ لَا يُسَمَّى ضِيَافَةً لِاخْتِصَاصِهَا بِالْمُسَافِرِ بَعْدَ قُدُومِهِ (وَمَنْ) (حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا) عَيْنَهَا أَوْ مَدْرَسَةً أَوْ رِبَاطًا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالْمَسْجِدُ مِثْلُهَا (حَنِثَ بِدُخُولِ دِهْلِيزٍ) بِكَسْرِ الدَّالِ وَإِنْ طَالَ وَفَحُشَ طُولُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ (دَاخِلَ الْبَابِ أَوْ بَيْنَ بَابَيْنِ) لِكَوْنِهِ مِنْ الدَّارِ وَيَدْخُلُ فِي بَيْعِهَا (لَا بِدُخُولِ طَاقٍ) مَعْقُودٍ (قُدَّامَ الْبَابِ) لِانْتِفَاءِ كَوْنِهِ مِنْهَا عُرْفًا وَإِنْ كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى تَرْبِيعِهَا إذْ هُوَ ثَخَانَةُ الْحَائِطِ الْمَعْقُودِ لَهُ قُدَّامَ بَابِ الْأَكَابِرِ، نَعَمْ لَوْ جُعِلَ عَلَيْهِ مَرَدٌ حِنْثٍ بِدُخُولِهِ وَلَوْ غَيْرَ مُسْقَفٍ كَمَا شَمَلَهُ قَوْلُهُ أَوْ بَيْنَ بَابَيْنِ، وَاسْتِشْكَالُ الزَّرْكَشِيّ بِأَنَّ الْعُرْفَ لَا يَعُدُّهُ مِنْهَا مُطْلَقًا رُدَّ بِمَنْعِ ذَلِكَ مَعَ وُجُودِ الْبَابِ لِأَنَّهُ يُصَيِّرُهُ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي حُدُودِهَا بَلْ وَلَا اخْتَصَّ بِهَا، وَلَا يَحْنَثُ بِدُخُولِ إصْطَبْلٍ خَارِجٍ عَنْ حُدُودِهَا، وَكَذَا إنْ دَخَلَ فِيهَا وَلَيْسَ فِيهِ بَابٌ إلَيْهَا لَا بِدُخُولِ بُسْتَانٍ يُلَاصِقُهَا حَيْثُ لَمْ يَعُدْ مِنْ مَرَافِقِهَا (وَلَا بِصُعُودِ سَطْحٍ) مِنْ خَارِجِهَا (غَيْرِ مَحُوطٍ) إذْ لَا يُعَدُّ مِنْهَا لُغَةً وَلَا عُرْفًا (وَكَذَا مَحُوطٌ) مِنْ الْجَوَانِبِ الْأَرْبَعَةِ بِحَجَرٍ أَوْ غَيْرِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا ذُكِرَ، وَالثَّانِي يَحْنَثُ لِإِحَاطَةِ حِيطَانِ الدَّارِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ جَانِبٍ لَمْ يُؤَثِّرْ قَطْعًا، وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَيْثُ لَمْ يُسْقَفْ فَإِنْ سُقِفَ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ وَنُسِبَ إلَيْهَا بِأَنْ كَانَ يَصْعَدُ إلَيْهِ مِنْهَا كَمَا هُوَ الْغَالِبُ حَنِثَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَطَبَقَةٍ مِنْهَا، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ صِحَّةُ الِاعْتِكَافِ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ مِنْهُ شَرْعًا وَحُكْمًا لَا تَسْمِيَةً وَهُوَ الْمَنَاطُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ شَهْرًا) أَيْ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الشَّهْرِ الْمُتَتَابِعِ فَلَوْ لَمْ يُكَلِّمْهُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ مَثَلًا ثُمَّ كَلَّمَهُ مُدَّةً ثُمَّ تَرَكَ كَلَامَهُ وَهَكَذَا حَتَّى مَضَتْ مُدَّةٌ قَدْرَ الشَّهْرِ لَمْ يَحْنَثْ لِعَدَمِ التَّوَالِي. [فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ] قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ عَلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عِنْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَوْمُ عِيدٍ وَذِكْرٍ فَلَا تَجْعَلُوا يَوْمَ عِيدِكُمْ يَوْمَ صِيَامٍ» إلَخْ مَا نَصُّهُ: وَلَوْ حَلَفَ إنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَوْمُ عِيدٍ لَمْ يَحْنَثْ لِهَذَا الْخَبَرِ وَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ لَا يَقْتَضِيهِ، كَذَا فِي شَرْحِ أَحْكَامِ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ اهـ. وَقَوْلُهُ وَلَوْ حَلَفَ إنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلَخْ: أَيْ وَأَطْلَقَ (قَوْلُهُ: بَعْدً قُدُومِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهَا لَوْ سَافَرَتْ ثُمَّ عَادَتْ فَمَكَثَتْ مُدَّةً زَائِدَةً عَلَى ثَلَاثَةٍ حَنِثَ، وَأَنَّ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ مَجِيءِ بَعْضِ أَهْلِ الْبَلَدِ لِبَعْضٍ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ فِيهِ إنَّهَا لَا تَقْعُدُ فِي الضِّيَافَةِ مُدَّةَ كَذَا أَوْ حَلَفَ إنَّهُ لَا يُضَيِّفُ زَيْدًا لَمْ يَحْنَثْ بِمُكْثِهَا مُدَّةً وَلَوْ طَالَتْ وَلَا بِذَهَابِهِ لِزَيْدٍ وَلَوْ بِطَلَبٍ مِنْ زَيْدٍ لَهُ لِطَعَامٍ صَنَعَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى ضِيَافَةً وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَإِنْ أَرَادَ شَيْئًا عَمِلَ بِهِ (قَوْلُهُ: دَارًا عَيْنَهَا) أَيْ وَكَذَا وَلَمْ يُعَيَّنْ (قَوْلُهُ أَوْ بَيْنَ بَابَيْنِ) لَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ بَيْنَ إلَخْ كَانَ أَوْضَحُ لِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِمَا ذُكِرَ يَقْتَضِي أَنَّ التَّقْدِيرَ أَوْ لَمْ يَكُنْ دَاخِلَ الدَّارِ لَكِنْ كَانَ بَيْنَ بَابَيْنِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ إذْ هُوَ) أَيْ الطَّاقُ الْمَعْقُودُ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْعُرْفَ لَا يَعُدُّهُ مِنْهَا مُطْلَقًا) جُعِلَ لَهُ مَرَدٌّ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: إنْ دَخَلَ فِيهَا) أَيْ فِي حُدُودِهَا (قَوْلُهُ: لِمَا ذُكِرَ) هُوَ قَوْلُهُ إذْ لَا يُعَدُّ مِنْهَا لُغَةً وَلَا عُرْفًا (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ يَصْعَدُ إلَيْهَا مِنْهَا) وَلَوْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَصَعِدَ سَطْحَهَا لَمْ يَحْنَثْ إنْ كَانَ مُسَقَّفًا كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ وَنُسِبَ إلَيْهَا بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ وَإِلَّا حَنِثَ، وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ مَا لَوْ قَالَ لَا أَسْكُنُهَا أَوْ لَا أَنَامُ فِيهَا أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَمَكَثَ بِسَطْحِهَا وَصُورَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمُتَوَالِيًا، قَالَ الشَّارِحُ: لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ مِنْ ذَلِكَ عُرْفًا فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: عَيَّنَهَا) الظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِأَجْلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي: وَلَوْ انْهَدَمَتْ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِيهِ (قَوْلُهُ: وَيَدْخُلُ فِي بَيْعِهَا) قَدْ يُقَالُ: لَا دَخْلَ لِهَذَا فِي الْحُكْمِ وَإِلَّا

ثَمَّ لَا هُنَا (وَلَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ أَوْ رَأْسَهُ أَوْ رِجْلَهُ) وَلَمْ يَعْتَمِدْ عَلَى ذَلِكَ وَحْدَهُ (لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى دَاخِلًا حُكْمًا (فَإِنْ وَضَعَ رَجُلَيْهِ فِيهَا مُعْتَمِدًا عَلَيْهِمَا) أَوْ رِجْلًا وَاحِدَةً وَاعْتَمَدَ عَلَيْهَا وَحْدَهَا بِأَنْ كَانَ لَوْ رَفَعَ الْأُخْرَى لَمْ يَقَعْ وَبَاقِي بَدَنِهِ خَارِجٌ (حَنِثَ) لِأَنَّهُ يُسَمَّى دَاخِلًا، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَعْتَمِدْ كَذَلِكَ كَأَنْ اعْتَمَدَ عَلَى الدَّاخِلَةِ وَالْخَارِجَةِ مَعًا، وَلَوْ أَدْخَلَ جَمِيعَ بَدَنِهِ لَكِنْ لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُمَا لِتَعَلُّقِهِ بِنَحْوِ حَبْلٍ حَنِثَ أَيْضًا، وَيُقَاسُ بِذَلِكَ الْخُرُوجُ، وَلَوْ تَعَلَّقَ بِغُصْنِ شَجَرَةٍ مِنْ الدَّارِ بِأَنْ أَحَاطَ بِهِ بِنَاؤُهَا فَإِنْ لَمْ يَعْلُ عَلَيْهِ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا (وَلَوْ انْهَدَمَتْ) الدَّارُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا بِأَنْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ (فَدَخَلَ وَقَدْ بَقِيَ أَسَاسُ الْحِيطَانِ) أَيْ شَيْءٌ بَارِزٌ مِنْهَا وَإِنْ قَلَّ (حَنِثَ) لِأَنَّهَا مِنْهَا فَكَأَنَّهُ دَخَلَهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَمْرَ دَائِرٌ مَعَ اسْمِ الدَّارِ وَعَدَمِهِ وَلَوْ قَالَ لَا أَدْخَلُ هَذِهِ حَنِثَ بِالْعَرْصَةِ أَوْ دَارًا لَمْ يَحْنَثْ بِفَضَاءِ مَا كَانَ دَارًا (وَإِنْ) عَطَفَ عَلَى جُمْلَةٍ وَقَدْ بَقِيَ (صَارَتْ فَضَاءً) بِالْمَدِّ وَهُوَ السَّاحَةُ الْخَالِيَةُ مِنْ الْبَاءِ (أَوْ جُعِلَتْ مَسْجِدًا أَوْ حَمَّامًا أَوْ بُسْتَانًا فَلَا) حِنْثَ إلَّا إنْ أُعِيدَتْ بِآلَتِهَا الْأُولَى. (وَلَوْ) (حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ) أَوْ حَانُوتَهُ (حَنِثَ بِدُخُولِ مَا يَسْكُنُهَا بِمِلْكٍ) (لَا بِإِعَارَةٍ وَإِجَارَةٍ وَغَصْبٍ) وَوَصِيَّةٍ بِمَنْفَعَتِهَا لَهُ وَوَقْفٍ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَى مَنْ يَمْلِكُ تَقْتَضِي ثُبُوتَ الْمِلْكِ حَقِيقَةً، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَالَ هَذِهِ لِزَيْدٍ لَمْ يُقْبَلْ تَفْسِيرُهُ بِأَنَّهُ يَسْكُنُهَا، وَخَالَفَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَاعْتَمَدَ تَبَعًا لِجَمْعٍ الْحِنْثَ بِكُلِّ مَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ الْعُرْفُ الْآنَ، قَالَ: فَالْمُعْتَبَرُ عُرْفُ اللَّافِظِ لَا عُرْفُ اللَّفْظِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ مَسْكَنَهُ) فَيَحْنَثُ بِكُلِّ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مَجَازٌ قَرِيبٌ، نَعَمْ لَا تُقْبَلُ إرَادَتُهُ فِي هَذِهِ فِي حَلِفٍ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ ظَاهِرًا، وَلَا يَعْتَرِضُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ مُغَلِّظٌ عَلَى نَفْسِهِ فَلِمَ لَمْ يُقْبَلْ لِأَنَّهُ مُخَفِّفٌ عَلَيْهَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ عَدَمُ الْحِنْثِ بِمَا يَمْلِكُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ بِالسَّطْحِ وَقْتَ الْحَلِفِ أَوْ فِي غَيْرِهِ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْخُرُوجِ وَإِلَّا حَنِثَ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ عَدَلَ لِبَابِ السَّطْحِ حَنِثَ (قَوْلُهُ: حَنِثَ) سَوَاءٌ دَخَلَ تَحْتَ السَّقْفِ أَوْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ خِلَافًا لِحَجِّ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَقْفٌ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ قَوْلُهُ شَرْعًا (قَوْلُهُ: مُعْتَمَدًا عَلَيْهِمَا) وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ هَذَا التَّفْصِيلُ فِيمَا لَوْ خُلِقَ لَهُ رِجْلٌ زَائِدَةٌ وَكَانَتْ عَامِلَةً بِحَيْثُ إنَّهُ يَعْتَمِدُ عَلَى الثَّلَاثَةِ أَرْجُلٍ فِي مَشْيِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَحَاطَ بِهِ) أَيْ الشَّخْصُ، وَقَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَعْلُ عَلَيْهِ: أَيْ الشَّخْصُ عَلَى الْبِنَاءِ بِأَنْ كَانَ مُسَاوِيًا لَهُ أَوْ كَانَ الْبِنَاءُ أَعْلَى مِنْهُ حَنِثَ، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا: أَيْ بِأَنْ كَانَ التَّعَلُّقُ بِالْغُصْنِ أَعْلَى مِنْ الْبِنَاءِ وَإِنْ كَانَ الْبِنَاءُ مُحِيطًا بِبَعْضِهِ فَلَا حِنْثَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ لَا أَدْخُلُ هَذِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ لَفْظِ دَارٍ (قَوْلُهُ إلَّا إنْ أُعِيدَتْ) أَيْ الدَّارُ: أَيْ أُعِيدَ مِنْهَا بِهَا وَلَوْ الْأَسَاسُ فَقَطْ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ حَجّ. وَقَوْلُهُ بِآلَتِهَا خَرَجَ مَا لَوْ أُعِيدَتْ بِآلَةٍ جَدِيدَةٍ فَلَا يَحْنَثُ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: أَوْ حَانُوتَهُ) أَيْ وَمِثْلُهَا الدُّكَّانُ لِمُرَادِفَتِهَا لِلْحَانُوتِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ: حَنِثَ بِدُخُولِ مَا يَسْكُنُهَا) أَيْ الدَّارَ، وَمِثْلُهَا فِي ذَلِكَ الْحَانُوتُ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الشَّارِحِ، وَقَوْلُهُ بِمِلْكٍ: أَيْ لِجَمِيعِهَا فَلَا حِنْثَ بِالْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَ تَبَعًا لِجَمْعٍ الْحِنْثَ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا تُقْبَلُ إرَادَتُهُ) أَيْ ظَاهِرًا، وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ: أَيْ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ وَقَالَ أَرَدْت مَسْكَنَهُ وَدَخَلَ دَارًا يَمْلِكُهَا وَلَمْ يَسْكُنْهَا أَمَّا إذَا دَخَلَ مَا يَسْكُنُهُ وَلَمْ يَمْلِكْهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِقَوْلِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُخَفِّفٌ عَلَيْهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQلَوْ رَدَّ الطَّاقَ الَّذِي قُدَّامَ الْبَابِ الْآتِي عَقِبَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَعْلُ عَلَيْهِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَعْلُ الشَّخْصُ عَلَى الْبِنَاءِ وَفِي هَذَا شَيْءٌ مَعَ كَوْنِ صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ أَحَاطَ بِهَا بِنَاؤُهَا، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: بِأَنْ عَلَا عَلَيْهِ: أَيْ بِأَنْ عَلَا الْبِنَاءُ عَلَى الشَّخْصِ فَهُوَ تَصْوِيرٌ لِلْمُثْبَتِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْنَثْ بِقَضَاءِ مَا كَانَ دَارًا) أَيْ وَإِنْ بَقِيَ رُسُومُهَا وَهَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَإِنْ رَدَّهُ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ مُحْتَرَزَانِ لِقَوْلِهِ بِأَنْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ فَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِشَارَةِ أَوْ عَلَى ذِكْرِ الدَّارِ وَهُمَا الْمَذْكُورَانِ هُنَا (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ أُعِيدَتْ بِآلَتِهَا) أَيْ أُعِيدَتْ دَارًا كَمَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَغَيْرِهِ، وَحِينَئِذٍ فَفِي الِاسْتِثْنَاءِ حَزَازَةٌ. (قَوْلُهُ: فَلِمَ لَمْ يُقْبَلْ) ظَاهِرُ هَذَا مَعَ الْجَوَابِ الْآتِي أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِيمَا فِيهِ تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ مُرَادًا

وَلَا يَسْكُنُهُ فَيُقْبَلُ ظَاهِرًا فِيمَا فِيهِ تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ دُونَ مَا فِيهِ تَخْفِيفٌ لَهُ (وَيَحْنَثُ بِمَا يَمْلِكُهُ) كُلَّهُ وَإِنْ تَجَدَّدَ طُرُوُّهُ لَهُ بَعْدَ حَلِفِهِ (وَلَا يَسْكُنُهُ) إلَّا أَنْ يُرِيدَ مَسْكَنَهُ فَلَا يَحْنَثُ بِهِ عَمَلًا بِقَصْدِهِ، وَلَوْ كَانَتْ الْإِضَافَةُ مُشْتَهِرَةً لِلتَّعْرِيفِ كَدَارِ الْأَرْقَمِ بِمَكَّةَ وَسُوقِ يَحْيَى بِبَغْدَادَ حَنِثَ بِدُخُولِهَا مُطْلَقًا لِتَعَذُّرِ حَمْلِ الْإِضَافَةِ عَلَى الْمِلْكِ وَفَارَقَ الْمُتَجَدِّدُ هُنَا لَا أُكَلِّمُ وَلَدَ فُلَانٍ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْمَوْجُودِ دُونَ الْمُتَجَدِّدِ لِأَنَّ الْيَمِينَ مُنَزَّلَةٌ عَلَى مَا لِلْحَالِفِ قُدْرَةٌ عَلَى تَحْصِيلِهِ وَلَا يُشْكِلُ بِقَوْلِ الْكَافِي، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَمَسُّ شَعْرَ فُلَانٍ فَحَلَقَهُ ثُمَّ مَسَّ مَا نَبَتَ مِنْهُ حَنِثَ لِأَنَّ إخْلَافَ الشَّعْرِ مَعْهُودٌ عَادَةً مُطَرَّدَةً فِي أَقْرَبِ وَقْتٍ فَنُزِّلَ مَنْزِلَةَ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ (وَلَوْ) (حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ أَوْ لَا يُكَلِّمُ عَبْدَهُ أَوْ) لَا يُكَلِّمُ (زَوْجَتَهُ) (فَبَاعَهُمَا) أَيْ الدَّارَ وَالْعَبْدَ بَيْعًا لَازِمًا: أَيْ يَنْقُلُ الْمِلْكَ وَلَوْ مَعَ الْخِيَارِ بِأَنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ أَوْ لَهُمَا وَأُجِيزَ الْبَيْعُ وَبَيْعُ بَعْضِهِمَا وَإِنْ قَلَّ كَبَيْعِهِمَا (أَوْ طَلَّقَهَا) بَائِنًا لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ كَالزَّوْجَةِ (فَدَخَلَ) الدَّارَ (وَكَلَّمَ) الْعَبْدَ وَالزَّوْجَةَ (لَمْ يَحْنَثْ) تَغْلِيبًا لِلْحَقِيقَةِ لِزَوَالِ الْمِلْكِ بِالْبَيْعِ وَالزَّوْجِيَّةِ بِالطَّلَاقِ، وَلَوْ اشْتَرَى بَعْدَ بَيْعِهِمَا غَيْرَهُمَا فَإِنْ أَطْلَقَ أَوْ أَرَادَ أَيَّ دَارٍ أَوْ عَبْدٍ مَلَكَهُ حَنِثَ بِالثَّانِيَةِ أَوْ التَّقْيِيدَ بِالْأَوَّلِ فَلَا (إلَّا أَنْ يَقُولَ دَارُهُ هَذِهِ أَوْ زَوْجَتُهُ هَذِهِ أَوْ عَبْدُهُ هَذَا) أَوْ يُرِيدُ أَيَّ دَارٍ أَوْ عَبْدٍ جَرَى عَلَيْهِ مِلْكُهُ أَوْ أَيَّ امْرَأَةٍ جَرَى عَلَيْهَا نِكَاحُهُ (فَيَحْنَثُ تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ عَلَى الْإِضَافَةِ وَغَلَبَةِ التَّسْمِيَةِ عَلَيْهَا فِيمَا مَرَّ) . آنِفًا لِأَنَّهَا أَقْوَى لِأَنَّ الْفَهْمَ يَسْبِقُ إلَيْهَا أَكْثَرَ وَعَمَلًا بِتِلْكَ النِّيَّةِ وَأَلْحَقَ بِالتَّلَفُّظِ بِالْإِشَارَةِ نِيَّتَهَا، وَإِنَّمَا بَطَلَ الْبَيْعُ فِي بِعْتُكَ هَذِهِ الشَّاةَ فَإِذَا هِيَ بَقَرَةٌ لِمُرَاعَاةِ الْأَلْفَاظِ فِي الْعُقُودِ مَا أَمْكَنَ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ هَذِهِ السَّخْلَةِ فَكَبِرَتْ وَأَكَلَهُ لَا يَحْنَثُ، وَفَارَقْت نَحْوَ دَارِ زَيْدٍ هَذِهِ بِأَنَّ الْإِضَافَةَ فِيهَا عَارِضَةٌ فَلَمْ يُنْظَرْ إلَيْهَا بَلْ بِمُجَرَّدِ الْإِشَارَةِ الصَّادِقَةِ بِالِابْتِدَاءِ وَالدَّوَامِ، وَفِي تِلْكَ لَازِمَةٌ لِلُزُومِ الِاسْمِ أَوْ الصِّفَةِ، وَلِأَنَّ زَوَالَهَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَغْيِيرٍ بِعِلَاجٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ عَلَى نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَيَحْنَثُ بِمَا يَمْلِكُهُ كُلُّهُ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْمُشْتَرَكِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ التَّعْمِيمَ فِي الْمَمْلُوكِ: أَيْ بِأَيِّ مَمْلُوكٍ لَهُ حَادِثًا كَانَ أَوْ مُتَجَدِّدًا، وَيُؤَيِّدُ قَوْلَنَا الظَّاهِرَ أَنَّهُ إلَخْ قَوْلُهُ الْآتِي وَبَيْعُ بَعْضِهِمَا وَإِنْ قَلَّ كَبَيْعِهِمَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَجَدَّدَ طُرُوُّهُ لَهُ بَعْدَ حَلِفِهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ كَأَنْ مَاتَ مُوَرِّثُهُ أَوْ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْنَثُ) أَيْ إنْ كَانَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ فِيمَا مَرَّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْيَمِينَ مُنَزَّلَةٌ عَلَى مَا لِلْحَالِفِ) يُتَأَمَّلُ قَوْلُهُ مَا لِلْحَالِفِ فَإِنَّ الظَّاهِرَ مَا لِلْمُضَافِ إلَيْهِ كَزَيْدٍ هُنَا قُدْرَةٌ عَلَى تَحْصِيلِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا يُكَلِّمُ عَبْدَهُ) وَالْمُرَادُ بِالتَّكْلِيمِ أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَكَانَ بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ كَالزَّوْجَةِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يُبْقِي زَوْجَتَهُ عَلَى عِصْمَتِهِ أَوْ عَلَى ذِمَّتِهِ فَطَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا لَمْ يَبَرَّ فَيَحْنَثُ بِإِبْقَائِهَا عَلَى الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ. (قَوْلُهُ: تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ) وَفِي نُسْخَةٍ عَلَى الْإِضَافَةِ، وَغَلَبَتْ التَّسْمِيَةُ عَلَيْهَا فِيمَا مَرَّ آنِفًا لِأَنَّهَا أَقْوَى لِأَنَّ الْفَهْمَ يَسْبِقُ إلَيْهَا أَكْثَرُ وَعَلَيْهَا يُتَأَمَّلُ قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ إلَخْ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ فِي كَلَامِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ مَا فِي قَوْلِهِ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَصَارَتْ فَضَاءً إلَخْ (قَوْلُهُ: لِمُرَاعَاةِ الْأَلْفَاظِ) عُمُومُهُ شَامِلٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَمَا يُعْلَمُ مِنْ التَّفْرِيعِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ فَيُقْبَلُ ظَاهِرًا فِيمَا فِيهِ تَغْلِيظٌ إلَخْ إلَّا أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ قَلَاقَةً (قَوْلُهُ: بَيْعًا لَازِمًا) أَيْ مِنْ جِهَتِهِ، وَمُرَادُهُ بِلُزُومِهِ مَا يَشْمَلُ إلْزَامَهُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ بَعْدُ (قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ آنِفًا) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ انْهَدَمَتْ بِاعْتِبَارِ مَا صَوَّرَهُ بِهِ الشَّارِحُ ثَمَّ (قَوْلُهُ: وَعَمَلًا بِتِلْكَ النِّيَّةِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ فَالْأَوَّلُ تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ وَالْمَعْطُوفُ تَعْلِيلٌ لِمَا زَادَهْ بِقَوْلِهِ أَوْ يُرِيدُ أَيَّ دَارٍ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا بَطَلَ الْبَيْعُ فِي بِعْتُك هَذِهِ الشَّاةَ إلَخْ) مَرَّ قَرِيبًا أَنَّ التَّسْمِيَةَ أَقْوَى مِنْ الْإِشَارَةِ وَهَذَا مِنْهُ فَلَا حَاجَةَ بِهِ إلَى جَوَابٍ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بَلْ لِمُجَرَّدِ الْإِشَارَةِ الصَّادِقَةِ بِالِابْتِدَاءِ أَوْ الدَّوَامِ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: أَيْ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ. قَالَ: وَكَأَنَّهُ أَرَادَ حَالَ مِلْكِهِ وَبَعْدَ زَوَالِهِ (قَوْلُهُ بِعِلَاجٍ) أَيْ أَوْ خِلْقَةٍ

فَاعْتُبِرَتْ مَعَ الْإِشَارَةِ وَتَعَلَّقَتْ بِمَجْمُوعِهَا، فَإِذَا زَالَتْ إحْدَاهُمَا لِكَوْنِهَا سَخْلَةً فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ زَالَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ، وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ زَالَ اسْمُ الْعَبْدِ بِعِتْقِهِ وَاسْمُ الدَّارِ بِجَعْلِهَا مَسْجِدًا لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ أَشَارَ فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ السَّابِقِ تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ: أَيْ مَعَ بَقَاءِ الِاسْمِ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ) الْحَالِفُ بِقَوْلِهِ هَذِهِ أَوْ هَذَا (مَا دَامَ مِلْكُهُ) بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ فَلَا يَحْنَثْ بِدُخُولٍ أَوْ تَكْلِيمٍ بَعْدَ زَوَالِهِ بِمِلْكٍ أَوْ طَلَاقٍ لِأَنَّهَا إرَادَةٌ قَرِيبَةٌ، وَيَأْتِي فِي قَبُولِ هَذَا فِي حَلِفِهِ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ مَا مَرَّ، وَلَوْ قَالَ مَا دَامَ فِي إجَارَتِهِ وَأَطْلَقَ الْعِرَابَ مِنْهُ عُرْفًا كَمَا قَالَهُ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ إنَّهُ مَا دَامَ مُسْتَحِقًّا لِمَنْفَعَتِهِ فَتَنْحَلُّ يَمِينُهُ بِإِيجَارِهِ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ ثُمَّ اسْتِئْجَارُهُ مِنْهُ لِانْقِطَاعِ الدَّيْمُومَةِ، وَأَفْتَى فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلَ هَذَا مَا دَامَ فُلَانٌ فِيهِ فَخَرَجَ فُلَانٌ ثُمَّ دَخَلَ الْحَالِفُ ثُمَّ فُلَانٌ بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِاسْتِدَامَةِ مُكْثِهِ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الدُّخُولِ لَيْسَتْ بِدُخُولٍ، وَيَحْنَثُ بِعَوْدِهِ إلَيْهِ وَفُلَانٌ فِيهِ لِبَقَاءِ الْيَمِينِ إنْ أَرَادَ بِمُدَّةِ دَوَامِهِ فِيهِ ذَلِكَ الدَّوَامَ وَمَا بَعْدَهُ أَوْ أَطْلَقَ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي لَا رَأَيْتُ مُنْكَرًا إلَّا رَفَعْتُهُ لِلْقَاضِي فُلَانٍ، وَأَرَادَ مَا دَامَ قَاضِيًا مِنْ أَنَّهُ إذَا رَآهُ بَعْدَ عَزْلِهِ لَا يَحْنَثْ وَلَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَوَلَّى الْقَضَاءَ فَيَرْفَعُهُ إلَيْهِ وَيَبَرُّ، فَإِنْ أَرَادَ مَا دَامَ فِيهِ هَذِهِ الْمَرَّةَ انْحَلَّتْ بِخُرُوجِهِ اهـ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَسْأَلَةِ الْقَاضِي ظَاهِرٌ لِأَنَّ الدَّيْمُومَةَ ثَمَّ مَرْبُوطَةٌ بِوَصْفٍ مُنَاسِبٍ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ يَطْرَأُ وَيَزُولُ فَأُنِيطَ بِهِ وَهُنَا بِمَحَلٍّ وَهُوَ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ ذَلِكَ فَانْعَدَمَتْ بِخُرُوجِهِ مِنْهُ وَإِنْ عَادَ إلَيْهِ فَالْمُتَّجَهُ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ عَدَمُ الْحِنْثِ كَالْحَالَةِ الْأَخِيرَةِ (وَلَوْ) (حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا مِنْ ذَا الْبَابِ ـــــــــــــــــــــــــــــSلِتَبَدُّلِ الذَّاتِ وَالصِّفَةِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ فَإِذَا هُوَ أَسْوَدُ لَمْ يَصِحَّ، لَكِنَّ عِبَارَةَ حَجّ فِي الْبَيْعِ تُخَالِفُ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ عَدَمِ الْقَبُولِ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ مَا دَامَ فِي إجَارَتِهِ) مِثْلُهُ مَا يَقَعُ مِنْ الْعَوَامّ مِنْ قَوْلِهِمْ لَا أُكَلِّمُهُ مَثَلًا طُولَ مَا هُوَ فِي هَذِهِ الدَّارِ مَثَلًا فَيَبَرُّ بِالْخُرُوجِ مِنْهَا وَإِنْ قَلَّ الزَّمَنُ حَيْثُ خَرَجَ عَلَى نِيَّةِ التَّرْكِ لَهَا أَوْ أَطْلَقَ عَلَى مَا يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَأَفْتَى فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى) أَيْ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ (قَوْلُهُ: أَوْ أَطْلَقَ) ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: انْحَلَّتْ بِخُرُوجِهِ انْتَهَى) وَفِي نُسْخَةٍ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَسْأَلَةِ الْقَاضِي ظَاهِرٌ لِأَنَّ الدَّيْمُومَةَ مَرْبُوطَةٌ بِوَصْفٍ مُنَاسِبٍ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ يَطْرَأُ وَيَزُولُ فَأُنِيطَ بِهِ وَهُنَا بِمَحَلٍّ وَهُوَ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ ذَلِكَ فَانْعَدَمَتْ بِخُرُوجِهِ مِنْهُ وَإِنْ عَادَ إلَيْهِ فَالْمُتَّجَهُ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ عَدَمُ الْحِنْثِ كَالْحَالَةِ الْأَخِيرَةِ وَلَوْ حَلَفَ إلَخْ وَهِيَ أَوْضَحُ مِمَّا فِي الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: فَالْمُتَّجَهُ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْقَاضِي (قَوْله كَالْحَالَةِ الْأَخِيرَةِ) هِيَ قَوْلُهُ فَإِنْ أَرَادَ مَا دَامَ فِيهِ هَذِهِ الْمَرَّةَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ مِنْ ذَا الْبَابِ) أَيْ فَيَحْنَثُ بِالدُّخُولِ مِنْهُ وَإِنْ نُصِبَ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَمَا فِي التُّحْفَةِ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَأَطْلَقَ) أَيْ أَوْ أَرَادَ مَا دَامَ مُسْتَحِقًّا لِمَنْفَعَتِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، بِخِلَافِ مَا إذَا نَوَى مَا دَامَ عَقْدُ إجَارَتِهِ بَاقِيًا لَمْ تَنْقَضِ مُدَّتُهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّ إجَارَتَهُ بَاقِيَةٌ لَمْ تَفْرُغْ وَلَمْ تَنْقَضِ، قَالَ ذَلِكَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ أَيْضًا (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي لَا رَأَيْتُ مُنْكَرًا إلَّا رَفَعْته لِلْقَاضِي إلَخْ) سَيَأْتِي فِي شَرْحِ مَسْأَلَةِ الْقَاضِي الْآتِيَةِ فِي الْمَتْنِ أَنَّ هَذَا كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَلَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الدَّيْمُومَةِ (قَوْلُهُ: بِوَصْفٍ مُنَاسِبٍ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الرَّفْعَ إلَيْهِ مُنَاسِبٌ لِاتِّصَافِهِ بِالْقَضَاءِ إذْ لَا يُرْفَعُ إلَّا لِلْقَاضِي أَوْ نَحْوِهِ، وَذَلِكَ الْوَصْفُ الَّذِي هُوَ الْقَضَاءُ يَطْرَأُ وَيَزُولُ، فَكَانَ رَبْطُ الرَّفْعِ بِهَذَا الْوَصْفِ قَرِينَةً عَلَى إرَادَةِ الرَّفْعِ حَيْثُمَا وُجِدَ هَذَا الْوَصْفُ فَهُوَ مِنْ دَلَالَةِ الْإِيمَاءِ الْمُقَرَّرَةِ فِي الْأُصُولِ، هَذَا وَاَلَّذِي سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الْقَاضِي أَنَّهُ حَيْثُ نَوَى الدَّيْمُومَةَ فِيهَا انْقَطَعَتْ بِالْعَزْلِ وَإِنْ عَادَ إلَى الْقَضَاءِ: أَيْ إنْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ الدَّوَامَ وَمَا بَعْدَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا هُنَا، وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَسْأَلَةِ دُخُولِ الدَّارِ وَمَسْأَلَةِ الرَّفْعِ لِلْقَاضِي (قَوْلُهُ: كَالْحَالَةِ الْأَخِيرَةِ) أَيْ إذَا أَرَادَ مَا دَامَ فِيهِ هَذِهِ الْمَرَّةِ

فَنُزِعَ) بَابُهَا الْمُعَلَّقُ مِنْ خَشَبٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَنُصِبَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهَا) (لَمْ يَحْنَثْ بِالثَّانِي) وَإِنْ سُدَّ الْأَوَّلُ (وَيَحْنَثُ بِالْأَوَّلِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْبَابَ حَقِيقَةٌ فِي الْمَنْفَذِ مَجَازٌ فِي الْخَشَبِ، فَإِنْ أَرَادَ الثَّانِيَ حُمِلَ عَلَيْهِ وَالثَّانِي عَلَى الْمَنْصُوبِ فَيَحْنَثُ بِالثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا (أَوْ لَا يَدْخُلُ بَيْتًا) وَأَطْلَقَ (حَنِثَ بِكُلِّ بَيْتٍ مِنْ طِينٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ آجُرٍّ أَوْ خَشَبٍ) أَوْ قَصَبٍ مُحْكَمٍ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (أَوْ خَيْمَةٍ) أَوْ بَيْتِ شَعْرٍ أَوْ جِلْدٍ وَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ حَضَرِيًّا لِإِطْلَاقِ الْبَيْتِ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ حَقِيقَةً لُغَةً كَمَا يَحْنَثُ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْخُبْزِ أَوْ الطَّعَامِ (وَإِنْ اخْتَصَّ بَعْضَ النَّوَاحِي بِنَوْعٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ إذْ الْعَادَةُ لَا تُخَصِّصُ) ، وَإِنَّمَا اخْتَصَّ لَفْظُ الرُّءُوسِ أَوْ الْبَيْضِ أَوْ نَحْوِهِمَا بِمَا يَأْتِي لِلْقَرِينَةِ اللَّفْظِيَّةِ وَهِيَ تَعَلُّقُ الْأَكْلِ بِهِ، وَأَهْلُ الْعُرْفِ لَا يُطْلِقُونَهُ عَلَى مَا عَدَا مَا يَأْتِي فِيهَا (وَلَا يَحْنَثُ بِمَسْجِدٍ وَحَمَّامٍ وَكَنِيسَةٍ وَغَارِ جَبَلٍ) وَبَيْتِ رَحًى لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى فِي الْعُرْفِ بُيُوتًا مَعَ حُدُوثِ أَسْمَاءٍ خَاصَّةٍ لَهَا، وَاسْمُ الْبَيْتِ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا إلَّا بِضَرْبٍ مِنْ التَّقْيِيدِ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي غَارِ الْجَبَلِ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْإِيوَاءَ، أَمَّا مَا اُتُّخِذَ مِنْهَا بَيْتًا لِلسَّكَنِ فَيَحْنَثُ بِهِ مَنْ اعْتَادَ سُكْنَاهُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَنِيسَةِ مَحَلُّ تَعَبُّدِهِمْ، أَمَّا لَوْ دَخَلَ بَيْتًا فِيهَا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ، وَقِيَاسُ ذَلِكَ حِنْثُهُ بِخَلْوَةٍ فِي مَسْجِدٍ لَا تُعَدُّ مِنْهُ شَرْعًا، وَبَحَثَ أَيْضًا عَدَمَ الْحِنْثِ بِسَاحَةِ نَحْوِ الْمَدْرَسَةِ وَالرِّبَاطِ وَأَبْوَابِهَا بِخِلَافِ بَيْتٍ فِيهَا، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْبَيْتَ غَيْرُ الدَّارِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَيْتَ فُلَانٍ فَدَخَلَ دَارِهِ دُونَ بَيْتِهِ لَمْ يَحْنَثْ أَوْ لَا يَدْخُلُ دَارِهِ فَدَخَلَ بَيْتَهُ فِيهَا حَنِثَ (أَوْ لَا يَدْخُلُ عَلَى زَيْدٍ فَدَخَلَ بَيْتًا فِيهِ زَيْدٌ وَغَيْرُهُ حَنِثَ) لِوُجُودِ صُورَةِ الدُّخُولِ حَيْثُ كَانَ عَالِمًا بِهِ ذَاكِرًا لِلْحَالِ مُخْتَارًا، وَخَرَجَ بِبَيْتًا دُخُولُهُ عَلَيْهِ فِي نَحْوِ مَسْجِدٍ وَحَمَّامٍ مِمَّا لَا يَخْتَصُّ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي غَيْرِ مَحَلِّهِ الْأَوَّلِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثْ بِالْمَنْفَذِ حَيْثُ نُزِعَ الْبَابُ مِنْهُ، وَقِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ وَقَالَ أَرَدْت مَسْكَنَهُ مِنْ عَدَمِ الْقَبُولِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ حَقِيقَةٌ فِي الْمَنْفَذِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَرَادَ الثَّانِي حُمِلَ عَلَيْهِ) وَكَذَا لَوْ تَسَوَّرَ الْجِدَارَ فَنَزَلَهَا لَا يَحْنَثُ وَإِنْ خَرَجَ مِنْ الْبَابِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَصَبٍ مُحْكِمٍ) قَيْدٌ فِي الْقَصَبِ (قَوْلُهُ: إذْ الْعَادَةُ لَا تُخَصِّصُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَيْتَ زَيْدٍ وَكَانَ الْعَادَةُ فِي مَحَلِّهِ إطْلَاقُ الْبَيْتِ عَلَى الدَّارِ بِتَمَامِهَا عَدَمُ الْحِنْثِ بِدُخُولِ الدَّارِ حَيْثُ لَمْ يَدْخُلْ بَيْتًا مِنْ بُيُوتِهَا (قَوْلُهُ: وَبَيْتِ رَحًى) الْمَعْرُوفَةِ بِالطَّاحُونِ الْآنَ وَمِثْلُهُ الْقَهْوَةُ (قَوْلُهُ: لَا تُعَدُّ مِنْهُ شَرْعًا) أَيْ بِأَنْ لَا تَدْخُلَ فِي وَقْفِهِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا لَوْ حَلَفَ إلَخْ) يُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَجْتَمِعُ مَعَ زَيْدٍ فِي بَيْتِ فُلَانٍ فَاجْتَمَعَ فِي دَارِهِ دُونَ بَيْتِهِ لَمْ يَحْنَثْ، خِلَافًا لِمَا بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَهُمْ أَفْتَى بِالْحِنْثِ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُهُ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعْ سَلَامَهُ إلَخْ يُؤْخَذُ اسْتِثْنَاءُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَكَانَ بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ، بَلْ أَوْلَى انْتَهَى (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ عَالِمًا بِهِ) أَمَّا لَوْ دَخَلَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا فَلَا حِنْثَ وَإِنْ اسْتَدَامَ لَكِنْ لَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِبَيْتًا دُخُولُهُ عَلَيْهِ فِي نَحْوِ مَسْجِدٍ إلَخْ) وَمِنْهُ الْقَهْوَةُ وَبَيْتُ الرَّحَى، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ فَإِنْ أَرَادَ الثَّانِي حُمِلَ عَلَيْهِ) اُنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ حَمْلُهُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْحَقِيقَةِ. (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي عَلَى الْمَنْصُوبِ إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ قَلْبٌ، وَحَقُّهَا: وَالثَّانِي يَحْنَثُ بِالثَّانِي حَمْلًا عَلَى الْمَنْصُوبِ (قَوْلُهُ: وَالثَّالِثُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا) أَيْ يُحْمَلُ عَلَيْهِمَا مُجْتَمِعِينَ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِهَذَا الْمَنْفَذِ مُعَلِّقًا عَلَيْهِ هَذَا الْبَابَ بِخِلَافِ مَا إذَا انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ تَعَلُّقُ الْأَكْلِ بِهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ بِهَا غَيْرَ الْأَكْلِ كَأَنْ حَلَفَ لَا يَحْمِلُ رُءُوسًا أَوْ بَيْضًا يَحْنَثُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ مَنْ اعْتَادَ سُكْنَاهُ) هَلَّا يَحْنَثُ غَيْرُ الْمُعْتَادِ أَيْضًا لِمَا مَرَّ، وَيَأْتِي أَنَّ الْعَادَةَ إذَا ثَبَتَتْ بِمَحَلٍّ عَمَّتْ جَمِيعَ الْمَحَالِّ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ) الَّذِي فِي كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ جَزْمٌ لَا بَحْثٌ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْبَيْتَ غَيْرُ الدَّارِ) أَيْ وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّ عُرْفَ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ إطْلَاقُ الْبَيْتِ عَلَى الدَّارِ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْعُرْفَ الْعَامَّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعُرْفِ الْخَاصِّ، وَيُصَرِّحُ بِهَذَا كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ، فَإِنَّهُ

[فصل في الحلف على أكل وشرب مع بيان ما يتناوله بعض المأكولات]

بِهِ عُرْفًا (وَفِي قَوْلٍ إنْ نَوَى الدُّخُولَ عَلَى غَيْرِهِ دُونَهُ لَا يَحْنَثْ) كَمَا يَأْتِي فِي السَّلَامِ عَلَيْهِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْأَقْوَالَ تَقْبَلُ الِاسْتِثْنَاءَ بِخِلَافِ الْأَفْعَالِ، وَمِنْ ثَمَّ صَحَّ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ إلَّا زَيْدًا (فَلَوْ جَهِلَ حُضُورَهُ فَخِلَافُ حِنْثِ النَّاسِي) وَالْجَاهِلِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ حِنْثِهِمَا كَالْمُكْرَهِ، نَعَمْ لَوْ قَالَ لَا أَدْخُلُ عَالِمًا وَلَا جَاهِلًا حَنِثَ وَكَذَا فِي سَائِرِ الصُّوَرِ (قُلْت: وَلَوْ) (حَلَفَ لَا يُسَلِّمُ عَلَيْهِ فَسَلَّمَ عَلَى قَوْمٍ هُوَ فِيهِمْ) وَكَانَ بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ بِالْفِعْلِ أَوْ كَانَ بِهِ جُنُونٌ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ بِحَيْثُ يَعْلَمُ الْكَلَامَ (وَاسْتَثْنَاهُ) بِقَلْبِهِ (لَمْ يَحْنَثْ) لِمَا مَرَّ (وَإِنْ أَطْلَقَ حَنِثَ) إنْ عَلِمَ بِهِ (فِي الْأَظْهَرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّ الْعَامَّ يَجْرِي عَلَى عُمُومِهِ مَا لَمْ يُخَصَّصْ وَهَلْ يَحْنَثُ بِالسَّلَامِ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاةٍ أَوْ لَا؟ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ حِنْثُهُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ، وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُتَوَلِّي لَكِنْ نَازَعَ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ: لَا سِيَّمَا إذَا بَعُدَ عَنْهُ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ سَلَامَهُ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ الْمَنْعُ لِصَلَاحِيَّةِ اللَّفْظِ لِلْجَمِيعِ وَلِلْبَعْضِ. (فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى أَكْلٍ وَشُرْبٍ مَعَ بَيَانِ مَا يَتَنَاوَلُهُ بَعْضُ الْمَأْكُولَاتِ لَوْ (حَلَفَ لَا يَأْكُلُ) رُءُوسَ الشَّوِيِّ اخْتَصَّ بِالْغَنَمِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ لَا يَأْكُلُ (الرُّءُوسَ) أَوْ لَا يَشْتَرِيهَا مَثَلًا ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَى زَيْدٍ وَجَمَعَتْهُمَا وَلِيمَةٌ فَلَا حِنْثَ لِأَنَّ مَوْضِعَ الْوَلِيمَةِ لَا يَخْتَصُّ بِأَحَدٍ عُرْفًا، فَأَشْبَهَ نَحْوَ الْحَمَّامِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَلَوْ قَصَدَ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ مَكَانًا فِيهِ زَيْدٌ أَصْلًا حَنِثَ لِتَغْلِيظِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَوَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ شَخْصٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ مَعَ فُلَانٍ فِي مَحَلٍّ ثُمَّ إنَّهُ دَخَلَ مَحَلًّا وَجَاءَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بَعْدَهُ وَدَخَلَ عَلَيْهِ وَاجْتَمَعَا فِي الْمَحَلِّ هَلْ يَحْنَثُ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ اجْتَمَعَ مَعَهُ فِي الْمَحَلِّ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ أَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ الْحِنْثِ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَلَمْ يُوجَدْ (قَوْلُهُ: وَجَزَمَ بِهِ الْمُتَوَلِّي) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: قَالَ لَا سِيَّمَا إذَا بَعُدَ إلَخْ) أَخْذُ مَا ذُكِرَ غَايَةً يَقْتَضِي أَنَّ مَا قَبْلَهُ يَقْتَضِي الْحِنْثَ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ. (فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى أَكْلٍ وَشُرْبٍ (قَوْلُهُ: مَعَ بَيَانِ مَا يَتَنَاوَلُهُ) أَيْ وَفِيمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ ذَا الصَّبِيِّ إلَخْ (قَوْلُهُ اخْتَصَّ بِالْغَنَمِ) أَيْ ضَأْنًا وَمَعْزًا، وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْحِنْثِ بِهَا كَوْنُهَا مَشْوِيَّةً أَوْ لَا، وَيَكُونُ الْمَعْنَى رُءُوسَ مَا تُشْوَى رُءُوسُهُ أَوْ الرُّءُوسُ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَمَّا ذَكَرَ مِثْلَ الْإِطْلَاقِ الَّذِي فِي الشَّارِحِ هُنَا وَقَالَ إنَّهُ الْأَصَحُّ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ وَعَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ الْمَيْلُ إلَى الْحِنْثِ: أَيْ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ فَدَخَلَ دِهْلِيزَ الدَّارِ أَوْ صَحْنَهَا أَوْ صُفَّتَهَا لِأَنَّ جَمِيعَ الدَّارِ بَيْتٌ بِمَعْنَى الْإِيوَاءِ، ثُمَّ قَالَ أَعْنِي الْأَذْرَعِيَّ: قُلْت وَهُوَ عُرْفُ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ يَقُولُونَ بَيْتُ فُلَانٍ وَيُرِيدُونَ دَارِهِ اهـ. فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْأَصَحَّ لَا يُنْظَرُ إلَى ذَلِكَ، وَبِهَذَا عُلِمَ رَدُّ بَحْثِ ابْنِ قَاسِمٍ أَنَّ مَحَلَّ هَذَا فِي غَيْرِ نَحْوِ مِصْرَ، قَالَ: وَإِلَّا فَهُمْ يُطْلِقُونَ الْبَيْتَ عَلَى الدَّارِ بَلْ لَا يَكَادُونَ يَذْكُرُونَ الدَّارَ إلَّا بِلَفْظِ الْبَيْتِ (قَوْلُهُ: لَا سِيَّمَا إذَا بَعُدَ عَنْهُ بِحَيْثُ لَا يُسْمَعُ) فِيهِ أَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ كَوْنُهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ كَمَا مَرَّ. [فَصْلٌ فِي الْحَلِفِ عَلَى أَكْلٍ وَشُرْبٍ مَعَ بَيَانِ مَا يَتَنَاوَلُهُ بَعْضُ الْمَأْكُولَاتِ] (فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى أَكْلٍ وَشُرْبٍ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا يَشْتَرِيهَا مَثَلًا) أَيْ بِخِلَافِ نَحْوِ لَا يَحْمِلُهَا أَوْ لَا يَمَسُّهَا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ آنِفًا فَلْيُرَاجَعْ

(وَلَا نِيَّةَ لَهُ) (حَنِثَ بِرُءُوسِ) إبِلٍ أَوْ رَأْسٍ لَا بِبَعْضِهِ عَلَى الْأَصَحِّ إذْ الْمُرَادُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ هُنَا الْجِنْسُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ رُءُوسًا فَلَا يَحْنَثْ إلَّا بِثَلَاثَةٍ (تُبَاعُ وَحْدَهَا) أَيْ مِنْ شَأْنِهَا ذَلِكَ سَوَاءٌ أَعَلِمَ عُرْفَ بَلَدِ الْحَالِفِ أَمْ لَا وَهِيَ رُءُوسُ الْبَقَرِ وَالْإِبِلِ وَالْغَنَمِ إذْ هُوَ الْمُتَعَارَفُ (لَا طَيْرٍ) وَخَيْلٍ (وَحُوتٍ وَصَيْدٍ) بَرِّيٍّ أَوْ بَحْرِيٍّ كَالظِّبَاءِ لِأَنَّهَا لَا تُفْرَدُ بِالْبَيْعِ فَلَا تُفْهَمْ مِنْ اللَّفْظِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (إلَّا) إنْ كَانَ الْحَالِفُ (بِبَلَدٍ) أَيْ مِنْ أَهْلِ بَلَدٍ عُلِمَ أَنَّهَا (تُبَاعُ فِيهِ مُفْرَدَةً) عَنْ أَبْدَانِهَا لِأَنَّهَا كَرُءُوسِ الْأَنْعَامِ فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ عَدَمُ حِنْثِهِ بِأَكْلِهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْبَلَدِ وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ، لَكِنَّ أَقْوَى الْوَجْهَيْنِ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ الْحِنْثُ وَقَالَا إنَّهُ الْأَقْرَبُ إلَى ظَاهِرِ النَّصِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ وَلَا نِيَّةَ لَهُ عَمَّا إذَا نَوَى مُسَمَّى الرَّأْسِ فَلَا يَخْتَصُّ بِمَا تُبَاعُ وَحْدَهَا أَوْ نَوْعًا مِنْهَا لَمْ يَحْنَثْ بِغَيْرِهِ (وَالْبَيْضُ) إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُهُ وَلَا نِيَّةَ لَهُ (يُحْمَلُ عَلَى مُزَايِلَ بَائِضَةٍ فِي الْحَيَاةِ) أَيْ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُفَارِقَهُ فِيهَا وَيُؤْكَلُ مُنْفَرِدًا (كَدَجَاجٍ وَنَعَامٍ وَحَمَامٍ) وَبَطٍّ وَإِوَزٍّ وَعَصَافِيرَ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَأْكُولُ اللَّحْمِ وَغَيْرُهُ لِحِلِّ أَكْلِهِ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ، فَعُلِمَ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِمُتَصَلِّبٍ خَرَجَ بَعْدَ الْمَوْتِ كَمَا لَوْ أَكَلَهُ مَعَ غَيْرِهِ وَظَهَرَ فِيهِ صُورَتُهُ، بِخِلَافِ النَّاطِفِ، وَلَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ مِمَّا فِي كُمِّهِ وَقَدْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْبَيْضَ وَكَانَ مَا فِي كُمِّهِ بَيْضٌ جُعِلَ فِي نَاطِفٍ وَأَكَلَ مِنْهُ وَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ (لَا) بَيْضُ (سَمَكٍ) لِأَنَّهُ إنَّمَا يُزَايِلُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ بِشَقِّ الْجَوْفِ وَإِنْ بِيعَ بِبَلَدٍ يُؤْكَلُ فِيهِ مُنْفَرِدًا لِأَنَّهُ قَدْ تَجَدَّدَ لَهُ اسْمٌ آخَرُ وَهُوَ الْبَطَارِخُ (وَجَرَادٍ) لِأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ مُنْفَرِدًا فَإِنْ نَوَى شَيْئًا عَمِلَ بِهِ. (وَاللَّحْمُ) إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُهُ يُحْمَلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ نَظِيرَ مَا مَرَّ (عَلَى) مُذَكَّى (نَعَمٍ) وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ (وَخَيْلٍ وَوَحْشٍ وَطَيْرٍ) لِوُقُوعِ اسْمِ اللَّحْمِ عَلَيْهَا حَقِيقَةً، ـــــــــــــــــــــــــــــSالَّتِي مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تُشْوَى؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الثَّانِي (قَوْلُهُ لَا بِبَعْضِهِ عَلَى الْأَصَحِّ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِثَلَاثَةٍ) أَيْ كَامِلَةٍ، وَفِي أَثْنَاءِ عِبَارَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: فَإِنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ فَرْقٌ بَيْنَ الْجَمْعِ وَالْجِنْسِ، وَإِنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِثَلَاثٍ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: مِنْ أَهْلِ بَلَدٍ عَلِمَ أَنَّهَا تُبَاعُ فِيهِ مُفْرَدَةً) عِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: قَالَ م ر: إذَا اُعْتِيدَ فِي بَلَدٍ مَا بَيْعُهَا مُفْرَدَةً حَنِثَ الْحَالِفُ بِأَكْلِهَا سَوَاءٌ كَانَ فِي تِلْكَ الْبَلَدِ أَمْ لَا مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا كَخُبْزِ الْأُرْزِ انْتَهَى وَقَضِيَّةُ الشَّارِحِ أَيْ مِنْ أَهْلِ إلَخْ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ نَوْعًا مِنْهَا لَمْ يَحْنَثْ بِغَيْرِهِ) وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ ظَاهِرًا، وَخَرَجَ بِقَصْدِ نَوْعٍ مِنْهَا مَا لَوْ قَصَدَ غَيْرَهَا وَحْدَهُ فَلَا يُقْبَلُ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ قُبِلَ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ السَّابِقِ أَنَّهُ يُقْبَلُ إرَادَةُ الْمَجَازِ إذَا كَانَ مُتَعَارَفًا وَأَرَادَ دُخُولَهُ مَعَ الْحَقِيقَةِ (قَوْلُهُ: يُحْمَلُ عَلَى مُزَايَلٍ) أَيْ مُفَارِقٍ، وَقَوْلُهُ بَائِضِهِ: أَيْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مَأْكُولِ اللَّحْمِ كَبَيْضِ الْحِدَأَةِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ مِنْ مَأْكُولِ اللَّحْمِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: خَرَجَ بَعْدَ الْمَوْتِ) أَفَادَ كَلَامُهُ أَنَّ الْمَوْتَ لَا يَنْجُسُ بِهِ الْبَيْضُ الْمُتَصَلِّبُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ النَّاطِفِ) هُوَ نَوْعٌ مِنْ الْحَلَاوَةِ يُعْقَدُ بِبَيَاضِ الْبَيْضِ انْتَهَى حَجّ وَهُوَ الْمُسَمَّى الْآنَ بِالْمَنْفُوشِ (قَوْلُهُ: وَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ) وَلَوْ قَالَ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الْبَيْضَ لَمْ يَبَرَّ جَعَلَهُ فِي نَاطِفٍ انْتَهَى حَجّ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْبَيْضِ مَا لَوْ قَالَ لَيَأْكُلَنَّ بَيْضًا لِعَدَمِ وُجُودِ الِاسْمِ كَمَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ قَالَ لَا آكُلُ حِنْطَةً حَيْثُ لَا يَحْنَثْ بِدَقِيقِهَا وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَوَى شَيْئًا عَمِلَ بِهِ) وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ: لِوُقُوعِ اسْمِ اللَّحْمِ عَلَيْهَا حَقِيقَةً) أَيْ فَيَحْنَثُ بِالْأَكْلِ مِنْهَا، وَهَلْ يَحْنَثُ بِذَلِكَ وَإِنْ اُضْطُرَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَيْ مِنْ أَهْلِ بَلَدٍ إلَخْ) هَذَا وَاجِبُ الْإِصْلَاحِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ وَالِدُ الشَّارِحِ فِيمَا كَتَبَهُ عَلَى شَرْحِ الْمَنْهَجِ، وَنَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ قَاسِمٍ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّعِيفِ وَهُوَ أَنَّ الرُّءُوسَ إذَا بِيعَتْ فِي بَلَدٍ حَنِثَ بِأَكْلِهَا الْحَالِفُ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْبَلَدِ خَاصَّةً وَالصَّحِيحُ عَدَمُ الِاخْتِصَاصِ لِأَنَّ الْعُرْفَ إذَا ثَبَتَ فِي مَوْضِعٍ عَمَّ وَهَذَا مُحَصِّلُ مَا كَتَبَهُ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى التُّحْفَةِ الْمُوَافِقَةِ لِمَا هُنَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ النَّاطِفِ) هُوَ حَلَاوَةٌ تُعْقَدُ بِبَيَاضِ الْبَيْضِ، (قَوْلُهُ وَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ) أَيْ وَيَبَرُّ

نَعَمْ يُتَّجَهُ اعْتِبَارُ اعْتِقَادِ الْحَالِفِ فِي حُرْمَةِ بَعْضِهَا فَلَا يَحْنَثُ بِهِ (لَا سَمَكٍ) وَجَرَادٍ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى فِي الْعُرْفِ لَحْمًا وَإِنْ كَانَ يَسُمَّاهُ فِي اللُّغَةِ كَمَا فِي الْقُرْآنِ كَمَا لَا يَحْنَثْ بِجُلُوسِهِ فِي الشَّمْسِ مَنْ حَلَفَ لَا يَجْلِسْ فِي سِرَاجٍ وَإِنْ سَمَّاهَا اللَّهُ سِرَاجًا، وَمَنْ حَلَفَ لَا يَجْلِسُ عَلَى بِسَاطٍ بِجُلُوسِهِ عَلَى الْأَرْضِ وَإِنْ سَمَّاهَا اللَّهُ بِسَاطًا، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ عَدَمُ حِنْثِهِ بِمَيْتَةٍ وَخِنْزِيرٍ وَذِئْبٍ، هَذَا كُلُّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَإِنْ نَوَى شَيْئًا حُمِلَ عَلَيْهِ، وَلَا فَرْقَ فِي اللَّحْمِ بَيْنَ الْمَشْوِيِّ وَالْمَطْبُوخِ وَالنِّيءِ وَالْقَدِيدِ (وَ) لَا (شَحْمِ بَطْنٍ) وَعَيْنٍ لِمُخَالَفَتِهِمَا اللَّحْمَ اسْمًا وَصِفَةً (وَكَذَا كَرِشٌ وَكَبِدٌ وَطِحَالٌ وَقَلْبٌ) وَمُخٌّ وَأَمْعَاءٌ وَرِئَةٌ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ يَصِحُّ إطْلَاقُ عَدَمِ صِدْقِ اسْمِ اللَّحْمِ عَلَيْهَا. وَالثَّانِي الْحِنْثُ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ اللَّحْمِ وَلَا يَحْنَثُ بِقَانِصَةِ الدَّجَاجَةِ قَطْعًا وَلَا بِجِلْدِ نَعَمٍ إنْ رَقَّ بِحَيْثُ يُؤْكَلُ اتَّجَهَ الْحِنْثُ بِهِ (وَالْأَصَحُّ تَنَاوُلُهُ) أَيْ اللَّحْمِ (لَحْمُ رَأْسٍ وَلِسَانٍ) أَيْ وَلَحْمُ لِسَانٍ وَالْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ: أَيْ وَلَحْمًا هُوَ لِسَانٌ وَخَدٌّ وَأَكَارِعُ لِصِدْقِ اسْمِ اللَّحْمِ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّ مُطْلَقَ اللَّحْمِ لَا يَقَعُ إلَّا عَلَى لَحْمِ الْبَدَنِ، وَأَمَّا فِي غَيْرِهِ فَبِالْإِضَافَةِ كَلَحْمِ رَأْسٍ وَنَحْوِهِ (وَشَحْمِ ظَهْرٍ وَجَنْبٍ) وَهُوَ الْأَبْيَضُ الَّذِي لَا يُخَالِطُهُ أَحْمَرُ لِأَنَّهُ لَحْمٌ سَمِينٌ وَلِهَذَا يَحْمَرُّ عِنْدَ الْهُزَالِ وَالثَّانِي لَا، لِأَنَّهُ شَحْمٌ. قَالَ تَعَالَى {حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا} [الأنعام: 146] فَسَمَّاهُ شَحْمًا (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ شَحْمَ الظَّهْرِ لَا يَتَنَاوَلُهُ الشَّحْمُ) لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَحْمٌ بِخِلَافِ شَحْمِ الْعَيْنِ وَالْبَطْنِ يَتَنَاوَلُهُ الشَّحْمُ (وَأَنَّ الْأَلْيَةَ وَالسَّنَامَ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا (لَيْسَا شَحْمًا وَلَا لَحْمًا) لِاخْتِلَافِ الِاسْمِ وَالصِّفَةِ. وَالثَّانِي هُمَا لَحْمَانِ لِقُرْبِهِمَا مِنْ اللَّحْمِ السَّمِينِ (وَالْأَلْيَةُ) مُبْتَدَأٌ إذْ لَا اخْتِلَافَ فِي هَذَا (لَا تَتَنَاوَلُ سَنَامًا وَلَا يَتَنَاوَلُهَا) لِاخْتِلَافِهِمَا كَذَلِكَ (وَالدَّسَمُ) وَهُوَ الْوَدَكُ إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُهُ وَأَطْلَقَ (يَتَنَاوَلُهُمَا وَ) يَتَنَاوَلُ (شَحْمَ ظَهْرٍ) وَجَنْبٍ (وَبَطْنٍ) وَعَيْنٍ (وَكُلِّ دُهْنٍ) حَيَوَانِيٍّ: أَيْ مَأْكُولٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِي اللَّحْمِ بِغَيْرِ مُذَكًّى لِصِدْقِ الِاسْمِ بِكُلِّ ذَلِكَ. وَلَا يُشْكِلُ ذِكْرُ شَحْمِ الظَّهْرِ هُنَا بِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَحْمٌ وَاللَّحْمُ لَا يَدْخُلُ فِي الدَّسَمِ لِمَنْعِ هَذِهِ الْكُلْيَةِ بَلْ اللَّحْمُ الَّذِي فِيهِ دَسَمٌ يَدْخُلُ فِيهِ. أَمَّا دُهْنُ نَحْوِ سِمْسِمٍ وَلَوْزٍ فَلَا يَتَنَاوَلُهُمَا عَلَى مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ لَكِنَّ الْأَقْرَبَ خِلَافُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ كُلَّ دُهْنٍ مَأْكُولٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSإلَى ذَلِكَ بِأَنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ أَمْ لَا لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ شَرْعًا عَلَى تَنَاوُلِ مَا يُنْقِذُهُ مِنْ الْهَلَاكِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُتَّجَهُ اعْتِبَارُ اعْتِقَادِ الْحَالِفِ) بِأَنْ كَانَ مُخَالِفًا لِمَذْهَبِنَا (قَوْلُهُ عَدَمُ حِنْثِهِ بِمَيْتَةٍ) أَيْ وَإِنْ اُضْطُرَّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ اللَّحْمِ) أَيْ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا تُقْصَدُ بِالطَّبْخِ وَحْدَهَا فَتَقُومُ مَقَامَ اللَّحْمِ وَلَيْسَتْ الْقَانِصَةُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ رَقَّ) أَيْ كَانَ رَقِيقًا فِي الْأَصْلِ كَجِلْدِ الْفِرَاخِ (قَوْلُهُ: فَسَمَّاهُ شَحْمًا) أَيْ حَيْثُ اسْتَثْنَاهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْوَدَكُ) أَيْ الدُّهْنُ وَتَفْسِيرُ الدَّسَمِ بِالْوَدَكِ لَا يُنَاسِبُ مَا جَرَى عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ الْآتِي أَمَّا دُهْنُ نَحْوِ سِمْسِمٍ إلَخْ مِنْ شُمُولِ الدَّسَمِ لِدُهْنِ السِّمْسِمِ وَاللَّوْزِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يُسَمَّى وَدَكًا إذْ هُوَ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ دَسَمُ اللَّحْمِ فَلَعَلَّ تَفْسِيرَهُ بِذَلِكَ بِالنَّظَرِ لِأَصْلِ اللُّغَةِ (قَوْلُهُ: وَكُلُّ دُهْنٍ حَيَوَانِيٍّ) بَقِيَ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ دُهْنًا فَهَلْ هُوَ كَالدَّسَمِ أَوْ كَالشَّحْمِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ أَهْلَ الْعُرْفِ لَا يُطْلِقُونَ الدُّهْنَ بِلَا قَيْدٍ إلَّا عَلَى الشَّحْمِ [فَرْعٌ] لَوْ أَكَلَ مَرَقَةً مُشْتَمِلَةً عَلَى دُهْنٍ فَقِيَاسُ مَا سَيَأْتِي فِيمَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ سَمْنًا فَأَكَلَهُ فِي عَصِيدَةٍ أَنَّهُ إنْ كَانَ الدُّهْنُ مُتَمَيِّزًا فِي الْمَرَقِ حَنِثَ بِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ دَسَمًا وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: عَلَى مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ) اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَعَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْأَقْرَبَ خِلَافُهُ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ وَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ تَنَاوُلِهِ: أَيْ الدَّسَمِ اللَّبَنَ فِي ع خِلَافُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَخِنْزِيرٍ وَذِئْبٍ) هُمَا دَاخِلَانِ فِي الْمَيْتَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَصِحُّ إطْلَاقُ عَدَمِ صِدْقِ اسْمِ اللَّحْمِ إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ قَلَاقَةٌ لَا تَخْفَى

لَا دُهْنَ خِرْوَعٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ، وَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ تَنَاوُلِهِ اللَّبَنَ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى دَسَمًا فِي الْعُرْفِ (وَلَحْمُ الْبَقَرِ يَتَنَاوَلُ) الْبَقَرَ الْعِرَابَ وَالْبَقَرَ الْوَحْشِيَّ، (جَامُوسًا) لِصِدْقِ اسْمِ الْبَقَرِ عَلَى كُلِّ ذَلِكَ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ تَنَاوُلِ الْإِنْسِيِّ لِلْوَحْشِيِّ هُنَا دُونَ الرِّبَا بِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى مُطْلَقِ التَّنَاوُلِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ اخْتِلَافُ أَصْلٍ أَوْ اسْمٍ بِخِلَافِهِ ثُمَّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي الْبَابَيْنِ، وَبِهَذَا يَظْهَرُ عَدَمُ تَنَاوُلِ الضَّأْنِ لِلْمَعْزِ وَعَكْسُهُ هُنَا وَإِنْ اتَّحَدَا جِنْسًا، ثُمَّ لِأَنَّ اسْمَ أَحَدِهِمَا لَا يُطْلَقُ عَلَى الْآخَرِ لُغَةً وَلَا عُرْفًا وَإِنْ شَمَلَهُمَا اسْمُ الْغَنَمِ الْمُقْتَضِي لِاتِّحَادِ جِنْسَيْهِمَا، وَأَمَّا الزَّفَرُ فِي عُرْفِ الْعَوَامّ فَيَشْمَلُ كُلَّ لَحْمٍ وَدُهْنٍ حَيَوَانِيٍّ وَبَيْضٍ وَلَوْ مِنْ سَمَكٍ فَيُتَّجَهُ حَمْلُهُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا يَتَنَاوَلُ مَيْتَةٌ سَمَكًا وَلَا جَرَادًا وَلَا دَمٌ كَبِدًا وَلَا طِحَالًا (وَلَوْ) (قَالَ مُشِيرًا إلَى حِنْطَةٍ لَا آكُلُ هَذِهِ) وَلَا نِيَّةَ لَهُ (حَنِثَ بِأَكْلِهَا) عَلَى هَيْئَتِهَا (وَبِطَحْنِهَا وَخُبْزِهَا) تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ وَلَا يَمْنَعُ الْحِنْثَ فُتَاتٌ فِي الرَّحَى وَإِنَاءِ الْعَجْنِ يَدُقُّ مَدْرِكُهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي أَكْلِ نَحْوِ هَذَا الرَّغِيفِ (وَلَوْ قَالَ لَا آكُلُ هَذِهِ الْحِنْطَةَ) مُصَرِّحًا بِالِاسْمِ مَعَ الْإِشَارَةِ (حَنِثَ بِهَا مَطْبُوخَةً) إنْ بَقِيَتْ حَبَّاتُهَا (وَنِيئَةً وَمَقْلِيَّةً) لِوُجُودِ الِاسْمِ كَلَا آكُلُ هَذَا اللَّحْمَ فَجَعَلَهُ شِوَاءً إلَّا إذَا هُرِسَتْ أَوْ عُصِدَتْ (لَا بِطَحِينِهَا وَسَوِيقِهَا وَعَجِينِهَا وَخُبْزِهَا) لِزَوَالِ الِاسْمِ وَالصُّورَةِ، فَإِنْ قَالَ لَا آكُلُ حِنْطَةً لَمْ يَحْنَثْ بِالْأَرْبَعَةِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ بَيْضًا فَصَارَ فَرْخًا وَأَكَلَهُ لَمْ يَحْنَثْ (وَلَا يَتَنَاوَلُ رُطَبٌ تَمْرًا وَلَا بُسْرًا) وَلَا بَلَحًا وَلَا طَلْعًا (وَلَا عِنَبٌ زَبِيبًا) وَلَا حِصْرِمًا (وَكَذَا الْعُكُوسُ) لِاخْتِلَافِهَا اسْمًا وَصِفَةً وَأَوَّلُ التَّمْرِ طَلْعٌ ثُمَّ خَلَالٌ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ ثُمَّ بَلَحٌ ثُمَّ بُسْرٌ ثُمَّ رُطَبٌ ثُمَّ تَمْرٌ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رُطَبًا وَلَا بُسْرًا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَعِبَارَتُهُ: وَكَذَا يُتَنَاوَلُ: أَيْ الدَّسَمُ اللَّبَنَ بِلَا رَيْبٍ (قَوْلُهُ: وَجَامُوسًا) أَيْ لَا عَكْسَهُ (قَوْلُهُ: لِصِدْقِ اسْمِ الْبَقَرِ عَلَى كُلِّ ذَلِكَ) يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ الْحِنْثُ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ إوَزًّا وَأَكَلَ مِنْ الْإِوَزِّ الْعِرَاقِيِّ الْمَعْرُوفِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَ تَنَاوُلِ الْإِنْسِيِّ لِلْوَحْشِيِّ) الْإِنْسِيِّ لَا يَتَنَاوَلُ الْوَحْشِيَّ لَا هُنَا وَلَا فِي غَيْرِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَحَقُّ التَّعْبِيرِ أَنْ يَقُولَ بَيْنَ تَنَاوُلِ اسْمِ الْبَقَرِ مَثَلًا لِلْإِنْسِيِّ وَالْوَحْشِيِّ جَمِيعًا فَتَأَمَّلْهُ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْإِنْسِيَّ مُسَمًّى بِالْعِرَابِ أَوْ الْجَوَامِيسِ بِخِلَافِ الْبَقَرِ فَإِنَّهُ شَامِلٌ لِلْإِنْسِيِّ وَالْوَحْشِيِّ. [فَائِدَةٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الزَّرْعَةِ مُشِيرًا إلَى غَيْطٍ مِنْ الْقَمْحِ مَعْلُومٍ وَامْتَنَعَ مِنْ الْأَكْلِ مِنْهَا ثُمَّ إنَّهُ نَقَّى أَرْضَهُ فِي عَامٍ آخَرَ مِنْ قَمْحِ تِلْكَ الزَّرْعَةِ الْمَذْكُورَةِ وَأَكَلَ مِنْهُ فَهَلْ يَحْنَثُ أَوْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ الْحِنْثِ لِزَوَالِ الِاسْمِ وَالصُّورَةِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ السَّابِقُ، وَلَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ مِمَّا فِي كُمِّهِ وَقَدْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْبَيْضَ. [فَائِدَةٌ أُخْرَى] لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَبِيخًا فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِمَا فِيهِ وَدَكٌ أَوْ زَيْتٌ أَوْ سَمْنٌ انْتَهَى مَتْنُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اتَّحَدَا جِنْسًا ثُمَّ) أَيْ فَيَشْمَلُهُمَا الْغَنَمُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْغَنَمَ لَا تَشْمَلُ الظِّبَاءَ لِأَنَّهَا إنَّمَا يُطْلَقُ عَلَيْهَا شَاةُ الْبَرِّ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الزَّفَرُ فِي عُرْفِ الْعَوَامّ) أَيْ: وَلَوْ كَانَ الْحَالِفُ غَيْرَ عَامِّيٍّ إذْ لَيْسَ لَهُ عُرْفٌ خَاصٌّ (قَوْلُهُ: فُتَاتٌ فِي الرَّحَى) خَرَجَ بِهِ مَا يَبْقَى مِنْ الدَّقِيقِ حَوْلَ الرَّحَى (قَوْلُهُ: وَسَوِيقُهَا) عَطْفُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ يَقْتَضِي أَنَّ السَّوِيقَ غَيْرُ الدَّقِيقِ لِأَنَّ الطَّحِينَ بِمَعْنَى الْمَطْحُونِ (قَوْلُهُ: وَلَا بُسْرًا) أَيْ أَوْ لَا يَأْكُلُ بُسْرًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَ تَنَاوُلِ الْإِنْسِيِّ لِلْوَحْشِيِّ هُنَا) حَقُّ التَّعْبِيرِ كَمَا قَالَهُ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ تَنَاوُلِ اسْمِ الْبَقَرِ أَيْضًا مَثَلًا لِلْإِنْسِيِّ وَالْوَحْشِيِّ جَمِيعًا (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي الطَّلَاقِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَمْنَعُ الْحِنْثَ فُتَاتٌ فِي الرَّحَى إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا يَخْرُجُ مِنْ النُّخَالَةِ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ قَاسِمٍ (قَوْلُهُ: وَسَوِيقُهَا) هُوَ دَقِيقُهَا بَعْدَ قَلْيِهَا بِالنَّارِ

حَنِثَ بِالْمُنَصَّفَةِ أَوْ رُطَبَةً أَوْ بُسْرَةً لَمْ يَحْنَثْ بِمُنَصَّفَةٍ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى رُطَبَةً وَلَا بُسْرَةً (وَلَوْ) (قَالَ) وَلَا نِيَّةَ لَهُ (لَا آكُلُ هَذَا الرُّطَبَ فَتَتَمَّرَ فَأَكَلَهُ أَوْ لَا أُكَلِّمُ ذَا الصَّبِيَّ فَكَلَّمَهُ) بَالِغًا أَوْ شَابًّا أَوْ (شَيْخًا فَلَا حِنْثَ فِي الْأَصَحِّ) لِزَوَالِ الِاسْمِ كَمَا فِي الْحِنْطَةِ، وَكَذَا لَا أُكَلِّمُ هَذَا الْعَبْدَ فَعَتَقَ أَوْ لَا آكُلُ لَحْمَ هَذِهِ السَّخْلَةِ فَصَارَتْ كَبْشًا أَوْ هَذَا الْبُسْرَ فَصَارَ رُطَبًا، وَالثَّانِي يَحْنَثُ لِأَنَّ الصُّورَةَ لَمْ تَتَغَيَّرْ وَإِنَّمَا تَغَيَّرَتْ الصِّفَةُ (وَالْخُبْزُ يَتَنَاوَلُ كُلَّ خُبْزٍ) أَيْ كُلَّ مَا يُخْبَزُ (كَحِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ وَأُرْزٍ وَبَاقِلَّا) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ مَعَ الْقَصْرِ عَلَى الْأَشْهَرِ (وَذُرَةٍ) بِمُعْجَمَةٍ وَهَاؤُهَا عِوَضٌ عَنْ وَاوٍ أَوْ يَاءٍ (وَحِمَّصٍ) بِكَسْرٍ فَفَتْحٍ أَوْ كَسْرٍ وَسَائِرِ الْمُتَّخَذِ مِنْ الْحُبُوبِ وَإِنْ لَمْ تُعْهَدْ بِبَلَدِهِ، كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِكُلِّ ثَوْبٍ وَإِنْ لَمْ يُعْهَدْ بِبَلَدِهِ وَكَانَ سَبَبُ عَدَمِ نَظَرِهِمْ لِلْعُرْفِ هُنَا بِخِلَافِهِ فِي نَحْوِ الرُّءُوسِ وَالْبَيْضِ أَنَّهُ هُنَا لَمْ يَطَّرِدْ لِاخْتِلَافِهِ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ فَحَكَمَتْ فِيهِ اللُّغَةُ بِخِلَافِ ذَيْنِكَ، وَشَمَلَ مَا ذُكِرَ الْبُقْسُمَاطَ وَالرِّقَاقَ دُونَ الْبَسِيسِ، نَعَمْ إنْ خُبِزَ ثُمَّ بُسَّ حَنِثَ بِهِ (فَلَوْ ثَرَدَهُ) بِالْمُثَلَّثَةِ (فَأَكَلَهُ حَنِثَ) لِصِدْقِ الِاسْمِ، نَعَمْ لَوْ صَارَ فِي الْمَرَقَةِ كَالْحَسْوِ فَتَحَسَّاهُ لَمْ يَحْنَثْ كَمَا لَوْ دَقَّ الْخُبْزَ الْيَابِسَ ثُمَّ سَفَّهُ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِأَنَّهُ اسْتَجَدَّ اسْمًا آخَرَ فَلَمْ يَأْكُلْ خُبْزًا (وَلَوْ) (حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سَوِيقًا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: حَنِثَ بِالْمُنَصَّفَةِ) قَدْ يُشْكِلُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رُءُوسًا وَأَكَلَ بَعْضَ رَأْسٍ لَمْ يَحْنَثْ، قَالَ سم عَلَى حَجّ مَا حَاصِلُهُ: إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ أَجْزَاءَ الرُّطَبَةِ مُتَسَاوِيَةٌ فَحَصَلَ الْجِنْسُ فِي ضِمْنِ الْبَعْضِ وَلَا كَذَلِكَ الرَّأْسُ (فَائِدَةٌ) قَضِيَّةُ قَوْلِ الْقَامُوسِ الْقِمَعُ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ وَكَعِنَبٍ: مَا الْتَزَقَ بِأَسْفَلِ التَّمْرَةِ وَالْبُسْرَةِ وَنَحْوِهِمَا أَنَّ رَأْسَ التَّمْرَةِ مَا لَا يَلِي قِمَعَهَا، وَوَجَّهَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ يَخْرُجُ أَوَّلًا كَمَا يَخْرُجُ رَأْسُ الْحَيَوَانِ عِنْدَ وِلَادَتِهِ أَوَّلًا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا آكُلُ لَحْمَ هَذِهِ السَّخْلَةِ) هَذِهِ قَدْ مَرَّتْ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ هَذِهِ السَّخْلَةِ فَكَبُرَتْ إلَخْ اهـ وَالسَّخْلَةُ تُقَالُ لِوَلَدِ الْغَنَمِ مِنْ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ سَاعَةَ وَضْعِهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَجَمْعُهُ سَخْلٌ بِوَزْنِ فَلْسٍ وَسِخَالٌ بِالْكَسْرِ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَالْخُبْزُ يَتَنَاوَلُ كُلَّ خُبْزٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُقْتَتْ اخْتِيَارًا فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَشْهَرِ) وَمُقَابِلُهُ بِتَخْفِيفِ اللَّامِ مَعَ الْمَدِّ، قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: الْبَاقِلَّا إذَا شُدِّدَتْ قُصِرَتْ وَإِذَا خُفِّفَتْ مُدَّتْ الْوَاحِدَةُ بَاقِلَّاةٌ أَوْ بَاقِلَّاءَةٌ (قَوْلُهُ: عِوَضٌ عَنْ وَاوٍ أَوْ يَاءٍ) أَيْ لِأَنَّ أَصْلَهَا إمَّا ذُرَى أَوْ ذَرْوٍ فَأُبْدِلَتْ الْيَاءُ أَوْ الْوَاوُ هَاءً (قَوْلُهُ: وَشَمَلَ مَا ذُكِرَ الْبُقْسُمَاطَ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ الْحِنْثَ بِالرِّقَاقِ وَالْبُقْسُمَاطِ وَالْبَسِيسِ اهـ وَيُمْكِنُ حَمْلُ عِبَارَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ عَلَى مَا خُبِزَ ثُمَّ بُسَّ وَمَا فِي الشَّارِحِ عَلَى خِلَافِهِ (قَوْلُهُ: دُونَ الْبَسِيسِ) وَهُوَ الْمُسَمَّى الْآنَ بِالْعَجَمِيَّةِ وَكَذَا مَا جُفِّفَ بِالشَّمْسِ وَلَمْ يُخْبَزْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ صَارَ فِي الْمَرَقَةِ كَالْحَسْوِ) الْمُرَادُ مِنْهُ أَنَّهُ اخْتَلَطَتْ أَجْزَاؤُهُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ بِحَيْثُ صَارَ كَالْمُسَمَّى بِالْعَصِيدَةِ أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا يُتَنَاوَلُ بِالْأُصْبُعِ أَوْ الْمِلْعَقَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا بَقِيَ صُورَةُ الْفَتِيتِ لُقَمًا يَتَمَيَّزُ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ فِي التَّنَاوُلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سَوِيقًا) أَيْ أَوْ دَقِيقًا وَالسَّوِيقُ اسْمُ الدَّقِيقِ لِحِنْطَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُعْهَدْ بِبَلَدِهِ) بَحَثَ ابْنُ قَاسِمٍ عَدَمَ الْحِنْثِ إذَا أَكَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَلَى ظَنِّ أَنَّ الْخُبْزَ لَا يَتَنَاوَلُهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ وَشَمَلَ مَا ذَكَرَ الْبُقْسُمَاطَ وَالرُّقَاقَ) وَكَذَا الْكُنَافَةُ وَالْقَطَائِفُ الْمَعْرُوفَةُ، وَأَمَّا السَّنْبُوسَكُ فَإِنْ خُبِزَ فَهُوَ خُبْزٌ وَإِنْ قُلِيَ فَلَا، وَإِنْ كَانَ رُقَاقُهُ مَخْبُوزًا لِأَنَّهُ وُجِدَ لَهُ اسْمٌ آخَرُ، وَكَذَا الرَّغِيفُ الْأَسْيُوطِيُّ لِأَنَّهُ يُقْلَى وَإِنْ كَانَ رُقَاقُهُ مَخْبُوزًا أَوَّلًا لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى رَغِيفًا بِغَيْرِ تَقْيِيدٍ، كَذَا نَقَلَهُ ابْنُ قَاسِمٍ عَنْ الشَّارِحِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ مَا اسْتَمَرَّ عَلَى اسْمِهِ عِنْدَ الْخَبْزِ يَحْنَثُ بِهِ وَإِنْ تَجَدَّدَ لَهُ اسْمٌ غَيْرُ الْمَوْجُودِ عِنْدَ الْخَبْزِ لَا يَحْنَثُ بِهِ، كَالسَّنْبُوسَكِ الْمَخْبُوزِ رُقَاقُهُ كَانَ عِنْدَ الْخَبْزِ يُسَمَّى رُقَاقًا فَلَمَّا قُلِيَ صَارَ يُسَمَّى سَنْبُوسَكًا، بِخِلَافِ السَّنْبُوسَكِ الْمَخْبُوزِ عَلَى هَيْئَتِهِ كَذَا فَهِمْته مِنْ تَعَالِيلِهِمْ وَأَمْثِلَتِهِمْ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ خُبِزَ ثُمَّ بُسَّ حَنِثَ بِهِ) اُنْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ دَقَّ الْخُبْزَ وَسَفَّهُ الْآتِي عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ.

فَسَفَّهُ أَوْ تَنَاوَلَهُ بِأُصْبُعٍ) مَبْلُولَةٍ أَوْ حَمَلَهُ عَلَى أُصْبُعٍ (حَنِثَ) لِأَنَّهُ يُعَدُّ أَكْلًا إذْ الْقَاعِدَةُ أَنَّ الْأَفْعَالَ الْمُخْتَلِفَةَ الْأَجْنَاسِ كَالْأَعْيَانِ لَا يَتَنَاوَلُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَالْأَكْلُ لَيْسَ شُرْبًا وَعَكْسُهُ (وَإِنْ جَعَلَهُ فِي مَاءٍ فَشَرِبَهُ فَلَا) لِأَنَّ الْحَلِفَ عَلَى الْأَكْلِ وَلَمْ يُوجَدْ، وَلَوْ حَلَفَ لَا أَطْعَمُ تَنَاوَلَ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ جَمِيعًا أَوْ لَا يَذُوقَ شَيْئًا فَأَدْرَكَ طَعْمَهُ بِوَضْعِهِ فِي فِيهِ أَوْ مَضَغَهُ ثُمًّ مَجَّهُ وَلَمْ يَنْزِلْ إلَى حَلْقِهِ حَنِثَ، أَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ وَلَا يَذُوقُ فَأَوْجَرَ فِي حَلْقِهِ حَتَّى وَصَلَ إلَى جَوْفِهِ لَمْ يَحْنَثْ، أَوْ حَلَفَ لَا يُفْطِرُ انْصَرَفَ إلَى الْأَكْلِ وَالْوِقَاعِ وَنَحْوِهِمَا لَا بِرِدَّةٍ وَجُنُونٍ وَحَيْضٍ وَدُخُولِ لَيْلٍ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَشْرَبُهُ فَبِالْعَكْسِ) فَيَحْنَثُ فِي الثَّانِيَةِ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَأْكُلُ لَبَنًا) حَنِثَ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهِ مِنْ مَأْكُولٍ وَلَوْ صَيْدًا حَتَّى نَحْوَ الزُّبْدِ إنْ ظَهَرَ فِيهِ لَا نَحْوَ جُبْنٍ وَأَقِطٍ وَمَصْلٍ (أَوْ مَائِعًا آخَرَ فَأَكَلَهُ بِخُبْزِ حَنِثَ) لِأَنَّهُ كَذَلِكَ يُؤْكَلُ (أَوْ شَرِبَهُ فَلَا) لِعَدَمِ الْأَكْلِ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَشْرَبُهُ فَبِالْعَكْسِ) فَيَحْنَثُ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ نَحْوَ عِنَبٍ لَمْ يَحْنَثْ بِشُرْبِ عَصِيرِهِ وَلَا بِمَصِّهِ وَرَمْيِ ثُفْلِهِ أَوْ لَا يَشْرَبُ خَمْرًا لَمْ يَحْنَثْ بِالنَّبِيذِ كَعَكْسِهِ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَأْكُلُ سَمْنًا فَأَكَلَهُ بِخُبْزٍ جَامِدًا) كَانَ (أَوْ ذَائِبًا) (حَنِثَ) لِإِتْيَانِهِ بِالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَزِيَادَةٍ وَبِهِ يُفَارِقُ عَدَمُ حِنْثِ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِمَّا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ فَأَكَلَ مِمَّا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ وَعَمْرٌو لِأَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ مِمَّا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ خَاصَّةً (وَإِنْ شَرِبَ ذَائِبًا فَلَا) يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْهُ (وَإِنْ أَكَلَهُ فِي عَصِيدَةٍ حَنِثَ إنْ كَانَتْ عَيْنُهُ ظَاهِرَةً) أَيْ مَرْئِيَّةً مُتَمَيِّزَةً فِي الْحِسِّ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ لِوُجُودِ اسْمِهِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَكُنْ مُتَمَيِّزَةً كَذَلِكَ. (وَيَدْخُلُ فِي) (فَاكِهَةٍ) حَلَفَ لَا يَأْكُلُهَا وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا (رُطَبٌ وَعِنَبٌ وَرُمَّانٌ وَأُتْرُجٌّ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَثَالِثِهِ مَعَ تَشْدِيدِ الْجِيمِ وَيُقَالُ أُتْرُنْجٌ وَتُرُنْجٌ وَتِينٌ وَمِشْمِشٌ (وَرُطَبٌ وَيَابِسٌ) مِنْ كُلِّ مَا يَتَنَاوَلُهُ سَوَاءٌ اسْتَجَدَّ لَهُ اسْمٌ كَتَمْرٍ وَزَبِيبٍ أَمْ لَا كَتِينٍ لِصِدْقِ اسْمِهَا عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ لِأَنَّهَا مَا يُتَفَكَّهُ: أَيْ يُتَنَعَّمُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلَوْ حَلَفَ لَا أَطْعَمُ) أَيْ لَا أَتَنَاوَلُ (قَوْلُهُ: تَنَاوَلَ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ جَمِيعًا) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ لَا أَتَنَاوَلُ طَعَامًا بِخِلَافِ لَا آكُلُ طَعَامًا فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالشُّرْبِ إذْ لَا يُسَمَّى أَكْلًا كَمَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ اللَّبَنَ ثُمَّ مَا ذُكِرَ قَضِيَّتُهُ أَنْ لَا يُشْتَرَطَ فِي الطَّعَامِ أَنْ يُسَمَّاهُ فِي عُرْفِ الْحَالِفِ فَيَحْنَثُ بِنَحْوِ الْخُبْزِ وَالْجُبْنِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا لَا يُسَمَّى فِي الْعُرْفِ طَعَامًا، وَقِيَاسُ جَعْلِ الْأَيْمَانِ مَبْنِيَّةً عَلَى الْعُرْفِ عَدَمُ الْحِنْثِ بِمَا ذُكِرَ لِأَنَّ الطَّعَامَ عِنْدَهُمْ مَخْصُوصٌ بِالْمَطْبُوخِ [فَائِدَةٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ شَخْصٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ لَبَنًا ثُمَّ قَالَ أَرَدْت بِاللَّبَنِ مَا يَشْمَلُ السَّمْنَ وَالْجُبْنَ وَنَحْوَهُمَا هَلْ يَحْنَثُ كُلُّ ذَلِكَ أَمْ لَا يَحْنَثُ بِغَيْرِ اللَّبَنِ لِعَدَمِ شُمُولِ السَّمْنِ لَهُ؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ الْحِنْثُ لِأَنَّ السَّمْنَ وَالْجُبْنَ وَنَحْوَهُمَا تُتَّخَذُ مِنْ اللَّبَنِ فَهُوَ أَصْلٌ لَهَا فَلَا يَبْعُدُ إطْلَاقُ الِاسْمِ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ مَجَازًا وَحَيْثُ أَرَادَهُ حَنِثَ بِهِ (قَوْلُهُ مِنْ مَأْكُولٍ) أَيْ مِنْ لَبَنٍ مَأْكُولٍ أَيْ لَبَنٍ يَحِلُّ أَكْلُهُ لِيَشْمَلَ لَبَنَ الظِّبَاءِ وَالْأَرْنَبِ وَبِنْتِ عُرْسٍ وَلَبَنِ الْآدَمِيَّاتِ لِأَنَّ الْجَمِيعَ مَأْكُولٌ، وَهَذَا إنْ جُعِلَ قَوْلُهُ مِنْ مَأْكُولٍ صِفَةً لِلَّبَنِ الْمُقَدَّرِ، فَإِنْ جُعِلَ صِفَةً لِلْحَيَوَانِ خَرَجَ لَبَنُ الْآدَمِيَّاتِ وَدَخَلَ لَبَنُ مَا عَدَاهَا مِنْ جَمِيعِ الْمَأْكُولَاتِ، وَالْأَقْرَبُ هُوَ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الصُّورَةَ النَّادِرَةَ تَدْخُلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ الْمُتَعَارَفِ عِنْدَهُمْ أَنَّ اللَّبَنَ الْمَأْكُولَ هُوَ لَبَنُ الْأَنْعَامِ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْخُبْزَ يَشْمَلُ كُلَّ مَخْبُوزٍ وَإِنْ لَمْ يَتَعَارَفُوا مِنْهُ إلَّا نَحْوَ الْبُرِّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ نَحْوَ عِنَبٍ) أَيْ وَأَطْلَقَ مِنْهُ الرُّمَّانَ وَالْقَصَبَ (قَوْلُهُ لَمْ يَحْنَثْ بِالنَّبِيذِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إذْ الْقَاعِدَةُ أَنَّ الْأَفْعَالَ إلَخْ) الصَّوَابُ ذِكْرُ هَذَا عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ جَعَلَهُ فِي مَاءٍ فَشَرِبَهُ فَلَا (قَوْلُهُ: حَنِثَ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهِ) هَذَا الصَّنِيعُ يُوهِمُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فَأَكَلَهُ بِخُبْزٍ حَنِثَ إلَخْ لَا يَجْرِي فِي اللَّبَنِ الَّذِي هُوَ صَرِيحُ الْمَتْنِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَكَانَ الْأَوْلَى خِلَافَ هَذَا الصَّنِيعِ.

بِأَكْلِهِ مِمَّا لَيْسَ بِقُوتٍ، وَعَطْفُ الرُّمَّانِ وَالْعِنَبِ عَلَيْهَا فِي الْآيَةِ لَا يَقْتَضِي خُرُوجَهُمَا عَنْهَا لِأَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ وَزَعْمُ أَنَّهُ يَقْتَضِيهِ خِلَافُ إجْمَاعِ أَهْلِ اللُّغَةِ كَمَا قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ وَالْوَاحِدِيُّ وَالْأَوْجَهُ دُخُولُ مَوْزِ رُطَبٍ فِيهَا لَا يَابِسٌ وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ رُطَبٌ وَعِنَبٌ أَنَّهُ لَا حِنْثَ بِمَا لَمْ يَنْضَجْ وَيَطِبْ فَقَدْ صَرَّحَ فِي التَّتِمَّةِ بِعَدَمِ دُخُولِ بَلَحٍ وَحِصْرِمٍ فِيهَا، نَعَمْ هُوَ مُقَيَّدٌ بِغَيْرِ مَا حَلَى مِنْ نَحْوِ بُسْرٍ وَمُتَرَطِّبٍ بَعْضُهُ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ (قُلْت: وَلَيْمُونٍ وَنَبْقٍ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَوْ كَسْرٍ وَنَارِنْجٍ وَلَيْمُونٍ طَرِيَّيْنِ كَمَا قَيَّدَهُ الْفَارِقِيُّ لِيَخْرُجَ الْمُمَلَّحُ وَالْيَابِسُ وَمَا قِيلَ إنَّ صَوَابَهُ لَيْمُو بِلَا نُونٍ غَلَطٌ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ (وَكَذَا بِطِّيخٌ) هِنْدِيٌّ أَوْ أَصْفَرُ (وَلُبُّ فُسْتُقٍ) بِضَمِّ ثَالِثِهِ وَفَتْحِهِ (وَبُنْدُقٍ وَغَيْرِهِمَا) كَجَوْزٍ وَلَوْزٍ (فِي الْأَصَحِّ) أَمَّا الْبِطِّيخُ فَلِأَنَّ لَهُ نُضْجًا وَإِدْرَاكًا كَالْفَوَاكِهِ وَأَمَّا الْبَاقِي فَلِعَدِّهَا مِنْ يَابِسِ الْفَاكِهَةِ وَالثَّانِي الْمَنْعُ إلْحَاقًا لِلْبِطِّيخِ بِالْخِيَارِ (لَا قِثَّاءٌ وَخِيَارٌ وَبَاذِنْجَانٌ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ (وَجَزَرٌ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِهِ لِأَنَّهَا مِنْ الْخَضْرَاوَاتِ لَا مِنْ الْفَوَاكِهِ (وَلَا يَدْخُلُ فِي الثِّمَارِ) بِالْمُثَلَّثَةِ (يَابِسٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّ التَّمْرَ اسْمٌ لِلرُّطَبِ وَلَا يُنَافِيهِ دُخُولُ الْيَابِسِ فِيهَا وَخُرُوجُ هَذَا مِنْهُ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ كُلِّ مَا ذُكِرَ (وَلَوْ أُطْلِقَ) فِي الْحَلِفِ (بِطِّيخٌ وَتَمْرٌ) بِالْمُثَنَّاةِ (وَجَوْزٌ لَمْ يَدْخُلْ هِنْدِيٌّ) فِي الْجَمِيعِ لِلْمُخَالَفَةِ فِي الصُّورَةِ وَالطَّعْمِ وَالْهِنْدِيُّ مِنْ الْبِطِّيخِ هُوَ الْأَخْضَرُ وَاسْتُشْكِلَ عَدَمُ دُخُولِهِ بِأَنَّ الْعُرْفَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فِي هَذِهِ الدِّيَارِ لَا يُطْلَقُ الْبِطِّيخُ إلَّا عَلَيْهِ وَمَا سِوَاهُ يُذْكَرُ مُقَيَّدًا، وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْجَهُ الْحِنْثُ بِهِ. وَدَعْوَى أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِالْعُرْفِ الطَّارِئِ كَالْعُرْفِ الْخَاصِّ مَمْنُوعَةٌ وَلَا يَتَنَاوَلُ الْخِيَارُ خِيَارَ الشَّنْبَرِ (وَالطَّعَامُ يَتَنَاوَلُ قُوتًا وَفَاكِهَةً وَأَدَمًا وَحَلْوَى) لِوُقُوعِهِ عَلَى الْجَمِيعِ لَا الدَّوَاءِ كَمَا مَرَّ لِأَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُهُ عُرْفًا وَالْحُلْوُ لَا يَتَنَاوَلُ مَا بِجِنْسِهِ حَامِضٌ كَعِنَبٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَهُوَ الْمَأْخُوذُ مِنْ غَيْرِ الْعِنَبِ وَالْخَمْرُ مَا اُتُّخِذَ مِنْ الْعِنَبِ خَاصَّةً (قَوْلُهُ: مِمَّا لَيْسَ بِقُوتٍ) أَيْ مَا لَا يُسَمَّى قُوتًا فِي الْعُرْفِ فَلَا يُنَافِي جَعْلَهُمْ التَّمْرَ وَنَحْوَهُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ مِنْ الْمُقْتَاتِ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهَا: أَيْ الْفَاكِهَةِ، وَقَوْلُهُ لَا يَابِسٍ: أَيْ الَّذِي لَمْ يَنْضَجْ (قَوْلُهُ: وَكَذَا بِطِّيخٌ هِنْدِيٌّ) أَيْ أَخْضَرُ (قَوْلُهُ: هُوَ الْأَخْضَرُ) أَيْ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهِ جَبَلِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ أَحْمَرَ كَانَ أَوْ غَيْرَهُ خَالِيًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَقَوْلُهُ فَالْأَوْجَهُ الْحِنْثُ بِهِ أَيْ الْأَخْضَرِ (قَوْلُهُ لَا عِبْرَةَ بِالْعُرْفِ الطَّارِئِ) مِنْهُ يُؤْخَذُ الْحِنْثُ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَيْتَ فُلَانٍ فَدَخَلَ دِهْلِيزَهُ فَإِنَّ عُرْفَ مِصْرَ إطْلَاقُ الْبَيْتِ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ سِيَّمَا إذَا دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَيْهِ كَمَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَيْتَ أَمِينِ الْحَاجِّ مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا يُفْهَمُ عُرْفًا مِنْ ذَلِكَ إلَّا مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِدُخُولِهِ لَا مَحَلُّ الْبَيْتُوتَةِ بِخُصُوصِهِ فَتَنَبَّهْ لَهُ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِدِهْلِيزِهَا وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى اللَّفْظِ بِحَسْبِ الْوَضْعِ (قَوْلُهُ: لَا الدَّوَاءُ كَمَا مَرَّ) وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَا يَشْمَلُ الْمَاءَ لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِيهِ عُرْفًا لَكِنْ مَرَّ فِي قَوْلِهِ لَوْ حَلَفَ لَا أَطْعَمُ تَنَاوَلَ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ جَمِيعًا أَيْ وَالْمَاءَ مِمَّا يُشْرَبُ وَعَلَيْهِ فَيُفَارِقُ قَوْلَهُ لَا أَتَنَاوَلُ طَعَامًا قَوْلُهُ لَا أَطْعَمُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَا يَتَنَاوَلُ مَا بِجِنْسِهِ حَامِضٌ) أَيْ مَا فِي جِنْسِهِ حُمُوضَةٌ مُمْتَزِجَةٌ بِالْحَلَاوَةِ بِأَنْ يَكُونَ طَعْمُهُ فِيهِ حُمُوضَةٌ وَحَلَاوَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَيْمُونٌ) مُكَرَّرٌ مَعَ مَا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ دُخُولُ الْيَابِسِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَاسْتُشْكِلَ خُرُوجُ الْيَابِسِ مِنْ هَذَا وَدُخُولُهُ فِي الْفَاكِهَةِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ كُلِّ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْجَهُ الْحِنْثُ بِهِ) أَيْ وَعَدَمُ الْحِنْثِ بِغَيْرِهِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ قَاسِمٍ عَنْ إفْتَاءِ وَالِدِ الشَّارِحِ، ثُمَّ قَالَ: وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَعُمُّ الْحِنْثُ بِالْأَخْضَرِ غَيْرَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَالشَّامِيَّةِ عَلَى قِيَاسِ مَا قِيلَ فِي خُبْزِ الْأُرْزِ وَفِي الرُّءُوسِ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ. وَقَضِيَّةُ الْقَاعِدَةِ أَنَّ الْعُرْفَ إذَا وُجِدَ فِي بَلَدٍ عَمَّ الْعُمُومُ هُنَا وَهُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَالطَّعَامُ يَتَنَاوَلُ قُوتًا وَفَاكِهَةً إلَخْ) تَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ وَبَسَطَ الْقَوْلَ فِيهِ فِي قُوتِهِ فَلْيُرَاجَعْ

[فصل في مسائل منثورة ليقاس بها غيرها]

وَإِجَّاصٍ وَرُمَّانٍ، وَالْحَلْوَى تَخْتَصُّ بِالْمَعْمُولَةِ مِنْ حُلْوٍ (وَلَوْ) (قَالَ لَا آكُلُ مِنْ هَذِهِ الْبَقَرَةِ) (تَنَاوَلَ لَحْمَهَا) لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ ذَلِكَ (دُونَ وَلَدٍ وَلَبَنٍ) فَلَا يَتَنَاوَلُهُمَا، بِخِلَافِ مَا سِوَاهُمَا مِمَّا مَرَّ فِي اللَّحْمِ إذْ الْأَكْلُ مِنْهَا يَشْمَلُ جَمِيعَ مَا هُوَ مِنْ أَجْزَائِهَا الْأَصْلِيَّةِ الَّتِي تُؤْكَلُ (أَوْ) لَا يَأْكُلُ (مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَثَمَرٌ) مِنْهَا مَأْكُولٌ هُوَ الَّذِي يَحْنَثُ بِهِ (دُونَ وَرَقٍ وَطَرَفِ غُصْنٍ) حَمْلًا عَلَى الْمَجَازِ الْمُتَعَارَفِ لِتَعَذُّرِ الْحَقِيقَةِ عُرْفًا وَيَلْحَقُ بِهِ الْجُمَّارُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ النِّيلِ أَوْ مِنْ مَاءِ النِّيلِ حَنِثَ بِالشُّرْبِ مِنْهُ بِيَدِهِ أَوْ فِيهِ أَوْ فِي إنَاءٍ أَوْ كَرَعَ مِنْهُ، أَوْ لَا أَشْرَبُ مَاءَ النِّيلِ أَوْ مَاءَ هَذَا النَّهْرِ أَوْ الْغَدِيرِ لَمْ يَحْنَثْ بِشُرْبِ بَعْضِهِ (فَصْلٌ) فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ لِيُقَاسَ بِهَا غَيْرُهَا لَوْ (حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذِهِ الثَّمَرَةَ فَاخْتَلَطَتْ بِتَمْرٍ فَأَكَلَهُ إلَّا تَمْرَةً) أَوْ بَعْضَهَا وَشَكَّ هَلْ هِيَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا أَوْ غَيْرُهَا (لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنْ الْكَفَّارَةِ وَالْوَرَعُ أَنْ يُكَفِّرَ. فَإِنْ أَكَلَ الْكُلَّ حَنِثَ لَكِنْ مِنْ آخِرِ جُزْءٍ أَكَلَهُ فَيَعْتَدُّ فِي حَلِفِهِ بِطَلَاقٍ مِنْ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ (أَوْ) حَلَفَ (لَيَأْكُلَنَّهَا فَاخْتَلَطَتْ) بِتَمْرٍ وَانْبَهَمَتْ (لَمْ يَبَرَّ إلَّا بِالْجَمِيعِ) ـــــــــــــــــــــــــــــSوَإِنْ قَلَّتْ الْحُمُوضَةُ. (قَوْلُهُ: وَالْحَلْوَى تَخْتَصُّ بِالْمَعْمُولَةِ مِنْ حُلْوٍ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي تُسَمَّى بِسَبَبِهِ حَلْوَى بِأَنْ عُقِدَتْ عَلَى النَّارِ أَمَّا النَّشَاءُ الْمَطْبُوخُ بِالْعَسَلِ فَلَا يُسَمَّى عُرْفًا حَلْوَى فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْنَثَ بِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُهَا بَلْ وَلَا بِالْعَسَلِ وَحْدَهُ إذَا طُبِخَ عَلَى النَّارِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْحَلْوَى مِنْ تَرَكُّبِهَا مِنْ جِنْسَيْنِ فَأَكْثَرَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ لَا آكُلُ مِنْ هَذِهِ الْبَقَرَةِ) التَّاءُ فِيهَا لِلْوَحْدَةِ فَتَشْمَلُ الثَّوْرَ (قَوْلُهُ: دُونَ وَلَدٍ) قِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الدَّجَاجَةِ مَثَلًا لَمْ يَحْنَثْ بِبَيْضِهَا وَلَا بِمَا تُفَرِّخَ مِنْهُ، وَبَقِيَ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ دَجَاجَةً هَلْ يَشْمَلُ ذَلِكَ الدِّيكَ فَيَحْنَثُ بِأَكْلِهِ لِأَنَّ التَّاءَ فِي الدَّجَاجَةِ لِلْوَحْدَةِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَلَبَنٍ) أَيْ وَمَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ بِهِ) أَيْ التَّمْرِ، وَفِي نُسْخَةٍ: وَيَلْحَقُ بِالثِّمَارِ الْجُمَّارُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ مَاءِ النِّيلِ) وَالْمُرَادُ بِمَاءِ النِّيلِ الْحَاصِلُ فِي أَيَّامِ الزِّيَادَةِ فِي زَمَنِهَا دُونَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: حَنِثَ بِالشُّرْبِ مِنْهُ) وَإِنَّمَا حَنِثَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مَعَ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْكُرْعِ بِالضَّمِّ مَجَازٌ فِي غَيْرِهِ لِتَكَافُؤِ الْمَجَازِ وَالْحَقِيقَةِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: أَمَّا إذَا لَمْ تَتَعَذَّرْ الْحَقِيقَةُ فَيُحْمَلُ عَلَيْهَا مَعَ الْمَجَازِ الرَّاجِحِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ مَاءِ النَّهْرِ إذْ الْحَقِيقَةُ الْكُرْعُ بِالضَّمِّ وَكَثِيرٌ يَفْعَلُونَهُ، وَالْمَجَازُ الْمَشْهُورُ الْأَخْذُ بِالْيَدِ أَوْ الْإِنَاءِ فَيَحْنَثُ بِالْكُلِّ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَكَافَآ، إذْ فِي كُلِّ قُوَّةٌ لَيْسَتْ فِي الْآخَرِ اسْتَوَيَا فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِهِمَا إذْ لَا مُرَجِّحَ اهـ. (فَصْلٌ) فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ (قَوْلُهُ: وَالْوَرَعُ أَنْ يُكَفِّرَ) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ لَمْ يَبَرَّ إلَّا بِالْجَمِيعِ) أَيْ فَإِنْ أَحَالَتْ الْعَادَةُ أَكْلَهُ تَعَذَّرَ الْبِرُّ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ حَلَفَ عَالِمًا بِإِحَالَةِ الْعَادَةِ لَهُ كَأَنْ انْصَبَّ الْكُوزُ فِي بَحْرٍ وَحَلَفَ لَيَشْرَبَن مَا انْصَبَّ مِنْ الْكُوزِ فِي الْبَحْرِ حَنِثَ حَالًا لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى مُسْتَحِيلٍ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ حَلَفَ لَيَصْعَدَن السَّمَاءَ وَإِنْ طُرِدَ تَعَذُّرُهُ كَأَنْ حَلَفَ لَيَشْرَبَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُ الْمَتْنِ أَوْ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَثَمَرٌ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: بَقِيَ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَأْكُولٌ مِنْ ثَمَرٍ وَغَيْرِهِ هَلْ تُحْمَلُ الْيَمِينُ عَلَى غَيْرِ الْمَأْكُولِ بِقَرِينَةِ عَدَمِ الْمَأْكُولِ اهـ. [فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ لِيُقَاسَ بِهَا غَيْرُهَا] (فَصْلٌ) فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنْ الْكَفَّارَةِ) أَيْ وَعَدَمُ نَحْوِ الطَّلَاقِ

أَيْ أَكْلِهِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْمَتْرُوكَةِ هِيَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهَا فَاشْتُرِطَ تَيَقُّنُ أَكْلِهَا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اخْتَلَطَتْ بِجَانِبٍ مِنْ الصُّبْرَةِ أَوْ مِمَّا هُوَ بِلَوْنِهَا وَغَيْرِهِ وَقَدْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُهَا لَمْ يَحْنَثْ لَا بِأَكْلِهِ مِمَّا فِي جَانِبِ الِاخْتِلَاطِ وَمَا هُوَ بِلَوْنِهَا فَقَطْ (أَوْ لَيَأْكُلَنَّ هَذِهِ الرُّمَّانَةَ فَإِنَّمَا يَبَرُّ بِجَمِيعِ حَبِّهَا) أَيْ أَكْلِهِ لِتَعَلُّقِ الْيَمِينِ بِالْكُلِّ، وَلِهَذَا لَوْ قَالَ لَا آكُلُهَا فَتَرَكَ حَبَّةً لَمْ يَحْنَثْ، وَمَرَّ فِي فُتَاتِ خُبْزٍ يَدِقُّ مَدْرَكُهُ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِهِ فَيَحْتَمِلُ مَجِيءُ مِثْلِهِ فِي حَبَّةِ رُمَّانَةٍ يَدِقُّ مَدْرَكُهَا وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْحَبَّةِ أَنَّهُ لَا يَدُقُّ إدْرَاكُهَا بِخِلَافِ فُتَاتِ الْخُبْزِ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْأَوْجَهُ فِي بَعْضِ الْحَبَّةِ التَّفْصِيلُ كَفُتَاتِ الْخُبْزِ أَوْ لَا يَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ فَسَلَّ مِنْهُ خَيْطًا لَمْ يَحْنَثْ، وَفَارَقَ لَا أُسَاكِنُك فِي هَذِهِ الدَّارِ فَانْهَدَمَ بَعْضُهَا وَسَاكَنَهُ فِي الْبَاقِي بِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى صِدْقِ الْمُسَاكَنَةِ وَلَوْ فِي جُزْءٍ مِنْ الدَّارِ وَثَمَّ عَلَى لُبْسِ الْجَمِيعِ وَلَمْ يُوجَدْ، وَلَوْ حَلَفَ لَا أَرْكَبُ هَذَا الْحِمَارَ أَوْ السَّفِينَةَ فَقُطِعَ مِنْهُ جُزْءٌ وَقُلِعَ مِنْهَا لَوْحٌ مَثَلًا ثُمَّ رَكِبَ ذَلِكَ حَنِثَ، أَوْ لَا أُكَلِّمُ هَذَا فَقُطِعَ أَكْثَرُ بَدَنِهِ فَكَذَلِكَ إذْ الْقَصْدُ هُنَا النَّفْسُ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ مَا بَقِيَ الْمُسَمَّى، وَلَا كَذَلِكَ اللُّبْسُ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِيهِ عَلَى مُلَابَسَةِ الْبَدَنِ لِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ، وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ فَسَلَّ مِنْهُ خَيْطًا لَمْ يَحْنَثْ كَمَا مَرَّ (أَوْ لَا يَلْبَسُ هَذَيْنِ لَمْ يَحْنَثْ بِأَحَدِهِمَا) لِأَنَّ الْحَلِفَ عَلَيْهِمَا (فَإِنْ لَبِسَهُمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا حَنِثَ) لِوُجُودِ لُبْسِهِمَا (أَوْ لَا يَلْبَسُ هَذَا وَلَا هَذَا حَنِثَ بِأَحَدِهِمَا) لِأَنَّهُمَا يَمِينَانِ حَتَّى لَوْ حَنِثَ فِي أَحَدِهِمَا بَقِيَتْ الْيَمِينُ مُنْعَقِدَةً عَلَى الْآخَرِ، فَإِنْ وُجِدَ وَجَبَتْ كَفَّارَةٌ أُخْرَى لِأَنَّ الْعَطْفَ مَعَ تَكَرُّرٍ لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ، فَإِنْ أَسْقَطَ لَا كَأَنْ قَالَ لَا آكُلُ هَذَا وَهَذَا، أَوْ لَآكُلَنَّ هَذَا وَهَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــSمَاءَ هَذَا الْكُوزِ فَانْصَبَّ بَعْدَ حَلِفِهِ، فَإِنْ كَانَ بِفِعْلِهِ أَوْ فِعْلِ غَيْرِهِ وَتَمَكَّنَ مِنْ دَفْعِهِ وَلَمْ يَدْفَعْهُ حَنِثَ حَالًا لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ، وَإِنْ انْصَبَّ بِغَيْرِ فِعْلِهِ وَلَمْ يُقَصِّرْ فَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ شُرْبِهِ قَبْلُ وَلَمْ يَفْعَلْ حَنِثَ أَيْضًا وَإِلَّا فَلَا لِعُذْرِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّمَا يَبَرُّ بِجَمِيعِ حَبِّهَا) أَيْ وَإِنْ تَرَكَ الْقِشْرَ وَمَا فِيهِ مِمَّا يَتَّصِلُ بِالْحَبِّ الْمُسَمَّى بِالشَّحْمِ، وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَن هَذِهِ الْبِطِّيخَةَ بَرَّ بِأَكْلِ مَا يُعْتَادُ أَكْلُهُ مِنْ لَحْمِهَا فَلَا يَضُرُّ تَرْكُ الْقِشْرِ وَاللُّبِّ، ثُمَّ يَبْقَى النَّظَرُ فِي أَنَّهُ هَلْ يُشْتَرَطُ أَكْلُ جَمِيعِ مَا يُمْكِنُ عَادَةً مِنْ لَحْمِهَا أَوْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ؟ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: فَتَرَكَ حَبَّةً) أَيْ أَوْ بَعْضَهَا مِمَّا يَدُقُّ مَدْرَكُهُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ يَدُقُّ مَدْرَكُهُ) أَيْ إدْرَاكُهُ بِحَيْثُ لَا يَسْهُلُ الْتِقَاطُهُ عَادَةً بِالْيَدِ وَإِنْ أَدْرَكَهُ الْبَصَرُ (قَوْلُهُ: فَسَلَّ مِنْهُ خَيْطًا) أَيْ وَلَيْسَ مِمَّا خِيطَ بِهِ بَلْ مِنْ أَصْلِ مَنْسُوجِهِ وَمِثْلُ هَذَا الثَّوْبُ هَذَا الشَّاشُ أَوْ الرِّدَاءُ مَثَلًا فِيمَا يَظْهَرُ حَيْثُ قَالَ لَا أَلْبَسُهُ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَا أَرْتَدِي بِهَذَا الثَّوْبِ أَوْ لَا أَتَعَمَّمُ بِهَذِهِ الْعِمَامَةِ أَوْ لَا أَلُفُّ هَذَا الشَّاشَ فَهَلْ هُوَ مِثْلُ اللُّبْسِ فَيَبَرُّ بِسَلِّ خَيْطٍ مِنْهُ أَوْ مِثْلُ رُكُوبِ الدَّابَّةِ فَلَا يَبَرُّ، فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ الِارْتِدَاءِ وَنَحْوِهِ فِي حُكْمِ اللُّبْسِ مِنْ مُلَامَسَتِهِ جَمِيعَ الْبَدَنِ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ، قَوْلَهُ فَسَلَّ مِنْهُ خَيْطًا: أَيْ قَدْرَ أُصْبُعٍ مَثَلًا طُولًا لَا عَرْضًا، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ نَقْلًا عَنْ الشَّاشِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَلَفَ لَا أَرْكَبُ هَذَا الْحِمَارَ) أَيْ أَوْ عَلَى هَذِهِ الْبَرْذَعَةِ فِيمَا يَظْهَرُ. (قَوْلُهُ: إذْ الْقَصْدُ هُنَا النَّفْسُ) تَوْجِيهٌ لِمَنْ ذُكِرَ مِنْ قَوْلِهِ لَا أَرْكَبُ إلَى هُنَا وَمِنْهُ لَا أَرْكَبُ هَذِهِ السَّفِينَةَ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَوْجُودَةٌ مَا بَقِيَ الْمُسَمَّى) وَمِثْلُ مَا ذُكِرَ فِي عَدَمِ الْبِرِّ بِقَطْعِ جُزْءٍ مِنْهُ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَرْقُدُ عَلَى هَؤُلَاءِ الطَّرَارِيحِ أَوْ الطَّرَّاحَةِ أَوْ الْحَصِيرِ أَوْ الْحِرَامِ فَيَحْنَثُ بِالرُّقَادِ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ قَطَعَ بَعْضَهُ لِوُجُودِ مُسَمَّاهُ بَعْدَ الْقَطْعِ، وَكَذَا لَوْ فَرَشَ عَلَى ذَلِكَ مُلَاءَةً مَثَلًا لِأَنَّ الْعُرْفَ يَعُدُّهُ رَقَدَ عَلَيْهَا، بَلْ هَذَا هُوَ الْمُعْتَادُ فِي النَّوْمِ عَلَى الطَّرَّاحَةِ فَتَنَبَّهْ لَهُ وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا نُقِلَ مِنْ خِلَافِهِ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعَصْرِ (قَوْلُهُ: وَلَا كَذَلِكَ اللُّبْسُ) قَضِيَّةُ التَّفْسِيرِ بِاللُّبْسِ جَرَيَانُ هَذَا فِي غَيْرِ الثَّوْبِ مِنْ نَحْوِ زرموزة وَقَبْقَابٍ وَسَرَاوِيلَ فَيَبَرُّ فِي الْكُلِّ بِقَطْعِ جُزْءٍ مِنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَ مِنْ غَيْرِ مَا خِيطَ بِهِ (قَوْلُهُ: فَسَلَّ مِنْهُ خَيْطًا) أَيْ وَإِنْ قَلَّ حَيْثُ كَانَ يَحُسُّ وَيُدْرِكُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِأَكْلِهَا فِي جَانِبِ الِاخْتِلَاطِ) أَيْ وَيَبَرُّ بِذَلِكَ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلُهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرِ (قَوْلِهِ وَمَرَّ فِي فُتَاتِ خُبْزٍ) أَيْ مَرَّ فِي الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَى

أَوْ اللَّحْمَ وَالْعِنَبَ تَعَلَّقَ الْحِنْثُ فِي الْأُولَى وَالْبِرُّ فِي الثَّانِيَةِ بِهِمَا، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الْإِثْبَاتَ كَالنَّفْيِ الَّذِي لَمْ يُعِدْ مَعَهُ حَرْفَهُ هُوَ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الْبَارِزِيُّ، وَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَنَّهُ كَالْمَنْفِيِّ الْمَعَادِ مَعَهُ حَرْفُهُ حَتَّى تَتَعَدَّدَ الْيَمِينُ لِوُجُودِ حَرْفِ الْعَطْفِ فِيهِ تَوَقَّفَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ أَوْجَبَ حَرْفُ الْعَطْفِ تَعَدُّدَ الْيَمِينِ فِي الْإِثْبَاتِ لَأَوْجَبَهُ فِي النَّفْيِ: أَيْ غَيْرِ الْمَعَادِ مَعَهُ حَرْفُهُ انْتَهَى. وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ مِنْ أَنَّهُ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ بِنَاءً عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ أَنَّ الْعَامِلَ فِي الثَّانِي هُوَ الْعَامِلُ فِي الْأَوَّلِ بِتَقْوِيَةِ حَرْفِ الْعَطْفِ، وَكَلَامُ الْمُتَوَلِّي مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَرْجُوحِ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْعَامِلَ فِي الثَّانِي فِعْلٌ مُقَدَّرٌ وَلَوْ عَطَفَ بِالْفَاءِ أَوْ بِثُمَّ عَمِلَ بِقَضِيَّةِ كُلٍّ مِنْ تَرْتِيبٍ بِمُهْمَلَةٍ أَوْ عَدَمِهَا سَوَاءٌ أَكَانَ نَحْوِيًّا أَمْ لَا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِ. (أَوْ لَيَأْكُلَنَّ ذَا الطَّعَامَ) أَوْ لَيَقْضِيَنَّ حَقَّهُ أَوْ لَيُسَافِرَنَّ (غَدًا فَمَاتَ قَبْلَهُ) أَيْ الْغَدِ لَا بِقَتْلِهِ نَفْسَهُ (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ زَمَنَ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ (وَإِنْ مَاتَ) أَوْ نَسِيَ (أَوْ تَلِفَ الطَّعَامُ) أَوْ بَعْضُهُ (فِي الْغَدِ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ) مِنْ قَضَائِهِ أَوْ السَّفَرِ أَوْ (مِنْ أَكْلِهِ) بِأَنْ أَمْكَنَهُ إسَاغَتُهُ وَلَوْ مَعَ شِبَعِهِ حَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِيهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي مَبْحَثِ الْإِكْرَاهِ، وَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ بَعْضِهِمْ مِنْ كَوْنِ الشِّبَعِ عُذْرًا مَحْمُولٌ عَلَى مَا تَقَرَّرَ (حَنِثَ) لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ شَيْئًا هَلْ يَحْنَثُ بِلُبْسِ الْخَاتَمِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ يُسَمَّى لُبْسًا فِي الْعُرْفِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَآكُلَن هَذَا وَهَذَا) قَالَ حَجّ: وَلَوْ حَلَفَ لَا أَلْبَسُ هَذَا أَوْ هَذَا لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِلُبْسِهِمَا اهـ. وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ وَيُقَالُ: يَنْبَغِي الْحِنْثُ لِأَنَّ مَعْنَاهُ لَا أَلْبَسُ أَحَدَهُمَا وَيَلْبَسُ وَاحِدًا صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَبِسَ الْأَحَدَ (قَوْلُهُ: عَمِلَ بِقَضِيَّةِ كُلٍّ مِنْ تَرْتِيبٍ بِمُهْمَلَةٍ) أَيْ عُرْفًا (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ) لَكِنْ قَضِيَّةُ مَا مَرَّ فِي أَنَّ دَخَلْت بِالْفَتْحِ خِلَافُهُ، وَعَلَيْهِ فَيَتَّجِهُ فِي عَامِّيٍّ لَا نِيَّةَ لَهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ تَرْتِيبٌ فَضْلًا عَنْ قَدْرِهِ اهـ حَجّ. وَقَوْلُهُ فَضْلًا عَنْ قَدْرِهِ هُوَ التَّرَاخِي. (قَوْلُهُ: أَوْ لَيَأْكُلَن ذَا الطَّعَامَ) أَيْ وَإِنْ كَانَ أَكْلُهُ مُحَرَّمًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ تَمَكُّنِهِ) قَالَ حَجّ: لَمْ يُبَيِّنُوا لِلتَّمَكُّنِ هُنَا ضَابِطًا، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ كَلَامٍ قَرَّرَهُ مَا نَصُّهُ: وَوَاضِحٌ أَنَّهُ حَيْثُ خُشِيَ مِنْ فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ مُبِيحُ تَيَمُّمٍ لَمْ يَكُنْ مُتَمَكِّنًا مِنْهُ. فَإِنْ لَمْ يَخْشَ ذَلِكَ فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي تَوَهُّمُ وُجُودِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْمَاءِ، لِأَنَّ لَهُ بَدَلًا، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ ظَنِّ وُجُودِهِ بِلَا مَانِعٍ مِمَّا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ وَأَنَّ الْمَشْيَ وَالرُّكُوبَ هُنَا كَالْحَجِّ وَأَنَّ الْوَكِيلَ إنْ لَمْ يَفْعَلْ بِنَفْسِهِ كَمَا مَرَّ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَيُعَدُّ مُتَمَكِّنًا إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ طَلَبَهَا الْوَكِيلُ فَاضِلَةً عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي الْحَجِّ، وَأَنَّ قَائِدَ الْأَعْمَى وَنَحْوَ مَحْرَمِ الْمَرْأَةِ وَالْأَمْرَدِ كَمَا فِي الْحَجِّ فَيَجِبُ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ، وَأَنَّ أَعْذَارَ الْجُمُعَةِ وَنَحْوَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ عُذْرٌ هُنَا إلَّا نَحْوَ أَكْلٍ كَرَبِّهِ مِمَّا لَا أَثَرَ لَهُ هُنَا بِخِلَافِهِ فِي نَحْوِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ كَمَا يَأْتِي، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا حُكْمُ مَسْأَلَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ شَخْصٌ حَلَفَ لَيَدْخُلَنَّ الْحَمَّامَ الْفُلَانِيَّ غَدًا فَلَمَّا أَصْبَحَ الْغَدُ وَجَدَهُ مَشْغُولًا بِالنِّسَاءِ وَتَعَذَّرَ دُخُولُهُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ إخْرَاجُهُنَّ وَلَوْ لِنَحْوِ مَسْلَخَةٍ مَثَلًا وَهِيَ الْحِنْثُ حَيْثُ تَمَكَّنَ مِنْ دُخُولِهِ قَبْلَ مَجِيئِهِنَّ وَتَرْكُهُ بِلَا عُذْرٍ وَعَدَمُهُ إنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ، لَكِنْ لَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ فِي الْحَمَّامِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَنَّ النِّسَاءَ لَا تَدْخُلُهُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي عَيَّنَهُ لِلدُّخُولِ فَأَخَّرَ دُخُولَهُ لِظَنِّ إمْكَانِ دُخُولِهِ فِي بَقِيَّةِ النَّهَارِ فَاتَّفَقَ أَنَّ النِّسَاءَ دَخَلْنَهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ كَانَ يُمْكِنُهُ الدُّخُولُ فِيهِ لَوْ أَرَادَهُ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ مُقَصِّرًا بِتَأْخِيرِهِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ) أَيْ فَإِنْ أَضَرَّهُ لَمْ يَحْنَثْ بِتَرْكِ الْأَكْلِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذَا مَعَ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ حَتَّى تَتَعَدَّدَ الْيَمِينُ) لَعَلَّ مُرَادَ الْمُتَوَلِّي بِتَعَدُّدِ الْيَمِينِ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُمَا لَزِمَهُ كَفَّارَتَانِ، لَا أَنَّهُ إذَا فَعَلَ أَحَدَهُمَا بَرَّ إذْ لَا وَجْهَ لَهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْمُتَوَلِّي مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَرْجُوحِ) إلَخْ قَدْ يُقَالُ: لَوْ بَنَى الْمُتَوَلِّي كَلَامَهُ عَلَى الْمَرْجُوحِ الْمَذْكُورِ لَقَالَ بِالتَّعَدُّدِ فِي جَانِبِ النَّفْيِ أَيْضًا مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ قَائِلٍ بِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ إلْزَامِ الرَّوْضَةِ لَهُ بِهِ كَمَا مَرَّ

حِينَئِذٍ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ قَتْلُهُ لِنَفْسِهِ قَبْلَ الْغَدِ مُقْتَضِيًا لِحِنْثِهِ لِأَنَّهُ مُفَوِّتٌ لِذَلِكَ أَيْضًا، وَكَذَا لَوْ تَلِفَ الطَّعَامُ قَبْلَهُ بِتَقْصِيرِهِ كَأَنْ أَمْكَنَهُ دَفْعُ أَكْلِهِ فَلَمْ يَدْفَعْهُ (وَ) فِي مَوْتِهِ أَوْ نِسْيَانِهِ (قَبْلَهُ) أَيْ التَّمَكُّنِ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلَانِ كَمُكْرَهٍ) وَالْأَظْهَرُ عَدَمُهُ لِعُذْرِهِ وَحَيْثُ أَطْلَقُوا قَوْلَ الْمُكْرَهِ فَمُرَادُهُمْ الْإِكْرَاهُ عَلَى الْحِنْثِ فَقَطْ، أَمَّا إذَا أُكْرِهَ عَلَى الْحَلِفِ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا (وَإِنْ أَتْلَفَهُ) عَامِدًا عَالِمًا مُخْتَارًا (بِأَكْلٍ وَغَيْرِهِ) كَأَدَائِهِ الدَّيْنَ فِي الصُّورَةِ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا وَلَمْ يَنْوِ أَنَّهُ لَا يُؤَخِّرُ أَدَاءَهُ عَنْ الْغَدِ (قَبْلَ الْغَدِ) أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ (حَنِثَ) لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ، وَمَرَّ أَنَّ تَقْصِيرَهُ فِي تَلَفِهِ كَإِتْلَافِهِ لَهُ، ثُمَّ الْأَصَحُّ أَنَّهُ إنَّمَا يَحْنَثُ بَعْدَ مَجِيءِ الْغَدِ وَمُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُهُ فِيهِ ذَلِكَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَحْنَثْ (وَإِنْ تَلِفَ) الطَّعَامُ بِنَفْسِهِ (أَوْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ) قَبْلَ الْغَدِ أَوْ التَّمَكُّنِ وَلَمْ يُقَصِّرْ فِيهِمَا كَمَا مَرَّ (فَكَمُكْرَهٍ) فَلَا يَحْنَثُ إذْ لَا يَفُوتُ الْبِرُّ بِاخْتِيَارِهِ، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ إلْحَاقِ مَسْأَلَةِ لَأَقْضِيَنَّ حَقَّهُ أَوْ لَأُسَافِرَن بِمَسْأَلَةِ الطَّعَامِ فِيمَا ذُكِرَ فِيهَا هُوَ الْقِيَاسُ، كَمَا لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَيُسَافِرَن فِي هَذَا الشَّهْرِ ثُمَّ خَالَعَ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْفِعْلِ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الثَّلَاثُ قَبْلَ الْخُلْعِ وَيَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ كَمَا مَرَّ مَبْسُوطًا فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ. (أَوْ) (لَأَقْضِيَنك حَقَّك) سَاعَةَ بَيْعِي لِكَذَا فَبَاعَهُ مَعَ غَيْبَةِ رَبِّ الدَّيْنِ حَنِثَ، وَإِنْ أَرْسَلَهُ إلَيْهِ حَالًا لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ بِبَيْعِهِ ذَلِكَ مَعَ غَيْبَةِ الْمُسْتَحِقِّ أَوْ إلَى زَمَنٍ فَمَاتَ بَعْدَ تَمَكُّنٍ مِنْ قَضَائِهِ حَنِثَ قُبَيْلَ مَوْتِهِ لِأَنَّ لَفْظَ الزَّمَنِ لَا يُعَيِّنُ وَقْتًا فَكَانَ جَمِيعُ الْعُمْرِ مُهْلَتَهُ، وَإِنَّمَا وَقَعَ الطَّلَاقُ بَعْدَ لَحْظَةٍ فِي أَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ حِينٍ أَوْ إلَى زَمَنٍ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ فَتَعَلَّقَ بِأَوَّلِ مَا يُسَمَّى زَمَنًا وَمَا هُنَا وَعْدٌ وَهُوَ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِأَوَّلِ مَا يَقَعُ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَكِنْ لَوْ تَعَاطَى مَا حَصَلَ بِهِ الشِّبَعُ الْمُفْرِطُ فِي زَمَنٍ يُعْلَمُ عَادَةً أَنَّهُ لَا يَنْهَضِمُ الطَّعَامُ فِيهِ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ هَلْ يَحْنَثُ لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ أَوَّلًا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِمَا ذُكِرَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ ذِي الرُّمَّانَةَ مَثَلًا فَوَجَدَهَا عَافِنَةً تَعَافُهَا الْأَنْفُسُ وَيَتَوَلَّدُ الضَّرَرُ مِنْ تَنَاوُلِهَا فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ، وَيَكُونُ كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى عَدَمِ الْأَكْلِ، أَمَّا لَوْ وَجَدَهَا سَلِيمَةً وَتَمَكَّنَ مِنْ أَكْلِهَا فَتَرَكَهَا حَتَّى عَفِنَتْ فَيَحْنَثُ لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ. وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ: قَوْلَهُ حَيْثُ لَا ضَرَرَ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ ضَرَرٌ لَا يُحْتَمَلُ فِي الْعَادَةِ وَإِنْ لَمْ يُبَحْ التَّيَمُّمُ كَمَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُ كَمَا عُلِمَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُفَوِّتٌ لِذَلِكَ) هَذَا بِمُجَرَّدِهِ لَا يَقْتَضِي الْحِنْثَ لِمَا قَدَّمَهُ فِيمَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْغَدِ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ زَمَنَ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ وَحَيْثُ لَمْ يَبْلُغْهَا فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا حِنْثَ وَإِنْ قَتَلَ نَفْسَهُ فَلْيُرَاجَعْ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ زَمَنَ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ وَلَا فَوَّتَ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ. وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ: قَوْلَهُ لِأَنَّهُ مُفَوِّتٌ لِذَلِكَ وَلَيْسَ مِنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ مَا لَوْ قَتَلَ عَمْدًا عُدْوَانًا وَقُتِلَ فِيهِ وَلَوْ بِتَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ لِجَوَازِ الْعَفْوِ عَنْهُ مِنْ الْوَرَثَةِ (قَوْلُهُ: كَأَدَائِهِ الدَّيْنَ) الْكَافُ فِيهِ لِلتَّنْظِيرِ لَا لِلتَّمْثِيلِ لِأَنَّ أَدَاءَ الدَّيْنِ لَيْسَ إتْلَافًا وَلَكِنَّهُ تَفْوِيتٌ لِلْبِرِّ (قَوْلُهُ: الَّتِي قَدَّمْنَاهَا) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ. [فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَنْ رَجُلٍ حَنَفِيِّ الْمَذْهَبِ قَالَ إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بِشَاهِدَيْنِ حَنَفِيَّيْنِ فَهَلْ الْعَقْدُ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِمَا صُورَتُهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَقْدُ صَحِيحٌ، وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ الشُّهُودِ حَنَفِيَّةً وَلَا لِكَوْنِ الزَّوْجِ وَالْعَاقِدِ لَهُ كَذَلِكَ، وَلَهُ تَقْلِيدُ الشَّافِعِيِّ فِي عَدَمِ الْوُقُوعِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَنْقُولُ عِنْدَهُمْ خِلَافَهُ وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَرْفَعَ إلَى حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ وَالدَّعْوَى عِنْدَهُ وَلَوْ حِسْبَةً بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ بِمُقْتَضَى التَّعْلِيقِ وَطَلَبِ الْفُرْقَةِ بَيْنَهُمَا فَيَحْكُمُ الشَّافِعِيُّ بِصِحَّةِ الْعَقْدِ وَعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ لِيَرْتَفِعَ الْخِلَافُ. (قَوْلُهُ: لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ) وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يُرِدْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَحْنَثْ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: أَيْ الْفَرْضُ أَنَّهُ أَتْلَفَهُ عَامِدًا عَالِمًا مُخْتَارًا قَبْلَ الْغَدِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْعِبَارَةِ، وَحِينَئِذٍ فَعَدَمُ الْحِنْثِ هُنَا مُشْكِلٌ عَلَى قَوْلِهِ السَّابِقِ وَمِنْ ثَمَّ أَلْحَقَ قَتْلَهُ لِنَفْسِهِ إلَخْ إذْ هُوَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مُفَوِّتٌ لِلْبِرِّ بِاخْتِيَارِهِ فَتَأَمَّلْهُ اهـ وَقَدْ يُفَرَّقُ

عَلَيْهِ الِاسْمُ، وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ هُنَا بَيْنَ بِاَللَّهِ وَالطَّلَاقِ، أَوْ إلَى أَيَّامٍ فَثَلَاثَةٌ أَوْ (عِنْدَ) أَوْ مَعَ (رَأْسِ الْهِلَالِ) أَوْ أَوَّلِ الشَّهْرِ (فَلْيَقْضِهِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ آخِرَ) ظَرْفٌ لِغُرُوبٍ لَا لِيَقْضِ لِفَسَادِ الْمَعْنَى الْمُرَادِ، وَلَا يَصِحُّ كَوْنُهُ بَدَلًا لِإِبْهَامِهِ، إذْ آخِرُ الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ بِالْحُكْمِ أَصَالَةً يُطْلَقُ عَلَى نِصْفِهِ الْآخِرِ وَالْيَوْمِ الْأَخِيرِ وَآخِرِ لَحْظَةٍ مِنْهُ (الشَّهْرُ) الَّذِي وَقَعَ الْحَلِفُ فِيهِ أَوْ الَّذِي قَبْلَ الْمُعَيَّنِ لِاقْتِضَاءِ عِنْدَ وَمَعَ الْمُقَارَنَةَ فَاعْتُبِرَ ذَلِكَ لِيَقَعَ الْقَضَاءُ مَعَ أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ الشَّهْرِ، وَالْمُرَادُ الْأَوَّلِيَّةُ الْمُمْكِنَةُ عَادَةً لِاسْتِحَالَةِ الْمُقَارَنَةِ الْحَقِيقِيَّةِ (فَإِنْ قَدَّمَ) الْقَضَاءَ عَلَى ذَلِكَ (أَوْ مَضَى بَعْدَ الْغُرُوبِ قَدْرُ إمْكَانِهِ) الْعَادِي وَلَمْ يَقْضِ (حَنِثَ) لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَا نِيَّةَ لَهُ فَإِنْ نَوَى أَنْ لَا يَأْتِيَ رَأْسُ الْهِلَالِ إلَّا وَقَدْ خَرَجَ عَنْ حَقِّهِ لَمْ يَحْنَثْ بِالتَّقْدِيمِ (وَإِنْ شَرَعَ فِي) الْعَدِّ أَوْ الذَّرْعِ أَوْ (الْكَيْلِ) أَوْ الْوَزْنِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ غُرُوبِ الشَّمْسِ (وَلَمْ يَفْرُغْ لِكَثْرَتِهِ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّهُ أَخَذَ فِي الْقَضَاءِ عِنْدَ مِيقَاتِهِ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ اعْتِبَارُ تَوَاصُلِ نَحْوِ الْكَيْلِ فَيَحْنَثُ بِتَخَلُّلِ فَتَرَاتٍ تَمْنَعُ تَوَاصُلَهُ بِلَا عُذْرٍ نَعَمْ لَوْ حَمَلَ حَقَّهُ إلَيْهِ مِنْ الْغُرُوبِ وَلَمْ يَصِلْ مَنْزِلَهُ إلَّا بَعْدَ لَيْلَةٍ لَمْ يَحْنَثْ كَمَا لَا يَحْنَثُ بِالتَّأْخِيرِ لِشَكِّهِ فِي الْهِلَالِ. (أَوْ) (لَا يَتَكَلَّمُ فَسَبَّحَ) أَوْ هَلَّلَ أَوْ حَمِدَ أَوْ دَعَا بِمَا لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ كَأَنْ لَا يَكُونَ مُحَرَّمًا وَلَا مُشْتَمِلًا عَلَى خِطَابِ مَخْلُوقٍ غَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (أَوْ قَرَأَ) وَلَوْ خَارِجَ الصَّلَاةِ (قُرْآنًا) وَإِنْ كَانَ جُنُبًا (فَلَا حِنْثَ) بِخِلَافِ مَا عَدَا ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنَّهُ لَا يُؤَخِّرُهُ بَعْدَ الْبَيْعِ زَمَنًا يُعَدُّ بِهِ مُقَصِّرًا عُرْفًا (قَوْلُهُ: فَثَلَاثَةٌ) أَيْ فَيَحْنَثُ قُبَيْلَ مَوْتِهِ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ قَضَائِهِ بَعْدَ ثَلَاثَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ رَأْسِ الْهِلَالِ) لَوْ حَذَفَ: رَأْسَ؛ بَرَّ بِدَفْعِهِ لَهُ قَبْلَ مُضِيِّ ثَلَاثِ لَيَالٍ مِنْ الشَّهْرِ الْجَدِيدِ (قَوْلُهُ: فَلْيَقْضِهِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ) هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَقْضِيَ بِنَفْسِهِ أَوْ يَكْفِي فِعْلُ وَكِيلِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَضِيَّةُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي وَإِنَّمَا جَعَلُوا إعْطَاءَ وَكِيلِهِ بِحَضْرَتِهَا كَإِعْطَائِهَا كَمَا مَرَّ فِي الْخُلْعِ فِي إنْ أَعْطَيْتنِي لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُسَمَّى إعْطَاءَ الِاكْتِفَاءِ بِإِعْطَاءِ وَكِيلِهِ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ عُرْفًا أَنَّهُ قَضَاهُ حَقَّهُ. وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ، قَوْلَهُ فَلْيَقْضِ إلَخْ لَوْ وَجَدَ الْغَرِيمَ مُسَافِرًا آخِرَ الشَّهْرِ هَلْ يُكَلَّفُ السَّفَرَ إلَيْهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ حَيْثُ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ بِلَا مَشَقَّةٍ وَنَقَلَ بِالدَّرْسِ عَنْ فَتَاوَى الشَّارِحِ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ يُطْلَقُ عَلَى نِصْفِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَن حَقَّهُ آخِرَ الشَّهْرِ لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ كَلَا يَحْنَثُ بِتَقْدِيمِهِ عَلَى الْجُزْءِ الْأَخِيرِ مِنْهُ بَلْ يَتَقَيَّدُ بِكَوْنِ الْأَدَاءِ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ كُلِّهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ فَيَحْنَثُ بِتَقْدِيمِهِ عَلَى غُرُوبِ شَمْسِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ: حَنِثَ) وَمَحَلُّهُ فِي التَّقْدِيمِ إذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَمَضَى بَعْدَ غُرُوبِهَا زَمَنٌ يُمْكِنُهُ فِيهِ الْقَضَاءُ عَادَةً أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ الْأَصَحُّ أَنَّهُ إنَّمَا يَحْنَثُ بَعْدَ مَجِيءِ الْغَدِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقَدْ خَرَجَ عَنْ حَقِّهِ) أَيْ بِعِنْدَ أَوْ مَعَ إلَى لَمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْنَثْ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ بَعْدَ قَوْلِهِ فَإِنْ خَالَفَ مَعَ تَمَكُّنِهِ حَنِثَ نَصُّهَا: فَيَنْبَغِي أَنْ يَعُدَّ الْمَالَ وَيَتَرَصَّدَ ذَلِكَ الْوَقْتَ فَيَقْضِيَهُ فِيهِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ تَمَكَّنَ مِنْ إعْدَادِ الْمَالِ قَبْلَ الْوَقْتِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَفْعَلْ حَنِثَ، وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَصِلُ لِصَاحِبِ الْحَقِّ إلَّا بِالذَّهَابِ مِنْ أَوَّلِ الْيَوْمِ مَثَلًا وَلَمْ يَفْعَلْ الْحِنْثُ بِفَوَاتِ الْوَقْتِ الْمَحْلُوفِ عَلَى الْأَدَاءِ فِيهِ وَإِنْ شَرَعَ فِي الذَّهَابِ لِصَاحِبِ الْحَقِّ عِنْدَ وُجُودِ الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: أَوْ هَلَّلَ) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ جُنُبًا) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ الْحِنْثِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْقُرْآنَ بِأَنْ قَصَدَ الذِّكْرَ أَوْ أَطْلَقَ، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّهُ وَإِنْ انْتَفَى عَنْهُ كَوْنُهُ قُرْآنًا لَمْ يَنْتِفْ كَوْنُهُ ذِكْرًا وَهُوَ لَا يَحْنَثُ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ لِفَسَادِ الْمَعْنَى الْمُرَادِ) لَعَلَّ وَجْهَ الْفَسَادِ أَنَّ الْآخِرَ جُزْءٌ مِنْ الشَّهْرِ الْمَاضِي وَعِنْدَ الْغُرُوبِ لَا آخِرَ فَلَا يَتَحَقَّقُ آخِرٌ عِنْدَ الْغُرُوبِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ إذْ آخِرُ الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: هَذَا يَلْزَمُ أَيْضًا عَلَى جَعْلِ آخِرٍ ظَرْفًا لِغُرُوبٍ بَلْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْفَسَادُ الْمَارُّ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ

أَيْ إنْ أَسْمَعَ نَفْسَهُ أَوْ كَانَ بِحَيْثُ يَسْمَعُ لَوْلَا الْعَارِضُ كَمَا هُوَ قِيَاسُ نَظَائِرِهِ لِانْصِرَافِ الْكَلَامِ عُرْفًا إلَى كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ فِي مُحَاوَرَاتِهِمْ وَمِنْ ثَمَّ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَدَعْوَى أَنَّ نَحْوَ التَّسْبِيحِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ كَلَامٌ لُغَةً وَعُرْفًا وَهُوَ لَمْ يَحْلِفْ لَا يُكَلِّمُ النَّاسَ بَلْ لَا يَتَكَلَّمُ تُرَدُّ بِأَنَّ عُرْفَ الشَّرْعِ مُقَدَّمٌ، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ الْخَبَرِ أَنَّ هَذَا لَا يُسَمَّى كَلَامًا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، عَلَى أَنَّ الْعَادَةَ الْمُطَّرِدَةَ أَنَّ الْحَالِفِينَ كَذَلِكَ إنَّمَا يُرِيدُونَ غَيْرَ مَا ذُكِرَ، وَكَفَى بِذَلِكَ مُرَجِّحًا، وَكَذَا نَحْوُ بَعْضِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ. (أَوْ) (لَا يُكَلِّمُهُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ) وَلَوْ مِنْ صَلَاةٍ كَمَا مَرَّ أَوْ قَالَ لَهُ قُمْ مَثَلًا أَوْ دَقَّ عَلَيْهِ الْبَابَ، فَقَالَ لَهُ عَالِمًا بِهِ مَنْ (حَنِثَ) إنْ سَمِعَهُ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ حِينَئِذٍ فَهْمُهُ لِمَا سَمِعَهُ وَلَوْ بِوَجْهٍ أَوْ لَا؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ. وَقَضِيَّةُ اشْتِرَاطِهِمْ سَمْعَهُ الْأَوَّلَ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ، لَكِنْ مَنَعَ مِنْهُ عَارِضٌ كَانَ كَمَا لَوْ سَمِعَهُ، وَلَوْ عَرَضَ لَهُ كَأَنْ خَاطَبَ جِدَارًا بِحَضْرَتِهِ بِكَلَامٍ لِيُفْهِمَهُ بِهِ أَوْ ذَكَرَ كَلَامًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخَاطِبَ أَحَدًا بِهِ اُتُّجِهَ جَرَيَانُ مَا ذُكِرَ فِي التَّفْصِيلِ فِي قِرَاءَةِ آيَةٍ فِي ذَلِكَ (وَإِنْ كَاتَبَهُ أَوْ رَاسَلَهُ أَوْ أَشَارَ إلَيْهِ بِيَدٍ أَوْ غَيْرِهَا فَلَا) حِنْثَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ أَخْرَسَ أَوْ أَصَمَّ (فِي الْجَدِيدِ) لِانْتِفَاءِ كَوْنِهَا كَلَامًا عُرْفًا وَإِنْ كَانَتْ لُغَةً وَبِهَا جَاءَ الْقُرْآنُ وَالْقَدِيمُ نَعَمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا} [الشورى: 51] فَاسْتَثْنَى الرِّسَالَةَ مِنْ التَّكَلُّمِ وقَوْله تَعَالَى {أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلا رَمْزًا} [آل عمران: 41] فَاسْتَثْنَى الرَّمْزَ مِنْ الْكَلَامِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمَا مِنْهُ، نَعَمْ إنْ نَوَى شَيْئًا مِمَّا مَرَّ حَنِثَ بِهِ لِأَنَّ الْمَجَازَ يَقْبَلُ إرَادَتَهُ بِالنِّيَّةِ وَجُعِلَتْ نَحْوُ إشَارَةِ الْأَخْرَسِ فِي غَيْرِ هَذَا وَنَحْوِهِ كَعِبَارَتِهِ لِلضَّرُورَةِ (وَإِنْ قَرَأَ آيَةً أَفْهَمَهُ بِهَا مَقْصُودَهُ وَقَصَدَ قِرَاءَةً) وَلَوْ مَعَ قَصْدِ التَّفْهِيمِ (لَمْ يَحْنَثْ) لِعَدَمِ تَكْلِيمِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَصَدَ التَّفْهِيمَ وَحْدَهُ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا (حَنِثَ) لِأَنَّهُ كَلَّمَهُ، وَمَا نُوَزِّعُ بِهِ صُورَةَ الْإِطْلَاقِ مَرْدُودٌ بِإِبَاحَةِ الْقِرَاءَةِ حِينَئِذٍ لِلْجُنُبِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ مَا تَلَفَّظَ بِهِ كَلَامٌ لَا قُرْآنٌ. وَلَوْ حَلَفَ لَيُثْنِيَنَّ عَلَى اللَّهِ بِأَجَلِّ الثَّنَاءِ وَأَعْظَمِهِ فَطَرِيقُ الْبِرِّ أَنْ يَقُولَ: سُبْحَانَك لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسِك، فَلَوْ قَالَ: أَحْمَدُهُ بِمَجَامِعِ الْحَمْدِ أَوْ بِأَجَلِّهَا فَإِنَّهُ يَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا يُوَافِي نِعَمَهُ وَيُكَافِئُ مَزِيدَهُ، أَوْ لَأُصَلِّيَنَّ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلَ صَلَاةٍ فِيمَا يُقَالُ عَقِبَ التَّشَهُّدِ فِيهَا. وَلَوْ قِيلَ لَهُ كَلِّمْ زَيْدًا الْيَوْمَ فَقَالَ وَاَللَّهِ لَا كَلَّمْته انْعَقَدَتْ عَلَى الْأَبَدِ مَا لَمْ يَنْوِ الْيَوْمَ، فَإِنْ كَانَ فِي طَلَاقٍ وَقَالَ أَرَدْت ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَكَذَا نَحْوُ بَعْضِ التَّوْرَاةِ) أَيْ فَلَا يَحْنَثُ بِهِ، أَيْ إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ تَبْدِيلُهُمَا وَإِلَّا فَيَحْنَثُ بِذَلِكَ، وَخَرَجَ بِالْبَعْضِ مَا لَوْ قَرَأَهُمَا كُلَّهُمَا فَيَحْنَثُ لِتَحَقُّقِ أَنَّهُ أَتَى بِمَا هُوَ مُبَدَّلٌ. قَالَ حَجّ بَلْ لَوْ قِيلَ إنَّ أَكْثَرَهُمَا كَكُلِّهِمَا لَمْ يَبْعُدْ (قَوْلُهُ: لَكِنْ مَنَعَ مِنْهُ عَارِضٌ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْعَارِضُ صَمَمًا. وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ فِي الْجُمُعَةِ مِنْ أَنَّ الصُّمَّ لَا قُوَّةَ فِيهِمْ وَلَا فَعَلَ عَدَمَ الْحِنْثِ هُنَا بِتَكْلِيمِهِ الْأَصَمَّ فَلْيُرَاجَعْ. ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا نَصُّهُ: نَعَمْ فِي الذَّخَائِرِ كَالْحِلْيَةِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِتَكْلِيمِهِ الْأَصَمَّ، وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ فِي صَمَمٍ يَمْنَعُ السَّمَاعَ مِنْ أَصْلِهِ اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ طُرُوءِ الصَّمَمِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْحَلِفِ وَكَوْنِهِ كَذَلِكَ وَقْتَهُ وَإِنْ عُلِمَ بِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَجَازَ يَقْبَلُ إرَادَتَهُ) وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالْكَلَامِ بِالْفَمِ. وَقَضِيَّةُ مَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ فَصْلِ " حَلَفَ لَا يَسْكُنُهَا " مِنْ قَوْلِهِ: إنَّ الْأَلْفَاظَ تُحْمَلُ عَلَى حَقَائِقِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَجَازُ مُتَعَارَفًا وَيُرِيدُ دُخُولَهُ فَيَدْخُلُ أَيْضًا خِلَافُهُ، وَيُؤَيِّدُ الْحِنْثَ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ وَقَالَ: أَرَدْت مَسْكَنَهُ مِنْ الْحِنْثِ بِمَا يَسْكُنُهُ وَلَيْسَا مِلْكًا لَهُ وَبِمَا يَمْلِكُهُ وَلَمْ يَسْكُنْهُ حَيْثُ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَقُولَ) أَيْ حَاصِلٌ بِأَنْ يَقُولَ إلَخْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقَدْ عُلِمَ مِنْ الْخَبَرِ) أَيْ خَبَرِ مُسْلِمٍ «إنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ» (قَوْلُهُ: اُتُّجِهَ جَرَيَانُ مَا ذُكِرَ) أَيْ فِيمَا يَأْتِي

الْيَوْمَ قُبِلَ فِي الْحُكْمِ أَيْضًا لِلْقَرِينَةِ. (أَوْ لَا مَالَ لَهُ) وَأَطْلَقَ أَوْ عَمَّمَ (حَنِثَ بِكُلِّ نَوْعٍ) مِنْ أَنْوَاعِ الْمَالِ لَهُ (وَإِنْ قَلَّ) إذَا كَانَ مُتَمَوَّلًا كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ (حَتَّى ثَوْبِ بَدَنِهِ) لِصِدْقِ اسْمِ الْمَالِ بِهِ، نَعَمْ لَا يَحْنَثُ بِمِلْكِهِ لِمَنْفَعَةٍ لِانْتِفَاءِ تَسْمِيَتِهَا مَالًا حَالَةَ الْإِطْلَاقِ (وَمُدَبَّرٍ) لَهُ لَا لِمُوَرِّثِهِ إذَا تَأَخَّرَ عِتْقُهُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ (وَمُعَلَّقٍ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ) وَأُمِّ وَلَدٍ (وَمَا أُوصِيَ) لَهُ (بِهِ) لِأَنَّ الْكُلَّ مِلْكُهُ (وَدَيْنٍ حَالٍّ) وَلَوْ عَلَى مُعْسِرٍ وَجَاحِدٍ بِلَا بَيِّنَةٍ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إلَّا إنْ مَاتَ لِأَنَّهُ صَارَ فِي حُكْمِ الْعَدَمِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ تَبَرُّعِ آخَرَ بِوَفَائِهِ عَنْهُ أَوْ يَظْهَرُ لَهُ بَعْدُ بِنَحْوِ فَسْخِ بَيْعٍ وَبِفَرْضِ عَدَمِهِ هُوَ بَاقٍ لَهُ مِنْ حَيْثُ أَخْذُهُ بَدَلَهُ مِنْ حَسَنَاتِ الْمَدِينِ فَالْمُتَّجَهُ إطْلَاقُهُمْ، وَكَوْنُهُ لَا يُسَمَّى مَالًا الْآنَ مَمْنُوعٌ (وَكَذَا مُؤَجَّلٌ فِي الْأَصَحِّ) لِثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ وَصِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ وَالْإِبْرَاءِ عَنْهُ وَلِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ، وَأَخَذَ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ ذَلِكَ عَدَمَ حِنْثِهِ بِمَالِهِ عَلَى مُكَاتَبِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِثَابِتٍ فِي الذِّمَّةِ بِدَلِيلِ عَدَمِ صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ، وَالْمُكَاتَبُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ إسْقَاطِهِ مَتَى شَاءَ، وَلَا يَجِبُ فِيهِ زَكَاةٌ. وَجَزَمَ الشَّيْخُ بِهِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ مَرْدُودٌ إذْ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهِ مَالًا، وَلَا أَثَرَ هُنَا لِتَعَرُّضِهِ لِلسُّقُوطِ وَلَا لِعَدَمِ وُجُوبِ زَكَاتِهِ وَعَدَمِ الِاعْتِيَاضِ هُنَا لِأَنَّهُ لِمَانِعٍ آخَرَ لَا لِانْتِفَاءِ كَوْنِ ذَلِكَ مَالًا. وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّ الْمَالِيَّةَ صِفَةٌ لِمَوْجُودٍ وَلَا مَوْجُودَ هَهُنَا، (لَا مُكَاتَبٍ) كِتَابَةً صَحِيحَةً (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ كَالْخَارِجِ عَنْ مِلْكِهِ، إذْ لَا يَمْلِكُ مَنَافِعَهُ وَلَا أَرْشَ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ، وَلِذَا لَمْ يُعَدَّ هُنَا مَالًا وَإِنْ عَدُّوهُ فِي الْغَصْبِ وَنَحْوِهِ مَالًا وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِتَعْجِيزِهِ بَعْدَ الْيَمِينِ. وَالثَّانِي يَحْنَثُ لِأَنَّهُ قِنٌّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ، وَلَا يَحْنَثُ أَيْضًا بِزَوْجَتِهِ وَاخْتِصَاصٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَوْ لَا مَالَ لَهُ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ دَيْنٌ فَيَحْنَثُ بِكُلِّ مَا ذُكِرَ، ثُمَّ فَرْضُهُمْ الْكَلَامَ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا مَالَ لَهُ يَخْرُجُ مَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ مَالٌ أَوْ لَيْسَ بِيَدِهِ، وَقَدْ يُقَالُ فِيهِ: إنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِدَيْنِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ حَالًّا وَسَهُلَ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ الْمَدِينِ وَلَا بِمَالِهِ الْغَائِبِ وَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ خَبَرُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِيَدِهِ الْآنَ وَلَا عِنْدَهُ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَا يَحْنَثُ بِمِلْكِهِ لِمَنْفَعَةٍ) أَيْ وَإِنْ جَرَتْ عَادَتُهُ بِاسْتِغْلَالِهَا بِإِيجَارٍ أَوْ نَحْوِهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْهَا مَالٌ مُتَحَصَّلٌ بِالْفِعْلِ وَقْتَ الْحَلِفِ. وَمِثْلُ الْمَنْفَعَةِ الْوَظَائِفُ وَالْجَامْكِيَّةُ فَلَا يَحْنَثُ بِهَا مَنْ حَلَفَ لَا مَالَ لَهُ وَإِنْ كَانَ أَهْلًا لَهَا لِانْتِفَاءِ تَسْمِيَتِهَا مَالًا (قَوْلُهُ: لَا لِمُورِثِهِ) كَذَا فِي حَجّ، وَفِي نُسْخَةٍ: أَوْ لِمُورِثِهِ إذَا تَأَخَّرَ عِتْقُهُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ انْتَهَى. وَمَا فِي الْأَصْلِ أَظْهَرُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ التَّدْبِيرُ مِنْ مُورِثِهِ يَصْدُقُ عَلَى الْوَارِثِ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَمَا أَوْصَى بِهِ) أَيْ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَالْمُتَّجَهُ إطْلَاقُهُمْ) أَيْ وَهُوَ الْحِنْثُ بِالدَّيْنِ وَلَوْ عَلَى مَيِّتٍ مُعْسِرٍ (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ عَدَمِ صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ) قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ الْكَلَامَ فِي نُجُومِ الْكِتَابَةِ وَأَنَّهُ يَحْنَثُ بِغَيْرِهَا مِمَّا لَهُ عَلَى مُكَاتَبِهِ مِنْ الدَّيْنِ قَطْعًا (قَوْلُهُ: مَرْدُودٌ) أَيْ خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِتَعْجِيزِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ مُتَمَوَّلًا) فِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَإِنْ لَمْ يُتَمَوَّلْ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي التُّحْفَةِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّارِحَ رَجَعَ عَنْهُ كَمَا يَقَعُ نَظِيرُ ذَلِكَ لَهُ كَثِيرًا. (قَوْلُهُ: وَأَطْلَقَ أَوْ عَمَّمَ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَطْلَقَ قَوْلَهُ لَا مَالَ لِي بِأَنْ لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا شَيْئًا، أَوْ عَمَّمَ بِأَنْ زَادَ عَلَيْهَا أَلْفَاظًا هِيَ نَصٌّ فِي الْعُمُومِ، وَإِلَّا فَقَوْلُهُ لَا مَالَ لِي صِيغَةُ عُمُومٍ (قَوْلُهُ: إذَا تَأَخَّرَ عِتْقُهُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مُعَلَّقًا عَلَى صِفَةٍ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَمُرَادُهُ بِهَذَا تَصْوِيرُ كَوْنِهِ مُدَبَّرًا لِمُوَرِّثِهِ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ بِمَوْتِ مُوَرِّثِهِ عَتَقَ فَلَا وَجْهَ لِلْحِنْثِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَمَا وَصَّى) هُوَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْجَلَالِ كَغَيْرِهِ عَقِبَ قَوْلِهِ بِهِ: أَيْ وَالْمَالُ الَّذِي أَوْصَى هُوَ بِهِ لِغَيْرِهِ، وَحِينَئِذٍ فَزِيَادَةُ الشَّارِحِ لَفْظَ لَهُ عَقِبَ وَصَّى غَيْرُ سَدِيدَةٍ إذْ تَقْتَضِي قِرَاءَةُ وُصِّيَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ تَبَرُّعٍ آخَرَ إلَخْ) هَذَا فِي الْمُعْسِرِ خَاصَّةً كَمَا لَا يَخْفَى، وَكَذَا قَوْلُهُ أَوْ يَظْهَرُ لَهُ بُعْدٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِمَا لَهُ عَلَى مُكَاتَبِهِ) يَعْنِي مَالَ الْكِتَابَةِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ بِثَابِتٍ فِي الذِّمَّةِ) يَعْنِي لَيْسَ مُسْتَقِرَّ الثُّبُوتِ إذْ هُوَ مُعَرَّضٌ لِلسُّقُوطِ وَإِلَّا فَهُوَ ثَابِتٌ كَمَا لَا يَخْفَى

وَفِي مَالِ غَائِبٍ وَضَالٍّ وَمَغْصُوبٍ وَانْقَطَعَ خَبَرُهُ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا حِنْثُهُ بِذَلِكَ لِثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ، وَلَا نَظَرَ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَخْذِهِ، وَقَدْ جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَمِثْلُ مَا ذُكِرَ الْمَسْرُوقُ (أَوْ لَيَضْرِبَنَّهُ) (فَالْبِرُّ) إنَّمَا يَحْصُلُ (بِمَا يُسَمَّى ضَرْبًا) فَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ وَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهِ (وَلَا يُشْتَرَطُ إيلَامٌ) إذْ الِاسْمُ صَادِقٌ بِدُونِهِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الطَّلَاقِ مِنْ اشْتِرَاطِهِ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى كَوْنِهِ بِالْقُوَّةِ، وَمَا هُنَا مِنْ نَفْيِهِ مَحْمُولٌ عَلَى حُصُولِهِ بِالْفِعْلِ (إلَّا أَنْ يَقُولَ) أَوْ نَوَى (ضَرْبًا شَدِيدًا) أَوْ مُوجِعًا مَثَلًا فَيُشْتَرَطُ حِينَئِذٍ إيلَامُهُ عُرْفًا، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِالزَّمَنِ وَحَالِ الْمَضْرُوبِ (وَلَيْسَ وَضْعُ سَوْطٍ عَلَيْهِ وَعَضٌّ) وَقَرْصٌ (وَخَنِقٌ) بِكَسْرِ النُّونِ (وَنَتْفُ شَعْرٍ ضَرْبًا) لِانْتِفَاءِ تَسْمِيَتِهِ بِذَلِكَ عُرْفًا (قِيلَ: وَلَا لَطْمٌ) لِوَجْهٍ بِبَاطِنِ الرَّاحَةِ (وَوَكْزٌ) وَهُوَ الضَّرْبُ بِالْيَدِ مُطَبَّقَةٌ أَوْ الدَّفْعُ وَلَوْ بِغَيْرِ الْيَدِ وَرَفْسٌ وَلَكْمٌ وَصَفْعٌ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى فِي الْعَادَةِ ضَرْبًا، وَالْأَصَحُّ فِي الْجَمِيعِ أَنَّهَا ضَرْبٌ وَأَنَّهَا تُسَمَّاهُ عَادَةً، وَمِثْلُهَا الرَّمْيُ بِنَحْوِ حَجَرٍ أَصَابَهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ (أَوْ لَيَضْرِبَنَّهُ مِائَةَ سَوْطٍ أَوْ خَشَبَةٍ فَشَدَّ مِائَةً) مِنْ السِّيَاطِ فِي الْأُولَى وَمِنْ الْخَشَبِ فِي الثَّانِيَةِ، وَلَا يَقُومُ أَحَدُهُمَا مَقَامَ الْآخَرِ (وَضَرَبَهُ بِهَا ضَرْبَةً أَوْ) ضَرَبَهُ (بِعِثْكَالٍ) وَهُوَ الضِّغْثُ فِي الْآيَةِ (عَلَيْهِ مِائَةُ شِمْرَاخٍ بَرَّ إنْ عَلِمَ إصَابَةَ الْكُلِّ أَوْ) عَلِمَ (تَرَاكُمَ بَعْضٍ) مِنْهَا (عَلَى بَعْضٍ فَوَصَلَهُ) بِسَبَبِ التَّرَاكُمِ (أَلَمُ الْكُلِّ) وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بَدَلَهُ بِثِقَلِ الْكُلِّ، وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَحْسَنِيَّتَهَا لِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْإِيلَامِ، وَرَدَّهُ بَعْضٌ آخَرَ بِأَنَّ ذِكْرَ الْعَدَدِ هُوَ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى الْإِيلَامِ فَيَكُونُ كَقَوْلِهِ ضَرْبًا شَدِيدًا، هَذَا وَالْأَوْجَهُ الْأَخْذُ بِإِطْلَاقِهِمْ فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْإِيلَامِ بِالْفِعْلِ وَإِنْ ذُكِرَ الْعَدَدُ، وَكَلَامُهُ صَرِيحٌ فِي إجْزَاءِ الْعِثْكَالُ فِي قَوْلِهِ مِائَةَ سَوْطٍ، وَهُوَ مَا قَالَهُ جَمْعٌ، وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ لَكِنْ الْمُعْتَمَدُ مَا صَحَّحَاهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّهَا لَا تَكْفِي لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسِيَاطٍ وَلَا مِنْ جِنْسِهَا (قُلْت: وَلَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ فَلَا حِنْثَ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَالَهُ حَالَ الْحَلِفِ. [فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنهُ عَلْقَةً فَهَلْ الْعِبْرَةُ بِحَالِ الْحَالِفِ أَوْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَوْ بِالْعُرْفِ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ الثَّالِثُ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ مَبْنَاهَا عَلَى الْعُرْفِ. (قَوْلُهُ: لِثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ) أَيْ ذِمَّةِ مَنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ، لَكِنْ هَذَا التَّعْلِيلُ لَا يَظْهَرُ فِي الْغَائِبِ وَالضَّالِّ لِاحْتِمَالِ تَلَفِهِمَا قَبْلَ دُخُولِهِمَا تَحْتَ يَدِ أَحَدٍ، بَلْ وَلَا فِي الْمَغْصُوبِ لِاحْتِمَالِ بَقَائِهِ، وَالْأَعْيَانُ لَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ، لَكِنْ هَذَا إنَّمَا يُنَافِي قَوْلَهُ لِثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ دُونَ الْحِنْثِ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ مَا ذُكِرَ الْمَسْرُوقُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ لَهُ مُدَّةٌ طَوِيلَةٌ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ بَاقِيًا فَبِتَقْدِيرِ تَلَفِهِ فَبَدَلُهُ دَيْنٌ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: مِنْ اشْتِرَاطِهِ) أَيْ الْإِيلَامِ (قَوْلُهُ: وَوَكَزَ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: وَكَزَهُ ضَرَبَهُ وَدَفَعَهُ، وَقِيلَ ضَرَبَهُ بِجُمَعِ يَدِهِ عَلَى ذَقَنِهِ وَبَابُهُ وَعَدَ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا) (الرَّمْيِ) أَيْ فَيَحْنَثُ بِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يَضْرِبُ (قَوْلُهُ: أَوْ خَشَبَةٍ) وَمِنْ الْخَشَبِ الْأَقْلَامُ وَنَحْوُهَا مِنْ أَعْوَادِ الْحَطَبِ وَالْجَرِيدِ. وَإِطْلَاقُ الْخَشَبِ عَلَيْهَا أَوْلَى مِنْ إطْلَاقِهِ عَلَى الشَّمَارِيخِ (قَوْلُهُ: شِمْرَاخٌ) بِكَسْرِ الشِّينِ كَمَا فِي الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسِيَاطٍ) أَيْ بَلْ هُوَ مِنْ جِنْسِ الْخَشَبِ فَيَبَرُّ بِهِ فِيمَا لَوْ قَالَ مِائَةَ خَشَبَةٍ لِوُجُودِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَانْقَطَعَ خَبَرُهُ) يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ وَمَغْصُوبٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى كَوْنِهِ بِالْقُوَّةِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقُوَّةِ أَنْ يَكُونَ شَدِيدًا فِي نَفْسِهِ لَكِنْ مَنَعَ مِنْ الْإِيلَامِ مَانِعٌ، إذْ الضَّرْبُ الْخَفِيفُ لَا يُقَالُ إنَّهُ مُؤْلِمٌ لَا بِالْفِعْلِ وَلَا بِالْقُوَّةِ، وَفِي عِبَارَةِ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: وَشَرَطَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَكُونَ فِيهِ إيلَامٌ وَلَمْ يَشْرِطْهُ الْأَكْثَرُونَ، وَاكْتَفَوْا بِالصِّفَةِ الَّتِي يُتَوَقَّعُ مِنْهَا الْإِيلَامُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ فَيُشْتَرَطُ حِينَئِذٍ إيلَامُهُ عُرْفًا) أَيْ شِدَّةُ إيلَامِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ الْقُوتِ، وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ النَّظَرُ لِلْعُرْفِ، وَإِلَّا فَالْإِيلَامُ إنَّمَا يَظْهَرُ النَّظَرُ فِيهِ لِلْوَاقِعِ لَا لِلْعُرْفِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا صَحَّحَاهُ إلَخْ) أَيْ أَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْخَشَبَةِ فَيَكْفِي، وَوَجْهُهُ أَنَّ إطْلَاقَهَا عَلَيْهِ عُرْفُ أَهْلِ الشَّرْقِ وَالْعُرْفُ إذَا ثَبَتَ فِي مَحَلٍّ

شَكَّ) أَيْ تَرَدَّدَ بِاسْتِوَاءٍ أَوْ مَعَ تَرْجِيحِ الْإِصَابَةِ (فِي إصَابَةِ الْجَمِيعِ بَرَّ عَلَى النَّصِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ الْإِصَابَةُ وَفَارَقَ مَا لَوْ مَاتَ الْمُعَلَّقُ بِمَشِيئَتِهِ وَشَكَّ فِي صُدُورِهَا مِنْهُ فَإِنَّهُ كَتَحَقُّقِ الْعَدَمِ عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ فِي الطَّلَاقِ بِأَنَّ الضَّرْبَ سَبَبٌ ظَاهِرٌ فِي الِانْكِبَاسِ، وَالْمَشِيئَةُ لَا أَمَارَةَ عَلَيْهَا ثَمَّ وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا، فَلَوْ تَرَجَّحَ عَدَمُ إصَابَةِ الْكُلِّ بَرَّ أَيْضًا خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ فِي الْمُهِمَّاتِ إحَالَةً عَلَى السَّبَبِ الظَّاهِرِ مَعَ اعْتِضَادِهِ بِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْ الْكَفَّارَةِ. (أَوْ لَيَضْرِبَنَّهُ مِائَةَ مَرَّةٍ) أَوْ ضَرْبَةٍ (لَمْ يَبَرَّ بِهَذَا) أَيْ الْمَشْدُودَةِ وَالْعُثْكَالِ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْعَدَدَ مَقْصُودًا، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ تَوَالِيهَا وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ كَالْإِيلَامِ فِي الْحُدُودِ وَالتَّعَازِيرِ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهَا الزَّجْرُ وَالتَّنْكِيلُ (أَوْ لَا) أُخَلِّيك تَفْعَلُ كَذَا حُمِلَ عَلَى نَفْيِ تَمْكِينِهِ مِنْهُ بِأَنْ يَعْلَمَ بِهِ وَيَقْدِرَ عَلَى مَنْعِهِ مِنْهُ، أَوْ لَا (أُفَارِقُك حَتَّى أَسْتَوْفِيَ) حَقِّي مِنْك (فَهَرَبَ) يَعْنِي فَفَارَقَهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَلَوْ بِغَيْرِ هَرَبٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (وَلَمْ يُمْكِنْهُ اتِّبَاعُهُ لَمْ يَحْنَثْ) بِخِلَافِ مَا إذَا أَمْكَنَهُ اتِّبَاعُهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ (قُلْت: الصَّحِيحُ لَا يَحْنَثُ إذَا أَمْكَنَهُ اتِّبَاعُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ فَلَمْ يَحْنَثْ بِفِعْلِ غَرِيمِهِ، سَوَاءٌ أَمْكَنَهُ اتِّبَاعُهُ أَمْ لَا وَلَا يُنَافِيهِ مُفَارَقَةُ أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْآخَرَ فِي الْمَجْلِسِ حَيْثُ يَنْقَطِعُ بِهِ خِيَارُهُمَا مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ اتِّبَاعِهِ لِأَنَّ التَّفَرُّقَ مُتَعَلِّقٌ بِهِمَا ثُمَّ لَا هُنَا وَلِهَذَا لَوْ فَارَقَهُ هُنَا بِإِذْنِهِ لَمْ يَحْنَثْ أَيْضًا، لَوْ أَرَادَ بِالْمُفَارَقَةِ مَا يَشْمَلُهُمَا حَنِثَ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يُطْلِقُ غَرِيمَهُ فَهَلْ هُوَ كَلَا أُفَارِقُهُ أَوْ لَا أُخَلِّي سَبِيلَهُ حَتَّى يَحْنَثَ بِإِذْنِهِ لَهُ فِي الْمُفَارَقَةِ وَبِعَدَمِ اتِّبَاعِهِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ إذَا هَرَبَ، الْأَوْجَهُ فِيمَا سِوَى مَسْأَلَةِ الْهَرَبِ الثَّانِي وَفِيهَا عَدَمُ الْحِنْثِ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ لَا أُبَاشِرُ إطْلَاقَهُ وَبِالْإِذْنِ بَاشَرَهُ بِخِلَافِ عَدَمِ اتِّبَاعِهِ إذَا هَرَبَ (وَإِنْ فَارَقَهُ) الْحَالِفُ (أَوْ وَقَفَ حَتَّى ذَهَبَ) الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ (وَكَانَا مَاشِيَيْنِ) حَنِثَ لِأَنَّ الْمُفَارَقَةَ مَنْسُوبَةٌ إلَيْهِ وَقَدْ أَحْدَثَهَا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ بِوُقُوفِهِ. أَمَّا إذَا كَانَا سَاكِنَيْنِ فَابْتَدَأَ الْغَرِيمُ بِالْمَشْيِ فَلَا حِنْثَ ـــــــــــــــــــــــــــــSالِاسْمِ فِيهِ وَلَيْسَ مِنْ جِنْسِ السِّيَاطِ فَإِنَّهَا سُيُورٌ مُتَّخَذَةٌ مِنْ الْجِلْدِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَقَوْلُهُمْ لِأَنَّهُ: أَيْ الْعِثْكَالَ أَخْشَابٌ يَرُدُّ عَلَى مَنْ نَازَعَ فِي إجْزَائِهِ عَنْ مِائَةِ خَشَبَةٍ بِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى خَشَبَةً (قَوْلُهُ: كَتَحَقُّقِ الْعَدَمِ) أَيْ فَيَحْنَثُ مَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ وَلَا يَحْنَثُ مَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْ الْكَفَّارَةِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ وَمَعَ اعْتِضَادِهِ بِالْأَصْلِ مِنْ عَدَمِ الطَّلَاقِ فِيمَا لَوْ كَانَ الْحَلِفُ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ تُوَالِيهَا) أَيْ فَيَكْفِي فِيمَا لَوْ قَالَ أَضْرِبُهُ مِائَةَ خَشَبَةٍ أَوْ مِائَةَ مَرَّةٍ أَنْ يَضْرِبَهُ بِشِمْرَاخٍ لِصِدْقِ اسْمِ الْخَشَبَةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ) أَيْ التَّوَالِي (قَوْلُهُ وَيَقْدِرُ عَلَى مَنْعِهِ) أَيْ وَلَوْ بِالتَّوَجُّهِ إلَيْهِ حَيْثُ بَلَغَهُ أَنَّهُ يُرِيدُ الْفِعْلَ وَلَوْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ (قَوْلُهُ حَتَّى أَسْتَوْفِيَ حَقِّي) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ قَالَ لَا أُفَارِقُك حَتَّى تَقْضِيَنِي حَقِّي فَدَفَعَ دَرَاهِمَ مَقَاصِيصَ هَلْ يَبَرُّ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ. الثَّانِي لِأَنَّهَا دُونَ حَقِّهِ لِنَقْصِ قِيمَتِهَا وَوَزْنِهَا عَنْ قِيمَةِ الْجَيِّدَةِ وَوَزْنِهَا وَإِنْ رَاجَتْ (قَوْلُهُ مَا يَشْمَلُهُمَا) أَيْ فِعْلَ نَفْسِهِ وَصَاحِبِهِ (قَوْلُهُ أَوْ لَا أُخَلِّي سَبِيلَهُ) أَيْ أَوْ كَلَا أُخَلِّي إلَخْ (قَوْلُهُ حَتَّى يَحْنَثَ بِإِذْنِهِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الثَّانِيَةِ، وَهِيَ قَوْلُهُ أَوْ لَا أُخَلِّي سَبِيلَهُ (قَوْلُهُ: الْهَرَبُ الثَّانِي) أَيْ الْحِنْثُ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَا سَاكِنَيْنِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQعَمَّ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُعْلَمَ إلَخْ) هَذَا تَفْسِيرٌ لِنَفْسِ التَّخْلِيَةِ: أَيْ وَالتَّخْلِيَةُ أَنْ يَعْلَمَ بِهِ وَيَقْدِرَ عَلَى مَنْعِهِ: أَيْ وَلَمْ يَمْنَعْهُ (قَوْلُهُ: وَيَقْدِرَ عَلَى مَنْعِهِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقْدِرْ وَانْظُرْ هَلْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ عِنْدَ الْحَلِفِ عَالِمًا بِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى مَنْعِهِ كَالسُّلْطَانِ أَوْ هُوَ مِنْ التَّعْلِيقِ بِالْمُسْتَحِيلِ عَادَةً (قَوْلُهُ: مِنْك) اُنْظُرْ هَلْ لِلتَّقْيِيدِ بِهِ فَائِدَةٌ فِيمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: حَتَّى يَحْنَثَ بِإِذْنِهِ لَهُ فِي الْمُفَارَقَةِ وَبِعَدَمِ اتِّبَاعِهِ إلَخْ) هَذَا كُلُّهُ مُرَتَّبٌ عَلَى جَعْلِهِ كَلَا أُخَلِّي سَبِيلَهُ (قَوْلُهُ: الْأَوْجَهُ فِيمَا سِوَى مَسْأَلَةِ الْهَرَبِ إلَخْ) يَعْنِي الْأَوْجَهَ أَنَّهُ كَلَا أُخَلِّي سَبِيلَهُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِعَدَمِ اتِّبَاعِهِ إذَا هَرَبَ لِمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ (قَوْلُهُ: حَنِثَ) أَيْ بِنَفْسِ الْإِبْرَاءِ وَإِنْ لَمْ يُفَارِقْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَن هَذَا غَدًا مَثَلًا فَأُتْلِفَ قَبْلَ الْغَدِ حَيْثُ لَا يَحْنَثُ إلَّا فِي الْغَدِ، وَانْظُرْ هَلْ الْحَوَالَةُ كَالْإِبْرَاءِ فِي أَنَّهُ

كَمَا مَرَّ (أَوْ أَبْرَأَهُ) حَنِثَ لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ (أَوْ احْتَالَ) بِهِ (عَلَى غَرِيمٍ) لِغَرِيمِهِ أَوْ أَحَالَ بِهِ عَلَى غَرِيمٍ (ثُمَّ فَارَقَهُ) أَوْ حَلَفَ لَيُعْطِيَنهُ دَيْنَهُ يَوْمَ كَذَا ثُمَّ أَحَالَهُ بِهِ أَوْ عَوَّضَهُ عَنْهُ حَنِثَ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ لَيْسَتْ اسْتِيفَاءً وَلَا إعْطَاءً حَقِيقَةً وَإِنْ أَشْبَهَتْهُ، نَعَمْ إنْ نَوَى عَدَمَ مُفَارَقَتِهِ لَهُ وَذِمَّتُهُ مَشْغُولَةٌ بِحَقِّهِ لَمْ يَحْنَثْ كَمَا لَوْ نَوَى بِالْإِعْطَاءِ أَوْ الْإِيفَاءِ بَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ مِنْ حَقِّهِ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَلَوْ تَعَوَّضَ أَوْ ضَمِنَهُ لَهُ ضَامِنٌ ثُمَّ فَارَقَهُ لِظَنِّهِ صِحَّةَ ذَلِكَ اُتُّجِهَ عَدَمُ حِنْثِهِ لِأَنَّهُ جَاهِلٌ (أَوْ أَفْلَسَ فَفَارَقَهُ لَيُوسِرَ حَنِثَ) لِوُجُودِ الْمُفَارَقَةِ مِنْهُ وَإِنْ لَزِمَتْهُ كَمَا لَوْ قَالَ لَا أُصَلِّي الْفَرْضَ فَصَلَّاهُ فَإِنَّهُ حِنْثٌ، نَعَمْ لَوْ أَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ بِمُفَارَقَتِهِ لَمْ يَحْنَثْ كَالْمُكْرَهِ (وَإِنْ اسْتَوْفَى وَفَارَقَهُ فَوَجَدَهُ) أَيْ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ (نَاقِصًا، فَإِنْ كَانَ جِنْسَ حَقِّهِ لَكِنَّهُ أَرْدَأُ) مِنْهُ (لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ الرَّدَاءَةَ لَا تَمْنَعُ الِاسْتِيفَاءَ، وَتَقْيِيدُ ابْنِ الرِّفْعَةِ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ التَّفَاوُتُ يَسِيرًا بِحَيْثُ يُتَسَامَحُ بِهِ عُرْفًا مَحَلُّ نَظَرٍ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الِاسْتِيفَاءَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ جِنْسُ حَقِّهِ بِأَنْ كَانَ حَقُّهُ دَرَاهِمَ فَخَرَجَ الْمَأْخُوذُ نُحَاسًا أَوْ مَغْشُوشًا (حَنِثَ عَالِمٌ) بِذَلِكَ عِنْدَ الْمُفَارَقَةِ لِأَنَّهُ فَارَقَهُ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ (وَفِي غَيْرِهِ) وَهُوَ الْجَاهِلُ بِهِ حِينَئِذٍ (الْقَوْلَانِ) فِي حِنْثِ الْجَاهِلِ أَظْهَرُهُمَا عَدَمُهُ. (أَوْ) حَلَفَ (لَا رَأَى مُنْكَرًا) ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ وَاقِفَيْنِ (قَوْلُهُ: اُتُّجِهَ عَدَمُ حِنْثِهِ) أَيْ خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ جَاهِلٌ) أَيْ بِكَوْنِ ذَلِكَ غَيْرَ مَانِعٍ مِنْ الْحِنْثِ وَيَنْشَأُ مِنْهُ أَنَّ الْمُفَارَقَةَ الْآنَ غَيْرُ مَحْلُوفٍ عَلَى عَدَمِهَا فَهُوَ جَاهِلٌ بِالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لَا بِالْحُكْمِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ عَدَمِ الْحِنْثِ بِمَا ذُكِرَ لِلْجَهْلِ عَدَمُهُ فِيمَا لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يَفْعَلُ كَذَا فَقَالَ لَهُ غَيْرُهُ إلَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ وَظَنَّ صِحَّةَ الْمَشِيئَةِ لِجَهْلِهِ أَيْضًا بِالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِوُجُودِ الْمُفَارَقَةِ مِنْهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ حَالَ الْحَلِفِ يَظُنُّ أَنَّ لَهُ مَالًا يُوَفِّي مِنْهُ دَيْنَهُ وَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ طُرُوءِ الْفَلَسِ بَعْدَ حَلِفِهِ وَتَبَيُّنِ أَنَّهُ كَذَلِكَ قَبْلَهُ، وَفِي حَجّ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ وَأَطَالَ فِيهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ لَزِمَهُ الْحَاكِمُ) هَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا قَدَّمَهُ فِي الطَّلَاقِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ فَأَكْرَهَهُ الْحَاكِمُ عَلَى تَكْلِيمِهِ حَنِثَ لِأَنَّ الْفِعْلَ مَعَ الْإِكْرَاهِ بِحَقٍّ كَالِاخْتِيَارِ، نَعَمْ هُوَ ظَاهِرٌ عَلَى مَا قَدَّمَهُ حَجّ مِنْ عَدَمِ الْحِنْثِ (قَوْلُهُ: كَالْمُكْرَهِ) وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَن ذَا الطَّعَامَ غَدًا وَامْتَنَعَ مِنْ أَكْلِهِ فِي الْغَدِ لِإِضْرَارِهِ لَهُ مِنْ عَدَمِ الْحِنْثِ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ شَرْعًا عَلَى عَدَمِ الْأَكْلِ عَدَمُ حِنْثِهِ هُنَا لِوُجُوبِ مُفَارَقَتِهِ حَيْثُ عُلِمَ إعْسَارُهُ فَلْيُحَرَّرْ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا، وَفِي كَلَامِ حَجّ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْفَرْقُ بِأَنَّ عَدَمَ الْأَكْلِ اسْتِدَامَةٌ وَالْمُفَارَقَةُ إنْشَاءٌ وَالِاسْتِدَامَةُ أَخَصُّ مِنْ الْإِنْشَاءِ فَاغْتُفِرَ فِيهَا مَا لَمْ يُغْتَفَرْ فِي غَيْرِهَا. [فَرْعٌ] سُئِلْت عَمَّا لَوْ حَلَفَ لَا يُرَافِقُهُ مِنْ مَكَّةَ إلَى مِصْرَ فَرَافَقَهُ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فَهَلْ يَحْنَثُ؟ وَأَجَبْت الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحْنَثُ حَيْثُ لَا نِيَّةَ لَهُ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ هَذِهِ الصِّيغَةِ مَا اقْتَضَاهُ وَضْعُهَا اللُّغَوِيُّ، إذْ الْفِعْلُ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ كَالنَّكِرَةِ فِي حَيِّزِهِ مِنْ عَدَمِ الْمُرَافَقَةِ فِي جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ تِلْكَ الطَّرِيقِ، وَزَعَمَ أَنَّ مُؤَدَّاهَا أَنَّهَا لَا تُسْتَغْرَقُ كُلُّهَا بِالِاجْتِمَاعِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَعَمَّا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ مُدَّةَ عُمُرِهِ فَأَجَبْت بِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ مُدَّةً مَعْلُومَةً دُيِّنَ وَإِلَّا اقْتَضَى ذَلِكَ اسْتِغْرَاقَ الْمُدَّةِ مِنْ انْتِهَاءِ الْحَلِفِ إلَى الْمَوْتِ فَمَتَى كَلَّمَهُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ حَنِثَ. وَأَمَّا إفْتَاءُ بَعْضِهِمْ بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ فِي مُدَّةِ عُمُرِهِ حَنِثَ بِالْكَلَامِ فِي أَيِّ وَقْتٍ وَإِلَّا لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِالْجَمِيعِ فَلَيْسَ فِي مَحَلِّهِ فَاحْذَرْهُ فَإِنَّهُ لَا حَاصِلَ لَهُ وَبِتَسْلِيمِ أَنَّ لَهُ حَاصِلًا فَهُوَ سَفْسَافٌ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ اهـ حَجّ. وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ دِينَ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ: فَوَجَدَهُ نَاقِصًا) أَيْ وَجَدَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَحْنَثُ بِمُجَرَّدِ وُقُوعِهِ أَوْ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِالْمُفَارَقَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَتْنِ مَعَ الشَّارِحِ، وَعَلَيْهِ فَمَا الْفَرْقُ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَعَوَّضَ أَوْ ضَمِنَهُ لَهُ إلَخْ) أَيْ أَوْ أَبْرَأَهُ أَوْ أَحَالَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ قَالَ لَا أُصَلِّي الْفَرْضَ إلَخْ) لَا يَخْفَى الْفَرْقُ بِأَنَّهُ فِي هَذِهِ آثِمٌ بِالْحَلِفِ إلَّا أَنْ تَكُونَ مَسْأَلَتُنَا كَذَلِكَ بِأَنْ تُصُوِّرَ بِأَنَّهُ عَالِمٌ بِإِعْسَارِهِ عِنْدَ الْحَلِفِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ أَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ بِمُفَارَقَتِهِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ: هَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا قَدَّمَهُ فِي الطَّلَاقِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يُكَلِّمَهُ فَأَكْرَهَهُ الْحَاكِمُ عَلَى تَكْلِيمِهِ حَنِثَ لِأَنَّ الْفِعْلَ مَعَ الْإِكْرَاهِ بِحَقٍّ كَالِاخْتِيَارِ، قَالَ: نَعَمْ هُوَ ظَاهِرٌ عَلَى مَا قَدَّمَهُ ابْنُ حَجَرٍ مِنْ عَدَمِ الْحِنْثِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ التَّفَاوُتَ الْمَذْكُورَ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا (قَوْلُهُ: مُنْكَرًا) أَيْ أَوْ نَحْوُ

أَوْ نَحْوَ لَغَطٍ (إلَّا رَفَعَهُ إلَى الْقَاضِي فَرَأَى) مُنْكَرًا (وَتَمَكَّنَ) مِنْ رَفْعِهِ لَهُ (فَلَمْ يَرْفَعْهُ) أَيْ لَمْ يُوصِلْهُ بِنَفْسِهِ وَلَا غَيْرِهِ بِلَفْظٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ رِسَالَةِ خَبَرِهِ لَهُ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ لَا فِي غَيْرِهِ إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ (حَتَّى مَاتَ) الْحَالِفُ (حَنِثَ) قُبَيْلَ مَوْتِهِ لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ، وَالْمُتَّجَهُ اعْتِبَارُ كَوْنِهِ مُنْكَرًا بِاعْتِقَادِ الْحَالِفِ دُونَ غَيْرِهِ، وَأَنَّ الرُّؤْيَةَ مِنْ الْأَعْمَى مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعِلْمِ وَمِنْ بَصِيرٍ عَلَى رُؤْيَةِ الْبَصَرِ (وَيَحْمِلُ) الْقَاضِي فِي لَفْظِ الْحَالِفِ حَيْثُ لَا نِيَّةَ لَهُ (عَلَى قَاضِي الْبَلَدِ) أَيْ بَلَدِ الْحَلِفِ لَا بَلَدِ الْحَالِفِ فِيمَا يَظْهَرُ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ الرُّءُوسِ، وَلَوْ اتَّحَدَ قَاضِيهِمَا فَرَأَى الْمُنْكَرَ بِأَحَدِهِمَا أَوْ بِغَيْرِهِمَا فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رَفْعِهِ إلَيْهِ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ هَذِهِ الْيَمِينِ التَّوَصُّلُ إلَى طَرِيقِ إزَالَتِهِ (فَإِنْ عُزِلَ فَالْبِرُّ فِي الرَّفْعِ إلَى) الْقَاضِي (الثَّانِي) لِأَنَّ التَّعْرِيفَ بِأَلْ يَعُمُّهُ وَيَمْنَعُ التَّخْصِيصَ بِالْمَوْجُودِ حَالَةَ الْحَلِفِ، فَإِنْ تَعَدَّدَ فِي الْبَلَدِ تَخَيَّرَ وَإِنْ خُصَّ كُلٌّ بِجَانِبٍ فَلَا يَتَعَيَّنُ قَاضِي شِقِّ فَاعِلِ الْمُنْكَرِ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ، إذْ رَفْعُ فِعْلِ الْمُنْكَرِ لِلْقَاضِي مَنُوطٌ بِإِخْبَارِهِ بِهِ لَا بِوُجُوبِ إجَابَةِ فَاعِلِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ إزَالَتَهُ مُمْكِنَةٌ مِنْهُ. وَلَوْ رَآهُ بِحَضْرَةِ الْقَاضِي فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إخْبَارِهِ بِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَيَقَّظُ لَهُ بَعْدَ غَفْلَتِهِ عَنْهُ وَلَوْ كَانَ فَاعِلُ الْمُنْكَرِ الْقَاضِي، فَإِنْ كَانَ ثَمَّ قَاضٍ آخَرُ رَفَعَهُ إلَيْهِ وَإِلَّا لَمْ نُكَلِّفْهُ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ بِقَوْلِهِ رَفَعْت إلَيْك نَفْسَك لِأَنَّ هَذَا لَا يُرَادُ عُرْفًا مِنْ لَا رَأَيْت مُنْكَرًا إلَّا رَفَعْته إلَى الْقَاضِي (أَوْ إلَّا رَفَعَهُ إلَى قَاضٍ بَرَّ بِكُلِّ قَاضٍ) بِكُلِّ بَلَدٍ كَانَ لِصِدْقِ الِاسْمِ وَإِنْ حَصَلَتْ لَهُ الْوِلَايَةُ بَعْدَ الْحَلِفِ (أَوْ إلَى الْقَاضِي فُلَانٍ فَرَآهُ) أَيْ الْحَالِفُ الْمُنْكِرُ (ثَمَّ) لَمْ يَرْفَعْهُ إلَيْهِ حَتَّى (عُزِلَ، فَإِنْ نَوَى مَا دَامَ قَاضِيًا حَنِثَ) بِعَزْلِهِ (إنْ أَمْكَنَهُ رَفْعُهُ) إلَيْهِ قَبْلَهُ (فَتَرَكَهُ) لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ عَدَمِ حِنْثِهِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الرَّفْعِ إلَيْهِ بَعْدَ وِلَايَتِهِ ثَانِيًا لِأَنَّهُ عَبَّرَ فِي الْكِتَابِ هُنَا بِالدَّيْمُومَةِ وَهِيَ تَنْقَطِعُ بِعَزْلِهِ، وَلَمْ يُعَبِّرْ فِي الرَّوْضَةِ بِهَا فَافْتَرَقَا، وَلَا يُقَالُ: إنَّ الظَّرْفَ فِي لَا رَأَيْت مُنْكَرًا إلَّا رَفَعْته إلَى الْقَاضِي فُلَانٍ مَا دَامَ قَاضِيًا، إنَّمَا هُوَ ظَرْفٌ لِلرَّفْعِ وَالدَّيْمُومَةُ مَوْجُودَةٌ فِي رَفْعِهِ إلَيْهِ حَالَ الْقَضَاءِ، لِأَنَّ كَلَامَهُمْ فِي نَحْوِ لَا أُكَلِّمُهُ مَا دَامَ فِي الْبَلَدِ فَخَرَجَ ثُمَّ عَادَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَقَاءِ الْوَصْفِ الْمُعَلَّقِ ـــــــــــــــــــــــــــــSنَاقِصَ الْقِيمَةِ إذْ لَا يَصْدُقُ عَلَى نَاقِصِ الْوَزْنِ أَوْ الْعَدَدِ أَنَّهُ اسْتَوْفَى حَقَّهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوُ لَغَطٍ) فِي مَحَلٍّ لَا يَلِيقُ بِهِ اللَّغَطُ كَالْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: بِاعْتِقَادِ الْحَالِفِ) وَعَلَيْهِ فَيَبَرُّ بِرَفْعِهِ إلَى قَاضِي الْبَلَدِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَرَاهُ مُنْكَرًا (قَوْلُهُ: نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ الرُّءُوسِ) الَّذِي مَرَّ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي مَسْأَلَةِ الرُّءُوسِ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِبَلَدِ الْحَالِفِ لَكِنَّهُ مَرَّ لَهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْحَالِفِ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ الَّتِي تُبَاعُ فِيهِ مُفْرَدَةً وَإِنْ أَكَلَ فِي غَيْرِهِ فَمَا هُنَا مُوَافِقٌ لِمَا مَرَّ لَهُ فِي مَسْأَلَةِ الرُّءُوسِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَدَّدَ) أَيْ الْقَاضِي وَقَوْلُهُ تَخَيَّرَ: أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ لَا يَقْضِي عَلَيْهِ مَنْ رَفَعَهُ لَهُ فِي الْعَادَةِ بِتَعْزِيرٍ وَلَا نَحْوِهِ لِعَظَمَةِ الْفَاعِلِ الصُّورِيَّةِ. [فَائِدَةٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ رَجُلٍ تَشَاجَرَ مَعَ زَوْجَتِهِ فَهَدَّدَتْهُ بِالشِّكَايَةِ فَقَالَ لَهَا إنْ اشْتَكَيْتنِي فَأَنْت طَالِقٌ فَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ رَسُولَيْنِ مِنْ قُصَّادِ الشَّرْعِ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ. عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ الْوُقُوعُ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ مَبْنَاهَا عَلَى الْعُرْفِ وَأَهْلُ الْعُرْفِ يُسَمُّونَ ذَلِكَ شِكَايَةً فَافْهَمْهُ وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا نُقِلَ عَنْ أَهْلِ الْعَصْرِ مِنْ عَدَمِ الطَّلَاقِ مُعَلِّلًا ذَلِكَ بِمَا لَا يُجْزِي (قَوْلُهُ: مَا دَامَ فِي الْبَلَدِ فَخَرَجَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّ الْخُرُوجُ وَلَمْ يَكُنْ بِقَصْدِ الذَّهَابِ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQلُقَطَةٍ (قَوْلُهُ: قُبَيْلَ مَوْتِهِ) هَلْ وَإِنْ زَالَ الْمُنْكَرُ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ يَحْنَثُ هُنَا وَقْتَ زَوَالِهِ لِوُقُوعِ الْيَأْسِ مِنْ رَفْعِهِ وَهَلْ الرَّفْعُ صَادِقٌ وَلَوْ بَعْدَ زَوَالِهِ يُرَاجَعُ (قَوْلُهُ: بِاعْتِقَادِ الْحَالِفِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُنْكَرًا عِنْدَ الْقَاضِي وَفِيهِ وَقْفَةٌ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الرَّفْعِ إلَيْهِ أَيْضًا، وَيَبْعُدُ تَنْزِيلُ الْيَمِينِ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَيْ بَلَدِ الْحَلِفِ لَا بَلَدِ الْحَالِفِ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ عَكْسُ هَذَا وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِغَيْرِهِمَا) لَعَلَّ الْمُرَادَ غَيْرُهُمَا. مِمَّا هُوَ فِي حُكْمِ قَاضِيهِمَا وَإِلَّا فَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ إذَا رَفَعَ فِعْلَ الْمُنْكَرِ لِلْقَاضِي إلَخْ) اُنْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ حَتَّى مَاتَ (قَوْلُهُ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ إزَالَتَهُ مُمْكِنَةٌ) مُرَادُهُ بِهِ تَقْيِيدَ الْمَسْأَلَةِ بِأَنَّ الْقَاضِيَ قَادِرٌ عَلَى الْإِزَالَةِ

[فصل في الحلف على أن لا يفعل كذا]

بِدَوَامِهِ مِنْ الْحَلِفِ إلَى الْحِنْثِ، فَمَتَى زَالَ بَيْنَهُمَا فَلَا حِنْثَ عَمَلًا بِالْمُتَبَادَرِ مِنْ عِبَارَتِهِ. (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الرَّفْعِ إلَيْهِ لِنَحْوِ حَبْسٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ تَحَجُّبِ الْقَاضِي وَلَمْ تُمْكِنْهُ مُرَاسَلَةٌ وَلَا كِتَابَةٌ (فَكَمُكْرَهٍ) فَلَا يَحْنَثُ (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ) مَا دَامَ قَاضِيًا (بَرَّ بِرَفْعٍ إلَيْهِ بَعْدَ عَزْلِهِ) سَوَاءٌ أَنَوَى عَيْنَهُ أَمْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا لِتَعَلُّقِ الْيَمِينِ بِعَيْنِهِ، وَذَكَرَ الْقَضَاءَ لِلتَّعْرِيفِ فَأَشْبَهَ قَوْلَهُ لَا أَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ هَذِهِ فَبَاعَهَا ثُمَّ دَخَلَهَا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ تَغْلِيبًا لِلْعَيْنِ، مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْوَصْفِ وَالْإِضَافَةِ يَطْرَأُ وَيَزُولُ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا مَرَّ فِي لَا أُكَلِّمُ هَذَا الْعَبْدَ فَكَلَّمَهُ بَعْدَ عِتْقِهِ لِأَنَّ الرِّقَّ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَطْرَأَ وَيَزُولَ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُسَافِرُ بَحْرًا شَمَلَ ذَلِكَ النَّهْرَ الْعَظِيمَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَقَدْ صَرَّحَ الْجَوْهَرِيُّ فِي صِحَاحِهِ بِأَنَّهُ يُسَمَّى بَحْرًا، قَالَ: فَإِنْ حَلَفَ لَيُسَافِرَن بَرَّ بِقَصِيرِ السَّفَرِ، وَالْأَقْرَبُ الِاكْتِفَاءُ بِوُصُولِهِ مَحَلًّا يَتَرَخَّصُ مِنْهُ الْمُسَافِرُ، وَإِنَّمَا قَيَّدُوا ذَلِكَ بِمَا يَتَنَفَّلُ فِيهِ الْمُسَافِرُ عَلَى الدَّابَّةِ لِأَنَّ ذَاكَ رُخْصَةٌ تُجَوِّزُهَا الْحَاجَةُ وَلَا حَاجَةَ فِيمَا دُونَ ذَلِكَ. (فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا لَوْ (حَلَفَ) لَا يَشْتَرِي عَيْنًا بِعَشَرَةٍ فَاشْتَرَى نِصْفَهَا بِخَمْسَةٍ ثُمَّ نِصْفَهَا بِخَمْسَةٍ فَهَلْ يَحْنَثُ أَوْ لَا؟ الْأَوْجَهُ الثَّانِي سَوَاءٌ قَالَ لَا أَشْتَرِي قِنًّا مَثَلًا أَوْ لَا أَشْتَرِي هَذَا لِأَنَّهُ لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ عِنْدَ شِرَاءِ كُلِّ جُزْءٍ الشِّرَاءُ بِالْعَشَرَةِ، وَكَوْنُهَا اسْتَقَامَتْ عَلَيْهِ بِعَشَرَةٍ لَا يُفِيدُ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِي الْأَيْمَانِ غَالِبًا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ اللَّفْظُ، فَلَا يُقَالُ: الْقَصْدُ عَدَمُ دُخُولِهَا فِي مِلْكِهِ بِعَشَرَةٍ وَقَدْ وُجِدَ، أَوْ (لَا يَبِيعُ أَوْ لَا يَشْتَرِي فَعَقَدَ لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ) بِوَكَالَةٍ أَوْ وِلَايَةٍ عَقْدًا صَحِيحًا لَا فَاسِدًا (حَنِثَ) لِظُهُورِهِ فِي الْأَوَّلِ وَشُمُولِ اللَّفْظِ لِذَلِكَ فِي الثَّانِي، نَعَمْ يَحْنَثُ فِي الْحَجِّ بِفَاسِدِهِ وَلَوْ ابْتِدَاءً بِأَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَوْ تَحَجَّبَ الْقَاضِي) أَيْ أَوْ أَعْلَمَهُ أَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الرَّفْعِ إلَيْهِ إلَّا بِدَرَاهِمَ يَغْرَمُهَا لَهُ أَوْ لِمَنْ يُوَصِّلُهُ إلَيْهِ وَإِنْ قُلْت (قَوْلُهُ: شَمَلَ ذَلِكَ النَّهْرَ) أَيْ وَإِنْ انْتَفَى عِظَمُهُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ كَبَحْرِ مِصْرَ وَسَافَرَ فِي الْحِينِ الَّذِي انْتَفَى عِظَمُهُ فِيهِ كَزَمَنِ الصَّيْفِ (قَوْلُهُ: بِوُصُولِهِ مَحَلًّا يَتَرَخَّصُ مِنْهُ الْمُسَافِرُ) أَيْ مَعَ كَوْنِهِ قَصَدَ مَحَلًّا يُعَدُّ قَاصِدُهُ مُسَافِرًا فِي الْعُرْفِ فَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ خُرُوجِهِ مِنْ السُّورِ عَلَى نِيَّةِ أَنْ يَعُودَ مِنْهُ لِأَنَّ الْوُصُولَ إلَى مِثْلِ هَذَا لَا يُسَمَّى سَفَرًا وَمِنْ ثَمَّ لَا يَتَنَفَّلُ فِيهِ عَلَى الدَّابَّةِ وَلَا لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا حَاجَةَ فِيمَا دُونَ ذَلِكَ) أَيْ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى مَا يُسَمَّى سَفَرًا، وَمُجَرَّدُ الْخُرُوجِ مِنْ السُّوَرِ بِنَحْوِ ذِرَاعٍ مَثَلًا عَلَى نِيَّةِ أَنْ يَعُودَ مِنْهُ لَا يُسَمَّى سَفَرًا فَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ مَحَلٍّ يُعَدُّ بِهِ مُسَافِرًا وَإِنْ اتَّفَقَ عَوْدُهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ السُّورِ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ لِوُجُودِ مُسَمَّى السَّفَرِ. (فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا (قَوْلُهُ: لَا يَشْتَرِي عَيْنًا بِعَشَرَةٍ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَالَ لَا أَشْتَرِي هَذِهِ الْعَيْنَ وَلَمْ يَذْكُرْ ثَمَنًا فَيَحْنَثُ إذَا اشْتَرَى بَعْضَهَا فِي مَرَّةٍ وَبَعْضَهَا فِي مَرَّةٍ أُخْرَى لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا، وَيَدُلُّ لَهُ مَا سَيَأْتِي فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا اشْتَرَاهَا زَيْدٌ فَدَخَلَ مَالِكَهَا بِاشْتِرَاكٍ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ الْأَوْجَهُ الثَّانِي) وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ قَالَ لَا أَبِيعُهَا بِعَشَرَةٍ فَبَاعَ نِصْفَهَا بِخَمْسَةٍ ثُمَّ نِصْفَهَا بِخَمْسَةٍ فَلَا يَحْنَثُ (قَوْلُهُ: لَا يُفِيدُ) أَيْ فِي الْحِنْثِ (قَوْلُهُ: عَقْدًا صَحِيحًا) وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَنَوَى عَيْنَهُ) أَيْ خَاصَّةً وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْقَضَاءَ لِلتَّعْرِيفِ. وَأَصْلُ ذَلِكَ قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ هُنَا صُورَتَانِ: إحْدَاهُمَا أَنْ يَنْوِيَ عَيْنَ ذَلِكَ الْقَاضِي وَيَذْكُرَ الْقَضَاءَ تَعْرِيفًا لَهُ فَيَبَرُّ بِالرَّفْعِ إلَيْهِ بَعْدَ عَزْلِهِ قَطْعًا وَالثَّانِيَةُ أَنْ يُطْلَقَ فَفِي بِرِّهِ بِالرَّفْعِ إلَيْهِ بَعْدَ عَزْلِهِ وَجْهَانِ لِتَقَابُلِ النَّظَرِ إلَى التَّعْيِينِ وَالصِّفَةِ اهـ. فَالشَّارِحُ أَرَادَ بِمَا ذَكَرَهُ التَّعْمِيمَ فِي الْحُكْمِ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا قَيَّدُوا ذَلِكَ بِمَا يَتَنَفَّلُ فِيهِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَإِنَّمَا قَيَّدُوا نَحْوَ التَّنَفُّلِ عَلَى الدَّابَّةِ بِالْمَيْلِ أَوْ عَدَمِ سَمَاعِ النِّدَاءِ لِأَنَّ ذَلِكَ رُخْصَةٌ إلَخْ [فَصْلٌ فِي الْحَلِفِ عَلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا] (فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ

أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فَأَفْسَدَهَا ثُمَّ أَدْخَلَهُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ كَصَحِيحِهِ لَا بِبَاطِلِهِ، وَلَوْ قَالَ لَا أَبِيعُ فَاسِدًا فَبَاعَ فَاسِدًا فَفِيهِ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا كَمَا رَجَّحَهُ الْإِمَامُ الْحِنْثُ وَمَالَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمَا عَدَمَهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ (وَلَا يَحْنَثُ بِعَقْدِ وَكِيلِهِ لَهُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَعْقِدْ، وَأَخَذَ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ تَفْرِيقِهِمْ بَيْنَ الْمَصْدَرِ وَأَنْ وَالْفِعْلِ فِي قَوْلِهِمْ يَمْلِكُ الْمُسْتَعِيرُ أَنْ يَنْتَفِعَ فَلَا يُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ الْمَنْفَعَةَ فَيُؤَجِّرُ أَنَّهُ لَوْ أَتَى هُنَا بِالْمَصْدَرِ كَلَا أَفْعَلُ الشِّرَاءَ أَوْ الزَّرْعَ حَنِثَ بِفِعْلِ وَكِيلِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْكَلَامَ ثَمَّ فِي مَدْلُولِ ذَيْنِك اللَّفْظَيْنِ شَرْعًا وَهُوَ مَا ذَكَرُوهُ فِيهِمَا، وَهُنَا فِي مَدْلُولِ مَا وَقَعَ فِي لَفْظِ الْحَالِفِ وَهُوَ فِي لَا أَفْعَلُ الشِّرَاءَ وَلَا أَشْتَرِي وَفِي حَلَفْت أَنْ لَا أَشْتَرِي وَاحِدٌ وَهُوَ مُبَاشَرَتُهُ لِلشِّرَاءِ بِنَفْسِهِ. (أَوْ) حَلَفَ (لَا يُزَوِّجُ أَوْ لَا يُطَلِّقُ أَوْ لَا يُعْتِقُ أَوْ لَا يَضْرِبُ فَوَكَّلَ مَنْ فَعَلَهُ) (لَا يَحْنَثُ) لِأَنَّ حَلِفَهُ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَلَمْ يُوجَدْ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَكَانَ لَائِقًا بِالْحَالِفِ فِعْلُهُ بِنَفْسِهِ وَيُحَسِّنُهُ أَوْ لَا وَسَوَاءٌ أَكَانَ حَاضِرًا فِعْلَ الْوَكِيلِ أَمْ لَا، وَإِنَّمَا جَعَلُوا إعْطَاءَ وَكِيلِهَا بِحَضْرَتِهَا. بِإِعْطَائِهَا كَمَا مَرَّ فِي الْخُلْعِ فِي إنْ أَعْطَيْتنِي لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُسَمَّى إعْطَاءً، وَأَوْجَبُوا التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْمُوَكِّلِ وَخَصْمِهِ فِي الْمَجْلِسِ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي، وَلَمْ يَنْظُرُوا لِلْوَكِيلِ لِكَسْرِ قَلْبِ الْخَصْمِ بِتَمْيِيزِ خَصْمِهِ حَقِيقَةً وَهُوَ الْمُوَكَّلُ عَلَيْهِ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنْ لَا يَفْعَلَ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ) فَيَحْنَثُ بِالتَّوْكِيلِ فِي كُلِّ مَا ذُكِرَ لِأَنَّ الْمَجَازَ الْمَرْجُوحَ يَصِيرُ قَوِيًّا بِالنِّيَّةِ وَالْجَمْعِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ. قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ وَإِنْ اسْتَبْعَدَهُ أَكْثَرُ الْأُصُولِيِّينَ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ وَلَا يُوَكِّلُ لَمْ يَحْنَثْ بِبَيْعِ وَكِيلِهِ قَبْلَ الْحَلِفِ لِأَنَّهُ بَعْدَهُ لَمْ يُوَكِّلْ وَلَمْ يُبَاشِرْ، وَأَخَذَ مِنْهُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا تَخْرُجُ زَوْجَتُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ وَكَانَ أَذِنَ لَهَا قَبْلَ الْحَلِفِ فِي الْخُرُوجِ إلَى مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ فَخَرَجَتْ إلَيْهِ بَعْدَ الْيَمِينِ لَمْ يَحْنَثْ، وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْحِنْثُ (أَوْ لَا يَنْكِحُ) وَلَا نِيَّةَ لَهُ (حَنِثَ بِعَقْدِ وَكِيلِهِ لَهُ) لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِي النِّكَاحِ سَفِيرٌ مَحْضٌ وَلِهَذَا يَتَعَيَّنُ إضَافَةُ الْقَبُولِ لَهُ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ حَلَفَتْ مُجْبَرَةٌ لَا تَتَزَوَّجُ لَمْ تَحْنَثْ بِتَزْوِيجِ الْمُجْبِرِ لَهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ زُوِّجَتْ الثَّيِّبُ بِإِذْنِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSبَيْنَ الْعَامِّيِّ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لَا بِبَاطِلِهِ) قَالَ حَجّ: وَقَضِيَّةُ فَرْقِهِمْ بَيْنَ الْبَاطِلِ وَالْفَاسِدِ فِي الْعَارِيَّةِ وَالْخُلْعِ وَالْكِتَابَةِ إلْحَاقُهَا بِالْحَجِّ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْحِنْثِ بِفَاسِدِهَا دُونَ بَاطِلِهَا وَفِيهِ نَظَرٌ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ كَالشَّارِحِ لِلْعُمْرَةِ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَعْتَمِرُ فَاعْتَمَرَ فَاسِدًا (قَوْلُهُ بَلْ لَا يَصِحُّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُبَاشَرَتُهُ لِلشِّرَاءِ بِنَفْسِهِ) أَيْ فَلَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ وَكِيلِهِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُوَكَّلُ عَلَيْهِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَمْيِيزٍ (قَوْلُهُ) : (فَيَحْنَثُ بِالتَّوْكِيلِ) أَيْ بِفِعْلِ الْوَكِيلِ النَّاشِئِ عَنْ التَّوْكِيلِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بَعْدَهُ) أَيْ الْحَلِفِ (قَوْلُهُ: لَمْ تَحْنَثْ بِتَزْوِيجِ الْمُجْبِرِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَذِنَتْ لَهُ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ لِوُجُودِ الْإِذْنِ فَالْأَقْرَبُ الْحِنْثُ بِإِذْنِهَا الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ زُوِّجَتْ الثَّيِّبُ) أَيْ أَوْ الْبِكْرُ بِأَنْ زَوَّجَهَا غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ بِإِذْنِهَا فَيَحْنَثُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْكَلَامَ ثَمَّ فِي مَدْلُولِ ذَيْنِك اللَّفْظَيْنِ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا وَجْهُ النَّظَرِ وَسَكَتَ عَنْ وَجْهِ عَدَمِ الصِّحَّةِ، وَلَعَلَّهُ أَنَّ الْمَصْدَرَ هُوَ الِانْتِفَاعُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ وَالْفِعْلَ ثَمَّ فَالْمُسْتَعِيرُ كَمَا يَمْلِكُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِمِلْكِ الِانْتِفَاعِ الَّذِي هُوَ عِبَارَةٌ عَنْهُ وَإِنَّمَا الْمَنْفِيُّ عَنْهُ مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ وَهِيَ الْمَعْنَى الْقَائِمُ بِالْعَيْنِ وَلَيْسَتْ مَصْدَرًا (قَوْلُهُ: فِي مَدْلُولِ ذَيْنِك اللَّفْظَيْنِ شَرْعًا) أَيْ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ الْمُرَادَ بَيَانُ مَدْلُولِهِمَا الْأَصْلِيِّ، إذْ الشَّارِعُ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا هُنَا بِخِلَافِهِ هُنَاكَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُسَمَّى إعْطَاءً) هَلْ يَجْرِي ذَلِكَ هُنَا كَذَا قَالَهُ ابْنُ قَاسِمٍ مَعَ أَنَّهُ مَرَّ قَبْلَهُ النَّصُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ كَفِعْلِهِ (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَمْيِيزٍ (قَوْلُهُ الْمَرْجُوحَ) لَعَلَّهُ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ إذْ هُوَ مَرْجُوحٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَقِيقَةِ لِأَصَالَتِهَا (قَوْلُهُ: وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ) أَيْ فِي الْحُكْمِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَالْأَقْرَبُ الْحِنْثُ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ النَّظَرَ فِي أَصْلِ الْأَخْذِ أَيْضًا وَوَجْهُ النَّظَرِ فِيهِ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْنَثْ بِتَزْوِيجِ الْمُجْبِرِ لَهَا) أَيْ بِالْإِجْبَارِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَذِنَتْ، وَقَدْ يُقَالُ هَلَّا انْتَفَى الْحِنْثُ عَنْ الْمَرْأَةِ مُطْلَقًا بِتَزْوِيجِ الْوَلِيِّ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ الْحَقِيقَةَ مُتَعَذِّرَةٌ أَصْلًا، وَالْقَوْلُ بِحِنْثِهَا إنَّمَا يُنَاسِبُ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ إذَا تَعَذَّرَتْ الْحَقِيقَةُ وَجَبَ الرُّجُوعُ إلَى الْمَجَازِ فَلْيُتَأَمَّلْ

لِوَلِيِّهَا. قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ. وَمَا أَفْتَى بِهِ مِنْ عَدَمِ حِنْثِ مَنْ حَلَفَ لَا يُرَاجِعُ فَوَكَّلَ مَنْ رَاجَعَ لَهُ مُفَرَّعٌ عَلَى رَأْيِهِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِتَزْوِيجِ الْوَكِيلِ لَهُ مَنْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ وَهُوَ مَرْدُودٌ، وَالْقَوْلُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا فِيهَا لِكَوْنِهَا اسْتِدَامَةُ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ لَيْسَ بِشَيْءٍ (لَا بِقَبُولِهِ) هُوَ (لِغَيْرِهِ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ سَفِيرٌ مَحْضٌ فَلَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ أَنَّهُ نَكَحَ، نَعَمْ لَوْ نَوَى أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ وَلَا لِغَيْرِهِ حَنِثَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، أَمَّا لَوْ نَوَى بِمَا ذُكِرَ الْوَطْءَ لَمْ يَحْنَثْ بِعَقْدِ وَكِيلِهِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمَجَازَ يَتَقَوَّى بِالنِّيَّةِ (أَوْ لَا يَبِيعُ) . (أَوْ لَا يُؤَجِّرُ مَثَلًا) (مَالَ زَيْدٍ) أَوْ لِزَيْدٍ مَالًا خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَمِنْ ثَمَّ تَعَيَّنَ فِي لَا تَدْخُلُ لِي دَارًا أَنَّ لِي حَالًا مِنْ دَارًا قُدِّمَ عَلَيْهَا لِكَوْنِهَا نَكِرَةً وَلَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِتَدْخُلُ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ فَيَحْنَثُ بِدُخُولِ دَارِ الْحَالِفِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا وَدَخَلَ لِغَيْرِهِ لَا دَارَ غَيْرِهِ وَإِنْ دَخَلَ لَهُ (فَبَاعَهُ بِإِذْنِهِ) أَوْ إذْنِ نَحْوِ وَلِيٍّ أَوْ حَاكِمٍ أَوْ بِظَفَرٍ مَعَ عِلْمِهِ بِكَوْنِهِ مَالَ زَيْدٍ. وَالْحَاصِلُ أَنْ يَبِيعَهُ بَيْعًا صَحِيحًا (حَنِثَ) لِصِدْقِ الِاسْمِ (وَإِلَّا) بِأَنْ بَاعَهُ بَيْعًا بَاطِلًا (فَلَا) حِنْثَ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْعَقْدَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ مُخْتَصٌّ بِالصَّحِيحِ وَكَذَا الْعِبَادَاتُ إلَّا الْحَجَّ (أَوْ لَا) يَتَبَرَّعُ وَأَطْلَقَ شَمَلَ كُلَّ تَبَرُّعٍ مِنْ نَحْوِ صَدَقَةٍ وَعِتْقٍ وَوَقْفٍ وَإِبْرَاءٍ لَا نَحْوِ زَكَاةٍ أَوْ لَا (يَهَبُ لَهُ) أَيْ لِزَيْدٍ (فَأَوْجَبَ لَهُ) الْعَقْدَ (فَلَمْ يَقْبَلْ لَمْ يَحْنَثْ) لِعَدَمِ تَمَامِ الْهِبَةِ وَيَجْرِي هَذَا فِي كُلِّ عَقْدٍ يَحْتَاجُ لِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ (وَكَذَا إنْ قَبِلَ وَلَمْ يَقْبِضْ فِي الْأَصَحِّ) لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْهِبَةِ نَقْلُ الْمِلْكِ وَلَمْ يُوجَدْ، وَالثَّانِي يَحْنَثُ لِأَنَّ الْهِبَةَ قَدْ حَصَلَتْ وَالْمُتَخَلِّفُ الْمِلْكُ. (وَيَحْنَثُ) مَنْ حَلَفَ لَا يَهَبُ (بِعُمْرَى وَرُقْبَى وَصَدَقَةٍ) مَنْدُوبَةٍ لَا وَاجِبَةٍ كَنَذْرٍ وَزَكَاةٍ وَكَفَّارَةٍ وَبِهَدِيَّةٍ لِأَنَّهَا أَنْوَاعٌ مِنْ الْهِبَةِ (لَا إعَارَةٍ) إذْ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهَا وَضِيَافَةٍ (وَوَصِيَّةٍ) لِأَنَّهَا جِنْسٌ مُغَايِرٌ لِلْهِبَةِ (وَوَقْفٍ) لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ لَهُ تَعَالَى، وَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ حِنْثِهِ بِعَيْنٍ مَوْجُودَةٍ حَالَ الْوَقْفِ عَلَيْهِ يَمْلِكُهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ كَصُوفِ الْبَهِيمَةِ وَوَبَرِهَا وَلَبَنِهَا لِأَنَّهُ مَلَكَ أَعْيَانًا بِغَيْرِ عِوَضٍ مَحَلُّ تَوَقُّفٍ، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ لِأَنَّهَا وَقَعَتْ تَابِعَةً غَيْرَ مَقْصُودَةٍ (أَوْ لَا يَتَصَدَّقُ) حَنِثَ بِصَدَقَةِ فَرْضٍ وَتَطَوُّعٍ وَلَوْ عَلَى غَيْرِ ذِمِّيٍّ وَبِعِتْقِ وَوَقْفٍ لِأَنَّهُ يُسَمَّى صَدَقَةً وَإِبْرَاءً، فَإِنْ أَتَى بِعَارِيَّةٍ أَوْ ضِيَافَةٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ قِرَاضٍ وَإِنْ ظَهَرَ فِيهِ رِبْحٌ فِيمَا يَظْهَرُ فَلَا وَلَمْ (يَحْنَثْ) بِهَدِيَّةٍ وَلَا (بِهِبَةٍ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهَا لِاقْتِضَائِهَا التَّمْلِيكَ لَا تُسَمَّى صَدَقَةً وَلِهَذَا حَلَّتْ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخِلَافِ الصَّدَقَةِ، وَفَارَقَ عَكْسَهُ بِأَنَّ الصَّدَقَةَ أَخَصُّ فَكُلُّ صَدَقَةٍ هِبَةٌ وَلَا عَكْسَ، نَعَمْ إنْ نَوَى بِالْهِبَةِ الصَّدَقَةَ حَنِثَ، وَالثَّانِي لَا يَحْنَثُ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَهَبُ فَتَصَدَّقَ (أَوْ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ) (لَمْ يَحْنَثْ بِمَا اشْتَرَاهُ) زَيْدٌ (مَعَ غَيْرِهِ) يَعْنِي هُوَ وَغَيْرُهُ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا كَأَنْ اشْتَرَيَا مُشَاعًا وَلَوْ بَعْدَ إفْرَازِ حِصَّتِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ لَمْ يَخْتَصَّ زَيْدٌ بِشِرَائِهِ، وَالْيَمِينُ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا يَتَبَادَرُ مِنْهَا مِنْ اخْتِصَاصِ زَيْدٍ بِشِرَائِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ لَمْ يَحْنَثْ بِدُخُولِ دَارِ شَرِكَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ وَخَرَجَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَهُوَ مَرْدُودٌ) أَيْ فَيَحْنَثُ بِمُرَاجَعَةِ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ بِذَلِكَ) وَقَائِلُهُ حَجّ (قَوْلُهُ لَمْ يَحْنَثْ) أَيْ وَيُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ فَيَحْنَثُ بِدُخُولِ دَارِ الْحَالِفِ) أَيْ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ لَا أَدْخُلُ لَك دَارًا. (قَوْلُهُ: وَبِهَدِيَّةٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِعُمْرِي إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا جِنْسٌ) وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الضِّيَافَةِ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا حَلَّتْ لَهُ) أَيْ الْهِبَةُ وَكَذَا الْهَدِيَّةُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يُسَمَّى صَدَقَةً (قَوْلُهُ فَكُلُّ صَدَقَةٍ هِبَةٌ) يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ صَدَقَةُ الْفَرْضِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَهَبَ لَمْ يَحْنَثْ بِهَا لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى هِبَةً (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ إفْرَازِ حِصَّتِهِ) أَيْ بَعْدَ أَنْ قَسَمَ حِصَّتَهُ مِنْ شَرِيكِهِ قِسْمَةَ إفْرَازٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ تَعَيَّنَ فِي لَا تَدْخُلْ لِي دَارًا إلَخْ) خَالَفَ فِي هَذَا فَتَاوِيَهُ فَجَعَلَ لِي مُتَعَلِّقًا بِتَدْخُلْ عَكْسُ مَا هُنَا وَمَا هُنَا مُوَافِقٌ لِمَا أَفْتَى بِهِ وَالِدُهُ (قَوْلُهُ: قَدَّمَ عَلَيْهَا لِكَوْنِهَا نَكِرَةً) يَعْنِي لَمَّا أُرِيدَ إعْرَابُهُ حَالًا قُدِّمَ لِأَجْلِ تَنْكِيرِ صَاحِبِهِ بَعْدَ أَنْ كَانَ وَصْفًا فِي حَالِ تَأْخِيرِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ بَاعَهُ بَيْعًا بَاطِلًا) هُوَ تَفْسِيرٌ مُرَادٌ (قَوْلُهُ: كَصُوفِ الْبَهِيمَةِ إلَخْ) صَرِيحُ هَذَا أَنَّهُ يَمْلِكُ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ وَلْيُرَاجَعْ مَا مَرَّ فِي الْوَقْفِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لِاقْتِضَائِهَا التَّمْلِيكَ لَا تُسَمَّى صَدَقَةً) فِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى،

بِالْإِفْرَازِ مَا لَوْ اقْتَسَمَا قِسْمَةَ رَدٍّ كَأَنْ اشْتَرَيَا بِطِّيخَةً وَرُمَّانَةً فَتَرَاضَيَا بِرَدِّ إحْدَى الْحِصَّتَيْنِ فَيَحْنَثُ لِأَنَّ هَذِهِ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ فَيَصْدُقُ أَنَّ زَيْدًا اشْتَرَاهُ وَحْدَهُ (وَكَذَا لَوْ) قَالَ) فِي يَمِينِهِ لَا آكُلُ (مِنْ طَعَامٍ اشْتَرَاهُ زَيْدٌ) (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا تَقَرَّرَ. (وَيَحْنَثُ بِمَا اشْتَرَاهُ) زَيْدٌ (سَلَمًا) وَبِمَا مَلَكَهُ بِإِشْرَاكٍ وَتَوْلِيَةٍ لِأَنَّهَا أَنْوَاعٌ مِنْ الْبَيْعِ، وَعَدَمُ انْعِقَادِهَا بِلَفْظِهِ إنَّمَا هُوَ لِمَا فِيهَا مِنْ الْخُصُوصِيَّاتِ وَإِنْ كَانَتْ بُيُوعًا حَقِيقَةً، إذْ الْخَاصُّ فِيهِ قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى الْعَامِّ فَلَا يَصِحُّ إيرَادُهُ بِلَفْظِ الْعَامِّ لِفَوَاتِ الْمَعْنَى الزَّائِدِ فِيهِ عَلَى الْعَامِّ، وَصُورَتُهُ فِي الْإِشْرَاكِ أَنْ يَشْتَرِيَ بَعْدَهُ الْبَاقِيَ وَيَأْتِي فِي الْإِفْرَازِ هُنَا مَا مَرَّ وَبِمَا اشْتَرَاهُ لِغَيْرِهِ بِوَكَالَةٍ لَا بِمَا اشْتَرَاهُ لَهُ وَكِيلُهُ أَوْ عَادَ إلَيْهِ بِنَحْوِ رَدٍّ بِعَيْبٍ أَوْ إقَالَةٍ أَوْ صُلْحٍ أَوْ قِسْمَةٍ لَيْسَ فِيهَا لَفْظُ بَيْعٍ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى بُيُوعًا حَالَةَ الْإِطْلَاقِ (وَلَوْ اخْتَلَطَ) فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا أَوْ مِنْ طَعَامٍ اشْتَرَاهُ زَيْدٌ إذْ التَّنْكِيرُ يَقْتَضِي الْجِنْسِيَّةَ فَلَمْ يَشْتَرِطْ أَكْلَ الْجَمِيعِ (مَا اشْتَرَاهُ) زَيْدٌ وَحْدَهُ (بِمُشْتَرٍ غَيْرِهِ) يَعْنِي مَمْلُوكَهُ وَلَوْ بِغَيْرِ شِرَاءٍ (لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَتَيَقَّنَ) أَيْ يَظُنَّ (أَكْلَهُ مِنْ مَالِهِ) بِأَنْ أَكَلَ قَدْرًا صَالِحًا كَالْكَفِّ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ بِهِ يُعْلَمُ الْحِنْثُ بِخِلَافِ نَحْوِ عِشْرِينَ حَبَّةً، وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ ثَمَرَةً وَاخْتَلَطَتْ بِتَمْرٍ فَأَكَلَهُ إلَّا وَاحِدَةً لَمْ يَحْنَثْ لِانْتِفَاءِ تَيَقُّنِهِ أَوْ ظَنِّهِ عَادَةً مَا بَقِيَتْ تَمْرَةٌ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا. وَلَوْ نَوَى هُنَا نَوْعًا مِمَّا ذُكِرَ تَعَلَّقَ الْحِنْثُ بِهِ (أَوْ لَا يَدْخُلُ دَارًا اشْتَرَاهَا زَيْدٌ لَمْ يَحْنَثْ بِدَارٍ أَخَذَهَا) أَوْ بَعْضَهَا (بِشُفْعَةٍ) لِأَنَّ الْأَخْذَ بِهَا لَا يُسَمَّى شِرَاءً عُرْفًا وَلَا شَرْعًا، وَيُتَصَوَّرُ أَخْذُ جَمِيعِ الدَّارِ بِهَا بِأَنْ يَكُونَ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ وَيَحْكُمُ بِهَا حَاكِمٌ يَرَاهُ وَبِأَنْ يَمْلِكَ إنْسَانٌ نِصْفَ دَارٍ وَيَبِيعَ شَرِيكُهُ نِصْفَهَا فَيَأْخُذَ بِهَا ثُمَّ يَبِيعَ مَا لَمْ يَمْلِكْهُ بِهَا لِآخَرَ فَيَبِيعُهُ الْمُشْتَرِي لِآخَرَ فَيَأْخُذُهُ الشَّرِيكُ بِهَا فَيَصْدُقُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ أَخَذَ جَمِيعَهَا بِهَا وَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ حُلِيًّا حَنِثَ بِخَلْخَالٍ وَسِوَارٍ وَدُمْلُجٍ وَطَوْقٍ وَخَاتَمِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ أَوْ لَا يَلْبَسُ خَاتَمًا لَمْ يَحْنَثْ بِلُبْسِهِ فِي غَيْرِ الْخِنْصَرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: قِسْمَةَ رَدٍّ) أَيْ أَوْ تَعْدِيلٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّ هَذِهِ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ (قَوْلُهُ بِرَدِّ إحْدَى الْحِصَّتَيْنِ) قَضِيَّتُهُ وَإِنْ لَمْ تَخْتَلِفْ قِيمَتُهَا، بَلْ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى بِطِّيخَتَيْنِ فَدَفَعَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ شَيْئًا فِي مُقَابَلَةِ حِصَّتِهِ مِنْ إحْدَى الْبِطِّيخَتَيْنِ أَنَّهُ يَكُونُ بَيْعًا، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ: قَوْلَهُ بِرَدِّ إحْدَى الْحِصَّتَيْنِ: أَيْ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي فِي الْإِفْرَازِ إلَخْ) وَفِي نُسْخَةٍ: أَوْ يُفْرِزُ حِصَّتَهُ إذْ لَا حِنْثَ بِالْمُشَاعِ، وَقَوْلُهُ أَوْ يُفْرِزُ إلَخْ يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ قَبْلُ وَلَوْ بَعْدَ إفْرَازِ حِصَّتِهِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ فِيهَا لَفْظُ بَيْعٍ) أَيْ فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ قِسْمَةُ التَّعْدِيلِ حَيْثُ لَمْ يَجْرِ فِيهَا لَفْظُ بَيْعٍ فَلَا يَحْنَثُ بِهَا، بَلْ وَقَضِيَّةُ عِبَارَتِهِ أَنَّ قِسْمَةَ الرَّدِّ لَوْ لَمْ يَجْرِ فِيهَا لَفْظُ بَيْعٍ لَمْ يَحْنَثْ بِهَا، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ قَبْلُ فَتَرَاضَيَا بِرَدِّ إحْدَى الْحِصَّتَيْنِ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى بُيُوعًا) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ أَوْ عَادَ إلَيْهِ بِنَحْوِ رَدِّ عَيْبٍ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: تَعَلَّقَ الْحِنْثُ بِهِ) وَقِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ الْقَبُولِ فِيمَا لَوْ قَالَ أَرَدْت بِدَارِهِ مَسْكَنَهُ حَيْثُ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ عَدَمُ قَبُولِهِ هُنَا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَمْلِكْهُ) وَهُوَ حِصَّتُهُ الْأَصْلِيَّةُ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْنَثْ بِلُبْسِهِ فِي غَيْرِ الْخِنْصَرِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: نَعَمْ نَقْلًا عَنْ جَامِعِ الْمُزَنِيّ أَنَّهُ لَا حِنْثَ بِلُبْسِ الْخَاتَمِ فِي غَيْرِ الْخِنْصَرِ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْعَادَةِ، وَاسْتَدَلَّ لَهُ الْبَغَوِيّ بِمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ الْقَلَنْسُوَةَ فَلَبِسَهَا فِي رِجْلِهِ، وَرَدَّهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي فِيهِ حِنْثُ الْمَرْأَةِ لَا الرَّجُلِ لِأَنَّهُ الْعَادَةُ فِيهَا، وَانْتَصَرَ لَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ فِي الْوَدِيعَةِ، وَرَجَّحَ الْأَذْرَعِيُّ قَوْلَ الرُّويَانِيِّ عَنْ الْأَصْحَابِ يَحْنَثُ مُطْلَقًا لِوُجُودِ حَقِيقَةِ اللُّبْسِ وَصَدَقَ الِاسْمُ، ثُمَّ بَحَثَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ لُبْسِهِ فِي الْأُنْمُلَةِ الْعُلْيَا وَغَيْرِهَا، وَهَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ لِقَاعِدَةِ الْبَابِ، وَلَيْسَ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ لِأَنَّ ذَاكَ لَمْ يُعْتَدْ أَصْلًا وَهَذَا مُعْتَادٌ فِي عُرْفِ أَقْوَامٍ وَبُلْدَانٍ مَشْهُورَةٍ، وَمِمَّا يُؤَيِّدُ أَنَّهُ بِغَيْرِ الْخِنْصَرِ لَيْسَ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: لِأَنَّهَا لِتُوَقِّفَهَا عَلَى الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ لَا تُسَمَّى صَدَقَةً (قَوْلُهُ: إذْ التَّنْكِيرُ يَقْتَضِي الْجِنْسِيَّةَ) اُنْظُرْهُ مَعَ النَّفْيِ (قَوْلُهُ: وَيَحْكُمُ بِهَا حَاكِمٌ) لَيْسَ بِقَيْدٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ قَاسِمٍ فَيَكْفِي التَّقْلِيدُ (قَوْلُهُ ثُمَّ يَبِيعُ مَا لَمْ يَمْلِكْهُ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ حَصْرِ مَا يَبِيعُهُ فِيمَا يَمْلِكُهُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا يَبِيعُهُ شَائِعٌ فِيمَا مَلَكَهُ بِالشُّفْعَةِ وَفِيمَ مَلَكَهُ بِغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْنَثْ بِلُبْسِهِ فِي غَيْرِ الْخِنْصَرِ)

[كتاب النذر]

وَلَوْ مَنَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَحَلَفَ لَا يَشْرَبُ لَهُ مَاءً مِنْ عَطَشٍ فَشَرِبَ لَهُ مَاءً مِنْ غَيْرِ عَطَشٍ أَوْ أَكَلَ لَهُ خُبْزًا أَوْ لَبِسَ لَهُ ثَوْبًا لَمْ يَحْنَثْ أَوْ لَا صَلَّيْت فَأَحْرَمَ بِفَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ حَنِثَ إلَّا صَلَاةَ الْجِنَازَةِ فَلَا حِنْثَ بِهَا كَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ لِعَدَمِ إطْلَاقِ الْعُرْفِ اسْمَ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا أَوْ لَيَنْفَرِدَن بِعِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِمَّا أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ مُنْفَرِدًا أَوْ يَقُومَ بِالْإِمَامَةِ الْعُظْمَى أَوْ لِيَتَزَوَّجَ سِرًّا فَتَزَوَّجَ بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ حَنِثَ لِأَنَّ التَّزْوِيجَ لَا يَصِحُّ بِدُونِ ذَلِكَ أَوْ لَا يَكْتُبُ بِهَذَا الْقَلَمِ وَكَانَ مَبْرِيًّا فَكَسَرَ بُرَايَتَهُ وَاسْتَأْنَفَ بُرَايَةً أُخْرَى لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ الْقَلَمَ اسْمٌ لِلْمَبْرِيِّ لَا لِلْقَصَبَةِ، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَقْطَعُ بِهَذِهِ السِّكِّينِ ثُمَّ أَبْطَلَ حَدَّهَا وَجَعَلَ الْحَدَّ مِنْ وَرَائِهَا وَقَطَعَ بِهَا لَمْ يَحْنَثْ أَوْ لَا يَزُورُ فُلَانًا فَشَيَّعَ جِنَازَتَهُ فَلَا حِنْثَ. كِتَابُ النَّذْرِ عَقَّبَ الْأَيْمَانَ بِهِ لِأَنَّ أَحَدَ وَاجِبَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ أَوْ التَّخْيِيرُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا الْتَزَمَ بِهِ وَهُوَ بِالْمُعْجَمَةِ لُغَةً: الْوَعْدُ بِخَيْرٍ أَوْ شَرٍّ، وَشَرْعًا: الْوَعْدُ بِخَيْرٍ بِالْتِزَامِ قُرْبَةٍ عَلَى وَجْهٍ يَأْتِي، فَلَا يَلْزَمُ بِالنِّيَّةِ وَحْدَهَا وَإِنْ تَأَكَّدَ فِي حَقِّهِ أَيْضًا مَا نَوَاهُ وَالْأَصْلُ فِيهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ فِي اللَّجَاجِ الْآتِي مَكْرُوهٌ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ هُنَا قَالَ لِصِحَّةِ النَّهْيِ عَنْهُ وَأَنَّهُ لَا يَأْتِي بِخَيْرٍ وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ، وَفِي التَّبَرُّرِ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمُعَلَّقُ وَغَيْرُهُ إذْ هُوَ وَسِيلَةٌ لِطَاعَةٍ، وَالْوَسَائِلُ تُعْطَى حُكْمَ الْمَقَاصِدِ، وَأَرْكَانُهُ: نَاذِرٌ، وَمَنْذُورٌ، وَصِيغَةٌ. وَشَرْطُ النَّاذِرِ: إسْلَامٌ، وَاخْتِيَارٌ وَنُفُوذُ تَصَرُّفِهِ فِيمَا يَنْذُرُهُ، فَيَصِحُّ نَذْرُ سَكْرَانَ لَا كَافِرٍ وَغَيْرِ مُكَلَّفٍ وَمُكْرَهٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSخُصُوصِيَّاتِ النِّسَاءِ مَا مَرَّ مِنْ كَرَاهَتِهِ لِلرَّجُلِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ حُرْمَتَهُ مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِنَّ (قَوْلُهُ: أَوْ لَبِسَ لَهُ ثَوْبًا لَمْ يَحْنَثْ) أَيْ وَإِنْ أَرَادَ تَبْعِيدَ نَفْسِهِ عَنْهُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَطَشِ الَّذِي يَحْنَثُ بِهِ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ عَطَشٌ وَإِنْ قَلَّ. كِتَابُ النَّذْرِ (قَوْلُهُ: لُغَةً الْوَعْدُ بِخَيْرٍ أَوْ شَرٍّ) هَذَا أَحَدُ مَعَانِيهِ اللُّغَوِيَّةِ وَإِلَّا فَفِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ مَا نَصَّهُ: هُوَ لُغَةً: الْوَعْدُ بِشَرْطٍ أَوْ الْتِزَامُ مَا لَيْسَ بِلَازِمٍ أَوْ الْوَعْدُ بِخَيْرٍ أَوْ شَرٍّ (قَوْلُهُ وَإِنْ تَأَكَّدَ فِي حَقِّهِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ النَّذْرِ غَيْرُهُ مِنْ سَائِرِ الْقُرَبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ أُنْثَى وَهُوَ مَا فِي جَامِعِ الْمُزَنِيّ، لَكِنْ رَدَّهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بِعِبَادَةِ اللَّهِ) لَعَلَّ صَوَابَهُ بِعِبَادَةِ اللَّهِ بِحَذْفِ الْأَلِفِ مِنْ الْجَلَالَةِ وَإِلَّا فَالْإِضَافَةُ تُفِيدُ الْعُمُومَ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ يَنْفَرِدُ بِكُلِّ عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مُحَالٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا يَزُورُ فُلَانًا) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا: أَوْ لَا يَزُورُ فُلَانًا حَيًّا وَلَا مَيِّتًا لَمْ يَحْنَثْ بِتَشْيِيعِ جِنَازَتِهِ، فَلَعَلَّ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا سَقَطَ مِنْ الشَّارِحِ مِنْ الْكَتَبَةِ، لِأَنَّ تَشْيِيعَ جِنَازَتِهِ إنَّمَا يُتَوَهَّمُ الْحِنْثُ بِهِ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَزُورُهُ مَيِّتًا كَمَا لَا يَخْفَى. [كِتَابُ النَّذْرِ] (قَوْلُهُ لِأَنَّ أَحَدَ وَاجِبَيْهِ) يَعْنِي لِأَنَّ وَاجِبَ أَحَدِ قِسْمَيْهِ وَهُوَ نَذْرُ اللَّجَاجِ، وَقَوْلُهُ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ: أَيْ عَلَى مَذْهَبِ الرَّافِعِيِّ، وَقَوْلُهُ أَوْ التَّخْيِيرِ إلَخْ: أَيْ عَلَى مَذْهَبِ النَّوَوِيِّ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: عَدَمُ الْكَرَاهَةِ) أَيْ بَلْ النَّدْبُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ إذْ هُوَ وَسِيلَةٌ لِطَاعَةٍ إلَخْ

وَمَحْجُورِ سَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ فِي قُرْبَةٍ مَالِيَّةٍ عَيْنِيَّةٍ وَنَذْرُ الْقِنِّ مَالًا فِي ذِمَّتِهِ كَضَمَانِهِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَلَا بُدَّ مِنْ إمْكَانِ فِعْلِهِ الْمَنْذُورَ فَلَا يَصِحُّ نَذْرُهُ صَوْمًا لَا يُطِيقُهُ، وَلَا بَعِيدٍ عَنْ مَكَّةَ حَجًّا هَذِهِ السَّنَةُ، وَسَوَاءٌ فِي الصِّيغَةِ أَكَانَتْ بِلَفْظٍ أَمْ كِتَابَةً مَعَ نِيَّةٍ أَمْ إشَارَةَ أَخْرَسَ تَدُلُّ أَوْ تُشْعِرُ بِالْتِزَامِ كَيْفِيَّةِ الْعُقُودِ، وَيَكْفِي فِي صَرَاحَتِهَا نَذَرْت لَك كَذَا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِلَّهِ. (هُوَ ضَرْبَانِ نَذْرُ لَجَاجٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَهُوَ التَّمَادِي فِي الْخُصُومَةِ، وَيُسَمَّى نَذْرٌ وَيَمِينُ لَجَاجٍ وَغَضَبٍ وَغَلَقٍ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ، وَهُوَ أَنْ يَمْنَعَ نَفْسَهُ أَوْ غَيْرَهَا مِنْ شَيْءٍ أَوْ يَحُثَّ عَلَيْهِ أَوْ يُحَقِّقَ خَبَرًا غَضَبًا بِالْتِزَامِ قُرْبَةٍ (كَإِنْ كَلَّمْته) أَوْ إنْ لَمْ أُكَلِّمْهُ أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَمْرُ كَمَا قُلْته (فَلِلَّهِ عَلَيَّ) أَوْ فَعَلَيَّ (عِتْقٌ أَوْ صَوْمٌ) أَوْ عِتْقٌ وَصَوْمٌ وَحَجٌّ (وَفِيهِ) عِنْدَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (كَفَّارَةُ يَمِينٍ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ» وَلَا كَفَّارَةَ فِي نَذْرِ التَّبَرُّرِ جَزْمًا فَتَعَيَّنَ حَمْلُهُ عَلَى نَذْرِ اللَّجَاجِ (وَفِي قَوْلٍ مَا الْتَزَمَ) لِخَبَرِ «مَنْ نَذَرَ وَسَمَّى فَعَلَيْهِ مَا سَمَّى» (وَفِي قَوْلٍ أَيُّهُمَا شَاءَ) لِأَنَّهُ يُشْبِهُ النَّذْرَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ الْتِزَامُ قُرْبَةٍ وَالْيَمِينُ مِنْ حَيْثُ إنَّ مَقْصُودَهُ مَقْصُودُ الْيَمِينِ، وَلَا سَبِيلَ لِلْجَمْعِ بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ مُوجِبُهُمَا وَلَا لِتَعْطِيلِهِمَا فَتَعَيَّنَ التَّخْيِيرُ (قُلْت: الثَّالِثُ أَظْهَرُ، وَرَجَّحَهُ الْعِرَاقِيُّونَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِمَا قُلْنَاهُ، أَمَّا إذَا الْتَزَمَ غَيْرَ قُرْبَةٍ كَلَا آكُلُ الْخُبْزَ فَيَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَمِنْهُ مَا يُعْتَادُ عَلَى أَلْسِنَةِ الْعَوَامّ الْعِتْقُ يَلْزَمُنِي، ـــــــــــــــــــــــــــــSفَيَتَأَكَّدُ بِنِيَّتِهَا (قَوْلُهُ عَيْنِيَّةٍ) كَهَذَا الثَّوْبُ وَخَرَجَ الَّتِي فِي الذِّمَّةِ فَيَصِحُّ نَذْرُ الْمَحْجُورِ لَهَا كَمَا اعْتَمَدَهُ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ حَجْرِ السَّفَهِ وَالْفَلَسِ، ثُمَّ اُنْظُرْ بَعْدَ الصِّحَّةِ مِنْ أَيْنَ يُؤَدِّي السَّفِيهُ هَلْ هُوَ بَعْدَ رُشْدِهِ أَوْ يُؤَدِّي الْوَلِيُّ مِنْ مَالِ السَّفِيهِ مَا الْتَزَمَهُ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّ السَّفِيهَ يُؤَدِّي بَعْدَ رُشْدِهِ، وَبَقِيَ مَا لَوْ مَاتَ وَلَمْ يُؤَدِّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ تَرِكَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِأَنَّهُ دَيْنٌ لَزِمَ ذِمَّتَهُ فِي الْحَيَاةِ، وَقِيَاسًا عَلَى تَنْفِيذِ مَا أَوْصَى بِهِ مِنْ الْقُرَبِ (قَوْلُهُ: كَضَمَانِهِ) أَيْ وَهُوَ بَاطِلٌ إذَا كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، وَأَمَّا بِإِذْنِهِ فَصَحِيحٌ وَيُؤَدِّيهِ مِنْ كَسْبِهِ الْحَاصِلِ بَعْدَ النَّذْرِ كَمَا يُؤَدِّي الْوَاجِبَ بِالنِّكَاحِ بِالْإِذْنِ مِمَّا كَسَبَهُ بَعْدَ النِّكَاحِ لَا بَعْدَ الْإِذْنِ (قَوْلُهُ: وَلَا بَعِيدٌ عَنْ مَكَّةَ) أَيْ بُعْدًا لَا يُدْرَكُ مَعَهُ الْحَجُّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ عَلَى السَّيْرِ الْمُعْتَادِ (قَوْلُهُ: نَذَرْتُ لَك كَذَا) عِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وَلَوْ قَالَ نَذَرْت لِفُلَانٍ بِكَذَا لَمْ يَنْعَقِدْ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ نَوَى بِهِ الْإِقْرَارَ أُلْزِمَ بِهِ اهـ. وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِأَنَّ الْخِطَابَ يَدُلُّ عَلَى الْإِنْشَاءِ بِحَسَبِ الْعُرْفِ كَمَا فِي بِعْتُك هَذَا بِخِلَافِ الِاسْمِ الظَّاهِرِ فَإِنَّهُ لَا يَتَبَادَرُ مِنْهُ الْإِنْشَاءُ. (قَوْلُهُ: قُلْت الثَّالِثُ أَظْهَرُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مَا الْتَزَمَهُ مُعَيَّنًا كَإِنْ كَلَّمْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ عَبْدِي هَذَا مَثَلًا. (قَوْلُهُ: كَلَا آكُلُ الْخُبْزَ) كَأَنْ قَالَ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ لَا آكُلَ الْخُبْزَ فَلَا يُتَوَهَّمُ اتِّحَادُ هَذَا مَعَ مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ نَذَرَ فِعْلَ مُبَاحٍ أَوْ تَرْكَهُ إلَخْ، وَالْقَرِينَةُ عَلَى التَّصْوِيرِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ مَثَّلَ بِقَوْلِهِ فَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقٌ أَوْ صَوْمٌ إلَخْ، وَقَوْلُهُ هُنَا إذَا الْتَزَمَ إلَخْ أَيْ بَدَلَ قَوْلِهِ عِتْقٌ أَوْ صَوْمٌ مَعَ مُلَاحَظَةِ قَوْلِهِ فَلِلَّهِ عَلَيَّ إلَخْ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ نَذْرِ اللَّجَاجِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فِيمَا يَنْذِرُهُ) هُوَ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِهَا (قَوْلُهُ: كَضَمَانِهِ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: تَدُلُّ أَوْ تُشْعِرُ) أَيْ كُلٌّ مِنْ اللَّفْظِ وَالْكِتَابَةِ وَالْإِشَارَةِ (قَوْلُهُ: وَيُسَمَّى نَذْرَ لَجَاجٍ إلَخْ) فِي نُسْخَةٍ وَيُسَمَّى نَذْرَ وَيَمِينَ لَجَاجٍ وَغَضَبٍ وَغَلْقٍ (قَوْلُهُ: أَوْ يُحَقِّقُ خَبَرًا) اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي وَقَوْلِهِ الْعِتْقُ أَوْ عِتْقَ قِنَّيْ فُلَانٍ يَلْزَمُنِي أَوْ الْعِتْقُ مَا فَعَلَتْ كَذَا لَغْوٌ، وَلَمْ أَرَ قَوْلَهُ أَوْ يُحَقِّقُ خَبَرًا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ إلَّا فِي التُّحْفَةِ وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ كَالرَّوْضَةِ هُوَ أَنْ يَمْنَعَ نَفْسَهُ مِنْ شَيْءٍ أَوْ يَحْمِلَهَا عَلَيْهِ بِتَعْلِيقِ الْتِزَامِ قُرْبَةٍ وَكَذَا عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ مَا يُعْتَادُ إلَخْ) أَيْ مِنْ نَذْرِ اللَّجَاجِ

أَوْ يَلْزَمُنِي عِتْقُ عَبْدِي فُلَانٍ أَوْ الْعِتْقُ لَا أَفْعَلُ، أَوْ لَأَفْعَلَن كَذَا. فَإِنْ لَمْ يَنْوِ التَّعْلِيقَ فَلَغْوٌ أَوْ نَوَاهُ تَخَيَّرَ ثُمَّ إنْ اخْتَارَ الْعِتْقَ أَوْ عِتْقَ الْمُعَيَّنِ أَجْزَأَهُ مُطْلَقًا أَوْ الْكَفَّارَةُ وَأَرَادَ عِتْقَهُ عَنْهَا اُعْتُبِرَ فِيهِ صِفَةُ الْإِجْزَاءِ أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَبْدِي حُرٌّ ثُمَّ فَعَلَهُ عَتَقَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ لِلزَّرْكَشِيِّ لِأَنَّ هَذَا مَحْضُ تَعْلِيقٍ خَالٍ عَنْ الِالْتِزَامِ بِنَحْوِ عَلَيَّ وَقَوْلُهُ الْعِتْقُ أَوْ عِتْقُ قِنِّي فُلَانٍ يَلْزَمُنِي أَوْ وَالْعِتْقُ مَا فَعَلْت كَذَا لَغْوٌ لِأَنَّهُ لَا تَعْلِيقَ فِيهِ وَلَا الْتِزَامَ، وَالْعِتْقُ لَا يُحْلَفُ بِهِ إلَّا عَلَى أَحَدِ ذَيْنِك وَهُمَا هُنَا غَيْرُ مَقْصُودَيْنِ (وَلَوْ) (قَالَ إنْ دَخَلْت فَعَلَيَّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ أَوْ) إنْ دَخَلْت فَعَلَيَّ كَفَّارَةُ (نَذْرٍ) (لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ) فِي الصُّورَتَيْنِ (بِالدُّخُولِ) تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْيَمِينِ فِي الْأُولَى وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ فِي الثَّانِيَةِ، أَمَّا إذَا قَالَ فَعَلَيَّ يَمِينٌ فَلَغْوٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِصِيغَةِ نَذْرٍ وَلَا حَلِفٍ، وَالْيَمِينُ لَا تُلْتَزَمُ فِي الذِّمَّةِ، أَوْ فَعَلَيَّ نَذْرٌ تَخَيَّرَ بَيْنَ قُرْبَةٍ مِنْ الْقُرَبِ وَكَفَّارَةِ يَمِينٍ، وَمِنْ هُنَا تَعَيَّنَ جَرُّ نَذْرٍ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَطْفًا عَلَى يَمِينٍ، وَامْتَنَعَ رَفْعُهُ لِمُخَالَفَتِهِ مَا تَقَرَّرَ إذْ تَعَيُّنُ الْكَفَّارَةِ عِنْدَ الرَّفْعِ مُخَالِفٌ لِتَصْحِيحِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا تَقَرَّرَ فِي عَلَيَّ نَذْرٌ أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِهِ فِي نَذْرِ التَّبَرُّرِ كَإِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ نَذْرٌ لَزِمَهُ قُرْبَةٌ مِنْ الْقُرَبِ وَالتَّعْيِينُ إلَيْهِ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ. (وَنَذْرُ تَبَرُّرٍ) سُمِّيَ بِهِ لِطَلَبِ الْبِرِّ وَالتَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى (بِأَنْ يَلْتَزِمَ قُرْبَةً) أَوْ صِفَتَهَا الْمَطْلُوبَةَ فِيهَا (إنْ حَدَثَتْ نِعْمَةٌ) تَقْتَضِي سُجُودَ الشُّكْرِ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ تَعْبِيرُهُمْ بِالْحُدُوثِ (أَوْ ذَهَبَتْ نِقْمَةٌ) تَقْتَضِي ذَلِكَ أَيْضًا كَذَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ وَالِدِهِ وَطَائِفَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، لَكِنَّهُ رَجَّحَ قَوْلَ الْقَاضِي عَدَمُ تَقْيِيدِهِمَا بِذَلِكَ وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا اعْتَمَدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ، وَصَرَّحَ بِهِ الْقَفَّالُ فِيمَا لَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: إنْ جَامَعْتَنِي فَعَلَيَّ عِتْقُ عَبْدٍ، فَإِنْ قَالَتْهُ عَلَى سَبِيلِ الْمَنْعِ فَلَجَاجٌ أَوْ الشُّكْرِ لِلَّهِ حَيْثُ يَرْزُقُهَا الِاسْتِمْتَاعَ بِهِ لَزِمَهَا الْوَفَاءُ اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ نَذْرَيْ اللَّجَاجِ وَالتَّبَرُّرِ أَنَّ الْأَوَّلَ فِيهِ تَعْلِيقٌ بِمَرْغُوبٍ عَنْهُ وَالثَّانِي بِمَرْغُوبٍ فِيهِ، وَمِنْ ثَمَّ ضُبِطَ بِأَنْ يُعَلِّقَ بِمَا يَقْصِدُ حُصُولَهُ فَنَحْوُ: إنْ رَأَيْت فُلَانًا فَعَلَيَّ صَوْمٌ يَحْتَمِلُ النَّذْرَيْنِ وَيَتَخَصَّصُ أَحَدُهُمَا بِالْقَصْدِ، وَكَذَا قَوْلُ امْرَأَةٍ لِآخَرَ إنْ تَزَوَّجْتَنِي فَعَلَيَّ أَنْ أُبْرِئَك مِنْ مَهْرِي وَسَائِرِ حُقُوقِي فَهُوَ تَبَرُّرٌ إنْ أَرَادَتْ الشُّكْرَ عَلَى تَزَوُّجِهِ (كَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَنْوِ التَّعْلِيقَ) أَيْ تَعْلِيقَ الِالْتِزَامِ، وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ يُجْزِئُ فِي الْكَفَّارَةِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ لَغْوٌ) أَيْ حَيْثُ لَا صِيغَةَ تَعْلِيقٍ فَيَلْغُو، وَإِنْ نَوَى التَّعْلِيقَ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَمِنْهُ مَا يُعْتَادُ إلَخْ فَإِنَّ صُورَتَهُ أَنْ يَقُولَ إنْ كَلَّمْتُك مَثَلًا فَالْعِتْقُ يَلْزَمُنِي، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ ذَكَرَ الِاسْتِشْكَالَ فَقَطْ (قَوْلُهُ: أَحَدُ ذَيْنِك) أَيْ التَّعْلِيقِ وَالِالْتِزَامِ (قَوْلُهُ: وَهُمَا هُنَا غَيْرُ مَقْصُودَيْنِ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ لَمْ يُؤَثِّرْ، وَمَا الْمَانِعُ مِنْ الِانْعِقَادِ عِنْدَ التَّعْلِيقِ عَلَى مَعْنَى إنْ كُنْت فَعَلْته فَيَلْزَمُنِي الْعِتْقُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: تَخَيَّرَ بَيْنَ قُرْبَةٍ) أَيْ كَتَسْبِيحٍ أَوْ صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ (قَوْلُهُ: مُخَالِفٌ لِتَصْحِيحِهِ) لَمْ يَنْقُلْ فِي عَلَيَّ نَذْرٌ تَصْحِيحًا عَنْ الْمُصَنِّفِ وَلَا غَيْرِهِ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِتَصْحِيحِهِ السَّابِقِ فِي قَوْلِهِ قُلْت الثَّالِثُ أَظْهَرُ فَإِنَّ النَّذْرَ مِنْ جُمْلَةِ الْقُرَبِ أَوْ أَنَّهُ صَحَّحَهُ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ وَلَمْ يَنْقُلْهُ (قَوْلُهُ: وَالتَّعْيِينُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى رَأْيِهِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَلْتَزِمَ قُرْبَةً) وَمِنْ ذَلِكَ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ مِنْ أَنَّ شَخْصًا قَالَ لِمُرِيدِ التَّزَوُّجِ بِابْنَتِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُجَهِّزُهَا بِقَدْرِ مَهْرِهَا مِرَارًا فَهُوَ نَذْرُ تَبَرُّرٍ فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَأَقَلُّ الْمِرَارِ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ زِيَادَةً عَلَى مَهْرِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ صِفَتُهَا الْمَطْلُوبَةُ) كَإِيقَاعِ الصَّلَاةِ فِي الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ يَقْتَضِي سُجُودَ الشُّكْرِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ لَهَا وَقْعٌ (قَوْلُهُ عَدَمُ تَقْيِيدِهِمَا بِذَلِكَ) أَيْ اقْتِضَائِهَا سُجُودَ الشُّكْرِ (قَوْلُهُ: وَيَتَخَصَّصُ) أَيْ يَتَعَيَّنُ (قَوْلُهُ: فَهُوَ تَبَرُّرٌ) أَيْ فَيَجِبُ عَلَيْهَا إبْرَاؤُهُ مِمَّا يَجِبُ لَهَا فِي الْمَهْرِ، وَمِمَّا يَتَرَتَّبُ لَهَا بِذِمَّتِهِ مِنْ الْحُقُوقِ بَعْدُ وَإِنْ لَمْ تَعْرِفْهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ، وَلَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ النَّاذِرِ مَا نَذَرَ بِهِ فَيَصِحُّ بِحَسَبِ مَا يَخْرُجُ لَهُ مِنْ مُعَشَّرٍ قَالَهُ الْقَاضِي. [فَرْعٌ اسْتِطْرَادِيٌّ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ نَذَرَ شَخْصٌ أَنَّهُ إنْ رَزَقَهُ اللَّهُ وَلَدًا سَمَّاهُ بِكَذَا هَلْ يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ وَهَلْ يَخْرُجُ مِنْ عُهْدَةِ النَّذْرِ بَعْدَ حُصُولِ الْوَلَدِ بِقَوْلِهِ سَمَّيْت وَلَدِي بِكَذَا وَإِنْ لَمْ يُشْتَهَرْ بِهِ. وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا تَعْلِيقَ فِيهِ وَلَا الْتِزَامَ) كَأَنَّهُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمُسْتَقْبَلَاتِ حَقِيقَةً، وَلَا يُنَافِي هَذَا تَصْوِيرَهُمْ التَّعْلِيقَ بِالْمَاضِي فِي الطَّلَاقِ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ لَفْظِيٌّ فَلْيُحَرَّرْ

شُفِيَ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ فَعَلَيَّ كَذَا) أَوْ أَلْزَمْتُ نَفْسِي كَذَا أَوْ فَكَذَا لَازِمٌ لِي أَوْ وَاجِبٌ عَلَيَّ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ الْتِزَامٌ، وَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُ مِنْ صِحَّةِ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَلْفٌ أَوْ فَعَلَيَّ أَلْفٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا وَلَا نَوَاهُ لَيْسَ بِمُرَادٍ لِجَزْمِهِ فِي الرَّوْضَةِ بِالْبُطْلَانِ مَعَ ذِكْرِهِ صِحَّةَ لِلَّهِ أَوْ عَلَيَّ التَّصَدُّقُ أَوْ التَّصَدُّقُ بِشَيْءٍ وَيُجْزِيهِ بِهِ أَقَلُّ مُتَمَوَّلٍ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ فِي تِلْكَ مَصْرِفًا وَلَا مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ ذِكْرِ مِسْكِينٍ أَوْ تَصَدُّقٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، فَكَانَ الْإِبْهَامُ فِيهَا مِنْ سَائِرِ الْوُجُوهِ بِخِلَافِ هَذِهِ لِأَنَّ التَّصَدُّقَ يَنْصَرِفُ لِلْمَسَاكِينِ غَالِبًا، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ صِحَّةُ نَذْرِهِ التَّصَدُّقَ بِأَلْفٍ وَيُعَيِّنُ أَلْفًا مِمَّا يُرِيدُهُ. وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ يُحْمَلُ مَا وَقَعَ لِلْأَذْرَعِيِّ مِمَّا يُوهِمُ الصِّحَّةَ حَتَّى فِي الْأُولَى وَابْنُ الْمُقْرِي مِمَّا هُوَ ظَاهِرٌ فِي الْبُطْلَانِ حَتَّى فِي نَذْرِ التَّصَدُّقِ بِأَلْفٍ فَقَدْ غَفَلَ عَنْ تَصْوِيرِ أَصْلِهِ صُورَةَ الْبُطْلَانِ بِمَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ التَّصَدُّقَ، وَالصِّحَّةُ بِمَا إذَا ذَكَرَ أَلْفًا وَشَيْئًا، فَالْفَارِقُ ذِكْرُ التَّصَدُّقِ وَعَدَمِهِ، وَلَوْ كَرَّرَ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ كَذَا تَكَرَّرَ مَا لَمْ يُرِدْ التَّأْكِيدَ وَلَوْ مَعَ طُولِ الْفَصْلِ فِيمَا يَظْهَرُ وَلَهُ فِيمَا إذَا عَيَّنَ أَهْلَ الذِّمَّةِ أَوْ أَهْلَ الْبِدْعَةِ إبْدَالُ كَافِرٍ أَوْ مُبْتَدِعٍ بِمُسْلِمٍ أَوْ سُنِّيٍّ لَا دِرْهَمٍ بِدِينَارٍ وَلَا مُوسِرٍ عَيَّنَهُ بِفَقِيرٍ لِأَنَّهُمَا مَقْصُودَانِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عَيَّنَ شَيْئًا أَوْ مَكَانًا لِلصَّدَقَةِ تَعَيَّنَ (فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ) أَيْ مَا الْتَزَمَهُ (إذَا حَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ) لِخَبَرِ «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ» وَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ فَوْرًا إذَا كَانَ لِمُعَيَّنٍ وَطَالَبَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا، وَخَرَجَ نَحْوُ: إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي عَمَّرْت مَسْجِدَ كَذَا أَوْ دَارَ زَيْدٍ فَيَكُونُ لَغْوًا لِأَنَّهُ وَعْدٌ عَارٍ عَنْ الِالْتِزَامِ، نَعَمْ إنْ نَوَى بِهِ الِالْتِزَامَ لَمْ يَبْعُدْ انْعِقَادُهُ، وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ الشِّفَاءِ فِي الْمُلْتَزَمِ أَهُوَ عِتْقٌ أَمْ صَوْمٌ أَمْ صَدَقَةٌ أَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSيُقَالَ: إنْ كَانَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْأَسْمَاءِ الَّتِي يُسْتَحَبُّ التَّسْمِيَةُ بِهَا كَمُحَمَّدٍ وَأَحْمَدَ وَعَبْدِ اللَّهِ انْعَقَدَ نَذْرُهُ وَأَنَّهُ حَيْثُ سَمَّاهُ بِمَا عَيَّنَهُ بَرَّ وَإِنْ لَمْ يَشْتَهِرْ ذَلِكَ الِاسْمُ بَلْ وَإِنْ هُجِرَ بَعْدُ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا) أَيْ مَصْرِفًا يُدْفَعُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ) أَيْ بَيْنَ قَوْلِهِ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي إلَخْ، وَقَوْلُهُ لِلَّهِ أَوْ عَلَيَّ التَّصَدُّقُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُعَيِّنُ أَلْفًا مِمَّا يُرِيدُهُ) أَيْ مِنْ دَرَاهِمَ أَوْ غَيْرِهَا كَقَمْحٍ أَوْ فُولٍ (قَوْلُهُ: وَالصِّحَّةُ بِمَا إذَا ذَكَرَ أَلْفًا وَشَيْئًا) قَدْ يُشْكِلُ هَذَا عَلَى مَا قَالَهُ حَجّ فِيمَا لَوْ حَلَفَ أَنْ يَفْعَلَ كَذَا وَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْ أَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَتَعَدَّدُ حَيْثُ لَمْ يَتَخَلَّلْ تَكْفِيرٌ فَإِنَّ مُقْتَضَاهَا عَدَمُ تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ بَلْ وَقَصْدُ الِاسْتِئْنَافِ، وَمُقْتَضَى مَا هُنَا فِي مَسْأَلَةِ النَّذْرِ التَّعَدُّدُ مُطْلَقًا، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ مَا هُنَاكَ الْمُرَادُ تَحْقِيقُ أَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ فَالْمَقْصُودُ مِنْ الْأَيْمَانِ عَلَيْهِ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ فِعْلُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لَا غَيْرُ وَالتَّعْلِيقُ هُنَا يَسْتَدْعِي قُرْبَةً غَيْرَ الْأُولَى فَلَا يُتْرَكُ مُقْتَضَاهُ إلَّا بِصَارِفٍ وَهُوَ التَّوْكِيدُ (قَوْلُهُ: أَوْ مُبْتَدِعٌ) وَمِثْلُهُ مُرْتَكِبُ كَبِيرَةٍ. (قَوْلُهُ: وَلَا مُوسِرٌ) وَلَعَلَّ وَجْهَ تَعْيِينِ الدَّفْعِ لِلْمُوسِرِ وَجَوَازَ الْعُدُولِ عَنْ الْكَافِرِ وَالْمُبْتَدِعِ وَالسُّنِّيِّ أَنَّ التَّصَدُّقَ عَلَيْهِمَا قَدْ يَكُونُ سَبَبًا لِبَقَائِهِمَا عَلَى الْكُفْرِ وَالْبِدْعَةِ، بِخِلَافِ التَّصَدُّقِ عَلَى الْمُوسِرِ فَإِنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عَيَّنَ شَيْئًا) كَأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَذَا أَوْ أَتَصَدَّقَ بِكَذَا فِي مَكَانِ كَذَا، وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ فِعْلُ لَيْلَةٍ لِلْفُقَرَاءِ مَثَلًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُ مَا اُعْتِيدَ فِي مِثْلِهِ وَيَبَرُّ بِمَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ عُرْفًا أَنَّهُ فِعْلُ لَيْلَةٍ وَلَا يُجْزِيهِ التَّصَدُّقُ بِمَا يُسَاوِي مَا يُصْرَفُ عَلَى اللَّيْلَةِ، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ عُرْفِ النَّاذِرِ، فَإِنْ كَانَ فَقِيهًا مَثَلًا اُعْتُبِرَ مَا يُسَمَّى لَيْلَةً فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) دَخْلَ فِيهِ مَا لَوْ كَانَ لِجِهَةٍ عَامَّةٍ كَالْفُقَرَاءِ فَلْيُرَاجَعْ وَقِيَاسُ مَا فِي الزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا خِلَافُهُ فَيَجِبُ الْفَوْرُ (قَوْلُهُ: عَمَّرْت مَسْجِدَ كَذَا) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَالَ فَعَلَيَّ عِمَارَةُ مَسْجِدِ كَذَا فَتَلْزَمُهُ عِمَارَتُهُ، يَخْرُجُ مِنْ عُهْدَةِ ذَلِكَ بِمَا يُسَمَّى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا) يَعْنِي مَصْرِفًا كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَيَدُلُّ لَهُ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ صِحَّةً لِلَّهِ أَوْ عَلَيَّ التَّصَدُّقُ إلَخْ) سَقَطَ مِنْ الشَّارِحِ لَفْظُ عَلَيَّ عَقِبَ لِلَّهِ وَلَعَلَّهُ مِنْ النُّسَّاخِ وَهُوَ فِي التُّحْفَةِ عَلَى الصَّوَابِ (قَوْلُهُ غَفَلَ عَنْ تَصْوِيرِ أَصْلِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: غَفْلَةٌ عَنْ أَنَّ تَصْوِيرَ أَصْلِهِ لِصُورَةِ الْبُطْلَانِ بِمَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ التَّصَدُّقَ وَالصِّحَّةَ بِمَا إذَا ذَكَرَ أَلْفًا أَوْ شَيْئًا مُجَرَّدَ تَصْوِيرٍ إذْ الْفَارِقُ إلَخْ وَهِيَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا عَيَّنَ أَهْلَ الذِّمَّةِ أَوْ أَهْلَ الْبِدْعَةِ) اُنْظُرْ مَا صُورَةُ النَّذْرِ لَهُمْ وَلْيُرَاجَعْ

صَلَاةٌ اجْتَهَدَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَفَارَقَ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ بِتَيَقُّنِ شَغْلِ ذِمَّتِهِ بِالْكُلِّ فَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ إلَّا بِيَقِينٍ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنْ اجْتَهَدَ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ وَأَيِسَ مِنْ ذَلِكَ فَالْأَوْجَهُ وُجُوبُ الْكُلِّ إذْ لَا يَتِمُّ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْ وَاجِبِهِ يَقِينًا إلَّا بِفِعْلِ الْكُلِّ، وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ. (وَإِنْ لَمْ يُعَلِّقْهُ بِشَيْءٍ كَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمٌ) أَوْ عَلَيَّ صَوْمٌ أَوْ صَدَقَةٌ لِفُلَانٍ أَوْ أَنْ أُعْطِيَهُ كَذَا وَلَمْ يُرِدْ الْهِبَةَ (لَزِمَهُ) مَا الْتَزَمَ حَالًا: أَيْ وُجُوبًا مُوَسَّعًا، وَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُ الْمَنْذُورِ لَهُ بَلْ عَدَمُ رَدِّهِ كَمَا يَأْتِي (فِي الْأَظْهَرِ) لِلْخَبَرِ الْمَارِّ وَهَذَا مِنْ نَذْرِ التَّبَرُّرِ إذْ هُوَ قِسْمَانِ مُعَلَّقٌ وَغَيْرُهُ، وَاشْتِرَاطُ الْجَوَاهِرِ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِاَللَّهِ ضَعِيفٌ، وَيُسَمَّى الْمُعَلَّقُ نَذْرَ مُجَازَاةٍ أَيْضًا، وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أُضْحِيَّةٌ أَوْ عِنْدَ شِفَائِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقٌ لِنِعْمَةِ الشِّفَاءِ لَزِمَهُ ذَلِكَ جَزْمًا تَنْزِيلًا لِلثَّانِي مَنْزِلَةَ الْمُجَازَاةِ لِوُقُوعِهِ شُكْرًا فِي مُقَابَلَةِ نِعْمَةِ الشِّفَاءِ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ قَبُولِ الْمَنْذُورِ لَهُ النَّذْرُ بِقِسْمَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، نَعَمْ يُشْتَرَطُ عَدَمُ رَدِّهِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْقَفَّالِ فِي إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَلَى فُلَانٍ بِعَشَرَةٍ لَزِمَتْهُ، إلَّا إذَا لَمْ يَقْبَلْ فَمُرَادُهُ بِعَدَمِ الْقَبُولِ الرَّدُّ لَا غَيْرُ، وَمِمَّا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ بَعْضِ الْعَوَامّ جَعَلْت هَذَا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالْأَقْرَبُ فِيهِ الصِّحَّةُ لِاشْتِهَارِهِ فِي النَّذْرِ فِي عُرْفِهِمْ وَيُصْرَفُ ذَلِكَ لِمَصَالِحِ الْحُجْرَةِ الشَّرِيفَةِ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ مَتَى حَصَلَ لِي كَذَا أَجِيءُ لَهُ بِكَذَا فَإِنَّهُ لَغْوٌ مَا لَمْ يَقْتَرِنْ بِهِ لَفْظُ الْتِزَامٍ أَوْ نَذْرٍ، وَلَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ النَّاذِرِ مَا نَذَرَ بِهِ فَيَصِحُّ بِخُمُسِ مَا يَخْرُجُ لَهُ مِنْ مُعَشَّرٍ. قَالَهُ الْقَاضِي، كَكُلِّ وَلَدٍ أَوْ ثَمَرَةٍ يَخْرُجُ مِنْ أَمَتِي أَوْ شَجَرَتِي هَذِهِ وَكَعِتْقِ عَبْدٍ إنْ مَلَكْته، وَمَا فِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ، ضَعَّفَهُ الْأَذْرَعِيُّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمَالِ الْمُعَيَّنِ لِنَحْوِ عِتْقٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَنْ يَمْلِكَهُ أَوْ يُعَلِّقَهُ بِمِلْكِهِ مَا لَمْ يَنْوِ الِامْتِنَاعَ مِنْهُ فَهُوَ نَذْرُ لَجَاجٍ، وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي الْحَبِّ الْمَنْذُورِ. قَالَ غَيْرُهُ: وَمَحَلُّهُ إنْ نَذَرَ قَبْلَ الِاشْتِدَادِ وَالْأَقْرَبُ صِحَّتُهُ لِلْجَنِينِ قِيَاسًا عَلَى الْوَصِيَّةِ لَهُ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهُ وَإِنْ شَارَكَهَا فِي قَبُولِ الْأَخْطَارِ وَالْجَهَالَاتِ وَالتَّعْلِيقِ وَصِحَّتِهِ بِالْمَعْلُومِ وَالْمَعْدُومِ لَكِنَّهُ يَتَمَيَّزُ عَنْهَا بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ فِيهِ وَمِنْ ثَمَّ اُتُّجِهَتْ صِحَّتُهُ لِلْقِنِّ كَالْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ لَهُ فَيَأْتِي فِيهِ أَحْكَامُهُمَا، فَلَا يَمْلِكُ السَّيِّدُ مَا فِي الذِّمَّةِ إلَّا بِقَبْضِ الْقِنِّ، وَلَا يَصِحُّ لِمَيِّتٍ إلَّا لِقَبْرِ الشَّيْخِ الْفُلَانِيِّ حَيْثُ أَرَادَ بِهِ قُرْبَةً كَإِسْرَاجٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ اطَّرَدَ عُرْفٌ بِحَمْلِ النَّذْرِ لَهُ عَلَى ذَلِكَ وَيَبْطُلُ ـــــــــــــــــــــــــــــSعِمَارَةً لِمِثْلِ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ عُرْفًا (قَوْلُهُ اجْتَهَدَ) أَيْ فَلَوْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ، فَإِنْ كَانَ مَا فَعَلَهُ عِتْقًا أَوْ صَوْمًا أَوْ صَلَاةً أَوْ نَحْوَهَا وَقَعَ تَطَوُّعًا أَوْ صَدَقَةً، فَإِنْ عَلِمَ الْقَابِضُ أَنَّهُ عَنْ صِفَةِ كَذَا وَأَنَّهُ تَبَيَّنَ لَهُ خِلَافُهُ رَجَعَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا. وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ: قَوْلَهُ اجْتَهِدْ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ شَكَّ فِي الْمَنْذُورِ لَهُ أَهُوَ زَيْدٌ أَمْ عَمْرٌو (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ ذَلِكَ جَزْمًا) وَيَخْرُجُ عَنْ نَذْرِ الْأُضْحِيَّةِ بِمَا يُجْزِئُ فِيهَا وَعَنْ نَذْرِ الْعِتْقِ بِمَا يُسَمَّى عِتْقًا وَإِنْ لَمْ يَجُزْ فِي الْكَفَّارَةِ قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ فِي نَذْرِ اللَّجَاجِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ الْتَزَمَ عِتْقًا تَخَيَّرَ بَيْنَ مَا يُسَمَّى عِتْقًا وَإِنْ لَمْ تَجُزْ فِي الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ لِمَصَالِحِ الْحُجْرَةِ الشَّرِيفَةِ) أَيْ مِنْ بِنَاءٍ أَوْ تَرْمِيمٍ دُونَ الْفُقَرَاءِ مَا لَمْ يَجْرِ بِهِ الْعَادَةُ (قَوْلُهُ: أَوْ نَذْرٌ) أَوْ نِيَّتُهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهُ) أَيْ النَّذْرَ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ شَارَكَهَا: أَيْ الْوَصِيَّةَ (قَوْلُهُ: وَصِحَّتُهُ بِالْمَعْلُومِ وَالْمَعْدُومِ) جَعَلَ بَعْضُهُمْ مِنْهُ نَذْرَهَا لِزَوْجِهَا بِمَا سَيَحْدُثُ لَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQنَظِيرُهُ الْمَارُّ فِي الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْقَاضِي) عِبَارَةُ الْقَاضِي إذَا قَالَ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِخُمُسِ مَا يَحْصُلُ لِي مِنْ الْمُعَشَّرَاتِ فَشُفِيَ يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِهِ. وَبَعْدَ إخْرَاجِ الْخُمُسِ يَجِبُ الْعُشْرُ فِي الْبَاقِي إنْ كَانَ نِصَابًا، وَلَا عُشْرَ فِي ذَلِكَ الْخُمُسِ لِأَنَّهُ لِفُقَرَاءَ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ، فَأَمَّا إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِخُمُسِ مَالِي يَجِبُ إخْرَاجُ الْعُشْرِ ثُمَّ مَا بَقِيَ بَعْدَ إخْرَاجِ الْعُشْرِ يُخْرَجُ مِنْهُ الْخُمُسُ انْتَهَتْ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يُفَصِّلَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، فَإِنْ تَقَدَّمَ النَّذْرُ عَلَى اشْتِدَادِ الْحَبِّ فَكَمَا قَالَ، وَإِنْ نَذَرَ بَعْدَ اشْتِدَادِهِ وَجَبَ إخْرَاجُ الْعُشْرِ أَوَّلًا مِنْ الْجَمِيعِ انْتَهَى

بِالتَّأْقِيتِ إلَّا فِي الْمَنْفَعَةِ فَيَأْتِي فِي نَذْرِهَا مَا مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ بِهَا وَإِلَّا فِي نَذَرْت لَك بِهَذَا مُدَّةَ حَيَاتِك فَيَتَأَبَّدُ كَالْعُمْرَى وَنَذْرِ قِرَاءَةِ قُرْآنٍ أَوْ عِلْمٍ مَطْلُوبٍ كُلَّ يَوْمٍ صَحِيحٌ وَلَا حِيلَةَ فِي حِلِّهِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ تَقْدِيمُ وَظِيفَةِ يَوْمٍ عَلَيْهِ، فَإِنْ فَاتَتْ قَضَى، وَلَوْ نَذَرَ عِمَارَةَ هَذَا الْمَسْجِدِ وَكَانَ خَرَابًا فَعَمَّرَهُ غَيْرُهُ فَهَلْ يَبْطُلُ نَذْرُهُ لِتَعَذُّرِ نُفُوذِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَشَارَ إلَيْهِ وَهُوَ خَرَابٌ فَلَا يَتَنَاوَلُ خَرَابَهُ مَرَّةً أُخْرَى أَوْ لَا، بَلْ يُوقَفُ حَتَّى يَخْرَبَ فَيُعَمِّرُهُ تَصْحِيحًا لِلَّفْظِ مَا أَمْكَنَ كُلٌّ مُحْتَمِلٌ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ، وَتَصْحِيحُ اللَّفْظِ مَا أَمْكَنَ إنَّمَا يُعْدَلُ إلَيْهِ إنْ احْتَمَلَهُ لَفْظُهُ، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ لَفْظَهُ لَا يَحْتَمِلُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ إنَّمَا وَقَعَتْ لِلْخَرَابِ حَالَ النَّذْرِ لَا غَيْرُ، نَعَمْ إنْ نَوَى عِمَارَتَهُ وَإِنْ خَرِبَ بَعْدُ لَزِمَتْهُ. (وَلَا يَصِحُّ) (نَذْرُ مَعْصِيَةٍ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ ابْنُ آدَمَ» وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي مَغْصُوبٍ لَمْ يَنْعَقِدْ، وَبِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ أَوْجَهُ مِنْ قَوْلِ غَيْرِهِ يَنْعَقِدُ وَيُصَلِّي فِي غَيْرِهِ، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ عَدَمُ انْعِقَادِ نَذْرِ صَلَاةٍ لَا سَبَبَ لَهَا فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَصَلَاةٍ فِي ثَوْبٍ نَجَسٍ وَكَالْمَعْصِيَةِ الْمَكْرُوهُ لِذَاتِهِ أَوْ لَازِمُهُ كَصَوْمِ الدَّهْرِ لِمَنْ يَتَضَرَّرُ بِهِ، وَلَا يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ صِحَّةُ إعْتَاقِ الرَّاهِنِ الْمُوسِرِ لِأَنَّهُ جَائِزٌ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ مَنْ أَدْرَكْنَاهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ فِي نَذْرِ مَنْ افْتَرَضَ شَيْئًا لِمُقْرِضِهِ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا مَا دَامَ دَيْنُهُ أَوْ شَيْءٌ مِنْهُ فِي ذِمَّتِهِ، فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ لِأَنَّهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْخَاصِّ لَيْسَ قُرْبَةً بَلْ يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى رِبَا النَّسِيئَةِ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَى صِحَّتِهِ لِأَنَّهُ فِي مُقَابِلِ نِعْمَةِ رِبْحِ الْمُقْرَضِ أَوْ انْدِفَاعِ نِقْمَةِ الْمُطَالَبَةِ إنْ احْتَاجَ لِبَقَائِهِ فِي ذِمَّتِهِ لِارْتِفَاقٍ وَنَحْوِهِ، وَلِأَنَّهُ يُسَنُّ لِلْمُقْتَرِضِ رَدُّ زِيَادَةٍ عَمَّا اقْتَرَضَهُ، فَإِذَا الْتَزَمَهَا ابْتِدَاءً بِالنَّذْرِ لَزِمَتْهُ فَهُوَ حِينَئِذٍ مُكَافَأَةُ إحْسَانٍ لَا وُصْلَةٌ لَلرِّبَا إذْ هُوَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي عَقْدٍ كَبَيْعٍ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ النَّذْرَ فِي عَقْدِ الْقَرْضِ كَانَ رِبًا، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ مَالِ الْيَتِيمِ وَغَيْرِهِ، وَلَا وَجْهَ لَهُ. وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ فِي نَذْرِهِ مَا دَامَ مَبْلَغُ الْقَرْضِ فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ دَفَعَ الْمُقْتَرِضُ شَيْئًا مِنْهُ بَطَلَ حُكْمُ النَّذْرِ لِانْقِطَاعِ الدَّيْمُومَةِ (وَلَا) نَذْرِ (وَاجِبٍ) عَيْنِيٍّ كَصَلَاةِ الظُّهْرِ أَوْ مُخَيَّرٍ كَأَحَدِ خِصَالِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ) أَيْ وَهُوَ الصِّحَّةُ (قَوْلُهُ: وَتَصْحِيحُ اللَّفْظِ) أَيْ الْوَاجِبِ (قَوْلُهُ وَإِنْ خَرِبَ) بِالْكَسْرِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ. (قَوْلُهُ: وَكَالْمَعْصِيَةِ الْمَكْرُوهُ لِذَاتِهِ) أَيْ كَالصَّلَاةِ فِي الْحَمَّامِ (قَوْلُهُ: صِحَّةُ إعْتَاقِ الرَّاهِنِ الْمُوسِرِ) قَالَ: وَبِفَرْضِ حُرْمَتِهِ هِيَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ وَهِيَ لَا تَمْنَعُ انْعِقَادَ النَّذْرِ وَمِنْ ثَمَّ صَحَّ نَذْرُ الْمَدِينِ بِمَا يَحْتَاجُهُ لِوَفَاءِ دَيْنِهِ وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ لِأَنَّهَا لِأَمْرٍ خَارِجٍ، وَوَهَمَ بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ لَا يَصِحُّ النَّذْرُ هُنَا (قَوْلُهُ: إلَى صِحَّتِهِ) وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ حَيْثُ نَذَرَ لِمَنْ يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ لَهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَذَرَ لِأَحَدِ بَنِي هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ فَلَا يَنْعَقِدُ لِحُرْمَةِ الصَّدَقَةِ الْوَاجِبَةِ كَالزَّكَاةِ وَالنَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ نِعْمَةِ رِبْحِ الْمُقْرَضِ) لَكِنْ مَرَّ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ شَيْئًا لِذِمِّيٍّ أَوْ مُبْتَدِعٍ جَازَ صَرْفُهُ لِمُسْلِمٍ أَوْ سُنِّيٍّ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ اقْتَرَضَ مِنْ ذِمِّيٍّ وَنَذَرَ لَهُ بِشَيْءٍ مَا دَامَ دَيْنُهُ فِي ذِمَّتِهِ انْعَقَدَ نَذْرُهُ، لَكِنْ يَجُوزُ دَفْعُهُ لِغَيْرِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَتَفَطَّنْ لَهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَرَضَ الذِّمِّيُّ مِنْ مُسْلِمٍ وَنَذَرَ لَهُ بِشَيْءٍ مَا دَامَ الدَّيْنُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ نَذْرُهُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ شَرْطَ النَّاذِرِ الْإِسْلَامُ (قَوْلُهُ: وَلَا وَجْهَ لَهُ) أَيْ لِلْفَرْقِ (قَوْلُهُ: بَطَلَ حُكْمُ النَّذْرِ) وَلَوْ دَفَعَ لِلْمُقْرِضِ مَالًا مُدَّةً وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ حَالَ الْإِعْطَاءِ أَنَّهُ عَنْ الْقَرْضِ وَلَا عَنْ النَّذْرِ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ ادَّعَى أَنَّهُ نَوَى دَفْعَهُ عَنْ الْقَرْضِ قُبِلَ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ الْمَدْفُوعُ يَسْتَغْرِقُ الْقَرْضَ سَقَطَ حُكْمُ النَّذْرِ مِنْ حِينَئِذٍ، وَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِمُقْتَضَى النَّذْرِ إلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ ذَكَرَ حَالَ الدَّفْعِ أَنَّهُ لِلْقَرْضِ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ بَعْدُ أَنَّهُ قَصَدَ غَيْرَهُ وَكَاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ عَنْ نَذْرِ الْمُقْرِضِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ كِتَابَةِ الْوُصُولَاتِ الْمُشْتَمِلَةِ، عَلَى أَنَّ الْمَأْخُوذَ عَنْ نَذْرِ الْمُقْرِضِ حَيْثُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ يَخْرَبُ) هُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَمَاضِيهِ الْآتِي بِكَسْرِهَا (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ عَدَمُ انْعِقَادِ نَذْرِ صَلَاةٍ لَا سَبَبَ لَهَا إلَخْ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَقُولُوا بِصِحَّةِ النَّذْرِ وَيُصَلِّي فِي غَيْرِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَفِي غَيْرِ الثَّوْبِ النَّجِسِ (قَوْلُهُ: شَيْئًا) مَفْعُولُ نَذَرَ

مُبْهَمًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ الْتَزَمَ أَعْلَاهَا أَوْ وَاجِبٌ عَلَى الْكِفَايَةِ تَعَيَّنَ بِخِلَافِهِ إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ فَيَصِحُّ نَذْرُهُ سَوَاءٌ اُحْتِيجَ فِي أَدَائِهِ لِمَالٍ كَجِهَادٍ وَتَجْهِيزِ مَيِّتٍ أَمْ لَا كَصَلَاةِ جِنَازَةٍ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَزِمَ عَيْنًا بِالْتِزَامِ الشَّرْعِ قَبْلَ النَّذْرِ فَلَا مَعْنَى لِالْتِزَامِهِ، وَلَوْ نَذَرَ ذُو دَيْنٍ حَالٍّ عَدَمِ مُطَالَبَةِ غَرِيمِهِ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ إنْظَارَهُ وَاجِبٌ أَوْ مُوسِرًا قَصَدَ إرْفَاقَهُ لِارْتِفَاعِ سِعْرِ سِلْعَتِهِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ لَزِمَهُ لِأَنَّ الْقُرْبَةَ فِيهِ حِينَئِذٍ ذَاتِيَّةٌ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ بَاقٍ عَلَى حُلُولِهِ لَكِنْ مَنَعَ مِنْ الْمُطَالَبَةِ بِهِ مَانِعٌ، وَكَثِيرًا مَا تَنْذِرُ الْمَرْأَةُ أَنَّهَا مَا دَامَتْ فِي عِصْمَتِهِ لَا تُطَالِبُ زَوْجَهَا بِحَالِّ صَدَاقِهَا وَهُوَ حِينَئِذٍ نَذْرُ تَبَرُّرٍ إنْ رَغِبَتْ حَالَ نَذْرِهَا فِي بَقَائِهَا فِي عِصْمَتِهِ، وَلَهَا أَنْ تُوَكِّلَ فِي مُطَالَبَتِهِ وَأَنْ تُحِيلَ عَلَيْهِ لِأَنَّ النَّذْرَ شَمَلَ فِعْلَهَا فَقَطْ، فَإِنْ زَادَتْ فِيهِ وَلَا بِوَكِيلِهَا وَلَا تُحِيلُ عَلَيْهِ لَزِمَ وَامْتَنَعَ جَمِيعُ ذَلِكَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ أَسْقَطَ الْمَدْيُونُ حَقَّهُ مِنْ النَّذْرِ لَمْ يَسْقُطْ، وَلَوْ نَذَرَ أَنْ لَا يُطَالِبَهُ مُدَّةً فَمَاتَ قَبْلَهَا كَانَ لِوَارِثِهِ الْمُطَالَبَةُ كَمَا قَالَهُ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ. (وَلَوْ) (نَذَرَ فِعْلَ مُبَاحٍ أَوْ تَرْكَهُ) كَأَكْلٍ وَنَوْمٍ مِنْ كُلِّ مَا اسْتَوَى فِعْلُهُ وَتَرْكُهُ أَصَالَةً وَإِنْ رَجَّحَ أَحَدَهُمَا بِنِيَّةِ عِبَادَةٍ بِهِ كَالْأَكْلِ لِلتَّقَوِّي عَلَى الطَّاعَةِ (لَمْ يَلْزَمْهُ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «لَا نَذْرَ إلَّا فِيمَا اُبْتُغِيَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ» وَفِي الْبُخَارِيِّ «أَمَرَ أَبَا إسْرَائِيلَ أَنْ يَتْرُكَ مَا نَذَرَهُ مِنْ قِيَامٍ وَعَدَمِ اسْتِظْلَالٍ» «وَإِنَّمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ نَذَرَتْ إنْ رَدَّهُ اللَّهُ سَالِمًا أَنْ تَضْرِبَ عَلَى رَأْسِهِ بِالدُّفِّ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ أَوْفِي بِنَذْرِك» لِأَنَّهُ اقْتَرَنَ بِقُدُومِهِ كَمَالُ مَسَرَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَإِغَاظَةِ الْكُفَّارِ فَكَانَ وَسِيلَةً لِقُرْبَةٍ عَامَّةٍ، وَلَا يَبْعُدُ فِيمَا هُوَ وَسِيلَةٌ لِهَذَا أَنَّهُ مَنْدُوبٌ لِلَازِمِهِ، عَلَى أَنَّ جَمْعًا قَالُوا بِنَدْبِهِ لِكُلِّ عَارِضِ سُرُورٍ لَا سِيَّمَا النِّكَاحُ، وَمِنْ ثَمَّ أَمَرَ بِهِ فِيهِ فِي أَحَادِيثَ وَعَلَيْهِ فَلَا إشْكَالَ أَصْلًا (لَكِنْ إنْ خَالَفَ لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ عَلَى الْمُرَجَّحِ) فِي الْمَذْهَبِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ، لَكِنْ الْمُرَجَّحُ فِي الْمَجْمُوعِ عَدَمُ لُزُومِهَا نَظَرًا إلَى أَنَّهُ نَذْرٌ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، وَكَلَامُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي مَوْضِعٍ يَقْتَضِيهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (وَهُوَ نَذْرُ صَوْمِ أَيَّامٍ) وَأَطْلَقَ ـــــــــــــــــــــــــــــSاعْتَرَفَ حَالَ كِتَابَتِهَا أَوْ بَعْدَهَا بِمَا فِيهَا (قَوْلُهُ: وَامْتَنَعَ جَمِيعُ ذَلِكَ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ، وَلَوْ خَالَفَتْ وَأَحَالَتْ عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي صِحَّةُ الْحَوَالَةِ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ وَكَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَتْ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَسْقَطَ الْمَدْيُونُ حَقَّهُ) كَأَنْ قَالَ لِمَنْ نَذَرَ أَنْ لَا يُطَالِبَهُ أَسْقَطْت مَا أَسْتَحِقُّهُ عَلَيْك مِنْ عَدَمِ الْمُطَالَبَةِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ بَلْ تَمْتَنِعُ الْمُطَالَبَةُ مَعَ ذَلِكَ عَلَى النَّاذِرِ، هَذَا وَقَدْ يُشْكِلُ مَا ذُكِرَ بِمَا مَرَّ لَهُ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ عَدَمُ الرَّدِّ، إذْ قَوْلُهُ أَسْقَطْت مَا أَسْتَحِقُّهُ إلَخْ رَدٌّ لِلنَّذْرِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ مَا هُنَا مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا لَمْ يُرِدْ أَوَّلًا وَاسْتَقَرَّ النَّذْرُ فَلَا يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِ بَعْدُ، وَمَا مَرَّ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا رَدَّ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: كَانَ لِوَارِثِهِ الْمُطَالَبَةُ) لِأَنَّ النَّذْرَ إنَّمَا شَمَلَ فِعْلَ نَفْسِهِ أَخْذًا مِمَّا قَبْلَهُ فِي مَسْأَلَةِ الزَّوْجَةِ. (قَوْلُهُ: بِالدُّفِّ) أَيْ الطَّارِ (قَوْلُهُ: فَكَانَ وَسِيلَةً لِقُرْبَةٍ عَامَّةٍ) أَيْ لَكِنَّهُ مُبَاحٌ أَصَالَةً، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يَنْعَقِدُ وَإِنْ كَانَ وَسِيلَةً لِقُرْبَةٍ كَالْأَكْلِ لِلتَّقَوِّي عَلَى الْعِبَادَةِ. (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ نَذَرَ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ) الْأَوْلَى فِي غَيْرِ طَاعَةٍ لِأَنَّ كَوْنَهُ غَيْرُ مَعْصِيَةٍ لَا يَقْتَضِي عَدَمَ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) وَعَلَيْهِ فَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ أَمَّا إذَا الْتَزَمَ غَيْرَ قُرْبَةٍ كَلَا آكُلُ الْخُبْزَ فَتَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَلَعَلَّهُ أَنَّ مَا سَبَقَ لَمَّا كَانَ الْمُرَادُ مِنْهُ الْحَثَّ عَلَى الْفِعْلِ أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: قَصَدَ إرْفَاقَهُ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْإِنْظَارِ وَفْقٌ أَوْ كَانَ وَلَمْ يَقْصِدْ الْإِرْفَاقَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ زَادَتْ) أَيْ أَوْ زَادَ مُطْلَقُ الدَّائِنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَسْقَطَ الْمَدْيُونُ حَقَّهُ) قَالَ شَيْخُنَا فِي حَوَاشِيهِ: وَقَدْ يُشْكِلُ ذَلِكَ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ عَدَمُ الرَّدِّ إذْ قَوْلُهُ أَسْقَطْتُ مَا اسْتَحَقَّهُ إلَخْ رَدٌّ لِلنَّذْرِ قَالَ: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ مَا هُنَا مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا لَمْ يَرُدَّ أَوَّلًا وَاسْتَقَرَّ النَّذْرُ فَلَا يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِ بَعْدُ، وَمَا مَرَّ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا رَدَّ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ اهـ (قَوْلُهُ وَلَوْ نَذَرَ أَنْ لَا يُطَالِبَهُ مُدَّةً فَمَاتَ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ مِثْلُهُ مَا لَوْ نَذَرَ بَقَاءَهُ فِي ذِمَّتِهِ مُدَّةً فَمَاتَ قَبْلَهَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) قَالَ شَيْخُنَا: وَعَلَيْهِ فَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ أَمَّا إذَا الْتَزَمَ غَيْرَ قُرْبَةٍ كَلَا آكُلُ الْخُبْزَ فَيَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ

لَزِمَهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ أَوْ الْأَيَّامُ، فَكَذَلِكَ عَلَى الرَّاجِحِ فَإِنْ عَيَّنَ عَدَدًا لَزِمَهُ مَا عَيَّنَهُ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ (نُدِبَ) تَقْدِيمُهَا لَهُ (تَعْجِيلُهَا) مُسَارَعَةً لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ، نَعَمْ لَوْ عَرَضَ لَهُ مَا هُوَ أَهَمُّ كَسَفَرٍ يَشُقُّ عَلَيْهِ صَوْمُهُ فِيهِ كَانَ التَّأْخِيرُ أَوْلَى. قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، أَوْ كَانَ عَلَيْهِ صَوْمُ كَفَّارَةٍ سَبَقَتْ النَّذْرَ نُدِبَ تَقْدِيمُهَا إنْ كَانَتْ عَلَى التَّرَاخِي وَإِلَّا وَجَبَ. قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ (فَإِنْ قَيَّدَ بِتَفْرِيقٍ أَوْ مُوَالَاةٍ وَجَبَ) مَا قَيَّدَ بِهِ عَمَلًا بِمَا الْتَزَمَهُ، أَمَّا الْمُوَالَاةُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا التَّفْرِيقُ فَلِأَنَّ الشَّارِعَ نَظَرَ إلَيْهِ فِي صَوْمِ الْمُتَمَتِّعِ، فَإِنْ نَذَرَ عَشَرَةً مُتَفَرِّقَةً فَصَامَهَا وَلَاءً حُسِبَ لَهُ مِنْهَا خَمْسَةٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِتَفْرِيقٍ وَلَا مُوَالَاةٍ (جَازَ) كُلٌّ مِنْهُمَا وَالْوَلَاءُ أَفْضَلُ. (أَوْ) نَذَرَ صَوْمَ (سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ) كَسَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَتِسْعِمِائَةٍ أَوْ سَنَةً مِنْ الْغَدِ أَوْ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ أَوْ يَوْمِ كَذَا (صَامَهَا وَأَفْطَرَ الْعِيدَ) الْفِطْرَ وَالْأَضْحَى (وَالتَّشْرِيقَ) وُجُوبًا لِامْتِنَاعِ صَوْمِهَا وَالْمُرَادُ عَدَمُ نِيَّةِ صَوْمِ ذَلِكَ لَا تَعَاطِي مُفْطِرٍ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ (وَصَامَ رَمَضَانَ عَنْهُ) لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ غَيْرُهُ (وَلَا قَضَاءً) لِأَنَّهَا لَا تَقْبَلُ صَوْمًا فَلَمْ تَدْخُلْ فِي نَذْرِهِ (وَإِنْ أَفْطَرَتْ بِحَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَجَبَ الْقَضَاءُ فِي الْأَظْهَرِ) لِقَبُولِ زَمَنِهِمَا لِلصَّوْمِ فِي ذَاتِهِ فَوَجَبَ الْقَضَاءُ كَمَا لَوْ أَفْطَرَتْ رَمَضَانَ لِأَجَلِهِمَا (قُلْت: الْأَظْهَرُ لَا يَجِبُ) الْقَضَاءُ (وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّ أَيَّامَ أَحَدِهِمَا لَمَّا لَمْ تَقْبَلْ الصَّوْمَ وَلَوْ لِعُرُوضِ ذَلِكَ الْمَانِعِ لَمْ يَشْمَلْهَا النَّذْرُ (وَإِنْ أَفْطَرَ يَوْمًا) مِنْهَا (بِلَا عُذْرٍ وَجَبَ قَضَاؤُهُ) لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ (وَلَا يَجِبُ اسْتِئْنَافُ سَنَةٍ) بَلْ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى قَضَاءِ مَا أَفْطَرَهُ، لِأَنَّ التَّتَابُعَ كَانَ لِلْوَقْتِ لَا لِكَوْنِهِ مَقْصُودًا فِي نَفْسِهِ كَمَا فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَفْطَرَهَا كُلَّهَا لَمْ يَجِبْ الْوَلَاءُ فِي قَضَائِهَا، وَالْمُتَّجَهُ وُجُوبُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ مَا تَعَدَّى بِفِطْرِهِ يَجِبُ قَضَاؤُهُ فَوْرًا، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بِلَا عُذْرٍ مَا أَفْطَرَهُ بِعُذْرٍ كَجُنُونٍ وَإِغْمَاءٍ فَلَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ، نَعَمْ إنْ أَفْطَرَ لِعُذْرِ سَفَرٍ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ أَوْ مَرَضٍ فَلَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيُوَافِقُهُ إطْلَاقُ الْكِتَابِ، وَلَا يَضُرُّ إطْلَاقُهُ الْعُذْرَ الشَّامِلَ لِلسَّفَرِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّا نَقُولُ خَرَجَ بِقَوْلِهِ بِلَا عُذْرٍ غَيْرُهُ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ، فَإِنْ كَانَ سَفَرًا وَنَحْوَهُ وَجَبَ الْقَضَاءُ أَوْ مَرَضًا فَلَا، وَالْمَفْهُومُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يَرِدُ (فَإِنْ شَرَطَ التَّتَابُعَ) فِي نَذْرِ السَّنَةِ الْمُعَيَّنَةِ وَلَوْ فِي نِيَّتِهِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَجَبَ) بِفِطْرِهِ يَوْمًا وَلَوْ لِعُذْرِ سَفَرٍ وَمَرَضٍ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْكَفَّارَةِ، وَإِنْ كَانَ قَضِيَّةُ سِيَاقِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَرْضُهُ فِي عَدَمِ الْعُذْرِ الِاسْتِئْنَافُ (فِي الْأَصَحِّ) ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَنْعَ أَشْبَهَ الْيَمِينَ فَلَزِمَتْ فِيهِ الْكَفَّارَةُ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ لَمَّا جَعَلَهُ بِصُورَةِ الْقُرْبَةِ بَعُدَتْ مُشَابَهَتُهُ بِالْيَمِينِ (قَوْلُهُ نُدِبَ تَقْدِيمُهَا) أَيْ الْكَفَّارَةُ بِالصَّوْمِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَجَبَ) أَيْ الْفَوْرُ بِأَنْ كَانَ سَبَبُهَا مَعْصِيَةً (قَوْلُهُ وَأَمَّا التَّفْرِيقُ) حَسَبَ لَهُ خَمْسَةً وَوَقَعَتْ الْخَمْسَةُ الْبَاقِيَةُ نَقْلًا مُطْلَقًا إنْ ظَنَّ إجْزَاءَهَا عَنْ النَّذْرِ، فَإِنْ عَلِمَ عَدَمَ إجْزَائِهَا عَنْ النَّذْرِ فَقِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ لَمْ يَجُزْ تَقْدِيمُهُ، وَأَنَّهُ لَوْ قَدَّمَهُ أَثِمَ وَلَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ عَدَمُ صِحَّتِهِ هُنَا أَيْضًا لِأَنَّ صَوْمَ الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِهِ مَثَلًا بِنِيَّةِ النَّذْرِ تَقْدِيمٌ لَهُ عَنْ مَحِلِّهِ. (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الْقَضَاءُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ حَصَلَتْ لَهُ مَشَقَّةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ مَرَضٌ فَلَا) قَدْ يُشْكِلُ عَدَمُ وُجُوبِ الْقَضَاءِ حَيْثُ أَفْطَرَ بِالْمَرَضِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي أَوْ نَذَرَ صَلَاةً أَوْ صَوْمًا فِي وَقْتٍ فَمَنَعَهُ مَرَضٌ وَجَبَ الْقَضَاءُ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَسَوَّى حَجّ هُنَا بَيْنَ السَّفَرِ وَالْمَرَضِ فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي نِيَّتِهِ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا اعْتَمَدَهُ فِي الِاعْتِكَافِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّتَابُعُ بِنِيَّتِهِ، وَعِبَارَتُهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَصْلٌ إذَا نَذَرَ مُدَّةً إلَخْ نَصُّهَا: فَإِنْ نَوَى التَّتَابُعَ بِقَلْبِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ كَمَا لَوْ نَذَرَ أَصْلَ الِاعْتِكَافِ كَمَا صَحَّحَاهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: الِاسْتِئْنَافُ) فَاعِلُ وَجَبَ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَمِينٍ، وَلَعَلَّهُ أَنَّ مَا سَبَقَ لَمَّا كَانَ الْمُرَادُ مِنْهُ الْحَثَّ عَلَى الْفِعْلِ أَوْ الْمَنْعِ أَشْبَهَ الْيَمِينَ فَلَزِمَتْ فِيهِ الْكَفَّارَةُ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ لَمَّا جَعَلَهُ بِصُورَةِ الْقُرْبَةِ بَعُدَتْ مُشَابَهَتُهُ بِالْيَمِينِ (قَوْلُهُ كَسَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَتِسْعِمِائَةٍ) الظَّاهِرُ أَنَّهَا السَّنَةُ الَّتِي كَانَ يُؤَلِّفُ فِيهَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَإِنَّهُ مَظِنَّتُهُ بِاعْتِبَارِ مَا قَدَّمَهُ مِنْ التَّارِيخِ آخِرَ الرُّبُعِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ الْوَلَاءُ فِي قَضَائِهَا) أَيْ مِنْ حَيْثُ النَّذْرُ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَيُوَافِقُهُ إطْلَاقُ الْكِتَابِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمَفْهُومُ (قَوْلُهُ: الِاسْتِئْنَافُ) فَاعِلُ وَجَبَ

لِأَنَّ ذِكْرَ التَّتَابُعِ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ مَقْصُودًا. وَالثَّانِي لَا يَجِبُ لِأَنَّ شَرْطَ التَّتَابُعِ مَعَ تَعْيِينِ السَّنَةِ لَغْوٌ (أَوْ غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ وَشَرَطَ التَّتَابُعَ وَجَبَ) وَفَاءً بِمَا الْتَزَمَهُ (وَلَا يَقْطَعُهُ صَوْمُ رَمَضَانَ عَنْ فَرْضِهِ وَفِطْرُ الْعِيدِ وَالتَّشْرِيقِ) لِاسْتِثْنَاءِ ذَلِكَ شَرْعًا، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ عَنْ فَرْضِهِ عَمَّا لَوْ صَامَهُ عَنْ نَذْرٍ أَوْ قَضَاءٍ أَوْ تَطَوُّعٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ وَيَنْقَطِعُ بِهِ التَّتَابُعُ قَطْعًا (وَيَقْضِيهَا) أَيْ رَمَضَانَ وَالْعِيدَ وَالتَّشْرِيقَ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ صَوْمَ سَنَةٍ وَلَمْ يَصُمْهَا (تِبَاعًا) أَيْ مُتَوَالِيَةً (مُتَّصِلَةً بِآخِرِ السَّنَةِ) عَمَلًا بِمَا شَرَطَهُ مِنْ التَّتَابُعِ، وَفَارَقَتْ الْمُعَيَّنَةَ بِأَنَّ الْمُعَيَّنَ فِي الْعَقْدِ لَا يُبَدَّلُ بِغَيْرِهِ، وَالْمُطْلَقُ إذَا عُيِّنَ فَلَا يُبَدَّلُ. أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَبِيعَ الْمُعَيَّنَ لَا يُبَدَّلُ لِعَيْبٍ ظَهَرَ بِهِ بِخِلَافِ مَا فِي الذِّمَّةِ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَإِنْ نَوَى مَا يَقْبَلُ الصَّوْمَ مِنْ سَنَةٍ مُتَتَابِعَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَضَاءُ قَطْعًا وَإِنْ نَوَى عَدَدَ أَيَّامِ سَنَةٍ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ قَطْعًا وَالْمُطْلَقُ مِنْهَا فِي الْمُعَيَّنَةِ مَحْمُولٌ عَلَى الْهِلَالِيَّةِ (وَلَا يَقْطَعُهُ حَيْضٌ) وَنِفَاسٌ لِتَعَذُّرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُمَا (وَفِي قَضَائِهِ الْقَوْلَانِ) السَّابِقَانِ فِي الْمُعَيَّنَةِ، وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ عَدَمِ الْقَضَاءِ وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُهُ (وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهُ) أَيْ التَّتَابُعَ (لَمْ يَجِبْ) لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ فَيَصُومُ سَنَةً هِلَالِيَّةً أَوْ ثَلَثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ يَوْمًا. (أَوْ) نَذَرَ صَوْمَ (يَوْمِ الِاثْنَيْنِ أَبَدًا) (لَمْ يَقْضِ أَثَانِي رَمَضَانَ) الْأَرْبَعَةَ لِعَدَمِ شُمُولِ نَذْرِهِ لَهَا لِسَبْقِ وُجُوبِهَا وَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ نُونَ أَثَانِي هُوَ مَا صَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَوَقَعَ لَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَلِغَيْرِهِ أَيْضًا إثْبَاتُهَا وَهُوَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ حَذْفَهَا لِلتَّبَعِيَّةِ لِحَذْفِهَا مِنْ الْمُفْرَدِ لِلْإِضَافَةِ رُدَّ كَلَامُهُ بِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ لِذَلِكَ لَمْ تُعْهَدْ، وَبِأَنَّ أَثَانِينَ لَيْسَ جَمْعَ مُذَكِّرٍ سَالِمًا وَلَا مُلْحَقًا بِهِ بَلْ حَذْفُهَا وَإِثْبَاتُهَا مُطْلَقًا لُغَتَانِ وَالْحَذْفُ أَكْثَرُ اسْتِعْمَالًا (وَكَذَا) الِاثْنَيْنِ الْخَامِسُ مِنْ رَمَضَانَ وَ (الْعِيدُ وَالتَّشْرِيقُ فِي الْأَظْهَرِ) إنْ صَادَفَتْ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ قِيَاسًا عَلَى أَثَانِي رَمَضَانَ. وَالثَّانِي يُقْضَى لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَتَّفِقُ وَقَدْ لَا يَتَّفِقُ فَتَنَاوَلَهَا النَّذْرُ، بِخِلَافِ أَثَانِي رَمَضَانَ وَبِخِلَافِ مَا إذَا نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ حَيْثُ قُلْنَا لَا يَقْضِي لِأَنَّ وُقُوعَهَا فِي السَّنَةِ لَازِمٌ وَوُقُوعُ الْعِيدِ فِي الِاثْنَيْنِ غَيْرُ لَازِمٍ، وَلَيْسَ مِثْلُهَا يَوْمُ الشَّكِّ لِقَبُولِهِ لِصَوْمِ النَّذْرِ وَغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ (فَلَوْ لَزِمَهُ صَوْمُ شَهْرَيْنِ تِبَاعًا لِكَفَّارَةٍ) أَوْ نَذْرٍ (صَامَهُمَا وَيَقْضِي أَثَانِيَهُمَا) لِأَنَّهُ أَدْخَلَ عَلَى نَفْسِهِ صَوْمَ الشَّهْرَيْنِ (وَفِي قَوْلٍ لَا يَقْضِي إنْ سَبَقَتْ الْكَفَّارَةُ) أَيْ مُوجِبُهَا أَوْ سَبَقَ نَذْرُ الشَّهْرَيْنِ الْمُتَتَابِعَيْنِ (النَّذْرَ) لِلْأَثَانِينَ بِأَنْ لَزِمَهُ صَوْمُ الشَّهْرَيْنِ أَوَّلًا ثُمَّ نَذَرَ صَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِأَنَّ الْأَثَانِينَ الْوَاقِعَةَ فِيهَا حِينَئِذٍ مُسْتَثْنَاةٌ بِقَرِينَةِ الْحَالِ كَمَا لَا يَقْضِي أَثَانِيَ رَمَضَانَ (قُلْت: ذَا الْقَوْلُ أَظْهَرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِمَا تَقَرَّرَ، وَكَذَا صَحَّحَهُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ أَيْضًا وَلَمْ يُصَحِّحْ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحَيْنِ شَيْئًا، وَصَحَّحَ فِي الْمُحَرَّرِ وُجُوبَ الْقَضَاءِ، وَصَوَّبَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ حِينَئِذٍ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ، وَرَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَقَالَا: إنَّ الْجُمْهُورَ عَلَيْهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَثَانِي رَمَضَانَ أَنَّ لُزُومَ صَوْمِهِ لَا صُنْعَ لَهُ فِيهِ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَأَيْضًا فَأَيَّامُ الِاثْنَيْنِ الْوَاقِعَةُ فِي الشَّهْرَيْنِ وَاقِعَةٌ عَنْ نَذْرِهِ بِخِلَافِ أَثَانِي رَمَضَانَ (وَتَقْضِي زَمَنَ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ) وَمَرَضٍ وَقَعَ فِي الْأَثَانِينَ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ وُقُوعُهُ فِيهِ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ نَذْرِهَا. وَالثَّانِي الْمَنْعُ كَمَا فِي الْعِيدِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ لَا عَادَةَ غَالِبَةً فَإِنْ كَانَتْ فَعَدَمُ الْقَضَاءِ فِيمَا يَقَعُ فِي عَادَتِهَا أَظْهَرُ لِأَنَّهَا لَا تَقْصِدُ صَوْمَ الْيَوْمِ الَّذِي يَقَعُ فِي عَادَتِهَا غَالِبًا فِي مُفْتَتَحِ الْأَمْرِ هَذَا، وَلَكِنْ قَضِيَّةُ كَلَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَالْمُطْلَقُ مِنْهَا فِي الْمُعَيَّنَةِ) وَمِثْلُهَا غَيْرُ الْمُعَيَّنَةِ (قَوْلُهُ: وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُهُ) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ وَلَيْسَ مِثْلُهَا) أَيْ الْعِيدُ وَالتَّشْرِيقُ فَيَصِحُّ صَوْمُهُ (قَوْلُهُ: لِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّ الْأَثَانِي الْوَاقِعَةَ فِيهَا حِينَئِذٍ مُسْتَثْنَاةٌ إلَخْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: لِلْإِضَافَةِ) سَقَطَ قَبْلَهُ لَفْظُ أَوْ فِي النُّسَخِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي التُّحْفَةِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ إذْ هُمَا زَعْمَانِ بِدَلِيلِ الرَّدِّ، إذْ قَوْلُ الشَّارِحِ بِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ لِذَلِكَ لَمْ تُعْهَدْ رَدٌّ لِلْأَوَّلِ، وَهُوَ أَنَّ حَذْفَهَا لِلتَّبَعِيَّةِ لِحَذْفِهَا مِنْ الْمُفْرَدِ، وَقَوْلُهُ وَبِأَنَّ الْأَثَانِينَ إلَخْ رَدٌّ لِلثَّانِي وَهُوَ أَنَّ حَذْفَهَا لِلْإِضَافَةِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فِي الْإِضَافَةِ وَفِي غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ فِي الْمُحَرَّرِ)

الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ لَا قَضَاءَ فِيهِمَا، وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَسُكُوتُ الْمُصَنِّفِ هُنَا عَلَى مَا فِي الْمُحَرَّرِ لِلْعِلْمِ بِضَعْفِهِ مِمَّا قَدَّمَهُ فِي نَظِيرِهِ وَعَلَى مَا فِي الْكِتَابِ يُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ ثُمَّ بِأَنَّ وُقُوعَ الْحَيْضِ فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ بِعَيْنِهِ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ بِالنِّسْبَةِ لَهَا، إذْ قَدْ يَلْزَمُ حَيْضُهَا زَمَنًا لَيْسَ مِنْهُ يَوْمُ اثْنَيْنِ، بِخِلَافِ نَحْوِ يَوْمِ الْعِيدِ فَكَانَ هَذَا كَالْمُسْتَثْنَى بِخِلَافِ ذَاكَ. (أَوْ) نَذَرَ (يَوْمًا بِعَيْنِهِ) أَيْ صَوْمَهُ (لَمْ يَصُمْ قَبْلَهُ) فَإِنْ فَعَلَ أَثِمَ وَلَمْ يَصِحَّ كَتَقْدِيمِ الصَّلَاةِ عَلَى وَقْتِهَا، وَيَحْرُمُ تَأْخِيرُهُ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، فَإِنْ فَعَلَ صَحَّ وَكَانَ قَضَاءً، وَلَوْ نَذْرِ صَوْمَ يَوْمِ خَمِيسٍ وَلَمْ يُعَيَّنْ كَفَاهُ أَيُّ خَمِيسٍ كَانَ، وَإِذَا مَضَى خَمِيسٌ: أَيْ يُمْكِنُهُ صَوْمُهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الصَّوْمِ اسْتَقَرَّ فِي ذِمَّتِهِ حَتَّى لَوْ مَاتَ فُدِيَ عَنْهُ (أَوْ) نَذَرَ (يَوْمًا مِنْ أُسْبُوعٍ) بِمَعْنَى جُمُعَةٍ (ثُمَّ نَسِيَهُ) (صَامَ آخِرَهُ وَهُوَ الْجُمُعَةُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) . الْمَنْذُورُ (هُوَ) أَيْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ (وَقَعَ قَضَاءً) وَإِنْ كَانَ فَقَدْ وَفَّى بِمَا الْتَزَمَهُ وَهَذَا صَحِيحٌ فِي صِحَّةِ انْعِقَادِ نَذْرِ صَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ لَا يَنْعَقِدُ النَّذْرُ فِي مَكْرُوهٍ مَعَ كَرَاهَةِ إفْرَادِ الْجُمُعَةِ بِصَوْمٍ لِأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا صَامَهُ نَفْلًا فَإِنَّ نَذْرَهُ لَمْ يَكُنْ مَكْرُوهًا، وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَيُوَجَّهُ أَيْضًا بِأَنَّ الْمَكْرُوهَ إفْرَادُهُ بِالصَّوْمِ لَا نَفْسُ صَوْمِهِ، وَبِهِ فَارَقَ عَدَمَ صِحَّةِ نَذْرِ صَوْمِ الدَّهْرِ إذَا كُرِهَ، وَعُلِمَ مِنْ صَرِيحِ كَلَامِهِ أَيْضًا أَنَّ أَوَّلَ الْأُسْبُوعِ السَّبْتُ وَهُوَ كَذَلِكَ (وَمَنْ) نَذَرَ إتْمَامَ كُلِّ نَافِلَةٍ دَخَلَ فِيهَا لَزِمَهُ الْوَفَاءُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ (شَرَعَ فِي صَوْمِ نَفْلٍ) بِأَنْ نَوَى وَلَوْ قَبْلَ الزَّوَالِ (فَنَذَرَ إتْمَامَهُ لَزِمَهُ عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّ صَوْمَهُ صَحِيحٌ فَيَصِحُّ الْتِزَامُهُ بِالنَّذْرِ وَيَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّهُ نَذَرَ صَوْمَ بَعْضِ يَوْمٍ (وَإِنْ نَذَرَ بَعْضَ يَوْمٍ لَمْ يَنْعَقِدْ) نَذْرُهُ لِانْتِفَاءِ كَوْنِهِ قُرْبَةً (وَقِيلَ يَلْزَمُهُ يَوْمٌ) لِأَنَّ صَوْمَ بَعْضِ يَوْمٍ لَا يُمْكِنُ شَرْعًا فَلَزِمَهُ يَوْمٌ كَامِلٌ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي نَذْرِ بَعْضِ رَكْعَةٍ (أَوْ) نَذَرَ (يَوْمَ قُدُومِ زَيْدٍ) أَيْ صَوْمَهُ، فَالْأَظْهَرُ انْعِقَادُهُ لِإِمْكَانِ الْوَفَاءِ بِهِ بِأَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ يَقْدَمُ غَدًا فَيَنْوِيَ صَوْمَهُ لَيْلًا وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الصَّوْمُ بَعْدَ الْقُدُومِ لِأَنَّ التَّبْيِيتَ شَرْطٌ فِي صَوْمِ الْفَرْضِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْوَفَاءُ بِالْمُلْتَزَمِ يَلْغُو الِالْتِزَامُ (فَإِنْ قَدِمَ لَيْلًا أَوْ يَوْمَ عِيدٍ) أَوْ تَشْرِيقٍ (أَوْ فِي رَمَضَانَ) أَوْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ قَيَّدَ بِالْيَوْمِ وَلَمْ يُوجَدْ الْقُدُومُ فِي زَمَنٍ قَابِلٍ لِلصَّوْمِ، نَعَمْ يُنْدَبُ فِي الْأُولَى صَوْمُ صَبِيحَةِ ذَلِكَ اللَّيْلِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: أَوْ يَوْمٍ آخَرَ شُكْرًا لِلَّهِ (أَوْ) قَدِمَ (نَهَارًا) قَابِلًا لِلصَّوْمِ (وَهُوَ مُفْطِرٌ أَوْ صَائِمٌ قَضَاءً أَوْ نَذْرًا وَجَبَ يَوْمٌ آخَرَ عَنْ هَذَا) أَيْ نَذْرِهِ لِقُدُومِهِ كَمَا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ مُعَيَّنٍ فَفَاتَهُ، وَاسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنْ يُعِيدَ صَوْمَ الْوَاجِبِ الَّذِي هُوَ فِيهِ لِأَنَّهُ بَانَ أَنَّهُ صَامَ يَوْمًا مُسْتَحَقُّ الصَّوْمِ لِكَوْنِهِ يَوْمَ قُدُومِ زَيْدٍ وَخَرَجَ بِقَضَاءٍ وَمَا بَعْدَهُ مَا لَوْ صَامَهُ عَنْ الْقُدُومِ بِأَنْ ظَنَّ قُدُومَهُ فِيهِ: أَيْ بِإِحْدَى الطُّرُقِ السَّابِقَةِ فِيمَا لَوْ تَحَدَّثَ بِرُؤْيَةِ رَمَضَانَ لَيْلًا فَنَوَى كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَبَيَّتَ النِّيَّةَ لَيْلَتَهُ فَيَصِحُّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى أَصْلٍ صَحِيحٍ (أَوْ) قَدِمَ وَلَوْ قَبْلَ الزَّوَالِ (وَهُوَ صَائِمٌ نَفْلًا فَكَذَلِكَ) يَلْزَمُهُ صَوْمٌ آخَرُ عَنْ نَذْرِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالْوَاجِبِ عَلَيْهِ بِالنَّذْرِ (وَقِيلَ يَجِبُ تَتْمِيمُهُ) بِقَصْدِ كَوْنِهِ عَنْ النَّذْرِ (وَيَكْفِيهِ) عَنْ نَذْرِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا مِنْ وَقْتِ الْقُدُومِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ بِقُدُومِهِ يَتَبَيَّنُ وُجُوبُهُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ لِتَعَذُّرِ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ فَدَى عَنْهُ) أَيْ وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ عِصْيَانِهِ بِالتَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ: نَذَرَ صَوْمَ الْجُمُعَةِ) أَيْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ يَقْدُمُ غَدًا) أَيْ بِسُؤَالٍ أَوْ بِدُونِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْبَحْثُ عَنْ ذَلِكَ وَإِنْ سَهُلَ عَلَيْهِ بَلْ إنْ اتَّفَقَ بُلُوغُ الْخَبَرِ لَهُ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: فَبَيَّتَ النِّيَّةَ) عَطْفُهُ عَلَى فَتْوَى عَطْفُ مُفَصَّلٍ عَلَى مُجْمَلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ كَمَا عُلِمَ مِنْ اخْتِصَارِ الْمَتْنِ لَهُ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى جَمْعِهِ) أَيْ حَتَّى يَتَأَتَّى قَوْلُ الْمُصَنِّفِ صَامَ آخِرَهُ وَهُوَ الْجُمُعَةُ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا التَّرْتِيبَ عَلَى خُصُوصِ الْعِلَّةِ وَإِلَّا فَمَا فِي الْمَتْنِ لَا يَظْهَرُ تَرَتُّبُهُ عَلَى مَا مَهَّدَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَمَنْ نَذَرَ إتْمَامَ كُلِّ نَافِلَةٍ إلَخْ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ الْتِزَامُهُ بِالنَّذْرِ إلَخْ) الظَّاهِرُ فِي التَّعْبِيرِ فَصَحَّ الْتِزَامُ إتْمَامِهِ بِالنَّذْرِ فَلْيُتَأَمَّلْ

[فصل في نذر النسك والصدقة والصلاة وغيرها]

تَبْعِيضِهِ، وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمِ قُدُومِهِ، فَإِنَّ الصَّوَابَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَنَقَلَهُ عَنْ النَّصِّ وَاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا مِنْ حِينِ الْقُدُومِ، وَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا مَضَى مِنْهُ لِإِمْكَانِ تَبْعِيضِهِ فَلَمْ يَجِبْ غَيْرُ بَقِيَّةِ يَوْمِ قُدُومِهِ (وَلَوْ) قَالَ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ الْيَوْمِ التَّالِي لِيَوْمِ قُدُومِهِ) مِنْ تَلَوْته وَتَلَيْتُهُ تَبِعْته وَتَرَكْته فَهُوَ ضِدٌّ وَالتِّلْوُ بِالْكَسْرِ مَا يَتْلُو الشَّيْءَ وَالْمُرَادُ بِالتَّالِي هُنَا التَّابِعُ مِنْ غَيْرِ فَاصِلٍ (وَإِنْ قَدِمَ عَمْرٌو فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ أَوَّلِ خَمِيسٍ بَعْدَهُ) أَيْ يَوْمِ قُدُومِهِ (فَقَدِمَا) مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا (فِي الْأَرْبِعَاءِ) بِتَثْلِيثِ الْبَاءِ وَالْمَدِّ (وَجَبَ صَوْمُ) يَوْمِ (الْخَمِيسِ عَنْ أَوَّلِ النَّذْرَيْنِ) لِسَبْقِهِ (وَيَقْضِي الْآخَرَ) لِتَعَذُّرِ الْإِتْيَانِ بِهِ فِي وَقْتِهِ، نَعَمْ يَصِحُّ مَعَ الْإِثْمِ صَوْمُ الْخَمِيسِ عَنْ ثَانِي النَّذْرَيْنِ وَيَقْضِي يَوْمًا آخَرَ عَنْ النَّذْرِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ قَالَ إنْ قَدِمَ فَعَلَيَّ أَنْ أَصُومَ أَمْسِ يَوْمِ قُدُومِهِ لَمْ يَصِحَّ نَذْرُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَوَهَمَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ فِي عَزْوِهِ لَهُ الصِّحَّةَ، أَوْ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ عِتْقُ هَذَا، ثُمَّ قَالَ: إنْ قَدِمَ غَائِبِي فَعَلَيَّ عِتْقُهُ فَحَصَلَ الشِّفَاءُ وَالْقُدُومُ مَعًا فَالْأَرْجَحُ انْعِقَادُ النَّذْرِ الثَّانِي وَعِتْقُهُ عَنْ السَّابِقِ مِنْهُمَا، وَلَا يَجِبُ لِلْآخَرِ شَيْءٌ إذْ لَا يُمْكِنُ الْقَضَاءُ فِيهِ، بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَإِنْ وَقَعَا مَعًا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا، وَيُؤْخَذُ مِنْ صِحَّةِ بَيْعِ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِدُخُولٍ مَثَلًا صِحَّةُ بَيْعِهِ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ. (فَصْلٌ) فِي نَذْرِ النُّسُكِ وَالصَّدَقَةِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا إذَا (نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى) مُقَيِّدًا لَهُ بِالْحَرَامِ أَوْ نَوَاهُ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ ذَكَرَ بُقْعَةً مِنْ الْحَرَمِ كَدَارِ أَبِي جَهْلٍ أَوْ الصَّفَا كَذِكْرِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي فِيهِ (أَوْ إتْيَانَهُ) أَوْ الذَّهَابَ إلَيْهِ مَثَلًا (فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ إتْيَانِهِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ) أَوْ بِهِمَا وَإِنْ نَفَى ذَلِكَ فِي نَذْرِهِ، لِأَنَّ الْقُرْبَةَ إنَّمَا تَتِمُّ بِإِتْيَانِهِ بِنُسُكٍ، وَالنَّذْرُ مَحْمُولٌ عَلَى وَاجِبِ الشَّرْعِ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ النَّذْرَ يُحْمَلُ عَلَى وَاجِبِ الشَّرْعِ أَوْ عَلَى جَائِزِهِ، أَمَّا إذَا ذَكَرَ الْبَيْتَ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِذَلِكَ وَلَا نَوَاهُ فَيَلْغُو نَذْرُهُ، لِأَنَّ الْمَسَاجِدَ كُلُّهَا بُيُوتٌ لَهُ تَعَالَى، وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ مَنْ نَذَرَ إتْيَانَ مَسْجِدِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ وَهُوَ دَاخِلُ الْحَرَمِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ بِالنِّسْبَةِ لَهُ كَبَقِيَّةِ الْمَسَاجِدِ وَلَهُ احْتِمَالٌ آخَرُ، وَالْأَقْرَبُ لُزُومُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَلَمْ يَجِبْ غَيْرُ بَقِيَّةِ يَوْمِ قُدُومِهِ) أَيْ وَإِنْ قَلَّ جِدًّا. (فَصْلٌ) فِي نَذْرِ النُّسُكِ وَالصَّدَقَةِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ نَوَاهُ) أَوْ نَوَى مَا يَخْتَصُّ بِهِ كَالطَّوَافِ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَفَى ذَلِكَ فِي نَذْرِهِ) بِخِلَافِ مَنْ نَذَرَ التَّضْحِيَةَ بِشَاةٍ مُعَيَّنَةٍ عَلَى أَنْ لَا يُفَرَّقَ لَحْمُهَا فَإِنَّ النَّذْرَ يَلْغُو، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ النَّذْرَ وَالشَّرْطَ هُنَا تَضَادَّا فِي مُعَيَّنٍ وَاحِدٍ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِاقْتِضَاءِ الْأَوَّلِ خُرُوجَهَا عَنْ مِلْكِهِ بِمُجَرَّدِ النَّذْرِ، وَالثَّانِي بَقَاءَهَا. عَلَى مِلْكِهِ بَعْدَ النَّذْرِ بِخِلَافِهِمَا ثَمَّ فَإِنَّهُمَا لَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِتْيَانَ غَيْرُ النُّسُكِ فَلَمْ تُضَادِدْ نِيَّتُهُ ذَاتَ الْإِتْيَانِ بَلْ لَازِمَهُ وَالنُّسُكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: تَبِعَتْهُ وَتَرَكَتْهُ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِمُطْلَقِ التِّلْوِ، وَإِلَّا فَالْمَأْخُوذُ مِنْهُ مَا هُنَا تَلَوْته بِمَعْنَى تَبِعْته خَاصَّةً (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ نَذْرُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) هَلَّا يُقَالُ بِالصِّحَّةِ إذَا عَلِمَ يَوْمَ قُدُومِهِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي نَذْرِ صَوْمِ يَوْمِ قُدُومِهِ أَوَّلَ الْمَسْأَلَةِ [فَصْلٌ فِي نَذْرِ النُّسُكِ وَالصَّدَقَةِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا] (فَصْلٌ) فِي نَذْرِ النُّسُكِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ كَانَ ذِكْرُ بُقْعَةٍ إلَخْ) فِي التُّحْفَةِ قَبْلَ هَذَا مَا نَصُّهُ أَوْ نَوَى مَا يَخْتَصُّ بِهِ كَالطَّوَافِ فِيمَا يَظْهَرُ وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ الذَّهَابِ إلَيْهِ مَثَلًا) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا نَذَرَ أَنْ يَمَسَّ شَيْئًا مِنْ بُقَعِ الْحَرَمِ أَوْ أَنْ يَضْرِبَهُ بِثَوْبِهِ مَثَلًا كَمَا

النُّسُكِ هُنَا أَيْضًا لِأَنَّ ذِكْرَ الْبَيْتِ الْحَرَامِ أَوْ جُزْءٍ مِنْهُ فِي النَّذْرِ صَارَ مَوْضُوعًا شَرْعًا عَلَى الْتِزَامِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَمَنْ بِالْحَرَمِ يَصِحُّ نَذْرُهُ لَهُمَا فَيَلْزَمُهُ هُنَا أَحَدُهُمَا وَإِنْ نَذَرَ ذَلِكَ وَهُوَ فِي الْكَعْبَةِ أَوْ الْمَسْجِدِ حَوْلَهَا (فَإِنْ نَذَرَ الْإِتْيَانَ لَمْ يَلْزَمْهُ مَشْيٌ) لِعَدَمِ اقْتِضَائِهِ لَهُ فَيَجُوزُ لَهُ الرُّكُوبُ (وَإِنْ) نَذَرَ الْمَشْيَ) إلَى الْحَرَمِ أَوْ جُزْءٍ مِنْهُ (أَوْ) نَذَرَ (أَنْ يَحُجَّ أَوْ أَنْ يَعْتَمِرَ مَاشِيًا) فَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ الْمَشْيِ) مِنْ الْمَكَانِ الْآتِي بَيَانُهُ إلَى الْفَسَادِ أَوْ الْفَوَاتِ أَوْ فَرَاغِ التَّحَلُّلَيْنِ وَإِنْ تَأَخَّرَ رَمَى بَعْدَهُمَا أَوْ فَرَاغِ جَمِيعِ أَرْكَانِ الْعُمْرَةِ، وَلَهُ رُكُوبٌ فِي خِلَالِ النُّسُكِ فِي حَوَائِجِهِ الْخَارِجَةِ عَنْهُ، وَإِنَّمَا لَزِمَهُ الْمَشْيُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ جَعْلَهُ وَصَفًّا لِلْعِبَادَةِ كَمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا، وَكَوْنُ الرُّكُوبِ أَفْضَلَ لَا يُنَافِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَشْيَ قُرْبَةٌ مَقْصُودَةٌ فِي نَفْسِهَا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي صِحَّتِهِ، وَأَمَّا انْتِفَاءُ وُجُودِ أَفْضَلَ مِنْ الْمُلْتَزَمِ فَغَيْرُ شَرْطٍ اتِّفَاقًا فَانْدَفَعَ دَعْوَى التَّنَافِي بَيْنَ كَوْنِ الْمَشْيِ مَقْصُودًا وَكَوْنِهِ مَفْضُولًا، وَإِنَّمَا وَجَبَ بِالْمَشْيِ دَمُ تَمَتُّعٍ كَعَكْسِهِ لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ مُتَغَايِرَانِ فَلَمْ يَجُزْ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخِرِ كَذَهَبٍ عَنْ فِضَّةٍ وَعَكْسِهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَنَذْرِ الصَّلَاةِ قَاعِدًا حَيْثُ أَجْزَأَهُ الْقِيَامُ بِأَنَّ الْقِيَامَ وَالْقُعُودَ مِنْ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ الْمُلْتَزَمَةِ، فَأَجْزَأَ الْأَعْلَى عَنْ الْأَدْنَى لِوُقُوعِهِ تَبَعًا، وَالْمَشْيُ وَالرُّكُوبُ خَارِجَانِ عَنْ مَاهِيَّةِ الْحَجِّ وَسَبَبَانِ مُتَغَايِرَانِ إلَيْهِ مَقْصُودَانِ فَلَمْ يَقُمْ أَحَدُهُمَا مَقَامَ الْآخَرِ، وَأَيْضًا، فَالْقِيَامُ قُعُودٌ وَزِيَادَةٌ فَوُجِدَ الْمَنْذُورُ هُنَا بِزِيَادَةٍ وَلَا كَذَلِكَ فِي الرُّكُوبِ وَالذَّهَابِ مَثَلًا، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ لَوْ نَذَرَ شَاةً أَجْزَأَهُ بَدَلُهَا بَدَنَةٌ لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ بَعْضَ الْبَدَنَةِ مُجْزِئًا عَنْ الشَّاةِ حَتَّى فِي نَحْوِ الدِّمَاءِ الْوَاجِبَةِ فَإِجْزَاءُ كُلِّهَا أَوْلَى، بِخِلَافِ الذَّهَبِ عَنْ الْفِضَّةِ وَعَكْسِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ فِي نَحْوِ الزَّكَاةِ فَلَمْ يَجْزِ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ، وَلَوْ أَفْسَدَ نُسُكَهُ أَوْ فَاتَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ فِيهِ مَشْيٌ بَلْ فِي قَضَائِهِ إذْ هُوَ الْوَاقِعُ عَنْ نَذْرِهِ (فَإِنْ كَانَ قَالَ أَحُجُّ) أَوْ أَعْتَمِرُ (مَاشِيًا) أَوْ عَكْسَهُ (فَ) يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ (مِنْ حَيْثُ يُحْرِمُ) مِنْ الْمِيقَاتِ أَوْ قَبْلَهُ وَكَذَا مِنْ حَيْثُ عَنَّ لَهُ فِيمَا إذَا جَاوَزَهُ غَيْرَ مَرِيدٍ نُسُكًا ثُمَّ عَنَّ لَهُ (وَإِنْ قَالَ أَمْشِي إلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى) بِقَيْدِهِ الْمَارِّ (فَ) يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ مَعَ النُّسُكِ (مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSلِشِدَّةِ تَشَبُّثِهِ وَلُزُومِهِ كَمَا يُعْرَفُ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِهِ لَا يَتَأَثَّرُ بِمِثْلِ هَذِهِ الْمُضَادَّةِ لِضَعْفِهَا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ فَرَاغُ التَّحَلُّلَيْنِ) وَيَحْصُلُ ذَلِكَ بِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَالْحَلْقِ وَالطَّوَافِ مَعَ السَّعْيِ إنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَأَخَّرَ رَمَى) أَيْ لِأَيَّامِ التَّشْرِيقِ (قَوْلُهُ: وَأَيْضًا فَالْقِيَامُ قُعُودٌ وَزِيَادَةٌ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْقُعُودَ جَعْلُ النِّصْفِ الْأَعْلَى مُنْتَصِبًا وَهُوَ حَاصِلٌ بِالْقِيَامِ مَعَ زِيَادَةٍ وَهِيَ انْتِصَابُ السَّاقَيْنِ وَالْفَخِذَيْنِ مَعَهُ (قَوْلُهُ: فَوُجِدَ الْمَنْذُورُ هُنَا بِزِيَادَةٍ) قَالَ حَجّ: كَمَا صَرَّحُوا بِهِ (قَوْلُهُ: لَوْ نَذَرَ شَاةً) أَيْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ بَعْضَ الْبَدَنَةِ) وَهُوَ السُّبُعُ (قَوْلُهُ: أَوْ فَاتَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ فِيهِ مَشْيٌ) أَيْ فِيمَا يُتِمُّهُ (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ الْوَاقِعُ عَنْ نَذْرِهِ) أَيْ بِخِلَافِ الْفَاسِدِ فَإِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَقَعْ عَنْ نَذْرِهِ لَمْ يَكُنْ الْمَشْيُ فِيهِ مَنْذُورًا فَلَا يُشْكِلُ عَدَمُ وُجُوبِ الْمَشْيِ فِيهِ بِوُجُوبِ الْمُضِيِّ فِي فَاسِدِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ كَأَنْ قَالَ أَمْشِي حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا (قَوْلُهُ: بِقَيْدِهِ الْمَارِّ) هُوَ قَوْلُهُ مُقَيِّدًا لَهُ بِالْحَرَامِ أَوْ نَوَاهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ الْمَشْيُ مَعَ النُّسُكِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQصَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَشْيَ قُرْبَةٌ مَقْصُودَةٌ فِي نَفْسِهَا) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ مَقْصُودٌ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ إتْيَانًا لِلْحَرَمِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي صِحَّتِهِ) أَيْ وَكَوْنُهُ قُرْبَةً مَقْصُودَةً فِي نَفْسِهَا هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي صِحَّةِ النَّذْرِ فَالضَّمِيرُ فِي صِحَّتِهِ لِلنَّذْرِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا وَجَبَ بِالْمَشْيِ) أَيْ إذَا نَذَرَ الرُّكُوبَ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يُجْزِ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ) أَيْ فِي الْخُرُوجِ عَنْ عُهْدَةِ النَّذْرِ (قَوْلُهُ: لِوُقُوعِهِ تَبَعًا) يُتَأَمَّلُ مَعَ قَوْلِهِ مِنْ إجْزَاءِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: إلَيْهِ) مُتَعَلِّقٌ بِسَبَبَانِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَفْسَدَ نُسُكَهُ أَوْ فَاتَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ فِيهِ مَشْيٌ) لَيْسَ مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ إلَى الْفَسَادِ أَوْ الْفَوَاتِ بَلْ هَذَا مَفْهُومُ ذَاكَ وَأَيْضًا قَدْ ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ مَعَ النُّسُكِ) أَيْ مَعَ لُزُومِ النُّسُكِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ التَّلَبُّسُ بِالنُّسُكِ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ

بَيْتِهِ مَاشِيًا وَالثَّانِي مِنْ الْمِيقَاتِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْإِتْيَانُ بِالنُّسُكِ فَيَمْشِي مِنْ حَيْثُ يُحْرِمُ (وَإِذَا أَوْجَبْنَا الْمَشْيَ فَرَكِبَ لِعُذْرٍ أَجْزَأَهُ) حَجُّهُ عَنْ نَذْرِهِ لِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ عَجَزَ بِالرُّكُوبِ (وَعَلَيْهِ دَمٌ فِي الْأَظْهَرِ) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ أُخْتَ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنْ تَرْكَبَ وَتُهْدِيَ هَدْيًا وَحَمَلُوهُ عَلَى عَجْزِهَا» ، وَالثَّانِي لَا دَمَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ نَذَرَ الصَّلَاةَ قَائِمًا فَصَلَّى قَاعِدًا لِعَجْزِهِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تُجْبَرُ بِالْمَالِ بِخِلَافِ الْحَجِّ وَالدَّمِ شَاةٌ مُجْزِئَةٌ فِي الْأُضْحِيَّةِ، وَالْمُرَادُ بِالْعُذْرِ أَنْ تَلْحَقَهُ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ كَنَظِيرِهِ فِي الْعَجْزِ عَنْ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ وَالْعَجْزِ عَنْ صَوْمِ رَمَضَانَ بِالْمَرَضِ، وَقَيَّدَ الْبُلْقِينِيُّ وُجُوبَ الدَّمِ بِمَا إذَا رَكِبَ بَعْدَ إحْرَامِهِ مُطْلَقًا أَوْ قَبْلَهُ وَبَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ مَشْيًا وَإِلَّا فَلَا، إذْ لَا خَلَلَ فِي النُّسُكِ يُوجِبُ دَمًا، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ إذَا أَوْجَبْنَا الْمَشْيَ عَمَّا إذَا لَمْ نُوجِبْهُ فَلَا يَجْبُرُ تَرْكَهُ بِدَمٍ (أَوْ) رَكِبَ (بِلَا عُذْرٍ أَجْزَأَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) مَعَ عِصْيَانِهِ لِإِتْيَانِهِ بِأَصْلِ الْحَجِّ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا هَيْئَتُهُ فَصَارَ كَمَا لَوْ تَرَكَ الْإِحْرَامَ مِنْ الْمِيقَاتِ، وَالثَّانِي لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِمَا الْتَزَمَهُ (وَعَلَيْهِ دَمٌ) عَلَى الْمَشْهُورِ أَيْضًا كَدَمِ التَّمَتُّعِ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ مَعَ الْعُذْرِ فَمَعَ عَدَمِهِ أَوْلَى، وَلَوْ نَذَرَ الْحَفَاءَ لَمْ يَلْزَمْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ، نَعَمْ بَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ لُزُومَهُ فِيمَا يُنْدَبُ فِيهِ كَعِنْدَ دُخُولِ مَكَّةَ. (وَمَنْ) نَذَرَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً لَزِمَهُ فِعْلُهُ بِنَفْسِهِ) إنْ كَانَ صَحِيحًا وَيَخْرُجُ عَنْ نَذْرِهِ الْحَجُّ بِالْإِفْرَادِ وَالتَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ، وَيَجُوزُ لَهُ كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ النَّذْرُ (فَإِنْ كَانَ مَعْضُوبًا اسْتَنَابَ) وَلَوْ بِمَالٍ كَمَا فِي حَجَّةِ الْإِسْلَامِ فَيَأْتِي فِي اسْتِنَابَتِهِ مَا ذَكَرُوهُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ فِيهِمَا مِنْ التَّفْصِيلِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَسْتَنِيبُ مَنْ عَلَى دُونِ مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ وَمَنْ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ أَوْ نَحْوُهَا، وَلَوْ نَذَرَ الْمَعْضُوبُ الْحَجَّ بِنَفْسِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ نَذْرُهُ أَوْ أَنْ يَحُجَّ مِنْ مَالِهِ أَوْ أَطْلَقَ انْعَقَدَ (وَيُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُهُ فِي أَوَّلِ سِنِي الْإِمْكَانِ) مُبَادَرَةً لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ، فَإِنْ خَافَ نَحْوَ عَضْبٍ أَوْ تَلَفِ مَالٍ لَزِمَتْهُ الْمُبَادَرَةُ (فَإِنْ تَمَكَّنَ) لِتَوَفُّرِ شُرُوطِ الْوُجُوبِ السَّابِقَةِ فِيهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِالتَّمَكُّنِ قُدْرَتُهُ عَلَى الْحَجِّ عَادَةً وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ كَمَشْيٍ قَوِيٍّ فَوْقَ مَرْحَلَتَيْنِ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْمَجْمُوعِ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّ الشُّرُوطَ مُعْتَبَرَةٌ فِي الِاسْتِقْرَارِ وَالْأَدَاءِ مَعًا وَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْأَوَّلِ (فَأَخَّرَ فَمَاتَ حُجَّ) عَنْهُ (مِنْ مَالِهِ) لِاسْتِقْرَارِهِ عَلَيْهِ بِتَمَكُّنِهِ مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ. (وَإِنْ) نَذَرَ الْحَجَّ) أَوْ الْعُمْرَةَ (عَامَهُ) أَوْ عَامًا بَعْدَهُ مُعَيَّنًا (وَأَمْكَنَهُ) (لَزِمَهُ) فِي ذَلِكَ مَا لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ حَجَّةُ إسْلَامٍ أَوْ قَضَاءٍ أَوْ عُمْرَتُهُ لِأَنَّ زَمَنَ الْعِبَادَةِ يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فَيَمْتَنِعُ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ، أَمَّا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ عَامًا لَزِمَهُ أَيَّ عَامٍ شَاءَ، وَأَمَّا إذَا عَيَّنَهُ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ فِعْلِهِ فِيهِ كَأَنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ تِلْكَ السَّنَةِ الْمُعَيَّنَةِ مَا يُمْكِنُهُ فِيهِ الذَّهَابُ وَلَوْ بِأَنْ كَانَ يَقْطَعُ أَكْثَرَ مِنْ مَرْحَلَةٍ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ كَمَا هُوَ الْأَقْرَبُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْحَجِّ فَلَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ، وَلَوْ حَجَّ عَنْ النَّذْرِ وَعَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَقَعَ عَنْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ مِنْ الْمِيقَاتِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ دَمٌ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَكَرَّرَ الدَّمُ بِتَكَرُّرِ الرُّكُوبِ قِيَاسًا عَلَى اللُّبْسِ بِأَنْ يَتَخَلَّلَ بَيْنَ الرُّكُوبَيْنِ مَشْيٌ (قَوْلُهُ: وَتُهْدِي هَدْيًا) أَيْ وَكَانَتْ نَذَرَتْ الْمَشْيَ (قَوْلُهُ: أَنْ تَلْحَقَهُ مَشَقَّةٌ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ يَعْنِي فِيمَا لَوْ قَالَ أَمْشِي إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ، أَمَّا لَوْ قَالَ أَحُجُّ مَاشِيًا فَلَا يَأْتِي فِيهِ الْقَيْدُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) جَاوَزَ الْمِيقَاتَ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ النَّذْرُ) أَيْ أَمَّا مِنْ حَيْثُ التَّمَتُّعُ أَوْ الْقِرَانُ فَيَجِبُ (قَوْلُهُ: أَوْ أَطْلَقَ انْعَقَدَ) أَيْ وَيَسْتَنِيبُ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُهُ) أَيْ الْحَجُّ الْمَنْذُورُ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مِنْ الْمَعْضُوبِ. (قَوْلُهُ: وَقَعَ عَنْهَا) أَيْ ثُمَّ إنْ كَانَ نَذَرَ الْحَجَّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ حُمِلَ مِنْهُ عَلَى التَّعْجِيلِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ سِوَى حَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَوْ الْقَضَاءِ، وَإِنْ كَانَ أَطْلَقَ فِي نَذْرِهِ لَزِمَهُ حَجٌّ آخَرُ فَيَأْتِي بِهِ بَعْدَ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَوْ الْقَضَاءِ وَلَوْ مُتَرَاخِيًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: حَجُّهُ) أَيْ أَوْ عُمْرَتُهُ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ النَّذْرُ) أَيْ وَإِنْ لَزِمَهُ دَمُ الْقِرَانِ أَوْ التَّمَتُّعِ (قَوْلُهُ: فَيَمْتَنِعُ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي ذَلِكَ الْعَامِ (قَوْلُهُ: وَقَعَ عَنْهَا) كَذَا فِي النُّسَخِ بِإِفْرَادِ الضَّمِيرِ، وَلَعَلَّ صَوَابَهُ عَنْهُمَا بِتَثْنِيَتِهِ وَلْيُرَاجَعْ مَا مَرَّ فِي كِتَابِ الْحَجِّ

(فَإِنْ) تَمَكَّنَ مِنْ الْحَجِّ وَلَكِنْ (مَنَعَهُ) مِنْهُ (مَرَضٌ) أَوْ خَطَأُ طَرِيقٍ أَوْ وَقْتٌ أَوْ نِسْيَانٌ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِلنُّسُكِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فِي الْجَمِيعِ أَيْ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (وَجَبَ الْقَضَاءُ) لِاسْتِقْرَارِهِ فِي ذِمَّتِهِ بِتَمَكُّنِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ بِأَنْ عَرَضَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ لِأَنَّ الْمَنْذُورَ نُسُكٌ فِي ذَلِكَ الْعَامِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ (أَوْ) مَنَعَهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ أَوْ بَعْدَهُ (عَدُوٌّ) أَوْ سُلْطَانٌ أَوْ رَبُّ دَيْنٍ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ وَفَائِهِ حَتَّى مَضَى إمْكَانُ الْحَجِّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ (فَلَا) يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ (فِي الْأَظْهَرِ) كَمَا فِي نُسُكِ الْإِسْلَامِ لَوْ صُدَّ عَنْهُ فِي أَوَّلِ سِنِي الْإِمْكَانِ، وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ كَمَا لَوْ مَنَعَهُ الْمَرَضُ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِجَوَازِ التَّحَلُّلِ بِهِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ بِخِلَافِ نَحْوِ الْمَرَضِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ قَالَ الْإِمَامُ أَوْ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ لِلْعَدُوِّ فَلَا قَضَاءَ عَلَى النَّصِّ لَا تَكْرَارَ فِيهِ مَعَ مَا قَبْلَهُ إذْ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ غَيْرُ الْخِلَافِ الْأَوَّلِ، أَوْ أَنَّهُ عَبَّرَ أَوَّلًا بِمَنَعَهُ وَثَانِيًا بِامْتَنَعَ، وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ الْأُولَى صَادِقَةٌ بِمَا مَنَعَهُ فَلَا صُنْعَ لَهُ لِلْمَمْنُوعِ فِيهِ، وَالثَّانِيَةُ صَادِقَةٌ بِمَا إذَا خَافَ فَامْتَنَعَ بِنَفْسِهِ أَوْ الْأُولَى فِيمَا بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَالثَّانِيَةُ فِيمَا قَبْلَهُ. (أَوْ) نَذَرَ (صَلَاةً أَوْ صَوْمًا فِي وَقْتٍ) يَصِحَّانِ فِيهِ (فَمَنَعَهُ مَرَضٌ أَوْ عَدُوٌّ) كَأَسِيرٍ يَخَافُ إنْ لَمْ يَأْكُلْ قُتِلَ وَكَأَنْ يُكْرِهَهُ عَلَى التَّلَبُّسِ بِمُنَافِي الصَّلَاةِ جَمِيعَ وَقْتِهَا " (وَجَبَ الْقَضَاءُ) لِوُجُوبِهِمَا مَعَ الْعَجْزِ بِخِلَافِ الْحَجِّ إذْ شَرْطُهُ الِاسْتِطَاعَةُ وَبِقَوْلِنَا كَأَسِيرٍ يَخَافُ؛ يَنْدَفِعُ مَا اسْتَشْكَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ تَصَوُّرِ الْمَنْعِ مِنْ الصَّوْمِ بِأَنَّهُ لَا قُدْرَةَ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ نِيَّتِهِ وَالْأَكْلُ لِلْإِكْرَاهِ غَيْرُ مُفْطِرٍ، وَبِقَوْلِنَا وَكَأَنْ يُكْرِهَهُ يُعْلَمُ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ أَنَّهُ يُصَلِّي كَيْفَ أَمْكَنَ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ ثُمَّ يَجِبُ الْقَضَاءُ لِأَنَّ ذَلِكَ عُذْرٌ نَادِرٌ كَمَا فِي الْوَاجِبِ بِالشَّرْعِ اهـ فَهُمْ لَمْ يَسْكُتُوا عَنْ هَذَا إلَّا لِكَوْنِ الْغَرَضِ مَا ذَكَرْنَاهُ، فَإِنْ انْتَفَى تَعَيَّنَ مَا ذَكَرَهُ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا ذُكِرَ هُنَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ) هَذَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ مَا قَبْلَهُ كَمَا حَلَّ بِهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ الْحَجِّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ) يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا، وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى إنْسَانٍ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَا دَامَ الْمَنْذُورُ لَهُ حَيًّا وَصَرَفَ عَلَيْهِ مُدَّةً ثُمَّ عَجَزَ عَنْ الصَّرْفِ لِمَا الْتَزَمَهُ بِالنَّذْرِ فَهَلْ يَسْقُطُ النَّذْرُ عَنْهُ مَا دَامَ عَاجِزًا إلَى أَنْ يُوسِرَ أَوْ يَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ إلَى أَنْ يُوسِرَ فَيُؤَدِّيَهُ وَهُوَ أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ النَّذْرُ مَا دَامَ مُعْسِرًا لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ الدَّفْعِ فَإِذَا أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَبَ أَدَاؤُهُ مِنْ حِينَئِذٍ وَيَنْبَغِي تَصْدِيقُهُ فِي الْيَسَارِ وَعَدَمِهِ مَا لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ: فِي أَوَّلِ سِنِي الْإِمْكَانِ) أَيْ فَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ لِلْحَجِّ عَنْ تِلْكَ السَّنَةِ الَّتِي صُدَّ عَنْ الْحَجِّ فِيهَا وَحَجَّةُ الْإِسْلَامُ بَاقِيَةٌ فِي ذِمَّتِهِ فَإِنْ وُجِدَتْ شُرُوطُهَا وَجَبَتْ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: مَعَ مَا قَبْلَهُ) هُوَ قَوْلُهُ أَوْ مَنَعَهُ. (قَوْلُهُ: وَبِقَوْلِنَا وَكَأَنْ يُكْرِهَهُ يُعْلَمُ الْجَوَابُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ الْحَجِّ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: قَدْ يُغْنِي هَذَا عَنْ قَوْلِهِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِالْمَعْنَى الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ) قَالَ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ: إنْ كَانَ ضَمِيرُ مِنْهُ لِلْحَجِّ فَلَا فَائِدَةَ فِي هَذَا التَّفْسِيرِ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ التَّمَكُّنُ مِنْ الْحَجِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ لِلْإِحْرَامِ فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ أَيْضًا مَعَ الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ، مَعَ أَنَّ التَّمَكُّنَ مِنْ مُجَرَّدِ الْإِحْرَامِ لَا تَظْهَرُ كِفَايَتُهُ فِي الْوُجُوبِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. وَقَدْ يُقَالُ بِأَنَّ الضَّمِيرَ لِلْإِحْرَامِ، وَبَيَّنَ الشَّارِحُ كَابْنِ حَجَرٍ بِهَذَا التَّفْسِيرِ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْإِحْرَامِ فِعْلَهُ بَلْ مُجَرَّدَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ، وَلَا مَانِعَ مِنْ وُجُوبِ الْقَضَاءِ بِمُجَرَّدِ التَّمَكُّنِ مِنْ الْإِحْرَامِ بَلْ هُوَ الْقِيَاسُ فِي كُلِّ عِبَادَةٍ دَخَلَ وَقْتُهَا وَتَمَكَّنَ مِنْ فِعْلِهَا وَلَمْ يَفْعَلْ يَجِبُ قَضَاؤُهَا، فَقَوْلُ ابْنِ قَاسِمٍ لَا تَظْهَرُ كِفَايَتُهُ فِي الْوُجُوبِ غَيْرُ ظَاهِرٍ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ فَلَا فِي الْأَظْهَرِ) قَالَ الْمُحَقِّقُ الْجَلَالُ عَقِبَهُ: أَوْ صَدَّهُ عَدُوٌّ أَوْ سُلْطَانٌ بَعْدَمَا أَحْرَمَ، قَالَ الْإِمَامُ: أَوْ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ لِلْعَدُوِّ فَلَا قَضَاءَ عَلَى النَّصِّ. وَخَرَّجَ ابْنُ سُرَيْجٍ قَوْلًا بِوُجُوبِهِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ، فَأَشَارَ إلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْمَتْنِ فِيمَا إذَا مَنَعَهُ حَصْرٌ خَاصٌّ بِخِلَافِ مَا إذَا مَنَعَهُ حَصْرٌ عَامٌّ أَوْ امْتَنَعَ هُوَ لِلْعَدُوِّ فَلَيْسَ فِيهِ هَذَا الْخِلَافُ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ هُنَا زِيَادَةٌ تَتَضَمَّنُ الْجَوَابَ عَنْ إيهَامٍ فِي كَلَامِ الْجَلَالِ وَهِيَ غَيْرُ صَحِيحَةٍ فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: مَا ذُكِرَ هُنَا) يَعْنِي مَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَجَبَ الْقَضَاءُ

مِنْ التَّعْيِينِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ لَهُمَا فِي الِاعْتِكَافِ مِنْ عَدَمِ التَّعْيِينِ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ بِالنَّذْرِ، نَعَمْ لَوْ عَيَّنَ لَهَا وَقْتًا مَكْرُوهًا لَمْ تَنْعَقِدْ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ. (أَوْ) نَذَرَ (هَدْيًا) مِنْ نَعَمٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَصِحُّ التَّصَدُّقُ بِهِ وَلَوْ فِي نَحْوِ دُهْنٍ نَجِسٍ وَعَيَّنَهُ فِي نَذْرِهِ، وَقَوْلُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ أَوْ بَعْدَهُ مَحَلُّ نَظَرٍ لِأَنَّ التَّعْيِينَ بَعْدَ النَّذْرِ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمُطْلَقِ، وَسَيَأْتِي أَنَّ الْمُطْلَقَ يَتَصَرَّفُ فِيمَا يُجْزِئُ أُضْحِيَّةً فَلَا يَصِحُّ تَعْيِينُ غَيْرِهِ (لَزِمَهُ حَمْلُهُ) إنْ كَانَ مِمَّا يُحْمَلُ وَلَمْ يَكُنْ بِمَحَلِّهِ أَزْيَدَ قِيمَةً كَمَا يَأْتِي (إلَى مَكَّةَ) أَيْ إلَى حَرَمِهَا إذْ إطْلَاقُهَا عَلَيْهِ سَائِغٌ: أَيْ إلَى مَا عَيَّنَهُ مِنْهُ إنْ عَيَّنَ وَإِلَّا فَإِلَيْهِ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ مَحِلُّ الْهَدْيِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95] (وَالتَّصَدُّقُ بِهِ عَلَى مَنْ) هُوَ مُقِيمٌ أَوْ مُسْتَوْطِنٌ (بِهَا) مِنْ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ الْمُتَقَدِّمِ ذَكَرُهُمْ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ وَيَجِبُ تَعْمِيمُ الْمَحْصُورِينَ بِأَنْ سَهُلَ عَلَى الْآحَادِ عَدُّهُمْ بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ، فَإِنْ لَمْ يَنْحَصِرُوا أَجَازَ الِاقْتِصَارَ عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ، وَعِنْدَ إطْلَاقِ الْهَدْيِ يُعْتَبَرُ فِيهِ كَوْنُهُ مُجْزِئًا فِي الْأُضْحِيَّةِ سُلُوكًا بِالنَّذْرِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ غَالِبًا، وَمُؤْنَةُ حَمْلِهِ إلَيْهَا وَمُؤْنَتُهُ عَلَى النَّاذِرِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ بِيعَ بَعْضُهُ لِذَلِكَ سَوَاءٌ أَقَالَ أُهْدِي هَذَا أَمْ جَعَلْته هَدْيًا لِلْكَعْبَةِ، ثُمَّ إذَا حَصَلَ الْهَدْيُ فِي الْحَرَمِ إنْ كَانَ حَيَوَانًا يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَجَبَ ذَبْحُهُ وَتَفْرِقَتُهُ عَلَيْهِمْ وَيَتَعَيَّنُ ذَبْحُهُ فِي الْحَرَمِ أَوْ لَا يُجْزِئُ أَعْطَاهُ لَهُمْ حَيًّا، فَإِنْ ذَبَحَهُ فَرَّقَهُ وَغَرِمَ مَا نَقَصَ بِذَبْحِهِ، وَلَوْ نَوَى سِوَى التَّصَدُّقِ كَالصَّرْفِ لِسِتْرِ الْكَعْبَةِ أَوْ طِيبِهَا تَعَيَّنَ صَرْفُهُ فِيمَا نَوَاهُ، وَإِطْلَاقُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ جَعْلَهُ فِيهَا وَفِي الزَّيْتِ جَعْلَهُ فِي مَصَابِيحِهَا، مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَضَافَ النَّذْرَ إلَيْهَا وَاحْتِيجَ لِذَلِكَ فِيهَا، وَإِلَّا بِيعَ وَصُرِفَ ثَمَنُهُ لِمَصَالِحِهَا كَمَا لَا يَخْفَى. وَلَوْ عَسُرَ التَّصَدُّقُ بِعَيْنِهِ كَلُؤْلُؤٍ بَاعَهُ وَفَرَّقَ ثَمَنَهُ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ إنْ اسْتَوَتْ قِيمَتُهُ فِي بَلَدِهِ وَالْحَرَمِ بَاعَهُ فِي أَيِّهِمَا شَاءَ وَإِلَّا لَزِمَهُ بَيْعُهُ فِي أَعْلَاهُمَا قِيمَةً هَذَا كُلُّهُ فِيمَا يُمْكِنُهُ نَقْلُهُ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ، أَوْ عَسُرَ كَعَقَارٍ وَرَحًى بِيعَ وَفُرِّقَ ثَمَنُهُ، وَلَوْ تَلِفَ الْمُعَيَّنُ فِي يَدِهِ بِلَا تَقْصِيرٍ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَالْمُتَوَلِّي لِبَيْعِ جَمِيعِ ذَلِكَ النَّاذِرُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَلَيْسَ لِقَاضِي مَكَّةَ نَزْعُهُ مِنْهُ، نَعَمْ يُتَّجَهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إمْسَاكُهُ بِقِيمَتِهِ لِاتِّهَامِهِ فِي مُحَابَاةِ نَفْسِهِ وَلِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقَبِّضِ. (أَوْ) نَذَرَ (التَّصَدُّقَ) أَوْ الْأُضْحِيَّةَ أَوْ النَّحْرَ إنْ ذَكَرَ التَّصَدُّقَ بِهِ أَوْ نَوَاهُ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْمُحْرِمِ (عَلَى أَهْلِ بَلَدٍ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي عِلْمِ الْجَوَابِ مِنْ ذَلِكَ نَظَرٌ، فَإِنَّهُ إذَا أُكْرِهَ عَلَى التَّلَبُّسِ بِمَا فِيهَا جَمِيعَ الْوَقْتِ يُمْكِنُهُ فِعْلُهُ مَعَ ذَلِكَ الْمُنَافِي وَيَقْضِي، وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَا لَوْ حُبِسَ فِي مَكَان نَجَسٍ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَوْ أُكْرِهَ فِي صَلَاتِهِ اخْتِيَارًا عَلَى اسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ أَوْ نَحْوِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِنُدْرَةِ ذَلِكَ فَلَا يُتَصَوَّرُ حِينَئِذٍ مَعَ الْإِكْرَاهِ فِعْلُهُ مَعَ الْمُنَافِي. (قَوْلُهُ: هُوَ مُقِيمٌ) أَيْ إقَامَةً تَقْطَعُ السَّفَرَ وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ صِحَاحٍ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ مُقَابَلَتُهُ بِالْمُسْتَوْطِنِ، فَمَنْ نَحَرَ بِمِنًى لَا يُجْزِئُ إعْطَاؤُهُ لِلْحُجَّاجِ الَّذِينَ لَمْ يُقِيمُوا بِمَكَّةَ قَبْلَ عَرَفَةَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُمْ لَا يَنْقَطِعُ تَرَخُّصُهُمْ إلَّا بَعْدَ عَوْدِهِمْ إلَى مَكَّةَ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ (قَوْلُهُ: بِيعَ بَعْضُهُ لِذَلِكَ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ النَّذْرُ لِغَيْرِهَا مِنْ الْمَسَاجِدِ وَقَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَكِنْ يَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إكْرَامًا لَهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ اسْتَوَتْ قِيمَتُهُ) وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ نَذَرَ إهْدَاءَ بَهِيمَةٍ إلَى الْحَرَمِ، فَإِنْ أَمْكَنَ إهْدَاؤُهَا بِنَقْلِهَا إلَى الْحَرَمِ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ فِي نَقْلِهَا وَلَا نَقْصِ قِيمَةٍ لَهَا وَجَبَ وَإِلَّا بَاعَهَا بِمَحَلِّهَا وَنَقَلَ قِيمَتَهَا (قَوْلُهُ وَالْمُتَوَلِّي لِبَيْعِ جَمِيعِ ذَلِكَ النَّاذِرُ) أَيْ وَلَوْ غَيْرَ عَدْلٍ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ وَمَضْمُونٌ عَلَيْهِ فَوِلَايَتُهُ لَهُ. (قَوْلُهُ: إنْ ذَكَرَ التَّصَدُّقَ بِهِ) أَيْ بِمَا يَنْحَرُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ عَيَّنَ لَهَا وَقْتًا مَكْرُوهًا إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ يَصِحَّانِ فِيهِ (قَوْلُهُ: مِنْ نَعَمٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ إهْدَاءُ هَذَا الثَّوْبِ مَثَلًا يَلْزَمُهُ حَمْلُهُ إلَى مَكَّةَ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي نَذْرِهِ وَفِي شَرْحِ الْجَلَالِ وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ مَا يُخَالِفُهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: غَالِبًا) يَنْبَغِي حَذْفُهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْهَدْيِ) هَذَا وَاَلَّذِي بَعْدَهُ مَبْنِيَّانِ عَلَى ظَاهِرِ الْمَتْنِ لَا بِالنَّظَرِ لِمَا حِلُّهُ بِهِ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَقَالَ أُهْدِي إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ تَعْمِيمٌ فِي الْمَتْنِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: سَوَاءٌ أَقَالَ أُهْدِي هَذَا أَمْ جَعَلْته هَدْيًا أَمْ هَدْيًا لِلْكَعْبَةِ انْتَهَتْ. فَلَعَلَّ بَعْضَهَا سَقَطَ مِنْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَمُؤْنَتُهُ) أَيْ الْهَدْيِ (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْحَرَمِ) أَيْ

مَكَّةَ (مُعَيَّنٍ لَزِمَهُ) لِمَسَاكِينِهِ وَفَاءً بِالْمُلْتَزَمِ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ تَعْمِيمُ الْمَحْصُورِينَ وَجَوَازُ الِاقْتِصَارِ عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ فِي غَيْرِ الْمَحْصُورِينَ، نَعَمْ لَوْ تَمَحَّضَ أَهْلُ الْبَلَدِ كُفَّارًا لَمْ يَلْزَمْ لِأَنَّ النَّذْرَ لَا يُصْرَفُ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ. (أَوْ) نَذَرَ (صَوْمًا) أَوْ نَحْوَهُ (فِي بَلَدٍ) وَلَوْ مَكَّةَ (لَمْ يَتَعَيَّنْ) فَيَلْزَمُهُ الصَّوْمُ وَيَفْعَلُهُ فِي أَيِّ مَحَلٍّ شَاءَ لِأَنَّهُ لَا قُرْبَةَ فِيهِ فِي مَحَلٍّ بِخُصُوصِهِ، وَلَا نَظَرَ لِزِيَادَةِ ثَوَابِهِ فِيهَا وَلِذَا لَمْ يُجْزِهِ صَوْمُ الدَّمِ فِيهَا بَلْ لَمْ يُجْزِ فِي بَعْضِهِ (وَكَذَا صَلَاةٌ) وَاعْتِكَافٌ كَمَا مَرَّ بِبَلَدٍ أَوْ مَسْجِدٍ لَا يَتَعَيَّنُ لِذَلِكَ، نَعَمْ لَوْ عَيَّنَ الْمَسْجِدَ لِلْفَرْضِ لَزِمَهُ وَلَهُ فِعْلُهُ فِي مَسْجِدٍ غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَكْثَرَ جَمَاعَةً فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِمَنْ قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّا إنَّمَا أَوْجَبْنَا الْمَسْجِدَ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ مَقْصُودَةٌ فِي الْفَرْضِ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِ مَسْجِدًا فَلْيَجُزْ كُلُّ مَسْجِدٍ لِذَلِكَ وَيُتَّجَهُ إلْحَاقُ النَّوَافِلِ الَّتِي يُسَنُّ فِعْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ بِالْفَرْضِ (إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ) فَيَتَعَيَّنُ بِالنَّذْرِ لِعِظَمِ فَضْلِهِ وَتَعَلُّقِ النُّسُكِ بِهِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْكَعْبَةُ وَالْمَسْجِدُ حَوْلَهَا مَعَ مَا زِيدَ فِيهِ (وَفِي قَوْلٍ) إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ (وَمَسْجِدَ الْمَدِينَةِ وَالْأَقْصَى) لِمُشَارَكَتِهِمَا لَهُ فِي بَعْضِ الْخُصُوصِيَّاتِ لِخَبَرِ «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ» أَيْ لَا يُطْلَبُ شَدُّهَا إلَّا لِذَلِكَ (قُلْت: الْأَظْهَرُ تَعَيُّنُهُمَا كَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَيَقُومُ مَسْجِدُ مَكَّةَ مَقَامَهُمَا وَمَسْجِدُ الْمَدِينَةِ مَقَامَ الْأَقْصَى وَلَا عَكْسَ فِيهِمَا، ثُمَّ الْمُضَاعَفَةُ الْمَذْكُورَةُ إنَّمَا تَكُونُ بِالنِّسْبَةِ لِلْفَضْلِ خَاصَّةً لَا فِي حُسْبَانٍ عَنْ مُنْذَرٍ أَوْ قَضَاءٍ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا يُلْحَقُ بِهَا مَسْجِدُ قُبَاءَ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَإِنْ صَحَّ الْخَبَرُ بِأَنَّ رَكْعَتَيْنِ فِيهِ كَعُمْرَةٍ (أَوْ) نَذَرَ (صَوْمًا مُطْلَقًا) بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِعَدَدٍ لَفْظًا وَلَا نِيَّةً (فَيَوْمٌ) إذْ الصَّوْمُ الشَّرْعِيُّ لَا يَكُونُ فِي أَقَلَّ مِنْهُ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَوَصَفَهُ بِطُولٍ أَمْ كَثْرَةٍ أَمْ حِينٍ أَمْ دَهْرٍ (أَوْ أَيَّامًا فَثَلَاثَةٌ) لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ، وَمَرَّ وُجُوبُ التَّبْيِيتِ فِي كُلِّ صَوْمٍ وَاجِبٍ (أَوْ) نَذَرَ (صَدَقَةً) فَ) يُجْزِيهِ التَّصَدُّقُ (بِمَا) أَيْ بِأَيِّ شَيْءٍ (كَانَ) وَإِنْ قَلَّ مِمَّا يُتَمَوَّلُ فَلَا يَكْفِي غَيْرُهُ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَوَصَفَ الْمَالَ الْمَنْذُورَ بِكَوْنِهِ عَظِيمًا أَمْ لَا لِإِطْلَاقِ الِاسْمِ، وَلِأَنَّ الْخُلَطَاءَ قَدْ يَشْتَرِكُونَ فِي نِصَابٍ فَيَجِبُ عَلَى أَحَدِهِمْ شَيْءٌ قَلِيلٌ. (أَوْ) نَذَرَ صَلَاةً) ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لَزِمَهُ لِمَسَاكِينِهِ) أَيْ الْمُقِيمِينَ أَوْ الْمُسْتَوْطِنِينَ: أَيْ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهُ وَلَا لِمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ قِيَاسًا عَلَى الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ مَا مَرَّ) أَيْ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ وَفِي قَوْلِهِ هُنَا وَيَجِبُ تَعْمِيمُ الْمَحْصُورِينَ. (قَوْلُهُ: وَلَا نَظَرَ لِزِيَادَةِ ثَوَابِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الصَّوْمَ يَزِيدُ ثَوَابُهُ فِي مَكَّةَ عَلَى ثَوَابِهِ فِي غَيْرِهِ، وَهَلْ يُضَاعَفُ الثَّوَابُ فِيهِ قَدْرَ مُضَاعَفَةِ الصَّلَاةِ أَوْ لَا بَلْ فِيهِ مُجَرَّدُ زِيَادَةٍ لَا تَصِلُ لِحَدِّ مُضَاعَفَةِ الصَّلَاةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّارِحِ فِي الِاعْتِكَافِ أَنَّ الْمُضَاعَفَةَ خَاصَّةٌ بِالصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: أَيْ لَا يَطْلُبُ شَدَّهَا) أَيْ فَيَكُونُ الشَّدُّ مَكْرُوهًا وَبِبَعْضِ الْهَوَامِشِ قَالَ الْقَفَّالُ وَالْجُوَيْنِيُّ: أَيْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَاعْتَمَدَاهُ، وَفِي حَجّ فِي الْجَنَائِزِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّهْيِ فِي الْحَدِيثِ الْكَرَاهَةُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ صَحَّ الْخَبَرُ) أَيْ بِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَذَرَ صَلَاةً) أَيْ وَلَا فَرْقَ فِي الصَّلَاةِ الْمَذْكُورَةِ بَيْنَ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ وَغَيْرِهِ كَالرَّوَاتِبِ وَالضُّحَى ـــــــــــــــــــــــــــــQأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ وَلَا نَوَاهُ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَهُ) لَعَلَّهُ كَالْقِرَاءَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ تَمَحَّضَ أَهْلُ الْبَلَدِ كُفَّارًا إلَخْ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَقَوْلُهُ فِيهِ لَمْ يَلْزَمْهُ: أَيْ لَمْ يَلْزَمْ صَرْفُهُ إلَيْهِمْ كَذَا فِي هَامِشِ هَذِهِ النُّسْخَةِ: أَيْ لِأَنَّهُ يَجُوزُ إبْدَالُ الْكَافِرِ بِغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ لَكِنَّ قَوْلَهُ فِي هَذِهِ لِأَنَّ النَّذْرَ إلَخْ فِيهِ صُعُوبَةٌ لَا تَخْفَى (قَوْلُهُ: وَلِذَا لَمْ يُجْزِهِ صَوْمُ الدَّمِ) كَذَا فِي النُّسَخِ، وَصَوَابُهُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ وَلِذَا لَمْ يَجِبْ إلَخْ وَالضَّمِيرُ فِي بَعْضِهِ لِلدَّمِ، وَمُرَادُ بِهِ صَوْمُ التَّمَتُّعِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ صَوْمُ الدَّمِ فِيهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ ثَوَابًا، بَلْ بَعْضُهُ لَا يَجْزِي فِيهِ فَضْلًا عَنْ وُجُوبِهِ وَهُوَ التَّمَتُّعُ وَيُوجَدُ فِي النُّسَخِ تَحْرِيفُ الدَّمِ بِالدَّهْرِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ لَا يُطْلَبُ) أَيْ بَلْ يُكْرَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ حَجَرٍ فِي الْجَنَائِزِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُرَادَ شَدُّهَا لِزِيَارَةِ نَفْسِ الْبُقْعَةِ كَمَا تُزَارُ هَذِهِ الْمَسَاجِدُ (قَوْلُهُ لِإِطْلَاقِ الِاسْمِ وَلِأَنَّ الْخُلَطَاءَ إلَخْ) تَعْلِيلَانِ لِأَصْلِ الْمَتْنِ: أَيْ إنَّمَا جَازَ بِأَيِّ شَيْءٍ وَإِنْ قَلَّ لِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ وُجُوبُ التَّصَدُّقِ بِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْخُلَطَاءِ، وَإِنَّمَا احْتَاجَ لِهَذَا لِيَكُونَ الْحُكْمُ جَارِيًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّ النَّذْرَ يُسْلَكُ بِهِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ

فَرَكْعَتَانِ تُجْزَيَانِهِ حَمْلًا عَلَى ذَلِكَ، وَيَجِبُ فِعْلُهُمَا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ صَلَاتَيْنِ وَجَبَ التَّسْلِيمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ (وَفِي قَوْلٍ رَكْعَةٌ) حَمْلًا عَلَى جَائِزِهِ وَلَا تُجْزِيهِ سَجْدَةُ تِلَاوَةٍ أَوْ شُكْرٍ (فَعَلَى الْأَوَّلِ يَجِبُ الْقِيَامُ فِيهِمَا مَعَ الْقُدْرَةِ) لِأَنَّهُمَا أُلْحِقَا بِوَاجِبِ الشَّرْعِ (وَعَلَى الثَّانِي لَا) إلْحَاقًا بِجَائِزِهِ. (أَوْ) نَذَرَ (عِتْقًا) عَدَلَ عَنْ قَوْلِ أَصْلِهِ كَالتَّنْبِيهِ إعْتَاقًا مَعَ التَّعَجُّبِ مِنْ تَغْيِيرِهَا، فَقَدْ قَالَ فِي تَحْرِيرِهِ إنْكَارُهُ جَهْلٌ لَكِنَّهُ أَحْسَنُ لِأَنَّ فِي تَغْيِيرِهَا رَدًّا عَلَى الْمُنْكِرِ فَكَانَ أَهَمَّ مِنْ ارْتِكَابِ الْأَحْسَنِ (فَعَلَى الْأَوَّلِ) تَجِبُ (رَقَبَةُ كَفَّارَةٍ) تَكُونُ مُؤْمِنَةً سَلِيمَةً مِنْ عَيْبٍ يُخِلُّ بِالْكَسْبِ (وَعَلَى الثَّانِي رَقَبَةٌ) وَإِنْ لَمْ تَجُزْ لِكُفْرِهَا أَوْ عَيْبِهَا حَمْلًا عَلَى جَائِزِهِ (قُلْت: الثَّانِي هُنَا أَظْهَرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فَاكْتَفَى بِمَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ، وَلِأَنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ إلَى فَكِّ الرِّقَابِ مِنْ الرِّقِّ مَعَ أَنَّهُ غَرَامَةٌ فَسُومِحَ فِيهَا وَخَرَجَ عَنْ قَاعِدَةِ السُّلُوكِ بِالنَّذْرِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ (أَوْ) نَذَرَ (عِتْقَ كَافِرَةٍ مَعِيبَةٍ) (أَجْزَأَهُ كَامِلَةٌ) لِأَنَّهَا أَفْضَلُ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ (فَإِنْ عَيَّنَ نَاقِصَةً) بِنَحْوِ كُفْرٍ أَوْ عَيْبٍ وَإِنْ جَعَلَ الْعَيْبَ وَصْفًا كَعَلَيَّ عِتْقُ هَذَا الْكَافِرِ أَوْ عِتْقُ هَذَا (تَعَيَّنَتْ) وَامْتَنَعَ إبْدَالُهَا لِتَعَلُّقِ النَّذْرِ بِعَيْنِهَا وَإِنْ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهَا بِهِ. (أَوْ) نَذَرَ (صَلَاةً قَائِمًا) لَمْ يَجُزْ قَاعِدًا) لِأَنَّهُ دُونَ مَا الْتَزَمَهُ (بِخِلَافِ عَكْسِهِ) بِأَنْ نَذَرَهَا قَاعِدًا فَلَهُ الْقِيَامُ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَلَا يَلْزَمُهُ وَإِنْ كَانَ قَادِرًا (أَوْ) نَذَرَ (طُولَ قِرَاءَةِ الصَّلَاةِ) فَرْضًا أَوْ غَيْرَهَا أَوْ تَطْوِيلَ نَحْوِ رُكُوعِهَا أَوْ الْقِيَامَ فِي نَافِلَةٍ أَوْ نَحْوَ تَثْلِيثِ وُضُوءٍ (أَوْ) نَذَرَ (سُورَةً مُعَيَّنَةً) يَقْرَؤُهَا فِي صَلَاتِهِ وَلَوْ نَفْلًا. (أَوْ) نَذَرَ (الْجَمَاعَةَ) فِيمَا تُشْرَعُ فِيهِ مِنْ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ (لَزِمَهُ) ذَلِكَ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ مَقْصُودَةٌ وَتَقْيِيدُهُمَا هَذِهِ الثَّلَاثَةَ بِالْفَرْضِ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ لَا تَقْيِيدُ الْحُكْمِ بِهِ خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ، وَالْأَوْجَهُ ضَبْطُ التَّطْوِيلِ الْمُلْتَزَمِ هُنَا بِأَدْنَى زِيَادَةٍ عَلَى مَا يُنْدَبُ لِإِمَامِ غَيْرِ مَحْصُورِينَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ وَأَمَّا قَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ: إنَّ مَحَلَّ وُجُوبِ التَّطْوِيلِ إذَا لَمْ يَكُنْ إمَامًا لِقَوْمٍ غَيْرِ مَحْصُورِينَ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ لِكَرَاهَتِهِ فَهُوَ وَإِنْ كَانَ يُشِيرُ لِمَا قَرَّرْنَاهُ إلَّا أَنَّ كَرَاهَةَ أَدْنَى زِيَادَةٍ عَلَى مَا يُنْدَبُ لِإِمَامِ غَيْرِ مَحْصُورِينَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ مَمْنُوعَةٌ. (وَالصَّحِيحُ) انْعِقَادُ النَّذْرِ بِكُلِّ قُرْبَةٍ لَا تَجِبُ ابْتِدَاءً) (كَعِيَادَةٍ) لِمَرِيضٍ تُنْدَبُ عِيَادَتُهُ (وَتَشْيِيعُ جِنَازَةٍ وَالسَّلَامُ) ابْتِدَاءً حَيْثُ شُرِعَ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَيَجِبُ الْقِيَامُ فِي الْجَمِيعِ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَذَرَ عِتْقَ كَافِرَةٍ مُعَيَّنَةٍ) بِأَنْ الْتَزَمَهَا فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ) وَفَائِدَةُ ذَلِكَ جَوَازُ انْتِفَاعِهِ بِهَا وَبِدَرِّهَا وَنَسْلِهَا وَصُوفِهَا. (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ وَإِنْ كَانَ قَادِرًا) قَالَ حَجّ: وَأَيْضًا فَالْقِيَامُ قُعُودٌ وَزِيَادَةٌ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَوُجِدَ الْمَنْذُورُ هُنَا بِزِيَادَةٍ وَلَا كَذَلِكَ فِي الرُّكُوبِ إلَخْ اهـ. أَقُولُ: وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْقُعُودَ هُوَ انْتِصَابُ مَا فَوْقَ الْفَخِذَيْنِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِالْقِيَامِ لِأَنَّ فِيهِ انْتِصَابَ مَا فَوْقَ الْفَخِذَيْنِ وَزِيَادَةً وَهِيَ انْتِصَابُ الْفَخِذَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَذَرَ الْجَمَاعَةَ) وَيَخْرُجُ مِنْ عُهْدَةِ ذَلِكَ بِالِاقْتِدَاءِ فِي جُزْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ لِانْسِحَابِ حُكْمِ الْجَمَاعَةِ عَلَى جَمِيعِهَا (قَوْلُهُ: وَتَقْيِيدُهُمْ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ) أَيْ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. (قَوْلُهُ: لَا تَجِبُ ابْتِدَاءً) أَيْ لَا يَجِبُ جِنْسُهَا ابْتِدَاءً، وَسَيَأْتِي مُحْتَرَزُهُ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا قَدْ يُقَالُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ لَا تَجِبُ ابْتِدَاءً صِحَّةُ نَذْرِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ إذَا تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ لِعَدَمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ حَمْلًا عَلَى ذَلِكَ) اُنْظُرْ مَرْجِعَ الْإِشَارَةِ (قَوْلُهُ: كَالتَّنْبِيهِ) يَعْنِي مُعَبِّرًا كَالتَّنْبِيهِ وَقَوْلُهُ مَعَ التَّعَجُّبِ مِنْ تَعْبِيرِهِمَا: أَيْ مَعَ أَنَّ بَعْضَهُمْ تَعَجَّبَ مِنْ تَعْبِيرِهِمَا: أَيْ الْمِنْهَاجِ وَالتَّنْبِيهِ إنْكَارًا لَهُ، وَقَوْلُهُ فَقَدْ قَالَ فِي التَّحْرِيرِ إلَخْ يَنْبَغِي تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ لِأَنَّهُ فِي تَعْبِيرِهِمَا إلَخْ الَّذِي هُوَ عِلَّةُ الْعُدُولِ، وَقَوْلُهُ لَكِنَّهُ: أَيْ التَّعْبِيرَ بِالْإِعْتَاقِ وَحَاصِلُ الْمُرَادِ وَإِنْ كَانَ فِي الْعِبَارَةِ قَلَاقَةٌ أَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا عَبَّرَ بِالْعِتْقِ كَالتَّنْبِيهِ مَعَ أَنَّ بَعْضَهُمْ تَعَجَّبَ مِنْ هَذَا التَّعْبِيرِ وَعَدَلَ عَنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِإِعْتَاقٍ وَإِنْ كَانَ أَحْسَنَ إشَارَةً لِرَدِّ هَذَا التَّعَجُّبِ الْمُتَضَمِّنِ لِتَخْطِئَةِ التَّعْبِيرِ بِالْعِتْقِ، وَهَذِهِ الْإِشَارَةُ أَهَمُّ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْأَحْسَنِ، وَعِبَارَةُ التَّحْرِيرِ قَوْلُهُ: أَيْ التَّنْبِيهِ مَنْ نَذَرَ عِتْقَ رَقَبَةٍ هُوَ كَلَامٌ صَحِيحٌ وَلَا الْتِفَاتَ إلَى مَنْ أَنْكَرَهُ لِجَهْلِهِ، وَلَكِنْ لَوْ قَالَ إعْتَاقٌ لَكَانَ أَحْسَنَ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَالسَّلَامُ) أَشَارَ بِهِ إلَى حُسْنِ الْخِتَامِ

[كتاب القضاء]

وُجُوبًا مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ لِمَا مَرَّ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ غَيْرُهُ وَنَفْسُهُ عِنْدَ دُخُولِ بَيْتٍ خَالٍ، لِأَنَّ الشَّارِعَ رَغَّبَ فِيهَا وَالْعَبْدُ يَتَقَرَّبُ بِهَا فَهِيَ كَالْعِبَادَاتِ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَى أَوْضَاعِ الْعِبَادَاتِ. وَمِمَّا يَنْعَقِدُ بِهِ تَشْمِيتُ عَاطِسٍ وَزِيَارَةُ قَادِمٍ وَتَعْجِيلُ مُؤَقَّتَةٍ أَوَّلَ وَقْتِهَا وَلَمْ يُعَارِضْ ذَلِكَ مُعَارِضٌ مِمَّا مَرَّ لِأَنَّ الشَّارِعَ رَغَّبَ فِيهَا فَكَانَتْ كَالْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ وَتَصَدُّقٍ عَلَى مَيِّتٍ أَوْ قَبْرِهِ وَلَمْ يُرِدْ تَمْلِيكَهُ وَاطَّرَدَ الْعُرْفُ بِأَنَّ مَا يُحْمَلُ لَهُ يُصْرَفُ عَلَى نَحْوِ فُقَرَاءَ هُنَاكَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ بَطَلَ وَخَرَجَ بِلَا تَجِبُ ابْتِدَاءً مَا وَجَبَ جِنْسُهُ شَرْعًا كَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَصَدَقَةٍ وَعِتْقٍ وَحَجٍّ فَيَجِبُ بِالنَّذْرِ قَطْعًا، وَيُعْتَبَرُ زِيَادَةٌ فِي الضَّابِطِ أَيْضًا وَهُوَ أَنْ لَا يُبْطِلَ رُخْصَةَ الشَّرْعِ لِيُخْرِجَ نَذْرَ عَدَمِ الْفِطْرِ فِي السَّفَرِ مِنْ رَمَضَانَ وَنَذْرَ الْإِتْمَامِ فِيهِ إذَا كَانَ الْأَفْضَلُ الْفِطْرَ فَإِنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ، وَلَوْ قَالَ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ تَعْجِيلُ زَكَاةِ مَالِي لَمْ يَنْعَقِدْ، أَوْ نَذَرَ الِاعْتِكَافَ صَائِمًا لَزِمَاهُ جَزْمًا، أَوْ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ إذَا عَطَسَ انْعَقَدَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ عِلَّةٌ، فَإِنْ عَطَسَ فِي نَحْوِ رُكُوعٍ قَرَأَهَا بَعْدَ صَلَاتِهِ، أَوْ فِي الْقِيَامِ قَرَأَهَا حَالًا إذْ تَكْرِيرُهَا لَا يُبْطِلُهَا، أَوْ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ عَقِبَ شُرْبِهِ انْعَقَدَ، أَوْ أَنْ يُجَدِّدَ الْوُضُوءَ عِنْدَ مُقْتَضِيهِ فَكَذَلِكَ. كِتَابُ الْقَضَاءِ بِالْمَدِّ، وَهُوَ فِي اللُّغَةِ: إحْكَامُ الشَّيْءِ وَإِمْضَاؤُهُ، وَأَتَى لِمَعَانٍ أُخَرَ، وَفِي الشَّرْعِ: الْوِلَايَةُ الْآتِيَةُ وَالْحُكْمُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهَا، أَوْ إلْزَامُ مَنْ لَهُ الْإِلْزَامُ بِحُكْمِ الشَّرْعِ فَخَرَجَ الْإِفْتَاءُ وَالْأَصْلُ فِيهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ وَفِي الْخَبَرِ «إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ» أَيْ أَرَادَ الْحُكْمَ «فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، إذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ» وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ بَدَلَ الْأُولَى «فَلَهُ عَشَرَةُ أُجُورٍ» وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ هَذَا فِي حَاكِمٍ عَالِمٍ مُجْتَهِدٍ. أَمَّا غَيْرُهُ فَآثِمٌ بِجَمِيعِ أَحْكَامِهِ وَإِنْ وَافَقَ الصَّوَابَ وَأَحْكَامُهُ كُلُّهَا مَرْدُودَةٌ لِأَنَّ إصَابَتَهُ اتِّفَاقِيَّةٌ. وَرَوَى الْأَرْبَعَةُ وَالْحَاكِمُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوُجُوبِهَا عَلَيْهِ ابْتِدَاءً وَقَدْ مَرَّ عَدَمُ صِحَّةِ نَذْرِهَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ الشَّارِعَ رَغَّبَ فِيهَا) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ (قَوْلُهُ وَمِمَّا يَنْعَقِدُ بِهِ) أَيْ النَّذْرُ (قَوْلُهُ: مُعَارَضٌ مِمَّا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَعْذَارِ الْجَمَاعَةِ. [تَتِمَّةٌ] لَوْ نَذَرَ زِيَارَةَ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَزِمَهُ، وَلَوْ قَالَ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِدِينَارٍ فَشُفِيَ جَازَ دَفْعُهُ إلَيْهِ إنْ كَانَ فَقِيرًا وَلَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ اهـ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَنْ لَا يَبْطُلَ) أَيْ النَّذْرُ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي الْقِيَامِ قَرَأَهَا حَالًا) أَيْ ثُمَّ يَأْتِي بِالْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ، وَيَنْبَغِي جَوَازُ تَقْدِيمِ قِرَاءَةِ الصَّلَاةِ بَلْ لَعَلَّهُ أَوْلَى، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ حَالًا لِجَوَازِ حَمْلِهِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ لَا يَجِبُ تَأْخِيرُهَا إلَى مَا بَعْدَ السَّلَامِ. وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ. يَكُنْ مَأْمُومًا، فَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا أَخَّرَ قِرَاءَتَهَا لِمَا بَعْدَ السَّلَامِ (قَوْلُهُ: إذْ تَكْرِيرُهَا لَا يُبْطِلُهَا) لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَبْطَلَ بِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ مَحَلَّ الْقَوْلِ بِالْبُطْلَانِ فِي غَيْرِ نَحْوِ هَذِهِ الصُّورَةِ بِأَنْ كَرَّرَ لَا لِسَبَبٍ (قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ) أَيْ يَنْعَقِدُ. كِتَابُ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: وَإِمْضَاؤُهُ) عَطْفٌ مُغَايِرٌ (قَوْلُهُ: وَأَتَى) أَيْ لُغَةً، وَقَوْلُهُ لَمَعَانٍ أُخَرَ: أَيْ كَالْوَحْيِ وَالْخَلْقِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْقَضَاءِ] (قَوْلُهُ: أَمَّا غَيْرُهُ) يَعْنِي الْمُجْتَهِدَ غَيْرَ الْعَالِمِ بِأَنْ يَحْكُمَ بِاجْتِهَادِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْلِيدٍ وَهُوَ لَمْ تَتَوَفَّرْ فِيهِ شُرُوطُ الِاجْتِهَادِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لِأَنَّ إصَابَتَهُ اتِّفَاقِيَّةٌ فَخَرَجَ الْمُقَلِّدُ بِشَرْطِهِ الْآتِي (قَوْلُهُ وَأَحْكَامُهُ كُلُّهَا مَرْدُودَةٌ) مَحَلُّهُ إنْ لَمْ يُوَلِّهِ ذُو شَوْكَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا يَأْتِي، ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ الرِّفْعَةِ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ

وَالْبَيْهَقِيُّ خَبَرَ «الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ: قَاضٍ فِي الْجَنَّةِ، وَقَاضِيَانِ فِي النَّارِ» وَفَسَّرَ الْأَوَّلَ بِأَنَّهُ عَرَفَ الْحَقَّ وَقَضَى بِهِ، وَالْأَخِيرَانِ بِمَنْ عَرَفَ وَجَارَ وَمَنْ قَضَى عَلَى جَهْلٍ، وَاَلَّذِي يَسْتَفِيدُهُ بِالْوِلَايَةِ إظْهَارُ حُكْمِ الشَّرْعِ وَإِمْضَاؤُهُ فِيمَا يُرْفَعُ إلَيْهِ، بِخِلَافِ الْمُفْتِي مُظْهِرٌ لَا مُمْضٍ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْقِيَامُ بِحَقِّهِ أَفْضَلَ مِنْ الْإِفْتَاءِ (هُوَ) أَيْ قَبُولُهُ مِنْ مُتَعَدِّدِينَ صَالِحِينَ (فَرْضُ كِفَايَةٍ) بَلْ هُوَ أَسْنَى فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ حَتَّى ذَهَبَ الْغَزَالِيُّ إلَى تَفْضِيلِهِ عَلَى الْجِهَادِ وَذَلِكَ لِلْإِجْمَاعِ مَعَ الِاضْطِرَارِ إلَيْهِ لِأَنَّ طِبَاعَ الْبَشَرِ مَجْبُولَةٌ عَلَى التَّظَالُمِ وَقَلَّ مَنْ يُنْصِفُ مِنْ نَفْسِهِ، وَالْإِمَامُ الْأَعْظَمُ مُشْتَغِلٌ بِمَا هُوَ أَهَمُّ مِنْهُ فَوَجَبَ مَنْ يَقُومُ بِهِ، فَإِنْ امْتَنَعَ الصَّالِحُونَ لَهُ أَثِمُوا وَأَجْبَرَ الْإِمَامُ أَحَدَهُمْ. أَمَّا تَقْلِيدُهُ فَفَرْضُ عَيْنٍ عَلَى الْإِمَامِ فَوْرًا فِي قَضَاءِ الْإِقْلِيمِ، وَيَتَعَيَّنُ فِعْلُ ذَلِكَ عَلَى قَاضِي الْإِقْلِيمِ فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ كَمَا يَأْتِي، وَلَا يَجُوزُ إخْلَاءُ مَسَافَةِ الْعَدْوَى عَنْ قَاضٍ أَوْ خَلِيفَةٍ لَهُ لِأَنَّ الْإِحْضَارَ مِنْ فَوْقِهَا مُشِقٌّ، وَبِهِ فَارَقَ اعْتِبَارَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ بَيْنَ كُلِّ مُفْتِيَيْنِ أَمَّا إيقَاعُ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْمُتَخَاصِمِينَ فَفَرْضُ عَيْنٍ عَلَى الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الدَّفْعُ إذَا أَفْضَى لِتَعْطِيلٍ أَوْ طُولِ نِزَاعٍ، وَمِنْ صَرِيحِ التَّوْلِيَةِ وَلَّيْتُك أَوْ قَلَّدْتُك أَوْ فَوَّضْت إلَيْك الْقَضَاءَ، وَمِنْ كِنَايَتِهَا عَوَّلْت وَاعْتَمَدْت عَلَيْك فِيهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ الْقَبُولُ لَفْظًا بَلْ يَكْفِي فِيهِ الشُّرُوعُ بِالْفِعْلِ كَالْوَكِيلِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، نَعَمْ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ. (فَإِنْ تَعَيَّنَ) لَهُ وَاحِدٌ بِأَنْ لَمْ يَصْلُحْ غَيْرُهُ (لَزِمَهُ) (طَلَبُهُ) وَلَوْ بِمَالٍ قَدَرَ عَلَيْهِ فَاضِلًا عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي الْفِطْرَةِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَخَافَ الْمَيْلَ أَمْ لَا، عَلِمَ أَنَّ الْإِمَامَ عَالِمٌ بِهِ وَلَمْ يَطْلُبْهُ مِنْهُ أَمْ لَا، بَلْ عَلَيْهِ الطَّلَبُ وَالْقَبُولُ وَالتَّحَرُّزُ مَا أَمْكَنَهُ، فَإِنْ امْتَنَعَ أَجْبَرَهُ الْإِمَامُ، وَلَيْسَ مُفَسَّقًا لِأَنَّهُ غَالِبًا إنَّمَا يَكُونُ بِتَأْوِيلٍ، وَالْأَقْرَبُ وُجُوبُ الطَّلَبِ وَإِنْ ظَنَّ عَدَمَ الْإِجَابَةِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ يَجِبُ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَإِنْ عَلِمَ عَدَمَ امْتِثَالِهِمْ لَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ (فَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَصْلَحَ) نُدِبَ لِلْأَصْلَحِ طَلَبُهُ وَقَبُولُهُ حَيْثُ وَثِقَ بِنَفْسِهِ (وَكَانَ) الْأَصْلَحُ (يَتَوَلَّاهُ) أَيْ يَقْبَلُهُ إذَا وَلِيَهُ (فَلِلْمَفْضُولِ الْقَبُولُ) إذَا بُذِلَ لَهُ بِلَا طَلَبٍ وَتَنْعَقِدُ تَوْلِيَتُهُ كَالْإِمَامَةِ الْعُظْمَى (وَقِيلَ لَا) يَجُوزُ لَهُ الْقَبُولُ فَلَا تَنْعَقِدُ تَوْلِيَتُهُ وَتَحْرُمُ لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ وَالْحَاكِمِ «مَنْ اسْتَعْمَلَ عَامِلًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ غَيْرَهُ أَفْضَلُ مِنْهُ» وَفِي رِوَايَةٍ «رَجُلًا عَلَى عِصَابَةٍ وَفِي تِلْكَ الْعِصَابَةِ مَنْ هُوَ أَرْضَى لِلَّهِ مِنْهُ فَقَدْ خَانَ اللَّهَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَإِمْضَاؤُهُ) عَطْفٌ مُغَايِرٌ (قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ أَسْنَى) أَيْ أَعْلَى (قَوْلُهُ: أَمَّا تَقْلِيدُهُ) أَيْ تَوْلِيَتُهُ لِمَنْ يَقُومُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ إخْلَاءُ مَسَافَةِ الْعَدْوَى) وَالْمُخَاطَبُ بِذَلِكَ الْإِمَامُ أَوْ مَنْ فَوَّضَ إلَيْهِ الْإِمَامُ الِاسْتِخْلَافَ كَقَاضِي الْإِقْلِيمِ. (قَوْلُهُ: فَاضِلًا عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي الْفِطْرَةِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَثُرَ الْمَالُ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي صَرَّحُوا فِيهَا بِسُقُوطِ الْوُجُوبِ حَيْثُ طُلِبَ مِنْهُ مَالٌ وَإِنْ قَلَّ أَنَّ الْقَضَاءَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ لِلْمُسْلِمِينَ فَوَجَبَ بَذْلُهُ لِلْقِيَامِ بِتِلْكَ الْمَصْلَحَةِ وَلَا كَذَلِكَ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مُفَسِّقًا) أَيْ الِامْتِنَاعُ (قَوْلُهُ فَلِلْمَفْضُولِ الْقَبُولُ) ظَاهِرُهُ مَعَ انْتِفَاءِ الْكَرَاهَةِ، وَالْقِيَاسُ ثُبُوتُهَا لِجَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي جَوَازِ الْقَبُولِ، وَقَدْ يَقْتَضِي قَوْلُهُ الْآتِي وَلَهُ الْقَبُولُ مَعَ كَرَاهَةِ ثُبُوتِهَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ (قَوْلُهُ: مَنْ اسْتَعْمَلَ عَامِلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ) دَخَلَ فِيهِ كُلُّ مَنْ تَوَلَّى أَمْرًا مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ شَرْعِيًّا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ أَيْ قَبُولُهُ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فَفِيهِ اسْتِخْدَامٌ وَنَازَعَهُ ابْنُ قَاسِمٍ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ هَذَا مُتَوَقِّفٌ عَلَى وُرُودِ الْقَضَاءِ بِمَعْنَى قَبُولِهِ وَالظَّاهِرُ مِنْ هَذَا التَّفْسِيرِ أَنَّ الضَّمِيرَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ وَهَذَا غَيْرُ الِاسْتِخْدَامِ (قَوْلُهُ: أَيْ قَبُولُهُ) لَعَلَّهُ بِمَعْنَى التَّلَبُّسِ بِهِ وَإِلَّا فَسَيَأْتِي أَنَّ قَبُولَهُ لَفْظًا غَيْرُ شَرْطٍ (قَوْلُهُ: أَمَّا إيقَاعُ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْمُتَخَاصِمَيْنِ) أَيْ بَعْدَ تَدَاعِيهِمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: عَلَى الْإِمَامِ) يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْإِمَامَ لَهُ حُكْمُ الْقَاضِي فِي الْقَضَاءِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ نَائِبِهِ) أَيْ مِنْ الْقُضَاةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مُفَسَّقًا) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِفِسْقِهِ وَإِلَّا فَالتَّعْلِيلُ لَا يُسَاعِدُ ظَاهِرَ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ: نُدِبَ لِلْأَصْلَحِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ حَيْثُ أَتَى بِهَذَا الْجَوَابِ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ شَرْطٍ يَكُونُ مَا سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ جَوَابًا لَهُ، وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ بِقَوْلِهِ فَإِنْ سَكَتَ قُبَيْلَ قَوْلِ

وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ» وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ يَتَوَلَّاهُ غَيْرُهُ فَكَالْعَدِمِ وَلَا يُجْبَرُ الْفَاضِلُ هُنَا. وَمَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ لَمْ يَتَمَيَّزْ الْمَفْضُولُ بِكَوْنِهِ أَطْوَعَ لِلنَّاسِ أَوْ أَقْرَبَ لِلْقَبُولِ أَوْ أَقْوَى فِي الْقِيَامِ فِي الْحَقِّ أَوْ أَلْزَمَ لِمَجْلِسِ الْحُكْمِ وَإِلَّا جَازَ لَهُ الْقَبُولُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَانْعَقَدَتْ وِلَايَتُهُ قَطْعًا (وَ) عَلَى الْأَوَّلِ (يُكْرَهُ طَلَبُهُ) لِوُجُودِ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ (وَقِيلَ يَحْرُمُ وَإِنْ كَانَ) غَيْرُهُ (مِثْلَهُ) وَسُئِلَ بِلَا طَلَبٍ (فَلَهُ الْقَبُولُ) مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَلَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَقُومُ بِهِ غَيْرُهُ، نَعَمْ يُنْدَبُ لَهُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِهِ وَقَدْ أَتَاهُ بِلَا سُؤَالٍ فَيُعَانُ عَلَيْهِ وَلَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ لَزِمَهُ الِامْتِنَاعُ كَمَا فِي الذَّخَائِرِ وَرَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ (وَيُنْدَبُ) لَهُ (الطَّلَبُ) لِلْقَضَاءِ وَالْقَبُولِ حَيْثُ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْهُ كَمَا لَا يَخْفَى (إنْ كَانَ خَامِلًا) أَيْ غَيْرَ مَشْهُورٍ بَيْنَ النَّاسِ بِعِلْمٍ (يَرْجُو بِهِ نَشْرَ الْعِلْمِ) وَنَفْعَ النَّاسِ بِهِ (أَوْ) كَانَ غَيْرَ الْخَامِلِ (مُحْتَاجًا إلَى الرِّزْقِ) مِنْ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى الْوِلَايَةِ، وَكَذَا لَوْ ضَاعَتْ حُقُوقُ النَّاسِ بِتَوْلِيَةِ ظَالِمٍ أَوْ جَاهِلٍ فَقَصَدَ بِطَلَبِهِ أَوْ قَبُولِهِ تَدَارُكُهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدُ هَذِهِ الْأَسْبَابِ الثَّلَاثَةِ (فَالْأَوْلَى تَرْكُهُ) أَيْ الطَّلَبُ كَالْقَبُولِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، وَهَذَا هُوَ الْحَامِلُ لِأَكْثَرِ السَّلَفِ الصَّالِحِ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْهُ (قُلْت: وَيُكْرَهُ) لَهُ الطَّلَبُ وَالْقَبُولُ (عَلَى الصَّحِيحِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِوُرُودِ نَهْيٍ مَخْصُوصٍ فِيهِ، وَعَلَيْهِ حُمِلَتْ الْأَخْبَارُ الْمُحَذِّرَةُ مِنْهُ كَالْخَبَرِ الْحَسَنِ «مَنْ وَلِيَ الْقَضَاءَ فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ» كِنَايَةٌ عَنْ شِدَّةِ خَطَرِهِ، وَيَحْرُمُ الطَّلَبُ عَلَى جَاهِلٍ وَعَالِمٍ قَصَدَ انْتِقَامًا أَوْ ارْتِشَاءً، وَيُتَّجَهُ حُرْمَةُ طَلَبِهِ مُبَاهَاةً وَاسْتِعْلَاءً بِقَصْدِ هَذَيْنِ. وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ عِنْدَ فَقْدِ قَاضٍ مُتَوَلٍّ، أَوْ كَانَ الْمُتَوَلِّي جَائِرًا، فَلَوْ كَانَ ثَمَّ مُتَوَلٍّ صَالِحٌ حَرُمَ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ السَّعْيُ فِي عَزْلِهِ وَلَوْ بِأَفْضَلَ مِنْهُ وَيَفْسُقُ الطَّالِبُ، وَلَا يُؤَثِّرُ مِمَّنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ أَوْ نُدِبَ لَهُ بَذْلُهُ مَالًا عَلَى ذَلِكَ لَكِنْ الْآخِذُ ظَالِمٌ، فَلَوْ لَمْ يَتَعَيَّنْ وَلَمْ يُنْدَبْ حَرُمَ عَلَيْهِ بَذْلُهُ ابْتِدَاءً لَا دَوَامًا لِئَلَّا يُعْزَلَ، وَفِي الرَّوْضَةِ جَوَازُ بَذْلِهِ لِيُوَلَّى أَيْضًا، وَدَعْوَى أَنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ مَرْدُودَةٌ، إذْ ذَاكَ بِالنِّسْبَةِ لِعَزْوِهِ مَا ذُكِرَ لِلرُّويَانِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَنَصْبِ مَشَايِخِ الْأَسْوَاقِ وَالْبُلْدَانِ وَنَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إلَخْ) أَيْ لِقَبُولِ الْخَصْمِ مَا يَقْضِي عَلَيْهِ أَوْ لَهُ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الْأَطْوَعِ لِأَنَّ مَعْنَى الْأَطْوَعِ أَكْثَرُ طَاعَةً بِأَنْ تَكُونَ طَاعَةُ النَّاسِ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ طَاعَتِهِمْ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: مُحْتَاجًا إلَى الرِّزْقِ) هُوَ بِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ وَبِالْكَسْرِ اسْمٌ لِمَا يُنْتَفَعُ بِهِ انْتَهَى مُخْتَارُ كَمَا قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ ضَاعَتْ حُقُوقُ النَّاسِ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْقَبُولَ حِينَئِذٍ مَنْدُوبٌ، وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ لَمْ يَبْعُدْ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدُ هَذِهِ الْأَسْبَابِ الثَّلَاثَةِ) هِيَ قَوْلُهُ إنْ كَانَ حَامِلًا إلَخْ وَقَوْلُهُ أَوْ مُحْتَاجًا إلَخْ وَقَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ ضَاعَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ الطَّلَبُ عَلَى جَاهِلٍ) أَيْ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَلَا يُؤَثِّرُ) أَيْ فِي صِحَّةِ تَوَلِّيهِ (قَوْلُهُ: إذْ ذَاكَ بِالنِّسْبَةِ لِعَزْوِهِ مَا ذُكِرَ لِلرُّويَانِيِّ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُصَنِّفِ وَكَانَ إلَخْ وَلَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ الْأَصْلَحِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ أَطْوَعَ لِلنَّاسِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: أَطْوَعَ فِي النَّاسِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَقْرَبَ لِلْقَبُولِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: أَوْ أَقْرَبَ إلَى الْقُلُوبِ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَيُكْرَهُ طَلَبُهُ) لَعَلَّ مَحَلَّهُ إذَا انْتَفَتْ عَنْهُ الصِّفَاتُ الْمَذْكُورَةُ فِي الشَّرْحِ قُبَيْلَهُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُنْدَبُ لَهُ إلَخْ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: هُوَ مُنَافٍ لِقَوْلِهِ الْآتِي وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدُ هَذِهِ الْأَسْبَابِ الثَّلَاثَةِ إلَخْ، قَالَ: فَإِنْ قِيلَ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا وُجِدَ أَحَدُ هَذِهِ الْأَسْبَابِ قُلْنَا: فَلَا مَعْنَى لِنَقْلِهِ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ وَإِنْ كَانَ مُقَيَّدًا بِالطَّلَبِ لَمْ يُخَالِفْهُ فَلْيُحَرَّرْ اهـ (قَوْلُهُ: أَيْ الطَّلَبُ كَالْقَبُولِ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ أَيْضًا: إنْ كَانَ كَوْنُ الْقَبُولِ خِلَافَ الْأَوْلَى أَوْ مَكْرُوهًا لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْن أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ طَلَبٌ مِنْهُ أَوْ لَا خِلَافَ مَا مَرَّ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ، وَإِنْ كَانَ مُقَيَّدًا بِالطَّلَبِ لَمْ يُخَالِفْهُ فَلْيُحَرَّرْ اهـ (قَوْلُهُ: بِقَصْدِ هَذَيْنِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ مُبَاهَاةً وَاسْتِعْلَاءً، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَيُكْرَهُ أَنْ يَطْلُبَهُ لِلْمُبَاهَاةِ وَالِاسْتِعْلَاءِ كَذَا قِيلَ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ حَرَامٌ بِقَصْدِ هَذِهِ أَيْضًا انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَلَا يُؤَثِّرُ مِمَّنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ أَوْ نُدِبَ لَهُ بَذْلُهُ مَالًا) أَيْ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ إذْ ذَاكَ بِالنِّسْبَةِ لِعَزْوِهِ إلَخْ) يُقَالُ عَلَيْهِ فَحِينَئِذٍ الدَّعْوَى غَيْرُ مَرْدُودَةٍ

لَا بِالنِّسْبَةِ لِلْحُكْمِ. وَيُنْدَبُ عَزْلُهُ لِغَيْرِ صَالِحٍ وَيَنْفُذُ الْعَزْلُ وَإِنْ حَرُمَ عَلَى الْعَازِلِ، وَالتَّوْلِيَةُ وَإِنْ حَرُمَ الطَّلَبُ وَالْقَبُولُ مُطْلَقًا خَشْيَةَ الْفِتْنَةِ (وَالِاعْتِبَارُ فِي التَّعَيُّنِ) السَّابِقِ (وَعَدَمِهِ بِالنَّاحِيَةِ) وَيُتَّجَهُ ضَبْطُهَا بِوَطَنِهِ وَدُونَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى مِنْهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ فِي مَسَافَةِ كُلِّ عَدْوَى نَصَبِ قَاضٍ فَيُجْرَى فِي التَّعْيِينِ، وَغَيْرِ مَا مَرَّ مِنْ أَحْكَامِ التَّعْيِينِ وَعَدَمِهِ فِي الطَّلَبِ وَالْقَبُولِ فِي وَطَنِهِ وَدُونَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى مِنْهُ دُونَ الزَّائِدِ لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ لِمَا فِيهِ مِنْ هَجْرِ الْوَطَنِ بِالْكُلِّيَّةِ، إذْ عَمَلُ الْقَضَاءِ لَا نِهَايَةَ لَهُ، بِخِلَافِ بَاقِي فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ الْمُحْوِجَةِ إلَى السَّفَرِ كَالْجِهَادِ وَتَعَلُّمِ الْعِلْمِ، فَلَوْ كَانَ بِبَلَدٍ صَالِحَانِ وَوَلِيَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَجِبْ عَلَى الْآخَرِ ذَلِكَ فِي بَلَدٍ آخَرَ لَيْسَ بِهِ صَالِحٌ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَشَرْطُ الْقَاضِي) أَيْ مَنْ تَصِحُّ تَوْلِيَتُهُ لِلْقَضَاءِ (مُسْلِمٌ) لِانْتِفَاءِ أَهْلِيَّةِ الْكَافِرِ لِلْوِلَايَةِ، وَنَصْبُهُ عَلَى مِثْلِهِ مُجَرَّدُ رِيَاسَةٍ لَا تَقْلِيدُ حُكْمٍ وَقَضَاءٍ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُلْزِمُوهُ بِالتَّحَاكُمِ عِنْدَهُ وَلَا يَلْزَمُهُمْ حُكْمُهُ إلَّا إنْ رَضُوا بِهِ (مُكَلَّفٌ) لِنَقْصِ غَيْرِهِ، وَاشْتِرَاطُ الْمَاوَرْدِيِّ زِيَادَةَ عَقْلٍ اكْتِسَابِيٍّ عَلَى الْعَقْلِ الْغَرِيزِيِّ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ (حُرٌّ) كُلُّهُ لِنَقْصِ غَيْرِهِ بِسَائِرِ أَقْسَامِهِ (ذَكَرٌ) فَلَا تُوَلَّى امْرَأَةٌ لِنَقْصِهَا وَلِاحْتِيَاجِ الْقَاضِي لِمُخَالَطَةِ الرِّجَالِ وَهِيَ مَأْمُورَةٌ بِالتَّخَدُّرِ، وَالْخُنْثَى فِي ذَلِكَ كَالْمَرْأَةِ، وَلِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً» (عَدْلٌ) فَلَا يَتَوَلَّى فَاسِقٌ لِعَدَمِ الْوُثُوقِ بِقَوْلِهِ وَمِثْلُهُ نَافِي الْإِجْمَاعِ أَوْ خَبَرِ الْآحَادِ أَوْ الِاجْتِهَادِ. وَمَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ (سَمِيعٌ) فَلَا يَتَوَلَّى أَصَمُّ لَا يَسْمَعُ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ إقْرَارٍ وَإِنْكَارٍ، بِخِلَافِ مَنْ يَسْمَعُ بِالصِّيَاحِ (بَصِيرٌ) لِأَنَّ الْأَعْمَى لَا يَعْرِفُ الطَّالِبَ مِنْ الْمَطْلُوبِ، وَفِي مَعْنَى الْأَعْمَى: مَنْ يَرَى الْأَشْبَاحَ وَلَا يَعْرِفُ الصُّوَرَ، نَعَمْ لَوْ كَانَتْ إذَا قَرُبَتْ مِنْهُ عَرَفَهَا صَحَّ، فَلَوْ كَانَ يُبْصِرُ نَهَارًا فَقَطْ جَازَتْ تَوْلِيَتُهُ أَوْ لَيْلًا فَقَطْ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي مَنْعُهُ (نَاطِقٌ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ الْأَخْرَسِ وَإِنْ فُهِمَتْ إشَارَتُهُ لِعَجْزِهِ عَنْ تَنْفِيذِ الْأَحْكَامِ (كَافٍ) أَيْ نَاهِضٌ لِلْقِيَامِ بِأَمْرِ الْقَضَاءِ بِأَنْ يَكُونَ ذَا يَقِظَةٍ تَامَّةٍ وَقُوَّةٍ عَلَى تَنْفِيذِ الْحَقِّ فَلَا يُوَلَّى مُغَفَّلٌ وَمُخْتَلُّ نَظَرٍ بِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ (مُجْتَهِدٌ) فَلَا يَتَوَلَّى جَاهِلٌ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ. وَلَا مُقَلِّدٌ، وَهُوَ مَنْ حَفِظَ مَذْهَبَ إمَامِهِ لَكِنَّهُ غَيْرُ عَارِفٍ بِغَوَامِضِهِ وَقَاصِرٌ عَنْ تَقْرِيرِ أَدِلَّتِهِ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِلْفَتْوَى فَالْقَضَاءُ أَوْلَى. وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ إسْلَامٌ إلَخْ أَوْ كَوْنُهُ مُسْلِمًا كَذَلِكَ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ لَا الشَّخْصُ نَفْسُهُ رُدَّ بِوُضُوحٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِتِلْكَ الصِّيَغِ مَا أَشْعَرَتْ بِهِ مِنْ الْوَصْفِيَّةِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ كَاتِبًا ـــــــــــــــــــــــــــــSيَعْنِي أَنْ يَكُونَ سَبْقَ قَلَمٍ حَيْثُ نَسَبَهُ لِلرُّويَانِيِّ فَإِنَّ الرُّويَانِيَّ لَمْ يَقُلْهُ وَلَكِنَّهُ صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ، هَذَا هُوَ مُرَادُهُ وَلَكِنَّهُ يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِ قَبْلُ فَلَوْ لَمْ يَتَعَيَّنْ وَلَمْ يُنْدَبْ حَرُمَ بَذْلُهُ ابْتِدَاءً، فَإِنْ بَذَلَهُ لِأَجَلِ أَنْ يَتَوَلَّى يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا بَذَلَ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ عَلَى الْآخَرِ ذَلِكَ) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ مُفَارَقَةِ الْوَطَنِ. (قَوْلُهُ: وَنَصْبُهُ) أَيْ الْكَافِرِ أَيْ وَلَوْ مِنْ قَاضِينَا عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ الْفَاسِقُ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي مَنْعُهُ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّهَارِ أَمَّا لَيْلًا فَلَا اهـ حَجّ وَشَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ (قَوْلُهُ: فَلَا يَتَوَلَّى) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ: أَوْ كَوْنُهُ مُسْلِمًا كَذَلِكَ) أَيْ إلَى آخِرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَا بِالنِّسْبَةِ لِلْحُكْمِ) يُنَاقِضُ قَوْلَهُ قَبْلَهُ حَرُمَ عَلَيْهِ بَذْلُهُ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ: وَيَنْفُذُ الْعَزْلُ وَإِنْ حَرُمَ عَلَى الْعَازِلِ إلَخْ) كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) لَعَلَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِيَنْفُذُ (قَوْلُهُ: وَاشْتِرَاطُ الْمَاوَرْدِيِّ إلَى قَوْلِهِ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ) عِبَارَةُ الْمَاوَرْدِيِّ: وَلَا يُكْتَفَى بِالْعَقْلِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ التَّكْلِيفُ حَتَّى يَكُونَ صَحِيحَ التَّمْيِيزِ جَيِّدَ الْفِطْنَةِ بَعِيدًا عَنْ السَّهْوِ وَالْغَفْلَةِ لِيَتَوَصَّلَ إلَى وُضُوحِ الْمُشْكِلِ وَحِلِّ الْمُعْضِلِ انْتَهَتْ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الَّذِي اشْتَرَطَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ الْعَقْلِ التَّكْلِيفِيِّ الَّذِي هُوَ التَّمْيِيزُ غَيْرُ كَافٍ قَطْعًا، مَعَ أَنَّ الشَّارِحَ سَيَجْزِمُ بِمَا اشْتَرَطَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَافٍ حَيْثُ يَقُولُ بِأَنْ يَكُونَ ذَا يَقَظَةٍ تَامَّةٍ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لَيْسَ فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى هَذَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَنْ حَفِظَ مَذْهَبَ إمَامِهِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَإِنْ حَفِظَ مَذْهَبَ إمَامِهِ لِعَجْزِهِ عَنْ إدْرَاكِ غَوَامِضِهِ وَتَقْرِيرِ أَدِلَّتِهِ إذْ لَا يُحِيطُ بِهِمَا إلَّا مُجْتَهِدٌ مُطْلَقٌ انْتَهَتْ

أَوْ عَارِفًا بِالْحِسَابِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ فِي تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ الْحِسَابِيَّةِ، لَكِنْ صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ اشْتِرَاطَهُ فِي الْمُفْتِي فَالْقَاضِي أَوْلَى لِأَنَّهُ مُفْتٍ وَزِيَادَةٌ، وَلَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُ بِلُغَةِ أَهْلِ وِلَايَتِهِ: أَيْ حَيْثُ كَانَ ثَمَّ عَدْلٌ يُعَرِّفُهُ بِلُغَتِهِمْ وَيُعَرِّفُهُمْ بِلُغَتِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْعُقُودِ أَنَّ الْمَدَارَ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ عَلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا عَلَى مَا فِي ظَنِّ الْمُكَلَّفِ، فَلَوْ وَلِيَ مَنْ لَا يُعْلَمُ فِيهِ هَذِهِ الشُّرُوطُ فَتَبَيَّنَ اجْتِمَاعُهَا فِيهِ صَحَّتْ تَوْلِيَتُهُ، وَلِلْمُوَلِّي إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنْ يَعْتَمِدَ فِي الصَّالِحِ عَلَى شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ عَارِفَيْنِ بِمَا ذُكِرَ. وَيُنْدَبُ لَهُ اخْتِبَارُهُ لِيَزْدَادَ فِيهِ بَصِيرَةً (وَهُوَ) أَيْ الْمُجْتَهِدُ (أَنْ يَعْرِفَ مِنْ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَحْكَامِ) وَلَوْ لَمْ يَحْفَظْ ذَلِكَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ، وَلَا يَنْحَصِرُ ذَلِكَ فِي خَمْسِمِائَةِ آيَةٍ وَلَا خَمْسِمِائَةِ حَدِيثٍ لِلِاسْتِنْبَاطِ فِي الْأَوَّلِ مِنْ الْقَصَصِ وَالْمَوَاعِظِ وَغَيْرِهِمَا أَيْضًا وَلِأَنَّ الْمُشَاهَدَةَ قَاضِيَةٌ بِبُطْلَانِهِ فِي الثَّانِي، فَإِنْ أَرَادَ الْقَائِلُ بِالْحَصْرِ فِي ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ السَّالِمَةِ مِنْ الطَّعْنِ فِي سَنَدٍ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ الْأَحْكَامَ الْخَفِيَّةَ الِاجْتِهَادِيَّةَ كَانَ لَهُ نَوْعُ قُرْبٍ، عَلَى أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْجَوْزِيِّ إنَّهَا ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَنَحْوُهُ مَرْدُودٌ بِأَنَّ غَالِبَ الْأَحَادِيثِ لَا تَكَادُ تَخْلُو عَنْ حُكْمٍ أَوْ أَدَبٍ شَرْعِيٍّ أَوْ سِيَاسَةٍ دِينِيَّةٍ، وَيَكْفِي اعْتِمَادُهُ فِيهَا عَلَى أَصْلٍ مُصَحَّحٍ عِنْدَهُ يَجْمَعُ غَالِبَ أَحَادِيثِ الْأَحْكَامِ كَسُنَنِ أَبِي دَاوُد: أَيْ مَعَ مَعْرِفَةِ اصْطِلَاحِهِ، وَمَا لِلنَّاسِ فِيهِ مِنْ نَقْدٍ وَرَدٍّ (وَخَاصَّهُ) مُطْلَقًا أَوْ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ (وَعَامَّهُ) رَاجِعٌ لِمَا مُطْلَقًا أَوْ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْعُمُومُ وَمُطْلَقُهُ وَمُقَيَّدُهُ (وَمُجْمَلَهُ وَمُبَيَّنَهُ وَنَاسِخَهُ وَمَنْسُوخَهُ) وَالنَّصَّ وَالظَّاهِرَ وَالْمُحْكَمَ (وَمُتَوَاتِرَ السُّنَّةِ وَغَيْرَهُ) وَهُوَ آحَادُهَا لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ التَّرْجِيحِ عِنْدَ تَعَارُضِهَا إلَّا بِمَعْرِفَةِ ذَلِكَ. (وَ) الْحَدِيثَ (الْمُتَّصِلَ) بِاتِّصَالِ رُوَاتِهِ إلَى الصَّحَابِيِّ فَقَطْ، وَيُسَمَّى الْمَوْقُوفَ أَوْ إلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيُسَمَّى الْمَرْفُوعَ (وَالْمُرْسَلَ) وَهُوَ مَا سَقَطَ فِيهِ الصَّحَابِيُّ، وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْمُنْقَطِعَ وَالْمُعْضَلَ بِدَلِيلِ مُقَابَلَتِهِ بِالْمُتَّصِلِ (وَحَالَ الرُّوَاةِ قُوَّةً وَضَعْفًا) لِأَنَّهُ يَتَوَصَّلُ بِذَلِكَ إلَى تَقْرِيرِ الْأَحْكَامِ، نَعَمْ مَا تَوَاتَرَ نَقْلُهُ وَأَجْمَعَ السَّلَفُ عَلَى قَبُولِهِ لَا يَبْحَثُ عَنْ عَدَالَةِ نَاقِلِيهِ وَلَهُ الِاكْتِفَاءُ بِتَعْدِيلِ إمَامٍ عَرَفَ صِحَّةَ مَذْهَبِهِ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ (وَلِسَانَ الْعَرَبِ لُغَةً وَنَحْوًا) وَصَرْفًا وَبَلَاغَةً لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي فَهْمِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ (وَأَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ) فَمَنْ بَعْدَهُمْ اجْتِمَاعًا وَاخْتِلَافًا لَا فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ بَلْ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي يُرِيدُ النَّظَرَ فِيهَا بِأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ قَوْلَهُ فِيهَا لَا يُخَالِفُ إجْمَاعًا وَلَوْ بِأَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهَا مُوَلَّدَةٌ لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهَا الْأَوَّلُونَ، وَكَذَا يُقَالُ فِي مَعْرِفَةِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ (وَالْقِيَاسَ بِأَنْوَاعِهِ) مِنْ جَلِيٍّ، وَهُوَ مَا يُقْطَعُ فِيهِ بِنَفْيِ الْفَارِقِ كَقِيَاسِ ضَرْبِ الْأَصْلِ عَلَى التَّأْفِيفِ أَوْ مُسَاوٍ، وَهُوَ مَا يَبْعُدُ فِيهِ انْتِفَاءُ الْفَارِقِ كَقِيَاسِ إحْرَاقِ مَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ لَهُ اخْتِبَارُهُ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلِاخْتِبَارِ اكْتَفَى بِإِخْبَارِ الْعَدْلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ) أَيْ وَقَوْلُ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَعَامُهُ (قَوْلُهُ: وَلَهُ الِاكْتِفَاءُ بِتَعْدِيلِ إمَامٍ) أَيْ لِرَاوِي الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يَبْعُدُ فِيهِ انْتِفَاءُ الْفَارِقِ) الْأَوْلَى كَمَا عَبَّرَ بِهِ حَجّ مَا يَبْعُدُ فِيهِ الْفَارِقُ بَيْنَ إحْرَاقِ مَالِ الْيَتِيمِ، وَأَكْلِهِ لَيْسَ مُسْتَبْعَدًا بَلْ هُوَ الْقَرِيبُ بَلْ الْوَاقِعُ فَإِنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا إتْلَافًا لِمَالِهِ فَيَكُونَانِ مُسْتَوِيَيْنِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَا يَبْعُدُ فِيهِ الْقَطْعُ بِانْتِفَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَيْ الْمُجْتَهِدِ) أَيْ وَالْمُرَادُ مَا أَشْعَرَ بِهِ هَذَا الْوَصْفُ وَهُوَ الِاجْتِهَادُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَدَّمَهُ قُبَيْلَهُ إذْ هُوَ الَّذِي يَصِحُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَنْ يُعْرَفَ إلَخْ، فَالْمَعْنَى الِاجْتِهَادُ مَعْرِفَةُ الشَّخْصِ مِنْ الْكِتَابِ إلَخْ (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِمَا) أَيْ مَعْطُوفٌ عَلَيْهَا وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَقِبَ قَوْلِهِ وَخَاصَّةً (قَوْلُهُ لَا فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ بَلْ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي يُرِيدُ النَّظَرَ فِيهَا) اُنْظُرْهُ مَعَ أَنَّ هَذِهِ شُرُوطٌ لِمَنْ تَصِحُّ تَوْلِيَتُهُ ابْتِدَاءً قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي مَسْأَلَةٍ مِنْ الْمَسَائِلِ. فَإِنْ قِيلَ: الْمَعْنَى أَنَّهُ يَقْتَدِرُ عَلَى تَحْصِيلِ ذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي يُرِيدُ النَّظَرَ فِيهَا بِالْبَحْثِ عَنْ ذَلِكَ، قُلْنَا: فَهُوَ إذًا عَارِفٌ بِجَمِيعِ الْمَسَائِلِ بِهَذَا الْمَعْنَى فَلَا وَجْهَ لِهَذَا التَّفْسِيرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ فِي الْمُجْتَهِدِ مِنْ حَيْثُ هُوَ بِنَاءً عَلَى اتِّصَافِهِ بِالِاجْتِهَادِ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ دُونَ بَعْضٍ فَلْيُتَأَمَّلْ

الْيَتِيمِ عَلَى أَكْلِهِ أَوْ دُونَ، وَهُوَ مَا لَا يَبْعُدُ فِيهِ ذَلِكَ كَقِيَاسِ التُّفَّاحِ عَلَى الْبُرِّ بِجَامِعِ الطَّعْمِ صِحَّةً وَفَسَادًا وَجَلَاءً وَخَفَاءً وَطُرُقَ اسْتِخْرَاجِ الْعِلَلِ وَالِاسْتِنْبَاطِ، وَلَا يُشْتَرَطُ نِهَايَتُهُ فِي كُلِّ مَا ذُكِرَ، بَلْ يَكْفِي الدَّرَجَةُ الْوُسْطَى فِي ذَلِكَ مَعَ الِاعْتِقَادِ الْجَازِمِ وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ قَوَانِينَ عِلْمِ الْكَلَامِ الْمُدَوَّنَةَ الْآنَ، وَاجْتِمَاعُ ذَلِكَ كُلِّهِ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ لِلْمُجْتَهِدِ الْمُطْلَقِ الَّذِي يُفْتِي فِي جَمِيعِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ. أَمَّا مُقَلِّدٌ لَا يَعْدُو مَذْهَبَ إمَامٍ خَاصٍّ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُ مَعْرِفَةِ قَوَاعِدِ إمَامِهِ، وَلْيُرَاعِ فِيهَا مَا يُرَاعِيهِ الْمُطْلَقُ فِي قَوَانِينِ الشَّرْعِ فَإِنَّهُ مَعَ الْمُجْتَهِدِ كَالْمُجْتَهِدِ فِي نُصُوصِ الشَّرْعِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْعُدُولُ عَنْ نَصِّ إمَامِهِ كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ مَعَ النَّصِّ (فَإِنْ تَعَذَّرَ جَمْعُ هَذِهِ الشُّرُوطِ) أَوْ لَمْ يَتَعَذَّرْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا يَأْتِي فَذِكْرُ التَّعَذُّرِ تَصْوِيرٌ لَا غَيْرُ (فَوَلَّى سُلْطَانٌ) أَوْ مَنْ (لَهُ شَوْكَةٌ) بِأَنْ يَكُونَ بِنَاحِيَةٍ انْقَطَعَ غَوْثُ السُّلْطَانِ عَنْهَا وَلَمْ يَرْجِعُوا إلَّا إلَيْهِ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ عَدَمُ اسْتِلْزَامِ السَّلْطَنَةِ لِلشَّوْكَةِ، فَلَوْ زَالَتْ شَوْكَةُ السُّلْطَانِ بِنَحْوِ أَسْرٍ وَحَبْسٍ وَلَمْ يُخْلَعْ نَفَذَتْ أَحْكَامُهُ حَيْثُ لَمْ يَفْعَلُوا وَلَمْ يُوجَدْ مُقْتَضٍ لِلْخَلْعِ وَإِلَّا اُتُّجِهَ عَدَمُ تَنْفِيذِهَا (فَاسِقًا أَوْ مُقَلِّدًا) وَلَوْ جَاهِلًا (نَفَذَ قَضَاؤُهُ) الْمَرَافِقُ لِمَذْهَبِهِ الْمُعْتَدِّ بِهِ وَإِنْ زَادَ فِسْقُهُ (لِلضَّرُورَةِ) لِئَلَّا يَتَعَطَّلَ مَصَالِحُ النَّاسِ، وَلَوْ اُبْتُلِيَ النَّاسُ بِوِلَايَةِ امْرَأَةٍ أَوْ قِنٍّ أَوْ أَعْمَى فِيمَا يَضْبِطُهُ نَفَذَ قَضَاؤُهُ لِلضَّرُورَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَأَلْحَقَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الصَّبِيَّ بِالْمَرْأَةِ وَنَحْوِهَا لَا كَافِرٍ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ رِعَايَةُ الْأَمْثَلِ فَالْأَمْثَلِ رِعَايَةً لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَا ذُكِرَ فِي الْمُقَلِّدِ مَحَلُّهُ إنْ كَانَ ثَمَّ مُجْتَهِدٌ وَإِلَّا نَفَذَتْ تَوْلِيَةُ الْمُقَلِّدِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ ذِي الشَّوْكَةِ، وَكَذَا الْفَاسِقُ، فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ عَدْلٌ اُشْتُرِطَتْ شَوْكَةٌ وَإِلَّا فَلَا. وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي غَيْرِ الْأَهْلِ مَعْرِفَةُ طَرَفٍ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ انْعِزَالَ مَنْ وَلَّاهُ ذُو الشَّوْكَةِ بِزَوَالِ شَوْكَتِهِ لِزَوَالِ الْمُقْتَضِي لِنُفُوذِ قَضَائِهِ: أَيْ بِخِلَافِ مُقَلِّدٍ أَوْ فَاسِقٍ مَعَ فَقْدِ الْمُجْتَهِدِ وَالْعَدْلِ فَلَا تَزُولُ وِلَايَتُهُ بِذَلِكَ لِعَدَمِ تَوَقُّفِهَا عَلَى الشَّوْكَةِ كَمَا مَرَّ، وَيَلْزَمُ قَاضِي الضَّرُورَةِ بَيَانُ مُسْتَنَدِهِ فِي سَائِرِ أَحْكَامِهِ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ حَكَمْت بِكَذَا مِنْ غَيْرِ بَيَانِ مُسْتَنَدِهِ فِيهِ وَكَأَنَّهُ لِضَعْفِ وِلَايَتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْفَارِقِ لِأَخْذِهِ فِي مُقَابَلَةِ الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ الْمَوْصُوفِ بِأَنَّهُ يُقْطَعُ فِيهِ بِانْتِفَاءِ الْفَارِقِ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ الْقِيَاسُ الْجَلِيُّ هُوَ مَا يُقْطَعُ فِيهِ بِانْتِفَاءِ الْمُفَارِقِ، وَالْمُسَاوِي مَا يَبْعُدُ فِيهِ الْقَطْعُ بِالِانْتِفَاءِ فَيَكُونُ الْفَرْقُ مُحْتَمِلًا فِي نَفْسِهِ فَإِنَّهُ حَيْثُ بَعُدَ الْقَطْعُ بِانْتِفَاءِ الْفَارِقِ صَارَ الْفَرْقُ فِي نَفْسِهِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يَفْعَلُوا) أَيْ الْخُلْعَ (قَوْلُهُ: لَا كَافِرٍ) عَطْفٌ عَلَى امْرَأَةٍ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ عَلَيْهِ) أَيْ السُّلْطَانِ (قَوْلُهُ: فِي سَائِرِ أَحْكَامِهِ) أَيْ وَلَوْ بَدِيهِيَّةً، وَكَعْبٌ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ قَوْلُهُ فِي سَائِرِ أَحْكَامِهِ: أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ مَا لَا يَبْعُدُ فِيهِ ذَلِكَ) يَعْنِي الْفَارِقَ (قَوْلُهُ: مَعَ الِاعْتِقَادِ الْجَازِمِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْقَاضِي مُسْلِمٌ إلَخْ: أَيْ يُشْتَرَطُ فِيهِ مَا مَرَّ مَعَ الِاعْتِقَادِ الْجَازِمِ بِأُمُورِ الْعَقَائِدِ وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ قَوَانِينَ عِلْمِ الْكَلَامِ الْمُدَوَّنَةَ فَلَيْسَ إحْسَانُهَا شَرْطًا فِي الْمُجْتَهِدِ: أَيْ عَلَى الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ: نَفَذَتْ أَحْكَامُهُ) أَيْ وَمِنْهَا التَّوْلِيَةُ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ تَوْلِيَتِهِ حِينَئِذٍ لِغَيْرِ الْأَهْلِ مَعَ وُجُودِ الْأَهْلِ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَفْعَلُوا) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِمْ وَلَمْ يُخْلَعْ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ عَلَيْهِ رِعَايَةُ الْأَمْثَلِ) فِيهِ مَا يَأْتِي وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَمَّا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُقَلَّدِ مَحَلَّهُ إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى لَوْ أَبْقَى الْمَتْنَ عَلَى ظَاهِرِهِ الْمُوَافِقَ لِكَلَامِ غَيْرِهِ، وَأَمَّا بَعْدَ أَنْ حَوَّلَهُ إلَى مَا مَرَّ فَلَا مَوْقِعَ لِهَذَا هُنَا. وَحَاصِلُ الْمُرَادِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ السُّلْطَانَ إذَا وَلَّى قَاضِيًا بِالشَّوْكَةِ نَفَذَتْ تَوْلِيَتُهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَكَانَ هُنَاكَ أَهْلٌ لِلْقَضَاءِ أَمْ لَا، وَإِنْ وَلَّاهُ لَا بِالشَّوْكَةِ أَوْ وَلَّاهُ قَاضِي الْقُضَاةِ كَذَلِكَ فَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ تَوْلِيَتِهِ فَقْدُ أَهْلٍ لِلْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: بَيَانُ مُسْتَنَدِهِ) أَيْ إذَا سُئِلَ عَنْهُ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ فِي التُّحْفَةِ، وَسَيَأْتِي أَيْضًا، وَالْمُرَادُ بِمُسْتَنَدِهِ مَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ مِنْ بَيِّنَةٍ أَوْ نُكُولٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَعِبَارَةُ الْخَادِمِ: فَإِنْ سَأَلَهُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ عَنْ السَّبَبِ فَجَزَمَ صَاحِبُ الْحَاوِي وَتَبِعَهُ الرُّويَانِيُّ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ بَيَانُهُ إذَا كَانَ قَدْ حَكَمَ بِنُكُولِهِ وَيَمِينِ الطَّالِبِ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِهِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ كَانَ بِالْبَيِّنَةِ تَعْيِينٌ فَإِنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى مُقَابَلَتِهَا بِمِثْلِهَا فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ

وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمْ بِهِ الْمُحْكَمَ، وَيَجُوزُ تَخْصِيصُ الرِّجَالِ بِقَاضٍ وَالنِّسَاءِ بِآخَرَ، وَلَوْ تَعَارَضَ فَقِيهٌ فَاسِقٌ وَعَامِّيٌّ عَدْلٌ قُدِّمَ الْأَوَّلُ عِنْدَ جَمْعٍ وَالثَّانِي عِنْدَ آخَرِينَ، وَيَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّ فِسْقَ الْعَالِمِ إنْ كَانَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ أَوْلَى، أَوْ بِالظُّلْمِ وَالرِّشْوَةِ فَالْعَدْلُ أَوْلَى وَيُرَاجِعُ الْعُلَمَاءَ. (وَيَنْدُبُ لِلْإِمَامِ) أَوْ مَنْ أُلْحِقَ بِهِ (إذَا وَلَّى قَاضِيًا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الِاسْتِخْلَافِ) لِيَكُونَ أَسْهَلَ لَهُ وَأَقْرَبَ لِفَصْلِ الْخُصُومَاتِ، وَيَتَأَكَّدُ ذَلِكَ عِنْدَ اتِّسَاعِ الْخُطَّةِ (فَإِنْ نَهَاهُ) عَنْهُ (لَمْ يَسْتَخْلِفْ) اسْتِخْلَافًا عَامًّا لِعَدَمِ رِضَاهُ بِنَظَرِ غَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ مَا فُوِّضَ لَهُ أَكْثَرَ مِمَّا يُمْكِنُهُ الْقِيَامُ بِهِ اقْتَصَرَ عَلَى الْمُمْكِنِ وَتَرَكَ الِاسْتِخْلَافَ، وَلَوْ وَلَّاهُ فِي بَلْدَتَيْنِ مُتَبَاعِدَتَيْنِ كَبَغْدَادَ وَالْبَصْرَةَ اخْتَارَ الْمُبَاشَرَةَ فِي إحْدَاهُمَا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَإِنْ اعْتَرَضَهُ الْبُلْقِينِيُّ، فَلَوْ اخْتَارَ إحْدَاهُمَا فَهَلْ يَكُونُ مُقْتَضِيًا لِانْعِزَالِهِ عَنْ الْأُخْرَى أَوْ يُبَاشِرُ كُلًّا مُدَّةً؟ وَجْهَانِ: أَوْجَهُهُمَا نَعَمْ وَهُوَ الِانْعِزَالُ، وَرَجَّحَ الزَّرْكَشِيُّ وَجَمْعٌ أَنَّ التَّدْرِيسَ بِمَدْرَسَتَيْنِ فِي بَلْدَتَيْنِ مُتَبَاعِدَتَيْنِ لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ غَيْبَتَهُ عَنْ إحْدَاهُمَا لِمُبَاشَرَةِ الْأُخْرَى لَا يَكُونُ عُذْرًا، وَرَجَّحَ آخَرُونَ الْجَوَازَ وَيَسْتَنِيبُ وَفَعَلَهُ الْفَخْرُ ابْنُ عَسَاكِرَ بِالشَّامِ وَالْقُدْسِ أَمَّا الْخَاصُّ كَتَحْلِيفٍ وَسَمَاعِ بَيِّنَةٍ فَقَطَعَ الْقَفَّالُ بِجَوَازِهِ لِلضَّرُورَةِ إلَّا أَنْ يَنُصَّ عَلَى الْمَنْعِ مِنْهُ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ، نَعَمْ التَّزْوِيجُ وَالنَّظَرُ فِي أَمْرِ الْيَتِيمِ مُمْتَنِعٌ حَتَّى عِنْدَ هَؤُلَاءِ كَالْعَامِّ (فَإِنْ أَطْلَقَ) الِاسْتِخْلَافَ اسْتَخْلَفَ مُطْلَقًا أَوْ التَّوْلِيَةَ فِيمَا لَا يَقْدِرُ إلَّا عَلَى بَعْضِهِ (اسْتَخْلَفَ فِيمَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ) لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ (لَا غَيْرُهُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ قَرِينَةَ الْحَالِ تَقْتَضِي ذَلِكَ وَالثَّانِي يَسْتَخْلِفُ فِي الْكُلِّ كَالْإِمَامِ، نَعَمْ لَوْ أَمْكَنَهُ الْقِيَامُ بِمَا تَوَلَّاهُ كَقَضَاءِ بَلْدَةٍ صَغِيرَةٍ فَلَيْسَ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ، وَلَوْ طَرَأَ لَهُ عَدَمُ الْقُدْرَةِ بَعْدَ التَّوْلِيَةِ لِنَحْوِ مَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ اسْتَخْلَفَ جَزْمًا، وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ مَا لَمْ يَنْهَ عَنْهُ نَظَرَ فِيهِ الْعِزِّي بِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ الْمُبَاشَرَةِ، وَالْإِنْسَانُ لَا يَخْلُو عَنْ ذَلِكَ غَالِبًا فَلْيَكُنْ مُسْتَثْنًى مِنْ النَّهْيِ عَنْ النِّيَابَةِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى نَهْيِهِ عَنْهَا وَلَوْ مَعَ الْعُذْرِ، وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ بِأَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا لَمْ يَنْهَ مُوَلِّيَهُ عَنْ طَلَبِ بَيَانِ مُسْتَنَدِهِ اهـ حَجّ. وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ مِثْلُهُ نَقْلًا عَنْ وَالِدِهِ (قَوْلُهُ: وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمْ بِهِ الْمُحَكَّمَ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ تَخْصِيصُ الرِّجَالِ بِقَاضٍ وَالنِّسَاءِ بِآخَرَ) وَبَحَثَ فِي الرَّجُلِ فَالْمَرْأَةِ إذْ الْعِبْرَةُ بِالطَّلَبِ مِنْهُمَا اهـ حَجّ. وَقَوْلُهُ فَالْمَرْأَةُ: أَيْ إذَا كَانَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ خُصُومَةٌ، وَكَذَلِكَ الْأَمْرُ بَيْنَهُمَا رَجُلًا (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ) هُوَ الْحُسْبَانِيُّ اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: وَيَتَأَكَّدُ ذَلِكَ عِنْدَ اتِّسَاعِ الْخِطَّةِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْخِطَّةُ الْمَكَانُ الْمُخْتَطُّ لِلْعِمَارَةِ، وَالْجَمْعُ خِطَطٌ مِثْلُ سِدْرَةٍ وَسِدَرٍ وَإِنَّمَا كُسِرَتْ الْخَاءُ لِأَنَّهَا أُخْرِجَتْ عَلَى مَصْدَرِ افْتَعَلَ مِثْلُ اخْتَطَبَ خِطْبَةً وَارْتَدَّ رِدَّةً وَافْتَرَى فِرْيَةً. ثُمَّ قَالَ: وَالْخُطَّةُ بِالضَّمِّ الْحَالَةُ وَالْخَصْلَةُ وَفِي الْقَامُوسِ وَالْخُطَّةُ بِالضَّمِّ أَحَدُ الْأَخْشَبَيْنِ بِمَكَّةَ وَمَوْضِعُ الْحَجْرِ اهـ وَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى أَوْلَى مِمَّا الْكَلَامُ فِيهِ فَيُقْرَأُ بِضَمِّ الْخَاءِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: لَيْسَ كَذَلِكَ) يَعْنِي أَنَّ تَوْلِيَتَهُ لَا تَنْفُذُ (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَ آخَرُونَ الْجَوَازَ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَفَعَلَهُ الْفَخْرُ بْنُ عَسَاكِرَ بِالشَّامِ وَالْقُدْسِ) وَكَالْمُدَرِّسِ الْخَطِيبُ إذَا وَلِيَ الْخُطْبَةَ فِي مَسْجِدَيْنِ وَالْإِمَامُ إذَا وَلِيّ إمَامَةَ مَسْجِدَيْنِ، وَكَذَا كُلُّ وَظِيفَتَيْنِ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ يَتَعَارَضَانِ فِيهِ (قَوْلُهُ أَمَّا الْخَاصُّ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ عَامًّا (قَوْلُهُ: فَقَطَعَ الْقَفَّالُ بِجَوَازِهِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ إنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ) أَيْ الْآتِي فِي قَوْلِهِ فَإِنْ أُطْلِقَ اُسْتُخْلِفَ فِيمَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQصَاحِبِ الْيَدِ. قَالَ: وَلَا يَلْزَمُ إذَا كَانَ قَدْ حَكَمَ بِالْإِقْرَارِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ بِحَقٍّ فِي الذِّمَّةِ، وَخَرَجَ مِنْ هَذَا تَخْصِيصُ قَوْلِ الْأَصْحَابِ إنَّ الْحَاكِمَ لَا يَسْأَلُ: أَيْ سُؤَالَ اعْتِرَاضٍ، أَمَّا سُؤَالُ مَنْ يَطْلُبُ الدَّفْعَ عَنْ نَفْسِهِ فَيَتَعَيَّنُ عَلَى الْحَاكِمِ الْإِبْدَاءُ لِيَجِدَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ التَّخَلُّصَ انْتَهَتْ. لَكِنَّ كَلَامَ الْخَادِمِ هَذَا كَمَا تَرَى شَامِلٌ لِقَاضِي الضَّرُورَةِ وَغَيْرِهِ لِلتَّعَالِيلِ الَّتِي ذَكَرَهَا (قَوْلُهُ: لَيْسَ كَذَلِكَ) الصَّوَابُ حَذْفُ لَفْظِ لَيْسَ، لِأَنَّ الزَّرْكَشِيَّ إنَّمَا يَخْتَارُ عَدَمَ صِحَّةِ وِلَايَتِهِ عَلَى الْمَدْرَسَتَيْنِ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ كَلَامِهِ وَيُصَرِّحُ بِهِ تَعْلِيلُهُ وَمَا قَابَلَهُ بِهِ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: إنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ) أَيْ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ (قَوْلُهُ: حَتَّى عِنْدَ هَؤُلَاءِ)

أَطْلَقَ النَّهْيَ عَنْهُ، وَلَوْ فَوَّضَ الْوِلَايَةَ لِإِنْسَانٍ وَهُوَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ لِيَذْهَبَ وَيَحْكُمَ بِهَا صَحَّ التَّفْوِيضُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَدَعْوَى رَدِّهِ سَاقِطَةٌ. (وَشَرْطُ الْمُسْتَخْلَفِ) بِفَتْحِ اللَّامِ (كَالْقَاضِي) لِأَنَّهُ قَاضٍ (إلَّا أَنْ يَسْتَخْلِفَ فِي أَمْرٍ خَاصٍّ كَسَمَاعِ بَيِّنَةٍ) وَتَحْلِيفٍ (فَيَكْفِي عِلْمُهُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) مِنْ شَرْطِ الْبَيِّنَةِ وَالتَّحْلِيفِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ رُتْبَةُ الِاجْتِهَادِ وَمِنْ ذَلِكَ نَائِبُ الْقَاضِي فِي الْقُرَى إذَا فَوَّضَ لَهُ سَمَاعَ الْبَيِّنَةِ فَقَطْ يَكْفِيهِ الْعِلْمُ بِشُرُوطِهَا وَلَوْ عَنْ تَقْلِيدٍ، وَلَيْسَ الْمَنْصُوبُ لِلْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ مِثْلُهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ، وَلَهُ اسْتِخْلَافُ أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا، نَعَمْ لَوْ فَوَّضَ لَهُ الْإِمَامُ اخْتِيَارَ قَاضٍ أَوْ تَوْلِيَتَهُ لِرَجُلٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ اخْتِيَارُهُمَا لِأَنَّ التُّهْمَةَ هُنَا أَقْوَى لِلْفَرْقِ الظَّاهِرِ بَيْنَ الْقَاضِي الْمُسْتَقِلِّ وَالنَّائِبِ فِي التَّوْلِيَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ لِقَاضٍ الْحُكْمُ بِشَهَادَتِهِمَا لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ لَهُمَا بِالتَّعْدِيلِ، وَلِهَذَا لَوْ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُمَا عِنْدَ غَيْرِهِ جَازَ لَهُ الْحُكْمُ بِشَهَادَتِهِمَا وَمَحَلُّ جَوَازِ اسْتِخْلَافِهِمَا إذَا ظَهَرَ فِيهِ عِنْدَ النَّاسِ اجْتِمَاعُ الشُّرُوطِ انْتَهَى، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ حَيْثُ صَحَّتْ تَوْلِيَتُهُ وَحُمِدَتْ سِيرَتُهُ جَازَ لَهُ تَوْلِيَتُهُمَا إنْ كَانَا كَذَلِكَ (وَيَحْكُمُ) الْخَلِيفَةُ (بِاجْتِهَادِهِ أَوْ بِاجْتِهَادِ مُقَلَّدِهِ) بِفَتْحِ اللَّامِ (إنْ كَانَ مُقَلِّدًا) وَسَيَأْتِي عَدَمُ جَوَازِ حُكْمِ غَيْرِ الْمُتَبَحِّرِ بِغَيْرِ مُعْتَمَدِ مَذْهَبِهِ وَالْمُتَبَحِّرُ إذَا شُرِطَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَوْ عُرْفًا (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْرُطَ عَلَيْهِ خِلَافَهُ) لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ بُطْلَانَهُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى إنَّمَا أَمَرَ بِالْحُكْمِ بِالْحَقِّ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا عَدَمُ جَوَازِ حُكْمِ الْمُقَلِّدِ بِغَيْرِ مَذْهَبِ مُقَلَّدِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَذَهَبَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ إلَى جَوَازِهِ، وَجَمَعَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَنْ لَمْ يَنْتَهِ لِرُتْبَةِ الِاجْتِهَادِ فِي مَذْهَبِ إمَامِهِ، وَهُوَ الْمُقَلِّدُ الصِّرْفُ الَّذِي لَمْ يَتَأَهَّلْ لِنَظَرٍ وَلَا تَرْجِيحٍ وَالثَّانِي عَلَى مَنْ لَهُ أَهْلِيَّةُ ذَلِكَ، وَمَنَعَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْعُرْفَ جَارٍ بِأَنَّ تَوْلِيَةَ الْمُقَلِّدِ مَشْرُوطَةٌ بِأَنْ يَحْكُمَ بِمَذْهَبِ مُقَلَّدِهِ سَوَاءٌ الْأَهْلُ وَغَيْرُهُ، لَا سِيَّمَا إنْ قَالَ لَهُ فِي عَقْدِ التَّوْلِيَةِ عَلَى عَادَةِ مَنْ تَقَدَّمَك لِأَنَّهُ لَمْ يُعْتَدْ لِمُقَلِّدٍ حُكْمٌ بِغَيْرِ مَذْهَبِ إمَامِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ الرَّوْضَةِ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ أَنَّ مَنْصِبَ سَمَاعِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ وَالْحُكْمِ بِهَا يَخْتَصُّ بِالْقَاضِي دُونَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ، وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ، عَلَى أَنَّ مُرَادَهُمْ بِالْقَاضِي مَا يَشْمَلُهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ لَمْ يُنَبِّهُوا عَلَى تَخَالُفِ أَحْكَامِهِمَا إلَّا فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ كَانْعِزَالِ الْقَاضِي بِالْفِسْقِ دُونَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ، عَلَى أَنَّ صَرِيحَ الْمَتْنِ الْجَوَازُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَيَحْكُمُ لَهُ وَلِهَؤُلَاءِ الْإِمَامُ أَوْ قَاضٍ آخَرُ. (وَلَوْ حَكَّمَ خَصْمَانِ) أَوْ اثْنَانِ مِنْ غَيْرِ خُصُومَةٍ كَفِي نِكَاحٍ أَوْ حَكَّمَ أَكْثَرُ مِنْ اثْنَيْنِ (رَجُلًا فِي غَيْرِ حَدٍّ) أَوْ تَعْزِيرٍ (لِلَّهِ تَعَالَى) (جَازَ مُطْلَقًا) أَيْ مَعَ وُجُودِ قَاضٍ أَفْضَلُ وَعَدَمُهُ (بِشَرْطِ أَهْلِيَّةِ الْقَضَاءِ) الْمُطْلَقَةِ لَا فِي خُصُوصِ تِلْكَ الْوَاقِعَةِ فَقَطْ لِأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ لِجَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكَرْ مَعَ اشْتِهَارِهِ فَكَانَ إجْمَاعًا. أَمَّا حَدُّهُ تَعَالَى أَوْ تَعْزِيرُهُ فَلَا يَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِيهِ، إذْ لَا طَالِبَ لَهُ مُعَيَّنٌ، وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ زِيَادَاتِهِ عَلَى الْمُحَرَّمِ. وَأَخَذَ مِنْهُ أَنَّ حَقَّ اللَّهِ الْمَالِيَّ الَّذِي لَا طَالِبَ لَهُ مُعَيَّنٌ لَا يَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِيهِ. وَأَمَّا غَيْرُ الْأَهْلِ فَلَا يَجُوزُ تَحْكِيمُهُ: أَيْ مَعَ وُجُودِ الْأَهْلِ وَإِلَّا جَازَ وَلَوْ فِي النِّكَاحِ، نَعَمْ لَا يَجُوزُ تَحْكِيمُ غَيْرِ مُجْتَهِدٍ مَعَ وُجُودِ قَاضٍ وَلَوْ قَاضِي ضَرُورَةٍ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَا يَجُوزُ لِوَكِيلٍ مِنْ غَيْرِ إذْنِ مُوَكِّلِهِ تَحْكِيمٌ وَلَا لِوَلِيٍّ إنْ أَضَرَّ بِمُوَلِّيهِ، وَكَوَكِيلٍ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَعَامِلُ قِرَاضٍ وَمُفْلِسٌ إنْ أَضَرَّ غُرَمَاءَ وَمُكَاتَبٌ إنْ أَضَرَّ بِهِ (وَفِي قَوْلٍ لَا يَجُوزُ) التَّحْكِيمُ لِمَا فِيهِ مِنْ الِافْتِيَاتِ عَلَى الْإِمَامِ وَنُوَّابِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ وَهُوَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ) أَيْ الْمَوْلَى. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ لِقَاضٍ الْحُكْمُ بِشَهَادَتِهِمَا) أَيْ أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ (قَوْلُهُ: إذَا ظَهَرَ فِيهِ عِنْدَ النَّاسِ) أَيْ فِي الْقَاضِي وَالْمَوْلَى لِأَصْلِهِ وَفَرْعِهِ (قَوْلُهُ: وَمَنَعَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ) هُوَ الْحُسْبَانِيُّ كَمَا فِي حَجّ (قَوْلُهُ: مُرَادُهُمْ بِالْقَاضِي مَا يَشْمَلُهُ) أَيْ الْإِمَامُ. (قَوْلُهُ وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ) هُوَ قَوْلُهُ فِي غَيْرِهِ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَعْنِي الْقَفَّالَ وَمَنْ تَبِعَهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْمَوْلَى وَسَيَأْتِي بَسْطُ هَذَا فِي الْفَصْلِ الْآتِي (قَوْلُهُ فَوَّضَ لَهُ) يَعْنِي الشَّخْصَ، وَقَوْلُهُ لِرَجُلٍ مُتَعَلِّقٌ بِتَوْلِيَتِهِ وَلْتُرَاجَعْ عِبَارَةُ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ الْمُتَوَلِّي (قَوْلُهُ: أَيْ مَعَ وُجُودِ الْأَهْلِ) أَيْ شَخْصٍ أَهْلٍ لِلتَّحْكِيمِ

وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَبْسٌ وَلَا تَرْسِيمٌ وَلَا اسْتِيفَاءُ عُقُوبَةٍ لِآدَمِيٍّ ثَبَتَ مُوجِبُهَا عِنْدَهُ لِئَلَّا يَخْرِقَ أُبَّهَتَهُمْ فَلَا افْتِيَاتَ. قِيلَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ لِلْمُحَكَّمِ أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ الرَّاجِحَ خِلَافُهُ، وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا: أَيْ صَرِيحًا بِشَرْطِ اجْتِهَادِهِ وَكَوْنِهِ ظَاهِرَ التَّقْوَى وَالْوَرَعِ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ مَنْعُ ذَلِكَ لِانْحِطَاطِ رُتْبَتِهِ عَنْ الْقَاضِي (وَقِيلَ) إنَّمَا يَجُوزُ (بِشَرْطِ عَدَمِ قَاضٍ بِالْبَلَدِ) لِلضَّرُورَةِ (وَقِيلَ يَخْتَصُّ) الْجَوَازُ (بِمَا دُونَ قِصَاصٍ وَنِكَاحٍ وَنَحْوِهِمَا) كَلِعَانٍ وَحَدِّ قَذْفٍ (وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ إلَّا عَلَى رَاضٍ) لَفْظًا فَلَا أَثَرَ لِلسُّكُوتِ أَخْذًا مِنْ نَظَائِرِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ رِضَا الزَّوْجَيْنِ مَعًا فِي النِّكَاحِ، وَالْأَوْجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِسُكُوتِ الْبِكْرِ فِي اسْتِئْذَانِهَا فِي التَّحْكِيمِ (بِهِ) أَيْ بِحُكْمِهِ الَّذِي يَتَحَكَّمُ بِهِ مِنْ ابْتِدَاءِ الْحُكْمِ إلَى الِانْتِهَاءِ مِنْهُ لِأَنَّهُ الْمُثْبِتُ لِلْوِلَايَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقَدُّمِهِ، نَعَمْ لَوْ كَانَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ الْقَضَاءِ لَمْ يُشْتَرَطْ رِضَاهُمَا لِأَنَّ ذَلِكَ تَوْلِيَةٌ مِنْهُ وَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ نَقْلًا عَنْ جَمْعٍ التَّحَاكُمُ لِشَخْصٍ لَيْسَ تَوْلِيَةً لَهُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَجْرِ غَيْرُ الرِّضَا، وَحُمِلَ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا انْضَمَّ لَهُ لَفْظٌ يُفِيدُ التَّفْوِيضَ كَاحْكُمْ بَيْنَنَا مَثَلًا، وَفِي كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ (فَلَا يَكْفِي رِضَا قَاتِلٍ فِي ضَرْبِ دِيَةٍ عَلَى عَاقِلَتِهِ) بَلْ لَا بُدَّ مِنْ رِضَا الْعَاقِلَةِ لِأَنَّهُمْ لَا يُؤَاخَذُونَ بِإِقْرَارِ الْجَانِي فَكَيْفَ يُؤَاخَذُونَ بِرِضَاهُ (وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْحُكْمِ) وَلَوْ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ شُرُوطِ الْبَيِّنَةِ (امْتَنَعَ الْحُكْمُ) لِعَدَمِ اسْتِمْرَارِ الرِّضَا (وَلَا يُشْتَرَطُ الرِّضَا بَعْدَ الْحُكْمِ فِي الْأَظْهَرِ) كَحُكْمِ الْمَوْلَى مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ، وَلَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ إلَّا مِنْ حَيْثُ يُنْقَضُ حُكْمُ الْقَاضِي، وَلَهُ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى حُكْمِهِ وَإِثْبَاتِهِ مَنْ فِي مَجْلِسِهِ خَاصَّةً لِانْعِزَالِهِ بِالتَّفَرُّقِ، وَإِذَا تَوَلَّى الْقَضَاءَ بَعْدَ سَمَاعِ بَيِّنَةٍ حَكَمَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ إعَادَتِهَا. وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ لِأَنَّ رِضَاهُمَا مُعْتَبَرٌ فِي الْحُكْمِ فَكَذَا فِي لُزُومِهِ. (وَلَوْ) (نَصَّبَ) الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ (قَاضِيَيْنِ) أَوْ أَكْثَرَ (بِبَلَدٍ وَخَصَّ كُلًّا بِمَكَانٍ) مِنْهُ (أَوْ زَمَنٍ أَوْ نَوْعٍ) كَأَنْ فَوَّضَ لِأَحَدِهِمَا الْحُكْمَ فِي الْأَمْوَالِ وَالْآخَرُ فِي الدِّمَاءِ أَوْ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ (جَازَ) لِعَدَمِ الْمُنَازَعَةِ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ كَانَ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ وَلَيْسَ هُنَاكَ إلَّا قَاضِي رِجَالٍ أَوْ نِسَاءٍ لَمْ يَحْكُمْ بَيْنَهُمَا، بِخِلَافِ مَا إذَا وُجِدَا فَإِنَّ الْعِبْرَةَ بِالطَّالِبِ عَلَى مَا مَرَّ (وَكَذَا إنْ لَمْ يَخُصَّ فِي الْأَصَحِّ) كَنَصْبِ الْوَصِيَّيْنِ وَالْوَكِيلَيْنِ فِي شَيْءٍ، وَإِذَا كَانَ فِي بَلَدٍ قَاضِيَانِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهَا أَصْلًا أُجِيبَ دَاعِيهِ وَإِلَّا فَمَنْ سَبَقَ دَاعِيهِ، فَإِنْ جَاءَا مَعًا أُقْرِعَ، فَإِنْ تَنَازَعَا فِي اخْتِيَارِهِمَا أُجِيبَ الْمُدَّعِي، فَإِنْ كَانَ كُلٌّ طَالِبًا وَمَطْلُوبًا كَأَنْ اُخْتُلِفَ فِيمَا يَقْتَضِي تَحَالَفَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَيْ صَرِيحًا) خَبَرٌ، وَقَوْلُهُ لَكِنْ الْمُعْتَمَدُ إلَخْ مِنْ م ر، وَقَوْلُهُ مُنِعَ ذَلِكَ: أَيْ وَلَوْ مُجْتَهِدًا (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ رِضَا الزَّوْجَيْنِ) أَيْ فَلَا يَكْتَفِي بِالرِّضَا مِنْ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ وَالزَّوْجِ، بَلْ الرِّضَا إنَّمَا يَكُونُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ حَيْثُ كَانَتْ الْوِلَايَةُ لِلْقَاضِي، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ رِضَا الزَّوْجَةِ إذَا كَانَ لَهَا مَنْ يَتَكَلَّمُ عَنْهَا (قَوْلُهُ وَلَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ إلَّا مِنْ حَيْثُ يُنْقَضُ حُكْمُ الْقَاضِي) أَيْ وَذَلِكَ فِيمَا لَوْ خَالَفَ نَصًّا أَوْ قِيَاسًا جَلِيًّا (قَوْلُهُ: لِانْعِزَالِهِ بِالتَّفَرُّقِ) وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكْتَفِي فِي التَّفَرُّقِ هُنَا بِمَا اكْتَفَى بِهِ فِي التَّفَرُّقِ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ وُصُولِهِ إلَى بَيْتِهِ وَالسُّوقِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَإِذَا تَوَلَّى) أَيْ الْمُحَكَّمُ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْعِبْرَةَ بِالطَّالِبِ عَلَى مَا مَرَّ) اُنْظُرْ فِي أَيِّ مَحَلٍّ مَرَّ، وَلَعَلَّهُ أَحَالَ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ حَجّ (قَوْلُهُ: أُجِيبَ دَاعِيهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُدَّعِيًا أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا وُجِدَا إلَخْ) اُنْظُرْ الْفَرْقَ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا مَرَّ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِابْنِ حَجَرٍ، لَكِنَّ ذَاكَ قَدَّمَ هَذَا عَنْ بَحْثِ بَعْضِهِمْ، بِخِلَافِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ أُجِيبَ دَاعِيهِ) أَيْ رَسُولُهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَنَازَعَا) أَيْ الْمُتَدَاعِيَانِ: أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ لَا دَاعِيَ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: أُجِيبَ الْمُدَّعِي) مَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَطْلُبْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْقَاضِي الْأَصِيلَ وَإِلَّا فَهُوَ الْمُجَابُ، إذْ مَنْ طَلَبَ الْأَصِيلَ مِنْهُمَا أُجِيبَ مُطْلَقًا كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَأَفْتَى بِهِ وَالِدُ الشَّارِحِ

[فصل فيما يقتضي انعزال القاضي أو عزله وما يذكر معه]

فَأَقْرَبُهُمَا وَإِلَّا فَبِالْقُرْعَةِ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ حَمْلُهُ عَلَى الِاسْتِقْلَالِ عِنْدَ اشْتِرَاطِ اجْتِمَاعٍ أَوْ اسْتِقْلَالٍ، وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي الْوَصِيَّيْنِ بِأَنَّ الِاجْتِمَاعَ هُنَا مُمْتَنِعٌ فَلَمْ يُحْمَلْ عَلَيْهِ تَصْحِيحًا لِلْكَلَامِ مَا أَمْكَنَ، وَالِاجْتِمَاعُ ثَمَّ جَائِزٌ فَحُمِلَ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ أَحْوَطَ. وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ كَالْإِمَامَةِ الْعُظْمَى (إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ اجْتِمَاعَهُمَا عَلَى حُكْمٍ) فَلَا يَجُوزُ قَطْعًا لِأَنَّ اجْتِهَادَهُمَا مُخْتَلِفٌ غَالِبًا فَلَا تَنْفَصِلُ الْخُصُومَاتُ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا مُقَلِّدَيْنِ لِإِمَامٍ وَاحِدٍ وَلَا أَهْلِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا فِي نَظَرٍ وَلَا تَرْجِيحٍ أَوْ شَرَطَ اجْتِمَاعَهُمَا عَلَى الْمَسَائِلِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا صَحَّ شَرْطُ اجْتِمَاعِهِمَا لِأَنَّهُ لَا يُؤَدِّي إلَى تَخَالُفِ اجْتِهَادٍ وَلَا تَرْجِيحٍ، وَلَوْ حَكَّمَ اثْنَيْنِ اُشْتُرِطَ اجْتِمَاعُهُمَا، بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ فِي الْقَاضِيَيْنِ لِظُهُورِ الْفَرْقِ، قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ مَا يُوَلَّى فِيهِ، نَعَمْ إنْ اطَّرَدَ عُرْفٌ بِتَبَعِيَّةِ بِلَادٍ فِي تَوْلِيَتِهَا دَخَلَتْ تَبَعًا لَهَا وَيَسْتَفِيدُ بِتَوْلِيَةِ الْقَضَاءِ الْعَامِّ سَائِرَ الْوِلَايَاتِ وَأُمُورَ النَّاسِ حَتَّى نَحْوَ زَكَاةٍ وَحِسْبَةٍ لَمْ يُفَوَّضْ أَمْرُهُمَا لِغَيْرِهِ. نَعَمْ يُتَّجَهُ فِي قَوْلِهِ اُحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالْحُكْمِ لَا يَتَجَاوَزُ لِغَيْرِهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَلَّيْتُك الْقَضَاءَ بِأَنَّهُ فِي هَذَا التَّرْكِيبِ بِمَعْنَى إمْضَاءِ الْأَمْرِ وَسَائِرُ تَصَرُّفَاتِ الْقَاضِي فِيهَا إمْضَاءُ الْحُكْمِ بِخِلَافِ الْمُحَكَّمِ. (فَصْلٌ) فِيمَا يَقْتَضِي انْعِزَالَ الْقَاضِي أَوْ عَزْلَهُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ إذَا (جُنَّ قَاضٍ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ) وَإِنْ قَلَّ الزَّمَنُ، أَوْ مَرِضَ مَرَضًا غَيْرَ مَرْجُوِّ الزَّوَالِ وَقَدْ عَجَزَ مَعَهُ عَنْ الْحُكْمِ (أَوْ عَمِيَ) أَوْ صَارَ كَالْأَعْمَى كَمَا عُرِفَ مِمَّا مَرَّ فِي قَوْلِهِ بَصِيرًا (أَوْ ذَهَبَتْ أَهْلِيَّةُ اجْتِهَادِهِ) الْمُطْلَقِ أَوْ الْمُقَيَّدِ بِنَحْوِ غَفْلَةٍ (وَ) كَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا وَصَحَّحْنَا وِلَايَتَهُ فَطَرَأَ إذْهَابُ (ضَبْطِهِ بِغَفْلَةٍ أَوْ نِسْيَانٍ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ) لِانْعِزَالِهِ بِذَلِكَ، وَكَذَا إنْ خَرِسَ أَوْ صُمَّ، نَعَمْ لَوْ عَمِيَ بَعْدَ ثُبُوتِ قَضِيَّةٍ عِنْدَهُ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا قَوْلُهُ حَكَمْت بِكَذَا وَلَمْ يَحْتَجْ مَعَهُ إلَى إشَارَةٍ نَفَذَ حُكْمُهُ فِيهَا (وَكَذَا لَوْ) (فَسَقَ) أَوْ زَادَ فِسْقُ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ مُوَلِّيهِ بِفِسْقِهِ الْأَصْلِيِّ أَوْ الزَّائِدِ حَالَ تَوْلِيَتِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِوُجُودِ الْمُنَافِي. وَالثَّانِي يَنْفُذُ كَالْإِمَامِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْوَجْهَانِ إذَا قُلْنَا إنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ. فَأَمَّا إذَا قُلْنَا إنَّهُ يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ لَمْ يَنْفُذْ قَطْعًا. ذَكَرَهُ الْإِمَامُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ، وَهُوَ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَبِهِ يَزُولُ مَحْذُورُ التَّكْرَارِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الْوَصِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِلِانْعِزَالِ لَا لِنُفُوذِ الْحُكْمِ، وَلَا نَظَرَ لِفَهْمِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَأَقْرَبَهُمَا) أَيْ فَطَالَبَ أَقْرَبَهُمَا يُجَابُ، وَيَجُوزُ رَفْعُهُ أَيْضًا: أَيْ فَأَقْرَبُهُمَا يُجَابُ طَالِبُهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَكَمَ اثْنَيْنِ) أَيْ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْخَصْمَيْنِ (قَوْلُهُ: لِظُهُورِ الْفَرْقِ) أَيْ وَهُوَ أَنَّ التَّوْلِيَةَ لِلْمُحَكَّمِ إنَّمَا هِيَ مِنْ الْخَصْمَيْنِ وَرِضَاهُمَا مُعْتَبَرٌ فَالْحُكْمُ مِنْ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ حُكْمٌ لِغَيْرِ رِضَا الْخَصْمِ. (فَصْلٌ) فِيمَا يَقْتَضِي انْعِزَالَ الْقَاضِي أَوْ عَزْلَهُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَحْتَجْ مَعَهُ إلَى إشَارَةٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مَعْرُوفَ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ (قَوْلُهُ: وَلَا نَظَرَ لِفَهْمِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ اطَّرَدَ عُرْفٌ بِتَبَعِيَّتِهِ لِبِلَادٍ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: نَعَمْ إنْ اطَّرَدَ عُرْفٌ بِتَبَعِيَّةِ بِلَادٍ لِبِلَادٍ فِي تَوْلِيَتِهَا دَخَلَتْ تَبَعًا لَهَا فَلَعَلَّ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ سَقْطًا. [فَصْلٌ فِيمَا يَقْتَضِي انْعِزَالَ الْقَاضِي أَوْ عَزْلَهُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ] (فَصْلٌ) فِيمَا يَقْتَضِي انْعِزَالَ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: بِغَفْلَةٍ أَوْ نِسْيَانٍ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ: بِحَيْثُ إذَا نُبِّهَ لَا يَتَنَبَّهُ اهـ. وَظَاهِرُ صَنِيعِهِ أَنَّ هَذَا لَا يُشْتَرَطُ فِي غَفْلَةِ الْمُجْتَهِدِ، وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ إذْ أَصْلُ الْغَفْلَةِ مُخِلٌّ بِالِاجْتِهَادِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَبِهِ يَنْدَفِعُ تَوَقُّفُ الشِّهَابِ سم (قَوْلُهُ: مَنْ لَمْ يَعْلَمْ مُوَلِّيهِ بِفِسْقِهِ الْأَصْلِيِّ أَوْ الزَّائِدِ) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ، إذْ لَا يَتَأَتَّى التَّفْصِيلُ فِي الْفِسْقِ الطَّارِئِ أَوْ الزَّائِدِ بَعْدَ

أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ النُّفُوذِ عَدَمُ الْوِلَايَةِ مِنْ قَوْلِهِ (فَإِنْ زَالَتْ هَذِهِ الْأَحْوَالُ لَمْ تَعُدْ وِلَايَتُهُ فِي الْأَصَحِّ) إلَّا بِتَوْلِيَةٍ جَدِيدَةٍ كَالْوِلَايَةِ، وَالثَّانِي تَعُودُ كَالْأَبِ إذَا جُنَّ ثُمَّ أَفَاقَ أَوْ فَسَقَ ثُمَّ تَابَ. (وَلِلْإِمَامِ) أَيْ يَجُوزُ لَهُ (عَزْلُ) (قَاضٍ) لَمْ يَتَعَيَّنْ (ظَهَرَ مِنْهُ خَلَلٌ) لَا يَقْتَضِي انْعِزَالَهُ كَكَثْرَةِ الشَّكَاوَى مِنْهُ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ ضَعِيفٌ أَوْ زَالَتْ هَيْبَتُهُ فِي الْقُلُوبِ وَذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاحْتِيَاطِ ، أَمَّا ظُهُورُ مَا يَقْتَضِي انْعِزَالَهُ وَثَبَتَ ذَلِكَ فَيُعْزَلُ بِهِ وَلَمْ يَحْتَجْ لِعَزْلٍ وَإِنْ ظُنَّ بِقَرَائِنَ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَالْأَوَّلِ، وَيَحْتَمِلُ فِيهِ نَدْبُ عَزْلِهِ وَإِطْلَاقُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وُجُوبَ صَرْفِهِ عِنْدَ كَثْرَةِ الشَّكَاوَى مِنْهُ اخْتِيَارٌ لَهُ (أَوْ) (لَمْ يَظْهَرْ) مِنْهُ خَلَلٌ (وَهُنَاكَ أَفْضَلُ مِنْهُ) فَلَهُ عَزْلُهُ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ كَمَا يَأْتِي فِي الْمِثْلِ رِعَايَةً لِلْأَصْلَحِ لِلْمُسْلِمِينَ ، وَلَا يَجِبُ وَإِنْ قُلْنَا إنَّ وِلَايَةَ الْمَفْضُولِ غَيْرُ مُنْعَقِدَةٍ مَعَ وُجُودِ الْفَاضِلِ لِأَنَّ الْغَرَضَ حُدُوثُ الْأَفْضَلِ بَعْدَ الْوِلَايَةِ فَلَمْ يَقْدَحْ فِيهَا (أَوْ) هُنَاكَ (مِثْلُهُ) أَوْ دُونَهُ (وَفِي عَزْلِهِ بِهِ مَصْلَحَةٌ كَتَسْكِينِ فِتْنَةٍ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ لِلْمُسْلِمِينَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ (فَلَا) يَجُوزُ عَزْلُهُ بِهِ لِأَنَّهُ عَبَثٌ وَتَصَرُّفُ الْإِمَامِ يُصَانُ عَنْهُ، وَاسْتَغْنَى بِذِكْرِ الْمَصْلَحَةِ عَنْ قَوْلِ أَصْلِهِ هُنَا، وَلَيْسَ فِي عَزْلِهِ فِتْنَةٌ لِأَنَّهُ لَا تَتِمُّ الْمَصْلَحَةُ إلَّا إذَا انْتَفَتْ الْفِتْنَةُ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا يُغْنِي عَنْهُ فَقَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ مَصْلَحَةً مِنْ وَجْهٍ وَمَفْسَدَةً مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى (لَكِنْ يَنْفُذُ الْعَزْلُ فِي الْأَصَحِّ) مَعَ إثْمِ الْمُوَلِّي وَالْمُتَوَلِّي بَذْلًا لِطَاعَةِ السُّلْطَانِ، وَالثَّانِي لَا، لِأَنَّهُ لَا خَلَلَ فِي الْأَوَّلِ وَلَا مَصْلَحَةَ فِي عَزْلِهِ، أَمَّا إذَا تَعَيَّنَ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ، وَلَوْ عَزَلَهُ لَمْ يَنْعَزِلْ، وَسَكَتَ هُنَا عَنْ انْعِزَالِهِ بِعَزْلِ نَفْسِهِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ كَالْوَكِيلِ هَذَا فِي الْأَمْرِ الْعَامِّ، أَمَّا الْوَظَائِفُ الْخَاصَّةُ كَإِمَامَةٍ وَأَذَانٍ وَتَصَوُّفٍ وَتَدْرِيسٍ وَطَلَبٍ وَنَظَرٍ وَنَحْوِهَا فَلَا تَنْعَزِلُ أَرْبَابُهَا بِالْعَزْلِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ. كَمَا أَفْتَى بِهِ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ مَا يَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ (وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ قَبْلَ بُلُوغِهِ خَبَرُ عَزْلِهِ) لِعِظَمِ الضَّرَرِ بِنَقْضِ وَفَسَادِ التَّصَرُّفَاتِ، نَعَمْ لَوْ عَلِمَ الْخَصْمُ أَنَّهُ مَعْزُولٌ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ لَهُ لِعِلْمِهِ أَنَّهُ غَيْرُ حَاكِمٍ بَاطِنًا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، فَإِنْ رَضِيَا بِحُكْمِهِ كَانَ كَالتَّحْكِيمِ بِشَرْطِهِ، هَذَا وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ إذَا عَلِمَ الْخَصْمُ بِعَزْلِ الْقَاضِي لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ قَاضِيًا وَلَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSالتَّكْرَارَ يُعْتَبَرُ فِيهِ خُصُوصُ مَا تَقَدَّمَ، وَلَا يَكْفِي فِيهِ أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ السِّيَاقِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي تَعُودُ كَالْأَبِ) وَمِثْلُ الْأَبِ فِي هَذَا الْحُكْمِ الْجَدُّ وَالْحَاضِنَةُ وَالنَّاظِرُ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ. (قَوْلُهُ: فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَالْأَوَّلِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ وَلِلْإِمَامِ عَزْلُ قَاضٍ إلَخْ فَيَجُوزُ عَزْلُهُ (قَوْلُهُ: وَإِطْلَاقُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وُجُوبُ صَرْفِهِ) أَيْ عَزْلِهِ عَنْ الْوِلَايَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قُلْنَا إنَّ وِلَايَةَ الْمَفْضُولِ غَيْرُ مُنْعَقِدَةٍ) أَيْ لَكِنَّا نَقُولُ بِهِ بَلْ هِيَ مُنْعَقِدَةٌ مَعَ وُجُودِ الْأَفْضَلِ (قَوْلُهُ: مَعَ إثْمِ الْمُوَلِّي) أَيْ السُّلْطَانِ (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْتَى بِهِ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَالْعِبْرَةُ فِي السَّبَبِ الَّذِي يَقْتَضِي الْعَزْلَ بِعَقِيدَةِ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: مَا يَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ) أَيْ بِأَنْ كَانَ فِيهِ أَنَّ لِلنَّاظِرِ الْعَزْلَ بِلَا جُنْحَةٍ (قَوْلُهُ: لَا يَنْعَزِلُ قَبْلَ بُلُوغِهِ خَبَرُ عَزْلِهِ) بِالرَّفْعِ فَاعِلُ بُلُوغٍ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) ضَعِيفٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّوْلِيَةِ بَيْنَ عِلْمِ الْمَوْلَى بِهِ حَالَ التَّوْلِيَةِ وَعَدَمِ عِلْمِهِ لِعَدَمِ وُجُودِهِ إذْ ذَاكَ فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَتَهُ فِيمَا كَتَبَهُ عَلَى شَرْحِ الرَّوْضِ نَصُّهَا: وَيَظْهَرُ لِي أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ مَا طَرَأَ عَلَيْهِ لَوْ عَلِمَ بِهِ مُسْتَنِيبُهُ لَمْ يَعْزِلْهُ بِسَبَبِهِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى وِلَايَتِهِ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ كَالْوَكِيلِ) مَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ لِلْقَضَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: بِالْعَزْلِ) أَيْ بِعَزْلِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ) يَعْنِي فِي صُورَةِ الْعَكْسِ، وَإِلَّا فَالْبُلْقِينِيُّ قَائِلٌ فِي صُورَةِ الطَّرْدِ بِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ

يَتَعَرَّضُوا لِمَا يَحْصُلُ بِهِ بُلُوغُ خَبَرِ الْعَزْلِ، وَيَنْبَغِي إلْحَاقُ ذَلِكَ بِخَبَرِ التَّوْلِيَةِ بَلْ أَوْلَى حَتَّى يُعْتَبَرَ فِيهِ شَاهِدَانِ وَتُغْنِي الِاسْتِفَاضَةُ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي حِكَايَةُ قَوْلَيْنِ كَالْوَكَالَةِ، وَمَرَّ الْفَرْقُ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ، وَلَوْ بَلَغَ الْخَبَرُ الْمُسْتَنِيبَ دُونَ النَّائِبِ أَوْ بِالْعَكْسِ انْعَزَلَ مَنْ بَلَغَهُ ذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ، وَيُتَّجَهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي بُلُوغِ خَبَرِ الْعَزْلِ لِلنَّائِبِ بِمَذْهَبِهِ لَا بِمَذْهَبِ مُسْتَنِيبِهِ. (وَإِذَا كَتَبَ الْإِمَامُ إلَيْهِ إذَا قَرَأْت كِتَابِي فَأَنْت مَعْزُولٌ فَقَرَأَهُ انْعَزَلَ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ، وَكَذَا لَوْ طَالَعَهُ وَفَهِمَ مَا فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِهِ (وَكَذَا إنْ قُرِئَ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْقَصْدَ إعْلَامُهُ بِالْعَزْلِ لَا قِرَاءَتُهُ بِنَفْسِهِ سَوَاءٌ كَانَ قَارِئًا أَمْ أُمِّيًّا، وَالثَّانِي لَا يَنْعَزِلُ وَهُوَ الْمُصَحَّحُ فِي الطَّلَاقِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمَرْعِيَّ ثَمَّ النَّظَرُ إلَى الصِّفَاتِ وَهُنَا إلَى الْإِعْلَامِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكْفِي هُنَا قِرَاءَةُ مَحَلِّ الْعَزْلِ فَقَطْ لَا جَمِيعَ الْكِتَابِ، وَلَا يَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ الْمَارُّ فِي الطَّلَاقِ فِيمَا إذَا انْمَحَى بَعْضُهُ أَوْ انْمَحَقَ. (وَيَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ وَانْعِزَالُهُ مِنْ إذْنٍ لَهُ فِي شُغْلٍ مُعَيَّنٍ كَبَيْعِ مَالِ) مَيِّتٍ أَوْ غَائِبٍ وَسَمَاعِ شَهَادَةٍ فِي حَادِثَةٍ مُعَيَّنَةٍ كَالْوَكِيلِ (وَالْأَصَحُّ انْعِزَالُ نَائِبِهِ الْمُطْلَقِ إنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي الِاسْتِخْلَافِ) لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الِاسْتِخْلَافِ الْمُعَاوَنَةُ وَقَدْ زَالَتْ وِلَايَتُهُ فَبَطَلَتْ الْمُعَاوَنَةُ (أَوْ) (قِيلَ) لَهُ (اسْتَخْلِفْ عَنْ نَفْسِك) لِمَا ذُكِرَ (أَوْ أَطْلَقَ) لِظُهُورِ غَرَضِ الْمُعَاوَنَةِ وَبُطْلَانُهَا بِبُطْلَانِ وِلَايَتِهِ، وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْوَكَالَةِ بِأَنَّ الْغَرَضَ ثَمَّ لَيْسَ مُعَاوَنَةَ الْوَكِيلِ بَلْ النَّظَرُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ فَحَمَلَ الْإِطْلَاقَ عَلَى إرَادَتِهِ، نَعَمْ إنْ عَيَّنَ لَهُ الْخَلِيفَةُ كَانَ قَاطِعًا لِنَظَرِهِ فَيَكُونُ كَمَا فِي قَوْلِهِ (فَإِنْ قِيلَ) أَيْ قَالَ لَهُ مُوَلِّيهِ (اسْتَخْلِفْ عَنِّي فَلَا) يَنْعَزِلُ الْخَلِيفَةُ لِأَنَّهُ لَيْسَ نَائِبَهُ. (وَلَا يَنْعَزِلُ قَاضٍ) غَيْرُ قَاضِي ضَرُورَةٍ وَلَا قَاضِي ضَرُورَةٍ إذَا لَمْ يُوجَدْ مُجْتَهِدٌ صَالِحٌ وَلَا مَنْ وِلَايَتُهُ عَامَّةٌ كَنَاظِرِ بَيْتِ الْمَالِ وَالْجَيْشِ وَالْحِسْبَةِ وَالْأَوْقَافِ (بِمَوْتِ الْإِمَامِ) الْأَعْظَمِ وَلَا بِانْعِزَالِهِ لِعِظَمِ الضَّرَرِ بِتَعْطِيلِ الْحَوَادِثِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ وَلَّاهُ لِلْحُكْمِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَصْمِهِ انْعَزَلَ بِفَرَاغِهِ مِنْهُ، وَلِأَنَّ الْإِمَامَ إنَّمَا يُوَلِّي الْقَضَاءَ نِيَابَةً عَنْ الْمُسْلِمِينَ، بِخِلَافِ تَوْلِيَةِ الْقَاضِي لِنُوَّابِهِ فَإِنَّهُ عَنْ نَفْسِهِ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ لَهُ عَزْلُهُمْ بِغَيْرِ سَبَبٍ كَمَا مَرَّ، بِخِلَافِ الْإِمَامِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ إلَّا بِسَبَبٍ. وَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ أَنَّ قَاضِيَ الضَّرُورَةِ حَيْثُ انْعَزَلَ اسْتَرَدَّ مِنْهُ مَا أَخَذَهُ مِنْ نَظَرِ الْأَوْقَافِ، وَعَلَى الْقَضَاءِ لَا يَتَأَتَّى مَعَ الْقَوْلِ بِصِحَّةِ وِلَايَتِهِ كَمَا مَرَّ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ انْعِزَالِهِ مَعَ وُجُودِ مُجْتَهِدٍ صَالِحٍ إلَّا إنْ رُجِيَ تَوْلِيَتُهُ وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ فِي انْعِزَالِهِ (وَلَا) يَنْعَزِلُ (نَاظِرُ يَتِيمٍ) وَمَسْجِدٍ (وَوَقْفٍ بِمَوْتِ قَاضٍ) نَصَبَهُمْ وَكَذَا بِانْعِزَالِهِ لِئَلَّا تَخْتَلَّ الْمَصَالِحُ، نَعَمْ لَوْ شَرَطَ النَّظَرَ لِحَاكِمِ الْمُسْلِمِينَ انْعَزَلَ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ بِتَوْلِيَةِ قَاضٍ جَدِيدٍ لِصَيْرُورَةِ النَّظَرِ إلَيْهِ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ (وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ) وَإِنْ كَانَ انْعِزَالُهُ بِالْعَمَى عَلَى الْأَوْجَهِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ (بَعْدَ انْعِزَالِهِ) وَلَا قَوْلَ لِلْمُحَكَّمِ بَعْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: انْعَزَلَ مَنْ بَلَغَهُ ذَلِكَ) هَذَا ظَاهِرٌ إنْ قُلْنَا بِكَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ فِيمَا لَوْ بَلَغَ الْخَصْمَ عَزْلُ الْقَاضِي وَلَمْ يَبْلُغْ الْقَاضِي أَمَّا عَلَى مَا اسْتَوْجَهَهُ مِنْ نُفُوذِ الْحُكْمِ عَلَى الْخَصْمِ وَلَهُ لِعَدَمِ انْعِزَالِ الْقَاضِي فَفِيهِ نَظَرٌ وَمَا عَلَّلَ بِهِ يَقْتَضِي أَنَّ النَّائِبَ لَا يَنْعَزِلُ إلَّا بَعْدَ عَزْلِ الْمُسْتَنِيبِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ عَدَمِ عَزْلِ النَّائِبِ بِبُلُوغِ خَبَرٍ لِلْمُسْتَنِيبِ دُونَهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ اسْتَخْلَفَهُ عَنْ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ: غَيْرُ قَاضِي ضَرُورَةٍ) دَخَلَ فِي قَوْلِهِ قَاضِي ضَرُورَةِ الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ وَالْقِنِّ وَالْأَعْمَى فَلَا يَنْعَزِلُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِمَوْتِ السُّلْطَانِ إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مُجْتَهِدٌ وَقَوْلُهُ فِيمَا سَبَقَ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَوَلِيُّ السُّلْطَانِ إلَخْ وَبَحْثُ الْبُلْقِينِيِّ إلَخْ يَقْتَضِي خِلَافَهُ فِي غَيْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقَصْدَ إعْلَامُهُ بِالْعَزْلِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَرَأَهُ إنْسَانٌ فِي نَفْسِهِ وَلَوْ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَاضِي ثُمَّ أَعْلَمَهُ بِمَا فِيهِ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ وَأَنَّهُ لَوْ قُرِئَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَفْهَمْ مَعْنَاهُ لِكَوْنِهِ أَعْجَمِيًّا وَالْكِتَابُ بِالْعَرَبِيَّةِ، أَوْ عَكْسُهُ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ حَتَّى يُخْبِرَهُ بِهِ إنْسَانٌ فَلْيُرَاجَعْ. ثُمَّ رَأَيْت وَالِدَ الشَّارِحِ صَرَّحَ بِعَدَمِ انْعِزَالِهِ فِي الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: لَا جَمِيعِ الْكِتَابِ) يَعْنِي فَإِنَّهُ لَا تُشْتَرَطُ قِرَاءَتُهُ، فَفِي الْعِبَارَةِ مُسَامَحَةٌ (قَوْلُهُ: غَيْرُ قَاضِي ضَرُورَةٍ) دَخَلَ فِي قَاضِي الضَّرُورَةِ الصَّبِيُّ وَالْمَرْأَةُ وَالْقِنُّ وَالْأَعْمَى، فَاقْتَضَى أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِمَوْتِ السُّلْطَانِ إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مُجْتَهِدٌ، وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمَهُ عَنْ بَحْثِ الْبُلْقِينِيِّ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ تَعَذَّرَ جَمِيعُ هَذِهِ الشُّرُوطِ فَوَلَّى سُلْطَانٌ لَهُ شَوْكَةٌ فَاسِقًا أَوْ مُقَلِّدًا نَفَذَ قَضَاؤُهُ لِلضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) لَمْ يَمُرَّ فِي كَلَامِهِ وَهُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِابْنِ حَجَرٍ إلَّا أَنَّ ذَاكَ ذَكَرَهُ قَبْلُ

مُفَارَقَةِ مَجْلِسِ حُكْمِهِ (حَكَمْت بِكَذَا) لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَ الْحُكْمِ حِينَئِذٍ (فَإِنْ شَهِدَ) وَحْدَهُ أَوْ مَعَ (آخَرَ بِحُكْمِهِ لَمْ يُقْبَلْ عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهُ يَشْهَدُ بِفِعْلِ نَفْسِهِ، وَالثَّانِي يُقْبَلُ لِأَنَّهُ لَمْ يَجُرَّ لِنَفْسِهِ بِذَلِكَ نَفْعًا وَلَمْ يَدْفَعْ ضَرَرًا، وَيُفَارِقُ الْمُرْضِعَةَ عَلَى الْأَوَّلِ بِأَنَّ فِعْلَهَا غَيْرُ مَقْصُودٍ بِالْإِثْبَاتِ مَعَ أَنَّ شَهَادَتَهَا لَا تَتَضَمَّنُ تَزْكِيَةَ نَفْسِهَا بِخِلَافِ الْحَاكِمِ فِيهِمَا، وَخَرَجَ بِحُكْمِهِ شَهَادَتُهُ بِإِقْرَارٍ صَدَرَ فِي مَجْلِسِهِ فَيُقْبَلُ جَزْمًا (أَوْ) شَهِدَ (بِحُكْمِ حَاكِمٍ جَائِزِ الْحُكْمِ قُبِلَتْ) شَهَادَتُهُ (فِي الْأَصَحِّ) كَمَا لَوْ شَهِدَتْ الْمُرْضِعَةُ بِرَضَاعِ مَحْرَمٍ وَلَمْ تَذْكُرْ فِعْلَهَا، وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ نَفْسَهُ فَيَجِبُ الْبَيَانُ لِيَزُولَ اللَّبْسَ وَلَا أَثَرَ لِاحْتِمَالِ الْمُبْطِلِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يَعْنِي حُكْمَهُ لَمْ يَقْبَلْهُ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ جَائِزُ الْحُكْمِ لِإِيهَامِ حَذْفِهِ حُكْمَ حَاكِمٍ لَا يَجُوزُ حُكْمُهُ كَحَاكِمِ الشُّرْطَةِ مَثَلًا (يُقْبَلُ قَوْلُهُ قَبْلَ عَزْلِهِ حَكَمْت بِكَذَا) لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْإِنْشَاءِ حِينَئِذٍ حَتَّى لَوْ قَالَ عَلَى سَبِيلِ الْحُكْمِ نِسَاءُ هَذِهِ الْقَرْيَةِ طَوَالِقُ مِنْ أَزْوَاجِهِنَّ قُبِلَ، وَمَحَلُّهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِي مَحْصُورَاتٍ وَإِلَّا فَهُوَ كَاذِبٌ مُجَازِفٌ وَفِي قَاضٍ مُجْتَهِدٍ وَلَوْ فِي مَذْهَبِ إمَامِهِ قَالَ وَلَا رَيْبَ عِنْدِي فِي عَدَمِ نُفُوذِهِ مِنْ فَاسِقٍ وَجَاهِلٍ، وَلَا بُدَّ فِي قَاضِي الضَّرُورَةِ مِنْ بَيَانِ مُسْتَنَدِهِ، فَلَوْ قَالَ حَكَمْت بِحُجَّةٍ أَوْجَبَتْ الْحُكْمَ شَرْعًا وَامْتَنَعَ مِنْ بَيَانِ ذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ حُكْمُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِاحْتِمَالِ أَنْ يَظُنَّ مَا لَيْسَ بِمُسْتَنَدٍ مُسْتَنَدًا، وَأَفْتَى أَيْضًا بِأَنَّهُ لَوْ حَكَمَ بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ بِشَاهِدَيْنِ فَقَالَا إنَّمَا شَهِدْنَا بِطَلَاقٍ مُقَيَّدٍ بِصِفَةٍ وَلَمْ تُوجَدْ وَقَالَ بَلْ أَطْلَقْتُمَا قُبِلَ قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِي ذَلِكَ لِعِلْمِهِ وَأَمَانَتِهِ (فَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ) وَهُوَ خَارِجُ عَمَلِهِ لَا مَجْلِسِ حُكْمِهِ، وَدَعْوَى مَنْ أَرَادَ الثَّانِي أَرَادَ بِهِ أَنَّ مُوَلِّيَهُ قَيَّدَ وِلَايَتَهُ بِذَلِكَ الْمَجْلِسِ (فَكَمَعْزُولٍ) لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَ الْحُكْمِ حِينَئِذٍ فَلَا يَنْفُذُ إقْرَارُهُ بِهِ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ فَكَمَعْزُولٍ عَدَمَ نُفُوذِ تَصَرُّفٍ مِنْهُ اسْتَبَاحَهُ بِالْوِلَايَةِ كَإِيجَارِ وَقْفٍ نَظَرُهُ لِلْقَاضِي وَبَيْعِ مَالِ يَتِيمٍ وَتَقْرِيرٍ فِي وَظِيفَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ كَتَزْوِيجِ مَنْ لَيْسَتْ فِي وِلَايَتِهِ، نَعَمْ لَوْ اسْتَخْلَفَ وَهُوَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ مَنْ يَحْكُمُ بِهَا بَعْدَ وُصُولِهِ لَهَا صَحَّ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، إذْ الِاسْتِخْلَافُ لَيْسَ بِحُكْمٍ حَتَّى يَمْتَنِعَ بَلْ مُجَرَّدُ إذْنٍ فَهُوَ كَمَحْرَمٍ، وَكُلُّ مَنْ يُزَوِّجُهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ أَوْ أَطْلَقَ وَمُنَازَعَةُ بَعْضِهِمْ. فِيهِ بِأَنَّهُ إذْنٌ اسْتَفَادَهُ بِالْوِلَايَةِ بِمَحَلٍّ مَخْصُوصٍ فَكَيْفَ يُعْتَدُّ مِنْهُ بِهِ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَيْهِ، وَأَنَّ الْقِيَاسَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ بِمُسَلَّمٍ لِأَنَّهُ الْمَحْرَمُ لَيْسَ مَمْنُوعًا إلَّا مِنْ الْمُبَاشَرَةِ بِنَفْسِهِ وَالْقَاضِي قَبْلَ وُصُولِهِ لِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ لَمْ يَتَأَهَّلْ لِإِذْنٍ وَلَا حُكْمٍ، وَإِنَّمَا قِيَاسُهُ أَنْ يُقَيَّدَ تَصَرُّفُ الْوَكِيلِ بِبَلَدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُقَلِّدِ وَالْفَاسِقِ مَعَ وُجُودِ الْعَدْلِ وَعَدَمِ الْمُجْتَهِدِ (قَوْلُهُ: وَيُفَارِقُ الْمُرْضِعَةَ عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ حَيْثُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهَا عَلَى فِعْلِ نَفْسِهَا بِأَنَّ فِعْلَهَا غَيْرُ مَقْصُودٍ بَلْ الْمَقْصُودُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ التَّحْرِيمِ، وَقَوْلُهُ مَعَ أَنَّ شَهَادَتَهَا إلَخْ وَجْهُهُ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْإِرْضَاعِ حُصُولُ اللَّبَنِ فِي جَوْفِ الطِّفْلِ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ التَّحْرِيمُ وَهَذَا الْمَعْنَى يُحْصَلُ بِإِرْضَاعِ الْفَاسِقَةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَذْكُرْ فِعْلَهَا) لَعَلَّهُ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى مَا ذُكِرَ لِتَتِمَّ الْمُشَابَهَةُ بَيْنَ الْمَقِيسِ وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَالْمُرْضِعَةُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهَا وَإِنْ ذَكَرَتْ فِعْلِ نَفْسِهَا عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ أَنْ يَظُنَّ مَا لَيْسَ بِمُسْتَنَدٍ مُسْتَنَدًا) أَيْ لَمْ يَنْهَ مُوَلِّيَهُ عَنْ طَلَبِ بَيَانِ مُسْتَنَدِهِ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ عَنْ حَجّ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ فَإِنْ تَعَذَّرَ جَمْعُ هَذِهِ الشُّرُوطِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَنْ أَرَادَ الثَّانِيَ) هُوَ قَوْلُهُ لَا مَجْلِسَ حِكْمَةٍ (قَوْلُهُ: قَيَّدَ وِلَايَتَهُ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْهَا بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ الْمُعْتَادِ نَفَذَ حُكْمُهُ فِي مَحَلِّ عَمَلِهِ كُلِّهِ، وَإِنْ كَانَ قَيَّدَ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ كَمَسْجِدٍ مَثَلًا، وَمَحَلُّ عَمَلِهِ مَا نَصَّ مُوَلِّيهِ عَلَيْهِ أَوْ اُعْتِيدَ أَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ الْمَجْلِسِ الَّذِي وَلَّاهُ لِيَحْكُمَ فِيهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ اسْتَخْلَفَ وَهُوَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَرْسَلَ لِمَنْ يَحْكُمُ عَنْهُ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ إلَى أَنْ يَحْضُرَ الْقَاضِي (قَوْلُهُ بَعْدَ وُصُولِهِ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْقَاضِي الْمُسْتَخْلِفِ لَا لِمَنْ كَمَا يَسْتَدِلُّ عَلَيْهِ تَشْبِيهُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مِنْ بَيَانِ مُسْتَنَدِهِ) قَدْ مَرَّ هَذَا بِمَا فِيهِ (قَوْلُهُ: قَيَّدَ وِلَايَتَهُ بِذَلِكَ الْمَجْلِسِ) وَمِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ ثَوَابِ الْقَاضِي الْأَصِيلِ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ فَهُمْ خَارِجَ مَجْلِسِ الْحُكْمِ الْمُسَمَّى بِالْمَحْكَمَةِ كَمَعْزُولَيْنِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ اسْتَخْلَفَ إلَخْ) قَدْ مَرَّ هَذَا بِاخْتِصَارٍ (قَوْلُهُ بَعْدَ وُصُولِهِ) أَيْ الْخَلِيفَةَ

فَلَيْسَ لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِيهِ التَّوْكِيلُ وَإِنْ جَوَّزْنَا لَهُ الْإِذْنَ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ فِي غَيْرِهَا مَرْدُودَةٌ بِصِحَّةِ الْقِيَاسِ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْمَحْرَمِ فِي النِّكَاحِ مُخْتَلَّةٌ مُطْلَقًا بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ فِي زَمَنِ الْإِحْرَامِ وَصَحَّ إذْنُهُ الْمَذْكُورُ، فَكَذَلِكَ الْقَاضِي يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ الْخَارِجِ عَنْ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَصَحَّ إذْنُهُ فِيهِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ. (وَلَوْ) (ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى مَعْزُولٍ) وَمُرَادُهُ بِذَلِكَ الْإِخْبَارُ، فَتَسْمِيَتُهُ دَعْوَى مَجَازٌ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا بَعْدَ حُضُورِهِ (أَنَّهُ أَخَذَ مَا لَهُ بِرِشْوَةٍ) أَيْ عَلَى سَبِيلِ الرِّشْوَةِ كَمَا بِأَصْلِهِ وَهِيَ مُثَلَّثَةُ الرَّاءِ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَاهُ لِأَنَّ مُرَادَهُ بِالرِّشْوَةِ لَازِمُهَا: أَيْ بِبَاطِلٍ، فَانْدَفَعَ الْقَوْلُ أَنَّ عِبَارَةَ الْأَصْلِ أَوْلَى لِإِيهَامِ عِبَارَةِ الْكِتَابِ أَنَّ الرِّشْوَةَ سَبَبٌ مُغَايِرٌ لِلْأَخْذِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (أَوْ شَهَادَةِ عَبْدَيْنِ مَثَلًا) وَأَعْطَاهُ لِفُلَانٍ وَمَذْهَبُهُ عَدَمُ قَبُولِ شَهَادَتِهِمَا (أُحْضِرَ وَفُصِلَتْ خُصُومَتُهُمَا) لِتَعَذُّرِ إثْبَاتِ ذَلِكَ بِغَيْرِ حُضُورِهِ، وَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ وَلَا يَحْضُرَ، فَإِذَا حَضَرَ وَكِيلُهُ اُسْتُؤْنِفَتْ الدَّعْوَى، وَإِنَّمَا يَجِبُ إحْضَارُهُ إذَا ذَكَرَ شَيْئًا يَقْتَضِي الْمُطَالَبَةَ شَرْعًا كَمَا مَثَّلَهُ، فَلَوْ طَلَبَ إحْضَارَهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ وَلَمْ يُعَيِّنْ شَيْئًا لَمْ يَجِبْ إلَيْهِ، إذْ قَدْ لَا يَكُونُ لَهُ حَقٌّ وَإِنَّمَا يَقْصِدُ ابْتِذَالَهُ بِالْخُصُومَةِ (وَإِنْ قَالَ حَكَمَ بِعَبْدَيْنِ) أَوْ فَاسِقَيْنِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَهُوَ يَعْلَمُ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَأَنَا أُطَالِبُهُ بِالْغُرْمِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا يَحْتَاجُ لِذَلِكَ وَإِنَّمَا سُمِعَتْ هَذِهِ الدَّعْوَى مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَى قَوَاعِدِ الدَّعَاوَى الْمُلْزِمَةِ إذْ لَيْسَتْ بِنَفْسِ الْحَقِّ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهَا التَّدْرِيجُ إلَى إلْزَامِ الْخَصْمِ (وَلَمْ يَذْكُرْ مَا لَا أُحْضِرَ) لِيُجِيبَ عَنْ دَعْوَاهُ (وَقِيلَ لَا) يَحْضُرُ (حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِدَعْوَاهُ) لِأَنَّهُ كَانَ أَمِينَ الشَّرْعِ، وَالظَّاهِرُ مِنْ أَحْكَامِ الْقُضَاةِ وُقُوعُهَا عَلَى وَفْقِ الصِّحَّةِ فَلَا يُعْدَلُ عَنْ الظَّاهِرِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ صِيَانَةً لِوُلَاةِ الْمُسْلِمِينَ عَنْ الْبِذْلَةِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا الظَّاهِرَ وَإِنْ سُلِّمَ لَا يَمْنَعُ إحْضَارَهُ لِتَبَيُّنِ الْحَالِ (فَإِنْ حَضَرَ) بَعْدَ الْبَيِّنَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ (وَأَنْكَرَ) بِأَنْ قَالَ لَمْ أَحْكُمْ عَلَيْهِ أَصْلًا أَوْ لَمْ أَحْكُمْ إلَّا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ حُرَّيْنِ (صَدَقَ بِلَا يَمِينٍ فِي الْأَصَحِّ) صِيَانَةً لَهُ عَنْ الِابْتِذَالِ (قُلْت: الْأَصَحُّ) أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ إلَّا (بِيَمِينٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِعُمُومِ خَبَرِ «وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» وَلِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ أَمِينٌ وَهُوَ كَالْوَدِيعِ لَا بُدَّ مِنْ حَلِفِهِ، هَذَا كُلُّهُ فِيمَنْ عُلِمَ بَقَاءُ أَهْلِيَّتِهِ إلَى عَزْلِهِ، أَمَّا مَنْ ظَهَرَ فِسْقُهُ وَجَوْرُهُ وَعُلِمَتْ خِيَانَتُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحْلِفُ قَطْعًا، وَأَمَّا أُمَنَاؤُهُ الَّذِينَ يَجُوزُ لَهُمْ أَخْذُ الْأُجْرَةِ إذَا حُوسِبَ بَعْضُهُمْ فَبَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَقَالَ أَخَذْت هَذَا الْمَالَ أُجْرَةً عَلَى عَمَلِي وَصَدَّقَهُ الْمَعْزُولُ لَمْ يَنْفَعْهُ تَصْدِيقُهُ وَيُسْتَرَدُّ مِنْهُ مَا يَزِيدُ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ. (وَلَوْ) (اُدُّعِيَ عَلَى قَاضٍ) مُتَوَلٍّ (جَوْرٌ فِي حُكْمٍ) (لَمْ تُسْمَعْ) الدَّعْوَى عَلَيْهِ لِأَجْلِ أَنَّهُ يَحْلِفُ لَهُ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى عَلَى شَاهِدٍ أَنَّهُ شَهِدَ زُورًا وَأَرَادَ تَغْرِيمَهُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَمِينُ الشَّرْعِ (وَتُشْتَرَطُ) لِسَمَاعِ الدَّعْوَى عَلَيْهِمَا بِذَلِكَ (بَيِّنَةٌ) يُحْضِرُهَا بَيْنَ يَدَيْ الْمُدَّعِي عِنْدَهُ لِتُخْبِرَهُ حَتَّى يُحْضِرَهُ إذْ لَوْ فُتِحَ بَابُ تَحْلِيفِهِمَا لِكُلِّ مُدَّعٍ لَاشْتَدَّ الْأَمْرُ وَرَغِبَ النَّاسُ عَنْ الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَةِ (وَإِنْ) ادَّعَى عَلَى مُتَوَلٍّ بِشَيْءٍ (لَمْ يَتَعَلَّقْ بِحُكْمِهِ) كَغَصْبٍ أَوْ دَيْنٍ أَوْ بَيْعٍ (حَكَمَ بَيْنَهُمَا خَلِيفَتُهُ أَوْ غَيْرُهُ) كَوَاحِدٍ مِنْ الرَّعِيَّةِ يُحَكِّمَانِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ: هَذَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِمَا لَا يَقْدَحُ فِيهِ وَلَا يُخِلُّ بِمَنْصِبِهِ وَإِلَّا لَمْ تُسْمَعْ الدَّعْوَى قَطْعًا وَلَا يَحْلِفُ وَلَا طَرِيقَ لِلْمُدَّعِي حِينَئِذٍ إلَّا ـــــــــــــــــــــــــــــSبِالْمُحْرِمِ (قَوْلُهُ: وَأَعْطَاهُ) عَطْفٌ عَلَى أَخَذَ (قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهُوَ) أَيْ وَقَالَ فِي دَعْوَاهُ وَهُوَ يَعْلَمُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِيَمِينٍ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى مَا ذَكَرَ الْمُدَّعِي وَإِلَّا قَضَى بِهَا بِلَا يَمِينٍ (قَوْلُهُ مَا يَزِيدُ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ) أَيْ ثُمَّ إنْ كَانَ لَهُ مَالِكٌ مَعْلُومٌ دَفَعَ لَهُ وَإِلَّا فَلِبَيْتِ الْمَالِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُخِلُّ بِمَنْصِبِهِ) كَأَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِغَيْرِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِالتَّوْكِيلِ (قَوْلُهُ: فَانْدَفَعَ الْقَوْلُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ لَا يَدْفَعُ الْأَوْلَوِيَّةَ وَالْإِيهَامُ قَائِمٌ، وَغَايَةُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّهُ تَصْحِيحٌ لِعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ لَا دَافِعٌ لِلْإِيهَامِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا حَضَرَ وَكِيلُهُ) لَعَلَّهُ سَقَطَ لَفْظُ أَوْ قَبْلَ قَوْلِهِ وَكِيلُهُ: أَيْ فَإِذَا حَضَرَ هُوَ أَوْ وَكِيلُهُ (قَوْلُهُ: مُتَوَلٍّ) أَيْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي آخِرَ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ لِسَمَاعِ الدَّعْوَى عَلَيْهِمَا بَيِّنَةٌ) اُنْظُرْهُ مَعَ مَا يَأْتِي أَنَّ التَّزْوِيرَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ

[فصل في آداب القضاء وغيرها]

لِبَيِّنَةٍ، قَالَ: بَلْ يَنْبَغِي أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ إنْ لَمْ تَقْدَحْ فِيهِ حَيْثُ لَمْ تَظْهَرْ لِلْحَاكِمِ صِحَّةُ الدَّعْوَى صِيَانَةً عَنْ ابْتِذَالِهِ بِالدَّعَاوَى وَالتَّحْلِيفِ انْتَهَى. وَفِيهِ مَا مَرَّ وَبِفَرْضِ صِحَّتِهِ يَتَعَيَّنُ تَقْيِيدُهُ بِقَاضٍ حَسَنِ السِّيرَةِ ظَاهِرِ الدَّيَّانَةِ وَالْعِفَّةِ، وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ الدَّعْوَى عَلَى مُتَوَلٍّ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ عِنْدَ قَاضٍ أَنَّهُ حَكَمَ بِكَذَا فَلَا تُسْمَعُ بِخِلَافِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا وَبِخِلَافِ الْمَعْزُولِ فَتُسْمَعُ عَلَيْهِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ وَلَا يَحْلِفُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا فَمَا مَرَّ فِي الْمَعْزُولِ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ هَذَا. (فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهَا (لِيَكْتُبْ الْإِمَامُ) أَوْ نَائِبُهُ كَالْقَاضِي الْكَبِيرِ نَدْبًا (لِمَنْ يُوَلِّيهِ) كِتَابًا بِالتَّوْلِيَةِ وَمَا فَوَّضَهُ إلَيْهِ وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْقَاضِي وَيُعَظِّمُهُ فِيهِ وَيَعِظُهُ وَيُبَالِغُ فِي وَصِيَّتِهِ بِالتَّقْوَى وَمُشَاوَرَةِ الْعُلَمَاءِ وَالْوَصِيَّةِ بِالضُّعَفَاءِ «اتِّبَاعًا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ لَمَّا وَلَّاهُ الْيَمَنَ وَهُوَ ابْنُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً» ، رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ، وَاقْتَصَرَ فِي مُعَاذٍ لَمَّا بَعَثَهُ إلَيْهَا عَلَى الْوَصِيَّةِ مِنْ غَيْرِ كِتَابَةٍ (وَيُشْهِدُ بِالْكِتَابِ) يَعْنِي لَا بُدَّ إنْ أَرَادَ الْعَمَلَ بِذَلِكَ الْكِتَابِ أَنْ يُشْهِدَ بِمَا فِيهِ مِنْ التَّوْلِيَةِ (شَاهِدَيْنِ) بِصِفَاتِ عُدُولِ الشَّهَادَةِ (يَخْرُجَانِ مَعَهُ إلَى الْبَلَدِ) أَيْ مَحَلِّ التَّوْلِيَةِ وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا (يُخْبِرَانِ بِالْحَالِ) لِتَلْزَمَ طَاعَتُهُ عَلَى أَهْلِ الْبَلَدِ وَالِاعْتِمَادُ عَلَى مَا يَشْهَدَانِ بِهِ لَا عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ، وَلَا بُدَّ مِنْ سَمَاعِهِمَا التَّوْلِيَةَ مِنْ الْمُوَلِّي، وَإِذَا قُرِئَ بِحَضْرَتِهِ فَلْيَعْلَمَا أَنَّ مَا فِيهِ هُوَ الَّذِي قُرِئَ لِئَلَّا يَقْرَأَ غَيْرَ مَا فِيهِ، ثُمَّ إنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ قَاضٍ أَدَّيَا عِنْدَهُ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ بِشُرُوطِهِ وَإِلَّا كَفَى إخْبَارُهُمَا لِأَهْلِ الْبَلَدِ: أَيْ لِأَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ مِنْهُمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَحِينَئِذٍ يَتَعَيَّنُ الِاكْتِفَاءُ بِظَاهِرِ الْعَدَالَةِ لِاسْتِحَالَةِ ثُبُوتِهَا عِنْدَ غَيْرِ قَاضٍ مَعَ الِاضْطِرَارِ إلَى مَا يَشْهَدَانِ بِهِ، فَقَوْلُهُمْ بِصِفَاتِ عُدُولِ الشَّهَادَةِ إنَّمَا يَتَأَتَّى إنْ كَانَ ثَمَّ قَاضٍ، وَاخْتَارَ الْبُلْقِينِيُّ الِاكْتِفَاءَ بِوَاحِدٍ (وَتَكْفِي الِاسْتِفَاضَةُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهَا آكَدُ مِنْ الشَّهَادَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ لِخِدْمَةِ مَنْزِلِهِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَفِيهِ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَنْ لَمْ يَظْهَرْ فِسْقُهُ وَجَوْرُهُ وَعُلِمَتْ خِيَانَتُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَبِفَرْضِ صِحَّتِهِ) أَيْ صِحَّةِ كَلَامِ السُّبْكِيّ (قَوْلُهُ: فَلَا تُسْمَعُ) أَيْ الدَّعْوَى لِأَنَّهُ يَقْبَلُ قَوْلَهُ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ حَكَمْت فَالدَّعْوَى مَعَ قَبُولِ قَوْلِهِ تُخِلُّ بِمَنْصِبِهِ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ لَوْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُ حَكَمَ بِكَذَا لَمْ يُعْمَلْ بِهِ حَتَّى يَتَذَكَّرَ فَلَا فَائِدَةَ فِي سَمَاعِ الدَّعْوَى إذْ غَايَتُهَا إقَامَةُ بَيِّنَةٍ (قَوْلُهُ: مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ هَذَا) أَيْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ حَكَمَ بِكَذَا. (فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَإِذَا قُرِئَ بِحَضْرَتِهِ) أَيْ حَضْرَةِ الْمَوْلَى (قَوْلُهُ: أَدَّيَا عِنْدَهُ) أَيْ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ: وَاخْتَارَ الْبُلْقِينِيُّ الِاكْتِفَاءَ بِوَاحِدٍ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَتَكْفِي الِاسْتِفَاضَةُ) أَيْ فِي لُزُومِ الطَّاعَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَفِيهِ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَنْ لَمْ يَظْهَرْ فِسْقُهُ وَجَوْرُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ أَنَّهُ حَكَمَ بِكَذَا) أَيْ جَوْرًا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا) أَيْ الَّذِي هُوَ صُورَةُ الْمَتْنِ الْمَارَّةُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فَتُسْمَعُ عَلَيْهِ الدَّعْوَى) أَيْ بِالْجَوْرِ (قَوْلُهُ: فَمَا مَرَّ فِي الْمَعْزُولِ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ هَذَا) مُرَادُهُ بِذَلِكَ الْجَمْعُ بَيْنَ تَصْحِيحِ الْمُصَنِّفِ هُنَا تَحْلِيفَ الْمَعْزُولِ وَتَصْحِيحِهِ فِي الرَّوْضَةِ عَدَمَ تَحْلِيفِهِ. [فَصْلٌ فِي آدَابِ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهَا] (قَوْلُهُ: يَعْنِي لَا بُدَّ إنْ أَرَادَ الْعَمَلَ بِذَلِكَ الْكِتَابِ إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا فَالْمَدَارُ إنَّمَا هُوَ عَلَى الشَّهَادَةِ لَا عَلَى الْكِتَابِ (قَوْلُهُ: وَإِذَا قُرِئَ بِحَضْرَتِهِ) أَيْ الْمُوَلِّي بِكَسْرِ اللَّامِ، وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ: وَلِيَقْرَآهُ عَلَيْهِ: أَيْ الشَّاهِدَانِ أَوْ يَقْرَأَهُ الْإِمَامُ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ قَرَأَهُ غَيْرُ الْإِمَامِ عَلَيْهِمَا فَالْأَحْوَطُ أَنْ يَنْظُرَ الشَّاهِدَانِ فِيهِ انْتَهَتْ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَلْيَعْلَمَا: أَيْ بِالنَّظَرِ فِي الْكِتَابِ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَقْرَأَ) أَيْ الْقَارِئُ

وَلِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا عَنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ إشْهَادٌ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّ التَّوْلِيَةَ عَقْدٌ وَالْعُقُودُ لَا تَثْبُتُ بِالِاسْتِفَاضَةِ كَالْإِجَارَةِ وَالْوَكَالَةِ (لَا مُجَرَّدُ كِتَابٍ) فَلَا يَكْفِي (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِاحْتِمَالِ التَّزْوِيرِ وَإِنْ حَفَّتْ الْقَرَائِنُ بِصِدْقِهِ، وَلَا يَكْفِي إخْبَارُ الْقَاضِي لِاتِّهَامِهِ، فَإِنْ صَدَّقُوهُ لَزِمَهُمْ طَاعَتُهُ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ (وَيَبْحَثُ) بِالرَّفْعِ (الْقَاضِي) نَدْبًا (عَنْ حَالِ عُلَمَاءِ الْبَلَدِ) أَيْ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ (وَعُدُولِهِ) إنْ لَمْ يَعْرِفْهُمْ قَبْلَ دُخُولِهِ، فَإِنْ تَعَسَّرَ فَعَقِبَهُ لِيُعَامِلَهُمْ بِمَا يَلِيقُ بِهِمْ (وَيَدْخُلُ) وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ اقْتِدَاءً بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا دَخَلَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَالْأَوْلَى دُخُولُهُ (يَوْمَ الِاثْنَيْنِ) صَبِيحَتَهُ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ الْمَدِينَةَ فِيهِ حِينَ اشْتَدَّ الضُّحَى» ، فَإِنْ تَعَسَّرَ فَالْخَمِيسُ ثُمَّ السَّبْتُ، وَوَرَدَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا» ، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَحَرِّيهَا لِفِعْلِ وَظَائِفِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا فِيهَا وَبِقَصْدِ الْمَسْجِدِ عَقِبَ دُخُولِهِ لِيُصَلِّيَ بِهِ رَكْعَتَيْنِ وَيَأْمَرُ بِقِرَاءَةِ الْعَهْدِ وَيُنَادِي مَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ لِيَأْخُذَ فِي الْعَمَلِ وَيَسْتَحِقَّ الرِّزْقُ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِهِ مِنْ وَقْتِ التَّوْلِيَةِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ (وَيَنْزِلُ) إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَحَلٌّ مُهَيَّأٌ لِلْقَضَاءِ (وَسَطَ) بِفَتْحِ السِّينِ فِي الْأَشْهَرِ (الْبَلَدِ) لِيَتَسَاوَى أَهْلُهُ فِي الْقُرْبِ مِنْهُ (وَيَنْظُرُ أَوَّلًا) نَدْبًا بَعْدَ تَسَلُّمِهِ دِيوَانَ الْحُكْمِ مِنْ الْأَوَّلِ، وَهُوَ الْأَوْرَاقُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالنَّاسِ، وَأَنْ يُنَادِيَ فِي الْبَلَدِ مُتَكَرِّرًا إنَّ الْقَاضِيَ يُرِيدُ النَّظَرَ فِي الْمَحْبُوسِينَ يَوْمَ كَذَا فَمَنْ كَانَ لَهُ مَحْبُوسٌ فَلْيَحْضُرْ (فِي أَهْلِ الْحَبْسِ) إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ هُوَ أَهَمُّ مِنْهُمْ هَلْ يَسْتَحِقُّونَهُ أَوْ لَا؟ لِأَنَّهُ عَذَابٌ وَيَبْدَأُ بِقُرْعَةٍ فَمَنْ حَضَرَتْ لَهُ أَحْضَرَ خَصْمَهُ وَفَصَلَ بَيْنَهُمَا وَهَكَذَا (فَمَنْ قَالَ حُبِسَتْ بِحَقٍّ أَدَامَهُ) إلَى وَفَائِهِ أَوْ ثُبُوتِ إعْسَارِهِ وَبَعْدَ ذَلِكَ يُنَادَى عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ ظُهُورِ غَرِيمٍ آخَرَ لَهُ وَلَا يُحْبَسُ حَالَ النِّدَاءِ وَلَا يُطَالَبُ بِكَفِيلٍ بَلْ يُرَاقَبُ وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ حَدًّا أَقَامَهُ عَلَيْهِ وَأَطْلَقَهُ أَوْ تَعْزِيرًا وَرَأَى إطْلَاقَهُ فَعَلَ (أَوْ) قَالَ حُبِسْت (ظُلْمًا فَعَلَى خَصْمِهِ حَجَّةٌ) إنْ كَانَ حَاضِرًا، فَإِنْ أَقَامَهَا أَدَامَهُ وَإِلَّا حَلَّفَهُ وَأَطْلَقَهُ بِلَا كَفِيلٍ إلَّا أَنْ يَرَاهُ فَحَسَنٌ (فَإِنْ كَانَ) خَصْمُهُ (غَائِبًا) عَنْ الْبَلَدِ (كَتَبَ إلَيْهِ لِيَحْضُرَ) لِفَصْلِ الْخُصُومَةِ بَيْنَهُمَا أَوْ يُوَكِّلَ لِأَنَّ الْقَصْدَ إعْلَامُهُ لِيَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ. فَإِنْ عَلِمَ وَلَمْ يَحْضُرْ وَلَمْ يُوَكِّلْ حَلَفَ وَأُطْلِقَ لِتَقْصِيرِ الْغَائِبِ حِينَئِذٍ (ثُمَّ) فِي الْأَوْصِيَاءِ وَكُلِّ مُتَصَرِّفٍ عَنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ ثُبُوتِ وِلَايَتِهِمْ عِنْدَهُ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِكِ لَا يَمْلِكُ الْمُطَالَبَةَ بِمَالِهِ فَنَابَ الْقَاضِي عَنْهُ لِأَنَّهُ وَلِيُّهُ الْعَامُّ إنْ كَانَ بِبَلَدِهِ وَإِنْ كَانَ مَالُهُ بِبَلْدَةٍ أُخْرَى لِمَا مَرَّ أَنَّ الْوِلَايَةَ الْعَامَّةَ لِحَاكِمِ بَلَدِ الْمَالِكِ (فَمَنْ ادَّعَى وِصَايَةً سَأَلَ) النَّاسَ (عَنْهَا) أَلَهَا حَقِيقَةٌ؟ وَمَا كَيْفِيَّةُ ثُبُوتِهَا؟ (وَعَنْ حَالِهِ) هَلْ تَوَفَّرَتْ فِيهِ الشُّرُوطُ (وَتَصَرُّفِهِ فَمَنْ) قَالَ فُرِّقْت ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَإِنْ صَدَّقُوهُ لَزِمَهُمْ) أَيْ كُلَّهُمْ وَإِنْ صَدَّقَهُ بَعْضُهُمْ وَكَذَّبَهُ بَعْضُهُمْ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ، حَتَّى لَوْ حَضَرَ مُتَدَاعِيَانِ وَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا الدِّينَ لَا يَتَغَيَّرُ لِأَنَّ سَائِرَ الْأَلْوَانِ يُمْكِنُ تَغَيُّرُهَا بِغَيْرِهَا بِخِلَافِ السَّوَادِ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ تَحَرِّيهَا) أَيْ الْبُكُورِ (قَوْلُهُ: فَمَنْ كَانَ لَهُ مَحْبُوسٌ فَلْيَحْضُرْ) نَدْبًا عَنْ اجْتِمَاعِ الْخُصُومِ، فَلَوْ حَضَرُوا مُتَرَتِّبِينَ نَظَرَ وُجُوبًا فِي حَالِ كُلِّ مَنْ قَدِمَ أَوَّلًا وَلَا يَنْتَظِرُ حُضُورَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُطَالَبُ بِكَفِيلٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ خِيفَ هَرَبُهُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّا لَمْ نَعْلَمْ الْآنَ ثُبُوتَ حَقٍّ عَلَيْهِ حَتَّى يُحْبَسَ لِأَجْلِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقَصْدَ إعْلَامُهُ لِيَلْحَنَ) أَيْ يُفْصِحَ بِهَا، وَقَوْلُهُ حَلَفَ: أَيْ وُجُوبًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِالرَّفْعِ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: كَأَنَّهُ احْتَرَزَ عَنْ الْجَزْمِ بِالْعَطْفِ عَلَى لِيَكْتُبَ لَكِنْ مَا الْمَانِعُ اهـ (قَوْلُهُ: قَبْلَ دُخُولِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِيَبْحَثُ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُنَادِيَ) مَعْطُوفٌ عَلَى تَسَلُّمِهِ: أَيْ وَبَعْدَ تَسَلُّمِهِ وَبَعْدَ مُنَادَاتِهِ، لَكِنْ عِبَارَةُ التُّحْفَةِ بَعْدَ أَنْ يَتَسَلَّمَ فَالْعَطْفُ فِيهَا ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ ظُهُورِ غَرِيمٍ آخَرَ لَهُ) أَيْ غَرِيمٍ هُوَ مَحْبُوسٌ لَهُ أَيْضًا وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِلْمُنَادَاةِ عَلَى كُلِّ غُرَمَائِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَحْبُوسًا لَهُمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَغَيْرُهُ ظَاهِرَةٌ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: حَلَّفَهُ) أَيْ الْمَحْبُوسُ (قَوْلُهُ: وَكُلُّ مُتَصَرِّفٍ عَنْ غَيْرِهِ) أَيْ بِوِلَايَةٍ فَلَيْسَ الْمُرَادُ مَا يَشْمَلُ نَحْوَ الْوَكِيلِ وَعَامِلَ الْقِرَاضِ

الْوَصِيَّةُ أَوْ صُرِفَتْ لِلْمُوصَى عَلَيْهِ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ إنْ وَجَدَهُ عَدْلًا وَإِنْ (وَجَدَهُ فَاسِقًا أَخَذَ الْمَالَ) وُجُوبًا (مِنْهُ) إنْ كَانَ بَاقِيًا وَغَرَّمَهُ بَدَلَ مَا فَوَّتَهُ وَمَنْ شَكَّ فِي عَدَالَتِهِ لَمْ يَنْزِعْهُ مِنْهُ كَمَا رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ، قَالَ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِهِمَا وَالْجُمْهُورِ، وَإِنْ رَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ خِلَافَهُ، أَمَّا إذَا ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُ عِنْدَ الْأَوَّلِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الشَّكُّ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ لِاتِّحَادِ الْقَضِيَّةِ، وَبِهِ فَارَقَ شَاهِدَ أُزْكِيَ ثُمَّ شَهِدَ بَعْدَ طُولِ الزَّمَنِ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِزْكَائِهِ (أَوْ) وَجَدَهُ (ضَعِيفًا) عَنْ قِيَامِهِ بِهَا مَعَ أَمَانَتِهِ (عَضَّدَهُ بِمُعِينٍ) وَلَا يَنْتَزِعُ مِنْهُ الْمَالَ ثُمَّ يَنْظُرَ بَعْدَ الْأَوْصِيَاءِ فِي أُمَنَاءِ الْقَاضِي الْمَنْصُوبِينَ عَنْ الْأَطْفَالِ وَتَفْرِقَةِ الْوَصَايَا، نَعَمْ لَهُ عَزْلُهُمْ وَلَوْ بِلَا سَبَبٍ وَتَوْلِيَةُ غَيْرِهِمْ لِأَنَّهُمْ مُوَلَّوْنَ مِنْ جِهَتِهِ بِخِلَافِ الْأَوْصِيَاءِ. وَلَيْسَ لَهُ الْكَشْفُ عَنْ أَبٍ وُجِدَ مُتَصَرِّفًا إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ قَادِحٍ عِنْدَهُ فِيهِ ثُمَّ يَنْظُرُ فِي الْأَوْقَافِ الْعَامَّةِ وَمُتَوَلِّيهَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: وَعَنْ الْخَاصَّةِ لِأَنَّهَا تَئُولُ لِمَنْ لَا يَتَعَيَّنُ مِنْ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَيَنْظُرُ هَلْ آلَتْ إلَيْهِمْ وَهَلْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى مَنْ تَعَيَّنَ مِنْهُمْ لِصِغَرٍ وَنَحْوِهِ، ثُمَّ فِي أَمْرِ اللُّقَطَةِ الَّتِي لَا يَجُوزُ تَمَلُّكُهَا لِلْمُلْتَقِطِ أَوْ يَجُوزُ وَلَمْ يَخْتَرْ تَمَلُّكَهَا بَعْدَ الْحَوْلِ، ثُمَّ فِي الضَّوَالِّ فَيَحْفَظُ هَذِهِ الْأَمْوَالَ فِي بَيْتِ الْمَالِ مُفْرَدَةً عَنْ أَمْثَالِهَا وَلَهُ خَلْطُهَا بِمِثْلِهَا حَيْثُ اقْتَضَتْ الْمَصْلَحَةُ ذَلِكَ، فَإِذَا ظَهَرَ الْمَالِكُ غَرِمَ لَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَلَهُ بَيْعُهَا وَحِفْظُ ثَمَنِهَا لِمَصْلَحَةِ مَالِكِهَا. (وَيَتَّخِذُ) نَدْبًا (مُزَكِّيًا) بِصِفَتِهِ الْآتِيَةِ وَأَرَادَ بِهِ وَبِمَا بَعْدَهُ الْجِنْسَ إذْ لَا يَكْتَفِي بِوَاحِدٍ (وَكَاتِبًا) لِاحْتِيَاجِهِ إلَيْهِ لِكَثْرَةِ أَشْغَالِهِ، «وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَهُ كُتَّابٌ فَوْقَ أَرْبَعِينَ» ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا رُزِقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَإِلَّا لَمْ يُنْدَبْ اتِّخَاذُهُ إلَّا إنْ تَعَيَّنَ كَالْقَاسِمِ وَالْمُقَوِّمِ وَالْمُتَرْجِمِ وَالْمُسَمِّعِ وَالْمُزَكِّي لِئَلَّا يُغَالُوا فِي الْأُجْرَةِ، وَلِلْقَاضِي وَإِنْ وَجَدَ كِفَايَتَهُ أَخْذُ مَا يَكْفِيهِ وَعِيَالَهُ نَفَقَةً وَكِسْوَةً وَغَيْرَهُمَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، إلَّا إنْ تَعَيَّنَ لِلْقَضَاءِ وَوَجَدَ كِفَايَتَهُ وَكِفَايَةَ عِيَالِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ، وَمَحَلُّ جَوَازِ الْأَخْذِ لِلْمَكْفِيِّ وَغَيْرِهِ إذَا لَمْ يُوجَدْ مُتَطَوِّعٌ بِالْقَضَاءِ صَالِحٌ لَهُ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَا يَجُوزُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَى الْقَضَاءِ، وَلَا يُرْزَقُ مِنْ خَاصِّ مَالِ الْإِمَامِ أَوْ الْآحَادِ وَأُجْرَةُ الْكَاتِبِ وَلَوْ قَاضِيًا وَثَمَنُ وَرِقِ الْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ وَنَحْوِهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ أَوْ اُحْتِيجَ لِمَا هُوَ أَهَمُّ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَى مَنْ شَاءَ الْكِتَابَةَ، وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِنَفْسِهِ مَا يَلِيقُ بِهِ مِنْ خَيْلٍ وَغِلْمَانٍ وَدَارٍ وَاسِعَةٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَغَرَّمَهُ بَدَلَ مَا فَوَّتَهُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِصَرْفِهِ فِي طَرِيقِهِ الشَّرْعِيِّ وَإِلَّا فَلَا تَغْرِيمَ (قَوْلُهُ: عَنْ الْأَطْفَالِ) أَيْ لِلتَّصَرُّفِ عَنْهُمْ وَلَوْ عَبَّرَ بِعَلَى لَكَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: وَعَنْ الْخَاصَّةِ) كَالْوَقْفِ عَلَى الذُّرِّيَّةِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: وَعِيَالَهُ نَفَقَةً) هَلْ الْمُرَادُ مِنْهُمْ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُمْ أَوْ كُلُّ مَنْ فِي نَفَقَتِهِ وَإِنْ كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ مُرُوءَةً كَعَمَّتِهِ وَخَالَتِهِ مَثَلًا فِيهِ نَظَرٌ، وَقِيَاسُ مَا اعْتَمَدَهُ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ يَأْخُذُ الزَّكَاةَ الْأَوَّلُ، وَقَدْ يُقَالُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ إنَّهُ يَأْخُذُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَلَوْ لِمَنْ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ هَذَا فِي مُقَابَلَةِ عَمَلٍ قَدْ يَقْطَعُهُ عَنْ الْكَسْبِ، بِخِلَافِ الزَّكَاةِ فَإِنَّهَا لِمَحْضِ الْمُوَاسَاةِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ جَوَازِ الْأَخْذِ لِلْمَكْفِيِّ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَتَعَيَّنْ (قَوْلُهُ: وَلَا يُرْزَقُ مِنْ خَاصِّ مَالِ الْإِمَامِ أَوْ الْآحَادِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُعْطِيَ مِنْ خَاصِّ مَالِهِ وَلَا عَلَى الْآحَادِ، أَمَّا لَوْ دَفَعَ أَحَدُهُمَا تَبَرُّعًا لَمْ يَمْتَنِعْ قَبُولُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: أَوْ صُرِفَتْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: تَصَرَّفَتْ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُكْتَفَى بِوَاحِدٍ) . فِيهِ تَغْلِيبٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْكَاتِبِ فَمَعْنَاهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَى وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يُرْزَقُ مِنْ خَاصِّ مَالِ الْإِمَامِ) اُسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الرَّافِعِيَّ رَجَّحَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الرِّشْوَةِ جَوَازَهُ، وَأَجَابَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنَّ مَا هُنَاكَ فِي الْمُحْتَاجِ وَمَا هُنَا فِي غَيْرِهِ.

وَلَا يَلْزَمُهُ الِاقْتِصَارُ كَالصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَيَرْزُقُ مِنْهُمْ أَيْضًا كُلَّ مَنْ كَانَ عَمَلُهُ مَصْلَحَةً عَامَّةً لِلْمُسْلِمِينَ كَالْأَمِيرِ وَالْمُفْتِي وَالْمُحْتَسِبِ وَالْمُؤَذِّنِ وَالْإِمَامِ لِلصَّلَاةِ وَمُعَلِّمِ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ (وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ) أَيْ الْكَاتِبِ حُرًّا ذَكَرًا (مُسْلِمًا عَدْلًا) لِتُؤْمَنَ خِيَانَتُهُ (عَارِفًا بِكِتَابَةِ مَحَاضِرَ وَسِجِلَّاتٍ) وَسَيَأْتِي الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا، وَقَدْ يَتَرَادَفَانِ بِاعْتِبَارِ إطْلَاقِهِمَا عَلَى مُطْلَقِ الْمَكْتُوبِ وَسَائِرِ الْكُتُبِ الْحُكْمِيَّةِ لِإِفْسَادِ الْجَاهِلِ بِذَلِكَ مَا يَكْتُبُهُ (وَيُسْتَحَبُّ) فِيهِ (فِقْهٌ) فِيمَا يَكْتُبُهُ: أَيْ زِيَادَتُهُ مِنْ التَّوَسُّعِ فِي مَعْرِفَةِ الشُّرُوطِ وَمَوَاقِعِ اللَّفْظِ وَالتَّحَرُّزِ عَنْ الْمُوهِمِ وَالْمُحْتَمَلِ لِئَلَّا يُؤْتَى مِنْ الْجَهْلِ وَمَنْ اشْتَرَطَ فِقْهَهُ أَرَادَ مَعْرِفَتَهُ بِمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَحْكَامِ الْكِتَابَةِ وَعِفَّةٍ عَنْ الطَّمَعِ لِئَلَّا يُسْتَمَالَ بِهِ (وَوُفُورُ عَقْلٍ) اكْتِسَابِيٍّ لِيَزْدَادَ ذَكَاؤُهُ وَفِطْنَتُهُ فَلَا يُخْدَعُ (وَجَوْدَةُ خَطٍّ) وَإِيضَاحُهُ مَعَ ضَبْطِ الْحُرُوفِ، وَتَرْتِيبِهَا، وَتَضْيِيقِهَا لِئَلَّا يَقَعَ فِيهَا إلْحَاقٌ وَتَبْيِينُهَا لِئَلَّا يَشْتَبِهَ نَحْوُ سَبْعَةٍ بِتِسْعَةٍ وَمَعْرِفَتُهُ بِحِسَابِ الْمَوَارِيثِ وَغَيْرِهَا لِاضْطِرَارِهِ إلَيْهِ، وَفَصَاحَتُهُ وَعِلْمُهُ بِلُغَاتِ الْخُصُومِ. (وَ) يُتَّخَذُ نَدْبًا أَيْضًا (مُتَرْجِمًا) لِأَنَّهُ قَدْ يَجْهَلُ لِسَانَ الْخُصُومِ أَوْ الشُّهُودِ، وَالْمُرَادُ بِاِتِّخَاذِهِ كَوْنُهُ عَارِفًا بِاللُّغَاتِ الْغَالِبِ وُجُودِهَا فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ، فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي يَعْرِفُ لُغَةَ الْخُصُومِ لَمْ يَتَّخِذْهُ (وَشَرْطُهُ عَدَالَةٌ وَحُرِّيَّةٌ وَعَدَدٌ) أَيْ اثْنَانِ وَلَوْ فِي زِنًا، وَإِنْ كَانَ شُهُودُهُ كُلُّهُمْ أَعْجَمِيِّينَ لِأَنَّهُ يَنْقُلُ إلَى الْقَاضِي قَوْلًا لَا يَعْرِفُهُ فَأَشْبَهَ الْمُزَكِّيَ وَالشَّاهِدَ، بِخِلَافِ الْكَاتِبِ فَإِنَّهُ لَا يُثْبِتُ شَيْئًا، نَعَمْ يَكْفِي رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فِيمَا يَثْبُتُ بِهِمَا، وَقِيسَ بِهِمَا أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فِيمَا يَثْبُتُ بِهِنَّ، وَأُسْقِطَ مِنْ الْأَصْلِ اشْتِرَاطُ التَّكْلِيفِ لِدُخُولِهِ فِي الْعَدَالَةِ. وَشَرَطَ الْمَاوَرْدِيُّ انْتِفَاءَ التُّهْمَةِ فَلَا تُقْبَلُ تَرْجَمَةُ الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ كَمَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا. وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَتْ التَّرْجَمَةُ عَنْ الْقَاضِي بِالْحُكْمِ أَوْ عَنْ الْخَصْمِ بِمَا يَتَضَمَّنُ حَقًّا لِأَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ، فَإِنْ كَانَتْ فِيمَا يَتَضَمَّنُ حَقًّا عَلَيْهِمَا لَمْ يَظْهَرْ لِامْتِنَاعِهِ وَجْهٌ، وَيَكْفِي اثْنَانِ عَنْ الْخَصْمَيْنِ كَشُهُودِ الْفَرْعِ، وَعُلِمَ مِنْ اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ اشْتِرَاطُ لَفْظِ الشَّهَادَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ (وَالْأَصَحُّ جَوَازُ أَعْمَى) لِأَنَّ التَّرْجَمَةَ تَفْسِيرُ لَفْظٍ فَلَا تَحْتَاجُ إلَى مُعَايَنَةٍ وَإِشَارَةٍ، بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ، وَعَلَيْهِ فَيُكَلِّفُ الْقَاضِي مَنْ حَضَرَ السُّكُوتَ لِئَلَّا يَتَكَلَّمَ غَيْرُ الْخَصْمِ وَالثَّانِي لَا كَالشَّاهِدِ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا تَغْلِيبُهُمْ شَائِبَةَ الرِّوَايَةِ إذْ هِيَ شَهَادَةٌ إلَّا فِي هَذَا لِعَدَمِ وُجُودِ الْمَعْنَى الْمُشْتَرَطِ لَهُ الْإِبْصَارُ هُنَا (وَ) الْأَصَحُّ (اشْتِرَاطُ عَدَدٍ) وَلَا يَضُرُّ الْعَمَى هُنَا أَيْضًا (فِي إسْمَاعِ قَاضٍ بِهِ صَمَمٌ) لَمْ يَبْطُلْ سَمْعُهُ كَالْمُتَرْجِمِ فَإِنَّهُ يَنْقُلُ عَيْنَ اللَّفْظِ كَمَا أَنَّ ذَاكَ يَنْقُلُ مَعْنَاهُ. وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ لِأَنَّ الْمُسَمِّعَ لَوْ غَيَّرَ أَنْكَرَ عَلَيْهِ الْخَصْمُ وَالْحَاضِرُونَ بِخِلَافِ الْمُتَرْجِمِ وَشَرْطُهُمَا مَا مَرَّ فِي الْمُتَرْجِمِينَ، وَخَرَجَ بِإِسْمَاعِ الْقَاضِي الَّذِي هُوَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ إسْمَاعُ الْخَصْمِ مَا يَقُولُهُ الْقَاضِي أَوْ خَصْمَهُ فَيَكْفِي فِيهِ وَاحِدٌ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ مَحْضٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَيُرْزَقُ مِنْهُ) أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي الْمَكْفِيِّ إذَا لَمْ يُوجَدْ مُتَطَوِّعٌ بِالْعَمَلِ غَيْرُهُ. وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلَهُ وَيُرْزَقُ مِنْهُ: أَيْ وَإِنْ وَجَدَ مَا يَكْفِيهِ قِيَاسًا عَلَى الْقَاضِي لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ، فَلَوْ لَمْ يُعْطَ رُبَّمَا تَرَكَ الْعَمَلَ فَتَتَعَطَّلُ مَصَالِحُ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ مِنْ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ) أَيْ الَّتِي لَهَا تَعَلُّقٌ بِالشَّرْعِ فَيَشْمَلُ الْفِقْهَ وَالْحَدِيثَ وَالتَّفْسِيرَ وَمَا كَانَ آلَةً لَهَا (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُؤْتَى مِنْ الْجَهْلِ) أَيْ يَدْخُلَ عَلَيْهِ الْخَلَلُ مِنْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَفِطْنَتُهُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إخْبَارٌ مَحْضٌ) لَمْ يَذْكُرْ مِثْلَهُ فِي التَّرْجَمَةِ فَاقْتَضَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْعَدَدِ فِي نَقْلِ مَعْنَى كَلَامِ الْقَاضِي لِلْخَصْمِ، حَتَّى لَوْ نَقَلَ اثْنَانِ كَلَامَ الْخَصْمِ لِلْقَاضِي وَنَقَلَ وَاحِدٌ كَلَامَ الْقَاضِي لِلْخَصْمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ شُهُودُهُ) أَيْ الزِّنَا (قَوْلُهُ لَمْ يَظْهَرْ لِامْتِنَاعِهِ وَجْهٌ) قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ قَدْ يَكْتُمُ شَيْئًا مِمَّا وَجَبَ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: اشْتِرَاطُ لَفْظِ الشَّهَادَةِ) هُوَ ظَاهِرٌ فِي نَقْلِهِ كَلَامُ الْخَصْمِ لِلْقَاضِي إذْ الشَّهَادَةُ تَكُونُ عِنْدَهُ، أَمَّا فِي نَقْلِهِ كَلَامَ الْقَاضِي لِلْخَصْمِ فَفِيهِ وَقْفَةٌ لَا تَخْفَى (قَوْلُهُ إذْ هِيَ شَهَادَةٌ) يَعْنِي يُشْتَرَطُ فِيهَا مَا يُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ حَتَّى يَتَأَتَّى الِاسْتِثْنَاءُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا إلَخْ) اُنْظُرْ مِنْ أَيْنَ عُلِمَ

(وَيَتَّخِذُ) نَدْبًا (دِرَّةً) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ (لِلتَّأْدِيبِ) اقْتِدَاءً بِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، نَعَمْ مَنَعَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ نُوَّابَهُ مِنْ ضَرْبِ الْمَسْتُورِينَ بِهَا لِأَنَّهُ صَارَ مِمَّا يُعَيَّرُ بِهِ ذُرِّيَّةُ الْمَضْرُوبِ وَأَقَارِبُهُ، بِخِلَافِ الْأَرْذَالِ وَلَهُ التَّأْدِيبُ بِالسَّوْطِ (وَسِجْنًا لِأَدَاءِ حَقٍّ وَتَعْزِيرٍ) كَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِدَارٍ اشْتَرَاهَا بِمَكَّةَ وَجَعَلَهَا سِجْنًا وَإِذَا هَرَبَ الْمَحْبُوسُ لَمْ يَلْزَمْ الْقَاضِيَ طَلَبُهُ، فَإِذَا أَحْضَرَهُ سَأَلَهُ عَنْ سَبَبِ هَرَبِهِ فَإِنْ تَعَلَّلَ بِإِعْسَارٍ لَمْ يُعَزِّرْهُ، وَإِلَّا عَزَّرَهُ، وَلَوْ أَرَادَ مُسْتَحِقُّ الدَّيْنِ مُلَازَمَتَهُ بَدَلًا عَنْ الْحَبْسِ مُكِّنَ مَا لَمْ يَقُلْ تَشُقُّ عَلَيَّ الطَّهَارَةُ وَالصَّلَاةُ مَعَ مُلَازَمَتِهِ وَيَخْتَرْ الْحَبْسَ فَيُجِيبُهُ، وَأُجْرَةُ السِّجْنِ عَلَى الْمَسْجُونِ لِأَنَّهَا أُجْرَةُ الْمَكَانِ الَّذِي شَغَلَهُ، وَأُجْرَةُ السَّجَّانِ عَلَى صَاحِبِ الْحَقِّ إذَا لَمْ يَتَهَيَّأْ صَرْفُ ذَلِكَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (وَيُسْتَحَبُّ كَوْنُ مَجْلِسِهِ) الَّذِي يَقْضِي فِيهِ (فَسِيحًا) لِئَلَّا يَتَأَذَّى بِهِ الْخُصُومُ (بَارِزًا) أَيْ ظَاهِرًا لِيَعْرِفَهُ كُلُّ أَحَدٍ، وَيُكْرَهُ اتِّخَاذُ حَاجِبٍ لَا مَعَ زَحْمَةٍ أَوْ فِي خَلْوَةٍ (مَصُونًا مِنْ أَذَى) نَحْوِ (حَرٍّ وَبَرْدٍ) وَرِيحٍ كَرِيهٍ وَغُبَارٍ وَدُخَانٍ (لَائِقًا بِالْوَقْتِ) أَيْ الْفَصْلِ كَمَهَبِّ الرِّيحِ وَمَوْضِعِ الْمَاءِ فِي الصَّيْفِ وَالسَّكَنِ فِي الشِّتَاءِ وَالْخُضْرَةِ فِي الرَّبِيعِ، وَلَمْ يَجْعَلْ هَذَا نَفْسَ الْمَصُونِ كَمَا صَنَعَهُ أَصْلُهُ بَلْ غَيَّرَهُ كَأَنَّهُ لِلْإِشَارَةِ إلَى تَغَايُرِهِمَا كَانَ الْأَوَّلُ لِدَفْعِ الْمُؤْذِي وَالثَّانِي لِتَحْصِيلِ التَّنَزُّهِ وَدَفْعِ الْمُكَدِّرِ عَنْ النَّفْسِ، فَانْدَفَعَ دَعْوَى أَنَّ عِبَارَةَ أَصْلِهِ أَحْسَنُ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ، فَإِنْ تَعَدَّدَ وَحَصَلَ زِحَامٌ اتَّخَذَ مَجَالِسَ بِعَدَدِ الْأَجْنَاسِ، فَلَوْ اجْتَمَعَ رِجَالٌ وَخَنَاثَى وَنِسَاءٌ اُتُّخِذَتْ ثَلَاثَةُ مَجَالِسَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاضِي (وَ) لَائِقًا بِوَظِيفَةِ (الْقَضَاءِ) الَّتِي هِيَ أَعْظَمُ الْمَنَاصِبِ وَأَجَلُّ الْمَرَاتِبِ بِأَنْ يَكُونَ عَلَى غَايَةٍ مِنْ الْحُرْمَةِ وَالْجَلَالَةِ وَالْأُبَّهَةِ، فَيَجْلِسُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ دَاعِيًا بِالْعِصْمَةِ وَالتَّوْفِيقِ وَالتَّسْدِيدِ مُتَعَمِّمًا مُتَطَيْلِسًا عَلَى مَحَلٍّ عَالٍ بِهِ فُرُشٌ وَوِسَادَةٌ بِحَيْثُ يَتَمَيَّزُ بِذَلِكَ عَنْ غَيْرِهِ وَلِيَكُونَ أَهْيَبَ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الزُّهْدِ وَالتَّوَاضُعِ لِلْحَاجَةِ إلَى قُوَّةِ الرَّهْبَةِ وَالْهَيْبَةِ، وَمِنْ ثَمَّ كُرِهَ جُلُوسُهُ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الْهَيْبَةِ (لَا مَسْجِدًا) أَيْ لَا يَتَّخِذُهُ مَجْلِسًا لِلْحُكْمِ فَيُكْرَهُ ذَلِكَ صَوْنًا لَهُ عَنْ ارْتِفَاعِ الْأَصْوَاتِ وَاللَّغَطِ الْوَاقِعَيْنِ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ عَادَةً، وَقَدْ يَحْتَاجُ إلَى إحْضَارِهِ الْمَجَانِينَ وَالصِّغَارَ وَالْحُيَّضَ وَالْكُفَّارَ وَإِقَامَةُ الْحَدِّ فِيهِ أَشَدُّ كَرَاهَةً، نَعَمْ إنْ اتَّفَقَتْ قَضِيَّةٌ أَوْ قَضَايَا وَقْتَ حُضُورِهِ فِيهِ لِصَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا لَمْ يُكْرَهْ فَصْلُهَا، وَكَذَا إنْ احْتَاجَ لِجُلُوسِهِ فِيهِ لِعُذْرٍ مِنْ مَطَرٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنْ جَلَسَ لَهُ فِيهِ مَعَ الْكَرَاهَةِ أَوْ عَدَمِهَا مُنِعَ الْخُصُومُ مِنْ الْخَوْضِ فِيهِ بِالْمُشَاتَمَةِ وَنَحْوِهَا وَيَقْعُدُونَ خَارِجَهُ، وَيَنْصِبُ مَنْ يَدْخُلُ عَلَيْهِ خَصْمَيْنِ خَصْمَيْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا يَكْفِي، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ قِيَاسَ الِاكْتِفَاءِ بِوَاحِدٍ هُنَا الِاكْتِفَاءُ بِهِ فِي التَّرْجَمَةِ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ مُجَرَّدٌ، وَفِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا فِي الِاكْتِفَاءِ بِوَاحِدٍ، وَعَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ يُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَرْجِمِ وَالْمُسَمِّعِ بِأَنَّ الْمُسَمِّعَ لَوْ غَيَّرَ مَا يَقُولُهُ الْقَاضِي عِنْدَ تَبْلِيغِهِ لِلْخَصْمِ سَمِعَهُ الْقَاضِي وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْمُتَرْجِمِ فَإِنَّهُ مَا يَقُولُهُ الْقَاضِي بِغَيْرِ لُغَتِهِ وَالْقَاضِي لَا يَعْرِفُ اللُّغَةَ الَّتِي يُتَرْجِمُ بِهَا فَرُبَّمَا غَيَّرَ وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يُنْكِرُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْ الْقَاضِيَ طَلَبُهُ) أَيْ وَلَا السَّجَّانَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا عَزَّرَهُ) وَمِثْلُهُ فِي التَّعْزِيرِ مَا لَوْ طَلَبَهُ ابْتِدَاءً لِأَصْلِ الدَّعْوَى فَامْتَنَعَ مِنْ الْحُضُورِ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَتَهَيَّأْ صَرْفُ ذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ أُجْرَةِ السِّجْنِ وَالسَّجَّانِ. (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ اتِّخَاذُ حَاجِبٍ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي مِنْ الْحَاجِبِ أَنَّهُ لَا يُمَكِّنُ مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهِ عَامَّةَ النَّاسِ وَإِنَّمَا يُمَكِّنُ عُظَمَاءَهُمْ أَوْ مَنْ يَدْفَعُ لَهُ رِشْوَةً لِلتَّمْكِينِ وَإِلَّا فَيَحْرُمُ (قَوْلُهُ: مَعَ الْخُصُومِ) أَيْ وُجُوبًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ إذَا لَمْ يَتَهَيَّأْ صَرْفُ ذَلِكَ) أَيْ أُجْرَةِ السِّجْنِ وَالسَّجَّانِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ عَلَى غَايَةٍ مِنْ الْحُرْمَةِ) الضَّمِيرُ فِي يَكُونُ لِلْقَاضِي بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَحِينَئِذٍ فَكَانَ

وَأُلْحِقَ بِالْمَسْجِدِ فِي ذَلِكَ بَيْتُهُ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَوْ كَانَ بِحَيْثُ تَحْتَشِمُ النَّاسُ دُخُولَهُ بِأَنْ أَعَدَّهُ مَعَ حَالَةِ يُحْتَشَمُ الدُّخُولُ عَلَيْهِ لِأَجْلِهَا أَمَّا إذَا أَعَدَّهُ وَأَخْلَاهُ مِنْ نَحْوِ عِيَالِهِ وَصَارَ بِحَيْثُ لَا يَحْتَشِمُهُ أَحَدٌ مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهِ فَلَا مَعْنَى لِلْكَرَاهَةِ حِينَئِذٍ. (وَيُكْرَهُ أَنْ يَقْضِيَ فِي حَالِ غَضَبٍ وَجُوعٍ وَشِبَعٍ مُفْرَطَيْنِ وَكُلِّ حَالٍ يَسُوءُ خُلُقُهُ) فِيهِ كَمَرَضٍ وَمُدَافَعَةِ حَدَثٍ وَشِدَّةِ خَوْفٍ أَوْ حُزْنٍ أَوْ هَمٍّ أَوْ سُرُورٍ لِصِحَّةِ النَّهْيِ عَنْهُ فِي الْغَضَبِ وَقِيسَ بِهِ الْبَاقِي وَلِاخْتِلَالِ فَهْمِهِ وَفِكْرِهِ بِذَلِكَ وَمَعَ ذَلِكَ يَنْفُذُ حُكْمُهُ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ فِيمَا لَا مَجَالَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ، وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْمَطْلَبِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَدْ يَنْظُرُ فِيهِ بِعَدَمِ أَمْنِ التَّقْصِيرِ فِي مُقَدِّمَاتِ الْحُكْمِ، وَمُقْتَضَى إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْغَضَبِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِلَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ، لِأَنَّ الْمَحْذُورَ تَشْوِيشُ الْفِكْرِ وَهُوَ لَا يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ، نَعَمْ تَنْتَفِي الْكَرَاهَةُ إذَا دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى الْحُكْمِ فِي الْحَالِ، وَقَدْ يَتَعَيَّنُ الْحُكْمُ عَلَى الْفَوْرِ فِي صُوَرٍ كَثِيرَةٍ وَلَوْ قَضَى حَالَ غَضَبِهِ وَنَحْوِهِ نَفَذَ قَضَاؤُهُ. (وَيُنْدَبُ أَنْ يُشَاوِرَ) عِنْدَ تَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ وَاخْتِلَافِ الْآرَاءِ (الْفُقَهَاءَ) الْعُدُولَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران: 159] بِخِلَافِ الْحُكْمِ الْمَعْلُومِ بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ جَلِيٍّ، وَلَا يُشَاوِرُ غَيْرَ عَالِمٍ وَلَا عَالَمًا غَيْرَ أَمِينٍ فَإِنَّهُ رُبَّمَا يُضِلُّهُ، وَإِذَا حَضَرُوا فَإِنَّمَا يَذْكُرُونَ مَا عِنْدَهُمْ إذَا سَأَلَهُمْ، وَلَا يَبْتَدِرُونَ بِالِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ إلَّا فِيمَا يَجِبُ نَقْضُهُ كَمَا يَأْتِي، وَشَمَلَ ذَلِكَ مُشَاوِرَةَ مَنْ هُوَ دُونَهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عِنْدَ الْمَفْضُولِ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْفَاضِلِ، وَتَحْرُمُ الْمُبَاحَثَةُ إنْ قَصَدَ بِهَا إينَاسَهُ وَإِلَّا فَلَا (وَأَنْ لَا يَشْتَرِيَ وَيَبِيعَ) أَوْ يُعَامَلَ مَعَ وُجُودِ مَنْ يُوَكِّلُهُ (بِنَفْسِهِ) فِي عَمَلِهِ فَيُكْرَهُ لَهُ لِئَلَّا يُحَابِيَ، نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى بَيْعُهُ مِنْ أُصُولِهِ أَوْ فُرُوعِهِ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى إذْ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ لَهُمْ، وَفِي مَعْنَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ السَّلَمِ وَالْإِجَارَةِ وَسَائِرِ الْمُعَامَلَاتِ، وَنَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْظُرُ فِي نَفَقَةِ عِيَالِهِ وَلَا أَمْرِ ضَيْعَتِهِ بَلْ يَكِلُ ذَلِكَ إلَى غَيْرِهِ لِيَتَفَرَّغَ قَلْبُهُ (وَلَا يَكُونُ لَهُ وَكِيلٌ مَعْرُوفٌ) لِئَلَّا يُحَابِيَ أَيْضًا، فَإِنْ عُرِفَ وَكِيلُهُ اسْتَبْدَلَ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ وَكِيلًا عَقَدَ بِنَفْسِهِ لِلضَّرُورَةِ وَإِنْ وَقَعَتْ خُصُومَةٌ لِمُعَامِلِهِ أَنَابَ فِي فَضْلِهَا. (فَإِنْ أَهْدَى إلَيْهِ) أَوْ وَهَبَهُ أَوْ ضَيَّفَهُ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا (مَنْ لَهُ خُصُومَةٌ) ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ وَأُلْحِقَ بِالْمَسْجِدِ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي اتِّخَاذِهِ مَجْلِسًا لِلْحُكْمِ (قَوْلُهُ: مَعَ حَالَةٍ) أَيْ حَالَ كَوْنِهِ مَصْحُوبًا بِحَالَةٍ يُحْتَشَمُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: نَفَذَ قَضَاؤُهُ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَمَعَ ذَلِكَ يَنْفُذُ حُكْمُهُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُشَاوِرُ غَيْرَ عَالِمٍ) أَيْ لَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ: وَتَحْرُمُ الْمُبَاحَثَةُ) أَيْ مَعَ غَيْرِ الْأَمِيرِ (قَوْلُهُ: إنْ قَصَدَ بِهَا إينَاسَهُ) أَيْ إينَاسَ الْفَاسِقِ وَفِي نُسْخَةٍ امْتِحَانَهُ، وَعَلَيْهَا فَلَيْسَ ذَلِكَ رَاجِعًا لِلْفَاسِقِ (قَوْلُهُ: لَا يَنْظُرُ فِي نَفَقَةِ عِيَالِهِ) أَيْ يُسْتَحَبُّ لَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَقَعَتْ خُصُومَةٌ لِمُعَامِلِهِ) أَيْ مَنْ عَقَدَ مَعَهُ بِنَفْسِهِ لِئَلَّا يُتَّهَمَ بِمُحَابَاتِهِ، وَقَوْلُهُ أَنَابَ: أَيْ نَدْبًا. (قَوْلُهُ: أَوْ ضَيْفُهُ) وَهَلْ يَجُوزُ لِغَيْرِ الْقَاضِي مِمَّنْ حَضَرَ ضِيَافَتَهُ الْأَكْلُ مِنْهَا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْجَوَازُ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ فِيهِمْ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى رِضَا الْمَالِكِ بِأَكْلِ الْحَاضِرِينَ مِنْ ضِيَافَتِهِ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ، لِأَنَّهُ إنَّمَا أَحْضَرَهَا لِلْقَاضِي، وَيَأْتِي مِثْلُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي سَائِرِ الْعُمَّالِ، وَمِنْهُ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ إحْضَارِ طَعَامٍ لِشَادِّ الْبَلَدِ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ الْمُلْتَزِمِ أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQاللَّائِقُ إبْدَالَ الْبَاءِ فِي بِأَنَّ بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بِالْمَسْجِدِ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي الْكَرَاهَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ آخِرَ السِّوَادَةِ، وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِلْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ سُرُورٍ) فِي هَذَا الْعَطْفِ تَسَاهُلٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَضَى حَالَ غَضَبِهِ وَنَحْوِهِ نَفَذَ) تَقَدَّمَ هَذَا (قَوْلُهُ: الْمَعْلُومِ بِنَصٍّ) أَيْ وَلَوْ نَصَّ إمَامِهِ إذَا كَانَ مُقَلِّدًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَفِي مَعْنَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ السَّلَمُ إلَخْ) تَقَدَّمَ مَا يُغْنِي عَنْ هَذَا فِي حَلِّ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ) سَيَأْتِي فِي هَذَا كَلَامُ السُّبْكِيّ وَغَيْرِهِ

أَوْ مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ بِأَنَّهُ سَيُخَاصِمُ وَلَوْ بَعْضًا لَهُ فِيمَا يَظْهَرُ لِئَلَّا يَمْتَنِعَ مِنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِ أَوْ كَانَ يُهْدِي إلَيْهِ قَبْلَ الْوِلَايَةِ (أَوْ) مَنْ لَا خُصُومَةَ لَهُ وَ (لَمْ يُهْدِ) إلَيْهِ شَيْئًا (قَبْلَ وِلَايَتِهِ) أَوْ لَهُ عَادَةٌ بِالْإِهْدَاءِ لَهُ وَزَادَ عَلَيْهَا قَدْرًا يُحَالُ عَلَى الْوِلَايَةِ غَيْرَ مُتَمَيِّزٍ أَوْ صِفَةً فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ (حَرُمَ) عَلَيْهِ (قَبُولُهَا) وَلَا يَمْلِكُهَا لِأَنَّهَا تُوجِبُ الْمَيْلَ إلَيْهِ فِي الْأُولَى وَيُحَالُ سَبَبُهَا عَلَى الْوِلَايَةِ فِي الثَّانِيَةِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ «هَدَايَا الْعُمَّالِ سُحْتٌ» وَإِنَّمَا حَلَّتْ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْهَدَايَا لِعِصْمَتِهِ، وَفِي الْخَبَرِ أَنَّهُ أَحَلَّهَا لِمُعَاذٍ، فَإِنْ صَحَّ فَهُوَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ أَيْضًا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُهْدِي مِنْ أَهْلِ عَمَلِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَقَدْ حَمَلَهَا إلَيْهِ لِأَنَّهُ صَارَ فِي عَمَلِهِ، فَلَوْ جَهَّزَهَا لَهُ مَعَ رَسُولٍ وَلَا خُصُومَةَ لَهُ فَفِيهِ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا الْحُرْمَةُ، وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ قَبُولُهَا فِي غَيْرِ عَمَلِهِ وَإِنْ كَانَ الْمُهْدِي مِنْ أَهْلِ عَمَلِهِ مَا لَمْ يَسْتَشْعِرْ بِأَنَّهَا مُقَدَّمَةٌ لِخُصُومَةٍ، وَمَتَى بُذِلَ لَهُ مَالٌ لِيَحْكُمَ بِغَيْرِ الْحَقِّ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ حُكْمٍ بِحَقٍّ فَهُوَ الرِّشْوَةُ الْمُحَرَّمَةُ بِالْإِجْمَاعِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْحُكْمِ بِالْحَقِّ إلَّا بِمَالٍ لَكِنَّهُ أَقَلُّ إثْمًا، «وَقَدْ لَعَنْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ فِي الْحُكْمِ» وَفِي رِوَايَةٍ: «وَالرَّائِشَ، وَهُوَ الْمَاشِي بَيْنَهُمَا» . وَمَحَلُّهُ فِي رَاشٍ لِبَاطِلٍ. أَمَّا مَنْ عَلِمَ أَخْذَ مَالِهِ بِبَاطِلٍ لَوْلَا الرِّشْوَةُ فَلَا ذَمَّ عَلَيْهِ، وَحُكْمُ الرَّائِشِ حُكْمُ مُوَكِّلِهِ، فَإِنْ تَوَكَّلَ عَنْهُمَا عَصَى مُطْلَقًا. وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ مَا مَرَّ مِنْ كَوْنِهِ أَقَلَّ إثْمًا مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ رِزْقٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَذَلِكَ الْحُكْمُ مِمَّا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ وَطَلَبُ أُجْرَةِ مِثْلِ عَمَلِهِ فَقَطْ وَإِلَّا جَازَ لَهُ طَلَبُهَا وَأَخْذُهَا عِنْدَ كَثِيرِينَ وَامْتَنَعَ عِنْدَ آخَرِينَ. قِيلَ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ وَالثَّانِي أَحْوَطُ (وَإِنْ كَانَ) مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ (يُهْدِي) إلَيْهِ قَبْلَ وِلَايَتِهِ وَتَرَشُّحِهِ لَهَا لِنَحْوِ قَرَابَةٍ أَوْ صَدَاقَةٍ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً كَمَا أَشْعَرَ بِهِ كَلَامُهُمْ وَاعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَمَا أَشْعَرَ بِهِ كَانَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ التَّكْرَارِ غَيْرَ مُرَادٍ (وَلَا خُصُومَةَ) لَهُ حَاضِرَةً وَلَا مُتَرَقَّبَةً (جَازَ) قَبُولُ هَدِيَّتِهِ إنْ كَانَتْ (بِقَدْرِ الْعَادَةِ) قِيلَ كَالْعَادَةِ لِيَعُمَّ الْوَصْفَ أَيْضًا أَوْلَى اهـ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْقَدْرَ قَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي الْكَيْفِ كَالْكَمِّ وَذَلِكَ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِهَا بَعْدَ التَّرَشُّحِ، أَوْ مَعَ الزِّيَادَةِ فَيَحْرُمُ قَبُولُ الْجَمِيعِ إنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي الْوَصْفِ كَأَنْ اعْتَادَ إهْدَاءَ كَتَّانٍ فَأَهْدَى حَرِيرًا، فَإِنْ كَانَ فِي الْقَدْرِ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا حَرُمَ الزَّائِدُ فَقَطْ، وَجَوَّزَ السُّبْكِيُّ فِي حَلَبِيَّاتِهِ قَبُولَ الصَّدَقَةِ مِمَّنْ لَا خُصُومَةَ لَهُ وَلَا عَادَةَ، وَخَصَّهُ فِي تَفْسِيرِهِ بِمَا إذَا لَمْ يُعْرَفْ الْمُتَصَدِّقُ بِأَنَّهُ الْقَاضِي وَعَكْسُهُ، وَاعْتَمَدَهُ وَلَدُهُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَإِلَّا لَأَشْكَلَ بِمَا يَأْتِي فِي الضِّيَافَةِ، وَبَحَثَ غَيْرُهُ الْقَطْعَ بِحِلِّ أَخْذِهِ لِلزَّكَاةِ، وَيُتَّجَهُ تَقْيِيدُهُ بِمَا ذُكِرَ، وَأَلْحَقَ الْحُسْبَانِيُّ بِالْأَعْيَانِ الْمَنَافِعَ الْمُقَابَلَةَ بِمَالٍ عَادَةً كَسُكْنَى دَارٍ بِخِلَافِ غَيْرِهَا كَاسْتِعَارَةِ كِتَابِ عِلْمٍ وَأَكْلِهِ طَعَامَ بَعْضِ أَهْلِ وِلَايَتِهِ ضَيْفًا كَقَبُولِ هَدِيَّتِهِمْ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. وَأَمَّا لَوْ وَقَفَ عَلَيْهِ بَعْضُ أَهْلِ عَمَلِهِ فَقَدْ تَرَدَّدَ فِيهِ السُّبْكِيُّ وَالْمُتَّجَهُ فِيهِ وَفِي النَّذْرِ أَنَّهُ إنْ عَيَّنَهُ بِاسْمِهِ وَشَرَطْنَا الْقَبُولَ كَانَ كَالْهَدِيَّةِ لَهُ، وَكَذَا لَوْ وَقَفَ عَلَى تَدْرِيسٍ هُوَ شَيْخُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْكَاتِبِ (قَوْلُهُ بِأَنَّهَا مُقَدَّمَةٌ لِخُصُومَةٍ) أَيْ فَيَحْرُمُ قَبُولُهَا وَإِنْ كَانَ الْمُهْدَى مِنْ غَيْرِ عَمَلِهِ (قَوْلُهُ: وَتُرَشِّحُهُ) أَيْ تُهَيِّئُهُ (قَوْلُهُ: قِيلَ كَالْعَادَةِ) أَيْ كَانَ الْأَوْلَى التَّعْبِيرَ بِهِ وَإِسْقَاطُ قَوْلِهِ بِقَدْرِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَتَمَيَّزْ فَكَذَلِكَ) أَيْ يَحْرُمُ الْجَمِيعُ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ الْقَاضِي وَعَكْسُهُ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَعْرِفْ الْقَاضِي أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ وِلَايَتِهِ (قَوْلُهُ: وَشَرْطُنَا الْقَبُولُ) مُعْتَمَدٌ فِي الْوَقْفِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِئَلَّا يَمْتَنِعَ مِنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِ) هَلَّا قِيلَ بِمِثْلِ هَذَا فِيمَا مَرَّ فِي مُعَامَلَتِهِ (قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ مَا مَرَّ مِنْ كَوْنِهِ أَقَلَّ إثْمًا إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ خَلَلٌ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: تَنْبِيهٌ مَحَلُّ قَوْلِنَا لَكِنَّهُ أَقَلُّ إثْمًا مَا إذَا كَانَ لَهُ رِزْقٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَإِلَّا كَانَ ذَلِكَ الْحُكْمُ مِمَّا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ وَطَلَبُ أُجْرَةِ مِثْلِ عَمَلِهِ فَقَطْ جَازَ لَهُ طَلَبُهَا وَأَخْذُهَا عِنْدَ كَثِيرِينَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُجَابُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ لَا يَدْفَعُ الْأَوْلَوِيَّةَ، إذْ حَاصِلُهُ إنَّمَا هُوَ تَصْحِيحُ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ: وَخَصَّهُ فِي تَفْسِيرِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ تَفْسِيرِهِ: إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُتَصَدِّقُ عَارِفًا بِأَنَّهُ الْقَاضِي وَلَا الْقَاضِي عَارِفًا بِعَيْنِهِ فَلَا شَكَّ فِي الْجَوَازِ انْتَهَتْ

فَإِنْ عُيِّنَ بِاسْمِهِ امْتَنَعَ وَإِلَّا فَلَا، وَيَصِحُّ إبْرَاؤُهُ عَنْ دَيْنِهِ إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ قَبُولُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَكَذَا أَدَاؤُهُ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ، بِخِلَافِهِ بِإِذْنِهِ بِشَرْطِ عَدَمِ الرُّجُوعِ. وَبَحَثَ التَّاجُ السُّبْكِيُّ أَنَّ خُلَعَ الْمُلُوكِ الَّتِي مِنْ أَمْوَالِهِمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لَيْسَتْ كَالْهَدِيَّةِ بِشَرْطِ اعْتِيَادِهَا لِمِثْلِهِ وَأَنْ لَا يَتَغَيَّرَ بِهَا قَلْبُهُ عَنْ التَّصْمِيمِ عَنْ الْحَقِّ وَسَائِرُ الْعُمَّالِ مِثْلُهُ فِي نَحْوِ الْهَدِيَّةِ لَكِنَّهُ أَغْلَظُ، وَلَا يُلْتَحَقُ بِالْقَاضِي فِيمَا ذُكِرَ الْمُفْتِي وَالْوَاعِظُ وَمُعَلِّمُ الْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ لِأَنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ أَهْلِيَّةُ الْإِلْزَامِ، وَالْأَوْلَى فِي حَقِّهِمْ إنْ كَانَتْ الْهَدِيَّةُ لِأَجْلِ مَا يَحْصُلُ مِنْهُمْ مِنْ الْإِفْتَاءِ وَالْوَعْظِ وَالتَّعْلِيمِ عَدَمُ الْقَبُولِ لِيَكُونَ عَمَلُهُمْ خَالِصًا لِلَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ أَهْدَى إلَيْهِمْ تَحَبُّبًا وَتَوَدُّدًا لِعِلْمِهِمْ وَصَلَاحِهِمْ فَالْأَوْلَى الْقَبُولُ. وَأَمَّا إذَا أَخَذَ الْمُفْتِي الْهَدِيَّةَ لِيُرَخِّصَ فِي الْفَتْوَى فَإِنْ كَانَ بِوَجْهٍ بَاطِلٍ فَهُوَ رَجُلٌ فَاجِرٌ يُبَدِّلُ أَحْكَامَ اللَّهِ تَعَالَى وَيَشْتَرِي بِهَا ثَمَنًا قَلِيلًا، وَإِنْ كَانَ بِوَجْهٍ صَحِيحٍ فَهُوَ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةً شَدِيدَةً (وَالْأَوْلَى) لِمَنْ جَازَ لَهُ قَبُولُ الْهَدِيَّةِ (أَنْ يُثِيبَ عَلَيْهَا) أَوْ يَرُدَّهَا لِمَالِكِهَا أَوْ يَضَعَهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ وَسَدُّ بَابِ الْقَبُولِ مُطْلَقًا أَوْلَى حَسْمًا لِلْبَابِ. (وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ) وَلَا سَمَاعُهُ شَهَادَةً (لِنَفْسِهِ) لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ، وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ تَعْزِيرُ مَنْ أَسَاءَ أَدَبَهُ عَلَيْهِ فِي حُكْمِهِ كَحَكَمْتَ عَلَيَّ بِالْجَوْرِ لِئَلَّا يُسْتَخَفَّ وَيُسْتَهَانَ بِهِ فَلَا يُسْمَعُ حُكْمُهُ، وَلَهُ الْحُكْمُ لِمَحْجُورِهِ وَإِنْ كَانَ وَصِيًّا عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَإِنْ تَضَمَّنَ حُكْمُهُ اسْتِيلَاءَهُ عَلَى الْمَالِ الْمَحْكُومِ بِهِ وَتَصَرُّفَهُ فِيهِ، وَكَذَا بِإِثْبَاتِ وَقْفٍ شُرِطَ نَظَرُهُ لِقَاضٍ هُوَ بِصِفَتِهِ، وَإِنْ تَضَمَّنَ حُكْمُهُ وَضْعَ يَدِهِ عَلَيْهِ وَبِإِثْبَاتِ مَالٍ لِبَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ يُرْزَقُ مِنْهُ، وَإِفْتَاءُ الْعَلَمِ الْبُلْقِينِيِّ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْ الْقَاضِي الْحُكْمُ بِمَا أَجْرُهُ هُوَ أَوْ مَأْذُونُهُ مِنْ وَقْفٍ هُوَ نَاظِرُهُ يُتَّجَهُ حَمْلُهُ عَلَى مَا فَصَّلَهُ الْأَذْرَعِيُّ حَيْثُ قَالَ: الظَّاهِرُ مَنْعُهُ لِمَدْرَسَةٍ هُوَ مُدَرِّسُهَا، وَوَقْفٍ نَظَرُهُ لَهُ قَبْلَ الْوِلَايَةِ لِأَنَّهُ الْخَصْمُ مَا لَمْ يَكُنْ مُتَبَرِّعًا فَيَكُونُ كَالْوَصِيِّ، وَرَدَّ بَعْضُهُمْ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْقَاضِي أَوْلَى مِنْ الْوَصِيِّ لِأَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــSدُونَ النَّذْرِ (قَوْلُهُ وَيَصِحُّ إبْرَاؤُهُ) أَيْ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: وَسَائِرُ الْعُمَّالِ) وَمِنْهُمْ مَشَايِخُ الْأَسْوَاقِ وَالْبُلْدَانِ وَمُبَاشَرَةُ الْأَوْقَافِ وَكُلُّ مَنْ يَتَعَاطَى أَمْرًا يَتَعَلَّقُ بِالْمُسْلِمِينَ. (قَوْلُهُ: وَإِفْتَاءُ الْعِلْمِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَرَدَّ بَعْضُهُمْ الْأَوَّلَ) هُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ وَصِيًّا عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ فِي هَذِهِ الْغَايَةِ، وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ لِلْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ وَقْفٍ هُوَ نَاظِرُهُ قَبْلَ الْوِلَايَةِ بِأَنَّ هَذَا مُتَبَرِّعٌ بِخِلَافِ ذَاكَ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ مُتَبَرِّعًا أَيْضًا صَحَّ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: شَرَطَ نَظَرَهُ لِقَاضٍ هُوَ بِصِفَتِهِ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: يَخْرُجُ مَا لَوْ شَرَطَ النَّظَرَ لَهُ بِخُصُوصِهِ، قَالَ: وَيُنَاسِبُهُ قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ الْآتِي وَوَقْفُ نَظَرِهِ لَهُ قَبْلَ الْوِلَايَةِ اهـ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا فَصَّلَهُ الْأَذْرَعِيُّ) عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ: هَلْ يُحْكَمُ لَهُ لِجِهَةِ وَقْفٍ كَانَ نَاظِرَهَا الْخَاصَّ قَبْلَ الْوِلَايَةِ وَلِمَدْرَسَةٍ هُوَ مُدَرِّسُهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَالظَّاهِرُ تَفَقُّهًا لَا نَقْلًا الْمَنْعُ إذْ هُوَ الْخَصْمُ وَحَاكِمٌ لِنَفْسِهِ وَشَرِيكُهُ، فَإِنْ كَانَ مُتَبَرِّعًا بِالنَّظَرِ فَكَوَلِيِّ الْيَتِيمِ انْتَهَتْ. فَقَوْلُهُ إذْ هُوَ الْخَصْمُ تَعْلِيلٌ لِمَسْأَلَةِ النَّظَرِ وَقَوْلُهُ وَحَاكِمٌ لِنَفْسِهِ وَشَرِيكِهِ تَعْلِيلٌ لِمَسْأَلَةِ التَّدْرِيسِ (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ كَالْوَصِيِّ) أَيْ فَيَنْفُذُ حُكْمُهُ وَإِنْ كَانَ مُدَرِّسًا أَوْ نَاظِرًا قَبْلَ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ وَرَدَّ بَعْضُهُمْ الْأَوَّلَ) أَيْ إفْتَاءَ الْعَلَمِ الْبُلْقِينِيِّ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ بَعْدَ الْحَمْلِ الْمَارِّ نَصُّهَا: وَهَذَا أَوْلَى مِنْ رَدِّ بَعْضِهِمْ لِكَلَامِ الْعَلَمِ بِأَنَّ الْقَاضِيَ إلَخْ. وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الرَّدَّ يُشِيرُ لِتَفْصِيلِ الْأَذْرَعِيِّ لَا مُخَالِفَ لَهُ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ كَالتُّحْفَةِ، لِأَنَّهُ إنَّمَا رَدَّ إفْتَاءَ الْعَلَمِ فِيمَا إذَا ثَبَتَ النَّظَرُ لِلْقَاضِي بِوَصْفِ الْقَضَاءِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ عَلَى الْوَقْفِ بِجِهَةِ الْقَضَاءِ تَزُولُ بِانْعِزَالِهِ، فَهَذَا الرَّادُّ مُوَافِقٌ لِلْعِلْمِ عَلَى الْمَنْعِ فِيمَا الْقَاضِي نَاظِرٌ عَلَيْهِ قَبْلَ الْوِلَايَةِ. وَاعْلَمْ أَيْضًا أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ بِالْفَرْقِ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْأَذْرَعِيِّ وَمَسْأَلَةِ الْعَلَمِ بِأَنَّ الْقَاضِيَ فِي مَسْأَلَةِ الْعَلَمِ حَاكِمٌ بِفِعْلِ نَفْسِهِ أَوْ بِفِعْلِ مَأْذُونِهِ وَهُوَ الْإِيجَارُ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْأَذْرَعِيِّ، وَقَدْ نَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ نَفْسَهُ قُبَيْلَ مَا مَرَّ عَنْهُ عَنْ شَرْحِ الرُّويَانِيِّ فِي مَسْأَلَةِ الْوَصِيِّ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا لَوْ حَكَمَ الْقَاضِي الْوَصِيُّ لِلطِّفْلِ مَثَلًا بِدَيْنٍ كَانَ لِأَبِيهِ فَيَصِحُّ، وَبَيْنَ

وِلَايَتَهُ عَلَى الْوَقْفِ بِجِهَةِ الْقَضَاءِ تَزُولُ بِانْعِزَالِهِ، وَلَا كَذَلِكَ الْوَصِيُّ إذَا تَوَلَّى الْقَضَاءَ فَالتُّهْمَةُ فِي حَقِّهِ أَقْوَى، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ شَهِدَ الْقَاضِي بِمَالٍ لِلْوَقْفِ قَبْلَ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ قُبِلَ أَوْ الْوَصِيُّ بِمَالٍ لِمُوَلِّيهِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ لَهُ لَمْ يُقْبَلْ (وَرَقِيقُهُ) لِذَلِكَ نَعَمْ لَهُ الْحُكْمُ بِجِنَايَةٍ عَلَيْهِ قَبْلَ رِقِّهِ بِأَنْ جَنَى مُلْتَزِمٌ عَلَى ذِمِّيٍّ ثُمَّ حَارَبَ وَأُرِقَّ وَيُوقَفُ مَا ثَبَتَ لَهُ حِينَئِذٍ إلَى عِتْقِهِ، فَإِنْ مَاتَ قِنًّا صَارَ فَيْئًا، قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، قَالَ: وَكَذَا لِمَنْ وَرِثَ مُوصًى بِمَنْفَعَتِهِ الْحُكْمُ بِكَسْبِهِ أَيْ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ (وَشَرِيكُهُ) أَوْ شَرِيكُ مُكَاتَبِهِ (فِي الْمُشْتَرَكِ) لِذَلِكَ أَيْضًا، نَعَمْ لَوْ حَكَمَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينِهِ جَازَ لِأَنَّ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يُشَارِكُهُ كَمَا أَفَادَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَيْضًا، وَيُؤْخَذُ مِنْ عِلَّتِهِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَا يُشَارِكُهُ وَإِلَّا فَالتُّهْمَةُ مَوْجُودَةٌ بِاعْتِبَارِ ظَنِّهِ وَهِيَ كَافِيَةٌ (وَكَذَا أَصْلُهُ وَفَرْعُهُ) وَلَوْ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهُمْ أَبْعَاضُهُ فَكَانُوا كَنَفْسِهِ وَمِنْ ثَمَّ امْتَنَعَ قَضَاؤُهُ بِعِلْمِهِ لَهُمْ قَطْعًا. أَمَّا حُكْمُهُ عَلَيْهِمْ فَيَجُوزُ عَكْسُ الْعَدُوِّ، وَحُكْمُهُ عَلَى نَفْسِهِ إقْرَارٌ لَا حُكْمٌ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ وَلَهُ تَنْفِيذُ حُكْمِ بَعْضِهِ وَالشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ يَنْفُذُ لِأَنَّ الْقَاضِي أَسِيرُ الْبَيِّنَةِ فَلَا تَظْهَرُ فِيهِ تُهْمَةٌ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ (وَيَحْكُمُ لَهُ وَلِهَؤُلَاءِ الْإِمَامُ أَوْ قَاضٍ آخَرُ) مُسْتَقِلٌّ إذْ لَا تُهْمَةَ (وَكَذَا نَائِبُهُ عَلَى الصَّحِيحِ) كَبَقِيَّةِ الْحُكَّامِ، وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ مِنْ نَائِبِهِ لِلتُّهْمَةِ. (وَإِذَا) ادَّعَى عِنْدَهُ بِدَيْنٍ حَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ أَوْ بِعَيْنٍ مَمْلُوكَةٍ أَوْ وَقْفٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ ثُمَّ (أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ نَكَلَ فَحَلَفَ الْمُدَّعِي) أَوْ أَوْ حَلَفَ مِنْ غَيْرِ نُكُولٍ بِأَنْ كَانَتْ الْيَمِينُ فِي جَانِبِهِ لِنَحْوِ لَوْثٍ أَوْ إقَامَةِ شَاهِدٍ مَعَ إرَادَةِ الْحَلِفِ مَعَهُ (وَسَأَلَ) الْمُدَّعِي (الْقَاضِيَ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى إقْرَارِهِ عِنْدَهُ أَوْ يَمِينِهِ أَوْ) سَأَلَ (الْحُكْمَ) لَهُ عَلَيْهِ (بِمَا ثَبَتَ وَالْإِشْهَادَ بِهِ) (لَزِمَهُ) إجَابَتُهُ لِمَا ذُكِرَ، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَسَأَلَ الْإِشْهَادَ لِيَكُونَ حُجَّةً لَهُ فَلَا يُطَالِبُهُ مَرَّةً أُخْرَى وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ يُنْكِرُ بَعْدُ فَيَفُوتُ الْحَقُّ لِنَحْوِ نِسْيَانِ الْقَاضِي أَوْ انْعِزَالِهِ، وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِدَعْوَاهُ وَسَأَلَهُ الْإِشْهَادَ عَلَيْهِ بِقَبُولِهَا لَزِمَهُ أَيْضًا لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ تَعْدِيلَ الْبَيِّنَةِ وَإِثْبَاتَ حَقِّهِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ سَأَلَ مَا إذَا لَمْ يَسْأَلْهُ لِامْتِنَاعِ الْحُكْمِ لِلْمُدَّعِي قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَ فِيهِ كَامْتِنَاعِهِ قَبْلَ دَعْوَى صَحِيحَةٍ إلَّا فِيمَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ وَصِيغَةُ الْحُكْمِ الصَّحِيحِ الَّذِي هُوَ الْإِلْزَامُ النَّفْسَانِيُّ الْمُسْتَفَادُ مِنْ جِهَةِ الْوِلَايَةِ حَكَمْت أَوْ قَضَيْت لَهُ بِهِ أَوْ أَنَفَذْت الْحُكْمَ بِهِ أَوْ أَلْزَمْت خَصْمَهُ الْحَقَّ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ إذَا عُدِّلَتْ الْبَيِّنَةُ لَمْ يَجُزْ الْحُكْمُ إلَّا بِطَلَبِ الْمُدَّعِي، فَإِذَا طَلَبَهُ قَالَ لِخَصْمِهِ أَلَك دَافِعٌ فِي هَذِهِ الْبَيِّنَةِ أَوْ قَادِحٌ، فَإِنْ قَالَ لَا أَوْ نَعَمْ وَلَمْ يُثْبِتْهُ حَكَمَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ ثَبَتَ عِنْدِي كَذَا أَوْ صَحَّ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ لَيْسَ بِحُكْمٍ، وَإِنْ كَانَ مِثْلُ ذَلِكَ مُتَوَقِّفًا عَلَى الدَّعْوَى سَوَاءٌ أَكَانَ الثَّابِتُ الْحَقَّ أَمْ سَبَبَهُ، فَإِنْ صَرَّحَ بِالثُّبُوتِ كَانَ حُكْمًا بِتَعْدِيلِهَا وَسَمَاعِهَا فَلَا يَحْتَاجُ حَاكِمٌ آخَرُ إلَى النَّظَرِ فِيهَا، وَأَفَادَ الشَّيْخُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ ثَبَتَ عِنْدِي وَقْفُ هَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا أَفْتَى بِهِ الْعَلَمُ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ حَارَبَ) أَيْ الذِّمِّيُّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ) أَيْ لِأَنَّ الْكَسْبَ الْحَاصِلَ قَبْلَ الْعِتْقِ لِلرَّقِيقِ وَالْكَسْبَ الْحَاصِلَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ. (قَوْلُهُ: لِمَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الْإِشْهَادِ وَالْحُكْمِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا لَوْ حَكَمَ لَهُ بِدَيْنٍ ثَبَتَ بِمُعَامَلَتِهِ فَلَا يَصِحُّ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَالتُّهْمَةُ فِي حَقِّهِ) أَيْ الْوَصِيِّ أَقْوَى: أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ صَحَّحْنَا حُكْمَهُ فَالْقَاضِي الْمَذْكُورُ أَوْلَى (قَوْلُهُ: لِمَنْ وَرِثَ مُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ إلَخْ) أَيْ لِقَاضِي وَرِثَ عَبْدًا مُوصًى بِمَنْفَعَتِهِ لِآخَرَ أَنْ يَحْكُمَ بِالْكَسْبِ فَمُوصِي بِمَنْفَعَتِهِ الَّذِي هُوَ وَصْفٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ كَمَا تَقَرَّرَ مَعْمُولٌ لِوَرِثَ (قَوْلُهُ: وَالشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَالشَّهَادَةُ عَلَى شَهَادَتِهِ. (قَوْلُهُ: كَامْتِنَاعِهِ) أَيْ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ الَّذِي هُوَ الْإِلْزَامُ النَّفْسَانِيُّ) أَخَذَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ تَفْسِيرِ الْحُكْمِ بِهَذَا أَنَّهُ إذَا حَكَمَ بِنَفْسِهِ فِي مُخْتَلَفٍ فِيهِ لَمْ يَتَأَثَّرْ بِنَقْضِ الْمُخَالِفِ. قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ بَعْدَ حُكْمِ الْمُخَالِفِ يُقْبَلُ ادِّعَاؤُهُ ذَلِكَ الْحُكْمَ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ. قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ أَشْهَدَ بِهِ قَبْلَ حُكْمِ الْمُخَالِفِ لَمْ يُعْتَدَّ بِحُكْمِ الْمُخَالِفِ وَإِلَّا اعْتَدَّ بِهِ اهـ. فَالشِّهَابُ مُوَافِقٌ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي تَأْثِيرِ الْحُكْمِ النَّفْسَانِيِّ فِي رَفْعِهِ الْخِلَافَ، لِأَنَّهُ إنَّمَا نَظَرَ فِي كَلَامِهِ مِنْ جِهَةِ قَبُولِ قَوْلِ الْقَاضِي حَكَمْتُ فِي نَفْسِي مِنْ غَيْرِ إشْهَادٍ (قَوْلُهُ: حَكَمَ عَلَيْهِ) أَيْ وَإِنْ وَجَدَ فِيهَا رِيبَةً لَيْسَ لَهَا مُسْتَنَدٌ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ كَذَا فِي التُّحْفَةِ

عَلَى الْفُقَرَاءِ لَمْ يَكُنْ حُكْمًا وَلَكِنَّهُ فِي مَعْنَاهُ فَلَا يَصِحُّ رُجُوعُ الشَّاهِدِ بَعْدَهُ، بِخِلَافِ ثُبُوتِ سَبَبِهِ كَوَقْفِ فُلَانٍ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى نَظَرٍ آخَرَ، وَمِنْ ثَمَّ امْتَنَعَ عَلَى الْحَاكِمِ الْحُكْمُ بِهِ حَتَّى يَنْظُرَ فِي شُرُوطِهِ، وَيَجُوزُ تَنْفِيذُ الْحُكْمِ فِي الْبَلَدِ قَطْعًا مِنْ غَيْرِ دَعْوَى وَلَا حَلِفٍ فِي نَحْوِ غَائِبٍ، بِخِلَافِ تَنْفِيذِ الثُّبُوتِ الْمُجَرَّدِ فِيهَا فَإِنَّ فِيهِ خِلَافًا، وَالْأَقْرَبُ جَوَازُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ حُكْمٌ بِقَبُولِ الْبَيِّنَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَنْفِيذَ الْحُكْمِ لَيْسَ بِحُكْمٍ مِنْ الْمُنَفِّذِ إلَّا إنْ وُجِدَتْ فِيهِ شُرُوطُ الْحُكْمِ عِنْدَنَا وَإِلَّا كَانَ إثْبَاتًا لِحُكْمِ الْأَوَّلِ فَقَطْ، وَقَدْ قَدَّمْتُ فِي بَابِ الْهِبَةِ الْفَرْقَ بَيْنَ الْحُكْمِ بِالْمُوجَبِ وَالْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ فَالْأَوَّلُ يَتَنَاوَلُ الْآثَارَ الْمَوْجُودَةَ وَالتَّابِعَةَ لَهَا: بِخِلَافِ الثَّانِي فَإِنَّهُ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ الْمَوْجُودَ فَقَطْ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْحُكْمَ بِهِ أَقْوَى مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَسْتَلْزِمُ الْحُكْمَ بِمِلْكِ الْعَاقِدِ مَثَلًا، وَمِنْ ثَمَّ امْتَنَعَ عَلَى الْحَاكِمِ الْحُكْمُ بِهَذَا إلَّا بِحُجَّةٍ تُفِيدُ الْمِلْكَ، بِخِلَافِ الْحُكْمِ بِالْمُوجِبِ وَلَوْ حَكَمَ بِالصِّحَّةِ وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ اسْتَنَدَ لِحُجَّةٍ أَوْ لَا حَمَلْنَا حُكْمَهُ عَلَى الِاسْتِنَادِ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ، نَعَمْ يُتَّجَهُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ فِي قَاضٍ مَوْثُوقٍ بِدِينِهِ وَعِلْمِهِ كَكُلِّ حُكْمٍ أُجْمِلَ وَلَمْ يُعْلَمْ اسْتِيفَاؤُهُ لِشُرُوطِهِ فَلَا يُقْبَلُ إلَّا مِمَّنْ ذُكِرَ (أَوْ) سَأَلَهُ الْمُدَّعِي وَمِثْلُهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ (أَنْ يَكْتُبَ لَهُ) بِقِرْطَاسٍ أَحْضَرَهُ مِنْ عِنْدِهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (مَحْضَرًا) بِفَتْحِ الْمِيمِ (بِمَا جَرَى مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ أَوْ سِجِلًّا بِمَا حَكَمَ اُسْتُحِبَّ إجَابَتُهُ) لِأَنَّهُ يَذْكُرُ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِثُبُوتِ الْحَقِّ بِالشُّهُودِ دُونَ الْكِتَابِ (وَقِيلَ يَجِبُ) تَوْثِقَةً لِحَقِّهِ، نَعَمْ إنْ تَعَلَّقَتْ الْحُكُومَةُ بِصَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ وَجَبَ التَّسْجِيلُ جَزْمًا، وَأَلْحَقَ بِهِمَا الزَّرْكَشِيُّ الْغَائِبَ وَنَحْوَ الْوَقْفِ مِمَّا يُحْتَاطُ لَهُ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّ الْمَحْضَرَ مَا تُحْكَى فِيهِ وَاقِعَةُ الدَّعْوَى وَالْجَوَابُ وَسَمَاعُ الْبَيِّنَةِ بِلَا حُكْمٍ، وَالسِّجِلُّ مَا تَضَمَّنَ إشْهَادَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِأَنَّهُ حَكَمَ بِكَذَا أَوْ نَفَّذَهُ (وَيُسْتَحَبُّ نُسْخَتَانِ) أَيْ كِتَابَتُهُمَا (إحْدَاهُمَا) تُدْفَعُ (لَهُ) بِلَا خَتْمٍ (وَالْأُخْرَى تُحْفَظُ فِي دِيوَانِ الْحُكْمِ) مَخْتُومَةً وَيُكْتَبُ عَلَيْهَا اسْمُ الْخَصْمَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْخَصْمُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ طَرِيقُ التَّذَكُّرِ لَوْ ضَاعَتْ تِلْكَ. (وَإِذَا) (حَكَمَ بِاجْتِهَادِهِ) وَهُوَ مِنْ أَهْلِهِ أَوْ بِاجْتِهَادِ مُقَلَّدِهِ (ثُمَّ بَانَ) كَوْنُ مَا حَكَمَ بِهِ (خِلَافَ نَصِّ الْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ) الْمُتَوَاتِرَةِ أَوْ الْآحَادِ (أَوْ) بَانَ خِلَافَ (الْإِجْمَاعِ) وَمِنْهُ مَا خَالَفَ شَرْطَ الْوَاقِفِ (أَوْ) خِلَافُ (قِيَاسٍ جَلِيٍّ) وَهُوَ مَا يَعُمُّ الْأَوْلَى وَالْمُسَاوِيَ. قَالَ الْقَرَافِيُّ: أَوْ خَالَفَ الْقَوَاعِدَ الْكُلِّيَّةَ. قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: أَوْ كَانَ حُكْمًا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ: أَيْ قَطْعًا، فَلَا نَظَرَ لِمَا بَنَوْهُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ النَّقْضِ فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ قَالَ بِهَا غَيْرُهُمْ بِأَدِلَّةٍ عِنْدَهُمْ. قَالَ السُّبْكِيُّ: أَوْ خَالَفَ الْمَذَاهِبَ الْأَرْبَعَةَ لِأَنَّهَا كَالْمُخَالِفِ لِلْإِجْمَاعِ (نَقَضَهُ) وُجُوبًا أَيْ أَظْهَرَ بُطْلَانَهُ وَإِنْ لَمْ يُرْفَعْ إلَيْهِ (هُوَ وَغَيْرُهُ) بِنَحْوِ نَقَضْته أَوْ فَسَخْته أَوْ أَبْطَلْته (لَا) مَا بَانَ خِلَافَ قِيَاسِ (خَفِيٍّ) وَهُوَ مَا لَا يَبْعُدُ احْتِمَالُ الْفَارِقِ فِيهِ كَقِيَاسِ الذُّرَةِ عَلَى الْبُرِّ بِجَامِعِ الطَّعْمِ فَلَا يَنْقُضُهُ بِاحْتِمَالِهِ (وَالْقَضَاءُ) أَيْ الْحُكْمُ الَّذِي يَسْتَفِيدُهُ الْقَاضِي بِالْوِلَايَةِ فِيمَا بَاطِنُ الْأَمْرِ فِيهِ، بِخِلَافِ ظَاهِرِهِ تَنْفِيذًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (يَنْفُذُ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا) فَالْحُكْمُ بِشَهَادَةِ كَاذِبَيْنِ ظَاهِرُهُمَا الْعَدَالَةُ لَا يُفِيدُ الْحِلَّ بَاطِنًا لِمَالٍ، وَلَا لِبَضْعٍ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِيَ لَهُ بِنَحْوِ مَا أَسْمَعُ مِنْهُ، فَمَنْ قَضَيْت لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ بِشَيْءٍ فَلَا يَأْخُذْهُ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ لَوْ وَقَعَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَكِنَّهُ فِي مَعْنَاهُ) أَيْ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّ الْحُكْمَ بِهِ) أَيْ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَنَحْوُ الْوَقْفِ) كَالْوَصِيَّةِ وَالْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ) أَيْ أَقْدَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ حُكْمًا) أَيْ فَلَا يَرْفَعُ الْخِلَافَ (قَوْلُهُ: كَوَقْفِ فُلَانٍ) هُوَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ الْمَاضِي (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ تَنْفِيذُ الْحُكْمِ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ: أَوْ فَائِدَتُهُ تَأْكِيدُ حُكْمِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ بِحُكْمٍ مِنْ الْمَنْفَذِ) أَيْ وَلِهَذَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ تَقَدُّمُ دَعْوَى (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ وُجِدَتْ فِيهِ شُرُوطُ الْحُكْمِ) أَيْ بِأَنْ يَتَقَدَّمَهُ دَعْوَى وَطَلَبٌ مِنْ الْخَصْمِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْحُكْمَ بِهِ) أَيْ بِالصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: فِيمَا بَاطِنُ الْأَمْرِ فِيهِ بِخِلَافِ ظَاهِرِهِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ إنْشَاءً بِأَنْ كَانَ إمْضَاءً لِمَا قَامَتْ بِهِ الْحُجَّةُ (قَوْلُهُ: أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ) أَيْ أَبْلَغُ وَأَعْلَمُ

لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ» وَخَبَرُ «أُمْرِنَا بِاتِّبَاعِ الظَّوَاهِرِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ» لَكِنْ قَالَ الْمِزِّيُّ بِكَسْرِ الْمِيمِ: لَا أَعْرِفُهُ، وَيَلْزَمُ الْمَحْكُومَ عَلَيْهَا بِنِكَاحٍ كَاذِبٍ الْهَرَبُ، بَلْ وَالْقَتْلُ إنْ قَدَرَتْ عَلَيْهِ كَالصَّائِلِ عَلَى الْبَضْعِ، وَلَا نَظَرَ لِاعْتِقَادِهِ إبَاحَتَهُ كَمَا يَجِبُ دَفْعُ الصَّبِيِّ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُكَلَّفٍ. أَمَّا مَا بَاطِنُ الْأَمْرِ فِيهِ كَظَاهِرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَحَلُّ اخْتِلَافِ الْمُجْتَهِدِينَ كَالتَّسْلِيطِ عَلَى الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ، فَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَى أَصْلٍ كَاذِبٍ كَشَهَادَةِ زُورٍ فَكَالْأَوَّلِ أَوْ صَادِقٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَحَلِّ اخْتِلَافِ الْمُجْتَهِدِينَ نَفَذَ بَاطِنًا وَظَاهِرًا وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ كَالْحُكْمِ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ نَفَذَ ظَاهِرًا قَطْعًا وَبَاطِنًا عَلَى الْأَصَحِّ، نَعَمْ لَوْ قَضَى قَاضٍ بِصِحَّةِ نِكَاحِ زَوْجَةِ الْمَفْقُودِ بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ وَمُدَّةِ الْعِدَّةِ أَوْ نَفْيِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَنَفْيِ بَيْعِ الْعَرَايَا وَمَنْعِ الْقِصَاصِ فِي الْمُثَقَّلِ وَصِحَّةِ بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ وَصِحَّةِ نِكَاحِ الشِّغَارِ وَنِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَحُرْمَةِ الرَّضَاعِ بَعْدَ حَوْلَيْنِ وَقَتْلِ مُسْلِمٍ بِذِمِّيٍّ وَتَوْرِيثٍ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ أَوْ بِاسْتِحْسَانِ فَاسِدٍ اسْتِنَادًا لِعَادَةِ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ أَوْ عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ نُقِضَ قَضَاؤُهُ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ. وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (وَلَا يَقْضِي) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ الْقَضَاءُ (بِخِلَافِ عِلْمِهِ) أَيْ ظَنِّهِ الْمُؤَكَّدِ (بِالْإِجْمَاعِ) كَمَا لَوْ شَهِدَتْ عِنْدَهُ بَيِّنَةٌ بِرِقٍّ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ مِلْكِ مَنْ يَعْلَمُ حُرِّيَّتَهُ أَوْ بَيْنُونَتَهَا أَوْ عَدَمَ مِلْكِهِ لِأَنَّهُ قَاطِعٌ بِبُطْلَانِ الْحُكْمِ بِهِ حِينَئِذٍ، وَالْحُكْمُ بِالْبَاطِلِ مُحَرَّمٌ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْقَضَاءُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِعِلْمِهِ لِمُعَارَضَتِهِ بِالْبَيِّنَةِ مَعَ عَدَالَتِهَا ظَاهِرًا (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ) أَيْ الْقَاضِي الْمُجْتَهِدُ وُجُوبًا الظَّاهِرُ التَّقْوَى وَالْوَرَعُ نَدْبًا (يَقْضِي بِعِلْمِهِ) إنْ شَاءَ: أَيْ بِظَنِّهِ الْمُؤَكَّدِ الَّذِي يَجُوزُ لَهُ الشَّهَادَةُ مُسْتَنِدًا إلَيْهِ، وَإِنْ اسْتَفَادَهُ قَبْلَ وِلَايَتِهِ كَأَنْ يَدَّعِيَ عِنْدَهُ بِمَالٍ وَقَدْ رَآهُ أَقْرَضَهُ إيَّاهُ أَوْ سَمِعَهُ يُقِرُّ بِهِ لَهُ وَإِنْ احْتَمَلَ الْإِبْرَاءَ وَغَيْرَهُ، وَلَوْ سَمِعَ دَائِنًا أَبْرَأَ مَدِينَهُ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَقَالَ مَعَ إبْرَائِهِ دَيْنُهُ بَاقٍ عَلَيَّ عَمِلَ بِهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى خِلَافِ الْعِلْمِ لِأَنَّ إقْرَارَهُ الْمُتَأَخِّرَ عَنْ الْإِبْرَاءِ رَافِعٌ لَهُ، وَلَا بُدَّ أَنْ يُصَرِّحَ بِمُسْتَنَدِهِ فَيَقُولُ عَلِمْت أَنَّ لَهُ عَلَيْك مَا ادَّعَاهُ وَقَضَيْت أَوْ حَكَمْت عَلَيْك بِعِلْمِي، فَإِنْ تَرَكَ أَحَدَ اللَّفْظَيْنِ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ عُلِّلَ بِأَنَّ فِيهِ تُهْمَةً وَيَقْضِي بِعِلْمِهِ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ وَالتَّقْوِيمِ قَطْعًا، وَكَذَا عَلَى مَنْ أَقَرَّ بِمَجْلِسِهِ: أَيْ وَاسْتَمَرَّ عَلَى إقْرَارِهِ، لَكِنَّهُ قَضَاءٌ بِالْإِقْرَارِ دُونَ الْعِلْمِ، فَإِنْ أَنْكَرَ كَانَ قَضَاءً بِالْعِلْمِ، وَلَوْ رَأَى وَحْدَهُ هِلَالَ رَمَضَانَ قَضَى بِهِ قَطْعًا بِنَاءً عَلَى ثُبُوتِهِ بِوَاحِدٍ، أَمَّا قَاضِي الضَّرُورَةِ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ بِهِ حَتَّى لَوْ قَالَ قَضَيْت بِحُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ أَوْجَبَتْ الْحُكْمَ بِذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: بَلْ وَالْقَتْلُ) وَمِثْلُهُ مَنْ عَرَفَتْ وُقُوعَ الطَّلَاقِ عَلَى زَوْجِهَا وَلَمْ يُمْكِنْهَا الْخَلَاصُ مِنْهُ (قَوْلُهُ إنْ قَدَرَتْ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَوْ بِسُمٍّ إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا (قَوْلُهُ: فَكَالْأَوَّلِ) أَيْ كَالْمُخَالِفِ لِلنَّصِّ الَّذِي يَنْقُضُهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ قَضَى قَاضٍ) كَانَ الْأَوْلَى لَهُ أَنْ يَقُولَ: وَمِمَّا يُنْقَضُ فِيهِ الْحُكْمُ لِمُخَالَفَتِهِ مَا مَرَّ مَا لَوْ حَكَمَ بِصِحَّةِ نِكَاحٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بَاقٍ عَلَيَّ عَمَلٌ بِهِ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا لَهُ دَيْنٌ عَلَى آخَرَ فَأَقَرَّ الدَّائِنُ بِوُصُولِ حَقِّهِ لَهُ مِنْ الْمَدِينِ عِنْدَ جَمَاعَةٍ، ثُمَّ بَلَغَ الْمَدِينَ ذَلِكَ فَقَالَ جَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا فَإِنَّهُ أَقَرَّ تَجَمُّلًا مَعَ بَقَاءِ حَقِّهِ بِذِمَّتِي وَأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ مِنِّي شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِقَوْلِ الْمَدِينِ، وَيُحْمَلُ قَوْلُ الدَّائِنِ وَصَلَ إلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى رَسْمِ الْقُبَالَةِ مَثَلًا، أَوْ إنْ وَصَلَنِي عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ وَعَدَ بِالْإِيصَالِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: رَافِعٌ لَهُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ مُتَضَمِّنٌ لِلِاعْتِرَافِ مِنْ الْمَدِينِ بِعَدَمِ صِحَّةِ الْبَرَاءَةِ أَوْ بِمَعْنَى أَنَّ دَيْنَهُ ثَابِتٌ عَلَيَّ: ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَمَّا مَا بَاطِنُ الْأَمْرِ فِيهِ كَظَاهِرِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ إنْشَاءً كَالتَّسْلِيطِ عَلَى الشُّفْعَةِ الْآتِي (قَوْلُهُ: ثَانِيًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَحَلِّ اخْتِلَافِ الْمُجْتَهِدِينَ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ الْمُقْسِمُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَفَادَهُ) أَيْ الْعِلْمَ (قَوْلُهُ أَبْرَأَ مَدِينَهُ) وَمِثْلُهُ بِالْأَوْلَى مَا إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ لَا دَيْنَ لَهُ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَقَدْ أَخَذَهُ مِنْهُ شَيْخُنَا فِي حَادِثَةٍ حَكَاهَا فِي حَوَاشِيهِ (قَوْلُهُ: فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ) لَعَلَّهُ مِثَالٌ (قَوْلُهُ رَافِعٌ لَهُ) قَالَ شَيْخُنَا فِي حَوَاشِيهِ: لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ مُتَضَمِّنٌ لِلِاعْتِرَافِ مِنْ الْمَدِينِ بِعَدَمِ صِحَّةِ الْبَرَاءَةِ، أَوْ بِمَعْنَى أَنَّ دَيْنَهُ ثَابِتٌ عَلَيَّ: أَيْ نَظِيرُهُ بِأَنْ تَجَدَّدَ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ مِثْلُهُ، وَإِلَّا فَالْبَرَاءَةُ بَعْدَ وُقُوعِهَا لَا تَرْتَفِعُ اهـ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ قَالَ) يَعْنِي مُطْلَقَ قَاضٍ فِي أَيِّ حُكْمٍ كَانَ كَمَا مَرَّ

وَطُلِبَ مِنْهُ بَيَانُ مُسْتَنَدِهِ لَزِمَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ امْتَنَعَ رَدَدْنَاهُ وَلَمْ نَعْمَلْ بِهِ كَمَا أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبَعًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ (إلَّا فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى) كَحَدِّ زِنًا وَمُحَارَبَةٍ أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ شُرْبٍ، وَكَذَا تَعَازِيرُهُ لِسُقُوطِهَا بِالشُّبْهَةِ مَعَ نَدْبِ سَتْرِهَا فِي الْجُمْلَةِ، نَعَمْ مَنْ ظَهَرَ مِنْهُ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ مَا يُوجِبُ تَعْزِيرًا عَزَّرَهُ وَإِنْ كَانَ قَضَاءً بِالْعِلْمِ، وَقَدْ يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ، كَمَا إذَا عَلِمَ مِنْ مُكَلَّفٍ أَنَّهُ أَسْلَمَ ثُمَّ أَظْهَرَ الرِّدَّةَ فَيَقْضِي عَلَيْهِ بِمُوجِبِ ذَلِكَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَكَمَا إذَا اعْتَرَفَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ بِمُوجِبِ حَدٍّ وَلَمْ يَرْجِعْ عَنْهُ فَيَقْضِي فِيهِ بِعِلْمِهِ، وَكَمَا إذَا ظَهَرَ مِنْهُ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ، أَمَّا حُدُودُ الْآدَمِيِّينَ فَيَقْضِي فِيهَا سَوَاءٌ الْمَالُ وَالْقَوَدُ وَحَدُّ الْقَذْفِ. (وَلَوْ) (رَأَى) إنْسَانٌ (وَرَقَةً فِيهَا حُكْمُهُ أَوْ شَهَادَتُهُ أَوْ شَهِدَ) عَلَيْهِ أَوْ أَخْبَرَهُ (شَاهِدَانِ أَنَّك حَكَمْت أَوْ شَهِدْت بِهَذَا) (لَمْ يَعْمَلْ بِهِ) الْقَاضِي (وَلَمْ يَشْهَدْ) بِهِ الشَّاهِدُ أَيْ لَا يَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ذَلِكَ (حَتَّى يَتَذَكَّرَ) الْوَاقِعَةَ مُفَصَّلَةً، وَلَا يَكْفِيهِ بِذِكْرِهِ هَذَا خَطُّهُ فَقَطْ لِاحْتِمَالِ التَّزْوِيرِ وَالْغَرَضُ عِلْمُ الشَّاهِدِ وَلَمْ يُوجَدْ وَخَرَجَ بِيَعْمَلُ بِهِ عَمَلَ غَيْرِهِ إذَا شَهِدَ عِنْدَهُ بِحُكْمِهِ (وَفِيهِمَا وَجْهٌ) إذَا كَانَ الْحُكْمُ وَالشَّهَادَةُ مَكْتُوبَيْنِ (فِي وَرَقَةٍ مَصُونَةٍ عِنْدَهُمَا) وَوَثِقَ بِأَنَّهُ خَطُّهُ وَلَمْ تَقُمْ عِنْدَهُ فِيهِ رِيبَةٌ أَنَّهُ يَعْمَلُ بِهِ، وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الْفَرْقِ لِاحْتِمَالِ الرِّيبَةِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى جَوَازِ اعْتِمَادِهِ لِلْبَيِّنَةِ فِيمَا لَوْ نَسْي نُكُولَ الْخَصْمِ، لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْوَصْفِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْأَصْلِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يَلْحَقُ بِالنُّكُولِ فِي ذَلِكَ كُلُّ مَا فِي مَعْنَاهُ، وَأَفَادَ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ كَانَ فِي زَمَنِ قَضَائِهِ يَكْتُبُ عَلَى مَا ظَهَرَ بُطْلَانُهُ بِأَنَّهُ بَاطِلٌ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ مَالِكُهُ وَيَأْمُرْ بِأَنْ لَا يُعْطَى لَهُ بَلْ يَحْفَظُ فِي دِيوَانِ الْحُكْمِ لِيَرَاهُ كُلُّ قَاضٍ. (وَلَهُ) (الْحَلِفُ عَلَى اسْتِحْقَاقِ حَقٍّ أَوْ أَدَائِهِ اعْتِمَادًا عَلَى) إخْبَارِ عَدْلٍ وَعَلَى (خَطِّ) نَفْسِهِ عَلَى الْمُرَجَّحِ وَعَلَى نَحْوِ خَطِّ مُكَاتَبِهِ وَمَأْذُونِهِ وَوَكِيلِهِ وَشَرِيكِهِ وَ (مُورَثِهِ إذَا وَثِقَ بِخَطِّهِ) بِحَيْثُ انْتَفَى عَنْهُ احْتِمَالُ تَزْوِيرِهِ (وَأَمَانَتِهِ) بِأَنْ عَلِمَ مِنْهُ عَدَمَ التَّسَاهُلِ فِي شَيْءٍ مِنْ حُقُوقِ النَّاسِ اعْتِضَاضًا بِالْقَرِينَةِ، وَضَابِطُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ مِثْلَهُ بِأَنَّ لِزَيْدٍ عَلَيَّ كَذَا سَمَحَتْ نَفْسُهُ بِدَفْعِهِ وَلَمْ يَحْلِفْ عَلَى نَفْيِهِ وَفَارَقَتْ مَا قَبْلَهَا بِأَنَّ خَطَرَهُمَا عَامٌّ بِخِلَافِهَا لِتَعَلُّقِهَا بِنَفْسِهِ (وَالصَّحِيحُ جَوَازُ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ بِخَطٍّ) كَتَبَهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ قِرَاءَةً وَلَا سَمَاعًا وَلَا إجَازَةً (مَحْفُوظٍ عِنْدَهُ) أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ لِأَنَّ بَابَ الرِّوَايَةِ أَوْسَعُ وَلِهَذَا عَمِلَ بِهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ، وَلَوْ رَأَى خَطَّ شَيْخِهِ لَهُ بِالْإِذْنِ لَهُ فِي الرِّوَايَةِ وَعَرَفَهُ جَازَ اعْتِمَادُهُ أَيْضًا. وَالثَّانِي الْمَنْعُ إلَّا أَنْ يَتَذَكَّرَ كَالشَّهَادَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ نَظِيرُهُ بِأَنْ تَجَدَّدَ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ مِثْلُهُ، وَإِلَّا فَالْبَرَاءَةُ بَعْدَ وُقُوعِهَا لَا تَرْتَفِعُ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ ذَلِكَ) أَيْ عِلْمُهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ امْتَنَعَ) أَيْ مِنْ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ نَعَمْ مَنْ ظَهَرَ مِنْهُ إلَخْ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ لِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ تَعْزِيرُ مَنْ أَسَاءَ أَدَبَهُ عَلَيْهِ إلَخْ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ تَكْرَارًا لِأَنَّ مَا هُنَا قَصَدَ بِهِ بَيَانَ الْحُكْمِ وَمَا تَقَدَّمَ سِيقَ لِمُجَرَّدِ الْفَرْقِ (قَوْلُهُ: وَكَمَا إذَا ظَهَرَ مِنْهُ إلَخْ) أَيْ مُوجِبُ الْحَدِّ كَأَنْ شَرِبَ خَمْرًا فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: يَكْتُبُ عَلَى مَا ظَهَرَ بُطْلَانُهُ) أَيْ فَيَنْبَغِي لِمَنْ ظَهَرَ لَهُ مِنْ الْقُضَاةِ ذَلِكَ أَنْ يَفْعَلَ مِثْلَهُ. (قَوْلُهُ وَعَلَى خَطِّ نَفْسِهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ (قَوْلُهُ بِأَنَّ خَطَرَهُمَا عَامٌّ) أَيْ الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِهَا) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَهُ الْحَلِفُ عَلَى إلَخْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: نَعَمْ مَنْ ظَهَرَ مِنْهُ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ مَا يُوجِبُ تَعْزِيرًا عَزَّرَهُ) ظَاهِرُ سِيَاقِهِ أَنَّ هَذَا فِي الْمُجْتَهِدِ أَيْضًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ: وَكَمَا إذَا ظَهَرَ) أَيْ مُوجِبُ الْحَدِّ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَرْجِعْ عَنْهُ) لَكِنَّ الْحُكْمَ هُنَا لَيْسَ بِالْعِلْمِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ أَوْ شَهِدْت بِهَذَا) أَيْ تَحَمَّلْتُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَخْفَى.

[فصل في التسوية وما يتبعها]

(فَصْلٌ) فِي التَّسْوِيَةِ وَمَا يَتْبَعُهَا (لِيُسَوِّ) وُجُوبًا (بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ) وَإِنْ وَكَّلَا، وَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ كَثِيرًا مِنْ التَّوْكِيلِ لِلتَّخَلُّصِ مِنْ وَرْطَةِ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَصْمِهِ جَهْلٌ قَبِيحٌ، وَإِذَا اسْتَوَيَا فِي مَجْلِسٍ أَرْفَعَ وَوَكِيلَاهُمَا فِي مَجْلِسٍ أَدْوَنَ أَوْ جَلَسَا مُسْتَوِيَيْنِ وَقَامَ وَكِيلَاهُمَا مُسْتَوِيَيْنِ جَازَ كَمَا بَحَثَهُ الْبَغَوِيّ (فِي دُخُولٍ عَلَيْهِ) بِأَنْ يَأْذَنَ لَهُمَا فِيهِ مَعًا لَا لِأَحَدِهِمَا فَقَطْ وَلَا قَبْلَ الْآخَرِ (وَقِيَامٍ لَهُمَا) أَوْ تَرْكِهِ (وَاسْتِمَاعٍ) لِكَلَامِهِمَا وَنَظَرٍ إلَيْهِمَا (وَطَلَاقَةِ وَجْهٍ) أَوْ عُبُوسِهِ (وَجَوَابِ سَلَامٍ) إنْ سَلَّمَا (وَمَجْلِسٍ) بِأَنْ يُقَرِّبَهُمَا إلَيْهِ عَلَى السَّوَاءِ أَوْ يَجْعَلَ أَحَدَهُمَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرَ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ الْأَوْلَى، وَالْأَوْلَى أَيْضًا أَنْ يَكُونَ عَلَى الرُّكَبِ لِأَنَّهُ أَهْيَبُ، إلَّا الْمَرْأَةَ فَالْأَوْلَى فِي حَقِّهَا التَّرَبُّعُ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ وَيُبْعِدُ الرَّجُلَ عَنْهَا. وَسَائِرِ أَنْوَاعِ الْإِكْرَامِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤْثِرَ أَحَدَهُمَا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يُمَازِحَهُ وَإِنْ شَرُفَ بِعِلْمٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ أَوْ وَالِدَيْهِ أَوْ غَيْرِهِمَا لِكَسْرِ قَلْبِ الْآخَرِ وَإِضْرَارِهِ، وَالْأَوْلَى تَرْكُ الْقِيَامِ لِشَرِيفٍ وَوَضِيعٍ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ الْقِيَامَ لِأَجْلِ الشَّرِيفِ وَلَوْ قَامَ لِمَنْ لَمْ يَظُنَّهُ مُخَاصِمًا فَتَبَيَّنَ لَهُ حَالُهُ، بِخِلَافِ ذَلِكَ قَامَ لِخَصْمِهِ أَوْ اعْتَذَرَ لَهُ، أَمَّا إذَا سَلَّمَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ لِلْآخَرِ سَلِّمْ وَاغْتُفِرَ هَذَا التَّكَلُّمُ بِأَجْنَبِيٍّ وَلَمْ يَكُنْ قَاطِعًا لِلرَّدِّ لِذَلِكَ أَوْ يَصْبِرَ حَتَّى يُسَلِّمَ فَيُجِيبَهُمَا جَمِيعًا وَيُغْتَفَرُ طُولُ الْفَصْلِ لِلضَّرُورَةِ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ وَمَجْلِسٍ عَدَمَ تَرْكِهِمَا قَائِمَيْنِ وَهُوَ الْأَوْلَى، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى وَهُمَا قَائِمَانِ (وَالْأَصَحُّ) (رَفْعُ مُسْلِمٍ عَلَى ذِمِّيٍّ فِيهِ) أَيْ الْمَجْلِسِ وُجُوبًا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَاعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ كَالْبَارِزِيِّ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَا يُنَافِيهِ تَعْبِيرُ مَنْ عَبَّرَ بِالْجَوَازِ لِأَنَّهُ بَعْدَ مَنْعٍ يَصْدُقُ بِالْوَاجِبِ كَمَا هِيَ الْقَاعِدَةُ الْأَكْثَرِيَّةُ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ، وَفِي مُخَاصَمَةِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ لِيَهُودِيٍّ فِي دِرْعٍ بَيْنَ يَدَيْ نَائِبِهِ شُرَيْحٍ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا ارْتَفَعَ عَلَى الذِّمِّيِّ لَوْ كَانَ خَصْمِي مُسْلِمًا لَقَعَدْت بَيْنَ يَدَيْك، وَلَكِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «لَا تُسَاوُوهُمْ فِي الْمَجَالِسِ» وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إيثَارُ الْمُسْلِمِ فِي سَائِرِ وُجُوهِ الْإِكْرَامِ: أَيْ حَتَّى فِي التَّقْدِيمِ بِالدَّعْوَى كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ قَلَّتْ الْخُصُومُ الْمُسْلِمُونَ، وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ لِكَثْرَةِ ضَرَرِ التَّأْخِيرِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يُسَوِّي بَيْنَهُمَا لِعُمُومِ الْأَمْرِ بِالتَّسْوِيَةِ (وَإِذَا جَلَسَا) أَوْ قَامَا بَيْنَ يَدَيْهِ (فَلَهُ أَنْ يَسْكُتَ) لِئَلَّا يُتَّهَمَ (وَ) لَهُ (أَنْ يَقُولَ لِيَتَكَلَّم الْمُدَّعِي) مِنْكُمَا لِأَنَّهُمَا رُبَّمَا هَابَاهُ، فَإِنْ عَرَفَ عَيْنَ الْمُدَّعِي قَالَ لَهُ تَكَلَّمْ (فَإِذَا) (ادَّعَى) دَعْوَةً صَحِيحَةً (طَالَبَ) جَوَازًا (خَصْمَهُ بِالْجَوَابِ) بِنَحْوِ اُخْرُجْ مِنْ دَعْوَاهُ وَلَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــS [فَصْلٌ فِي التَّسْوِيَةِ وَمَا يَتْبَعُهَا] (فَصْلٌ) فِي التَّسْوِيَةِ وَمَا يَتْبَعُهَا (قَوْلُهُ وَنَظَرٍ إلَيْهِمَا) أَيْ إذَا اتَّفَقَ أَنَّهُ نَظَرَ لِأَحَدِهِمَا فَلْيَنْظُرْ لِلْآخَرِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَعْلَمُ) أَيْ الْوَضِيعُ (قَوْلُهُ: وَيُغْتَفَرُ طُولُ الْفَصْلِ) وَبَقِيَ مَا لَوْ عَلِمَ مِنْ الثَّانِي عَدَمَ السَّلَامِ بِالْمَرَّةِ، هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ لَهُ سَلِّمْ لِأُجِيبَكُمَا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: لَوْ كَانَ خَصْمِي مُسْلِمًا) لَعَلَّ حِكْمَةَ قَوْلِهِ ذَلِكَ إظْهَارُ شَرَفِ الْإِسْلَامِ وَمُحَافَظَةِ أَهْلِهِ عَلَى الشَّرْعِ لِيَكُونَ سَبَبًا لِإِسْلَامِ الذِّمِّيِّ وَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْأَظْهَرُ خِلَافُهُ) أَيْ فَيُقَدَّمُ الذِّمِّيُّ إنْ سَبَقَ وَإِلَّا ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصْلٌ) فِي التَّسْوِيَةِ وَمَا يَتْبَعُهَا (قَوْلُهُ بِأَنْ يَقْرَبَهُمَا إلَيْهِ عَلَى السَّوَاءِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: بِأَنْ يَكُونَ قُرْبُهُمَا إلَيْهِ فِيهِ عَلَى السَّوَاءِ أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرُ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ بَيْنَ يَدَيْهِ انْتَهَتْ. وَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ كَالشَّارِحِ أَوْ بَيْنَ يَدَيْهِ أَنْ يَكُونَا بَيْنَ يَدَيْهِ جَمِيعًا وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الظَّاهِرِ، لَكِنَّ صَدْرَ عِبَارَتِهِ أَصْوَبُ مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ كَمَا يُعْلَمُ بِتَأَمُّلِهَا (قَوْلُهُ: وَسَائِرُ أَنْوَاعِ الْإِكْرَامِ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: كَمَا هِيَ الْقَاعِدَةُ الْأَكْثَرِيَّةُ) لَا مَوْقِعَ لِهَذَا بَعْدَ تَعْبِيرِهِ بِيَصْدُقُ بَلْ يُفِيدُ خِلَافَ الْمُرَادِ

لَمْ يَسْأَلْهُ الْمُدَّعِي لِيَفْصِلَ الْأَمْرَ بَيْنَهُمَا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ هُنَا عَدَمُ لُزُومِ ذَلِكَ لَهُ وَإِنْ انْحَصَرَ الْأَمْرُ فِيهِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ قَاضٍ آخَرُ، وَلَوْ قَالَ لَهُ الْخَصْمُ طَالِبْهُ لِي بِجَوَابِ دَعْوَايَ فَالْمُتَّجَهُ وُجُوبُهُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَإِلَّا لَزِمَ بَقَاؤُهُمَا مُتَخَاصِمَيْنِ وَإِذًا أَثِمَ بِدَفْعِهِمَا عَنْهُ فَكَذَا بِهَذَا لِأَنَّ الْعِلَّةَ وَاحِدَةٌ (فَإِنْ أَقَرَّ) حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا (فَذَاكَ) ظَاهِرٌ فَيَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ لِثُبُوتِ الْحَقِّ بِالْإِقْرَارِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ لِوُضُوحِ دَلَالَتِهِ بِخِلَافِ الْبَيِّنَةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَتْ صُورَةُ الْإِقْرَارِ مُخْتَلَفًا فِيهَا اُحْتِيجَ لِلْحُكْمِ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَلَهُ الدَّفْعُ عَنْ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ لِعَوْدِ النَّفْعِ لَهُمَا وَأَنْ يَشْفَعَ لَهُ إنْ ظَنَّ قَبُولَهُ لَا عَنْ حَيَاءٍ أَوْ خَوْفٍ وَإِلَّا أَثِمَ (وَإِنْ أَنْكَرَ فَلَهُ أَنْ يَقُولَ لِلْمُدَّعِي أَلَك بَيِّنَةٌ) لِخَبَرٍ مُسَلَّمٍ بِهِ أَوْ شَاهِدٍ مَعَ يَمِينِك إنْ ثَبَتَ الْحَقُّ بِهِمَا، وَإِنْ كَانَتْ الْيَمِينُ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي لِكَوْنِهِ أَمِينًا أَوْ فِي قَسَامَةٍ أَوْ فِي قَذْفِ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ قَالَ لَهُ أَتَحْلِفُ (وَ) لَهُ (أَنْ يَسْكُتَ) وَهُوَ الْأَوْلَى لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ مَيْلُهُ لِلْمُدَّعِي، نَعَمْ لَوْ جَهِلَ الْمُدَّعِي أَنَّ لَهُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ لَمْ يَسْكُتْ بَلْ يَجِبُ إعْلَامُهُ بِأَنَّ لَهُ ذَلِكَ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنْ عَلِمَ عِلْمَهُ بِذَلِكَ فَالسُّكُوتُ أَوْلَى إنْ شَكَّ فَالْقَوْلُ أَوْلَى، وَإِنْ عَلِمَ جَهْلَهُ بِهِ وَجَبَ إعْلَامُهُ اهـ. وَلَوْ عَبَّرَ بِالْحُجَّةِ بَدَلَ الْبَيِّنَةِ كَانَ أَوْلَى، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ لَهُ تَعْلِيمُ الْمُدَّعِي كَيْفِيَّةَ الدَّعْوَى وَلَا الشَّاهِدِ كَيْفِيَّةَ الشَّهَادَةِ لِقُوَّةِ الْإِيهَامِ لِذَلِكَ، فَإِنْ تَعَدَّى وَفَعَلَ فَأَدَّى الشَّهَادَةَ بِتَعْلِيمِهِ اُعْتُدَّ بِهِ، قَالَهُ الْغَزِّيِّ (فَإِنْ) (قَالَ لِي بَيِّنَةٌ وَأُرِيدُ تَحْلِيفَهُ) (فَلَهُ ذَلِكَ) لِأَنَّهُ إنْ تَوَرَّعَ وَأَقَرَّ سَهُلَ الْأَمْرُ وَإِلَّا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ لِتَشْتَهِرَ خِيَانَتُهُ وَكِذْبُهُ، نَعَمْ لَوْ كَانَ مُتَصَرِّفًا عَنْ غَيْرِهِ أَوْ نَفْسِهِ وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِنَحْوِ سَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ تَعَيَّنَتْ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ لِئَلَّا يَحْتَاجَ الْأَمْرُ لِلدَّعْوَى بَيْنَ يَدَيْ مَنْ لَا يَرَى الْبَيِّنَةَ بَعْدَ الْحَلِفِ فَيَحْصُلُ الضَّرَرُ، وَنُوزِعَ فِيهِ بِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمُدَّعِي ـــــــــــــــــــــــــــــSأَقْرَعَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ هُنَا إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: عَدَمُ لُزُومِ ذَلِكَ) قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ نَعَمْ لَوْ جَهِلَ الْمُدَّعِي أَنَّ لَهُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ إلَخْ مَجِيءُ مِثْلِهِ هُنَا مِنْ التَّفْصِيلِ الْآتِي، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ كَوْنَهُ يُطْلَبُ مِنْهُ الْجَوَابُ مِمَّا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ نَصَّبَ نَفْسَهُ لِلْخُصُومَةِ وَالدَّعْوَى (قَوْلُهُ: فَكَذَا بِهَذَا) أَيْ بَعْدَ سُؤَالِهِ جَوَابَ الْخَصْمِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: لِعَوْدِ النَّفْعِ لَهُمَا) أَيْ بِأَنْ تَكَلَّمَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ جَهْلًا مِنْهُ بِمَا يُؤَدِّي إلَى بُطْلَانِ الدَّعْوَى مَثَلًا أَوْ يَقْتَضِي ثُبُوتًا بِغَيْرِ طَرِيقٍ شَرْعِيٍّ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَرُدَّ عَلَى الْخَصْمِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ وَيُبَيِّنَ لَهُ الْحَقَّ لِأَنَّ فِيهِ نَفْعًا لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِتَصْحِيحِ الدَّعْوَى وَفَصْلِ الْخُصُومَةِ بَيْنَهُمَا عَلَى وَجْهِ الْحَقِّ (قَوْلُهُ: إنْ ثَبَتَ الْحَقُّ بِهِمَا) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مَالًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَ جَهْلَهُ بِهِ وَجَبَ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: كَانَ أَوْلَى) لِشُمُولِهِ الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ (قَوْلُهُ: فَأَدَّى الشَّاهِدُ بِتَعْلِيمِهِ) أَيْ أَوْ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ أَيْضًا (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَتْ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ) أَيْ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَحْتَاجَ الْأَمْرُ لِلدَّعْوَى إلَخْ) فَيَحْصُلُ الضَّرَرُ (قَوْلُهُ: وَنُوزِعَ فِيهِ بِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمُدَّعِي) يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ عَلَى إطْلَاقِهِ، بَلْ قَدْ يُجَابُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَأَنْ طَلَبَ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَالصَّوَابُ حَذْفُهُ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مَنْ لَمْ يُعَبِّرْ بِيَصْدُقُ كَشَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: أَوْ حُكْمًا) أَيْ بِأَنْ نَكَلَ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ قَاسِمٍ، لَكِنَّ هَذَا كُلَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمَتْنِ لِأَنَّ الْحَلِفَ الْمَذْكُورَ بَعْدَ النُّكُولِ مِنْ تَفَارِيعِ الْإِنْكَارِ الْآتِي الَّذِي جَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ قَسِيمَ الْإِقْرَارِ، فَلَيْسَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ إلَّا الْإِقْرَارَ الْحَقِيقِيَّ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ لِحُكْمٍ، وَإِلَّا فَالْوَجْهُ جَوَازُ الْحُكْمِ. قَالَ: لَا يُقَالُ لَا فَائِدَةَ لَهُ لِأَنَّا نَمْنَعُ ذَلِكَ، بَلْ مِنْ فَوَائِدِهِ أَنَّهُ قَدْ يَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ فِي مُوجِبِ الْإِقْرَارِ، فَفِي الْحُكْمِ دَفْعُ الْمُخَالِفِ عَنْ الْحُكْمِ بِنَفْيِ ذَلِكَ الْمُوجِبِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، وَهَذَا غَيْرُ الْإِقْرَارِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ ثَمَّ فِي نَفْسِ الْإِقْرَارِ وَكَلَامُنَا فِي الِاخْتِلَافِ فِي بَعْضِ مَوَاجِبِهِ اهـ. وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ بَدَلَ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَالْوَجْهُ جَوَازُ الْحُكْمِ وَإِلَّا فَالْوَجْهُ ثُبُوتُ الْحَاجَةِ لِلْحُكْمِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَلَهُ الدَّفْعُ) يَعْنِي دَفْعَ الْمَالِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَانَ مُتَصَرِّفًا عَنْ غَيْرِهِ) الضَّمِيرُ فِي كَانَ لِلْمُدَّعِي (قَوْلُهُ: وَنُوزِعَ فِيهِ بِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمُدَّعِي) فِيهِ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ يَطْلُبُ الْقَاضِيَ الْأَصِيلَ مَثَلًا وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يُجَابُ

فَلَا يَرْفَعُ غَرِيمَهُ إلَّا لِمَنْ يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ الْحَلِفِ بِتَقْدِيرِ أَنْ لَا يَنْفَصِلَ أَمْرُهُ عِنْدَ الْأَوَّلِ (أَوْ) قَالَ (لَا بَيِّنَةَ لِي) وَأَطْلَقَ أَوْ قَالَ لَا حَاضِرَةً وَلَا غَائِبَةً أَوْ كُلُّ بَيِّنَةٍ أُقِيمُهَا زُورٌ (ثُمَّ أَحْضَرَهَا) (قُبِلَتْ فِي الْأَصَحِّ) لِاحْتِمَالِ نِسْيَانِهِ أَوْ عَدَمِ عِلْمِهِ بِتَحَمُّلِهَا، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ مَنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِقَرْضٍ مَثَلًا فَأَنْكَرَ أَخْذَهُ مِنْ أَصْلِهِ ثُمَّ أَرَادَ إقَامَةَ بَيِّنَةٍ بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ قُبِلَتْ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ لِجَوَازِ نِسْيَانِهِ حَالَ الْإِنْكَارِ، كَمَا لَوْ أَنْكَرَ أَصْلَ الْإِيدَاعِ ثُمَّ ادَّعَى تَلَفَ ذَلِكَ أَوْ رَدَّهُ قَبْلَ الْجَحْدِ، وَلَوْ قَالَ شُهُودِي عَبِيدٌ أَوْ فَسَقَةٌ وَقَدْ مَضَتْ مُدَّةُ اسْتِبْرَاءٍ أَوْ عِتْقٍ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ وَإِلَّا فَلَا. فَإِنْ قَالَ هَؤُلَاءِ آخَرُونَ جَهِلْتَهُمْ أَوْ نَسِيتهمْ قُبِلُوا وَإِنْ قَرُبَ الزَّمَنُ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا لِلْمُنَاقَضَةِ إلَّا أَنْ يَذْكُرَ لِكَلَامِهِ تَأْوِيلًا كَكُنْتُ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا (وَإِنْ) (ازْدَحَمَ خُصُومٌ) أَيْ مُدَّعُونَ (قُدِّمَ) وُجُوبًا (الْأَسْبَقُ) فَالْأَسْبَقُ الْمُسْلِمُ لِأَنَّهُ الْعَدْلُ وَالِاعْتِبَارُ بِسَبْقِ الْمُدَّعِي دُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ فَصْلُ الْخُصُومَةِ، وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ لَوْ جَاءَ مُدَّعٍ وَحْدَهُ ثُمَّ مُدَّعٍ مَعَ خَصْمِهِ ثُمَّ خَصْمُ الْأَوَّلِ قُدِّمَ مَنْ جَاءَ مَعَ خَصْمِهِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ خَصْمَ الْأَوَّلِ إنْ حَضَرَ قَبْلَ دَعْوَى الثَّانِي قُدِّمَ الْأَوَّلُ لِسَبْقِهِ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ، أَوْ بَعْدَهَا فَتَقْدِيمُ الثَّانِي هُنَا لَيْسَ إلَّا لِأَنَّ تَقْدِيمَ الْأَوَّلِ وَقْتَ دَعْوَى الثَّانِي غَيْرُ مُمْكِنٍ لِبُطْلَانِ حَقِّ الْأَوَّلِ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ لَيْسَتْ مُرَادَةً لِلشَّيْخَيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُ الْمَسْبُوقُ كَمَا بَحَثَهُ أَيْضًا وَسَبَقَهُ لَهُ الْفَزَارِيّ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ فَصْلُهَا فَيُقَدِّمُ مَنْ شَاءَ كَمُدَرِّسٍ وَمُفْتٍ فِي عِلْمٍ غَيْرِ فَرْضٍ، فَإِنْ كَانَ فِي فَرْضِ عَيْنٍ أَوْ كِفَايَةٍ وَجَبَ تَقْدِيمُ السَّابِقِ وَإِلَّا فَبِالْقُرْعَةِ (فَإِنْ جَهِلَ) السَّابِقَ (أَوْ جَاءُوا مَعًا أَقْرَعَ) لِانْتِفَاءِ الْمُرَجِّحِ وَمِنْهُ أَنْ يَكْتُبَ أَسْمَاءَهُمْ بِرِقَاعٍ بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ يَأْخُذَ رُقْعَةً رُقْعَةً فَكُلُّ مَنْ خَرَجَ اسْمُهُ قَدَّمَهُ، وَالْأَوْلَى لَهُمْ تَقْدِيمُ مَرِيضٍ يَتَضَرَّرُ بِالتَّأْخِيرِ، فَإِنْ امْتَنَعُوا قَدَّمَهُ إنْ كَانَ مَطْلُوبًا لِأَنَّهُ مَجْبُورٌ (وَيُقَدَّمُ) نَدْبًا (مُسَافِرُونَ) أَيْ مُرِيدُونَ لِلسَّفَرِ وَإِنْ كَانَ قَصِيرًا (مُسْتَوْفِزُونَ) مُدَّعُونَ أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَضَرَّرُوا بِالتَّأْخِيرِ عَنْ رُفَقَائِهِمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْأَصْلَ وَالْمُدَّعِي غَيْرُهُ أَوْ سَبَقَ الطَّالِبُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ عَلَى مَا مَرَّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ نَصَّبَ قَاضِيَيْنِ إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ وَإِذَا كَانَ فِي بَلَدٍ قَاضِيَانِ إلَخْ فَلَا يَرْفَعُ غَرِيمُهُ إلَّا لِمَنْ يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ الْحَلِفِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ ادَّعَى تَلَفَ ذَلِكَ) أَيْ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ مَضَتْ مُدَّةُ اسْتِبْرَاءٍ) وَهِيَ سَنَةٌ (قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ بِأَنَّ خَصْمَ الْأَوَّلِ) أَيْ فَيُقَدَّمُ مَنْ جَاءَ أَوَّلًا حَيْثُ حَضَرَ خَصْمُهُ قَبْلَ دَعْوَى الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْكَافِرُ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَإِذَا ازْدَحَمَ خُصُومٌ إلَخْ: أَيْ مُسْلِمُونَ أَوْ كُفَّارٌ (قَوْلُهُ: فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُ الْمَسْبُوقُ) أَيْ مَا لَمْ يَكْثُرْ الْمُسْلِمُونَ وَيُؤَدِّ إلَى الضَّرَرِ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ فَيُقَدَّمُ الْكَافِرُ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ فِي عِلْمٍ غَيْرِ فَرْضٍ) كَالْعَرُوضِ إنْ قُلْنَا بِسُنِّيَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ تَقْدِيمُ السَّابِقِ) أَيْ حَيْثُ تَعَيَّنَ أَخْذًا مِنْ تَشْبِيهِهِ بِالْقَاضِي (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَبِالْقُرْعَةِ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي التَّاجِرِ وَنَحْوِهِ مِنْ السُّوقَةِ، كَذَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ. أَقُولُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهُ وَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ لِاضْطِرَارِ الْمُشْتَرِي، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنَّ الْخِيرَةَ لَهُ لِأَنَّ الْبَيْعَ مِنْ أَصْلِهِ لَيْسَ وَاجِبًا، بَلْ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ بَيْعِ بَعْضِ الْمُشْتَرِينَ وَيَبِيعَ بَعْضًا، وَيَجْرِي مَا ذُكِرَ مِنْ تَقْدِيمِ الْأَسْبَقِ ثُمَّ الْقُرْعَةِ بَيْنَ الْمُزْدَحِمِينَ عَلَى مُبَاحٍ، وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الِازْدِحَامِ عَلَى الطَّوَاحِينِ بِالرِّيفِ الَّتِي أَبَاحَ أَهْلُهَا الطَّحْنَ بِهَا لِمَنْ أَرَادَ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَالِكِينَ لَهَا، أَمَّا هُمْ فَيُقَدَّمُونَ عَلَى غَيْرِهِمْ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّ غَيْرَهُمْ مُسْتَعِيرٌ فَلَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِمْ، أَمَّا الْمَالِكُونَ إذَا اجْتَمَعُوا وَتَنَازَعُوا فِيمَنْ يُقَدَّمُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمْ وَإِنْ جَاءُوا مُتَرَتِّبِينَ لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي الْمَنْفَعَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ امْتَنَعُوا قَدَّمَهُ) أَيْ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مَطْلُوبًا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ طَالِبًا لَا يُقَدَّمُ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ حَيْثُ كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي تَقْدِيمِهِ دَفْعَ الضَّرَرِ الْحَاصِلِ لَهُ بِالِانْتِظَارِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ طَالِبًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ هَؤُلَاءِ آخَرُونَ جَهِلْتُهُمْ أَوْ نَسِيتهمْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ لَمْ يُقْبَلُوا، وَقَدْ يُقَالُ هَلَّا قُبِلُوا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ الْجَهْلِ وَالنِّسْيَانِ نَظِيرُ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْكَافِرُ) كَأَنَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّهُ قَدَّمَ التَّقْيِيدَ بِالْمُسْلِمِ كَالتُّحْفَةِ فِي مَزْجِ الْمَتْنِ حَتَّى أَخَذَ هَذَا مُحْتَرَزًا لَهُ، أَوْ أَنَّهُ قَيَّدَ بِهِ وَأَسْقَطَتْهُ الْكَتَبَةُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَتَضَرَّرُوا بِالتَّأْخِيرِ عَنْ رُفَقَائِهِمْ)

(وَنِسْوَةٌ) كَذَلِكَ عَلَى رِجَالٍ وَيُتَّجَهُ إلْحَاقُ الْخَنَاثَى بِهِنَّ (وَإِنْ تَأَخَّرُوا) لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُمْ (مَا لَمْ يَكْثُرُوا) أَيْ النَّوْعَانِ، وَغَالِبٌ الذُّكُورُ لِشَرَفِهِمْ، فَإِنْ كَثُرُوا أَوْ كَانَ الْجَمِيعُ مُسَافِرِينَ أَوْ نِسْوَةً فَالتَّقْدِيمُ بِالسَّبْقِ أَوْ الْقُرْعَةِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ تَعَارَضَ مُسَافِرٌ وَامْرَأَةٌ قُدِّمَ عَلَيْهَا لِأَنَّ الضَّرَرَ فِيهِ أَقْوَى، وَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ إلْحَاقِ الْعَجُوزِ بِالرَّجُلِ مَمْنُوعٌ، وَمَنْ لَهُ مَرِيضٌ بِلَا مُتَعَهِّدٍ يُتَّجَهُ إلْحَاقُهُ بِالْمَرِيضِ (وَلَا يُقَدَّمُ سَابِقٌ وَقَارِعٌ إلَّا بِدَعْوَى) وَاحِدَةٍ لِئَلَّا يَزِيدَ ضَرَرُ الْبَاقِينَ، وَيُقَدَّمُ الْمُسَافِرُ بِجَمِيعِ دَعَاوِيهِ إنْ خَفَّتْ بِحَيْثُ لَمْ يَضُرَّ بِغَيْرِهِ إضْرَارًا بَيِّنًا: أَيْ لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، وَإِلَّا فَبِدَعْوَى وَاحِدَةٍ وَأَلْحَقَ بِهِ الْمَرْأَةَ (وَيَحْرُمُ) (اتِّخَاذُ شُهُودٍ مُعَيَّنِينَ) (لَا يَقْبَلُ غَيْرَهُمْ) لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ وَضَيَاعِ كَثِيرٍ مِنْ الْحُقُوقِ، وَلَهُ أَنْ يُعَيِّنَ مَنْ يَكْتُبُ الْوَثَائِقَ وَإِنْ تَبَرَّعَ أَوْ رُزِقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَإِلَّا اتَّجَهَتْ الْحُرْمَةُ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَعَنُّتِ الْمُعَيَّنِ وَمُغَالَاتِهِ فِي الْأُجْرَةِ وَتَعْطِيلِهِ الْحُقُوقَ أَوْ تَأْخِيرِهَا (وَإِذَا) شَهِدَ شُهُودٌ) بَيْنَ يَدَيْ حَاكِمٍ بِحَقٍّ أَوْ تَزْكِيَةٍ (فَعَرَفَ عَدَالَةً أَوْ فِسْقًا) (عَمِلَ بِعِلْمِهِ) قَطْعًا وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى تَزْكِيَةٍ وَإِنْ طَلَبَهَا الْخَصْمُ، نَعَمْ لَوْ كَانَ الشَّاهِدُ أَصْلَ الْحَاكِمِ أَوْ فَرْعَهُ لَمْ يَعْمَلْ بِعِلْمِهِ لِأَنَّهُ لَا تُقْبَلُ تَزْكِيَتُهُ لَهُمَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ فِيهِمْ شَيْئًا (وَجَبَ) عَلَيْهِ (الِاسْتِزْكَاءُ) أَيْ طَلَبُ مَنْ يُزَكِّيهِمْ وَإِنْ اعْتَرَفَ الْخَصْمُ بِعَدَالَتِهِمْ كَمَا يَأْتِي لِأَنَّ الْحَقَّ فِي ذَلِكَ لِلَّهِ تَعَالَى، نَعَمْ إنْ صَدَّقَهَا فِيمَا شَهِدَا بِهِ عَمِلَ بِهِ مِنْ جِهَةِ الْإِقْرَارِ لَا الشَّهَادَةِ، وَلَوْ عَرَفَ عَدَالَةَ مُزَكِّي الْمُزَكَّى فَقَطْ كَفَى وَإِنْ وَقَعَ لِلزَّرْكَشِيِّ مَا يُخَالِفُهُ، وَلَهُ الْحُكْمُ بِسُؤَالِ الْمُدَّعِي عَقِبَ ثُبُوتِ الْعَدَالَةِ، وَالْأَوْلَى قَوْلُهُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَلَك دَافِعٌ فِي الْبَيِّنَةِ أَوْ لَا، وَيُمْهِلُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ حَيْثُ طَلَبَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَيُجَابُ مُدَّعٍ طَلَبَ الْحَيْلُولَةِ بَعْدَ الْبَيِّنَةِ وَقَبْلَ التَّزْكِيَةِ، وَلَهُ حِينَئِذٍ مُلَازَمَتُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَائِبِهِ، وَبَعْدَ الْحَيْلُولَةِ لَوْ تَصَرَّفَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لَمْ يَنْفُذْ ذَلِكَ مِنْهُ، وَلِلْحَاكِمِ فِعْلُهَا بِلَا طَلَبٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَمَطْلُوبًا (قَوْلُهُ: وَامْرَأَةٌ) أَيْ مُقِيمَةٌ (قَوْلُهُ: قُدِّمَ) وَفِي نُسْخَةٍ اُتُّجِهَ تَقْدِيمُهُ (قَوْلُهُ: وَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ إلْحَاقِ الْعَجُوزِ) أَيْ إذَا كَانَا مُقِيمَيْنِ أَوْ مُسَافِرَيْنِ فَيُقَدَّمُ عَلَى مَا بَحَثَهُ بِالسَّبْقِ، وَالْمُعْتَمَدُ تَقْدِيمُ الْمَرْأَةِ عَلَى الرَّجُلِ وَلَوْ عَجُوزًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَرَفَ عَدَالَةَ مُزَكِّي الْمُزَكَّى فَقَطْ كَفَى) اُنْظُرْ مَا صُورَتُهُ، وَقَدْ يُصَوَّرُ بِمَا لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ عِنْدَ الْقَاضِي وَلَمْ يَعْلَمْ حَالَهُمَا فَزَكَّاهُمَا اثْنَانِ وَلَمْ يَعْرِفْ الْقَاضِي حَالَهُمَا أَيْضًا فَزَكَّى الْمُزَكِّينَ آخَرَانِ عَرَفَ الْقَاضِي عَدَالَتَهُمَا (قَوْلُهُ: حَيْثُ طَلَبَهُ الْمُدَّعِي) ظَاهِرُهُ وُجُوبًا (قَوْلُهُ وَيُجَابُ مُدَّعٍ طَلَبَ الْحَيْلُولَةِ) أَيْ بَيْنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَيْنَ الْعَيْنِ الَّتِي فِيهَا النِّزَاعُ (قَوْلُهُ: وَلِلْحَاكِمِ فِعْلُهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مُجَرَّدُ الِاسْتِيفَازِ كَافٍ (قَوْلُهُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُمْ) هَذَا تَعْلِيلٌ لِلْمُسَافِرِ خَاصَّةً (قَوْلُهُ: إلَّا بِدَعْوَى وَاحِدَةٍ) تَرَدَّدَ الْأَذْرَعِيُّ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالدَّعْوَى فَصْلُهَا أَوْ مُجَرَّدُ سَمَاعِهَا، وَاسْتَقْرَبَ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَلْزَمُ عَلَى فَصْلِهَا تَأْخِيرٌ كَأَنْ تَوَقَّفَ عَلَى إحْضَارِ بَيِّنَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ أَنَّهُ يُسْمَعُ غَيْرُهَا فِي مُدَّةِ إحْضَارِ نَحْوِ الْبَيِّنَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يُعَيِّنَ مَنْ يَكْتُبُ) بِمَعْنَى أَنَّهُ يُعَيِّنُ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَكْتُبُوا عِنْدَهُ وَيَمْنَعُهُمْ مِنْ الْكَتْبِ عِنْدَ غَيْرِهِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَبِدَلِيلِ إيرَادِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَحْرُمُ اتِّخَاذُ شُهُودٍ إلَخْ فَهُوَ مِنْ مُحْتَرَزَاتِ الْمَتْنِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ خَرَجَ بِالشُّهُودِ الْكَتَبَةُ فَلَا يَحْرُمُ اتِّخَاذُهُمْ إلَّا بِقَيْدِهِ. أَمَّا اتِّخَاذُ الْكَاتِبِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ فَإِنَّهُ مَنْدُوبٌ كَمَا مَرَّ فِي الْمَتْنِ أَوَّلَ الْبَابِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُعْمَلْ بِعِلْمِهِ) أَيْ فِي التَّعْدِيلِ بِدَلِيلِ الْعِلَّةِ. أَمَّا الْجَرْحُ فَيُعْمَلُ بِعِلْمِهِ فِيهِ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ مُدَّعٍ طَلَبَ الْحَيْلُولَةَ) هَذَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا لَا حَقَّ فِيهَا لِلَّهِ تَعَالَى، أَمَّا لَوْ كَانَ كَذَلِكَ كَمَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عِتْقًا أَوْ طَلَاقًا فَلِلْقَاضِي الْحَيْلُولَةُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَسَيِّدِهِ وَبَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مُطْلَقًا بِلَا طَلَبٍ، بَلْ يَجِبُ فِي الطَّلَاقِ وَكَذَا فِي الْعِتْقِ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عِتْقُهَا أَمَةً، فَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَإِنَّمَا يَجِبُ بِطَلَبِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ دَيْنًا فَلَا يَسْتَوْفِيهِ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ وَإِنْ طَلَبَ الْمُدَّعِي هَذَا مَعْنَى مَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ وَفِي الْعُبَابِ بَعْضُ مُخَالَفَةٍ لَهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لَوْ تَصَرَّفَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لَمْ يَنْفُذْ) أَيْ فِي الظَّاهِرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التُّحْفَةِ

إنْ رَآهُ، وَلَا يُجِيبُ طَالِبَ اسْتِيفَاءٍ أَوْ حَجْرٍ أَوْ حَبْسٍ قَبْلَ الْحُكْمِ (بِأَنْ) هُوَ بِمَعْنَى كَأَنْ (يَكْتُبَ مَا يَتَمَيَّزُ بِهِ الشَّاهِدُ) مِنْ اسْمٍ وَصِفَةٍ وَشُهْرَةٍ لِئَلَّا يَشْتَبِهَ، فَإِنْ كَانَ مَشْهُورًا أَوْ حَصَلَ التَّمْيِيزُ بِبَعْضِ هَذِهِ الْأَوْصَافِ كَفَى (وَالْمَشْهُودُ لَهُ وَعَلَيْهِ) كَيْ لَا يَكُونَ قَرِيبًا أَوْ عَدُوًّا (وَكَذَا قَدْرُ الدَّيْنِ عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهُ قَدْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُ الشَّاهِدِ فِي الْقَلِيلِ دُونَ الْكَثِيرِ، وَلَا بُعْدَ فِي كَوْنِ الْعَدَالَةِ تَخْتَلِفُ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ مَلَكَةً وَبِذَلِكَ يُرَدُّ مُقَابِلُ الصَّحِيحِ الْقَائِلُ بِعَدَمِ الْكِتَابَةِ بِمَا ذُكِرَ لِأَنَّ الْعَدَالَةَ لَا تَخْتَلِفُ بِقِلَّةِ الْمَالِ وَكَثْرَتِهِ (وَيَبْعَثَ بِهِ) أَيْ الْمَكْتُوبِ (مُزَكِّيًا) لِيَعْرِفَ، وَمُرَادُهُ بِالْمُزَكِّي اثْنَانِ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا نُسْخَةٌ مَخْفِيَّةٌ عَنْ صَاحِبِهِ، وَتَسْمِيَتُهُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ سَبَبٌ فِي التَّزْكِيَةِ، فَلَا يُنَافِي قَوْلَ أَصْلِهِ: إلَى الْمُزَكِّي، وَهَؤُلَاءِ الْمَبْعُوثُونَ يُسَمَّوْنَ أَصْحَابَ الْمَسَائِلِ لِأَنَّهُمْ يَبْحَثُونَ وَيَسْأَلُونَ، وَيُنْدَبُ بَعْثُهُمَا سِرًّا وَأَنْ لَا يَعْلَمَ كُلٌّ بِالْآخَرِ وَيُطْلِقُونَ عَلَى الْمُزَكِّينَ حَقِيقَةً وَهُمْ الْمُرْسَلُ إلَيْهِمْ (ثُمَّ) بَعْدَ السُّؤَالِ وَالْبَحْثِ (يُشَافِهُهُ الْمُزَكِّي بِمَا عِنْدَهُ) فَإِنْ كَانَ جَرْحًا سَتَرَهُ، وَقَالَ لِلْمُدَّعِي زِدْنِي فِي شُهُودِك أَوْ تَعْدِيلًا عَمِلَ بِمُقْتَضَاهُ، ثُمَّ هَذَا الْمُزَكِّي إنْ كَانَ شَاهِدَ أَصْلٍ فَوَاضِحٌ، وَإِلَّا قُبِلَ قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شَرْطُ قَبُولِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ لِلْحَاجَةِ، وَلَوْ وَلِيَ صَاحِبُ الْمَسْأَلَةِ الْحُكْمَ بِالْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ كَفَى قَوْلُهُ فِيهِ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ (وَقِيلَ تَكْفِي كِتَابَتُهُ) أَيْ الْمُزَكِّي إلَى الْقَاضِي بِمَا عِنْدَهُ لِيَعْتَمِدَهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْمُشَافَهَةِ لِأَنَّ الْخَطَّ لَا يُعْتَمَدُ كَمَا مَرَّ (وَشَرْطُهُ) أَيْ الْمُزَكِّي سَوَاءً أَكَانَ صَاحِبَ الْمَسْأَلَةِ أَمْ الْمَرْسُولَ إلَيْهِ (كَشَاهِدٍ) فِي كُلِّ مَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَمَّا مَنْ نُصِّبَ لِلْحُكْمِ بِالتَّعْدِيلِ وَالْجَرْحِ فَشَرْطُهُ كَقَاضٍ وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ فِي وَاقِعَةٍ خَاصَّةٍ وَإِلَّا فَكَمَا مَرَّ فِي الِاسْتِخْلَافِ (مَعَ مَعْرِفَتِهِ) أَيْ الْمُزَكِّي لِكُلٍّ مِنْ (الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ) وَأَسْبَابِهِمَا لِئَلَّا يُجَرِّحَ عَدْلًا وَيُزَكِّيَ فَاسِقًا وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الشَّاهِدُ بِالرُّشْدِ نَعَمْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهُ يَكْفِيهِ أَنْ يَشْهَدَ بِأَنَّهُ صَالِحٌ لِدِينِهِ وَدُنْيَاهُ، وَيُتَّجَهُ حَمْلُهُ عَلَى عَارِفٍ بِصَلَاحِهِمَا الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الرُّشْدُ فِي مَذْهَبِهِ، وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ سَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِذَلِكَ الْإِطْلَاقِ وَلَوْ مِنْ مُوَافِقٍ لِلْقَاضِي فِي مَذْهَبِهِ، لِأَنَّ وَظِيفَةَ الشَّاهِدِ التَّفْصِيلُ لَا الْإِجْمَالُ لِيَنْظُرَ فِيهِ الْقَاضِي غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْإِطْلَاقِ أَنْ يَشْهَدَ بِمُطْلَقِ الرُّشْدِ. أَمَّا مَعَ قَوْلِهِ إنَّهُ صَالِحٌ لِدِينِهِ وَدُنْيَاهُ فَإِنَّهُ تَفْصِيلٌ لَا إطْلَاقٌ (وَ) مَعَ مَعْرِفَتِهِ (خِبْرَةِ) الْمَرْسُولِ إلَيْهِ أَيْضًا إمَّا بِحَقِيقَةِ (بَاطِنِ مَنْ يُعَدِّلُهُ لِصُحْبَةٍ أَوْ جِوَارٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الْحَيْلُولَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُرْسَلُ) أَيْ الْمُزَكَّى (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ يَكْفِيهِ) أَيْ فِي الشَّهَادَةِ بِالرُّشْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ حُبِسَ قَبْلَ الْحُكْمِ) فِي الرَّوْضِ وَالْعُبَابِ مَا يُخَالِفُ إطْلَاقَ هَذَا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَيَبْعَثُ بِهِ مُزَكِّيًا) الْحِكْمَةُ فِي هَذَا الْبَعْثِ أَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْ الْقَاضِي إخْفَاءُ الْمُزَكِّينَ مَا أَمْكَنَ لِئَلَّا يُحْتَرَزَ عَنْهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ يَبْحَثُونَ) أَيْ مِنْ الْمُزَكِّينَ لِيُوَافِقَ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: ثُمَّ هَذَا الْمُزَكِّي) أَيْ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ ثَمَّ يُشَافِهُهُ الْمُزَكِّي كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِهَذَا الَّذِي هُوَ لِلْإِشَارَةِ لِلْقَرِيبِ، فَالْمُرَادُ بِهِ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ الْمُزَكِّي الْمَذْكُورِ أَوَّلًا، وَصَرَّحَ بِهَذَا الْأَذْرَعِيُّ وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ، وَقِيلَ تَكْفِي كِتَابَتُهُ، وَمُرَادُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ إنْ كَانَ شَاهِدَ أَصْلٍ: أَيْ بِأَنْ كَانَ هُوَ الْمُخْتَبِرَ لِحَالِ الشُّهُودِ بِصُحْبَةٍ أَوْ جِوَارٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّا يَأْتِي، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا: أَيْ بِأَنْ لَمْ يَقِفْ عَلَى أَحْوَالِ الشُّهُودِ إلَّا بِإِخْبَارِ نَحْوِ جِيرَانِهِمْ، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ قَوْلَ الشَّارِحِ: أَيْ الْمُزَكِّي سَوَاءٌ أَكَانَ صَاحِبَ الْمَسْأَلَةِ أَمْ الْمَرْسُولَ إلَيْهِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَشَرْطِهِ لِأَنَّهُ لِلْإِشَارَةِ إلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْحُكْمَ بِقَوْلِ الْمُزَكِّينَ أَوْ الْمَسْئُولِينَ مِنْ الْجِيرَانِ وَنَحْوِهِمْ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ، وَقَدْ قَرَّرَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ هَذَا الْمَقَامَ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ، وَيُوَافِقُهُ ظَاهِرُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ فَلْيُحَرَّرْ وَلْيُرَاجَعْ مَا فِي حَاشِيَةِ الزِّيَادِيِّ (قَوْلُهُ: الْمَرْسُولَ إلَيْهِ) صَوَابُهُ الْمُرْسَلَ إلَيْهِ لِأَنَّ اسْمَ الْمَفْعُولِ مِنْ غَيْرِ الثُّلَاثِيِّ لَا يَكُونُ إلَّا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ تَفْصِيلٌ لَا إطْلَاقٌ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: قَدْ يُقَالُ إنَّمَا يَكُونُ تَفْصِيلًا لَا إطْلَاقًا إذَا صَرَّحَ بِمَا يَتَحَقَّقُ بِهِ الصَّلَاحُ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ (قَوْلُهُ وَمَعَ مَعْرِفَتِهِ خِبْرَةٍ إلَخْ) الصَّوَابُ حَذْفُ لَفْظِ مَعْرِفَتِهِ فَخِبْرَةٍ فِي الْمَتْنِ مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى مَعْرِفَتِهِ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ لِصُحْبَةٍ أَوْ جِوَارٍ

بِكَسْرِ أَوَّلِهِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهِ (أَوْ مُعَامَلَةٍ) فَقَدْ شَهِدَ عِنْدَ عُمَرَ اثْنَانِ فَقَالَ لَهُمَا لَا أَعْرِفُكُمَا، وَلَا يَضُرُّكُمَا أَنِّي لَا أَعْرِفُكُمَا ائْتِيَا بِمَنْ يَعْرِفُكُمَا، فَأَتَيَا بِرَجُلٍ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: كَيْفَ تَعْرِفُهُمَا؟ قَالَ: بِالصَّلَاحِ وَالْأَمَانَةِ، قَالَ: هَلْ كُنْت جَارًا لَهُمَا تَعْرِفُ صَبَاحَهُمَا وَمَسَاءَهُمَا وَمَدْخَلَهُمَا وَمَخْرَجَهُمَا؟ قَالَ لَا؟ قَالَ: هَلْ عَامَلْتهمَا بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الَّتِي تُعْرَفُ بِهِمَا أَمَانَاتُ الرِّجَالِ؟ قَالَ لَا، قَالَ: هَلْ صَاحَبْتهمَا فِي السَّفَرِ الَّذِي يُسْفِرُ عَنْ أَخْلَاقِ الرِّجَالِ، قَالَ لَا؟ قَالَ: فَأَنْتَ لَا تَعْرِفُهُمَا، ائْتِيَا بِمَنْ يَعْرِفُكُمَا وَيُقْبَلُ قَوْلُهُمْ فِي خِبْرَتِهِمْ بِذَلِكَ. وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ أَسْبَابَ الْفِسْقِ خَفِيَّةٌ غَالِبًا فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ الْمُزَكِّي حَالَ مَنْ يُزَكِّيهِ، وَهَذَا كَمَا فِي الشَّهَادَةِ بِالْإِفْلَاسِ. وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِمَعْرِفَتِهِ الْأَوْصَافَ الثَّلَاثَةَ مِنْ مُدَّةٍ قَرِيبَةٍ كَنَحْوِ شَهْرَيْنِ، وَيُغْنِي عَنْ خِبْرَةِ ذَلِكَ اسْتِفَاضَةُ عَدَالَتِهِ عِنْدَهُ مِمَّنْ يَخْبَرُ بَاطِنَهُ وَأَلْحَقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِذَلِكَ مَا لَوْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ عَلَى سَمْعِهِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى بِحَيْثُ يَخْرُجُ عَنْ حَدِّ التَّوَاطُؤِ، وَخَرَجَ بِمَنْ يُعَدِّلُهُ مَنْ يُجَرِّحُهُ فَلَا يُشْتَرَطُ خِبْرَةُ بَاطِنِهِ لِاشْتِرَاطِ تَفْسِيرِ الْجَرْحِ (وَالْأَصَحُّ) (اشْتِرَاطُ لَفْظِ شَهَادَةٍ) مِنْ الْمُزَكِّي كَبَقِيَّةِ الشَّهَادَاتِ وَالثَّانِي لَا بَلْ يَكْفِي أَعْلَمُ وَتَحَقَّقَ وَهُوَ شَاذٌّ (وَأَنَّهُ يَكْفِي هُوَ عَدْلٌ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] فَأَطْلَقَ الْعَدَالَةَ، فَإِذَا شَهِدَ بِأَنَّهُ عَدْلٌ فَقَدْ أَثْبَتَ الْعَدَالَةَ الَّتِي اقْتَضَتْهَا الْآيَةُ (وَقِيلَ يَزِيدُ عَلَيَّ وَلِي) لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا فِي شَيْءٍ دُونَ شَيْءٍ (وَيَجِبُ ذِكْرُ سَبَبِ الْجَرْحِ) كَزِنًا وَسَرِقَةٍ وَإِنْ كَانَ فَقِيهًا لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ بِخِلَافِ سَبَبِ التَّعْدِيلِ، وَلِأَنَّ الْجَارِحَ يُثْبِتُ لِنَفْسِهِ مَعْرِفَةً فَنَسْأَلُهُ عَنْ بَيَانِهَا، وَالْمُعَدِّلَ كَأَنَّهُ يَقُولُ لَا أَعْرِفُ فَلَمْ يُطَالَبْ بِبَيَانٍ، وَلَا يُجْعَلُ بِذِكْرِ الزِّنَا قَاذِفًا وَإِنْ انْفَرَدَ لِأَنَّهُ مَسْئُولٌ فَهُوَ فِي حَقِّهِ فَرْضُ كِفَايَةٍ أَوْ عَيْنٍ، بِخِلَافِ شُهُودِ الزِّنَا إذَا نَقَصُوا عَنْ الْأَرْبَعَةِ فَإِنَّهُمْ قَذَفَةٌ لِأَنَّهُمْ مَنْدُوبُونَ إلَى السَّتْرِ فَهُمْ مُقَصِّرُونَ، وَلَوْ عَلِمَ لَهُ مُجَرِّحَاتٍ اقْتَصَرَ عَلَى وَاحِدٍ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ لِأَكْثَرَ مِنْهُ، بَلْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: لَا يَجُوزُ جَرْحُهُ بِالْأَكْبَرِ لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْهُ بِالْأَصْغَرِ، فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ سَبَبَهُ لَمْ يُقْبَلْ لَكِنْ يَجِبُ التَّوَقُّفُ عَنْ الِاحْتِجَاجِ بِهِ إلَى أَنْ يَبْحَثَ عَنْ ذَلِكَ الْجَرْحِ كَمَا يَأْتِي، أَمَّا سَبَبُ الْعَدَالَةِ فَلَا يَحْتَاجُ لِذِكْرِهِ لِكَثْرَةِ أَسْبَابِهَا وَعُسْرِ عَدِّهَا. قَالَ جَمْعٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْمُزَكَّى وَالْمَجْرُوحِ وَلَا الْمَشْهُودِ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ: أَيْ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَمِنْ ثَمَّ كَفَتْ فِيهِمَا شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ، نَعَمْ لَا بُدَّ مِنْ تَسْمِيَةِ الْبَيِّنَةِ لِلْخَصْمِ لِيَأْتِيَ بِدَافِعٍ أَمْكَنَهُ (وَيُعْتَمَدُ فِيهِ) أَيْ الْجَرْحِ (الْمُعَايَنَةُ) لِنَحْوِ زِنَاهُ أَوْ السَّمَاعُ لِنَحْوِ قَذَفَهُ (أَوْ الِاسْتِفَاضَةُ) عَنْهُ بِمَا يُجَرِّحُهُ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ التَّوَاتُرَ وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ اعْتِمَادُ التَّوَاتُرِ بِالْأَوْلَى، وَلَا يَجُوزُ اعْتِمَادُ عَدَدٍ قَلِيلٍ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِمْ وَوُجِدَ شَرْطُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ. وَفِي اشْتِرَاطِ ذِكْرِ مَا يَعْتَمِدُهُ مِنْ مُعَايَنَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْأَشْهَرُ نَعَمْ. وَثَانِيهِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: الَّذِي يُسْفِرُ) أَيْ يَكْشِفُ (قَوْلُهُ: وَيُغْنِي عَنْ خِبْرَةِ ذَلِكَ اسْتِفَاضَةُ عَدَالَتِهِ) هِيَ قَوْلُهُ لِصُحْبَةٍ أَوْ جِوَارٍ أَوْ مُعَامَلَةٍ (قَوْلُهُ لَكِنْ يَجِبُ التَّوَقُّفُ) وَفِي نُسْخَةٍ: لَكِنْ يَتَوَقَّفُ عَنْ إلَخْ: أَيْ نَدْبًا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ مُعَامَلَةٍ) أَيْ أَوْ شِدَّةِ فَحْصٍ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَتَأَتَّى فِي الْمُزَكِّينَ الْمَنْصُوبِينَ مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ غَالِبًا (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ) اُنْظُرْ مَا مُرَادُهُ بِمَا تَقَرَّرَ، وَفِي التُّحْفَةِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ مُعَامَلَةٍ مَا نَصُّهُ: قَدِيمَةٍ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا غَيْرُ الْقَدِيمَةِ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ كَأَنْ عَرَفَهُ فِي أَحَدِهِمَا مِنْ نَحْوِ شَهْرَيْنِ فَلَا يَكْفِي (قَوْلُهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِمَعْرِفَةِ الْأَوْصَافِ الثَّلَاثَةِ) صَوَابُهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ فِي هَذِهِ الْأَوْصَافِ الثَّلَاثَةِ بِمُدَّةٍ قَرِيبَةٍ (قَوْلُهُ: وَيُغْنِي عَنْ خِبْرَةٍ ذَلِكَ) فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ قَلَاقَةٌ، وَالْأَوْلَى حَذْفُ لَفْظِ خِبْرَةٍ (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) الَّذِي يَأْتِي خِلَافُ هَذَا، وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّوَقُّفُ كَمَا سَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ، وَفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ أَنَّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ هُنَا إبْدَالَ لَفْظِ يَجِبُ بِيُنْدَبُ وَهُوَ الَّذِي يُوَافِقُ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَمَّا سَبَبُ الْعَدَالَةِ فَلَا يُحْتَاجُ لِذِكْرِهِ) هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ بِخِلَافِ سَبَبِ التَّعْدِيلِ. لَا يُقَالُ: إنَّ مَعْنَى ذَاكَ بِخِلَافِ سَبَبِ التَّعْدِيلِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مُخْتَلَفًا فِيهِ. لِأَنَّا نَقُولُ: هَذَا خِلَافُ الْوَاقِعِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ أَوْ السَّمَاعِ لِنَحْوِ قَذْفِهِ) الْمَصْدَرُ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ

وَهُوَ الْأَقْيَسُ لَا، وَهَذَا أَوْجَهُ (وَيُقَدَّمُ) الْجَرْحُ (عَلَى التَّعْدِيلِ) لِزِيَادَةِ عِلْمِ الْجَارِحِ (فَإِنْ قَالَ الْمُعَدِّلُ عَرَفْت سَبَبَ الْجَرْحِ وَتَابَ مِنْهُ وَأَصْلَحَ قُدِّمَ) لِزِيَادَةِ عِلْمِهِ، وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ وَأَصْلَحَ عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِذِكْرِ التَّوْبَةِ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْهَا قَبُولُ شَهَادَتِهِ لِاشْتِرَاطِ مُضِيِّ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ بَعْدَهَا كَمَا يَأْتِي فَهُوَ تَأْسِيسٌ لَا تَأْكِيدٌ، لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ الِاكْتِفَاءُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ وَأَصْلَحَ وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ مُضِيِّ تِلْكَ الْمُدَّةِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ تَارِيخَ الْجَرْحِ وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ إلَى ذَلِكَ، وَكَذَا يُقَدَّمُ التَّعْدِيلُ حَيْثُ أُرِّخَتْ الْبَيِّنَتَانِ وَكَانَتْ بَيِّنَةُ التَّعْدِيلِ مُتَأَخِّرَةً. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: إنْ عَلِمَ الْمُعَدَّلُ جَرَّحَهُ، وَإِلَّا فَيُحْتَمَلُ اعْتِمَادُهُ عَلَى حَالِهِ قَبْلَ الْجَرْحِ. قَالَ الْقَاضِي: وَلَا تَتَوَقَّفُ الشَّهَادَةُ بِهِ عَلَى سُؤَالِ الْحَاكِمِ لِأَنَّهُ تُسْمَعُ فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ التَّعْدِيلَ كَذَلِكَ لِسَمَاعِهَا فِيهِ أَيْضًا، وَيُقْبَلُ قَوْلُ الشَّاهِدِ قَبْلَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِ أَنَا مَجْرُوحٌ أَوْ فَاسِقٌ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ سَبَبَ الْجَرْحِ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ. نَعَمْ يُتَّجَهُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا لَا يَبْعُدُ عَادَةً عِلْمُهُ بِأَسْبَابِ الْجَرْحِ، وَمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ مِنْ تَوَقُّفِ الْحَاكِمِ عَنْ شَاهِدٍ جَرَّحَهُ عَدْلٌ وَلَمْ يُبَيِّنْ السَّبَبَ يَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى نَدْبِ التَّوَقُّفِ إنْ قَوِيَتْ الرِّيبَةُ لِاحْتِمَالِ اتِّضَاحِ الْقَادِحِ، فَإِنْ لَمْ يَتَّضِحْ حَكَمَ لِمَا يَأْتِي مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ رِيبَةٍ لَا مُسْتَنَدَ لَهَا (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي التَّعْدِيلِ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ عَدْلٌ وَقَدْ غَلِطَ) فِي شَهَادَتِهِ عَلَيَّ لِمَا مَا مَرَّ أَنَّ الِاسْتِهْزَاءَ حَقٌّ لَهُ تَعَالَى، وَلِهَذَا امْتَنَعَ الْحُكْمُ بِشَهَادَةِ فَاسِقٍ وَإِنْ رَضِيَ الْخَصْمُ، وَمُقَابِلُهُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ فِي الْحُكْمِ عَلَيْهِ لَا فِي التَّعْدِيلِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَقَوْلُهُ غَلِطَ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَإِنَّمَا هُوَ بَيَانٌ لِأَنَّ إنْكَارَهُ مَعَ اعْتِرَافِهِ بِعَدَالَتِهِ مُسْتَلْزِمٌ لِنِسْبَتِهِ لِلْغَلَطِ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ، فَإِنْ قَالَ عَدْلٌ فِيمَا شَهِدَ بِهِ عَلَيَّ كَانَ إقْرَارًا مِنْهُ. وَيُنْدَبُ لِلْحَاكِمِ تَفْرِقَةُ الشُّهُودِ عِنْدَ ارْتِيَابِهِ مِنْهُمْ وَيَسْأَلُ كُلًّا وَيَسْتَقْصِي ثُمَّ يَسْأَلُ الثَّانِي كَذَلِكَ قَبْلَ اجْتِمَاعِهِ بِالْأَوَّلِ وَيَعْمَلُ بِمَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ. وَالْأَوْلَى كَوْنُ ذَلِكَ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَإِنْ طَلَبَهُ الْخَصْمُ، وَلَا يَلْزَمُ الشُّهُودَ إجَابَتُهُ بَلْ إنْ أَصَرُّوا لَزِمَهُ الْحُكْمُ بِشُرُوطِهِ، وَلَا عِبْرَةَ بِرِيبَةٍ يَجِدُهَا. وَلَوْ قَالَ لَا دَافِعَ لِي ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي بِأَنَّ شَاهِدَيْهِ شَرِبَا الْخَمْرَ مَثَلًا وَقْتَ كَذَا، فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَدَاءِ دُونَ سَنَةٍ رُدَّا وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ لَمْ يُعَيِّنَا لِلشُّرْبِ وَقْتًا سُئِلَ الْخَصْمُ وَحَكَمَ بِمَا تَقْتَضِيهِ بَيِّنَتُهُ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ التَّعْيِينِ تَوَقَّفَ عَنْ الْحُكْمِ، وَلَوْ ادَّعَى الْخَصْمُ أَنَّ الْمُدَّعِي أَقَرَّ بِنَحْوِ فِسْقِ بَيِّنَتِهِ وَأَقَامَ شَاهِدًا لِيَحْلِفَ مَعَهُ بَنَى عَلَى مَا لَوْ قَالَ بَعْدَ بَيِّنَتِهِ: شُهُودِي فَسَقَةٌ، وَالْأَصَحُّ بُطْلَانُ بَيِّنَتِهِ لَا دَعْوَاهُ، فَلَا يَحْلِفُ الْخَصْمُ مَعَ شَاهِدِهِ لِأَنَّ الْغَرَضَ الطَّعْنُ فِي الْبَيِّنَةِ وَهُوَ لَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَلَوْ شَهِدَا بِأَنَّ هَذَا مِلْكُهُ وَرِثَهُ فَشَهِدَ آخَرَانِ بِأَنَّهُمَا ذَكَرَا بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ أَنَّهُمَا لَيْسَا بِشَاهِدَيْنِ فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ أَوْ أَنَّهُمَا ابْتَاعَا الدَّارَ رُدَّا، وَمَا فِي الرَّوْضَةِ مِمَّا يُوهِمُ خِلَافَ ذَلِكَ لَيْسَ بِمُرَادٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلَا تَتَوَقَّفُ الشَّهَادَةُ بِهِ) أَيْ بِالْجَرْحِ (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى نَدْبِ التَّوَقُّفِ) يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ سَبَبَهُ لَمْ يُقْبَلْ لَكِنْ يَجِبُ التَّوَقُّفُ إلَخْ. ثُمَّ رَأَيْت فِي بَعْضِ النُّسَخِ إسْقَاطَ قَوْلِهِ السَّابِقِ يَجِبُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يُعَيِّنَا لِلشُّرْبِ وَقْتًا) أَيْ بِعَيْنِهِ، وَبِهِ عَبَّرَ حَجّ (قَوْلُهُ: وَمَا فِي الرَّوْضَةِ) أَقُولُ: الْقِيَاسُ مَا فِي الرَّوْضَةِ كَمَا تَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَا بَيِّنَةَ لِي ثُمَّ أَحْضَرَهَا قُبِلَتْ لِأَنَّهُ رُبَّمَا لَمْ يُعْرَفْ لَهُ بَيِّنَةٌ أَوْ نَسِيَ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ الْبَيِّنَةُ هُنَا يُحْتَمَلُ أَنَّهُمَا حِينَ قَوْلِهِمَا لَسْنَا بِشَاهِدَيْنِ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ نَسِيَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: لِاشْتِرَاطِ مُضِيِّ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ) أَيْ وَذِكْرُ أَصْلَحَ يُفِيدُ ذَلِكَ: أَيْ بِاعْتِبَارِ مَقْصُودِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: يَظْهَرُ حَمْلُهُ) فِي نُسْخَةٍ بَدَلُ هَذَا يَجِبُ حَمْلُهُ.

[باب القضاء على الغائب]

بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ عَنْ الْبَلَدِ أَوْ الْمَجْلِسِ لِتَوَارٍ أَوْ تَعَزُّزٍ مَعَ مَا يُذْكَرُ مَعَهُ (هُوَ جَائِزٌ) فِي كُلِّ شَيْءٍ سِوَى عُقُوبَةِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا يَأْتِي، وَإِنْ كَانَ الْغَائِبُ فِي غَيْرِ عَمَلِهِ لِلْحَاجَةِ وَلِتَمَكُّنِهِ مِنْ إبْطَالِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِإِثْبَاتِ طَاعِنٍ فِي الْبَيِّنَةِ بِنَحْوِ فِسْقٍ أَوْ فِي الْحَقِّ بِنَحْوِ أَدَاءً، وَلَيْسَ لَهُ سُؤَالُ الْقَاضِي عَنْ كَيْفِيَّةِ الدَّعْوَى لِأَنَّ تَحْرِيرَهَا إلَيْهِ. نَعَمْ إنْ سُجِّلَتْ فَلَهُ الْقَدْحُ بِإِبْدَاءِ مُبْطِلٍ لَهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، «وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِهِنْدَ امْرَأَةِ أَبِي سُفْيَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لَمَّا شَكَتْ لَهُ مِنْ شُحِّهِ خُذِي مِنْ مَالِهِ مَا يَكْفِيك وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ» فَهُوَ قَضَاءٌ عَلَيْهِ لَا إفْتَاءٌ، وَإِلَّا لَقَالَ لَك أَنْ تَأْخُذِي مَثَلًا، وَرَدَّهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ بِأَنَّهُ كَانَ حَاضِرًا بِمَكَّةَ غَيْرَ مُتَوَارٍ وَلَا مُتَعَزِّزٍ لِأَنَّ الْوَاقِعَةَ فِي فَتْحِ مَكَّةَ لَمَّا حَضَرَتْ هِنْدُ لِلْمُبَايَعَةِ، وَذَكَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهَا أَنْ لَا يَسْرِقْنَ، فَذَكَرَتْ هِنْدُ ذَلِكَ، وَاعْتَرَضَهُ غَيْرُهُ بِأَنَّهُ لَمْ يُحَلِّفْهَا وَلَمْ يُقَدِّرْ الْمَحْكُومَ بِهِ لَهَا وَلَمْ يُحَرِّرْ دَعْوَى عَلَى مَا شَرَطُوهُ، وَالدَّلِيلُ الْوَاضِحُ أَنَّهُ صَحَّ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ وَاتِّفَاقُهُمْ عَلَى سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ فَالْحُكْمُ مِثْلُهَا، وَالْقِيَاسُ عَلَى سَمَاعِهَا عَلَى مَيِّتٍ وَصَغِيرٍ مَعَ أَنَّهُمَا أَعْجَزُ عَنْ الدَّفْعِ عَنْ الْغَائِبِ، وَإِنَّمَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِشُرُوطِهَا الْآتِيَةِ فِي بَابِهَا مَعَ زِيَادَةِ شُرُوطٍ أُخْرَى. مِنْهَا أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ عَلَيْهِ إلَّا (إنْ كَانَتْ عَلَيْهِ) حُجَّةٌ يَعْلَمُهَا الْحَاكِمُ وَقْتَ الدَّعْوَى عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ وَإِنْ اعْتَرَضَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَجَوَّزَ سَمَاعَهَا إذَا حَدَثَ بَعْدَهَا عِلْمُ الْبَيِّنَةِ وَتَحَمُّلُهَا، وَهُوَ الْأَوْجَهُ. ثُمَّ تِلْكَ الْحُجَّةُ إمَّا (بَيِّنَةٌ) وَلَوْ شَاهِدًا وَيَمِينًا فِيمَا يُقْضَى فِيهِ بِهِمَا، وَإِمَّا عِلْمُ الْقَاضِي دُونَ مَا عَدَاهُمَا لِتَعَذُّرِ الْإِقْرَارِ وَالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ (وَادَّعَى الْمُدَّعِي جُحُودَهُ) وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــS [بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ] (قَوْلُهُ: وَلِتَمَكُّنِهِ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ عَنْ كَيْفِيَّةِ الدَّعْوَى) أَيْ الْأُولَى، وَقَوْلُهُ لِأَنَّ تَحْرِيرَهَا إلَيْهِ أَيْ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: وَاعْتَرَضَهُ) أَيْ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ قَضَاءٌ (قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ عَلَى سَمَاعِهَا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ الْقَضَاء (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَاهِدًا وَيَمِينًا) هَلْ يَجِبُ مَعَ هَذِهِ الْيَمِينِ يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ أَمْ يُكْتَفَى بِهَا الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ. ثُمَّ رَأَيْت الدَّمِيرِيِّ صَرَّحَ بِذَلِكَ حَيْثُ قَالَ مَا نَصُّهُ: فَرْعٌ: يَجُوزُ الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ كَالْحَاضِرِ، وَهَلْ يَكْفِي يَمِينٌ أَمْ يُشْتَرَطُ يَمِينَانِ إحْدَاهُمَا لِتَكْمِيلِ الْحُجَّةِ وَالثَّانِيَةُ لِنَفْيِ الْمُسْقِطَاتِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا الثَّانِي اهـ. وَيُصَرِّحُ بِهِ إبْقَاءُ الشَّارِحِ لِلْمَتْنِ عَلَى إطْلَاقِهِ فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَيَجِبُ أَنْ يُحَلِّفَهُ بَعْدَ الْبَيِّنَةِ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ مِنْهُ أَنَّ اللَّامَ لِلْعَهْدِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ الْبَيِّنَةُ السَّابِقَةُ فِي قَوْلِهِ هُنَا إنْ كَانَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، وَقَدْ شَرَحَهَا الشَّارِحُ كَمَا تَرَى بِقَوْلِهِ وَلَوْ شَاهِدًا وَيَمِينًا، فَإِنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ أَفَادَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ) (قَوْلُهُ: وَلِتَمَكُّنِهِ) أَيْ بَعْدَ حُضُورِهِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ سُؤَالُ الْقَاضِي) قَيَّدَهُ فِي التُّحْفَةِ بِالْقَاضِي الْأَهْلِ، وَأَسْقَطَهُ الشَّارِحُ لَعَلَّهُ قَصْدًا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَاعْتَرَضَهُ) أَيْ الدَّلِيلَ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَاتِّفَاقُهُمْ عَلَى سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ) أَيْ بَعْدَ سَمَاعِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ فِي حُضُورِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اعْتَرَضَهُ) أَيْ اعْتَرَضَ اشْتِرَاطَ عِلْمِ الْقَاضِي بِالْبَيِّنَةِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ السِّيَاقِ، لَكِنَّ الْوَاقِعَ أَنَّ الْبُلْقِينِيَّ إنَّمَا نَازَعَ فِي اشْتِرَاطِ عِلْمِ الْمُدَّعِي بِهَا بَلْ وَفِي وُجُودِهَا حِينَئِذٍ مِنْ أَصْلِهَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ حَوَاشِي وَالِدِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَحَمُّلُهَا) هُوَ بِالرَّفْعِ: أَيْ أَوْ حَدَثَ تَحَمُّلُهَا، وَلَعَلَّ صُورَتَهُ أَنْ تَسْمَعَ إقْرَارَ الْغَائِبِ بَعْدَ وُقُوعِ الدَّعْوَى (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) اُنْظُرْ هَلْ هُوَ رَاجِعٌ لِاعْتِرَاضِ الْبُلْقِينِيِّ أَوْ لِمَا قَبْلَهُ، فَإِنْ كَانَ رَاجِعًا لِاعْتِرَاضِ الْبُلْقِينِيِّ فَكَانَ يَنْبَغِي حَذْفُ لَفْظِ إنْ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ اعْتَرَضَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ إلَخْ) صَرِيحٌ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ مَعَ زِيَادَةِ شُرُوطٍ أُخْرَى إلَخْ أَنَّ ذِكْرَ لُزُومِ التَّسْلِيمِ وَالْمُطَالَبَةُ مِنْ الزَّائِدِ عَلَى الشُّرُوطِ

الْآنَ وَأَنَّهُ يُطَالِبُهُ بِذَلِكَ (فَإِنْ قَالَ هُوَ مُقِرٌّ) وَأَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ اسْتِظْهَارًا مَخَافَةَ أَنْ يُنْكِرَ أَوْ لِيَكْتُبَ بِهَا الْقَاضِي إلَى قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ (لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَتُهُ) وَإِنْ قَالَ هُوَ مُمْتَنِعٌ وَذَلِكَ لِأَنَّهَا لَا تُقَامُ عَلَى مُقِرٍّ، وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِهِ مَخَافَةَ أَنْ يُنْكِرَ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ سَمَاعِ الدَّعْوَى عَلَى غَائِبٍ بِوَدِيعَةٍ لِلْمُدَّعِي فِي يَدِهِ لِانْتِفَاءِ الْحَاجَةِ لِذَلِكَ لِكَوْنِ الْمُودِعِ مُتَمَكِّنًا مِنْ دَعْوَى التَّلَفِ أَوْ الرَّدِّ، وَمَا بَحَثَهُ الْعِرَاقِيُّ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى بِأَنَّ لَهُ تَحْتَ يَدِهِ وَدِيعَةً وَسَمَاعِ بَيِّنَتِهِ بِهَا لَكِنْ لَا يَحْكُمُ وَلَا يُوفِيهِ مِنْ مَالِهِ، إذْ لَيْسَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ شَيْءٌ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ مَعَهُ بَيِّنَةٌ بِإِتْلَافِهِ لَهَا أَوْ تَلَفِهَا عِنْدَهُ بِتَقْصِيرٍ سَمِعَهَا وَحَكَمَ وَوَفَّاهُ مِنْ مَالِهِ لِأَنَّ بَدَلَهَا حِينَئِذٍ مِنْ جُمْلَةِ الدُّيُونِ. قَالَ: وَإِنَّمَا جَوَّزْنَا ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ جُحُودِ الْمُودِعِ وَتَعَذُّرِ الْبَيِّنَةِ فَيَضْبِطُهَا عِنْدَ الْقَاضِي بِإِقَامَتِهَا لَدَيْهِ وَإِشْهَادِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِثُبُوتِ ذَلِكَ لِيَسْتَغْنِيَ بِإِقَامَتِهَا عِنْدَ جُحُودِ الْمُودِعِ إذَا حَضَرَ لِأَنَّهَا قَدْ تَتَعَذَّرُ حِينَئِذٍ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا نَظَرَ إلَيْهِ شَيْخُهُ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ أَنَّ مَخَافَةَ إنْكَارِهِ مُسَوِّغٌ لِسَمَاعِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ. وَيُسْتَثْنَى مَا إذَا كَانَ لِلْغَائِبِ عَيْنٌ حَاضِرَةٌ فِي عَمَلِ الْحَاكِمِ الَّذِي وَقَعَتْ عِنْدَهُ الدَّعْوَى، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِبَلَدِهِ وَأَرَادَ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى دَيْنِهِ لِيُوفِيَهُ فَتُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ وَإِنْ قَالَ هُوَ مُقِرٌّ، وَمَا اسْتَثْنَاهُ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ لِسَفَهٍ أَوْ نَحْوِهِ لَمْ يَمْنَعْ قَوْلُهُ هُوَ مُقِرٌّ مِنْ سَمَاعِهَا أَوْ كَانَتْ بَيِّنَتُهُ شَاهِدَةً بِالْإِقْرَارِ فَإِنَّهُ يَقُولُ عِنْدَ إرَادَةِ مُطَابَقَةِ دَعْوَاهُ بَيِّنَتَهُ هُوَ مُقِرٌّ لِي بِكَذَا وَلِي بَيِّنَةٌ مَمْنُوعٌ فِي الْأَخِيرَةِ (وَإِنْ أَطْلَقَ) وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِجُحُودٍ وَلَا إقْرَارٍ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تُسْمَعُ) لِأَنَّهُ قَدْ يَعْلَمُ جُحُودَهُ فِي غَيْبَتِهِ وَيَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ الْحَقِّ فَتُجْعَلُ غَيْبَتُهُ كَكِسْوَتِهِ. وَالثَّانِي لَا تُسْمَعُ إلَّا عِنْدَ التَّعَرُّضِ لِلْجُحُودِ وَلِأَنَّ الْبَيِّنَةَ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا عِنْدَهُ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْقَاضِيَ نَصْبُ مُسَخَّرٍ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُشَدَّدَةِ (يُنْكِرُ عَنْ الْغَائِبِ) وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ مِمَّا يَأْتِي لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مُقِرًّا فَيَكُونُ إنْكَارُ الْمُسَخَّرِ كَذِبًا، نَعَمْ يُسْتَحَبُّ نَصْبُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَغَيْرِهِ، وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ لِتَكُونَ الْبَيِّنَةُ عَلَى إنْكَارِ مُنْكِرٍ (وَيَجِبُ) فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْغَائِبِ وَكِيلٌ حَاضِرٌ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ الدَّعْوَى بِدَيْنٍ أَمْ عَيْنٍ أَمْ بِصِحَّةِ عَقْدٍ أَمْ إبْرَاءٍ كَأَنْ أَحَالَ الْغَائِبُ عَلَى مَدِينٍ لَهُ حَاضِرٌ فَادَّعَى إبْرَاءَهُ لِاحْتِمَالِ دَعْوَى أَنَّهُ مُكْرَهٌ عَلَيْهِ (أَنْ يُحَلِّفَهُ بَعْدَ الْبَيِّنَةِ) وَتَعْدِيلُهَا (أَنَّ الْحَقَّ ثَابِتٌ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ) إلَى الْآنَ احْتِيَاطًا لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا لَرُبَّمَا ادَّعَى أَدَاءً أَوْ إبْرَاءً أَوْ نَحْوَهُمَا، وَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ مَعَ ذَلِكَ وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ إلَيَّ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَدَاؤُهُ لِتَأْجِيلٍ أَوْ نَحْوِهِ وَظَاهِرٌ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ هَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي الدَّعْوَى بِعَيْنٍ بَلْ يَحْلِفُ فِيهَا عَلَى مَا يَلِيقُ بِهَا، وَكَذَا نَحْوُ الْإِبْرَاءِ كَمَا يَأْتِي، وَيُعْتَبَرُ أَنْ يَتَعَرَّضَ مَعَ الثُّبُوتِ وَلُزُومِ التَّسْلِيمِ إلَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ فِي شُهُودِهِ قَادِحًا فِي الشَّهَادَةِ مُطْلَقًا أَوْ بِالنِّسْبَةِ لِلْغَائِبِ كَفِسْقٍ وَعَدَاوَةٍ وَتُهْمَةٍ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَمِينٍ ثَانِيَةٍ لِلِاسْتِظْهَارِ بَعْدَ الْيَمِينِ الْمُكَمِّلَةِ لِلْحُجَّةِ وَهَذَا فَرْضُهُ فِي الْغَائِبِ، ثُمَّ قَالَ: وَيَجْرِيَانِ فِي الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، وَزَادَ الشَّارِحُ الْمَيِّتَ وَبَيَّنَ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ وَيَجْرِيَانِ بِقَوْلِهِ: أَيْ الْوَجْهَانِ كَمَا قَبْلَهُمَا مِنْ الْأَحْكَامِ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَيِّنَةِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ مَا يَشْمَلُ الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ كَالدَّعْوَى عَلَى الْغَائِبِ، وَأَنَّهُ حَيْثُ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ شَاهِدًا مَعَ يَمِينٍ فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينٍ ثَانِيَةٍ لِلِاسْتِظْهَارِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ هُوَ مُقِرٌّ) أَيْ وَهُوَ مِمَّنْ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ هُوَ مُقِرٌّ (قَوْلُهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ) أَيْ الْغَائِبُ (قَوْلُهُ: فِي الْأَخِيرَةِ) هِيَ قَوْلُهُ أَوْ كَانَتْ بَيِّنَتُهُ شَاهِدَةً إلَخْ (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ فِي الْأَنْوَارِ) أَيْ وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُوَرِّيَ فِي إنْكَارِهِ عَلَى الْغَائِبِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَحْلِفُ فِيهَا عَلَى مَا يَلِيقُ بِهَا) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ وَالْعَيْنُ بَاقِيَةٌ تَحْتَ يَدِهِ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهَا إلَى إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْآتِيَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ لِيَكْتُبَ بِهَا) اُنْظُرْ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَاذَا (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْقَاضِي نَصْبَ مُسَخَّرٍ) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْجَزَاءِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الشَّرْطِ وَانْظُرْ هَلْ مِثْلُ ذَلِكَ سَائِغٌ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُسْتَحَبُّ نَصْبُهُ) اُنْظُرْهُ مَعَ الْعِلَّةِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ هَذَا) أَيْ مَا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا أَوْ بِالنِّسْبَةِ لِلْغَائِبِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُكْتَفَى مِنْهُ بِأَحَدِ هَذَيْنِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَذَلِكَ لِتَلَازُمِهِمَا كَمَا يُعْلَمُ بِالتَّأَمُّلِ

أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَوْ كَانَ حَاضِرًا وَطَلَبَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعِي عَلَى ذَلِكَ أُجِيبَ، وَلَا يَبْطُلُ الْحَقُّ بِتَأْخِيرِ هَذِهِ الْيَمِينِ، وَلَا تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُكَمِّلَةً لِلْحُجَّةِ وَإِنَّمَا هِيَ شَرْطٌ لِلْحُكْمِ، وَلَوْ ثَبَتَ الْحَقُّ وَحَلَفَ ثُمَّ نُقِلَ إلَى حَاكِمٍ آخَرَ لِيَحْكُمَ بِهِ فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ وُجُوبِ إعَادَتِهَا. أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ وَكِيلٌ حَاضِرٌ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ التَّحْلِيفُ عَلَى طَلَبِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَمَا اسْتَشْكَلَ بِهِ فِي التَّوْشِيحِ مِنْ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ لَهُ وَكِيلٌ حَاضِرٌ لَمْ يَكُنْ قَضَاءً عَلَى غَائِبٍ وَلَمْ يَجِبْ يَمِينٌ جَزْمًا يُمْكِنُ رَدُّهُ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْخُصُومَاتِ فِي نَحْوِ الْيَمِينِ بِالْمُوَكِّلِ لَا بِالْوَكِيلِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ لِلْقَاضِي سَمَاعُ الدَّعْوَى عَلَى غَائِبٍ وَإِنْ حَضَرَ وَكِيلُهُ لِوُجُودِ الْغَيْبَةِ الْمُسَوِّغَةِ لِلْحُكْمِ عَلَيْهِ، وَالْقَضَاءُ إنَّمَا يَقَعُ عَلَيْهِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ إنَّ الْحَقَّ ثَابِتٌ فِي ذِمَّتِهِ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَدَعْوَى قِنٍّ عِتْقًا أَوْ امْرَأَةٍ طَلَاقًا عَلَى غَائِبٍ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ حِسْبَةً عَلَى إقْرَارِهِ بِهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِيَمِينٍ إذْ لَاحَظَ جِهَةَ الْحِسْبَةِ، وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِي الْعِتْقِ، وَأَلْحَقَ بِهِ الْبَغَوِيّ الطَّلَاقَ وَنَحْوَهُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُتَعَلِّقَةِ بِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ نَحْوَ بَيْعٍ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِهِ وَطَلَبَ الْحُكْمَ بِثُبُوتِهِ فَإِنَّهُ يُجِيبُهُ إلَى ذَلِكَ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي الْجَوَاهِرِ، وَحِينَئِذٍ فَيَجِبُ تَحْلِيفُهُ خَوْفًا مِنْ مُفْسِدٍ قَارَنَ الْعَقْدَ أَوْ طُرُوُّ مُزِيلٍ لَهُ، وَيَكْفِي أَنَّهُ الْآنَ مُسْتَحِقٌّ لِمَا ادَّعَاهُ (وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ) التَّحْلِيفُ لِإِمْكَانِ التَّدَارُكِ إنْ كَانَ ثَمَّ دَافِعٌ نَعَمْ لَوْ غَابَ الْمُوَكِّلُ فِي مَحَلٍّ تُسْمَعُ عَلَيْهِ الدَّعْوَى وَهُوَ بِهِ لَمْ يَتَوَقَّفْ الْحُكْمُ بِمَا ادَّعَى بِهِ وَكِيلُهُ عَلَى حَلِفٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ فِي مَحَلٍّ لَا يُسَوِّغُ سَمَاعَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَهُوَ بِهِ فَلَا بُدَّ لِصِحَّةِ الْحُكْمِ مِنْ حَلِفِهِ (وَيَجْرِيَانِ) أَيْ الْوَجْهَانِ كَمَا قَبْلَهُمَا مِنْ الْأَحْكَامِ (فِي دَعْوَى عَلَى صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ) لَا وَلِيَّ لَهُ أَوْ لَهُ وَلِيٌّ وَلَمْ يَطْلُبْ إذْ الْيَمِينُ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِهِ، وَمَيِّتٍ لَيْسَ لَهُ وَارِثٌ خَاصٌّ حَاضِرٌ كَالْغَائِبِ بَلْ أَوْلَى لِعَجْزِهِمْ عَنْ التَّدَارُكِ، فَإِذَا كَمُلَا أَوْ قَدِمَ الْغَائِبُ فَهُمْ عَلَى حُجَّتِهِمْ. أَمَّا مَنْ لَهُ وَارِثٌ خَاصٌّ حَاضِرٌ كَامِلٌ فَلَا بُدَّ فِي تَحْلِيفِ خَصْمِهِ بَعْدَ الْبَيِّنَةِ مِنْ طَلَبِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي الْوَلِيِّ وَاضِحٌ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ عَلَى الْوَلِيِّ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى طَلَبِهِ مَا لَمْ يَحْضُرْ مَعَهُ جَمِيعُ الْغُرَمَاءِ مَعَ سُكُوتِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ وَلَا يَبْطُلُ الْحَقُّ بِتَأْخِيرِ هَذِهِ) أَيْ عَنْ الْيَوْمِ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ الدَّعْوَى (قَوْلُهُ: وَلَا تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ) أَيْ بِأَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْغَائِبِ وَيُوقَفُ الْأَمْرُ إلَى حُضُورِهِ أَوْ يَطْلُبَ الْإِنْهَاءَ إلَى حَاكِمِ بَلَدِهِ لِيُحَلِّفَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ التَّحْلِيفُ عَلَى طَلَبِهِ) أَيْ حَيْثُ وَقَعَتْ الدَّعْوَى عَلَى الْوَكِيلِ فَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى الْمُوَكِّلِ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى ذَلِكَ حَجّ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: عَلَى إقْرَارِهِ بِهِ) أَفْرَدَ الضَّمِيرَ لِكَوْنِ الْعَطْفِ بِأَوْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ غَابَ) هُوَ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَجِبُ أَنْ يُحَلِّفَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَطْلُبْ) الْأَوْلَى وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي الْوَلِيِّ وَاضِحٌ) أَيْ وَهُوَ أَنَّ الْحَقَّ فِي هَذِهِ يَتَعَلَّقُ بِالتَّرِكَةِ الَّتِي هِيَ لِلْوَارِثِ فَتَرْكُهُ لِطَلَبِ الْيَمِينِ إسْقَاطٌ لِحَقِّهِ، بِخِلَافِ الْوَلِيِّ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ عَنْ الصَّبِيِّ بِالْمَصْلَحَةِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ عَلَى الْوَلِيِّ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: يُمْكِنُ رَدُّهُ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ إلَخْ وَهِيَ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ حِسْبَةً) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ كَوْنِهَا حِسْبَةً مَعَ أَنَّ الْفَرْضَ وُجُودُ الدَّعْوَى، وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِأَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ بَعْدَ الدَّعْوَى مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ غَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَى ذَلِكَ، عَلَى أَنَّ كَلَامَ ابْنِ الصَّلَاحِ الَّذِي نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَاسَ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الدَّعْوَى (قَوْلُهُ: أَوْ بِالْإِقْرَارِ بِهِ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ تَبَعًا لِلتُّحْفَةِ كَغَيْرِهَا وَهُوَ سَاقِطٌ فِي بَعْضِهَا، وَذَكَرَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ أَنَّهُ اسْتَشْكَلَهُ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ ذِكْرَ الْإِقْرَارِ مَانِعٌ مِنْ صِحَّةِ الدَّعْوَى عَلَى الْغَائِبِ، وَأَنَّهُ بَحَثَ فِي ذَلِكَ مَعَ الشَّارِحِ فَضَرَبَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِهِ بَعْدَ أَنْ أَثْبَتَهُ. وَأَقُولُ: لَا إشْكَالَ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى ذِكْرُ أَنَّهُ مُقِرٌّ فِي الْحَالِ وَهُوَ غَيْرُ ذِكْرِ إقْرَارِهِ بِالْبَيْعِ لِجَوَازِ أَنَّهُ أَقَرَّ لِلْبَيِّنَةِ ثُمَّ أَنْكَرَ الْآنَ (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَوَقَّفْ الْحُكْمُ بِمَا ادَّعَى بِهِ وَكِيلُهُ) أَيْ عَلَى غَائِبٍ، وَقَوْلُهُ عَلَى حَلِفٍ: أَيْ مِنْ الْمُوَكِّلِ، عَلَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا لِأَنَّهُ عَيْنُ الْمَتْنِ الْآتِي

نَعَمْ لَوْ كَانَ سُكُوتُهُ عَنْ طَلَبِهَا لِجَهْلِهِ بِالْحَالِ عَرَّفَهُ الْحَاكِمُ، فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهَا قَضَى عَلَيْهِ بِدُونِهَا (وَلَوْ) (ادَّعَى وَكِيلٌ عَلَى الْغَائِبِ) فِي مَسَافَةٍ يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِيهَا وَكَذَا صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ أَوْ مَيِّتٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ غَيْرَ بَيْتِ الْمَالِ فِيمَا يَظْهَرُ (فَلَا تَحْلِيفَ) بَلْ يُحْكَمُ بِالْبَيِّنَةِ لِانْتِفَاءِ تَصْوِيرِ حَلِفِ الْوَكِيلِ عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ ذَلِكَ وَاسْتِحْقَاقِ مُوَكِّلِهِ لَهُ، وَلَوْ وَقَفْنَا الْأَمْرَ إلَى حُضُورِ الْمُوَكِّلِ لَتَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ الْحُقُوقِ بِالْوُكَلَاءِ، وَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَنْ ادَّعَى عَلَى مَيِّتٍ وَأَقَامَ بَيِّنَةً ثُمَّ وَكَّلَ ثُمَّ غَابَ فَطَلَبَ وَكِيلُهُ الْحُكْمَ أَجَابَهُ وَلَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى يَمِينِ الْمُوَكِّلِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ، إذْ التَّوْكِيلُ هُنَا إنَّمَا وَقَعَ لِإِسْقَاطِ الْيَمِينِ بَعْدَ وُجُوبِهَا فَلَمْ يَسْقُطْ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ، وَلَوْ ادَّعَى قَيِّمُ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ دَيْنًا لَهُ عَلَى كَامِلٍ فَادَّعَى وُجُودَ مُسْقِطٍ كَأَتْلَفَ أَحَدُهُمَا عَلَيَّ مِنْ جِنْسِ مَا يَدَّعِيهِ بِقَدْرِ دَيْنِهِ وَكَأَبْرَأَنِي مُوَرِّثُهُ أَوْ قَبَضَهُ مِنِّي قَبْلَ مَوْتِهِ وَكَأَقْرَرْتُ لَكِنْ عَلَى رَسْمِ الْقُبَالَةِ كَمَا هُوَ الْأَوْجَهُ لَمْ يُؤَخَّرْ الِاسْتِيفَاءُ لِأَجْلِ الْيَمِينِ الْمُتَوَجِّهَةِ عَلَى أَحَدِهِمَا بَعْدَ كَمَالِهِ لِإِقْرَارِهِ فَلَمْ يُرَاعَ، بِخِلَافِ مَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا، أَوْ عَلَى أَحَدِهِمَا أَوْ غَائِبٍ وَقَفَ الْأَمْرُ إلَى الْكَمَالِ وَالْحُضُورِ كَمَا صَرَّحَا بِهِ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى الْيَمِينِ الْمُتَعَذِّرَةِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ فِي الْوَكِيلِ بِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى عَدَمِ الِاسْتِيفَاءِ ثَمَّ مَفْسَدَةٌ عَامَّةٌ وَهِيَ تَعَذُّرُ اسْتِيفَاءِ الْحُقُوقِ بِالْوُكَلَاءِ بِخِلَافِهِ هُنَا، لَكِنْ يُتَّجَهُ أَخْذُ كَفِيلٍ، وَنَازَعَ فِي ذَلِكَ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ، وَذَهَبُوا إلَى خِلَافِهِ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الِانْتِظَارِ مِنْ ضَيَاعِ الْحَقِّ وَهُوَ قَوِيٌّ مَدْرَكًا لَا نَقْلًا، وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْأَمْرَ يَخِفُّ بِالْكَفِيلِ الْمَارِّ، إذْ الْمُرَادُ بِهِ أَخْذُ الْحَاكِمِ مِنْ مَالِهِ تَحْتَ يَدِهِ مَا يَفِي بِالْمُدَّعَى أَوْ ثَمَنِهِ إنْ خَافَ تَلَفَهُ وَيَحْلِفُ الْوَلِيُّ يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ فِيمَا بَاشَرَهُ بِنَاءً عَلَى مَا يَأْتِي (وَلَوْ) (حَضَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَالَ) بَعْدَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ مِنْ وَكِيلٍ غَائِبٍ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ (لِوَكِيلِ الْمُدَّعِي) الْغَائِبِ (أَبْرَأَنِي مُوَكِّلُك) أَوْ قَضَيْتُهُ مَثَلًا فَارْفَعْ عَنِّي الطَّلَبَ إلَى حُضُورِهِ لِيَحْلِفَ عَلَى نَفْيِ مَا ادَّعَيْته لَمْ يُجَبْ، وَ (أُمِرَ بِالتَّسْلِيمِ) لَهُ ثُمَّ يُثْبِتُ الْإِبْرَاءَ أَوْ نَحْوُهُ إنْ كَانَ لَهُ بِهِ حُجَّةٌ. لِأَنَّا لَوْ وَقَفْنَا الْأَمْرَ لَتَعَذَّرَ الِاسْتِيفَاءُ بِالْوُكَلَاءِ، نَعَمْ لَوْ ادَّعَى عِلْمَ الْوَكِيلِ بِالْإِبْرَاءِ أَوْ نَحْوِهِ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ بِذَلِكَ لِأَنَّ تَحْلِيفَهُ إنَّمَا جَاءَ مِنْ جِهَةِ دَعْوَى صَحِيحَةٍ تَقْتَضِي اعْتِرَافَهُ بِمَا يُسْقِطُ مُطَالَبَتَهُ لِخُرُوجِهِ بِاعْتِرَافِهِ بِهَا مِنْ الْوَكَالَةِ وَالْخُصُومَةِ، بِخِلَافِ يَمِينِ الِاسْتِظْهَارِ فَإِنَّ حَاصِلَهَا أَنَّ الْمَالَ ثَابِتٌ فِي ذِمَّةِ الْغَائِبِ أَوْ نَحْوِهِ، وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى مِنْ الْوَكِيلِ، وَيَكْتَفِي بِمُصَادَقَةِ الْخَصْمِ لِلْوَكِيلِ عَلَى دَعْوَاهُ لِلْوَكَالَةِ، إذْ الْقَصْدُ إثْبَاتُ الْحَقِّ لَا تَسَلُّمُهُ لِأَنَّهُ وَإِنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ لَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِهِ إلَّا عَلَى وَجْهٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَلِيِّ الْمَيِّتِ وَمُرَادُهُ بِهِ الْوَارِثُ، وَعِبَارَةُ حَجّ: عَلَى الْمَيِّتِ، وَهِيَ وَاضِحَةٌ (قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ اسْتِيفَاءِ الْحُقُوقِ) يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ النَّاظِرَ لَوْ ادَّعَى دَيْنًا لِلْوَقْفِ عَلَى مَيِّتٍ وَأَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً لَمْ يَحْلِفْ يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ، لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَأَثْبَتَ حَقًّا لِغَيْرِهِ بِيَمِينِهِ. وَمَحَلُّهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَيَحْلِفُ الْوَلِيُّ يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ فِيمَا بَاشَرَهُ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ دَعْوَاهُ أَنَّهُ بَاعَ أَوْ آجَرَ الْمَيِّتَ شَيْئًا مِنْ الْوَقْفِ وَجَبَ تَحْلِيفُهُ، وَمَحَلُّهُ أَيْضًا مَا لَوْ لَمْ يَدَّعِ الْوَارِثُ عِلْمَ النَّاظِرِ بِبَرَاءَةِ الْمَيِّتِ، فَإِنْ ادَّعَاهُ حَلَفَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي أَيْضًا نَعَمْ لَوْ ادَّعَى عِلْمَ الْوَكِيلِ بِالْإِبْرَاءِ أَوْ نَحْوَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ وَكَّلَ) أَيْ فِي تَمَامِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْخُصُومَةِ (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَعَارُضَ) أَيْ حِينَ إذْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ مُصَوَّرَةً بِالْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ هَذِهِ وَالْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى أَحَدِهِمَا) أَيْ أَوْ ادَّعَى قَيِّمُ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ عَلَى أَحَدِهِمَا: أَيْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ (قَوْلُهُ: مَا يَفِي بِالْمُدَّعَى) أَيْ بِهِ (قَوْلُهُ: وَيَكْتَفِي بِمُصَادَقَةِ الْخَصْمِ) أَيْ فِي سَمَاعِ دَعْوَى الْوَكِيلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَلَوْ ادَّعَى وَكِيلٌ) أَيْ وَكِيلُ غَائِبٍ عَلَى أَنَّهُ كَذَلِكَ فِي الْمَتْنِ الَّذِي شَرَحَ عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: فِي مَسَافَةٍ يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِيهَا) أَيْ وَالْمُوَكِّلُ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ آنِفًا (قَوْلُهُ: لِإِقْرَارِهِ) أَيْ وَلَوْ ضَمَّنَّا (قَوْلُهُ: فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ) أَيْ عَقِبَ هَذِهِ، وَالْجَامِعُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ تَوَجُّهُ الْيَمِينِ عَلَى الطِّفْلِ وَإِنْ كَانَتْ هُنَا لِدَفْعِ مَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْمُسْقِطِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ لِلِاسْتِظْهَارِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى أَحَدِهِمَا أَوْ غَائِبٍ) أَيْ وَلَوْ ادَّعَى قَيِّمُ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ عَلَى صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ

مُبَرِّئٍ وَلَا يُبَرَّأُ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ الْوَكَالَةِ (وَإِذَا) (ثَبَتَ) عِنْدَ حَاكِمٍ (مَالٌ عَلَى غَائِبٍ) أَوْ مَيِّتٍ وَحَكَمَ بِهِ بِشَرْطِهِ (وَلَهُ مَالٌ) حَاضِرٌ فِي مَحَلِّ عَمَلِهِ، أَوْ دَيْنٌ ثَابِتٌ عَلَى حَاضِرٍ فِي الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مِنْهُمْ الْعِرَاقِيُّ فِي فَتَاوِيهِ، وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُمْ: لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِالدَّيْنِ عَلَى غَرِيمِ الْغَرِيمِ، إذْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْغَرِيمُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا وَلَمْ يَكُنْ دَيْنُهُ ثَابِتًا عَلَى غَرِيمِ الْغَرِيمِ فَلَيْسَ لَهُ الدَّعْوَى لِإِثْبَاتِهِ (قَضَاهُ الْحَاكِمُ مِنْهُ) بَعْدَ طَلَبِ الْمُدَّعِي لِأَنَّ الْحَاكِمَ يَقُومُ مَقَامَهُ وَلَا يُطَالِبُهُ بِكَفِيلٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْمَالِ، وَلَا يُعْطِيهِ بِمُجَرَّدِ الثُّبُوتِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ، أَمَّا إذَا كَانَ خَارِجَ وِلَايَتِهِ فَسَيَأْتِي. وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ مَا إذَا كَانَ الْحَاضِرُ يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ مُقَابِلِهِ لِلْغَائِبِ كَزَوْجَةٍ تَدَّعِي بِصَدَاقِهَا الْحَالِّ قَبْلَ الْوَطْءِ وَبَائِعٍ يَدَّعِي بِالثَّمَنِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَمَا إذَا تَعَلَّقَ بِالْمَالِ الْحَاضِرِ حَقٌّ كَبَائِعٍ لَهُ لَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهُ وَطَلَبَ مِنْ الْحَاكِمِ الْحَجْرَ عَلَى الْمُشْتَرِي الْغَائِبِ حَيْثُ اسْتَحَقَّهُ فَيُجِيبُهُ وَلَا يُوفِي الدَّيْنَ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ يُقَدَّمُ مُمَوِّنُ الْغَائِبِ ذَلِكَ الْيَوْمَ عَلَى الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ وَطَلَبَ قَضَاءَهُ مِنْ مَالِهِ، وَلَوْ كَانَ نَحْوَ مَرْهُونٍ تَزِيدُ قِيمَتُهُ عَلَى الدَّيْنِ فَلِلْقَاضِي بِطَلَبِ الْمُدَّعِي إجْبَارُ الْمُرْتَهِنِ عَلَى أَخْذِ حَقِّهِ بِطَرِيقِهِ لِيَبْقَى الْفَاضِلُ لِلدَّيْنِ اهـ. وَلَوْ بَاعَ قَاضٍ مَالَ غَائِبٍ فِي دَيْنِهِ فَقَدِمَ وَأَبْطَلَ الدَّيْنَ بِإِثْبَاتِ نَحْوِ فِسْقِ الشَّاهِدِ بِهِ، فَالْمُتَّجَهُ بُطْلَانُ الْبَيْعِ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ أَوْ لَمْ يَحْكُمْ (فَإِنْ سَأَلَ الْمُدَّعِي إنْهَاءَ الْحَالِ إلَى قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ) أَوْ إلَى كُلِّ مَنْ يَصِلُ إلَيْهِ الْكِتَابُ مِنْ الْقُضَاةِ (أَجَابَهُ) حَتْمًا وَإِنْ كَانَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ قَاضِيَ ضَرُورَةٍ مُسَارَعَةً لِبَرَاءَةِ ذِمَّةِ غَرِيمِهِ وَوُصُولِهِ إلَى حَقِّهِ (فَيُنْهِي سَمَاعَ بَيِّنَةٍ) ثَبَتَ بِهَا الْحَقُّ ثُمَّ إنْ عَدَّلَهَا لَمْ يَحْتَجْ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ إلَى تَعْدِيلِهَا وَإِلَّا احْتَاجَ إلَيْهِ (لِيَحْكُمَ بِهَا ثُمَّ يَسْتَوْفِيَ) الْحَقَّ وَخَرَجَ بِهَا عِلْمُهُ فَلَا يَكْتُبُ بِهِ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ الْآنَ لَا قَاضٍ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْعُدَّةِ، لَكِنْ ذَهَبَ السَّرَخْسِيُّ إلَى خِلَافِهِ وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ لِأَنَّ عِلْمَهُ كَقِيَامِ الْبَيِّنَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فَشَافَهَهُ بِحُكْمِهِ إلَخْ، وَالْأَوْجَهُ جَوَازُ كِتَابَتِهِ بِسَمَاعِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ لِيَسْمَعَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ شَاهِدًا آخَرَ أَوْ يُحَلِّفَهُ لَهُ (أَوْ) يُنْهِيَ إلَيْهِ (حُكْمًا) إنْ حَكَمَ (لِيَسْتَوْفِيَ) الْحَقَّ لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ، وَلَا يُشْتَرَطُ هُنَا بُعْدُ الْمَسَافَةِ كَمَا يَأْتِي، وَلَوْ شَهِدَا عِنْدَ غَيْرِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ أَمْضَاهُ إذْ الِاعْتِمَادُ عَلَى الشَّهَادَةِ، وَلَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَطَلَبَ مِنْ الْكَاتِبِ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُ الْبَيِّنَةَ الَّتِي سَمِعَهَا وَعَدَّلَهَا وَلَمْ يُسَمِّهَا لِيَقْدَحَ فِيهَا أَجَابَهُ، وَلَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عِنْدَ قَاضٍ أَنَّ الْقَاضِي فُلَانًا ثَبَتَ عِنْدَهُ لِفُلَانٍ كَذَا وَكَانَ قَدْ عُزِلَ أَوْ مَاتَ حُكِمَ بِهِ وَلَمْ يَحْتَجْ لِإِعَادَةِ الْبَيِّنَةِ بِأَصْلِ الْحَقِّ، وَقَوْلُهُمْ إذَا عُزِلَ بَعْدَ سَمَاعِ بَيِّنَةٍ ثُمَّ وَلِيَ أَعَادَهَا مَحَلَّهُ كَمَا بَيَّنَهُ الْبُلْقِينِيُّ إذَا حَكَمَ وَلَمْ يَكُنْ قَدْ حُكِمَ بِقَبُولِ الْبَيِّنَةِ وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ اسْتِعَادَتُهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ حُكِمَ بِالْإِلْزَامِ بِالْحَقِّ، وَفِي الْكِفَايَةِ أَنَّهُ لَوْ فَسَقَ وَالْكِتَابُ بِالسَّمَاعِ لَمْ يُقْبَلْ وَلَمْ يُحْكَمْ بِهِ كَمَا لَوْ فَسَقَ الشَّاهِدُ قَبْلَ الْحُكْمِ، وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ فِسْقُهُ قَبْلَ عَمَلِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ بِالسَّمَاعِ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ لَمْ يُنْقَضْ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَدُّ بِكِتَابِ الْقَاضِي حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ تَحْصِيلُهُ بِغَيْرِهِ، فَلَوْ طُلِبَ مِنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ يُقَدَّمُ مُمَوِّنُ الْغَائِبِ) أَيْ نَفَقَةُ مُمَوِّنِ الْغَائِبِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ إلَخْ (قَوْلُهُ: إذَا حَكَمَ وَلَمْ يَكُنْ قَدْ حَكَمَ) لَعَلَّهُ عُزِلَ (قَوْلُهُ: وَفِي الْكِفَايَةِ أَنَّهُ لَوْ فَسَقَ) أَيْ الْقَاضِي الْكَاتِبُ (قَوْلُهُ: وَالْكِتَابُ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى غَائِبٍ (قَوْلُهُ: أَوْ مَيِّتٍ) لَعَلَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ خَاصٌّ، أَمَّا مَنْ لَهُ وَارِثٌ خَاصٌّ فَظَاهِرٌ أَنَّ وَارِثَهُ هُوَ الْمُطَالِبُ كَوَلِيِّ نَحْوِ الصَّبِيِّ وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْ نَحْوَ الصَّبِيِّ هُنَا (قَوْلُهُ: كَمَا شَمَلَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ) يُقَالُ عَلَيْهِ فَكَانَ اللَّائِقُ أَنْ لَا يَعْطِفَهُ عَلَى مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بَلْ يَجْعَلُهُ غَايَةً فِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَحْكُمْ) هَذَا لَا يَنْسَجِمُ مَعَهُ تَفْصِيلُ الْمَتْنِ الْآتِي مِنْ جُمْلَتِهِ إنْهَاءُ الْحُكْمِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: ثَبَتَ بِهَا الْحَقُّ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ، إذْ لَا ثُبُوتَ إلَّا بَعْدَ التَّعْدِيلِ وَلَيْسَ هُوَ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِهَا عِلْمُهُ) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إلَخْ) وَجْهُ التَّأْيِيدِ قَبُولُ مُجَرَّدِ قَوْلِهِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ فِسْقُهُ قَبْلَ عَمَلِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ) قَدْ يُقَالُ: إنَّ هَذَا صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ

الْحُكْمُ لِغَرِيبٍ حَاضِرٍ عَلَى غَائِبٍ بِعَيْنٍ غَائِبَةٍ بِبَلَدِ الْغَرِيبِ وَلَهُ بَيِّنَةٌ مِنْ بَلَدِهِ وَلَمْ تَثْبُتْ عَدَالَتُهُمْ عِنْدَهُ وَهُمْ عَازِمُونَ عَلَى السَّفَرِ إلَيْهِ وَذَكَرَ أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً بِتَزْكِيَتِهِمْ عِنْدَ قَاضِي بَلَدِهِمْ لَمْ تُسْمَعْ شَهَادَتُهُمْ، وَإِنْ سَمِعَهَا لَمْ يَكْتُبْ بِهَا بَلْ يَقُولُ لَهُ اذْهَبْ مَعَهُمْ لِقَاضِي بَلَدِك وَبَلَدِ مِلْكِك لِيَشْهَدُوا عِنْدَهُ (وَالْإِنْهَاءُ أَنْ يَشْهَدَ) ذَكَرَيْنِ (عَدْلَيْنِ بِذَلِكَ) أَيْ بِمَا جَرَى عِنْدَهُ مِنْ ثُبُوتٍ أَوْ حُكْمٍ وَيُعْتَبَرُ فِيهِ رَجُلَانِ وَلَوْ فِي مَالٍ أَوْ هِلَالِ رَمَضَانَ (وَيُسْتَحَبُّ كِتَابٌ بِهِ) لِيَذْكُرَ الشَّاهِدُ الْحَالَ (يَذْكُرُ فِيهِ مَا يَتَمَيَّزُ بِهِ الْمَحْكُومُ) أَوْ الْمَشْهُودُ (عَلَيْهِ) وَلَهُ مِنْ اسْمٍ وَنَسَبٍ وَصَنْعَةٍ وَحِلْيَةٍ وَأَسْمَاءِ الشُّهُودِ وَتَارِيخِهِ (وَيَخْتِمُهُ) نَدْبًا حِفْظًا لَهُ وَإِكْرَامًا لِلْمَكْتُوبِ إلَيْهِ وَخَتْمُ الْكِتَابِ مِنْ حَيْثُ هُوَ سُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ. وَقِيلَ الْمُرَادُ بِخَتْمِهِ أَنْ يَقْرَأَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ بِحَضْرَتِهِ عَلَى الشَّاهِدِينَ وَيَقُولُ أُشْهِدُكُمَا أَنِّي كَتَبْت إلَى فُلَانٍ بِمَا فِيهِ، وَلَا يَكْفِي أُشْهِدكُمَا أَنَّ هَذَا خَطِّي أَوْ أَنَّ مَا فِيهِ حُكْمِي، وَيَدْفَعُ لَهُمَا نُسْخَةً أُخْرَى غَيْرَ مَخْتُومَةٍ يَتَذَكَّرَانِ بِهَا، وَلَوْ خَالَفَاهُ أَوْ انْمَحَى أَوْ ضَاعَ فَالْعِبْرَةُ بِقَوْلِهِمَا (وَ) بَعْدَ وُصُولِهِ لِلْمَكْتُوبِ إلَيْهِ (يَشْهَدَانِ عَلَيْهِ إنْ أَنْكَرَ) مَا فِيهِ، وَفِي ذَلِكَ إيمَاءٌ إلَى اشْتِرَاطِ حُضُورِ الْخَصْمِ وَإِثْبَاتِ الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ فِي وَجْهِهِ أَوْ إثْبَاتِ غَيْبَتِهِ الْغَيْبَةَ الشَّرْعِيَّةَ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَيْهِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَأَفْتَى بِهِ السُّبْكِيُّ وَنُقِلَ عَنْ قَضِيَّةِ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ، وَذَهَبَ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ ذَلِكَ وَاعْتَمَدَهُ أَكْثَرُ مُتَأَخِّرِي فُقَهَاءِ الْيَمَنِ لِأَنَّ الْقَاضِي الْمُنْهَى إلَيْهِ مُنَفِّذٌ لِمَا قَامَتْ بِهِ الْحُجَّةُ عِنْدَ الْأَوَّلِ لَا مُبْتَدِئٌ لِلْحُكْمِ، وَقَدْ قَطَعَ الرُّويَانِيُّ بِأَنَّ التَّنْفِيذَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ حُضُورُ الْخَصْمِ وَالدَّعْوَى عَلَيْهِ اهـ. وَيُرَدُّ بِأَنَّ التَّنْفِيذَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَحْكَامِ، وَأَمَّا الْحُكْمُ هُنَا فَلَا يُقَالُ لَهُ تَنْفِيذٌ لِأَنَّ الْأَوَّلَ إنْ لَمْ يَحْكُمْ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ حَكَمَ وَلَمْ يَكُنْ بِمَحِلِّهِ مَالٌ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ فَحُكْمُهُ لَمْ يَتِمَّ فَيَنْزِلُ مَنْزِلَةَ عَدَمِ الْحُكْمِ، وَعَلَى كُلٍّ فَلَيْسَ مَا هُنَا مَحْضُ تَنْفِيذٍ فَاعْتُبِرَ حُضُورُ الْخَصْمِ وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ حُكْمٌ احْتِيَاطًا (فَإِنْ قَالَ لَسْتُ الْمُسَمَّى فِي الْكِتَابِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) فِي ذَلِكَ إذْ الْأَصْلُ بَرَاءَتُهُ (وَعَلَى الْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ) وَتَكْفِي فِيهَا الْعَدَالَةُ الظَّاهِرَةُ كَمَا أَخَذَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ (بِأَنَّ هَذَا الْمَكْتُوبَ اسْمُهُ وَنَسَبُهُ) نَعَمْ إنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِهِمَا حُكِمَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُلْتَفَتْ لِإِنْكَارِهِ (فَإِنْ أَقَامَهَا) بِذَلِكَ (فَقَالَ لَسْتُ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ لَزِمَهُ الْحُكْمُ إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مُشَارِكٌ لَهُ فِي الِاسْمِ وَالصِّفَاتِ) أَوْ كَانَ وَلَمْ يُعَاصِرْهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ (وَإِنْ كَانَ) هُنَاكَ مَنْ يُشَارِكُهُ بِعِلْمِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَإِنْ سَمِعَهَا) أَيْ عَلَى خِلَافِ مَا طُلِبَ مِنْهُ أَوْ وَقَعَ سَمَاعُهُ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: أَوْ إثْبَاتِ غَيْبَتِهِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ هَذَا الْمَكْتُوبُ) هُوَ بِالرَّفْعِ خَبَرُ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِيَذْكُرَ الشَّاهِدُ الْحَالَ) اُنْظُرْ مَا مَوْقِعُ هَذَا هُنَا مَعَ أَنَّ الَّذِي يَذْكُرُ بِهِ الشَّاهِدُ الْحَالَ هِيَ النُّسْخَةُ الثَّانِيَةُ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْمُرَادُ بِخَتْمِهِ أَنْ يَقْرَأَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَخَتْمُ الْكِتَابِ مِنْ حَيْثُ هُوَ سُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ. وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِخَتْمِهِ جَعْلُ نَحْوِ شَمْعٍ عَلَيْهِ وَيَخْتِمُ عَلَيْهِ بِخَاتَمِهِ لِأَنَّهُ يَنْحَفِظُ بِذَلِكَ وَيَلْزَمُ بِهِ الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَعَنْ هَذَا يُحْمَلُ مَا صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُرْسِلُ كُتُبَهُ غَيْرَ مَخْتُومَةٍ فَامْتَنَعَ بَعْضُهُمْ مِنْ قَبُولِهَا إلَّا مَخْتُومَةً، فَاتَّخَذَ خَاتَمًا وَنَقَشَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. وَيُسَنُّ لَهُ ذِكْرُ نَقْشِ خَاتَمِهِ الَّذِي يَخْتِمُ بِهِ فِي الْكِتَابِ وَأَنْ يُثْبِتَ اسْمَ نَفْسِهِ وَاسْمَ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ فِي بَاطِنِهِ وَعِنْوَانَهُ، وَقَبْلَ خَتْمِهِ يَقْرَؤُهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ بِحَضْرَتِهِ إلَخْ، فَقَوْلُهُ وَقَبْلَ خَتْمِهِ هُوَ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَ الْقَافِ كَمَا لَا يَخْفَى، فَكَانَ الشَّارِحُ ظَنَّ أَنَّهُ بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ وَأَنَّهُ قَوْلٌ مُقَابِلٌ لِمَا مَرَّ فَعَبَّرَ عَنْهُ بِمَا ذَكَرَهُ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُقَدِّمْ ذِكْرَ الْمُقَابِلِ، وَإِنَّمَا سَقَطَتْ عِبَارَةُ التُّحْفَةِ بِرُمَّتِهَا لِزِيَادَةِ الْفَائِدَةِ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ بِأَنَّ هَذَا الْمَكْتُوبَ إلَخْ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا اسْمُ إنَّ وَالْمَكْتُوبُ بَدَلٌ مِنْهُ وَاسْمُهُ وَنَسَبُهُ خَبَرُ إنَّ فَالْإِشَارَةُ لِلْمَكْتُوبِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا، اسْمُ إنَّ وَالْمَكْتُوبُ مُبْتَدَأٌ وَاسْمُهُ خَبَرُ الْمُبْتَدَإِ وَالْجُمْلَةُ مِنْ الْمُبْتَدَإِ وَالْخَبَرِ خَبَرُ إنَّ، فَالْإِشَارَةُ لِلشَّخْصِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: إنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمُرَادُ هُنَا لِيَتَأَتَّى لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ إنْكَارُ كَوْنِهِ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ، وَالنَّظَرُ فِي أَنَّ هُنَاكَ مُشَارِكًا أَوْ لَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ

الْقَاضِي أَوْ بَيِّنَةٍ وَقَدْ عَاصَرَهُ وَأَمْكَنَتْ مُعَامَلَتُهُ لَهُ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ أَيْ أَوْ مُعَامَلَةُ مُوَرِّثِهِ أَوْ إتْلَافُهُ لِمَالِهِ وَمَاتَ بَعْدَ الْحُكْمِ أَوْ قَبْلَهُ وَقَعَ الْإِشْكَالُ فَيُرْسِلُهُ لِلْكَاتِبِ بِمَا يَأْتِي وَإِنْ لَمْ يَمُتْ (أُحْضِرَ فَإِنْ اعْتَرَفَ بِالْحَقِّ طُولِبَ وَتَرَكَ الْأَوَّلَ) إنْ صَدَّقَ الْمُدَّعِي الْمُقِرَّ وَإِلَّا فَهُوَ مُقِرٌّ لِمُنْكِرٍ وَيَبْقَى طَلَبُهُ عَلَى الْأَوَّلِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَنْكَرَ (بَعَثَ) الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ (إلَى الْكَاتِبِ) بِمَا وَقَعَ مِنْ الْإِشْكَالِ (لِيَطْلُبَ مِنْ الشُّهُودِ زِيَادَةَ صِفَةٍ تُمَيِّزُهُ وَيَكْتُبُهَا) وَيُنْهِيهَا إلَى قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ (ثَانِيًا) فَإِنْ لَمْ يُرْسِلْ مَا يَحْصُلُ بِهِ ذَلِكَ وَقَفَ الْأَمْرُ إلَى تَبَيُّنِ الْحَالِ، وَلَا بُدَّ مِنْ حَكَمٍ ثَانٍ بِمَا كَتَبَ بِهِ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ لَكِنْ بِلَا دَعْوَى وَلَا حَلِفٍ (وَلَوْ حَضَرَ قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ) سَوَاءٌ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ وَغَيْرُهُ (بِبَلَدِ الْحَاكِمِ) وَلَوْ عُرْفِيًّا تَوَقَّفَ تَخْلِيصُ الْحَقِّ عَلَيْهِ نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ عِنْدَهُ (فَشَافَهَهُ بِحُكْمِهِ فَفِي إمْضَائِهِ) أَيْ تَنْفِيذِهِ (إذَا عَادَ إلَى) مَحَلِّ (وِلَايَتِهِ خِلَافُ الْقَضَاءِ بِعِلْمِهِ) الْأَصَحُّ جَوَازُهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْإِنْشَاءِ، وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ شَافَهَهُ بِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ دُونَ الْحُكْمِ فَإِنَّهُ لَا يَقْضِي بِهَا إذَا رَجَعَ إلَى مَحَلِّ وِلَايَتِهِ قَطْعًا لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ إخْبَارٍ كَالشَّهَادَةِ (وَلَوْ نَادَاهُ) كَائِنَيْنِ (فِي طَرَفَيْ وِلَايَتِهِمَا) وَقَالَ لَهُ إنِّي حَكَمْتُ بِكَذَا (أَمْضَاهُ) أَيْ نَفَّذَهُ، وَكَذَا إذَا كَانَ فِي بَلَدٍ قَاضِيَانِ وَلَوْ نَائِبًا وَمُسْتَنِيبًا وَشَافَهَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَيُمْضِيهِ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْخَصْمُ (وَإِنْ) (اقْتَصَرَ) الْقَاضِي الْكَاتِبُ (عَلَى سَمَاعِ بَيِّنَةٍ) (كَتَبَ سَمِعْتُ بَيِّنَةً عَلَى فُلَانٍ) وَيَصِفُهُ بِمَا يُمَيِّزُهُ لِيَحْكُمَ عَلَيْهِ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ (وَيُسَمِّيهَا) وُجُوبًا وَيَرْفَعُ فِي نَسَبِهَا (إنْ لَمْ يُعَدِّلْهَا) لِيَبْحَثَ الْمَكْتُوبُ لَهُ عَنْ عَدَالَتِهَا وَغَيْرِهَا حَتَّى يَحْكُمَ بِهَا، وَبَحَثَ الْبَغَوِيّ تَعَيُّنَ تَعْدِيلِهَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي بَلَدِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ مَنْ يَعْرِفُهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ عَدَّلَهَا (فَالْأَصَحُّ جَوَازُ تَرْكِ التَّسْمِيَةِ) وَلَوْ فِي غَيْرِ مَشْهُورِي الْعَدَالَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، لَكِنْ خَصَّهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِمَنْ لَمْ يَشْتَهِرْ بِهَا وَذَلِكَ اكْتِفَاءً بِتَعْدِيلِ الْكَاتِبِ إلَيْهَا، كَمَا أَنَّهُ إذَا حَكَمَ اسْتَغْنَى عَنْ تَسْمِيَةِ الشُّهُودِ، نَعَمْ إنْ كَانَتْ شَاهِدًا وَيَمِينًا أَوْ يَمِينًا مَرْدُودَةً وَجَبَ بَيَانُهَا لِأَنَّ الْإِنْهَاءَ قَدْ يَصِلُ لِمَنْ لَا يَرَى قَبُولَهَا وَالْحُكْمَ بِالْعِلْمِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَأَمْكَنَتْ مُعَامَلَتُهُ) أَيْ وَلَوْ بِالْمُكَاتَبَةِ وَلَا عِبْرَةَ بِخَوَارِقِ الْعَادَاتِ كَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ بِمَحَلٍّ بَعِيدٍ أَنَّهُ عَامَلَهُ أَمْسِ (قَوْلُهُ: وَقَفَ الْأَمْرُ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: تَبَيُّنِ الْحَالِ) أَيْ وَلَوْ طَالَتْ الْمُدَّةُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عُرْفِيًّا) كَالْمُشَدِّ مَثَلًا بِشَرْطِ أَنْ يَنْحَصِرَ الْخَلَاصُ فِي الْإِنْهَاءِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَشَافَهَ أَحَدُهُمَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْأَصِيلُ أَوْ النَّائِبُ (قَوْلُهُ: أَوْ يَمِينًا مَرْدُودَةً) فِي فَتَاوَى مَرَّ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ سُئِلَ عَنْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ فِي الدَّعْوَى عَلَى الْغَائِبِ كَيْفَ تَصْوِيرُهَا؟ فَأَجَابَ يُتَصَوَّرُ فِيمَا إذَا نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَرَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي ثُمَّ غَابَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِمَا لَوْ اُدُّعِيَ عَلَى غَائِبٍ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ. وَقُلْنَا بِمَا يَأْتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي إلَّا لِتَوَارِيهِ أَوْ تَعَزُّرِهِ مِنْ أَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَعْدُ، بِخِلَافِهِ عَلَى الْإِعْرَابِ الثَّانِي فَإِنَّهُمْ شَهِدُوا عَلَى عَيْنِهِ بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي كَتَبَ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ فَلَا نَظَرَ لِإِنْكَارِهِ كَمَا لَا يَخْفَى وَقَدْ اقْتَصَرَ الشَّيْخُ فِي حَوَاشِيهِ عَلَى الْإِعْرَابِ الثَّانِي وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَقَدْ عَاصَرَهُ وَأَمْكَنَتْ مُعَامَلَتُهُ لَهُ) صَرِيحُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّ ضَمِيرَيْ عَاصَرَهُ وَمُعَامَلَتُهُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لَهُ وَأَنَّ الْمَدَارَ إنَّمَا هُوَ عَلَى مُعَاصَرَةِ الْمُدَّعِي وَمُعَامَلَتِهِ لِيَصِحَّ مَا قَالَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَالضَّمِيرَانِ لِلْمُدَّعِي كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي ضَمِيرِ يُعَاصِرُهُ السَّابِقِ وَالضَّمَائِرِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عُرْفِيًّا) هُوَ غَايَةٌ فِي قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ كَمَا تُصَرِّحُ بِهِ عِبَارَةُ التُّحْفَةِ، لَكِنْ فِي هَذِهِ الْغَايَةِ وَقْفَةٌ مَعَ تَعْبِيرِ الْمَتْنِ بِالْقَاضِي، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ الْقَاضِي بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ خِلَافُ الْقَضَاءِ بِعِلْمِهِ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: فَهُوَ قَضَاءٌ بِعِلْمِهِ انْتَهَتْ، وَحِينَئِذٍ فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ. (قَوْلُهُ: إلَيْهَا) اُنْظُرْ مَا مَوْقِعُهُ (قَوْلُهُ: وَالْحُكْمُ بِالْعِلْمِ) اعْلَمْ أَنَّ هُنَا سَقْطًا فِي النَّسْخِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَالْحُكْمُ بِالْعِلْمِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: الْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ نَقْلَهُ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيهِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ انْتَهَتْ، وَفِيمَا نَظَرَ بِهِ فِي التُّحْفَةِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِلْفَرْقِ الْوَاضِحِ بَيْنَ الْحُكْمِ الَّذِي قَدْ تَمَّ وَارْتَفَعَ بِهِ الْخِلَافُ وَبَيْنَ مُجَرَّدِ الثُّبُوتِ، اللَّهُمَّ إلَّا

[فصل في غيبة المحكوم به عن مجلس الحكم]

وَلَوْ ثَبَتَ الْحَقُّ بِالْإِقْرَارِ لَزِمَهُ بَيَانُهُ، وَلَا يَجْزِمُ بِأَنَّهُ عَلَيْهِ لِقَبُولِ الْإِقْرَارِ لِلسُّقُوطِ بِدَعْوَى أَنَّهُ عَلَى رَسْمِ الْقُبَالَةِ فَيَطْلُبُ يَمِينَ خَصْمِهِ فَيَرُدُّهَا فَيَحْلِفُ فَيَبْطُلُ الْإِقْرَارُ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ الْمَنْعُ لِأَنَّ الْآخَرَ إنَّمَا يَقْضِي بِقَوْلِهِمْ وَالْمَذَاهِبُ مُخْتَلِفَةٌ فَرُبَّمَا لَا يَرَى الْقَضَاءُ بِقَوْلِهِمْ وَلَا حَاجَةَ فِي هَذَا إلَى تَحْلِيفِ الْمُدَّعِي (وَالْكِتَابُ بِالْحُكْمِ يَمْضِي مَعَ قُرْبِ الْمَسَافَةِ) وَبُعْدِهَا (وَبِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ لَا يُقْبَلُ عَلَى الصَّحِيحِ لَا فِي مَسَافَةِ قَبُولِ شَهَادَةٍ عَلَى شَهَادَةٍ) فَيُقْبَلُ مِنْ الْحَاكِمِ وَهِيَ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى الْآتِيَةِ لِسُهُولَةِ إحْضَارِ الْحُجَّةِ مَعَ الْقُرْبِ، وَأَخَذَ فِي الْمَطْلَبِ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ تَعَسَّرَ إحْضَارُهَا مَعَ الْقُرْبِ لِنَحْوِ مَرَضٍ قُبِلَ الْإِنْهَاءُ، وَالْعِبْرَةُ فِي الْمَسَافَةِ بِمَا بَيْنَ الْقَاضِيَيْنِ لَا بِمَا بَيْنَ الْقَاضِي الْمُنْهِي وَالْغَرِيمِ، وَالْمُتَّجَهُ قَبُولُ ذَلِكَ مِنْ الْمُحَكَّمِ. (فَصْلٌ) فِي غَيْبَةِ الْمَحْكُومِ بِهِ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ سَوَاءٌ أَكَانَ بِمَحَلِّ وِلَايَةِ الْحَاكِمِ أَمْ لَا وَلِهَذَا أَدْخَلَهُ عَلَى التَّرْجَمَةِ الْمُنَاسَبَةِ لَهَا، وَلَا فَرْقَ فِيمَا يَأْتِي بَيْنَ حُضُورِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَغَيْبَتِهِ إذَا (ادَّعَى عَيْنًا غَائِبَةً عَنْ الْبَلَدِ) وَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ كَمَا مَرَّ (يُؤْمَنُ اشْتِبَاهُهَا كَعَقَارٍ وَعَبْدٍ وَفَرَسٍ مَعْرُوفَاتٍ) بِالشُّهْرَةِ أَوْ بِتَحْدِيدِ الْأَوَّلِ (سَمِعَ) الْقَاضِي (بَيِّنَتَهُ وَحَكَمَ بِهَا) عَلَى حَاضِرٍ وَغَائِبٍ (وَكَتَبَ إلَى قَاضِي بَلَدِ الْمَالِ لِيُسَلِّمَهُ لِلْمُدَّعِي) كَمَا يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ وَيَحْكُمُ بِهَا عَلَى الْغَائِبِ فِيمَا مَرَّ، وَغَلَّبَ غَيْرَ الْعَاقِلِ عَلَى خِلَافِ الْقَاعِدَةِ الْأَكْثَرِيَّةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} [الجمعة: 1] فَدَعْوَى أَنَّهُ خِلَافُ الصَّوَابِ غَيْرُ صَحِيحٍ (وَيَعْتَمِدُ فِي) مَعْرِفَةِ (الْعَقَارِ حُدُودَهُ) الْأَرْبَعَةَ إنْ لَمْ يُعْرَفْ إلَّا بِهَا، وَإِلَّا فَالْمَعْرِفَةُ فِيهِ لَا تَتَقَيَّدُ بِهَا فَقَدْ يُعْرَفُ بِالشُّهْرَةِ التَّامَّةِ فَلَا يَحْتَاجُ لِذِكْرِ حَدٍّ وَلَا غَيْرِهِ، وَقَدْ لَا يَحْتَاجُ لِذِكْرِ حُدُودِهِ الْأَرْبَعَةِ بَلْ يَكْتَفِي بِثَلَاثَةٍ وَأَقَلَّ مِنْهَا، فَقَوْلُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا يَكْفِي ثَلَاثَةٌ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا تَمَيَّزَ بِهَا، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنْ تَمَيَّزَ بِحَدٍّ كَفَى، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا ذِكْرُ بَلَدِهِ وَسِكَّتِهِ وَمَحَلِّهِ مِنْهَا لَا قِيمَتِهِ لِحُصُولِ التَّمَيُّزِ بِدُونِهَا (أَوْ لَا يُؤْمَنُ) اشْتِبَاهُهَا كَغَيْرِ الْمَعْرُوفِ مِمَّا ذُكِرَ (فَالْأَظْهَرُ سَمَاعُ الْبَيِّنَةِ) عَلَى عَيْنِهَا وَهِيَ غَائِبَةٌ لِيُمَيِّزَهَا بِالصِّفَةِ مَعَ دُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَى إقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَيْهَا كَالْعَقَارِ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِكَثْرَةِ الِاشْتِبَاهِ (وَيُبَالِغُ) حَتْمًا (الْمُدَّعِي فِي الْوَصْفِ) لِلْمِثْلِيِّ بِمَا يُمْكِنُ الِاسْتِقْصَاءُ بِهِ لِيَحْصُلَ التَّمْيِيزُ بِهِ الْحَاصِلُ غَالِبًا بِذَلِكَ، ـــــــــــــــــــــــــــــSيَجْعَلُ الْغَائِبَ كَالنَّاكِلِ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي يَمِينَ الرَّدِّ (قَوْلُهُ وَلَوْ ثَبَتَ الْحَقُّ بِالْإِقْرَارِ) أَيْ بِبَيِّنَةٍ شَهِدَتْ عَلَى إقْرَارِ الْغَائِبِ. (فَصْلٌ) فِي غَيْبَةِ الْمَحْكُومِ بِهِ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا أَدْخَلَهُ فِي التَّرْجَمَةِ) وَهِيَ قَوْلُهُ كِتَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِتَحْدِيدِ الْأَوَّلِ) أَيْ الْعَقَارِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ صَحِيحٍ) أَيْ أَمْرٌ غَيْرُ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ السِّكَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنْ يَكُونَ الْمُخَالِفُ لَا يَرَاهُ حُكْمًا مُعْتَدًّا بِهِ بِحَيْثُ يَجُوزُ لَهُ نَقْضُهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلَا حَاجَةَ فِي هَذَا) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْإِنْهَاءُ بِمُجَرَّدِ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ. [فَصْلٌ فِي غَيْبَةِ الْمَحْكُومِ بِهِ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ] (فَصْلٌ) فِي غَيْبَةِ الْمَحْكُومِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا أَدْخَلَهُ فِي التَّرْجَمَةِ) أَيْ فِي بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ. وَقَدْ كَتَبَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى هَذَا مَا لَفْظُهُ يُتَأَمَّلُ فَأَشَارَ إلَى التَّوَقُّفِ فِي هَذَا الْكَلَامِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ صَحِيحٍ) كَانَ الظَّاهِرُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ (قَوْلُهُ: مِمَّا ذُكِرَ) شَمَلَ الْعَقَارَ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ قَدْ لَا يُؤْمَنُ اشْتِبَاهُهُ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ كَغَيْرِ الْمَعْرُوفِ مِنْ نَحْوِ الْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ فَتُفِيدُ أَنَّ الْعَقَارَ لَا يَكُونُ إلَّا مَأْمُونَ الِاشْتِبَاهِ: أَيْ إمَّا بِالشُّهْرَةِ وَإِمَّا بِالْحُدُودِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: عَلَى عَيْنِهَا) الْأَوْلَى حَذْفُهُ

وَاشْتُرِطَتْ الْمُبَالَغَةُ هُنَا دُونَ السَّلَمِ لِأَنَّهَا تُؤَدِّي ثَمَّ إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ الْمُنَافِيَةِ لِصِحَّتِهِ (وَيَذْكُرُ الْقِيمَةَ) حَتْمًا أَيْضًا فِي الْمُتَقَوِّمِ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ مَعْلُومًا بِدُونِهَا. وَاعْلَمْ أَنَّ ذِكْرَ الْقِيمَةِ وَفِي الْمِثْلِيِّ، وَالْمُبَالَغَةَ فِي وَصْفِ الْمُتَقَوِّمِ مَنْدُوبٌ كَمَا قَالَاهُ هُنَا، وَقَوْلُهُمَا فِي الدَّعَاوَى يَجِبُ وَصْفُ الْعَيْنِ بِصِفَةِ السَّلَمِ دُونَ قِيمَتِهَا مِثْلِيَّةً كَانَتْ أَوْ مُتَقَوِّمَةً مَحْمُولٌ عَلَى عَيْنٍ حَاضِرَةٍ بِالْبَلَدِ يُمْكِنُ إحْضَارُهَا مَجْلِسَ الْحُكْمِ، وَقَدْ أَشَارُوا لِذَلِكَ بِتَعْبِيرِهِمْ هُنَا بِالْمُبَالَغَةِ فِي الْوَصْفِ وَثَمَّ بِوَصْفِ السَّلَمِ (وَ) الْأَظْهَرُ (أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِهَا) أَيْ بِمَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْحُكْمَ مَعَ خَطَرِ الِاشْتِبَاهِ وَالْجَهَالَةِ بَعِيدٌ، وَالْحَاجَةُ تَنْدَفِعُ بِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ بِهَا اعْتِمَادًا عَلَى صِفَاتِهَا وَالْمُكَاتَبَةِ بِهَا وَمُقَابِلُهُ لَا يَنْظُرُ إلَى ذَلِكَ (بَلْ يَكْتُبُ إلَى قَاضِي بَلَدِ الْمَالِ بِمَا شَهِدَتْ بِهِ) الْبَيِّنَةُ، فَإِنْ أَظْهَرَ الْخَصْمُ ثَمَّ عَيْنًا أُخْرَى مُشَارِكَةً لَهَا بِيَدِهِ أَوْ يَدِ غَيْرِهِ أَشْكَلَ الْحَالُ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِدَافِعٍ عَمِلَ الْحَاكِمُ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ بِهِ حَيْثُ وُجِدَ بِالصِّفَةِ الَّتِي تَضَمَّنَهَا الْكِتَابُ وَحِينَئِذٍ (فَيَأْخُذُهُ) مِمَّنْ هُوَ عِنْدَهُ (وَيَبْعَثُهُ إلَى) الْقَاضِي (الْكَاتِبِ لِيَشْهَدُوا عَلَى عَيْنِهِ) لِيَحْصُلَ الْيَقِينُ (وَ) لَكِنَّ (الْأَظْهَرَ أَنَّهُ) لَا (يُسَلِّمُهُ لِلْمُدَّعِي) إلَّا (بِكَفِيلٍ) وَيُتَّجَهُ اعْتِبَارُ كَوْنِهِ ثِقَةً مَلِيئًا قَادِرًا لِيُطِيقَ السَّفَرَ لِإِحْضَارِهِ وَلِيُصَدَّقَ فِي طَلَبِهِ (بِبَدَنِهِ) احْتِيَاطًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ لَمْ تُعَيِّنْهُ الشُّهُودُ طُولِبَ بِرَدِّهِ، نَعَمْ الْأَمَةُ الَّتِي يَحْرُمُ عَلَيْهَا الْخَلْوَةُ بِهَا لَا يُرْسِلُهَا مَعَهُ بَلْ مَعَ أَمِينٍ فِي الرُّفْقَةِ مَعَهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ هُنَا إلَى نَحْوِ مَحْرَمٍ أَوْ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ تَمْنَعُ الْخَلْوَةَ، وَلَوْ قِيلَ بِهِ لَمْ يَبْعُدْ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ اعْتِبَارَ ذَلِكَ يَشُقُّ فَسُومِحَ فِيهِ مُرَاعَاةً لِفَصْلِ الْخُصُومَةِ، وَيُنْدَبُ أَنْ يَخْتِمَ عَلَى الْعَيْنِ وَأَنْ يُعَلِّقَ قِلَادَةً بِعُنُقِ الْحَيَوَانِ بِخَتْمٍ لَازِمٍ لِئَلَّا يُبَدَّلَ بِمَا يَقَعُ اللَّبْسُ بِهِ بِبَيْعٍ أَوْ نَحْوِهِ (فَإِنْ) ذَهَبَ بِهِ إلَى الْحَاكِمِ الْكَاتِب وَ (شَهِدُوا) عِنْدَهُ (بِعَيْنِهِ كَتَبَ بِبَرَاءَةِ الْكَفِيلِ) بَعْدَ تَتْمِيمِ الْحُكْمِ وَتَسْلِيمِ الْعَيْنِ لِلْمُدَّعِي وَلَمْ يَحْتَجْ لِإِرْسَالِ ثَانٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَشْهَدُوا بِعَيْنِهِ (فَعَلَى الْمُدَّعِي مُؤْنَةُ الرَّدِّ) كَالذَّهَابِ لِظُهُورِ تَعَدِّيهِ، وَعَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ أُجْرَةُ تِلْكَ الْمُدَّةِ إنْ كَانَ لَهُ مَنْفَعَةٌ لِأَنَّهُ عَطَّلَهَا عَلَى صَاحِبِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ أَنَّ الْقَاضِي يَبِيعُهُ لِلْمُدَّعِي ثُمَّ يَقْبِضُ مِنْهُ الثَّمَنَ وَيَضَعُهُ عِنْدَ عَدْلٍ أَوْ يَكْفُلُهُ بِالثَّمَنِ، فَإِنْ سَلَّمَ اسْتَرَدَّ الْمَالَ وَبَانَ بُطْلَانُ الْبَيْعِ وَإِلَّا فَهُوَ صَحِيحٌ، وَيُسَلِّمُ الثَّمَنَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهَذَا بَيْعٌ يَتَوَلَّاهُ الْقَاضِي لِلْمَصْلَحَةِ كَمَا يَبِيعُ الضَّوَالَّ (أَوْ) ادَّعَى عَيْنًا (غَائِبَةً عَنْ الْمَجْلِسِ لَا الْبَلَدِ) أَوْ قَرِيبَةً مِنْ الْبَلَدِ وَسَهُلَ إحْضَارُهَا كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ كَابْنِ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ حَيْثُ قَالَ: الْغَائِبَةُ عَنْ الْبَلَدِ بِمَسَافَةِ الْعَدْوَى كَاَلَّتِي بِالْبَلَدِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي وُجُوبِ الْإِحْضَارِ وَالْقَاضِي لَا يَعْرِفُ عَيْنَهَا وَلَيْسَتْ مَشْهُورَةً لِلنَّاسِ (أَمَرَ بِإِحْضَارِ مَا يُمْكِنُ) أَيْ يَتَيَسَّرُ مِنْ غَيْرِ كَبِيرِ مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً كَمَا هُوَ وَاضِحٌ (إحْضَارُهُ لِيَشْهَدُوا بِعَيْنِهِ) لِتَيَسُّرِ ذَلِكَ، أَمَّا غَيْرُهُ الَّذِي لَمْ يَشْتَهِرْ كَعَقَارٍ فَيُحَدِّدُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ) أَيْ فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ مِنْ طَلَبِ زِيَادَةِ تَمْيِيزِ الْمُدَّعَى بِهِ (قَوْلُهُ لِيَحْصُلَ الْيَقِينُ) هُوَ مُرَادِفٌ لِلْعِلْمِ، وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَهُمَا فَقَالَ الْيَقِينُ حُكْمُ الذِّهْنِ الْجَازِمُ الَّذِي لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ الشَّكُّ وَالْعِلْمُ أَعَمُّ، فَلَا يُقَالُ تَيَقَّنْتُ أَنَّ الْوَاحِدَ نِصْفُ الِاثْنَيْنِ، وَعَلَى هَذَا فَكَانَ الْأَنْسَبُ التَّعْبِيرَ بِالْعِلْمِ لِأَنَّ الْعَيْنَ الْمَعْرُوفَةَ لِلشُّهُودِ لَا يَتَطَرَّقُ إلَى مَعْرِفَتِهَا شَكٌّ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: جَرَى هُنَا عَلَى كَلَامِ غَيْرِ هَذَا الْبَعْضِ، أَوْ يَمْنَعُ أَنَّ الشُّهُودَ لَا يَتَطَرَّقُ لَهُمْ شَكٌّ فِي الْعَيْنِ الْمَرْئِيَّةِ بَعْدَ غَيْبَتِهَا (قَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يُسَلِّمُهُ) زِيَادَةُ لَا مَعَ إلَّا تُوهِمُ أَنَّ مُقَابِلَ الْأَظْهَرِ يَقُولُ يُسَلِّمُهُ لَهُ بِلَا كَفِيلٍ، وَلَيْسَ مُرَادًا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ مَحْمُولٌ عَلَى عَيْنٍ حَاضِرَةٍ بِالْبَلَدِ إلَخْ) تَبِعَ هُنَا الشِّهَابَ ابْنَ حَجَرٍ، لَكِنْ سَيَأْتِي لَهُ ثَمَّ فِي الدَّعَاوَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْقِيمَةِ فِي الْعَيْنِ الْمُتَقَوِّمَةِ الْحَاضِرَةِ أَيْضًا، وَسَيَأْتِي أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ هُنَا (قَوْلُهُ: أَوْ بِيَدِ غَيْرِهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا بِيَدِ غَيْرِهِ وَهِيَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ مَلِيئًا) تَوَقَّفَ ابْنُ قَاسِمٍ فِي اشْتِرَاطِ هَذَا، قَالَ: إلَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ مَا يَتَأَتَّى مَعَهُ السَّفَرُ (قَوْلُهُ: وَالْقَاضِي لَا يُعْرَفُ إلَخْ) لَيْسَ هَذَا مِنْ كَلَامِ الْمَطْلَبِ بَلْ هُوَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ تَقْيِيدًا لِلْمَتْنِ

وَيَصِفُ مَا يَعْسُرُ إحْضَارُهُ وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ بِحُدُودِهِ أَوْ صِفَاتِهِ أَوْ يَحْضُرُ الْقَاضِي بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبُهُ وَلَا يَشْهَدُونَ هُنَا بِصِفَةٍ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ بِخِلَافِهِ فِي الْغَائِبَةِ عَنْ الْبَلَدِ، فَإِنْ قَالَ الشُّهُودُ: إنَّمَا نَعْرِفُ عَيْنَهُ فَقَطْ تَعَيَّنَ حُضُورُ الْقَاضِي أَوْ نَائِبِهِ لِتَقَعَ الشَّهَادَةُ عَلَى عَيْنِهِ، فَإِنْ كَانَ هُوَ الْمَحْدُودَ فِي الدَّعْوَى حَكَمَ وَإِلَّا فَلَا، وَفِي ثَقِيلٍ وَمُثَبَّتٍ وَكُلِّ مَا يَعْسُرُ إحْضَارُهُ يَحْضُرُ هُوَ أَوْ نَائِبُهُ كَمَا ذُكِرَ وَأَمَّا مَا يَعْرِفُهُ الْقَاضِي فَإِنْ عَرَفَهُ النَّاسُ أَيْضًا فَلَهُ الْحُكْمُ بِهِ مِنْ غَيْرِ إحْضَارٍ وَإِنْ اخْتَصَّ بِهِ الْقَاضِي، فَإِنْ حَكَمَ بِعِلْمِهِ نَفَذَ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ فَلَا لِأَنَّهَا لَا تُسْمَعُ بِالصِّفَةِ كَمَا قَالَ (وَلَا تُسْمَعُ شَهَادَةٌ بِصِفَةٍ) لِعَيْنٍ غَائِبَةٍ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ، نَعَمْ إنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِاسْتِيلَائِهِ عَلَى كَذَا وَوَصَفَهُ الشُّهُودُ سُمِعَتْ، وَفِيمَا إذَا لَمْ تُسْمَعْ يُؤْمَرُ بِإِحْضَارِهَا لِتُسْمَعَ الْبَيِّنَةُ عَلَى عَيْنِهَا، وَإِنَّمَا سُمِعَتْ فِي الْغَائِبَةِ عَنْ الْبَلَدِ لِلْحَاجَةِ فِيهَا كَمَا مَرَّ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ قَبُولُ الشَّهَادَةِ عَلَى الْعَيْنِ وَإِنْ غَابَتْ عَنْ الشُّهُودِ بَعْدَ التَّحَمُّلِ، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ اشْتَرَطَ مُلَازَمَتَهَا لَهَا مِنْ التَّحَمُّلِ إلَى الْأَدَاءِ (وَإِذَا وَجَبَ إحْضَارٌ فَقَالَ) عِنْدِي عَيْنٌ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لَكِنَّهَا غَائِبَةٌ غَرِمَ قِيمَتَهَا لِلْحَيْلُولَةِ، أَوْ (لَيْسَ بِيَدِي عَيْنٌ بِهَذِهِ الصِّفَةِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) عَلَى حَسَبِ جَوَابِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ مَعَهُ (ثُمَّ) بَعْدَ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (لِلْمُدَّعِي دَعْوَى الْقِيمَةِ) فِي الْمُتَقَوِّمِ وَالْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا مُلِكَتْ (فَإِنْ نَكِلَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (فَحَلَفَ الْمُدَّعِي أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً) بِأَنَّ الْعَيْنَ الْمَوْصُوفَةَ كَانَتْ بِيَدِهِ وَإِنْ قَالَتْ لَا نَعْلَمُ أَنَّهَا مِلْكُ الْمُدَّعِي (كُلِّفَ الْإِحْضَارَ) لِيَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى عَيْنِهِ كَمَا مَرَّ (وَحُبِسَ عَلَيْهِ) لِامْتِنَاعِهِ مِنْ حَقٍّ لَزِمَهُ مَا لَمْ يُبَيِّنْ لَهُ عُذْرًا فِيهِ (وَلَا يُطْلَقُ إلَّا بِإِحْضَارٍ) لِلْمَوْصُوفِ (أَوْ دَعْوَى تَلَفٍ) لَهُ مَعَ الْحَلِفِ عَلَيْهِ، وَحِينَئِذٍ فَيَأْخُذُ مِنْهُ الْقِيمَةَ أَوْ الْمِثْلَ وَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ وَإِنْ نَاقَضَ قَوْلَهُ الْأَوَّلَ لِلضَّرُورَةِ، نَعَمْ لَوْ أَضَافَ التَّلَفَ إلَى جِهَةٍ ظَاهِرَةٍ طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ بِهَا ثُمَّ يَحْلِفُ عَلَى التَّلَفِ بِهَا كَالْمُودِعِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَلَوْ شَكَّ الْمُدَّعِي هَلْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ فَيَدَّعِي قِيمَةَ أَمْ لَا) الْأَفْصَحُ أَوْ (فَيَدَّعِيهَا فَقَالَ: غُصِبَ مِنِّي كَذَا، فَإِنْ بَقِيَ لَزِمَهُ رَدُّهُ وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ) فِي الْمُتَقَوِّمِ وَمِثْلُهُ فِي الْمِثْلِيِّ (سُمِعَتْ دَعْوَاهُ) وَإِنْ كَانَتْ مُتَرَدِّدَةً لِلْحَاجَةِ ثُمَّ إنَّ أَقَرَّ بِشَيْءٍ فَذَاكَ وَإِلَّا حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ رَدُّ الْعَيْنِ وَلَا بَدَلُهَا وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي كَمَا ادَّعَى كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ (وَقِيلَ) لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِلتَّرَدُّدِ (بَلْ يَدَّعِيهَا) أَيْ الْعَيْنَ (وَيُحَلِّفُهُ) عَلَيْهَا (ثُمَّ يَدَّعِي الْقِيمَةَ) إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا وَإِلَّا فَالْمِثْلَ (وَيَجْرِيَانِ) أَيْ الْوَجْهَانِ (فِيمَنْ دَفَعَ ثَوْبَهُ لِدَلَّالٍ لِيَبِيعَهُ فَجَحَدَهُ وَشَكَّ هَلْ بَاعَهُ فَيَطْلُبُ الثَّمَنَ أَمْ أَتْلَفَهُ ف) يَطْلُبُ (قِيمَتَهُ أَمْ هُوَ بَاقٍ فَيَطْلُبُهُ) فَعَلَى الْأَوَّلِ الْأَصَحُّ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ مُتَرَدِّدَةً بَيْنَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَيَدَّعِي أَنَّ عَلَيْهِ رَدَّهُ أَوْ ثَمَنَهُ إنْ بَاعَ وَأَخَذَهُ أَوْ قِيمَتَهُ إنْ أَتْلَفَهُ وَيَحْلِفُ الْخَصْمُ يَمِينًا وَاحِدَةً أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ الثَّوْبِ وَلَا ثَمَنُهُ وَلَا قِيمَتُهُ، فَإِنْ رَدَّ حَلَفَ الْمُدَّعِي كَمَا ادَّعَى ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ فَإِنْ حَكَمَ بِعِلْمِهِ) أَيْ إنْ قُلْنَا يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ بِأَنْ كَانَ مُجْتَهِدًا (قَوْلُهُ: غَرِمَ قِيمَتَهَا) أَيْ وَقْتَ طَلَبِهَا مِنْهُ لَا أَقْصَى الْقِيَمِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: إنْ أَتْلَفَهُ) أَيْ أَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ بِتَقْصِيرٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ رُدَّ حَلَفَ الْمُدَّعِي كَمَا ادَّعَى) أَيْ وَعَلَيْهِ فَمَاذَا يَلْزَمُهُ: أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُحْبَسُ وَيُقْبَلُ مِنْهُ مَا بَيَّنَ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا يَشْهَدُونَ هُنَا بِصِفَةٍ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ) هَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ مَعَ أَنَّهُ سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا تُسْمَعُ شَهَادَةٌ بِصِفَةٍ فَاللَّائِقُ الضَّرْبُ عَلَى هَذَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ الشُّهُودُ إنَّمَا نَعْرِفُ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَمَّا غَيْرُهُ الَّذِي لَمْ يَشْتَهِرْ (قَوْلُهُ: وَفِي ثَقِيلٍ وَمُثْبَتٍ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا يَعْرِفُهُ الْقَاضِي) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ الْمَارِّ وَالْقَاضِي لَا يَعْرِفُ عَيْنَهَا إلَخْ فَهُوَ فِيمَا يَسْهُلُ إحْضَارُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ غَابَتْ عَنْ الشُّهُودِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ هَذَا بِغَيْرِ الْمِثْلِيَّاتِ، أَمَّا هِيَ فَلَا خَفَاءَ أَنَّهَا لَا تَتَأَتَّى الشَّهَادَةُ عَلَى عَيْنِهَا إذَا احْتَاجَ الْأَمْرُ إلَيْهِ إلَّا مَعَ الْمُلَازَمَةِ الْمَذْكُورَةِ، إذْ هِيَ بِمُجَرَّدِ غَيْبَتِهَا عَنْ الشُّهُودِ تَنْبَهِمُ عَلَيْهِمْ لِعَدَمِ شَيْءٍ يُمَيِّزُهَا

وَإِلَّا كُلِّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيَانَ وَيَحْلِفُ إنْ ادَّعَى التَّلَفَ، فَإِنْ رُدَّ حَلَفَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ التَّلَفَ ثُمَّ يُحْبَسُ لَهُ (وَحَيْثُ أَوْجَبْنَا الْإِحْضَارَ فَثَبَتَتْ لِلْمُدَّعِي اسْتَقَرَّتْ مُؤْنَتُهُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ الْمُحْوِجُ لِذَلِكَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَثْبُتْ لَهُ (فَهِيَ) أَيْ مُؤْنَةُ الْإِحْضَارِ (وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ) لِلْعَيْنِ إلَى مَحَلِّهَا (عَلَى الْمُدَّعِي) لِأَنَّهُ الْمُحْوِجُ لِلْغُرْمِ وَعَلَيْهِ أَقْصَى أُجْرَةِ مِثْلِ مَنَافِعِ تِلْكَ الْمُدَّةِ إنْ غَابَتْ عَنْ الْبَلَدِ لَا الْمَجْلِسِ فَقَطْ وَنَفَقَتُهَا إلَى أَنْ تَثْبُتَ فِي بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ بِاقْتِرَاضٍ ثُمَّ عَلَى الْمُدَّعِي. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ غَابَ شَخْصٌ وَلَيْسَ لَهُ وَكِيلٌ وَلَهُ مَالٌ وَأَنْهَى إلَى الْحَاكِمِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَبِعْهُ اخْتَلَّ مُعْظَمُهُ لَزِمَهُ بَيْعُهُ إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِسَلَامَتِهِ. وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ: أَنَّ لِلْقَاضِي بَيْعَ مَالِ الْغَائِبِ بِنَفْسِهِ أَوْ قَيِّمِهِ إذَا احْتَاجَ إلَى نَفَقَةٍ، وَكَذَا إذَا خَافَ فَوْتَهُ أَوْ كَانَ الصَّلَاحُ فِي بَيْعِهِ، وَلَا يَأْخُذُ لَهُ بِالشُّفْعَةِ، وَإِذَا قَدِمَ لَمْ يَنْقُضْ بَيْعَ الْحَاكِمِ وَلَا إيجَارَهُ، وَإِذَا أُجْبِرَ بِغَصْبِ مَالِهِ وَلَوْ قَبْلَ غَيْبَتِهِ أَوْ بِجَحْدِ مَدِينِهِ وَخَشِيَ فَلَسَهُ فَلَهُ نَصْبُ مَنْ يَدَّعِيهِ وَلَا يَسْتَرِدُّ وَدِيعَتَهُ. وَأَفْتَى الْأَذْرَعِيُّ فِيمَنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ وَلَهُ دَيْنٌ خُشِيَ تَلَفُهُ بِأَنَّ الْحَاكِمَ يَغْصِبُ مَنْ يَسْتَوْفِيهِ وَيُنْفِقُ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ، وَقَدْ تَنَاقَضَ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَالْمُصَنِّفِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فِيمَا لِلْغَائِبِ مِنْ دَيْنٍ وَعَيْنٍ فَظَاهِرُهُ فِي مَوْضِعٍ مَنْعُ الْحَاكِمِ مِنْ قَبْضِهَا، وَفِي آخَرَ جَوَازُهُ فِيهِمَا، وَفِي آخَرَ جَوَازُهُ فِي الْعَيْنِ فَقَطْ وَهُوَ أَقْرَبُ لِأَنَّ بَقَاءَ الدَّيْنِ فِي الذِّمَّةِ أَحْرَزُ مِنْهُ فِي يَدِ الْحَاكِمِ لِصَيْرُورَتِهِ أَمَانَةً مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَمَرَّ فِي الْفَلَسِ عَنْ الْفَارِقِيِّ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ الْمَدْيُونُ ثِقَةً مَلِيئًا، وَإِلَّا وَجَبَ أَخْذُهُ مِنْهُ وَبِهِ يَتَأَيَّدُ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْقَفَّالِ وَالْأَذْرَعِيِّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّ مَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ فَوَاتُهُ عَلَى مَالِكِهِ لِفَلَسٍ أَوْ جَحْدٍ أَوْ فِسْقٍ يَجِبُ أَخْذُهُ عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا، وَكَذَا لَوْ طَلَبَ مَنْ الْعَيْنُ فِي يَدِهِ قَبْضَهَا مِنْهُ بِسَفَرٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَمَا لَا يَكُونُ كَذَلِكَ فَفِي الْعَيْنِ دُونَ الدَّيْنِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي قَاضٍ أَمِينٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الْوَدِيعَةِ، وَقَدْ أَطْلَقَ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْحَاكِمَ قَبْضُ دَيْنِ حَاضِرٍ مُمْتَنِعٍ مِنْ قَبُولِهِ بِلَا عُذْرٍ وَالْغَائِبُ مِثْلُهُ، وَلَوْ مَاتَ شَخْصٌ وَوَرِثَهُ مَحْجُورُ وَلِيِّهِ الْحَاكِمُ لَزِمَهُ طَلَبُ وَقَبْضُ جَمِيعِ مَالِهِ مِنْ عَيْنٍ وَدَيْنٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلَهُ: ثُمَّ يُحْبَسُ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ أَقْصَى أُجْرَةِ مِثْلِ) أَيْ فَلَوْ اخْتَلَفَتْ أُجْرَةُ مِثْلِهِ كَأَنْ كَانَتْ مُدَّةُ الْحُضُورِ وَالرَّدِّ شَهْرًا وَمَنْفَعَتُهُ فِي بَعْضِهَا عَشَرَةٌ وَفِي الْبَعْضِ الْآخَرِ عِشْرُونَ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ ثَلَاثُونَ، وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ أَقْصَى أُجْرَةِ إلَخْ خِلَافُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَنَفَقَتُهَا) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: فِي بَيْتِ الْمَالِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُوَاسَاةٌ وَقِيَاسُ مَا بَعْدَهُ أَنَّهُ قَرْضٌ (قَوْلُهُ ثُمَّ بِاقْتِرَاضٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا حَيْثُ ثَبَتَتْ فِي بَيْتِ الْمَالِ تَكُونُ تَبَرُّعًا (قَوْلُهُ: وَأَنْهَى إلَى الْحَاكِمِ) أَيْ اتَّفَقَ أَنَّ شَخْصًا مِنْ أَهْلِ مَحَلَّتِهِ أَخْبَرَ الْحَاكِمَ بِذَلِكَ، وَيَنْبَغِي وُجُوبُ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْكِفَايَةِ فِي حَقِّ أَهْلِ مَحَلَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّ لِلْقَاضِي) قَضِيَّتُهُ جَوَازُ ذَلِكَ وَقِيَاسُ مَا قَبْلَهُ الْوُجُوبُ (قَوْلُهُ: وَلَا إيجَارَهُ) أَيْ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِفِعْلِ ذَلِكَ شَرْعًا فَنَزَلَ تَصَرُّفُهُ مَنْزِلَةَ تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ وَإِذَا أَخْبَرَ) أَيْ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى الْأَذْرَعِيُّ فِيمَنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ غَابَ وَتَرَكَ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُمْ بِلَا مُنْفِقٍ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي قَبْضُ شَيْءٍ مِنْ دَيْنِهِ لِيَصْرِفَهُ عَلَى عِيَالِهِ، وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ رِعَايَةً لِمَصْلَحَةِ مَنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُمْ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا (قَوْلُهُ: عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا) أَيْ مَا لَمْ يَنْهَ مَالِكُهُ عَنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا فِي الْحَيَوَانِ اهـ حَجّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: فِي بَيْتِ الْمَالِ) أَيْ مَجَّانًا بِدَلِيلِ عَطْفِ الْقَرْضِ عَلَيْهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ الصَّلَاحُ فِي بَيْعِهِ) شَمَلَ نَحْوَ زِيَادَةِ الرِّبْحِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ.

[فصل في بيان من يحكم عليه في غيبته وما يذكر معه]

(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَنْ يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ (الْغَائِبُ الَّذِي تُسْمَعُ) الدَّعْوَى وَ (الْبَيِّنَةُ) عَلَيْهِ (وَيَحْكُمُ عَلَيْهِ مَنْ بِمَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ) لِسُهُولَةِ إحْضَارِ الْقَرِيبِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ حَكَمَ عَلَى غَائِبٍ فَبَانَ كَوْنُهُ حِينَئِذٍ بِمَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ تَبَيَّنَ فَسَادُ الْحُكْمِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَدَعْوَى أَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ كَلَامِهِمْ الصِّحَّةُ مَمْنُوعَةٌ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ سَفِيهٍ بَانَ كَمَالُهُ، وَلَوْ قَدِمَ الْغَائِبُ وَقَالَ وَلَوْ بِلَا بَيِّنَةٍ كُنْت بِعْت أَوْ أَعْتَقْت قَبْلَ بَيْعِ الْحَاكِمِ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ تَصَرُّفِ الْحَاكِمِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ بَانَ الْمُدَّعَى مَوْتُهُ حَيًّا بَعْدَ بَيْعِ الْحَاكِمِ مَا لَهُ فِي دَيْنِهِ، قَالَ أَبُو شُكَيْلٍ الْيَمَنِيُّ: بَانَ بُطْلَانُهُ إنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا لِتَبَيُّنِ بَقَائِهِ لَا حَالًّا لِأَنَّ الدَّيْنَ يَلْزَمُهُ وَفَاؤُهُ حَالًّا انْتَهَى. وَإِنَّمَا يُسَلَّمُ لَهُ ذَلِكَ فِي الْحَالِ إذَا بَانَ مُعْسِرًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَ الْمَبِيعِ أَوْ يَمْلِكُ غَيْرَهُ وَظَهَرَ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِي بَيْعِ الْمَبِيعِ لَوْ ظَهَرَ لَهُ الْحَالُ قَبْلَ التَّصَرُّفِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الرَّهْنِ، وَلَوْ بَانَ أَنْ لَا دَيْنَ بَانَ أَنْ لَا بَيْعَ كَمَا لَا يَخْفَى (وَهِيَ) أَيْ الْبَعِيدَةُ (الَّتِي لَا يَرْجِعُ مِنْهَا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ (مُبَكِّرٌ إلَى مَوْضِعِهِ لَيْلًا) أَيْ أَوَائِلَهُ وَهُوَ مَا يَنْتَهِي فِيهِ سَفَرُ النَّاسِ غَالِبًا، قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَذَلِكَ لِأَنَّ فِي إيجَابِ الْحُضُورِ مِنْهَا مَشَقَّةً بِمُفَارَقَةِ الْأَهْلِ وَالْوَطَنِ لَيْلًا، وَإِنَّمَا عَلَّقْنَا مِنْهَا بِمُبَكِّرٍ لِتَوَقُّفِ صِحَّةِ الْمُرَادِ عَلَيْهِ مَعَ جَعْلِ إلَى مَوْضِعِهِ مِنْ إظْهَارِ الْمُضْمَرِ: أَيْ لَا يَرْجِعُ مُبَكِّرٌ مِنْهَا لِبَلَدِ الْحَاكِمِ إلَيْهَا أَوَّلَ اللَّيْلِ بَلْ بَعْدَهُ، فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ تَعْبِيرُهُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّ مِنْهَا يَعُودُ لِلْبَعِيدَةِ وَهِيَ لَيْسَتْ الَّتِي لَا يَرْجِعُ مِنْهَا بَلْ الَّتِي لَا يَصِلُ إلَيْهَا مَنْ يَخْرُجُ بُكْرَةً مِنْ مَوْضِعِهِ إلَى بَلَدِ الْحَاكِمِ، فَلَوْ قَالَ الَّتِي لَوْ خَرَجَ مِنْهَا بُكْرَةً لِبَلَدِ الْحَاكِمِ لَا يَرْجِعُ إلَيْهَا لَيْلًا لَوْ عَادَ فِي يَوْمِهِ بَعْدَ فَرَاغِ الْمُحَاكَمَةِ لَوَفَّى بِالْمَقْصُودِ انْتَهَى. وَظَاهِرٌ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي ذَلِكَ بِالْيَوْمِ الْمُعْتَدِلِ، وَيُتَّجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ زَمَنُ الْمُخَاصَمَةِ الْمُعْتَدِلَةِ مِنْ دَعْوَى وَجَوَابٍ وَإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ حَاضِرَةٍ أَوْ حَلِفٍ وَتَعْدِيلِهَا وَأَنَّ الْعِبْرَةَ بِسَيْرِ الْأَثْقَالِ لِأَنَّهُ الْمُنْضَبِطُ (وَقِيلَ) هِيَ (مَسَافَةُ الْقَصْرِ) لِاعْتِبَارِهَا فِي الشَّرْعِ فِي أَمَاكِنَ. وَرُدَّ بِوُضُوحِ الْفَرْقِ هَذَا كُلُّهُ حَيْثُ كَانَ فِي وِلَايَةِ الْحَاكِمِ وَإِلَّا سَمِعَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَالْبَيِّنَةَ وَحَكَمَ وَكَاتَبَ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ، وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّدَتْ النُّوَّابُ أَوْ الْمُسْتَقِلُّونَ فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ وَحُدَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ حَدٌّ فَطَلَبَ مِنْ قَاضٍ مِنْهُمْ الْحُكْمَ عَلَى مَنْ لَيْسَ فِي حَدِّهِ قَبْلَ حُضُورِهِ حَكَمَ وَكَاتَبَ لِأَنَّهُ غَائِبٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِلْمَاوَرْدِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ خُصُوصًا إنْ لَمْ تَفْحُشْ سَعَةُ الْبَلْدَةِ (وَمَنْ بِقَرِيبَةٍ) أَيْ بِمَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ وَلَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَنْ يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي ذَلِكَ) أَيْ فَسَادُ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: بَانَ كَمَالُهُ) أَيْ بَعْدَ الدَّعْوَى عَلَى وَلِيِّهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ وَلَوْ بِلَا بَيِّنَةٍ) أَيْ وَلَوْ فَاسِقًا وَكَافِرًا وَهَلْ يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى يَمِينٍ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ تَحْلِيفُهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يَنْتَهِي فِيهِ سَفَرُ النَّاسِ غَالِبًا) أَيْ وَإِنْ كَانَ أَهْلُ ذَلِكَ الْمَحَلِّ لَا يَرْجِعُونَ إلَّا فِي نَحْوِ ثُلُثِ اللَّيْلِ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِوُضُوحِ الْفَرْقِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَنْ يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ] فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَنْ يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ (قَوْلُهُ: لِسُهُولَةِ إحْضَارِ الْقَرِيبِ) أَيْ الَّذِي فِي وِلَايَتِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) الَّذِي مَرَّ إنَّمَا هُوَ إذَا بَطَلَ الدَّيْنُ بَعْدَ حُضُورِهِ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَانَ أَنْ لَا دَيْنَ إلَخْ) قَدْ قَدَّمَ هَذَا وَنَبَّهَ عَلَى مُخَالَفَةِ الرُّويَانِيِّ فِيهِ (قَوْلُهُ: هَذَا كُلُّهُ حَيْثُ كَانَ فِي وِلَايَةِ الْحَاكِمِ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا لَا مَحَلَّ لَهُ هُنَا، وَأَنَّ مَحَلَّهُ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَمَنْ بِقَرِيبَةٍ كَحَاضِرٍ إلَخْ، أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ هَذَا أَصْلًا وَلَا إلَى نِسْبَتِهِ إلَى الْمَاوَرْدِيِّ لِأَنَّهُ عَيْنُ قَوْلِ

بَعْدَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ فِي حُضُورِهِ وَهُوَ مِمَّنْ يَتَأَتَّى حُضُورُهُ (كَحَاضِرٍ فَلَا تُسْمَعُ) دَعْوَى وَلَا (بَيِّنَةٌ) عَلَيْهِ (وَلَا يُحْكَمُ بِغَيْرِ حُضُورِهِ) بَلْ يَجِبُ إحْضَارُهُ لِسُهُولَةِ ذَلِكَ لِيَدْفَعَ إنْ شَاءَ أَوْ يُقِرَّ فَيُغْنِي عَنْ الْبَيِّنَةِ وَالنَّظَرِ فِيهَا (إلَّا لِتَوَارِيهِ) أَوْ حَبْسِهِ بِمَحَلٍّ لَا يُمْكِنُ الْوُصُولُ إلَيْهِ أَوْ هَرَبِهِ مِنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ (أَوْ تَعَزُّرِهِ) أَيْ تَغَلُّبِهِ، وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَتُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ وَيُحْكَمُ بِغَيْرِ حُضُورِهِ، لَكِنْ بَعْدَ يَمِينِ الِاسْتِظْهَارِ عَلَى أَرْجَحِ الْوَجْهَيْنِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَبَعًا لِجَمْعٍ مُتَأَخِّرِينَ احْتِيَاطًا لِلْحُكْمِ فَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ تَقْصِيرُهُ وَقُدْرَتُهُ عَلَى الْحُضُورِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ جُعِلَ الْآخَرُ فِي حُكْمِ النَّاكِلِ، فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي يَمِينَ الرَّدِّ عَلَى مَا ادَّعَاهُ بَعْضُهُمْ ثُمَّ يُحْكَمُ لَهُ، لَكِنْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِخِلَافِهِ وَتَبِعَهُ جَمْعٌ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِ النِّدَاءِ بِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَحْضُرْ جُعِلَ نَاكِلًا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ (وَالْأَظْهَرُ جَوَازُ الْقَضَاءِ عَلَى غَائِبٍ فِي قِصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ) لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ فَأَشْبَهَ الْمَالَ (وَمَنْعُهُ فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى) وَتَعَازِيرِهِ لِبِنَائِهَا عَلَى الْمُسَامَحَةِ وَالدَّرْءِ مَا أَمْكَنَ، وَمَا فِيهِ الْحَقَّانِ كَالسَّرِقَةِ يُقْضَى فِيهِ بِالْمَالِ لَا الْقَطْعِ. وَالثَّانِي الْجَوَازُ مُطْلَقًا كَالْأَمْوَالِ فَيَكْتُبُ إلَى قَاضِي بَلَدِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ لِيَأْخُذَ بِالْعُقُوبَةِ. وَالثَّالِثُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا لِخَطَرِ الدِّمَاءِ وَالْحَدُّ يُسْعَى فِي دَفْعِهِ وَلَا يُوَسِّعُ بَابَهُ وَحُقُوقُهُ تَعَالَى الْمَالِيَّةُ كَحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ عَلَى غَائِبٍ بِإِسْقَاطِ حَقٍّ لَهُ كَأَنْ قَالَ كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ قَضَيْتُهَا أَوْ أَبْرَأَنِي مِنْهَا وَلِي بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ وَلَا آمَنُ إنْ خَرَجْتُ إلَيْهِ يُطَالِبُنِي وَيَجْحَدُ الْقَبْضَ وَالْإِبْرَاءَ وَلَا أَجِدُ حِينَئِذٍ الْبَيِّنَةَ فَاسْمَعْ بَيِّنَتِي وَاكْتُبْ بِذَلِكَ إلَى حَاكِمِ بَلَدِهِ لَمْ يُجِبْهُ لِأَنَّ الدَّعْوَى بِذَلِكَ وَالْبَيِّنَةَ لَا تُسْمَعُ إلَّا بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ بِالْحَقِّ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَطَرِيقُهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَدَّعِيَ إنْسَانٌ أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ أَحَالَهُ فَيَعْتَرِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ لِرَبِّهِ وَبِالْحَوَالَةِ، وَيَدَّعِي أَنَّهُ أَبْرَأَهُ مِنْهُ أَوْ أَقْبَضَهُ فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى بِذَلِكَ وَالْبَيِّنَةُ وَإِنْ كَانَ رَبُّ الدَّيْنِ حَاضِرًا بِالْبَلَدِ (وَلَوْ) (سَمِعَ بَيِّنَةً عَلَى غَائِبٍ فَقَدِمَ) وَلَوْ (قَبْلَ الْحُكْمِ) (لَمْ يَسْتَعِدْهَا) أَيْ لَمْ يَلْزَمْهُ لِوُقُوعِ ذَلِكَ صَحِيحًا لَكِنَّهُ بَاقٍ عَلَى حُجَّتِهِ مِنْ إبْدَاءِ قَادِحٍ أَوْ رَافِعٍ (بَلْ يُخْبِرُهُ) بِالْحَالِ فَيَتَوَقَّفُ حُكْمُهُ عَلَى إخْبَارِهِ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ، وَاعْتَرَضَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ الْإِعْزَارَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ عِنْدَنَا لِصِحَّةِ الْحُكْمِ، وَرَدَّهُ تِلْمِيذُهُ الْعِرَاقِيُّ بِأَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ لِحُضُورِهِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةَ فَهُوَ الْمُتَمَكِّنُ مِنْ الدَّفْعِ، وَأَمَّا هُنَا فَلَمْ يَعْلَمْ فَاشْتُرِطَ إعْلَامُهُ (وَيُمَكِّنُهُ مِنْ الْجَرْحِ) أَوْ نَحْوِهِ كَإِثْبَاتِ نَحْوِ فِسْقٍ وَيُمْهِلُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَا بُدَّ أَنْ يُؤَرِّخَ الْجَرْحَ بِوَقْتِ الشَّهَادَةِ أَوْ قَبْلَهَا وَقَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ، وَقَدْ اسْتَطْرَدَ ذِكْرَ مَسَائِلَ لَهَا نَوْعُ تَعَلُّقٍ بِالْبَابِ فَقَالَ (وَلَوْ) (عُزِلَ) أَوْ انْعَزَلَ (بَعْدَ سَمَاعِ بَيِّنَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَهُوَ الْمَشَقَّةُ فِي الْحُضُورِ هُنَا (قَوْلُهُ: وَحُقُوقُهُ تَعَالَى الْمَالِيَّةُ) أَيْ كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ: كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ) الْأَلْفُ مُذَكَّرٌ وَحَيْثُ أُنِّثَ فَيُؤَوَّلُ بِالدَّرَاهِمِ أَوْ نَحْوِهَا، وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: الْأَلْفُ عَدَدٌ وَهُوَ مُذَكَّرٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يُجِبْهُ) هَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ أَوَّلًا وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بَلْ لَيْسَ فِي الْكَلَامِ مَا يَصْلُحُ هَذَا جَوَابًا لَهُ، فَلَوْ قَالَ فَإِنْ كَانَ قَالَهُ إلَخْ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْإِعْذَارَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ) أَيْ الِاعْتِرَافُ بِمَا يُرِيدُ الْقَاضِي الْحُكْمَ بِهِ وَأَبْدَى عُذْرًا فِي عَدَمِ الِاعْتِرَافِ بِهِ أَوَ لَا مَثَلًا، وَفِي الْمُخْتَارِ أَعْذَرَ: صَارَ ذَا عُذْرٍ (قَوْلُهُ: لِحُضُورِهِ) أَيْ ثَمَّ (قَوْلُهُ: وَيُمْهِلُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: وَقَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ) أَيْ وَهِيَ سَنَةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ انْعَزَلَ) أَيْ بِفِسْقٍ مَثَلًا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُصَنِّفِ الْآتِي أَوْ غَائِبٍ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَلَيْسَ لَهُ إحْضَارُهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: جَعَلَ الْآخَرَ فِي حُكْمِ النَّاكِلِ إلَخْ) هَذَا خَاصٌّ بِالْمُتَوَارِي وَالْمُتَعَزَّزِ بِخِلَافِ الْمَحْبُوسِ الَّذِي زَادَهْ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: لَمْ يُجِبْهُ) الْأَصْوَبُ حَذْفُهُ (قَوْلُهُ: فَيَعْتَرِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِاعْتِرَافِهِ مَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنْ يَقُولَ كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مَثَلًا أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَيْ لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ

ثُمَّ وَلِيَ) وَلَمْ يَكُنْ حَكَمَ بِقَبُولِهَا كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ (وَجَبَتْ الِاسْتِعَادَةُ) وَلَا يَحْكُمُ بِالسَّمَاعِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ قَدْ بَطَلَ بِالِانْعِزَالِ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَرَجَ عَنْ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ ثُمَّ عَادَ لِبَقَاءِ وِلَايَتِهِ، وَبِخِلَافِ مَا لَوْ حَكَمَ بِقَبُولِهَا فَإِنَّ لَهُ الْحُكْمَ بِالسَّمَاعِ الْأَوَّلِ، وَلَا أَثَرَ لِإِشْهَادِهِ عَلَى نَفْسِهِ لِلسَّمَاعِ لِانْتِفَاءِ كَوْنِهِ حُكْمًا عَلَى الرَّاجِحِ (وَإِذَا اُسْتُعْدِيَ) بِبِنَائِهِ لِلْمَفْعُولِ (عَلَى حَاضِرٍ بِالْبَلَدِ) أَهْلٌ لِسَمَاعِ الدَّعْوَى، وَالْجَوَابِ: أَيْ طُلِبَ مِنْهُ إحْضَارُهُ (أَحْضَرَهُ) وَإِنْ كَانَ مَا ادَّعَاهُ مُحَالًا عَادَةً كَوَزِيرٍ ادَّعَى عَلَيْهِ وَضِيعٌ بِأَنَّهُ اكْتَرَاهُ لِشَيْلِ زِبْلٍ مَثَلًا فَيَلْزَمُهُ الْإِحْضَارُ مُطْلَقًا مَا لَمْ يُعْلَمْ كَذِبُهُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ، أَوْ يَكُونُ قَدْ اُسْتُؤْجِرَتْ عَيْنُهُ وَلَزِمَ مِنْ حُضُورِهِ تَعْطِيلُ حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَا يُحْضِرُهُ حَتَّى يَنْقَضِيَ أَمَدُ الْإِجَارَةِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ، وَيُتَّجَهُ ضَبْطُ التَّعْطِيلِ الْمُضِرِّ بِأَنْ يَمْضِيَ زَمَنٌ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ وَإِنْ قَلَّتْ، فَالْأَوْجَهُ أَمْرُهُ بِالتَّوْكِيلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ ذَوِي الْهَيْئَاتِ، وَيَحْضُرُ الْيَهُودِيُّ يَوْمَ سَبْتِهِ، وَالْمُخَدَّرَةُ إذَا لَزِمَتْهَا يَمِينٌ عَلَيْهِ أَنْ يُرْسِلَ إلَيْهَا مَنْ يُحَلِّفُهَا كَمَا يَأْتِي، وَقَوْلُ الْجَوَاهِرِ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ يُسَنُّ ذَلِكَ مَرْدُودٌ (بِدَفْعِ خَتْمِ طِينٍ رَطْبٍ أَوْ غَيْرِهِ) مَكْتُوبٍ فِيهِ أَجِبْ الْقَاضِيَ فُلَانًا وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ مُعْتَادًا ثُمَّ هُجِرَ وَاعْتِيدَ الْكِتَابَةُ فِي الْوَرَقِ قِيلَ وَهُوَ أَوْلَى (أَوْ مُرَتِّبٍ لِذَلِكَ) وَهُوَ الْعَوْنُ الْمُسَمَّى الْآنَ بِالرَّسُولِ، وَكَلَامُهُ كَأَصْلِهِ مَحْمُولٌ عَلَى التَّنْوِيعِ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ الْقَاضِي وَبِهِ صُرِّحَ فِي الْحَاوِي، وَلَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا بِحَسَبِ مَا يُؤَدِّي بِهِ الِاجْتِهَادُ إلَيْهِ مِنْ قُوَّةِ الْخَتْمِ وَضَعْفِهِ، وَفِي الِاسْتِقْصَاءِ أَنَّهُ لَا يَبْعَثُ الْعَوْنَ إلَّا إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْمَجِيءِ بِالْخَتْمِ لِأَنَّ الطَّالِبَ قَدْ يَتَضَرَّرُ بِأَخْذِ أُجْرَتِهِ مِنْهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْأُجْرَةَ عَلَى الطَّالِبِ مُطْلَقًا حَيْثُ لَمْ يُرْزَقْ الْعَوْنُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. وَقَضِيَّةُ مَا يَأْتِي فِي أَعْوَانِ السُّلْطَانِ أَنَّهَا عَلَى الْمُمْتَنِعِ هُنَا أَيْضًا وَهُوَ كَذَلِكَ، وَأُجْرَةُ الْمُلَازِمِ عَلَى الْمُدَّعِي بِخِلَافِ الْحَبْسِ، لَكِنْ ذَهَبَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ إلَى أَنَّ الْأُجْرَةَ عَلَى الطَّالِبِ وَإِنْ امْتَنَعَ خَصْمُهُ مِنْ الْحُضُورِ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يُصَدِّقُهُ عَلَى الْمُدَّعَى بِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ الذَّهَابُ مَعَهُ بِقَوْلِهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ أَمْرِ الْحَاكِمِ بِذَلِكَ، وَفَصَّلَ فِي أُجْرَةِ الْمُلَازِمِ فَجَعَلَهَا عَلَى الْمَدْيُونِ إنْ كَانَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَإِلَّا فَعَلَى الطَّالِبِ، وَمَحَلُّ لُزُومِ إجَابَةِ الْحُضُورِ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْقَاضِي الْمَطْلُوبَ إلَيْهِ يَقْضِي عَلَيْهِ بِجَوْرٍ بِرِشْوَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَإِلَّا فَلَهُ الِامْتِنَاعُ بَاطِنًا، وَأَمَّا فِي الظَّاهِرِ فَلَا وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ مَتَى وَكَّلَ لَمْ يَلْزَمْهُ الْحُضُورُ بِنَفْسِهِ (فَإِنْ امْتَنَعَ) مِنْ الْحُضُورِ مِنْ مَحَلٍّ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِجَابَةُ مِنْهُ (بِلَا عُذْرٍ) مِنْ أَعْذَارِ الْجَمَاعَةِ وَثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَهُ وَلَوْ بِقَوْلِ عَوْنٍ ثِقَةٍ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ (أَحْضَرَهُ بِأَعْوَانِ السُّلْطَانِ) وَأُجْرَتُهُمْ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ (وَعَزَّرَهُ) إنْ رَأَى ذَلِكَ لِتَعَدِّيهِ، وَلَوْ اسْتَخْفَى نُودِيَ عَلَيْهِ مُتَكَرِّرًا بِبَابِ دَارِهِ إنْ لَمْ يَحْضُرْ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ سُمِّرَ بَابُهُ أَوْ خُتِمَ وَسُمِعَتْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَحُكِمَ بِهَا، فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ بَعْدَهَا وَسَأَلَ الْمُدَّعِي أَحَدَهُمَا وَأَثْبَتَ أَنَّهُ يَأْوِي دَارِهِ أَجَابَهُ، وَظَاهِرٌ أَنَّ التَّسْمِيرَ إذَا أَفْضَى إلَى نَقْصٍ لَا يَفْعَلُهُ إلَّا فِي مَمْلُوكٍ لَهُ، بِخِلَافِ الْخَتْمِ ثُمَّ يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ وَيَحْكُمُ عَلَيْهِ بِهَا بَعْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَيْ طُلِبَ مِنْهُ إحْضَارُهُ) يُقَالُ اسْتَعْدَيْت الْأَمِيرُ عَلَى فُلَانٍ فَأَعْدَانِي: أَيْ اسْتَعَنْت بِهِ عَلَيْهِ فَأَعَانَنِي اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَلَّتْ) أَيْ كَدِرْهَمٍ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ أَمْرُهُ بِالتَّوْكِيلِ) أَيْ مَنْ اُسْتُؤْجِرَتْ عَيْنُهُ وَكَانَ حُضُورُهُ يُعَطِّلُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوْلَى) لَعَلَّ وَجْهَ الْأَوْلَوِيَّةِ مَا فِي الطِّينِ مِنْ الْقَذَارَةِ (قَوْلُهُ: أُجْرَةُ الْمُلَازِمِ) وَمِنْهُ السَّجَّانُ (قَوْلُهُ لَكِنْ ذَهَبَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِقَوْلِ عَوْنٍ) غَايَةً ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَاضِي (قَوْلُهُ: أَيْ طَلَبَ مِنْهُ إحْضَارَهُ) هَذَا التَّفْسِيرُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ نَائِبَ فَاعِلِ اُسْتُعْدِيَ فِي الْمَتْنِ الْقَاضِي لَا الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ ذَهَبَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ إلَى أَنَّ الْأُجْرَةَ) أَيْ أُجْرَةَ الْعَوْنِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ مَتَى وَكَّلَ إلَخْ) لَمْ يَمُرَّ هَذَا وَإِنَّمَا الَّذِي مَرَّ أَنَّ الْأَجِيرَ يُؤْمَرُ بِالتَّوْكِيلِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَعْذَارِ الْجَمَاعَةِ) شَمَلَ نَحْوَ أَكْلِ ذِي رِيحٍ كَرِيهٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ: وَالْعُذْرُ كَالْمَرَضِ وَحَبْسِ الظَّالِمِ وَالْخَوْفِ مِنْهُ، وَقَيَّدَ غَيْرُهُ الْمَرَضَ الَّذِي يُعْذَرُ بِهِ بِأَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يَسُوغُ بِمِثْلِهِ شَهَادَةُ الْفَرْعِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْخَتْمِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يُؤَدِّي إلَى نَقْصٍ

الْيَمِينِ كَمَا مَرَّ، كَمَا لَوْ هَرَبَ قَبْلَ الدَّعْوَى أَوْ بَعْدَهَا وَقَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَا يُسَمَّرُ دَارُهُ إذَا كَانَ يَأْوِيهَا غَيْرُهُ وَلَا يُخْرَجُ الْغَيْرُ فِيمَا يَظْهَرُ انْتَهَى. وَمَحَلُّهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي سَاكِنٍ بِأُجْرَةٍ لَا عَارِيَّةٍ، وَلَوْ أُخْبِرَ أَنَّهُ بِمَحَلٍّ بِهِ نِسَاءٌ أَرْسَلَ إلَيْهِ مَمْسُوحًا أَوْ مُمَيِّزًا، وَبَعْدَ الظَّفَرِ يُعَزِّرُهُ بِحَبْسٍ أَوْ غَيْرِهِ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ لَائِقًا بِهِ. وَالْمَعْذُورُ يُرْسَلُ إلَيْهِ مَنْ يَسْمَعُ الدَّعْوَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَصْمِهِ أَوْ يُلْزِمُهُ بِالتَّوْكِيلِ، وَلَهُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ كَالْغَائِبِ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ (أَوْ) ادَّعَى عَلَى (غَائِبٍ فِي غَيْرِ) مَحَلِّ (وِلَايَتِهِ) (فَلَيْسَ لَهُ إحْضَارُهُ) إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ بَلْ يَسْمَعُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةَ ثُمَّ يُنْهِي كَمَا مَرَّ (أَوْ فِيهَا وَلَهُ هُنَاكَ نَائِبٌ) أَوْ مُتَوَسِّطٌ بَيْنَ النَّاسِ وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ لِلْقَضَاءِ (لَمْ يُحْضِرْهُ) أَيْ لَمْ يَجُزْ إحْضَارُهُ لِلْمَشَقَّةِ مَعَ تَيْسِيرِ الْفَصْلِ حِينَئِذٍ (بَلْ يَسْمَعُ بَيِّنَةً) عَلَيْهِ (وَيَكْتُبُ إلَيْهِ) بِذَلِكَ (أَوْ لَا نَائِبَ لَهُ فَالْأَصَحُّ) أَنَّهُ (يُحْضِرُهُ) بَعْدَ تَحْرِيرِ الدَّعْوَى وَصِحَّةِ سَمَاعِهَا (مِنْ مَسَافَةِ الْعَدْوَى فَقَطْ وَهِيَ الَّتِي يَرْجِعُ مِنْهَا مُبَكِّرٌ) إلَى مَحَلِّهِ (لَيْلًا) كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، فَإِنْ كَانَ فَوْقَهَا لَمْ يُحْضِرْهُ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا إحْضَارَهُ مُطْلَقًا، وَمَرَّ أَنَّ أَوَائِلَ اللَّيْلِ كَالنَّهَارِ فَلَا تَنَافِي حِينَئِذٍ بَيْنَ قَوْلِهِ هُنَا لَيْلًا وَقَوْلِهِ فِي الرَّوْضَةِ قَبْلَ اللَّيْلِ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْقَاضِي يُعْدِي: أَيْ يُعِينُ مَنْ طَلَبَ خَصْمَهُ مِنْهَا عَلَى إحْضَارِهِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْمُخَدَّرَةَ لَا تُحْضَرُ) صَرْفًا لِلْمَشَقَّةِ عَنْهَا كَالْمَرِيضِ وَحِينَئِذٍ فَيُرْسِلُ الْقَاضِي لَهَا لِتُوَكِّلَ مَنْ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا وَيُغْلِظُ عَلَيْهَا بِحُضُورِ الْجَامِعِ لِلتَّحْلِيفِ وَلَا تُحْضَرُ بَرَزَةٌ مِنْ خَارِجِ الْبَلَدِ إلَّا مَعَ نَحْوِ مَحْرَمٍ أَوْ نِسْوَةٍ ثِقَاتٍ أَوْ امْرَأَةٍ احْتِيَاطًا لِحَقِّ الْآدَمِيِّ (وَهِيَ مَنْ لَا يَكْثُرُ خُرُوجُهَا لِحَاجَاتٍ) مُتَكَرِّرَةٍ كَشِرَاءِ كَتَّانٍ بِأَنْ لَا تَخْرُجَ أَصْلًا أَوْ تَخْرُجُ نَادِرًا لِنَحْوِ عَزَاءٍ أَوْ حَمَّامٍ أَوْ زِيَارَةٍ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُبْتَذَلَةٍ بِهَذَا الْخُرُوجِ. وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ كَوْنَهَا فِي عِدَّةٍ أَوْ اعْتِكَافٍ لَا يَكُونُ مَانِعًا مِنْ حُضُورِهَا مَجْلِسَ الْحُكْمِ، وَبِهِ صَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ فِي الْإِفْصَاحِ، نَعَمْ الْمَرِيضَةُ كَالْمُخَدَّرَةِ، وَلَوْ كَانَتْ بَرَزَةً ثُمَّ لَازَمَتْ الْخِدْرَ فَكَالْفَاسِقِ إذَا تَابَ فَيُعْتَبَرُ مُضِيُّ سَنَةٍ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي كَوْنِهَا مُخَدَّرَةً فَإِنْ كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ الْغَالِبُ عَلَى نِسَائِهِمْ الْخِدْرُ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا وَإِلَّا فَهُوَ بِيَمِينِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلَا يُسَمِّرُ دَارِهِ) أَيْ لَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ يَأْوِيهَا غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ أَهْلِهِ لِأَنَّهُمْ مَحْبُوسُونَ لِحَقِّهِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: أَرْسَلَ إلَيْهِ مَمْسُوحًا) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: وَلَهُ هُنَاكَ نَائِبٌ) وَمِنْهُ الْبَاشَا إذَا طُلِبَ مِنْهُ إحْضَارُ شَخْصٍ مِنْ أَهْلِ وِلَايَتِهِ حَيْثُ كَانَ بِمَحَلٍّ فِيهِ مَنْ يَفْصِلُ الْخُصُومَةَ بَيْنَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ لِمَا فِي إحْضَارِهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ الْمَذْكُورَةِ مَا لَمْ يَتَوَقَّفْ خَلَاصُ الْحَقِّ عَلَى حُضُورِهِ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ إحْضَارُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ لِلْقَضَاءِ) أَيْ كَالشَّادِّ وَمَشَايِخِ الْعُرْبَانِ وَالْبُلْدَانِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ فَوْقَهَا لَمْ يُحْضِرْهُ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ بِمِثْلِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ وُجُوبِ الْإِحْضَارِ عِنْدَ تَوَقُّفِ خَلَاصِ الْحَقِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَيْ يُعِينُ مَنْ طَلَبَ خَصْمَهُ) لَعَلَّ هَذَا تَفْسِيرٌ بِاللَّازِمِ، وَإِلَّا فَمَعْنَى أَعْدَى أَزَالَ الْعُدْوَانَ كَأَشْكَى أَزَالَ الشَّكْوَى فَالْهَمْزَةُ فِيهِ لِلسَّلْبِ (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ) مُعْتَمَدٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا يُسَمِّرُ دَارِهِ إذَا كَانَ يَأْوِيهَا غَيْرُهُ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُتَّجَهُ هُنَا بَعْدَ الْإِنْذَارِ الْهَجْمُ دُونَ الْخَتْمِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَخْرُجُ الْغَيْرُ) أَيْ لَيْسَ لِلْقَاضِي إخْرَاجُ غَيْرِهِ مِنْهَا كَأَهْلِهِ وَأَوْلَادِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ: أَوْ ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ إلَخْ) لَعَلَّ الشَّارِحَ إنَّمَا قَدَّرَ لَفْظَ ادَّعَى دُونَ اُسْتُعْدِيَ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ ظَاهِرِ مَا مَرَّ لِأَجْلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي بَلْ يَسْمَعُ بَيِّنَتَهُ وَيَكْتُبُ إلَيْهِ إلَخْ، إذْ هَذَا لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الدَّعْوَى وَلَا يَكُونُ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِعْدَاءِ (قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَوَّلَ الْفَصْلِ إذْ هَذَا مَفْهُومُهُ، لِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ هُنَاكَ مَا فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى عُلِمَ مِنْهُ ضَابِطُ مَسَافَةِ الْعَدْوَى (قَوْلُهُ: وَيُغْلِظُ عَلَيْهَا) أَيْ إذْ اقْتَضَى الْحَالُ التَّغْلِيظَ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ كَوْنَهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ

[باب القسمة]

بَابُ الْقِسْمَةِ بِكَسْرِ الْقَافِ وَهِيَ تَمْيِيزُ الْحِصَصِ بَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ. وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ} [النساء: 8] الْآيَةَ، وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْسِمُ الْغَنَائِمَ بَيْنَ أَرْبَابِهَا» وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا، فَقَدْ يَتَبَرَّمُ الشَّرِيكُ مِنْ الْمُشَارَكَةِ أَوْ يَقْصِدُ الِاسْتِبْدَادَ بِالتَّصَرُّفِ، وَأَدْرَجَهَا فِي الْقَضَاءِ لِاحْتِيَاجِ الْقَاضِي إلَيْهَا وَلِأَنَّ الْقَاسِمَ كَالْقَاضِي عَلَى مَا سَيَأْتِي (قَدْ يَقْسِمُ) الْمُشْتَرَكَ (الشُّرَكَاءُ) الْكَامِلُونَ، أَمَّا غَيْرُ الْكَامِلِينَ فَلَا يَقْسِمُ لَهُمْ وَلِيُّهُمْ إلَّا إنْ كَانَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ غِبْطَةٌ (أَوْ مَنْصُوبُهُمْ) أَيْ وَكِيلُهُمْ (أَوْ مَنْصُوبُ الْإِمَامِ) أَوْ الْإِمَامُ نَفْسُهُ وَإِنْ غَابَ أَحَدُهُمْ لِأَنَّهُ يَنُوبُ عَنْهُ أَوْ الْمُحَكَّمُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِكُلِّ مُمْكِنٍ ذُكِرَ، وَيَمْتَنِعُ عَلَى أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَأْخُذَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ حِصَّتَهُ إلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ. قَالَ الْقَفَّالُ: أَوْ امْتِنَاعُهُ مِنْ الْمُتَمَاثِلِ فَقَطْ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ الْآتِي أَنَّ قِسْمَتَهُ إفْرَازٌ، وَمَا قُبِضَ مِنْ الْمُشْتَرَكِ مُشْتَرَكٌ. نَعَمْ لِلْحَاضِرِ الِانْفِرَادُ بِأَخْذِ نَصِيبِهِ مِنْ مُدَّعَى ثَبَتَ لَهُ مِنْهُ حِصَّةٌ فَكَأَنَّهُمْ جَعَلُوا غَيْبَةَ شَرِيكِهِ عُذْرًا فِي تَمْكِينِهِ مِنْهُ كَامْتِنَاعِهِ (وَشَرْطُ مَنْصُوبِهِ) أَيْ الْإِمَامِ وَمِثْلُهُ الْمُحَكَّمُ عَنْهُمْ مَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ (ذَكَرٌ حُرٌّ عَدْلٌ) تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَنْ لَازَمَهُ التَّكْلِيفُ وَالْإِسْلَامُ وَغَيْرُهُمَا مِمَّا يَأْتِي أَوَّلَ الشَّهَادَاتِ مِنْ نَحْوِ سَمْعٍ وَبَصَرٍ وَضَبْطٍ وَنُطْقٍ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ، بَلْ وَفِيهَا إلْزَامٌ كَالْقَضَاءِ إذْ الْقَسَّامُ مُجْتَهِدٌ مِسَاحَةً وَتَقْدِيرًا ثُمَّ يَلْزَمُ بِالْإِقْرَاعِ (يَعْلَمُ) إنْ نُصِّبَ لِلْقِسْمَةِ مُطْلَقًا أَوْ فِيمَا يَحْتَاجُ لِمِسَاحَةٍ وَحِسَابٍ (الْمِسَاحَةُ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَهِيَ عِلْمٌ يُعْرَفُ بِهِ طُرُقُ اسْتِعْلَامِ الْمَجْهُولَاتِ الْعَدَدِيَّةِ الْعَارِضَةِ لِلْمَقَادِيرِ وَهِيَ قِسْمٌ مِنْ الْحِسَابِ فَعَطْفُهُ عَلَيْهَا مِنْ عَطْفِ الْأَعَمِّ (وَالْحِسَابُ) لِأَنَّهُمَا آلَتُهَا كَالْفِقْهِ لِلْقَضَاءِ، ـــــــــــــــــــــــــــــS (بَابُ الْقِسْمَةِ) (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ لُغَةً وَشَرْعًا تَمْيِيزُ الْحِصَصِ إلَخْ (قَوْلُهُ: الِاسْتِبْدَادَ) أَيْ الِاسْتِقْلَالَ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْقِسْمَةِ حِصَّتَهُ) أَيْ كَامِلَةً أَوْ شَيْئًا مِنْهَا لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مُشْتَرَكٌ وَأَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ لَا يَسْتَقِلُّ بِالتَّصَرُّفِ (قَوْلُهُ: أَوْ امْتِنَاعُهُ مِنْ الْمُتَمَاثِلِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ قَاضٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: مِنْ مُدَّعًى) أَيْ بِهِ وَهُوَ شَامِلٌ لِلْمِثْلِيِّ وَالْمُتَقَوِّمِ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ الْآتِي وَكَأَنَّهُمْ جَعَلُوا غَيْبَةَ شَرِيكِهِ لِامْتِنَاعِهِ تَخْصِيصَهُ بِالْمِثْلِيِّ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ الْمُحَكَّمُ عَنْهُمْ) مَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ دَفَعَ بِهِ مَا يَرِدُ مِنْ أَنَّ الذَّكَرَ وَمَا بَعْدَهُ لَيْسَ شَرْطًا لِأَنَّهُ اسْمُ ذَاتٍ وَلَا يُخْبَرُ بِهِ عَنْ اسْمِ الْمَعْنَى فَأَشَارَ إلَى أَنَّ الشَّرْطَ كَوْنُهُ ذَكَرًا حُرًّا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَضَبْطٍ وَنُطْقٍ) أَيْ وَعَدَمِ تُهْمَةٍ بِأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ عَدَاوَةٌ لَا أَصْلِيَّةٌ وَلَا فَرْعِيَّةٌ وَلَا سَيِّدِيَّةٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْقَضَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَابُ الْقِسْمَةِ] (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ كَانَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ غِبْطَةٌ) مَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَطْلُبْ الشُّرَكَاءُ الْقِسْمَةَ وَإِلَّا وَجَبَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا غِبْطَةٌ لِغَيْرِ الْكَامِلِينَ كَمَا فِي الْبَهْجَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ غَابَ أَحَدُهُمْ) اُنْظُرْ هَلْ يَرْجِعُ هَذَا إلَى مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْمُتَمَاثِلِ) هُوَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ كَلَامِ الْقَفَّالِ أَيْضًا: أَيْ إذْ غَيْرُ الْمُتَمَاثِلِ يَمْتَنِعُ فِيهِ وَلَوْ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ (قَوْلُهُ: وَمَا قَبَضَ مِنْ الْمُشْتَرَكِ) مُشْتَرَكٌ هَذَا فِي نَحْوِ الْإِرْثِ خَاصَّةً كَمَا نَبَّهُوا عَلَيْهِ، وَهُوَ لَا يَخْتَصُّ بِمَا إذَا كَانَ الشَّرِيكُ غَائِبًا بَلْ يُجْرَى أَيْضًا فِيمَا إذَا كَانَ حَاضِرًا، فَمَحَطُّ الِاسْتِدْرَاكِ الْآتِي أَنَّهُ إذَا كَانَ الشَّرِيكُ حَاضِرًا لَا يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِالْقَبْضِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ غَائِبًا فَإِنَّ لَهُ الِاسْتِقْلَالَ، وَإِلَّا فَمَا قَبَضَ مُشْتَرَكٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، فَقَدْ نَقَلَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ فِي مَسْأَلَةِ الْغَيْبَةِ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ مِنْ أَبْوَابِ الشَّهَادَةِ أَنَّ الْغَائِبَ إذَا حَضَرَ يُشَارِكُ الْحَاضِرَ فِيمَا قَبَضَهُ وَلْيُرَاجَعْ مَا مَرَّ

وَاشْتَرَطَ جَمْعٌ كَوْنَهُ نَزْهًا قَلِيلَ الطَّمَعِ، وَخَرَجَ بِمَنْصُوبِهِ مَنْصُوبُهُمْ فَيُعْتَبَرُ تَكْلِيفُهُ فَقَطْ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ، وَيَجُوزُ كَوْنُهُ قِنًّا وَامْرَأَةً وَفَاسِقًا، نَعَمْ إنْ كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ اُشْتُرِطَ مَا مَرَّ (فَإِنْ كَانَ فِيهَا تَقْوِيمٌ وَجَبَ) حَيْثُ لَمْ يَجْعَلْ حَاكِمًا فِي التَّقْوِيمِ (قَاسِمَانِ) أَيْ مُقَوِّمَانِ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِاثْنَيْنِ فَاشْتُرِطَ الْعَدَدُ مِنْ حَيْثُ التَّقْوِيمُ لَا الْقِسْمَةُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا تَقْوِيمٌ (فَقَاسِمٌ) وَاحِدٌ يَكْفِي وَإِنْ كَانَ فِيهَا خَرْصٌ لِأَنَّ قِسْمَتَهُ تَلْزَمُ بِنَفْسِ قَوْلِهِ وَلَا يَحْتَاجُ وَإِنْ تَعَدَّدَ لِلَّفْظِ الشَّهَادَةِ لِأَنَّهَا تَسْتَنِدُ إلَى عَمَلٍ مَحْسُوسٍ (وَفِي قَوْلٍ) يُشْتَرَطُ (اثْنَانِ) بِنَاءً عَلَى الْمَرْجُوحِ أَنَّهُ شَاهِدٌ لَا حَاكِمٌ، هَذَا فِي مَنْصُوبِ الْإِمَامِ، أَمَّا مَنْصُوبُهُمْ فَيَكْفِي اتِّحَادُهُ قَطْعًا، وَفَارَقَ الْخَرْصُ الْقِسْمَةَ بِأَنَّهُ يَعْتَمِدُ الِاجْتِهَادَ وَهِيَ تَعْتَمِدُ الْإِخْبَارَ بِأَنَّ هَذَا يُسَاوِي كَذَا (وَلِلْإِمَامِ جَعْلُ الْقَاسِمِ حَاكِمًا فِي التَّقْوِيمِ) وَحِينَئِذٍ (فَيُعْمَلُ فِيهِ بِعَدْلَيْنِ) ذَكَرَيْنِ يَشْهَدَانِ عِنْدَهُ بِهِ لَا بِأَقَلَّ مِنْهُمَا (وَيَقْسِمُ) بِنَفْسِهِ وَلَهُ الْعَمَلُ فِيهِ بِعِلْمِهِ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ فِي الْقَضَاءِ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ مَعْرِفَتِهِ بِالْقِيمَةِ فَيَرْجِعُ لِقَوْلِ عَدْلَيْنِ خَبِيرَيْنِ، نَعَمْ يُنْدَبُ ذَلِكَ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ (وَيَجْعَلُ الْإِمَامُ رِزْقَ مَنْصُوبِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) فِيهِ مَالٌ أَوْ كَانَ ثَمَّ مَا هُوَ أَهَمُّ مِنْهُ أَوْ مُنِعَ الْأَخْذَ مِنْهُ ظُلْمًا، وَلِهَذَا الْعُمُومِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ عِبَارَتِهِ حَذَفَ قَوْلَ أَصْلُهُ فِيهِ مَالٌ (فَأُجْرَتُهُ عَلَى الشُّرَكَاءِ) إنْ اسْتَأْجَرُوهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ لَهُمْ مَعَ الْتِزَامِهِمْ لَهُ عِوَضًا لَا إنْ عَمِلَ سَاكِتًا فَلَا شَيْءَ لَهُ. أَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ بَعْضُهُمْ فَالْكُلُّ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا حَرُمَ عَلَى الْقَاضِي أَخْذُ أُجْرَةٍ عَلَى الْقَضَاءِ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْحُكْمَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَالْقِسْمَةَ حَقُّ الْآدَمِيِّ، وَلِأَنَّ لِلْقَاسِمِ عَمَلًا يُبَاشِرُهُ بِالْأُجْرَةِ فِي مُقَابَلَتِهِ وَالْحَاكِمُ مَقْصُورٌ عَلَى الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَلَا يُنَصِّبُ حِينَئِذٍ قَاسِمًا مُعَيَّنًا بَلْ يَدَعُ النَّاسَ يَسْتَأْجِرُونَ مَنْ شَاءُوا (فَإِنْ اسْتَأْجَرُوهُ) كُلُّهُمْ مَعًا (وَسَمَّى كُلٌّ) مِنْهُمْ (قَدْرًا) كَاسْتَأْجَرْنَاكَ لِتَقْسِمَ هَذَا بَيْنَنَا بِدِينَارٍ عَلَى فُلَانٍ وَدِينَارَيْنِ عَلَى فُلَانٍ أَوْ وَكَّلُوا مَنْ عَقَدَ لَهُمْ كَذَلِكَ (لَزِمَهُ) أَيْ كُلًّا مَا سَمَّاهُ وَلَوْ فَوْقَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ سَاوَى حِصَّتَهُ أَمْ لَا. أَمَّا مُرَتَّبًا فَيَجُوزُ عِنْدَ الْقَاضِي وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَرَدَّ عَلَى الْإِسْنَوِيِّ اعْتِمَادَهُ لِمُقَابِلِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُسَمِّ كُلٌّ مِنْهُمْ قَدْرًا بَلْ أَطْلَقُوا (فَالْأُجْرَةُ مُوَزَّعَةٌ عَلَى الْحِصَصِ) لِأَنَّهَا مِنْ مُؤَنِ الْمِلْكِ كَنَفَقَةِ الْحَيَوَانِ الْمُشْتَرَكِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ، أَمَّا هِيَ فَتُوَزَّعُ فِيهَا عَلَى حَسَبِ الْمَأْخُوذِ قِلَّةً وَكَثْرَةً لَا بِحَسَبِ الْحِصَصِ الْأَصْلِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ وَاشْتَرَطَ جَمْعٌ كَوْنَهُ نَزْهًا) أَيْ بَعِيدًا عَنْ الْأَقْذَارِ (قَوْلُهُ: فَيُعْتَبَرُ تَكْلِيفُهُ) دَخَلَ فِيهِ الذِّمِّيُّ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَاسِمًا (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يُجْعَلْ حَاكِمًا فِي التَّقْوِيمِ) أَيْ أَمَّا إذَا جُعِلَ حَاكِمًا فَيُعْمَلُ فِيهِ بِعَدْلَيْنِ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ الْخَرْصُ الْقِسْمَةَ) أَيْ عَلَى هَذَا الثَّانِي حَيْثُ لَمْ يَكْتَفِ بِوَاحِدٍ بِخِلَافِ الْخَرْصِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا حَرُمَ عَلَى الْقَاضِي أَخْذُ أُجْرَةٍ عَلَى الْقَضَاءِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ اسْتَأْجَرَهُ أَمْ لَا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ فَقِيرًا وَعِبَارَتُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَلَا يُنَصِّبُ) أَيْ نَدْبًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَأْجَرُوهُ كُلُّهُمْ مَعًا) أَيْ اتِّفَاقًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي أَمَّا مُرَتَّبًا إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQآخِرَ بَابِ الشَّرِكَةِ وَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ ادَّعَتْ وَرَثَةٌ مَالًا لِمُوَرِّثِهِمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَهُ مِنْهُ حِصَّةٌ) هُوَ جُمْلَةٌ مِنْ مُبْتَدَأٍ وَخَبَرٍ وَصْفٌ لِمُدَّعِي وَلَيْسَ قَوْلُهُ حِصَّةٌ فَاعِلًا لَثَبَتَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ قِسْمَتَهُ تَلْزَمُ بِنَفْسِ قَوْلِهِ) فِي التُّحْفَةِ قَبْلَ هَذَا مَا نَصُّهُ: لِأَنَّهُ حَاكِمٌ، ثُمَّ قَالَ: لِأَنَّ قِسْمَتَهُ إلَخْ، فَقَوْلُهُ لِأَنَّ قِسْمَتَهُ إلَخْ تَعْلِيلٌ لِكَوْنِهِ حَاكِمًا فَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ نَسْخِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُنِعَ الْأَخْذُ مِنْهُ) لَعَلَّ مُنِعَ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ ضَمِيرُ الْقَسَمِ (قَوْلُهُ فِيهِ مَالٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ ذِكْرَ هَذَا عَقِبَ الْمَتْنِ يُفِيدُ قَصْرَ الْمَتْنِ عَلَيْهِ، فَيَكُونُ قَوْلُهُ أَوْ كَانَ ثُمَّ مَا هُوَ أَهَمُّ إلَخْ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى مُفَادِ الْمَتْنِ فَتَفُوتُ النُّكْتَةُ الَّتِي لِأَجْلِهَا حَذَفَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْقَيْدَ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ غَيْرَ هَذَا الْحَلِّ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَصَّبُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ لَمْ يَكُنْ بَيْتُ مَالٍ كَمَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ صَنِيعُ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: أَمَّا مُرَتَّبًا) بِأَنْ اسْتَأْجَرَهُ وَاحِدٌ لِإِفْرَازِ حِصَّتِهِ ثُمَّ

لِأَنَّ الْعَمَلَ فِي الْكَثِيرِ أَكْثَرُ مِنْهُ فِي الْقَلِيلِ، هَذَا كُلُّهُ إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً، وَإِلَّا وُزِّعَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ عَلَى حَسَبِ الْحِصَصِ مُطْلَقًا كَمَا لَوْ أَمَرَ الْقَاضِي مَنْ يَقْسِمُ الْمَالَ بَيْنَهُمْ إجْبَارًا (وَفِي قَوْلٍ عَلَى الرُّءُوسِ) لِأَنَّ الْعَمَلَ فِي النَّصِيبِ الْقَلِيلِ كَهُوَ فِي الْكَثِيرِ (ثُمَّ) (مَا عَظُمَ الضَّرَرُ فِي قِسْمَتِهِ كَجَوْهَرَةٍ وَثَوْبٍ نَفِيسَيْنِ وَزَوْجَيْ خُفٍّ) أَيْ فَرْدَتَيْهِ (إنْ طَلَبَ الشُّرَكَاءُ كُلُّهُمْ قِسْمَتَهُ) (لَمْ يُجِبْهُمْ الْقَاضِي) إنْ بَطَلَتْ مَنْفَعَتُهُ بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ يَمْنَعُهُمْ مِنْ قِسْمَتِهِ بِأَنْفُسِهِمْ لِأَنَّهُ سَفَهٌ، وَمَا نَازَعَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ فِي صُورَةِ زَوْجَيْ خُفٍّ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي قِسْمَتِهِمَا إبْطَالُ مَنْفَعَةٍ بَلْ نَقْصُهَا يُرَدُّ بِأَنَّهُمَا إنْ كَانَا بَيْنَ أَكْثَرِ مِنْ اثْنَيْنِ كَانَا مِنْ هَذَا الْقِسْمِ أَوْ بَيْنَ اثْنَيْنِ كَانَا مِنْ الْقِسْمِ الْآتِي فَلَا اعْتِرَاضَ (وَلَا يَمْنَعُهُمْ إنْ قَسَمُوا بِأَنْفُسِهِمْ إنْ لَمْ تَبْطُلْ مَنْفَعَتُهُ) بِالْكُلِّيَّةِ بِأَنْ نَقَصَتْ (كَسَيْفٍ يُكْسَرُ) لِإِمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِمَا صَارَ إلَيْهِ مِنْهُ عَلَى حَالِهِ أَوْ بِاِتِّخَاذِهِ سِكِّينًا مَثَلًا، وَلَا يُجِيبُهُمْ إلَى ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ، وَكَانَ مُقْتَضَى ذَلِكَ مَنْعَهُ لَهُمْ، غَيْرَ أَنَّهُ رُخِّصَ لَهُمْ فِعْلُ مَا ذُكِرَ بِأَنْفُسِهِمْ تَخَلُّصًا مِنْ سُوءِ الْمُشَارَكَةِ. نَعَمْ بَحَثَ جَمْعٌ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ مِنْ بُطْلَانِ بَيْعِ جُزْءٍ مُعَيَّنٍ مِنْ نَفِيسٍ أَنَّ مَا هُنَا فِي سَيْفٍ خَسِيسٍ وَإِلَّا مَنَعَهُمْ (وَمَا يَبْطُلُ نَفْعُهُ الْمَقْصُودُ كَحَمَّامٍ وَطَاحُونَةٍ صَغِيرَيْنِ) بِحَيْثُ لَوْ قُسِمَ كُلٌّ لَمْ يُنْتَفَعْ بِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ مِنْ الْوَجْهِ الْمَقْصُودِ مِنْهَا قَبْلَهَا وَلَوْ بِإِحْدَاثِ مَرَافِقَ، وَتَعْبِيرُهُ بِصَغِيرَيْنِ فِيهِ تَغْلِيبٌ لِلْمُذَكَّرِ عَلَى الْمُؤَنَّثِ لِأَنَّ الْحَمَّامَ مُذَكَّرٌ وَالطَّاحُونَةَ مُؤَنَّثَةٌ (لَا يُجَابُ طَالِبُ قِسْمَتِهِ) إجْبَارًا (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا فِيهِ مِنْ إضْرَارِ الْآخَرِ وَلَا يَمْنَعُهُمْ مِنْهَا لِمَا مَرَّ (فَإِنْ أَمْكَنَ جَعْلُهُ حَمَّامَيْنِ) أَوْ طَاحُونَتَيْنِ (أُجِيبَ) وَأُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ وَإِنْ احْتَاجَ إلَى إحْدَاثِ نَحْوِ بِئْرٍ وَمُسْتَوْقَدٍ لِعُسْرِ التَّدَارُكِ. وَالثَّانِي يُجَابُ إنْ انْتَفَعَ بِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ بِوَجْهٍ مَا وَإِنَّمَا بَطَلَ بَيْعُ مَا لَا مَمَرَّ لَهُ وَإِنْ أَمْكَنَ تَحْصِيلُهُ بَعْدُ لِأَنَّ شَرْطَ الْمَبِيعِ الِانْتِفَاعُ بِهِ حَالًّا (وَلَوْ) (كَانَ لَهُ عُشْرُ دَارٍ) أَوْ حَمَّامٍ أَوْ أَرْضٍ (لَا يَصْلُحُ لِسُكْنَى) أَوْ كَوْنُهُ حَمَّامًا أَوْ لِمَا يُقْصَدُ مِنْ تِلْكَ الْأَرْضِ (وَالْبَاقِي لِآخَرَ) وَهُوَ يَصْلُحُ لِذَلِكَ (فَالْأَصَحُّ إجْبَارُ صَاحِبِ الْعُشْرِ بِطَلَبِ صَاحِبِهِ) لِانْتِفَاعِهِ وَضَرَرُ صَاحِبِ الْعُشْرِ إنَّمَا نَشَأَ مِنْ قِلَّةِ نَصِيبِهِ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِضَرَرِ شَرِيكِهِ (دُونَ عَكْسِهِ) لِأَنَّهُ مُضَيِّعٌ لِمَالِهِ مُتَعَنِّتٌ، نَعَمْ إنْ مَلَكَ أَوْ أَحْيَا مَا لَوْ ضُمَّ إلَى عُشْرِهِ صَلُحَ. أُجِيبَ وَأَفَادَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعَمَلَ فِي الْكَثِيرِ أَكْثَرُ مِنْهُ فِي الْقَلِيلِ) قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: كَأَرْضٍ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَيَعْدِلُ ثُلُثُهَا ثُلُثَيْهَا، فَالصَّائِرُ إلَيْهِ الثُّلُثَانِ يُعْطِي مِنْ أُجْرَةِ الْقَسَّامِ ثُلُثَيْ الْأُجْرَةِ، وَلَوْ اسْتَأْجَرُوهُ لِكِتَابَةِ الصَّكِّ فَالْأُجْرَةُ أَيْضًا عَلَى الْحِصَصِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ آخِرَ الشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ: أَنَّ مَا هُنَا فِي سَيْفٍ خَسِيسٍ) وَإِطْلَاقُهُمْ يُخَالِفُهُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَثَمَّ بِأَنَّ ذَاكَ الْتَزَمَ فِيهِ مَا يُؤَدِّي إلَى النَّقْصِ بِعَقْدٍ، وَقَدْ مَنَعَهُ الشَّرْعُ مِنْ التَّسْلِيمِ فَقُلْنَا بِفَسَادِهِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا، فَإِنَّ كَسْرَ السَّيْفِ بِمُجَرَّدِ التَّرَاضِي فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَطَعَ ذِرَاعًا مِنْ ثَوْبٍ نَفِيسٍ لِغَرَضِ الْبَيْعِ وَهُوَ جَائِزٌ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: نَشَأَ مِنْ قِلَّةِ نَصِيبِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الْعُشْرُ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ أَوْ أَحْيَا مَا لَوْ ضُمَّ إلَى عُشْرِهِ صَلَحَ أُجِيبَ) وَإِذَا أُجِيبَ فَإِذَا كَانَ الْمَوَاتُ أَوْ الْمِلْكُ فِي أَحَدِ جَوَانِبِ الدَّارِ دُونَ بَاقِيهَا فَهَلْ يَتَعَيَّنُ إعْطَاؤُهُ مَا يَلِي مِلْكَهُ بِلَا قُرْعَةٍ، وَتَكُونُ هَذِهِ الصُّورَةُ مُسْتَثْنَاةً مِنْ كَوْنِ الْقِسْمَةِ إنَّمَا تَكُونُ بِالْقُرْعَةِ، وَلَا بُدَّ مِنْ الْقُرْعَةِ حَتَّى لَوْ أُخْرِجَتْ حِصَّتُهُ فِي غَيْرِ جِهَةِ مِلْكِهِ لَا تَتِمُّ الْقِسْمَةُ أَوْ يُصَوَّرُ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ الْمَوَاتُ أَوْ الْمَمْلُوكُ مُحِيطًا بِجَمِيعِ جَوَانِبِ الدَّارِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ لِلْحَاجَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQآخَرُ كَذَلِكَ وَهَكَذَا كَمَا صَوَّرَهُ الزِّيَادِيُّ (قَوْلُهُ: عَلَى حَسَبِ الْحِصَصِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَسَمَّى كُلَّ قَدْرٍ أَمْ لَا، فَالْإِطْلَاقُ فِي مُقَابَلَةِ تَفْصِيلِ الْمَتْنِ، وَمَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ فِي قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ يَكُونُ عَلَى حَسَبِ الْحِصَصِ الْحَادِثَةِ لَا الْأَصْلِيَّةِ وَيُعْلَمُ هَذَا مِنْ التَّعْلِيلِ الْمَارِّ أَيْضًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعَمَلَ فِي النَّصِيبِ الْقَلِيلِ كَهُوَ فِي الْكَثِيرِ) لَا يَخْفَى مُصَادَمَةُ هَذَا لِلتَّعْلِيلِ الْمَارِّ، وَقَدْ عَلَّلَ الْجَلَالُ هُنَا بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الْعَمَلَ يَقَعُ لَهُمْ جَمِيعًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحَمَامَ مُذَكَّرٌ) أَيْ كَمَا يُؤَنَّثُ: أَيْ وَقَدْ نَظَرَ هُنَا إلَى جِهَةِ تَذْكِيرِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ شَرْطَ الْمَبِيعِ الِانْتِفَاعُ بِهِ حَالًا) اُنْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ نَحْوِ الْجَحْشِ الصَّغِيرِ

فِي أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ بِنَاءٌ أَوْ غِرَاسٌ لَهُمَا فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا قِسْمَةَ الْأَرْضِ لَمْ يُجْبِرْ الْآخَرَ، وَكَذَا عَكْسُهُ لِبَقَاءِ الْعُلْقَةِ بَيْنَهُمَا. أَمَّا بِرِضَاهُمَا فَيَجُوزُ ذَلِكَ، قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَالْمُصَنِّفُ، وَلَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً وَاقْتَسَمَ اثْنَانِ عَلَى أَنْ تَبْقَى الْحِصَّةُ لِلثَّالِثِ شَائِعَةً مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا لَمْ يَصِحَّ، وَنَقَلَ غَيْرُهُمَا الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا أُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ عَلَى قِسْمَتِهَا مَعَ غِرَاسٍ بِهَا دُونَ زَرْعٍ فِيهَا لِأَنَّ لَهُ أَمَدًا يُنْتَظَرُ، وَإِذَا تَنَازَعَ الشُّرَكَاءُ فِيمَا لَا تُمْكِنُ قِسْمَتُهُ فَإِنْ تَهَايَئُوا مَنْفَعَةَ ذَلِكَ مُيَاوَمَةً أَوْ غَيْرَهَا جَازَ، وَلِكُلٍّ الرُّجُوعُ وَلَوْ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ، لَكِنْ يَغْرَمُ بَدَلَ مَا اسْتَوْفَاهُ وَيُدْخِلُ يَدَهُ أَمَانَةً كَالْمُسْتَأْجِرِ، فَإِنْ أَبَوْا الْمُهَايَأَةَ أَجْبَرَهُمْ الْحَاكِمُ عَلَى إيجَارِهِ أَوْ أَجَّرَهُ عَلَيْهِمْ سَنَةً وَمَا قَارَبَهَا وَأَشْهَدَ كَمَا لَوْ غَابُوا كُلُّهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ فَإِنْ تَعَدَّدَ طَالِبُ الْإِيجَارِ أَجَّرَهُ وُجُوبًا لِمَنْ يَرَاهُ أَصْلَحَ، وَهَلْ لَهُ إيجَارُهُ مِنْ بَعْضِهِمْ تَرَدَّدَ فِيهِ فِي التَّوْشِيحِ، وَرَجَّحَ غَيْرُهُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ إنْ رَآهُ: أَيْ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ هُوَ مِثْلُهُ كَمَا لَا يَخْفَى، وَأَنَّهُ لَوْ طَلَبَ كُلٌّ مِنْهُمْ اسْتِئْجَارَ حِصَّةِ غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ أَجْنَبِيٌّ قُدِّمَ وَإِلَّا أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ. فَإِنْ تَعَذَّرَ إيجَارُهُ: أَيْ لِنَحْوِ كَسَادٍ لَا يَزُولُ عَنْ قُرْبٍ عَادَةً كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: بَاعَهُ لِتَعَيُّنِهِ وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ. وَيُؤْخَذُ مِنْ عِلَّتِهِ أَنَّ الْمُهَايَأَةَ تَعَذَّرَتْ لِغَيْبَةِ بَعْضِهِمْ أَوْ امْتِنَاعِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الْبَيْعُ وَحَضَرَ جَمِيعُهُمْ أَجْبَرَهُمْ عَلَى الْمُهَايَأَةِ إنْ طَلَبَهَا بَعْضُهُمْ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَإِنَّمَا لَمْ يُعْرِضْ عَنْهُمْ إلَى الصُّلْحِ وَلَا يُجْبِرُهُمْ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ فِي الْعَارِيَّةِ لِإِمْكَانِ الْفَرْقِ بِكَثْرَةِ الضَّرَرِ هُنَا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا ثَمَّ يُمْكِنُ انْتِفَاعُهُ بِنَصِيبِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَبِأَنَّ الضَّرَرَ ثَمَّ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْمُمْتَنِعِ فَقَطْ، وَهُنَا الضَّرَرُ عَلَى الْكُلِّ فَلَمْ يُمْكِنْ فِيهِ الْإِعْرَاضُ (وَمَا لَا يَعْظُمُ ضَرَرُهُ قِسْمَتُهُ أَنْوَاعٌ) ثَلَاثَةٌ، وَهِيَ الْآتِيَةُ لِأَنَّ الْمَقْسُومَ إنْ تَسَاوَتْ الْأَنْصِبَاءُ مِنْهُ صُورَةً وَقِيمَةً فَهُوَ الْأَوَّلُ، وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى رَدِّ شَيْءٍ آخَرَ فَالثَّانِي وَإِلَّا فَالثَّالِثُ (أَحَدُهَا بِالْأَجْزَاءِ) وَتُسَمَّى قِسْمَةَ الْمُتَشَابِهَاتِ وَقِسْمَةَ الْأَجْزَاءِ (كَمِثْلِيٍّ) مُتَّفِقِ النَّوْعِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَمَرَّ بَيَانُهُ فِي الْغَصْبِ، وَمِنْهُ نَقْدٌ وَلَوْ مَغْشُوشًا لِجَوَازِ الْمُعَامَلَةِ بِهِ، وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَ النَّوْعُ فَيَجِبُ عِنْدَ عَدَمِ الرِّضَا قِسْمَةُ كُلِّ نَوْعٍ وَحْدَهُ (وَدَارٍ مُتَّفِقَةِ الْأَبْنِيَةِ) بِأَنْ يَكُونَ مَا بِشَرْقَيْهَا مِنْ بَيْتٍ وَصِفَةٍ كَمَا بِغَرْبَيْهَا (وَأَرْضٍ مُشْتَبِهَةِ الْأَجْزَاءِ) وَنَحْوِهَا كَكِرْبَاسٍ لَا يَنْقُصُ بِالْقَطْعِ (فَيُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ) عَلَيْهَا اسْتَوَتْ الْأَنْصِبَاءُ أَمْ لَا لِلتَّخَلُّصِ مِنْ سُوءِ الْمُشَارَكَةِ مَعَ عَدَمِ الضَّرَرِ ، نَعَمْ لَا إجْبَارَ فِي قِسْمَةِ زَرْعٍ قَبْلَ اشْتِدَادِهِ لِعَدَمِ كَمَالِ انْضِبَاطِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSمَعَ عَدَمِ ضَرَرِ الشَّرِيكِ حَيْثُ كَانَتْ الْأُجْرَةُ مُسْتَوِيَةً، وَسَيَأْتِي مَا يُصَرِّحُ بِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُحْتَرَزُ إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ وَأُخِذَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَرْضٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ) قَدْ يَشْمَلُ مَا ذَكَرَ الْمُبَعَّضَ إذَا هَايَأَ سَيِّدَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَهَلْ لَهُ إيجَارُهُ) مُشْتَرَكٌ (قَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا وُجِدَ الْمِثْلُ الْأَجْنَبِيُّ يُقَدَّمُ عَلَى الشُّرَكَاءِ، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُهُ الْآتِي فَإِنْ كَانَ ثَمَّ أَجْنَبِيٌّ قُدِّمَ، وَلَوْ قِيلَ هُنَا إنَّ الْأَجْنَبِيَّ إنَّمَا يُقَدَّمُ حَيْثُ كَانَ أَصْلَحَ لَمْ يَبْعُدْ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا يَأْتِي بِأَنَّ كُلًّا فِيمَا يَأْتِي طَالِبٌ فَقُدِّمَ الْأَجْنَبِيُّ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ الطَّالِبَ لِلِاسْتِئْجَارِ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ لَمْ يُرِدْ الِاسْتِئْجَارَ لِنَفْسِهِ فَلَمْ يَكُنْ فِي إيجَارِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ تَفْوِيتُ شَيْءٍ طَلَبَهُ الْآخَرُ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَ الْبَيْعُ) مِنْهُ مَا لَوْ كَانَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ مَوْقُوفًا عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: أَجْبَرَهُمْ عَلَى الْمُهَايَأَةِ إنْ طَلَبَهَا) قَضِيَّتُهُ وَإِنْ امْتَنَعَ الْبَعْضُ الْآخَرُ، وَقَضِيَّتُهُ قَوْلُهُ قَبْلُ أَوْ امْتِنَاعُهُ تَعَيَّنَ الْبَيْعُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِأَنَّ امْتِنَاعَ الْبَعْضِ صَادِقٌ بِامْتِنَاعِهِ وَطَلَبِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: كَكِرْبَاسٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَكَذَا عَكْسُهُ) أَيْ قِسْمَةُ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ (قَوْلُهُ لَكِنْ يَغْرَمُ بَدَلَ مَا اسْتَوْفَاهُ) كَانَ الْأَوْلَى هُنَا الْإِظْهَارَ: أَيْ يَغْرَمُ الْمُسْتَوْفِي بَدَلَ مَا اسْتَوْفَاهُ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ غَابُوا كُلُّهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ) يُتَأَمَّلُ (قَوْلُهُ: إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً) لَفْظُ مَصْلَحَةٍ سَاقِطٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَكَذَا الْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ لَوْ طَلَبَ كُلٌّ مِنْهُمْ اسْتِئْجَارَ حِصَّةِ غَيْرِهِ) أَيْ بِأَنْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمْ أَنَا أَسْتَأْجِرُ مَا عَدَا حِصَّتِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ ثَمَّ أَجْنَبِيٌّ قُدِّمَ) اُنْظُرْ هَلْ يُشْتَرَطُ هُنَا أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُمْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَ إيجَارُهُ)

فَإِنْ اشْتَدَّ وَلَمْ يُرَ أَوْ كَانَ إلَى الْآنَ بَذْرًا لَمْ تَصِحَّ قِسْمَتُهُ لِلْجَهْلِ بِهِ (فَتُعَدَّلُ) أَيْ تُسَاوَى (السِّهَامُ) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ التَّرَاضِي أَوْ حَيْثُ كَانَ فِي الشُّرَكَاءِ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (كَيْلًا) فِي الْمَكِيلِ (أَوْ وَزْنًا) فِي الْمَوْزُونِ (أَوْ ذَرْعًا) فِي الْمَذْرُوعِ أَوْ عَدًّا فِي الْمَعْدُودِ (بِعَدَدِ الْأَنْصِبَاءِ إنْ اسْتَوَتْ) فَإِنْ كَانَتْ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ أَثْلَاثًا جُعِلَتْ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ وَيُؤْخَذُ ثَلَاثَةُ رِقَاعٍ مُتَسَاوِيَةٍ (وَيُكْتَبُ) هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي مِنْ بَقِيَّةِ الْأَنْوَاعِ (فِي كُلِّ رُقْعَةٍ) إمَّا (اسْمُ شَرِيكٍ) إنْ كَتَبَ أَسْمَاءَ الشُّرَكَاءِ لِيَخْرُجَ عَلَى السِّهَامِ (أَوْ جُزْءٌ) بِالرَّفْعِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ: أَيْ هُوَ مَعَ مُمَيِّزٍ كَمَا يَأْتِي إنْ كَتَبَ السِّهَامَ لِتَخْرُجَ عَلَى أَسْمَاءِ الشُّرَكَاءِ (مُمَيَّزٌ) عَنْ الْبَقِيَّةِ (بِحَدٍّ أَوْ جِهَةٍ) مَثَلًا (وَتُدْرَجُ) الرُّقَعُ (فِي بَنَادِقَ) وَيُنْدَبُ كَوْنُهَا فِي بَنَادِقَ (مُسْتَوِيَةٍ) وَزْنًا وَشَكْلًا مِنْ نَحْوِ طِينٍ أَوْ شَمْعٍ لِأَنَّهَا لَوْ تَفَاوَتَتْ لَرُبَّمَا سَبَقَتْ الْيَدُ إلَى الْكَبِيرَةِ وَفِيهِ تَرْجِيحٌ لِصَاحِبِهَا، وَلَا يَنْحَصِرُ فِيمَا ذُكِرَ بَلْ يَجُوزُ نَحْوُ أَقْلَامٍ وَمُخْتَلِفٌ كَدَوَاةٍ وَقَلَمٍ، ثُمَّ تُوضَعُ فِي حِجْرِ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ وَكَوْنُهُ مُغَفَّلًا أَوْلَى (ثُمَّ يُخْرِجُ مَنْ لَمْ يَحْضُرْهَا) أَيْ الْوَاقِعَةَ (رُقْعَةً) أَمَّا (عَلَى الْجُزْءِ الْأَوَّلِ إنْ كَتَبَ الْأَسْمَاءَ) فِي الرِّقَاعِ (فَيُعْطِي مَنْ خَرَجَ اسْمُهُ) ثُمَّ يُؤْمَرُ بِإِخْرَاجِ أُخْرَى عَلَى الْجُزْءِ الَّذِي يَلِيهِ وَتُعْطَى مَنْ خَرَجَ اسْمُهُ وَيَتَعَيَّنُ الْآخَرُ لِلْآخِرِ بِلَا قُرْعَةٍ، وَكَذَا فِيمَا يَأْتِي (أَوْ) يَخْرُجُ (عَلَى اسْمِ زَيْدٍ) مَثَلًا (إنْ كَتَبَ الْأَجْزَاءَ) أَيْ أَسْمَاءَهَا فِي الرِّقَاعِ فَيُخْرِجُ رُقْعَةً عَلَى اسْمِ زَيْدٍ وَأُخْرَى عَلَى اسْمِ عَمْرٍو وَهَكَذَا، وَمَنْ يُبْتَدَأُ بِهِ هُنَا وَفِيمَا قَبْلَهُ مِنْ الْأَجْزَاءِ أَوْ الْأَسْمَاءِ مَنُوطٌ بِنَظَرِ الْقَاسِمِ إذْ لَا تُهْمَةَ وَلَا تَمْيِيزَ (فَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأَنْصِبَاءُ كَنِصْفٍ وَثُلُثٍ وَسُدُسٍ) فِي أَرْضٍ أَوْ نَحْوِهَا (جُزِّئَتْ الْأَرْضُ) أَوْ نَحْوُهَا (عَلَى أَقَلِّ السِّهَامِ) كَسِتَّةٍ هُنَا لِتُؤَدِّي الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ حَيْفٍ وَلَا شَطَطٍ (وَقُسِمَتْ كَمَا سَبَقَ) لَكِنَّ الْأَوْلَى هُنَا كِتَابَةُ الْأَسْمَاءِ لِأَنَّهُ لَوْ كَتَبَ الْأَجْزَاءَ وَأَخْرَجَ عَلَى الْأَسْمَاءِ فَرُبَّمَا خَرَجَ لِصَاحِبِ السُّدُسِ الْجُزْءُ الثَّانِي أَوْ الْخَامِسُ فَيُفَرَّقُ بِذَلِكَ مِلْكُ مَنْ لَهُ الثُّلُثُ أَوْ النِّصْفُ (وَ) هُوَ لَا يَجُوزُ، إذْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ (يَحْتَرِزَ عَنْ تَفْرِيقِ حِصَّةِ وَاحِدٍ) وَالْمُجَوِّزُونَ لِكِتَابَةِ الْأَجْزَاءِ احْتَرَزُوا عَنْ التَّفْرِيقِ بِقَوْلِهِمْ لَا يُخْرِجُ لِصَاحِبِ السُّدُسِ أَوَّلًا لِأَنَّ التَّفْرِيقَ إنَّمَا جَاءَ مِنْ قَبْلِهِ بَلْ يَبْدَأُ بِذِي النِّصْفِ، فَإِنْ خَرَجَ عَلَى اسْمِهِ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي أُعْطِيَهُمَا وَالثَّالِثَ وَيُثَنِّي بِذِي الثُّلُثِ. فَإِنْ خَرَجَ عَلَى اسْمِهِ الْجُزْءُ الرَّابِعُ أُعْطِيَهُ وَالْخَامِسَ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ وَأُخِذَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَرْضٌ مُسْتَوِيَةُ الْأَجْزَاءِ وَلِأَحَدِهِمَا أَرْضٌ تَلِيهَا فَطَلَبَ قِسْمَتَهَا، وَأَنْ يَكُونَ نَصِيبُهُ إلَى جِهَةِ أَرْضِهِ أُجِيبَ حَيْثُ لَا ضَرَرَ كَمَا قَدْ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ فِي بَابِ الصُّلْحِ أُجْبِرَ عَلَى قِسْمَةِ عَرْصَةٍ وَلَوْ طُولًا لِيَخْتَصَّ كُلٌّ بِمَا يَلِيهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَ الْهَدْمِ، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُهُمْ لَوْ أَرَادَ جَمْعٌ مِنْ الشُّرَكَاءِ بَقَاءَ شَرِكَتِهِمْ وَطَلَبُوا مِنْ الْبَاقِينَ أَنْ يَتَمَيَّزُوا عَنْهُمْ بِجَانِبٍ وَيَكُونُ حَقُّ الْمُتَّفِقِينَ مُتَّصِلًا، فَإِنْ كَانَ نَصِيبُ كُلٍّ لَوْ انْفَرَدَ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ أُجِيبُوا. وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ يُفْهَمُ مِمَّا ذَكَرَهُ فِي حَالَةِ تَسَاوِي الْأَجْزَاءِ وَاخْتِلَافِهَا أَنَّ الشُّرَكَاءَ الْكَامِلِينَ لَوْ تَرَاضَوْا عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ امْتَنَعَ، وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ التَّفَاوُتُ جَائِزٌ بِرِضَا جَمِيعِهِمْ الْكَامِلِينَ وَإِنْ كَانَ جُزَافًا كَمَا يَظْهَرُ مِنْ إطْلَاقِهِمْ وَلَوْ فِي الرِّبَوِيِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْقِسْمَةَ إفْرَازٌ ـــــــــــــــــــــــــــــSاسْمٌ لِغَلِيظِ الثِّيَابِ (قَوْلُهُ لِتَأْدِي الْقَلِيلِ) أَيْ لِحُصُولِ (قَوْلُهُ: وَلَا شَطَطَ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQهُوَ قَسِيمُ قَوْلِهِ أَجْبَرَهُمْ الْحَاكِمُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَرَ) أَيْ كَالْبُرِّ فِي سُنْبُلِهِ بِخِلَافِ نَحْوِ الشَّعِيرِ (قَوْلُهُ: إنْ كَتَبَ اسْمَ الشُّرَكَاءِ) أَيْ وَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِنَظَرِ الْقَاسِمِ) أَيْ لَا بِنَظَرِ الْمُخْرِجِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ يَبْدَأُ بِهِ هُنَا) أَيْ فِي التَّسْمِيَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَوْ كَتَبَ الْأَجْزَاءَ وَأَخْرَجَ عَلَى الْأَسْمَاءِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا إنَّمَا كَانَ يَقْتَضِي التَّعَيُّنَ لَا مُجَرَّدَ الْأَوْلَوِيَّةِ، عَلَى أَنَّ هَذَا الْمَحْظُورَ مُنْتَفٍ بِالِاحْتِرَازِ الْآتِي، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: لِأَنَّهُ قَدْ يَخْرُجُ الْجُزْءُ الرَّابِعُ لِصَاحِبِ النِّصْفِ فَيَتَنَازَعُونَ فِي أَنَّهُ يَأْخُذُ مَعَهُ السَّهْمَيْنِ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَ الْهَدْمِ) أَيْ لِلدَّارِ الْخَاصَّةِ

لَا بَيْعٌ، وَالرِّبَا إنَّمَا يُتَصَوَّرُ جَرَيَانُهُ فِي الْعَقْدِ دُونَ غَيْرِهِ وَيُعْلَمُ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بَيْعًا امْتَنَعَ ذَلِكَ فِي الرِّبَوِيِّ، إذْ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَخْذُ زَائِدٍ عَلَى حَقِّهِ فِيهِ وَلَوْ مَعَ الرِّضَا فَيَأْتِي فِيهِ هُنَا جَمِيعُ مَا مَرَّ فِي بَابِ الرِّبَا فِي مُتَّحِدِي الْجِنْسِ وَمُخْتَلِفِيهِ وَفِي قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ. وَتَصِحُّ قِسْمَةُ الْإِفْرَازِ فِيمَا تَعَلَّقَتْ الزَّكَاةُ بِهِ قَبْلَ إخْرَاجِهَا ثُمَّ يُخْرِجُ كُلٌّ زَكَاةَ مَا آلَ إلَيْهِ وَلَا يَتَوَقَّفُ صِحَّةُ تَصَرُّفِ مَا أَخْرَجَ عَلَى إخْرَاجِ الْآخَرِ، وَقَدْ نَقَلَ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُمَا لَوْ تَرَاضَيَا بِالتَّفَاوُتِ جَازَ، وَمَا نَازَعَهُمْ بِهِ مِنْ أَنَّ الْوَجْهَ مَنْعُهُ فِي الْإِفْرَازِ مَرْدُودٌ، وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَاهُ تَصْرِيحُهُمْ بِجَوَازِ قِسْمَةِ الثَّمَرِ عَلَى الشَّجَرِ وَلَوْ مُخْتَلِطًا مِنْ نَحْوِ بُسْرٍ وَرُطَبٍ وَمُنَصَّفٍ وَتَمْرٍ جَافٍ خَرْصًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا إفْرَازٌ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ (الثَّانِي) الْقِسْمَةُ (بِالتَّعْدِيلِ) بِأَنْ تُعَدَّلَ السِّهَامُ بِالْقِيمَةِ (كَأَرْضٍ تَخْتَلِفُ قِيمَةُ أَجْزَائِهَا بِحَسَبِ قُوَّةِ إنْبَاتٍ وَقُرْبِ مَاءٍ) وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يَرْفَعُ قِيمَةَ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ عَلَى الْآخَرِ كَبُسْتَانٍ بَعْضُهُ نَخْلٌ وَبَعْضُهُ عِنَبٌ وَدَارٍ بَعْضُهَا مِنْ حَجَرٍ وَبَعْضُهَا مِنْ لَبِنٍ فَيَكُونُ الثُّلُثُ لِجَوْدَتِهِ كَالثُّلُثَيْنِ قِيمَةً فَيُجْعَلُ سَهْمًا وَهُمَا سَهْمَانِ إنْ كَانَتْ نِصْفَيْنِ، فَإِنْ اخْتَلَفَتْ كَنِصْفٍ وَثُلُثٍ وَسُدُسٍ جُعِلَتْ سِتَّةَ أَجْزَاءٍ بِالْقِيمَةِ لَا بِالْمِسَاحَةِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ الْقِيمَةِ عِنْدَ التَّجْزِئَةِ (وَيُجْبَرُ) الْمُمْتَنِعُ مِنْهَا (عَلَيْهَا) أَيْ قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ (فِي الْأَظْهَرِ) إلْحَاقًا لِلتَّسَاوِي فِي الْقِيمَةِ بِهِ فِي الْأَجْزَاءِ، نَعَمْ إنْ أَمْكَنَ قِسْمَةُ الْجَيِّدِ وَحْدَهُ وَالرَّدِيءِ وَحْدَهُ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهَا فِيهِمَا كَأَرْضَيْنِ يُمْكِنُ قِسْمَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْأَجْزَاءِ فَلَا يُجْبَرُ عَنْ التَّعْدِيلِ كَمَا بَحَثَاهُ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ الْإِجْبَارِ فِي الْمُنْقَسِمِ الْحَاجَةُ إلَى بَقَاءِ طَرِيقٍ وَنَحْوِهَا مُشَاعَةً بَيْنَهُمْ يَمُرُّ كُلٌّ مِنْهُمَا فِيهَا إلَى مَا خَرَجَ لَهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ إفْرَادُ كُلٍّ بِطَرِيقٍ، وَلَوْ اقْتَسَمَا بِالتَّرَاضِي الْمُتَسَفِّلَ لِوَاحِدٍ وَالْمُسْتَعْلِي لِآخَرَ وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لِلسَّطْحِ بَقِيَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَكَأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَنْظُرْ لِبَقَاءِ الْعُلْقَةِ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ السَّطْحَ تَابِعٌ كَالطَّرِيقِ، وَالثَّانِي لَا، لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ وَالْمَنَافِعِ (وَلَوْ اسْتَوَتْ قِيمَةُ دَارَيْنِ أَوْ حَانُوتَيْنِ) سَوَاءٌ أَكَانَا مُتَلَاصِقَيْنِ أَمْ لَا (فَطَلَبَ جَعْلَ كُلٍّ لِوَاحِدٍ فَلَا إجْبَارَ) لِأَنَّ الْأَغْرَاضَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَحَلِّ وَالْأَبْنِيَةِ، نَعَمْ لَوْ اشْتَرَكَا فِي دَكَاكِينَ صِغَارٍ مُتَلَاصِقَةٍ مُسْتَوِيَةِ الْقِيمَةِ لَا يَحْتَمِلُ آحَادُهَا الْقِسْمَةَ فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا قِسْمَةَ أَعْيَانِهَا أُجِيبَ إنْ زَالَتْ الشَّرِكَةُ بِهَا، قَالَ الْجِيلِيُّ: إلَّا أَنْ تَنْقُصَ الْقِيمَةُ بِقِسْمَتِهَا، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ كُلٍّ لِوَاحِدٍ مَا لَوْ لَمْ يَطْلُبْ أَحَدٌ خُصُوصَ ذَلِكَ فَيُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ (أَوْ) اسْتَوَتْ قِيمَةُ مُتَقَوِّمٍ نَحْوِ (عَبِيدٍ أَوْ ثِيَابٍ مِنْ نَوْعٍ) وَصِنْفٍ وَاحِدٍ فَطَلَبَ جَعْلَ كُلٍّ لِوَاحِدٍ كَثَلَاثَةِ أَعْبُدٍ مُسْتَوِيَةٍ كَذَلِكَ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ وَكَثَلَاثَةٍ يُسَاوِي اثْنَانِ مِنْهَا وَاحِدًا بَيْنَ اثْنَيْنِ (أُجْبِرَ) إنْ زَالَتْ الشَّرِكَةُ بِهَا لِقِلَّةِ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِيهَا (أَوْ) مِنْ (نَوْعَيْنِ) أَوْ صِنْفَيْنِ كَهِنْدِيٍّ وَتُرْكِيٍّ وَضَائِنَتَيْنِ مِصْرِيَّةٍ وَشَامِيَّةٍ اسْتَوَتْ قِيمَتُهُمَا أَمْ لَا، وَكَعَبْدٍ وَثَوْبٍ (فَلَا) إجْبَارَ لِشِدَّةِ تَعَلُّقِ الْغَرَضِ بِكُلِّ نَوْعٍ وَعِنْدَ الرِّضَا بِالتَّفَاوُتِ فِي قِسْمَةٍ هِيَ بَيْعٌ. قَالَ الْإِمَامُ: لَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الْبَيْعِ لِأَنَّ لَفْظَ الْقِسْمَةِ يَدُلُّ عَلَى التَّسَاوِي، لَكِنْ نَازَعَهُ الْبُلْقِينِيُّ إذَا جَرَى أَمْرٌ مُلْزِمٌ وَهُوَ الْقَبْضُ بِالْإِذْنِ: أَيْ وَيَكُونُ الزَّائِدُ عِنْدَ الْعِلْمِ كَالْمَوْهُوبِ الْمَقْبُوضِ، وَلِمُسْتَأْجِرِي أَرْضٍ تَنَاوُبُهَا وَقِسْمَتُهَا وَهَلْ يَدْخُلُهَا الْإِجْبَارُ؟ وَجْهَانِ. وَقَضِيَّةُ الْإِجْبَارِ فِي كِرَاءِ الْعَقِبِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: مَا أَخْرَجَ) الْأَوْلَى مِنْ كَمَا عَبَّرَ بِهَا حَجّ (قَوْلُهُ: وَيُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ مِنْهَا) أَيْ الْقِسْمَةِ (قَوْلُهُ: إنَّمَا لَمْ يَنْظُرْ لِبَقَاءِ الْعُلْقَةِ) أَيْ حَيْثُ قَالُوا بِصِحَّةِ الْقِسْمَةِ مَعَ بَقَاءِ الشَّرِكَةِ فِي السَّطْحِ وَلَمْ يَقُولُوا بِفَسَادِهَا لِوُجُودِ الشَّرِكَةِ فِي بَعْضِ الْمُشْتَرَكِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ يَدْخُلُهَا الْإِجْبَارُ وَجْهَانِ) الْمُعْتَمَدُ لَا كَمَا يَأْتِي، وَعَلَيْهِ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُمَا إذَا لَمْ يَتَرَاضَيَا عَلَى شَيْءٍ أَجَّرَهَا الْحَاكِمُ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِهِ مَثَلًا، وَمُرَادُهُ بِهَذَا تَصْوِيرُ انْتِفَاعِهِ بِمَا يَخْرُجُ لَهُ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا (قَوْلُهُ: وَقَدْ نَقَلَ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُمَا إلَخْ) كَأَنَّ هَذَا مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَقَدْ مَرَّتْ أَيْضًا (قَوْلُهُ: يَمُرُّ كُلٌّ مِنْهُمَا) حَقُّ الْعِبَارَةِ كُلٌّ مِنْهُمْ وَكَذَا فِيمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ فَطَلَبَ جَعْلَ كُلِّ وَاحِدٍ) أَيْ عَلَى الْإِبْهَامِ بِحَسَبِ مَا تَقْتَضِيهِ الْقُرْعَةُ كَمَا لَا يَخْفَى

الْإِجْبَارُ هُنَا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِتَعَذُّرِ الِاجْتِمَاعِ عَلَى كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَسَافَةِ فَتَعَيَّنَتْ الْقِسْمَةُ إذْ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُمَا الْمَنْفَعَةَ إلَّا بِهَا بِخِلَافِهَا هُنَا وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَوْ مَلَكَا شَجَرًا دُونَ أَرْضِهِ فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُمَا إنْ اسْتَحَقَّا مَنْفَعَتَهَا عَلَى الدَّوَامِ بِنَحْوِ وَقْفٍ لَمْ يُجْبَرَا عَلَى الْقِسْمَةِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْمَنْفَعَةِ الدَّائِمَةِ كَمِلْكِهَا فَلَمْ تَنْقَطِعْ الْعُلْقَةُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّاهَا، كَذَلِكَ أُجْبِرَا إنْ كَانَتْ إفْرَازًا أَوْ تَعْدِيلًا، وَلَا نَظَرَ لِبَقَاءِ شَرِكَتِهِمَا فِي مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ لِأَنَّهَا بِصَدَدِ الِانْقِضَاءِ، كَمَا لَا نَظَرَ لِشَرِكَتِهِمَا فِي نَحْوِ التَّمْرِ مِمَّا لَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ، وَيَأْتِي فِي قِسْمَتِهِمَا الْمَنْفَعَةَ الْوَجْهَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ (الثَّالِثُ) الْقِسْمَةُ (بِالرَّدِّ) وَهِيَ الَّتِي يُحْتَاجُ فِيهَا لِرَدِّ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ لِلْآخَرِ مَالًا أَجْنَبِيًّا (بِأَنْ) أَيْ كَأَنْ (يَكُونَ فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ) مَا يَتَمَيَّزُ بِهِ، وَلَيْسَ فِي الْآخَرِ مَا يُعَادِلُهُ إلَّا بِضَمِّ شَيْءٍ مِنْ خَارِجٍ إلَيْهِ وَمِنْهُ (بِئْرٌ أَوْ شَجَرٌ) مَثَلًا (لَا تُمْكِنُ قِسْمَتُهُ فَيَرُدُّ مَنْ يَأْخُذُهُ قِسْطَ قِيمَتِهِ) أَيْ نَحْوِ الْبِئْرِ أَوْ الشَّجَرِ، فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ كُلِّ جَانِبٍ أَلْفًا وَقِيمَةُ نَحْوِ الْبِئْرِ أَلْفًا رَدَّ مَنْ أَخَذَ جَانِبَهَا خَمْسَمِائَةٍ، وَمَا اقْتَضَتْهُ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ عَلَى مَا قِيلَ مِنْ رَدِّ الْأَلْفِ خَطَأٌ، وَمَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ رَدًّا وَتَعْدِيلًا يُجَابُ طَالِبُ قِسْمَتِهِ إجْبَارًا وَإِلَّا اُشْتُرِطَ اتِّفَاقُهُمَا عَلَى وَاحِدَةٍ بِعَيْنِهَا (وَلَا إجْبَارَ فِيهِ) أَيْ فِي هَذَا النَّوْعِ لِأَنَّهُ دَخَلَهُ مَا لَا شَرِكَةَ فِيهِ وَهُوَ الْمَالُ الْمَرْدُودُ (وَهُوَ) أَيْ هَذَا النَّوْعُ وَهُوَ قِسْمَةُ الرَّدِّ (بَيْعٌ) لِوُجُودِ حَقِيقَتِهِ وَهُوَ مُقَابَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ فَثَبَتَتْ أَحْكَامُهُ مِنْ نَحْوِ خِيَارٍ وَشُفْعَةٍ، نَعَمْ لَا يُفْتَقَرُ لِلَفْظِ تَمْلِيكٍ وَقَبُولٍ بَلْ الرِّضَا قَائِمٌ مَقَامَهُمَا، وَلَهُمَا الِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّ مَنْ يَأْخُذُ النَّفِيسَ يُرَدُّ وَأَنْ يُحَكِّمَا الْقُرْعَةَ لِيَرُدَّ مَنْ خَرَجَ لَهُ (وَكَذَا التَّعْدِيلُ) أَيْ قِسْمَتُهُ بَيْعٌ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ فِي قِسْمَةِ الْأَجْزَاءِ (وَقِسْمَةُ الْأَجْزَاءِ) بِإِجْبَارٍ أَوْ دُونِهِ (إفْرَازٌ) لِلْحَقِّ: أَيْ يَتَبَيَّنُ بِهَا أَنَّ مَا خَرَجَ لِكُلٍّ هُوَ الَّذِي مَلَكَهُ كَاَلَّذِي فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِالْقَبْضِ (فِي الْأَظْهَرِ) إذْ لَوْ كَانَتْ بَيْعًا لَمَا دَخَلَهَا الْإِجْبَارُ وَلَمَا جَازَ فِيهَا الِاعْتِمَادُ عَلَى الْقُرْعَةِ. وَلَا يُشْكِلُ ذَلِكَ بِقِسْمَةِ التَّعْدِيلِ فَإِنَّهَا بَيْعٌ وَدَخَلَهَا الْإِجْبَارُ وَجَازَ الِاعْتِمَادُ فِيهَا عَلَى الْقُرْعَةِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَمَّا انْفَرَدَ بِبَعْضِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا صَارَ كَأَنَّهُ بَاعَ مَا كَانَ لَهُ بِمَا كَانَ لِلْآخَرِ، وَلَمْ نَقُلْ بِالتَّبَيُّنِ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي الْإِفْرَازِ لِلتَّوَقُّفِ هُنَا عَلَى التَّقْوِيمِ، وَهُوَ تَخْمِينٌ قَدْ يُخْطِئُ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَتْ قِسْمَةُ الرَّدِّ بَيْعًا لِذَلِكَ، وَإِنَّمَا وَقَعَ الْإِجْبَارُ فِي قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ كَمَا يَبِيعُ الْحَاكِمُ مَالَ الْمَدِينِ جَبْرًا، وَلَمْ يَقَعْ فِي الرَّدِّ لِأَنَّهُ إجْبَارٌ عَلَى دَفْعِ مَالٍ غَيْرِ مُسْتَحَقٍّ وَهُوَ بَعِيدٌ وَالثَّانِي أَنَّهَا بَيْعٌ لِأَنَّ مَا مِنْ جُزْءٍ مِنْ الْمَالِ إلَّا وَكَانَ مُشْتَرِكًا بَيْنَهُمَا، فَإِذَا اقْتَسَمَا فَكَأَنَّهُ بَاعَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا كَانَ لَهُ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَيْهِمَا قَطْعًا لِلنِّزَاعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ إنْ كَانَتْ إفْرَازًا أَوْ تَعْدِيلًا) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ رَدًّا إذْ لَا إجْبَارَ فِيهَا (قَوْلُهُ: الْوَجْهَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ) لَعَلَّ مُرَادَهُ الْمُتَقَدِّمَانِ فِي كِرَاءِ الْعَقِبِ: أَيْ بِالزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْكَيْفِيَّةُ فِي الثَّانِي، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: تُقْسَمُ الْمَنَافِعُ مُهَايَأَةً مُيَاوَمَةً وَمُشَاهَرَةً وَمُسَانَهَةً وَعَلَى أَنْ يَسْكُنَ أَوْ يَزْرَعَ هَذَا مَكَانًا وَهَذَا مَكَانًا (قَوْلُهُ: وَمَا اقْتَضَتْهُ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ قِيلَ وَمَا اقْتَضَتْهُ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرُ مِنْ رَدِّ الْأَلِفِ خَطَأٌ اهـ. وَصَوَابُهُ غَيْرُ مُرَادٍ انْتَهَتْ عِبَارَةُ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَمَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ رَدًّا وَتَعْدِيلًا إلَخْ) أَيْ كَمَا إذَا كَانَ بَعْضُ الْأَرْضِ عَامِرًا وَبَعْضُهَا خَرَابًا أَوْ بَعْضُهَا ضَعِيفًا وَبَعْضُهَا قَوِيًّا أَوْ بَعْضُهَا فِيهِ شَجَرٌ بِلَا بِنَاءٍ وَبَعْضُهَا فِيهِ بِنَاءٌ بِلَا شَجَرٍ أَوْ بَعْضُهَا عَلَى مَسِيلِ مَاءٍ وَبَعْضُهَا لَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا صَوَّرَ بِذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ جَمِيعَ صُوَرِ التَّعْدِيلِ يَتَأَتَّى فِيهِ الرَّدُّ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا اُشْتُرِطَ اتِّفَاقُهُمَا إلَخْ) فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ خَلَلٌ، وَعِبَارَةُ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ: إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مِمَّا تَصِحُّ قِسْمَتُهَا بِالتَّعْدِيلِ وَبِالرَّدِّ فَدَعَا أَحَدُهُمَا إلَى التَّعْدِيلِ وَالْآخَرُ إلَى الرَّدِّ فَإِنْ أَجْبَرْنَا عَلَى قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ: أَيْ كَمَا هُوَ الْمَذْهَبُ أُجِيبَ الدَّاعِي إلَيْهَا وَإِلَّا وَقَفْنَا عَلَى تَرَاضِيهمَا بِإِحْدَاهُمَا (قَوْلُهُ: وَشُفْعَةٍ) أَيْ لِلشَّرِيكِ الثَّالِثِ كَمَا إذَا تَقَاسَمَ شَرِيكَاهُ حِصَّتَهُمَا وَتَرَكَا حِصَّتَهُ مَعَ أَحَدِهِمَا بِرِضَاهُ كَمَا صَوَّرَهُ بِذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَمَّا انْفَرَدَ إلَخْ) لَمْ يُجِبْ عَنْ إشْكَالِ الْقُرْعَةِ

حِصَّةِ صَاحِبِهِ بِمَا لَهُ فِي حِصَّتِهِ، وَصَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ فِي أَوَائِلِ الرِّبَا وَزَكَاةِ الْمُعَشَّرَاتِ، وَيَجُوزُ قِسْمَةُ الْوَقْفِ مِنْ الْمِلْكِ أَوْ وَقْفٍ آخَرَ إنْ كَانَتْ إفْرَازًا لَا بَيْعًا، سَوَاءٌ أَكَانَ الطَّالِبُ الْمَالِكَ أَمْ النَّاظِرَ أَمْ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِمْ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَا فِي الْمَجْمُوعِ فِي الْأُضْحِيَّةَ إذَا اشْتَرَكَ جَمْعٌ فِي بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ لَمْ تَجُزْ الْقِسْمَةُ إنْ قُلْنَا إنَّهَا بَيْعٌ عَلَى الْمَذْهَبِ وَبَيْنَ أَرْبَابِ الْوَقْفِ تَمْتَنِعُ مُطْلَقًا لِأَنَّ فِيهِ تَغْيِيرًا لِشَرْطِهِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: هَذَا إذَا صَدَرَ الْوَقْفُ مِنْ وَاحِدٍ عَلَى سَبِيلِ وَاحِدٍ، فَإِنْ صَدَرَ مِنْ اثْنَيْنِ فَقَدْ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِجَوَازِ الْقِسْمَةِ، كَمَا تَجُوزُ قِسْمَةُ الْوَقْفِ عَنْ الْمِلْكِ وَذَلِكَ أَرْجَحُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى وَأَفْتَيْت بِهِ انْتَهَى. وَكَلَامُهُ مُتَدَافِعٌ فِيمَا إذَا صَدَرَ مِنْ وَاحِدٍ عَلَى سَبِيلَيْنِ أَوْ عَكْسِهِ، وَالْأَقْرَبُ فِي الْأَوَّلِ بِمُقْتَضَى مَا قَالَهُ الْجَوَازُ، وَفِي الثَّانِي عَدَمُهُ، نَعَمْ لَا تَمْتَنِعُ الْمُهَايَأَةُ حَيْثُ رَضُوا بِهَا لِانْتِفَاءِ التَّغْيِيرِ بِهَا وَلِعَدَمِ لُزُومِهَا (وَيُشْتَرَطُ فِي) قِسْمَةِ (الرَّدِّ الرِّضَا) بِاللَّفْظِ (بَعْدَ خُرُوجِ الْقُرْعَةِ) لِأَنَّهَا بَيْعٌ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ بِالْقُرْعَةِ فَافْتَقَرَ إلَى التَّرَاضِي بَعْدَهُ (وَلَوْ تَرَاضَيَا بِقِسْمَةِ مَا لَا إجْبَارَ فِيهِ) كَقِسْمَةِ تَعْدِيلٍ وَإِفْرَازٍ (اُشْتُرِطَ) فِيمَا إذَا كَانَ هُنَاكَ قُرْعَةٌ (الرِّضَا بَعْدَ الْقُرْعَةِ فِي الْأَصَحِّ كَقَوْلِهِمَا رَضِينَا بِهَذِهِ الْقِسْمَةِ) أَوْ بِهَذَا (أَوْ بِمَا أَخْرَجَتْهُ الْقُرْعَةُ) أَمَّا فِي قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ فَلِأَنَّهَا بَيْعٌ كَقِسْمَةِ الرَّدِّ. وَأَمَّا فِي غَيْرِهَا فَقِيَاسًا عَلَيْهَا لِأَنَّ الرِّضَا أَمْرٌ خَفِيٌّ فَوَجَبَ أَنْ يُنَاطَ بِأَمْرٍ ظَاهِرٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ نَحْوِ بَيْعٍ، وَإِنْ لَمْ يُحَكِّمَا الْقُرْعَةَ كَأَنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا أَحَدَ الْجَانِبَيْنِ وَالْآخَرُ الْآخَرَ، أَوْ أَحَدُهُمَا الْخَسِيسَ وَالْآخَرُ النَّفِيسَ وَيُرَدُّ زَائِدُ الْقِيمَةِ فَلَا حَاجَةَ لِتَرَاضٍ آخَرَ. أَمَّا قِسْمَةُ مَا قُسِمَ إجْبَارًا فَلَا يُعْتَبَرُ الرِّضَا فِيهَا لَا قَبْلَ الْقُرْعَةِ وَلَا بَعْدَهَا، وَاعْتُرِضَتْ عِبَارَتُهُ بِأَنَّ فِيهَا خَلَلًا مِنْ أَوْجُهٍ إذْ مَا لَا إجْبَارَ فِيهِ قِسْمَةُ الرَّدِّ فَقَطْ وَقَدْ جَزَمَ بِاشْتِرَاطِ الرِّضَا فَلَزِمَ التَّكْرَارُ وَالْجَزْمُ أَوَّلًا وَحِكَايَةُ الْخِلَافِ ثَانِيًا وَأَنَّهُ عَبَّرَ بِالْأَصَحِّ وَفِي الرَّوْضَةِ بِالصَّحِيحِ وَأَنَّهُ عَكْسُ مَا بِأَصْلِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ هَذَا الْخِلَافَ إلَّا فِي قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ، فَكَأَنَّهُ فِي الْكِتَابِ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ مَا فِيهِ إجْبَارٌ فَكَتَبَ مَا لَا إجْبَارَ فِيهِ. وَلَعَلَّ عِبَارَتَهُ مَا لَا إجْبَارَ فِيهِ فَحُرِّفَتْ، وَبِهَذَا يَزُولُ التَّكْرَارُ وَالتَّنَاقُضُ وَالتَّعَاكُسُ وَأَنَّهُ أَطْلَقَ الْخِلَافَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِمَا لَا إجْبَارَ فِيهِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ أَنَّهُ لَا إجْبَارَ فِيهِ الْآنَ بِاعْتِبَارِ جَرَيَانِهِ بِالرِّضَا وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ الْإِجْبَارَ، وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ الْقِسْمَةُ الَّتِي يُجْبَرُ عَلَيْهَا إذَا جَرَتْ بِالتَّرَاضِي، وَالْمُرَادُ بِهَا مَا ذَكَرْنَاهُ أَيْضًا، وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى ذَلِكَ غَيْرَ أَنَّ دَعْوَاهُ أَصْرَحِيَّةَ عِبَارَةِ الْكِتَابِ عَلَى الْأَصْلِ مَحَلُّ نَظَرٍ لَا يَخْفَى (وَلَوْ ثَبَتَ) بِإِقْرَارٍ أَوْ عِلْمِ قَاضٍ أَوْ يَمِينِ رَدٍّ أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ إفْرَازًا) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ مُسْتَوِيَةَ الْأَجْزَاءِ (قَوْلُهُ: تَمْتَنِعُ مُطْلَقًا) أَيْ إفْرَازًا أَوْ بَيْعًا (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا تَمْتَنِعُ الْمُهَايَأَةُ) وَكَالْمُهَايَأَةِ مَا لَوْ كَانَ الْمَحَلُّ صَالِحًا لِسُكْنَى أَرْبَابِ الْوَقْفِ جَمِيعِهِمْ فَتَرَاضَوْا عَلَى أَنَّ كُلَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنْ صَدَرَ مِنْ اثْنَيْنِ) صَادِقٌ بِمَا إذَا تَعَدَّدَ السَّبِيلُ وَبِمَا إذَا اتَّحَدَ، فَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي إنَّ كَلَامَهُ مُتَدَافِعٌ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ أَطْلَقَ الْخِلَافَ) هُنَا سَقْطٌ مِنْ النَّسْخِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَأَنَّهُ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَمَحَلُّهُ حَيْثُ حَكَمُوا قَاسِمًا، فَإِنْ تَوَلَّاهَا حَاكِمٌ أَوْ مَنْصُوبُهُ جَبْرًا لَمْ يُعْتَبَرْ الرِّضَا قَطْعًا، وَلَوْ نَصَّبُوا وَكِيلًا عَنْهُمْ اُشْتُرِطَ رِضَاهُمْ بَعْدَ الْقُرْعَةِ قَطْعًا، وَكَذَا لَوْ اقْتَسَمُوا بِأَنْفُسِهِمْ انْتَهَتْ. وَلَمْ يَذْكُرْ هُوَ وَلَا الشَّارِحُ الْجَوَابَ عَنْ هَذَا (قَوْلُهُ: وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ الْقِسْمَةُ الَّتِي لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا) كَذَا فِي نَسْخِ الشَّارِحِ بِإِثْبَاتِ لَا قَبْلَ يُجْبَرُ، وَالصَّوَابُ حَذْفُهَا (قَوْلُهُ: غَيْرَ أَنَّ دَعْوَاهُ أَصْرَحِيَّةَ عِبَارَةِ الْأَصْلِ) صَوَابُهُ أَصْرَحِيَّةَ عِبَارَةِ الْكِتَابِ عَلَى عِبَارَةِ الْأَصْلِ إذْ هُوَ الَّذِي قَالَهُ الْجَلَالُ بِحَسَبِ مَا يَظْهَرُ مِنْ عِبَارَتِهِ وَنَصُّهَا: وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَا انْتَفَى فِيهِ الْإِجْبَارُ مِمَّا هُوَ مَحَلُّهُ، وَهُوَ أَصْرَحُ فِي الْمُرَادِ مِمَّا فِي الْمُحَرَّرِ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الَّذِي فَهِمَهُ الشَّارِحُ مِنْ كَلَامِ الْجَلَالِ الْمَبْنِيِّ عَلَى أَنَّ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ فِيهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَيْسَ مُرَادَهُ إذْ لَا يَسَعُهُ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي بَيَانِ مُرَادِ الْمُصَنِّفِ أَصْرَحُ مِمَّا فِي الْمُحَرَّرِ، وَإِنْ كَانَ مَا فِي الْمُحَرَّرِ أَصْرَحَ مِمَّا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَمَرْجِعُ الضَّمِيرِ مَا ذَكَرَهُ هُوَ لَا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فَتَأَمَّلْ. وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّارِحَ لَمْ يَذْكُرْ الْجَوَابَ عَنْ كَوْنِ

(بِبَيِّنَةٍ) ذَكَرَيْنِ عَدْلَيْنِ دُونَ غَيْرِهِمَا فِيمَا يَظْهَرُ (غَلَطٌ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا (أَوْ حَيْفٌ) وَإِنْ قَلَّ (فِي قِسْمَةِ إجْبَارٍ) (نُقِضَتْ) كَمَا لَوْ ثَبَتَ ظُلْمُ قَاضٍ أَوْ كَذِبُ شَاهِدٍ، وَلَا يَحْلِفُ قَاسِمٌ كَقَاضٍ، وَاسْتِشْكَالُ ابْنِ الرِّفْعَةِ بِأَنَّهُ نَقْضٌ لِلشَّيْءِ بِمِثْلِهِ وَلَا مُرَجِّحَ رُدَّ بِأَنَّ الْأَصْلَ الْمُحَقَّقَ الشُّيُوعُ فَيُرَجَّحُ بِهِ قَوْلُ مُثْبِتِ النَّقْضِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ إجْبَارٍ مَا إذَا كَانَتْ تَعْدِيلًا أَوْ رَدًّا فَلَا نَقْضَ فِيهَا لِأَنَّهَا بَيْعٌ وَلَا أَثَرَ لِلْغَلَطِ وَالْحَيْفِ فِيهِ كَمَا لَا أَثَرَ لِلْغَبْنِ فِيهِ لِرِضَا صَاحِبِ الْحَقِّ بِتَرْكِهِ (فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ وَادَّعَاهُ) أَيْ أَحَدُهُمَا (وَاحِدٌ) مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ الشُّرَكَاءِ عَلَى شَرِيكِهِ وَبَيَّنَ قَدْرَ مَا ادَّعَاهُ (فَلَهُ تَحْلِيفُ شَرِيكِهِ) أَنَّهُ لَا غَلَطَ وَلَا زَائِدَ مَعَهُ أَوْ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ مَا ادَّعَاهُ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ. فَإِنْ حَلَفَ مَضَتْ وَإِلَّا حَلَفَ الْمُدَّعِي وَنُقِضَتْ كَمَا لَوْ أَقَرَّ، وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَى الْقَاسِمِ مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لَمْ يُنْقَضْ، نَعَمْ بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ سَمَاعَهَا عَلَيْهِ رَجَاءَ أَنْ يَثْبُتَ حَيْفُهُ فَيَرُدُّ الْأُجْرَةَ وَيَغْرَمُ كَمَا لَوْ قَالَ قَاضٍ غَلِطْت فِي الْحُكْمِ أَوْ تَعَمَّدْت الْحَيْفَ (وَلَوْ ادَّعَاهُ فِي قِسْمَةِ تَرَاضٍ) فِي غَيْرِ رِبَوِيٍّ بِأَنْ نَصَّبَا لَهُمَا قَاسِمًا أَوْ اقْتَسَمَا بِأَنْفُسِهِمَا وَرَضِيَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ (وَقُلْنَا هِيَ بَيْعٌ) بِأَنْ كَانَ تَعْدِيلًا أَوْ رَدًّا (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلْغَلَطِ فَلَا فَائِدَةَ لِهَذِهِ الدَّعْوَى) وَإِنْ تَحَقَّقَ الْغَبْنُ لِرِضَا صَاحِبِ الْحَقِّ بِتَرْكِهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا وَغُبِنَ فِيهِ، وَالثَّانِي أَنَّهَا تُنْقَضُ لِأَنَّهُمَا تَرَاضَيَا لِاعْتِقَادِهِمَا أَنَّهَا قِسْمَةُ عَدْلٍ، أَمَّا رِبَوِيٌّ تَحَقَّقَ الْغَلَطُ فِي وَزْنِهِ أَوْ كَيْلِهِ فَالْقِسْمَةُ بَاطِلَةٌ بِلَا شُبْهَةٍ لَلرِّبَا (قُلْت: وَإِنْ قُلْنَا إفْرَازٌ) بِأَنْ كَانَتْ بِالْأَجْزَاءِ (نُقِضَتْ إنْ ثَبَتَ) بِحُجَّةٍ لِأَنَّ الْإِفْرَازَ لَا يَتَحَقَّقُ مَعَ التَّفَاوُتِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ (فَيَحْلِفُ شَرِيكُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ (وَلَوْ اُسْتُحِقَّ بَعْضُ الْمَقْسُومِ شَائِعًا) كَالثُّلُثِ (بَطَلَتْ فِيهِ وَفِي الْبَاقِي خِلَافُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ) وَالْأَظْهَرُ فِيهِ أَنَّهُ يَصِحُّ وَيَتَخَيَّرُ كُلٌّ مِنْهُمْ (أَوْ) اُسْتُحِقَّ (مِنْ النَّصِيبَيْنِ) شَيْءٌ (مُعَيَّنٌ) . فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا (سَوَاءٌ بَقِيَتْ) الْقِسْمَةُ فِي الْبَاقِي لِعَدَمِ التَّرَاجُعِ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَوَاءً بِأَنْ اخْتَصَّ بِأَحَدِ النَّصِيبَيْنِ أَوْ عَمَّهُمَا لَكِنَّهُ فِي أَحَدِهِمَا أَكْثَرُ (بَطَلَتْ) لِأَنَّ مَا يَبْقَى لِكُلٍّ لَيْسَ قَدْرَ حَقِّهِ بَلْ يَحْتَاجُ أَحَدُهُمَا إلَى الرُّجُوعِ عَلَى الْآخَرِ وَتَعُودُ الْإِشَاعَةُ، وَلَوْ بَانَ فَسَادُ الْقِسْمَةِ وَقَدْ أَنْفَقَ أَوْ زَرَعَ أَوْ بَنَى مَثَلًا أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا جَرَى هُنَا مَا مَرَّ فِيمَا إذَا بَانَ فَسَادُ الْبَيْعِ وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ، لَكِنَّ الْأَقْرَبَ عَدَمُ لُزُومِ كُلِّ شَرِيكٍ هُنَا زَائِدٌ عَلَى مَا يَخُصُّ حِصَّتَهُ مِنْ أَرْشِ نَحْوِ الْقَطْعِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ سَابِقًا أَنَّ الْقُرْعَةَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْقِسْمَةِ وَلَيْسَ مُرَادًا كَمَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُ السَّابِقُ فَيُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ فَتُعَدَّلُ السِّهَامُ إلَخْ فَلَمْ يُجْعَلْ التَّعْدِيلُ إلَّا عِنْدَ الْإِجْبَارِ. وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الشَّرِيكَيْنِ لَوْ تَرَاضَيَا بِقِسْمَةِ الْمُشْتَرَكِ جَازَ وَلَوْ بِلَا قُرْعَةٍ كَمَا فِي الشَّامِلِ وَالْبَيَانِ وَغَيْرِهِمَا، فَلَوْ قَسَمَ بَعْضُهُمْ فِي غَيْبَةِ الْبَاقِينَ وَأَخَذَ قِسْطَهُ فَلَمَّا عَلِمُوا قَرَّرُوهُ صَحَّتْ: لَكِنْ مِنْ حِينِ التَّقْرِيرِ، قَالَهُ ابْنُ كَبْنٍ، فَلَوْ طَلَبَ مِنْ الْحَاكِمِ شُرَكَاءُ قِسْمَةَ مَا بِأَيْدِيهِمْ لَمْ يُجِبْهُمْ حَتَّى يُثْبِتُوا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَاحِدٍ يَسْكُنُ فِي جَانِبٍ مَعَ بَقَاءِ مَنْفَعَةِ الْوَقْفِ مُشْتَرَكَةً عَلَى مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ (قَوْلُهُ: مَا إذَا كَانَتْ تَعْدِيلًا) أَيْ وَوَقَعَتْ بِالتَّرَاضِي (قَوْلُهُ: أَيْ أَحَدُهُمَا) غِلَظٌ أَوْ حَيْفٌ (قَوْلُهُ: وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ) أَيْ فَيُكَلَّفُ الْقَلْعَ مَجَّانًا وَلَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَهُ (قَوْلُهُ: مِنْ أَرْشٍ) مُتَعَلِّقٌ بِزَائِدٍ (قَوْلُهُ: لَكِنْ مِنْ حِينِ التَّقْرِيرِ) أَيْ فَلَوْ وَقَعَ مِنْهُ تَصَرُّفٌ فِيمَا خَصَّهُ قَبْلَ التَّقْرِيرِ كَانَ بَاطِلًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُصَنِّفِ عَبَّرَ هُنَا بِالْأَصَحِّ وَفِي الرَّوْضَةِ بِالصَّحِيحِ، وَأَجَابَ عَنْهُ فِي التُّحْفَةِ بِأَنَّ ذَلِكَ كَثِيرًا مَا يَقَعُ لِلْمُصَنِّفِ وَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ بِهِ لِأَنَّ مَنْشَأَهُ الِاجْتِهَادُ وَهُوَ يَتَغَيَّرُ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ إجْبَارُ مَا إذَا كَانَتْ تَعْدِيلًا إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ عَلَى أَنَّ إطْلَاقَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْمَتْنِ الْآتِي فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: رَجَاءَ أَنْ يُثْبِتَ حَيْفَهُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ ثُبُوتُهُ بِإِقْرَارِهِ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْغُرْمُ، إذْ لَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ نُقِضَتْ الْقِسْمَةُ فَلَا غُرْمَ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا تَنْظِيرُهُ بِمَسْأَلَةِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ سَابِقًا أَنَّ الْقُرْعَةَ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ الْمَتْنِ

[كتاب الشهادات]

مِلْكَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مُنَازِعٌ، لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْحَاكِمِ فِي قَضِيَّةٍ طُلِبَ مِنْهُ فَصْلُهَا حُكْمٌ وَهُوَ لَا يَكُونُ بِقَوْلِ ذِي الْحَقِّ وَسُمِعَتْ الْبَيِّنَةُ هُنَا وَهِيَ غَيْرُ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ مَعَ عَدَمِ سَبْقِ دَعْوَى لِلْحَاجَةِ، وَلِأَنَّ الْقَصْدَ مَنْعُهُمْ مِنْ الِاحْتِجَاجِ بَعْدَ تَصَرُّفِ الْحَاكِمِ، وَتَخْرِيجُ الْبُلْقِينِيِّ مِنْ هَذَا أَنَّ الْقَاضِي لَا يَحْكُمُ بِالْمُوجَبِ بِمُجَرَّدِ اعْتِرَافِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِالْبَيْعِ وَلَا بِمُجَرَّدِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِمَا لِمَا صَدَرَ مِنْهُمَا لِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي قِيلَ هُنَا يَأْتِي هُنَاكَ مَرْدُودٌ، لِأَنَّ مَعْنَى الْحُكْمِ بِالْمُوجَبِ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ الْمِلْكُ صَحَّ فَكَأَنَّهُ حُكْمٌ بِصِحَّةِ الصِّيغَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كِتَابُ الشَّهَادَاتِ جَمْعُ شَهَادَةٍ وَهِيَ إخْبَارٌ عَنْ شَيْءٍ بِلَفْظٍ خَاصٍّ. وَالْأَصْلُ فِيهَا آيَاتٌ كَآيَةِ {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ} [البقرة: 283] وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَيْسَ لَك إلَّا شَاهِدَاك أَوْ يَمِينُهُ» وَأَرْكَانُهَا شَاهِدٌ وَمَشْهُودٌ لَهُ وَمَشْهُودٌ بِهِ وَمَشْهُودٌ عَلَيْهِ وَصِيغَةُ وَكُلُّهَا تُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي إلَّا الصِّيغَةَ وَهِيَ لَفْظُ أَشْهَدُ لَا غَيْرَ كَمَا يَأْتِي (شَرْطُ الشَّاهِدِ) أَوْصَافٌ تَضَمَّنَهَا قَوْلُهُ (مُسْلِمٌ حُرٌّ مُكَلَّفٌ عَدْلٌ ذُو مُرُوءَةٍ غَيْرُ مُتَّهَمٍ) نَاطِقٌ غَيْرُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ مُتَيَقِّظٌ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَضْدَادِ هَؤُلَاءِ كَكَافِرٍ وَلَوْ عَلَى مِثْلِهِ لِأَنَّهُ أَخَسُّ الْفُسَّاقِ، وَأَمَّا خَبَرُ «لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهْلِ دِينٍ عَلَى غَيْرِ دِينِهِمْ إلَّا الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُمْ عُدُولٌ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَعَلَى غَيْرِهِمْ» فَضَعِيفٌ وقَوْله تَعَالَى {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: 106] أَيْ غَيْرِ عَشِيرَتِكُمْ أَوْ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] وَلَا مَنْ فِيهِ رِقٌّ لِنَقْصِهِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَتَأَهَّلْ لِوِلَايَةٍ مُطْلَقًا وَلَا صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا فَاسِقٍ لِهَذِهِ الْآيَةِ وَقَوْلِهِ {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] وَهُوَ لَيْسَ بِعَدْلٍ وَلَا مَرْضِيٍّ، وَمَا اخْتَارَهُ جَمْعٌ كَالْأَذْرَعِيِّ وَالْغَزِّيِّ تَبَعًا لِبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ إذَا فُقِدَتْ الْعَدَالَةُ وَعَمَّ الْفِسْقُ قَضَى الْحَاكِمُ بِشَهَادَةِ الْأَمْثَلِ فَالْأَمْثَلِ لِلضَّرُورَةِ مَرْدُودٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ مَصْلَحَتَهُ يُعَارِضُهَا مَفْسَدَةُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، وَلَا غَيْرِ ذِي مُرُوءَةٍ لِأَنَّهُ لَا حَيَاءَ لَهُ وَمَنْ لَا حَيَاءَ لَهُ يَصْنَعُ مَا شَاءَ لِخَبَرٍ صَحِيحٍ «إذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْت» وَسَيَأْتِي تَفْسِيرُ الْمُرُوءَةِ، وَلَا مُتَّهَمٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ لَا تَرْتَابُوا وَالرِّيبَةُ حَاصِلَةٌ بِالْمُتَّهَمِ، وَلَا أَخْرَسَ وَإِنْ فَهِمَ إشَارَتَهُ كُلُّ أَحَدٍ إذْ لَا يَخْلُو عَنْ احْتِمَالٍ، وَلَا مَحْجُورِ سَفَهٍ لِنَقْصِهِ. وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ إذْ هُوَ إمَّا نَاقِصُ عَقْلٍ أَوْ فَاسِقٌ فَمَا مَرَّ يُغْنِي عَنْهُ رُدَّ بِأَنَّ نَقْصَ ـــــــــــــــــــــــــــــSكِتَابُ الشَّهَادَاتِ (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: أَيْ غَيْرِ عَشِيرَتِكُمْ) أَيْ وَمَعْنَاهُ مِنْ غَيْرِ عَشِيرَتِكُمْ، وَالْمُرَادُ بِهِمْ غَيْرُ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ لِيُوَافِقَ مَا يَأْتِي مِنْ قَبُولِ شَهَادَةِ الْأَخِ لِأَخِيهِ (قَوْلُهُ أَوْ مَنْسُوخٌ) أَيْ أَوْ الْمُرَادُ بِهِ غَيْرُ الْمُسْلِمِينَ لَكِنَّهُ مَنْسُوخٌ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَتَأَهَّلْ لِوِلَايَةٍ مُطْلَقًا) أَيْ عَدْلًا كَانَ أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ قِنًّا كَانَ أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ مُبَعَّضًا مَالِيَّةً كَانَتْ الْوِلَايَةُ وَغَيْرَهَا (قَوْلُهُ: الْأَمْثَلِ) أَيْ دِينًا (قَوْلُهُ: الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ) أَيْ لَكِنَّ رِعَايَةَ تِلْكَ الْمَصْلَحَةِ قَدْ تُؤَدِّي إلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّ الْقُرْعَةَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْقِسْمَةِ وَلَيْسَ مُرَادًا (قَوْلُهُ: وَهِيَ غَيْرُ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ) عِبَارَةُ ابْنِ الْمُقْرِي: وَيُقْبَلُ شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ لَا شَاهِدٌ وَيَمِينٌ، لِأَنَّ الْيَمِينَ شُرِعَتْ لِتُرَدَّ عِنْدَ النُّكُولِ وَلَا مَرَدَّ لَهَا انْتَهَتْ. [كِتَابُ الشَّهَادَاتِ] (قَوْلُهُ: بِلَفْظٍ خَاصٍّ) أَيْ عَلَى وَجْهٍ خَاصٍّ بِأَنْ تَكُونَ عِنْدَ قَاضٍ بِشَرْطِهِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا خَبَرُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهْلِ دِينٍ إلَخْ) مُرَادُهُ بِهَذَا دَفْعُ وُرُودِ هَذَا الْحَدِيثِ الدَّالِّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى قَبُولِ شَهَادَةِ كُلِّ أَهْلِ دِينٍ عَلَى أَهْلِ دِينِهِمْ (قَوْلُهُ: وَلَا مَنْ فِيهِ رِقٌّ) الصَّوَابُ حَذْفُ لَفْظِ لَا فِي هَذَا وَفِيمَا بَعْدَهُ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَضْدَادِ الَّتِي هِيَ مَدْخُولُ لَا وَلَيْسَ مُعَادِلًا لَهُ

عَقْلِهِ لَا يُؤَدِّي إلَى تَسْمِيَتِهِ مَجْنُونًا لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ، وَلَا مُغَفَّلٍ وَلَا أَصَمَّ فِي مَسْمُوعٍ وَلَا أَعْمًى فِي مُبْصِرٍ كَمَا يَأْتِي وَمِنْ التَّيَقُّظِ ضَبْطُ أَلْفَاظِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِحُرُوفِهَا مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْمُتَّجَهُ عَدَمَ جَوَازِ الشَّهَادَةِ بِالْمَعْنَى، وَلَا يُقَاسُ بِالرِّوَايَةِ لِضِيقِهَا، وَلِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى عَقِيدَةِ الْحَاكِمِ لَا الشَّاهِدِ فَقَدْ يَحْذِفُ أَوْ يُغَيِّرُ مَا لَا يُؤَثِّرُ عِنْدَ نَفْسِهِ وَيُؤَثِّرُ عِنْدَ الْحَاكِمِ، نَعَمْ يَقْرُبُ الْقَوْلُ بِجَوَازِ التَّعْبِيرِ بِأَحَدِ الْمُتَرَادِفَيْنِ عَنْ الْآخَرِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِيهَامِ كَمَا يُشِيرُ لِذَلِكَ قَوْلُهُمْ: لَوْ قَالَ شَاهِدٌ وَكَّلَهُ أَوْ قَالَ قَالَ وَكَّلْته وَقَالَ الْآخَرُ فَوَّضَ إلَيْهِ أَوْ أَنَابَهُ قُبِلَ أَوْ قَالَ وَاحِدٌ قَالَ وَكَّلْت وَقَالَ الْآخَرُ قَالَ فَوَّضْت إلَيْهِ لَمْ يُقْبَلَا لِأَنَّ كُلًّا أَسْنَدَ إلَيْهِ لَفْظًا مُغَايِرًا لِلْآخَرِ وَكَانَ الْغَرَضُ أَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى اتِّحَادِ اللَّفْظِ الصَّادِرِ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا مَانِعَ أَنَّ كُلًّا سَمِعَ مَا ذُكِرَ فِي مَرَّةٍ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ لَوْ شَهِدَ لَهُ وَاحِدٌ بِبَيْعٍ وَآخَرُ بِالْإِقْرَارِ بِهِ لَمْ يُلَفَّقَا، فَلَوْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا وَشَهِدَ بِمَا شَهِدَ بِهِ الْآخَرُ قُبِلَ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَحْضُرَ الْأَمْرَيْنِ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي قَوْلِ أَحَدِهِمَا قَالَ الْقَاضِي: ثَبَتَ عِنْدِي طَلَاقُ فُلَانَةَ وَالْآخَرُ ثَبَتَ عِنْدِي طَلَاقُ هَذِهِ فَلَا يَكْفِي، بِخِلَافِ قَوْلِ وَاحِدٍ ثَبَتَ عِنْدَهُ طَلَاقُ فُلَانَةَ وَآخَرَ ثَبَتَ عِنْدَهُ طَلَاقُ هَذِهِ وَهِيَ تِلْكَ فَإِنَّهُ يَكْفِي اتِّفَاقًا. وَقَوْلُ الشَّيْخِ تَبَعًا لِلْغَزِّيِّ فِي تَلْفِيقِ الشَّهَادَةِ وَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِإِقْرَارِهِ بِأَنَّهُ وَكَّلَهُ فِي كَذَا وَالْآخَرُ بِإِقْرَارِهِ بِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ فِيهِ أَوْ سَلَّطَهُ عَلَيْهِ أَوْ فَوَّضَهُ إلَيْهِ لُفِّقَتْ الشَّهَادَتَانِ لِأَنَّ النَّقْلَ بِالْمَعْنَى كَالنَّقْلِ بِاللَّفْظِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَا كَذَلِكَ فِي الْعَقْدِ أَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِأَنَّهُ قَالَ وَكَّلْتُك فِي كَذَا وَآخَرُ بِأَنَّهُ قَالَ سَلَّطْتُك عَلَيْهِ أَوْ فَوَّضْته إلَيْك أَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ وَالْآخَرُ بِالْإِبْرَاءِ مِنْهُ فَلَا يُلَفَّقَانِ انْتَهَى. مَحْمُولٌ تَعْلِيلُهُ الْمَذْكُورُ عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ مِنْ جَوَازِ التَّعْبِيرِ عَنْ الْمَسْمُوعِ بِمُرَادِفِهِ الْمُسَاوِي لَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لَا غَيْرَ، وَلَوْ شَهِدَ لَهُ وَاحِدٌ بِأَلْفٍ وَآخَرُ بِأَلْفَيْنِ ثَبَتَ الْأَلْفُ وَلَهُ الْحَلِفُ مَعَ الشَّاهِدِ بِالْأَلْفِ الزَّائِدِ وَبِهِ يُعْلَمُ صِحَّةُ قَوْلِ الْعَبَّادِيِّ وَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِأَنَّهُ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ هَذَا وَآخَرُ بِأَنَّهُ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ هَذَا وَهَذَا لُفِّقَتَا فِيهِ وَإِنْ اسْتَغْرَبَهُ الْهَرَوِيُّ، وَلَوْ أَخْبَرَ الشَّاهِدَ عَدْلٌ بِمَا يُنَافِي شَهَادَتَهُ جَازَ لَهُ اعْتِمَادُهُ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُ وَإِلَّا فَلَا كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْوَالِدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَوْ أُخْبِرَ الْحَاكِمُ بِرُجُوعِ الشَّاهِدِ فَإِنْ ظَنَّ صِدْقَ الْمُخْبِرِ تَوَقَّفَ عَنْ الْحُكْمِ وَإِلَّا فَلَا، وَمَنْ شَهِدَ ـــــــــــــــــــــــــــــSتَعَطُّلِ الْأَحْكَامِ فَيَرْجِعُ مِنْهَا عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ ضَرَرٌ لَا يُحْتَمَلُ لِأَنَّ الْغَرَضَ تَعَذُّرُ الْعُدُولِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ) أَيْ وَصَرْفُ مَالِهِ فِي مُحَرَّمٍ لَا يَسْتَلْزِمُ الْفِسْقَ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْمُتَّجَهُ عَدَمَ جَوَازِ الشَّهَادَةِ بِالْمَعْنَى) أَيْ فَلَوْ كَانَتْ صِيغَةُ الْبَيْعِ مَثَلًا مِنْ الْبَائِعِ بِعْت وَمِنْ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت فَلَا يُعْتَدُّ بِالشَّهَادَةِ إلَّا إذَا قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ الْبَائِعَ قَالَ بِعْت وَالْمُشْتَرِي قَالَ اشْتَرَيْت، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ هَذَا اشْتَرَى هَذَا مِنْ هَذَا فَلَا يَكْفِي فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يُغْلَطُ فِيهِ كَثِيرًا (قَوْلُهُ لَمْ يُقْبَلَا) أَيْ فِي هَذِهِ الْأَخِيرَةِ (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي ذَلِكَ) أَيْ عَدَمُ الْقَبُولِ (قَوْلُهُ: ثَبَتَ عِنْدِي طَلَاقُ هَذِهِ فَلَا يَكْفِي) أَيْ مَا لَمْ يَرْجِعْ أَحَدُهُمَا وَيَشْهَدُ بِمَا قَالَهُ الْآخَرُ أَخْذًا مِمَّا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: لُفِّقَتَا فِيهِ) أَيْ فِيمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ الْمُعَيِّنِينَ (قَوْلُهُ جَازَ اعْتِمَادُهُ) أَيْ وَيَتْرُكُ الشَّهَادَةَ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ جَازَ أَنَّ لَهُ الشَّهَادَةَ بِمَا يُنَافِي إخْبَارَ الْعَدْلِ، وَلَوْ قِيلَ بِامْتِنَاعِهَا لِظَنِّهِ بُطْلَانَهَا لَمْ يَبْعُدْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي الْأَصَمِّ وَالْأَعْمَى، وَمُرَادُهُ بِهَذَا الِاعْتِذَارُ عَنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ هُنَا (قَوْلُهُ: فَقَدْ يُحْذَفُ أَوْ يُغَيَّرُ مَا لَا يُؤَثِّرُ عِنْدَ نَفْسِهِ وَيُؤَثِّرُ عِنْدَ الْحَاكِمِ) اُنْظُرْ لَوْ كَانَ فَقِيهًا مُوَافِقًا لِمَذْهَبِ الْحَاكِمِ هَلْ تَجُوزُ لَهُ الشَّهَادَةُ بِالْمَعْنَى، وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ نَعَمْ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَيُجْرَى ذَلِكَ) أَيْ عَدَمُ التَّلْفِيقِ فَلَوْ رَجَعَ وَشَهِدَ بِمَا شَهِدَ بِهِ الْآخَرُ قَبْلُ (قَوْلُهُ فَلَا يَكْفِي) لَعَلَّ هَذَا فِيمَا إذَا شَهِدَا عَلَى إنْشَاءِ الْحُكْمِ بِالثُّبُوتِ لَا عَلَى إقْرَارِهِ بِذَلِكَ حَيْثُ يُعْتَبَرُ، وَإِلَّا فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَا كَذَلِكَ فِي الْعَقْدِ) اُنْظُرْ مَا مُرَادُهُ بِهِ (قَوْلُهُ: مَحْمُولُ تَعْلِيلِهِ الْمَذْكُورِ عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ إلَخْ) أَيْ كَمَا تَدُلُّ لَهُ أَمْثِلَتُهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَهِدَ لَهُ وَاحِدٌ بِأَلْفٍ إلَخْ) لَعَلَّ الدَّعْوَى بِأَلْفَيْنِ لِتَصِحَّ الشَّهَادَةُ بِالْأَلْفِ الثَّانِي فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَخْبَرَ الشَّاهِدَ عَدْلٌ) لَعَلَّهُ عَدْلُ رِوَايَةٍ إذْ الْمَدَارُ عَلَى مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ كَمَا

بِإِقْرَارٍ مَعَ عِلْمِهِ بَاطِنًا بِمَا يُخَالِفُهُ لَزِمَهُ الْإِخْبَارُ بِهِ (وَشَرْطُ الْعَدَالَةِ اجْتِنَابُ) كُلِّ كَبِيرَةٍ مِنْ أَنْوَاعِ (الْكَبَائِرِ) إذْ مُرْتَكِبُهَا فَاسِقٌ، وَهِيَ مَا فِيهِ وَعِيدٌ شَدِيدٌ بِنَصِّ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ، وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ عَدُّهُمْ كَبَائِرَ لَيْسَ فِيهَا ذَلِكَ كَالظِّهَارِ وَأَكْلِ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ، وَقِيلَ هِيَ كُلُّ جَرِيمَةٍ تُؤْذِنُ بِقِلَّةِ اكْتِرَاثِ مُرْتَكِبِهَا بِالدِّينِ وَرِقَّةِ الدِّيَانَةِ، وَاعْتُرِضَ بِشُمُولِهِ صَغَائِرَ الْخِسَّةِ، وَقِيلَ هِيَ مَا يُوجِبُ الْحَدَّ، وَاعْتُرِضَ بِشُمُولِهِ الْإِصْرَارَ عَلَى صَغِيرَةٍ الْآتِي (وَ) اجْتِنَابُ (الْإِصْرَارِ عَلَى صَغِيرَةٍ) أَوْ صَغَائِرَ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ أَوْ أَنْوَاعٍ بِأَنْ لَا تَغْلِبَ طَاعَاتِهِ مَعَاصِيهِ فَهُوَ فَاسِقٌ وَيُتَّجَهُ ضَبْطُ الْغَلَبَةِ بِالْعَدِّ مِنْ جَانِبَيْ الطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِكَثْرَةِ ثَوَابٍ فِي الْأُولَى وَعِقَابٍ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ أُخْرَوِيٌّ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا نَحْنُ فِيهِ، وَهَذَا قَرِيبٌ مِمَّنْ ضَبَطَهُ بِالْعُرْفِ. وَفِي الْمُخْتَصَرِ ضَبْطُهُ بِالْأَظْهَرِ مِنْ حَالِ الشَّخْصِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يَجْرِي ذَلِكَ فِي الْمُرُوءَةِ وَالْمُخِلِّ بِهَا فَإِنْ غَلَبَ الْأَوَّلُ لَمْ يُؤَثِّرْ وَإِلَّا رُدَّتْ شَهَادَتُهُ، بَلْ مَتَى وُجِدَ خَارِمُهَا كَفَى فِي رَدِّهَا وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ كُلَّ صَغِيرَةٍ تَابَ مِنْهَا مُرْتَكِبُهَا لَا تَدْخُلُ فِي الْعَدِّ لِإِذْهَابِ التَّوْبَةِ الصَّحِيحَةِ أَثَرَهَا رَأْسًا، وَمَا قِيلَ مِنْ قَوْلِهِ وَالْإِصْرَارِ مِنْ بَابِ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مُطْلَقَهُ بَلْ مَعَ غَلَبَةِ الصَّغَائِرِ أَوْ مُسَاوَاتِهَا لِلطَّاعَاتِ وَهَذَا حِينَئِذٍ كَبِيرَةٌ مَحَلُّ نَظَرٍ. لِأَنَّ الْإِصْرَارَ لَا يُصَيِّرُ الصَّغِيرَةَ كَبِيرَةً حَقِيقَةً وَإِنَّمَا يُلْحِقُهَا بِهَا فِي الْحُكْمِ فَالْعَطْفُ صَحِيحٌ وَلَا حَاجَةَ إلَى التَّأْوِيلِ، وَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ قَوْلُ جَمْعٍ كَابْنِ عَبَّاسٍ وَالْأَشْعَرِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَيُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ جَازَ لِأَنَّهُ جَوَازٌ بَعْدَ مَنْعٍ فَيَصْدُقُ بِالْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الْإِخْبَارُ بِهِ) وَفَائِدَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَاكِمَ يُثْبِتُ فِي بَيَانِ الْحَقِّ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ أَقَرَّ نَاسِيًا أَوْ ظَانًّا بَقَاءَ الْحَقِّ عَلَيْهِ مَعَ كَوْنِهِ فِي الْوَاقِعِ غَيْرَ ثَابِتٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ عَدُّهُمْ إلَخْ) أَيْ لِجَوَازِ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ كُلَّ مَا فِيهِ وَعِيدٌ شَدِيدٌ كَبِيرَةٌ وَأَنَّ مَا لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ فِيهِ تَفْصِيلٌ (قَوْلُهُ وَرِقَّةِ) عَطْفٌ تَفْسِيرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَاعْتُرِضَ بِشُمُولِهِ صَغَائِرَ الْخِسَّةِ) كَسَرِقَةِ لُقْمَةٍ (قَوْلُهُ: وَاعْتُرِضَ بِشُمُولِهِ) لَعَلَّهُ بِعَدَمِ شُمُولِهِ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ أَنَّ الْإِصْرَارَ عَلَى الصَّغِيرَةِ لَا يُصَيِّرُهَا كَبِيرَةً حَقِيقَةً وَإِنْ سَقَطَتْ بِهِ الْعَدَالَةُ وَعَلَيْهِ فَلَا اعْتِرَاضَ (قَوْلُهُ مِنْ جَانِبَيْ الطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ) أَيْ بِأَنْ يُقَابِلَ كُلَّ طَاعَةٍ بِمَعْصِيَةٍ فِي جَمِيعِ الْأَيَّامِ حَتَّى لَوْ غَلَبَتْ الطَّاعَاتُ عَلَى الْمَعَاصِي فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ وَغَلَبَتْ الْمَعَاصِي فِي بَاقِيهَا بِحَيْثُ لَوْ قُوبِلَتْ جُمْلَةُ الْمَعَاصِي بِجُمْلَةِ الطَّاعَاتِ كَانَتْ الْمَعَاصِي أَكْثَرَ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ غَلَبَ الْأَوَّلُ) أَيْ الْمُحَافَظَةُ عَلَى مُرُوءَةِ أَمْثَالِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ مَتَى وُجِدَ خَارِمُهَا كَفَى) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِوُجُودِ الْخَارِمِ أَنْ يُوجَدَ مِنْهُ وَلَا تَغْلِبُ الْمُرُوءَةُ عَلَيْهِ فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ ذَلِكَ الْخَارِمُ فَلَا يُنَافِي مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا غَلَبَتْ الْمُرُوءَةُ عَلَى مَا يُخِلُّ بِهَا لَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَحَلَّ مَعَ غَلَبَةِ الْمُرُوءَةِ لَا يُعَدُّ خَارِمًا، لَكِنْ فِي سم عَلَى حَجّ بَعْدَ قَوْلِ حَجّ ـــــــــــــــــــــــــــــQيُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُ بَلْ قِيَاسُ النَّظَائِرِ أَنَّ الْفَاسِقَ كَذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ الْإِخْبَارُ بِهِ) اُنْظُرْ مَا فَائِدَتُهُ مَعَ أَنَّهُ مُؤَاخَذٌ بِإِقْرَارِهِ وَفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مَا لَا يَشْفِي (قَوْلُهُ وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ عَدَمِ الْقَدْحِ، وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْحَدَّ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ جَامِعًا (قَوْلُهُ وَاعْتُرِضَ بِشُمُولِهِ الْإِصْرَارَ عَلَى صَغِيرَةِ الْآتِي) اُنْظُرْ الشُّمُولَ مِنْ أَيْنَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ غَلَبَ الْأَوَّلُ لَمْ يُؤَثِّرْ وَإِلَّا رُدَّتْ شَهَادَتُهُ) هَذَا مِنْ مَدْخُولِ النَّفْيِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يَجْرِي ذَلِكَ فِي الْمُرُوءَةِ وَالْمُخِلِّ بِهَا بِحَيْثُ إنَّهُ إنْ غَلَبَ الْأَوَّلُ إلَخْ، وَمُقَابِلُ الْمَنْفِيِّ إنَّمَا هُوَ الْإِضْرَابُ الْآتِي وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ) هَذَا بِحَسَبِ الظَّاهِرِ قَدْ يُنَافِي مَا سَيَأْتِي لَهُ اسْتِيجَاهُهُ مِنْ اعْتِبَارِ الْإِكْثَارِ مِنْ خَارِمِ الْمُرُوءَةِ حَتَّى يُرَدَّ بِهِ الشَّهَادَةُ إلَّا فِي نَحْوِ قُبْلَةِ زَوْجَتِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْخَارِمَ هُوَ الْإِكْثَارُ وَالْمَنْفِيُّ هُنَا هُوَ تَكْرِيرُ الْإِكْثَارِ. فَالْحَاصِلُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ مَتَى وُجِدَ الْإِكْثَارُ انْخَرَمَتْ الْمُرُوءَةُ وَرُدَّتْ الشَّهَادَةُ وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ ذَلِكَ الْإِكْثَارُ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ الْإِكْثَارُ مُعَادِلًا لِخِصَالِ الْمُرُوءَةِ أَمْ أَقَلَّ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: فَالْعَطْفُ صَحِيحٌ) فِيهِ أَنَّ الْقِيلَ الْمَارَّ لَمْ يَدَّعِ صَاحِبُهُ عَدَمَ صِحَّةِ الْعَطْفِ، وَقَوْلُهُ وَلَا حَاجَةَ إلَى التَّأْوِيلِ

وَالْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ لَيْسَ فِي الذُّنُوبِ صَغِيرَةٌ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا كَرِهُوا تَسْمِيَةَ مَعْصِيَةِ اللَّهِ صَغِيرَةً إجْلَالًا لَهُ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ بَعْضَ الذُّنُوبِ يَقْدَحُ فِي الْعَدَالَةِ وَبَعْضَهَا لَا يَقْدَحُ فِيهَا، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي التَّسْمِيَةِ وَالْإِطْلَاقِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُتَّجَهُ أَنْ يَكُونَ تَرْكُ تَعَلُّمِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّةُ مَا هُوَ فَرْضٌ عَلَيْهِ كَبِيرَةً لَكِنْ مِنْ الْمَسَائِلِ الظَّاهِرَةِ دُونَ الْخَفِيَّةِ، نَعَمْ مَا مَرَّ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ فِي الْعَامِّيِّ الَّذِي يَعْتَقِدُ أَنَّ جَمِيعَ أَفْعَالِهَا فَرْضٌ إلَخْ هَلْ يَكُونُ تَرْكُ تَعَلُّمِهِ ذَلِكَ كَبِيرَةً أَوْ لَا مَحَلُّ نَظَرٍ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ إفْتَاءُ الشَّيْخِ بِأَنَّ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ أَرْكَانَ أَوْ شُرُوطَ نَحْوِ الْوُضُوءِ أَوْ الصَّلَاةِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ أَنَّ ذَلِكَ كَبِيرَةٌ (وَيَحْرُمُ اللَّعِبُ بِالنَّرْدِ عَلَى الصَّحِيحِ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَكَأَنَّمَا غَمَسَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ» وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد «فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» وَهُوَ صَغِيرَةٌ، وَفَارَقَ الشِّطْرَنْجُ بِأَنَّ مُعْتَمَدَهُ الْحِسَابُ الدَّقِيقُ وَالْفِكْرُ الصَّحِيحُ فَفِيهِ تَصْحِيحُ الْفِكْرِ وَنَوْعٌ مِنْ التَّدْبِيرِ، وَمُعْتَمَدُ النَّرْدِ الْحَزْرُ وَالتَّخْمِينُ الْمُؤَدِّي إلَى غَايَةٍ مِنْ السَّفَاهَةِ وَالْحُمْقِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ مَا حَاصِلُهُ: وَيُقَاسُ بِهِمَا مَا فِي مَعْنَاهُمَا مِنْ أَنْوَاعِ اللَّهْوِ، فَكُلُّ مَا اعْتَمَدَ الْحِسَابَ وَالْفِكْرَ كَالْمِنْقَلَةِ حُفَرٌ أَوْ خُطُوطٌ يَنْقُلُ مِنْهَا وَإِلَيْهَا حَصَى بِالْحِسَابِ لَا يَحْرُمُ وَمَحَلُّهَا فِي الْمِنْقَلَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ حِسَابُهَا تَبَعًا لِمَا يُخْرِجُهُ الطَّابُ الْآتِي وَإِلَّا حَرُمَتْ، وَكُلُّ مَا مُعْتَمَدُهُ التَّخْمِينُ يَحْرُمُ، وَمِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي كَمَا أَفَادَهُ السُّبْكِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمَا لِطَابٌ وَهُوَ عَصًى صِغَارٌ تُرْمَى وَيُنْظَرُ لِلَوْنِهَا وَيُرَتَّبُ عَلَيْهِ مُقْتَضَاهُ الَّذِي اصْطَلَحُوا عَلَيْهِ، وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا الكنجفة، وَيَجُوزُ اللَّعِبُ بِالْحَمَامِ وَالْخَاتَمِ حَيْثُ خَلَيَا عَنْ عِوَضٍ، لَكِنْ مَتَى كَثُرَ الْأَوَّلُ رُدَّتْ بِهِ الشَّهَادَةُ لِمَا عُرِفَ مِنْ أَهْلِهِ مِنْ خَلْعِهِمْ جِلْبَابَ الْحَيَاءِ وَالْمُرُوءَةِ وَالتَّعَصُّبِ، وَيُقَاسُ بِهِمْ مَا كَثُرَ وَاشْتَهَرَ مِنْ أَنْوَاعٍ حَدَثَتْ كَالْجَرْيِ وَحَمْلِ الْأَحْمَالِ الثَّقِيلَةِ وَالنِّطَاحِ بِنَحْوِ الْكِبَاشِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ اللَّهْوِ وَالسَّفَهِ، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ فَقَطْ (وَيُكْرَهُ) اللَّعِبُ (بِشِطْرَنْجٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَفَتْحِهِ مُعْجَمًا وَمُهْمَلًا لِأَنَّهُ يُلْهِي عَنْ الذِّكْرِ وَالصَّلَاةِ فِي أَوْقَاتِهَا الْفَاضِلَةِ بَلْ كَثِيرًا مَا يَسْتَغْرِقُ فِيهِ لَاعِبُهُ حَتَّى يُخْرِجَهَا عَنْ وَقْتِهَا وَهُوَ حِينَئِذٍ فَاسِقٌ غَيْرُ مَعْذُورٍ بِنِسْيَانِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْغَفْلَةَ نَشَأَتْ مِنْ تَعَاطِيهِ الْفِعْلَ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُلْهِيَ عَنْ ذَلِكَ فَكَانَ كَالْمُتَعَمِّدِ لِتَفْوِيتِهِ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي كُلِّ لَهْوٍ وَلَعِبٍ مَكْرُوهٍ مُشْغِلٍ لِلنَّفْسِ وَمُؤَثِّرٍ فِيهَا تَأْثِيرًا يَسْتَوْلِي عَلَيْهَا حَتَّى تَشْتَغِلَ بِهِ عَنْ مَصَالِحِهَا الْأُخْرَوِيَّةِ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ مِنْ الْكَرَاهَةِ إذَا لَعِبَهُ مَعَ مُعْتَقِدِ حِلِّهِ وَإِلَّا حَرُمَ كَمَا رَجَّحَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ لِإِعَانَتِهِ عَلَى مَعْصِيَةٍ حَتَّى فِي ظَنِّ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّا نَعْتَقِدُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْعَمَلُ بِاعْتِقَادِ إمَامِهِ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ فِي الْحَاكِمِ اعْتِقَادُ نَفْسِهِ لَا الْخَصْمِ لِأَنَّهُ مُلْزِمٌ، وَلَوْ نَظَرْنَا لِاعْتِقَادِ الْخَصْمِ تَعَطَّلَ الْقَضَاءُ، وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ لِمَا مَرَّ أَنَّ مَنْ فَعَلَ مَا يَعْتَقِدُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَيَجْرِي إلَخْ مَا نَصُّهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يَجْرِي بَلْ مَتَى وُجِدَ خَارِمٌ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ شَرْحُ م ر اهـ (قَوْلُهُ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ صَلَاتُهُ صَحِيحَةً حَيْثُ اعْتَقَدَ أَنَّ الْكُلَّ فَرْضٌ أَوْ أَنَّ بَعْضَهَا فَرْضٌ وَالْآخَرَ سُنَّةٌ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ (قَوْلُهُ أَنَّ ذَلِكَ كَبِيرَةٌ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ اللَّعِبُ بِالنَّرْدِ) وَهُوَ الْمُسَمَّى الْآنَ بِالطَّاوِلَةِ فِي عُرْفِ الْعَامَّةِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي) أَيْ كُلِّ مَا مُعْتَمَدُهُ التَّخْمِينُ ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِلَا مَالٍ فَيَحْرُمُ، وَيُؤَيِّدُهُ التَّقْيِيدُ فِي الْحَمَامِ وَمَا بَعْدَهُ بِالْخُلُوِّ عَنْ الْعِوَضِ، لَكِنْ قَدْ يَقْتَضِي كَلَامُهُ فِي الْمُسَابَقَةِ جَوَازَهُ حَيْثُ خَلَا عَنْ الْعِوَضِ. (قَوْلُهُ: وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا الكنجفة) وَهِيَ أَوْرَاقٌ فِيهَا صُوَرٌ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَيُقَاسُ بِهِمْ) أَيْ بِأَهْلِ الْحَمَامِ: أَيْ فِي رَدِّ الشَّهَادَةِ فَقَطْ، أَمَّا الْجَرْيُ فَقَدْ يَحْرُمُ إنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ إضْرَارٌ لِلنَّفْسِ بِلَا غَرَضٍ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مَعْذُورٍ) أَيْ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُقَاسُ بِهِمْ مَا كَثُرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQيُتَأَمَّلُ مَا الْمُرَادُ بِالتَّأْوِيلِ وَاَلَّذِي مَرَّ تَقْيِيدٌ لَا تَأْوِيلٌ (قَوْلُهُ: الْكَنْجَفَةُ) هِيَ أَوْرَاقٌ مُزَوَّقَةٌ بِأَنْوَاعِ النُّقُوشِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَهِيَ أَوْرَاقٌ فِيهَا صُوَرٌ (قَوْلُهُ: كَالْمُتَعَمِّدِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَفْسُقُ بِإِخْرَاجِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا مَرَّةً وَاحِدَةً، لَكِنْ نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَكَرُّرِ ذَلِكَ وَتَوَقَّفَ ابْنُ قَاسِمٍ فِي ضَابِطِ التَّكَرُّرِ

حُرْمَتَهُ يَجِبُ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ وَلَوْ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ إبَاحَتَهُ (فَإِنْ شُرِطَ فِيهِ مَالٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَقِمَارٌ) مُحَرَّمٌ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَحَدِهِمَا لِيَبْذُلَهُ إنْ غَلَبَ وَيُمْسِكُهُ إنْ غَلَبَ فَلَيْسَ بِقِمَارٍ لَكِنَّهُ عَقْدُ مُسَابَقَةٍ عَلَى غَيْرِ آلَةِ قِتَالٍ فَهُوَ مُحَرَّمٌ مِنْ جِهَتِهِ، إذْ تَعَاطِي الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ حَرَامٌ وَهَذَا كَمَا قَبْلَهُ صَغِيرَةٌ، لَكِنَّ أَخْذَ الْمَالِ كَبِيرَةٌ، وَعَبَّرَ بِقِمَارٍ مُحَرَّمٍ احْتِرَازًا عَنْ اعْتِرَاضِ الْإِمَامِ عَلَى إطْلَاقِهِمْ التَّحْرِيمَ بِأَنَّ الْمُحَرَّمَ هُوَ مَا اقْتَرَنَ بِالشِّطْرَنْجِ لَا هُوَ فَإِنَّهُ لَا يَتَغَيَّرُ بِذَلِكَ، وَتُرَدُّ الشَّهَادَةُ بِهِ إنْ اقْتَرَنَ بِهِ أَخْذُ مَالٍ أَوْ فُحْشٍ أَوْ دَوَامٌ عَلَيْهِ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَوْ لَعِبَهُ عَلَى الطَّرِيقِ، أَوْ كَانَ فِيهِ صُورَةُ حَيَوَانٍ كَمَا قَالَهُ غَيْرُهُ، وَمِنْ ثَمَّ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ يَحْرُمُ اللَّعِبُ بِكُلِّ مَا فِي آلَتِهِ صُورَةٌ مُحَرَّمَةٌ (وَيُبَاحُ الْحُدَاءُ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَبِالْمَدِّ (وَسَمَاعُهُ) وَاسْتِمَاعُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إيقَاظِ النُّوَّامِ وَتَنْشِيطِ الْإِبِلِ لِلسَّيْرِ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَرَّ فَاعِلَهُ وَهُوَ مَا يُقَالُ خَلْفَ الْإِبِلِ مِنْ رَجَزٍ وَنَحْوِهِ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ تَفْسِيرِهِ بِأَنَّهُ تَحْسِينُ الصَّوْتِ الشَّجِيِّ بِالشِّعْرِ الْجَائِزِ (وَيُكْرَهُ الْغِنَاءُ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَبِالْمَدِّ (بِلَا آلَةٍ وَسَمَاعُهُ) يَعْنِي اسْتِمَاعُهُ لَا مُجَرَّدُ سَمَاعِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لِمَا صَحَّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ فَيَكُونُ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ: إنَّهُ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ كَمَا يُنْبِتُ الْمَاءُ الْبَقْلَ، وَمَا ذَكَرَاهُ فِي مَوْضِعٍ مِنْ حُرْمَتِهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَوْ كَانَ مِنْ أَمْرَدَ أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ وَخَافَ عَنْ ذَلِكَ الْفِتْنَةَ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: أَمَّا مَا اُعْتِيدَ عِنْدَ مُحَاوَلَةِ عَمَلٍ وَحَمْلِ ثَقِيلٍ كَحُدَاءِ الْأَعْرَابِ لِإِبِلِهِمْ وَغِنَاءِ النِّسَاءِ لِتَسْكِينِ صِغَارِهِمْ فَلَا شَكَّ فِي جَوَازِهِ، بَلْ رُبَّمَا يُنْدَبُ إذَا نَشَّطَ عَلَى سَيْرٍ أَوْ رَغَّبَ فِي خَيْرٍ كَالْحُدَاءِ فِي الْحَجِّ وَالْغَزْوِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا جَاءَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ، وَمَتَى اقْتَرَنَ بِالْغِنَاءِ آلَةٌ مُحَرَّمَةٌ فَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ تَحْرِيمُ الْآلَةِ فَقَطْ وَبَقَاءُ الْغِنَاءِ عَلَى الْكَرَاهَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ عَنْ الْإِمَامِ فِي الشِّطْرَنْجِ مَعَ الْقِمَارِ، وَلَيْسَ تَحْسِينُ الصَّوْتِ بِقِرَاءَةِ قُرْآنٍ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، فَإِنْ لَحَّنَ فِيهِ حَتَّى أَخْرَجَهُ إلَى حَدٍّ لَا يَقُولُ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الْقُرَّاءِ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا، وَإِطْلَاقُ الْجُمْهُورِ كَرَاهَةَ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ مُرَادُهُمْ بِهَا كَرَاهَةُ التَّحْرِيمِ، بَلْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: يَفْسُقُ الْقَارِئُ بِذَلِكَ وَيَأْثَمُ الْمُسْتَمِعُ لِأَنَّهُ عَدَلَ بِهِ عَنْ نَهْجِهِ الْقَوِيمِ (وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ آلَةٍ مِنْ شِعَارِ الشَّرَبَةِ كَطُنْبُورٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ (وَعُودٍ) وَرَبَابٍ وسنطير وجنك وَكَمَنْجَةٍ (وَصَنْجٍ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ، وَهُوَ صُفْرٌ يُجْعَلُ عَلَيْهِ أَوْتَارٌ يُضْرَبُ بِهَا أَوْ قِطْعَتَانِ مِنْ صُفْرٍ تُضْرَبُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى وَكِلَاهُمَا حَرَامٌ (وَمِزْمَارٍ عِرَاقِيٍّ) وَسَائِرِ أَنْوَاعِ الْأَوْتَارِ وَالْمَزَامِيرِ (وَاسْتِمَاعُهَا) لِأَنَّ اللَّذَّةَ الْحَاصِلَةَ مِنْهَا تَدْعُو إلَى فَسَادٍ كَشُرْبِ الْخَمْرِ لَا سِيَّمَا مَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSإلَخْ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ تَعَاطِي الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ (قَوْلُهُ: صَغِيرَةٌ) نُقِلَ عَنْ حَجّ فِي الزَّوَاجِرِ أَنَّ تَعَاطِيَ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ كَبِيرَةٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ لَعِبَهُ عَلَى الطَّرِيقِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْفَاعِلُ عَظِيمًا، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ تَكَرَّرَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يُقَالُ خَلْفَ الْإِبِلِ) وَيُسْتَثْنَى هَذَا مِنْ الْغِنَاءِ الْآتِي كَمَا تَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي قَوْلِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَمَّا مَا اُعْتِيدَ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُنْبِتُ النِّفَاقَ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ يُنْبِتُ إلَخْ: أَيْ يَكُونُ سَبَبًا لِحُصُولِ النِّفَاقِ فِي قَلْبِ مَنْ يَفْعَلُهُ بَلْ أَوْ مَنْ يَسْتَمِعُهُ لِأَنَّ فِعْلَهُ وَاسْتِمَاعَهُ يُورِثُ مُنْكَرًا وَاشْتِغَالًا بِمَا يُفْهَمُ مِنْهُ كَمَحَاسِنِ النِّسَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَهَذَا قَدْ يُورِثُ فِي فَاعِلِهِ ارْتِكَابَ أُمُورٍ تَحْمِلُ فَاعِلَهُ عَلَى أَنْ يُظْهِرَ خِلَافَ مَا يُبْطِنُ. (قَوْلُهُ: لَا يَقُولُ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الْقُرَّاءِ حَرُمَ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَبِيرَةً كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ بَلْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَلْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ يَفْسُقُ) بِهَذَا جَزَمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي النَّشْرِ لَكِنْ قَالَ حَجّ فِي الْفَتَاوَى الْحَدِيثِيَّةِ: الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْفِسْقِ مَعَ كَوْنِهِ حَرَامًا (قَوْلُهُ: وَيَأْثَمُ الْمُسْتَمِعُ) أَيْ إثْمَ الصَّغِيرَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ عَدَلَ بِهِ عَنْ نَهْجِهِ) أَيْ طَرِيقِهِ الْمُسْتَقِيمِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ صُفْرٌ) أَيْ نُحَاسٌ (قَوْلُهُ: تُضْرَبُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى) وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ فَقِمَارٌ) أَيْ ذَلِكَ الشَّرْطُ أَوْ الْمَالُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَهُوَ مُحَرَّمٌ مِنْ جِهَتِهِ) اُنْظُرْ مَرْجِعَ الضَّمِيرَيْنِ (قَوْلُهُ: بِضَمِّ الْحَاءِ) وَكَذَا بِكَسْرِهَا كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَمَّا مَا اُعْتِيدَ إلَخْ) الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ إنَّمَا نَقَلَهُ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِأَبِي الْعَبَّاسِ فِي كَلَامِهِ الرُّويَانِيُّ أَوْ الْقُرْطُبِيُّ فَإِنَّهُ يُعَبَّرُ عَنْهُمَا بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: صِغَارِهِمْ) صَوَابُهُ صِغَارِهِنَّ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لُحِّنَ) هُوَ بِتَشْدِيدِ الْمُهْمَلَةِ كَمَا لَا يَخْفَى

بِهَا، وَلِأَنَّهَا شِعَارُ الْفَسَقَةِ وَالتَّشَبُّهُ بِهِمَا حَرَامٌ، وَخَرَجَ بِاسْتِمَاعِهَا سَمَاعُهَا مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ فَلَا يَحْرُمُ، وَحِكَايَةُ وَجْهٍ بِحِلِّ الْعُودِ مَرْدُودَةٌ، وَمَا سَمِعْنَاهُ مِنْ بَعْضِ صُوفِيَّةٍ الْوَقْتِ تَبِعَ فِيهِ كَلَامَ ابْنِ حَزْمٍ وَأَبَاطِيلَ ابْنِ طَاهِرٍ وَكَذِبَهُ الشَّنِيعَ فِي تَحْلِيلِ الْأَوْتَارِ وَغَيْرِهَا وَلَمْ يُنْظَرْ لِكَوْنِهِ مَذْمُومَ السِّيرَةِ مَعَ أَنَّهُ مَرْدُودُ الْقَوْلِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ، وَقَدْ بَالَغَ بَعْضُهُمْ فِي تَسْفِيهِهِ وَتَضْلِيلِهِ سِيَّمَا الْأَذْرَعِيُّ فِي تَوَسُّطِهِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِمَّا يَجِبُ الْكَفُّ عَنْهُ وَاتِّبَاعُ مَا عَلَيْهِ أَئِمَّةُ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرُهُمْ لَا مَا افْتَرَاهُ أُولَئِكَ. نَعَمْ لَوْ أَخْبَرَ طَبِيبَانِ عَدْلَانِ بِأَنَّ الْمَرِيضَ لَا يَنْفَعُهُ لِمَرَضِهِ إلَّا الْعُودُ عُمِلَ بِخَبَرِهِمَا وَحَلَّ لَهُ اسْتِمَاعُهُ كَالتَّدَاوِي بِنَجِسٍ فِيهِ الْخَمْرُ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ الْحَلِيمِيِّ يُبَاحُ اسْتِمَاعُ آلَةِ اللَّهْوِ إذَا نَفَعَتْ مَنْ مَرِضَ: أَيْ لِمَنْ بِهِ ذَلِكَ الْمَرَضُ وَتَعَيَّنَ الشِّفَاءُ فِي سَمَاعِهِ، وَحِكَايَةُ ابْنِ طَاهِرٍ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ الْعُودَ مِنْ جُمْلَةِ كَذِبِهِ وَتَهَوُّرِهِ فَلَا يَحِلُّ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ (لَا يَرَاعٍ) وَهِيَ الشَّبَّابَةُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِخُلُوِّ جَوْفِهَا، وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا لِرَجُلٍ لَا قَلْبَ لَهُ رَجُلٌ يَرَاعٌ فَلَا يَحْرُمُ (فِي الْأَصَحِّ) لِخَبَرٍ فِيهِ (قُلْت: الْأَصَحُّ تَحْرِيمُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ مُطْرِبٌ بِانْفِرَادِهِ، بَلْ قِيلَ إنَّهُ آلَةٌ كَامِلَةٌ لِجَمِيعِ النَّغَمَاتِ إلَّا يَسِيرًا فَحَرُمَ كَسَائِرِ الْمَزَامِيرِ، وَالْخَبَرُ الْمَرْوِيُّ فِي شَبَّابَةِ الرَّاعِي مُنْكَرٌ، وَبِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَهُوَ دَلِيلُ التَّحْرِيمِ لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ سَدَّ أُذُنَيْهِ عَنْ سَمَاعِهَا نَاقِلًا لَهُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ اسْتَخْبَرَ مِنْ نَافِعٍ هَلْ يَسْمَعُهَا فَيَسْتَدِيمُ سَدَّ أُذُنَيْهِ، فَلَمَّا لَمْ يَسْمَعْهَا أَخْبَرَهُ فَتَرَكَ سَدَّهُمَا، فَهُوَ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِصْغَاءِ إلَيْهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لَهُ أَتَسْمَعُ وَلَمْ يَقُلْ لَهُ اسْتَمِعْ، وَلَقَدْ أَطْنَبَ خَطِيبُ الشَّامِ الدَّوْلَعِيُّ فِي تَحْرِيمِهَا وَتَقْرِيرِ أَدِلَّتِهِ وَنَسَبَ مَنْ قَالَ بِحِلِّهَا إلَى الْغَلَطِ وَأَنَّهُ لَيْسَ مَعْدُودًا مِنْ الْمَذْهَبِ، وَنَقَلَ ابْنُ الصَّلَاحِ أَنَّهَا إذَا اجْتَمَعَتْ مَعَ الدُّفِّ حَرُمَا بِالْإِجْمَاعِ مِمَّنْ يُعْتَدَّ بِهِ وَفِيهِ مَا مَرَّ عَنْ الْإِمَامِ فِي الشِّطْرَنْجِ مَعَ الْقِمَارِ، وَعَنْ الزَّرْكَشِيّ فِي الْغِنَاءِ مَعَ الْآلَةِ، وَمَا حُكِيَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ مِنْ أَنَّهُمَا كَانَا يَسْمَعَانِ ذَلِكَ فَكَذِبٌ. (وَيَجُوزُ دُفٌّ) أَيْ ضَرْبُهُ وَاسْتِمَاعُهُ (لِعُرْسٍ) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَرَّ جُوَيْرِيَّاتٍ ضَرَبْنَ بِهِ حِينَ بَنَى عَلِيٌّ عَلَى فَاطِمَةَ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُمَا» ، بَلْ قَالَ لِمَنْ قَالَتْ: وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ دَعِي هَذَا وَقَوْلِي بِاَلَّتِي كُنْت تَقُولِينَ: أَيْ مِنْ مَدْحِ بَعْضِ الْمَقْتُولِينَ بِبَدْرٍ، وَصَحَّ خَبَرُ «فَصْلُ مَا بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ الضَّرْبُ بِالدُّفِّ» وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ خَبَرَ «أَعْلِنُوا هَذَا النِّكَاحَ وَاجْعَلُوهُ فِي الْمَسَاجِدِ وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالدُّفِّ» وَقَدْ أَخَذَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ مِنْ ذَلِكَ نَدْبَهُ فِي الْعُرْسِ وَنَحْوِهِ (وَخِتَانٍ) لِأَنَّ عُمَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَانَ يُقِرُّهُ فِيهِ كَالنِّكَاحِ وَيُنْكِرُهُ فِي غَيْرِهِمَا (وَكَذَا غَيْرُهُمَا) مِنْ كُلِّ سُرُورٍ (فِي الْأَصَحِّ) لِخَبَرِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا رَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ مِنْ بَعْضِ مَغَازِيهِ قَالَتْ لَهُ جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ: إنِّي نَذَرْت إنْ رَدَّكَ اللَّهُ سَالِمًا أَنْ أَضْرِبَ بَيْنَ يَدَيْكَ بِالدُّفِّ، فَقَالَ لَهَا: إنْ كُنْت نَذَرْت أَوْفِي بِنَذْرِك» . وَالثَّانِي الْمَنْعُ، وَمَحِلُّ الْخِلَافِ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ إذَا لَمْ يَضْرِبْهُ لِنَحْوِ قُدُومِ عَالِمٍ أَوْ سُلْطَانٍ وَيُبَاحُ أَوْ يُسَنُّ عِنْدَ مَنْ قَالَ بِنَدْبِهِ (وَإِنْ كَانَ فِيهِ جَلَاجِلُ) ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا يَسْتَعْمِلُهُ الْفُقَرَاءُ الْمَشْهُورُونَ فِي زَمَنِنَا الْمُسَمَّى فِي عُرْفِ الْعَامَّةِ بِالْكَاسَاتِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ الشَّبَّابَةُ) هِيَ الْمُسَمَّاةُ الْآنَ بِالْغَابِ (قَوْلُهُ: فِي الْغِنَاءِ مَعَ الْآلَةِ) أَيْ فَإِذَا اجْتَمَعَتْ مَعَ الدُّفِّ حَرُمَتْ دُونَهُ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ دُفٌّ) وَهُوَ الْمُسَمَّى الْآنَ بِالطَّارِ (قَوْلُهُ: حِينَ بَنَى) أَيْ دَخَلَ بِهَا (قَوْلُهُ: وَقُولِي بِاَلَّتِي) أَيْ بِالْكَلِمَاتِ الَّتِي (قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ سُرُورٍ) قَدْ يُفْهِمُ تَحْرِيمَهُ لَا لِسَبَبٍ أَصْلًا فَلْيُرَاجَعْ وَلَا بُعْدَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَعِبٌ مُجَرَّدٌ (قَوْلُهُ: لِنَحْوِ قُدُومِ عَالِمٍ) أَيْ وَإِلَّا فَهُوَ جَائِزٌ قَطْعًا، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَحَلَّ لَهُ اسْتِمَاعُهُ) اُنْظُرْ هَلْ يَحِلُّ لِنَحْوِ الطَّبِيبِ اسْتِعْمَالُهُ حِينَئِذٍ الْمُتَوَقِّفُ عَلَيْهِ اسْتِمَاعُ الْمَرِيضِ الْمُتَوَقِّفُ عَلَيْهِ شِفَاؤُهُ (قَوْلُهُ: كَامِلَةً لِجَمِيعِ النَّغَمَاتِ) عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ: وَافِيَةٌ بِجَمِيعِ النَّغَمَاتِ (قَوْلُهُ: سَدَّ أُذُنَيْهِ) أَيْ وَرَعًا، وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّ مُجَرَّدَ السَّمَاعِ لَا يَحْرُمُ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ إشْكَالُ تَقْرِيرِهِ لِسَمَاعٍ نَافِعٍ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ دُفٌّ) بِضَمِّ الدَّالِ وَفَتْحِهَا (قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ سُرُورٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي غَيْرِ السُّرُورِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَيُبَاحُ أَوْ يُسَنُّ إلَخْ) مُرَادُهُ بِهِ الدُّخُولُ فِي الْمَتْنِ

لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ، وَدَعْوَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِجَلَاجِلَ يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِهِ وَهُوَ إمَّا نَحْوُ حِلَقٍ تُجْعَلُ دَاخِلَهُ كَدُفِّ الْعَرَبِ أَوْ صُنُوجٍ عِرَاضٍ مِنْ صُفْرٍ تُجْعَلُ مِنْ خُرُوقِ دَائِرَتِهِ كَدُفِّ الْعَجَمِ، وَقَدْ جَزَمَ بِحِلِّ هَذِهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِ، وَمُنَازَعَةُ الْأَذْرَعِيِّ فِيهِ بِأَنَّهُ أَشَدُّ إطْرَابًا مِنْ الْمَلَاهِي الْمُتَّفَقِ عَلَى تَحْرِيمِهَا وَنَقْلُهُ عَنْ جَمْعٍ حُرْمَتَهُ مَرْدُودَةٌ، وَسَوَاءُ ضَرَبَ بِهِ رَجُلٌ أَمْ أُنْثَى، وَتَخْصِيصُ الْحَلِيمِيِّ حِلَّهُ بِالنِّسَاءِ مَرْدُودٌ كَمَا أَفَادَهُ السُّبْكِيُّ (وَيَحْرُمُ ضَرْبُ الْكُوبَةِ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَاسْتِمَاعُهُ أَيْضًا (وَهِيَ طَبْلٌ) طَوِيلٌ (ضَيِّقُ الْوَسَطِ) وَاسِعُ الطَّرَفَيْنِ وَمِنْهُ أَيْضًا الْمَوْجُودُ فِي زَمَنِنَا مَا أَحَدُ طَرَفَيْهِ أَوْسَعُ مِنْ الْآخَرِ الَّذِي لَا جِلْدَ عَلَيْهِ لِخَبَرِ «إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْخَمْرَ وَالْمَيْسِرَ» أَيْ الْقِمَارَ " وَالْكُوبَةَ " وَلِأَنَّ فِي ضَرْبِهَا تَشْبِيهًا بِالْمُخَنَّثِينَ إذْ لَا يَعْتَادُهَا غَيْرُهُمْ، وَتَفْسِيرُهَا بِذَلِكَ هُوَ الصَّحِيحُ وَإِنْ فَسَّرَهَا بَعْضُهُمْ بِالنَّرْدِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ حِلُّ مَا سِوَاهَا مِنْ الطُّبُولِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ أَطْلَقَ الْعِرَاقِيُّونَ تَحْرِيمَ الطُّبُولِ. وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَادَّعَى أَنَّ الْمَوْجُودَ لِأَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ تَحْرِيمُ مَا سِوَى الدُّفِّ مِنْ الطُّبُولِ (لَا الرَّقْصُ) فَلَا يَحْرُمُ وَلَا يُكْرَهُ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ حَرَكَاتٍ عَلَى اسْتِقَامَةٍ وَاعْوِجَاجٍ وَلِإِقْرَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحَبَشَةَ عَلَيْهِ فِي مَسْجِدِهِ يَوْمَ عِيدٍ، وَاسْتِثْنَاءُ بَعْضِهِمْ أَرْبَابَ الْأَحْوَالِ فَلَا يُكْرَهُ لَهُمْ وَإِنْ كُرِهَ لِغَيْرِهِمْ مَرْدُودٌ كَمَا أَفَادَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ عَنْ رَوِيَّتِهِمْ فَهُمْ كَغَيْرِهِمْ وَإِلَّا لَمْ يَكُونُوا مُكَلَّفِينَ، وَيَجِبُ طَرْدُ ذَلِكَ فِي سَائِرِ مَا يُحْكَى عَنْ الصُّوفِيَّةِ مِمَّا يُخَالِفُ ظَاهِرَ الشَّرْعِ فَلَا يُحْتَجُّ بِهِ. نَعَمْ لَوْ كَثُرَ الرَّقْصُ بِحَيْثُ أَسْقَطَ الْمُرُوءَةَ حَرُمَ عَلَى مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ تَكَسُّرٌ كَفِعْلِ الْمُخَنَّثِ) بِكَسْرِ النُّونِ وَهَذَا أَشْهَرُ وَفَتْحِهَا وَهُوَ أَفْصَحُ، فَيَحْرُمُ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَهُوَ مَنْ يَتَخَلَّقُ بِخُلُقِ النِّسَاءِ حَرَكَةً وَهَيْئَةً، وَعَلَيْهِ حَمْلُ الْأَحَادِيثِ بِلَعْنِهِ، أَمَّا مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ خِلْقَةً مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ فَلَا يَأْثَمُ بِهِ. (وَيُبَاحُ) (قَوْلُ) أَيْ إنْشَاءُ (شِعْرٍ وَإِنْشَادُهُ) وَاسْتِمَاعُهُ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَهُ شُعَرَاءُ يُصْغِي إلَيْهِمْ كَحَسَّانٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ وَكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَاسْتَنْشَدَ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ مِائَةَ بَيْتٍ» : أَيْ لِأَنَّ أَكْثَرَ شِعْرِهِ حِكَمٌ وَأَمْثَالٌ وَتَذْكِيرٌ بِالْبَعْثِ، وَلِهَذَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَادَ أَنْ يُسْلِمَ» وَرَوَى الْبُخَارِيُّ «إنَّ مِنْ الشِّعْرِ لَحِكْمَةٌ» وَاسْتَحَبَّ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْهُ مَا حَذَّرَ عَنْ مَعْصِيَةٍ أَوْ حَثَّ عَلَى طَاعَةٍ (إلَّا أَنْ يَهْجُوَ) فِي شِعْرِهِ مُعَيَّنًا فَيَحْرُمُ وَإِنْ صَدَقَ أَوْ عَرَّضَ بِهِ كَمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَتُرَدُّ بِهِ شَهَادَتُهُ لِلْإِيذَاءِ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا وَنَحْوَهُ، بِخِلَافِ الْحَرْبِيِّ، وَيُتَّجَهُ إلْحَاقُ الْمُرْتَدِّ بِهِ لَا نَحْوِ زَانٍ مُحْصَنٍ وَغَيْرِ مُتَجَاهِرٍ بِفِسْقٍ وَغَيْرِ مُبْتَدِعٍ بِبِدْعَتِهِ وَإِثْمُ حَاكِيهِ دُونَ إثْمِ مُنْشِئِهِ (أَوْ يُفْحِشُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَالِثِهِ: ـــــــــــــــــــــــــــــSوَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ النَّحْوِ الْمَذْكُورِ مَا حَدَثَ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ السُّرُورِ بِالْفَتْحِ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَأَلْفٍ فِي رَابِعِ رَبِيعِ الْأَوَّلِ فَيُضْرَبُ لَهُ بِالدُّفِّ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ أَيْضًا الْمَوْجُودُ فِي زَمَنِنَا) أَفَادَ التَّعْبِيرُ بِمِنْهُ أَنَّ الْكُوبَةَ لَا يَنْحَصِرُ فِيمَا سُدَّ أَحَدُ طَرَفَيْهِ بِالْجِلْدِ دُونَ الْآخَرِ بَلْ هِيَ شَامِلَةٌ لِذَلِكَ وَمَا لَوْ سُدَّ طَرَفَاهُ مَعًا. (قَوْلُهُ: حَلَّ مَا سِوَاهُ مِنْ الطُّبُولِ) دَخَلَ فِيهِ مَا يَضْرِبُ بِهِ الْفُقَرَاءُ وَيُسَمُّونَهُ طَبْلُ الْبَازِ وَمِثْلُهُ طَبْلَةُ الْمُسَحِّرِ فَهُمَا جَائِزَانِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كُرِهَ لِغَيْرِهِمْ) عِبَارَةُ حَجّ بَدَلُ قَوْلِهِ وَإِنْ كُرِهَ إلَخْ وَإِنْ قُلْنَا بِكَرَاهَتِهِ الَّتِي جَرَى عَلَيْهَا جَمْعٌ وَهِيَ وَاضِحَةٌ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَلَا يَنْتَظِمُ بِظَاهِرِهِ مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا فَلَا يَحْرُمُ وَلَا يُكْرَهُ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) أَيْ لَكِنْ تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَفْصَحُ) قَدْ يَتَوَقَّفُ فِي كَوْنِهِ أَفْصَحَ بَلْ فِي صِحَّتِهِ مَعَ تَفْسِيرِهِ بِالْمُتَشَبِّهِ بِالنِّسَاءِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي تَعَيُّنَ الْكَسْرِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ فِي تَوْجِيهٍ الْفَتْحُ: إنَّ غَيْرَ الْفَاعِلِ يُشْبِهُ الْفَاعِلَ بِالنِّسَاءِ فَيَصِيرُ مَعْنَاهُ مُشَبَّهًا بِالنِّسَاءِ (قَوْلُهُ وَهَيْئَةً) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ: وَاسْتَنْشَدَ) أَيْ طَلَبَ مِنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ أَنْ يُذَكِّرَهُ (قَوْلُهُ كَادَ أَنْ يُسْلِمَ) أَيْ أُمَيَّةُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَهْجُوَ فِي شِعْرِهِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ (قَوْلُهُ: لَا نَحْوَ زَانٍ مُحْصَنٍ) أَيْ فَلَا يَلْحَقُ بِالْحَرْبِيِّ (قَوْلُهُ: دُونَ إثْمِ مُنْشِئِهِ) إلَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُذِيعُ لَهُ فَيَكُونُ إثْمُهُ أَشَدَّ اهـ حَجّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ مُعَيَّنًا) اُنْظُرْ هَلْ مِنْهُ هَجْوُ أَهْلِ قَرْيَةٍ أَوْ بَلْدَةٍ مُعَيَّنَةٍ (قَوْلُهُ: مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا) وَصْفَانِ لِ مُعَيَّنًا (قَوْلُهُ: وَغَيْرِ مُبْتَدِعٍ بِبِدْعَتِهِ)

أَيْ يُجَاوِزُ الْحَدَّ لِأَنَّ فِي الْإِطْرَاءِ فِي الْمَدْحِ وَلَمْ يُمْكِنْ حَمْلُهُ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فَيَحْرُمُ أَيْضًا لِكَوْنِهِ حِينَئِذٍ كَذِبًا، وَتُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ حَيْثُ أَكْثَرَ مِنْهُ (أَوْ يُعَرِّضُ بِامْرَأَةٍ مُعَيَّنَةٍ) بِأَنْ يَذْكُرَ صِفَاتِهَا مِنْ نَحْوِ حُسْنٍ وَطُولٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَيَحْرُمُ أَيْضًا، وَتُرَدُّ بِهِ شَهَادَتُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيذَاءِ أَوْ هَتْكِ السَّتْرِ إذَا وَصَفَ الْأَعْضَاءَ الْبَاطِنَةَ. نَعَمْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ حَلِيلَتِهِ بِمَا مِنْ حَقِّهِ الْإِخْفَاءُ كُرِهَ وَرُدَّتْ بِهِ شَهَادَتُهُ أَيْضًا، وَمِثْلُ الْمَرْأَةِ فِي ذَلِكَ الْأَمْرَدُ، وَخَرَجَ بِالْمُعَيَّنَةِ غَيْرُهَا فَلَا إثْمَ فِيهِ لِأَنَّ غَرَضَ الشَّاعِرِ تَحْسِينُ صَنْعَتِهِ لَا تَحْقِيقُ الْمَذْكُورِ فِيهِ. نَعَمْ يَقَعُ لِبَعْضِ فَسَقَةِ الشُّعَرَاءِ نَصْبُ قَرَائِنَ تَدُلُّ عَلَى التَّعْيِينِ وَهُوَ فِي حُكْمِ الْمُعَيَّنِ (وَالْمُرُوءَةُ تَخَلُّقٌ بِخُلُقِ أَمْثَالِهِ فِي زَمَانِهِ وَمَكَانِهِ) لِاخْتِلَافِ الْعُرْفِ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ غَالِبًا بِخِلَافِ الْعَدَالَةِ فَإِنَّهَا مَلَكَةٌ رَاسِخَةٌ فِي النَّفْسِ لَا تَتَغَيَّرُ بِعُرُوضِ مُنَافٍ لَهَا، وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ تَخَلُّقُهُ بِخُلُقِ أَمْثَالِهِ الْمُبَاحَةِ غَيْرِ الْمُزْرِيَةِ فَلَا نَظَرَ لِحَلْقِ القلندرية اللِّحَاءَ وَنَحْوَهَا (فَالْأَكْلُ فِي سُوقٍ وَالْمَشْيُ) فِيهِ (مَكْشُوفَ الرَّأْسِ) أَوْ الْبَدَنِ غَيْرِ الْعَوْرَةِ أَوْ كَشْفُ ذَلِكَ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَمْشِ وَكَانَ مِمَّنْ لَا يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ يُسْقِطُهَا لِخَبَرِ «الْأَكْلُ فِي السُّوقِ دَنَاءَةٌ» وَقِيسَ بِهِ الشُّرْبُ إلَّا إنْ صَدَقَ جُوعُهُ أَوْ عَطَشُهُ. نَعَمْ لَوْ أَكَلَ دَاخِلَ حَانُوتٍ مُسْتَتِرًا بِحَيْثُ لَا يَنْظُرُهُ غَيْرُهُ وَهُوَ مِمَّنْ يَلِيقُ بِهِ، أَوْ كَانَ صَائِمًا وَقَصَدَ الْمُبَادَرَةَ لِسُنَّةِ الْفِطْرِ اُتُّجِهَ عُذْرُهُ حِينَئِذٍ. (وَقُبْلَةُ زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ) فِي نَحْوِ فَمِهَا لَا رَأْسِهَا وَوَضْعُ يَدِهِ عَلَى نَحْوِ صَدْرِهَا (بِحَضْرَةِ النَّاسِ) أَوْ أَجْنَبِيٍّ يُسْقِطُهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ بِحَضْرَةِ جَوَارِيهِ أَوْ زَوْجَاتِهِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ تَقْبِيلَهَا لَيْلَةَ جَلَائِهَا بِحَضْرَةِ النَّاسِ أَوْ الْأَجْنَبِيَّاتِ يُسْقِطُهَا لِدَلَالَتِهِ عَلَى الدَّنَاءَةِ وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ (وَإِكْثَارُ حِكَايَاتٍ مُضْحِكَةٍ) لِلْحَاضِرِينَ أَوْ فِعْلُ خَيَالَاتٍ كَذَلِكَ بِحَيْثُ يَصِيرُ ذَلِكَ عَادَةً لَهُ يُسْقِطُهَا لِخَبَرِ «مَنْ تَكَلَّمَ بِالْكَلِمَةِ يُضْحِكُ بِهَا جُلَسَاءَهُ يَهْوِي بِهَا فِي النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» وَتَقْيِيدُهُ الْإِكْثَارَ بِهَذَا يُفْهِمُ عَدَمَ اعْتِبَارِهِ فِيمَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ اعْتِبَارُ ذَلِكَ فِي الْكُلِّ إلَّا فِي نَحْوِ قُبْلَةِ حَلِيلَتِهِ بِحَضْرَةِ النَّاسِ فِي طَرِيقٍ مَثَلًا فَلَا يُعْتَبَرُ تَكَرُّرُهُ، وَاعْتُرِضَ بِتَقْبِيلِ ابْنِ عُمَرَ الْأَمَةَ الَّتِي خَرَجَتْ لَهُ مِنْ السَّبْيِ. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فَلَا يُعْتَرَضُ بِفِعْلِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِي الْحُرْمَةِ حَتَّى يُسْتَدَلَّ بِسُكُوتِ الْبَاقِينَ عَلَيْهَا بَلْ فِي سُقُوطِ الْمُرُوءَةِ وَسُكُوتُهُمْ لَا دَخْلَ لَهُ فِيهِ، عَلَى أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ إنَّمَا فَعَلَهُ لِيُبَيِّنَ حِلَّ التَّمَتُّعِ بِالْمَسْبِيَّةِ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ فَهِيَ وَاقِعَةُ حَالٍ فِعْلِيَّةٌ مُحْتَمَلَةٌ فَلَا دَلِيلَ فِيهَا أَصْلًا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَيْ يُجَاوِزُ الْحَدَّ فِي الْإِطْرَاءِ) مُبَالَغَةٌ. (قَوْلُهُ: كُرِهَ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْكَرَاهَةِ مَا لَمْ تَتَأَذَّ بِإِظْهَارِهِ وَإِلَّا حَرُمَ (قَوْلُهُ: وَالْمُرُوءَةُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا وَبِالْهَمْزِ وَتَرْكِهِ مَعَ إبْدَالِهَا وَاوًا مَلِكَةٌ إنْسَانِيَّةٌ إلَخْ اهـ تِلْمِسَانِيٌّ. وَفِي الْمِصْبَاحِ: وَالْمُرُوءَةُ آدَابٌ نَفْسَانِيَّةٌ تَحْمِلُ مُرَاعَاتُهَا الْإِنْسَانَ عَلَى الْوُقُوفِ عِنْدَ مَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ وَجَمِيلِ الْعَادَاتِ، يُقَالُ: مَرُؤَ الْإِنْسَانُ فَهُوَ مَرِيءٌ مِثْلَ قَرُبَ فَهُوَ قَرِيبٌ، وَقَوْلُ التِّلْمِسَانِيِّ وَكَسَرَهَا لَعَلَّهُ وَضَمَّهَا (قَوْلُهُ: وَنَحْوهَا) أَيْ فَإِنَّ فِعْلَهُ يُسْقِطُ الْمُرُوءَةَ (قَوْلُهُ: وَقِيسَ بِهِ الشُّرْبُ) يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ شُرْبِ الْقَهْوَةِ وَالدُّخَانِ فِي بُيُوتِهَا أَوْ عَلَى مَسَاطِبِهَا يُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ وَإِنْ كَانَ الْمُتَعَاطِي لِذَلِكَ مِنْ السُّوقَةِ الَّذِينَ لَا يَحْتَشِمُونَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يَنْظُرُ غَيْرُهُ) أَيْ مِنْ الْمَارِّينَ. أَمَّا لَوْ نَظَرَهُ مَنْ دَخَلَ لِيَأْكُلَ أَيْضًا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُخِلَّ بِالْمُرُوءَةِ (قَوْلُهُ: وَوَضْعُ يَدِهِ) عَطْفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: بِحَضْرَةِ النَّاسِ) أَيْ وَلَوْ مِنْ مَحَارِمَ لَهَا أَوْ لَهُ (قَوْلُهُ: يُضْحِكُ بِهَا) أَيْ يَقْصِدُ ذَلِكَ سَوَاءٌ فَعَلَ ذَلِكَ لِجَلْبِ دُنْيَا تَحْصُلُ لَهُ مِنْ الْحَاضِرِينَ أَوْ مُجَرَّدِ الْمُبَاسَطَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُعْتَبَرُ تَكَرُّرُهُ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ بَلْ مَتَى وُجِدَ خَارِمُهَا كَفَى فِي رَدِّهَا وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ بِنَاءً عَلَى مَا فَهِمَهُ سم عَلَى حَجّ كَمَا تَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْهُ ثَمَّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: إنَّمَا فَعَلَهُ لِيُبَيِّنَ حِلَّ التَّمَتُّعِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQدَخَلَ فِيهِ غَيْرُ الْمُبْتَدِعِ وَالْمُبْتَدِعُ بِغَيْرِ بِدْعَتِهِ، أَمَّا هَجْوُهُ بِبِدْعَتِهِ فَلَا يَحْرُمُ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يَنْظُرُهُ غَيْرُهُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْغَيْرِ مَنْ هُوَ خَارِجَ الْحَانُوتِ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ. (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ مَنْ تَكَلَّمَ بِالْكَلِمَةِ يُضْحِكُ بِهَا جُلَسَاءَهُ إلَخْ) فِي

(وَلُبْسُ فَقِيهٍ قَبَاءً وَقَلَنْسُوَةً) وَهِيَ مَا يُلْبَسُ عَلَى الرَّأْسِ وَحْدَهُ وَتَاجِرٍ ثَوْبَ نَحْوِ حَمَّارٍ وَتُرَابٍ وَهَذَا ثَوْبَ نَحْوِ عَالِمٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مَا يُفْعَلُ (حَيْثُ) أَيْ بِمَحَلٍّ (لَا يُعْتَادُ) مِثْلُهُ فِيهِ (وَإِكْبَابٌ عَلَى لَعِبِ الشِّطْرَنْجِ) أَوْ فِعْلِهِ بِنَحْوِ طَرِيقٍ وَإِنْ قَلَّ (أَوْ) عَلَى (غِنَاءٍ أَوْ) عَلَى (سَمَاعِهِ) أَيْ اسْتِمَاعِهِ أَوْ اتِّخَاذ أَمَةٍ وَامْرَأَةٍ لِتُغْنِيَ لِلنَّاسِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ إكْبَابٍ (وَإِدَامَةُ رَقْصٍ) مِمَّنْ يَلِيقُ بِهِ. أَمَّا غَيْرُهُ فَيُسْقِطُهَا مِنْهُ مَرَّةً كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَالْأَمْرُ إلَى آخِرِهِ وَمَدُّ الرِّجْلِ بِحَضْرَةِ مَنْ يَحْتَشِمَهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ (يُسْقِطُهَا) لِمُنَافَاةِ ذَلِكَ كُلِّهِ لَهَا، وَمَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّ اتِّخَاذَ الْآدَمِيِّينَ الْغِنَاءَ الْمُبَاحَ حِرْفَةً لَا يُسْقِطُهَا إذَا لَاقَ بِهِ رَدَّهُ الزَّرْكَشِيُّ بِنَصِّ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى رَدِّ شَهَادَتِهِ بِهَا وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ لِأَنَّهُ حِرْفَةٌ دَنِيئَةٌ وَيَعُدُّ الْعُرْفُ فَاعِلَهَا مِمَّنْ لَا حَيَاءَ لَهُ. وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْوَاوَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَى أَوْ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي تَعَاطِي خَارِمِ الْمُرُوءَةِ عَلَى أَوْجُهٍ: أَوْجَهُهَا حُرْمَتُهُ إنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهَا رَدُّ شَهَادَةٍ تَعَلَّقَتْ بِهِ، وَقَصَدَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّسَبُّبُ فِي إسْقَاطِ مَا تَحَمَّلَهُ وَصَارَ أَمَانَةً عِنْدَهُ لِغَيْرِهِ وَإِلَّا فَلَا (وَالْأَمْرُ فِيهِ) أَيْ جَمِيعِ مَا ذُكِرَ (يَخْتَلِفُ بِا) اخْتِلَافِ (الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ وَالْأَمَاكِنِ) فَمَدَارُ جَمِيعِ ذَلِكَ عَلَى الْعُرْفِ كَمَا مَرَّ، إذْ قَدْ يُسْتَقْبَحُ مِنْ شَخْصٍ وَفِي حَالٍ أَوْ مَكَان مَا لَا يُسْتَقْبَحُ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ فِيهِ (وَحِرْفَةٌ دَنِيئَةٌ) بِالْهَمْزِ (كَحِجَامَةٍ وَكَنْسٍ وَدَبْغٍ) وَحِرَاسَةٍ وَحِيَاكَةٍ وَجِزَارَةٍ وَكُنَاسَةِ حَمَّامٍ (مِمَّنْ لَا يَلِيقُ) عَادَةً (بِهِ يُسْقِطُهَا) لِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِقِلَّةِ الْمُبَالَاةِ (فَإِنْ اعْتَادَهَا) أَيْ لَاقَتْ بِهِ (وَكَانَتْ) مُبَاحَةً سَوَاءٌ أَكَانَتْ (حِرْفَةَ أَبِيهِ) أَمْ لَمْ تَكُنْ كَمَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ فَذَكَرَهُ هُنَا لِأَنَّ الْغَالِبَ كَوْنُ الْوَلَدِ يَتْبَعُ حِرْفَةَ أَبِيهِ (فَلَا) يُسْقِطُهَا (فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ تَعَيُّرِهِ بِذَلِكَ. وَالثَّانِي نَعَمْ لِمَا مَرَّ. أَمَّا ذُو حِرْفَةٍ مُحَرَّمَةٍ كَمُصَوِّرٍ وَمُنَجِّمٍ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ مُطْلَقًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى التَّكَسُّبُ بِالشَّهَادَةِ مَعَ أَنَّ شَرِكَةَ الْأَبَدَانِ بَاطِلَةٌ فَتَقْدَحُ فِي الْعَدَالَةِ لَا سِيَّمَا إذَا مَنَعْنَا أَخْذَ الْأُجْرَةِ عَلَى التَّحَمُّلِ أَوْ كَانَ يَأْخُذُ وَلَا يَكْتُبُ إذْ نُفُوسُ شُرَكَائِهِ لَا تَطِيبُ بِذَلِكَ. قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَأَسْلَمُ طَرِيقٍ فِيهِ أَنْ يَشْتَرِيَ الْوَرَقَ شَرِكَةً وَيَكْتُبَ وَيَقْسِمَ لِكُلٍّ عَلَى قَدْرِ مَا يَخُصُّهُ مِنْ ثَمَنِ الْوَرَقِ فَإِنَّ الشَّرِكَةَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّسَاوِي فِي الْعَمَلِ انْتَهَى. وَفِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى (وَالتُّهَمَةُ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فِي الشَّاهِدِ (أَنْ يَجُرَّ) بِشَهَادَتِهِ (إلَيْهِ) أَوْ إلَى مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ (نَفْعًا أَوْ يَدْفَعَ) بِهَا (عَنْهُ) أَوْ عَمَّنْ ذُكِرَ (ضَرًّا) وَحُدُوثُهَا قَبْلَ الْحُكْمِ مُضِرٌّ لَا بَعْدَهُ، فَلَوْ شَهِدَ لِأَخِيهِ بِمَالٍ فَمَاتَ وَوَرِثَهُ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ أَخَذَهُ وَإِلَّا فَلَا، وَكَذَا لَوْ شَهِدَ بِقَتْلِ فُلَانٍ لِأَخِيهِ الَّذِي لَهُ ابْنٌ ثُمَّ مَاتَ وَوَرِثَهُ فَإِنْ صَارَ وَارِثَهُ بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ يُنْقَضْ أَوْ قَبْلَهُ امْتَنَعَ الْحُكْمُ (فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ لِعَبْدِهِ) أَيْ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَغَيْرِهِ، وَتَقْيِيدُ الْأَصْلِ لَهُ بِالْأَوَّلِ مِثَالٌ إذْ مَا يَشْهَدُ بِهِ يَكُونُ لَهُ. وَقَضِيَّتُهُ قَبُولُهُ لَهُ بِأَنَّ فُلَانًا قَذَفَهُ وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ أَوْ يُقَالُ غَرَضُهُ إغَاظَةُ الْكُفَّارِ وَإِظْهَارُ ذُلِّهِمْ. (قَوْلُهُ: وَلُبْسُ فَقِيهٍ قَبَاءً) أَيْ مَلُوطَةً (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَا يُلْبَسُ عَلَى الرَّأْسِ وَحْدَهُ) بَيَانٌ لِلْمُرَادِ مِنْهَا هُنَا، وَإِلَّا فَمُسَمَّاهَا لَا يَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ بَلْ يَشْمَلُ مَا لَوْ لَبِسَهَا وَلَفَّ عَلَيْهَا عِمَامَةً (قَوْلُهُ: مَنْ يَحْتَشِمَهُ) أَيْ الْمَادُّ بِحَسَبِ الْعَادَةِ (قَوْلُهُ: فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ فَالْأَكْلُ فِي سُوقٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَحِرْفَةٌ دَنِيئَةٌ) أَيْ مُبَاحَةٌ لِمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ أَمَّا ذُو حِرْفَةٍ مُحَرَّمَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَكُنَاسَةٍ) بِضَمِّ الْكَافِ. قَالَهُ فِي الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ: مِمَّنْ لَا يَلِيقُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ حِرْفَةَ أَبِيهِ أَمْ لَا اعْتَادَ مِثْلُهُ فِعْلَهَا أَوْ لَا (قَوْلُهُ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَاتَ) أَيْ الِابْنُ (قَوْلُهُ: إذْ مَا يَشْهَدُ بِهِ) أَيْ قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالِاسْتِدْلَالِ بِهَذَا نَظَرٌ ظَاهِرٌ، وَالْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ تَكَلَّمَ فِي الْغَيْرِ بِبَاطِلٍ يُضْحِكُ أَعْدَاءَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ غَيْرِ إكْبَابٍ) اُنْظُرْ هَذِهِ الْغَايَةَ، وَالْإِكْبَابُ وَنَفْيُهُ إنَّمَا يَكُونَانِ فِي فِعْلٍ يَفْعَلُهُ الْإِنْسَانُ وَالِاتِّخَاذُ لَا يَحْسُنُ وَصْفُهُ بِذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَكُنَاسَةِ) هَذَا يُغْنِي عَنْهُ مَا فِي الْمَتْنِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَقُمَامَةِ حَمَّامٍ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا فَلَا يَأْخُذُهُ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِهِ بِطَرِيقِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ فُلَانًا قَذَفَهُ) هَلْ مِثْلُهُ أَنَّهُ ضَرَبَهُ مَثَلًا إذَا لَمْ يُوجِبْ مَالًا

كَذَلِكَ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ (وَمُكَاتَبِهِ) لِأَنَّهُ مِلْكُهُ فَلَهُ عُلْقَةُ بِمَالِهِ بِدَلِيلِ مَنْعِهِ لَهُ مِنْ بَعْضِ التَّصَرُّفَاتِ وَلِأَنَّهُ بِصَدَدِ الْعَوْدِ إلَيْهِ بِعَجْزٍ أَوْ تَعْجِيزٍ وَشَرِيكُهُ فِي الْمُشْتَرَكِ حَيْثُ قَالَ لَنَا أَوْ بَيْنَنَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لِي وَلِزَيْدٍ فَتَصِحُّ بِالنِّسْبَةِ لِزَيْدٍ لَا لَهُ، نَعَمْ يُعْتَبَرُ أَنْ لَا يَعُودَ لَهُ شَيْءٌ مِمَّا ثَبَتَ لِزَيْدٍ كَوَارِثَيْنِ لَمْ يَقْبِضَا فَإِنَّ مَا ثَبَتَ لِأَحَدِهِمَا يُشَارِكُهُ فِيهِ صَاحِبُهُ (وَغَرِيمٍ لَهُ مَيِّتٍ) وَإِنْ لَمْ تَسْتَغْرِقْ تَرِكَتَهُ الدُّيُونُ أَوْ مُرْتَدٍّ كَمَا بَحَثَهُ الْعِرَاقِيُّ (أَوْ عَلَيْهِ حَجْرُ فَلَسٍ) لِأَنَّهُ إذَا أَثْبَتَ لِلْغَرِيمِ شَيْئًا أَثْبَتَ لِنَفْسِهِ الْمُطَالَبَةَ بِهِ. أَمَّا إذَا لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ فَتُقْبَل شَهَادَتُهُ لَهُ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِذِمَّتِهِ (وَبِمَا) مُرَادُهُ فِيمَا الَّذِي بِأَصْلِهِ (هُوَ وَكِيلٌ) أَوْ صَبِيٌّ أَوْ قَيِّمٌ (فِيهِ) لِأَنَّهُ يُثْبِتُ لِنَفْسِهِ سَلْطَنَةَ التَّصَرُّفِ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ لِمُوَكِّلِهِ أَوْ بِشَيْءٍ مُتَعَلِّقٍ بِهِ كَعَقْدٍ صَدَرَ مِنْهُ، وَلَا تُقْبَلُ مِنْ مُودِعٍ لِمُودِعِهِ وَمُرْتَهِنٍ لِرَاهِنِهِ لِتُهْمَةِ بَقَاءِ يَدِهِمَا فَإِنْ عَزَلَ الْوَكِيلُ نَفْسَهُ وَلَمْ يَخُضْ فِي الْخُصُومَةِ قُبِلَتْ أَوْ بَعْدَهَا فَلَا وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ. أَمَّا مَا لَيْسَ وَكِيلًا أَوْ وَصِيًّا أَوْ قَيِّمًا فِيهِ فَتُقْبَلُ. نَعَمْ لَوْ وُجِدَا مُتَصَاحِبَيْنِ بَعْدَ ذَلِكَ قُبِلَتْ عَلَيْهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ شَيْئًا فَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ أَوْ اشْتَرَى شَيْئًا فَادَّعَى أَجْنَبِيٌّ الْمَبِيعَ وَلَمْ تُعْرَفْ وَكَالَتُهُ فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ لِمُوَكِّلِهِ بِأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ كَذَا أَوْ بِأَنَّ هَذَا مِلْكُهُ حَيْثُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِكَوْنِهِ وَكِيلًا، وَيَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ بَاطِنًا لِأَنَّ فِيهِ تَوَصُّلًا لِلْحَقِّ بِطَرِيقٍ مُبَاحٍ، وَتَوَقُّفُ الْأَذْرَعِيِّ فِيهِ بِأَنَّهُ يَحْمِلُ الْحَاكِمَ عَلَى حُكْمٍ لَوْ عَرَفَ حَقِيقَتَهُ لَمْ يَفْعَلْهُ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِذَلِكَ، لِأَنَّ الْغَرَضَ وُصُولُ الْحَقِّ لِمُسْتَحِقِّهِ، بَلْ صَرَّحَ جَمْعٌ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى وَكِيلٍ طَلَاقٌ أَنْكَرَهُ مُوَكِّلُهُ أَنْ يَشْهَدَ حِسْبَةٌ بِأَنَّ زَوْجَةَ هَذَا مُطَلَّقَةٌ، وَيُؤَيِّدُ الْجَوَازَ مَا مَرَّ فِي الْحَوَالَةِ نَظِيرُهُ فِيمَنْ لَهُ دَيْنٌ عَجَزَ عَنْ إثْبَاتِهِ فَاقْتَرَضَ مِنْ آخَرَ قَدْرَهُ وَأَحَالَهُ بِهِ وَشَهِدَ لَهُ فَيَحْلِفُ مَعَهُ إنْ صَدَّقَهُ فِي أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الدَّيْنَ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ شَهَادَةُ حَاكِمٍ مَعْزُولٍ بِحُكْمِهِ بِصِيغَةِ أَشْهَدُ عَلَى حَاكِمٍ جَائِزِ الْحُكْمِ أَنَّهُ حَكَمَ بِهِ كَمَا مَرَّ (وَبِبَرَاءَةِ مَنْ ضَمِنَهُ) الشَّاهِدُ أَوْ أَصْلُهُ أَوْ فَرْعُهُ أَوْ رَقِيقُهُ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ بِهَا الْغُرْمَ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ، وَاحْتِمَالُ الْعِبَارَةِ شَهَادَةَ الْأَصِيلِ بِبَرَاءَةِ مَنْ ضَمِنَهُ مَعَ أَنَّهَا مَقْبُولَةٌ لِانْتِفَاءِ تُهْمَتِهِ فِيهَا غَيْرُ مُرَادٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ، نَعَمْ قَوْلُ أَصْلِهِ وَالضَّامِنُ لِلْأَصِيلِ بِالْإِبْرَاءِ أَوْ الْأَدَاءِ أَصْرَحُ (وَبِجِرَاحَةِ مُوَرِّثِهِ) غَيْرُ بَعْضِهِ عِنْدَهَا (قَبْلَ انْدِمَالِهَا) وَإِنْ انْدَمَلَ بَعْدَهَا لِلتُّهْمَةِ فَإِنَّهُ لَوْ مَاتَ أَخَذَ الْأَرْشَ فَكَأَنَّهُ شَهِدَ لِنَفْسِهِ وَشَمِلَ مَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ أَرْشَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ وَدَخَلَ فِي كَوْنِهِ مَوْرُوثًا عِنْدَ شَهَادَتِهِ، وَجَزَمَ بِهِ مَا لَوْ شَهِدَ بِذَلِكَ أَخُ الْجَرِيحِ وَهُوَ وَارِثٌ لَهُ ثُمَّ وُلِدَ لِلْجَرِيحِ ابْنٌ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ شَهِدَ بِذَلِكَ وَلِلْجَرِيحِ ابْنٌ ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، ثُمَّ إنْ صَارَ وَارِثًا وَقَدْ حُكِمَ بِشَهَادَتِهِ لَمْ يُنْقَضْ كَمَا لَوْ طَرَأَ الْفِسْقُ أَوَّلًا فَلَا يُحْكَمُ بِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَتَصِحُّ بِالنِّسْبَةِ لِزَيْدٍ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ وَلِزَيْدٍ فَقَدْ جَعَلَهَا شَهَادَتَيْنِ، بِخِلَافٍ بَيْنَنَا أَوْ لَنَا فَهِيَ شَهَادَةٌ وَاحِدَةٌ لَا يُمْكِنُ تَبْعِيضُهَا، وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا مَا لَوْ قَالَ فِي يَمِينِهِ لَا أَلْبَسُ هَذَيْنِ فَهِيَ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ، بِخِلَافِ لَا أَلْبَسُ هَذَا وَلَا هَذَا فَإِنَّهُمَا يَمِينَانِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ وُجِدَا) أَيْ مَنْ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ. (قَوْلُهُ: قُبِلَتْ عَلَيْهِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ مَضَى لَهُمَا عَلَى ذَلِكَ سَنَةٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَكَذَا مِنْ الْعَدَاوَةِ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ (قَوْلُهُ: فَيَحْلِفُ مَعَهُ إنْ صَدَّقَهُ) يُتَأَمَّلُ إقْدَامُ الْمُقْرِضِ عَلَى الْحَلِفِ بِمُجَرَّدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مُرَادُهُ فِيمَا) إنَّمَا فَسَّرَهُ بِهَذَا لِشُمُولِهِ لِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ الشَّهَادَةُ بِنَفْسِ الْمَالِ بَلْ بِشَيْءٍ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِشَيْءٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى بِهِ وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ قَوْلِهِ لِمُوَكِّلِهِ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ وُجِدَا مُتَصَاحِبَيْنِ) يُتَأَمَّلُ (قَوْلُهُ: وَتَوَقَّفَ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ فِي الْحِلِّ بَاطِنًا وَإِلَّا فَهُوَ قَائِلٌ بِالصِّحَّةِ بَلْ رَدَّ عَلَى مَنْ أَنْكَرَهَا وَشَنَّعَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُ الْجَوَازَ مَا مَرَّ إلَخْ) هَذَا إنَّمَا ذَكَرُوهُ فِي صِحَّةِ الشَّهَادَةِ فَلَا تَأْيِيدَ فِيهِ لِجَوَازِهَا الَّذِي هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ (قَوْلُهُ: نَظِيرُهُ) هُوَ بَدَلٌ مِنْ مَا فِي قَوْلِهِ مَا مَرَّ أَوْ حَالٌ مِنْهُ أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وَهُوَ عَلَى الْأَوَّلِ وَالْآخَرُ مَرْفُوعٌ، وَعَلَى الثَّانِي مَنْصُوبٌ وَالضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِلْمُؤَيَّدِ بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ فَاعِلَ مَا مَرَّ لِأَنَّهُ يُوجِبُ أَنَّ الْمَارَّ فِي الْحَوَالَةِ نَظِيرُ الْمُؤَيِّدِ بِكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ لَا نَفْسُهُ

وَخَرَجَ بِقَبْلِ الِانْدِمَالِ شَهَادَتُهُ بَعْدَ الِانْدِمَالِ فَمَقْبُولَةٌ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَوْ كَانَ الْجَرِيحُ عَبْدًا ثُمَّ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ بَعْدَ الْجُرْحِ وَادَّعَى بِهِ عَلَى الْجَارِحِ وَأَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ لِإِرْثِهِ لِأَنَّهُ كَانَ مِلْكَهُ فَشَهِدَ لَهُ وَارِثُ الْجَرِيحِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ لِعَدَمِ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِلرَّدِّ (وَلَوْ شَهِدَ لِمُوَرِّثٍ لَهُ مَرِيضٍ أَوْ جَرِيحٍ بِمَالٍ قَبْلَ الِانْدِمَالِ قُبِلَتْ فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ إذْ شَهَادَتُهُ لَا تَجُرُّ لَهُ نَفْعًا، وَكَوْنُهُ إذَا ثَبَتَ لِمُوَرِّثِهِ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ بَعْدُ بِسَبَبٍ آخَرَ لَا يُؤَثِّرُ. وَالثَّانِي قَالَ لَا كَالْجِرَاحَةِ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْجِرَاحَةَ سَبَبٌ لِلْمَوْتِ النَّاقِلِ لِلْحَقِّ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَالِ، وَبَعْدَ الِانْدِمَالِ تُقْبَلُ قَطْعًا لِانْتِفَاءِ مَا ذُكِرَ (وَتُرَدُّ شَهَادَةُ عَاقِلِهِ بِفِسْقِ شُهُودِ قَتْلٍ) يَحْمِلُونَهُ كَمَا قَيَّدَهُ بِذَلِكَ فِي دَعْوَى الدَّمِ وَالْقَسَامَةِ وَأَعَادَهَا هُنَا وَمَا قَبْلَهَا مُعَوِّلًا فِي حَذْفِ قَيْدِهَا الْمَذْكُورِ عَلَى مَا قَدَّمَهُ فَذِكْرُهُ ذَلِكَ هُنَا مِثَالٌ لِلتُّهْمَةِ فَلَا تَكْرَارَ (وَ) تُرَدُّ شَهَادَةُ (غُرَمَاءِ مُفْلِسٍ) حُجِرَ عَلَيْهِ (بِفِسْقِ شُهُودِ دَيْنٍ آخَرَ) ظَهَرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُمْ يَدْفَعُونَ بِهَا ضَرَرَ مُزَاحَمَتِهِ لَهُمْ، وَمَا أَخَذَهُ الْبُلْقِينِيُّ مِنْهُ وَهُوَ قَبُولُ شَهَادَةِ غَرِيمٍ لَهُمْ رَهْنٌ يَفِي بِدَيْنِهِ وَلَا مَالَ لِلْمُفْلِسِ غَيْرَهُ أَوْ لَهُ مَالٌ وَيَقْطَعُ بِأَنَّ الرَّهْنَ يُوفِي الدَّيْنَ الْمَرْهُونَ بِهِ يُتَّجَهُ خِلَافُهُ لِأَنَّ فِيهَا مَعَ ذَلِكَ نَفْعًا بِتَقْدِيرِ خُرُوجِ الرَّهْنِ مُسْتَحَقًّا وَهُوَ لَا مَالَ لَهُ فِي الْأَوْلَى، وَلَوْ شَهِدَ مَدِينٌ بِمَوْتِ دَائِنِهِ قُبِلَ وَإِنْ تَضَمَّنَتْ نَقْلَ مَا عَلَيْهِ لِوَارِثِهِ لِأَنَّهُ خَلِيفَتُهُ وَتُقْبَلُ مِنْ فَقِيرٍ بِوَصِيَّةٍ أَوْ وَقْفٍ لِفُقَرَاءَ حَيْثُ لَمْ يُصَرِّحْ بِحَصْرِهِمْ وَلِلْوَصِيِّ إعْطَاؤُهُ، قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَخَالَفَهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ حَيْثُ انْحَصَرُوا وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِحَصْرِهِمْ وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِتُهْمَةِ اسْتِحْقَاقِهِ (وَلَوْ شَهِدَ الِاثْنَيْنِ بِوَصِيَّةٍ) مَثَلًا (فَشَهِدَا) أَيْ الِاثْنَانِ الْمَشْهُودُ لَهُمَا (لِلشَّاهِدَيْنِ بِوَصِيَّةٍ مِنْ تِلْكَ التَّرِكَةِ) وَلَوْ فِي عَيْنٍ وَاحِدَةٍ ادَّعَى كُلٌّ نِصْفَهَا (قُبِلَتْ الشَّهَادَتَانِ فِي الْأَصَحِّ) لِانْفِصَالِ كُلِّ شَهَادَةٍ عَنْ الْأُخْرَى مَعَ أَصْلِ عَدَمِ الْمُوَاطَأَةِ الْمَانِعِ مِنْهَا عَدَالَتُهُمَا، وَأُخِذَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ بِيَدِ اثْنَيْنِ عَيْنٌ وَادَّعَاهَا ثَالِثٌ فَشَهِدَ كُلٌّ لِلْآخَرِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمُدَّعِي قُبِلَ، إذْ لَا يَدَ لِكُلٍّ عَلَى مَا ادَّعَى بِهِ عَلَى غَيْرِهِ حَتَّى تَدْفَعَ شَهَادَتُهُ الضَّمَانَ عَنْ نَفْسِهِ، بِخِلَافِ مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَشَهِدَ بِهِ الْآخَرُ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِتُهْمَةِ الْمُوَاطَأَةِ، وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ بَعْضِ الْقَافِلَةِ لِبَعْضٍ عَلَى الْقُطَّاعِ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ أَخَذَ مَالَنَا أَوْ نَحْوَهُ، وَشَهَادَةُ غَاصِبٍ بَعْدَ الرَّدِّ وَالتَّوْبَةِ بِمَا غَصَبَهُ لِأَجْنَبِيٍّ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: بَعْدَ الرَّدِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رَدِّ الْعَيْنِ وَبَدَلِ مَنَافِعِهَا لِتَوَقُّفِ صِحَّةِ تَوْبَتِهِ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا إذَا بَقِيَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِاتِّهَامِهِ بِدَفْعِ الضَّمَانِ لَهُ عَنْهُ كَمَا تَقَرَّرَ. وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمَرْدُودَ بَعْدَ أَنْ جَنَى فِي يَدِ الْغَاصِبِ جِنَايَةً مَضْمُونَةً كَالتَّالِفِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَلَا تُقْبَلُ مِنْ مُشْتَرٍ شِرَاءً صَحِيحًا لِبَائِعٍ بِالْمَبِيعِ إنْ فَسَخَ الْبَيْعَ كَأَنْ رَدَّ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالتَّصْدِيقِ فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إلَى إثْبَاتِ الْحَقِّ لِغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ تَحَقُّقٍ (قَوْلُهُ: عِنْدَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ إذَا عَجَزَ عَنْ رَدِّ مَا ظَلَمَ بِهِ صِحَّةَ تَوْبَتِهِ وَمَحَلُّهُ حَيْثُ كَانَ فِي عَزْمِهِ الرَّدُّ مَتَى قَدَرَ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمَرْدُودَ) أَيْ الرَّقِيقَ الْمَرْدُودَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: يَفِي بِدَيْنِهِ) لَعَلَّهُ سَقَطَ قَبْلَهُ لَفْظُ لَا النَّافِيَةِ مِنْ الْكَتَبَةِ، إذْ لَا يَصِحُّ التَّصْوِيرُ إلَّا بِهَا، وَلِيُلَاقِيَهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَتَبَيَّنَ مَالٌ لَهُ فِي الْأَوْلَى، وَحَاصِلُ الْمُرَادِ أَنَّ الْبُلْقِينِيَّ أَخَذَ مِنْ التُّهْمَةِ بِدَفْعِ ضَرَرِ الْمُزَاحَمَةِ أَنَّهُ لَوْ انْتَفَى ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ بِيَدِهِ رَهْنٌ لَا يَفِي بِالدَّيْنِ وَلَا مَالَ لِلْمُفْلِسِ غَيْرُهُ لَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ: أَيْ لِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ مَا ادَّعَاهُ ذَلِكَ الْغَرِيمُ لَمْ يُزَاحِمْ الْمُرْتَهِنَ فِي شَيْءٍ، وَرَدَّهُ الشَّارِحُ بِاحْتِمَالِ حُدُوثِ مَالٍ لِلْمُفْلِسِ فَيُزَاحِمُهُ الْغَرِيمُ فِي تَكْمِلَةِ مَالِهِ مِنْهُ، أَمَّا إذَا كَانَ الرَّهْنُ يَفِي بِالدَّيْنِ فَالْبُلْقِينِيُّ يَقُولُ بِقَبُولِ شَهَادَتِهِ وَإِنْ كَانَ لِلْمُفْلِسِ مَالٌ غَيْرُهُ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بَعْدُ ثُمَّ رَدَّهُ بِاحْتِمَالِ خُرُوجِ الرَّهْنِ مُسْتَحَقًّا فَتَقَعُ الْمُزَاحَمَةُ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا إذَا بَقِيَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ شَيْءٌ) أَيْ وَلَمْ يَقْدِرْ الْغَاصِبُ عَلَى أَدَائِهِ وَإِلَّا فَهُوَ مَرْدُودُ الشَّهَادَةِ لَا مِنْ حَيْثُ الِاتِّهَامُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَلَا تُقْبَلُ مِنْ مُشْتَرٍ شِرَاءً صَحِيحًا إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ كَغَيْرِهَا، وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا فَاسِدًا وَقَبَضَهُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ لِغَيْرِ بَائِعِهِ إلَّا أَنْ رَدَّهُ وَلَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ لِلْبَائِعِ شَيْءٌ أَوْ صَحِيحًا ثُمَّ فُسِخَ فَادَّعَى آخَرُ مِلْكَهُ زَمَنَ وَضْعِ الْمُشْتَرِي يَدَهُ عَلَيْهِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ لِبَائِعِهِ لِدَفْعِهِ الضَّمَانَ

بِعَيْبٍ أَوْ إقَالَةٍ أَوْ خِيَارٍ لِاسْتِبْقَائِهِ الْغَلَّةَ لِنَفْسِهِ إنْ كَانَ الْمُدَّعِي يَدَّعِي الْمِلْكَ مِنْ تَارِيخٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَى الْبَيْعِ، وَلَا تُقْبَلُ بِمَوْتِ مُوَرِّثِهِ أَوْ مُوصٍ لَهُ (وَلَا تُقْبَلُ) الشَّهَادَةُ (لِأَصْلٍ) لِلشَّاهِدِ وَإِنْ عَلَا (وَلَا فَرْعٍ) لَهُ وَإِنْ سَفَلَ وَلَوْ بِالرُّشْدِ أَوْ بِتَزْكِيَتِهِ لَهُ خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ أَوْ لِشَاهِدِهِ لِأَنَّهُ بَعْضُهُ فَكَأَنَّهُ شَهِدَ لِنَفْسِهِ، وَالتَّزْكِيَةُ وَإِنْ كَانَتْ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى فَفِيهَا إثْبَاتُ وِلَايَةٍ لِلْفَرْعِ وَفِيهَا تُهْمَةٌ وَقِنُّ أَحَدِهِمَا وَمُكَاتَبُهُ وَشَرِيكُهُ فِي الْمُشْتَرَكِ كَذَلِكَ. وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ كَغَيْرِهِ عَدَمُ قَبُولِهَا لِبَعْضٍ لَهُ عَلَى بَعْضٍ لَهُ آخَرَ، وَبِهِ جَزَمَ الْغَزَالِيُّ، وَجَزْمُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرِهِ بِالْقَبُولِ لِأَنَّ الْوَازِعَ الطَّبْعِيَّ قَدْ تَعَارَضَ فَضَعُفَتْ التُّهْمَةُ رُدَّ بِمَنْعِهِ إذْ كَثِيرًا مَا يَتَفَاوَتُونَ فِي الْمَحَبَّةِ وَالْمَيْلِ فَالتُّهْمَةُ مَوْجُودَةٌ، وَقَدْ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْبَعْضِ ضِمْنًا كَأَنْ ادَّعَى عَلَى زَيْدٍ شِرَاءَ شَيْءٍ مِنْ عَمْرٍو وَالْمُشْتَرِي لَهُ مِنْ زَيْدٍ صَاحِبُ الْيَدِ وَقَبَضَهُ وَطَالَبَهُ بِالتَّسْلِيمِ فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ ابْنَيْ زَيْدٍ أَوْ عَمْرٍو لَهُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُمَا أَجْنَبِيَّانِ عَنْهُ وَإِنْ تَضَمَّنَتْ الشَّهَادَةُ لِأَبِيهِمَا بِالْمِلْكِ، وَكَأَنْ شَهِدَ عَلَى ابْنِهِ بِإِقْرَارِهِ بِنَسَبٍ مَجْهُولٍ فَتُقْبَلُ مَعَ تَضَمُّنِهَا الشَّهَادَةَ لِحَفِيدِهِ، وَلَوْ ادَّعَى الْإِمَامُ شَيْئًا لِبَيْتِ الْمَالِ قُبِلَتْ شَهَادَةُ بَعْضِهِ بِهِ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَيْسَ لِلْإِمَامِ وَمِثْلُهُ نَاظِرُ وَقْفٍ، أَوْ صَبِيٌّ ادَّعَى لِشَيْءٍ لِجِهَةِ الْوَقْفِ أَوْ لِلْمَوْلَى عَلَيْهِ فَشَهِدَ بِهِ بَعْضُ الْمُدَّعِي لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ بِخِلَافِهَا بِنَفْسِ النَّظَرِ أَوْ الْوِصَايَةِ، وَلَوْ شَهِدَ لِبَعْضِهِ أَوْ عَلَى عَدُوِّهِ أَوْ الْفَاسِقُ بِمَا يَعْلَمُهُ مِنْ الْحَقِّ وَالْحَاكِمُ يَجْهَلُ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: الْمُخْتَارُ جَوَازُهُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَحْمِلُوا الْحَاكِمَ عَلَى بَاطِلٍ بَلْ عَلَى إيصَالِ الْحَقِّ لِمُسْتَحِقِّهِ فَلَمْ يَأْثَمْ الْحَاكِمُ لِعُذْرِهِ وَلَا الْخَصْمُ لِأَخْذِهِ حَقَّهُ وَلَا الشَّاهِدُ لِإِعَانَتِهِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: بَلْ ظَاهِرُ عِبَارَةِ مَنْ جَوَّزَ ذَلِكَ الْوُجُوبُ اهـ. وَيُتَّجَهُ حَمْلُهُ عَلَى تَعَيُّنِهِ طَرِيقًا لِوُصُولِ الْحَقِّ لِمُسْتَحِقِّهِ (وَتُقْبَلُ) مِنْهُ (عَلَيْهِمَا) لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ وَمَحَلُّهُ حَيْثُ لَا عَدَاوَةَ وَإِلَّا لَمْ تُقْبَلْ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَلِي إجْبَارَ نِكَاحِ ابْنَتِهِ حَيْثُ كَانَ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ ظَاهِرَةٌ (وَكَذَا) تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا (عَلَى أَبِيهِمَا بِطَلَاقِ ضَرَّةِ أُمِّهِمَا) طَلَاقًا بَائِنًا وَأُمُّهُمَا تَحْتَهُ (أَوْ قَذْفِهَا) أَيْ الضَّرَّةِ الْمُؤَدِّي لِلِّعَانِ الْمُفْضِي لِفِرَاقِهَا (فِي الْأَظْهَرِ) لِضَعْفِ تُهْمَةِ نَفْعِ أُمِّهِمَا بِذَلِكَ إذْ لَهُ طَلَاقُ أُمِّهِمَا مَتَى شَاءَ مَعَ كَوْنِ ذَلِكَ حِسْبَةً تَلْزَمُهُمَا الشَّهَادَةُ بِهِ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّهَا تَجُرُّ نَفْعًا إلَى أُمِّهِمَا وَهُوَ انْفِرَادُهَا بِالْأَبِ، أَمَّا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فَتُقْبَلُ قَطْعًا، هَذَا كُلُّهُ فِي شَهَادَةِ حِسْبَةٍ أَوْ بَعْدَ دَعْوَى الضَّرَّةِ، فَإِنْ ادَّعَاهُ الْأَبُ لِإِسْقَاطِ نَفَقَةٍ وَنَحْوِهَا لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا لِلتُّهْمَةِ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَتْهُ أُمُّهُمَا، وَلَوْ ادَّعَى الْفَرْعُ عَلَى آخَرَ بِدَيْنٍ لِمُوَكِّلِهِ فَأَنْكَرَ فَشَهِدَ بِهِ أَبُو الْوَكِيلِ قُبِلَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: لِاسْتِبْقَائِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: كَأَنْ ادَّعَى) أَيْ بَكْرٌ، عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: فَرْعٌ: لَوْ قَالَ لِزَيْدٍ وَفِي يَدِهِ عَبْدٌ اشْتَرَيْت هَذَا الْعَبْدَ الَّذِي فِي يَدِك مِنْ عَمْرٍو وَعَمْرٌو اشْتَرَاهُ مِنْك وَطَالَبَهُ بِالتَّسْلِيمِ فَأَنْكَرَ جَمِيعَ ذَلِكَ وَشَهِدَ لَهُ بِذَلِكَ ابْنَا عَمْرٍو أَوْ ابْنَا زَيْدٍ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا إلَخْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَطَالَبَهُ) أَيْ بَكْرٌ (قَوْلُهُ: بَلْ ظَاهِرُ عِبَارَةِ مَنْ جَوَّزَ ذَلِكَ الْوُجُوبُ) لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مَا ذَكَرَهُ هُنَا وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّوَقُّفِ فِي مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ السَّابِقَةِ لِجَوَازِ أَنَّ كَلَامَ الْأَذْرَعِيِّ بَيَّنَ بِهِ مُرَادَ الْقَائِلِ بِالْجَوَازِ وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ أَيْضًا لِأَنَّهُ يَحْمِلُ الْحَاكِمَ عَلَى حُكْمٍ لَوْ عَلِمَ بِهِ لَامْتَنَعَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ ادَّعَاهُ) أَيْ الطَّلَاقَ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ ادَّعَتْهُ) أَيْ الطَّلَاقَ (قَوْلُهُ: فَأَنْكَرَ) أَيْ الْمَدِينُ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَنْ نَفْسِهِ وَاسْتِيفَائِهِ الْغَلَّةَ لَهَا (قَوْلُهُ: وِلَايَةٍ لِلْفَرْعِ) أَيْ أَوْ الْأَصْلِ وَكَانَ الْأَوْلَى لِلْبَعْضِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ ادَّعَى عَلَى زَيْدٍ شِرَاءَ شَيْءٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: فَرْعٌ: لَوْ قَالَ لِزَيْدٍ وَفِي يَدِهِ عَبْدٌ اشْتَرَيْت هَذَا الْعَبْدَ الَّذِي فِي يَدِك مِنْ عَمْرٍو وَعَمْرٌو اشْتَرَاهُ مِنْك وَطَالَبَهُ بِالتَّسْلِيمِ وَأَنْكَرَ جَمِيعَ ذَلِكَ وَشَهِدَ لَهُ بِذَلِكَ ابْنَا عَمْرٍو وَابْنَا زَيْدٍ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ) فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ شَمَلَ قَوْلُهُ أَوْ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ مَا إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ مِنْ جُمْلَةِ مَا لِلْوَصِيِّ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْوَصِيَّ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِيمَا هُوَ وَصِيٌّ فِيهِ، قَالَ الشَّارِحُ كَغَيْرِهِ فِيمَا مَرَّ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ لِنَفْسِهِ سَلْطَنَةَ التَّصَرُّفِ

وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَصْدِيقُ ابْنِهِ كَمَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَبِ وَابْنِهِ فِي وَاقِعَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ التُّهْمَةَ ضَعِيفَةٌ جِدًّا، وَقَدْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِجَوَازِ إثْبَاتِ الْوَكَالَةِ بِشَهَادَةِ بَعْضِ الْمُوَكِّلِ أَوْ الْوَكِيلِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ امْتِنَاعِ شَهَادَتِهِ لَهُ بِوِصَايَةٍ لِمَا فِيهِ مِنْ إثْبَاتِ سَلْطَنَةٍ لَهُ لِأَنَّ سَلْطَنَةَ الْوَصِيِّ أَقْوَى وَأَتَمُّ وَأَوْسَعُ مِنْ سَلْطَنَةِ الْوَكِيلِ وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِي الْوَكَالَةِ مَا لَمْ تَكُنْ بِجُعْلٍ وَإِلَّا رُدَّتْ (وَإِذَا) (شَهِدَ لِفَرْعٍ) أَوْ لِأَصْلٍ لَهُ (وَأَجْنَبِيٍّ) (قُبِلَتْ لِلْأَجْنَبِيِّ فِي الْأَظْهَرِ) وَرُدَّتْ فِي حَقِّ الْفَرْعِ قَطْعًا تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ، وَسَوَاءٌ أَقَدَّمَ الْأَجْنَبِيَّ أَمْ لَا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي بَابِهَا (قُلْت: وَتُقْبَلُ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ) لِلْآخَرِ لِأَنَّ الْحَاصِلَ بَيْنَهُمَا عَقْدٌ يَطْرَأُ وَيَزُولُ فَلَمْ يَمْنَعْ قَبُولَ الشَّهَادَةِ كَمَا لَوْ شَهِدَ الْأَجِيرُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَعَكْسُهُ. نَعَمْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بِزِنَا زَوْجَتِهِ وَلَوْ مَعَ ثَلَاثَةٍ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَيْهَا بِذَلِكَ تَدُلُّ عَلَى كَمَالِ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهُمَا وَلِأَنَّهُ نَسَبَهَا إلَى خِيَانَةٍ فِي حَقِّهِ، وَلَا شَهَادَتُهُ لَهَا بِأَنَّ فُلَانًا قَذَفَهَا كَمَا رَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَتُقْبَلُ مِنْ كُلٍّ عَلَى الْآخَرِ قَطْعًا (وَلِأَخٍ وَصَدِيقٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِضَعْفِ التُّهْمَةِ لِأَنَّهُمَا لَا يُتَّهَمَانِ تُهْمَةَ الْبَعْضِ (وَلَا تُقْبَلُ مِنْ عَدُوٍّ) عَلَى عَدُوِّهِ عَدَاوَةً دُنْيَوِيَّةً ظَاهِرَةً إذْ الْبَاطِنَةُ لَا يَعْلَمُهَا إلَّا اللَّهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْتَقِمُ مِنْهُ بِشَهَادَةٍ بَاطِلَةٍ عَلَيْهِ، وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَشْهَدَا عَلَى مَيِّتٍ بِحَقٍّ فَيُقِيمُ الْوَارِثُ بَيِّنَةً بِأَنَّهُمَا عَدُوَّانِ لَهُ فَلَا يُقْبَلَانِ عَلَيْهِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ الْخَصْمُ حَقِيقَةً لِانْتِقَالِ التَّرِكَةِ لِمِلْكِهِ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ التَّاجُ الْفَزَارِيّ وَأَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ مُحْتَجًّا بِأَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ فِي الْحَقِيقَةِ الْمَيِّتُ (وَهُوَ مَنْ يُبْغِضُهُ بِحَيْثُ يَتَمَنَّى زَوَالَ نِعْمَتِهِ وَيَحْزَنُ بِسُرُورِهِ وَيَفْرَحُ بِمُصِيبَتِهِ) لِشَهَادَةِ الْعُرْفِ بِذَلِكَ، وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ أَنَّ الْبُغْضَ دُونَ الْعَدَاوَةِ لِأَنَّهُ بِالْقَلْبِ وَهِيَ بِالْفِعْلِ فَكَيْفَ يُفَسَّرُ الْأَغْلَظُ بِالْأَخَفِّ؟ رُدَّ بِمَنْعِ تَفْسِيرِهَا بِالْبُغْضِ فَقَطْ بَلْ بِهِ بِقَيْدِ مَا بَعْدَهُ، وَهَذَا مُسَاوٍ لِلْعَدَاوَةِ الظَّاهِرَةِ بَلْ أَشَدُّ مِنْهُ. وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ إنَّهَا إذَا انْتَهَتْ إلَى ذَلِكَ فَسَقَ بِهَا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ حَاسِدٌ وَالْحَسَدُ فِسْقٌ وَالْفَاسِقُ مَرْدُودُ الشَّهَادَةِ حَتَّى عَلَى صَدِيقِهِ، وَلِهَذَا صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْعَدَاوَةُ الْخَالِيَةُ عَنْ الْفِسْقِ يُرَدُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ وُصُولُ الْأَمْرِ لِتِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ بِالْقُوَّةِ لَا بِالْفِعْلِ، وَحِينَئِذٍ فَلَمْ تُوجَدْ مِنْهُ حَقِيقَةُ الْحَسَدِ الْمُفَسِّقَةُ بَلْ حَقِيقَةُ الْعَدَاوَةِ غَيْرُ الْمُفَسِّقَةِ فَصَحَّ كَوْنُهُ عَدُوًّا غَيْرَ حَاسِدٍ، وَحَصْرُ الْبُلْقِينِيِّ الْعَدَاوَةَ فِي الْفِعْلِ مَمْنُوعٌ، وَإِنَّمَا الْفِعْلُ قَدْ يَكُونُ دَلِيلًا عَلَيْهَا عَلَى أَنَّهُ نُقِلَ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْمُفَسِّقَةُ فَحِينَئِذٍ لَا إشْكَالَ أَصْلًا، وَالْعَدَاوَةُ قَدْ تَكُونُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَقَدْ تَكُونُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَيَخْتَصُّ بِرَدِّ شَهَادَتِهِ عَلَى الْآخَرِ، فَلَوْ عَادَى مَنْ يُرِيدُ شَهَادَتَهُ عَلَيْهِ وَبَالَغَ فِي خُصُومَتِهِ فَلَمْ يُجِبْهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ، وَالْقَاذِفُ قَبْلَ الشَّهَادَةِ عَدُوٌّ لِلْمَقْذُوفِ وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ بِالْحَدِّ، وَكَذَا دَعْوَى قَطْعِ الطَّرِيقِ يُصَيِّرُ الْمُدَّعِي عَدُوًّا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ قَاطِعُهَا وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ بَيْنَهُمَا بُغْضٌ نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: وَلَا شَهَادَتُهُ لَهَا بِأَنَّ فُلَانًا قَذَفَهَا) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ لِعَبْدِهِ بِأَنَّ فُلَانًا قَذَفَهُ قُبِلَتْ أَنَّ شَهَادَتَهُ هُنَا مُحَصِّلُهَا نِسْبَةُ الْقَاذِفِ إلَى جِنَايَةٍ فِي حَقِّ الزَّوْجِ لِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ بِنِسْبَةِ زَوْجَتِهِ إلَى فَسَادٍ، بِخِلَافِ السَّيِّدِ بِالنِّسْبَةِ لِقِنِّهِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُمَا عَدُوَّانِ لَهُ) أَيْ لِلْوَارِثِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْمَشْهُودِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَصْدِيقُ ابْنِهِ) فِيمَا مَرَّ آنِفًا (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ زَوْجَتِهِ) هَذَا الِاسْتِدْرَاكُ حَقُّهُ بَعْدَ قَوْلِهِ الْآتِي وَتُقْبَلُ مِنْ كُلٍّ عَلَى الْآخَرِ قَطْعًا. (قَوْلُهُ: بَلْ بِقَيْدِ مَا بَعْدَهُ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ بِذَلِكَ الْقَيْدِ قَلْبِيٌّ أَيْضًا إذْ الْحُزْنُ وَالْفَرَحُ قَلْبِيَّانِ وَكَذَا التَّمَنِّي كَمَا يُعْلَمُ مِنْ تَفْسِيرِهِ، فَالْوَجْهُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُمْ أَرَادُوا بِالْعَدَاوَةِ هُنَا الْبُغْضَ الْمَذْكُورَ أَعَمَّ مِنْ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ فِعْلٌ أَوَّلًا وَلَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ اهـ. وَفِيهِ تَسْلِيمُ أَنَّ الْعَدَاوَةَ لَا تَكُونُ إلَّا بِالْفِعْلِ، وَسَيَأْتِي مَنْعُهُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مُسَاوٍ لِلْعَدَاوَةِ الظَّاهِرَةِ إلَخْ) اُنْظُرْهُ مَعَ جَعْلِهِ فِيمَا سَبَقَ الْعَدَاوَةَ الظَّاهِرَةَ هِيَ الَّتِي تُقَابِلُ الْبَاطِنَةَ الَّتِي لَا يَعْلَمُهَا إلَّا اللَّهُ تَعَالَى الْمُصَرِّحِ بِمَا ادَّعَاهُ الْبُلْقِينِيُّ (قَوْلُهُ: أَشَدُّ مِنْهُ) كَانَ الظَّاهِرُ أَشَدَّ مِنْهَا (قَوْلُهُ: فَحِينَئِذٍ لَا إشْكَالَ أَصْلًا) قَالَ سم: مَمْنُوعٌ كَيْفَ وَمَا نَقَلَهُ ذَلِكَ الْجَمْعُ لَا يُوَافِقُ قَوْلَهُمْ الْآتِي وَتُقْبَلُ لَهُ اهـ

أَنَّ كُلَّ مَنْ رَمَى غَيْرَهُ بِكَبِيرَةٍ فِي غَيْرِ شَهَادَةٍ صَارَ عَدُوًّا لَهُ وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ (وَتُقْبَلُ لَهُ) حَيْثُ لَمْ تَصِلْ إلَى حَسَدٍ مُفَسِّقٍ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ (وَكَذَا) تُقْبَلُ (عَلَيْهِ فِي عَدَاوَةِ دِينٍ) (كَكَافِرٍ) شَهِدَ عَلَيْهِ مُسْلِمٌ (وَمُبْتَدِعٍ) شَهِدَ عَلَيْهِ سُنِّيٌّ لِأَنَّ هَذِهِ لَا تَمْنَعُ قَبُولَهَا، وَجَرْحُ الْعَالِمِ لِرَاوِي الْحَدِيثِ وَنَحْوِهِ كَالْمُفْتِي نَصِيحَةً لَا تَمْنَعُهَا (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ) كُلِّ (مُبْتَدِعٍ) وَهُوَ مَنْ خَالَفَ فِي الْعَقَائِدِ مَا عَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَالْمُرَادُ بِهِمْ فِي الْأَزْمِنَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ إمَامَاهَا أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ وَأَبُو مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيُّ وَأَتْبَاعَهُمَا، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ مُبْتَدِعِ أَمْرٍ لَمْ يَشْهَدْ الشَّرْعُ بِحُسْنِهِ وَلَيْسَ مُرَادًا هُنَا (لَا نُكَفِّرُهُ) بِبِدْعَتِهِ وَإِنْ سَبَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَوْ اسْتَحَلَّ أَمْوَالَنَا وَدِمَاءَنَا لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ بِحَقٍّ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ الدَّاعِيَ إلَى بِدْعَتِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا الْخَطَّابِيَّةَ وَهُمْ الْمَنْسُوبُونَ لِأَبِي خَطَّابٍ الْأَسَدِيِّ الْكُوفِيِّ كَانَ يَقُولُ بِأُلُوهِيَّةِ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ ثُمَّ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ لِمُوَافِقِيهِمْ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ السَّبَبِ لِاعْتِقَادِهِمْ عَدَمَ الْكَذِبِ لِكَوْنِهِ كُفْرًا عِنْدَهُمْ، أَمَّا مَنْ بَيَّنَ السَّبَبَ كَالْإِقْرَارِ وَزَمَنَ التَّحَمُّلِ وَمَكَانَهُ بِحَيْثُ زَالَتْ التُّهْمَةُ بِذَلِكَ فَتُقْبَلُ مِنْهُ، وَلَا يُنَافِي مَا قَرَّرْنَاهُ فِي مُسْتَحِلِّ مَا مَرَّ عَدَمُ قَبُولِ الْكِتَابِ بِحُكْمِهِ وَشَهَادَتِهِ الْمَارِّ فِي الْبُغَاةِ لِإِمْكَانِ حَمْلِ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَنْعَ تَنْفِيذِهِ لِخُصُوصِ بَغْيِهِمْ احْتِقَارٌ لَهُمْ وَرَدْعٌ عَنْ بَغْيِهِمْ. وَأَمَّا مَنْ نُكَفِّرُهُ بِبِدْعَتِهِ كَمَنْ نَسَبَ عَائِشَةَ لِلزِّنَى أَوْ نَفَى صُحْبَةَ أَبِيهَا أَوْ أَنْكَرَ حُدُوثَ الْعَالَمِ أَوْ حَشْرَ الْأَجْسَادِ أَوْ عِلْمَهُ تَعَالَى بِالْمَعْدُومِ وَبِالْجُزْئِيَّاتِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِكُفْرِهِ (لَا مُغَفَّلٍ لَا يُضْبِطُ) أَصْلًا أَوْ غَالِبًا لِانْتِفَاءِ الثِّقَةِ بِقَوْلِهِ، نَعَمْ إنْ بَيَّنَ السَّبَبَ كَإِقْرَارٍ وَزَمَانَهُ وَمَكَانَهُ قُبِلَتْ مِنْهُ حِينَئِذٍ، بِخِلَافِ مَنْ لَا يَضْبِطُ نَادِرًا إذْ قَلَّ مَنْ يَسْلَمُ مِنْهُ، وَيُنْدَبُ اسْتِفْصَالُ شَاهِدٍ رَابَ الْحَاكِمَ فِيهِ أَمْرٌ كَأَكْثَرِ الْعَوَامّ وَلَوْ عُدُولًا، فَإِنْ لَمْ يُفَصِّلْ لَزِمَهُ الْبَحْثُ عَنْ حَالِهِ خِلَافًا لِلْإِمَامِ فِي دَعْوَى وُجُوبِهِ (وَلَا مُبَادِرٍ) بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ الدَّعْوَى أَوْ بَعْدَهَا وَقَبْلَ أَنْ تُطْلَبَ مِنْهُ فِي غَيْرِ شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ لِتُهْمَتِهِ حِينَئِذٍ وَلِهَذَا ذَمَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ أَعَادَهَا فِي الْمَجْلِسِ بَعْدَ طَلَبِهَا مِنْهُ قُبِلَتْ، وَمَا صَحَّ مِنْ أَنَّهُ خَيَّرَ الشُّهُودَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ كَمَنْ شَهِدَ لِيَتِيمٍ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ بِزَكَاةٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ عَلَى مَنْ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ لِمَنْ لَا يَعْلَمُهَا فَيُنْدَبُ لَهُ إعْلَامُهُ لِيَطْلُبَهَا مِنْهُ، بَلْ لَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ عِنْدَ انْحِصَارِ الْأَمْرِ فِيهِ لَمْ يَبْعُدْ، وَاقْتَضَى إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا يَحْتَاجُ فِيهِ لِجَوَابِ الدَّعْوَى وَغَيْرِهِ، فَلَوْ طُلِبَ مِنْ الْحَاكِمِ بَيْعُ مَالٍ مَنْ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ كَمَحْجُورٍ وَغَائِبٍ وَأَخْرَسَ لَا إشَارَةَ لَهُ مُفْهِمَةً فِي حَاجَتِهِمْ وَلَهُمْ بَيِّنَةٌ بِهَا اُتُّجِهَ نَصْبُ مَنْ يَدَّعِي لَهُمْ ذَلِكَ وَيَسْأَلُ الْبَيِّنَةَ وَالْأَدَاءَ وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ الْأَدَاءُ بِدُونِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى حُضُورِ الْخَصْمِ، وَلَا يَقْدَحُ فِي الشَّاهِدِ جَهْلُهُ بِفُرُوضِ نَحْوِ صَلَاةٍ وَوُضُوءٍ يُؤَدِّيهِمَا وَلَمْ يُقَصِّرْ فِي التَّعَلُّمِ وَلَا تَوَقُّفُهُ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ إنْ عَادَ وَجَزَمَ بِهِ فَيُعِيدُ الشَّهَادَةَ، وَلَا قَوْلُهُ لَا شَهَادَةَ لِي فِي هَذَا إنْ قَالَ نَسِيت أَوْ أَمْكَنَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَنَّ كُلَّ مَنْ رَمَى غَيْرَهُ بِكَبِيرَةٍ) أَيْ وَلَوْ فِي غَيْبَتِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُفَصِّلْ) أَيْ الشَّاهِدُ، وَقَوْلُهُ لَزِمَ: أَيْ الْحَاكِمَ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْإِمَامِ) مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ وَيُنْدَبُ اسْتِفْصَالُ إلَخْ، وَلَوْ قَدَّمَهُ كَانَ أَوْلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذِهِ) أَيْ عَدَاوَةَ الدِّينِ، وَفِي هَذَا التَّعْلِيلِ مَصَادِرُ لَا تَخْفَى (قَوْلُهُ: لِاعْتِقَادِهِمْ عَدَمَ الْكَذِبِ) أَيْ فِي مُوَافَقَتِهِمْ فَيَشْهَدُونَ لَهُمْ اعْتِمَادًا عَلَى دَعْوَاهُمْ لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يَكْذِبُونَ (قَوْلُهُ: وَزَمَانَهُ وَمَكَانَهُ) هُمَا بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى السَّبَبِ وَلَا يَصِحُّ الْجَرُّ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَنْ لَا يَضْبِطُ نَادِرًا) أَيْ بِخِلَافِ مَنْ عَدَمُ ضَبْطِهِ نَادِرٌ بِأَنْ كَانَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ الضَّبْطَ، وَسَكَتَ عَمَّا لَوْ تَعَادَلَ ضَبْطُهُ وَغَلَطُهُ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَوْ تَعَادَلَ ضَبْطُهُ وَغَلَطُهُ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَمَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْغَلَطُ وَتَشْمَلُهُ عِبَارَةُ مَنْ يَقُولُ مَنْ كَثُرَ غَلَطُهُ اهـ (قَوْلُهُ: لَمْ يَبْعُدْ) يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا تَرَتَّبَ عَلَى الشَّهَادَةِ مَصْلَحَةٌ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمَطْلُوبُ فِيهَا السَّتْرَ (قَوْلُهُ: وَيُسْأَلُ) أَيْ الْمَنْصُوبُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُقَصِّرْ فِي التَّعَلُّمِ)

حُدُوثُ الْمَشْهُودِ بِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَهُوَ مُشْتَهِرٌ بِالْعِفَّةِ وَالصِّيَانَةِ (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ) مَأْخُوذٌ مِنْ الِاحْتِسَابِ، وَهُوَ الْأَجْرُ قَبْلَ الِاسْتِشْهَادِ وَلَوْ بِلَا دَعْوَى بَلْ لَا تُسْمَعُ فِي مَحْضِ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى، وَحِينَئِذٍ فَتُسْمَعُ فِي السَّرِقَةِ قَبْلَ رَدِّ مَا لَهَا (فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى) كَصَلَاةٍ وَزَكَاةٍ وَكَفَّارَةٍ وَصَوْمٍ وَحَجٍّ عَنْ مَيِّتٍ بِأَنْ يَشْهَدَ بِتَرْكِهَا وَحَقٍّ لِنَحْوِ مَسْجِدٍ (وَفِيمَا لَهُ فِيهِ حَقٌّ مُؤَكَّدٌ) وَهُوَ مَا لَا يَتَأَثَّرُ بِرِضَا الْآدَمِيِّ بِأَنْ يَقُولَ حَيْثُ لَا دَعْوَى أَنَا أَشْهَدُ أَوْ عِنْدِي شَهَادَةٌ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا وَهُوَ يُنْكِرُ فَأَحْضِرْهُ لِأَشْهَدَ عَلَيْهِ، وَمَحَلُّ سَمَاعِهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ لَهَا حَالًا؛ فَلَوْ شَهِدَا بِأَنَّ فُلَانًا أَخُو فُلَانَةَ مِنْ الرَّضَاعِ اُعْتُبِرَ فِيهِ أَنْ يَقُولَا وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَنْكِحَهَا، أَوْ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ اُعْتُبِرَ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَرِقَّهُ، وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِهِمَا نَشْهَدُ لِئَلَّا يَنْكِحَهَا (كَطَلَاقٍ) بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٍّ وَلَوْ خُلْعًا لَكِنَّ مَحَلَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْفِرَاقِ دُونَ الْمَالِ (وَعِتْقٍ) بِأَنْ يَشْهَدَ بِهِ أَوْ بِالتَّعْلِيقِ دُونَ وُجُودِ الصِّفَةِ أَوْ بِالتَّدْبِيرِ مَعَ الْمَوْتِ أَوْ بِمَا يَسْتَلْزِمُهُ كَإِيلَادٍ، وَلَا تُسْمَعُ فِي شِرَاءِ قَرِيبٍ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ بِالْمِلْكِ وَالْعِتْقُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ، وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْخُلْعِ بِأَنَّ الْمَالَ فِيهِ تَبَعٌ لِلْفِرَاقِ وَهُنَا الْعِتْقُ تَبَعٌ لِلْمَالِ، وَلَوْ ادَّعَى قِنَّانِ عَلَى مَالِكِهِمَا أَنَّهُ أَعْتَقَ أَحَدَهُمَا وَقَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ سُمِعَتْ وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى فَاسِدَةً، إذْ بَيِّنَةُ الْحِسْبَةِ تَسْتَغْنِي عَنْ تَقَدُّمِ دَعْوَى، وَيُتَّجَهُ فَرْضُهُ فِيمَا لَوْ حَضَرَ السَّيِّدُ أَوْ غَابَ غَيْبَةً شَرْعِيَّةً وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِهِ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِأَنَّ كُلَّ مَا قُبِلَتْ فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ يَنْفُذُ الْحُكْمُ فِيهِ بِهَا وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَى دَعْوَى فَاسِدَةٍ (وَعَفْوٍ عَنْ قِصَاصٍ) لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ بِإِحْيَاءِ نَفْسٍ، وَهُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى (وَبَقَاءِ عِدَّةٍ وَانْقِضَائِهَا) لِمَا تَرَتَّبَ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ صِيَانَةِ الْفَرْجِ عَنْ اسْتِبَاحَتِهِ بِغَيْرِ حَقِّهِ، وَلِمَا فِي الثَّانِي مِنْ الصِّيَانَةِ وَالتَّعَفُّفِ بِالنِّكَاحِ، وَمِنْ ذَلِكَ تَحْرِيمُ الرَّضَاعِ وَالْمُصَاهَرَةُ وَالْبُلُوغُ وَالْإِسْلَامُ وَالِاسْتِسْلَامُ وَالْوَقْفُ وَالْوَصَايَا الْعَامَّةُ لَا إنْ كَانَا لِجِهَةٍ خَاصَّةٍ (وَحَدٍّ لَهُ) تَعَالَى كَالزِّنَى وَالشُّرْبِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ، ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ اُعْتُبِرَ) أَيْ أَنْ يَقُولَا وَهُوَ يُرِيدُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَنْكِحَهَا) أَيْ وَإِنْ كَانَا مُرِيدَيْنِ سَفَرًا وَخَشِيَا أَنْ يَنْكِحَهَا فِي غَيْبَتِهِمَا (قَوْلُهُ: لَكِنَّ مَحَلَّهُ) أَيْ فِي الْخُلْعِ (قَوْلُهُ: وَقَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ سُمِعَتْ) أَيْ وَيُرْجَعُ إلَيْهِ فِي بَيَانِهِ، فَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ حُبِسَ حَتَّى يُبَيِّنَ (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِسْلَامُ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ طَلَبْت مِنْهُ الْإِسْلَامَ وَأَتَى بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِهَذَا فَارَقَ مَا مَرَّ لَهُ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْإِصْرَارُ عَلَى صَغِيرَةٍ (قَوْلُهُ: مِنْ الِاحْتِسَابِ وَهُوَ الْأَجْرُ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: مِنْ احْتَسَبَ بِكَذَا أَجْرًا عِنْدَ اللَّهِ اتَّخَذَهُ يَنْوِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَا دَعْوَى) قَضِيَّةُ الْغَايَةِ أَنَّهَا قَدْ تَقَعُ بَعْدَ الدَّعْوَى وَتَكُونُ شَهَادَةَ حِسْبَةٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ صَرَّحَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهَا بَعْدَ الدَّعْوَى لَا تَكُونُ حِسْبَةً (قَوْلُهُ: وَزَكَاةٍ وَكَفَّارَةٍ) صَرِيحُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّهُمَا مَحْضُ حَقِّهِ تَعَالَى، وَسَيَأْتِي آخِرَ الْفَصْلِ أَنَّ فِيهِمَا حَقَّ الْآدَمِيِّ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: بَلْ لَا تُسْمَعُ) أَيْ الدَّعْوَى (قَوْلُهُ: قَبْلَ رَدِّ مَالِهَا) أَيْ بِخِلَافِهَا بَعْدَهُ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مَحْضَ حَدٍّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَقَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ إلَخْ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الشِّهَابِ حَجّ إلَّا إنْ تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ آدَمِيٍّ كَسَرِقَةٍ قَبْلَ رَدِّ مَالِهَا إذْ الِاسْتِثْنَاءُ فِيهِ صُورِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ بِالتَّعْلِيقِ مَعَ وُجُودِ الصِّفَةِ أَوْ بِالتَّدْبِيرِ مَعَ الْمَوْتِ) فِي جَعْلِ هَذَيْنِ مِنْ صُوَرِ الشَّهَادَةِ بِالْعِتْقِ وَعَطْفِهِ عَلَيْهِ قَوْلَهُ أَوْ بِمَا يَسْتَلْزِمُهُ إشَارَةً إلَى رَدِّ مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ بِالتَّعْلِيقِ وَالتَّدْبِيرِ الْمُجَرَّدَيْنِ فِي حَيَاةِ الْمُدَبَّرِ وَقَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ، أَمَّا بَعْدَ الْمَوْتِ وَوُجُودِ الصِّفَةِ فَتَكْفِي الشَّهَادَةُ بِهِمَا مُجَرَّدَيْنِ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْخُلْعِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ لَا حَاجَةَ لِهَذَا الْفَرْقِ لِمَا مَرَّ أَنَّ شَهَادَةَ الْحِسْبَةِ لَا أَثَرَ لَهَا فِي الْمَالِ فِي مَسْأَلَةِ الْخُلْعِ أَصْلًا، وَالْفَرْقُ يُوهِمُ تَأْثِيرَهَا فِيهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مِنْ الصِّيَانَةِ) لَعَلَّهُ مِنْ وَطْءِ الزَّوْجِ بِأَنْ يُرَاجَعَ، وَعَلَى هَذَا فَهُوَ مُخْتَصٌّ بِالرَّجْعِيِّ (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِسْلَامُ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَاهُ وَمِثْلُهُ فِي الدَّمِيرِيِّ، وَفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ أَنَّ مَعْنَاهُ طَلَبُ الْإِسْلَامِ ثُمَّ الْإِسْلَامُ بَعْدَهُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ حِينَئِذٍ يُغْنِي عَنْهُ مَا قَبْلَهُ إذْ لَا دَخْلَ لِلطَّلَبِ (قَوْلُهُ: الْعَامَّةُ) وَصْفٌ لِلْوَقْفِ وَالْوَصَايَا بِاعْتِبَارِ أَفْرَادِ الْوَصَايَا

لَكِنَّ السَّتْرَ فِي الْحُدُودِ أَفْضَلُ، وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ عَنْ حَقِّ الْآدَمِيِّ فَلَا تُقْبَلُ فِيهِ كَقِصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ وَبَيْعٍ وَإِقْرَارٍ (وَكَذَا النَّسَبُ عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّ فِيهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى إذْ الشَّرْعُ أَكَّدَ الْأَنْسَابَ وَمَنَعَ قَطْعَهَا فَضَاهَى الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ. وَالثَّانِي لَا، لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْآدَمِيِّ فِيهِ (وَمَتَى) (حَكَمَ بِشَاهِدَيْنِ فَبَانَا كَافِرَيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ أَوْ صَبِيَّيْنِ) أَوْ بَانَ أَحَدُهُمَا كَذَلِكَ عِنْدَ الْأَدَاءِ أَوْ الْحُكْمِ وَالْحَاكِمُ لَا يَرَى قَبُولَهُمَا (نَقَضَهُ) وُجُوبًا: أَيْ أَظْهَرَ بُطْلَانَهُ وَإِنْ لَمْ يُصَادِفْ مَحِلًّا (هُوَ وَغَيْرُهُ) كَمَا لَوْ حَكَمَ بِاجْتِهَادٍ فَتَبَيَّنَ وُقُوعُهُ مُخَالِفًا لِلنَّصِّ (وَكَذَا فَاسِقَانِ فِي الْأَظْهَرِ) لِمَا ذُكِرَ، إذْ عَدَالَةُ الشَّاهِدِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا فِي غَيْرِ آيَةٍ. وَالثَّانِي لَا يُنْقَضُ لِأَنَّ الْفِسْقَ إنَّمَا يُعْرَفُ بِبَيِّنَةٍ تَقُومُ عَلَيْهِ، وَعَدَالَةُ تِلْكَ الْبَيِّنَةِ إنَّمَا تُدْرَكُ بِالِاجْتِهَادِ وَهُوَ لَا يُنْقَضُ بِمِثْلِهِ، وَلَا أَثَرَ لِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ بِالْفِسْقِ مِنْ غَيْرِ تَارِيخٍ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ بَانَ فِسْقُ الشَّاهِدِ عِنْدَ الْعَقْدِ لَمْ يَصِحَّ، إذْ الْمُؤَثِّرُ ثَمَّ بَيْنُونَةُ ذَلِكَ عِنْدَ التَّحَمُّلِ فَقَطْ وَهَذَا عِنْدَ الْأَدَاءِ أَوْ قَبْلَهُ بِدُونِ مُضِيِّ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ أَوْ عِنْدَ الْحُكْمِ فَلَا تَكْرَارَ وَلَا تَخَالُفَ فِي حِكَايَةِ الْخِلَافِ (وَلَوْ) (شَهِدَ كَافِرٌ) أَعْلَنَ كُفْرَهُ (أَوْ عَبْدٌ) أَيْ رَقِيقٌ (أَوْ صَبِيٌّ ثُمَّ أَعَادَهَا بَعْدَ كَمَالِهِ) بِالْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْبُلُوغِ (قُبِلَتْ) لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ لِظُهُورِ عُذْرِهِ (أَوْ) شَهِدَ (فَاسِقٌ) وَلَوْ مُعْلِنًا أَوْ كَافِرٌ أَخْفَى كُفْرَهُ أَوْ عَدُوٌّ أَوْ غَيْرُ ذِي مُرُوءَةٍ فَرُدَّ ثُمَّ (تَابَ) ثُمَّ أَعَادَهَا (فَلَا) تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِأَنَّ رَدَّهُ أَظْهَرَ نَحْوَ فِسْقِهِ الَّذِي كَانَ يُخْفِيهِ أَوْ زَادَ فِي تَعْيِيرِهِ بِمَا أَعْلَنَ بِهِ فَهُوَ مُتَّهَمٌ بِسَعْيِهِ فِي رَدِّ ذَلِكَ الْعَارِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ لَمْ يُصْغِ الْحَاكِمُ لِشَهَادَتِهِ قُبِلَتْ بَعْدَ التَّوْبَةِ. وَبَحَثَ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيِّ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ بِمَا لَا يُطَابِقُ الدَّعْوَى ثُمَّ أَعَادَهَا بِمُطَابِقِهَا قُبِلَ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِمَشْهُورٍ بِالدِّيَانَةِ عُرِفَ مِنْهُ اعْتِيَادُ سَبْقِ لِسَانٍ أَوْ نِسْيَانٍ (وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ غَيْرَهَا) أَيْ غَيْرَ تِلْكَ الشَّهَادَةِ الَّتِي رُدَّ فِيهَا إذْ لَا تُهْمَةَ، وَمِثْلُهُ كَمَا اخْتَارَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ تَائِبٌ مِنْ الْكَذِبِ فِي الرِّوَايَةِ (بِشَرْطِ اخْتِبَارِهِ بَعْدَ التَّوْبَةِ مُدَّةً يُظَنُّ بِهَا صِدْقُ تَوْبَتِهِ) لِأَنَّ التَّوْبَةَ مِنْ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ وَهُوَ مُتَّهَمٌ بِإِظْهَارِهَا لِتَرْوِيجِ شَهَادَتِهِ وَعَوْدِ وِلَايَتِهِ فَاعْتَبَرَ الشَّارِعُ ذَلِكَ لِيُقَوِّيَ مَا ادَّعَاهُ (وَقَدَّرَهَا الْأَكْثَرُونَ بِسَنَةٍ) لِأَنَّ لِلْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ تَأْثِيرًا بَيِّنًا فِي تَهْيِيجِ النُّفُوسِ لِشَهَوَاتِهَا، فَإِذَا مَضَتْ وَهُوَ عَلَى حَالِهِ أَشْعَرَ ذَلِكَ بِحُسْنِ سَرِيرَتِهِ وَقَدْ اعْتَبَرَهَا الشَّارِعُ فِي نَحْوِ الْعُنَّةِ وَمُدَّةِ التَّغْرِيبِ فِي الزِّنَى، وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تَقْرِيبٌ لَا تَحْدِيدٌ، وَتُعْتَبَرُ أَيْضًا فِي مُرْتَكِبِ خَارِمِ الْمُرُوءَةِ إذَا أَقْلَعَ عَنْهُ كَمَا فِي التَّنْبِيهِ. وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَكَذَا مِنْ الْعَدَاوَةِ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ، وَقَدْ لَا يَحْتَاجُ لَهَا كَشَاهِدٍ بِزِنَى حُدَّ لِنَقْصِ النِّصَابِ فَتُقْبَلُ عَقِبَ ذَلِكَ، وَكَمُخْفِي فِسْقٍ أَقَرَّ بِهِ لِيُسْتَوْفَى مِنْهُ فَتُقْبَلُ حَالًا أَيْضًا لِأَنَّهُ لَمْ يُظْهِرْ التَّوْبَةَ عَمَّا كَانَ مَسْتُورًا إلَّا عَنْ صَلَاحٍ، وَكَنَاظِرِ وَقْفٍ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ تَابَ فَتَعُودُ وِلَايَتُهُ حَالًا كَوَلِيِّ النِّكَاحِ، وَكَقَاذِفِ غَيْرِ الْمُحْصَنِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ، لَكِنْ قَيَّدَهُ غَيْرُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ) أَيْ بِقَوْلِهِ فِي حُقُوقِ اللَّهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: إذْ الشَّرْعُ أَكَّدَ) أَيْ حَثَّ عَلَى حِفْظِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَهِدَ كَافِرٌ أَعْلَنَ كُفْرَهُ) عِبَارَةُ حَجّ مُعْلِنٌ بِكُفْرِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَعَادَهَا بِمُطَابِقِهَا قَبْلُ) ظَاهِرٌ وَلَوْ لَمْ يُبْدِ عُذْرًا حَمْلًا لَهُ عَلَيْهِ، وَيُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ إلَخْ (قَوْلُهُ الْأَصَحُّ وَأَنَّهَا تَقْرِيبٌ) أَيْ فَيُغْتَفَرُ مِثْلُ خَمْسَةِ أَيَّامٍ لَا مَا زَادَ عَلَيْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ عَنْ حَقِّ الْآدَمِيِّ إلَخْ) الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا النَّسَبُ عَلَى الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي لَا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْآدَمِيِّ فِيهِ) عِبَارَةُ الْجَلَالِ وَالثَّانِي هُوَ حَقُّ آدَمِيٍّ وَهُوَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْأَدَاءِ أَوْ الْحُكْمِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ فَبَانَ أَنَّهُمَا كَانَا عِنْدَ الْأَدَاءِ أَوْ الْحُكْمِ كَذَلِكَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ فِي الثَّانِي لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا تَبَيَّنَ الْكُفْرُ فَالظَّرْفُ لَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِبَانَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَمَرَّ فِي النِّكَاحِ أَنَّهُ لَوْ بَانَ فِسْقُ الشَّاهِدِ عِنْدَ الْعَقْدِ لَمْ يَصِحَّ وَهُوَ غَيْرُ مَا هُنَا، إذْ الْمُؤَثِّرُ ثَمَّ بَيْنُونَةُ ذَلِكَ عِنْدَ التَّحَمُّلِ، إلَى أَنْ قَالَ: فَلَا تَكْرَارَ وَلَا مُخَالَفَةَ فِي حِكَايَةِ الْخِلَافِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُمَا (قَوْلُهُ: وَعَوْدِ وِلَايَتِهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ وِلَايَةُ الشَّهَادَةِ

فِيهِ إيذَاءٌ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ السَّنَةِ، لَكِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ. (وَيُشْتَرَطُ فِي تَوْبَةِ مَعْصِيَةٍ قَوْلِيَّةٍ الْقَوْلُ) قِيَاسًا عَلَى التَّوْبَةِ مِنْ الرِّدَّةِ بِكَلِمَتَيْ الشَّهَادَةِ وَوُجُوبِهِمَا، وَإِنْ كَانَتْ الرِّدَّةُ فِعْلًا كَسُجُودٍ لِصَنَمٍ لِكَوْنِ الْقَوْلِيَّةِ هِيَ الْأَصْلُ أَوْ لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ تَكْذِيبَ الشَّرْعِ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ اشْتِرَاطُ الْقَوْلِ فِي الْغِيبَةِ وَنَحْوِهَا، وَبِهِ صَرَّحَ الْغَزَالِيُّ فِيهَا، وَنَصُّ الْأُمِّ يَقْتَضِيهِ فِي الْكُلِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ اخْتِصَاصَهُ بِالْقَذْفِ، وَبِفَرْضِ صِحَّتِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ بِأَنَّ ضَرَرَهُ أَشَدُّ لِأَنَّهُ يُكْسِبُ عَارًا وَلَوْ لَمْ يَثْبُتْ فَاحْتِيطَ بِإِظْهَارِ نَقِيضِ مَا حَصَلَ مِنْهُ وَهُوَ الِاعْتِرَافُ بِالْكَذِبِ جَبْرًا لِقَلْبِ الْمَقْذُوفِ وَصَوْنًا لِمَا انْتَهَكَهُ مِنْ عِرْضِهِ، وَمَا اشْتَرَطَهُ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ مِنْ اشْتِرَاطِ الِاسْتِغْفَارِ فِي الْمَعْصِيَةِ الْقَوْلِيَّةِ أَيْضًا مَحْمُولٌ عَلَى النَّدَمِ، وَخَرَجَ بِالْقَوْلِيَّةِ الْفِعْلِيَّةُ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهَا الْقَوْلُ لِتَمَحُّضِ الْحَقِّ فِيهَا لَهُ تَعَالَى فَأُدِيرَ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ عَلَى الصِّدْقِ بَاطِنًا، بِخِلَافِ الْقَذْفِ لِمَا تَقَرَّرَ فِيهِ. (فَيَقُولُ الْقَاذِفُ) وَإِنْ كَانَ قَذْفُهُ بِصُورَةِ الشَّهَادَةِ لِعَدَمِ تَمَامِ الْعَدَدِ (قَذْفِي بَاطِلٌ وَأَنَا نَادِمٌ عَلَيْهِ وَلَا أَعُودُ إلَيْهِ) أَوْ مَا كُنْت صَادِقًا فِي قَذْفِي وَقَدْ تُبْت مِنْهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَلَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ التَّعَرُّضُ لِكَذِبِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ صَادِقًا. لَا يُقَالُ: حَصَلَ تَعَرُّضُهُ لَهُ بِقَوْلِ قَذْفِي بَاطِلٌ وَلِذَا عَبَّرَ أَصْلُهُ تَبَعًا لِلْأَكْثَرِ الْقَذْفُ بَاطِلٌ. لِأَنَّا نَقُولُ: الْمَحْذُورُ إلْزَامُهُ بِالتَّصْرِيحِ بِكَذِبِهِ لَا بِالتَّعْرِيضِ بِهِ، وَهَذَا فِيهِ تَعْرِيضٌ لَا تَصْرِيحٌ، أَلَا تَرَى أَنَّك تَقُولُ لِمَنْ قَالَ لَك شَيْئًا هَذَا بَاطِلٌ وَلَا يَحْصُلُ لَهُ بِهِ كَبِيرُ مَشَقَّةٍ وَلَوْ قُلْت لَهُ كَذَبْت حَصَلَ لَهُ غَايَةُ الْحَنَقِ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ الْبُطْلَانَ قَدْ يَحْصُلُ لِاخْتِلَالِ بَعْضِ الْمُقَدِّمَاتِ فَلَا يُنَافِي مُطْلَقَ الصِّدْقِ بِخِلَافِ الْكَذِبِ، وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ الِاعْتِرَاضَ عَلَى عِبَارَةِ الْكِتَابِ وَأَنَّهَا مُسَاوِيَةٌ لِعِبَارَةِ أَصْلِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ إنْ وَصَلَ ذَلِكَ لِعِلْمِ الْقَاضِي بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ اُشْتُرِطَ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ بِحَضْرَتِهِ وَإِلَّا فَلَا فِيمَا يَظْهَرُ، نَعَمْ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ بِحَضْرَةِ مَنْ ذَكَرَهُ بِحَضْرَتِهِ أَوَّلًا وَلَيْسَ كَالْقَذْفِ فِيمَا ذُكِرَ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ يَا خِنْزِيرُ أَوْ يَا مَلْعُونُ مَثَلًا يُشْتَرَطُ فِي التَّوْبَةِ مِنْهُ قَوْلٌ لِانْتِفَاءِ تَوَهُّمِ صِدْقِ قَائِلِهِ حَتَّى يُبْطِلَهُ بِخِلَافِ الْقَذْفِ. (وَكَذَا شَهَادَةُ الزُّورِ) يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ التَّوْبَةِ مِنْهَا قَوْلُ نَحْوِ مَا ذُكِرَ كَشَهَادَتِي بَاطِلَةٌ وَأَنَا نَادِمٌ عَلَيْهَا وَلَا أَعُودُ إلَيْهَا، وَيَكْفِي كَذَبْتُ فِيمَا قُلْتُ وَلَا أَعُودُ إلَى مِثْلِهِ (قُلْت) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (وَ) الْمَعْصِيَةُ (غَيْرُ الْقَوْلِيَّةِ) لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا قَوْلٌ كَمَا مَرَّ، وَإِنَّمَا (يُشْتَرَطُ) فِي صِحَّةِ التَّوْبَةِ مِنْهَا كَالْقَوْلِيَّةِ أَيْضًا (إقْلَاعٌ) مِنْهَا حَالًا إنْ كَانَ مُتَلَبِّسًا بِهَا أَوْ مُصِرًّا عَلَى مُعَاوَدَتِهَا (وَنَدَمٌ) مِنْ حَيْثُ الْمَعْصِيَةُ لَا لِخَوْفِ عُقُوبَةٍ لَوْ عَلِمَ بِحَالِهِ أَوْ فَوَاتِ مَالٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَدَعْوَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لَهُ لِأَنَّ التَّوْبَةَ عِبَادَةٌ وَهِيَ مِنْ حَيْثُ هِيَ شَرْطُهَا الْإِخْلَاصُ رُدَّ بِأَنَّ فِيهِ تَسْلِيمًا لِلِاحْتِيَاجِ لَهُ (وَعَزْمٌ أَنْ لَا يَعُودَ) إلَيْهَا مَا عَاشَ إنْ تُصُوِّرَ مِنْهُ، وَإِلَّا كَمَجْبُوبٍ تَعَذَّرَ زِنَاهُ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ الْعَزْمُ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ لَهُ بِالِاتِّفَاقِ، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا عَدَمُ وُصُولِهِ لِحَالَةِ الْغَرْغَرَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ لِكَوْنِ الْقَوْلِيَّةِ) أَيْ الرِّدَّةِ الْقَوْلِيَّةِ. (قَوْلُهُ رُدَّ) أَيْ هَذَا الْقَوْلُ (قَوْلُهُ: لِحَالَةِ الْغَرْغَرَةِ) لَعَلَّهُ لِأَنَّ مَنْ وَصَلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَكِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ) يَعْنِي فِيمَا لَا إيذَاءَ فِيهِ (قَوْلُهُ: مِنْ اشْتِرَاطِ الِاسْتِغْفَارِ) يَنْبَغِي حَذْفُ لَفْظِ اشْتِرَاطٍ وَهُوَ سَاقِطٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ لِتَمَحُّضِ الْحَقِّ فِيهَا لَهُ تَعَالَى) فِي نُسْخَةٍ مِنْ الشَّرْحِ لِتَمَحُّضِ الْقَوْلِ، وَلَعَلَّهَا الصَّوَابُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ قَذْفُهُ بِصُورَةِ الشَّهَادَةِ) اُنْظُرْ هَذِهِ الْغَايَةَ فِيمَا إذَا كَانَ صَادِقًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَمَا فَائِدَةُ ذِكْرِ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَاكِمِ مَعَ أَنَّ الْحَدَّ لَا بُدَّ مِنْ إقَامَتِهِ وَالتَّوْبَةُ مَدَارُهَا عَلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا أَتَى بِمَعْصِيَةٍ (قَوْلُهُ: الْقَذْفُ بَاطِلٌ) لَعَلَّهُ سَقَطَ قَبْلَهُ لَفْظُ بِقَوْلِهِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهَا مُسَاوِيَةٌ لِعِبَارَةِ أَصْلِهِ) يُتَأَمَّلُ (قَوْلُهُ: كَالْقَوْلِيَّةِ أَيْضًا) أَيْ خِلَافًا لِمَا قَدْ يُوهِمُهُ الْمَتْنُ (قَوْلُهُ: لَا حَاجَةَ لَهُ) أَيْ لِقَيْدِ الْحَيْثِيَّةِ (قَوْلُهُ: رُدَّ) الظَّاهِرُ رُدَّتْ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ فِيهِ تَسْلِيمًا لِلِاحْتِيَاجِ لَهُ)

وَعَدَمُ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَتَصِحُّ مِنْ سَكْرَانَ حَالَةَ سُكْرِهِ كَإِسْلَامِهِ، وَمِمَّنْ كَانَ فِي مَحَلِّ مَعْصِيَةٍ. ثُمَّ صَرَّحَ بِمَا يُفْهِمُهُ الْإِقْلَاعُ لِلِاعْتِنَاءِ بِهِ فَقَالَ (وَرَدُّ ظُلَامَةِ آدَمِيٍّ) يَعْنِي الْخُرُوجَ مِنْهَا بِأَيِّ وَجْهٍ قَدَرَ عَلَيْهِ مَالًا كَانَتْ أَوْ عِرْضًا نَحْوَ قَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ (إنْ تَعَلَّقَتْ بِهِ) سَوَاءٌ أَتَمَحَّضَتْ لَهُ أَمْ كَانَ فِيهَا مَعَ ذَلِكَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى مُؤَكَّدٌ كَفَّارَةٌ فَوْرِيَّةٌ وَزَكَاةٌ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ كَانَتْ لِأَخِيهِ عِنْدَهُ مَظْلَمَةٌ فِي عِرْضٍ أَوْ مَالٍ فَلْيَسْتَحِلَّهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، فَإِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ يُؤْخَذُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ وَإِلَّا أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ» فَإِنْ أَفْلَسَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْكَسْبُ كَمَا مَرَّ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْمَالِكِ وَوَارِثِهِ دَفَعَهُ لِحَاكِمٍ ثِقَةٍ، فَإِنْ تَعَذَّرَ صَرَفَهُ فِيمَا شَاءَ مِنْ الْمَصَالِحِ عِنْدَ انْقِطَاعِ خَبَرِهِ بِنِيَّةِ الْقَرْضِ وَغَرِمَ بَدَلَهُ إذَا وَجَدَهُ، فَإِنْ أَعْسَرَ عَزَمَ عَلَى الْأَدَاءِ عِنْدَ قُدْرَتِهِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ فَلَا مُطَالَبَةَ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ إنْ لَمْ يَعْصِ بِالْتِزَامِهِ وَالْمَرْجُوُّ مِنْ فَضْلِهِ تَعَالَى أَنْ يُعَوِّضَ الْمُسْتَحِقَّ، وَإِذَا بَلَغَتْ الْغِيبَةُ الْمُغْتَابَ اُشْتُرِطَ اسْتِحْلَالُهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ لِمَوْتِهِ أَوْ تَعَسَّرَ لِغَيْبَتِهِ الطَّوِيلَةِ اسْتَغْفَرَ لَهُ، وَلَا أَثَرَ لِتَحْلِيلِ وَارِثٍ وَلَا مَعَ جَهْلِ الْمُغْتَابِ بِمَا حُلِّلَ مِنْهُ، أَمَّا إذَا لَمْ تَبْلُغْهُ فَيَكْفِي فِيهَا النَّدَمُ وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُ، وَكَذَا يَكْفِي النَّدَمُ وَالْإِقْلَاعُ عَنْ الْحَسَدِ، وَمَنْ لَزِمَهُ حَدٌّ وَخَفِيَ أَمْرُهُ نُدِبَ لَهُ السَّتْرُ عَلَى نَفْسِهِ، فَإِنْ ظَهَرَ أَتَى لِلْإِمَامِ يُقِيمُهُ عَلَيْهِ، وَلَا يَكُونُ اسْتِيفَاؤُهُ مُزِيلًا لِلْمَعْصِيَةِ بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ التَّوْبَةِ إذْ هُوَ مُسْقِطٌ لِحَقِّ الْآدَمِيِّ. وَأَمَّا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَيَتَوَقَّفُ عَلَى التَّوْبَةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَوَائِلَ كِتَابِ الْجِرَاحِ. وَتَصِحُّ التَّوْبَةُ مِنْ ذَنْبٍ وَإِنْ أَصَرَّ عَلَى غَيْرِهِ وَمِمَّا تَابَ مِنْهُ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ، وَمَنْ مَاتَ وَلَهُ دَيْنٌ لَمْ يَسْتَوْفِهِ وَارِثُهُ كَانَ الْمُطَالِبُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ هُوَ دُونَ الْوَارِثِ عَلَى الْأَصَحِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــSإلَى تِلْكَ الْحَالَةِ أَيِسَ مِنْ الْحَيَاةِ فَتَوْبَتُهُ إنَّمَا هِيَ لِعِلْمِهِ بِاسْتِحَالَةِ عَوْدِهِ إلَى مِثْلِ مَا فَعَلَ (قَوْلُهُ: مُؤَكَّدٌ كَفَّارَةٍ) أَيْ كَكَفَّارَةٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَ صَرَفَهُ فِيمَا شَاءَ مِنْ الْمَصَالِحِ) الْمُتَبَادَرُ أَنَّ الْمُرَادَ مَصَالِحُ الْمُسْلِمِينَ، لَكِنَّ قَوْلَهُ بِنِيَّةِ الْقَرْضِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ مَا شَاءَ مِنْ مَصَالِحِهِ وَلَكِنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ لِنِيَّةِ الْقَرْضِ حَتَّى لَا يَضِيعَ عَلَى مَالِكِهِ إذَا ظَهَرَ لِكَوْنِهِ نَائِبًا عَنْهُ فِي الصَّرْفِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَعْسَرَ عَزَمَ عَلَى الْأَدَاءِ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الْمَالِ، وَمِثْلُهُ غَيْرُهُ مِنْ سَائِرِ الْحُقُوقِ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ الَّذِي فَاتَهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَطَرِيقُهُ أَنْ يَعْزِمَ عَلَى أَنَّهُ مَتَى قَدَرَ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْهُ فَعَلَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَ لِمَوْتِهِ) وَلَيْسَ مِنْ التَّعَذُّرِ مَا لَوْ اغْتَابَ صَغِيرًا مُمَيِّزًا وَبَلَغَتْهُ فَلَا يَكْفِي الِاسْتِغْفَارُ لَهُ لِأَنَّ لِلصَّبِيِّ أَمَدًا يُنْتَظَرُ، وَبِفَرْضِ مَوْتِ الْمُغْتَابِ يُمْكِنُ اسْتِحْلَالُ وَارِثِ الْمَيِّتِ مِنْ الْمُغْتَابِ بَعْدَ بُلُوغِهِ (قَوْلُهُ: اسْتَغْفَرَ لَهُ) أَيْ طَلَبَ لَهُ الْمَغْفِرَةَ كَأَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِفُلَانٍ (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ) أَيْ وَلَوْ تَكَرَّرَ مِنْهُ ذَلِكَ مِرَارًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ حَيْثُ قَالَ شَرْطُهَا الْإِخْلَاصُ وَالْإِخْلَاصُ مُرَادِفٌ لِلْحَيْثِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ مِنْ سَكْرَانَ) أَيْ إنْ تَأَتَّتْ مِنْهُ الشُّرُوطُ الَّتِي مِنْهَا النَّدَمُ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ إنْ تَعَلَّقَتْ) أَيْ الظُّلَامَةُ بِمَعْنَى الْمَعْصِيَةِ، وَيَصِحُّ رُجُوعُ الضَّمِيرِ لِلتَّوْبَةِ بِمَعْنَى مُوجِبِهَا، لَكِنَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ ظَاهِرَةٌ فِي الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ الْقَرْضِ وَغُرْمِ بَدَلِهِ) هَذَا فِيمَا إذَا كَانَتْ الظُّلَامَةُ عَيْنًا كَمَا لَا يَخْفَى وَإِلَّا فَمَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ، فَإِذَا صَرَفَهُ فِي الْمَصَالِحِ ثُمَّ ظَهَرَ الْمَالِكُ يَتَبَيَّنُ أَنَّ الذِّمَّةَ مَشْغُولَةٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَقَوْلُهُ بِنِيَّةِ الْقَرْضِ لَمْ أَرَهُ فِي عِبَارَةِ غَيْرِهِ وَيَنْبَغِي حَذْفُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَكُونُ اسْتِيفَاؤُهُ مُزِيلًا إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَيْسَ اسْتِيفَاءُ نَحْوِ الْقَوَدِ مُزِيلًا لِلْمَعْصِيَةِ إلَخْ.

[فصل في بيان قدر النصاب في الشهود المختلف باختلاف المشهود به]

(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ قَدْرِ النِّصَابِ فِي الشُّهُودِ الْمُخْتَلِفِ بِاخْتِلَافِ الْمَشْهُودِ بِهِ وَمُسْتَنَدِ الشَّهَادَةِ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ (لَا يُحْكَمُ بِشَاهِدٍ) وَاحِدٍ (إلَّا) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الصَّوْمِ كَذَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ الْحُكْمُ فِيهِ بَلْ الثُّبُوتُ فَقَطْ إذْ الْحُكْمُ يَسْتَدْعِي مَحْكُومًا عَلَيْهِ مُعَيَّنًا، وَيُرَدُّ بِمَا قَدَّمْته أَوَّلَ الصَّوْمِ عَنْ الْمَجْمُوعِ مِنْ أَنَّ الْحَاكِمَ لَوْ حَكَمَ بِعَدْلٍ وَجَبَ الصَّوْمُ بِلَا خِلَافٍ وَلَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ إجْمَاعًا، وَقَدْ أَشَارَ إلَى حَقِيقَةِ الْحُكْمِ بِهِ الشَّارِحُ هُنَا بِقَوْلِهِ فَيُحْكَمُ بِهِ (فِي هِلَالِ رَمَضَانَ وَتَوَابِعِهِ) وَمِثْلُهُ شَهْرٌ نَذَرَ صَوْمَهُ وَلَوْ ذَا الْحِجَّةِ (فِي الْأَظْهَرِ) كَمَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ وَأَعَادَهُ هُنَا لِلْحَصْرِ، وَأَوْرَدَ عَلَى الْحَصْرِ أَشْيَاءَ كَذِمِّيٍّ مَاتَ وَشَهِدَ عَدْلٌ أَنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ مَوْتِهِ لَمْ يُحْكَمْ بِهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْإِرْثِ وَالْحِرْمَانِ وَتَكْفِي بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَتَوَابِعِهَا، وَكَاللَّوَثِ يَثْبُتُ بِوَاحِدٍ وَكَإِخْبَارِ الْعَوْنِ الثِّقَةِ بِامْتِنَاعِ الْخَصْمِ الْمُتَعَزِّزِ فَيُعَزِّرُهُ بِقَوْلِهِ، وَمَرَّ الِاكْتِفَاءُ فِي الْقِسْمَةِ بِوَاحِدٍ وَفِي الْخَرْصِ بِوَاحِدٍ، وَيُمْكِنُ بِأَنْ يُجَابَ عَنْ الْحَصْرِ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِهِ الْحُكْمُ الْحَقِيقِيُّ الْمُتَوَقِّفُ عَلَى سَبْقِ دَعْوَى صَحِيحَةٍ فَلَا إيرَادَ (وَيُشْتَرَطُ لِلزِّنَا) وَاللِّوَاطِ وَإِتْيَانِ الْمَيْتَةِ وَالْبَهِيمَةِ (أَرْبَعَةُ رِجَالٍ) فَلَا يَثْبُتُ الْحَدُّ أَوْ التَّعْزِيرُ فِي ذَلِكَ بِدُونِهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: 4] وَلِأَنَّهُ أَقْبَحُ الْفَوَاحِشِ وَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ أَغْلَظَ مِنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ فَغَلُظَتْ الشَّهَادَةُ فِيهِ سَتْرًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَفْسِيرِهِمْ لَهُ كَرَأَيْنَاهُ أَدْخَلَ مُكَلَّفًا مُخْتَارًا ـــــــــــــــــــــــــــــS (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ قَدْرِ النِّصَابِ فِي الشُّهُودِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الصَّوْمِ) أَيْ مِنْ أَنَّ ثُبُوتَهُ بِالْوَاحِدِ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالْإِخْبَارِ دُونَ التَّوَقُّفِ عَلَى الْحُكْمِ احْتِيَاطًا لِلصَّوْمِ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ: قَوْلُهُ لَمَّا مَرَّ أَوَّلَ الصَّوْمِ كَذَا فِي نُسَخٍ، وَفِي نُسْخَةٍ بَعْدَ مَا ذُكِرَ مَا نَصُّهُ: كَذَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ الْحُكْمُ فِيهِ بَلْ الثُّبُوتُ فَقَطْ إذْ الْحُكْمُ يَسْتَدْعِي مَحْكُومًا عَلَيْهِ مُعَيَّنًا، وَيُرَدُّ بِمَا قَدَّمْته أَوَّلَ الصَّوْمِ عَنْ الْمَجْمُوعِ مِنْ أَنَّ الْحَاكِمَ لَوْ حَكَمَ بِعَدْلٍ وَجَبَ الصَّوْمُ بِلَا خِلَافٍ وَلَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ إجْمَاعًا، وَقَدْ أَشَارَ إلَى حَقِيقَةِ الْحُكْمِ بِهِ الشَّارِحُ هُنَا بِقَوْلِهِ فَيَحْكُمُ بِهِ اهـ وَعَلَيْهَا فَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلًا (قَوْلُهُ: وَتَوَابِعِهِ) كَتَعْجِيلِ زَكَاةِ الْفِطْرِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَدُخُولِ شَوَّالٍ وَصَلَاةِ التَّرَاوِيحِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ شَهْرٌ نَذَرَ صَوْمَهُ) خَرَجَ بِهِ شَوَّالٌ وَذُو الْحِجَّةِ فَلَا يَثْبُتُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلْحُقُوقِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ وَلَا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهَا عَلَى مَا أَفْهَمَهُ تَقْيِيدُهُ بِالصَّوْمِ، لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ فَيَكْفِي لِلصَّوْمِ كَمَا مَرَّ وَمِثْلُ رَمَضَانَ الْحِجَّةُ بِالنِّسْبَةِ لِلْوُقُوفِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ، وَكَذَلِكَ شَوَّالٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ كَمَا قَالَهُ أَبُو ثَوْرٍ، وَكَذَلِكَ الشَّهْرُ الْمَنْذُورُ صَوْمُهُ إذَا شَهِدَ بِرُؤْيَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي بَيَانِ قَدْرِ النِّصَابِ فِي الشُّهُودِ الْمُخْتَلِفِ بِاخْتِلَافِ الْمَشْهُودِ بِهِ] فَصْلٌ) فِي بَيَانِ قَدْرِ النِّصَابِ (قَوْلُهُ: كَذَا قِيلَ) صَوَابُهُ ذَكَرَهُ قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَيُرَدُّ لِيُوَافِقَ مَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: لَوْ حَكَمَ بِعَدْلٍ وَجَبَ الصَّوْمُ) أَيْ لِأَنَّ الصَّوْمَ مِنْ حُقُوقِهِ تَعَالَى فَتُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ دَعْوَى (قَوْلُهُ وَلَوْ ذَا الْحِجَّةِ) لَا وَجْهَ لِأَخْذِ هَذَا غَايَةً فِي الشَّهْرِ الَّذِي نَذَرَ صَوْمَهُ، وَلَعَلَّهُ سَقَطَ قَبْلَهُ لَفْظُ بِخِلَافِ غَيْرِ ذَلِكَ: أَيْ غَيْرِ رَمَضَانَ، وَالشَّهْرِ الَّذِي نَذَرَ صَوْمَهُ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِوَاحِدٍ وَلَوْ ذَا الْحِجَّةِ: أَيْ خِلَافًا لِلْوَجْهِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ كَرَمَضَانَ (قَوْلُهُ: الْمُتَوَقِّفُ عَلَى دَعْوَى صَحِيحَةٍ) الصَّوَابُ حَذْفُهُ، وَإِلَّا فَهِلَالُ رَمَضَانَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى دَعْوَى صَحِيحَةٍ، وَقَوْلُهُ مُرَادُهُ بِهِ الْحُكْمُ الْحَقِيقِيُّ كَافٍ فِي الْجَوَابِ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ لَا يَرِدُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَلَى عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ وُرُودُهُ عَلَى مَنْ عَبَّرَ بِالثُّبُوتِ لَا بِالْحُكْمِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ أَقْبَحُ الْفَوَاحِشِ) هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلزِّنَى وَاللِّوَاطِ خَاصَّةً

حَشَفَتَهُ أَوْ قَدْرَهَا مِنْ فَاقِدِهَا فِي فَرْجِ هَذِهِ أَوْ فُلَانَةَ وَيَذْكُرُ نَسَبَهَا بِالزِّنَا أَوْ نَحْوَهُ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ ذِكْرِ مَكَانِ الزِّنَا وَزَمَانِهِ حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدُهُمْ وَإِلَّا وَجَبَ سُؤَالُ بَاقِيهِمْ لِاحْتِمَالِ وُقُوعِ تَنَاقُضٍ يُسْقِطُ شَهَادَتَهُمْ، وَلَا يُشْتَرَطُ قَوْلُهُمْ كَمَيْلٍ فِي مُكْحُلَةٍ. نَعَمْ يُنْدَبُ وَلَوْ قَالُوا تَعَمَّدْنَا النَّظَرَ لَا لِأَجْلِ الشَّهَادَةِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ لِأَنَّ ذَلِكَ صَغِيرَةٌ لَا تُبْطِلُهَا، وَيَثْبُتُ بِدُونِ الْأَرْبَعَةِ سُقُوطُ الْحَصَانَةِ وَالْعَدَالَةِ لِثُبُوتِ ذَلِكَ بِرَجُلَيْنِ، وَكَذَا مُقَدِّمَاتُ الزِّنَا وَوَطْءُ شُبْهَةٍ قَصَدَ بِهِ النَّسَبَ أَوْ شَهِدَ بِهِ حِسْبَةٌ يَثْبُتُ بِرَجُلَيْنِ أَوْ الْمَالَ ثَبَتَ بِهِمَا وَبِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَبِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ لِمَا مَرَّ فِي الزِّنَا مِنْ رَأَيْنَا حَشَفَتَهُ إلَى آخِرِهِ (وَ) يُشْتَرَطُ (لِلْإِقْرَارِ بِهِ اثْنَانِ) كَغَيْرِهِ (وَفِي قَوْلٍ أَرْبَعَةٌ) لِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ حَدَّهُ لَا يَتَحَتَّمُ (وَلِمَالٍ) عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ وَلِكُلِّ مَا قُصِدَ بِهِ الْمَالُ (وَعَقْدٍ) أَوْ فَسْخٍ (مَالِيٍّ) مَا عَدَا الشَّرِكَةَ وَالْقِرَاضَ وَالْكَفَالَةَ (كَبَيْعٍ وَإِقَالَةٍ وَحَوَالَةٍ) هِيَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ إذْ الْأَصَحُّ أَنَّهَا بَيْعٌ، وَأَمَّا الْإِقَالَةُ فَفَسْخٌ عَلَى الْأَصَحِّ لَا بَيْعٌ (وَضَمَانٍ) وَرَهْنٍ وَصُلْحٍ وَشُفْعَةٍ وَمُسَابَقَةٍ وَعِوَضِ خُلْعٍ (وَحَقٍّ مَالِيٍّ كَخِيَارٍ وَأَجَلٍ) وَجِنَايَةٍ تُوجِبُ مَالًا (رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) لِعُمُومِ الْأَشْخَاصِ الْمُسْتَلْزِمِ لِعُمُومِ الْأَحْوَالِ إلَّا مَا خُصَّ بِدَلِيلٍ فِي قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: 282] مَعَ عُمُومِ الْبَلْوَى بِالْمُعَامَلَاتِ وَنَحْوِهَا فَوَسَّعَ فِي طُرُقِ إثْبَاتِهَا، وَالتَّخْيِيرُ مُرَادٌ مِنْ الْآيَةِ بِالْإِجْمَاعِ دُونَ التَّرْتِيبِ الَّذِي هُوَ ظَاهِرُهَا، وَالْخُنْثَى كَالْأُنْثَى أَمَّا الشَّرِكَةُ وَالْقِرَاضُ وَالْكَفَالَةُ فَيُعْتَبَرُ فِيهَا رَجُلَانِ، إلَّا أَنْ يُرِيدَ فِي الْأَوَّلَيْنِ إثْبَاتَ حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ (وَلِغَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ مَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْمَالُ (مِنْ عُقُوبَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى) كَقَطْعِ طَرِيقٍ وَحَدِّ شُرْبٍ (أَوْ لِآدَمِيٍّ) كَحَدِّ قَذْفٍ وَقَوَدٍ (وَمَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ رِجَالٌ غَالِبًا كَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَرَجْعَةٍ) وَعِتْقٍ (وَإِسْلَامٍ وَرِدَّةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSهِلَالِهِ وَاحِدٌ خِلَافًا لِلشَّارِحِ حَيْثُ قَالَ وَلَوْ لِلصَّوْمِ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ فَيَثْبُتُ بِوَاحِدٍ (قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ بِدُونِ الْأَرْبَعَةِ سُقُوطُ الْحَصَانَةِ وَالْعَدَالَةِ) وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ فِي بَابِ حَدِّ الْقَذْفِ أَنَّ شَهَادَةَ دُونِ أَرْبَعَةٍ بِالزِّنَا تُفَسِّقُهُمْ وَتُوجِبُ حَدَّهُمْ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ هَذَا. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ صُورَتَهُ أَنْ يَقُولَا نَشْهَدُ بِزِنَاهُ بِقَصْدِ سُقُوطِ أَوْ وُقُوعِ مَا ذُكِرَ، فَقَوْلُهُمَا بِقَصْدِ إلَخْ يَنْفِي عَنْهُمَا الْحَدَّ وَالْفِسْقَ لِأَنَّهُمَا صَرَّحَا بِمَا يَنْفِي أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ قَصْدُهُمَا إلْحَاقَ الْعَارِ بِهِ الَّذِي هُوَ مُوجِبٌ حَدَّ الْقَذْفِ كَمَا مَرَّ ثَمَّ مَعَ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِمَا هُنَا اهـ حَجّ. أَوْ يُقَالُ: إنَّمَا يَجِبُ الْحَدُّ بِشَهَادَةِ مَا دُونَ الْأَرْبَعَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ قَوْلُهُمْ جَوَابًا لِلْقَاضِي حَيْثُ طَلَبَ الشَّهَادَةَ مِنْهُمْ، وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُ مَا هُنَا بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَوَطْءُ شُبْهَةٍ قَصَدَ) أَيْ الشَّاهِدُ (قَوْلُهُ: أَوْ الْمَالَ) قَسِيمُ قَوْلِهِ النَّسَبَ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ حَدَّهُ لَا يَتَحَتَّمُ) أَيْ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ إسْقَاطِهِ بِالرُّجُوعِ عَنْ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: إثْبَاتَ حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ) أَيْ: فَيَثْبُتُ بِهِمَا وَبِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَبِرَجُلٍ وَيَمِينٍ (قَوْلُهُ: كَنِكَاحٍ) مِمَّا يَغْفُلُ عَنْهُ فِي الشَّهَادَةِ بِالنِّكَاحِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ تَارِيخِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْعِمَادِ فِي تَوْقِيفِ الْحُكَّامِ فَقَالَ مَا نَصُّهُ: فَرْعٌ: يَجِبُ عَلَى شُهُودِ النِّكَاحِ ضَبْطُ التَّارِيخِ بِالسَّاعَاتِ وَاللَّحَظَاتِ، وَلَا يَكْفِي الضَّبْطُ بِيَوْمِ الْعَقْدِ، فَلَا يَكْفِي أَنَّ النِّكَاحَ عُقِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَثَلًا بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَزِيدُوا عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ الشَّمْسِ مَثَلًا بِلَحْظَةٍ أَوْ لَحْظَتَيْنِ أَوْ قَبْلَ الْعَصْرِ أَوْ الْمَغْرِبِ كَذَلِكَ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَتَعَلَّقُ بِهِ لِحَاقُ الْوَلَدِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَحْظَتَيْنِ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ، فَعَلَيْهِ ضَبْطُ التَّارِيخِ لِذَلِكَ لِحَقِّ النَّسَبِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَتَعَلَّقُ بِهِ لِحَاقُ الْوَلَدِ إلَخْ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجْرِي فِي غَيْرِهِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ، فَلَا يُشْتَرَطُ لِقَبُولِ الشَّهَادَةِ بِهَا ذِكْرُ التَّارِيخِ، وَيَدُلُّ لَهُمْ قَوْلُهُمْ فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ إذَا أُطْلِقَتْ إحْدَاهُمَا وَأُرِّخَتْ الْأُخْرَى أَوْ أُطْلِقَتَا تَسَاقَطَتَا لِاحْتِمَالِ أَنَّ مَا شَهِدَا بِهِ فِي تَارِيخٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يَقُولُوا بِقَبُولِ الْمُؤَرَّخَةِ وَبُطْلَانِ الْمُطْلَقَةِ (قَوْلُهُ: وَطَلَاقٍ) هَلْ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ أَقَرَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَيَثْبُتُ بِدُونِ الْأَرْبَعَةِ سُقُوطُ الْحَصَانَةِ وَالْعَدَالَةِ) اُنْظُرْ صُورَةَ الشَّهَادَةِ بِذَلِكَ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: فِي قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ} [البقرة: 282] أَيْ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ: فَيُعْتَبَرُ فِيهَا رَجُلَانِ) أَيْ لِمَا فِيهَا مِنْ الْوِلَايَةِ

وَجَرْحٍ وَتَعْدِيلٍ وَمَوْتٍ وَإِعْسَارٍ وَوَكَالَةٍ) وَدِيعَةً ادَّعَى مَالِكُهَا غَصْبَ ذِي الْيَدِ لَهَا وَذُو الْيَدِ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالذَّاتِ إثْبَاتُ وِلَايَةِ الْحِفْظِ لَهُ وَعَدَمُ الضَّمَانِ يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ: أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْعَيْنَ بَاقِيَةٌ (وَوِصَايَةٍ وَشَهَادَةٍ عَلَى شَهَادَةٍ رَجُلَانِ) لِقَوْلِ الزُّهْرِيِّ: مَضَتْ السُّنَّةُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ وَلَا فِي النِّكَاحِ وَلَا فِي الطَّلَاقِ، وَهَذَا حُجَّةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ الْمُخَالِفُ، وَلِأَنَّهُ تَعَالَى نَصَّ فِي الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَالْوِصَايَةِ عَلَى الرَّجُلَيْنِ وَصَحَّ بِهِ الْخَبَرُ فِي النِّكَاحِ، وَقِيسَ بِهَا مَا فِي مَعْنَاهَا مِنْ كُلِّ مَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ، وَلَا نَظَرَ لِرُجُوعِ الْوِصَايَةِ وَالْوَكَالَةِ لِلْمَالِ إذْ الْقَصْدُ مِنْهُمَا إثْبَاتُ التَّصَرُّفِ لَا الْمَالِ. وَنَقْلًا عَنْ الْغَزَالِيِّ وَأَقَرَّاهُ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَتْ طَلَاقَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ وَطَالَبَتْهُ بِشَطْرِ صَدَاقِهَا أَوْ بَعْدُ وَطَالَبَتْهُ بِالْجَمِيعِ أَوْ أَنَّ هَذَا الْمَيِّتَ زَوْجُهَا وَطَلَبَتْ إرْثَهَا مِنْهُ قُبِلَ نَحْوُ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ لِأَنَّ الْقَصْدَ الْمَالُ، كَمَا فِي مَسْأَلَتَيْ السَّرِقَةِ وَتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالْغَصْبِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ دُونَ الْغَصْبِ وَالطَّلَاقِ، وَأُلْحِقَ بِهِ قَبُولُ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَيِّتٍ فَيَثْبُتُ الْإِرْثُ لَا النَّسَبُ (وَمَا يَخْتَصُّ بِمَعْرِفَتِهِ النِّسَاءُ أَوْ لَا يَرَاهُ رِجَالٌ غَالِبًا كَبَكَارَةٍ) وَثُيُوبَةٍ وَقَرْنٍ وَرَتْقٍ وَوِلَادَةٍ وَحَيْضٍ لِتَعَسُّرِ اطِّلَاعِ الرِّجَالِ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الدَّمَ وَإِنْ شُوهِدَ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ اسْتِحَاضَةٌ وَهَذَا مُرَادُهُمَا بِقَوْلِهِمَا فِي الطَّلَاقِ لِتَعَذُّرِ ذَلِكَ، إذْ كَثِيرًا مَا يُطْلَقُ التَّعَذُّرُ وَيُرَادُ بِهِ التَّعَسُّرُ (وَرَضَاعٍ) ذُكِرَ هُنَا لِلتَّمْثِيلِ، وَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ لِمَعْرِفَةِ حُكْمِهِ فَلَا تَكْرَارَ، وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ مِنْ الثَّدْيِ، أَمَّا شُرْبُ اللَّبَنِ مِنْ إنَاءٍ فَلَا يُقْبَلْنَ فِيهِ. نَعَمْ يُقْبَلْنَ فِي أَنَّ هَذَا لَبَنُ فُلَانَةَ (وَعُيُوبٍ تَحْتَ الثِّيَابِ) الَّتِي لِلنِّسَاءِ مِنْ بَرَصٍ وَنَحْوِهِ وَلَوْ فِي جُرْحٍ عَلَى الْفَرْجِ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ لِأَنَّ جِنْسَ ذَلِكَ يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا (يَثْبُتُ بِمَا سَبَقَ) أَيْ بِرَجُلَيْنِ وَرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ (وَبِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ) وَحْدَهُنَّ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِنَّ هُنَا وَلَا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ، وَخَرَجَ بِتَحْتِ الثِّيَابِ، وَالْمُرَادُ مَا لَا يَظْهَرُ مِنْهَا غَالِبًا عَيْبُ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ مِنْ الْحُرَّةِ فَلَا بُدَّ فِي ثُبُوتِهِ إنْ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ مَالٌ مِنْ رَجُلَيْنِ، وَكَذَا فِيمَا يَبْدُو عِنْدَ مِهْنَةِ الْأَمَةِ إذَا قُصِدَ بِهِ فَسْخُ النِّكَاحِ مَثَلًا، أَمَّا إذَا قُصِدَ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ لِيَنْكِحَ أُخْتَهَا مَثَلًا وَأَنْكَرَتْهُ الزَّوْجَةُ فَلَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ رَجُلَيْنِ أَمْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِمُجَرَّدِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ بِالنِّسْبَةِ لِتَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ فَلَا يَنْكِحُ أُخْتَهَا وَلَا أَرْبَعًا سِوَاهَا إلَّا بِإِقَامَةِ رَجُلَيْنِ عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ بِالطَّلَاقِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ وَوِصَايَةٍ) وَقِرَاضٍ وَكَفَالَةٍ اهـ شَرْحٌ مَنْهَجٍ. أَقُولُ: فَلَوْ غَابَ الْمَكْفُولُ بِبَدَنِهِ وَعُلِمَ مَحَلُّهُ فَطُلِبَ مِنْ الْكَفِيلِ إحْضَارُهُ وَأَدَاءُ الْمَالِ لِامْتِنَاعِهِ مِنْ الْإِحْضَارِ فَأَنْكَرَ الْكَفَالَةَ فَأَقَامَ الْمَكْفُولُ لَهُ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ فَهَلْ يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ لِطَلَبِ الْمَالِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَأُلْحِقَ بِهِ قَبُولُ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ بِنَسَبٍ إلَى مَيِّتٍ فَيَثْبُتُ الْإِرْثُ لَا النَّسَبُ. وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ: قَوْلُهُ وَوِصَايَةٌ هِيَ اسْمٌ لِلتَّفْوِيضِ لِمَنْ يَتَصَرَّفُ فِي أَمْرِ أَطْفَالِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ يُنَفِّذُ وَصَايَاهُ مَثَلًا (قَوْلُهُ: كَمَا فِي مَسْأَلَتَيْ السَّرِقَةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الثَّابِتَ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فِي دَعْوَى الطَّلَاقِ قَبْلَ الْوَطْءِ أَوْ بَعْدَهُ الْمَهْرُ دُونَ الطَّلَاقِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ) حَيْثُ اسْتَثْنَاهُ، وَعَلَّلَهُ بِمَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهَا) أَيْ الشَّهَادَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْوَدِيعَةٍ ادَّعَى مَالِكُهَا إلَخْ) أَيْ فَلَا يُقْبَلُ إلَّا رَجُلَانِ: أَيْ مِنْ الْوَدِيعِ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ، أَمَّا الْمَالِكُ فَيَكْفِيهِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ لِأَنَّهُ يَدَّعِي مَحْضَ الْمَالِ (قَوْلُهُ: وَالْحَالُ أَنَّ الْعَيْنَ بَاقِيَةٌ) هَلَّا قُبِلَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ إذَا كَانَ الْمُودَعُ يُطَالِبُهُ بِبَدَلِ الْمَنَافِعِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي نَحْوِ الشَّرِكَةِ (قَوْلُهُ: دُونَ الْغَصْبِ وَالطَّلَاقِ) أَيْ وَالسَّرِقَةِ (قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بِهِ قَبُولُ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ بِالنَّسَبِ) لَعَلَّ الصُّورَةَ أَنَّ الدَّعْوَى بِالْمَالِ كَمَا هُوَ سِيَاقُ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ جِنْسَ ذَلِكَ يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ) هُوَ تَعْلِيلٌ مِنْ جَانِبِ الْبَغَوِيّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الدَّمِيرِيِّ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ: لَا يَطَّلِعُ، بِزِيَادَةِ لَا قَبْلَ يَطَّلِعُ، وَالصَّوَابُ حَذْفُهَا لِمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي جُرْحٍ عَلَى الْفَرْجِ) هَذِهِ الْغَايَةُ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ تَثْبُتُ بِمَا سَبَقَ

بِهِ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ فَيَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَرَجُلٍ وَيَمِينٍ إذْ الْقَصْدُ مِنْهُ حِينَئِذٍ الْمَالُ، وَلَوْ أَقَامَتْ شَاهِدًا بِإِقْرَارِ زَوْجِهَا بِالدُّخُولِ فَلَهَا الْحَلِفُ مَعَهُ وَيَثْبُتُ مَهْرُهَا، فَإِنْ أَقَامَهُ هُوَ عَلَى إقْرَارِهَا لَمْ يَكْفِ الْحَلِفُ مَعَهُ لِأَنَّ قَصْدَهُ ثُبُوتُ الرَّجْعَةِ وَالْعِدَّةِ وَهُمَا لَيْسَا بِمَالٍ، وَمَا قَرَّرْنَاهُ فِي وَجْهِ الْحُرَّةِ وَيَدِهَا وَمَا يَبْدُو فِي مِهْنَةِ الْأَمَةِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْمَرْجُوحِ الْقَائِلِ بِحِلِّ نَظَرِهِ، أَمَّا عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ حُرْمَتِهِ فَيَثْبُت بِالنِّسَاءِ مَرْدُودٌ مُخَالِفٌ لِصَرِيحِ كَلَامِهِمْ، سِيَّمَا مَا يَبْدُو فِي الْأَمَةِ فَإِنَّ تَخْصِيصَهُ لَا يَأْتِي عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنَّهَا كَالْحُرَّةِ، وَلَا عَلَى قَوْلِ الرَّافِعِيِّ بِحِلِّ مَا عَدَا مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا، فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ أَعْرَضُوا عَمَّا ذُكِرَ، وَحِينَئِذٍ فَوَجْهُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُمْ لَمْ يَنْظُرُوا هُنَا لِحِلِّ نَظَرٍ وَلَا لِحُرْمَتِهِ إذْ لِلشَّاهِدِ النَّظَرُ لِلشَّهَادَةِ وَلَوْ لِلْفَرْجِ كَمَا مَرَّ، وَإِنَّمَا نَظَرُوا لِمَا مِنْ شَأْنِهِ اطِّلَاعُ الرِّجَالِ عَلَيْهِ غَالِبًا أَوْ لَا، وَمَا ذُكِرَ يُسَهِّلُ اطِّلَاعَهُمْ عَلَيْهِ كَذَلِكَ لِعَدَمِ تَحَفُّظِ النِّسَاءِ فِي سَتْرِهِ غَالِبًا فَلَمْ يُقْبَلْنَ فِيهِ مُطْلَقًا (وَمَا لَا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ لَا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ) لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ بِالْأَقْوَى فَمَا دُونَهُ أَوْلَى (وَمَا ثَبَتَ بِهِمْ) أَيْ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَغَلَبَهُ لِشَرَفِهِ (يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِهِمَا فِي الْحُقُوقِ وَالْأَمْوَالِ ثُمَّ الْأَئِمَّةُ مِنْ بَعْدِهِ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ نَيِّفٍ وَعِشْرِينَ صَحَابِيًّا. فَانْدَفَعَ قَوْلُ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ إنَّهُ خَبَرُ وَاحِدٍ فَلَا يَنْسَخُ الْقُرْآنَ عَلَى أَنَّ النَّسْخَ لِلْحُكْمِ وَهُوَ ظَنِّيٌّ فَلْيَثْبُتْ بِمِثْلِهِ، وَلَوْ ادَّعَى مِلْكًا تَضَمَّنَ وَقْفِيَّةً كَأَنْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ كَانَتْ لِأَبِي وَقَفَهَا عَلَيَّ وَأَنْت غَاصِبٌ وَأَقَامَ شَاهِدًا وَحَلَفَ مَعَهُ حُكِمَ لَهُ بِالْمِلْكِ ثُمَّ تَصِيرُ وَقْفًا بِإِقْرَارِهِ وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ لَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ (إلَّا عُيُوبَ النِّسَاءِ وَنَحْوَهَا) فَلَا تَثْبُتُ بِهِمَا لِخَطَرِهَا، نَعَمْ يُقْبَلَانِ فِي عَيْبٍ فِيهِنَّ يَقْتَضِي الْمَالَ كَمَا مَرَّ (وَلَا يَثْبُتُ شَيْءٌ بِامْرَأَتَيْنِ وَيَمِينٍ) لِضَعْفِهِمَا. (وَإِنَّمَا يَحْلِفُ الْمُدَّعِي بَعْدَ شَهَادَةِ شَاهِدِهِ وَتَعْدِيلِهِ) لِأَنَّ جَانِبَهُ إنَّمَا يَتَقَوَّى حِينَئِذٍ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْقَضَاءَ بِهِمَا، فَلَوْ رَجَعَ الشَّاهِدُ غَرِمَ نِصْفَ الْمَشْهُودِ بِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُشْتَرَطْ تَقَدُّمُ شَهَادَةِ الرَّجُلِ عَلَى الْمَرْأَتَيْنِ لِقِيَامِهِمَا مَقَامَ الرَّجُلِ قَطْعًا (وَيَذْكُرُ فِي حَلِفِهِ) عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ لِلْمَشْهُودِ بِهِ (صِدْقَ الشَّاهِدِ) وُجُوبًا قَبْلَهُ أَمْ بَعْدَهُ فَيَقُولُ وَاَللَّهِ إنَّ شَاهِدِي لَصَادِقٌ وَإِنِّي لَمُسْتَحِقٌّ لِكَذَا لِأَنَّهُمَا مُخْتَلِفَا الْجِنْسِ فَاعْتُبِرَ ارْتِبَاطُهُمَا لِيَصِيرَا كَالنَّوْعِ الْوَاحِدِ (فَإِنْ تَرَكَ الْحَلِفَ) مَعَ شَاهِدِهِ (وَطَلَبَ يَمِينَ خَصْمِهِ فَلَهُ ذَلِكَ) لِأَنَّهُ قَدْ يَتَوَرَّعُ عَنْ الْيَمِينِ، ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْأَئِمَّةُ مِنْ بَعْدِهِ) فَصَارَ إجْمَاعًا (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَصِيرُ وَقْفًا بِإِقْرَارِهِ) أَيْ ثُمَّ إنْ ذَكَرَ مَصْرِفًا بَعْدَهُ صَرَفَ لَهُ، وَإِلَّا فَهُوَ مُنْقَطِعُ الْآخَرِ فَيَصْرِفُ لِأَقْرَبِ رَحِمِ الْوَاقِفِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَثْبُتُ بِهِمَا) أَيْ بِالرَّجُلِ وَالْيَمِينِ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْقَضَاءَ بِهِمَا) أَيْ الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ (قَوْلُهُ: لِقِيَامِهَا مَقَامَ الرَّجُلِ قَطْعًا) أَيْ بِخِلَافِ الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فَإِنَّ فِي الثُّبُوتِ بِهِمَا خِلَافًا (قَوْلُهُ: صِدْقَ الشَّاهِدِ وُجُوبًا قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ ذِكْرِ الْحَقِّ الَّذِي يَدَّعِيهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا مُخْتَلِفَا الْجِنْسِ) أَيْ الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: فَانْدَفَعَ قَوْلُ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: فِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ مُجَرَّدَ رِوَايَتِهِ عَنْ الْعَدَدِ الْمَذْكُورِينَ لَا يُحَقَّقُ تَوَاتُرُهُ لِمَا اسْتَقَرَّ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ وُجُودُ عَدَدِ التَّوَاتُرِ فِي سَائِرِ الطِّبَاقِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. وَلَك أَنْ تَقُولَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ كَالشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ لَيْسَ هُوَ تَمَامُ الدَّلِيلِ عَلَى وُجُودِ التَّوَاتُرِ بَلْ هُوَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى مُقَدِّمَاتٍ أُخْرَى تَرَكَاهَا لِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ، وَهِيَ أَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ ذَلِكَ الْحَنَفِيَّ مُنَازَعَتُهُ إنَّمَا هِيَ مَعَ صَاحِبِ الْمَذْهَبِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ مِنْ تَابِعِ التَّابِعِينَ، وَيَبْعُدُ عَادَةً أَنْ يَرْوِيَ مَا ذُكِرَ عَدَدٌ قَلِيلٌ عَنْ هَذَا الْعَدَدِ مِنْ الصَّحَابَةِ، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ الرَّاوِيَ لَهُ عَنْ الصَّحَابَةِ الْمَذْكُورِينَ عَدَدٌ أَكْثَرُ مِنْهُمْ مِنْ التَّابِعِينَ لِمَا عُرِفَ بِالِاسْتِقْرَاءِ أَنَّ الْخَبَرَ الْوَاحِدَ يَرْوِيهِ عَنْ الصَّحَابِيِّ الْوَاحِدِ عَدَدٌ مِنْ التَّابِعِينَ لِتَوَفُّرِهِمْ عَلَى تَلَقِّي الْأَحَادِيثِ وَحِفْظِهَا مِنْ الصَّحَابَةِ، فَالظَّاهِرُ حِينَئِذٍ أَنَّ الْخَبَرَ الْمَذْكُورَ وَصَلَ إلَى الشَّافِعِيِّ مِنْ عَدَدٍ كَثِيرٍ مِنْ التَّابِعِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ مِنْ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ مَا يَبْلُغُ نَحْوَ الْبَيْهَقِيّ عَنْ هَذَا الْعَدَدِ مِنْ الصَّحَابَةِ مَعَ تَرَاخِي زَمَنِهِ عَنْهُمْ يَبْلُغُ الشَّافِعِيَّ عَنْ عَدَدٍ أَكْثَرَ مِنْهُمْ لِقُرْبِهِ مِنْ زَمَنِهِمْ وَلِجَلَالَتِهِ الْمُقَرَّرَةِ فِي هَذَا الْعِلْمِ كَغَيْرِهِ فَتَأَمَّلْ

فَإِنْ حَلَفَ خَصْمُهُ سَقَطَتْ الدَّعْوَى وَلَيْسَ لَهُ الْحَلِفُ بَعْدَ ذَلِكَ مَعَ شَاهِدٍ قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ، لِأَنَّ الْيَمِينَ قَدْ انْتَقَلَتْ مِنْ جَانِبِهِ إلَى جَانِبِ خَصْمِهِ، إلَّا أَنْ يَعُودَ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ فَيَسْتَأْنِفَ الدَّعْوَى وَيُقِيمَ الشَّاهِدَ، وَحِينَئِذٍ يَحْلِفُ مَعَهُ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ الْبَابِ، لَكِنَّ كَلَامَ الشَّافِعِيِّ يُفْهِمُ أَنَّ الدَّعْوَى لَا تُسْمَعُ مِنْهُ بِمَجْلِسٍ آخَرَ. (فَإِنْ نَكَلَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (فَلَهُ) أَيْ الْمُدَّعِي (أَنْ يَحْلِفَ يَمِينَ الرَّدِّ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهَا غَيْرُ الَّتِي امْتَنَعَ عَنْهَا لِأَنَّ تِلْكَ لِقُوَّةِ جِهَتِهِ بِالشَّاهِدِ وَيُقْضَى بِهَا فِي الْمَالِ فَقَطْ وَهَذِهِ لِقُوَّةِ جِهَتِهِ بِنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيُقْضَى بِهَا فِي كُلِّ حَقٍّ، وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْحَلِفُ مَعَ الشَّاهِدِ (وَلَوْ) (كَانَ بِيَدِهِ أَمَةٌ وَوَلَدُهَا) يَسْتَرِقُّهُمَا (فَقَالَ رَجُلٌ هَذِهِ مُسْتَوْلَدَتِي عَلِقَتْ بِهَذَا) مِنِّي (فِي مِلْكِي وَحَلَفَ مَعَ شَاهِدٍ) أَقَامَهُ (ثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ) يَعْنِي مَا فِيهَا مِنْ الْمَالِيَّةِ، وَأَمَّا نَفْسُ الِاسْتِيلَادِ الْمُقْتَضِي لِعِتْقِهَا بِالْمَوْتِ فَإِنَّمَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ فَتُنْزَعُ مِمَّنْ هِيَ فِي يَدِهِ وَتُسَلَّمُ لَهُ لِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ مَالٌ لِسَيِّدِهَا، وَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ زِيَادَتِهِ فِي دَعْوَاهُ وَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِي عَلَى حُكْمِ الِاسْتِيلَادِ لِجَوَازِ بَيْعِ الْمُسْتَوْلَدَةِ فِي صُوَرٍ رُدَّ بِأَنَّهُ حَيْثُ جَازَ بَيْعُهَا أُلْغِيَ الِاسْتِيلَادُ فَلَا يَصْدُقُ مَعَهُ قَوْلُهُ مُسْتَوْلَدَتِي (لَا نَسَبُ الْوَلَدِ وَحُرِّيَّتُهُ) فَلَا يَثْبُتَانِ بِهِمَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (فِي الْأَظْهَرِ) فَلَا يُنْزَعُ مِنْ ذِي الْيَدِ، وَفِي ثُبُوتِ نَسَبِهِ مِنْ الْمُدَّعِي بِالْإِقْرَارِ مَا مَرَّ فِي بَابِهِ، وَالثَّانِي يَثْبُتَانِ تَبَعًا فَيُنْزَعُ مِمَّنْ هُوَ فِي يَدِهِ وَيَكُونُ حُرًّا نَسِيبًا بِإِقْرَارِ الْمُدَّعِي (وَلَوْ كَانَ بِيَدِهِ غُلَامٌ) يَسْتَرِقُّهُ وَذِكْرُهُ مِثَالٌ (فَقَالَ رَجُلٌ كَانَ لِي وَأَعْتَقْتُهُ وَحَلَفَ مَعَ شَاهِدٍ) (فَالْمَذْهَبُ انْتِزَاعُهُ وَمَصِيرُهُ حُرًّا) بِإِقْرَارِهِ وَإِنْ تَضَمَّنَ اسْتِحْقَاقُهُ الْوَلَاءَ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِدَعْوَاهُ الصَّالِحَةِ حُجَّةً لِإِثْبَاتِهِ، وَالْعِتْقُ إنَّمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ وَبِهِ فَارَقَ مَا قَبْلَهُ. وَمِنْهُمْ مَنْ خَرَّجَ قَوْلًا فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِيلَادِ بِنَفْيِ ذَلِكَ فَجَعَلَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِالْأَوَّلِ وَهُوَ الرَّاجِحُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَالْفَرْقُ مَا مَرَّ (وَلَوْ) (ادَّعَتْ وَرَثَةٌ) أَوْ بَعْضُهُمْ (مَالًا) عَيْنًا أَوْ دَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً (لِمُوَرِّثِهِمْ) الَّذِي مَاتَ قَبْلَ نُكُولِهِ (وَأَقَامُوا شَاهِدًا) بِالْمَالِ بَعْدَ إثْبَاتِهِمْ لِمَوْتِهِ مِنْهُ وَإِرْثِهِمْ وَانْحِصَارِهِ فِيهِمْ (وَحَلَفَ مَعَهُ بَعْضُهُمْ) عَلَى اسْتِحْقَاقِ مُوَرِّثِهِ الْجَمِيعَ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى قَدْرِ حِصَّتِهِ، وَمِثْلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ فَإِنْ حَلَّفَ خَصْمَهُ سَقَطَتْ) أَيْ فَإِنْ اسْتَحْلَفَ خَصْمَهُ فَلَمْ يَحْلِفْ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ فَإِنْ حَلَّفَ خَصْمَهُ إلَخْ أَنَّ حَقَّهُ لَا يَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ طَلَبِهِ يَمِينَ خَصْمِهِ. قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ نَقْلًا عَنْ حَجّ: لَكِنَّ الَّذِي رَجَّحَاهُ بُطْلَانُهُ فَلَا يَعُودُ لِلْحَلِفِ مَعَ شَاهِدِهِ وَلَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ الْيَمِينِ بِطَلَبِهِ يَمِينَ خَصْمِهِ كَمَا تَسْقُطُ بِرَدِّهَا عَلَى خَصْمِهِ، بِخِلَافِ الْبَيِّنَةِ الْكَامِلَةِ لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْهَا بِمُجَرَّدِ طَلَبِهِ يَمِينَ خَصْمِهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ الْحَلِفُ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ حَلِفِ خَصْمِهِ (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ يَحْلِفُ مَعَهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ فِي بَابِهِ) وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ صَغِيرًا فَلَا يَثْبُتْ مُحَافَظَةً عَلَى حَقِّ الْوَلَاءِ لِلسَّيِّدِ وَإِنْ كَانَ بَالِغًا وَصَدَّقَهُ ثَبَتَ فِي الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: الَّذِي مَاتَ قَبْلَ نُكُولِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: عَلَى اسْتِحْقَاقِ مُوَرِّثِهِ) وَلَا مُنَافَاةَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْحَلِفُ) اُنْظُرْ مَتَى يُمْكِنُهُ، وَعِبَارَةُ الْجَلَالِ: لِأَنَّهُ تَرَكَ الْحَلِفَ فَلَا يَعُودُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ يَعْنِي مَا فِيهَا مِنْ الْمَالِيَّةِ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: قَدْ يُسْتَغْنَى عَنْ هَذَا التَّأْوِيلِ لِجَوَازِ أَنْ يُرِيدَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الِاسْتِيلَادَ بِمَعْنَى مَجْمُوعِ مَا فِيهَا مِنْ الْمَالِيَّةِ وَنَفْسُ الْإِيلَادِ ثَبَتَ لِمَجْمُوعِ الْحُجَّةِ وَالْإِقْرَارِ، فَإِنَّ عِبَارَتَهُ صَالِحَةٌ لِذَلِكَ اهـ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اكْتَفَى بِذِكْرِ أَحَدِ الْمُتَلَازِمَيْنِ عَنْ ذِكْرِ الْآخَرِ لِعِلْمِهِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَفِي ثُبُوتِ نَسَبِهِ مِنْ الْمُدَّعِي إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مِنْ تَعَلُّقَاتِ الْأَظْهَرِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ مَا قَبْلَهُ) أَيْ مِنْ عَدَمِ حُرِّيَّةِ الْوَلَدِ: أَيْ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَامَتْ الْحُجَّةُ فِيهِ عَلَى مِلْكِ الْأُمِّ، وَقَدْ رَتَّبْنَا عِتْقَهَا عَلَيْهِ إذَا جَاءَ وَقْتُهُ بِإِقْرَارِهِ نَظِيرُ مَا هُنَا، وَأَمَّا الْوَلَدُ فَقَضِيَّةُ الدَّعْوَى وَالْحُجَّةِ كَوْنُهُ حُرًّا نَسِيبًا وَهُمَا لَا يَثْبُتَانِ بِهَذِهِ الْحُجَّةِ، وَمَنْ لَوْ ادَّعَى فِي صُورَةِ الِاسْتِيلَادِ أَنَّهُ اسْتَوْلَدَهَا فِي مِلْكِ ذِي الْيَدِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مَعَ الْوَلَدِ فَيَعْتِقُ الْوَلَدُ عَلَيْهِ وَأَقَامَ عَلَيْهِ حُجَّةً نَاقِصَةً قُبِلَتْ وَعَتَقَ، لِأَنَّ الْعِتْقَ الْآنَ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْمِلْكِ الَّذِي قَامَتْ بِهِ الْحُجَّةُ النَّاقِصَةُ (قَوْلُهُ: بَعْدَ إثْبَاتِهِمْ لِمَوْتِهِ وَإِرْثِهِمْ مِنْهُ وَانْحِصَارِهِ فِيهِمْ) أَيْ بِالْبَيِّنَةِ الْكَامِلَةِ أَوْ الْإِقْرَارِ، وَأَشَارَ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ إلَى شُرُوطِ

مَا إذَا حَلَّفَ جَمِيعَهُمْ لِأَنَّهُ إنَّمَا ثَبَتَ بِحَلِفِهِ الْمِلْكَ لِمُوَرِّثِهِ (أَخَذَ نَصِيبَهُ وَلَا يُشَارَكُ فِيهِ) مِنْ جِهَةِ بَقِيَّتِهِمْ لِأَنَّ الْحُجَّةَ تَثْبُتُ فِي حَقِّهِ فَقَطْ. وَأَمَّا غَيْرُهُ فَمُتَمَكِّنٌ مِنْهَا بِالْحَلِفِ وَلِأَنَّ الشَّخْصَ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا بِيَمِينِ غَيْرِهِ، وَبِهَذَيْنِ فَارَقَ مَا لَوْ ادَّعَيَا دَارًا إرْثًا فَصَدَّقَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَحَدَهُمَا فِي نَصِيبِهِ وَكَذَّبَ الْآخَرَ أَنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ فِيهِ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ لِلْمَيِّتِ فَأَخَذَ بَعْضُ وَرَثَتِهِ قَدْرَ حِصَّتِهِ وَلَوْ بِغَيْرِ دَعْوَى وَلَا إذْنٍ مِنْ حَاكِمٍ فَلِلْبَقِيَّةِ مُشَارَكَتُهُ فِيهِ، وَلَوْ أَخَذَ أَحَدُ شُرَكَاءَ فِي دَارٍ أَوْ مَنْفَعَتِهَا قَدْرَ حِصَّتِهِ مِنْ أُجْرَتِهَا لَمْ يُشَارِكْهُ فِيهَا الْبَقِيَّةُ، وَلَوْ ادَّعَى غَرِيمٌ مِنْ غُرَمَاءِ مَيِّتٍ مَدْيُونٍ عَلَى وَارِثِهِ بِوَضْعِ يَدِهِ مِنْ تَرِكَتِهِ عَلَى مَا يَفِي بِحَقِّهِ فَأَنْكَرَ وَحَلَفَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَضَعْ يَدَهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا لَمْ تَكْفِهِ هَذِهِ الْيَمِينُ لِلْبَقِيَّةِ بَلْ كُلُّ مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ مِنْهُمْ بَعْدَهَا بِوَضْعِ الْيَدِ حَلَّفَهُ أَيْضًا، كَذَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ. وَرَدَّ ذَلِكَ بِقَوْلِهِمْ لَوْ ادَّعَى حَقًّا عَلَى جَمْعٍ فَرَدُّوا عَلَيْهِ الْيَمِينَ أَوْ أَقَامَ شَاهِدًا لِيَحْلِفَ مَعَهُ كَفَتْهُ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ، وَقَوْلُهُمْ لَوْ ثَبَتَ إعْسَارُ مَدِينٍ وَطَلَبَ غُرَمَاؤُهُ تَحْلِيفَهُ أُجِيبُوا وَتَكْفِيهِ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ، وَقَوْلُهُمْ لَوْ ثَبَتَ إعْسَارُهُ بِيَمِينِهِ فَظَهَرَ لَهُ غَرِيمٌ آخَرُ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَحْلِيفُهُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَا سِوَى الْأَخِيرَةِ قَدْ لَا يَرِدُ عَلَيْهِ لِوُقُوعِ الدَّعْوَى بَيْنَهُمْ أَوْ عَلَيْهِمْ فَوَقَعَتْ الْيَمِينُ لِجَمِيعِهِمْ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْبُلْقِينِيُّ. وَأَمَّا الْأَخِيرَةُ فَالْإِعْسَارُ خَصْلَةٌ وَاحِدَةٌ وَقَدْ ثَبَتَ. وَالظَّاهِرُ دَوَامُهُ فَلَمْ يَجِبْ الثَّانِي لِتَحْلِيفِهِ، بِخِلَافِ وَضْعِ الْيَدِ فَإِنَّهُ إذَا انْتَفَى بِالْيَمِينِ الْأُولَى لَيْسَ الظَّاهِرُ دَوَامَهُ فَوَجَبَتْ الْيَمِينُ عَلَى نَفْيِهِ لِكُلِّ مُدَّعًى بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ، وَيَكْفِي فِي ثُبُوتِ دَيْنٍ عَلَى مَيِّتٍ حُضُورُ بَعْضِ وَرَثَتِهِ لَكِنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَعَدَّى لِغَيْرِ الْحَاضِرِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ لِلْمَيِّتِ ثُمَّ ادَّعَى أَدَاءَهُ إلَيْهِ وَأَنَّهُ نَسِيَ ذَلِكَ حَالَةَ إقْرَارِهِ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ لِتَحْلِيفِ الْوَارِثِ كَمَا فِي الْإِقْرَارِ، وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ بِالْأَدَاءِ لِاحْتِمَالِ نِسْيَانِهِ (وَيَبْطُلُ حَقُّ مَنْ لَمْ يَحْلِفْ) مِنْ الْيَمِينِ (بِنُكُولِهِ إنْ حَضَرَ) فِي الْبَلَدِ وَكَانَ قَدْ شَرَعَ فِي الْخُصُومَةِ أَوْ شَعَرَ بِهَا (وَهُوَ كَامِلٌ) فَلَوْ مَاتَ لَمْ يَحْلِفْ وَارِثُهُ وَلَوْ مَعَ شَاهِدٍ يُقِيمُهُ لِأَنَّهُ خَلِيفَةُ الْمُوَرِّثِ وَقَدْ بَطَلَ حَقُّهُ بِنُكُولِهِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا مِنْ الْيَمِينِ الْبَيِّنَةُ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ مِنْهَا فَلَهُ إقَامَةُ شَاهِدٍ ثَانٍ مَضْمُومًا إلَى الْأَوَّلِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ شَهَادَتِهِ كَالدَّعْوَى لِتَصِيرَ بَيِّنَتُهُ كَامِلَةً، كَمَا لَوْ أَقَامَ مُدَّعٍ شَاهِدًا ثُمَّ مَاتَ فَلِوَارِثِهِ إقَامَةُ آخَرَ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بِنُكُولِهِ تَوَقُّفُهُ عَنْ الْيَمِينِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبَيْنَ مَا هُنَا وَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَبَحَثَ هُوَ أَيْضًا إلَخْ لِأَنَّ الدَّعْوَى هُنَا وَقَعَتْ بِجَمِيعِ الْمَالِ بِخِلَافِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: بَلْ كُلُّ مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ مِنْهُمْ) غُرَمَاءُ أَوْ وَرَثَةٌ (قَوْلُهُ: كَذَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ وَأَقَامَ شَاهِدًا) أَيْ أَوْ لَمْ يُقِمْ وَحَلَفَ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ فَإِنَّهُ يَكْتَفِي بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُمْ لَوْ ثَبَتَ إلَخْ) وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ مَسْأَلَةَ الْبُلْقِينِيِّ حَصَلَ فِيهَا طَلَبُ الْيَمِينِ فِي دَعَاوَى مُتَعَدِّدَةٍ بِعَدَدِ الْغُرَمَاءِ، وَمَا هُنَا الْيَمِينُ الْمُتَوَجِّهَةُ فِي دَعْوَى وَاحِدَةٍ فَاكْتَفَى بِهَا لِاتِّحَادِ الدَّعْوَى وَطَلَبُ التَّعَدُّدِ فِي تِلْكَ بِتَعَدُّدِ الدَّعَاوَى فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ وَأُجِيبَ إلَخْ، وَمَا ذَكَرْنَا أَوْضَحُ (قَوْلُهُ: سِوَى الْأَخِيرَةِ) هِيَ قَوْلُهُ لَوْ ثَبَتَ إعْسَارُهُ بِيَمِينِهِ (قَوْلُهُ: لِوُقُوعِ الدَّعْوَى بَيْنَهُمْ) أَيْ فِي الثَّانِيَةِ، وَقَوْلُهُ أَوْ عَلَيْهِمْ أَيْ فِي الْأُولَى (قَوْلُهُ: فَلَوْ مَاتَ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ السَّابِقِ مَاتَ قَبْلَ نُكُولِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَبْطُلُ) أَيْ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ ـــــــــــــــــــــــــــــQدَعْوَى الْوَارِثِ الْإِرْثَ، لَكِنْ يُتَأَمَّلُ قَوْلُهُ وَانْحِصَارُهُ فِيهِمْ مَعَ قَوْلِهِ قَبْلَ أَوْ بَعْضِهِمْ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَعَدَّى لِغَيْرِ الْحَاضِرِ) سَيَأْتِي لَهُ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ عَقْدًا مَالِيًّا كَبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ كَفَى الْإِطْلَاقُ فِي الْأَصَحِّ مَا نَصُّهُ: لَكِنْ لَا يَحْكُمُ: أَيْ الْقَاضِي إلَّا بَعْدَ إعْلَامِ الْجَمِيعِ بِالْحَالِ فَانْظُرْهُ مَعَ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: فَلَهُ إقَامَةُ شَاهِدٍ ثَانٍ إلَخْ) وَظَاهِرُ أَنَّهُ يَثْبُتُ حِينَئِذٍ مَالُ الْمَيِّتِ فَلَا يَحْتَاجُ بَاقِي الْوَرَثَةِ إلَى حَلِفٍ إنْ لَمْ يَكُونُوا حَلَفُوا، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلَيْنِ الْمَارَّيْنِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يُشَارِكُ فِيهِ أَنَّ مَنْ أَخَذَ حِينَئِذٍ شَيْئًا شُورِكَ فِيهِ، وَانْظُرْ هَلْ يَجْرِي ذَلِكَ فِيمَنْ أَخَذَ بِيَمِينِهِ أَوْ لَا، وَتَرَدَّدَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ فِيهِ لَوْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَرُدَّ الْيَمِينُ عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ هَلْ يَحْلِفُ؟ فَإِنْ قُلْنَا نَعَمْ هَلْ تَثْبُتُ حِصَّتُهُ فَقَطْ أَوْ الْجَمِيعُ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ

فَلَا يَبْطُلُ بِهِ حَقُّهُ مِنْهَا، فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ النُّكُولِ اُتُّجِهَ حَلِفُ وَارِثِهِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ. أَمَّا حَاضِرٌ لَمْ يَشْرَعْ أَوْ لَمْ يَشْعُرْ فَكَصَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ (فَإِنْ كَانَ) مَنْ لَمْ يَحْلِفْ (غَائِبًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَقْبِضُ نَصِيبَهُ) بَلْ يُوقَفُ الْأَمْرُ إلَى عِلْمِهِ أَوْ حُضُورِهِ أَوْ كَمَالِهِ (فَإِنْ زَالَ عُذْرُهُ) بِأَنْ عَلِمَ أَوْ قَدِمَ أَوْ أَفَاقَ (حَلَفَ وَأَخَذَ) حِصَّتَهُ (بِغَيْرِ إعَادَةِ شَهَادَةٍ) مَا دَامَ الشَّاهِدُ بَاقِيًا بِحَالِهِ وَاسْتِئْنَافُ دَعْوَى لِوُجُودِهِمَا أَوَّلًا مِنْ الْكَامِلِ خِلَافَةً عَنْ الْمَيِّتِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ إرْثٍ كَاشْتَرَيْتُ أَنَا وَأَخِي وَهُوَ غَائِبٌ مَثَلًا أَوْ أَوْصَى لَنَا بِكَذَا وَجَبَتْ إعَادَتُهُمَا. أَمَّا إذَا تَغَيَّرَ حَالُ الشَّاهِدِ فَلَا يَحْلِفُ كَمَا رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَمْ يَتَّصِلْ بِشَهَادَتِهِ إلَّا فِي حَقِّ الْحَالِفِ أَوَّلًا دُونَ غَيْرِهِ، وَبَحَثَ هُوَ أَيْضًا أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْإِعَادَةِ فِيمَا ذُكِرَ إنْ كَانَ الْأَوَّلُ قَدْ ادَّعَى الْجَمِيعَ، فَإِنْ ادَّعَى بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِعَادَةِ جَزْمًا (وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلٍ كَزِنًى وَغَصْبٍ) وَرَضَاعٍ (وَإِتْلَافٍ وَوِلَادَةٍ إلَّا بِالْإِبْصَارِ) لَهَا وَلِفَاعِلِهَا لِوُصُولِ الْيَقِينِ بِهِ. قَالَ تَعَالَى {إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 86] وَفِي خَبَرٍ «عَلَى مِثْلِ هَذَا» أَيْ الشَّمْسِ " فَاشْهَدْ " نَعَمْ يَأْتِي أَنَّ مَا تَعَذَّرَ فِيهِ الْيَقِينُ يَكْفِي فِيهِ الظَّنُّ كَالْمَالِكِ وَالْعَدَالَةِ وَالْإِعْسَارِ، وَقَدْ تُقْبَلُ مِنْ الْأَعْمَى بِفِعْلٍ كَمَا يَأْتِي، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ فِي الْوِلَادَةِ دَعْوَى مَنْ ادَّعَى ثُبُوتَهَا بِالسَّمَاعِ لِإِمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى إرَادَةِ إثْبَاتِ نَسَبِهِ مِنْ أُمِّهِ (وَتُقْبَلُ) الشَّهَادَةُ (مِنْ أَصَمَّ) لِحُصُولِ الْعِلْمِ بِالْمُشَاهَدَةِ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ عَدَمُ سَمَاعِ الشَّهَادَةِ بِقِيمَةِ عَيْنٍ إلَّا مِمَّنْ رَآهَا وَعَرَفَ جَمِيعَ أَوْصَافِهَا (وَالْأَقْوَالُ كَعَقْدٍ) وَفَسْخٍ (يُشْتَرَطُ سَمْعُهَا وَإِبْصَارُ قَائِلِهَا) حَالَ صُدُورِهَا مِنْهُ فَلَا يَكْفِي سَمَاعُهُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَإِنْ عُلِمَ صَوْتُهُ لِأَنَّ مَا كَانَ إدْرَاكُهُ مُمْكِنًا بِإِحْدَى الْحَوَاسِّ يَمْتَنِعُ الْعَمَلُ فِيهِ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ لِجَوَازِ تَشَابُهِ الْأَصْوَاتِ، وَقَدْ يُحَاكِي الْإِنْسَانُ صَوْتَ غَيْرِهِ فَيَشْتَبِهُ بِهِ. نَعَمْ لَوْ كَانَ بِبَيْتٍ وَحْدَهُ وَعَلِمَ بِذَلِكَ جَازَ لَهُ اعْتِمَادُ صَوْتِهِ وَإِنْ لَمْ يَرَهُ، وَكَذَا لَوْ عَلِمَ اثْنَيْنِ بِبَيْتٍ لَا ثَالِثَ لَهُمَا وَسَمِعَهُمَا يَتَعَاقَدَانِ وَعَلِمَ الْمُوجِبَ مِنْهُمَا مِنْ الْقَابِلِ لِعِلْمِهِ بِمَالِكِ الْمَبِيعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَهُ الشَّهَادَةُ بِمَا سَمِعَهُ مِنْهُمَا (وَلَا يُقْبَلُ أَعْمًى) لِانْسِدَادِ طَرِيقِ الْمَعْرِفَةِ مَعَ اشْتِبَاهِ الْأَصْوَاتِ وَإِمْكَانِ التَّصَنُّعِ فِيهَا، وَمِثْلُهُ مَنْ يُدْرِكُ الْأَشْخَاصَ وَلَا يُمَيِّزُهَا، وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ وَطْءُ زَوْجَتِهِ اعْتِمَادًا عَلَى صَوْتِهَا لِكَوْنِهِ أَخَفَّ، وَلِذَا نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى حِلِّ وَطْئِهَا اعْتِمَادًا عَلَى لَمْسِ عَلَامَةٍ يَعْرِفُهَا فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ صَوْتَهَا، وَعَلَى أَنَّ مَنْ زُفَّتْ لَهُ زَوْجَتُهُ أَنْ يَعْتَمِدَ قَوْلَ امْرَأَةٍ هَذِهِ زَوْجَتُك وَيَطَؤُهَا، بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ اعْتِمَادِهِ عَلَى قَرِينَةٍ قَوِيَّةٍ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَإِنْ لَمْ يُخْبِرْهُ أَحَدٌ بِذَلِكَ (إلَّا أَنْ يُقِرَّ) إنْسَانٌ لِمَعْرُوفِ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ (فِي أُذُنِهِ) بِنَحْوِ مَالٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ لَا فِي أُذُنِهِ بِأَنْ تَكُونَ يَدُهُ بِيَدِهِ وَهُوَ بَصِيرٌ حَالَ الْإِقْرَارِ (فَيَتَعَلَّقُ بِهِ حَتَّى يَشْهَدَ عِنْدَ قَاضٍ بِهِ عَلَى الصَّحِيحِ) لِحُصُولِ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي خَلْوَةٍ، وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ أَيْضًا بِالِاسْتِفَاضَةِ كَالْمَوْتِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَأْتِي إذَا لَمْ يَحْتَجْ إلَى تَعْيِينٍ وَإِشَارَةٍ، وَكَذَا فِي التَّرْجَمَةِ أَوْ مَعَ وَضْعِ يَدِهِ عَلَى ذَكَرٍ بِفَرْجٍ فَيُمْسِكُهَا حَتَّى يُشْهِدَ عَلَيْهَا بِذَلِكَ عِنْدَ قَاضٍ لِأَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَشْعُرْ) الْأَوْلَى حَذْفُ الْأَلِفِ (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتِئْنَافِ دَعْوَى) أَيْ وَبِغَيْرِ اسْتِئْنَافِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ أَجْلِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا صَدَرَ مِنْ الْكَامِلِ خِلَافَةً عَنْ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: عَلَى مِثْلِ هَذَا) أَيْ الْكَوْكَبِ (قَوْلُهُ: إلَّا مِمَّنْ رَآهَا) أَيْ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ حَيْثُ كَانَتْ مِمَّا لَا يَغْلِبُ تَغَيُّرُهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَتُسْمَعُ دَعْوَى مَنْ غَصَبَهَا مَثَلًا بِأَنَّهَا تَغَيَّرَتْ صِفَاتُهَا عَنْ وَقْتِ رُؤْيَةِ الشَّاهِدِ وَتُسْمَعُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَ) غَايَةً (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ كَانَ) أَيْ الْمُقِرُّ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَرَهُ) أَيْ سَوَاءٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَتُقْبَلُ مِنْ أَصَمَّ) أَيْ عَلَى الْفِعْلِ الْمَذْكُورِ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ) فِيهِ تَأَمُّلٌ (قَوْلُهُ: أَوْ طَلَاقٍ) قَضِيَّةُ سِيَاقِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِالطَّلَاقِ إلَّا لِلْمَعْرُوفَةِ بِالِاسْمِ وَالنَّسَبِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوَّلًا فِي أُذُنِهِ إلَخْ) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّ الْمُقِرَّ مَجْهُولٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: كَالْمَوْتِ) كَانَ يَنْبَغِي إبْدَالُ الْكَافِ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ (قَوْلُهُ وَكَذَا فِي التَّرْجَمَةِ) اُنْظُرْ مَا مُرَادُهُ بِهِ (قَوْلُهُ أَوْ مَعَ وَضْعِ يَدِهِ إلَخْ) اُنْظُرْ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ مَعْطُوفَانِ عَلَى مَاذَا (قَوْلُهُ: فَيُمْسِكُهُمَا)

أَبْلَغُ مِنْ الرُّؤْيَةِ وَفِيمَا إذَا كَانَ جَالِسًا بِفِرَاشِ غَيْرِهِ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ حَتَّى يَشْهَدَ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ حَسْمًا لِلْبَابِ (وَلَوْ) (حَمَلَهَا) أَيْ الشَّهَادَةَ (بَصِيرٌ ثُمَّ عَمِيَ) (شَهِدَ إنْ كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ وَ) الْمَشْهُودُ (عَلَيْهِ مَعْرُوفَيْ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ) فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانَ ابْنَ فُلَانٍ فَعَلَ كَذَا أَوْ أَقَرَّ بِهِ لِأَنَّهُ فِي هَذَا كَالْبَصِيرِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ، وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِ عَلَى زَوْجَتِهِ فِي حَالِ خَلْوَتِهِ بِهَا وَعَلَى بَعْضِهِ إذَا عُرِفَ خُلُوُّهُ بِهِ لِلْقَطْعِ بِصِدْقِهِ حِينَئِذٍ مَحَلُّ تَوَقُّفٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي قَوْلِنَا نَعَمْ لَوْ عَلِمَهُ بِبَيْتٍ إلَى آخِرِهِ ظَاهِرٌ فَإِنَّ الْبَصِيرَ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ مَنْ يَشْتَبِهُ بِهِ، بِخِلَافِ الْأَعْمَى وَإِنْ اخْتَلَى بِهِ (وَمَنْ سَمِعَ قَوْلَ شَخْصٍ أَوْ رَأَى فِعْلَهُ، فَإِنْ عَرَفَ عَيْنَهُ وَاسْمَهُ وَنَسَبَهُ) أَيْ أَبَاهُ وَجَدَّهُ (شَهِدَ عَلَيْهِ فِي حُضُورِهِ إشَارَةً) إلَيْهِ وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ ذِكْرِ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ (وَ) شَهِدَ عَلَيْهِ (عِنْدَ غَيْبَتِهِ) الْمُجَوِّزَةِ لِلدَّعْوَى عَلَيْهِ (وَمَوْتِهِ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ) مَعًا لِحُصُولِ التَّمْيِيزِ بِهَا دُونَ أَحَدِهِمَا. أَمَّا لَوْ لَمْ يَعْرِفْ اسْمَ جَدِّهِ فَيُجْزِئُهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى ذِكْرِ اسْمِهِ إنْ عَرَفَهُ الْقَاضِي بِذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا كَمَا أَفَادَهُ فِي الْمَطْلَبِ جَامِعًا بِهِ بَيْنَ كَلَامِهِمْ الظَّاهِرِ التَّنَافِي. وَيَكْفِي لَقَبٌ خَاصٌّ كَسُلْطَانِ مِصْرَ فُلَانٍ بَعْدَ مَوْتِهِ. قَالَ غَيْرُهُ: وَبِهِ يَزُولُ الْإِشْكَالُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى عُتَقَاءِ السُّلْطَانِ وَالْأُمَرَاءِ وَغَيْرِهِمْ، فَإِنَّ الشُّهُودَ لَا تَعْرِفُ أَنْسَابَهُمْ مَعَ مَا يُمَيِّزُهُمْ مِنْ أَوْصَافِهِمْ، وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ الْحُكَّامِ، وَارْتَضَاهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ. قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ: وَقَدْ اُعْتُمِدَتْ شَهَادَةُ مَنْ شَهِدَ عَلَى فُلَانٍ التَّاجِرِ بِدُكَّانِ كَذَا فِي سُوقِ كَذَا إلَى وَقْتِ وَفَاتِهِ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَسْكُنْهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ غَيْرُهُ وَحُكِمَتْ بِهَا. وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا اعْتِمَادُ الشُّهُودِ فِي الِاسْمِ وَالنَّسَبِ عَلَى قَوْلِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَشْهَدُ بِهِمَا فِي غَيْبَتِهِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ، وَصَرِيحُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ لَا بِالِاسْمِ وَالنَّسَبِ مَا لَمْ يُثْبِتَا ذَاكَ عَلَيْهِ، وَيَلْزَمُهُ مَثَلًا أَنْ يَكْتُبَ أُقِرُّ مَثَلًا مَنْ ذَكَرَ أَنَّ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ كَذَا، وَلَا يَجُوزُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، نَعَمْ لَوْ لَمْ يُعَرِّفْهُمَا إلَّا بَعْدَ التَّحَمُّلِ جَازَ لَهُ الْجَزْمُ بِهِمَا. وَمِنْ طُرُقِ مَعْرِفَتِهِمَا أَنْ تُقَامَ بِهِمَا بَيِّنَةُ حِسْبَةٍ لِمَا مَرَّ مِنْ ثُبُوتِهِ بِهَا إلَّا أَنْ يَسْمَعَهُمَا مِنْ عَدْلَيْنِ. قَالَ الْقَفَّالُ: بَلْ لَوْ سَمِعَهُ مِنْ أَلْفِ رَجُلٍ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَتَكَرَّرَ وَيَسْتَفِيضَ عِنْدَهُ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ مُجَرَّدَ الْمُبَالَغَةِ وَإِلَّا فَهَذَا تَوَاتُرٌ يُفِيدُ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ، وَقَدْ تَسَاهَلَتْ جَهَلَةُ الشُّهُودِ فِي ذَلِكَ حَتَّى عَظُمَتْ بِهِ الْبَلِيَّةُ وَأُكِلَتْ بِهِ الْأَمْوَالُ، فَإِنَّهُمْ يَعْتَمِدُونَ مَنْ يَتَرَدَّدُ عَلَيْهِمْ وَيُسَجِّلُونَ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَانَ عَدَمُ الرُّؤْيَةِ لِظُلْمَةٍ أَوْ وُجُودِ حَائِلٍ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: مَحَلُّ تَوَقُّفٍ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَارْتَضَاهُ الْبُلْقِينِيُّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَحَكَمْت بِهَا) أَيْ وَهُوَ مُؤَيِّدٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ) أَيْ الشَّاهِدَ (قَوْلُهُ: أَنْ تُقَامَ بِهِمَا بَيِّنَةُ حِسْبَةٍ) وَلَعَلَّ صُورَتَهُ أَنْ يَشْهَدَ اثْنَانِ حِسْبَةً عَلَى رَجُلٍ لَزِمَهُ حَقٌّ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ اسْمٌ وَلَا نَسَبٌ فَيَشْهَدُ اثْنَانِ مِمَّنْ يَعْرِفُهُ بِأَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ يُرِيدُ أَنْ يَفْعَلَ كَذَا فَأَحْضِرْهُ لِتَشْهَدَ عَلَى صُورَتِهِ فَيُحْضِرُهُ وَيَشْهَدَانِ أَنَّ هَذَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فَيَثْبُتُ اسْمُهُ وَنَسَبُهُ عِنْدَ الْقَاضِي وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الْمَشْهُودُ بِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَسْمَعَهُمَا) أَيْ الِاسْمَ وَالنِّسْبَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ الشَّخْصَيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: إذَا عُرِفَ خُلُوُّهُ بِهِ) قَالَ: أَعْنِي الْأَذْرَعِيَّ: وَيُعْرَفُ كَوْنُهُ خَالِيًا بِهِ بِاعْتِرَافِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِخَلْوَتِهِمَا فِي الْوَقْتِ الَّذِي نُسِبَ إلَيْهِ الْإِقْرَارُ فِيهِ (قَوْلُهُ: عَلَى ذِكْرِ اسْمِهِ) لَعَلَّهُ سَقَطَ بَعْدَهُ لَفْظُ وَاسْمِ أَبِيهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي التُّحْفَةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: بَعْدَ مَوْتِهِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ: مَعَ مَا يُمَيِّزُهُمْ) قَيْدٌ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى عُتَقَاءِ السُّلْطَانِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ لَمْ يَعْرِفْهُمَا إلَّا بَعْدَ التَّحَلُّلِ) لَا وَجْهَ لِهَذَا الْحَصْرِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَسْمَعَهُمَا) فِي بَعْضِ النُّسَخِ مَا لَمْ يَسْمَعْهُمَا إلَخْ وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهَذَا تَوَاتُرٌ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: قَدْ يَمْنَعُ ذَلِكَ الْجَوَازُ اسْتِنَادَ الْأَلْفِ لِلسَّمَاعِ مِنْ نَحْوِ وَاحِدٍ، وَالتَّوَاتُرُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْمَخْصُوصِ فِي سَائِرِ الطِّبَاقِ اهـ. وَهُوَ إنَّمَا يَظْهَرُ لَوْ كَانُوا نَاقِلِينَ لِمَعْرِفَةِ النَّسَبِ عَنْ غَيْرِهِمْ وَإِلَّا فَالْوَجْهُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ كَابْنِ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُمْ يَعْتَمِدُونَ إلَخْ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ:

وَيَحْكُمُ بِهِمَا الْقُضَاةُ (فَإِنْ جَهِلَهُمَا) أَيْ الِاسْمَ وَالنَّسَبَ أَوْ أَحَدَهُمَا (لَمْ يَشْهَدْ عِنْدَ مَوْتِهِ وَغَيْبَتِهِ) لِانْتِفَاءِ الْفَائِدَةِ بِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا حَضَرَ وَأَشَارَ إلَيْهِ، فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُدْفَنْ أُحْضِرَ لِيَشْهَدَ عَلَى عَيْنِهِ إنْ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى ذَلِكَ نَقْلٌ مُحَرَّمٌ وَلَا تَغَيُّرٌ لَهُ، أَمَّا بَعْدَ دَفْنِهِ فَلَا يُحْضَرْ وَإِنْ أُمِنَ تَغَيُّرُهُ وَاشْتَدَّتْ الْحَاجَةُ لِحُضُورِهِ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ كَمَا مَرَّ فِي الْجَنَائِزِ (وَلَا يَصِحُّ تَحَمُّلُ شَهَادَةٍ عَلَى مُنْتَقِبَةٍ) بِنُونٍ ثُمَّ تَاءٍ مَنْ انْتَقَبَتْ لِلْأَدَاءِ عَلَيْهَا (اعْتِمَادًا عَلَى صَوْتِهَا) كَمَا لَا يَتَحَمَّلُ بَصِيرٌ فِي ظُلْمَةٍ اعْتِمَادًا عَلَيْهِ لِاشْتِبَاهِ الْأَصْوَاتِ وَلَا أَثَرَ لِحَائِلٍ رَقِيقٍ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ اعْتِمَادًا أَنَّهُ لَوْ سَمِعَهَا فَتَعَلَّقَ بِهَا إلَى قَاضٍ وَشَهِدَ عَلَيْهَا جَازَ كَالْأَعْمَى بِشَرْطِ أَنْ يَكْشِفَ نِقَابَهَا لِيَعْرِفَ الْقَاضِي صُورَتَهَا، قَالَ جَمْعٌ: وَلَا يَنْعَقِدُ نِكَاحُ مُنْتَقِبَةٍ إلَّا إنْ عَرَفَهَا الشَّاهِدَانِ اسْمًا وَنَسَبًا أَوْ صُورَةً، أَمَّا لَوْ تَحَمَّلَا عَلَى مُنْتَقِبَةٍ بِوَقْتِ كَذَا بِمَجْلِسِ كَذَا وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّ هَذِهِ الْمَوْصُوفَةَ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ جَازَ وَثَبَتَ الْحَقُّ بِالْبَيِّنَتَيْنِ، وَلَوْ شَهِدَ عَلَى امْرَأَةٍ بِاسْمِهَا وَنَسَبِهَا فَسَأَلَهُمْ الْحَاكِمُ أَتَعْرِفُونَ عَيْنَهَا؟ أَمْ اعْتَمَدْتُمْ صَوْتَهَا لَمْ تَلْزَمْهُمْ إجَابَتُهُ، وَمَحَلُّهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي مَشْهُورِي الدِّيَانَةِ وَالضَّبْطِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمَا (فَإِنْ عَرَفَهَا بِعَيْنِهَا أَوْ بِاسْمٍ وَنَسَبٍ جَازَ) تَحَمُّلُهُ عَلَيْهَا، وَلَا يَضُرُّ النِّقَابُ بَلْ لَا يَجُوزُ كَشْفُ الْوَجْهِ حِينَئِذٍ (وَيَشْهَدُ عِنْدَ الْأَدَاءِ بِمَا يَعْلَمُ) مِمَّا مَرَّ مِنْ اسْمٍ وَنَسَبٍ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ كَشَفَ وَجْهَهَا وَضَبَطَ حِلْيَتَهَا وَكَذَا يَكْشِفُهُ عِنْدَ الْأَدَاءِ (وَلَا يَجُوزُ) (التَّحَمُّلُ عَلَيْهَا) أَيْ الْمُنْتَقِبَةِ (بِتَعْرِيفِ عَدْلٍ أَوْ عَدْلَيْنِ) (عَلَى الْأَشْهُرِ) الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ بِنَاءً عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّ التَّسَامُعَ لَا بُدَّ مِنْ جَمْعٍ يُؤْمَنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، نَعَمْ إنْ قَالَا نَشْهَدُ أَنَّ هَذِهِ فُلَانَةُ ابْنَةُ فُلَانٍ كَانَا شَاهِدَيْ أَصْلٍ فَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى شَهَادَتِهِمَا بِشَرْطِهِ (وَالْعَمَلُ) مِنْ الشُّهُودِ لَا مِنْ الْأَصْحَابِ كَمَا أَفَادَهُ الْبُلْقِينِيُّ (عَلَى خِلَافِهِ) وَهُوَ الِاكْتِفَاءُ بِالتَّعْرِيفِ مِنْ عَدْلٍ وَجَرَى عَلَيْهِ جَمْعٌ حَتَّى بَالَغَ بَعْضُهُمْ وَجَوَّزَ اعْتِمَادَ قَوْلِ وَلَدِهَا الصَّغِيرِ وَهِيَ بَيْنَ نِسْوَةٍ هَذِهِ أُمِّي (وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى عَيْنِهِ بِحَقٍّ) أَوْ ثَبَتَ بِعِلْمِ الْحَاكِمِ مَثَلًا (فَطَلَبَ الْمُدَّعِي التَّسْجِيلَ) بِذَلِكَ (سَجَّلَ) لَهُ (الْقَاضِي) جَوَازًا (بِالْحِلْيَةِ لَا الِاسْمِ وَالنَّسَبِ) فَيَمْتَنِعُ تَسْجِيلُهُ بِهِمَا (مَا لَمْ يَثْبُتَا) عِنْدَهُ بِالْبَيِّنَةِ وَلَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَيَحْكُمُ بِهِمَا الْقُضَاةُ) أَيْ فَحُكْمُهُمْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بَاطِلٌ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ، فَلَوْ تَعَيَّنَ مُطَابَقَةُ مَا ذَكَرَهُ الشُّهُودُ لِلْوَاقِعِ كَأَنْ حَضَرَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بَعْدُ وَعَلِمَ أَنَّ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ مَا ذَكَرَهُ الشُّهُودُ تَبَيَّنَ صِحَّةُ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ) الَّذِي فِي الْمَنْهَجِ عَنْ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ يُنْبَشُ وَلَا يَلْزَمُ مَنْ نَبَشَهُ إحْضَارُهُ فَلَعَلَّ الشَّارِحَ أَرَادَ بِالْإِحْضَارِ مَا يَشْمَلُ النَّبْشَ (قَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لِحَائِلٍ رَقِيقٍ) أَيْ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا لِأَنَّ وُجُودَهُ كَعَدَمِهِ حَيْثُ لَمْ يَمْنَعْ مَعْرِفَةَ صُورَتِهَا مِنْ تَحْتِهِ بِالْبَيِّنَتَيْنِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَرَفَهَا بِعَيْنِهَا أَوْ بِاسْمٍ وَنَسَبٍ جَازَ) كَأَنْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَالشُّهُودُ يَعْرِفُونَ أَنَّ زَوْجَتَهُ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ فَتَحَمَّلُوا الشَّهَادَةَ عَلَى أَنَّ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ مُطَلَّقَةٌ مِنْ زَوْجِهَا أَوْ زَوَّجَ شَخْصٌ بِنْتَهُ مَثَلًا بِحُضُورِهِمَا، فَإِذَا ادَّعَى الزَّوْجُ نِكَاحَهَا بَعْدُ وَأَنْكَرَتْ شَهِدَا عَلَيْهَا بِأَنَّهَا بِنْتُهُ (قَوْلُهُ: وَالْعَمَلُ مِنْ الشُّهُودِ إلَخْ) ضَعِيفٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَإِنَّهُمْ يَجِيئُونَ بِمَنْ وَاطَئُوهُ فَيُقِرُّ عِنْدَ قَاضٍ بِمَا يَرُومُونَهُ وَيَذْكُرُ اسْمَ وَنَسَبَ مَنْ يُرِيدُونَ أَخْذَ مَالِهِ فَيُسَجِّلُ الشُّهُودَ بِهِمَا وَيَحْكُمُ بِهِ الْقَاضِي اهـ (قَوْلُهُ: فَتَعَلَّقَ بِهَا) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالتَّعَلُّقِ بِهَا هُنَا مُلَازَمَتُهَا (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ يَكْشِفَ نِقَابَهَا إلَخْ) هَذَا شَرْطٌ لِلْعَمَلِ بِالشَّهَادَةِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَثَبَتَ الْحَقُّ بِالْبَيِّنَتَيْنِ) هَلْ يُجْرَى هَذَا فِي نَظَائِرِهِ كَالشَّهَادَةِ عَلَى مَنْ يَجْهَلُ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ الْمَارَّ (قَوْلُهُ: فَسَأَلَهُمْ) أَيْ وَيَلْزَمُهُ السُّؤَالُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّ التَّسَامُعَ لَا بُدَّ فِيهِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُمْ لَوْ بَلَغُوا الْعَدَدَ الَّذِي يَسُوغُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ يَكْفِي تَعْرِيفُهُمْ، وَسَيَأْتِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ جَمْعٌ كَثِيرٌ يَقَعُ الْعِلْمُ أَوْ الظَّنُّ الْقَوِيُّ بِخَبَرِهِمْ فَانْظُرْ هَذَا مَعَ مَا مَرَّ عَنْ الْقَفَّالِ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّ جَهْلَهُمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: حَتَّى بَالَغَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) هَذَا الْبَعْضُ يَقْبَلُ قَوْلَ وَلَدِهَا الصَّغِيرِ كَجَارِيَتِهَا وَلَا يَقْبَلُ الْعَدْلَيْنِ، وَيَحْتَجُّ بِأَنَّ قَوْلَ نَحْوِ وَلَدِهَا يُفِيدُ الظَّنَّ أَكْثَرَ مِنْ الْعَدْلَيْنِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ نَظِيرُ قَبُولِ الدِّيكِ الْمُجَرَّبِ فِي الْوَقْتِ دُونَ الْمُؤَذِّنِ

عَلَى وَجْهِ الْحِسْبَةِ أَوْ بِعِلْمِهِ لِتَعَذُّرِ التَّسْجِيلِ عَلَى الْغَيْرِ فَيَكْتُبُ حَضَرَ رَجُلٌ ذَكَرَ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَمِنْ حِلْيَتِهِ كَذَا وَيَذْكُرُ أَوْصَافَهُ الظَّاهِرَةَ خُصُوصًا دَقِيقَهَا، وَمَرَّ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِيهِمَا قَوْلُ مُدَّعٍ وَلَا قَوْلُ مُدَّعًى عَلَيْهِ فَإِنَّ نَسَبَهُ لَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ (وَلَهُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ) حَيْثُ لَمْ يُعَارِضْهُ أَقْوَى مِنْهُ كَإِنْكَارِ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ أَوْ طَعْنِ أَحَدٍ فِي الِانْتِسَابِ إلَيْهِ، نَعَمْ يُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ طَعْنٍ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى كَذِبِ قَائِلِهِ (عَلَى نَسَبٍ) لِذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى كَائِنٍ (مِنْ أَبٍ وَقَبِيلَةٍ) كَهَذَا وَلَدُ فُلَانٍ أَوْ مِنْ قَبِيلَةِ كَذَا لِتَعَذُّرِ الْيَقِينِ فِيهِمَا إذْ مُشَاهَدَةُ الْوِلَادَةِ لَا تُفِيدُ إلَّا الظَّنَّ فَسُومِحَ فِي ذَلِكَ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: أَوْ عَلَى كَوْنِهِ مِنْ بَلَدِ كَذَا الْمُسْتَحَقِّ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ عَلَى أَهْلِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ (وَكَذَا أُمٌّ) فَتُقْبَلُ بِالتَّسَامُعِ عَلَى نَسَبٍ مِنْهَا (فِي الْأَصَحِّ) كَالْأَبِ وَإِنْ تَيَقَّنَ مُشَاهَدَةَ الْوِلَادَةِ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِإِمْكَانِ رُؤْيَةِ الْوِلَادَةِ بِخِلَافِ الْعُلُوقِ (وَمَوْتٍ عَلَى الْمَذْهَبِ) كَالنَّسَبِ، وَقِيلَ فِيهِ وَجْهَانِ كَالْوَلَاءِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ فِيهِ الْمُعَايَنَةُ (لَا عِتْقٍ وَوَلَاءٍ وَوَقْفٍ) أَيْ أَصْلُهُ (وَنِكَاحٍ وَمِلْكٍ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ شَهَادَتَهُمَا مُتَيَسِّرَةٌ وَأَسْبَابَهَا غَيْرُ مُتَعَذِّرَةٍ (قُلْت: الْأَصَحُّ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ وَالْأَكْثَرِينَ فِي الْجَمِيعِ الْجَوَازُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهَا أُمُورٌ مُؤَبَّدَةٌ، فَإِذَا طَالَتْ عَسُرَ إثْبَاتُ ابْتِدَائِهَا فَمَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى إثْبَاتِهَا بِالتَّسَامُعِ. وَصُورَةُ اسْتِفَاضَةِ الْمِلْكِ أَنْ يَسْتَفِيضَ أَنَّهُ مِلْكُ فُلَانٍ مِنْ غَيْرِ إضَافَةٍ لِسَبَبٍ، فَإِنْ اسْتَفَاضَ سَبَبُهُ كَالْبَيْعِ لَمْ يَثْبُتْ بِالتَّسَامُعِ إلَّا الْإِرْثُ لِكَوْنِهِ يَنْشَأُ عَنْ السَّبَبِ وَالْمَوْتِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَثْبُتُ بِالتَّسَامُعِ، وَخَرَجَ بِأَصْلِ الْوَقْفِ شُرُوطُهُ وَتَفَاصِيلُهُ فَلَا يَثْبُتَانِ بِهِ، وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ ثُبُوتَ شَرْطٍ يَسْتَفِيضُ غَالِبًا كَكَوْنِهِ عَلَى حَرَمِ مَكَّةَ، قَالَ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ حُدُودِ الْعَقَارِ فَهِيَ لَا تَثْبُتُ بِذَلِكَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ أَبِي حَامِدٍ خِلَافَهُ، وَمِمَّا يَثْبُتُ بِذَلِكَ وِلَايَةُ قَاضٍ وَاسْتِحْقَاقُ زَكَاةٍ وَرَضَاعٌ وَجُرْحٌ وَتَعْدِيلٌ وَإِعْسَارٌ وَرُشْدٌ وَأَنَّ هَذَا وَارِثُ فُلَانٍ أَوْ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ (وَشَرْطُ التَّسَامُعِ) لِيَسْتَنِدَ لَهُ فِي الشَّهَادَةِ بِمَا ذَكَرَ (سَمَاعُهُ) أَيْ الْمَشْهُودِ بِهِ فَهُوَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ (مِنْ جَمْعٍ يُؤْمَنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ) وَيَحْصُلُ الظَّنُّ الْقَوِيُّ بِصِدْقِهِمْ وَهَذَا لَازِمٌ لِمَا قَبْلَهُ فَسَقَطَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمْ حُرِّيَّةٌ وَلَا ذُكُورَةٌ وَلَا عَدَالَةٌ، وَقَضِيَّةُ تَشْبِيهِهِمْ هَذَا بِالتَّوَاتُرِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ إسْلَامِهِمْ، لَكِنْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِاشْتِرَاطِهِ فِيهِمْ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوَاتُرِ بِضَعْفِ هَذَا لِإِفَادَتِهِ الظَّنَّ الْقَوِيَّ فَقَطْ، بِخِلَافِ التَّوَاتُرِ فَيُفِيدُ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ (وَقِيلَ يَكْفِي) التَّسَامُعُ (مِنْ عَدْلَيْنِ) إذَا سَكَنَ الْقَلْبُ لِخَبَرِهِمَا، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا بُدَّ مِنْ تَكَرُّرِهِ وَطُولِ مُدَّتِهِ عُرْفًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، وَشَرَطَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ أَنْ لَا يُصَرِّحَ بِأَنَّ مُسْتَنَدَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: يُؤْمَنُ تَوَاطُؤُهُمْ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونُوا مُكَلَّفِينَ (قَوْلُهُ: وَهَذَا لَازِمٌ) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَيَحْصُلُ الظَّنُّ (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوَاتُرِ) أَيْ فَإِنَّهُ حَيْثُ أَطْلَقَ شَمِلَ الْجَمْعَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنْ تُيُقِّنَ مُشَاهَدَةُ الْوِلَادَةِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: بِمُشَاهَدَةٍ وَالْوِلَادَةُ انْتَهَتْ. وَلَعَلَّ الْبَاءَ سَقَطَتْ مِنْ نَسْخِ الشَّارِحِ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْهَا إذْ نَائِبُ فَاعِلِ تُيُقِّنَ ضَمِيرُ النَّسَبِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِي تَعْلِيلِ ثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْ الْأَبِ أَوْ الْقَبِيلَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تُمْكِنُ فِيهِ الْمُعَايَنَةُ) هَذَا تَعْلِيلٌ لِوَجْهِ الْمَانِعِ لَا لِجَرَيَانِ الْوَجْهَيْنِ فَكَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ ذِكْرِ الْوَجْهَيْنِ وَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّهُ تُمْكِنُ فِيهِ الْمُعَايَنَةُ كَمَا صَنَعَ الْجَلَالُ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِأَصْلِ الْوَقْفِ شَرْطُهُ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: مَحَلُّهُ عِنْدِي فِيمَا إذَا أُضِيفَ إلَى مَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ، فَأَمَّا مُطْلَقُ الْوَقْفِ فَلَا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مَالِكُهُ وَقَفَهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَاسْتَفَاضَ أَنَّهُ وَقَفَ وَهُوَ وَقْفٌ بَاطِلٌ. قَالَ: وَهَذَا مِمَّا لَا تُوقَفُ فِيهِ اهـ (قَوْلُهُ وَيَحْصُلُ الظَّنُّ الْقَوِيُّ) الظَّاهِرُ أَنَّ قَائِلَ هَذَا إنَّمَا أَرَادَ بِهِ بَيَانَ مُرَادِ الْمُصَنِّفِ مِمَّا قَالَهُ، وَأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ مَا يُفِيدُ الْعِلْمَ خَاصَّةً كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ مَا يُفِيدُهُ أَوْ الظَّنَّ الْقَوِيَّ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَنْبَغِي قَوْلُ الشَّارِحِ فَسَقَطَ إلَخْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إذَا سَكَنَ) فِي النُّسْخَةِ إذْ يَسْكُنُ وَلَعَلَّهَا الصَّوَابُ فَلْيُتَأَمَّلْ

[فصل في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك]

الْإِفَاضَةُ وَمِثْلُهَا الِاسْتِصْحَابُ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ إنْ ذَكَرَهُ عَلَى وَجْهِ الرِّيبَةِ وَالتَّرَدُّدِ بَطَلَتْ أَوْ لِتَقْوِيَةِ كَلَامٍ أَوْ حِكَايَةِ حَالٍ قُبِلَتْ وَكَيْفِيَّةُ أَدَائِهَا أَشْهَدُ أَنَّ هَذَا وَلَدُ فُلَانٍ أَوْ وَقْفُهُ أَوْ عَتِيقُهُ أَوْ مِلْكُهُ أَوْ هَذِهِ زَوْجَتُهُ مَثَلًا لَا نَحْوَ أَعْتَقَهُ أَوْ وَقَفَهُ أَوْ تَزَوَّجَهَا لِأَنَّهَا صُورَةُ كَذِبٍ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ رَأَى ذَلِكَ وَشَاهَدَهُ لِمَا مَرَّ فِي الشَّهَادَةِ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ (وَلَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى مِلْكٍ بِمُجَرَّدِ يَدٍ) لِأَنَّهَا لَا تَسْتَلْزِمُهُ، نَعَمْ لَهُ الشَّهَادَةُ بِهَا (وَلَا بِيَدٍ وَتَصَرُّفٍ فِي مُدَّةٍ قَصِيرَةٍ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ وَكِيلًا عَنْ غَيْرِهِ (وَتَجُوزُ) الشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ إذَا رَآهُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ وَبِالْحَقِّ كَحَقِّ إجْرَاءِ الْمَاءِ عَلَى سَطْحِهِ أَوْ أَرْضِهِ أَوْ طَرْحِ الثَّلْجِ فِي مِلْكِهِ إذَا رَآهُ الشَّاهِدُ (فِي) مُدَّةٍ (طَوِيلَةٍ) عُرْفًا (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ امْتِدَادَ الْأَيْدِي وَالتَّصَرُّفَ مَعَ طُولِ الزَّمَانِ مِنْ غَيْرِ مُنَازِعٍ يُغَلِّبُ عَلَى الظَّنِّ الْمِلْكَ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّ الْغَاصِبَ وَالْمُكْتَرِي وَالْوَكِيلَ أَصْحَابُ يَدٍ وَتَصَرُّفٍ، فَإِذَا انْضَمَّ إلَى الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ الِاسْتِفَاضَةُ وَنِسْبَةُ النَّاسِ الْمِلْكَ إلَيْهِ جَازَتْ الشَّهَادَةُ قَطْعًا وَإِنْ قَصَرَتْ الْمُدَّةُ، وَلَا يَكْفِي قَوْلُ الشَّاهِدِ رَأَيْنَا ذَلِكَ سِنِينَ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الرَّقِيقُ فَلَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ فِيهِ بِمُجَرَّدِ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ إلَّا أَنْ يَنْضَمَّ إلَى ذَلِكَ السَّمَاعُ مِنْ النَّاسِ أَنَّهُ لَهُ لِلِاحْتِيَاطِ فِي الْحُرِّيَّةِ وَكَثْرَةِ اسْتِخْدَامِ الْأَحْرَارِ (وَشَرْطُهُ) أَيْ التَّصَرُّفِ الْمُفِيدِ لِمَا ذُكِرَ (تَصَرُّفُ مُلَّاكٍ مِنْ سُكْنَى وَهَدْمٍ وَبِنَاءٍ وَبَيْعٍ) وَفَسْخٍ وَإِجَارَةٍ (وَرَهْنٍ) لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ، وَالْوَاوُ فِي كَلَامِهِ بِمَعْنَى أَوْ، وَلَا يَكْفِي التَّصَرُّفُ مَرَّةً وَاحِدَةً فَإِنَّهُ لَا يُثِيرُ الظَّنَّ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: بَلْ وَمَرَّتَيْنِ وَمِرَارًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ أَوْ أَيَّامٍ قَلِيلَةٍ (وَتُبْنَى شَهَادَةُ الْإِعْسَارِ عَلَى قَرَائِنِ وَمَخَايِلِ الضُّرِّ) وَهُوَ سُوءُ الْحَالِ (وَالْإِضَاقَةِ) مَصْدَرُ ضَاقَ: أَيْ ذَهَبَ مَالُهُ لِتَعَذُّرِ الْيَقِينِ فِيهِ فَاكْتُفِيَ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ قَرَائِنِ أَحْوَالِهِ فِي خَلَوَاتِهِ بِصَبْرِهِ عَلَى الضِّيقِ وَالضَّرَرِ، وَهَذَا شَرْطٌ لِاعْتِمَادِ الشَّاهِدِ وَقَدَّمَ فِي الْفَلَسِ اشْتِرَاطَ خِبْرَتِهِ الْبَاطِنَةِ وَهُوَ شَرْطٌ لِقَبُولِ شَهَادَتِهِ أَوْ أَنَّ مَا هُنَا طَرِيقٌ لِلْخِبْرَةِ الْمُشْتَرَطَةِ ثَمَّ. (فَصْلٌ) فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا وَكِتَابَةِ الصَّكِّ وَهِيَ أَعْنِي الشَّهَادَةَ تُطْلَقُ عَلَى نَفْسِ تَحَمُّلِهَا وَعَلَى نَفْسِ أَدَائِهَا وَعَلَى الْمَشْهُودِ بِهِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ) مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ (فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي النِّكَاحِ) لِتَوَقُّفِ انْعِقَادِهِ عَلَيْهِ، وَلَوْ امْتَنَعَ الْجَمِيعُ أَثِمُوا، وَلَوْ طَلَبَ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَنْضَمَّ إلَى ذَلِكَ السَّمَاعُ مِنْ النَّاسِ) أَيْ فَلَا يَكْفِي السَّمَاعُ مِنْ ذِي الْيَدِ مِنْ غَيْرِ سَمَاعٍ مِنْ النَّاسِ وَلَا عَكْسُهُ (قَوْلُهُ: وَمَخَايِلِ الضُّرِّ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ. (فَصْلٌ) فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا وَكِتَابَةِ الصَّكِّ (قَوْلُهُ: وَأَدَائِهَا) إنَّمَا قَدَّمَهُ عَلَى كِتَابَةِ الصَّكِّ فِي الذِّكْرِ لِمُنَاسَبَتِهِ لِلتَّحَمُّلِ، وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ الْكِتَابَةَ عَلَى الْأَدَاءِ فِي بَيَانِ الْحُكْمِ لِأَنَّهُ يُطْلَبُ بَعْدَ التَّحَمُّلِ لِلتَّوْثِيقِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْمَشْهُودِ بِهِ) أَيْ إطْلَاقًا مَجَازِيًّا لِمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ مَصْدَرٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَلَا بِيَدٍ وَتَصَرُّفٍ إلَخْ) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِمُجَرَّدِ يَدٍ لَا عَلَى مَا قَبْلَهُ: أَيْ وَلَا يَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى مِلْكٍ بِيَدٍ وَتَصَرُّفٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِلِاحْتِيَاطِ لِلْحُرِّيَّةِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ النِّزَاعَ مَعَ الرَّقِيقِ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، أَمَّا لَوْ كَانَ بَيْنَ السَّيِّدِ وَبَيْنَ آخَرَ يَدَّعِي الْمِلْكَ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ فِيهِ بِمُجَرَّدِ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ مُدَّةً طَوِيلَةً هَكَذَا ظَهَرَ فَلْيُرَاجَعْ. [فَصْلٌ فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا وَكِتَابَةِ الصَّكِّ] (فَصْلٌ) فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ: فَالْمُرَادُ الْإِحَاطَةُ بِمَا سَتُطْلَبُ الشَّهَادَةُ مِنْهُ بِهِ فِيهِ، قَالَ: وَكَنَّوْا عَنْ تِلْكَ الْإِحَاطَةِ بِالتَّحَمُّلِ إشَارَةً إلَى أَنَّ الشَّهَادَةَ مِنْ أَعْلَى الْأَمَانَاتِ الَّتِي يُحْتَاجُ حَمْلُهَا: أَيْ الدُّخُولُ

مِنْ اثْنَيْنِ لَمْ يَتَعَيَّنَا إنْ وَجَدَ غَيْرَهُمَا بِصِفَةِ الشَّهَادَةِ زَادَ الْأَذْرَعِيُّ وَظَنَّ إجَابَةَ الْغَيْرِ وَإِلَّا تَعَيَّنَا (وَكَذَا الْإِقْرَارِ وَالتَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ) وَغَيْرِهِ كَعِتْقٍ وَطَلَاقٍ وَرَجْعَةٍ وَغَيْرِهَا التَّحَمُّلُ فِيهِ فَرْضُ كِفَايَةٍ إلَّا الْحُدُودَ (وَكِتَابَةُ) بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى تَحَمُّلِ (الصَّكِّ) فِي الْجُمْلَةِ وَهُوَ الْكِتَابُ فَرْضُ كِفَايَةٍ أَيْضًا (فِي الْأَصَحِّ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ لِتَمْهِيدِ إثْبَاتِ الْحُقُوقِ عِنْدَ التَّنَازُعِ وَكِتَابَةُ الصَّكِّ لَهَا أَثَرٌ ظَاهِرٌ فِي التَّذَكُّرِ وَفِيهَا حِفْظُ الْحُقُوقِ عِنْدَ الضَّيَاعِ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِصِحَّتِهَا بِدُونِهِ، وَقَوْلُنَا فِي الْجُمْلَةِ إشَارَةٌ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْقَاضِي أَنْ يَكْتُبَ لِلْخَصْمِ مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ أَوْ حَكَمَ بِهِ وَيُنْدَبُ لِلشَّاهِدِ تَبْجِيلُ الْحَاكِمِ وَالزِّيَادَةُ فِي أَلْقَابِهِ بِالْحَقِّ وَيُكْرَهُ الدُّعَاءُ لَهُ بِنَحْوِ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَك وَلَا يَلْزَمُهُ الذَّهَابُ لِلتَّجَمُّلِ إلَّا إنْ كَانَ مِمَّنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مَعْذُورٌ بِنَحْوِ حَبْسٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ تَخْدِيرٍ، أَوْ دَعَا قَاضٍ إلَى أَمْرٍ ثَبَتَ عِنْدَهُ لِيُشْهِدَهُ عَلَيْهِ، أَوْ دَعَا الزَّوْجُ أَرْبَعَةً إلَى الشَّهَادَةِ بِزِنَى زَوْجَتِهِ بِخِلَافِ دُونِ أَرْبَعَةٍ وَبِخِلَافِ دُعَاءِ غَيْرِ الزَّوْجِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ نَقْلًا عَنْ جَمْعٍ: أَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مِمَّنْ يُقْبَلُ غَيْرُهُ وَقَدَّمَ هَذِهِ فِي السِّيَرِ إجْمَالًا، وَلَهُ طَلَبُ أُجْرَةِ الْكِتَابَةِ وَحَبْسُ الصَّكِّ وَأَخْذُ أُجْرَةِ التَّحَمُّلِ وَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَ عَلَيْهِ فِيهِ كُلْفَةُ مَشْيٍ أَوْ نَحْوُهُ لَا لِلْأَدَاءِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فَرْضٌ عَلَيْهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ عِوَضًا وَلِأَنَّهُ كَلَامٌ يَسِيرٌ لَا أُجْرَةَ لِمِثْلِهِ، وَفَارَقَ التَّحَمُّلَ بِأَنَّ الْأَخْذَ لِلْأَدَاءِ يُورِثُ تُهْمَةً قَوِيَّةً مَعَ أَنَّ زَمَنَهُ يَسِيرٌ لَا تَفُوتُ بِهِ مَنْفَعَةٌ مُتَقَوِّمَةٌ بِخِلَافِ زَمَنِ التَّحَمُّلِ. نَعَمْ إنْ دُعِيَ مِنْ مَسَافَةِ عَدْوَى فَأَكْثَرَ فَلَهُ نَفَقَةُ الطَّرِيقِ وَأُجْرَةُ الرُّكُوبِ وَإِنْ لَمْ يَرْكَبْ وَكَسْبٌ عُطِّلَ عَنْهُ فَيَأْخُذُ قَدْرَهُ لَا لِمَنْ يُؤَدِّي فِي الْبَلَدِ إلَّا إنْ احْتَاجَهُ فَلَهُ أَخْذُهُ وَلَهُ صَرْفُ الْمُعْطَى إلَى غَيْرِهِ، وَلَهُ أَنْ يَقُولَ: لَا أَذْهَبُ مَعَك إلَى فَوْقِ مَسَافَةِ الْعَدْوَى إلَّا بِكَذَا وَإِنْ كَثُرَ وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ ـــــــــــــــــــــــــــــSبِمَعْنَى إلَخْ (قَوْلُهُ إلَّا الْحُدُودَ) أَيْ فَلَيْسَ التَّحَمُّلُ فِيهَا فَرْضَ كِفَايَةٍ لَمْ يُذْكَرْ حُكْمُهَا هَلْ هُوَ جَائِزٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِطَلَبِ السِّتْرِ فِي أَسْبَابِهَا (قَوْلُهُ: مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ أَوْ حُكِمَ بِهِ) وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمَشْهُودَ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ لَوْ طَلَبَ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ كِتَابَةَ مَا جَرَى تَعَيَّنَ عَلَيْهِمَا لَكِنْ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ كَالْأَدَاءِ وَإِلَّا لَمْ يَبْقَ لِكَوْنِ كِتَابَةِ الصَّكِّ فَرْضَ كِفَايَةٍ أَثَرٌ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْقَاضِي بِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَيْهِ تُغْنِي عَنْ كِتَابَتِهِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ أَوْ دَعَا الزَّوْجُ أَرْبَعَةً) أَيْ وَعَلَى هَذَا يُسْتَثْنَى هَذِهِ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ التَّحَمُّلِ فِي الْحُدُودِ (قَوْلُهُ: وَأَخْذُ أُجْرَةِ التَّحَمُّلِ) وَهِيَ أُجْرَةُ مِثْلِ ذَلِكَ الْمَشْيِ وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ الزِّيَادَةِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْجَلِيلِ وَالْحَقِيرِ (قَوْلُهُ: وَأُجْرَةُ الرُّكُوبِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ غَنِيًّا لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلٍ (قَوْلُهُ: وَلَهُ صَرْفُ الْمُعْطَى) أَيْ فَهُوَ بِمُجَرَّدِ أَخْذِهِ يَمْلِكُهُ مِلْكًا مُطْلَقًا وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ صَرْفُهُ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَحْتَ وَرْطَتِهَا إلَى مَشَقَّةٍ وَكُلْفَةٍ، فَفِيهِ مَجَازَانِ لِاسْتِعْمَالِ التَّحَمُّلِ وَالشَّهَادَةِ فِي غَيْرِ مَعْنَاهُمَا الْحَقِيقِيِّ اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّيْخَ عَمِيرَةَ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّهَادَةِ فِي الْمَتْنِ الْأَدَاءُ، قَالَ تِلْمِيذُهُ ابْنُ قَاسِمٍ: وَمَعْنَى تَحَمُّلِهِ الْتِزَامُهُ اهـ. وَقَدْ يُسْتَبْعَدُ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ فِي النِّكَاحِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ كَانَ مِمَّنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَا يَلْزَمُهُ الذَّهَابُ لِلتَّحَمُّلِ إنْ كَانَ غَيْرَ مَقْبُولِ الشَّهَادَةِ مُطْلَقًا، وَكَذَا مَقْبُولُهَا إلَّا إنْ عُذِرَ وَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مَعْذُورٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ دَعَا الزَّوْجُ أَرْبَعَةً إلَخْ) اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ الْمَارِّ إلَّا حُدُودَهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يُقْبَلُ غَيْرُهُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مَعْذُورًا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ السِّيَاقِ، وَلَعَلَّ وَجْهَ تَعَيُّنِ الذَّهَابِ عَلَيْهِ مَعَ تَيَسُّرِ حُضُورِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ سِيَّمَا إذَا كَانَ حُضُورُهُ أَيْسَرَ مِنْ ذَهَابِ الشَّاهِدِ الِاسْتِنَادُ إلَى قَوْله تَعَالَى {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: 282] بِنَاءً عَلَى حَمْلِهَا عَلَى التَّحَمُّلِ ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ قَالَ: يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا ادَّعَاهُ الْمَشْهُودُ لَهُ وَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ يَأْبَى الْحُضُورَ، قَالَ: أَمَّا إذَا أَجَابَهُ لِلْحُضُورِ وَلَا عُذْرَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَا مَعْنَى لِإِلْزَامِ الشُّهُودِ السَّعْيَ لِلتَّحَمُّلِ اهـ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فَرْضٌ عَلَيْهِ) فِيهِ أَنَّ التَّحَمُّلَ أَيْضًا فَرْضٌ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَفَارَقَ التَّحَمُّلُ إلَخْ) مَا قَبْلَ هَذَا فَارَقَ أَيْضًا فَكَأَنَّ حَقَّ التَّعْبِيرِ وَلِأَنَّ الْأَخْذَ لِلْأَدَاءِ

مَشْيُ الشَّاهِدِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الرُّكُوبِ خَرْمًا لِلْمُرُوءَةِ وَالْمُتَّجَهُ امْتِنَاعُهُ فِيمَنْ هَذَا شَأْنُهُ، قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: بَلْ لَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِالْبَلَدَيْنِ فَقَدْ يَأْتِي فِي الْبَلَدِ الْوَاحِدِ وَيُعَدُّ ذَلِكَ خَرْمًا لِلْمُرُوءَةِ إلَّا أَنْ تَدْعُوَ الْحَاجَةُ إلَيْهِ أَوْ يَفْعَلُهُ تَوَاضُعًا (وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْقَضِيَّةِ إلَّا اثْنَانِ) كَأَنْ لَمْ يَتَحَمَّلْ غَيْرُهُمَا أَوْ مَاتَ الْبَاقُونَ أَوْ جَنَوْا أَوْ فَسَقُوا أَوْ غَابُوا (لَزِمَهُمَا الْأَدَاءُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: 282] أَيْ لِلْأَدَاءِ وَقِيلَ لَهُ وَلِلتَّحَمُّلِ وَقَوْلُهُ {وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: 283] وَمَتَى وَجَبَ الْأَدَاءُ كَانَ فَوْرِيًّا، نَعَمْ لَهُ التَّأْخِيرُ لِفَرَاغِ حَمَّامٍ وَأَكْلٍ وَنَحْوِهِمَا وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ أَعْذَارَ الشُّفْعَةِ أَعْذَارٌ هُنَا (فَلَوْ) (أَدَّى وَاحِدٌ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ) بِلَا عُذْرٍ (وَقَالَ) لِلْمُدَّعِي (احْلِفْ مَعَهُ) (عَصَى) وَإِنْ كَانَ الْحَاكِمُ يَرَى الْحُكْمَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ لِأَنَّ مَقَاصِدَ الْإِشْهَادِ التَّوَرُّعُ عَنْ الْحَلِفِ، وَكَذَا لَوْ امْتَنَعَ شَاهِدَا نَحْوِ وَدِيعَةٍ وَقَالَا احْلِفْ عَلَى الرَّدِّ (وَإِنْ) (كَانَ) فِي الْوَاقِعَةِ (شُهُودٌ) (فَالْأَدَاءُ فَرْضُ كِفَايَةٍ) عَلَيْهِمْ لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِبَعْضِهِمْ، فَإِنْ شَهِدَ مِنْهُمْ اثْنَانِ فَذَاكَ، وَإِلَّا أَثِمُوا كُلُّهُمْ سَوَاءٌ ادَّعَاهُمْ مُجْتَمَعِينَ أَمْ مُتَفَرِّقِينَ، وَالْمُمْتَنِعُ أَوَّلًا أَكْثَرُهُمْ إثْمًا لِأَنَّهُ مَتْبُوعٌ، كَمَا أَنَّ الْمُجِيبَ أَوَّلًا أَكْثَرُهُمْ أَجْرًا لِذَلِكَ (فَلَوْ) (طُلِبَ) الْأَدَاءُ (مِنْ اثْنَيْنِ) بِأَعْيَانِهِمَا (لَزِمَهُمَا) وَكَذَلِكَ لَوْ طُلِبَ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِيَحْلِفَ مَعَهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى التَّوَاكُلِ. وَالثَّانِي لَا كَالْمُتَحَمِّلِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ هُنَاكَ طَلَبَهَا لِتَحَمُّلِ أَمَانَةٍ وَهُنَا لِأَدَائِهَا وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ الْمُدَّعُونَ أَنَّ فِي الشُّهُودِ مَنْ يَرْغَبُ فِي الْأَدَاءِ أَوْ لَمْ يُعْلَمْ مِنْ حَالِهِمْ شَيْءٌ، أَمَّا إذَا عُلِمَ إبَاؤُهُمْ لَزِمَهُمَا قَطْعًا (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) فِي الْقَضِيَّةِ (إلَّا وَاحِدٌ لَزِمَهُ) الْأَدَاءُ إذَا دُعِيَ لَهُ (إنْ كَانَ فِيمَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ) وَالْقَاضِي الْمَدْعُوُّ لِلْأَدَاءِ عِنْدَهُ يَعْتَقِدُ ذَلِكَ (وَإِلَّا فَلَا) لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ (وَقِيلَ لَا يَلْزَمُ الْأَدَاءُ إلَّا مَنْ تَحَمَّلَ قَصْدًا لَا اتِّفَاقًا) لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الْتِزَامٌ، وَرُدَّ بِأَنَّهَا أَمَانَةٌ حَصَلَتْ عِنْده فَلَزِمَهُ أَدَاؤُهَا وَإِنْ لَمْ يَلْتَزِمْهَا كَمَا لَوْ طَيَّرَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا فِي دَارِهِ، وَيُتَّجَهُ إلْحَاقُ النِّسَاءِ فِيمَا يُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ فِيهِ بِالرِّجَالِ فِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مَعَهُنَّ فِي الْقَضِيَّةِ رِجَالٌ. وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ تَكْلِيفِ الْمُخَدَّرَةِ الْخُرُوجَ بَلْ يُرْسِلُ إلَيْهَا مَنْ يَشْهَدُ عَلَيْهَا، وَلَوْ دُعِيَ لِشَهَادَتَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ قَدَّمَ أَخْوَفَهُمَا فَوْتًا وَإِلَّا تَخَيَّرَ (وَلِوُجُوبِ الْأَدَاءِ شُرُوطٌ) أَحَدُهُمَا (أَنْ يُدْعَى مِنْ مَسَافَةِ الْعَدْوَى) فَأَقَلَّ وَمَرَّ بَيَانُهَا لِلْحَاجَةِ إلَى الْإِثْبَاتِ وَتَعَذُّرِهِ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ لِعَدَمِ قَبُولِهَا حِينَئِذٍ، فَإِنْ دُعِيَ لِمَا فَوْقَهَا لَمْ يَجِبْ لِلضَّرُورَةِ وَاسْتَثْنَى الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ الْوُجُوبِ مَا إذَا لَمْ يَعْتَدْ الْمَشْيَ وَلَا مَرْكُوبَ لَهُ أَوْ أُحْضِرَ لَهُ مَرْكُوبٌ وَهُوَ مِمَّنْ يَسْتَنْكِرُ الرُّكُوبَ فِي حَقِّهِ فَلَا يَلْزَمُ الْأَدَاءُ وَخَرَجَ بِيُدْعَى مَا إذَا لَمْ يُطْلَبْ فَلَا يَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ إلَّا فِي شَهَادَةِ حِسْبَةٍ فَيَلْزَمُهُ فَوْرًا إزَالَةً لِلْمُنْكَرِ (وَقِيلَ) أَنْ يُدَّعَى مِنْ (دُونِ مَسَافَةِ قَصْرٍ) لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ أَمَّا إذَا دُعِيَ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ جَزْمًا، نَعَمْ بَحْثَ الْأَذْرَعِيُّ وُجُوبَهُ إذَا دَعَاهُ الْحَاكِمُ وَهُوَ فِي عَمَلِهِ أَوْ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ مُسْتَدِلًّا بِفِعْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَاسْتِدْلَالُهُ إنَّمَا يَتِمُّ مِنْ الْإِمَامِ دُونَ غَيْرِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ (وَ) ثَانِيهَا (أَنْ يَكُونَ عَدْلًا ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ أَعْذَارَ الشُّفْعَةِ) أَيْ وَهِيَ أَوْسَعُ مِنْ أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: فَالْأَدَاءُ فَرْضُ كِفَايَةٍ) أَيْ سَوَاءٌ تَحَمَّلُوا قَصْدًا أَوْ اتِّفَاقًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَقِيلَ لَا يَلْزَمُ الْأَدَاءُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ دُعِيَ لِشَهَادَتَيْنِ) أَيْ مَعًا فَلَوْ تَرَتَّبَا قَدَّمَ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا) أَيْ الْإِمَامِ وَالْحَاكِمِ، وَقَوْلُهُ ظَاهِرٌ: أَيْ وَهُوَ شِدَّةُ الِاخْتِلَالِ بِمُخَالَفَةِ الْإِمَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــQيُورِثُ تُهْمَةً إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْمُتَّجَهُ امْتِنَاعُهُ) اُنْظُرْ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الْقَبُولُ فَكَأَنَّ الْإِسْنَوِيَّ يُقَيِّدُ كَوْنَ الْمَشْيِ خَارِمًا بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّكْرَارِ، فَمُرَادُهُ بِأَنَّهُ شَأْنُهُ أَنَّهُ تَكَرَّرَ مِنْهُ، وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُ الضَّمِيرِ لِلْخَرْمِ: أَيْ امْتِنَاعِ كَوْنِهِ خَارِمًا، وَمَعْنَى قَوْلِهِ عَلَى هَذَا فِيمَنْ هَذَا شَأْنُهُ أَنْ يَكُونَ لَائِقًا بِهِ، لَكِنَّ هَذَا إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لَوْ قِيلَ إنَّ الْمَشْيَ خَارِمًا مُطْلَقًا فَيَحْتَاجُ إلَى هَذَا التَّقْيِيدِ، لَكِنَّ الَّذِي قَدَّمَهُ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ خَارِمًا: أَيْ وَقَدْ لَا يَكُونُ خَارِمًا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَوَّلَ فِيمَنْ لَا يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ أَصْلُ كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ دُعِيَ لِإِشْهَادَيْنِ) الْأَصْوَبُ

فَإِنْ ادَّعَى ذُو فِسْقٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ) ظَاهِرٍ أَوْ خَفِيٍّ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ لِأَنَّهُ عَبَثٌ، بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَإِنْ خَفِيَ فِسْقُهُ لِأَنَّهُ يَحْمِلُ الْحَاكِمَ عَلَى حُكْمٍ بَاطِلٍ، لَكِنْ مَرَّ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَوَائِلَ الْبَابِ جَوَازُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ انْحَصَرَ خَلَاصُ الْحَقِّ فِيهِ، وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَصَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِمُوَافَقَةِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْخَفِيِّ لِأَنَّ فِي قَبُولِهِ خِلَافًا (قِيلَ أَوْ مُخْتَلَفٌ فِيهِ) كَشُرْبِ مَا لَا يُسْكِرُ مِنْ النَّبِيذِ (لَمْ يَجِبْ) الْأَدَاءُ لِأَنَّهُ يُعَرِّضُ نَفْسَهُ لِرَدِّ الْقَاضِي لَهُ بِمَا يَعْتَقِدُهُ الشَّاهِدُ غَيْرَ قَادِحٍ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ وَإِنْ اعْتَقَدَ هُوَ أَنَّهُ مُفَسَّقٌ لِأَنَّ الْحَاكِمَ قَدْ يَقْبَلُهُ، سَوَاءٌ أَكَانَ مِمَّنْ يَرَى التَّفْسِيقَ وَرَدَّ الشَّهَادَةِ بِهِ أَمْ لَا، فَقَدْ يَتَغَيَّرُ اجْتِهَادُهُ وَيَرَى قَبُولَهَا. وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ عَدَمُ اللُّزُومِ إذَا كَانَ الْقَاضِي مُقَلِّدًا لِمَنْ يَفْسُقُ بِذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقَدْ يُمْنَعُ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَلِّدَ غَيْرَ مُقَلِّدِهِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ اعْتِبَارَ مِثْلِ هَذَا بَعِيدٌ، وَلَوْ كَانَ مَعَ الْمُجْمَعِ عَلَى فِسْقِهِ عَدْلٌ لَمْ يَلْزَمْهُ الْأَدَاءُ إلَّا فِيمَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ فِيمَا عَدَاهُ، وَيَجُوزُ لِلْعَدْلِ الشَّهَادَةُ بِمَا يَعْلَمُ أَنَّ الْقَاضِي يُرَتِّبُ عَلَيْهِ مَا لَا يَعْتَقِدُهُ هُوَ كَبَيْعٍ عِنْدَ مَنْ يَرَى إثْبَاتَ الشُّفْعَةِ لِلْجَارِ وَإِنْ كَانَ هُوَ لَا يَرَاهَا، أَوْ شَهِدَ بِتَزْوِيجِ صَغِيرَةٍ بِوَلِيٍّ غَيْرِ مُجْبِرٍ عِنْدَهُ مَنْ يَرَاهُ، وَالشَّاهِدُ لَا يَرَى ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُقَلِّدْ، وَيَجُوزُ لَهُ تَحَمُّلُ ذَلِكَ وَلَوْ قَصْدًا. نَعَمْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِصِحَّةِ أَوْ اسْتِحْقَاقِ مَا يُعْتَقَدُ فَسَادُهُ وَلَا أَنْ يَتَسَبَّبَ فِي وُقُوعِهِ إلَّا إنْ قَلَّدَ الْقَائِلَ بِذَلِكَ (وَ) ثَالِثُهَا (أَنْ لَا يَكُونَ مَعْذُورًا بِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ) مِنْ كُلِّ عُذْرٍ مُرَخِّصٍ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ كَمَا مَرَّ، نَعَمْ مَرَّ أَنَّ الْمُخَدَّرَةَ تُعْذَرُ دُونَ غَيْرِهَا (فَإِنْ كَانَ) مَعْذُورًا بِذَلِكَ (أَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ أَوْ بَعَثَ الْقَاضِي مَنْ يَسْمَعُهَا) دَفْعًا لِلْمَشَقَّةِ عَنْهُ، وَأَفْهَمَ اقْتِصَارُهُ عَلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ عَدَمَ اشْتِرَاطِ زِيَادَةٍ عَلَيْهَا فَيَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ عِنْدَ نَحْوِ أَمِيرٍ وَقَاضٍ فَاسِقٍ لَمْ تَصِحَّ تَوْلِيَتُهُ إنْ تَعَيَّنَ وُصُولُ الْحَقِّ لِمُسْتَحِقِّهِ طَرِيقًا لَهُ، أَوْ عِنْدَ قَاضٍ مُتَعَنِّتٍ أَوْ جَائِرٍ: أَيْ لَمْ يَخْشَ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، وَلَوْ قَالَ لِي عِنْدَ فُلَانٍ شَهَادَةٌ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ مِنْ أَدَائِهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَمْ يُجِبْهُ لِاعْتِرَافِهِ بِفِسْقِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقُلْ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لِاحْتِمَالِهِ، وَيَتَعَيَّنُ عَلَى الْمُؤَدِّي لَفْظُ أَشْهَدُ فَلَا يَكْفِي مُرَادِفُهُ كَمَا مَرَّ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الظُّهُورِ، وَمَرَّ أَوَائِلَ الْبَابِ حُكْمُ مَجِيءِ الشَّاهِدِ بِمُرَادِفِ سَمَاعِهِ، وَلَوْ عَرَفَ الشَّاهِدُ السَّبَبَ كَالْإِقْرَارِ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِالِاسْتِحْقَاقِ أَوْ الْمِلْكِ فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا لَا. قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ: إنَّهُ الْأَشْهَرُ، وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الْمُخْتَصَرِ وَإِنْ كَانَ فَقِيهًا مُوَافِقًا لِأَنَّهُ قَدْ ـــــــــــــــــــــــــــــSدُونَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) إنْ انْحَصَرَ خَلَاصُ الْحَقِّ فِيهِ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَفْسًا وَلَا بُضْعًا وَلَا عِوَضًا، وَإِنْ قَيَّدَ الْأَذْرَعِيُّ ظُهُورَهُ بِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَأَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْحَصِرْ خَلَاصُ الْحَقِّ فِيهِ لَمْ تَجُزْ لَهُ الشَّهَادَةُ، وَلَوْ قِيلَ بِجَوَازِهَا لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ إعَانَةٍ عَلَى تَخْلِيصِ الْحَقِّ لَكَانَ مُتَّجَهًا، وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ تَبَيَّنَ لِلْحَاكِمِ حَالُهُ بَعْدَ الْحُكْمِ تَبَيَّنَ بُطْلَانُهُ، وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مَا نَصُّهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فِي تَحْرِيمِ الْأَدَاءِ مَعَ الْفِسْقِ الْخَفِيِّ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ بِحَقٍّ وَإِعَانَةٌ عَلَيْهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَلَا إثْمَ عَلَى الْقَاضِي إذَا لَمْ يُقَصِّرْ بَلْ يُتَّجَهُ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ فِي الْأَدَاءِ إنْقَاذُ نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ وَبُضْعٍ. قَالَ: وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَهِيَ تُفِيدُ الْجَوَازَ إذَا لَمْ يَنْحَصِرْ الْحَقُّ فِيهِ وَالْوُجُوبُ إذَا انْحَصَرَ (قَوْلُهُ هُوَ كَبَيْعٍ عِنْدَ مَنْ يَرَى إثْبَاتَ الشُّفْعَةِ) قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ الشَّهَادَةَ بِالْبَيْعِ لَيْسَتْ سَبَبًا فِي حُصُولِ الشُّفْعَةِ الَّتِي لَا يَرَاهَا، إذْ لَوْ كَانَتْ سَبَبًا لَحَرُمَتْ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ التَّسَبُّبَ فِيمَا لَا يَرَاهُ مَمْنُوعٌ حَيْثُ لَا تَقْلِيدَ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَمْ يُجِبْهُ) أَيْ الْقَاضِي لِطَلَبِ الشَّاهِدِ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ أَوَائِلَ الْبَابِ حُكْمُ مَجِيءِ الشَّاهِدِ) أَيْ وَهُوَ الْقَبُولُ فِيمَا هُوَ صَرِيحٌ فِي مَعْنَى مُرَادِفِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِشَهَادَتَيْنِ أَوْ لِأَدَاءِ شَهَادَتَيْنِ (قَوْلُهُ لَكِنْ مَرَّ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَوَائِلَ الْبَابِ جَوَازُهُ) بَلْ مَرَّ اسْتِيجَاهُ وُجُوبِهِ بِالْقَيْدِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: بِمَا يَعْتَقِدُهُ الشَّاهِدُ غَيْرَ قَادِحٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا اعْتَقَدَهُ الشَّاهِدُ غَيْرَ قَادِحٍ لِنَحْوِ تَقْلِيدٍ وَهُوَ مُنَافٍ لِقَوْلِهِ عَقِبَهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ وَإِنْ اعْتَقَدَ هُوَ أَنَّهُ مُفَسِّقٌ فَانْظُرْ هَذَا التَّعْلِيلَ (قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ عُذْرٍ مُرَخِّصٍ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ) دَخَلَ فِيهِ أَكْلُ ذِي رِيحٍ كَرِيهٍ وَنَحْوِهِ، وَقَدْ قَدَّمْت التَّوَقُّفَ فِيهِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْقَضَاءِ وَرَأَيْت

[فصل في الشهادة على الشهادة]

يَظُنُّ مَا لَيْسَ بِسَبَبٍ سَبَبًا، وَلِأَنَّ وَظِيفَتَهُ نَقْلُ مَا سَمِعَهُ أَوْ رَآهُ ثُمَّ يَنْظُرُ الْحَاكِمُ فِيهِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ حُكْمَهُ لَا تَرْتِيبَ الْأَحْكَامِ عَلَى أَسْبَابِهَا. وَثَانِيهِمَا نَعَمْ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ شَهَادَةً صَحِيحَةً فَقَالَ الْآخَرُ أَشْهَدُ بِمَا أَوْ بِمِثْلِ مَا شَهِدَ بِهِ لَمْ يَكْفِ حَتَّى يَقُولَ مِثْلَ مَا قَالَ وَيَسْتَوْفِيَهَا لَفْظًا كَالْأَوَّلِ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ أَدَاءً لَا حِكَايَةٍ وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِخِلَافِهِ لِجَهْلِ أَكْثَرِ الْحُكَّامِ، قَالَ جَمْعٌ وَلَا يَكْفِي أَشْهَدُ بِمَا وَضَعْت بِهِ خَطِّي وَلَا بِمَضْمُونِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ إجْمَالٌ وَإِبْهَامٌ وَلَوْ مِنْ عَالِمٍ، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَا يَكْفِي قَوْلُ الْقَاضِي اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا وَضَعْت بِهِ خَطِّي لَكِنْ فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ مَا يَقْتَضِي الِاكْتِفَاءَ بِذَلِكَ فِيمَا قَبْلَ الْأَخِيرَةِ إذَا عَرَفَ الشَّاهِدُ وَالْقَاضِي مَا تَضَمَّنَهُ الْكِتَابُ، وَيُقَاسُ بِهِ الْأَخِيرَةُ، بَلْ قَالَ جَمْعٌ: إنَّ عَمَلَ كَثِيرٍ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ فِي الْجَمِيعِ وَلَا نَعُمُّ لِمَنْ قَالَ أَشْهَدُ عَلَيْك بِمَا نُسِبَ إلَيْك فِي هَذَا الْكِتَابِ إلَّا إنْ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ قِرَاءَتِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ يَسْمَعُهُ وَكَذَا الْمُقِرُّ. نَعَمْ إنْ قَالَ أَعْلَمُ بِمَا فِيهِ وَأَنَا مُقِرٌّ بِهِ كَفَى، وَأَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِجَوَازِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَكْسِ: أَيْ مِنْ غَيْرِ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْهُ إذَا قَصَدَ بِهِ ضَبْطَ الْحُقُوقِ لِتُرَدَّ لِأَرْبَابِهَا إنْ وَقَعَ عَدْلٌ، وَيَكْفِي قَوْلُ شَاهِدِ النِّكَاحِ أَشْهَدُ أَنِّي حَضَرْت الْعَقْدَ أَوْ حَضَرْته وَأَشْهَدُ بِهِ، وَلَوْ قَالَا لَا شَهَادَةَ لَنَا فِي كَذَا ثُمَّ شَهِدَا فِي زَمَنٍ يُحْتَمَلُ وُقُوعُ التَّحَمُّلِ فِيهِ لَمْ يُؤَثِّرْ، وَإِلَّا أَثَّرَ، وَلَوْ قَالَ لَا شَهَادَةَ لِي عَلَى فُلَانٍ ثُمَّ قَالَ كُنْت نَسِيت اُتُّجِهَ قَبُولُهَا حَيْثُ اشْتَهَرَتْ دِيَانَتُهُ. (فَصْلٌ) فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ (تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي غَيْرِ عُقُوبَةٍ لِلَّهِ) تَعَالَى مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّ وَحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى كَزَكَاةٍ وَهِلَالِ نَحْوِ رَمَضَانَ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ، بِخِلَافِ عُقُوبَةِ لِلَّهِ تَعَالَى كَحَدِّ زِنًا وَشُرْبٍ وَسَرِقَةٍ، وَكَذَا إحْصَانُ مَنْ ثَبَتَ زِنَاهُ وَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْإِحْصَانُ، لَكِنْ بَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ قَبُولَهَا فِيهِ إنْ ثَبَتَ زِنَاهُ بِإِقْرَارِهِ لِإِمْكَانِ رُجُوعِهِ، وَرُدَّ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَنْظُرُوا لِذَلِكَ، إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَأَجَازُوهَا فِي الزِّنَا الْمُقَرِّ بِهِ لِإِمْكَانِ الرُّجُوعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَكَذَا الْإِحْصَانُ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى الدَّرْءِ مَا أَمْكَنَ (وَفِي عُقُوبَةٍ لِآدَمِيٍّ) كَقَوَدٍ وَحَدٍّ وَقَذْفٍ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِبِنَاءِ حَقِّهِ عَلَى الْمُضَايَقَةِ، وَخُرِّجَ قَوْلٌ فِي ذَلِكَ مِنْ عُقُوبَتِهِ تَعَالَى بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِلَّتَهُ أَنَّ الْعُقُوبَةَ لَا يُوَسَّعُ بَابُهَا، وَدُفِعَ التَّخْرِيجُ بِأَنَّ الْعِلَّةَ أَنَّ حَقَّ اللَّهِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ، بِخِلَافِ حَقِّ الْآدَمِيِّ فَلِذَلِكَ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ بِالْمَذْهَبِ، وَهَذَا الْخِلَافُ وَالتَّرْجِيحُ وَالتَّخْرِيجُ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ وَالْكَتْبِ إلَى قَاضِي بَلَدِهِ لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ، وَأَحَالَ هُنَا عَلَيْهِ حُكْمَ الشَّهَادَةِ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لَكِنْ فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: فِيمَا قَبْلَ الْأَخِيرَةِ) هِيَ قَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي قَوْلُ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: لَمْ يُؤَثِّرْ) أَيْ قَوْلُهُمَا أَوَّلًا لَا شَهَادَةَ لَنَا (قَوْلُهُ: حَيْثُ اشْتَهَرَتْ دِيَانَتُهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ أَوْ نَحْوَهُ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ. (فَصْلٌ) فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ: فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ) أَيْ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ كَقَبُولِ التَّزْكِيَةِ مِنْ الْفَرْعِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ عُقُوبَةٍ) أَيْ مُوجِبِ عُقُوبَةٍ (قَوْلُهُ: وَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْإِحْصَانُ) أَيْ كَالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ: وَفِي عُقُوبَةٍ لِآدَمِيٍّ) أَيْ وَتُقْبَلُ فِي عُقُوبَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQابْنَ قَاسِمٍ تَوَقَّفَ فِيهِ هُنَا، وَسَيَأْتِي فِيهِ كَلَامٌ فِي الْفَصْلِ الْآتِي (قَوْلُهُ: فِيمَا قَبْلَ الْأَخِيرَةِ) يَعْنِي بِمَا تَضَمَّنَهُ خَطِّي (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَا لَا شَهَادَةَ لَنَا فِي كَذَا إلَخْ) هَذِهِ تَقَدَّمَتْ كَاَلَّتِي بَعْدَهَا. [فَصْلٌ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ] (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ عُقُوبَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى) كَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَفِي عُقُوبَةٍ لِآدَمِيٍّ عَلَى الْمَذْهَبِ

عَلَى الشَّهَادَةِ، وَاقْتَصَرَ عَلَى تَصْحِيحِ الْقَبُولِ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ وَالْمَنْعِ فِي الثَّانِي وَتَبِعَهُ فِي الِاقْتِصَارِ فِي الرَّوْضَةِ وَعَبَّرَ بِالْمَذْهَبِ خِلَافَ تَعْبِيرِهِ فِي الْمِنْهَاجِ فِي الْقَضَاءِ بِالْأَظْهَرِ (وَتَحَمُّلُهَا) الْمُعْتَدُّ بِهِ يَحْصُلُ بِثَلَاثَةِ أُمُورٍ: إمَّا (بِأَنْ يَسْتَرْعِيَهُ) الْأَصْلُ: أَيْ يَلْتَمِسَ مِنْهُ ضَبْطَ شَهَادَتِهِ لِيُؤَدِّيَهَا عَنْهُ لِأَنَّهَا نِيَابَةٌ فَاعْتُبِرَ فِيهَا إذْنُ الْمَنُوبِ عَنْهُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِمَّا يَأْتِي، نَعَمْ لَوْ سَمْعُهُ يَسْتَرْعِي غَيْرَهُ جَازَ لَهُ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى شَهَادَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَرْعِهِ هُوَ بِخُصُوصِهِ (فَيَقُولُ أَنَا شَاهِدٌ بِكَذَا) وَلَا يَكْفِي أَنَا عَالِمٌ وَنَحْوُهُ (وَأُشْهِدُك) أَوْ أَشْهَدْتُك (أَوْ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي) أَوْ إذَا اسْتَشْهَدْت عَلَى شَهَادَتِي فَقَدْ أَذِنْت لَك أَنْ تَشْهَدَ وَنَحْوُ ذَلِكَ (أَوْ) بِأَنْ (يَسْمَعَهُ يَشْهَدُ) بِمَا يُرِيدُ أَنْ يَتَحَمَّلَهُ (عِنْدَ قَاضٍ) أَوْ مُحَكِّمٍ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: أَوْ نَحْوِ أَمِيرٍ: أَيْ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عِنْدَهُ لِمَا مَرَّ فِيهِ قَالَ: إذْ لَا يُؤَدِّي عِنْدَ هَؤُلَاءِ إلَّا بَعْدَ التَّحَقُّقِ فَأَغْنَاهُ ذَلِكَ عَنْ إذْنِ الْأَصْلِ لَهُ فِيهِ (أَوْ) بِأَنْ يُبَيِّنَ السَّبَبَ كَأَنْ يَسْمَعَهُ (يَقُولُ) وَلَوْ عِنْدَ غَيْرِ حَاكِمٍ (أَشْهَدُ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ أَلْفًا مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ أَوْ غَيْرِهِ) لِأَنَّ إسْنَادَ السَّبَبِ يَمْنَعُ احْتِمَالَ التَّسَاهُلِ فَلَمْ يَحْتَجْ لِإِذْنِهِ أَيْضًا (وَفِي هَذَا) الْأَخِيرِ (وَجْهٌ) أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَوَسَّعُ فِي الْعِبَارَةِ وَيُحْجِمُ عِنْد طَلَبِ الشَّهَادَةِ مِنْهُ، وَيَتَعَيَّنُ تَرْجِيحُهُ فِيمَا لَوْ دَلَّتْ الْقَرَائِنُ الْقَطْعِيَّةُ مِنْ حَالِ الشَّاهِدِ عَلَى تَسَاهُلِهِ وَعَدَمِ تَحْرِيرِهِ الْعِبَارَةَ (وَلَا يَكْفِي سَمَاعُ قَوْلِهِ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا أَوْ أَشْهَدُ بِكَذَا أَوْ عِنْدِي شَهَادَةٌ بِكَذَا) وَإِنْ قَالَ شَهَادَةٌ جَازِمَةٌ لَا أَتَرَدَّدُ فِيهَا لِاحْتِمَالِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الْوَعْدَ وَالتَّجَوُّزَ كَثِيرًا (وَلِيُبَيِّنَ الْفَرْعُ عِنْدَ الْأَدَاءِ جِهَةَ التَّحَمُّلِ) كَأَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا شَهِدَ بِكَذَا وَأَشْهَدَنِي أَوْ سَمِعْته يَشْهَدُ بِهِ عِنْدَ قَاضٍ أَوْ بَيَّنَ سَبَبَهُ لِيَتَحَقَّقَ الْقَاضِي صِحَّةَ شَهَادَتِهِ إذْ أَكْثَرُ الشُّهُودِ لَا يُحْسِنُهَا هُنَا (فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ) جِهَةَ تَحَمُّلِهِ (وَوَثِقَ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ فَلَا بَأْسَ) لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ وَيُتَّجَهُ اعْتِبَارُ مُوَافَقَتِهِ لَهُ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا، نَعَمْ يُنْدَبُ لَهُ اسْتِفْصَالُهُ (وَلَا يَصِحُّ التَّحَمُّلُ عَلَى شَهَادَةِ مَرْدُودِ الشَّهَادَةِ) لِقِيَامِ مَانِعٍ بِهِ مُطْلَقًا أَوْ بِالنِّسْبَةِ لِتِلْكَ الْوَاقِعَةِ لِأَنَّ بُطْلَانَ الْأَصْلِ يَسْتَلْزِمُ بُطْلَانَ الْفَرْعِ (وَلَا) يَصِحُّ تَحَمُّلُ (الْخُنْثَى) مُدَّةَ إشْكَالِهِ (وَ) لَا تَحَمُّلُ (النِّسْوَةِ) وَلَوْ عَلَى مِثْلِهِنَّ فِي نَحْوِ رَضَاعٍ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا، وَشَهَادَةُ الْفَرْعِ إنَّمَا تُثْبِتُ شَهَادَةَ الْأَصْلِ مَا شَهِدَ بِهِ الْأَصْلُ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَصِحَّ تَحَمُّلُ فَرْعٍ وَاحِدٍ عَنْ أَصْلٍ وَاحِدٍ فِيمَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَإِنْ أَرَادَ الْمُدَّعِي الْحَلِفَ مَعَ الْفَرْعِ (فَإِنْ مَاتَ الْأَصْلُ أَوْ غَابَ أَوْ مَرِضَ لَمْ تُمْنَعْ شَهَادَةُ الْفَرْعِ) لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِنَقْصٍ بَلْ هُوَ أَوْ نَحْوُهُ السَّبَبُ فِي قَبُولِ شَهَادَةِ الْفَرْعِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ، وَإِنَّمَا قَدَّمَهُ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ (وَإِنْ حَدَثَ) بِأَصْلٍ (رِدَّةٌ أَوْ فِسْقٌ أَوْ عَدَاوَةٌ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَوْ كَذَّبَهُ الْأَصْلُ كَأَنْ قَالَ نَسِيت التَّحَمُّلَ وَلَا أَعْلَمُهُ قَبْلَ الْحُكْمِ وَلَا بَعْدَ أَدَاءِ الْفَرْعِ (مُنِعَتْ) شَهَادَةُ الْفَرْعِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ غَيْرِ الْأَخِيرَةِ لَا يَهْجُمُ دَفْعَةً فَيُورِثُ رِيبَةً فِيمَا مَضَى إلَى التَّحَمُّلِ، وَلَوْ زَالَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ اُشْتُرِطَ تَحَمُّلٌ جَدِيدٌ. أَمَّا حُدُوثُ ذَلِكَ بَعْدَ الْحُكْمِ فَغَيْرُ مُؤَثِّرٍ، نَعَمْ لَوْ كَانَ عُقُوبَةً وَلَمْ تُسْتَوْفَ أُخِّرَ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الرُّجُوعِ، قَالَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSلِآدَمِيٍّ إلَخْ (قَوْلُهُ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ) وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ (قَوْلُهُ: وَالْمَنْعُ فِي الثَّانِي) وَهُوَ قَوْلُهُ وَالْكَتْبُ إلَى قَاضِي بَلَدِهِ (قَوْلُهُ: وَتَحَمُّلُهَا) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ يَحْصُلُ بِثَلَاثَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ) أَيْ كَأَعْرِفُ أَوْ أَعْلَمُ أَوْ خَبِيرٌ (قَوْلُهُ: تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عِنْدَهُ) أَيْ بِأَنْ تَعَيَّنَ وُصُولُ الْحَقِّ لِمُسْتَحِقِّهِ طَرِيقًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ إسْنَادَ السَّبَبِ) أَيْ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَيُحْجَمُ) أَيْ يُمْتَنَعُ (قَوْلُهُ: مُدَّةَ إشْكَالِهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ إذَا تَحَمَّلَ فِي حَالِ إشْكَالِهِ وَأَدَّى وَهُوَ كَذَلِكَ لَا يُقْبَلُ بِخِلَافِ مَنْ تَحَمَّلَ مُشْكِلًا ثُمَّ أَدَّى بَعْدَ اتِّضَاحِهِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قِيَاسًا عَلَى الْفَاسِقِ وَالْعَبْدِ إذَا تَحَمَّلَا نَاقِصَيْنِ ثُمَّ أَدَّيَا بَعْدَ كَمَالِهِمَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: اُشْتُرِطَ تَحَمُّلٌ) أَيْ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ الَّتِي هِيَ سَنَةٌ لِيَتَحَقَّقَ زَوَالُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ لِقِيَامِ مَانِعٍ بِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَرْدُودٌ (قَوْلُهُ: كَأَنْ قَالَ نَسِيت) لَعَلَّهُ نَظِيرٌ

الْبُلْقِينِيُّ (وَجُنُونُهُ) الْمُطْبَقُ (كَمَوْتِهِ عَلَى الصَّحِيحِ) فَلَا يُؤَثِّرُ إذْ لَا يُوقِعُ رِيبَةً فِي الْمَاضِي وَأَطْلَقُوا الْجُنُونَ هُنَا وَإِنْ قُيِّدَ فِي الْحَضَانَةِ وَحِينَئِذٍ فَيُؤَدَّى عَنْهُ حَالَ الْجُنُونِ مُطْلَقًا، وَيُفَرَّق بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِغْمَاءِ بِرَجَاءِ زَوَالِهِ غَالِبًا، بِخِلَافِ الْجُنُونِ وَبَيْنَ مَا هُنَا وَالْحَضَانَةِ بِأَنَّ الْحَقَّ ثَمَّ ثَابِتٌ لَهُ فَلَمْ يَنْتَقِلْ عَنْهُ إلَّا بِتَحَقُّقِ ضَيَاعِ الْمَحْضُونِ، وَجُنُونُ يَوْمٍ فِي سَنَةٍ لَا يُضَيِّعُهُ، وَمِثْلُهُ خَرَسٌ وَعَمًى، وَكَذَا إغْمَاءٌ إنْ غَابَ وَإِلَّا اُنْتُظِرَ زَوَالُهُ لِقُرْبِهِ أَيْ بِاعْتِبَارِ مَا مَنْ شَأْنِهِ، وَلَا يُنَافِيه مَا مَرَّ فِي وَلِيِّ النِّكَاحِ مِنْ التَّفْصِيلِ لِإِمْكَانِ الْفَرْقِ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْمَرَضِ لَا يُنْتَظَرُ زَوَالُهُ لِعَدَمِ مُنَافَاتِهِ لِلشَّهَادَةِ. وَالثَّانِي كَفِسْقِهِ فَيَمْنَعُ شَهَادَةَ الْفَرْعِ (وَلَوْ) (تَحَمَّلَ فَرْعٌ فَاسِقٌ أَوْ عَبْدٌ) أَوْ صَبِيٌّ (فَأَدَّى وَهُوَ كَامِلٌ) (قُبِلَتْ) شَهَادَتُهُ كَالْأَصْلِ إذَا تَحَمَّلَ نَاقِصًا وَأَدَّى بَعْدَ كَمَالِهِ (وَتَكْفِي شَهَادَةُ اثْنَيْنِ عَلَى) كُلٍّ مِنْ (الشَّاهِدَيْنِ) كَمَا إذَا شَهِدَ عَلَى إقْرَارِ كُلٍّ مِنْ رَجُلَيْنِ فَلَا تَكْفِي شَهَادَةُ وَاحِدٍ عَلَى هَذَا وَوَاحِدٍ عَلَى هَذَا وَلَا وَاحِدٍ عَلَى وَاحِدٍ فِي هِلَال رَمَضَانَ (وَفِي قَوْلٍ يُشْتَرَطُ لِكُلِّ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ اثْنَانِ) لِأَنَّهُمَا إذَا شَهِدَ عَلَى أَصْلٍ كَانَا كَشَطْرِ الْبَيِّنَةِ فَلَا يَجُوزُ قِيَامُهُمَا بِالشَّطْرِ الثَّانِي (وَشَرْطُ قَبُولِهَا) أَيْ شَهَادَةِ الْفَرْعِ عَلَى الْأَصْلِ (تَعَذُّرُ أَوْ تَعَسُّرُ الْأَصْلِ بِمَوْتٍ أَوْ عَمًى) فِيمَا لَا يُقْبَلُ فِيهِ الْأَعْمَى (أَوْ مَرَضٍ) غَيْرَ إغْمَاءٍ لِمَا مَرَّ فِيهِ (يَشُقُّ) مَعَهُ (حُضُورُهُ) مَشَقَّةً ظَاهِرَةً بِأَنْ يَجُوزَ تَرْكُ الْجُمُعَةِ كَمَا قَامَا لَهُ الْأُمُّ وَإِنْ اُعْتُرِضَ وَمِنْ ثَمَّ كَانَتْ أَعْذَارُ الْجُمُعَةِ أَعْذَارًا هُنَا لِأَنَّ جَمِيعَهَا يَقْتَضِي تَعَذُّرَ الْحُضُورِ. قَالَا: وَكَذَا سَائِرُ الْأَعْذَارِ الْخَاصَّةِ بِالْأَصْلِ فَإِنْ عَمَّتْ الْفَرْعَ أَيْضًا كَالْمَطَرِ وَالْوَحْلِ لَمْ يُقْبَلْ، لَكِنَّ الْأَوْجَهَ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ خِلَافُهُ فَقَدْ يَتَحَمَّلُ الْمَشَقَّةَ لِنَحْوِ صَدَاقَةٍ دُونَ الْأَصْلِ وَلَيْسَ مِنْ الْأَعْذَارِ الِاعْتِكَافُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ (أَوْ غَيْبَةٌ لِمَسَافَةِ عَدْوَى) يَعْنِي لِفَوْقِهَا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا لِأَنَّ مَا دُونَهُ فِي حُكْمِ الْبَلَدِ فَيُقْبَلُ حِينَئِذٍ الْفَرْعُ لِمَا فِي تَكْلِيفِ الْأَصْلِ الْحُضُورَ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَإِنْ قُيِّدَ بِالْحَضَانَةِ) أَيْ حَيْثُ قُيِّدَ بِقِصَرِ الزَّمَنِ، وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا: أَيْ قَصُرَ زَمَنُهُ أَوْ طَالَ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ الْجُنُونِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ) يُتَأَمَّلُ فَإِنَّ مَا هُنَا فَرْقٌ فِيهِ عَلَى مَا قَرَّرَهُ بَيْنَ مَا يَطُولُ زَمَنُهُ وَغَيْرِهِ فَهُمَا مُسْتَوِيَانِ، عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ قَبْلُ: أَيْ بِاعْتِبَارِ مَا مَرَّ إلَخْ إنَّمَا يَتِمُّ لَوْ سَوَّى هُنَا بَيْنَ الطَّوِيلِ وَالْقَصِيرِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَرَادَ بِالطُّولِ هُنَا مَا يُخِلُّ بِمُرَادِ صَاحِبِ الْحَقِّ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِخِلَافِهِ فِي النِّكَاحِ فَإِنَّهُ يَعْتَبِرُ فِي الطَّوِيلِ فِيهِ الزِّيَادَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الطَّوِيلِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِنْ الْأَعْذَارِ الِاعْتِكَافُ) أَيْ وَلَوْ مَنْذُورًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَطْلَقُوا الْجُنُونَ هُنَا وَإِنْ قُيِّدَ فِي الْحَضَانَةِ) أَيْ فَلَا نَظَرَ لِهَذَا التَّقْيِيدِ، وَالرَّاجِحُ الْأَخْذُ بِإِطْلَاقِهِمْ هُنَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَحِينَئِذٍ فَيُؤَدِّي إلَخْ، وَحِينَئِذٍ فَيَجِبُ حَذْفُ قَوْلِهِ الْمُطْلَقِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي خِلَالِ الْمَتْنِ ثُمَّ رَأَيْته مَحْذُوفًا فِي بَعْضِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ: إنْ غَابَ) أَيْ الْأَصْلُ عَنْ الْبَلَدِ، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا: أَيْ بِأَنْ كَانَ حَاضِرًا بِالْبَلَدِ كَمَا فُهِمَ هَذَا مِنْ الْأَنْوَارِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَكْفِي شَهَادَةُ وَاحِدٍ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ أَوْهَمَهُ الْمَتْنُ لَوْلَا قَوْلُ الشَّارِحِ كُلٌّ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَتْ أَعْذَارُ الْجُمُعَةِ إلَخْ) تَقَدَّمَ التَّوَقُّفُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ فِي مَوْضِعَيْنِ. ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ سَبَقَ إلَى التَّوَقُّفِ فِي ذَلِكَ بِنَحْوِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ شُمُولِ نَحْوِ أَكْلِ ذِي الرِّيحِ الْكَرِيهَةِ. ثُمَّ قَالَ: وَلَا أَحْسِبُ الْأَصْحَابَ يَسْمَحُونَ بِذَلِكَ أَصْلًا وَإِنَّمَا تَوَلَّدَ مِنْ إطْلَاقِ الْإِمَامِ وَمَنْ تَبِعَهُ اهـ. وَتَوَقَّفَ فِيهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْضًا. وَاعْلَمْ أَنَّ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ هُنَا أُمُورًا: مِنْهَا أَنَّ قَضِيَّةَ سِيَاقِهِ أَنَّ قَوْلَهُ وَمِنْ ثُمَّ إلَخْ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ. وَمِنْهَا أَنَّ قَوْلَهُ وَكَذَا سَائِرُ الْأَعْذَارِ الْخَاصَّةِ يُفِيدُ أَنَّهَا غَيْرُ أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ. وَمِنْهَا غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يُعْلَمُ مِنْ سَوْقِ عِبَارَةِ الرَّافِعِيِّ وَنَصُّهَا: وَيَلْحَقُ خَوْفُ الْغَرِيمِ وَسَائِرُ مَا تُتْرَكُ بِهِ الْجُمُعَةُ بِالْمَرَضِ، هَكَذَا أَطْلَقَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ لَكِنَّ ذَلِكَ فِي الْأَعْذَارِ الْخَاصَّةِ دُونَ مَا يَعُمُّ الْأُصُولَ

[فصل في الرجوع عن الشهادة]

الْمَشَقَّةِ (وَقِيلَ) لِمَسَافَةِ (قَصْرٍ) لِذَلِكَ وَرُدَّ بِمَنْعِهِ فِي هَذَا الْبَابِ، وَإِنَّمَا اعْتَبَرُوهَا فِي غَيْبَةِ الْوَلِيِّ عَنْ النِّكَاحِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ التَّوْكِيلُ بِلَا مَشَقَّةٍ بِخِلَافِ الْأَصْلِ هُنَا، وَمَرَّ فِي التَّزْكِيَةِ قَبُولُ شَهَادَةِ أَصْحَابِ الْمَسَائِلِ بِهَا عَنْ آخَرِينَ فِي الْبَلَدِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى شَهَادَةٍ فِي الْبَلَدِ لِمَزِيدِ الْحَاجَةِ لِذَلِكَ. وَلَوْ حَضَرَ الْأَصْلُ قَبْلَ الْحُكْمِ تَعَيَّنَتْ شَهَادَتُهُ، وَلَيْسَ مَا ذُكِرَ تَكْرَارًا مَعَ مَا مَرَّ آنِفًا مِنْ أَنَّ نَحْوَ مَوْتِ الْأَصْلِيِّ وَجُنُونِهِ وَعَمَاهُ لَا يَمْنَعُ شَهَادَةَ الْفَرْعِ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي بَيَانِ طَرَيَان الْعُذْرِ وَهَذَا فِي مُسَوِّغِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَإِنْ عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ هَذَا كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ (وَأَنْ يُسَمِّيَ) الْفَرْعُ (الْأُصُولَ) لِيَعْرِفَ الْقَاضِي عَدَالَتَهُمْ أَوْ ضِدَّهَا وَيَتَمَكَّنَ الْخَصْمُ مِنْ الْجَرْحِ إنْ عَرَفَهُ، وَالْمُرَادُ تَسْمِيَةٌ تَحْصُلُ بِهَا الْمَعْرِفَةُ، وَصَوَّبَ الْأَذْرَعِيُّ وُجُوبَ تَسْمِيَةِ الْقَاضِي الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ لِمَا غَلَبَ عَلَى الْقُضَاةِ مِنْ الْجَهْلِ وَالْفِسْقِ (وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ تُزَكِّيهِمْ الْفُرُوعُ) وَلَا أَنْ يَتَعَرَّضُوا لِصِدْقِهِمْ فِيمَا شَهِدُوا بِهِ بَلْ لَهُمْ إطْلَاقُ الشَّهَادَةِ وَالْقَاضِي يَبْحَثُ عَنْ عَدَالَتِهِمْ (فَإِنْ زَكَّوْهُمْ قُبِلَ) ذَلِكَ مِنْهُمْ إنْ تَأَهَّلُوا لِلتَّعْلِيلِ لِانْتِفَاءِ تُهْمَتِهِمْ فِي تَعْدِيلِهِمْ، وَإِنَّمَا لَمْ تُقْبَلْ تَزْكِيَةُ أَحَدِ شَاهِدَيْنِ فِي وَاقِعَةٍ لِلْآخَرِ لِأَنَّهُ قَامَ بِأَحَدِ شَطْرَيْ الشَّهَادَةِ فَلَا يَقُومُ بِالْآخَرِ، وَتَزْكِيَةُ الْفَرْعِ الْأَصْلَ مِنْ تَتِمَّةِ شَهَادَةِ الْفَرْعِ وَلِذَا شُرِطَتْ عَلَى وَجْهٍ، وَتَفَنَّنِ هُنَا بِجَمْعِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ تَارَةً وَإِفْرَادِ كُلٍّ أُخْرَى (وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ أَوْ عُدُولٍ وَلَمْ يُسَمُّوهُمْ لَمْ يَجُزْ) لِأَنَّهُ يَسُدُّ بَابَ الْجَرْحِ عَلَى الْخَصْمِ، وَلَوْ اجْتَمَعَ شَاهِدَا فَرْعٍ وَشَاهِدَا أَصْلٍ قُدِّمَتْ شَهَادَةُ الْأَصْلِ قَبْلَ شَهَادَةِ الْفَرْعِ كَمَا إذَا كَانَ مَعَهُ بَعْضُ مَاءٍ لَا يَكْفِيه يَسْتَعْمِلُهُ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ. (فَصْلٌ) فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ إذَا (رَجَعُوا) أَيْ الشُّهُودُ (عَنْ الشَّهَادَةِ) بَعْدَ الْأَدَاءِ وَ (قَبْلَ الْحُكْمِ) (امْتَنَعَ) الْحُكْمُ بِهَا لِزَوَالِ سَبَبِهِ، كَمَا لَوْ طَرَأَ مَا يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ قَبْلَهُ لِنَحْوِ فِسْقٍ أَوْ عَدَاوَةٍ أَوْ انْتِقَالِ الْمَالِ الْمَشْهُودِ بِهِ لِلشَّاهِدِ بِإِرْثٍ مِنْ الْمَشْهُودِ لَهُ لَا نَحْوِ مَوْتِهِ أَوْ جُنُونِهِ أَوْ إغْمَائِهِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَلِأَنَّهُ لَا يُدْرَى أَصَدَقُوا فِي الْأَوَّلِ أَمْ فِي الثَّانِي، وَيَفْسُقُونَ وَيُعَزَّرُونَ إنْ قَالُوا: تَعَمَّدْنَا، وَيُحَدُّونَ لِلْقَذْفِ إنْ كَانَتْ بِزِنًا وَإِنْ ادَّعَوْا الْغَلَطَ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ رُجُوعَهُمْ بَعْدَ الثُّبُوتِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ السَّابِقِ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ مُطْلَقًا، وَسَوَاءٌ أَصَرَّحَ الشَّاهِدُ بِالرُّجُوعِ أَمْ قَالَ: شَهَادَتِي بَاطِلَةٌ أَمْ لَا شَهَادَةَ لِي ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلَيْسَ مَا ذُكِرَ تَكْرَارًا) وَيُتَّجَهُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ لَوْ عَادَهُ الْقَاضِي كَمَا لَوْ بَرِئَ مِنْ مَرَضِهِ، وَإِنْ فَرَّقَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ بِبَقَاءِ الْعُذْرِ هُنَا لَا ثَمَّ لِأَنَّهُ بِحُضُورِ الْقَاضِي عِنْدَهُ لَمْ يَبْقَ هُنَاكَ عُذْرٌ حَتَّى يُقَالَ إنَّهُ بَاقٍ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَصَوَّبَ الْأَذْرَعِيُّ) مَسْأَلَةٌ اسْتِطْرَادِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَشَاهِدُ أَصْلٍ) وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَتَحَمَّلَ اثْنَانِ عَلَى شَاهِدِ أَصْلٍ وَحَضَرَا عِنْدَ الْقَاضِي وَتَحَمَّلَ اثْنَانِ عَلَى أَصْلٍ آخَرَ ثُمَّ قَامَ بِهِمَا عُذْرٌ فَتَحَمَّلَ عَلَى شَهَادَتِهِمَا اثْنَانِ آخَرَانِ فَهَذَانِ شَاهِدَانِ عَنْ الْفَرْعِ وَذَانِكَ شَاهِدَانِ عَلَى الْأَصْلِ فَتُقَدَّمُ شَهَادَتُهُمَا عَلَى شَهَادَةِ هَذَيْنِ لِيُحْكَمَ بِشَهَادَةِ الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: قُدِّمَتْ شَهَادَةُ الْأَصْلِ) أَيْ وُجُوبًا حَتَّى لَوْ انْعَكَسَ الْحَالُ لَمْ تُقْبَلْ الشَّهَادَةُ عَلَى مَا اقْتَضَتْهُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ. (فَصْلٌ) فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْفُرُوعَ كَالْمَطَرِ وَالْوَحَلِ الشَّدِيدِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا اعْتَبَرُوهَا فِي غَيْبَةِ الْوَلِيِّ) أَيْ فِي انْتِقَالِ الْوِلَايَةِ عَنْهُ لِلْحَاكِمِ (قَوْلُهُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ التَّوْكِيلُ) أَيْ إذَا كَانَ دُونَهَا (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ تَسْمِيَةٌ تَحْصُلُ بِهَا الْمَعْرِفَةُ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِيمَا إذَا سَبَقَتْ لِلْقَاضِي مَعْرِفَةٌ بِهِمَا فَلْيُرَاجَعْ. [فَصْلٌ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ] (فَصْلٌ) فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْمَشْهُودِ) لَعَلَّهُ أَخْرَجَ بِهِ مَا إذَا انْتَقَلَ إلَيْهِ بِالْإِرْثِ مِنْ غَيْرِ الْمَشْهُودِ لَهُ كَأَنْ بَاعَهُ الْمَشْهُودُ لَهُ لِمُوَرِّثِ الشَّاهِدِ فَمَاتَ وَوَرِثَهُ الشَّاهِدُ (قَوْلُهُ: لَيْسَ بِحُكْمٍ مُطْلَقًا) أَيْ لَيْسَ بِحُكْمٍ فِي حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ

عَلَى فُلَانٍ أَمْ هِيَ مَنْفُوضَةٌ أَمْ مَفْسُوخَةٌ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ بِأَنَّهَا لَمْ تَقَعْ صَحِيحَةً مِنْ أَصْلِهَا، وَفِي أَبْطَلْتُهَا أَوْ فَسَخْتُهَا أَوْ رَدَدْتُهَا وَجْهَانِ: أَرْجَحُهُمَا أَنَّهُ رُجُوعٌ، وَلَوْ قَالَ لِلْحَاكِمِ: تَوَقَّفْ عَنْ الْحُكْمِ وَجَبَ تَوَقُّفُهُ، فَإِنْ قَالَ لَهُ: اقْضِ قَضَى لِعَدَمِ تَحَقُّقِ رُجُوعِهِ، نَعَمْ إنْ كَانَ عَامِّيًّا وَجَبَ سُؤَالُهُ عَنْ سَبَبِ تَوَقُّفِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بَعْدَ الْحُكْمِ شَهِدَتْ بِرُجُوعِهِمَا قَبْلَهُ عُمِلَ بِهَا وَتَبَيَّنَ بُطْلَانُهُ وَإِنْ كَذَبَاهَا كَمَا تُقْبَلُ بِفِسْقِهِمَا وَقْتَهُ أَوْ قَبْلَهُ بِزَمَنٍ لَا يُمْكِنُ فِيهِ الِاسْتِبْرَاءُ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ قَبُولِهَا بَعْدَهُ بِرُجُوعِهِمَا مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِكَوْنِهِ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ كَلَامُ الْعِرَاقِيِّ فِي فَتَاوِيهِ. (أَوْ) رَجَعُوا (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْحُكْمِ (وَقَبْلَ اسْتِيفَاءِ مَالٍ اُسْتُوْفِيَ) لِأَنَّ الْقَضَاءَ قَدْ تَمَّ وَلَيْسَ هُوَ مِمَّا يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ حَتَّى يَتَأَثَّرَ بِالرُّجُوعِ وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْعُقُودِ أَمْضَى كَاسْتِيفَاءِ الْمَالِ (أَوْ) قَبْلَ اسْتِيفَاءِ (عُقُوبَةٍ) لِآدَمِيٍّ كَقِصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ أَوْ لِلَّهِ تَعَالَى كَحَدِّ زِنًا وَسَرِقَةٍ (فَلَا) يُسْتَوْفَى لِأَنَّهَا تَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ وَالرُّجُوعُ شُبْهَةٌ بِخِلَافِ الْمَالِ (أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ (لَمْ يَنْقَضِ) لِتَأَكُّدِ الْأَمْرِ وَجَوَازِ كَذِبِهِمْ فِي الرُّجُوعِ فَقَطْ، وَلَيْسَ عَكْسُ هَذَا أَوْلَى مِنْهُ، وَالثَّابِتُ لَا يُنْقَضُ بِأَمْرٍ مُحْتَمَلٍ، وَبِذَلِكَ سَقَطَ الْقَوْلُ بِأَنَّ بَقَاءَ الْحُكْمِ بِغَيْرِ سَبَبٍ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ، وَيَمْتَنِعُ عَلَى الْحَاكِمِ الرُّجُوعُ عَنْ حُكْمِهِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ: أَيْ بِعِلْمِهِ أَوْ بَيِّنَةٍ كَمَا قَالَهُ غَيْرُهُ لِأَنَّ حُكْمَهُ إنْ كَانَ بَاطِنُ الْأَمْرِ فِيهِ كَظَاهِرِهِ نَفَذَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ الْحَالُ نَفَذَ ظَاهِرًا فَلَمْ يَجُزْ لَهُ الرُّجُوعُ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ مُسْتَنَدَهُ فِيهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الْقَضَاءِ، وَأَفَادَ الْأَذْرَعِيُّ قَبُولَ قَوْلِهِ حَكَمْتُ بِكَذَا مُكْرَهًا أَوْ بَانَ لِي فِسْقُ الشَّاهِدِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ لَا كُنْتَ فَاسِقًا أَوْ عَدُوًّا لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ لِاتِّهَامِهِ، وَظَاهِرُ مَا ذُكِرَ عَدَمُ احْتِيَاجِهِ فِي دَعْوَى الْإِكْرَاهِ لِقَرِينَةٍ، وَلَعَلَّ وَجْهَ خُرُوجِهِ عَنْ نَظَائِرِهِ فَخَامَةُ مَنْصِبِ الْحَاكِمِ وَيَتَعَيَّنُ فَرْضُهُ فِي مَشْهُورٍ بِالْعِلْمِ وَالصِّيَانَةِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ، بِخِلَافِ الثُّبُوتِ وَالْحُكْمِ بِالْمُوجِبِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَقْتَضِي صِحَّةَ الثَّابِتِ، وَلَا الْمَحْكُومَ بِهِ فَإِنَّ الشَّيْءَ قَدْ يَثْبُتُ عِنْدَهُ ثُمَّ يُنْظَرُ فِي صِحَّتِهِ، وَلِأَنَّ الْحُكْمَ بِالصِّحَّةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى ثُبُوتِ اسْتِيفَاءِ شُرُوطِهَا عِنْدَهُ. وَمِنْهَا ثُبُوتُ مِلْكِ الْعَاقِدِ أَوْ وِلَايَتِهِ فَحِينَئِذٍ جَازَ لَهُ بَلْ لَزِمَهُ الرُّجُوعُ عَنْ حُكْمِهِ بِهَا إنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ مَا يَقْتَضِي رُجُوعَهُ عَنْهُ كَعَدَمِ ثُبُوتِ مِلْكِ الْعَاقِدِ. (فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَوْفَى قِصَاصًا) فِي نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ (أَوْ قَتْلَ رِدَّةٍ أَوْ رَجْمَ زِنًا أَوْ جَلْدَهُ) أَيْ الزِّنَا، وَمِثْلُهُ حَدُّ الْقَذْفِ (وَمَاتَ) مِنْ الْقَوَدِ أَوْ الْحَدِّ ثُمَّ رَجَعُوا (وَقَالُوا) كُلُّهُمْ (تَعَمَّدْنَا) وَعَلِمْنَا أَنَّهُ يُقْتَلُ بِشَهَادَتِنَا كَمَا مَرَّ ذَلِكَ مَبْسُوطًا أَوَائِلَ الْجِرَاحِ (فَعَلَيْهِمْ قِصَاصٌ) بِشَرْطِهِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ جَلْدُ الزِّنَا يَقْتُلُ غَالِبًا لِإِقَامَتِهِ فِي زَمَنٍ نَحْوِ حَرٍّ وَمَذْهَبُ الْحَاكِمِ يَقْتَضِي اسْتِيفَاءً فَوْرًا وَإِنْ أَهْلَكَ غَالِبًا وَعَلِمَا ذَلِكَ، وَبِهَذَا يُرَدُّ تَنْظِيرُ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَالْبُلْقِينِيِّ فِيهِ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ مَا لَمْ يَعْتَرِفْ الْقَاتِلُ بِحَقِيقَةِ مَا شَهِدَا بِهِ عَلَيْهِ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ قِصَاصٌ وُجُوبَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: إنَّهُ رُجُوعٌ) مِنْ أَصْلِهَا: أَيْ عَنْهَا مِنْ أَصْلِهَا (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ قَبُولِهَا) أَيْ الْبَيِّنَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ عَكْسُ هَذَا) أَيْ صِدْقُهُمْ فِي الرُّجُوعِ (قَوْلُ أَيْ بِعِلْمِهِ أَوْ بَيِّنَةٍ) أَيْ إذَا كَانَ سَبَبُ الرُّجُوعِ عِلْمُهُ بِبُطْلَانِ حُكْمِهِ أَوْ شَهَادَةُ بَيِّنَةٍ عَلَيْهِ بِبُطْلَانِ حُكْمِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ الْحُكْمِ لِأَجْلِ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ: لِقَرِينَةٍ) أَيْ وَلَا لِبَيَانِ مَنْ أَكْرَهَهُ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ) أَيْ امْتِنَاعِ رُجُوعِ الْحَاكِمِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْحُكْمُ بِالْمُوجِبِ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ فِي الْهِبَةِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا) أَيْ الشُّرُوطِ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ) وَهُوَ الْمُكَافَأَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ) يَعْنِي جَوَازَ الرُّجُوعِ عَنْ الْحُكْمِ إذَا بَيَّنَ مُسْتَنَدَهُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَقْتَضِي صِحَّةَ الثَّابِتِ وَلَا الْمَحْكُومَ بِهِ) أَيْ فَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ شَيْءٌ يُتَوَجَّهُ إلَيْهِ الرُّجُوعُ (قَوْلُهُ: وَعَلِمْنَا أَنَّهُ يُقْتَلُ بِشَهَادَتِنَا) لَيْسَ هُوَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُ مَا إذَا سَكَتُوا بَلْ وَإِنْ قَالُوا لَمْ نَعْلَمْ ذَلِكَ إلَّا إنْ قَرُبَ عَهْدُهُمْ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَئُوا بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِهِمْ إلَخْ، وَإِنْ كَانَ تَعْبِيرُهُ فِيمَا يَأْتِي غَيْرَ مُنَاسِبٍ كَمَا سَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَعْتَرِفْ الْقَاتِلُ)

رِعَايَةِ الْمُمَاثَلَةِ فِيهِ فَيُحَدُّونَ فِي شَهَادَةِ الزِّنَا حَدَّ الْقَذْفِ ثُمَّ يُرْجَمُونَ (أَوْ دِيَةٌ) عِنْدَ سُقُوطِهِ (مُغَلَّظَةٌ) مِنْ مَالِهِمْ مُوَزَّعَةٌ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ، إذْ هَلَاكُهُ مَنْسُوبٌ لَهُمْ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ أَوْ فِي كَلَامِهِ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلتَّخْيِيرِ لِمَا مَرَّ أَنَّ مُوجِبَ الْعَمْدِ الْقَوَدُ وَالدِّيَةُ بَدَلٌ عَنْهُ لَا أَحَدُهُمَا، وَخَرَجَ بِتَعَمُّدِنَا أَخْطَأْنَا فَعَلَيْهِمْ دِيَةٌ مُخَفَّفَةٌ فِي مَالِهِمْ لَا عَلَى عَاقِلَةٍ كَذَبَتْ مَا لَمْ تُصَدِّقْهُمْ الْعَاقِلَةُ، وَمَتَى طَلَبُوا تَحْلِيفَهُمْ حَلَفُوا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ خِلَافًا لِمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ هُنَا. . أَمَّا لَوْ قَالَ كُلٌّ: تَعَمَّدْتُ وَأَخْطَأَ صَاحِبِي فَلَا قِصَاصَ، وَعَلَيْهِمَا دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: تَعَمَّدْتُ وَأَخْطَأَ صَاحِبِي أَوْ تَعَمَّدْت وَلَا أَدْرِي أَتَعَمَّدَ صَاحِبِي أَمْ لَا وَهُوَ مَيِّتٌ أَوْ غَائِبٌ لَا تُمْكِنُ مُرَاجَعَتُهُ أَوْ اقْتَصَرَ عَلَى تَعَمَّدْتُ وَقَالَ صَاحِبُهُ: أَخْطَأْت فَلَا قِصَاصَ وَعَلَى الْمُتَعَمِّدِ قِسْطٌ مِنْ دِيَةٍ مُغَلَّظَةٍ، وَعَلَى الْمُخْطِئِ قِسْطٌ مِنْ مُخَفَّفَةٍ أَوْ قَالَ: تَعَمَّدْت وَتَعَمَّدَ صَاحِبِي وَهُوَ غَائِبٌ أَوْ مَيِّتٌ أَوْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا: تَعَمَّدْتُ وَلَا أَعْلَمُ حَالَ صَاحِبِي أَوْ تَعَمَّدْت وَتَعَمَّدَ صَاحِبِي أَوْ اقْتَصَرَ عَلَى تَعَمَّدْت اُقْتُصَّ مِنْهُمَا، وَإِنْ اعْتَرَفَ أَحَدُهُمَا بِعَمْدِهِمَا وَالْآخَرُ بِعَمْدِهِ وَخَطَأِ صَاحِبِهِ أَوْ بِخَطَئِهِ وَحْدَهُ أَوْ بِخَطَئِهِمَا اُقْتُصَّ مِنْ الْأَوَّلِ، أَوْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا وَحْدَهُ وَقَالَ: تَعَمَّدْنَا لَا إنْ قَالَ: تَعَمَّدْت اُقْتُصَّ مِنْهُ، وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِهِمْ بَعْدَ رُجُوعِهِمْ لَمْ نَعْلَمْ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِقَوْلِنَا إلَّا لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ فَيَكُونُ شِبْهَ عَمْدٍ فِي مَالِهِمْ مُؤَجَّلًا ثَلَاثَ سِنِينَ مَا لَمْ تُصَدِّقْهُمْ الْعَاقِلَةُ، وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الْجِرَاحِ أَنَّ مَحَلَّ مَا تَقَرَّرَ مَا لَمْ يَقُلْ الْوَلِيُّ عَلِمْت تَعَمُّدَهُمْ وَإِلَّا فَالْقَوَدُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ. (وَعَلَى الْقَاضِي قِصَاصٌ إنْ) رَجَعَ وَحْدَهُ وَ (قَالَ: تَعَمَّدْتُ) لِاعْتِرَافِهِ بِمُوجِبِهِ، فَإِنْ آلَ الْأَمْرُ لِلدِّيَةِ كَانَتْ كُلُّهَا مُغَلَّظَةً فِي مَالِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْتَقِلُّ بِالْمُبَاشَرَةِ فِيمَا إذَا قَضَى بِعِلْمِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا رَجَعَ هُوَ وَالشُّهُودُ فَإِنَّهُ يُشَارِكُهُمْ كَمَا يَأْتِي وَبَحَثَ الرَّافِعِيُّ اسْتِوَاءَهُمَا (وَإِنْ رَجَعَ هُوَ وَهُمْ فَعَلَى الْجَمِيعِ قِصَاصٌ إنْ قَالُوا: تَعَمَّدْنَا) وَعَلِمْنَا إلَى آخِرِهِ لِنِسْبَةِ الْهَلَاكِ إلَيْهِمْ كُلِّهِمْ (فَإِنْ قَالُوا: أَخْطَأْنَا فَعَلَيْهِ نِصْفُ دِيَةٍ) مُخَفَّفَةٍ (وَعَلَيْهِمْ نِصْفٌ) كَذَلِكَ تَوْزِيعًا عَلَى الْمُبَاشَرَةِ وَالسَّبَبِ. (وَلَوْ رَجَعَ مُزَكٍّ) وَحْدَهُ أَوْ مَعَ مَنْ مَرَّ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَضْمَنُ) بِالْقَوَدِ أَوْ الدِّيَةِ لِإِلْجَاءِ الْمُزَكَّى الْحَاكِمَ لِلْحُكْمِ الْمُفْضِي لِلْقَتْلِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَأْتِي فِي شَاهِدِ الْإِحْصَانِ بِأَنَّ الزِّنَا مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْإِحْصَانِ صَالِحٌ لِلْإِلْجَاءِ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْحَدُّ وَالشَّهَادَةُ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ التَّزْكِيَةِ غَيْرُ صَالِحَةٍ أَصْلًا فَكَانَ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَمَتَى طَلَبَ تَحْلِيفَهُمْ) أَيْ الْعَاقِلَةَ (قَوْلُهُ: فَلَا قِصَاصَ) أَيْ لِأَنَّ كُلًّا يَزْعُمُ أَنَّهُ شَرِيكٌ مُخْطِئٌ وَشَرِيكُهُ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الرَّافِعِيُّ اسْتِوَاءَهُمَا) أَيْ رُجُوعَهُ وَحْدَهُ أَوْ وَالشُّهُودِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِمْ) أَيْ الشُّهُودِ (قَوْلُهُ: فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَضْمَنُ) أَيْ دُونَ الْأَصْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَعْنِي مَنْ قُتِلَ وَاسْتَوْفَيْنَا مِثْلَهُ الْقِصَاصَ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مِثْلَهُ الْمَقْتُولُ رِدَّةً أَوْ رَجْمًا مَثَلًا فَكَانَ الْأَوْلَى إبْدَالُ لَفْظِ الْقَاتِلِ بِالْمَقْتُولِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِخَطَئِهِ وَحْدَهُ) أَيْ مَعَ اعْتِرَافِ الْأَوَّلِ بِعَمْدِهِمَا (قَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِهِمْ بَعْدَ رُجُوعِهِمْ لَمْ نَعْلَمْ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ بَعْدَ أَنْ قَيَّدَ بِمِثْلِ مَا قَيَّدَ بِهِ الشَّارِحُ فِيمَا مَرَّ نَصُّهَا: وَخَرَجَ بِقَوْلِهِمْ وَعَلِمْنَا أَنَّهُ يُقْتَلُ بِشَهَادَتِنَا إلَخْ مَا إذَا قَالُوا لَمْ نَعْلَمْ إلَخْ، فَأَشَارَ إلَى أَنَّ الْمَفْهُومَ فِيهِ تَفْصِيلٌ، فَكَانَ الصَّوَابُ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ مِثْلَ ذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ وَبَحَثَ الرَّافِعِيُّ اسْتِوَاءَهُمَا) أَيْ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْ فِي وُجُوبِ النِّصْفِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَعَلِمْنَا إلَخْ) فِيهِ مَا مَرَّ وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَبِعَ فِي قَوْلِهِ إلَخْ الشِّهَابَ ابْنَ حَجَرٍ، لَكِنَّ ذَاكَ إنَّمَا قَالَ إلَخْ لِأَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى مَا إذَا قَالُوا عَلِمْنَا مَا إذَا قَالُوا جَهِلْنَا بِتَفْصِيلِهِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي قَوْلِهِ بَعْدُ وَلَا أَثَرَ إلَخْ، فَلَمَّا كَانَ فِي عِبَارَتِهِ الَّتِي قَدَّمَهَا طُولٌ اسْتَغْنَى عَنْ إعَادَتِهَا بِقَوْلِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ تَوْزِيعًا عَلَى الْمُبَاشَرَةِ وَالسَّبَبِ) يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّ قَوْلِهِمْ إنَّ الْمُبَاشَرَةَ عَلَى السَّبَبِ بِالنِّسْبَةِ لِلْقِصَاصِ خَاصَّةً، لَكِنْ يَنْبَغِي التَّأَمُّلُ فِي قَوْلِهِ تَوْزِيعًا عَلَى الْمُبَاشَرَةِ وَالسَّبَبِ (قَوْلُهُ: بِالْقَوَدِ أَوْ الدِّيَةِ) هَذَا كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ الْقَوَدَ أَوْ الدِّيَةَ عَلَى الْمُزَكِّي وَحْدَهُ، وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ فِي الْفَرْقِ الْآتِي فَكَانَ الْمُلْجِئُ هُوَ التَّزْكِيَةِ وَقَوْلُهُ آخِرَ السِّوَادَةِ

الْمُلْجِئُ هُوَ التَّزْكِيَةُ، وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا أَثْنَى عَلَى الشَّاهِدِ وَالْحُكْمُ يَقَعُ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدِ فَكَانَ كَالْمُمْسِكِ مَعَ الْقَاتِلِ. وَلَوْ رَجَعَ الْأَصْلُ وَفَرْعُهُ اخْتَصَّ الْغُرْمُ بِالْفَرْعِ لِأَنَّهُ الْمُلْجِئُ كَالْمُزَكَّى. (أَوْ) رَجَعَ (وَلِيٌّ وَحْدَهُ) دُونَ الشُّهُودِ (فَعَلَيْهِ قِصَاصٌ أَوْ دِيَةٌ) لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ لِلْقَتْلِ، وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِرُجُوعِهِ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ لِأَنَّ الِاسْتِيفَاءَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ بَلْ لَا يَسْقُطُ بِعَفْوِهِ كَمَا مَرَّ. (أَوْ) رَجَعَ الْوَلِيُّ (مَعَ الشُّهُودِ) أَوْ مَعَ الْقَاضِي وَالشُّهُودِ (فَكَذَلِكَ) لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ فَهُمْ كَالْمُمْسِكِ مَعَ الْقَائِلِ (وَقِيلَ: هُوَ وَهُمْ شُرَكَاءُ) لَكِنْ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ إنْ وَجَبَتْ لِتَعَاوُنِهِمْ عَلَى الْقَتْلِ. (وَلَوْ) (شَهِدَا بِطَلَاقٍ بَائِنٍ) بِخُلْعٍ أَوْ ثَلَاثٍ وَلَوْ لِرَجْعِيَّةٍ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ (أَوْ رَضَاعٍ) مُحَرَّمٍ (أَوْ لِعَانٍ وَفَرَّقَ الْقَاضِي) بَيْنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَزَوْجَتِهِ (فَرَجَعَا دَامَ الْفِرَاقُ) لِأَنَّ قَوْلَهُمَا فِي الرُّجُوعِ مُحْتَمَلٌ فَلَا يُرَدُّ الْقَضَاءُ بِهِ، وَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالتَّفْرِيقِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ بِالتَّحْرِيمِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ التَّفْرِيقُ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْضِي بِهِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ بِتَحْرِيمٍ كَمَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ رُدَّ بِأَنَّ تَصَرُّفَ الْحَاكِمِ فِي أَمْرٍ رُفِعَ إلَيْهِ وَطُلِبَ مِنْهُ فَصْلُهُ حُكْمٌ مِنْهُ كَقِسْمَةِ مَالِ الْمَفْقُودِ عَلَى مَا مَرَّ ثَمَّ، وَالتَّفْرِيقُ هُنَا مِثْلُهَا فَلَا حَاجَةَ لِمَا ذَكَرَهُ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - دَامَ الْفِرَاقُ صَحِيحٌ فَزَعَمَ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فِي الْبَائِنِ فَإِنَّهُ لَا يَدُومُ فِيهِ غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ الْمُرَادُ دَوَامُهُ مَا لَمْ يُوجَدْ سَبَبٌ يَرْفَعُهُ وَالْبَائِنُ كَذَلِكَ (وَعَلَيْهِمْ) عِنْدَ عَدَمِ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ لَهُمْ (مَهْرُ مِثْلٍ) سَاوَى الْمُسَمَّى أَمْ لَا لِأَنَّهُ بَدَلُ الْبُضْعِ الَّذِي فَوَّتَاهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ مَجْنُونًا أَوْ غَائِبًا طَالَبَ وَلِيَّهُ أَوْ وَكِيلَهُ، وَإِعَادَةُ ضَمِيرِ الْجَمْعِ عَلَى الِاثْنَيْنِ سَائِغٌ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي حَيٍّ فَلَا غُرْمَ فِي شُهُودِ بَائِنٍ عَلَى مَيِّتٍ إذْ لَا تَفْوِيتَ فَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ أَيْ صَرِيحًا (وَفِي قَوْلٍ) عَلَيْهِمْ (نِصْفُهُ) فَقَطْ (إنْ كَانَ) الْفِرَاقُ (قَبْلَ وَطْءٍ) لِأَنَّهُ الَّذِي فَوَّتَاهُ وَرُدَّ بِأَنَّ النَّظَرَ فِي الْإِتْلَافِ لِبَدَلِ الْمُتْلَفِ لَا لِمَا قَامَ بِهِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ، وَلِهَذَا لَوْ أَبْرَأَتْهُ عَنْهُ رَجَعَ بِكُلِّهِ وَخَرَجَ بِالْبَائِنِ الرَّجْعِيُّ فَلَا غُرْمَ فِيهِ إنْ رَاجَعَ لِانْتِفَاءِ التَّفْوِيتِ وَإِلَّا وَجَبَ كَالْبَائِنِ وَتَمَكُّنُهُ مِنْ الرَّجْعَةِ لَا يُسْقِطُ حَقَّهُ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ قَدِرَ عَلَى دَفْعِ مُتْلِفِ مَالِهِ فَلَمْ يَدْفَعْهُ لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْ تَغْرِيمِهِ بَدَلَهُ، وَبِهَذَا يُرَدُّ مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ هُنَا. (وَلَوْ) (شَهِدَ بِطَلَاقٍ وَفُرِّقَ) بَيْنَهُمَا (فَرَجَعَا فَقَامَتْ بَيِّنَةٌ) أَوْ ثَبَتَ بِحُجَّةٍ أُخْرَى (أَنَّهُ) لَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا كَأَنْ ثَبَتَ أَنَّهُ (كَانَ بَيْنَهُمَا رَضَاعٌ مُحَرِّمٌ) أَوْ أَنَّهَا بَانَتْ مِنْ قَبْلُ (فَلَا غُرْمَ) عَلَيْهِمَا إذْ لَمْ يُفَوِّتَا عَلَيْهِ شَيْئًا، فَإِنْ غَرِمَا قَبْلَ الْبَيِّنَةِ اسْتَرَدَّا. لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَالتَّفْرِيقُ هُنَا مِثْلُهَا) أَيْ الْقِسْمَةِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُوجَدْ سَبَبٌ يَرْفَعُهُ) أَيْ كَتَجْدِيدِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: أَيْ صَرِيحًا) خَبَرٌ عَنْ قَوْلِهِ فَقَوْلٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَنَّ الْمُلْجِئَ كَالْمُزَكِّي لَكِنْ فِي الْأَنْوَارِ أَنَّهُ يُشَارِكُ الشُّهُودَ فِي الْقَوَدِ أَوْ الدِّيَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لِتَعَاوُنِهِمْ) هُوَ عِلَّةٌ لِلْمَتْنِ (قَوْلُهُ: دَامَ الْفَرْقُ) أَيْ فِي الظَّاهِرِ إنْ لَمْ يَكُنْ بَاطِنُ الْأَمْرِ فِيهِ كَظِهَارِهِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ حَاصِلَ بَحْثِ الْبُلْقِينِيِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَوَجُّهِ حُكْمٍ خَاصٍّ مِنْ الْقَاضِي إلَى خُصُوصِ التَّحْرِيمِ، وَلَا يَكْفِي عَنْهُ الْحُكْمُ بِالتَّفْرِيقِ: أَيْ وَلَوْ بِصِيغَةِ الْحُكْمِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْحُكْمُ بِالتَّحْرِيمِ، بِدَلِيلِ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ فِيهِ بِالتَّفْرِيقِ وَلَا يَحْصُلُ مَعَهُ حُكْمٌ بِتَحْرِيمٍ: أَيْ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ حَاصِلٌ قَبْلُ، وَحِينَئِذٍ فَجَوَابُ الشَّارِحِ كَابْنِ حَجَرٍ غَيْرُ مُلَاقٍ لِبَحْثِ الْبُلْقِينِيِّ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ عُلِمَ مِنْ قَوْلِنَا أَيْ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ حَاصِلٌ قَبْلُ: أَيْ إنَّ سَبَبَ عَدَمِ تَرَتُّبِ التَّحْرِيمِ عَلَى الْحُكْمِ بِالتَّفْرِيقِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ أَنَّ التَّحْرِيمَ حَاصِلٌ قَبْلُ، وَلَا مَعْنَى لِتَحْصِيلِ الْحَاصِلِ حَتَّى لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَحْرِيمٌ كَانَ كَمَسْأَلَتِنَا فَيُتْبَعُ الْحُكْمُ بِالتَّفْرِيقِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إذْ الْمُرَادُ دَوَامُهُ إلَخْ) هَذَا هُوَ الَّذِي يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ عَدَمُ صِحَّةِ الزَّعْمِ الْمَذْكُورِ قَبْلَهُ فَكَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ دَعْوَى صِحَّةِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهَا عَدَمُ صِحَّةِ الزَّعْمِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: فَقَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَهُمَا رَضَاعٌ) اُنْظُرْ لَوْ رَجَعَتْ هَذِهِ أَيْضًا هَلْ يَكُونُ الْغُرْمُ عَلَيْهَا

بِأَلْفٍ وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ غَرِمَا مَا نَقَصَ عَنْ مَهْرِ مِثْلِهَا عَلَى الْأَصَحِّ، أَوْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا أَوْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ بِأَلْفٍ وَمَهْرُهَا أَوْ قِيمَتُهَا أَلْفَانِ غَرِمَا أَلْفًا لَهَا وَكُلُّ الْقِيمَةِ فِي الْأَمَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الرَّقِيقَ يُؤَدِّي مِنْ كَسْبِهِ وَهُوَ لِلسَّيِّدِ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ أَوْ بِعِتْقٍ لِرَقِيقٍ وَلَوْ أُمَّ وَلَدٍ ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ غَرِمَا الْقِيمَةَ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ وَالْعِبْرَةُ بِوَقْتِ الشَّهَادَةِ إنْ اتَّصَلَ بِهَا الْحُكْمُ، وَظَاهِرٌ أَنَّ قِيمَةَ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةِ تُؤْخَذُ مِنْهُمَا لِلْحَيْلُولَةِ حَتَّى يَسْتَرِدَّاهَا بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ، وَشَرَطَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِاسْتِرْدَادِهَا فِي الْمُدَبَّرِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الثُّلُثِ، فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ بَعْضُهُ اسْتَرَدَّ قَدْرَ مَا خَرَجَ أَوْ شَهِدَا بِإِيلَادٍ أَوْ تَدْبِيرٍ ثُمَّ رَجَعَا غَرِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، أَوْ بِتَعْلِيقِ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ بِصِفَةٍ ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ فَعِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ أَوْ بِكِتَابَةٍ ثُمَّ رَجَعَا غَرِمَا جَمِيعَ الْقِيمَةِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ لَا نَقْصَ النُّجُومِ عَنْهَا. (وَلَوْ) (رَجَعَ شُهُودُ مَالٍ) عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ قَالُوا: غَلِطْنَا (غَرِمُوا) لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْمُتَقَوِّمِ وَمِثْلَ الْمِثْلِيِّ (فِي الْأَظْهَرِ) لِإِحَالَتِهِمْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ غَرِمُوهُ بِبَدَلِهِ كَبَيْعٍ بِثَمَنٍ يُعَادِلُ الْمَبِيعَ لَمْ يَغْرَمُوا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ أَنَّ مَنْ سَعَى بِرَجُلٍ إلَى السُّلْطَانِ فَغَرَّمَهُ شَيْئًا رَجَعَ بِهِ عَلَى السَّاعِي كَشَاهِدٍ رَجَعَ، وَكَمَا لَوْ قَالَ: هَذَا لِزَيْدٍ بَلْ لِعَمْرٍو شَاذٌّ، لِوُضُوحِ الْفَرْقِ، إذْ لَا إلْجَاءَ مِنْ السَّاعِي شَرْعًا، وَالثَّانِي الْمَنْعُ لَا الضَّمَانُ بِالْيَدِ أَوْ الْإِتْلَافُ وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَإِنْ أَتَوْا بِمَا يَقْتَضِي الْفَوَاتَ كَمَنْ حَبَسَ الْمَالِكَ عَنْ مَاشِيَتِهِ حَتَّى ضَاعَتْ بِهِ (وَمَتَى رَجَعُوا كُلُّهُمْ وَزَّعَ عَلَيْهِمْ الْغُرْمَ) بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمْ حَيْثُ اتَّحَدَ نَوْعُهُمْ سَوَاءٌ أَتَرَتَّبَ رُجُوعُهُمْ أَمْ زَادُوا عَلَى النِّصَابِ أَمْ لَا (أَوْ) رَجَعَ (بَعْضُهُمْ وَبَقِيَ نِصَابٌ) كَأَحَدِ ثَلَاثَةٍ فِي غَيْرِ نَحْوِ زِنًا (فَلَا غُرْمَ) لِبَقَاءِ الْحُجَّةِ (وَقِيلَ: يَغْرَمُ قِسْطَهُ) لِأَنَّ الْحُكْمَ مُسْتَنِدٌ لِجَمِيعِهِمْ (وَإِنْ نَقَصَ النِّصَابُ وَلَمْ تَزِدْ الشُّهُودُ عَلَيْهِ) كَأَنْ رَجَعَ أَحَدُ اثْنَيْنِ (كَقِسْطٍ) مِنْ النِّصَابِ وَهُوَ النِّصْفُ يَغْرَمُهُ الرَّاجِعُ (وَإِنْ زَادَ) عَدَدُ الشُّهُودِ عَلَى النِّصَابِ كَاثْنَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةٍ (فَقِسْطٌ مِنْ النِّصَابِ) فَعَلَيْهِمَا نِصْفٌ لِبَقَاءِ نِصْفِ الْحُجَّةِ (وَقِيلَ مِنْ الْعَدَدِ فَعَلَيْهِمَا ثُلُثَانِ) لِاسْتِوَائِهِمْ فِي الْإِتْلَافِ. (وَإِنْ) (شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) فِيمَا يَثْبُتُ بِهِمْ ثُمَّ رَجَعُوا (فَعَلَيْهِ نِصْفٌ وَهُمَا نِصْفٌ) عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ رُبْعٌ لِأَنَّهُمَا كَرَجُلٍ وَأُخِذَ مِنْهُ أَنَّهُ يَتَوَزَّعُونَ الْأُجْرَةَ كَذَلِكَ وَفِيهِ وَقْفَةٌ، وَالْفَرْقُ لَائِحٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: غَرِمَا مَا نَقَصَ) أَيْ لِلزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَكُلُّ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: الْمُدَبَّرُ تُؤْخَذُ مِنْهُمَا) أَيْ الشَّاهِدَيْنِ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَسْتَرِدَّهَا بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ) أَيْ مِنْ تَرِكَتِهِ (قَوْلُهُ: لَا نَقْصَ النُّجُومِ عَنْهَا) أَيْ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ غَرَّمُوهُ) أَيْ الشُّهُودُ الْمَشْهُودَ بِهِ بِبَدَلِهِ، وَفِي نُسْخَةٍ: فَوَّتُوهُ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ وَقْفَةٌ) مُعْتَمَدٌ بَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ عَلَى الْأُولَى أَوْ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: وَدَخَلَ بِهَا) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى شَهِدُوا فِيمَا يَظْهَرُ فَلَيْسَ هَذَا مِنْ مَدْخُولِ الشَّهَادَةِ وَلَيْسَتْ الْوَاوُ لِلْحَالِ، وَالْمَعْنَى وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِأَلْفٍ فَتَرَتَّبَ عَلَى شَهَادَتِهِمَا أَنَّهُ دَخَلَ بِهَا لَا وَوَجْهُ غُرْمِهِمَا مَا نَقَصَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا أَنَّهُ بِالدُّخُولِ بِمَا تَقَرَّرَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا إذْ هُوَ وَطْءُ شُبْهَةٍ فَقَدْ أَتْلَفَا عَلَيْهَا بِشَهَادَتِهِمَا مَنْفَعَةَ بُضْعِهَا فَكَانَ الْقِيَاسُ تَغْرِيمَهَا جَمِيعَ الْمَهْرِ، إلَّا أَنَّهُمَا أَثْبَتَا لَهَا أَلْفًا بِشَهَادَتِهِمَا فَبَقِيَ لَهَا مَا يُتَمِّمُ مَهْرَ الْمِثْلِ، هَكَذَا ظَهَرَ فَلْيُرَاجَعْ، وَعَلَيْهِ لَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَجَبَ عَلَيْهِمَا الْأَلْفُ الَّتِي غَرِمَهَا لَهَا (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا أَوْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ بِأَلْفٍ) أَيْ ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: غَرِمَا أَلْفًا لَهُ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ: أَوْ بِطَلَاقٍ بِمَالٍ: أَيْ شَهِدَا بِهِ ثُمَّ رَجَعَا، فَإِنْ شَهِدَا عَلَى الزَّوْجِ وَالْمَالُ قَدْرُ مَهْرِ الْمِثْلِ لَمْ يَغْرَمَا أَوْ أَقَلُّ غَرِمَا بَاقِيَهُ وَإِنْ شَهِدَا عَلَى الزَّوْجَةِ غَرِمَا مَا غَرِمَتْ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: إنْ اتَّصَلَ بِهَا الْحُكْمُ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ بِهَا فَالْعِبْرَةُ بِوَقْتِهِ لِأَنَّهُ وَقْتُ نُفُوذِ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَسْتَرِدَّاهَا بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ) لَوْ مَاتَتْ هِيَ قَبْلُ فَقَالَ الْبَغَوِيّ: لَا اسْتِرْدَادَ لِأَنَّهُمْ أَتْلَفُوا الرِّقَّ عَلَى السَّيِّدِ، وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ: لَا فَرْقَ فِي الْمَذْهَبِ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ قَبْلُ أَوْ بَعْدُ (قَوْلُهُ وَشَرَطَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَالِدُ الشَّارِحِ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ

إذْ مَدَارُ الْأُجْرَةِ عَلَى التَّعَبِ وَهُوَ مُخْتَلِفٌ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ، وَمَدَارُ الْحُكْمِ عَلَى الْإِلْجَاءِ وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ، وَالْخُنْثَى كَالْأُنْثَى. (أَوْ) شَهِدَ رَجُلٌ (وَأَرْبَعٌ فِي رَضَاعٍ) وَنَحْوِهِ مِمَّا يَثْبُتُ بِمَحْضِهِنَّ ثُمَّ رَجَعُوا (فَعَلَيْهِ ثُلُثٌ وَهُنَّ ثُلُثَانِ) لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ كُلَّ ثِنْتَيْنِ كَرَجُلٍ وَلَمَّا كَانَتْ تِلْكَ الشَّهَادَةُ مِمَّا لَهُنَّ الِانْفِرَادُ بِهَا لَمْ يَتَعَيَّنْ الشَّطْرُ (فَإِنْ رَجَعَ هُوَ أَوْ ثِنْتَانِ) فَقَطْ (فَلَا غُرْمَ فِي الْأَصَحِّ) لِبَقَاءِ النِّصَابِ، وَالثَّانِي عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهِمَا الثُّلُثُ الْمُتَقَدِّمُ (وَإِنْ شَهِدَ هُوَ وَأَرْبَعٌ) مِنْ النِّسَاءِ (بِمَالٍ) فَرَجَعَ (فَقِيلَ كَرَضَاعٍ) فَعَلَيْهِ الثُّلُثُ أَوْ هُوَ وَحْدَهُ فَعَلَيْهِ النِّصْفُ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا فَقِسْطٌ، وَيَدُلُّ لَهُ أَيْضًا قَوْلُهُ (وَالْأَصَحُّ) أَنَّهُ (هُوَ) عَلَيْهِ (نِصْفٌ وَهُنَّ) عَلَيْهِنَّ (نِصْفٌ) لِأَنَّهُ نِصْفُ رَهْنٍ وَإِنْ كَثُرْنَ نِصْفٌ لِعَدَمِ قَبُولِهِنَّ مُنْفَرِدَاتٍ فِي الْمَالِ (سَوَاءٌ رَجَعْنَ مَعَهُ أَوْ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ لُغَةٌ وَالْأَفْصَحُ أَمْ (وَحْدَهُنَّ) بِخِلَافِ الرَّضَاعِ يَثْبُتُ بِمَحْضِهِنَّ (وَإِنْ رَجَعَ ثِنْتَانِ فَالْأَصَحُّ) أَنَّهُ (لَا غُرْمَ) عَلَيْهِمَا لِبَقَاءِ النِّصَابِ. وَلَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ وَامْرَأَةٌ ثُمَّ رَجَعُوا لَزِمَهَا الْخُمُسُ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ) (شُهُودَ إحْصَانٍ) مَعَ شُهُودِ زِنًا (أَوْ) شُهُودَ (صِفَةٍ مَعَ شُهُودِ تَعْلِيقِ طَلَاقٍ وَعِتْقٍ لَا يَغْرَمُونَ) إذَا رَجَعُوا بَعْدَ الرَّجْمِ وَوُقُوعِ الطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ وَإِنْ تَأَخَّرَتْ شَهَادَتُهُمْ عَنْ الزِّنَا وَالتَّعْلِيقِ، أَمَّا شُهُودُ الْإِحْصَانِ فَلِأَنَّهُمْ لَمْ يَشْهَدُوا بِمُوجِبِ عُقُوبَةٍ وَإِنَّمَا وَصَفُوهُ بِصِفَةِ كَمَالٍ، وَأَمَّا شُهُودُ الصِّفَةِ مَعَ شُهُودِ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ فَلِأَنَّهُمْ لَمْ يَشْهَدُوا بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنَّمَا شَهِدُوا بِإِثْبَاتِ صِفَةٍ. وَالثَّانِي: يَغْرَمُونَ لِأَنَّ الرَّجْمَ يَتَوَقَّفُ عَلَى ثُبُوتِ الزِّنَا وَالْإِحْصَانِ جَمِيعًا فَالْقَتْلُ لَمْ يُسْتَوْفَ إلَّا بِهِمْ، وَكَذَلِكَ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ وَقَعَ بِقَوْلِهِمْ. وَلَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى آخَرَ بِأَرْبَعِمِائَةٍ فَرَجَعَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَنْ مِائَةٍ وَآخَرُ عَنْ مِائَتَيْنِ وَالثَّالِثُ عَنْ ثَلَثِمِائَةٍ وَالرَّابِعُ عَنْ الْجَمِيعِ فَيَغْرَمُ الْكُلُّ مِائَةً أَرْبَاعًا لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى الرُّجُوعِ عَنْهَا، وَتَغْرَمُ أَيْضًا الثَّلَاثَةُ نِصْفَ الْمِائَةِ لِبَقَاءِ نِصْفِ الْحُجَّةِ فِيهَا بِشَهَادَةِ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا الْمِائَتَانِ الْبَاقِيَتَانِ فَلَا غُرْمَ فِيهِمَا لِبَقَاءِ الْحُجَّةِ بِهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُعْتَمَدُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ مِثْلِ عَمَلِهِ (قَوْلُهُ: إذْ مَدَارُ الْأُجْرَةِ عَلَى التَّعَبِ) وَيُؤَيِّدُ مَا مَرَّ فِي قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ مِنْ أَنَّ الْأُجْرَةَ عَلَى الْحِصَصِ الْمَأْخُوذَةِ دُونَ الْأَصْلِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَتَغْرَمُ أَيْضًا الثَّلَاثَةَ) بَعْدَ الْأَوَّلِ إيضَاحُهُ أَنَّ الَّذِي رَجَعَ عَلَى الْمِائَةِ شَهَادَتُهُ بَاقِيَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِثَلَاثِمِائَةٍ، وَاَلَّذِي رَجَعَ عَنْ مِائَتَيْنِ شَهَادَتُهُ بَاقِيَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِمِائَتَيْنِ، وَاَلَّذِي رَجَعَ عَنْ ثَلَاثٍ شَهَادَتُهُ بَاقِيَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِمِائَةٍ، وَاَلَّذِي رَجَعَ عَنْ الْأَرْبَعِ لَمْ تَبْقَ شَهَادَتُهُ فِي شَيْءٍ، فَقَدْ اتَّفَقَ الشُّهُودُ الْأَرْبَعَةُ عَلَى الرُّجُوعِ عَنْ مِائَةٍ فَيَقْسِمُ عَلَيْهِمْ بِعَدَدِ الرُّءُوسِ، وَالرُّجُوعُ عَنْ الْمِائَةِ وَعَنْ الْمِائَتَيْنِ شَهَادَتُهُمَا بَاقِيَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمِائَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ، فَلَا غُرْمَ لِبَقَاءِ النِّصَابِ وَالْمِائَةُ الْبَاقِيَةُ شَهَادَةُ الْأَوَّلِ بَاقِيَةٌ بِالنِّسْبَةِ لَهَا، وَالثَّلَاثَةُ قَدْ رَجَعُوا عَنْ الشَّهَادَةِ بِهَا فَبَقِيَ نِصْفُ النِّصَابِ وَهُوَ الرَّاجِعُ عَنْ الْمِائَةِ فَتَغْرَمُ الثَّلَاثَةَ نِصْفَ الْمِائَةِ لِبَقَاءِ نِصْفِ الْحُجَّةِ كَمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: نِصْفَ الْمِائَةِ) أَيْ زِيَادَةً عَلَى الْمِائَةِ الَّتِي قُسِمَتْ بَيْنَهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ لَا يَغْرَمُونَ) أَيْ وَإِنَّمَا يَغْرَمُ شُهُودُ الزِّنَى وَالتَّعْلِيقِ.

[كتاب الدعوى والبينات]

كِتَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ الدَّعْوَى جَمْعُهَا دَعَاوَى بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا وَهِيَ لُغَةً: الطَّلَبُ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ} [يس: 57] وَأَلِفُهَا لِلتَّأْنِيثِ وَشَرْعًا: إخْبَارٌ عَنْ وُجُوبِ حَقٍّ عَلَى غَيْرِهِ عِنْدَ حَاكِمٍ، وَالْبَيِّنَةُ الشُّهُودُ، سُمُّوا بِهَا لِأَنَّ بِهِمْ يَتَبَيَّنُ الْحَقُّ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَخْبَارٌ كَخَبَرِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» وَفِي الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» وَوَهَمَ فِي الْكِفَايَةِ فَعَزَا هَذِهِ لِمُسْلِمٍ، وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ جَانِبَ الْمُدَّعِي ضَعِيفٌ فَدَعْوَاهُ خِلَافُ الْأَصْلِ فَكُلِّفَ الْحُجَّةَ الْقَوِيَّةَ وَجَانِبُ الْمُنْكِرِ قَوِيٌّ فَاكْتُفِيَ مِنْهُ بِالْحُجَّةِ الضَّعِيفَةِ. . وَلَمَّا كَانَ مَدَارُ الْخُصُومَةِ عَلَى خَمْسَةٍ: الدَّعْوَى وَالْجَوَابُ وَالْيَمِينُ وَالنُّكُولُ وَالْبَيِّنَةُ ذَكَرَهَا كَذَلِكَ فَقَالَ (تُشْتَرَطُ الدَّعْوَى عِنْدَ قَاضٍ) أَوْ مُحَكَّمٍ أَوْ سَيِّدٍ (فِي عُقُوبَةٍ) لِآدَمِيٍّ (كَقِصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ) فَلَا يَسْتَقِلُّ مُسْتَحَقُّهَا بِاسْتِيفَائِهَا لِعِظَمِ خَطَرِهَا كَمَا فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ، نَعَمْ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: مَنْ وَجَبَ لَهُ تَعْزِيرٌ أَوْ حَدُّ قَذْفٍ وَكَانَ فِي بَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ السُّلْطَانِ فَلَهُ اسْتِيفَاؤُهُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي أَوَاخِرِ قَوَاعِدِهِ: لَوْ انْفَرَدَ بِحَيْثُ لَا يُرَى يَنْبَغِي أَنْ لَا يُمْنَعَ مِنْ الْقَوَدِ وَلَا سِيَّمَا إذَا عَجَزَ عَنْ إثْبَاتِهِ. . أَمَّا عُقُوبَةُ اللَّهِ تَعَالَى فَهِيَ وَإِنْ تَوَقَّفَتْ عَلَى الْقَاضِي أَيْضًا لَكِنْ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى فِيهَا لِانْتِفَاءِ حَقِّ الْمُدَّعِي فِيهَا، نَعَمْ لِقَاذِفٍ أُرِيدَ حَدُّهُ الدَّعْوَى عَلَى الْمَقْذُوفِ وَطَلَبُ حَلِفِهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَزْنِ كَمَا مَرَّ فِي كِتَابِ اللِّعَانِ يَسْقُطُ عَنْهَا الْحَدُّ إنْ نَكَلَ. وَمَا يُوجِبُ تَعْزِيرًا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى تُسْمَعُ فِيهِ الدَّعْوَى إنْ تَعَلَّقَ بِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ كَطَرْحِ حِجَارَةٍ بِطَرِيقٍ وَمَرَّ أَنَّهُ يَجِبُ الْأَدَاءُ عِنْدَ نَحْوِ أَمِيرٍ تَوَقَّفَ وُصُولُ الْحَقِّ إلَى رَبِّهِ عَلَيْهِ وَقَضِيَّتُهُ صِحَّةُ الدَّعْوَى عِنْدَهُ أَيْ إنْ تَوَقَّفَ ذَلِكَ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــS [كِتَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ] (قَوْلُهُ: وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ) أَيْ يَطْلُبُونَ (قَوْلُهُ: وَأَلِفُهَا لِلتَّأْنِيثِ) أَيْ لِأَنَّهَا بِوَزْنِ فَعْلَى (قَوْلُهُ: إخْبَارٌ عَنْ وُجُوبِ حَقٍّ إلَخْ) لَمْ يُقَيَّدْ الْحَقُّ بِكَوْنِهِ لَهُ لِيَشْمَلَ مَا لَوْ ادَّعَى الْوَلِيُّ بِمَالِ مُوَلِّيهِ أَوْ الْوَكِيلُ لِمُوَكِّلِهِ أَوْ النَّاظِرُ لِلْوَقْفِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ حَاكِمٍ) أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ وَهُوَ الْمُحَكَّمُ وَالسَّيِّدُ كَمَا يَأْتِي وَمَا يَلْحَقُ بِهِمَا كَذِي الشَّوْكَةِ إذَا تَصَدَّى لِفَصْلِ الْأُمُورِ بَيْنَ أَهْلِ مَحَلَّتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ أَيْضًا وَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمَرَّ أَنَّهُ يَجِبُ الْأَدَاءُ عِنْدَ نَحْوِ أَمِيرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا يَسْتَقِلُّ مُسْتَحِقُّهَا) أَيْ فَلَوْ خَالَفَ وَاسْتَقَلَّ وَقَعَتْ الْمَوْقِعَ وَإِنْ أَثِمَ بِاسْتِقْلَالِهِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَأَنَّهُ لَا يَقَعُ الْمَوْقِعَ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَعِيدَةٍ عَنْ السُّلْطَانِ) أَيْ أَوْ قَرِيبَةٍ مِنْهُ وَخَافَ مِنْ الرَّفْعِ إلَيْهِ عَدَمَ التَّمَكُّنِ مِنْ إثْبَاتِ حَقِّهِ أَوْ غُرْمَ دَرَاهِمَ فَلَهُ اسْتِيفَاءُ حَقِّهِ حَيْثُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ مَنْ يَثْبُتُ بِقَوْلِهِ وَأَمِنَ الْفِتْنَةَ (قَوْلُهُ: فَلَهُ اسْتِيفَاؤُهُ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ إذَا بَلَغَ الْإِمَامَ ذَلِكَ فَلَهُ تَعْزِيرُهُ لِافْتِيَاتِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُمْنَعَ مِنْ الْقَوَدِ) أَيْ شَرْعًا فَيَجُوزُ ذَلِكَ لَهُ بَاطِنًا (قَوْلُهُ: تَوَقَّفَ وُصُولُ الْحَقِّ إلَى رَبِّهِ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQكِتَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ (قَوْلُهُ: عَنْ وُجُوبِ حَقٍّ عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ لَهُ لِتَخْرُجَ الشَّهَادَةُ (قَوْلُهُ عِنْدَ حَاكِمٍ) أَيْ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ، وَعَبَّرَ عَنْ هَذَا فِي التُّحْفَةِ بِقَوْلِهِ لِيَلْزَمَهُ بِهِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ مَا ذَكَرْته أَوْلَى لِإِدْخَالِهِ جَمِيعَ شُرُوطِ الدَّعْوَى (قَوْلُهُ: كَمَا فِي النِّكَاحِ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّ هَذِهِ يُشْتَرَطُ فِيهَا الدَّعْوَى عِنْدَ مَنْ ذُكِرَ، وَضَابِطُ مَا تُشْتَرَطُ فِيهِ الدَّعْوَى عِنْدَ مَنْ ذُكِرَ كُلُّ مَا لَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ وَلَيْسَ بِمَالٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى فِيهَا إلَخْ) فَالطَّرِيقُ فِي إثْبَاتِهَا شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ (قَوْلُهُ: إنْ تَوَقَّفَ ذَلِكَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى ذَلِكَ الْغَيْرِ حَتَّى يَتَأَتَّى التَّنْظِيرُ فِيهِ وَلَا يَلْزَمُ

وَفِيهِ نَظَرٌ وَحِينَئِذٍ فَالْأَدَاءُ لِهَذِهِ الضَّرُورَةِ لَا يَسْتَدْعِي تَوَقُّفَهُ عَلَى دَعْوَى وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ تُشْتَرَطُ عَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِهِ بِاسْتِيفَائِهِ بِدُونِ قَاضٍ وَأَنَّهُ لَا يَقَعُ الْمَوْقِعَ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي حَدِّ الْقَذْفِ لَا الْقَوَدِ وَكُلُّ مَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى دَعْوَى وَخَرَجَ بِالْعُقُوبَةِ وَمَا مَعَهَا الْمَالُ لِأَنَّ لِلْمَالِكِ وَنَحْوِهِ أَخْذَهُ ظَفْرًا مِنْ غَيْرِ دَعْوَى. كَمَا قَالَ (وَإِنْ) (اسْتَحَقَّ) شَخْصٌ (عَيْنًا) عِنْدَ آخَرَ بِمِلْكٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ وَقْفٍ أَوْ وَصِيَّةٍ بِمَنْفَعَةٍ كَمَا بَحَثَهُ جَمْعٌ أَوْ وِلَايَةٍ كَأَنْ غُصِبَتْ عَيْنٌ لِمُوَلِّيهِ وَقَدِرَ عَلَى أَخْذِهَا (فَلَهُ أَخْذُهَا) مُسْتَقِلًّا بِهِ (إنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً) سَوَاءٌ أَكَانَتْ يَدُهُ عَادِيَةً أَمْ لَا كَأَنْ اشْتَرَى مَغْصُوبًا جَاهِلًا بِحَالِهِ، نَعَمْ مَنْ ائْتَمَنَهُ الْمَالِكُ كَمُودِعٍ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ أَخْذُ مَا تَحْتَ يَدِهِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ لِأَنَّ فِيهِ إرْعَابًا بِظَنِّ ضَيَاعِهَا وَفِي نَحْوِ الْإِجَارَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْعَيْنِ بِأَخْذِ الْعَيْنِ لِيَسْتَوْفِيَ مَنْفَعَتَهُ مِنْهَا وَفِي الذِّمَّةِ يَأْخُذُ قِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي اسْتَحَقَّهَا مِنْ مَالِهِ وَالْأَوْجَهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي شِرَاءِ غَيْرِ الْجِنْسِ بِالنَّقْدِ أَنَّهُ يَسْتَأْجِرُ بِهَا وَيُتَّجَهُ لُزُومُ اقْتِصَارِهِ عَلَى مَا تُيُقِّنَ أَنَّهُ قِيمَةٌ لِتِلْكَ الْمَنْفَعَةِ أَوْ سُؤَالُ عَدْلَيْنِ يَعْرِفَانِهَا وَالْعَمَلُ بِقَوْلِهِمَا (وَإِلَّا) بِأَنْ خَافَ فِتْنَةً: أَيْ مَفْسَدَةً تَقْضِي إلَى مُحَرَّمٍ كَأَخْذِ مَالِهِ لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بِأَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ أَوْ اسْتَوَيَا كَمَا بَحَثَهُ جَمَاعَةٌ (وَجَبَ الرَّفْعُ) مَا دَامَ مُرِيدًا لِلْأَخْذِ (إلَى قَاضٍ) أَوْ نَحْوِهِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْخَلَاصِ بِهِ (أَوْ دَيْنًا) حَالًّا (عَلَى غَيْرِ مُمْتَنِعٍ مِنْ الْأَدَاءِ طَالِبُهُ) لِيُؤَدِّيَ مَا عَلَيْهِ (وَلَا يَحِلُّ أَخْذُ شَيْءٍ) لِأَنَّ لَهُ الدَّفْعَ مِنْ أَيِّ مَالِهِ شَاءَ، فَإِنْ أَخَذَ شَيْئًا لَزِمَهُ رَدُّهُ وَبَدَلُهُ إنْ تَلِفَ مَا لَمْ يُوجَدْ شَرْطُ التَّقَاصِّ (أَوْ عَلَى مُنْكِرٍ) أَوْ مَنْ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَمَا نُوزِعَ بِهِ مِنْ قَوْلِ مُجَلِّي أَنَّ مَنْ لَهُ مَالٌ عَلَى صَغِيرٍ لَا يَأْخُذُ جِنْسَهُ مِنْ مَالِهِ اتِّفَاقًا مَحْمُولٌ بِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ يَسْهُلُ بِهَا خَلَاصُ حَقِّهِ (وَلَا بَيِّنَةَ) لَهُ عَلَيْهِ أَوْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَامْتَنَعُوا أَوْ طَلَبُوا مِنْهُ مَا لَا يَلْزَمُهُ أَوْ كَانَ حَاكِمُ مَحَلَّتِهِ جَائِرًا لَا يَحْكُمُ إلَّا بِرِشْوَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ فِي الصُّورَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ (أَخَذَ جِنْسَ حَقِّهِ مِنْ مَالِهِ) ظَفْرًا لِعَجْزِهِ عَنْ حَقِّهِ إلَّا بِذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ مُتَقَوِّمًا أَخَذَ مُمَاثِلَهُ مِنْ جِنْسِهِ لَا مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَمَعَ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ وَالْقَاضِي الْكَبِيرِ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) لَعَلَّهُ فِي غَيْرِ الْعُقُوبَةِ كَالنِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ فَقَطْ، حَتَّى لَوْ عَامَلَ مَنْ ادَّعَى زَوْجِيَّتَهَا أَوْ رَجْعِيَّتَهَا مُعَامَلَةَ الزَّوْجَةِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إذَا كَانَ صَادِقًا فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فِي حَدِّ الْقَذْفِ) أَيْ إذَا كَانَ قَرِيبًا مِنْ السُّلْطَانِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْبَعِيدَ لَا يُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ الرَّفْعُ (قَوْلُهُ: لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى دَعْوَى) بَلْ لَا تَجُوزُ اهـ حَجّ تَبَعًا لِلْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً) عَلَيْهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ اهـ حَجّ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِهِ عَلَقَةٌ (قَوْلُهُ: كَمُودِعٍ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ) أَيْ الْوَدِيعِ (قَوْلُهُ: وَفِي نَحْوِ الْإِجَارَةِ) أَيْ وَالْأَخْذُ فِي نَحْوِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِأَخْذِ الْعَيْنِ) أَيْ يَحْصُلُ بِأَخْذِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِتِلْكَ الْمَنْفَعَةِ) أَيْ وَقْتَ أَخْذِ مَا ظَفِرَ بِهِ (قَوْلُهُ: لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ) كَصَبِيٍّ (قَوْلُهُ: لَا يَحْكُمُ إلَّا بِرِشْوَةٍ) أَيْ وَإِنْ قَلَّتْ (قَوْلُهُ: أَخَذَ جِنْسَ حَقِّهِ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا فِي قُرَى مِصْرَ مِنْ إكْرَاهِ الشَّادِّ مَثَلًا أَهْلَ قَرْيَتِهِ عَلَى عَمَلٍ لِلْمُلْتَزِمِ الْمُسْتَوْلِي عَلَى الْقَرْيَةِ هَلْ الضَّمَانُ عَلَى الشَّادِّ أَوْ عَلَى الْمُلْتَزَمِ أَوْ عَلَيْهِمَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ عَلَى الشَّادِّ لِأَنَّ الْمُلْتَزِمَ لَمْ يُكْرِهْهُ عَلَى إكْرَاهِهِمْ، فَإِنْ فُرِضَ مِنْ الْمُلْتَزِمِ إكْرَاهٌ لِلشَّادِّ فَكُلٌّ مِنْ الشَّادِّ وَالْمُلْتَزِمِ طَرِيقٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ تَكْرَارُ هَذَا مَعَ مَا مَرَّ قَبْلَهُ لِأَنَّ الضَّمِيرَ عَلَيْهِ الْمَارَّ قَبْلَهُ رَاجِعٌ إلَى الْأَدَاءِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِاسْتِيفَائِهِ) أَيْ فِي غَيْرِ مَا مَرَّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ عَيْنًا) أَيْ وَلَوْ بِاعْتِبَارِ مَنْفَعَتِهَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا ذَكَرَ الشَّارِحُ بَعْدُ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَكَانَتْ يَدُهُ) أَيْ الْآخِذِ (قَوْلُهُ مِنْ مَالِهِ) أَيْ الْمُؤَجِّرِ (قَوْلُهُ: أَوْ سُؤَالٍ) هُوَ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى اقْتِصَارِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُتَقَوِّمًا) أَيْ كَأَنْ وَجَبَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ ثَوْبٌ أَوْ حَيَوَانٌ مَوْصُوفٌ بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ. أَمَّا لَوْ غُصِبَ مِنْهُ مُتَقَوِّمًا وَأَتْلَفَهُ أَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ مَثَلًا فَالْوَاجِبُ قِيمَتُهُ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْمِثْلِيِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، كَذَا قَالَهُ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ

غَيْرِهِ (وَكَذَا غَيْرُ جِنْسِهِ) وَلَوْ أَمَةً (إنْ فَقَدَهُ) أَيْ جِنْسَ حَقِّهِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِلضَّرُورَةِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَجِدْ نَقْدًا فَإِنْ وَجَدَهُ امْتَنَعَ عُدُولُهُ إلَى غَيْرِهِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَارْتَضَاهُ، ثُمَّ قَالَ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا كَانَ الْغَرِيمُ مُصَدِّقًا أَنَّهُ مِلْكُهُ فَلَوْ كَانَ مُنْكِرًا كَوْنَهُ لَهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَخْذُهُ وَجْهًا وَاحِدًا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ فِي الْوَكَالَةِ وَقَالَ: إنَّهُ مَقْطُوعٌ بِهِ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى مَحْجُورِ فَلَسٍ أَوْ مَيِّتٍ لَمْ يَأْخُذْ إلَّا قَدْرَ حِصَّتِهِ بِالْمُضَارَبَةِ إنْ عَلِمَهَا وَإِلَّا احْتَاطَ وَقِيلَ قَوْلَانِ وَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ تَمَلُّكِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ مَالَ غَيْرِهِ لِنَفْسِهِ (أَوْ عَلَى مُقِرٍّ مُمْتَنِعٍ أَوْ مُنْكِرٍ وَلَهُ بَيِّنَةٌ فَكَذَلِكَ) لَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِأَخْذِ حَقِّهِ لِمَا فِي الرَّفْعِ مِنْ الْمَشَقَّةِ وَالْمُؤْنَةِ (وَقِيلَ يَجِبُ الرَّفْعُ إلَى قَاضٍ) لِإِمْكَانِهِ وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ يَرْجُو إقْرَارَهُ لَوْ أَحْضَرَهُ عِنْدَ الْقَاضِي وَعَرَضَهُ عَلَيْهِ وَجَبَ إحْضَارُهُ، هَذَا كُلُّهُ فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ. . أَمَّا الزَّكَاةُ لَوْ امْتَنَعَ الْمَالِكُ مِنْ أَدَائِهَا وَظَفِرَ الْمُسْتَحِقُّونَ بِجِنْسِهَا فَلَيْسَ لَهُمْ الْأَخْذُ وَإِنْ انْحَصَرُوا لِتَوَقُّفِهَا عَلَى النِّيَّةِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ عَزَلَ قَدْرَهَا وَنَوَى وَعَلِمُوا ذَلِكَ جَازَ لِلْمَحْصُورِينَ أَخْذُهَا بِالظَّفْرِ حِينَئِذٍ، وَالْأَقْرَبُ خِلَافُهُ إذْ لَا يَتَعَيَّنُ لَهَا بِمَا ذُكِرَ بِدَلِيلِ أَنَّ لَهُ الْإِخْرَاجَ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَوْ ادَّعَى مَنْ أُخِذَ مِنْ مَالِهِ عَلَى الظَّافِرِ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ مَالِهِ كَذَا فَقَالَ: مَا أَخَذْتُ فَأَرَادَ اسْتِحْلَافَهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا أَخَذَ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا وَلَوْ كَانَ مُقِرًّا لَكِنَّهُ يَدَّعِي تَأْجِيلَهُ كَذِبًا وَلَوْ حُلِّفَ لَحَلَفَ فَلِلْمُسْتَحِقِّ الْأَخْذُ مِنْ مَالِهِ مِمَّا يَظْفَرُ بِهِ أَوْ كَانَ مُقِرًّا لَكِنَّهُ ادَّعَى الْإِعْسَارَ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَوْ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَرَبُّ الدَّيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي الضَّمَانِ وَقَرَارُهُ عَلَى الْمُلْتَزِمِ (قَوْلُهُ: إنَّهُ) أَيْ الْمَالَ مِلْكُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ مُنْكِرًا) أَيْ وَإِنْ كَانَ مُتَصَرِّفًا فِيهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ لِجَوَازِ أَنَّهُ مَغْصُوبٌ وَتَعَدَّى بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ أَوْ أَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَجْهًا وَاحِدًا) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا احْتَاطَ) أَيْ فَيَأْخُذُ مَا تَيَقَّنَ أَنَّ أَخْذَهُ لَا يَزِيدُ عَلَى مَا يَخُصُّهُ (قَوْلُهُ: لِتَوَقُّفِهَا عَلَى النِّيَّةِ) حَتَّى لَوْ مَاتَ مَنْ لَزِمَتْهُ الزَّكَاةُ لَمْ يَجُزْ الْأَخْذُ مِنْ تَرِكَتِهِ لِقِيَامِ وَارِثِهِ مَقَامَهُ خَاصًّا كَانَ أَوْ عَامًّا (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ خِلَافُهُ) تَقَدَّمَ فِي هَامِشِ فَصْلِ تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَى الْفَوْرِ عَنْ فَتْوَى شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الزَّكَاةَ مَعَ الْإِفْرَازِ فَأَخَذَهَا صَبِيٌّ أَوْ كَافِرٌ وَدَفَعَهَا لِمُسْتَحِقِّهَا أَوْ أَخَذَهَا الْمُسْتَحِقُّ لِنَفْسِهِ ثُمَّ عَلِمَ الْمَالِكُ بِذَلِكَ أَجْزَأَهُ وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهُ مِنْهَا لِوُجُودِ النِّيَّةِ مِنْ الْمُخَاطَبِ بِالزَّكَاةِ مُقَارَنَةً لِفِعْلِهِ وَيَمْلِكُهَا الْمُسْتَحِقُّ، لَكِنْ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمَالِكُ بِذَلِكَ وَجَبَ إخْرَاجُهَا اهـ وَهُوَ خِلَافُ مَا اسْتَوْجَهَهُ الشَّارِحُ، وَقَدْ قَدَّمَ فِي ذَلِكَ الْفَصْلِ نَقْلَ مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا عَنْ بَعْضِهِمْ وَرَدَّهُ بِمَا أَشَرْنَا فِي هَوَامِشِهِ إلَى الْبَحْثِ فِيهِ اهـ سم عَلَى حَجّ أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا لَا يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ سم عَنْ إفْتَاءِ وَالِدِ الشَّارِحِ لِجَوَازِ أَنَّ مَا هُنَا فِي مُجَرَّدِ عَدَمِ جَوَازِ أَخْذِ الْمُسْتَحِقِّ لِمَا عَلَّلَ بِهِ مِنْ أَنَّ الْمَالِكَ لَهُ إبْدَالُ مَا مَيَّزَهُ لِلزَّكَاةِ، وَهَذَا لَا يَمْنَعُ مِنْ مِلْكِ الْمُسْتَحِقِّ حَيْثُ أَخَذَهُ بَعْدَ تَمْيِيزِ الْمَالِكِ وَنِيَّتِهِ وَإِنْ أَثِمَ بِالْأَخْذِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ ادَّعَى مَنْ أَخَذَ مِنْ مَالِهِ) قَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ فَإِنَّهُ حِينَ أَخَذَهُ كَانَ مِنْ مَالِ غَرِيمِهِ، وَإِنَّمَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ بِالطَّرِيقِ الْآتِي بَعْدُ فَكَيْفَ سَاغَ لَهُ الْحَلِفُ، عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَنْوِي أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ مَالِهِ الَّذِي لَا يَسْتَحِقُّ الْأَخْذَ مِنْهُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الرَّوْضِ التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ وَعِبَارَتُهُ فِي فَصْلِ سَنِّ تَغْلِيظِ يَمِينٍ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ مَا نَصُّهُ: فَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إذَا كَانَ الْغَرِيمُ مُصَدِّقًا) لَعَلَّهُ بِمَعْنَى مُعْتَقِدًا (قَوْلُهُ: أَوْ مَيِّتٍ) أَيْ عَلَيْهِ دَيْنٌ كَمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَعَرَضَهُ عَلَيْهِ) أَيْ الْيَمِينَ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ لَا بَيِّنَةَ (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا، إلَى قَوْلِهِ: وَجَبَ إحْضَارُهُ) أَيْ أَمَّا عَلَى الصَّحِيحِ فَلَهُ الْأَخْذُ اسْتِقْلَالًا (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُمْ الْأَخْذُ وَإِنْ انْحَصَرُوا لِتَوَقُّفِهَا عَلَى النِّيَّةِ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا كَاَلَّذِي بَعْدَهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الزَّكَاةِ مَا دَامَتْ مُتَعَلِّقَةً بِعَيْنِ الْمَالِ. أَمَّا لَوْ انْتَقَلَ تَعَلُّقُهَا لِلذِّمَّةِ بِأَنْ أَتْلَفَ الْمَالَ الَّذِي تَعَلَّقَتْ بِعَيْنِهِ فَظَاهِرٌ أَنَّهَا تَصِيرُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ فَيُجْرَى فِيهَا حُكْمُ الظَّرْفِ هَكَذَا ظَهَرَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: كَانَ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا أَخَذَ مِنْ مَالِهِ شَيْءٌ) أَيْ وَيَنْوِيَ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ

يَعْلَمُ لَهُ مَالًا كَتَمَهُ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى بَيِّنَةٍ فَلَهُ الْأَخْذُ مِنْهُ وَلَوْ جَحَدَ قَرَابَةَ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ أَوْ ادَّعَى الْعَجْزَ عَنْهَا كَاذِبًا أَوْ أَنْكَرَ الزَّوْجِيَّةَ فَعَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي قَرَّرْنَاهُ لَكِنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُ قُوتَ يَوْمٍ بِيَوْمٍ مِمَّا يَظْفَرُ بِهِ (وَإِذَا جَازَ الْأَخْذُ) ظَفْرًا (فَلَهُ كَسْرُ بَابٍ وَنَقْبُ جِدَارٍ) لِغَرِيمِهِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ كَرَهْنٍ وَإِجَارَةٍ وَحَجْرِ فَلَسٍ وَوَصِيَّةٍ كَمَا مَرَّ (لَا يَصِلُ إلَى الْمَالِ إلَّا بِهِ) لِأَنَّ مَنْ اسْتَحَقَّ شَيْئًا اسْتَحَقَّ الْوُصُولَ إلَيْهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَدَفْعِ الصَّائِلِ وَلَوْ كَانَ بِذَلِكَ أَجْنَبِيًّا لَمْ يَجُزْ فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ وَيَمْتَنِعُ النَّقْبُ وَنَحْوُهُ فِي غَيْرِ مُتَعَدٍّ لِنَحْوِ صِغَرٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِي غَائِبٍ مَعْذُورٍ وَإِنْ جَازَ الْأَخْذُ وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا لَوْ كَانَ الَّذِي لَهُ تَافِهَ الْقِيمَةِ أَوْ اخْتِصَاصًا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ (ثُمَّ الْمَأْخُوذُ مِنْ جِنْسِهِ) أَيْ جِنْسِ حَقِّهِ (يَتَمَلَّكُهُ) بَدَلًا عَنْهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِمُجَرَّدِ أَخْذِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَوَجْهُهُ أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ إنَّمَا يَجُوزُ لِمَنْ يَقْصِدُ أَخْذَ حَقِّهِ بِلَا شَكٍّ وَلِهَذَا قَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ: لَوْ أَخَذَهُ لِيَكُونَ رَهْنًا بِحَقِّهِ لَمْ يَجُزْ وَإِذَا وُجِدَ الْقَصْدُ مُقَارِنًا لِلْأَخْذِ كَفَى وَلَا حَاجَةَ إلَى اشْتِرَاطِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ: فَإِنْ قَصَدَ أَخْذَهُ عَنْ حَقِّهِ مَلَكَهُ وَقَالَ الْبَغَوِيّ فَإِذَا أَخَذَ جِنْسَ حَقِّهِ مَلَكَهُ انْتَهَى وَوَافَقَهُ الْأَذْرَعِيُّ ثُمَّ قَالَ: فَمَعْنَى يَتَمَلَّكُهُ يَتَمَوَّلُهُ وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا كَانَ بِصِفَتِهِ أَوْ صِفَةٍ أَدْوَنَ، وَالثَّانِي عَلَى غَيْرِ الْجِنْسِ أَوْ غَيْرِ الصِّفَةِ بِأَنْ كَانَ بِصِفَةٍ أَرْفَعَ إذْ هُوَ كَغَيْرِ الْجِنْسِ فِيمَا يَأْتِي فِيهِ، (وَ) الْمَأْخُوذُ (مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ الْجِنْسِ أَوْ مِنْهُ وَهُوَ بِصِفَةٍ أَرْفَعَ كَمَا تَقَرَّرَ (يَبِيعُهُ) بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ لِأَجْنَبِيٍّ لَا لِنَفْسِهِ اتِّفَاقًا أَيْ وَلَا لِمَحْجُورِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِامْتِنَاعِ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ وَلِلتُّهْمَةِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَتَيَسَّرْ عِلْمُ الْقَاضِي بِهِ لِعَدَمِ عِلْمِهِ وَلَا بَيِّنَةَ أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا لَكِنَّهُ يَحْتَاجُ لِمُؤْنَةٍ وَمَشَقَّةٍ وَإِلَّا اُشْتُرِطَ إذْنُهُ (وَقِيلَ: يَجِبُ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَيَنْوِي بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ وَلَا يَأْثَمُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الْأَخْذُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَالِ الْمَكْتُومِ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُ قُوتَ يَوْمٍ بِيَوْمٍ) هَذَا وَاضِحٌ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ سُهُولَةُ الْأَخْذِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَ مَا يَكْفِيهِ مُدَّةً يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ سُهُولَةِ الْأَخْذِ فِيهَا (قَوْلُهُ: اسْتَحَقَّ الْوُصُولَ إلَيْهِ) وَمِنْ لَازِمِهِ جَوَازُ السَّبَبِ فِيمَا يُوصَلُ إلَيْهِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ وَجَدَ مَا يَأْخُذُهُ. فَإِنْ لَمْ يَجِدْ شَيْئًا فَهَلْ يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ لِبِنَائِهِ عَلَى ظَنٍّ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ أَوَّلًا لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِي أَصْلِ الْفِعْلِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ إنَّمَا جُوِّزَ لَهُ ذَلِكَ لِلتَّوَصُّلِ بِهِ إلَى اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ وَحَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ ذَلِكَ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ فِي فِعْلِهِ وَعَدَمُ الْعِلْمِ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ لَا يُنَافِي الضَّمَانَ (قَوْلُهُ: وُكِّلَ بِذَلِكَ) أَيْ بِالْكَسْرِ وَالنَّقْبِ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي مُنَاوَلَتِهِ لَهُ مِنْ غَيْرِ كَسْرٍ وَلَا نَقْبٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ) أَيْ إنْ وَكَّلَ أَجْنَبِيًّا ضَمِنَ الْأَجْنَبِيُّ لِأَنَّ الْمُبَاشَرَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى السَّبَبِ (قَوْلُهُ: لِنَحْوِ صِغَرٍ) أَيْ جُنُونٍ (قَوْلُهُ: تَافِهَ الْقِيمَةِ) أَيْ وَلَوْ أَقَلَّ مُتَمَوِّلٍ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ جَوَازِ ذَلِكَ لِأَخْذِ الِاخْتِصَاصِ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: مَلَكَهُ) أَيْ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ الْأَوَّلِ) مُرَادُهُ بِالْأَوَّلِ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِتَمَلُّكٍ، وَبِالثَّانِي الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِنَفْسِ الْأَخْذِ، وَعِبَارَةُ حَجّ فِي إفَادَةِ هَذَا الْمَعْنَى أَوْضَحُ مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: وَالْمَأْخُوذُ مِنْ غَيْرِهِ) مِنْهُ الْأَمَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا غَيْرُ جِنْسِهِ وَلَوْ أَمَةً فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ اسْتِخْدَامُهَا وَالنَّظَرُ إلَيْهَا وَإِنْ خَافَ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) اُنْظُرْ أَيْنَ مَرَّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَعَلَ) يَعْنِي الْوَكِيلَ (قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ) ظَاهِرُ السِّيَاقِ أَنَّ التَّشْبِيهَ الَّذِي أَفَادَتْهُ الْكَافُ بِالنِّسْبَةِ لِشُمُولِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا ذُكِرَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْحُكْمِ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ وَهُوَ كَذَلِكَ عَقِبَ قَوْلِهِ أَوْ اخْتِصَاصًا (قَوْلُهُ: وَوَجْهُهُ) يَعْنِي وَوَجْهُ مَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ مِنْ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ، وَانْظُرْ مَا مَعْنَى قَوْلِهِ بِلَا شَكٍّ وَمَا الدَّاعِي إلَيْهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ لَوْ أَخَذَهُ لِيَكُونَ رَهْنًا بِحَقِّهِ لَمْ يَجُزْ) أَيْ فَإِنْ أَخَذَهُ كَذَلِكَ لَمْ يَمْلِكْهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ وإذَا وُجِدَ الْقَصْدُ مُقَارِنًا لِلْأَخْذِ كَفَى (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْبَغَوِيّ: فَإِذَا أَخَذَ جِنْسَ حَقِّهِ مَلَكَهُ) أَيْ إذَا وُجِدَ ذَلِكَ الْقَصْدُ فَهُوَ مُقَيَّدٌ بِكَلَامِ الْإِمَامِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: لِامْتِنَاعِ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ) أَيْ هُنَا لِأَنَّ الْمَالَ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ لِأَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ: وَلَا حَاجَةَ إلَى اشْتِرَاطِهِ) يَعْنِي التَّمَلُّكَ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ الْأَوَّلِ) يَعْنِي مَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ

دَفْعُهُ إلَى قَاضٍ يَبِيعُهُ) مُطْلَقًا كَمَا لَوْ أَمْكَنَهُ تَخْلِيصُ حَقِّهِ بِالْمُطَالَبَةِ وَالتَّقَاصِّ وَلَا يَبِيعُهُ إلَّا بِنَقْدِ الْبَلَدِ ثُمَّ إنْ كَانَ جِنْسُ حَقِّهِ تَمَلَّكَهُ وَإِلَّا اشْتَرَى جِنْسَ حَقِّهِ لَا بِصِفَةٍ أَرْفَعَ وَتَمَلَّكَهُ وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَقُّهُ دَرَاهِمَ صِحَاحًا فَظَفِرَ بِمُكَسَّرَةٍ فَلَهُ أَخْذُهَا وَتَمَلُّكُهَا أَوْ مُكَسَّرَةً فَظَفِرَ بِصِحَاحٍ جَازَ أَخْذُهَا لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ، وَلَا يَمْتَلِكُهَا وَلَا يَشْتَرِي بِهَا مُكَسَّرَةً لَا مُتَفَاضِلًا لِلرِّبَا وَلَا مُتَسَاوِيًا لِأَنَّهُ يَجْحَفُ بِالْمَأْخُوذِ مِنْهُ لَكِنْ يَبِيعُ صِحَاحَ الدَّرَاهِمِ بِدَنَانِيرَ وَيَشْتَرِي بِهَا دَرَاهِمَ مُكَسَّرَةً وَيَتَمَلَّكَهَا (وَالْمَأْخُوذُ) مِنْ الْجِنْسِ وَغَيْرِهِ (مَضْمُونٌ عَلَيْهِ) أَيْ الْآخِذِ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ لِحَظِّ نَفْسِهِ (فِي الْأَصَحِّ فَيَضْمَنُهُ إنْ تَلِفَ قَبْلَ تَمَلُّكِهِ) أَيْ الْجِنْسِ (وَ) قَبْلَ (بَيْعِهِ) أَيْ غَيْرِ الْجِنْسِ، بَلْ وَيَضْمَنُ ثَمَنَهُ أَيْضًا إنْ تَلِفَ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ شِرَاءِ الْجِنْسِ بِهِ فَلْيُبَادِرْ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ، فَإِنْ أَخَّرَ فَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ ضَمِنَ النَّقْصَ، وَلَوْ نَقَصَتْ وَارْتَفَعَتْ وَتَلِفَ ضَمِنَ الْأَكْثَرَ قَبْلَ التَّمَلُّكِ لِمَالِكِهِ وَالثَّانِي لَا يَضْمَنُهُ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ لِلتَّوَثُّقِ وَالتَّوَصُّلِ بِهِ إلَى الْحَقِّ فَأَشْبَهَ الرَّهْنَ، وَإِذْنُ الشَّرْعِ فِي الْأَخْذِ يَقُومُ مَقَامَ إذْنِ الْمَالِكِ. وَ (لَا يَأْخُذُ) الْمُسْتَحِقُّ (فَوْقَ حَقِّهِ إنْ أَمْكَنَ الِاخْتِصَارُ) عَلَى قَدْرِ حَقِّهِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ، فَإِنْ زَادَ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ عَدَمِ أَخْذِ الزِّيَادَةِ ضَمِنَهَا وَإِلَّا كَأَنْ كَانَ لَهُ مِائَةٌ فَرَأَى ثَوْبًا بِمِائَتَيْنِ لَمْ يَضْمَنْ الزِّيَادَةَ لِعُذْرِهِ وَيَقْتَصِرُ فِيمَا يَتَجَزَّأُ عَلَى بَيْعِ قَدْرِ حَقِّهِ وَكَذَا فِي غَيْرِهِ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا بَاعَ الْكُلَّ ثُمَّ يَرُدُّ الزَّائِدَ لِمَالِكِهِ بِنَحْوِ هِبَةٍ إنْ أَمْكَنَهُ وَإِلَّا أَمْسَكَهُ إلَى الْإِمْكَانِ. (وَلَهُ أَخْذُ مَالِ غَرِيمِ غَرِيمِهِ) كَأَنْ يَكُونَ لِزَيْدٍ مَثَلًا عَلَى عَمْرٍو دَيْنٌ وَلِعَمْرٍو عَلَى بَكْرٍ مِثْلُهُ فَلِزَيْدٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ بَكْرٍ مَالَهُ عَلَى عَمْرٍو، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ رَدُّ عَمْرٍو وَإِقْرَارُ بَكْرٍ لَهُ وَلَا جُحُودُ ـــــــــــــــــــــــــــــSاطِّلَاعِ مَالِكِهَا عَلَيْهَا إذَا أَرَادَ بَيْعَهَا لِأَنَّهُ يُمْكِنُ بَيْعُهَا فِي غَيْرِ مَحَلَّتِهِ بِحَيْثُ لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهَا، وَبِفَرْضِ تَعَذُّرِ ذَلِكَ فَهُوَ نَادِرٌ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ كَانَ جِنْسُ حَقِّهِ تَمَلَّكَهُ) يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا مَرَّ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ قَوْلِهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقَضِيَّتُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَخَذَهُ لِحَظِّ نَفْسِهِ) كَالْمُسْتَامِ اهـ مَحَلِّيٌّ. قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: فَيَضْمَنُهُ بِأَقْصَى قِيَمِهِ كَالْمَغْصُوبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْأَذْرَعِيُّ وَقَوْلُهُ وَالثَّانِي يَعْنِي مَا فِي الْمَتْنِ وَكَانَ الْأَصْوَبُ أَنْ يُعَبِّرَ بِالْأَوَّلِ بَدَلَ الثَّانِي وَبِالْعَكْسِ عَلَى أَنَّ الصَّوَابَ حَذْفُ قَوْلِهِ عَلَى غَيْرِ الْجِنْسِ وَالشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي هَذَا الْجَمْعِ الَّذِي نَقَلَهُ عَنْ غَيْرِهِ. وَأَعْلَمَ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا الْجَمْعِ اتِّحَادُ هَذَا الْقِسْمِ مَعَ الْقِسْمِ الثَّانِي الْآتِي وَضَيَاعُ تَفْصِيلِ الْمَتْنِ وَالسُّكُوتُ عَنْ حُكْمِ مَا إذَا كَانَ بِصِفَةِ حَقِّهِ أَوْ بِصِفَةٍ أَدْوَنَ فَالْوَجْهُ مَا أَفَادَهُ الْعَلَّامَةُ الْأَذْرَعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ غَيْرُ حَاصِلٍ مَا أَفَادَهُ هَذَا الْجَمْعُ الَّذِي اسْتَوْجَهَهُ الشَّارِحُ وَإِنْ ادَّعَى الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ أَنَّهُ مُفَادُهُ وَحَاصِلُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ عَنْ التَّقْيِيدِ بِتَيَسُّرِ عِلْمِهِ وَغَيْرِهِ وَبَيْنَ وُجُودِ الْبَيِّنَةِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: لَا بِصِفَةٍ أَرْفَعَ وَتَمْلِكُهُ) اُنْظُرْ هَلْ التَّمَلُّكُ هُنَا عَلَى ظَاهِرِهِ، أَوْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ الْآتِي بَعْدَ الْمَتْنِ إنَّ تَلِفَ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ شِرَاءِ الْجِنْسِ إلَخْ إرَادَةُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَتَمْلِكُهَا) يَعْنِي تَمَوُّلَهَا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: مِنْ الْجِنْسِ وَغَيْرِهِ) نَظَرَ فِيهِ ابْنُ قَاسِمٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْجِنْسِ لِمَا مَرَّ مِنْ مِلْكِهِ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ التَّلَفُ قَبْلَ التَّمَلُّكِ، قَالَ: إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالتَّمَلُّكِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ التَّمَوُّلُ كَمَا مَرَّ فَهُوَ دَفْعٌ لِتَوَهُّمِ أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ قَبْلَ التَّصَرُّفِ فِيهِ يَبْقَى حَقُّهُ، قَالَ: وَلَا يُفِيدُهُ تَصْوِيرُهُ بِمَا إذَا كَانَ بِصِفَةٍ أَرْفَعَ لِأَنَّهُ مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي: أَيْ وَهُوَ لَا بُدَّ مِنْ بَيْعِهِ كَمَا مَرَّ فَلَا يَتِمُّ قَوْلُهُ الْآتِي مَعَ الْمَتْنِ قَبْلَ تَمَلُّكِهِ: أَيْ الْجِنْسِ وَقَبْلَ بَيْعِهِ: أَيْ غَيْرِ الْجِنْسِ اهـ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: وَلِعَمْرٍو عَلَى بَكْرٍ مِثْلُهُ) هَلْ الْمُرَادُ الْمِثْلِيَّةُ فِي أَصْلِ الدَّيْنِيَّةِ لَا فِي الْجِنْسِ وَالصِّفَةِ أَوْ حَقِيقَةُ الْمِثْلِيَّةِ بِحَيْثُ يَجُوزُ تَمَلُّكُهُ لَوْ ظَفِرَ بِهِ مِنْ مَالِ غَرِيمِهِ، وَإِذَا قُلْنَا بِالثَّانِي فَهَلْ لَهُ أَخْذُ غَيْرِ الْجِنْسِ مِنْ مَالِ غَرِيمِ الْغَرِيمِ؟ تَرَدَّدَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ

بَكْرٍ اسْتِحْقَاقَ زَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَكَأَصْلِهَا وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عِلْمُ الْغَرِيمَيْنِ بِالْأَخْذِ وَتَنْزِيلُ مَالِ الثَّانِي مَنْزِلَةَ مَالِ الْأَوَّلِ، كَذَا قَالَهُ الشَّارِحُ لَكِنْ بِإِثْبَاتِ الْوَاوِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ رَدُّ عَمْرٍو تَبَعًا لِمَا فِي نُسَخِ الرَّوْضَةِ الْمُعْتَمَدَةِ وَوَقَعَ فِي غَيْرِهَا حَذْفُهَا وَهُوَ أَوْضَحُ مِنْ إثْبَاتِهَا، وَعَلَى الْإِثْبَاتِ يَبْقَى الْمَعْنَى وَلَا يَمْنَعُ مِنْ الْأَخْذِ رَدُّ عَمْرٍو، وَالْحَالُ أَنَّ بَكْرًا أَقَرَّ لَهُ، فَلَوْ رَدَّ عَمْرٌو قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ لَهُ دَيْنًا عَلَى بَكْرٍ وَوَافَقَهُ بَكْرٌ عَلَى رَدِّ عَمْرٍو لَمْ يَجُزْ الْأَخْذُ مِنْ مَالِ بَكْرٍ شَيْئًا لِعَدَمِ الْمُقْتَضَى، وَقَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عِلْمُ الْغَرِيمَيْنِ بِالْأَخْذِ فِي الْأَخْذِ تَكَلُّفٌ، وَكَأَنَّهُ لَمَّا قَالَ: لَا يَمْنَعُ مِنْ الْأَخْذِ رَدُّ عَمْرٍو إقْرَارَ بَكْرٍ فُهِمَ بِالْإِشَارَةِ أَنَّهُ لَمَّا إنْ كَانَ رَدُّ عَمْرٍو إقْرَارَ بَكْرٍ لَا يَمْنَعُ عِلْمَ أَنَّ عَمْرًا عَلِمَ بِالْأَخْذِ. وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ وَلَا جُحُودُ بَكْرٍ دَيْنَ زَيْدٍ أَنَّ بَكْرًا يَعْلَمُ بِأَخْذِ زَيْدٍ حَتَّى يَجْحَدَ دَيْنَهُ وَأَنَّ لَهُ الْأَخْذَ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ إذْ قَدْ يَعْلَمُ الْآخِذُ قَبْلَ أَخْذِهِ كُلًّا مِنْ الْأَمْرَيْنِ وَيُقَدَّمُ عَلَى الْآخِذِ قَبْلَ عِلْمِهِمَا نَعَمْ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ قِيَاسِهِمْ أَخْذُ غَرِيمِ الْغَرِيمِ عَلَى أَخْذِ الْغَرِيمِ وَأَنَّ مِنْ شَرْطِ الْقِيَاسِ الْمُسَاوَاةُ فَقِيَاسُ أَخْذٍ عَلَى أَخْذٍ إنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ تَسَاوَى الْأَخْذَانِ فَاَلَّذِي يُسَاوِي أَخْذَ مَنْ جَاحَدَ وَلَا بَيِّنَةَ أَوْ مُقِرٌّ مُمْتَنِعٌ إلَى آخِرِهِ فَإِذَا كَانَ فِي أَخْذِ مَالِ غَرِيمِ الْغَرِيمِ ضَرَرٌ عَلَى زَيْدٍ لَمْ يَجُزْ الْأَخْذُ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا أَخَذَ مِنْ مَالِهِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِ الْغَرِيمِ وَغَرِيمِ الْغَرِيمِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَدْفَعَ الْمَالَ مَرَّتَيْنِ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِأَخْذِ زَيْدٍ وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَعْلَمْ عَمْرٌو بِالْأَخْذِ مِنْ بَكْرٍ فَإِنَّ عَمْرًا يُطَالِبُ بَكْرًا ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ فَلَا يَتَأَتَّى انْدِفَاعُ الضَّرَرِ إلَّا بِعِلْمِهِمَا بِالْأَخْذِ وَحَيْثُ عَلِمَا بِهِ يُسَاوِي أَخْذَ مَالِ الْغَرِيمِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَخْذَيْنِ مُوَصِّلٌ لِلْحَقِّ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ، وَأَيْضًا يُؤْخَذُ مِنْهُ تَنْزِيلُ مَالِ غَرِيمِ الْغَرِيمِ بِقَوْلِهِ مَالُ الْغَرِيمِ وَالْأَخْذُ مِنْ مَالِ الْغَرِيمِ وَأَنَّ جَوَازَهُ مَشْرُوطٌ بِكَوْنِهِ جَاحِدًا أَوْ مُمَاطِلًا فَلْيَكُنْ الْمَقِيسُ مِثْلَهُ، فَإِذَا أُخِذَ بِإِطْلَاقِهِ جَوَازُ أَخْذِ مَالِ غَرِيمِ الْغَرِيمِ لَمْ يُنَزَّلْ مَالُهُ مَنْزِلَةَ مَالِ الْغَرِيمِ، عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ اللُّزُومِ زِيَادَةُ إيضَاحٍ وَإِلَّا فَالتَّصْوِيرُ الْمَذْكُورُ يُعْلَمُ مِنْهُ عِلْمُ الْغَرِيمَيْنِ. أَمَّا عِلْمُ الْغَرِيمِ فَمِنْ قَوْلِهِمْ وَإِنْ رَدَّ عَمْرٌو إقْرَارَ بَكْرٍ لَهُ وَأَمَّا عِلْمُ غَرِيمِ غَرِيمِهِ فَمِنْ قَوْلِهِمْ أَوْ جَحَدَ بَكْرٌ إلَخْ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ الْغَرِيمُ قَدْ لَا يَعْلَمُ بِالْأَخْذِ فَيَأْخُذُ مِنْ مَالِ غَرِيمِهِ فَيُؤَدِّي إلَى الْأَخْذِ مَرَّتَيْنِ وَغَرِيمُهُ قَدْ لَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ فَيَأْخُذُ مِنْهُ الْغَرِيمُ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ فَالتَّشْبِيهُ بِالنِّسْبَةِ لِأَصْلِ الضَّمَانِ اهـ عُبَابٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ) أَيْ الْأَخْذِ (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ عَلِمَا بِهِ يُسَاوِي أَخْذَ مَالِ غَرِيمِ الْغَرِيمِ) (قَوْلُهُ: فَلْيَكُنْ الْمَقِيسُ مِثْلَهُ) وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ لَهُ كَسْرَ بَابِ غَرِيمِ الْغَرِيمِ وَنَقْبَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَتَنْزِيلُ مَالِ الثَّانِي مَنْزِلَةَ مَالِ الْأَوَّلِ) أَيْ فِي اشْتِرَاطِ كَوْنِ صَاحِبِهِ جَاحِدًا وَلَا بَيِّنَةَ إلَخْ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ لَهُ) أَيْ لِعَمْرٍو (قَوْلُهُ وَوَافَقَ بَكْرًا إلَخْ) وَكَذَا إذَا كَانَ الرَّادُّ بَكْرًا فَقَطْ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَمَّا إنْ كَانَ رَدَّ عَمْرٍو إلَخْ) هُوَ مُجَرَّدُ تَكْرِيرٍ لِمَا قَبْلَهُ فَالْأَصْوَبُ حَذْفُهُ إلَى قَوْلِهِ أَنَّ عَمْرًا عَلِمَ بِالْأَخْذِ (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ) أَيْ فِي الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ: إذْ قَدْ يُعْلَمُ الْأَخْذُ قَبْلَ أَخْذِهِ) لَمْ أَفْهَمْ لِهَذَا مَعْنًى فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إنْ أَرَادَ أَنَّهُ يُؤْخَذُ إلَخْ) لَيْسَ فِي نُسَخِ الشَّرْحِ لِهَذَا الشَّرْطِ جَوَابٌ (قَوْلُهُ: وَأَيْضًا يُؤْخَذُ مِنْهُ تَنْزِيلُ مَالِ غَرِيمِ الْغَرِيمِ إلَخْ) أَيْ حَسَبَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ الْجَلَالُ فِيمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَالْأَخْذُ مِنْ مَالِ الْغَرِيمِ) اُنْظُرْ مَعْنَاهُ وَمَا هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْأَخْذَ مِنْهُ مَشْرُوطٌ بِكَوْنِهِ جَاحِدًا أَوْ مُمَاطِلًا) اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِ الرَّوْضَةِ الْمَارِّ. وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ رَدُّ عَمْرٍو إقْرَارَ بَكْرٍ لَهُ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ) هَذَا كَلَامٌ لَا مَعْنَى لَهُ هُنَا إذْ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِهِ ذِكْرُ لُزُومٍ، ثُمَّ قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالتَّصْوِيرُ الْمَذْكُورُ يُعْلَمُ مِنْهُ إلَخْ هُوَ عَيْنُ مَا قَدَّمَهُ عَنْ الشَّارِحِ الْجَلَالِ وَتَعَقَّبَهُ بِمَا مَرَّ. وَعُذْرُهُ بِأَنَّهُ لَمَّا نَقَلَ الْكَلَامَ الْمُتَقَدِّمَ عَمَّنْ نَقَلَهُ عَنْهُ

فَيُؤَدِّي إلَى ذَلِكَ أَيْضًا، وَوَجْهُ انْدِفَاعِهِ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُصَوَّرَةٌ بِالْعِلْمِ فَلَا يُرَدُّ ذَلِكَ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ) وَيُعْتَبَرُ فِيهِ كَوْنُهُ مُعَيَّنًا مَعْصُومًا مُكَلَّفًا أَوْ سَكْرَانَ وَلَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ فَيَقُولُ وَوَلِيِّي يَسْتَحِقُّ تَسَلُّمَهُ (مَنْ يُخَالِفُ قَوْلُهُ الظَّاهِرَ) وَهُوَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ (وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ) الْمُتَّصِفُ بِمَا مَرَّ (مَنْ يُوَافِقُهُ) وَلِذَلِكَ جُعِلَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْ الْيَمِينِ الَّتِي جُعِلَتْ عَلَى الْمُنْكِرِ لِيَنْجَبِرَ ضَعْفُ جَانِبِ الْمُدَّعِي بِقُوَّةِ حُجَّتِهِ وَضَعْفِ حُجَّةِ الْمُنْكِرِ بِقُوَّةِ جَانِبِهِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ، وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ تُحْوِجُ إلَى مَعْرِفَةِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِيُطَالِبَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِحُجَّتِهِ إذَا تَخَاصَمَا، وَقِيلَ الْمُدَّعِي مَنْ لَوْ سَكَتَ خُلِّيَ وَلَمْ يُطَالَبْ بِشَيْءٍ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ لَا يُخَلَّى وَلَا يَكْفِيهِ السُّكُوتُ، فَإِذَا طَالَبَ زَيْدٌ عَمْرًا بِحَقٍّ فَأَنْكَرَ فَزَيْدٌ يُخَالِفُ قَوْلُهُ الظَّاهِرَ مِنْ بَرَاءَةِ عَمْرٍو وَلَوْ سَكَتَ تُرِكَ وَعَمْرٌو يُوَافِقُ قَوْلُهُ الظَّاهِرَ، وَلَوْ سَكَتَ لَمْ يُتْرَكْ فَهُوَ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَزَيْدٌ مُدَّعٍ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَلَا يَخْتَلِفُ مُوجِبُهُمَا غَالِبًا، وَقَدْ يَخْتَلِفُ كَالْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ. (فَإِذَا) (أَسْلَمَ زَوْجَانِ قَبْلَ وَطْءٍ فَقَالَ) الزَّوْجُ: (أَسْلَمْنَا مَعًا فَالنِّكَاحُ بَاقٍ وَقَالَتْ) الزَّوْجَةُ: بَلْ أَسْلَمْنَا (مُرَتَّبًا) فَلَا نِكَاحَ (فَهُوَ مُدَّعٍ) لِأَنَّ وُقُوعَ الْإِسْلَامِيِّينَ مَعًا خِلَافُ الظَّاهِرِ وَهِيَ مُدَّعًى عَلَيْهَا وَالثَّانِي هِيَ مُدَّعِيَةٌ لِأَنَّهَا لَوْ سَكَتَتْ تُرِكَتْ وَهُوَ مُدَّعًى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يُتْرَكُ لَوْ سَكَتَ لِزَعْمِهَا انْفِسَاخَ النِّكَاحِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ تَحْلِفُ الزَّوْجَةُ وَيَرْتَفِعُ النِّكَاحُ، وَعَلَى الثَّانِي يَحْلِفُ الزَّوْجُ وَيَسْتَمِرُّ النِّكَاحُ، وَرَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِاعْتِضَادِهِ بِقُوَّةِ جَانِبِ الزَّوْجِ بِكَوْنِ الْأَصْلِ بَقَاءَ الْعِصْمَةِ وَإِنْ قَالَ لَهَا: أَسْلَمْتِ قَبْلِي فَلَا نِكَاحَ بَيْنَنَا وَلَا مَهْرَ لَك وَقَالَتْ: بَلْ أَسْلَمْنَا مَعًا صُدِّقَ فِي الْفُرْقَةِ بِلَا يَمِينٍ وَفِي الْمَهْرِ بِيَمِينِهِ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ وَصُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا عَلَى الثَّانِي لِأَنَّهَا لَا تُتْرَكُ بِالسُّكُوتِ لِأَنَّ الزَّوْجَ يَزْعُمُ سُقُوطَ الْمَهْرِ، فَإِذَا سَكَتَتْ وَلَا بَيِّنَةَ جُعِلَتْ نَاكِلَةً وَحَلَفَ هُوَ وَسَقَطَ الْمَهْرُ. وَالْأَمِينُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ مُدَّعٍ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ الرَّدَّ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ لَكِنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ يَدَهُ لِغَرَضِ الْمَالِكِ وَقَدْ ائْتَمَنَهُ فَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــSجِدَارِهِ (قَوْلُهُ: مَعْصُومًا) خَرَجَ بِهِ الْحَرْبِيُّ وَالْمُرْتَدُّ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي هِيَ مُدَّعِيَةٌ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فِي تَعْرِيفِ الْمُدَّعِي (قَوْلُهُ: وَالْأَمِينُ) كَالْمُودِعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQذَكَرَ بَعْدَهُ كَلَامَ الشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ بِرُمَّتِهِ مِنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ فَوَقَعَ لَهُ مَا ذُكِرَ. وَحَاصِلُ مَا قَرَّرَهُ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ التَّصْوِيرَ الْمَارَّ أَوَّلَ السِّوَادَةِ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ كَأَنْ يَكُونَ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو إلَخْ، قَالَ عَقِبَهُ مَا نَصُّهُ: وَشَرَطَ الْمُتَوَلِّي أَنْ لَا يَظْفَرَ بِمَالِ الْغَرِيمِ وَأَنْ يَكُونَ غَرِيمُ الْغَرِيمِ جَاحِدًا مُمْتَنِعًا أَيْضًا، إلَى أَنْ قَالَ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ خَشِيَ أَنَّ الْغَرِيمَ يَأْخُذُ مِنْهُ ظُلْمًا لَزِمَهُ فِيمَا يَظْهَرُ إعْلَامُهُ لِيَظْفَرَ مِنْ مَالِ الْغَرِيمِ بِمَا يَأْخُذُهُ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ: ثُمَّ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ اللُّزُومِ: أَيْ فِي قَوْلِهِ لَزِمَهُ فِيمَا يَظْهَرُ إعْلَامُهُ هُوَ مَا ذَكَرَهُ شَارِحٌ وَهُوَ زِيَادَةُ إيضَاحٍ، وَإِلَّا فَالتَّصْوِيرُ الْمَذْكُورُ يُعْلَمُ مِنْهُ عِلْمُ الْغَرِيمَيْنِ أَمَّا عِلْمُ الْغَرِيمِ إلَى آخِرِهِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا فَاعْلَمْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ فِيهِ كَوْنُهُ مُعَيَّنًا) لَعَلَّهُ يَخْرُجُ بِهِ مَا إذَا قَالَ جَمَاعَةٌ أَوْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ مَثَلًا نَدَّعِي عَلَى هَذَا أَنَّهُ ضَرَبَ أَحَدَنَا أَوْ قَذَفَهُ مَثَلًا، وَقَوْلُهُ مَعْصُومًا الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَخْرُجُ بِهِ غَيْرُ الْمَعْصُومِ عَلَى الْإِطْلَاقِ: أَيْ الَّذِي لَيْسَ لَهُ جِهَةُ عِصْمَةٍ أَصْلًا وَهُوَ الْحَرْبِيُّ لَا غَيْرُ كَمَا قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ حَوَاشِي ابْنِ قَاسِمٍ: أَيْ بِخِلَافِ مَنْ لَهُ عِصْمَةٌ وَلَوْ بِالنِّسْبَةِ لِمِثْلِهِ كَالْمُرْتَدِّ وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ وَتَارِكِ الصَّلَاةِ، وَأَمَّا قَوْلُ الشَّيْخِ خَرَجَ بِهِ الْحَرْبِيُّ وَالْمُرْتَدُّ فَيُقَالُ عَلَيْهِ أَيْ فَرْقٌ بَيْنَ الْمُرْتَدِّ وَنَحْوِ الزَّانِي الْمُحْصَنِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعِصْمَةِ وَعَدَمِهَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ) فِي هَذَا قُصُورٌ إذْ هُوَ خَاصٌّ بِالْأَمْوَالِ فَلَا يَتَأَتَّى فِي مِثْلِ دَعْوَى النِّكَاحِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: الْمُتَّصِفُ بِمَا مَرَّ) أَيْ الَّذِي مِنْ جُمْلَتِهِ التَّكْلِيفُ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الَّذِي تَجْرِي فِيهِ جَمِيعُ الْأَحْكَامِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا الْجَوَابُ وَالْحَلِفُ وَإِلَّا فَنَحْوُ الصَّبِيِّ يُدَّعَى عَلَيْهِ لَكِنْ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ) يَعْنِي كَوْنَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينِ عَلَى

يَحْسُنُ تَكْلِيفُهُ بَيِّنَةَ الرَّدِّ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَهُوَ مُدَّعًى عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَالِكَ هُوَ الَّذِي لَوْ سَكَتَ تُرِكَ وَفِي التَّحَالُفِ كُلٌّ مِنْ الْخَصْمَيْنِ مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ لِاسْتِوَائِهِمَا. (وَمَتَى ادَّعَى نَقْدًا) خَالِصًا أَوْ مَغْشُوشًا وَلَوْ دَيْنًا (اُشْتُرِطَ) فِيهِ لِصِحَّةِ الدَّعْوَى وَإِنْ كَانَ النَّقْدُ غَالِبَ نَقْدِ الْبَلَدِ (بَيَانُ جِنْسٍ وَنَوْعٍ وَقَدْرٍ وَصِحَّةٍ وَ) هِيَ بِمَعْنَى أَوْ (تُكْسَرُ) وَغَيْرِهِمَا مِنْ سَائِرِ الصِّفَاتِ (إذَا اخْتَلَفَتْ بِهِمَا قِيمَةٌ) كَأَلْفِ دِرْهَمٍ فِضَّةً خَالِصَةً أَوْ مَغْشُوشَةً أُطَالِبُهُ بِهَا إذْ شَرْطُ الدَّعْوَى أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً، وَمَا كَانَ وَزْنُهُ مَعْلُومًا كَالدِّينَارِ لَا يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لِوَزْنِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْقِيمَةِ فِي الْمَغْشُوشِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ مِثْلِيٌّ، وَزَعْمُ الْبُلْقِينِيِّ وُجُوبَهُ فِيهِ مُطْلَقًا غَيْرُ صَحِيحٍ أَمَّا إذَا لَمْ تَخْتَلِفْ بِهِمَا قِيمَةٌ فَلَا يَجِبُ ذِكْرُهَا إلَّا فِي دَيْنِ السَّلَمِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ. . وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى رَبِّ دَيْنٍ عَلَى مُفْلِسٍ ثَبَتَ فَلَسُهُ أَنَّهُ وَجَدَ لَهُ مَالًا مَا لَمْ يُبَيِّنْ سَبَبَهُ كَإِرْثٍ وَاكْتِسَابٍ وَقَدْرِهِ. وَمَنْ لَهُ غَرِيمٌ غَائِبٌ اُعْتُبِرَ أَنْ يَقُولَ: لِي غَرِيمٌ غَائِبٌ غَيْبَةً شَرْعِيَّةً وَلِي بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ بِذَلِكَ. (أَوْ) ادَّعَى (عَيْنًا) حَاضِرَةً بِالْبَلَدِ يُمْكِنُ إحْضَارُهَا مَجْلِسَ الْحُكْمِ أَوْ غَائِبَةً كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (تَنْضَبِطُ) بِالصِّفَاتِ مِثْلِيَّةً أَوْ مُتَقَوِّمَةً (كَحَيَوَانٍ) وَحُبُوبٍ (وَصَفَهَا بِصِفَةِ السَّلَمِ) وُجُوبًا فِي الْمِثْلِيِّ وَنَدْبًا فِي الْمُتَقَوِّمِ مَعَ وُجُوبِ ذِكْرِ الْقِيمَةِ فِيهِ لِعَدَمِ تَأَتِّي التَّمْيِيزِ الْكَامِلِ بِدُونِهَا (وَقِيلَ: يَجِبُ مَعَهَا ذِكْرُ الْقِيمَةِ) احْتِيَاطًا، وَيَجِبُ ذِكْرُ الْجِنْسِ فَيَقُولُ عَبْدٌ: قِيمَتُهُ مِائَةٌ. وَلَوْ غَصَبَ مِنْهُ غَيْرُهُ عَيْنًا فِي بَلَدٍ ثُمَّ لَقِيَهُ فِي آخَرَ وَهِيَ بَاقِيَةٌ وَلِنَقْلِهَا مُؤْنَةٌ، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: ذَكَرَ قِيمَتَهَا وَإِنْ لَمْ تَتْلَفْ لِأَنَّهَا الْمُسْتَحَقَّةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، فَإِذَا رَدَّ الْعَيْنَ رَدَّ الْقِيمَةَ كَمَا لَوْ دَفَعَ الْقِيمَةَ بِنَفْسِهِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يُصَرِّحَ فِي مَذْبُوحَةٍ وَحَامِلٍ بِأَنَّ قِيمَتَهَا مَذْبُوحَةً أَوْ حَامِلًا كَذَا، وَمَرَّ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ مَا يَجِبُ ذِكْرُهُ فِي الْعَقَارِ وَالدَّعْوَى فِي مُسْتَأْجِرٍ عَلَى الْأَجِيرِ وَإِنْ كَانَ لَا يُخَاصِمُ لِأَنَّهُ بِيَدِهِ الْآنَ دُونَ مُؤَجِّرِهِ بِالنِّسْبَةِ لِرَفْعِ يَدِهِ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِرَفْعِ يَدِ مُدَّعِي الْمِلْكِ فَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ فِي وَجْهِهِ، وَخَرَجَ بِتَنْضَبِطُ غَيْرُهُ كَالْجَوَاهِرِ فَيُعْتَبَرُ ذِكْرُ الْقِيمَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: وَهِيَ بِمَعْنَى أَوْ) أَيْ الْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَتُكْسَرُ (قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ أَنْ يَقُولَ) أَيْ فِي سَمَاعِ دَعْوَاهُ عَلَى غَرِيمِهِ الْغَائِبِ (قَوْلُهُ: رَدَّ الْقِيمَةَ) أَيْ لِأَنَّ أَخْذَهَا كَانَ لِلْحَيْلُولَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ حَامِلًا كَذَا) أَيْ وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَلَوْ فَاسِقًا حَيْثُ ذَكَرَ قَدْرًا لَائِقًا (قَوْلُهُ: وَالدَّعْوَى) أَيْ مِنْ ثَالِثٍ، وَقَوْلُهُ: عَلَى الْأَجِيرِ: أَيْ الْمُسْتَأْجِرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ دَيْنًا) هُوَ غَايَةٌ فِي قَوْلِهِ أَوْ مَغْشُوشًا وَأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ النَّقْدَ الْمَغْشُوشَ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: إنْ اخْتَلَفَ بِهِمَا) يَعْنِي بِالصِّحَّةِ وَالتَّكَسُّرِ (قَوْلُهُ: مَعَ وُجُوبِ ذِكْرِ الْقِيمَةِ فِيهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا فِي الْحَقِيقَةِ تَضْعِيفٌ لِإِطْلَاقِ الْمَتْنِ عَدَمَ وُجُوبِ ذِكْرِ الْقِيمَةِ فَلَا يَنْسَجِمُ مَعَ قَوْلِهِ وَقِيلَ يَجِبُ مَعَهَا ذِكْرُ الْقِيمَةِ، فَكَانَ الْأَصْوَبُ خِلَافُ هَذَا الصَّنِيعِ عَلَى أَنَّهُ نَاقَضَ مَا قَدَّمَهُ فِي بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَيْنِ الْحَاضِرَةِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ مَا هُنَا لِأَنَّ مِنْ الْمُرَجَّحَاتِ ذِكْرُ الشَّيْءِ فِي بَابِهِ وَهُوَ هُنَاكَ تَابِعٌ لِابْنِ حَجَرٍ، وَأَيْضًا فَقَدْ جَزَمَ بِهِ هُنَا جَزَمَ الْمَذْهَبُ بِخِلَافِهِ ثَمَّ، وَأَيْضًا فَمِنْ الْمُرَجَّحَاتِ تَأَخُّرُ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ ذِكْرُ الْجِنْسِ) يَعْنِي فِي الْمُتَقَوِّمِ بِقَرِينَةِ التَّمْثِيلِ وَإِلَّا فَالْمِثْلُ يَجِبُ فِيهِ أَوْصَافُ السَّلَمِ وَمِنْ جُمْلَتِهَا الْجِنْسُ (قَوْلُهُ فَيَقُولُ عَبْدٌ قِيمَتُهُ مِائَةٌ) أَيْ بِنَاءً عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ مُخَالَفَةِ الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَتْلَفْ) أَيْ فَحُكْمُهَا حُكْمُ التَّالِفِ لِمَا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ، لَكِنَّ هَذَا لَا مَوْقِعَ لَهُ مَعَ مَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ مِنْ ذِكْرِ الْقِيمَةِ مُطْلَقًا، وَكَلَامُ الْبُلْقِينِيِّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى ظَاهِرِ الْمَتْنِ مِنْ أَنَّ الْمَوْجُودَ لَا يَجِبُ فِيهِ ذِكْرُ الْقِيمَةِ فَيُسْتَثْنَى مِنْهُ هَذِهِ الصُّورَةُ وَيَجْعَلُهَا فِي حُكْمِ التَّالِفِ كَمَا يَدُلُّ لِذَلِكَ سِيَاقُهُمْ لِكَلَامِ الْبُلْقِينِيِّ، فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ حَذْفُ هَذِهِ لِدُخُولِهَا فِي كَلَامِهِمْ وَإِيهَامٌ وَإِيرَادُهَا بَعْدَهُ مُخَالَفَتُهَا لَهُ، وَأَمَّا قَوْلُ الشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَفَى ذِكْرُهَا: أَيْ الْقِيمَةِ وَحْدَهَا فَهُوَ غَيْرُ كَلَامِ الْبُلْقِينِيِّ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِتَنْضَبِطُ غَيْرُهُ كَالْجَوَاهِرِ فَيُعْتَبَرُ ذِكْرُ الْقِيمَةِ) هَذَا بِإِطْلَاقِهِ لَا يَتَأَتَّى عَلَى مُعْتَمَدِهِ مِنْ ذِكْرِ الْقِيمَةِ فِي الْمُتَقَوِّمِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَالدَّعْوَى فِي مُسْتَأْجِرٍ عَلَى الْأَجِيرِ)

فَيَقُولُ: جَوْهَرٌ قِيمَتُهُ كَذَا وَيُقَوَّمُ بِفِضَّةٍ سَيْفٌ مُحَلَّى بِذَهَبٍ كَعَكْسِهِ وَبِأَحَدِهِمَا إنْ حُلِّيَ بِهِمَا. (فَإِنْ) تَلِفَتْ الْعَيْنُ (وَهِيَ مُتَقَوِّمَةٌ) بِكَسْرِ الْوَاوِ (وَجَبَ ذِكْرُ الْقِيمَةِ) مَعَ الْجِنْسِ كَمَا مَرَّ كَعَبْدٍ قِيمَتُهُ كَذَا، وَقَدْ تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِالْمَجْهُولِ فِي صُوَرٍ كَثِيرَةٍ كَوَصِيَّةٍ وَإِقْرَارٍ وَدِيَةٍ وَغُرَّةٍ وَمَمَرٍّ وَمَجْرَى مَاءٍ بِمِلْكِ الْغَيْرِ، بَلْ يَكْفِي مُجَرَّدُ تَحْدِيدِهِ إنْ لَمْ يَنْحَصِرْ حَقُّهُ فِي جِهَةٍ مِنْهُ، بَلْ قَدْ لَا تُتَصَوَّرُ إلَّا مَجْهُولَةً وَذَلِكَ فِيمَا يَتَوَقَّفُ تَعْيِينُهُ عَلَى الْقَاضِي كَفَرْضِ مَهْرٍ وَمُتْعَةٍ وَحُكُومَةٍ وَرَضْخٍ، وَيُعْتَبَرُ فِي الدَّعْوَى أَيْضًا كَوْنُهَا مُلْزَمَةً كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ لَازِمًا فَلَا تُسْمَعُ بِدَيْنٍ حَتَّى يَقُولَ وَهُوَ مُمْتَنِعُ أَدَائِهِ، وَلَا بِنَحْوِ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ إقْرَارٍ حَتَّى يَقُولَ: وَقَبَضْتُهُ بِإِذْنِ الْوَاهِبِ أَوْ أَقْبِضْنِيهِ وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ أَوْ الْمُقِرَّ التَّسْلِيمُ إلَيَّ وَيَزِيدُ الْمُشْتَرِي إنْ لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ وَهَا هُوَ ذَا أَوْ وَالثَّمَنُ مُؤَجَّلٌ، وَلَا بِرَهْنٍ بِأَنْ قَالَ: وَهَذَا مِلْكِي رَهَنْتُهُ مِنْهُ بِكَذَا إلَّا إنْ قَالَ: وَأَحْضَرْتُهُ فَيَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ إلَيَّ إذَا قَبَضَهُ،. وَأَخَذَ الْغَزِّيِّ مِنْ ذَلِكَ عَدَمَ سَمَاعِ دَعْوَى الْمُؤَجِّرِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِالْعَيْنِ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُولَ: وَيَلْزَمُهُ تَسْلِيمٌ إلَيَّ رُدَّ بِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ التَّصَرُّفَ فِي الرَّقَبَةِ فَيَمْنَعُهُ الْمُسْتَأْجِرُ بِدَعْوَى الْمِلْكِ فَيُتَّجَهُ صِحَّةُ دَعْوَاهُ وَأَنَّهُ مَنَعَهُ مِنْ بَيْعِهَا بِغَيْرِ حَقٍّ وَيُقِيمُ بَيِّنَةً بِذَلِكَ وَأَنْ لَا يُنَاقِضَهَا دَعْوَى أُخْرَى، وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ مَنْ أَثْبَتَ إعْسَارَهُ وَأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا ثُمَّ ادَّعَى عَلَى آخَرَ بِمَالٍ لَهُ لِأَنَّهُ إنْ أَطْلَقَهُ فَوَاضِحٌ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ، وَإِنْ أَرَّخَهُ بِزَمَنٍ قَبْلَ ثُبُوتِ الْإِعْسَارِ فَلِأَنَّ الْمَالَ الْمَنْفِيَّ فِيهِ مَا يَجِبُ الْأَدَاءُ مِنْهُ وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُنْكِرٌ. وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى دَائِنٍ مَيِّتٍ عَلَى مَنْ تَحْتَ يَدِهِ مَالٌ لِلْمَيِّتِ مَعَ حُضُورِ الْوَارِثِ، فَإِنْ غَابَ أَوْ كَانَ قَاصِرًا وَالْأَجْنَبِيُّ مُقِرٌّ بِهِ فَلِلْحَاكِمِ أَنْ يُوفِيَهُ مِنْهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: وَالْأَجْنَبِيُّ مُقِرٌّ بِهِ) وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُنْكِرًا لَمْ تُسْمَعْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ، وَالْقِيَاسُ سَمَاعُهَا لِيُوَفِّيَهُ الْقَاضِي حَقَّهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQاُنْظُرْهُ مَعَ مَا يَأْتِي أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا أَقَرَّ لِمَنْ تُمْكِنُ مُخَاصَمَتُهُ انْصَرَفَتْ عَنْهُ الْخُصُومَةُ، وَلَعَلَّ هَذَا مُقَيِّدٌ لِذَاكَ فَيَكُونُ مَحَلُّ ذَاكَ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِمَنْ الْعَيْنُ فِي يَدِهِ حَقٌّ لَازِمٌ فِيهَا، بِخِلَافِ نَحْوِ الْأَجِيرِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَوْ جَعَلْنَا الدَّعْوَى عَلَى الْمُؤَجِّرِ لَمْ يُمْكِنْهُ اسْتِخْلَاصُ الْعَيْنِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَهُ إنْ كُنْت مَالِكًا فَقَدْ أَجَرْتنِي فَلَيْسَ لَك أَخْذُ الْعَيْنِ حَتَّى يَنْقَضِيَ أَمَدُ الْإِجَارَةِ، وَإِنْ كُنْت غَيْرَ مَالِكٍ لَهَا فَلَا سَلَاطَةَ لَك عَلَيْهَا، وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ مِثْلُهُ نَحْوَ الْمُرْتَهِنِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَبِأَحَدِهِمَا إنْ حُلِّيَ بِهِمَا) أَيْ لِلضَّرُورَةِ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ غَلَبَ أَحَدُهُمَا يَقُومُ بِالْآخَرِ. وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: وَيُحْتَمَلُ عِنْدِي أَنْ يُقَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يُفْصَلَ بَيْنَهُمَا فِي الدَّعْوَى وَيُقَوَّمَ بِغَيْرِ الْجِنْسِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنَّ كَلَامَهُمْ فِيمَا إذَا جَهِلَ حَقِيقَةَ مِقْدَارِ كُلٍّ مِنْهُمَا، أَمَّا لَوْ عَلِمَهُ فَالْوَجْهُ مَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ اهـ. وَيَدُلُّ لَهُ تَعْلِيلُهُمْ بِالضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: مَعَ الْجِنْسِ كَمَا مَرَّ) يَعْنِي فِي الْمُتَقَوِّمَةِ غَيْرِ التَّالِفَةِ بِنَاءً عَلَى اخْتِيَارِهِ، فَالْمُتَقَوِّمُ حِينَئِذٍ حُكْمُهُ وَاحِدٌ بَاقِيًا كَانَ أَوْ تَالِفًا حَاضِرًا بِالْبَلَدِ أَوْ غَائِبًا يَنْضَبِطُ أَوْ لَا يَنْضَبِطُ (قَوْلُهُ: بَلْ يَكْفِي مُجَرَّدُ تَحْدِيدِهِ) أَيْ مِلْكِ الْغَيْرِ، وَعِبَارَةُ رَوْضَةِ الْحُكَّامِ، لِشُرَيْحٍ الرُّويَانِيِّ: لَوْ ادَّعَى حَقًّا لَا يَتَمَيَّزُ مِثْلَ مَسِيلِ الْمَاءِ عَلَى سَطْحِ جَارِهِ مِنْ دَارِهِ أَوْ مُرُورِهِ فِي دَارِ غَيْرِهِ مُجْتَازًا فَلَا بُدَّ مِنْ تَحْدِيدِهِ إحْدَى الدَّارَيْنِ إنْ كَانَتَا مُتَّصِلَتَيْنِ فَيَدَّعِي أَنَّ لَهُ دَارًا فِي مَوْضِعِ كَذَا وَيَذْكُرَ الْحَدَّ الَّذِي يَنْتَهِي إلَى دَارِ خَصْمِهِ ثُمَّ يَقُولُ وَأَنَا أَسْتَحِقُّ إجْرَاءَ الْمَاءِ مِنْ دَارِي هَذِهِ عَلَى سَطْحِ دَارِ فُلَانٍ الْمَذْكُورَةِ فِي حَدِّهَا الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي مَثَلًا إلَى الطَّرِيقِ الْفُلَانِيَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّارَانِ مُتَفَرِّقَتَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ حُدُودِ الدَّارَيْنِ انْتَهَتْ. وَمَا صَوَّرَ بِهِ هُوَ مِنْ الْحَقِّ الْمُنْحَصِرِ فِي جِهَةٍ فَلِذَلِكَ احْتَرَزَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَنْحَصِرْ إلَخْ، فَإِذَا لَمْ يَنْحَصِرْ فِي جِهَةٍ يَكْفِي تَحْدِيدُ الْمِلْكِ الَّذِي فِيهِ الْمُرُورُ أَوْ الْإِجْرَاءُ وَهُوَ مُرَادُ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ إلَى إذَا قَبَضَهُ) اُنْظُرْ هَلَّا قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا. (قَوْلُهُ: رَدَّ بِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ التَّصَرُّفَ إلَخْ) هَذَا لَا يُلَاقِي كَلَامَ الْغَزِّيِّ لِأَنَّ فَرْضَ كَلَامِهِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ فِي الدَّعْوَى الْمَطْلُوبِ فِيهَا تَحْصِيلُ الْحَقِّ وَهِيَ الَّتِي يُشْتَرَطُ فِيهَا الْإِلْزَامُ، وَأَمَّا

وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ السُّبْكِيّ لِلْوَصِيِّ وَالدَّائِنِ الْمُطَالَبَةُ بِالْحُقُوقِ: أَيْ بِالرَّفْعِ لِلْقَاضِي لِيُوفِيَهُمَا مِمَّا ثَبَتَ لَهُ، وَلَوْ ادَّعَى وَلَمْ يَقُلْ: سَلْ جَوَابَ دَعْوَايَ أَوْ نَحْوَهُ جَازَ لِلْقَاضِي سُؤَالُهُ وَلَهُ اسْتِفْصَالُهُ عَنْ وَصْفٍ أَطْلَقَهُ لَا عَنْ شَرْطٍ أَهْمَلَهُ بَلْ يَلْزَمُهُ الْإِعْرَاضُ عَنْهُ حَتَّى يُصَحِّحَ دَعْوَاهُ كَمَا مَرَّ. وَلَيْسَ لَهُ سَمَاعُ الدَّعْوَى بِعَقْدٍ أُجْمِعَ عَلَى فَسَادِهِ إلَّا لِنَحْوِ رَدِّ الثَّمَنِ، وَلَهُ سَمَاعُهَا بِمُخْتَلَفٍ فِيهِ لِيَحْكُمَ فِيهِ بِمَا يَرَاهُ، بِخِلَافِ الشُّفْعَةِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهَا إلَّا فِيمَا يَرَاهُ لِأَنَّهَا مُجَرَّدُ دَعْوَى فَتَبْطُلُ بِرَدِّهِ لَهَا، بِخِلَافِ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الْحُكْمِ بِإِبْطَالِهِ، وَبَحَثَ الْغَزِّيِّ سَمَاعَهُ فِيهَا إنْ قَالَ الْمُشْتَرِي: إنَّ طَالِبَهَا يُعَارِضُنِي فِيمَا اشْتَرَيْتُهُ بِلَا حَقٍّ فَامْنَعْهُ مِنْ مُعَارَضَتِي، وَحِينَئِذٍ لَيْسَ لَهُ الدَّعْوَى بِهَا عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا. (أَوْ) ادَّعَى رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ (نِكَاحًا) فِي الْإِسْلَامِ (لَمْ يَكْفِ الْإِطْلَاقُ عَلَى الْأَصَحِّ بَلْ يَقُولُ نَكَحْتُهَا) نِكَاحًا صَحِيحًا (بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ) أَوْ سَيِّدٍ يَلِي نِكَاحَهَا أَوْ بِهِمَا فِي مُبَعَّضَةٍ (وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ وَرِضَاهَا إنْ كَانَ يُشْتَرَطُ) لِكَوْنِهَا غَيْرَ مُجْبَرَةٍ وَبِإِذْنِ وَلِيِّي إنْ كَانَ سَفِيهًا أَوْ سَيِّدِي إنْ كَانَ عَبْدًا لِأَنَّ النِّكَاحَ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقُّ الْآدَمِيِّ فَاحْتِيطَ لَهُ كَالْقَتْلِ بِجَامِعِ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهُمَا بَعْدَ وُقُوعِهِمَا، وَإِنَّمَا لَمْ يُشْتَرَطْ ذِكْرُ انْتِفَاءِ الْمَوَانِعِ كَرَضَاعٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا، أَمَّا إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ رِضَاهَا كَمُجْبَرَةٍ فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهَا بَلْ لِمُزَوِّجِهَا مِنْ أَبٍ أَوْ جَدٍّ أَوْ لِعِلْمِهَا بِهِ إنْ ادَّعَى عَلَيْهَا وَالثَّانِي يَكْفِي الْإِطْلَاقُ وَيَكُونُ التَّعَرُّضُ لِذَلِكَ مُسْتَحَبًّا كَمَا اكْتَفَى بِهِ فِي دَعْوَى اسْتِحْقَاقِ الْمَالِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذِكْرُ السَّبَبِ بِلَا خِلَافٍ وَلِأَنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى النِّكَاحِ الشَّرْعِيِّ وَهُوَ مَا وُجِدَتْ فِيهِ الشُّرُوطُ، وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالْمُرْشِدِ الْعَدْلُ، وَإِنَّمَا آثَرَهُ لِأَنَّهُ الْوَاقِعُ فِي لَفْظِ خَبَرِ «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ» وَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى وَصْفِ الشَّاهِدَيْنِ بِالْعَدَالَةِ لِانْعِقَادِهِ بِالْمَسْتُورِينَ وَتَنْفِيذُ الْقَاضِي لَمَّا شَهِدَا بِهِ مَا لَمْ يَدَّعِ شَيْئًا مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّزْكِيَةِ رُدَّ بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي نِكَاحٍ غَيْرِ مُتَنَازَعٍ فِيهِ، أَمَّا الْمُتَنَازَعُ فِيهِ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَتَعَيَّنَ مَا قَالُوهُ، وَقَوْلُ الْقَمُولِيِّ: وَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــSمِمَّا تَحْتَ يَدِ الْأَجْنَبِيِّ حَيْثُ أَثْبَتَهُ (قَوْلُهُ: جَازَ لِلْقَاضِي سُؤَالُهُ) أَيْ وَجَازَ لَهُ تَرْكُهُ، وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ إلَّا إذَا سَأَلَهُ إيَّاهُ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْغَزِّيِّ) أَيْ الشَّرَفُ صَاحِبُ مَيْدَانِ الْفُرْسَانِ (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ لَيْسَ لَهُ) أَيْ الطَّالِبِ لِلْأَخْذِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا) أَيْ كَالْحَنَفِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQالدَّعْوَى الْمَقْصُودُ مِنْهَا دَفْعُ النِّزَاعِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْإِلْزَامُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَهِيَ لَيْسَتْ مِنْ فَرْضِ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ فَتَأَمَّلْ، وَأَنْ لَا يُنَاقِضَهَا دَعْوَى أُخْرَى: أَيْ مِنْهُ أَوْ مِنْ أَصْلِهِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ كَلَامُ السُّبْكِيّ إلَخْ) وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ أَيْضًا حَمْلُ كَلَامِ السُّبْكِيّ عَلَى الْعَيْنِ وَأَنَّهُ تَجُوزُ الدَّعْوَى بِهَا عَلَى غَرِيمِ الْغَرِيمِ وَإِنْ لَمْ يُوَكِّلْهُ الْوَارِثُ، بِخِلَافِ الدَّيْنِ. وَذَكَرَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ أَنَّهُ بَحَثَ مَعَ الشَّارِحِ فِي هَذَا الْحَمْلِ الْآتِي فَبَالَغَ فِي إنْكَارِهِ وَقَالَ: لَا بُدَّ مِنْ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ لِيُوَفِّيَهُ مِنْ الْعَيْنِ كَالدَّيْنِ إذَا كَانَا ثَابِتَيْنِ، وَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الْحُكْمِ بِإِبْطَالِهِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ بِخِلَافِ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ لَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ بِإِبْطَالِهِ (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ لَيْسَ لَهُ الدَّعْوَى بِهَا عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّ لَهُ الدَّعْوَى بِهَا عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا، وَحِينَئِذٍ فَلْيُنْظَرْ مَا مَعْنَى قَوْلِهِ فَتَبْطُلُ بِرَدِّهِ لَهَا (قَوْلُهُ: أَوْ امْرَأَةٌ) كَانَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَنْ يَذْكُرَ صُورَةَ دَعْوَاهَا، وَإِلَّا فَاَلَّذِي فِي الْمَتْنِ إنَّمَا هُوَ صُورَةُ دَعْوَى الرَّجُلِ (قَوْلُهُ: بِجَامِعِ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهُمَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ بِالنِّسْبَةِ لِلنِّكَاحِ نَصُّهَا: لِأَنَّ النِّكَاحَ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الرَّبِّ وَحَقُّ الْآدَمِيِّ، وَإِذَا وَقَعَ وَطْءٌ لَا يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يُشْتَرَطْ ذِكْرُ انْتِفَاعِ الْمَوَانِعِ) أَيْ تَفْصِيلًا وَإِلَّا فَقَدْ تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ نِكَاحًا صَحِيحًا (قَوْلُهُ: بَلْ لِمُزَوِّجِهَا) أَيْ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ إذْ الْمُجْبَرَةُ تَصِحُّ الدَّعْوَى عَلَيْهَا أَوْ عَلَى مُجْبِرِهَا، وَانْظُرْ حِينَئِذٍ مَا مَعْنَى تَعَرُّضِهِ لَهُ، وَلَعَلَّ فِي الْعِبَارَةِ مُسَامَحَةً فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: رُدَّ بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي نِكَاحٍ غَيْرِ مُتَنَازَعٍ فِيهِ إلَخْ) صَرِيحُ هَذَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَدَالَةِ فِي قَوْلِهِمْ: وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ، لَكِنْ فِي حَوَاشِي

يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الشُّهُودِ إلَّا إنْ زَوَّجَ الْوَلِيُّ بِالْإِجْبَارِ غَيْرُ صَحِيحٍ، نَعَمْ يُمْكِنُ حَمْلُ الثَّانِي عَلَى حَالَةِ عَدَمِ التَّنَازُعِ، أَمَّا نِكَاحُ الْكُفَّارِ فَيَكْفِي فِيهِ الْإِطْلَاقُ مَا لَمْ يَذْكُرْ اسْتِمْرَارَهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَيَذْكُرُ شُرُوطَ تَقْرِيرِهِ. وَلَوْ ادَّعَتْ زَوْجِيَّةَ رَجُلٍ فَأَنْكَرَ فَحَلَفَتْ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ ثَبَتَتْ زَوْجِيَّتُهَا وَوَجَبَتْ مُؤْنَتُهَا وَحَلَّ لَهُ إصَابَتُهَا لِأَنَّ إنْكَارَ النِّكَاحِ لَيْسَ بِطَلَاقٍ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَمَحَلُّ حِلِّ إصَابَتِهَا بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ لَا الْبَاطِنِ إنْ صُدِّقَ فِي الْإِنْكَارِ (فَإِنْ كَانَتْ) الزَّوْجَةُ (أَمَةً) أَيْ بِهَا رِقٌّ (فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ ذِكْرِ) مَا مَرَّ مَعَ ذِكْرِ إسْلَامِهَا إنْ كَانَ مُسْلِمًا، وَ (الْعَجْزُ عَنْ طُولِ) أَيْ مَهْرٍ لِحُرَّةٍ (وَخَوْفِ عَنَتٍ) وَأَنَّهُ لَيْسَ تَحْتَهُ مَنْ تَصْلُحُ لِلِاسْتِمْتَاعِ وَالثَّانِي لَا يَجِبُ كَمَا لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِعَدَمِ الْمَوَانِعِ. . وَلَوْ أَجَابَتْ دَعْوَاهُ لِلنِّكَاحِ بِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ مِنْ مُنْذُ سَنَةٍ فَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهَا زَوْجَتُهُ مِنْ شَهْرٍ حُكِمَ بِهَا لِلْأَوَّلِ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهَا نِكَاحُهُ فَمَا لَمْ يَثْبُتْ الطَّلَاقُ لَا حُكْمَ لِلنِّكَاحِ الثَّانِي. (أَوْ) ادَّعَى (عَقْدًا مَالِيًّا كَبَيْعٍ) وَلَوْ سَلَمًا (وَهِبَةً) وَلَوْ لِأَمَةٍ (كَفَى الْإِطْلَاقُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ دُونَ النِّكَاحِ فِي الِاحْتِيَاطِ، نَعَمْ يُعْتَبَرُ لِإِثْبَاتِ صِحَّةِ كُلِّ عَقْدٍ نِكَاحٌ أَوْ غَيْرُهُ مَعَ مَا مَرَّ وَصْفُهُ بِالصِّحَّةِ وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ كَالنِّكَاحِ فَيَقُولُ تَعَاقَدْنَاهُ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَنَحْنُ جَائِزَا التَّصَرُّفِ وَتَفَرَّقْنَا عَنْ تَرَاضٍ. . وَاعْلَمْ أَنَّهُ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ الدَّعْوَى بِنَحْوِ رِيعِ الْوَقْفِ عَلَى النَّاظِرِ دُونَ الْمُسْتَحِقِّ وَإِنْ حَضَرَ فَفِي وَقْفٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: بِنَحْوِ رِيعِ الْوَقْفِ عَلَى النَّاظِرِ) أَيْ الطَّلَبِ بِتَخْلِيصِ رِيعِ الْوَقْفِ عَلَى النَّاظِرِ فَهُوَ الْمُدَّعِي، وَلَيْسَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ طَلَبٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQابْنِ قَاسِمٍ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ مَا نَصُّهُ: هُوَ شَامِلٌ لِمَسْتُورَيْ الْعَدَالَةِ لِانْعِقَادِهِ بِهِمَا. وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ وَإِنْ صَحَّتْ الدَّعْوَى بِذَلِكَ لَا يُحْكَمُ بِهِ إلَّا إنْ ثَبَتَتْ الْعَدَالَةُ فَلْيُرَاجَعْ اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَدَالَةِ الْعَدَالَةُ الظَّاهِرَةُ. وَعَلَيْهِ فَلَا يَرِدُ بَحْثُ الْبُلْقِينِيِّ لِأَنَّهُ بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ (قَوْلُهُ نَعَمْ يُمْكِنُ حَمْلُ الثَّانِي إلَخْ) لَمْ أَفْهَمْ مَعْنَاهُ وَهُوَ سَاقِطٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَلَعَلَّ قَوْلَهُ الثَّانِي مُحَرَّفٌ عَنْ الْأَوَّلِ، وَهُوَ كَلَامُ الْبُلْقِينِيِّ الَّذِي هُوَ أَوَّلٌ بِالنِّسْبَةِ لِكَلَامِ الْقَمُولِيِّ: أَيْ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِتَنْفِيذِ الْقَاضِي الَّذِي ذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ لَا تُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ التَّنْفِيذِ الَّذِي لَمْ تَتَقَدَّمْهُ خُصُومَةٌ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَيْسَ تَحْتَهُ مَنْ تَصْلُحُ لِلِاسْتِمْتَاعِ) اُنْظُرْ مَا الدَّاعِي إلَيْهِ بَعْدَ ذِكْرِ خَوْفِ الْعَنَتِ (قَوْلُهُ وَلَوْ لِأَمَةٍ) أَيْ أَنَّهُ وَهَبَهُ إيَّاهَا: أَيْ وَلَا يُقَالُ إنَّهُ يُحْتَاطُ فِيهَا كَالنِّكَاحِ بِجَامِعِ خَطَرِ الْوَطْءِ. (قَوْلُهُ: عَلَى النَّاظِرِ دُونَ الْمُسْتَحِقِّ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: لَمْ أَفْهَمْ مَعْنَى ذَلِكَ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ بَحَثَ فِيهِ مَعَ الشَّارِحِ فَتَوَقَّفَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: قَدْ أَبْدَلْت لَفْظَ عَلَى بِلَفْظِ مِنْ اهـ. وَأَقُولُ: لَا خَفَاءَ فِي فَهْمِ مَا ذُكِرَ لِأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَا يُصَوَّرُ بِهِ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْمُسْتَحِقِّينَ يَسْتَوْلِي عَلَى الرِّيعِ دُونَ بَعْضٍ، فَهَذَا الَّذِي لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ اسْتِحْقَاقُهُ لَا يَدَّعِي بِهِ إلَّا عَلَى النَّاظِرِ دُونَ الْمُسْتَحِقِّ الْمُسْتَوْلِي، وَأَمَّا تَغْيِيرُ عَلَى بِمِنْ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ تَغْيِيرُ مَوْضُوعِ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ وَأَنْ يُنْسَبَ إلَيْهِ مَا لَمْ يَقُلْهُ، ثُمَّ إنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى مِنْ الْمُسْتَحِقِّ إذَا لَمْ يَكُنْ نَاظِرًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ إنْ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ كَأَحَدِ الْأَوْلَادِ فَقَدْ نَقَلَ الشَّارِحُ نَفْسُهُ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ التَّوْشِيحِ سَمَاعَ دَعْوَاهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ كَأَنْ كَانَ يَسْتَحِقُّ فِي رِيعِ نَحْوِ مَسْجِدٍ لِعَمَلِهِ فِيهِ، فَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ قَاسِمٍ نَفْسُهُ فِي بَابِ الْحَوَالَةِ مِنْ حَوَاشِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ بِأَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ عَلَى السَّاكِنِ إذَا سَوَّغَهُ لِلنَّاظِرِ عَلَيْهِ، عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ تَصْوِيرُ الدَّعْوَى عَلَى النَّاظِرِ مِنْ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ بِأَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ نَاظِرُ نَحْوِ مَسْجِدٍ بِرِيعٍ لِلْمَسْجِدِ فِي الْوَقْفِ الَّذِي هُوَ نَاظِرٌ عَلَيْهِ، وَكَانَ تَوَقُّفُ الشِّهَابِ ابْنِ قَاسِمٍ الْمَذْكُورُ هُوَ الَّذِي حَمَلَ شَيْخَنَا عَلَى حَمْلِ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِهِ حَيْثُ قَالَ: قَوْلُهُ بِنَحْوِ رِيعِ الْوَقْفِ عَلَى النَّاظِرِ: أَيْ الطَّلَبُ بِتَخْلِيصِ رِيعِ الْوَقْفِ عَلَى النَّاظِرِ فَهُوَ الْمُدَّعِي وَلَيْسَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ طَلَبٌ اهـ. مَعَ أَنَّ مَا حَمَلَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا

عَلَى مُعَيَّنِينَ مَشْرُوطٌ لِكُلٍّ مِنْهُمْ النَّظَرُ عَلَى حِصَّتِهِ يُعْتَبَرُ حُضُورُهُمْ وَإِنْ كَانَ النَّاظِرُ عَلَيْهِمْ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عِنْدَهُ فَالدَّعْوَى عَلَيْهِمْ، قَالَ: وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ الدَّعْوَى عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ مَعَ حُضُورِ بَاقِيهِمْ، لَكِنَّ الْأَوْجَهَ كَمَا قَالَهُ الْغَزِّيِّ سَمَاعُهَا عَلَى الْبَعْضِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، نَعَمْ لَا يَحْكُمُ إلَّا بَعْدَ إعْلَامِ الْجَمِيعِ بِالْحَالِ، وَأَطَالَ السُّبْكِيُّ فِيمَا إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى لِمَيِّتٍ أَوْ غَائِبٍ أَوْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ تَحْتَ نَظَرِ الْحَاكِمِ أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ أَوْ عَلَى أَحَدِ هَؤُلَاءِ ثُمَّ اسْتَقَرَّ رَأْيُهُ عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ دَعْوَى أَصْلًا وَلَا عَلَى نَائِبِهِ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يُنَصِّبَ مَنْ يَدَّعِي وَمَنْ يُدَّعَى عَلَيْهِ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِوَقْفٍ أَوْ مَالٍ نَحْوُ يَتِيمٍ أَوْ بَيْتِ مَالٍ، وَتَخْصِيصُهُ نَصْبَ ذَلِكَ بِالْقَاضِي الشَّافِعِيِّ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ فِي تِلْكَ الْأَزْمِنَةِ مِنْ اخْتِصَاصِهِ بِالنَّظَرِ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الثَّلَاثَةِ، وَأَمَّا الْآنَ فَالنَّظَرُ فِي ذَلِكَ مُتَعَلِّقٌ بِالْحَنَفِيِّ دُونَ غَيْرِهِ فَلْيَخْتَصَّ ذَلِكَ بِهِ. (وَمَنْ) (قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ) بِحَقٍّ (لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الْمُدَّعِي) عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ مُدَّعَاهُ لِأَنَّهُ تَكْلِيفُ حُجَّةٍ بَعْدَ قِيَامِ حُجَّةٍ وَلِأَنَّهُ كَالطَّعْنِ فِي الشُّهُودِ وَلِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ} [البقرة: 282] نَعَمْ لَهُ تَحْلِيفُ الْمَدِينِ مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ بِإِعْسَارِهِ لِجَوَازِ أَنَّ لَهُ مَالًا بَاطِنًا كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ، وَكَذَا لَوْ شَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِعَيْنٍ وَقَالُوا: لَا نَعْلَمُهُ بَاعَ وَلَا وَهَبَ فَلِخَصْمِهِ تَحْلِيفُهُ أَنَّهَا مَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ. وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً ثُمَّ قَالَ: لَا تَحْكُمُ حَتَّى تُحَلِّفَهُ فَبَحَثَ الرَّافِعِيُّ بُطْلَانَ بَيِّنَتِهِ لِاعْتِرَافِهِ أَنَّهَا مِمَّا لَا يَجِبُ الْحُكْمُ بِهَا، وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ ظُهُورَ إقْدَامِهِ عَلَى يَمِينٍ فَاجِرَةٍ مَثَلًا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَبْطُلَ، وَمَا نَظَرَ بِهِ فِي كَلَامِهِ غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ. (فَإِنْ) (ادَّعَى) عَلَيْهِ (أَدَاءً) لَهُ (أَوْ إبْرَاءً) مِنْهُ أَوْ أَنَّهُ اسْتَوْفَاهُ (أَوْ شِرَاءَ عَيْنٍ) مِنْهُ (أَوْ هِبَتَهَا وَإِقْبَاضَهَا) أَيْ أَنَّهُ وَهَبَهُ إيَّاهَا وَأَقْبَضَهَا لَهُ (حَلَّفَهُ) أَيْ مُدَّعِي نَحْوِ الْأَدَاءِ (عَلَى نَفْيِهِ) وَهُوَ أَنَّهُ مَا تَأَدَّى مِنْهُ الْحَقُّ وَلَا أَبْرَأَهُ مِنْهُ وَلَا بَاعَهُ لَهُ وَلَا وَهَبَهُ إيَّاهُ: نَعَمْ إنْ ادَّعَى ذَلِكَ بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ يُحَلِّفْهُ لِثُبُوتِ الْحَقِّ عَلَى خَصْمِهِ بِالْحُكْمِ، كَذَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَالرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَنَقَلَهُ فِي الْكَبِيرِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ) أَيْ خِلَافُ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. . ـــــــــــــــــــــــــــــQكَلَامَ الْأَذْرَعِيِّ لَا يُلَائِمُهُ مَا فِي الشَّرْحِ بَعْدَهُ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ (قَوْلُهُ: يُعْتَبَرُ حُضُورُهُمْ) اُنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ حُضُورُهُمْ وَالدَّعْوَى عَلَيْهِمْ أَوْ مُجَرَّدُ الْحُضُورِ، وَعَلَى الثَّانِي فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا إذَا كَانَ النَّاظِرُ الْقَاضِيَ الْمَذْكُورَ بَعْدُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ مَعَ حُضُورِ بَاقِيهِمْ (قَوْلُهُ: لَكِنْ الْأَوْجُهُ كَمَا قَالَهُ الْغَزِّيِّ سَمَاعُهَا عَلَى الْبَعْضِ) أَيْ وَلَوْ مَعَ غَيْبَةِ الْبَاقِينَ كَمَا يَدُلُّ لَهُ مَا بَعْدَهُ: أَيْ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا يَحْكُمُ إلَّا بَعْدَ إعْلَامِ الْجَمِيعِ) تَقَدَّمَتْ لَهُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي فَصْلٍ فِي بَيَانِ قَدْرِ النِّصَابِ فِي الشُّهُودِ، لَكِنَّ عِبَارَتَهُ هُنَاكَ: وَيَكْفِي فِي ثُبُوتِ دَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ حُضُورُ بَعْضِ الْوَرَثَةِ لَكِنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَعَدَّى لِغَيْرِ الْحَاضِرِ انْتَهَتْ. وَبَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ مُبَايَنَةٌ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يُنَصِّبَ مَنْ يَدَّعِي) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى لِمَنْ ذُكِرَ، وَقَوْلُهُ وَمَنْ يَدَّعِي عَلَيْهِ: أَيْ فِيمَا إذَا كَانُوا مُدَّعًى عَلَيْهِمْ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَهُ تَحْلِيفُ الْمَدِينِ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ هُوَ يَسَارَهُ، وَبِهَذَا فَارَقَتْ هَذِهِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا مَا سَيَأْتِي اسْتِثْنَاؤُهُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَلَوْ ادَّعَى أَدَاءً أَوْ إبْرَاءً إلَخْ، فَلَا يُقَالُ كَانَ مِنْ حَقِّ الشَّارِحِ تَأْخِيرُ اسْتِثْنَاءِ هَاتَيْنِ عَمَّا اسْتَثْنَاهُ الْمُصَنِّفُ. (قَوْلُهُ: لِثُبُوتِ الْحَقِّ عَلَى خَصْمِهِ) حَقُّ التَّعْبِيرِ أَنْ يَقُولَ لِثُبُوتِ الْحَقِّ عَلَيْهِ وَعُذْرُهُ أَنَّهُ تَبِعَ شَرْحَ الرَّوْضِ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ، لَكِنَّ عِبَارَةَ شَرْحِ الرَّوْضِ لَمْ يَحْلِفْ الْمُدَّعِي لِثُبُوتِ الْحَقِّ عَلَى خَصْمِهِ فَذِكْرُ الْخَصْمِ فِيهَا ظَاهِرٌ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ فِي يُحَلِّفُهُ لِلْحَاكِمِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْحُكْمِ فَالتَّعْبِيرُ بِخَصْمِهِ فِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ ادَّعَى ذَلِكَ بَعْدَ الْحُكْمِ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا الِاسْتِدْرَاكِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي دَعْوَاهُ قَبْلَ الْحُكْمِ بَيْنَ أَنْ يَدَّعِيَ وُقُوعَهُ قَبْلَ

عَنْ الْبَغَوِيّ، وَاخْتَارَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ يُحَلِّفُهُ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ نَفْعَ خَصْمِهِ وَهُوَ مُقْتَضَى مَا فِي الْكِتَابِ كَأَصْلِهِ وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ إلَّا أَنْ يُقِرَّ أَنَّهُ لَا دَافِعَ لَهُ وَلَا مَطْعَنَ فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ، وَلَوْ ذَكَرَ تَأْوِيلًا مِنْ نِسْيَانٍ وَنَحْوِهِ فَلَهُ التَّحْلِيفُ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ مِنْ الْمُرَابَحَةِ وَغَيْرِهَا، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ حَلَفَ الْمُدَّعِي قَبْلَ ذَلِكَ، أَمَّا مَعَ شَاهِدِهِ أَوْ يَمِينِ الِاسْتِظْهَارِ فَلَا يَحْلِفُ بَعْدَ هَذِهِ الدَّعْوَى وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى إبْرَاءٍ مِنْ الدَّعْوَى لِأَنَّهُ بَاطِلٌ. (وَكَذَا لَوْ) (ادَّعَى) خَصْمُهُ (عِلْمَهُ بِفِسْقِ شَاهِدِهِ) أَوْ نَحْوِهِ مِنْ كُلِّ مَا يُبْطِلُ الشَّهَادَةَ (أَوْ كَذِبِهِ) فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُ لَهُ، وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّ كُلَّ مَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَنَفَعَ خَصْمَهُ لِخَصْمِهِ تَحْلِيفُهُ عَلَى نَفْيِهِ. نَعَمْ لَا يَتَوَجَّهُ حَلِفٌ عَلَى شَاهِدٍ أَوْ قَاضٍ ادَّعَى كَذِبَهُ قَطْعًا وَإِنْ كَانَ لَوْ أَقَرَّ نَفْعَهُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى فَسَادٍ عَامٍّ، وَلَوْ نَكَلَ عَنْ هَذِهِ الْيَمِينِ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَطَلَتْ الشَّهَادَةُ، وَمَرَّ فِي الْإِقْرَارِ أَنَّ لِلْمُقِرِّ تَحْلِيفَ الْمُقَرِّ لَهُ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ إنَّمَا أَشْهَدَ عَلَى رَسْمِ الْقُبَالَةِ، وَلَوْ أَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِعَيْنٍ بِلَا أَمْنَعُك مِنْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ الْمَنْعُ وَلَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ إلَّا إذَا حَلَفَ أَنَّهَا حِينَ قَوْلِهِ ذَلِكَ لَمْ تَكُنْ بِيَدِهِ. (وَإِذَا) (اسْتَمْهَلَ) مَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَيْ طَلَبَ الْإِمْهَالَ (لِيَأْتِيَ بِدَافِعٍ) (أُمْهِلَ) وُجُوبًا لَكِنْ بِكَفِيلٍ وَإِلَّا رُسِمَ عَلَيْهِ إنْ خِيفَ هَرَبُهُ وَذَلِكَ بَعْدَ تَفْسِيرِهِ الدَّافِعَ، فَإِنْ لَمْ يُفَسِّرْهُ وَجَبَ اسْتِفْسَارُهُ حَيْثُ كَانَ عَامِّيًّا لِأَنَّهُ قَدْ يَعْتَقِدُ مَا لَيْسَ بِدَافِعٍ دَفْعًا (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) لِأَنَّهَا مُدَّةٌ قَرِيبَةٌ لَا يَعْظُمُ الضَّرَرُ فِيهَا، فَإِنْ احْتَاجَ فِي إثْبَاتِهِ إلَى سَفَرٍ مُكِّنَ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى الثَّلَاثِ، وَلَوْ أَحْضَرَ بَعْدَ الْإِمْهَالِ الْمَذْكُورِ شُهُودَ الدَّافِعِ أَوْ شَاهِدًا أَوْ أَحَدًا أُمْهِلَ ثَلَاثًا أُخْرَى لِلتَّعْدِيلِ أَوْ التَّكْمِيلِ، وَلَوْ عَيَّنَ جِهَةً وَلَمْ يَأْتِ بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ ادَّعَى أُخْرَى عِنْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْمُهْلَةِ وَاسْتَمْهَلَ لَهَا لَمْ يُمْهَلْ أَوْ أَثْنَاءَهَا أُمْهِلَ بَقِيَّتَهَا فَقَطْ. (وَلَوْ) (ادَّعَى رِقَّ بَالِغٍ) عَاقِلٍ مَجْهُولِ النَّسَبِ وَلَوْ سَكْرَانَ (فَقَالَ: أَنَا حُرٌّ) بِالْأَصَالَةِ وَهُوَ رَشِيدٌ وَلَمْ يَسْبِقْ إقْرَارُهُ بِالْمِلْكِ كَمَا مَرَّ قُبَيْلَ الْجُعَالَةِ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ) وَإِنْ تَدَاوَلَتْهُ الْأَيْدِي بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَصْلِ وَهُوَ الْحُرِّيَّةُ، وَمِنْ ثَمَّ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الرِّقِّ عَلَى بَيِّنَةِ الْحُرِّيَّةِ لِأَنَّ مَعَ الْأُولَى زِيَادَةَ عِلْمٍ بِنَقْلِهَا عَنْ الْأَصْلِ، كَذَا أَطْلَقَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَحَكَى الْهَرَوِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ بَيِّنَةَ الْحُرِّيَّةِ أَوْلَى خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ، وَكَذَا قَالَ شُرَيْحٌ فِي رَوْضَتِهِ. . أَمَّا لَوْ اعْتَرَفَ بِالرِّقِّ وَادَّعَى زَوَالَهُ كَأَعْتَقَنِي هُوَ أَوْ غَيْرُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ، وَإِذَا ثَبَتَتْ حُرِّيَّتُهُ الْأَصْلِيَّةُ بِقَوْلِهِ رَجَعَ مُشْتَرِيهِ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ وَإِنْ أَقَرَّ لَهُ بِالْمِلْكِ لِبِنَائِهِ عَلَى ظَاهِرِ الْيَدِ. (أَوْ) ادَّعَى (رِقَّ صَغِيرٍ) أَوْ مَجْنُونٍ كَبِيرٍ (لَيْسَ فِي يَدِهِ) وَكَذَّبَهُ صَاحِبُ الْيَدِ (لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) أَوْ نَحْوِهَا كَعِلْمِ قَاضٍ وَيَمِينٍ مَرْدُودَةٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمِلْكِ (أَوْ فِي يَدِهِ) أَوْ يَدِ غَيْرِهِ وَصَدَّقَهُ (حُكِمَ لَهُ بِهِ إنْ) حَلَفَ لِعِظَمِ خَطَرِ الْحُرِّيَّةِ، وَ (لَمْ يَعْرِفْ اسْتِنَادَهَا) فِيهِمَا (إلَى الْتِقَاطٍ) وَلَا أَثَرَ لِإِنْكَارِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ لِأَنَّ الْيَدَ حُجَّةٌ، بِخِلَافِ الْمُسْتَنِدَةِ لِلِالْتِقَاطِ لِأَنَّ اللَّقِيطَ مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ ظَاهِرًا كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ، وَذَكَرَ ذَلِكَ هُنَا تَتْمِيمًا لِأَحْوَالِ الْمَسْأَلَةِ فَلَا تَكْرَارَ. (وَلَوْ) (أَنْكَرَ الصَّغِيرُ وَهُوَ مُمَيِّزٌ) كَوْنَهُ قِنَّهُ (فَإِنْكَارُهُ لَغْوٌ) لِإِلْغَاءِ عِبَارَتِهِ (وَقِيلَ كَبَالِغٍ) لِأَنَّهُ يَعْرِفُ نَفْسَهُ، وَكَذَا لَا يُؤَثِّرُ إنْكَارُهُ بَعْدَ كَمَالِهِ لِأَنَّهُ حُكِمَ بِرِقِّهِ فَلَا يَرْتَفِعُ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــS. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ أَوْ بَعْدَهَا: أَيْ وَبَعْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ ذَلِكَ كَمَا قَيَّدَهُ بِهِ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ذَكَرَ تَأْوِيلًا) أَيْ فِيمَا إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ لَا دَافِعَ لَهُ وَلَا مَطْعَنَ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ) يَعْنِي مِنْ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْلِفُ بَعْدَ هَذِهِ الدَّعْوَى) يَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ إنْ أَسْنَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ إلَى مَا بَعْدَ حَلِفِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: خَصْمُهُ) كَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ بَدَلَهُ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ تَكُنْ بِيَدِهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ لَمْ تَكُنْ فِي مِلْكِهِ وَتَصَرُّفِهِ. (إنْ خِيفَ هَرَبُهُ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِأَصْلِ الِاسْتِدْرَاكِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ عَامِّيًّا) هُوَ قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ وَذَلِكَ بَعْدَ تَفْسِيرِهِ إلَخْ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ وَإِنْ أَوْهَمَ سِيَاقُهُ خِلَافَ ذَلِكَ، فَغَيْرُ الْعَامِّيِّ يُمْهَلُ وَإِنْ لَمْ يُفَسِّرْ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ لَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ.

إلَّا بِحُجَّةٍ. (وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ فِي الْأَصَحِّ) إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا إلْزَامٌ وَمُطَالَبَةٌ فِي الْحَالِ، نَعَمْ إنْ كَانَ بَعْضُهُ حَالًّا وَادَّعَى بِجَمِيعِهِ لِيُطَالِبَهُ بِمَا حَلَّ وَإِنْ قَلَّ وَيَكُونُ الْمُؤَجَّلُ تَبَعًا سُمِعَتْ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالثَّانِي تُسْمَعُ لِيُثْبِتَهُ فِي الْحَالِ وَيُطَالِبَهُ بِهِ فِي الِاسْتِقْبَالِ. . وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ صِحَّةَ الدَّعْوَى بِقَتْلِ خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ عَلَى الْقَاتِلِ وَإِنْ اسْتَلْزَمَتْ الدِّيَةُ مُؤَجَّلَةً لِأَنَّ الْقَصْدَ ثُبُوتُ الْقَتْلِ، وَمِنْ ثَمَّ صَحَّتْ دَعْوَى عَقْدٍ بِمُؤَجَّلٍ قُصِدَ بِهَا تَصْحِيحُ الْعَقْدِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا مُسْتَحَقٌّ فِي الْحَالِ. وَلَوْ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى مُعْسِرٍ وَقَصَدَ إثْبَاتَهُ لِيُطَالِبَهُ إذَا أَيْسَرَ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ مُطْلَقًا، وَاعْتَمَدَهُ الْغَزِّيِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ اقْتَضَى مَا قَرَّرْنَاهُ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ سَمَاعَهَا لِأَنَّ الْقَصْدَ إثْبَاتُهُ ظَاهِرًا مَعَ كَوْنِهِ مُسْتَحِقًّا قَبَضَهُ حَالًّا بِتَقْدِيرِ يَسَارِهِ الْقَرِيبِ عَادَةً، وَمَرَّ أَنَّ مِنْ شُرُوطِ الدَّعْوَى أَنْ لَا يُنَافِيَهَا دَعْوَى أُخْرَى، وَمِنْهُ أَنْ لَا يُكَذِّبَ أَصْلَهُ. فَلَوْ ثَبَتَ إقْرَارُ رَجُلٍ بِأَنَّهُ عَبَّاسِيٌّ فَادَّعَى فَرْعَهُ أَنَّهُ حَسَنِيٌّ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَةَ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ الثَّلَاثَةَ الْمَعْلُومَةَ مِمَّا سَبَقَ، وَهِيَ الْعِلْمُ وَالْإِلْزَامُ وَعَدَمُ الْمُنَاقَضَةِ مُعْتَبَرَةٌ فِي كُلِّ دَعْوَى، وَيَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ فِي الدَّعْوَى بِعَيْنٍ بِنَحْوِ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ عَلَى مَنْ هِيَ بِيَدِهِ وَاشْتَرَيْتُهَا أَوْ اتَّهَبْتُهَا مِنْ فُلَانٍ وَكَانَ يَمْلِكُهَا أَوْ سَلَّمَنِيهَا، لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ فِيمَا يَمْلِكُهُ وَفِي الدَّعْوَى عَلَى الْوَارِثِ بِدَيْنٍ وَمَاتَ الْمَدِينُ وَخَلَّفَ تَرِكَةً تَفِي بِالدَّيْنِ أَوْ بِكَذَا مِنْهُ وَهُوَ بِيَدِ هَذَا وَهُوَ يَعْلَمُ الدَّيْنَ: أَيْ أَوْ لِي بِهِ بَيِّنَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ مُطْلَقًا) مِنْ هَذَا يُؤْخَذُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا تَقَرَّرَ فِي نِظَارَةٍ عَلَى وَقْفٍ مِنْ أَوْقَافِ الْمُسْلِمِينَ فَوَجَدَهُ خَرَابًا، ثُمَّ إنَّهُ عَمَّرَهُ عَلَى الْوَجْهِ اللَّائِقِ بِهِ ثُمَّ سَأَلَ الْقَاضِيَ بَعْدَ الْعِمَارَةِ فِي نُزُولِ كَشْفٍ عَلَى الْمَحَلِّ وَتَحْدِيدِ الْعِمَارَةِ وَكِتَابَةِ حُجَّةٍ بِذَلِكَ فَأَجَابَهُ لِذَلِكَ وَعَيَّنَ مَعَهُ كَشَّافًا وَشُهُودًا وَمُهَنْدِسِينَ، فَقَطَعُوا قِيمَةَ الْعِمَارَةِ الْمَذْكُورَةِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ نِصْفٍ وَأَخْبَرُوا الْقَاضِيَ بِذَلِكَ، فَكَتَبَ لَهُ بِذَلِكَ حُجَّةً لِيَقْطَعَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ مَعَالِيمَهُمْ وَيَمْنَعَ مَنْ يُرِيدُ أَخْذَ الْوَقْفِ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمِقْدَارَ الْمَذْكُورَ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَعْمَلُ بِالْحُجَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُجِيبُهُ لِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَالَبْ بِشَيْءٍ إذْ ذَاكَ وَلَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ دَعْوَى، وَالْكِتَابَةُ إنَّمَا تَكُونُ لِدَفْعِ مَا طُلِبَ مِنْهُ وَادُّعِيَ بِهِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مَوْجُودًا هُنَا، وَطَرِيقُهُ فِي إثْبَاتِ الْعِمَارَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ بِمَا صَرَفَهُ يَوْمًا فَيَوْمًا مَثَلًا، وَيَكُونُ ذَلِكَ جَوَابًا لِدَعْوَى مُلْزَمَةٍ، ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ بَيِّنَةٌ يُصَدَّقُ فِيمَا صَرَفَهُ بِيَمِينِهِ حَيْثُ ادَّعَى قَدْرًا لَائِقًا وَسَاغَ لَهُ صَرْفُهُ بِأَنْ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ وَأَذِنَ لَهُ الْقَاضِي فِيمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنٍ كَالْقَرْضِ عَلَى الْوَقْفِ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ أَوْ مِنْ مَالِهِ، أَوْ كَانَ فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ أَنَّ لِلنَّاظِرِ اقْتِرَاضَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْحَالُ مِنْ الْعِمَارَةِ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ وَهُوَ صِحَّةُ الدَّعْوَى بِقَتْلٍ خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ مَذْكُورٌ فِي كَلَامِهِمْ حَتَّى فِي الْمُتُونِ، فَلَا وَجْهَ لِإِسْنَادِهِ لِبَحْثِ الْبُلْقِينِيِّ، وَإِنَّمَا الَّذِي يُنْسَبُ لِلْبُلْقِينِيِّ التَّنْبِيهُ، عَلَى أَنَّ هَذَا الَّذِي ذَكَرُوهُ مُسْتَثْنًى مِنْ عَدَمِ سَمَاعِ الدَّعْوَى بِالْمُؤَجَّلِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقَصْدَ إثْبَاتُهُ إلَخْ) هُوَ تَعْلِيلٌ لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْقَصْدَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلِاكْتِفَاءِ بِقَوْلِهِ وَسَلَّمَنِيهَا عَنْ قَوْلِهِ وَكَانَ يَمْلِكُهَا.

[فصل في جواب الدعوى وما يتعلق به]

(فَصْلٌ) فِي جَوَابِ الدَّعْوَى وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إذَا (أَصَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى السُّكُوتِ عَنْ جَوَابِ الدَّعْوَى) الصَّحِيحَةِ وَهُوَ عَارِفٌ أَوْ جَاهِلٌ فَنَبَّهَ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ كَمَا أَفَادَ ذَلِكَ كُلَّهُ قَوْلُهُ أَصَرَّ وَعُرِفَ بِذَلِكَ بِالْأَوْلَى أَنَّ امْتِنَاعَهُ عَنْهُ كَسُكُوتِهِ (جُعِلَ كَمُنْكِرٍ نَاكِلٍ) فِيمَا يَأْتِي بِقَيْدِهِ وَهُوَ أَنْ يَحْكُمَ الْقَاضِي بِنُكُولِهِ أَوْ يَقُولَ لِلْمُدَّعِي: احْلِفْ فَحِينَئِذٍ يَحْلِفُ وَلَا يُمَكَّنُ السَّاكِتُ مِنْ الْحَلِفِ لَوْ أَرَادَهُ وَيُنْدَبُ لَهُ أَنْ يُكَرِّرَ: أَجِبْهُ ثَلَاثًا، نَعَمْ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ سُكُوتَهُ لِنَحْوِ دَهْشَةٍ أَوْ جَهْلٍ وَجَبَ إعْلَامُهُ، فَإِنْ أَصَرَّ فَنَاكِلٌ وَسُكُوتُ أَخْرَسَ عَنْ إشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَحْسَنُهَا كَذَلِكَ، وَمِثْلُهُ أَصَمُّ لَا يَسْمَعُ وَهُوَ يَفْهَمُ الْإِشَارَةَ وَإِلَّا فَهُوَ كَمَجْنُونٍ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْحَجْرِ. (فَإِنْ) (ادَّعَى) عَلَيْهِ (عَشَرَةً) مَثَلًا (فَقَالَ: لَا تَلْزَمُنِي الْعَشَرَةُ لَمْ يَكْفِ) فِي الْجَوَابِ (حَتَّى يَقُولَ وَلَا بَعْضُهَا وَكَذَا يَحْلِفُ) إنْ تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِ لِأَنَّ مُدَّعِيَ الْعَشَرَةَ مُدَّعٍ لِكُلِّ جُزْءٍ مِنْهَا فَلَا بُدَّ أَنْ يُطَابِقَ الْإِنْكَارُ وَالْيَمِينُ دَعْوَاهُ، وَإِنَّمَا يُطَابِقَانِهَا إنْ نَفَى كُلَّ جُزْءٍ مِنْهَا (فَإِنْ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعَشَرَةِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فَنَاكِلٌ) عَمَّا دُونَ الْعَشَرَةِ (فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي عَلَى اسْتِحْقَاقِ دُونِ عَشَرَةٍ بِجُزْءٍ) وَإِنْ قَلَّ بِلَا تَجْدِيدِ دَعْوَى (وَيَأْخُذُهُ) لِمَا يَأْتِي أَنَّ الْيَمِينَ مَعَ النُّكُولِ كَالْإِقْرَارِ، نَعَمْ إنْ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْعَشَرَةِ وَقَدْ اقْتَصَرَ الْقَاضِي فِي تَحْلِيفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْهَا وَلَمْ يَقُلْ وَلَا شَيْءَ مِنْهَا فَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَحْلِفَ عَلَى اسْتِحْقَاقِ مَا دُونَهَا إلَّا بَعْدَ تَجْدِيدِ دَعْوَى وَنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ إنَّمَا نَكَلَ عَنْ عَشَرَةٍ وَالنَّاكِلُ عَنْهَا لَا يَكُونُ نَاكِلًا عَنْ بَعْضِهَا، هَذَا إنْ لَمْ يُسْنِدْهَا إلَى عَقْدٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَسْنَدَهَا إلَيْهِ كَأَنْ قَالَتْ لَهُ: نَكَحْتَنِي أَوْ بِعْتَنِي دَارَكَ بِعَشَرَةٍ فَحَلَفَ مَا نَكَحْتُك أَوْ مَا بِعْتُك بِعَشَرَةٍ كَفَى لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ لِلنِّكَاحِ أَوْ الْبَيْعِ بِعَشَرَةٍ غَيْرُ مُدَّعٍ لَهُ بِمَا دُونَهَا، فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَحْلِفَ عَلَى الْأَقَلِّ إلَّا بِدَعْوَى مُجَدَّدَةٍ. وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ مَالًا فَأَنْكَرَ وَطَلَبَ مِنْهُ الْيَمِينَ فَقَالَ: لَا أَحْلِفُ وَأُعْطِيَ الْمَالَ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ مِنْ غَيْرِ إقْرَارٍ وَلَهُ تَحْلِيفُهُ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِمَا دَفَعَهُ بَعْدُ، وَكَذَا لَوْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ وَأَرَادَ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ) فِي جَوَابِ الدَّعْوَى وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) أَيْ بِالْجَوَابِ (قَوْلُهُ: لَوْ أَرَادَهُ) أَيْ إلَّا بِرِضَا الْمُدَّعِي كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ وَهُوَ أَنَّ الدَّعْوَى عَلَى وَلِيِّهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَلَّ) شَامِلٌ لِمَا لَا يَتَمَوَّلُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ ادَّعَى بَقَاءَ الْعَيْنِ، فَإِنْ كَانَتْ تَالِفَةً فَلَا لِأَنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ بِمَا لَا يَتَمَوَّلُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ) مَفْهُومُهُ جَوَازُ الْقَبُولِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَلَهُ تَحْلِيفُهُ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ إقْرَارٍ) أَيْ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ تَحْلِيفُهُ) أَيْ لِلْمُدَّعِيَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي جَوَابِ الدَّعْوَى وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ] (فَصْلٌ) فِي جَوَابِ الدَّعْوَى (قَوْلُهُ: فَنَبَّهَ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ لَمْ يَجِبْ مَعَ زَوَالِ نَحْوِ جَهْلِهِ. وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ مَا قَدْ يَدُلُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَحْلِفَ عَلَى الْأَقَلِّ) قَالُوا لِأَنَّهُ يُنَاقِضُ مَا ادَّعَتْهُ أَوَّلًا اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ حَلِفَهَا الْمَنْفِيَّ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِخَمْسَةٍ مَثَلًا. وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُمْ إلَّا بِدَعْوَى جَدِيدَةٍ مُشْكِلٌ لِأَنَّهَا لَا تَخْرُجُ بِهَا عَنْ الْمُنَاقَضَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِاَلَّذِي تَحْلِفُ عَلَيْهِ بِدَعْوَى جَدِيدَةٍ اسْتِحْقَاقَهَا لِلْخَمْسَةِ مَثَلًا لَا أَنَّهُ نَكَحَهَا بِالْخَمْسَةِ. وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ: أَمَّا إذَا أَسْنَدَهُ: أَيْ إلَى عَقْدٍ كَمَا إذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ نَكَحْتنِي بِخَمْسِينَ وَطَالَبَتْهُ بِهِ وَنَكَلَ الزَّوْجُ فَلَا يُمْكِنُهَا الْحَلِفُ عَلَى أَنَّهُ نَكَحَهَا بِبَعْضِ الْخَمْسِينَ لِأَنَّهُ يُنَاقِضُ مَا ادَّعَتْهُ أَوَّلًا، وَإِنْ اسْتَأْنَفَتْ وَادَّعَتْ عَلَيْهِ بِبَعْضِ الَّذِي جَرَى النِّكَاحُ عَلَيْهِ فِيمَا زَعَمَتْ وَجَبَ أَنْ يُجَوِّزَ لَهَا الْحَلِفَ عَلَيْهِ انْتَهَتْ. فَقَوْلُهُ بِبَعْضِ الَّذِي جَرَى النِّكَاحُ عَلَيْهِ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرَتْهُ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَدَّعِيَ بَعْدُ بِأَنَّهُ

الْمُدَّعِي أَنْ يَحْلِفَ يَمِينَ الرَّدِّ فَقَالَ خَصْمُهُ: أَنَا أَبْذُلُ الْمَالَ بِلَا يَمِينٍ فَيُلْزِمُهُ الْحَاكِمُ بِأَنْ يُقِرَّ وَإِلَّا حَلَفَ الْمُدَّعِي. (وَإِذَا ادَّعَى مَالًا مُضَافًا إلَى سَبَبٍ كَأَقْرَضْتُك كَذَا كَفَاهُ فِي الْجَوَابِ لَا تَسْتَحِقُّ) أَنْتَ (عَلَى شَيْءٍ) أَوْ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ شَيْءٍ إلَيْك. (أَوْ) ادَّعَى عَلَيْهِ (شُفْعَةً كَفَاهُ) فِي الْجَوَابِ (لَا تَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا) أَوْ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ شَيْءٍ إلَيْك (أَوْ) ادَّعَى عَلَيْهِ (شُفْعَةً كَفَاهُ) فِي الْجَوَابِ (لَا تَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا أَوْ لَا تَسْتَحِقُّ) عَلَيَّ (تَسْلِيمَ الشِّقْصِ وَيَحْلِفُ عَلَى حَسَبِ جَوَابِهِ هَذَا) وَلَا يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لِنَفْيِ تِلْكَ الْجِهَةِ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ يُصَدَّقُ فِيهَا، وَلَكِنْ عَرَضَ مَا أَسْقَطَهَا مِنْ نَحْوِ أَدَاءً أَوْ إبْرَاءٍ أَوْ إعْسَارٍ أَوْ عَفْوٍ فِي الثَّانِيَةِ وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا لَمْ يَجِدْ بَيِّنَةً فَاقْتَضَتْ الضَّرُورَةُ قَبُولَ إطْلَاقِهِ، وَمَرَّ فِي بَابِهِ كَيْفِيَّةُ دَعْوَاهَا وَجَوَابُ دَعْوَى الْوَدِيعَةِ لَمْ تُودِعْنِي أَوْ لَا تَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا أَوْ هَلَكَتْ أَوْ دَفَعْتُهَا دُونَ قَوْلِهِ لَمْ يَلْزَمْنِي دَفْعُ وَلَا تَسْلِيمُ شَيْءٍ إلَيْك لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ بَلْ التَّخْلِيَةُ، وَجَوَابُ دَعْوَى أَلْفٍ صَدَاقًا لَا يَلْزَمُنِي دَفْعُ شَيْءٍ إلَيْهَا إنْ لَمْ يُقِرَّ بِالزَّوْجِيَّةِ وَإِلَّا لَمْ يَكْفِهِ وَقُضِيَ عَلَيْهِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ إلَّا إنْ ثَبَتَ خِلَافُهُ، وَقَدْ شَنَّعُوا عَلَى جَهَلَةِ الْقُضَاةِ بِمُبَادَرَتِهِمْ إلَى فَرْضِ مَهْرِ الْمِثْلِ بِمُجَرَّدِ عَجْزِهَا عَنْ حُجَّةٍ، وَالصَّوَابُ سُؤَالُهُ، فَإِنْ ذَكَرَ قَدْرًا غَيْرَ مَا ادَّعَتْهُ تَحَالَفَا، فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَوْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ قُضِيَ لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ، وَيَكْفِي فِي جَوَابِ دَعْوَى الطَّلَاقِ أَنْتِ زَوْجَتِي، وَالنِّكَاحِ لَيْسَتْ زَوْجَتِي وَلَا يَكُونُ طَلَاقًا، فَلَوْ صَدَّقَهَا سَلَّمَتْ لَهُ، وَلَوْ أَنْكَرَ وَحَلَفَ حَلَّ نَحْوُ أُخْتِهَا، وَلَيْسَ لَهَا تَزَوُّجُ غَيْرِهِ حَتَّى يُطَلِّقَهَا أَوْ يَمُوتَ وَتَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا وَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَرْفُقَ بِهِ لِيَقُولَ: إنْ كُنْت نَكَحْتُهَا فَهِيَ طَالِقٌ (فَإِنْ أَجَابَ بِنَفْيِ السَّبَبِ الْمَذْكُورِ) بِأَنْ قَالَ: مَا أَقْرَضْتَنِي أَوْ مَا بِعْتَنِي أَوْ مَا غَصَبْت (حَلَفَ عَلَيْهِ) كَذَلِكَ لِيُطَابِقَ الْيَمِينُ الْإِنْكَارَ، وَلَوْ تَعَرَّضَ لِنَفْيِ السَّبَبِ جَازَ لَكِنْ لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بِهِ بَيِّنَةً لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ لِأَنَّهُ كَذَّبَهَا بِنَفْيِهِ السَّبَبَ مِنْ أَصْلِهِ (وَقِيلَ: لَهُ الْحَلِفُ بِالنَّفْيِ الْمُطْلَقِ) كَمَا لَهُ أَنْ يُجِيبَ بِهِ فِي الِابْتِدَاءِ. وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى دَيْنًا وَهُوَ مُؤَجَّلٌ وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَجَلَ كَفَاهُ فِي جَوَابِهِ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُهُ الْآنَ وَيَحْلِفُ عَلَيْهِ، وَلَوْ ادَّعَى عَلَى مَنْ حَلَفَ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ شَيْءٍ إلَيْك بِأَنَّ حَلِفَك إنَّمَا كَانَ لِإِعْسَارٍ وَالْآنَ أَيْسَرْت سُمِعَتْ دَعْوَاهُ، وَيَحْلِفُ لَهُ مَا لَمْ تَتَكَرَّرْ دَعْوَاهُ بِحَيْثُ يُظَنُّ بِهِ التَّعَنُّتُ. وَيُسْتَثْنَى مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِلَا تَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا مَسَائِلُ كَمَا إذَا أَقَرَّ بِأَنَّ جَمِيعَ مَا فِي دَارِهِ مِلْكُ زَوْجَتِهِ ثُمَّ مَاتَ فَأَقَامَتْ بَيِّنَةً بِذَلِكَ فَقَالَ الْوَارِثُ: هَذِهِ الْأَعْيَانُ لَمْ تَكُنْ إذْ ذَاكَ فَلَا يَكْفِي حَلِفُهُ عَلَى أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّهَا. (وَلَوْ كَانَ بِيَدِهِ مَرْهُونٌ أَوْ مُكْرًى وَادَّعَاهُ مَالِكُهُ كَفَاهُ) فِي الْجَوَابِ (لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ الشُّفْعَةِ، وَقَوْلُهُ: وَمَرَّ فِي بَابِهِ أَيْ الْإِقْرَارُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَكْفِهِ) أَيْ لِأَنَّ مَنْ اعْتَرَفَ بِسَبَبٍ يُوجِبُ شَيْئًا لَا يَكْفِيهِ فِي نَفْيِ مَا يُوجِبُهُ ذَلِكَ السَّبَبُ جَوَابٌ مُطْلَقٌ مِثْلُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ عَدَمِ مَا أَوْجَبَهُ السَّبَبُ بِطَرِيقِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَعَرَّضَ لِنَفْيِ السَّبَبِ) مُتَّصِلٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَفَاهُ فِي الْجَوَابِ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى إلَخْ، وَلَوْ قَدَّمَهُ لَكَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُؤَجَّلٌ) أَيْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (قَوْلُ فَأَقَامَتْ بَيِّنَةً بِذَلِكَ) أَيْ بِأَنَّ جَمِيعَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَمْ تَكُنْ إذْ ذَاكَ) أَيْ فَيُكْتَفَى مِنْهُ بِذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQنَكَحَهَا بِأَقَلَّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا حَلَفَ الْمُدَّعِي) لَعَلَّ عِلَّتَهُ مَا مَرَّ قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: وَقَضَى عَلَيْهِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) اُنْظُرْهُ مَعَ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: بِمُبَادَرَتِهِمْ إلَى فَرْضِ مَهْرِ الْمِثْلِ إلَخْ) لَعَلَّهُ فِيمَا إذَا أَجَابَ بِأَنَّهُ لَمْ يَنْكِحْهَا بِهَذَا الْقَدْرِ حَتَّى يُفَارِقَ مَا قَبْلَهُ، وَإِلَّا فَإِذَا كَانَ جَوَابُهُ لَا يَلْزَمُنِي دَفْعُ شَيْءٍ إلَيْهَا كَيْفَ يُسْأَلُ عَنْ الْقَدْرِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ حَلَّ نَحْوُ أُخْتِهَا) أَيْ ظَاهِرًا وَكَذَا بَاطِنًا إنْ صَدَقَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ نَظَائِرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَعَرَّضَ لِنَفْيِ السَّبَبِ جَازَ) لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا مَعَ مَا قَبْلَهُ، وَحَقُّ الْعِبَارَةِ: وَلَوْ تَعَرَّضَ لِنَفْيِ السَّبَبِ وَأَقَامَ الْمُدَّعِي بِهِ بَيِّنَةً إلَخْ، عَلَى أَنَّهُ تَقَدَّمَ لَهُ خِلَافُ هَذَا وَأَنَّهُ تُسْمَعُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ حِينَئِذٍ بِمَا ذُكِرَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِي حَلِفُهُ إلَخْ) أَيْ بَلْ يَحْلِفُ لَا أَعْلَمُ أَنَّ هَذِهِ وَلَا شَيْئًا مِنْهَا كَانَ

لِأَنَّهُ جَوَابٌ مُقَيَّدٌ، وَلَا يَلْزَمُهُ التَّعَرُّضُ لِلْمِلْكِ (فَلَوْ) (اعْتَرَفَ) لَهُ (بِالْمِلْكِ وَادَّعَى الرَّهْنَ وَالْإِجَارَةَ) وَكَذَّبَهُ الْمُدَّعِي (فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) فِي دَعْوَى الرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُمَا، وَالثَّانِي يُقْبَلُ لِأَنَّ الْيَدَ تَصْدُقُهُ فِي ذَلِكَ (فَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا وَخَافَ أَوَّلًا إنْ اعْتَرَفَ بِالْمِلْكِ جَحْدَهُ) مَفْعُولُ خَافَ (الرَّهْنَ أَوْ الْإِجَارَةَ فَحِيلَتُهُ أَنْ يَقُولَ) فِي الْجَوَابِ (إنْ ادَّعَيْت مِلْكًا مُطْلَقًا فَلَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمٌ) لِمُدَّعَاك (وَإِنْ ادَّعَيْت مَرْهُونًا) أَوْ مُؤَجَّرًا عِنْدِي (فَاذْكُرْهُ لِأُجِيبَ) وَعَلَى عَكْسِهِ لَوْ ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ وَخَافَ الرَّاهِنُ جُحُودَ الرَّهْنِ لَوْ اعْتَرَفَ بِالدَّيْنِ يَفْصِلُ فَيَقُولُ إنْ ادَّعَيْت أَلْفًا لِي عِنْدَك بِهَا كَذَا رَهْنًا فَاذْكُرْهُ لِأُجِيبَ أَوْ أَلْفًا مُطْلَقًا لَمْ يَلْزَمْنِي. (وَإِذَا) (ادَّعَى عَلَيْهِ عَيْنًا) عَقَارًا أَوْ مَنْقُولًا (فَقَالَ: لَيْسَ هِيَ لِي) (أَوْ) أَضَافَهَا لِمَنْ لَا تُمْكِنُ مُخَاصَمَتُهُ كَقَوْلِهِ (هِيَ لِرَجُلٍ لَا أَعْرِفُهُ أَوْ لِابْنِي الطِّفْلِ) أَوْ الْمَجْنُونِ أَوْ السَّفِيهِ، سَوَاءٌ أَزَادَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهَا مِلْكُهُ أَمْ وَقَفَ عَلَيْهِ أَمْ لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (أَوْ وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ مَسْجِدِ كَذَا) وَهُوَ نَاظِرٌ عَلَيْهِ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا تَنْصَرِفُ) عَنْهُ (الْخُصُومَةُ وَلَا تُنْزَعُ) الْعَيْنُ (مِنْهُ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِلْكُهُ لِمَا بِيَدِهِ أَوْ مُسْتَحِقِّهِ، وَمَا صَدَرَ مِنْهُ لَيْسَ بِمُزِيلٍ وَلَمْ يَظْهَرْ لِغَيْرِهِ اسْتِحْقَاقٌ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمَا نَقْلًا عَنْ الْجُوَيْنِيِّ لَوْ قَالَ لِلْقَاضِي: بِيَدِي مَالٌ لَا أَعْرِفُ مَالِكَهُ فَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِأَنَّ الْقَاضِيَ يَتَوَلَّى حِفْظَهُ لِحَمْلِ هَذَا عَلَى مَا إذَا قَالَهُ لَا فِي جَوَابِ دَعْوَى، وَحِينَئِذٍ فَيُفَرَّقُ بِأَنَّ مَا هُنَا قَرِينَةٌ قَوِيَّةٌ تُؤَيِّدُ الْيَدَ، وَهُوَ ظُهُورُ قَصْدِ الصَّرْفِ بِذَلِكَ عَنْ الْمُخَاصَمَةِ فَلَمْ يَقْوَ هَذَا الْإِقْرَارُ عَلَى انْتِزَاعِهَا مِنْ يَدِهِ، بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّهُ لَا قَرِينَةَ تُؤَيِّدُهُ فَعُمِلَ بِإِقْرَارِهِ. (بَلْ يُحَلِّفُهُ الْمُدَّعِي) لَا عَلَى أَنَّهَا لِنَحْوِ ابْنِهِ بَلْ عَلَى (أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ) لِلْعَيْنِ رَجَاءَ أَنْ يُقِرَّ أَوْ يَنْكُلَ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي وَيَثْبُتُ لَهُ الْعَيْنُ فِي الْأُولَيَيْنِ وَالْبَدَلُ لِلْحَيْلُولَةِ فِي الْبَقِيَّةِ، وَلَهُ تَحْلِيفُهُ كَذَلِكَ (إنْ) كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ أَوْ (لَمْ تَكُنْ) لَهُ (بَيِّنَةٌ) وَفِيمَا إذَا كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ وَأَقَامَهَا يَقْضِي بِهَا وَفِيهِ تَفْصِيلٌ لِلْبَغَوِيِّ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهَا تَنْصَرِفُ عَنْهُ لِأَنَّهُ لَا يَبْرَأُ مِنْ الدَّعْوَى، وَلَا سَبِيلَ إلَى تَحْلِيفِ الْوَلِيِّ وَلَا طِفْلِهِ، وَلَا تُغْنِي إلَّا الْبَيِّنَةُ، وَيَنْزِعُ الْحَاكِمُ الْعَيْنَ مِنْ يَدِهِ، فَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ أَخَذَهَا وَإِلَّا حَفِظَهَا إلَى أَنْ يَظْهَرَ مَالِكُهَا (وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ) أَيْ الْمَذْكُورِ (لِمُعَيَّنٍ حَاضِرٍ تُمْكِنُ مُخَاصَمَتُهُ وَتَحْلِيفُهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: جَحْدَهُ) بِسُكُونِ الْحَاءِ اهـ مَحَلِّيٌّ (قَوْلُهُ: وَمُسْتَحِقِّهِ) أَيْ اسْتِحْقَاقُهُ (قَوْلُهُ: وَالْبَدَلُ لِلْحَيْلُولَةِ) أَيْ وَحَيْثُ كَانَ الْبَدَلُ لِلْحَيْلُولَةِ كَانَ الْقِيمَةُ وَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ مِثْلِيَّةً. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَوْجُودًا فِي الْبَيْتِ إذْ ذَاكَ كَمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِابْنِي الطِّفْلِ) أَيْ بِخِلَافِ نَحْوِ الطِّفْلِ الْفُلَانِيِّ وَلَهُ وَلِيٌّ غَيْرُهُ كَمَا سَيَأْتِي، وَحِينَئِذٍ فَمَعْنَى قَوْلِهِمْ لَا تُمْكِنُ مُخَاصِمَتُهُ: أَيْ وَلَوْ بِوَلِيِّهِ فَمَتَى أَمْكَنَتْ مُخَاصَمَتُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَلِيِّهِ انْصَرَفَتْ الْخُصُومَةُ عَلَى مَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ نَاظِرٌ عَلَيْهِ) أَيْ الْوَقْفِ، فَإِنْ كَانَ نَاظِرُهُ غَيْرَهُ انْصَرَفَتْ الْخُصُومَةُ إلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ وَالِدُ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَمَا صَدَرَ لَيْسَ بِمُزِيلٍ) وَمِنْ ثَمَّ لَوْ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ بَعْدَ سَمْعٍ (قَوْلُهُ وَالْبَدَلُ لِلْحَيْلُولَةِ فِي الْبَقِيَّةِ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا كَالشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ لِمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ. وَقَدْ قَالَ فِيهِ الشِّهَابُ الْبُرُلُّسِيُّ إنَّهُ وَهْمٌ وَانْتِقَالُ نَظَرٍ اهـ. وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ الْمُدَّعِي يَمِينَ الرَّدِّ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ ثَبَتَتْ الْعَيْنُ لَهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ قَاسِمٍ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ) أَيْ وَلَمْ يُقِمْهَا (قَوْلُهُ: وَفِيهِ تَفْصِيلٌ لِلْبَغَوِيِّ) حَاصِلُ التَّفْصِيلِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْإِقْرَارُ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ بِهَا لِلْمُدَّعِي حَكَمَ لَهُ بِهَا مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ فِي وَجْهِ الْمَقَرِّ لَهُ إنْ عَلِمَ أَنَّ الْمُقِرَّ مُتَعَنِّتٌ فِي إقْرَارِهِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَتِهَا، لَكِنْ فَرْضُ تَفْصِيلِ الْبَغَوِيّ فِيمَا إذَا أَقَرَّ بِهَا لِمَنْ تُمْكِنُ مُخَاصَمَتُهُ. قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ اهـ. بَلْ التَّفْصِيلُ غَيْرُ مُتَأَتٍّ هُنَا إذْ لَا يَصِحُّ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ فِي وَجْهِ الْمَقَرِّ لَهُ هُنَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَيْ الْمَذْكُورِ) هُوَ بِجَرِّ الْمَذْكُورِ إذْ هُوَ تَفْسِيرٌ لِلضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ، وَغَرَضُهُ مِنْ هَذَا تَأْوِيلُ الْعَيْنِ، إذْ مَرْجِعُ الضَّمِيرِ الْعَيْنُ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ

جَمَعَهُ بَيْنَ مُعَيَّنٍ وَحَاضِرٍ لِلْإِيضَاحِ إذْ أَحَدُهُمَا مُغْنٍ عَنْ الْآخَرِ، وَتَقْيِيدُهُ بِإِمْكَانِ مُخَاصَمَتِهِ لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِهِ لِمَنْ لَا تُمْكِنُ مُخَاصَمَتُهُ وَهُوَ الْمَحْجُورُ لَا تَنْصَرِفُ الْخُصُومَةُ عَنْهُ بَلْ تَنْصَرِفُ عَنْهُ لِوَلِيِّهِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (سُئِلَ فَإِنْ صَدَّقَهُ صَارَتْ الْخُصُومَةُ مَعَهُ) لِصَيْرُورَةِ الْيَدِ لَهُ (وَإِنْ كَذَّبَهُ تُرِكَ فِي يَدِ الْمُقِرِّ) لِمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ (وَقِيلَ: يُسَلَّمُ إلَى الْمُدَّعِي) إذْ لَا طَالِبَ لَهُ سِوَاهُ وَزَيَّفَهُ الْإِمَامُ بِأَنَّ الْقَضَاءَ لَهُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى مُحَالٌ (وَقِيلَ: يَحْفَظُهُ الْحَاكِمُ لِظُهُورِ مَالِكِهِ) كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ (وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لِغَائِبٍ فَالْأَصَحُّ انْصِرَافُ الْخُصُومَةِ عَنْهُ وَيُوقَفُ الْأَمْرُ حَتَّى يَقْدَمَ الْغَائِبُ) لِأَنَّ الْمَالَ لِغَيْرِهِ بِظَاهِرِ إقْرَارِهِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْغَائِبَ لَوْ قَدِمَ وَصَدَّقَهُ أَخَذَهُ وَالثَّانِي لَا تَنْصَرِفُ وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الْمُخْتَصَرِ لِأَنَّ الْمَالَ فِي يَدِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَهُ فَلَا يُمْكِنُ مِنْ صَرْفِ الْخُصُومَةِ عَنْهُ بِالْإِضَافَةِ لِغَائِبٍ قَدْ يَرْجِعُ وَقَدْ لَا يَرْجِعُ. (فَإِنْ) (كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ) وَوُجِدَتْ شُرُوطُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ (قَضَى) لَهُ (بِهَا) وَسُلِّمَتْ لَهُ الْعَيْنُ لَا يُقَالُ: هَذَا تَهَافُتٌ لِأَنَّ الْوَقْفَ يُنَافِيهِ مَا فَرَّعَهُ عَلَيْهِ وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ سَالِمَةٌ مِنْهُ لِأَنَّا نَقُولُ: لَا تَهَافُتَ فِيهِ لِأَنَّهُ بَانَ بِهَذَا التَّفْرِيعِ أَنَّ قَبْلَهُ مُقَدَّرًا حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ، وَمِثْلُ هَذَا ظَاهِرٌ لَا يُعْتَرَضُ مِثْلُهُ إلَّا لِتَنْبِيهٍ لِلْمُرَادِ مِنْ الْعِبَارَةِ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ (وَهُوَ) هُنَا (قَضَاءٌ عَلَى غَائِبٍ فَيَحْلِفُ) الْمُدَّعِي (مَعَهَا) يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ كَمَا مَرَّ لِأَنَّ الْمَالَ صَارَ لَهُ بِحُكْمِ الْإِقْرَارِ (وَقِيلَ) بَلْ قَضَاءٌ (عَلَى حَاضِرٍ) فَلَا يَحْلِفُ مَعَهَا ثُمَّ انْصِرَافُ الْخُصُومَةِ عَنْهُ فِي الصُّوَرِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَالْوَقْفِ إلَى قُدُومِ الْغَائِبِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِتَحْلِيفِهِ فَلَا إذْ لِلْمُدَّعِي طَلَبُ حَلِفِهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ إلَيْهِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَأَخَذَ بَدَلَ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ بِنَاءً عَلَى الْأَظْهَرِ الْمَارِّ أَوَاخِرَ الْإِقْرَارِ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِهِ غَرِمَ لَهُ بَدَلَهُ لِلْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُمَا بِإِقْرَارِهِ الْأَوَّلِ. وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِدَعْوَاهُ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهَا لِلْغَائِبِ عُمِلَ بِبَيِّنَتِهِ إنْ ثَبَتَتْ وَكَالَتُهُ وَإِلَّا لَمْ تُسْمَعْ بِالنِّسْبَةِ لِثُبُوتِ مِلْكِ الْغَائِبِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُقِرَّ مَتَى زَعَمَ أَنَّهُ وَكِيلُ الْغَائِبِ احْتَاجَ فِي ثُبُوتِ الْمِلْكِ لِلْغَائِبِ إلَى إثْبَاتِ وَكَالَتِهِ وَأَنَّ الْعَيْنَ مِلْكٌ لِلْغَائِبِ، فَإِنْ أَقَامَهَا بِالْمِلْكِ فَقَطْ لَمْ تُسْمَعُ إلَّا لِدَفْعِ التُّهْمَةِ عَنْهُ، وَلَوْ ادَّعَى لِنَفْسِهِ حَقًّا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: مُعَيَّنٍ وَحَاضِرٍ لِلْإِيضَاحِ) يُتَأَمَّلُ فَإِنَّهُ سَيُصَرِّحُ بِمَفْهُومِ حَاضِرٍ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لِغَائِبٍ وَتَقَدَّمَ مُحْتَرَزٌ مُعَيَّنٌ فِي قَوْلِهِ أَوْ هِيَ لِرَجُلٍ لَا أَعْرِفُهُ إلَخْ، فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا لِبَيَانِ الْأَقْسَامِ وَتَغَايُرِهَا، وَعِبَارَةُ حَجّ جَمَعَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي عَوْدِ الضَّمِيرِ لِقَوْلِهِ تُمْكِنُ مُخَاصَمَتُهُ وَتَحْلِيفُهُ وَعَلَيْهِ فَهِيَ سَالِمَةٌ مِمَّا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَيُوقَفُ الْأَمْرُ) حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْوَقْفَ) أَيْ وَقْفَ الْأَمْرِ إلَى حُضُورِ الْغَائِبِ، وَقَوْلُهُ: عَلَيْهَا: أَيْ عَلَى الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ: عَمِلَ بِبَيِّنَتِهِ) أَيْ بَيِّنَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَقَامَهَا بِالْمِلْكِ فَقَطْ) أَيْ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ وَلَمْ يُثْبِتْ وَكَالَتَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ جَمْعُهُ بَيْنَ مُعَيَّنٍ وَحَاضِرٍ لِلْإِيضَاحِ) مَمْنُوعٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَهَذَا تَصَرُّفٌ مِنْهُ فِي عِبَارَةِ التُّحْفَةِ وَنَصُّهَا عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَحْلِيفُهُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا: أَيْ بَيْنَ مُخَاصَمَتِهِ وَتَحْلِيفِهِ إيضَاحًا انْتَهَتْ. فَظَنَّ الشَّارِحُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْمُعَيَّنِ وَالْحَاضِرِ فَعَبَّرَ عَنْهُ بِمَا ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: لَيْسَ مَعْنَاهُ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُ فِي هَذَا أَيْضًا تَنْصَرِفُ عَنْهُ الْخُصُومَةُ لِوَلِيِّ الْمَحْجُورِ، لَكِنَّ عِبَارَةَ التُّحْفَةِ لَيْسَ لِإِفَادَةِ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِهِ إلَخْ وَهُوَ أَصْوَبُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَحْجُورُ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ هَذَا الْحَصْرِ مَعَ أَنَّ الْوَقْفَ الَّذِي نَاظِرُهُ غَيْرُهُ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: لَا يُعْتَرَضُ مِثْلُهُ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: فَلَا يُعْتَرَضُ بِمِثْلِهِ إلَّا لِلتَّنْبِيهِ لِلْمُرَادِ الْمُتَبَادَرِ مِنْ الْعِبَارَةِ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ (قَوْلُهُ: فِي الصُّوَرِ) لَعَلَّهُ فِي الصُّورَةِ بِزِيَادَةِ تَاءٍ بَعْدَ الرَّاءِ أَيْ إذَا أَقَرَّ بِهَا لِحَاضِرٍ (قَوْلُهُ: إذْ لِلْمُدَّعِي طَلَبُ حَلِفِهِ إلَخْ) وَحِينَئِذٍ فَلَمْ يَبْقَ فَرْقٌ بَيْنَ قَوْلِنَا لَا تَنْصَرِفُ عَنْهُ الْخُصُومَةُ فِيمَا مَرَّ وَبَيْنَ قَوْلِنَا هُنَا تَنْصَرِفُ، إلَّا أَنَّهُ هُنَاكَ يَأْخُذُ مِنْهُ الْعَيْنَ إذَا أَثْبَتَهَا عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ وَهُنَا يَأْخُذُ بَدَلَهَا مُطْلَقًا، وَإِلَّا فَفِي كُلٍّ مِنْ الْمَوْضِعَيْنِ يُحَلِّفُهُ وَيُقِيمُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ كَمَا عُلِمَ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ) أَيْ بَعْدَ أَنْ أَقَرَّ بِهِ لِآخَرَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ بِإِقْرَارِهِ الْأَوَّلِ

[فصل في كيفية الحلف وضابط الحالف وما يتفرع عليه]

فِيهَا كَرَهْنٍ مَقْبُوضٍ وَإِجَارَةٍ سُمِعَتْ بَيِّنَتُهُ أَنَّهَا مِلْكُ فُلَانٍ الْغَائِبِ لِأَنَّ حَقَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا إنْ ثَبَتَ مِلْكُ الْغَائِبِ فَيَثْبُتُ مِلْكُهُ بِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إثْبَاتُ مَالٍ لِغَرِيمِهِ حَتَّى يَأْخُذَ دَيْنَهُ مِنْهُ لِأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي أَصْلِ الْعَيْنِ الَّذِي لَا عَلَقَةَ لَهُ فِيهَا وَهُنَا فِي حَقِّ التَّوَثُّقِ أَوْ الْمَنْفَعَةِ مَعَ تَعَلُّقِ حَقِّهِ بِهِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا إنَّمَا حَكَاهُ بِحَسَبِ سَبْقِ نَظَرِهِ، إذْ مَا صَحَّحَهُ فِيهَا مِنْ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ. وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: هِيَ لِي وَفِي يَدِي فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً وَحَكَمَ لَهُ الْحَاكِمُ بِهَا ثُمَّ بَانَ كَوْنُهَا فِي غَيْرِ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالْأَقْرَبُ عَدَمُ نُفُوذِهِ إنْ كَانَ ذُو الْيَدِ حَاضِرًا وَيَنْفُذُ إنْ كَانَ غَائِبًا وَتَوَفَّرَتْ شُرُوطُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ مَنْ يَدَّعِي حَقًّا لِغَيْرِهِ وَلَمْ يَكُنْ وَكِيلًا وَلَا وَلِيًّا لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَمَحَلُّهُ إنْ كَانَ يَدَّعِي حَقًّا لِغَيْرِهِ غَيْرَ مُنْتَقَلٍ إلَيْهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُنْتَقِلًا مِنْهُ إلَيْهِ (وَمَا قَبْلَ) (إقْرَارِ عَبْدٍ) أَيْ قِنٍّ (بِهِ كَعُقُوبَةٍ) لِآدَمِيٍّ مِنْ قَوَدٍ أَوْ حَدِّ قَذْفٍ أَوْ تَعْزِيرِهِ (فَالدَّعْوَى عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْجَوَابُ) لِتَرَتُّبِ الْحُكْمِ عَلَى قَوْلِهِ لِقُصُورِ أَثَرِهِ عَلَيْهِ دُونَ سَيِّدِهِ، إمَّا عُقُوبَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِهَا مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ (وَمَا لَا) يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِهِ (كَأَرْشٍ) لِعَيْبٍ وَضَمَانِ مُتْلَفٍ (فَعَلَى السَّيِّدِ) الدَّعْوَى بِهِ، وَالْجَوَابُ إذْ مُتَعَلِّقُهُ الرَّقَبَةُ وَهِيَ حَقُّ السَّيِّدِ دُونَ الْقِنِّ فَلَا تُسْمَعُ بِهِ عَلَيْهِ وَلَا يَحْلِفُ كَالْمُتَعَلِّقِ بِذِمَّتِهِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُؤَجَّلِ نَعَمْ قَطَعَ الْبَغَوِيّ بِسَمَاعِهَا عَلَيْهِ إنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ، إذْ قَدْ يَمْتَنِعُ إقْرَارُ شَخْصٍ بِشَيْءٍ وَتُسْمَعُ الدَّعْوَى بِهِ عَلَيْهِ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ، فَإِنَّ السَّفِيهَ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِالْمِلْكِ وَتُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ لِأَجْلِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ، نَعَمْ الدَّعْوَى وَالْجَوَابُ عَلَى الْقِنِّ فِي نَحْوِ قَتْلِ خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ بِمَحَلِّ اللَّوْثِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ وَذَلِكَ لِتَعَلُّقِ الدِّيَةِ بِرَقَبَتِهِ إذَا أَقْسَمَ الْوَلِيُّ وَقَدْ يَكُونَانِ عَلَيْهِمَا كَمَا فِي نِكَاحِهِ وَنِكَاحِ الْمُكَاتَبَةِ لِتَوَقُّفِ ثُبُوتِهِ عَلَى إقْرَارِهِمَا. (فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ وَضَابِطِ الْحَالِفِ وَمَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ (تُغَلَّظُ) نَدْبًا وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ الْخَصْمُ وَإِنْ أَسْقَطَهُ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي (يَمِينُ مُدَّعٍ) سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمَرْدُودَةُ وَمَعَ الشَّاهِدِ (وَ) يَمِينُ (مُدَّعًى عَلَيْهِ) وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَسْبِقْ مِنْ أَحَدِهِمَا حَلِفٌ بِنَحْوِ طَلَاقٍ أَنْ لَا يَحْلِفَ يَمِينًا مُغَلَّظَةً وَإِلَّا فَلَا تَغْلِيظَ، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: إلَّا إنْ ثَبَتَ مِلْكُ الْغَائِبِ) وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إثْبَاتُ مَالِ الْغَرِيمِ (قَوْلُهُ: تَوَفَّرَتْ شُرُوطُ الْقَضَاءِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْغَائِبُ مُنْكِرًا أَوْ مُتَوَارِيًا أَوْ مُتَعَزِّزًا أَوْ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَكُونَانِ عَلَيْهِمَا) أَيْ السَّيِّدِ وَالْقِنِّ. (فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ وَضَابِطِ الْحَالِفِ. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ إلَخْ) وَظَاهِرٌ لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي دَعْوَى لَوْثٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا تَغْلِيظٌ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إثْبَاتُ مَالٍ لِغَرِيمِهِ) يَعْنِي مَا مَرَّ ثَانِيًا فِي كَلَامِهِ، وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ لَهُ قَبْلَهُ أَنَّ لَهُ إثْبَاتَ الْعَيْنِ كَمَا هُنَا وَمَرَّ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ) عَدَمُ انْصِرَافِ الْخُصُومَةِ، إذْ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَيْضًا خِلَافٌ هَلْ الْقَضَاءُ عَلَيْهِ فِيهِ قَضَاءٌ عَلَى غَائِبٍ أَوْ حَاضِرٍ؟ صَحَّ مِنْهُمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا الثَّانِي، وَإِلَّا فَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ انْصِرَافِ الْخُصُومَةِ إنَّمَا هُوَ تَصْحِيحُ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ لِتَعَلُّقِ الدِّيَةِ بِرَقَبَتِهِ) هُوَ تَعْلِيلٌ لِعَدَمِ قَبُولِ إقْرَارِهِ. وَعِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ: فَإِنَّهَا أَيْ الدَّعْوَى تَكُونُ عَلَى الْعَبْدِ، وَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِهِ لِأَنَّ الْوَلِيَّ يُقْسِمُ، وَتَتَعَلَّقُ الدِّيَةُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ انْتَهَتْ. فَقَوْلُهُ لِأَنَّ الْوَلِيَّ يُقْسِمُ تَعْلِيلٌ لِسَمَاعِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ: أَيْ لِأَنَّا إنَّمَا مَنَعْنَا سَمَاعَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا تَعَلَّقَ الْمَالُ بِرَقَبَتِهِ، لِأَنَّ مِنْ ثَمَرَاتِ سَمَاعِ الدَّعْوَى تَحْلِيفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَهُوَ إنَّمَا يَحْلِفُ فِيمَا يَقْبَلُ إقْرَارَهُ فِيهِ، وَهُنَا لِمَا لَمْ يَكُنْ الْحَلِفُ عَلَيْهِ سُمِعَتْ عَلَيْهِ الدَّعْوَى لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ. [فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ وَضَابِطِ الْحَالِفِ وَمَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ] (فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ

وَالْأَوْجَهُ تَصْدِيقُهُ فِي ذَلِكَ بِلَا يَمِينٍ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ حَلِفِهِ طَلَاقُهُ ظَاهِرًا فَسَاوَى الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ (فِيمَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا يُقْصَدُ بِهِ مَالٌ) كَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَلِعَانٍ وَقَوَدٍ وَعِتْقٍ وَوَلَاءٍ وَوَكَالَةٍ وَلَوْ فِي دِرْهَمٍ وَسَائِرُ مَا مَرَّ مِمَّا لَا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْيَمِينَ مَوْضُوعَةٌ لِلزَّجْرِ عَنْ التَّعَدِّي فَغُلِّظَ مُبَالَغَةً وَتَأْكِيدًا لِلرَّدْعِ فِيمَا هُوَ مُتَأَكِّدٌ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ وَهُوَ مَا ذُكِرَ، وَمَا فِي قَوْلِهِ (وَفِي مَالٍ) أَوْ حَقِّهِ كَأَجَلٍ وَخِيَارٍ حَيْثُ (يَبْلُغُ) الْمَالُ (نِصَابَ زَكَاةٍ) وَهُوَ عِشْرُونَ دِينَارًا أَوْ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَمَا عَدَاهُمَا أَنْ يَبْلُغَ قِيمَتُهُ أَحَدَهُمَا وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: أَنَّهُ رَأَى قَوْمًا يَحْلِفُونَ بَيْنَ الْمَقَامِ وَالْبَيْتِ فَقَالَ أَعَلَى دَمٍ؟ فَقَالُوا: لَا، فَقَالَ فَعَلَى عَظِيمٍ مِنْ الْمَالِ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: خَشِيت أَنْ يُتَهَاوَنَ بِهَذَا الْمَقَامِ فَخَرَجَ بِالْمَالِ الِاخْتِصَاصُ وَبِالنِّصَابِ مَا دُونَهُ، كَأَنْ اخْتَلَفَا مُتَبَايِعَانِ فِي ثَمَنٍ فَقَالَ الْبَائِعُ: عِشْرُونَ وَالْمُشْتَرِي عَشَرَةٌ لِأَنَّ التَّنَازُعَ إنَّمَا هُوَ فِي عَشَرَةٍ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ حَقِيرٌ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ وَلِهَذَا لَمْ تَجِبْ فِيهِ مُوَاسَاةٌ، نَعَمْ لَوْ رَآهُ الْحَاكِمُ لِجَرَاءَةٍ فِي الْحَالِفِ فَعَلَهُ وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ لَهُ فِعْلَهُ بِالْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ مُطْلَقًا (وَسَبَقَ بَيَانُ التَّغْلِيظِ فِي) كِتَابِ (اللِّعَانِ) بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ كَغَيْرِهِمَا، نَعَمْ التَّغْلِيظُ بِحُضُورِ جَمْعٍ أَقَلُّهُمْ أَرْبَعَةٌ وَبِتَكْرِيرِ اللَّفْظِ لَا أَثَرَ لَهُ هُنَا، وَيُنْدَبُ بِزِيَادَةِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ أَيْضًا وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ، وَيُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا} [آل عمران: 77] وَأَنْ يُوضَعَ الْمُصْحَفُ فِي حِجْرِهِ وَيَحْلِفُ الذِّمِّيُّ بِمَا يُعَظِّمُهُ مِمَّا نَرَاهُ بِحَقٍّ لَا هُوَ، وَلَا يَجُوزُ التَّحْلِيفُ بِنَحْوِ عِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ بَلْ يَلْزَمُ الْحَاكِمَ عَزْلُ مَا فَعَلَهُ: أَيْ حَيْثُ كَانَ يَعْتَقِدُهُ كَمَا لَا يَخْفَى، وَقَدْ يَخْتَصُّ التَّغْلِيظُ بِأَحَدِ الْجَانِبَيْنِ كَمَا لَوْ ادَّعَى قِنٌّ عَلَى سَيِّدِهِ عِتْقًا أَوْ كِتَابَةً فَأَنْكَرَهُ السَّيِّدُ فَتُغَلَّظُ عَلَيْهِ إنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ نِصَابًا، فَإِنْ رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْقِنِّ غُلِّظَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا لِأَنَّ دَعْوَاهُ لَيْسَتْ بِمَالٍ. (وَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ) وَهُوَ الْجَزْمُ فِيمَا لَيْسَ بِفِعْلِهِ وَلَا فِعْلِ غَيْرِهِ كَإِنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ أَوْ كَانَ هَذَا غُرَابًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، نَعَمْ لَوْ ادَّعَى الْمُودَعُ التَّلَفَ وَرَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ مَعَ أَنَّ التَّلَفَ لَيْسَ مِنْ فِعْلِ أَحَدٍ، وَ (فِي فِعْلِهِ) نَفْيًا أَوْ إثْبَاتًا لِإِحَاطَتِهِ بِفِعْلِ نَفْسِهِ أَيْ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ وَإِنْ صَدَرَ مِنْهُ ذَلِكَ الْفِعْلُ حَالَةَ جُنُونِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ (وَكَذَا فِعْلِ غَيْرِهِ إنْ كَانَ إثْبَاتًا) كَبَيْعٍ وَإِتْلَافٍ وَغَصْبٍ لِتَيَسُّرِ الْوُقُوفِ عَلَيْهِ (وَإِنْ كَانَ نَفْيًا) غَيْرَ مَحْصُورٍ (فَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) كَلَا أَعْلَمُهُ فَعَلَ كَذَا لِعُسْرِ الْوُقُوفِ عَلَى الْعِلْمِ بِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ جَوَازِ الشَّهَادَةِ بِالنَّفْيِ حَيْثُ كَانَ غَيْرَ مَحْصُورٍ أَنَّهُ يُكْتَفَى فِي الْيَمِينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSلِلْقَاضِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ تَصْدِيقُهُ) أَيْ فِي أَنَّهُ حَلَفَ أَنْ لَا يَحْلِفَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَبِالنِّصَابِ مَا دُونَهُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ لِيَتِيمٍ أَوْ لِوَقْفٍ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ رَآهُ الْحَاكِمُ) أَيْ فِيمَا دُونَ النِّصَابِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فِي الْمَالِ وَغَيْرِهِ بَلَغَ نِصَابًا أَمْ لَا، وَشَمِلَ ذَلِكَ الِاخْتِصَاصَ، فَقَضِيَّتُهُ أَنَّ لَهُ تَغْلِيظَ الْيَمِينِ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُوضَعَ الْمُصْحَفُ فِي حِجْرِهِ) أَيْ وَلَمْ يَحْلِفْ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَخْوِيفُهُ بِحَلِفِهِ بِحَضْرَةِ الْمُصْحَفِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ التَّحْلِيفُ) أَيْ مِنْ الْقَاضِي، فَلَوْ خَالَفَ وَفَعَلَ انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ حَيْثُ لَا إكْرَاهَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَتَغْلُظُ عَلَيْهِ) أَيْ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ دَعْوَاهُ لَيْسَتْ بِمَالٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَ حَلِفُهُ مُفَوِّتًا لِلْمَالِ عَلَى السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: كَلَا أَعْلَمُهُ فَعَلَ كَذَا) أَيْ غَيْرِي ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي دِرْهَمٍ) أَيْ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْوَكَالَةِ إنَّمَا هُوَ الْوِلَايَةُ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ لَهُ فِعْلَهُ) هَذَا التَّعْبِيرُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ التَّغْلِيظُ بِغَيْرِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، فَانْظُرْ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ وَمَا وَجْهُهُ (قَوْلُهُ: كَإِنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ أَوْ كَانَ هَذَا غُرَابًا فَأَنْت طَالِقٌ) أَيْ ثُمَّ ادَّعَتْ عَلَيْهِ الزَّوْجَةُ أَنَّهَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ أَوْ أَنَّ الطَّائِرَ كَانَ غُرَابًا فَأَنْكَرَ لِيَحْلِفَ عَلَى الْبَتِّ أَنَّهَا لَمْ تَطْلُعْ أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ جَوَازِ الشَّهَادَةِ بِالنَّفْيِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: لَا مُخَالَفَةٌ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ حَتَّى يُحْتَاجَ لِلْفَرْقِ، فَكَمَا لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِالنَّفْيِ الْمَذْكُورِ لَا يَحْلِفُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ الرَّوْضِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا. فَإِنْ قُلْت: مُرَادُ الشَّارِحِ أَنَّ النَّفْيَ غَيْرَ الْمَحْصُورِ وَأَنَّهُ فِيهِ

بِأَدْنَى ظَنٍّ، بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الظَّنِّ الْقَوِيِّ الْقَرِيبِ مِنْ الْعِلْمِ كَمَا مَرَّ، أَمَّا الْمَحْصُورُ فَيَحْلِفُ فِيهِ عَلَى الْبَتِّ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ تَجْوِيزِهِمْ الشَّهَادَةَ بِهِ وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ: وَقَدْ يُكَلَّفُ الْحَلِفَ عَلَى الْبَتِّ فِي فِعْلِ غَيْرِهِ النَّفْيَ كَحَلِفِ الْبَائِعِ أَنَّ عَبْدَهُ لَمْ يَأْبَقْ مَثَلًا وَكَحَلِفِ مُدَّعِي النَّسَبِ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ أَنَّهُ ابْنُهُ مَثَلًا وَحَلِفِ مَدِينٍ أَنَّهُ مُعْسِرٌ وَأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ أَنَّ صَاحِبَهُ بِهِ عَيْبٌ رُدَّ أَوَّلُهُ بِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ عَبْدِهِ وَالْحَلِفُ فِيهِ عَلَى الْبَتِّ وَلَوْ نَفْيًا، وَثَانِيهِ بِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ وَهُوَ إثْبَاتٌ وَالْحَلِفُ فِيهِ عَلَى الْبَتِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَهُ، وَثَالِثُهُ نَفْيُ الْمِلْكِ نَفْسِهِ عَلَى شَيْءٍ مَخْصُوصٍ، وَرَابِعُهُ بِأَنَّهُ فَعَلَهُ تَعَالَى وَهُوَ حَلِفٌ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ إثْبَاتًا، قَالَ: وَالضَّابِطُ أَنَّهُ يَحْلِفُ بَتًّا فِي كُلِّ يَمِينٍ إلَّا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْوَارِثِ فِيمَا يَنْفِيهِ، وَكَذَا الْعَاقِلَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوُجُوبَ لَا فِي الْقَاتِلِ، وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ مَسَائِلَ مَرَّتْ فِي الْوَكِيلِ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ وَفِي الْوَكَالَةِ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً بِعِشْرِينَ وَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ طَلَبَ مِنْ الْبَائِعِ أَنْ يُسَلِّمَهُ الْمَبِيعَ فَادَّعَى عَجْزَهُ الْآنَ عَنْهُ فَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ لِعَجْزِهِ. (وَلَوْ) (ادَّعَى دَيْنًا لِمُوَرِّثِهِ فَقَالَ: أَبْرَأَنِي) مِنْهُ أَوْ اسْتَوْفَاهُ أَوْ أَحَالَ بِهِ مَثَلًا (حَلَفَ عَلَى) الْبَتِّ إنْ شَاءَ أَوْ عَلَى (نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْبَرَاءَةِ) لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ، وَيُشْتَرَطُ هُنَا وَفِي كُلِّ مَا يَحْلِفُ الْمُنْكِرُ فِيهِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ التَّعَرُّضُ فِي الدَّعْوَى لِكَوْنِهِ يَعْلَمُ ذَلِكَ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَمَحَلُّهُ إنْ عَلِمَ الْمُدَّعِي أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَعْلَمُهُ وَإِلَّا لَمْ يَسُغْ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ يَعْلَمُهُ أَيْ لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا أَنْ يُوَجِّهَ إطْلَاقَهُمْ بِأَنَّهُ قَدْ يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى حَقِّهِ إذَا نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَحْلِفُ هُوَ فَسُومِحَ لَهُ فِيهِ. (وَلَوْ) (قَالَ: جَنَى عَبْدُكَ) أَيْ قِنُّكَ (عَلَيَّ بِمَا يُوجِبُ كَذَا) (فَالْأَصَحُّ حَلِفُهُ عَلَى الْبَتِّ) إنْ أَنْكَرَ لِأَنَّ قِنَّهُ مَالُهُ وَفِعْلُهُ كَفِعْلِ نَفْسِهِ وَلِذَا سُمِعَتْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَالثَّانِي عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لِتَعَلُّقِهِ بِفِعْلِ الْغَيْرِ، أَمَّا فِعْلُ قِنٍّ مَجْنُونٍ أَوْ يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ الْآمِرِ فَيَحْلِفُ فِيهِ عَلَى الْبَتِّ قَطْعًا لِأَنَّهُ كَالْبَهِيمَةِ. (قُلْت: وَلَوْ) (قَالَ جَنَتْ بَهِيمَتُكَ) عَلَى زَرْعِي مَثَلًا (حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ قَطْعًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ إنَّمَا ضَمِنَ لِتَقْصِيرِهِ فِي حِفْظِهَا فَكَانَ مِنْ فِعْلِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَتْ بِيَدِ مَنْ يَضْمَنُ فِعْلَهَا كَمُسْتَأْجِرٍ وَمُسْتَعِيرٍ فَالدَّعْوَى وَالْحَلِفُ عَلَيْهِ فَقَطْ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي الْأَجِيرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: كَحَلِفِ الْبَائِعِ أَنَّ عَبْدَهُ لَمْ يَأْبَقْ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: أَبَقَ الْعَبْدُ يَأْبِقُ وَيَأْبَقُ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا (قَوْلُهُ: رُدَّ أَوَّلُهُ) قَضِيَّةُ الرَّدِّ بِمَا ذُكِرَ أَنَّ الْبَائِعَ يُكَلَّفُ الْحَلِفَ بِأَنَّ الْعَبْدَ مَا أَبَقَ عِنْدَهُ إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ كَانَ أَبْقَاهُ فِي يَدِ الْبَائِعِ، وَقَضِيَّةُ مَا ذَكَرُوهُ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَنَّهُ يَكْفِيهِ أَنْ يَقُولَ مَا يَلْزَمُنِي قَبُولُهُ أَوْ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى الرَّدِّ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، فَلَعَلَّ الْمُرَادُ بِمَا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ السَّبَبَ كُلِّفَ الْحَلِفَ عَلَى الْبَتِّ فَلَا يُنَافِيهِ الِاكْتِفَاءُ بِنَحْوِ لَا يَلْزَمُنِي قَبُولُهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوُجُوبَ لَاقَى الْقَاتِلَ) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي وَقَوْلُهُ: حَلَفَ: أَيْ: الْوَارِثُ (قَوْلُهُ: أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ يَعْلَمُهُ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يَقُلْ أَنْتَ تَعْلَمُهُ وَصَمَّمَ عَلَى عَدَمِ الْقَوْلِ مُقْتَصِرًا عَلَى قَوْلِهِ أَبْرَأَنِي مُوَرِّثُكَ هَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْحَلِفُ عَلَى الْبَتِّ أَوْ يَحْلِفُ الْآنَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لِتَصْمِيمِ الْمُدَّعِي عَلَى عَدَمِ نِسْبَةِ الْعِلْمِ إلَيْهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ إنَّمَا يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ إذَا قَالَ الْمُدَّعِي أَنْتَ تَعْلَمُ الْأَوَّلَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ: جَنَى عَبْدُكَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَلَا يَجُوزُ الشَّهَادَةُ فِيهِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ. قُلْت: هَذَا مَعَ أَنَّهُ لَا تَقْبَلُهُ الْعِبَارَةُ إلَّا بِتَأْوِيلٍ لَا يُلَائِمُهُ التَّعْلِيلُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ ابْنُهُ مَثَلًا) اُنْظُرْ أَيَّ نَفْيٍ فِي هَذَا (قَوْلُهُ: فِيمَا يَنْفِيهِ) أَيْ مِنْ فِعْلِ الْمُوَرِّثِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْعَاقِلَةُ) أَيْ تَحْلِفُ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوُجُوبَ لَا فِي الْقَاتِلِ) اُنْظُرْ مَفْهُومَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ مُعْتَقِدٌ وُجُوبَ طَاعَةِ الْآمِرِ) أَيْ وَالْآمِرُ السَّيِّدُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، أَمَّا إذَا كَانَ الْآمِرُ غَيْرَهُ فَظَاهِرٌ أَنَّ الْأَمْرَ مَنُوطٌ بِهِ. (قَوْلُهُ: فِي الْأَجِيرِ) أَيْ الصَّادِقَةِ بِهِ عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ

(وَيَجُوزُ الْبَتُّ بِظَنٍّ مُؤَكَّدٍ يُعْتَمَدُ) فِيهِ (خَطُّهُ أَوْ خَطُّ أَبِيهِ) أَوْ مُوَرِّثِهِ الْمَوْثُوقِ بِهِ بِحَيْثُ يَتَرَجَّحُ عِنْدَهُ بِسَبَبِهِ وُقُوعُ مَا فِيهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ، وَضَابِطُهُ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ وَجَدَ فِيهِ مَكْتُوبًا أَنَّ عَلَيَّ لِفُلَانٍ كَذَا لَمْ يَحْلِفْ عَلَى نَفْيِهِ بَلْ يُطَيِّبُ خَاطِرَهُ بِدَفْعِهِ، وَمِنْ الْأَغْرَاضِ الْمُجَوِّزَةِ لِلْحَلِفِ أَيْضًا نُكُولُ خَصْمِهِ: أَيْ الَّذِي لَا يَتَوَرَّعُ مِثْلُهُ عَنْ الْيَمِينِ، وَهُوَ مُحِقٌّ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ جَوَازُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ وَهُوَ مَا فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ هُنَا وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْمَشْهُورُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ نَقَلَا فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ فِي أَوَائِلِ الْقَضَاءِ عَنْ الشَّامِلِ اشْتِرَاطَ التَّذَكُّرِ. (وَيُعْتَبَرُ) فِي الْيَمِينِ مُوَالَاتُهَا وَطَلَبُ الْخَصْمِ لَهَا مِنْ الْحَاكِمِ وَطَلَبُ الْحَاكِمِ لَهَا مِمَّنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ وَ (نِيَّةُ الْقَاضِي) أَوْ نَائِبِهِ أَوْ الْمُحَكَّمِ أَوْ الْمَنْصُوبِ لِلْمَظَالِمِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ كُلِّ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّحْلِيفِ (الْمُسْتَحْلِفُ) وَاعْتِقَادِهِ مُجْتَهِدًا كَانَ أَوْ مُقَلِّدًا لَا نِيَّةُ الْحَالِفِ وَاعْتِقَادِهِ مُجْتَهِدًا كَانَ أَوْ مُقَلِّدًا أَيْضًا لِئَلَّا تَبْطُلَ فَائِدَةُ الْأَيْمَانِ وَتَضِيعَ الْحُقُوقُ، وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلَفِ» وَحُمِلَ عَلَى الْقَاضِي لِأَنَّهُ الَّذِي لَهُ وِلَايَةُ الِاسْتِحْلَافِ أَمَّا لَوْ حَلَّفَهُ نَحْوُ غَرِيمِهِ مِمَّنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ فِي التَّحْلِيفِ أَوْ حَلَفَ هُوَ ابْتِدَاءً فَالْعِبْرَةُ بِنِيَّتِهِ وَإِنْ أَثِمَ بِهَا حَيْثُ أَبْطَلَتْ حَقَّ غَيْرِهِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ خَبَرُ «يَمِينُك مَا يُصَدِّقُك عَلَيْهِ صَاحِبُك» . (فَلَوْ) (وَرَّى) الْحَالِفُ بِاَللَّهِ وَلَمْ يَظْلِمْهُ خَصْمُهُ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ (أَوْ تَأَوَّلَ خِلَافَهَا) أَيْ الْيَمِينِ (أَوْ اسْتَثْنَى) أَوْ وَصَلَ بِاللَّفْظِ شَرْطًا (بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ الْقَاضِي لَمْ يُدْفَعْ) عَنْهُ (إثْمُ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ) وَإِلَّا لَبَطَلَتْ فَائِدَةُ الْيَمِينِ مِنْ أَنَّهُ يَهَابُ الْإِقْدَامَ عَلَيْهَا خَوْفًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، أَمَّا مَنْ حَلَفَ بِنَحْوِ طَلَاقٍ فَتَنْفَعُهُ التَّوْرِيَةُ وَالتَّأْوِيلُ، وَأَمَّا مَنْ ظَلَمَهُ خَصْمُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَأَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ وَهُوَ مُعْسِرٌ فَحَلَفَ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا: أَيْ تَسْلِيمِهِ الْآنَ فَكَذَلِكَ أَيْضًا، نَعَمْ إنْ كَانَ الْمُحَلِّفُ يَرَى ذَلِكَ مَذْهَبًا اُعْتُبِرَتْ نِيَّتُهُ حِينَئِذٍ، وَالتَّوْرِيَةُ قَصْدُ مَجَازٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الْعَاقِلُ الَّذِي لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ الْآمِرِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ أَمَّا فِعْلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِظَنٍّ مُؤَكَّدٍ) أَيْ قَوِيٍّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُحِقٌّ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُحِقٌّ: يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ مُحِقًّا فِيمَا يَقُولُ لَا يَمْتَنِعُ مِنْ الْيَمِينِ وَرُدَّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي كَانَ الرَّدُّ مَسُوغًا لِحَلِفِ الْمُدَّعِي عَلَى الْبَتِّ، لِأَنَّ رَدَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمَوْصُوفَ بِمَا ذُكِرَ يُفِيدُ الْمُدَّعِي الظَّنَّ الْمُؤَكَّدَ بِثُبُوتِ الْحَقِّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ فِي الْيَمِينِ مُوَالَاتُهَا) أَيْ عُرْفًا، وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ عُرْفُهُمْ فِيمَا بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ كَمَا فِي الْبَيْعِ اهـ حَجّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالْمُرَادُ بِالْمُوَالَاةِ أَنْ لَا يَفْصِلَ بَيْنَ قَوْلِهِ وَاَللَّهِ وَقَوْلِهِ مَا فَعَلْت كَذَا مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَنِيَّةُ الْقَاضِي الْمُسْتَحْلِفِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحَلُّهُ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَالِفُ مُحِقًّا فِيمَا نَوَاهُ وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِنِيَّتِهِ لَا بِنِيَّةِ الْقَاضِي، فَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ مَالِهِ كَذَا بِغَيْرِ إذْنِهِ وَسَأَلَ رَدَّهُ وَكَانَ إنَّمَا أَخَذَهُ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ، فَأَجَابَ بِنَفْيِ الِاسْتِحْقَاقِ فَقَالَ خَصْمُهُ لِلْقَاضِي: حَلِّفْهُ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ مَالِي شَيْئًا بِغَيْرِ إذْنِي وَكَانَ الْقَاضِي يَرَى إجَابَتَهُ لِذَلِكَ فَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَيَنْوِي بِغَيْرِ الِاسْتِحْقَاقِ وَلَا يَأْثَمُ بِذَلِكَ، وَمَا قَالَهُ لَا يُنَافِي مَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ تَحْلِيفِ الْحَنَفِيِّ الشَّافِعِيَّ عَلَى شُفْعَةِ الْجِوَارِ فَتَأَمَّلْ اهـ شَرْحُ رَوْضٍ وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَمْ يَظْلِمْهُ خَصْمُهُ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ (قَوْلُهُ: مِنْ كُلٍّ مَنْ لَهُ وِلَايَةٌ) أَيْ أَمَّا مَنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ كَبَعْضِ الْعُظَمَاءِ أَوْ الظَّلَمَةِ فَتَنْفَعُ التَّوْرِيَةُ عِنْدَهُ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَثِمَ الْحَالِفُ إنْ لَزِمَ مِنْهَا تَفْوِيتُ حَقٍّ، وَمِنْهُ الْمِشَدُّ وَشُيُوخُ الْبُلْدَانِ وَالْأَسْوَاقِ فَتَنْفَعُهُ التَّوْرِيَةُ عِنْدَهُمْ سَوَاءٌ كَانَ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِاَللَّهِ (قَوْلُهُ: فَالْعِبْرَةُ بِنِيَّتِهِ) أَيْ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَنْ حَلَفَ بِنَحْوِ طَلَاقٍ) أَيْ مِنْ الْحَاكِمِ ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي مِمَّنْ يَرَى ذَلِكَ، وَنَقَلَ ذَلِكَ حَجّ وَنَازَعَ فِيهِ، وَقُوَّةُ كَلَامِهِ تُفِيدُ اعْتِمَادَ الْمُنَازَعَةِ ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ نَعَمْ (قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَتْ نِيَّتُهُ) أَيْ الْمُسْتَحْلَفِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: فِيهِ) فِي هَذَا تَغْيِيرُ مَوْضُوعِ الْمَتْنِ إذْ يَصِيرُ ضَمِيرُ يَعْتَمِدُ لِلشَّخْصِ بَعْدَ أَنْ كَانَ لِلظَّنِّ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ الظَّنُّ بَدَلَ قَوْلِهِ فِيهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ كَانَ الْمُحَلِّفُ إلَخْ) مَحَلُّ هَذَا قَبْلَ قَوْلِهِ وَأَمَّا مَنْ ظَلَمَهُ خَصْمُهُ إلَخْ فَهُوَ مُؤَخَّرٌ عَنْ مَحَلِّهِ

هُجِرَ لَفْظُهُ دُونَ حَقِيقَتِهِ كَمَا لَهُ عِنْدِي دِرْهَمٌ: أَيْ قَبِيلَةٌ أَوْ قَمِيصٌ: أَيْ غِشَاءُ الْقَلْبِ أَوْ ثَوْبٌ: أَيْ رُجُوعٌ وَهُوَ هُنَا اعْتِقَادٌ خِلَافَ ظَاهِرِهِ لِشُبْهَةٍ عِنْدَهُ وَاسْتِشْكَالُ الِاسْتِثْنَاءِ بِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ فِي الْمَاضِي، إذْ لَا يُقَالُ: أَتْلَفْت كَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ رُجُوعُهُ لِعَقْدِ الْيَمِينِ وَخَرَجَ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ مَا لَوْ سَمِعَهُ فَيَعْذِرُهُ وَيُعِيدُ الْيَمِينَ وَلَوْ وَصَلَ بِهَا كَلَامًا لَمْ يَفْهَمْهُ الْقَاضِي مَنَعَهُ وَأَعَادَهَا. وَضَابِطُ مَنْ تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ فِي جَوَابِ الدَّعْوَى أَوْ النُّكُولِ أَنَّهُ كُلُّ (مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ) أَيْ دَعْوَى صَحِيحَةٌ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ، أَوْ الْمُرَادُ طُلِبَتْ مِنْهُ يَمِينٌ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى كَطَلَبِ قَاذِفٍ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ عَيْنُ الْمَقْذُوفِ أَوْ وُرَّاثِهِ أَنَّهُ مَا زَنَى وَحِينَئِذٍ فَعِبَارَتُهُ أَحْسَنُ مِنْ عِبَارَةِ أَصْلِهِ فَزَعْمُ أَنَّهَا سَبْقُ قَلَمٍ غَيْرُ صَحِيحٍ وَ (لَوْ) (أَقَرَّ بِمَطْلُوبِهَا) أَيْ الْيَمِينِ أَوْ الدَّعْوَى لِأَنَّ مُؤَادَهُمَا وَاحِدٌ (لَزِمَهُ) وَحِينَئِذٍ فَإِذَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ كَذَلِكَ (فَأَنْكَرَهُ حَلَفَ) لِلْخَبَرِ الْمَارِّ. وَلَوْ قَالَ: أَبْرَأْتنِي عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى لَمْ يُحَلِّفْهُ عَلَى نَفْيِهِ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ مِنْهَا لَا مَعْنَى لَهُ. وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِفِعْلِهَا فَادَّعَتْهُ وَأَنْكَرَ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِوُقُوعِهِ، بَلْ إنْ ادَّعَتْ فُرْقَةً حَلَفَ عَلَى نَفْيِهَا عَلَى مَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا. وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ شُفْعَةً فَقَالَ: إنَّمَا اشْتَرَيْت لِابْنِي لَمْ يَحْلِفْ. وَلَوْ ظَهَرَ غَرِيمٌ بَعْدَ قِسْمَةِ مَالِ الْمُفْلِسِ بَيْنَ غُرَمَائِهِ فَادَّعَى أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ دَيْنَهُ لَمْ يَحْلِفُوا، أَوْ ادَّعَتْ أَمَةٌ الْوَطْءَ وَأُمِّيَّةَ الْوَلَدِ فَأَنْكَرَ السَّيِّدُ أَصْلَ الْوَطْءِ لَمْ يَحْلِفْ، وَمَرَّ فِي الزَّكَاةِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ فِيهَا يَمِينٌ أَصْلًا، وَلَوْ ادَّعَى عَلَى أَبِيهِ أَنَّهُ بَلَغَ رَشِيدًا وَأَنَّهُ يَعْلَمُ ذَلِكَ وَطَلَبَ يَمِينَهُ لَمْ يُحَلِّفْهُ مَعَ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ انْعَزَلَ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ رُشْدُ الِابْنِ بِإِقْرَارِ أَبِيهِ أَوْ عَلَى قَاضٍ أَنَّهُ زَوَّجَهُ مَجْنُونَةً فَأَنْكَرَ لَمْ يَحْلِفْ مَعَ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ قُبِلَ أَوْ الْإِمَامُ عَلَى السَّاعِي أَنَّهُ قَبَضَ زَكَاةً فَأَنْكَرَ لَمْ يَحْلِفْ أَيْضًا. وَلَوْ ثَبَتَ لِزَيْدٍ دَيْنٌ عَلَى عَمْرٍو فَادَّعَى عَلَى خَالِدٍ أَنَّ هَذَا الَّذِي بِيَدِك لِعَمْرٍو فَقَالَ: بَلْ لِي لَمْ يَحْلِفْ لِاحْتِمَالِ رَدِّهِ الْيَمِينَ عَلَى زَيْدٍ فَيَحْلِفُ فَيُفْضَى لِمَحْذُورٍ وَهُوَ إثْبَاتُ مِلْكٍ لِشَخْصٍ بِيَمِينِ غَيْرِهِ، وَلَوْ قَصَدَ إقَامَةَ بَيِّنَةٍ عَلَيْهِ لَمْ تُسْمَعْ وَنَظَرَ فِيهِ الشَّيْخُ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ لَوْ أَقَرَّ خَالِدٌ بِأَنَّ الثَّوْبَ لِعَمْرٍو بِيعَ فِي الدَّيْنِ. وَلَوْ كَانَ لَهُ حَقٌّ عَلَى مَيِّتٍ فَأَثْبَتَهُ وَحَكَمَ لَهُ بِهِ ثُمَّ جَاءَ بِمَحْضَرٍ يَتَضَمَّنُ مِلْكًا لِلْمَيِّتِ وَأَرَادَ أَنْ يُثْبِتَهُ لِيَبِيعَهُ فِي دَيْنِهِ وَلَمْ يُوَكِّلْهُ الْوَارِثُ فِي إثْبَاتِهِ فَالْأَحْسَنُ الْقَوْلُ بِجَوَازِ ذَلِكَ انْتَهَى. وَصَرَّحَ بِمِثْلِهِ السُّبْكِيُّ فَقَالَ: لِلْوَارِثِ وَالْوَصِيِّ وَالدَّائِنِ الْمُطَالَبَةُ بِحُقُوقِ الْمَيِّتِ انْتَهَى وَمَرَّ أَنَّ قَوْلَهُمْ لَيْسَ لِلدَّائِنِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِغَرِيمِهِ الْغَائِبِ أَوْ الْمَيِّتِ وَإِنْ قُلْنَا: إنَّ غَرِيمَ الْغَرِيمِ غَرِيمٌ لَا يُخَالِفُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَيْ قَبِيلَةٌ) فِي نُسْخَةٍ صِلَةٌ وَعِبَارَةُ حَجّ دِرْهَمٌ: أَيْ قَبِيلَةٌ، كَذَا قَالَهُ شَارِحٌ، وَاَلَّذِي فِي الْقَامُوسِ إطْلَاقُهُ عَلَى الْحَدِيقَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْقَبِيلَةَ وَهُوَ الْأَنْسَبُ هُنَا (قَوْلُهُ: وَاسْتِشْكَالُ الِاسْتِثْنَاءِ) أَيْ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ اسْتَثْنَى (قَوْلُهُ: لَمْ يُحَلِّفْهُ) أَيْ لَمْ يُحَلِّفْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُدَّعِيَ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ مِنْهَا: أَيْ الدَّعْوَى (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْلِفْ) أَيْ وَيُؤْخَذُ الشِّقْصُ مِنْ الِابْنِ بِمَا اشْتَرَى بِهِ لَهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْلِفُوا) أَيْ بَلْ يَطْلُبُ مِنْهُ إثْبَاتَ الدَّيْنِ فَإِنْ أَثْبَتَهُ زَاحَمَهُمْ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: فَأَنْكَرَ السَّيِّدُ أَصْلَ الْوَطْءِ لَمْ يَحْلِفْ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي إثْبَاتِ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ بِتَقْدِيرِ إقْرَارِهِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُعْتَقُ بِالْمَوْتِ، نَعَمْ لَوْ أَرَادَ بَيْعَهَا فَادَّعَتْ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي تَحْلِيفُهُ لِأَنَّ بَيْعَهَا قَدْ يُفَوِّتُ عِتْقَهَا إذَا مَاتَ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ تَنْظِيرُ الشَّيْخِ وَهَذَا التَّأْيِيدُ مُعْتَمَدٌ. وَقَوْلُهُ: ثُمَّ جَاءَ بِمَحْضَرٍ: أَيْ حُجَّةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: خِلَافُ ظَاهِرِهِ) أَيْ اللَّفْظِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ أَبْرَأْتنِي عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى) قَصْدُهُ بِهَذَا اسْتِثْنَاءُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ مِنْ الضَّابِطِ الْمَذْكُورِ مَعَ أَنَّ الصُّورَةَ الْأُولَى مِنْ مَدْخُولِ الضَّابِطِ، لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِمَطْلُوبِهَا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ يُؤَيِّدُ النَّظَرَ (قَوْلُهُ: بِحُقُوقِ الْمَيِّتِ) شَمَلَ الدَّيْنَ وَالْعَيْنَ، لَكِنَّ الشَّارِعَ حَمَلَهُ عَلَى الْعَيْنِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَصَرَّحَ بِمِثْلِهِ: أَيْ بِمِثْلِ مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَهُوَ لَيْسَ إلَّا فِي الْعَيْنِ، وَبِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي لَا يُخَالِفُ ذَلِكَ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ (قَوْلُهُ وَمَرَّ أَنَّ قَوْلَهُمْ لَيْسَ لِلدَّائِنِ إلَخْ) لَمْ يَمُرَّ ذَلِكَ بَلْ الَّذِي مَرَّ لَهُ فِي شُرُوطِ الدَّعْوَى أَنَّهُ

ذَلِكَ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ وَخَرَجَ بِلَوْ أَقَرَّ إلَى آخِرِهِ نَائِبُ الْمَالِكِ كَوَصِيٍّ وَوَكِيلٍ فَلَا يَحْلِفُ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ. نَعَمْ لَوْ جَرَى عَقْدٌ بَيْنَ وَكِيلَيْنِ تَحَالَفَا كَمَا مَرَّ وَهَذَا مُسْتَثْنًى أَيْضًا، وَكَالْوَصِيِّ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ نَاظِرُ الْوَقْفِ فَالدَّعْوَى عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَحْوِهِمْ إنَّمَا هِيَ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ إذْ إقْرَارُهُمْ لَا يُقْبَلُ وَلَا يَحْلِفُونَ إنْ أَنْكَرُوا وَلَوْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَصِيُّ وَارِثًا. وَلَوْ أَوْصَتْ غَيْرَ زَوْجِهَا فَادَّعَى آخَرُ أَنَّهُ ابْنُ عَمِّهَا وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ عَلَى الْوَصِيِّ وَالزَّوْجِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُسْمَعُ غَالِبًا عَلَى مَنْ لَوْ أَقَرَّ بِالْمُدَّعَى بِهِ قَبْلُ، وَهَذَا لَوْ صَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يُقْبَلْ لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَثْبُتُ بِقَوْلِهِ. نَعَمْ إنْ كَانَ الزَّوْجُ مُعْتَقًا أَوْ ابْنَ عَمٍّ وَآخَذْنَاهُ بِإِقْرَارِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ وَإِنْ أَنْكَرَ الْخَصْمُ وَكَالَةَ مُدَّعٍ لَمْ يُحَلِّفْهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لِأَنَّ لَهُ طَلَبَ إثْبَاتِهَا وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا. (وَلَا يَحْلِفُ قَاضٍ عَلَى تَرْكِهِ الظُّلْمَ فِي حُكْمِهِ وَلَا شَاهِدَ أَنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ) لِارْتِفَاعِ مَنْصِبِهِمَا عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ كَانَا لَوْ أَقَرَّا بِنَفْيِ الْمُدَّعَى بِهِ لَا يَنْفَعُ الْمُدَّعِيَ، وَعَدَلَ عَنْ تَصْرِيحِ أَصْلِهِ بِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ لِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِخُرُوجِ هَذَا مِنْ قَوْلِهِ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ دَعْوَى لِمَا مَرَّ أَنَّ هَذَيْنِ لَا تُسْمَعُ عَلَيْهِمَا الدَّعْوَى بِذَلِكَ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فِي حُكْمِهِ غَيْرُهُ فَهُوَ فِيهِ كَغَيْرِهِ. (وَلَوْ) (قَالَ مُدَّعًى عَلَيْهِ: أَنَا صَبِيٌّ) وَالْوَقْتُ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ (لَمْ يَحْلِفْ) لِأَنَّ يَمِينَهُ تُثْبِتُ صِبَاهُ وَالصَّبِيُّ لَا يَحْلِفُ (وَوُقِّفَ) الْأَمْرُ (حَتَّى يَبْلُغَ) ثُمَّ يُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ لَوْ أَقَرَّ بِالْبُلُوغِ فِي وَقْتِ احْتِمَالِهِ قُبِلَ، وَمِنْ ثَمَّ ادَّعَى أَنَّ هَذِهِ مِنْ الْمُسْتَثْنَيَاتِ مِنْ الضَّابِطِ، نَعَمْ لَوْ سُبِيَ كَافِرٌ فَأَنْبَتَ فَادَّعَى اسْتِعْجَالَ الْإِنْبَاتِ بِدَوَاءٍ حَلَفَ، فَإِنْ نَكَلَ قُتِلَ. (وَالْيَمِينُ تُفِيدُ قَطْعَ الْخُصُومَةِ فِي الْحَالِ لَا بَرَاءَةَ) مِنْ الْحَقِّ لِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ حَالِفًا بِالْخُرُوجِ مِنْ حَقِّ صَاحِبِهِ» أَيْ كَأَنَّهُ عَلِمَ كَذِبَهُ كَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ (فَلَوْ) (حَلَّفَهُ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً) بِمُدَّعَاهُ أَوْ شَاهِدًا لِيَحْلِفَ مَعَهُ (حُكِمَ بِهَا) وَكَذَا لَوْ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى فَنَكَلَ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً، وَالْحَصْرُ فِي خَبَرِ «شَاهِدَاك أَوْ يَمِينُهُ لَيْسَ لَك إلَّا ذَلِكَ» إنَّمَا هُوَ حَصْرٌ لِحَقِّهِ فِي النَّوْعَيْنِ: أَيْ لَا ثَالِثَ لَهُمَا. وَأَمَّا مَنْعُ جَمْعِهِمَا فَلَا دَلَالَةَ لِلْخَبَرِ عَلَيْهِ، وَقَدْ لَا تُفِيدُهُ الْبَيِّنَةُ كَمَا لَوْ أَجَابَ مُدَّعًى عَلَيْهِ بِوَدِيعَةٍ بِنَفْيِ الِاسْتِحْقَاقِ وَحَلَفَ عَلَيْهِ، فَلَا تُفِيدُ الْمُدَّعِيَ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِأَنَّهُ أَوْدَعَهُ لِأَنَّهَا لَا تُخَالِفُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ مِنْ نَفْيِ الِاسْتِحْقَاقِ. قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ. وَلَوْ اشْتَمَلَتْ الدَّعْوَى عَلَى حُقُوقٍ فَلَهُ التَّحْلِيفُ عَلَى بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ لَا عَلَى كُلٍّ مِنْهَا يَمِينًا مُسْتَقِلَّةً مَا لَمْ يُفَرِّقْهَا فِي دَعَاوَى كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَلَا يُكَلَّفُ جَمْعَهَا فِي دَعْوَى ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ) أَيْ بِأَنَّ الْعَيْنَ انْحَصَرَ حَقُّهُ فِيهَا وَلَا تَشْتَبِهُ بِغَيْرِهَا بِخِلَافِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ) أَيْ وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُمْ) كَالْوَدِيعِ وَالْقَيِّمِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَوْصَتْ) أَيْ وَمَاتَتْ (قَوْلُهُ: فَادَّعَى) أَيْ شَخْصٌ آخَرُ (قَوْلُهُ: إنَّهُ ابْنُ عَمِّهَا) أَيْ لِيَرِثَ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَهُنَا لَوْ صَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْوَصِيُّ أَوْ الزَّوْجُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ النَّسَبَ) إنَّمَا يَثْبُتُ بِقَوْلِهِ: أَيْ الْمُدَّعِي لِلنَّسَبِ لِأَنَّهُ الْوَارِثُ فِي زَعْمِهِ وَإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِالنَّسَبِ لَا أَثَرَ لَهُ (قَوْلُهُ: لِارْتِفَاعِ مَنْصِبِهِمَا عَنْ ذَلِكَ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُحَكَّمَ وَنَحْوَهُ مِمَّنْ تَقَدَّمَ فِي التَّوْرِيَةِ يَحْلِفُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: بِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ) هُوَ قَوْلُهُ: وَلَا يَحْلِفُ قَاضٍ إلَخْ، وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مَعْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَمَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ بِشَيْءٍ لِلْغَرِيمِ دَيْنًا أَوْ عَيْنًا، وَحُمِلَ كَلَامُ السُّبْكِيّ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْحَقُّ ثَابِتًا فَيُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى الْحَاكِمِ لِيُوَفِّيَهُ مِنْهُ، وَمَرَّ فِي هَامِشِهِ أَنَّ ابْنَ قَاسِمٍ ذَكَرَ أَنَّهُ بَحَثَ مَعَهُ فِي الْحَمْلِ الَّذِي ذَكَرَهُ هُنَا فَبَالَغَ فِي إنْكَارِهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مُسْتَثْنًى أَيْضًا) أَيْ مِنْ الْمَفْهُومِ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ فَإِنَّهُ مِنْ الْمَنْطُوقِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ لَوْ أَقَرَّ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَإِنْ كَانَا لَوْ أَقَرَّ انْتَفَعَ الْمُدَّعِي بِهِ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ ادَّعَى أَنَّ هَذَا مِنْ الْمُسْتَثْنَيَاتِ) أَيْ وَالْوَاقِعُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْهَا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْبُلُوغِ لَيْسَ مَقْصُودَ الدَّعْوَى لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِالْبُلُوغِ بَلْ بِشَيْءٍ آخَرَ وَإِنْ تَوَقَّفَ الْمَقْصُودُ عَلَى الْبُلُوغِ

وَاحِدَةٍ. وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً ثُمَّ قَالَ: هِيَ مُبْطَلَةٌ أَوْ كَاذِبَةٌ سَقَطَ تَمَسُّكُهُ بِهَا لَا أَصْلُ الدَّعْوَى (وَلَوْ) (قَالَ) : مَنْ تَوَجَّهَتْ لَهُ يَمِينٌ أَبْرَأْتُك عَنْهَا سَقَطَ حَقُّهُ مِنْهَا بِالنِّسْبَةِ لِتِلْكَ الدَّعْوَى فَقَطْ فَلَهُ اسْتِئْنَافُ دَعْوَى وَتَحْلِيفُهُ. . وَإِنْ قَالَ (الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) الَّذِي طَلَبَ تَحْلِيفَهُ: (قَدْ حَلَّفَنِي مَرَّةً) عَلَى هَذِهِ الدَّعْوَى عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ أَوْ أَطْلَقَ (فَلْيَحْلِفْ أَنَّهُ لَمْ يُحَلِّفْنِي) عَلَيْهَا (مُكِّنَ) مِنْ ذَلِكَ مَا لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَيُرِيدُ إقَامَتَهَا فَيُمْهَلُ لَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ مَا قَالَهُ مُحْتَمَلٌ، وَلَا يُجَابُ الْمُدَّعِي لَوْ قَالَ قَدْ: حَلَّفَنِي أَنِّي لَمْ أُحَلِّفْهُ فَلْيَحْلِفْ عَلَى ذَلِكَ لِئَلَّا يَتَسَلْسَلَ الْأَمْرُ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَمِينَ الرَّدِّ وَانْدَفَعَتْ الْخُصُومَةُ عَنْهُ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَدَّعِيَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ حَلَفَ عَلَى أَنَّهُ مَا حَلَّفَهُ، وَهَكَذَا فَيَدُورُ الْأَمْرُ، هَذَا كُلُّهُ إذَا قَالَ: قَدْ حَلَّفَنِي عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ، فَإِنْ قَالَ: عِنْدَك أَيُّهَا الْقَاضِي فَإِنْ حَفِظَ الْقَاضِي ذَلِكَ لَمْ يُحَلِّفْهُ وَمَنَعَ الْمُدَّعِيَ مِمَّا طَلَبَهُ وَإِنْ لَمْ يَحْفَظْهُ حَلَّفَهُ وَلَا تَنْفَعُهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّ الْقَاضِيَ مَتَى تَذَكَّرَ حُكْمَهُ أَمْضَاهُ، وَإِلَّا فَلَا يَعْتَمِدُ الْبَيِّنَةَ وَلَوْ قَالَ لِلْمُدَّعِي: قَدْ حَلَّفْت أَبِي أَوْ بَائِعِي عَلَى هَذَا مُكِّنَ مِنْ تَحْلِيفِهِ عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ أَيْضًا، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ هُوَ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى عَلَى مُقِرٍّ لَهُ بِدَارٍ فِي يَدِ الْمُقِرِّ فَقَالَ: هِيَ مِلْكِي لَا مِلْكُ الْمُقِرِّ لَك فَقَالَ: قَدْ حَلَّفْتُهُ فَاحْلِفْ أَنَّك لَمْ تُحَلِّفْهُ فَيُمَكَّنُ مِنْ تَحْلِيفِهِ. (وَإِذَا) (أَنْكَرَ) مُدَّعًى عَلَيْهِ فَأُمِرَ بِالْحَلِفِ فَامْتَنَعَ (وَنَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (حَلَفَ الْمُدَّعِي) بَعْدَ أَمْرِ الْقَاضِي لَهُ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ إنْ كَانَ مُدَّعِيًا عَنْ نَفْسِهِ لِتَحَوُّلِ الْيَمِينِ إلَيْهِ (وَقَضَى لَهُ) بِالْمُدَّعَى بِهِ: أَيْ مُكِّنَ مِنْهُ فَقَدْ صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ بِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ بَعْدَ الْيَمِينِ إلَى الْقَضَاءِ لَهُ بِهِ (وَلَا يَقْضِي) لَهُ (بِنُكُولِهِ) أَيْ الْخَصْمِ وَحْدَهُ وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ مِنْ الْقَضَاءِ بِهِ وَحْدَهُ رُدَّ بِنَقْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي مُوَطَّئِهِ الْإِجْمَاعَ قَبْلَهُمَا عَلَى خِلَافِ قَوْلِهِمَا، وَصَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى صَاحِبِ الْحَقِّ. . (وَالنُّكُولُ) يَحْصُلُ بِأُمُورٍ مِنْهَا (أَنْ يَقُولَ) بَعْدَ عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ: (أَنَا نَاكِلٌ أَوْ يَقُولَ لَهُ الْقَاضِي: احْلِفْ فَيَقُولَ: لَا أَحْلِفُ) لِصَرَاحَتِهِمَا فِيهِ. وَمِنْ ثَمَّ لَوْ طَلَبَ الْعَوْدَ إلَى الْحَلِفِ وَلَمْ يَرْضَ الْمُدَّعِي لَمْ يَجِبْ كَمَا اعْتَمَدَهُ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ جَمْعٌ، وَرَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ اعْتِبَارَ الْحُكْمِ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: سَقَطَ تَمَسُّكُهُ بِهَا) أَيْ وَلَا تَعْزِيرَ عَلَيْهِمْ وَلَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَا تَنْفَعُهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ) أَيْ التَّحْلِيفِ (قَوْلُهُ: فَقَالَ) أَيْ الشَّخْصُ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مُدَّعِيًا عَنْ نَفْسِهِ) قُيِّدَ بِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي: وَلَوْ ادَّعَى وَلِيُّ صَبِيٍّ دَيْنًا لَهُ عَلَى آخَرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: الْإِجْمَاعَ قَبْلَهُمَا) أَيْ الْإِجْمَاعَ الْكَائِنَ قَبْلَهُمَا مِمَّنْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِمَا، وَالْإِجْمَاعُ حُجَّةٌ لَا تَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ (قَوْلُهُ: رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى صَاحِبِ الْحَقِّ) أَيْ وَقَضَى لَهُ بِهِ، وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّهُ لَمْ يَكْتَفِ بِالنُّكُولِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ طَلَبَ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: الْعَوْدَ إلَى الْحَلِفِ) أَيْ بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِالنُّكُولِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مَا لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَيُرِيدُ إقَامَتَهَا) يُتَأَمَّلُ (قَوْلُهُ: عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ) أَيْ أَوْ أَطْلَقَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لَا مِلْكُ الْمُقِرِّ لَك) لَعَلَّ الْوَجْهَ لَا مِلْكُك لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ عَنْ الْحَقِّ السَّابِقِ، وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ: لَوْ أَقَرَّ رَجُلٌ بِدَارٍ فِي يَدِهِ لِإِنْسَانٍ فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى بِهَا عَلَى الْمَقَرِّ لَهُ فَأَجَابَهُ بِأَنَّك حَلَّفْت الَّذِي أَقَرَّ لِي بِهَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَهُ تَحْلِيفُهُ قَالَ: وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً تُسْمَعُ، وَإِنْ نَكَلَ فَلِلْمَقَرِّ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ حَلَّفَهُ، هَذَا إذَا ادَّعَى مُفَسِّرًا بِأَنَّ هَذِهِ الدَّارَ مِلْكِي مُنْذُ كَذَا وَلَمْ تَكُنْ مِلْكًا لِمَنْ تُلُقِّيَتْ مِنْهُ، فَأَمَّا إذَا ادَّعَى مُطْلَقًا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّك حَلَّفْت مَنْ تَلَقَّيْت الْمِلْكَ مِنْهُ لِأَنَّهُ يَدَّعِي مِلْكَ الدَّارِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا مِمَّنْ تَلْقَى الْمِلْكَ مِنْهُ اهـ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ كَمَا اعْتَمَدَهُ) أَيْ بَعْدَ عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ ثَلَاثًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَاعْلَمْ أَنَّ الشِّهَابَ ابْنَ حَجَرٍ قَالَ عَقِبَ هَذَا مَا نَصُّهُ: وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الْهَرَبِ أَنَّ مَحَلَّ قَوْلِهِمَا هُنَا لَمْ يَجِبْ مَا إذَا وَجَّهَ الْقَاضِي الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي وَلَوْ بِإِقْبَالِهِ عَلَيْهِ لِيُحَلِّفَهُ. فَقَوْلُهُ شَيْخُنَا كَغَيْرِهِ هُنَا فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ مُرَادُهُمْ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْحُكْمِ بِهِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ مِمَّا حَاصِلُهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ مَا هُنَا وَالسُّكُوتُ الْآتِي فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حُكْمِ الْقَاضِي حَقِيقَةً أَوْ تَنْزِيلًا، وَالشَّارِحُ أَسْقَطَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَعَوَّلَ عَلَيْهِ تَبَعًا لَهُ فِيمَا

لِكَوْنِهِ مُجْتَهِدًا فِيهِ، وَمِنْ النُّكُولِ أَيْضًا أَنْ يَقُولَ لَهُ: قُلْ بِاَللَّهِ فَيَقُولُ بِالرَّحْمَنِ كَمَا أَطْلَقُوهُ. نَعَمْ يُتَّجَهُ تَقْيِيدُهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِيمَنْ تُوُسِّمَ فِيهِ الْجَهْلُ بِإِصْرَارِهِ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِوُجُوبِ امْتِثَالِ أَمْرِ الْحَاكِمِ، وَكَلَامُهُمْ هُنَا صَرِيحٌ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالْحَلِفِ بِالرَّحْمَنِ وَهُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ، وَلَوْ قَالَ لَهُ: قُلْ بِاَللَّهِ: فَقَالَ وَاَللَّهِ أَوْ تَاللَّهِ فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَرْجَحُهُمَا أَنَّهُ غَيْرُ نَاكِلٍ كَعَكْسِهِ لِوُجُودِ الِاسْمِ، وَالتَّفَاوُتُ إنَّمَا هُوَ فِي مُجَرَّدِ الصِّلَةِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ، وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ التَّغْلِيظِ فِي شَيْءٍ مِمَّا مَرَّ كَانَ نَاكِلًا خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ (فَإِنْ) (سَكَتَ) بَعْدَ عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ لَا لِنَحْوِ دَهْشَةِ (حَكَمَ الْقَاضِي بِنُكُولِهِ) بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: جَعَلْتُك نَاكِلًا أَوْ نَكَّلْتُك بِالتَّشْدِيدِ لِامْتِنَاعِهِ، وَلَا يَصِيرُ هُنَا نَاكِلًا مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ لِأَنَّ مَا صَدَرَ مِنْهُ لَيْسَ صَرِيحَ نُكُولٍ، وَيُنْدَبُ أَنْ يَعْرِضَهَا الْحَاكِمُ عَلَيْهِ ثَلَاثًا وَهُوَ فِي السَّاكِتِ آكَدُ، وَلَوْ تُوُسِّمَ مِنْهُ جَهْلُ حُكْمِ النُّكُولِ وَجَبَ عَلَيْهِ تَعْرِيفُهُ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: إنَّ نُكُولَك يُوجِبُ حَلِفَ الْمُدَّعِي وَأَنَّهُ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُك بَعْدَهُ بِإِبْرَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ، فَلَوْ حَكَمَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَعْرِفْهُ نَفَذَ إذْ هُوَ الْمُقَصِّرُ بِعَدَمِ تَعَلُّمِهِ حُكْمَ النُّكُولِ (وَقَوْلُهُ) أَيْ الْقَاضِي (لِلْمُدَّعِي) بَعْدَ امْتِنَاعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ سُكُوتِهِ: (احْلِفْ) وَإِقْبَالُهُ عَلَيْهِ لِيُحَلِّفَهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ: احْلِفْ (حُكْمٌ) مِنْهُ (بِنُكُولِهِ) أَيْ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ حُكْمِهِ بِهِ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ إلَّا إنْ رَضِيَ الْمُدَّعِي، وَبِمَا تَقَرَّرَ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ عُلِمَ أَنَّ لِلْخَصْمِ بَعْدَ نُكُولِهِ الْعَوْدَ إلَى الْحَلِفِ وَإِنْ كَانَ قَدْ هَرَبَ وَعَادَ مَا لَمْ يُحْكَمْ بِنُكُولِهِ حَقِيقَةً أَوْ تَنْزِيلًا وَإِلَّا لَمْ يَعُدْ لَهُ إلَّا بِرِضَا الْمُدَّعِي، فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي الْحَلِفُ فِي يَمِينٍ مَرْدُودَةٍ لِتَقْصِيرِهِ بِرِضَاهُ بِحَلِفِهِ، وَلَوْ هَرَبَ الْخَصْمُ مِنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ بَعْدَ نُكُولِهِ وَقَبْلَ عَرْضِ الْحَاكِمِ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي امْتَنَعَ عَلَى الْمُدَّعِي حَلِفُ الْمَرْدُودَةِ عَلَى مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ، وَلَهُ طَلَبُ حَلِفِ غَرِيمِهِ بَعْدَ إقَامَةِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ، وَحِينَئِذٍ فَلَا تَنْفَعُهُ إلَّا الْبَيِّنَةُ الْكَامِلَةُ لِتَقْصِيرِهِ، وَلَوْ نَكَلَ فِي جَوَابِ وَكِيلِ الْمُدَّعِي ثُمَّ حَضَرَ الْمُوَكِّلُ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ دَعْوَى. (وَالْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ) مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ مِنْ الْحَاكِمِ عَلَى الْمُدَّعِي (فِي قَوْلٍ) أَنَّهَا (كَبَيِّنَةٍ) يُقِيمُهَا الْمُدَّعِي (وَفِي الْأَظْهَرِ كَإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ بِنُكُولِهِ يُتَوَصَّلُ إلَى الْحَقِّ فَأَشْبَهَ ـــــــــــــــــــــــــــــSكَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي: وَبِمَا تَقَرَّرَ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ عُلِمَ أَنَّ لِلْخَصْمِ بَعْدَ نُكُولِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَنْ تُوُسِّمَ فِيهِ) أَيْ ظَهَرَ فِيهِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ) نَبَّهَ بِهِ عَلَى مُخَالَفَةِ الْبُلْقِينِيِّ فِيهِ، وَإِلَّا فَهُوَ مَعْلُومٌ ظَاهِرٌ مِنْ الْأَيْمَانِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ) أَيْ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ طَلَبِ تَحْلِيفِ الْمُدَّعِي كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ فِي السَّاكِتِ) أَيْ الْعَرْضُ مِنْ الْقَاضِي عَلَى السَّاكِتِ آكَدُ (قَوْلُهُ: فَلَوْ حَكَمَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَعْرِفْهُ نَفَذَ) أَيْ وَأَثِمَ بِعَدَمِ تَعْلِيمِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَأْتِي فِي قَوْلِهِ بَعْدَ امْتِنَاعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَفِي قَوْلِهِ رُبَّمَا تَقَرَّرَ عِلْمُ إلَخْ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّارِحَ أَسْقَطَ هَذَا قَصْدًا هُنَا لِاعْتِمَادِهِ إطْلَاقَ الشَّيْخَيْنِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ تَبَرَّأَ مِنْ الْحُكْمِ فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَلَوْ هَرَبَ الْخَصْمُ مِنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ بَعْدَ نُكُولِهِ قَبْلَ عَرْضِ الْحَاكِمِ إلَخْ حَيْثُ قَالَ عَلَى مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ إلَخْ، لَكِنَّهُ تَبِعَ ابْنَ حَجَرٍ فِي قَوْلِهِ الْآتِي بَعْدُ امْتَنَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَفِي قَوْلِهِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ إلَخْ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) اُنْظُرْ هَلْ الْحَلِفُ بِغَيْرِ الرَّحْمَنِ مِنْ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ فِي السَّاكِتِ آكَدُ) ظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ يَعْرِضُ عَلَيْهِ بَعْدَ تَصْرِيحِهِ بِالنُّكُولِ (قَوْلُهُ بَعْدَ امْتِنَاعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) الْأَصْوَبُ حَذْفُهُ لِمَا مَرَّ أَنَّ الِامْتِنَاعَ صَرِيحُ نُكُولٍ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى حُكْمٍ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ تَبِعَ فِي هَذَا ابْنَ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ إلَخْ) قَدَّمْنَا أَنَّهُ تَبِعَ فِي هَذَا أَيْضًا ابْنَ حَجَرٍ وَلَمْ يُقَدِّمْ هُوَ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ هَذَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ) أَيْ بَعْدَ رِضَا الْمُدَّعِي (قَوْلُهُ: الْحَلِفُ فِي يَمِينٍ مَرْدُودَةٍ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي حَلِفُ الْمَرْدُودَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ) أَيْ وَإِلَّا فَمَا قَدَّمَهُ فِي صَدْرِ الْمَسْأَلَةِ النُّكُولُ خِلَافُهُ، وَهَذَا التَّبَرُّؤُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَسْقَطَ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ ابْنِ حَجَرٍ قَصْدًا لِعَدَمِ اعْتِمَادِهِ إيَّاهُ وَإِنْ تَبِعَهُ فِيمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ فَلَا تَنْفَعُهُ إلَّا الْبَيِّنَةُ) أَيْ وَلَيْسَ لَهُ الْحَلِفُ مَعَ الشَّاهِدِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ تَحْلِيفُهُ) عِبَارَةُ الْأَنْوَارِ: فَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ انْتَهَتْ، فَالضَّمِيرُ فِي فَلَهُ لِلْمُوَكِّلِ، وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ

إقْرَارَهُ، وَعَلَيْهِ يَجِبُ الْحَقُّ بِفَرَاغِ الْمُدَّعِي مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ الْحَاكِمُ (فَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) بَعْدَهَا (بَيِّنَةً) أَوْ حُجَّةً أُخْرَى (بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ) أَوْ نَحْوِهِمَا مِنْ الْمُسْقِطَاتِ (لَمْ تُسْمَعْ) لِتَكْذِيبِهِ لَهَا بِإِقْرَارِهِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ دَيْنًا أَوْ عَيْنًا، وَإِنْ نَقَلَ الدَّمِيرِيِّ عَنْ عُلَمَاءِ عَصْرِهِ أَنَّهُمْ أَفْتَوْا بِسَمَاعِهَا فِيمَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا، قَالَ: وَأَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ، وَمَا ذَكَرَاهُ بَعْدَ هَذَا فِي أَثْنَاءِ الرُّكْنِ الْخَامِسِ مِنْ سَمَاعِهَا وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّهَا كَالْبَيِّنَةِ، وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ. (فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ الْمُدَّعِي وَلَمْ يَتَعَلَّلْ بِشَيْءٍ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ) لِإِعْرَاضِهِ فَلَيْسَ لَهُ الْعَوْدُ إلَيْهَا وَلَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ، إذْ لَوْ لَمْ نَقُلْ بِذَلِكَ لَأَضَرَّهُ وَلَرَفَعَهُ كُلَّ يَوْمٍ إلَى قَاضٍ (وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْخَصْمِ) مَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ كَمَا لَوْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ تَوَقَّفَ ثُبُوتُ الْحَقِّ عَلَى يَمِينِ الْمُدَّعِي وَإِلَّا لَمْ يُحْتَجْ لِيَمِينِهِ كَمَا لَوْ ادَّعَى أَلْفًا مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: أَقْبَضْتُك إيَّاهُ فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فَإِنَّهُ نَكَلَ وَحَلَفَ الْمُشْتَرِي انْقَطَعَتْ الْخُصُومَةُ، وَإِنْ نَكَلَ أَيْضًا أُلْزِمَ بِالْأَلْفِ لَا لِلْحُكْمِ بِالنُّكُولِ بَلْ لِإِقْرَارِهِ بِلُزُومِ الْمَالِ بِالشِّرَاءِ ابْتِدَاءً، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ وَلَدَتْ وَطَلَّقَهَا ثُمَّ قَالَ: وَلَدَتْ قَبْلَ الطَّلَاقِ: فَاعْتَدِّي فَقَالَتْ: بَلْ بَعْدَهُ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ، فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَتْ فَلَا عِدَّةَ وَإِنْ نَكَلَتْ أَيْضًا اعْتَدَّتْ لَا لِلنُّكُولِ بَلْ لِأَصْلِ بَقَاءِ النِّكَاحِ وَآثَارِهِ فَيُعْمَلُ بِهِ مَا لَمْ يَظْهَرْ دَافِعٌ (وَإِنْ) (تَعَلَّلَ) الْمُدَّعِي (بِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ أَوْ مُرَاجَعَةِ حِسَابٍ) أَوْ اسْتِفْتَاءٍ أَوْ تَرَوٍّ (أُمْهِلَ) حَتْمًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) فَقَطْ لِئَلَّا يَضُرَّ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ بَعْدَ مُضِيِّهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ (وَقِيلَ أَبَدًا) لِأَنَّ الْيَمِينَ حَقُّهُ فَلَهُ تَأْخِيرُهَا كَالْبَيِّنَةِ. (وَإِنْ) (اسْتَمْهَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حِينَ اُسْتُحْلِفَ لِيَنْظُرَ حِسَابَهُ) أَوْ طَلَبَ الْإِمْهَالَ وَأَطْلَقَ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (لَمْ يُمْهَلْ) إلَّا بِرِضَا الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ مَجْبُورٌ عَلَى الْإِقْرَارِ أَوْ الْيَمِينِ، بِخِلَافِ الْمُدَّعِي فَإِنَّهُ مُخْتَارٌ فِي طَلَبِ حَقِّهِ فَلَهُ تَأْخِيرُهُ (وَقِيلَ) : يُمْهَلُ (ثَلَاثَةً) مِنْ الْأَيَّامِ لِلْحَاجَةِ، خَرَجَ بِيَنْظُرُ حِسَابَهُ مَا لَوْ اسْتَمْهَلَ لِإِقَامَةِ حُجَّةٍ بِنَحْوِ أَدَاءً فَإِنَّهُ يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَمَا مَرَّ (وَلَوْ اسْتَمْهَلَ فِي ابْتِدَاءِ الْجَوَابِ) لِنَظَرِ حِسَابٍ أَوْ مُرَاجَعَةِ عَالِمٍ (أُمْهِلَ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ) إنْ شَاءَ الْقَاضِي كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْمُرَادَ إنْ شَاءَ الْمُدَّعِي كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ مَرْدُودٌ كَمَا أَفَادَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ هَذَا غَيْرُ مُحْتَاجٍ لَهُ إذْ لِلْمُدَّعِي تَرْكُ الدَّعْوَى مِنْ أَصْلِهَا. وَيَنْبَغِي عَلَى الْأَوَّلِ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَضُرَّ الْإِمْهَالُ بِالْمُدَّعِي لِكَوْنِ بَيِّنَتِهِ عَلَى جُنَاحِ سَفَرٍ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَكَلَ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلَهُ لَا لِلنُّكُولِ) أَيْ لَيْسَ عَدَمُ الْعِدَّةِ لِلنُّكُولِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَعَلَّلَ الْمُدَّعِي بِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ) أَقُولُ: فِيهِ إنَّهُ طَلَّقَ وَالطَّلَاقُ يُوجِبُ الْعِدَّةَ وَلَمْ يَأْتِ بِدَافِعٍ لَهَا، فَالْقِيَاسُ أَنْ يَأْتِيَ فِي وُجُوبِهَا مَا فِي الرَّجْعَةِ مِنْ التَّفْصِيلِ فَرَاجِعْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَصْوَبُ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْخَصْمِ) أَيْ إنْ كَانَتْ الدَّعْوَى تَتَضَمَّنُ الْمُطَالَبَةَ، فَإِنْ كَانَتْ تَتَضَمَّنُ دَفْعَ الْخَصْمِ كَمَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْآتِيَتَيْنِ لَمْ يَنْدَفِعْ عَنْهُ، وَبِهَذَا يُعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ الشَّارِحِ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ إلَخْ كَمَا سَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفًا مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هُنَا دَعْوَتَيْنِ الْأُولَى مِنْ الْبَائِعِ وَهِيَ الْمُطَالَبَةُ بِالثَّمَنِ، وَالثَّانِيَةُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَهِيَ دَعْوَى الْإِقْبَاضِ. فَإِلْزَامُ الْمُشْتَرِي بِالْأَلْفِ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ نُكُولِهِ عَنْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ بِالنِّسْبَةِ لِدَعْوَاهُ فَلَمْ يَنْدَفِعْ عَنْهُ خَصْمُهُ، إذْ مَقْصُودُ دَعْوَاهُ دَفْعُ مُطَالَبَةِ الْبَائِعِ فَهُوَ عَلَى قِيَاسِ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الشَّارِحِ وَمَحَلُّهُ إلَخْ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمَسْأَلَةِ بَعْدَهَا فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: مَرْدُودٌ كَمَا أَفَادَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ هَذَا غَيْرُ مُحْتَاجٍ لَهُ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَوْلَ إنْ شَاءَ الْمُدَّعِي إمْهَالَهُ وَإِلَّا لَمْ يُمْهِلْ، قَالَ: وَإِنَّمَا الَّذِي يَرُدُّهُ أَنَّ هَذِهِ مُدَّةٌ قَرِيبَةٌ جِدًّا وَفِيهَا مَصْلَحَةٌ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ مَضَرَّةٍ عَلَى الْمُدَّعِي فَلَمْ يَحْتَجْ لِرِضَاهُ اهـ. لَكِنْ نَازَعَهُ ابْنُ قَاسِمٍ فِيمَا ذَكَرَهُ. قُلْت: وَمِمَّا يَرُدُّ كَوْنَ الْمُرَادِ إنْ شَاءَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِلتَّقْيِيدِ بِآخِرِ الْمَجْلِسِ

[فصل في تعارض البينتين]

الْمُرَادَ بِالْمَجْلِسِ مَجْلِسُ الْقَاضِي، وَكَالنُّكُولِ مَا لَوْ أَقَامَ شَاهِدًا لِيَحْلِفَ مَعَهُ فَلَمْ يَحْلِفْ، فَإِنْ عَلَّلَ امْتِنَاعَهُ بِعُذْرٍ أُمْهِلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَإِلَّا فَلَا. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ وَلَمْ يُحَلِّفْهُ وَطَلَبَ مِنْهُ كَفِيلًا حَتَّى يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ، وَمَا اعْتَادَهُ الْقُضَاةُ مِنْ خِلَافِ ذَلِكَ مَحْمُولٌ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ عَلَى خَوْفِ هَرَبِهِ. أَمَّا بَعْدَ إقَامَةِ شَاهِدٍ وَإِنْ لَمْ يُزَكَّ فَيُطَالَبُ بِكَفِيلٍ. فَإِنْ امْتَنَعَ حُبِسَ عَلَى امْتِنَاعِهِ لَا عَلَى الْحَقِّ لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ. (وَمَنْ طُولِبَ بِزَكَاةٍ فَادَّعَى دَفْعَهَا إلَى سَاعٍ آخَرَ أَوْ غَلِطَ خَارِصٌ) أَوْ مُسْقِطًا آخَرَ سُنَّ تَحْلِيفُهُ فَإِنْ نَكَلَ لَمْ يُطَالَبْ بِشَيْءٍ (وَ) أَمَّا إذَا (أَلْزَمْنَاهُ الْيَمِينَ) عَلَى رَأْيٍ (فَنَكَلَ وَتَعَذَّرَ رَدُّ الْيَمِينِ) لِعَدَمِ انْحِصَارِ الْمُسْتَحَقِّ (فَالْأَصَحُّ) عَلَى هَذَا الضَّعِيفِ (أَنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْهُ) لَا لِلْحُكْمِ بِالنُّكُولِ بَلْ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ مُقْتَضَى مِلْكِ النِّصَابِ وَالْحَوْلِ أَوْ طُولِبَ بِجِزْيَةٍ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَكَانَ قَدْ غَابَ فَقَالَ: أَسْلَمْت قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ وَقَالَ الْعَامِلُ: بَلْ بَعْدَهَا حَلَفَ الْمُسْلِمُ، فَإِنْ نَكِل أُخِذَ مِنْهُ لِتَعَذُّرِ رَدِّهَا فَإِنْ ادَّعَى ذَلِكَ وَهُوَ حَاضِرٌ لَمْ يُقْبَلْ وَأُخِذَتْ مِنْهُ. وَلَوْ ادَّعَى وَلَدٌ مُرْتَزِقٌ بُلُوغَهُ بِاحْتِلَامٍ لِإِثْبَاتِ اسْمِهِ حَلَفَ، فَإِنْ نَكَلَ لَمْ يُعْطِ لَا لِلْحُكْمِ بِنُكُولِهِ بَلْ لِأَنَّ الْمُوجِبَ لِإِثْبَاتِ اسْمِهِ وَهُوَ الْحَلِفُ لَمْ يُوجَدْ. وَلَوْ نَكَلَ مُدَّعًى عَلَيْهِ بِمَالِ مَيِّتٍ بِلَا وَارِثٍ أَوْ نَحْوِ وَقْفٍ عَامٍّ أَوْ عَلَى مَسْجِدٍ حُبِسَ إلَى أَنْ يَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى وَصِيُّ مَيِّتٍ عَلَى وَارِثٍ أَنَّهُ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلْفُقَرَاءِ مَثَلًا فَأَنْكَرَ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَيُحْبَسُ إلَى أَنْ يُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ. (وَلَوْ) (ادَّعَى وَلِيُّ صَبِيٍّ) أَوْ مَجْنُونٍ وَلَوْ وَصِيًّا أَوْ قَيِّمًا (دَيْنًا لَهُ) عَلَى آخَرَ (فَأَنْكَرَ وَنَكَلَ) (لَمْ يَحْلِفْ الْوَلِيُّ) كَمَا لَا يَحْلِفُ مَعَ الشَّاهِدِ لِأَنَّ إثْبَاتَ الْحَقِّ لِإِنْسَانٍ بِيَمِينِ غَيْرِهِ مُسْتَبْعَدٌ فَيُوقَفُ لِلْبُلُوغِ وَالْإِفَاقَةِ (وَقِيلَ: يَحْلِفُ) لِأَنَّهُ الْمُسْتَوْفِي لَهُ (وَقِيلَ: إنْ ادَّعَى مُبَاشَرَةَ سَبَبِهِ) أَيْ ثُبُوتَهُ بِسَبَبٍ بَاشَرَهُ بِنَفْسِهِ (حَلَفَ) لِأَنَّ الْعُهْدَةَ تَتَعَلَّقُ بِهِ وَإِلَّا فَلَا، وَلَا يُنَافِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي الصَّدَاقِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْلِفُ ثَمَّ عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ جَرَى عَلَى كَذَا وَهُوَ فِعْلُ نَفْسِهِ وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ اسْتِحْقَاقُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ ذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى أَنَّ مُوَلِّيَهُ يَسْتَحِقُّ كَذَا وَهُوَ مُمْتَنِعٌ، وَمَرَّ حُكْمُ مَا لَوْ وَجَبَ لِمُوَلًّى عَلَيْهِ عَلَى مِثْلِهِ دَيْنٌ وَلَوْ ادَّعَى لِمُوَلِّيهِ دَيْنًا وَأَثْبَتَهُ فَادَّعَى الْخَصْمُ نَحْوَ أَدَاءِ أُخِذَ مِنْهُ حَالًّا وَأُخِّرَتْ الْيَمِينُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ إلَى كَمَالِهِ كَمَا مَرَّ. . (فَصْلٌ) فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ إذَا (ادَّعَيَا) أَيْ اثْنَانِ أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (عَيْنًا فِي يَدِ ثَالِثٍ) لَمْ يَنْسُبْهَا ذُو الْيَدِ إلَى أَحَدِهِمَا قَبْلَ الْبَيِّنَةِ وَلَا بَعْدَهَا (وَأَقَامَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) أَيْ مِنْ وَقْتِ الدَّعْوَى (قَوْلُهُ: مَجْلِسُ الْقَاضِي) أَيْ مَجْلِسُ هَذَيْنِ الْخَصْمَيْنِ لَا يَجُوزُ مِنْهُ لِغَيْرِهِ إلَّا آخِرَ النَّهَارِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: عَلَى رَأْيٍ) أَيْ ضَعِيفٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ يَحْلِفُ (قَوْلُهُ: فَادَّعَى الْخَصْمُ نَحْوَ أَدَاءً) أَيْ كَمَا لَوْ ادَّعَى الْوَصِيُّ دَيْنًا اسْتَحَقَّهُ الْيَتِيمُ بِالْإِرْثِ مِنْ أَبِيهِ وَأَثْبَتَهُ فَادَّعَى الْخَصْمُ أَنَّهُ دَفَعَ الْمَالَ لِأَبِي الْيَتِيمِ قَبْلَ مَوْتِهِ فَيُؤْخَذُ الْمَالُ مِنْهُ حَالًّا وَلَا يُؤَخَّرُ لِبُلُوغِ الصَّبِيِّ لِيَحْلِفَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ مُوَرِّثَهُ أَبْرَأَهُ. (فَصْلٌ) فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ (قَوْلُهُ: فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ) أَيْ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ كَمَا لَوْ ذَكَرَ مِلْكًا مُطْلَقًا وَالْبَيِّنَةُ سَبَبُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَجْهٌ، إذْ لَهُ تَرْكُ الْحَقِّ بِالْكُلِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَكَالنُّكُولِ) يَعْنِي كَامْتِنَاعِ الْمُدَّعِي مِنْ يَمِينِ الرَّدِّ فِي التَّفْصِيلِ الْمَارِّ. (قَوْلُهُ: وَالْحَوْلِ) مَعْطُوفٌ عَلَى مِلْكِ (قَوْلُهُ أَيْ ثُبُوتَهُ بِسَبَبٍ بَاشَرَهُ) أَيْ بِخِلَافِ حَلِفِهِ عَلَى نَفْسِ السَّبَبِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي. [فَصْلٌ فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ]

كُلٌّ مِنْهُمَا) بِهَا (بَيِّنَةً) (سَقَطَتَا) لِتَعَارُضِهِمَا وَلَا مُرَجِّحَ فَأَشْبَهَ الدَّلِيلَيْنِ إذَا تَعَارَضَا بِلَا تَرْجِيحٍ، وَحِينَئِذٍ فَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا فَإِنْ أَقَرَّ ذُو الْيَدِ لِأَحَدِهِمَا الْبَيِّنَةَ أَوْ بُعْدَهَا رُجِّحَتْ بَيِّنَتُهُ (وَفِي قَوْلٍ تُسْتَعْمَلَانِ) صِيَانَةً لَهُمَا عَنْ الْإِلْغَاءِ حَسَبَ الْإِمْكَانِ فَتُنْزَعُ مِنْ ذِي الْيَدِ، وَعَلَيْهِ (فَفِي قَوْلٍ تُقْسَمُ) أَيْ الْعَيْنُ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِذَلِكَ، وَحَمَلَهُ الْأَوَّلُ عَلَى أَنَّ الْعَيْنَ كَانَتْ بِيَدِهِمَا (وَفِي قَوْلٍ يُقْرَعُ) بَيْنَهُمَا فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ رُجِّحَ لِخَبَرٍ فِيهِ مُرْسَلٍ وَلَهُ شَاهِدٌ، وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِحَمْلِهِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي عِتْقٍ أَوْ قِسْمَةٍ (وَفِي قَوْلٍ يُوقَفُ) الْأَمْرُ (حَتَّى يَتَبَيَّنَ) الْحَالُ (أَوْ يَصْطَلِحَا) لِأَنَّ إحْدَاهُمَا صَادِقَةٌ وَالْأُخْرَى كَاذِبَةٌ فَيُوقَفُ، كَمَا لَوْ زَوَّجَ الْمَرْأَةَ وَلِيَّانِ وَنَسِيَ السَّابِقُ وَلَمْ يُرَجِّحْ وَاحِدًا مِنْ الْأَقْوَالِ لِعَدَمِ اعْتِنَائِهِ بِهَا لِتَفْرِيعِهَا عَلَى الضَّعِيفِ، وَأَصَحُّهُمَا الْأَخِيرُ. (وَ) عَلَى التَّسَاقُطِ (لَوْ) (كَانَتْ) الْعَيْنُ (فِي يَدِهِمَا وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) فَشَهِدَتْ بَيِّنَةُ الْأَوَّلِ لَهُ بِالْكُلِّ ثُمَّ بَيِّنَةُ الثَّانِي لَهُ بِهِ (بَقِيَتْ) بِيَدِهِمَا (كَمَا كَانَتْ) لِانْتِفَاءِ أَوْلَوِيَّةِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، نَعَمْ يَحْتَاجُ الْأَوَّلُ إلَى إعَادَةِ بَيِّنَتِهِ لِلنِّصْفِ الَّذِي بِيَدِهِ لِتَقَعَ بَعْدَ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ بِالنِّسْبَةِ لِذَلِكَ النِّصْفِ، وَلَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا لَهُ بِالنِّصْفِ الَّذِي بِيَدِ صَاحِبِهِ حُكِمَ لَهُ بِهِ وَبَقِيَتْ بِيَدِهِمَا لَا بِجِهَةِ سُقُوطٍ وَلَا تَرْجِيحٍ بِيَدٍ، أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ بِيَدِ أَحَدٍ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةُ كُلٍّ لَهُ بِالْكُلِّ فَتُجْعَلُ بَيْنَهُمَا، وَمَحَلُّ التَّسَاقُطِ إذَا وَقَعَ تَعَارُضٌ حَيْثُ لَمْ يَتَمَيَّزْ أَحَدُهُمَا بِمُرَجِّحٍ وَإِلَّا قُدِّمَ وَهُوَ بَيَانُ نَقْلِ الْمِلْكِ عَلَى مَا يَأْتِي، ثُمَّ مَا الْيَدُ فِيهِ لِلْمُدَّعِي أَوْ لِمَنْ أَقَرَّ لَهُ بِهِ أَوْ انْتَقَلَ لَهُ مِنْهُ ثَمَّ شَاهِدَانِ عَلَى شَاهِدٍ وَيَمِينٍ، ثُمَّ سَبَقَ تَارِيخُ مِلْكِ أَحَدِهِمَا بِهِ بِذِكْرِ زَمَانٍ أَوْ بَيَانٍ أَنَّهُ وُلِدَ فِي مِلْكِهِ مَثَلًا ثُمَّ بِذِكْرِ سَبَبِ الْمِلْكِ، وَتَقَدَّمَ أَيْضًا نَاقِلَةٌ عَلَى مُسْتَصْحِبَةٍ لِلْأَصْلِ وَمَنْ تَعَرَّضَتْ لِكَوْنِ الْبَائِعِ مَالِكًا عِنْدَ الْمَبِيعِ وَمَنْ قَالَتْ وَنَقَدَ الثَّمَنَ أَوْ هُوَ مَالِكٌ الْآنَ عَلَى مَنْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ وَلَا تَرْجِيحَ بِوَقْفٍ وَلَا بَيِّنَةٍ انْضَمَّ إلَيْهَا حُكْمٌ بِالْمِلْكِ عَلَى بَيِّنَةِ مِلْكٍ بِلَا حُكْمٍ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَالْعِرَاقِيُّ وَغَيْرُهُمَا خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ وَالْحُكْمِ بِالْمُوجِبِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، إذْ أَصْلُ الْحُكْمِ لَا تَرْجِيحَ بِهِ، فَأَوْلَى حُكْمٌ فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى الْآخَرِ، فَإِنْ تَعَارَضَ حُكْمَانِ كَأَنْ أَثْبَتَ كُلٌّ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: رُجِّحَتْ بَيِّنَتُهُ) وَلَوْ زَادَ بَعْضُ حَاضِرِي مَجْلِسٍ قُبِلَ إلَّا إنْ اخْتَفَتْ الْقَرَائِنُ الظَّاهِرَةُ عَلَى أَنَّ الْبَقِيَّةَ ضَابِطُونَ لَهُ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ فَقَالُوا: لَمْ نَسْمَعْهَا مَعَ الْإِصْغَاءِ إلَى جَمِيعِ مَا وَقَعَ وَكَانَ مِثْلُهُمْ لَا يُنْسَبُ لِلْغَفْلَةِ فِي ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ يَقَعُ التَّعَارُضُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، لِأَنَّ النَّفْيَ الْمَحْصُورَ يُعَارِضُ الْإِثْبَاتَ الْجُزْئِيَّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ اهـ حَجّ. وَقَوْلُ حَجّ وَلَوْ زَادَ: أَيْ صِفَةً مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَأَصَحُّهُمَا الْأَخِيرُ) أَيْ أَصَحُّ الْأَقْوَالِ الضَّعِيفَةِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَحْتَاجُ الْأَوَّلُ إلَى إعَادَةِ بَيِّنَتِهِ) أَيْ الَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: وَلَا تَرْجِيحَ بِيَدٍ) أَيْ بَلْ بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي أُقِيمَتْ، وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: قَوْلُهُ: فَهُوَ لَهُمَا: أَيْ بِالْبَيِّنَةِ الْقَائِمَةِ لَا بِالْيَدِ السَّابِقَةِ عَلَى قِيَامِ الْبَيِّنَتَيْنِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ الْحَاجَةُ إلَى الْحَلِفِ فِي الثَّانِي لَا الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِمَنْ أَقَرَّ لَهُ بِهِ) أَيْ فَلَوْ أَقَرَّ بِهِ لَهُمَا جَمِيعًا، فَقِيَاسُ مَا تَقَرَّرَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُهُ: ثُمَّ شَاهِدَانِ وَكَالشَّاهِدَيْنِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فِيمَا يُقْبَلُ فِيهِ عَلَى مَا يَأْتِي مَعَ مَا نَذْكُرُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ) أَيْ فِي بَيِّنَتَيْنِ شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا بِالْمِلْكِ وَالْأُخْرَى بِالْحُكْمِ فَيَتَسَاوَيَانِ، سَوَاءٌ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ الْحُكْمَ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ بَقِيَتْ كَمَا كَانَتْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْحُكْمَ بِالْيَدِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ قِيَامِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا تَبْقَى بِالْبَيِّنَةِ الْقَائِمَةِ. قَالَ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا الِاحْتِيَاجُ إلَى الْحَلِفِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي اهـ. وَعَلَيْهِ فَلَا يَتَأَتَّى قَوْلُ الشَّارِحِ كَغَيْرِهِ وَعَلَى التَّسَاقُطِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَحْتَاجُ الْأَوَّلُ إلَى إعَادَةِ بَيِّنَتِهِ إلَخْ) هَذَا لَا يَتَأَتَّى عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّسَاقُطِ كَمَا لَا يَخْفَى وَإِنَّمَا يَأْتِي عَلَى مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَا الْيَدُ فِيهِ) الصَّوَابُ حَذْفُ لَفْظِ مَا كَمَا فِي التُّحْفَةِ لِأَنَّهَا وَاقِعَةٌ عَلَى الشَّيْءِ الْمُدَّعَى فَلَا يَصِحُّ الْإِخْبَارُ بِهِ عَنْ قَوْلِهِ وَهُوَ الَّذِي هُوَ رَاجِعٌ إلَى الْمُرَجِّحِ (قَوْلُهُ: إذْ أَصْلُ الْحُكْمِ لَا تَرْجِيحَ بِهِ فَأَوْلَى حُكْمٌ فِيهِ زِيَادَةٌ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: يُوهِمُ أَنَّ هَذَا فِي تَعَارُضِ حُكْمَيْنِ أَحَدِهِمَا بِالصِّحَّةِ

أَنَّ مَعَهُ حُكْمًا لَكِنْ أَحَدُهُمَا بِالصِّحَّةِ وَالْآخَرُ بِالْمُوجِبِ. اُتُّجِهَ تَقْدِيمُ الْأَوَّلِ لِاسْتِلْزَامِهِ ثُبُوتَ الْمِلْكِ بِخِلَافِ الثَّانِي. وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَاكِمَ مَتَى أَجْمَلَ حُكْمًا بِأَنْ لَمْ يُثْبِتْ اسْتِيفَاءَهُ وَشَرَائِطَهُ الشَّرْعِيَّةَ حُمِلَ عَلَى الصِّحَّةِ حَيْثُ كَانَ مَوْثُوقًا بِعِلْمِهِ وَدِينِهِ،. وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمُرَجِّحَاتِ بِذِكْرِ مِثْلِهَا فَقَالَ: (وَلَوْ) (كَانَتْ) الْعَيْنُ (بِيَدِهِ) تَصَرُّفًا أَوْ إمْسَاكًا (فَأَقَامَ غَيْرُهُ بِهَا) أَيْ بِمِلْكِهَا مِنْ غَيْرِ زِيَادَةِ (بَيِّنَةٍ وَ) أَقَامَ (هُوَ) بِهَا (بَيِّنَةً) بَيَّنَتْ سَبَبَ مِلْكِهِ أَمْ لَا أَوْ قَالَتْ: كُلٌّ اشْتَرَاهَا أَوْ غَصَبَهَا مِنْ الْآخَرِ (قُدِّمَ) مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ (صَاحِبُ الْيَدِ) وَيَسْعَى الدَّاخِلُ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِذَلِكَ كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَلِتُرَجَّحَ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ كَانَتْ شَاهِدًا وَيَمِينًا عَلَى الْأُخْرَى وَإِنْ كَانَتْ شَاهِدَيْنِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي بِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ أَوْ مِنْ بَائِعِهِ مَثَلًا أَوْ أَنَّ أَحَدَهُمَا غَصَبَهَا قُدِّمَ لِبُطْلَانِ الْيَدِ حِينَئِذٍ، وَلَا يَكْفِي قَوْلُهُمَا يَدُ الدَّاخِلِ غَاصِبَةٌ كَمَا ذَكَرَهُ جَمْعٌ، فَإِنْ قَالَتْ: بَيِّنَتُهُ غَصَبَهَا مِنْهُ وَالثَّانِيَةُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ قُدِّمَتْ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ نَقْلًا صَحِيحًا، وَكَذَا لَوْ قَالَتْ يَدُهُ بِحَقٍّ لِأَنَّهَا تُعَارِضُ الْغَصْبَ فَيَبْقَى أَصْلُ الْيَدِ، وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِأَنَّ الدَّاخِلَ أَقَرَّ لَهُ بِالْمِلْكِ قُدِّمَتْ وَلَمْ تَنْفَعْهُ بَيِّنَتُهُ بِالْمِلْكِ إلَّا إنْ ذُكِرَتْ انْتِقَالًا مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ، وَتُقَدَّمُ مَنْ قَالَتْ: اشْتَرَاهُ مِنْ زَيْدٍ وَهُوَ مِلْكُهُ عَلَى مَنْ قَالَتْ وَهُوَ فِي يَدِهِ وَتَسَلَّمَهُ مِنْهُ. . نَعَمْ يُتَّجَهُ أَنَّ ذَاتَ الْيَدِ أَرْجَحُ مِنْ قَائِلِهِ وَتَسَلُّمِهِ مِنْهُ. وَمَنْ انْتَزَعَ شَيْئًا بِحُجَّةٍ صَارَ ذَا يَدٍ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْأَوَّلِ. فَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ آخَرُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً مُطْلَقَةً أَعَادَ بَيِّنَتَهُ وَرُجِّحَتْ بِيَدِهِ، وَلَوْ أَجَابَ ذُو الْيَدِ: بِاشْتَرَيْتُهَا مِنْ زَيْدٍ فَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي إقْرَارَ زَيْدٍ لَهُ بِهَا قَبْلَ الشِّرَاءِ فَأَثْبَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إقْرَارَ الْمُدَّعِي بِهَا لِزَيْدٍ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَجَهِلَ التَّارِيخَ أَقَرَّتْ بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذْ يَدُهُ لَمْ يُعَارِضْهَا مُعَارِضٌ. . وَلَوْ أَقَامَتْ بِنْتُ وَاقِفٍ وَقْفَ مَحْكُومٍ بِهِ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ مَلَّكَهَا إيَّاهُ وَأَقْبَضَهُ لَهَا قَبْلَ وَقْفِهِ تَمْلِيكًا لَازِمًا لَمْ يُفِدْهَا شَيْئًا لِتَرَجُّحِ الْوَقْفُ بِالْيَدِ. قِيلَ وَحُكْمُ الْحَاكِمِ، وَإِمَّا يُتَّجَهُ هَذَا إنْ كَانَ التَّرْجِيحُ مِنْ مَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ. أَمَّا إذَا قُلْنَا: إنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يُرَجَّحُ فَالْأَوْجَهُ تَقْدِيمُ بَيِّنَتِهَا، وَلَا عِبْرَةَ بِالْيَدِ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ التَّمْلِيكَ نَسَخَتْهَا وَأَبْطَلَتْهَا وَرَفَعَتْ يَدَ الْوَاقِفِ صَرِيحًا. . وَلَوْ ادَّعَيَا لَقِيطًا بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً ـــــــــــــــــــــــــــــSمُطْلَقًا أَوْ مَعَ الصِّحَّةِ أَوْ الْمُوجِبِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمُرَجَّحَاتِ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ فَإِنَّهُ لَمْ يَسْتَوْعِبْهَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ تَتَبُّعِ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَامَتْ بِنْتُ وَاقِفٍ) أَيْ أَوْ غَيْرُهَا حَيْثُ كَانَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ مَلَّكَهَا إيَّاهُ) أَيْ وَأَقْبَضَهُ لَهَا، وَقَوْلُهُ: لَمْ يُفِدْهَا شَيْئًا ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ التَّرْجِيحُ مِنْ مَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ) أَيْ بِأَنْ قُلْنَا: إنَّ كُلًّا مِنْ الْيَدِ وَحُكْمِ الْحَاكِمِ مُرَجَّحٌ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ تَقْدِيمُ بَيِّنَتِهَا) مُعْتَمَدُ (قَوْلِهِ وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً) أَيْ أَنَّهُ مِلْكُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْآخَرِ بِالْمُوجِبِ فَمَا مَعْنَى مُقَابَلَتِهِ بِمَا بَعْدَهُ اهـ: أَيْ مَعَ أَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْحُكْمَ فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَقَطْ، فَإِنْ كَانَ مُرَادُ الشَّارِحِ كَالشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ أَنَّ أَصْلَ الْحُكْمِ لَا تَرْجِيحَ بِهِ فَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ بِالصِّحَّةِ أَوْ بِالْمُوجِبِ فَلَا نُسَلِّمُ الْأَوْلَوِيَّةَ. إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ التَّرْجِيحِ بِالْأَعَمِّ عَدَمُ التَّرْجِيحِ بِالْأَخَصِّ الَّذِي فِيهِ. زِيَادَةٌ مَعَ أَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ بَعْدُ عَلَى الْآخِرِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَصَبَهَا) اُنْظُرْ صُورَتَهُ بِالنِّسْبَةِ لِبَيِّنَةِ الدَّاخِلِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي فَإِنْ قَالَتْ بَيِّنَةٌ مِنْهُ وَالثَّانِيَةُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ فِيمَا يَأْتِي إنَّ الْمُرَادَ بِالثَّانِيَةِ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ فَتَكُونُ الْأُولَى بَيِّنَةَ الْخَارِجِ وَرُبَّمَا دَلَّ عَلَيْهِ مَا عَقَّبَهُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلِتُرَجَّحَ بَيِّنَتُهُ) أَيْ بِيَدِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي قَوْلُهُمَا يَدُ الدَّاخِلِ غَاصِبَةٌ) وَجْهُهُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ أَنَّهُ مُجَرَّدُ إفْتَاءٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَتْ بَيِّنَةٌ مِنْهُ) أَيْ غَصْبِهَا (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ مَنْ قَالَتْ اشْتَرَاهُ مِنْ زَيْدٍ وَهُوَ مِلْكُهُ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ هِيَ بَيِّنَةَ الْخَارِجِ. وَمِثْلُهُ كَمَا سَيَأْتِي مَا لَوْ قَالَتْ بَيِّنَتُهُ إنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ مُنْذُ سِنِينَ وَقَالَتْ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ إنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ سَنَةً. فَإِنَّهَا تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ لِأَنَّهَا أَثْبَتَتْ أَنَّ يَدَ الدَّاخِلِ عَادِيَةٌ بِشِرَائِهَا مِنْ زَيْدٍ بَعْدَمَا زَالَ مِلْكُهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ. وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِصَاحِبِ الْمُتَأَخِّرَةِ يَدٌ قُدِّمَتْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّ قَوْلِهِمْ يُقَدَّمُ ذُو الْيَدِ مَا لَمْ يَعْلَمْ حُدُوثَ يَدِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ فِيمَا يَأْتِي " (قَوْلُهُ: لِتَرْجِيحِ الْوَقْفِ بِالْيَدِ) أَيْ يَدِ الْوَاقِفِ حِينَ الْوَقْفِ الَّتِي حُكْمُهَا مُسْتَمِرٌّ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ هَذَا) أَيْ عَدَمُ إفَادَةِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا قُلْنَا إنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يُرَجِّحُ إلَخْ)

اسْتَوَيَا لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ (وَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ إلَّا بَعْدَ) سَمَاعِ (بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي) وَإِنْ لَمْ تُزَكَّ إذْ الْحُجَّةُ إنَّمَا تُقَامُ عَلَى خَصْمٍ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ سَمَاعِهَا بَعْدَ الدَّعْوَى، وَقَبْلَ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي جَانِبِهِ الْيَمِينُ فَلَا يَعْدِلُ عَنْهَا مَا دَامَتْ كَافِيَةً. نَعَمْ يُتَّجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ سَمَاعُهَا لِدَفْعِ تُهْمَةٍ نَحْوِ سَرِقَةٍ وَمَعَ ذَلِكَ لَا بُدَّ مِنْ إعَادَتِهَا بَعْدَ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ. . وَلَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي أَمْتِعَةِ دَارٍ وَلَوْ بَعْدَ الْفُرْقَةِ، فَمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى شَيْءٍ فَلَهُ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِمَا حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ وَهُوَ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ، وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ قُضِيَ لِلْحَالِفِ وَاخْتِلَافُ وَرَثَتِهِمَا وَوَرَثَةِ أَحَدِهِمَا وَالْآخَرِ كَذَلِكَ، وَسَوَاءٌ مَا يَصْلُحُ لِلزَّوْجِ كَسَيْفٍ وَمِنْطَقَةٍ، أَوْ لِلزَّوْجَةِ كَحُلِيٍّ وَغَزْلٍ، أَوْ لَهُمَا كَدَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ، أَوْ لَا يَصْلُحُ لَهُمَا كَمُصْحَفٍ وَهُمَا أُمِّيَّانِ، وَنَبْلٍ وَتَاجِ مَلِكٍ وَهُمَا عَامِّيَّانِ. (وَلَوْ) (أُزِيلَتْ يَدُهُ بِبَيِّنَةٍ) حِسًّا بِأَنْ سَلَّمَ الْمَالَ لِخَصْمِهِ أَوْ حُكْمًا بِأَنْ حُكِمَ عَلَيْهِ بِهِ فَقَطْ (ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً بِمِلْكِهِ مُسْتَنِدًا إلَى مَا قَبْلَ إزَالَةِ يَدِهِ وَاعْتَذَرَ بِغِيبَةِ شُهُودِهِ) مَثَلًا (سُمِعَتْ وَقُدِّمَتْ) لِأَنَّ يَدَهُ أُزِيلَتْ لِعَدَمِ الْحُجَّةِ، فَإِذَا ظَهَرَتْ حُكِمَ بِهَا وَنُقِضَ الْأَوَّلُ (وَقِيلَ: لَا) تُسْمَعُ وَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ بِهَا لِأَنَّ تِلْكَ الْيَدِ قُضِيَ بِزَوَالِهَا فَلَا يَعُودُ حُكْمُهُمَا، وَزَيَّفَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ بِأَنَّهُ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ، وَلَيْسَ هُنَا نَقْضُ اجْتِهَادٍ بِاجْتِهَادٍ لِأَنَّ الْحُكْمَ إنَّمَا وَقَعَ بِتَقْدِيرِ عَدَمِ الْمُعَارِضِ، فَإِذَا ظَهَرَ عُمِلَ بِهِ، وَكَأَنَّهُ اُسْتُثْنِيَ مِنْ الْحُكْمِ وَخَرَجَ بِمُسْتَنِدًا إلَى آخِرِهِ شَهَادَتُهَا بِمِلْكٍ مِنْ غَيْرِ اسْتِنَادٍ فَلَا تُسْمَعُ. (وَلَوْ) (قَالَ الْخَارِجُ: هُوَ مِلْكِي اشْتَرَيْتُهُ مِنْك فَقَالَ) الدَّاخِلُ: (بَلْ) هُوَ (مِلْكِي وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) بِمَا قَالَاهُ (قُدِّمَ الْخَارِجُ) لِزِيَادَةِ عِلْمِ بَيِّنَتِهِ بِالِانْتِقَالِ وَلِذَا قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ لَوْ شَهِدَتْ أَنَّهَا مِلْكُهُ، وَإِنَّمَا أَوْدَعَهُ أَوْ أَجَّرَهُ أَوْ أَعَارَهُ لِلدَّاخِلِ أَوْ أَنَّهُ أَوْ بَائِعُهُ غَصَبَهُ مِنْهُ أُطْلِقَتْ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ، وَلَوْ ادَّعَى كُلٌّ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ صَاحِبِهِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً وَلَا تَارِيخَ قُدِّمَ صَاحِبُ الْيَدِ. وَلَوْ تَدَاعَيَا حَيَوَانًا أَوْ دَارًا أَوْ أَرْضًا وَلِأَحَدِهِمَا مَتَاعٌ عَلَيْهَا أَوْ فِيهَا أَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْحَمْلِ وَالزَّرْعِ أَوْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ قُدِّمَتْ عَلَى الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ لِانْفِرَادِهِ بِالِانْتِفَاعِ فَالْيَدُ لَهُ، وَبِهِ فَارَقَ مَا لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْعَبْدِ ثَوْبٌ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ فِي لُبْسِهِ لِلْعَبْدِ دُونَ مَالِكِهِ فَلَا يَدَ لَهُ، فَإِنْ اخْتَصَّ الْمَتَاعُ بِبَيْتٍ كَانَتْ الْيَدُ لَهُ فِيهِ خَاصَّةً. وَلَوْ أَخَذَ ثَوْبًا مِنْ دَارٍ وَادَّعَى مِلْكَهُ فَقَالَ رَبُّهَا: بَلْ هُوَ ثَوْبِي أَمَرَ الْآخِذُ بِرَدِّ الثَّوْبِ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ لِأَنَّ الْيَدَ لِصَاحِبِ الدَّارِ، كَمَا لَوْ قَالَ: قَبَضْت مِنْهُ أَلْفًا لِي ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَمَعَ ذَلِكَ لَا بُدَّ مِنْ إعَادَتِهَا) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ هِيَ الْأَوْلَى بِعَيْنِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي أَمْتِعَةِ دَارٍ) وَلَيْسَ مِنْ الْمُرَجَّحَاتِ كَوْنُ الدَّارِ لِأَحَدِهِمَا فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ الْفُرْقَةِ) فِي نُسْخَةٍ: فَمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى شَيْءٍ فَلَهُ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِمَا حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ وَهُوَ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ، وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا اخْتِصَاصَ لِأَحَدِهِمَا) كَكَوْنِهِ فِي خِزَانَةٍ لَهُ أَوْ صُنْدُوقٍ مِفْتَاحُهُ بِيَدِهِ (قَوْلُهُ: وَاعْتَذَرَ بِغَيْبَةِ شُهُودِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْتَذِرْ بِمَا ذُكِرَ لَمْ تُرَجَّحْ بَيِّنَتُهُ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ حَيْثُ قَالَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَعْتَذِرْ بِمَا ذُكِرَ فَلَا تَرْجِيحَ، وَكَتَبَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ عَلَى قَوْلِهِ وَاعْتَذَرَ لَيْسَ بِقَيْدٍ اهـ وَعِبَارَةُ سم عَلَيْهِ وَتَقْيِيدُ الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ بِالِاعْتِذَارِ تَمْثِيلٌ م ر اهـ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَدْ يُقَالُ: بَلْ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ يُرَجَّحُ لِلْعِلَّةِ الْآتِيَةِ. (قَوْلُهُ: إذْ الْحُجَّةُ إنَّمَا تُقَامُ عَلَى خَصْمٍ) فِيهِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ خَصْمٌ وَلَوْ قَبْلَ إقَامَتِهِ الْبَيِّنَةَ (قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَاعْتَذَرَ بِغَيْبَةِ شُهُودِهِ لَيْسَ بِقَيْدٍ وَإِنَّمَا هُوَ لِمُجَرَّدِ التَّمْثِيلِ وَالتَّصْوِيرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ، فَالِاعْتِذَارُ لَيْسَ بِقَيْدٍ فَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ لَمْ يُعْتَذَرْ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّهُ أَوْ بَائِعَهُ غَصَبَهُ مِنْهُ إلَخْ) هَذِهِ كَاَلَّتِي بَعْدَهَا تَقَدَّمَتَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَدَاعَيَا حَيَوَانًا إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَوْ تَدَاعَيَا دَابَّةً أَوْ أَرْضًا أَوْ دَارًا لِأَحَدِهِمَا مَتَاعٌ عَلَيْهِ أَوْ فِيهَا أَوْ الْحَمْلَ أَوْ الزَّرْعَ بِاتِّفَاقِهِمَا أَوْ بَيِّنَةٍ قُدِّمَتْ عَلَى الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اخْتَصَّ بِمَتَاعٍ) عِبَارَةُ

عَلَيْهِ أَوْ عِنْدَهُ فَأَنْكَرَ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِرَدِّهِ لَهُ. وَلَوْ قَالَ: أَسْكَنْتُهُ دَارِي ثُمَّ أَخْرَجْتُهُ مِنْهَا فَالْيَدُ لِلسَّاكِنِ لِإِقْرَارِ الْأَوَّلِ لَهُ بِهَا فَيَحْلِفُ أَنَّهَا لَهُ، وَلَيْسَ قَوْلُهُ زُرِعَ لِي تَبَرُّعًا أَوْ بِإِجَارَةٍ إقْرَارًا لَهُ بِيَدٍ. وَلَوْ تَنَازَعَ مُكْتِرٌ وَمُكْرٍ فِي مُتَّصِلٍ بِالدَّارِ كَرَفٍّ أَوْ سُلَّمٍ مُسَمَّرٍ حَلَفَ الثَّانِي أَوْ مُنْفَصِلٍ كَمَتَاعٍ فَالْأَوَّلُ لِلْعُرْفِ، وَمَا لِلْمَقِرِ فِيهِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا إنْ تَحَالَفَا لِانْتِفَاءِ الْمُرَجَّحِ. (وَمَنْ) (أَقَرَّ لِغَيْرِهِ بِشَيْءٍ) حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا (ثُمَّ ادَّعَاهُ) (لَمْ تُسْمَعْ) دَعْوَاهُ (إلَّا أَنْ يَذْكُرَ انْتِقَالًا) مُمْكِنًا مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ إلَيْهِ لِأَنَّ إقْرَارَ الْمُكَلَّفِ مُؤَاخَذٌ بِهِ حَالًّا وَمَالًا وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ كَبِيرُ فَائِدَةٍ، وَيُتَّجَهُ وُجُوبُ بَيَانِ سَبَبِ الِانْتِقَالِ فِي هَذَا وَنَظَائِرِهِ كَمَا مَالَ إلَيْهِ فِي الْمَطْلَبِ تَبَعًا لِلْقَفَّالِ وَغَيْرِهِ لِلِاخْتِلَافِ فِي سَبَبِ الِانْتِقَالِ، وَمَا بَحَثَهُ غَيْرُهُ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْفَقِيهِ الْمُوَافِقِ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي الْإِخْبَارِ بِتَنَجُّسِ الْمَاءِ رُدَّ بِأَنَّهُ يُحْتَاطُ هُنَا فَوْقَ مَا يُحْتَاطُ لَهُ ثَمَّ بَلْ لَا جَامِعَ بَيْنَهُمَا، إذْ وَظِيفَةُ الشَّاهِدِ التَّعْيِينُ لِيَنْظُرَ الْقَاضِي فِي الْمُعَيَّنَاتِ وَيُرَتِّبَ عَلَيْهَا مُقْتَضَاهَا، وَادَّعَى الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ نَصَّ الْأُمِّ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ بَيَانِ السَّبَبِ وَأَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَيْهِ،. وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ عَيْنًا فَأَنْكَرَ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةَ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِهَا فَأَقَامَ صَاحِبُ الْيَدِ بَيِّنَةَ أَنَّهَا مِلْكُهُ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْإِقْرَارِ عَلَى تِلْكَ لِعَدَمِ ذِكْرِهَا سَبَبَ الِانْتِقَالِ فَاحْتَمَلَ اعْتِمَادَهَا ظَاهِرَ الْيَدِ، وَتَقَدَّمَ فِي الْإِقْرَارِ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ وَهَبَهُ كَذَا وَمَلَكَهُ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا بِالْقَبْضِ لِاحْتِمَالِ اعْتِقَادِهِ حُصُولَهُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، وَحِينَئِذٍ فَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ انْتِقَالًا، نَعَمْ يَظْهَرُ تَقْيِيدُهُ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ بِمَا إذَا كَانَ مِمَّنْ يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ الْحَالُ. (وَمَنْ أُخِذَ مِنْهُ مَالٌ بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ ادَّعَاهُ لَمْ يُشْتَرَطْ ذِكْرُ الِانْتِقَالِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لَمْ تَشْهَدْ إلَّا عَلَى التَّلَقِّي حَالًّا فَلَمْ يَتَسَلَّطْ أَثَرَهَا عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ وَبِهِ فَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْمُقِرِّ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَوْ أَضَافَتْ لِسَبَبٍ يَتَعَلَّقُ بِالْمَأْخُوذِ مِنْهُ كَانَتْ كَالْإِقْرَارِ وَهُوَ مَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ كَالْإِقْرَارِ. (وَالْمَذْهَبُ أَنَّ) (زِيَادَةَ عَدَدٍ) أَوْ نَحْوِ عَدَالَةِ (شُهُودِ أَحَدِهِمَا لَا تُرَجَّحُ) بَلْ يَتَعَارَضَانِ لِكَمَالِ الْحُجَّةِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ، وَلِأَنَّ مَا قَدَّرَهُ الشَّرْعُ لَا يَخْتَلِفُ بِالزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ كَدِيَةِ الْحُرِّ وَالْقَدِيمِ نَعَمْ كَالرِّوَايَةِ. وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِمَا مَرَّ وَبِأَنَّ مَدَارَ الشَّهَادَةِ عَلَى أَقْوَى لِلْمَقْرِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ بَلَغَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ عَدَدَ التَّوَاتُرِ رُجِّحَتْ وَهُوَ وَاضِحٌ لِإِفَادَتِهَا حِينَئِذٍ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ وَهُوَ لَا يُعَارَضُ (وَكَذَا لَوْ) (كَانَ لِأَحَدِهِمَا رَجُلَانِ وَلِلْآخَرِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) أَوْ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فِيمَا يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِنَّ لِكَمَالِ الْحُجَّةِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ اتِّفَاقًا، وَقِيلَ قَوْلَانِ، وَوَجْهُ التَّرْجِيحِ زِيَادَةُ الْوُثُوقِ بِقَوْلِهِمَا وَلِذَلِكَ يَثْبُتُ بِهِمَا مَا لَا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ (فَإِنْ كَانَ لِلْآخَرِ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ رُجِّحَ الشَّاهِدَانِ) وَالشَّاهِدُ وَالْمَرْأَتَانِ وَالْأَرْبَعُ نِسْوَةٍ فِيمَا يَقْبَلْنَ فِيهِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِلْإِجْمَاعِ عَلَى قَبُولِ مَنْ ذُكِرَ دُونَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَوْ مُنْفَصِلٍ كَمَتَاعٍ) شَمِلَ مَا لَوْ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ كَمَالُ الِانْتِفَاعِ بِالدَّارِ كَمَا لَوْ تَنَازَعَا فِي سُلَّمٍ يَصْعَدُ مِنْهُ إلَى مَكَان فِي الدَّارِ وَهُوَ مِمَّا يُنْقَلُ، وَقَضِيَّتُهُ تَصْدِيقُ الْمُكْتَرِي، وَقِيَاسُ مَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ دَارًا دَخَلَ فِيهَا مَا كَانَ مُتَّصِلًا بِهَا أَوْ مُنْفَصِلًا تَوَقَّفَ عَلَيْهِ نَفْعٌ مُتَّصِلٌ كَصُنْدُوقِ الطَّاحُونِ أَنَّ الْمُصَدَّقَ هُنَا الْمُكْرِي، وَقَدْ يُقَالُ الْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِهِ كَمَتَاعٍ أَنَّ الْمُرَادَ مَنْ يَتَمَتَّعُ بِهِ صَاحِبُ الدَّارِ فِيهَا كَالْأَوَانِي وَالْفُرُشِ فَيَخْرُجُ مِثْلُ هَذَا فَلَا يُصَدَّقُ فِيهِ الْمُكْتَرِي بَلْ الْمُكْرِي (قَوْلُهُ: حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا) كَالثَّابِتِ بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ (قَوْلُهُ: فَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ) أَيْ الْمِلْكِيَّةَ (قَوْلُهُ: وَالْأَرْبَعُ نِسْوَةٌ) قَضِيَّتُهُ إمْكَانُ التَّعَارُضِ بَيْنَ الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَبَيْنَ أَرْبَعٍ مِنْ النِّسْوَةِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ إنَّمَا يُقْبَلَانِ فِي الْمَالِ أَوْ مَا يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ، وَالنِّسْوَةُ إنَّمَا يَقْبَلْنَ فِي الرَّضَاعِ وَالْبَكَارَةِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا لَا تَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQالتُّحْفَةِ: فَإِنْ اخْتَصَّ الْمَتَاعُ بِبَيْتٍ (قَوْلُهُ: إذْ وَظِيفَةُ الشَّاهِدِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي سَمَاعِ الدَّعْوَى وَعَدَمِهِ لَا فِي سَمَاعِ الشَّهَادَةِ وَعَدَمِهِ، وَلَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا فِي الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا (قَوْلُهُ: وَالْقَدِيمُ نَعَمْ) الْحَاصِلُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَيْنِ أَحَدُهُمَا الْقَطْعُ بِعَدَمِ التَّرْجِيحِ وَهِيَ الْمُشَارُ إلَيْهَا فِي الْمَتْنِ، وَالثَّانِيَةُ قَوْلَانِ: جَدِيدٌ يُوَافِقُ طَرِيقَهُ الْقَطْعُ، وَالثَّانِي

الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، نَعَمْ لَوْ كَانَ مَعَهُمَا يَدٌ قُدِّمَا لِاعْتِضَادِهِمَا بِهَا وَبَحَثَ الشَّيْخُ أَنَّهُمَا لَوْ تَعَارَضَا لِغَصْبِ هَذَا لِمَا فِي يَدِهِ وَالشَّاهِدَانِ بِمِلْكِهِ قُدِّمَ الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ لِأَنَّ مَعَهُمَا زِيَادَةَ عِلْمٍ، قَالَ: وَيُحْتَمَلُ الْعَكْسُ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ حُجَّةٌ اتِّفَاقًا مَعَ قُوَّةِ دَلَالَةِ الْيَدِ انْتَهَى. وَالثَّانِي أَوْجَهُ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ يَتَعَادَلَانِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا حُجَّةٌ كَافِيَةٌ فِي الْمَالِ. (وَلَوْ) (شَهِدَتْ) الْبَيِّنَةُ (لِأَحَدِهِمَا) أَيْ مُتَنَازِعِينَ فِي عَيْنٍ بِيَدِهِمَا أَوْ يَدِ ثَالِثٍ أَوَّلًا بِيَدِ أَحَدٍ (بِمِلْكٍ مِنْ سَنَةٍ وَ) شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أُخْرَى (لِلْآخَرِ) بِمِلْكِهِ لَهَا (مِنْ أَكْثَرَ) مِنْ سَنَةٍ إلًّا وَقَدْ شَهِدَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالْمِلْكِ حَالًّا أَوْ قَالَتْ: لَا نَعْلَمُ مُزِيلًا لَهُ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الشَّهَادَةَ بِمِلْكٍ سَابِقٍ لَا تُسْمَعُ بِدُونِ ذَلِكَ (فَالْأَظْهَرُ تَرْجِيحُ الْأَكْثَرِ) لِأَنَّهَا أَثْبَتُ مِلْكًا فِي وَقْتٍ لَمْ تُعَارِضْهَا فِيهِ الْأُخْرَى، أَمَّا شَهَادَتُهَا فِي وَقْتِ تَعَارُضِهَا فِيهِ فَيَتَسَاقَطَانِ فِي مَحَلِّ التَّعَارُضِ وَيُعْمَلُ بِصَاحِبَةِ الْأَكْثَرِ فِيمَا لَا تَعَارُضَ فِيهِ وَالْأَصْلُ فِي كُلٍّ ثَابِتٌ دَوَامُهُ وَالثَّانِي لَا تَرْجِيحَ وَيَتَعَارَضَانِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إثْبَاتُ الْمِلْكِ فِي الْحَالِ وَلَا تَأْثِيرَ لِلسَّبْقِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَنَازَعٍ فِيهِ، وَلَوْ كَانَتْ بِيَدٍ مُتَقَدِّمَةِ التَّارِيخِ قُدِّمَ قَطْعًا أَوْ مُتَأَخِّرَتِهِ فَسَيَأْتِي، وَقَدْ تُرَجَّحُ بِتَأَخُّرِ التَّارِيخِ وَحْدَهُ كَمَا لَوْ ادَّعَى شِرَاءَ عَيْنٍ بِيَدِ غَيْرِهِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً وَقَدْ بَانَ مُسْتَحَقًّا أَوْ مَعِيبًا وَأَرَادَ رَدَّهُ وَاسْتِرْجَاعَ الثَّمَنِ وَأَقَامَ صَاحِبُ الْيَدِ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ وُهِبَهُ مِنْ الْمُدَّعِي وَلَمْ تُؤَرَّخَا تَعَارَضَتَا، فَإِنْ أُرِّخَتَا حُكِمَ بِالْأَخِيرَةِ أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ (وَلِصَاحِبِهَا) أَيْ الْمُتَقَدِّمَةِ (الْأُجْرَةُ وَالزِّيَادَةُ الْحَادِثَةُ مِنْ يَوْمِئِذٍ) ، أَيْ مِنْ يَوْمِ مِلْكِهِ بِالشَّهَادَةِ لِأَنَّهَا ثَمَرَةُ مِلْكِهِ، نَعَمْ لَوْ كَانَتْ الْعَيْنُ بِيَدِ الزَّوْجِ أَوْ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَلْزَمْهُ أُجْرَةٌ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي بَابَيْهِمَا. (وَلَوْ) (أُطْلِقَتْ بَيِّنَةٌ) بِأَنْ لَمْ تَتَعَرَّضْ لِزَمَنِ الْمِلْكِ (وَأُرِّخَتْ بَيِّنَةٌ) وَلَا يَدَ لِأَحَدِهِمَا وَاسْتَوَيَا فِي أَنَّ لِكُلِّ شَاهِدَيْنِ مَثَلًا وَلَمْ تُبَيِّنْ الثَّانِيَةُ سَبَبَ الْمِلْكِ (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ) فَيَتَعَارَضَانِ، وَمُجَرَّدُ التَّارِيخِ غَيْرُ مُرَجَّحٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُطْلَقَةَ لَوْ فُسِّرَتْ فُسِّرَتْ بِمَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْ الْأَوَّلِ. نَعَمْ لَوْ شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا بِدَيْنٍ وَالْأُخْرَى بِإِبْرَاءٍ مِنْ قَدْرِهِ رُجِّحَتْ هَذِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْوُجُوبِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ تَعَدُّدِ الدَّيْنِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَثْبَتَ عَلَى زَيْدٍ إقْرَارًا بِدَيْنٍ فَأَثْبَتَ زَيْدٌ إقْرَارَ الْمُدَّعِي بِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ عَلَيْهِ شَيْئًا فَإِنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِ الدَّيْنِ بَعْدُ وَلِأَنَّ الثُّبُوتَ لَا يَرْتَفِعُ بِالنَّفْيِ الْمُحْتَمَلِ، وَمِنْ ثَمَّ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّهُ لَوْ أَثْبَتَ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِدَارٍ فَادَّعَى أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ قَالَ: لَا شَيْءَ لِي فِيهَا احْتَمَلَ تَقْدِيمَ الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَتْ الْيَدُ لِلثَّانِي لِرُجُوعِ الْإِقْرَارِ الثَّانِي إلَى النَّفْيِ الْمَحْضِ، أَمَّا إذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا يَدٌ وَشَاهِدَانِ وَلِلْآخَرِ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ فَتُقَدَّمُ الْيَدُ وَالشَّاهِدَانِ، وَكَذَا الْبَيِّنَةُ الْمُتَعَرِّضَةُ لِسَبَبِ الْمِلْكِ كَنَتَجَ أَوْ أَثْمَرَ أَوْ نَسَخَ أَوْ حَلَبَ مِنْ مِلْكِهِ أَوْ وَرِثَهُ مِنْ أَبِيهِ، وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِهِمَا بِنْتَ دَابَّتِهِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِمِلْكِهَا وَقِيلَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ تُقَدَّمُ الْمُؤَرَّخَةُ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي الْمِلْكَ قَبْلَ الْحَالِّ، بِخِلَافِ الْمُطْلَقَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSوَيُؤَيِّدُ الْإِشْكَالَ قَوْلُهُ الْآتِيَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا حُجَّةٌ كَافِيَةٌ إلَخْ وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِمَا حَصَلَ التَّنَازُعُ بَيْنَهُمَا فِي عَيْبٍ تَحْتَ الثِّيَابِ فِي أَمَةٍ يُؤَدِّي إلَى الْمَالِ أَوْ فِي حُرَّةٍ لِتَبْعِيضِ الْمَهْرِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: مِنْ يَوْمِ مَلَكَهُ بِالشَّهَادَةِ) أَيْ وَهُوَ الْوَقْتُ الَّذِي أُرِّخَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ لَا مِنْ وَقْتِ الْحُكْمِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ) أَيْ إقْرَارُ الْمُدَّعِي (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِمِلْكِهَا) . ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَدِيمُ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَانَ مَعَهُمَا يَدٌ قُدِّمَا) أَيْ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ ادَّعَى شِرَاءَ عَيْنٍ بِيَدِ غَيْرِهِ إلَخْ) هَذِهِ تُفَارِقُ مَا مَرَّ مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلًّا مِنْ الْمُتَدَاعِيَيْنِ مُوَافِقٌ، عَلَى أَنَّ الْعَيْنَ مِلْكُ الْمُدَّعِي، وَإِنَّمَا خِلَافُهُمَا فِي سَبَبِ الْمِلْكِ، لَكِنْ لَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ الْعَمَلِ بِالْمُتَأَخِّرَةِ هُنَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَقَدْ بَانَ) أَيْ الْعَيْنُ بِمَعْنَى الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ كَانَتْ الْعَيْنُ بِيَدِ الزَّوْجِ أَوْ الْبَائِعِ) لَعَلَّ صُورَتَهُمَا أَنَّ الْعَيْنَ بِيَدِ الزَّوْجِ فَادَّعَتْ الزَّوْجَةُ أَنَّهُ أَصْدَقَهَا إيَّاهَا وَأَقَامَتْ بَيِّنَةً مُؤَرَّخَةً وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً كَذَلِكَ أَنَّهُ بَاعَهَا مِنْهُ فَالْمِلْكُ لِمَنْ تَقَدَّمَ تَارِيخُ بَيِّنَتِهِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ، لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْبَائِعِ وَالزَّوْجِ لَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ فِي اسْتِعْمَالِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَدَ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ يَدًا تُرَجَّحُ بِأَنْ انْفَرَدَ بِالْيَدِ فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ مَا إذَا كَانَتْ الْيَدُ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِثَالِثٍ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْمُتَعَرِّضَةُ لِلسَّبَبِ) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ تَعَرَّضَ لَهُ فِي دَعْوَاهُ

قَالَ الْأَوَّلُ: لَكِنَّهَا لَا تَنْفِيهِ (وَ) الْمَذْهَبُ (أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِصَاحِبِ مُتَأَخِّرَةِ التَّارِيخِ يَدٌ قُدِّمَتْ) لِأَنَّهُمَا مُتَسَاوِيَتَانِ فِي إثْبَاتِ الْمِلْكِ فِي الْحَالِّ فَيَتَسَاقَطَانِ فِيهِ وَتَبْقَى الْيَدُ فِيهِ مُقَابِلَةَ الْمِلْكِ السَّابِقِ، وَهِيَ أَقْوَى مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمِلْكِ السَّابِقِ بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَا تَزَالُ بِهَا، وَقِيلَ الْعَكْسُ، وَقِيلَ: يَتَسَاوَيَانِ لِأَنَّ لِكُلِّ جِهَةٍ تَرْجِيحَ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَمَّا لَوْ كَانَتْ سَابِقَةُ التَّارِيخِ شَاهِدَةً بِوَقْفٍ وَالْمُتَأَخِّرَةُ الَّتِي مَعَهَا يَدٌ شَاهِدَةً بِمِلْكٍ أَوْ وَقْفٍ قُدِّمَتْ صَاحِبَةُ الْيَدِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَعَلَيْهِ جَرَى الْعَمَلُ مَا لَمْ يَظْهَرْ أَنَّ الْيَدَ عَادِيَةٌ بِاعْتِبَارِ تَرَتُّبِهَا عَلَى بَيْعٍ صَدَرَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ أَوْ بَعْضِهِمْ بِغَيْرِ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ فَهُنَاكَ يُقَدَّمُ الْعَمَلُ بِالْوَقْفِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقَدْ اعْتَمَدَهُ غَيْرُهُ. . وَفِي الْأَنْوَارِ عَلَى فَتَاوَى الْقَفَّالِ مَا يُؤَيِّدُهُ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى عَيْنًا فِي يَدِ غَيْرِهِ وَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ زَيْدٍ مُنْذُ سَنَتَيْنِ فَأَقَامَ الدَّاخِلُ بَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ زَيْدٍ مُنْذُ سَنَةٍ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْبُلْقِينِيِّ كَجَمْعٍ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ، لِأَنَّهَا أَثْبَتَتْ أَنَّ يَدَ الدَّاخِلِ عَادِيَةٌ بِشِرَائِهِ مِنْ زَيْدٍ بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ، وَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ أَنَّ زَيْدًا اسْتَرَدَّهَا ثُمَّ بَاعَهَا لِلْآخَرِ لِأَنَّ هَذَا خِلَافُ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْمُقْرِي كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ الصُّورِيَّةِ هُنَا وَإِنْ تَأَخَّرَ تَارِيخُ يَدِهِ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَحِينَئِذٍ فَيُقَيَّدُ بِهِ إطْلَاقُ الرَّوْضَةِ. . وَلِهَذَا لَوْ ابْتَاعَا شَيْئًا مِنْ وَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً بِبَيْعٍ صَحِيحٍ قُدِّمَ الْأَسْبَقُ لِسَبْقِ التَّارِيخِ مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَلَا عِبْرَةَ بِكَوْنِ الْيَدِ لِلثَّانِي. (وَ) الْمَذْهَبُ (أَنَّهَا لَوْ شَهِدَتْ بِمِلْكِهِ أَمْسِ وَلَمْ تَتَعَرَّضْ لِلْحَالِّ لَمْ تُسْمَعْ حَتَّى يَقُولُوا وَلَمْ يَزَلْ مِلْكُهُ أَوْ لَا نَعْلَمُ مُزِيلًا لَهُ) أَوْ تَبَيَّنَ سَبَبُهُ لِأَنَّ دَعْوَى الْمِلْكِ السَّابِقِ لَا تُسْمَعُ فَكَذَا الْبَيِّنَةُ وَلِأَنَّهَا شَهِدَتْ لَهُ بِمَا لَمْ يَدَّعِهِ، وَلَيْسَ فِي قَوْلِ الشَّاهِدِ لَمْ يَزَلْ مِلْكُهُ شَهَادَةٌ بِنَفْيٍ مَحْضٍ لِأَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يَتَقَوَّى بِانْضِمَامِهِ لِغَيْرِهِ كَشَهَادَةِ الْإِعْسَارِ، وَفِي قَوْلٍ تُسْمَعُ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْقَوْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ بِنْتُ دَابَّتِهِ (قَوْلُهُ: ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ) أَيْ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ (قَوْلُهُ: قُدِّمَتْ صَاحِبَةُ الْيَدِ) مِنْهُ يُؤْخَذُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا، وَهِيَ أَنَّ جَمَاعَةً بِأَيْدِيهِمْ أَمَاكِنُ يَذْكُرُونَ أَنَّهَا مَوْقُوفَةٌ عَلَيْهِمْ وَبِأَيْدِيهِمْ تَمَسُّكَاتٌ تَشْهَدُ لَهُمْ بِذَلِكَ فَنَازَعَهُمْ آخَرُونَ وَادَّعَوْا أَنَّ هَذِهِ الْأَمَاكِنَ مَوْقُوفَةٌ عَلَى زَاوِيَةٍ وَأَظْهَرُوا بِذَلِكَ تَمَسُّكًا، وَهُوَ أَنَّهُ يُقَدَّمُ ذُو الْيَدِ حَيْثُ لَمْ يَثْبُتْ انْتِقَالٌ عَمَّنْ وَقَفَ عَلَى مَنْ بِيَدِهِ الْأَمَاكِنُ إلَى غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ تَارِيخُ غَيْرِ وَاضِعِ الْيَدِ مُتَقَدِّمًا (قَوْلُهُ: قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ) مُعْتَمَدُ (قَوْلِهِ هُنَا) أَشَارَ بِهِ إلَى قَوْلِهِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى عَيْنًا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ: وَقُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي آخِرَ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهَا لَا تَنْفِيهِ) قَالَ الْجَلَالُ عَقِبَ هَذَا مَا نَصُّهُ: وَفِي الشَّرْحِ حِكَايَةُ طَرِيقَيْنِ طَارِدٌ لِلْقَوْلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَقَاطِعٌ بِالتَّسْوِيَةِ وَكَيْفَ فَرَضَ فَالظَّاهِرُ التَّسْوِيَةُ انْتَهَى اهـ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِصَاحِبِ مُتَأَخِّرَةِ التَّارِيخِ يَدٌ قُدِّمَ) مَحَلُّهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي مَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ كُلٌّ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ الِانْتِقَالَ لِمَنْ شَهِدَ لَهُ مِنْ مُعَيَّنٍ مُتَّحِدٍ كَزَيْدٍ، وَأَمَّا قَوْلُ الشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ سَوَاءٌ أَذَكَرَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا الِانْتِقَالَ لِمَنْ تَشْهَدُ لَهُ مِنْ مُعَيَّنٍ أَمْ لَا وَإِنْ اتَّحَدَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ فَقَدْ نَاقَضَهُ بِذِكْرِهِ عَقِبَهُ مَا سَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ مِنْ قَوْلِهِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ) إلَخْ لَا وَجْهَ لِلتَّعْبِيرِ بِأَمَّا هُنَا، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَسَوَاءٌ: أَيْ فِيمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أُشْهِدَتْ كُلٌّ بِوَقْفٍ أَمْ مِلْكٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَاقْتَضَاهُ قَوْلُ الرَّوْضَةِ بَيِّنَتَا الْمِلْكِ وَالْوَقْفِ تَتَعَارَضَانِ كَبَيِّنَتَيْ الْمِلْكِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَعَلَى ذَلِكَ جَرَى الْعَمَلُ مَا لَمْ يَظْهَرْ أَنَّ الْيَدَ عَادِيَةٌ بِاعْتِبَارِ تَرَتُّبِهَا عَلَى بَيْعٍ صَدَرَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا) أَيْ كَالْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا خِلَافُ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرِ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ: نَعَمْ يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ تَعْوِيضِ الزَّوْجَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُثْبِتَ الْخَارِجُ هُنَا أَنَّهَا كَانَتْ بِيَدِ زَيْدٍ حَالَ شِرَائِهِ مِنْهُ وَإِلَّا بَقِيَتْ بِيَدِ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ اهـ. وَكَانَ الشَّارِحُ لَا يَشْتَرِطُ هَذَا لِأَنَّهُ حَذَفَهُ مِنْ هُنَا وَمِنْ مَسْأَلَةِ تَعْوِيضِ الزَّوْجَةِ الْآتِيَةِ، إلَّا أَنَّهُ اشْتَرَطَ ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ تَأْتِي فَلْيُرَاجَعْ مُعْتَمَدُهُ (قَوْلُهُ: فَيُقَيَّدُ بِهِ إطْلَاقُ الرَّوْضَةِ) أَيْ كَمَا قَيَّدْنَا بِهِ كَلَامَ الْمِنْهَاجِ

وَيَثْبُتُ بِهَا الْمِلْكُ أَمْسِ وَيُسْتَصْحَبُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِالْأَوَّلِ وَقَدْ تُسْمَعُ الشَّهَادَةُ وَإِنْ لَمْ تَتَعَرَّضْ لِلْمِلْكِ حَالًّا كَمَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ كَمَا لَوْ شَهِدَتْ أَنَّهَا أَرْضُهُ وَزَرَعَهَا أَوْ دَابَّتُهُ نَتَجَتْ فِي مِلْكِهِ أَوْ أَثْمَرَتْ هَذَا شَجَرَتُهُ فِي مِلْكِهِ وَهَذَا الْغَزْلُ مِنْ قُطْنِهِ أَوْ الطَّيْرُ مِنْ بَيْضَتِهِ أَمْسِ أَوْ بِأَنَّ هَذَا مِلْكُهُ أَمْسِ اشْتَرَاهُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهِ أَوْ أَقَرَّ لَهُ بِهِ أَوْ وَرِثَهُ أَمْسِ وَكَأَنْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُ اشْتَرَى هَذِهِ مِنْ فُلَانٍ وَهُوَ يَمْلِكُهَا أَوْ نَحْوَهُ فَيُقْبَلُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ إنَّهَا الْآنَ مِلْكُ الْمُدَّعِي أَوْ بِأَنَّ مُوَرِّثَهُ تَرَكَهُ لَهُ مِيرَاثًا أَوْ بِأَنَّ فُلَانًا حَكَمَ لَهُ بِهِ فَيُقْبَلُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمِلْكَ ثَبَتَ بِتَمَامِهِ فَيُسْتَصْحَبُ إلَى أَنْ يُعْلَمَ زَوَالُهُ، بِخِلَافِهَا بِأَصْلِهِ لَا بُدَّ أَنْ يَنْضَمَّ إلَيْهَا إثْبَاتُهُ حَالًّا، وَكَأَنْ ادَّعَى رِقَّ شَخْصٍ بِيَدِهِ فَادَّعَى آخَرُ أَنَّهُ كَانَ لَهُ أَمْسِ وَأَنَّهُ أَعْتَقَهُ فَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ بِذَلِكَ، إذْ الْقَصْدُ بِهَا إثْبَاتُ الْعِتْقِ وَذِكْرُ الْمِلْكِ السَّابِقِ وَقَعَ تَبَعًا. وَلَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ: كَانَتْ بِيَدِك أَمْسِ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا لَهُ بِالْيَدِ فَضْلًا عَنْ الْمِلْكِ لِأَنَّ الْيَدَ قَدْ تَكُونُ عَادِيَةً، بِخِلَافِ كَانَتْ مِلْكَك أَمْسِ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الْإِقْرَارِ لَهُ بِهِ أَمْسِ فَيُؤَاخَذُ بِهِ. وَلَوْ ادَّعَى مَنْ بِيَدِهِ عَيْنٌ شِرَاءَهَا مِنْ زَيْدٍ مِنْ شَهْرٍ فَادَّعَتْ زَوْجَتُهُ أَنَّهَا تَعَوَّضَتْهَا مِنْهُ مِنْ شَهْرَيْنِ وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً، فَإِنْ أَثْبَتَتْ أَنَّهَا كَانَتْ بِيَدِ الزَّوْجِ حَالَةَ التَّعْرِيضِ حُكِمَ لَهَا بِهَا وَإِلَّا بَقِيَتْ بِيَدِ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ الْآنَ، كَذَا قِيلَ، وَالْأَوْجَهُ تَقْدِيمُ بَيِّنَتِهَا مُطْلَقًا لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّ أَصْلَ الِانْتِقَالِ مِنْ زَيْدٍ فَعُمِلَ بِأَسْبَقِهِمَا تَارِيخًا. (وَتَجُوزُ) (الشَّهَادَةُ) بَلْ يُتَّجَهُ وُجُوبُهَا إنْ انْحَصَرَ الْأَمْرُ فِيهِ عَلَى أَنَّ الْجَائِزَ يُصَدَّقُ بِالْوَاجِبِ (بِمِلْكِهِ الْآنَ) (اسْتِصْحَابًا لِمَا سَبَقَ مِنْ إرْثٍ وَشِرَاءٍ وَغَيْرِهِمَا) اعْتِمَادًا عَلَى الِاسْتِصْحَابِ لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَيْهِ، إذْ لَا يُمْكِنُ اسْتِمْرَارُ الشَّاهِدِ مَعَ صَاحِبِهِ دَائِمًا لَا يُفَارِقُهُ لَحْظَةً لِأَنَّهُ مَتَى فَارَقَهُ لَحْظَةً أَمْكَنَ زَوَالُ مِلْكِهِ عَنْهُ فَتَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ الشَّهَادَةُ، نَعَمْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُصَرِّحَ فِي شَهَادَتِهِ بِأَنَّ مُسْتَنَدَهُ الِاسْتِصْحَابُ، فَإِنْ صَرَّحَ بِهِ لَمْ تُقْبَلْ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، لَكِنْ يُتَّجَهُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا ذَكَرَهُ عَلَى وَجْهِ الرِّيبَةِ وَالتَّرَدُّدِ، فَإِنْ ذَكَرَهُ لِحِكَايَةِ حَالٍّ أَوْ تَقْوِيَةً قُبِلَتْ مَعَهُ، وَنَبَّهَ الْأَذْرَعِيُّ عَلَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِمِلْكٍ نَحْوُ وَارِثٍ أَوْ مُتَّهَبٍ أَوْ مُشْتَرٍ مَا لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ الْمُنْتَقِلُ عَنْهُ قَالَ الْغَزِّيِّ: وَأَكْثَرُ مَنْ يَشْهَدُ يَعْتَمِدُ ذَلِكَ جَهْلًا. (وَلَوْ) (شَهِدَتْ) بَيِّنَةٌ (بِإِقْرَارِهِ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (أَمْسِ بِالْمِلْكِ لَهُ) أَيْ الْمُدَّعِي (اُسْتُدِيمَ) حُكْمُ الْإِقْرَارِ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْمِلْكِ حَالًّا لِأَنَّهُ أَسْنَدَهُ إلَى تَحْقِيقٍ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَبَطَلَتْ فَائِدَةُ الْأَقَارِيرِ، وَفَارَقَ الشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ الْمُتَقَدِّمِ بِأَنَّ ذَاكَ شَهَادَةٌ بِأَمْرٍ يَقِينِيٍّ فَاسْتُصْحِبَ وَهَذِهِ بِأَمْرٍ ظَنِّيٍّ، فَإِذَا لَمْ يَنْضَمَّ لَهُ الْجَزْمُ حَالًّا لَمْ يُؤَثِّرْ قَالَ الْإِمَامُ: وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا أَمْسِ مِنْ ذِي الْيَدِ لِأَنَّ الشِّرَاءَ مِنْ الْخَصْمِ وَالْإِقْرَارَ مِنْهُ مِمَّا يُعْرَفُ يَقِينًا، وَلَيْسَ كَمَا لَوْ شَهِدَتْ بِالشِّرَاءِ أَمْسِ مِنْ غَيْرِ ذِي الْيَدِ لِأَنَّ نَفْسَ الشِّرَاءِ مِنْ الْغَيْرِ لَا يَكُونُ حُجَّةً عَلَى ذِي الْيَدِ. (وَلَوْ) (أَقَامَهَا) أَيْ الْحُجَّةَ (بِمِلْكِ دَابَّةٍ أَوْ شَجَرَةٍ) مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِمِلْكٍ سَابِقٍ (لَمْ يَسْتَحِقَّ ثَمَرَةً مَوْجُودَةً) يَعْنِي مُؤَبَّرَةً (وَلَا وَلَدًا مُنْفَصِلًا) عِنْدَ الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَجْزَاءِ الدَّابَّةِ وَالشَّجَرَةِ وَلِذَا لَا يَتْبَعُهُمَا فِي الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ) أَيْ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ تَقْدِيمُ بَيِّنَتِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ الشَّاهِدُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَقَدْ تُسْمَعُ الشَّهَادَةُ وَإِنْ لَمْ تَتَعَرَّضْ لِلْمِلْكِ حَالًا كَمَا يَأْتِي إلَخْ) هَذِهِ أَمْثِلَةٌ لِمَا زَادَهُ عَلَى الْمَتْنِ فِيمَا مَرَّ بِقَوْلِهِ أَوْ تَبَيَّنَ سَبَبُهُ (قَوْلُهُ: فَادَّعَتْ زَوْجَتُهُ) أَيْ زَوْجَةُ زَيْدٍ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ تَقْدِيمُ بَيِّنَتِهَا مُطْلَقًا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَتَعَرَّضْ لِكَوْنِهَا بِيَدِ الزَّوْجِ عِنْدَ التَّعْوِيضِ وَقَدْ قَدَّمْنَا مَا فِيهِ. (قَوْلُهُ: قَالَ الْغَزِّيِّ وَأَكْثَرُ مَنْ يَشْهَدُ إلَخْ) هَذَا مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ أَيْضًا لَا مِنْ كَلَامِ الْغَزِّيِّ، وَعِبَارَتُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ إنَّمَا تَجُوزُ لَهُ الشَّهَادَةُ لِلْوَارِثِ وَالْمُشْتَرِي وَالْمُتَّهِبِ وَنَحْوِهِمْ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ لِلْمُنْتَقِلِ مِنْهُ إلَيْهِ بِالْمِلْكِ، وَلَا يَكْفِي الِاسْتِنَادُ إلَى مُجَرَّدِ الشِّرَاءِ وَغَيْرِهِ مَعَ جَهْلِهِ بِمِلْكِ الْبَائِعِ وَالْوَاهِبِ وَالْمُوصِي وَالْمُوَرِّثِ وَنَحْوِهِمْ قَطْعًا وَأَكْثَرُ مَنْ يَشْهَدُ يَعْتَمِدُ ذَلِكَ جَهْلًا اهـ. وَقَدْ عُلِمَ مِنْهُ مَرْجِعُ الْإِشَارَةِ الَّذِي أَهْمَلَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِمِلْكٍ سَابِقٍ) ظَاهِرٌ وَإِنْ قَامَتْ قَرَائِنُ قَطْعِيَّةٌ عَلَى تَقَدُّمِ الْمِلْكِ وَكَانَ تَرْكُ ذِكْرِ الْمِلْكِ السَّابِقِ لِنَحْوِ غَبَاوَةٍ، لَكِنْ بَحَثَ

وَلِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تُثْبِتُ الْمِلْكَ بَلْ تُظْهِرُهُ فَكَفَى تَقَدُّمُهُ عَلَيْهَا بِلَحْظَةٍ (وَيَسْتَحِقُّ حَمْلًا) وَثَمَرَةً لَمْ تُؤَبَّرْ عِنْدَ الشَّهَادَةِ (فِي الْأَصَحِّ) تَبَعًا لِلْأُمِّ وَالْأَصْلِ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُمَا، وَلَا اعْتِبَارَ بِاحْتِمَالِ كَوْنِ ذَلِكَ لِغَيْرِ مَالِكِ الْأُمِّ وَالشَّجَرَةِ بِنَحْوِ وَصِيَّةٍ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ، وَمُقَابِلُهُ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ لِغَيْرِهِ بِوَصِيَّةٍ أَمَّا إذَا تَعَرَّضَتْ لِمِلْكٍ سَابِقٍ عَلَى حُدُوثِ مَا ذُكِرَ فَيَسْتَحِقُّهُ فَعُلِمَ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يَنْعَطِفُ عَلَى مَا مَضَى لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مِلْكُهُ لَهَا حَدَثَ قَبْلَ الشَّهَادَةِ. (وَلَوْ) (اشْتَرَى شَيْئًا) وَأَقْبَضَ ثَمَنَهُ (فَأَخَذَ مِنْهُ بِحُجَّةٍ) أَيْ بَيِّنَةٍ (مُطْلَقَةٍ) بِأَنْ لَمْ تُصَرِّحْ بِتَارِيخِ الْمِلْكِ (رَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ) الَّذِي لَمْ يُصَدِّقْهُ (بِالثَّمَنِ) لِمَسِيسِ الْحَاجَةِ وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى الْأَصْلِ السَّابِقِ عَدَمَ الرُّجُوعِ لِاحْتِمَالِ انْتِقَالِ الْمِلْكِ مِنْ الْمُشْتَرِي الْمُدَّعِي وَتَكُونُ الْمُبَايَعَةُ صَحِيحَةً، وَخَرَجَ بِحُجَّةِ الَّتِي هِيَ الْبَيِّنَةُ هُنَا كَمَا تَقَرَّرَ مَا لَوْ أَخَذَ مِنْهُ بِإِقْرَارِ أَوْ بِحَلِفِ الْمُدَّعِي بَعْدَ نُكُولِهِ لِأَنَّهُ الْمُقَصِّرُ، وَبِمُطْلَقَةٍ مَا لَوْ أَسْنَدَتْ الِاسْتِحْقَاقَ إلَى حَالَةِ الْعَقْدِ فَيَرْجِعُ قَطْعًا بَلْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ إذْ لَوْ أُسْنِدَتْ لِمَا بَعْدَ الْعَقْدِ رَجَعَ أَيْضًا عَلَى مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ خِلَافًا الْقَاضِي لِأَنَّ الْمُسْتَنِدَةَ لِذَلِكَ الزَّمَنِ حُكْمُهَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا قَبْلَهُ حُكْمُ الْمُطْلَقَةِ، وَبِبَائِعِهِ بَائِعُ بَائِعِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتْلَفْ مِنْهُ، وَبِلَمْ يُصَدِّقْهُ مَا لَوْ صَدَّقَهُ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّ الظَّالِمَ غَيْرُهُ. نَعَمْ لَوْ كَانَ تَصْدِيقُهُ لَهُ اعْتِمَادًا عَلَى ظَاهِرِ يَدِهِ أَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي حَالِ الْخُصُومَةِ لَمْ يُمْنَعْ رُجُوعُهُ حَيْثُ ادَّعَى ذَلِكَ لِعُذْرِهِ حِينَئِذٍ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اشْتَرَى قِنًّا وَأَقَرَّ بِرِقِّهِ ثُمَّ ادَّعَى حُرِّيَّةَ الْأَصْلِ وَحُكِمَ لَهُ بِهَا رَجَعَ بِثَمَنِهِ وَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ اعْتِرَافُهُ بِرِقِّهِ لِاعْتِمَادِهِ فِيهِ عَلَى ظَاهِرِ الْيَدِ. وَلَوْ أَقَرَّ مُشْتَرٍ لِمُدَّعٍ مِلْكَ الْمَبِيعِ لَمْ يَرْجِعْ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ وَلَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ عَلَيْهِ بِكَوْنِهِ مِلْكًا لِلْمُقَرِّ لَهُ حَتَّى يُقِيمَ بَيِّنَةً بِهِ وَيَرْجِعَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ، نَعَمْ لَهُ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَيْسَ مِلْكًا لِلْمُقَرِّ لَهُ فَإِنْ أَقَرَّ أَخَذْنَاهُ بِهِ (وَقِيلَ: لَا) يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ (إلَّا إذَا ادَّعَى مِلْكًا سَابِقًا عَلَى الشِّرَاءِ) لِيَنْتَفِيَ احْتِمَالُ الِانْتِقَالِ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ وَانْتِصَارُ الْبُلْقِينِيِّ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ قَبْلَ الْقَاضِي، وَأَنَّ الْأَوَّلَ يَلْزَمُهُ مَحَالٌّ عَظِيمٌ وَهُوَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَأْخُذُ النِّتَاجَ وَالثَّمَرَةَ وَالزَّوَائِدَ الْمُتَّصِلَةَ كُلَّهَا وَهُوَ قَضِيَّةُ صِحَّةِ الْبَيْعِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَأَخَذَ مِنْهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي وَقَوْلُهُ: لِمَسِيسِ أَيْ لِقُوَّةِ (قَوْلُهُ: وَانْتِصَارُ الْبُلْقِينِيِّ) وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ نَقَلَ هَذَا عَنْ الْغَزَالِيِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَذْرَعِيُّ أَنَّ ذَلِكَ مِثْلُ التَّعَرُّضِ لِلْمِلْكِ السَّابِقِ. قَالَ: وَيُشْبِهُ حَمْلَ إطْلَاقِهِمْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَا تُثْبِتُ الْمِلْكَ) قَالَ الدَّمِيرِيِّ: وَإِنْ شِئْت قُلْت لَا تُنْشِئُهُ (قَوْلُهُ: الَّذِي لَمْ يُصَدِّقْهُ) أَيْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى الْأَصْلِ السَّابِقِ) يُعْنَى مَا عُلِمَ مِمَّا قَدَّمَهُ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ لِلْمُدَّعِي بِالْمِلْكِ إلَّا قُبَيْلَ الشَّهَادَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَذْكُرُهُ عَقِبَ هَذَا (قَوْلُهُ: بَلْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ) يَعْنِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ مُطْلَقًا لِأَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ خِلَافًا لِلْقَاضِي صَاحِبِ الْوَجْهِ الْآتِي أَنَّهُ يَرْجِعُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أُسْنِدَتْ لِمَا قَبْلَ الْعَقْدِ أَمْ لِمَا بَعْدَهُ أَمْ لَمْ تُسْنَدْ فَلَا حَاجَةَ لِتَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ الْمُوهِمِ قَصْرَ الرُّجُوعِ عَلَى الصَّحِيحِ عَلَى الْأَخِيرِ، لَكِنْ فِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَى مَا ذُكِرَ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، بَلْ هُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ لِأَجْلِ الْخِلَافِ كَمَا عُلِمَ (قَوْلُهُ: وَأَقَرَّ بِرِقِّهِ) أَيْ أَقَرَّ الْمُشْتَرِي، وَقَوْلُهُ ثُمَّ ادَّعَى حُرِّيَّةَ الْأَصْلِ: أَيْ ادَّعَى الْعَبْدَ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَرَّ مُشْتَرٍ إلَخْ) هَذَا هُوَ عَيْنُ مَا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ مَا لَوْ أَخَذَ مِنْهُ بِإِقْرَارٍ إلَخْ غَيْرَ أَنَّهُ زَادَ هُنَا عَدَمَ سَمَاعِ الدَّعْوَى لِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ حَتَّى يُقِيمَ بَيِّنَةً بِهِ) حَتَّى هُنَا تَعْلِيلِيَّةٌ لَا غَائِيَّةٌ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: فَانْتِصَارُ الْبُلْقِينِيِّ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ هَذَا التَّفْرِيعِ وَهُوَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالْوَاوِ بَدَلَ الْفَاءِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْقَاضِي) أَيْ الْحُسَيْنِ فَهُوَ الَّذِي أَبْدَى هَذَا الْوَجْهَ وَحَمَلَ إطْلَاقَ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْأَوَّلَ) اُنْظُرْ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَاذَا. وَأَعْلَمَ أَنَّ الْغَزَالِيَّ سَبَقَ الْبُلْقِينِيَّ إلَى مَا قَالَهُ حَيْثُ قَالَ: عَجِيبٌ أَنْ يُتْرَكَ فِي يَدِهِ نِتَاجٌ حَصَلَ قَبْلَ الْبَيِّنَةِ وَبَعْدَ الشِّرَاءِ ثُمَّ هُوَ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ اهـ. فَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ إنَّمَا هُوَ إيضَاحٌ لِكَلَامِ الْغَزَالِيِّ. وَأُجِيبَ عَنْهُ أَيْضًا بِأَنَّ أَخْذَ الْمُشْتَرِي لِلْمَذْكُورَاتِ لَا يَقْتَضِي صِحَّةَ الْبَيْعِ، وَإِنَّمَا أَخَذَهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُدَّعَاةً

[فصل في اختلاف المتداعيين في نحو عقد أو إسلام أو عتق]

وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَهُوَ قَضِيَّةُ فَسَادِ الْبَيْعِ، رُدَّ بِمَا مَرَّ مِنْ تَعْلِيلِ الرُّجُوعِ وَالزَّوَائِدِ كَالْعَيْنِ لَا كَالثَّمَنِ، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَوَّلًا أَنَّ حُكْمَهَا غَيْرُ حُكْمِ زَوَائِدِهَا، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَإِلَّا رَجَعَ بِالثَّمَنِ قَطْعًا تَنْزِيلًا لِذَلِكَ مَنْزِلَةَ هَلَاكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ. (وَلَوْ) (ادَّعَى مِلْكًا) لِعَيْنٍ بِيَدِ غَيْرِهِ (مُطْلَقًا) بِأَنْ لَمْ يَذْكُرْ لَهُ سَبَبًا (فَشَهِدُوا لَهُ) بِهِ (مَعَ) ذِكْرِ (سَبَبِهِ) (لَمْ يَضُرَّ) مَا زَادُوهُ فِي شَهَادَتِهِمْ لِأَنَّ سَبَبَهُ تَابِعٌ لَهُ وَهُوَ الْمَقْصُودُ وَقَدْ وَافَقَتْ الْبَيِّنَةُ فِيهِ الدَّعْوَى، نَعَمْ لَا يَكُونُ ذِكْرُهُمْ لِلسَّبَبِ مُرَجَّحًا لِذِكْرِهِمْ لَهُ قَبْلَ الدَّعْوَى بِهِ، فَإِنْ جَدَّدَ الْمُدَّعِي دَعْوَى الْمِلْكِ وَسَبَبَهُ فَشَهِدُوا لَهُ بِذَلِكَ رُجِّحَتْ حِينَئِذٍ (وَإِنْ ذَكَرَ سَبَبًا وَهُمْ سَبَبًا آخَرَ ضَرَّ) فِي شَهَادَتِهِمْ لِمُنَاقَضَتِهَا لِلدَّعْوَى، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا لَوْ قَالَ لَهُ: عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: لَا بَلْ مِنْ ثَمَنِ ثَوْبٍ حَيْثُ لَمْ يَضُرَّ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْإِقْرَارِ الْمُطَابَقَةُ، بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُطَابَقَتِهَا لِلدَّعْوَى. . . [فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ فِي نَحْوِ عَقْدٍ أَوْ إسْلَامٍ أَوْ عِتْقٍ] (فَصْلٌ) فِي اخْتِلَافِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ فِي نَحْوِ عَقْدٍ أَوْ إسْلَامٍ أَوْ عِتْقٍ إذَا اُخْتُلِفَ فِي قَدْرِ مَا اُكْتُرِيَ مِنْ دَارٍ أَوْ أُجْرَتِهِ أَوْ هُمَا كَأَنْ (قَالَ: أَجَّرْتُك الْبَيْتَ) سَنَةَ كَذَا (بِعَشَرَةٍ) مَثَلًا (فَقَالَ: بَلْ) أَجَّرْتَنِي (جَمِيعَ الدَّارِ) الْمُشْتَمِلَةِ عَلَيْهِ (بِالْعَشَرَةِ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا) سَوَاءٌ أُطْلِقَتَا أَمْ إحْدَاهُمَا أَمْ اتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا أَمْ اخْتَلَفَ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ سِوَى عَقْدٍ فَقَطْ فَتَسْقُطَانِ لِمُنَاقَضَتِهِمَا فِي كَيْفِيَّةِ الْعَقْدِ الْوَاحِدِ فَيَتَحَالَفَانِ ثُمَّ يُفْسَخُ الْعَقْدُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَيُفَارِقُ مَا لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَلْفٍ وَأُخْرَى بِأَلْفَيْنِ حَيْثُ ثَبَتَ أَلْفَانِ بِأَنَّهُمَا لَا يَتَنَافَيَانِ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِالْأَلْفِ لَا تَنْفِي الْأَلْفَيْنِ وَهُنَا الْعَقْدُ وَاحِدٌ (وَفِي قَوْلٍ يُقَدَّمُ الْمُسْتَأْجِرُ) لِاشْتِمَالِ بَيِّنَتِهِ عَلَى زِيَادَةِ عِلْمٍ وَهِيَ اكْتِرَاءُ جَمِيعِ الدَّارِ، أَمَّا إذَا اخْتَلَفَ تَارِيخُهُمَا وَلَمْ يَتَّفِقَا عَلَى ذَلِكَ فَتُقَدَّمُ السَّابِقَةُ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ هِيَ الشَّاهِدَةُ بِالْكُلِّ لَغَتْ الثَّانِيَةُ أَوْ بِالْمُبَعَّضِ أَفَادَتْ الثَّانِيَةُ صِحَّةَ الْإِجَارَةِ فِي الْبَاقِي، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَك أَنْ تَقُولَ مَحَلُّ التَّعَارُضِ فِي الْمُطْلَقَتَيْنِ وَفِي الْمُطْلَقَةِ وَالْمُؤَرَّخَةِ إذَا اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا تَعَارُضَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ تَارِيخُ الْمُطْلَقَتَيْنِ مُخْتَلِفًا وَتَارِيخُ الْمُطْلَقَةِ غَيْرُ تَارِيخِ الْمُؤَرَّخَةِ فَيَثْبُتُ الزَّائِدُ بِالْبَيِّنَةِ الزَّائِدَةِ وَيُمْكِنُ رَدُّهُ بِأَنَّ مُجَرَّدَ احْتِمَالِ الِاخْتِلَافِ لَا يُفِيدُ وَإِلَّا لَمْ يُحْكَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ) فِي اخْتِلَافِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ فِي نَحْوِ عَقْدٍ أَوْ إسْلَامٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ أُجْرَتِهِ) أَيْ الْقَدْرِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُفْسَخُ الْعَقْدُ) أَيْ وَيَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْأُجْرَةِ إنْ كَانَ دَفَعَهَا لَهُ وَتَرْجِعُ الدَّارُ لِلْمُؤَجِّرِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَّفِقَا عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ إلَّا عَقْدٌ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: أَفَادَتْ الثَّانِيَةُ صِحَّةَ الْإِجَارَةِ فِي الْبَاقِي) وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَالِكَ الْعَيْنِ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ سِوَى الْعَشَرَةِ، وَعَلَى هَذَا فَمَا مَعْنَى الْعَمَلِ بِسَابِقَةِ التَّارِيخِ مَعَ أَنَّهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إنَّمَا عُمِلَ بِمُتَأَخِّرَةِ التَّارِيخِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْعَمَلِ بِهَا نَفْيُ التَّعَارُضِ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ شَاهِدَةً بِالْكُلِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَصَالَةً وَلَا جُزْءًا مِنْ الْأَصْلِ مَعَ احْتِمَالِ انْتِقَالِهَا إلَيْهِ اهـ: أَيْ فَعَدَمُ الْحُكْمِ بِهَا لِلْمُدَّعِي لِعَدَمِ ادِّعَائِهِ إيَّاهَا وَانْتِفَاءِ كَوْنِهَا جُزْءًا مِنْ مُدَّعَاهُ وَعَدَمُ الْحُكْمِ بِهَا لِلْبَائِعِ لِاحْتِمَالِ الِانْتِقَالِ. . (فَصْلٌ) فِي اخْتِلَافِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ (قَوْلُهُ: فِي قَدْرِ مَا اُكْتُرِيَ مِنْ دَارٍ أَوْ أُجْرَتِهِ أَوْ هُمَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ هُوَ وَلَا الْمُصَنِّفُ إلَّا الْأَوَّلَ فِي التَّصْوِيرِ (قَوْلُهُ: سَنَةَ كَذَا) إنَّمَا قَيَّدَ بِكَذَا لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِدُونِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَالْمُرَادُ سَنَةٌ مُتَّصِلَةٌ بِالْعَقْدِ أَوْ بِمُدَّةٍ مَاضِيَةٍ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: أَوْ بِالْبَعْضِ) أَفَادَتْ الثَّانِيَةُ صِحَّةَ الْإِجَارَةِ فِي الْبَاقِي: أَيْ بِالْقِسْطِ مِنْ الْعَشَرَةِ الثَّانِيَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

بِالتَّعَارُضِ فِي أَكْثَرِ الْمَسَائِلِ، وَقَدْ يُدَّعَى تَأْيِيدُهُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي. وَكَذَا إنْ أُطْلِقَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْعَقْدَ الْمُوجِبَ لِلثَّمَنِ مُتَعَدِّدٌ ثَمَّ يَقِينًا فَسَاعَدَ احْتِمَالُ اخْتِلَافِ الزَّمَنِ فَعَلِمُوا بِهِ لِقُوَّةِ مُسَاعِدِهِ، وَأَمَّا هُنَا فَلَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ مُجَرَّدُ جَوَازِ الِاخْتِلَافِ. (وَلَوْ) (ادَّعَيَا) أَيْ كُلٌّ مِنْ اثْنَيْنِ (شَيْئًا فِي يَدِ ثَالِثٍ) فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لِأَحَدِهِمَا سُلِّمَ لَهُ وَلِلْآخَرِ تَحْلِيفُهُ، إذْ لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَهُ أَيْضًا غَرِمَ لَهُ بَدَلَهُ، وَإِنْ أَنْكَرَ مَا ادَّعَيَاهُ وَلَا بَيِّنَةَ حَلَفَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا وَتُرِكَ فِي يَدِهِ. (وَ) إنْ ادَّعَيَا شَيْئًا عَلَى ثَالِثٍ وَ (أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ) مِنْهُ وَهُوَ يَمْلِكُهُ أَوْ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ (وَوُزِنَ لَهُ ثَمَنُهُ) (فَإِنْ اخْتَلَفَ تَارِيخٌ حُكِمَ لِلْأَسْبَقِ) مِنْهُمَا تَارِيخًا لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ، وَلِأَنَّ الثَّانِيَ اشْتَرَاهُ مِنْ الثَّالِثِ بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ، وَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ عَوْدِهِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ، بَلْ وَالظَّاهِرُ وَيُسْتَثْنَى كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ مَا لَوْ ادَّعَى صُدُورَ الْبَيْعِ الثَّانِي فِي زَمَنِ الْخِيَارِ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِهِ فَتَقَدَّمَ، وَلِلْأَوَّلِ الثَّمَنُ وَمَا لَوْ تَعَرَّضَتْ الْمُتَأَخِّرَةُ لِكَوْنِهِ مِلْكَ الْبَائِعِ وَقْتَ الْبَيْعِ وَشَهِدَتْ الْأُولَى بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ فَتُقَدَّمُ الْمُتَأَخِّرَةُ أَيْضًا، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ وَوُزِنَ لَهُ ثَمَنُهُ مَا لَوْ لَمْ تَذْكُرْهُ، فَإِنْ ذَكَرَتْهُ إحْدَاهُمَا قُدِّمَتْ وَلَوْ مُتَأَخِّرَةً لِأَنَّهَا تَعَرَّضَتْ لِمُوجِبِ التَّسْلِيمِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَخْتَلِفْ تَارِيخُهُمَا بِأَنْ أُطْلِقَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا أَوْ أُرِّخَتَا بِتَارِيخٍ مُتَّحِدٍ (تَعَارَضَتَا) فَتَتَسَاقَطَانِ، ثُمَّ إنْ أَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا فَذَاكَ وَإِلَّا حَلَفَ لِكُلٍّ يَمِينًا وَيَرْجِعَانِ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ لِثُبُوتِهِ بِالْبَيِّنَةِ، وَسُقُوطُهُمَا إنَّمَا هُوَ فِيمَا وَقَعَ فِيهِ التَّعَارُضُ وَهُوَ الْعَقْدُ فَقَطْ، وَمَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَتَعَرَّضَا لِقَبْضِ الْمَبِيعِ وَإِلَّا قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ، وَلَا رُجُوعَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالثَّمَنِ لِأَنَّ الْعَقْدَ قَدْ اسْتَقَرَّ بِالْقَبْضِ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ فِي هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا أَنَّ حُكْمَهَا وَاحِدٌ فِي التَّعَارُضِ وَتُقَدَّمُ الْأَسْبَقُ، وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا خَالَفَ أُسْلُوبَهُمَا الْمُوَهِّمَ لِتُخَالِفْ أَحْكَامِهَا لِأَجْلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSفَالْعَمَلُ بِهَا عَلَى ظَاهِرِهِ لِإِلْغَاءِ الثَّانِيَةِ، وَإِلَّا فَفِي الْحَقِيقَةِ عُمِلَ بِمَجْمُوعِ الْبَيِّنَتَيْنِ، وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْأُولَى وَافَقَتْهَا عَلَيْهِ الثَّانِيَةُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُدَّعَى تَأْيِيدُهُ) أَيْ الرَّدِّ (قَوْلُهُ: فِي زَمَنِ الْخِيَارِ) أَيْ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) أَيْ التَّعَارُضِ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ فِي هَذِهِ) هِيَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ ادَّعَيَا إلَخْ، وَمَا قَبْلَهَا هِيَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ قَالَ: أَجَّرْتُك الْبَيْتَ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مُتَعَدِّدٌ ثَمَّ يَقِينًا) أَيْ بِمُقْتَضَى الْبَيِّنَتَيْنِ لِأَنَّ الْعَقْدَ الصَّادِرَ مِنْ أَحَدِ الْمُدَّعِيَيْنِ غَيْرُ الصَّادِرِ مِنْ الْآخَرِ يَقِينًا، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ الْعَاقِدَ وَاحِدٌ فَجَازَ اتِّحَادُ الْعَقْدِ وَتَعَدُّدُهُ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا نَازَعَ بِهِ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ فِي الْجَوَابِ الْمَذْكُورِ، وَلَعَلَّهُ نَظَرَ إلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ، وَلَوْ نَظَرْنَا إلَيْهِ لَاحْتَمَلَ انْتِفَاءَ الْعَقْدِ بِالْكُلِّيَّةِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ ادَّعَيَا شَيْئًا عَلَى ثَالِثٍ) إنَّمَا عَدَلَ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي يَدِ ثَالِثٍ إلَى مَا قَالَهُ لِيَشْمَلَ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الْبَائِعِ كَمَا سَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَمْلِكُهُ أَوْ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ) هَذَا إنَّمَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ بِيَدِ غَيْرِ مَنْ يَدَّعِي عَلَيْهِ الْبَيْعَ، أَمَّا إذَا كَانَ فِي يَدِهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذَلِكَ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَإِنْ أَوْهَمَ صَنِيعُ الشَّارِحِ اشْتِرَاطَهُ مُطْلَقًا عَلَى أَنَّهُ تَقَدَّمَ لَهُ فِي الْفَصْلِ الْمَارِّ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ مُطْلَقًا كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ ثَمَّ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ حُكْمٌ لِلْأَسْبَقِ) أَيْ وَلَا يَأْتِي هُنَا مَا قَدَّمَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ مِنْ أَنَّ مَحَلَّهَا إنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ سِوَى عَقْدٍ وَاحِدٍ، إذْ الصُّورَةُ أَنَّ الْعَاقِدَ مُخْتَلِفٌ، فَلَا يَتَأَتَّى اتِّحَادُ الْعَقْدِ، فَمَا وَقَعَ لِلشِّهَابِ ابْنِ قَاسِمٍ هُنَا سَهْوٌ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ لَمْ تَذْكُرْهُ) سَكَتَ عَنْ حُكْمِهِ، وَظَاهِرُ مِمَّا بَعْدَهُ أَنَّ الْحُكْمَ عَدَمُ صِحَّةِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ إذْ لَا إلْزَامَ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ وَلَا رُجُوعَ إلَخْ) كَانَ الْأَصْوَبَ وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُمَّ إنْ كَانَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَاوَرْدِيَّ جَعَلَ فِي حَالَةِ التَّعَارُضِ أَرْبَعَ حَالَاتٍ. لِأَنَّ الْعَيْنَ إمَّا أَنْ تَكُونَ فِي يَدِ الْبَائِعِ أَوْ يَدِ أَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ أَوْ فِي يَدِهِمَا أَوْ فِي يَدِ أَجْنَبِيٍّ، إلَى أَنْ قَالَ: الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا، ثُمَّ ذَكَرَ فِيهَا وَجْهَيْنِ مَبْنِيَّيْنِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي التَّرْجِيحِ بِيَدِ الْبَائِعِ إذَا صَدَقَ أَحَدُهُمَا، قَالَ: فَإِنْ رَجَّحْنَاهُ بِيَدِهِ وَبَيِّنَتِهِ: أَيْ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ أَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا فَذَاكَ رَجَعَ الْآخَرُ بِالثَّمَنِ الَّذِي شَهِدَتْ بَيِّنَتُهُ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ، فَمَا ذَكَرَهُ

الْخِلَافِ، وَيُجْرَى ذَلِكَ فِي قَوْلِ وَاحِدٍ اشْتَرَيْتُهَا مِنْ زَيْدٍ، وَآخَرَ اشْتَرَيْتُهَا مِنْ عَمْرٍو عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ كَذَلِكَ فَيَتَعَارَضَانِ وَيُصَدَّقُ مِنْ الْعَيْنِ فِي يَدِهِ فَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ يُقِرُّ. (وَلَوْ) (قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ الْمُتَدَاعِيَيْنِ وَالْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: (بِعْتُكَهُ بِكَذَا) وَهُوَ مِلْكِي، فَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ فَأَنْكَرَ (وَأَقَامَاهُمَا) أَيْ الْبَيِّنَتَيْنِ بِمَا قَالَاهُ وَطَالَبَاهُ بِالثَّمَنِ (فَإِذَا اتَّحَدَا تَارِيخُهُمَا تَعَارَضَتَا) وَتَسَاقَطَتَا لِامْتِنَاعِ كَوْنِهِ مِلْكًا فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَحْدَهُ، فَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ، وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ قُضِيَ لَهُ وَحَلَفَ لِلْآخَرِ (وَإِنْ) (اخْتَلَفَ) تَارِيخُهُمَا (لَزِمَهُ الثَّمَنَانِ) لِأَنَّ التَّنَافِيَ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَالْجَمْعُ مُمْكِنٌ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا زَمَانٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ ثُمَّ الِانْتِقَالُ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ الثَّانِي ثُمَّ الْعَقْدُ الثَّانِي، فَلَوْ عَيَّنَ الشُّهُودُ زَمَنًا لَا يَتَأَتَّى فِيهِ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْ الثَّمَنَانِ وَيَحْلِفُ حِينَئِذٍ لِكُلٍّ (وَكَذَا) يَلْزَمُهُ الثَّمَنَانِ (إنْ أُطْلِقَتَا أَوْ) أُطْلِقَتْ (إحْدَاهُمَا) وَأُرِّخَتْ الْأُخْرَى (فِي الْأَصَحِّ) لِاحْتِمَالِ اخْتِلَافِ الزَّمَنِ، وَحَيْثُ أَمْكَنَ الِاسْتِعْمَالُ لَمْ يُحْكَمْ بِالْإِسْقَاطِ وَالثَّانِي أَنَّهُمَا كَمُتَّحِدَتَيْ التَّارِيخِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الْمُشْتَرِي فَلَا يُؤْخَذُ إلَّا بِالْيَقِينِ، وَفَارَقَتْ هَذِهِ مَا قَبْلَهَا بِأَنَّ الْعَيْنَ تُضَيَّقُ عَنْ حَقِّهِمَا مَعًا فَتَعَارَضَتَا، وَالْقَصْدُ هُنَا الثَّمَنَانِ وَالذِّمَّةُ لَا تُضَيَّقُ عَنْهُمَا فَوَجَبَا، وَشَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ كَهِيَ عَلَى الْبَيْعَيْنِ فِيمَا ذَكَرَهُ. وَنَقَلَ فِي الْأَنْوَارِ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ بِأَنَّهُ بَاعَ عَاقِلًا وَآخَرَانِ بِأَنَّهُ مَجْنُونٌ ذَلِكَ الْيَوْمَ عُمِلَ بِالْأَوْلَى، أَوْ بِأَنَّهُ بَاعَ مَجْنُونًا قُدِّمَا، وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي نَحْوُهُ، وَهُوَ لَوْ قَالَتْ بَيِّنَةٌ: إنَّهُ أَقَرَّ بِكَذَا يَوْمٍ كَذَا فَقَالَتْ أُخْرَى: كَانَ مَجْنُونًا ذَلِكَ الْوَقْتَ قُدِّمَتْ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ، وَقَيَّدَهُ الْبَغَوِيّ بِمَنْ لَمْ يُعْرَفْ أَنَّهُ يُجَنُّ وَقْتًا وَيُفِيقُ وَقْتًا وَإِلَّا تَعَارَضَتَا. (وَلَوْ) (مَاتَ) شَخْصٌ (عَنْ ابْنَيْنِ مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ فَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا: مَاتَ عَلَى دِينِي) فَأَرِثُهُ وَلَا بَيِّنَةَ (فَإِنْ عُرِفَ أَنَّهُ كَانَ نَصْرَانِيًّا صُدِّقَ النَّصْرَانِيُّ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ كُفْرِهِ (وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ مُطْلَقَتَيْنِ) بِمَا قَالَاهُ (قُدِّمَ الْمُسْلِمُ) لِاخْتِصَاصِهَا بِمَزِيدِ عِلْمٍ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ مِنْ النَّصْرَانِيَّةِ إلَى الْإِسْلَامِ وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحِبَةٌ لَهَا، وَكَذَا كُلُّ مُسْتَصْحِبَةٍ وَنَاقِلَةٍ، وَمِنْهُ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْجَرْحِ عَلَى بَيِّنَةِ التَّعْدِيلِ عَلَى مَا مَرَّ (وَإِنْ قَيَّدَتْ) إحْدَاهُمَا (أَنَّ آخِرَ كَلَامِهِ إسْلَامٌ) أَيْ كَلِمَتُهُ وَهِيَ الشَّهَادَةُ (وَعَكَسَتْهُ الْأُخْرَى) فَقَيَّدَتْ أَنَّ آخِرَ كَلَامِهِ النَّصْرَانِيَّةُ كَثَالِثِ ثَلَاثَةٍ (تَعَارَضَتَا) وَتَسَاقَطَتَا لِتَنَاقُضِهِمَا لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ مَوْتُهُ عَلَيْهِمَا فَيَحْلِفُ النَّصْرَانِيُّ، وَكَذَا لَوْ قُيِّدَتْ بَيِّنَتُهُ فَقَطْ، وَقَيَّدَ الْبُلْقِينِيُّ التَّعَارُضَ بِمَا إذَا قَالَتْ: كُلٌّ آخِرُ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا وَمَكَثَا عِنْدَهُ إلَى أَنْ مَاتَ. وَأَمَّا إذَا اقْتَصَرَتْ عَلَى آخِرِ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا فَلَا تَعَارُضَ فِيهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ كُلًّا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَفَارَقَتْ هَذِهِ) هِيَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَخْ وَقَبِلَهَا هِيَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ ادَّعَيَا عَيْنًا فِي يَدِ ثَالِثٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقُدِّمَ الْمُسْلِمُ) أَيْ بَيِّنَتُهُ (قَوْلُهُ: فَلَا تَعَارُضَ فِيهِ) أَيْ وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّارِحُ حَالَةٌ مِنْ تِلْكَ الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ، وَيَكُونُ مَحَلُّ قَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ فِيهَا رَجَعَ الْآخَرُ بِالثَّمَنِ مَا إذَا لَمْ تَتَعَرَّضْ بَيِّنَتُهُ لِقَبْضِ الْمَبِيعِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مِثْلَهَا فِي ذَلِكَ غَيْرُهَا مِنْ بَقِيَّةِ الْحَالَاتِ، لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَإِلَّا مِنْ قَوْلِهِ وَإِلَّا قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ شَامِلٌ لِمَا إذَا تَعَرَّضَ كُلٌّ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ لِقَبْضِ الْمَبِيعِ، وَمَا إذَا تَعَرَّضَتْ لَهُ إحْدَاهُمَا فَقَطْ، مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَا رُجُوعَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالثَّمَنِ خَاصٌّ بِمَا إذَا تَعَرَّضَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِذَلِكَ وَإِلَّا اُخْتُصَّ عَدَمُ الرُّجُوعِ بِمَنْ تَعَرَّضَتْ بَيِّنَتُهُ لِذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا مَرَّ، وَمَرَّ فِي كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّ مَنْ الْعَيْنُ فِي يَدِهِ لَا رُجُوعَ لَهُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: فَقَالَتْ أُخْرَى كَانَ مَجْنُونًا ذَلِكَ الْوَقْتَ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: إنْ أُرِيدَ وَقْتُ الْإِقْرَارِ كَانَ نَحْوَ مَا مَرَّ عَنْ الْقَفَّالِ كَمَا قَالَ، لَكِنْ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْيِيدِ الْبَغَوِيّ الْمَذْكُورِ، وَإِنْ أُرِيدَ بِالْوَقْتِ يَوْمُ الْإِقْرَارِ فَلَيْسَ نَحْوَ مَا مَرَّ عَنْ الْقَفَّالِ بَلْ الْمُوَافِقُ لَهُ حِينَئِذٍ تَقْدِيمُ الْأَوَّلِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ قُيِّدَتْ بَيِّنَتُهُ) هُوَ كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ بِهَاءِ الضَّمِيرِ، لَكِنَّ عِبَارَةَ الرَّوْضَةِ بَيِّنَةٌ بِلَا هَاءٍ

اعْتَمَدَتْ مَا سَمِعَتْهُ مِنْهُ قَبْلَ ذَهَابِهَا عَنْهُ ثُمَّ اُسْتُصْحِبَ حَالُهُ بَعْدَهَا، وَلَوْ قَالَتْ بَيِّنَةُ إسْلَامٍ عَلِمْنَا تَنَصُّرَهُ ثُمَّ إسْلَامَهُ قُدِّمَتْ قَطْعًا، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ هُنَا بِمُطْلَقِ الْإِسْلَامِ وَالتَّنَصُّرِ إلَّا مِنْ فَقِيهٍ مُوَافِقٍ لِلْحَاكِمِ كَمَا مَرَّ فِي نَظِيرِهِ، فَقَدْ قَالُوا: يُشْتَرَطُ فِي بَيِّنَةِ النَّصْرَانِيِّ أَنْ تُفَسِّرَ كَلِمَةَ التَّنَصُّرِ، وَفِي وُجُوبِ تَفْسِيرِ بَيِّنَةِ الْمُسْلِمِ كَلِمَةَ الْإِسْلَامِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا نَعَمْ، لَا سِيَّمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الشَّاهِدُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَوْ كَانَ مُخَالِفًا لِلْقَاضِي فِيمَا يُسْلِمُ بِهِ الْكَافِرُ (وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ دِينَهُ وَأَقَامَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (بَيِّنَةَ أَنَّهُ مَاتَ عَلَى دِينِهِ تَعَارَضَتَا) أَطْلَقَتَا أَمْ قَيَّدَتَا لَفْظَهُ عِنْدِ الْمَوْتِ لِاسْتِحَالَةِ أَعْمَالِهِمَا، فَإِنْ قَيَّدَتْ وَاحِدَةٌ وَأَطْلَقَتْ الْأُخْرَى اُتُّجِهَ تَعَارُضُهُمَا وَإِذَا تَعَارَضَتَا وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا وَحَلَفَ كُلٌّ لِلْآخَرِ يَمِينًا وَالْمَالُ بِيَدِهِمَا أَوْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا تَقَاسَمَاهُ نِصْفَيْنِ إذْ لَا مُرَجِّحَ، أَوْ بِيَدِ غَيْرِهِمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، ثُمَّ التَّعَارُضُ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِنَحْوِ الْإِرْثِ، بِخِلَافِ نَحْوِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَتَجْهِيزِهِ كَمُسْلِمٍ وَدَفْنِهِ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَقُولُ الْمُصَلِّي عَلَيْهِ فِي النِّيَّةِ وَالدُّعَاءِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وُجُوبُ هَذَا الْقَوْلِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ التَّعَارُضَ هُنَا صَيَّرَهُ مَشْكُوكًا فِي دِينِهِ فَصَارَ كَالِاخْتِلَاطِ السَّابِقِ فِي الْجَنَائِزِ، وَلَوْ قَالَتْ بَيِّنَةٌ مَاتَ فِي شَوَّالٍ وَأُخْرَى فِي شَعْبَانَ قُدِّمَتْ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ مَا لَمْ تَقُلْ الْأُولَى رَأَيْتُهُ حَيًّا فِي شَوَّالٍ وَإِلَّا قُدِّمَتْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، أَوْ بَرِيءَ مِنْ مَرَضِهِ الَّذِي تَبَرَّعَ فِيهِ وَأُخْرَى مَاتَ مِنْهُ قُدِّمَتْ الْأُولَى عَلَى الْأَوْجَهِ خِلَافًا لِابْنِ الصَّلَاحِ حَيْثُ ذَهَبَ إلَى التَّعَارُضِ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ. (وَلَوْ) (مَاتَ نَصْرَانِيٌّ عَنْ ابْنَيْنِ مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ فَقَالَ الْمُسْلِمُ: أَسْلَمْت بَعْدَ مَوْتِهِ فَالْمِيرَاثُ بَيْنَنَا فَقَالَ النَّصْرَانِيُّ: بَلْ) أَسْلَمْت (قَبْلَهُ) فَلَا إرْثَ لَك (صُدِّقَ الْمُسْلِمُ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُهُ عَلَى دِينِهِ فَيَحْلِفُ وَيَرِثُ وَمِثْلُهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَحَذَفَا لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا ذُكِرَ الْمُفْهِمُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي تَصْدِيقِ الْمُسْلِمِ بَيْنَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى وَقْتِ مَوْتِ الْأَبِ وَعَدَمِهِ مَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى مَوْتِ الْأَبِ فِي رَمَضَانَ وَقَالَ الْمُسْلِمُ: أَسْلَمْت فِي شَوَّالٍ وَالنَّصْرَانِيُّ فِي شَعْبَانَ (وَإِنْ أَقَامَاهُمَا) أَيْ الْبَيِّنَتَيْنِ بِمَا قَالَاهُ (قُدِّمَ النَّصْرَانِيُّ) لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ نَاقِلَةٌ وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحِبَةٌ لِدِينِهِ فَمَعَ الْأَوَّلِ زِيَادَةُ عِلْمٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ) قَدْ يُقَالُ: هَذَا لَا يَتَأَتَّى مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا مُسْلِمٌ وَنَصْرَانِيٌّ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ نَصْرَانِيَّةِ أَحَدِهِمَا نَصْرَانِيَّةُ الْأَبِ، وَقَدْ يُصَوَّرُ ذَلِكَ بِأَنْ يَدَّعِيَ كُلٌّ مِنْ اثْنَيْنِ عَلَى شَخْصٍ أَنَّهُ أَبُوهُمَا وَيُصَدِّقُهُمَا فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ:) أَيْ فِي أَنَّهُ لِأَحَدِ الْمُدَّعِيَيْنِ. (قَوْلُهُ: بَلْ أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ) وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمَعِيَّةَ كَالْقَبْلِيَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهِيَ الْأَصْوَبُ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ هُنَا) يَعْنِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ قُيِّدَتْ أَنَّ آخِرَ كَلَامِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَقَدْ قَالُوا إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: ثُمَّ رَأَيْتهمْ قَالُوا يُشْتَرَطُ فِي بَيِّنَةِ النَّصْرَانِيَّةِ أَنْ تُفَسِّرَ كَلِمَةَ التَّنَصُّرِ وَفِي وُجُوبِ تَفْسِيرِ بَيِّنَةِ الْمُسْلِمِ كَلِمَةَ الْإِسْلَامِ وَجْهَانِ. وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْأَذْرَعِيُّ عَدَمَ الْوُجُوبِ عَنْ جَمْعٍ، ثُمَّ رَجَّحَ الْوُجُوبَ سِيَّمَا مِنْ شَاهِدٍ جَاهِلٍ أَوْ مُخَالِفٍ لِلْقَاضِي انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ النَّصْرَانِيِّ وَالْمُسْلِمِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ السِّيَاقِ، وَانْظُرْ مَا صُورَةُ ابْنٍ نَصْرَانِيٍّ وَأَبٍ لَا يُعْرَفُ دِينُهُ (قَوْلُهُ: تَقَاسَمَاهُ نِصْفَيْنِ) قَالَ الزِّيَادِيُّ: وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذَكَرًا وَالْآخَرُ أُنْثَى اهـ: أَيْ مَعَ أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ مُدَّعِي الْأُنْثَى لَمْ تَأْخُذْ سِوَى النِّصْفِ، وَهَذَا نَظِيرُ مَا ذَكَرُوهُ فِيمَا لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَيْنًا وَآخَرُ نِصْفَهَا وَهِيَ فِي يَدِهِمَا وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ حَيْثُ تَبْقَى لَهُمَا نِصْفَيْنِ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) أَيْ فِي أَنَّهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِأَحَدِهِمَا كَذَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ، وَقَدْ قَيَّدَهُ فِي الْأَنْوَارِ بِأَنَّهُ يَدَّعِيهِ الْغَيْرُ لِنَفْسِهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَحْوِ الصَّلَاةِ) أَيْ فَإِنَّهُ يُجْعَلُ فِيهِ كَمُسْلِمٍ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَتْ بَيِّنَةٌ مَاتَ فِي شَوَّالٍ إلَخْ) لَا يَظْهَرُ لِوَضْعِ هَذَا هُنَا مَحَلٌّ بَلْ هُوَ عَيْنُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ عَلَى بَيِّنَتِهِ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ فَرَضَهَا فِي صُورَةٍ خَاصَّةٍ، عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ هُنَا مَا لَمْ تَقُلْ الْأُولَى رَأَيْته حَيًّا إلَخْ نَاقَضَهُ فِي شَرْحِ الْمَتْنِ الَّذِي أَشَرْنَا إلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ) عِلَّةٌ لِلْأَوْجَهِ. (قَوْلُهُ: الْمُفْهِمُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ حَيْثُ كَانَ ذَلِكَ مَفْهُومًا مِنْ إطْلَاقِ الْمَتْنِ فَهُوَ مِنْ مَشْمُولَاتِهِ وَمِنْ أَفْرَادِهِ فَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَتْنِ بِحَيْثُ إنَّهُ لَوْ ذَكَرَهُ ثَانِيًا كَانَ تَكْرِيرًا فَلَا يَنْبَغِي هَذَا الصَّنِيعُ الْمُوهِمُ خِلَافَ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ.

وَتَقْيِيدُ الْبُلْقِينِيِّ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ تَقُلْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ عَلِمْنَا تَنَصُّرَهُ حَالَةَ مَوْتِ أَبِيهِ وَبَعْدَهُ وَلَمْ تَسْتَصْحِبْ فَإِنْ قَالَتْ ذَلِكَ قُدِّمَتْ وَإِلَّا لَزِمَ الْحُكْمُ بِرِدَّتِهِ عِنْدَ مَوْتِ أَبِيهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الرِّدَّةِ مَحَلُّ نَظَرٍ، وَالْأَوْجَهُ قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي فِي رَأَيْنَاهُ حَيًّا فِي شَوَّالٍ التَّعَارُضُ فَيَحْلِفُ الْمُسْلِمُ. (فَلَوْ) (اتَّفَقَا) أَيْ الِابْنَانِ (عَلَى إسْلَامِ الِابْنِ فِي رَمَضَانَ وَقَالَ الْمُسْلِمُ: مَاتَ الْأَبُ فِي شَعْبَانَ وَقَالَ النَّصْرَانِيُّ) : مَاتَ (فِي شَوَّالٍ) (صُدِّقَ النَّصْرَانِيُّ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ (وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ عَلَى بَيِّنَتِهِ) إنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ مِنْ الْحَيَاةِ إلَى الْمَوْتِ فِي شَعْبَانَ وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحِبَةٌ الْحَيَاةَ إلَى شَوَّالٍ، نَعَمْ إنْ قَالَتْ: رَأَيْنَاهُ حَيًّا فِي شَوَّالٍ تَعَارَضَتَا كَمَا قَالَاهُ فَيَحْلِفُ النَّصْرَانِيُّ كَمَا مَرَّ أَمَّا إذَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى وَقْتِ الْإِسْلَامِ فَيُصَدَّقُ الْمُسْلِمُ كَمَا مَرَّ لِأَصْلِ بَقَائِهِ عَلَى دِينِهِ وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيِّ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ مَا لَمْ تَقُلْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ عَايَنَّا الْأَبَ مَيِّتًا قَبْلَ إسْلَامِهِ فَيَتَعَارَضَانِ،. وَلَوْ مَاتَ عَنْ أَوْلَادٍ وَأَحَدُهُمْ عَنْ وَلَدٍ صَغِيرٍ فَوَضَعُوا أَيْدِيَهُمْ عَلَى الْمَالِ فَلَمَّا كَمُلَ ادَّعَى بِمَالِ أَبِيهِ وَبِإِرْثِ أَبِيهِ مِنْ جَدِّهِ فَقَالُوا: مَاتَ أَبُوك فِي حَيَاةِ أَبِيهِ، فَإِنْ كَانَ ثَمَّ بَيِّنَةٌ عُمِلَ بِهَا وَإِلَّا فَإِنْ اتَّفَقَ هُوَ وَهُمْ عَلَى وَقْتِ مَوْتِ أَحَدِهِمَا وَاخْتَلَفَ فِي أَنَّ الْآخَرَ مَاتَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ حَلَفَ مَنْ قَالَ بَعْدَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ دَوَامُ الْحَيَاةِ وَإِلَّا صُدِّقَ فِي مَالِ أَبِيهِ وَهُمْ فِي مَالِ أَبِيهِمْ فَلَا يَرِثُ الْجَدُّ مِنْ ابْنِهِ وَعَكْسُهُ، فَإِذَا حَلَفَا أَوْ نَكَلَا جُعِلَ مَالُ أَبِيهِ لَهُ وَمَالُ الْجَدِّ لَهُمْ. (وَلَوْ) (مَاتَ عَنْ أَبَوَيْنِ كَافِرَيْنِ وَابْنَيْنِ مُسْلِمَيْنِ) بَالِغَيْنِ (فَقَالَ كُلٌّ) مِنْ الْفَرِيقَيْنِ (مَاتَ عَلَى دِينِنَا) (صُدِّقَ الْأَبَوَانِ بِالْيَمِينِ) لِأَنَّ الْوَلَدَ مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ فِي الِابْتِدَاءِ تَبَعًا لَهُمَا فَيُسْتَصْحَبُ حَتَّى يَعْلَمَ خِلَافَهُ (وَفِي قَوْلٍ يُوقَفُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَوْ يَصْطَلِحُوا) لِتَسَاوِي الْحَالَيْنِ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَإِسْلَامِهِ وَكُفْرِهِ لِأَنَّا إنَّمَا نَحْكُمُ بِالتَّبَعِيَّةِ فِي صِغَرِهِ فَأَمَّا إذَا بَلَغَ فَلَا قَالَ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ: وَهَذَا أَرْجَحُ دَلِيلًا، لَكِنْ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْأَصْحَابِ الْأَوَّلُ. أَمَّا عَكْسُ ذَلِكَ بِأَنْ عُرِفَ لِلْأَبَوَيْنِ كُفْرٌ سَابِقٌ وَقَالَا: أَسْلَمْنَا قَبْلَ بُلُوغِهِ أَوْ أَسْلَمَ هُوَ أَوْ بَلَغَ بَعْدَ إسْلَامِنَا وَأَنْكَرَ الِابْنَانِ وَلَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى وَقْتِ الْإِسْلَامِ فِي الثَّالِثَةِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ الِابْنَانِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْكُفْرِ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لِلْأَبَوَيْنِ كُفْرٌ أَوْ اتَّفَقُوا عَلَى وَقْتِ الْإِسْلَامِ فِي الثَّالِثَةِ صُدِّقَ الْأَبَوَانِ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الصِّبَا. وَلَوْ شَهِدَتْ بِأَنَّ هَذَا لَحْمُ مُذَكَّاةٍ أَوْ لَحْمُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: تَعَارَضَتَا) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ، وَلَوْ قَالَتْ بَيِّنَةٌ مَاتَ فِي شَوَّالٍ وَأُخْرَى فِي شَعْبَانَ حَيْثُ ذُكِرَ ثُمَّ فِي نَظِيرِهَا أَنَّهُ تُقَدَّمُ الْمُؤَرِّخَةُ بِشَوَّالٍ حَيْثُ قَالَتْ عَلِمْنَاهُ حِينَئِذٍ حَيًّا (قَوْلُهُ: وَفِي قَوْلٍ يُوقَفُ) أَيْ الْأَمْرُ (قَوْلُهُ: فِي الثَّالِثَةِ) هِيَ قَوْلُهُ: أَوْ بَلَغَ بَعْدَ إسْلَامِنَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَهِدَتْ) أَيْ الْبَيِّنَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ قَالَتْ رَأَيْنَاهُ حَيًّا فِي شَوَّالٍ تَعَارَضَتَا إلَخْ) تَقَدَّمَ لَهُ اعْتِمَادُ تَقْدِيمِ الشَّهَادَةِ بِالْمَوْتِ فِي شَوَّالٍ حِينَئِذٍ كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الَّذِي يَجِبُ نِسْبَةُ اعْتِمَادِهِ لِلشَّارِحِ مَا هُنَا إذْ مِنْ الْمُرَجِّحَاتِ ذِكْرُ الشَّيْءِ فِي مَحَلِّهِ، وَلِأَنَّهُ جَعَلَ مَا هُنَا أَصْلًا، وَقَاسَ عَلَيْهِ مَا اسْتَوْجَهَهُ قَرِيبًا رَدَّا عَلَى الْبُلْقِينِيِّ فِي شَرْحِ الْمَتْنِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا، وَلِقَاعِدَةِ الْعَمَلِ بِآخِرِ قَوْلَيْ الْمُجْتَهِدِ وَإِنْ ذَكَرَ فِي الْأَوَّلِ مَا يُشْعِرُ بِاعْتِمَادِهِ كَمَا مَرَّ بَيَانُ ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْخُطْبَةِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ لِلشَّارِحِ هُنَاكَ، عَلَى أَنَّ مَا اعْتَمَدَهُ فِيمَا مَرَّ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ مُسْتَنَدٌ، فَإِنَّ حَاصِلَ مَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ إمَامَ الْحَرَمَيْنِ اعْتَرَضَ الْأَصْحَابَ فِي إطْلَاقِ تَقْدِيمِ بَيِّنَةِ الْمُسْلِمِ بِأَنَّ بَيِّنَةَ النَّصْرَانِيِّ تُثْبِتُ الْحَيَاةَ فِي شَعْبَانَ لِأَنَّهَا تَشْهَدُ عَلَى الْمَوْتِ فِي شَوَّالٍ، وَالْمَوْتُ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ حَيَاةٍ وَالْحَيَاةُ صِفَةٌ ثَابِتَةٌ يُشْهَدُ عَلَيْهَا كَالْمَوْتِ، قَالَ: فَلْيَحْكُمْ بِتَعَارُضِهِمَا. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالْوَجْهُ أَنْ تُرَاعَى كَيْفِيَّةُ الشَّهَادَةِ، فَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْبَيِّنَةُ فَتُرَجَّحُ الَّتِي تُنْقَلُ، وَإِنْ شَهِدْت بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيِّ بِأَنَّهُمْ عَايَنُوهُ حَيًّا فِي شَوَّالٍ تَعَارَضَتَا، فَمَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ فِيمَا مَرَّ لَا يُوَافِقُ إطْلَاقَ الْأَصْحَابِ وَلَا تَفْصِيلَ الشَّيْخَيْنِ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ مُرَجِّحٌ آخَرُ لِلتَّعَارُضِ وَهُوَ مُوَافَقَةُ الشَّيْخَيْنِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: عَمَلًا بِالظَّاهِرِ) أَيْ فِي الْأُولَى، وَقَوْلُهُ

حَلَالٍ وَعَكَسَتْ أُخْرَى قُدِّمَتْ الْأُولَى أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُسْلِمِ فِيمَا لَوْ جَاءَ الْمُسْلِمُ إلَيْهِ بِلَحْمٍ بِصِفَاتِ السَّلَمِ وَقَالَ هُوَ مُذَكًّى وَقَالَ الْمُسْلِمُ: هَذَا لَحْمُ مَيْتَةٍ فَلَا يَلْزَمُنِي قَبُولُهُ لِأَنَّ اللَّحْمَ فِي الْحَيَاةِ مُحَرَّمُ الْأَكْلِ فَيُسْتَصْحَبُ حَتَّى تُعْلَمَ ذَكَاتُهُ، فَعُلِمَ أَنَّ الْأُولَى نَاقِلَةٌ عَنْ الْأَصْلِ فَقُدِّمَتْ، وَيُتَّجَهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - التَّعَارُضُ فِي بَيِّنَةٍ شَهِدَتْ بِالْإِفْضَاءِ وَأُخْرَى بِعَدَمِهِ وَلَمْ يَمْضِ بَيْنَهُمَا مَا يُمْكِنُ فِيهِ الِالْتِئَامُ وَإِنْ بَحَثَ بَعْضُهُمْ تَقْدِيمَ الْأُولَى لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا بِالنَّقْلِ عَنْ الْأَصْلِ لِأَنَّ الشَّاهِدَةَ بِعَدَمِهِ مُعَارِضَةٌ لِمُثْبِتِهِ فَالْعَمَلُ بَعْدَ التَّعَارُضِ عَلَى الْأَصْلِ وَهُوَ عَدَمُ الْإِفْضَاءِ. (وَلَوْ) (شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ) أَيْ الَّذِي مَاتَ فِيهِ (سَالِمًا وَأُخْرَى) أَنَّهُ أَعْتَقَ فِيهِ (غَانِمًا وَكُلُّ وَاحِدٍ ثُلُثَ مَالِهِ) وَلَمْ تَجُزْ الْوَرَثَةُ (فَإِنْ اخْتَلَفَ تَارِيخٌ) لِلْبَيِّنَتَيْنِ (قُدِّمَ الْأَسْبَقُ) لِأَنَّ التَّبَرُّعَاتِ الْمُنْجَزَةَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ يُقَدَّمُ مِنْهَا الْأَسْبَقُ فَالْأَسْبَقُ كَمَا مَرَّ وَلِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ (وَإِنْ اتَّحَدَ) التَّارِيخُ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا لِعَدَمِ الْمَزِيَّةِ لِأَحَدِهِمَا، نَعَمْ إنْ اتَّحَدَ بِمُقْتَضَى تَعْلِيقٍ وَتَنْجِيزٍ كَإِنْ أَعْتَقْتُ سَالِمًا فَغَانِمٌ حُرٌّ ثُمَّ أَعْتَقَ سَالِمًا فَيُعْتَقُ غَانِمٌ مَعَهُ بِنَاءً عَلَى تَقَارُنِ الشَّرْطِ وَالْمَشْرُوطِ وَهُوَ الْأَصَحُّ تَعَيَّنَ السَّابِقُ بِلَا إقْرَاعٍ لِأَنَّهُ الْأَقْوَى وَالْمُقَدَّمُ فِي الرُّتْبَةِ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ أَطْلَقَتَا) أَوْ إحْدَاهُمَا (قِيلَ: يُقْرَعُ) بَيْنَهُمَا لِاحْتِمَالِ الْمَعِيَّةِ وَالتَّرْتِيبِ (وَقِيلَ فِي قَوْلٍ: يُعْتَقُ مِنْ كُلٍّ نِصْفُهُ قُلْت: الْمَذْهَبُ يُعْتَقُ مِنْ كُلٍّ نِصْفُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِاسْتِوَائِهِمَا وَالْقُرْعَةُ مُمْتَنِعَةٌ إذْ لَوْ أَقْرَعْنَا لَمْ نَأْمَنْ خُرُوجَ الرِّقِّ عَلَى السَّابِقِ مَعَ أَنَّ لَهُ حَقَّ الْحُرِّيَّةِ فَيَلْزَمُهُ إرْقَاقُ حُرٍّ وَتَحْرِيرُ رَقِيقٍ فَوَجَبَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ الْعَدْلُ، وَلَا نَظَرَ لِلُزُومِ ذَلِكَ فِي النِّصْفِ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ مِنْهُ فِي الْكُلِّ. (وَلَوْ) (شَهِدَ أَجْنَبِيَّانِ أَنَّهُ أَوْصَى بِعِتْقٍ سَالِمٍ وَهُوَ ثُلُثُهُ) أَيْ ثُلُثُ مَالِهِ (وَوَارِثَانِ) (حَائِزَانِ) أَوْ غَيْرُ حَائِزَيْنِ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِمَا لِمَا بَعْدَهُ (أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ وَوَصَّى بِعِتْقٍ غَانِمٍ وَهُوَ ثُلُثُهُ ثَبَتَتْ) الْوَصِيَّةُ الثَّانِيَةُ (لِغَانِمٍ) لِأَنَّهُمَا أُثْبِتَا لِلرُّجُوعِ عَنْهُ بَدَلًا مُسَاوِيًا فَلَا تُهْمَةَ وَكَوْنُ الثَّانِي أَهْدَى لِجَمْعٍ الْمَالَ الَّذِي يَرِثُونَهُ بِالْوَلَاءِ بَعِيدٌ فَلَمْ يَقْدَحْ تُهْمَةٌ أَمَّا إذَا كَانَ دُونَ ثُلُثِهِ فَلَا يُقْبَلَانِ فِيمَا لَمْ يُثْبِتَا لَهُ بَدَلًا لِلتُّهْمَةِ، وَفِي الْبَاقِي خِلَافُ تَبْعِيضِ الشَّهَادَةِ وَقَدْ مَرَّ (فَإِنْ كَانَ الْوَارِثَانِ) الْحَائِزَانِ (فَاسِقَيْنِ لَمْ يَثْبُتْ الرُّجُوعُ) لِعَدَمِ قَبُولِ شَهَادَةِ الْفَاسِقِ (فَيُعْتَقُ سَالِمٌ) بِشَهَادَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ لِأَنَّ الثُّلُثَ يَحْتَمِلُهُ وَلَمْ يَثْبُتْ الرُّجُوعُ فِيهِ (وَ) يُعْتَقُ (مِنْ غَانِمٍ) قَدْرُ مَا يَحْتَمِلُهُ (ثُلُثُ) الْبَاقِي مِنْ (مَالِهِ بَعْدَ سَالِمٍ) وَهُوَ ثُلُثَاهُ بِإِقْرَارِ الْوَارِثَيْنِ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ شَهَادَتُهُمَا لَهُ وَكَانَ سَالِمًا هَلَكَ أَوْ غُصِبَ مِنْ التَّرِكَةِ مُؤَاخَذَةً لِلْوَرَثَةِ بِإِقْرَارِهِمْ أَمَّا غَيْرُ الْحَائِزَيْنِ فَيُعْتَقُ مِنْ غَانِمٍ قَدْرُ ثُلُثِ حِصَّتِهِمَا. . ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَإِنْ بَحَثَ بَعْضُهُمْ) مُرَادُهُ ابْنُ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الشَّاهِدَةَ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَيُتَّجَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: تَعَيُّنُ السَّابِقِ) وَإِنَّمَا قُدِّمَا وَقَعَا مَعًا عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ اتِّحَادِ الْعِلَّةِ وَالْمَعْلُولِ لِمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقُوَّةِ الْمُنْجَزِ فِي الرُّتْبَةِ، وَخَرَجَ بِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَكُلُّ وَاحِدٍ ثُلُثُ مَالِهِ مَا لَوْ خَرَجَا مِنْ الثُّلُثِ فَيُعْتِقَانِ أَحَدَهُمَا بِالتَّنْجِيزِ وَالْآخَرَ بِالتَّعْلِيقِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْأَصْلُ: أَيْ فِي الثَّانِيَةِ وَالتَّعْلِيلِ لَهَا. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَمْضِ بَيْنَهُمَا مَا يُمْكِنُ فِيهِ الِالْتِئَامُ) كَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ وَقَدْ مَضَى بَيْنَهُمَا مَا يُمْكِنُ فِيهِ الِالْتِئَامُ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَمْضِ ذَلِكَ فَالشَّاهِدَةُ بِالْإِفْضَاءِ كَاذِبَةٌ وَلَا بُدَّ، إذْ الصُّورَةُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهَا الْآنَ غَيْرُ مُفْضَاةٍ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَحَثَ بَعْضُهُمْ) هُوَ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ. وَاعْلَمْ أَنَّ الشِّهَابَ بْنَ قَاسِمٍ نَقَلَ إفْتَاءَ وَالِدِ الشَّارِحِ هَذَا فِي حَوَاشِيهِ، ثُمَّ قَالَ عَقِبَهُ أَقُولُ: وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ. (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِيمَا إذَا لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ (قَوْلُهُ: وَفِي الْبَاقِي خِلَافُ تَبْعِيضِ الشَّهَادَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ: فَإِنْ بَعَّضْنَاهَا عَتَقَ نِصْفُ سَالِمٍ الَّذِي لَمْ يُثْبِتَا لَهُ بَدَلًا وَكُلُّ غَانِمٍ وَالْمَجْمُوعُ قَدْرُ الثُّلُثِ وَإِنْ لَمْ نُبَعِّضْهَا وَهُوَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَتَقَ الْعَبْدَانِ الْأَوَّلُ بِالْأَجْنَبِيَّيْنِ وَالثَّانِي بِإِقْرَارِ الْوَارِثَيْنِ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ شَهَادَتُهُمَا لَهُ إنْ كَانَا حَائِزَيْنِ وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ قَدْرُ حِصَّتِهِمَا اهـ. قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ نُبَعِّضْهَا إلَخْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، قَالَ: وَأَقُولُ قَوْلُهُ وَالْمَجْمُوعُ قَدْرُ الثُّلُثِ لَعَلَّهُ فَرَضَ غَانِمًا قَدْرَ السُّدُسِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.

[فصل في القائف الملحق للنسب عند الاشتباه بما خصه الله تعالى به]

فَصْلٌ) فِي الْقَائِفِ الْمُلْحِقِ لِلنَّسَبِ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ بِمَا خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ وَهُوَ لُغَةً: تَتَبُّعُ الْأَثَرِ وَالشَّبَهِ وَالْأَصْلُ فِيهِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ مَسْرُورٌ فَقَالَ: أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزًا الْمُدْلِجِيَّ دَخَلَ عَلَيَّ فَرَأَى أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَزَيْدًا عَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ قَدْ غَطَّيَا رُءُوسَهُمَا وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا فَقَالَ: إنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ» قَالَ أَبُو دَاوُد: كَانَ أُسَامَةُ أَسْوَدَ وَزَيْدٌ أَبْيَضَ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَلَوْ لَمْ يُعْتَبَرْ قَوْلُهُ لَمَنَعَهُ مِنْ الْمُجَازَفَةِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُقِرُّ عَلَى خَطَإٍ وَلَا يُسَرُّ إلَّا بِالْحَقِّ. (شَرْطُ الْقَائِفِ) مَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ (مُسْلِمٌ عَدْلٌ) أَيْ إسْلَامٌ وَعَدَالَةٌ وَغَيْرُهُمَا مِنْ شُرُوطِ الشَّاهِدِ السَّابِقَةِ كَكَوْنِهِ نَاطِقًا بَصِيرًا غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَغَيْرَ عَدُوٍّ لِمَنْ يَنْفِي عَنْهُ وَلَا بَعْضٍ لِمَنْ يُلْحَقُ بِهِ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ أَوْ حَاكِمٌ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَدَمُ اعْتِبَارِ سَمْعِهِ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْأَصْحَابِ (مُجَرِّبٌ) لِخَبَرِ «لَا حَكِيمَ إلَّا ذُو تَجْرِبَةٍ» وَكَمَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ الِاجْتِهَادِ فِي الْقَاضِي، وَفَسَّرَ الْمُحَرَّرُ التَّجْرِبَةَ بِأَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ وَلَدٌ فِي نِسْوَةٍ لَيْسَ فِيهِنَّ أُمُّهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ فِي نِسْوَةٍ هِيَ فِيهِنَّ، فَإِذَا أَصَابَ فِي كُلٍّ فَهُوَ مُجَرِّبٌ انْتَهَى وَهُوَ صَرِيحٌ فِي اشْتِرَاطِ الثَّلَاثِ، وَاعْتَمَدَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، لَكِنْ قَالَ الْإِمَامُ: الْعِبْرَةُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ وَقَدْ تَحْصُلُ بِدُونِ ثَلَاثٍ، وَكَوْنُهُ مَعَ الْأُمِّ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ لِلْأَوْلَوِيَّةِ فَيَكْفِي الْأَبُ مَعَ رِجَالٍ وَكَذَا سَائِرُ الْعَصَبَةِ وَالْأَقَارِبِ وَاسْتَشْكَلَ الْبَارِزِيُّ خُلُوَّ أَحَدِ أَبَوَيْهِ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ بِأَنَّهُ قَدْ يَعْلَمُ ذَلِكَ فَلَا تَبْقَى فِيهِنَّ فَائِدَةٌ، وَقَدْ يُصِيبُ فِي الرَّابِعَةِ اتِّفَاقًا، فَالْأَوْلَى أَنْ يُعْرَضَ مَعَ كُلِّ صِنْفٍ وَلَدٌ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ أَوْ فِي بَعْضِ الْأَصْنَافِ وَلَا تُخَصُّ بِهِ الرَّابِعَةُ، فَإِذَا أَصَابَ فِي الْكُلِّ عُلِمَتْ تَجْرِبَتُهُ حِينَئِذٍ انْتَهَى وَكَوْنُ ذَلِكَ أَوْلَى ظَاهِرٌ فَهُوَ غَيْرُ مُنَافٍ لِكَلَامِهِمْ (وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ) وَصْفَيْنِ آخَرَيْنِ عِلْمًا مِنْ الْعَدَالَةِ الْمُطْلَقَةِ وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِهِمَا لِلْخِلَافِ فِيهِمَا وَهُمَا الْحُرِّيَّةُ وَالذُّكُورَةُ فَلَا يَصِحُّ الْإِلْحَاقُ إلَّا مِنْ (حُرٍّ ذَكَرٍ) كَالْقَاضِي وَالثَّانِي لَا كَالْمُفْتِي (لَا عَدَدٌ) فَيَكْفِي قَوْلُ وَاحِدٍ وَالثَّانِي لَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ كَالْمُزَكَّى (وَلَا كَوْنُهُ مُدْلِجِيَّا) أَيْ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ لِأَنَّ الْقِيَافَةَ نَوْعُ عِلْمٍ، فَمَنْ عَلِمَهُ عَمِلَ بِهِ فَيَجُوزُ كَوْنُهُ مِنْ سَائِرِ الْعَرَبِ بَلْ وَالْعَجَمِ وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ لِرُجُوعِ الصَّحَابَةِ لِبَنِي مُدْلِجٍ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَقَدْ يَخُصُّ اللَّهُ جَمَاعَةً بِنَوْعٍ مِنْ الْفَضَائِلِ وَالْمَنَاصِبِ كَمَا خَصَّ قُرَيْشًا بِالْإِمَامَةِ. (فَإِذَا) (تَدَاعَيَا مَجْهُولًا) لَقِيطًا أَوْ غَيْرَهُ (عُرِضَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقَائِفِ مَعَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ إنْ كَانَ صَغِيرًا، إذْ الْكَبِيرُ لَا بُدَّ مِنْ تَصْدِيقِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ) فِي الْقَائِفِ. (قَوْلُهُ: الْمُلْحِقِ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ بِحَسَبِ الِاصْطِلَاحِ (قَوْلُهُ: إنَّ مُجَزِّزًا) أَيْ بِجِيمٍ وَزَايَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: فَلَوْ لَمْ يُعْتَبَرْ قَوْلُهُ: لَمَنَعَهُ) أَيْ وَعَلَى هَذَا فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِقَوْلِهِ وَيُثَابُ عَلَى ذَلِكَ وَهَلْ تَجِبُ لَهُ الْأُجْرَةُ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَلَدٌ فِي نِسْوَةٍ) وَيَجُوزُ لَهُ نَظَرُهُنَّ لِلضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ الْإِمَامُ إلَخْ) مُعْتَمَدُ (قَوْلِهِ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ) أَيْ الثَّلَاثِ مَرَّاتٍ الْأُوَلِ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي الْقَائِفِ الْمُلْحِقِ لِلنَّسَبِ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ بِمَا خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ] (فَصْلٌ) فِي الْقَائِفِ (قَوْلُهُ: مُتَتَبِّعُ الْأَثَرِ وَالشَّبَهِ) يُقَالُ قَافَ أَثَرَهُ مِنْ بَابِ قَالَ إذَا تَتَبَّعَهُ مِثْلُ قُفِيَ أَثَرُهُ، وَيُجْمَعُ الْقَائِفُ عَلَى قَافَةٍ (قَوْلُهُ: قَالَ أَبُو دَاوُد: وَكَانَ أُسَامَةُ أَسْوَدَ إلَخْ) وَعَكْسُهُ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ الْمَرْوَرُوذِيُّ، وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ زَيْدٌ أَخْضَرَ اللَّوْنِ وَأُسَامَةُ أَسْوَدَ اللَّوْنِ. . (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ «لَا حَكِيمَ إلَّا ذُو تَجْرِبَةٍ» ) الِاسْتِدْلَال قَدْ يُفِيدُ قِرَاءَةَ مُجَرِّبٍ فِي الْمَتْنِ بِكَسْرِ الرَّاءِ فَانْظُرْ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: عِلْمًا مِنْ الْعَدَالَةِ الْمُطْلَقَةِ) أَيْ الْمُطْلَقَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْهَا بِقَيْدٍ،

(فَمَنْ أَلْحَقَهُ بِهِ لَحِقَهُ) كَمَا مَرَّ فِي اللَّقِيطِ وَالْمَجْنُونِ كَالصَّغِيرِ، وَأَلْحَقَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ مُغْمًى عَلَيْهِ وَنَائِمًا وَسَكْرَانَ غَيْرَ مُتَعَدٍّ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي النَّائِمِ بَعِيدٌ جِدًّا (وَكَذَا لَوْ اشْتَرَكَ فِي وَطْءٍ) لِامْرَأَةٍ أَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُمَا: أَيْ الْمُحْتَرَمَ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ (فَوَلَدَتْ مُمَكَّنًا مِنْهُمَا وَتَنَازَعَاهُ بِأَنْ وَطِئَا بِشُبْهَةٍ) كَأَنْ ظَنَّهَا كُلٌّ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ أَوْ أَمَتُهُ وَلَا تَنْحَصِرُ الشُّبْهَةُ فِي ذَلِكَ فَقَدْ ذُكِرَ بَعْضُ صُوَرِهَا عَطْفًا لِلْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ فَقَالَ (أَوْ) وَطِئَا (مُشْتَرَكَةً لَهُمَا) فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ، وَإِلَّا فَهُوَ لِلثَّانِي كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي قِيَاسًا لِتَعَذُّرِ عَوْدِهِ إلَى هَذَا لِأَنَّ بَيْنَهُمَا صُوَرًا لَا يُمْكِنُ عَوْدُهُ إلَيْهَا (أَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ وَطَلَّقَ فَوَطِئَهَا آخَرُ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ) كَأَنْ نَكَحَهَا فِي الْعِدَّةِ جَاهِلًا بِالْحَالِ (أَوْ) وَطِئَ (أَمَتَهُ وَبَاعَهَا فَوَطِئَهَا الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَسْتَبْرِئْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا) فَيُعْرَضُ عَلَيْهِ وَلَوْ مُكَلَّفًا، فَمَنْ أَلْحَقَهُ بِهِ مِنْهُمَا لَحِقَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ أَوْ تَحَيَّرَ اُعْتُبِرَ انْتِسَابُ الْوَلَدِ بَعْدَ كَمَالِهِ، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: لَوْ كَانَ الِاشْتِبَاهُ لِلِاشْتِرَاكِ فِي الْفِرَاشِ لَمْ يُعْتَبَرْ إلْحَاقُ الْقَائِفِ إلَّا أَنْ يَحْكُمَ حَاكِمٌ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَحَكَاهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ مُلَخَّصِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ (وَكَذَا لَوْ وَطِئَ) بِشُبْهَةٍ (مَنْكُوحَةً) لِغَيْرِهِ نِكَاحًا صَحِيحًا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَاسْتَغْنَى عَنْهُ بِقَوْلِهِ الْآتِي فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ (فِي الْأَصَحِّ) وَلَا يَتَعَيَّنُ الزَّوْجُ لِلْإِلْحَاقِ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الِاشْتِبَاهِ وَالثَّانِي يَلْحَقُ الزَّوْجَ لِقُوَّةِ الْفِرَاشِ، وَلَا يَكْفِي اتِّفَاقُ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْوَطْءِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ بِهِ لِأَنَّ لِلْوَلَدِ حَقًّا فِي النَّسَبِ وَتَصْدِيقُهُمَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَيْهِ، فَإِنْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ وَهَذَا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي اللِّعَانِ، وَاعْتَمَدَ الْبُلْقِينِيُّ الِاكْتِفَاءَ بِذَلِكَ الِاتِّفَاقِ، نَعَمْ يَلْحَقُ بِالْبَيِّنَةِ تَصْدِيقُ الْوَلَدِ الْمُكَلَّفِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ لَهُ حَقًّا (فَإِذَا وَلَدَتْ لِمَا بَيْنَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَأَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَطْئِهِمَا وَادَّعَيَاهُ) أَوْ لَمْ يَدَّعِيَاهُ (عُرِضَ عَلَيْهِ) أَيْ الْقَائِفِ لِإِمْكَانِهِ مِنْهُمَا (فَإِنْ تَخَلَّلَ بَيْنَ وَطْئِهِمَا حَيْضَةٌ فَ) الْوَلَدُ (لِلثَّانِي) وَإِنْ ادَّعَاهُ الْأَوَّلُ لِظُهُورِ انْقِطَاعِ تَعَلُّقِهِ بِهِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ زَوْجًا فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ) أَيْ وَالثَّانِي بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ فَلَا يَنْقَطِعُ تَعَلُّقُ الْأَوَّلِ لِأَنَّ إمْكَانَ الْوَطْءِ مَعَ الْفِرَاشِ قَائِمٌ مَقَامَ نَفْسِ الْوَطْءِ وَالْإِمْكَانُ حَاصِلٌ بَعْدَ الْحَيْضَةِ، وَاحْتُرِزَ بِالصَّحِيحِ عَمَّا لَوْ كَانَ الْأَوَّلُ زَوْجًا فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ فَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ تَعَلُّقُهُ وَيَكُونُ لِلثَّانِي عَلَى الْأَظْهَرِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ فِي النَّائِمِ بَعِيدٌ) أَيْ بَلْ وَفِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالسَّكْرَانِ حَيْثُ كَانَ الْقَائِمُ بِهِمَا قَرِيبَ الزَّوَالِ (قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ عَوْدِهِ) أَيْ الْقَيْدِ الْآتِي فِي كَلَامِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ تَخَلَّلَ بَيْنَ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَحْكُمَ حَاكِمٌ) أَيْ بِإِلْحَاقِ الْقَائِفِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَيْ فَحَيْثُ لَا بَيِّنَةَ يُلْحَقُ بِالزَّوْجِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالشَّيْءُ إذَا أُطْلِقَ يَنْصَرِفُ لِلْفَرْدِ الْكَامِلِ. (قَوْلُهُ: غَيْرَ مُتَعَدٍّ) وَإِنْ لَمْ يَعْرِضْ لِأَنَّهُ كَالصَّاحِي وَيَصِحُّ انْتِسَابُهُ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) عِبَارَةُ الْمَاوَرْدِيِّ الْفَصْلُ الرَّابِعُ ثُبُوتُ الْحُكْمِ بِلُحُوقِ النَّسَبِ بِقَوْلِ الْقَافَةِ، وَهُوَ مُعْتَبَرٌ بِاسْتِلْحَاقِ النَّسَبِ وَاسْتِلْحَاقُهُ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي فِرَاشٍ فَلَا يَصِحُّ إلْحَاقُهُ بِالْقَافَةِ إلَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ، لِأَنَّ الْفِرَاشَ قَدْ أَوْجَبَ لَهُمَا حَقًّا وَأَوْجَبَ عَلَيْهِمَا حَقًّا فِي إلْحَاقِهِ بِأَحَدِهِمَا وَنَفْيُهُ عَنْ الْآخَرِ وَأُلْحِقَ عَلَيْهِمَا لِلْوَلَدِ وَبِالْعَكْسِ، وَلِذَلِكَ وَجَبَ إلْحَاقُهُ بِأَحَدِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَتَنَازَعَاهُ، وَلَمْ يَجُزْ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُسَلِّمَهُ لِلْآخَرِ فَكَانَ أَغْلَظَ مِنْ اللِّعَانِ الَّذِي لَا يَصِحُّ إلَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ، وَقَالَ قَبْلَ ذَلِكَ مَا نَصُّهُ: الثَّالِثُ أَنْ يَثْبُتَ فِرَاشُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَثُبُوتُهُ مُعْتَبَرٌ بِحَالِهِمَا، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا زَوْجًا وَالْآخَرُ ذَا شُبْهَةٍ ثَبَتَ فِرَاشُ ذِي الشُّبْهَةِ بِتَصْدِيقِ الزَّوْجِ وَلَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ تَصْدِيقُ الْمَوْطُوءَةِ إلَّا إنْ كَانَتْ خَلِيَّةً، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا زَوْجٌ اُعْتُبِرَ تَصْدِيقُ الْمَوْطُوءَةِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا إنْ كَانَتْ خَلِيَّةً، وَإِلَّا فَالزَّوْجُ صَارَ دَاخِلًا مَعَهُمَا فِي التَّنَازُعِ اهـ الْمَقْصُودُ مِنْهُ. لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ أَنَّ فِرَاشَ الشُّبْهَةِ لَا يَثْبُتُ بِقَوْلِ الزَّوْجَيْنِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ بِهِ أَوْ تَصْدِيقِ الْوَلَدِ الْمُكَلَّفِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ) أَيْ لِيُلْحِقَهُ بِالزَّوْجِ، وَلَا يَكْفِي اتِّفَاقُ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْوَطْءِ: أَيْ عَلَى وَطْءِ الشُّبْهَةِ أَوْ بِصَاحِبِ الشُّبْهَةِ، ثُمَّ يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِإِلْحَاقِهِ بِمَنْ أَلْحَقَهُ بِهِ كَمَا مَرَّ

[كتاب العتق]

لَا تَصِيرُ فِرَاشًا مَا لَمْ تُوجَدْ حَقِيقَةُ الْوَطْءِ (وَسَوَاءٌ فِيهِمَا) أَيْ الْمُتَنَازِعَيْنِ (اتَّفَقَا إسْلَامًا وَحُرِّيَّةً أَمْ لَا) كَمَا مَرَّ فِي اللَّقِيطِ لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَخْتَلِفُ مَعَ صِحَّةِ اسْتِلْحَاقِ الْعَبْدِ، هَذَا إنْ أُلْحِقَ بِنَفْسِهِ، وَإِلَّا كَأَنْ تَدَاعَيَا أُخُوَّةَ مَجْهُولٍ فَيُقَدَّمُ الْحُرُّ لِمَا مَرَّ أَنَّ شَرْطَ الْمُلْحَقِ بِغَيْرِهِ أَنْ يَكُونَ وَارِثًا حَائِزًا وَيُحْكَمُ بِحُرِّيَّتِهِ وَإِنْ أَلْحَقَهُ بِالْعَبْدِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ وُلِدَ مِنْ حُرَّةٍ، وَلَوْ أَلْحَقَهُ قَائِفٌ بِشَبَهٍ ظَاهِرٍ وَقَائِفٌ بِشَبَهٍ خَفِيٍّ قُدِّمَ لِأَنَّ مَعَهُ زِيَادَةَ عِلْمٍ بِحِذْقِهِ وَبَصِيرَتِهِ، وَفِيمَا إذَا ادَّعَاهُ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ يُقَدَّمُ ذُو الْبَيِّنَةِ نَسَبًا وَدِينًا، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَأَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِالذِّمِّيِّ تَبِعَهُ فِي نَسَبِهِ فَقَطْ وَلَا حَضَانَةَ لَهُ. كِتَابُ الْعِتْقِ. أَيْ الْإِعْتَاقِ الْمُحَصِّلِ لَهُ، وَهُوَ إزَالَةُ الرِّقِّ عَنْ الْآدَمِيِّ لَا إلَى مَالِكٍ بَلْ تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مِنْ الْمُسْلِمِ قُرْبَةٌ بِالْإِجْمَاعِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {فَكُّ رَقَبَةٍ} [البلد: 13] وَقَوْلُهُ {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 37] أَيْ بِالْإِسْلَامِ {وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 37] أَيْ بِالْعِتْقِ، وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أَيُّمَا رَجُلٍ أَعْتَقَ امْرَأً مُسْلِمًا اسْتَنْقَذَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ حَتَّى الْفَرْجَ بِالْفَرْجِ» . وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ: مُعْتِقٌ، وَعَتِيقٌ، وَصِيغَةٌ وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فَقَالَ: (إنَّمَا يَصِحُّ مِنْ) حُرٍّ كُلُّهُ مُخْتَارٌ (مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ) وَلَوْ كَافِرًا حَرْبِيًّا كَسَائِرِ التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ فَلَا يَصِحُّ مِنْ مُكَاتَبٍ وَمُبَعَّضٍ وَمُكْرَهٍ وَمَحْجُورٍ وَلَوْ بِفَلَسٍ نَعَمْ لَوْ أَوْصَى بِهِ السَّفِيهُ أَوْ أَعْتَقَ عَنْ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ أَوْ أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: هَذَا إنْ أُلْحِقَ بِنَفْسِهِ) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ وَسَوَاءٌ فِيهِمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا حَضَانَةَ لَهُ) أَيْ فَلَا يَكُونُ لَهُ حَقٌّ فِي تَرْبِيَتِهِ وَحِفْظِهِ وَلَا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ تَبَعًا لَهُ، وَأَمَّا النَّفَقَةُ فَيُطَالَبُ بِهَا بِمُقْتَضَى دَعْوَاهُ أَنَّهُ ابْنُهُ. . كِتَابُ الْعِتْقِ وَلَيْسَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ لِوُرُودِ آثَارٍ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَيْ الْإِعْتَاقُ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْعِتْقَ مَجَازٌ مِنْ بَابِ إطْلَاقِ الْمُسَبِّبِ وَإِرَادَةِ السَّبَبِ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعِتْقَ لَازِمٌ مُطَاوِعٌ لِأَعْتَقَ، إذْ يُقَالُ أَعْتَقْت الْعَبْدَ فَعَتَقَ، وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ اسْتِعْمَالَهُ مُتَعَدِّيًا فَيُقَالُ عَتَقْت الْعَبْدَ وَأَعْتَقْتُهُ وَعَلَيْهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّجَوُّزِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ شَرْعًا، وَقَوْلُهُ: لَا إلَى مَالِكٍ هُوَ قَيْدٌ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ لَا لِلِاحْتِرَازِ وَقَدْ يُقَالُ دُفِعَ بِهِ تَوَهُّمُ أَنْ يُرَادَ بِهِ إزَالَةُ مِلْكِهِ عَنْهُ وَلَوْ إلَى غَيْرِهِ فَيُصَدَّقُ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ مِنْ الْمُسْلِمِ قُرْبَةٌ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِحَثٍّ أَوْ مَنْعٍ أَوْ تَحْقِيقِ خَبَرٍ وَلَيْسَ مُرَادًا لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ تَعْلِيقَهُ إنَّمَا يَكُونُ قُرْبَةً إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَثٌّ أَوْ مَنْعٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: حَتَّى الْفَرْجَ بِالْفَرْجِ) نُصَّ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ ذَنْبَهُ أَقْبَحُ وَأَفْحَشُ (قَوْلُهُ: وَمُبَعَّضٍ) لَا يُقَالُ: الْمُبَعَّضُ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ فِيمَا مَلَكَهُ بِبَعْضِهِ الْحُرُّ فَلَمْ يَخْرُجْ بِقَوْلِهِ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ لِأَنَّا نَقُولُ: الْمُرَادُ بِذَلِكَ هُوَ الَّذِي لَا يَمْتَنِعُ تَصَرُّفُهُ بِحَالٍ، وَالْمُبَعَّضُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِي غَيْرِ نَوْبَتِهِ إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ، وَفِي كَثِيرٍ مِنْ الْأُمُورِ عِنْدَ عَدَمِ الْمُهَايَأَةِ أَنَّهُ خَارِجٌ بِقَوْلِهِ حُرٌّ كُلُّهُ (قَوْلُهُ: وَمُكْرَهٍ) أَيْ بِغَيْرِ حَقٍّ، أَمَّا إذَا اشْتَرَى عَبْدًا بِشَرْطِ الْعِتْقِ وَامْتَنَعَ مِنْهُ فَأُكْرِهَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ، زَادَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ أَيْضًا: وَيُتَصَوَّرُ فِي الْوَلِيِّ عَنْ الصَّبِيِّ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ أَوْصَى بِهِ السَّفِيهُ) أَيْ أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَنْ الْبُلْقِينِيِّ (قَوْلُهُ: وَدِينًا) وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّ إلْحَاقِهِ حِينَئِذٍ بِالذِّمِّيِّ فِي الدِّينِ إنْ لَمْ تَكُنْ أَمَةً مُسْلِمَةً. [كِتَابُ الْعِتْقِ] ِ (قَوْلُهُ أَيْ الْإِعْتَاقُ الْمُحَصِّلُ لَهُ) بَلْ مَرَّ عَنْ تَحْرِيرِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْعِتْقَ مَصْدَرٌ أَيْضًا لِعَتَقَ بِمَعْنَى أُعْتِقَ (قَوْلُهُ: لَا إلَى مَالِكٍ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فِي هَذَا التَّعْرِيفِ، وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مَنْ عَبَّرَ بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ بَدَلَ إزَالَةِ الرِّقِّ لِيُخْرِجَ الْوَقْفَ لِأَنَّ

الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ الْإِمَامُ قِنَّ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى مَا يَأْتِي وَالْوَلِيُّ عَنْ الصَّبِيِّ فِي كَفَّارَةِ قَتْلٍ أَوْ رَاهِنٌ مُوسِرٌ لِمَرْهُونٍ أَوْ وَارِثٌ مُوسِرٌ لِقِنِّ التَّرِكَةِ صَحَّ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ شَرْطَ الْعَتِيقِ أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ غَيْرَ عِتْقٍ يُمْنَعُ بَيْعُهُ كَرَهْنٍ وَالرَّاهِنُ مُعْسِرٌ، بِخِلَافِ نَحْوِ إجَارَةٍ وَاسْتِيلَادٍ. وَلَوْ بَاعَ قِنًّا فَاسِدًا وَقَالَ لِمُشْتَرِيهِ: أَعْتِقْهُ فَأَعْتَقَهُ عَتَقَ عَنْ الْبَائِعِ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ إذْ الْعِتْقُ لَا يَقْدَحُ فِيهِ الْجَهْلُ، وَالْعِبْرَةُ فِيهِ وَسَائِرِ الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا بِمَا فِي ظَنِّ الْمُكَلَّفِ، وَمِنْ ثَمَّ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ غَاصِبُ عَبْدٍ لِمَالِكِهِ: أَعْتِقْ عَبْدِي هَذَا فَأَعْتَقَهُ جَاهِلًا نَفَذَ عَلَى الْمَالِكِ. (وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ) بِصِفَةٍ مُحَقَّقَةٍ وَمُحْتَمَلَةٍ بِعِوَضٍ وَغَيْرِهِ كَجُنُونِ السَّيِّدِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّوْسِعَةِ لِتَحْصِيلِ الْقُرْبَةِ، وَهُوَ غَيْرُ قُرْبَةٍ إنْ قُصِدَ بِهِ حَثٌّ أَوْ مَنْعٌ أَوْ تَحْقِيقُ خَبَرٍ وَإِلَّا فَقُرْبَةٌ، وَيُجْرَى فِي التَّعْلِيقِ هُنَا مَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ مِنْ كَوْنِ الْمُعَلَّقِ بِفِعْلِهِ مُبَالِيًا أَوَّلًا، وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ التَّعْلِيقِ إطْلَاقُ التَّصَرُّفِ بِدَلِيلِ صِحَّتِهِ مِنْ نَحْوِ رَاهِنٍ مُعْسِرٍ وَمُفْلِسٍ وَمُرْتَدٍّ، وَلَا يُرَدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنَّ وَقْفَ الْمَسْجِدِ تَحْرِيرٌ، وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ لِأَنَّ حَدَّ الْعِتْقِ السَّابِقِ يُخْرِجُهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَجَّحَ فِيهِ صِحَّتُهُ مَعَ التَّعْلِيقِ كَمَا مَرَّ، ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُبَعَّضُ بِعِتْقِ مَا مَلَكَهُ بِبَعْضِهِ الْحُرُّ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ بَعْدَ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ بِالْمَوْتِ يَزُولُ عَنْهُ الرِّقُّ فَيَصِيرُ أَهْلًا لِلْوِلَايَةِ (قَوْلُهُ: وَالْإِمَامُ لِقِنٍّ) اللَّامُ زَائِدَةٌ لِوُقُوعِهَا مُعْتَرِضَةً بَيْنَ الْفِعْلِ الْمُتَعَدِّي وَمَفْعُولِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا يَأْتِي) وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ شَرْطَ الْعَتِيقِ) لَعَلَّهُ عُلِمَ مِنْ عَدَمِ نُفُوذِ الْعِتْقِ مِنْ الْمُفْلِسِ وَمِنْ الرَّاهِنِ الْمِعْسَرِ بِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ وَالْمُرْتَهِنِ بِالْعَتِيقِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَحْوِ إجَارَةٍ) أَيْ فَلَا تَمْنَعُ إعْتَاقَهُ وَإِنْ أَعْتَقَهُ عَلَى عِوَضٍ مُؤَجَّلٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكِتَابَةِ حَيْثُ لَا تَصِحُّ مِنْ الْمُؤَجِّرِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يُعْتَقُ إلَّا بِأَدَاءِ النُّجُومِ وَالْمُؤَجِّرُ عَاجِزٌ عَنْ التَّفَرُّغِ لِتَحْصِيلِهَا وَالْعِتْقُ يَحْصُلُ حَالًّا، وَإِنْ تَأَخَّرَ أَدَاءُ مَا عُلِّقَ عَلَيْهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَ لِمُعْسِرٍ بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاعَ قِنًّا فَاسِدًا) أَيْ بَيْعًا فَاسِدًا (قَوْلُهُ: لَا يَقْدَحُ فِيهِ الْجَهْلُ) أَيْ بِكَوْنِهِ بَاقِيًا عَلَى مِلْكِهِ أَوْ خَرَجَ عَنْهُ فَهُوَ بِاعْتِبَارِ نَفْسِ الْأَمْرِ وَكِيلٌ عَنْ الْمَالِكِ الْمُلْتَمِسِ لِلْإِعْتَاقِ (قَوْلُهُ: كَجُنُونِ السَّيِّدِ) أَيْ فَلَوْ قَالَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ: إنْ جُنِنْت فَأَنْتَ حُرٌّ عَتَقَ الْعَبْدُ بِجُنُونِ السَّيِّدِ، وَهَذَا قَدْ يُخَالِفُهُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي نُفُوذِ الْعِتْقِ بِوَقْتِ الصِّفَةِ دُونَ وَقْتِ التَّعْلِيقِ، إلَّا أَنْ يُصَوِّرَ مَا يَأْتِي بِصِفَةٍ يُحْتَمَلُ وُقُوعُهَا فِي زَمَنِ الْحَجْرِ وَفِي خِلَافِهِ، وَمَا هُنَا بِصِفَةٍ لَا يُمْكِنُ وُقُوعُهَا فِي غَيْرِ الْحَجْرِ فَاعْتُبِرَ وَقْتُ التَّعْلِيقِ هُنَا لِئَلَّا تَلْغُوَ الصِّفَةُ مِنْ أَصْلِهَا لَوْ اُعْتُبِرَ وَقْتُ وُجُودِ الصِّفَةِ، وَهَذَا الْفَرْقُ بِنَاءً عَلَى مَا يَأْتِي هُنَا مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي نُفُوذِ الْعِتْقِ بِحَالَةِ وُجُودِ الصِّفَةِ، لَكِنْ سَيَأْتِي لَهُ فِي آخِرِ كِتَابِ التَّدْبِيرِ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِوَقْتِ التَّعْلِيقِ وَعَلَيْهِ فَلَا إشْكَالَ، فَيُمْكِنُ تَصْوِيرُ مَا هُنَا عَلَى نَفْسِ الصِّفَةِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ التَّعْلِيقَ عَلَى نَفْسِ الصِّفَةِ يُصَيِّرُ الصِّفَةَ كَأَنَّهَا وَاقِعَةٌ فِي وَقْتِ التَّعْلِيقِ فَلَا يُخَالِفُ مَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ التَّعْلِيقُ غَيْرُ قُرْبَةٍ مَفْهُومُهُ أَنَّ الْعِتْقَ الْمُتَرَتِّبَ عَلَيْهِ يَكُونُ قُرْبَةً، وَيَقْتَضِي ذَلِكَ قَوْلُ حَجّ وَهُوَ قُرْبَةٌ إجْمَاعًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَقُرْبَةٌ) أَيْ حَيْثُ كَانَ مِنْ مُسْلِمٍ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ صِحَّتِهِ) أَيْ التَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ: وَمُرْتَدٍّ) أَيْ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي التَّعْلِيقِ بِوَقْتِ وُجُودِ الصِّفَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْمُرَجَّحَ فِيهِ) أَيْ الْوَقْفِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمِلْكَ فِيهِ لَهُ تَعَالَى. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا يَأْتِي) الَّذِي يَأْتِي لَهُ الْجَزْمُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ لَا غَيْرُ، وَقَدْ تَبِعَ هُنَا ابْنَ حَجَرٍ وَذَاكَ ذَكَرَ كَلَامًا هُنَاكَ سَوَّغَ لَهُ هَذَا التَّعْبِيرَ (قَوْلُهُ: عُلِمَ أَنَّ شَرْطَ الْعَتِيقِ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: وَقَدْ يُقَالُ هَذَا الضَّابِطُ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الرَّهْنِ إذَا كَانَ الرَّاهِنُ مُوسِرًا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ نَحْوِ إجَارَةٍ) أَيْ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَازِمًا إلَّا أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْبَيْعَ (قَوْلُهُ: وَاسْتِيلَادٍ) هُوَ مِثَالٌ لِمَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْعِتْقِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ غَيْرُ قُرْبَةٍ) أَيْ التَّعْلِيقُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَقُرْبَةٌ) أَيْ مِنْ الْمُسْلِمِ كَمَا مَرَّ

وَأَفْهَمَ صِحَّةُ تَعْلِيقِهِ أَنَّهُ لَا يَتَأَثَّرُ بِشَرْطٍ فَاسِدٍ كَشَرْطِ خِيَارٍ أَوْ تَأْقِيتٍ فَيَتَأَبَّدُ، نَعَمْ إنْ اقْتَرَنَ بِمَا فِيهِ عِوَضٌ أَفْسَدَهُ وَرَجَعَ بِقِيمَتِهِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ. وَيَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ عَنْ التَّعْلِيقِ بِقَوْلٍ بَلْ بِنَحْوِ بَيْعٍ لَا يَعُودُ بِعَوْدِهِ، وَلَا يَبْطُلُ تَعْلِيقُهُ بِصِفَةٍ بَعْدَ الْمَوْتِ بِمَوْتِ الْمُعَلِّقِ فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ تَصَرُّفٌ فِيهِ إلَّا إنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ فَعَلَهُ وَامْتَنَعَ مِنْهُ بَعْدَ عَرْضِهِ عَلَيْهِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ حَافَظْت عَلَى الصَّلَاةِ فَأَنْت حُرٌّ فَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يُعْتَقُ إنْ حَافَظَ عَلَيْهَا: أَيْ الْخَمْسِ وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ غَيْرَهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَيُقَدَّرُ ذَلِكَ بِسَنَةٍ كَاسْتِبْرَاءِ الْفَاسِقِ. (وَ) تَصِحُّ (إضَافَتُهُ إلَى جُزْءٍ) مِنْ الرَّقِيقِ مُعَيَّنٍ كَيَدِك أَوْ شَائِعٍ كَنِصْفِك (فَيُعْتَقُ كُلُّهُ) الَّذِي لَهُ مِنْ مُوسِرٍ وَمُعْسِرٍ، وَالْأَوْجَهُ ضَبْطُهُ بِمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ سِرَايَةً كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الطَّلَاقِ، وَقَدْ لَا يُعْتَقُ كُلُّهُ بِأَنْ وَكَّلَ وَكِيلًا فِي عِتْقِ عَبْدِهِ فَأَعْتَقَ نِصْفَهُ عَتَقَ فَقَطْ. وَاسْتِشْكَالُ الْإِسْنَوِيِّ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ صِحَّةُ تَعْلِيقِهِ) أَيْ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: وَيَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ) أَيْ لَا يُعْتَدُّ بِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ بِنَحْوِ بَيْعٍ) أَيْ بَلْ يَصِحُّ الرُّجُوعُ بِنَحْوِ بَيْعٍ فَهِيَ انْتِقَالِيَّةُ (قَوْلِهِ وَلَا يَعُودُ) أَيْ التَّعْلِيقُ، وَقَوْلُهُ: بِعَوْدِهِ: أَيْ الرَّقِيقِ إلَى مِلْكِ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَبْطُلُ تَعْلِيقُهُ بِصِفَةٍ) هَذَا مُصَوَّرٌ كَمَا هُوَ صَرِيحُ اللَّفْظِ بِمَا إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْمَوْتِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَهُ كَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ، فَإِنَّ التَّعْلِيقَ يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ يُتَوَهَّمُ خِلَافُهُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَبْطُلْ فِي الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَمَّا قَيَّدَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ بِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ صَارَ وَصِيَّةً وَهِيَ لَا تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ اهـ سم عَلَى حَجّ وَسَيَأْتِي مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا عَلَّقَ بِصِفَةٍ وَأَطْلَقَ اُشْتُرِطَ وُجُودُهَا فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ، وَقَوْلُ سم وَهِيَ لَا تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ مَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي إعْتَاقِ جُزْءٍ مُبْهَمٍ فَأَعْتَقَهُ فَهَلْ يَسْرِي أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّعْبِيرِ بِالْجُزْءِ عَنْ الْكُلِّ صِيَانَةً لِعِبَارَةِ الْمُكَلَّفِ عَنْ الْإِلْغَاءِ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ فَعَلَهُ) أَيْ الْعَبْدُ. (قَوْلُهُ: أَيْ الْخَمْسِ) أَيْ فَلَا يَتْرُكُهَا إلَّا لِضَرُورَةٍ كَنَوْمٍ أَوْ جُنُونٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَتْرُكُ فِعْلَهَا أَدَاءً حَتَّى لَوْ أَخْرَجَ صَلَاةً عَنْ وَقْتِهَا بِلَا عُذْرٍ فَاتَتْ الْمُحَافَظَةُ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ فِي حَجّ (قَوْلُهُ: وَيُقَدَّرُ ذَلِكَ) أَيْ قَوْلُهُ: إنْ حَافَظَ (قَوْلُهُ: سِرَايَةً) أَيْ مِنْ أَنَّهُ يَصِحُّ التَّعْلِيقُ بِأَيِّ جُزْءٍ لَيْسَ فَضْلَةً كَالْيَدِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ: فِي عِتْقِ نَصِيبِهِ) فِي نُسْخَةٍ: فِي عِتْقِ عَبْدِهِ فَأَعْتَقَ إلَخْ، وَهِيَ الصَّحِيحَةُ الْمُوَافِقَةُ لِمَا يَأْتِي عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ فِي إعْتَاقِ كُلِّ الْعَبْدِ أَوْ بَعْضِهِ فَخَالَفَ الْمُوَكَّلُ وَأَعْتَقَ دُونَ مَا وَكَّلَهُ فِي إعْتَاقِهِ وَهُوَ نِصْفُ الْعَبْدِ أَوْ رُبْعُهُ مَثَلًا لَمْ يَسِرْ (قَوْلُهُ: فَأَعْتَقَ نِصْفَهُ) أَيْ نِصْفَ النَّصِيبِ الْمُوَكَّلِ فِي إعْتَاقِهِ، فَلَوْ كَانَ لَهُ نِصْفٌ وَوَكَّلَهُ فِي إعْتَاقِهِ فَأَعْتَقَ نِصْفَ النِّصْفِ نَفَذَ الْعِتْقُ فِيهِ وَهُوَ الرُّبْعُ، قَالَ حَجّ: وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي إعْتَاقِ جَمِيعِهِ فَأَعْتَقَ بَعْضَهُ عَتَقَ فَقَطْ، وَبَقِيَ مَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي إعْتَاقِ يَدِهِ مَثَلًا فَأَعْتَقَهَا فَهَلْ يَلْغُو أَوْ يَصِحُّ وَيَسْرِي إلَى الْجَمِيعِ؟ فِيهِ نَظَرٌ؟ وَقَدْ يَظْهَرُ مِنْ قَوْلِهِ فِي عِتْقِ نَصِيبِهِ إلَخْ الثَّانِي حَيْثُ اقْتَصَرَ فِي تَصْوِيرِ عَدَمِ السِّرَايَةِ عَلَى الْجُزْءِ الشَّائِعِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ صَوْنًا لِعِبَارَةِ الْمُكَلَّفِ عَنْ الْإِلْغَاءِ مَا أَمْكَنَ وَقَدْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَفْسَدَهُ) أَيْ أَفْسَدَ الشَّرْطُ الْعِوَضَ. (قَوْلُهُ: وَيَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ عَنْ التَّعْلِيقِ بِقَوْلٍ بَلْ بِنَحْوِ بَيْعٍ) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَيْسَ لِمُعَلِّقِهِ رُجُوعٌ بِقَوْلٍ بَلْ بِنَحْوِ بَيْعٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَبْطُلُ تَعْلِيقُهُ بِصِفَةٍ بَعْدَ الْمَوْتِ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: هَذَا مُصَوَّرٌ كَمَا هُوَ صَرِيحُ اللَّفْظِ بِمَا إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْمَوْتِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَهُ كَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ فَإِنَّ التَّعْلِيقَ يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ ضَبْطُهُ) أَيْ الْجُزْءِ كَأَنْ وَكَّلَ وَكِيلًا فِي عِتْقِ عَبْدِهِ اُنْظُرْ هَلْ مِثْلُهُ مَا إذَا وَكَّلَهُ فِي عِتْقِ الْبَعْضِ فَقَطْ، فَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ فَمَا وَجْهُ التَّخْصِيصِ فِي التَّصْوِيرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلَهُ فَمَا وَجْهُ الْفَرْقِ، مَعَ أَنَّ الْمُتَبَادَرَ أَنَّهُ أَوْلَى بِالْحُكْمِ مِمَّا هُنَا (قَوْلُهُ: سِرَايَةً) رَاجِعٌ لِقَوْلِ

بِأَنَّهُ لَوْ وَكَّلَ شَرِيكَهُ فِي عِتْقِ نَصِيبِهِ فَأَعْتَقَهُ الشَّرِيكُ سَرَى لِنَصِيبِهِ قَالَ: فَإِذَا حُكِمَ بِالسِّرَايَةِ إلَى مِلْكِ الْغَيْرِ هُنَا فَفِي مِلْكِهِ أَوْلَى، رُدَّ بِأَنَّ الَّذِي سَرَى إلَيْهِ الْعِتْقُ هُنَا مِلْكُ الْمُبَاشِرِ لِلْإِعْتَاقِ فَيَكْفِي فِيهِ أَدْنَى سَبَبٍ، وَأَمَّا ثَمَّ فَاَلَّذِي سَرَى إلَيْهِ غَيْرُ مِلْكٍ لِلْمُبَاشِرِ فَلَمْ يَقْوَ تَصَرُّفُهُ لِضَعْفِهِ عَلَى السِّرَايَةِ، إذْ الْأَصَحُّ فِيهِمَا أَنَّ الْعِتْقَ يَقَعُ عَلَى مَا أَعْتَقَهُ ثُمَّ عَلَى الْبَاقِي بِهَا، وَإِنْ رَجَّحَ الدَّمِيرِيِّ مُقَابِلَهُ أَنَّهُ يَقَعُ عَلَى الْجَمِيعِ دُفْعَةً وَاحِدَةً، أَمَّا إذَا كَانَ لِغَيْرِهِ فَسَيَأْتِي. وَلَا بُدَّ فِي الصِّيغَةِ مِنْ لَفْظٍ يُشْعِرُ بِهِ أَوْ إشَارَةِ أَخْرَسَ أَوْ كِتَابَةٍ مَعَ نِيَّةٍ (وَصَرِيحُهُ) وَلَوْ مَعَ هَزْلٍ أَوْ لَعِبٍ (تَحْرِيرٌ وَإِعْتَاقٌ) أَيْ مَا اُشْتُقَّ مِنْهُمَا لِوُرُودِهِمَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مُتَكَرِّرَيْنِ، أَمَّا نَفْسُهُمَا كَأَنْتِ تَحْرِيرٌ فَكِنَايَةٌ كَأَنْتِ طَلَاقٌ، أَمَّا أَعْتَقَك اللَّهُ أَوْ اللَّهُ أَعْتَقَك فَصَرِيحٌ فِيهِمَا كَطَلَّقَك اللَّهُ أَوْ أَبْرَأَكِ اللَّهُ، وَيُفَارِقُ نَحْوُ بَاعَك اللَّهُ أَوْ أَقَالَك اللَّهُ حَيْثُ كَانَتْ كِنَايَةً لِضَعْفِهَا بِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهَا بِالْمَقْصُودِ، بِخِلَافِ تِلْكَ وَلَوْ كَانَ اسْمُهَا قَبْلَ نِدَائِهَا حُرَّةً عَتَقَتْ بِقَوْلِهِ لَهَا يَا حُرَّةُ مَا لَمْ يَقْصِدْ نِدَاءَهَا بِذَلِكَ الِاسْمِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ اسْمُهَا بِهِ حَالَ نِدَائِهَا، فَإِنْ قَصَدَ نِدَاءَهَا بِذَلِكَ أَوْ أَطْلَقَ لَمْ تُعْتَقْ وَإِلَّا عَتَقَتْ. وَلَوْ زَاحَمَتْهُ أَمَتُهُ فَقَالَ لَهَا: تَأَخَّرِي يَا حُرَّةُ وَهُوَ جَاهِلٌ بِهَا لَمْ تُعْتَقْ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الطَّلَاقِ لِوُجُودِ الْمُعَارِضِ الْقَوِيِّ هُنَا وَهُوَ غَلَبَةُ اسْتِعْمَالِ حُرَّةٍ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْمَعْنَى لِلْعَفِيفَةِ عَنْ الزِّنَا، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قِيلَ لَهُ: أَمَتُك زَانِيَةٌ فَقَالَ: بَلْ حُرَّةٌ وَأَرَادَ عَفِيفَةً قُبِلَ بَلْ وَإِنْ أَطْلَقَ فِيهِمَا يَظْهَرُ لِلْقَرِينَةِ الْقَوِيَّةِ هُنَا، وَلَوْ قَالَ لِمَكَّاسٍ خَوْفًا مِنْهُ عَلَى قِنِّهِ هَذَا حُرٌّ عَتَقَ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا، وَاعْتَمَدَ الْإِسْنَوِيُّ خِلَافَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ فِي أَنْتِ طَالِقٌ لِمَنْ يَحِلُّهَا مِنْ وَثَاقٍ بِجَامِعِ وُجُودِ الْقَرِينَةِ الصَّارِفَةِ فِيهِمَا، وَصَوَّبَ الدَّمِيرِيِّ الْأَوَّلَ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ قِيلَ لَهُ: أَطَلَّقْتَ زَوْجَتَك فَقَالَ: نَعَمْ قَاصِدًا الْكَذِبَ وَإِنْ رُدَّ بِأَنَّ الِاسْتِفْهَامَ مُنَزَّلٌ فِيهِ الْجَوَابُ عَلَى السُّؤَالِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَلَمْ يَنْظُرْ فِيهِ لِقَصْدِهِ وَبِفَرْضِ الْمُسَاوَاةِ لَيْسَ هُنَا قَرِينَةٌ عَلَى الْقَصْدِ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا، وَقَوْلُهُ لِضَارِبِ قِنِّهِ عَبْدُ غَيْرِك حُرٌّ مِثْلُك لَا عِتْقَ بِهِ كَمَا لَوْ قَالَ لِقِنِّهِ يَا خَوَاجَا. وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ حُرٌّ كَانَ إقْرَارًا بِحُرِّيَّتِهِ بِخِلَافِ أَنْتَ تَظُنُّ، أَوْ قَالَ لِقِنِّهِ: اُفْرُغْ مِنْ الْعَمَلِ قَبْلَ الْعِشَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــSيُقَالُ: إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الشَّائِعِ لِأَنَّ السِّرَايَةَ فِيهِ مُمْكِنَةٌ لِحُصُولِهَا مِنْ عِتْقٍ نَافِذٍ، وَأَمَّا الْيَدُ فَلَا يُتَصَوَّرُ إعْتَاقُهَا وَحْدَهَا فَيَضْعُفُ الْقَوْلُ بِالسِّرَايَةِ مِنْهَا وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي إعْتَاقِ جُزْءٍ مُبْهَمٍ فَأَعْتَقَهُ فَهَلْ يَسْرِي أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّعْبِيرِ بِالْجُزْءِ عَنْ الْكُلِّ صِيَانَةً لِعِبَارَةِ الْمُكَلَّفِ عَنْ الْإِلْغَاءِ مَا أَمْكَنَ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الشَّائِعِ لِأَنَّ السِّرَايَةَ فِيهِ مُمْكِنَةٌ لِحُصُولِهَا مِنْ عِتْقٍ نَافِذٍ، وَأَمَّا الْيَدُ فَلَا يُتَصَوَّرُ إعْتَاقُهَا وَحْدَهَا فَيَضْعُفُ الْقَوْلُ بِالسِّرَايَةِ مِنْهَا. وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي إعْتَاقِ جُزْءٍ مُبْهَمٍ فَأَعْتَقَهُ فَهَلْ يَسْرِي أَوَّلًا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّعْبِيرِ بِالْجُزْءِ عَنْ الْكُلِّ صِيَانَةً لِعِبَارَةِ الْمُكَلَّفِ عَنْ الْإِلْغَاءِ. (قَوْلُهُ: سَرَى لِنَصِيبِهِ) أَيْ لِنَصِيبِ الْوَكِيلِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا حَكَمَ بِالسِّرَايَةِ إلَى مِلْكِ الْغَيْرِ) أَيْ وَهُوَ الْمُوَكَّلُ، وَقَوْلُهُ: هُنَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَوْ وَكَّلَهُ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ لِغَيْرِهِ فَسَيَأْتِي) أَيْ أَمَّا إذَا كَانَ بَاقِي الْعَبْدِ لِغَيْرِ الْمُوَكِّلِ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ كَانَ عَبْدٌ لِرَجُلٍ نِصْفُهُ وَلِآخَرَ ثُلُثُهُ وَلِآخَرَ سُدُسُهُ (قَوْلُهُ: كِنَايَةً لِضَعْفِهَا) أَيْ الصِّيغَةِ، وَقَوْلُهُ: بِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهَا مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ مَا يَسْتَقِلُّ بِهِ الْفَاعِلُ مِمَّا لَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ إذَا أَسْنَدَهُ لَهُ تَعَالَى كَانَ صَرِيحًا، وَمَا لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ كَالْبَيْعِ إذَا أَسْنَدَهُ لِلَّهِ كَانَ كِنَايَةً، وَكَتَبَ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ قَوْلَهُ بِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهَا: أَيْ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مَعَهَا مِنْ الْقَبُولِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَصَدَ بِذَلِكَ) أَيْ أَوْ أَطْلَقَ لِيُخَالِفَ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَ الْإِسْنَوِيُّ خِلَافَهُ) أَيْ فَقَالَ: لَا يُعْتَقُ ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا) حَيْثُ قَصَدَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا تَسَلُّطَ لِلضَّارِبِ عَلَى عَبْدِ غَيْرِهِ كَمَا أَنَّهُ لَا تَسَلُّطَ عَلَى الْحُرِّ وَأَطْلَقَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ) أَيْ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْعِشَاءِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ (قَوْلُهُ: كَانَ إقْرَارًا بِحُرِّيَّتِهِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ صَادِقًا عَتَقَ بَاطِنًا وَإِلَّا عَتَقَ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُصَنِّفِ فَيَعْتِقُ كُلُّهُ: أَيْ لَا تَعْبِيرًا بِالْجُزْءِ عَنْ الْكُلِّ، وَهُوَ وَجْهٌ ثَانٍ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَلِلْخِلَافِ ثَمَرَاتٌ فِي الْمُطَوَّلَاتِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا ثَمَّ فَاَلَّذِي سَرَى إلَيْهِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: فَاَلَّذِي يَسْرِي إلَيْهِ بِلَفْظِ الْمُضَارِعِ وَهِيَ الْمُنَاسَبَةُ لِلْحُكْمِ وَهُوَ عَدَمُ السِّرَايَةِ. (قَوْلُهُ: أَمَّا أَعْتَقْتُك) لَا وَجْهَ لِلتَّعْبِيرِ بِأَمَّا هُنَا. (قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَ الْإِسْنَوِيُّ خِلَافَهُ) أَيْ فَلَا يَقَعُ عِنْدَهُ لَا بَاطِنًا وَلَا ظَاهِرًا (قَوْلُهُ: وَبِفَرْضِ الْمُسَاوَاةِ) هَذَا مِنْ جُمْلَةِ كَلَامِ الرَّادِّ وَهُوَ ابْنُ حَجَرٍ: أَيْ وَبِفَرْضِ مُسَاوَاةِ مَا هُنَا لِمَا لَوْ

وَأَنْت حُرٌّ وَقَالَ: أَرَدْت حُرًّا مِنْ الْعَمَلِ دُيِّنَ أَوْ أَنْتَ حُرٌّ مِثْلُ هَذَا الْعَبْدِ عَتَقَ الْمُشَبَّهُ أَوْ مِثْلُ هَذَا عَتَقَا الْأَوَّلُ بِالْإِنْشَاءِ وَالثَّانِي بِالْإِقْرَارِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَذَبَ لَمْ يُعْتَقْ بَاطِنًا (وَكَذَا فَكُّ رَقَبَةٍ) أَيْ مَا اُشْتُقَّ مِنْهُ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ (فِي الْأَصَحِّ) لِوُرُودِهِ فِي الْكِتَابِ وَتَرْجَمَةُ الصَّرِيحِ صَرِيحَةٌ وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ كَهِيَ فِي الطَّلَاقِ وَالثَّانِي أَنَّهُ كِنَايَةٌ لِاسْتِعْمَالِهِ فِي الْعِتْقِ وَغَيْرِهِ. (وَلَا يَحْتَاجُ) الصَّرِيحُ (إلَى نِيَّةٍ) بَلْ يُعْتَقُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ إيقَاعَهُ وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ نَظَائِرِهِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ (وَتَحْتَاجُ إلَيْهَا كِنَايَتُهُ) وَإِنْ انْضَمَّ إلَيْهَا قَرِينَةٌ لِاحْتِمَالِهَا غَيْرَ الْعِتْقِ، وَيُتَّجَهُ أَنْ يَأْتِيَ هُنَا فِي مُقَارَنَةِ النِّيَّةِ لَهَا مَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الطَّلَاقِ (وَهِيَ) أَيْ الْكِنَايَةُ كَثِيرَةٌ، وَضَابِطُهَا كُلُّ مَا أَنْبَأَ عَنْ فُرْقَةٍ أَوْ زَوَالِ مِلْكٍ فَمِنْهَا (لَا مِلْكَ) أَوْ لَا بُدَّ أَوْ لَا أَمْرَ أَوْ لَا إمْرَةً أَوْ لَا حُكْمَ أَوْ لَا قُدْرَةَ (لِي عَلَيْك لَا سُلْطَانَ) لِي عَلَيْك (لَا سَبِيلَ) لِي عَلَيْك (لَا خِدْمَةَ) لِي عَلَيْك زَالَ مِلْكِي عَنْك (أَنْتَ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِهَا وَإِنْ كَانَ بِضِدِّ مَا خَاطَبَهُ بِهِ إذْ لَا أَثَرَ لِلَّحْنِ هُنَا (سَائِبَةٌ أَنْتَ مَوْلَايَ) أَنْتَ سَيِّدِي أَنْتَ لِلَّهِ لِأَنَّهَا تُشْعِرُ بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ مَعَ احْتِمَالِهَا لِغَيْرِهِ، وَوَجْهُهُ فِي مَوْلَايَ أَنَّهُ مُشْتَرِكٌ بَيْنَ الْمُعْتِقِ وَالْعَتِيقِ، وَكَذَا يَا سَيِّدِي كَمَا رَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ. وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَإِنْ رَجَّحَ الزَّرْكَشِيُّ مُقَابِلَهُ وَقَوْلُهُ: أَنْتَ ابْنِي أَوْ بِنْتِي أَوْ أَبِي أَوْ أُمِّي إعْتَاقٌ إنْ أَمْكَنَ مِنْ حَيْثُ السِّنِّ وَإِنْ عُرِفَ كَذِبُهُ وَنَسَبُهُ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ يَا بُنَيَّ كِنَايَةً (وَكَذَا كُلُّ) لَفْظٍ (صَرِيحٍ أَوْ كِنَايَةٍ لِلطَّلَاقِ) أَوْ لِلظِّهَارِ، وَهُوَ كِنَايَةٌ هُنَا كَمَا مَرَّ مَعَ مَا اُسْتُثْنِيَ مِنْهُ كَاعْتَدِّ وَاسْتَبْرِئْ رَحِمَكِ لِلْعَبْدِ فَإِنَّهُ لَغْوٌ وَإِنْ نَوَى الْعِتْقَ لِاسْتِحَالَتِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَالَ لِقِنِّهِ أَعْتِقْ نَفْسَك فَقَالَ: أَعْتَقْتُك كَانَ لَغْوًا أَيْضًا، بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الطَّلَاقِ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الظِّهَارَ كِنَايَةٌ هُنَا دُونَهُ هُنَاكَ (وَقَوْلُهُ لِعَبْدٍ أَنْتِ حُرَّةٌ وَلِأَمَةٍ أَنْتَ حُرٌّ صَرِيحٌ) تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ (وَلَوْ قَالَ) لَهُ (عَتَقْتُك إلَيْك) وَعَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ عَنْهُ جَعَلْتُ عِتْقَكَ إلَيْك وَكَأَنَّهُ حَذَفَهُ لِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ أَوْ (خَيَّرْتُك) مِنْ التَّخْيِيرِ، وَقَوْلُ الْمُحَرَّرِ فِي بَعْضِ نُسَخِهِ حَرَّرْتُك غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ صَرِيحُ تَنْجِيزٍ كَمَا مَرَّ (وَنَوَى تَفْوِيضَ الْعِتْقِ إلَيْهِ فَأَعْتَقَ نَفْسَهُ فِي الْمَجْلِسِ) أَيْ مَجْلِسِ التَّخَاطُبِ بِأَنَّ لَا يُؤَخَّرُ بِقَدْرِ مَا يَنْقَطِعُ بِهِ الْإِيجَابُ عَنْ الْقَبُولِ عَلَى مَا قِيلَ، وَالْأَقْرَبُ ضَبْطُهُ بِمَا مَرَّ فِي الْخُلْعِ لِأَنَّ مَا هُنَا أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ الْبَيْعِ فَهُوَ كَتَفْوِيضِ طَلَاقِهَا لَهَا وَحِينَئِذٍ فَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِهِ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْحَالِ بَدَلَ الْمَجْلِسِ (عَتَقَ) كَمَا فِي الطَّلَاقِ فَيَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ فِي التَّفْوِيضِ ثَمَّ، وَجُعِلَتْ خَيَّرْتُك إلَيْهِ صَرِيحٌ فِي التَّفْوِيضِ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ، وَكَذَا عِتْقُك إلَيْك، فَقَوْلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَقَالَ: أَرَدْت حُرًّا مِنْ الْعَمَلِ دَيْنٌ) أَيْ فَيُعْتَقُ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا (قَوْلُهُ: كَهِيَ فِي الطَّلَاقِ) أَيْ فَإِنْ فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ فَصَرِيحَةٌ أَوْ الْفَطِنُ دُونَ غَيْرِهِ فَكِنَايَةٌ وَإِلَّا فَلَغْوٌ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الطَّلَاقِ) وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُ أَنَّهُ يَكْفِي مُقَارَنَتُهَا لِجُزْءٍ مِنْ الصِّيغَةِ (قَوْلُهُ: إعْتَاقٌ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِطَرِيقِ الْمُؤَاخَذَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ فَيُعْتَقُ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ قَصَدَ بِهِ الشَّفَقَةَ وَالْحُنُوَّ، فَلَوْ أَطْلَقَ عَتَقَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (قَوْلُهُ: إنْ أَمْكَنَ) وَإِلَّا كَانَ لَغْوًا (قَوْلُهُ: صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ) وَأَمَّا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنَا مِنْك حُرٌّ فَلَيْسَ بِكِنَايَةٍ، بِخِلَافِ أَنَا مِنْك طَالِقٌ فَإِنَّهُ كِنَايَةٌ، وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ النِّكَاحَ وَصْفٌ لِلزَّوْجَيْنِ، بِخِلَافِ الرِّقِّ فَإِنَّهُ وَصْفٌ لِلْمَمْلُوكِ اهـ مَتْنُ الْبَهْجَةِ وَشَرْحِهَا الْكَبِيرِ أَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ كَوْنِهِ غَيْرَ كِنَايَةٍ هُنَا مَا لَمْ يُقْصَدْ بِهِ إزَالَةُ الْعَلَقَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَقِيقِهِ وَهِيَ عَدَمُ النَّفَقَةِ وَنَحْوِهَا بِحَيْثُ صَارَ مِنْهُ كَالْأَجْنَبِيِّ وَإِلَّا كَانَ كِنَايَةً (قَوْلُهُ: وَاسْتَبْرِئْ رَحِمَك) أَيْ وَكَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لِلْعَبْدِ فَإِنَّ مَعْنَاهُ لَا يَتَأَتَّى فِي الذَّكَرِ، بِخِلَافِهِ لِلْأُنْثَى فَإِنَّهُ يَكُونُ كِنَايَةً (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ) أَيْ هُنَا فِي قَوْلِهِ أَوْ لِلظِّهَارِ هُوَ كِنَايَةٌ (قَوْلُهُ: أَنَّ الظِّهَارَ كِنَايَةٌ هُنَا) أَيْ فِي الْأُنْثَى دُونَ الذَّكَرِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ مَعَ مَا اسْتَثْنَى مِنْهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِمَا مَرَّ فِي الْخُلْعِ) أَيْ فَيُغْتَفَرُ الْكَلَامُ الْيَسِيرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقِيلَ لَهُ طَلَّقْت زَوْجَتك إلَخْ وَإِنْ أَوْهَمَ سِيَاقُ الشَّارِحِ خِلَافَ ذَلِكَ، ثُمَّ هُوَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِرَدِّ هَذَا الرَّدِّ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ أَنْتَ ابْنِي أَوْ ابْنَتِي أَوْ أَبِي أَوْ أُمِّي إعْتَاقٌ) أَيْ صَرِيحٌ (قَوْلُهُ: وَعَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ عَنْهُ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ نَصُّهَا: عِبَارَةُ أَصْلِهِ

وَنَوَى قَيْدًا فِي خَيَّرْتُك فَقَطْ،. وَلَوْ قَالَ: وَهَبْتُك نَفْسَك وَنَوَى الْعِتْقَ عَتَقَ وَلَمْ يَحْتَجْ لِقَبُولٍ، أَوْ التَّمْلِيكُ عِتْقٌ إنْ قَبِلَ فَوْرًا كَمَا فِي مَلَّكْتُك نَفْسَك، وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِرَقَبَتِهِ اُشْتُرِطَ الْقَبُولُ بَعْدَ الْمَوْتِ (أَوْ قَالَ: أَعْتَقْتُك عَلَى أَلْفٍ أَوْ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَ) فِي الْحَالِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا (أَوْ قَالَ لَهُ الْعَبْدُ: أَعْتِقْنِي عَلَى أَلْفٍ فَأَجَابَهُ عَتَقَ فِي الْحَالِ وَلَزِمَهُ الْأَلْفُ) فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ كَالْخُلْعِ، بَلْ أَوْلَى لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ وَهُوَ مِنْ جَانِبِ الْمَالِكِ مُعَاوَضَةٌ فِيهَا شَوْبُ تَعْلِيقٍ، وَمِنْ جَانِبِ الْمُسْتَدْعِي مُعَاوَضَةٌ نَازِعَةٌ إلَى جَعَالَةٍ كَمَا عُلِمَ مِنْ بَابِ الطَّلَاقِ، وَيَأْتِي فِي التَّعْلِيقِ بِالْإِعْطَاءِ وَنَحْوِهِ هُنَا مَا مَرَّ فِي خُلْعِ الْأَمَةِ، وَقَوْلُهُ فِي الْحَالِ لَهُ فَائِدَةٌ ظَاهِرَةٌ وَهِيَ دَفْعُ تَوَهُّمِ تَوَقُّفِ الْعِتْقِ عَلَى قَبْضِ الْأَلْفِ فَسَقَطَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَغْوٌ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ فِي أَعْتَقْتُك عَلَى كَذَا فَقَبِلَ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ حَالًّا وَالْعِوَضُ مُؤَجَّلٌ، فَلَعَلَّهُ انْتَقَلَ نَظَرُهُ إلَى هَذِهِ، عَلَى أَنَّ تَوْجِيهَ مَا ذُكِرَ غَفْلَةً عَنْ كَوْنِ الْمُصَنِّفِ ذَكَرَهُ عَقِبَ ذَلِكَ. وَحَيْثُ فَسَدَ بِمَا يَفْسُدُ بِهِ الْخُلْعُ كَأَنْ قَالَ: أَعْتَقْتُك عَلَى خَمْرٍ أَوْ عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي أَوْ زَادَ أَبَدًا أَوْ إلَى صِحَّتِي مَثَلًا عَتَقَ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ، أَوْ تَخْدُمَنِي عَشْرَ سِنِينَ عَتَقَ وَلَزِمَهُ ذَلِكَ، فَلَوْ خَدَمَهُ نِصْفَ الْمُدَّةِ ثُمَّ مَاتَ فَلِسَيِّدِهِ فِي تَرِكَتِهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ النَّصُّ عَلَى كَوْنِ الْمُدَّةِ تَلِي الْعِتْقَ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ لِانْصِرَافِهَا إلَى ذَلِكَ، وَلَا تَفْصِيلُ الْخِدْمَةِ عَمَلًا بِالْعُرْفِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْإِجَارَةِ. (وَلَوْ قَالَ: بِعْتُك نَفْسَك بِأَلْفٍ) فِي ذِمَّتِك حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا تُؤَدِّيهِ بَعْدَ الْعِتْقِ (فَقَالَ: اشْتَرَيْت) (فَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ الْبَيْعِ) كَالْكِتَابَةِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ هَذَا أَلْزَمُ وَأَسْرَعُ، وَذَكَرَ الرَّبِيعُ قَوْلًا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يُبَايِعُ عَبْدَهُ، فَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ أَثْبَتَهُ وَضَعَّفَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَالَ: وَهَذَا مِنْ تَخْرِيجِ الرَّبِيعِ (وَيُعْتَقُ فِي الْحَالِ وَعَلَيْهِ أَلْفٌ) عَمَلًا بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ، وَلَا خِيَارَ فِيهِ لِأَنَّهُ عَقْدُ عَتَاقَةٍ لَا بَيْعٍ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ بِأَلْفٍ عَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ بِهَذَا فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــSهُنَا كَمَا اُغْتُفِرَ ثَمَّ (قَوْلُهُ: عَتَقَ إنْ قَبِلَ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ أَطْلَقَ وَيَرْجِعُ فِي نِيَّةِ ذَلِكَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: اُشْتُرِطَ الْقَبُولُ) أَيْ وَلَوْ عَلَى التَّرَاخِي (قَوْلُهُ: عَتَقَ فِي الْحَالِ) أَيْ فَوْرًا حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْ السَّيِّدُ أَجَلًا، فَإِنْ ذَكَرَهُ ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ كَذَلِكَ، وَيَجِبُ إنْظَارُهُ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى إلَى الْيَسَارِ كَالدُّيُونِ اللَّازِمَةِ لِلْمُعْسِرِ (قَوْلُهُ: نَازِعَةٌ) أَيْ مَائِلَةٌ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَاتَ) أَيْ الْعَبْدُ وَقَوْلُهُ: فَلِسَيِّدِهِ فِي تَرِكَتِهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ: أَيْ لِأَنَّهُ لَمَّا فَاتَ الْعِوَضُ انْتَقَلَ إلَى بَدَلِهِ وَهُوَ الْقِيمَةُ لَا أُجْرَةُ مِثْلِهِ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ النَّصُّ) أَيْ فَلَوْ نَصَّ عَلَى تَأْخِيرِ ابْتِدَائِهَا عَنْ الْعَقْدِ فَسَدَ الْعِوَضُ وَوَجَبَتْ الْقِيمَةُ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: بَعْدُ لِانْصِرَافِهَا إلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَمَلًا بِالْعُرْفِ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ طَرَأَ لِلسَّيِّدِ مَا يُوجِبُ الِاحْتِيَاجَ فِي خِدْمَتِهِ إلَى زِيَادَةٍ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ حَالُ السَّيِّدِ وَقْتَ الْعَقْدِ فَهَلْ يُكَلَّفُهَا الْعَبْدُ أَوْ يَفْسُدُ الْعِوَضُ فِيمَا بَقِيَ وَيَجِبُ قِسْطُهُ مِنْ الْقِيمَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُكَلَّفُ خِدْمَةَ مَا كَانَ مُتَعَارَفًا لَهُمَا حَالَةَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ الرَّبِيعُ) أَيْ الْمُرَادِيُّ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ عِنْدَ إطْلَاقِ الرَّبِيعِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي الطَّبَقَاتِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ أَلْفٌ) أَيْ فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ يُعْتَقُ ـــــــــــــــــــــــــــــQجَعَلْت إلَخْ. (قَوْلُهُ: بَلْ أَوْلَى) هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِأَصْلِ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: غَفْلَةٌ عَنْ كَوْنِ الْمُصَنِّفِ ذَكَرَهُ عَقِبَ ذَلِكَ) أَيْ ذَكَرَ قَوْلَهُ فِي الْحَالِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ عَقِبَ هَذِهِ: أَيْ وَذِكْرُهُ ذَلِكَ فِي الْمَحَلَّيْنِ الْمُتَعَاقِبَيْنِ يُبْعِدُ كَوْنَهُ صَادِرًا عَنْ انْتِقَالِ نَظَرٍ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ قَوْلُ ابْنِ قَاسِمٍ كَأَنَّهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ. ثُمَّ قَوْلُهُ ثَمَّ إنَّ كَوْنَهُ ذَكَرَهُ عَقِبَ ذَلِكَ لَا يُنَافِي انْتِقَالَ النَّظَرِ لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ لَا يُنَافِي انْتِقَالَ النَّظَرِ مِنْ حُكْمِ إحْدَاهُمَا إلَى حُكْمِ الْأُخْرَى كَمَا هُوَ فِي غَايَةِ الظُّهُورِ، فَدَعْوَى الْغَفْلَةِ مَمْنُوعَةٌ بَلْ لَعَلَّهَا غَفْلَةٌ اهـ. وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنَّ غَفْلَةَ هَذَا الْمُعْتَرِضِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ خَصَّ الِاعْتِرَاضَ بِالْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ مَعَ تَوَجُّهِهِ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ عَقِبَهَا، وَالشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ فَهِمَ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي ذَكَرَهُ رَاجِعٌ إلَى مَسْأَلَةِ إلَى شَهْرٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا عَلِمْت. (قَوْلُهُ بِمَا يَفْسُدُ بِهِ الْخُلْعُ) أَيْ عَوَّضَهُ (قَوْلُهُ: عَبْدَهُ) أَيْ عَبْدَ بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ إضَافَةَ الْمِلْكِ لِمَنْ عُرِفَ رِقُّهُ تَجُوزُ) أَيْ بَلْ قَدْ تَكُونُ حَقِيقَةً كَأَنْ مَلَكَهُ سَيِّدُهُ أَوْ غَيْرُهُ وَقُلْنَا بِصِحَّتِهِ عَلَى الضَّعِيفِ

(وَالْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ) كَمَا لَوْ كَاتَبَهُ. وَلَوْ بَاعَ وَكِيلُ بَيْتِ الْمَالِ عَبْدَهُ مِنْ نَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا قَالَهُ الْأَصْفَهَانِيُّ شَارِحُ الْمَحْصُولِ عَمَلًا بِقَوْلِهِمْ إنَّ الْإِمَامَ فِي مَالِ بَيْتِ الْمَالِ كَالْوَلِيِّ فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَالْوَلِيُّ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ التَّبَرُّعُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْكِتَابَةِ كَهَذَا الْبَيْعِ وَلَوْ بِأَضْعَافِ قِيمَتِهِ، لِأَنَّ مَا يَكْسِبُهُ قَبْلَ الْعِتْقِ مِلْكٌ لِبَيْتِ الْمَالِ وَبَعْدَ الْعِتْقِ لَا يَدْرِي، وَلَوْ قِيلَ لِمَالِكِ قِنٍّ لِمَنْ هَذَا الْمَالُ فَقَالَ: لِهَذَا الْغُلَامِ وَأَشَارَ لَهُ لَمْ يُعْتَقْ، وَإِنَّمَا كَانَ قَوْلُهُ لِغَيْرِهِ بِعْنِي هَذَا إقْرَارًا لَهُ بِالْمِلْكِ لِأَنَّ إضَافَةَ الْمِلْكِ لِمَنْ عُرِفَ رِقُّهُ تَجُوزُ يَقَعُ كَثِيرًا، بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ مَالِكٍ حَقِيقَةً. (وَلَوْ) (قَالَ لِحَامِلٍ) مَمْلُوكَةٍ لَهُ هِيَ وَحَمْلُهَا (أَعْتَقْتُك) وَأَطْلَقَ (أَوْ أَعْتَقْتُك دُونَ حَمْلِك) (عَتَقَا) لِدُخُولِهِ فِي بَيْعِهَا فِي الْأُولَى وَلِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهَا فِي الثَّانِيَةِ، فَأَشْبَهَ لَوْ قَالَ: أَعْتَقْتُك إلَّا يَدَك، وَيُخَالِفُ مَا لَوْ قَالَ: بِعْتُك الْجَارِيَةَ دُونَ حَمْلِهَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَبْطُلُ بِالِاسْتِثْنَاءِ لِقُوَّتِهِ (وَلَوْ أَعْتَقَهُ عَتَقَ) حَيْثُ نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ وَإِلَّا لَغَا عَلَى الْأَصَحِّ (دُونَهَا) وَفَارَقَ عَكْسُهُ بِأَنَّهُ لِكَوْنِهِ فَرْعُهَا يُتَصَوَّرُ تَبَعِيَّتُهُ لَهَا وَلَا عَكْسُ، وَلَوْ قَالَ: مُضْغَةُ هَذِهِ الْأَمَةِ حُرَّةٌ كَانَ إقْرَارًا بِانْعِقَادِ الْوَلَدِ حُرًّا، فَإِنْ زَادَ عُلِّقَتْ بِهَا مِنِّي فِي مِلْكِي كَانَ إقْرَارًا لِلْأَمَةِ بِأُمِّيَّةِ الْوَلَدِ (وَلَوْ كَانَتْ لِرَجُلٍ وَالْحَمْلُ لِآخَرَ) بِنَحْوِ وَصِيَّةٍ (لَمْ يُعْتَقْ أَحَدُهُمَا بِعِتْقِ الْآخَرِ) لِأَنَّهُ لَا اسْتِتْبَاعَ مَعَ اخْتِلَافِ الْمَالِكَيْنِ (وَإِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا عَبْدٌ) أَوْ أَمَةٌ (فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا كُلَّهُ أَوْ نَصِيبَهُ) كَنَصِيبِي مِنْك حُرٌّ أَوْ نِصْفُك حُرٌّ وَهُوَ يَمْلِكُ نِصْفَهُ (عَتَقَ نَصِيبُهُ) مُوسِرًا كَانَ أَمْ مُعْسِرًا وَأَمَّا نَصِيبُ شَرِيكِهِ (فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا بَقِيَ) عِنْدَ الْإِعْتَاقِ (الْبَاقِي لِشَرِيكِهِ) وَلَا سِرَايَةَ لِمَفْهُومِ الْحَدِيثِ الْآتِي (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ مُوسِرًا وَهُوَ مِنْ مِلْكٍ فَاضِلًا عَنْ جَمِيعِ مَا يُتْرَكُ لِلْمُفْلِسِ مِمَّا يَفِي بِقِيمَتِهِ (سَرَى إلَيْهِ) أَيْ إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ مَا لَمْ يَثْبُتْ لَهُ الْإِيلَادُ بِأَنْ اسْتَوْلَدَهَا مَالِكُهُ مُعْسِرًا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ عَتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ وَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ قُوِّمَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ قِيمَةَ عَدْلٍ وَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ، وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ عَلَيْهِ مَا عَتَقَ» وَقِيسَ بِمَا فِيهِ غَيْرُهُ مِمَّا مَرَّ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلدَّارَقُطْنِيِّ «وَرَقَّ مِنْهُ مَا رَقَّ» قَالَ الْحَافِظُ: وَرِوَايَةُ السِّعَايَةِ مُدْرَجَةٌ فِيهِ، وَبِفَرْضِ وُرُودِهَا حُمِلَتْ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ، عَلَى أَنَّهُ يُسْتَسْعَى لِسَيِّدِهِ الَّذِي لَمْ يُعْتِقْ: يَعْنِي يَخْدُمُهُ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ لِئَلَّا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَتَجِبُ قِيمَتُهُ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ أَعْتَقْتُك عَلَى خَمْرٍ (قَوْلُهُ: وَالْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ كَافِرًا وَإِنْ لَمْ يَرِثْهُ اهـ خَطِيبٌ، وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ قَدْ يُسْلِمُ السَّيِّدُ فَيَرِثُهُ وَعَكْسُهُ كَعَكْسِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَعْتَقْتُك دُونَ حَمْلِك عِتْقًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْحَمْلُ عَلَقَةً أَوْ مُضْغَةً أَوْ نُطْفَةً أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ وَلِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهَا وَمِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ أَعْتَقَهُ عَتَقَ حَيْثُ نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ (قَوْلُهُ: حَيْثُ نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بُلُوغُهُ، أَوْ أَنَّ نَفْخَ الرُّوحِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّارِعِ وَهُوَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ زَادَ عُلِّقَتْ بِهَا مِنِّي فِي مِلْكِي) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَزِدْ ذَلِكَ لَا تَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً، وَظَاهِرُ عَدَمِ الِاسْتِيلَادِ وَإِنْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا وَفِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ مَا نَصُّهُ: وَقَالَ النَّوَوِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ لَا تَصِيرَ أَيُّ مُسْتَوْلَدَةٍ حَتَّى يُقَرَّ بِوَطْئِهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ حُرٌّ مِنْ وَطْءِ أَجْنَبِيٍّ بِشُبْهَةٍ اهـ فَلْيُرَاجَعْ وَقَدْ يُوَجَّهُ كَلَامُ م ر بِأَنَّ مُجَرَّدَ الْإِقْرَارِ بِوَطْئِهَا لَا يَسْتَدْعِي كَوْنَ الْوَلَدِ مِنْهُ لِجَوَازِ كَوْنِهِ مُتَأَخِّرًا عَنْ الْحَمْلِ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِ بِزَمَنٍ لَا يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْإِعْتَاقِ) مُتَعَلِّقٌ بِ مُعْسِرًا، وَلَوْ وَصَلَهُ بِهِ وَأَخَّرَ قَوْلَهُ بَقِيَ كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: بِأَنْ اسْتَوْلَدَهَا مَالِكُهُ) أَيْ النِّصْفَ (قَوْلُهُ: يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ) أَيْ ثَمَنَ مَا يَخُصُّ شَرِيكَهُ مِنْ الْعَبْدِ وَالْمُرَادُ بِالثَّمَنِ هُنَا الْقِيمَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ وَأَمَّا نَصِيبُ شَرِيكِهِ) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ عَقِبَ هَذَا: فَفِيهِ تَفْصِيلٌ نَظِيرُ مَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ عِنْدَ الْإِعْتَاقِ) صَوَابُ ذِكْرِ هَذَا قَبْلَ قَوْلِهِ بَقِيَ كَمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَرِوَايَةُ السِّعَايَةِ) لَفْظُ الرِّوَايَةِ «فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ قُوِّمَ الْعَبْدُ قِيمَةَ عَدْلٍ ثُمَّ اُسْتُسْعِيَ لِصَاحِبِهِ فِي قِيمَتِهِ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ» (قَوْلُهُ: يَعْنِي يَخْدُمُهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى عَدَمُ تَأْتِي هَذَا الْجَوَابُ

يَظُنَّ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ اسْتِخْدَامُهُ. وَلَوْ بَاعَ شِقْصًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ ثُمَّ أَعْتَقَ بَاقِيَهُ وَالْخِيَارُ بَاقٍ سَرَى وَإِنْ أَعْسَرَ بِحِصَّةِ الْمُشْتَرِي لَكِنَّهُ بِالسِّرَايَةِ يَقَعُ الْفَسْخُ حِينَئِذٍ فَلَا شَرِكَةَ فَلَا يُرَدُّ (أَوْ إلَى مَا أَيْسَرَ بِهِ) مِنْ قِيمَتِهِ لَيَقْرُبَ حَالُهُ مِنْ الْحُرِّيَّةِ، وَلَوْ كَانَ لِثَلَاثَةٍ فَأَعْتَقَ اثْنَانِ مِنْهُمَا نَصِيبَهُمَا مَعًا وَأَحَدُهُمَا مُوسِرٌ فَقَطْ قُوِّمَ جَمِيعُ مَا لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ وَحْدَهُ (وَعَلَيْهِ قِيمَةُ ذَلِكَ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ) أَيْ وَقْتَهُ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْإِتْلَافِ كَجِنَايَةٍ عَلَى قِنٍّ سَرَتْ لِنَفْسِهِ يُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ وَقْتَهَا لَا وَقْتَ مَوْتِهِ (وَتَقَعُ السِّرَايَةُ بِنَفْسِ الْإِعْتَاقِ) لِظَاهِرِ الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ، نَعَمْ يُسْتَثْنَى مَا لَوْ كَاتَبَ الشَّرِيكَانِ ثُمَّ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِالسِّرَايَةِ بَعْدَ الْعَجْزِ عَنْ أَدَاءِ نَصِيبِ الشَّرِيكِ، فَإِنَّ فِي التَّعْجِيلِ إضْرَارًا بِالسَّيِّدِ لِفَوَاتِ الْوَلَاءِ وَبِالْمُكَاتَبِ لِانْقِطَاعِ الْكَسْبِ عَنْهُ (وَفِي قَوْلٍ) لَا يَقَعُ الْإِعْتَاقُ إلَّا (بِأَدَاءِ الْقِيمَةِ) أَوْ الِاعْتِيَاضِ عَنْهَا لِخَبَرِ «إنْ كَانَ مُوسِرًا فَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ» وَأَجَابُوا بِأَنَّهُ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعِتْقَ بِالتَّقْوِيمِ لَا بِالدَّفْعِ، وَحِينَئِذٍ فَيَدُلُّ لِلْأَوَّلِ لِأَنَّهُ إنَّمَا قُوِّمَ لِأَنَّهُ صَارَ مُتْلِفًا وَإِنَّمَا يَتْلَفُ بِالسِّرَايَةِ. (وَفِي قَوْلٍ) يُوقَفُ الْأَمْرُ رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ، فَعَلَيْهِ (إنْ دَفَعَهَا) أَيْ الْقِيمَةَ (بَانَ أَنَّهَا) أَيْ السِّرَايَةَ حَصَلَتْ (بِالْإِعْتَاقِ) وَإِلَّا بَانَ أَنَّهُ لَمْ يُعْتِقْ (وَاسْتِيلَادُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ الْمُوسِرِ يَسْرِي) إلَى حِصَّةِ شَرِيكِهِ كَالْعِتْقِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهُ فَعَلَ وَهُوَ أَقْوَى وَلِهَذَا نَفَذَ مِنْ مَرِيضٍ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، بِخِلَافِ إعْتَاقِهِ فَإِنَّهُ مِنْ الثُّلُثِ أَمَّا مِنْ الْمُعْسِرِ فَلَا يَسْرِي كَالْعِتْقِ إلَّا مِنْ وَالِدِ الشَّرِيكِ لِأَنَّهُ يَنْفُذُ مِنْهُ إيلَادُ كُلِّهَا (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْمُوسِرِ (قِيمَةُ) مَا أَيْسَرَ بِهِ مِنْ (نَصِيبِ شَرِيكِهِ) لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ (وَحِصَّتُهُ مِنْ مَهْرِ مِثْلٍ) لِاسْتِمْتَاعِهِ بِمِلْكِ غَيْرِهِ حَيْثُ تَأَخَّرَ الْإِنْزَالُ عَنْ مَغِيبِ الْحَشَفَةِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ، وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ حِصَّةُ مَهْرٍ لِأَنَّ الْمُوجِبَ لَهُ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ فِي مِلْكِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ) أَيْ أَوْ لَهُمَا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُعْتِقْ عَلَيْهِ وَحْدَهُ) أَيْ دُونَ الْمُعْسِرِ (قَوْلُهُ: أَيْ وَقْتَهُ) وَسَيَأْتِي أَنَّ إيلَادَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ نَافِذٌ مَعَ الْيَسَارِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ مُعْسِرًا وَقْتَ الْإِحْبَالِ أَوْ الْعُلُوقِ ثُمَّ أَيْسَرَ بَعْدُ فَهَلْ يُؤَثِّرُ ذَلِكَ فَيُحْكَمُ بِنُفُوذِ الْإِعْتَاقِ وَالْعُلُوقِ مِنْ وَقْتِهِمَا أَوْ لَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْإِعْتَاقِ فَيُحْكَمُ بِعَدَمِ نُفُوذِهِ لِأَنَّهُ قَوْلٌ إذَا رُدَّ لَغَا، وَبِنُفُوذِ الِاسْتِيلَادِ لِأَنَّهُ مِنْ قُبَيْلِ الْإِتْلَافِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ فِي آخِرِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَالْعِبْرَةُ فِي الْيَسَارِ وَعَدَمِهِ بِوَقْتِ الْإِحْبَالِ إلَخْ أَنَّ طُرُوُّ الْيَسَارِ لَا أَثَرَ لَهُ، وَقِيَاسُ مَا فِي الرَّهْنِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَحْبَلَهَا وَهُوَ مُعْسِرٌ فَبِيعَتْ فِي الدَّيْنِ ثُمَّ مَلَكَهَا نَفَذَ الْإِيلَادُ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ إذَا مَلَكَهَا (قَوْلُهُ: عَنْ أَدَاءِ نَصِيبِ الشَّرِيكِ) أَيْ لَا مِنْ عِتْقِ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: لِانْقِطَاعِ الْكَسْبِ عَنْهُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِانْقِطَاعِهِ عَدَمُ حُصُولِ مَا كَسَبَهُ قَبْلَ الْعِتْقِ لَهُ لِأَنَّا لَوْ قُلْنَا بِالسِّرَايَةِ بَطَلَتْ الْكِتَابَةُ، وَبِبُطْلَانِهَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ مَا كَسَبَهُ لِلسَّيِّدِ. (قَوْلُهُ: إلَى حِصَّةِ شَرِيكِهِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ مُوسِرًا بِالْكُلِّ وَإِلَّا فَفِيمَا أَيْسَرَ بِهِ فَقَطْ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَلَا يَسْرِي كَالْعِتْقِ) أَيْ وَيَكُونُ الْوَلَدُ حُرًّا فَيَغْرَمُ لِشَرِيكِهِ قِيمَةَ نِصْفِهِ عُبَابٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ حِكَايَةُ خِلَافٍ فِيهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مِنْهُ أَنَّهُ مُبَعَّضٌ (قَوْلُهُ: إلَّا مِنْ وَالِدِ الشَّرِيكِ) كَأَنْ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَلَدِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ) وَلَوْ تَنَازَعَا فَزَعَمَ الْوَاطِئُ تَقَدُّمَ الْإِنْزَالِ الشَّرِيكُ تَأَخُّرَهُ صُدِّقَ الْوَاطِئُ فِيمَا يَظْهَرُ عَمَلًا بِالْأَصْلِ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْمَهْرِ وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ تَأَخُّرَ الْإِنْزَالِ، وَيُحْتَمَلُ تَصْدِيقُ الشَّرِيكِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيمَنْ تَعَدَّى عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ الضَّمَانُ حَتَّى يُوجَدَ مُسْقِطٌ وَلَمْ نَتَحَقَّقْهُ وَهَذَا أَقْرَبُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَعَ قَوْلِهِ قُوِّمَ عَلَيْهِ وَمَعَ قَوْلِهِ فِي قِيمَتِهِ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ بِالسِّرَايَةِ يَقَعُ الْفَسْخُ إلَخْ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: بَلْ قَدْ يُقَالُ لَا شَرِكَةَ حَقِيقَةٌ حِينَ الْإِعْتَاقِ أَيْضًا لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُ فَمِلْكُ الْمَبِيعِ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ: قِيمَةَ عَدْلٍ) تَمَامُهُ «وَلَا وَكْسَ وَلَا شَطَطَ ثُمَّ يَعْتِقُ» (قَوْلُهُ: إلَّا مِنْ وَالِدِ الشَّرِيكِ) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ الَّذِي هُوَ وَالِدُ الشَّرِيكِ الْآخَرِ اسْتَوْلَدَهَا، وَعِبَارَةُ كُتُبِ الْأُسْتَاذِ: وَلَوْ كَانَ الشَّرِيكُ الْمُسْتَوْلِدُ أَصْلًا لِشَرِيكِهِ سَرَى وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا كَمَا لَوْ اسْتَوْلَدَ الْجَارِيَةَ الَّتِي كُلُّهَا لَهُ اهـ ابْنُ قَاسِمٍ

غَيْرِهِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ لِمَا يَأْتِي أَنَّ السِّرَايَةَ تَقَعُ بِنَفْسِ الْعُلُوقِ، وَاعْتِمَادُ جَمْعٍ وُجُوبَهَا مُطْلَقًا مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التَّعْلِيلِ الْآتِي بِوُقُوعِ الْعُلُوقِ فِي مِلْكِهِ وَبِذَلِكَ يَنْدَفِعُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا، وَمَا مَرَّ فِي الْأَبِ بِأَنَّهُ إنَّمَا قَدَّرَ الْمِلْكَ فِيهِ لِحُرْمَتِهِ، وَيَجِبُ مَعَ ذَلِكَ فِي بِكْرٍ حِصَّتُهُ مِنْ أَرْشِ الْبَكَارَةِ. (وَتُجْرَى الْأَقْوَالُ) الْمَارَّةُ (فِي وَقْتِ حُصُولِ السِّرَايَةِ) إذْ الْعُلُوقُ هُنَا كَالْعُلُوقِ ثَمَّ (فَعَلَى الْأَوَّلِ) وَهُوَ الْحُصُولُ بِنَفْسِ الْعُلُوقِ (وَالثَّالِثُ) وَهُوَ التَّبَيُّنُ (لَا تَجِبُ قِيمَةُ حِصَّتِهِ مِنْ الْوَلَدِ) لِانْعِقَادِهِ حُرًّا عَلَى الْأَوَّلِ بِحُصُولِ الْعُلُوقِ فِي مِلْكِهِ وَلِتَنَزُّلِ اسْتِحْقَاقِ السِّرَايَةِ مَنْزِلَةَ حُصُولِ الْمِلْكِ عَلَى الثَّالِثِ وَعَلَى الثَّانِي تَجِبُ (وَلَا يَسْرِي تَدْبِيرٌ) لِبَاقِي الْقِنِّ مِنْ مَالِكِ كُلٍّ أَوْ بَعْضٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ إتْلَافًا لِجَوَازِ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ فَيُعْتَقُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ مَا دَبَّرَهُ فَقَطْ لِإِعْسَارِ الْمَيِّتِ، وَحُصُولُهُ فِي الْحَمْلِ لَيْسَ سِرَايَةً بَلْ تَبَعًا كَعُضْوٍ مِنْهَا (وَلَا يَمْنَعُ السِّرَايَةَ دَيْنٌ) حَالٌّ (مُسْتَغْرِقٌ) بِدُونِ حَجْرٍ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِمَا فِي يَدِهِ نَافِذُ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَلِذَا نَفَذَ إعْتَاقُهُ، وَالثَّانِي يَمْنَعُ لِأَنَّهُ مُعْسِرٌ يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَا حَاجَةَ لِمُسْتَغْرِقٍ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ، وَلَوْ كَانَ بِالدَّيْنِ الْحَالِّ رَهْنٌ لَازِمٌ لَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ وَلَا يَفْضُلُ مِنْهُ شَيْءٌ لَمْ يَسِرْ قَطْعًا، وَلَوْ عُلِّقَ وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ ثُمَّ وُجِدَتْ الصِّفَةُ وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لَمْ يَسِرْ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي نُفُوذِ الْعِتْقِ بِحَالَةِ وُجُودِ الصِّفَةِ. (وَلَوْ قَالَ لِشَرِيكِهِ الْمُوسِرِ: أَعْتَقْت نَصِيبَك فَعَلَيْك قِيمَةُ نَصِيبِي فَأَنْكَرَ) وَلَا بَيِّنَةَ (صُدِّقَ الْمُنْكِرُ بِيَمِينِهِ) إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الْعِتْقِ (فَلَا يُعْتَقُ نَصِيبُهُ) إنْ حَلَفَ وَإِلَّا حَلَفَ الْمُدَّعِي وَاسْتَحَقَّ قِيمَةَ نَصِيبِهِ، وَلَا يُعْتِقُ نَصِيبِ الْمُنْكِرِ لِأَنَّ الدَّعْوَى إنَّمَا سُمِعَتْ عَلَيْهِ لِأَجْلِ الْقِيمَةِ فَقَطْ، وَإِلَّا فَهِيَ لَا تَسْمَعُ عَلَى آخَرَ أَنَّك أَعْتَقْت حَتَّى يَحْلِفَ، نَعَمْ إنْ كَانَ مَعَ الشَّرِيكِ شَاهِدٌ آخَرُ قُبِلَا حِسْبَةً: أَيْ إنْ كَانَ قَبْلَ دَعْوَاهُ الْقِيمَةَ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ لِتُهْمَتِهِ حِينَئِذٍ (وَيُعْتَقُ نَصِيبُ الْمُدَّعَى بِإِقْرَارِهِ إنْ قُلْنَا يَسْرِي بِالْإِعْتَاقِ) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ، وَأَفْهَمَ أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ بِإِقْرَارِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، نَعَمْ لَوْ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ عَتَقَ جَزْمًا لَكِنْ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ (وَلَا يَسْرِي إلَى نَصِيبِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَكَتَبَ أَيْضًا لُطْفُ اللَّهِ بِهِ: قَوْلُهُ: وَإِلَّا: أَيْ بِأَنْ تَقَدَّمَ أَوْ قَارَنَ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ تَقَدَّمَ الْإِنْزَالُ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ مَعَ ذَلِكَ فِي بِكْرٍ حِصَّتُهُ مِنْ أَرْشِ الْبَكَارَةِ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ هَذَا إنْ تَأَخَّرَ الْإِنْزَالُ عَنْ إزَالَتِهَا وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ لَهَا أَرْشٌ وَلَعَلَّهُ لَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهِ لِبُعْدِ الْعُلُوقِ مِنْ الْإِنْزَالِ قَبْلَ زَوَالِ الْبَكَارَةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَسِرْ قَطْعًا) أَيْ لِأَنَّهُ مُعْسِرٌ، وَلَا تُشْكِلُ هَذِهِ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ السِّرَايَةَ لِأَنَّ ذَلِكَ مَفْرُوضٌ فِيمَنْ لَهُ مَالٌ يَدْفَعُ مِنْهُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ بِخِلَافِ هَذَا (قَوْلُهُ: لَمْ يَسِرْ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ هَذَا فَإِنَّ الْأَصَحَّ فِيمَا يَأْتِي آخِرَ كِتَابِ التَّدْبِيرِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِوَقْتِ التَّعْلِيقِ حَتَّى لَوْ عَلَّقَ مُسْتَقِلًّا وَوُجِدَتْ الصِّفَةُ بَعْدَ الْحَجْرِ عَتَقَ نَظَرًا لِحَالَةِ التَّعْلِيقِ، وَقَدْ يُقَالُ: مَا هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ فِيمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَاسْتَحَقَّ قِيمَةَ نَصِيبِهِ) أَيْ وَعَتَقَ بِذَلِكَ نَصِيبُ الْمُنْكِرِ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ لَكِنْ سَيَأْتِي عَنْ شَرْحِ الْمَنْهَجِ مَا يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: لِتُهْمَتِهِ حِينَئِذٍ) أَيْ أَمَّا إنْ كَانَ بَعْدَ دَعْوَاهُ الْقِيمَةَ فَلَا لِتُهْمَتِهِ فَهُوَ تَعْلِيلٌ لِمُقَدَّرٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قُلْنَا يَسْرِي) مُعْتَمَدُ (قَوْلِهِ عَتَقَ جَزْمًا) أَيْ نَصِيبُهُ فَقَطْ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ قَوْلُهُ: السَّابِقُ وَلَا يُعْتَقُ نَصِيبُ الْمُنْكِرِ إلَخْ، لَكِنْ قَوْلُهُ: ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَا حَاجَةَ لِمُسْتَغْرِقٍ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ: فَلَوْ أَوْجَبَتْ السِّرَايَةُ مِائَةً وَهِيَ عِنْدَهُ وَعَلَيْهِ خَمْسُونَ لَمْ يَسْرِ عَلَى الضَّعِيفِ إلَّا فِي الْخَمْسِينَ (قَوْلُهُ: لَمْ يَسْرِ قَطْعًا) أَيْ وَلَا يُقَالُ إنَّهُ مُوسِرٌ بِالرَّهْنِ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ الْعِبْرَةَ إلَخْ) نَبَّهَ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ عَلَى أَنَّ الشَّارِحَ نَاقَضَ هَذَا فِي آخِرِ التَّدْبِيرِ. (قَوْلُهُ: إنْ حَلَفَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ عَدَمَ الْعِتْقِ عَلَى إطْلَاقِهِ وَلَيْسَ مُقَيَّدًا بِالْحَلِفِ، فَكَانَ الْمُنَاسِبُ ثَمَّ إنْ حَلَفَ فَلَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ الْمُدَّعِي الْقِيمَةَ وَإِلَّا حَلَفَ الْمُدَّعِي وَاسْتَحَقَّهَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهِيَ لَا تُسْمَعُ عَلَى آخِرَ أَنَّك أَعْتَقْت حَتَّى يَحْلِفَ) أَيْ إذْ الدَّعْوَى بِمَا ذُكِرَ غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا حَلِفٌ أَيْ فَالثَّمَنُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ الْقِيمَةِ كَمَا قَرَّرَهُ (قَوْلُهُ: عَتَقَ جَزْمًا)

الْمُنْكِرِ) . وَإِنْ أَيْسَرَ الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ لَمْ يُنْشِئْ عِتْقًا فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ شَرِيكٌ لِآخَرَ: اشْتَرَيْت نَصِيبِي فَأَعْتَقْتُهُ فَأَنْكَرَ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ نَصِيبُ الْمُدَّعِي وَلَا يَسْرِي. (وَلَوْ قَالَ لِشَرِيكِهِ) الْمُوسِرِ أَوْ الْمُعْسِرِ (إنْ أَعْتَقْت نَصِيبَك فَنَصِيبِي حُرٌّ) فَقَطْ أَوْ زَادَ (بَعْدَ نَصِيبِك فَأَعْتَقَ الشَّرِيكُ) الْمَقُولُ لَهُ نَصِيبُهُ (وَهُوَ مُوسِرٌ) (سَرَى إلَى نَصِيبِ الْأَوَّلِ إنْ قُلْنَا: السِّرَايَةُ بِالْإِعْتَاقِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ (وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ) أَيْ قِيمَةُ نَصِيبِ الْمُعَلِّقِ، وَلَا يُعْتِقُ بِالتَّعْلِيقِ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ عَلَى النِّصْفِ تَعْلِيقٌ وَسِرَايَةٌ، وَالسِّرَايَةُ أَقْوَى لِأَنَّهَا قَهْرِيَّةٌ تَابِعَةٌ لِعِتْقِ نَصِيبِهِ لَا مَدْفَعَ لَهَا، وَالتَّعْلِيقُ قَابِلٌ لِلدَّفْعِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ قُلْنَا بِالتَّبَيُّنِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ إذَا أُدِّيَتْ الْقِيمَةُ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْأَدَاءِ فَعَمَّنْ يُعْتِقُ نَصِيبَ الْمُعْتِقِ وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ، رَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ السِّرَايَةَ عِنْدَ الْأَدَاءِ، وَيُعْتَقُ عَنْ الْمُنْجَزِ لَا عَنْ الْمُعَلَّقِ، وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَهُوَ مُوسِرٌ عَمَّا لَوْ كَانَ مُعْسِرًا فَيُعْتَقُ عَلَى كُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَصِيبُهُ تَنْجِيزًا فِي الْأَوَّلِ وَمُقْتَضَى التَّعْلِيقِ فِي الثَّانِي (فَلَوْ) (قَالَ) لِشَرِيكِهِ: إنْ أَعْتَقْت نَصِيبَك (فَنَصِيبِي حُرٌّ قَبِلَهُ) أَوْ مَعَهُ أَوْ حَالَ عِتْقِهِ (فَأَعْتَقَ الشَّرِيكُ) الْمُخَاطَبُ نَصِيبَهُ (فَإِنْ كَانَ الْمُعَلِّقُ مُعْسِرًا عَتَقَ نَصِيبُ كُلٍّ عَنْهُ وَالْوَلَاءُ لَهُمَا، وَكَذَا إنْ كَانَ مُوسِرًا وَأَبْطَلْنَا الدَّوْرَ) اللَّفْظِيَّ الْآتِيَ بَيَانُهُ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْمَعِيَّةِ وَالْحَالِيَّةِ يَمْنَعُهُمَا وَالْقَبْلِيَّةُ مُلْغَاةٌ لِاسْتِحَالَةِ الدَّوْرِ الْمُسْتَلْزِمِ هُنَا سَدِّ بَابِ عِتْقِ الشَّرِيكِ فَيَصِيرُ التَّعْلِيقُ مَعَهَا كَهُوَ مَعَ الْمَعِيَّةِ وَالْحَالِيَّةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ نُبْطِلْ الدَّوْرَ فِي صُورَةِ الْقَبْلِيَّةَ (فَلَا يُعْتَقُ شَيْءٌ) عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ لَوْ نَفَذَ إعْتَاقُ الْمَقُولِ لَهُ فِي نَصِيبِهِ لِعِتْقِ نَصِيبِ الْقَائِلِ قَبْلَهُ، وَلَوْ عَتَقَ السُّرِّيَّ وَلَوْ سَرَى لَبَطَلَ عِتْقُهُ فَيَلْزَمُ مِنْ نُفُوذِهِ عَدَمُ نُفُوذِهِ، وَهَذَا يُوجِبُ الْحَجْرَ عَلَى الْمَالِكِ الْمُطْلَقِ التَّصَرُّفِ فِي إعْتَاقِ نَصِيبِهِ نَفْسِهِ، ثُمَّ ضَعَّفَهُ الْأَصْحَابُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَجْرِ عَلَى الْغَيْرِ فِي مِلْكِهِ هَذَا كُلُّهُ إنْ لَمْ يُنْجِزْ الْمُعَلِّقُ عِتْقَ نَصِيبِهِ وَإِلَّا عَتَقَ عَلَيْهِ قَطْعًا وَسَرَى بِشَرْطِهِ. (وَلَوْ كَانَ) أَيْ وُجِدَ (عَبْدٌ لِرَجُلٍ نِصْفُهُ وَلِآخَرَ ثُلُثُهُ وَلِآخَرَ سُدُسُهُ فَأَعْتَقَ الْآخَرَانِ) بِكَسْرِ الْخَاءِ كَمَا بِخَطِّهِ لِيُوَافِقَ مَا فِي الْمُحَرَّرِ لَا التَّقْيِيدِ، إذْ لَوْ أَعْتَقَ اثْنَانِ مِنْهُمْ أَيَّ اثْنَيْنِ كَانَا فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ، قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ (نَصِيبَهُمَا) بِالتَّثْنِيَةِ (مَعًا) بِأَنْ لَمْ يَفْرُغْ أَحَدُهُمَا مِنْهُ قَبْلَ فَرَاغِ الْآخَرِ أَوْ وَكَّلَ وَكِيلًا فَأَعْتَقَهُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ (فَالْقِيمَةُ) لِلنِّصْفِ الَّذِي سَرَى إلَيْهِ الْعِتْقُ (عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّ ضَمَانَ الْمُتْلَفِ يُسْتَوَى فِيهِ الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ كَمَا لَوْ مَاتَ مِنْ جِرَاحَاتِهِمَا الْمُخْتَلِفَةِ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي حِكَايَةُ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا هَذَا، وَالثَّانِي يَجِبُ عَلَى قَدْرِ الْمِلْكَيْنِ كَنَظِيرِهِ مِنْ الشُّفْعَةِ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ مِنْ فَوَائِدِ الْمِلْكِ وَمَرَافِقَهُ كَالثَّمَرَةِ وَهَذَا سَبِيلُهُ سَبِيلُ ضَمَانِ الْمُتْلَفِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَا إذَا كَانَا مُوسِرَيْنِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا فَقَطْ قُوِّمَ عَلَيْهِ نَصِيبُ الثَّالِثِ قَطْعًا. (وَشَرْطُ السِّرَايَةِ) أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا الْيَسَارُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــSهُنَا لَكِنْ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَخْ قَدْ يُخَالِفُهُ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِمْ الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ كَالْإِقْرَارِ إذْ مُقْتَضَاهُ أَنْ يُعْتِقَ جَمِيعَهُ، لَكِنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَسْرِي إلَى نَصِيبِ الْمُنْكِرِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَحَلَفَ الْمُدَّعِي اسْتَحَقَّ الْقِيمَةَ وَلَمْ يُعْتِقْ نَصِيبَ الْمُنْكِرِ أَيْضًا لِأَنَّ الدَّعْوَى إنَّمَا تَوَجَّهَتْ لِلْقِيمَةِ لَا لِلْعِتْقِ اهـ (قَوْلُهُ: تَنْجِيزًا فِي الْأَوَّلِ) أَيْ فِي الْمُعْتِقِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَنْ نَجَزَ الْعِتْقَ. (قَوْلُهُ: أَوْ وَكَّلَ وَكِيلًا) الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَ فِي إعْتَاقِ نَصِيبِهِ مِنْ عَبْدٍ فَأَعْتَقَ الْوَكِيلُ نِصْفَ النَّصِيبِ حَيْثُ لَا يَسْرِي الْإِعْتَاقُ إلَى بَاقِيهِ أَنَّهُ ثَمَّ لَمَّا خَالَفَ الْوَكِيلُ مُوَكِّلَهُ فِيمَا أَذِنَ لَهُ فِي إعْتَاقِهِ كَانَ الْقِيَاسُ إلْغَاءَ إعْتَاقِهِ، لَكِنْ نَفَّذْنَاهُ فِيمَا بَاشَرَ إعْتَاقَهُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ وَلَمْ يَسْرِ لِبَاقِيهِ لِضَعْفِ تَصَرُّفِهِ بِالْمُخَالَفَةِ لِمُوَكِّلِهِ وَهُنَا لَمَّا أَتَى بِمَا أَمَرَهُ بِهِ نُزِّلَ فِعْلُهُ مَنْزِلَةَ فِعْلِ مُوَكِّلِهِ، وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ لَوْ فُرِضَ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَرَّ بِالْعِتْقِ صَرِيحًا لَا يَعْتِقُ نَصِيبُ الْمُدَّعِي حَيْثُ قُلْنَا إنَّ السِّرَايَةَ إنَّمَا تَقَعُ بِالْأَدَاءِ أَوْ أَنَّهَا مَوْقُوفَةٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَأَبْطَلْنَا الدَّوْرَ) أَيْ فِي مَسْأَلَةٍ قَبْلَهُ عَبْدٌ لِرَجُلٍ نِصْفُهُ وَلِآخَرَ ثُلُثُهُ وَلِآخَرَ سُدُسُهُ فَأَعْتَقَ الْآخَرَانِ (قَوْلُهُ: قُوِّمَ عَلَيْهِ) أَيْ كَمَا مَرَّ.

ثَانِيهِمَا (إعْتَاقُهُ) أَيْ تَمَلُّكُهُ بِدَلِيلِ التَّفْرِيقِ الْآتِي (بِاخْتِيَارِهِ) وَلَوْ بِتَسَبُّبِهِ فِيهِ كَأَنْ اُتُّهِبَ بَعْضَ قَرِيبِهِ أَوْ قَبِلَ الْوَصِيَّةَ لَهُ بِهِ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ عَتَقَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ لَا يُقَالُ: خَرَجَ بِهِ عِتْقُ الْمُكْرَهِ لِأَنَّ ذَاكَ شَرْطٌ لِأَصْلِ الْعِتْقِ وَمَا هُنَا شَرْطٌ لِلسِّرَايَةِ مَعَ وُقُوعِ الْعِتْقِ ثُمَّ عِتْقُهُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ لَهُ صُوَرٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا الْإِرْثُ (فَلَوْ وَرِثَ بَعْضَ وَلَدِهِ) مَثَلًا (لَمْ يَسِرْ) مَا عَتَقَ مِنْهُ إلَى بَاقِيهِ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى السِّرَايَةِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِجْحَافِ بِالشَّرِيكِ وَلَا بِعِوَضٍ، لِأَنَّ التَّغْرِيمَ سَبِيلُهُ سَبِيلُ غَرَامَةِ الْمُتْلَفِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ صُنْعٌ وَقَصْدُ إتْلَافٍ، وَمِنْهَا الرَّدُّ بِالْعَيْبِ، فَلَوْ بَاعَ شِقْصًا مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَى وَارِثِهِ كَأَنْ بَاعَ بَعْضَ ابْنِ أَخِيهِ بِثَوْبٍ وَمَاتَ وَوَارِثُهُ أَخُوهُ ثُمَّ اطَّلَعَ مُشْتَرِي الشِّقْصِ عَلَى عَيْبٍ فِيهِ وَرَدَّهُ فَلَا يَسْرِي كَالْإِرْثِ، فَإِنَّهُ وَجَدَ الْوَارِثُ بِالثَّوْبِ عَيْبًا وَرَدَّ وَاسْتَرَدَّ الشِّقْصَ عَتَقَ عَلَيْهِ وَسَرَى عَلَى الْأَصَحِّ لِاخْتِيَارِهِ فِيهِ، وَقَدْ تَقَعُ السِّرَايَةُ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ كَأَنْ وَهَبَ لِقِنٍّ بَعْضَ قَرِيبِ سَيِّدِهِ فَقَبِلَهُ فَيُعْتَقُ وَيَسْرِي عَلَى مَا يَأْتِي وَعَلَى سَيِّدِهِ قِيمَةُ بَاقِيهِ. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ فِعْلَ عَبْدِهِ كَفِعْلِهِ كَمَا مَرَّ فِي الدَّعْوَى عَلَيْهِ (وَالْمَرِيضُ) مَرَضَ الْمَوْتِ فِي عِتْقِ التَّبَرُّعِ (مُعْسِرٌ إلَّا فِي ثُلُثِ مَالِهِ) فَلَوْ أَعْتَقَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ نَصِيبَهُ وَلَمْ يُخْرِجْ مِنْ الثُّلُثِ غَيْرَهُ فَلَا سِرَايَةَ وَكَذَا إذَا خَرَجَ نَصِيبُهُ وَبَعْضُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ فَلَا سِرَايَةَ فِي الْبَاقِي لِمَا مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ، لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: التَّحْقِيقُ أَنَّهُ كَالصَّحِيحِ، فَإِنْ شُفِيَ سَرَى، وَإِنْ مَاتَ نُظِرَ لِثُلُثِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ، فَإِنْ خَرَجَ بَدَلُ السِّرَايَةِ مِنْ الثُّلُثِ نَفَذَ وَإِلَّا بِأَنْ رُدَّ الزَّائِدُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُفْلِسِ تَعَلُّقُ حَقِّ الْغُرَمَاءِ، أَمَّا غَيْرُ التَّبَرُّعِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ بَعْضَ رَقِيقِهِ عَنْ كَفَّارَةٍ مُرَتَّبَةٍ بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ فَيَسْرِي وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الثُّلُثِ (وَالْمَيِّتُ مُعْسِرٌ) مُطْلَقًا فَلَا سِرَايَةَ عَلَيْهِ لِانْتِقَالِ تَرِكَتِهِ لِوَرَثَتِهِ بِمَوْتِهِ (فَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ نَصِيبِهِ) بَعْدَ مَوْتِهِ (لَمْ يَسِرْ) وَإِنْ خَرَجَ كُلُّهُ مِنْ الثُّلُثِ لِلِانْتِقَالِ الْمَذْكُورِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ بَعْضِ عَبْدِهِ لَمْ يَسِرْ أَيْضًا إلَى بَاقِيهِ نَعَمْ لَوْ أَوْصَى بِالتَّكْمِيلِ سَرَى لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ اسْتَبْقَى لِنَفْسِهِ قَدْرَ قِيمَتِهِ مِنْ الثُّلُثِ ـــــــــــــــــــــــــــــSلَوْ بَاشَرَ الْإِعْتَاقَ بِنَفْسِهِ سَرَى إلَى بَاقِيهِ فَكَذَا وَكِيلُهُ، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: بِاخْتِيَارِهِ) وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ الْمُحْتَرَمَ بَعْدَ خُرُوجِهِ وَحَمَلَتْ مِنْهُ فَلَا سِرَايَةَ (قَوْلُهُ: وَيَسْرِي عَلَى مَا يَأْتِي) أَيْ عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ الْخِلَافِ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُ عَدَمُ السِّرَايَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا سِرَايَةَ فِي الْبَاقِي) مُعْتَمَدُ (قَوْلِهِ لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ التَّحْقِيقُ إلَخْ) هُوَ عِنْدَ التَّأَمُّلِ لَا يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ فِي الْحُكْمِ لِمَا قَرَّرَهُ فِيهِ مِنْ أَنَّهُ إذَا خَرَجَ بَعْضُ حِصَّةِ شَرِيكِهِ مِنْ الثُّلُثِ مَعَ حِصَّتِهِ عَتَقَ مَا خَرَجَ وَبَقِيَ الزَّائِدُ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا خَرَجَ كُلُّهُ مِنْ الثُّلُثِ عَتَقَ جَمِيعُهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ شَفَى سَرَى) أَيْ إنْ كَانَ مُوسِرًا (قَوْلُهُ: عَنْ كَفَّارَةٍ مُرَتَّبَةٍ) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ السِّرَايَةِ فِي الْمُخَيَّرَةِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُخَاطَبْ بِخُصُوصِ الْعِتْقِ بَلْ بِالْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ الْحَاصِلِ فِي كُلٍّ مِنْ الْخِصَالِ كَانَ اخْتِيَارُهُ لِخُصُوصِ الْعِتْقِ كَالتَّبَرُّعِ، وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ خَصْلَةٌ غَيْرَ الْعِتْقِ لِأَنَّ بَعْضَ الرَّقَبَةِ لَا يَكُونُ كَفَّارَةً فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الثُّلُثِ) أَيْ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَامِلَةً (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ خَلَّفَ تَرِكَةً أَمْ لَا (قَوْلُهُ: لِلِانْتِقَالِ الْمَذْكَوِيِّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِانْتِقَالِ تَرِكَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ بِتَسَبُّبِهِ) كَانَ الْمُنَاسِبُ خِلَافَ هَذَا الصَّنِيعِ لِأَنَّ هَذَا جَوَابٌ ثَانٍ عَنْ عَدَمِ مُلَاءَمَةِ التَّفْرِيعِ الْآتِي فِي الْمَتْنِ لِقَوْلِهِ إعْتَاقَهُ. وَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ إبْقَاءُ الْإِعْتَاقِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَتَقْدِيرُ شَيْءٍ يَتَنَزَّلُ عَلَيْهِ التَّفْرِيعُ وَيَكُونُ التَّفْرِيعُ دَلِيلَ التَّقْدِيرِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ أَوْ تَمَلَّكَهُ إلَخْ. وَالثَّانِي اسْتِعْمَالُ الْإِعْتَاقِ فِيمَا يَشْمَلُ التَّسَبُّبَ فِيهِ وَهُوَ الْمُشَارُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ بِتَسَبُّبِهِ فِيهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) هَذَا لَا مَوْقِعَ لَهُ بَعْدَ تَقْيِيدِهِ فِيمَا مَرَّ الْمَرَضَ بِمَرَضِ الْمَوْتِ فَكَانَ يَنْبَغِي حَذْفُهُ فِيمَا مَرَّ حَتَّى يَتَأَتَّى تَفْصِيلُ الزَّرْكَشِيّ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ أَوْصَى إلَخْ) هُوَ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى الْمَتْنِ.

[فصل في العتق بالبعضية]

وَقَدْ يَسْرِي كَمَا لَوْ كَاتَبَا أَمَتَهُمَا ثُمَّ وَلَدَتْ مِنْ أَحَدِهِمَا وَاخْتَارَتْ الْمُضِيَّ عَلَى الْكِتَابَةِ ثُمَّ مَاتَ وَهِيَ مُكَاتَبَةٌ فَيُعْتِقُ نَصِيبَ الْمَيِّتِ وَيَسْرِي وَيَأْخُذُ الشَّرِيكُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ الْقِيمَةَ، وَلَوْ أَوْصَى بِصَرْفِ ثُلُثِهِ فِي الْعِتْقِ فَاشْتَرَى الْوَصِيُّ مِنْهُ شِقْصًا وَأَعْتَقَهُ سَرَى بِقَدْرِ مَا يَفِي مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَنَاوَلَتْ السِّرَايَةَ. (فَصْلٌ) فِي الْعِتْقِ بِالْبَعْضِيَّةِ إذَا (مَلَكَ) وَلَوْ قَهْرًا (أَهْلُ تَبَرُّعٍ أَصْلِهِ) مِنْ النَّسَبِ وَإِنْ عَلَا الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ (أَوْ فَرْعَهُ) وَإِنْ سَفَلَ كَذَلِكَ (عَتَقَ) عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ إلَّا دَاوُد الظَّاهِرِيَّ، وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «لَنْ يَجْزِيَ وَلَدٌ وَالِدَهُ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ» لِأَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِلشِّرَاءِ الْمَفْهُومِ مِنْ يَشْتَرِيَهُ لِرِوَايَةِ فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ وَالْوَلَدُ كَالْوَالِدِ بِجَامِعِ الْبَعْضِيَّةِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي» أَمَّا بَقِيَّةُ الْأَقَارِبِ فَلَا يَعْتِقُونَ، وَخَبَرُ «مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَقَدْ عَتَقَ عَلَيْهِ» ضَعِيفٌ، وَخَرَجَ بِأَهْلِ تَبَرُّعٍ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْحُرُّ كُلُّهُ الْمُكَاتَبُ وَالْمُبَعَّضُ إذْ لَا عِتْقَ عَلَيْهِمَا لِاسْتِعْقَابِهِ الْوَلَاءَ وَهُمَا غَيْرُ أَهْلٍ لَهُ، وَلَا يَصِحُّ احْتِرَازُهُ بِذَلِكَ عَنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُمَا إذَا مَلَكَاهُ عَتَقَ عَلَيْهِمَا، وَكَذَا مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَبِمَا تَقَرَّرَ انْدَفَعَ قَوْلُ الشَّارِحِ لَمْ يُقْصَدْ لَهُ مَفْهُومٌ، وَلَا يُنَافِي مَا قَرَّرْنَاهُ فِي الْمُبَعَّضِ مَا يَأْتِي مِنْ نُفُوذِ إيلَادِهِ فِيمَا مَلَكَهُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ أَهْلٌ لِلْوَلَاءِ لِانْقِطَاعِ الرِّقِّ بِمَوْتِهِ، وَمَا لَوْ مَلَكَ ابْنَ أَخِيهِ فَمَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ وَوَرِثَهُ أَخُوهُ فَقَطْ، وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ إنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ نَفَذَ مِلْكُ ابْنِهِ وَلَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ فِيهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ وَقَدْ يَمْلِكُهُ أَهْلُ التَّبَرُّعِ، وَلَا يَعْتِقُ فِي صُوَرٍ ذَكَرَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَسْرِي) أَيْ عَلَى الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَاتَ) أَيْ مَنْ وَلَدَتْ مِنْهُ. [فَصْلٌ فِي الْعِتْقِ بِالْبَعْضِيَّةِ] (فَصْلٌ) فِي الْعِتْقِ بِالْبَعْضِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَالْوَلَدُ كَالْوَالِدِ بِجَامِعِ الْبَعْضِيَّةِ) (فَرْعٌ) لَوْ مَلَكَ زَوْجَتَهُ الْحَاصِلُ مِنْهُ الظَّاهِرُ أَنَّ الْحَمْلَ يَعْتِقُ فَلَوْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ امْتَنَعَ الرَّدُّ فِيمَا يَظْهَرُ وَوَجَبَ لَهُ الْأَرْشُ (قَوْلُهُ: بَضْعَةٌ) بِفَتْحِ الْبَاءِ (قَوْلُهُ: لِانْقِطَاعِ الرِّقِّ بِمَوْتِهِ) أَيْ زَوَالِ آثَارِهِ بِالْمَوْتِ، وَعَلَى هَذَا فَلَوْ تُصُوِّرَ أَنَّ شَخْصًا وَطِئَهَا بَعْدَ مَوْتِهَا أَوْ انْفَصَلَ مِنْهُ عَلَى وَجْهٍ مُحْتَرَمٍ فَأَدْخَلَهُ شَخْصٌ فَرْجَ الْمَيِّتَةِ فَحَمَلَتْ مِنْهُ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَهَلْ هُوَ حُرٌّ تَبَعًا لِأُمِّهِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ نَفَذَ مِلْكُ ابْنِهِ) أَيْ مُلِكَ لِابْنِهِ وَلَمْ. . . إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصْلٌ) فِي الْعِتْقِ بِالْبَعْضِيَّةِ (قَوْلُهُ: بِالْإِجْمَاعِ إلَّا دَاوُد الظَّاهِرِيَّ) قَدْ يُقَالُ: إنْ كَانَ خِلَافُ دَاوُد إنَّمَا جَاءَ بَعْدَ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ فَهُوَ خَارِقٌ لِلْإِجْمَاعِ فَيَكْفِي فِي دَفْعِهِ خَرْقُهُ، وَلَا يَتَأَتَّى الِاسْتِثْنَاءُ وَإِنْ كَانَ خِلَافُهُ قَبْلَ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ فَلَا إجْمَاعَ (قَوْلُهُ: وَالْوَلَدُ كَالْوَالِدِ. . . إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يُقَدِّمْ دَلِيلًا مُسْتَقِلًّا فِي الْوَالِدِ حَتَّى يَقِيسَ عَلَيْهِ الْوَلَدَ، وَخَبَرُ مُسْلِمٍ إنَّمَا جَاءَ بِهِ فِي مَقَامِ الرَّدِّ عَلَى تَمَسُّكِ دَاوُد بِهِ لَا لِلِاسْتِدْلَالِ، وَهُوَ إنَّمَا اسْتَدَلَّ بِالْإِجْمَاعِ لَا غَيْرُ (قَوْلُهُ: بَضْعَةٌ) هُوَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِهِ الْحُرُّ كُلُّهُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالرَّقِيقِ حَقُّ الْغَيْرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَمَا لَوْ مَلَكَ ابْنَ أَخِيهِ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ مَلَكَ ابْنَ أَخِيهِ. . . إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُكَاتَبِ وَالْمُبَعَّضِ (قَوْلُهُ وَوَرِثَهُ أَخُوهُ فَقَطْ وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ إنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ) يَجِبُ الضَّرْبُ عَلَى هَذَا هُنَا لِأَنَّ مَسْأَلَةَ إرْثِ الْأَخِ الْمَذْكُورِ سَتَأْتِي قَرِيبًا وَأَنَّ فَرْعَهُ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ، وَأَيْضًا فَاَلَّذِي عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الْعِتْقَ فَقَطْ وَهُوَ لَيْسَ فِي التُّحْفَةِ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ فِيهَا عَلَى قَوْلِهِ وَكَذَا مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ اهـ عَطْفًا

بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَلَا تَخْلُو عَنْ نَظَرٍ (وَلَا) يَصِحُّ أَنْ (يَشْتَرِيَ الْوَلِيُّ لِطِفْلٍ) وَمَجْنُونٍ وَسَفِيهٍ (قَرِيبِهِ) الَّذِي يَعْتِقُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا غِبْطَةَ لَهُ فِيهِ (وَلَوْ) (وَهَبَ) قَرِيبٌ لَهُ (أَوْ أَوْصَى لَهُ) بِهِ (فَإِنْ كَانَ) الْمَوْهُوبُ أَوْ الْمُوصَى بِهِ (كَاسِبًا) أَيْ لَهُ كَسْبٌ يَكْفِيهِ (فَعَلَى الْوَلِيِّ قَبُولُهُ وَيَعْتِقُ) عَلَى الْمُوَلَّى عَلَيْهِ لِانْتِفَاءِ تَضَرُّرِهِ، وَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ عَجْزِهِ فَتَجِبُ مُؤْنَتُهُ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ مَعَ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ مُحَقَّقَةٌ وَالضَّرَرَ مَشْكُوكٌ فِيهِ (وَيُنْفِقُ) عَلَيْهِ (مِنْ كَسْبِهِ) لِاسْتِغْنَائِهِ بِهِ عَنْ الْقَرِيبِ، هَذَا إنْ وَهَبَ لَهُ جَمِيعَهُ، فَلَوْ وَهَبَ لَهُ بَعْضَهُ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ مُوسِرٌ لَمْ يَجُزْ لِلْوَلِيِّ قَبُولُهُ وَإِنْ كَانَ كَاسِبًا، لِأَنَّهُ لَوْ قَبِلَهُ لَمَلَكَهُ وَعَتَقَ عَلَيْهِ وَسَرَّى فَتَجِبُ قِيمَةُ حِصَّةِ الشَّرِيكِ فِي مَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَبُولِ الْعَبْدِ بَعْضَ قَرِيبِ سَيِّدِهِ، وَإِنْ سَرَّى عَلَى مَا يَأْتِي بِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَلْزَمُهُ رِعَايَةُ مَصْلَحَةِ سَيِّدِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَصَحَّ قَبُولُهُ إذَا لَمْ يَلْزَمْ السَّيِّدَ الْمُؤْنَةُ، وَإِنْ سَرَّى لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ وَالْوَلِيُّ يَلْزَمُهُ رِعَايَةُ مَصْلَحَةِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلَمْ يَجُزْ لَهُ التَّسَبُّبُ فِي سِرَايَةٍ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ كَاسِبًا (فَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ) وَنَحْوُهُ (مُعْسِرًا وَجَبَ) عَلَى الْوَلِيِّ (الْقَبُولُ) لِانْتِفَاءِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَى الْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ يَسَارِهِ لِمَا مَرَّ (وَنَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ) إنْ كَانَ مُسْلِمًا وَلَيْسَ لَهُ مَنْ يَقُومُ بِهَا، أَمَّا الذِّمِّيُّ فَيُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْهُ قَرْضًا كَمَا قَالَاهُ فِي مَوْضِعٍ وَذَكَرَا فِي آخَرَ أَنَّهُ تَبَرُّعٌ (أَوْ مُوسِرًا حَرُمَ) قَبُولُهُ وَلَمْ يَصِحَّ لِتَضَرُّرِهِ بِإِنْفَاقِهِ عَلَيْهِ وَاعْلَمْ أَنَّ فَرْضَ الْمُصَنِّفِ الْكَلَامَ فِي الْكَاسِبِ مِثَالٌ مَعَ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى إلَّا فِي الْفَرْعِ إذْ الْأَصْلُ تَلْزَمُ نَفَقَتُهُ وَإِنْ كَانَ كَسُوبًا، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ مَتَى لَمْ يَلْزَمْ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ النَّفَقَةُ لِإِعْسَارِهِ أَوْ لِكَسْبِ الْفَرْعِ أَوْ لِكَوْنِ الْأَصْلِ لَهُ مُنْفِقٌ آخَرُ لَزِمَ الْوَلِيَّ الْقَبُولُ وَإِلَّا فَلَا (وَلَوْ) (مَلَكَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ قَرِيبَهُ) الَّذِي يَعْتِقُ عَلَيْهِ (بِلَا عِوَضٍ) كَإِرْثٍ (عَتَقَ) عَلَيْهِ (مِنْ ثُلُثِهِ) فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَعْتِقْ سِوَى ثُلُثِهِ (وَقِيلَ) يَعْتِقُ (مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحَيْنِ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ فَيَعْتِقُ جَمِيعُهُ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ غَيْرَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْذُلْ مَالًا وَالْمِلْكُ زَالَ بِغَيْرِ رِضَاهُ (أَوْ) مَلَكَهُ (بِعِوَضٍ بِلَا مُحَابَاةٍ) بِأَنْ كَانَ بِثَمَنٍ مِثْلِهِ (فَمِنْ ثُلُثِهِ) يَعْتِقُ مَا وَفَّى بِهِ لِأَنَّهُ فَوَّتَ ثَمَنَهُ عَلَى الْوَرَثَةِ مِنْ غَيْرِ مُقَابِلٍ (وَلَا يَرِثُ) هُنَا إذْ لَوْ وَرِثَ لَكَانَ عِتْقُهُ تَبَرُّعًا عَلَى الْوَارِثِ فَيَبْطُلُ لِتَعَذُّرِ إجَازَتِهِ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى إرْثِهِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَى عِتْقِهِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَيْهَا فَيَتَوَقَّفُ كُلٌّ مِنْ إجَازَتِهِ وَإِرْثِهِ عَلَى الْآخَرِ فَامْتَنَعَ إرْثُهُ، بِخِلَافِ مَنْ يَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِعَدَمِ التَّوَقُّفِ، وَمَا تَقَرَّرَ فِي التَّعْلِيلِ هُوَ الصَّحِيحُ لَا مَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ عِتْقَهُ مِنْ الثُّلُثِ وَصِيَّةٌ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْإِرْثِ (فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَرِيضِ (دَيْنٌ) مُسْتَغْرِقٌ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ (فَقِيلَ لَا يَصِحُّ الشِّرَاءُ) لِئَلَّا يَمْلِكَهُ مِنْ غَيْرِ عِتْقٍ (وَالْأَصَحُّ صِحَّتُهُ) إذْ لَا خَلَلَ فِيهِ (وَلَا يَعْتِقُ بَلْ يُبَاعُ لِلدَّيْنِ) إذْ مُوجِبُ الشِّرَاءِ الْمِلْكُ وَالدَّيْنُ لَا يَمْنَعُ مِنْهُ فَلَمْ يَمْنَعْ صِحَّةَ الشِّرَاءِ وَعِتْقُهُ مُعْتَبَرٌ مِنْ الثُّلُثِ وَالدَّيْنُ يَمْنَعُ مِنْهُ كَمَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: فِي مَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ) قَدْ يُقَالُ: إنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي مَسْأَلَةِ الْعَدِّ كَمَا يَأْتِي عَدَمُ السِّرَايَةِ لِكَوْنِهِ: دَخَلَ فِي مِلْكِ السَّيِّدِ قَهْرًا، وَعَلَيْهِ فَمَا الْمَانِعُ مِنْ أَنْ يُقَالَ بِوُجُوبِ الْقَبُولِ عَلَى الْوَلِيِّ وَعَدَمِ السِّرَايَةِ عَلَى الصَّبِيِّ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ بِاخْتِيَارِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ فِعْلُ الْوَلِيِّ لَمَّا كَانَ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ عَنْ الصَّبِيِّ لِوِلَايَتِهِ عَلَيْهِ نُزِّلَ قَبُولُهُ مَنْزِلَةَ فِعْلِ الصَّبِيِّ فَكَأَنَّهُ مَلَكَ بِاخْتِيَارِهِ، وَلَا كَذَلِكَ الْعَبْدُ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ الْعَمَلِ، بِالْأَصْلِ وَهُوَ عَدَمُ الْيَسَارِ هُنَا وَعَدَمُ الْعَجْزِ ثُمَّ (قَوْلُهُ وَنَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ) أَيْ تَبَرُّعٌ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَاهُ فِي مَوْضِعٍ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: زَالَ بِغَيْرِ رِضَاهُ) أَيْ وَإِنْ وُجِدَ السَّبَبُ بِاخْتِيَارِهِ كَمَا لَوْ مَلَكَ بِهِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ (قَوْلُهُ: بِلَا مُحَابَاةٍ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: حَبَوْت الرَّجُلَ حِبَاءً بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ: أَعْطَيْته الشَّيْءَ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ، ثُمَّ قَالَ: وَحَابَاهُ مُحَابَاةً: سَامَحَهُ، مَأْخُوذٌ مِنْ حَبَوْته إذَا أَعْطَيْته اهـ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَنْ يَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ التَّبَرُّعَ عَلَى الْوَارِثِ إنَّمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ حَيْثُ كَانَ مِنْ الثُّلُثِ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى قَوْلِهِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، ثُمَّ رَأَيْت نُسْخَةً مِنْ الشَّارِحِ كَالتُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: إذْ مُوجِبُ الشِّرَاءِ الْمِلْكُ إلَى قَوْلِهِ الشِّرَاءِ)

[فصل في الإعتاق في مرض الموت وبيان القرعة في العتق]

الْعِتْقَ بِالْإِعْتَاقِ، وَيُخَالِفُ شِرَاءَ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمِ لِأَنَّ الْكُفْرَ يَمْنَعُ الْمِلْكَ لِلْعَبْدِ الْمُسْلِمِ (أَوْ) مَلَكَهُ (بِمُحَابَاةٍ) مِنْ بَائِعِهِ لَهُ كَأَنْ اشْتَرَاهُ بِخَمْسِينَ وَهُوَ يُسَاوِي مِائَةً (فَقَدْرُهَا) وَهُوَ خَمْسُونَ فِي هَذَا الْمِثَالِ (كَهِبَةٍ) فَيُحْسَبُ نِصْفُهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ عَلَى الْأَصَحِّ الْمَارِّ (وَالْبَاقِي مِنْ الثُّلُثِ) (وَلَوْ) (وَهَبَ لِعَبْدٍ) أَيْ قِنٍّ غَيْرِ مُكَاتَبٍ وَلَا مُبَعَّضٍ (بَعْضَ) أَيْ جُزْءَ (قَرِيبِ) أَيْ أَصْلٌ أَوْ فَرْعِ (سَيِّدِهِ فَقَبِلَ) (وَقُلْنَا يَسْتَقِلُّ بِهِ) أَيْ بِالْقَبُولِ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ السَّيِّدِ وَهُوَ الْأَصَحُّ (عَتَقَ وَسَرَّى وَعَلَى سَيِّدِهِ قِيمَةُ بَاقِيهِ) لِأَنَّ قَبُولَهُ حِينَئِذٍ كَقَبُولِ سَيِّدِهِ شَرْعًا، وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ هُنَا، لَكِنْ بَحَثَ فِي الرَّوْضَةِ عَدَمَ السِّرَايَةِ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ قَهْرًا كَالْإِرْثِ وَجَرْيًا عَلَيْهِ فِي الْكِتَابَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، أَمَّا إذَا كَانَ السَّيِّدُ بِحَيْثُ تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ الْبَعْضِ فَلَا يَصِحُّ قَبُولُ الْعَبْدِ لَهُ جَزْمًا، وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَيُقْبَلُ وَلَا يَعْتِقُ عَلَى السَّيِّدِ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ نَعَمْ إنَّ عَجَّزَهُ عَتَقَ الْبَعْضُ وَلَمْ يُسَرِّ لِعَدَمِ اخْتِيَارِ السَّيِّدِ مَعَ اسْتِقْلَالِ الْمُكَاتَبِ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُعَجِّزُ لَهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ التَّعْجِيزَ وَالْمِلْكُ حَصَلَ ضِمْنًا، وَأَمَّا الْمُبَعَّضُ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ مُهَايَأَةٌ فَفِي نَوْبَةِ نَفْسِهِ لَا عِتْقَ، وَفِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ كَالْقِنِّ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةً مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ قِنٌّ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِسَيِّدِهِ يَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ. (فَصْلٌ) فِي الْإِعْتَاقِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَبَيَانِ الْقُرْعَةِ فِي الْعِتْقِ إذَا (أَعْتَقَ) تَبَرُّعًا (فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَبْدًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ) عِنْدَ مَوْتِهِ (عَتَقَ ثُلُثُهُ) وَرَقَّ ثُلُثَاهُ لِأَنَّ الْمَرِيضَ إنَّمَا يَنْفُذُ تَبَرُّعُهُ مِنْ ثُلُثِهِ، نَعَمْ إنْ مَاتَ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ مَاتَ رَقِيقًا كُلَّهُ كَمَا قَالَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ، وَأَجَابَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو زَيْدٍ فِي مَجْلِسِ الْمَحْمُودِيِّ فَرَضِيَهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، لِأَنَّ مَا يَعْتِقُ يَنْبَغِي أَنْ يَحْصُلَ لِلْوَرَثَةِ مِثْلَاهُ (فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ) وَأَعْتَقَهُ تَبَرُّعًا أَيْضًا (لَمْ يَعْتِقْ شَيْءٌ مِنْهُ) مَا دَامَ الدَّيْنُ بَاقِيًا لِأَنَّ الْعِتْقَ حِينَئِذٍ كَالْوَصِيَّةِ وَالدَّيْنُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهَا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَبْرَأَ الْغُرَمَاءُ مِنْهُ أَوْ تَبَرَّعَ بِهِ أَجْنَبِيٌّ عَتَقَ ثُلُثُهُ، أَمَّا إذَا كَانَ نَذَرَ إعْتَاقَهُ حَالَةَ صِحَّتِهِ وَنَجَّزَهُ فِي مَرَضِهِ فَيَعْتِقُ كُلُّهُ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ عَنْ كَفَّارَةٍ مُرَتَّبَةٍ وَخَرَجَ بِالْمُسْتَغْرِقِ غَيْرُهُ فَالْبَاقِي بَعْدَهُ كَأَنَّهُ جَمِيعُ الْمَالِ فَيَنْفُذُ الْعِتْقُ فِي ثُلُثِهِ (وَلَوْ) (أَعْتَقَ) فِي مَرَضِ مَوْتِهِ (ثَلَاثَةً) مَعًا كَقَوْلِهِ أَعْتَقْتُكُمْ (لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُمْ قِيمَتَهُمْ سَوَاءً) وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ (عَتَقَ أَحَدُهُمْ) ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: أَيْ فَيَتَخَيَّرُ فِيهِ بَعْدَ وَصْفِهِ بِالْقِنِّ) تَسْمَعُهُ فَإِنَّ الْقِنَّ هُوَ الَّذِي لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ سَبَبُ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: أَصْلِ أَوْ فَرْعِ سَيِّدِهِ) أَيْ الَّذِي تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ أَمَّا إذَا كَانَ السَّيِّدُ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: وَسَرَّى) ضَعِيفٌ. (فَصْلٌ) فِي الْإِعْتَاقِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: وَبَيَانِ الْقُرْعَةِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَعَدَمِ رُجُوعِ الْوَارِثِ بِمَا أَنْفَقَهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) وَقَالَ حَجّ بِمَوْتِ كُلِّهِ حُرًّا عَلَى الْأَصَحِّ، ثُمَّ قَالَ: وَمِنْ فَوَائِدِ مَوْتِهِ حُرًّا انْجِرَارُ وَلَاءِ وَلَدِهِ مِنْ مَوَالِي أُمِّهِ إلَى مُعْتِقِهِ (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا كَانَ نَذَرَ إعْتَاقَهُ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ تَبَرُّعًا (قَوْلُهُ: وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ) أَيْ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ (قَوْلُهُ: عَتَقَ أَحَدُهُمْ) وَهَلْ يَجُوزُ ـــــــــــــــــــــــــــــQعِلَّةٌ لِصِحَّةِ الشِّرَاءِ وَمَا بَعْدَهُ عِلَّةٌ لِعَدَمِ الْعِتْقِ مَعَ أَنَّهُ قَدَّمَ تَعْلِيلَ الْأَوَّلِ فِي قَوْلِهِ إذْ لَا خَلَلَ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ السَّيِّدِ) أَيْ إذَا لَمْ تَلْزَمْهُ نَفَقَتُهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي التُّحْفَةِ هُنَا، وَلَعَلَّهُ سَاقِطٌ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ مِنْ الْكَتَبَةِ بِدَلِيلِ أَخْذِهِ مَفْهُومَهُ الْآتِي. [فَصْلٌ فِي الْإِعْتَاقِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَبَيَانِ الْقُرْعَةِ فِي الْعِتْقِ] (فَصْلٌ) فِي الْإِعْتَاقِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا يَعْتِقُ مِنْهُ يَحْصُلُ لِلْوَرَثَةِ مِثْلَاهُ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ: لِأَنَّ مَا يَعْتِقُ يَنْبَغِي أَنْ يَحْصُلَ لِلْوَرَثَةِ مِثْلَاهُ: أَيْ

يَعْنِي تَمَيَّزَ عِتْقُهُ (بِقُرْعَةٍ) لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِقَطْعِ الْمُنَازَعَةِ فَتَعَيَّنَتْ طَرِيقًا فَلَوْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إنْ طَارَ غُرَابٌ فَفُلَانٌ حُرٌّ أَوْ مَنْ وَضَعَ صَبِيٌّ يَدَهُ عَلَيْهِ حُرٌّ لَمْ يَجُزْ «وَلِأَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ أَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرَهُمْ فَدَعَا بِهِمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَزَّأَهُمْ ثَلَاثَةً ثُمَّ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَالْمُرَادُ جَزَّأَهُمْ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ لِأَنَّ عَبِيدَ الْحِجَازِ لَا تَخْتَلِفُ قِيمَتُهُمْ غَالِبًا، وَلَوْ مَاتَ بَعْضُهُمْ أُدْخِلَ فِي الْقُرْعَةِ، فَإِنْ قَرَعَ رَقَّ الْآخَرَانِ وَتَبَيَّنَ مَوْتُهُ حُرًّا فَيَتْبَعُهُ كَسْبُهُ وَيُورَثُ (وَكَذَا لَوْ قَالَ أَعْتَقْتُ ثُلُثَكُمْ أَوْ ثُلُثُكُمْ حُرٌّ) فَيُقْرَعُ بَيْنَهُمْ لِتَجْتَمِعَ الْحُرِّيَّةُ فِي وَاحِدٍ وَلِيَتَمَيَّزَ الْحُرُّ مِنْ غَيْرِهِ (وَلَوْ) (قَالَ أَعْتَقْتُ ثُلُثَ كُلِّ عَبْدٍ) مِنْكُمْ (أَقْرَعَ) لِمَا مَرَّ (وَقِيلَ يُعْتِقُ مِنْ كُلٍّ ثُلُثَهُ) وَلَا إقْرَاعَ لِتَصْرِيحِهِ بِالتَّبْعِيضِ، وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ لَوْلَا تَشَوُّفُ الشَّارِعِ إلَى تَكْمِيلِ الْعِتْقِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَى الْقُرْعَةِ، وَلَوْ قَالَ ثُلُثُ كُلٍّ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي عَتَقَ ثُلُثُهُ وَلَا إقْرَاعَ إذْ لَا سِرَايَةَ فِي الْعِتْقِ بَعْدَ الْمَوْتِ (وَالْقُرْعَةُ) عُلِمَتْ مِمَّا مَرَّ فِي الْقِسْمَةِ وَتَحْصُلُ فِي هَذَا الْمِثَالِ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ: أَوَّلُهُمَا (أَنْ يُؤْخَذَ ثَلَاثُ رِقَاعٍ مُتَسَاوِيَةٍ) ثُمَّ (يُكْتَبُ فِي ثِنْتَيْنِ) مِنْهَا (رَقَّ وَفِي وَاحِدَةٍ عَتَقَ) إذْ الرِّقُّ ضِعْفُ الْحُرِّيَّةِ (وَتُدْرَجُ فِي بَنَادِقَ كَمَا سَبَقَ) ثُمَّ (وَتُخْرَجُ وَاحِدَةٌ بِاسْمِ أَحَدِهِمْ فَإِنْ خَرَجَ الْعِتْقُ عَتَقَ وَرَقَّ الْآخَرَانِ) بِفَتْحِ الْخَاءِ (أَوْ الرِّقُّ رَقَّ وَأُخْرِجَتْ أُخْرَى بِاسْمِ آخَرَ) فَإِنْ خَرَجَ الْعِتْقُ عَتَقَ وَرَقَّ الثَّالِثُ وَإِلَّا فَالْعَكْسُ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى رُقْعَتَيْنِ جَازَ أَنْ يَكُونَ فِي وَاحِدَةٍ رَقَّ وَفِي أُخْرَى عَتَقَ كَمَا رَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ كَالْإِمَامِ وَهُوَ أَوْجَهُ مِمَّا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ النَّقِيبِ مِنْ وُجُوبِ الثَّلَاثِ، وَزَعَمَ أَنَّ كَلَامَهُمْ يَدُلُّ عَلَيْهِ (وَ) ثَانِيهِمَا أَنَّهُ (يَجُوزُ أَنْ يُكْتَبَ أَسْمَاؤُهُمْ) فِي الرِّقَاعِ (ثُمَّ تُخْرَجُ رُقْعَةٌ) وَالْأَوْلَى إخْرَاجُهَا (عَلَى الْحُرِّيَّةِ) لَا الرِّقِّ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى فَصْلِ الْأَمْرِ (فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ عَتَقَ وَرَقَّا) أَيْ الْبَاقِيَانِ لِانْفِصَالِ الْأَمْرِ بِهَذَا أَيْضًا، وَقَضِيَّةُ عِبَارَتِهِ أَوْلَوِيَّةُ الْأَوَّلِ، لَكِنْ صَوَّبَ جَمْعٌ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ أَوْلَوِيَّةَ الثَّانِي لِأَنَّ الْإِخْرَاجَ فِيهِ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ، بِخِلَافِهِ فِي الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ قَدْ يَتَكَرَّرُ (وَإِنْ) لَمْ تَكُنْ قِيمَتُهُمْ سَوَاءً كَأَنْ (كَانُوا ثَلَاثَةً قِيمَةُ وَاحِدٍ مِائَةٌ وَآخَرُ مِائَتَانِ وَآخَرُ ثَلَثُمِائَةٍ أُقْرِعَ) بَيْنَهُمْ (بِسَهْمَيْ رِقٍّ وَسَهْمِ عِتْقٍ) بِأَنْ يُكْتَبَ فِي رُقْعَتَيْنِ رَقَّ وَفِي وَاحِدَةٍ عَتَقَ وَيُفْعَلُ مَا مَرَّ (فَإِنْ خَرَجَ الْعِتْقُ لِذِي الْمِائَتَيْنِ عَتَقَ وَرَقَّا) أَيْ الْبَاقِيَانِ لِأَنَّ بِهِ يَتِمُّ الثُّلُثُ (أَوْ لِذِي الثَّلَثِمِائَةِ عَتَقَ ثُلُثَاهُ) لِأَنَّهُمَا الثُّلُثُ وَرَقَّ بَاقِيهِ وَالْآخَرَانِ (أَوْ) خَرَجَتْ (لِلْأَوَّلِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالتَّفْرِيقُ هُنَا بَيْنَ الْوَالِدَةِ وَوَلَدِهَا إذَا أَخْرَجَتْ الْقُرْعَةُ أَحَدَهُمَا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ إنَّمَا يَمْتَنِعُ بِالْبَيْعِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْشَأْ عَنْ فِعْلٍ اخْتِيَارِيٍّ (قَوْلُهُ: فَدَعَا بِهِمْ) أَيْ طَلَبَهُمْ (قَوْلُهُ فَإِنْ قُرِعَ) أَيْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ (قَوْلُهُ: لَوْلَا تَشَوُّفُ الشَّارِعِ إلَى تَكْمِيلِ الْعِتْقِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَى الْقُرْعَةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ أَعْتَقْتُكُمْ أَوْ أَعْتَقْت ثُلُثَكُمْ أَوْ ثُلُثُكُمْ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي عَتَقَ وَاحِدٌ لَا بِعَيْنِهِ وَالْقُرْعَةُ كَمَا سَبَقَ. وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا قَالَ أَعْتَقْت ثُلُثَكُمْ أَوْ ثُلُثُكُمْ حُرٌّ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ أَعْتَقْت ثُلُثَ كُلِّ وَاحِدٍ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ لِلْعُمُومِ وَدَلَالَةُ الْعَامِّ كُلِّيَّةٌ مَحْكُومٌ فِيهَا عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٌ فَكَانَ كَمَا لَوْ قَالَ أَعْتَقْت ثُلُثَ فُلَانٍ وَثُلُثَ فُلَانٍ، وَلَعَلَّهُمْ يَنْظُرُوا إلَى ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ ثُلُثَكُمْ مُضَافٌ إلَى الْمَجْمُوعِ وَأَنَّ دَلَالَتَهُ مِنْ بَابِ الْكُلِّ لَا الْكُلِّيَّةِ، وَثُلُثُ الْمَجْمُوعِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَجْمُوعٌ وَاحِدٌ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: عَتَقَ ثُلُثُهُ) أَيْ ثُلُثُ كُلٍّ حُرٌّ (قَوْلُهُ: جَازَ أَنْ يَكُونَ فِي وَاحِدَةٍ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ ثُمَّ إنْ خَرَجَ الْعِتْقُ ابْتِدَاءً لِوَاحِدٍ عَتَقَ وَرَقَّ الْآخَرَانِ، وَإِنْ خَرَجَ الرِّقُّ لِوَاحِدٍ اُحْتِيجَ لِإِعَادَتِهَا بَيْنَ الْآخَرَيْنِ بِوَاحِدَةٍ رَقَّ وَأُخْرَى عَتَقَ (قَوْلُهُ: أَوْلَوِيَّةُ الثَّانِي) ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَمْ يَحْصُلْ لَهُمْ هُنَا شَيْءٌ لِأَنَّ الْإِرْثَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْمَرِيضُ حِينَئِذٍ لَمْ يُخَلِّفْ شَيْئًا (قَوْلُهُ: جَازَ كَمَا رَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ. . . إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ: ثُمَّ إنْ خَرَجَ الْعِتْقُ لِوَاحِدٍ عَتَقَ وَرَقَّ الْآخَرَانِ، وَإِنْ خَرَجَ الرِّقُّ لِوَاحِدٍ اُحْتِيجَ لِإِعَادَتِهَا بَيْنَ الْآخَرَيْنِ بِوَاحِدَةٍ رَقٍّ وَأُخْرَى عَتَقَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِخْرَاجَ فِيهِ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِلْأُولَى الَّذِي قَدَّمَهُ مِنْ الْإِخْرَاجِ

عَتَقَ ثُمَّ يُقْرَعُ بَيْنَ الْآخَرَيْنِ بِسَهْمٍ رَقَّ وَسَهْمٍ عَتَقَ) فِي رُقْعَتَيْنِ. (فَمَنْ خَرَجَ) الْعِتْقُ عَلَى اسْمِهِ (تُمِّمَ مِنْهُ الثُّلُثُ) وَإِنْ خَرَجَ لِلثَّانِي عَتَقَ نِصْفُهُ أَوْ لِلثَّالِثِ فَثُلُثُهُ وَالطَّرِيقُ الْأُخْرَى جَائِزَةٌ هُنَا، فَإِنْ خَرَجَ اسْمُ الْأَوَّلِ عَتَقَ ثُمَّ يُخْرَجُ أُخْرَى فَإِنْ خَرَجَ اسْمُ الثَّانِي عَتَقَ نِصْفُهُ أَوْ الثَّالِثِ عَتَقَ ثُلُثُهُ (وَإِنْ كَانُوا) أَيْ الْمُعْتَقُونَ مَعًا (فَوْقَ ثَلَاثَةٍ) لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُمْ (وَأَمْكَنَ تَوْزِيعُهُمْ بِالْعَدَدِ وَالْقِيمَةِ) فِي جَمِيعِ الْأَجْزَاءِ (كَسِتَّةٍ قِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ) وَمِثْلُهُمْ سِتَّةٌ قِيمَةُ ثَلَاثَةٍ مِائَةٌ مِائَةٌ وَثَلَاثَةٍ خَمْسُونَ خَمْسُونَ (جُعِلُوا اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ) فَيُضَمُّ كُلُّ خَسِيسٍ لِنَفِيسٍ (أَوْ) أَمْكَنَ تَوْزِيعُهُمْ (بِالْقِيمَةِ دُونَ الْعَدَدِ) فِي كُلِّ الْأَجْزَاءِ كَخَمْسَةٍ قِيمَةُ أَحَدِهِمْ مِائَةٌ وَاثْنَيْنِ مِائَةٌ وَاثْنَيْنِ مِائَةٌ جُعِلَ الْوَاحِدُ جُزْءًا وَالِاثْنَانِ جُزْءًا ثَانِيًا وَالِاثْنَانِ جُزْءًا ثَالِثًا أَوْ فِي بَعْضِهَا (كَسِتَّةٍ قِيمَةُ أَحَدِهِمْ مِائَةٌ وَقِيمَةُ اثْنَيْنِ مِائَةٌ وَ) قِيمَةُ (ثَلَاثَةٍ مِائَةٌ جُعِلَ الْأَوَّلُ جُزْءًا وَالِاثْنَانِ جُزْءًا وَالثَّلَاثَةُ جُزْءًا) وَأُقْرِعَ كَمَا سَبَقَ، وَفِي عِتْقِ الِاثْنَيْنِ إنْ خَرَجَ وَافَقَ ثُلُثُ الْعَدَدِ ثُلُثَ الْقِيمَةِ، فَقَوْلُهُ دُونَ الْعَدَدِ صَادِقٌ بِبَعْضِ الْأَجْزَاءِ فِي مُقَابَلَتِهِ لِلْمُثْبَتِ قَبْلَهُ فِي جَمِيعِ الْأَجْزَاءِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى كَلَامِهِ، وَلَا يُخَالِفُهُ مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا مِنْ جَعْلِ السِّتَّةِ الْمَذْكُورَةِ مِثَالًا لِلِاسْتِوَاءِ فِي الْعَدَدِ دُونَ الْقِيمَةِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْقِيمَةَ مُخْتَلِفَةٌ فَلَا يُمْكِنُ التَّوْزِيعُ بِهَا فِي الْكُلِّ، بِخِلَافِ الْعَدَدِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ الِاسْتِوَاءُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ لِلنَّظَرِ إلَى الْقِيمَةِ فِي ذَلِكَ دَخَلَ، وَلِهَذَا قَالَ الشَّارِحُ: لَا يَتَأَتَّى التَّوْزِيعُ بِالْعَدَدِ دُونَ الْقِيمَةِ: أَيْ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْهَا أَصْلًا. وَأَجَابَ الشَّيْخُ عَنْ هَذَا التَّنَاقُضِ بَيْنَ مَا فِي الْكِتَابِ وَالرَّوْضَةِ بِأَنَّ إمْكَانَ السِّتَّةِ الْمَذْكُورَةِ صَالِحٌ لِإِمْكَانِ التَّوْزِيعِ بِالْقِيمَةِ دُونَ الْعَدَدِ نَظَرًا إلَى عَدَمِ تَأَتِّي تَوْزِيعِهَا بِالْعَدَدِ مَعَ الْقِيمَةِ وَلِعَكْسِهِ نَظَرًا إلَى عَدَمِ تَأَتِّي تَوْزِيعِهَا بِالْقِيمَةِ مَعَ الْعَدَدِ، وَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا تَقَرَّرَ أَوَّلًا إذْ عَدَمُ التَّأَتِّي مِنْ كُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ لِمَا مَرَّ، وَقَدْ يُقَالُ: لَا مُنَافَاةَ أَيْضًا بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ عِبَارَةَ الْكِتَابِ كَأَصْلِهِ مُصَرِّحَةٌ بِالتَّوْزِيعِ، وَأَمَّا الرَّوْضَةُ وَأَصْلُهَا فَعَبَّرَ بِالتَّسْوِيَةِ وَبَيْنَ التَّوْزِيعِ وَالتَّسْوِيَةِ فَرْقٌ ظَاهِرٌ لِصِدْقِهَا فِي السِّتَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَوْ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ مِنْ الْقِيمَةِ بِخِلَافِهِ فَصَحَّ جَعْلُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا لَهَا مِثَالًا لِمَا ذَكَرَاهُ، وَبِهِ يَتَّضِحُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ لَا يَتَأَتَّى التَّوْزِيعُ بِالْعَدَدِ دُونَ الْقِيمَةِ لَا يُنَافِي قَوْلَ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَإِنْ أَمْكَنَ التَّسْوِيَةُ بِالْعَدَدِ دُونَ الْقِيمَةِ كَسِتَّةٍ إلَى آخِرِهِ (وَإِنْ تَعَذَّرَ) تَوْزِيعُهُمْ (بِالْقِيمَةِ) وَبِالْعَدَدِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَلَا لَقِيمَتِهِمْ ثُلُثٌ صَحِيحٌ (كَأَرْبَعَةٍ قِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ، فَفِي قَوْلٍ يُجَزَّءُونَ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ وَاحِدٌ) جُزْءٌ (وَوَاحِدٌ) جُزْءٌ (وَاثْنَانِ) جُزْءٌ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فَإِنْ خَرَجَ الْعِتْقُ لِوَاحِدٍ عَتَقَ) كُلُّهُ سَوَاءٌ أَكُتِبَ الرِّقُّ وَالْعِتْقُ أَمْ الْأَسْمَاءُ (ثُمَّ أُقْرِعَ) بَيْنَ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِينَ بَعْدَ تَجْزِئَتِهِمْ أَثْلَاثًا (لِتَتْمِيمِ الثُّلُثِ) فَمَنْ خَرَجَ لَهُ سَهْمُ الْحُرِّيَّةِ عَتَقَ ثُلُثُهُ، هَذَا مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمَا وَهُوَ يَرُدُّ مَا فَهِمَهُ جَمْعٌ مِنْ الشُّرَّاحِ مِنْ بَقَاءِ الِاثْنَيْنِ عَلَى حَالِهِمَا، ثُمَّ تَرَدَّدُوا فِيمَا إذَا خَرَجَتْ لِاثْنَيْنِ هَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ الْأَمْرِ الثَّانِي وَكَانَ الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ فِيمَا قَبْلَهُ بِالْأَوَّلِ لِيُطَابِقَ قَوْلَهُ أَوَّلًا أَمْرَيْنِ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالطَّرِيقُ الْأُخْرَى) أَيْ كِتَابَةُ الْأَسْمَاءِ (قَوْلُهُ فِي كُلِّ الْأَجْزَاءِ) الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ جَعْلُ الْخَمْسَةِ أَجْزَاءَ مُتَسَاوِيَةً فِي الْعَدَدِ أَصْلًا، بِخِلَافِ السِّتَّةِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ جَعْلُهَا مُتَسَاوِيَةً فِي الْعَدَدِ دُونَ الْقِيمَةِ فَهِيَ عَكْسُ مِثَالِ الْخَمْسَةِ حَيْثُ أَمْكَنَ تَجْزِئَةُ الْخَمْسَةِ بِالْقِيمَةِ دُونَ الْعَدَدِ (قَوْلُهُ إنْ خَرَجَ) أَيْ الْعِتْقُ لَهُمَا (قَوْلُهُ: مِثَالًا لِمَا ذَكَرَاهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِلِاسْتِوَاءِ فِي الْعَدَدِ دُونَ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ يَتَّضِحُ) أَيْ بِقَوْلِهِ وَأَجَابَ الشَّيْخُ. . . إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى الْحُرِّيَّةِ (قَوْلُهُ: فَيُضَمُّ كُلُّ نَفِيسٍ. . . إلَخْ) أَيْ فِي الْمِثَالِ الَّذِي زَادَهْ (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ الْأَجْزَاءِ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ التَّوْزِيعُ بِالْعَقْدِ مَعَ الْقِيمَةِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَجْزَاءِ: يَعْنِي أَنَّهُ لَمْ يَتَوَافَقْ ثُلُثُ الْعَدِّ وَثُلُثُ الْقِيمَةِ، كَذَا قَالَهُ ابْنُ قَاسِمٍ: أَيْ بِخِلَافِ مِثَالِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّهُ تَوَافَقَ فِيهِ ثُلُثُ الْعَدَدِ وَهُوَ الِاثْنَانِ مَعَ ثُلُثِ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ إنْ خَرَجَ) أَيْ الْعِتْقُ لَهُمَا (قَوْلُهُ: وَأَجَابَ الشَّيْخُ عَنْ هَذَا التَّنَاقُضِ) أَيْ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ.

يَعْتِقُ مِنْ كُلٍّ سُدُسُهُ أَمْ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا ثَانِيًا، فَمَنْ قَرَعَ عَتَقَ ثُلُثُهُ زَادَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ الْأَوَّلَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا الِاثْنَيْنِ بِمَثَابَةِ الْوَاحِدِ (أَوْ) خَرَجَ الْعِتْقُ (لِلِاثْنَيْنِ) الْمَجْعُولَيْنِ جُزْءًا (رَقَّ الْآخَرَانِ ثُمَّ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا) أَيْ الِاثْنَيْنِ (فَيَعْتِقُ مَنْ خَرَجَ لَهُ الْعِتْقُ وَثُلُثُ الْآخَرِ) لِأَنَّ بِذَلِكَ يَتِمُّ الثُّلُثُ (وَفِي قَوْلٍ يُكْتَبُ اسْمُ كُلِّ عَبْدٍ فِي رُقْعَةٍ) فَالرِّقَاعُ أَرْبَعٌ ثُمَّ يُخْرَجُ عَلَى الْعِتْقِ وَاحِدَةٌ بَعْدَ أُخْرَى إلَى أَنْ يَتِمَّ الثُّلُثُ (فَيَعْتِقُ مَنْ خَرَجَ) أَوَّلًا (وَ) تُعَادُ الْقُرْعَةُ بَيْنَ الْبَاقِينَ، فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ ثَانِيًا بَانَ أَنَّ ثُلُثَهُ هُوَ الْبَاقِي مِنْ الثُّلُثِ فَيَعْتِقُ (ثُلُثُ الْبَاقِي) وَهُوَ الْقَارِعُ ثَانِيًا لِأَنَّ هَذَا أَقْرَبُ إلَى فَصْلِ الْأَمْرِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الثَّانِي بِالْمُثَلَّثَةِ وَالنُّونِ وَصُوِّبَتْ (قُلْت: أَظْهَرُهُمَا الْأَوَّلُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) . لِمَا مَرَّ أَنَّ تَجْزِئَتَهُمْ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ أَقْرَبُ لِمَا مَرَّ فِي الْخَبَرِ (وَالْقَوْلَانِ فِي اسْتِحْبَابٍ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ بِكُلٍّ (وَقِيلَ) فِي (إيجَابٍ) وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَإِنْ انْتَصَرَ لِلثَّانِيَّ جَمْعٌ وَادَّعَى أَنَّهُ نَصُّ الْأُمِّ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ، أَمَّا إذَا أَعْتَقَ عَبِيدًا مُرَتِّبًا فَلَا قُرْعَةَ بَلْ يُعْتِقُ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ إلَى تَمَامِ الثُّلُثِ (وَإِذَا) (أَعْتَقْنَا بَعْضَهُمْ) أَيْ الْأَرِقَّاءِ (بِقُرْعَةٍ) فَظَهَرَ مَالٌ لِلْمَيِّتِ لَمْ يُعْلَمْ بِهِ حَالَ الْقُرْعَةِ (وَخَرَجَ كُلُّهُمْ مِنْ الثُّلُثِ) (عَتَقُوا) أَيْ بَانَ عِتْقُهُمْ وَأَنَّهُمْ أَحْرَارٌ تَجْرِي عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ الْأَحْرَارِ مِنْ حِينِ إعْتَاقِهِ (وَ) يَكُونُ (لَهُمْ كَسْبُهُمْ) وَنَحْوُهُ كَأَرْشِ جِنَايَةٍ وَمَهْرِ أَمَةٍ وَتَبَعِيَّةِ وَلَدِهَا لَهَا (مِنْ يَوْمِ) أَيْ وَقْتِ (الْإِعْتَاقِ) وَيَبْطُلُ نِكَاحُ أَمَةٍ زَوْجُهَا الْوَارِثُ بِالْمِلْكِ، وَيَلْزَمُهُ مَهْرُهَا بِوَطْئِهَا، وَلَوْ زَنَى أَحَدُهُمْ وَجُلِدَ خَمْسِينَ كُمِّلَ حَدُّهُ إنْ كَانَ بِكْرًا، وَرُجِمَ إنْ كَانَ ثَيِّبًا، وَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ بَاعَ أَحَدَهُمْ أَوْ رَهَنَهُ أَوْ أَجَّرَهُ بَطَلَ بَيْعُهُ وَرَهْنُهُ وَإِجَارَتُهُ وَيَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، فَإِنْ كَانَ أَعْتَقَهُ بَطَلَ إعْتَاقُهُ وَوَلَاؤُهُ لِلْأَوَّلِ، أَوْ كَاتَبَهُ بَطَلَتْ الْكِتَابَةُ وَرَجَعَ عَلَى الْوَارِثِ بِمَا أَدَّى وَصَارَ حُرًّا فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ (وَلَا يَرْجِعُ الْوَارِثُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِمْ) إذْ لَا مُوجِبَ لِلرُّجُوعِ بِهِ (وَإِنْ خَرَجَ بِمَا ظَهَرَ عَبْدٌ آخَرُ) فِيمَا إذَا أَعْتَقَ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَاحِدًا (أَقْرَعَ) بَيْنَ الْبَاقِينَ فَمَنْ خَرَجَ لَهُ الْقُرْعَةُ عَتَقَ (وَمَنْ عَتَقَ بِقُرْعَةٍ حُكِمَ بِعِتْقِهِ مِنْ يَوْمِ الْإِعْتَاقِ، وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ الْإِعْتَاقِ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ بِالْقُرْعَةِ أَنَّهُ كَانَ حُرًّا قَبْلَهُ (وَلَهُ كَسْبُهُ) وَنَحْوُهُ مِمَّا مَرَّ (مِنْ يَوْمِئِذٍ غَيْرَ مَحْسُوبٍ مِنْ الثُّلُثِ) لِحُدُوثِهِ عَلَى مِلْكِهِ (وَمَنْ بَقِيَ رَقِيقًا قُوِّمَ يَوْمَ الْمَوْتِ) لِأَنَّهُ وَقْتُ اسْتِحْقَاقِ الْوَارِثِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ يَوْمَهُ أَقَلَّ أَوْ لَمْ تَخْتَلِفْ فَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ أَقَلُّ قِيمَةٍ مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ إلَى قَبْضِ الْوَرَثَةِ لِلتَّرِكَةِ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ وَقْتَ الْمَوْتِ أَقَلَّ فَالزِّيَادَةُ عَلَى مِلْكِهِمْ أَوْ وَقْتَ الْقَبْضِ أَقَلَّ فَمَا نَقَصَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَدْخُلْ فِي يَدِهِمْ فَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِمْ كَمَغْصُوبٍ أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَنَّ الْأَوَّلَ) هُوَ قَوْلُهُ هَلْ يَعْتِقُ مِنْ كُلٍّ سُدُسُهُ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ) أَيْ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى فَصْلِ الْأَمْرِ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْتَجْ مَعَهُ بَعْدَ خُرُوجِ الْقُرْعَةِ الثَّانِيَةِ إلَى أُخْرَى، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ مَهْرُهَا) أَيْ الْوَاطِئَ مِنْ الْوَارِثِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ هُوَ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ: وَوَلَاؤُهُ لِلْأَوَّلِ) أَيْ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ) أَيْ الْعَبْدُ، وَقَوْلُهُ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ: أَيْ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرْجِعُ الْوَارِثُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِمْ) وَيَظْهَرُ أَنَّهُمْ يَرْجِعُونَ عَلَيْهِ بِمَا اسْتَخْدَمَهُمْ فِيهِ لَا بِمَا خَدَمُوهُ، وَهُوَ سَاكِتٌ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي غَصْبِ الْحُرِّ اهـ حَجّ: أَيْ فَلَوْ اخْتَلَفُوا صُدِّقَ الْوَارِثُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ، وَكَلَامُ حَجّ هُنَا كَمَا تَرَى مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ جَهِلَ كُلٌّ مِنْ الْمُسْتَخْدِمِ وَالْعَبِيدِ بِالْعِتْقِ. وَبَقِيَ أَنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ السَّيِّدَ يُعْتِقُ أَرِقَّاءَهُ ثُمَّ يَسْتَخْدِمُهُمْ، وَقِيَاسُ مَا ذُكِرَ هُنَا عَنْ حَجّ وُجُوبُ الْأُجْرَةِ لَهُمْ حَيْثُ اسْتَخْدَمَهُمْ وَعَدَمُهَا إذَا خَدَمُوهُ بِأَنْفُسِهِمْ، وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ مَا لَوْ عَلِمُوا بِعِتْقِ أَنْفُسِهِمْ فَلَا أُجْرَةَ لَهُمْ وَإِنْ اسْتَخْدَمَهُمْ السَّيِّدُ لِأَنَّ خِدْمَتَهُمْ لَهُ مَعَ عِلْمِهِمْ بِالْعِتْقِ تَبَرُّعٌ مِنْهُمْ وَبَيْنَ مَا إذَا لَمْ يَعْلَمُوا بِالْعِتْقِ لِإِخْفَاءِ السَّيِّدِ إيَّاهُ عَنْهُمْ فَيَكُونُ حَالُهُمْ مَا ذُكِرَ سَوَاءٌ كَانُوا بَالِغِينَ أَمْ لَا، فَإِنَّ لِلصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ اخْتِيَارًا، وَيَأْتِي ذَلِكَ أَيْضًا فِيمَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ أَنَّ شَخْصًا يَمُوتُ وَلَهُ أَوْلَادٌ مَثَلًا فَيَتَصَرَّفُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فِي الزِّرَاعَةِ وَغَيْرِهَا وَالْبَاقُونَ يُعَاوِنُونَهُ فِي الْقِيَامِ بِمَصَالِحِهِمْ مِنْ زِرَاعَةٍ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُعْتَبَرُ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ. . . إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[فصل في الولاء]

ضَائِعٍ مِنْ التَّرِكَةِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضُوهُ (وَحُسِبَ) عَلَى الْوَارِثِ (مِنْ الثُّلُثَيْنِ هُوَ وَكَسْبُهُ الْبَاقِي قَبْلَ الْمَوْتِ) ظَرْفٌ لِكَسْبِهِ (لَا الْحَادِثِ بَعْدَهُ) لِأَنَّهُ حَدَثَ عَلَى مِلْكِ الْوَرَثَةِ حَتَّى لَوْ كَانَ عَلَى سَيِّدِهِ دَيْنٌ بِيعَ فِي دَيْنِهِ وَالْكَسْبُ لِلْوَارِثِ لَا يُقْضَى شَيْءٌ مِنْهُ (فَلَوْ) (أَعْتَقَ ثَلَاثَةً لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُمْ قِيمَةَ كُلٍّ) مِنْهُمْ (مِائَةٌ فَكَسَبَ أَحَدُهُمْ مِائَةً) قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهِ (أَقْرَعَ فَإِنْ خَرَجَ الْعِتْقُ لِلْكَاسِبِ عَتَقَ وَلَهُ الْمِائَةُ) لِمَا مَرَّ أَنَّ مَنْ عَتَقَ يَكُونُ لَهُ كَسْبُهُ مِنْ وَقْتِ عِتْقِهِ (وَإِنْ خَرَجَ لِغَيْرِهِ عَتَقَ ثُمَّ أُقْرِعَ) بَيْنَ الْكَاسِبِ وَغَيْرِهِ لِتَتْمِيمِ الثُّلُثِ (فَإِنْ خَرَجَتْ) الْقُرْعَةُ (لِغَيْرِهِ عَتَقَ ثُلُثُهُ) وَبَقِيَ ثُلُثَاهُ مَعَ الْمُكْتَسِبِ وَكَسْبُهُ لِلْوَرَثَةِ وَذَلِكَ مِثْلَا قِيمَةِ الْأَوَّلِ وَمَا عَتَقَ مِنْ الثَّانِي (وَإِنْ خَرَجَتْ لَهُ) أَيْ لِلْمُكْتَسِبِ (عَتَقَ رُبْعُهُ وَتَبِعَهُ رُبْعُ كَسْبِهِ) وَيَكُونُ لِلْوَارِثِ الْبَاقِي مِنْهُ وَمِنْ كَسْبِهِ مَعَ الْعَبْدِ الْآخَرِ وَذَلِكَ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ ضِعْفُ مَا عَتَقَ، لِأَنَّك إذَا أَسْقَطْت رُبْعَ كَسْبِهِ وَهُوَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ يَبْقَى مِنْ كَسْبِهِ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ مُضَافَةٌ إلَى قِيمَةِ الْعَبِيدِ الثَّلَاثَةِ يَصِيرُ الْمَجْمُوعُ ثَلَاثَمِائَةٍ وَخَمْسَةً وَسَبْعِينَ ثُلُثَاهَا مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ لِلْوَرَثَةِ وَالْبَاقِي وَهُوَ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ لِلْعِتْقِ، وَيُسْتَخْرَجُ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْجَبْرِ وَالْمُقَابَلَةِ بِأَنْ يُقَالَ: عَتَقَ مِنْ الْعَبْدِ الثَّانِي شَيْءٌ وَتَبِعَهُ مِنْ كَسْبِهِ مِثْلُهُ يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ ثَلَثُمِائَةٍ إلَّا شَيْئَيْنِ تَعْدِلُ مِثْلَيْ مَا عَتَقَ وَهُوَ مِائَةٌ وَشَيْءٌ فَمِثْلَاهُ مِائَتَانِ وَشَيْئَانِ وَذَلِكَ يَعْدِلُ ثَلَثَمِائَةٍ إلَّا شَيْئَيْنِ فَتُجْبَرُ وَتُقَابَلُ فَمِائَتَانِ وَأَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ تَعْدِلُ ثَلَثَمِائَةٍ يَسْقُطُ مِنْهَا الْمِائَتَانِ يَبْقَى مِائَةٌ تَعْدِلُ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ فَالشَّيْءُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ، فَعُلِمَ أَنَّ الَّذِي عَتَقَ مِنْ الْعَبْدِ رُبْعُهُ وَتَبِعَهُ رُبْعُ كَسْبِهِ. (فَصْلٌ) فِي الْوَلَاءِ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْمَدِّ مِنْ الْمُوَالَاةِ: أَيْ الْمُعَاوَنَةِ وَالْمُقَارَبَةِ، وَهُوَ شَرْعًا: عُصُوبَةٌ نَاشِئَةٌ عَنْ حُرِّيَّةٍ حَدَثَتْ بَعْدَ زَوَالِ مِلْكٍ مُتَرَاخِيَةٌ عَنْ عُصُوبَةِ النَّسَبِ تَقْتَضِي لِلْمُعْتَقِ وَعَصَبَتِهِ الْإِرْثَ وَوِلَايَةَ النِّكَاحِ وَالصَّلَاةَ عَلَيْهِ وَالْعَقْلَ عَنْهُ. وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ أَخْبَارٌ كَخَبَرِ «إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» وَخَبَرِ «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِهَا (مَنْ عَتَقَ عَلَيْهِ رَقِيقٌ بِإِعْتَاقٍ) مُنَجَّزٍ أَوْ مُعَلَّقٍ، وَمِنْهُ بَيْعُ الْقِنِّ مِنْ نَفْسِهِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ عَقْدُ عَتَاقَةٍ (أَوْ كِتَابَةٍ وَتَدْبِيرٍ) وَالْعِتْقُ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ اخْتِيَارِيٌّ وَفِيمَا بَعْدَهَا قَهْرِيٌّ وَلِذَا غَايَرَ الْعَاطِفَ، فَقَالَ (وَاسْتِيلَادٌ وَقَرَابَةٌ وَسِرَايَةٌ فَوَلَاؤُهُ لَهُ) لِلْخَبَرَيْنِ الْمَارَّيْنِ (ثُمَّ لِعَصَبَتِهِ) الْمُتَعَصِّبِينَ بِأَنْفُسِهِمْ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ كَمَا مَرَّ فِي الْفَرَائِضِ، وَالتَّرْتِيبُ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِفَوَائِدِ الْوَلَاءِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهِ مِنْ إرْثٍ وَوِلَايَةِ تَزْوِيجٍ وَغَيْرِهَا، لَا بِالنِّسْبَةِ لِثُبُوتِهِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لِعَصَبَتِهِ مَعَهُ فِي حَيَاتِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ تَعَذَّرَ إرْثُهُ بِهِ دُونَهُمْ وَرِثُوا بِهِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ مُسْلِمٌ كَافِرًا وَمَاتَ فِي حَيَاتِهِ وَلَهُ بَنُونَ مِنْ دَيْنِ الْعَتِيقِ فَإِنَّهُمْ يَرِثُونَهُ، ثُمَّ الْمُنْتَقِلُ إلَيْهِمْ الْإِرْثُ بِهِ لَا إرْثُهُ، فَإِنَّ الْوَلَاءَ لَا يَنْتَقِلُ كَمَا أَنَّ النَّسَبَ لِلْإِنْسَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: عَتَقَ مِنْ الْعَبْدِ الثَّانِي شَيْءٌ) أَيْ مُبْهَمٌ (قَوْلُهُ: فَتُجْبَرُ وَتُقَابَلُ) أَيْ تَجْبُرُ الْكَسْرَ فَتُتَمِّمُ الثَّلَثَمِائَةِ وَتَزِيدُ مِثْلَ مَا جُبِرَتْ بِهِ عَلَى الْكَسْرِ فِي الطَّرَفِ الْآخَرِ فَيَصِيرُ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ ثَلَثَمِائَةٍ وَالْآخَرُ مِائَتَيْنِ وَأَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ فَيَسْقُطُ الْمَعْلُومُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ وَهُوَ مِائَتَانِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَالْبَاقِي مِائَةٌ مِنْ الثَّلَثِمِائَةِ تُقَابَلُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ الْبَاقِيَةِ بَعْدَ إسْقَاطِ الْمِائَتَيْنِ مِنْ الطَّرَفِ الْآخَرِ وَتُقَسَّمُ الْمِائَةُ عَلَيْهَا يَخُصُّ كُلَّ شَيْءٍ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ. [فَصْلٌ فِي الْوَلَاءِ] (قَوْلُهُ: بِضَمِّ اللَّامِ) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُخْتَارِ، وَقَوْلُهُ الْإِرْثُ بِهِ: أَيْ بِالْوَلَاءِ (قَوْلُهُ كَمَا أَنَّ النَّسَبَ لِلْإِنْسَانِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصْلٌ) فِي الْوَلَاءِ (قَوْلُهُ: حَدَثَتْ بَعْدَ زَوَالِ مِلْكٍ) اُنْظُرْ مَا الْحَاجَةُ إلَى هَذَا بَعْدَ قَوْلِهِ نَاشِئَةٌ عَنْ حُرِّيَّةٍ مُتَرَاخِيَةٍ عَنْ عُصُوبَةِ النَّسَبِ

لَا يَنْتَقِلُ بِمَوْتِهِ. وَسَبَبُهُ أَنَّ نِعْمَةَ الْوَلَاءِ لَا تَخْتَصُّ بِهِ، وَلِذَا قَالُوا: إنَّ الْوَلَاءَ لَا يُورَثُ وَإِنَّمَا يُورَثُ بِهِ. أَمَّا الْعَصَبَةُ بِغَيْرِهِ كَبِنْتٍ مَعَ ابْنٍ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ كَالْأُخْتِ مَعَهَا فَلَا يَرِثُ بِهِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَنْ عَتَقَ عَلَيْهِ إلَى آخِرِهِ مَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ قِنٍّ ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِعِتْقِهِ وَيُوقَفُ وَلَاؤُهُ، وَمَنْ أَعْتَقَ عَنْ كَفَّارَةِ غَيْرِهِ بِعِوَضٍ أَوْ غَيْرِهِ وَقَدْ قُدِّرَ انْتِقَالُ مِلْكِهِ لِلْغَيْرِ قَبْلَ عِتْقِهِ فَوَلَائُهُ لِذَلِكَ الْغَيْرِ، وَوَقَعَ فِي شَرْحِ فُصُولِ ابْنِ الْهَائِمِ لِلْمَارْدِينِيِّ أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ عَنْ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ يَكُونُ الْوَلَاءُ لِلْمَالِكِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَكِنَّهُ فِي مَعْرِضِ التَّكْفِيرِ فَإِنَّهُ يُعْتِقُ عَمَّنْ أَعْتَقَ عَنْهُ وَالْمُعْتِقُ نَائِبٌ عَنْهُ فِي الْإِعْتَاقِ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِتَوَقُّفِ الْكَفَّارَةِ عَلَى النِّيَّةِ الْمُتَوَقِّفَةِ عَلَى الْإِذْنِ (وَ) عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ (لَا تَرِثُ امْرَأَةٌ بِوَلَاءٍ) يَثْبُتُ لِغَيْرِهَا، فَإِذَا كَانَ لِلْمُعْتَقِ ابْنٌ وَبِنْتٌ أَوْ أُمٌّ وَأَبٌ أَوْ أَخٌ وَأُخْتٌ وَرِثَ الذَّكَرُ دُونَ الْأُنْثَى لِأَنَّ الْوَلَاءَ أَضْعَفُ مِنْ النَّسَبِ الْمُتَرَاخِي، وَإِذَا تَرَاخَى النَّسَبُ وَرِثَ الذُّكُورُ دُونَ الْإِنَاثِ. أَلَا تَرَى أَنَّ ابْنَ الْأَخِ وَالْعَمِّ وَبَنِيهِمَا يَرِثُونَ دُونَ أَخَوَاتِهِمْ، فَإِذَا لَمْ تَرِثْ بِنْتُ الْأَخِ وَبِنْتُ الْعَمِّ وَالْعَمَّةُ فَبِنْتُ الْمُعْتَقِ أَوْلَى أَنَّ لَا تَرِثَ لِأَنَّهَا أَبْعَدُ مِنْهُنَّ (إلَّا مِنْ عَتِيقِهَا وَ) كُلِّ مُنْتَمٍ إلَيْهِ بِنَسَبٍ أَوْ وَلَاءٍ نَحْوِ (أَوْلَادِهِ) وَإِنْ سَفَلُوا (وَعُتَقَائِهِ) وَعُتَقَاءِ عُتَقَائِهِ وَهَكَذَا لِخَبَرِ «إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» فَجُعِلَ الْوَلَاءُ عَلَى بَرِيرَةَ لِعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، وَلِأَنَّ نِعْمَةَ إعْتَاقِهَا شَمِلَتْهُمْ كَمَا شَمِلَتْ الْمُعْتَقَ فَاسْتَتْبَعُوهُ فِي الْوَلَاءِ. وَهَذِهِ أَبْسَطُ مِمَّا فِي الْفَرَائِضِ فَلَا تَكْرَارَ، وَخَرَجَ بِمُنْتَمٍ مَنْ عَلِقَتْ بِهِ عَتِيقَةٌ بِيَدِ الْعِتْقِ مِنْ حُرٍّ أَصْلِيٍّ فَإِنَّهُ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ (فَإِنْ عَتَقَ عَلَيْهَا أَبُوهَا ثُمَّ أَعْتَقَ عَبْدًا فَمَاتَ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ بِلَا وَارِثٍ) لَهُ وَلَا لِلْأَبِ بِأَنْ مَاتَ عَنْهَا وَحْدَهَا (فَمَالُهُ لِلْبِنْتِ) لَا لِكَوْنِهَا بِنْتَ مُعْتَقِهِ بَلْ لِأَنَّهَا مُعْتَقَةُ مُعْتَقِهِ، هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ عَصَبَةٌ فَإِنْ كَانَ، كَأَخٍ وَابْنِ عَمٍّ قَرِيبٍ أَوْ بَعِيدٍ فَمِيرَاثُ الْعَتِيقِ لَهُ، وَلَا شَيْءَ لَهَا لِأَنَّ مُعْتَقَ الْمُعْتَقِ يَتَأَخَّرُ عَنْ عُصُوبَةِ النَّسَبِ. وَقَدْ غَلِطَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعُمِائَةِ قَاضٍ غَيْرُ الْمُتَفَقِّهَةِ فَإِنَّهُمْ جَعَلُوا الْمِيرَاثَ لِلْبِنْتِ لِكَوْنِهَا أَقْرَبَ وَهِيَ عَصَبَةٌ لَهُ بِوَلَائِهَا عَلَيْهِ، وَسَبَبُ غَلَطِهِمْ غَفْلَتُهُمْ عَنْ أَنَّ الْمُقَدَّمَ فِي الْوَلَاءِ الْمُعْتَقُ فَعَصَبَتُهُ فَمُعْتَقُهُ فَعَصَبَتُهُ فَمُعْتَقُ مُعْتَقِهِ فَعَصَبَتُهُ، وَحَكَى الْإِمَامُ غَلَطَ هَؤُلَاءِ فِيمَا إذَا اشْتَرَى أَخٌ وَأُخْتٍ أَبَاهُمَا فَعَتَقَ عَلَيْهِمَا ثُمَّ أَعْتَقَ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ وَذَلِكَ أَنَّ النَّسَبَ عَمُودُ الْقَرَابَةِ الَّذِي يَجْمَعُ مُفَرَّقَهَا وَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ انْتِقَالٌ (قَوْلُهُ: وَيُوقَفُ وَلَاؤُهُ) أَيْ إلَى الصُّلْحِ أَوْ تَبَيُّنِ الْحَالِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ قُدِّرَ) أَيْ الْعِوَضُ بِأَنْ أَذِنَ لَهُ الْغَيْرُ وَهُوَ الْمُكَفَّرُ عَنْهُ لِلْمَالِكِ فِي الْإِعْتَاقِ، أَوْ كَانَ الْمَالِكُ وَلِيًّا لِمَحْجُورٍ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ بِالْقَتْلِ، فَإِنَّ الْمَالِكَ إذَا أَعْتَقَهُ عَنْ الْإِذْنِ أَوْ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ قُدِّرَ دُخُولُهُ فِي مِلْكِهِمَا قَبْلَ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: يَكُونُ الْوَلَاءُ لِلْمَالِكِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ) أَيْ قَوْلُهُ فِي مَعْرِضِ التَّكْفِيرِ، فَمَتَى كَانَ الْإِعْتَاقُ بِغَيْرِ إذْنِ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ كَانَ الْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ الْمُتَعَصِّبِينَ بِأَنْفُسِهِمْ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقَدْ غَلِطَ فِي هَذِهِ) هِيَ قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ كَأَخٍ (قَوْلُهُ ثُمَّ أَعْتَقَ) أَيْ الْأَبُ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَيَّنَ بِهَذَا وَاَلَّذِي بَعْدَهُ خَاصَّةً الْوَلَاءَ وَثَمَرَتَهُ، وَإِلَّا فَهُمَا غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِمَا فِي التَّعْرِيفِ (قَوْلُهُ وَقَدْ قُدِّرَ انْتِقَالُ مِلْكِهِ لِلْغَيْرِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْعِتْقُ بِإِذْنِهِ بِشَرْطِهِ (قَوْلُهُ: لِتَوَقُّفِ الْكَفَّارَةِ عَلَى النِّيَّةِ. . . إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ يُوهِمُ وُقُوعَ الْعِتْقِ عَنْهُ لَكِنْ لَا عَنْ الْكَفَّارَةِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ يَثْبُتُ لِغَيْرِهَا) يَلْزَمُ عَلَيْهِ صَيْرُورَةُ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْمَتْنِ مُنْقَطِعًا بَعْدَ أَنْ كَانَ مُتَّصِلًا وَيَلْزَمُ مَهْرُهَا: يَعْنِي الْوَاطِئَ (قَوْلُهُ: وَكُلُّ مُنْتَمٍ إلَيْهِ بِنَسَبٍ) أَيْ إنْ لَمْ يَمَسَّهُ رِقٌّ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: فَجُعِلَ الْوَلَاءُ عَلَى بَرِيرَةَ. . . إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ هَذَا الْخَبَرَ وَارِدٌ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ نِعْمَةَ إعْتَاقِهَا شَمَلَتْهُمْ) أَيْ أَوْلَادَهُ وَعُتَقَاءَهُ، وَقَوْلُهُ كَمَا شَمَلَتْ الْمُعْتَقَ هُوَ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ، وَقَوْلُهُ فَاسْتَتْبَعُوهُ صَوَابُهُ فَتَبِعُوهُ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي نُسْخَةٍ (قَوْلُهُ: هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ عَصَبَةٌ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: أَمَّا إذَا مَاتَ عَنْهَا وَعَنْ أَخِي أَبِيهَا. . . إلَخْ فَجَعَلَ هَذَا مَفْهُومَ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ أَوْ لِلْأَبِ، وَهَذَا هُوَ الْأَصْوَبُ.

[كتاب التدبير]

قِنًّا وَمَاتَ ثُمَّ مَاتَ الْعَتِيقُ فَقَالُوا مِيرَاثُهُ لَهُمَا لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْوَلَاءِ، وَهُوَ غَلَطٌ بَلْ الْإِرْثُ لَهُ وَحْدَهُ (وَالْوَلَاءُ لِأَعْلَى الْعَصَبَاتِ) كَالنَّسَبِ لِقَوْلِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ الْوَلَاءُ لِلْكُبْرِ، وَهُوَ بِضَمِّ الْكَافِ وَإِسْكَانِ الْبَاءِ بِمَعْنَى الْأَكْبَرِ فِي الدَّرَجَةِ لَا كَبِيرِ السِّنِّ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، وَمِثْلُ هَذَا لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ تَوْقِيفٍ، فَلَوْ مَاتَ مُعْتَقٌ عَنْ ابْنَيْنِ وَثَبَتَ لَهُمَا وَلَاءُ الْعَتِيقِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا عَنْ ابْنِ فَوَلَاءُ الْعَتِيقِ لِلِابْنِ لِأَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ مَوْتُ الْمُعْتَقِ حِينَئِذٍ لَمْ يَرِثْهُ إلَّا الِابْنُ، وَلَوْ مَاتَ الْمُعْتَقُ عَنْ ثَلَاثَةِ بَنِينَ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمْ عَنْ ابْنٍ وَآخَرُ عَنْ أَرْبَعَةٍ وَآخَرُ عَنْ خَمْسَةٍ فَالْوَلَاءُ بَيْنَ الْعَشَرَةِ بِالسَّوِيَّةِ فَيَرِثُونَ الْعَتِيقَ أَعْشَارًا لِاسْتِوَاءِ قُرْبِهِمْ (وَمَنْ مَسَّهُ رِقٌّ) فَعَتَقَ (فَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ إلَّا لِمُعْتِقِهِ وَعَصَبَتِهِ) فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَالْمَالُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ لِمُعْتِقِ الْأُصُولِ بِحَالٍ لِأَنَّ نِعْمَةَ مَنْ أَعْتَقَهُ أَعْظَمُ مِنْ نِعْمَةِ مَنْ أَعْتَقَ بَعْضَ أُصُولِهِ وَلِأَنَّ عِتْقَ الْمُبَاشَرَةِ أَقْوَى (وَلَوْ نَكَحَ عَبْدٌ مُعْتَقَةً فَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَوَلَاؤُهُ لِمَوْلَى الْأُمِّ) لِأَنَّهُمْ أَنْعَمُوا عَلَيْهِ لِعِتْقِهِ بِعِتْقِهَا (فَإِنْ أُعْتِقَ الْأَبُ انْجَرَّ) الْوَلَاءُ (إلَى مَوَالِيهِ) لِأَنَّ الْوَلَاءَ فَرْعُ النَّسَبِ وَهُوَ لِلْآبَاءِ دُونَ الْأُمَّهَاتِ وَإِنَّمَا ثَبَتَ لِمَوَالِي الْأُمِّ لِعَدَمِهِ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ، فَإِذَا أَمْكَنَ عَادَ إلَى مَوْضِعِهِ، وَمَعْنَى الِانْجِرَارِ أَنْ يَنْقَطِعَ مِنْ وَقْتِ عِتْقِ الْأَبِ عَنْ مَوَالِي الْأُمِّ، فَإِذَا انْجَرَّ إلَى مَوَالِي الْأَبِ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ لَمْ يَرْجِعْ إلَى مَوَالِي الْأُمِّ بَلْ يَكُونُ الْمِيرَاثُ لِبَيْتِ الْمَالِ (وَلَوْ) (مَاتَ الْأَبُ رَقِيقًا وَعَتَقَ الْجَدُّ) أَبُو الْأَبِ وَإِنْ عَلَا دُونَ أَبِي الْأُمِّ (انْجَرَّ) الْوَلَاءُ (إلَى مَوَالِيهِ) أَيْ الْجَدِّ لِأَنَّهُ كَالْأَبِ (فَإِنْ أُعْتِقَ الْجَدُّ وَالْأَبُ رَقِيقٌ انْجَرَّ) إلَى مَوَالِيهِ أَيْضًا (فَإِنْ أُعْتَقَ الْأَبُ بَعْدَهُ انْجَرَّ) مِنْ مَوَالِي الْجَدِّ (إلَى مَوَالِيهِ) وَيَسْتَقِرُّ (وَقِيلَ) لَا يَنْجَرُّ لِمَوَالِي الْجَدِّ بَلْ (يَبْقَى لِمَوَالِي الْأُمِّ حَتَّى يَمُوتَ الْأَبُ) رَقِيقًا (فَيَنْجَرُّ إلَى مَوَالِي الْجَدِّ) لِأَنَّ وُجُودَهُ مَانِعٌ فَإِذَا مَاتَ زَالَ الْمَانِعُ (وَلَوْ) (مَلَكَ هَذَا الْوَلَدُ) الَّذِي مِنْ الْعَبْدِ وَالْعَتِيقَةِ (أَبَاهُ جَرّ وَلَاءَ إخْوَتِهِ) لِأَبِيهِ مِنْ مَوَالِي الْأُمِّ (إلَيْهِ) لِأَنَّ أَبَاهُ عَتَقَ عَلَيْهِ فَيَثْبُتُ لَهُ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ وَعَلَى أَوْلَادِهِ مِنْ أُمِّهِ أَوْ عَتِيقَةٍ أُخْرَى (وَكَذَا وَلَاءُ نَفْسِهِ) بِجَرِّهِ إلَيْهِ (فِي الْأَصَحِّ) كَإِخْوَتِهِ (قُلْت: الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ لَا يَجُرُّهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) بَلْ يَبْقَى لِمَوَالِي أُمِّهِ وَإِلَّا لَثَبَتَ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ مُحَالٌ، وَلِهَذَا لَوْ اشْتَرَى الْعَبْدُ نَفْسَهُ أَوْ كَاتَبَهُ سَيِّدُهُ وَأَخَذَ مِنْهُ النُّجُومَ أَوْ الثَّمَنَ عَتَقَ وَكَانَ وَلَاؤُهُ لِلسَّيِّدِ. كِتَابُ التَّدْبِيرِ هُوَ لُغَةً: النَّظَرُ فِي عَوَاقِبِ الْأُمُورِ. وَشَرْعًا: تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِالْمَوْتِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ شَيْءٍ قَبْلَهُ، سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّ الْمَوْتَ دُبُرُ الْحَيَاةِ، وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ الْعِتْقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فِي إنْ مِتَّ فَأَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ فَمَاتَ فَجْأَةً لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: فَوَلَاءُ الْعَتِيقِ لِلِابْنِ) أَيْ دُونَ ابْنِ الِابْنِ (قَوْلُهُ: وَيَسْتَقِرُّ) أَيْ فَلَوْ انْقَطَعَتْ مَوَالِي الْأَبِ لَا يَعُودُ إلَى مَوَالِي الْجَدِّ بَلْ يَكُونُ الْإِرْثُ لِبَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: وَلَاءُ إخْوَتِهِ إلَيْهِ) أَيْ إلَى نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَتِيقَةٍ أُخْرَى) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِخْوَةِ كَوْنُهُمْ أَشِقَّاءَ، بَلْ مَتَى كَانَ عَلَى إخْوَتِهِ وِلَايَةُ وَلَاءٍ انْجَرَّ مِنْ مَوَالِيهِمْ إلَيْهِ، وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُهُ جَرَّ وَلَاءَ إخْوَتِهِ لِأَبِيهِ مِنْ مَوَالِي الْأُمِّ، فَإِنَّ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ وَبِالْإِخْوَةِ لِلْأَبِ وَحْدَهُ. [كِتَابُ التَّدْبِيرِ] (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ شَيْءٍ قَبْلَهُ) أَيْ أَمَّا تَعْلِيقُهُ بِالْمَوْتِ مَعَ شَيْءٍ بَعْدَهُ فَتَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَمَاتَ فَجْأَةً) ـــــــــــــــــــــــــــــQكِتَابُ التَّدْبِيرِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ شَيْءٍ قَبْلَهُ) أَيْ بِخِلَافِهِ مَعَ شَيْءٍ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّ الْمَوْتَ. . . إلَخْ)

تَعْلِيقٌ بِالْمَوْتِ وَإِنَّمَا يَتَبَيَّنُ بِهِ أَنَّهُ عَتَقَ قَبْلَهُ. الْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ «تَقْرِيرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ دَبَّرَ غُلَامًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ عَلَيْهِ» . وَأَرْكَانُهُ: مَالِكٌ، وَيُعْتَبَرُ فِيهِ تَكْلِيفٌ إلَّا السَّكْرَانَ، وَاخْتِيَارٌ وَمَحَلٌّ، وَيُعْتَبَرُ فِيهِ كَوْنُهُ قِنًّا غَيْرَ أُمِّ وَلَدٍ كَمَا يُعْلَمَانِ مِمَّا يَأْتِي؛ وَصِيغَةُ، وَشَرْطُهَا الْإِشْعَارُ بِهِ لَفْظًا كَانَتْ أَوْ كِتَابَةً أَوْ إشَارَةً، وَهِيَ صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ، وَ (صَرِيحُهُ) أَلْفَاظٌ، مِنْهَا (أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ إذَا مِتَّ أَوْ مَتَى مِتَّ فَأَنْتَ حُرٌّ) أَوْ عَتِيقٌ (أَوْ أَعْتَقْتُك) أَوْ حَرَّرْتُك (بَعْدَ مَوْتِي) وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مَا لَا يُحْتَمَلُ غَيْرُهُ، وَمَا نَازَعَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ فِي أَعْتَقْتُك أَوْ حَرَّرْتُك مِنْ أَنَّهُ وَعْدٌ، نَحْوُ إنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ طَلَّقْتُك رُدَّ بِأَنَّ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ لَا يَحْتَمِلُ الْوَعْدَ، بِخِلَافِ مَا فِي الْحَيَاةِ (وَكَذَا دَبَّرْتُك أَوْ أَنْتَ مُدَبَّرٌ عَلَى الْمَذْهَبِ) إذْ التَّدْبِيرُ مَعْرُوفٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَقَرَّرَهُ الشَّرْعُ وَاشْتَهَرَ مَعْنَاهُ فَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ وَبِهِ فَارَقَ مَا يَأْتِي فِي كَاتَبْتُك أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَنْضَمَّ إلَيْهِ، فَإِذَا أَدَّيْت فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ نَحْوُهُ، وَلِأَنَّهَا قَدْ تُسْتَعْمَلُ فِي الْمُخَارَجَةِ وَقِيلَ فِيهِمَا قَوْلَانِ نَقْلًا وَتَخْرِيجًا. أَحَدُهُمَا أَنَّهُمَا صَرِيحَانِ، وَالثَّانِي كِنَايَتَانِ لِخُلُوِّهِمَا عَنْ لَفْظِ الْحُرِّيَّةِ وَالْعِتْقِ، وَيَصِحُّ تَدْبِيرُ نَحْوِ نِصْفِهِ، وَإِذَا مَاتَ السَّيِّدُ عَتَقَ ذَلِكَ الْجُزْءُ وَلَا سِرَايَةَ، وَفِي دَبَّرْتُ يَدَك مَثَلًا وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ تَدْبِيرٌ صَحِيحٌ فِي جَمِيعِهِ لِأَنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ قَبِلَ التَّعْلِيقَ تَصِحُّ إضَافَتُهُ إلَى بَعْضِ مَحَلِّهِ وَمَا لَا فَلَا، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ لَفَظَ بِصَرِيحِ التَّدْبِيرِ عَجَمِيٌّ لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ لَمْ يَصِحَّ وَأَنَّهُ لَوْ كَسَرَ التَّاءَ لِلْمُذَكَّرِ وَفَتَحَهَا لِلْمُؤَنَّثِ لَمْ يَضُرَّ (وَيَصِحُّ بِكِنَايَةِ عِتْقٍ) وَهِيَ مَا يَحْتَمِلُ التَّدْبِيرَ وَغَيْرَهُ (مَعَ نِيَّةٍ كَخَلَّيْتُ سَبِيلَك بَعْدَ مَوْتِي) أَوْ إذَا مِتَّ فَأَنْتَ حُرٌّ وَنَحْوُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الْعِتْقِ فَدَخَلَتْهُ كِنَايَتُهُ. وَمِنْهَا صَرِيحُ الْوَقْفِ كَحَبَسْتُكَ بَعْدَ مَوْتِي وَعُلِمَ مِنْهُ اعْتِبَارُ مُقَارَنَتِهَا لِلَّفْظِ، وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ وَأَنَّ كِنَايَاتِ الْعِتْقِ كِنَايَةٌ فِيهِ وَأَنَّ اشْتِهَارَهَا فِي الِاسْتِعْمَالِ لَا يُلْحِقُهَا بِالصَّرِيحِ (وَيَجُوزُ مُقَيَّدًا) (كَإِنْ مِتُّ فِي ذَا الشَّهْرِ أَوْ) هَذَا (الْمَرَضِ فَأَنْت حُرٌّ) فَإِنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ الْمَذْكُورَةُ وَمَاتَ عَتَقَ وَإِلَّا فَلَا، وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ فِي ذَا الشَّهْرِ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ لِصِحَّتِهِ مِنْ إمْكَانِ وُجُودِ مَا قَيَّدَ بِهِ، فَلَوْ قَالَ: إنْ مِتُّ بَعْدَ أَلْفِ سَنَةٍ فَأَنْت حُرٌّ لَمْ يَكُنْ تَدْبِيرًا كَمَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ، وَنَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَأَقَرَّهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيَشْهَدُ لَهُ نَظَائِرُهُ (وَمُعَلَّقًا) عَلَى شَرْطٍ (كَإِنْ دَخَلْت) الدَّارَ (فَأَنْت حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي) لِأَنَّهُ إمَّا وَصِيَّةٌ أَوْ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ (فَإِنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ وَمَاتَ عَتَقَ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تُوجَدْ (فَلَا) يَعْتِقُ (وَيُشْتَرَطُ الدُّخُولُ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ) كَسَائِرِ الصِّفَاتِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا، وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا تَدْبِيرَ وَيُلْغَى التَّعْلِيقُ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُدَبَّرًا إلَّا بَعْدَ الدُّخُولِ (فَإِنْ) (قَالَ إنْ) أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ أَوْ بِمَرَضٍ لَا يَسْتَغْرِقُ شَهْرًا كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَيَعْتِقُ مِنْ الثُّلُثِ وَالْحِيلَةُ فِي عِتْقِ جَمِيعِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: وَاخْتِيَارٌ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ اشْتِرَاطِ الِاخْتِيَارِ مَا لَمْ يَنْذُرْهُ فَإِنْ نَذَرَ فَأُكْرِهَ عَلَى ذَلِكَ صَحَّ تَدْبِيرُهُ (قَوْلُهُ: وَمَا نَازَعَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ فِي أَعْتَقْتُك) أَيْ الْمَسْبُوقُ بِقَوْلِهِ إذَا مِتَّ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّهُ وَعْدٌ) أَيْ فَيَكُونُ لَغْوًا (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهَا قَدْ تُسْتَعْمَلُ) أَيْ الْكِتَابَةُ (قَوْلُهُ: وَتَخْرِيجًا) أَيْ مِنْ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: وَمَا لَا فَلَا) أَيْ إلَّا الْكِتَابَةُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا وَتَصِحُّ إضَافَتُهَا إلَى جُزْءٍ لَا يَعِيشُ بِدُونِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَصِحَّ) أَيْ فَيُشْتَرَطُ هُنَا كَالطَّلَاقِ قَصْدُ اللَّفْظِ لِمَعْنَاهُ (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا صَرِيحُ الْوَقْفِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ كِنَايَتَهُ لَيْسَتْ فِي الْعِتْقِ، وَقِيَاسُ كِنَايَةِ الطَّلَاقِ أَنَّهَا كِنَايَةٌ هُنَا (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ) وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُ الِاكْتِفَاءُ بِمُقَارَنَتِهَا بَعْضَ الصِّيغَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ هَذَا الْمَرَضُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَوْت بِالْمَرَضِ أَوْ بِغَيْرِهِ فِيهِ كَأَنْ انْهَدَمَ عَلَيْهِ جِدَارٌ (قَوْلُهُ: وَيَشْهَدُ لَهُ نَظَائِرُ) كَمَا لَوْ أَقَتَّ نِكَاحَهَا بِأَلْفِ سَنَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي التُّحْفَةِ قَبْلَ هَذَا مَا نَصُّهُ: مِنْ الدُّبُرِ: أَيْ التَّدْبِيرُ مَأْخُوذٌ عَنْ الدُّبُرِ سُمِّيَ بِهِ. . . إلَخْ، وَوَجْهُ التَّسْمِيَةِ عَلَيْهِ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَمَاتَ) يَنْبَغِي حَذْفُهُ إذْ الصِّفَةُ هُوَ مَوْتُهُ فِي الشَّهْرِ أَوْ الْمَرَضُ الْمُشَارُ إلَيْهِمَا كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ) مِثَالُ تَعْلِيقِ التَّعْلِيقِ مَا مَرَّ فِي بَابِ الطَّلَاقِ فِي نَحْوِ إنْ أَكَلْت إنْ دَخَلْت. فَالْأَوَّلُ مُعَلَّقٌ عَلَى الثَّانِي وَمِنْ ثَمَّ

إذَا (مِتُّ ثُمَّ دَخَلْتَ فَأَنْت حُرٌّ) كَانَ تَعْلِيقَ عِتْقٍ عَلَى صِفَةٍ وَ (اُشْتُرِطَ دُخُولٌ بَعْدَ مَوْتٍ) عَمَلًا بِمُقْتَضَى ثُمَّ وَلَوْ أَتَى بِالْوَاوِ كَإِنْ مِتَّ وَدَخَلْتُ فَأَنْتَ حُرٌّ فَكَذَلِكَ، إلَّا أَنْ يُرِيدَ الدُّخُولَ قَبْلَهُ فَيَتْبَعَ، وَهَذَا مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَغَوِيّ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَنُقِلَ عَنْهُ أَيْضًا قُبَيْلَ الْخُلْعِ مَا يُوَافِقُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ خَالَفَ فِي الطَّلَاقِ فَجَزَمَ فِيمَا لَوْ قَالَ إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ وَكَلَّمْتُ زَيْدًا فَأَنْت طَالِقٌ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَقَدُّمِ الْأَوَّلِ وَتَأَخُّرِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَأَشَارَ فِي التَّتِمَّةِ إلَى وَجْهِ اشْتِرَاطِ تَقَدُّمِ الْأَوَّلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاوَ تَقْتَضِي التَّرْتِيبَ، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ إنَّ الصَّوَابَ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ هُنَا كَمَا هُنَاكَ وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ، يُرَدُّ بِأَنَّ الْفَرْقَ أَنَّ الصِّفَتَيْنِ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِمَا الطَّلَاقُ مِنْ فِعْلِهِ فَخُيِّرَ بَيْنَهُمَا تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا. وَأَمَّا الصِّفَةُ الْأُولَى فِي مَسْأَلَتِنَا لَيْسَتْ مِنْ فِعْلِهِ، وَذِكْرُ الَّتِي مِنْ فِعْلِهِ عَقِبَهَا يُشْعِرُ بِتَأَخُّرِهَا عَنْهَا (وَهُوَ) أَيْ الدُّخُولُ بَعْدَ الْمَوْتِ (عَلَى التَّرَاخِي) بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْفَوْرُ لَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّرَاخِي وَإِنْ كَانَ قَضِيَّةٌ ثَمَّ، لَكِنَّ وَجْهَهُ أَنَّ خُصُوصَ التَّرَاخِي لَا غَرَضَ فِيهِ يَظْهَرُ غَالِبًا فَأُلْغِيَ النَّظَرُ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْفَوْرِ فِي الْفَاءِ، إذْ لَوْ عَبَّرَ بِهَا اشْتَرَطَ اتِّصَالَ الدُّخُولِ بِالْمَوْتِ، وَلَوْ قَالَ إذَا مِتُّ فَأَنْت حُرٌّ إنْ دَخَلْتَ أَوْ إنْ شِئْتَ وَنَوَى شَيْئًا عُمِلَ بِهِ وَإِلَّا حُمِلَ عَلَى الدُّخُولِ أَوْ الْمَشِيئَةِ عَقِبَ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ السَّابِقُ إلَى الْفَهْمِ مِنْ تَأْخِيرِ الْمَشِيئَةِ عَنْ ذِكْرِهِ (وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ بَيْعُهُ) وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ مُزِيلٍ لِلْمِلْكِ (قَبْلَ الدُّخُولِ) وَعَرْضُهُ عَلَيْهِ، إذْ لَيْسَ لَهُ إبْطَالُ تَعْلِيقِ الْمَيِّتِ وَإِنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ أَنْ يُبْطِلَهُ، كَمَا لَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِشَيْءٍ ثُمَّ مَاتَ لَيْسَ لِلْوَارِثِ بَيْعُهُ وَإِنْ كَانَ لِلْمُوصِي أَنْ يَبِيعَهُ، وَلَوْ نَجَّزَ عِتْقَهُ هَلْ يَعْتِقُ أَوْ لَا ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى ذَلِكَ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُهُ حَيْثُ كَانَ يَخْرُجُ كُلُّهُ مِنْ الثُّلُثِ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ إبْطَالِ الْوَلَاءِ لِلْمَيِّتِ وَهُوَ مَقْصُودٌ. أَمَّا مَا لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ كَإِيجَارٍ فَلَهُ ذَلِكَ. وَأَمَّا لَوْ عَرَضَ عَلَيْهِ الدُّخُولَ فَامْتَنَعَ فَلَهُ بَيْعُهُ لَا سِيَّمَا حَيْثُ كَانَ عَاجِزًا لَا مَنْفَعَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ) أَيْ اُشْتُرِطَ دُخُولٌ بَعْدَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ وَأَشَارَ فِي التَّتِمَّةِ إلَى وَجْهِ اشْتِرَاطِ تَقَدُّمِ الْأَوَّلِ) أَيْ هُنَا وَهُوَ الْمَوْتُ فِي قَوْلِهِ كَإِنْ مِتَّ (قَوْلُهُ: أَنَّ الصِّفَتَيْنِ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِمَا الطَّلَاقُ مِنْ فِعْلِهِ) أَيْ الْمُعَلَّقِ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّهُمَا مِنْ فِعْلِ الْمُتَكَلِّمِ فَتَكُونُ الصِّيغَةُ إنْ كَلَّمْتُ بِضَمِّ التَّاءِ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ: بَعْدَ وَأَمَّا الصِّفَةُ الْأُولَى. . . إلَخْ تَقْتَضِي خِلَافَهُ فَإِنَّ الدُّخُولَ فِيهِمَا مِنْ فِعْلِ الْعَبْدِ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ هُنَا مِنْ قِبَلِهِ: يَعْنِي مِنْ فِعْلِ الْمُعَلَّقِ عَلَى فِعْلِهِ وَهُوَ الْمَرْأَةُ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الصِّفَةُ الْأُولَى) هِيَ الْمَوْتُ (قَوْلُهُ وَنَوَى شَيْئًا) أَيْ مِنْ الْفَوْرِ أَوْ التَّرَاخِي، وَيُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهُ بِأَنْ يُخْبِرَ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْمَشِيئَةِ عَقِبَ الْمَوْتِ) أَيْ فَوْرًا (قَوْلُهُ: مِنْ تَأْخِيرِ الْمَشِيئَةِ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَدَّمَ ذِكْرَ الْمَشِيئَةِ عَلَى الدُّخُولِ هَلْ يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ الْآتِي أَمَّا لَوْ صَرَّحَ بِوُقُوعِهَا بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ نَوَاهُ فَيُشْتَرَطُ وُقُوعُهَا بَعْدَهُ بِلَا فَوْرٍ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ مُزِيلٍ لِلْمِلْكِ) قَالَ سم عَلَى حَجّ نَقْلًا عَنْ طب إنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا أَيْضًا لِاحْتِمَالِ أَنْ تَصِيرَ مُسْتَوْلَدَةً مِنْ الْوَارِثِ فَيَتَأَخَّرَ إعْتَاقُهَا (قَوْلُهُ: وَعَرَضَهُ عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَجَّزَ) أَيْ الْوَارِثُ، وَقَوْلُهُ هَلْ يُعْتِقُ: أَيْ عَنْهُ، وَقَوْلُهُ إلَى ذَلِكَ أَيْ الْمُعْتَقِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ عَدَمُهُ) أَيْ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ ذَلِكَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ، ثُمَّ بَعْدَ الْإِجَارَةِ لَوْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهَا هَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ مِنْ حِينَئِذٍ أَوْ لَا، وَإِذَا قِيلَ بِعَدَمِ الِانْفِسَاخِ فَهَلْ الْأُجْرَةُ لِلْوَارِثِ أَوْ لِلْعَتِيقِ لِانْقِطَاعِ تَعَلُّقِ الْوَارِثِ بِهِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الِانْفِسَاخُ مِنْ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَنْفَعَةَ بَعْدَ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ بَيْعُهُ) أَيْ مَا لَمْ يَرْجِعْ اهـ حَجّ بِأَنْ يُرِيدَ الدُّخُولَ بَعْدَ امْتِنَاعِهِ مِنْهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا تَطْلُقُ إلَّا إنْ فَعَلَتْ الْأَوَّلَ بَعْدَ الثَّانِي كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: كَانَ تَعْلِيقَ عِتْقٍ بِصِفَةٍ) أَيْ لَا تَدْبِيرًا كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: أَنَّ الصِّفَتَيْنِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِمَا الطَّلَاقُ مِنْ فِعْلِهِ) كَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ مَنْ فَعَلَهَا، وَيَجُوزُ جَعْلُ الضَّمِيرِ لِلْمُعَلَّقِ فَتَكُونُ التَّاءُ فِي كَلَّمْت وَدَخَلْت مَضْمُومَةً (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَجَّزَ عِتْقَهُ) أَيْ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ لَيْسَ هُوَ الْمَوْتَ وَحْدَهُ)

فِيهِ إذْ يَصِيرُ كَلًّا عَلَيْهِ (وَلَوْ) (قَالَ إذَا مِتُّ وَمَضَى شَهْرٌ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِي (فَأَنْت حُرٌّ) فَهُوَ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ أَيْضًا (فَلِلْوَارِثِ اسْتِخْدَامُهُ) وَكَسْبُهُ (فِي الشَّهْرِ) كَمَا لَهُ ذَلِكَ فِيمَا مَرَّ قَبْلَ دُخُولِهِ الدَّارَ لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ (لَا بَيْعُهُ) وَنَحْوُهُ لِمَا مَرَّ، وَسَبَقَ مَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ الصُّورَتَيْنِ لَيْسَتَا تَدْبِيرًا لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ لَيْسَ هُوَ الْمَوْتُ وَحْدَهُ (وَلَوْ) (قَالَ إنْ) أَوْ إذَا (شِئْتَ) أَوْ أَرَدْت مَثَلًا (فَأَنْت مُدَبَّرٌ أَوْ أَنْتِ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي إنْ شِئْتَ) وَقَدْ أَطْلَقَ (اُشْتُرِطَتْ الْمَشِيئَةُ) أَيْ وُقُوعُهَا فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ (مُتَّصِلَةٌ) بِلَفْظِهِ بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا فِي مَجْلِسِ التَّوَاجُبِ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ نَظِيرُ الْمَارِّ فِي الْخُلْعِ لِأَنَّ الْخِطَابَ يَقْتَضِي، إذْ هُوَ تَمْلِيكٌ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ، وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْفَوْرِيَّةِ، إذَا أَضَافَهُ لِلْعَبْدِ كَمَا عُلِمَ مِنْ تَصْوِيرِهِ، فَلَوْ قَالَ إنْ شَاءَ زَيْدٌ أَوْ إذَا شَاءَ زَيْدٌ فَأَنْت مُدَبَّرٌ لَمْ يُشْتَرَطْ الْفَوْرُ كَمَا قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ فِي الْإِيضَاحِ وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، بَلْ مَتَى شَاءَ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ صَارَ مُدَبَّرًا وَلَوْ عَلَى التَّرَاخِي، لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ حَيِّزِ الْعِتْقِ بِالصِّفَاتِ فَهُوَ كَتَعْلِيقِهِ بِدُخُولِ الدَّارِ. قَالَ: وَالْفَرْقُ أَنَّ التَّعْلِيقَ بِمَشِيئَةِ زَيْدٍ صِفَةٌ يُعْتَبَرُ وُجُودُهَا فَاسْتَوَى فِيهَا قُرْبُ الزَّمَانِ وَبُعْدُهُ وَتَعْلِيقُهُ بِمَشِيئَةِ الْعَبْدِ تَمْلِيكٌ فَاخْتَلَفَ فِيهِ قُرْبُ الزَّمَانِ وَبُعْدُهُ، وَعُلِمَ مِنْ اعْتِبَارِ الْمَشِيئَةِ عَدَمُ الرُّجُوعِ عَنْهَا حَتَّى لَوْ شَاءَ الْعِتْقَ ثُمَّ قَالَ لَمْ أَشَأْ لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ، وَإِنْ قَالَ لَا أَشَاؤُهُ ثُمَّ قَالَ أَشَاءُ فَكَذَلِكَ وَلَمْ يَعْتِقْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى كَانَتْ الْمَشِيئَةُ فَوْرِيَّةً فَالِاعْتِبَارُ بِمَا شَاءَهُ أَوَّلًا، أَوْ مُتَرَاخِيَةً ثَبَتَ التَّدْبِيرُ بِمَشِيئَتِهِ لَهُ، سَوَاءٌ أَتَقَدَّمَتْ مَشِيئَتُهُ لَهُ عَلَى رَدِّهِ أَمْ تَأَخَّرَتْ عَنْهُ، أَمَّا لَوْ صَرَّحَ بِوُقُوعِهَا بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ نَوَاهُ فَيُشْتَرَطُ وُقُوعُهَا بَعْدَهُ بِلَا فَوْرٍ (فَإِنْ قَالَ مَتَى) أَوْ مَهْمَا مَثَلًا (شِئْت فَلِلتَّرَاخِي) لِأَنَّ نَحْوَ مَتَى مَوْضُوعَةٌ لِلزَّمَانِ فَاسْتَوَى فِيهَا جَمِيعُ الْأَزْمَانِ وَإِنْ مَوْضُوعَةٌ لِلْفِعْلِ فَاعْتُبِرَ فِيهَا زَمَانُ الْفِعْلِ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ وُقُوعُ الْمَشِيئَةِ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِمَا مَرَّ أَوْ يَنْوِهِ (وَلَوْ) (قَالَا) أَيْ كُلٌّ مِنْ شَرِيكَيْنِ (لِعَبْدِهِمَا إذَا مِتْنَا فَأَنْت حُرٌّ) (لَمْ يَعْتِقْ حَتَّى يَمُوتَا) لِتُوجَدَ الصِّفَتَانِ، ثُمَّ إنْ مَاتَا مَعًا كَانَ تَعْلِيقَ عِتْقٍ بِصِفَةٍ لَا تَدْبِيرًا لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِمَوْتَيْنِ أَوْ مُرَتَّبًا صَارَ نَصِيبُ آخِرُهُمَا مَوْتًا بِمَوْتِ أَوَّلِهِمَا مُدَبَّرًا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُعَلَّقٌ بِالْمَوْتِ وَحْدَهُ بِخِلَافِ نَصِيبِ أَوَّلِهِمَا (فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَلَيْسَ لِوَارِثِهِ بَيْعُ نَصِيبِهِ) وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ مُزِيلٍ لِلْمِلْكِ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَحِقًّا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالْمُرَادُ الرُّجُوعُ قَبْلَ بَيْعِهِ وَإِنْ تَرَاخَى (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ إذْ لَيْسَ لَهُ إبْطَالُ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: لَيْسَ هُوَ الْمَوْتُ وَحْدَهُ) أَيْ وَلَا مَعَ شَيْءٍ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: فِي مَجْلِسِ التَّوَاجُبِ) أَيْ وَهُوَ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ كَمَا قَدَّمَهُ فِي الْعِتْقِ فِي قَوْلِهِ وَالْأَقْرَبُ ضَبْطُهُ بِمَا مَرَّ فِي الْخُلْعِ: أَيْ وَهُوَ يُغْتَفَرُ فِيهِ الْكَلَامُ الْيَسِيرُ (قَوْلُهُ بَلْ مَتَى شَاءَ) : أَيْ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ مِنْهُ وَدَامَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ شَاءَ) أَيْ الْعَبْدُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ لَمْ أَشَأْ) أَيْ بِمَعْنَى رَجَعْتُ عَنْ الْمَشِيئَةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ أَنْكَرَ الْمَشِيئَةَ مِنْ أَصْلِهَا (قَوْلُهُ فَكَذَلِكَ) أَيْ لَا يَصِحُّ مِنْهُ فَلَا يَعْتِقُ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ صَرَّحَ بِوُقُوعِهَا) أَيْ الْمَشِيئَةِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ مِنْ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: بِلَا فَوْرٍ) قَدْ يُشْكِلُ هَذَا عَلَى مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ قَالَ إذَا مِتُّ فَأَنْت حُرٌّ إنْ دَخَلْتَ أَوْ شِئْتَ مِنْ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا اُشْتُرِطَ الْفَوْرُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْفَرْقُ مَا تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي كَلَامِهِ مِنْ أَنَّ الْفَوْرَ هُوَ الْمُتَبَادَرُ إلَى الْفَهْمِ عِنْدَ التَّقْدِيمِ: يَعْنِي حَيْثُ رَتَّبَ قَوْلَهُ فَأَنْتَ حُرٌّ بِالْفَاءِ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَاعْتَبَرَ الْمَشِيئَةَ قَيْدًا فِيهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَا) أَيْ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَلَا مَعَ شَيْءٍ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِمَوْتَيْنِ) عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ: ثُمَّ إنْ مَاتَا مَعًا فَفِي كَافِي الرُّويَانِيِّ وُجِّهَ أَنَّ الْحَاصِلَ عِتْقُ تَدْبِيرٍ لِاتِّصَالِهِ بِالْمَوْتِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عِتْقٌ بِحُصُولِ الصِّفَةِ لِتَعَلُّقِ الْعِتْقِ بِمَوْتِهِ وَمَوْتِ غَيْرِهِ، وَالتَّدْبِيرُ أَنْ يُعَلِّقَ الْعِتْقَ بِمَوْتِ نَفْسِهِ وَإِنْ مَاتَا مُرَتَّبًا فَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ لَا تَدْبِيرَ أَيْضًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا يَصِيرُ نَصِيبُ الثَّانِي مُدَبَّرًا لِتَعَلُّقِ الْعِتْقِ بِمَوْتِهِ وَكَأَنَّهُ قَالَ إذَا مَاتَ

لِلْعِتْقِ بِمَوْتِ الشَّرِيكِ وَلَهُ نَحْوُ اسْتِخْدَامِهِ وَكَسْبِهِ. وَفَارَقَ مَا لَوْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ عَبْدٍ فَإِنَّ الْكَسْبَ بَعْدَ الْمَوْتِ لَهُ لِأَنَّهُ يَجِبُ إعْتَاقُهُ فَوْرًا فَكَانَ مُسْتَحِقًّا لَهُ حَالَ اكْتِسَابِهِ (وَلَا يَصِحُّ) (تَدْبِيرُ) مُكْرَهٍ وَ (مَجْنُونٍ) حَالَةَ جُنُونِهِ (وَصَبِيٍّ) (لَا يُمَيِّزُ وَكَذَا مُمَيِّزٌ فِي الْأَظْهَرِ) لِإِلْغَاءِ عِبَارَتِهِمْ وَرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُمْ. وَالثَّانِي الصِّحَّةُ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ لِمَصْلَحَتِهِ، وَالْمَصْلَحَةُ هُنَا فِي جَوَازِهِ لِأَنَّهُ إنْ عَاشَ لَمْ يَلْزَمْهُ وَإِنْ مَاتَ حَصَلَ لَهُ الثَّوَابُ (وَيَصِحُّ مِنْ سَفِيهٍ) أَيْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ وَكَذَا بِالْفَلَسِ أَيْضًا، إذْ لَا ضَرَرَ فِيهِ مَعَ صِحَّةِ عِبَارَتِهِمَا وَمِنْ سَكْرَانَ (وَكَافِرٍ أَصْلِيٍّ) وَلَوْ حَرْبِيًّا كَمَا يَصِحُّ اسْتِيلَادُهُ وَتَعْلِيقُهُ الْعِتْقَ بِصِفَةٍ لِصِحَّةِ عِبَارَتِهِ وَمِلْكِهِ (وَتَدْبِيرُ الْمُرْتَدِّ يُبْنَى عَلَى أَقْوَالِ مِلْكِهِ) فَإِنْ بَقَّيْنَاهُ صَحَّ أَوْ أَنْزَلْنَاهُ فَلَا أَوْ وَقَفْنَاهُ، فَإِنْ أَسْلَمَ بَانَتْ صِحَّتُهُ وَإِلَّا فَلَا (وَلَوْ) (دَبَّرَ) قِنًّا (ثُمَّ ارْتَدَّ) (لَمْ يَبْطُلْ) تَدْبِيرُهُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) بَلْ إذَا مَاتَ مُرْتَدًّا عَتَقَ الْقِنُّ صِيَانَةً لِحَقِّهِ عَنْ الضَّيَاعِ لِأَنَّ الرِّدَّةَ تُؤَثِّرُ فِي الْعُقُودِ الْمُسْتَقْبَلَةِ دُونَ الْمَاضِيَةِ بِدَلِيلِ عَدَمِ فَسَادِ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ السَّابِقَيْنِ عَلَيْهَا. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ وَالثَّالِثُ الْبِنَاءُ عَلَى أَقْوَالِ الْمِلْكِ (وَلَوْ ارْتَدَّ الْمُدَبَّرُ لَمْ يَبْطُلْ) تَدْبِيرُهُ وَإِنْ صَارَ دَمُهُ مُهْدَرًا لِبَقَاءِ الْمِلْكِ فِيهِ كَمَا لَا يَبْطُلُ الِاسْتِيلَادُ وَالْكِتَابَةُ بِهَا وَلَوْ حَارَبَ مُدَبَّرٌ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ فَسُبِيَ امْتَنَعَ اسْتِرْقَاقُهُ لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالًا لِحَقِّ السَّيِّدِ (وَلِحَرْبِيٍّ حَمْلُ مُدَبَّرِهِ) وَأُمِّ وَلَدِهِ الْكَافِرَيْنِ الْأَصْلِيَّيْنِ (إلَى دَارِهِمْ) وَإِنْ دَبَّرَهُ، عِنْدَنَا وَأَبِي الرُّجُوعَ مَعَهُ لِأَنَّ أَحْكَامَ الرِّقِّ جَمِيعَهَا بَاقِيَةٌ، بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً صَحِيحَةً لَا يُرَدُّ إلَّا بِرِضَاهُ، وَخَرَجَ بِقَوْلِي الْأَصْلِيَّيْنِ الْمُرْتَدَّانِ فَيُمْنَعُ مِنْ حَمْلِهِمَا لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ، وَفِي مَعْنَى الْمُرْتَدِّ الْقِنُّ الْمُدَبَّرُ أَوْ الْمُعَلَّقُ بِصِفَةٍ أَوْ الْمُكَاتَبُ الْمُنْتَقِلُ مِنْ مِلَّةٍ إلَى أُخْرَى حَيْثُ قُلْنَا لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً فَاسِدَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرُ تَعْلِيلِهِمْ (وَلَوْ) (كَانَ لِكَافِرٍ عَبْدٌ مُسْلِمٌ فَدَبَّرَهُ) بَعْدَ إسْلَامِهِ وَلَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ (نُقِضَ) تَدْبِيرُهُ (وَبِيعَ عَلَيْهِ) لِمَا فِي بَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ مِنْ الْإِذْلَالِ وَهَذَا عَطْفُ بَيَانٍ لِمُرَادِهِ بِالنَّقْضِ بَيَّنَ بِهِ حُصُولَهُ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى لَفْظٍ (وَلَوْ) (دَبَّرَ كَافِرٌ كَافِرًا فَأَسْلَمَ) الْعَبْدُ (وَلَمْ يَرْجِعْ السَّيِّدُ فِي التَّدْبِيرِ) بِأَنْ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ (نُزِعَ مِنْ سَيِّدِهِ) وَيُتْرَكُ فِي يَدِ عَدْلٍ وَيَسْتَكْسِبُ دَفْعًا لِلذُّلِّ وَلَا يُبَاعُ لِتَوَقُّعِ حُرِّيَّتِهِ (وَصُرِفَ كَسْبُهُ إلَيْهِ) أَيْ السَّيِّدِ كَمَا لَوْ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِهِ (وَفِي قَوْلٍ يُبَاعُ) لِئَلَّا يَبْقَى فِي مِلْكِ كَافِرٍ وَحَمَلَ الشَّارِحُ كَلَامَهُ عَلَى الْمَرْجُوحِ وَهُوَ صِحَّةُ الرُّجُوعِ عَنْهُ بِالْقَوْلِ، وَمَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ قَدْ لَا يَتَأَتَّى مَعَ قَوْلِهِ نُزِعَ مِنْ سَيِّدِهِ، وَفِي قَوْلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَقَفْنَاهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: ثُمَّ ارْتَدَّ) أَيْ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ارْتَدَّ الْمُدَبَّرُ لَمْ يَبْطُلْ) وَفَائِدَةٌ تَظْهَرُ فِيمَا لَوْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ بِأَنْ اتَّفَقَ عَدَمُ قَتْلِهِ لِتَوَارِيهِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: امْتَنَعَ اسْتِرْقَاقُهُ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ فِي فَصْلِ نِسَاءِ الْكُفَّارِ. . . إلَخْ، وَعِبَارَتُهُ ثَمَّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَيَجُوزُ إرْقَاقُ زَوْجَةِ ذِمِّيٍّ مَتْنًا وَشَرْحًا مَا نَصُّهُ، وَكَذَا عَتِيقُهُ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ وَالْعَاقِلُ وَالْمَجْنُونُ فِي الْأَصَحِّ يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُ إذَا لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ لِكَوْنِهِ جَائِزًا فِي سَيِّدِهِ لَوْ لَحِقَ بِهَا فَهُوَ أَوْلَى اهـ. فَإِنْ قُلْت: يُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا فِيمَا لَوْ سُبِيَ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ فَهُوَ مَالُهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ، وَمَا هُنَاكَ بِالْعِتْقِ صَارَ مُسْتَقِلًّا. قُلْت: يُنَافِيهِ عُمُومُ قَوْلِهِ امْتَنَعَ اسْتِرْقَاقُهُ فَإِنَّهُ شَامِلٌ لِمَا لَوْ سُبِيَ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ، وَصَرَّحَ بِهَذَا الشُّمُولِ الدَّمِيرِيِّ (قَوْلُهُ: فَيُمْنَعُ مِنْ حَمْلِهَا) أَيْ وَإِنْ رَضِيَا (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ تَعْلِيلِهِمْ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ (قَوْلُهُ: بَعْدَ إسْلَامِهِ) أَيْ مِنْ أَخْذِهِ (قَوْلُهُ نُقِضَ تَدْبِيرُهُ) أَشْعَرَ بِصِحَّةِ التَّدْبِيرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQشَرِيكِي فَنَصِيبِي مُدَبَّرٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَارَبَ مُدَبَّرٌ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ) مَا ذِكْرُهُ فِي الْمُسْلِمِ وَاضِحٌ، وَأَمَّا فِي الذِّمِّيِّ فَلَا يَتَّضِحُ إنْ كَانَ السَّبْيُ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ، أَمَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَيَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُ كَمَا مَرَّ فِي السِّيَرِ فَكَانَ الْأَوْلَى الِاقْتِصَارَ عَلَى الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ: قَدْ لَا يَتَأَتَّى. . . إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ صَيَّرَ قَوْلَهُ وَلَمْ يَرْجِعْ السَّيِّدُ بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ قَيْدٌ، إذْ لَا مَفْهُومَ لَهُ حِينَئِذٍ

يُبَاعُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ أَزَالَ مِلْكَهُ عَنْهُ لِكَافِرٍ آخَرَ فَيَصِحُّ عَلَى بُعْدٍ (وَلَهُ) أَيْ السَّيِّدِ غَيْرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَلِوَلِيِّهِ (بَيْعُ الْمُدَبَّرِ) وَهِبَتُهُ وَكُلُّ تَصَرُّفٍ يُزِيلُ الْمِلْكَ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَاعَ مُدَبَّرَ أَنْصَارِيٍّ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ» ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَرَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَالشَّافِعِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهَا بَاعَتْ مُدَبَّرَةً لَهَا سَحَرَتْهَا وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا وَلَا خَالَفَهَا أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَاحْتِمَالُ بَيْعِهِ فِي الْأَوَّلِ لِلدَّيْنِ رُدَّ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَتَوَقَّفَ عَلَى طَلَبِ الْغُرَمَاءِ وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ قَوْلُ الرَّاوِي فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ إذْ مُجَرَّدُ كَوْنِ الْبَيْعِ فِيهِ لَا يُفِيدُ أَنَّهُ لِأَجْلِهِ فَحَسْبُ لِتَوَقُّفِهِ حِينَئِذٍ عَلَى الْحَجْرِ عَلَيْهِ وَسُؤَالِ الْغُرَمَاءِ فِي بَيْعِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، عَلَى أَنَّ قَضِيَّةَ عَائِشَةَ كَافِيَةٌ فِي الِاحْتِجَاجِ (وَالتَّدْبِيرُ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ) لِأَنَّ صِيغَتَهُ صِيغَةُ تَعْلِيقٍ (فِي قَوْلِ وَصِيَّةٍ) لِلْعَبْدِ بِالْعِتْقِ نَظَرًا إلَى أَنَّ إعْتَاقَهُ مِنْ الثُّلُثِ (فَلَوْ بَاعَهُ) أَوْ وَهَبَهُ وَأَقْبَضَهُ (ثُمَّ مَلَكَهُ لَمْ يَعُدْ التَّدْبِيرُ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّ زَوَالَ الْمِلْكِ يُبْطِلُ كُلًّا مِنْ الْوَصِيَّةِ وَالتَّعْلِيقِ وَكَمَا لَا يَعُودُ الْحِنْثُ فِي الْيَمِينِ، وَفِي قَوْلٍ عَلَى قَوْلِ التَّعْلِيقِ يَعُودُ عَلَى قَوْلِ عَوْدِ الْحِنْثِ فِي الْقَسَمِ (وَلَوْ رَجَعَ عَنْهُ بِقَوْلٍ) وَمِثْلُهُ إشَارَةُ أَخْرَسَ مُفْهِمَةٌ وَكِتَابَةٌ مَعَ نِيَّةٍ (كَأَبْطَلْتُهُ فَسَخْتُهُ نَقَضْته رَجَعْتُ فِيهِ صَحَّ) الرُّجُوعُ (وَإِنْ قُلْنَا) بِالْمَرْجُوحِ إنَّهُ (وَصِيَّةٌ) لِمَا مَرَّ فِي الرُّجُوعِ عَنْهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ نَقُلْ وَصِيَّةٌ بَلْ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ (فَلَا) يَصِحُّ بِالْقَوْلِ كَسَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ (وَلَوْ) (عَلَّقَ مُدَبَّرٌ) أَوْ مُكَاتَبٌ أَيْ عِتْقَ أَحَدِهِمَا (بِصِفَةٍ) (صَحَّ) كَمَا يَصِحُّ تَدْبِيرُهُ، وَكِتَابَةُ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ وَالتَّدْبِيرُ وَالْكِتَابَةُ بِحَالِهِمَا (وَ) مِنْ ثَمَّ (عَتَقَ بِالْأَسْبَقِ مِنْ) الْوَصْفَيْنِ (الْمَوْتِ) أَوْ أَدَاءِ النُّجُومِ (وَالصِّفَةِ) تَعْجِيلًا لِلْعِتْقِ فَإِنْ سَبَقَتْ الصِّفَةُ الْمُعَلَّقَ بِهَا أَوْ الْمَوْتُ فَبِهِ عَنْ التَّدْبِيرِ أَوْ الْأَدَاءُ فَبِهِ عَنْ الْكِتَابَةِ (وَلَهُ وَطْءُ مُدَبَّرَةٍ) وَإِنْ لَمْ يَعْزِلْ عَنْهَا لِبَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهَا كَأُمِّ الْوَلَدِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ لَازِمٌ (وَلَا يَكُونُ) وَطْؤُهُ لَهَا (رُجُوعًا) عَنْ التَّدْبِيرِ (فَإِنْ أَوْلَدَهَا بَطَلَ تَدْبِيرُهُ) لِطُرُوِّ الْأَقْوَى عَلَى الْأَضْعَفِ بِدَلِيلِ نُفُوذِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَيَرْتَفِعُ بِهِ حُكْمُهُ كَمَا يَرْتَفِعُ النِّكَاحُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ (وَلَا يَصِحُّ تَدْبِيرُ أُمِّ وَلَدٍ) لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ الْعِتْقَ بِالْمَوْتِ بِجِهَةٍ هِيَ أَقْوَى مِنْهُ، وَالْأَضْعَفُ لَا يَدْخُلُ عَلَى الْأَقْوَى (وَيَصِحُّ تَدْبِيرُ مُكَاتَبٍ) كَمَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ عِتْقِهِ بِصِفَةٍ (وَكِتَابَةُ مُدَبَّرٍ) لِمُوَافَقَتِهَا لِمَقْصِدِ التَّدْبِيرِ فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهَا مُدَبَّرًا مُكَاتَبًا وَيَعْتِقُ بِالْأَسْبَقِ كَمَا مَرَّ، فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ عَتَقَ بِالتَّدْبِيرِ وَلَا تَبْطُلُ الْكِتَابَةُ عَلَى الْأَصَحِّ فَيَتْبَعُهُ كَسْبُهُ وَوَلَدُهُ، فَإِنْ عَجَزَ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابَةِ عَنْهُ ثُلُثُ مَالِهِ عَتَقَ بِقَدْرِهِ وَبَقِيَ الْبَاقِي مُكَاتَبًا، فَإِذَا أَدَّى قِسْطَهُ عَتَقَ وَإِنْ مَاتَ وَقَدْ دَبَّرَ مُكَاتَبًا عَتَقَ بِالتَّدْبِيرِ لَمْ تَبْطُلْ الْكِتَابَةُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّهُ الصَّحِيحُ، وَبِهِ جَزَمَ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَتْبَعُهُ كَسْبُهُ وَوَلَدُهُ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــSفِيمَا مَرَّ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَحَلِّ كَوْنُهُ قِنًّا غَيْرَ أُمِّ وَلَدٍ، وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ بَيْعِ الْقِنِّ حُكِمَ بِعِتْقِهِ (قَوْلُهُ: وَاحْتِمَالُ بَيْعِهِ فِي الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ «بَاعَ مُدَبَّرَ أَنْصَارِيٍّ» (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ الْمُعْتَمَدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ أَزَالَ مِلْكَهُ عَنْهُ لِكَافِرٍ) اُنْظُرْ مَا صُورَتُهُ (قَوْلُهُ: أَيْ غَيْرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ) أَيْ أَمَّا هُوَ فَلِوَلِيِّهِ

[فصل في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها بصفة وجناية المدبر وعتقه]

(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ حَمْلِ الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ وَجِنَايَةِ الْمُدَبَّرِ وَعِتْقِهِ (وَلَدَتْ مُدَبَّرَةٌ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا لَا يَثْبُتُ لِلْوَلَدِ حُكْمُ التَّدْبِيرِ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ عَقْدٌ يَقْبَلُ الرَّفْعَ فَلَا يَسْرِي لِلْوَلَدِ الْحَادِثِ بَعْدَهُ كَالرَّهْنِ. وَالثَّانِي يَثْبُتُ كَمَا يَتْبَعُ وَلَدُ الْمُسْتَوْلَدَةِ أُمَّهُ وَخَرَجَ " بِوَلَدَتْ " وَلَدَهَا قَبْلَ التَّدْبِيرِ فَلَا يَتْبَعُ جَزْمًا، وَمَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا عِنْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ فَيَتْبَعُهَا جَزْمًا (وَلَوْ) (دَبَّرَ حَامِلًا) يَمْلِكُهَا وَحَمْلَهَا وَلَمْ يَسْتَثْنِهِ (ثَبَتَ لَهُ) أَيْ الْحَمْلُ وَإِنْ انْفَصَلَ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ (حُكْمُ التَّدْبِيرِ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُ كَبَعْضِ أَعْضَائِهَا كَمَا يَتْبَعُهَا فِي الْعِتْقِ وَالْبَيْعِ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي إنْ قُلْنَا الْحَمْلُ يُعْلَمُ فَمُدَبَّرٌ وَإِلَّا فَالْقَوْلَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى (فَإِنْ مَاتَتْ) الْأُمُّ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ (أَوْ رَجَعَ فِي تَدْبِيرِهَا بِالْقَوْلِ) عَلَى الْقَوْلِ بِهِ (دَامَ تَدْبِيرُهُ) وَإِنْ انْفَصَلَ (وَقِيلَ إنْ رَجَعَ وَهُوَ مُتَّصِلٌ فَلَا) يَدُومُ تَدْبِيرُهُ بَلْ يَتْبَعُهَا فِي الرُّجُوعِ كَمَا يَتْبَعُهَا فِي التَّدْبِيرِ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِقُوَّةِ الْعِتْقِ وَمَا يَئُولُ إلَيْهِ وَلَوْ خُصِّصَ الرُّجُوعُ بِهَا دَامَ قَطْعًا، أَمَّا إذَا اسْتَثْنَاهُ فَلَا يَتْبَعُهَا، وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ وَلَدَتْهُ قَبْلَ الْمَوْتِ وَإِلَّا تَبِعَهَا لِأَنَّ الْحُرَّةَ لَا تَلِدُ إلَّا حُرًّا: أَيْ غَالِبًا، وَيُعْرَفُ كَوْنُهَا حَامِلًا حَالَ التَّدْبِيرِ بِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْوَصَايَا (وَلَوْ) (دَبَّرَ حَمْلًا) وَحْدَهُ (صَحَّ) تَدْبِيرُهُ كَمَا يَصِحُّ إعْتَاقُهُ دُونَهَا وَلَا يَتَعَدَّى إلَيْهَا لِأَنَّهُ تَابِعٌ (فَإِنْ مَاتَ) السَّيِّدُ (عَتَقَ) الْحَمْلُ (دُونَ الْأُمِّ) لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ تَابِعٌ (وَإِنْ) (بَاعَهَا) مَثَلًا حَامِلًا (صَحَّ) الْبَيْعُ (وَكَانَ رُجُوعًا عَنْهُ) أَيْ مِنْ تَدْبِيرٍ كَمَا لَوْ بَاعَ الْمُدَبَّرَ نَاسِيًا لِتَدْبِيرِهِ (وَلَوْ) (وَلَدَتْ الْمُعَلَّقُ عِتْقُهَا) بِصِفَةٍ وَلَدًا مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا (لَمْ يَعْتِقْ الْوَلَدُ) لِأَنَّهُ عَقْدٌ يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ فَلَمْ يَتَعَدَّ لَهُ كَالرَّهْنِ وَالْوَصِيَّةِ (وَفِي قَوْلٍ إنْ عَتَقَتْ بِالصِّفَةِ عَتَقَ) كَوَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ، وَجَوَابُهُ مَا تَقَرَّرَ أَنَّ هَذَا قَابِلٌ لِلْفَسْخِ وَتَعْمِيمُ جَرَيَانِ الْخِلَافِ هُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ ـــــــــــــــــــــــــــــS [فَصْلٌ فِي حُكْمِ حَمْلِ الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ وَجِنَايَةِ الْمُدَبَّرِ وَعِتْقِهِ] (قَوْلُهُ: وَعِتْقِهِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَالتَّنَازُعِ فِي الْمَالِ الَّذِي بِيَدِ الْمُدَبَّرِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ دَبَّرَ حَامِلًا) أَيْ نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ أَمْ لَا أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي وَيُعْرَفُ كَوْنُهَا حَامِلًا. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى الْقَوْلِ بِهِ) أَيْ الْمَرْجُوحِ (قَوْلُهُ: دَامَ قَطْعًا) أَيْ تَدْبِيرُ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا اسْتَثْنَاهُ) وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ قَالَ أَعْتَقْتُكِ دُونَ حَمْلِكِ حَيْثُ يَعْتِقَانِ مَعًا ضَعُفَ التَّدْبِيرُ (قَوْلُهُ: أَيْ غَالِبًا) وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ مَا لَوْ أَوْصَى بِأَوْلَادِ أَمَتِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهَا الْوَارِثُ (قَوْلُهُ: بِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْوَصَايَا) أَيْ بِأَنْ انْفَصَلَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ التَّدْبِيرِ أَوْ أَكْثَرَ وَلَمْ يُوجَدْ وَطْءٌ بَعْدَهُ يُحْتَمَلُ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: كَمَا يَصِحُّ إعْتَاقُهُ) يُؤْخَذُ مِنْ التَّشْبِيهِ بِالْعِتْقِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ التَّدْبِيرِ بُلُوغُهُ أَوْ إنْ نُفِخَ الرُّوحُ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَلَدًا مِنْ نِكَاحٍ) أَيْ بَعْدَ التَّعْلِيقِ وَقَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ، أَمَّا الْمَوْجُودُ عِنْدَ أَحَدِهِمَا فَيَعْتِقُ بِعِتْقِهَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصْلٌ) فِي حُكْمِ حَمْلِ الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ وَجَنَابَةِ الْمُدَبَّرِ وَعِتْقِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا) أَيْ مَثَلًا، إلَّا فَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَتَتْ بِهِ مِنْ شُبْهَةٍ حَيْثُ حَكَمْنَا بِرِقِّهِ أَوْ مِنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا ذَكَرَهُ وَالِدُ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: بِالْقَوْلِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ) أَيْ أَوْ بِالْفِعْلِ إنْ تُصُوِّرَ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ. قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: هَلْ مِنْ صُوَرِهِ مَا لَوْ أَوْلَدَهَا كَمَا تَقَدَّمَ اهـ. وَلَا يَخْفَى عَدَمُ تَأَتِّيه مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقِيلَ إنْ رَجَعَ وَهُوَ مُتَّصِلٌ فَلَا إذْ لَا يُمْكِنُ إيلَادُهَا وَهُوَ مُتَّصِلٌ (قَوْلُهُ: وَتَعْمِيمُ جَرَيَانِ الْخِلَافِ) يَعْنِي فِي كَوْنِ الْوَلَدِ مَوْجُودًا عِنْدَ التَّعْلِيقِ حَمْلًا كَمَا جَرَى فِي كَوْنِهِ حَادِثًا بَعْدَ التَّعْلِيقِ الَّذِي صَوَّرُوا بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ إنَّ الْمَوْجُودَ عِنْدَ التَّعْلِيقِ يَتْبَعُهَا قَطْعُهَا، وَتَبِعَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ. وَقَالَ غَيْرُهُمَا: إنَّهُ يَتْبَعُهَا قَطْعًا إذَا كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ،

فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ وَهُوَ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ، وَمِنْ ثَمَّ يَأْتِي هُنَا عَلَى الْأَصَحِّ نَظِيرُ تَفْصِيلِهِ الْمَارِّ خِلَافًا لِمَا قَطَعَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ التَّبَعِيَّةِ فِيمَا إذَا اتَّصَلَ عِنْدَ التَّعْلِيقِ، وَقَطَعَ غَيْرُهُ بِهَا أَيْضًا إذَا اتَّصَلَ بِوُجُودِ الصِّفَةِ وَقَدْ عَتَقَتْ بِهَا وَإِنْ حَدَثَ بَعْدَ التَّعْلِيقِ، وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي الْمُتَّصِلِ بِالتَّعْلِيقِ مَا إذَا بَقِيَ أَوْ بَطَلَ بِمَوْتِهَا قَبْلَ الِانْفِصَالِ أَوْ بِغَيْرِهِ بَعْدَهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ بَطَلَ بِغَيْرِهِ قَبْلَهُ فَلَا تَبَعِيَّةَ، وَلَمْ يَبْنِ الْمُصَنِّفُ هَذَا التَّفْصِيلَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا قَدَّمَهُ فِي وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ كَمَا تَقَرَّرَ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ (وَلَا يَتْبَعُ) عَبْدًا (مُدَبَّرًا وَلَدُهُ) قَطْعًا لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ أُمَّهُ رِقًّا وَحُرِّيَّةً لَا أَبَاهُ فَكَذَا فِي سَبَبِ الْحُرِّيَّةِ (وَجِنَايَتُهُ) أَيْ الْمُدَبَّرِ (كَجِنَايَةِ قِنٍّ) فَإِذَا جَنَى بِيعَ فِي الْأَرْشِ لِبَقَاءِ الرِّقِّ فِيهِ كَمَا قَبْلَ التَّدْبِيرِ لِتَمَكُّنِ السَّيِّدِ مِنْ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ فَكَانَ كَغَيْرِهِ، وَالْجِنَايَةُ عَلَيْهِ كَالْجِنَايَةِ عَلَى الْقِنِّ، وَلَا يَلْزَمُ سَيِّدَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِمَا أَخَذَهُ مِنْ قِيمَتِهِ مَنْ يُدَبِّرُهُ (وَيَعْتِقُ بِالْمَوْتِ مِنْ الثُّلُثِ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ بَعْدَ الدَّيْنِ) حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مُسْتَغْرِقًا لِمَا رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: الْمُدَبَّرُ مِنْ الثُّلُثِ مَوْقُوفًا لَا مَرْفُوعًا وَلِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ يَلْزَمُ بِالْمَوْتِ فَأَشْبَهَ الْوَصِيَّةَ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ الدَّيْنِ إلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ وَلَا مَالٌ سَوَاءٌ عَتَقَ ثُلُثُهُ، فَإِنْ كَانَ ثَمَّ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَيْءٌ، فَإِنْ اُسْتُغْرِقَ بَعْضُهُ عَتَقَ ثُلُثُ مَا يَبْقَى مِنْهُ وَالْحِيلَةُ فِي عِتْقِ جَمِيعِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَوْ كَانَ ثَمَّ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ أَنْ يَقُولَ أَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَرَضِ مَوْتِي بِيَوْمٍ وَإِنْ مِتُّ فَجْأَةً فَقَبْلَ مَوْتِي بِيَوْمٍ، فَإِذَا مَاتَ بَعْدَ التَّعْلِيقَيْنِ بِأَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا سَبِيلَ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ (وَلَوْ) (عَلَّقَ) فِي صِحَّتِهِ (عِتْقًا عَلَى صِفَةٍ تَخْتَصُّ بِالْمَرَضِ كَإِنْ دَخَلْتَ) الدَّارَ (فِي مَرَضِ مَوْتِي فَأَنْت حُرٌّ) (عَتَقَ) عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ (مِنْ الثُّلُثِ) كَمَا لَوْ نَجَّزَ عِتْقَهُ حِينَئِذٍ (وَإِنْ احْتَمَلَتْ) الصِّفَةُ (الصِّحَّةَ) أَيْ الْوُقُوعَ فِيهَا كَالْمَرَضِ، فَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ الصِّفَةَ بِهِ كَإِنْ دَخَلْت فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِيَوْمٍ (فَوُجِدَتْ فِي الْمَرَضِ فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ) فَيَعْتِقُ (فِي الْأَظْهَرِ) نَظَرًا لِحَالَةِ التَّعْلِيقِ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ لَمْ يُتَّهَمْ بِإِبْطَالِ حَقِّ الْوَرَثَةِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ السَّيِّدِ كَطُلُوعِ الشَّمْسِ، وَإِلَّا فَمِنْ الثُّلُثِ قَطْعًا لِاخْتِيَارِهِ الْعِتْقَ فِي الْمَرَضِ، وَلَوْ عَلَّقَهُ كَامِلًا فَوُجِدَتْ وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ فَكَمَا ذُكِرَ أَوْ مَجْنُونٌ أَوْ سَفِيهٌ عَتَقَ قَطْعًا وَفَارَقَ ذَيْنَك بِأَنَّ الْحَجْرَ فِيهِمَا لِحَقِّ الْغَيْرِ بِخِلَافِ هَذَيْنِ وَالثَّانِي مِنْ الثُّلُثِ اعْتِبَارًا بِوَقْتِ وُجُودِ الصِّفَةِ فَإِنَّ الْعِتْقَ حِينَئِذٍ يَحْصُلُ (وَلَوْ ادَّعَى عَبْدُهُ التَّدْبِيرَ فَأَنْكَرَهُ فَلَيْسَ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ يَأْتِي هُنَا عَلَى الْأَصَحِّ نَظِيرُ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: الْمُدَبَّرُ مِنْ الثُّلُثِ) أَيْ عِتْقُهُ يَكُونُ مِنْ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِذَا مَاتَ بَعْدَ التَّعْلِيقَيْنِ) هُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ قَالَ إذَا مِتَّ فَجْأَةً فَأَنْتَ إلَخْ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَرَضِ مَوْتِي بِيَوْمٍ فَإِنَّمَا يَظْهَرُ ذَلِكَ إذَا عَاشَ سِيَّمَا أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ قَبْلَ الْمَرَضِ (قَوْلُهُ فَكَمَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ إجْرَاءِ الْأَظْهَرِ وَمُقَابِلُهُ فِيهِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ سَفِيهٍ عَتَقَ قَطْعًا، وَعَلَيْهِ فَالْعِبْرَةُ فِي هَذَا عَلَى الْأَظْهَرِ بِوَقْتِ التَّعْلِيقِ، فَلَعَلَّ قَوْلَهُ قِيَمًا سَبَقَ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ قَالَ لِشَرِيكِهِ الْمُوسِرِ أَعْتِقْ إلَخْ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِوَقْتِ وُجُودِ الصِّفَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ هَذَيْنِ) هُمَا السَّفَهُ وَالْجُنُونُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ إلَخْ، لَكِنْ لَمْ أَفْهَمْ قَوْلَهُ وَمِنْ ثَمَّ يَأْتِي هُنَا عَلَى الْأَصَحِّ نَظِيرُ تَفْصِيلِهِ الْمَارِّ، وَعَلَى أَنَّهُ قَدْ مَرَّ فِي وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ أَنَّهُ إذَا كَانَ مُتَّصِلًا عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ الَّتِي هِيَ مَوْتُ السَّيِّدِ أَنَّهُ يَتْبَعُهَا جَزْمًا مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: لِمَا رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ لِخَبَرٍ فِيهِ الْأَصَحُّ وَقْفُهُ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ (قَوْلُهُ: بِأَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْفَجْأَةِ، وَلَا بُدَّ مِنْ صِحَّتِهِ يَوْمًا قَبْلَ الْمَرَضِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ، نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ. (قَوْلُهُ: كَطُلُوعِ الشَّمْسِ) أَيْ وَكَفِعْلِ نَحْوِ الْعَبْدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَكَمَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ الِاخْتِيَارِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: عَتَقَ قَطْعًا) لَعَلَّ صَوَابَهُ مُطْلَقًا: أَيْ سَوَاءٌ أَوُجِدَتْ الصِّفَةُ بِاخْتِيَارِهِ أَمْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ لِلْفَرْقِ الَّذِي ذَكَرَهُ وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ غَيْرُ ظَاهِرٍ (قَوْلُهُ ذَيْنِك) أَيْ الْمَرِيضُ وَالْمَحْجُورُ بِالْفَلَسِ. .

[كتاب الكتابة]

بِرُجُوعٍ) وَإِنْ جَوَّزْنَا الرُّجُوعَ بِالْقَوْلِ كَمَا أَنَّ جُحُودَهُ الرِّدَّةَ وَالطَّلَاقَ لَيْسَ إسْلَامًا وَرَجْعَةً، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إنَّهُ رُجُوعٌ وَالْمُعْتَمَدُ مَا هُنَا (بَلْ يَحْلِفُ) السَّيِّدُ مَا دَبَّرَهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ يُقِرُّ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْعَبْدُ وَثَبَتَ تَدْبِيرُهُ وَلَهُ رَفْعُ الْيَمِينِ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ (وَلَوْ) (وُجِدَ مَعَ مُدَبَّرٍ مَالٌ) أَوْ اخْتِصَاصٌ (فَقَالَ كَسَبْتُهُ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ وَقَالَ الْوَارِثُ) بَلْ (قَبْلَهُ) (صُدِّقَ الْمُدَبَّرُ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْيَدَ لَهُ فَيُرَجَّحُ، وَهَذَا بِخِلَافِ وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ إذَا قَالَتْ وَلَدْتُهُ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ فَهُوَ حُرٌّ وَقَالَ الْوَارِثُ قَبْلَهُ فَهُوَ قِنٌّ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْوَارِثِ، لِأَنَّهَا لَمَّا ادَّعَتْ حُرِّيَّتَهُ نَفَتْ أَنْ يَكُونَ لَهَا عَلَيْهِ يَدٌ وَإِنْ سُمِعَتْ دَعْوَاهَا لِمَصْلَحَةِ الْوَلَدِ (وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ) أَيْ بَيِّنَةُ الْمُدَبَّرِ لِاعْتِضَادِهِ بِالْيَدِ، فَلَوْ أَقَامَ الْوَارِثُ بَيِّنَةً بِأَنَّ هَذَا الْمَالَ كَانَ فِي يَدِ الْمُدَبَّرِ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ فَقَالَ الْمُدَبَّرُ كَانَ فِي يَدِي لَكِنْ كَانَ لِفُلَانٍ فَمَلَكْته بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ صُدِّقَ أَيْضًا. [كِتَابُ الْكِتَابَةِ] ِ بِكَسْرِ الْكَافِ، وَقِيلَ بِفَتْحِهَا كَالْعَتَاقَةِ وَهِيَ لُغَةُ الضَّمِّ وَالْجَمْعِ، وَشَرْعًا عَقْدُ عِتْقٍ بِلَفْظِهَا بِعِوَضٍ مُنَجَّمٍ بِنَجْمَيْنِ فَأَكْثَرَ، وَسُمِّيَ كِتَابَةً لِمَا فِيهِ مِنْ ضَمِّ نَجْمٍ إلَى آخَرَ، وَقِيلَ لِأَنَّهُ يُرْتَفَقُ بِهَا غَالِبًا وَهِيَ خَارِجَةٌ عَنْ قَوَاعِدِ الْمُعَامَلَاتِ لِدَوَرَانِهَا بَيْنَ السَّيِّدِ وَرَقِيقِهِ لِأَنَّهَا بَيْعُ مَالِهِ بِمَالِهِ. وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33] وَخَبَرُ «مَنْ أَعَانَ غَارِمًا أَوْ غَازِيًا أَوْ مُكَاتَبًا فِي فَكِّ رَقَبَتِهِ أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ» وَخَبَرُ «الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ» رَوَاهُمَا الْحَاكِمُ وَصَحَّ فِي إسْنَادِهِمَا، وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا لِأَنَّ السَّيِّدَ قَدْ لَا تَسْمَحُ نَفْسُهُ بِالْعِتْقِ مَجَّانًا، وَالْعَبْدُ لَا يَتَشَمَّرُ لِلْكَسْبِ تَشَمُّرَهُ إذَا عُلِّقَ عِتْقُهُ بِالتَّحْصِيلِ وَالْأَدَاءِ فَاحْتُمِلَ فِيهِ مَا لَمْ يُحْتَمَلْ فِي غَيْرِهِ كَمَا اُحْتُمِلَتْ الْجَهَالَةُ فِي رِبْحِ الْقِرَاضِ وَعَمَلِ الْجَعَالَةِ لِلْحَاجَةِ، قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَهِيَ إسْلَامِيَّةٌ لَا تُعْرَفُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. وَأَرْكَانُهَا: قِنٌّ، وَسَيِّدٌ، وَصِيغَةٌ، وَعِوَضٌ (هِيَ مُسْتَحَبٌّ إنْ طَلَبَهَا رَقِيقٌ أَمِينٌ قَوِيٌّ عَلَى كَسْبٍ) يَفِي بِمُؤْنَتِهِ وَنُجُومِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ، وَاعْتِبَارُ الْأَمَانَةِ خَشْيَةً مِنْ تَضْيِيعِ مَا يُحَصِّلُهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمِينِ مَنْ لَا يُضَيِّعُ الْمَالَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا لِتَرْكِهِ نَحْوَ صَلَاةٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ الثِّقَةُ: أَيْ الَّذِي لَمْ يُعْرَفْ بِكَثْرَةِ إنْفَاقِ مَا بِيَدِهِ عَلَى الطَّاعَةِ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُرْجَى عِتْقُهُ بِالْكِتَابَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ خِلَافًا ـــــــــــــــــــــــــــــSكِتَابُ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: كَالْعَتَاقَةِ) أَيْ كَمَا أَنَّ الْعَتَاقَةَ بِالْفَتْحِ فَقَطْ وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ وَكَذَا الْعَتَاقُ بِالْفَتْحِ وَالْعَتَاقَةُ (قَوْلُهُ: وَالْجَمْعُ) عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ (قَوْلُهُ: وَسُمِّيَ) أَيْ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ: لَهُ فَكُّ رَقَبَتِهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ لِلْمُكَاتَبِ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ سَبَبٌ لِتَلْخِيصِ رَقَبَتِهِ مِنْ الرِّقِّ، وَيُحْتَمَلُ عَوْدُهُ لِكُلٍّ مِنْ الْغَارِمِ وَالْمُغَازِي وَالْمُكَاتَبِ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِفَكِّ الرَّقَبَةِ تَخْلِيصُهُ مِنْ مَشَقَّةِ الدَّيْنِ وَالْغَزْوِ وَنُجُومِ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَيْ الَّذِي لَمْ يُعْرَفْ) هُوَ تَفْسِيرٌ مُرَادٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بَلْ يَحْلِفُ السَّيِّدُ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُهُ وَمَا وَجْهُ سَمَاعِ دَعْوَى الْعَبْدِ وَمَا فَائِدَتُهَا مَعَ أَنَّ مِنْ شُرُوطِ الدَّعْوَى أَنْ تَكُونَ مُلْزِمَةً. كِتَابُ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُوثَقُ بِهَا) عِبَارَةُ الْقُوتِ لِأَنَّهَا تُوثَقُ بِالْكِتَابَةِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا مُؤَجَّلَةً مُنَجَّمَةً (قَوْلُهُ: فَاحْتَمَلَ إلَخْ) فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ مَا لَا يَخْفَى. وَكَأَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى مَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَالْحَاجَةُ إلَخْ، كَأَنَّهُ قَالَ: وَبِسَبَبِ الْحَاجَةِ اُحْتُمِلَ إلَخْ، وَيُشِيرُ إلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ بَعْدُ لِلْحَاجَةِ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ الثِّقَةُ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ الثِّقَةُ لَكِنْ

لِجَمْعٍ مِنْ السَّلَفِ لِظَاهِرِ الْأَمْرِ فِي الْآيَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْخَطَرِ وَهُوَ بَيْعُ مَالِهِ بِمَالِهِ وَالْإِبَاحَةُ وَالنَّدْبُ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ (قِيلَ أَوْ غَيْرُ قَوِيٍّ) لِأَنَّهُ مَتَى عُرِفَتْ أَمَانَتُهُ أُعِينَ بِالصَّدَقَةِ وَالزَّكَاةِ، وَرُدَّ بِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا عَلَى السَّيِّدِ وَلَا وُثُوقَ بِتِلْكَ الْإِعَانَةِ، قِيلَ أَوْ غَيْرُ أَمِينٍ لِأَنَّهُ يُعَانُ لِلْحُرِّيَّةِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ يُضَيِّعُ مَا يَكْسِبُهُ (وَلَا تُكْرَهُ بِحَالٍ) بَلْ هِيَ مُبَاحَةٌ وَإِنْ انْتَفَتْ الشُّرُوطُ السَّابِقَةُ لِأَنَّهَا قَدْ تُفْضِي إلَى الْعِتْقِ، نَعَمْ إنْ كَانَ الرَّقِيقُ فَاسِقًا بِسَرِقَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَعَلِمَ سَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ كَاتَبَهُ مَعَ الْعَجْزِ عَنْ الْكَسْبِ لَاكْتَسَبَ بِطَرِيقِ الْفِسْقِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَلَا يَبْعُدُ تَحْرِيمُهَا لِتَضَمُّنِهَا التَّمْكِينَ مِنْ الْفَسَادِ، وَهُوَ قِيَاسُ حُرْمَةِ الصَّدَقَةِ وَالْقَرْضِ إذَا عُلِمَ مِنْ آخِذِهِمَا صَرْفُهُمَا فِي مُحَرَّمٍ وَإِنْ امْتَنَعَ الْعَبْدُ مِنْهَا وَقَدْ طَلَبَهَا سَيِّدُهُ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهَا كَعَكْسِهِ (وَصِيغَتُهَا) لَفْظًا أَوْ إشَارَةَ أَخْرَسَ أَوْ كِتَابَةً تُشْعِرُ بِهَا وَكُلٌّ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ فَمِنْ صَرَائِحِهَا (كَاتَبْتُك) أَوْ أَنْتَ مُكَاتَبٌ (عَلَى كَذَا) كَأَلْفٍ (مُنَجَّمًا) بِشَرْطِ أَنْ يَنْضَمَّ إلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ (إذَا أَدَّيْتَهُ) مَثَلًا (فَأَنْتَ حُرٌّ) لِأَنَّ لَفْظَهَا يَصْلُحُ لِلْمُخَارَجَةِ أَيْضًا فَاحْتِيجَ لِتَمَيُّزِهَا بِإِذَا وَمَا بَعْدَهَا، وَلَا يَتَقَيَّدُ بِمَا ذُكِرَ بَلْ مِثْلِهِ فَإِذَا بَرِئْت مِنْهُ أَوْ فَرَغَتْ ذِمَّتُك مِنْهُ فَأَنْتَ حُرٌّ، وَيَشْمَلُ بَرِئْت مِنْهُ حُصُولَ ذَلِكَ بِأَدَاءِ النُّجُومِ وَالْبَرَاءَةِ الْمَلْفُوظِ بِهَا. وَفَرَاغُ الذِّمَّةِ شَامِلٌ لِلِاسْتِيفَاءِ وَالْبَرَاءَةِ بِاللَّفْظِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: لَوْ قَالَ كَاتَبْتُكَ عَلَى كَذَا مُنَجِّمًا الْكِتَابَةَ الَّتِي يَحْصُلُ فِيهَا الْعِتْقُ كَانَ كَافِيًا فِي الصَّرَاحَةِ لِأَنَّ الْقَصْدَ إخْرَاجُ كِتَابَةِ الْخَرَاجِ (وَيُبَيِّنُ) وُجُوبًا قَدْرَ الْعِوَضِ وَصِفَتَهُ بِمَا مَرَّ فِي السَّلَمِ كَمَا يَأْتِي نَعَمْ إنْ كَانَ بِمَحَلِّ الْعَقْدِ نَقْدٌ غَالِبٌ لَمْ يُشْتَرَطْ بَيَانُهُ كَالْبَيْعِ وَ (عَدَدُ النُّجُومِ) اسْتَوَتْ، أَوْ اخْتَلَفَتْ نَعَمْ لَا يَجِبُ كَوْنُهَا ثَلَاثَةً كَمَا يَأْتِي (وَقِسْطُ كُلِّ نَجْمٍ) أَيْ مَا يُؤَدَّى عِنْدَ حُلُولِ كُلِّ نَجْمٍ لِأَنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَاشْتُرِطَ فِيهِ مَعْرِفَةُ الْعِوَضِ كَالْبَيْعِ وَابْتِدَاءُ النُّجُومِ مِنْ الْعَقْدِ، وَالْمُرَادُ هُنَا بِالنَّجْمِ هُوَ الْوَقْتُ الْمَضْرُوبُ، وَيُطْلَقُ عَلَى الْمَالِ الْمُؤَدَّى عَنْهُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ اتَّفَقَتْ النُّجُومُ، مِمَّا يُلْغَزُ بِهِ هُنَا أَنْ يُقَالَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يُحْكَمُ فِيهِ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِمِلْكِ الْعِوَضِ ـــــــــــــــــــــــــــــSهُنَا وَإِلَّا فَالثِّقَةُ هُوَ الْعَدْلُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَمْرٌ بَعْدَ الْحَظْرِ) أَيْ الْمَنْعِ، وَالْأَمْرُ بَعْدَ الْحَظْرِ لَا يَقْتَضِي الْوُجُوبَ وَلَا النَّدْبَ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ: وَالنَّدْبُ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَبْعُدُ تَحْرِيمُهَا) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّ السَّيِّدِ أَنَّ مَا يَكْسِبُهُ مِنْ الْمُبَاحَاتِ يَصْرِفُهُ فِي الْمَعْصِيَةِ فَتَحْرُمُ كِتَابَتُهُ لِتَأَدِّيهَا إلَى تَمْكِينِهِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ بِمَا يَكْسِبُهُ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلَهُ فَلَا يَبْعُدُ تَحْرِيمُهَا: أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنْ مَلَكَ مَا يَكْسِبُهُ كَأَنْ حَصَّلَهُ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْحُرْمَةِ وَصَرَفَ مَا كَسَبَهُ مِنْ الْحُرْمَةِ فِي مُؤْنَتِهِ مَثَلًا ثُمَّ أَدَّى مَا مَلَكَهُ عَنْ النُّجُومِ عَتَقَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: إذَا أَدَّيْته) أَيْ آتَيْتُهُ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ، وَالتَّعْبِيرُ بِالْأَدَاءِ لِلْغَالِبِ مِنْ وُجُودِ الْأَدَاءِ فِي الْكِتَابَةِ وَإِلَّا فَيَكْفِي كَمَا قَالَ جَمْعٌ أَنْ يَقُولَ إذَا بَرِئَتْ أَوْ فَرَغَتْ ذِمَّتُك مِنْهُ فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ يَنْوِي ذَلِكَ، وَيَأْتِي أَنَّ نَحْوَ الْإِبْرَاءِ يَقُومُ مَقَامَ الْأَدَاءِ، وَالْمُرَادُ بِهِ شَرْعًا هُنَا فَرَاغُ الذِّمَّةِ اهـ حَجّ. وَقَوْلُ حَجّ: يَأْتِي أَيْ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَمَنْ أَدَّى حِصَّتَهُ إلَخْ، وَمِنْهَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ إذَا بَرِئَتْ أَوْ فَرَغَتْ ذِمَّتُك فَقَوْلُ الشَّارِحِ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَرَاءَةِ أَنَّهُ يَعْتِقُ بِأَدَاءِ النُّجُومِ وَالْبَرَاءَةِ الْمَلْفُوظِ بِهَا وَبِالنِّسْبَةِ لِفَرَاغِ الذِّمَّةِ يَعْتِقُ بِالِاسْتِفْتَاءِ، وَالْبَرَاءَةُ بِاللَّفْظِ لَيْسَ لِفَرْقٍ بَيْنَ الْبَرَاءَةِ وَفَرَاغِ الذِّمَّةِ بَلْ مُجَرَّدُ تَفَنُّنٍ فِي التَّعْبِيرِ، ثُمَّ قَضِيَّةُ مَا ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ بِالْبَرَاءَةِ إذَا كَانَتْ الصِّيغَةُ إذَا أَدَّيْتَ فَأَنْتَ حُرٌّ، وَسَيَأْتِي مَا يُخَالِفُهُ فِي قَوْلِهِ وَلِهَذَا يَعْتِقُ بِالْإِبْرَاءِ مَعَ انْتِفَاءِ الْأَدَاءِ (قَوْلُهُ: الَّتِي يَحْصُلُ فِيهَا الْعِتْقُ) أَيْ مَعَ ذِكْرِ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ مِنْ بَيَانِ كُلِّ نَجْمٍ وَمَا يُؤَدَّى فِيهِ وَإِلَّا كَانَتْ فَاسِدَةً (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا يَجِبُ كَوْنُهَا ثَلَاثَةً كَمَا يَأْتِي) ـــــــــــــــــــــــــــــQبِشَرْطِ أَنْ لَا يُعْرَفَ بِكَثْرَةِ إنْفَاقِ مَا بِيَدِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَا تُكْرَهُ بِحَالٍ) نَعَمْ تُكْرَهُ كِتَابَةُ عَبْدٍ يُضَيِّعُ كَسْبَهُ فِي الْفِسْقِ وَاسْتِيلَاءُ السَّيِّدِ بِمَنْعِهِ كَمَا نَقَلَهُ الزِّيَادِيُّ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ (قَوْلُهُ وَإِنْ انْتَفَتْ إلَخْ) الْوَاوُ لِلْحَالِ وَهِيَ سَاقِطَةٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ، وَالْمُرَادُ انْتِفَاءُ الشُّرُوطِ أَوْ بَعْضِهَا (قَوْلُهُ: لِتَضَمُّنِهَا التَّمْكِينَ مِنْ الْفَسَادِ) كَانَ الْأَوْلَى لِتَضَمُّنِهَا الْحَمْلَ عَلَى الْفَسَادِ. (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ يَنْضَمَّ إلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ إلَخْ) أَيْ أَوْ نِيَّةٌ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا يَجِبُ كَوْنُهَا إلَخْ) هُوَ اسْتِدْرَاكٌ

وَالْمُعَوَّضِ مَعًا، إذْ السَّيِّدُ يَمْلِكُ النُّجُومَ فِيهِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ مَعَ بَقَاءِ الْمُكَاتَبِ عَلَى مِلْكِهِ إلَى أَدَاءِ جَمِيعِ النُّجُومِ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ مُلْغَزًا فِيهِ بِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ لَا مَالِكَ لَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ، وَهُوَ أَنَّ الْمُكَاتَبَ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى الرِّقِّ لَا مَالِكَ لَهُ (وَلَوْ) (تَرَكَ لَفْظَ التَّعْلِيقِ) لِلْحُرِّيَّةِ بِالْأَدَاءِ (وَنَوَاهُ) بِقَوْلِهِ كَاتَبْتُك عَلَى كَذَا (جَازَ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحَةِ، وَأَمَّا الْفَاسِدَةُ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ التَّلَفُّظِ بِهِ (وَلَا يَكْفِي لَفْظُ كِتَابَةٍ بِلَا تَعْلِيقٍ وَلَا نِيَّةٍ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِمَا مَرَّ مِنْ كَوْنِ الْكِتَابَةِ تَقَعُ عَلَى هَذَا الْعَقْدِ وَعَلَى الْمُخَارَجَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَمْيِيزٍ بِاللَّفْظِ أَوْ النِّيَّةِ، وَفِي قَوْلٍ مِنْ طَرِيقٍ ثَانٍ مُخَرَّجٍ يَكْفِي كَالتَّدْبِيرِ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ التَّدْبِيرَ مَشْهُورٌ فِي مَعْنَاهُ، بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ إلَّا الْخَوَاصُّ (وَيَقُولُ الْمُكَاتَبُ) عَلَى الْفَوْرِ (قَبِلْتُ) كَغَيْرِهِ مِنْ الْعُقُودِ فَلَا يَكْفِي قَبُولُ الْأَجْنَبِيِّ، وَيَتَّجِهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِقَبُولِ وَكِيلِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ أَهْلًا لِلتَّوْكِيلِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْقَبُولِ، وَيَكْفِي اسْتِيجَابٌ وَإِيجَابٌ كَكَاتِبْنِي عَلَى كَذَا فَيَقُولُ كَاتَبْتُكَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكْفِ الْأَدَاءُ بِلَا قَبُولٍ كَالْإِعْطَاءِ فِي الْخُلْعِ لِأَنَّ هَذَا أَشْبَهُ بِالْبَيْعِ مِنْ ذَلِكَ. يُقَالُ: تَعْبِيرُ أَصْلِهِ بِالْعَبْدِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمُكَاتَبِ إذْ لَا يَصِيرُ مُكَاتَبًا إلَّا بَعْدَ الْقَبُولِ. لِأَنَّا نَقُولُ: إطْلَاقُ الْمُكَاتَبِ عَلَيْهِ صَحِيحٌ بِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} [يوسف: 36] وَقَدْ اتَّفَقَ الْبُلَغَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَجَازَ أَبْلُغُ (وَشُرُوطُهُمَا) أَيْ السَّيِّدُ وَالْقِنُّ (تَكْلِيفٌ) وَاخْتِيَارٌ فِيهِمَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِ الطَّلَاقِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِمَا الْإِبْصَارُ فَلَوْ كَانَا أَعْمَيَيْنِ جَازَ (وَإِطْلَاقٌ) لِلتَّصَرُّفِ فِي السَّيِّدِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهَا كَالْمَبِيعِ فَلَا تَصِحُّ مِنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَلَوْ بِفَلَسٍ وَإِنْ أَذِنَ الْوَلِيُّ. وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ مُوَلِّيهِ غَيْرُ صَحِيحٍ، إذْ تَصَرُّفُهُ مَنُوطٌ بِالْمَصْلَحَةِ، وَاعْتِبَارُ الْإِطْلَاقِ فِي الْمُكَاتَبِ لِإِخْرَاجِ الْمَرْهُونِ وَالْمُؤَجَّرِ الْآتِي ذَلِكَ فِي كَلَامِهِ فَلَا تَصِحُّ كِتَابَتُهُمَا وَيَصِحُّ كَوْنُهُ سَفِيهًا، وَلَا يَصِحُّ مِنْ مُكَاتِبٍ لِعَبْدِهِ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِيهِ، وَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــSأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ النُّجُومَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أُرِيدَ بِهَا مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ: لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهَا إلَّا الْخَوَاصُّ) فِي تَوْجِيهِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ مُشْتَرَكَةٌ مَا يُغْنِي عَنْ هَذَا الْفَرْقِ (قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْقَبُولِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي التَّوْكِيلِ (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي اسْتِيجَابٌ) أَيْ وَاسْتِقْبَالٌ وَقَبُولٌ كَمَا لَوْ قَالَ السَّيِّدُ قَبِلَ الْكِتَابَةَ أَوْ تَكَاتَبَ مِنِّي بِكَذَا إلَى آخِرِ الشُّرُوطِ فَقَالَ الْعَبْدُ قَبِلْت (قَوْلُهُ: فَيَقُولُ كَاتَبْتُك) أَيْ فَوْرًا كَمَا فُهِمَ مِنْ الْفَاءِ (قَوْلُهُ: وَاخْتِيَارٌ) أَيْ فَلَا تَصِحُّ مِنْ مُكْرَهٍ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَنْذُرْ كِتَابَتَهُ، فَإِنْ نَذَرَهَا فَأُكْرِهَ عَلَى ذَلِكَ صَحَّتْ الْكِتَابَةُ لِأَنَّ الْفِعْلَ مَعَ الْإِكْرَاهِ بِحَقٍّ كَالْفِعْلِ مَعَ الِاخْتِيَارِ، ثُمَّ هَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَ النَّذْرُ مُقَيَّدًا بِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ كَرَمَضَانَ مَثَلًا وَأَخَّرَ الْكِتَابَةَ إلَى أَنْ بَقِيَ مِنْهُ زَمَنٌ قَلِيلٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَأَنْ كَانَ النَّذْرُ مُطْلَقًا فَلَا يَجُوزُ إكْرَاهُهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ وَقْتًا بِعَيْنِهِ حَتَّى يَأْثَمَ بِالتَّأْخِيرِ عَنْهُ، فَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى ذَلِكَ فَفَعَلَ لَمْ يَصِحَّ هَذَا، وَلَوْ مَاتَ مِنْ غَيْرِ كِنَايَةٍ لِلْعَبْدِ عَصَى فِي الْحَالَةِ الْأُولَى مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي عَيَّنَ الْكِتَابَةَ فِيهِ وَفِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ آخِرِ أَوْقَاتِ الْإِمْكَانِ (قَوْلُهُ: فِي السَّيِّدِ) أَيْ وَالْعَبْدِ بِالْمَعْنَى الْآتِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَذِنَ الْوَلِيُّ) غَايَةٌ أُخْرَى فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، وَالْمُرَادُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ أَنْ يَزِيدَ دَيْنُهُ عَلَى مَالِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ فَيَحْجُرُ الْقَاضِي عَلَى وَلِيِّهِ فِي مَالِهِ فَلَا تَصِحُّ الْكِتَابَةُ مِنْ وَلِيِّهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَا مِنْهُ وَإِنْ أَذِنَ وَلِيُّهُ فِيهَا (قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ) أَيْ الْوَلِيَّ (قَوْلُهُ: وَاعْتِبَارُ الْإِطْلَاقِ) أَيْ الَّذِي أَفْهَمَهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى ظَاهِرِ الْمَتْنِ فِي جَمْعِهِ النُّجُومَ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ) الْبَاءُ زَائِدَةٌ لِأَنَّهُ مَقُولُ الْقَوْلِ فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَهَا (قَوْلُهُ مُخَرَّجٌ) وَهُوَ وَصْفٌ لِقَوْلٍ. (قَوْلُهُ: لِإِخْرَاجِ الْمَرْهُونِ وَالْمُؤَجَّرِ) قَدْ يُقَالُ: إنَّ عَدَمَ الْإِطْلَاقِ فِي هَذَيْنِ لَيْسَ رَاجِعًا لَهُمَا، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ لِلسَّيِّدِ فِيهِمَا فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِمَا، وَالْأَوْلَى كَوْنُهُ احْتِرَازًا عَنْ الْمَأْذُونِ الَّذِي حَكَمَ الْحَاكِمُ بِصَرْفِ أَكْسَابِهِ لِأَرْبَابِ الدُّيُونِ الْآتِي فِي كَلَامِهِ صَنَعَ الْعَلَّامَةُ الْأَذْرَعِيُّ، وَعَلَى أَنَّ الشَّارِحَ قَصَرَ الْإِطْلَاقَ فِي الْمَتْنِ عَلَى السَّيِّدِ فَلَا

مِنْ مُبَعَّضٍ لِانْتِفَاءِ أَهْلِيَّتِهِمَا لِلْوَلَاءِ، وَلَا تَصِحُّ كِتَابَةُ مَأْذُونٍ لَهُ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِصَرْفِ أَكْسَابِهِ لِأَرْبَابِ الدُّيُونِ (وَكِتَابَةُ الْمَرِيضِ) مَرَضَ الْمَوْتِ مَحْسُوبَةٌ (مِنْ الثُّلُثِ) وَلَوْ بِأَضْعَافِ قِيمَتِهِ لِأَنَّ كَسْبَهُ مِلْكُ السَّيِّدِ (فَإِنْ كَانَ لَهُ مِثْلَاهُ) أَيْ مِثْلَا قِيمَتِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ (صَحَّتْ كِتَابَةُ كُلِّهِ) سَوَاءٌ أَكَانَ مَا خَلَّفَهُ مِمَّا أَدَّاهُ الرَّقِيقُ أَمْ مِنْ غَيْرِهِ لِخُرُوجِهِ مِنْ الثُّلُثِ (فَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ غَيْرَهُ وَأَدَّى فِي حَيَاتِهِ مِائَتَيْنِ) كَاتَبَهُ عَلَيْهِمَا (وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ عَتَقَ) كُلُّهُ عَلَيْهِمَا لِبَقَاءِ مِثْلَيْهِ لِلْوَرَثَةِ وَهَذَا كَالْمِثَالِ لِمَا قَبْلَهُ (وَإِنْ أَدَّى مِائَةً) كَاتَبَهُ عَلَيْهَا (عَتَقَ ثُلُثَاهُ) لِأَنَّ قِيمَةَ ثُلُثِهِ مَعَ الْمِائَةِ الْمُؤَدَّاةِ مِثْلَا مَا عَتَقَ مِنْهُ، أَمَّا إذَا لَمْ يُخَلِّفْ غَيْرَهُ وَلَمْ يُؤَدِّ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَإِنْ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ صَحَّ فِي ثُلُثِهِ فَقَطْ، فَإِذَا أَدَّى حِصَّتَهُ مِنْ النُّجُومِ عَتَقَ (وَلَوْ) (كَاتَبَ مُرْتَدٌّ) قِنَّهُ وَلَوْ مُرْتَدًّا أَيْضًا (بَنَى عَلَى أَقْوَالِ مِلْكِهِ فَإِنْ وَقَفْنَاهُ) وَهُوَ الْأَظْهَرُ (بَطَلَتْ عَلَى الْجَدِيدِ) الْقَائِلِ بِإِبْطَالِ وَقْفِ الْعُقُودِ وَهُوَ الْأَصَحُّ أَيْضًا، وَعَلَى الْقَدِيمِ لَا تَبْطُلُ بَلْ تُوقَفُ، فَإِنْ أَسْلَمَ بِأَنَّ صِحَّتَهَا وَإِلَّا فَلَا، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ، وَقُلْنَا لَا يَحْصُلُ الْحَجْرُ بِنَفْسِ الرِّدَّةِ، فَإِنْ حَجَرَ عَلَيْهِ لَمْ تَصِحَّ الْكِتَابَةُ قَطْعًا، وَقِيلَ لَا فَرْقَ، وَقَدْ مَرَّتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي كِتَابِ الرِّدَّةِ فِي ضِمْنِ تَقْسِيمٍ فَلَا تَكْرَارَ وَتَصِحُّ مِنْ حَرْبِيٍّ وَغَيْرِهِ (وَلَا تَصِحُّ) (كِتَابَةُ) مَنْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ نَحْوُ (مَرْهُونٍ) وَجَانٍ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ لِأَنَّهُ مُعَرَّضٌ لِلْبَيْعِ، وَإِنَّمَا صَحَّ عِتْقُهُ لِأَنَّهُ أَقْوَى (وَمَكْرِيٍّ) لِأَنَّ مَنَافِعَهُ مُسْتَحَقَّةٌ لِلْمُسْتَأْجِرِ، وَمِثْلُهُ مُوصًى بِمَنْفَعَتِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَمَغْصُوبٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى انْتِزَاعِهِ (وَشَرْطُ الْعِوَضِ كَوْنُهُ دَيْنًا) إذْ لَا مِلْكَ لَهُ يُرَدُّ الْعَقْدُ إلَيْهِ وَلَا بُدَّ مِنْ وَصْفِهِ بِصِفَاتِ السَّلَمِ، نَعَمْ الْمُتَّجَهُ الِاكْتِفَاءُ هُنَا بَنَادِرِ الْوُجُودِ وَإِنْ لَمْ يَكْفِ ثَمَّ (مُؤَجَّلًا) لِأَنَّهُ الْمَنْقُولُ عَنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَلِأَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَإِطْلَاقُ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَيَصِحُّ كَوْنُهُ أَيْ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: وَلَا تَصِحُّ كِتَابَةُ مَأْذُونٍ) أَيْ عَبْدٍ مَأْذُونٍ إلَخْ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ السَّعْيِ فِي تَحْصِيلِ النُّجُومِ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا لَمْ يُخَلِّفْ غَيْرَهُ) مُحْتَرَزُ مَا تَضْمَنَّهُ قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ لَهُ مِثْلٌ إذْ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّهُ يَمْلِكُ الْمِثْلَيْنِ زِيَادَةً عَلَى الْعَبْدِ (قَوْلُهُ فَإِنْ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ) أَيْ مَا أَدَّاهُ عَلَى الثُّلُثِ إلَخْ، وَالْمُرَادُ أَنَّ مَا أَدَّاهُ الْعَبْدُ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ لَا اعْتِبَارَ بِهِ فَلَا تَنْفُذُ الْكِتَابَةُ فِي شَيْءٍ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ نَظَرًا لِمَالِ الْكِتَابَةِ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ قَوْلُهُ فَإِنْ أَدَّى حِصَّتَهُ إلَخْ: قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَلَا يَزِيدُ الْعِتْقُ بِالْأَدَاءِ لِبُطْلَانِهَا فِي الثُّلُثَيْنِ: أَيْ لَا يُزَادُ فِي الْمُكَاتَبَةِ بِقَدْرِ نِصْفِ مَا أَدَّى وَهُوَ سُدُسٌ لِبُطْلَانِهَا فِي الثُّلُثَيْنِ اهـ. وَوَجْهُ تَوَهُّمِ زِيَادَةِ الْعِتْقِ بِقَدْرِ نِصْفِ مَا أَدَّى أَنَّهُ لَوْ كَانَ قِيمَتُهُ مِائَةً، فَإِذَا أَدَّى ثُلُثَهَا بَعْدَ مَوْتِهِ حَصَلَ لِلْوَرَثَةِ مِائَةٌ ثُلُثَا الْعَبْدِ وَثُلُثُ الْمِائَةِ وَالْمَجْمُوعُ مِائَةٌ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ يَعْتِقُ مِنْهُ قَدْرُ نِصْفِهَا لِيَكُونَ مَا عَتَقَ الثُّلُثَ وَذَلِكَ نِصْفُ الَّذِي نَفَذَتْ الْكِتَابَةُ فِيهِ وَقَدْرُ نِصْفِ مَا أَدَّى وَهُوَ السُّدُسُ وَالْمَجْمُوعُ نِصْفُهُ وَقِيمَتُهُ خَمْسُونَ، ثُمَّ رَأَيْت نُسْخَةً صَحِيحَةً مِنْ حَجّ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ. فِيمَا زَادَ إلَخْ وَعَلَيْهَا فَلَا إشْكَالَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُرْتَدًّا) أَيْ أَمَّا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ وَحْدَهُ مُرْتَدًّا صَحَّتْ كِتَابَتُهُ شَرْحُ الْمَنْهَجِ، وَعَلَيْهِ فَيُقَالُ صَحَّ قَبُولُهُ مَعَ الرِّدَّةِ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ مِنْهُ شَيْءٌ إلَّا إذَا أَسْلَمَ فَلَا تَفْوِيتَ عَلَى السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَقُلْنَا لَا يَحْصُلُ الْحَجْرُ بِنَفْسِ الرِّدَّةِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عَلَى مَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ ثَمَّ، وَفِي أَكْثَرِهَا عَدَمُ اعْتِبَارِ هَذَا الْقَيْدِ فَيَصِيرُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِنَفْسِ الرِّدَّةِ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ مِنْ حَرْبِيٍّ) أَيْ وَقَدْ شَمِلَ ذَلِكَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ تَكْلِيفٌ وَإِطْلَاقٌ، وَشَمِلَ أَيْضًا الْمُنْتَقِلَ مِنْ دِينٍ إلَى دِينٍ فَتَصِحُّ كِتَابَتُهُ لِبَقَاءِ مِلْكِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ (قَوْلُهُ: وَمَكْرِيُّ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَصُرَتْ الْمُدَّةُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ عَاجِزًا فِي أَوَّلِ الْمُدَّةِ نُزِّلَ مَنْزِلَةَ مَا لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى مَنْفَعَةٍ لَمْ تَتَّصِلْ بِالْعَقْدِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَنَافِعَهُ مُسْتَحَقَّةٌ) وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى عِوَضٍ مُؤَجَّلٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكْفِ ثَمَّ) وَالْفَرْقُ أَنَّ عَقْدَ السَّلَمِ مُعَاوَضَةٌ مَحْضَةٌ الْمَقْصُودُ مِنْهَا حُصُولُ الْمُسْلَمِ فِيهِ فِي مُقَابَلَةِ رَأْسِ الْمَالِ فَاشْتُرِطَ فِيهِ الْقُدْرَةُ عَلَى تَحْصِيلِهِ وَقْتَ الْحُلُولِ، وَأَيْضًا فَالشَّارِعُ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَنْسَجِمُ مَعَهُ هَذَا كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ مُوصًى بِمَنْفَعَتِهِ إلَخْ) هَذَا مِمَّا تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ، فَكَانَ الْأَوْلَى عَطْفَهُ عَلَى

عَاجِزٌ حَالًا، وَإِنَّمَا لَمْ يَكْتَفِ بِهِ عَمَّا قَبْلَهُ لِأَنَّ دَلَالَةَ الِالْتِزَامِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ لَا يُكْتَفَى بِهَا فِي الْمُخَاطَبَاتِ، وَهَذَانِ وَصْفَانِ مَقْصُودَانِ، وَلَوْ أُسْلِمَ إلَى الْمُكَاتَبِ عَقِبَ الْعَقْدِ لِلْكِتَابَةِ فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا الصِّحَّةُ (وَلَوْ مَنْفَعَةً) فِي الذِّمَّةِ كَمَا يَجُوزُ جَعْلُهَا ثَمَنًا وَأُجْرَةً فَتَجُوزُ عَلَى بِنَاءِ دَارَيْنِ فِي ذِمَّتِهِ مَوْصُوفَيْنِ فِي وَقْتَيْنِ مَعْلُومَيْنِ، وَلَا بَأْسَ بِكَوْنِهَا وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ حَالَّةً لِقُدْرَتِهِ عَلَى الشُّرُوعِ فِيهَا حَالًا، وَتَصِحُّ بِنَجْمَيْنِ قَصِيرَيْنِ وَلَوْ فِي مَالٍ كَثِيرٍ كَالسَّلَمِ إلَى مُعْسِرٍ فِي مَالٍ كَثِيرٍ إلَى أَجَلٍ قَصِيرٍ، وَلَوْ كَاتَبَ قِنَّهُ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرَيْنِ وَجَعَلَ كُلَّ شَهْرٍ نَجْمًا لَمْ يَصِحَّ، أَوْ عَلَى خِدْمَةِ رَجَبَ وَرَمَضَانَ فَأَوْلَى بِالْفَسَادِ، وَلَا بُدَّ مِنْ اتِّصَالِ الْخِدْمَةِ وَالْمَنَافِعِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْأَعْيَانِ بِالْعَقْدِ، وَيَمْتَنِعُ تَأْخِيرُهَا عَنْهُ أَوْ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ مِنْ الْآنَ، وَعَلَى إلْزَامِ ذِمَّتِهِ خِيَاطَةَ ثَوْبٍ مَوْصُوفٍ بَعْدَهُ جَازَ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ الْمُلْتَزَمَةَ فِي الذِّمَّةِ تَتَأَجَّلُ، بِخِلَافِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَعْيَانِ لَا يَجُوزُ شَرْطُ تَأْجِيلِهَا، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ تَصِحَّ عَلَى ثَوْبٍ يُؤَدَّى نِصْفُهُ بَعْدَ سَنَةٍ وَنِصْفُهُ بَعْدَ سَنَتَيْنِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ دَيْنًا فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَنْفَعَةِ عَيْنٍ لَمْ تَصِحَّ الْكِتَابَةُ وَإِلَّا صَحَّتْ عَلَى مَا تَقَرَّرَ وَيَأْتِي (وَمُنَجَّمًا بِنَجْمَيْنِ) وَلَوْ إلَى سَاعَتَيْنِ وَإِنْ عَظُمَ الْمَالُ (فَأَكْثَرُ) لِأَنَّهُ الْمَأْثُورُ وَلِمَا مَرَّ أَنَّهَا مُشْتَقَّةٌ مِنْ ضَمِّ النُّجُومِ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ وَأَقَلُّ مَا يَحْصُلُ بِهِ الضَّمُّ اثْنَانِ (وَقِيلَ إنْ) (مَلَكَ) السَّيِّدُ (بَعْضَهُ وَبَاقِيهِ حُرٌّ) (لَمْ يُشْتَرَطْ أَجَلٌ وَتَنْجِيمٌ) لِأَنَّهُ قَدْ يَمْلِكُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ مَا يُؤَدِّيهِ وَرُدَّ بِأَنَّ الْمَنْعَ تَعَبُّدٌ اتِّبَاعًا لِمَا جَرَى عَلَيْهِ الْأَوَّلُونَ لِأَنَّهَا خَارِجَةٌ مِنْ الْقِيَاسِ فَيُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَ (وَلَوْ) (كَاتَبَ عَلَى) مَنْفَعَةِ عَيْنٍ مَعَ غَيْرِهَا مُؤَجَّلًا نَحْوَ (خِدْمَةِ شَهْرٍ) مَثَلًا مِنْ الْآنَ (وَدِينَارٍ) فِي أَثْنَائِهِ وَقَدْ عَيَّنَهُ كَيَوْمٍ يَمْضِي مِنْهُ (عِنْدَ انْقِضَائِهِ) أَوْ خِيَاطَةِ ثَوْبٍ صِفَتُهُ كَذَا فِي أَثْنَائِهِ أَوْ عِنْدَ انْقِضَائِهِ (صَحَّتْ) الْكِتَابَةُ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مُسْتَحَقَّةٌ حَالًا وَالْمُدَّةُ لِتَقْدِيرِهَا، وَالدِّينَارُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْمُطَالَبَةَ بِهِ بَعْدَ الْمُدَّةِ الَّتِي عَيَّنَهَا لِاسْتِحْقَاقِهِ، وَإِذَا اخْتَلَفَ الِاسْتِحْقَاقُ حَصَلَ تَعَدُّدُ النَّجْمِ فَعُلِمَ أَنَّ الْأَجَلَ إنَّمَا يَكُونُ شَرْطًا فِي غَيْرِ مَنْفَعَةٍ يَقْدِرُ عَلَى الشُّرُوعِ فِيهَا حَالًا، وَأَنَّ الشَّرْطَ فِي الْمَنَافِعِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْعَيْنِ اتِّصَالُهَا بِالْعَقْدِ، بِخِلَافِ الْمُلْتَزَمَةِ فِي الذِّمَّةِ، وَأَنَّ شَرْطَ الْمَنْفَعَةِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْعَقْدِ، وَيُمْكِنُ الشُّرُوعُ فِيهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSمُتَشَوِّفٌ لِلْعِتْقِ فَاكْتَفَى فِيهِ بِمَا يُؤَدِّي إلَى الْعِتْقِ وَلَوْ احْتِمَالًا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَكْتَفِ بِهِ) أَيْ قَوْلِهِ مُؤَجَّلًا وَقَوْلِهِ عَمَّا قَبْلَهُ: أَيْ قَوْلِهِ دَيْنًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أُسْلِمَ إلَى الْمُكَاتَبِ) هُوَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لِيَشْمَلَ السَّيِّدَ وَغَيْرَهُ (قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ بِنَجْمَيْنِ قَصِيرَيْنِ) كَسَاعَتَيْنِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) أَيْ لِأَنَّهُمَا يُعَدَّانِ نَجْمًا لِتَوَالِيهِمَا (قَوْلُهُ فَأَوْلَى بِالْفَسَادِ) أَيْ لِعَدَمِ اتِّصَالِ خِدْمَةِ رَمَضَانَ مَعَ تَعَلُّقِهَا بِعَيْنِ الْعَقْدِ بِالْعَقْدِ (قَوْلُهُ: مَوْصُوفٍ بَعْدَهُ) أَيْ الْآنَ وَلَوْ قَبْلَ فَرَاغِ الشَّهْرِ كَمَا يَأْتِي، وَلَوْ عَبَّرَ بِفِيهِ أَوْ بَعْدَهُ كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ عَلَى ثَوْبٍ) أَيْ عَلَى خِيَاطَةِ ثَوْبٍ لِيَكُونَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَنْفَعَةً (قَوْلُهُ: وَإِلَّا صَحَّتْ عَلَى مَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ اتِّصَالِهَا بِالْعَقْدِ (قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ الشُّرُوعُ) أَيْ وَالْحَالُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا قَبْلَهُ، وَتَأْخِيرَ لَفْظِ مِثْلِهِ إلَى مَسْأَلَةِ الْمَغْصُوبِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَلَا بَأْسَ بِكَوْنِهَا وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ حَالَّةً) لَا يَخْفَى صُعُوبَةُ الْمَتْنِ حِينَئِذٍ، وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ نَصُّهُ: وَلَا تَخْلُو الْمَنْفَعَةُ فِي الذِّمَّةِ مِنْ التَّأْجِيلِ وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِ نُجُومِهَا تَعْجِيلٌ فَالتَّأْجِيلُ فِيهَا شَرْطٌ فِي الْجُمْلَةِ وَمِثْلُهُ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ فَأَوْلَى بِالْفَسَادِ) قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: لَعَلَّ وَجْهَ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ الشَّهْرَيْنِ الْمُتَوَالِيَيْنِ يُمْكِنُ التَّصْحِيحُ فِيهِمَا بِجَعْلِهِمَا نَجْمًا وَضَمِّ نَجْمٍ آخَرَ إلَيْهِ، بِخِلَافِ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ إذْ لَا يُمْكِنُ جَعْلُ رَمَضَانَ مِنْ النَّجْمِ الْأَوَّلِ لِانْفِصَالِهِ عَنْ رَجَبٍ وَلَا نَجْمًا آخَرَ لِفَوَاتِ شَرْطِ اتِّصَالِ الْمَنْفَعَةِ بِالْعَقْدِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَمْ تَصِحَّ عَلَى ثَوْبٍ يُؤَدَّى نِصْفُهُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ وُصِفَ الثَّوْبُ بِصِفَةِ السَّلَمِ كَمَا فِي الرَّوْضِ، وَوَجْهُ تَرَتُّبِ هَذَا عَلَى مَا قَبْلَهُ أَنَّهُ إذَا سَلَّمَ النِّصْفَ فِي الْمُدَّةِ الْأُولَى تَعَيَّنَ النِّصْفُ الثَّانِي لِلثَّانِيَةِ وَالْمُعَيَّنُ لَا يَجُوزُ تَأْجِيلُهُ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِهِ، وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ غَيْرُ صَحِيحٍ. (قَوْلُهُ: اتِّبَاعًا لِمَا جَرَى عَلَيْهِ الْأَوَّلُونَ) فِي كَوْنِ هَذَا عِلَّةً لِلتَّعَبُّدِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: كَيَوْمٍ يَمْضِي مِنْهُ) لَعَلَّهُ سَقَطَ قَبْلَهُ لَفْظُ أَوْ.

عَقِبَهُ بِضَمِيمَةِ نَجْمٍ آخَرَ إلَيْهَا كَالْمِثَالِ الْمَذْكُورِ وَأَنَّ شَرْطَهُ تَقَدُّمُ زَمَنِ الْخِدْمَةِ، فَلَوْ قَدَّمَ زَمَنَ الدِّينَارِ عَلَى زَمَنِ الْخِدْمَةِ لَمْ يَصِحَّ وَيَتْبَعُ فِي الْخِدْمَةِ الْعُرْفَ فَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُهَا، وَلَوْ كَاتَبَهُ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ وَدِينَارٍ فَمَرِضَ فِي الشَّهْرِ وَفَاتَتْ الْخِدْمَةُ انْفَسَخَتْ فِي قَدْرِ الْخِدْمَةِ وَفِي الْبَاقِي خِلَافٌ، وَالْأَصَحُّ مِنْهُ الصِّحَّةُ (أَوْ) كَاتَبَهُ (عَلَى أَنْ يَبِيعَهُ كَذَا) أَوْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ كَذَا (فَسَدَتْ) الْكِتَابَةُ لِأَنَّهُ كَبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ (وَلَوْ) (قَالَ كَاتَبْتُك وَبِعْتُك هَذَا الثَّوْبَ بِأَلْفٍ وَنَجَّمَ الْأَلْفَ) بِنَجْمَيْنِ فَأَكْثَرَ كَكَاتَبْتُكَ وَبِعْتُك هَذَا إلَى شَهْرَيْنِ تُؤَدِّي مِنْهُمَا خَمْسَمِائَةٍ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْأَوَّلِ وَالْبَاقِيَ عِنْدَ انْقِضَاءِ الثَّانِي (وَعَلَّقَ الْحُرِّيَّةَ بِأَدَائِهِ) وَقَبِلَهُمَا الْعَبْدُ مَعًا أَوْ مُرَتِّبًا (فَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ الْكِتَابَةِ) بِقَدْرِ مَا يَخُصُّ قِيمَةَ الْعَبْدِ مِنْ الْأَلْفِ الْمُوَزَّعَةِ عَلَيْهَا وَعَلَى قِيمَةِ الثَّوْبِ تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ (دُونَ الْبَيْعِ) لِتَقَدُّمِ أَحَدِ شِقَّيْهِ عَلَى أَهْلِيَّةِ الْعَبْدِ لِمُبَايَعَةِ السَّيِّدِ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي أَنَّ فِيهِ قَوْلَيْ الْجَمْعِ بَيْنَ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ، فَفِي قَوْلٍ يَصِحَّانِ وَفِي قَوْلٍ يَبْطُلَانِ (وَلَوْ) (كَاتَبَ عَبِيدًا) أَوْ عَبْدَيْنِ كَمَا عُلِمَ بِالْأُولَى صَفْقَةً وَاحِدَةً (عَلَى عِوَضٍ) وَاحِدٍ (مُنَجَّمٍ) بِنَجْمَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ (وَعَلَّقَ عِتْقَهُمْ بِأَدَائِهِ) كَاتَبْتُكُمْ عَلَى أَلْفٍ إلَى شَهْرَيْنِ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ (فَالنَّصُّ صِحَّتُهَا) لِاتِّحَادِ مَالِكِ الْعِوَضِ مَعَ اتِّحَادِ لَفْظِهِ (وَيُوَزَّعُ) الْمُسَمَّى (عَلَى قِيمَتِهِمْ يَوْمَ الْكِتَابَةِ) لِأَنَّ سَلْطَنَةَ السَّيِّدِ زَالَتْ حِينَئِذٍ، فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ أَحَدِهِمْ مِائَةً وَالْآخَرِ مِائَتَيْنِ وَالْآخَرِ ثَلَثَمِائَةٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ سُدُسُ الْمُسَمَّى وَعَلَى الثَّانِي ثُلُثُهُ وَعَلَى الثَّالِثِ نِصْفُهُ (فَمَنْ أَدَّى حِصَّتَهُ عَتَقَ) لِوُجُودِ الْأَدَاءِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عِتْقُهُ عَلَى أَدَاءِ غَيْرِهِ وَإِنْ عَجَزَ غَيْرُهُ أَوْ مَاتَ، وَلَا يُقَالُ عَلَّقَ الْعِتْقَ بِأَدَائِهِمْ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ الصَّحِيحَةَ يَغْلِبُ فِيهَا حُكْمُ الْمُعَاوَضَةِ وَلِهَذَا يَعْتِقُ بِالْإِبْرَاءِ مَعَ انْتِفَاءِ الْأَدَاءِ (وَمَنْ عَجَزَ) مِنْهُمْ (رَقَّ) لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ الْأَدَاءُ، وَمُقَابِلُ النَّصِّ قَوْلٌ مُخَرَّجٌ مِمَّا لَوْ اشْتَرَى عَبِيدَ جَمْعٍ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ فَإِنَّ النَّصَّ فِيهِ الْبُطْلَانُ (وَتَصِحُّ كِتَابَةُ بَعْضِ مَنْ بَاقِيهِ حُرٌّ) بِأَنْ قَالَ كَاتَبْتُ مَا رَقَّ مِنْك لَا بَعْضَهُ لِمَا يَأْتِي وَذَلِكَ لِإِفَادَتِهَا الِاسْتِقْلَالَ الْمَقْصُودَ بِالْعَقْدِ (فَلَوْ كَاتَبَ كُلَّهُ) وَلَوْ مَعَ عِلْمِهِ بِحُرِّيَّةِ بَاقِيهِ (صَحَّ فِي الرِّقِّ فِي الْأَظْهَرِ) تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ. فَإِذَا أَدَّى قِسْطَ الرِّقِّ مِنْ الْقِيمَةِ عَتَقَ (وَلَوْ) (كَاتَبَ بَعْضَ رَقِيقٍ فَسَدَتْ إنْ كَانَ بَاقِيهِ لِغَيْرِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ) فِي كِتَابَتِهِ لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِ حِينَئِذٍ، وَأَفَادَ تَعْبِيرُهُ بِالْفَسَادِ إعْطَاءَ أَحْكَامِ الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ الْآتِيَةِ لَهَا، وَلَا يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْبُطْلَانِ إذْ هَذَا الْبَابُ يَفْتَرِقُ فِيهِ الْفَاسِدُ وَالْبَاطِلُ (وَكَذَا إذَا أَذِنَ) فِيهَا (أَوْ كَانَ لَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُ حَيْثُ رَقَّ بَعْضُهُ لَمْ يَسْتَقِلَّ بِالْكَسْبِ سَفَرًا وَحَضَرًا فَيُنَافِي مَقْصُودَ الْكِتَابَةِ، وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ صَرْفُ سَهْمِ الْمُكَاتَبِينَ لَهُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بَعْضُهُ مِلْكُهُ لِمَالِكِ الْبَاقِي فَإِنَّهُ مِنْ أَكْسَابِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بَاقِيهِ حُرًّا. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْمَنْعِ، وَيُسْتَثْنَى صُوَرٌ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِكِتَابَةِ قِنِّهِ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا بَعْضُهُ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ مِنْهُ الصِّحَّةُ) وَعَلَى الصِّحَّةِ، فَإِذَا أَدَّى نَصِيبَهُ هَلْ يُسَرِّي عَلَى السَّيِّدِ إلَى بَاقِيهِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي إبْرَاءِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ السِّرَايَةُ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُبْرِئَ عَتَقَ عَلَيْهِ نَصِيبُهُ بِاخْتِيَارِهِ فَسَرَّى إلَى حِصَّةِ شَرِيكِهِ، وَمَا هُنَا لَمْ تَعْتِقْ فِيهِ حِصَّةُ مَا أَدَّاهُ الْعَبْدُ بِاخْتِيَارِ السَّيِّدِ فَلَا سِرَايَةَ، إذْ شَرْطُهَا كَانَ الْعِتْقُ اخْتِيَارِيًّا لِمَنْ عَتَقَ عَلَيْهِ وَهُوَ وَاضِحٌ. وَقَدْ يُقَالُ: فُرِّقَ بَيْنَ كَوْنِ الْبَاقِي لِغَيْرِهِ وَبَيْنَ كَوْنِهِ لَهُ كَمَا فِي مَسْأَلَتِنَا، فَإِنَّ الْعَبْدَ كُلَّهُ هُنَا لِوَاحِدٍ، وَهُوَ لَوْ أَعْتَقَ جُزْءًا مِنْهُ سَرَّى إلَى بَاقِيهِ مُعْسِرًا كَانَ أَوْ مُوسِرًا، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَقَدْ يُقَالُ بِالسِّرَايَةِ هُنَا لِحُصُولِ الْعِتْقِ عَلَيْهِ هُنَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِاخْتِيَارِهِ (قَوْلُهُ: فَفِي قَوْلٍ يَصِحَّانِ) مُعْتَمَدٌ عَلَى الطَّرِيقِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: يَغْلِبُ فِيهَا حُكْمُ الْمُعَاوَضَةِ) أَيْ وَكَأَنَّهُ كَاتَبَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى انْفِرَادِهِ وَعَلَّقَ عِتْقَهُ عَلَى أَدَاءِ مَا يَخُصُّهُ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا) أَيْ وَلِكَوْنِ الْمُغَلَّبِ فِيهَا مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ يَعْتِقُ إلَخْ، وَلَوْ نُظِرَ إلَى جِهَةِ التَّعْلِيقِ تَوَقَّفَ الْعِتْقُ عَلَى الْأَدَاءِ (قَوْلُهُ: وَمُقَابِلُ النَّصِّ) الرَّاجِحُ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ بِالنَّصِّ فِيمَا سَبَقَ (قَوْلُهُ: لَا بَعْضُهُ) أَيْ بَعْضُ مَا رَقَّ (قَوْلُهُ: فَإِذَا أَدَّى قِسْطَ الرِّقِّ مِنْ الْقِيمَةِ) أَيْ مُوَزَّعًا بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ يُقَدَّرُ مَا يَخُصُّ قِيمَةَ الْعَبْدِ مِنْ الْأَلْفِ الْمُوَزَّعَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِ) أَيْ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ لَهُ) أَيْ لِلْمُكَاتَبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[فصل في بيان الكتابة الصحيحة وما يلزم سيد المكاتب ويندب له]

فَإِنَّهُ تَصِحُّ كِتَابَةُ ذَلِكَ الْبَعْضِ أَوْ كَاتَبَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا بَعْضُهُ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ أَوْ أَوْصَى بِكِتَابَةِ الْبَعْضِ أَوْ كَانَ الْبَاقِي مَوْقُوفًا عَلَى مَسْجِدٍ أَوْ جِهَةٍ عَامَّةٍ عَلَى مَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ كَاتَبَ الْبَعْضَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَهُوَ ثُلُثُ مَالِهِ (وَلَوْ) (كَاتَبَاهُ) أَيْ عَبْدَهُمَا سَوَاءٌ اسْتَوَى مِلْكُهُمَا فِيهِ أَمْ اخْتَلَفَ (مَعًا أَوْ وَكَّلَا) مَنْ كَاتَبَهُ أَوْ وَكَّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ (صَحَّ) ذَلِكَ (إنْ اتَّفَقَتْ النُّجُومُ جِنْسًا) وَعَدَدًا وَأَجَلًا وَصِفَةً (وَجُعِلَ) عَطْفٌ عَلَى صَحَّ (الْمَالُ عَلَى نِسْبَةِ مِلْكَيْهِمَا) لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى انْتِفَاعِ أَحَدِهِمَا بِمِلْكِ الْآخَرِ. فَإِنْ انْتَفَى شَرْطٌ مِمَّا ذُكِرَ كَأَنْ جَعَلَاهُ عَلَى غَيْرِ نِسْبَةِ الْمِلْكَيْنِ أَوْ اخْتَلَفَتْ فِي الْجِنْسِ أَوْ الْعَدَدِ أَوْ الْأَجَلِ أَوْ الصِّفَةِ فَسَدَتْ (فَلَوْ عَجَزَ) الْمُكَاتَبُ (فَعَجَّزَهُ أَحَدُهُمَا) وَفَسَخَ الْكِتَابَةَ (وَأَرَادَ الْآخَرُ إبْقَاءَهُ) أَيْ الْعَقْدِ فِي حِصَّتِهِ وَإِنْظَارَهُ (فَكَابْتِدَاءِ عَقْدٍ) عَلَى الْبَعْضِ: أَيْ هُوَ مِثْلُهُ فَلَا يَجُوزُ وَإِنْ أَذِنَ الشَّرِيكُ كَمَا مَرَّ (وَقِيلَ يَجُوزُ) قَطْعًا وَإِنْ مُنِعَ فِي الِابْتِدَاءِ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي الِابْتِدَاءِ (وَلَوْ) (أَبْرَأَ) أَحَدُ الْمُكَاتَبَيْنِ الْقِنَّ (مِنْ نَصِيبِهِ) مِنْ النُّجُومِ (أَوْ أَعْتَقَهُ) أَيْ نَصِيبَهُ مِنْهُ أَوْ كُلَّهُ (عَتَقَ نَصِيبُهُ) مِنْهُ (وَقُوِّمَ) عَلَيْهِ (الْبَاقِي) وَعَتَقَ عَلَيْهِ وَالْوَلَاءُ كُلُّهُ لَهُ (إنْ كَانَ مُوسِرًا) وَقَدْ عَادَ رِقُّهُ بِأَنْ عَجَزَ فَعَجَّزَهُ الْآخَرُ، لِأَنَّهُ لَمَّا أَبْرَأَهُ مِنْ جَمِيعِ مَا يَسْتَحِقُّهُ أَشْبَهَ مَا لَوْ كَاتَبَ كُلَّهُ وَأَبْرَأَهُ مِنْ النُّجُومِ، أَمَّا إذَا أَعْسَرَ أَوْ لَمْ يَعُدْ إلَى الرِّقِّ وَأَدَّى حِصَّةَ الشَّرِيكِ مِنْ النُّجُومِ فَيَعْتِقُ نَصِيبُهُ عَنْ الْكِتَابَةِ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لَهُمَا، وَخَرَجَ بِالْإِبْرَاءِ وَالْإِعْتَاقِ مَا لَوْ قَبَضَ نَصِيبَهُ فَلَا يَعْتِقُ وَإِنْ رَضِيَ شَرِيكُهُ بِتَقْدِيمِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَخْصِيصُ أَحَدِهِمَا بِالْقَبْضِ. (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ وَمَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ وَيُنْدَبُ لَهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ، وَمَا لِوَلَدِ الْمُكَاتَبِ وَالْمُكَاتَبَةِ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَبَيَانِ امْتِنَاعِ السَّيِّدِ مِنْ الْقَبْضِ وَمَنْعِ الْمُكَاتَبِ مِنْ التَّزَوُّجِ وَالتَّسَرِّي وَبَيْعِهِ لِلْمَكَاتِبِ أَوْ لِنُجُومِهِ وَتَوَابِعَ لِمَا ذُكِرَ (يَلْزَمُ السَّيِّدَ) أَوْ وَارِثَهُ (أَنْ يَحُطَّ عَنْهُ) أَيْ الْمُكَاتَبِ فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ دُونَ الْفَاسِدَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَوْ كَاتَبَهُ) أَيْ كُلَّهُ وَبِهِ يُغَايِرُ قَوْلَهُ الْآتِي أَوْ كَاتَبَ الْبَعْضَ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ جِهَةٍ عَامَّةٍ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَاقِيهِ مَوْقُوفًا عَلَى مُعَيَّنٍ لَمْ تَصِحَّ الْكِتَابَةُ وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا لَوْ كَانَ بَاقِيهِ لِشَخْصٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: أَوْ أَعْتَقَهُ) أَيْ بِأَنْ نَجَّزَ عِتْقَهُ (قَوْلُهُ وَقَدْ عَادَ رِقُّهُ) أَيْ وَالْحَالُ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا أَعْسَرَ) بَقِيَ مَا لَوْ أَعْسَرَ الْمُبْرِئُ عَنْ قِيمَةِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ وَقَدْ عَادَ إلَى الرِّقِّ فَهَلْ يَضُرُّ ذَلِكَ فِي الْحِصَّةِ الَّتِي أَبْرَأَ مَالِكَهَا مِنْ نُجُومِهَا أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِ الثَّانِي حَيْثُ عَبَّرَ بِأَوْ فَإِنَّ التَّقْدِيرَ مَعَهَا إذَا أَعْسَرَ وَعَادَ إلَى الرِّقِّ أَوْ أَيْسَرَ الْمُعْتَقُ وَلَمْ يَعُدْ الْعَقْدُ إلَى الرِّقِّ، وَهُوَ مُشْكِلٌ فِيمَا لَوْ أَعْسَرَ الْمُبْرِئُ وَعَادَ إلَى الرِّقِّ بِأَنَّهُ يَتَبَيَّنُ بِهِ أَنَّ الْكِتَابَةَ لِلْبَعْضِ فَتَكُونُ فَاسِدَةً وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْعِتْقَ الْمُنَجَّزَ لَا سَبِيلَ إلَى رَدِّهِ فَاغْتُفِرَ لِكَوْنِهِ دَوَامًا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَهُوَ مُعْسِرٌ حِصَّتَهُ (قَوْلُهُ: وَأَدَّى حِصَّةَ) أَيْ بِأَنْ أَدَّى فَهُوَ عَطْفُ سَبَبٍ عَلَى مُسَبِّبٍ. (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ لَمْ يُذْكَرْ فِي هَذَا الْفَصْلِ مَا تَمْتَازُ بِهِ الْكِتَابَةُ الصَّحِيحَةُ عَنْ غَيْرِهَا، وَلَكِنَّهُ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ قَبْلَهُ أَنَّ الْكِتَابَةَ الصَّحِيحَةَ هِيَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ عَلَى نِسْبَةِ مِلْكَيْهِمَا) أَيْ سَوَاءٌ صَرَّحَا بِذَلِكَ أَمْ أَطْلَقَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التُّحْفَةِ وَكَانَ يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ ذِكْرُهُ لِيَنْسَجِمَ مَعَهُ الْمَفْهُومُ الْآتِي. [فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ وَمَا يَلْزَمُ سَيِّدَ الْمُكَاتَب وَيُنْدَبُ لَهُ] (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ (قَوْلُهُ: فِي بَيَانِ الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ) لَعَلَّ مُرَادَهُ بَيَانُ أَحْكَامِ الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ وَمَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ إلَخْ

مُقَدِّمًا لَهُ عَلَى مُؤَنِ التَّجْهِيزِ (جُزْءًا مِنْ الْمَالِ) الْمُكَاتَبِ عَلَيْهِ (أَوْ يَدْفَعَهُ) أَيْ جُزْءًا مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بَعْدَ قَبْضِهِ أَوْ مِنْ جِنْسِهِ لَا مِنْ غَيْرِهِ كَالزَّكَاةِ مَا لَمْ يَرْضَ بِهِ (إلَيْهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ لِانْتِفَاءِ الصَّارِفِ عَنْهُ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ وُجُوبِ ذَلِكَ حَيْثُ أَبْرَأَهُ مِنْ الْجَمِيعِ، وَكَذَا لَوْ كَاتَبَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَهُوَ ثُلُثُ مَالِهِ أَوْ كَاتَبَهُ عَلَى مَنْفَعَتِهِ (وَالْحَطُّ أَوْلَى) مِنْ الدَّفْعِ لِأَنَّهُ الْمَأْثُورُ عَنْ الصَّحَابَةِ، وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ إعَانَتُهُ لِيَعْتِقَ وَهِيَ فِي الْحَطِّ مُحَقَّقَةٌ وَفِي الدَّفْعِ مَوْهُومَةٌ فَإِنَّهُ قَدْ يُنْفِقُ الْمَالَ فِي جِهَةٍ أُخْرَى، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْحَطَّ أَصْلٌ وَالْإِيتَاءَ بَدَلٌ (وَفِي النَّجْمِ الْأَخِيرِ أَلْيَقُ) لِأَنَّهُ حَالَةَ الْخُلُوصِ مِنْ الرِّقِّ وَمَعْنَى أَلْيَقَ أَفْضَلُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَكْفِي) فِيهِ (مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ) أَيْ اسْمُ الْمَالِ (وَلَا يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْمَالِ) قِلَّةً وَكَثْرَةً لِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ فِيهِ تَوْقِيفٌ، إذْ قَوْله تَعَالَى {مِنْ مَالِ اللَّهِ} [النور: 33] يَشْمَلُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ، وَمَا وَرَدَ فِي خَبَرِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ رُبْعُ مَالِ الْكِتَابَةِ الْأَصَحُّ وَقْفُهُ عَلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَلَعَلَّهُ مِنْ اجْتِهَادِهِ، وَدَعْوَى أَنَّهُ لَا يُقَالُ مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ مَمْنُوعَةٌ. وَالثَّانِي يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَدْرًا يَلِيقُ بِالْحَالِ وَيَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى الْعِتْقِ دُونَ الْقَلِيلِ الَّذِي وَقَعَ لَهُ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ وَقْتَ وُجُوبِهِ قَبْلَ الْعِتْقِ) أَيْ يَدْخُلُ وَقْتُ أَدَائِهِ بِالْعَقْدِ وَيَتَضَيَّقُ إذَا بَقِيَ مِنْ النَّجْمِ الْأَخِيرِ قَدْرُ مَا يَفِي بِهِ مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ كَمَا مَرَّ، فَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ قَبْلَهُ أَدَّى بَعْدَهُ وَكَانَ قَضَاءً. وَالثَّانِي بَعْدَهُ كَالْمُتْعَةِ (وَيُسْتَحَبُّ الرُّبْعُ) لِلْخَبَرِ الْمَارِّ، وَلِقَوْلِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ أَجْمَعَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ عَلَى أَنَّهُ الْمُرَادُ فِي الْآيَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَسْمَحْ بِهِ (فَالسُّبْعُ) اقْتِدَاءً بِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (وَيَحْرُمُ) عَلَى السَّيِّدِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُسْتَوْفِيَةُ لِمَا يُعْتَبَرُ فِيهَا مِنْ الْأَرْكَانِ وَالشُّرُوطِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ إلَخْ (قَوْلُهُ: مُقَدِّمًا لَهُ عَلَى مُؤَنِ التَّجْهِيزِ) أَيْ تَجْهِيزِ السَّيِّدِ لَوْ مَاتَ وَقْتَ وُجُوبِ الْأَدَاءِ أَوْ الْحَطِّ وَذَلِكَ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ إلَّا قَدْرُ مَا يَجِبُ الْإِيتَاءُ، أَمَّا لَوْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَجَبَ تَجْهِيزُهُ مُقَدَّمًا عَلَى مَا يَجِبُ فِي الْإِيتَاءِ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ يَدْخُلُ وَقْتُهُ بِالْعَقْدِ وَيَتَضَيَّقُ إذَا بَقِيَ مِنْ النَّجْمِ الْأَخِيرِ قَدْرُ مَا يَفِي بِهِ مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَرْضَ بِهِ) أَيْ الْعَبْدُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا) أَيْ لَا حَطَّ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ كَلَامَهُ أَفْهَمَ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ وَهُوَ ثُلُثُ مَالِهِ: أَيْ وَلَوْ بِضَمِّ النُّجُومِ إلَى غَيْرِهَا مِنْ الْمَالِ (قَوْلُهُ: أَيْ اسْمُ الْمَالِ) هُوَ صَادِقٌ بِأَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ كَشَيْءٍ مِنْ جِنْسِ النُّجُومِ قِيمَتُهُ دِرْهَمُ نُحَاسٍ وَلَوْ كَانَ الْمَالِكُ مُتَعَدِّدًا وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي الْمُصَرَّاةِ مِنْ أَنَّ الصَّاعَ يَتَعَدَّ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ، وَتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي «بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْرُ اللَّبَنِ لِكَوْنِهِ مَجْهُولًا بِالصَّاعِ» لِئَلَّا يَحْصُلَ النِّزَاعُ فِيمَا يُقَابِلُ اللَّبَنَ الْمَحْلُوبَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، فَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ اللَّبَنُ تَافِهًا جِدًّا، فَاعْتُبِرَ مَا يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ بِالصَّاعِ لِعَدَمِ تَفْرِقَةِ الشَّارِعِ فِيمَا يُضْمَنُ بِهِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ. وَكَتَبَ سم عَلَى مَنْهَجٍ قَوْلُهُ مُتَمَوَّلٌ ع اُنْظُرْ لَوْ كَانَ الْمُتَمَوَّلُ هُوَ الْوَاجِبُ فِي النَّجْمَيْنِ هَلْ يَسْقُطُ الْحَطُّ اهـ؟ أَقُولُ: الْأَقْرَبُ عَدَمُ السُّقُوطِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَحُطَّ بَعْضَ ذَلِكَ الْقَدْرِ (قَوْلُهُ: الْأَصَحُّ وَقْفُهُ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ رَفَعَهُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: وَرُوِيَ عَنْهُ: أَيْ عَنْ عَلِيٍّ رَفْعُهُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) اُنْظُرْ فِي أَيِّ مَحَلٍّ مَرَّ (قَوْلُهُ: وَكَانَ قَضَاءً) أَيْ مَعَ الْإِثْمِ بِالتَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالسُّبْعُ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ عَطْفِ التَّفْسِيرِ، وَإِلَّا فَهُوَ لَمْ يُبَيِّنْ فِي هَذَا الْفَصْلِ مَاهِيَّةَ الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْحَطَّ أَصْلٌ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: مَا مَعْنَى أَصَالَةِ الْحَطِّ مَعَ أَنَّ الْإِيتَاءَ هُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الْآيَةِ؟ قَالَ: إلَّا أَنْ يُرَادَ بِهَا أَرْجَحِيَّتُهُ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى الْإِيتَاءِ لِفَهْمِ الْحَطِّ مِنْهُ بِالْأَوْلَى. قَالَ: ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ غَايَةِ الِاخْتِصَارِ لِلْحِصْنِيِّ مَا نَصُّهُ: قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالْإِيتَاءُ يَقَعُ عَلَى الْحَطِّ وَالدَّفْعِ، إلَّا أَنَّ الْحَطَّ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَنْفَعُ لَهُ، وَبِهِ فَسَّرَ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - اهـ (قَوْلُهُ: أَيْ اسْمُ الْمَالِ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: أَقَلُّ مُتَمَوَّلٍ (قَوْلُهُ: لِلْخَبَرِ الْمَارِّ) .

[فصل في بيان ما يحرم على سيد المكاتب]

(وَطْءُ مُكَاتَبَتِهِ) كِتَابَةً صَحِيحَةً كَالرَّجْعِيَّةِ لِاخْتِلَالِ مِلْكِهِ وَخُرُوجِ الْأَكْسَابِ عَنْهُ. فَلَوْ شَرَطَ فِي الْكِتَابَةِ وَطْأَهَا فَسَدَتْ وَكَالْوَطْءِ سَائِرُ الِاسْتِمْتَاعَاتِ وَمِثْلُهَا الْمُبَعَّضَةُ (وَلَا حَدَّ فِيهِ) عَلَيْهِ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ لَكِنْ يُعَزَّرُ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ كَهِيَ إنْ طَاوَعَتْهُ (وَيَجِبُ مَهْرٌ) وَاحِدٌ وَإِنْ تَعَدَّدَ وَطَاوَعَتْهُ لِلشُّبْهَةِ أَيْضًا (وَالْوَلَدُ) مِنْهُ (حُرٌّ) نَسِيبٌ لِعُلُوقِهَا بِهِ فِي مِلْكِهِ (وَلَا تَجِبُ قِيمَتُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِانْعِقَادِهِ حُرًّا، عَلَى أَنَّ حَقَّ الْمِلْكِ فِي وَلَدِهَا لِلسَّيِّدِ وَإِنْ حَمَلَتْ بِهِ مِنْ عَبْدِهَا عَلَى مَا يَأْتِي، وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى حُكْمِ وَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ (وَصَارَتْ) بِهِ (مُسْتَوْلَدَةً مُكَاتَبَةً) إذْ مَقْصُودُهُمَا وَاحِدٌ وَهُوَ الْعِتْقُ (فَإِنْ عَجَزَتْ عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ) عَنْ الْإِيلَادِ وَعَتَقَ مَعَهَا أَوْلَادُهَا الْحَادِثُونَ بَعْدَهُ وَإِنْ أَدَّتْ النُّجُومَ عَتَقَتْ عَنْ الْكِتَابَةِ وَتَبِعَهَا كَسْبُهَا وَوَلَدُهَا، فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ عَجْزِهَا عَتَقَتْ عَنْ الْكِتَابَةِ كَمَا لَوْ نَجَّزَ عِتْقَ مُكَاتَبِهِ (وَوَلَدُهَا) أَيْ الْمُكَاتَبَةِ لَا بِقَيْدِ الْإِيلَادِ الرَّقِيقُ الْحَادِثُ بَعْدَ كِتَابَتِهَا وَقَبْلَ عِتْقِهَا (مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا مُكَاتَبٌ) أَيْ يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الْمُكَاتَبِ (فِي الْأَظْهَرِ يَتْبَعُهَا رِقًّا وَعِتْقًا) لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ أُمَّهُ رِقًّا وَضِدَّهُ، فَكَذَا فِي سَبَبِ الْعِتْقِ كَوَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ. وَالثَّانِي لَا بَلْ يَكُونُ هُنَا لِلسَّيِّدِ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ عَقْدٌ يَقْبَلُ الْفَسْخَ فَلَا يَثْبُتُ حُكْمُهُ فِي الْوَلَدِ كَوَلَدِ الْمَرْهُونَةِ، نَعَمْ إنْ عَتَقَتْ بِغَيْرِ جِهَةِ الْكِتَابَةِ بِأَنْ رُقَّتْ ثُمَّ عَتَقَتْ بِجِهَةٍ أُخْرَى لَمْ يَتْبَعْهَا حِينَئِذٍ كَالْأُمِّ (وَلَيْسَ عَلَيْهِ) أَيْ الْوَلَدِ (شَيْءٌ) مِنْ النُّجُومِ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ لَهَا (وَالْحَقُّ) أَيْ حَقُّ الْمِلْكِ (فِيهِ) أَيْ الْوَلَدِ (لِلسَّيِّدِ) لَا لِلْأُمِّ (وَفِي قَوْلٍ) الْحَقُّ (لَهَا) أَيْ الْمُكَاتَبَةِ لِأَنَّهُ تَكَاتَبَ عَلَيْهَا. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّ وَلَدَهَا مِنْ عَبْدِهَا مِلْكٌ لَهَا قَطْعًا لَكِنْ نَازَعَ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ (فَلَوْ قُتِلَ فَقِيمَتُهُ) تَجِبُ (لِذِي الْحَقِّ) مِنْهُمَا (وَالْمَذْهَبُ أَنَّ أَرْشَ جِنَايَتِهِ عَلَيْهِ) أَيْ الْوَلَدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ (وَكَسْبُهُ وَمَهْرُهُ) إذَا كَانَ أُنْثَى وَوُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ (يُنْفَقُ مِنْهَا عَلَيْهِ) وَمُرَادُهُ بِالنَّفَقَةِ مَا يَشْمَلُ الْمُؤَنَ (وَمَا فَضَلَ وَقْفٌ فَإِنْ عَتَقَ فَلَهُ وَإِلَّا فَلِلسَّيِّدِ) . كَمَا أَنَّ كَسْبَ الْأُمِّ لَهَا وَإِنْ عَتَقَتْ. فَإِنْ رَقَّتْ وَارْتَفَعَتْ الْكِتَابَةُ فَلِلسَّيِّدِ، وَقِيلَ لَا يُوقَفُ بَلْ يُصْرَفُ لِلسَّيِّدِ كَمَا تُصْرَفُ لَهُ قِيمَتُهُ لَوْ قُتِلَ. هَذَا كُلُّهُ إنْ قُلْنَا إنَّ الْحَقَّ فِي الْوَلَدِ لِلسَّيِّدِ. فَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ لِلْأُمِّ فَهُوَ لَهَا تَسْتَعِينُ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــSبَقِيَ بَيْنَهُمَا: أَيْ الرُّبْعِ وَالسُّبْعِ السُّدُسُ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى أَبِي أَسِيد أَنَّهُ كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ: قَالَ فَأَتَيْته بِمُكَاتَبَتِي فَرَدَّ عَلَيَّ مِائَةَ دِرْهَمٍ اهـ زِيَادِيٌّ: أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ سُنِّيَّةُ السُّدُسِ بِخُصُوصِهِ، لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ فَوْقَ السُّبْعِ وَأَفْضَلَ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ سُنَّةٌ مِنْ حَيْثُ خُصُوصِهِ (قَوْلُهُ: وَكَالْوَطْءِ سَائِرُ الِاسْتِمْتَاعَاتِ) وَمِنْهَا النَّظَرُ بِشَهْوَةٍ، أَمَّا بِدُونِهَا فَيُبَاحُ لِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَعَدَّدَ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ وَطِئَ بَعْدَ أَدَاءِ الْمَهْرِ فَإِنَّهُ يَتَكَرَّرُ اهـ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا يَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ أَصْلِ الرَّوْضَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَتَقَتْ عَنْ الْكِتَابَةِ) أَيْ فَيَتْبَعُهَا كَسْبُهَا وَوَلَدُهَا الْحَادِثُ بَعْدَ الْكِتَابَةِ وَقَبْلَ الِاسْتِيلَادِ، وَهَذَا هُوَ فَائِدَةُ كَوْنِ الْعِتْقِ عَنْ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ بِأَنْ رَقَّتْ) بِأَنْ عَجَّزَهَا أَوْ عَجَّزَتْ نَفْسَهَا (قَوْلُهُ أَنَّ وَلَدَهَا مِنْ عَبْدِهَا) أَيْ بِأَنْ زَنَى بِهَا (قَوْلُهُ لَكِنْ نَازَعَ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ) مُعْتَمَدٌ: أَيْ فَيَكُونُ كَوَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهَا وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يُوقَفُ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ وَمَا فَضَلَ إلَخْ، وَفِي نُسْخَةٍ تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا يَعْتِقُ إلَخْ وَهِيَ الْأَوْلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصَلِّ فِي بَيَان مَا يحرم عَلَى سَيِّد الْمُكَاتَب] تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَصَحَّ وَقْفُهُ، وَأَنَّهُ يُقَالُ مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ فَلَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَخُرُوجُ الْأَكْسَابِ عَنْهُ) يُتَأَمَّلُ وَلَيْسَ هُوَ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَالْحَادِثُونَ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْإِيلَادِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ عَجْزِهَا عَتَقَتْ عَنْ الْكِتَابَةِ) أَيْ لَا عَنْ الْإِيلَادِ خِلَافًا لِلْوَجْهِ الثَّانِي. فَعَلَى هَذَا الْوَلَدُ الْحَادِثُ بَعْدَ الْكِتَابَةِ وَقَبْلَ الِاسْتِيلَادِ هَلْ يَتْبَعُهَا فِيهِ الْخِلَافُ الْآتِي كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ: أَيْ بِخِلَافِهِ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي فَإِنَّهُ يَتْبَعُهَا قَطْعًا (قَوْلُهُ كَالْأُمِّ) يَنْبَغِي حَذْفُهُ وَهُوَ سَاقِطٌ فِي نُسْخَةٍ (قَوْلُهُ مَا يَشْمَلُ الْمُؤَنَ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: مَا يَشْمَلُ سَائِرَ الْمُؤَنِ.

فِي كِتَابَتِهَا (وَلَا يَعْتِقُ شَيْءٌ مِنْ الْمُكَاتَبِ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْجَمِيعَ) أَيْ جَمِيعَ الْمَالِ الْمُكَاتَبِ عَلَيْهِ لِخَبَرِ «الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ» وَمِثْلُ الْأَدَاءِ الْإِبْرَاءُ وَالْحَوَالَةُ بِهِ لَا عَلَيْهِ (وَلَوْ) (أَتَى) الْمُكَاتَبُ (بِمَالٍ فَقَالَ السَّيِّدُ هَذَا حَرَامٌ) أَيْ لَيْسَ مِلْكُك (وَلَا بَيِّنَةَ) لَهُ بِذَلِكَ (حَلَفَ الْمُكَاتَبُ) أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ أَوْ (أَنَّهُ حَلَالٌ) أَوْ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَصَدَّقَهُ عَمَلًا بِظَاهِرِ الْيَدِ، نَعَمْ لَوْ كَانَ الْأَصْلُ فِيهِ التَّحْرِيمُ كَاللَّحْمِ وَقَالَ هَذَا حَرَامٌ اتَّجَهَ وُجُوبُ اسْتِفْصَالِهِ، فَإِنْ قَالَ إنَّهُ سَرِقَةٌ فَكَذَلِكَ، أَوْ مَيْتَةٌ وَقَالَ بَلْ مِلْكِي أَوْ حَلَالٌ صُدِّقَ السَّيِّدُ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ التَّذْكِيَةِ كَنَظِيرِهِ فِي السَّلَمِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَقُلْ ذَكَّيْته وَإِلَّا صُدِّقَ لِتَصْرِيحِهِمْ بِقَبُولِ خَبَرِ الْكَافِرِ وَالْفَاسِقِ عَنْ فِعْلِ نَفْسِهِ كَقَوْلِهِ ذَبَحْت هَذِهِ. وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا بُحِثَ أَنَّهُ يَنْبَغِي تَصْدِيقُ الْعَبْدِ، وَأَمَّا تَوْجِيهُ إطْلَاقِهِ بِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ فَمَرْدُودٌ بِأَنَّ فِيهِ إضْرَارًا بِسَيِّدِهِ حَيْثُ يَلْزَمُ بِقَبُولِ مَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ لِأَنَّ مَنْ رَأَى لَحْمًا وَشَكَّ فِي تَذْكِيَتِهِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَكْلُهُ (وَيُقَالُ لِلسَّيِّدِ تَأْخُذُهُ أَوْ تُبْرِيهِ عَنْهُ) أَيْ عَنْ قَدْرِهِ وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى الْإِنْشَاءِ لِتَعَنُّتِهِ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ وَلَا بَيِّنَةَ عَمَّا لَوْ أَقَامَ السَّيِّدُ بَيِّنَةً بِمُدَّعَاهُ فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ وَتُسْمَعُ مِنْهُ لِأَنَّ لَهُ فِيهَا غَرَضًا ظَاهِرًا هُوَ الِامْتِنَاعُ مِنْ الْحَرَامِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: كَذَا أَطْلَقَهُ جَمَاعَةٌ، وَشَرَطَ الصَّيْدَلَانِيُّ أَنْ يُعَيِّنَ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ أَيْضًا وَالْأَوْجَهُ الْإِطْلَاقُ (فَإِنْ أَبَى قَبَضَهُ الْقَاضِي) وَعَتَقَ إنْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ (وَإِنْ نَكَلَ الْمُكَاتَبُ) عَنْ الْحَلِفِ (حَلَفَ السَّيِّدُ) وَكَانَ كَإِقَامَتِهِ الْبَيِّنَةِ (وَلَوْ خَرَجَ الْمُؤَدَّى) مِنْ النُّجُومِ (مُسْتَحَقًّا رَجَعَ السَّيِّدُ بِبَدَلِهِ) لِفَسَادِ الْقَبْضِ (فَإِنْ كَانَ) مَا خَرَجَ مُسْتَحَقًّا أَوْ زَيْفًا (فِي النَّجْمِ الْأَخِيرِ) مَثَلًا (بَانَ) وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُكَاتَبِ أَوْ السَّيِّدِ (أَنَّ الْعِتْقَ لَمْ يَقَعْ) لِبُطْلَانِ الْأَدَاءِ (وَإِنْ كَانَ) السَّيِّدُ (قَالَ عِنْدَ أَخْذِهِ) أَيْ مُتَّصِلًا بِالْقَبْضِ (أَنْتَ حُرٌّ) أَوْ أَعْتَقْتُك لِبِنَائِهِ ذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِ الْحَالِ وَهُوَ صِحَّةُ الْأَدَاءِ وَقَدْ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ، أَمَّا إذَا قَالَ ذَلِكَ مُنْفَصِلًا عَنْ الْقَبْضِ وَالْقَرَائِنِ الدَّالَّةِ عَلَى كَوْنِهِ رَتَّبَهُ عَلَى الْقَبْضِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ قَوْلُهُ أَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى ظَاهِرِ الْحَالِ كَمَا رَجَّحَاهُ، وَقَوْلُ الْغَزَالِيِّ لَا فَرْقَ قَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِمَا إذَا قَصَدَ الْإِخْبَارَ عَنْ حَالِهِ بَعْدَ أَدَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ أَيْ إلَى الْمَالِ الْمُكَاتَبِ عَلَيْهِ) ظَاهِرُهُ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْجَمِيعَ وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مَا عَدَا مَا يَجِبُ إيتَاؤُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَعْتِقُ مَعَ بَقَاءِ الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ، وَمَا ذَكَرَهُ حَجّ هُنَا مُخَالِفٌ لِمَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي مِنْ أَنَّهُ إذَا بَقِيَ مَا ذُكِرَ يَرْفَعُهُ لِقَاضٍ يُجْبِرُهُ عَلَى دَفْعِهِ أَوْ يَحْكُمُ بِالتَّقَاصِّ إنْ رَآهُ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ مِمَّا ذَكَرَهُ هُنَا أَنَّ مَا يَجِبُ إيتَاؤُهُ لَا يَسُوغُ مَعَهُ الْفَسْخُ مِنْ السَّيِّدِ، حَتَّى لَوْ فَسَخَ لَمْ يَنْفُذْ فَسْخُهُ لَا أَنَّهُ يَعْتِقُ بِمُجَرَّدِ بَقَائِهِ، وَعَلَى هَذَا فَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُرْفَعُ الْأَمْرُ لِلْقَاضِي بَعْدَ مَوْتِهِ لِيَحْكُمَ بِالتَّقَاصِّ إنْ رَآهُ وَعَتَقَ الْعَبْدُ فَيَمُوتُ حُرًّا وَيَكُونُ مَا كَسَبَهُ لِوَرَثَتِهِ وَيُوَافِقُ مَا قَالَهُ حَجّ مَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُؤَدِّ قَبْلَهُ أَدَّى بَعْدَهُ وَكَانَ قَضَاءً (قَوْلُهُ فَكَذَلِكَ) أَيْ الْمُصَدَّقُ الْمُكَاتَبُ (قَوْلُهُ: لِتَصْرِيحِهِمْ بِقَبُولِ خَبَرِ الْكَافِرِ) أَيْ وَلَوْ حَرْبِيًّا وَمُرْتَدًّا (قَوْلُهُ: لِلْعِتْقِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَأَمَّا تَوْجِيهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الْإِطْلَاقُ) أَيْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُعَيِّنَ الْمَغْصُوبَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَكَانَ كَإِقَامَتِهِ الْبَيِّنَةَ) يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ عَلَى الرَّاجِحِ، وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّهُ إنَّمَا قَالَ كَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ لِتَقَدُّمِ حُكْمِ الْبَيِّنَةِ هُنَا فَأَحَالَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مُسْتَحَقًّا) أَوْ زَيْفًا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ زَيْفًا) أَيْ كَأَنْ خَرَجَ نُحَاسًا، بِخِلَافِ الرَّدِيءِ فَإِنَّهُ لَا يَتَبَيَّنُ بِهِ عَدَمُ الْعِتْقِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَإِنْ خَرَجَ مَعِيبًا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا قَالَ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ مُتَّصِلًا بِالْقَبْضِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْغَزَالِيِّ لَا فَرْقَ) أَيْ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ مُتَّصِلًا أَوْ مُنْفَصِلًا (قَوْلُهُ: قَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ) مُعْتَمَدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَا عَلَيْهِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ بِحَوَالَةِ السَّيِّدِ عَلَيْهِ بِالنُّجُومِ: أَيْ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْحَوَالَةِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهَا وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُهُ صِحَّتَهَا. (قَوْلُهُ: تُسْمَعُ مِنْهُ) أَيْ وَإِنْ تَضَمَّنَتْ إثْبَاتَهُ مِلْكَ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ وَكَانَ كَإِقَامَتِهِ الْبَيِّنَةَ) اُنْظُرْ هَلَّا قَالَ كَإِقْرَارِ الْمُكَاتَبِ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَلَوْ خَرَجَ الْمُؤَدَّى مُسْتَحَقًّا) أَيْ أَوْ زَيْفًا كَمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ) أَيْ فِي الظَّاهِرِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ أَمَّا الْبَاطِنُ

[فصل ولا يتزوج المكاتب إلا بإذن سيده]

النُّجُومِ، فَإِنْ قَصَدَ إنْشَاءَ الْعِتْقِ بَرِئَ وَعَتَقَ، وَتَبِعَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَزَادَ أَنَّ حَالَةَ الْإِطْلَاقِ كَحَالَةِ قَصْدِ إنْشَاءِ الْعِتْقِ. وَنُوزِعَ فِيهِ وَأَنَّهُ فِي الْحَالَيْنِ يَعْتِقُ عَنْ جِهَةِ الْكِتَابَةِ وَيَتْبَعُهُ كَسْبُهُ وَأَوْلَادُهُ، وَلَوْ قَالَ لَهُ الْمُكَاتَبُ قُلْتُهُ إنْشَاءً فَقَالَ بَلْ إخْبَارًا صُدِّقَ السَّيِّدُ لِلْقَرِينَةِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهَذَا السِّيَاقُ يَقْتَضِي أَنَّ مُطْلَقَ قَوْلِ السَّيِّدِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ بِمَا أَدَّى وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ إرَادَتَهُ اهـ. وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَنْ قِيلَ لَهُ طَلَّقْتَ امْرَأَتَك فَقَالَ نَعَمْ طَلَّقْتُهَا ثُمَّ قَالَ ظَنَنْتَ أَنَّ مَا جَرَى بَيْنَنَا طَلَاقٌ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا بِقَرِينَةٍ (وَإِنْ خَرَجَ مَعِيبًا فَلَهُ رَدُّهُ) أَوْ رَدُّ بَدَلِهِ إنْ تَلِفَ أَوْ بَقِيَ وَقَدْ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ عِنْدَهُ (وَأَخْذُ بَدَلِهِ) وَإِنْ قَلَّ الْعَيْبُ لِأَنَّ الْعَقْدَ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ السَّلِيمَ، وَبِرَدِّهِ أَوْ بِطَلَبِ الْأَرْشِ يَتَبَيَّنُ أَنَّ الْعِتْقَ لَمْ يَحْصُلْ وَإِنْ كَانَ قَالَ لَهُ عِنْدَ الْأَدَاءِ أَنْتَ حُرٌّ كَمَا مَرَّ، وَإِنْ رَضِيَ بِهِ وَكَانَ فِي النَّجْمِ الْأَخِيرِ بِأَنَّ حُصُولَ الْعِتْقِ مِنْ وَقْتِ الْقَبْضِ (وَلَا) (يَتَزَوَّجُ) الْمُكَاتَبُ (إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) لِأَنَّهُ عَبْدٌ كَمَا مَرَّ فِي الْخَبَرِ (وَلَا يَتَسَرَّى) يَعْنِي لَا يَطَأُ مَمْلُوكَتَهُ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ (بِإِذْنِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِضَعْفِ مِلْكِهِ وَخَوْفًا مِنْ هَلَاكِ الْأَمَةِ بِالطَّلْقِ، وَإِنَّمَا أَوَّلْنَا نَفْيَ التَّسَرِّي بِنَفْيِ الْوَطْءِ لِأَنَّ التَّسَرِّي يُعْتَبَرُ فِيهِ أَمْرَانِ: حَجْبُ الْأَمَةِ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ، وَإِنْزَالُهُ فِيهَا. وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ الْجَوَازُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ بِتَمْلِيكِ سَيِّدِهِ (وَلَهُ شِرَاءُ الْجَوَارِي لِتِجَارَةٍ) تَوْسِيعًا لَهُ فِي طُرُقِ الِاكْتِسَابِ (فَإِنْ وَطِئَهَا) وَلَمْ يُبَالِ بِمَنْعِنَا لَهُ (فَلَا حَدَّ) لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ وَكَذَا لَا مَهْرَ إذْ لَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ لَكَانَ لَهُ (وَالْوَلَدُ) مِنْ وَطْئِهِ (نَسِيبٌ) لَاحِقٌ بِهِ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ (فَإِنْ وَلَدَتْهُ فِي الْكِتَابَةِ) أَيْ فِي حَالِ كَوْنِ أَبِيهِ مُكَاتَبًا أَوْ مَعَ عِتْقِهِ (أَوْ بَعْدَ عِتْقِهِ) لَكِنْ (لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) مِنْهُ (تَبِعَهُ رِقًّا وَعِتْقًا) وَلَمْ يَعْتِقْ حَالًا لِضَعْفِ مِلْكِهِ وَمَعَ كَوْنِهِ مِلْكَهُ لَا يَمْلِكُ نَحْوَ بَيْعِهِ لِأَنَّهُ وَلَدُهُ وَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ لِضَعْفِ مِلْكِهِ بَلْ يَتَوَقَّفُ عِتْقُهُ عَلَى عِتْقِهِ وَهَذَا مَعْنَى أَنَّهُ مُكَاتَبٌ عَلَيْهِ (وَلَا تَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهَا عُلِّقَتْ بِمَمْلُوكٍ فَأَشْبَهَتْ الْأَمَةَ الْمَنْكُوحَةَ، وَالثَّانِي تَصِيرُ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ لِلْوَلَدِ حَقُّ الْحُرِّيَّةِ مِنْ سَيِّدِهَا حَيْثُ تَكَاتَبَ عَلَيْهِ وَامْتَنَعَ بَيْعُهُ فَثَبَتَ لَهَا حُرْمَةُ الِاسْتِيلَادِ. وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ حَقَّ الْحُرِّيَّةِ لِلْوَلَدِ لَمْ يَثْبُتْ بِالِاسْتِيلَادِ فِي الْمِلْكِ بَلْ لِمَصِيرِهِ مِلْكًا لِأَبِيهِ كَمَا لَوْ مَلَكَهُ بِهِبَةٍ (وَإِنْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ الْعِتْقِ لِفَوْتِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) أَوْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْعِتْقِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا فِي الْكِتَابِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةِ لَحْظَةٍ وَقَدْ اعْتَبَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ كَمَا سَيُعْلَمُ مِمَّا نُقَرِّرُهُ فِي قَوْلِهِ وَكَانَ يَطَؤُهَا وَحَذَفَهَا مِنْ الرَّوْضَةِ لِلْعِلْمِ بِهَا فَتَغْلِيظُ الْكِتَابِ هُوَ الْغَلَطُ (وَكَانَ يَطَؤُهَا) وَلَوْ مَرَّةً مَعَ الْعِتْقِ أَوْ بَعْدَهُ وَأَمْكَنَ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْ الْوَطْءِ بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْهُ. وَيُعْلَمُ مِمَّا تَقَرَّرَ مِنْ فَرْضِ وِلَادَتِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْإِمْكَانِ الْمَذْكُورِ إنَّمَا هُوَ فِي صُورَةِ الْأَكْثَرِ مِنْ الْوَطْءِ. وَأَمَّا إذَا قَارَنَ الْوَطْءُ الْعِتْقَ فَيَلْزَمُ الْإِمْكَانُ مِنْهُ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ لِسِتَّةٍ بَعْدَ الْعِتْقِ (فَهُوَ حُرٌّ وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ) لِظُهُورِ الْعُلُوقِ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ تَغْلِيبًا لَهَا فَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِهِ قَبْلَهَا فَإِنْ انْتَفَى شَرْطٌ مِمَّا ذُكِرَ بِأَنْ لَمْ يَطَأْ مَعَ الْعِتْقِ وَلَا بَعْدَهُ أَوْ وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَطْءِ لَمْ تَكُنْ أُمَّ وَلَدٍ لِعُلُوقِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَإِنْ قَصَدَ إنْشَاءَ الْعِتْقِ) بَقِيَ مَا لَوْ أَطْلَقَ وَهُوَ مَا زَادَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ كَحَالَةِ الْإِنْشَاءِ لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ أَنَّهُ كَانَ لَوْ قَصَدَ الْإِخْبَارَ اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِوُجُودِ الْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ تَبِعَهُ رِقًّا) التَّعْمِيمُ ظَاهِرٌ حَيْثُ وَلَدَتْهُ قَبْلَ الْعِتْقِ، أَمَّا بَعْدَهُ فَهُوَ عَتِيقٌ بِعِتْقِهَا فَلَيْسَ فِيهِ تَعْمِيمٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQدَائِرٌ مَعَ إرَادَتِهِ وَإِنْ انْتَفَتْ الْقَرَائِنُ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ لَهُ الْمُكَاتَبُ قُلْته إنْشَاءً إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ هَذَا فِي صُورَةِ الِاتِّصَالِ أَوْ صُورَةِ الِانْفِصَالِ (قَوْلُهُ: وَنَظِيرُ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ فِي صُورَةِ الِانْفِصَالِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا بِقَرِينَةٍ [فَصَلِّ وَلَا يَتَزَوَّجُ الْمُكَاتَبُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ] (قَوْلُهُ لِأَنَّ التَّسَرِّيَ يُعْتَبَرُ فِيهِ أَمْرَانِ إلَخْ) أَيْ لَا يُشْتَرَطُ هُنَا. (قَوْلُهُ: فِي بَعْضِ الصُّوَرِ) أَيْ صُورَةِ الْوَطْءِ بَعْدَ الْعِتْقِ لِزِيَادَةِ الْمُدَّةِ حِينَئِذٍ عَلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِلَحْظَةِ الْوَطْءِ بَعْدَ الْعِتْقِ كَمَا قَالَهُ سم (قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ إلَخْ) قَالَ سم: يُتَأَمَّلُ مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ، فَإِنَّهُ قَدْ يُقَالُ: بَلْ يَحْتَاجُ لِذَلِكَ التَّقْيِيدِ فِي صُورَةِ السِّتَّةِ أَيْضًا لِصِدْقِهَا مَعَ الْوَطْءِ مَعَ

[فصل ولو عجل المكاتب النجوم قبل محلها]

بِهِ فِي حَالِ عَدَمِ صِحَّةِ إيلَادِهِ (وَلَوْ) (عَجَّلَ) الْمُكَاتَبُ (النُّجُومَ) قَبْلَ مَحِلِّهَا بِكَسْرِ الْحَاءِ أَيْ وَقْتِ حُلُولِهَا أَوْ بَعْضَهَا قَبْلَ مَحِلِّهِ (لَمْ يُجْبَرْ السَّيِّدُ عَلَى الْقَبُولِ إنْ كَانَ لَهُ فِي الِامْتِنَاعِ) مِنْ قَبْضِهَا (غَرَضٌ) صَحِيحٌ كَنَظِيرِهِ الْمَارِّ فِي السَّلَمِ (كَمُؤْنَةِ حِفْظِهِ) أَيْ مَالِ النُّجُومِ إلَى مَحِلِّهِ أَوْ عَلْفِهِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ. وَمَا قَبْلَهُ يُغْنِي عَنْهُ لِأَنَّهُ مِثَالٌ (أَوْ خَوْفٍ عَلَيْهِ) كَأَنْ كَانَ زَمَنَ خَوْفٍ أَوْ إغَارَةٍ لِمَا فِي إجْبَارِهِ مِنْ الضَّرَرِ حِينَئِذٍ. وَلَوْ كَاتَبَهُ فِي وَقْتِ نَهْبٍ وَنَحْوِهِ وَعَجَّلَ فِيهِ لَمْ يُجْبَرْ أَيْضًا لِأَنَّهُ قَدْ يَزُولُ عِنْدَ الْمَحِلِّ. وَكَذَا لَوْ كَانَ يُؤْكَلُ عِنْدَ الْمَحِلِّ طَرِيًّا. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: أَوْ لِئَلَّا يَتَعَلَّقَ بِهِ زَكَاةٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ فِي الِامْتِنَاعِ (فَيُجْبَرُ) عَلَى الْقَبُولِ لِأَنَّ لِلْمُكَاتَبِ غَرَضًا صَحِيحًا فِيهِ وَهُوَ الْعِتْقُ أَوْ تَقْرِيبُهُ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ عَلَى سَيِّدِهِ. وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَنْ يُقَالَ هُنَا بِنَظِيرِهِ الْمَارِّ مِنْ الْإِجْبَارِ عَلَى الْقَبْضِ أَوْ الْأَبْرَاءِ، وَإِنَّمَا حُذِفَ هُنَا لِلْعِلْمِ بِهِ، وَحِينَئِذٍ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي السَّلَمِ حَيْثُ اُعْتُبِرَ ثَمَّ حُلُولُ الدَّيْنِ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ مَوْضُوعَةٌ عَلَى تَعْجِيلِ الْعِتْقِ مَا أَمْكَنَ فَضُيِّقَ فِيهَا بِطَلَبِ الْإِبْرَاءِ (فَإِنْ أَبَى) قَبْضَهُ لِعَجْزِ الْقَاضِي عَنْ إجْبَارِهِ أَوْ لِكَوْنِهِ لَمْ يَجِدَّ فِيهِ (قَبَضَهُ الْقَاضِي) عَنْهُ وَعَتَقَ الْمُكَاتَبُ إنْ حَصَلَ بِالْمُؤَدَّى شَرْطُ الْعِتْقِ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْمُمْتَنِعِ كَمَا لَوْ غَابَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقْبِضْ دَيْنَ الْغَائِبِ فِي غَيْرِ هَذَا لِأَنَّ الْغَرَضَ هُنَا الْعِتْقُ وَهُوَ حَاصِلٌ بِذَلِكَ، وَثَمَّ سُقُوطُ الدَّيْنِ عَنْهُ وَبَقَاؤُهُ فِي ذِمَّةِ الْمَدْيُونِ أَصْلَحُ لِلْغَائِبِ مِنْ قَبْضِ الْقَاضِي لَهُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ أَمَانَةً بِيَدِهِ، وَلَوْ أَحْضَرَهُ لَهُ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْعَقْدِ وَلِنَقْلِهِ مُؤْنَةً أَوْ كَانَ ثَمَّ خَوْفٌ لَمْ يُجْبَرْ وَإِلَّا أُجْبِرَ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَلَوْ) (عَجَّلَ بَعْضَهَا) أَيْ النُّجُومِ (قَبْلَ الْمَحِلِّ لِيُبْرِئَهُ مِنْ الْبَاقِي) أَيْ بِشَرْطِ ذَلِكَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَوَافَقَهُ الْآخَرُ (فَأَبْرَأَهُ) مَعَ الْأَخْذِ (لَمْ يَصِحَّ الدَّفْعُ وَلَا الْإِبْرَاءُ) لِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلِأَنَّهُ يُشْبِهُ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ أَحَدُهُمْ إذَا حَلَّ الدُّيُونُ يَقُولُ لِغَرِيمِهِ اقْضِهِ أَوْ زِدْ، فَإِنْ لَمْ يَقْضِهِ زَادَ فِي الدَّيْنِ وَالْأَجَلِ وَيَلْزَمُ السَّيِّدَ رَدُّ مَا أَخَذَهُ وَلَا عِتْقَ. نَعَمْ لَوْ أَبْرَأَهُ عَالِمًا بِفَسَادِ الدَّفْعِ صَحَّ وَعَتَقَ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي كُلِّ دَيْنٍ عُجِّلَ بِهَذَا الشَّرْطِ، وَلَوْ أَوْصَى لِآخَرَ بِنُجُومِ الْكِتَابَةِ فَعَجَزَ الْمُكَاتَبُ فَعَجَّزَهُ الْمُوصَى لَهُ لَمْ يَنْفُذْ كَانَ رَدًّا لِلْوَصِيَّةِ كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ مَا يُؤَدِّيهِ بَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ لِلْوَرَثَةِ (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ النُّجُومِ) لِأَنَّهُ بَيْعُ مَا لَمْ يُقْبَضْ وَمَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَسْلِيمِهِ إذْ الْعَبْدُ يَسْتَقِلُّ بِإِسْقَاطِهِ (وَلَا الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا) مِنْ الْمُكَاتَبِ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهَا، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ اعْتَمَدَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ مَا جَرَيَا عَلَيْهِ فِي الشُّفْعَةِ مِنْ صِحَّتِهِ لِلُزُومِهَا مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ مَعَ تَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ (فَلَوْ) (بَاعَ) هَا السَّيِّدُ لِآخَرَ (وَأَدَّا) هَا الْمُكَاتَبُ (إلَى الْمُشْتَرِي) (لَمْ يَعْتِقْ فِي الْأَظْهَرِ) وَإِنْ تَضَمَّنَ الْبَيْعُ الْإِذْنَ فِي قَبْضِهَا، لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَقْبِضُ لِنَفْسِهِ بِحُكْمِ الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ فَلَمْ يَصِحَّ قَبْضُهُ فَلَا عِتْقَ، وَالثَّانِي يَعْتِقُ لِأَنَّ السَّيِّدَ سَلَّطَهُ عَلَى الْقَبْضِ فَأَشْبَهَ الْوَكِيلَ، فَإِنْ أَدَّى إلَى السَّيِّدِ عَتَقَ لَا مَحَالَةَ (وَيُطَالِبُ السَّيِّدُ الْمُكَاتَبَ) بِهَا (وَ) يُطَالِبُ (الْمُكَاتَبُ الْمُشْتَرِيَ بِمَا أَخَذَهُ مِنْهُ) لِمَا مَرَّ مِنْ فَسَادِ قَبْضِهِ، وَفَارَقَ الْمُشْتَرِي الْوَكِيلَ بِأَنَّهُ يَقْبِضُ لِنَفْسِهِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عَلِمَا فَسَادَ الْبَيْعِ وَأَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي قَبْضِهَا كَانَ كَالْوَكِيلِ فَيَعْتِقُ بِقَبْضِهِ (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ رَقَبَتِهِ فِي الْجَدِيدِ) حَيْثُ كَانَتْ الْكِتَابَةُ صَحِيحَةً وَلَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ كَمَا لَا تُبَاعُ أُمُّ الْوَلَدِ، وَفَارَقَ الْمُعَلَّقَ عِتْقُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: وَمَا قَبْلَهُ) هُوَ قَوْلُهُ كَوْنُهُ حَفِظَهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْعِتْقُ) أَيْ إذَا أَدَّى الْجَمِيعَ (قَوْلُهُ أَوْ تَقْرِيبُهُ) أَيْ إذَا أَدَّى بَعْضَهُ (قَوْلُهُ: وَعَتَقَ الْمُكَاتَبُ إنْ حَصَلَ) قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ وَعَتَقَ لَا فِي قَبْضِ الْقَاضِي لِأَنَّ مَا أَحْضَرَهُ الْمُكَاتَبُ يَقْبِضُهُ الْقَاضِي وَإِنْ كَانَ بَعْضَ النُّجُومِ (قَوْلُهُ: وَلِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ) أَيْ لَهَا وَقْعٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يَنْفُذْ) أَيْ تَعْجِيلُ الْمُوصِي (قَوْلُهُ فَلَوْ بَاعَهَا) عَلَى خِلَافِ مَنْعِنَا مِنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعِتْقِ وَمَعَ الْوَطْءِ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَلَا يُمْكِنُ حِينَئِذٍ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْ الْوَطْءِ، فَفَائِدَةُ ذَلِكَ التَّقْيِيدِ فِي صُورَةِ السِّتَّةِ الِاحْتِرَازُ عَنْ هَذِهِ الْحَالَةِ اهـ. [فَصَلِّ وَلَوْ عَجَّلَ الْمُكَاتَبُ النُّجُومَ قَبْلَ مَحِلِّهَا] (قَوْلُهُ: يُغْنِي عَنْهُ) أَيْ لِأَنَّ حِفْظَهُ شَامِلٌ لِحِفْظِ رُوحِهِ، وَلَعَلَّ هَذَا أَوْلَى مِمَّا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: أَوْ لِكَوْنِهِ لَمْ يَجِدْهُ) إنْ كَانَ الْمَعْنَى أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَمْ يَجِدْ الْقَاضِيَ لَمْ يَتَأَتَّ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قَبَضَهُ الْقَاضِي

[فصل في بيان لزوم الكتابة من جانب وجوازها من آخر وما يترتب عليها]

بِصِفَةٍ بِأَنَّ ذَاكَ يُشْبِهُ الْوَصِيَّةَ فَجَازَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ، بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ، وَأَمَّا شِرَاءُ عَائِشَةَ لِبَرِيرَةَ مَعَ كِتَابَتِهَا فَقَدْ كَانَ بِإِذْنِهَا وَرِضَاهَا فَيَكُونُ فَسْخًا مِنْهَا وَيُرْشِدُ لَهُ أَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعِتْقِهَا، وَلَوْ بَقِيَتْ الْكِتَابَةُ لَعَتَقَتْ بِهَا، وَالْقَدِيمُ نَعَمْ، وَعَلَيْهِ لَا تَنْفَسِخُ الْكِتَابَةُ بِالْبَيْعِ بَلْ تَنْتَقِلُ إلَى الْمُشْتَرِي مُكَاتَبًا. وَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ جَوَازُ بَيْعِهِ مِنْ نَفْسِهِ كَأُمِّ الْوَلَدِ وَكَبَيْعِهِ مِنْ غَيْرِهِ بِرِضَاهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ فَسْخًا لِلْكِتَابَةِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ لَا بَيْعِهِ بِشَرْطِ عِتْقِهِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ بَيْعًا ضِمْنِيًّا خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ هُنَا (فَلَوْ) (بَاعَهُ) السَّيِّدُ (فَأَدَّى) النُّجُومَ (إلَى الْمُشْتَرِي) (فَفِي عِتْقِهِ الْقَوْلَانِ) السَّابِقَانِ فِي بَيْعِ نُجُومِهِ أَظْهَرُهُمَا الْمَنْعُ (وَهِبَتُهُ) وَغَيْرُهَا (كَبَيْعِهِ) فَتَبْطُلُ أَيْضًا، وَكَذَا تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ بِهِ إنْ كَانَتْ مُنَجَّزَةً. بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلَّقَهَا بِعَدَمِ عِتْقِهِ (وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُ مَا فِي يَدِ الْمُكَاتَبِ وَإِعْتَاقُ عَبْدِهِ) أَيْ عَبْدِ الْمُكَاتَبِ (وَتَزَوُّجُ أَمَتِهِ) وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ لِأَنَّهُ مَعَهُ فِي الْمُعَامَلَاتِ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَنَبَّهَ بِذِكْرِ التَّزْوِيجِ هُنَا عَلَى مَنْعِ مَا سِوَاهُ بِالْأَوْلَى فَلَا تَكْرَارَ فِيهِ مَعَ ذِكْرِهِ ذَلِكَ فِي النِّكَاحِ لِغَرَضٍ آخَرَ (وَلَوْ) (قَالَ لَهُ رَجُلٌ أَعْتِقْ مُكَاتَبَك) عَنْك (عَلَى كَذَا) سَوَاءٌ أَقَالَ عَلَيَّ أَمْ لَا خِلَافًا لِمَنْ قَيَّدَ بِالْأَوَّلِ (فَفَعَلَ عَتَقَ وَلَزِمَهُ مَا الْتَزَمَ) كَمَا لَوْ قَالَ ذَلِكَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ فِدَاءِ الْأَسِيرِ، أَمَّا لَوْ قَالَ أَعْتِقْهُ عَنِّي عَلَى كَذَا فَلَا يَعْتِقُ عَنْ السَّائِلِ بَلْ عَنْ الْمُعْتِقِ وَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ، وَلَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ عَلَى صِفَةٍ ثُمَّ وُجِدَتْ عَتَقَ كَمَا مَرَّ وَبَرِئَ عَنْ النُّجُومِ فَيَتْبَعُهُ كَسْبُهُ. (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ لُزُومِ الْكِتَابَةِ مِنْ جَانِبٍ وَجَوَازِهَا مِنْ آخَرَ، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا، وَمَا يَطْرَأُ عَلَيْهَا مِنْ فَسْخٍ أَوْ انْفِسَاخٍ وَجِنَايَةٍ أَوْ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ، وَمَا يَصِحُّ مِنْ الْمُكَاتَبِ وَمَا لَا يَصِحُّ (الْكِتَابَةُ) الصَّحِيحَةُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي (لَازِمَةٌ مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ) لِأَنَّهَا عُقِدَتْ لَا لِحَظِّ السَّيِّدِ فَكَانَ فِيهَا كَالرَّاهِنِ لِأَنَّهَا حَقٌّ عَلَيْهِ وَعُلِمَ لُزُومُهَا مِنْ جِهَتِهِ أَنَّهُ (لَيْسَ لَهُ فَسْخُهَا) لَكِنْ صَرَّحَ بِهِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (إلَّا أَنْ يَعْجَزَ عَنْ الْأَدَاءِ) عِنْدَ الْمَحِلِّ وَلَوْ عَنْ بَعْضِ النَّجْمِ فَلَهُ فَسْخُهَا. وَلَا يَتَوَقَّفُ فَسْخُهُ عَلَى حَاكِمٍ وَلَا تَنْفَسِخُ بِمُجَرَّدِ عَجْزِهِ مِنْ غَيْرِ فَسْخٍ، نَعَمْ لَوْ عَجَزَ عَمَّا يَجِبُ حَطُّهُ عَنْهُ امْتَنَعَ فَسْخُهُ، وَحِينَئِذٍ فَيَرْفَعُ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ لِيُلْزِمَ السَّيِّدَ بِالْإِيتَاءِ وَالْمُكَاتَبَ بِالْأَدَاءِ، أَوْ يَحْكُمَ بِالتَّقَاصِّ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً، وَإِنَّمَا لَمْ يَحْصُلْ التَّقَاصُّ بِنَفْسِهِ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ الْآتِي ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَعْتِقْ مُكَاتَبَك عَنْك) وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ حَجّ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: عَتَقَ) أَيْ مِنْ الْآنَ وَفَازَ السَّيِّدُ بِمَا قَبَضَهُ مِنْ الْمُكَاتَبِ مِنْ النُّجُومِ (قَوْلُهُ بَلْ عَنْ الْمُعْتِقِ) أَيْ لِأَنَّ فِي عِتْقِهِ عَنْ السَّائِلِ تَمْلِيكًا لَهُ وَهُوَ بَاطِلٌ فَأُلْغِيَ تَقْيِيدُ الْإِعْتَاقِ بِكَوْنِهِ عَنْ السَّائِلِ وَبَقِيَ أَصْلُهُ. (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ لُزُومِ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا حَقٌّ عَلَيْهِ) أَيْ مَطْلُوبَةٌ مِنْهُ حَيْثُ تَوَفَّرَتْ الشُّرُوطُ، فَإِذَا كَاتَبَ الْعَبْدَ فَقَدْ فَعَلَ مَا طُلِبَ مِنْهُ وَصَارَ الْحَقُّ فِي إبْقَائِهِ وَعَدَمِهِ لِلْمُكَاتَبِ (قَوْلُهُ: امْتَنَعَ فَسْخُهُ) أَيْ فَلَوْ اخْتَلَفَا صُدِّقَ السَّيِّدُ وَجَازَ لَهُ الْفَسْخُ حَيْثُ ادَّعَى أَنَّ الْبَاقِيَ أَكْثَرُ مِمَّا يَجِبُ فِي الْإِيتَاءِ وَحَلَفَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ الْآتِي) مِنْ اتِّفَاقِ الدَّيْنَيْنِ فِي الْجِنْسِ وَالْحُلُولِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى أَنَّ الْمُكَاتَبَ أَوْ الْقَاضِيَ لَمْ يَجِدْ السَّيِّدَ لَمْ يَتَأَتَّ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ أَبَى وَلَعَلَّ الْمُرَادَ الثَّانِي وَكَانَ قَدْ هَرَبَ مَثَلًا بَعْدَ الْإِبَاءِ، وَقَوْلُهُ فِيهِ لَيْسَ فِي التُّحْفَةِ وَالْأَوْلَى حَذْفُهُ (قَوْلُهُ: بَلْ عَنْ الْمُعْتِقِ) أَيْ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا. [فَصْلٌ فِي بَيَانِ لُزُومِ الْكِتَابَةِ مِنْ جَانِبٍ وَجَوَازِهَا مِنْ آخَرَ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا] (فَصْلٌ) فِي لُزُومِ الْكِتَابَةِ مِنْ جَانِبٍ وَجَوَازِهَا مِنْ آخَرَ (قَوْلُهُ: أَوْ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ) لَمْ يَتَقَدَّمْ لِلضَّمِيرِ مَرْجِعٌ (قَوْلُهُ: الصَّحِيحَةُ) لَعَلَّهُ قَيَّدَ بِهِ لِأَجْلِ طَرَفِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: وَالْمُكَاتَبُ بِالْأَدَاءِ) أَيْ بِأَدَاءِ مَا أُوتِيَهُ وَانْظُرْ هَلْ لَهُ إلْزَامٌ بِالْحَطِّ (قَوْلُهُ: إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً) أَيْ مَعَ انْتِفَاءِ شَرْطِهِ لِلْمَصْلَحَةِ الَّتِي أَشَارَ

وَسَيَأْتِي أَنَّ لَهُ فَسْخَهَا أَيْضًا إذَا غَابَ وَكَذَا لَوْ امْتَنَعَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْأَدَاءِ (وَجَائِزَةٌ لِلْمَكَاتِبِ فَلَهُ تَرْكُ الْأَدَاءِ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ وَفَاءٌ) لِأَنَّ الْحَظَّ فِيهَا لَهُ فَأَشْبَهَ الْمُرْتَهِنَ (فَإِذَا عَجَّزَ نَفْسَهُ) بِقَوْلِهِ أَنَا عَاجِزٌ عَنْ كِتَابَتِي مَعَ تَرْكِهِ الْأَدَاءَ وَلَوْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَهَذَا تَصْوِيرٌ، وَالْمَدَارُ إنَّمَا هُوَ عَلَى الِامْتِنَاعِ فَمَتَى امْتَنَعَ مِنْ الْأَدَاءِ عِنْدَ الْمَحِلِّ (فَلِلسَّيِّدِ الصَّبْرُ وَالْفَسْخُ بِنَفْسِهِ) فَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ لَا اجْتِهَادَ فِيهِ فَلَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ الْحَاكِمُ (وَإِنْ شَاءَ بِالْحَاكِمِ) إنْ ثَبَتَتْ الْكِتَابَةُ عِنْدَهُ وَحُلُولُ النَّجْمِ وَالْعَجْزُ بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ (وَلِلْمُكَاتَبِ) وَإِنْ لَمْ يُعَجِّزْ نَفْسَهُ (الْفَسْخُ) لَهَا (فِي الْأَصَحِّ) كَمَا يَفْسَخُ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ. فَإِذَا عَادَ لِلرِّقِّ فَأَكْسَابُهُ جَمِيعُهَا لِسَيِّدِهِ إلَّا اللُّقَطَةَ عَلَى مَا مَرَّ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ إذْ لَا ضَرَرَ فِي بَقَائِهَا (وَلَوْ) (اسْتَمْهَلَ الْمُكَاتَبَ) السَّيِّدُ (عِنْدَ حُلُولِ النَّجْمِ) لِعَجْزِهِ عَنْ الْأَدَاءِ حِينَئِذٍ (اُسْتُحِبَّ) لَهُ اسْتِحْبَابًا مُؤَكَّدًا (إمْهَالُهُ) إعَانَةً لَهُ عَلَى الْعِتْقِ، نَعَمْ يَلْزَمُهُ الْإِمْهَالُ بِقَدْرِ مَا يُخْرِجُ الْمَالَ مِنْ مَحِلِّهِ وَيَزِنُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَيَتَّجِهُ لُزُومُهُ مَا ذُكِرَ لِمَا يَحْتَاجُ لَهُ مِنْ أَكْلٍ وَقَضَاءِ حَاجَةٍ، وَأَنَّهُ لَا يُتَوَسَّعُ فِي الْأَعْذَارِ هُنَا تَوَسُّعَهَا فِي الشُّفْعَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ لِأَنَّ الْحَقَّ وَاجِبٌ بِالطَّلَبِ فَلَمْ يَجُزْ تَأْخِيرُهُ إلَّا لِلْأَمْرِ الضَّرُورِيِّ لَوْ نَحْوَهُ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْأَقْرَبُ أَنَّ الْمَدِينَ فِي الدَّيْنِ الْحَالِّ بَعْدَ مُطَالَبَةِ الدَّائِنِ لَهُ كَالْمُكَاتَبِ فِيمَا تَقَرَّرَ لِلُّزُومِ الْأَدَاءِ لَهُ فَوْرًا بَعْدَ الطَّلَبِ (فَإِنْ أَمْهَلَ) السَّيِّدُ (ثُمَّ أَرَادَ الْفَسْخَ فَلَهُ) لِأَنَّ الْحَالَّ لَا يَتَأَجَّلُ (وَإِنْ كَانَ مَعَهُ عُرُوضٌ أَمْهَلَهُ) وُجُوبًا (لِيَبِيعَهَا) لِأَنَّهَا مُدَّةٌ قَرِيبَةٌ (فَإِنْ عَرَضَ كَسَادٌ) أَوْ غَيْرُهُ (فَلَهُ أَنْ لَا يَزِيدَ فِي الْمُهْلَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) لِتَضَرُّرِهِ وَأَلْزَمْنَاهُ الْإِمْهَالَ بِأَكْثَرَ مِنْهَا وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ. وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا إمْهَالَ دُونَ يَوْمَيْنِ فَقَطْ كَمَا لَوْ غَابَ مَالُهُ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ مَانِعَ الْبَيْعِ لَا ضَابِطَ لَهُ فَقَدْ يَزِيدُ ثَمَنُهُ وَقَدْ يَنْقُصُ فَأُنِيطَ الْأَمْرُ فِيهِ بِمَا يَطُولُ عُرْفًا وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ. وَأَمَّا الْغَائِبُ فَالْمَدَارُ فِيهِ عَلَى مَا يَجْعَلُهُ كَالْحَاضِرِ أَوْ لَا. وَقَدْ تَقَرَّرَ فِيمَا مَرَّ أَنَّ مَا دُونَ الْمَرْحَلَتَيْنِ كَالْحَاضِرِ بِخِلَافِ مَا فَوْقَ ذَلِكَ (وَإِنْ كَانَ مَالُهُ غَائِبًا أَمْهَلَهُ) وُجُوبًا (إلَى الْإِحْضَارِ إنْ كَانَ دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ) لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَاضِرِ (وَإِلَّا) بِأَنْ غَابَ لِمَرْحَلَتَيْنِ فَأَكْثَرَ (فَلَا) يَلْزَمُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالِاسْتِقْرَارِ، وَلَعَلَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْقِيمَةَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ النُّجُومِ وَإِلَّا فَمَا الْمَانِعُ مِنْ التَّقَاصِّ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ مَا يَجِبُ حَطُّهُ فِي الْإِيتَاءِ لَيْسَ دَيْنًا عَلَى السَّيِّدِ وَإِنْ وَجَبَتْ دَفَعَهُ رِفْقًا بِالْعَبْدِ، وَمِنْ ثَمَّ جَازَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَدْفَعَ مِنْ غَيْرِ النُّجُومِ (قَوْلُهُ: إلَّا اللُّقَطَةُ) أَيْ فَالْأَمْرُ فِيهَا لِلْقَاضِي (قَوْلُهُ: بِقَدْرِ مَا يُخْرِجُ الْمَالَ) أَيْ وَيُعْذَرُ لِمَانِعٍ يَطْرَأُ كَضَيَاعِ الْمِفْتَاحِ أَوْ نَحْوِهِ فَيُمْهَلُ لِذَلِكَ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ غَابَ مَالُهُ دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ أُمْهِلَ (قَوْلُهُ: وَيَتَّجِهُ لُزُومُهُ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الْإِمْهَالِ (قَوْلُهُ: أَمْهَلَهُ وُجُوبًا) أَيْ فَلَوْ تَبَرَّعَ عَنْهُ أَجْنَبِيٌّ بِالْمَالِ لَيْسَ لِلْقَاضِي قَبُولُهُ لِجَوَازِ أَنْ لَا يَرْضَى الْمُكَاتَبُ بِتَحَمُّلِ مِنَّتِهِ (قَوْلُهُ: لِتَضَرُّرِهِ) أَيْ بِمَنْعِهِ مِنْ الْوُصُولِ إلَى حَقِّهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الرَّوْضَةِ) أَيْ أَوَّلًا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ مَانِعَ الْبَيْعِ لَا ضَابِطَ لَهُ) فَلَا يُنَافِي مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ الْمَحَلِّيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَاضِرِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ عَرَضَ لَهُ مَا يَقْتَضِي الزِّيَادَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ حَيْثُ كَانَتْ الزِّيَادَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَيْهَا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِأَصْلِ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: لُزُومُهُ مَا ذُكِرَ) أَيْ لُزُومُ السَّيِّدِ الْإِمْهَالَ (قَوْلُهُ: وَمَنْ فَهِمَ رُجُوعَ الضَّمِيرِ) أَيْ ضَمِيرِ أَرَادَ وَعِبَارَةُ الْقُوتِ، وَفَهِمَ شَارِحٌ عَنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُرِيدَ لِلْفَسْخِ الْعَبْدُ وَلَيْسَ بِصَوَابٍ وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ صَحِيحًا إذَا قُلْنَا لِلْعَبْدِ الْفَسْخُ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الْمُصَنِّفَ ثُمَّ أَرَادَ السَّيِّدُ الْفَسْخَ كَمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَمَا فِي الْمُحَرَّرِ مُلَخَّصٌ مِنْ التَّهْذِيبِ وَكَلَامُهُ نَصٌّ فِي ذَلِكَ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مُدَّةٌ قَرِيبَةٌ) أَيْ مُدَّةُ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الرَّوْضَةِ) هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا أَفْهَمَهُ الْمَتْنُ مِنْ لُزُومِ إمْهَالِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ

إمْهَالٌ لِطُولِ الْمُدَّةِ وَلِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ (وَلَوْ) (حَلَّ النَّجْمُ) ثُمَّ غَابَ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ أَوْ حَلَّ (وَهُوَ) أَيْ الْمُكَاتَبُ (غَائِبٌ) إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ بِخِلَافِ غَيْبَتِهِ فِيمَا دُونَهَا كَمَا اعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ قِيَاسًا عَلَى غَيْبَةِ مَالِهِ، وَبَحَثَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّ غَيْبَتَهُ فِي مَسَافَةِ الْعَدْوَى كَمَسَافَةِ الْقَصْرِ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْحُضُورِ لِنَحْوِ مَرَضٍ أَوْ خَوْفٍ (فَلِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ) مِنْ غَيْرِ حَاكِمٍ لِتَعَذُّرِ الْوُصُولِ إلَى الْغَرَضِ وَكَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَحْضُرَ أَوْ يَبْعَثَ الْمَالَ، وَقَيَّدَهُ الْبُلْقِينِيُّ نَقْلًا عَنْ جَمْعٍ وَنَصُّ الْأُمِّ بِمَا إذَا لَمْ يُنْظِرْهُ قَبْلَ الْحُلُولِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَا أَذِنَ لَهُ فِي السَّفَرِ كَذَلِكَ وَإِلَّا امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْفَسْخُ، وَلَيْسَ لَنَا إنْظَارٌ لَازِمٌ إلَّا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (فَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي الْأَدَاءُ مِنْهُ) بَلْ يُمَكِّنُ السَّيِّدَ مِنْ الْفَسْخِ حَالًا لِأَنَّهُ رُبَّمَا لَوْ حَضَرَ امْتَنَعَ مِنْ الْأَدَاءِ أَوْ عَجَزَ عَنْهُ (وَلَا تَنْفَسِخُ) الْكِتَابَةُ وَلَوْ فَاسِدَةً (بِجُنُونِ) أَوْ إغْمَاءِ (الْمُكَاتَبِ) وَلَا بِالْحَجْرِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ لِلُزُومِهَا مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ كَالرَّهْنِ، وَإِنَّمَا يَنْفَسِخُ بِذَلِكَ الْعُقُودُ الْجَائِزَةُ مِنْهَا، ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ جَازَ لِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ فَيَعُودُ قِنًّا وَتَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ. فَإِنْ تَبَيَّنَ لَهُ مَالٌ نُقِضَ فَسْخُهُ وَعَتَقَ وَاعْتَبَرَ الْإِمَامُ كَوْنَهُ فِي يَدِ السَّيِّدِ وَإِلَّا مَضَى الْفَسْخُ كَمَا لَوْ غَابَ مَالُهُ وَاسْتَحْسَنَّاهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ أَتَى الْحَاكِمُ وَأَثْبَتَ عِنْدَهُ الْكِتَابَةَ وَحُلُولَ النَّجْمِ وَطَلَبَ حَقَّهُ وَحَلَفَ يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ عَلَى بَقَاءِ اسْتِحْقَاقِهِ (وَيُؤَدِّي) إلَيْهِ حِينَئِذٍ (الْقَاضِي) مِنْ مَالِهِ (إنْ وَجَدَ لَهُ مَالًا) وَلَمْ يَسْتَقِلَّ السَّيِّدُ بِالْأَخْذِ وَلَوْ مِنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَكَانَتْ الْمَصْلَحَةُ ظَاهِرَةً فِي عِتْقِهِ بِأَنْ لَمْ يَضِعْ بِهِ لِأَنَّهُ يَنُوبُ عَنْهُ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ، بِخِلَافِ غَائِبٍ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ. أَمَّا إذَا لَمْ تَظْهَرْ الْمَصْلَحَةُ لَهُ فِي ذَلِكَ امْتَنَعَ عَلَى الْحَاكِمِ الْأَدَاءُ مِنْهُ، وَعَلَى السَّيِّدِ الِاسْتِقْلَالُ بِالْأَخْذِ (وَلَا) تَنْفَسِخُ (بِجُنُونِ) أَوْ إغْمَاءٍ (السَّيِّدِ) وَلَا بِمَوْتِهِ أَوْ الْحَجْرِ عَلَيْهِ لِلُزُومِهَا مِنْ جِهَتِهِ (وَيَدْفَعُ) ـــــــــــــــــــــــــــــSيَسِيرَةً عُرْفًا بِحَيْثُ يَقَعُ مِثْلُهَا كَثِيرًا لِلْمُسَافِرِ فِي تِلْكَ الْجِهَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ غَابَ بِغَيْرِ إذْنٍ) أَيْ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ وَأَنْظَرَهُ إلَى حُضُورِهِ فَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ اهـ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ الْآتِي وَقَيَّدَهُ إلَخْ. فَلَوْ جَعَلَهُ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ بِغَيْرِ إذْنٍ كَانَ أَوْضَحُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ غَيْبَتِهِ فِيمَا دُونَهَا) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ وَبَحْثُ ابْنِ الرِّفْعَةِ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: فَلِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ) وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الْفَسْخَ بَعْدَ حُضُورِ الْعَبْدِ وَإِرَادَةِ دَفْعِهِ الْمَالَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَمَا لَوْ ادَّعَى أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ بَعْدَ لُزُومِ الْبَيْعِ الْفَسْخَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ حَيْثُ صُدِّقَ النَّافِي لِلْفَسْخِ (قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ قَيَّدَ جَوَازَ فَسْخِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَلَا إذْنَ لَهُ فِي السَّفَرِ كَذَلِكَ) أَيْ قَبْلَ الْحُلُولِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا امْتَنَعَ عَلَيْهِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَا بِالْحَجْرِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ) أَيْ أَوْ فَلَسٍ أَيْضًا، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى السَّفَهِ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْفَاسِدَةَ تَنْفَسِخُ بِحَجْرِ السَّفَهِ عَلَى السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَبَيَّنَ لَهُ مَالٌ نُقِضَ) أَيْ حُكِمَ بِانْتِقَاضِهِ لِعَدَمِ وُجُودِ مُقْتَضِيهِ بَاطِنًا وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نَقْضِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: وَعَتَقَ) وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ أَعْتَقَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَبِيدًا لَمْ يَخْرُجُوا مِنْ الثُّلُثِ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ مَالٌ مِنْ أَنَّ الْوَارِثَ لَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِمْ أَنَّ السَّيِّدَ هُنَا لَا يَرْجِعُ بِهَا أَنْفَقَهُ (قَوْلُهُ: وَاعْتَبَرَ الْإِمَامُ كَوْنَهُ) أَيْ الْمَالِ، وَقَوْلُهُ فِي يَدِ السَّيِّدِ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: أَتَى الْحَاكِمَ) أَيْ أَتَى السَّيِّدُ الْحَاكِمَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَسْتَقِلَّ) أَيْ وَالْحَالُ (قَوْلُهُ: وَعَلَى السَّيِّدِ) أَيْ وَامْتَنَعَ عَلَى إلَخْ (قَوْلُهُ: الِاسْتِقْلَالُ بِالْأَخْذِ) أَيْ حَتَّى لَوْ أَخَذَ لَمْ يَعْتِقْ بِذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْحُضُورِ لِنَحْوِ مَرَضٍ أَوْ خَوْفٍ) هُوَ غَايَةٌ فِي أَصْلِ الْفَسْخِ الْآتِي، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ حَذْفَ الْوَاوِ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ فَهُوَ قَيْدٌ لِمَا قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: جَازَ لِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ) أَيْ بَعْدَ الْحُلُولِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) هَذَا ذَكَرَهُ فِي التُّحْفَةِ بَيْنَ الْوَاوِ وَبَيْنَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يُؤَدِّي وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَسْتَقِلَّ السَّيِّدُ بِالْأَخْذِ) قَيْدٌ فِي الْمَتْنِ: أَيْ أَمَّا إذَا اسْتَقَلَّ بِالْأَخْذِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ لِحُصُولِ الْقَبْضِ الْمُسْتَحَقِّ خِلَافًا لِلْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِالْمَصْلَحَةِ أَيْضًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَكَانَتْ الْمَصْلَحَةُ ظَاهِرَةً) هُوَ قَيْدٌ ثَانٍ فِي الْمَتْنِ وَانْظُرْ مَعْنَى قَوْلِهِ وَلَوْ مِنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى السَّيِّدِ الِاسْتِقْلَالُ)

وُجُوبًا الْمُكَاتَبُ النُّجُومَ (إلَى وَلِيِّهِ) إذَا جُنَّ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ أَوْ وَارِثِهِ إذَا مَاتَ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ (وَلَا يَعْتِقُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ) أَيْ الْمَجْنُونِ لِانْتِفَاءِ أَهْلِيَّتِهِ فَيَسْتَرِدُّهُ الْمُكَاتَبُ لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ، نَعَمْ لَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ لِتَقْصِيرِهِ بِالتَّسْلِيمِ لَهُ بَلْ لِلْوَلِيِّ تَعْجِيزُهُ إذَا لَمْ يَبْقَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ (وَلَوْ) (قَتَلَ) الْمُكَاتَبُ (سَيِّدَهُ) عَمْدًا (فَلِوَارِثِهِ قِصَاصٌ، فَإِنْ عَفَى عَلَى دِيَةٍ أَوْ قَتْلِ خَطَأٍ أَخَذَهَا) أَيْ الدِّيَةَ (مِمَّا مَعَهُ) وَمِمَّا سَيَكْسِبُهُ إنْ لَمْ يَخْتَرْ تَعْجِيزَهُ لِأَنَّ السَّيِّدَ مَعَ الْمُكَاتَبِ فِي الْمُعَامَلَاتِ كَالْأَجْنَبِيِّ فَكَذَا فِي الْجِنَايَةِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ وُجُوبُ الدِّيَةِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا رَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَحَكَاهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وُجُوبَ الْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ كَالْجِنَايَةِ عَلَى أَجْنَبِيٍّ، وَيَأْتِي الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْأَوَّلِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) فِي يَدِهِ مَالٌ أَوْ كَانَ وَلَمْ يَفِ بِالْأَرْشِ (فَلَهُ) أَيْ الْوَارِثِ (تَعْجِيزُهُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ يَسْتَفِيدُ بِهِ رَدَّهُ إلَى مَحْضِ الرِّقِّ، وَإِذَا رَقَّ سَقَطَ الْأَرْشُ فَلَا يُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ كَمَنْ مَلَكَ عَبْدًا لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَالثَّانِي لَا لِمَا مَرَّ (أَوْ) (قَطَعَ) الْمُكَاتَبُ (طَرَفَهُ) أَيْ السَّيِّدِ (فَاقْتِصَاصُهُ وَالدِّيَةُ كَمَا سَبَقَ) فِي قَتْلِهِ لِسَيِّدِهِ وَقَدْ مَرَّ مَا فِيهِ. (وَلَوْ) (قَتَلَ) الْمُكَاتَبُ (أَجْنَبِيًّا أَوْ قَطَعَهُ) عَمْدًا وَجَبَ الْقِصَاصُ فَإِنْ اخْتَارَ الْعَفْوَ (فَعَفَا عَلَى مَالٍ أَوْ كَانَ) مَا فَعَلَهُ (خَطَأً) أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ (وَأَخَذَ مِمَّا مَعَهُ وَمِمَّا سَيَكْسِبُهُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْأَرْشِ) لِأَنَّهُ مَنَعَ نَفْسَهُ بِالْكِتَابَةِ مِنْ الْبَيْعِ فَلَزِمَهُ الْأَقَلُّ كَالسَّيِّدِ فِي أُمِّ الْوَلَدِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَجِنَايَتِهِ عَلَى سَيِّدِهِ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ أَنَّ حَقَّ السَّيِّدِ مُتَعَلِّقٌ بِذِمَّتِهِ دُونَ رَقَبَتِهِ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ فَلَزِمَهُ جَمِيعُ الْأَرْشِ مِمَّا فِي يَدِهِ كَدَيْنِ الْمُعَامَلَةِ، بِخِلَافِ جِنَايَتِهِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّ حَقَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالرَّقَبَةِ فَقَطْ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَيْءٌ) قُدِّرَ الْوَاجِبُ (وَسَأَلَ الْمُسْتَحِقُّ) وَهُوَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَوْ وَارِثُهُ (تَعْجِيزَهُ عَجَّزَهُ الْقَاضِي) أَوْ السَّيِّدُ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي، وَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ التَّنْبِيهِ وَمِنْ أَنَّ بَيْعَ الْمَرْهُونِ فِي الْجِنَايَةِ لَا يَحْتَاجُ إلَى فَكِّ الرَّهْنِ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ هُنَا لِتَعْجِيزٍ بَلْ يَتَبَيَّنُ بِالْبَيْعِ انْفِسَاخُ الْكِتَابَةِ يُرَدُّ بِأَنَّ الْأَوْجَهَ الْأَخْذُ بِإِطْلَاقِهِمْ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ قَضِيَّةَ الِاحْتِيَاطِ لِلْعِتْقِ التَّوَقُّفُ عَلَى التَّعْجِيزِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّهْنِ وَإِنَّمَا يُعَجِّزُهُ فِيمَا يَحْتَاجُ لِبَيْعِهِ فِي الْأَرْشِ فَقَطْ إلَّا أَنْ يَتَأَتَّى بَيْعُ بَعْضِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (وَبِيعَ) مِنْهُ (بِقَدْرِ الْأَرْشِ) فَقَطْ إنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ (فَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ بَقِيَتْ فِيهِ الْكِتَابَةُ) فَإِذَا أَدَّى حِصَّتَهُ مِنْ النُّجُومِ عَتَقَ (وَلِلسَّيِّدِ فِدَاؤُهُ) بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ وَيَلْزَمُ الْمُسْتَحِقَّ لِلْقَبُولِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ (وَإِبْقَاؤُهُ مُكَاتَبًا) عَلَى حَالِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ حُقُوقِ الثَّلَاثَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ) أَيْ السَّيِّدِ، وَقَوْلُهُ لِتَقْصِيرِهِ: أَيْ الْمُكَاتَبِ (قَوْلُهُ: أَوْ قُتِلَ خَطَأً) أَيْ أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ فَمُرَادُهُ بِالْخَطَأِ مَا قَابَلَ الْعَمْدَ، وَقَوْلُهُ أَخَذَهَا: أَيْ الْوَارِثُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا) حَكَاهُ الْمَحَلِّيُّ مُقَابِلًا لِلْمَتْنِ فَقَالَ وَفِي قَوْلِ إنْ كَانَتْ الدِّيَةُ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ أَخَذَ الْقِيمَةَ (قَوْلُهُ وَيَأْتِي الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَجِنَايَتِهِ عَلَى سَيِّدِهِ عَلَى إلَخْ (قَوْلُهُ: أَخَذَ مِمَّا مَعَهُ) أَيْ أَخَذَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَوْ وَارِثُهُ (قَوْلُهُ وَجِنَايَتُهُ عَلَى سَيِّدِهِ) أَيْ حَيْثُ وَجَبَتْ فِيهَا الدِّيَةُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ حَقَّهُ) أَيْ الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ: عَجَّزَهُ الْقَاضِي) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ أَوْ السَّيِّدُ) أَيْ فَإِنْ امْتَنَعَا مِنْ ذَلِكَ أَثِمَا وَبَقِيَ الْحَقُّ مُتَعَلِّقًا بِذِمَّةِ الْمُكَاتَبِ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا جَرَيَانُ ذَلِكَ وَلَوْ بَعُدَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَنْهُمَا (قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّهْنِ) أَيْ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْعِتْقَ يُحْتَاطُ لَهُ بِخِلَافِ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ: وَبِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِ الْأَرْشِ فَقَطْ) لَوْ تَعَذَّرَ بَيْعُ الْبَعْضِ فِي هَذَا بِيعَ الْكُلُّ وَمَا فَضَلَ يَأْخُذُهُ السَّيِّدُ، كَذَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الْقِيَاسُ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ حُقُوقِ الثَّلَاثَةِ) أَيْ السَّيِّدِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَامْتَنَعَ عَلَى السَّيِّدِ الِاسْتِقْلَالُ. (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَإِذَا رَقَّ وَسَقَطَ الْأَرْشُ: أَيْ فَلَا فَائِدَةَ لَهُ فِيهِ وَدُفِعَ بِتَعْلِيلِ الْأَصَحِّ الْمَارِّ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ فَعَفَا عَلَى مَالٍ) هُوَ أَجْوَدُ وَأَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ الْمُحَرَّرِ بِالدِّيَةِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَإِنْ ادَّعَى شَارِحٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَالِ هُنَا الدِّيَةُ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ) مَعْطُوفٌ عَلَى التَّوَقُّفِ (قَوْلُهُ: لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ غَيْرَ مُكَاتَبٍ وَفْدَاهُ السَّيِّدُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ فَلْيُرَاجَعْ.

وَعَلَى مُسْتَحِقِّ الْأَرْشِ الْقَبُولُ وَيَفْدِيهِ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ (وَلَوْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ أَوْ أَبْرَأَهُ عَتَقَ وَلَزِمَهُ الْفِدَاءُ) لِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَيْهِ الرَّقَبَةَ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ عَتَقَ بِالْأَدَاءِ بَعْدَ الْجِنَايَةِ (وَلَوْ قُتِلَ الْمُكَاتَبُ بَطَلَتْ) كِتَابَتُهُ (وَمَاتَ رَقِيقًا) لِفَوَاتِ مَحِلِّهَا، وَلِلسَّيِّدِ مَا يَتْرُكُهُ بِالْمِلْكِ لَا الْإِرْثِ، وَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا (وَلِسَيِّدِهِ قِصَاصٌ عَلَى قَاتِلِهِ) الْعَامِدِ (الْمُكَافِئِ) لَهُ لِبَقَائِهِ بِمِلْكِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْقَاتِلُ مُكَافِئًا (فَالْقِيمَةُ) لَهُ هِيَ الْوَاجِبَةُ لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ عَلَى عَبْدِهِ، هَذَا كُلُّهُ إنْ قَتَلَهُ أَجْنَبِيٌّ، فَإِنْ قَتَلَهُ سَيِّدُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ سِوَى الْكَفَّارَةِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَحَذَفَهُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا قَدَّمَهُ فِي بَابِهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا قَطَعَ طَرَفَهُ (وَيَسْتَقِلُّ) الْمُكَاتَبُ (بِكُلِّ تَصَرُّفٍ لَا تَبَرُّعَ فِيهِ وَلَا خَطَرَ) كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَإِجَارَةٍ بِثَمَنِ الْمِثْلِ لِأَنَّ مَقْصُودَ عَقْدِ الْكِتَابَةِ تَحْصِيلُ الْعِتْقِ وَهُوَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالْكَسْبِ فَمُكِّنَ مِنْ جِهَاتِ الْكَسْبِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ فِيهِ تَبَرُّعٌ كَهِبَةٍ أَوْ خَطَرٌ كَبَيْعِ نَسِيئَةٍ أَوْ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَمِثْلُهُ كُلُّ مَحْسُوبٍ مِنْ الثُّلُثِ لَوْ وَقَعَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ (فَلَا) يَسْتَقِلُّ بِهِ وَإِنْ أَخَذَ بِذَلِكَ رَهْنًا أَوْ كَفِيلًا لِأَنَّ أَحْكَامَ الرِّقِّ جَارِيَةٌ عَلَيْهِ، وَنَقَلَ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ النَّصِّ امْتِنَاعَ تَكْفِيرِهِ بِالْمَالِ مَعَ أَنَّهُ لَا تَبَرُّعَ فِيهِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ لَهُ قَطْعَ نَحْوِ سِلْعَةٍ غَلَبَتْ فِيهِ السَّلَامَةُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ خَطَرٌ (وَيَصِحُّ) مَا فِيهِ تَبَرُّعٌ أَوْ خَطَرٌ (بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ الْمَنْعَ إنَّمَا هُوَ لِحَقِّهِ وَكَإِذْنِهِ قَبُولُهُ مِنْهُ تَبَرُّعُهُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى مُكَاتَبٍ لَهُ آخَرَ بِأَدَاءِ مَا عَلَيْهِ، نَعَمْ لَيْسَ لَهُ عِتْقٌ وَوَطْءٌ وَكِتَابَةٌ وَلَوْ بِإِذْنِهِ كَمَا يَأْتِي، وَالثَّانِي نَظَرًا إلَى أَنَّهُ يُفَوِّتُ غَرَضَ الْعِتْقِ (وَلَوْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ صَحَّ) وَلَا يَعْتِقُ عَلَى السَّيِّدِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَبِيعَ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ لِاسْتِقْلَالِ الْمُكَاتَبِ بِالْمِلْكِ (فَإِنْ عَجَزَ وَصَارَ لِسَيِّدِهِ عَتَقَ) عَلَيْهِ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ وَلَا يَسْرِي إلَى بَاقِيهِ وَإِنْ اخْتَارَ سَيِّدُهُ تَعْجِيزَهُ كَمَا مَرَّ فِي الْعِتْقِ (أَوْ) اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ (عَلَيْهِ) لَوْ كَانَ حُرًّا (لَمْ يَصِحَّ بِلَا إذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ يَتَكَاتَبُ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي (وَ) شِرَاؤُهُ لَهُ (بِإِذْنٍ) مِنْهُ (فِيهِ الْقَوْلَانِ فِي تَبَرُّعَاتِهِ) أَظْهَرُهُمَا الصِّحَّةُ (فَإِنْ صَحَّ) الشِّرَاءُ (تَكَاتَبَ عَلَيْهِ) فَيَتْبَعُهُ رِقًّا وَعِتْقًا وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ نَحْوُ بَيْعِهِ (وَلَا يَصِحُّ) (إعْتَاقُهُ وَكِتَابَتُهُ) لِقِنِّهِ (بِإِذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِتَضَمُّنِهَا الْوَلَاءَ وَهُوَ غَيْرُ أَهْلٍ لَهُ، نَعَمْ لَوْ أَعْتَقَهُ عَنْ سَيِّدِهِ أَوْ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ صَحَّ وَكَانَ الْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ. وَالثَّانِي يَصِحُّ عَمَلًا بِالْإِذْنِ وَيُوقَفُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَيَفْدِيهِ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا فِدَاؤُهُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ سِوَى الْكَفَّارَةِ) أَيْ مَعَ الْإِثْمِ إنْ كَانَ عَامِدًا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَطَعَ طَرَفَهُ) أَيْ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَرْشُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَخَذَ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: امْتِنَاعُ تَكْفِيرِهِ بِالْمَالِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ لَا تَبَرُّعَ فِيهِ) وَأَنَّ مَا تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِهِ مِمَّا يُؤْكَلُ وَلَا يُبَاعُ عَادَةً لَهُ التَّبَرُّعُ بِهِ لِخَبَرِ بَرِيرَةَ اهـ حَجّ. وَقَوْلِ حَجّ لَهُ التَّبَرُّعُ بِهِ ظَاهِرُهُ كَشَرْحِ الْمَنْهَجِ وَإِنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ ظَاهِرَةٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ جَرَتْ الْعَادَةُ بِإِهْدَاءِ مِثْلِهِ لِلْأَكْلِ، بَلْ لَوْ قِيلَ بِامْتِنَاعِ أَخْذِ عِوَضٍ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا (قَوْلُهُ: غَلَبَتْ فِيهِ) أَيْ الْقَطْعُ (قَوْلُهُ: وَكَإِذْنِهِ قَبُولُهُ) أَيْ قَبُولُ السَّيِّدِ مِنْ الْعَبْدِ مَا تَبَرَّعَ بِهِ الْعَبْدُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ فِي الْعِتْقِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَهَبَ لِرَقِيقِ بَعْضِ سَيِّدِهِ عَتَقَ، وَلَا يَسْرِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِعَدَمِ مِلْكِهِ لَهُ اخْتِيَارًا (قَوْلُهُ: أَوْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) أَيْ الْعَبْدُ نَفْسَهُ (قَوْلُهُ: بِإِذْنِهِ) أَيْ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَكَانَ الْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ) هُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ أَعْتَقَهُ عَنْ سَيِّدِهِ أَمَّا حَيْثُ أَعْتَقَهُ عَنْ غَيْرِهِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْوَلَاءَ فِيهِ لِلْغَيْرِ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ هِبَةٌ ضِمْنِيَّةٌ لِغَيْرِ السَّيِّدِ فَهِيَ تَبَرُّعٌ وَهُوَ جَائِزٌ عَلَى الْغَيْرِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ أَنَّ سَيِّدَهُ أَذِنَ لَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ عَنْ الْغَيْرِ مِنْ غَيْرِ هِبَةٍ لَهُ فَيَكُونُ تَبَرُّعًا مَحْضًا بِالْإِعْتَاقِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَيْسَ بَيْعًا وَلَا هِبَةً فَيَلْغُو وُقُوعُهُ عَنْ الْغَيْرِ وَيَقَعُ عَنْ السَّيِّدِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْإِعْتَاقُ مِنْ الْمُكَاتَبِ وَتَعَذَّرَ وُقُوعُهُ عَنْهُ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْوَلَاءِ صُرِفَ إلَى سَيِّدِهِ تَنْفِيذًا لِلْعِتْقِ مَا أَمْكَنَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْقَاتِلُ مُكَافِئًا) أَيْ أَوْ كَانَ قَتْلُهُ غَيْرَ عَمْدٍ (قَوْلُهُ: بِثَمَنِ الْمِثْلِ) أَيْ وَأُجْرَةِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: وَكَانَ الْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ) أَيْ فِي مَسْأَلَتِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. .

[فصل في بيان ما تفارق فيه الكتابة الباطلة الفاسدة وما توافق أو تباين فيه الفاسدة الصحيحة]

الْوَلَاءُ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْأَوَّلِ، وَيَصِحُّ نِكَاحُهُ بِإِذْنِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَا تُفَارِقُ فِيهِ الْكِتَابَةُ الْبَاطِلَةُ الْفَاسِدَةَ وَمَا تُوَافِقُ أَوْ تُبَايِنُ فِيهِ الْفَاسِدَةُ الصَّحِيحَةَ وَتَحَالُفِ الْمُكَاتَبِ وَسَيِّدِهِ أَوْ وَارِثِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (الْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ لِشَرْطٍ) فَاسِدٍ كَأَنْ شَرَطَ كَوْنَ كَسْبِهِ بَيْنَهُمَا أَوْ أَنَّ عِتْقَهُ يَتَأَخَّرُ عَنْ أَدَاءِ النُّجُومِ (أَوْ عِوَضٍ) فَاسِدٍ كَأَنْ كَاتَبَهُ عَلَى نَحْوِ خِنْزِيرٍ (أَوْ أَجَلٍ فَاسِدٍ) كَأَنْ أَجَّلَ بِمَجْهُولٍ أَوْ جَعَلَهُ نَجْمًا وَاحِدًا أَوْ كَاتَبَ بَعْضَ الْقِنِّ (كَالصَّحِيحَةِ فِي اسْتِقْلَالِهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ (بِالْكَسْبِ) لِأَنَّهُ يَعْتِقُ فِيهَا بِالْأَدَاءِ كَالصَّحِيحَةِ، وَالْأَدَاءُ إنَّمَا يَكُونُ بِالْكَسْبِ فَتَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الصَّحِيحَةِ فِيهِ، وَخَرَجَ بِهَا الْبَاطِلَةُ وَهِيَ الَّتِي اخْتَلَّ بَعْضُ أَرْكَانِهَا كَاخْتِلَالِ بَعْضِ شُرُوطِ الْعَاقِدَيْنِ السَّابِقَةِ، وَكَالْعَقْدِ بِنَحْوِ دَمٍ وَكَفَقْدِ إيجَابٍ أَوْ قَبُولٍ فَهِيَ لَاغِيَةٌ إلَّا فِي نَحْوِ تَعْلِيقِ عِتْقٍ صَدَرَ مِمَّنْ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ، وَكَذَا يَفْتَرِقَانِ فِي الْحَجِّ وَالْعَارِيَّةِ وَالْخُلْعِ (وَ) فِي (أَخْذِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَ) فِي أَخْذِ أَمَةٍ مَا وَجَبَ لَهَا مِنْ (مَهْرٍ) عَقْدٌ صَحِيحٌ أَوْ وَطْءٌ بِ (شُبْهَةٍ) لِأَنَّهُمَا فِي مَعْنَى الِاكْتِسَابِ (وَفِي أَنَّهُ يَعْتِقُ بِالْأَدَاءِ) لِلسَّيِّدِ عِنْدَ الْمَحِلِّ بِحُكْمِ التَّعْلِيقِ لِوُجُودِ الصِّفَةِ وَلِكَوْنِ الْمَقْصُودِ بِالْكِتَابَةِ الْعِتْقَ لَمْ يَتَأَثَّرْ بِالتَّعْلِيقِ عَلَى الْفَاسِدِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُشَارِكْهُ عَقْدٌ فَاسِدٌ فِي إفَادَةِ مِلْكٍ أَصْلًا (وَ) فِي أَنَّهُ (يَتْبَعُهُ) إذَا عَتَقَ (كَسْبُهُ) الْحَاصِلُ بَعْدَ التَّعْلِيقِ وَوَلَدُهُ مِنْ أَمَتِهِ وَلَوْ مُكَاتَبَةً فَيَتَكَاتَبُ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ وَيَصِحُّ نِكَاحُهُ بِإِذْنِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ) صَرَّحَ بِمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ وَلَا يَتَزَوَّجُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ تَتْمِيمًا لِلْأَقْسَامِ (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَا تُفَارِقُ فِيهِ الْكِتَابَةُ الْبَاطِلَةُ الْفَاسِدَةَ (قَوْلُهُ: أَوْ جَعَلَهُ نَجْمًا وَاحِدًا) أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ كَانَ اهـ حَجّ. وَهِيَ أَوْلَى لِأَنَّ الْفَسَادَ فِي كِتَابَةِ الْبَعْضِ لَيْسَ لِفَسَادِ الْأَجَلِ وَلَا الْعِوَضِ، بَلْ لِأَنَّ الرَّقِيقَ لَا يَسْتَقِلُّ فِيهَا بِالتَّرَدُّدِ لِاكْتِسَابِ النُّجُومِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: فَتَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الصَّحِيحَةِ فِيهِ) أَيْ الِاسْتِقْلَالِ، وَقَوْلُهُ وَخَرَجَ بِهَا: أَيْ الْفَاسِدَةِ (قَوْلُهُ: وَكَالْعَقْدِ بِنَحْوِ دَمٍ) لَعَلَّ وَجْهَ جَعْلِ الدَّمِ مِمَّا اخْتَلَّ فِيهِ رُكْنٌ، بِخِلَافِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ حَيْثُ جُعِلَا مِنْ الْعِوَضِ الْفَاسِدِ أَنَّ الدَّمَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مِنْ شَأْنِهِ يُقْصَدُ أَصْلًا جُعِلَ وُجُودُهُ كَالْعَدَمِ فَكَأَنَّ الْكِتَابَةَ بِلَا عِوَضٍ فَكَانَتْ بَاطِلَةً، بِخِلَافِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُقْصَدُ فِي الْجُمْلَةِ فَجُعِلَا مِنْ الْعِوَضِ الْفَاسِدِ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي نَحْوِ تَعْلِيقٍ) أَيْ بِأَنْ عَلَّقَ بِإِعْطَائِهِ نَحْوَ دَمٍ (قَوْلُهُ: صَدَرَ مِمَّنْ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ) أَيْ فَلَا تَكُونُ لَاغِيَةً بَلْ يَعْتِقُ مَعَهَا الرَّقِيقُ عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا يَفْتَرِقَانِ) أَيْ الْبَاطِلَةُ وَالْفَاسِدَةُ (قَوْلُهُ: وَفِي أَخْذِ الْأَرْشِ) أَيْ حَيْثُ كَانَتْ الْجِنَايَةُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ، فَإِنْ كَانَتْ مِنْ السَّيِّدِ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا فِي الْفَاسِدَةِ دُونَ الصَّحِيحَةِ اهـ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ: أَيْ فَلَوْ قَطَعَ أَجْنَبِيٌّ أَوْ السَّيِّدُ طَرَفَهُ فِي الصَّحِيحَةِ لَزِمَ كُلًّا الْأَرْشُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَطَعَ السَّيِّدُ طَرَفَهُ فِي الْفَاسِدَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْأَرْشُ فِي الصَّحِيحَةِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَأَثَّرْ بِالتَّعْلِيقِ) يَعْنِي فَلَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَاءِ نَجْمٍ وَاحِدٍ فَسَدَتْ وَمَعَ ذَلِكَ إذَا دَفَعَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ عَتَقَ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهَا إذَا اشْتَمَلَتْ عَلَى تَعْلِيقٍ فَاسِدٍ لَمْ تَتَأَثَّرْ وَتَكُونُ صَحِيحَةً (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُشَارِكْهُ) أَيْ الْعَقْدَ الصَّحِيحَ عَقْدُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَوَلَدُهُ) أَيْ الْمُكَاتَبِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُكَاتَبَةً) أَخَذَهَا غَايَةً ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَا تُفَارِقُ فِيهِ الْكِتَابَةُ الْبَاطِلَةُ الْفَاسِدَةَ وَمَا تُوَافِقُ أَوْ تُبَايِنُ فِيهِ الْفَاسِدَةُ الصَّحِيحَةَ] فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَا تُفَارِقُ فِيهِ الْكِتَابَةُ الْبَاطِلَةُ الْفَاسِدَةَ (قَوْلُهُ: وَكَذَا يَفْتَرِقَانِ) يَعْنِي الْفَاسِدَ وَالْبَاطِلَ

عَلَيْهِ وَيَعْتِقُ بِعِتْقِهِ، نَعَمْ لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ نَفَقَتُهُ مَا لَمْ يَحْتَجْ وَإِنْ لَزِمَتْهُ فِطْرَتُهُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُهُمَا، وَيَجُوزُ لِلسَّيِّدِ مُعَامَلَتُهُ (وَكَالتَّعْلِيقِ) بِصِفَةٍ (فِي أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ بِإِبْرَاءٍ) عَنْ النُّجُومِ وَلَا بِأَدَاءِ الْغَيْرِ عَنْهُ بِتَبَرُّعٍ أَوْ وَكَالَةٍ لِعَدَمِ وُجُودِ الصِّفَةِ، وَإِنَّمَا أَجْزَأَ فِي الصَّحِيحَةِ لِكَوْنِ الْمُغَلَّبِ فِيهَا الْمُعَاوَضَةَ فَالْأَدَاءُ وَالْإِبْرَاءُ فِيهَا وَاحِدٌ (وَ) فِي أَنَّ كِتَابَتَهُ (تَبْطُلُ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ) قَبْلَ الْأَدَاءِ لِجَوَازِهَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَلِعَدَمِ حُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ، وَلَا يَعْتِقُ بِالْأَدَاءِ لِلْوَارِثِ بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ، نَعَمْ إنْ قَالَ فَإِنْ أَدَّيْت لِي أَوْ لِوَارِثِي لَمْ تَبْطُلْ (وَ) فِي أَنَّهُ (يَصِحُّ) نَحْوُ بَيْعِهِ أَوْ هِبَتِهِ وَإِعْتَاقِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَ (الْوَصِيَّةِ بِرَقَبَتِهِ) وَإِنْ ظَنَّ صِحَّةَ الْكِتَابَةِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (وَ) فِي أَنَّهُ (لَا يُصْرَفُ إلَيْهِ سَهْمُ الْمُكَاتَبِينَ) لِأَنَّهَا جَائِزَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَالْأَدَاءُ فِيهَا غَيْرُ مَوْثُوقٍ بِهِ، وَفِي أَنَّهُ يَمْنَعُهُ مِنْ السَّفَرِ وَلَا يَطَؤُهَا وَلَا يَعْتِقُ بِتَعْجِيلِ النُّجُومِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ الصَّحِيحَةِ وَالْفَاسِدَةِ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ وَأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِي الصَّحِيحَةِ مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ وَفِي الْفَاسِدَةِ مَعْنَى التَّعْلِيقِ (وَتُخَالِفُهُمَا) أَيْ الْفَاسِدَةُ الصَّحِيحَةَ وَالتَّعْلِيقَ (فِي أَنَّ لِلسَّيِّدِ فَسْخَهَا) بِفِعْلٍ كَبَيْعٍ أَوْ قَوْلٍ كَأَبْطَلْتُهَا، وَلَا يَحْصُلُ عِتْقُهُ بِأَدَائِهِ بَعْدَ الْفَسْخِ لِأَنَّ تَعْلِيقَهَا فِي ضِمْنِ مُعَاوَضَةٍ لَمْ يُسَلَّمْ فِيهَا الْعِوَضُ كَمَا يَأْتِي فَلَمْ يَلْزَمْ، وَإِطْلَاقُ الْفَسْخِ فِيهَا فِيهِ تَجَوُّزٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ فِي صَحِيحٍ، وَقَيَّدَ الْمُصَنِّفُ بِالسَّيِّدِ لِكَوْنِهِ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْفَسْخُ فِي الصَّحِيحَةِ كَمَا قَدَّمَهُ وَكَذَا فِي التَّعْلِيقِ. وَأَمَّا الْعَبْدُ فَلَهُ فَسْخُ الصَّحِيحَةِ وَالْفَاسِدَةِ دُونَ التَّعْلِيقِ وَفِي أَنَّهَا تَبْطُلُ بِالْحَجْرِ عَلَى السَّيِّدِ بِسَفَهٍ لَا فَلَسٍ وَبِنَحْوِ إغْمَائِهِ بِخِلَافِ الْحَجْرِ عَلَى الْعَبْدِ وَنَحْوِ إغْمَائِهِ (وَ) فِي (أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ مَا يَأْخُذُهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــSلِلْخِلَافِ فِيهَا، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَهَلْ يَتْبَعُ الْمُكَاتَبَةَ كِتَابَةً فَاسِدَةً وَلَدُهَا طَرِيقَانِ الْمَذْهَبُ نَعَمْ كَالْكَسْبِ اهـ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ نَفَقَتُهُ) أَيْ الْمُكَاتَبِ قَدْ يُوهِمُ أَنَّ السَّيِّدَ فِي الصَّحِيحَةِ تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ الْمُكَاتَبِ وَلَيْسَ مُرَادًا إلَّا إنْ احْتَاجَ، فَالِاسْتِدْرَاكُ بِالنَّظَرِ لِلْمَجْمُوعِ فَإِنَّ الْفِطْرَةَ تَلْزَمُ فِي الْفَاسِدَةِ دُونَ الصَّحِيحَةِ (قَوْلُهُ: بِتَبَرُّعٍ أَوْ وَكَالَةٍ) أَيْ عَنْ الرَّقِيقِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ وُجُودِ الصِّفَةِ) أَيْ حَيْثُ كَانَتْ الصِّيغَةُ إذَا أَدَّيْته فَأَنْتَ حُرٌّ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا أَجْزَأَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْإِبْرَاءِ وَأَدَاءِ الْغَيْرِ وَهَلْ يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ الْقَبُولُ فِيمَا لَوْ تَبَرَّعَ عَنْهُ الْغَيْرُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُهُ فَيَدْفَعُهُ لِلْعَبْدِ إنْ أَرَادَ التَّبَرُّعَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَعْتِقُ بِالْأَدَاءِ لِلْوَارِثِ) وَمِثْلُهُ وَكِيلُ السَّيِّدِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَا يُصْرَفُ إلَيْهِ سَهْمُ الْمُكَاتَبِينَ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَخَذَ مِنْ سَهْمِ الْمُكَاتَبِينَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِفَسَادِ كِتَابَتِهِ وَدَفَعَهُ لِلسَّيِّدِ ثُمَّ عَلِمَ فَسَادَهَا اسْتَرَدَّ مِنْهُ مَا دَفَعَهُ إلَيْهِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَطَؤُهَا) أَيْ فِي الصَّحِيحَةِ، بِخِلَافِ الْفَاسِدَةِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَنْهَجِ فَكَانَ الْأُولَى حَذْفُ لَا (قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ الصَّحِيحَةِ) عَبَّرَ بِفِي وَلَمْ يَقُلْ أَنَّ كُلًّا مِنْ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ عَقْدَ الْكِتَابَةِ فِيهِ شَيْئَانِ مُعَاوَضَةٌ وَتَعْلِيقٌ، فَلَيْسَ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ صِرْفَةٍ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ وَأَنَّ الْمُغَلَّبَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْصُلُ عِتْقُهُ بِأَدَائِهِ بَعْدَ الْفَسْخِ) أَيْ بِخِلَافِ التَّعْلِيقِ فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِالْفَسْخِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ التَّعْلِيقَ لَا يَبْطُلُ بِالْقَوْلِ، فَإِذَا أَدَّى بَعْدَ فَسْخِ السَّيِّدِ لَهُ عَتَقَ لِبَقَاءِ التَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ: وَإِطْلَاقُ الْفَسْخِ فِيهَا فِيهِ تَجُوزُ) لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ لِلْفَاسِدَةِ ثَمَرَاتٌ تَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا كَالصَّحِيحَةِ عَبَّرَ بِالْفَسْخِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ لَهُ إبْطَالُ تِلْكَ الْعَلَقَةِ (قَوْلُهُ: وَفِي أَنَّهَا تَبْطُلُ بِالْحَجْرِ عَلَى السَّيِّدِ بِسَفَهٍ) أَيْ بِخِلَافِهَا فِي الصَّحِيحَةِ فَإِنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِالْحَجْرِ بِالسَّفَهِ، وَيَدْفَعُ الْعِوَضَ إلَى وَلِيِّهِ كَمَا تَقَدَّمَ إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا: أَيْ وَقَدْ تَلِفَ مَا قَبَضَهُ السَّيِّدُ مِنْ الْعَبْدِ، وَعِبَارَةُ حَجّ بِهِ: أَيْ: بِعَيْنِهِ إنْ بَقِيَ، وَإِلَّا فَمِثْلُهُ فِي الْمِثْلِيِّ وَقِيمَتُهُ فِي الْمُتَقَوِّمِ إنْ كَانَ إلَخْ، وَعَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ قَوْلُهُ فَلَيْسَ الْمُرَادُ قَسِيمُ الْمِثْلِيِّ إلَخْ، فَإِنَّ مَا لَهُ قِيمَةٌ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَبِمِثْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَإِنْ لَزِمَتْهُ فِطْرَتُهُ) هَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الِاسْتِدْرَاكِ، وَكَذَا قَوْلُهُ مَا لَمْ يَحْتَجْ، وَإِلَّا فَصَدْرُ الِاسْتِدْرَاكِ مِمَّا تُوَافِقُ فِيهِ الْفَاسِدَةُ الصَّحِيحَةَ (قَوْلُهُ: وَإِعْتَاقُهُ) هُوَ بِالرَّفْعِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِمُغَايَرَةِ الْعَاطِفِ وَإِلَّا لَزِمَ تَغْيِيرُ إعْرَابِ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَطَؤُهَا) الصَّوَابُ حَذْفُ لَا.

لِكَوْنِ الْعَقْدِ فَاسِدًا (بَلْ يَرْجِعُ الْمُكَاتَبُ بِهِ) أَيْ بِعَيْنِهِ (إنْ) كَانَ بَاقِيًا وَبِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَقِيمَتِهِ إنْ (كَانَ مُتَقَوِّمًا) يَعْنِي لَهُ قِيمَةٌ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ قَسِيمَ الْمِثْلِيِّ. أَمَّا مَا لَا قِيمَةَ لَهُ كَخَمْرٍ فَلَا يَرْجِعُ بَعْدَ تَلَفِهِ عَلَى سَيِّدِهِ بِشَيْءٍ نَعَمْ يَتَّجِهُ رُجُوعُهُ فِي مُحْتَرَمٍ غَيْرِ مُتَقَوِّمٍ كَجِلْدِ مَيْتَةٍ لَمْ يُدْبَغْ مَا دَامَ بَاقِيًا (وَهُوَ) أَيْ السَّيِّدُ يَرْجِعُ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ (بِقِيمَتِهِ) لِأَنَّ فِيهَا مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ، وَقَدْ تَلِفَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ لِعَدَمِ إمْكَانِ رَدِّهِ فَهُوَ كَتَلَفِ مَبِيعٍ فَاسِدٍ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَيَرْجِعُ فِيهِ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا أَدَّى وَيَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ، وَالْمُعْتَبَرُ هُنَا الْقِيمَةُ (يَوْمَ الْعِتْقِ) لِأَنَّهُ يَوْمَ التَّلَفِ. وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ، فَلَوْ كَاتَبَ كَافِرٌ كَافِرَةً عَلَى فَاسِدٍ مَقْصُودٍ كَخَمْرٍ وَقُبِضَ فِي الْكُفْرِ فَلَا تَرَاجُعَ (فَإِنْ تَجَانَسَا) أَيْ اتَّفَقَ مَا يَرْجِعُ بِهِ الْعَبْدُ وَمَا يَسْتَحِقُّهُ السَّيِّدُ عَلَيْهِ فِي الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالْحُلُولِ وَالْأَجَلِ إنْ قُلْنَا بِجَرَيَانِهِ فِي الْمُؤَجَّلَيْنِ الْمُتَّفِقَيْنِ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ، وَالِاسْتِقْرَارُ، وَهُمَا نَقْدَانِ (فَأَقْوَالُ التَّقَاصِّ) الْآتِيَةُ (وَيَرْجِعُ صَاحِبُ الْفَضْلِ بِهِ) إنْ فَضَلَ لَهُ شَيْءٌ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَمِمَّا تُخَالِفُ الصَّحِيحَةُ الْفَاسِدَةَ أَيْضًا ـــــــــــــــــــــــــــــSوَإِلَّا فَهُوَ مُتَقَوِّمٌ بِالْمَعْنَى الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ فَلَمْ يَشْمَلْ، الْمِثْلِيَّ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ مِنْ التَّأْوِيلِ بِمَا لَهُ قِيمَةٌ شُمُولُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ لِكُلٍّ مِنْ الْمِثْلِيِّ وَالْمُتَقَوِّمِ، وَحَيْثُ قَالَ وَبِمِثْلِهِ فِي الْمِثْلِيِّ أَرَادَ تَفْصِيلَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا) هَلْ الْعِبْرَةُ فِي الْقِيمَةِ بِوَقْتِ التَّلَفِ أَوْ الْقَبْضِ أَوْ أَقْصَى الْقِيَمِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقِيَاسُ الْمَقْبُوضِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا بِأَقْصَى الْقِيَمِ (قَوْلُهُ: يَعْنِي لَهُ قِيمَةٌ) أَيْ لِيَشْمَلَ الْمِثْلِيَّ (قَوْلُهُ: كَجِلْدِ مَيْتَةٍ لَمْ يُدْبَغْ) كَأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَأْخُوذُ حَيَوَانًا فَمَاتَ لَهُ فَلَهُ أَخْذُ جِلْدِهِ، وَقَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا مَانِعَ أَنَّ صُورَتَهَا أَنَّهُ كَاتَبَهُ عَلَى جِلْدِ مَيْتَةٍ فَهِيَ فَاسِدَةٌ كَمَا لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى خَمْرٍ. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ يُتَصَوَّرُ رُجُوعٌ بَعْدَ التَّلَفِ اهـ سم عَلَى حَجّ. بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ تَصْوِيرَهُ بِالْحَيَوَانِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ بِتَلَفِهِ فِي يَدِهِ تَلْزَمُهُ قِيمَةُ الْحَيَوَانِ وَحَيْثُ لَمْ يَتْلَفْ يَجِبُ رَدُّهُ (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَتَلَفِ مَبِيعٍ فَاسِدٍ) أَيْ: فَاسِدٍ بَيْعُهُ، وَإِلَّا فَالْبَيْعُ لَا يَتَّصِفُ بِالْفَسَادِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَاتَبَ كَافِرٌ كَافِرَةً) أَيْ أَوْ كَافِرًا فَلَوْ قَالَ كَافِرًا كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: وَالْحُلُولُ) قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَى اشْتِرَاطِ اتِّفَاقِهِمَا فِي الْحُلُولِ إذْ لَا يَكُونَانِ إلَّا حَالَيْنِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ اخْتِلَافُهُمَا فِيهِ إذْ الْقِيمَةُ الْمُسْتَحَقَّةُ لِلسَّيِّدِ لَا تَكُونُ إلَّا حَالَّةً، وَمَا يَرْجِعُ بِهِ الْمُكَاتَبُ إنْ كَانَ عَيْنَ مَا دَفَعَهُ فَهُوَ عَيْنٌ لَا دَيْنٌ فَلَا يُوصَفُ بِحُلُولٍ وَلَا تَأْجِيلٍ، وَإِنْ كَانَ بَدَلَهُ فَلَا يَكُونُ إلَّا حَالًّا، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَالِاسْتِقْرَارُ لَا يُتَصَوَّرُ اخْتِلَافُهُمَا فِيهِ اهـ سم. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذِهِ شُرُوطٌ لِلتَّقَاصِّ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مُتَعَلِّقًا بِالسَّيِّدِ وَالْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ الْعِبَارَةِ هَذَا وَعُلِمَ مِنْ تَفْسِيرِ التَّجَانُسِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مُجَرَّدَ الِاخْتِلَافِ فِي الْجِنْسِ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ التَّمَاثُلُ الصَّادِقُ بِجَمِيعِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَالْأَجَلُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ بَلْ يَرْجِعُ الْمُكَاتَبُ بِهِ مَعَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِيهِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ مَعَ الْمَتْنِ نَصُّهَا: بَلْ يَرْجِعُ فِيمَا إذَا عَتَقَ بِالْأَدَاءِ الْمُكَاتَبِ بِهِ: أَيْ بِعَيْنِهِ إنْ بَقِيَ، إلَّا فَمِثْلُهُ فِي الْمِثْلِيِّ وَقِيمَتُهُ فِي الْمُتَقَوِّمِ إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا: يَعْنِي لَهُ قِيمَةَ انْتَهَتْ. وَأَسْقَطَ مِنْهَا الشَّارِحُ مَا يُؤَدِّي مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْمُتَقَوِّمِ، وَلَعَلَّ فِي النُّسَخِ سَقْطًا مِنْ النُّسَّاخِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا قَيْدٌ فِي كُلٍّ مِنْ مَسْأَلَتَيْ الرُّجُوعِ بِالْعَيْنِ وَالْبَدَلِ، وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ وَفِي أَنَّ الْمُكَاتَبَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَدَّاهُ إنْ بَقِيَ أَوْ بَدَلِهِ إنَّ تَلِفَ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي، هَذَا إنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا، بِخِلَافِ غَيْرِهِ كَخَمْرٍ فَلَا يَرْجِعُ فِيهِ بِشَيْءٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُحْتَرَمًا كَجِلْدِ مَيْتَةٍ لَمْ يُدْبَغْ فَيَرْجِعُ بِهِ لَا بِبَدَلِهِ إنْ تَلِفَ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: بَعْدَ تَلَفِهِ) وَكَذَا إنْ كَانَ بَاقِيًا وَهُوَ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: وَالْأَجَلُ إلَخْ) الْأَصْوَبُ حَذْفُهُ، وَانْظُرْ مَا مَعْنَى اشْتِرَاطِ الْحُلُولِ وَالِاسْتِقْرَارِ هُنَا مَعَ أَنَّ مَا نَحْنُ فِيهِ لَا يَكُونُ فِيهِ الدَّيْنَانِ إلَّا حَالَّيْنِ مُسْتَقِرَّيْنِ، لِأَنَّ مَا عَلَى السَّيِّدِ بَدَلَ مُتْلَفٍ وَمَا عَلَى الْعَبْدِ بَدَلُ رَقَبَتِهِ الَّتِي حَكَمْنَا بِعِتْقِهَا (قَوْلُهُ: وَمِمَّا تُخَالِفُ إلَخْ) يَنْبَغِي حَذْفُ لَفْظِ مِمَّا

فِي عَدَمِ وُجُوبِ إيتَاءٍ فِيهَا وَعَدَمِ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ بِنُجُومِهَا، وَفِي أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ بِجِهَةِ الْكِتَابَةِ لَمْ يَسْتَتْبِعْ وَلَدًا وَلَا كَسْبًا، وَفِي عَدَمِ مَنْعِ رُجُوعِ الْأَصْلِ وَعَدَمِ حُرْمَةِ النَّظَرِ عَلَى السَّيِّدِ، وَفِي عَدَمِ وُجُوبِ مَهْرٍ عَلَيْهِ لَوْ وَطِئَهَا وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ، بَلْ أَوْصَلَهَا بَعْضُهُمْ إلَى سِتِّينَ صُورَةً (قُلْت: أَصَحُّ أَقْوَالِ التَّقَاصِّ سُقُوطُ أَحَدِ الدَّيْنَيْنِ بِالْآخَرِ) أَيْ بِقَدْرِهِ مِنْهُ إنْ اتَّفَقَا فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ (بِلَا رِضًا) مِنْ صَاحِبَيْهِمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا لِأَنَّ مُطَالَبَةَ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ بِمِثْلِ مَا عَلَيْهِ عِنَادٌ لَا فَائِدَةَ لَهُ وَهَذَا فِيهِ شِبْهُ بَيْعٍ تَقْدِيرًا، وَالنَّهْيُ عَنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ إمَّا مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي التَّقْدِيرِيِّ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِ، وَإِمَّا مَحِلُّهُ فِي بَيْعِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ (وَالثَّانِي) إنَّمَا يَسْقُطُ (بِرِضَاهُمَا) لِأَنَّهُ إبْدَالُ ذِمَّةٍ بِأُخْرَى فَأَشْبَهَ الْحَوَالَةَ (وَالثَّالِثُ) يَسْقُطُ (بِرِضَا أَحَدِهِمَا) لِأَنَّ لِلْمَدِينِ أَدَاءَ الدَّيْنِ مِنْ حَيْثُ شَاءَ (وَالرَّابِعُ لَا يَسْقُطُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَإِنْ تَرَاضَيَا لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُعَاوَضَةِ كَإِبْدَالِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ. أَمَّا إذَا اخْتَلَفَا جِنْسًا أَوْ غَيْرَهُ مِمَّا مَرَّ فَلَا تَقَاصَّ كَمَا لَوْ كَانَا غَيْرَ نَقْدَيْنِ وَهُمَا مُتَقَوِّمَانِ مُطْلَقًا أَوْ مِثْلِيَّانِ وَلَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى ذَلِكَ عِتْقٌ، فَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ جَازَ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لَهُ (فَإِنْ فَسَخَهَا السَّيِّدُ) أَوْ الْعَبْدُ (فَلْيُشْهِدْ) نَدْبًا احْتِيَاطًا خَوْفَ النِّزَاعِ (فَلَوْ) (أَدَّى الْمُكَاتَبُ الْمَالَ فَقَالَ السَّيِّدُ) لَهُ (كُنْتُ فَسَخْتُ) قَبْلَ أَنْ تُؤَدِّيَ (فَأَنْكَرَهُ) الْعَبْدُ أَيْ أَصْلَ الْفَسْخِ أَوْ كَوْنَهُ قَبْلَ الْأَدَاءِ (صُدِّقَ الْعَبْدُ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا ادَّعَاهُ السَّيِّدُ فَلَزِمَتْهُ الْبَيِّنَةُ (وَالْأَصَحُّ بُطْلَانُ) الْكِتَابَةِ (الْفَاسِدَةِ بِجُنُونِ السَّيِّدِ وَإِغْمَائِهِ وَالْحَجْرِ عَلَيْهِ) بِالسَّفَهِ (لَا بِجُنُونِ الْعَبْدِ) لِأَنَّ الْحَظَّ لَهُ، فَإِذَا أَفَاقَ وَأَدَّى الْمُسَمَّى عَتَقَ وَثَبَتَ التَّرَاجُعُ. وَالثَّانِي بُطْلَانُهَا بِجُنُونِهَا لِجَوَازِهِمَا مِنْ الطَّرَفَيْنِ. وَالثَّالِثُ لَا فِيهِمَا لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهَا التَّعْلِيقُ وَهُوَ لَا يَبْطُلُ وَلَفْظُ الْإِغْمَاءِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الْمُحَرَّرِ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لَفُهِمَ الْجُنُونُ بِالْأَوْلَى (وَلَوْ ادَّعَى كِتَابَةً فَأَنْكَرَهُ سَيِّدُهُ أَوْ وَارِثُهُ صُدِّقَا) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالْيَمِينِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا (وَيَحْلِفُ الْوَارِثُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) وَالسَّيِّدُ عَلَى الْبَتِّ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَادَّعَاهَا السَّيِّدُ وَأَنْكَرَ الْعَبْدُ جُعِلَ إنْكَارُهُ تَعْجِيزًا مِنْهُ لِنَفْسِهِ، نَعَمْ إنْ اعْتَرَفَ السَّيِّدُ مَعَ ذَلِكَ بِأَدَاءِ الْمَالِ عَتَقَ بِإِقْرَارِهِ، وَالْأَقْرَبُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِمَا إذَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فِي عَدَمِ وُجُوبِ إيتَاءٍ) الْأَوْلَى حَذْفُ فِي، وَعِبَارَةُ حَجّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهَا إيتَاءٌ (قَوْلُهُ: إذَا عَتَقَ بِغَيْرِ جِهَةِ الْكِتَابَةِ) كَأَنْ نَجَّزَ السَّيِّدُ عِتْقَهُ (قَوْلُهُ: وَفِي عَدَمِ مَنْعِ رُجُوعِ الْأَصْلِ) يَعْنِي أَنَّ الْأَصْلَ إذَا وَهَبَ وَلَدَهُ عَبْدًا وَكَاتَبَهُ كِتَابَةً صَحِيحَةً امْتَنَعَ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ فِيهِ بِخِلَافِ الْفَاسِدَةِ (قَوْلُهُ: وَهُمَا مُتَقَوِّمَانِ مُطْلَقًا) تَرَتَّبَ عِتْقٌ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: فَسْخُهَا) أَيْ الْفَاسِدَةِ اهـ مَحَلِّيٌّ. وَمِثْلُهَا الصَّحِيحَةُ إذَا سَاغَ لِلسَّيِّدِ فَسْخُهَا بِأَنْ عَجَّزَ الْمُكَاتَبُ نَفْسَهُ أَوْ امْتَنَعَ أَوْ غَابَ عَلَى مَا مَرَّ، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا قَصَرَهُ عَلَى الْفَاسِدَةِ لِأَنَّ الْفَسْخَ بِهَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى سَبَبٍ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ الْمَالَ) أَيْ: أَوْ أَرَادَ تَأْدِيَتَهُ لِلسَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ) أَيْ لَا بِالْفَلَسِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: لَا بِجُنُونِ الْعَبْدِ) أَيْ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّحِيحَةُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِيهَا (قَوْلُهُ: فَإِذَا أَفَاقَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُؤَدِّيَ مِنْ مَالِهِ إنْ وَجَدَ لَهُ مَالًا، وَتَقَدَّمَ فِي الصَّحِيحَةِ أَنَّهُ يُؤَدِّي ذَلِكَ إنْ رَأَى لَهُ مَصْلَحَةً فِي الْحُرِّيَّةِ، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا نَصُّهُ: فَلَوْ أَفَاقَ فَأَدَّى الْمَالَ عَتَقَ وَتَرَاجَعَا، قَالَ فِي الْأَصْلِ: قَالُوا وَكَذَا لَوْ أَخَذَ السَّيِّدُ فِي جُنُونِهِ، وَقَالُوا يُنَصِّبُ الْحَاكِمُ مَنْ يَرْجِعُ لَهُ، قَالُوا: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَعْتِقَ بِأَخْذِ السَّيِّدِ هُنَا وَإِنْ قُلْنَا يَعْتِقُ فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ هُنَا التَّعْلِيقُ وَالصِّفَةُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهَا الْأَدَاءُ مِنْ الْعَبْدِ لَمْ تُوجَدْ اهـ (قَوْلُهُ: تَعْجِيزًا مِنْهُ لِنَفْسِهِ) أَيْ فَيَتَمَكَّنُ السَّيِّدُ مِنْ الْفَسْخِ الَّذِي كَانَ مُمْتَنِعًا عَلَيْهِ، وَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَفِي أَنَّهُ إذَا عَتَقَ بِجِهَةِ الْكِتَابَةِ لَمْ يَسْتَتْبِعْ وَلَدًا وَلَا كَسْبًا) هَذَا يُنَاقِصُ مَا مَرَّ لَهُ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكَالتَّعْلِيقِ فِي أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ بِإِبْرَاءٍ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَتْبَعُهُ كَسْبُهُ، فَالصَّوَابُ زِيَادَةُ لَفْظِ لَا قَبْلَ قَوْلِهِ بِجِهَةِ الْكِتَابَةِ لَكِنَّهُ لَا يَكُونُ حِينَئِذٍ مِمَّا تُخَالِفُ فِيهِ الصَّحِيحَةُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لِلْمَدِينِ أَدَاءَ الدَّيْنِ مِنْ حَيْثُ شَاءَ) أَيْ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَدِينٌ

تَعَمَّدَ الْإِنْكَارَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ (وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ النُّجُومِ) أَيْ الْأَوْقَاتِ أَوْ مَا يُؤَدَّى كُلَّ نَجْمٍ (أَوْ صِفَتِهَا) أَرَادَ بِهَا مَا يَشْمَلُ الْجِنْسَ وَالنَّوْعَ وَالصِّفَةَ وَقَدْرَ الْأَجَلِ وَلَا بَيِّنَةَ أَوْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ (تَحَالَفَا) كَمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ، نَعَمْ إنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا يُفْضِي لِفَسَادِهَا كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا هَلْ وَقَعَتْ عَلَى نَجْمٍ وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ صُدِّقَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ بِيَمِينِهِ نَظِيرَ مَا مَرَّ (ثُمَّ) بَعْدَ التَّحَالُفِ (إنْ لَمْ يَكُنْ) السَّيِّدُ (قَبَضَ مَا يَدَّعِيهِ لَمْ تَنْفَسِخْ الْكِتَابَةُ فِي الْأَصَحِّ) قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ (بَلْ إنْ لَمْ يَتَّفِقَا) عَلَى شَيْءٍ (فَسَخَ الْقَاضِي) الْكِتَابَةَ. وَالثَّانِي تَنْفَسِخُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ تَعَيُّنُ فَسْخِ الْقَاضِي لَكِنَّ الْأَصَحَّ فِي التَّحَالُفِ عَدَمُهُ، بَلْ هُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ الْحَاكِمُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، عَلَى أَنَّ تَنْصِيصَ الْمُصَنِّفِ عَلَى فَسْخِ الْقَاضِي لَا يَنْفِي غَيْرَهُ وَذَهَبَ الزَّرْكَشِيُّ إلَى الْأَوَّلِ (وَإِنْ) (كَانَ) السَّيِّدُ (قَبَضَهُ) أَيْ مَا ادَّعَاهُ بِتَمَامِهِ (وَقَالَ الْمُكَاتَبُ بَعْضُ الْمَقْبُوضِ) لَمْ تَقَعْ بِهِ الْكِتَابَةُ وَإِنَّمَا هُوَ (وَدِيعَةٌ) يَعْنِي أَوْدَعْتُهُ إيَّاهُ وَلَمْ أَدْفَعْهُ عَنْ جِهَةِ الْكِتَابَةِ (عَتَقَ) لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى وُقُوعِ الْعِتْقِ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ (وَرَجَعَ هُوَ) أَيْ الْمُكَاتَبُ (بِمَا أَدَّى) جَمِيعَهُ (وَ) رَجَعَ (السَّيِّدُ بِقِيمَتِهِ) أَيْ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ رَدُّ الْعِتْقِ (وَقَدْ يَتَقَاصَّانِ) حَيْثُ تَوَفَّرَتْ شُرُوطُ التَّقَاصِّ الْمَارَّةِ بِأَنْ تَلِفَ الْمُؤَدَّى وَكَانَ هُوَ أَوْ قِيمَتُهُ مِنْ جِنْسِ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَصِفَتِهَا (وَلَوْ) (قَالَ كَاتَبْتُكَ وَأَنَا مَجْنُونٌ أَوْ مَحْجُورٌ عَلَيَّ) بِسَفَهٍ طَرَأَ (فَأَنْكَرَ الْعَبْدُ) وَقَالَ بَلْ كُنْتَ عَاقِلًا (صُدِّقَ السَّيِّدُ) بِيَمِينِهِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (إنْ عُرِفَ سَبْقُ مَا ادَّعَاهُ) لِقُوَّةِ جَانِبِهِ بِذَلِكَ بِكَوْنِ الْأَصْلِ بَقَاءَهُ وَمِنْ ثَمَّ صَدَّقْنَاهُ مَعَ كَوْنِهِ مُدَّعِيًا لِلْفَسَادِ عَلَى خِلَافِ الْقَاعِدَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُصَدَّقْ مَنْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ ثُمَّ ادَّعَى ذَلِكَ وَإِنْ عُهِدَ لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِثَالِثٍ بِخِلَافِهِ هُنَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ (فَالْعَبْدُ) هُوَ الْمُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ لِضَعْفِ جَانِبِ السَّيِّدِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ مَا ادَّعَاهُ (وَلَوْ) (قَالَ السَّيِّدُ وَضَعْت عَنْكَ النَّجْمَ الْأَوَّلَ أَوْ) قَالَ وَضَعْتُ (الْبَعْضَ فَقَالَ) الْمُكَاتَبُ (بَلْ) وَضَعْتُ النَّجْمَ (الْأَخِيرَ أَوْ الْكُلَّ صُدِّقَ) (السَّيِّدُ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِإِرَادَتِهِ وَفِعْلِهِ، وَإِنَّمَا تَظْهَرُ فَائِدَةُ اخْتِلَافِهِمَا إذَا كَانَ النَّجْمَانِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي الْقَدْرِ، فَإِنْ تَسَاوَيَا فَلَا فَائِدَةَ تَرْجِعُ إلَى التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ، وَإِدْخَالُ الْمُصَنِّفِ الْأَلِفَ وَاللَّامَ عَلَى الْبَعْضِ وَالْكُلِّ قَلِيلٌ (وَلَوْ) (مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ وَعَبْدٍ فَقَالَ) لَهُمَا وَهُمَا كَامِلَانِ (كَاتَبَنِي أَبُوكُمَا) (، فَإِنْ أَنْكَرَ) ذَلِكَ (صُدِّقَا) بِيَمِينِهِمَا عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِمَا بِكِتَابَةِ أَبِيهِمَا، وَهَذَا وَإِنْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ آنِفًا أَوْ وَارِثِهِ لَكِنَّهُ أَعَادَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (وَإِنْ صَدَّقَاهُ) أَوْ قَامَتْ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ (فَمُكَاتَبٌ) عَمَلًا بِقَوْلِهِمَا أَوْ الْبَيِّنَةِ (فَإِنْ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ) أَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ نَصِيبِهِ مِنْ النُّجُومِ (فَالْأَصَحُّ) أَنَّهُ (لَا يَعْتِقُ) لِعَدَمِ تَمَامِ مِلْكِهِ (بَلْ يُوقَفُ، فَإِنْ أَدَّى نَصِيبَ آخَرَ عَتَقَ كُلُّهُ وَوَلَاؤُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSيَنْفَسِخُ بِنَفْسِ التَّعْجِيزِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا عَجَّزَ نَفْسَهُ تَخَيَّرَ سَيِّدُهُ بَيْنَ الصَّبْرِ وَالْفَسْخِ، وَمِنْ ثَمَّ عَبَّرَ هُنَا بِقَوْلِهِ جُعِلَ إنْكَارُهُ تَعْجِيزًا وَلَمْ يَقُلْ فَسْخًا (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ) أَيْ وَتُقْبَلُ مِنْهُ دَعْوَى الْعُذْرِ إنْ قَامَتْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ مَحْجُورٌ عَلَيَّ بِسَفَهٍ) قَيَّدَ بِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ إنْ عُرِفَ (قَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِثَالِثٍ) وَهُوَ الزَّوْجَةُ، وَمِثْلُ النِّكَاحِ الْبَيْعُ، وَلَوْ قَالَ كُنْتُ وَقْتَ الْبَيْعِ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا لَمْ يُقْبَلْ وَإِنْ أَمْكَنَ الصِّبَا وَعَهْدُ الْجُنُونِ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ مَحْضَةٌ وَالْإِقْدَامُ عَلَيْهَا يَقْتَضِي اسْتِجْمَاعَ شَرَائِطِهَا، بِخِلَافِ الضَّمَانِ وَالطَّلَاقِ وَالْقَتْلِ اهـ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: أَيْ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ إنْ عُرِفَ (قَوْلُهُ: عَلَى الْبَعْضِ وَالْكُلِّ) الْأَوْلَى بَعْضٌ وَكُلٌّ (قَوْلُهُ: صُدِّقَا بِيَمِينِهِمَا) هُوَ ظَاهِرٌ إنْ وَقَعَتْ الدَّعْوَى عَلَيْهِمَا بِأَنْ كَانَا حَاضِرَيْنِ، فَإِنْ وَقَعَتْ الدَّعْوَى عَلَى أَحَدِهِمَا وَصَدَقَ كَاتَبَ نَصِيبَهُ وَوَقَفَ نَصِيبُ الْآخَرِ إلَى حُضُورِهِ فَإِنْ حَلَفَ كَاتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا وَبَقِيَتْ حِصَّةُ الْآخَرِ عَلَى الرِّقِّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَعْتَقَ) أَيْ نَجَّزَ عِتْقَهُ (قَوْلُهُ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ لَمْ تَقَعْ بِهِ الْكِتَابَةُ) أَرَادَ إصْلَاحَ الْمَتْنِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ بَلْ كُنْت عَاقِلًا) لَعَلَّ الْأَصْوَبَ كُنْت كَامِلًا كَمَا فِي عِبَارَةِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لِقُوَّةِ جَانِبِهِ بِذَلِكَ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ فَقَوِيَ جَانِبُهُ

[كتاب أمهات الأولاد]

لِلْأَبِ) لِأَنَّهُ عَتَقَ بِحُكْمِ الْكِتَابَةِ ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَيْهِمَا بِالْعُصُوبَةِ (وَإِنْ عَجَزَ قُوِّمَ عَلَى الْمُعْتِقِ إنْ كَانَ مُوسِرًا) وَقْتَ الْعَجْزِ وَوَلَاؤُهُ كُلُّهُ لَهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا (فَنَصِيبُهُ حُرٌّ وَالْبَاقِي قِنٌّ لِلْآخَرِ. قُلْت: بَلْ الْأَظْهَرُ) الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ (الْعِتْقُ) فِي الْحَالِ لِمَا أُعْتِقَ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ أَبْرَأَهُ أَحَدُهُمَا عَنْ نَصِيبِهِ مِنْ النُّجُومِ، وَكَمَا لَوْ كَاتَبَا قِنًّا وَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ لَكِنْ لَا سِرَايَةَ هُنَا لِأَنَّ الْوَارِثَ نَائِبُ الْمَيِّتِ وَهُوَ لَا سِرَايَةَ عَلَيْهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عَتَقَ نَصِيبُ الْآخَرِ بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ أَوْ إعْتَاقٍ كَانَ الْوَلَاءُ عَلَى الْمُكَاتَبِ لِلْأَبِ ثُمَّ لَهُمَا عُصُوبَةً كَمَا مَرَّ وَإِنْ عَجَّزَهُ بِشَرْطِهِ عَادَ قِنًّا وَلَا سِرَايَةَ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْكِتَابَةَ السَّابِقَةَ تَقْتَضِي حُصُولَ الْعِتْقِ بِهَا وَالْمَيِّتُ لَا سِرَايَةَ عَلَيْهِ. (وَإِنْ صَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا فَنَصِيبُهُ مُكَاتَبٌ) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ، وَلَا يَضُرُّ التَّشْقِيصُ لِأَجْلِ الْحَاجَةِ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِكِتَابَةِ عَبْدٍ فَلَمْ يُخْرِجْ إلَّا بَعْضَهُ (وَنَصِيبُ الْمُكَذِّبِ قِنٌّ) لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ اسْتِصْحَابًا لِأَصْلِ الرِّقِّ فَنِصْفُ الْكَسْبِ لَهُ وَنِصْفُهُ لِلْمُكَاتَبِ (فَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمُصَدِّقُ) أَيْ كُلُّهُ أَوْ نَصِيبَهُ مِنْهُ (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا) لِزَعْمِ مُنْكِرِ الْكِتَابَةِ أَنَّهُ رَقِيقٌ كُلُّهُ لَهُمَا، فَإِذَا أَعْتَقَ صَاحِبُهُ نَصِيبَهُ سَرَّى إلَيْهِ عَمَلًا بِزَعْمِهِ كَمَا لَوْ قَالَ لِشَرِيكِهِ أَعْتَقْت نَصِيبَك وَأَنْتَ مُوسِرٌ فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ وَيُحْكَمُ بِالسِّرَايَةِ إلَى نَصِيبِهِ، لَكِنْ لَمَّا أُثْبِتَتْ السِّرَايَةُ فِي هَذِهِ بِمَحْضِ إقْرَارِ ذِي النَّصِيبِ لَمْ تَجِبْ لَهُ قِيمَةٌ. وَأَمَّا مَا فِي مَسْأَلَتِنَا فَهِيَ إنَّمَا تَثْبُتُ اسْتِلْزَامًا لِزَعْمِ الْمُنْكِرِ لَا لِإِقْرَارِهِ فَكَانَتْ إتْلَافًا لِنَصِيبِهِ فَوَجَبَتْ قِيمَتُهُ لَهُ، وَخَرَجَ بِأَعْتَقَ عِتْقُهُ عَلَيْهِ بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ فَلَا يَسْرِي وَفِي قَوْلٍ لَا يُقَوَّمُ فَلَا يَعْتِقُ، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ وَاسْتِشْكَالُ جَمْعِ السِّرَايَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّ حِصَّةَ الْمُصَدِّقِ مَحْكُومٌ بِكِتَابَتِهَا ظَاهِرًا، وَالْمُصَدِّقُ لَمْ يَعْتَرِفْ بِغَيْرِ ذَلِكَ، وَيَزْعُمُ أَنَّ نَصِيبَ شَرِيكِهِ مُكَاتَبٌ أَيْضًا، وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ السِّرَايَةِ فَكَيْفَ يَلْزَمُ الْمُصَدِّقَ حُكْمُهَا مَعَ عَدَمِ اعْتِرَافِهِ بِمُوجِبِهَا. أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُكَذِّبَ يَزْعُمُ أَنَّ الْجَمِيعَ قِنٌّ، وَمُقْتَضَاهُ نُفُوذُ إعْتَاقِ شَرِيكِهِ وَسَرَايَتِهِ كَمَا لَوْ قَالَ شَرِيكُهُ فِي عَبْدٍ قِنٍّ قَدْ أَعْتَقْت نَصِيبَك وَأَنْتَ مُوسِرٌ فَإِنَّا نُؤَاخِذُهُ وَنَحْكُمُ بِالسِّرَايَةِ إلَى نَصِيبِهِ، لَكِنْ هُنَاكَ لَمْ يَلْزَمْ شَرِيكَهُ الْقِيمَةُ لِعَدَمِ ثُبُوتِ إعْتَاقِهِ وَهُنَا لَمْ تَثْبُتْ السِّرَايَةُ بِإِقْرَارِ الْمُكَذِّبِ، وَهِيَ مِنْ أَثَرِ إعْتَاقِ الْمُصَدِّقِ وَإِعْتَاقُهُ ثَابِتٌ، فَهُوَ بِإِعْتَاقِهِ مُتْلِفٌ لِنَصِيبِ شَرِيكِهِ بِالطَّرِيقِ الْمَذْكُورِ وَيَضْمَنُ قِيمَةَ مَا أَتْلَفَهُ. كِتَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ خَتَمَ الْمُصَنِّفُ كِتَابَهُ بِأَبْوَابِ الْعِتْقِ رَجَاءَ أَنْ يُعْتِقَهُ اللَّهُ مِنْ النَّارِ، وَأَخَّرَ عَنْهَا هَذَا الْكِتَابَ لِأَنَّ الْعِتْقَ فِيهِ يَسْتَعْقِبُ الْمَوْتَ الَّذِي هُوَ خَاتِمَةُ أَمْرِ الْعَبْدِ فِي الدُّنْيَا وَيَتَرَتَّبُ الْعِتْقُ فِيهِ عَلَى عَمَلٍ عَمِلَهُ الْعَبْدُ فِي حَيَاتِهِ، وَالْعِتْقُ فِيهِ قَهْرِيٌّ مَشُوبُ بِقَضَاءِ أَوْطَارٍ ـــــــــــــــــــــــــــــSضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَيْهِمَا) أَيْ الْوَلَاءُ (قَوْلُهُ لَكِنْ لَمَّا أَثْبَتَ السِّرَايَةَ فِي هَذِهِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ كَمَا لَوْ قَالَ لِشَرِيكِهِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا فِي مَسْأَلَتِنَا) هِيَ قَوْلُهُ فَالْمَذْهَبُ (قَوْلُهُ: فَهِيَ إنَّمَا تَثْبُتُ) هِيَ قَوْلُهُ وَيُحْكَمُ بِالسِّرَايَةِ إلَى نَصِيبِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّا نُؤَاخِذُهُ) أَيْ الْقَائِلَ وَيُحْكَمُ بِالسِّرَايَةِ إلَى نَصِيبِهِ (قَوْلُهُ: وَيَضْمَنُ قِيمَةَ مَا أَتْلَفَهُ) أَيْ فَوَّتَهُ الْعِتْقَ عَلَيْهِ، وَهَذَا مِنْ الْإِسْنَادِ الْمَجَازِيِّ، وَالْأَصْلُ مَا فَوَّتَهُ الْمُصَدِّقُ عَلَى الْمُكَذِّبِ بِالْعِتْقِ. كِتَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعِتْقَ فِيهِ يَسْتَعْقِبُ) الْأَوْلَى يُعْقِبُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْعِتْقُ فِيهِ) أَيْ فِي هَذَا الْبَابِ (قَوْلُهُ: أَوْطَارٍ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ أُجِيبَ عَنْهُ إلَخْ) هَذَا الْجَوَابُ مَحْضُ تَكْرِيرٍ لِمَا مَرَّ قُبَيْلَهُ فَتَأَمَّلْ. [كِتَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ] ِ (قَوْلُهُ: وَأَخَّرَ عَنْهَا) الْأَنْسَبُ وَأَخَّرَ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَيَتَرَتَّبُ الْعِتْقُ فِيهِ عَلَى عَمَلٍ إلَخْ) اُنْظُرْ وَجْهَ دُخُولِ هَذَا فِي مُنَاسَبَةِ الْخَتْمِ (قَوْلُهُ وَالْعِتْقُ فِيهِ قَهْرِيٌّ) هَذَا هُوَ الَّذِي جَعَلَهُ فِي التُّحْفَةِ مُنَاسَبَةَ الْخَتْمِ، أَيْ لِأَنَّهُ بِسَبَبِ قَهْرِيَّتِهِ أَقْوَى مِنْ

وَهُوَ قُرْبَةٌ فِي حَقِّ مَنْ قَصَدَ بِهِ حُصُولَ وَلَدٍ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ عِتْقٍ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ قَامَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْعِتْقَ مِنْ الْقُرُبَاتِ سَوَاءٌ الْمُنَجَّزُ وَالْمُعَلَّقُ. وَأَمَّا تَعْلِيقُهُ فَإِنْ قُصِدَ بِهِ حَثٌّ أَوْ مَنْعٌ أَوْ تَحْقِيقُ خَبَرٍ فَلَيْسَ بِقُرْبَةٍ وَإِلَّا فَهُوَ قُرْبَةٌ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْعِتْقَ بِاللَّفْظِ أَقْوَى مِنْ الِاسْتِيلَادِ لِتَرَتُّبِ مُسَبَّبِهِ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ وَتَأَخُّرِهِ فِي الِاسْتِيلَادِ وَلِحُصُولِ السَّبَبِ بِالْقَوْلِ قَطْعًا بِخِلَافِ الِاسْتِيلَادِ لِجَوَازِ مَوْتِ الْمُسْتَوْلَدَةِ أَوَّلًا وَلِأَنَّ الْعِتْقَ بِالْقَوْلِ مَجْمَعٌ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الِاسْتِيلَادِ. وَأُمَّهَاتٌ: بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا مَعَ فَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا جَمْعُ أُمَّهَةٍ أَصْلُ أُمٍّ أَوْ جَمْعُ أُمٍّ، وَأَصْلُهَا أَمْهَةٌ بِدَلِيلِ جَمْعِهَا عَلَى ذَلِكَ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ. قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْأُمَّهَاتُ لِلنَّاسِ وَالْأُمَّاتُ لِلْبَهَائِمِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: يُقَالُ فِيهِمَا أُمَّهَاتٌ وَأُمَّاتٌ، لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَكْثَرُ فِي النَّاسِ وَالثَّانِي أَكْثَرُ فِي غَيْرِهِمْ وَأَنْشَدَ الزَّمَخْشَرِيّ لِلْمَأْمُونِ بْنِ الرَّشِيدِ: وَإِنَّمَا أُمَّهَاتُ النَّاسِ أَوْعِيَةٌ ... مُسْتَوْدَعَاتٌ وَلِلْآبَاءِ أَبْنَاءُ وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ مَجْمُوعُ أَحَادِيثَ عَضَّدَ بَعْضُهَا بَعْضًا، كَخَبَرِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي مَارِيَةَ أُمِّ إبْرَاهِيمَ لَمَّا وَلَدَتْ أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا» أَيْ أَثْبَتَ لَهَا حَقَّ الْحُرِّيَّةِ رَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَقَالَ: إنَّهُ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حَزْمٍ أَيْضًا، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَذَكَرَ ابْنُ الْقَطَّانِ لَهُ إسْنَادًا آخَرَ وَقَالَ إنَّهُ جَيِّدٌ اهـ. وَقَوْلِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَلَا عَبْدًا وَلَا أَمَةَ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ. وَكَانَتْ مَارِيَةُ مِنْ جُمْلَةِ الْمُخَلَّفِ عَنْهُ، وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ أَعْتَقَهَا فِي حَيَاتِهِ وَلَا عَلَّقَ عِتْقَهَا بِوَفَاتِهِ، وَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ «قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا نَأْتِي السَّبَايَا وَنُحِبُّ أَثْمَانَهُنَّ فَمَا تَرَى فِي الْعَزْلِ؟ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَغْرَاضٍ (قَوْلُهُ: فِي حَقِّ مَنْ قُصِدَ بِهِ) أَيْ بِالْوَطْءِ الْمُؤَدِّي لِلْإِحْبَالِ (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْعِتْقَ بِاللَّفْظِ أَقْوَى) أَيْ مِنْ حَيْثُ الثَّوَابِ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى عِتْقِ الْمُسْتَوْلَدَةِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْإِعْتَاقِ الْمُنَجَّزِ بِاللَّفْظِ، وَمِنْهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعْتِقُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْ الْعَتِيقِ عُضْوًا مِنْ الْمُعْتِقِ (قَوْلُهُ أَوْ جَمْعُ أُمٍّ) أَيْ أَوْ هُوَ جَمْعُ أُمٍّ بِدَلِيلِ جَمْعِهَا عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْأَوَّلَ) وَهُوَ أُمَّهَاتٌ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ (قَوْلُهُ: وَأَنْشَدَ) هَذَا يَجْرِي عَلَى الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: لِلْمَأْمُونِ) أَيْ مِنْ كَلَامِ الْمَأْمُونِ لَا أَنَّهُ خَاطَبَهُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَكَانَتْ مَارِيَةُ مِنْ جُمْلَةِ الْمُخَلَّفِ عَنْهُ) أَيْ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى عِتْقِهَا بِوَفَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـــــــــــــــــــــــــــــQغَيْرِهِ، وَلَا دَخْلَ لِقَوْلِهِ مَشُوبٌ إلَخْ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ فَائِدَةٍ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التُّحْفَةِ، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْعِتْقَ بِاللَّفْظِ أَقْوَى (قَوْلُهُ: وَهُوَ قُرْبَةٌ) لَعَلَّ الضَّمِيرَ لِقَضَاءِ أَوْطَارٍ (قَوْلُهُ: وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ عِتْقٍ وَغَيْرِهِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ كَمَا لَا يَخْفَى، وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْغَيْرِ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ الْمُنَجَّزُ وَالْمُعَلَّقُ) اُنْظُرْ الْإِيلَادَ مِنْ أَيِّهِمَا (قَوْلُهُ وَالْمُعَلَّقُ) شَمَلَ مَا إذَا كَانَ التَّعْلِيقُ لِحَثٍّ أَوْ مَنْعٍ أَوْ تَحْقِيقِ خَبَرٍ، وَفِيهِ وَقْفَةٌ لَا تَخْفَى (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْعِتْقَ بِاللَّفْظِ أَقْوَى) أَيْ الْعِتْقُ الْمُنَجَّزُ بِدَلِيلِ تَعْلِيلِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْعِتْقَ) أَيْ الْمُنَجَّزُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: جَمْعُ أُمَّهَةٌ إلَخْ) عِبَارَةُ الْجَوْهَرِيِّ: الْأُمَّهَةُ أَصْلُ قَوْلِهِمْ أُمٌّ، وَالْجَمْعُ أُمَّهَاتٌ وَأُمَّاتٌ انْتَهَتْ. وَالشَّارِحُ أَوْهَمَ بِقَوْلِهِ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مَقُولُ الْجَوْهَرِيِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا عَلِمْت. (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ جَمْعِهَا) أَيْ وَالْجَمْعُ يَرُدُّ الْأَشْيَاءَ إلَى أُصُولِهَا (قَوْلُهُ: وَأَنْشَدَ الزَّمَخْشَرِيّ لِلْمَأْمُونِ) أَيْ أَنْشَدَ مِنْ شِعْرِ الْمَأْمُونِ، وَإِلَّا فَالْمَأْمُونُ مَاتَ قَبْلَهُ بِأَزْمِنَةٍ كَثِيرَةٍ فَقَدْ مَاتَ الشَّافِعِيُّ فِي زَمَنِهِ (قَوْلُهُ: عَضَّدَ بَعْضُهَا بَعْضًا) أَيْ إنَّ الدَّلِيلَ لَا يَتَقَوَّمُ إلَّا بِالنَّظَرِ لِمَجْمُوعِهَا لِأَنَّ الصَّحِيحَ مِنْهَا لَيْسَ صَرِيحًا فِي الْمُرَادِ، وَالصَّرِيحُ فِيهِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ (قَوْلُهُ: فِي الْحَدِيثِ «فَمَا تَرَى فِي الْعَزْلِ» ) ظَاهِرُ هَذَا اللَّفْظِ أَنَّهُ يَسْتَشِيرُهُ فِي أَمْرِ الْعَزْلِ وَعَدَمِهِ لَا أَنَّهُ يَسْأَلُهُ عَنْ الْحُكْمِ مِنْ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ وَيَدُلُّ لَهُ الْجَوَابُ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا» مَعْنَاهُ: أَنْ لَا تَفْعَلُوا مَا سَأَلْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ الْعَزْلِ بِأَنْ تَنْزِلُوا فِيهِنَّ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْإِنْزَالِ الْإِحْبَالُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ

فَقَالَ: مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا، مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إلَّا وَهِيَ كَائِنَةٌ» وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ «فَكَانَ مِنَّا مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَتَّخِذَ أَهْلًا وَمِنَّا مَنْ يُرِيدُ الْبَيْعَ فَتَرَاجَعْنَا فِي الْعَزْلِ» الْحَدِيثَ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «فَطَالَتْ عَلَيْنَا الْغُرْبَةُ وَرَغِبْنَا فِي الْفِدَاءِ وَأَرَدْنَا أَنْ نَسْتَمْتِعَ وَنَعْزِلَ» قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَوْلَا أَنَّ الِاسْتِيلَادَ يَمْنَعُ مِنْ نَقْلِ الْمِلْكِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِعَزْلِهِمْ لِأَجْلِ مَحَبَّةِ الْأَثْمَانِ فَائِدَةٌ. وَخَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَالَ أَيُّمَا أَمَةٍ وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا فَهِيَ حُرَّةٌ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالْحَاكِمُ، وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: لَهُ طُرُقٌ. وَفِي رِوَايَةٍ لِلدَّارَقُطْنِيِّ وَالْبَيْهَقِيِّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا «أُمُّ الْوَلَدِ حُرَّةٌ وَإِنْ كَانَ سِقْطًا» وَخَبَرُ «أُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ لَا يُبَعْنَ وَلَا يُوهَبْنَ وَلَا يُورَثْنَ يَسْتَمْتِعُ مِنْهَا سَيِّدُهَا مَا دَامَ حَيًّا، فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَا وَقْفَهُ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَخَالَفَ ابْنُ الْقَطَّانِ فَصَحَّحَ رَفْعَهُ وَحَسَّنَهُ وَقَالَ رُوَاتُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ. ، وَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا» وَفِي رِوَايَةٍ " رَبَّهَا " أَيْ سَيِّدَهَا، فَأَقَامَ الْوَلَدَ مَقَامَ أَبِيهِ وَأَبُوهُ حُرٌّ فَكَذَا هُوَ، وَقَدْ اسْتَنْبَطَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - امْتِنَاعَ بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 22] فَقَالَ: وَأَيُّ قَطِيعَةٍ أَقْطَعُ مِنْ أَنْ تُبَاعَ أُمُّ امْرِئٍ مِنْكُمْ. وَكَتَبَ إلَى الْآفَاقِ: لَا تُبَاعُ أُمُّ امْرِئٍ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ قَطِيعَةٌ وَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مُطَوَّلًا، وَإِنَّمَا قَدَّمْتُ ذِكْرَ الْأَدِلَّةِ لِأَنَّ رُتْبَةَ الدَّلِيلِ الْعَامِّ التَّقْدِيمُ، وَقَدْ قَالَ الْفَخْرُ الرَّازِيّ: إنَّ الْمُحَقِّقِينَ جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِأَنَّهُمْ يَذْكُرُونَ أَوَّلَ الْبَابِ مَا هُوَ الْأَصْلُ وَالْقَاعِدَةُ ثُمَّ يُخَرِّجُونَ عَلَيْهِ الْمَسَائِلَ. (إذَا أَحْبَلَ أَمَتَهُ فَوَلَدَتْ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا أَوْ مَا يَجِبُ فِيهِ غُرَّةٌ) كَمُضْغَةٍ فِيهَا صُورَةُ آدَمِيٍّ ظَاهِرَةٌ أَوْ خَفِيَّةٌ أَخْبَرَ بِهَا الْقَوَابِلُ وَيُعْتَبَرُ أَرْبَعٌ مِنْهُنَّ أَوْ رَجُلَانِ خَبِيرَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ (عَتَقَتْ بِمَوْتِ السَّيِّدِ) لِمَا مَرَّ، وَلِأَنَّ وَلَدَهَا كَالْجُزْءِ مِنْهَا وَقَدْ انْعَقَدَ حُرًّا فَاسْتَتْبَعَ الْبَاقِيَ كَالْعِتْقِ، لَكِنَّ الْعِتْقَ فِيهِ قُوَّةٌ مِنْ حَيْثُ صَرَاحَةِ اللَّفْظِ فَأَثَّرَ فِي الْحَالِ وَهَذَا فِيهِ ضَعْفٌ فَأَثَّرَ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ " أُمُّ الْوَلَدِ أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا عَلَيْكُمْ) أَيْ مَا عَلَيْكُمْ ضَرَرٌ فِي عَدَمِ الْعَزْلِ (قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ» ) أَيْ فِي عِلْمِ اللَّهِ، وَقَوْلُهُ إلَّا وَهِيَ كَائِنَةٌ: أَيْ مَخْلُوقَةٌ مُصَوَّرَةٌ «قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيُّمَا أَمَةٍ» مُبْتَدَأٌ وَمَا زَائِدَةٌ. (قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهِيَ حُرَّةٌ عَنْ دُبُرٍ) أَيْ بَعْدَ آخَرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاتِهِ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الدُّبُرُ بِضَمَّتَيْنِ وَسُكُونِ الْبَاءِ خِلَافُ الْقُبُلِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَمِنْهُ يُقَالُ لِآخِرِ الْأَمْرِ دُبُرٌ، وَأَصْلُهُ مَا أَدْبَرَ عَنْهُ الْإِنْسَانُ اهـ (قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمُّ الْوَلَدِ حُرَّةٌ) أَيْ آيِلَةٌ لِلْحُرِّيَّةِ (قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَمْتِعُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ أُمِّ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ) إنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ كَثْرَةِ الْفُتُوحَاتِ وَكَثْرَةِ الْجَوَارِي بِأَيْدِي الْمُسْلِمِينَ وَذَلِكَ مِنْ عَلَامَاتِ السَّاعَةِ، وَقِيلَ إنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا لِأَنَّ السَّيِّدَ قَدْ يَطَأُ أَمَتَهُ فَتَحْبَلُ مِنْهُ أَوْ تَلِدُ ثُمَّ يَبِيعُهَا رَغْبَةً فِي ثَمَنِهَا، فَإِذَا كَبِرَ وَلَدُهَا اشْتَرَاهَا وَهُوَ لَا يَدْرِي أَنَّهَا أُمُّهُ فَيَصْدُقُ أَنَّهَا وَلَدَتْ سَيِّدَهَا الْمَالِكَ لَهَا صُورَةً (قَوْلُهُ: وَقَدْ اسْتَنْبَطَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَخْ) لَا يُقَالُ: لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَحَادِيثِ. لِأَنَّا نَقُولُ: الْمُخَالِفُ فِي ذَلِكَ قَدْ يُؤَوِّلُ الْأَحَادِيثَ بِأَنَّ مَارِيَةَ إنَّمَا حَرُمَ بَيْعُهَا احْتِرَامًا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا حُرِّمَتْ زَوْجَاتُهُ عَلَى غَيْرِهِ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَكَتَبَ إلَى الْآفَاقِ) أَيْ النَّوَاحِي (قَوْلُهُ وَالْقَاعِدَةُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: إذَا أَحْبَلَ أَمَتَهُ إلَخْ) وَفِي خَصَائِصِ الْخَيْضَرِيِّ أَنَّ الْحُكْمَ الْمُتَرَتَّبَ عَلَى الِاسْتِيلَادِ خَاصٌّ بِهَذِهِ الْأَمَةِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ الْأَدِلَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْجَوَابِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ) لَيْسَ هَذَا مِنْ الْحَدِيثِ وَإِنَّمَا بَيَّنَ بِهِ الشَّارِحُ الْمُرَادَ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَأَبُوهُ حُرٌّ فَكَذَا هُوَ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ دَلَالَتِهِ عَلَى حُرِّيَّتِهِمَا (قَوْلُهُ: أَوْ رَجُلَانِ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْقَوَابِلِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ وَلَدَهَا) أَيْ مِمَّنْ لَهُ الْإِعْتَاقُ فَلَا يَرِدُ نَحْوُ الْمَوْطُوءَةِ بِظَنِّ الْحُرِّيَّةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ صَرَاحَةُ اللَّفْظِ)

وَإِنْ كَانَ سِقْطًا " وَصَرَّحَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِرِوَايَتِهِ عَنْ عُمَرَ، نَعَمْ لَوْ مَاتَ بَعْدَ انْفِصَالِ بَعْضِهِ ثُمَّ انْفَصَلَ بَاقِيهِ لَمْ تَعْتِقْ إلَّا بِتَمَامِ انْفِصَالِهِ، وَشَمِلَ قَوْلُهُ أَحْبَلَ إحْبَالَهُ بِوَطْءٍ حَلَالٍ أَوْ حَرَامٍ بِسَبَبِ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ إحْرَامٍ أَوْ فَرْضِ صَوْمٍ أَوْ اعْتِكَافٍ، أَوْ لِكَوْنِهِ قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا، أَوْ لِكَوْنِهِ ظَاهَرَ مِنْهَا ثُمَّ مَلَكَهَا قَبْلَ التَّكْفِيرِ، أَوْ لِكَوْنِهَا مَحْرَمًا لَهُ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ، أَوْ لِكَوْنِهَا مُزَوَّجَةً أَوْ مُعْتَدَّةً أَوْ مَجُوسِيَّةً أَوْ وَثَنِيَّةً أَوْ مُرْتَدَّةً أَوْ مُكَاتَبَةً، أَوْ لِكَوْنِهَا مُسْلِمَةً وَهُوَ كَافِرٌ، وَتَعْبِيرُهُ بِالْإِحْبَالِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، فَلَوْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَهُ أَوْ مَاءَهُ الْمُحْتَرَمَ وَعَلِقَتْ مِنْهُ ثَبَتَ إيلَادُهَا وَعَتَقَتْ بِمَوْتِهِ، وَعُلِمَ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْإِحْبَالِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يُولَدُ لِمِثْلِهِ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ عَاقِلًا وَمَجْنُونًا وَمُخْتَارًا وَمُكْرَهًا وَمَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ ثُمَّ وَطِئَهَا وَأَتَتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْ وَطْئِهِ فِي النِّكَاحِ وَمِنْ وَطْئِهِ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ، وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالْأَمَةِ حَقُّ الْغَيْرِ وَإِلَّا لَمْ يَنْفُذْ الْإِيلَادُ كَمَا لَوْ أَوْلَدَ رَاهِنٌ مُعْسِرٌ مَرْهُونَةً بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ إلَّا إنْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ فَرْعَهُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ، فَإِنْ انْفَكَّ الرَّهْنُ نَفَذَ فِي الْأَصَحِّ، وَكَمَا لَوْ أَوْلَدَ مَالِكٌ مُعْسِرٌ أَمَتَهُ الْجَانِيَةَ الْمُتَعَلِّقُ بِرَقَبَتِهَا مَالٌ، وَإِلَّا إنْ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فَرْعُ مَالِكِهَا، وَكَمَا لَوْ أَوْلَدَ مَحْجُورُ فَلَسٍ أَمَتَهُ كَمَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ الدَّمِيرِيِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَإِنْ ذَهَبَ الْغَزَالِيُّ إلَى النُّفُوذِ وَرَجَّحَهُ فِي الْمَطْلَبِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَابْنُ النَّقِيبِ: إنَّهُ الَّذِي يَظْهَرُ الْقَطْعُ بِهِ لِأَنَّ حَجْرَ الْفَلَسِ دَائِرٌ بَيْنَ حَجْرِ السَّفَهِ وَالْمَرَضِ وَكِلَاهُمَا يَنْفُذُ مَعَهُ الْإِيلَادُ، فَقَدْ رُدَّ بِأَنَّهُ امْتَازَ عَنْ حَجْرِ الْمَرَضِ بِعُمُومِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِيمَا مَعَهُ وَعَنْ حَجْرِ السَّفَهِ بِكَوْنِهِ لِحَقِّ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ سِقْطًا) تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَيَجُوزُ أَنَّهُ قَالَهُ ثُمَّ لِعِلْمِهِ بِهِ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَوْ أَنَّهُ قَالَهُ اجْتِهَادًا مِنْهُ أَوْ لِرِوَايَتِهِ عَنْ غَيْرِ عُمَرَ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ مَاتَ) أَيْ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ: لَمْ تَعْتِقْ) أَيْ لَمْ يَتَبَيَّنْ عِتْقُهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَعَتَقَتْ بِمَوْتِهِ) وَمِنْ اسْتِدْخَالِ الْمَنِيِّ مَا لَوْ سَاحَقَتْ زَوْجَتُهُ أَمَتَهُ أَوْ إحْدَى أَمَتَيْهِ الْأُخْرَى فَنَزَلَ مَا بِفَرْجِ الْمُسَاحَقَةِ فَحَصَلَ مِنْهُ حَمْلٌ فَتَعْتِقُ بِمَوْتِهِ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يُولَدُ لِمِثْلِهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا أَتَتْ بِهِ لِتِسْعِ سِنِينَ وَمُدَّةِ إمْكَانِ الْحَمْلِ حُكِمَ بِاسْتِيلَادِهَا وَإِنْ لَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهِ، وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِخِلَافِهِ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ وَطِئَ صَبِيٌّ لَمْ يَسْتَكْمِلْ تِسْعَ سِنِينَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ كَلَامُهُ) لَعَلَّ وَجْهَ الشُّمُولِ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ إذَا أَحْبَلَ الْأَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ أَحْبَلَهَا فِي الْمِلْكِ يَقِينًا أَوْ احْتِمَالًا، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي الْحُكْمِ بِالِاسْتِيلَادِ مِنْ أَصْلِهِ مَعَ احْتِمَالِ أَنَّ الْعُلُوقَ قَبْلَ الْمِلْكِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الِاسْتِيلَادِ فَحَقُّهُ أَنْ لَا يَثْبُتَ مَعَ الشَّكِّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْحَادِثَ يُقَدَّرُ بِأَقْرَبِ زَمَانٍ فَإِضَافَتُهُ إلَى مَا بَعْدَ الْمِلْكِ أَقْرَبُ لَكِنْ يُشْكِلُ هَذَا عَلَى مَا يَأْتِي عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ الْآتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ إذَا مَلَكَهَا مِنْ قَوْلِهِ قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ، وَصُورَةُ مِلْكِهَا حَامِلًا أَنْ تَضَعَهُ قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: نَفَذَ فِي الْأَصَحِّ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ بِيعَتْ فِي الدَّيْنِ ثُمَّ مَلَكَهَا (قَوْلُهُ: فَرْعُ مَالِكِهَا) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ وَرِثَ الْجَانِيَةَ فَرْعُ مَالِكِهَا فَيَنْفُذُ إيلَادُ الْمَالِكِ كَمَا لَوْ أَحْبَلَ مِلْكَ فَرْعِهِ فَلْيُرَاجَعْ أَوْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ حَيْثُ خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِ الْأَصْلِ وَلَمْ يُحْكَمْ بِاسْتِيلَادِهَا عُدَّتْ بِالنِّسْبَةِ لِلْفَرْعِ كَمَا لَوْ مَلَكَهَا مِنْ أَجْنَبِيٍّ، وَقَدْ يُؤَيِّدُ الْفَرْقَ قَوْلُهُ الْآتِي قُبَيْلُ وَعِتْقُ الْمُسْتَوْلَدَةِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ثُبُوتُ الِاسْتِيلَادِ فِي الْأُولَى بِالنِّسْبَةِ لِلسَّيِّدِ لِمِلْكِهِ إيَّاهَا حَالَةَ عُلُوقِهَا فِي الْأُولَى بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ رُدَّ) أَيْ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْغَزَالِيُّ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ فِي الْجُمْلَةِ، أَوْ الْمُرَادُ بِالصَّرَاحَةِ اللَّفْظُ الْمُؤَدِّي لِلْعِتْقِ وَلَوْ بِوَاسِطَةِ النِّيَّةِ وَإِلَّا وَرَدَتْ الْكِنَايَةُ (قَوْلُهُ: لَمْ تَعْتِقْ إلَّا بِتَمَامِ انْفِصَالِهِ) سَيَأْتِي أَنَّهَا إذَا لَمْ تَضَعْ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ أَنَّهُ يَتَبَيَّنُ عِتْقُهَا بِالْمَوْتِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مِثْلُهُ هُنَا وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَلَكَهَا قَبْلَ التَّكْفِيرِ) أَيْ ثُمَّ وَطِئَهَا حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ يُولَدُ لِمِثْلِهِ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ يُولَدُ لِمِثْلِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِأَنْ بَلَغَ مَظِنَّةَ الْبُلُوغِ الَّذِي هُوَ تِسْعُ سِنِينَ نَاقَضَ مَا سَيَأْتِي قَرِيبًا أَنَّهُ لَوْ وَطِئَ صَبِيٌّ اسْتَكْمَلَ تِسْعَ سِنِينَ أَمَتَهُ إلَخْ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ هُنَا بِيُولَدُ لِمِثْلِهِ بِأَنْ ثَبَتَ بُلُوغُهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَشَمَلَ كَلَامُهُ إلَخْ) فِيهِ وَقْفَةٌ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ أَحْبَلَ وَلَوْ احْتِمَالًا (قَوْلُهُ بِعَدَمِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ) يَعْنِي الْمَرِيضَ، وَكَانَ الْأَصْوَبُ حَذْفَ لَفْظِ عَدَمِ

الْغَيْرِ، وَكَمَا لَوْ أَوْلَدَ وَارِثٌ مُعْسِرٌ جَارِيَةً تَرِكَةَ مُوَرِّثِهِ الْمَدْيُونِ وَكَمَا لَوْ أَقَرَّ مَحْجُورُ سَفَهٍ بِإِيلَادِ أَمَتِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهَا فِرَاشًا لَهُ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ وَتُبَاعُ إنْ اخْتَارَهُ الْوَلِيُّ، فَإِنْ ثَبَتَ كَوْنُهَا فِرَاشًا لَهُ وَوَلَدَتْهُ لِمُدَّةِ الْإِمْكَانِ ثَبَتَ الْإِيلَادُ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ أَقَرَّ بِنَسَبِهِ ثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ وَحُرِّيَّتُهُ وَأَنْفَقَ عَلَى الْمُسْتَلْحَقِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَكَمَا لَوْ أَوْلَدَ مُعْسِرٌ جَارِيَةَ تِجَارَةِ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ بِغَيْرِ إذْنِ الْعَبْدِ وَالْغُرَمَاءِ، وَكَمَا لَوْ أَوْلَدَ أَمَةً نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِثَمَنِهَا أَوْ بِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ نَذَرَ إعْتَاقَهَا، وَيُجَابُ بِمَنْعِ اسْتِثْنَائِهَا لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهَا بِمُجَرَّدِ نَذْرِهِ التَّصَدُّقَ بِهَا أَوْ بِثَمَنِهَا، وَكَمَا لَوْ أَوْلَدَ وَارِثٌ أَمَةً نَذَرَ مُوَرِّثُهُ إعْتَاقَهَا وَكَمَا لَوْ أَوْلَدَ وَارِثٌ أَمَةً اشْتَرَاهَا مُوَرِّثُهُ بِشَرْطِ إعْتَاقِهَا لِأَنَّ نُفُوذَهُ مَانِعٌ مِنْ الْوَفَاءِ بِالْعِتْقِ عَنْ جِهَةِ مُوَرِّثِهِ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ اشْتَرَى الِابْنُ أَمَةً بِشَرْطِ الْعِتْقِ فَأَحْبَلَهَا أَبُوهُ فَالظَّاهِرُ نُفُوذُ إيلَادِهِ وَتُؤْخَذُ مِنْهُ الْقِيمَةُ وَتَكُونُ كَقِيمَةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَى بِشَرْطِ الْعِتْقِ إذَا قُتِلَ. وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لِلْمُشْتَرِي فَكَذَا هُنَا تَكُونُ لِلْوَلَدِ، رُدَّ بِأَنَّهَا لَمَّا مَنَعَ الشَّارِعُ مِنْ بَيْعِهَا وَسَدَّ بَابَ نَقْلِهَا عَلَى الْمُشْتَرِي أَشْبَهَتْ مُسْتَوْلَدَةَ الِابْنِ فَلَا تَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً لِلْأَبِ، فَلَا يُقَالُ إنَّ إيلَادَ الْمُشْتَرِي إيَّاهَا نَافِذٌ فَكَذَا إيلَادُ أَبِيهِ لِأَنَّ الْوَفَاءَ بِالشَّرْطِ مَعَ إيلَادِ الْمُشْتَرِي مُمْكِنٌ وَلَا كَذَلِكَ إيلَادُ أَبِيهِ، وَكَمَا لَوْ أَوْلَدَ وَارِثٌ أَمَةً أَوْ أَوْصَى مُوَرِّثُهُ بِإِعْتَاقِهَا، وَهِيَ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثُ فَلَا يَنْفُذُ لِإِفْضَائِهِ إلَى إبْطَالِ الْوَصِيَّةِ، وَكَمَا لَوْ أَوْلَدَ مُكَاتَبٌ أَمَتَهُ فَلَا يَنْفُذُ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ لِضَعْفِ مِلْكِهِ، وَلَوْ أَوْلَدَ الْمُبَعَّضُ أَمَةً مَلَكَهَا بِبَعْضِهِ الْحُرِّ نَفَذَ إيلَادُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ كَوْنُهُ غَيْرَ أَهْلٍ لِلْوَلَاءِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ بِمَوْتِهِ، فَإِنْ عَتَقَ قَبْلَهُ فَذَاكَ وَإِلَّا فَقَدْ زَالَ مَا فِيهِ مِنْ الرِّقِّ بِمَوْتِهِ، وَلَوْ وَطِئَ صَبِيٌّ لَمْ يَسْتَكْمِلْ تِسْعَ سِنِينَ أَمَتَهُ فَوَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَحِقَهُ وَلَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ إيلَادُهُ لِأَنَّ النَّسَبَ يَكْفِي فِيهِ الْإِمْكَانُ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ صِغَرِهِ وَعَدَمُ صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمَانِعِ مِنْ إزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْ الْأَمَةِ. وَخَرَجَ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَمَتَهُ، إيلَادُ الْمُرْتَدِّ فَإِنَّهُ مَوْقُوفٌ كَمِلْكِهِ وَإِيلَادُ الْوَاقِفِ أَوْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْأَمَةُ الْمَوْقُوفَةُ فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُ، وَمَا لَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَنِيَّ سَيِّدِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَتُبَاعُ إنْ اخْتَارَهُ) أَيْ الْبَيْعَ الْوَلِيُّ بِأَنْ رَآهُ مَصْلَحَةً (قَوْلُهُ: فَإِنْ ثَبَتَ كَوْنُهَا فِرَاشًا لَهُ) أَيْ بِأَنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِوَطْئِهَا لِإِقْرَارِهِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَرَّ) أَيْ السَّفِيهُ، وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ اسْتِطْرَادِيَّةٌ، وَقَوْلُهُ بِنَسَبِهِ: أَيْ بِنَسَبٍ مَجْهُولٍ. (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ بِمَنْعِ اسْتِثْنَائِهَا) أَيْ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَهِيَ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لَا تَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ الْعِتْقِ) أَيْ أَوْ نَذَرَ إعْتَاقَهَا (قَوْلُهُ: لَمْ يَسْتَكْمِلْ تِسْعَ سِنِينَ) صَوَابُهُ اسْتَكْمَلَ تِسْعَ سِنِينَ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ لِأَنَّ النَّسَبَ يَكْفِي فِيهِ الْإِمْكَانُ، فَإِنَّ مَا دُونَ التِّسْعِ لَا يُمْكِنُ فِيهِ الْإِحْبَالُ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَكَأَنْ وَطِئَ صَبِيٌّ لَهُ تِسْعُ سِنِينَ أَمَتَهُ فَوَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَيَلْحَقُهُ وَإِنْ لَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهِ اهـ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمْ يَسْتَكْمِلْ تِسْعَ سِنِينَ عَلَى التَّحْدِيدِ وَقَدْ قَارَبَهَا بِحَيْثُ يَكُونُ وَطْؤُهُ قَبْلَ كَمَالِ التِّسْعِ بِمَا لَا يَسَعُ حَيْضًا وَطُهْرًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ التِّسْعَ تَقْرِيبِيَّةٌ فِي الْمَنِيِّ كَالْحَيْضِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي الْمَنِيِّ أَنَّهَا فِيهِ تَحْدِيدِيَّةٌ، وَيُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ حَجّ قَوْلُهُ السَّابِقُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يُولَدُ لِمِثْلِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُ) وَانْظُرْ هَلْ الْوَلَدُ حُرٌّ لِلشُّبْهَةِ أَوْ رَقِيقٌ لِامْتِنَاعِ الْوَطْءِ عَلَيْهِمْ، فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ رَقِيقٌ فِي الْمَسَائِلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِدْخَالَ الْبَاءِ عَلَى الْحَجْرِ فَيَكُونُ الضَّمِيرُ لِلْمُفْلِسِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِعُمُومِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ وَهِيَ الْأَصْوَبُ، وَلَعَلَّ عَدَمَ مُحَرَّفٌ عَنْ عُمُومٍ (قَوْلُهُ: لَوْ أَقَرَّ مَحْجُورُ سَفَهٍ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: لَا تَرِدُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْإِيلَادَ لَمْ يَثْبُتْ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَنْفُذُ مِنْهُ إذَا ثَبَتَ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) لَعَلَّهُ فِي بَابِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَرَّ بِنَسَبِهِ) اُنْظُرْ الضَّمِيرَ لِمَنْ يَرْجِعُ (قَوْلُهُ لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهَا) أَيْ وَإِنَّمَا صَحَّ بَيْعُهُ لَهَا إذَا كَانَ نَذَرَ لِثَمَنِهَا لِأَنَّ الشَّارِعَ أَثْبَتَ لَهُ وِلَايَةَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْوَفَاءَ بِالشَّرْطِ مَعَ إيلَادِ الْمُشْتَرِي مُمْكِنٌ وَلَا كَذَلِكَ إيلَادُ أَبِيهِ) أَيْ لِأَنَّا لَوْ قُلْنَا بِهِ ثَبَتَ الْمِلْكُ لَهُ فَيَتَعَذَّرُ عَلَى الِابْنِ الْعِتْقُ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ هُنَا وَقَدْ مَرَّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَسْتَكْمِلْ تِسْعَ سِنِينَ) صَوَابُهُ اسْتَكْمَلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمَانِعِ) الْمُنَاسِبِ،

الْمُحْتَرَمَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنَّهَا لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لِانْتِفَاءِ مِلْكِهِ لَهَا حَالَ عُلُوقِهَا وَإِنْ ثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ وَمَا بَعْدَهُ وَوَرِثَ مِنْهُ لِكَوْنِ الْمَنِيِّ مُحْتَرَمًا، وَلَا يُعْتَبَرُ كَوْنُهُ مُحْتَرَمًا حَالَ اسْتِدْخَالِهَا خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، فَقَدْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَوْ أَنْزَلَ فِي زَوْجَتِهِ فَسَاحَقَتْ بِنْتَه فَحَبِلَتْ مِنْهُ لَحِقَهُ الْوَلَدُ، وَكَذَا لَوْ مَسَحَ ذَكَرَهُ بِحَجَرٍ بَعْدَ إنْزَالِهِ فِي زَوْجَتِهِ فَاسْتَجْمَرَتْ بِهِ أَجْنَبِيَّةٌ فَحَبِلَتْ مِنْهُ، وَاسْتَثْنَى مِنْ مَفْهُومِ كَلَامِهِ مَسَائِلَ يَثْبُتُ فِيهَا الْإِيلَادُ: الْأُولَى إذَا أَحْبَلَ أَمَةَ مُكَاتَبِهِ. الثَّانِيَةُ إذَا أَحْبَلَ أَصْلُ حُرٍّ أَمَةَ فَرْعِهِ الَّتِي لَمْ يُولِدْهَا وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا، وَتَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا، وَكَذَا مَهْرُهَا إنْ تَأَخَّرَ الْإِنْزَالُ عَنْ مَغِيبِ الْحَشَفَةِ. الثَّالِثَةُ لَوْ وَطِئَ أَمَةً اشْتَرَاهَا بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ بِإِذْنِهِ لِحُصُولِ الْإِجَازَةِ حِينَئِذٍ. الرَّابِعَةُ جَارِيَةُ الْمَغْنَمِ إذَا وَطِئَهَا بَعْضُ الْغَانِمِينَ وَأَحْبَلَهَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَاخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ فَقَدْ أَحْبَلَهَا قَبْلَ مِلْكِهِ لِشَيْءٍ مِنْهَا، وَالْوَلَدُ حُرٌّ نَسِيبٌ إنْ كَانَ الْوَاطِئُ مُوسِرًا، وَكَذَا مُعْسِرًا كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ تَصْحِيحِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَالرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِمَا، وَيَنْفُذُ الْإِيلَادُ فِي قَدْرِ حِصَّتِهِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا وَيَسْرِي إلَى بَاقِيهَا إنْ كَانَ مُوسِرًا لِأَنَّ حَقَّ الْغَانِمِ أَقْوَى مِنْ حَقِّ الْأَبِ فِي مَالِ ابْنِهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ تَبَعًا لِقَوْلِ الْعَزِيزِ الظَّاهِرُ الْمَنْصُوصُ نُفُوذُهُ، وَرَجَّحَهُ الْإِمَامُ وَجَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ، لَكِنَّهُ نَقَلَ عَدَمَ نُفُوذِهِ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَكَثِيرٍ مِنْ غَيْرِهِمْ وَجَعَلَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ الْمَذْهَبَ، ثُمَّ فَرَّعَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ مَلَكَهَا بَعْدُ بِشُبْهَةٍ أَوْ بِسَبَبٍ آخَرَ هَلْ يَنْفُذُ الْإِيلَادُ؟ فِيهِ قَوْلَانِ كَنَظَائِرِهِ فِي مَرْهُونَةٍ وَجَانِيَةٍ وَنَحْوِهِمَا أَظْهَرُهُمَا النُّفُوذُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِنَظَائِرِهِ إيلَادَ أَمَةِ الْغَيْرِ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ، وَلَا يُنَافِيهِ تَرْجِيحُ النُّفُوذِ هُنَا إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ جَرَيَانِ الْخِلَافِ الِاتِّحَادُ فِي التَّرْجِيحِ وَيُفَرَّقُ بِقُوَّةِ حَقِّ الْغَانِمِ. الْخَامِسَةُ الَّتِي يَمْلِكُ بَعْضَهَا إذَا أَحْبَلَهَا سَرَّى الْإِيلَادُ إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا كَالْعِتْقِ، فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَلَا إلَّا إذَا كَانَ شَرِيكُ الْمُوَلِّدِ فَرْعًا لَهُ كَمَا لَوْ أَوْلَدَ الْأَمَةَ الَّتِي كُلُّهَا لِفَرْعِهِ، وَحَيْثُ سَرَّى الْإِيلَادُ فَالْوَلَدُ حُرٌّ كُلُّهُ وَإِلَّا فَالْمَحْكِيُّ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّهُ حُرٌّ كُلُّهُ وَلَا يَتَبَعَّضُ. وَحَكَى الرَّافِعِيُّ فِي السِّيَرِ فِي أَمَةِ الْمَغْنَمِ تَصْحِيحَهُ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَالْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِمَا، وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَأَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَحَكَى الرَّافِعِيُّ فِي آخَرِ الْكِتَابَةِ الْقَوْلَ بِالتَّبْعِيضِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ وَأَنَّ الْبَغَوِيّ قَالَ إنَّهُ الْأَصَحُّ، وَجَعَلَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــSالثَّلَاثِ لِأَنَّ الْمَوْطُوءَةَ لَيْسَتْ أَمَتَهُ وَهَذِهِ الشُّبْهَةُ ضَعِيفَةٌ. (قَوْلُهُ: وَوَرِثَ مِنْهُ) لَعَلَّ حِكْمَةَ الْإِرْثِ مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يَكُنْ حَمْلًا حِينَ الْمَوْتِ أَنَّهُمْ اكْتَفَوْا بِوُجُودِهِ مَنِيًّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَحَيْثُ انْعَقَدَ الْوَلَدُ مِنْهُ بَعْدُ نَزَلَ مَنْزِلَةَ وُجُودِهِ وَقْتَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ مَسَحَ ذَكَرَهُ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ أَلْقَتْ امْرَأَةٌ مُضْغَةً أَوْ عَلَقَةً فَاسْتَدْخَلَتْهَا امْرَأَةٌ أُخْرَى حُرَّةٌ أَوْ أَمَةٌ فَحَلَّتْهَا الْحَيَاةُ وَاسْتَمَرَّتْ حَتَّى وَضَعَتْهَا الْمَرْأَةُ وَلَدًا لَا يَكُونُ ابْنًا لِلثَّانِيَةِ، وَلَا تَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً لِلْوَاطِئِ لَوْ كَانَتْ أَمَةً لِأَنَّ الْوَلَدَ لَمْ يَنْعَقِدْ مِنْ مَنِيِّ الْوَاطِئِ وَمَنِيِّهَا بَلْ مِنْ مَنِيِّ الْوَاطِئِ وَالْمَوْطُوءَةِ فَهُوَ وَلَدٌ لَهُمَا. وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَصِيرَ الْأُولَى مُسْتَوْلَدَةً بِهِ أَيْضًا حَيْثُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا مُصَوَّرًا (قَوْلُهُ: الثَّالِثَةُ لَوْ وَطِئَ) قَدْ يُمْنَعُ اسْتِثْنَاءُ هَذِهِ لِأَنَّهُ بِالْوَطْءِ مَعَ الْإِجَازَةِ دَخَلَتْ فِي مِلْكِهِ فَلَمْ تَحْبَلْ إلَّا أَمَتُهُ (قَوْلُهُ: بِإِذْنِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لَوْ وَطِئَ أَمَةً (قَوْلُهُ: وَكَذَا مُعْسِرًا) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ كَذَا فِي الْحَاوِي مُعْتَمَدٌ: أَيْ أَنَّهُ يَنْفُذُ الْإِيلَادُ فِي قَدْرِ حِصَّتِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: قَالَ إنَّهُ الْأَصَحُّ) أَيْ التَّبْعِيضُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْمَانِعِ مِنْ إزَالَةِ إلَخْ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: حَالَ اسْتِدْخَالِهَا) أَيْ بِخِلَافِهِ عِنْدَ الْإِنْزَالِ فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ عَلَى وَجْهٍ مُحْتَرَمٍ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: ثَبَتَ فِيهَا الْإِيلَادُ) أَيْ مَعَ انْتِفَاءِ كَوْنِهَا أَمَتَهُ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ هُنَا وَقَدْ مَرَّ (قَوْلُهُ: وَيَنْفُذُ الْإِيلَادُ فِي قَدْرِ حِصَّتِهِ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ حَقَّ الْغَانِمِ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ إنَّمَا كَانَ مُقْتَضَاهُ نُفُوذَ الْإِيلَادِ فِي جَمِيعِهَا مُطْلَقًا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: كَذَا فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ) يَعْنِي أَصْلَ الْحُكْمِ لَا مَا ذَكَرَ مَعَهُ (قَوْلُهُ: تَبَعًا لِقَوْلِ الْعَزِيزِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الَّذِي نَقَلَهُ عَنْ الْعَزِيزِ إطْلَاقُ النُّفُوذِ لَا التَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ) لَعَلَّهُ الْعَزِيزُ (قَوْلُهُ: فَالْوَلَدُ حُرٌّ كُلُّهُ) أَيْ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَسْرِ

الْأَصَحَّ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: فِي الْكَلَامِ عَلَى وَطْءِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ هَلْ يَكُونُ الْوَلَدُ حُرًّا كُلَّهُ أَوْ نِصْفَهُ؟ قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا الثَّانِي. وَقَالَ فِي بَابِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ: وَلَوْ قُدِّرَ عَلَى نِكَاحٍ مَنْ بَعْضُهَا حُرٌّ فَهَلْ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ الْمَحْضَةِ، تَرَدَّدَ فِيهِ الْإِمَامُ لِأَنَّ إرْقَاقَ بَعْضِ الْوَلَدِ أَهْوَنُ مِنْ إرْقَاقِ كُلِّهِ اهـ. قَالَ بَعْضُهُمْ: فَالتَّبْعِيضُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ إلَّا فِي وَلَدِ أَمَةِ الْمَغْنَمِ إذَا أَحْبَلَهَا بَعْضُ الْغَانِمِينَ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا، لِقُوَّةِ الشُّبْهَةِ فِيهَا كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ، وَكَذَا وَلَدُ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ الْمُبَعَّضِ وَسَيِّدِهِ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ نُفُوذِ اسْتِيلَادِهِ فِي الْحَالِ إنَّمَا هُوَ كَوْنُهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوَلَاءِ لِمَا فِيهِ مِنْ الرِّقِّ، فَإِذَا زَالَ بِعِتْقِهِ عَمِلَ الْمُقْتَضَى عَمَلَهُ حَيْثُ كَانَ مُوسِرًا عِنْدَ الْإِحْبَالِ فَيَثْبُتُ الْإِيلَادُ. السَّادِسَةُ الْأَمَةُ الَّتِي يَمْلِكُ فَرْعُهُ بَعْضَهَا إذَا أَوْلَدَهَا الْأَبُ الْمُوسِرُ سَرَّى الْإِيلَادُ إلَى نَصِيبِ الشَّرِيكِ الْأَجْنَبِيِّ أَيْضًا. فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يَسْرِ. وَيُجَابُ عَنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ بِأَنَّ الْأَصَحَّ فِيهَا تَقْدِيرُ انْتِقَالِ الْمِلْكِ قُبَيْلَ الْعُلُوقِ فَلَمْ يَقَعْ الْإِيلَادُ إلَّا فِي مِلْكِهِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ أَوْ مَا تَجِبُ فِيهِ غُرَّةٌ مَا لَوْ قُلْنَ إنَّهُ أَصْلُ آدَمِيٍّ وَلَوْ بَقِيَ لِتَصَوُّرٍ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْإِيلَادُ كَمَا لَا تَجِبُ بِهِ الْغُرَّةُ وَإِنْ انْقَضَتْ بِهِ الْعِدَّةُ، وَأَفَادَ كَلَامُهُ أَنَّ أُمَّ وَلَدِ الْكَافِرِ الْمُسْلِمَةِ لَا يُجْبَرُ عَلَى إعْتَاقِهَا بَلْ يُحَالُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ سُبِيَتْ مُسْتَوْلَدَةُ كَافِرٍ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهَا وَلَمْ تَعْتِقْ بِمَوْتِهِ وَكَذَا مُسْتَوْلَدَةُ الْحَرْبِيِّ إذَا أُرِقَّ، وَلَوْ قَهَرَتْ مُسْتَوْلَدَةُ الْحَرْبِيِّ سَيِّدَهَا عَتَقَتْ فِي الْحَالِ، وَشَمِلَ قَوْلُهُ عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ مَا لَوْ قَتَلَتْهُ فَإِنَّهَا تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ وَإِنْ اسْتَعْجَلَتْ الشَّيْءَ قَبْلَ أَوَانِهِ لِأَنَّ الْإِحْبَالَ كَالْإِعْتَاقِ، وَلِهَذَا يَسْرِي إلَى نَصِيبِ الشَّرِيكِ فَلَا يَقْدَحُ الْقَتْلُ فِيهِ كَمَا لَوْ قَتَلَ مَنْ أَعْتَقَهُ وَتَجِبُ دِيَتُهُ فِي ذِمَّتِهَا. وَمَا لَوْ مَاتَ سَيِّدُهَا قَبْلَ وَضْعِهَا ثُمَّ وَضَعَتْهُ لِمُدَّةٍ يُحْكَمُ فِيهَا بِثُبُوتِ نَسَبِهِ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَتَبَيَّنُ عِتْقُهَا بِمَوْتِهِ وَلَهَا أَكْسَابُهَا بَعْدَهُ، وَإِسْنَادُ أَحْبَلَ إلَى الضَّمِيرِ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ، وَيُسَمَّى مَجَازًا حُكْمِيًّا وَمَجَازًا فِي الْإِثْبَاتِ وَإِسْنَادًا مَجَازِيًّا نَحْوُ أَنْبَتَ الرَّبِيعُ الْبَقْلَ، وَأَنَّثَ الْمُصَنِّفُ وَلَدَتْ وَعَتَقَتْ لِأَنَّهُ يَجِبُ تَأْنِيثُ الْفِعْلِ بِتَاءٍ سَاكِنَةٍ فِي آخَرِ الْمَاضِي وَبِتَاءِ الْمُضَارَعَةِ فِي أَوَّلِ الْمُضَارِعِ إذَا كَانَ فَاعِلُهُ مُؤَنَّثًا فِي مَسْأَلَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ ضَمِيرًا مُتَّصِلًا. وَثَانِيهِمَا أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا حَقِيقِيَّ التَّأْنِيثِ، وَإِنَّمَا قَالَ قَالَ عَتَقَتْ بِمَوْتِ السَّيِّدِ وَلَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: قَالَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي وَلَدِ أَمَةٍ) أَيْ فَإِنَّ الْوَلَدَ كُلَّهُ حُرٌّ وَلَمْ يَنْفُذْ الِاسْتِيلَادُ إلَّا فِي النِّصْفِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْحَاوِي (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ نُفُوذِ اسْتِيلَادِهِ) الْأَوْلَى إعْتَاقُهُ لِمَا مَرَّ فِي كَلَامِهِ مِنْ أَنَّ إيلَادَهُ نَافِذٌ فِي الْحَالِ بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ (قَوْلُهُ: وَأَفَادَ كَلَامُهُ) عَبَّرَ بِهِ دُونَ أَفْهَمَ، بِخِلَافِ سَابِقِهِ لِأَنَّ إفَادَةَ الْمَتْنِ لَهُ بِدَلَالَةِ الْمَنْطُوقِ دُونَ الْمَفْهُومِ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَهَرَتْ) أَيْ بِحَيْثُ تَتَمَكَّنُ مِنْ التَّصَرُّفِ وَإِنْ تَخَلَّصَ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَتَقَتْ فِي الْحَالِ) أَيْ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِي مِلْكِهَا بِذَلِكَ وَبِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ فَتَعْتِقُ لِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ لِمَالِكٍ فَتَصِيرُ حُرَّةً (قَوْلُهُ: وَتَجِبُ دِيَتُهُ فِي ذِمَّتِهَا) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُوجِبْ الْقَتْلُ قِصَاصًا وَإِلَّا اُقْتُصَّ مِنْهَا. (قَوْلُهُ: وَإِسْنَادُ أَحْبَلَ إلَى الضَّمِيرِ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ عُلُوقَ الْأَمَةِ إنَّمَا هُوَ بِخَلْقِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَإِنْ نُسِبَ الْوَطْءُ لِلسَّيِّدِ وَنُزُولُ الْمَنِيِّ فَالْوَطْءُ سَبَبٌ وَالْعُلُوقُ مِنْ اللَّهِ وَالْإِحْبَالُ هُوَ الْعُلُوقُ، وَقَدْ يُمْنَعُ لِكَوْنِهِ عَقْلِيًّا بِهَذَا الطَّرِيقِ لِأَنَّ الْفَاعِلَ الْحَقِيقِيَّ اصْطِلَاحًا هُوَ مَنْ قَامَ بِهِ الْفِعْلُ، وَمِنْهُ مَاتَ عَمْرٌو مَعَ أَنَّ الْفِعْلَ الْقَائِمَ بِهِ بِمَحْضِ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى لَا دَخْلَ لَهُ فِيهِ. إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمَنْسُوبُ لِلْوَاطِئِ وَالْقَائِمِ بِهِ الْوَطْءُ. وَأَمَّا تَخَلُّقُ الْوَلَدِ فِي الرَّحِمِ فَبِمَحْضِ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى لَا دَخْلَ لِلْوَاطِئِ فِيهِ وَلَا قَامَ بِهِ التَّخَلُّقُ. وَكَثِيرًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ) يُتَأَمَّلُ (قَوْلُهُ وَكَذَا وَلَدُ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ الْمُبَعَّضِ وَسَيِّدِهِ فَإِنَّهُ حُرٌّ كُلُّهُ) وَإِنَّمَا مَنَعَ نُفُوذَ الْإِيلَادِ مَا ذَكَرَهُ بَعْدُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ نُفُوذِ الْإِيلَادِ عَدَمُ حُرِّيَّةِ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ: وَأَفَادَ كَلَامُهُ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ الْإِفَادَةِ (قَوْلُهُ: مَجَازٌ عَقْلِيٌّ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْإِحْبَالَ إنَّمَا هُوَ فِعْلُ اللَّهِ تَعَالَى بِالْحَقِيقَةِ وَقَدْ أَسْنَدَهُ إلَى السَّيِّدِ، فَقَوْلُهُ إلَى الْمُضْمَرِ: أَيْ لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مُضْمَرًا وَإِنْ أَوْهَمَهُ كَلَامُهُ، وَتَحْقِيقُ الْمَجَازِ الْعَقْلِيِّ هُنَا ظَاهِرٌ كَمَا ذَكَرْنَاهُ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: إحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ) يَعْنِي مَرْفُوعَهُ. (قَوْلُهُ: وَثَانِيهِمَا أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا) يَعْنِي اسْمًا ظَاهِرًا لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فَاصِلٌ:

يَقُلْ بِمَوْتِهِ مَعَ أَنَّهُ أَخْصَرُ لِيُفِيدَ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَحْبَلَ أَمَتَهُ وَلَمْ يَنْفُذْ إيلَادُهُ لِمَانِعٍ لَا تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ وَالْحَيَاةُ ضِدُّ الْمَوْتِ وَهُوَ عَدَمُ الْحَيَاةِ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِمُفَارِقَةِ الرُّوحِ الْجَسَدَ، وَقِيلَ عَدَمُ الْحَيَاةِ عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ الْحَيَاةَ وَقِيلَ عَرْضٌ يُضَادُّهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} [الملك: 2] وَرُدَّ بِأَنَّ الْمَعْنَى قَدَّرَ وَالْعَدَمُ مُقَدَّرٌ (أَوْ) أَحْبَلَ (أَمَةَ غَيْرِهِ بِنِكَاحٍ) لَا غُرُورَ فِيهِ بِحُرِّيَّتِهَا أَوْ زِنًا (فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ) تَبَعًا لِأُمِّهِ فَيَكُونُ لِمَالِكِ أُمِّهِ بِالْإِجْمَاعِ، إذْ الْفَرْعُ يَتْبَعُ الْأَبَ فِي النَّسَبِ وَالْأُمَّ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ وَأَشْرَفَهُمَا فِي الدِّينِ وَإِيجَابِ الْبَدَلِ وَتَقْرِيرِ الْجِزْيَةِ وَأَخَفَّهُمَا فِي عَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَأَخَسَّهُمَا فِي النَّجَاسَةِ وَتَحْرِيمِ الذَّبِيحَةِ وَالْمُنَاكَحَةِ، وَيُطْلَقُ الرَّقِيقُ عَلَى نَقِيضِ الْغَلِيظِ وَالثَّخِينِ (وَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ) لَهُ (إذَا مَلَكَهَا) لِانْتِفَاءِ الْعُلُوقِ بِحُرٍّ إذْ ثُبُوتُ الْحُرِّيَّةِ لِلْأُمِّ فَرْعُ ثُبُوتِهَا لِلْوَلَدِ، فَإِذَا انْعَقَدَ الْوَلَدُ رَقِيقًا يَتَفَرَّعُ عَنْهُ ذَلِكَ، وَلَوْ مَلَكَهَا حَامِلًا مِنْ نِكَاحِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ الْوَلَدُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ وَلَدَ الْمَالِكِ انْعَقَدَ حُرًّا. قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ: وَصُورَةُ مِلْكِهَا حَامِلًا أَنْ تَضَعَهُ قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ مِلْكِهَا، أَوْ لَا يَطَؤُهَا بَعْدَ الْمِلْكِ وَتَلِدُهُ لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ، وَلَوْ كَانَ سَيِّدُ الْأَمَةِ الْمَنْكُوحَةِ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ الْوَلَدُ لِكَوْنِهِ بَعْضًا لَهُ فَإِنَّهُ يَصِيرُ حُرًّا، وَلَوْ نَكَحَ أَمَةً غُرَّ بِحُرِّيَّتِهَا فَالْوَلَدُ قَبْلَ الْعِلْمِ حُرٌّ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي خِيَارِ النِّكَاحِ، أَوْ نَكَحَ حُرٌّ جَارِيَةَ أَجْنَبِيٍّ ثُمَّ مَلَكَهَا ابْنُهُ أَوْ عَبْدَ جَارِيَةِ ابْنِهِ ثُمَّ عَتَقَ لَمْ يَنْفَسِخْ النِّكَاحُ. فَلَوْ أَوْلَدَهَا لَمْ يَثْبُتْ الْإِيلَادُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْعِرَاقِيُّونَ وَالشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَرَجَّحَهُ الْأَصْفُونِيُّ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَالْحِجَازِيُّ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِرِقِّ وَلَدِهِ حِينَ نَكَحَهَا، وَلِأَنَّ النِّكَاحَ حَاصِلٌ مُحَقَّقٌ فَيَكُونُ وَاطِئًا بِالنِّكَاحِ لَا بِشُبْهَةِ الْمِلْكِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ نِكَاحٌ، وَقِيلَ يَثْبُتُ وَبِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَمَالَ إلَيْهِ الْإِمَامُ وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَلَوْ نَزَعَ أَمَةً بِحُجَّةٍ ثُمَّ أَحْبَلَهَا ثُمَّ أَكْذَبَ نَفْسَهُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَإِنْ وَافَقَهُ الْمُقِرُّ لَهُ، لَكِنَّهُ يَغْرَمُ نَقْصَهَا أَوْ قِيمَتَهَا وَالْمَهْرَ وَتَعْتِقُ بِمَوْتِهِ وَيُوقَفُ وَلَاؤُهَا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ حُجَّةً فَحَلَفَ الْمُنْكِرُ وَأَحْبَلَهَا ثُمَّ أَكْذَبَ ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا يُوجَدُ الْوَطْءُ وَلَا يَحْصُلُ مِنْهُ حَبَلٌ فَكَانَ الْإِسْنَادُ مَجَازًا عَقْلِيًّا (قَوْلُهُ لِيُفِيدَ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَحْبَلَ إلَخْ) لَعَلَّ وَجْهَ الْإِفَادَةِ أَنَّهُ حَيْثُ قَامَ بِهِ مَانِعٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا سِيَادَةٌ حَالَ الْمَوْتِ. (قَوْلُهُ: وَيُطْلَقُ الرَّقِيقُ) أَيْ لُغَةً (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَلَكَهَا حَامِلًا مِنْ نِكَاحِهِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ مَلَكَ الْحَامِلَ مِنْهُ مِنْ زِنًا فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ لِعَدَمِ نِسْبَتِهِ لَهُ شَرْعًا (قَوْلُهُ: عَتَقَ عَلَيْهِ الْوَلَدُ) أَيْ وَلَا تَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ (قَوْلُهُ: وَصُورَةُ مِلْكِهَا حَامِلًا) أَيْ عَلَى وَجْهٍ يَعْتِقُ فِيهِ الْوَلَدُ لَا تَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً (قَوْلُهُ لِكَوْنِهِ بَعْضًا لَهُ) بِأَنْ تَزَوَّجَ شَخْصٌ بِأَمَةِ أَبِيهِ مَثَلًا فَأَحْبَلَهَا فَإِنَّ الْوَلَدَ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهَا لِأَنَّهُ وَلَدُ وَلَدِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ يَغْرَمُ نَقْصَهَا) أَيْ لِلْمُقِرِّ لَهُ (قَوْلُهُ: وَتَعْتِقُ بِمَوْتِهِ) أَيْ الَّذِي أَكْذَبَ نَفْسَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمَرْفُوعُ مُنْفَصِلًا عَنْهُ بِنَحْوِ الْمَفْعُولِ: نَحْوُ أَتَى الْقَاضِيَ بِنْتُ الْوَاقِفِ (قَوْلُهُ: لِيُفِيدَ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَحْبَلَ أَمَتَهُ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ الْإِفَادَةِ مِنْ هَذَا دُونَ ذَاكَ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ إذَا كَانَ الْمَانِعُ خُصُوصَ انْتِقَالِهَا عَنْ مِلْكِهِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ تَنْبِيهُ الْقِيَاسِ بِمَوْتِهِ، لَكِنْ لَمَّا أَوْهَمَ الْعِتْقَ وَإِنْ انْتَقَلَتْ عَنْهُ بِمُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ أَظْهَرَ الضَّمِيرَ لِيُبَيِّنَ أَنَّهَا إنَّمَا تَعْتِقُ إنْ كَانَ سَيِّدَهَا وَقْتَ الْمَوْتِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: ضِدُّ الْحَيَاةِ) الْمُنَاسِبُ لِتَفْسِيرِهِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَقُولَ نَقِيضُ الْحَيَاةِ (قَوْلُهُ: وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِمُفَارَقَةِ الرُّوحِ الْجَسَدَ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُفَارَقَةَ فَرْعُ الْوُجُودِ فَهُوَ مِنْ تَقَابُلِ الْعَدَمِ وَالْمَلَكَةِ لَا مِنْ تَقَابُلِ النَّقِيضَيْنِ فَلَا يَظْهَرُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِبَارَةً عَنْ الْقِيلِ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ وَلَدَ الْمَالِكِ إلَخْ) هَذَا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا قَبْلَهُ كَمَا لَا يَخْفَى فَانْظُرْ مَا وَجْهُ إيرَادِهِ هُنَا (قَوْلُهُ: وَصُورَةُ مِلْكِهَا حَامِلًا أَنْ تَضَعَهُ إلَخْ) فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ مُسَاهَلَةٌ لَا تَخْفَى وَالْمَقْصُودُ مِنْهَا ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَالْوَلَدُ قَبْلَ الْعِلْمِ إلَخْ) أَيْ فَالْوَلَدُ الْحَادِثُ قَبْلَ الْعِلْمِ إلَخْ: أَيْ بِخِلَافِ الْحَادِثِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَثْبُتُ) أَيْ وَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ يَغْرَمُ نَقْصَهَا وَقِيمَتَهَا) أَيْ لِلْمَقَرِّ لَهُ وَمِثْلُ هَذَا فِي التُّحْفَةِ وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالنَّقْصِ الْمَغْرُومِ مَعَ الْقِيمَةِ، وَسَيَأْتِي آخِرَ مَسْأَلَةٍ فِي الْكِتَابِ نَقْلًا عَنْ أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يَغْرَمُ قِيمَتَهَا وَقِيمَةَ الْوَلَدِ وَالْمَهْرَ، وَسَيَأْتِي ثُمَّ أَنَّهُ

نَفْسَهُ وَأَقَرَّ بِهَا لَهُ فَكَمَا مَرَّ، وَبَقِيَ مَا لَوْ أَوْلَدَهَا الْأَوَّلُ ثُمَّ الثَّانِي ثُمَّ أَكْذَبَ الثَّانِي نَفْسَهُ وَالْأَقْرَبُ ثُبُوتُ إيلَادِهَا لِلْأَوَّلِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ آخِرًا وَيَلْزَمُ الثَّانِي لَهُ قِيمَةُ الْوَلَدِ وَالْمَهْرُ وَالنَّقْصُ (أَوْ بِشُبْهَةٍ) كَأَنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ أَوْ أَمَتَهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَلَعَلَّهُ حَذَفَهُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا خَرَجَ بِهِ وَهُوَ مَا لَوْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ فَإِنَّ الْوَلَدَ رَقِيقٌ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا بِنِكَاحٍ، لَا إنْ ظَنَّهَا مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ أَوْ أَمَةَ فَرْعِهِ أَوْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ فَرْعِهِ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ (فَالْوَلَدُ حُرٌّ) عَمَلًا بِظَنِّهِ أَمَّا لَوْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْوَاطِئُ حُرًّا أَمْ رَقِيقًا، وَلَوْ كَانَ لِشَخْصٍ زَوْجَتَانِ حُرَّةٌ وَأَمَةٌ فَوَطِئَ الْأَمَةَ ظَانًّا أَنَّهَا الْحُرَّةُ فَالْأَشْبَهُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ الْوَلَدَ حُرٌّ كَمَا فِي أَمَةِ الْغَيْرِ إذَا ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ، وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الشُّبْهَةَ وَمُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمْ إرَادَةُ شُبْهَةِ الْفَاعِلِ فَتَخْرُجُ شُبْهَةُ الطَّرِيقِ وَهِيَ الْجِهَةُ الَّتِي أَبَاحَ الْوَطْءَ بِهَا عَالِمٌ فَيَكُونُ الْوَلَدُ فِيهَا رَقِيقًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِانْتِفَاءِ ظَنِّ الزَّوْجِيَّةِ وَالْمِلْكِ، وَلَوْ وَطِئَ جَارِيَةَ بَيْتِ الْمَالِ حُدَّ فَلَوْ أَوْلَدَهَا فَلَا نَسَبَ وَلَا إيلَادَ سَوَاءٌ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهِ الْإِعْفَافُ، أَوْ وَطِئَ جَارِيَةَ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ ظَانًّا حِلَّهَا لَهُ، أَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْوَطْءِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ الْوَلَدَ رَقِيقٌ. (وَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ) لَهُ (إذَا مَلَكَهَا فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ الْوَلَدَ وَإِنْ انْعَقَدَ حُرًّا لَكِنَّهَا عَلِقَتْ بِهِ فِي غَيْرِ مِلْكِ الْيَمِينِ فَهُوَ كَمَا لَوْ عَلِقَتْ بِهِ مِنْهُ فِي النِّكَاحِ وَلِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ لَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَالِ، فَكَذَلِكَ بَعْدَ الْمِلْكِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ رَقِيقَ الْغَيْرِ ثُمَّ مَلَكَهُ وَلِأَنَّ الْكِتَابَةَ وَالتَّدْبِيرَ لَا يَثْبُتَانِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ حَالًا وَلَا مَآلًا فَكَذَلِكَ الْإِيلَادُ. وَالثَّانِي تَصِيرُ لِأَنَّهَا عَلِقَتْ بِحُرٍّ وَهُوَ سَبَبٌ فِي الْحُرِّيَّةِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ غُرَّ بِحُرِّيَّتِهَا أَوْ شَرَاهَا شِرَاءً فَاسِدًا فَأَوْلَدَهَا ثُمَّ مَلَكَهَا، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْحُرِّ، فَلَوْ وَطِئَ الْعَبْدُ أَمَةَ غَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ فَأَحْبَلَهَا ثُمَّ عَتَقَ وَمَلَكَهَا لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ قَطْعًا لِأَنَّهُ لَمْ يَنْفَصِلْ مِنْ حُرٍّ (وَلَهُ) أَيْ السَّيِّدِ (وَطْءُ أُمِّ الْوَلَدِ) مِنْهُ لِمَا مَرَّ وَلِبَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهَا، وَحَكَى التِّرْمِذِيُّ فِيهِ الْإِجْمَاعَ وَاسْتَثْنَى مَسَائِلَ يَمْتَنِعُ وَطْؤُهَا فِيهَا كَأُمِّ وَلَدِ الْكَافِرِ الْمُسْلِمَةِ وَأُمِّ وَلَدِهِ الْمُحَرَّمِ كَأُخْتِهِ مِنْ رَضَاعٍ وَأُمِّ وَلَدِ مَوْطُوءَةٍ لِفَرْعِهِ وَأُمِّ وَلَدِ مُكَاتَبِهِ وَأُمِّ وَلَدٍ مُبَعَّضٍ وَإِنْ أَذِنَ مَالِكُ بَعْضِهِ وَأَمَةٍ لَمْ يَنْفُذْ إيلَادُهَا لِرَهْنٍ وَضْعِيٍّ أَوْ شَرْعِيٍّ أَوْ لِجِنَايَةٍ وَأَمَةٍ مَجُوسِيَّةٍ أَوْ وَثَنِيَّةٍ وَأَمَةٍ مُوصًى بِمَنَافِعِهَا إذَا كَانَتْ مِمَّنْ تَحْبَلُ فَاسْتَوْلَدَهَا الْوَارِثُ فَالْوَلَدُ حُرٌّ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يُشْتَرَى بِهَا عَبْدٌ لِيَكُونَ مِثْلُهَا رَقَبَتَهُ لِلْوَارِثِ وَمَنْفَعَةً لِلْمُوصَى لَهُ وَيَلْزَمُهُ مَهْرُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَكَمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ عَدَمِ قَبُولِهِ قَوْلَهُ (قَوْلُهُ: لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ آخِرًا) أَيْ بِإِكْذَابِهِ نَفْسَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ مُشْتَرَكَةً) أَيْ فَلَا يَكُونُ الْوَلَدُ حُرًّا (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْجِهَةُ الَّتِي أَبَاحَ الْوَطْءَ إلَخْ) كَأَنْ أَبَاحَهُ سَيِّدُ الْأَمَةِ وَطْأَهَا عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِجَوَازِهِ بِإِبَاحَةِ السَّيِّدِ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ حُرًّا (قَوْلُهُ: فَلَا نَسَبَ وَلَا إيلَادَ) أَيْ وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ حَيْثُ لَمْ تُطَاوِعْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ وَطِئَ جَارِيَةَ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ) أَيْ وَمِثْلُهُ بِالْأَوْلَى مَا لَوْ وَطِئَ جَارِيَةَ زَوْجَتِهِ ظَانًّا ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْوَلَدَ رَقِيقٌ) أَيْ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ لِلشُّبْهَةِ وَهَلْ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَظَاهِرُ اقْتِصَارِهِ عَلَى نَفْيِ الْحُرِّيَّةِ فِي هَذِهِ دُونَ نَفْيِ النَّسَبِ وَالتَّصْرِيحُ بِنَفْيِهِ فِيمَا قَبْلَهَا ثُبُوتُهُ فِي الثَّلَاثِ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْإِرْثُ إذَا عَتَقَ وَعَدَمُ الْقَتْلِ بِقَتْلِهِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ أَعْتَقَ رَقِيقَ الْغَيْرِ) أَيْ تَعَدِّيًا أَوْ لِظَنِّهِ مِلْكَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ شَرْعِيٍّ) أَيْ كَأَمَةِ التَّرِكَةِ (قَوْلُهُ: فَاسْتَوْلَدَهَا الْوَارِثُ) أَيْ سَوَاءٌ عَلِمَ بِحُرْمَةِ الْوَطْءِ أَمْ لَا ـــــــــــــــــــــــــــــQيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا مِنْ الْمُنْتَزَعَةِ مِنْهُ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ الْحُرْمَةِ إنْ كَانَ صَادِقًا فِي إكْذَابِهِ نَفْسَهُ (قَوْلُهُ: فَكَمَا مَرَّ) أَيْ فَيُجْرَى فِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْمُدَّعِي (قَوْلُهُ: وَسَكَتَ) اُنْظُرْ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ الثَّانِيَ لَهُ قِيمَةُ الْوَلَدِ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِحُرِّيَّتِهِ (قَوْلُهُ: لَا إنْ ظَنَّهَا مُشْتَرَكَةً) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَأَنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْحَرَّةَ أَوْ أَمَتَهُ: أَيْ وَإِلَّا فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ فِي هَذِهِ الثَّلَاثِ كَمَا رَجَّحَهُ وَالِدُهُ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: فَتَخْرُجُ شُبْهَةُ الطَّرِيقِ) أَيْ أَمَّا شُبْهَةُ الْمِلْكِ كَالْمُشْتَرَكَةِ فَقَدْ مَرَّتْ فِي كَلَامِهِ آنِفًا (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) لَعَلَّ مُرَادَهُ الْأَدِلَّةُ الْمَارَّةُ أَوَّلَ الْبَابِ

وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ فَتَعْتِقُ بِمَوْتِهِ مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ وَلَيْسَ لَهُ وَطْؤُهَا إلَّا بِإِذْنِ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ، بِخِلَافِ مَنْ لَا تَحْبَلُ فَيَجُوزُ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَمَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَكَأَمَةِ تِجَارَةِ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ لَا يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا إلَّا بِإِذْنِ الْعَبْدِ وَالْغُرَمَاءِ كَمَا مَرَّ، فَإِنْ أَحْبَلَهَا وَكَانَ مُعْسِرًا ثَبَتَ الْإِيلَادُ بِالنِّسْبَةِ إلَى السَّيِّدِ فَيَنْفُذُ إذَا مَلَكَهَا بَعْدُ أَنْ بِيعَتْ كَالْمَرْهُونَةِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْوَطْءُ قَبْلَ بَيْعِهَا إلَّا بِالْإِذْنِ، وَكَأُمِّ وَلَدِ الْمُرْتَدِّ لَا يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا فِي حَالِ رِدَّتِهِ، وَكَأُمِّ وَلَدٍ ارْتَدَّتْ وَأُمِّ وَلَدٍ كَاتَبَهَا، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى اسْتِثْنَاءِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ لِأَنَّ امْتِنَاعَ الْوَطْءِ فِيهَا لِمُعَارِضَةِ أَمْرٍ آخَرَ كَمَا تَقَرَّرَ لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنِهَا أُمَّ وَلَدٍ (وَاسْتِخْدَامُهَا وَإِجَارَتُهَا) لَا مِنْ نَفْسِهَا لِمَا مَرَّ وَلِبَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهَا وَعَلَى مَنَافِعِهَا، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ بَيْعُهَا وَنَحْوُهُ لِتَأَكُّدِ حَقِّ الْعِتْقِ فِيهَا وَخَالَفَتْ الْمُكَاتَبَ حَيْثُ امْتَنَعَ اسْتِخْدَامُهُ وَإِنْ كَانَ مِلْكُهُ عَلَيْهِ بَاقِيًا لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ مَقْصُودِ عَقْدِ الْكِتَابَةِ وَهُوَ تَمَكُّنُهُ مِنْ الِاكْتِسَابِ لِيُؤَدِّيَ النُّجُومَ فَيَعْتِقُ، وَلِهَذَا لَوْ كَانَتْ أُمُّ وَلَدٍ مُكَاتَبَةً بِأَنْ سَبَقَتْ الْكِتَابَةُ الِاسْتِيلَادَ أَوْ عَكْسَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ اسْتِخْدَامُهَا وَلَا غَيْرُهُ مِمَّا ذُكِرَ، وَلَهُ أَيْضًا كِتَابَتُهَا لِأَنَّهُ يَمْلِكُ كَسْبَهَا، فَإِذَا أَعْتَقَ عَلَى صِفَةٍ جَازَ، وَفَارَقَ جَوَازًا إجَارَتُهَا وَإِنْ كَانَتْ بَيْعًا لِمَنَافِعِهَا مُنِعَ إجَارَةُ الْأُضْحِيَّةِ الْمُعَيَّنَةِ كَبَيْعِهَا بِخُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِهِ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِ الْمُسْتَوْلَدَةِ، وَعُلِمَ مِنْ جَوَازِ إجَارَتِهَا جَوَازُ إعَارَتِهَا بِالْأَوْلَى وَلَوْ أَجَّرَهَا ثُمَّ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ عَتَقَتْ وَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ، وَمِثْلُهَا الْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ وَالْمُدَبَّرُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَجَّرَ عَبْدَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ فَإِنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ الِانْفِسَاخِ، وَالْفَرْقُ تَقَدَّمَ سَبَبُ الْعِتْقِ بِالْمَوْتِ أَوْ الصِّفَةِ عَلَى الْإِجَارَةِ فِيهِنَّ بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ، وَلِهَذَا لَوْ سَبَقَ الْإِيجَارُ الِاسْتِيلَادَ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ لَمْ تَنْفَسِخُ لِتَقَدُّمِ اسْتِحْقَاقِ الْمَنْفَعَةِ عَلَى سَبَبِ الْعِتْقِ (وَأَرْشُ جِنَايَةٍ عَلَيْهَا) لِمَا مَرَّ مِنْ بَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهَا، فَلَوْ قَتَلَهَا جَانٍ ضَمِنَ قِيمَتَهَا، وَكَذَا لَوْ غَصَبَهَا غَاصِبٌ وَمَاتَتْ فِي يَدِهِ، وَلَوْ أَبْقَتْ فِي يَدِهِ غَرِمَ قِيمَتَهَا، ثُمَّ إذَا مَاتَ سَيِّدُهَا اسْتَرَدَّهَا مِنْ تَرِكَتِهِ لِعِتْقِهَا، وَكَذَا لَوْ غَصَبَ عَبْدًا فَأَبَقَ وَغَرِمَ قِيمَتَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَطَعَ جَانٍ يَدَ أُمِّ الْوَلَدِ وَغَرِمَ أَرْشَهَا ثُمَّ عَتَقَتْ بِمَوْتِ السَّيِّدِ لَا يَسْتَرِدُّ الْأَرْشَ لِأَنَّهُ بَدَلُ الطَّرَفِ الْفَائِتِ وَلَمْ يَشْمَلْهُ الْعِتْقُ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُكَاتَبَةِ فَإِنَّ أَرْشَ الْجِنَايَةِ عَلَيْهَا لَهَا، وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى إقْرَارِ السَّيِّدِ بِالْإِيلَادِ وَحُكِمَ بِهِمَا ثُمَّ رَجَعَا لَمْ يَغْرَمَا لِأَنَّ الْمِلْكَ بَاقٍ فِيهَا وَلَمْ يُفَوِّتَا إلَّا سَلْطَنَةَ الْبَيْعِ وَلَا قِيمَةَ لَهَا بِانْفِرَادِهَا، فَإِذَا مَاتَ سَيِّدُهَا غَرِمَا قِيمَتَهَا لِوَرَثَتِهِ، وَلَا يُخَالِفُهُ مَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ مِنْ أَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا بِعِتْقِ عَبْدٍ وَقَضَى بِهِ الْقَاضِي ثُمَّ رَجَعَا غَرِمَا قِيمَةَ الْعَبْدِ وَلَمْ يُرَدَّ الْعِتْقُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَشْهُودُ بِعِتْقِهِ قِنًّا أَمْ مُدَبَّرًا أَمْ مُكَاتَبًا أَمْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ اهـ، لِأَنَّهُمَا شَهِدَا بِالْعِتْقِ النَّاشِئِ عَمَّا ذُكِرَ (وَكَذَا تَزْوِيجُهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا فِي الْأَصَحِّ) لِمَا مَرَّ وَلِمِلْكِهِ الرَّقَبَةَ وَالْمَنْفَعَةَ كَالْمُدَبَّرَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: وَانْفَسَخَتْ) أَيْ رَجَعَ الْمُسْتَأْجِرُ بِقِسْطِ الْمُسَمَّى عَلَى التَّرِكَةِ إنْ كَانَتْ وَإِلَّا فَلَا مُطَالَبَةَ لَهُ عَلَى أَحَدٍ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ لَمْ تَنْفَسِخْ) أَيْ الْإِجَارَةُ وَيُنْفَقُ عَلَيْهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ أَوْ مُنِعَ مُتَوَلِّيهِ فَعَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَنْتَزِعْهَا السَّيِّدُ سَوَاءٌ كَانَ عَدَمُ انْتِزَاعِهِ لِمَانِعٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَبِقَتْ فِي يَدِهِ) أَيْ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إذَا مَاتَ سَيِّدُهَا) أَيْ بَعْدَ أَخْذِهِ الْقِيمَةَ، وَقَوْلُهُ اسْتَرَدَّهَا: أَيْ الْغَاصِبُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَتَقَتْ بِمَوْتِ السَّيِّدِ) أَيْ أَوْ تَنْجِيزِهِ عِتْقَهَا (قَوْلُهُ: عَمَّا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الِاسْتِيلَادِ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ إذْنِهَا) أَيْ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا كَأَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ وَطْؤُهَا إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَحْبَلَهَا) أَيْ فِيمَا إذَا وَطِئَهَا بِغَيْرِ إذْنٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْوَطْءُ قَبْلَ بَيْعِهَا) قَدْ يُقَالُ أَيُّ حَاجَةٍ إلَى هَذَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمُرَادَ الْوَطْءُ بَعْدَ الْإِيلَادِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ مُغَايِرٌ لِمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَكَأُمِّ وَلَدٍ كَاتَبَهَا) قَدْ مَرَّ هَذَا آنِفًا (قَوْلُهُ كَمَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي بَعْضِهَا لَا فِي كُلِّهَا أَوْ الْمُرَادُ كَمَا تَقَرَّرَ فِي أَبْوَابِهَا. (قَوْلُهُ: فَإِذَا أَعْتَقَهَا عَلَى صِفَةٍ جَازَ) يُتَأَمَّلُ (قَوْلُهُ: بِالْمَوْتِ) هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْعِتْقِ: أَيْ تَقَدَّمَ سَبَبُ الْعِتْقِ الْحَاصِلِ بِالْمَوْتِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ مَا فِي الْمَتْنِ

وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ إلَّا بِرِضَاهَا لِأَنَّهَا ثَبَتَ لَهَا حَقُّ الْعِتْقِ بِسَبَبٍ لَا يَمْلِكُ السَّيِّدُ إبْطَالَهُ. وَالثَّالِثُ: لَا يَجُوزُ وَإِنْ رَضِيَتْ لِأَنَّهَا نَاقِصَةٌ فِي نَفْسِهَا، وَوِلَايَةُ الْوَلِيِّ عَلَيْهَا نَاقِصَةٌ فَأَشْبَهَتْ الصَّغِيرَةَ فَلَا يُزَوِّجُهَا أَحَدٌ بِرِضَاهَا، وَظَاهِرُ أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ الْإِيلَادُ فِي بَعْضِهَا زَوَّجَهَا السَّيِّدَانِ بِغَيْرِ إذْنِهَا عَلَى الرَّاجِحِ، وَالْخِلَافُ أَقْوَالٌ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَوْ كَانَ سَيِّدُهَا مُبَعَّضًا لَمْ يُزَوِّجْ أَمَتَهُ بِحَالٍ، قَالَهُ الْبَغَوِيّ قَالَ: لِأَنَّ مُبَاشَرَتَهُ الْعَقْدَ مُمْتَنِعَةٌ إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ مَا لَمْ تَكْمُلْ الْحُرِّيَّةُ، وَإِذَا امْتَنَعَتْ مُبَاشَرَتُهُ بِنَفْسِهِ امْتَنَعَتْ إنَابَتُهُ غَيْرَهُ، وَتَزْوِيجُهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ مُمْتَنِعٌ فَانْسَدَّ بَابُ تَزْوِيجِهَا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَتَعْلِيلُهُ دَالٌّ عَلَى الْبِنَاءِ عَلَى أَنَّ السَّيِّدَ يُزَوِّجُ بِالْوِلَايَةِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنَّمَا يُزَوِّجُ بِالْمِلْكِ فَيَصِحُّ تَزْوِيجُهُ، وَقَدْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ تَزْوِيجَ السَّيِّدِ أَمَتَهُ بِالْمِلْكِ وَهُوَ مَوْجُودٌ، وَالْكَافِرُ لَا يُزَوِّجُ أَمَتَهُ الْمُسْلِمَةَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ السَّيِّدُ مُسْلِمًا وَهِيَ كَافِرَةٌ وَلَوْ وَثَنِيَّةً أَوْ مَجُوسِيَّةً لِأَنَّ حَقَّ الْمُسْلِمِ فِي الْوِلَايَةِ آكِدٌ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَيْهَا بِالْجِهَةِ الْعَامَّةِ وَيُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ بِإِذْنِهِ وَحَضَانَةُ وَلَدِهَا لَهَا وَإِنْ كَانَتْ رَقِيقَةً لِتَبَعِيَّتِهِ لَهَا فِي الْإِسْلَامِ (وَيَحْرُمُ بَيْعُهَا) لِمَا مَرَّ مِنْ الْأَحَادِيثِ وَأَجْمَعَ التَّابِعُونَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَيْهِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَسْأَلَةِ إنْ قُلْنَا الْإِجْمَاعُ بَعْدَ الْخِلَافِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ، وَحِينَئِذٍ فَيُسْتَدَلُّ بِالْأَحَادِيثِ وَبِالْإِجْمَاعِ عَلَى نَسْخِ الْأَحَادِيثِ فِي بَيْعِهَا. قَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَغَيْرُهُ: وَأَجْمَعُوا عَلَى الْمَنْعِ إذَا كَانَتْ حَامِلًا بِحُرٍّ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَلِهَذَا احْتَجَّ ابْنُ سُرَيْجٍ فِي الْوَدَائِعِ بِالِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّهَا لَا تُبَاعُ فِي حَالِ الْحَبَلِ قَالَ: فَدَلَالَةُ اتِّفَاقِهِمْ قَاضِيَةٌ عَلَى حُكْمِ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ بَعْدَ الْوِلَادَةِ، وَنُقِضَ هَذَا الِاسْتِدْلَال بِالْحَامِلِ بِحُرٍّ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ فَإِنَّهَا لَا تُبَاعُ فِي حَالِ الْحَبَلِ وَتُبَاعُ بَعْدَ الْوَضْعِ. وَأُجِيبَ عَنْهَا بِقِيَامِ الدَّلِيلِ فِيهَا بِجَوَازِ الْبَيْعِ بَعْدَ الْوَضْعِ بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ، وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى مَنْعِ بَيْعِهَا فِي خَمْسَةَ عَشَرَ كِتَابًا، وَلَوْ حَكَمَ قَاضٍ بِجَوَازِ بَيْعِهَا نُقِضَ قَضَاؤُهُ لِمُخَالَفَتِهِ الْإِجْمَاعَ، وَمَا كَانَ فِي بَيْعِهَا مِنْ خِلَافٍ بَيْنَ الْقَرْنِ الْأَوَّلِ فَقَدْ انْقَطَعَ وَصَارَ مُجْمَعًا عَلَى مَنْعِهِ، وَأَمَّا خَبَرُ أَبِي دَاوُد وَغَيْرُهُ عَنْ جَابِرٍ «كُنَّا نَبِيعُ سَرَارِيَّنَا أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيٌّ لَا نَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا» فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ وَبِأَنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتِدْلَالًا وَاجْتِهَادًا فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ مَا نُسِبَ إلَيْهِ قَوْلًا وَنَصًّا وَهُوَ الْأَحَادِيثُ الْمُتَقَدِّمَةُ، وَبِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُعْلِمُ بِذَلِكَ كَمَا وَرَدَ فِي خَبَرِ الْمُخَابَرَةِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: كُنَّا نُخَابِرُ لَا نَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا حَتَّى أَخْبَرَنَا رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الْمُخَابَرَةِ فَتَرَكْنَاهَا» . وَزَادَ الْحَاكِمُ فِيهِ: لَا نَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا فِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ نَهَانَا فَانْتَهَيْنَا. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ وَقَالَ: يُحْتَمَلُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَشْعُرْ بِذَلِكَ، وَيُحْتَمَل ـــــــــــــــــــــــــــــSصَاقَلَهَا فَدَخَلَ مَنِيُّهُ فِي فَرْجِهَا بِلَا إيلَاجٍ فَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى بَكَارَتِهَا، وَإِنْ وَلَدَتْ وَزَالَتْ الْجِلْدَةُ فَهِيَ بِكْرٌ لِأَنَّهَا لَمْ تَزُلْ بَكَارَتُهَا بِوَطْءٍ فِي قُبُلِهَا (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ إيلَادُهَا فِي بَعْضِهَا) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ مُشْتَرَكَةً عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ فَيَصِحُّ تَزْوِيجُهُ) أَيْ الْمُبَعَّضِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ السَّيِّدُ مُسْلِمًا وَهِيَ كَافِرَةٌ) أَيْ فَإِنَّهُ يُزَوِّجُهَا (قَوْلُهُ: يُرْفَعُ الْخِلَافُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَثَنِيَّةً أَوْ مَجُوسِيَّةً) أَيْ بِخِلَافِ الْمُرْتَدَّةِ إذْ لَا تُزَوَّجُ بِحَالٍ كَمَا مَرَّ بَسْطُ ذَلِكَ فِي النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: بِإِذْنِهِ) أَيْ الْكَافِرِ. (قَوْلُهُ: وَمَا كَانَ فِي بَيْعِهَا إلَخْ) هَذَا وَمَا بَعْدَهُ يُغْنِي عَنْهُ مَا مَرَّ عَقِبَ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: اسْتِدْلَالًا وَاجْتِهَادًا) أَيْ مِنَّا أَخْذًا بِظَاهِرِ قَوْلِ جَابِرٍ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيٌّ لَا نَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا (قَوْلُهُ: كَمَا وَرَدَ فِي خَبَرِ الْمُخَابَرَةِ) غَرَضُهُ مِنْ سِيَاقِ هَذَا بَيَانُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِ الصَّحَابِيِّ لَا نَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اطَّلَعَ عَلَيْهِ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ لَا دَلِيلَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَنُصَّ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بِخِلَافِ خَبَرِ جَابِرٍ عَلَى أَنَّ جَزْمَ الشَّارِحِ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ وَاسْتِنَادِهِ فِيهِ إلَى مُجَرَّدِ مَا ذَكَرَهُ فِيهِ مَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَزَادَ الْحَاكِمُ) يَعْنِي فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ

أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ النَّهْيِ أَوْ قَبْلَ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ عُمَرُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى عِتْقِهِنَّ، وَمَنْ فَعَلَهُ مِنْهُمْ لَمْ يَبْلُغْهُ ذَلِكَ اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ قَوْلَهُ لَا نَرَى بِالنُّونِ لَا بِالْيَاءِ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ الطُّرُقِ أَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَيْهِ اهـ. وَكَمَا يَحْرُمُ بَيْعُهَا لَا يَصِحُّ، وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ إذَا لَمْ يَرْتَفِعْ الْإِيلَادُ فَإِنْ ارْتَفَعَ بِأَنْ كَانَتْ كَافِرَةً وَلَيْسَتْ لِمُسْلِمٍ وَسُبِيَتْ وَصَارَتْ قِنَّةً صَحَّ جَمِيعُ ذَلِكَ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَسَائِلُ يَجُوزُ بَيْعُهَا: الْأُولَى الْمَرْهُونَةُ رَهْنًا وَضْعِيًّا أَوْ شَرْعِيًّا حَيْثُ كَانَ الْمُسْتَوْلِدُ مُعْسِرًا حَالَ الْإِيلَادِ. الثَّانِيَةُ: الْجَانِيَةُ وَسَيِّدُهَا كَذَلِكَ، الثَّالِثَةُ: مُسْتَوْلَدَةُ الْمُفْلِسِ. الرَّابِعَةُ بَيْعُهَا مِنْ نَفْسِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ عَقْدُ عَتَاقَةٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَكَبَيْعِهَا فِي ذَلِكَ هِبَتُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ، بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ بِهَا لِاحْتِيَاجِهَا إلَى الْقَبُولِ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْعِتْقُ يَقَعُ عَقِبَهُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَدِدْت لَوْ قِيلَ بِجَوَازِ بَيْعِهَا مِمَّنْ تَعْتِقُ عَلَيْهِ بِقَرَابَةٍ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يَنْبَغِي صِحَّةُ بَيْعِهَا مِمَّنْ تَعْتِقُ عَلَيْهِ كَأَصْلِهَا أَوْ فَرْعِهَا أَيْ وَمَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهَا اهـ. وَهُوَ مَرْدُودٌ. الْخَامِسَةُ إذَا سُبِيَ سَيِّدُ الْمُسْتَوْلَدَةِ وَاسْتَرَقَّ فَيَصِحُّ بَيْعُهَا وَلَا تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ. السَّادِسَةُ إذَا كَانَتْ حَرْبِيَّةً وَقَهَرَهَا حَرْبِيٌّ آخَرُ مَلَكَهَا، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ تَجُوزُ كِتَابَةُ أُمِّ الْوَلَدِ (وَرَهْنُهَا وَهِبَتُهَا) أَمَّا الْهِبَةُ فَلِأَنَّهَا نَقْلُ مِلْكٍ إلَى الْغَيْرِ، وَأَمَّا الرَّهْنُ فَلِأَنَّهُ تَسْلِيطٌ عَلَى ذَلِكَ فَأَشْبَهَ الْبَيْعَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ حُكْمَ أُمِّ الْوَلَدِ حُكْمُ الْقِنَّةِ إلَّا فِيمَا يَنْتَقِلُ بِهِ الْمِلْكُ أَوْ يُؤَدِّي إلَى انْتِقَالِهِ، وَإِنَّمَا صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِرَهْنِهَا مَعَ فَهْمِهِ مِنْ تَحْرِيمِ بَيْعِهَا لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ تَعَاطِيَ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ حَرَامٌ وَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ الْمَقْصُودُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ، كَذَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَالدَّمِيرِيُّ، وَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهَا وَلَا وَقْفُهَا وَلَا تَدْبِيرُهَا. وَظَاهِرٌ أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ الَّتِي يَجُوزُ بَيْعُهَا لِعَلَقَةِ رَهْنٍ وَضْعِيٍّ أَوْ شَرْعِيٍّ أَوْ جِنَايَةٍ أَوْ نَحْوِهَا تَمْتَنِعُ هِبَتُهَا (وَلَوْ وَلَدَتْ مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا فَالْوَلَدُ لِلسَّيِّدِ يَعْتِقُ بِمَوْتِهِ كَهِيَ) لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ وَكَذَا فِي سَبَبِهَا اللَّازِمِ، وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ يَعْتِقُ بِمَوْتِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ مَوْجُودَةً أَمْ لَا، فَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ بَقِيَ حُكْمُ الِاسْتِيلَادِ فِي حَقِّ الْوَلَدِ، وَهَذَا أَحَدُ الْمَوَاضِعِ الَّذِي يَزُولُ فِيهَا حُكْمُ الْمَتْبُوعِ وَيَبْقَى حُكْمُ التَّابِعِ كَمَا فِي نِتَاجِ الْمَاشِيَةِ فِي الزَّكَاةِ، وَالْوَلَدُ الْحَادِثُ بَيْنَ أَبَوَيْنِ مُخْتَلِفِي الْحُكْمِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: الْأَوَّلُ مَا يُعْتَبَرُ بِالْأَبَوَيْنِ جَمِيعًا كَمَا فِي الْأَكْلِ وَحِلِّ الذَّبِيحَةِ وَالْمُنَاكَحَةِ وَالزَّكَاةِ وَالتَّضْحِيَةِ بِهِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَاسْتِحْقَاقِهِمْ سَهْمَ الْغَنِيمَةِ. وَالثَّانِي مَا يُعْتَبَرُ بِالْأَبِ خَاصَّةً وَذَلِكَ فِي سَبْعَةِ أَشْيَاءَ: النَّسَبِ وَتَوَابِعِهِ، وَالْحُرِّيَّةِ إذَا كَانَ مِنْ أَمَتِهِ أَوْ مِنْ أَمَةٍ غُرَّ بِحُرِّيَّتِهَا أَوْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ أَوْ أَمَتَهُ أَوْ مِنْ أَمَةِ فَرْعِهِ، وَالْكَفَاءَةِ وَالْوَلَاءِ فَإِنَّهُ يَكُونُ عَلَى الْوَلَدِ لِمَوَالِي الْأَبِ، وَقَدْرِ الْجِزْيَةِ وَمَهْرِ الْمِثْلِ، وَسَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى. وَالثَّالِثُ مَا يُعْتَبَرُ بِالْأُمِّ خَاصَّةً وَهُوَ شَيْئَانِ. وَالْحُرِّيَّةُ إذَا كَانَ أَبُوهُ رَقِيقًا، وَالرِّقُّ إذَا كَانَ أَبُوهُ حُرًّا وَأُمَّهُ رَقِيقَةً إلَّا فِي صُوَرٍ وَلَدِ أَمَتِهِ وَمَنْ غُرَّ بِحُرِّيَّتِهَا وَمَنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ أَوْ أَمَتَهُ وَوَلَدِ أَمَةِ فَرْعِهِ وَحَمْلِ حَرْبِيَّةٍ مِنْ مُسْلِمٍ وَقَدْ سَبَقَتْ، وَالرَّابِعُ مَا يُعْتَبَرُ بِأَحَدِهِمَا غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَهُوَ ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا مَا يُعْتَبَرُ بِأَشْرَفِهِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــSمُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: رَهْنًا وَضْعِيًّا) أَيْ بِأَنْ رَهَنَهَا الْمَالِكُ فِي حَيَاتِهِ وَالشَّرْعِيُّ بِأَنْ يَمُوتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَالتَّرِكَةُ مَرْهُونَةٌ بِهِ رَهْنًا شَرْعِيًّا (قَوْلُهُ: وَسَيِّدُهَا كَذَلِكَ) أَيْ مُعْسِرًا حَالَ الْإِيلَادِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَرْدُودٌ) أَيْ قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ تَعَاطِيَ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ حَرَامٌ) وَنُقِلَ عَنْ حَجّ فِي الزَّوَاجِرِ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ فَلْيُرَاجَعْ، لَكِنْ تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ فِي الشَّهَادَاتِ أَنَّهُ صَغِيرَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: عَلَى عِتْقِهِنَّ) مُتَعَلِّقٌ بِاسْتَدَلَّ وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: الْأَوْلَى الْمَرْهُونَةُ إلَخْ) هَذِهِ وَالْمَسَائِلُ الثَّلَاثُ بَعْدَهَا لَا تُسْتَثْنَى لِأَنَّ صِحَّةَ بَيْعِهَا لِعَدَمِ صِحَّةِ إيلَادِهَا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ بِهَا) أَيْ لِنَفْسِهَا: أَيْ فَتَحْرُمُ: أَيْ لِتَعَلُّقِ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ. (قَوْلُهُ: وَجَزَاءُ الصَّيْدِ) أَيْ مَا يُجْعَلُ جَزَاءً لِصَيْدٍ فِيمَا إذَا كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ يَجْزِي فِي الْجَزَاءِ وَالْآخَرُ لَا يَجْزِي (قَوْلُهُ: وَاسْتِحْقَاقِ سَهْمِ الْغَنِيمَةِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْكُوبِ كَمَا إذَا كَانَ مُتَوَلِّدًا بَيْنَ مَا يُسْهَمُ لَهُ وَمَا يُرْضَخُ لَهُ (قَوْلُهُ: لِمَوَالِي الْأَبِ) أَيْ حَيْثُ أَمْكَنَ فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِمَوَالِي الْأُمِّ قَبْلَ عِتْقِ الْأَبِ (قَوْلُهُ: وَقَدْرِ الْجِزْيَةِ) يُتَأَمَّلُ

كَمَا فِي الْإِسْلَامِ وَالْجِزْيَةِ يَتْبَعُ مَنْ لَهُ كِتَابٌ، وَثَانِيهِمَا مَا يَتْبَعُ فِيهِ أَغْلَظَهُمَا كَمَا فِي ضَمَانِ الصَّيْدِ وَالدِّيَةِ وَالْغُرَّةِ. وَالضَّرْبُ الثَّانِي مَا يُعْتَبَرُ بِأَخَسِّهِمَا كَالْمُنَاكَحَةِ وَالذَّبِيحَةِ وَالْأَطْعِمَةِ وَالْأُضْحِيَّةِ وَالْعَقِيقَةِ وَاسْتِحْقَاقِ سَهْمِ الْغَنِيمَةِ وَوَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ لَا يَتْبَعُهَا فِي الْعِتْقِ إلَّا إنْ كَانَتْ حَامِلًا عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ وُجُودِ الصِّفَةِ وَوَلَدُ الْمُكَاتَبَةِ الْحَادِثِ بَعْدَ الْكِتَابَةِ يَتْبَعُهَا رِقًّا وَعِتْقًا بِالْكِتَابَةِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلسَّيِّدِ، وَوَلَدُ الْأُضْحِيَّةَ وَالْهَدْيِ الْوَاجِبَيْنِ بِالتَّعْيِينِ لَهُ أَكْلُ جَمِيعِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْكِتَابِ تَبَعًا لِأَصْلِهِ، وَجَرَى جَمَاعَةٌ عَلَى أَنَّهُ أُضْحِيَّةٌ وَهَدْيٌ فَلَيْسَ لَهُ أَكْلُ شَيْءٍ مِنْهُ بَلْ يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِجَمِيعِهِ، وَوَلَدُ الْمَبِيعَةِ يَتْبَعُهَا وَيُقَابِلُهُ جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ. وَوَلَدُ الْمَرْهُونَةِ وَالْجَانِيَةِ وَالْمُؤَجَّرَةِ وَالْمُعَارَةِ وَالْمُوصَى بِهَا أَوْ بِمَنْفَعَتِهَا، وَقَدْ حَمَلَتْ بِهِ فِي الصُّورَتَيْنِ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ وَمَوْتِ الْمُوصِي سَوَاءٌ أَوَلَدَتْهُ قَبْلَ الْمَوْتِ أَمْ بَعْدَهُ، وَوَلَدُ الْمَوْقُوفَةِ وَوَلَدُ مَالِ الْقِرَاضِ وَالْمُوصَى بِخِدْمَتِهَا، وَالْمَوْهُوبَةُ إذَا وَلَدَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَتْبَعُهَا، أَمَّا إذَا كَانَتْ الْمُوصَى بِهَا أَوْ بِمَنْفَعَتِهَا حَامِلًا بِهِ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ فَإِنَّهُ وَصِيُّهُ، أَوْ حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي أَوْ وَوَلَدَتْهُ الْمَوْهُوبَةُ بَعْدَ الْقَبْضِ وَقَدْ حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ الْهِبَةِ فَإِنَّهُ يَتْبَعُهَا، لِحُصُولِ الْمِلْكِ فِيهَا لِلْقَابِلِ حِينَئِذٍ، فَإِنْ كَانَتْ الْمَوْهُوبَةُ حَامِلًا بِهِ عِنْدَ الْهِبَةِ فَهُوَ هِبَةٌ، وَلَوْ رَجَعَ الْأَصْلُ فِي الْمَوْهُوبَةِ لَا يَرْجِعُ فِي الْوَلَدِ الَّذِي حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ الْهِبَةِ وَوَلَدَتْهُ بَعْدَ الْقَبْضِ وَوَلَدُ الْمَغْصُوبَةِ وَالْمُعَارَةِ وَالْمَقْبُوضَةِ بَيْعٍ فَاسِدٍ أَوْ بِسَوْمٍ، وَالْمَبِيعَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ يَتْبَعُهَا فِي الضَّمَانِ لِأَنَّ وَضْعَ الْيَدِ عَلَيْهِ تَابِعٌ لِوَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهَا، وَمَحْمَلُ الضَّمَانِ فِي وَلَدِ الْمُعَارَةِ إذَا كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَارِيَّةِ أَوْ حَادِثًا وَتَمَكَّنَ مِنْ رَدِّهِ فَلَمْ يَرُدَّهُ وَوَلَدُ الْمُرْتَدِّ إنْ انْعَقَدَ فِي الرِّدَّةِ وَأَبَوَاهُ مُرْتَدَّانِ فَمُرْتَدٌّ. وَإِنْ انْعَقَدَ قَبْلَهَا أَوْ فِيهَا أَوْ أَحَدُ أُصُولِهِ مُسْلِمٌ فَمُسْلِمٌ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ نُجِّزَ عِتْقُ أُمِّ الْوَلَدِ أَوْ الْمُدَبَّرَةِ لَمْ يَتْبَعْهَا وَلَدُهَا بِخِلَافِ الْمُكَاتَبَةِ، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ وَلَدُ أُمِّ الْوَلَدِ أُنْثَى لَمْ يَجُزْ لِلسَّيِّدِ وَطْؤُهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا شَبَّهَهُ بِهَا فِي الْعِتْقِ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ، وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ إذَا لَمْ تُبَعْ، فَإِنْ بِيعَتْ فِي رَهْنٍ وَضْعِيٍّ أَوْ شَرْعِيٍّ أَوْ فِي جِنَايَةٍ ثُمَّ مَلَكَهَا الْمُسْتَوْلِدُ هِيَ وَأَوْلَادَهَا فَإِنَّهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ عَلَى الصَّحِيحِ، وَأَمَّا أَوْلَادُهَا فَأَرِقَّاءُ لَا يُعْطَوْنَ حُكْمَهَا لِأَنَّهُمْ وُلِدُوا قَبْلَ الْحُكْمِ بِاسْتِيلَادِهَا، أَمَّا الْحَادِثُونَ بَعْدَ إيلَادِهَا وَقَبْلَ بَيْعِهَا فَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُمْ وَإِنْ بِيعَتْ أُمُّهُمْ لِلضَّرُورَةِ لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مَثَلًا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِهِمْ فَيَعْتِقُونَ بِمَوْتِهِ دُونَ أُمِّهِمْ، بِخِلَافِ الْحَادِثِينَ بَعْدَ الْبَيْعِ لِحُدُوثِهِمْ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ، وَفِي قَوْلِهِ كَهِيَ جَرُّ ضَمِيرِ الْغَائِبَةِ بِالْكَافِ وَهُوَ شَاذٌّ (وَأَوْلَادُهَا قَبْلَ الِاسْتِيلَادِ مِنْ زِنًا أَوْ زَوْجٍ لَا يَعْتِقُونَ بِمَوْتِ السَّيِّدِ وَلَهُ بَيْعُهُمْ) ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: فِي النَّجَاسَةِ) أَيْ وَذَلِكَ فِي النَّجَاسَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَوَلَدُ الْمَبِيعَةِ) أَيْ الَّذِي لَمْ يَنْفَصِلْ (قَوْلُهُ لَا يَرْجِعُ فِي الْوَلَدِ) أَيْ لَا يَنْفُذُ رُجُوعُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا أَوْلَادُهَا) أَيْ الَّذِينَ وُجِدُوا مِنْهَا بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ عَوْدِهَا إلَى مِلْكِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَثَانِيهِمَا) ظَاهِرُهُ ثَانِي الضَّرْبَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الضَّرْبَ الثَّانِي سَيَأْتِي وَلَعَلَّ فِي الْعِبَارَةِ سَقْطًا، وَأَنَّهُ قَسَمَ الضَّرْبَ الْأَوَّلَ إلَى قِسْمَيْنِ أَوْ نَوْعَيْنِ مَثَلًا فَسَقَطَ مِنْ الْكَتَبَةِ أَوَّلُهُمَا وَهَذَا ثَانِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَالضَّرْبُ الثَّانِي مَا يُعْتَبَرُ بِأَخَسِّهِمَا إلَخْ) هَذَا يُغْنِي عَنْهُ مَا مَرَّ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا يُعْتَبَرُ بِالْأَبَوَيْنِ جَمِيعًا لِأَنَّهُ إذَا اُعْتُبِرَ فِي حِلِّهِ أَوْ فِي إجْزَائِهِ كُلٌّ مِنْ الْأَبَوَيْنِ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ أَوْ لَا يَجْزِي إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا لَيْسَ كَذَلِكَ. وَقَدْ زَادَ هُنَا النَّجَاسَةَ وَالْعَقِيقَةَ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ هُنَاكَ الطَّهَارَةَ وَالْعَقِيقَةَ، عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي هَذِهِ الْأَقْسَامِ يُغْنِي عَنْهُ الْقَاعِدَةُ الَّتِي قَدَّمَهَا عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ أَمَةِ غَيْرِهِ بِنِكَاحٍ فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ (قَوْلُهُ: فِي النَّجَاسَةِ) أَيْ وَذَلِكَ فِي النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْعَقْدِ) أَيْ عَقْدِ التَّدْبِيرِ. وَقَوْلُهُ أَوْ وُجُودُ الصِّفَةِ: أَيْ فِي الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ فَفِيهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ (قَوْلُهُ وَوَلَدُ الْمَبِيعَةِ) يَعْنِي حَمْلَهَا بِخِلَافِهِ فِيمَا بَعْدَهُ فَإِنَّ الْمُرَادَ فِيهِ الْوَلَدُ الْمُنْفَصِلُ (قَوْلُهُ: وَوَلَدُ مَالِ الْقِرَاضِ) يُرَاجَعُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ الْمَوْهُوبَةُ) يَعْنِي الَّتِي قُبِضَتْ، فَقَوْلُهُ وَالْمَوْهُوبَةُ إذَا وَلَدَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَتْبَعُهَا عَلَى إطْلَاقِهِ، وَانْظُرْ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْحُكْمِ بِكَوْنِ وَلَدِهَا مَوْهُوبًا أَوْ تَابِعًا (قَوْلُهُ: وَأَبَوَاهُ مُرْتَدَّانِ) أَيْ وَلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ مُسْلِمٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إنَّمَا شَبَهُهُ إلَخْ) يَرِدُ عَلَيْهِ نَحْوُ حُرْمَةِ بَيْعِهَا (قَوْلُهُ: هِيَ وَأَوْلَادُهَا) أَيْ

لِأَنَّهُمْ حَدَثُوا قَبْلَ أَنْ يَثْبُتَ سَبَبُ الْحُرِّيَّةِ، بِخِلَافِ الْحَادِثِينَ بَعْدَ الِاسْتِيلَادِ فَلَوْ لَمْ يَنْفُذْ الِاسْتِيلَادُ لِإِعْسَارِ الرَّاهِنِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا حَامِلًا مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا، قَالَ الْإِمَامُ: هَذَا مَوْضِعُ نَظَرٍ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ تَتَعَدَّى أُمِّيَّةُ الْوَلَدِ إلَى الْحَمْلِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ فِيهَا تَأَكَّدَتْ تَأَكُّدًا لَا يَرْتَفِعُ وَالْوَلَدُ مُتَّصِلٌ، بِخِلَافِ حَمْلِ الْمُدَبَّرَةِ فَإِنَّ التَّدْبِيرَ عُرْضَةٌ لِلِارْتِفَاعِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَخْرُجَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي سِرَايَةِ التَّدْبِيرِ إلَى الْحَمْلِ، نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ ثُمَّ قَالَ: وَهَذِهِ الصُّورَةُ ذَكَرَهَا الرَّافِعِيُّ عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ فَقَالَ: لَوْ وَطِئَ أَمَةَ الْغَيْرِ بِشُبْهَةٍ فَأَحْبَلَهَا وَقُلْنَا لَوْ مَلَكَهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ، فَلَوْ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا حَامِلًا مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا فَهَلْ يُحْكَمُ لِلْوَلَدِ بِحُرِّيَّةِ أُمِّهِ حَتَّى يَعْتِقَ بِمَوْتِ السَّيِّدِ كَالْحَادِثِ بَعْدَ الْمِلْكِ؟ أَجَابَ لَا بَلْ يَكُونُ قِنًّا، لِلْمُشْتَرِي لَهُ بَيْعُهُ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِحَالَةِ الْعُلُوقِ اهـ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ثُبُوتُ الِاسْتِيلَادِ فِي الْأُولَى بِالنِّسْبَةِ إلَى السَّيِّدِ لِمِلْكِهِ إيَّاهَا حَالَةَ عُلُوقِهَا الْأَوَّلِ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ (وَعِتْقُ الْمُسْتَوْلَدَةِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) مُقَدَّمًا عَلَى الدُّيُونِ وَالْوَصَايَا لِظَاهِرِ الْأَحَادِيثِ كَخَبَرِ «أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا» وَسَوَاءٌ اسْتَوْلَدَهَا فِي الصِّحَّةِ أَمْ الْمَرَضِ أَمْ نَجَّزَ عِتْقَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، وَلَا نَظَرَ إلَى مَا فَوَّتَهُ مِنْ مَنَافِعِهَا الَّتِي كَانَ يَسْتَحِقُّهَا إلَى مَوْتِهِ لِأَنَّ هَذَا إتْلَافٌ فِي مَرَضِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَتْلَفَهُ فِي طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ، وَبِالْقِيَاسِ عَلَى مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَهَذَا الْحُكْمُ جَارٍ فِي أَوْلَادِهَا الْحَادِثِينَ الْأَرِقَّاءِ لَهُ، وَلَوْ أَوْصَى بِهَا مِنْ الثُّلُثِ لِقَصْدِ الرِّفْقِ بِالْوَرَثَةِ فَهَلْ يَنْفُذُ كَمَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِحُجَّةِ الْإِسْلَامِ مِنْ الثُّلُثِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الظَّاهِرُ الْمَنْعُ لِأَنَّ الْمُسْتَوْلَدَةَ كَالْمَالِ الَّذِي يُتْلِفُهُ فِي حَالِ الْمَرَضِ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَلَا يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ وَهِيَ تَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بِمُجَرَّدِ الْمَوْتِ فَلَيْسَ لِلْوَصِيَّةِ هُنَا مَعْنًى. وَجَزَمَ بِذَلِكَ الدَّمِيرِيِّ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ مُحَصِّلُ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ أَنَّ قَدْرَ قِيمَةِ أُمِّ الْوَلَدِ الْمُتْلَفَةِ تُزَاحِمُ وَصَايَاهُ رِفْقًا بِوَرَثَتِهِ، وَلَوْ أَتْلَفَ عَيْنًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَأَوْصَى بِأَنْ تَكُونَ قِيمَتُهَا مَحْسُوبَةً مِنْ ثُلُثِهِ رِفْقًا بِوَرَثَتِهِ لَمْ يَتَّجِهْ إلَّا الصِّحَّةِ اهـ. وَمَا قَاسَهُ وَقَاسَ عَلَيْهِ مَرْدُودٌ، وَلَوْ جَنَتْ أُمُّ الْوَلَدِ لَزِمَ السَّيِّدَ فِدَاؤُهَا بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْجِنَايَةِ وَمِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ وَإِنْ مَاتَتْ عَقِبَهَا لِمَنْعِهِ مِنْ بَيْعِهَا بِإِحْبَالِهَا وَجِنَايَتِهَا كَوَاحِدَةٍ فِي الْأَظْهَرِ، وَإِنَّمَا قَالَ وَعِتْقُ الْمُسْتَوْلَدَةِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَمْ يَقُلْ وَعِتْقُهَا مَعَ أَنَّهُ أَخْصَرُ لِئَلَّا يُوهِمَ عَوْدُ الضَّمِيرِ إلَى أَقْرَبِ مَذْكُورٍ وَهِيَ مَنْ وَلَدَتْ مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا، وَالْحُكْمُ الْمَذْكُورُ شَامِلٌ لَهَا وَلِغَيْرِهَا وَلَوْ أَتَتْ أَمَةُ شَرِيكَيْنِ بِوَلَدٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَادَّعَى كُلٌّ سَبْقَ إيلَادِهِ فَإِنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ وَلَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ فَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَيُؤْمَرَانِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا، فَإِذَا مَاتَ عَتَقَ كُلُّهَا لِلِاتِّفَاقِ عَلَى ثُبُوتِ اسْتِيلَادِهَا وَوُقِفَ ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ تَتَعَدَّى إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: فِي سِرَايَةِ التَّدْبِيرِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الظَّاهِرُ الْمَنْعُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَّجِهْ إلَّا الصِّحَّةِ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَمَا قَاسَهُ) مِنْ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ بِأُمِّ الْوَلَدِ مِنْ الثُّلُثِ، وَقَاسَ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ مَنْ أَتْلَفَ عَيْنًا وَأَوْصَى بِقِيمَتِهَا مِنْ الثُّلُثِ صَحَّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَتَتْ أَمَةُ شَرِيكَيْنِ بِوَلَدٍ) أَيْ بِوَلَدٍ حَدَثَ بَعْدَ وَطْءِ كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: فَإِذَا مَاتَا عَتَقَ كُلُّهَا) أَيْ وَأَمَّا الْوَلَدُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ فَحُكْمُهُ أَنَّهُ يَلْحَقُ مَنْ أَلْحَقَهُ بِهِ الْقَائِفُ حَيْثُ أَمْكَنَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَادِثَيْنِ بَعْدَ الْبَيْعِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ بَعْدَ انْفِصَالِهِمْ إذْ مَسْأَلَةُ الْحَمْلِ سَتَأْتِي (قَوْلُهُ: الْغَائِبَةُ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِإِيهَامِهِ. (قَوْلُهُ: لِإِعْسَارِ الرَّاهِنِ) فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ مُسَاهَلَةٌ لَا تَخْفَى (قَوْلُهُ: ذَكَرَهَا) يَعْنِي ذَكَرَ نَظِيرَهَا (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ إلَخْ) غَرَضُهُ مِنْ هَذَا الرَّدِّ عَلَى الزَّرْكَشِيّ فِي دَعْوَاهُ أَنَّ هَذِهِ هِيَ صُورَةُ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الثَّانِي) فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْغَرَضَ فِيهِ أَيْضًا أَنَّا قُلْنَا بِثُبُوتِ الِاسْتِيلَادِ فَكَانَ الْكَافِي فِي الْفَرْقِ مِلْكُهُ إيَّاهَا حَالَ الْعُلُوقِ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: كَخَبَرِ «أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا» ) أَيْ حَيْثُ أَطْلَقَ فِيهِ الْعِتْقَ. إذْ لَوْ بَقِيَ مِنْهَا شَيْءٌ إلَى عِتْقٍ لَمْ يَصْدُقْ ظَاهِرُ الْخَبَرِ (قَوْلُهُ: يُزَاحِمُ وَصَايَاهُ) لَعَلَّهُ ثَمَّ إنْ لَمْ يَفِ الثُّلُثَ بِجَمِيعِهَا عِنْدَ الْمُزَاحَمَةِ يُحْكَمُ بِعِتْقِ بَاقِيهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَقَاسَ عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ أَتْلَفَ عَيْنًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِوَلَدٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ بِأَنْ أَوْلَدَهَا كُلٌّ

الْوَلَاءُ بَيْنَ عَصَبَتَيْهِمَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْحَالُ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَعْتِقْ شَيْءٌ مِنْهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا مُسْتَوْلَدَةُ الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ ثَبَتَ إيلَادُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي قَدْرِ نَصِيبِهِ، فَإِذَا مَاتَا فَالْوَلَاءُ بَيْنَ عَصَبَتَيْهِمَا كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا ثَبَتَ الْإِيلَادُ فِي نَصِيبِ الْمُوسِرِ إذْ لَا نِزَاعَ لِلْمُعْسَرِ فِيهِ وَالنِّزَاعُ فِي نَصِيبِ الْمُعْسِرِ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا يَدَّعِيهِ، فَإِذَا مَاتَ الْمُوسِرُ أَوَّلًا عَتَقَ نَصِيبُهُ وَوَلَاؤُهُ لِوَرَثَتِهِ، فَإِذَا مَاتَ الْمُعْسِرُ بَعْدَهُ عَتَقَ نَصِيبُهُ وَوَلَاؤُهُ مَوْقُوفٌ، وَإِنْ مَاتَ الْمُعْسِرُ أَوَّلًا لَمْ يَعْتِقْ شَيْءٌ مِنْهَا. فَإِذَا مَاتَ الْمُوسِرُ بَعْدَهُ عَتَقَتْ كُلُّهَا وَوَلَاءُ نَصِيبِ الْمُوسِرِ لِوَرَثَتِهِ وَوَلَاءُ الْآخَرِ مَوْقُوفٌ، أَمَّا لَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ عَكْسَهُ فَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ أَنْتَ وَطِئْتَ أَوَّلًا فَسَرَى إلَى نَصِيبِي وَهُمَا مُوسِرَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا فَقَطْ فَقَالَ الْبَغَوِيّ يَتَحَالَفَانِ ثُمَّ يُنْفِقَانِ عَلَيْهَا، فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فِي صُورَةِ يَسَارِهِمَا لَمْ يَعْتِقْ نَصِيبُهُ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ أَنَّ الْآخَرَ سَبَقَهُ وَعَتَقَ نَصِيبُ الْحَيِّ لِإِقْرَارِهِ وَوُقِفَ وَلَاؤُهُ، فَإِذَا مَاتَ عَتَقَتْ كُلُّهَا وَوُقِفَ وَلَاءُ الْكُلِّ، فَإِذَا مَاتَ الْمُوسِرُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ أَوَّلًا عَتَقَتْ كُلُّهَا نَصِيبُهُ بِمَوْتِهِ وَوَلَاؤُهُ لِعَصَبَتِهِ وَنَصِيبُ الْمُعْسِرِ بِإِقْرَارِهِ وَوُقِفَ وَلَاؤُهُ، وَإِنْ مَاتَ الْمُعْسِرُ أَوَّلًا لَمْ يَعْتِقْ مِنْهَا شَيْءٌ لِاحْتِمَالِ سَبْقِ الْمُوسِرِ، فَإِذَا مَاتَ الْمُوسِرُ عَتَقَتْ كُلُّهَا وَوَلَاءُ نَصِيبِهِ لِعَصَبَتِهِ وَوَلَاءُ نَصِيبِ الْمُعْسِرِ مَوْقُوفٌ، وَلَوْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ فَكَمَا لَوْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ أَوْلَدَهَا قَبْلَ إيلَادِ الْآخَرِ لَهَا وَقَدْ مَرَّ حُكْمُهُ وَالْعِبْرَةُ فِي الْيَسَارِ وَعَدَمِهِ بِوَقْفِ الْإِحْبَالِ وَلَوْ كَانَ لَهُ ثَلَاثَةُ إخْوَةٍ فِي أَيْدِيهِمْ أَمَةٌ وَوَلَدُهَا وَهُوَ مَجْهُولُ النَّسَبِ فَقَالَ أَحَدُهُمْ هِيَ أُمُّ وَلَدِ أَبِينَا وَالِابْنُ أَخُونَا، وَقَالَ الْآخَرُ هِيَ أُمُّ وَلَدِي وَوَلَدُهَا مِنِّي، وَقَالَ الْآخَرُ هِيَ جَارِيَتِي وَوَلَدُهَا عَبْدِي لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْ أَبِيهِمْ وَيَثْبُتُ مِنْ الثَّانِي، وَالْوَلَدُ حُرٌّ بِقَوْلِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي، وَيَعْتِقُ عَلَى الثَّانِي نَصِيبُ مُدَّعِي الرِّقِّ مِنْ الْوَلَدِ وَيَنْفُذُ إيلَادُهُ فِي نَصِيبِهِ مِنْ الْأَمَةِ وَيَسْرِي إلَى حَقِّ مُدَّعِي الْمِلْكِ إنْ كَانَ مُوسِرًا، فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَلَا، وَذَلِكَ بَعْدَ التَّحَالُفِ بَيْنَ الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَقَطْ لِأَنَّ الْقَائِلَ هِيَ أُمُّ وَلَدِ أَبِينَا لَمْ يَدَّعِ لِنَفْسِهِ شَيْئًا عَلَى الْآخَرَيْنِ فَلَا يُحَلِّفُهُمَا، نَعَمْ إنْ ادَّعَتْ الْأَمَةُ ذَلِكَ وَأَنَّهَا عَتَقَتْ بِمَوْتِ الْأَبِ حَلَّفَتْهُمَا عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِمَا بِأَنَّ أَبَاهُمَا أَوْلَدَهَا، وَأَمَّا الْآخَرَانِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا يَدَّعِي مَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ هَذَا يَقُولُ هِيَ مُسْتَوْلَدَتِي وَهَذَا يَقُولُ هِيَ مِلْكِي فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى نَفْيِ مُدَّعَى الْآخَرِ فِي الثُّلُثِ الَّذِي فِي يَدِهِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ: وَالْقَائِلُ هِيَ أُمُّ وَلَدِ أَبِينَا لَا غُرْمَ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي شَيْئًا وَلَا عَلَيْهِ، وَاَلَّذِي يَدَّعِي الْإِيلَادَ يَلْزَمُهُ الْغُرْمُ لِمُدَّعِي الْمِلْكِ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَيْهِ نَصِيبَهُ مِنْ الْأَمَةِ وَالْوَلَدِ، كَذَا عَلَّلُوهُ، وَمُقْتَضَاهُ أَنْ تَكُونَ الصُّورَةُ فِيمَا إذَا سَلِمَ أَنَّهُ كَانَ لِمُدَّعِي الرِّقَّ فِيهَا نَصِيبٌ بِالْإِرْثِ أَوْ غَيْرِهِ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ مُسْتَوْلَدَةٌ كَوْنُهَا مُشْتَرَكَةً مِنْ قَبْلُ، وَيَغْرَمُ لِلثَّالِثِ ثُلُثَ الْقِيمَةِ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّهَا فِي يَدِ الثَّلَاثَةِ حُكْمًا، قَالَ بَعْضُهُمْ: قَدْ يُقَالُ يُكْتَفَى بِالْيَدِ عَنْ تَسَلُّمِ نَصِيبِ مُدَّعِي الرِّقِّ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــSلُحُوقُهُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا بِأَنْ كَانَ بَيْنَ وَطْءِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَوِلَادَتِهِ فَوْقَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يَدَّعِي الْإِيلَادَ يَلْزَمُهُ الْغُرْمُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْهُمَا وَلَدًا: أَيْ وَاشْتَبَهَا كَأَنْ مَاتَا، وَهَذَا هُوَ صَرِيحُ الْعِبَارَةِ، وَالتَّفْصِيلُ الْآتِي لَا يَتَأَتَّى إلَّا فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: أَنْتِ وُطِئْت) يَعْنِي أَحَبَلْت (قَوْلُهُ: فَسَرَى إلَى نَصِيبِي) فِيهِ نَظَرٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا إذَا كَانَ الْمُوسِرُ أَحَدَهُمَا فَقَطْ، إذْ لَا يَتَأَتَّى قَوْلُهُ لِلْآخَرِ فَسَرَى إلَى نَصِيبِي، وَكَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ الْآتِي إذْ هَذَا مُسَلَّطٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: كُلٌّ مِنْهُمَا) يَعْنِي مِنْ الْمُعْسِرَيْنِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْ أَبِيهِمْ) أَيْ لِأَنَّ الْمُقِرَّ بِهِ غَيْرُ جَائِزٍ (قَوْلُهُ: وَلَا عَلَيْهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى لَهُ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: يَلْزَمُهُ الْغُرْمُ لِمُدَّعِي الْمِلْكِ) وَسَيَأْتِي قَرِيبًا مَا يَغْرَمُهُ لَهُ (قَوْلُهُ: ثُلُثُ الْقِيمَةِ) أَيْ قِيمَةِ الْأُمِّ وَالْوَالِدِ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ الْمَارِّ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ فَوَّتَ إلَخْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا فِي يَدِ الثَّلَاثَةِ حُكْمًا) اُنْظُرْهُ مَعَ أَنَّ دَعْوَى الْأَوَّلِ أَنَّهَا عَتِيقَةٌ هِيَ وَوَلَدُهَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِالنَّظَرِ لِمَا لَهُ مِنْ الْوَلَاءِ، لَكِنْ قَدْ يُنَافِي هَذَا مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ لِنَفْسِهِ شَيْئًا فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُنْظَرْ حُكْمُ الْوَلَاءِ عَلَى الْأُمِّ (قَوْلُهُ: قَالَ بَعْضُهُمْ) أَيْ جَوَابًا

فَالْيَدُ تَقْتَضِي الِاشْتِرَاكَ بَعْدَ تَحَالُفِهِمَا فَيَغْرَمُ مُدَّعِي الْإِيلَادِ لِمُدَّعِي الْمِلْكِ وَإِنْ لَمْ يَسْلَمْ كَوْنُهُ يَسْتَحِقُّ فِيهَا نَصِيبًا اهـ. وَلَوْ وَطِئَ شَرِيكَانِ أَمَةً لَهُمَا وَأَتَتْ بِوَلَدٍ وَادَّعَيَا الِاسْتِبْرَاءَ وَحَلَفَا فَلَا نَسَبَ وَلَا إيلَادَ، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِيَاهُ فَلَهُ أَحْوَالٌ: أَحَدُهَا أَنْ لَا يُمْكِنَ كَوْنُهُ مِنْ أَحَدِهِمَا بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَطْءِ الْأَوَّلِ وَلِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ آخِرِهِمَا وَطْئًا فَكَمَا لَوْ ادَّعَيَا الِاسْتِبْرَاءَ. الثَّانِي أَنْ يُمْكِنَ مِنْ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِمَا بَيْنَ أَقَلِّ مُدَّةِ الْحَمْلِ وَأَكْثَرِهَا مِنْ وَطْءِ الْأَوَّلِ وَلِمَا بَيْنَ دُونِ أَقَلِّ مُدَّةِ الْحَمْلِ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي فَيَلْحَقُ الْأَوَّلَ وَيَثْبُتُ الْإِيلَادُ فِي نَصِيبِهِ، وَلَا سِرَايَةَ إنْ كَانَ مُعْسِرًا، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا سَرَّى. الثَّالِثُ: أَنْ يُمْكِنَ مِنْ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَقْتِ وَطْءِ الْأَوَّلِ وَلِمَا بَيْنَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَأَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي فَيَلْحَقُهُ وَيَثْبُتُ إيلَادُهُ فِي نَصِيبِهِ، وَلَا سِرَايَةَ إنْ كَانَ مُعْسِرًا وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا سَرَّى. الرَّابِعُ أَنْ يُمْكِنَ كَوْنُهُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِمَا بَيْنَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَأَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَطْءِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَادَّعَيَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا فَيُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ أُمِرَ بِالِانْتِسَابِ إذَا بَلَغَ وَلَوْ كَانَ لَهُ أَمَةٌ خَلِيَّةٌ ذَاتُ وَلَدٍ فَقَالَ هَذَا وَلَدِي مِنْ هَذِهِ لَحِقَهُ إنْ أَمْكَنَ وَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، فَإِنْ قَالَ اسْتَوْلَدْتهَا بِهِ فِي مِلْكِي أَوْ عَلِقَتْ بِهِ فِي مِلْكِي أَوْ هَذَا وَلَدِي مِنْهَا وَهِيَ فِي مِلْكِي مِنْ عَشْرِ سِنِينَ وَالْوَلَدُ ابْنُ سَنَةٍ مَثَلًا ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ، وَالْعُلُوقُ فِي الْمِلْكِ مُقْتَضٍ لِثُبُوتِ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ مَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ مَانِعٌ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَمُجَرَّدُ احْتِمَالِ الْمَانِعِ لَيْسَ مَانِعًا، وَلَوْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً فَالْوَلَدُ لِلزَّوْجِ وَلَا أَثَرَ لِإِلْحَاقِ السَّيِّدِ، وَلَوْ كَانَتْ فِرَاشًا لِسَيِّدِهَا لِإِقْرَارِهِ بِوَطْئِهَا لَحِقَهُ الْوَلَدُ بِالْفِرَاشِ وَلَا حَاجَةَ إلَى الْإِقْرَارِ، وَلَا يُعْتَبَرُ إلَّا الْإِمْكَانُ وَسَوَاءٌ أَجْرَى الْإِقْرَارَ فِي الصِّحَّةِ أَمْ الْمَرَضِ، وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ قُبَيْلَ التَّدْبِيرِ نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي الْحُسَيْنِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ مُضْغَةُ هَذِهِ الْجَارِيَةِ: أَيْ أَمَتُهُ حُرَّةٌ فَهُوَ إقْرَارٌ بِأَنَّ الْوَلَدَ انْعَقَدَ حُرًّا وَتَصِيرُ الْأُمُّ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَصِيرَ حَتَّى يُقِرَّ بِوَطْئِهَا: أَيْ فِي مِلْكِهِ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ حُرٌّ مِنْ وَطْءِ أَجْنَبِيٍّ بِشُبْهَةٍ انْتَهَى، وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَفِي فُرُوعِ ابْنِ الْقَطَّانِ: لَوْ قَالَتْ الْأَمَةُ الَّتِي وَطِئَهَا السَّيِّدُ أَلْقَيْتُ سِقْطًا صِرْتُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ فَأَنْكَرَ السَّيِّدُ إلْقَاءَهَا ذَلِكَ فَمَنْ الْمُصَدَّقُ؟ وَجْهَانِ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ السَّيِّدِ لِأَنَّ الْأَصْلَ مَعَهُ لَا سِيَّمَا إذَا أَنْكَرَ الْإِسْقَاطَ وَالْعُلُوقَ مُطْلَقًا، وَفِيمَا إذَا اعْتَرَفَ بِالْحَمْلِ احْتِمَالٌ، وَالْأَقْرَبُ تَصْدِيقُهُ أَيْضًا إلَّا أَنْ تَمْضِيَ مُدَّةٌ لَا يَبْقَى الْحَمْلُ مُنْتَسِبًا إلَيْهَا اهـ. وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهَا أَسْقَطَتْ وَادَّعَتْ أَنَّهُ سَقَطَ مُصَوَّرٌ وَقَالَ بَلْ لَا صُورَةَ فِيهِ أَصْلًا فَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُهُ أَيْضًا لِأَنَّ الْأَصْلَ مَعَهُ. قَالَ فِي الْبَيَانِ. وَإِذَا صَارَتْ الْأَمَةُ فِرَاشًا لِرَجُلٍ وَمَعَهَا وَلَدٌ فَأَقَرَّتْ بِأَنَّهُ وَلَدٌ لِغَيْرِهِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا بَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْفِرَاشِ، وَلَوْ تَنَازَعَ السَّيِّدُ وَالْمُسْتَوْلَدَةُ فِي أَنَّ وَلَدَهَا وَلَدَتْهُ قَبْلَ الِاسْتِيلَادِ أَوْ بَعْدَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ وَهُوَ الثُّلُثُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَطِئَ شَرِيكَانِ أَمَةً لَهُمَا) أَيْ عَلَى خِلَافِ مَنْعِنَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: لِإِقْرَارِهِ بِوَطْئِهَا) أَيْ أَوْ شَهِدَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ (قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ السَّيِّدِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَمْضِيَ مُدَّةٌ لَا يَبْقَى الْحَمْلُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ فَتُصَدَّقُ، وَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ فِي بَطْنِهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ فَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَمَّا اقْتَضَاهُ التَّعْلِيلُ. (قَوْلُهُ: فَيُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ إلَخْ) اُنْظُرْ لَوْ أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِأَحَدِهِمَا أَوْ انْتَسَبَ هُوَ بَعْدَ بُلُوغِهِ هَلْ يَثْبُتُ حُكْمُ الْإِيلَادِ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ فِي مِلْكِي مِنْ عَشْرِ سِنِينَ) اُنْظُرْ هَلْ مِثْلُهُ مَا إذَا عَلِمْنَا أَنَّهَا فِي مِلْكِهِ هَذِهِ الْمُدَّةَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ (قَوْلُهُ: وَالْوَلَدُ ابْنُ سَنَةٍ مَثَلًا) اُنْظُرْ هَلْ مِثْلُهُ مَا إذَا كَانَ ابْنَ سَبْعَةٍ أَوْ لَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا عَلِقَتْ بِهِ قَبْلَ الْمِلْكِ وَحَمَلَتْ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ يُرَاجَعُ (قَوْلُهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ مَرَّ (قَوْلُهُ: احْتِمَالِ الْمَانِعِ) أَيْ كَرَهْنٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَتْ) أَيْ الْأَمَةُ غَيْرُ الْمُزَوَّجَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَمْضِيَ مُدَّةٌ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا فِي حَوَاشِيهِ: وَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ فِي بَطْنِهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ (قَوْلُهُ: بَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْفِرَاشِ) بَلْ قَضِيَّةُ مَا مَرَّ لُحُوقُهُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ فَلْيُرَاجَعْ

السَّيِّدِ وَالْوَارِثِ وَتُسْمَعُ دَعْوَاهَا لِوَلَدِهَا حِسْبَةً وَلَوْ كَانَ لِأَمَتِهِ ثَلَاثَةُ أَوْلَادٍ وَلَمْ تَكُنْ فِرَاشًا لَهُ وَلَا مُزَوَّجَةً فَقَالَ أَحَدُهُمْ وَلَدِي، فَإِنْ عَيَّنَ الْأَوْسَطَ لَمْ يَكُنْ إقْرَارُهُ يَقْتَضِي الِاسْتِيلَادَ فَالْآخَرَانِ رَقِيقَانِ وَإِنْ اقْتَضَاهُ بِأَنْ اعْتَرَفَ بِإِيلَادِهَا فِي مِلْكِهِ لَحِقَهُ الْأَصْغَرُ أَيْضًا لِلْفِرَاشِ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ التَّعْيِينِ عَيَّنَ الْوَارِثُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَالْقَائِفُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَالْقُرْعَةُ، ثُمَّ إنْ كَانَ إقْرَارُهُ لَا يَقْتَضِي إيلَادًا وَخَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لِوَاحِدٍ عَتَقَ وَحْدَهُ وَلَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ، وَلَا يُوقَفُ نَصِيبُ ابْنٍ، وَإِنْ اقْتَضَاهُ فَالصَّغِيرُ نَسِيبٌ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ وَيَدْخُلُ فِي الْقُرْعَةِ لِيَرِقَّ غَيْرُهُ إنْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لَهُ، فَإِنْ خَرَجَتْ لِغَيْرِهِ عَتَقَ مَعَهُ. وَقَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي النُّطْفَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْأَرْبَعِينَ عَلَى قَوْلَيْنِ: قِيلَ لَا يَثْبُتُ لَهَا حُكْمُ السِّقْطِ وَالْوَأْدِ، وَقِيلَ لَهَا حُرْمَةٌ وَلَا يُبَاحُ إفْسَادُهَا وَلَا التَّسَبُّبُ فِي إخْرَاجِهَا بَعْدَ الِاسْتِقْرَارِ فِي الرَّحِمِ، بِخِلَافِ الْعَزْلِ فَإِنَّهُ قَبْلَ حُصُولِهَا فِيهِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَفِي تَعَالِيقِ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ قَالَ الْكَرَابِيسِيُّ: سَأَلَتْ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي سَعِيدٍ الْفُرَاتِيَّ عَنْ رَجُلٍ سَقَى جَارِيَتَهُ شَرَابًا لِتُسْقِطَ وَلَدَهَا فَقَالَ: مَا دَامَتْ نُطْفَةً أَوْ عَلَقَةً فَوَاسِعٌ لَهُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى اهـ. وَقَدْ أَشَارَ الْغَزَالِيُّ إلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْإِحْيَاءِ فَقَالَ بَعْدَ أَنْ قَرَّرَ أَنَّ الْعَزْلَ خِلَافُ الْأَوْلَى مَا حَاصِلُهُ: وَلَيْسَ هَذَا كَالِاسْتِجْهَاضِ وَالْوَأْدِ لِأَنَّهُ جِنَايَةٌ عَلَى مَوْجُودٍ حَاصِلٍ، فَأَوَّلُ مَرَاتِبِ الْوُجُودِ وَقْعُ النُّطْفَةِ فِي الرَّحِمِ فَيَخْتَلِطُ بِمَاءِ الْمَرْأَةِ فَإِفْسَادُهَا جِنَايَةٌ، فَإِنْ صَارَتْ عَلَقَةً أَوْ مُضْغَةً فَالْجِنَايَةُ أَفْحَشُ، فَإِنْ نُفِخَتْ الرُّوحُ وَاسْتَقَرَّتْ الْخِلْقَةُ زَادَتْ الْجِنَايَةُ تَفَاحُشًا، ثُمَّ قَالَ: وَيَبْعُدُ الْحُكْمُ بِعَدَمِ تَحْرِيمِهِ. وَقَدْ يُقَالُ: أَمَّا حَالَةُ نَفْخِ الرُّوحِ فَمَا بَعْدَهُ إلَى الْوَضْعِ فَلَا شَكَّ فِي التَّحْرِيمِ، وَأَمَّا قَبْلَهُ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى بَلْ مُحْتَمِلٌ لِلتَّنْزِيهِ وَالتَّحْرِيمِ، وَيَقْوَى التَّحْرِيمُ فِيمَا قَرُبَ مِنْ زَمَنِ النَّفْخِ لِأَنَّهُ حَرِيمُهُ، ثُمَّ إنْ تَشَكَّلَ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ وَأَدْرَكَتْهُ الْقَوَابِلُ وَجَبَتْ الْغُرَّةُ. نَعَمْ لَوْ كَانَتْ النُّطْفَةُ مِنْ زِنًا فَقَدْ يُتَخَيَّلُ الْجَوَازُ. فَلَوْ تُرِكَتْ حَتَّى نُفِخَ فِيهَا فَلَا شَكَّ فِي التَّحْرِيمِ، وَلَوْ كَانَ الْوَطْءُ زِنًا وَالْمَوْطُوءَةُ حَرْبِيَّةً فَلَا شَكَّ أَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ مِنْ الْجِهَتَيْنِ. وَقَدْ سُئِلَ ابْنُ اللَّبَّانِ عَنْ مُسْلِمٍ زَنَى بِذِمِّيَّةٍ مَا حُكْمُ الْوَلَدِ فِي الْإِسْلَامِ؟ فَلَمْ يُجِبْ فِيهِ بِشَيْءٍ، فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ: إنَّ ابْنَ حَزْمٍ ذَكَرَ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ أَنَّ الْوَلَدَ مُسْلِمٌ اعْتِبَارًا بِالدَّارِ، وَعِنْدَ هَذَا فَلَا شَكَّ فِي احْتِرَامِهِ لَا سِيَّمَا إذَا قَصَدَ بِالْوَطْءِ قَهْرَهَا فَإِنَّهُ يَمْلِكُهَا كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَغَيْرُهُ اهـ مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. وَقَالَ الدَّمِيرِيِّ: لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَرْأَةَ قَدْ تَفْعَلُ ذَلِكَ بِحَمْلِ زِنًا وَغَيْرِهِ، ثُمَّ هِيَ إمَّا أَمَةٌ فَعَلَتْ ذَلِكَ بِإِذْنِ مَوْلَاهَا الْوَاطِئِ لَهَا وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْفُرَاتِيِّ أَوْ بِإِذْنِهِ وَلَيْسَ هُوَ الْوَاطِئُ. وَهِيَ صُورَةٌ لَا تَخْفَى، وَالنَّقْلُ فِيهَا عَزِيزٌ، وَفِي مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ شَهِيرٌ. فَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَغَيْرِهِ أَنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ، وَقَدْ تَكَلَّمَ الْغَزَالِيُّ عَلَيْهَا فِي الْإِحْيَاءِ بِكَلَامٍ مَتِينٍ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِالتَّحْرِيمِ اهـ. ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَقَالَ أَحَدُهُمْ وَلَدِي) أَيْ فَقَالَ السَّيِّدُ أَحَدُهُمْ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالْوَأْدُ) أَيْ قَتْلُ الْأَطْفَالِ (قَوْلُهُ: فَوَاسِعٌ) أَيْ جَائِزٌ (قَوْلُهُ: اعْتِبَارًا بِالدَّارِ) ضَعِيفٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَيَّنَ الْأَوْسَطَ) وَمِثْلُهُ هُنَا مَا لَوْ عَيَّنَ غَيْرَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنَّمَا تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ اقْتَضَاهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ التَّعْيِينِ) هَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ فَإِنْ عَيَّنَ الْأَوْسَطَ، وَسَكَتَ عَمَّا إذَا عَيَّنَ الْأَكْبَرَ أَوْ الْأَصْغَرَ وَالْحُكْمُ فِيهِمَا ظَاهِرٌ مِمَّا ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: عَتَقَ وَحْدَهُ) أَيْ حُكِمَ بِعِتْقِهِ: أَيْ عَمَلًا بِقَوْلِهِ هَذَا ابْنِي إذْ هُوَ مِنْ صِيَغِ الْعِتْقِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ، وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ: أَيْ لِأَنَّ الْقُرْعَةَ لَا دَخْلَ لَهَا فِي النَّسَبِ (قَوْلُهُ: وَيَبْعُدُ الْحُكْمُ بِعَدَمِ تَحْرِيمِهِ) اُنْظُرْ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ (قَوْلُهُ: وَيَقْوَى التَّحْرِيمُ) أَيْ احْتِمَالُ التَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ يُتَخَيَّلُ الْجَوَازُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْجِهَتَيْنِ) لَعَلَّ مَحَلَّ هَذَا قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ وَإِلَّا فَيُنَافِي مَا قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: زَنَى بِذِمِّيَّةٍ) لَعَلَّ صَوَابَهُ بِحَرْبِيَّةٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِيمَا سَيَأْتِي لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ قَصَدَ بِالْوَطْءِ قَهْرَهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: مُسْلِم بِاعْتِبَارِ الدَّارِ) اُنْظُرْ هَلْ الصُّورَةُ أَنَّهُ وَطِئَهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْفُرَاتِيِّ) الَّذِي مَرَّ عَنْ الْفُرَاتِيِّ أَنَّ السَّيِّدَ سَقَى جَارِيَتَهُ

وَالرَّاجِحُ تَحْرِيمُهُ بَعْدَ نَفْخِ الرُّوحِ مُطْلَقًا وَجَوَازُهُ قَبْلَهُ. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ ابْنِ حَزْمٍ فَقَدْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيهَا بِأَنَّ الْوَلَدَ كَافِرٌ، وَبَيَّنَ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ حَزْمٍ مَرْدُودٌ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا كُلُّهُ فِي اسْتِعْمَالِ الدَّوَاءِ بَعْدَ الْإِنْزَالِ، فَأَمَّا قَبْلَهُ فَلَا مَنْعَ مِنْهُ، أَمَّا اسْتِعْمَالُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ دَوَاءً لِمَنْعِ الْحَبَلِ فَقَدْ سُئِلَ عَنْهَا الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ فَقَالَ: لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ ذَلِكَ وَظَاهِرُهُ التَّحْرِيمُ، وَبِهِ أَفْتَى الْعِمَادُ بْنُ يُونُسَ، فَسُئِلَ عَمَّا إذَا تَرَاضَى الزَّوْجَانِ الْحُرَّانِ عَلَى تَرْكِ الْحَبَلِ هَلْ يَجُوزُ التَّدَاوِي لِمَنْعِهِ بَعْدَ طُهْرِ الْحَيْضِ. أَجَابَ لَا يَجُوزُ اهـ. وَقَدْ يُقَالُ: هُوَ لَا يَزِيدُ عَلَى الْعَزْلِ، وَلَيْسَ فِيهِ سِوَى سَدُّ بَابِ النَّسْلِ ظَنًّا وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا، وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْمَنْعِ فَلَوْ فُرِّقَ بَيْنَ مَا يَمْنَعُ بِالْكُلِّيَّةِ وَبَيْنَ مَا يَمْنَعُ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ فَيَكُونُ كَالْعَزْلِ لَكَانَ مُتَّجِهًا. وَفِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ لِلْبَالِسِيِّ نَحْوُ هَذَا اهـ كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ قَالَ الْأَصْحَابُ: فِيمَنْ لَمْ يَجِدْ أُهْبَةَ النِّكَاحِ يَكْسِرُهَا بِالصَّوْمِ وَلَا يَكْسِرُهَا بِالْكَافُورِ وَنَحْوِهِ، وَعَبَّرَ الْبَغَوِيّ بِقَوْلِهِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَحْتَالَ فِي قَطْعِ شَهْوَتِهِ اهـ. وَفَهِمَ جَمْعٌ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَالْمُصَنِّفِ تَحْرِيمَ الْكَافُورِ وَنَحْوِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ. وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْجَوَازِ عَلَى مَا يُفَتِّرُ الشَّهْوَةَ فَقَطْ وَلَا يَقْطَعُهَا، وَلَوْ أَرَادَ إعَادَتَهَا بِاسْتِعْمَالِ ضِدِّ تِلْكَ الْأَدْوِيَةِ لَأَمْكَنَهُ، وَالْحُرْمَةُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ. وَالْعَزْلُ حَذَرًا مِنْ الْوَلَدِ مَكْرُوهٌ وَإِنْ أَذِنَتْ فِيهِ الْمَعْزُولُ عَنْهَا حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً لِأَنَّهُ طَرِيقٌ إلَى قَطْعِ النَّسْلِ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي تَبْصِرَتِهِ وَالْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ: أُصُولُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ مُتَظَافِرَةٌ عَلَى تَحْرِيمِ وَطْءِ السَّرَارِي اللَّاتِي يُجْلَبْنَ الْيَوْمَ مِنْ الرُّومِ وَالْهِنْدِ وَغَيْرِهِمَا إلَّا أَنْ يُنَصِّبَ الْإِمَامُ مَنْ يُقَسِّمُ الْغَنَائِمَ مِنْ غَيْرِ حَيْفٍ وَلَا ظُلْمٍ. وَعَارَضَهُمْ الْفَزَارِيّ فَأَفْتَى بِأَنَّ الْإِمَامَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قِسْمَةُ الْغَنَائِمِ بِحَالٍ وَلَا تَخْمِيسُهَا وَلَا تَفْضِيلُ بَعْضِ الْغَانِمِينَ وَحِرْمَانُ بَعْضِهِمْ، وَزَعَمَ أَنَّ سِيرَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَقْتَضِي ذَلِكَ. وَرَدَّ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ بِأَنَّهُ خَارِقٌ لِلْإِجْمَاعِ فِيهِ هَذَا إنْ كَانَ مَأْخُوذًا بِالْقَهْرِ، فَإِنْ كَانَ مَسْرُوقًا أَوْ مُخْتَلَسًا خُمِّسَ أَيْضًا عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِلْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ مَا يَأْخُذُهُ الْحَرْبِيُّ مِنْ مِثْلِهِ يَمْلِكُهُ وَأَنَّ الْحَرْبِيَّ إذَا قَهَرَ حَرْبِيًّا مَلَكَهُ. وَالنَّصُّ أَنَّ مَا حَصَّلَهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ بِقِتَالٍ لَيْسَ بِغَنِيمَةٍ فَلَا يُنْزَعُ مِنْهُمْ، فَمَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ فِيمَا عُلِمَ أَنَّهُ مِنْ غَنِيمَةٍ لَمْ تُخَمَّسْ، وَإِلَّا فَمَا يُبَاعُ مِنْ السَّرَارِي وَلَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ وَالْأَمْرُ فِيهِ مُحْتَمِلٌ لِذَلِكَ لَا يَكُونُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، وَكَانَ بَعْضُ الْمُتَوَرِّعِينَ إذَا أَرَادَ التَّسَرِّيَ بِأَمَةٍ اشْتَرَاهَا مِنْ وَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَنْ لَهُ حَقٌّ فِي بَيْتِ الْمَالِ يَجُوزُ لَهُ تَمَلُّكُ الْأَمَةِ بِطَرِيقِ الظَّفَرِ لِأَنَّ الْمَرْجِعَ فِيهَا حِينَئِذٍ إلَى بَيْتِ الْمَالِ لِلْجَهْلِ بِالْمُسْتَحَقِّينَ. وَفِي كَلَامِ التَّاجِ ابْنِ الْفِرْكَاحِ أَنَّ الْغَلُولَ فِي الْغَنِيمَةِ يَحْرُمُ مَا كَانَتْ الْغَنِيمَةُ تُقَسَّمُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ، فَإِذَا تَغَيَّرَ الْحَالُ جَازَ لِمَنْ ظَفِرَ بِقَدْرِ حَقِّهِ وَبِمَا دُونَهُ أَنْ يَخْتَزِلَهُ وَيَكْتُمَهُ اهـ. وَمُقْتَضَاهُ جَوَازُ الْأَخْذِ ظَفَرًا فِي الْغَنِيمَةِ فَضْلًا عَنْ بَيْتِ الْمَالِ، لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ نَقَلَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَأَقَرَّهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَدْفَعْ السُّلْطَانُ إلَى كُلِّ الْمُسْتَحِقِّينَ حُقُوقَهُمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَهَلْ يَجُوزُ لِأَحَدِهِمْ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؟ قَالَ فِيهِ أَرْبَعَةُ مَذَاهِبَ: أَحَدُهَا، لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ وَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَأَمَّا قَبْلَهُ) أَيْ اسْتِعْمَالِ مَا يَمْنَعُ الْحَبَلَ قَبْلَ إنْزَالِ الْمَنِيِّ حَالَةَ الْجِمَاعِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ هُوَ لَا يَزِيدُ عَلَى الْعَزْلِ) مُعْتَمَدٌ أَيْ وَالْعَزْلُ مَكْرُوهٌ فَيَكُونُ هَذَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَلَوْ فُرِّقَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: يَحْرُمُ مَا كَانَتْ الْغَنِيمَةُ تُقَسَّمُ) أَيْ مُدَّةَ كَوْنِ الْغَنِيمَةِ تُقَسَّمُ عَلَى إلَخْ (قَوْلُهُ: أَنْ يَخْتَزِلَهُ) أَيْ يَأْخُذَهُ (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بَعْدَ نَفْخِ الرُّوحِ مُطْلَقًا) اُنْظُرْ وَلَوْ كَانَ مِنْ حَرْبِيَّةٍ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ الْإِجْهَاضِ. وَصُورَتُهُ فِي الِاسْتِعْمَالِ قَبْلَ الْإِنْزَالِ أَنْ تَسْتَعْمِلَ دَوَاءً يُوجِبُ أَنَّهَا إذَا حَمَلَتْ أَجْهَضَتْ، وَأَمَّا اسْتِعْمَالُ الدَّوَاءِ الْمَانِعِ لِلْحَبَلِ فَسَيَأْتِي بَعْدُ (قَوْلُهُ: بَعْدَ طُهْرِ الْحَيْضِ) اُنْظُرْ مَا الْحَاجَةُ إلَيْهِ وَلَعَلَّ صُورَةَ السُّؤَالِ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أُصُولُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ) الْإِضَافَةُ إلَيْهَا بَيَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَعَارَضَهُمْ) كَانَ الظَّاهِرُ وَعَارَضَهُمَا (قَوْلُهُ: يَجُوزُ لَهُ تَمَلُّكُ الْأَمَةِ) أَيْ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى

[خاتمة الكتاب]

يُدْرَى حِصَّتُهُ مِنْهُ حَبَّةٌ أَوْ دَانِقٌ أَوْ غَيْرُهُمَا قَالَ الْغَزَالِيُّ وَهَذَا غُلُوٌّ لَا يَجُوزُ. وَالثَّانِي: يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ مَا يَكْفِيهِ. وَالثَّالِثُ كِفَايَةَ سَنَةٍ. وَالرَّابِعُ: مَا يُعْطَى وَهُوَ حَقُّهُ وَالْبَاقُونَ مَظْلُومُونَ قَالَ وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُشْتَرَكًا كَالْغَنِيمَةِ وَالْمِيرَاثِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِلْكٌ لَهُمْ، حَتَّى لَوْ مَاتُوا قُسِّمَ بَيْنَ وَرَثَتِهِمْ وَهُنَا لَا يَسْتَحِقُّ وَارِثُهُ شَيْئًا، وَهَذَا إذَا صُرِفَ إلَيْهِ مَا يَلِيقُ صَرْفُهُ إلَيْهِ اهـ. وَبِالْأَوَّلِ جَزَمَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوَاعِدِهِ، وَمُقْتَضَاهُ إلْحَاقُ ذَلِكَ بِالْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ وَأَنَّ الْأَخْذَ ظَفَرًا مِمَّا يَسْتَحِقُّهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ مُنِعَ الْمُتَكَلَّمُ فِي أَمْرِهِ الْمُسْتَحَقَّ. وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مَنْعَ ذَلِكَ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا سَبَقَ عَنْهُ مِنْ مَنْعِ الْأَخْذِ حَيْثُ لَمْ يَدْفَعْ السُّلْطَانُ إلَى كُلِّ الْمُسْتَحِقِّينَ حُقُوقَهُمْ. وَفِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ: أَنَّ السُّلْطَانَ إذَا أَعْطَى رَجُلًا مِنْ الْجُنْدِ مِنْ الْمَغْنَمِ شَيْئًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ السُّلْطَانُ خَمَّسَهُ وَلَمْ يُقَسِّمْ الْبَاقِي قِسْمَةً شَرْعِيَّةً وَجَبَ الْخُمُسُ فِي الَّذِي صَارَ إلَى هَذَا، وَلَا يَحِلُّ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِالْبَاقِي حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ حَصَلَ لِكُلٍّ مِنْ الْغَانِمِينَ قَدْرُ حِصَّتِهِ مِنْ هَذَا، فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ صَرْفُ مَا صَارَ إلَيْهِ إلَى مُسْتَحِقِّهِ لَزِمَهُ دَفْعُهُ إلَى الْقَاضِي كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ الضَّائِعَةِ هَذَا إذَا لَمْ يُعْطِهِ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ النَّفْلِ بِشَرْطِهِ اهـ. وَيُؤْخَذُ مِمَّا سَبَقَ عَنْ الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الْغَزَالِيِّ الْفَرْقُ بَيْنَ مَالِ الْغَنِيمَةِ وَبَيْنَ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَلَوْ ادَّعَى جَارِيَةً فِي يَدِ رَجُلٍ فَأَنْكَرَ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً أَوْ حَلَفَ بَعْدَ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَحُكِمَ لَهُ بِهَا وَأَوْلَدَهَا ثُمَّ قَالَ كَذَبْتُ فِي دَعْوَايَ وَحَلِفِي وَالْجَارِيَةُ لِمَنْ كَانَتْ فِي يَدِهِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي إبْطَالِ حُرِّيَّةِ الْوَلَدِ وَلَا اسْتِيلَادِهَا لِأَنَّ إقْرَارَهُ لَا يَلْزَمُ غَيْرُهُ، وَلَكِنْ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْوَلَدِ وَالْأُمِّ مَعَ الْمَهْرِ، وَلَيْسَ لَهُ وَطْؤُهَا بَعْدَ ذَلِكَ مَا لَمْ يَشْتَرِهَا مِنْهُ، فَإِنْ مَاتَ عَتَقَتْ وَوَلَاؤُهَا مَوْقُوفٌ، فَإِنْ وَافَقَتْهُ الْجَارِيَةُ عَلَى الرُّجُوعِ لَمْ يَبْطُلْ الْإِيلَادُ، وَلَوْ أَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ أَنْكَرَ وَحَلَفَ وَأَوْلَدَ الْجَارِيَةَ ثُمَّ عَادَ وَقَالَ كُنْتُ مُبْطِلًا فِي إقْرَارِي وَالْجَارِيَةُ لِلْمُدَّعِي فَالْحُكْمُ فِي الْمَهْرِ وَقِيمَةِ الْوَلَدِ وَالْجَارِيَةِ وَالِاسْتِيلَادِ عَلَى مَا سَبَقَ فِي طَرَفِ الْمُدَّعِي قَالَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَفِيمَا ذَكَرْنَاهُ كِفَايَةٌ، وَإِنَّمَا أَطَلْنَا الْكَلَامَ فِي هَذَا الْمَقَامِ لِسُؤَالِ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ لَنَا فِي ذَلِكَ لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ لَهُ (وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ) هُوَ خَلَقَ الْقُدْرَةَ وَالدَّاعِيَةَ إلَى الطَّاعَةِ كَمَا مَرَّ. وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: خَلَقَ الطَّاعَةَ وَالْخِذْلَانُ ضِدُّهُ. وَلَمَّا كَانَ تَأْلِيفُ كِتَابِهِ هَذَا مِنْ أَفْضَلِ الطَّاعَاتِ أَشَارَ إلَى التَّبَرِّي مِنْ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ لِاخْتِصَاصِ التَّوْفِيقِ بِاَللَّهِ تَعَالَى كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَقْدِيمِهِ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ فَالتَّوْفِيقُ بِهِ تَعَالَى لَا بِغَيْرِهِ (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هُدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنُهْدَى لَوْلَا أَنْ هُدَانَا اللَّهُ) أَتَى بِهِ اقْتِدَاءً بِأَهْلِ الْجَنَّةِ حَيْثُ قَالُوا ذَلِكَ فِي دَارِ الْجَزَاءِ الْمَجْعُولَةِ خَاتِمَةَ أَمْرِهِمْ، وَلِهَذَا قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيُّ: هَذَا اعْتِرَافٌ مِنْهُمْ وَإِقْرَارٌ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَصِلُوا إلَى مَا وَصَلُوا إلَيْهِ مِنْ حُسْنِ تِلْكَ الْعَطِيَّاتِ وَعَظِيمِ تِلْكَ الْمَرَاتِبِ ـــــــــــــــــــــــــــــSوَهُوَ حَقُّهُ أَيْ وَالْحَالُ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ) وَهُوَ أَنْ يَفْعَلَ فِي الْعَدُوِّ نِكَايَةً تَقْتَضِي تَمْيِيزَهُ عَنْ غَيْرِهِ بِمَا دَفَعَهُ لَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ادَّعَى جَارِيَةً فِي يَدِ رَجُلٍ) هَذِهِ عُلِمَتْ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَلَوْ نَزَعَ أَمَةً بِحُجَّةٍ ثُمَّ أَحْبَلَهَا ثُمَّ أَكْذَبَ نَفْسَهُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إلَخْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالشِّرَاءِ الْمَذْكُورِ وَانْظُرْهُ، مَعَ أَنَّ الظَّافِرَ إذَا ظَفِرَ بِغَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ لَا يَمْلِكُهُ بَلْ يَبِيعُهُ وَيَتَمَلَّكُ بِهِ جِنْسَ حَقِّهِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْءُ جَارِيَةِ بَيْتِ الْمَالِ وَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا. (قَوْلُهُ وَهُوَ حَقُّهُ) لَعَلَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ فَهُوَ قَيْدٌ يَخْرُجُ بِهِ مَا زَادَ عَلَى حَقِّهِ، لَكِنْ قَدْ يُغْنِي عَنْ هَذَا قَوْلُهُ الْآتِي وَهَذَا إذَا صُرِفَ إلَيْهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ ادَّعَى جَارِيَةً فِي يَدِ رَجُلٍ فَأَنْكَرَ إلَخْ) قَدْ مَرَّتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ آنِفًا مَعَ زِيَادَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ وَطْؤُهَا إلَخْ) هَذَا بِالنَّظَرِ لِلظَّاهِرِ كَمَا لَا يَخْفَى وَقَدْ مَرَّتْ هَذِهِ أَيْضًا بِمَا فِيهَا. [خَاتِمَةُ الْكِتَابِ] (قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَ تَأْلِيفُ كِتَابِهِ هَذَا مِنْ أَفْضَلِ الطَّاعَاتِ) أَيْ وَالطَّاعَاتُ إنَّمَا تَكُونُ بِمَحْضِ تَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ لِلْعَبْدِ فِيهَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا قَالَ الْأُسْتَاذُ إلَخْ) لَمْ أَدْرِ مَرْجِعَ هَذِهِ الْإِشَارَةِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَرْجِعُهَا مَا ذَكَرَهُ قَبْلَهَا كَمَا لَا يَخْفَى، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُوَطِّئَ لَهَا بِشَيْءٍ مِمَّا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: مِنْ حَسَنِ تِلْكَ الْعَطِيَّاتِ) لَعَلَّهُ بِفَتْحِ السِّينِ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ إلَى الْمَوْصُوفِ، وَيُنَاسِبُهُ إضَافَةُ

الْعَلِيَّاتِ بِجُهْدِهِمْ وَاسْتِحْقَاقِ فِعْلِهِمْ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ ابْتِدَاءُ فَضْلٍ مِنْهُ وَلُطْفٍ، فَلِذَلِكَ خَتَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ مِنْ هَذَا التَّأْلِيفِ الْعَظِيمِ ذِي النَّفْعِ الْعَمِيمِ الْمُوصِلِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى إلَى الْفَوْزِ بِجَنَّاتِ النَّعِيمِ إشَارَةً لِذَلِكَ، وَعَقَّبَ ذَلِكَ بِالصَّلَاةِ الَّتِي جَمَعَهَا مِنْ اخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شُكْرًا لِمَا أَوْلَاهُ مِنْ إنْعَامِهِ الْجَسِيمِ، لِأَنَّهُ الْآتِي بِأَحْكَامِ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ السَّمْحَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ الْحَكِيمِ الْمُضَمَّنَةِ لِهَذَا الْمِنْهَاجِ الْقَوِيمِ بِقَوْلِهِ (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ عَبْدِك وَرَسُولِك النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَاخْتِمْ لَنَا بِخَيْرٍ، وَأَصْلِحْ لَنَا شَأْنَنَا كُلَّهُ، وَافْعَلْ ذَلِكَ بِإِخْوَانِنَا وَأَحْبَابِنَا وَسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ) . وَكَمَا خَتَمْنَا بِالْكَلَامِ عَلَى الْعِتْقِ كَلَامَنَا فَنَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُعْتِقَ مِنْ النَّارِ رِقَابَنَا، وَيَجْعَلَ إلَى الْجَنَّةِ مَصِيرَنَا وَمَآبَنَا، وَيُسَهِّلَ عِنْدَ سُؤَالِ الْمُلْكَيْنِ جَوَابَنَا، وَيُثَقِّلَ عِنْدَ الْوَزْنِ حَسَنَاتِنَا، وَيُثَبِّتَ عَلَى الصِّرَاطِ أَقْدَامَنَا، وَيُمَتِّعَنَا بِالنَّظَرِ إلَى وَجْهِهِ الْكَرِيمِ فَهُوَ غَايَةُ آمَالِنَا، وَأَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ خَالِصًا لِوَجْهِ إلَهِنَا، وَأَنْ يَجْعَلَهُ حُجَّةً لَنَا لَا حُجَّةً عَلَيْنَا، حَتَّى نَتَمَنَّى أَنَّنَا مَا كَتَبْنَاهُ وَمَا قَرَأْنَاهُ. وَنَسْأَلُهُ أَنْ يَخْتِمَ بِالصَّالِحَاتِ أَعْمَالَنَا، وَأَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بِنَا وَبِوَالِدَيْنَا وَجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ. وَنَخْتِمُ الْكِتَابَ بِمَا بَدَأْنَا بِهِ مِنْ حَمْدِ اللَّهِ الَّذِي يُبْدِي وَيُعِيدُ، وَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى نَبِيِّهِ الْمَخْصُوصِ بِعُمُومِ الشَّفَاعَةِ يَوْمَ الْوَعِيدِ، وَنَعُوذُ بِهِ مِنْ الْجَوْرِ وَفِتْنَةِ الْأَمَلِ الْبَعِيدِ، وَنَسْأَلُهُ الْفَوْزَ يَوْمَ يُقَالُ فُلَانٌ شَقِيٌّ وَفُلَانٌ سَعِيدٌ. وَكَانَ الْفَرَاغُ مِنْ تَأْلِيفِهِ عَلَى يَدِ فَقِيرِ عَفْوِ رَبِّهِ وَأَسِيرِ وَصْمَةِ ذَنْبِهِ مُؤَلِّفِهِ " مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَمْزَةَ " الرَّمْلِيِّ الْأَنْصَارِيِّ الشَّافِعِيِّ غَفَرَ اللَّهُ ذَنْبَهُ، وَسَتَرَ عَيْبَهُ، وَرَحِمَ شَيْبَهُ. بِتَارِيخِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ الْغَرَّاءِ تَاسِعَ عَشَرَ جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَتِسْعمِائَةٍ مِنْ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ عَلَى صَاحِبِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ، أَحْسَنَ اللَّهُ بِخَيْرٍ تَمَامَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــSتَمَّ تَجْرِيدُ هَذِهِ الْحَوَاشِي الْمُفِيدَةِ الَّتِي أَمْلَاهَا مُحَقِّقُ الْعَصْرِ وَنَادِرَةُ الدَّهْرِ شَيْخُنَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو الضِّيَاءِ وَالنُّورِ عَلِيّ الشبراملسي شَيْخِ الْإِفْتَاءِ وَالتَّدْرِيسِ بِجَامِعِ الْأَزْهَرِ وَخَادِمِ السُّنَّةِ الشَّرِيفَةِ وَحَدِيثِهَا الصَّحِيحِ الْأَنْوَرِ، - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQعَظِيمٍ إلَى مَا بَعْدَهُ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: بِجَهْدِهِمْ وَاسْتِحْقَاقِ عَمَلِهِمْ) أَيْ لِأَنَّهُ تَعَالَى لَا يُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا ذَلِكَ ابْتِدَاءُ فَضْلٍ) لِأَنَّ نَفْسَ الْأَعْمَالِ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى، فَالْمِنَّةُ لَهُ فِيهَا وَهُوَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ الشُّكْرَ عَلَيْهَا، وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ سُبْحَانَهُ وَعَدَ بِوَعْدِهِ الصَّادِقِ أَنْ يَجْعَلَ هَذَا مُتَرَتِّبًا عَلَى هَذَا، وَهَذَا هُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الزخرف: 72] فَلَا تَنَافِي بَيْنَ هَذِهِ الْآيَةِ وَبَيْنَ مَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ الْمُوَافِقِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَنْ يُدْخِلَ أَحَدَكُمْ الْجَنَّةَ عَمَلُهُ» (قَوْلُهُ الْمُتَضَمِّنَةِ لِهَذَا الْمِنْهَاجِ الْقَوِيمِ) أَيْ الطَّرِيقِ الْوَاضِحِ الْمُشَاهَدِ الَّذِي لَا عِوَجَ فِيهِ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ أَمْرُ مِلَّتِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالْمِنْهَاجِ الْكِتَابُ فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ: أَيْ الْمُتَضَمِّنَةِ لِأَحْكَامِ هَذَا الْمِنْهَاجِ الْقَوِيمِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ) أَيْ مُؤْمِنِي جَمِيعِ أُمَّتِهِ كَمَا هُوَ اللَّائِقُ بِمَقَامِ الدُّعَاءِ وَلِيَشْمَلَ الصَّحْبَ وَعَلَيْهِ فَعَطْفُ الْأَزْوَاجِ وَالذُّرِّيَّةِ مِنْ عَطْفِ الْأَخَصِّ (قَوْلُهُ: وَكَمَا خَتَمْنَا بِالْكَلَامِ عَلَى الْعِتْقِ كَلَامَنَا) أَيْ تَفَاؤُلًا بِالْعِتْقِ مِنْ النَّارِ كَمَا قَالُوهُ فِي حِكْمَةِ خَتْمِ الْأَصْحَابِ كُتُبَهُمْ الْفِقْهِيَّةَ بِهِ، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ فَنَسْأَلُ اللَّهَ إلَخْ: مَعْنَاهُ نَسْأَلُهُ أَنْ يُحَقِّقَ هَذَا الَّذِي أَمَلْنَاهُ بِهَذَا التَّفَاؤُلِ، وَالضَّمِيرُ فِي خَتَمْنَا وَمَا بَعْدَهُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لِلشَّارِحِ وَالْمُصَنِّفِ، نَعَمْ الضَّمِيرَانِ فِي نَسْأَلُهُ وَفِي جَوَابِنَا إنَّمَا يَلِيقَانِ بِالشَّارِحِ فَقَطْ، وَالْمُرَادُ بِالْخَتْمِ الْخَتْمُ الْإِضَافِيُّ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

وَاَللَّهَ أَسْأَلُ، وَبِرَسُولِهِ أَتَوَسَّلُ، أَنْ يَنْفَعَ بِهِ كَمَا نَفَعَ بِأَصْلِهِ، وَأَنْ يَغْفِرَ لِمَنْ نَظَرَ فِيهِ بِعَيْنِ الْإِنْصَافِ، وَدَعَا لِمُؤَلِّفِهِ بِأَنْ يُدْرِكَهُ رَبُّهُ جَلَّ وَعَلَا بِخَفِيِّ الْأَلْطَافِ، وَبِأَنْ يُمَتِّعَهُ بِالنَّظَرِ إلَى وَجْهِهِ، وَيَمُدَّهُ بِالْإِسْعَافِ، وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــSوَذَلِكَ عَلَى شَرْحِ شَيْخِ مَشَايِخِهِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ الشَّمْسِ مُحَمَّدِ الرَّمْلِيِّ عَلَى مِنْهَاجِ الْإِمَامِ النَّوَوِيِّ، جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ خَالِصًا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ آمِينَ. تَحْرِيرًا فِي أَوَائِلِ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ إحْدَى وَثَمَانِينَ بَعْدَ الْأَلْفِ عَلَى يَدِ مُجَرِّدِهِ الْعُمْدَةِ الْفَاضِلِ الشَّيْخِ. مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيِّ. مِنْ طُرُرِ نُسْخَةِ الْعَلَامَةِ الْفَاضِلِ الشَّيْخِ. أَحْمَدَ الدَّمَنْهُورِيِّ. مُسْتَمْلِي الْحَوَاشِي الْمَرْقُومَةِ مِنْ لَفْظِ شَيْخِنَا الْمُشَارِ إلَيْهِ وَعَرَضَهَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى عَامًا بَعْدَ عَامٍ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى وَلِيُّ الْعِنَايَةِ وَالتَّوْفِيقِ، وَالْهِدَايَةِ إلَى سَوَاءِ الطَّرِيقِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَدْ تَمَّتْ بِحَوْلِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ هَذِهِ الْحَوَاشِي عَلَى شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِشَيْخِ مَشَايِخِ الْإِسْلَامِ مُحَمَّدٍ شَمْسِ الدِّينِ الرَّمْلِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى يَدِ مُنْشِئِهَا أَفْقَرِ عِبَادِ اللَّهِ وَأَحْوَجِهِمْ إلَى عَفْوِهِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ بْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمَغْرِبِيِّ أَصْلًا وَالرَّشِيدِيِّ مَنْشَأً، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَلِوَالِدَيْهِ وَمَشَايِخِهِ وَأَحِبَّائِهِ وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ. فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ شَعْبَانَ مِنْ عَامِ سِتَّةٍ وَثَمَانِينَ وَأَلْفٍ، جَعَلَهَا اللَّهُ خَالِصَةً لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ. وَنَفَعَ بِهَا النَّفْعَ الْعَمِيمَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى خَيْرِ خَلْقِهِ وَخَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ، سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالِمِينَ.

§1/1